.[12/462]
قال عنه عيسى: ولو: اشترنى. ولم يقل: لنفسى. فاشتراه لنفسه لا للسيد, واستثنى ماله,/ قال:/ هو عبد له, ةولا يرجع عليه البائع بشىء, فإن أعتقه, فولاؤه ها هنا للمشترى ولو لم يستثن ماله, او قال له: اشترنى انفسى. رجع العبد إلى سيده بماله. قال ابن القاسم: ولو لم يستثن ماله, فأعتقه المبتاع. قال مالك: يغرم له ثمنا آخر, وولاؤه للمبتاع, فإن لم يكن له مال, بيع فيه العبد, كان بيع يفى بالثمن بيع ذلك منه, وعتق ما بقى, فإن لم يف جميع ثمنه بذللك, اتبع بما بقى. وفى كتاب ابن حبيب روى أصبغ عن ابن القاسسم نحو ما تقدم فقال: إذا دفع العبد إليه مالا, فقال له: اشترنى انفسك. ففعل واستثنى ماله, فهو له, ولا شىء عليه, وإن لم يستثن ماله, ودى ثمنه ثانية, وإن قال: اشترنى لنفسى. فاشتراه انفس العبد, واستثنى ماله, فهو حر, ولا شىء للبائع عليه, ولا على المبتاع, والولاء للبائع, وإن لم يستثنى ماله, بقى العبد ماله لسيده, وإن لم يقل: لنفسى. فاشتراه واستثنى ماله, فهو له رق, ولار شىء عليه, وإن اعتقه, فولاؤه له, وغن لم يستثن ماله, ولم يعتقه, ودى ثمنه ثانية للبائع, وإن لم يكن له مال, رد بيع العبد فى ذلك, وللو كاان أعتقه لبيع العبد فى الثمن, فإن فضل شىء منه عتق, وقاله مالك.قال ابن حبيب عن أصبغ, فى عبد قال لسيده: بعنى بمائة دينار. وقاله مالك. قال ابن حبيب, عن أصبغ, فى عبد قال لسيده: بعنى بمائة دينار. ولم يقل: من نفسى. فباعه, وقبض المائة/, وقال العبد: فلان أعطانى المائة لأشترى له نفسى من سيدى, وقد أعتقنى فلان. ولا يعلم ذلك إلا بقوله, وفلان غائب, ثم قدم وقدم مات العبد أو لم يمت, فصدقة, وقال: إن كان جوابا للكلام فى المجلس, أو قريبا منه, فنعم يصدق, ويكون مطولاه وراثه, وإن تباعد الأمر من بعد تمام الشراء, ثم قال ذلك, لم يقبل منه, وكاان ولاؤه لسيده, إلا أن يقيم الآخر بينه. ولو قال: بعنى نفسى بمائة. ففعل, ثم قال هذا, فإن كان مثله لا يملك ذلك الثمن, فهو كالأول, وإن كان مثله يملك ذلك, فالقول قول السيد, والبيع والعتق ماض, وولاؤه لسيده
***(1/433)
.[12/463]
قال ابن شهاب(1)وعمر بن عبد العزيز: إذا اشترى نفسه من سيده, فله ولاؤه. قال ابن شهاب: ولو شرط ان ولائى لغيرك, فالشرط باطل, وولاؤه لسيده. قال ابن سحنون عن أبيه فيمن قال لعبد رجل: خذ منى مائة دينار, فاشتر به نفسك من مولاك. فاشترى نفسه من سيده, وعتق فإن كاانت للآمر بينه, أنه وكله, بطل عتقه, وأاخذ الموكل المال قال: وليس أن يجيز فعله ويأخذ العبد, ولا السيد أن يجيز. قال ابن حبيب: قال أصبغ عن ابن القاسم: وإذا اشترى العبد نفسه من سيده شراء فاسدا فإنه حر ولا شىء عليه, إلا أن يكون ثمنا حرما لا يحل ملكه, مثل الخمر والخنزيز, فعليه قيمة رقبته. قال أصبغ: هذا عن كادن جعله دينا, فأما لو كان قبضه, لمضى عتقه, ولم يرد. باب/ فيمن أعطى لرجل مالا على أن يعتق عبده ففعل ثم استحق العبد من العتبية(2)روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسسم فيمن قال لرجل: أعتق عبدك هذا, ولدك مائة درهم. ففعل, ثم استحق العبد, أنه حر من اصله, وأنه عبد, فإن استحق عبدا, رجع صاحب المائة بالمائة على المعتق. فيمن باع عبده من نفسه بمائة نقدا ةمائة ثوب لى اجل من العتبية روى عيسى, عن ابن القاسم, فيمن باع عبده من نفسه بمائة دينار نقدا, وبمائة ثوب موصوفه إلى أجل, فالعبد حر الآن كان, للعبد مال أو لم
***
__________
(1) فى ب: ( قال اشهب) والصواب ما اثبتناه من النسخ الاخرى
(2) البيان والتحصيل، 15: 80(1/434)
[12/464]
يكن لآنه يعلم حين باعه نفسه أنه مستعجل عتقه, وكمن باع عبده مائة دينار مؤجلة, فأعتقه المبتاع بعلم البائع, فلم يقم حتى حلت المائة, فوجده عديما. فى العبد يشترى نفسه من سيده شراء فاسدا أو يعتاقه على شىء يأخذه منه فيستحق ذلك الشىء من كتاب ابن المواز: وإذا اشترى العبد نفسه من سيده شرحاء فحاسدا, فليس عليه إلا ما دفع وهو حر. قال محمد: إلا أن يدفع خمرا أو خنازير, فإن على العبد قيمتة لسيده, وقال أحمد بن ميسر: إن أعتقه على خمر فى يديه, فهو حر, ( ويعتق )(1)/ وتكسر عليه, وإن كان بيعه(2)به فهو بيع فأسد, وعليه قيمة رقبته. قال اشهب: وإن اشترى نفسه ببعير شارد. أو بعبد آبق, فليس للسيد إلا اتباعهما(3). قال ابن القاسم, وإن اشترى نفسه بجارية, فاصيب بها عيب, فردت, فليتبع بقيمتها, وقد نفذت الحرية. وإلى هذا رجع ابن القاسم. ( وقاله مالك)(4)فى قطاعة المكاتب بما لم يجز فيه أحدا. ومن قاطع عبده على عبد بعينه, فاستحق, فلا شىء عليه, وهو حر, وهو كالانتزاع, وإن كان موصوفا, رجع عليه بمثله. قحال محمد: رجع ابن القاسم)(5), فقال: إن قاطع(6)عبده على جارية بعينها, فوجدها عبدا, استردها, ويتبعه بقيمتها. وقاله اشهب, وإنما لا يتبعه فيما أعتقه واستثنااه بعينه, على المبايعة والمكاتبة(7)
***
__________
(1) لفظة ( يعتق ) ساقطة من ب
(2) فى الاصل: ( وإن كان بتعه به).
(3) فى ب: ( إلا اتباع)
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ب
(5) ما بين معقوفتين ساقط من ب
(6) فى ص وت: ( قطع عبده) بدون ألف فاعل
(7) فى الاصل وب: ( والنكايسة ) وقد أثبتناه ما فى ص وت(1/435)
[12/465]
وفى ابواب عتق الشريك ذكر فى العبد يبيع منه نصفه وشىء بقرب من معنى هذا الباب. فيمن وهب لعبده خدمته او خراجه أو عمله او وهب للمدبر ظاو المعتق الى اجل نصف خدمته فى المدبر يشترى خدمته من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ومن قال لعبده قد وهبت لك خدمتك ااو وضعت عنك خدمتك فهو حر مكانه, ولو كادن له فيه شقص لعتق, وقوم عليه باقيه. قال مالك فيه, وفى العتبية(1)( من سماع ابن القاسم: وإن قال: قد/ وضعت عنك خدمتك. قال فى العتبية )(2)تصدقت عليك بخدمتك. قال فى الكتابين: وانت حر بعد موتى. فهو كأم الولد. قال فى كتاب ابن المواز: إلا أنه يعتق من ثلثه بعد موته. قال محمد: لأن هذا قد بين أنه لا يعتق إلا بعد موته, زاد العتبية(3): وإن قال: تصدقت عليك بخراجك. فإنه يستخدمه ولا يضر به. ومن العتبية(4)قال ابن القاسم: وإن قال: تصدقت بعملك. فهو حر مكانهز قال سحنون: الخارج والخدمة والعمل عندى سواء, فإذا قال: تصدقت عليك بعملك, أو قال: بخراجك أو بخدمتك. فإن أراد ما عاش العبد, فهو حر الساعة, وغن أراد ما عاش السيد, فليس له منه إلا حياة السيد, ولا يكون حرا. ومن كتاب ابن المواز: وإذا اشترى المدبر خدمة نفسه, فهو حر مكانه. وإن قال لمعتق إلى سنة: قد وضعت عنك خدمتك. فإن أراد نصف
***
__________
(1) البيان والتحصيل , 14: 341
(2) البيان والتحصيل , 14: 346
(3) البيان والتحصيل , 14: 346
(4) البيان والتحصيل , 14: 346(1/436)
[12/466]
السنة, فذلك جائز, وإن أراد نصف ما يملكة منه, ويشاركة فجى الخدمة يوما بيوم فهو حر مكاانه فإن قال: لم أرد شيئا حلف أنه ما أراد أن يهبة نصف الخدمة, ثم يختدمه نصف السنة, ولو قال: قد وهبتك من السنة خمسة أشهر. كان جائزا, ولو يلزمه غيرها. فى العبد أو المكاتب يعتق عبده على مال يأخذه من رجل من كتاب ابن المواز: ومن دفع الى عبدك أو مكاتبك مالا على أن يعتق عبده عن صاحب المال, فإن كان العبد مأذونا, فذلك ماض, وإن خفف عليه من القيمة, فعلى المشترى غرم ما خفف عنه, فإن كان عديما فليبع منه بقدر ذلك, إلا أن يشاء السيد أن يتبع المبتاع بذلك, فذلك له, ويتم عتق العبد, وإن كان غير مأذون, فأنت مخير إما أخذت البيع بمحاب0اته, أو ردته ويمضى العتق وليس لك إمضاؤه, وطلب المحاباه, فإن رددته, أخذته عن شئت, أو تركته ( بيد العبد)(1)ولو أعطى ذلك المأذون أو المكاتب على ان يعتقه, ولم يقل: عنى. فإن لم يحابه, فذلك نافذ, ولا كلام لك, فإن حاباه, فليس إلا أن تجيز ذلك أو ترد بيعه, وينقض عتقه, والولاءم فيه فى العبد وفى المكاتب إن عتق رجع إليه ولاؤه
***
__________
(1) فى ب: ( بيد عبدجك) وفى ص وت: ( بيد غيرك)(1/437)
.[12/467]
( أبواب التداعى فى العتق والبات )(1)باب(2)فى العبد يدعى الحرية كيف إن أقام شاهدا؟ والتداعى فى الحنث فى ليمين بالحعتق أو بالطلاق من كتاب ابن المواز قال مالك فى الامة تدعى الحرية, وتذكر بينه بعيده, فلا ينظر إلى قولها, إلا أن تأتى ببينة, أو تأتى بأمر يشبة وجه الحق, وتاتى بجميل ثقة فذللك لها. وكذلك العبد. قال أشهب: وإن قام شاهدا وداعى شاهدا آخر غائبا غيبة بعيدة, فلا يقبل منه فأمكن من سيده. وسمعت مالكا يرى أن يحبس, ويوكل من يأتى بشهاده أو بشاهديه إن لم يقل شاهدا/ وقال مالك, فى الجارية أحب إبى إن أقامت شاهدا, يحال بينهما وبين سيدها وتوقف ويضرب لها أجلا مثل الشهريين, فإن كانوا مأمونا أمر البكف عنها فقط. قال أصبغ: وإن كانت من الوخش(3), [فهى كالعبد يحمل](4)تطلب منافعتها, واما المرتفعة(5)فتوكل(6)من يايتها بذلك, ويقيم لها السلطان محتسبا(7)
***
__________
(1) هذا العنوان الشمولى اختصت به ب وهو محذوف من الاصل
(2) لفظة ( باب ) ساقطة من الاصل
(3) فى ص وت: ( ومن وخش الرقيق )
(4) فى الاصل وب: ( فهى كالعهد بجميل) وقد اثبتناه ما فى ص وت.
(5) فى ص وت: ( واما الرفيعة )
(6) فى ت وص حرفت الى قوله ( فهو كل )
(7) فى ص وت: محتسبا(1/438)
[12/468]
قال أصبغ(1)فى العبد يدعى العتق بعد موت سيده. قال: فلا يحلف له الورثة وإن ادعى عملتهم(2). قال أصبغ: ولا ييحلف وإن أقام شاهدا. قال محمد: اما فى الشاهد[فليحلف الورثة إن كانوا هم بلغ حضور يمكنهم علم ذلك, وإن كان بعضهم صغيرا أو غائبا لم يزل ممن لا علم عنده بعتقه. فلا يمين له علحى احد منهم, لا من كان يرى أن مثله يعلم ذلك ولا غيرهم(3)لأنه لو اقر واحد من الورثة بذلك, لم يعتق شىء منه إلا أن يشهد عدلان(4), فيعتق](5). ومن أوصى بشراء رقبته تعتق عنه, وشهد له بذلك رجل وامرأتان, ولم يجز فى ذلك إلا رجلان. قيل: أتراه ماللا(6)إذ ليست برقبة مبدأة؟ قال: لا, رأيت إن قال أنكحوا فلانا بخمسين؟ فروجع فيه فسكت. قيل لابن القاسم: أرأيت إن ادعى عبد أن سيده أعتقه عند موته, وأن الوارث عالم بذلك؟ قال لا يمين له عليه. قال أصبغ: ولا بشهادة واحد. قال محمد: لأن الشاهد لم يشهد علفى فعل الوارث, فيحلف فيه. وقال أشهب مثل قول ابن القاسم, وإذا شهد شاهد للمكاتب(7)على أداء النجم(8)الذى يعتق بده, حلف, وقضى له, كدين عليه./ قال ابن القاسم عن مالك فيمن قال لعبده: انت حر عن لم أضربك إلى شهر. فجاء العبد بعد الهر يقول: لم يضربنى وقال السيد: قد فعلت. فالسيد مصدق. وكذلك المرأة فى يمين الطلاق والزوج مصدق, ولو قامت(9)قبل يجعرف هل ادعى شيئا, كان العبد حرا من الثلث, وترثة المرأة
***
__________
(1) فى ص: ( قال أشهب فى العبد إلخ )
(2) فى ص وت: ( وإن ادعى عليهم ).(1/439)
.[12/469]
قال محمد: إن قامت(1)قبل الأجل, فلا عتق له, وإن قامت بعد الاجل فالعبد حر من رأس المال, وإلا أن يكون قد مرض الشهر. فى اختلاف البينات فى العتق من كتاب ابن المواز, بعد شىء تقدم لابن القاسم: وإذا شهد لعبد أن سيده الميت دبره, وشهد آخر أنه أوصى بعتققه, جازت شهادتهما, ولم تجب تبدية المدبر. وإن شهد واحد أن بتله فى صحتحه, وشهد آخر أنه بتله فى مرضه جاز, وعتق فى الثلث. ومن العتبية(2)من رواية أصبغ عن ابن القاسم ومن كتاب ابن المواز: ومن مات فشهدت بينه فى عبيد له أنه حنث بحريتهم فى يمين, وأقامت امرأته بينه أنه اعطاها إياهم فى صداقها, ولم يؤرخوا [الوقتين, فالمرأة أحق بهم إن كانوا فى يدها, وإن لم تحزهم, فالعتق أولى بهم, إلا ان تةقت بينه المرأة] أنهاأخذتهم قبل ذلك. وقال لها أصبغ. ومن كتاب ابن الموااز: وإن شهد رجلان انه أوصى بعتقه, ولم تؤرخ البنتان, فاحب إلى أن يعتق, تكافؤوا فى العدالة أو لم يتكافؤوا. ثم رجع فقال: يعتق نصفه, ونصفة للمشهود له. قال أصبغ: أحب قولجه الأول./ قال محمد بن الحكم: وإذا شهد رجل على رجل, أنه قال: عبدى ميمون مدبر, وشهد آخر, انه قال: أحد عبيدى مدبر. ولم يسم واحدا, وهو بنكر الشهادتتين, فإنه يحلف لميمون ما دبر, وكذلك يحلف أنه ما قال الذى شه
به الذى اجمل العبيد, ولا يكون لأحد منهم تدبير لا لميمون ولا لغيره فإنه نكل عن اليمين, كان ميمون مدبرا. وقيل له: لحلف فيمن بقى أنك ما أردت بقولك:
***(1/440)
[12/470]
أحد عبيدى مدبر واحد بعينه, ثم لك الخيار أن تختار, فغن نكل وقال: لا أحلف أنى لم أدبر واحدا بعنه, نصفناه على اليمين. على كل واحد بعينه، فمن حلف أنه لم يرده بعينه فمن حلف أنه لم يرده بعينه رق، ومن نكل عنه، كان مدبرا، وإن حلف على كل واحد بعينه ما أراده، لم يكن له ذلك لأن نكله عن اليمين الأولى قد ثبت عليه، حتى كانه قال: أحد عبيدى مدبر. ثم قال له: اختر واحدا منهم يكون مدبرا، كما لو شهد عليه شاهدان انه قال: احد عبيدى حر. هو منكر حلف، فلا ينفعه، وقد وجب علية القول، وإذا كان قد حلف أنه لم يحلف، فذلك منه، ثم قوله: أنه ما أراد واحدا بعينه. ويختار من شاء، فيعتقه. ومذهب أشهب، فيمن قال: احد عبيدى حر. فاستحق واحدا، أنه حر الاصل. أو قال: مدبر قد دبر أحدهم انة لا شىء عليه فى الباقيين، وليس هذا مثل ميمون الذى ثبت علية التدبير بنكوله وهو ينكر أن يكون مدبرا. ومن العتبية(1)قال أصبغ عن ابن القاسم فيمبن وصى: إن مت فغلامى فلان حر، وإن صححت، فغلامى فلان حر. لعبد آخر. فمات، قفام احدهما ببنية أنه مات. وقد صح، وأقام آخر بنية أنه ميت فى مرضه، فليعتق من كل واحد نصف لن العتق ثبت لكل واحد منهما غير معروف أى التبين أعدل، فيقضى بقولهما.قال أصيغ: بل الشهادة شهادة الصحة، وهو المثببت له الوصية إذا قطعوا الشهادة بصحته فهذا العلم اغلب، كما لو شهد أنه اوصى فى مرضه بوصايا، فقال بعضهم: صحيح العقل. وقال بعضهم: غامر العقل.فبنبته الصحة الولى لأنهم، علما ما لم يعلم الاخرون
***
__________
(1) البيان والتحصيل , 107: 15(1/441)
.[12/471]
فيمن أعتق عبده بعد ان باعه وجحد البيع وكف إن شهد بذلك شاهد؟ وكيف إن أعتقه المبتاع ثم جحد الشراء وذكر اليمين والنكول فى هذا وشبهه قال ابن حبيب قال أصببغ عن ابن القاسم فيمن ابتاع عبدا فلم يدفع الثمن حتى أعتقه البائع، جحد البيع، فالعبد حر، ولا يمين على البائع إذ لا يقبل إقراره فى رد العتق، فإن أقام المبتاع شاهدا، حلف معه، وثبت له ملكه، فإن نكل حلف البائع، فإن حلف برى من الثمن، وإن نكل، رد العتق ومالك المشترى[العبد](1)قال أصبغ، وذلك [إذا شهد الشاهد ان البع كان قبل العتق أما إن لم يعرف فالعتق أولى لأنه](2)حوز، ولا يحلف البائع، ولا يضر العبد إقراره. قال أصبغ: وإن ثبت السلطة بينهما، فهى كالشاهد، يحلف له، فإن نكل، بطل العتق بعد يمين المشترى، لقد اشتراه، ولو اقر البائع بدءا من غير أن يحلفه حاكم، لم يجز اقراره، وإن كانت بينهما خلطة، وإن كان يحلف له، لأنهما تهمة وقعت/, والأولى على جهة الحكم. [قال عبد الله](3)فى الموطأ: مساللة من أعتق ثم قيم عليه بدين قديم، فنكل عن اليمين، أو قام بذلك شاهد، فذكر نحو ما قال أصببغ ها هنا، وقد قيل: لا يرد العتق ببنكوله، كما لا يرد بإقراره. وذكر ابن مزين، عن ابن القاسم، فى مسألة مالك، انه لا يرد العتق بنكوله ولا بإقراره. ومن كتاب ابن المواز لأشهب وهو فى العتبية(4)لاببن القاسم من رواية أصبغ فيمن باع عبدا من رجل فأعتقه المبتاع بحضره الباع، ثم جحد المبتاع الشراء
***
__________
(1) لفظة ( العبد) ساقطة من الاصل )
(2) طما بين معقوفتين ساقط من الاصل
(3) قال عبد الله) ساقطة من ب
(4) البيان والتحصيل، 16: 15(1/442)
،[12/472]
والبائع مقر، فإنه كان مليا على البائع بالقضاء، وإن كان عديما ولا فضل فيه فللبائع أن سرقه. فى احد الورثة [يقر أو](1)يشهد أن المت أعتق عبده هذا ومع من شهد وراث غيره او وارث معه وكيف ن قال أعتق هذا لا بل هذا؟ أو قال هذا اخى لابل هذا من العتبية(2)من سماع ابن القاسم عن مالك فيمن جعل ولده الكبير وصيا على الأصاغر. وهم ذكور وإناث، وأشهده مع اجنبى على عتق عبيد لله، فشهاداته جائزة إن لم يتهم على جر الولاء. قال أشهب: ومن أوصى لعبده بوصيه، وأشهد عليه ابنيه, وله ورثة غيرهما، فشهادتهما جائزة، ولا يكون ذللك فى رقبته. من كتاب ابن الماوز: وإذا أقر احد البنين ان أباه أعتق هذا العبد، فلا يعتق لأنه اقر على غيره، ولا قويم فيه. قال محمد: يقال له: تورع عن خدمته، وإن بيع فاجعل نصببك من ثمنه/ فى رقبه، وإن ملكته كله، عتق عليك بالقضاء. ولو قال: قد أجزت عتق مصابتى. [عتقت مصابته، ولو يقوم عليه. ورواه اصبغ عن اببن القاسم، فى ورثة قيل لهم: قد اعتق أبوكم هذا العبد. فقال احدهم: وقد اجزت مصابتى](3). انه يعتق، ولا يقوم عليه ما بقى، بخلاف من ابتدأ عتقا. ومن العتبية(4)عن عيسى عن ابن القاسم. وذكر مثله ابن حبيب عن اصبغ عنه، قال أن احد الورثة إذا شهد ان الميت أعتق هذا العبد، أن ذلك لا جوز، ولا
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الاصل مثبت من ب
(2) البيان والتحصيل 455: 12
(3) ما بين معقوفتينم ساقط من ص.
(4) البان والتحصيل ,522: 14(1/443)
[12/473]
عتق منه شىء، لا يكون انه ملكه يوما او بعضه، عتق عليه منه ما مالك منه، ولم يز له ملكه.قال مالك: قال اببن القاسم: فأما إن صار إليه فيه مال او عرض، فليؤمر ان يجله فى رقبة، او يعين به فيها أو فى قطاعه مكاتب\، ثم إن ملكه عتق عليه إن حمله الثلث، أو ماحمل منه اثلث. قال فى رواية ابن حبيب: ما حمل منه الثلث يوم مات الميت، يعتق عليه بالقضاء. رجع عن شهادته او اقام عليها. وقاله مطرف، عن مالك. قال عيسى عن ابن القاسم وابن حبيب عن أصبغ: ولو كان قال: أعتقه. فى صحته، لم يجز له مللك شىء منه أبدا. ولو قال: أعتقه. فى مرضه, ومعه من الموصى أو غيره مما يكون غير المبدأ عليه، او ما شاركه ويبدآن على باقيهما, فإنما يعتق عليه إذا ملكه ما كان يحصل من له العتق فى تبديته معليه، او مساواه، وكذلك ببمقدار ذلك من ثمنه إن صار له من ثمنه يوم ان يجعله/ فى رقبةظن وهذا فيمن لا ولايه عليه من الورثة. وكذبلك لو وردت شهادة وراثين فى عتق عبد بظنه او غيرهما، لكان عليهما فيما يصير لهما فى رقبته، او مثل ذلك، ومثل أن يكون معهما بنات, والعبد يرغب فى ولاية، او كان دينا وله أولاد يرغب فى ولائهم من إمرأة حرة. وإذا شهد ورارث فى عبد بعضه حر، ان الميت اوصى بعتق باقيه، فليعتق منه نصيب الشاهد فقط لأنه لم يدخل فساد لأن بعضه حر، بخلاف الذى كله رقيق. وكذللك فى كتابب ابن المواز، ويحلف الباقون على عملهم. وقال: ولأن المعتق بعضه لو أعتق بعض الشركاء نصيببه فيه، ولم يقوم عليه باقيه.قال فىك العتبية: إلا انه عن كان مع مالوارث الشاهد فيه من لا يرث الولاء، والعبد ممن يتهم فى ولاية، فشهد بذلك ولد أو ولدان للميت، فلا يجوز شهادتهما عن كان بعضه حرا، وكل ومن ردت شهادته بمثل هذا فى عتق عبد
***(1/444)
،[12/474]
فملك منه شيئا، فإنما يعتق عليه ما ملك منه فقط[ولا يقوم عليه نصيب](1), من له فيه شرك وما عتق منه، فهذا الوجه للميت، ولم يرثه عنه، وإذا كان وراث واحد هو الشاهد بالعتق، او وارثان، لم يرثه غيرهما، فجميع العبد حر، كان من شهد بذلك عدلا او مسخوطا إذا كا غير مولى عليه، وكل ما ذكرنا من أول المسألة فمن ترد شهادته، ثم مالك الرقبة او بعضها او عوضا عنها، فغنه يجبر على عتق ما صار ليه من الرقبة بالقضاء حيب ما أوجبت شهادته لو جازت، ويؤمر فيما صار اليه فين من عوض أن يجعله فى رقبه، ولا يجبر./ [(2)فى وارث أخبره من لم يثق بخبره ان ابانه اعتق عبدا له فاجاز عتق حصته أيتم عليه ويكون كمبتدىء عتق ثلثه؟ قال لا يعتق إلا لأن يكون هو المبتديء كذلك. ومن كتاب مابن المواز وإذا شهد وارث [عدل](3)أن الميت اوصى بعتق عبده فلا والثلث يحمله، فإن كان فى الورثه صغير او سفيه أو من لا يلزمه يمين لم يكن على بقية الاكابر يمين، إذ لا عتق العبد بنكولهم ولا يعتق ايضا بإقرارهم غير عدل. وقال للمقر عن صدقت فلا تحدمه وكذلك الشاهد منهم وإن أخذ فى حصته ثمنا أمر أن يجعله فى رقبته(4)بغير قضاء، إلا ان يملك هو رقبته، فيعتق عليه بالقضاء ولو ملك بعض مصابته شركائه، لم يعتق منه شىء. قال: ولا يعتق مصايبته منه، وغن كان من العبيد الذى لا ينقصه عتق ببعضه
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الاصل
(2) كذا فى ت وأما فى ب فقد كتبت: ( قال اصبغ )
(3) لفظة ( عدل) مثبته من ت ساقطة من ب
(4) هنا يتنهى السققط الذى نبهنا عليه من قبل(1/445)
.[12/475]
قال ابن الاقسم فيه وفى العتبية(1)م رواية عيسى: ولو تررك وراثا واحدا لا ورث له غيره وثلاثة أعبد فقال: أعتق بى هذا العبد. ثم قال: لا بل هذا. ثم قال: لا بل هذا للعبد الثالث، فليعتقوا كلهم إن كانت قيمتهم سواء, ولم يدع سواهم، فإن اختلفت قيمتهم، عتق من كل واحد جميع ثلث المت، وثلث جميع قيمة الثلاثة. [قال أبو محمد](2)كذا فى الام، وأراه هو ثلث جميع قيمة الثلاثة إذا لم يدع يرهم. قال ابن المواز: هذا قول ابن الاقسم، إلا ما بنيت أنا منه، وذكر اببن حبيب، عن اصبغ مثله عن اببن القاسم وعيسى عنه فى العتبية(3)، مثله[فإن] تساوت قيمتهم ولم يدع يرهم، عتقوا، وإن إختلفت عتق من قيمته مثلتساوت قيمتهم ولم يدع غيرهم وعتقوا وإن ااختلفت عتق من قيمته مثل ثلث قيمتهم. ومن كتب ابن المواز قال مالكواشهب: يعتق من الول ثلث قيمتهم أجمع ومن الثانى ثلث قيمة لاثنين، وثلث ما بقى من الاول لإن كان بقى منه شىء ويعتق من الثالث ما رق من صاحبيه إن رق منهما شىء. ومن يترك إلا ولدا واحدام وعبدين وألف دينار, فقال الابن فى احد العبدين: هذا اخى ثم قال بعد ذلك: بل هو هذا العبد أخى. قال اشهب: فالمقر لله أولا، وله خمسمائة ونصف العبد الآخر، ولا يعتق منه شىء لأن معه فيه شريا(4)وراثا، ولكن قد أقر ايضا لهذا الاخر بما أقر به للاول، بانه اتلف عليه نصف العبد الاول وخمسمائة دينار فيغرم له ذلك. قال أشهب: فيدفعه الى هذا العبد كون بيده. قال ابن المواز: وأحب إلى أن يوقف ذلك بيد ثقة غيرك وغيرهما/ 476/ قال أشهب: فإن ملكته كله عتق عليك، ودفع إليه ما اوقف له، وغن بعتماه, امرت ان تجعل نصيبك من ثمنه فى رقببه بغير قضاء، وإن ختدمناه فلا تخدمه انت فى يامك ويبقى ما وقف بيد الامين حتى يعتق فيأخذه أو موت فيكون بنك وبن أخيك الأول. وفى الكتاب الأول شهادة الشريك على شريكة أنه أعتق حصته او حلف بعتقها. فى بينه شهدت أن الميت أعتق هذا العبد وشهد ولده أنه اعتق عبدا اخر من العتبية(5)روى عيسى عن ابن القاسم فيمن ترك ابنين وعبدين، قيمة احدهما ألفان، وقيمة الآخر ألف، فأقام ذو الالفين بنية أن الميت اعتقه، وشهد للآخر ولدا سيده أنه هو المعتق دون صاحببه، فليبدأ من شهد له الاجنبيان، فعتق فى الثلث، ثم يعتقد الابنين العبد الذى شهدا له إذا حمل الثلث العبدين إذ كان قولهما تكذيبا للأجنبيين ولو شهد الاجنبيان، أنه اعتق هذا فى مجلس، وشهد الولدان أنه أعتق فى مجلس آخر وقالا: لا علم لنا بما شهد به هذان(6). فالشهادتان جائزتان(7)، ويسهم بينهما إذا كان/ من شهد له الولدان لا يتهماان فى جر ولائه لديانه ( كذا ) فمن خر سهمه عتق منه محمل الثلث، وإن اتهما فى جر ولائه، لم تجز شهادتهما، وذلك إن شهدا أنه أعتق بعد الموت، ون كان أعق احدهما بتلا والآخر بعد الموت، فالمبتل مبدأ، قبل صاحببه كان او بعده، وإن كانا جميعا بيين بدى الأول فالأول. والله الموفق للصواب./ 477/ فى أحد البنين يقول اعتق ابى هذا العبد وقال لآخر بل هذا او قال عبدا انسيته او قال أحدهم حرا وقال نصف عبد ذكرره او قال هذا نصفه وقال الآخر ثلثه أو قال هذا فى الصحة وقال الآخر فى المرض قال ابن سحنون عن ابيه فيمن له ثلاثة بنين، وثلاثة أعبد، فقال احدهم: أشهد انه قال: ميمون حر. وشهد آخر انه قال: أحدهم حر. فقال بعض اصحابنا: الشهادة باطلة. وقال بعضهم: يقرع بينهم فن خرج ميمون، فقد اجتمع على عتقه رجلان, فيعتق، ون خرج غيره, لم عتق أحد منهم إلا أن يملك احدهم على عقه رجلان، فيعتق، وغن خرج غيره، لم يعتق أحد منهم إلا ان يملك احدهم العبد الذى اقر انه حر, فيعتق عليه عن حمله الثلث، فإن وقع لكل واحد غير العبد الذى أقر أنهجر، أمر أن يخرج بقدر نصيه منه فى رقبه. من كتاب ابن المواز: فإن ترك ولدين وعبدين، فقال أحدهما اعتق أبى هذا، وقال الآخر بل هذا، أو قال أحدهما حر. فليسهم بينهما, فإن خرج الذى سماه/ الآخر عتق ثلثاه إن اتفقت قيمتهما، وإن اختلفت، عتق منه ثلث قيمتهما وإن جاء السهم لم يعتق، كان بمنزلة الذى شهد كل واحد على عبد معتق. وقد فسررت لك ذلك. من العتبية(8)روى عيسى عن ابن القاسم فى ميت شهد أحد بنيه أن أباه أعتق هذا العبد, وشهد الأخر أنه قال: رأس من رقيقى حر. وله ثلاثه أرؤس, وماله [كثر، أو لا مال له](9)غيرهم، فلا شهادة لهما، ويؤمر الذى شهد للعبد ببعينبه أن لا يستخدم حصته منه وإن بيع، وأن يجعل حصته منه فى رقبه، فإن ملكه كله، عتق عليه، عتق عليه. يرد ها هنا بالقضاء إن حمله الثلث
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 155: 13
(2) قال أبو محمد) ساقطة من ت.
(3) البيان والتحصيل، 155: 14
(4) فى النسخ كلها: ( شريك) بالرفع ولعل الصواب ما اثبتناه
(5) البيان ولاتحصيل /182: 1
(6) فى الاصل: ( هذين ) واصواب ما أثببتناه من النسخ الأخرى
(7) فى الاصل وت: ( فالشهادتان جائزة ) بالافراد والصواب ما اثبتناه من ب.
(8) البيان والتحصيل، 517: 14
(9) فى الاصل: ( كثير ولار مال له) أى باسقاط الهمزة من أو.(1/446)
.[12/478]
قال: ويؤمر الذى يشهد بعتق رأس منهم فىك ثلث قيمة الثلاثة أرؤس بمثل ذلك ولو كان ورثته ابنا(1)واببنبه، فقالا: أعتق أبونا(2)هذا العبد. أو قال ذلك الابن وقالت البنت: بل هذا. فإن اجتمعا على عبد، عتق فى الثلث أاو ما حمل منه، او لم يرثه غيرهما، وإن اختلفا فه، عتق على كل واحد من أقر إذا ملك جميعه الثلث، أو ماحمل منه. ولو كان ببنون الثلاثة، فقال اثنان: أعتق هذا. وقال الثال: بل هذا. فليعتق الذى شهد له الاثنان, ولا يعتق الآخر, إلا ان يملكه من شهد له، فيعتق عليه منه محمل الثلث، وإن ملك بعضه، عتق عليه ذلك البعض عن حمله الثلث، ولم يقوم عليه نصيب إخوته، ون لم يصير له فيه إلا مال، أمر أن يجعله فى رقبة، فإن لم يحمل، ففى قطاعه مكاتب. قال عيسى: وهذا عن/ كان مكذببا لإخوته، وأما إن صدقهما، فلا يعتق عليه إن ملكه، إلا ما يحمل الثلث منه مع العبد الآخر. قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: ولو كانا ولدين(3)فقال أحدهما: أعتق أببى هذا العبد. وقال الآخر: اعتق عبدا سماه وأنسيتبه. قال: يعتق العبد الذى سماه احدهما من الثلث عليهما، ولا تسترق الذى نسيه بالشك، يؤمران بذلك ولا يقضى به عليهما، ثم يقتسمان باقى العبيد فما صار للذى أتت الشهادة، رق لله، وما صار للشاك، امر أن يحتاط بالبراءة من جميعهم لأنه لا يدرى من الحر منهم. فإن للم يدع إلا عبدين، فليعتق من الذى قطع له الأخ الشهادة مبلغ الثلث من العبدين فيه، فإن كان ثلثاه رق ثلثه بينهما. ويطيب للذي خصه مالك [نصف باقيه](4)ويكون العبد الاخرر بينهما، ويطلب للقاطع [للشهادة](5)ملك
***
__________
(1) فى الاصل وص: ( وللو كان ورثته ابن) برفع ابن والصواب ما أثبتناه )
(2) فى الاصل: ( أعتق أبانا) والصواب ما أثبتناه
(3) فى الاصل ( ولو كانا ولدان)
(4) فى ب: ( ثلث باقيه )
(5) للشهادة ) ساقطة من ب )(1/447)
[12/479]
نصفه ويقال للشاك: يخرج من ملكه ما نابك من محمل الثلث منه إذا لا يدرى لعل العتق فيه، فإن كان ثلث الميت قدر ثلثى هذا العبد، طاب له مللك سدسه، ويعتق عليه، ويطيب لأخيه ملك نصففه، وانما يؤمران بذلك بغير قضاء. وذكر فى كتاب ابن المواز، عن ابن القاسم نحوه أن يعتق ثلثا المعين(1)، وإن لم يدع غيرهما، وقيمتهما سواء، ولا يعتق من الاخر شىء ويقال للشاك: اجعل نصيبك من ثمن الآخر. [قال أبو محمد](2)يرد إن بيع فى رقببه[يعتقها](3). قال محمد: وإنما أعتق ابن القاسم ثلثى المعين(4)حين لم ينكر الاخر قول كتاب آخر، عن أشهب مثل ما ها هنا، إلا انه قال: يتقاومان(5)البباقى فإن صار للذى نص العبد الآخر، لم يعتق عليه من هذا شىء، فإن صار للشاك، لم يامره أن يملك ثلثيه إذا قال يكون فيه العتق، ويقضى بذلك عليه، وثلثه ما لم يرجع قببلب يقضى عليه، فيقول: ذكرت أنه الذى قال اخى. ومن كتاب اببن المواز: ومن تررك ولدين وعبيدا، الرقق بنهما ن قسمت، فمن صار إليه العبد الذى أقر ببه، عتق منه محمل الثلث بالحكم، ون لم يصر له إلا الذى قال أخوه، امر كل واحدا منهما ان يعتق من العبد الذى صار له من العبدين بقدر ما كان يصير له من الآخر عن كان العبد يخرج من الثلث. ون قال: اجعل قدر ذلك فى غيره. فذلك من قيمة هذا الذى فى يديه، ولا قضى بذللك عليه، فيعتق بذلك رقبة، او يشارك له فيها، فإن لم يجد، اعان له
***
__________
(1) فى ب: ( ثلثا المعتق ) عوض ( ثلثا المعين )
(2) قال ابو محمد ) مثببتبه من الاصل ساققطة من النسخ الاخرى
(3) لفطة ( يعتق ) ساقطة من ب
(4) فىب: ( ثلثى المعتق )
(5) تنقاوماان )كتبت فى الاصل بغير نون.(1/448)
[12/480]
النقصان.قال: فإن حملت من المبتاع،لم يبر بضربها،ويلزمه الحنث،وهي حرة لفوتها بالحمل إن كانت علي يمينه بينه،أو صدقة المشتري، ويرجع المشتري بجميع الثمن، ولا حاسب بقيمة الولد وقاله مالك. قال أشهب: فإن لم يصدقه المشتري، ولا قامت، فهي له أم ولد، وينتظر البائع بالثمن تصدق المبتاع فإن أبر من ذلك جعل ثمنها في رقبة يعتقها. وكذلك ذكر ابن سحنون عن أبيه،قال ابن المواز: قال ابن القاسم: حملها فوت، وهي أم ولد للمبتاع، صدقه في يمينه، أو قامت به بينه ولا تعتق، كالمسألة الأولي.وقال غيره، وبه أقول: إنها كالمدبرة تحمل من مشتريها، فتمضى أم ولد له. قال ابن حبيب: إذا باعها، فهي حرة، حملت آو لم تحمل. قال مالك. ومن العتيبه روي اصبغ عن ابن القاسم/ إن حملت من المبتاع، فإنها تعتق،ويرد إليه الثمن، ويكون له الولد(1)بغير قيمة. قال اصبغ: لا أرى ذلك، بل هي أم ولد للمشترى، كالمدبرة تباع فتفوت بحمل. والمجموعة قال ابن الماجشون، فىمينه على قاء الدين: عن ضرب أجلا فباع لمة قبله، وقضى الدين قبل الأجل مضى البع. قال المغيره: وإذا باع وحل الجل، ولو يقض، حنث، وعتق الرأس عن كان له ما يقضى منه دينه، وإلا بيع منه الاجل ولم يقض، حنث، وعتق الرأس عن كان له ما يقضى منه دينه، وإلا بيع منه بمقداره، عتق ما بقى. وذكر أصبغ، عن ابن القاسم، فى العتبية(2)، أنه إن باعها قبل الجل ووفى الحق، فلا حنث عليه، ويمضى البيع. زمن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: ولو كاتببها، ثم ضربها لبر. وقال اشهب: لا يبر. قال مالك: ولا تنقض كتابتها، ولكن يوقف ماتؤدى، فإن عتقت بالاداء، تم فيها الحنث، وصارت حرة، واخذت كل ما ادت، وغن عجزت، ضربها ن شاء فيبر
***
__________
(1) لفظة ( الولد ) ساقطة من الاصل
(2) البان والتحصيل، 422: 14(1/449)
.[12/481]
مكاتببا يعتق ببه، فإن لميجد وتأتى وطال ذلك، اعطاه لمكاتب خفيف عليه العجز او من يرى له العتق/ فإن لم يجده، أعطاه لمكاتب ما كان. وقال البرقى، عن أشهب: او لم يدع غير العبدين، فن لم يحملها القسم، بقى وما هما، فإن صار لكل واحد العبد الذى لم قر ببه، أمر ان يخرج ثلث قيمته الذى صار له، فليجمع فى رقبه بغير قضاء، وغن صار له العبد الذى أقر له، عتق عليه ثلثه بالقضاء، يريد: وقيمتهما سواء. ومن كتاب اببن المواز، وروى مثله ابو زيد عن ابن القاسم فيمن ترك سالما وممونا، فشهد عدلان انه اعتق ميمونا فى صحته، قال اببنه: بل إنما أعتق سالما قال ابو محمد: يريد فى وصيته، نظرت الى قيمة ميمون، وغلى ثلث تركته، وغن كان سالما يحمله الثلث مع قمة العبد الآخر، فسالم حر، ويخرج ميمون بالشهادة، فإن لم يحمل سالما الثل، عتق محمل الثلث منه، وخرج العبد الآخر حرا. ولو ترك ولدين وعبدا يحمله ثلثه، فقال احدهما: أعتق ابى نصفه. وقال الاخر: بل اعتق جميعه. فإنه يعتق على القائل جميعه نصيبه منه، وهو نصفه، وعلى الذى قال: أعتق نصفه مصابته منه، وذلك ربعه، ويرق له ربعه(1)[ون كانا عبدين]، فقال احدهما: اعتقهما ابى. وقال آخر: إنما اعتق هذا بعينه، والثلث يحملهما، وذلك العتق فى مرضه، فليعتق الذى اجتمعنا على عتقه، ولا عتق لللآخر. محمد: وإن لم يدع غيرهما، وقيمتها سواء، أعتق من الذى اجتمعا عله نصفه، فثلثه بينهما، وسدسه يعتق على الذى أفرده بالشهادة، وذلك بالقضاء. ولو شهد حدهما ان أبباه اعتق نصف احدهما بعينه فى صحته، ثم شهد هو وأخوه ان الأب أعتق الخر كله فى وصيته، وقيمتها سواء، ولا مال له يررهما، فليعتق من
***
__________
(1) فى الاصل ) و\يرق فله الرق منه)وذلك لا معنى له وقد أثبتنا ما فى ت.(1/450)
[12/482]
الذى اجتمعا على نصفه عليهما، ونصف سدسه[على الذى لم يشهد](1)
فى الصحة بشىء. ولو قالا: اعتق هذا فى وصيته. وقال احدهما: وقد كان اعتق هذا الآخر فى صحته. فإنه يعتق/ ثل عبد الوصيه بينهما، ويعتق سدسه علبى الذى لم يشهد فى صحته بشىئ ولا يعتق من عبد الصحة شىء لأن الشاهد فى عتق الصحة يقول: لم يدع الميت غير الوصية، فثلثه حر، ولكل واحد منا ثلثه، والاخر يقول: بل ثلثاه حر لأن التركة عبدان، فلى سدس هذا، ونصف الآخر. قال محمد: يقال للمقرر بعبد الصحة: ن تمسكت منه بشىء رجعت عن قولك، ولزمك ان تعتق من عبد الوصية سدسه، ويبقى لك سدسه كما بقى لأخيك، ولإلا قف عناخذ مصاببتك من عبد الصحة او تجعل ما يصير لك من ثمنه فى عتق غيرره، وإلا جبرت على عتق السدس من عبد الوصية. قال أحدهما: أعتق أبى هذا. وقال الآخر: بل هذا او قال: أحدهما حر. فسهم بنهما فإن خرج المسمى، عتق ثلثاه، وإن اتفقا فى القيمة لأنهما اجتمعا عليه، وإن اختلفت القيمة، عتق منه ثلث قيمتها جميعا، وإن خرج الآخر، كان كما لو عين كل واحد منها وقد تقدم هذا. وإن شهد احدهما أن أحدهما أن شهد أحدهما أن أباه أعتقهما فى وصية واحدا بعد واحد، وقال الآخر: بل قال: أحدهما حر، ولم يعنيه. فليقرع بينهما، فمن جاءه السهم عتق نصفه لأنه فى قول الذى أبهم العتق ثلثاه وحده، وفى قول الذى قال: أعتققها يعتق ثلثه وثلث الآخر، فثلث تلذى أصابه السهم معتقفى قولهما، ويعتق سدسه على الذى شهد بالسهم وحده، ولا يعتق من الآخر شىء لأنه لم يشهد له لا وارث واحد
***
__________
(1) فى الاصل: ( على الذى يشهد ) باسقاط لم.(1/451)
.[12/483]
فيمن شهد بعتق فردت شهادته ثم اشتراه أو ملكه او بعضه وكيف ن مات العبد بعد ذلك؟ من كتاب ابن المواز قال مالك: ومن ردت شهادته بعتق عبد ثم اشتراه؛ قال فى كتاب ابن حبيب: أو ملكه باى وجه ملكه، فإنه يعتق عليه. يريد بالقضاء وقال اشهب وعبد الملك: إن قالشهد بباطل. حلف واسترقه، وإن نكل عتق عليه، وكذلك عن قال: بالحق شهدت، ولكنها قد ردت والولاء للمشهود عليه بعتققه المقضى له بولائة ان يمنعه من ذلك. قال فى الكتابين: وما بقى، فللمشهود عليه بالعتق ن كان حيا فإن كان ميتا فجميع ما ترك المولى لعصبية المشهود عليه بعتقه، ولا يخذ الشترى من هذا المال الذى ودى لأن ذللك الثمن فى ذمه وليهم، وهذا مال ليس من تركته، وأنما هو ميراث لهم بالولاء بالمروث، قال اببن المواز: قال اشهب: وكذلك لو اشتراه من غيرر المشهود عليه ببعتقه، ثم مات، لأخذ من تركته أقل المنين، ودفع ما بقى للمشهود عليه. قال ابن حبيب عن مطرف عن مالك: إذا ردت شهادلته فيه، ثم اشترى ببعضه فليعتق عليه ما اشترى منه، ولا يقوم عليه باقيه. ومن كتاب اببن حبيب قال ابن القاسم: ومن أخبر عن رجل ان اعتق عبده ثم اشتراه منه، قال: إن كان خبره بمعنى أنه علم/ ذلك منه أو سمعته، اعتقه ليس بخبر غيرره عنه رأيت أن يعتق عليه ورواه عسى، عن ابن القاسم، فى العتبة(1)
***
__________
(1) البان والتحصل 2: 15(1/452)
[12/484]
فى الرجلن شهدان بعتق عبد فيعتق ثم رجعا عن شهادتهما وفيمن شهد قلانا أعتق عبده او تصدق به على فلان أو اقر له بدين ثم مات فلان فكان الشاهد وارثه ومن أقر أن ولده أعتقت عبدها! من كتابب ابن المواز قال اببن القاسم: وإذا شهد رلان بعتق عبد فحكم بعتقه، ثم رعها عن شهادتهما، غرما لربه قمته يوم الحكم، ولا يوم الشهادة، ولا اليوم وإن رجع واحد غرم له نصف قيمته، وإن كانوا أربعه، فرجع اثنان، لم يغرما شيئا ثم إن رجع آخر وغرم الثلاثة أرباع قيمته قال محمد: هذا غلط بل عليهم نصف قيمته. قال ابن حبيب: قال ابن الماجشون: ومن شهد على رجل أنه عتق عبدا له، أو شهد عليه أنه تصدق به على رجل بصدقة أو [بأن الرجل عليه دين](1)ثم مات المشهود عليه فورثه الشاهد/ فاكذب نفسه أنه لا شىء عليه لأنه لم يشهد بشىء ولم يقر بشىء بملكه. قال اببن القاسم: يلزم الشاهد ذلك كله، وذلك أحب إلينا. ومن العتبية قال عبد الملك ببن الحسن عن ابن القاسم فيمن قال: اشهدوا أن لم ولدى اعتقت رقيقا، او حنثت فيهم بالعتق وهى تجحد فإن كان السيد صحيحا فهو انتزاع وهو أحرار، وإن كان مريضا، لم يقبل منه. أراه يرد/ فى الصحيح أنه أنفذ ذلك
***
__________
(1) هذا العنوان الشامل الموجود بين معقوفتين ساقط من الاصل مثبت من ب(1/453)
.[12/485]
أبواب الايمان بالعتق فمن قال لعبده إن فعلت كذا فانت حر وهو لا يرد أن يفعله ففعله ليحنثه او قال إن لم تفعل فلم يفعل أو كان شئا لا يقدر عليه او دخل عبده دار الحرب فقال له اخرج فإنت حر يرد استخراجه فخرج من العتبيه(1)روى أصبغ عن ابن القاسم فيمن أرل الى عبده: إن لم تت إذا فأنت حر. وكان السيد استعجاله , فتأخر العبد بع ن علم ليحنثه، فلا عتق له. وقاله مالك فى الذى قال لعبده فى غريم له: إن فارقته فأنت حر. ففارقه أنه لا عتق له. وذكر مالك أضا عن عمر بن عبد العزيز, وربيعه: ون كان الرسول لم يبلغ العبد فلا حرة له ايضا. وكذلك روى عيسى، عن ابن القاسم، فيمن قال لرجل: قل لغلامى يلقانى بموضع كذا فإن لم يفعل فهو حر. فتوانى الغلام وأبى [أن ييبه] وقال: لا حنث عليه. كذلك ذكرها عنه ابن المواز، وقال فى سؤاله: فنسنى الرسول، أو لم يفعل, قال: لا شىء عليه. قال عنه أبو زيد فى العتبية(2)فى مسألة الغريم: قد كان مالك لم يره عتقا،ثم رجع وقال لى: امحه، ورأراه حرا. وكذلك إن قال له: انت حر إن دخلت الدار. فدخلها. وذكر عن ابن سحنون، عن ابيه، ما روى عن عمر ببن عبد العزيز، من رواية اببن وهب عنه وعن ريبعه، ويحيى ببن سعيد، ثم ذكر رواية لابن وهب، عن عمر ببن عبد العزيز، أنه يحنثه.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 547: 14
(2) البيان والتحصيل، 57: 14: 19: 15(1/454)
[12/486]
قال: وهذة الرواية أولى والى هذا رجع مالك ولا أعرض القول الاول وقد كره مالك بعد ذلك أن يعمل به وذكر اببن المواز القولين عن مالك وما روى عن عمر بن عبد العزيز وربيعه انه لا شىء عليه. قال ابن حبيب: رجع مالك فى مسألة الغريم وشبه ذللك الى انه حانث ويعتق عليه ةاختلفت فيه قضيتان من عمر بن العزيز وقال مطرف واببن الماجشون وجميع اصحابب مالك على ما رجع الية وعليه مدار الفتيا بالمدينه ومن العتبية(1)أبو زيد عن اببن القاسم فيمن قال لعبده وقد قيده: انت حر إن أنزعت هذا القيد حتى تحفرر لى مرحضا قال ينظر السلطان فإن كان شىء لا يقدرر رجل ان يحفره رأيت ان يعتق ويخلى عنه ومن سماع اببن القاسم فيمن لحق غلامة ببلد الغير فقال: اخررج الى وأنت حر [فخرج] فقال السيد: أردت استخراجه. فإن كان السيد أشهد أنه أراد ذلك ليستخررجة فلا شىء عليه وغن لم يشهد فهو حر(2)فيمن حلف بعتق إن فعلت كذا أو لأفعلن او إن كان كذا أو قد ضرب أجلا أو لم يضرب وهل يبيع [او يهب](3)؟ وهل يبر ببفعلله بعد البيع أو الكتابة؟ وكثير من هذا الباب فى كتاب الايمان قال ماللك وأصحابه إن الحالف إن فعلت أو لا فعلت على بر لله أن يبيع ويصنع ما شاء والحالف ليفعلن أو لم فعل فهذا على حنث وليس له الى البيع سبيل
***
__________
(1) البيان والتحصيل 141: 15
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ت
(3) فى ب: ( أو صرف ) عوض ( او يهب )(1/455)
[12/477]
ورى أشهب عن مالك وهو فى العتبية(1)وكتابب ابن المواز فى التى وجب لها على رجل طلب فحلفت بالحرية ن عفت إلا أن يدعه السلطان قال: ليس له فى هذا أن تبع رقيقها و يعفو عنه السلطان قال أشهب: لأنه من معنى: لآفعلن عنى لأبطالك فهى على حنث لأن قولها: لا عفوت مخرجة: لا تركته ولا طالببته بخلاف القائل أن ضربتك هذا على بر قال اببن حبيب: قال لى اسماعيل ابن أبى أويس، عن كنانه، فيمن حلف ببعتق امته لفعلن كذا فلا أحب له وطئها عن لم يضرب أجلا حتى يفعلة وذلك مما يخشى ان يقع عليه فيه الحنث وهو حى كيمينه ليضربن عبده ولينحرن بعيره ذ قد يموت العبد والبعير الحالف حى فنحث فاما ما لا يحنث فيه إلا قال اببن حبيب: فمن أخذ بهذا لم اعبه وأما أصبغ فقال: ذلك كله سواء قال ابن القاسم عن ابن عن مالك فى العتبية(2): ومن حلف بالعتق: لأفعلن كذا وله شرك فى عشرة أرؤس فقاسم شريكه, فوقع له رأس منها فاليمين فيه وتمم هذه فى آخر الباب وغن حلف بعتق أمته ليبعيها فلا يطؤها ولا يهيبها حتىيبيعها قال عيسى عن ابن القاسم: وكل من حلف بالحرية ليفعلن كذا ولم يضرب أجلا فلا يطأ ولا يبيع ولا يهيب ولا يتصدق ولا يضربه حتى يفعلوما ولد لامة فى ذلك فى اليمين وأما لو ضرب الا اجلا فل أن يطأ [إما الأم وإما الببنت ولا يبيع واحده منهما ولا يهب ولا يتصدق حتى الاجل فإن بر وإلا](3)كانت البنت وأمها حرتين(4). ص 488/ قال ابن حبيب عن ابن الماشون/ عن مالك: وغن مات هو قبل تمام الال لم ينحث بعد الموت لأنه على دبر بالاجل، ولو لم يضرب أجلا عتقت فى الثلث لأنه كان على حنث. قال عيسى عن ابن القاسم: وأما الحالف: عن فعلت فله البيع والوطء والتصرف، فن حنث وعنده الأم، عتقت واختلف قول مالك فيما يولد لها بعد اليمين فقال: يدخل فى اليمين. وقال: لا يدخل واستحب آخر قوله أن [يعتق على بر](5)واستحسنه ابن القاسم، ولم يعب القول الأول. وذكر ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون مثل ذلك كله من أول المسالة. وذكر رواة أصبغ عن ابن القاسم عن مالك, وان ولد المحلوف فيها: ن فلت انهم يدخلون فى اليمين وانكر هذا أصبغ وقال: وهم من روايته وقال: لا يدخل الولد معها لأنه هلى بر وإتنمايدخل إذا حلف: ليفعلن وذكر اختلاف قول ابن القاسم فى ذلك أيضا وذكر ابن المواز عن أصبغ أنه قال: أرى رواية ابن القاسم هذه وهما ولا عتق للولد ذا لم يكن الحالف على حنث والى هذا رجع ابن القاسم وقد كان يقول: له بيعها وهذا مستوعب فى باب من ولد بمنزلته. ومن العتبية(6)روى ابن القاسم عن مالك فيمن حلف بعتق جارية ليتوزجن على امرأته الى سنة فماتت المرأة قبل السنة ولم يتزوج انه لا شىء عليه لأنه على بر كمن حلف ليقضن فلانا حقه الى أجل، فمت قبله وقال اشهب، عن الك فيمن حلف بالعتق ليقيدن عبده، ولا دخل المدينة سنة، فقيده ونحاه عن المدينة، ومات قبل السنة قال مالك: أخاف ان يكون
***
__________
(1) البيان والتحصيل 443: 14
(2) البيان والتحصيل 541: 14
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت
(4) كتبت فى الاصل ( حرتان ) والصواب ما اثبتناه )
(5) ما بين معقوفتين بياض الاصل وكتبت فى ص وت: ( إن يعتق على بر حنث ) وارتاب فى ب فكتبت فوقها ( كذا ) ولعل الصواب نا ارتايناه.
(6) البيان والتحصيل، 422: 14(1/456)
[12/489]
ورثته بمنزله. قال ابن كنانه: قد مات على بر وصار لغيره فليس على ورثته ان فعلوا حتى تحل السنة. وقال له الك: فالحالف ليضربنه فات ولم يفعل، قال له ابن كنانه: هذا ات على حنث، ولا يتبع ضرب ورثته. قال له مالك: أرأيت ن اوصى بضربه، فقال له فما قلت فى هذا قال: ما قلت شيئا بعد. قال اشهب: القول ما قال ابن كنانة. قال ابن حبيب قال ابن الاشون: ومن حلف بحريتة أمته ليضربنها مائة سوط، فلم ضربها حتى حملت منه، فليس له ضربها وهى حامل ولمنعه لسلطان عن ذلك ويعتقها عليه، فإن ضربها قبل ان تضع بر فى يمينه ثم عند ربه. ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن حلف ببحرية أمته ليفعلن كذا فباعها قبل يفعل، فليرد البع وتبقى بيده، ولا يضرب له للفعل أجلا وتبقى بيده ينتفع بغير الوطء فما أن يبر أو يموت قبل ذلك فعتق ن ثلثه. قال فى كتاب محمد والعتبية(1)ابن القاسم عن مالك فيمن حف بحرية عبده ليعطين فلاناحقه، لا يملك غيره فلا بيعه قال فى كتاب محمد: وليرد إن فعل حتى يقيضه فن قضاه قبل يرد البيع فلا يرد. قال عسى عن ابن القاسم: قال مالك فى الحالف بعتقها ليصربنها فباعها ونسى يمينه، فحملت من المبتا وقامت بيمينه بنية تتق على البائع ويرد الثمن. قال ابن القاسم وبن وهب: وإن لم تحمل ردت الى بائعها، فيبر بضربها ومن كتاب اببن المواز: وإن حلف ليضربنها فباعها قبل الضرب نسى يمينه أو لم ينس فلم يرد البيع حتى ضربها، فقال أشهب: قد بر وإن نقضها ضربه، غرم
***
__________
(1) كذا فى ب وكتبت فى الاصل: ( ويكتم ) وفى ص وت ( ولكت المكاتبة انفلق )(1/457)
[12/490]
قال سحنون فى كتاب ابنه[وإن الحكم] إيقاف ذلك المال: قال أصببغ: فى كتاب ابن المواز: ولا ينفعه ما ضرببها فى الكاببة. قال اشهب: ولو كان ضربنه لا يجوز له، عجل عليه الحنث. قال سحنون، فى المجموة: فإن مات السيد ولم تؤد الكتابة، وله مال حمل ثلث المة، عتقت فيه، وسقط عنها باقى الكتابة، وكان وقف رد عليها، وإن كان دين محطيط، مضت على الكتابة، وكان للغرماء النوم فإن أدت تم عتقها وإن عجزت كانت وما أخذ منها فى دين سيدها. ومن العتبية(1)روى عيسى عن ابن القاسم فمن حلف فى جارته بحرتها ليتخذها أم ولد فباها، قال: يرد البيع وتبقى فى ملكه حتى يبر او يموت فعتق فى ثلثه. وقاله مالك فى كل من حلف بعتق رقيقه ليفعلن فإن فلس قبل أن يبر ويمينه قبل الدين و بعده قال ابن القاسم: يباع بدين كان فيه قبل يمينه أو بعده، بخلاف المدبرين لأنه بقدر ان يبر فى غير المدبرين وليس له أن يبرأ فى المدبرين. قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن حلف بحرية عبده إن لم يضربه بكتابه قال: يتمادى فإن عجزضربه وإن ودى عتق ورد عليه ما أخذ منه ولا يبر بما صرببه فى الكتابة ومن كتاب ابن المواز: وإذا كانت يمينه بالحرية، ليفعلن وله شرك فى عبيد فله المقاسمة قبل الحنث [يالسواء](2)ويكون اليمين فيمن أخذ فإن أخذ أقل وأخذ فضلا او تركه لم يز ورد كمن حلف ن فعل كذا بحرية عبد فباعه ثم ورثه مع الورثة فإخذه بميراثه فلا شىء عليه إلا أن يكون فيه اكثر من حظه وأدى فيه ثمنا أو يترركه له الورثه فتلزمه اليمين يه
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 1: 15
(2) كتبت فى الاصل: ( بالشراء )(1/458)
[12/491]
قال محمد: وغن حلف قببل يقاسمها فليقسم له حقه منهم. ولا عتق عليه إلا ما اببه بالقسم وإن نابه بعض عبد قوم باقيه بالحنث قال ابن القاسم فى المدونه: إذا حنث بعتق رقيبقه ولة أشقاص فى عبيد فليعتق ذلك ويقوم عليه باقيهم فانظر معنى قول ابن المواز وهو خلاف لهذا او فرق بين ان يكون له شريك واحد فى عبيد او شريك فى كل عبد. فيمن حلف بالعتق ليفعلن فلان كذا أو إن فعل كذا أو إن قدم أبى او للحامل ن وضعت فالولد حر من كتاب ابن المواز قال: ومن حلف على غيره إن فعل كذا فلا يتلوم فى ذلك، وإن حلف عليه، ليفعلن ففى التلوم فإن مات فى التلوم فابن القاسم يحنثه وأشهب لا يحنثه، ويراه كموته فى أل ضربه الحالف. قال محمد: وكانه وقت ليمينه وقتا لأن السلطان إنما يضرب له ما يرى أنه أراد بيمينه من التاخير ولو لم ضرب له السلطان لكان حانثا إذا بلغه وانتهى اليه ومن قال: إن قدم أبى(1)فأنت حر. فهو على بر وله الوطء فى الامة. قال أشهب: عن كان للغائب مثل والده ومن يعلم انه نجا به ناحية الشكر فلا يبيعه وينتظر فإن لم يات فله البيع وإن لم يضر ذلك ببه فليبع متى شاء وقاله مالك. وكذلك قوله فى الحامل إذا وضعت فهو حر على وه الشكر فلا يبعها حتى تضع ةوكذلك ن قال: إن ولدت ذكرا قاله ابن القاسم قال أصببغ: فإن لم يكن بها حمل، فله أن يبع ومن العتبية(2)قال ابن القاسم عن مالك فى الحالف بعتق عبده إن ولد له ولد ذكر من حمل امرأته فليس له بيع عبده ولا هبته فإن ولدت ذكرا عتق
***
__________
(1) فى ب ( إن قد ابنى )
(2) البيان والتحصيل 93: 14(1/459)
[12/492]
العبد. قال ابن القاسم عن مالك فى التى سألت زوجها ليخبرها كلاما فأبى, فحلفت ببعتق من تلك إن لم يخبرها إن كلمت سرا فيؤامر نفسه فاخبرهما بعد يوم قال: أرى ان تكلمه لأنها كانت على بر ولا حنث عليها. وروى بو زيد عن ابن القاسم فيمن قال لأخيه: إن لم تصنع لنا فاريتى حره فأقام شهرا يماطله ثم صنع له قال: أخاف وراه قد حنث قال لنا أبو بكر بن محمد: لا عتق عليه لأنه لم يضرب أجلا فاوزه وأنما يعنى أبو بكر إذا لم ينو الاستعجال فأرى ابن القاسم إنما خاف عليه أن يكون نوى الاستعجال فذلك أحنثه فيمن حلف بالحرية إن فعل كذا فباع رقيقه ثم عادوا الى ملكه أو ردوا اليه بعيب أو بفساد بيع وكيف إن هبهم لولده أو لاجنبى ثم فعل؟ وفيما يرد ذات الزو والسفيه ثم يرشد أو تزول العصمة من كتاب ابن المواز: ومن حلف بعتق رقيقه أن لا يفعل كذا فباعهم ثم فعل ثم اشتراهم فلا حنث إلا أن يفعل بعد الشراء أو بعد رجوعهم اليه الى وجه رجعوا اليه أو باليراث إلا ن يكون ثل قعل ينقضى ولا ينكر مثل يمينه لا ذبح الكبش ولا خاط الثوب ولا قضى الحق ولا زو فلانا فباعهم ثم فعل هذا ثم اشتراهم فقد زالت يمينه. وكذلك لو ضرب لفعله أجلا فمضى كقوله: لا كلمتك شهرا فباعهم فلما مضى الشهر اشتراهم وكذلك يرى هذا فى اخلع فى الزوجة والمحلوف بطلاقتهم ثم يتزوجها فيما لا يتكرر وفيما/ فيه الاجل. ومن العتبية(1)قال أصب عن ابن القاسم فى الحالف فى امة بحريتها إن وطئها فباعها ث اشتراها وقال: فاليمين تعود عليه.
***
__________
(1) البيان والتحصيل 126: 15(1/460)
[12/493]
ومن كتاب ابن الواز قال: وبيع السلطان عليه فى الفلس لا يزيل اليمين عنه إن ابتاعهم لا أن بيعهم بعد الحنث فتكون قضية برد العتق وله شراؤه قاله الك واصحابه إلا أشهب فنه رأى بيع السلطان قبل الحنث وبعد الحنث مزيلا لليمين رافعا للتهة, ثم نقض ذللك فقال فى المولى عليه البالغ: يحنث بعتق عبده ثم يرد ذللك وصية فيبقى بيده حتى يلى نفسه أنه يسترقه قال: ولو كان إنما فيه عتق بيمين فإن فيه تلزمه وكذلك ذات الزوج بحنث فيرده لأنه جاوز ثلثها ثم تزول عصمته إنها تسترقه ولو كانت لها فى يمين للزمها إذا لم تكن حنث الىى الآن. قال ابن القاسم: إذا بقى بيدها من كان رد الزوج بيمينها بحريتهم فإنه ينفذ عتقها بعد زوال عصمته. قال محمد: ولو باعهم الحالف ثم مات المبتاع والحالف وارثه مع غيره فاشتراهم فى مساومة أو مزايدة ثم حوسب فى سائر تركته فكانوا كفاف حصته قال مالك: فلا يمين عليه فيه وذلك كالمقاسمة وكذلك لو نقد ثمنهم من عنده ثم فعل ما كان حلف فيه فلا يحنث إلا أن يكون فيهم فضل. وكره مالك للحالف يعتق رقيقه ان يهببهم أو يتصدق ببهم لأنبى أو لقرابة به قال ابن القاسم ولو صح ذلك وكان كبيع بالاسواق وخيرت رجوت أن لا شىء عليه وكذلك البيع منهم. قال فإن لم يكن بيع على صحته أو يتغابن فى مثله(1)فهو يحنث قال مالك فى امرأة لها شرك فى خادم مع ابنه لها يرة فحلفت بحريتها ان لا تفعل شيئا فوهبت لاببنتها نصف نصيبها ثم فعلت فإنها تحنث. قال محمد: أراه من ناحية من وهب ثم أعتق قببل الحيازة فأما الام تتق عبد ولدها الصغير فبخلاف الاب الذى يبيع على ولده الصير [يشترى
***
__________
(1) كذا فى ب ولعل الصواب هى فى النسخ الاخرى: أو بيع ممن يليه )(1/461)
[12/494]
منهم](1)قال الك فيمن حلف بعتق رقيقه إن فعل كذا: فلا ينفعه ن وهبهم لولده الذى فى ولايته ولا يبيعهم منه من أهله ولا يهبهم له ولكن يبع من غيرهم: بيع لأمر السنة فيه. قال: وأما الحالف إن عفا فلان، فلا ينفعه بيعه لأنه من باب لافعلن معناه لاستاذين عليهلأخذن حقى منه فهو على حنث وقاله أشهب. قال أشهب فيمن حلف بالعتق إن أو لا فعل، فتصدق برقيقه على ابنبه، ثم فعل فن حيز على ذلك للابن حيازة بينة فعليه قيمتهم للابن قال محمد: هذا فى ابنه الصير [فأما](2)الكبير البائن فلا يحنث ن حازهم الابن له ومن العتبية(3)قال أبو زيد عن ابن القسم فى الحالفة بعتق امتها إن تزوجت فلانا فباعت الامة ثم تزوجت الرجل، ثم ردت الامة عليها بعيب فإنها تحنث وإن ردت الى المشترى قيمة العيب حنثت وإن رضيها المبتاع بالعيب [لم تنحث] ومن سماع ابن القاسم: ومن حلف بعتق رقيقه لا وطىء فلانه منهم فوهب غيرها من رقيقة لولده ثم وطىء تلك التى حلف فيها قال: ما أحب إلا أن يبيعهم فى السوق وما أرى ما فعل له مخرا قيل أفتراهم أحرار؟ فوقف سحنون وقال: ليس ببمخرج له إن كان الابن صغيرا فإنه يحنث فى الكبير قال اصبغ: وقاله ابن القاسم: قال سحنون: سواء اازهم الاب لولده الصغير أو جعل من يجوزها له فهو يحنث وقال ابو زيد عن اببن القاسم إن تصدق بهم على ولده وأمهم صدقه صحيحة تحاز عنه فأرو أن يكون خففا فإن كان شيئا يليه فهو حانث
***
__________
(1) فى الاصل: ( يشترى لهم )
(2) لفظة ( فاما ) ساقطة من الاصل
(3) البتن والتحصيل 145: 15(1/462)
.[12/495]
قال عيسى وسحنون: إن تصدق بهم على كبار ولده لم يحنث واما الصغار فيحنث ولى حيازتها لهم او جعلى من يوز ذلك لهم. ومن سماع اشهب قال مالك فين جاء ليشفع زوته فحلف لاجلدنها(1)مائة جلده ولابيعك منها(2)فلدلتها فحلف الزوج انها حرة من ماله إن دخلت على امرأته شهرا فحلفت هى بحريتها إن كلمته شهرا فهل إن وهبتهم لوالدها تزول يمينها؟ قال: لا نفعل وشهر قريب فتكلف عن كلامة الى ذلك.قال يحيى بن يحيى ع ابن القاسم فيمن حلف بحريةباعها فتصدق ببها على ابنه له فى حرة ثم يبيعها له فى مصالحها قال: إن بيعها حنث وعتقت عليه وغرم القيمة لابنته. ومن كتاب ابن المواز فى التى حلفت بعتق جاريتها فباعتها ثم تزوجت [ثم اشترتها، أنها حانثة وروى عن ابن القاسم: قد استثقل [مالك ما يشبة، ولم يعبنى ان يشتريها، ولا بأس به عندى. قال محمد: وإنما استثقل](3)شراءها قبل البناء، فأما بعد البناء فلا بأس به. وقال مالك، فى الحالف بذلك ان لا يشارك فلانا، فباعها ثم شاركها فى يشتريها وهو شريكه قال ابن حبيب: قال ابن القاسم فيمن حلف بحرية شقص له فى عبد ن دخل الدار فباع شقصه من ير شريكه ثم اشترى شقص ريكة ثم دخل فلا ينحث
***
__________
(1) فى النسخ كلها ( لأجلدنك ) بكاف الخطاب ولعل الصواب ما ارتأيناه واثبتناه
(2) كذا فى ب وهو الصواب وجاءت العبارة فى النسخ الاخرى على الكل الاتى: ( ولاينفعك ممشاه)
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت(1/463)
.[12/496]
قال أصب فى كتاب ابن المواز: وإن باع شقصه من شركه ثم اشترى شقص شريكه لحنث وقال ابن حبيب قال أصبغ: لا يحنث وهو كما باه من غير شرك قال ابن حبيب إنه يحنث فين حلف أن يبيع أمته أو لبيعها وكف ن باعها فاسدا او خيار أو حاملا أو رجعت اليه بعيب او بإقاله أو غضبت فأخذ قيمتها؟ من كتاب ابن الواز قال مالك: ومن حلف لبيعن أمته فباعها فردت بحمل فلبعها ثانية وليس بيعه الاولى بشىء ولو أعطى قيمة العيب لم يحنث ومن حلف فى امة ليبيعها الى شهر فباعها بل الشهر بيعا صحيحا م اشتراها قببل الشهر وهى بيده فلا شىء عليه ولو ردت عله بعيب فلم يت بيعه وقيل: إن كان علما بالعيب فاليمين عليه. ومن العتبية(1)قال أصبغ عن اببن القاسم فيمن حلف بحرية عبده لاباعه فباعه بيعا فاسدا او حراما على سلف من احدها او ما يشبه ذلك، فذلك بيع يعتق به، ولو قال: إن لم أبعك فرد عليه بذلك، كانت اليمين عليه باقية حتى يبيعه ثانية وذكر عنه عيسى ثله فىالقائل: أنت حر إن ببعتك فباعه بيعا حراما أنه حر بذلك. قال: وإن حلف بحريته ان يبيعه الى الشهر فباعه قببل الشهر بيعا فاسدا فمضى لبشهر ث رد عليه او مات أو باعه ثم رد علم عيب قال: إن رد عليه بعيب بعد الاجل فقد حنث، علم بالعيب أو لم يعلم وكمن حلف ليبيعن أمته فوجدها حاملا أنها تعتق وأما البيع الفاسد فإن فات الاجل وهو بحالة لم يتغير
***
__________
(1) البيان والتحصيل 542: 14(1/464)
[12/497]
ولا نقص حتى بقيته أن يرد فنه يرد ويعتق وعليه فن فات قبل الاجل فلا شىء عليه، وقد ضمنها المببتاع قبل الاجل وذكر ابن حبيب مثله عن اصبغ عن ابن القاسم. قال أصبغ/: أما إن وجد عيبا فلا أقول إنه يحنث رده له أو لم يرده لأنه ن شاء تمسك به وقال فى كتاب ابن المواز فى العيب عن لم يعلم به فلا حنث عليه إن مضى الشهر فن لم يمض فليببعها ثانية قال: فإن دلس بالغيب بمالها فردت عله بعد شهر فقد حنث. ومن العتبية(1)روى عيسى عن اببن القاسم فيمن حلف فى عبده ن اباعه فهو حر فباعه فلا يحنث حتى نقطع الخيار وإذا حلف لئن وجد بامته الثمن أو اكثر اليوم لبعها فأمر الرسول ببيعها وبيع الاخرى معها صغيرة فبعث الرسول يشاورة فقال لمن جاءه: قل لا يشترط الخيار فى الصغيبرة فاخطأ المامور فقال، للوكيل: اشترط الخيار فى الكبيرة قال: هو الحانث قال عيسى: يرد إذا مضى اليوم والخيار قائم. ولو اشترط الوكيل الخيار ولم يامره بذلك، ثم أعلمه فامره بانفاذ البيع فرجع الوكيل فبلم يجد المبتاع حتى مضى اليوم فإن اشهد الوكيل أن أنقد البيع فىلا حنث على الرجل وغن لم يكن أشهد حين لم يجده فقد حنث إن مضى اليوم ومن حلف بحرية عبده ان لا ينقصه من مائة دنار فباعه الى سنة فلا يحنث إذا لم يتم تاخيره حين حلف يرد لم ينو بالمائة نقدا ولا كان بساط يدل على ذلك ومن سماع ابن القاسم: ومن حلف لا يببع عبده فباعه وشرط الخيار فليس ببيع حتى يمضيه وقاله أصبغ على وجهها وقال لها تفسير روى أبو زيد عن ابن القاسم فين ابتاع امة فى المواضعه حتى حلف بعتقها ليقضن فلانا حقه ثم ظهر بها حمل من غير البائع فله ردها بالحمل واخذ الثمن ولا عتق عليه.
***
__________
(1) البان والتحصيل 559: 14(1/465)
[12/498]
ومن سماع ابن القاسم: ومن حلف بحرية عبده إن باعه فوهببه لقريب له قال: إن أراد ان لا يفارقة فقد فارقه كأنه يرى أنه قد حنث إن أراد أن لا يفارقه فقد فارقه كأنه يرى أنه قد حنث إن أراد ذلك وروى أشهب عن مالك فى التى قالت فى أمة لها: هى حرة إن ببعتها عشر سنين قال: لا رج لها من ذلك أن تتقها أو تهبها لغير ثواب وأما أن تهبها لببعض أهلها فنى أكره ذلك وقال اببن نافع: أكره الهبة خفيفة الدلسة وقال عيسى عن ابن القاسم، فيمن حلف بحرية عبده ن باعه فغضبه منه غاضب فنقض عنه فاراد قيمته فإن كان نقصانه بأمر ن الله فقد حنث لانه كان مخيرا على الاضب فى أخذه معيبا ولا شىء عليه او تركه وأخذ قيمته فاختاره لأخذ القيمة كالبيع ولو اصابه غيره فأخذ له أو شاء لم يأخذ فأسلمة \كان حانثا إذا رضى بالقيامة من غاضبة ولو أنه أخذ مع أخذ الغاضب فى خررجة او اتبع الجارح بما جنى عليه لبم يكن عليه شىء قال ابن القاسم فى كتاب آخر فيمن حلف لا يبيع سلعته فغضبت منه فنقضت فإن كان نقصانا يرا فأخذ قيمتها فقد/ حنث وإن كان نقصانا كثيرا مثل الثلث فأكثر فأخذ لها ثمنا فلا شى عليه. وإن فاتت فأخذ مثلها او قيمتها فلا يحنث. ومن كتاب اببن المواز: ومن حلف بحرية عبده لا باعه إلا بعشرن دنارا فبباعة بذلك ثم أقال منه فلا يبع الا ببعشرن دينارا ولو حدث به عند المبتاع عيب وظهر على أخذ قيمته العيب الحادث عنده وإن رده المبتاع ورد معه قيمة العيب الحادث فلا يبيعه البائع بأقل من عشرين مع ما أخذ للعيب فينحث, ولكن يبيع بما يكون مع أخذ من قيمة العيب تمام عشرين عن كان ما أخذ فى العيب عدلا زيادة فيه, فلا يحنث, غلا ان يبيع بأقل من هذا
***(1/466)
.[12/499]
قال ابن حبيب قال ابن المااجشون فيمن حلف بحرية جارية لبيعها إلا ان تكون حاملا, وقد كاان أصابها فلا يجوز للها أن يطااها إذ قد يكون ذلك مانعا لبيعيها فإن فعل، ثم أتت بولد لآقل من ستة اشهر من مصابة الثانى، سقطت عنه يمينه وإن وضعته لستة أشهر فأكثر من مصابة الثانى عتقت عليه للشك الذى يلفزمه فيها إذا لعل الحمل من المصاب الثانى فلا تملك بالشك وفى كتاب الايماان من معانى هذا الباب. جامع مسائل مختلفة فلا الأيمان بالعتق هذا الباب وغير شىء مما قبله من الايمان/ بالعتق. قد ذكرنا فى كتاب الايمان كثيرا من ذلك. من كتاب ابن المواز: ومن حلف لغريمة بالعتق ليقضية حقه, لم يبر بقضاء بعضه وزلو حلف الغريم لئن قضتنى لأفعلن كذا- يريد شكرا فقضاه بعضه, لم يلزمه الفعل حتى يقيضه جميعه ولو حلف المطلوب لئن اقتضيتنى لاضربنك فاقتضى بعض الحق, لزمة ليمين لأنه يعلم أنه قصد ترك حقه فيعمل على مقاصيد الناس فى أيمانهم وإن قال: لئن اقتضى لاقبلن رأسك، أاو لاتححفنك. لأنه كان يعرض عليه حقه فيأبى, فهذا لا يلزمه أان يتحفه حتى يقتضية حقه كله لأن قصده أان يأخذ منه كله فللايماان وجوه يحمل عليها اهلها. ومن العتبية(1)أشهب عن مالك: ومن حلف بالعتق لا أكرى أرضه طمن فلان الغلام فوجد وكيله قد أكراها منه, فأبى ان يمضى ذلك فهل يخرجه أن يكريها من أخيهظ قال: أما رجل يريد ان يدخله فيها فلا, أو يكون أخوه شريكا له فى المال، ولكن خاصموه حتى يقضى عليه. ومن قال: ورقيقى أحرار إن قدم فلم أقضيك حقك. فقدم فله يوم وليلة فى ذلك إن لم يقضية فيها حنث فيها ولو قال: إن قدم أبى ولم أقك حقك. فإن لم
***
__________
(1) البيان والتحصيل 14: 474(1/467)
[12/500]
يقضيه قبل يقدم أبوه, حنث ولو قال: إن قدم أبى ولم أقضك حقك. فلا تحنث بقدوم ويكف عن [الوطء] * امراته إن حلف بالطلاق ويكون موليا ومن كتاب ابن المواز قال مالكك ومن حلف/ بحرية [عبده] ليقضن فلانا [حقهٍ] لأجل سماه فباع منه حقه عبدا غير قبل مالاجل فذلك يخرجه من يمينه إن كان ممن يباع ولو أحاله بالحق لم ينفعه قال ابن حبيب: قال أصبغ: ومن قال لأمته: إن أعتقك فى حياتى أو بعد موتى، فأنت حرة. فاعتقها الى أجل، قال هى حرة ساعتئذ. قال: فإن دبرها. قال: التدبير عيف، ولايعجل لها عتق ومن العتبية* ومن وقف على سبيل، فحلف بالعتق إن شرب منه قطره حتى ينصرف، فدفعه إنسانسة فشك أن يكون دخل بطنه[منه] * شىء قال: هو أعلم إن كان دخل بطنه منه شىء أم لا. قال عيسى: قال ابن القاسم فيمن حلف فى غلام كان أبق له, فوجده هو حر إن بعته إلى ثلاثة أيام. فأعطاه فيه* عطاء قال: هو لك بعد ثلاثة أيام قال: قد حنث, والغم حر. وكذلك روى عنه أصبغ إن قال: هو حر إن باعه اليوم ولا غدا. فطلبه رجل باربعه دنانير فقال: قد اوجبت لك بعد غد أنه قد نث وهذا بيع. قيل: فهل البيع ماض؟قال: لا. ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف بحرية عبده إن باعه, ثم نسى فقال: من جاءنى بعشرة فهو له. فإن جاءه أحد بعشره حنث فإن لم ياته أحد وجدت أن لا شىء عليه ومن قال بغير يمين: من جاءنى بعشرة فعبدى هذا له لزمه ذلك إن جاءة احد فيما قرب، مثل الشهر والشهرين. وقال محمد: بل مثل الشهر/ 501/ فدون كما لو باع عبده على خيار شهر للبائع فقد كرهه مالك. وروى عن ابن وهب أجازه الشهر ولو باعه بيعا فاسدا فهو حر. ومن حلف بعتق مكاتبه إن وضع له فاقتضى بعض كتابته, ثم وضع له, فهو حر, ويرد ما قاطعه به دون ما اقتضى, كالحلف بالاطلاق إن صالحها ففعل فليرد ما أخذ فى الصلح قاله مالك. ومن حلف بحرية رقيقه إن فعل كذا ففعله, وكان أبوه قد أخدم عبدا مرجعه اليه فهو حر متى رجع اليه. ومن كتاب ابن سحنون وكتب شجرة الى سحنون, فى أمه بين أختين فحلفت واحده لآخذنها(1)ولأختهاخ فيها شرك ولا تبيع من اختها نصيبها ولا ممن يبيع منها برحرية الجارية وحلفت الأخرى بحريتها لا باعتها* حياتها, فأرادت الولى البع من اختها فأبت أختها فكتب اليه: وأما التىم حلفت لا تبيع من أختها ولا ممن * تبيع منها فإن أرادت ممن يبيع منها الذين هم من ناحية الاخت او ممن يظن أنه يريدها لآختها فلتبعها فى السوق بيعا صحيحا ثم المشترى إن أراد البيع قيل للحافة لا بعتها إن* أردت طائعة فالسلطان يجبرك على ان البيع مع صاحبتك, [وإن لم تنوى طائعه ولا مكهره فإنه يجبرك وتحنثيين، إلا اان تأخذى نصيب شريكتك بمالا تعطى فما تحنثين] * او تبقيا على الشركة فإن أرادت اولى أن لا تصل الى الاخت على كل وجه ممن يظن أنه يبيعها منها أو من غيرها, فهذا شديد وأخاف علايها الحنث. وساله حبيب عن رجل قال: غلامى حر إن لم يكن القران مخلوقا قال: فغلامه حر
***
__________
(1) هنا تنتهى المقابلة من ت(1/468)
.[12/502]
ومن العتبية* روى أصبغ وسحنون عن ابن القاسم فيمن قال لعبده: إن قضيت عنى لغريمى دينه على فأنت حر. فتصدق الطالب بالدين على العبد؟ فقال: هو حر ولو تصدق به على السيد. فإن قيل: فعلى أداؤه الى السيد وإن لم يفعل , فليؤده* الى الغريم ولا يعتق بأدائة. ومن سماع ابن القاسم: ومن قاطع مكاتبه ثم قال له: لم ترض امراتى فقال رجل- عللى اللعب -: انا أشهد أنها اجازت فقال: مل مملوك له حر لئن * شهدت بذلك لاكسوتن المكاتب ثوبين[فقال ما اشهد وكنت لا عبا قال لا شىء عليه ولكن يتورع ويعطيه ثوبين] * إن كاان أمرهما يسيرا. قال عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف بعتق وأو طلاق بفلانة عيب كذا، مما لا يراه إلا النساء وهى حرة أو أمة فأنكرتا* ذللك أو أمكنت الحرة امرأة من نفسها فنظرتها فقالت: ليس بها ذلك قال: لا يحنث ويدين ولا ينظر اليها النساء. ومن طلب أن يحلف له غريمة بحرية عبد له, فقال: هو لزوجتى فقال احلف بحرته لتوافينى * يوم كذا. فحلف بذلك وحنث فقام الغلام بذللك أو قامت الزوجة تدعيه ولا يعرف لها إلا بهذا الاقرار فإن كان ييعرف بملك السيد فهوو حر, وإن عرف بها فهو لها ولا ييعتق. قال: وإن كان إنما يعرف فى يديه وفى خدمته واليه ينسب ولا يشهدون على اصل ملك له بشراءك ولا بميراث؟ قال: قد يستخدم عبد زوجته وهو لها بذلك الإقرار ولا حنث عليه. قال: ولو لم يحنث
***(1/469)
,[12/503]
قالت المرأة بهذا الاقرار فقال: إنما قلته معتذرا وهو لى. قال: تحلف المرأة ويكون لها إذا جهل أصله وكان فى خدمته. وروى عيسى عن ابن القاسم فى امرأة لها/ امة رائعه مدبرة فحلفت بعتقها لا باعنها ولا زوجتها فقال الامة للسلطان: لا أصبر عن الرجال قال: لا أرى أن تحنث إلا لن يعلم أنها أرادت بذلك ضررا فتمنع فإن نوت لا أبيعها طائعه. فباعها كالإماام لم تحنث وإن تكن لها نية فلا تباع عليه. وروى يحيى بن يحيى فيمن حلف بعتق عبده, لا عتق عبدا له آخر فأوصى بعتقه أو دبره فى صحته او فى مرضه فلا يحنث وإن كاتبه انتظر به فإن عجز لم يحنث فإن أدى حنث فى العبد الآخر. ومن المجموعة قال سحنون فيمن حلف لا أعتقت امراته أمتها ولا باعتها ممن يعتقها فدبرتها، قال: هو من يحنث لأن من حلف ألا يفعل شيئا فمعناه أن لا يقرب شئا منه فهو يحنث بما فعل من ومن العتبية من سماع ابن القاسم: ومن باع أهبا فمطله المبتاع بالثمن, ثم قال له: أتحب الاقالة؟ قال: نعم فاردها فردها فقال البائع: على عتق رقبه إن كان لى أتن احلفك عند منبر النبى أنك لم تحظها [إلا حلفتك] قحال: له ان يحلفه إن التقاه [قال الفقيه أبو محمد عبد الله بن أبى زيد] وتركت مسائل من الايمان من العتق قد ذكرناها فى كتاب الايمان فهى مكررة
***(1/470)
.[12/504]
ومن كتاب ابن سحنون من مسائل شجرة, فى أمة بين أختين, حلفت واحدة بحريتها لا خدمت أختى وحلفت الاخرى لا ببعت نصيبى منها وأبت الاخرى أن تبيع نصيببها من هذه فكتب اليه: عن كانتا ممن يلزمهما اليمين, فقالحافة على الخدمة إذا قضى عليها تقسيم الخدمة بينها وبين اختها فخدمتها حنثت فإن عزمت على البيع قبل ذلك قيل للحالفة ألا تبيع اشترى مصابة اختك بما بلغتك أنت أحق بذلك فإن أبت أمر الحاكم بالبيع فاذا بيعت حنثت الحخالفة على البيع ونقض البيع وقومها الحاكم عليها إلا أن تكون نوت أن لا ابيع طائعة راضية. يريد فلا شى عليها. قال ابن سحنون: قال المغيرة فيمن قال: إن فعلت كذا فكل مملوك لى حر. فلما احتضر أوصى بذلك الامر أن يفعل هل الوصية بفعله كما لو فعله فى مرضه؟ قال: إن مات حنث فى رقيقه فى الثلث وإن صح فلا شىء عليه, ويمينه بالطلاق بخلاف العتق لأنه من طلق فى المرض ورثته وإذا حنث به, فإنما يقع بعد وفاته وقد هلك عنها زوجها وهو يوصى بعتق عبدعه, ولا يوصى بطلاق امرأته بعد موته, فأعجب هذا سحنون. جامع فى عتق الرقاب الواجبة وما يجرى منها وفى الرقاب الموصى بها ومن كتاب ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: لا يجزى فى الرقاب الواجبة الاجذم, والابرص والاشل والاقطع, والاخرس, والاعمى, والمجنون المطبق, ولا الذى يجن مره بعد اخرى, ولا مفلوج يابس الشق ولا مقطوع الاصبع ولا/ الاجدع المصطلم فأما الخفيف والقرحة الخفيفة, وقطع الانملة وذهاب ضرس وضرستين فإنه والامر الخفيف, ولا يجزى الخصى ويجزى الاعور وغيره احب الينا./ 505/ وروى عيسى عن ابن القاسم, فى العتبية * لا يجزى الخصبى فى الواجب ولا أشل ولا أصم, ويجوز الاعرج الخفيف. وقال أشهب, عن مالك, فى الخصى والاعرج: يجزيان فى الواجب. ومن كتاب ابن المواز قال مالك: لا يعجبنى عتق الاصم فى الكفارة. وقال ابن القاسم: لا يجزى. وقال اشهب: يجزى الأصم, والاعرج والخصى ولا يجوز فى الواجب وهو من المسلمين قال أشهب: وتجوز إمامته وشهادته. وقال عبد المالك بن الماجشون: لا يجوز الاعور. وأجازه مالك والمصريون من أصحابه ولا يجوز مقطوع الاصبعين من يد او رجل ويجوز مقطوع الاصبع وقال عبد الملك: ولا يجوز مقطوع الاذنين فأما الجدع فى الاذنين فيجوز ولا يجوز الاخرس, والاجذم, والابرص, إلا المرض الخفيف. قال: وزيجوز ععتق المريض إلا الذى ينازع. قال ابن القاسم: والذى ذهب جل أسنانه لا يجزى, وإن ذهب أقلها فإنه يجزى. قال مالك: وإن الرضيع فى كمفارة لضعيف. قييل: فالنذر. قال:/ أحب الىولا أحرمة والفطيم يجزى وغيره أبين منه. وقال ابن القاسم, وأشهب, وابن وهب: يجزى الصغير. قال اصبغ: ومن اعتق عن ظهارة صغيرا ثم إذ كبر أبكم وأعمى او مقعدا فإنه يجزية. قال محمد: كما قال ابن القاسم، أنه لا رد بذلك على بائعه لأنه شىء يحدث, إلا ان يكون ثم من ثم ييعلم أنه من أصل الولادة, فيضمن, لا شك فيه. وكذلك ذكر ابن حبيب, عن أصبغ, وقال: ويجوز شرؤاه قبل أان يتكلم
***(1/471)
[12/506]
ويعقل إلا أن تكون بلادنا عمها الفساد, فيزع رجل فى الخاصه نفسه من غير ان يحمل الناس على ذلك. قلا عنه: ولايجزى فى العتق من الزكاه إلا ما يجزى فى الرقاب الواجبة. قال عنه ابن حبيب: وإن فعل أعاد. قال ابن حبيب: لا بأسأن يعتق عن زكاته عميا, أو عرجا أاو مقعدا وإنما المعنى فى قوله [فى ارقاب] * فكاكها. وقد قال مطرف, عن مالك: لا بأس أن يعطى من زكاته للمكاتب ما يتم به عتقه او فى قطاعه نمدبر يعتق به, وهما لا يعتقان فى الرقاب الواجبة. وأجاز مالك عتق ولد الزنى فى الرقاب الواجبة. قال ربيعه: إنى لأجد شأنه فى الإسلام تاما. قال زيد ابن اسلم: هو خير الثلاثة لم يعمل سواء, [ولا تزر وازرة أخرى] * قال ابن المواز قال أصبغ: فإن اعتق مكاتبا اشتراه فلا يجزيه فى قول مالك الاول الذى قال: يرد عتقه، وينقض البيع وفة قوله الآخر: يجزيية جعل عتقه فوتا ولم يرده قال ابن المواز*: هذا أحب الى كالمدبر يعتق عن الظهار وقاله ابن القاسم فى المكاتب يجزية عن ظهارة إن اشتراه ولو أبدى له كان حسنا من غير ايجاب وأما عتقه لمكاتبه أو مدبرة فلا يجزئه لظهارة وقال أشهب: وإن اشترحاه فلا يجزيه فى مدبر ولا مكاتب. قال ابن القاسم: من ابتاع مدبرا كتمه البائع تدبيره فأعتقه عن واجب انه يجزئه قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: لا يجزىء فى الرقاب الواجبة مدبر ولا مكاتب ولا ولد ولا معتق الى أجل ولا معتق بعضه ولا ممثول به ولا ممن يعتق يعتق بالقرابة, ولا الابن إلا أن يجده بعد العتق سليما ويعلم أنه كان يوم أعتقه صحيحا فأما إن كان يومئذ عليلا ثم صح أو كان صحيحا ثم اعتل لم
***(1/472)
[12/507]
يجزه حتى يكون صحيحا ويجده صحيحا. قاله أصبغ وروى اكثره عن ابن القاسم. قال ابن القاسم: ويجوز فى عتق الواجب الصغير والاعجمى المومن وليتجنب الامراض المفسده للبدن, مثل الشلل لليد, والجنون, والجذاام, والبرص, والفالج, وشبه ذلك من الامراض المفسدة للجسد. قال أصبغ: ولا يعتق فى رقبة مرتهنا* بيمين ولا يجزيه إن فعل. قال فى كتاب ابن المواز: ومن قال: إن اشتريت فلانا فهو حر عن ظهارى. فيجوز أن يعتقه عن ظهاره ويستثنى ماله وإن جعل ذلك دينا عليه بعد عتقه ولم يجزه عن ظهارة. ومتن العتبية من سماع ابن القاسم: ولا ييجزى فى الكفارات من يغت فى الشهر مرة. قال عنه اشهب: ييجوز الاعرج والخصى, ولا احب المقعد ولا الاعمى وأحب الى ألا يعتق ولد الزنى فى الواجب قال: ولا يشترى رقبه بشرط وأما الموصى بعتققه فليس من ذلك إلا أان يرضى بواجب ولا يجزئه أن يشترى فى الواجب من إفادته من يعتق عليه فيعتقه, إلا من لا يعتق عليه من أقاربه. ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم عن مالك: وإن أعتق من يجبر على للاسلام قبل يسلم عن ظهارة أجزاه وقال اشهب: لا يجزئه حتى يجيب الية وينحو نحوه ومن عرف القبلة أحب إلينا. قال محمد: وهذا احسن وهو معنى قول مالك فى الاعجمى من قصر النفقه ييعنى من أسلم أحب إلينا, من صلى وعرف القبلة وعرف الله سبحانه وتعالى وأما قبل أن يسلم, فلا يجوز لان النبى لم يأمرك رب السوداء حتى اقرت بالايمان, وعرفته * وأجاز ابن القاسم عتق الصغير أبواه كافران, إذا كان يريد إدخاله فى الاسلام
***(1/473)
.[12/508]
ومن ابتاع امة, فأعتقها عن واجب, ثم ظهر بها حمل فهى تجزئة ويرجع بقيمة عيب الحمل, إلا أن يكون حملها من البائع ومن ابتاع زوجته, فأعتقها عن واجب, فإن لم تكن حاملا أجزأته, وإن كانت حاملا منه لم تجزئة لانها صارت بالشراء أم ولد. وقال اشهب: لا تكون به أم ولد وتجئة إن كانت بينه الحمل وإن شك فيها, انتظر فإن وضعته لاقل من ستة أشهر من يوم الشراء, فهى تجزئة, وإن كانت لأكثر, فلا تجزئة لانها بعد الشراء حملت له. قال محمد: والأول أحب إلينا, وهو قول مالك اصحابه انها ام ولد إذا اشتراها وهى حامل. قال ابن القاسم: شك فى حملها اولا يشك, فلا يجزىء فى الكفارة. قال بان القاسم وأشهب عن مالك: وما رجع به من قيمة عيب فى رقبة واجبة اعتقها, والعتق مما يجزى واجبة أعتقها والعتق مما يجزى فليجعل ذلك فانه لم تبلغ اعان به من يتم عتقه فإن كان تطوعا, صنع به ما شاء قال أشهب: قوله فى الواجبة: ييجعله فى رقبه, فغن لم تبلغ أعان به من يتم عتققه, فإن كاان تطوعا صنع به ماشاء قال أشهب: وغن كان عيبا لايجزى به صنع بقيمة العييب ما شاء لان عليه البدل, فإن اشترى به رقبة أجزاته ولا احب أن يستفضل منه وليس بواجب. محمد: وهو مستحب وإن كان عيبا لا يجزى به صنع به ما شاء. قال أشهب: قوله فى الواجبة: يجعله فى رقبة ليس بواجب محمد: وهو مستحب وإن كاان عيبا لا يجزى به صنع بقيمة العيب ما شاء, لأن عليه البدل، فإن اشترى به رقبه أجزأته ولا أحب أن يستفضل منه وليس يضيق أن فعل. وفى كتاب ابن حبيب من أوصى أن يعتق من رقيقه عن ظهارة وإنما فيهم صنف معيب ولا يجزى فى الظهار وصنف قيمة كل واحد أكثر من الثلث وقد نقلها الى كتاب الظهار وقال ابن سحنون عن ابيه فمن أمره رجلان كل واحد منهما أن يعتق رقبه عن ظهاره فاشترى رقيقتين فأعتقهما ولم يسم لكل واحد رقبه بعينها فلا يجزيهما ويضمن المأمور والولاء له وكذلك من امرأته يشترى رقبه بمائة يعتقها عنك فاشتراها بعشرة فأعتقها عنك فلم ترض فالولاء لله. ومن أوصى برقبة عن واجب وغيره فأخرج ثمنها فضاع قبل الشراء فليشتر ثانية من ثلث ما بقى إلا ان يكون قد قسم المال بدءا فأخذ الورثة وأهل الوصايا الثلث. قال ابن القاسم: فليرجع على أهل الوصايا فيأخذه منهم ثمن الرقبة لانها مبدأه عليهم إلا أن تكون معها رقبه
***(1/474)
[12/509]
واجبة, فيتحاصان, ولو كان بقى من الثل أخذه الورثه لم يؤخذ منهم. وقال أشهب: إذا مات الرأس قبل يعتق, أو سقطت نفقه أمير الحج فعليه مثل ذاك أيضا ما بقى من ذلك الثلث شىء. ومن كتاب ابن المواز: ومن قال فى وصيته: على رقبة واجبة.ولم يقل: عن ظهارى ولا غيره. فهى مبدأ. جامع القول فى عتق التطوع والنذور ومن أوصى لعبد بجزء من ثمنه قال ابن حبيب قال زياد عن مالك: افضل الرقاب فى التطوع أغلاهم ثمنا [وأنفسها عند اهلها وإن كان نصرانيا. وقال اصبغ إذا كان مسلمين فأغلاها ثمنا] * اولى وإن كان الاخر أفضل حالا وإن كانت واحدة كافرة, فعتق المسلمة أولى وإن كانت [الأخرى] * أكثر ثمنا. وقد قال ابن القاسم, فيمن اوصى أن يعتق خيار رقيقه, فليعتق أغلالهم حتى يتم الثلث, فإن وسعهم الثلث, عتق المرتفعون منهم وترك الوخش وإن كانوا متباينين وأما المتقاربون فيبدأ بأهل الصلاح وإن قال: رقيقى أحرار بدى الأول الأول، فإن حملهم الثلث كلهم, نظر أصبغ باسناد ذكره الى ابن عباس فى عبدين أحدهما لعبد* فأيهم يعتق قال: أغلالهما ثمنا بدينار. ومن العتبية * روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن نذر رقبة من ولد اسماعيل, وقال مالك: يعتق رقبة من أقرب الرقاب الى ولد اسماعيل
***(1/475)
.[12/510]
وروى ابن حبيب عن ابن المغيرة عن مسرع عن عبيد بن عمير عن عبد الله بن مغفل قال: كان على عائشة نذر رقبة من ولد اسماعيل فقدمسبى خولان، فلم يامرها بالعتق منه، وقدم سبنى من بلقيس فأمرها أن تبتاع منه فتعتق. وقال مالك: ولا بأس بعتق اليهودى، النصرانى والمجوسى ومن كتاب اببن المواز قال مالك: ومن أوصى بمائة درهم فى رقبه فطالت عليه، ثم مات وقد غلت الرقيق، فلم توجد بذلك فأراد الموصى أن يزيده من عنده بطيبب نفس، فلا ينببغى ذلك قيل: فقريب له وارثأو أوصى له؟ قال: لا بأس به. قيل: فشترطها بأرض الروم أعجمية؟ قال: لا لم يرد الميت هذا، [قيل](1)، [فيعين بها من عتق رقبه؟ قال: لا إنما يكون شريكا بها فى الرقبه ويعتقانها(2)ومن أوصى، فقال: أعطوا لعبدى من ثمنه كذا. فليس يعتق قال ابن القاسم: وإن بيعوا من هذا(3)العبد واعطوا فلانا عشرة دنانر وما بقى للعبد فيباع نصيبه كله ويأخذ فلان عشرة وما بقى فللعبد قال أصبغ: ولا عتق فيه. قال محمد ببن الحكم فيمن قال: لله على عتق رقبة فأعتق رقبه عن ظهارة أيجزئه؟ قال: لا يعتق اخرى عن نذره ولو قال: على عتق ميمون عبده فأعتقه عن ظهارة فنه يجزئه ولا شىء عليه
***
__________
(1) لفظة ( قيل ) ساقطة من الاصل
(2) فى الاصل وب ( يعتقاها) بحذف نون الرفع والصواب ما اثبتناه.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/476)
.[12/511]
فيمن أعتق عن غيرة بأمره أو فى وصية ميت(1)فى وااجب أو غيره [وفى شرائط العتق](2)من كتاب ابن الموازقال ابن القاسم: من أعتق عن رجل عما لزمه عن واجب بغيرر أمره أجزأه، كمن اعتق عن ميت. وكذلك إن أطعم عنه وكسا. وكذلك لو سأله أن يكفر عنه بعتق أاو غيره، من غير عوض أعطاه ففعل أجزأه وإن عتق عنه على شىء أعطاه لم يجزئه فى الرقبة الواجبة بشرط العتق وقاله كله مالك. وقال أشهب: لا يجزئه فى الحى بأمره ولا بغير أمره بخلاف الميت إذ لا يقدر فى الميت على غير ذلك. محمد: أحب إلى قال مالك: ولو اشترى الوصى الرقبة الواجبة بشرط العتق ضمن لم يجزى وإن كان تطوعا فإن كان الثمن هو مبلغ وصيته لم يضمن وكذلك إن كانت منقوطة ولو اشترى فى الواجب من يعتق عللى الميت فى حياته أجزأ ولو أوصى الميت بشراء بعينه فى الواجبة لم يجزئه. محمد: وإذا لم يوص به ببعينه اجزأه لأنه لم يملكه, ولا يعتق الشراء حتى يؤتنف عتقه وإن كان عتقه أحب الينا فى الواجب قاله. وأما التطوع فلا بأس به. فقال أشهب: وإن اشترى فى التطوع نصراتيا فهو ضامن، علم به أو لم يعلم ومن أمرته بشراء رقبه بثمن سميته ويعتقها ففعل وزاد فى الثمن فإن زاد يسسرا كالدينار أقل منه، اجزأه، ولا غرم عليه. ققال محمد: عليك غرم بيسير
***
__________
(1) لفظة ( ميت ) ساقطة من الاصل
(2) جاءت العبارة فى ب على الشكل الاتى: ( وفى شراء بشرط العتق)(1/477)
[12/512]
الزيادة وغن كثرت لم يجزيك إسقاطها او وديتها لأنه عتق نفذ/ بغير ما أمر ببه والولاء لك ولا شىء عليك. فيمن ابتاع عبدا على شرط العتق فى واجب او تطوع من كتاب ابن المواز: ومن اشترى عبدا على أن يعتقه عن واجب أو تطوع، فإنه يعتق عليه إن كره ثم رجع فقال: لا يعتق عليه إلا أن يشتريه على إيجاب العتق. وقاله ابن القاسم. محمد: والإيجاب أنه حر لا الحرية عن الواجب إذ اشتراه على شرط العتق. وقال ابن الحكم عن مالك: وله بدله وأن يستقيل منه إذا كان غير إيجاب وللبائع أن يقول: غما أت تعتق او ترد إلا أن يترك البائع شرطة بذلك له، ويبقى رقيقا ولو حدث به عيب، بقرب البع بأيام يسيرة(1)فإن شاء البائع أخذه بعيبه وإن شاء ترك شررطة وإن مضى مثل الشهر، فعلى المبتاع قيمته يوم البيع بلا شرط إن زادت على الثمن إذ لم يكن علم البائع بترك العتق. قال أصببغ: وذلك فى فوت بعيب مفسد وما تفاحش من نقص وزيادة فأما تغير بدن او سوق بالامر القريب فالمشترى على خياره قال محمد: قولله فى الزيادة المتباينة فى بدن أو سوق لا يعجبنى والمشترى على خياره. قال ابن القاسم: وغن حدث به عيب مفسد او مات بقرب البيع وحداتثه، فلا شىء على المبتاع، فن كان لمثل الشهر فعليه قيمته ولو لم يدخله عيب حتى مضى أكثر من سنه، ثم اعتقه لرجع البائع بتمام ثمنه إلا أن يكون البائع عالما يترك العتق فى هذه المدة فلا شىء له، ولا يلزم المبتاع ان يعتقه
***
__________
(1) فى الاصل: ( باما بيسير ) وقد اثبتنا فى النص ما فى النسخ الاخرى.(1/478)
.[12/513]
قال: وإن اعتقه بعد طول الزمان عن ظهاره، اجأه كعبد لا شررط فيه، ولزمته قيمته بغير شرط. وكذلك تجب قيمته فى فوته بعيب بعد الشهر، فإذا وجببت فيه القيمة، أجزأه عن ظهاره، إلا فى عيب لا يجزئه. قلت: فكون الطول الذى ذا أعتقه بعبده، غرم بقية الثمن، مثل السنة. قال عيسى: والسنة ونصف، والسنتان أبين، فذا مات المشترى، فورثته بمنزلته، إن طال زمانه عنده أو عندهم ابن أبى حازم وابن دينار، والمغيرة: البائع بالخيار إن شاء أمضاه فعتق منه ما عتق، وغن شاء أخذ غلامه كله.
***(1/479)
[12/514]
فى الوصى يبتاع عبدا ليعتقه فى الوصية الميت او رجل عن نفسه فلم يبعه البائع بذلك حتى زاده العبد من ماله أو مما أوصى له به المت او ضمن له ولا يعلم الموصى بذلك أو كان يعلمه(1)من كتاب ابن المواز قال مالك فى وصى سام فى أمة ليعتقها عن مت أوصى ذى ذلك بخمسة عشر دينارا، فأبى البائع فزادته الامة عشرة بعلم الوصى، فإن كان نقدا فلا بأس به، وأما إن كتب عليها [فلا](2)فإن لم يعلم المشترى وقد اشترها على العتق، سقط عنها ذلك، وذلك الولاء للمشترى يريد للميت، وإن كان إنما أعطاه أخ له [حر](3)عشرة دنانير، لم يعلم الوصى وقد اعتقها فلله فى ذلك مقال، قيل: ففما ترى؟ قال: ما تبين لى بعد قال ابن القاسم: وقد أخبرت عن مالك وابن هزمر أنهما جعلاه كعيب يرجع به فى الثمن، كدين يظهر على العبد أو ان له ولدا. ولو أوصى ان يشترى عبد فلان بستين ويعطى العبد عشرين، فامتنع البائع إلا بثامين، فزاده العبد العشرين(4)الوصية قال ابن القاسم: لا يعجبنى لأنه لم يرد ان تكون فى ثمنه فإن فعل رجوت أن يكون جائزا. قال محمد: بل ذلك جائز لأنه قد ملكلها بالوصية فيصرفها حيث شاء وهذا أحق ما صرفها فيه ومن العتبية(5)من سماع ابن القاسم: ومن أعطى فى عبد خمسين دينارا ليعتقه فأبى البائع إلا بستين فقال له العبد: اكتب على هذه العشرة فى كل شهر دينار وبعنى بخمسين دينارا، فرضى البائع ذلك بعلم المشترى وأعتقه هذا الشرط، فإن ولاؤه للمشترى دون البائع
***
__________
(1) فى الاصل محو لببعض كلمات العنوان وقد أتمنينا صيغته من ب
(2) لفظة ( فلا ) ساقطة فى غير الاصل
(3) لفظة ( حر ) ساقطة من الاصل
(4) فى الاصل: ( فزاده العبد عشرين: الوصية ) والصواب ذكر العشرن معرفة بالالف واللام
(5) البيان والتحصيل ,403: 14(1/480)
.[12/515]
فيمن أقر فى مرضه فى موال له كاتبه أنه قد كان حنث بعتقهم فى صحته او أقر أنه أعتق امته فى صحته أو قال زوجها أو قال كنت حنثت بعتق رقيقى من العتبية(1)من سماع عيسى من اببن القاسم وذكره عنه ابن حبيب فى مريض قالب لموال له كان كتاببهم فقال: قد كنت فى صحتى حنثت فيكم بالعتق قبل أن اكاتبكم فخذوا ما اخذت منكم وقد كان أخذ منهم إبلا ورقيقا وغنما وقد تناجت وعليه ديون قال: يؤدى دينه، وينتظر الى ثلث ما بقى فإن حمل ذللك ما أخذ منهم أو ما حمل منه يريد فذلك لهم- وما أقر أنه قد كان حنث فيهم، فذللك باطل ويقال لهم: أدوا ما بقى عليكم من الكتابة فن أدوا عتقوا وإلا رقوا وزاد ابن حبيب فى روايته: إلا ان يقول فانفذوا ذلك لهم فيعتقوا فى الثل [فإن فضل عنهم من الثلث شىء فيه مالهم الذى أخذ منهم](2)وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن قال فى مرضه: كنت أعتقت فلانه فى الصحة وتزوجت او سمى صداقا قال: لا عتق لها، لا فى ثلث ولا فى رأس مال، ولا صداق ولا ميراث وهى رقيق قاله مالك فى المريض يقر بعتق عبد فى صحته أنه لا يعتق فى ثلث ولا غيره ولو أوصى بوصايا ولم يدخل ذلك العبد فى ذلك. قال: ومن بتل عتق أمته فى مرضه وثلثه واسع مامون ثم تزوجها ومسهافهى حرة، ولها الصداق فى الثلث كالاجنبية لأنها ثبت حريتها بالمال المأمون ولا
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 5: 15
(2) ما بين معقوفتين عوض فى ب بما ياتى ( فإن لم يف بذلك اتم من راس المالل الذى دفع اليهم مما كان اخذ منهم).(1/481)
[12/516]
ترثه لأنه نكاح المريض وأما إن بتل معها غيرها حتى يخشى ضيق الثلث أو كان الثلث ضيقا فلا عتق لها غلا بنظر السلطان بعد الموت واللنكاح مفسوخ، ولا صداق لها ولا غيره لأن النكاح وقع ولا يدرى احرة تكون او رقيقا؟ ومن المجموعة من كتاب الوصايا قال على عن مالك: إذا أعتقها فى مرضه، ثم تزوجها بمهر وببنى بها فيه فهى حرة فى ثلثه ولا صداق لها فى ثلثه وقال على، وأشهب: لها المهر المسمى فى ثلثه بعد رقبتها. قال اشهب: إلا ان يزيد على صداق المثل، فيرد إلى صداق المثل، فإن لم يسلم لها فلها صداق المثل، ون لم يبين بها، فلا شىء. قال أشهب وكذلك(1)لو فعل هذا, وليس له مال غيرها، ثم كسب مالا يخرج من ثلثه فإن لم يخرج/ من الثلث فلا مهر له بنى بها أو لم يبن لانها أمته، ولو صح لفسخ نكاحها، وتكون حرة، ولها المهر المسمى إن بنى بها. وطرح ( كذا ) ابن عبدوس [من] كلام اشهب [من اول المسألة، لها المهر من بقية الثلث، وقال ولو اغتصبها أو جنى عليها، لم يلزمه شىء لأنها أمته، وهو يأخذ أرش ما جنى غيره عليها، ولو حملت، كانت ام ولد، تعتق من رأس ماله، فيكف يكون هذا نكاحا(2)قال أشهب: ولو أعتق أمته فى مرضه، ولا مال له غيرها، او له مال بمقدار ما تخرج من ثلثه، ثم استدان منها مائة درهم فانفقتها، ثم تزوجها فى مرضه، ثم مات فالنكاح باطل، ولها المائة درهم، ولا صداق لها ولا ميراث، بنى بهاأو لم يبين لأنها لا تعتق كلها لأنه يباع منها لقضاء مائة درهم ودينها فى كدين الاجنبى
***
__________
(1) لفظة ( كذلك) ممحوه فى الاصل.
(2) فى الاصل: ( فكيف يكون هذا النكاح ) بالرفع(1/482)
.[12/517]
الاجنبى(1)لأن مرجعها الى أبطال ولا تكون المائة له كدين على السيد يرد العبد، كأنما أخذها من عبده ثلثاه حر، وثلثه رقيق. ومن العتبية من سماع عيسى من ابن القاسم فيمن قال عند موته: كنت حلفت بعتق رقيقى لاتصدقن بمائة دينار، وقد فعلت، ويمينى فى كتاب عندى فوجدوا الكتاب وليس فيه أنه قد أنفذ وكذببه الرقيق، قال: هو/ مصدق، ولا يكون دينار فاعطوها لها من ثلثى، فإن نقص خفت الحنث فقالوا: نحن نتمها من ميراثنا وقال العبيد: قد حنث قال: لا حنث عليه. قلت: فلو قال ذلك لورثته وعليه بذلك بينة، وقال لهم: ليس معى اليوم عين، فما ترون؟ فقاموا: نحن نتمها له، ولا يدخل علينا حنث. فبعت الى الرجل، فكتب عليهم بذلك كتاببا، ثم مات، فقال العبيد: قد حنث فإن كانت المائة هبة وثلثه يحملها فذلك له مخرج، وإن كانت المائة هبة وثلثه يحملها، فذلك له مخرج، وغن كانت دينا فقضاها، فقد بر، قضاها من رأس ماله، أو من مال غيره وإن ضمنها عنه وارث أو غيره، فقد حنث. ومنه: إن حلف على قضاء الحق الى أجل، فللما حل اجله ببها على رجل فإن مضى الاجل قبل يدفع اليه المحال عليه حنث. ولو قال: قد كنت حلفت لاتصدقن بمائتى دينارفأخرجوهاعنى فإن حملها ثلثه فقد بر لأن ثلثه له كماله فى حياته ولا قول للرقيق وليس كمن قال: حنثت فى صحتى لأن ذللك رد الامر الى رأس المال. ومن كتاب ابن سحنون فيمن اقر فى مرضه انه قد كان دبر عبده فى صحته فذلك ماض ويبدأ الاول فالاول، وليس كمن قال فى مرضه أعتقت عبدى فى صحتى. لان هذا صرفه الى رأس المال والمدبر إنما صرفه الى الثلث
***
__________
(1) هنا تنتهى المقابلة من ت(1/483)
.[12/518]
ومن كتاب أحمد ببن ميسر قال: وإذا قال مريض: كنت أعتقت عبدى فى صحتى. أو أقر أنه كان تصدق على فلان بصدقة، أو حبس عليه داره/ فى صحته، فقال مالك، وابن القاسم: ذلك باطل إلا أن يقول: أنفذوه. فيكون من الثل مبدأ- يريد العتق- وقال أشهب مثله فى الصدقة والحبس- يريد أن ذلك بيطل، وخالفه فى العتق، فقال: هو نافذ لأنه لا يحتاج الى حيازة لأن العبد يحوز نفسه ولأنه لو ققامت له بينه لم تحتج الى حيازة، ولو قامت فالحبس والصدقة بينة لم ذلك إذا لم يختر ذلك فى صحته ومن حجة مالك وابن القاسم، أنه أجاز العمل على الصحة من رأس المال، ولا يدخل احكام راس المال على إمكان الثلث حتى يأتنف فيه الوصية فيمن أوصى مسلمى رقيقى أحرار فمات فادعوا كلهم الاسلام ومن العتبية روى أشهب عن مالك فيمن قال ع موته: إن مسلمى رقيقى أحرار ثم مات، فادعى جميع رقيقه الإسلام. قال بنوه: كانوا أنصارى يؤمئذ. قال أشهب: فالبنية على الورثة [أنهم نصارى. ولو قال: نصارى رقيقى احرار. فادعوا انهم نصارى, وقال الورثة: هم مسلمون](1)فالبنية على الورثة. قال ابن حبيب قال أصبغ: إذا أوصى أن كل عبد مسلم لله حر, فإنه ينظرر الى من كان منهم مسلما يوم أوصى، لا يوم مات. قال ابن القاسم، وابن وهب، عن مالك. وذكره ابن وهب، عن ابن اشهب ونافع مولى اببن عمر. قال أصبغ: فإن اختلفوا من كان يؤمئذ ملما، فمن عرف بنصرانية طرفه عين، فعليه البينه انه كان يؤمذ قد اسلم ومن أشكل منهم فلم يعرف فهم على الاسلام، كما سموا به حتى يثبت عليهم غير ذلك
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ب.(1/484)
.[12/519]
قال ابن حبيب: وبلغنى عن أصبغ، قال: تعدى الوصية لكل من مسلما يوم مات, لا يوم أوصى، وما رأه إلا نسى. قال ابن القاسم: فإن قال: إن مت, فكل عبد مسلم لى حر. وليس له يؤمئذ عبد مسلم, ثم اشترى مسلمين ونصارى، فأسلم بعض النصارى ممن كان عند قوم أوصى، ثم اشترى مسلمين ونصارى فأسلم بعض النصارى ممن كان عند قوم أوصى، وممن اشترى فإنهم يدخلون فى الوصية لانه لم يرد عبيدا بأعيانهم إنما أراد من عنده مسلم يوم يموت. جامع مسائل من العتق مختلفة من العتبية(1)من سماع ابن القاسم، قال مالك: منع أبو بكر بلالا أن يخرج الى الجهاد، فقال له: إن كنت أعتقتنى لنفسك فاحبسنى، وإن كنت أعتقتنى لله فخل سبيلى فخلاه. قال مالك فيمن باع غلامه ممن يعتقه، وشرط(2)أن لا يفارقه الغلام حتى يموت، فالشرط باطل، ويذهب حيث شاء. وعن عبد أوصى ميت بعتقه، فمرض العبد مرضا شديدا، فإنه يعتق إذا اجتمع المال، ولا يؤخر لمرضه. وإذا أوصى بشراء عبد بعينه, أو بغير عينه, فيعتق فيشترى على بيع البراءة ليجعل عتقه، ولا يشترى بعهدة الثلث. وعن العبد يعتق فى وصية سيده، وهو ذو صنعه، وهو بموضعه أرفع قيمة، وإن جلب الى الفسطاط وذكر عمله لم يبلغ ما بلغ بموضعه، قال: فليقوم فى موضعه الذى كان فيه. قال مالك: وإذا كان دميم النظرة وله مخبرة، فعلى ورثته ان يثبتوا ذلك عند القيمة. ومن العتبية(3)روى أصبغ عن ابن/ القاسم فيمن أراد شراء عبد ليعتقه رقبة عليه، فباعه رجل مدبره، ولو يخبره أنه مدبر، فأعتقه فإنه يجزئه. وروى عنه
***
__________
(1) البان والتحصييل 14: 424
(2) هنا تنتهى المقابة من ب
(3) البيان والتحصيل 15: 113(1/485)
[12/520]
ابو زيد فيمن أعتق ام ولده أن أسلمت له حانه ولدها الصغير منها, قال: يرد اليجها وليس كالحرة يصالحها على تسليم الولد اليه، فذلك جائز، ولا يرجع اليه. ومن كتاب ابن سحنون: وكتب شر حبيل الى سحنون، فى رجل أوصى بعتق أمته وهى حاضرة ساكتة تسمع لا تدعى حرية فشهدت بذلك بنية وقالوا ولا نعلمها, ثم قالت بعد موته أنا حرة قال: لا يضرها سكوتها.
تم الجزء السابع عشر بحمد الله وعونه ويتلوه إن شا الله فى الثامن عشر كتاب المدبر وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم(1)تم الجزء الثانى عشر من كتاب النوادر والزيادات ويتلوه الجزء الثالث عشر أوله كتاب المدبر
__________
(1) هذة خاتمة مخطوط أيا صوفيا ذات التجزئة العشرينية.(1/486)
النوادر والزيادات
على ما في المدونة من غيرها من الأمهات
لأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن أبي زيد القيرواني
310-386
تحقيق
الأستاذ محمد عبد العزيز الدباغ
محافظ خزانة القرويين بفاس
المجلد الثالث عشر
***(1/1)
[13/5]
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب المُدبَّر
ذكر أحكام المدبر، ومنع بيعِه وغير ذلك من أحكامه، وكيف إن بيع ميراثُ المكاتب وفات بعتق أوغيره؟
... من كتاب ابن سحنون قال: ولما أجمع المسلمون على انتقال اسم المدبر، وجب انتقال حُكمه كما انتقل اسم المكاتب وحكمه، فإن قيل ذلك كتسميتهم إياه موصى بعتقه، قيل: هذا صفة لفعل السيد، وقولهم مدبر اسم لعين العبد، ولما أجموا أنه يرجع في الموصى بعتقه بالقول وكان التدبير لا يرجع فيه القول عند من خالفنا، وإنما قال قوم له بيعه وهبته افترقا وحديث جابر يدل أنه بيع في دين، لأن النبي عليه السلام دعا به، فقال: من يشتره؟ فلما بطل [أن يلي](1) بيعه لغير معنى لم يبق إلا أنه تبع وليه لتنفيذ ما لزم، واحتمل بيعه في دين بعد الموت أو في الحياة لدين قبل التدبير. وتأول قوم إنما باع عليه الصلاة والسلام خدمته للغرماء، وذلك محتمل. وروي أنه لم يكن له مال غيره فمات، فقال النبي عليه السلام من يشتريه؟ واختلف فيه عن جابر، وروي أنه أعتق رجل عبده، وروي دبره، قال محمد: ولا يحتمل أن يلي بيعه عليه السلام على سيده إلا لمعنى يليه من له الحكم بين الناس، فلم يكن ذلك إلا لتنفيذ ما لزم والله أعلم.
***
__________
(1) - (أن يلي) ساقطة من ص.(1/2)
[13/6]
وقد قضى عمر رضي الله عنه بإبطال بيعه في ملإ/ خير القرون، فما أنكروا، وهذا كالإجماع، وهو حجتنا في [منع](1) بيع أم الولد، وقال مالك: أنه الأمر المجتمع عليه عندهم، إنه لايبيعه ولا يحوله عما أوجب فيه، وأنه في ثلثه بعد موته بعد دينه، ولا يجوز أن يكون من رأس ماله وقد استبقا خدمته إلى مماته. قال مالك: ولا يجوز أيضا له بيع خدمة المدبر لأنه خطر لا يدري مبلغ حياة السيد ولا حياة المدبر. قال مالك: وإذا أعطي المدبر سيده مالا على تعجيل عتقه أو أعطاه أجنبي على ذلك مالا جاز، وليس ببيع لرقبته ولا لخدمته، وإنما هو على تعجيل عتق، والولاء لسيده. قال سحنون: كما جاز مثله في أم الولد ولا بيع فيها ليس ببيع خدمة ولا رقبة، [وإلا جاز](2) في خلع الزوجة منها ومن أجنبي، وهو ليس له بيع منافعه منها. قلت: وكيف توطأ. وفيها من تأكيد العتق ما ذكرت،؟ قال: أم الولد آكد حالا منها، وهي توطأ، ولم يجز وطء المكاتبة لأنها بالأداء تعتق، والوطء يؤول إل إبطال تعجيل عتقها بالحمل، فلما كان يصل به إلى إرقاقها منع لما لزمه لها من شرط العتق بالأداء، وهو أيضا مانع من السعي والكسب الذي به تعتق، والوطء في المدبرة مزيدا في تأكيد حالها. ولو كانت المكاتبة قد أيس منها الحمل لم يطأها لأنه منع للسعي في وقته. قال: ومنع من وطئ المعتقة إلى أجل لأنه يصل بذلك إلى منع ما جعل لها من تعجيل العتق بالحمل، فيصير مظنة له في حياته. قال سحنون: وقد تأكد منع بيع المدبر عند السلف/من الصحابة والتابعين، وقد جعله الشعبي ومسروق من رأس المال، وأهل العراق لا يرون بيعه بعد الموت في الدين، ولكن يعتق ويسعى في قيمته، قيل فما ذكر عن عائشة أنها باعت مدبرة لها سحرتها، وأمرت أن تباع من أشر أهل بيت في العرب؟ قال: لا حجة في هذا لأن الحادث الذي فعلت من السحر يوجب قلتها فكيف
***
__________
(1) - (منع) ساقطة من ص وت مثبتة من الأصل وب.
(2) - في الأصل وب (وجاز) وما أثبتناه من ص وت.(1/3)
[13/7]
ببيعها(1)؟، ولا نجد عن أحد من السلف بيعه لغير حادث، ولا يفتى بمثل هذا ما تأكدوا واستوطئ من منع بيعه في صدر الأمة، وذكر في العتبية(2) عن ابن القاسم هذه الرواية عن عائشة. قال في كتاب ابن المواز [وابن سحنون]: وقد طلب عمر رد المدبرة التي باعتها عائشة فلم يجدها، فجعل ثمنها في مكانها، يريد في أمة، مدبرة. وكذلك روى ابن حبيب عن ربيعة أن عمر أخذ الثمن منها فاشترى به جارية فجعلها مكانها مدبرة.
... ومن كتاب ابن المواز قال مالك في المدبرة: إذا فسدت بالزنى وكثرة الإباق فلا تباع، وإن رضيت، وإن كانت ببدل غيرها ولتؤدب على ذنوبها، ومن باع مدبرة [جاهلا أو عارفا](3)
أو ناسيا رد بيعه ما لم يفت بموت أو عتق، فإن رد بيعه والبائع عديم اتبع بثمنه، وإن حدث به عيب مفسد عند المبتاع رد ولزم المبتاع قدر ما نقصه العيب المفسد، ولا يلزمه تغير الأسواق، وإن مات أو عتق مضى بيعه، ولا يرجع المبتاع بشيئ. قال مالك: وأهل مكة وغيرهم يرون بيعه في الدين في حياة سيده. قال مالك: فإذا فات بعتق فلا شيئ على البائع، [وإن مات](4) نظر ما زاد من/ثمنه على قيمته على أنه مدبر على الرجاء والخوف فيجعله في عبد يدبره، فإن لم يبلغ أعان به في عتق. قال ابن القاسم: وأما إن جهل خبره فلا يدري أمات أو عتق أو غير ذلك، جعل ثمنه كله في مدبر مكانه بخلاف الموت. وقال أصبغ: وهو استحسان، والقياس عندي إذا استقصى أمره فأيس منه فهو كالميت، كما تعتد امرأة المفقود عدة الميت دون الحي.
... قال محمد: وهذا غلط، وقد طلب عمر رد المدبرة فلم يجدها فأخذ الثمن فجعله في مكانها، [قال وإذا لم يعلم](5) ببيع المدبر حتى مات سيده، فإن كان
***
__________
(1) - مما يؤكد ذلك ما ورد في الموطأ في باب العقول عن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنه بلغه أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قتلت جارية لها سحرتها فقد كانت دبرتها فأمرت بها فقتلت.
(2) - البيان والتحصيل، 14: 154
(3) - كذا في الأصل وجاءت العبارة في ص وت (عالما أوجاهلا).
(4) - (وإن مات) كذا في الأصل وب وكتبت في ص وت (وإن حلف).
(5) -( في الأصل (فإن قال ألم يعلم) وقد أثبتنا ما في النسخ الأخرى.(1/4)
[13/8]
عليه دين محيط لم يرد ومضي، وإن كان لا دين عليه رد، فإن لم يدع غير ثمنه عتق ثلثه، وللمبتاع رد الثلثين له، والعتق فيه، إلا أن يكون علم يوم الشراء أنه مدبر ولا جحة له.
... قال ابن سحنون: قيل لسحنون فقد قال مالك فيمن دبر شقصا له من عبد، قال يقاويه فيه شريكه وهذا بيع، قال: قد قال مالك إنه يقوم عليه، فعلى هذا القول يناظرك، وقال غيره كذلك، واختلف قوله إن بيع فعتق، قد قال [في أحد قوليه](1): إنه يرد عتقه بكل حال.
... من كتاب ابن المواز ومن العتبية(2) رواية أبي زيد عن ابن القاسم قال: وإذا باع الورثة المدبر بعد موت السيد بعرض فليرد، ويعتق في الثلث إن حمله، ويأخذ المبتاع عرضه إلا أن يتغير في سوق أو بدن فيأخذ قيمته، وإن رق بعض المدبر لضيق الثلث فشاء التماسك بما رق منه فذلك له.
... قال في العتبية(3): وإن كان الثمن غنما فتوالدت فهو فوت يوجب القيمة فيها، قال في الكتابين: ولو مات المدبر بيد هذا/المشتري، قال في كتاب محمد: إذا أعتقه فإن كان للسيد أموال مأمونة رد الورثة قيمة العرض في موته، لأن المدبر تمت حريته بموت السيد، وإن لم يكن له مال مأمون فإن مات المدبر، قال في كتاب محمد فإن كان بحدثان بيعه قبل النظر في مال الميت فهو من المبتاع، وينفذ بيعه، قال في الكتابين فإن مات بعد زمان من اشترائه وقد عرف إنه كان يخرج من ثلثه فمصيبته من الورثة، فيأخذ المشتري قيمة عرضه، وإن خرج بعضه في الثلث [رجع بقدر ما كان يخرج منه في الثلث](4) ومصيبة ما رق منه من المشتري. ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: كان مالك يقول في المدبر يبيعه سيده فيعتق إن يرد عتقه ويعود مدبرا، ثم قال يمضي وإن كتمه ذلك، ولا
***
__________
(1) - (في أحد قوليه) ساقطة من الأصل أثبتنا من النسخ الأخرى.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 201.
(3) - البيان والتحصيل، 15: 201.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت مثبت من الأصل وب.(1/5)
[13/9]
يرد إن فات بالعتق أو بالموت، فإن فات بالعتق فالثمن للبائع سائغ حلال، فإن مات المدبر حبس قيمته مدبرا على الغرر، وجعل ما فضل في رقبتة يدبرها، فإن لم يبلغ شارك به في رقبة، فإن لم يجد أعان بها من عجز عن ثمن أو من عجز عن بقية عليه يعتق بها، فإن لم يجد أعطاها مكاتبا يستعين بها في كتابته، ونحو ذلك لأصبغ في العتبية(1)، ونحوه في كتاب ابن حبيب عن مطرف عن مالك، ومنه ومن كتاب ابن المواز فإن باع مدبرة فاتت بحمل من المشتري فهو كالعتق، وكذلك لو كانت بين رجلين فوطئها أحدهما فحملت فعليه نصف قيمتها أمة وتكون له أم ولد. ومن العتبية(2) قال سحنون: ومن باع مدبرته فزوجها المشتري من عبده فأولدها العبد/جارية ثم أعتق المشتري الأمة، قال يمضي عتقها ويرق ولدها للمبتاع، وقاله ابن نافع. قال سحنون: من باع مدبره على أنه عبد فمات بيد المبتاع، فلينظر إلى ما بين قيمته عبدا وقيمته مدبرا فيجعله في رقبة، ولا يقضي عليه بذلك. وروي عن سحنون في موضع أخر أنه يرد ما بين القيمتين إلى المشتري، قال في العتبية(3)، فإن غاب المدبر فجهل أمره وموقعه، ولا يدري أحي هو أم ميت؟ قال يعمر المدبر فإن قدم قبل ذلك نظر فيه، وإن جاء عليه مالا يعيش إلى مثله صنع فيه ما ذكرنا في الميت، وقال أصبغ: يجعل ثمنه كله في مدبر إذا جهل خبره بخلاف إن عتق أو مات، وذكر إن هذا استحسان في الذي جهل خبره، وأن القياس أنه كالموت، وكذلك ذكر عنه محمد وقد ذكرنا رد محمد لذلك عليه. قال أصبغ عن ابن القاسم في مكاتب اشترى مدبرة فأحبلها، قال يوقف عنها فإن عتق فهي له أم ولد، وإن عجز ردت وولدها مدبرين لسيدها وليوقف الثمن قبل ذلك، إلا أن يكون البائع مليا. ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب: ومن باع رقبة مكاتبه فأعتقه المشتري مضي عتقه. قال أشهب فإن كان بعلم المكاتب ورضاه فهو كالعجز وولاؤه للمشتري، وإن لم يعلم فالولاء
***
__________
(1) - البيان والتحصيل. لم يتيسر ربط النص بأصله.
(2) - البيان والتحصيل، 14: 188.
(3) - البيان والتحصيل، 14: 192.(1/6)
[13/10]
للبائع. وقال عبد الملك: ينقص عتقه فيرجع مكاتبا على حاله، وقال ابن القاسم: عتقه ماض والولاء للمشتري، وإن مات بيده قبل أن يعتقه فهو منه، والثمن سائغ للبائع كله بخلاف موت المدبر بعد أن باعه,/ وكذلك ذكر ابن حبيب عن مطرف قال مطرف: ولا يباع المكاتب وإن رضي المكاتب لأن الولاء ثابت لسيده، ومحمل شراء عائشة لبريرة(1) أنها عجزت، وقاله سحنون وغيره. ومن كتاب ابن المواز، ومن ابتاع مدبرا ولا يعلم وقد أخبر البائع أنه يريد عتقه عن ظهاره فباعه منه ولم يخبره أنه مدبر فأعتقه عن ظهاره، قال اختلف في عتق المدبر عن رقبة واجبة واجبة إذا اشتراه، فقال ابن القاسم يجزئه ولا يرجع بشيء، وقال أشهب: لا يجزئه وينفذ عتقه ولا شيء على البائع، قال ومن باع مدبرا أو مكاتبا من رجل على أن يعتقه رد ما لم يفت بعتق، فإن عتق نفذ والولاء للبائع لشرط العتق، وفي أمهات الأولأد باب في بيع أم الولد إن بيعت فيه من هذا المعنى.
في المدبر يقع في المغانم،
أو يشتري من العدو، ومن أحلت
مدبرتها لزوجها
قال:... وهذا الباب أكثره في الثاني من الجهاد من كتاب ابن المواز، وإذا أبق مدبر إلى العدو، أو أسروه، فوقع في سهمان رجل فسيده مخير أن يؤدي إليه الثمن الذي أخذه به وإلا فليختدمه فيه هذا، فإن أوفى عاد إلى سيده، وإن مات سيده قبل ذلك فإن خرج من ثلثه عتق واتبعه ببقية الثمن عند ابن القاسم، وكذلك إن حمل بعضه أتبعه بحصته فأعتق منه ورق له باقيه، وقال عبد الملك وهذا فيمن/ اشتري من أيدي العدو، وأما من وقع في المقاسم فلا تتبع حصته ماعتق منه بشيء كالحر يقع في المقاسم لا يتبع بشيء، وإن باعه العدو تبع. قال محمد: والقول ما قال عبد الملك.
***
__________
(1) - بريرة مولاة عائشة رضي الله عنها كانت مولاة لبعض بني هلال فكاتبوها ثم باعوها من عائشة وجاء الحديث في شأنها بأن الولاء لمن أعتق.(1/7)
[13/11]
وكذلك في المكاتب والمعتق إلى أجل لا يتبع إلا بما يتبع به الحر ولا يملك منه إلا ما كان فيه من رق
في المدبر يهب سيده رقبته
أو يهب خدمته مدة معلومة ثم هو
حر، وكيف إن مات بعد ذلك
وعليه دين أولا دين عليه
ومن كتاب ابن المواز: ومن وهب رقبة مدبره لرجل فحازه الموهوب ثم مات السيد ولم يدع مالا غيره فإنه يعتق ثلثه فيرق ثلثاه للموهوب له أو ما رق منه، وذكر ابن حبيب مثل ذلك عن ابن القاسم، وذكر أصبغ مثله في العتبية(1) عن أشهب. وقال ابن حبيب عن ابن القاسم، وكذلك لو تصدق به على ابن كبير حائز الأمر فحازه في حياة أبيه في صحته، وإنه كما لو أخدمه إياه أو لأجنبي ولم يدع غيره يعتق ثلثه، وللمخدم ثلثا خدمته حتى تنقضي المدة، ولو كان الإبن الذي تصدق به عيه صغيرا عتق ثلثه ورق ثلثاه لجميع الورثة، والفرق أن الصغير لا تكون حيازة الأب له حيازة في مثل هذا لأنه فعل في المدبر من هذا ما لا يجوز وما لا ينبغي أنه لو كان على اجنبي أن يمكن من حيازته فلذلك/ صار الأب للصغير في [مثل](2) هذا غير حائز ولأنه لو تصدق على ابنه الكبير فحاز الصدقة ثم قام غرماؤه فقالوا الدين قبل الصدقة أن على الغرماء البينة، ولو كان على ابنه الصغير كان الدين بها حتى يعلم [أنها قبل الدين قاله مالك وقال أصبغ إذا شهد حيازته ذلك ذلك لهم فهم كالأكابر هم أحق بها حتى يعلم أنها](3) كانت بعد الدين، وقاله مطرف وابن الماجشون. قال ابن القاسم: وإذا علم بمكروه ما فعل في حياته من صدقته بالمدبر على أجنبي أو ولد فليرد ذلك، وإن قبض قال أصبغ
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 198.
(2) - (مثل) ساقطة من الأصل.
(3) - ما بين معقوفتين ساقطة من الأصل وب مثبت من ت وص.(1/8)
[13/12]
يرد ذلك ولا يبقى له فيه خدمة، ولا خدمة ما عسى أن يرق منه بعد الموت، أصبغ وكذلك لو وهب رقبة المكاتب أو المعتق إلى أجل لرد إذا أعتق عليه في حياة المتصدق [ولا شيء له(1) في كتابة ولا خدمة، وقد قيل أن المتصدق عليه أولى بذلك كله، يريد بما رق منه بعد الموت، ولست أقوله لأنه ليس الذي قصد المتصدق، وإن رددناه لوجه رددناه أجمع، وإن أجرته كانت عطية لما بعد الموت على غير وصية](2). قال أصبغ: فإن لم يعثر على هذا حتى مات السيد فليعتق في ثلثة، فإن لم يسع فما رق منه لورثته دون المعطي إذ لا يجوز أن يعتق بعضه في ثلث سيده وباقيه لغير ورثته، وكذلك لو كان باعه فلا خيار للمشتري أن يتمسك بما رق منه بحصته من الثمن، وقال ابن القاسم إن المتصدق عليه والمبتاع أولى بما رق منه، والقول الأول الذي اخترت قول المغيرة وابن الماجشون/ ومطرف. قال أصبغ: ولو كان الميت المتصدق عليه وقد أوصى بعتقه، فلا عتق له ولا وصية له فيه، إن خرج من ثلثه وليرد مدبرا إلى سيده، ولو أعتقه في صحته لم يجز ذلك أيضا ورد بخلاف أن لو ابتاعه فأعتقه، او أوصى بعتقه، فعتق، في ثلثه أو بعضه، فهذا يمضي ويرد ما رق منه إلى البائع وهذا قد ضمنه بالشراء، وللناس في بيعه اختلاف، ولم يقل مالك فيما علمت في الصدقة إن أعتقه المتصدق أنه يجوز عتقه، وقاله في عتق المبتاع. ومن كتاب ابن المواز قال محمد: وإذا وهب مدبره ثم مات السيد وعليه دين استحدثه بعد الهبة فهو رق للموهوب إن أحاط به الدين، أو مات رق منه إن لم يحط به، ولو كان عليه أيضا دين قبل الهبة كان اهل ذلك الدين أولى به يباع له. وقال أشهب: لو كان الدين القديم درهما والدين الذي بعد الهبة يغترقه، لا يبع كله بسبب الدين القديم. قال محمد: والذي آخذ به أن لا يباع منه إلا قدر الدين القديم وحده. وقاله ابن القاسم وأصبغ: يريد محمد أن قول ابن القاسم يباع منه بقدر الدين القديم ويدخل معهم فيه الآخرون، ثم لا يباع منه شيء. قال واجر مدبره سنة وقبض إجارته ثم مات بالقرب، يريد قبل أن
***
__________
(1) - في ب (ولا شيء عليه).
(2) - ما بين معقوفتين ساقطة من ت وص مثبت من الأصل وب.(1/9)
[13/13]
يختدمه شيئا، ولم يدع غير رقبته، فقال ابن القاسم: إن كان ما أخذ في إجارته يحيط برقبته/ لم يبع منه شيء واختدمه المستأجر السنة ثم عتق ثلثه ورق ثلثاه، وإن كانت الإجارة لا تحيط برقبته بيع منه بثلثيها فيدفع إلى المستأجر ويختدم ثلثيه المستأجر، فإن فضل منه أكثر من ثلثيه. بعدما بيع منه عتق ما فضل على ثلثي رقبته وخدم ثلثاه سنة، وإذا تمت عتق منه تمام ثلث ما بقي منه بعد الذي كان بيع منه، ورق ما بقي منه، قال محمد: وأحب إلينا أن لا يباع منه شيء لو كانت الإجارة دينارا وأخذوا ثمنه واسعا حتى يتم السنة فيعتق ثلثه، ولأنك لا تبيع منه شيئا لدين الإجارة إلا كان في باقية له حجة بدين الإجارة، ألا ترى أن ترى أن من أخدم مدبره رجلا سنينا وحازه في صحة السيد ثم مات السيد فإن حمله الثلث بطلت الخدمة وعتق، وإن لم يدع غيره عتق ثلثه وسقط ثلثا الخدمة، واختدم ثلثة، وإن كان عليه دين قل أو كثر فالخدمة أولى به حتى تتم المدة لأنه لا يرق منه شيء للبيع إلا كانت الخدمة التي هي قبل الدين أملك به، ولا يعتق منه شيء بعد مقدار الدين، إلا قال أهل الدين لا عتق له، أو سيده دين ولو عجلت عتق شيء منه ولم أبع منه للدين ولعله لا تأتيه تمام الخدمة حتى تتغير القيمة إلى ما دون ذلك. قال محمد بن المواز: وإنما أراد ابن القاسم أن يبيع منه رجاء أن يعجل عتق شيء منه، والذي رق من العبد أكثر مما عجل له من العتق والصواب/ أن لا يباع منه شيء قلت الإجارة أو كثرت، ومن كتاب ابن سحنون والعتبية(1) وكتاب ابن حبيب ذكروا هذه المسألة فيذكرها ابن حبيب عمن رضي من أهل العلم، وذكرها العتبي عن سحنون بعينه، وقال ابن سحنون: قال سحنون قال بعض أصحابنا وأنا أقوله وكل ما في هذه الكتب منها معنى واحد واللفظ لكتاب ابن سحنون قال: إذا واجر مدبرة سنة بتسعة دنانير وقبضها فأتلفها ومات مكاتبه قبل أن يختدم ولم يدع غير المدبر وقيمته سبعة وعشرون دينارا، فإنه يقسم ما على السيد من دين الإجارة على ما يعتق من المدبر وما يرد منه، فيقع على ثلثه من ذلك ثلاثة دنانير، فيباع منه بثلاثة ويعتق منه باقي ثلثه وهو ستة دنانير ويختدم
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 198.(1/10)
[13/14]
ثلثاه منه، فإذا تمت أتم له ثلث السيد وهو ثمانية، فيعتق منه الآن ديناران تمام ثلثه بعد الدين، ولو كان عليه مع ذلك ثلاثة دنانير دنانير دينا لأجنبي بيع من ثلثه لدين الأجنبي ولثلث دين الإجارة ما دام يبقى من ثلثه بعد ذلك بقية، ثم يعتق تلك البقية الآن على ما ذكرنا، فأما إن كان دين الأجنبي مع ثلث الإجارة يستوعب ثلث قيمته فإنه لا يباع منه شيء ويبقى كله يختدم، فإذا تمت السنة بيع منه للدين وعتق ثلث ما بقي، وكذلك إن كان ثلث الإجارة مثل ثلث قيمته فأكثر ولا دين عليه غيره فإنه لا يباع منه/ شيء ويواجر. ومن كتاب ابن المواز: ومن قال لمدبره في صحته اخدم فلانا سنة وأنت حر ثم مات السيد قبلها فإن حمله ثلثه عتق وزالت الخدمة، وإن حمل بعضه عتق ذلك البعض وخدم ما لم يخرج منه باقي السنة ثم يخرج حرا كله، وكذلك إن يدع غيره فعجل ثلثه ويخدم ثلثاه في تمام المدة، ثم حر كله، قال ابن القاسم وهذا إذا أجاز الخدمة في الصحة، فإن لم يجزها حتى مرض السيد ومات فلا تبدئة له ويختدم الورثة ما لم يحمل الثلث منه بقية المدة، ثم يكون حرا من رأس المال، وإن مات السيد وعليه دين محيط استحدث وقد جرت الخدمة في الصحة اختدم جمعية باقي المدة، ثم كان حرا، وكذلك لو أن الدين المستحدث غير محيط، او كان دينارا واحدا أو أقل منه، يريد ولا ثلث له يخرج منه، قال وإن لم يجزه المخدم والغرماء أحق بخدمته بقية المدة، ثم هو حر، وإن استوعبوا دينهم من الخدمة قبل المدة عتق ثلثه، واختدم الورثة ثلثيه بقية المدة، ثم صار حرا كله، قال ومن أخدم مدبره رجلا سنينا أو حياة ثم هو حر، أو جعل مرجعه إليه وقد حازه المخدم في صحة سيده وله مدبر آخر ثم مات ولم يحملهما الثلث فالمخدم الذي مرجعه إلى حرية يعتق من رأس المال بعد الخدمة، ولكن تقوم خدمته حياة الرجل أو بقية السنين إن كانت سنينا مع رغبة الآخر، فما خرج منهما عجل عتقه فيهما وما رق من المختدم/ خدم بقية المدة ثم صار حرا كله، وما رق من الآخر فهو للورثة رقيق، ولا يرق من المختدم شيء لأنه يعتق إلى أجل، فأما الذي وهب خدمة مدبره عمرا أو أجلا ثم مرجعه إليه وخير في الصحة، أو وهب رقبته لرجل وحازه في الصحة ثم مات، فإن حمله الثلث عتق
***(1/11)
[13/15]
وسقطت الهبة والخدمة، لأن حكم التدبير سبق، وإن لم يحمله عتق محمله ولا يختدم تلك الصحة، واختدم المخدم باقيه إلى المدة ثم صار للورثة، وأما الموهوب فيسترق الموهوب بقيته ولو كان على السيد دين استحدثه بعد أن وهب رقبته، فالموهوب أحق برقبته من الغرماء ومن الورثة.
فيمن أخدم عبده ثم دبره، أو كاتب عبده
ثم دبره، أو دبره ثم كاتبه، أو قاطعه على مال،
أو أعتقه إلى أجل أو قبل موته بشهر أو بعده،
أو قبل موت العبد بشهر وشبه ذلك
... من كتاب ابن المواز، ومن أخدم عبده رجلا حياته ثم دبره فإن جعله حرا بعد الخدمة فلا يرجع إلى ثلث سيده، وهو معتق إلى أجل، ويعتق بتمام الخدمة لأنها قبل التدبير، وإن جعل مرجعه إليه مدبرا، أو إلى ورثته قوم في الثلث مرجعه على الرجاء والخوف فيحاصه بذلك إن كان معه مدبر غيره، يريد محمد، ويعتق مقدار ذلك منه بعد وفاء الخدمة. ومن قال لمدبر متى ما جئتني أو إن جئتني بثلاثين/ دينارا فأنت حر فمات السيد ولا مال وقيمته مائة، فيحط عنه عشرة، ويؤدي عشرين فإن عجز عنها رق ثلثاه وإذا اشتهر المدبر خدمة رقبته فهو حر مكانه، وفي العتبية(1) قول عن مالك أنه لا يلزم ورثته عتقه. ومن العتبية(2): أصبغ عن ابن القاسم في مدبر عجل له سيده العتق على أن يعطيه عشرة دنانير إلى شهر، ثم مات السيد وترك مالا هل يعتق فيه وتسقط العشرة؟ قال لا، وهي له لازمة، فإن فلس السيد فلا يحاص بها السيد غرماءه، وهم مبدؤون عليه، وقاله أصبغ لأنه قد انتفع بتعجيل الحرية ولو طرفة عين وكذلك في كتاب ابن المواز، وفي أبواب العتق باب من أعتق عبده أو مدبره على مال، أو قاطعه فيه من هذا المعنى. قال ابن القاسم في العتبية(3): من دبر عبده ثم كاتبه ثم مات فإنما يجعل
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 99.
(2) - البيان والتحصيل، 14: 195.
(3) - البيان والتحصيل، 15: 272.(1/12)
[13/16]
في الثلث قيمة رقبته، ولو كاتبه أولا ثم دبره جعل في الثلث الأقل من قيمة الكتابة أو قيمة الرقبة، وفي المكاتب باب في القول في هذا.
في المدبر يكاتب ثم يموت السيد وعليه دين يغترق
الرقبة أو بعضها أو بعض الكتابة
... ومن كتاب ابن المواز: ولا بأس أن يدبر عبده، ثم يعتقه إلى أجل، أو يعتقه إلى اجل ثم يدبره، فإن مات سيده قبل الأجل في الوجهين، جعل في الثلث قيمة خدمته باقي الأجل.
... وقيل إن كان التدبير أولا قومت رقبته، وليس بشيء لأنه لم يكن يملك غير خدمته، ولو كان عليه دين لم يرده، ولم يكن للغرماء غير خدمته، وأما المدبر المكاتب فقد/ قيل إن تم تدبيره ثم كاتبه قومت في الثلث رقبته فما رق منه فهو مكاتب، ومن قال لأحد مدبريه أنت حر إلى سنتين فمات بعد سنة فإنه يحاص المدبر الآخر بتلك السنة فما يرق، من ذلك خدم ورثته بقية السنة ثم عتق كله، ولو كان على السيد دين يغترق الرق المدبر، واجر الغرماء بقية السنة في الآخر وخدم حرا، وإنما يكون في الثلث بقية المدة أوجب فيه الخدمة حياة المخدوم، أو أجلا بعد تدبيره أو قبل، وكذلك لو أوجب ذلك فيهما جميعا، ومن قال أنت حر بعد موتي بشهر، فهو من الثلث، وإن قال قبل موتي بشهر، فقال ابن القاسم: لو قال قائل يعجل عتقه لم يبعد، ولو عجل عنه حتى مات فهو من رأس المال لا يلحقه دين مستحدث، وقال أيضا يخارج ولا يعطي خراج شهر حتى يدخل الثاني، وقال أشهب: لا يعتق إلا من الثلث، ويطؤها إن كانت أمة، ولو قال أنت حر قبل موتك أيها العبد بخمس سنين، فلا شيء عليه ولا حرية للعبد، وهذا مكرر مستوعب في باب العتق إلى أجل. ومن العتبية(1) قال عبد الملك بن الحسن، قال ابن القاسم، ومن قال لعبده اخدم ورثتي سنة ثم بعد سنة تأتي
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 100.(1/13)
[13/17]
بوصيف، ثم أنت حر، فيأتي بالوصيف بعد السنة بشهر أو بنصف شهر أو أكثر، من ذلك قال يعتق، ومن أوصى عند موته فقال لغلامي من كل سنة شهر، قال يعتق منه جزءا من إثني عشر جزءا.
ذكر ما يوجب التدبير من اللفظ
/وفيمن قال لعبده أنت مدبر، وقال إن مت أو لم
يقل، أو أنت حر بعد موتي، وكيف إن قال أنت
مدبر عن ابني
... من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم في الصحيح يقول لعبده أنت حر بعد موتي، فإن لم يرد به وصية فهو تدبير.
... [قال أصبغ: إن مات فهو تدبير،] (1) والحي يسأل ويصدق أنه أراد الوصية مع يمينه، وتم قول لأشهب به المدونة ومن المجموعة قال ابن القاسم، قال مالك، في صحيح قال لعبده أنت حر يوم أموت، يسأل فإن أراد الوصية صدق، وإن أراد التدبير صدق، وقال عنه ابن وهب كل ما أعتق الرجل بعد موته في صحة أو مرض فهي وصية ما لم يدبر، فإذا قال أعتقته عن دبر فهو مدبر، قال عنه علي إذا قال في صحته أو مرضه هو حر متى مت، فإن استيقن أنه أراد ان لا يغير ما عقد له حتى يموت فهو تدبير. قال عنه ابن نافع، فيمن كتب كتابا لجاريته فكتب أنها مدبرة تعتق بعد موتي إن لم أحدث فيها حدثا، قال هذه وصية له الرجوع فيها لقوله إلا إن أحدثا. ومن العتبية(2) قال يحيي بن يحيي عن ابن القاسم فيمن قال غلامي حر متى ما مت لا يغير عن حاله، هذا في مرض أو صحة فهو تدبير، وليس له بيعه ولا الرجوع فيه، ولا يصدق أنه أراد الوصية في هذا. قال عنه أصبغ في مريض قال إن مت من مرضي هذا فعبدي مدبر، قال
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.
(2) - البيان والتحصيل، 14: 172.(1/14)
[13/18]
هي وصية وليس بتدبير إن مات من مرضه./ وإن عاش فهي وصية يرجع فيها إن شاء، إلا أن يكون أراد به التدبير مثل أن يقصد عند الوصية التدبير ويخطى وجه الكتاب والوصية، يظن أن ذلك هو التدبير.
... قال أصبغ: فهو تدبير أو ترى البينة انه مراده فيما يرون ويقطعون أو يوقف قبل موته فيقول أردت التدبير فيصدق، وقاله ابن القاسم.
... ومن كتاب ابن المواز قلت كيف التدبير في المرض؟ قال بمثل القول في الصحة يقول أنت مدبر، [أو يقول أنت حر عن دبر مني](1) أو يقول أنت حر متى ما مت، أو إن مت، ولا مرجع لي فيك، وشبه هذا وقاله أشهب أفرد ذلك بكتاب، أو جعله مع ذكر وصاياه. ومن قال في مرضه إن مت من مرضي هذا فعبدي فلان حر او مدبر، قال ابن القاسم فهو تدبير لازم لا رجوع فيه.
... وقال أصبغ: هذا إن أراد وجه التدبير [فيما يرى أنه أراد ذلك إذا مات، كالذي يريد التدبير](2) ولا يعرفه فيقول إذا موت فعلامي مدبر بمعنى أن يعتق بالتدبير، فهذا لا رد فيه، وأما إن أراد عن مات فهو مدبر على غيره من ورثته أو غيرهم، فهذا له أن يرجع فيه، والقول في ذلك قوله فيما يدعي منه، وإلا عمل بما يستدل به.
... قال ابن القاسم، ولو قال مريض غلامي حر وهو مريض لم يزد على هذا ثم رجع في مرضه أو بعد أن صح، فقال إنما أردت بعد موتي ولم أبتله، إنه مصدق، وقال أصبغ إلا أن/ يرى أنه أراد البتل، ويقطع بذلك الشهود فيما رأوا من معناه، ولم يروا للوصية وجها.
... ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم وابن كنانة: إذا قال إن مت من مرضي هذا فغلامي مدبر فليس له رده إذا جعله مدبرا بعد موته، قال سحنون، قال لي ابن القاسم في القائل أنت حر بعد موتي إن كلمت فلانا فكلمه، فإنه
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.(1/15)
[13/19]
يلزمه عتقه بعد الموت، قال سحنون، ومن حلف بالتدبير فحنث لزمه التدبير. قال ابن المواز، قال ابن القاسم، فيمن قال في مرضه غلامي هذا مدبر على أبي لزمه ولا يرجع فيه، إن كان منه على البتل لا على الوصية، ويخدم الأب وورثته حياة الإبن. [والولاء للإبن وإن كانت أمة لم يطأها الأب ولا الإبن](1).
... وروي عنه أبو زيد، فيمن قال أنت مدبر على ابني أنه مدبر على نفسه، ولا يعتق إلا بموته من الثلث، وأما بموت الأب فلا، إلا أن يقول أنت مدبر عن ابني، أو أنت مدبر من أبي فينفذ ذلك عن أبيه. محمد وذلك عندنا سواء قال عن أبي أو على أبي، وهو يعتق إلى أجل، إلى حياة أبيه، (والولاء) لأبيه، وإن كان أبوه ميتا فهو حر مكانه، والولاء لأبيه، وهذا مذكور في الولاء.
... ومن سماع ابن القاسم، ومن قال غلامي حر عن أبي في وصيته في مرضه فذلك جائز، ولا رجوع له لأنه أعتقه إلى أجل.
... قال ابن القاسم، ولا يطؤها الإبن إن كانت أمه ولا الأب. قال أبو زيد عن ابن القاسم، وإن قال مريض جاريتي مدبرة عن ولدي إن مت، ثم صح فلا شيء عليه، ولا تكون مدبرة عن/ ولده، ولو لم يستثن ولم يقل من مرضي فهي مدبرة وإن صح، وإن قال رجل لعبده أنت مدبر عن إبني فسواء كان الأب حيا أو ميتا فلا يعتق إلا بعد موت الأبن المدبر، لا بعد موت الأب، إلا أن يقول لعبده أنت حر عن دبر من أبي، فإن كان الأب ميتا كان حرا الساعة، وإن كان حيا فإنما يعتق إذا مات أبوه وولاؤه للأب. قال ابن حبيب، قال أصبغ فيمن دبر عبده عن رجل في صحته فهو حر إلى موت الذي دبر عنه لا يلحقه دين واحد منهما وولاؤه للأجنبي، ولو قال له هبه لي على أن أدبره ففعل فهو مدبر عن الموهوب، ويلحقه دينه، وله حكم مدبريه.
... ومن المجموعة ابن القاسم، عن مالك، ومن قال أنت حر بعد موتي بخمس سنين، فالسنين تحسب من يوم مات، وله أن يغير ذلك قال ابن حبيب، قال ابن
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من النسخ الأخرى.(1/16)
[13/20]
الماجشون، ومن قال في عبده هو علي حبس ما عشت، فإذا مت فهو حر، أنه بمنزلة المدبر الموصي بعتقه وليس كالمدبر وله بيعه.
فيمن باع عبدا من رجل على أن يدبره او يعتقه،
أو أمة على أن يتخذها أم ولد، أو أخذ مالا
على ان يدبر عبده
... من كتاب ابن المواز، قال مالك، لا يأخذ أحد من أحد مالا في عبده على أن يدبره، فإن نزل مضى وعليه قيمته يوم قبضه إن باعه على الإنجاب. قال محمد، وهذا غلط، وجواب مالك عن قوله عليه القيمه إنما هو على من/ باع غلامه من رجل على أن يدبره فدبره فأما إن باعه على الإيجاب فهو بعقد البيع مدبر وفيه القيمة، وأما إن باعه على يدبره فهذا إن فات بالتدبير فلا يرد وفيه القيمة، وقاله أصبغ، وقال إن أدرك الذي على غير الإيجاب رد، وإن فات بعتق أو موت أو تغير سوق أو بدن، رجع ببقية ثمنه، قال محمد، وأما مسألة مالك من أخذ من رجل مالا على أن يدبر عبده فدبره، فليرد ما أخذ ويلزمه التدبير، وكذلك من أخذ مالا على أن [يتخذ أمته أم ولد ففعل فليرد ما أخذ وأما لو باعها على أن](1) يدبرها أو يتخذها المبتاع ففعل، فليغرم المبتاع ما وضع له بهذا الشرط. قال أشهب فيمن يعطي لرجل مالا على أن يدبر عبده أو يعتقه إلى أجل، فإن ترك ذلك مضى، ويتبع السيد الرجل بما ألزمه نفسه، يريد من المال. وقال ابن القاسم، لا يجوز هذا. قال محمد وينفذ التدبير والعتق إلى أجل، ولا شيء على الرجل، ولا يعجبني قول أشهب، وكذلك في الكتابة، وإنما يجوز أن يأخذ مالا على تعجيل مكاتبه، أو مدبره، أو معتقه إلى أجل.
... قال: ومن باع من رجل عبدا على أن يعتقه، أو يتصدق به، فهو جائز، فإن فعل وإلا فالبائع مخير أن يترك الشرط أو يرد العبد ما لم يكن على الإيجاب،
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من النسخ الأخرى.(1/17)
[13/21]
والإيجاب أن يقول أبيعه منك على أنه حر، لا يقول على أن يعتقه، وهذا المعنى له باب في أبواب العتق مفرد مستوعب.
في تدبير المولى عليه وذات الزوج
/والنصراني يدبر عبده المسلم أو يسلم
وهو مدبر، وفي العبد، ومن فيه بقية رق، يدبر أمته
بإذن السيد أو بغير إذن، وهل يطؤها أحدهما
... من العتبية(1) قال أصبغ عن ابن القاسم في المولى عليه يدبر عبده لا يلزمه ذلك ولا بعد رشده اتسع ماله أو لم يتسع، وهو كما قال مالك في عتقه. ومن سماع ابن القاسم، وعن ذات الزوج تدبر ثلث جاريتها، قال يلزمها وأراه يريد التدبير كله، قال ابن القاسم، تدبر عليها كلها، وقد قال مالك إذا دبرت أمتها وليس لها غيرها فذلك جائز، ولا قول للزوج لأنه لا يخرج من يدها شيء بخلاف عتقها، وهذا كالوصية في هذا المعنى. وقال سحنون، لا يجوز ذلك إلا بإذن زوجها، وقاله مطرف وابن الماجشون أنه لا يجوز، وكذلك في كتاب سحنون عن عبد الملك وسحنون. قال ابن حبيب، قال ابن القاسم في المدبر والموصى بعتقه بعتق عبده بعد موت السيد قبل أن يقوم في الثلث، فإن كان للسيد مال مأمون فهو ومن أعتق حران يرثان ويورثان، وإن لم يكن له مال مأمون فلا عتق لهما حتى يقوما في الثلث، فإن خرجا عتق من أعتقا ولهما الولاء. ومن العتبية(2) قال أصبغ عن ابن القاسم، في مكاتب دبر عبده فعلم السيد فلم ينكر ذلك حتى عجز، قال لا تدبير له إلا أن يكون أمره بتدبيره، وليس سكوته/ بشيء وإن علم. وروى عيسى عن ابن القاسم، فيمن أذن لعبده في تدبير أمة للعبد، يفعل فلا يمسها السيد ولا العبد، وهي معتقة إلى أجل وهي من رأس المال لا يلحقها دين وولاؤها
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 195.
(2) - البيان والتحصيل، 14: 200.(1/18)
[13/22]
للسيد، وإن عتق العبد، وقاله سحنون، ولو وطئها العبد فحملت فتوقف هي وولدها حتى يموت العبد فتعتق، ولو وطئها السيد فحملت لحق به الولد ولا يقربها وهي تعتق إما بموت العبد أو بموت السيد بموت أولهما، ولو قيل يعجل عتقها حين حملت لكان قولا.
... قال عيسى بل تعتق الساعة، قاله عنه يحيى بن يحيى، وليس للرجل وطء مدبرة لمدبره، أو لأم ولده، أو لمعتقة إلى أجل، وهن كالمعتقات إلى أجل إذ يعتقن بموت من دبرهن، قال، وليس لهؤلاء التدبير إلا بإذن السيد [وولاء ذلك للسيد](1) إذا أذن، قال، ولو أذن لمدبرة أو لأم ولده أو يدبر أمة تكون حرة بموت الذي دبرها، وبموت السيد، فهذه يحل له وطؤها كمدبرته. قال ابن حبيب عن أصبغ في مكاتب دبر أمته بإذن سيده فليس له وطؤها إلا أن يؤدي جميع الكتابة، إذ قد يعجز فترجع الأمة إلى سيدها معتقة إلى أجل.
... قال مطرف في النصراني يسلم عبده ثم يدبره، أنه يعتق عليه لأنه أحدث ما منعناه به من بيعه، ولو كاتبه قبل إسلامه، فأما المكاتب فتباع/ كتابته والمبر يؤاجر عليه [وقال مثله ابن الماجشون](2) وساوى ابن القاسم بين إسلامه قبل التدبير وبعده أنه يؤاجر عليه وفي المكائب مسألة من هذا.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.(1/19)
[13/23]
فيمن دبر شقصا له من عبد، أو بعض عبد له
أو دبر جميع عبد له أو بعضه،
والمدبر بين رجلين يعتق أحدهما نصيبه
... من كتاب ابن المواز، قال مالك في عبد بين رجلين دبر أحدهما حصته يتقاويانه(1)، فيكون رقيقا كله أو مدبرا كله، وقال أيضا إن شاء الآخر قوم عليه وإن شاء قاواه وقال أيضا: إن شاء ترك نصفه مدبرا، وكذلك لو دبر بإذن شريكه بقي نصفه مدبرا ولا حجة للعبد في تقويم، وذكر ابن حبيب عن مطرف [في كتاب عتق العبدين الشريكين](2)أنه إن شاء قاوى أو قوم أو تماسك، وقاله أصبغ، قال مطرف سواء كان المدبر مليا أو معدما. قال ابن المواز وروى أشهب عن مالك إذا دبر حصته بإذن الشريك أو بغير إذنه أنه ليس للمتمسك الرضا بذلك ولابد من المقاواة، وحكى [مثل] هذا القول ابن حبيب عن مطرف، وابن الماجشون [في كتاب العتق الأول](3) قالا، لأنه حق للعبد وأخذ به ابن حبيب، وحالف ابن القاسم. قال ابن المواز عن أشهب، فإن كان الذي دبرعديما تقاويا، فإن وقع عليه بيع من نصيب صاحبه، وقال ابن القاسم لا مقاواة فيه. ومن العتبية(4) قال سحنون، إذا دبر أحدهما ولا مال له فقد اختلفوا فيه، وقولي أن تدبيره باطل إن لم يرض شريكه لأن المدبر/ لو قال أقاويه قيل له فإن وقع عليك لم تجد ما تغرم، وليس كمن أعتق نصيبه ولا مال له، هذا يعتق عليه ما أعتق لأن هذا ينتهي إلى عتق ناجز والآخر لا يدري هل ينتهي إلى ذلك مع عاجل الضرر به، قال إن أعتق نصيبه إلى أجل ولا مال له غيره فعتقه لنصيبه ثابت بخلاف التدبير فإن شاء ان يشتريه للشريك فذلك له، ولا يجوز شراؤه لغيره، فإن اشتراه الشريك كان معتقا كله إلى الأجل الذي أعتق نصفه إليه. قال ابن حبيب عن
***
__________
(1) - في النسخ كلها (يتقاوياه) بحذف نون الرفع والصواب ما أثبتناه.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(4) - البيان والتحصيل، 14: 177.(1/20)
[13/24]
مطرف وابن الماجشون في عبد بين ثلاثة دبر أحدهم ثم أعتق الثاني ولا مال له فليتفاو(1) المتسك والمدبر، ولو كان العتق أولا لم تكن مقاواة، إذ لو أعتق الثاني بعد عتق المعسر لم يلزمه تقويم، ولو كان المعتق مليا قوم عليه نصيب من دبر، ومن تماسك، تقدم العتق أو تأخر وتقوم قيمة عبد، وكذلك تقوم أم الولد والمعتق إلى أجل في جراحهما، قاله مالك، قالا وكذلك في الشريكين إذا كان المعتق مليا ثم كاتب شريكه لقوم عليه عبدا وعتق ولو كان معمرا ثم دبر الثاني أو كاتب فذلك جائز نافذ، وإن أعتق [أحدهما إلى الأجل](2) ودبر الآخر بعده أو قبله ترك بحاله، فإن مات الذي دبر أولا عتق نصيبه في ثلث فما عجز قوم على الآخر إذا حل الأجل، [وإن لم يحل الأجل](3) قبل موت الذي دبر قوم على المعتق(4) نصيب المدبر إلا أن يشاء [أن يعتق قال مالك ولو أعتق واحدا/ ثم دبر آخر قوم على الأول إلا أن يشاء](5) الثاني أن يبتل عتقه. قال ابن المواز قال أشهب: وإن دبر مديان عبده بيع عليه منه بقدر الدين ثم قاوى فيه المشتري، وقال ابن القاسم لا مقاواة فيه، ولو كاتبه أحدهما لبطل ذلك ورد رقيقا، وكذلك لو وداه رقيقا ولا مقاواة في ذلك والمال بينهما. قال ابن القاسم في المتمسك يريد المقاواة والذي دبر معسر أن يبيعه إن وقع عليه [فذلك له، ولو قاواه، ولا يعلم بعدمه ثم علم بعد أن وقع عليه](6) فله فسخ المقاواة قال أصبغ لا يفسخ ويباع منه كله قدر ما عليه وما بقي كان مدبرا، كمن دبر وعليه دين، وهذا القياس، وأما الاستحسان فلا يباع له إلا قدر ما باع، قال محمد: ولو رأيت ما قال لرأيت ألا يباع إلا ما باع صاحبه فإن عجز أتبع به وهو أحب إلى. قال ابن حبيب عن مطرف، وتفسير المقاواة إذا حكم بها أن تقام قيمة عدل فيقال للذي لم يدبر أتزيد على هذه القيمة او تسلمه
***
__________
(1) - حذف النون هنا واجب لدخول لام الأمر على الفعل لكنها لم تحذف في النسخ كلها.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(3) - العبارة في ت وب على الشكل التالي (وإن حل الأجل) وما أثبتناه من الأصل وص.
(4) - في ص وت (قوم على المعسر)
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/21)
[13/25]
بها إلى المدبر؟ فإن زاد قيل للذي دبر أتزيد أو تسلمه هكذا حتى يصير إلى أحدهما؟ [وقاله مطرف وأصبغ](1). قال ابن سحنون عن أبيه، وإذا شاء المتمسك أن يلزم الذي دبر بالقيمة وقوم عليه فإنه يصير جميعه مدبرا بالتقويم دون ائتناف حكم ثان، وقال ابن الماجشون: لا يكون النصف المقوم مدبرا إلا بحكم جديد، وخالفه سحنون، وقال قد اجتمعنا في العتق/ أنه بالتقويم حر ولا فرق بين ذلك، واعتل عبد الملك أنه لو دبر نصف عبده فلا يكون نصفه الآخر مدبرا إلا بحكم. قال سحنون لو لزم بهذا ما قال لزم فيما أجمعنا عليه من العتق في عتق بعض عبده أو شقص له في عبد. قال سحنون، فإذا مات الذي لم يدبر فشاء ورثته مقاواة المدبر فذلك لهم إلا أن يكون الميت علم بتدبير صاحبه السنين وما يرى أنه تارك له قيام لا مقاواة للورثة بخلاف العتق. وقال عبد الملك وسحنون في عبد بين ثلاثة دبر أحدهم وتماسك اثنان وطلبا المقاواة فليتقاووا، فإن صار للمدبر مضى مدبرا، وإن صار لمدين أو لأحدهما مضى رقيقا إن صار للمدبر، أو لأحد المتمسكين تقاوياه أيضا، فإن صار حق المدبر للمتمسك رق كله، وإن صار للمدبر مضى مدبرا، قيل فهل للمتمسك الذي صار مع المدبر فيه أن يلزمه للمدبر بالقيمة ولا يقاويه؟ قال ليس له ذلك إذا وقعت المقاواة زال التقويم، قال: وإذا دبر اثنان وتماسك واحد وطلبا المقاواة منه فليقاوهما(2)، فإن صار للمتمسك كله رق وإن صار للمدبر مضى مدبرا، وإن صار لأحدهما وللمتمسك ثبت بيد الذي أسلمه منهما ما أصاب صاحبه المدبر من نصيبه ومضى للذي تماسك بالرق ما أصابه، ثم عادوا كلهم للمقاواة ما دام أحدهما يسلم ويأخذ أحدهما مع التمسك لأن المدبرين/ لا تقويم بينهما لو انفردا فلا يبيع أحدهما من صاحبه، وإنما المقاواة لسبب المتمسك. قال محمد بن سحنون، فإذا وقع نصيب أحد المدبرين لصاحبه وللمتمسك وهو ثلث العبد سدسا لكل واحث ثلث للمتمسك السدس الذي صار إليه ورجع السدس الذي صار للمدبر إلى يد صاحبه ثم عادوا إلى التقويم
***
__________
(1) - في ب (وقاله عبد الملك وأصبغ) وفي ت وص وقاله ابن الماجشون وأصبغ وقد أثبتنا ما في الأصل.
(2) - لم تحذف الياء من الفعل في جميع النسخ والصواب ما أثبتناه.(1/22)
[13/26]
فإن وقع ذلك السدس عليهما رجع نصفه إليه وبقي نصفه للمتمسك هكذا أبدا حتى يصير مدبرا كله أو رقيقا كله قال ثم إن تقاووا فصار نصيب المدبر الذي له الثلث للمدبر معه وللمتمسك فاقتسما ذلك الثلث نصفين فيصير للمتمسك بالرق ثلثا رقبة ثلثا له أولا ونصف الثلث عن الأول وهذا السدس الآن ويرجع السدس الذي صار إلى المدبر إلى صاحبه المدبر معه إذ لا مقاواة فيبقى بيد هذا سدس وبيد هذا سدس، وإن صار لهم النصف الذي صار للمتمسك بالرق يريد في المقاواة الثانية مضى عليها ذلك النصف نصفين فيصير منه مدبرا على صاحب الثلث الذي لم يسلم نصيبه أولا ربع العبد وثلثه وهو نصف ونصف سدس، وباقية وهو نصف إلا نصف سدس مدبرا على الذي كان أسلم أولا، قيل فهل للمتمسك بعد المقاواة أخذ حق من أسلم إليه حقه أن يدبر ما صار بيده؟ قال نعم كشريكين دبر أحدهما ثم دبر الآخر فذلك له، قال ولو دبرا/ جميعا أو دبر واحد ثم دبر الآخر ثم مات واحد منهما وعليه دين محيط فلا تقويم ها هنا ولامقاواة. قال سحنون، وإذا دبر أحد الشريكين وهو مفلس فطلب صاحبه المقاواة، فقال بعض أصحابنا تدبيره باطل فإن غفل عن الخصومة حتى مات المدبر عتق نصيبه في ثلثه أو ما حمل منه، وإن رده الدين [رق، قال ابن الماجشون، وللمتمسك أن يأتي من المقاواة مع هذا المفلس ليس لأنه يقول إن وقع عليه لم أستوف(1) منه، قال ولا يبقى نصيب المدبر(2) مدبرا للضرورة](3) وقد بطلت المقاواة [فصوب قول عبد الملك](4)، وقال لأشهب فيها قول لا يصح، قال وليس للمتمسك أن يلزمه إياه وهو مفلس على أن يبيعه، كما ليس له ذلك في العتق، [وذكر ابن المواز أن له ذلك في العتق](5)، قال ابن سحنون، وروي عن أشهب قال إن دبره وهو معسر تقاوياه فإن وقع على المدبر أعيدت المقاواة أبدا حتى يقع
***
__________
(1) - في ت (إن وقع عليه استوفى بالإثبات لا بالنفي).
(2) - في ص (نصيب العبد).
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(4) - في غير الأصل (فصوب سحنون قول عبد الملك).
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وص مثبت من ب وت.(1/23)
[13/27]
على المتمسك أو يصير إلى درهم أو أقل مما يكون عند المدبر ما يؤدي في نصيب صاحبه.
... قال سحنون: وإذا دبر أحدهما فغفل عنه حتى مات فلا مقاواة ولا تقويم لموت الذي دبر كما لو أعتق. [ومن دبر نصف عبد بيني وبينه ثم أعتقت أنا بعده بتلا](1) فإنه يقوم على المعتق ويسقط ولاء التدبير لضعفه، ولو أعتق الثاني إلى (سنة) فإنه يقوم ويعتق على المعتق إلى سنة، وقاله عبد الملك. قال عبد الملك وإن لم يوجد له مال بقي مدبرا، [فإن حل الأجل وله/ مال كان كمن أعتق يومئذ نصف عبد نصفه مدبر قوم قيمة السنة وعتق، وإن مات قبل ذلك عتق في ثلث المدبر حصته فإن لم يكن له ثلث فالقيمة لورثته إذا حلت السنة، ولو يمت وحلت السنة ولا مال للمعتق بقي نصف هذا مدبرا](2). قال سحنون لا أقول هذا ولكن يقوم على المعتق إلى أجل، فإن لم يكن له مال يومئذ لم يقوم عليه فيما يفيد بعد ذلك ولا يتعقب بعد ذلك.
... ومن كتاب ابن المواز قال أشهب وإذا دبر أحدهما نصيبه وأعتق الآخر إلى أجل فإنه يعتق على الذي اعتق إلى أجل. ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون وغيره من كبار أصحابنا في عبد بين رجلين دبر أحدهما نصيبه ثم أعتق الآخر بتلا فإنه يقوم على المبتل نصيب الذي دبر لضعف التدبير، قال ولو أعتق أحدهما ثم دبر الثاني فإنه يعتق نصيب المدبر عليه لأنه لم يكن له إلا أن يعتق ناجزا او يقوم فلما ترك التقويم لزمه إنجاز العتق، وهذا قول المغيرة وعبد الملك، قال ولو تداعيا فقال المدبر أنا دبرت أولا، وقال المعتق بل أنا الأول فالمعتق مدعى عليه وعلى صاحبه البينة، وعلى المعتق اليمين فإن نكل حلف المدبر لقد دبر أولا ووجبت له القيمة على المعتق، فإن أبي أن يحلف فلا شيء له ويعتق عليه نصيبه، ولو كانا ببلدين، ولا علم عند احدهما يدعيه ولا بينة للأول قال فلا شيء للمدبر على
***
__________
(1) - الموجود بين المعقوفتين عبر عنه في ب على لسان الغائب حيث قال (ومن دبر نصف عبد بينه وبين آخر ثم أعتق شريكه بعده بتلا إلخ)
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ب وص مثبت من الأصل وب.(1/24)
[13/28]
الآخر ويعتق على المدبر/ حصته كنكوله عن اليمين. قال محمد بن سحنون وهذا على مذهب المغيرة وعبد الملك وسحنون، وأما على مذهب مالك وابن القاسم فإن على المعتق القيمة للمدبر لأنه إن كان العتق أولا فالتدبير عنده بعده يبطل، ويقوم عليه وإن كان التدبير أولا قوم على المعتق بعده، فعلى المعتق القيمة بكل حال عرف ذلك أو جهل.
... ومن العتبية(1) روى أشهب عن مالك في عبد بينك وبين يتيم في عيالك له ربعه ولك ثلاثة أرباعه فأردت أنت تدبيره فلا ينبغي لك ذلك أن تعمله بنفسك حتى يأتي السلطان فيكون هو ينظر قيمته، فأما أن تعامل أنت بنفسك لليتيم فلا. قال عيسى عن ابن القاسم فيمن له عبد فدبر نصفه وكاتب نصفه فإن علم به قبل الموت كان مدبرا كله وإن لم يعلم به حتى مات السيد عتق نصفه في ثلثه ومضى نصفه على الكتابة. ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم ومن تصدق على ابن له صغير بنصف عبده ثم دبر نصفه ثم أعطى ما دبر منه لزوجته في مهرها، فإن كان مليا دبر عليه كله وللابن عليه نصف قيمته، وإن كان عديما فنصفه مدبر ونصفه لابنه حتى يكبر الابن فيقاويه، أو يموت الأب فيعتق نصفه المدبر في ثلثه، قال مالك في مدبر بين رجلين أعتق أحدهما حصته فقال لا يقوم عليه نصيبه ثم رجع فقال يقوم عليه ويعتق كله. قال أصبغ قيمة عبد، وبه أخذ ابن القاسم.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 155.(1/25)
[13/29]
/في المدبر لا يخرج من ثلث
ما حضر، وللميت مال غائب، أو دبر
على أجنبي، أو على الوارث
وكيف إن بيع ما رق منه
ثم حضر مال، وكيف إن أبق المدبر
من العتبية(1) روى عيسى عن ابن القاسم فيمن مات عن مدبره وله دين مؤجل إلى عشر سنين ونحوها، فليبع الدين بما يجوز بيعه حتى يعتق المدبر من ثلثه أو حمل الثلث منه، وإن غاب المديان ببلد نائية كتب إليه وأوقف المدبر حتى يقبض الدين أو يباع هناك إن أقر به الغريم وكان حاضرا بالبلد، وإن يئس من الدين لعدم الغريم، أو لغيبة بعيدة لا يرجى فليعتق محمل ما حضر من ماله ويرق باقيه، ثم إن أيس الغريم وقدم الغائب فقبض منه المال، فإن كان المدبر بيد الورثة عتق في ثلث ما أخذ من الدين، وإن خرج من أيديهم ببيع أو هبة أو صدقة [فما يقبض من الدين](2) فللورثة ولا شيء فيه للمدبر. قال عيسى: يعتق ذلك منه حيث كان وليس للمشتري أن يرد ما بقي في يديه، والذي قال عيسى هو المعروف عن مالك وأصحابه في كل ديوان ذكرناه. قال سحنون وهو قول أصحابنا، وذكر ابن حبيب المسألة كلها عن أصبغ عن ابن القاسم مثل ما ذكروا، وقال أصبغ مثل ما قال عيسى، وقاله ابن حبيب، قال ابن حبيب، قال أصبغ، فيمن مات عن مدبر وعليه دين محيط فبيع فيه ثم طرأ للسيد مال، فإن حمله ثلثه بعد رد ثمنه وعتق عن الميت كان/ المشتري أعتقه أو لم يعتقه، وإن لم يحمل إلا بعضه عتق ما حمل منه ونظر، فإن كان المبتاع لم يعتقه خير بين رد ما بقي منه أو التمسك به بحصته من الثمن، وإن كان قد كان أعتقه عتق منه عن الميت فحمل ثلثه، ومضى عتق المبتاع لباقيه ورد عليه من الثمن بقدر ما عتق منه
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 169.
(2) - في ب (فما تقوضي من الدين)(1/26)
[13/30]
عن الميت، ومن قيمة العبد الذي دخله من العتق بعدما فوت بالعتق. يقال ما قيمته على أنه لم يعتق منه شيء،؟ وما قيمته على أن كذا وكذا منه بالعتق؟ فينظر ما بين القيمتين فيقضي على ما عتق منه على الميت، وعلى ما عتق منه على المبتاع [فيرجع في القيمة بقدر ما عتق منه لأنه قد أخذ ثمن ما عتق منه عن الميت وكذلك لو باعه السيد في صحته ثم مات فأعتقه المبتاع](1) بعد موته، وفي ثلث البائع له محمل(2) له أو لبعضه لبعض ذلك على ما فسرنا(3)، بخلاف عتق المشتري إياه في حياة البائع، وهذا يمضي عتقه، لأنه لم يكن أصابه من عتق البائع شيء بعد. ومن كتاب ابن المواز. قال مالك، وإذا بيع المدبر لدين محيط [ثم ظهر مال نقص البيع ورد إلى العتق] [قال ابن المواز](4).[قال أصبغ عن ابن القاسم، ومن دبر](5) عبده فأبق العبد ومات السيد فأوصى بوصايا، قال يوقف من الثلث قدر قيمته حتى ينظر فيه، فإن مات في إباقه رددت ما أوقفت لأهل الوصايا إن بقي لهم شيء. قيل وإلى متى؟ قال يعمر فيوقفه إلى ما يعيش إلى مثله.
قال أصبغ: جيد، وذكر ابن حبيب عن أصبغ/ قال ينظر إلى قيمته يوم غاب على أنه أبق فإن حمله عتق، وكان حرا، إن أدركه العتق وباقي تمام المسألة قد كتبتها في الوصايا.
قال العتبي عن سحنون في امرأة تركت زوجها وأخاها ومدبرة قيمتها خمسون دينارا [لم تدع غيرها، ولها على الزوج مائة وخمسون دينارا](6) وهو عديم، قال يعتق ثلث المدبرة، وللأخ ثلثها، [وللزوج ثلثها](7) فيوخذ منه ذلك الثلث فيكون بين الأخ والمدبرة فيعتق بذلك من المدبرة [نصفها، ونصفها يصير للأخ، والذي ذكر
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت مثبت من الأصل وب.
(2) -في النسخ كلها (له محملا) بالنصب والصواب ما أثبتناه.
(3) - في ص (على ما ذكرنا).
(4) - (قال ابن المواز) ساقطة من الأصل.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت مثبت من الأصل وب.
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت مثبت من الأصل وب.
(7) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت مثبت من الأصل وب.(1/27)
[13/31]
سحنون](1) قال، فإن باع الأخ نصفه ثم أفاد الزوج مالا فليرد حتى تعتق جميع المدبرة، أو بقدر ما أفاد بعد ذلك أتم منه حتى يتم عتقها، قال وإذا لم يتبين حين باعها أن على الزوج دينا فليس بعيب، وإذا أفاد شيئا فعتق فيه بعضها فليس للمبتاع رد ما بقي بيده منها، ورواها موسى بن معاوية عن ابن القاسم فذكر مثله، قال فيكون للأخ بيع حصته من الدين على الزوج ويباع ما يصيب المدبرة من ذلك الذي على الزوج، قال ليعجل عتق ما يصح من ذلك في المدبرة، ولا يؤخر لأن الزوج قد يموت فيورث أو يدخله المواريث ويفلس فأحب إلى بيعه ولا يستأنى به إلا أن يكون الزوج بموضع بعيد لا يعرف ملؤه من عدمه فلا يباع حتى يكون قريبا يعرف ملؤه من عدمه، وذكر ابن المواز عن أبي زيد عن ابن القاسم مثله وقال/ قيمتها خمسون ومائة ولنا على الزوج خمسون ومائة، ثم ذكر نحوه فيما استحب من تعجيل بيع ما يقع للمدبرة من الدين ليتعجل به ما يتعجل من العتق، وباقي وجوه المسألة. قال ابن المواز، ولو لم يبع شيء مما على الزوج حتى زادت قيمة الأمة أو نقصت، وأيسر الزوج فلا يؤتنف فيها قيمة ولا على قيمتها، أو لا يعمل كلهم بعد، وكذلك لو كانت قيمتها يوم الموت مائة والدين مائة فلا يعجل من عتقها إلا بخمسين، وإن كان لها ثلث الميت كله لأحضر المال، ثم لا يؤتنف فيها قيمة بعد ذلك، زادت قيمتها أو نقصت، وذكرها ابن سحنون عن أبيه إلا أنه قال قيمة المدبرة خمسون ولها على زوجها مائة، وما أصاب الزوج من المدبرة يؤخذ منه فيكون بين الأخ وبين المدبرة فنصيب المدبرة نصفها حر ونصفها للأخ، ثم للأخ بيع نصيبه، فإذا أفاد الزوج مالاً نقض البيع حتى يعتق في ذلك، هذا قول أصحابنا، قيل وقد صارت التركة فيما بين المدبرة والأخ والزوج، للمدبرة ثلثها خمسون وللزوج مما عليه خمسون، وللأخ خمسون فاتفق نصيب المدبرة والأخ فلذلك أخذا ما وقع للزوج من المدبرة وهو ثلثها فصار بينهما سدس يعتق وسدس للأخ فيرق لها نصفها فكلما طرأ للزوج
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت مثبت من الأصل وب.(1/28)
[13/32]
مال أخذاه منه فكان ما يأخذان(1) بينهما نصفين إلى حقهما وهو خمسون للأخ وخمسون/ في المدبرة، ويبقى له هو خمسون مما عليه، وذكر سحنون مثل ما ذكر موسى عن ابن القاسم في بيع الأخ نصيبه وإنه ليس بعيب إن لم يتبين، وأنه إن عتق شيء منه بما يطرأ لم يرد المبتاع ما بقي منه. قال سحنون ها هنا إلا أنه يبقى له من صفقته إلا يسيرا بمنزلة السلم لم يستحق بعضها لأنه ليس فيما باع وطء للشركة، وإنما له الحجة بأن يستحق أكثر ما اشترى، قال فإن كان ما على الزوج خمسون ومائة فحق المدبرة جميع رقبتها خمسون وللزوج خمسة وسبعون [وللأخ خمسة وسبعون] فيعتق ثلث المدبرة، ويصير للأخ ثلثها وللزوج ثلثها فيؤخذ منه ذلك الثلث فيقسم بين المدبرة والأخ على ما بقي لهما، فيبقى للمدبرة ثلاثة وثلاثون(2) وثلث، وللأخ ثمانية وخمسون(3) وثلث، وذلك أحد عشر جزءا، للمدبرة أربعة أجزاء، وللاخ سبعة، تم ما طرأ للزوج من شيء قسماه كذلك حتى يتم ما لهما قبله. قال ولو كان هذا الدين على الجنبي كان بخلاف ذلك، هذا يكون ثلث المدبرة حرا وثلثها للزوج وثلثها للأخ، فإذا قبض من الأجنبي شيء عتق في ثلثه ما بقي من المدبرة إلى تمام عتقها، وذكر هذه المسألة ابن عبدوس عن المغيرة، وسحنون بمثل ما تقدم عن ابن القاسم وعنه، وقال سحنون أرى أن يباع الدين ولا توقف الوصية له لأنه على معسر ولكن إذا خرج منه شيء عتق منها بحسابه.
ومن كتاب ابن المواز قال وإذا تركت زوجها وابنها ومدبرة، ولم تدع غيرها، وقيمتها خمسون، ولها على الزوج مائة وهو عديم، فالفريضة من أربعة يحمل عليها نصفها للمدبرة وهو ثلث الجميع، فجميع التركة ستة أسهم، للمدبرة سهمان، وللإبن ثلاثة، وللزوج واحد، فأسقط سهم الزوج إذ عنده أكثر من حقه، وأقسم ما حضر من التركة وهي المدبرة على خمسة، فللمدبرة سهمان وهما خمسا المدبرة يعتق ذلك منها وثلاثة أخماسها رقيق، وكذلك لو كان على الزوج
***
__________
(1) - في النسخ كلها (يأخذان) بحذف نون الرفع والصواب ما أثبتناه.
(2) - في الأصل (وثلاثين) والصواب ما أثبتناه.
(3) - في الأصل (وخمسين) والصواب ما أثبتناه.(1/29)
[13/33]
أربعمائة أو أكثر، [وقيمة المدبرة مائة تعتق خمساها الآن لأن للمدبرة أن تخلص بالثلث لنفسها، فيسقط نصيب الزوج بلا حصاص له، والحصاص بين المدبرة والإبن، ولو أن الدين على الإبن أربعمائة أو أكثر](1) أو أقل فإنه يسقط سهام الإبن بذلك [يريد إذا كان عليه أكثر من حظه](2) ويبقى للزوج سهم وللمدبرة سهمان فيعتق منها ثلثاها وثلثها للزوج، فإذا كان الدين على الزوج عتق خمساها، وإن كان على الإبن عتق ثلثاها قل الدين أو كثر. ولو كان مع الزوج ابنان والدين على أحدهما قليل أو كثير لعتق منها أربعة أتساعها، لأن الثلث للمدبرة أربعة، يبقى ثمانية، [للمدبرة فيها أربعة](3)، وللزوج سهمان، ولكل ابن ثلاثة فأسقط سهم الإبن المديان ثلاثة من اثني عشر، فبقي تسعة أسهم وهي المدبرة للمدبرة منها أربعة، وللزوج سهمان، وللإبن ثلاثة في رقبة المدبرة/ ولو كان الدين مائة على الإبن ولم يدع ابنا غيره وقيمة الأمة مائة فليعتق ثلثاها وهو جميع ثلث التركة وللزوج ثلثها وهو حقه من التركة، والذي عند الإبن هو كفاف حقه.
قال ابن سحنون عن أبيه عن أبي زيد الأنصاري عن المغيرة في امرأة تركت مدبرة قيمتها مائة، وتركت أخاها وزوجها، ولها على الزوج عشرون(4) دينارا، فله ثلث وللأخ ثلث المدبرة،] (5) ويباع له من حق الزوج منها سبعة إلا ثلثا(6)، [ثم للأخ ما بقي](7) منها مع العشرين التي عليه، يريد وله فيها خمسها عشرون دينارا. قال سحنون فيمن ترك زوجته وابنه وله مائة دينار على زوجته وهي عديمة وأوصى بعتق
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(4) - في النسخ كلها (عشرين) والصواب ما أثبتناه.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(6) - في النسخ كلها (إلا ثلث) والصواب ما أثبتناه.
(7) - ما بين معقوفتين أثبتناه من غير الأصل وأما في الأصل فقد جاء على الشكل التالي (ثم لزم للزوج مائة).(1/30)
[13/34]
عبد له لم يدع غيره قيمته مائة دينار، فالعبد يستوهب الثلث مما حضر وغاب، والفريضة من ثمانية، ويزاد عليها نصفها أربعة، فذلك اثنا عشر(1)، فأربعة للعبد، وسهم للزوجة، وسبعة أسهم للإبن، فللمرأة مما حضر وغاب سبعة عشر إلا ثلثا(2) يخصم عنها مما عليها ويبقى عليها ثمانية وثمانون وثلث لهما، فسهام الإبن مع سهام العبد أحد عشر سهما، فيقسم ما حضر وما غاب بينهما على ذلك، فللعبد أربعة أسهم من نصيبه من أحد عشر يعتق فيه، وذلك ستة وثلاثون دينارا، أو أربعة أجزاء من أحد عشر جزءا من دينار، وللإبن باقية، وذلك ثلاثة/ وستون، وسبعة أجزاء من أجزاء الدينار من أحد عشر جزءا من الدينار وكل ما قبض من الزوجة قسماه هكذا فما أصاب أربعة أجزاء فالعبد يعتق فيه، وما أصاب سبعة أجزاء فللإبن.
فيمن دبر عبيدا بعضهم قبل بعض
وكيف يبدؤون في الثلث، وكيف إن كان عليه دين
أو أوصى بوصايا، والحكم في ولد المدبرة وذكر التفرقة
قال ابن حبيب قال مطرف، وابن الماجشون، المدبرون في الصحة أو في المرض إنما يبدأ الأول منهم فالأول، إلا أن يدبرهم في كلمة واحدة فيتحاصون في الثلث بلا سهم. قال ابن سحنون عن أبيه قال ابن القاسم، وإذا دبر في مرضه وبتل عتق عبده في كلمة او كلام متصل تحاصا في الثلث، وإن كان عبيدا بدئ بالأول. قلت كتبت وصيته فيبدأ بأحدهما ثم قام لشغل ثم عاد فكتب الآخر قال يبدأ الأول، وقال في مريض قال قد كنت دبرت فلانا في صحتي ثم دبر أخرى في مرضه، قال ذلك ماض يعتق عليه الأول فالأول ولا يبطل الذي أقر أنه في الصحة لأنه أصرفه إلى الثلث، بخلاف ما أقر أنه أعتق لأنه أصرف إلى رأس المال. قال ابن
***
__________
(1) - في الأصل (فذلك اثني عشر) والصواب ما أثبتناه.
(2) - في الأصل (إلا ثلث) والصواب ما أثبتناه.(1/31)
[13/35]
المواز قال ابن وهب قال المخزومي فيمن دبر ثم أغمي عليه ثم أفاق فدبر آخر فهذا غرر ويتحاصان. قال ابن القاسم وأشهب، وإن دبر وبتل في المرض واحدا بعد واحد بدئ الأول فالأول.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: المدبر في الصحة مبدأ/ على كل وصية من عتق واجب أو زكاة، أو إبتال في المرض أو غيره. قال وعلى صداق المريض، وقد اختلف فيه، قال ويدخل فيما علم به الميت من تركته وفيما لم يعلم، وفي كل ما يبطل من إقرار بدن لوارث. قال ابن القاسم: وكذلك المدبر في المرض يدخل فيما لم يعلم به الميت وإذا كان عليه دين محيط فبيع المدبر ثم طرأ للميت مال يعتق فيه فإنه يرد بيع المدبر ويعتق، أو حمل الثلث منه.
قال مالك: ولا يدخل المبتل في المرض فيما لم يعلم به ولا زكاة يوصى بها ولا غير ذلك إلا المدبر في الصحة، قال: وإذا ترك ما بقي بدين عليه ويعتق المدبر فيما بقي فتلف ذلك قبل النظر فيه لم يعتق وبيع في الدين، ولو نظر فيه وقوم فأعتق ثم تلف ما بقي قبل قضاء الدين لم يرد عتقه، وكذلك لو ترك أموالا مأمونة ولم ينظر فيه ولم يعتق حتى هلك المال المأمون [فقد صار حرا بموت الميت ولا يرد، وإن هلك المال المأمون](1). قال ابن القاسم: وإذا اجتمع ما يدخل في الطارئ وما لا يدخل فيه فليبدأ بالمدبر في ثلث الحاضر، فإن لم يف أتم من الطارئ، وإن خرج منه وفضل بدئ بما يبدأ من الوصايا بعده. وقال عبد الملك يعتق المدبر في الحالين بالحصص فما بقي من ثلث الحاضر دخل في أهل الوصايا، وما فضل من الطارئ فللورثة، وقول ابن القاسم أحب إلي، وذكر في كتاب الوصايا عن أشهب مثل ما ذكر ها هنا عبد الملك، وذكر في كتاب ابن سحنون عن ابن القاسم/ مثل ما ذكر عنه ابن المواز في المال يقر به في المرض لمن يتهم عليه وله مدبر ووصايا
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ت وص مثبت من الأصل وب.(1/32)
.[13/36]
ومن العتبية(1) من سماع ابن القاسم قال ابن القاسم، من دبر رقيقا له في صحة أو مرض فدبر بعضهم قبل بعض، وعليه دين فليبع(2) للدين الآخر، فالآخر فإذا قضي الدين أعتق الأول فالأول إلى تمام ثلث ما بقي. قال عيسى عن ابن القاسم فيمن دبر في صحته وبتل في مرضه ودبر فيه، وأوصى بعتق وتزوج في مرضه، ودخل وأوصى بزكاة، فليبدأ في الثلث بصداق المريض، ثم التدبير في الصحة، ثم الزكاة، ثم المبتل في المرض والمدبر فيه جميعا، إلا أن يكون أحدهما قبل الآخر، فيبدأ بمن فعل فيه أولا [في المرض إنما يبدأ الأول فالأول إلا أن يدبرهم في كلمة واحدة فيتحاصون في الثلث بلا سهم. قال ابن سحنون عن أبيه قال ابن القاسم وإذا دبر في مرضه وبتل عتق عبده في كلمة أو كلام متصل تحاصا في الثلث. وإن كان مبدأ بدئ بالأول قلت كتب وصيته](3) ثم الموصي بعتقه، وإن كانوا مدبرين في الصحة بدئ بالأول فالأول منهم. قال موسى عن ابن القاسم، وإذا كان له مدبر في صحته فلما مرض قال كنت أعتقت فلانا في صحتي، فإن المدبر يعتق في ثلثه وفي ثلث الذي أقر له بالعتق في صحته، ولا يعتق ذلك العبد إلا ببينة، أو يقول في المرض أعتقوه فإنه يعتق في الثلث بعد المدبر، قال أبو زيد عن ابن القاسم، في مريض قال دبروا عبدي فلانا، وأعتقوا عني رقبة عن ظهاري، قال يبدأ في الثلث بعتق الظهار في هذا، قال ابن سحنون عن أبيه المدبرة تقر من نفسها أنها حرة فتتزوج ويولد لها ثم مات السيد ولم/ يعلم فإن حملها الثلث فهي حرة ولا قيمة في ولدها[على الأب](4)، وإن ضاق فكان يحمل نصفها مع نصف الولد عتق نصفها وأتبع ورثة الميت الأب بنصف قيمة الولد. ومن العتبية(5) وكتاب ابن سحنون قال سحنون في مدبرة ولدت أولادا في تدبيرها فأبق الأولاد ومات السيد وعليه دين يحيط برقبة الأم ولم يدع غيرها، فلتبع(6) للدين ولا ينتظر
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 150.
(2) - في النسخ كلها (فليباع) بإثبات حرف العلة والصواب حذفه.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وب مثبت من ص وت.
(4) - (على الأب) ساقط من الأصل
(5) - البيان والتحصيل، 15: 175.
(6) - في الأصل (فلتباع) بإثبات الألف والصواب حذفه.(1/33)
[13/37]
أولادها، فإن رجع الأولاد نظر إلى الدين، فإن كان محيطا بأثلاثهم وثلث الأم بيع من كل واحد ثلثه ويعتق ثلث ما بقي منهم ومن الأم، ويخير المبتاع في التمسك بما بقي من الأم أو رده، فيعتق من الأم ومن الولد من كل واحد تسعاه ويرق سبعة أتساعه، ومن كتاب ابن سحنون قال ومن دبر عبد وللعبد أمة، فما وضعت لستة أشهر فأكثر فهو مدبر مع أبيه، وما كان لأقل فهو رقيق، وما أتت المدبرة من ولد فيما طال أو قصر بعد التدبير فهو بمنزلتها، قال [وما روي عن زيد بن ثابت](1) أنه اجاز بيع ولد المدبرة فالثالث عنه أنه أعتق ولد المدبرة، وقاله علي وعثمان [وابن عمر](2) وجابر وابن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، وعدد من التابعين.
قال ابن حبيب قال مالك، ومن دبر أمة حاملا فولدها بمنزلتها علم بحملها أو لم يعلم ومن باع حاملا فولدها للمبتاع وإن يشترطه، ولا يحل للبائع أن يستثنيه. قال وقال أصبغ، في مدبرة لها ولد ولدته قبل التدبير ثم استحدث دين محيط هل يباع الولد وهو صغير ويفرق من أمه، قال لا يباع/ ويوقف إلى حد التفرقة فيباع حينئذ أو يموت السيد فيباع مع أمه، وكذلك لو كان الصغير هو المدبر دونها، وكذلك النصراني يدبر عبدا صغيرا دون أمة فأسلمت الأم فلا تباع هي للتفرقة ولا الولد للتدبير، ويوقفان ويخرجان من حرزه وتؤاجر له الأمة. قال ابن حبيب: وهو أحسن ما سمعت، وقبل هذا ذكر مدبر النصراني يسلم. ومن كتاب ابن المواز، ومن دبر أمته على أن ما تلد رقيق مضى التدبير وولدها مدبر.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين جاء محرفا في الأصل وأثبتناه صوابا من النسخ الأخرى.
(2) - (ابن عمر) انفردت بذكره ت.(1/34)
[13/38]
في القول في مال المدبر في حياة سيده،
وبعد مماته، وهل يقوم به؟، ومن دبر عبده
واشترط ماله بعد الموت وغير ذلك
من ذكر ماله
من العتبية(1) قال عيسى بن دينار، حدثني ابن وهب عن ربيعة والليث ويحيى بن سعيد، قالوا:- من مات عن مدبر جمع هو وماله إلى مال الميت، فإن خرج المدبر بماله في ثلث ذلك عتق، وكان [ماله في يديه وإن كان الثلث لحمل رقبته وبعض ماله عتق وكان](2) له [ما حمل](3) من ماله مع رقبته، وإن لم يدع غير المدبر وماله، وقيمته رقبته مائة، وله ثمانمائة عتق المدبر، وكان له مائتا دينار من ماله، فهكذا يحسب، وكذلك يضم ماله إلى ما ترك الميت، قال: وكذلك من أوصى بعتق عبد وللعبد مال فهكذا يصنع فيه، وهذا رأي ابن وهب وبه نأخذ. قال ابن القاسم عن مالك في غير هذا الكتاب إن حمله الثلث بماله عتق، فإن لم يحمله بماله عتق منه محمل الثلث وأقر ماله في يديه. قال سحنون عن ابن القاسم: إذا كانت/ قيمة المدبر مائة دينار، وماله مائة دينار، وترك سيده مائة دينار، فإنه يعتق نصفه ويقر ماله بيده، لأن قيمته بماله مائتان ولا ينزع منه شيئ، هذا قول مالك.
ومن كتاب ابن المواز والعتبية(4)، أصبغ عن ابن القاسم، فيمن دبر عبده في صحته واستثنى ماله، قال ذلك جائز وقاله مالك، قال أصبغ يعني يستثنيه بعد موت نفسه إذا عتق. قال في العتبية: ليس استثناء انتزاع عند التدبير، وبعد ذلك يكون له، استثناه او لم يسثنيه، وذلك يقر في يديه مع ما يفيد، وذلك بعد الموت مستثنى. قال ابن القاسم في الكتابين: فإذا مات السيد قوم في الثلث بغير ماله،
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 167.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(3) - (ما حمل) ساقط من النسخ الأخرى مثبت من الأصل.
(4) - البيان والتحصيل، 15: 149.(1/35)
[13/39]
وأخذ ما بيده فحسب من مال السيد يقوم المدبر فيهما، وقال أصبغ. قال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون عن مالك في المدبر له مال أنه يقوم به في الثلث كعضو من أعضائه ويتبعه إن خرج، [وإن خرج بعضه أقر جمعيه بيده](1) فإذا كانت قيمته في نفسه مائة ومعه مائتان ولم يدع غيره فإنه لا يعتق إلا ثلثه، [ويقر ماله بيده](2) ولا يؤخذ منه المائتان فيعتق جميعه، ولو كان معه مائة وللسيد مائة عتق نصفه وأقرت المائة بيده، وكذلك العبد الموصى بعتقه له مال على هذا التفسير، وقاله ابن القاسم عن مالك، وقاله أصبغ، وخالف ذلك ابن وهب فذكر عنه مثل ما ذكر عيسى بن دينار (عمر) (3)، روى ذلك ابن وهب وذكر مثل ما تقدم من رواية عيسى [إلى آخر ذلك](4).
[/ قال ابن حبيب: وانفرد بهذا ابن وهب عن مالك وأصحابه وقد تقدم في العتق باب في مال العبد ومن فيه بقية رق مما يشاكل هذا الباب](5).
في جناية المدبر والجناية عليه
[وهذا الباب مكرر في الجنايات](6) قال في كتاب ابن المواز، وإذا قتل المدبر سيده عمدا لم يعتق في ثلث مال، ولا دية، يباع ولا يتبع بشيء، وفي الخطإ يعتق في ثلث المال دون الدية. قال أصبغ: فإن خرج من الثلث أتبع بالدية، وإن خرج بعضه فعليه من الدية بقدر ما عتق منه يتبع به.
وفي العتبية(7) عن ابن القاسم من رواية عيسى نحوه. وقال في العمد يقتل به، فإن استحيوه فهو رقيق لهم، وفي الخطإ إن خرج في ثلث المال خاصة أتبع بالدية،
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين أثبتناه من غير الأصل فقد جاءت العبارة على الشكل التالي (وإن خرج بعضها بقي جميعه بيده).
(2) - في الأصل (ويبقى ماله بيده)
(3) - في الأصل (وعمر) جاءت (وعمن) وهي ساقطة في ب.
(4) - في ب (مما يشاكل ذلك)
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(6) - في ب أخرت هذه العبارة إلى آخر الباب.
(7) - البيان والتحصيل، 15: 157.(1/36)
[13/40]
ولا يكون على العاقلة. وقال عنه عيسى في مدبرة حامل جرحت رجلا، فإذا وضعت خير سيدها فإما فداها أو أسلمها بغير ولدها فتخدم في الجرح فإن وفته رجعت إلى السيد مدبرة وإن لم توفه حتى مات وخرجت في الثلث هي وولدها أتبعت ببقية الأرش، وإن ضاق الثلث عتق منها ومن ولدها بالحصص، ويتبع ما عتق منها بحصة ذلك، وخير الورثة في فداء ما رق منها، أو إسلامه- يريد ولا دين على السيد، قال: وإن كان السيد دين بيع منها ومن ولدها بقدر الدين/ وبيع منها خاصة بقدر دية الجرح وعتق منها ومن ولدها ثلث ما بقي منها، ويصير لولدها في ذلك من العتق أكثر مما لها، وصارت هي أكثر منه رقا وأقل عتقا للجناية، وربما رقت كلها وعتق بعض الولد لهذا إذا كان ما يباع منها للدين والجناية يغترقها ويتساوى البيع منها ومن ولدها للدين خاصة سواء ثم يباع منها هي للجناية، فإن أحاطت باقيها رقت، وإن لم تف بالجناية، فالجناية أولى بها من الدين، وإن كانت تحيط برقبتها فالجناية أولى بها ويرجع أهل الدين إلى أولادها فيباع لهم منهم بالحصص، ويعتق ثلث ما بقي وترق الأمة إلا أن يفديها الورثة فتكون رقيقا لهم، أو يسلموها للمجروح رقا، وإن كان الدين يحيط بولدها وزيادة، والجناية تحيط بها [فأهل الجناية أحق بها](1)، إلا أن يزيد عليهم أهل الدين فيكونوا أولى بها، ويقاصوا بتلك الزيادة في دينهم بعد أداء الجناية، قال: وتصير مصيبتها إن ماتت منهم، فإن باعوها بربح فلهم ، وإنما تقبل منهم زيادة لها بال فأما الدرهم والدرهمان(2) فلا، وإنما يباع لهذا أولا للجرح ثم للدين بعد ذلك، يريد، إن بقي منها ما يعتق.
تم كتاب المدبر بحمد الله وعونه
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(2) - في الأصل وص وت (فأما الدرهم والدرهمين) والصواب ما أثبتناه من ب.(1/37)
[13/41]
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الخدمة(1)
/في العبد المخدم عمرا أو أجلا ومرجعه
إلى حريته بعد موت سيده أو موت غيره
وما يكون من ذلك من الثلث
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم في المخدم إذا كان عتقه إلى موت سيده فهو من الثلث، وإن كان ممن لا يرجع إلى سيده، ولا إلى ورثته أبدا، وقال أشهب؛ إذا كان خرج من يده في صحته وكان لا يرجع إليه ولا ورثته فهو من رأس المال، وإن كان عتقه إلى سيده واجتمعا، على أنه إذا كان عتقه إلى موت [غير] السيد من مخدم أو غيره أنه من رأس المال، وقاله مالك وأصحابه، وإن قال إخدم فلانا حياتي فإذا مت فأنت حر. قال ابن القاسم وابن كنانة، هو من الثلث، وقال أشهب من رأس المال. وإن قال إخدم فلانا حياته فإذا مت أنا فأنت حر فلم يختلفا أنه من الثلث، قال ابن القاسم عن مالك فيمن حبس على رجل حبسا فقال هو لك حياتي ثم هو في سبيل الله، أو صدقة إنه من الثلث، [فإن ابن عبد الملك قاله عن ابن القاسم وأشهب](2) قال محمد: [إن قاله أشهب فلم يثبت عنه](3)، ومن قال إخدم فلانا حياتي فإذا مات فلان فأنت
***
__________
(1) - هذا الكتاب وضع إثر كتاب التدبير في كل من الأصل وت وص وأما في ب فإن الكتاب الذي جاء بعد التدبير هو كتاب المكاتب ولذلك لم يتيسر لنا فيما لدينا المقابلة بها فيما يتعلق بالخدمة.
(2) - كذا في الأصل والعبارة في ص وت جاءت على الشكل التالي (قال عبد الملك وقاله ابن القاسم وأشهب).
(3) - العبارة في ص وت جاءت على الشكل التالي (أما قول أشهب فلم يثبت عنه).(1/38)
[13/41]
حر، فهذا من رأس المال لم يختلف، وهو معتق إلى أجل، فإذا مات السيد أولا [رجع إلى خدمة ورثة/ سيده](1) بقية حياة فلان ويقضي من هذه الخدمة دينه، فإذا مات فلان فهو حر، قال: ولو مات فلان أولا عتق العبد مكانه.
ومن كتاب ابن المواز قال، وإن قال إخدم فلانا حياة فلان وأنت حر فهو من رأس المال لأنه معتق إلى أجل، ويختدمه المخدم وورثته وورثة ورثته حتى يموت من يعتق إلى موته. وإن قال إخدم عبد الله حياة زيد، فإذا مات سعيد فأنت حر فهو من رأس المال، فإن مات زيد قبل سعيد رجع العبد يخدم سيده أو ورثته إلى موت سعيد، فإن لم يمت زيد اختدمه عبد الله وورثته إن مات حتى يموت، إما زيد أو سعيد فيعتق بموت سعيد، ويرجع بموت زيد إلى خدمة سيده أو ورثته إلى موت سعيد. وإن قال إخدم فلانا حياته وأنت حر، وإن مت أنا فأنت حر، فقال أشهب: هو من رأس المال، وعلى قول ابن القاسم، إن مات الأجنبي أولا كان حرا من رأس المال كان السيد يومئذ مريضا أو مديانا، وإن مات السيد أولا عتق في ثلثه فما عجز عنه فرق خدم ما رق منه الأجنبي حتى يموت، ثم يعتق من رأس المال، وإن كان على الميت دين محيط حتى لا يكون له ثلث، خدم الأجنبي إلى موته ثم عتق من رأس المال، وإنما يجعل في ثلث سيده خدمته حياة المخدم على الرجاء والخوف، لأنه لم يبق فيه رق عند الخدمة، وهذا/ الذي ذكره ابن المواز على قول ابن القاسم ذكره ابن سحنون عن أشهب وسحنون.
ومن كتاب ابن المواز، وإن قال إخدم فلانا حياته وانت حر إلا أن أموت أنا فأنت حر، فهذا عند أشهب إن مات الأجنبي أولا ولم يستحدث السيد ديناً من يوم قال ذلك، عتق من رأس المال، وإن لحقه دين فالدين أولى به ولا يعتق، وإن مات السيد أولاً عتق في ثلثه، فإن عجز رق باقيه لورثته لقوله إلا أن أموت، فقد استثنى كقوله إخدم فلاناً حياته يريد وأنت حر إلا أن أموت، فإن مات فلان
***
__________
(1) - هكذا في ص وت والعبارة في الأصل أطول من ذلك فقد جاء فيها (رجع إلى خدمة ورثته حتى يموت فلان زاد في كتاب ابن سحنون عن أشهب قال: ويختدمه ورثة سيدة).(1/39)
[13/43]
عتق من رأس ماله، ويرده الدين المستحدث، وإن مات السيد قبله رق للسيد ويورث عنه. وكذلك إن قال أنت حر إذا غابت الشمس [إلا أن يدخل الدار زيد](1) فالرق يلحقه إذا دخلها قبل [المغيب](2)، وقد أبقى للرق موضعا فلذلك يلحقه الرق ويرجع إلى الثلث. ولو قال أنت حر إلى سنة إلا أن أموت قبلها فأنت حر، فإن حلت السنة ولا دين عليه عتق الأجل كقوله أنت حر إلى سنة إن بقيت أنا إليها، فإنت مت قبلها فأنت حر، فإذا قال إلا فهو استثناء يلحق به الدين، وهذا كله في كتاب ابن سحنون عن أشهب، وقاله سحنون. وفي العتبية(3) فيمن قال أنت حر إلى سنة إلا أن أموت قبلها فأنت حر حين أموت أن ابن القاسم يقول يعتق من ثلثه فإن لم يسعه استخدم/ باقيه إلى السنة ثم عتق، وهو كما قال مالك فيمن قال أنت حر لأولنا موتا لنفسه، ولرجل آخر، فمات السيد فيعتق في ثلثه، قال ابن القاسم فإن لم يسعه فما بقي منه استخدم إلى موت الآخر ثم عتق، وقال مالك: تقوم رقبته في الثلث، وقال أشهب: بل إنما تقوم خدمته لأنه ليس فيه إلا الخدمة، والمسألة من أولها في العتبية(4) إما لأصبغ عن أشهب أو لعيسى عن ابن القاسم فيها إشكال، وهي في كتاب العتق. وكل ما ذكر ابن المواز من هذه المسائل بهذا الباب، وقد ذكره في كتاب ابن سحنون عن أشهب وسحنون. ومن كتاب ابن المواز، فإن قال إخدم فلانا حياته فإذا مات فأنت حر وإن مت أنا فأنت حر فهذا من رأس المال عند أشهب، وقد تقدم ذكر قول ابن القاسم فيه، فهو بخلاف قوله إلا أنه استثناء.
قال في كتاب ابن سحنون، فإذا لم يستثن [فإنما شدد العتق](5) وزاده خيراً بمنزله من قال أنت حر إلى سنة، وإن قدم أبي فأنت حر [قال في الكتابين قال
***
__________
(1) - في ص وت (إلا ان تدخل الدار فتجد فيها زبدا).
(2) - في ص وت (قيل مغيب الشمس).
(3) - البيان والتحصيل، 14: 582.
(4) - البيان والتحصيل، 14: 582.
(5) - في ص وت (فإنما يتبدد العنق).(1/40)
[13/44]
أنت حر إلى سنة وإن قدم أبي فأنت حر](1)، فإنما زاده خيرا فهو معتق إلى أجل من رأس المال، إن حلت السنة وهو مريض أو ميت أو مديان، وأما إن قدم أبوه قبل السنة، فإن قدم والسيد غير مريض ولا مديان عتق مكانه، وإن قدم والسيد مريض عتق من ثلثه، فإن رق منه شيء انتظر بما رق منه تمام السنة ثم عتق، وإن قدم والسيد ميت لم يعتق بموته، وإن خرج من ثلثه ويرتقب السنة ثم هو حر من رأس المال،/ وإن قدم السيد مديان بدين محيط لم يعتق إلا أن يشاء ذلك الغرماء، وإلا فليؤاجر لهم إن لم تكن أبتله في خدمة أحد، فإن استوفوا ديونهم من الإجارة قبل السنة عتق إن سيده حيا، وإن لم يستوفوا حتى تمت السنة عتق مكانه كان السيد مريضا أو ذا دين محيط. وما استحدث من دين قبل السنة في الإجارة فإنه يحاص به مع الدين ويؤاجر لهم العبد. قال ابن سحنون: وإذا قدم أبوه وهو مريض، يعتق في المثلث، فإنما يجعل في المثلث قيمة خدمته سنة، فإن خرج عتق أو بمقدار ما خرج منها، قال كتاب ابن المواز، وهذا بخلاف قوله أنت حر إلى سنة إلا أن يقدم أبي، لأن هذا استثناء بغير شرط العتق إلى السنة بموت الأب. قال سحنون: أما قوله أنت حر إلى سنة إلا أن يقدم أبي، فأنت حر فلم يعجبني قوله فيه، وكأنه لم يره استثناء ورآه تأكيدا، وأما قوله إلا أن أموت أنا فرآه استثناء. قال أشهب: وقوله إخدم فلانا سنة وأنت حر وإن مت أنا فأنت حر، أو قال فإن مت فهو سواء قوله، فإن، وإن، وإذا فذلك سواء. ومن كتاب ابن المواز، وإن قال اخدم فلانا سنة وأنت حر [فمات فلان قبل السنة](2) فليخدم ورثته، وإن مات العبد قبل السنة وترك مالاً فماله لسيده أو لورثته، وإن قال اخدم فلانا حياته [فأينا مات](3) فأنت حر، فهذا إن مات السيد أولا عتق في قول أشهب من رأس المال لا يرده دين ولا غيره،/ وإن مات فلان أولاً كان حراً مكانه لا يرده شيء، وكذلك قوله حياتي أنا فإن مات فأنت حر، وعند ابن
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.
(2) - في الأصل (فمات فلان قبل السيد) والصواب ما أثبتناه من ص وت.
(3) - في الأصل (فإذا مات) والصواب ما أثبتناه من ص وت.(1/41)
[13/45]
القاسم أو مات السيد أولا عتق في ثلثه إلا ما رق منه، في هذه المسألة يخدم ورثة سيده، فإذا مات فلان خرج حرا لا يرده شيء، لأنه أجل، وفي المسألة الأولى يخدم ما رق منه فلانا ثم يعتق بموته، وإن قال اخدم فلانا حياته فإذا مت أنا [وهو](1) فأنت حر، فلم يختلف مالك وأصحابه أنه من الثلث، كما لو قال أخدم فلانا حياته فإذا مت أنا فأنت حر إلى موت فلان أو قال فإن مات فلان فأنت حر إلى موتي فخدمته إن حازه فلان في صحة سيده من رأس المال وعتقه من الثلث، فإن مات السيد أولا وخرج من الثلث تمت له الحرية، إلى موت فلان، فإن لم يحمله ورق منه شيء كان ما رق منه للورثة الآن لا ينتظر به موت فلان، وأحب إلي أن يخير الورثة بين أن يعتقوه كله لموت فلان، أو يبتلوه، الآن لأن محمل الثلث منه، وإن لم يكن حازه فلان حتى مات سيده او مرض بطلت الخدمة، فإن حمله الثلث عتق، وإن لم يحمله خير الورثة بين إنفاذ قول الميت أو إبتال محمل الثلث منه. وإن قال اخدم فلانا سنة فإذا مت أنا وهو فأنت حر فهو كذلك، الخدمة من رأس المال إن حيزت(2)، والرقبة كالتدبير من الثلث، فإن تمت السنة رجع فخدم سيده يخدمه حتى يموت فيعتق/ من ثلثه وما رق منه. وإن مات السيد قبل السنة وهو بيد ورثة المخدم عتق في الثلث وبطلت الخدمة بقية السنة وإن رق بعضه خدمهم ذلك البعض بقية السنة ثم يرجع فيخدم ورثة سيده بقية حياة فلان ثم هو حر، قال ابن القاسم، وإن قال اخدم فلانا سنة فإذا مت أنا فأنت حر فمات السيد قبل السنة والثلث يحمله فإنه يعتق وتزول الخدمة، وإن رق منه شيء خدم ما رق منه فلانا تمام السنة، ثم عاد رقا إلى الورثة، فإذا قال اخدم فلانا وأنت حر لأولنا موتا، فروى أبو زيد عن ابن القاسم أنه من الثلث ولم يعجبنا. وأصل ابن القاسم، أنه إن مات المخدم أولا والسيد صحيح عتق من رأس المال، وإن مات السيد أولاً عتق من ثلثه، وما عجز عنه رق، ولا يعتق إلى موت
***
__________
(1) - (وهو) ساقطة من ص وت.
(2) - في ص وت (إن خيرت) والصواب ما أثبتناه من الأصل.(1/42)
[13/46]
المخدم. ولو قال أنت حر لآخرنا موتا لم يختلف فيه أصحاب مالك أنه من الثلث، وكذلك ذكر ابن حبيب عن ابن القاسم في هذا. قال ابن حبيب عن مطرف فيمن أعمر عبده رجلا حياته وقال إن مت قبلي رجع إلي فإن مت أنا فهو لك ملك، قال هذا من الثلث إن مات سيده، وقاله أصبغ، وذكره عن ابن شهاب. وفي أبواب عتق الشريك في باب الشريكين يختلف عتقهما مسألة الشريكين يعتق/ كل واحد منهما إلى موت أولهما موتا أو إلى موت آخرهما. وفي باب يليه مسألة العبد المخدم يهب لبعض من له المرجع حقه للمخدم فيعتقه المخدم.
فيمن أخدم عبده رجلين ثم هو حر فمات
أحدهما ونحوه، وكيف إن إشترى أحدهما
خدمة الآخر أو وضع حصته من الخدمة أو أعتق
بحصته؟
ومن كتاب ابن المواز والعتبية(1) عن ابن القاسم عن مالك رواية غير يحيي، ومن أخدم عبده رجلين أجلا مسمى ثم هو حر، قال في ذلك لهذا يوم ولهذا يوم أو لم يقل، فإنه إن مات أحدهما قبل الآخر فنصيبه من الخدمة لورثته، [ولو ماتا كان نصيب كل واحد لورثته](2) بقية السنة، وأما إن أخدمهما إياه حياتهما ثم هو حر فيفرق؛ فإن قسم الخدمة أو أبهمها، [فإن أبهمها](3) فمات أحدهما رجعت خدمة العبد كله للباقي منهما، قال في العتبية(4) ولا يعتق العبد حتى يموت الباقي، قال في الكتابين فإن قسمها فقال لهذا يوم ولهذا يوم ولهذا يوم فمات أحدهما، فإن نصيبه يرجع إلى سيد العبد [أو إلى ورثته إن مات، فيكون لهم إلى موت الآخر، فإذا مات عتق العبد](5) حينئذ، قال ابن سحنون عن أبيه قال بعض أصحابنا فيمن
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 375.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(3) - (فإن أبهما) ساقطة من ص وت وسياق الكلام يقتضي إثباتها.
(4) - البيان والتحصيل، 14: 375.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/43)
[13/47]
أخدم عبده رجلين سنة ثم هو حر، فوضع أحدهما نصيبه من الخدمة للعبد أو وهبه له أنه يعتق ويقوم عليه نصف خدمته لصاحبه، وما يعجبني وأرى أن يعتق نصفه ويبقى نصفه إلى الأجل يخدم/ نفسه يوما والشريك يوما، وليس مثل ما لو وهبه خدمته حياتهما فيدع احدهما نصيبه لأن هذا لو مات أحدهما لم يكن لورثته شيء [وفي خدمة السنة](1) يكون لورثته إن مات نصيبه من باقيها. قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، فإذا أخدم عبده رجلين ما عاشا ثم هو حر ثم إن أخدمهما تصدق بالخدمة على العبد لم يجعل عتق شيء منه، وليخدم العبد نفسه نصف الخدمة والمخدم الآخر نصفها، فإن ترك له الآخر نصفها عتق كله مكانه يعني إن كان أبهم الخدمة، قاله ابن المواز، ولو مات أحدهما فرجع نصيبه من الخدمة إلى السيد يريد ها هنا، وقد قسم الخدمة بينهما، قاله محمد، ثم ترك الشريك الآخر الخدمة للعبد فلا يعتق حتى يموت المخدم الذي ترك نصيبه لأن السيد قد ورث خدمة الميت منهما فكأنه حي بعد. وصفا نصف الخدمة للعبد حتى يموت الثاني. ومن كتاب ابن المواز: ومن حبس عبده على رجلين حياتهما ثم هو حر جاز لأحدهما شراء خدمته، فإن قسمها فقال لهذا شهر ولهذا شهر أو أقل أو أكثر لم يجز شراء أحدهما للخدمة لأن مرجعها للسيد، وليس لأحدهما عتق مكاتبه، فإن أعتق أو وهب الخدمة للعبد، قال في العتبية: أو تصدق بها عليه فليس يعتق، ويكون نصيب هذا من الخدمة للعبد، وشريكه على حصته من الخدمة، فإذا مات الذي أعتق أو وهب الخدمة رجعت مصابته [من الخدمة](2) إلى السيد [ما بقي صاحبه، فإذا مات عتق/ العبد، ولو مات أولا الذي لم يعتق رجعت مصابته من الخدمة إلى السيد](3) حتى يموت المعتق فيعتق العبد، ولو أبهم الخدمة لهما ولم يقسمهما، فأعتق أحدهما حصته فحصته من الخدمة للعبد، فإذا مات المعتق رجع جميع العبد إلى الحي يختدمه كله حتى يوفى عتق العبد، وإن مات أولا الذي
***
__________
(1) - (وفي خدمة السنة) جاءت في الأصل بدون واو الإستئناف وسياق الكلام يقتضي الإتيان به.
(2) - (من الخدمة) ساقطة من الأصل.
(3) - ما بين معقوفتين ساقطة من الأصل مثبت من ص وت.(1/44)
[13/48]
لم يعتق عتق العبد مكانه، ولو اعتقا اوسقطا عنه الخدمة، فإن كانت الخدمة مقسومة كانت الخدمة للعبد حتى يموت أحدهما فيرجع نصيبه إلى السيد حتى يموت الثاني فيعتق العبد حينئذ، وإن كانت الخدمة مشاعة عجل عتق العبد بعتقهما إياه أو [وهبهما له](1) الخدمة، ومن معاني هذا الباب في الذي يليه.
في المخدم يضع خدمته للعبد أو يبيعها من
سيده من هذا المعنى أو في بيع الرقبة من
المخدم، وفي بيع الشريك نصيبه، وقد خدم شريكه حصته
أو وهبها وغير ذلك من مسائل الخدمة
ومن كتاب ابن المواز، ومن أخدم عبده حياته أو أجلا ثم هو حر ثم وضع له المخدم خدمته فإنه يعتق مكانه، ولو باعها من العبد كان جائزا ويعتق ولا يجوز بيعها من سيده ولا من غيره ولو كان مرجعه إلى سيده لا إلى حرية جاز لسيده ولورثته بعده شراء خدمته. قال ابن وهب عن مالك، فيمن حبس عبده على رجل عشر سنين ثم هو حر فترك الرجل الخدمة للعبد فإنه/ حر مكانه، وقاله ابن القاسم، وأشهب، قالا: وكذلك لو جعل له خدمته حياته. وكذلك لو باعها منه، قال ابن القاسم، قال مالك: وليس لسيده فيه عتق وعتقه بيد المخدم، ولو لم يجعل مرجعه إلى حرية كان عتق المخدم فيه باطلا، وكان على خدمته أخدمه أجلا أو عمراً، إلا أن يخدمه حياة العبد فيجوز فيه عتق المخدم، وكذلك ذكر ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم في ذلك كله، وقال وإن كان مرجعه إلى سيده أو إلى غيره ولم يرجعه(2) إلى حرية فوضع المخدم عن العبد خدمته فلا يرجع إلى خدمة سيده ولا من له مرجع الرقبة.
***
__________
(1) - في ت (او وهبتهما له).
(2) - في الأصل (ولم يرجعوا) وقد أثبتنا ما في ص وت.(1/45)
[13/49]
ومن العتبية(1) من سماع أشهب قال مالك، ومن أوصى لولده بخدمة عبد له حتى يستغني عنه فدخل معه باقي الورثة حين لم يجيزوا ثم وضع الولد للعبد الخدمة، قال فباقي الورثة على حقوقهم من الخدمة، وروة ابن القاسم عن مالك، فيمن أخدم عبده رجلا سنة ثم هو حر فلا بأس أن يشتري [العبد](2) من المخدم خدمته. ومن سماع عيسى عن ابن القاسم قال ابن القاسم، ومن أخدمك عبداً حياتك فلك أنت أن تعطيه لقريب لك أو غيره يختدمه على مثل ذلك، وكذلك سكني الدار، وغير ذلك، قال ابن القاسم عن مالك في عبد لرجلين أخدم أحدهما نصيبه رجلا، فللآخر بيع نصيبه إن شاء ولا يبيع الآخر معه، وكذلك إن آجره، له أن يؤاجره بغير إذن شريكه، وكذلك الدار./ ومن سماع ابن القاسم: ومن أخدم عبده رجلا سنة فقبضه فلا بأس أن يبيعه ربه منه قبل السنة. ومن
كتاب ابن المواز وذكر أصبغ عن أشهب في العتبية، وذكر محمد أشهب في خلال ذلك. وقال في عبد بين رجلين أخدم أحدهما مصابته رجلا إن ذلك جائز ما أقره الشريك ولم يطلب البيع، فإن طلب ذلك كلف البيع معه وبطلت الخدمة أخدم بعلم شريكه أو بغير علمه، ويباع كله ولا شيء للمخدوم فيه. وكذلك إرهانه حصته منه جائز ما لم يقم شريكه بالبيع فيباع كله. قال أشهب: وإن بيع بعين عجل الدين، وإن بيع بعرض أوقفت مصابة الراهن ليحل الحق، وكذلك لو آجر مصابته كان جائزا، فإذا قام صاحبه بالبيع فذلك له، وتنتقض الإجارة، زاد في العتبية ولو أجاز الإجارة أولا ثم قام بالبيع فذلك له، ثم كان ما ذكرنا، قال أصبغ والبيع ها هنا كالموت كما لو قتل بطلت الخدمة والعقل لسيده. قال أشهب وله انتقاد الإجارة إذا آجر حصته. قال أصبغ لا أحب نقدها بشرط للمقرر في قيام الآخر بالبيع فتصير إجارة وسلف يرد ما بقي.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 349.
(2) - كلمة (العبد) ساقطة من الأصل مثبتة من ص وت.(1/46)
[13/50]
وفي أبواب عتق الشريك [من هذا](1) باب في الشريك يخدم حصته ثم يعتق هو أو شريكه، وفي المخدم يهبه الشريك حصته فيعتقها، وفي العبد يعتق بعد أن يؤاجر أو يخدم.
/ومن كتاب ابن سحنون فيمن قال لعبده اخدم فلانا سنة ثم أنت حر ثم وضع عنه نصف الخدمة، فليسأل فإن أراد إني تركت له خدمة ستة أشهر، لأن عتقه إلى سنة يبعد فهو ذلك، وإن أراد أنها لك ملك تشاركني في الخدمة ويصير لك ملكا كان حرا كله مكانه، كمن وهب لعبده نصف خدمته أو خدمته، ولو قال اخدم فلانا سنة أنت حر فقال المخدم قد وهبته نصف الخدمة لتعتق كله وقام مقام السيد. قال مالك فيمن قال لعبده اخدم فلانا سنة وأنت حر فوضع عنه فلان الخدمة فإنه يعتق، وقال عبد العزيز لا يعتق لحجة السيد، وأن يعجل عليه فيزول ميراثه عنه، وليس للمخدم من عتقه شيء. قلت لسحنون: لم قلت في المعتق إلى سنة يضع عنه السيد نصف الخدمة أنه يعتق عليه وإن أعتق نصف المكاتب لم يعتق وكان وضع مال؟، قال: هو مفترق ولا أقول فيه شيئاً.
قال ابن سحنون: وإن العتق إلى أجل إنما يملك منه الخدمة، فقام ذلك مقام الرقبة، وإنه يسلم ذلك في الجناية في المكاتب كتابته، والمكاتب لا يعتق حتى يؤدي، والمؤجل قد يعتق بغير الخدمة إذا مرض أو أبق عتق بذهاب السنة، قال: ومن أوصى في عبد له أن نصفه يخدم فلانا سنة ثم هو حر ونصفه حر بعد موتى، والثلث يحمل، فذلك جائز، فإذا مات عتق نصفه وبقي نصفه يخدم بقية الأجل،/ لأن من أعتق بعد موته نصف عبده لم يتم عليه، وإن وسعه الثلث، وإذا لم يحمله الثلث في مسألة الخدمة عتق محمل الثلث منه بتلا، ولو قال نصفه حر الساعة بتلا، ونصفه حر بعد سنة يخدم فيها فلانا، فإن حمله الثلث سقطت الوصية بالخدمة لأنه لما بتل نصفه لزمه تمامه في ثلثه، ولو قال نصفه حر بعد سنة ثم هو حر وإن لم يحمله عتق منه محمل الثلث، وإن حمل الثلث ذلك النصف
***
__________
(1) - (من هذا) ساقطة من الأصل مثبتة من ص وت.(1/47)
[13/51]
فقط، وكانت وصايا خير الورثة، فإن أجازوا، ولا يحاص المخدم وأهل الوصايا في تلك الخدمة، فإذا تمت السنة عتق نصفه، وإذا أوصى لأبن له غيره ولأجنبي خدمة عبده سنة ثم هو حر والثلث يحمله، قال ذلك نافذ، ويخدمهما سنة ثم هو، حر وإن لم يحمله عتق منه ما حمل الثلث وسقطت الخدمة، يريد وما كان للأبن فالمورثة أن يشاركوه فيه.
فيمن أخدم عبده، أوصى بذلك ولم يؤجل،
أو قال إخدمني وأنت حر ولم يؤجل، أو قال إخدم
فلانا حتى يبلغ أبنه، أو قال حتى يستغني أو [ينكح]
أو قال بحصته ثم هو حر، أو أجل أجلاً(1) فمات الصبي قبله
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم، ومن وهب خدمة عبده لرجل ولم يوقت(2) [فأما](3) في الوصية فله خدمة العبد حياة العبد حياة المخدم لأنه أوصى له بخدمته ولم يتركها لورثته، وأما في الصحة فأسلمه وأصدقه، فإن مات لم يبين فلا شيء للمخدم فيه. قال أصبغ له خدمته حياة المخدم. قال محمد قول ابن القاسم أحب إلى أن لا يسيء له بخلاف من قال لرجل وهبت لك خدمة عبدي أو أخدمتك عبدي، ومسألتك إنما قال أخدم فلانا. ومن قال لعبده أخدمني وأنت حر أو أنت حر على أن تخدمني فإن ذكر نية وإلا فإن خدمه طرفة عين فهو حر. وقال أصبغ له خدمته حياته كالمدبر حتى ينوي غير ذلك أو يرى له سبب. وأما قوله إن خدمتني فإذا خدمه ساعة فهو حر. قال محمد وهذا إن كان على وجه اليمين فله ما أراد، وإن قال عبدي يخدم فلانا حتى يبلغ أشده، فالأشد الحلم فإذا مات المخدم قبل ذلك خدم ورثته قدر ذلك. قال ابن القاسم يقال سبعة
***
__________
(1) - في الأصل أو (وجل أجلا) بقلب الهمزة واوا وذلك استعمال عادي عنده داخل هذا الكتاب.
(2) - هنا وقع إهمال في تصوير لوحتين أو أكثر من الأصل فعوضنا ذلك من ص وت وحصرنا ما أثبتناه بين المعقوفتين التاليتين.
(3) - هنا بداية ما أضفناه من ص وت.(1/48)
[13/52]
عشر. محمد وإن قال يؤنس منه الرشد فحتى يؤنس منه الرشد، وإلى وقت يستحق قبض مال إن كان له مال. قال ابن القاسم وغن مات قبل ذلك اجتهد في ذلك بقدر ما يرى. وإن قال حتى يستغني؟ قال مالك فحتى يلي نفسه وأخذ ماله. محمد وأحب إلينا حتى يحتلم. قال أصبغ إذا اوصى أن يحضن ولده ثم هو حر ولم يوقت وهو رضيع أو فطيم أو أثغر فذلك سواء. وحد الحضانة البلوغ إلا أن يسمي شيئا، ولو قال أرضعيه وأنت حرة فهذا يبين أنه قولان. قال محمد وكذلك قوله أحضنيه وهو رضيع فأما بعد الفطام فإلى الحلم حتى يلي نفسه. قال مالك وإن قال في حياته أو وصيته أرضعيه حولين وأنت حرة فمات قبلهما فأما إن كانت خادم الخدمة والامتهان فلا تعتق إلا بعد حولين ويرث بقية تلك الخدمة ورثة السيد دون وثة الصبي، وأما التي ليست للخدمة ولا تستقي ولا تطحن فذلك يعتق بموت الصبي. قال ابن القاسم: فيمن قال لأمته أرضعي أبني حولين وأنت حرة فمات الصبي قبلهما فلتخدم ورثة الصبي بقية المدة إلا أن تكون ممن أريد بها الحضانة ولها مال فتعتق بموته. قال ابن القاسم والتي من جواري الخدم تخدم ورثة الأب. قال محمد يعني إن كانت وصية من الأب وأما إن كان ذلك في صحته فلتخدم ورثة الصبي قال فيه وفي كتاب ابن حبيب روى ابن وهب عن مالك فيمن قال أرضعي أبني حتى تفطميه وأنت حرة فمات قبل الفطام فلتخدم الورثة قال محمد ورثة الصبي إن كانت من جواري الخدمة حتى تتم السنون من مولد الصبي. وفي كتاب ابن حبيب إلى تمام حولين من يوم مولدة ثم هي حرة](1)/ فمات الصبي قبل ذلك أنها حرة، محمد، وهذه ممن لا خدمة فيها وممن أريد منها الحضانة. قال مالك، ومن قال جاريتي تخدم فلانا أجلا مسمى ثم هي حرة، فمات المخدم قبل الأجل فلتخدم ورثة المخدم بقية الأجل. قال مالك، ومن أخدم عبده عشر سنين ثم مات المخدم قبلها، فأما الشيخ الزمن والعجوز فيخدمهما بحقهما عليه فلا شيء لورثتهما، وكذلك لو مات العبد وترك مالاً فلا يستأجر منه من يخدم المخدم وذلك لسيده. قال محمد, أما المال فهو كذلك، وأما
***
__________
(1) - هنا ينتهي ما أضفناه من ص وت.(1/49)
[13/53]
في موت المخدم قبل الأجل فالذي يعرف من قول مالك أنه يخدم ورثته باقي الأجل، ولكنه استحسن هذا في دى الزمانة.
ومن العتبية(1) روى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال في مرضه جاريتي فلانة تخدم إبنتي حتى تنكح ثم هي حرة، فأجاز لها الورثة ذلك، ثم تمرض البنت بعد مبلغ النكاح حتى لا ينكحها أحد وقد عنست، قال إن قال حتى تنكح فلا عتق لها حتى تنكح مرضت أو لم تمرض، وإن عنست إلا إن ترد هي الأزواج وتأبى النكاح فتعتق حينئذ، وإن تزوجت عتقت الأمة عند العقد، لا ينتظر بها البناء، وإن ماتت الإبنة قبل مبلغ النكاح خدمت الورثة إلى مقدار النكاح ثم عتقت، وإن لم تخرج الأمة من الثلث خير الورثة، فإن اختاروا فيسأل ما وصفت لك، وإن أبوا عتق منها مبلع الثلث بتلا ورق ما بقي وسقطت الخدمة فيما رق منها وعتق، وأما إن قال تخدم إبنتي حتى تبلغ النكاح ثم هي حرة، فهذه إذا بلغت النكاح وأمكن منها عتقت الأمة حينئذ، قيل فحد ذلك أن تحيض، قال أو بعد ذلك/ بقليل على ما يرى فيه ويجتهد بما لا ضرر فيه وقد تحيض الجارية وتقيم سنة وسنتين ولا يظهر ذلك منها
ومن كتاب ابن حبيب وروى ابن وهب عن يونس عن ربيعة، فيمن قال لعبده إذا تزوج إبني فأنت حر فبلغ الصبي دون مال فتسرى وأتى النكاح؟ قال العبد حر، وليس غرض الأب أن ينكح إنما قصد أن يبلغ أشده وأن ينتفع بالعبد قبل ذلك وقاله مطرف وابن الماجشون، وقاله أصبغ عن ابن القاسم.
قال ابن وهب عن مالك, ومن قال جاريتي تخدم فلانا عشر سنين ثم هي حرة فمات فلان قبل المدة، إن بقية الخدمة لورثته، ولو قال تحضن فلانا إلى أجل مسمى ثم هي حرة فمات الصبي المحضن فإنها تعتق، وليس لورثة الصبي اختدامها إذا أراد بها ناحية الأدب والولاية. وقال ابن وهب عن مالك، وإن قال لعبده ابن لي هذه الدار وأنت حر فعمل فيها ثم مرض مرضا لا يقدر معه أن
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 577.(1/50)
[13/54]
يبني، فله أن يأتي بغيره يبني مكانه ولا يمنعه السيد إن جاء بمن يعمل نحو عمله ثم يعتق. ومن العتبية(1) ومن سماع ابن القاسم ومن أوصى في أمته أن تخدم إبنته حتى تبلغ النكاح(2) ثم تخير فإن إختارت العتق والثلث ضيق بدئ بها فيعتق ما حمل الثلث منها وسقطت الوصايا [والخدمة، وإن كان الثلث يحملها ويبقى منها ما لا يفي بالوصايا، فإن الوارث وأهل الوصايا يتحاصون في الخدمة إلى الأجل، وفيما بقي من الثلث الآن بقيمة الخدمة إلى بلوغه النكاح وأهل](3)/ الوصايا [يتحاصون في الخدمة إلى الأجل](4) بوصاياهم، فما صار للوارث فللباقين من الورثة أن يمضوه، أو يدخلوا معه فيه على المواريث، فإذا تم الأجل خيرت في العتق, فإن اختارته عتقت وإلا بيعت، وأتم لأهل الوصايا وصاياهم.
في الحكم في المخدمة في نفقتها ومالها
وولدها وديتها وميراثها وكيف إن أبقت؟
وفي المؤاجرة، وكيف إن اشترط إن أبقت فلا عتق لك؟
من كتاب ابن المواز قال مالك, وولد المخدمة عمراً أو أجلاً بمنزلتها ومعها. قال في العتبية من سماع ابن القاسم وكذلك ما ولد للعبد المخدم من أمته فيخدم المخدم معهما، وما حدث لهما من مال فليس للمخدم انتزاعه، فإن ماتا فهو للسيد. ابن القاسم قال مالك، ومن أخدم عبده سنين فليس له انتزاع ماله. وروى عيسى عن ابن القاسم ان له ان ينتزعه ما لم يقرب الأجل، وأنكر سحنون رواية عيسى هذه. قال ابن المواز قال مالك، ومن أخدم عبده رجلا سنينا ثم هو حر، فليس له انتزاع شيء من ماله لأنه [قد](5) ينفق منه على نفسه [ويكتسي
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 350.
(2) - في البيان والتحصيل جعل المسألة فيمن أوصى جارية له تخدم إبنه حتى يبلغ النكاح.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص مثبت من الأصل وت.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(5) - (قد) ساقطة من الأصل.(1/51)
[13/55]
ويبقى على نفسه](1), وليس كالمعتق إلى أجل، ذلك له انتزاع ماله وهو ينفق عليه، قال في كتاب ابن المواز، ومن أخدم عبده عمراً أو أجلاً فنفقته على المخدم كان مرجعها إلى الحرية أو إلى غير السيد لخدمة، أو ملك، قال ابن عبد الحكم، وعليه زكاة الفطر عنه. قال مالك: ومن أخدم أخته أمة حياتها فنفقتها على الأخت، وقاله ابن/ القاسم، [قال](2) ونفقة المستأجرة على سيدها إلا أن تشترط، قال وولد المستأجرة لا حق فيه للمستاجر، ولو ولدته بعد أن أعتقها ربها عجل [لها](3) عتق الولد وتربص بها هي [حتى تنقضي مدة الإجارة]. قال مالك: والمخدم مرجعه إلى حرية إن أبق في المدة لم يتبع بشيء وعتق بمحلها. وكذلك العبد نصفه حر لا يتبع بخدمة إباقة. قال ابن سحنون عن أبيه في الذي نصفه حر إن بدأ الذي له الرق بالخدمة في قسمة الخدمة، أو بدأها العبد فلا يرجع واحد على الآخر بما وقع في أيامه من مرض أو إباق، قاله مالك وأصحابنا. قال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون فيه وفي العبد بين الشريكين كذلك إذا اقتسمها الخدمة، وما لم يقتسمها فذلك منها، وهذا مذكور في الأول من العتق.
ومن العتبية(4) قال ابن القاسم عن مالك في العبد المخدم يقتل خطأ أو عمداً، فإن عقله لسيده، وإن قتله السيد خطأ فلا شيء عليه، وإن فعله عمداً فعليه قيمته يختدم منها إلى تمام المدة فما بقي فلسيده. قال عيسى توقف القيمة للمعمر يستأجر منها من يخدمه، فإن مات وبقي منها شيء فهو لسيده، وكذلك روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، وزاد فإن فرغت القيمة [قبل المدة](5) فلا شيء على السيد. قال سحنون وكان يقول ابن القاسم يشتري منها عبداً يخدمه. وكذلك لو كانت أمة فأحبلها. قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: ومن أخدم
***
__________
(1) - (ق) ساقطة من الأصل.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(3) - (لها) ساقطة من الأصل.
(4) - البيان والتحصيل, 15: 502.
(5) - (قبل المدة) ساقطة من ص وت.(1/52)
[13/56]
عبده رجلاً سنيناً [ثم هو لفلان صدقة،/ فقتل العبد أو مات في الخدمة، فعقله وماله لمن له مرجع الرقبة، كما لو قتله أجنبي، وتسقط الخدمة. وروى أصبغ عن أشهب فيمن أخدم رجلا عبده سنة(1) ثم هو لفلان بتلا، فمات العبد في السنة وترك مالاً، قال هو لسيده.
قال أصبغ يعني المخدم لأنه مات قبل يجب لفلان ولا يجب له إلا بعد السنة وهو لم يبلغها، وقد اختلف قول مالك في المبتل بعد الخدمة وهذا أحب إلينا. قال عيسى عن ابن القاسم: ومن أخدم عبده رجلا عشر سنين ثم هو حر على أنه إن أبق فلا عتق له، أو قال ماغبت فيه أو أبقت فعليك قضاؤه، قال ابن القاسم: يلزمه قضاء ما أبق ويكون حراً.
قال عيسى عن ابن القاسم، ومن أخدم عبده رجلا أمداً ثم هو حر فليس للعبد أن يعتق عبده في الخدمة إلا برضا السيد والمخدم جميعا ثم يكون الولاء فيما أعتق لسيده، ولا يرجع إلى العبد بعد الأجل، ولأنه لو رضي المخدم بأن يأخذ السيد ماله لم يكن للعبد فيه حجة إلا أن يتقارب الأجل.
في الخدمة يطؤها المخدم أو يتزوجها
أو من له مرجعها، وكيف إن حملت؟
من كتاب ابن المواز والعتبية(2) رواية عيسى عن ابن القاسم، ومن أخدم أمته في صحته إبناً له كبيراً حياته ثم هي لابن له آخر، قال في العتبية(3) تصدق بخدمتها عليه حياته ثم هي لابنه/ الآخر، بتلا(4)، قال في الكتابين ثم وطئها الأول
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) - البيان والتحصيل، 14: 367.
(3) - البيان والتحصيل، 14: 367.
(4) - في الأصل وقع اضطراب في الكلام بسبب تكرار استغنينا عنه وقد أثبتنا ما في ص وت.(1/53)
[13/57]
فحملت فالولد به لاحق ولا يحد للشبهة، وعليه قيمة مرجعها يعجل له، وتكون أم ولد، محمد وهذا صواب.
قال في العتبية(1) تقوم على الرجاء والخوف قيمتها على ذلك يوم يرجع. قال في الكتابين وقد قال مالك فيمن أخدم عبده رجلا حياته أو أجلاً أنه لا يتزوجها المخدم كمن له فيها شريك، ولو أحبلها من جعل له مرجعها غرم قيمتها كاملة، فيؤاجر منها من يخدم المخدم حياته، فإن عجزت فلا شيء له غيرها، وإن مات المخدم وبقي منها رد ذلك على الواطئ. وقال المغيرة في كتاب ابن سحنون: إن وطئها الولد الذي له الخدمة في الخدمة فأولدها لم يحد ولحق به وعليه قيمة الولد الذي جعلت له الرقبة وإن وطئها من جعل له مرجعها وهي عند المخدم غرم قيمتها [فيشتري منها](2) رقبة تخدم، فإذا مات رجعت إلى الآخر، وباقي القول في وطء المخدم في أمهات الأولاد.
قال محمد بن خالد في العتبية(3) عن ابن القاسم، ولو وطئها المخدم وهو متعمد عارف غير جاهل لم يحد للشبهة كوطء الشريك. وفي كتاب ابن المواز قال ابن وهب، ومن أخدم أمته رجلا سنة فوطئها المخدم، فإن كان عالما حد وإن عذر بالجهل عوقب وقومت عليه، فإن وطئها ربها فحملت بقيت تخدم تمام السنة، قيل أتخدم أم ولده؟ قال أرأيت إن أعتقها،؟ قال محمد/ وأحب إلي أن يغرم قيمتها فيؤاجر منها من تخدم بقية السنة فما فضل رد إليه، وما غر فلا شيء عليه.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 367.
(2) - في ص وت (فشتري منه).
(3) - البيان والتحصيل، 14: 380.(1/54)
[13/58]
فيمن أوصى بخدمة عبده ثم يعتق
أو لا يعتق، وأوصى بوصايا
وهذا الباب مكرر في الوصايا.
ومن كتاب ابن المواز، ومن أوصى بخدمة عبده عشر سنين وهو حر ولآخر بعشرة دنانير، والعبد هو الثلث فإذا بدينا العتق لم يبق إلا الخدمة، فيتحاص فيها صاحب العشرة وصاحب الخدمة بقيمتها على غروها أن [لا تباعه](1) عليه إن مات العبد قبلها، فإن كانت قيمتها عشرة فالخدمة بينهما نصفين، فإن مات العبد بعد سنة وترك خمسة دنانير فإن الموصى له بالدنانير أحق بها، والآخر كانت وصيته في عين قائمة وقد ذهبت وبقي لصاحب الدنانير بقية الثلث، وهذه بقية الثلث إلا أنه يقال له صار إليك من وصيتك نصفها، وكنت حاصصت بجميع وصيتك، وإنما لك الحصاص بنصفها وقد انكشف، أن الخدمة الموصى بها سنة وقد أخذ الموصى له بها نصفها كما [لو](2) أخد الموصى له بالعشرة نصف وصيته، فالنصف الآخر من الخدمة الذي اختدمه الموصى له بالمال يرجع عليه فيه صاحب الخدمة يحاصه فيه، وبقي لكل واحد نصف نصيبه، فيتحاصان في نصف الخدمة السنة الذي حاز عند صاحب الدنانير، فإن سويت خدمة السنة خمسة/ فنصفها اثنان(3) ونصف فهو بينهما أثلاثا، لصاحب الخدمة ثلث دينار لا سدس يرجع به على صاحب الدنانير، وقد استوفى هو ثلثيها، ولو كان العبد وخمسة دنانير هو الثلث، ولم يمت العبد فليأخذ الخمسة الموصى له بالمال، ويأخذ صاحب الخدمة أيضا نصف الخدمة، كما أخذ الآخر نصف وصيته، ويتحاصان(4) في نصف الخدمة هذا بقيمة نصفها والآخر بخمسة دنانير، وإن كان العبد(5) أكثر من الثلث خير الورثة فإن أجازوا عتقه إلى أجله، يحاص هذان
***
__________
(1) - كذا في الأصل ولم تنقط في ص وت.
(2) - (لو) ساقطة من الأصل.
(3) - في النسخ كلها (فنصفها اثنين) والصواب ما أثبتناه.
(4) - في النسخ كلها (ويتحاصا) بحذف نون الرفع والصواب ما أثبتناه.
(5) - في ص (وإن كان المدبر).(1/55)
[13/59]
من الخدمة قدر محمل الثلث من رقبته، هذا بعشرة معجلة، وهذا بقيمة خدمته إلى أجلها، فإن لم يجيزوا عتق محمل الثلث منه، وبطلت الوصايا.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم، فيمن أوصى لرجل بثلث ماله ولآخر يخدمه عبده حياته ثم هو حر، والعبد قدر الثلث فيدبر بعتقه إلى المدة ولم يبق إلا الخدمة يتحاصان فيها، فيقال ما قيمة العبد حين خرج من الثلث فقيل مائة قلنا فهذا الثلث الموصى بها لهذا، ويقال ما قيمة العبد حين خرج من الثلث فقيل مائة قلنا فهذا الثلث الموصى بها لهذا، ويقال ما قيمة خدمته حياة فلان، فيقال خمسون ديناراً فيصير لصاحب المائة ثلثا الخدمة، ولصاحب الخدمة ثلثها إلى الأجل، ثم يعتق، وإن كان الثلث هو العبد وخمسون دينارا فقد صارت الوصايا مائتين فيحاص صاحب الثلث بمائة وخمسين وصاحب الخدمة بخمسين، وليس تم إلا خمسون عينا(1) وخمسون في خدمة، وذلك مائة فثلاثة/ أرباعها لصاحب الثلث، وربعها لصاحب الخدمة، يأخذ ذلك كل واحد فيما أوصى له به، فيأخذ الخمسين العين صاحب الثلث يبقى له خمسة وعشرون، ولصاحب الخدمة خمسة وعشرون(2)، فتصير الخدمة بينهما نصفين، وفي رواية موسى عنه، إذا كان العبد دون الثلث ويبقى من الثلث فضله لا تفي بالوصايا فليحاصوا في الخدمة وفيما فضل من الثلث حتى يكون للموصى لهم من فاضل الثلث ومن الخدمة بقدر ذلك، وللذين أوصى لهم بالخدمة من الخدمة ومن فاضل الثلث بقدر ما يصيبه من قيمة الخدمة. ومن سماع عيسى قال ولو أوصى لرجل بخدمة عبد إلى أجل ثم هو حر، وبعبد آخر كذلك لآخر ثم هو حر فلم يسعهما الثلث، فإن الخدمة تسقط، ويعتقان بالسهام. قال أصبغ عن ابن القاسم وإن أوصى لرجل بخدمة عبده حياته، وأوصى بوصايا ولم يخلف غير العبد، فأجاز الورثة وصيته بالخدمة فلتقوم خدمة العبد على غررها، فيحاص بذلك أصحاب الثلث في ثمن ثلث، رقبة العبد، فما وقع للمخدم في ذلك فأخذه لنفسه يصنع به ما شاء، ثم يختدم ثلثي العبد حياته ثم يرجع إلى الورثة، وقاله أصبغ. ولو أوصى فقال عبدي يخدم فلانا
***
__________
(1) - في النسخ كلها (إلا خمسون عين) والصواب ما أثبتناه.
(2) - في النسخ كلها (خمسة وعشرين) والصواب ما أثبتناه.(1/56)
[13/60]
سنة ثم هو حر، وعبدي الآخر يخدم فلانا الآخر شهراً ثم هو حر، بدئ بصاحب الشهر لقربه. ولو قال فلان يخدم سنتين ثم هو حر، وفلان يخدم عشر سنين ثم هو حر، وفلان يخدم عشرين ثم/ هو حر تحاصوا وإن تباعد ما بين ذلك، وإذا قلت الخدمتان بدى بالأقرب وإن افترق ما بينهما. قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن أخدم رجلا عبده إلى أجل ثم أوصى بعد ذلك لرجل بثلث ماله ولآخر بذلك العبد- يريد وضاق الثلث-، فليضرب الموصى له بالعبد بقيمة العبد على مرجوعه مع صاحب الثلث، [فما أصابه] كان له في جميع ثلث الميت إذا حالت الوصية وقطع لهم بالثلث.
قال أصبغ تفسيره أن يكون مبلغ الثلث إذا أضيفت قيمة العبد إلى التركة بعد رجوعه ثلاثين، وقيمة العبد على مرجعه عشرة، فالثلث بينهم على أربعة، وإذا رجع العبد كان ثلثه أيضا بينهما أرباعاً، لأن ثلثه باقي الثلث وثلثاه للورثة. وروى موسى عن ابن القاسم، فيمن أوصى أن تخدم أمته ابنه حياته، ثم تكاتب بعشرين دينارا، قال فإن حملها الثلث خدمت الابن إن أجاز الورثة ذلك له، وإلا شاركوه في الخدمة، ومن مات منهم فورثته أيضا بمثابته حتى يموت الإبن ويكاتب بعشرين، فإن أدت كان ذلك بين ورثة الميت على الفرائض، فإن عجزت استرقوها. وإن لم يحملها الثلث خير الورثة فإن أجازوا [تأجيرها](1) للخدمة خدمت، ثم لهم أن يدخلوا معه في الخدمة، أو يجيزوها له ثم كوتبت بعد ذلك، وإلا عتقوا محمل الثلث فيها بتلا، أو يعجلوا لها الكتابة بما قال الميت، قال الميت، قال فإن أبى أحدهم كان كما لو أبوا كلهم، وإن واحد منهم الكتابة للموصى له بالخدمة، أو/ غيره، أعتقوا منها محمل الثلث.
***
__________
(1) - في النسخ كلها (فإن أجازوا تأخيرها) بالخاء لا بالجيم ولعل الصواب ما أثبتناه.(1/57)
[13/61]
في جناية العبد المخدم على المخدم أو غيره
من كتاب ابن المواز، قال: والمعتقة بعد خدمة فلان أجلا إن جرحت المخدم فليخدمها بجرحه، فإن وفته عادت إلى خدمة الوصية، وإن تم الأجل ولم تف بالجرح عتقت، وأتبعت بما بقي، وكذلك إن جنت على عبد له وقول مالك في مدبر جنى على سيده خطأً. وروى عيسى ابن القاسم، فيمن قال لعبده(1) أخدم فلانا عشر سنين ثم فلانا بعده عشر سنين، [ثم أنت حر فجنى على رجل في خدمة الأول، قال يخير الأول فإن فداه اختدمه باقي العشر سنين](2) ثم يأخذه الثاني بلا غرم شيء فيختدمه عشر سنين، فإن أبى المخدم الأول أن يفتديه أسلمه إلى المجني عليه فاختدمه وقاصه بالخدمة في الدية فإن وفى قبل العشر سنين رجع إلى المخدم فخدمه باقيها، وإن إنقضت في الأرش(3) ولم تتم قيل للمخدم الآخر افتده ببقية الجرح، فإن فداه إختدمه، وإن أبى إختدمه المجروح، فإن أدى بقية الجرح قبل عشر سنين رجع فخدم المخدم الآخر باقيها، ولو إنقضت العشر سنين الآخرة قبل تمام دية الجرح عتق وأتبع بما بقي من ديته ديناً.
وفي رواية سحنون عنه إن فداه الأول بالدية ثم اختدمه بها وتمت السنون، قيل للثاني أد(4) إلى الأول جميع ما ودى اختدمته سنينك/ فقط ثم يخرج حرا، وليس له أن يختدمه سنينه وسني الأول فإن أبى فليسلمه إلى المجروح يختدمه سنينها، فإن كان فيها وفي، وإلا أتبع العبد بما بقي من جنايته دينا وعتق بعد السنين.
تم كتاب الخدمة بحمد الله
***
__________
(1) - كلمة (لعبده) ساقطة من الأصل.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(3) - في ص وت (وإن انفضت في الأرض).
(4) - في النسخ كلها (أدي) بإثبات حرف العلة والصواب ما أثبتناه.(1/58)
[13/63]
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه
كتاب المكاتب
في التخصيص على الكتابة، وهل يكره عليها العبد؟
والوضيعة منها، وذكر كتابة الصغير
ومن لا حرفة له
من كتاب ابن حبيب وغيره في قول الله سبحانه {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرا}(1) قال ابن عباس: إن علمت أنه يقضيك، قال مجاهد: الخير المال، وقال عطاء: أراه المال وتلا: {إِن تَرَكَ خَيْراً}(2)، وقال طاوس: مالا وأمانة، وقال سعيد بن جبير: مالاً، وقاله زيد بن أسلم، والضحاك وأبو رزين، [وعبد الكريم](3) وروي في حديث مقطوع للنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حرفة ولا ترسلوهم، كلا على الناس، وعن ابن عمر نحوه، وقال النخعي صدقا ووفاء.
وقال كثير من السلف إن شاء كاتبه وإن شاء لم يفعل، وكذلك في الوضيعة من الكتابة، وإن ذلك كله من الترغيب، وقال الله سبحانه: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ}... إلى قوله: {وَإِمَائِكُمْ}(4). وروى بعض البغداديين عن مالك أن للسيد إكراه عبده على الكتابة، كما يعتقه عند مالك على أن يبيعه بمال. قالوا كما/.
***
__________
(1) - الآية 33 من سورة النور.
(2) - الآية 180 من سورة البقرة.
(3) - في ت (وعبد الحكيم).
(4) - الآية 32 من سورة النور، يقول الله عز وجل {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.(1/59)
[13/64]
ينكحه مكرها ويؤاجره ويعتقه وهو لا ضرر عليه في ذلك، وإنما يؤدي ما فضل عن نفقته، فإن قيل يضر بالعبد لزوال النفقة عن سيده، قيل لا ضرر فيه إذ لا يصلح مكاتبة من لا خير فيه، والخير المال، ومن لا حرفة فيه، فإن قيل هو من الجماعة، ولا يكون إلا من اثنين، قيل وتكون من واحد قال الله سبحانه : {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ}(1)، فإن قيل هذا فيه دليل منه، قيل والأدلة في المكاتب دالة على ذلك، وابن القاسم يرى أن لا يكاتب عبده إلا برضاه. قال ابن الجهم، وأما الوضيعة من آخر الكتابة، فأكثر أصحابه يأمرون بذلك من غير قضاء ولا جبر، ولو كانت ولاية المكاتب محدودة، ومن كتاب ابن المواز وأجاز ابن القاسم كتابة الصغير، وقال أشهب: يفسخ إلا أن يموت أو يكون له ما يؤدي فيؤخذ ويعتق، وكذلك الأمة غير ذات الصنعة، وكذلك روى الدمياطي(2) عن أشهب فيمن كاتب ابن عشر سنين قال لا يجوز ذلك، وأجاز مالك أن يكاتب العبد بحرفة له، قال ابن القاسم: ولو كان بين الناس جازت كتابته، وقال مالك في قول الله سبحانه: { إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرا}(3) كمال القوة على الأداء، وفي باب التعجيز شيء من كتابة الصغير(4)، وإذا ألزم عبديه الكتابة على كذا وفي نجم كذا كتابة واحد فرضي أحدهما ولم يرض الآخر فذلك يلزمه عند ابن القاسم ويرجع بما ودى(5) عنه، وكذلك إن كان أحدهما/ غائبا، وقاله أصبغ على الإستحسان والإتباع للعلماء. وكذلك عندي لو لم يرض مثل العبد الواحد ألزمه سيده الكتابة ونجمها عليه، فذلك يلزمه على ما أحب أو كره، ولا حجة له فيها إلا بعجز ظاهر. قال محمد: وأخبرني البرقي عن أشهب أنه قال، لا يكاتب الرجل عبده
***
__________
(1) - الآية 126 من سورة النحل، يقول الله تبارك وتعالى { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ}.
(2) - في الأصل وب (وكذلك ذكر الدمياطي).
(3) - الآية 33 من سورة النور.
(4) - لعلها (شيء من كتابة الفقير) لأن ذلك يناسب ما قبله حينما فسر الخير بكمال القوة على الأداء.
(5) - المراد أدى وقد جرت عادة المؤلف أن يقلب الهمزة واوا في مثل ذلك وقد نتصرف أحيانا فنكتبها بالهمزة من غير التزام بصورة الأصل.(1/60)
[13/65]
إلا برضاه، وإن كان بغير رضاه لم يلزمه، وكذلك سمعت عبد الملك يقول مثل ذلك.
في المكاتب يشترط عليه [مع المال](1) ضحايا (وأسفار) وخدمة
ثم يؤدي قبل ذلك، والمكاتب يختدم فيما عليه بشرط
وبغير شرط أو شرط أن لا يعتق حتى يخدم
من كتاب ابن المواز، قال مالك، وإذا اشترط السيد على المكاتب أسفارا وضحايا، فودى الكتابة فإنه إن ودى الضحايا وعجلها سقطت الأسفار، وكذلك كل ما تبقى من عمل يديه أو خدمة تشترط ولا يؤدي لذلك عوضا، كما أن من أتبل عبده لا يجعل عليه خدمة يشترطها، وذلك ساقط لا يلزمه ولا عوضا منه. وروي عن أشهب إذا قاطعه على مال وأسفار، فليعط مكان الأسفار عينا ويتم عتقه، قال محمد: ليس هذا بشيء، وقد رجع عنه مالك وجميع أصحابه على أنه لا يلزمه عوضا. قال محمد: وإنما يلزمه ذلك ذلك ما دامت الكتابة، قال محمد: إلا من جعل عتق عبده(2) بعد قضاء الخدمة/ والأسفار فيلزمه ذلك ولا يعتق حتى تنقضي أو يجعل قيمة ذلك، وقال أحمد بن ميسر القياس رواية أشهب، وذكر في العتبية(3) رواية أشهب عن مالك إذا عجل الكتابة، نكل ما بقي من خدمة وأسفار فساقط، وما كان من الضحايا والرقيق والكسوة فليغرم قيمة ذلك معجلا ويعتق. ومن كتاب ابن المواز، وروى ابن وهب وأشهب عنه، فيمن قال لعبده ابن لي هذه الدار وأنت حر فمرض فأراد أن يأتي بمن يعمل ذلك فذلك له، وإن أبى السيد، قال أحمد هذا في العمل المفهوم كالبناء ونحوه، وأما في الخدمة فلا إلا برضى السيد، لأنه معتق إلى أجل. قال مالك: فإذا ودى المكاتب الكتابة وبقيت الضحايا، فإن عجل قيمتها عتق، وإن كره السيد وليس قيمتها [إلى
***
__________
(1) - (مع المال) ساقطة من الأصل.
(2) - في ص وت (إلا من عجل عتق عبده) عوض إلا من جعل وما أثبتناه من الأصل وص.
(3) - البيان والتحصيل، 15: 227.(1/61)
[13/66]
محلها لكن قيمتها(1) على أنها حلت. قال [ابن حبيب عن](2) أصبغ في قول مالك: إن عجل الكتابة سقطت الخدمة المشترطة. قال أصبغ إلا أن يقول أعتقك على خمسين دينارا إلى خمس سنين [يؤدي إلى كل سنة عشرة على أن تخدمني إلى تمام الخمس سنين، على أنك إن أديت جميع النجوم قبل الخمس سنين لم يعتق حتى تنقضي فذلك يلزمه والشرط فيه جائز. وكذلك لو قال أنت حر إلى خمس سنين](3) إن أعطيتني خمسين دينارا أو على أن تعطينيها إن شاء قال إلى الخمس سنين أو إلى دونها أو حالة، فهذا أيضا يلزمه تمام الخدمة إلى آخر الأجل، وإن عجل المال فإن انقضت الخمس سنين ولم يؤد المال فلا عتق له. وكذلك إن متى ما أعطيتني خمسين دينارا فأنت حر بعد خمس/ سنين وليتلوم له الإمام في الوجهين بعد الجل. قال أصبغ: وأصله أنه إن جعل عتقه بعد أمد يسميه فلا يعتق قبله وإن عجل المال، وأما إن جعل عتقه بعد الغرم، وإنما جعل الأمد للخدمة فهذا إن عجل المال عتق وسقطت الخدمة كمبتل شرط خدمته، وكغريم عجل ماعليه. قال أصبغ: [عن ابن القاسم](4) وإن كاتبه على مال على أن يختدمه ويقاصه فيه وقد نجمه عليه ويستوفي الكتابة في الخدمة قبل انقضاء النجوم، فهذا يعتق، قال أصبغ عن ابن القاسم: وإذا كاتبه وشرط عليه أن يختدمه أربعة أيام [كل جمعه](5) حتى يؤدي كتابته ثم لا خدمة عليه، ويشترط جزره كل أضحى وفطر ما عاش المكاتب، قال لا أحب الكتابة على هذا، فإن وقعت فهي جائزة، قال فإن ودى كتابته قبل محلها أو بعد سقطت الخدمة ويعمر المكاتب وينظر إلى قيمة الجزر في تعميره، فإن ودى ذلك عجل عتقه، وإن يكن له مال لم يعتق حتى يؤدي قيمة ذلك. وقاله مالك قال ابن
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من النسخ التي قابلناها.
(2) - في النسخ الأخرى (قال أصبغ) بدون واسطة ابن حبيب.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(4) - (عن ابن القاسم) مثبت من ب ساقط من النسخ الأخرى.
(5) - (كل جمعة) ساقطة من ت وص مثبتة من الأصل وفي ب (من كل جمعة).(1/62)
[13/67]
القاسم يؤدي قيمة [الجزر حالة ساعتئذ لا ](1) إلى أجلها، وقال ابن القاسم: وإن كاتب أمته بكذا وكذا واشترط خدمتها ما دامت في الكتابة على أن لها يوما أو أياماً من كل جمعة تخدم فيها نفسها فزوجها رجلا حراً ثم إفتضها السيد قبل البناء، فالنكاح ثابت ويعاقب السيد إن لم يعذر بجهل وإن جهل لم يعاقب ولم يغرم لما نقص الإفتضاض [إن طاوعته](2) وتخرج من يديه فتؤاجر له من مأمون/ أو يستعملها عنده ما شاء حتى يؤدي أو يعجز أو يبني بها الزوج، ولا يبني بها حتى يستبرئ من ذلك، قال أصبغ: ويعاقب بكل حال.
في القائل لعبده إن جئتني بكذا فأنت حر، أو
يوصي بذلك، هل هو كالكتابة؟
وفيما يحدث بعد ذلك [من ولد](3)
من العتبية(4)، روى محمد بن خالد عن ابن القاسم فيمن قال لأمته [إن جئتني بكذا فأنت حرة](5) وقبلت ذلك ثم ولدت قبل أن تأتي بالمائة، قال لا يعتق ولدها معها في هذا، وليس له بيعها حتى تعطي المائة، فتعتق أو لا تعطي إلى السنة فترق.
وفيمن أوصى أن ودت أمته ثلاثين ديناراً فأعتقوها، ثم مات فغفل عن ذلك حتى ولدت ثم أعطتهم الثلاثين ديناراً فلا تعتق إلا هي دون ما ولدت، وقاله مالك، وفي كتاب باب من هذا المعنى.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت مثبت من الأصل وب.
(2) - (إن طاوعته) ساقطة من ص وت مثبتة من الأصل وب.
(3) - (من ولد) ساقطة من ب.
(4) - البيان والتحصيل، 15: 43.
(5) - كذا في الأصل والعبارة في النسخ الأخرى (إن جئتني بمائة دينار إلى سنة فأنت حرة)(1/63)
[13/68]
جامع الشروط المكروهة أو الجائزة في الكتابة،
والخيار في الكتابة، وفيمن أعتق أمة على أن تنكحه
من العتبية(1) من سماع أشهب وكتاب ابن المواز، قال مالك، ومن كاتب عبده وشرط عليه استرقاق ما حدث له من ولد، فسخت الكتابة إلا أن يرضى السيد بترك الشرط.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: وكذا إن شرط على الأمة الحامل أن ما في بطنك رقيق فسخت الكتابة لو لم يبق منها إلا درهم(2)، ألا أن يسقط السيد شرطه، وإن لم ينظر فيه حتى أدت فهي حرة، وما في بطنها [حر] كمعتق الحامل يستثني الجنين/ وكذلك العبد إن أدى قبل إبطال الشرط فإن ولده من أمته أحرار معه، [وذلك كمن دبر أمته](3) شرط أن ما تلد رقيق، فالتدبير ماض وولدها مدبر، وذكر ابن حبيب عن أصبغ عن أشهب مثله، قال أصبغ: ولا آخذ به، بل الكتابة جائزة والشرط في الولد ساقط، والكتابة فوت كما هي فوت في الاختلاف بين السيد والمكاتب(4) في مبلغها. ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: ومن كاتب أمته واستثنى جنينها فالكتابة جائزة والشرط باطل كالعتق، وقاله أصبغ، قال محمد: وإن ودى من الكتابة نجما واحد مضت وبطل الشرط، وإن لم يؤد فإن ترك السيد شرطه وإلا بطلت الكتابة، وكذلك في ولد المكاتب، قال أصبغ فيه [في العتبية](5) قال ابن القاسم: وإن شرط ألا يخرج من خدمته حتى يؤدي فلا تفسخ بذلك الكتابة والشرط لازم قال في العتبية(6): وإنما هو رجل قال إن أدبت إلى عشرة دنانير في كل سنة مع خدمتك إياي فيها فأنت حر
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 225.
(2) - في ت(إلا درهما) بالنصب والصواب ما أثبتناه من النسخ الأخرى.
(3) - كذا في الأصل والعبارة في النسخ الأخرى (وكذلك من دبر أمته).
(4) - في ت (في اختلاف السيد والمكاتب).
(5) - لم يشر إلى العتبية في ص وت.
(6) - البيان والتحصيل، 15: 266.(1/64)
[13/69]
فهو جائز وغيره أحسن منه، قال في الكتابين: وقد أجاز مالك شرط الأسفار، قال: وما كان بعد الكتابة من خدمة فإنها تسقط، قال أصبغ: لا يعجبني إلزامه الخدمة وذلك ساقط، والكتابة جائزة كالشرط أن يطأها أو يسترق ولدها أو ولد المكاتب، وكذلك الخدمة [إلا خدمة](1) غير موقوفة(2) لسفر وما أشبهه حتى يعتق، قال أحمد بن ميسر ليس الخدمة كولد لأنه يختدمها، يريد/ بالشرط وليس له استثناء ولدها، قال محمد: قول أصبغ أحب إلينا أن الشرط بالخدمة اليسيرة المعروفة، والسفر اليسير ما لم يكن يأتيه لبعد الكتابة، وقاله مالك، وذكر ابن حبيب عن أصبغ أنه قال تمضي الكتابة ويسقط الشرط، وحكى عن ابن الماجشون أن تمضي الكتابة ويبطل من شرط الخدمة [ما لا يجوز](3) لأنهم إنما يكاتبون ليسعوا، ولكن يجوز له من شرطه الخدمة ما كان يجوز له بدءا أن يشترطه وما جرى عليه أمر المسلمين مثل اليوم [واليومين](4) من الجمعة، والأيام من الشهر مثل الثلاثة أو الأربعة.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن أعتق عبده على أن لا يفارقه وأنه إن فارقه فعليه خمسون دينارا، [أعتقه على هذا، قال هو حر وعليه خمسون دينارا ويبطل قوله لا تفارقني، وكأنه أعتقه](5) على [أن يدفع إليه خمسين دينارا ومن كتاب ابن المواز ومن شرط(6) على مكاتبته](7) أن يطأها، فإن ترك السيد شرطه مضت الكتابة وإلا فسخت. وقال ابن القاسم: الكتابة لازمة والشرط باطل./ قال محمد إن أدت بعضها أو طال زمانها مضت وفسخ الشرطة، وإن لم تؤد شيئا، فقول أشهب
***
__________
(1) - ساقطة من الأصل.
(2) - (غير موقوفة) كذا في ب وهي غير واضحة في الأصل وكتبت في ص وت (غير موقته).
(3) - ساقطة من الأصل.
(4) - (واليومين) ساقطة من الأصل والعبارة في ص وت جاءت على الشكل التالي (مثل اليوم والجمعة والأيام من الشهر) وهي غير سليمة على ما يظهر.
(5) - ما بين معقوفتين كتب مكررا في الأصل سهوا من الناسخ.
(6) - في ب وت (وإن شرط) عوض ومن شرط.
(7) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.(1/65)
[13/70]
حسن. قالا ولو شرط المكاتب على سيده أن كل ولد تلد زوجته- وهي أمة لسيده- أنه معه في الكتابة فذلك لازم ما دامت في ملكة، فإن باعها او وهبها فلا يدخل ما تلد بعد ذلك يريد باعها ولا حمل بها، قال ولو كاتب السيد زوجته على خدمته فشرط المكاتب في ولدها- يريد ما تلد بعد كتابته- أو كانوا مع أمهم في كتابتها ولا يشترطهم الأب، وإن لم يستثن لإبطال شرطه حتى ولدت فسخ شرطه فيما لم يولد بعد, وما ولد قبل إبطال الشرط- [يريد](1) بعد كتابة الأم- فذلك الولد مع كتابة الأب والأم يعتق مع أولهما عتقا، ويسعى معهما معونة لهما، ويرث من مات من أبويه قبل العتق فإذا عتق مع أولهما عتقا لم يبق له مع الثاني سعاية ولا موارثة، وما ولدت بعد إسقاط الشرط ففي كتابة أمهم. قال أشهب: وإن كان أمة للعبد أو أم ولد وكاتبه عليه وعليها أو اشترطهما معه في الكتابة فقد حرمت عليه، وهو انتزاع من السيد وهي مكاتبة. ومن كاتب أمته وشرط الخيار شهرا أو يوما، فذلك جائز، فإن ولدت في أيام الخيار، والخيار للسيد، قال ابن القاسم فولدها [بمنزلتها](2) معها [كالبيع وإن كان الخيار معها فولدها معها](3) وإن كرهت، وقال أشهب لا يكون ولدها بمنزلتها في بيع ولا كتابة، قال محمد: وعملها وعمل/ ولدها في الخيار لسيدها، وأما ما وهب لها أو اغتلته من ماله فليس لسيدها وهو لها، وأما في البيع فذلك كله للبائع، قال أحمد: قول ابن القاسم في الولد في البيع استحسان، والكتابة آكد. قال مالك: ومن أعتق أمته على ان تنكحه أو تنكح فلانا تم العتق ولم يلزمها [الشرط، ولو أعطاه فلان على ذلك مالا، فالمال له ولا يلزمها](4) نكاح وهي حرة. محمد، إلا أن يتبين أنه زاد على قيمتها بسبب النكاح فيرده ما زاد واستحسنه أصبغ فيما أعلم.
***
__________
(1) - (يريد) ساقطة من ص.
(2) - (بمنزلتها) ساقطة من الأصل مثبتة من ص وب.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وت مثبتة من ص وت.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت مثبت من الأصل وب.(1/66)
[13/71]
في الكتابة على غرر أو مجهول،
أو على عبد فلان، أو على شيء لم يوصف،
أو على أن يأتي فأبق، أو يقوم على غنم أو بقر
فإذا صارت كذا فهو حر، أو على أن يغرس نخلا
من كتاب ابن المواز، قال أشهب: من كاتب عبده على عبد آبق أو بعير شارد، أو جنين في بطن أمه، أو دين على غائب لا يعلم حاله، لم أفسخ الكتابة وإن كنت أكره ما فعلا، لإجازة غير واحد الربا بين العبد وبين سيده، ولا يعتق حتى يقبض السيد ما شرط، ولو كاتبه على أن يدي إليه منه الآن عتق مكانه، وإن لم يقدر السيد على ذلك أبدا.
وروى أبو زيد في العتبية(1) عن ابن القاسم فيمن كاتب عبده على أن يأتيه بعبده الآبق(2) أو ببعيره الشارد، أن الكتابة جائزة وعليه أن يأتي بالعبد أو البعير، فإن لم يأت به وأيس/ منه فقد عجز، ومن كتاب ابن المواز، قال، وأجاز ابن القاسم الكتابة على فلان، ولم يجزه أشهب، وقال تفسخ الكتابة إلا أن يشتريه(3) قبل الفسخ. محمد، فإن لم يشتره(4) ودى قيمته ولا يفسخ ذلك، قال ابن ميسر، لا يتم شيء إلا بعبد فلان.
قال ابن القاسم، وإن كاتبه على لؤلؤ ولم يصفه(5) لم يجز لأنه يبعد ولا يحاط بصفته، قال محمد، لا يفسخ ويكون من أوسط الذي يشبه ما بينهما.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 275.
(2) - في الأصل (بالعبد الآبق).
(3) - في ص وت (إلا أن يسترقه).
(4) - في ت (وإن لم يشترط).
(5) - هكذا في ب والعبارة في النسخ الأخرى (على أن لو لم يصفه).(1/67)
[13/72]
ومن العتبية(1) روى أصبغ عن ابن القاسم، ومن كتاب ابن المواز، قال، ومن كاتب عبده على أن أعطاه عشر بقرات [على](2) أنها إذا صارت خمسين(3) فأنت حر، [قال في العتبية(4) هذه كتابتك، فرضي العبد(5) بذلك](6)، فليست بكتابة، ولا أرى ذلك يفسخ لحرمة العتق، وكمن قال إن بلغت بقري كذا فعبدي حر وليس له بيع بقرة، قال في العتبية(7) ولا يفسخ ما جعل له إلا أن يرهقه دين. قال أحمد بن ميسر، ليس له بيع الذكور ويحصى عددها وكذلك الإناث التي تقطع ولادتها، ولا يفسخ ما جعل له إذا رهقه دين. وقال أصبغ في الكتابين هي كتابة جائزة، ويجوز في الكتابة من الغرر أكثر من هذا ولا يفسخ يتبين عجزه بأمر بين. قال أحمد بن ميسر، ليست بكتابة ولا حيلة للعبد في إتمامها، وإنما قال إذا بلغت خمسين فأنت حر.
ومن العتبية(8) روى عيسى عن ابن القاسم، فيمن دفع إلى عبده مائة شاه على أن يعمل فيها، فإذا بلغت ثلثمائة فهو حر،/ فمات السيد فأراد الورثة أخذ الغنم منه وأبى العبد، فإن شاؤوا أن يعتقوه ويأخذوا الغنم، فذلك لهم وإلا بقيت الغنم في يديه حتى يعلم أنه لا يكون فيما بقي منها ثلثمائة شاه.
وروى عنه يحيى بن يحيى نحو هذا السؤال، قال فمات السيد قبل أن تبلغ العدد الذي جعل حريته ببلوغها إليه وهي غنم أو بقر، قال لا حرية له وللورثة بيعها أو قسمها إن شاؤوا، ولو صارت إلى تلك العدة قبل قسمها أو قبل أن
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 265.
(2) - (على) ساقطة من الأصل.
(3) - في الأصل وص وت (صارت خمسون) وذلك خطأ والصواب ما أثبتناه من ب.
(4) - البيان والتحصيل، 15: 265.
(5) - في ت وص (فرضي الغلام) وما أثبتناه من الأصل.
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(7) - البيان والتحصيل، 15: 265.
(8) - البيان والتحصيل، 15: 251.(1/68)
[13/73]
يخرجوها من يد العبد، ما عتق بذلك لأنه كمن قال إن بلغت غنمي ألفا وأنا حي، فأنت حر، فلما مات لم يلزمهم ذلك. قال مالك في سماع أشهب، وكاتب سلمان أهله على مائة [ودية يجبيها](1) لهم، وقال له النبي عليه السلام إذا غرستها فاذنى، فدعا له حين غرسها فلم تمت منها واحدة.
في الرهن في الكتابة والحمالة فيها
من كتاب ابن المواز، قال وإنما يجوز الرهن بالكتابة إن كان للمكاتب وإن كان لغيره لم تجز الكتابة، كحمالة غيره لها، وليخير السيد بين أن يمضيها بلا رهن وإلا فسخت. محمد، إلا أن تحل الكتابة فلا تفسخ، ويفسخ الرهن، ولا تجوز بالحمالة إذ ليس من سنتها أن تكون في الذمم(2)- يريد إنما هي في الوجه، قال وضمان أحد المكاتبين عن الآخر بخلاف الأجنبي، لأنه إنما ضمن ملكه عن ملكه، وكذلك لو كاتب كل واحد [على حدة](3)، جاز أن يضمن أحدهما عن الآخر، ولكن لا يبيع/ كتابة أحدهما ولا بعضها، ولا يعتقه إلا بإذن الآخر، ولا بأس أن يتحمل عبده بما على مكاتبه، وهذا في باب آخر مكرر، وفي باب القطاعة شيء من الحمالة والحوالة، قال: وإذا أخذ من مكاتبه رهنا يغاب عليه فضاع، وقيمته مثل الكتابة يكون دنانير وهي دنانير وهو كفافها فذلك قصاص ويعتق مكانه، لأني لو أغرمته القيمة لم يأخذها المكاتب إلا أن يأتي برهن ثقة فيأخذها ويبقي على كتابته، وإن لم يأت برهن تعجل ذلك السيد من أول النجوم إن لم يف بالكتابة، وإن كان فيه فضل عتق وأخذ الفضل من سيده. قال ابن القاسم، وإن فلس سيده وكان الرهن في أصل الكتابة فهو انتزاع، كما لو كاتبه
***
__________
(1) - هكذا في الأصل وقد وردت العبارة كذلك في الجزء الخامس عشر من البيان والتحصيل صفحة 229 وعلق محقق ذلك الجزء الأستاذ أحمد الحبابي عليها بقوله: لعل الصواب يحييها بالمهلمة. والظاهر أن ملاحظته مناسبة لسياق الموضوع لأن الودية وهي الفسيلة الصغيرة التي تخرج من النخل ثم تقطع منه فتغرس تحتاج إلى رعاية وتعهد لتحيا وتنمو نمواً سليما.
(2) - في الأصل (في الرهن) ونحن أثبتنا ما في النسخ الأخرى.
(3) - (على حدة) انفردت بها النسخة الأصلية.(1/69)
[13/74]
على أن سلفه ولا يحاص به الغرماء. قال محمد، بل يحاص به لأنه وإن اشترطه فلم يشترطه لنفسه، بل هو مال المكاتب، كما أنه لو شرط أنه سلف، فما نابه في الحصاص فليس للسيد أن يتعجله لنفسه ولا لغرمائه، ويكون رهنا، قال وإن كان في غير أصل الكتابة عند محل نجم، فليحاص به ويقاص به فيما حل منها. قال محمد، [ويأخذه الغرماء قصاصا بما حل منها](1)، ويباع لهم باقي الكتابة.
في كتابة المدبر والمعتق إلى أجل،
وكيف إن مات السيد وعليه دين؟
ومن دبر مكاتبه، وفي النصراني يكاتب
أم ولده، وفي المكاتب يدبر أمته بإذن سيده
/ من كتاب ابن المواز، ومن كاتب مدبرة، فذلك جائز، فإن حمله الثلث عتق، وزالت الكتابة، وإن حمل بعضه حط عنه بقدر ما عتق ويسعى فيما بقي، فإن كان سيده دين يحيط بالرقبة والكتابة أو بالرقبة وحدها ثبتت الكتابة وسقط التدبير، وبيعت الكتابة في الدين، فإن كان في بعضها وفاء بيع ذلك منه وعتق ثلث ما يبقى ويحط عنه منها بقدره- يريد قدر ثلث- ما لم يبع من كتابته، قال: وإن كان الدين يحيط بالكتابة وفي رقبته عنه فضل، فقد قيل لابد من تعجيزه حتى يعتق منه ثلث ما يبقى بعدما يباع للدين، وقال ابن القاسم، يبقىعلى الكتابة ويؤدي لأهل الدين نجوما، فإن ودى عتق كله، وإن عجز قضى منه الدين وعتق ثلث ما بقي، وقاله أصبغ. ومن العتبية(2) روى أبو زيد عن ابن القاسم، فيمن كاتب عبده ثم بره، فليجعل في الثلث الأقل من قيمة رقبته أو قيمة كتابته، ولو دبره ثم كاتبه كان في الثلث قيمة الرقبة.
ومن كتاب ابن المواز، فإن كان معتقا إلى أجل ثم فلس، أو مات وعليه دين يحيط برقبته فلا تباع كتابة هذا وليؤدها(3) إلى الغرماء على النجوم، فإن وفى الدين
***
__________
(1) - في ص وت (ويأخذ الغرماء قصاص ما حل منها) وفي ب ويأخذه الغرماء قصاصا منها.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 272.
(3) - في الأصل وت وص (وليؤديها) بإثبات حرف العلة والصواب حذفه.(1/70)
[13/75]
ببعضها ودى ما بقي إلى الورثة، وإن أدى جميع الكتابة قبل الأجل أخرج حرا مكانه وقضى الدين أو بقي منه، وإن لم يؤد حتى حل الأجل عتق وسقط عنه ما بقي منها، قال محمد، لا يباع من / هذا شيء، ولا من كتابته قل الدين أو كثر، وإن عتق بالأداء أو بمحل الأجل لم يتبع بشيء من دين سيده إن بقي منه شيء، قال أحمد، وذلك إذا كان عتقه إلى أجل قبل الدين. محمد، وإن كان بعد الدين فالدين أولى به، وإذا كان عتقه إلى أجل قبل الدين. محمد، وإن كان بعد الدين فالدين أولى به، وإذا كاتب النصراني أم ولده فذلك لها، فإن أسلمت عتقت وسقطت الكتابة، ولو أسلم معها بقيت له أم ولد وسقطت الكتابة. وقال ابن حبيب: قال أصبغ في مكاتب دبر أمته بإذن سيدها فلا ينبغي له وطؤها قبل الأداء، لأني أخاف أن يعجز فيرجع إلى السيد كالمعتقة إلى أجل وهو موت العبد وتصير حينئذ للسيد، فإن أدى المكاتب كانت مدبرة له يجوز له وطؤها وتعتق في ثلثه.
في سفر المكاتب وتزويجه وإعتاقه عبده
بغير إذن سيده، وهل يزوج عبده أو أمته؟،
وهل يزوج الرجل مكاتبته أو يتزوجها،
أو يعتق عبد مكاتبه؟
في العتبية(1) من سماع أشهب قال مالك، استأذن سعيد بن المسيب مكاتب له في سفر فلم يأذن له، فتجمل للخروج وأخبر سعيد بذلك فقال موعده يوم القيامة. ومن كتاب ابن المواز، قال مالك، ولا يتزوج المكاتب بغير إذن سيده، وله ان يزوج عبده وأمته. قال أشهب: لا يزوج عبده إلا بإذن سيده، وأما إماؤه فإن خفف بذلك عن نفسه ثقلا وأدخل مرفقا يرى أن ذلك أفضل له جاز ذلك له بغير إذن سيده،/ وقال ابن القاسم: ذلك جائز في عبيده وإمائه، وبلغني عن مالك إذا كان على وجه النظر لنفسه ورجاء الفضل [فأما أن يرق
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 230.(1/71)
[13/76]
نفسه رجاء الفضل] فلا يجوز ذلك، قاله مالك إلا بإذن مواليه، وإن تزوجت مكاتبة بغير إذن مولاها فأجاز ذلك لم يجز حتى يفسخ، وأما المكاتب فإذا أجازه السيد جاز ولا فسخ وترك لها قدر ما تستحل به ولا تتبعه به إن عتق إلا إن يغرها.
قال احمد: إذا رده السيد لم تتبعه [غرها أو لم يغرها](1)
قال أشهب: إن كان معه في الكتابة غيره فليس للسيد إجازة نكاحه إلا بإجازة من معه إلا أن يكون مواصفة فيفسخ بكل حال ويترك لها ثلاثة دراهم لدخولها بها، ولا يتبع إن عتق بما بقي لأن ذلك يقضي عنه حين رد عليه، وهذا أحب إلينا.
قال ابن القاسم وما رد السيد من عتقه وصدقته فلا يلزمه إن عتق، وإن بقي ذلك بعينه بيده، ولا يتزوج الرجل مكاتبته وإن رضيت، ولا يزوجها لغيره إلا برضاها.
ومن العتبية(2) قال سحنون قال ابن القاسم، وإذا أعتق السيد أمة مكاتبه ثم عجز المكاتب وهي بيده، فإنها تعتق، وللمكاتب بيعها قبل العجز، خاف العجز أو لم يخف، ولا يعتق على السيد حتى يعجز المكاتب وهي بيده، وإن فيها القول ولكن هذا أحسن.
في تعجيز المكاتب، وأدائه والتلوم له
ومن أعتق مكاتبه إلى أجل
ومن كتاب ابن المواز، ومن العتبية(3) رواية موسى بن معاوية عن ابن القاسم/ قال: وليس للمكاتب تعجيز نفسه وله مال ظاهر.
***
__________
(1) - في ت (غيرها أو لم يغيرها)
(2) - البيان والتحصيل، 15: 260.
(3) - البيان والتحصيل، 15: 263.(1/72)
[13/77]
قال في كتاب محمد، وإن كان صانعا ولا مال له، فله ذلك، ابن القاسم فإن أظهر أموالا بعد ذلك لم يرد وكان رقيقا. قال في العتبية(1) عن مالك، وإن كان ماله صامتا لا يعرف وعجز نفسه فذلك له. قال ابن القاسم دون السلطان. قال سحنون: لا يجوز التعجيز إلا عند السلطان. قال ابن حبيب قال ابن كنانة وابن نافع، وإذا عجز نفسه وكره الكتابة وأشهد بذلك رد مملوكا وإن كان له مال، وقول مالك أحب إلي. ومن كتاب محمد قال: وله تعجيز نفسه قبل محل نجومه إلا أن يكون معه ولد فلا تعجيز له ويؤخذ بالسعي عليهم صاغراً ولو تبين منه لدد رأيت عقوبته، وإن كان له مال ظاهر فلا تعجيز له، ويؤخذ ماله ويعطى لسيده شاء أو أبى- يريد بعد محله- ويعتق هو وولده. ومن قاطع عبده على مال إلى أجل على أنه إن لم يأت به في الأجل، فلا عتق له، فليؤخر بعد ذلك شهراً أو نحوه، فإن جاء به وإلا فلا قطاعة له. ومن العتبية(2) وبعضهم حميل ببعض، فأبق أحدهم وعجز الإثنان الباقيان، ثم قدم الآبق ومعه قوة على الأداء والسلطان الذي عجزهم قائم فالقادم على مكاتبته إن وداها عتق الذين عجزوا من شركائه بما أدى عنهم ويرجع عليهم، وقال المغيرة: وإن كانوا من ذوي رحمه من والد وولد أو غيره ورجع عليهم فالدين نقتضيه عنهم. ومن/ كتاب ابن المواز والمكاتب بين الرجلين فغاب أحدهما فليس للحاضر تعجيزه بتأخير نجومه حتى ينظر السلطان فيه، قال سحنون في العتبية(3): إذا وطئ السيد مكاتبته [فحملت فلها تعجيز نفسها وإن كان لها مال ظاهر، ومن سماع أبي زيد قال ابن القاسم: ومن أعتق مكاتبه](4) إلى عشر سنين خير المكاتب بين أن يسقط الكتابة ويبقى معتقا إلى الأجل أو يبقى على كتابته. قال ابن حبيب عن أصبغ في الصغير يكاتب وتنجم عليه كتابته فتنقضي نجومه قبل بلوغه أنه لا ينتظر به البلوغ ويتلوم له ثم يعجز إن لم يأت
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 263.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 283.
(3) - البيان والتحصيل، 15: 278.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.(1/73)
[13/78]
بشيء، فإن لم تكن كتابته منجمة، فأراد السيد تعجيزه قبل بلوغه فليس له ذلك، وللإمام تأخيره إلي بلوغه السعي ثم ينجمه عليه إذا بلغ بقدر مايري وذلك لأنه كاتبه وهو يعلم أنه لا قوة له ولا سعاية حتي يبلغ، وهذا إستحسان، والقياس أن له تعجيزه قبل بلوغه، وكذلك من كاتب عبده كتابة مبهمة غير منجمة، فلينجمها عليه السلطان بقدر ما يرى من فوته [وأدائه](1).
في اجتماع العبيد في كتابة واحدة، وذكر حمالتهم
وتراجعهم في الأداء بعضهم على بعض، وسعيهم،
وفي بيع بعضهم ومكاتبة العبد مع أمته
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: ولا بأس أن يكاتب الرجل عبيدا له في كتابة واحدة، لأنه إنما يحمل له ملكه بملكه، / وكذلك له أن يكاتب كل واحد منهما في كتابة ويتحمل بعضهم ببعض، ولكن لا يتبع واحداً منهما ولا بعض كتابة ولا يعتقه بغير إذن صاحبه، وإسقاط ضمانه، إنما يعني محمد أن ذلك في عقد واحد، ويلزم على ما قال إن ودى واحد قبل الآخر لم يعتق حتى يؤدى في الآخر، قال ولا بأس أن يتحمل عبد له بمكاتب له، ويضمن عنه الكتابة، بخلاف الأجنبي، وتجوز كتابة رجلين لعبد بينهما، فأما عبدان(2) بين رجلين، أو ثلاثة أعبد بين ثلاثة، فقد اختلف في جمعهم في كتابة فلم يجزه أشهب، قال لأن كل عبد تحمل لغير سيده بحصة لغير سيده في عبد فهي كتابة منتقضة إلا أن يسقطوا حالة بعضهم عن بعض فيجوز، وعلى كل واحد بقدر ما يلزمه من الكتابة يوم عقدت، قال أحمد بن ميسر، ليس كما احتج لأن لكل واحد (ثلث) كل عبد، فإنما يقبض كل واحد عن ثلثه ثلث الكتابة، فلم يقبض أحدهم عن غير ملكه شيئا قال، ومن كاتب عبديه لم يجز له بيع أحدهما ولا بعضهما- يريد في هذا
***
__________
(1) - (وأدائه) ساقطة من ص وت.
(2) - في الأصل وص وت كتبت (فأما عبدين) والصواب ما أثبتناه من ب.(1/74)
[13/79]
على قول أشهب- قال ولا نصف أحدهما لأن ذلك النصف المبيع يصير متحملا عمن لا يملك سيده، وله بيعها من رجل واحد لا من رجلين، لأن كل واحد من الرجلين تصير له حمالة بكتابه على من لا يملكه، وإن أسقطت الحمالة عنهم لم يجز لأنه يعجزهم ويضعفهم،/ قال محمد: أما بيعهما من رجلين أو من رجل نصف كتابتهما جميعا فجائز، ولو ورثهما ورثة جاز لكل واحد بيع نصيبه منهما وهبته، وقد أجاز ابن القاسم وأشهب بيع بعض المكاتب او نجما بغير عينه، وأكره لمن اشتراهما او للورثة قسمهما [وأن يأخذ هذا مكاتبا وهذا مكاتبا](1) ولهما قسمة ما عليها. وقد روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم في العتبية(2) أن الورثة لا يجوز لهم اقتسام ما على المكاتب بخلاف الديون.
ومن كتاب ابن المواز، وإذا كاتب الرجلان عبديهما كتابة واحدة لنقدت ذلك ولم أنقضه، ومن له في عبيد في كتابة واحدة فليس له أخذ أحدهم بجميع ما على أصحابه إذا كانوا يقدرون على الأداء ويجدون إلا أن لا يقدر أحدهم بجميع ما على أصحابه إذا كانوا يقدرون على الأداء ويجدون إلا أن لا يقدر أحدهم، أو يتغيب ويعييه طلبه فله الأخذ من غيره، ولمن ودى أن يرجع على أصحابه إن كانوا أجنبيين. محمد، بعد العتق، وأما وعليهم بقية فالنجوم أولاً، ولو أخذ ذلك منهم لأخذه السيد عنهم وعنه، قال مالك. ومن ودى من المكاتبين رجع على أصحابه بقدر ما يقع على كل واحد من الكتابة يوم العقد بقدر قوته يومئذ وجرائه(3) قال ابن القاسم وجدته، قال ابن الماجشون بحصته على العدد، قال وكذلك إن استحق واحد وهم أربعة سقط عنهم ربع الكتابة، قال ابن حبيب: قال مطرف وابن الماجشون أنه إنما يرجع عليهم/ على قدر قيمتهم يوم عتقوا، ليس يوم كوتبوا، وقال أشهب: بل على قيمتهم يوم كوتبوا، وابن القاسم يقول على قدر قوتهم على
***
__________
(1) - كتبت في الأصل وص وت على الشكل التالي (وأن يأخذ هذا مكاتب وهذا مكاتب) بالرفع والصواب ما أثبتناه من ب.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 245.
(3) - الجراء والجراء والجراية: الفتوة والمراد بقدر قوته وفتوته وقد كتبت في ب بقدر قوته يومئذ (وخراجه) وأما في ص فقد كتبت غير منقوطة.(1/75)
[13/80]
الكتابة، وقال أصبغ: على قدر قيمتهم يوم كوتبوا وحالهم [يوم عتقوا لو كانت هي حالهم يوم](1) كوتبوا، وأخذ ابن حبيب [بقول مطرف، وابن الماجشون، والذي ذكر ابن حبيب](2) عن ابن الماجشون خلاف ما ذكر عنه ابن المواز. ومن كتاب ابن المواز، قيل لأشهب فإن كان فيهم صغير فبلع السعي؟ قيل يؤدوا، قال: فعليه بقدر ما يطيق يوم وقعت الكتابة على حاله. قال محمد، على حاله يوم الحكم أو لو كان هكذا يوم الكتابة بالغاً. قال أصبغ: عليه بقدر طاقته يوم بلغ السعي أن لو كان بهذا الحال يوم الكتابة، قال في باب آخر، وإذا كان فيهم عند عقد(3) الكتابة من لا سعاية له أو صغير فلا شيء عليه، قال ابن القاسم، إلا أن يبلغ فينظر إلى حالته اليوم أن لو كان كذلك يوم وقعت الكتابة، قال: وإذا عجل أحدهم الأداء وعتقوا رجع على أصحابه على النجوم، (ويحاص) بذلك غرماؤه، بخلاف السيد فيما يطالب من ذلك، ومن قطاعة، ومما عتق له العبد من ذلك، قال في باب آخر، وإن ودى عن أصحابه فعتقوا رجع عليهم معجلا- يريد محمد ودى عنهم على النجوم- ولم يعجلها، وأما قبل عتقهم فإنما ودى عنهم ليفر عنهم للسعاية فلا يشغلهم باتباعهم عن الكتابة، إلا أن يكون على ذلك أدى/ عنهم بشيء رجاه قريباً أو لشيء أبطأ عنهم، وإذا ودى عنهم ما لم يعتقوا به لم يبدأ على الكتابة، وإذا الكتابة اولى منه. وروي عن مالك أنه لا يتبع إخواته وذوي رحمه، وقال إذا كان بينهم رحم يتوارثون فلا تراجع بينهم، وروي عنه أنه قال: أما الولد والإخوة فلا يتراجعون، قال ابن القاسم: والذي يصح عندي أنه لا يرجع على من يعتق عليه إذا ملكه، وقاله عبد الملك وابن عبد الحكم، وقال أشهب: لا يرجع على ذي رحم، وإن كان لا يعتق عليه ولا يرثه، ولا يرجع على زوجته، وقال ابن القاسم عن مالك في الزوجة، قال ابن القاسم: وهو إستحسان وليس بالقوي، وقال أصبغ قال ابن حبيب عن أصبغ في ثلاثة إخوة مجتمعين، أخ لأبوين
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(3) - كذا في الأصل أما النسخ الأخرى ففيها (يوم عقد الكتابة).(1/76)
[13/81]
وأخ لأم وأخ لأب كوتبوا كتابة واحدة، فأدى أحدهم جميع الكتابة، قال إن أداها الذي لأب وأم لم يرجع عليهما بشيء، ومن أداها من الآخرين لم يرجع على هذا بشيء ورجع على صاحبه، فإن أداها الأخ لأم رجع على الأخ لأب ولم يرجع على الأخ للأب [والأم، فإن أداها الأخ للأب رجع على الأخ للأم، ولم يرجع على الأخ للأب والأم](1) بشيء، وهذه المسألة التي ذكرها ابن حبيب لا تكاد تصح على هذه العبارة، وكيف يكون أحد شقيقاً لأب، وقال أصبغ في أخوين في كتابة ولد لأحدهما ولد ثم مات فأدى العم الكتابة أنه يرجع على ابن أخيه، بخلاف أن لو أدى من مال أخيه، وقاله، وقاله مطرف،/ وابن الماجشون عن مالك.
في العبد بين الشركاء يكاتبه أحدهم ثم يقاطعه
[ومن كاتب عبده وعليه وعلى أم ولده](2)
من العتبية(3) من سماع ابن القاسم، وعن عبد بين ثلاثة إخوة يكاتبه إثنان بإذن الثالث ثم قاطعه اللذان كاتباه بإذن المتمسك [بالرق](4) وعتق نصيبهما ثم مات المتمسك وله ورثة فخدمهم في نصيب، وليهم سنيناً(5)، ثم قام العبد فطلب أن يقوم على اللذين قاطعاه، قال مالك: العبد رقيق كله ولا تنفعه(6) تلك الكتابة والقطاعة بإذن الشريك، وليردا ما أخذ منه فيكون بينهما وبين ورثة الميت.
ومن كتاب ابن المواز، قال: ومن كاتب عبده عليه وعلى أم ولده في كتابة(7) واحدة أو مفترقين فهو جائز وتحرم عليه، وكتابتهما في عقد واحد انتزاع
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ب وهو تتمه العنوان.
(3) - البيان والتحصيل، 15: 211.
(4) - (بالرق) ساقطة من الأصل.
(5) - (سنينا) كذا جاءت بالتنوين في الأصل وفي النسخ الأخرى عوملت معاملة المذكر السالم فجاءت على شكل (سنين) وكلا الإستعمالين متداول في اللغة إلا أنه إذا عوملت معاملة المفرد في الإعراب لزمت الياء فلا يقال سنون بالتنوين أبدا.
(6) - (ولا تنفعه) كذا في الأصل وأما في النسخ الأخرى فقد جاءت على شكل (ولا تنعقد) ولعل الصواب ما أثبتناه وهو الموافق لما في البيان والتحصيل.
(7) - في غير الأصل (في عقدة واحدة).(1/77)
[13/82]
من السيد، فلا تحل للمكاتب إلا بنكاح وولاؤها للسيد، فإن مات المكاتب بيعت وحدها لأنها في عقد الكتابة، فإن ترك وأعتقت فيه وأتبعها ولدها أو السيد إن لم يكن ولدها أدى عنها، وهذا كله رواية أصبغ عن ابن القاسم.
فيمن يدخل في الكتابة بالولادة أو الشراء,
وفي موت المكاتب، وفي ميراث المكاتب،
وفي موت أحد المكاتبين، وفي أم الولد يموت عنها [وتخاف العجز](1)
وكيف إن باعها حاملاً؟
من العتبية(2) من سماع أشهب قال مالك، في المكاتب يشتري/ أخاه هل يدخل في كتابته؟، قال ما سمعت ذلك، قيل فالوالد والولد إذا اشتراهم معه أيدخلون معه؟, قال برأسه(3) نعم.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن كاتب أمته وبها حمل لم يعلم به، أنه داخل في الكتابة.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك، وإذا اشترى المكاتب ابنه بإذن السيد دخل في كتابته، قال ابن القاسم وكذلك في الأبوين والولد، ولا يدخل الأخ والأخت وإن أذن فيهما، قال أصبغ، والقياس أن يدخلا، وقال ابن نافع، في غير كتاب محمد أنه لا يدخل في الكتابة ممن يشتري إلا الولد كان بإذن السيد أو بغير إذنه، لأن له أن يستخدمه، ومن كتاب ابن المواز، وإذا حدث للمكاتب ولد فلها ان تستسعيهم إذا بلغوا السعي، ولها أن تؤاجرهم وتقوى بذلك.
ومن كتاب العتق، قال أشهب عن مالك وإذا خافت المكاتبة العجز لم يبع ولدها الذي ولدته في الكتابة إلا بإذن السيد، قال أشهب، وكذلك المكاتب في
***
__________
(1) - في ب (أو يخاف عليها العجز)
(2) - البيان والتحصيل، 15: 223.
(3) - حرفها الناسخ في ص إلى (قال أب أمه).(1/78)
[13/83]
بيع ولده من أمته، قال محمد: والأب والأخ لا يبيعه وإن ظهر عجزه إلا بإذن سيده، قال ابن حبيب عن ابن الماجشون في مكاتب، كاتب على نفسه وعلى إبنة له فعجز عن بعض نجومه فاستأذن سيده في بيعها فإذن له، قال لا يجوز ذلك إن لم يكن السلطان عجزه قيل فإن وقع ذلك، وفاتت بجهل يشتريها؟/ قال لا ترد لأنها لا ترجع إلى أحسن من ذلك، قال وإن بقي في يد أبيها فضل عما ودى من ثمنها من الكتابة فهو له سائغ كما لو قتلت.
من كتاب ابن المواز، قال: وإذا مات المكاتب عن أم ولد ولا ولد له في الكتابة منها أو من غيرها لم تعتق وإن ترك أضعاف الكتابة، ولا تسعى إلا أن يكون في الكتابة ولد، فلا ترد حينئذ إلا بموتهم أو بعجزهم قبل الأداء فترق، وإذا كان معه أب في الكتابة فترك أم ولد لا ولد معها، فقال ابن القاسم، هي رقيق للأب وإن ترك وفاءه بالكتابة، وقال أشهب: إن ترك وفاءه عتقت مع الأب والأخ وإن لم يدع وفاء رقت ولا تعتق في سعيهما بعد ذلك، ولا تسعى هي إلا مع الولد. ومن العتبية(1)، قال عيسى عن ابن القاسم، فيمن كاتب عبدين له فمات أحدهما وترك أم ولد وولداً منها، قال إن لم يكن للعبد الباقي [مال ولها ولد ولم يقو على شيء وقفت هي وولدها، فإن أدى العبد الباقي](2) جميع الكتابة عتق وأتبعهم بما أدى عنهم مما كان يصيبهم من الكتابة، فإن عجزوا رجعوا رقيقا كلهم. وروى عنه سحنون في مكاتب مات عن أم ولد ولد منها أو من غيرها وترك مالا عتقوا به، قال لا يرجعون عليها بشيء، وكذلك لو لم يترك مالاً فسعوا(3) فعتقت بأدائهم كانوا ولدها أو غير ولدها.
قال سحنون في مكاتب مات وترك عليه من الكتابة مائة دينار، وترك ثلاث أمهات أولاد له، من كل واحدة ولد، قيمة كل/ واحدة منهن مائة، فتشاح البنون
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 231.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) - في ب (فبيعوا).(1/79)
[13/84]
أيتهن يباع من كل واحدة بثلث المائة، وإن إختلفت قيمتهن قضيت عليهن بقدر قيمتهن.
ومن كتاب ابن حبيب قال أصبغ، وإذا خاف المكاتب العجز فباع أم ولده وهي حامل منه فولدت عند المشتري، فإن كان المكاتب بحالة لم يعتق ولم يعجز [رد بيعها لتعتق بعتقه أو يعجز فيبيعها دون ولدها، قال: وإن كان قد عتق بأدائه أو عجز](1) فرد رقيقا مضى بيع الأمة بقيمتها على أن جنينها مستثنى ورد الجنين فكان بحال أبيه من عتق أو رق، وإن لم يعثر على [ذلك حتى أعتقها](2) المبتاع وولدها، فسواء عجز الأب أو أدى أو كان على كتابته، فإن العتق في الأمة ماض، وعليه قيمتها على أن جنينها مستثنى، ويرد عتق الولد، ويكون سبيل أبيه من عتق أو رق أو كتابة، وليس كمكاتب بيع فأعتقه المبتاع، لأنه ولي بيعه غير من له ملكه.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، إذا مات المكاتب [وترك مالا لم يدفع إلا إلى الولد](3) إن كان مأمونا، وإلا تعجله السيد وحسبه في أول نجومهم.
وقال أشهب: الولد وغيرهم سواء إن لم يكن فيما ترك وفاء دفع إلى المأمون من ولد أو غيرهم، فإن لم يكونوا أمناء دفع إلى ثقة يؤديهما على النجوم، وليس كالدين الثابت يحل بموته، وإذا مات أحد المكاتبين وترك ولداً فأدى عن الباقين رجع الولد عليه بنصف ما ادى من مال الأب، [إن كانت الكتابة بينهما/ نصفين، يكون الولد مكان الأب](4)، ولا يوضع عن الباقين لموت أحدهم شيء(5)، قال عبد الملك: فإن استحق أحدهم وضع عنهم قدر حصته، قال عبد الملك: على العدد.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(3) - كذا في الأصل والعبارة في النسخ الأخرى جاءت على الشكل التالي (وترك وفاء تعجله السيد ولا يدفع إلى من معه من ولد أو غيره وإن لم يكن وفاء لم يدفع إلا إلى الولد).
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(5) - في النسخ كلها شيئا والصواب ما أثبتناه.(1/80)
[13/85]
قال، واختلف فيمن يرث المكاتب(1) ممن معه في الكتابة، فقيل لا يرثه ممن معه إلا من يعتق على الحر بالملك، فأما عم أو ابن أخ فلا، والسيد أحق منهم، قاله عبد الملك، وقاله ابن القاسم [مرة](2) ثم قال هو وابن عبد الحكم وأصبغ وأشهب، يرثه ممن معه، ممن يوارث الحر من عم وغيره من نساء أو رجال، وأما امرأته، فآخر قول مالك أنها لا ترثه وتعتق فيما ترك ولا يتبع بشيء إستحساناً، وقاله أشهب وابن القاسم، وكذلك ذكر ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون أنها لا ترثه ولا يرثها وروياه عن مالك [وأنه لا يرجع أحدهما عن الآخر بما أدى عنه مما عتقا به من الكتابة.
قال ابن المواز، قال عبد الملك عن مالك](3)، وإذا هلك المكاتب عن مكاتب وترك الأعلى ولدا في الكتابة وولدا أحراراً(4) الذين في الكتابة وأدوا أن ولاء المكاتب لهم دون ولده الأحرار، وجعله مالك كالمال، وقاله أشهب قال: إن أدى مكاتب المكاتب وعتق ثم مات الأعلى فولاء مكاتبه لولده الذين في الكتابة دون احرار ولده، ولو أدى الأعلى في حياته كان ولاء مكاتبه لجميع ولده.
وقال عبد الملك: إذا لم يعتق الأعلى قبل موته لم يكن لولده الذين في الكتابة ولا للأحرار منهم، ولا مكاتبه بعد موته أو في حياته لأنه لم يثبت لسيده ولاؤه، وليس هذا كماله، قال محمد: ولا يعجبنا قول عبد الملك، ولو كان هذا لم يكن له ولاء أم ولده لمن معه في الكتابة من [ولده، وإن قاد أصله في هذا خالف مالكاً وبقية أصحابه، بل ولاؤهما لمن معه في الكتابة](5) من ولد منها أو من غيرها.
***
__________
(1) - في ب (يرث المدبر).
(2) - (حرة) ساقطة في ص وت.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(4) - في ص وت حرفت إلى وولد آخر والصواب ما أثبتناه ومن المعلوم أن كلمة ولد وولد يجوز استعمالهما في الدلالة على المفرد والجمع وقد يجمع ولد على وُلد قياسا على أسد وأسُد وعليه فيمكن أن تقول وولدا أحرارا أو ووُلداً أحرارا.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.(1/81)
[13/86]
قيل فإن ماتت ولسيدها ولد أحرار فتركت مالا، قال: إن كان ولدها الذين معها ومات أبوهما مكاتبا وهم ولدها ورثوها بالرحم، وإن كانوا من غيرها لم يرثوها، وما تركت لعصبة سيدها الذين كانوا معها في كتابته، وإن لم يكونوا معها في الكتابة فلبيت المال.
[قال مالك، وإذا أوصى المكاتب أن يدفع إلى سيده بقية كتابته وأرسل بها إليه،] (1) قال: إن وصل إليه ذلك قبل موت المكاتب عتق وورثه ورثته الأحرار مع الذين في الكتابة، وإن لم يصل إلى سيده في حياة المكاتب لم يعتق.
ومن العتبية(2) قال سحنون عن ابن القاسم، في مكاتب كاتب عبداً فعتق الأسفل ثم مات عن مال وللمكاتب الأول أولاد أحرار من حرة، أو كانوا معه، عجل السيد عتقهم، أنهم لا يرثونه.
قيل: فإن مات الأول عن مال؟ قال يؤدي الذين معه في الكتابة، بقية الكتابة، وتكون بقية المال بينهم دون الأحرار.
قال ابن حبيب قال أصبغ في مكاتب خاف العجز فباع أم ولده حاملا فإنها ترد إليه وولدها ما دام/ مكاتباً فإن عتق الأداء او عجز فرق مضى بيع الأمة بقيمتها على أن جنينها مستثنى، ورد الولد فكان بحال أبيه في عتقه ورقة، ولو لم يعثر على هذا حتى أعتق المشتري الأمة وولدها وقد عجز المكاتب أو عتق، قال: يمضي عتق الأمة في الوجهين ويكون فيها قيمتها على أن جنينها مستثنى، ويرد عتق الولد، ورد إلى حكم أبيه في العتق والرق، وإن كان أبوه مكاتباً كما هو بقي معه، وهذا بخلاف من باع مكاتباً فعتق لأن هذا باعه غير سيده.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 156.(1/82)
[13/87]
في المكاتبين في كتابة واحدة، يعتق بعضهم، أو يحنث فيه بعتق،
أو كاتب عبداً مع مدبره، أو يستحق أحدهم
من كتاب ابن المواز، قال قال مالك، وإذا أعتق السيد أحد المكاتبين لم يجز ذلك إلا أن يجيزه الباقون ويكونوا أقوياء على السعاية، فيجوز ويحط عنهم حصته. محمد، وقد يكون موضع آخر(1) لا يجوز فيه إذنهم إذا كانوا قد أشرفوا على العجز لولا هذا الذي أعتقه السيد لقوته على السعي، أو لكثرة ماله، وقد يكونون قد تقارب عتقهم.
قال مالك: وإذا ولد ولد من أمته ثم أعتق السيد الأب، لم يجز إن كان فيه قوة للسعي، وإن كان فانيا جاز ورق ولده إن لم يبلغوا السعي، إلا أن يكون له مال يؤدي عنهم إلى بلوغ السعي فليؤدوا ذلك، ويبقوا إلى بلوغ السعي، [قال ابن القاسم: ويأخذه السيد/ حالاً، ثم رجع فقال: بل على النجوم](2) [إلا أن يكون فيه وفاء يتعجله، قاله مالك، محمد مثل الموت، فإن لم يكن فيه وفاء ترك بيد الولد يقوى به، فإن لم يكن مأموناً وصنع له زيادات على النجوم](3)، وقاله أشهب في الموت، وقال ابن القاسم: يتعجله السيد في الموت إن لم يؤمن الولد. قال ابن القاسم وأشهب، وإذا أعتق السيد منهم من به زمانه لا يرجى أو [شيخا](4)، فإن أوصى بذلك عتق ولم يوضع عن الباقين شيء، ولو عتق بالأداء رجعوا عليه بحصته يوم العقد، ولو قال السيد لهذا الشيخ الفاني أو لهذا الصبي أنتما حران إن عجزتما عتقا الآن، إذ لا نفع في انتظارهما، ولا يحط عن الباقين شيء، وقاله مالك، ومن كاتب عبدين ثم حنث في أحدهما بيمين متقدمة فلا يعجل عتقه، وهو كابتدائه، فإن عجز عتق بالعتق الأول، ومن كاتب عبده ومدبره في كتابة واحدة لم يجز عند أشهب، وينقض، وأجازه ابن القاسم، فإن مات السيد وخرج من الثلث عتق
***
__________
(1) - (كان) هنا تامه ولذلك رفعت ما بعدها.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.
(4) - في النسخ كلها (شيخ) بالرفع والصواب ما أثبتناه.(1/83)
[13/88]
وحط عن الآخر حصته، وإن خرج بعضه سقط من الكتابة بقدر ما عتق منه, وسعيا فيما بقي جميعاً، ثم يرجع المدبر على صاحبه بما أدى عنه مما لم يكن يلزمه. محمد، وقول ابن القاسم هذا صواب، قال ابن حبيب: وأخذ أصبغ بقول ابن القاسم، وقال قيل لأصبغ في الكتابين في كتابة واحدة إذا أعتق أحدهم فلم يجز الباقون ذلك فسعى معهم وأدى بعض الكتابة ثم عجزوا أيرجع على/ السيد بما أدى [إليه بعد العتق؟ قال وهو كالغلة، ولو ودى معهم حتى عتقوا لم يرجع على السيد بما أدى إليه] بعد عتقه(1) مما كان ينوبه، إلا أن يكون له فضل فيرجع به على أصحابه، ولو مات أحدهم لم يوضع عنهم شيء ولو استحق بملك أو بحرية من أصله أو بعتق، قاله، وقد علم السيد بذلك أو لم يعلم، قال: يوضع عنهم حصته في هذا كله، وقد ذكرنا موت احدهم في باب قبل هذا وبعد هذا [باب في المكاتب يؤدي ثم يستحق بملك أو بحرية أو يستحق ما أدى](2).
فيمن أعتق بعض مكاتبه، أو شقصاً له فيه
في حياته أو في وصيته، أو وضع عنه من كتابته أو أعتقه
في وصيةٍ
من كتاب ابن المواز، ومن أعتق شقصا من مكاتب له أو بينه وبين آخر فليس يعتق، فإن عجز فإنما هو وضع مال، وإن أعتق ذلك عند الموت، أو أوصى بذلك، أو وضع له من كتابته فذلك عتاقه لأنه ينفذ من ثلثه.
قال ابن حبيب في عتق أحد الشريكين من المكاتب نصيبه حمل محمل وضع المال لأنه انعقد لشريكه عند عتق حمل محمل وضع المال ولا ينقل عنه ما عقد من معاني الولاء بالتقديم، وقال ابن سحنون عن أبيه: أخبرني بعض أصحابنا عن مالك أنه قال فيمن أعتق نصف مكاتبه إنه وضيعه إلا أن يريد العتق ويعدله فهو حر كله.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.(1/84)
[13/89]
ومن كتاب ابن المواز، ومن قال لعبده نصفك حر إن كلمت فلانا، فكاتبه، ثم كلم فلانا فليوضع عنه نصف ما بقي/ من الكتابة يوم حنث [،فإن عجز رق كله ولا يلزمه حنثه,] (1) أشهب كمن أعتق نصف مكاتبه، وكذلك لو حنث أحد الشريكين بعد أن كاتبه مع آخر ثم حنث لكان عتقا له إن عجز، ولا يعجل عتقه، قال ابن القاسم، وأما في نصف العبد فلا يكون عتقا لأنه إنما يملك منه يومئذ مالا، ولو كان في وصية لكان نافذاً في الثلث، إن كان للعبد فهو عتق، وإن كان لأجنبي فهو له من رقبته، يريد إن عجز، ومن العتبية(2) من سماع ابن القاسم، وقال في المريض يضع عن مكاتبه ثلث ما عليه ثم عجز المكاتب، قال قد عتق ثلثه، وإذا وضع عنه جميع ما عليه عند موته ومعه ولد جعل في الثلث الأقل من الكتابة أو من قيمة رقابهم أجمع.
وعن المكاتب على نجوم على أن يدفع في أول نجم كذا والثاني كذا لدون ذلك، والثالث والرابع دونهما، وأوصى له سيده وقد تداركت عليه أربعة(3) نجوم غير الأول، إن أدى هذه الأربعة(4) نحوم فليحط عنه من باقي الكتابة خمسون دينارا(5), فطلب المكاتب أن يقاص بها في الأربعة نجوم(6) فليس له ذلك، ولتقسم الخمسون(7) على ما حل وعلى ما لم يحل فيوضع عنه فيها من كل نجم بقدره.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن وضع عن مكاتبه نجماً من نجومه عند الموت بغير عينه، قال فإن كانت النجوم/ ثلاثة وضع عنه من كل نجم ثلثه، وإن
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين انفردت به النسخة الأصلية وهو ساقط من النسخ الأخرى.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 211.
(3) - في الأصل أربع نجوم والصواب ما أثبتناه.
(4) - في الأصل هذه الأربع والصواب ما أثبتناه.
(5) - في الأصل (خمسين دينارا) والصواب ما أثبتناه.
(6) - في الأصل في الأربع نجوم والصواب ما أثبتناه.
(7) - في الأصل (ولتقسم الخمسين) والصواب ما أثبتناه.(1/85)
[13/90]
كانت أربعة فربعه، فإن أدى عتق، وإن عجز وكانت النجوم ثلاثة عتق ثلثه، أو كانت عشرة فليعتق عشره.
قال مالك في كتاب ابن المواز: إذا أوصى بوضع نجم من نجومه فعجز، قال إن كان في وصية فهو عتق.
من العتبية(1) روى أبو زيد عن ابن القاسم في مكاتب عليه ثلاثة أنجم في كل نجم مائة فأوصى له بوضع النجم الأول، نظر إلى قيمته لو بيع في قرب محله، فإن كانت قيمته خمسين(2)، والثاني ثلاثون، والثالث عشرون(3) علمت أن الوصية له بنصف رقبته، [فيجعل في الثلث الأقل من نصف قيمة رقبته](4) أو قيمة ذلك النجم، وكذلك في وصيته بالنجم الآخر أو الأوسط على هذا، وإن لم يدع غيره خير الورثة بين أن يضعوا عنه ذلك النجم الأول الذي أوصى له بعينه ويعتقوا منه [ما كان نصيبه من قيمة رقبته، وذلك نصفها، فإن عجز رق لهم نصفه، وبين أن يعتقوا منه](5) ثلثه، ويوضع عنه من كل نجم ثلثه، فإن عجز عتق ثلثه ورق لهم ثلثاه، وكذلك ذكر ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم في المسألة من أولها، وقال إلا أن يكون ذلك النجم أكثر من ثلث مال الميت، [وقيمة ما قابله من الرقبة أيضا أكثر من ثلث مال](6)، فإذا كان أكثر من ثلث، خير الورثة بين أن يعتقوا ذلك السهم(7) من الرقبة، ويحط ذلك النجم بعينه ويسعى فيما بقي، فإن أبوا/ نظر إلى الأقل من قيمة النجم أو قيمة ما يقابله من الرقبة، فيعتق في الثلث
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 276.
(2) - في الأصل (خمسون) والصواب ما أثبتناه.
(3) - قوله (والثاني ثلاثون والثالث عشرون) تقديره وقيمة الثاني ثلاثون وقيمة الثالث عشرون) ولذلك رفعت ثلاثون وعشرون بالواو.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(7) - في الأصل (ذلك الأسهم) ولعل الصواب ما أثبتناه.(1/86)
[13/91]
ويوضع عنه من كل نجم بقدر ما عتق منه، وكذلك لو أوصى له بكتابته فإنما يجعل في الثلث الأقل، وذكر من تفسير المسألة ما ذكر أبو زيد.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: وإذا أوصى لمكاتبه بالنجم الأول وعليه عشرة أنجم قوم هذا النجم كم هو من سائر نجومه؟ فإن فاق الربع عتق ربعه ووضع عنه ذلك النجم. وقال أشهب، فإن لم يدع غيره ولم يسع ذلك النجم الثلث عتق منه محمله منه، ووضع عنه منه بقدر ما يحمل منه خاصة الثلث، فإذا عجز كان منه حراً بقدر ذلك، قال: ولا يخير الورثة، وقال ابن القاسم: يخير الورثة إن لم يحمل النجم، فذكر مثل ما ذكر أبو زيد، قال محمد: بل يوضع من النجم بعينه محمل الثلث، فإن عجز عتق قدر ذلك بالقيمة يقوم النجم الأول وهو قائم بالنقد، فإن كان خمسين(1)، وقيمة سائر النجوم خمسون سقط ثلثا ذلك النجم بعينه، وعتق الثلث الرقبة إن عجز، وقيل إذا عرفت قيمة المائة الأولى سعى، فإن عجز عتق قدرها، وإن تمادى وضعت عنه المائة الأخرى، فإذا لم يبق غيرها عتق، ولا تعجل له وضيعة، وليس هذا بشيء، وقول مالك صواب، ولا حجة للورثة أن يقولوا يبدأ العبد علينا، ويتأخر قبضنا لأن لهم بيع بقية الكتابة نقداً.
قال ابن القاسم فيمن أوصى بعتق مكاتبه جعل في الثلث الأقل من [قيمة رقبة عبد/ مكاتب في أدائه وجرائه أو قيمة كتابته، وقال أشهب:] (2) الأقل من قيمة رقبته، أو عدد مال الكتابة، أو ما بقي منها، قال مالك: إن أوصى له بما عليه أو ببعضه فليقوم ولده معه الذين حدثوا في الكتابة، ويجعل الأقل من ذلك أو من قيمة الكتابة، وقال إذا أعتق أحد الشريكين في المكاتب نصيبه منه، أو وضع عنه حصته من الكتابة، ثم مات المكاتب وعليه دين، فغرماؤه مبدؤون، ثم يأخذ المتمسك ما بقي له من كتابته، ثم ما بقي فبينهما نصفين
***
__________
(1) - في الأصل (خمسون) والصواب ما أثبتناه.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.(1/87)
(1).[13/92]
قال ابن الحبيب، قال ربيعه، في عبد بين ثلاثة فأعتق واحد، وكاتب الثاني، وتماسك الثالث، ثم مات العبد بميراثه بين الذي كاتب والذي تمسك، ويرد الذي كاتب ما قبض فيكون بينهما.
فيمن وهب لرجل مكاتبه أو بعضه أو
كتابته أو بعضها، أو نجماً منها في حياته أو
في وصيته
من العتبية(2) روى موسى بن معاوية عن ابن القاسم، فيمن أعطى رجلا في صحته كتابة مكاتبه فعجز العبد، قال مالك: هو الذي وهب له كتابته كما لو ابتاعه، وكذلك ذكر ابن المواز عن مالك، فيمن وهب لرجل نصف كتابة مكاتبه أو كلها، ثم عجز، كان له بقدر ذلك من رقبته ملكا مثل البيع، وقال أشهب وأصبغ، بخلاف عتق جزء منه، وروى أبو زيد عن ابن القاسم في العتبية(3)، أنه إن عجز كانت رقبته لسيده المعطى، [قال أبو بكر بن محمد، وروى فيها عن أشهب مثل رواية أبي زيد./ قال في كتاب](4) ابن المواز: فأما هبة النجم بعينه لرجل في صحته فلا يكون له من رقبته شيء إن عجز، وكأنه هبة مال ذلك النجم بعينه، وروى ابو زيد عن ابن القاسم في العتبية(5)، فيمن وهب لرجل نجما من نجوم مكاتبه ثم عجز العبد، قال، يكون له في رقبته حصة بقدر النجم الذي وهبه.
ومن كتاب ابن المواز، قال: فإن وهبه نجماً مبهماً(6) لم يسمه فهو به شريك في سائر نجومه، قال أشهب، وكذلك بيعه نجماً لم يعينه فهو جائز لأنه يرجع إلى جزء من عدد نجومه، وأما لو أوصى لرجل أو للمكاتب بنجم بعينه كان
***
__________
(1) - في ب (فبينهما نصفان) بالألف وما أثبتناه من الأصل يناسب أسلوب المؤلف في كتابه هذا فهو في الغالب يستعمل النصب بتقدير فعل محذوف أى (فبينهما يقسم نصفين).
(2) - البيان والتحصيل، 15: 262.
(3) - البيان والتحصيل، 15: 262.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(5) - البيان والتحصيل، 15: 273.
(6) - هكذا في الأصل وأما في النسخ الأخرى فقد حرفت إلى قوله (نجما منهما).(1/88)
[13/93]
ذلك عتقاً في المكاتب وتمليكا للرجل بقدر ذلك النجم، وكأنهما دخلا مدخل الورثة، قال، وإن قال في صحته لمكاتبه ثلثك حر وثلثك لفلان، ثم مات المكاتب وترك مالاً فليأخذ منه كل واحد منهما ما بقي له، ثم يكون ثلثا ما بقي لسيده الذي أعتق ثلثه ميراثاً له، والثلث للموهوب له ميراثاً، وإن عجز فثلث رقبته للموهوب، وثلثاها للسيد، [ولو قال ذلك في مرضه ثم مات المكاتب فثلثه حر، وثلث لورثته، وثلث لفلان،] (1) وميراثه بينه وبين الورثة نصفين، وروى عيسى عن ابن القاسم، فيمن أوصى بربع مكاتبه لرجل [ويعتق](2) ربعه ثم هلك العبد عن مال(3)، أن الموصى له بربع الكتابة والورثة يستوفون ما بقي لكل واحد منهم، ويقتسمون ما بقي بينهم أثلاثاً، للورثة الثلثان، وللموصى له الثلث، لأنه إنما ورث بالرق، قال وإن عجز فربعه حر ونصفه/ للورثة، وربعه للموصى له، قال ابن القاسم عن مالك، وإن أوصى بكتابة مكاتبه لرجل وهي ألف، وقيمة الرقبة مائة، وترك مائتين عيناً، أن الكتابة تقوم، فإن حملها الثلث نفذت، وإلا خير الورثة في إجازة ذلك، والقطع له بثلث الميت، وهذه الرواية التي ذكر محمد خلاف ما في المدونة.
قال في كتاب محمد: وإذا كاتب عبده في مرضه بألف، وأوصى بها لرجل، وقيمة الرقبة مائة، والثلث يحمل الرقبة، ولا يحمل الكتابة، فالكتابة جائزة، وإن كانت الكتابة إذا قومت بالنقد لا يحملها الثلث بعد طرح قيمة الرقبة من مال الميت خير الورثة بين دفع الكتابة إلى الموصى له، أو القطع له بثلث الميت، وقال أشهب: الكتابة نافذة للموصى له بخروج الرقبة من الثلث، وإنما ينظر إلى أقلها، وقاله ابن القاسم والوصية(4) بها للمكاتب نفسه لأنه عتق ولم يجعله كالأجنبي، ورواه عن مالك، وقول ابن القاسم جيد وفيه نظر.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.
(2) - (ويعتق) ساقطة من الأصل.
(3) - كتبت في كل من ص وت (عن مالك) والصواب ما أثبتناه من الأصل وهو الموافق لما في الجزء الخامس عشر من البيان والتحصيل، صفحة 230.
(4) - في الأصل وب (فالوصية) بالفاء وأما في ت وص فإنهما كتبا (والوصية) بالواو ولعلها هي الصواب.(1/89)
[13/94]
قال أشهب، ولو أوصى مع ذلك بوصايا أخر، أسلمت الكتابة لأهل الوصايا يتحاصون فيها يقدر وصاياهم، فإن عجز رق لهم بقدر ذلك، وإن مات قبل الأداء ورثوه، قال مالك، وإن كانت الرقبة لا يحملها الثلث، خير الورثة بين إمضاء الكتابة، ودفعها لأهل الوصايا يتحاصون فيها، وإلا أعتقوا من رقبته محمل الثلث، وسقطت الوصايا، قال: ولو أوصى بأول نجوم مكاتبه/ لرجل، والثلث يحمله، فله قبضه، ويعرف قيمته من بقية النجوم فيكون له بقدر ذلك من رقبته إن عجز وإذا توفرت قيمة أول نجم ليعجله، وقلت النجوم المتأخرة، فعلى قدر ذلك يكون بينهم، ولا ينظر إلى ما يؤول من قبض ما تأخر، فيكون [أوفر إذا قبض، ولأنه قد يأخذ الموصى له أكثر النجم الموصى له به، وقيمته تفي ما أخذ منه ثلث الكتابة، ثم يعجز](1) فيكون له ثلث العبد، وثلثاه للورثة، ولا يحسب عليه ما قبض، كما لا يحسب عليهم لو قبضوا أكثر النجوم، ثم عجز فقد أخذوا أكثر من الثلثين في العدد، وذلك كعبيد ثلاثة مكاتبين قيمتهم سواء، أوصى بأحدهم لرجل فعجز بعد أن قبض أكثر نجومه، وعجز الآخران ولم يؤديا شيئاً، فلا يقال إن الموصى له صار له أكثر من الثلث، لأنه أمر نفد بالقيمة، وقال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون في المكاتب على عشرة أنجم فتنادى منه سيده تسعة ثم يوصى بالنجم الباقي لرجل فينفذ له، ثم يعجز المكاتب أو يموت أن جميع العبد يرق له، وكأنه أوصى له بجميع الكتابة، إذا كان ما بقي عليه به يعتق ولا شرك لأحد معه فيه، وله جميع تركه المكاتب، وكما لو أوصى به للمكاتب صار حراً.
قال في كتاب ابن المواز، وإذا مات المكاتب الموصى فيه بالنجم الأول، وقيمة هذا النجم نصف الكتابة، وذلك يخرج من الثلث ولم يؤد شيئا، فليأخذ الموصى له مما ترك نجمه لا أزيد منه، ويأخذ الورثة بقية نجومهم لأنها حلت،/ ويقسم ما بقي بينهم وبين الموصى له نصفين، ولو لم يدع ما بقي بالكتابة تحاصوا بقدر مال الكتابة، لا على قيمتها، لأنها قد حلت بالموت بخلاف العجز فيما يملك من الرقبة.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.(1/90)
[13/95]
ومن العتبية(1) روى أصبغ عن ابن القاسم، وإذا أوصى لرجل بنجم من نجوم مكاتبه، فقالت الورثة نحن ندفع إليك نجماً، وقال هو لا أرضى ولعله أن يعجز فيكون لي فيه حق، قال إن لم يحل النجم فذلك له، وإن حل فذلك للورثة.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، فيمن أوصى لرجل بألف درهم مما على مكاتبه فتعجلها له الورثة فأبى وقال لعله يعجز فيصير لي من رقبته بحصته، فللورثة تعجيلها كما لو عجلها المكاتب يجبر على أخذها.
قال فإن أوصى بالنجم الأول لرجل وبالثاني لآخر، وخرج المكاتب من الثلث، ثم عجز، فلصاحب الأول من رقبته بقدر قبض قيمة نجمه على الثاني، وللثاني بقدر قيمة نجمه، ولو قبض الأول نجمه ثم عجز قبل قبض الثاني، فرقبة المكاتب بينهما، وللأول ما اقتضى لا يرجع عليه الثاني فيه بشيء، ولو كان ثم نجم ثالث يبقى للورثة فقبض صاحبا النجم نجميهما ثم عجز، فالعبد بينهما وبين الورثة على قدر قيمة النجم الأول والثاني والثالث، ولا يرجع الورثة عليهما بشيء.
وذكر عن ابن القاسم فيها في بعض مجالسه أنها إن ردا إلى المكاتب ما أخذا رجعا فيه بأنصبائهما، وإن لم يردا فنصيبهما منه للورثة.
/ والصواب ما تقدم، وهو قول أشهب.
وروى أصبغ عن ابن القاسم في العتبية(2)، فيما إذا أوصى بالنجم الأول لرجل وبالثاني لآخر وبالثالث لآخر، فقبض الأولان، وعجز الثالث، أن العبد يرجع بينهم، ولا يرجع الآخر عليهما بشيء، وروي عنه أيضا أنهما يجبران في أن يردا ما أخذا إلى العبد، فإن أبيا رجع ما كان نصيبهما من العبد إلى ورثة الميت الموصى.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 269.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 268.(1/91)
[13/96]
ومن كتاب ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون، إذا أوصى لرجل بالنجم الآخر من عشرة أنجم قبل أن يتأدى منه من الكتابة شيئا،ً فتقاضى الورثة التسعة أنجم وسلموا المكاتب للموصى له ليأخذ نجمه فعجز عنه، فما هنا تكون رقبته بينه وبين الورثة بقدر قيمة نجمه من قيمة سائر النجوم، لأنهم لو كانوا له فيه شركاء وهذا بخلاف لو كان السيد قد تأدى التسعة أنجم ثم أوصى بالنجم الآخر، هذا إن عجز رق له العبد كله، وقد ذكرناها قبل هذا، قال وإن مات في السؤال الأول المكاتب عن مال وعليه من ذلك النجم بقية، فقال ابن الماجشون في هذا، يبدأ صاحب النجم بما بقي له ثم يكون باقي ماله بينه وبين الورثة على قدر قيمة أنجمهم ونجمه، وقال مطرف: لا يبدأ بشيء، ويكون ما ترك بينه وبينهم بقدر ما يكون لهم من رقبته إن عجز، وبه قال ابن حبيب.
ومن كتاب محمد، وقال في مكاتب عليه عشرة أنجم أوصى بالنجم الأول لرجل وقيمته نصف/ الكتابة فاقتضاه ثم عجز، فله نصف رقبته، وللورثة نصفها، قال أحمد ولا يرد مما اقتضى شيئا. وقال أشهب عن مالك في مكاتب أدى كتابته إلا نجمين وهما مائة، فأوصى السيد لرجل بنجم منها أو قال مائة مما عليه، فهذا إن عجز فله نصفه، وإن مات أخذ هو والورثة ما كان عليه، وقسموا ما بقي نصفين، ولو أدى ما عليه كله ثم مات كان ما ترك لعصبة سيده. قال أشهب: وإن لم يحمله الثلث وترك خمسين دينارا مع رقبة المكاتب وقيمة باقي الكتابة(1) [مائتا دينار، وقيمة رقبته](2) مائة وخمسون(3) ديناراً، فالأول يجعل في الثلث للموصى له فيصير له ثلثا المائة ستة وستون وثلثان، فيكون بهذا الموصى له أربعة أتباع المكاتب إن عجز، وكذلك له في الأداء من كل نجم أربعة أتساعه، ولو أوصى له بنجم منهما بعينه وقيمتيهما سواء، فله ثمانية أتساع ذلك النجم، وإن كان قيمة نجم الوصية مائة، والنجم الآخر خمسين، فله من ذلك النجم ثلثاه، فإذا عجز فله أربعة أتساع رقبته.
***
__________
(1) - في الأصل (وقيمة ما في الكتابة).
(2) - ما بين معقوفتين انفردت به النسخة الأصلية وهو ساقط في النسخ الأخرى.
(3) - في الأصل (وخمسين) والصواب ما أثبتناه.(1/92)
[13/97]
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم في مكاتب بين رجلين أوصى أحدهما في مرضه بثلث النصف الذي له لأجنبي، والثلث الآخر حر، ثم هلك ومات المكاتب عن مال، فإنه يورث على خمسة أسهم فيكون لشريكه ثلاثة أخماس، وللورثة خمس، وللموصى له خمس بعد استيفاء ما لهم من الكتابة.
/ وإن كان هذا في الصحة ثم هلك المكاتب عن مال، فللذي لم يعتق ثلاثة أسهم من ستة [ولشريكه سهمان](1)، وللذي تصدق عليه بسدس العبد سهم من ستة، وذلك بعد أن يستوفي من ماله بقية الكتابة.
في بيع المكاتب، أو الكتابة، أو بعضها،
وفي ميراث المكاتب بعد ذلك، وفي المكاتب
يقع في المقاسم
من العتبية(2) من سماع ابن القاسم، وكتاب ابن المواز، قال: وكره مالك أن يبيع أحد الشريكين في المكاتب حصته دون شريكه، قال محمد، قال عبد الملك: أما من المكاتب فلا يجوز إلا برضى شريكه، وأما من غيره فجائز، وإن كره الشريك، وقد كره ربيعه بيع كتابة المكاتب ورآها خطراً، قال غيره، وقال بذلك عبد العزيز بن ابي سلمة، قال محمد، قال أصبغ، وليس عليه العمل.
قال محمد يكره بيع أحد الشريكين في المكاتب حصته من المكاتب لأنه كالقطاعة، وجائز من غيره.
قال سحنون عن ابن القاسم في العتبية(3)، قال مالك: لا يجوز لأحد الشريكين في المكاتب بيع نصيبه وإن أذن شريكه [في الإنتفاخ](4) إلا أن يبيعاه
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 219.
(3) - البيان والتحصيل، 15: 219.
(4) - (في الإنتفاخ) ساقطة من الأصل وب مثبتة من ص وت.(1/93)
[13/98]
جميعاً، قال ابن القاسم: وكذلك أمر المكاتب لا يشتري نصيبه أحد الشريكين فيه إلا أن يشتري جميعه، وأجاز ابن القاسم وأشهب، بيع نصف المكاتب، أو جزء منه، أو نجم بغير عينه، وقاله أصبغ، قالوا وبيع نجم(1) بغير عينه يرجع إلى جزء من المكاتب/ فلذلك جاز، ولا يكون المكاتب أولى بما بيع منه وإن أذن(2) شريكه، لأنه لا يرجع إلى جزء وقاله سحنون في العتبية(3)، وأصبغ قالا وإنما لا يجوز بيع نجم بعينه، وأما إن اشترى نجما منهما من عشرة أنجم فهو جائز، وكأنه اشترى عشر الكتابة، فإن عجز فله عشر العبد.
ومن سماع أشهب وابن نافع، قال مالك: وإذا بيعت كتابة المكاتب فالمكاتب أحق بها إذا كان يعتق بذلك، فأما ما لا يعتق به فلا يكون أحق به.
قال عيسى عن ابن القاسم، ومن باع مكاتبه رد البيع إلا أن يعتقه المبتاع فيمضي.
وكذلك إن مات عنده ضمنه، ولا يرجع على البائع بشيء ولا على البائع أن يخرج شيئاً من الثمن(4) فيجعله في رقبة، بخلاف المدبر يبيعه ثم يفوت بموت.
ومن سماع عيسى، قال ابن القاسم، في المكاتب يقع في المقاسم ثم أبى سيده، قال يقال للمكاتب ود(5) ما اشتراك به هذا، وقم بنجومك، فإن فعل ذلك، وإن ألقى بيده، وعجز نفسه قيل لسيده إن شئت فافده [وهو عبد لك لا كتابة فيه](6)، وإلا فأسلمه كان رقيقا للذي في يديه كالجناية. قال ابن حبيب قال أصبغ عن ابن القاسم، قال مالك فيمن اشترى كتابة المكاتب ثم مات المكاتب، قال ميراثه له لأنه لو عجز لا سترقه، وكذلك في الهبة والصدقة يرثه إن مات، وإن كان ما ترك أكثر من الكتابة فهو له.
***
__________
(1) - في ب (وبيعه نجما).
(2) - في ب (وإن أدى شريكه).
(3) - البيان والتحصيل، 15: 219.
(4) - كذا في الأصل وأما النسخ الأخرى فقد كتبت فيها (شيئا منه).
(5) - (ود) المراد أد وقد كتبت في النسخ كلها. بإثبات حرف العلة والصواب حذفه.
(6) - في ب (وهو عبدك لا نجامه فيه).(1/94)
[13/99]
/فيمن اشترى كتابة ولده، أو أوصي له بذلك،
أو بثمن ابنه، وفي المكاتب يشتري من يعتق عليه
أو على سيده
من العتبية(1) روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، فيمن اشترى ما على مكاتب ممن يعتق عليه لو ملكه، قال فذلك موضوع عنه، قيل ولم؟ [وهو](2) لم يملك منه رقا وهو لو أدى لكان ولاؤه لعاقد الكتابة، قال: وإن كان ذلك لأنه إن عجز صار له رقيقاً. وكذلك إن ورثه وضعت [عنه](3) كتابته وفي كتاب العتق من هذا مستوعب.
قال أصبغ: ومن أوصى لرجل بثمن ابنه، يقول بيعوا ابنه وأعطوه ثمنه فلا يعتق بهذا عليه وإن قبله، والوصية له جائزة كالأجنبي، ولو أوصى له بكتابة مكاتبه وهو ابنه، فهذا إن قبل ذلك عتق عليه
ومن العتبية(4) قال سحنون في مكاتب اشترى ابنته وهي امرأة سيده، قال يفسخ النكاح والضداق للبائع، إلا أن يشترطه المبتاع، وإن اشترى ابن مولاه، قال سحنون يكون رقيقا بيد المكاتب.
قال عيسى عن ابن القاسم، إذا اشترى من يعتق على سيده، قال له ملكه ويبيع ويطأ ويصنع بهم ما شاء، وكذلك لو أنها أم سيده أو أخته لأنه ليس لسيده انتزاع ماله، وقد قال بعض الناس إن العبد يملك من يعتق على سيده، ولا يعتق ويطؤها إن كانت أمة حتى ينتزعها السيد لأنه ملك للعبد، وإن كان هذا لا يقوله/ مالك. قال ابن القاسم: ثم إن عجز المكاتب وهم عنده عتقوا.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 239.
(2) - (وهو) ساقطة من الأصل.
(3) - (عنه) ساقطة من الأصل.
(4) - البيان والتحصيل، 15: 281.(1/95)
[13/100]
فيمن كاتب عبده في مرضه، أو أوصى أن يكاتب،
أو يعتق بعضه ويكاتب بعضه، أو بكتابة مكاتب(1)
أو أوصى أن يعتق عبده بعد قبض مال أو حضانة
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، ومن كاتب عبده في مرضه وقبض الكتابة فذلك نافذ إن حمله الثلث وهو بيع، وقال أشهب، ليس كالبيع إذ لا يجوز ذلك وإن عالاه حتى تحمل رقبته الثلث، ولا يعجل عتقه إلا أن يكون له مال مأمون، وإلا لم يعتق حتى يموت السيد ويحمله الثلث، وإن لم يحمله خير الورثة في عتقه أو يردوا إليه ما قبضه منه السيد، [ويعتقوا](2) منه محمل الثلث بتلا، ويبقى ماله بيده، قال والمكاتب في الصحة يقر سيده في مرضه بقبض الكتابة منه.
قال ابن القاسم: إن حمله الثلث جاز وعتق اتهم أو لم يتهم، [ولو كانت الكتابة في المرض](3) لم يعجل عتقه إلا في المال المأمون، وإن لم يسعه الثلث في الكتابة في الصحة وللسيد ولد لم يتهم، ويجوز قوله، وإن لم يكن له ولد لم يصدق إلا ببينة، وقال أشهب إن لم يتهم السيد بانقطاع من المكاتب جاز قوله. قال ابن القاسم، وإن كاتبه في المرض ولا يحمله الثلث خير الورثة بين إجازة ذلك أو عتق ما حمل الثلث منه بتلا.
وفي/ باب قبل هذا، إذا كاتبه في المرض وأوصى بكتابه. ومن العتبية(4) من سماع ابن القاسم، ومن كتاب ابن المواز، قال، مالك في المرأة أعتقت نصف عبد لها عند موتها، وقال العتبية(5)، بعد موتها وأوصت أن يكاتب نصفه الآخر، قال فليكاتب على قدر قوته وجرائه.
***
__________
(1) - هكذا في الأصل والعبارة في ب (أو أقر بقبض كتابة مكاتب) وفي ص وت (أو أقر ببعض كتابة مكاتب).
(2) - في ص (ويعتق).
(3) - كذا في الأصل والعبارة في النسخ الأخرى (ولو كاتب المكاتب في المرض).
(4) - البيان والتحصيل، 15: 243.
(5) - البيان والتحصيل، 15: 243.(1/96)
[13/101]
ومن العتبية(1) روى عيسى عن ابن القاسم، فيمن أوصى أن يكاتب عبده، فأصيبت يد العبد أو رجله فأي قيمة يكاتب؟ فإنما ينظر إلى قيمته يوم يكاتب لا يوم مات السيد ولا يوم أوصى، وكذلك او أوصى بعتقه، وقال سحنون فيمن أوصى أن يكاتب عبده ويعطى فلان عشرة دنانير، ولم يترك غير العبد، قيل للورثة إن أحزتم ما أوصى به الميت مضى ذلك، وإن قالوا نجيز الكتابة ولا نجيز الوصية بالعشرة، قيل لهم فكاتبوه وليس لكم من كتابته إلا ثلثان(2) فإن دفعتم إلى هذا العشرة ويبقى لكم ثلث الكتابة، وإلا سلموا ثلث الكتابة للموصى له.
قال أصبغ، ومن أوصى أن يكاتب نصف عبده، قيل للورثة إما كاتبتم جميعه لتنفذ وصية الميت [وإلا فاعتقوا](3) من نصف العبد مبلغ ثلث الميت.
ومن أوصى بخدمة أمته لابن له حياته فإذا مات كوتبت بعشرين دينارا، فإن حملها الثلث وقفت للخدمة، وللورثة أن يدخلوا مع الابن في الخدمة على الفرائض، أو يجيزوا له وصيته، فإذا مات كوتبت بعشرين، وكانت/ العشرون(4) بين ورثته، وإن عجزت فهي بينهم رقيق على الفرائض. قال أصبغ: ولاؤها إن أدت للميت وعصبته، وإن لم يحملها الثلث خير الورثة بين أن يجيزوا ذلك، فإن أجازوا فهو كما لو حملها الثلث كما ذكرنا، وتكون موقوفة على الابن في خدمتها إلى الأجل، وإن لم يجيزوا قاسموه الخدمة، وإذا كوتبت فكذلك أيضاً.
قال أصبغ، وإن لم يجيزوا فليعجلوا لها الكتابة الساعة، وتسقط الخدمة، فإن أبوا فليعتقوا منها محمل الثلث بتلاً، ويسقط ما سوى ذلك.
ومن سماع عيسى عن ابن القاسم، وعن امرأة قالت عند موتها لأمة ربي ولدي هذا وودي ثلاثين دينارا وانت حرة، ثم ماتت والولد صغير، ثم هلك الولد ولها ولد
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 243.
(2) - هكذا في ب وهو الصواب وقد كتبت في النسخ الأخرى (إلا الثلثين).
(3) - في ب (وإما أعتقتم من نصفه مبلغ الثلث).
(4) - في الأصل (والعشرون) والصواب ما أثبتناه.(1/97)
[13/102]
آخر، قال إن أدت الثلاثين فهي حرة لأنها أرادت بالتربية إن عاش إلى بلوغه. ومن أوصى أن يؤخذ من عبده ثلاثون(1) ديناراً ثم هو حر، أتنجم عليه؟ قال: لا، وتؤدى معجلة إلا أن يوصى أن تنجم.
وفي كتاب الخدمة من هذا المعنى، قاله ابن حبيب، قال مطرف وابن الماجشون، وإذا أوصى أن يكاتب عبده، فإن حمله الثلث كوتب كتابه مثله ونجمت عليه نجوم مثلها، وإن لم يحمله خير الورثة بين كتابته بكتابة مثله، أو أعتق ما حمل الثلث منه، ولو قال كاتبوه بمائة دينار لكوتب بها، كانت كتابة/ مثله أو أقل أو أكثر، وتنجم عليه بقدر قوته وسعيه ومن كتاب ابن سحنون قال، وكتب إليه شجرة، فيمن أوصى أن يؤخذ من كل عبد من عبيده كذا وكذا، ويعتق وهم تجار، وأقاموا بذلك بينه ولم تثبت، وللميت طفل لم يوص به إلى أحد فهل للحاكم أخذ المال من العبيد على وجه النظر للطفل وعتقهم؟ فكتب إليه إن رأى أن ذلك نظر لليتيم. فليفعل، فإن فعلت فلم يأتوا بالمال [تلومت لهم تلوماً بيناً، فإن عجزوا رجعوا في الرق](2)
فيمن وطئ مكاتبته فحملت، أو مكاتبة لأبيه(3)،
أو لمكاتبه، أو أمة لمكاتبه، أو أم ولد له،
وهل يطأ المكاتب أم ولد أدخلت معه في الكتابة؟
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، ومن وطئ مكاتبته فحملت ومعها في الكتابة غيرها، فليس لها تعجيز نفسها إلا برضى من معها، قال محمد: وهم بالغون أقوياء فيحط عنهم حصتها، وتصير أم ولد يطؤها، قال سحنون في العتبية(4)، ولها أن تعجز نفسها إذا لم يكن معها أحد، وإن كان لها المال الكثير،
***
__________
(1) - في النسخ كلها (ثلاثين) والصواب ما أثبتناه.
(2) - ما بين معقوفتين مأخوذ من الأصل وب وهو ساقط من ص وت وعوض بكلام لا ينسجم مع الموضوع.
(3) - في ب (لابنه) عوض لأبيه.
(4) - البيان والتحصيل، 15: 278.(1/98)
[13/103]
وإن اختارت عليه المضي على كتابتها فنفقة حملها على سيدها، كالمبتوتة الحامل، وروى ابن حبيب عن أصبغ أنها لا نفقة لها عليه. وقال ابن حبيب كقول سحنون، وذكر سحنون في كتاب ابنه جوابه هذا كله عن بعض أصحاب مالك.
ومن كتاب ابن المواز/ قال: إذا كاتب المكاتب أمته بإذن السيد ثم وطئها المكاتب، فلا خيار لها في التعجيز، فإن أدت خرجت مع ولدها، وإن ودى هو قبلها فولده أحرار معه، ولها التعجيز، ولو مات في الكتابة قبل خروجها وترك وفاء بكتابته خرجت حرة هي وولدها، ولو قوي الولد قبل عتقها سعى مع أقربهما عتقا فعتق بعتقه، ولو كان معه ما يؤدي عن أبويه أخذ من ماله ما يؤدي عنهما وعتقا، وإن ماتت أولاً وتركت مالاً وتركت مالاً أخذ من مالها ما بقي وعتق ولدها، وورث ما بقي، وإن لم يكن فيه وفاء فللولد أخذه والسعاية فيه، وكذلك لو لم يدع شيئا فإن أدوا عتقوا، وإن عجزوا وكانوا في كتابة أبيهم.
قال ابن القاسم، وإن وطئ أمة مكاتبه فحملت لزمته قيمتها يعتق فيها المكاتب ويتبع سيده بفضل إن بقي، وهي له أم ولد، قال محمد: وهذا ظلم للمكاتب بتعجيل كتابته، بل يأخذ قيمتها ويؤدي النجوم على حالها، فإن لم يكن للسيد شيء بيعت عليه كتابة مكاتبه هذا في ذلك. قال أحمد ويكون أولى بما بيع من ذلك.
وقال سحنون في كتاب ابنه مثل ما قال ابن المواز، وزاد وإن كان في ثمن الكتابة قدر نصف ما على السيد أخذه المكاتب، وبقي نصف الأمة للمكاتب رقيقاً(1) ونصفها بحساب أم ولد لسيده، وأتبع سيده بنصف قيمة الولد.
وقال أشهب: إن لم يكن للسيد ما يؤدي وكان في الكتابة أو في قيمة/ المكاتب، وفاء بقيمتها، أعتق بذلك استحساناً، فإن لم يف بقيمتها بقيت أمة للمكاتب، وأتبع سيده بقيمة ولده، قال محمد: وهذا أيضا لا يعجبني، والصواب ما قلت لك.
***
__________
(1) - في النسخ كلها (رقيق) والصواب ما أثبتناه.(1/99)
[13/104]
قال: ومن العتبية(1) روى سحنون عن ابن القاسم، فيمن وطئ أم ولد مكاتبه فحملت منه، قال: تحال بين المكاتب وبين وطئها حتى ينظر ما يصير إليه، فإن ودى عتق وكانت أم ولده، وإن عجز كانت أم ولد للسيد، فإن خاف العجز غرم سيده قيمتها يوم تؤخذ، ويعتق المكاتب فيها، فإن فضل شيء كان له، قال ولا يأخذ المكاتب قيمة الولد، وقال وهو في العبد على خلاف هذا.
وفي كتاب ابن سحنون عن ابن القاسم قال: إذا وضعت فعلى السيد قيمة ولده للمكاتب [يقاصص به في كتابته ويعتق وتبقى الأمة أم ولد للمكاتب](2)، وإن لم يكن فيه وفاء قوصص بها ويسعى فيما بقي، فإن ودى فهي أم ولد له، وإن عجز كان عبدا وكانت الأمة أم ولد لسيده وتحرم على العبد.
ومن كتاب ابن المواز، ومن العتبية(3) من سماع عيسى عن ابن القاسم، فيمن وطئ مكاتبه فحملت، قال في العتبية(4) يدار عنه الحد ويلحق به الولد.
وقال في الكتابين: تخير الأمة فإن اختارت البقاء على الكتابة غرم قيمتها، قال في العتبية(5): يوم وطئها، وقال في كتاب محمد: قيمة أمة [فتوقف خيفة أن يعدم عند العجز](6)، قال في كتاب محمد، ويكون ولده حرا مكانه، قال في الكتابين، فإن أدت عتقت وأخذ [الواطئ](7) القيمة التي وقفت، وإن عجزت كانت القيمة/ لسيدها المكاتب، وكانت أم ولد للواطئ، قال في العتبية(8)، ولم يكن عليه في ولده شيء.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 259.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من النسخ الأخرى.
(3) - البيان والتحصيل، 15: 234.
(4) - البيان والتحصيل، 15: 234.
(5) - البيان والتحصيل، 15: 234.
(6) - ما بين معقوفتين مثبت من الأصل وب والعبارة في ص وت مخالفة لذلك فقد جاء فيها (فيوقف حقه أو يغرم عند العجز).
(7) - كلمة (الواطئ) ساقطة من الأصل.
(8) - البيان والتحصيل، 15: 234.(1/100)
[13/105]
قال ابن القاسم في كتاب محمد، وكذلك يأخذ قيمتها إن ماتت قبل الأداء، وقال في العتبية(1)، إن ماتت قبل الأداء أخذ من القيمة الموقوفة قيمة الولد فدفع إلى المكاتب، ورجع باقي قيمتها إلى الواطئ، قال في الكتابين، وإن عجزت نفسها قومت عليه أم ولد، وغرم قيمتها للمكاتب نقداً، وليس للسيد أن يحاسب بها المكاتب إلا أن يشاء المكاتب، وقال أصبغ في كتاب محمد، إن ماتت قبل العجز رجعت القيمة إلى السيد الواطئ، لأن الحمل لم يضر، وقد ماتت في كتابتها من غير حمل.
وقال في إيقاف القيمة، إذا اختارت المضي على الكتابة أنه صواب، القياس في قيمتها أن تكون يوم تعجز بولدها كأنه يومئذ أحبلها، وأحب إلى أن تقوم يومئذ طرفاً بلا ولد، لأن الولد ليس بمال لأحدهما، ثم رجع فقال: القياس أن تمضي القيمة التي أوقفت، أو تقوم يوم العجز، وولدها كأنها لم تضعه.
قال محمد جواب أصبغ فيها غلفه وجيره(2) ولا أعجبنا جوابه، ولا الجواب الأول، والجواب عندنا، إن اختارت العجز صارت لمحملها أم ولد، وغرم القيمة، وإن تمادت لم يغرم الواطى إلا أن يشاء حتى تعجز فتكون له أم ولد ويغرم القيمة يوم الوطء أو يؤدي ما بقي عليها من الكتابة، أى ذلك شاء فذلك له، ولا يتبعها بشيء/ منه، وإن أدت خرجت حرة ولا شيء عليه، ولم يكن الحمل نقصا ولا زيادة، وإن ماتت في نجومها فلا شيء على واطئها، ولا معنى لإيقاف القيمة ولا منفعة، وقد لا تجيب عليه، وضرر ذلك من نفعه، وكان ينبغي أن يوقف ما تءدي هي، لأنك إنما توقف قيمتها يوم أحبلها، فإذا عجزت فقد كانت من يوم الوطء أم ولد، قال فإن عجزت وغرم القيمة لم يرد المكاتب ما تأدى منها بعد الوطء، وهو كالغلة قبل الإستحقاق، وكمن أعتق أمه أو كاتبها ثم استحقت بحرية أو بملك فلا يرد من كانت بيده شيئا من ذلك الأمر يوم ينظر الحاكم فيها ويوقفها
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 234.
(2) - (كذا في ص) وفي النسخ الأخرى تأخرت اللام عن الفاء فجاءت على صورة غفلة وحيرة) وما أشبه ذلك ولم أر لذلك معنى ولعل المراد بما في ص أنه قد عمل ما في وسعه على تحسين جوابه.(1/101)
[13/106]
فتوقف الغلة إلى وقت الحكم، قال: ولم أغرمه قيمة ولده لأن مرجعها إلى الحرية بالأداء، وتكون أم ولد بالعجز، بخلاف من أولد أمة ثم استحقت أنها مكاتبة فمرجعها هي إلى رق، فيؤدي قيمة ولدها إلى السيد يحسبه من آخر كتابتها، وقال ابن سحنون، ليس لها في قول سحنون أن تعجز نفسها إن كان لها مال ظاهر ولتتماد، فإن أدت عتقت ولا شيء على السيد، من قيمته ويعتق الأم فإن عجزت قومت على السيد فكانت أم ولد، وإن لم يكن لها مال ظاهر، أو كان لها في مذهب ابن القاسم وأشهب مال، فهي بالخيار، فإن اختارت المضي على الكابة وأدى السيد قيمة الولد فأوقفت، فإن أدت رجعت القيمة إلى السيد، وإن عجزت غرم السيد قيمتها ولم يلزمه للولد قيمة، يريد يرجع إليه ما أوقف فيحاسب/ به في قيمتها، قال فإن عجزت نفسها أدى السيد قيمتها معجلة للمكاتب وكانت له أم ولده.
ومن العتبية(1) روى عيسى عن ابن القاسم، فيمن وطئ مكاتبة ابنه فحملت، أنها تخير بين أن تقوم عليه فتكون أم ولد له وتبطل الكتابة، وبين أن تسعى في كتابتها على حالها، فإن أدت عتقت، وإن عجزت قومت عليه.
وقال سحنون: لا خيار لها، لأن هذا من نقل الولاء، وليس لها نقل ولا لها إلا بعجز بين(2)، وقال فإن عجزت فالابن يخير إن شاء قومها على أبيه، والمعروف لأصحابنا أنه لابد أن يقومها عليه لأنها أم ولد له.
قال عيسى عن ابن القاسم، فإن اختارت البقاء على الكتابة، أوقفنا القيمة من الأب، [فإن أدت رجعت القيمة](3) إليه، وإن عجزت أخذها الابن، وصارت أم ولد للأب، وإنما توقف القيمة لخوف عدمه، قال فإن عجزت وقد دخلها نقص بجناية جان من ذهاب جارحة أخذ لذلك أرشاً، فإن كان في عقلها ما تعتق فيه
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 280.
(2) - في ب (إلا أن تعجز).
(3) - في ب (فإن أدت عتقت ورجعت القيمة) وما أثبتناه من النسخ الأخرى.(1/102)
[13/107]
عتقت وردت القيمة إلى الواطئ، وإن لم يكن فيه ما تعتق به سعت فيما بقي، فإن أدت عتقت، وإن عجزت قوصص واطئها من قيمتها بما أخذ من ثمن جسدها، قال: وإن أصابها ذلك بأمر من الله ثم عجزت أخذ الابن القيمة كلها، ولا يحط شيء، قال ابن حبيب قال ابن الماجشون، في عبد كاتب على أم ولده، أنه يحرم عليه وطؤها لأنه كان السيد انتزعها ويرجع/ كل واحد منهما بما يؤدي على صاحبه، ولو مات عتقت فيما ترك، وإن لم يترك ولدا في كتابته أو ترك ويتبعها السيد أو الوالد كان بما عتق به من ماله إلا أن يكون ولدها، وإن عجز رقت للسيد ولم تكن أم ولد للعبد ولا أمة له، وإن كانت أم ولد لم يكاتب عليها، فمات ولدت في الكتابة منه فهي به أم ولد، وتعتق معهم فيما يترك الأب إن مات، ولا يبيعوها، وإن لم تكن أمهم لأن أباهم لم يكن يبيعها، وإن لم يدع المكاتب مالا سعت عليهم إن كانت مأمونة، كانوا منها أو من غيرها.
في قطاعة المكاتب، وما يجوز في الكتابة من
معارضة، وحوالة، وحمالة، وشيء من ذكر التداعي
في القطاعة، أو في مال الكتابة
من كتاب ابن المواز، قال: ولا بأس بقطاعة المكاتب، ويعجل عتقه بشيء تعجله أو يؤجره مخالفا لما عليه أو من جنسه أكثر منه أو أقل إلى أبعد من أجله، أو أقرب كان طعاماً أو غيره، وكذلك من اشترى كتابة المكاتب فهو كالسيد في جميع ذلك.
وقال في العتبية(1) من سماع ابن القاسم، أن لمن اشترى كتابة المكاتب مقاطعته لسيده، قال في كتاب محمد: وما وضع به فلا يحاصص به السيد غرماء المكاتب في فلس ولا موت.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 210.(1/103)
[13/108]
وروى مالك عن نافع عن ابن عمر: لا يقاطع المكاتب إلا بعرض. قال ابن القاسم/ ولم يأخذ بذلك الناس.
قال مالك في مكاتب قوطع له بشيء نجم عليه وعجل عتقه فمات قبل ذلك، فأقام نحو عشرين سنة ثم قام السيد يطلب ذلك من ولده، قال: أليس كان يبايع الناس ويشتري؟ قيل: نعم، قال: فلا بأس بذلك، وفي كتاب آخر فلا شيء عليه، وهو الصحيح، وإذا أحال المكاتب سيده على غريم له عليه دين، فإن حلت الكتابة جاز وعتق المكاتب، وإن لم تحل الكتابة لم يجز الحول، وأجازه أشهب حلت أو لم تحل، ويبدأ بذلك المكاتب أخذه السيد أو أدى، محمد، وهذا أبين القولين، وأظن ابن القاسم إنما كره من الحوالة بما لم يحل من الكتابة فيما لا يتعجل عتقه، فأما بما قد حل منها فجائز، قال: وإنما لا يجوز الضمان ولا الحول بها ولا الأخذ عليها إلا بتعجيل العتق، قال محمد صواب كله إلا في الحول على حول للمكاتب برضى السيد فهو جائز، وإن كان بعض النجوم وقد برئ المكاتب من ذلك.
قال ابن القاسم: وإن أحاله مكاتبه الأعلى على مكاتب له لم يجز الأعلى إن ثبت عتق الأعلى، فإن عجز المكاتب مكاتبه رق للسيد، قال مالك في وصيف قد بلغ السعي ولم يحتلم كاتب عنه أبوه الحر وضمن ذلك يؤديه عن ابنه من ماله على النجوم، فلا خير فيه، أرأيت إن عجز الأب أو مات الابن أيذهب مع دفع الأب؟ فلا خير فيه، قال محمد: ولو كان على تعجيل عتق الابن لزم ذلك الأب على النجوم.
قال مالك، ومن قال لرجل أفسخ كتابة أمتك وأضمنها لك/ على أن تزوجنيها، ففعل وزوجها إياه وولدت بنتاً، ثم مات الزوج فلا ترث، وهي وابنتها للسيد رقيق.
قال ابن القاسم: يعني أنه لم يجز الحمالة وهي أمة ولا يؤخذ ذلك من تركته. محمد لأنه لم يكن يحكم به عينه في ذاته، إلا أنه لو ودى ذلك حتى يعتق
***(1/104)
[13/109]
به ويفوت لجاز ذلك ويرجع عليها المؤدى، ويرجع عليه بصداق مثلها يوم عقد النكاح، فمن كان له فضل أخذه.
قال ابن حبيب، قال أصبغ فيمن قاطع عبده على مائة، وقال هي حالة، وقال العبد إلى أجل فالسيد مصدق مع يمينه، ولو كاتبه على مائة فقال حالة وقال العبد منجمة صدق العبد مع يمينه، وذكر ابن القاسم في المدونة في المكاتب يدعي أنه كوتب بمائة وقال السيد بمائتين، أن القول قول المكاتب إن كان قوله يشبه، لأن الكتابة فوت، قال محمد بن عبد الحكم: قد اختلف في ذلك ابن القاسم وأشهب، يريد أن أشهب يرى القول قول السيد، قال محمد: والحجة له أنه يقول أنت مملوكي فلا تخرج إلى الكتابة إلا بما أقر لك به، وذلك كالبيع يختلفان فيه فالقول قول البائع والمبتاع مخير، والحجة لابن القاسم في قوله أن القول قول المكاتب أن الكتابة قد وجبت وهي فوت، فالسيد يدعي فضلا، والعبد ينكر، فالبينة على المدعي، وعلى المنكر اليمين.
قال ابن المواز في كتاب الإقرار، أحسن ما سمعت في ذلك أن القول قول المكاتب، وتصير فوتاً(1) كمن ابتاع/ عبدا فكاتبه ثم اختلفا في الثمن، فالمبتاع يصدق ويخرجان من حكم المتبايعين إلى المتداعيين فلا يلزم المبتاع إلا ما أقر به.
في قطاعة المكاتب بين الشركاء
قال: والمكاتب بين الرجلين لا بأس أن يقاطعه أحدهما بإذن شريكه من جميع حصته على شيء أو من بعضها ويبقى بعضاً، ثم اقتضى الآخر مثل ذلك فأكثر ثم عجز، فالعبد بينهما ولا رجوع لأحدهما على الآخر، وإن اقتضى أقل(2) خير المقاطع بين رد الفضل حتى يستويا، ويبقى العبد بينهما، فإن أبى فالعبد كله
***
__________
(1) - في الأصل (فوت) والصواب ما أثبتناه.
(2) - في ب (وإن اقتضى أكثر)(1/105)
[13/110]
للذي لم يقاطع، ولو مات المكاتب فلا يخير المقاطع، وللمتماسك أخذ جميع ما بقي له من الكتابة مما حل أو لم يحل، وما فضل فبينهما، وليس كعبد نصفه حر، وإن ترك أقل من مال المتمسك فليس له غيره، ولا يرجع على المقاطع بشيء قال: وإن قاطع بإذن شريكه على غير العين ثم عجز، فإن كان حيواناً أو عرضا نظر إلى قيمته نقدا يوم قبضه ثم رد فضلا إن كان عنده إن شاء حصته من العبد، وإن كان شيئاً له مثل من مكيل أو موزون رد مثله، ورد الآخر كل ما قبض فكان بينهما نصفين، قال: ولو مات وقد بقي للمقاطع عليه بعض ما قاطعه عليه وقد ناصفه على عين تحاصا فيما ترك هذا بما بقي له مما قاطع عليه، والآخر/ بجميع نصيبه، وكان ربيعه يكره أن يقاطع بإذن شريكه ويقول إن فعل ثم مات العبد فميراثه للذي لم يقاطع، قال أصبغ ليس عليه العمل، والعمل على قول ابن المسيب.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم في مكاتب بين ثلاث فقاطع أحدهم بإذن صاحبيه وتمسك الثاني، ووضع الثالث، ثم عجز العبد، فإن رد الذي قاطع نصف ما قاطع به إلى المتماسك، كان العبد بين الثلاثة بالسواء، وإن أبي كان العبد بين المتماسك وبين الذي وضع نصفين.
ومن كتاب ابن المواز، وقال مالك في مكاتب بين رجلين قاطعه أحدهما على نصف نصيبه على مائة وجميع الكتابة ثمانمائة فأبقى الربع الآخر مكاتبا بإذن شريكه، فذلك جائز، فإن عجز [فليؤد المقاطع نصف ما فضل](1) صاحبه به بقي له ربع العبد وللمتمسك ثلاثة أرباعه، ولو قبض منه المتمسك مثل ما أخذ المقاطع في القطاعة أولاً، وذلك مائة، كان المقاطع أيضا بالخيار في عجزه إن شاء سلم إلى المتماسك ما أخذ ورجع فكان له نصف العبد، شاء المتماسك أو أبى، وإن شاء أخذ منه ثلث المائة وسلم ربع العبد وكان له ثلاثة أرباعه، وللمقاطع ربعه، وكذلك إن قبض المتمسك مائتين فللمقاطع أخذ ثلثها، وإن كره، ويصير
***
__________
(1) - كذا في الأصل والعبارة في ب (فإن لم يؤد المقاطع نصف ما فضل) وفي ت وص فإن لم يرد إلخ.(1/106)
[13/111]
للمقاطع ربع العبد فقط، فإن شاء أخذ منه خمسين وكان العبد بينهما نصفين. محمد: معناه أن المقاطع لم يقبض/ غير ما قاطع عليه، وكان حقه أن يأخذ الثلث من كل ما يقتضي لأن له ربع المكاتب مكاتباً، وللآخر نصفه، فإن شاء أخذ ذلك، ثم له أن يختار المتماسك بما قبض، ولا يكون له غير ربع العبد، ثم إن شاء أن يكون له نصف العبد رد فضلا عبده إن كان فضلا، قال: وإن قاطع أحد الشريكين جميع حصته بغير إذن شريكه، فإن قبض المتمسك مثل ما قبض هو، فلا حجة للمتمسك في عجزه ولا في موته، وإن لم يدع شيئاً، وكذلك إن بقي له وقد ترك المكاتب ما يأخذ هذا منه تمام ما أخذ المقاطع، لا اختلاف في هذا عن ابن القاسم وأشهب، واختلف إذا عجز ولم يقبض المتمسك إلا أقل من الآخر، لاختلاف قول مالك فيه، فقال ابن القاسم الخيار للمتماسك إن شاء رجع بنصف الفضل على الآخر أو تماسك بالعبد كله، وقال أشهب له الرجوع بنصف الفضل، فإن اختار التمسك بالعبد رجع الخيار للمقاطع.
محمد، ويصير كأنه قاطع بإذنه أو قام به فوصى، ورواه عن مالك، وعليه من أرضي من أصحابه.
في إنظار أحد الشريكين، وتبدية أحدهما
بالأداء، أو سلعة له، وهل يقتسمان(1) عليه؟
من كتاب ابن المواز، قال في المكاتب بين الرجلين إذا اقتضى أحدهما وأنظر الآخر المكاتب، ثم عجز العبد أو مات ولا شيء له، فإنظاره كوضيعة، ولا يرجع على المقتضي./ وإنما يرجع عليه إذا أسلفه وذلك أن يستأذن الشريك شريكه في الإقتضاء، وبه فيأذن له، ولو أن المكاتب هو الذي سأل الشريك أن يدفع إلى شريكه ما جاء به، فهو إنظار للمكاتب لا سلف للشريك، ولا يرجع على الشريك في عجزه إذا لم يمض إلا بقدر حقه مما حل.
***
__________
(1) - في الأصل (وهل يقتسما) بحذف النون ولا مبرر لذلك.(1/107)
[13/112]
قال محمد، وأما لو حل عليه نجم فلم يجد إلا نصفه، فسأل أحدهما الآخر أن يؤثره به على أن يأخذ حقه هو في النجم الباقي، ففعل، فهذا سلف منه لشريكه يرجع به عليه إن عجز قبل أن يستوفي إلا أن يطلب إليه أن يؤثره به، وينظر هو المكاتب فرضي بهذا الشرط، فذلك إنظار للمكاتب إذا لم يكن فيما جاء به زيادة على حق أحدهما، وقد قال عبد الملك: إذا جاء بالنجم كله فأخذه أحدهما فهو سلف من الشريك لشريكه، فإذا لم يأت إلا بالنصف فهو إنظار للمكاتب، محمد، يريد إذا رضي بذلك الشريك، قال: ولو كان نجمها عشرة فأتى بسبعة فدفعها إلى أحدهما، قال: ديناران سلف من الشريك لشريكه والثلاثة الباقية إنظار من الشريك [للمكاتب إذا لم يحضر إلا بنصف ما حل، فإن حضر بزيادة فأخذ ذلك الشريك](1) بإذن الآخر واشترط فيه إنظار المكاتب لم يلزمه ذلك في الزيادة من مصابه الذي لم يقبض، وكأنه أحال بها القابض لشريكه فيما لم يحل، فإن لم يدفع ذلك للمكاتب رجع/ الشريك على شريكه وإنما الإنظار فيما قد حل لا فيما لم يحل.
[قال: ولو سأل أحدهما المكاتب قبل محل شيء](2) أن يؤجره بحصته من الكتابة كلها حتى يتم اقتضاء الآخر، فذلك لازم لا رجعة له فيه، خلاف ما أحضره المكاتب، لأنه بإحضار وجب لهما، فإن كان جميع ما حل من الكتابة فهو سلف من الشريك لا يجوز فيه اشتراط أنه نظره منه للمكاتب، قال أحمد، يريد فيما حل. فإن لم يأتي بجميعه فما بقي منه إن اشترط أنه نظرة فهو كما شرط، وسواء اشترط ذلك على الذي لم يأخذ، أو يشترطه القابض. فمن رضي منهما أن يكون من حقه أخر به المكاتب فذلك له، قال: وإن سأل شريكه فيما لم يحل أن يؤخره به حتى يقبض جميع حقه في الكتابة على أن تكون نظرة للمكاتب، فإن كان على أن يدفع المكاتب نصف كل نجم لا زيادة فجائز وهو إنظار
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط ب.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط ب.(1/108)
[13/113]
للمكاتب لا رجعة فيه على شريكه، وإن كانت المنة من المكاتب ففعل ذلك الشريك ولم يشترط ما ذكرنا من شروط الشريك فهو إنظار للمكاتب، وتمام ذلك من الشرط إذا كان بمسك الشريك، فإن لم يكن فذلك منه سلف يرجع به على شريكه، وإن كان على أن يدفع جميع النجوم الذي حل إلى الشريك فهو سلف من الشريك لشريكه يرجع به عليه، ولا يجوز فيه الحول ومنه ومن العتبية(1) رواية يحيى بن يحيى عن ابن القاسم،/ قال، وإذا حل نجم فأخذه أحدهما بإذن الآخر فيأخذ الآخر النجم الثاني فهو سلف من الشريك يرجع به عليه في العجز والموت.
قال في كتاب محمد، إلا أن يعجز أو يموت قبل محل النجم الثاني فليس له أخذه به حتى يحل النجم الثاني، قال محمد، ولو حل الثاني قبل عجزه فتعذر على المكاتب وانتظر لما يرجى له كان على الشريك أن يجعل لشريكه سلفه ثم يتبعا المكاتب جميعا بالنجم الثاني، قال لشريكه اقض ما قدمتك به ونتبع أنا وأنت المكاتب قال ليس له قبله شيء إلا أن يعجز المكاتب.
ومن كتاب ابن المواز قال محمد، وإذا عجل المكاتب نصف الكتابة كلها قبل محلها فسأل أحدهما الآخر أن يأخذ ذلك، ويأخذ هو على النجوم، ثم عجز وقد دفع إلى الآخر بعضا أو لم يدفع، فله الرجوع على المقتضي بما فضله، ولا يجوز ما شرط عليه، وأجاز فيه ابن القاسم وعبد الملك بما لم يعجبني، جعله ابن القاسم كالقطاعة وخير القابض، وقال عبد الملك، إن عجز قبل أن يحل عليه النجوم فليرجع على شريكه بفضل ما لم يحل منها وهو سلف من الشريك، وإن عجز وقد حل شيء منها فإنه يمضي للقابض نصيبه مما حل، ويخرج ما فضل عنده مما لم يحل، فيكون بينه وبين شريكه مع رقبة العبد.
قال ابن القاسم، ولو جاء بنصف النجوم بعد محل نجم أو أكثر، فقال الشريك دعني آخذ هذا النجم الذي قد حل وخذ أنت النجم/ المستقبل ففعل
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 247.(1/109)
[13/114]
ثم عجز لرجع على شريكه على ما أحب أو كره، وكان العبد بينهما، وهذا سلف منه لصاحبه، والأول لم يكن لأحدهما فيه حق فصار كالقطاعة، قال محمد، بل هو سلف للشريك لأنه لما عجل ما عليه لزمه ذلك لهما، وقد قال مالك في مدبر كوتب فسلف منه السيد نجوما قبل محلها، ثم مات وخرج من الثلث فليس له استرجاع ما عجل سيده، وقاله أشهب.
قال أشهب: إلا أن يسلفه سلفا لا على الاقتضاء، فيكون له أن يرجع فيما أسلفه إن مات السيد قبل محله. محمد، وكذلك مسألتك لما عجل ذلك كان ذلك لهما.
ولو قال أردت بذلك تعجيلا لأحدهما، فليس له ذلك إلا بإذن شريكه، فإن أذن فهو سلف من الشريك لشريكه لا إنظار للمكاتب، قال محمد، والصواب من ذلك أن ليس لأحدهما أخذ شيء دون صاحبه بغير إذنه فيما حل وفيما لم يحل، فإذا أخذ شيئا بإذن شريكه ليرجع به فيما لم يحل، فإذا أخذ فليس بدين فائت تتم فيه الحق له، فلا يبين منه المتعجل، ولو قال المكاتب فيما جاء به مما لم يحل أنا أسلفه أحد سيدي، لم يكن له ذلك إلا بإذن الشريك، فإذا أذن له رجع به عليه في عجزه وموته، محمد وأما قول ابن القاسم في تعجيل أحدهما نصف الكتابة بإذن الآخر أنه كالقطاعة فليس كذلك لأن القطاعة متأخرة بينه وبين المكاتب ولم يرض به الشريك إلا لرجاء نفع يفي عنه السعاية في توفير نجومه بهضم نجوم/ صاحبه، وإنما الخيار له في العجز دون الموت حين لم يتم للعبد بالعتق الذي وضع له من أجله من حقه فرجع التخيير له حين عاد العبد رقيقا.
وقال عبد الملك لا يجوز لهما اقتسام ما على المكاتب كما يجوز في دين الأجنبي حتى يدخل فيما اقتضى منه صاحبه، وكذلك العبد في كسبه لا يقتسماه ولا يعامل فيه أحدهما دون الأخر، وكذلك روي عن ابن القاسم في العتبية(1) أنه لا يجوز لهما اقتسام ما على المكاتب، كما قال مالك أنه لا يبيع
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 245.(1/110)
[13/115]
أحدهما نصيبه من الكتابة دون صاحبه إلا أن يبيعا جميعا، فلا تجوز القسمة إلا فيما يجوز بيعه.
وفي موضع آخر من كتاب محمد أن قسمة ما على المكاتب والمكاتبين جائزة، ولا يجوز أن يأخذ أحدهما أحد المكاتبين والآخر الآخر، قال وإن كاتبا عبدا على أن يبدأ أحدهما بالنجم الأول أبداً لم يجز ولا أن [يبدئه ببعضه، وتفسخ الكتابة لأنه لم يرض بالكتابة إلا بجعل يريده لا يدري ما](1) يتم به، قال أشهب يفسخ إلا أن يرضي الشريك بترك ما شرط، وقال ابن القاسم تتم الكتابة ويبطل الشرط. قال محمد إن لم يكن قبض منها شيئا كما قال أشهب، وإن اقتضى منها صدرا فإنها تنفذ ويبطل الشرط، ولو قاله أحدهما لصاحبه بعد العجز عنه جاز ورجع عليه في العجز والموت.
في العتبية(2) روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، إذا أنظر أحدهما وأقتضي الآخر ثم مات المكاتب وقد اقتضى الذي لم ينظر بعض حقه، فليقسما ما ترك على قدر ما/ بقي لكل واحد منهما كمال المفلس.
في المكاتب يؤدي ثم يستحق بملك أو بحرية،
ومن جحد عبده العتق ثم استغل أو وطئ
قال ابن حبيب قال أصبغ فإذا عتق المكاتب بالأداء ثم أقام بينه أنه حر من أصله أو بحنث من سيده، فأما الحر من أصله فليرجع على سيده بما ودى من كتابة، أو غلة أو مال انتزعه أو أرش جرح أو كراء إكراه أو مقاطعة، ما عدا كراء خدمته إياه فقط، وأما إن كانت حرية بحنث والسيد يجحد فلا يرد شيئا من ذلك، قال: وأخبرني أصبغ عن ابن القاسم إذا عتق بالأداء ثم ثبت أنه حر من أصله أو أن سيده أعتقه، قبل أن يكاتبه والسيد جاحد، وكيف بما قبض منه من
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ت وص.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 246.(1/111)
[13/116]
خراج وغلة ومال أعطيه؟ قال: قال مالك، ذلك سواء ولا يرجع بشيء منه وذلك كخدمته إياه وعمله له. قال أصبغ: هذا في جحود السيد، ولو كان مقرا لرد كل ما أخد في عتقه أو في غير عتقه إلا ما استخدمه.
وقال ابن الماجشون: إن كان جاحدا رد إليه كل ما أخذ منه في العتق، وإن كان مقرا رد ما أخذ كله في العتق وغيره، وفي اختدامه إياه لأنه مقر أنه اختدم حرا، ولو كانت امة فوطئها بعد عتقه إياها ثم قامت بعتقه بينه وهو يجحد فلا شيء عليه، وكذلك لو كان عبدا فجرحه أو قذفه، ولو كان مقرا لزمه الحد في قذفه، والقصاص في جرحه، والحد في الوطء، وصداق المثل/ قاله كله ابن الماجشون، وكل ما وقع من ذلك بينه وبين أجنبي مما له أو عليه من حد أو جرح فله في ذلك حكم الحر كان سيده مقرا بعتقه أو جاحدا، قال أصبغ: وقال مثله كله ابن القاسم.
ومن كتاب ابن المواز قال، ومن كاتب عبده بخمسمائة دينار فودى مائتين، ثم استحق نصفه بحرية، فالعبد في نصفه الباقي مخير، إن شاء مضى على كتابته فيكون عليه خمسون(1) ومائة، فيقسم ذلك على النجوم، فإذا وداها خرج حراً، وإن شاء الله كان نصفه رقيقا، إذ لا يكاتب نصف عبد نصفه حر إلا برضاه، قال احمد: لا خيار له إلا بعجز بين، وإن كان قويا فليعجز نفسه، وإذا استحق رجل نصفه بملك ثم أراد إمضاء الكتابة فذلك له، وليس له مما قبض الأول شيئا، وإنما له نصف ما بقي من الكتابة من يوم استحقه، وإن أحب رد الكتابة فذلك له ولا شيء له فيما قبض الأول، ولو لم يستحق بملك ولا بحرية حتى قبض السيد جميع الكتابة، لم يكن عليه رد شيء منها، إلا أن يكون إنما أخذ ذلك ممن كان في يديه، وكذلك كل غلة وخدمة لا يرجع بها، استحق كله أو بعضه، وفي باب من وطئ مكاتبته من هذا شيء.
***(1/112)
[13/117]
فيمن ودى كتابته أو بعضها أو قطاعة
ثم استحق ما دفع
قال ابن حبيب، قال أصبغ، قال ابن القاسم، ومن كاتب عبده على عبد موصوف أو قاطعه عليه وهو مكاتب/ أو قن(1) ثم استحق أو وجد به عيبا فرده فليرجع مثله ولا يرد عتق المكاتب أو العبد، ولو كان بعينه رجع بقيمته ولم يرد العتق. واختلف قول ابن القاسم في مقاطعته لعبد عنده فقال يرجع عليه بقيمته كقوله في المكاتب، وقال لا يرجع عليه بشيء ويجعله كالانتزاع ويمضي حرا، وبهذا قال أصبغ، وسواء قال أعتقتك عليه أو بعتك نفسك به، أو انتزاعه منه واعتقه، وهو بخلاف المكاتب، وقاله ابن حبيب.
في العتبية(2) روى أشهب عن مالك في مكاتب قاطع سيده في بقية كتابته بعبد قبضه منه فاستحق مسروقا فليرجع بقيمة ما أخذ منه ما كان، وقال في المكاتب يقاطع سيده على شيء استرفعه أو ثياب أستودعها، ثم يعترف ذلك ربه فيأخذه، أيعتق المكاتب هكذا بالباطل؟ لا يؤخذ الحق بالباطل.
قال ابن المواز: واختلف قول ابن القاسم فيمن قاطع عبده على عبد فاستحق، قال لا شيء عليه كالانتزاع، وإن كان موصوفا رجع بمثله، ثم رجع فقال لو كان عبدا بعينه فوجد به عيبا لرده ورجع بقيمته، وقاله أشهب، وإنما لا يرجع فيما أعتقه، واستثناه لا على المبايعة والمكايسة.
وفي كتاب العتق باب من وهب لعبده خدمته أو باعه من نفسه بيعا فاسدا، أو بشيء فاستحق، أو وجد به عيباً.
***
__________
(1) - القن: عبد ملك هو وأبواه وهو بلفظ واحد للمذكر والمؤنث والمفرد والجمع وقد يجمع على أقنان وأقنة.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 222.(1/113)
[13/118]
في جناية المكاتب وجناية سيده
/ ووطئه لمكاتبته غصبا
وهذا الباب موعب في كتاب الجنايات بما فيه الكفاية
في العتبية(1) روى عيسى بن دينار عن ابن القاسم، في ثلاثة عبيد في كتابة واحدة جنى أحدهم جناية، فيقول له أد جنايتك، فإن لم يقو قيل لمن بقي أدوا الجناية وقوموا بنجومكم وإلا عجزتم، فإن لم يقوموا عجزوا ورق الاثنان، ثم يخير السيد فإما فدى الجاني أو سلمه، فإن أدوا عنه الجناية رجع بها عليه من وداها بعد العتق، وإن كان ممن يعتق عليه بخلاف الكتابة.
ومن كتاب ابن المواز ومن شج مكاتبه موضحة فإنه يضع عنه نصف عشر قيمته لو وقف يباع ويحسب له في آخر كتابته، وإن قتل السيد مكاتبا لمكاتبه فليغرم لو قيمته معجلا، فإن كان عديما بيعت كتابة الأعلى في ذلك، ويبقى مكاتبا كتابة كما هو، فإن لم يفي بذلك أتبعه بما بقي دينا، وإذا وطئ المكاتب مكاتبته غصبا، فقال أشهب، إن كانت ثيبا فلا شيء عليه لأنه لا ينقصها، وعليه في البكر ما نقصها يحبسه في آخر كتابته، وقال ابن القاسم عليه ما نقصها ولم يذكر بكرا ولا ثيبا، وكذلك أمته وامة عبده، قال ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم عن مالك في مكاتب قتل مدبرا خطأ، فإن ودى قيمته بقي على كتابته، وإلا عجز وخير سيده فإما فداه بقيمة المدبر وبقي له رقاً، أو أسلمه لسيد المدبر فيكون له رقا، ولو قتل مدبر مكاتبا خطأ، خير سيده فإما فداه بقيمة المكاتب،/ ويبقى له مدبرا وإلا أسلم خدمته فاختدمه سيد المكاتب في قيمته، فإن مات سيده عتق في ثلثه وأتبعه سيد المكاتب بما بقي له من قيمة المكاتب، وإن حمل بعضه أتبع ذلك البعض بحصته مما بقي، وخير الورثة، فإما أسلموا أو يفدوه رقا،
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 240.(1/114)
[13/119]
[وإذا كان للمدبر مال يؤدي به فقبضه سيد المكاتب ثم ما بقي من قيمته يكون فيه العمل على ما وصفت، وقاله كله مطرف وابن الماجشون](1).
في ردة المكاتب، وفي نصراني كاتب
عبده على خمر ثم أسلم أحدهما
من كتاب ابن المواز، وإذا ارتد المكاتب فقتل ومعه في الكتابة ولد وأم ولد، فإن كان ما ترك لا وفاء فيه دفع إلى ولده إن كانوا أمناء، وقد بلغوا فيقوون به على السعي، وتسعى معهم أم ولد أبيهم، فإن لم يكن الولد أمناء وأم ولد أبيهم أمينه دفع إليها المال وسعت، فإذا استوفى الكتابة عتقوا وعتقت، كانت أمهم أو غير أمهم، ولو ترك وفاء بالكتابة وفضلا كان جميع ذلك للسيد، وهم وأم ولده أحرار، ولا يرث ولده [من ذلك شيئا لاختلاف الدينين، ولا يرجع عليهم السيد بشيء مما عتقوا به من مال الأب](2)، ويرجع على الأجنبي، قال أحمد، لأن سيده ورثة بالرق ولم يرثه الولد لردة، ولم يتبع بمن عتق لأنه يعتق عليه بالسنة، قال ابن حبيب قال أصبغ، في مكاتب النصراني تسلم أم ولده وقد ولدت/ منه بعد الكتابة، قال توقف، فإن عتق عتقت بإسلامها، أو تعجز فتباع عليه، وما لم يعتق فله إن خاف العجز بيعها إن شاء ذلك المكاتب، وإن لم يطلب بقيت موقوفة.
في العتبية(3) قال سحنون في النصراني يكاتب عبده النصراني بمائة قسط من خمر ثم يسلم المكاتب بعد أن ودى نصف الخمر، قال على المكاتب نصف قيمة الخمر بعينه عبدا، ويكون عليه نصف كتابة مثله في قوته على السعاية. وكذلك لو كان كما أسلم السيد، فالجواب سواء، وذكر ابن حبيب مثله عن ابن القاسم، إلا أنه قال يكون عليه نصف ما في كتابه مثله، فإن لم يف نصف الخمر والخنازير طالبه بنصف كتابة مثله إن ثلث فثلث او ربع فربع.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(3) - البيان والتحصيل، 15: 278.(1/115)
[13/120]
مسائل مختلفة من المكاتب
في العتبية(1) من سماع ابن القاسم قال مالك في الذين يرون الاستسعاء خطأ يقولون كيف تصنعون بالصبي وبالجارية لا يقويان على العمل؟
قال مالك: ومن كوتب على دراهم نجمت عليه، فجاء بها عدداً ولم يشترط عليه كيلا ولا عددا، وطلب أهله كيلاً، قال إذا اعطاهم دراهم وازنة عددا فليس لهم إلا ذلك قال مالك في قوم يقتسمون الصدقة أنه لا بأس أن يعطوا منها مكاتبا ما يعتق به، وغيره أحب إلى، قال مالك كان الناس قد تسرعوا المغيرة بن زياد، يعني مولى ابن عباس في كتابته ففضل له مال كثير فرده إلى من أعطاه بالحصص وكتب/ أسماءهم عنده فكان يدعو لهم حتى مات.
قال مالك في مكاتب كان يبيع لسيده في ماله، وكان رجل دفع إلى سيده سلعة يبيعها له فزعم المكاتب أنه قد باعها وحاسب سيده ثمنها وقبضه منه، قال لا يلزم المكاتب شيئا من ثمنها.
تم كتاب المكاتب
بحمد الله وعونه وتوفيقه
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 216.(1/116)
[13/121]
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه
كتاب أمهات الأولاد
في الحجة في منع بيع أمهات الأولاد
ومن كتاب ابن سحنون، قال سحنون، [قد قام](1) من اجتماع الصحابة بالمدينة في منع بيع أمهات الأولاد ما لا يسع خلافه، وقضى به عمر(2) بعد المشورة، ورأى علي في ذلك، وحكم عثمان بمثله، واتصل ذلك وتأكد عند العلماء في كل قرن،
وما ذكر أن عليا [رضي الله عنه] رجع عن ذلك، فلم يثبت، ولو ثبت لكان رأيه مع عمر وعثمان [رضي الله عنهما]، في المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم [أولى وهو](3) أثبت في الرواية وقد روى حسين بن عبد الله عن ابن عباس، أن [النبي عليه السلام] قال: «في أم إبراهيم أعتقها ولدها»(4).
وفي كتاب غير ابن سحنون، روى حسين/ عن عكرمة عن ابن عباس، أن [النبي عليه السلام] قال: «أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة إذا مات».
وفي رواية أخرى: «فهي معتقة عن دبر»(5).
***
__________
(1) - (قد قام) محذوفة من ص.
(2) - لفظ (عمر) ساقطة من ص وت.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(4) - الحديث وارد في سنن ابن ماجة في باب أمهات الأولاد من كتاب العتق.
(5) - الحديث وارد في سنن ابن ماجة في باب أمهات الأولاد من كتاب العتق.(1/117)
[13/122]
وفي حديث مالك عن الخدري، في غزوة بني المصطلق «قال أصبنا سيبا، واشتدت علينا العزبة وأوحببنا العزل(1)، فسألنا النبي عليه السلام عن العزل»(2).
وفي حديث آخر: «وقالوا إنا نحب الأثمان».
فدل هذا أن الثمن يبطل مع الولد عندهم، وفيما دل عليه الحديث، ولا نعرف أنه جرى ببيعهن حكم إمام.
وعلى ذلك علماء الأمصار في القرن الثاني، والثالث، ولم يختلف أحد أنها إذا حملت لا يجوز بيعها، فلا يتغير ذلك بالوضع، وقد خالطها من أمر الحرية بالذي استقر في بطنها(3)، ومما فيها ما غير أحكام الرق فيها، فإن قيل فلم لا يبطل الوطء فيها؟ قيل: لم يختلف في الوطء، ولم يجب أن يبطل لأنه هو السبب الذي أنزلها المنزلة التي ذكرنا، وكذلك أيضا ذكر سحنون في هذا.
قال سحنون، ولما كشف عن أمرهن عبد الملك، أخبره ابن شهاب، أن ابن المسيب قال إن النبي عليه السلام قال: «لا يبعن في دين، ولا يعتقن من ثلث»(4).
وفيه غضب سعيد على الزهري حين حدثه حديث(5) عبد الملك. وقال مالك، إنما حدثه أن ابن المسيب قال إن عمر أعتقهن. قال سحنون، ولو كان ما ذكر عن جابر من بيعهن في عهد النبي عليه السلام، ما تظاهر الخليفتان والمهاجرون والأنصار على خلاف ذلك/ ولم يكن يخفي على جملتهم سيما بعد التشاور والاجتماع.
***
__________
(1) - (فأحببنا العزل) في النسخ كلها (فأحببنا الفداء) ولقد أثبتنا ما في صحيح البخاري من كتاب العتق باب من ملك رقيقا إلخ.
(2) - تمام الحديث جاء فيه فقال ما عليهم إلا تفعلوا. ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة.
(3) - في ت (في رحمها).
(4) - لم أقف عليه.
(5) - في الأصل وب (حين حدث حديثه) وأثبتنا ما في ص وت.(1/118)
[13/123]
ما تكون به الأمة أم ولد، وهل يتم حرمتها بعد الموت
السيد قبل أن تضع؟ وفيمن أقر بالوطء ثم جاءت
بولد أو شك في الاستبراء؟ وذكر العزل عن الحرة،
وكيف إن قال كنت أعزل وقد استبرأت؟
من كتاب ابن سحنون، قال ابن وهب، وقال ابن حبيب، قال مطرف، قالا عن مالك، تكون الأمة أم ولد بكل ما أسقطت، إذا علم أنه مخلوق وفيه تجب الغرة.
قال ابن القاسم، وإن لم يبن شيء من خلقه، إذا أيقن النساء(1) أنه ولد مضغة كان أم علقة، أو دما(2).
وقال أشهب، إذا طرحت دما مجتمعا أو غير مجتمع، فلا تكون به أم ولد، قال: وإذا صار علقة خرج من حد النطفة والدم المجتمع.
قال سحنون، قال أصحابنا أجمع(3)، إذا أقر بوطء أمة، لزمه ما أتت به من ولد إلى أقصى حمل النساء، إلا أن يدعي الاستبراء بحيضة واحدة [لم يمسها بعد ذلك، فلا يلزمه إلا أن تأتي به لأقل من ستة أشهر من استبرائه، فيلزمه](4)، فإن كان لأكثر لم يلزمه.
قلت له: روى عبد الملك عن مالك، أنه إذا قال: استبرأت بثلاث حيض، حلف وبرئ وإليه رجع المغيرة بعد إن كان قال لا يبرأ منه إلى خمس سنين.
وقال عبد العزيز، يبرأ منه بحيضة.
قال سحنون، الذي ثبت عندنا عن مالك، حيضة، ولا يمين عليه، ولا أعرف ما ذكر عن المغيرة،
***
__________
(1) - في ب (إذا اتفق النساء).
(2) - في الأصل (أو دم) بالرفع.
(3) - في ب (أجمعون).
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/119)
[13/124]
وكذلك أنكر ابن المواز ما انفرد به عبد الملك/ من اليمين، وقال أشهب، في كتبه(1) لا يمين عليه في دعواه الاستبراء ولا على أنه لم يقر بأن الولد ولده، ولو لم يدع إقراره، ولكن ادعت [أنه ابنه لم يستحلف في شيء من ذلك كان الولد حيا أو ميتا أو سقطاً(2).
قال ابن الماجشون، قال مالك، في أقصى](3) حمل النساء أربع. وروي عنه، أنه لم يوقت، وقال تقضي ما تحمل له النساء. وقال المغيرة خمس سنين.
وقال سحنون، ولا خلاف بين أصحابه أنه إن لم يدع استبراء، لأن الولد يلزمه إلى أقصى حمل النساء.
ومن العتبية(4)، قال موسى عن ابن القاسم، فيمن أقر أنه كان يطأ جاريته ويعزل، فإن الولد يلزمه إن لم يدع استبراء. ولو قال كنت أطؤها ولا أنزل لم يلزمه الولد.
قال في كتاب ابن المواز،إن قال كنت أطأ بين الفخدين [أو في الدبر فأنزل]، لزمه الولد، ولم يلتعن في الحرة.
ومن كتاب ابن حبيب، قال ابن عباس:«لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها ولا يستأذن الأمة»، وقال ابن مسعود، وابن المسيب، وربيعة، وإن كانت زوجته أمة فلا يعزل عنها إلا بإذن أهلها.
قال سحنون في العتبية(5)، فيمن قال جاريتي حامل مني، ثم مات فقالت أنا حامل(6)، فلتستبرأ إن كانت حاملا.
***
__________
(1) - في ب (في كتابه).
(2) - في النسخ كلها (أو سقط) والمراد به ما يسقط قبل تمامه وفيه ثلاث لغات ضم السين وفتحها وكسرها.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(4) - البيان والتحصيل، 4: 117.
(5) - البيان والتحصيل، 4: 142.
(6) - في ب وفي البيان والتحصيل (ما أنا بحامل) وقد أثبتنا ما في النسخ الأخرى.(1/120)
[13/125]
قيل فإن جاءت بولد بعد أن استبرئت؟، قال: إن جاءت به بعد موت سيدها بخمس سنين، لزمه، فإن تزوجت فإن ما تأتي به لستة أشهر من يومئذ فهو للزوج، وما كان لأقل فهو للسيد.
ومن كتاب ابن سحنون وغيره، قال مالك، فيمن يطأ الجارية ثم يرسلها إلى السوق في حوائجه،/ فلا بأس بذلك، والمرأة الحرة تخرج لحاجتها،
وذكر ابن حبيب أن ابن عمر كان إذا وطئ أمة جعلها عند صفية بنت أبي عبيد حتى يظهر بها حمل او حيض.
ومن كتاب ابن المواز، ويقبل قول الرجل يقول في أمته إذا جاءت بولد أن يقول لم أطأها، أو قد وطئت واستبرأت، فيصدق بغير يمين، وكذلك دعواها العتق، وكذلك التخيير(1) والطلاق، لا يمين في ذلك حتى يقوم شاهد عدل فيحلف.
قال مالك، فإن نكل لزمه العتق والطلاق، ثم رجع فقال، يحبس أو يحلف إلا أن يطول، وطوله سنة، وإن لم ينكر الوطء، وأنكر الولد، لأنه قال وجدت معها [رجلا](2)، وصدقته أو يثبت الزنى ببينة(3)، فلا ينفي [الولد بذلك، وإن كان يعزل عنها حتى يدعي الاستبراء، ولو أقرت بالوطء وقال](4) لها لم تلدي هذا الولد، فقال مالك، هذا لا يخفى على الجيران، وقال مرة أخرى، هي مصدقة، وقال في موضع آخر هو به لاحق وإن لم يكن معها ولد وقالت أسقطت أو ولدت، قال مالك، لا تصدق إلا بامرأتين عدلتين على الولادة، وأما بواحدة فلا يلزمه إلا يمين عند أشهب.
***
__________
(1) - كذا في ب وكتبت في النسخ الخرى (الحد).
(2) - ساقطة من ت.
(3) - في ت (بأربعة).
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.(1/121)
[13/126]
وإن أنكر الوطء فشهد عليه رجل واحد لزمته اليمين.
ومن غير كتاب ابن المواز، وإنما يلزمه اليمين إذا قامت امرأتان على الولادة وشاهد على إقراره بالوطء [لو امرأة على الولادة ورجلان على إقراره](1)، فلا يجب اليمين، وقد قيل يلزمه أيضا اليمين.
قال ابن حبيب عن ابن/ الماجشون ومطرف عن مالك، فيمن أراد أن يري ولده إلى القافة، أو أوصى بذلك [بعض ولده](2)، فقال ألحقوه بكم كان ولدي لأني تشككت فيه، قال مالك، [ليس ذلك له](3) ولو قالت القافة هو منه لم ينقطع نسبه (حتى يدعي استبراء) (4)، وهذا لا دعوى له في ذلك، لأنه حين تعرض به القافة قد شك في استبرائه أن لا يكون استبراء حسنا، وقاله أصبغ.
في العتبية(5)، أشهب عن مالك، وذكره ابن حبيب عن مطرف عن مالك، فيمن مات عن أمة حامل منه، فإن كان حملا بينا، فقد تمت حرمتها(6) في الشهادة والموارثة، والقصاص، والحدود لها وعليها، قيل قد يكبر بطنها وتقول النساء إنها حامل، ثم ينفش، قال إذا ظهر واستوفي تمت حرمتها(7) قبل أن تضع، وقيل عن المغيرة، توقف احكامها، وتمام هذا في باب الإقرار بالولد.
قال ابن حبيب، وذهب الليث بن سعد إلى أن من وطئ أمته وهي حامل من غيره، أن يعتق عليه ما في بطنها، وقضى به عبد الملك بن مروان.
وروي عن عمر أنه قال لرجل لو اعترفت بذلك لجعلتك نكالاً.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(3) - في ب (له ذلك).
(4) - كذا في ب والعبارة في النسخ الأخرى (حين لم يدع إستبراء)
(5) - البيان والتحصيل،4: 92.
(6) - في ب (حريتها).
(7) - في ب (حريتها).(1/122)
[13/127]
وقال مالك، يعاقب إلا أن يعذر بجهل، ولا يعتق عليه ما في بطنها بحكم، قاله يحيى بن سعيد، وروى للنبي عليه السلام كيف يستخدمه وهو يغدو في سمعه وبصره(1).
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص، ليعتقه وليوص(2) له من ماله. قال ابن حبيب، أحب إلى أن يعتقه من غير قضاء، وكذلك سمعت.
قال ابن المواز، قال ابن/ القاسم، وليس للرجل في أم ولده الرفيعة أو الدنية أن يتعبها(3) في الخدمة، وتبتذل الدنية في الحوائج الخفيفة ما لم تبتذل فيه الرفيعة.
في الأمة الحامل تلد إن ملكها زوجها، وهو ولد
السيد، أو أجنبي، أو بعد أن أعتق سيدها، الذي
أحبلها، هل تكون به أم ولد؟
ومن كتاب ابن المواز، ومن اشترى زوجته بعد أن أعتق السيد ما في بطنها، فشراؤه جائز، وتكون بما تضع أم ولد، لأنه عتق عليه بالشراء، ولم يكن نصيبه عتق السيد، إذ لا يتم عتقه إلا بالوضع، ولأنها تباع به في فلسه، ويبيعها ورثته قبل الوضع إن شاؤوا، وإن لم يكن عليه دين والثلث يحملها. ولو ضربها رجل فألقته ميتاً، فإنما فيه حنين أمة، ولو كان ذلك بعد أن اشتراها الزوج كان فيه ما في جنين الحرة، وولاؤه إن استهل لأبيه، ولا ينظر في ذلك كله إلى عتق السيد، إلا أنه لا يشتريها حتى بعد عتق السيد جنينها من قبل أن يرهقه دين، ويرد إن فعل. ومن تزوج أمة والده، فمات الأب فورثها وهي حامل، فإن كان حملاً ظاهراً، أو لم يكن حملاً ظاهرا، إلا أنها وضعته لأقل من ستة أشهر، لم تكن به أم
***
__________
(1) - لم أقف عليه.
(2) - في الأصل (وليوصى) بإثبات الياء والصواب حذفها.
(3) - كذا في الأصل وحرفت في ص وت إلى قوله (أن يعتقها) والعبارة في ب (أن يعنتها) أي يوقعها في أمر شاق وهي تؤدي نفس المعنى لما أثبتناه من الأصل.(1/123)
[13/128]
ولد، [لأنه عتق على جده في بطنها، وإن وضعته بعد تمام ستة أشهر فهي به أم ولد]، إلا أن يقول لم أطأها بعد موته، فلا تكون به أم ولد، وهو به لاحق، وهو مصدق بغير يمين، وكذلك في كتاب ابن سحنون عن عبد الملك،/ وقال، لو أقرأ بمصابها في وقت يكون وضعها لأقل من ستة أشهر، لم تكن به أم ولد، وإن كانت لستة أشهر فأكثر فهي به أم ولد.
قال في كتاب ابن المواز، وكذلك لو وضعته بعد سنة من يوم موته، وقال لم أطأها إلا منذ خمسة أشهر، لم تكن به أم ولد، ومن أنكر وطء النكاح لاعن، ولا يمين في وطء الملك. وإذا أعتق عبد وأمته حامل، لم تكن به أم ولد، لأن ما في بطنها لسيده، ثم إن أعتق السيد ما في بطنها، لم تكن به أم ولد، وأما لو تصدق به على ابنه، فملكه قبل الوضع، فإنه كمن ملك زوجته قبل أن تضع، وتكون به أم ولد.
ما تكون به الأمة أم ولد من وطء الشبهة من إحلال،
أو غلط أو تأويل، [أو مخدمة](1)، أو غير ذلك،
وما لا تكون به أم ولد مما ليس بشبهة
من كتاب ابن المواز، وكتاب ابن سحنون، ومن زوج أمته لرجل، وقال له هي ابنتي، فولدت من الزوج، فالولد حر، ولا حد عليه، وعليه قيمة الولد، يوم الحكم، وإن شاء تماسك بنكاحها، وإن شاء نزل عنها، وعليه ربع دينار صداقا، ويرجع بما بقي، وإن تماسك بها لم يرجع بشيء، ثم يصير (ما تلد له) (2) من الآن رقيقا(3).
***
__________
(1) - (أو مخدمة) ساقطة من ب.
(2) - في ت (ما يولد له).
(3) - في النسخ كلها (رقيق) بالرفع والصواب ما أثبتناه.(1/124)
[13/129]
وأما لو زوجه ابنته، فأدخل عليه أمته على أنها ابنته، فهذه تكون له أم ولد بما تلد، وعليه قيمتها يوم الوطء، حملت أم لم تحمل، ولا قيمة عليه في الولد بمنزلة من أحل أمته لرجل وتبقى ابنته زوجة له، ولو علم الواطئ أن التي أدخل عليه غير/ زوجته، ثم وطئها، فهو سواء، ولا حد عليه.
ومن الكتابين،وهو لعبد الملك، والمبضع معه في شراء جارية مسماة بعينها معروفة، فاشتراها للآمر ببينة، ثم ابتاعها من نفسه لنفسه، وأشهد بذلك، بربح أو بغير ربح، ثم وطئها، فهو زان، ويحد، وولده رقيق كوطء المودع.
قال في كتاب ابن سحنون، ولا يمضي بالقيمة ولا بالثمن، إلا أن يشاء ربها أن يجيز ما فعل، فيلزمه ذلك، ولا يلحق به الولد، أمضى له البيع او لم يمضه.
قال ابن المواز، قال عبد الملك، ولو تعدى في شرائه بأمر يكون عليه الآمر مخيراً، ثم اشتراها من نفسه ببينة، لدرأت عنه الحد، وكانت له أم ولد، لأنها في ضمانه.
وفي كتاب ابن سحنون، ولو كانت جارية موصوفة، فاشترى تلك الصفة، هل هي كالتي بعينها؟ قال: الدراية أولى إذا لم تكن مسماة بعينها.
قال في كتاب ابن المواز، قال أشهب، وإذا اشترى المأمور الأمة للآمر ببينة، أو بغير بينة، ثم وطئها فحملت، فهو زان، وعليه للآمر القيمة، وولدها رقيق،
قال ولو بعث بجارية له إلى الآمر فظنها الآمر له فوطئها فحملت، ثم قدم بأخرى فقال هذه لك، قال، فالأولى للآمر أم ولد، وعليه الأقل من ثمنها، أو الثمن الذي أمره به.
ومن كتاب ابن سحنون، ومن أحل لرجل وطء أمته، فقال، قد أعرتكها تطؤها ولي عظم رقبتها(1)، فوطئها فحملت، فهي بذلك أم ولد، وتلزمه بالقيمة يوم
***
__________
(1) - في ب (ولي حكم رقبتها).(1/125)
[13/130]
وطئ، ولا ترجع إلى/ ربها، [كان الواطئ مليا أو معدماً. ويتبعه في عدمه، ولا تعرض الأمة، فإن وطئت بذلك لم يرجع إلى ربها](1)، قال سحنون، ولا يرد إليه مثلها، «وإنما على الواطئ قيمتها ملياً كان أو معدوماً» قال ابن المواز، ولو بيعت في القيمة فلا يأخذها فيها.
قال سحنون، قال المغيرة، ومن وطئ مدبرة امرأته بإذنها، والمرأة مقرة بالإذن حتى ماتت، قال، إن خرجت من بيتها عتقت، ولا أنتظر بها أن تكون أم ولد بوطء فاسد، وعلى الزوج قيمة ولده، يورث عنها، ويقتضي به.
وفيها وإن كان على الميتة دين، ترق فيه المدبرة، قومت عليه، وصارت له أم ولد، وإن لم يكن له مال بيعت للغرماء، وغرم الزوج قيمة ولده يوم يولد.
وإن خرج بعضها في الثلث، قوم عليه ما رق منها، ويكون عليه بين قيمة ولده بقدر ما عتق منها، وقال سحنون، لا أرى هذا، ولتقوم على الزوج، وتكون له أم ولد، مليا، كان أو معدما، ولا يعتق في ثلث المرأة.
ومن كتاب ابن المواز، ومن مات وعليه دين محيط، فوطئ ولد الميت أمة من التركة، فحملت، فعليه قيمتها، وهي له أم ولد، ولا حد عليه، فإن كان عديما، فإن لم يعلم بدين الأب، أتبع بالقيمة، وإن علم ووطئ مبادرة، بيعت وحدها في عدمه، وأتبع بقيمة الولد، ولو كان مليا ووطئ مبادرة عالما(2)، لم يحد، وودى القيمة والموصى له، بالأمة إن وطئها قبل موت الموصي، وله مال مأمون، ثم مات فأخذها الموصى له، فلا عذر بهذا، وهو زان، ولا يلحق به الولد، ولو وطئها بعد موته وعلى الميت دين محبط، فهي شبهة، ولا يحد، وعليه قيمتها فقط في ملائه، وولده لاحق، ولا قيمة عليه فيه، وهي له أم ولد، وإن/ كان عديما وبيعت بعد ان تضع، ويتبع بقيمة الولد، وهو حر، ثم إن أيسر فاشتراها لم تكن له أم ولد، ومسألة الموصى له
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب وبعضه ساقط من ت وص.
(2) - في الأصل وت (عالم) والصواب ما أثبتناه من ب.(1/126)
[13/131]
بالأمة في كتاب ابن سحنون، مثل ما ها هنا، وزاد، فإن وطئها بعد الموت، ثم قومت عليه في الثلث (فهي) له أم ولد.
ومن كتاب ابن المواز، ومن اشترى أمة من رجل وهو يعلم أنها ليست له، أو مغتصبة، فهو زان، وولدها رقيق، ولو تزوجها وقالت له إني حرة، وهو يعلم أنها أمة، لم يحد وولده رقيق لاحقون(1) بأبيهم، لا يحكم فيهم بقيمة ويفسخ النكاح، وذلك إذا قامت بينة أنه أقر قبل النكاح أنه يعلم أنها أمة، فإقراره بعد أن أحبلها، لا يرق ولدها وهو حر، وعيه قيمته، قال أشهب، ولا يضمن من مات منهم، وليس على المليء من الأولاد شيء في عدم الأب في إقراره، لا يؤخذ به غيره.
ومن أصدق امرأته أمته، ثم وطئها، فإن كان بعد البناء، فهو زان يحد- يريد يرجم- وولده رقيق، ولا شبهة له، وإن كان قبل البناء، فقيل هو كالشريك، عليه نصف القيمة، وهي له أم ولد، ولا يحد، ولا قيمة عليه في الولد.
قال أشهب، وقيل هو زان- يريد وإن كان قبل البناء- ويحد، وولده رقيق للمرأة، ثم إن طلقت لم ينفعه، وعليه الحد، ويرجع إليه نصفها ونصف الولد، قال ولا يعتق عليه نصف الولد الباقي إلا أن يحب.
قال أشهب، وله أن يتزوج هذه الأمة قبل أن يدخل/ بامرأته، أو بعد، وقاله عبد الملك، والأول قول ابن القاسم، وبه أخذ سحنون.
وقال ابن سحنون عبن أبيه، فيما تكون به الأمة أم ولد من وطء المخدم، قال: كل ما درأت فيه الحد من ذلك عنه، كانت له به أم ولد، وذلك فيما يكثر من الخدمة، مثل التعمير أو سنين كثيرة، نحو ذلك، فها هنا يدرأ عنه الحد، ويلحق به الولد، وتكون به أم ولد، إلا أن يكون عديما، فيكون لربها، ولا تكون به أم ولد، ويلحق بأبيه، ولو ابتاعها بعد يسره لم تكن به أم ولد.
***
__________
(1) - في الأصل (لاحق) واستعملناه جمعا ليلائم ما بعده.(1/127)
[13/132]
قال، وإن وطئها في الخدمة القليلة، مثل شهر، والنصف شهر، فلا شبهة له بهذا، ويحد، ولا تكون به أم ولد، ولا يلحق الولد. ولو أحبلها الذي أخدمها، رجعت إليه أم ولد، أخدمها عمراً أو أجلاً، سنيناً أو سنة أو شهرا، وعليه أن يأتي بمن يخدم مكانها عند ابن القاسم، وروى غيره، يؤخذ منه القيمة، فيؤاجر منها، فإذا مات المخدم وبقي شيء رجع إلى الواطئ.
وقال عبد الملك، يغرم قيمة الخدمة على الأقل من عمر الأمة، أو من مدة الخدمة من عمر أو أجل، وفي كتاب الخدمة باب من هذا.
في أم ولد المكاتب والمدبر، والمعتق إلى أجل
والمعتق بعضه، والعبد [ومن وطئ أم
ولد مكاتبه أو مكاتبته أو مدبره فحملت](1)
من كتاب ابن المواز، قال محمد وأحب إلي في ولد المكاتب،/ والمدبر إن عتق(2) وهي في ملكه، أن تكون به أم ولد، وإن لم يكن لها الآن ولد، كان ما تقدم لها، سقطاً أو ولد،
وذكر ابن سحنون عن أبيه مثل ذلك في المكاتب، ولم ير ذلك في المدبر، قال، وقاله كبار أصحابنا، قال، لأن للسيد انتزاع أم ولد المدبر، عند مالك، إن لم تكن حاملا- يريد من المدبر- وليس له ذلك في المكاتب، وليس للمكاتب بيعها وإن أذن السيد، [حتى يخاف العجز، والمدبر يبيعها بإذن السيد.
واختلف قوله في أم ولد العبد المأذون، فقال، له أن يبيعها، وقال، لا يبيعها إلا بإذن السيد](3).
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين أضيف إلى العنوان من ب وهو ساقط من النسخ الأخرى.
(2) - في ب (أن أعتق).
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ب وساقط بعضه من ص.(1/128)
[13/133]
قال ابن حبيب، قال أصبغ، له بيعها بغير إذن السيد، وكذلك روى أشهب عن مالك، وقال ابن القاسم، لا يبيعها إلا بإذن سيده.
في العتبية(1)، أصبغ عن ابن القاسم، في أم ولد العبد وهي حامل منه، فلا تباع لغرمائه حتى تضع، لأن ما في بطنها لسيده، وهو لا يستثنى. والعبد إن لم يكن عليه دين وأذن له السيد في بيعها وهي حامل، فله بيعها، وقاله أصبغ، وقال، إن أذن له السيد إذنا مبهما وهو يعلم بالحمل، أو لا يعلم، فهو إذن، وهو جائز.
ومن كتاب ابن المواز، وللسيد انتزاع [أم ولد](2) مدبرة، أو المعتق إلى أجل، ما لم تكن حاملاً، أو يكون السيد مريضا في المدبر، أو بقرب الأجل في المعتق، (ولو انتزعها ثم ردها إليهما رجعت) (3) على ما كانت بما تقدم./ قال، وتكون ام ولد بما تضع لأكثر من ستة أشهر [من يوم عقد التدبير أو الكتابة، أو عتق الأجل، وإن كان لأقل من ستة أشهر](4) لم تكن به أم ولد، ولا يتبعها الولد في شيء من ذلك. قال في باب أخر، وإن ملك المكاتب ما في بطن أمته الحامل منه في الكتابة، كانت به أم ولد.
وقال أشهب، وعبد الملك، لا تكون أم ولد بما حملت به بعد عقد التدبير [وعقد الكتابة](5)، وعتق الأجل، وإن ولدته بعد تمام الحرية في الأب، إلا أن للولد حكم الأب، وإن شك في الحمل متى كان، فإنه عندهما يراعي وضعها لأقل من ستة أشهر من تمام عتق الأب، فلا تكون به أم ولد، [قالا لأن ما في بطنها لم يملكه الأب، وقد جرى لغيره فيه حرية، فلا تكون أم ولده](6)، بما جرت لغيره فيه حرية.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل،4: 146.
(2) - (أم ولد) ساقطة من الأصل مثبتة من النسخ الأخرى.
(3) - العبارة في ب (ولو انتزعها ثم رجعت إليه ما رجعت).
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.
(5) - (وعقد الكتابة) ساقط من ت.
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من النسخ الأخرى.(1/129)
[13/134]
قال محمد، وإنه للقياس، وربما غلب الاستحسان في بعض العلم، وقول مالك، وابن القاسم، أحب إلي، لأن كل ولد تلده الأمة من سيدها، فله حكم أبيه، وما ولدته من غير سيدها، فهو بمنزلتها. وذكر ابن سحنون كلام عبد الملك هذا لسحنون في ولد المدبر والمعتق إلى أجل، تلد أمته منه بعد عتقه لأقل من ستة أشهر من يوم تمام عتقه، أنها لا تكون له أم ولد، فأجاز ذلك سحنون.
قال في كتاب ابن المواز،/ وإذا مات المدبر وأمته حامل منه رقت، وكان ولده مدبرا، ولو عجل السيد عتق مدبره، فإن أم ولده له أم ولد، ثم إن مات عتقت، ويكون ما في بطنها مدبرا لا يعتق إلا في موت سيده من ثلثه، وكذلك في المعتق إلى أجل- يريد لا يعتق ولده حتى الأجل-
ولو مات السيد مدبرا [حي](1)، عتق مع ولده، ومع ما في بطن أم (ولده بالحصص، فإن خرجوا بقيت أم ولد المدبر أم ولد) [له، وإن عتق بعضهم بقيت له رقيقا يبيعها إن شاء، فإن أولدها بعد ذلك، لم تكن له أم ولد لأن بعضه رقيق، ولو عتق باقيه وهي حامل منه لم تكن به أم ولد، بخلاف المعتق إلى أجل، يعتق وهي حامل منه فتكون به أم ولد، بخلاف المعتق إلى أجل، يعتق وهي حامل منه فتكون به أم ولد، ولو مات قبل الأجل رقت، وكان ولدها معتقا إلى أجل، وكذلك إن مات المدبر في حياة السيد، وله أم ولد، رقت دون ولدها.
وأما أم](2) ولد المكاتب، إن مات، فبخلاف ذلك، هذه تعتق فيما ترك، إن ترك ولدا فتعتق معه فيما ترك، وفيما يسعون(3) هم وهي، واختلف فيه إن ترك أخاه أو أباه معه في كتابته، فابن القاسم يرقها وأشهب يعتقها معهما فيما ترك، لا في سعايتهما، ولو أن المدبر لم يخرج هو وولده من الثلث، فأعتق الورثة باقيها، فأم ولده رقيق، فإن مات عتقت على ابنها.
وقال عبد الملك، في العبد أو المدبر، أو المعتق إلى أجل، أو ابن أم ولد/ من أجنبي دبر امته بإذن سيده، ثم أحبلها السيد، فإنها حرة حين يتبين حملها، لأن
***
__________
(1) - ساقطة من ص.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وبعضه ساقط من ت.
(3) - في الأصل (فيما يسعوا) بحذف نون الرفع وفي ت فيما سعوا بصيغة الماضي لا بصيغة المضارع.(1/130)
[13/135]
إذن السيد بتدبيرها كالانتزاع، فصارت كمعتقة إلى أجل، لا تحل للسيد ولا للعبد، ثم صارت أم ولد للسيد، لا يحل له وطؤها فعتقت.
[ومسائل السيد يطأ مكاتبته أو مكاتبه، أو أم ولد مكاتبه، فتحمل، موعبة في كتاب المكاتب من كتاب ابن المواز، وقال ربيعة، ومن أعتق أمته وهي حامل، واستثنى ما في بطنها عبدا له، فليس له ذلك، وشرطه باطل، وولدها حر، ولو كان إنما أعتق ما في بطنها، جاز ذلك، وكان حرا وحده. قال أصبغ، يخرج الحر من رحم لابن، ولا يخرج مملوك من رحم حرة. قال، وولد المعتق بعضه من أمته بمنزلته، فإن مات ورث سيده ماله، وأم ولده، ويكون له رقيقا،
وإن كانت حاملا ثم مات، ويكون ولده على شركته نصفه حر، ولا يرث أباه للرق.
قال مالك، وكذلك أم ولد المدبر، يموت المدبر وهي حامل منه، فإن ولده إذا وضعته مدبرة يعتق في ثلث سيده، وتكون أمه رقيقا للسيد، يبيع ويصنع بها ما شاء(1).
في أم ولد الذمي، أو مكاتبه، أو ولد أم ولده،
يسلم أحدهما، وهل له بيع أم ولده وهما نصرانيان،؟
وفي أم ولد (المرتد) (2)، وفي جناية أم ولده ومدبره، ومكاتبه
من كتاب ابن المواز،/وإذا أسلمت أم ولد الذمي، فعرض عليه أن يسلم فإبى، فلتعتق عليه بالحكم، وهو قول مالك وأصحابه، وابن القاسم،
ولو تراخى(3) النظر في ذلك، لم تعتق إلا بحكم، وهي مما اختلف فيه،
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(2) - في ب (المدبر) والصواب ما أثبتناه من النسخ الأخرى.
(3) - في ب (ولو تأخر).(1/131)
[13/136]
ولو أسلم هو وحده، بقيت له أم ولد بما تقدم، وإن لم تلد بعد إسلامه حتى مات فهي حرة من رأس ماله، وإن لم تسلم، فله بيعها،
وإن مات، فأراد ورثته بيعها، فقال ابن وهب، إن تحاكموا إلينا منعناهم من ذلك، فإن أبوا هم، وأرادت هي حكمنا، فليس لها ذلك، فإن رضوا بحكمنا، ثم بدا لهم فليس ذلك لهم.
ومن كتاب ابن سحنون، قال سحنون، عن المغيرة، إذا مات، فاستأذنت حاكم المسلمين، سن بها سنة أم ولد المسلمين(1)، وكذلك يقول إن حنث بطلاق امرأته، أو حرية غلامه، فرفعت المرأة والغلام ذلك إلى حاكم المسلمين، فلتطلق عليه ويعتق.
قال سحنون، وهذا خلاف مالك وأصحابه، وما علمنا من يقوله منهم غيره في ذلك كله.
قال مالك، إذا أسلمت أم ولد النصراني عتقت، ثم قال: توقف حتى يموت أو يسلم، ثم رجع إلى أن تعتق، وإن عقل عنها حتى أسلم بعد طول زمان، فهو أولى بها، ما لم يحكم فيها السلطان بالعتق،
قال مالك، وإذا أبى أن يسلم عتقت، لأنه لا يقدر يبيعها، وإن بقيت تريد النفقة،
وسأله ابن كنانة لعلى بن زياد، عنها، فأمره، أن يكتب إليه بهذا، وقال، إذا كان إسلامها [عن غير غضب ومشاورة. قال ابن نافع تعتق كان إسلامها عن غضب أو غيره](2) عن غضب أو غيره، وقاله،/ مالك، وقاله سحنون، قال ابن القاسم، ولا يعتق ولد أم الولد إذا أسلموا، إلا إلى موت سيدهم، كباراً كانوا أو صغاراً، أو لا يكون ولدها الصغار مسلمين بإسلامها، ولا يعتق منهم بالإسلام إلا الأم.
***
__________
(1) - كذا في الأصل وب والعبارة في ص وت (سن بها سنة أم الولد).
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من النسخ الأخرى.(1/132)
[13/137]
قال ابن حبيب، قال ابن الماجشون، إذا أسلمت أم ولده، فإن أنفق عليها، وقفت له على يدي مسلم، ولم تعتق، فإن مات عتقت، وإن أسلم كانت له أم ولده.
وقال ابن الحكم، توقف حتى تحيض حيضة، فإن أسلم فبها، وإلا عتقت، وابن القاسم يقبل عتقها.
وقال ابن حبيب، قال أصبغ في مكاتب النصراني تسلم أم ولده، فليوقف حتى يعجز فيباع أو يعتق، إلا أن يخاف العجز، فليبعها إن طلب ذلك، وما لم يطلبه فهي موقوفة عنه.
في العتبية(1)، روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، في النصراني يبيع أم ولده النصرانية للمسلم، أيشتريها؟
قال، ذلك جائز إن كان من دينهم استجازة بيع أم الولد، قلت، فإن باعها من نصراني فأسلمت؟ قال، قد رقت لمبتاعها، إذا كان إسلامها بعد البيع.
ومن كتاب ابن المواز، وإذا أسلم مكاتبه بيعت كتابته من مسلم، ثم إن ودى فأسلم سيده، رجع إليه ولاؤه، وكذلك المدبر، إلا أن يكون إنما كاتبه أو دبره بعد إسلام العبد، فلا يرجع إليه ولاؤه ولا إلى ولده.
وأم ولد المرتد إذا تاب(2)، فقال أشهب قد عتقت بالردة، فلا ترجع إليه، كما طلقت بذلك زوجته وقال ابن القاسم، تحرم عليه في الردة، ولا تعتق، فإن تاب رجعت إليه أم ولد، وإن قتل عتقت، وإذا جنت(3) أم ولد الذمي خير بين إسلامها أمة أو فدائها فإن أسلمت رقت للمجروح مسلما كان أو كافراً./ ولو أسلمت بعد أن جنت عرض على سيدها الإسلام، فإن أسلم فداها بالأقل، مليا
***
__________
(1) - البيان والتحصيل،4: 116.
(2) - في ص وت (إذا مات) والصواب ما أثبتناه من الأصل وب.
(3) - كذا في ب (وحرفت في النسخ الأخرى إلى قوله (فاجتمعت).(1/133)
[13/138]
كان أو معدماً، ولا تتبع هي بشيء، [في عدمه](1) وإن كانت ملية لا في عمد ولا خطا، [وإن لم يسلم عتقت واتبعت بالجناية، وكذلك لو جنت بعد أن أسلمت(2)، ولو جنى مدبر الذمي، ثم أسلم المدبر، فإن لم يفده، أسلمت خدمته كمدبر المسلم، فيؤاجر من مسلم، ويقاص في جنايته، فإن مات سيده عتق من ثلثه.
في الإقرار بالولد لا يعرف له نسب، أو يولد في ملكه،
أو بعد بيعه، أو بيع أمه، [أو أقر في صحته أو في مرضه](3)،
أو أقر في أمة أنها ولدت
منه ومعها ولد، ولا ولد معها، وذكر اللقيط
[من كتاب المواريث لابن سحنون، قال ابن القاسم](4)، من استلحق ولدا ولم يعرف أنه ملك أمه أو تزوجها، فإن لم يتبين كذبه، ولم يكن للولد نسب معروف لحق به، وقال مالك، وابن القاسم أيضا. وقال أيضا لا يلحق به حتى يكون أصل الحمل عنده، فأما إن كان في ملك غيره فلا يلحق به، إلا أن يكون تزوجها ثم اشتراها حاملاً، وكذلك سمعت غيره أنه لا يلحق به، إلا أن يكون ملك أمة وولد عنده، أو عند من ابتاعها منه، ولم يجره نسب، أو كانت زوجته، وجاء بما تلحق فيه الأنساب، وبهذا أقول.
ومن الأقضية من سؤال شجرة، فيمن أعطى زوجته في نقدها أمة، فتداولتها الملاك(5)، ثم ولدت عند آخرهم ببلد آخر، وقالت هو من سيدي الأول، ثم كبر
***
__________
(1) - ساقطة من الأصل.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(4) - ما بين معقوفتين عوض في ب بقوله (من كتاب ابن المواز).
(5) - في ت (أملاك).(1/134)
[13/139]
الولد فاشتراه/ الأول واستحلفه، ثم مات الأب، فنازعه أخو [الميت](1) الميراث، فكتب إليه إن ثبت أن الأمة التي، دفع لامرأته ولدته لمثل ما يلحق به النسب من يوم أخذتها(2)، مثل خمس سنين فأقل، فهو به لاحق إن لم يجره نسب معروف، وإن لم يثبت هذا فليس بشيء. قال ابن المواز، قال أشهب، واللقيط إذا ادعاه ملتقطه، أو غيره قبل قوله.
وقال ابن القاسم، إذا ادعاه ملتقطه لم يصدق إلا ببينة أو يأتي بما يعذر به، ورواه عن مالك.
ومن كتاب ابن سحنون لأشهب، أنه إن ادعاه غير ملتقطه، لحق به إلا أن يتقدم فيه حكم باستلحاق(3) قضى فيه، وكذلك لو استلحقه ولم يصفه، أو وصفه، أو قال هو ابني من زوجتي هذه، أو من أمتي هذه، والزوجة بذلك مقرة، والأمة (فهو ابنهما جميعاً) (4).
[ومن كتاب ابن المواز](5)، قال أشهب، ومن ادعى ولدا لا يعرف له نسب، لحق به، ولا ينظر إلى إنكاره وإن كان بالغا.
وإن قال الأب أعتقني فلان، وقال الابن بل أعتقتك فلان، فالأب مصدق وإن لم يأت ببينة، وولاء الولد لمن قال الأب، كان ذلك في صحة أو مرض.
ومن بيده صغير ادعى أنه عبده، فهو مصدق، فإن ادعى آخر أنه ولده لحق به، وكان عبداً لهذا، وإنما لا يلحق بمدعيه إذا تبين كذبه، مثل أن يعرف أن أمه لم يملكها، ولا تزوجها، أو هي من بلد لم يدخلها، فلا يصدق إلا ببينة،
فإن قالت البينة/ أنه ابنه، لم يزيدوا على هذا لحق به.
***
__________
(1) - لفظة (الميت) ساقطة من ص وت.
(2) - في ت (من يوم اخذها).
(3) - في ص وب (باسحقاق) وأثبتنا ما في الأصل وت.
(4) - في ب (فهذا منهما جميعا).
(5) - ساقطة من ت وص.(1/135)
[13/140]
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، ومن بيده أمة لها ولد، وعليه دين محيط، فادعى الولد، فهو مصدق فيه وفي أمه، بخلاف المبيعة، ولو لم يكن معها ولد، لم يصدق مع الدين المحيط، قال، وإن كان مريضا لم يصدق، وإن كان مليا ولا دين عليه، إلا أن يرثه ولد منها أو من غيرها، فيصدق،
وقال، ولو مات ولدها عند مبتاعها منه، وترك مالا كثيرا، فإن ترك الولد ابنا، صدق البائع، وردت إليه مع ابن ابنه، وورث معه المال، ورد الثمن.
وقال أشهب، وإن لم يعلم أنه ملكها قط، فادعى أنه ملكها، وباعها بالمغرب بعدما ولدت منه، وكذبه السيد فيها، فلا يصدق المدعي، إلا أن يعلم أنه دخل المغرب، وقد جيء بها من المغرب، فيصدق ويلحق به الولد، ويرد الثمن.
ومن ملك عبدا لا يعرف إلا بملكه، فأقر في مرضه أنه حر في الأصل، صدق وإن كان له ولد، [وإن كان يرثه ثلاثة لم يصدق، لا من ثلث ولا غيره](1)، ولو قال [عند موته](2)، السقط الذي كان أسقطت [هذه الأمة هو مني فهو مصدق، إذا عرف أنها كانت أسقطت](3)، وإن كان عليه دين.
قال ابن القاسم، ومن باع أولاد أمته، ثم قال هم ولدي منها في صحته أو في مرضه(4)، وعليه دين محيط، فهم لاحقون به، وهي أم ولد، ويتبعه المشتري بالثمن في عدمه، ولا شيء على الأولاد منه(5)/ في ملائهم، سواء كان ذلك عند موته أو عند تفليسه، إذا لم يدع استبراء بعد وطئه، وكذلك روى ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم، وقال: قال لي ابن دينار: قضى بهذا بالمدينة بعد ست عشرة
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) - (عند موته) ساقطة من ب.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(4) - كتبت في الأصل سهوا (وصيته).
(5) - لفظة (منه) كتبت في الأصل (منهم).(1/136)
[13/141]
سنة(1) من بيعه، وهذا بخلاف العادة(2) في اتباع الولد بقيمتهم في عدم الأب، وقاله ابن الماجشون.
ومن كتاب ابن المواز، ومن باع عبداً، أو أقر في مرضه أنه ابنه من أمة في ملكه، لم يكن أقر بمصابها، ولا عرف منها [له] حضانة، قال عبد الملك، فإن مات فإنه يلحق به نسبه، وينقض بيعه، وتباع الأمة، ولا يلحق بها الولد، ولو صح من مرضه، لنفذ لها إقراره، وصارت أم ولد، إلا أن يكون عليه دين محيط، فيكون كمن قال في الأمة ليس معها ولد، قد كانت ولدت مني، ودينه محيط، فلا يصدق، [إذا كان العبد ليس بمعلوم قبل الدين، ولو باعها بالولد، ثم ادعاه فإن كان مليا صدق فيها وفيه، قال](3) ابن القاسم، إلا أن يتهم فيها بصبابة(4)، قال محمد، لا تهمة في هذا، إذا كان الولد معها، وإن كان معدماً فقد اختلف فيه قول مالك، فروى أشهب عنه أنه يصدق فيه وفيها، ويرد أو يتبع بالثمن دينا، وقاله أشهب، وابن عبد الحكم، وأصغى إليه ابن القاسم مرة.
/ وروى أيضا أشهب عن مالك، أنه لا يصدق فيها، ويصدق في ولدها، ويرد بحصته من الثمن، وبه قال ابن القاسم، وعبد المالك، إلا أن تقوم بينة أنه أقر قبل ببيعها بالمسيس، فترد مع الولد في عدمه، وتتبع بالثمن، وقاله ابن القاسم، وأصبغ، وكذلك ابن حبيب عن عبد الملك، وقال، ولو كان الولد حملا، ثم وضعته، حسب بقيمته يوم وضعته، وإن كان بيع معها بقيمته يوم البيع، وذلك في الوجهين بقدر ما ينوبه من الثمن، وكذلك في عدمه، ولو لم يكن معها ولد، أو كان معها، ثم مات، ثم أقر أنها ولدت منه فهو مصدق، إلا أن يتهم فيها بصبابة(5)، أو يكون عديما، فلا يصدق، وهذا كله إن لم يعرف مسيسه إياها إلا
***
__________
(1) - في النسخ كلها (ستة عشر سنة) والصواب ما أثبتناه.
(2) - كذا في ب وكتبت في النسخ الأخرى (الفارة).
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(4) - في ص وت (بضمانه) والصواب ما أثبتناه.
(5) - في ص وت (بضمانه) والصواب ما أثبتناه.(1/137)
[13/142]
بإقراره اليوم، فأما إن قيد إقراره بذلك قبل بيعها فإنه مصدق في ملائه وعدمه، كان معها ولد أو لم يكن، رفيعة هي أم رضيعة، ولو ادعت ذلك دونه لصدقت- يعني إن عرف أنها ولدت- وكان عبدا لمن هو بيده، وكذلك لو قالوا هو ابنه تزوج أمة وهي عبدة(1)، أو قالوا تزوجها على أنها حرة ولا يعملون حريتها، فليلحق به، ويغرم قيمته لمن هو بيده، إلا أن يشهدوا أنها حرة، فلا قيمة عليه.
وقال ابن المواز، قال ابن القاسم، في ملائه لا يرد إليه إلا الولد إن اتهم فيها، ولا ترد هي إليه، حتى يسلم من الخصلتين، من العدم والصبابة/ فيها، وقال أصبغ، ولا يتهم في ملائه فيها، وسواء باعها به، أو ولد عند المبتاع، لما يولد لمثله.
قال مالك، فإن أعتق المبتاع الأم وحدها لم يصدق فيها.
قال ابن القاسم، ويصدق في الولد وحده، وكذلك إن أعتق الولد وحده لم يصدق البائع فيه [وصدق في الأم إن كانت دنيئة لا يتهم فيها، وإن أعتقها لم يصدق البائع فيها](2) قال أصبغ، ثم رجع ابن القاسم في الولد فقال، يقبل قوله فيه وحده، ويثبت نسبه إذا أعتقها جميعاً، وثبت عتق الأم وولاؤها للمبتاع، ويرجع بالثمن على البائع فيأخذه.
وقال أشهب، يقبل قوله فيها ويبطل عتقها، وكذلك لو أعتق أحدهما، ويردهما ويأخذ الثمن.
قال محمد، وبهذا أقول، لأني إن صدقته في الولد صدقته في الأم، إلا أن تكون لا ولد معها فلا يصدق فيها، إلا أن تكون دنية لا يتهم فيها، وهو مليء ولم يعتقها المبتاع.
قال ابن حبيب عن ابن الماجشون، [إذا أعتقهما فالولد لاحق، عتق أو لم يعتق في الملاء والعدم، ويمضي عتق الأم](3) إذا أعتقت في ملائه وعدمه، وإن لم
***
__________
(1) - في ص وت (وهي عنده).
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وب مثبت من ص وت.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.(1/138)
[13/143]
يكن له بها صبابة، فلا يرد، عتقها، إلا أن يأتي إقرار متقدم قبل البيع، فيرد كام ولد بيعت، وقاله أصبغ.
قال ابن المواز، قال، ولو باعها مع ولدين فأعتقهما المبتاع، ثم ادعى البائع احدهما، فإن كان أكبرهما، فسخ البيع والعتق، ولحق به الكبير، وكان الصغير ابن أم ولد، إن ادعى البائع الاستبراء، وإن استلحق/ الصغير وحده، فإن كان الكبير يقع له أكثر من نصف الثمن، لزمه بحصته من الثمن، ورد ما بقي مع الصغير وأمه، وإن كانت قيمة الكبير أقل من نصف الثمن، انتفض البيع كله- يريد إن شاء المبتاع- وإلا فله أن يؤدي حصة الكبير من الثمن، قال، وعليه في الكبير الذي فات، قيمته يوم بيع ما بلغت لانتفاض البيع، ولو باعها فولدت عند المبتاع بنتا لما يشبه، ثم ولدت [البنت](1) ابنا، فبيع الابن، وعتق، ثم استلحق بائع الأم الكبرى(2) البنت، فإنه مصدق، ويرد بيع البنت، وكذلك لو كان ابن ابن، ويرجعون إلى البائع الأول، ويلحق به النسب، وقد عتق ابن البنت على حدة، وقاله أشهب. قال ابن القاسم، وإن ابتاعها حاملا ومات الولد، ولم يعتق، ثم استلحقه البائع، فليرد جميع الثمن، والمصيبة منه، وكذلك لو ماتت الأم وحدها، ودى جميع الثمن، وأخذ الولد. وإذا مات الولد وحده، ولم يدع ولدا، لم يصدق في الأم، إذا لا ولد معها، إلا أن يصدقه المبتاع.
قال ابن القاسم، [أو يكون لا يتهم في مثلها](3) لدناءتها وإذا وضعت عند المبتاع ثم دبرها أو كاتبها، ثم ادعى البائع الولد، فليرده ويرد الأم، وينتقض التدبير والكتابة، وإن لم يكن معها ولد لم يصدق، فإن صدقه المبتاع رجع عليها بجميع الثمن، وانتقض تدبيرها، فأما إن كوتبت فلا ترد كتابتها إن أنكرت هي، وليرد جميع الثمن إلى المبتاع، ويفسخ بيعها، وترد إلى البائع، ولا تفسخ/ كتابتها إلا
***
__________
(1) - لفظة (البنت) ساقطة من ص وت.
(2) - في غير الأصل (الكبير).
(3) - في ب (ولا يتهم في مثلها).(1/139)
[13/144]
برضاها، كما لو أحبلها سيدها ولا يعجل عتقها، ولكن لابد لها أن تصدقه، فتبطل الكتابة أو تكذبه، فتبقى مكاتبة تعتق بالأداء، وترجع بالعجز أم ولد.
وإذا ولدت الأمة المعتقة عند البائع، لما تلد لمثله النساء من أربع سنين، فادعاه البائع، صدق في يسره ووجود الولد، قال ابن القاسم، ما لم يتبين كذبه أو يدعيه المشتري، فالمشتري أحق به.
في العتبية(1)، روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، فيمن باع أمة حاملا، ثم أقر أن الحمل منه، فإن انهم فيها بصبابة لحق به، وودى قيمته يوم أقر به، ولا ترد إليه الأمة، وإن كان عديما لحق به، واتبع بقيمته، وإن لم يتهم فيها بصبابة، ولا بما صلحت في يديها وفرهت(2) وهو ملئ، فلترد إليه، ويرد الثمن ولا قيمة عليه في الولد، وإن كان غير [متهم وهو عديم لحق به، واتبع بقيمته يوم أقر به، ولا ترد الأمة إليه، ولو أعتقها](3) المبتاع مع ولدها والبائع ملئ، لم يرد عتقها، والولاء للمبتاع، ويلحق الولد بالبائع، ويوارثه، ويرد الثمن لإقراره بأنه ثمن أم ولد، ويقال للمبتاع إن شئت فخذه أو لا تأخذه.
ومن كتاب ابن سحنون، قال عبد الملك، في الأمة بين الرجلين [إذا حملت، فقال أحدهما: الولد مني، وقال الآخر أم ابنتي، فإن لم تكن في الأم شبهة، سقط من قال إنها ابنتي، ويغرم المقر بحملها نصف قيمتها للآخر، وإن كان في الأم شبهة](4)، وقد ولدت عندهما، فألحقها بالمقر بها، وأعط [الآخر شطر قيمتها/ إن لم تكن أمها حية وتكون الأم بينهما فإن كانت أمها حية](5) وهي بينهما، فأعط الذي لم يدع البنت نصف قيمة الأم، أم البنت، واجعلها بنتا لمدعيها، وإن لم تكن ثم أم ولد(6) وقد ماتت، فأعط شريكه في البنت نصف قيمتها وتكون بنتا
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 110.
(2) - كذا في الأصل من فرهت الجارية فراهة وفروهة: إذا مهرت وحدقت وكتبت في ب وص (وفهرست) وهي ساقطة من ب.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وبعضه ساقط من الأصل.
(6) - لفظة (ولد) ساقطة من الأصل.(1/140)
[13/145]
لمدعيها، وألحق ولدها بمدعيه، وعليه عقد مثلها ومن ابتاع أمة فأولدها، ثم قامت بينة أن البائع كان أقر قبل بيعها أنها ولدت منه، قال ترد إلى الأول أم ولد، ويأخذ من المبتاع قيمة ولده مرسلة.
وكذلك لو ماتت بيده، لرجع المبتاع بالثمن على البائع، وودى له قيمة الولد، فيتقاصان ويترادان [الفضل، ولو لم يثبت هذا حتى مات البائع، قضي بحريتها من يوم موته](1)، وإن أصابها المبتاع بعد موته لزمه لها صداق المثل.
قال سحنون، هذا قول المغيرة في المهر، وابن القاسم لا يرى عليه مهراً، قال سحنون، ويرجع بالثمن في مال الميت، ولها حكم الحرية من يوم مات، في قول مالك والمغيرة، وقد اختلف عن المغيرة مثل المشكوك في حملها بعد موت السيد واطئها فيقذف(2)، أو يموت لها ولد حر، فيوقف أمرها، فإن صح الحمل، ووضعت، فلها حكم الحرة في ذلك من يوم مات.
وروى ابن القاسم وغيره عن مالك، أن لها حكم الحرة من يوم يتبين الحمل، وإن لم تضع، وهذا في باب قبل هذا.
قال سحنون، وإن بيعت من عبد مأذون، فأولدها، ثم ثبت إقرار بائعها الحر قبل البيع (أنها أم ولده) (3)، فلترد له/ أم ولد، ويرد معها ولد العبد، فيكون بمنزلتها، ولا يوطأ شيء من بناتها بملك اليمين، لأنهن معتقات إلى أجل، وإنما يوطأن بالنكاح.
وقال سحنون، في جوابه لشجرة، في جارية بيد رجل لا ولد معها، فادعت أن رجلا يقال له عبد الله كان قد ملكها، وأقر حينئذ أنها ولدت منه ولدا ثم مات، قال في سؤاله، وقد كان عبد الله أصدقها لزوجة له فماتت، ثم تزوج امرأة
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) - في ب (فيعترف) وهي غير واضحة في الأصل وأوضحها الناسخ في الهامش بقوله (فيقد الميتة) وذلك تصويب غير سليم ولعل الصواب ما أثبتناه من ص وت.
(3) - كذا في الأصل وب وكتبت في ص وت (إنها لم تلد).(1/141)
[13/146]
أخرى، فباعتها امرأته الثانية وهو يعلم، فكتب إليه إن أقامت شاهدين عدلين أنهما يعرفانها ملكا لعبد الله، حتى ولدت منه، ولم يعلم الشاهدان بما فعل من إعطائه إياها لزوجته ولا ببيعها إياها، ولا رأياها تسترق، فارددها إلى عبد الله أم ولد أقر بذلك أو جحده، وإنما يراعى إقراره إن كان ممن يتهم لو أقر بذلك الآن، وهذا مقر قبل البيع والتزويج بها، ولو كذبت الجارية ذلك كله لم يضرها، وإن علمت البينة أنه تزوج بها وأنها بيعت، فهذا يبطل شهادتهم، وقد جرى في كتاب الاستلحاق أكثر ما في هذا الباب.
في الأمة يطؤها السيد، أو مبتاعها منه، وهي
ذات زوج، أو في عدة منه فتأتي بولد، وفي الولد
يدعيه السيد والزوج، أو الأب والابن
ومن كتاب ابن المواز، ومن وطئ أمته وهي زوجة لعبده، فإن كان السيد معزولا عنها قدر ما فيه استبراء، قال أصبغ، / ذلك حيضة(1) أو قدرها، وأتت به لستة أشهر من يوم وطئ السيد، فهو لاحق به إن لم يدع استبراء بعد وطئه، وهي له به أم ولد، وتبقى في عصمة الزوج، فإذا مات السيد عتقت، ولها أن تختار نفسها، وقاله مالك.
قال محمد، وكذلك وطؤه لأمة(2) عبده، إلا أن هذا من السيد انتزاع لها.
ومن العتبية(3)، روى عيسى عن ابن القاسم، فيمن ابتاع أمة ذات زوج، أو معتدة من زوج من وفاة أو طلاق، والمشتري لا يعلم فوطئها، وقد حاضت في عدتها حيضة، فالولد لاحق بالمبتاع، وهي به أم ولد إذا وضعته لستة أشهر فأكثر، غير أنها لا تحل له أبدا لأنه وطئ في عدة. وقد قيل يعجل عتقها، وقد قيل
***
__________
(1) - حرفت في الأصل سهوا من الناسخ إلى (حصته).
(2) - في الأصل (لأمة عبده)
(3) - البيان والتحصيل،4: 108.(1/142)
[13/147]
يستخدمها بالمعروف حتى يموت، فتعتق من رأس المال، ويرجع المبتاع على البائع بقيمة عيب ما كتمه،
ولو كانت ذات زوج فوطئها، فإن كان الزوج غائبا أو معزولا عنها قدر ما فيه براءة رحمها، فالولد لاحق بالمبتاع، ويرد إلى زوجها إذا وضعت، وتكون أم ولد للمبتاع، فإن طلقها زوجها أو مات عنها، رجعت إليه، وحل له وطؤها، وإن مات عتقت من رأس ماله، كان زوجها حيا او ميتا، أو طلقها، سبيلها سبيل أم ولد، ويرجع المشتري على البائع بقيمة عيب ما كتمه من الزوج، وإن لم يكن الزوج غائبا ولا معزولا، فالولد للزوج، وترد الأمة على بائعها بعيب ما كتمه من غير غرم عليه/ لوطئها، وإن وطئها في ذلك وهي حامل من زوجها أو من غيره، أو ليست بحامل، فهو يردها بعيب ما كتمه.
ومن كتاب ابن المواز، ومن زوج أمته أو أم ولده، فأتت بولد لستة أشهر من النكاح، فادعاه السيد، وأنكره الزوج، فلا ينفيه (الزوج) (1) إلا بلعان إذا بنى بها ولم يغب عنها، فإن التعن، لحق بالسيد، وكانت له أم ولد، وتبقى في عصمة الزوج، ولو كان الزوج غائبا أو معزولا عنها بما فيه إن قال كنت أغشاها من موضع لا يعلم، لم يصدق إلا ببينة، فيكون أحق به من السيد، ولو قال السيد الولد مني وقد كنت زوجتها لرجل غائب، فالولد لاحق بالسيد، ولا ينفعه إن أنكره بعد ذلك، ولو قدم الغائب فأقر به لم يلحقه إلا أن تقوم [بينة على النكاح، فيلحق به دون السيد.
وكذلك من استلحق ابن أمة لرجل، لحق به، ثم إن جاء رجل فأقام بينة أنه ابنه لحق به. محمد، ما لم يطأها السيد](2) في غيبته عنها حتى حاضت، وإذا ولدت الأمة ولدا فادعاه أبو السيد، فإنه يلحق به ويقوم عليه، وتكون له أم ولد، كذبه الابن أو صدقه، إلا أن يدعيه الابن فهو أحق به، ولو أخذ منه الابن
***
__________
(1) - لفظة (الزوج) ساقطة من الأصل.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط بعضه من ب وبعضه من ت.(1/143)
[13/148]
قيمتها، ثم استحقت، رد الابن ما أخذ، وأخذها مستحقها، وقيمة ولدها من الأب يوم يستحقهم.
في الأمة بين الشريكين يطؤها
أحدهما فتحمل، أو لا تحمل
/ ذكر ابن حبيب الرواية عن عثمان، وابن المسيب، وربيعة، وأبي الزناد، في الشريك في الأمة يطؤها، أنه لا يحد، ويعاقب، وتقوم(1) عليه الجارية.
من كتاب ابن المواز، قال محمد، أصل مالك أن كل وطء يدرأ فيه الحد في أمة غيره، فإنها تكون به أم ولد، وتقوم عليه وإن تحمل من وطئه، فالشريك مخير في التقويم يوم الوطء، في ملإ الواطئ وعدمه، وإن شاء تماسك بنصيبه، وإن حملت فلابد من القيمة، شاء أو أبى قيمتها يوم الوطء، وإن شاء يوم حملت، الشريك مخير، ولا يؤجر حتى تضع،
قال، ولو ماتت حاملا أو غير حامل قبل النظر فيها، فضمانها من الواطئ، قاله مالك، وتكون له أم ولد إن كان مليا، ولا يحد، وليجلد عقوبة، ولا قيمة عليه في الولد،
قال محمد، إن كان وطئ مرة واحدة، فالقيمة يوم الحمل، وإن كان مراراً، فإن شاء لزمه القيمة يوم الحمل، وإن شاء يوم الوطء، وإن كان عديما وقد حملت، فلا تقوم عليه، إلا أن يشاء الشريك أن يقوم عليه ويتبعه، [فذلك له، فيلزم [ذلك] الواطئ، ولا قيمة عليه في الولد، وإن تماسك](2) بنصيبه، فاختلف قول ابن القاسم، هل يتبعه بما نقصها، وأحب إلينا أن له أن يتبعه، وقاله مالك، وإذا لم
***
__________
(1) - في الأصل (وتقام)
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.(1/144)
[13/149]
تقوم عليه، [فنصيب الواطئ بحساب أم ولد، لا يعجل عتقه عسى أن يملك باقيها، واختلف فيه قول ابن القاسم، فقال، يعجل عتقه، وقال، لا يعجل، / وهو احب إلينا، وقاله أصبغ](1)، ولا نفع لها في تعجيله(2)، بل الضرر فيه، ويبقى نصفها رقيقا للآخر، ويتبعه بنصف قيمة الولد يوم وضعته، وإن لم تضعه، وخرت حتى تضعه، ثم تقوم حينئذ [ثم إن مات الواطئ فنصيبه حينئذ حر، (من رأس ماله، ولو أعتق المتمسك نصيبه لعتق على الواطئ نصيبه حينئذ) ولو أيسر الواطئ فاشترى نصفها، لم يكن](3) بحساب أم ولد [إلا نصفه الأول](4) إذا كان عدمه بينا، ونظر فيه السلطان حتى بولدها الآن ثانية، فتصير كلها أم ولد، وإلى هذا رجع مالك، بعد أن قال أنها تكون كلها له أم ولد في عدمه، ويتبع بنصف قيمتها دينا، وكان قاله ابن القاسم، ثم رجع عنه إلى القول الآخر.
قال ابن سحنون، قال سحنون، وقال المغيرة، وإذا بقي نصف الأمة في يد الشريك، في عدم الوطئ، ثم أيسر الواطئ فاشتراه، صار له النصف المشتري، مثل نصفه بحساب أم ولد بالشراء، وأباه سحنون، وقال، هذا لا يقوله أصحابنا حتى يولدها ثانية.
قال ابن حبيب، قال ابن الماجشون، ومطرف، إذا حملت والواطئ ملي، فلابد من التقويم، وليس للذي لم يطأ خيار، فإن كان الواطئ عديما، فالشريك مخير إن شاء قوم عليه فأتبعه، وإلا باع عليه ذلك النصف- يريد بعد الوضع- فيما لزمه، وإلا تماسك بنصيبه، [بخلاف العتق، لأن الواطئ جنى على ملكه وملك غيره، وفي العتق لم يجن إلا على ملكه، ولو ماتت قبل التقويم ضمنها، ولا يضمنها في العتق إلا بالحكم، قالا، ولا قيمة له على الواطئ في الولد، تماسك
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط ب.
(2) - في الأصل (ولا يرجع لها في تعجيله) وقد أثبتنا ما في النسخ الأخرى.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ب وبعضه ساقط من الأصل.
(4) - (إلا نصفه الأول) ساقط من ب.(1/145)
[13/150]
بنصيبه](1) أو قومه عليه، قالا، وإن تماسك، بقي نصفها بحساب أم ولد،/ فإن عاد فوطئها ثانية، عتق نصفه لقطع الذريعة إلى باطل، ولا يقوم عليه نصيب شريكه، وإن أيسر، إذ ليس بابتداء عتق، وهو كوضع خدمة من عتق تقدم، ولو أعتق المتمسك نصيبه عتق على الآخر نصيبه، لزوال ما كان يرجى له من ملكها.
وفي كتاب ابن سحنون، إن تمسك أتبعه بنصف قيمة الولد، وعتق على الواطئ نصيبه، وهذا خلاف ما ذكر ابن حبيب عن عبد الملك(2) ومطرف، قال ابن حبيب(3)، وقال مثلهما أصبغ وقال، وأنا أخالف ابن القاسم في اتباعه بنصف قيمة الولد في تمسكه، وعدم الواطئ.
قال ابن حبيب عن مطرف، وابن الماجشون، ولو وطئ المعتقة إلى أجل، لاعتقناها عليه، كما قلنا في الشريك الواطئ(4) يعاود وطأها، وقد تمسك شريكه، أو لا سبيل إلى البيع عليه، ولا إلى منعه بغير العتق، ولو وطئ المعتق بعضها ولم تحمل، قدرنا على منعه ببيع نصيبه عليه، وقال أصبغ في ذلك كله لا تعتق عليه(5)، ويمنع بالأدب، ويحال بينه وبينها، إلا أن تحمل المعتقة إلى اجل، فتعتق عليه، وقال ابن حبيب، لا تعتق عليه في أول ذلك، ويؤدب، إلا أن يعود، ويتبين استحقاقه، فيعتق عليه نصيبه.
ومن كتاب ابن سحنون، وابن المواز، وإذا أحبل الأمة والد(6) احد الشريكين(7)، فهو كالشريك نفسه في اليسر والعسر، غير أن الابن يتبع أباه بقيمة مصابته أيضا مع ما يتبعه به الشريك إن كان معدما، قال ابن المواز، يتبعه
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط ب.
(2) - في ص (عن مالك) عوض عن عبد الملك.
(3) - في ت (ابن الماجشون) عوض ابن الحبيب.
(4) - لفظة (الواطئ) محذوفة من ب.
(5) - في الأصل (لا يعتقا عليه)
(6) - كتبت في الأصل (والولد).
(7) - في ص (أحد الشركاء).(1/146)
[13/151]
بنصف قيمة الولد ونصف نقص/ الولادة(1)، ثم إن أيسر هذا المحبل، فاشترى نصف الآخر، لم تكن له أم ولد إلا بحمل آخر.
[قال سحنون، فإن أعتق المتمسك نصفه أعتق على الأب النصف الآخر.
في العتبية](2)، قال سحنون، في الأمة بين الشريكين يولدها أحدهما، ثم قال الآخر قد كنت أعتقتها قبل ذلك، قال، تعتق عليهما ولا شيء على الواطئ، ويلحق به النسب، ويؤدب إن لم يعذر بجهل،
قال يحيى بن عمر، وإن كذبه الواطئ وهو ملي، فهي له أم ولد ويغرم نصف قيمتها لشريكه يوم الوطء وإن كان عديما فهي حرة الساعة، صدقه الآخر أو كذبه.
في الأمة بين الرجلين يعتق أحدهما نصيبه فيها،
ثم تحمل من الآخر، أو من مبتاع منه، أو تدعى ولدا
أو تحمل منه وبعضها حر
من كتاب ابن المواز، وعن أمة بين رجلين، أعتق أحدهما نصيبه منها، فلم تقوم عليه حتى أحبلها الآخر قال أشهب، تقوم على الأول(3)، ويلحق الولد بالثاني، ولا يحد، ويغرم نصف قيمة ما نقصها الواطئ إن غصبها. قال محمد، وهذا الذي(4) قال ابن القاسم هو الصواب أن تعتق عليهما من ساعة حملت، وعليه لها نصف ما نقصها إن أكرهها،
***
__________
(1) - في ص وت (ونصف قيمة الولادة) وقد أثبتنا ما في الأصل وب.
(2) - البيان والتحصيل،4: 140 وما بين معقوفتين ساقط من ت وص.
(3) - كتبت في ص وت (على الأب) وذلك خطأ واضح.
(4) - كذا في ب والعبارة في النسخ الأخرى (وهذا وهل والذي قال ابن القاسم) والظاهر أن ما في ب هو الصواب لابتعاده عن الركاكة في الأسلوب والإضطراب فيه.(1/147)
[13/152]
قال ابن حبيب عن ابن القاسم، ولا يحد، ويعاقب، كان للأول مال، أو لم يكن، وإن لم تحمل، قومتها على المعتق بالعيب الذي دخلها بالوطء، وعتق عليه جميعا،
قال في كتاب ابن المواز،/ إذا حملت، عتقت عليهما، ويلحق الولد بأبيه، ولا يلزمه فيه قيمة، وولاؤه لأبيه، ولا يكون معتق نصفها فيه شيء،
وقد غلط في هذا بعض أئمتنا- يعني ابن القاسم- وروي عنه أن له نصف ولائه، فقلت لمن رواه، فلو كانت لواحد فأعتقها ثم ولدت بتزويج، أللمعتق في ولاء ولدها شيء ولم يمسه له رق؟ فقال: لا، ورجع عما روى، وهذا القول في كتاب ابن سحنون عن ابن القاسم، قال سحنون، بلغني أن ابن القاسم يقول، ولاء الولد بينه وبين معتق النصف، وقال غيره النسب أولى به.
ومن كتاب ابن المواز، وإذا ولدت الأمة بين الشريكين، فأعتق أحدهما نصيبه منها، ثم ادعى الآخر الولد، قال ابن القاسم، يبطل عتق المعتق، وتقوم على الواطئ، فيغرم [نصف](1) قيمتها يوم وطئ، ويلحق به الولد، فإن كان عديما اتبع بنصف قيمة الولد.
قال محمد، إنما يتبع بنصف قيمة الولد إذا أعتق حصته بعد الوضع، فأما وهي حامل، فلا قيمة له في الولد.
وقال ابن حبيب عن أصبغ، اختلف قول ابن القاسم فيها، والذي نأخذ به أن يكون الولد به لاحقاً(2) فلا قيمة عليه فيه ولا فيها، [لأنه ثبت ولاء](3) النصف لمعتقه، فلا ينتقل بإقرار هذا، ونصفها عتق على الآخر، وولاؤها بينهما، قال ابن القاسم فيه، وفي كتاب ابن المواز، ولو أعتق أحدهما نصيبه بعد أن حملت من الآخر، فإن كان الواطئ مليا قومت عليه. وبطل عتق صاحبه، وإن كان عديماً
***
__________
(1) - كلمة (نصف) ساقطة من ب.
(2) - في النسخ كلها (لاحق) وقد نصبناها باعتبارها خبرا لكان.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/148)
[13/153]
جاز/ عتق المعتق، وكذلك لو أقر أنه كان أعتق نصيبه منها قبل (أن) تحمل من الواطئ. قال ابن المواز عن ابن القاسم، في التي أعتق أحدهما بعد أن حملت من الآخر، والواطئ عديم، أن جميعها تعتق، والولاء بينهما، وولاء الابن لأبيه، وعليه نصال قيمته للآخر إن استهل، قال أصبغ، إلا أن يعتق الثاني بعد علمه بالحمل، فلا يجب له في الولد قيمته، وهذا رضى منه بتركها، وإن لم يعلم، فله قيمته وقت يستهل بأخذهما أو يتبع الأب بها في عدمه، ولو ضرب رجل بطنها قبل عتق الثاني فطرحته ميتا (فلأبيه غرة حر) (1) ويأخذ منه الآخر نصف قيمة الأمة، وإن كان عديما وقد أخذ الغرة وأتلفها، أتبعه بنصف عشر قيمة الأم بسبب الجنين، إلا أن يكون ذلك أكثر مما أخذ في الغرة، فلا يزاد، ولو لم يأخذ الأب في الغرة شيئاً لعدم الجاني أو هروبه، لم يكن للشريك عليه بذلك شيء.
قال محمد، جيدة، إلا قوله إن عتقه بعد علمه بالحمل رضي بترك القيمة، فلا يعجبني، ولكن يحلف ما أردت، عتق ما لزم عتقه غيري، ولا إسقاط ما لزمه فيه، يعني الولد.
قيل لأصبغ، والمعتق نصفها إن أحبلها المتمسك، فأعتقها عليه، أو تحمل فيعتقها عليه- يريد نصيبه هل عليه لها ما نقصها؟, قال, قال ابن القاسم، إن طاعت، فلا شيء لها، ولا حد عليها [للرق الذي فيها](2)، وعليها الأدب، وإن أكرهها ودى إليها نصف ما نقصها، كالذي يأخذ في مهرها يكون بيدها كمالها، وأما الجناية عليها فنصفه لها، والنصف/ لسيدها، قال ابن القاسم، ولو أعتق أحدهما جميعا، ثم وطئها الآخر، يدرا عنه الحد إن كان المعتق لا مال له، وإن كان مليا وتعذر بالجهل فكذلك، وإن كان عالما بما يلزمه، حد إن كان المعتق مليا، ولا يلحق به الولد، وولاؤه للمعتق، وعلى المعتق للواطئ نصف قيمة الأمة يوم العتق، فلم يجعل للثاني أن يعتق بعد عتق الأول، [وخالفه أصبغ، وقال لا يحد
***
__________
(1) - في ب (فلأبيه ديته).
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.(1/149)
[13/154]
بكل حال، وللآخر أن يعتق بعد الأول جميعها، ولو مات الأول](1) قبل التقويم، لم يلزم ذلك تركه(2)، وكذلك قال ابن عبد الحكم وأشهب، ومطرف، وابن الماجشون، وقاله سحنون. وقال جميع أصحابه يخالفونه(3).
وقال ابن حبيب: بقول ابن القاسم، إلا في الحد، فيسقطه للشبهة.
قال ابن المواز، قال ابن القاسم، وإذا أعتق نصيبه من أمة، ثم باع المتمسك نصفها أو جميعها، فحملت من المبتاع، عتق نصفها على المبتاع، والولاء بينهما، ويرجع بنصف الثمن إن اشتراها كلها، وبنصف قيمة العيب في النصف الآخر، على أن نصفها حر، وقال في الجزء الثالث [يكون](4) عليه الأقل من نصف قيمتها بالعيب، [أو نصف الثمن، ولو كان عالما بما فيها من سبب التقويم فسد البيع، وعليه نصف قيمتها بالعيب](5)، ويسترجع ما بقي، وكذلك لو لم تفت إلا بحوالة أسواق، وفسد البيع [لعلمه](6) بسبب التقويم، فعليه القيمة يوم قبضها/ على أن نصفها حر، ثم يقوم هو على المعتق قيمتها الآن.
في الأمة بين الشريكين تلد من وطء أحدهما،
ثم يولدها الآخر، وكيف إن كان؟
ومن كتاب ابن المواز، [قال ابن القاسم](7)، في الأمة بين الشريكين يطؤها أحدهما، فتحمل ثم تضع في عدمه، فلزمه، نصف قيمة الولد يوم وضعته،
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(2) - في الأصل (تركته).
(3) - كتب في النسخ كلها بحذف نون الرفع والصواب ما أثبتناه.
(4) - كلمة (يكون) ساقطة من الأصل.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.
(6) - كلمة (لعلمه) ساقطة من ب.
(7) - (قال ابن القاسم) ساقطة من الأصل مثبتة من ص وت في ب (قال ابن المسيب).(1/150)
[13/155]
ونصف ما نقصها بحساب أم ولد، فوطئها الثاني(1) فأحبلها، فإنها تعتق مكانها حين حملت، ولا يتبع الثاني في الولد بشيء(2)، وإن كان مليا والحكم على الأول كما هو، وقد قيل إن لم ينظر في أمر الثاني حتى وضعت، كان على الثاني نصف قيمة الولد، وإن كان عديما، محمد، وهذا غلط، والصواب ما قال ابن القاسم، لا يتبع الثاني في الولد بشيء بكل حال، وقيل إن لم يفرغ من الحكم في الأول(3) في عدمه حتى أحبلها الثاني، ونظر فيه قبل أن تضع أو بعد، أنه لا شيء على الأول من قيمة الولد [في عدمه](4)، ولا ما نقصها، وتكون الأمة حرة، ولا شيء على الثاني أيضا في الولد، وقال عبد الملك، إذا حكم على الأول ثم أحبلها الثاني، كان عليه قيمة الولد على أنه ولد أم الولد على الرجاء والخوف، فلم يعجبنا هذا لأنها بثبوت النطفة في رحمها حبلاً حرة، فلم يجب في الولد يوم الوضع للأول شيء، ولو أحبلها بعد أن أعتق الآخر نصفه منها، صارت حرة ساعة الحمل، والولد لاحق بالنسب، ولا قيمة ولد لعدم هذا.
قال ابن المواز(5)، والذي آخذ به من ذلك إذا لم ينظر في أمره/ الأول الذي أولدها حتى أولدها الثاني، عتقت عليهما، ولا شيء على الأول ولا على غيره من قيمة ولد ولا غيره، ولا يكشف الأول عن عسر ولا يسر، لأن الأول يقول قوموا علي مصابة صاحبي يوم وطئت حتى لا يلزمني للولد قيمة، فلا يقدر على ذلك لفوتها بحمل الثاني، فتكون حرة منهما، ولا قيمة ولد على واحد منهما، وغير هذا لا يعجبني.
ومن كتاب ابن سحنون، ومن العتبية(6)، روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم إذا ولدت من الأول ثم وطئها الثاني فأولدها، لم يحد، ولحق به ولده ونكل، وعلى الأول قيمتها وهي له أم ولد.
***
__________
(1) - في الأصل (فوطئها الباقي) وذلك سهو من الناسخ.
(2) - في الأصل (ولا يتبع الثاني بالولد في شيء) وقد أثبتناه ما في النسخ الأخرى.
(3) - في الأصل (في الأولاد) وفي ب (في الولاء) وقد أثبتنا ما في ص وت.
(4) - (في عدمه) ساقطة من ص وت مثبتة من الأصل وب.
(5) - في ت (قال ابن القاسم) وقد أثبتنا ما في النسخ الأخرى.
(6) - البيان والتحصيل،4: 113.(1/151)
[13/156]
قال سحنون في كتاب ابنه، ولا شيء عليه من قيمة الولد، وعلى الثاني للأول نصف قيمة الولد، على أنه ولد أم ولد يقاص بذلك الأول فيما لزمه من [نصف قيمة](1) الأمة يوم وطئها.
قال ابن القاسم في العتبية(2)، وينكل والثاني أشد نكالا، فإن لم يكن للأول مال لم تقوم على واحد منهما، وتعتق عليهما، [والولد لاحق، والنكال عليهما](3)، قال سحنون في كتاب ابنه، إن كان الأول عديما عتقت عليهما، وللثاني على الأول نصف قيمة الولد على أنه رقيق، ولا شيء على الثاني [أيضا للأول](4) من قيمة ولده، وقد بلغني أنه قال، على الثاني أيضا للأول نصف قيمة ولده على أنه ولد أم ولد.
قال سحنون في العتبية(5)، وفي كتاب ابنه، ولو كان فيها شريك ثالث لهما، فإن كان الأول مليا غرم لشريكه ثلثي قيمتها يوم الوطء، وآخذ من الثاني قيمة ولده/ [ولد أم ولد، وفيها قول آخر وهذا أعدل.
قال في كتاب ابنه، وإن كان الأول عديما عتق نصيبه ونصيب الثاني، وعلى الأول ثلثا قيمة ولده](6) عبداً لشريكه، وعلى الثاني [ثلث قيمة](7) ولده للثالث الذي لم يطأ، ويبقى ثلثها للثالث رقيقا، فإن شاء هذا الثالث أن يتماسك فعل، وإن شاء أن يضمن الأول ثلث قيمة الأمة في ملائه أو في عدمه[ويتبعه] (8) فذلك
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين منقول من نسخ المقابلة وقد عوض في الأصل بقوله (قيمة الولد وعلى الأول للثاني) وذلك غير مناسب لسياق الكلام.
(2) - البيان والتحصيل،4: 113.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(5) - البيان والتحصيل،4: 132.
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(7) - كذا في الأصل وكتبت في النسخ الأخرى (قيمة ثلث) بإضافة القيمة للثلث لا بإضافة الثلث للقيمة.
(8) - (ويتبعه) ساقطة من ت وص.(1/152)
[13/157]
له، فإن فعل عتق ثلثا الأمة على الأول، وأما نصيب الثاني فإنه يعتق على الثاني بالولد، وليس للثالث أن يقوم على الثاني في عدم الأول، إذا لم يبد فساد(1)، أو إذا ضمن الثالث الأول نصيبه من الأمة، كان على الثاني ثلث قيمة ولده للأول ولد أم ولد، وإن لم يضمنه نصيبه من الأمة، فعلى الأول ثلثا قيمة ولده رقيقا للثاني وللثالث، وعلى الثاني ثلث قيمته للثالث.
قال ابن سحنون، وروي عنه أن الثالث إن ضمن الأول ثلث الأمة، فعلى الثاني للأول ثلثا قيمة ولده ولد أم ولد، [وإذا لم يضمنه فعلى الثاني ثلث قيمة ولده للأول ولد أم ولد](2)، وثلث قيمته للثالث رقيقا.
وذهب سحنون، ان يلزم الثاني من قيمة ولده للأول شيء، لأن نصيب الأول عتق عليه، فكيف يلزم فيما هو عتيق قيمة ولد.
قال سحنون في كتاب ابنه، في العتبية(3)، ولو أن الثالث أيضا وطئها بعد ذلك فأولدها، قال في العتبية(4)، ولم يعلم كل واحد بما صنع من قبله، قال فقد وطئها الأول(5) وهي له أم ولد، وعليه لشريكيه/ ثلثا قيمتها يوم وطئ، وعلى كل واحد من الشريكين [للأول] (6) قيمة ولده ولد أم ولد، فيتقاص هو وهما فيما لكل فريق على الآخر، ويترادان(7) الفضل، وإن كان الأول عديما عتق نصيبه، وعليه ثلث قيمة ولده [رقا] (8) لشريكيه، وعلى الثاني في ولده ثلث قيمته رقا للثالث، ولا شيء عليه للأول، لأن نصيبه من الأمة يوم وطئ الثالث(9) حر ويعتق نصيب الثاني أيضا، والثالث ولا شيء على الثالث في قيمة ولده للاولين.
***
__________
(1) - في الأصل (إذ لم يبد فساد).
(2) - ما بين معقوفتين مثبت من الأصل ساقط من النسخ الأخرى.
(3) - البيان والتحصيل،4: 132.
(4) - البيان والتحصيل،4: 132.
(5) - كذا في الأصل وكتبت في النسخ الأخرى فقد ضمنها الأول.
(6) - (للأول) محذفه من ص وت مثبتة من الأصل وب.
(7) - في ص وت كتبت (ويتزايدان الفصل).
(8) - لفظة (رقا) ساقطة من ت وض.
(9) - كذا في ت وص وهو الصواب وكتبت في الأصل وب (يوم وطئ الثاني)(1/153)
[13/158]
ومن العتبية(1)، قال ابن الماجشون، في أمة بين رجلين ولدت ولدين في بطنين أو في بطن، فادعى كل واحد ولدا منهما، فمن استلحق الولد الأكبر لحق به، وكان عليه [نصف] (2) قيمة الأمة لشريكه، [وله على شريكه](3) الواطئ بعده قيمة ولده، ويترادان الفضل، هذا على قول عبد الملك، قال وإن كانا في بطن دعي إليهما القافة، ولا يلحقاهما(4) إلا برجل واحد، ولو ألحقا بكل واحد من الأشراك(5) لم يقبل ذلك، ويكونا كولد واحد، قالت القافة اشتركا فيه فلا يقبل ذلك حتى يلحق بواحد.
قال في كتاب آخر، ويدفع إلى غيرهما أبدا حتى يلحقا بواحد، وهذه المسألة من أولها في كتاب ابن سحنون.
في المدبرة أو المكاتبة أو المعتقة إلى أجل بين الشريكين
تلد من وطء أحدهما، وكيف إن ولدت من الآخر أيضا؟
ومن كتاب ابن سحنون، ولو أن مدبرة بين ثلاثة ووطئها/ واحد بعد واحد، فأولدها كل واحد منهم ولدا، فإن كان الأول مليا فعليه لشريكيه ثلثا قيمتها أمة، وتكون أم ولد له، ويرجع على شريكيه على كل واحد بقيمة ولده أم ولد، ويترادان الفضل إن كان مليا، وإن كان عديما عتق عليه نصيبه وغرم لشريكيه ثلثا قيمة ولده ولد مدبره على الرجاء أن يعتق أو يرق، ويعتق على الثاني نصيبه، وعليه للثالث ثلث قيمة ولده، ويعتق نصيب الثالث، ولا شيء عليه في ولده لهما.
***
__________
(1) - لم يتيسر لنا ربط النص بأصله.
(2) - كلمة (نصف) ساقطة من ب.
(3) - (وله على شريكه) ساقطة من ب.
(4) - في النسخ كلها (ولا يلحقانها) بإثبات النون والصواب ما أثبتناه لأن لا هنا للنهي لا للنفي.
(5) - كذا في ب وهو الصواب وقد كتبت محرفة في النسخ كلها.(1/154)
[13/159]
قال محمد، وعلى ما بلغني عنه في الأمة أن على الثاني ثلث قيمة ولده للأول، [وعلى الثالث] (1) للأول والثاني ثلثا قيمة ولده، ولو كان الثالث لم يطأ قومت على الأول في ملائه، وتكون له أم ولد، ويغرم ثلثي قيمتها لشريكيه، وعلى الثاني قيمة ولد أم ولد، وإن كان عديما عتق نصيبه، وللثالث [إن شاء](2) أن يقوم عليه ويتبعه، فإن فعل عتق ثلثاها على الأول، وكان للأول على الثاني ثلث قيمة ولده ولد مدبرة من سبب هذا الثلث الذي قد قوم عليه للثالث، ويرجع الثاني على الأول بثلث قيمة ولده ولد مدبرة، ويعتق أيضا نصيب الثاني منها، وإن تمسك الثالث بنصيبه فليس له تقويم على الثاني، وله على الأول ثلث قيمة ولده، وعلى الثاني كذلك، ويكون للثاني على الأول ثلث قيمة ولده، وليس للأول على الثاني من قيمة ولده شيء، لأن نصيبه فيها عتق قبل أن يطأ الثاني.
قال محمد، واختلف قوله في ولد الأمة في رجوع/ الثاني على الأول بثلث قيمة الولد، والمدبرة مثل الأمة. قال سحنون، وهذا على قول كثير من أصحابنا.
واختلفوا في مدبرة بين رجلين حملت من أحدهما، فقال المغيرة يلحق به الولد، ويغرم نصف قيمة الولد لشريكه، ويبقى نصفها مدبرا، ونصفها بحساب أم ولد، فإن مات المدبر وله ثلث تخرج فيه، عتق نصف الشريك فيه، ويصير له ولاؤه وإن يدع شيئا وعليه دين محيط بماله، قومت حينئذ على واطئها، وحل له وطؤها من يومئذ، وإن مات الواطئ أولا عتق نصيبه، وبقي نصيب الآخر مدبرا، وقال عبد الملك، على الواطئ لشريكه نصف قيمتها يوم وطئ وانقطع الأمر فيها، وهذا قول مالك وجميع الرواة. قال عبد الملك، فإن كان عديما كان نصفها مدبرا ونصفها بمعنى أم ولد إلا أن يشاء الذي لم يطأ أن يقوم على الواطئ، ويتبعه فذلك له، وتصير أم ولد للواطئ.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(2) - (إن شاء) ساقطة من الأصل.(1/155)
[13/160]
قال غيره، فإن أبى فله على الواطئ [نصف] (1) قيمة الولد يوم تضعه، ثم إن أفاد مالا لم تلزمه قيمة في الأم، وإن مات الواطئ عتق سهمه فقط، وإن مات الآخر أولا فارق سهمه الدين، فاشتراه الواطئ ثم مات قبل أن تلد منه ثانية، كان ذلك النصف موروثا، والنصف العديم حرا، قال عبد الملك، وإن حنث والواطئ ملي، فعليه الأقل من قيمة الجرح أو من قيمتها أجمع، فإن كان الجرح أقل أداه وأدى لشريكه ما بين نصف قيمتها ونصف/ قيمة الجرح من الفضل، لأن ما يجب له من القيمة قيمة الرق، وهي بذلك أم ولد لهذا لملائه، فلزمه فيها الأقل، وقد صارت مرتهنة بجنايتها، فلا تسلم القيمة كلها للذي لم يطأ.
قال أبو محمد، وهذا الذي كتبت بعبارتي عما فهمت من قول عبد الملك، وهو يقرب من معناه عندي وإن غيرت لفظا، والله أعلم، وصوب سحنون كلام عبد الملك وقال، في معتقة إلى أجل بين ثلاثة وطئوها متفاوتين كل واحد يولدها ولا يعلم بصنيع من قبله، قال، تعتق عليهم كلهم، وإذ لا سبيل إلى وطئها، وإن كان الأول مليا ولو لم يولدها غير واحد لم تقوم عليه، وعليه، لصاحبيه ثلثا قيمة ولده ولد معتقة إلى أجل، أولا ترى لو عجل أحدهما عتقها لم تقوم عليه، إلا في قول لعبد الرحمن، يعجل عليه قيمة الخدمة لشريكيه، ويعجل عتقها؟ قال، وأرى أن تعتق عليهم في ملائهم وعدمهم، وعلى الأول لشريكيه ثلثا قيمة ولده على أنه معتق إلى أجل، وعلى الثاني للثالث ثلث قيمة ولده كذلك، ولا شيء على الثالث، ولا شيء للأول.
وقال كثير من أصحابنا فيمن وطئ معتقة إلى أجل فأولدها، أنه يعجل عتقها عليه [إذا زالت خدمتها بالولادة](2)، والوطء بعتق الأجل.
قال سحنون، وكذلك من أذن لمدبره في تدبير أمته فأولدها السيد، فإنها تعتق لأنها معتقة إلى أجل أولدها السيد، قال في المعتقة إلى أجل، وإن بقي الثالث
***
__________
(1) - كلمة (نصف) انفرد بها الأصل وهي ساقطة من سائر النسخ.
(2) - كذا في الأصل والعبارة في النسخ الأخرى (إذا زالت منها الخدمة بالولادة).(1/156)
[13/161]
فلم يطأها، عتق نصيب الواطئين، وللثالث/ على كل واحد ثلث قيمته، وللثاني على الأول ثلث قيمة ولده. ويبقى نصيب الثالث بيده معتقا إلى أجل، وقد قيل لا شيء على الثاني للأول، لأنه وطى نصيبه وهو حر.
ولو كاتب مكاتبة بين ثلاثة وطئوها كما ذكرنا، فأتت من كل واحد بولد وهو لا يعلم ما فعل من قبله، فعلى مذهب ابن القاسم وأشهب، إن كان الأول مليا، خيرت في أن تعجز نفسها وتقوم على الأول، وبين أن تتمادى، فإن قومت عليه، [غرم ثلثي قيمتها أمة لشريكيه، وصارت له أم ولد، وغرم له كل واحد منهما قيمة ولده](1) ولد أم ولد ويترادون، ولا شيء عليه هو في ولده، وإن تمادت فإذا أدت عتقت، وإن كان الأول عديما عتقت عليهم كلهم.
قال سحنون، هذا قول ابن القاسم وأشهب، وأنا أرى إن كان لها مال ظاهر والأول مليء، فليس لها تعجيز نفسها ولتتماد(2) مكاتبة.
قال ابن القاسم، وإذا وطئ مكاتبة بينه وبين شريكيه، فاختارت التمادي، أخذت نصف قيمتها من الواطئ فوقفت، فإن أدت ردت القيمة إليه، وإن عجزت بقيت له أم ولد، وأخذ الآخر القيمة.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، إن اختارت المقام على الكتابة أخذ من الواطئ نصف قيمة الكتابة، فإن وقفت، فأدت، عتقت، ورددنا إلى الواطئ ما أوقفنا، وإن عجزت، أخذ الذي لم يطأ تلك القيمة، وصارت أم ولد للواطئ، وأعجب ذلك أصبغ إلا قوله/ نصف قيمة الكتابة.
[وروي أيضا عن ابن القاسم، أنها إن تمادت على الكتابة، أخذ من الواطئ نصف قيمة الكتابة](3)، فيتعجله شريكه، لأن إيقافه ضرر وغرر، فإن أدت فالولاء لهما، وإن كان عديماً تركت، فإن أدت عتقت، وإن عجزت باع المتمسك
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) - في النسخ كلها (ولتتمادى) بإثبات حرف العلة والصواب ما أثبتناه.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.(1/157)
[13/162]
مصابته وأتبع الواطئ بنصف ما نقصها مع نصف قيمة الولد، قال محمد، حسن إلا قوله، يعجل للشريك نصف قيمة الكتابة، فهذا غلط، لأن مالكا لم يجز بيع ما على المكاتب إلا بخلافه، ولا تقع القيمة من السلطان بغير الذهب والورق، والصواب ألا يحكم على الواطئ إلا بعد العجز، وأن لا يوقف شيء إذا كانت قائمة بنجومها، فإن عجزت فهي للواطئ أم ولد في يسره، وإن كان عديما- يريد يوم العجز- تمسك صاحبه بنصيبه منها رقيقا.
ومن كتاب ابن المواز، قال والمدبرة إذا أحبلها أحد الشريكين قومت عليه، وصارت له أم ولد، وكذلك من ابتاع مدبرة فأولدها فهي له أم ولد، ويتم البيع، وإن كانت مكاتبة خيرت بين أن تفسخ كتابتها وتكون أم ولد، أو تبق تؤدي إلى مشتريها باقي الكتابة ثم تعتق وولاؤها للبائع.
فإن عجزت فولاؤها للمبتاع، وإن اشترى مكاتب مدبرة فأولدها، فإنه يوقف عنها، ويوقف الثمن، فإن أدى بقيت له أم ولد، (وإن عجز) (1)، رد البيع ورجعت مدبرة، وولدها مدبر، ويرد الثمن على العبد، إلا أن يكون البائع مليا فلا يوقف الثمن، وتوقف الجارية.
في الأمة تأتي بولد من وطء الشريكين
ومن وطء المتبايعين
قال ابن حبيب، قال مطرف وابن الماجشون، قال مالك، في الأمة بين الشريكين يطآنها في طهر واحد أو كانا متبايعين، فليعاقبا بقدر اجتهاد الإمام، ويعزلها عنهما بيد امرأة، قالا، أو بيد عدل حتى تحيض، فيبيعها عليهما، أو يتقاوياها حتى يملكها أحدهما، ولا يتركها بينهما، أو تلد فيدعى لولده القافة، فمن ألحقوه به كان ولده وهي به أم ولد، وكذلك قال ابن الحكم وأصبغ عن ابن
***
__________
(1) - كذا في الأصل والعبارة في النسخ الأخرى (وإن عجزت).(1/158)
[13/163]
القاسم، وكذلك روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال ابن الماجشون، فإن ماتت وهي حامل فهي منهما إن كانا شريكين، وإن ماتت وبقي الولد، فمن ادعاه منهما فهو ابن له، وتكون منه مصيبة الأمة.
قال سحنون في كتاب ابنه، وقد ألحق عمر الولد بالقافة، وذكر هو وابن حبيب حديث مالك، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان يليط(1) أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام، فأتى رجلان كلاهما يدعي ولد امرأة، فدعا عمر قائفا، فقال اشتركا فيه إلى أخر الحديث، وقول عمر وال أيهما شئت.
قال ابن حبيب وكذلك قال ابن القاسم، ورواه عن مالك، في الأمة تأتي بولد من الشريكين، فتقول القافة اشتركا فيه فليوال(2) أيهما شاء إذا بلغ، وقاله أصبغ، وقال مطرف: بل يقال للقافة ألحقوه بأفصحهم/ به شبها، ولا يترك وموالاة من أحب، وقاله ابن نافع وابن الماجشون.
قال ابن حبيب، قال مالك، ويجزي القائف الواحد إن كان عدلا ولم يوجد غيره، وقد أجازه عمر، قال مالك، ومن أسلم اليوم فاستلاط ولدا بزنى في شركه، فهو مثل حكم عمر فيمن أسلم من الجاهلية، وقال ابن الماجشون، لا يؤخذ بقولهم فيما كان من ولادة الجاهلية والنصرانية، [وروى مثله أشهب عن مالك، وروي عنه أنه لا يجزي إلا قائفان(3)، لأن الناس قد دخلوا.
ورواية مطرف أحب إلي في قبولهم في أولاد الجاهلية والنصرانية](4) ورواه ابن القاسم وابن وهب عن مالك، وقاله ابن نافع، وأجمعوا كلهم أن القائف الواحد يجزي في ذلك، وفي الأمة المشتركة والمتبعة إذا كان عدلا بصيرا إلا ما روى أشهب.
***
__________
(1) - يضم حرف المضارعة أي يلحقهم بهم جاء هذا الفعل في لسان العرب وفي تاج العروس ثلاثيا.
(2) - (فليوال) جاءت في النسخ كلها بغير حذف حرف العلة والصواب ما أثبتناه.
(3) - في النسخ كلها (إلا قائفين) والصواب ما أثبتناه.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.(1/159)
[13/164]
ومن العتبية(1)، روى أصبغ عن ابن القاسم وابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون، وعن أصبغ عن ابن القاسم، فيمن باع أمة قد وطئها ولم يستبرئها فوطئها المبتاع في ذلك الطهر، فأوقفت، قال ابن حبيب، فإن حاضت أخذها المبتاع، وإن ظهر بها عيب ردها إلى البائع، وإن ماتت فهي من البائع، وفي الكتابين، فإن ظهر بها حمل ثم ماتت قبل أن تضعه، فمصيبتها من البائع.
قال في العتبية(2)، طاولها الحمل أو لم يطل، ويأخذ المبتاع ماله، ويعاقب إن لم يعذر بجهل.
[قال في كتاب ابن حبيب، ولو أقر المشتري بوطئها والبائع منكر للوطء/ فأوقفها السلطان فماتت قبل أن يتبين أو بعد أن تبين ولم يمض للحمل ستة أشهر، فالمصيبة من البائع أقر بوطئها أو أنكر، حتى إذا مضى لحملها ستة أشهر، فقد لحقت المشتري، ولدت أم لم تلد، ماتت أو عاشت، مات ولدها أو عاش، ولا ينظر إليه القافة إذا لم يقر البائع بوطئها في ذلك الطهر، وإذا وطئها البائع، والمبتاع في طهر فماتت قبل أن يتبين الحمل، أو بعد أن تبين، فهي من البائع، بخلاف الأمة بين الشريكين يطؤها في طهر ثم تموت وبعد بيان الحمل أو قبل، فهذه مصيبتها منهما](3)، قالوا في الكتابين، كان سقطا أو تاما، حيا أو ميتا، وهو ولد له، وهي أم ولد له، فإن وضعته لستة أشهر من وطء المبتاع، قال في العتبية(4)، أو مقدار نقصانها بالأهلة فصاعدا، تقارب الوطئان في ذلك أو لم يتقاربا، أو وطئ هذا اليوم وهذا غدا، والولد سقطا أو تاما ميتا(5)، فهي من المبتاع، والولد ولده، وهي له أم ولده، ولا قافة في الأموات
***
__________
(1) - البيان والتحصيل،4: 148.
(2) - البيان والتحصيل،4: 148.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(4) -البيان والتحصيل،4: 148.
(5) - كذا في النسخ كلها على تقدير والولد كان سقطا إلخ وأما في ب فقد جاءت العبارة أو الولد سقط أو تام دون ذكر (ميت).(1/160)
.[13/165]
وقال سحنون، إن مات بعد أن وضعته حيا، دعي له القافة.
قال في الكتابين، وإن وضعته لستة أشهر من وطء المبتاع والولد حي، دعي له القافة، فمن ألحق به لحق، وكانت له أم ولد.
وقال سحنون في كتاب ابنه، في وطء الشريكين أو المتابعين، فظهر بها حمل ثم تموت قبل/ الوضع، فضمانها منهما، ماتت قبل ستة أشهر من وطء الثاني أو بعد، إلا أنه إنما يضمن المشتري في البيع الأكثر من نصف قيمتها يوم وطئها، أو نصف الثمن، ولو أسقطت قبل تمام ستة أشهر أو بعد، فهي تعتق عليهما في الوجهين، ويضمن المشتري الأكثر كما ذكرنا، ولو وضعته حيا بعد ستة أشهر من وطء الثاني، ثم مات قبل أن يدعى له القافة، قال، يدعى له القافة ميتا، إذ لا يغير الموت شخصه، فإن مات عتقت الأمة عليهما، وغرم المشتري الأكثر كما ذكرنا.
قال فيه، وهو في كتاب ابن حبيب عن ابن الماجشون، ولو لم يمت الولد، ومات أحد الأبوين قبل نظر القافة، قال، ينظروه مع الباقي، فإن ألحقوه به ألحق به، قال سحنون، فإن كان مشتريا، فعليه الأكثر كما ذكرنا، قال ابن حبيب عن ابن الماجشون، فإن لم يلحقوه به، لم يلحق به ولا بالميت، إذ لو كان حيا فلعل القافة تنفيه عنه وتقول ليس بابن لواحد منهما، قال، وواقف الأمة بحال أم ولد، فإذا مات الباقي عتقت، وخالفه ابن حبيب، وقال يلحق بالميت إذا برئ منه الحق، لأن الميت أقر بالوطء، فلولا وطء الثاني لحق به من غير قافة، قال ابن حبيب، وتعتق الأمة بموت الأول على أنها أم ولده، وقاله أصبغ.
ومن كتاب ابن سحنون، وإن قالت القافة بعد موت أحدهما، للحي فيه شريك، فإن له من الحي نصف الأبوة، ويرث نصف ميراثه إن مات قبل أن/ يبلغ الولد، فيواليه، فإن بلغ وهذا الأب حي فوالاه، كان ابنه وكان له ميراث هذا الأب إن مات كله، ولا يرث من الميت الأول شيئا، لأن القافة لا يلحق بأب ميت، قال، والأمة، فهذا تعتق عليهما ويكون نصفها على المبتاع كما وصفنا، وإن
***(1/161)
[13/166]
مات الأبوان قبل أن يلحقه القافة بأحدهما، لم يرثهما وعتقت الأمة عليهما وعتق الولد.
ومن العتبية(1) قال سحنون، وإذا قالت القافة ليس لواحد منهما، دعي لهما أيضا آخرون، فإن قالوا ليس لواحد منهما، دعي أبدا غيرهما، لأن القافة إنما دعيت لتلحق لا لتنفي،
قال سحنون في كتاب ابنه، وكذلك إن كان أحد الشريكين الواطئين للأمة عبداً أو نصرانيا، دعي له القافة، فمن ألحقوه به كان ابنا له، قال أشهب، وإن ألحقوه بالنصراني والأمة مسلمة عتقت عليه.
قال أصبغ عن ابن القاسم في العتبية(2)، في وطء الشريكين أو المتبايعين إذا قالت القافة في الولد اشتركا فيه عتقت عليهما مكانها، ولا يحل لأحد منهما وطؤها بملك اليمين، ويرجأ الولد فإذا بلغ والى من شاء منهما فألحق به.
قال سحنون، وقال غير ابن القاسم، لا يوالي أحداً منهما، وميراثه إن مات لهما،
قال فيه وفي كتاب ابن سحنون، وفي كتاب ابن حبيب عن ابن الماجشون، فإن مات قبل أن يبلغ، قال ابن حبيب، وقد وهب له مال، أنه يرثه الأبوان، [قال ابن الماجشون، لا أقول إنهما أبواه، ولكن هما كرجلين تنازعا مالا/ فيقسم بينهما، وتعتق الأمة عليهما](3).
قال في العتبية(4)، فإن مات الأبوان قبل بلوغه، وقف له قدر ميراثه منهما حتى يبلغ، فيوالي من شاء فيرثه وينتسب إليه، ويرد ما وقف للآخر,
***
__________
(1) - البيان والتحصيل,4: 154.
(2) - البيان والتحصيل،4: 148
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.
(4) - البيان والتحصيل،4: 148.(1/162)
[13/167]
قال ابن حبيب عن ابن الماجشون، قال يبقى لا أبا له وتعتق الأمة عليهما، قلت، ولم ورثتهما منه ولم تورثه منهما؟ قال إنما قسمت تركته بينهما لأنه كمال ادعاه رجلان، فلم أجد بدا من ذلك، وهذا لا يكون في موتهما، وقال أصبغ، يرث من كل واحد نصف ميراث ولد، قال ابن حبيب، وهذا توريث بالشك، وبقول ابن الماجشون أقول.
قال ابن القاسم في العتبية(1)، فلو مات أحدهما، فإنه يوقف للصبي ميراثه منه حتى يبلغ فيوالي أيهما شاء، فإن والى الميت ورثه، وإن والى الحي رد ما وقف له، وإن مات الصبي بعد موت أحدهما وميراثه من الأول موقوف، قال، فميراث الصبي للأب الباقي، وليس للأب الميت ولا لورثته شيء، ويرد ما أوقف للصبي من ميراث الأول إلى ورثته، ولو أدخلت الأب الباقي فيما يورث عن الأول لأدخلت ورثة الأول في ميراث الصبي، وهذا لا يكون، بل ميراث الصبي للأب الباقي كله، وقاله محمد بن عبد الحكم.
وقال سحنون، إن الباقي يرث نصف ما ترك الصبي ونصف ما ورث الصبي من الأول، والذي يصح للصبي من الأول نصف ما وقف له، وإن كان للأول عصبة ورثوا مع الباقي من الأبوين ما ترك الصبي، قال/ سحنون، وإذا أوقف له ميراثه من الأول، ثم مات الثاني، وبقي الصبي، فوقف له ميراثه منه، ثم مات الصبي قبل أن يوالي، فإن نصف ميراثه يقتسمونه على التراضي,
وقال ابن القاسم في العتبية(2) من رواية أصبغ، إذا مات الصبي بعد موت الأبوين وقبل أن يبلغ، فليرد ما كان أوقف له من ميراثهما إلى ورثتهما دونه، ولا يرث هو منهما شيئا، وميراث الصبي يكون لمن يرث الصبي من الأبوين جميعا لأقعد الناس(3) منهما نصف لكل فريق منهما على قدر قعددهم بالصبي.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل،4: 148.
(2) - البيان والتحصيل،4: 148.
(3) - في ت وص لأبعد الناس... على قدر تعددهم والصواب ما أثبتناه من الأصل وب.(1/163)
[13/168]
قيل لعيسى بن دينار، فمن ينفق على هذا الصبي إلى أن يبلغ حد الموالاة؟ قال، الشريكان، فإن بلغ فوالى أحدهما فلا يرجع عليه الذي لم يواله بشيء مما أنفق،
وقال أصبغ، أما المشتري فالنفقة عليه حت يبلغ، فإن والاه فذلك، وإن والى البائع رجع عليه بالنفقة، وقال محمد بن عبد الحكم، ينفق عليه الشريكان، فإذا مات أحدهما أنفق على الصبي مما أنفق له من ميراثه، منه نصف نفقته، ونصفها على الحي منهما، وقال أصبغ، لا ينفق عليه منه، لأنه إنما يأخذ بعد الموالاة، وقاله أبو زيد. وإذا مات أحدهما فأوقف له ميراثه منه فبلغ فقال لا أوالي واحدا منهما.
قال سحنون، قال لي ابن القاسم، إنه إذا بلغ، فليس له موالاة أحدهما، ويبقى ابنا، لهما يرثانه إن مات، قال ابن القاسم، وإن مات/ الصبي قبلهما، ورثاه جميعا، قال سحنون، وإذا مات قبل الموالاة وقف ميراثه منهما، فإذا بلغ أخذ ميراث من يوالي منهما، ورد الآخر، فإن والاهما أخذ النصف من كل واحد، وأخذ عصبة كل واحد النصف، وهو كابن تام في حجب الكلالة به، وبقية القول في حجبه وتوريثه مع سائر الورثة في كتاب المواريث.
قال سحنون، ولو مات الصبي وترك ولدا قبل أن يوالي أحد الأبوين وهما حيان، بعد، فلولده(1) أن يوالي من شاء من الجدين، ولو ترك ولدين فليواليا جميعاً، واحد من الجدين، ولا يوالي هذا جدا وهذا جدا، كما لم يكن ذلك لأبيهما أن يواليهما جميعاً،
ومن قول ابن القاسم، لو وضعت من بطنها توأما فليواليا من أحباء، ولكل واحد من الوالدين أن يوالي من شاء من الأبوين.
***
__________
(1) - في الأصل (فلولد ولده) والصواب ما أثبتناه من النسخ الأخرى.(1/164)
[13/169]
قال سحنون، وإذا وضعت ولدين في بطن، فقالت القافة هذا ابن هذا، وهذا ابن هذا، قال فإن كان الأول مليا قومت عليه وهي له أم ولد، ويغرم نصف قيمتها يوم حملت، ويرجع على الثاني بقيمة ولده ولد أم ولد، فإن كان الأول عندها رجع على الثاني بنصف قيمة ولده، ولا يرجع هو على الثاني بشيء، وقد قال يرجع عليه، وقال إنه قد قيل، قال، وتعتق الأمة عليهما.
ومن كتاب ابن سحنون في الأقضية وهو لأشهب، وعن أمة بين رجلين أتت بولد، فادعاه أحدهما في مرضه، فهو به لاحق، وعليه نصف قيمتها من رأس ماله،/ وتعتق إن مات من رأس المال.
في الأمة بين الحر والعبد يطآنها في طهر،
أو أحدهما، فتأتي بولد
من كتاب ابن سحنون، قال والأمة بين الحر والعبد يطؤها العبد فتحمل، فهي جناية، فإما فداه سيده بنصف قيمتها، أو أسلمه بماله، وهي لا تعتق، لأن واطئها عبد.
قال سحنون في العتبية(1)، ولو وطئها في طهر فحملت، دعي للولد القافة، فإن ألحق بالعبد، فالحر مخير، إن شاء ضمن العبد قيمة نصيبه يوم وطئها، وإن شاء تماسك به، لأنها لا تخرج من رق إلى عتق، ويكون له نصف الولد رقيقا، فإن أحب الشريك أن يقومها عليه وهو معسر، بيع جميعها في نصف قيمتها يوم وطئها، ليس يوم أولدها، فيغرم قيمتها يوم الوطء في الوجهين، كان له مال أو لم يكن، وليس هو في القيمة إذا كان معسرا كالحر، قال، ولا يباع الولد معها إن لم يف ما بيعت به بنصف قيمتها، وتتبع به في ذمته، ليس جناية في رقبته.
قال يحيى بن عمر، قال ابن عبد الحكم، ويقع في قلبي أنها جناية، قال سحنون، فإن ألحقته القافة بهما عتق الصبي على الحر، لأنه عتق نصف ابنه،
***
__________
(1) - البيان والتحصيل،4: 120.(1/165)
[13/170]
ويقوم عليه نصيب العبد منه، ويقوم عليه أيضا نصيب العبد من الأمة، فيصير نصفها رقيقا ونصفها بحساب أم ولد، حتى يولدها مرة أخرى إذا ملك النصف الباقي، فتصير كلها أم ولد له، وإذا/ بلغ الصبي، والى أيهما شاء، فيكون ابنا له، ولا تتغير حريته، قال أصبغ، إذا قالت القافة اشتركا فيه، فنصيب الحر من الأمة عتيق، ونصف العبد مقام أم ولد يوقف بيده لا يطؤها، ويباع في دينه، ويبيعها بإذن سيده، فإن كبر الصبي ووالى الحر لحق به، وغرم نصف قيمته لسيد العبد، وإن والى العبد لحق به، وبقي نصفه حرا ونصفه رقيقا، ولا يقوم على الحر.
ومن كتاب ابن سحنون لأشهب، وإذا كانت أمة بين حر وعبد مكاتب، فولدت، فادعيا الولد جميعا، فالولد يدعى له القافة، فمن ألحقوه به كان عليه نصف القيمة للآخر، وليس للحر في هذا تصدر على المكاتب لحرمة الحرية. قال أصبغ، وإذا كان أحدهما مسلما والآخر كافرا، فألحقت القافة الولد بالمسلم لحق به، وكانت الأمة أم ولد له، وغرم نصف قيمة الأمة للكافر، وإن ألحقته القافة بالكافر لحق به، وكان ولده على دينه يوارثه وينسب إليه، وكانت أم ولد له وغرم نصف قيمتها للمسلم، فإن كانت كافرة أقرت عنده أم ولد له، وإن كانت مسلمة عتقت عليه، وإن قالت القافة قد اشتركا فيه، فالأمة أم ولد معتقة منهما، والولد موقوف حتى يبلغ فيوالي أيهما شاء، فإن والى المسلم فهو ولده، وإن والى الكافر لم يترك على دينه، وإن مات الكافر قبل بلوغ الصبي، وقف له قدر ميراثه منه، فإن والاه/ أخذه، وإن والى الآخر انتسب إليه، وإن ماتا وقف ميراثه منهما، فأيهما والى أخذ ميراثه، وجبر على الإسلام بكل حال، وهو استحسان ليس بقياس، فإن مات الصبي بعد موتهما رد ما وقف من أموالهما إلى ورثتهما، ثم إن ترك مالا ورثه أو وهب له كان نصفه لعصبة أبيه المسلم بعد فرض ذوي الفرض، والنصف الآخر لعصبة أبيه الكافر المسلمين، وإن لم يكن لأبيه الكافر ورثة مسلمون، فذلك لبيت المال، قال، ولو أنهم ثلاثة، مسلم وعبد، ونصراني، فحملت الأمة مسلمة، فقالت القافة قد اشتركوا فيه، فإنها تعتق على المسلم والنصراني، ويقوم عليهما نصيب العبد، ولو كانت الأمة نصرانية، عتق جميعها على
***(1/166)
[13/171]
الحر المسلم، وقوم عليه نصيب العبد والنصراني، فإن قالت القافة ليس هو لواحد منهم، رفع أبدا إلى غيرهما، فإن قالوا مثلهم رفع أبدا إلى آخرين، فإذا تمادى الإشكال، واتفقت القافة، فإن كان الآباء مقرين بالوطء في طهر، فليوال(1) أيهما شاء، وتكون أمة تبعا له إذا وضعته لستة أشهر فأكثر من وطء آخرهما، ادعوه أو لم يدعوه.
وكذلك إن ادعاه أحدهما وأنكر الآخر، فلينظر إلى منكره، ويكشف عن وطئه، فإن كان فيما وصف من وطئه ما يمكن فيه الإنزال، كانا مشتركين فيه، وإن لم يكن في صفة وطئه ما يمكن ذلك فيه، وكان يدعى/ الخلسة بالعزل من الوطء الذي أقر به، فإني استحسن أن أجعله للآخر، والقياس أن يكونا سواء، إذ لعله غلب، والوكاء ينفلت(2)، وربما كان الاستحسان أولى من القياس.
في الأب يطأ أمة الولد أو مدبرته، أو أم ولده،
فتحمل أو لا تحمل، وكيف إن كان أحدهما عبدا،
أو الابن يطأ أمة من في كتابته فتحمل، ويدعى
أخوة أنه من أبيه
من كتاب ابن المواز، قال، ومن وطئ أمة ولده لم يحد ولحق به وهي به أم ولد، وعليه قيمتها حملت أو لم تحمل ثم يحل له وطؤها قال سحنون، بعد الاستبراء، فإن كان الابن وطئها قبل ذلك حرمت عليهما جميعا، وعتقت على الأب إن حملت منه، قال عبد الملك وابن عبد الحكم، وإن أراد الابن حبسها فله ذلك، كان الأب مليا أو عديما، وذلك إن كان الابن مأمونا، بخلاف من أحل أمته لرجل فلم تحمل، قال ابن سحنون عن أبيه قال، تقوم على الأب وإن لم تحمل والابن صغيرا أو كبير، والأب عديم أو ملي، قاله أصحابنا عبد الرحمن وغيره.
***
__________
(1) - (فليوال) كتبت في الأصل بإثبات حرف العلة والصواب ما أثبتناه.
(2) - كذا في الأصل وب وكتبت في ص وت والوكاء ينقلب.(1/167)
[13/172]
قال في كتاب الأقضية لابن سحنون وهو لأشهب، في الأمة لرجل تلد فادعى أبوه ولدها، فكذبه الابن، فإن ادعاه الابن لأبيه لم يقبل منه، وإن ادعاه لنفسه فهو ابنه، ويضمن قيمة الأمة، إلا أن يدعيه الابن فيكون أحقهما به.
ومن كتاب ابن المواز قال، وإن وطئ أمة والده، حد، ولم يلحق به الولد، ولم تلزمه/ القيمة كالأجنبي، ولا تحرم على الأب، قال، وإذا وطئ أب أمة ابن ابنه، أو ابن ابنته، أو سرق ماله، فابن القاسم يراه كالأب في رفع الحد، وقال سحنون وأشهب، يحد فيهما كالأجنبي، وهو لا يلزمه النفقة له، قال، ولا يجوز نكاح الأب أمة الإبن، فإن فعل فلم يرد حتى مات الإبن فورثها، فهي له أم ولد، وإن كانت بينة الحمل، لأن قيمتها لزمته يوم الوطء وإن لم تحمل، وذلك أني لا أجيز نكاحه، ولم تبق في ملك الابن فيعتق ما في بطنها على الأخ، وقد لزمت الأب يوم الوطء، وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم في العتبية(1)، أنها تلزم الأب بقيمتها يوم الوطء
قال ابن المواز، ولا يجيز نكاح الأب إياها من أصحابنا إلا ابن عبد الحكم، فقال أكرهه، ولو نزل لم أفسحه، فأراها عنده لا تكون أم ولد، لأن ما في بطنها عتق على أخيه قبل موته.
ومن العتبية(2) روى عيسى عن ابن القاسم، فيمن استلحق عند موته ابن أمة بينه وبين بنين له صغار، قال، يلحق به، وتؤخذ قيمة حصة بينه منها من ماله، فإن لم يكن له مال فهي حرة، وهي مصيبته دخلت عليهم.
ومن كتاب ابن المواز، وكتاب ابن سحنون ذكره عن ابن الماجشون في الحر يطأ أمة ابنه العبد فتحمل، قال عليه قيمتها، ولا يحد، وهي به أم ولد، [وإن كان عديما](3) بقيت رقا للابن، وأتبعه بقيمة الولد يوم وضعه، فإن عتق الابن
***
__________
(1) - البيان والتحصيل،4: 136.
(2) - البيان والتحصيل،4: 181.
(3) - حرفت في ص وت إلى قوله (وإن كان عدلا).(1/168)
[13/173]
وهي حامل بعد النظر فيها، بقي الأمر على ما/ ذكرنا، ثم إن أيسر الأب فاشتراها، كانت له أمة يبيعها إن شاء، وإن عتق الابن قبل النظر فيها، كانت له أم ولد، وأتبعه بقيمتها فقط في عدمه، وروى سحنون عن ابن القاسم في كتاب ابنه، أنه يضمن قيمتها حملت أو لم تحمل، ولا يكون لسيد العبد خيار، فإن كان مليا أعطى سيد العبد قيمة الجارية، وإن كان معسرا أتبعه بقيمتها دينا إن حملت، وبيعت إن لم تحمل،
قال ابن المواز، وإن كان هو المملوك لم تكن به أم ولد، لأنه عبد، ولا يتبع بقيمتها لأنه ليس من معنى الغصب ولا الجراح فلا حد عليه، ولو قال الابن يسلمها إليه ويتبعه بقيمتها (إذ حرمها علي) (1)، لم يجز ذلك، لأن ما في بطنها عتق على أخية، ولو أسلمها إليه بلا ثمن لم تكن له أم ولد، وكذلك في كتاب ابن سحنون عن ابن الماجشون.
ومن الكتابين، وروي عن ابن القاسم، أنه كالجناية، وقيمة الجارية في رقبة العبد، والجارية للأب العبد، فإن شاء سيد العبد فداه بقيمة الجارية، وقال في كتاب ابن المواز، ويأخذ سيده الأمة، وقال في كتاب ابن سحنون، وتكون الجارية للعبد، والعبد للسيد. قال في الكتابين، فإن أسلمه كان حرا على أبيه.
قال في كتاب ابن سحنون، وتتبعه الجارية وتكون أم ولد له إن كانت حاملا، لأنها مال من ماله، والولد لسيد العبد أسلمه أو فداه، وليس للابن خيار في أن يقول اعطوني الجارية، وإن ماتت الجارية قبل أن يخير السيد، فنصيبها من العبد يكون في/ رقبته، قال ابن المواز، فلم يعجبنا هذا، وأي جناية هي إلا ما حرمها على الابن، ولا قيمة للوطء، كما لو رجع شاهدا للطلاق بعد الحكم، لم يغرما شيئا، ولو كانت بكرا فافتضها لم يلزمه شيء، كما لا يلزم الأجنبي لأنها طاوعته.
وفي كتاب ابن سحنون عن المغيرة، في العبد يطأ أمة أبيه الحر فتحمل، أنه إن كان غير مأذون في التجارة، فالجارية لأبيه، والولد يلحق بالعبد ويعتق على
***
__________
(1) - (إذ حرمها علي) في ب (إذ حرمتها علي).(1/169)
[13/174]
أبيه(1)، ويدار عنه الحد، وإن كان مأذونا له في التجارة قومت عليه قيمة عدل، ثم أخذ ذلك من ماله إن كان له مال، وإن لم يكن له مال [بقي في ذمته، وولدها لسيد الأب، لأنه ليس من مال العبد.
قال سحنون، وقيل إن العبد إن لم يكن له مال](2)، بيعت الجارية لأبيه، ويعتق الولد على أبيه.
ومن كتاب العتق لابن سحنون، ومن وطئ مدبرة أبيه فحملت منه، ضمن قيمتها للابن، وتكون أم ولد للابن، قيمتها أم لا تدبير فيها، وإن لم تحمل، فليغرم القيمة. فتوقف، فإن مات الابن وخرجت من ثلثه، رجعت القيمة إلى الأب، وإن لحقه دين يرقها، كانت للأب بالقيمة الأولى.
ومن العتبية(3)، قال سحنون عن ابن الماجشون، فيمن وطئ أمة ابنه، ثم وطئها الابن بعد ذلك، قال، تسقط القيمة عن الأب بمصاب الابن، وتباع على الابن فيعطى ثمنها ما بلغ أقل من القيمة أو أكثر.
قال أصبغ، لا يعجبني، ولتقوم على كل حال، ويأخذ قيمتها يوم وطئها إن اختلفت القيم، وتباع على الواطئ/ حين تحمل، ثم يتحاسبان على ذلك، فمن كان له فضل أخذه، ومن كان عليه نقص وداه.
قال ابن الماجشون، ولو وطئها في طهر فأتت بولد، دعي له القافة، فإن ألحقته بالابن عتقت عليه الجارية، وكان الولد ولده، وقاله أصبغ،
قال ابن الماجشون، فإن ألحقت الأول فكان هوالابن، لزم الأب قيمتها له لأنه أفسدها، وإن كان هو الأب، فالولد ولده، والأمة منه بالقيمة، وإن ألحقته بالثاني فكان هو الابن، تحاسبا بالقيمتين، ولو كان هو الأب، غرم قيمتها للابن
***
__________
(1) - كذا في الأصل والعبارة في النسخ الأخرى ويعتق على أخيه.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) - البيان والتحصيل، 14: 136.(1/170)
[13/175]
بكل حال بما أفسدها، وقال سحنون، في الميت يترك ولدين وجارية، [فتلد لستة أشهر فأكثر، فادعاه أحد الولدين لنفسه، ولو ادعاه الآخر لأبيهما، فإن كان السيد يطؤها، لحق به ولدها، ولا يصدق الأخ، وإن لم يكن يطؤها، لحق بهذا الأخ مدعيه](1)، وغرم نصف قيمتها لأخيه وإن شك في وطء الأب، قالقول قول مدعي الولد، وعليه نصف القيمة.
قال ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم، في العبد يطأ أم ولد ابنه الحر، أو أمة له بكرا فيفتضها، قال لا حد عليه، وتكون قيمة أم الولد في رقبته، فإما فداه سيده أو أسلمه، وتعتق أم الولد على الابن، لأنها حرمت عليه، ولا يتهم أن يكون، يريد أن يكون عبدا لابنه، كما لو قطع لها عضوا لكان ذلك في رقبته، وكذلك وطؤه للبكر إذا نقصها ذلك، فإن ذلك في رقبته،/ ولو كانت ثيبا لم تلزم رقبته شيئا.
قال محمد بن عبد الحكم، في نصراني وطئ أم ولد لابنه النصراني ثم أسلما، فإنها تعتق على الابن حين حرمت عليه، ولا قيمة له على أبيه، لأن الابن لو وطئها بعد وطء أبيه لم أمنعه في نصرانيتهما، فلما أسلما لم ألزم أباه قيمتها، وهي حرة، ولو كانت أمة فأسلما وهي حامل، قال، يعتق ما في بطنها على أخيه، ولا تقوم على الأب، وهي أمة للابن
في الأمة، أو من فيها بقية رق تستحق وقد
ولدت من مشتر أو زوج، والقضاء في ولدها
قال ابن المواز في كتاب الغصب، في اختلاف قول مالك، في الأمة تستحق وقد ولدت من المشتري، قال وأجمع ابن القاسم وأشهب، أنه يأخذها وقيمة ولدها.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وساقط بعضه من ت.(1/171)
[13/176]
قال أشهب، وعليه جماعة الناس، وهو قول مالك الأول، وقد قال يأخذ قيمتها فقط، ورجع إلى أن يأخذ قيمتها وقيمة ولدها، قال: وأم الولد والمعتقة إلى أجل إذا استحقت من يد مشتر، فلا يفيتهما عتق المشتري، ولا إيلاده إياهما، ويأخذهما المستحق مع قيمة الولد، لم يختلف في ذلك قولهم، وفي المعتق نصفها عليه نصف قيمة الولد، قال: وإذا تزوج مكاتب أو مدبر أو معتق إلى أجل، أو معتق بعضه، أو عبد أمة على أنها حرة، غره منها أحد، فليأخذها سيدها ويأخذ ولدها رقيقا.
ومن كتاب ابن المواز، ومن تزوج/ أمة فاستحقت، فقال الزوج تزوجتها على أنها حرة، وقال المستحق بل تزوجتها على أنها أمة، فالزوج مصدق، إلا أن يقيم بينة، قال ويأخذها مستحقها، وعلى الأب قيمة ولدها اليوم، فإن لم يكن له مال، فذلك في مال الولد، ثم لا يرجع به الولد على الأب، وإن ألقى الأب ميتا، فالقيمة في تركته، ويحاص به غرماءه، وما عجز ففي مال الولد،
وكذلك لو ابتاعها من السوق، ثم استحقت، ولا شيء فيمن مات من الولد، ولا فيمن قتل فاقتص له، أو هرب قاتله، فأما إن أخذ لهم ديته، فقال أشهب، هو كالموت، ولا شيء للمستحق فيما أخذ منهم، كما لو ترك مالا.
وقال ابن القاسم، له الأقل مما أخذ فيهم، أو من قيمتهم يوم قتلوا، ولو ضرب رجل بطنها فألقت جنينا ميتا، فأخذ قيمة الأب غرة. قال ابن القاسم، فللمستحق في ذلك الأقل مما أخذ الأب، أو من عشر قيمة أمهم.
وقال أشهب، لا شيء من ذلك للمسحق، وكذلك لو قطعت يد الولد، فأخذ لها دية، فقال أشهب لا شيء من ذلك للمستحق، وله قيمة الولد أقطع فقط، (وقال ابن القاسم)(1)، له ذلك مع الأقل مما أخذ الأب في اليد أو ما بين قيمته صحيحا يوم القطع، وقيمته أقطع.
***
__________
(1) - في ص (وقال أشهب) وأثبتنا ما في النسخ الأخرى ولعله الصواب.(1/172)
[13/177]
قال محمد، قول أشهب صواب، قال: وإذا كانت قيمته لو كان عبدا أكثر من ألف، فليس لمستحقه على قطع يده الفضل، لأنه/ إنما قطع يد أخر، ولو قتل الولد، فأخذ له دية، فللمستحق الأقل من ذلك أو من قيمته، وقال أشهب، لا شيء له من ذلك.
قال في كتاب ابن سحنون، والدية للأب، ولا شيء عليه من قيمتهم، قال، ولو كان للولد ولد فقضي لهم بالدية، ولا شيء على الأب من القيمة،
وكذلك لو ضرب رجل بطنها، فألقت جنينا ميتا، فأخذ الأب فيه عشر قيمة الأم، فلا شيء عليه من قيمة الجنين لمستحقها على الأب، لا في ماله ولا في تركته.
قال في كتاب محمد، وإن استحقت أنها أم ولد، فليأخذها ربها وله قيمة ولد أم ولد، على أنهم أحرار بموت السيد، إن بقوا إلى ذلك، قال، ولو مات المستحق قبل الحكم بالقيمة في الولد، فلا شيء على الأب، وإن كانت مكاتبة، فقد اختلف في قيمة ولدها، وأحب إلي أن يتعجل قيمتهم ويحسبه من آخر الكتابة، ما لم يكن أكثر مما بقي من الكتابة فلا يراد، لأنها تصير حرة، كما لو ودت قبل الحكم بالقيمة في الولد، ما كان الأب شيء. وقال ابن القاسم، توقف القيمة، فإن أدت رجعت القيمة إلى الأب، وإن عجزت أخذها السيد، فيقال لابن القاسم، إن الولد لما كان ذا جلاء في الكتابة، فالكتابة أحق بقيمته، كما لو قتل، وكما لو عتق وفيه رجاء السعاية، يحط عنها حصته إن رضيت بعتقه، قال ولو كانت مدبرة لغرم قيمة الولد رقيقا، كمدبر بيع وفات بالعتق، ولو كانت معتقة إلى أجل غرم قيمتها ولدها، على أنه حر إلى الأجل، قال، وأما أم الولد/ والمعتقة إلى أجل، فلم يختلف قولهم أنه يأخذهما مع قيمة الولد، وإن كان معتق نصفها أخذ نصف قيمة الولد،
قال محمد، والقائل في الولد قيمتهم يوم ولد- يعني قول المغيرة قد أخطأ- ولو كان ذلك لكان عليه، وإن مات الولد وهو، فليس بغاصب فيضمنهم، وإنما حكم عثمان بأمثالهم، فكانت القيمة بدلا من المثل.
***(1/173)
[13/178]
ومن العتبية(1)، قال سحنون، فيمن ابتاع جارية فأولدها، ثم استحقها ربها فدفعها إليه، ثم اشتراها منه بعد ذلك، فإن كان دفعها إليه بقضية قاض، ثم اشتراها فلا تكون بذلك الولد أم ولد حتى يولدها في المستقبل، وإن كان دفعها إليه صلحا بغير قضية، ثم اشتراها، (فإنها بالولد الأول أم ولد له) (2)، وهذا الباب في النكاح مستوعب، ومنه في كتاب الاستحقاق.
فيمن ادعى في أمة أنه ابتاعها أو تزوجها،
والسيد منكر أو مقر بغير الوجه الذي ادعاه من النكاح
أو بيع أو ابتياع، وقد ولدت، أو يبتاعها الزوج
ثم يختلفان في الولد متى ولدته
من كتاب ابن المواز، ومن ادعى في أمة رجل أنه زوجه إياها، وأن ولدها منه، وأنكر السيد، ولم يدع الولد، قال ابن القاسم، فلا يلحق به إلا أن يشتريه، ولو أعتقه السيد لم يلحق به، لما ثبت من ولاية له.
وقال أشهب، يلحق باقيه رق أو عتق، فإن عتق ورث أباه، وولاؤه لسيده، وإنما لا يلحق/ بمن ادعاه من حازه نسب، أو من يتبين فيه كذبه، ومن بيده أمة قد أولدها وقال زوجنيها سيدها، وقال ربها بل بعتها منك بكذا، فقد أقر السيد بحرية ولدها بغير قيمة وبأنها معتقة إلى موت الواطئ، ويقال للواطئ لا يحل لك، لإقرار سيدها أنها معتقة إلى موتك، وأنه ملكك بقية رقها وذلك يفسخ النكاح الذي ادعيت ولو قلت في الثمن الذي قبضه منك أنك دفعته إليه بغير ذلك، كان لك أخذه منه بعد يمينك، وإن أنكر قبض الثمن، حلفت أنت له، وبرئت أنت، فإن نكل حلف هو وأخذ الثمن، فإن نكل فلا شيء له، وليس لك وطؤها
***
__________
(1) -البيان والتحصيل،4: 143.
(2) - كذا في النسخ كلها والعبارة في البيان والتحصيل (فإنها تكون عنده أم ولد بملكه الأول حين أولدها فيه).(1/174)
[13/179]
بنكوله ولا بنكولك، ولا إن رجع سيده فأقر بالنكاح وكذب نفسه في البيع، ولا إن رجعت أنت إلى قوله، وقد قال بعض الناس، إذا رجع الواطئ إلى قول السيد، فإنه يقول قد حلت لي، فمن حجتها أن تقول قد أقر من ملكني أني معتقة إلى أجل موت الواطئ، وأوجب له في بقيته رقي، فصار أملك بعتقي منه، فإذا أقر أني أم ولد له وقد انعقد لي بقول السيد العتق إلى أجل، فقد وجب لي تعجيل العتق، إذ لا يصل بي إلى الوطء، قال محمد، فالقول ما قلت وهي حرة مكانها حين صدق الواطئ السيد، وولاؤها [وولاء ولدها](1) للذي أولدها، فإن ماتت ولا ولد لها، والذي أولدها حي، فإنه يوفي من تركتها الثمن إلى البائع، وكذلك إلى ورثته إن كان الواطئ حيا، وإن كان قد مات قبلها، فالميراث كله/ لورثته لا يأخذ منه السيد ولا ورثته شيئا، ولو قامت لهم البينة العدل بالبيع، لأن ذلك في ذمة وليهم وهذا مال ورثوه أولا كان له فليس من تركته،
قال محمد، ولو ماتت والواطئ حي ولها ولد، فما تركت للولد لا يأخذ منه البائع شيئا ولا الواطئ، كان قد صدق السيد أو لم يصدقه، قال محمد، إلا أن يموت في الإيقاف قبل تصديق الواطئ لسيدها، وقيل يرجع إلى قوله فلا يرثه الولد ها هنا، وذلك للواطئ بعد أن يؤدي منه الثمن، قيل فقبل أن يتم لها العتق على من نفقتها؟ قال أحسن ما سمعت أنها على الواطئ، لأنه يملك عتقها والنفقة تلزمه، كانت زوجة أو أم ولد.
وقد روي عن ابن القاسم في هذه المسألة، أن ينظر إلى حال الواطئ، فإن كان مثله يجد الطول ولا ينكح الإماء، فالسيد مصدق، وإن كان ينكح مثله الإماء ولا يشبه أن يشتري مثله مثلها، فهو مصدق، وقال محمد، والأول أصوب ولا ينظر في هذا إلى ما يشبه، كما لو اعترف أمة بيد رجل ولدت منه، وادعى ربها أنه باعها منه، لم يصدق إلا ببينة، أو قال من هي بيده اشتريتها منك فأنكره ربها، فربها مصدق، ولا ينظر في هذا إلى الأشبه، وأكثر الناس لا يعلم تحريم الإماء.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب مثبت من النسخ الأخرى.(1/175)
[13/180]
وروى أصبغ عن ابن القاسم، أنه ادعى ربها البيع والواطئ النكاح، أو ادعى الواطئ البيع وربها النكاح، فمن ادعى البيع فلا قول له/ إلا ببينة، لأنه يدعي إما ثمنا يأخذه، وإما مثمونا يأخذه، وله الثمن، وأعجب ذلك أصبغ، وقال أشهب، إن ادعى ربها البيع فالزوج مصدق وولده حر لاحق النسب.
ومن كتاب أحمد بن ميسر، وإن قال ربها زوجتكها، وقال الآخر بعتها مني، قال: لا يثبت النكاح إلا ببينة، ولا البيع إلا بإقرار السيد، فإن أنكر حلف وبرئ، وإن نكل حلف مدعي الشراء واستحق، وإن نكل فلا شيء له، وإن ادعى ربها البيع منه، وقال هو زوجنيها، فإن لم تحمل فلا نكاح ولا بيع، وإن حملت فقد أقر ربها أنه أم ولد فلا سبيل له إليها وتوقفت، فإن أقر الواطئ بالبيع فهي له أم ولد يطؤها بملك اليمين، وإن لم تقر فهي موقوفة حتى يموت الواطئ فتعتق، أو تموت هي في حياته عن مال، فيأخذ منه السيد ثمنها الذي ادعى.
ومن كتاب ابن سحنون، ومن العتبية، قال ابن سحنون، فيمن قال لرجل ادفع إلي ثمن جاريتي هذه الذي بعتك(1)، فقال بعتنيها ولكنك أودعتنيها فعدوت عليها فأولدتها، قال فرب الجارية مدع عليه مالا، ومقر أنها أم ولده، والمقر له ينفي ذلك وينفي الولد بإقراره بالزنى، فعليه الحد إن ثبت على إقراره، وأما ربها فقد أقر أنها أم ولد لهذا بأمر جائز وهو حق لها، فتكون له أم ولد وتبقى موقوفة لا يصل إليها. من أولدها، إلا أن يقر بما قال ربها، وأما ولدها فأحرار بكل حال، لإقرار ربها بذلك، فإن ماتت الجارية في الإيقاف فتركت مالا، قال في كتاب ابنه، / أو قتلت فأخذ فيها قيمة، فلربها المدعي لبيعها أن يأخذ من تركتها أو من قيمتها الثمن الذي ادعى، وما فضل فموقوف، فإن أقر الذي أولدها بالشراء والإيلاد، أخذ ذلك، وإن تمادى على إنكاره أوقف باقي المال أبدا، وإن تمادى على أنه عدا عليها حد،
قال سحنون في كتاب ابنه في العتبية، ولو قال الذي هي يديه اشتريتها منك، وقال ربها زوجتكها ولم أبعها منك، وقد أولدها، فربها مصدق مع يمينه، فإن
***
__________
(1) - في الأصل (الذي بعثك) والصواب ما أثبتناه.(1/176)
[13/181]
حلف كانت هي والولد رقيقا له، ويلحق نسبهم بالأب، لأن الذي أولدها مقر بها لربها ومدع للشراء، ولو قال ربها بعتها منك، وقال الذي هي بيده زوجتنيها، فربها في هذا مقر أنها أم ولد للواطئ، وأن ولدها أحرار لاحقون بأبيهم، فلا سبيل له عليهم ولا عليهم، وهو يدعي ثمنا فليس له ذلك إلا ببينة، وتوقف الجارية حتى تموت، فإن ماتت عن مال أو قتلت فأخذ في قيمتها مال أخذ منه ربها الثمن الذي ادعى، وما بقي فموقوف، فإن أقر الذي كانت في يديه بالشراء أخذ بقية المال، ولا أوقف أبدا، قال، ونفقتها في الإيقاف على نفسها، ولا ينفق عليها مدعي النكاح، لأني حلت بينه وبينها.
قال في العتبية، أصبغ مثله، قيل لأصبغ، فإن مات مدعي التزويج قبلها، قال فالأمة حرة لإقرار السيد أنها أم ولد للميت، ولو ماتت الأمة بعد ذلك عن مال لم يكن للسيد في مالها ثمن ولا غيره، لأنها ماتت وهي حرة، ويرث/ مالها ورثة الذي أقر السيد أنه باعها منه.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم، فيمن قال لرجل ادفع إلي ثمن جاريتي هذه، وقد ولدت منه، فيقول إنما زوجتنيها ولم أشترها، قال إن كان مثله لا يتزوج الإماء لشرفه وماله لم يصدق، وكان عليه ثمنها، وإن كان مثله يتزوج الإماء فالقول قوله- يريد مع يمينه- وقيل للآخر أنت مقر للآخر أنت مقر أنه إنما لك قبله ثمن جحدكه، وأنها أم ولد، فليس لك أخذها، وتبقى بيد مولدها يطؤها ويضع فيها ما يشاء، وإن لم تلد فليحلف ويفسخ النكاح، ويأخذها ربها.
ومن العتبية روى أصبغ عن ابن القاسم فيه، إذا قال بعتها مني، وقال ربها زوجتكها، فربها مصدق، وقاله أصبغ عن ابن القاسم، يتحالفان ويتفاسخان، ولا تكون زوجة ولا أم ولد، ويأخذها سيدها، لأن المشتري ينفي النكاح فهو كالمطلق ويدع ملكها بلا بينة، فأما الولد في قول ربها بعتها منك، أحرار تبع لأبيهم، لا قيمة عليه فيهم، وأما في قوله زوجتكها، يكون الولد له رقا.
***(1/177)
[13/182]
وقال ابن حبيب عن أصبغ، في الأمة بيد رجل فدى ولدها ويقول قد ابتعتها من سيدها، وقال سيدها بل زوجتكها، قال يحلف ربها بالله ما باعها منه ويأخذها وولدها، ولو قال سيدها بعتها منك بكرا وقال الآخر بل زوجتنيها، قال: يحلف الذي هي عنده بالله لما ابتاعها منه، ويبرأ من الثمن، ثم يوقف عنه ولا يترك/ عنده وهو منكر لرقها، والولد حر، ولا ترد إلى سيدها، لإقراره أنها أم ولد للآخر. قيل فإن أقره ولدها بالشراء أدى الثمن ورجعت إليه أم ولد بحالها، وقال إذا ماتت قبل موت مولدها أو بعده مثل ما ذكر سحنون وابن المواز في أخذ الثمن من تركتها إن ماتت قبله، وإن ماتت بعده كان ما تركت لمن يرث الولاء عن مولدها، وينظر السلطان في نفقتها في الإيقاف، فإن لم يجد لها ولم تقو هي أن تنفق على نفسها، قيل للذي أولدها إما أنفقت عليها، وإلا فاعتقتها ثم لا رجوع لك فيها.
ومن كتاب ابن حبيب(1) قال مطرف وابن الماجشون، فيمن تزوج أمة قوم ثم اشتراها وقد ولد له منها ولد، فاختلفا فيهم، فقال البائع ولدوا في النكاح، وقال الزوج بل ولدوا بعد أن اشتريتها، والولد صغار أو كبار، فلينظر في ذلك، فإن رأى أنهم للنكاح صدق البائع، وإن رأى أنهم لبعد الشراء صدق الزوج، وإن أشكل ذلك وجهل وقت الشراء فالولد أحرار صغارا كانوا أو كبارا، ولا قول للزوج ولا للبائع في ذلك، ولو أقر الزوج أنهم ولدوا قبل الشراء لم يصدق إلا ببينة، وقال أصبغ مثله.
فيمن باع أم ولده، وكيف إن أعتقت أو ولدت،
ومن حلف ألا يطأها هل تعتق عليه؟
قال ابن حبيب عن مطرف عن مالك، فيمن باع أم ولده فأعتقها المبتاع، فلينقض عتقه وترد إلى سيدها، لأنه قد ثبت لها أمر قوي بالولد، ولو ماتت عند المبتاع فمصيبتها من البائع./ ولو مات المشتري فذهب ولم يقدر عليه، فليتبعه
***
__________
(1) - كذا في الأصل وعوضت في النسخ الأخرى بقوله (ومن كتاب ابن سحنون)(1/178)
[13/183]
أبدا حتى يرد عليه الثمن، فإن قدر عليه وقد ماتت بيد المبتاع، فليرد الثمن إليه بكل حال، ولا يتبعه بشيء، وإن لم يكن عند البائع شيء، وإن لم يكن عند البائع شيء فالثمن عليه دين(1)، ماتت أو لم تمت، مات البائع قبلها أو بعدها أو لم يمت، أفلس أو لم يفلس، ولو أولدها المبتاع فالولد بالمبتاع لاحق، ولا قيمة فيه عليه، لأن البائع أباحه فرجها، وإنما له قيمة الولد لو بيعت عليه بغير طوعه، قال أبو محمد، قوله في ولد الزوج فيه نظر، قال أصبغ فيمن باع أم ولده ولم ترد حتى باعها المبتاع، فليرد فيها كل بيع وعتق، ويرد الثمن،
ومن باع أم ولده على أنها حرة بشرط مشروط لم يرد، وولاؤها لسيدها، ويسوغ له الثمن، كما لو أخذ مالاً على أن يعتقها، ولو باعها على أن يعتقها المبتاع وليس على أنها حرة ساعتئذ، فهذه ترد ما لم تفت بالعتق فتمضي والولاء لبائعها، ويسوغ له الثمن، لأن المبتاع علم أنها أم ولد وشرط فيها العتق، فكأنه فكاك، ولو لم يعلم أنها أم ولد لرجع بالثمن.
قال أصبغ، ومن قال لأم ولده، إن وطئتك فأنت حرة، لم تعتق عليه، لأنه بقي فيها تلذذه بغير الوطء، وبقي له فيها وطأة واحدة حلال، ولو كان يملك أختها، لم يحل له وطء أختها حتى يحرم فرج هذه بغير هذه اليمين، وقد قال جل الناس إلا مالكاً، في أم الولد إذا حرم فرجها حل له استخدامها إلى موته، ولو قال لهذه أنت حرة إلى سنة على أن خدمتك لي/ إلى سنة لعتقت الآن، ولا تبالي استثنى خدمتها أو لم يستثنها،
ولو باع المكاتب حين خاف العجز أم ولده وهي حامل، قال ابن حبيب قال أصبغ، في المكاتب يخاف العجز فيبيع أم ولده وهي حامل منه، فولدت عند المبتاع، فإن كان المكاتب بحاله لم يعجز ولا عتق، فلترد حتى تعتق بعتقه، أو تعجز فيبيعها دون الولد، وإن عتق أو عجز فرق، مضى بيع [الأمة بقيمتها على أن
***
__________
(1) - كذا في ب وهو الصواب وكتبت في النسخ الأخرى (فالثمن عليه دينا).(1/179)
[13/184]
جنينها مستثنى، ورد الولد فكان كاتبه يعتق بعتقه](1)، أو يعجز فيرق لسيده، فإن لم يرد حتى أعتق المشتري الأمة وولدها، والمكاتب بحاله أو قد عجز، أو ودى(2) فذلك سواء، يمضي العتق في الأم، وترد إلى قيمتها على أن جنينها مستثنى، ويرد عتق الولد، فإن كان أبوه قد عتق، عتق بعتقه، وولاؤه لسيده، وإن كان قد عجز كان الولد معه رقيقا، وإن كان بحاله لم يعجز رد وكان معه يعتق بعتقه أو يرق برقه.
جامع القول في ولد أم الولد
من كتاب ابن سحنون قال مالك: كان ربيعة يقول في ولد أم الولد من زوج أنهم أحرار في حياة سيد أمهم، ويقول لم يؤذن له في إنكاحها، إنما له منها الاستمتاع، قال مالك، وأحب إلي ألا يعتقوا حتى تعتق أمهم، وأكره له أن يزوجها، ولا أراه، وإنما له فيها المتعة، وربما كان له منها الولد الكبير فيريد بذلك مساءته ومن ومن العتبية روى أشهب عن مالك، فيمن زوج أم ولده لعبده فتلد منه/ جارية، فيهب تلك الجارية لولده، فله وطؤها كما له نكاح ابنة امرأة أبيه من غيره، ثم رجع مالك عن هذا في رواية ابن القاسم، وقيل له في رواية أشهب أليس ولدها بمنزلة أمه كالمعتق إلى أجل، فكيف يهبها؟ فسكت، قال أشهب، ليس في ذلك شك أن كل من فيها طرف حرية فلا يطئها السيد أحداً برق، ولكن بنكاح ورواه ابن القاسم عن مالك، أنه لا يهب ابنة أم ولده لأحد ولا يطؤها أحد إلا بنكاح، وكذلك بنات المدبرة.
وقال في كتاب ابن المواز، ولا يهب أم ولده لمن يطؤها، لأنها معتقة إلى أجل، ولا يهب مدبرته ولا أم ولده ولا معتقة إلى أجل، وله أن يزوجهن، وله أن يزوج بنت أم ولده لابنه، محمد إن لم يشرب ولد أم الولد من لبن سيد أمها مثل أن ينقطع لبن السيد منها قبل أن تلد من غيره.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(2) - حرفت في الأصل إلى قوله (أوفداه).(1/180)
[13/185]
مسائل مختلفة من أمهات الأولاد
من كتاب ابن المواز، ومن شرط لزوجته إن تسرر عليها فهي طالق، فلما مرض أقر بابن أمة له، فإنه يلحق به، وترثه الزوجة، قال ابن القاسم، ترث الثمن، ومن وطى بنت امرأته وهي أمة له أو لولده فحملت فإنها تعتق مكانها ويغرم الابن مكانها، ويغرم الابن قيمتها إن كانت له، ومن أولد أمته ثم علم أن أباه من الرضاعة وطئها، فإنها تعتق مكانها، ويغرم الابن قيمتها إن كانت له على سيدها، ومن حلف بحرية أم ولده إن وطئها لم تعتق عليه حتى يطأها.
/ في أم الولد يموت السيد وبيدها حلي
أو ثبات وفرش، هل تكون لها؟
وكيف بما أوصى لها به من ذلك؟
من العتبية(1) من سماع ابن القاسم، وعن أم الولد لها حلي ومتاع أتراه لها؟، قال نعم، إلا الأمر المستنكر، وكذلك ما كان لها من ثياب إذا عرف أنها كانت تلبسها وتستمتع بها في حياة السيد فهي لها، وإن لم تكن لها بينة على أصل عطية.
وعن أم ولد لها حلي وثياب فهلك سيدها، أترى ذلك لها؟ قال نعم.
قال عنه أشهب، وإن ادعت متاع البيت، فأرى أن تكلف البينة أن ذلك لها، وإن كان ذلك من متاع النساء بخلاف الحرة، قال، وما أعطاها سيدها من حلي وثياب فذلك لها إذا مات، قيل، فما كان من متاع البيت دنيء؟ قال، أما الفراش [والحلي واللحاف التي على ظهرها فذلك لها. قال وما بيدها من متاع وهبه لها السيد](2) فليس لهم أخذه.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل،4: 90.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من النسخ الأخرى.(1/181)
[13/186]
قال عنه ابن القاسم في أم ولد لها حلي وكسوة، وأوصى سيدها عند موته إن هي قامت على ولده فدعوا لها ما كان لها، وإن لم تقم فتزوجت فخذوا ما كان في يديها من كسوة وحلي، قال مالك، ليس ذلك لها حين مات، وليس له في مرضه أن ينزع منها ما كان أعطاها، وكذلك المدبرة.
تم كتاب أمهات الأولاد
بحمد الله وعونه
***(1/182)
[13/187]
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه
كتاب الاستلحاق والإقرار بالنسب(1)
جامع القول في الاستلحاق والإقرار بالولد وغيره
ومن أقر بأخ هل يرثه؟ أو قال فلان وارثي هل يرثه(2)؟
ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون، ما علمت بين الناس إختلافا أن إقرار الرجل بولد لا يجوز بذكر ولا بأنثى من ذكور الولد، ولا من إناثهم، ولا يثبت نسبه مع وارث معروف أو ذي قرابة معروف،
قال ولا يثبت نسبه وإن لم يكن له وارث معروف، [أو ذو قرابة معروف](3) ولا يجوز إقراره بأحد من القرابة من الإخوة والأخوات والأجداد والجدات، ولا بالأعمام وبنيهم، ولا بأحد من ذوي الأرحام، وإنما يستلحق الولد خاصة فيلحق به قال مالك، إذا لم يكن له نسب معروف ولا تبين كذب الأب، لحق به وإن لم يعرف أنه ملك أمة أو تزوجها [وقاله ابن القاسم وقال أيضا ابن القاسم لا يلحق به حتى يعرف أن أمه قد كان ملكها أو تزوجها](4)، أو باعها وهي حامل ثم استلحقه وشبه ذلك، وهذا قد تقدم في كتاب أم الولد.
***
__________
(1) - هكذا جاء عنوان الكتاب في ب وأما في النسخ الأخرى فقد جاء على الشكل التالي (كتاب الاستلحاق والولاء) ولعل ما في ب أقرب إلى المحتوى المذكور داخله لأن المؤلف سيخصص فيما بعد كتابا مستقلا للولاء.
(2) - اعتمدنا في مقابلة الأصل على نسخة باريس المرموز لها بحرف ب وعلى نسخة الصادقية المرموز لها بحرف ص وعلى نسخة المكتبة الوطنية بتونس المرموز لها بحرف ت.
(3) - ما بين معقوفتين انفردت ب بذكره.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت النسخ الأخرى.(1/183)
[13/188]
قال أصبغ فيه وفي العتبية(1)، يجوز استلحاقه لولد الصلب خاصة في صحته أو في مرضه/ كان له ولد غيره أو لم يكن.
وإذا كان له أخ معروف أو ابن أخ معروف، فأقر لأحد أنه أخوه أيضا، أو قال ابن عمي، أو وارثي، [فإقرار باطل، وميراثه للوارث المعروف، فإن لم يكن له أحد من وارث معروف، ولا مولى غير هذا الذي أقر له في صحته أو في مرضه فإنه يجوز إقراره، ويستوجب ميراثه، وسواء قال أخي أو عمي أو ابن عمي، أو قال وارثي](2) أو مولاى فإنه يرثه من باب إقراره له، ولا يثبت له النسب بذلك إلا أن يأتي وارث معروف بالبينة فيكون أحق بالميراث، وقال سحنون مثله، إلا في قوله إن لم يكن له وارث معروف فاختلف قوله فيه، فقال كقول أصبغ، ثم قال لا ميراث له لأن المسلمين يرثونه فذلك كالوارث المعروف. قال سحنون(3): وإنما اختلف أصحابنا وأهل العراق في مثل هذا لاختلافهم في الأصل، لأنهم قالوا إذا لم يكن له وارث معروف كان له أن يوصي بماله كله لمن أحب، فبذلك جوزوا إقراره(4) بمن ذكرنا من القرابة، وأصحابنا لا يجيزون له أن يوصي إلا بالثلث وإن لم يكن له وارث.
قال أصبغ فيه في العتبية، لو أقر بأن هذا الرجل وارثه وله ورثة معروفون فلم يمت المقر حتى مات ورثته المعروفون، فإن ميراثه لهذا الذي كان أقر له أنه وارثه، وكأنه أقر له ولا وارث له،
قال أحمد بن ميسر، وإذا شهدت بينة أنهم لم يزالوا يسمعون فلانا يذكر/ أن فلانا ابن عمه أو مولاه، قال أم ابن القاسم فيقول، هو شاهد إن لم يكن للمال طالب معروف غيره، أخذه مع يمينه بعد الثاني، وإن كان للمال طالب غيره أثبت من هذا كان أولى بالميراث ولا يثبت للأول ها هنا ولاء.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 286.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(3) - في الأصل قال ابن سحنون ونحن أثبتنا ما في النسخ الأخرى.
(4) - في ت (فلذلك جوزوا إقرار) باللام لا بالباء.(1/184)
[13/189]
وقال أشهب، ليس له ولاؤه ولا ميراث إذ لا يستحق ميراثا إلا من استحق النسب، وبعد هذا باب في الإقرار بغير الولد من القرابات فيه بقية هذا المعنى.
ومن العتبية(1) من سماع ابن القاسم، وعمن قال لغلامه هذا ابني والغلام معروف أنه سندي(2)، والرجل فارسي هل يصير حرا؟ قال مالك: ما ادعى من ذلك مما يستيقن الناس أنه ليس بولده لم يلحق به، قال سحنون لا يكون حرا. وروى عيسى عن ابن القاسم في مسلم دخل دار الحرب فأقام بها سنين ثم خرج ومعه ذرية فيقول هم أولادي، فإقراره جائز. قال ابن القاسم عن مالك في سماعه، ومن أقر أن هذا أخوه ولا يعرف له نسب معروف، أنه إن مات ورثه.
قال أبو محمد: يريد إن لم يكن له وارث معروف.
قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، في امرأة أوصت أن فلانا الهالك أبوها [وأنه كان يقر بها في صحته أنها ابنته](3)، ولا تعلم البينة أن أمها كانت له ملكاً ولا زوجة له، وهم جيران له، والميت حسن الحال، أو ممن يتهم، قال ينظر إلى حال المقر، فإن رأوا أنه أقر بها من حلال فنسبها ثابت، وإن لم تعرف أمها في ملكه بملك أو نكاح/ إلا أن يتبين كذبه بأمر بين فلا يصدق، أو يقر بها على سبب فسق فلا تلحق به، كان المقر صالحا أو غير صالح.
قال أصبغ، ولا يستلحق أحد إلا ولد الصلب، وأما ولد الولد فلا يجوز استلحاقه إن كان له وارث معروف وهو كالأخ وغيره، ولأنه لو كان ابنه حيا فأنكر أن يكون هذا ابنه لم يكن للجد قول وأبوه ينكره.
قال أصبغ قال ابن القاسم وأشهب، فيمن أقر في مرضه أن فلانة زوجته، وأن الولد الذي معها ولده، فيلحقه أن المرأة ترثه، قال ابن القاسم، فإن لم يكن
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 233.
(2) - حرفت في النسخ كلها كلمة (سندي) وهي في الأصل غير منقوطة.
(3) - في ص (وإنه كان يقول لها في صحته إنها ابنته).(1/185)
[13/190]
معها ولد لم ترثه إلا أن تقيم على أصل النكاح بينة أو سماعا من العدول بأنها امرأته.
قال أصبغ: ومن أقر بأخ ثم أقر بعد زمان بولاية لرجل، أو أقر بالولاء ثم بالأخ، أو ثبت الولاء ببينة بعد إقراره بالأخ، قال: البينة أولى كان هو الأول أو الثاني.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه، ومن له عبد فأقر أنه ابنه وليس له نسب معروف فإنه يلحق به ويرثه، وإن لم يكن له مال غيره لم يلزم الابن شيء. يتبع به، وكذلك لو كان عليه دين محيط به للحق به ويثبت نسبه ولا يتبع بشيء. وكذلك إن قال هو ابني من هذه الأمة وقد ولدته عندي في صحته أو في مرضه فهو به لاحق، وأمه أم ولد تعتق بموت السيد، كان عليه دين محيط أو لم يكن.
من كتاب ابن سحنون وهو لأشهب، ومن استلحق أخا في بلد الإسلام لم يوارثه، ولا يستلحق إلا الأب أو الجد، / قال أبو محمد، قوله في الجد ليس بقول ابن القاسم وسحنون. وقال سحنون: ما أعلم فيه اختلافا إن كان له وارث غيره معروف. قال أشهب، ومن له ابن فمات وبيده صبي فقال الجد هو ابن ابني فلا يصدق على نسبه، لأن ابنه قد كان في يديه فلم يدعه فكأنه نفاه فلا يلحق به بقول الجد، هذا إن كان مع الابن وارث غيره، ولكن لا ينبغي للجد أن يأكل من ثمنه شيئا إن صدق، وإن لم يكن معه وارث غيره عتق ويكون له ميراث الابن وللأب ميراثه، ولكن لا يثبت بذلك نسب الابن.
قال سحنون في العتبية(1) في صبي ادعاه مسلم ونصراني فقال المسلم هو عبدي، وقال النصراني هو ولدي، قال: يقوم على النصراني في النصف الذي يدعيه المسلم ويعتق عليه. وفي كتاب الإقرار باب في الاستلحاق،
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 263.(1/186)
[13/191]
وفي كتاب ابن ميسر، من ابتاع أمة معها ولد فقال هو ابني، فإن قال بنكاح لحق به [ولا تكن هي به أم ولد](1)، [وإن قال بملك لحق به وكانت به أم ولد](2)، وإن قال بزنى لم يلحق به ولا تكن هي به أم ولد، وإن لم يرجع عن إقراره حد، ولو كان ملكه لها معروفا(3) لم يزل عنه ملكها لحق به وهو كاذب في قوله من زنى، وإن قدمت امرأة ببلد ومعها ولد فادعاها رجلان(4) كل واحد يقول هي زوجتي وهو ولد، فمن أنكرته منهما فلا يلحق به الولد، وأما إضافتها الولد إلى أحدهما ولم يتقدم/ لأحدهما عليها ملك فقد أقرت له بالنكاح، ما لم يسبق إقرارها بالنكاح لغيره فتكون هى له زوجة، والولد له إن ادعاه، وإن لم يدعه وادعاه غيره وأقرت له، وأقرت أنه كان بينهما نكاح قبل ذلك، وأقر المضاف إليه بالولد فهو به لاحق، ولا أفرق بينهما وبين من قد ثبت نكاحه.
ومن أقر أن ولد فلانة أمة ولده هو ابنه، فإنه يلحق به إن لم يكن له ابن معروف قبل ذلك، ويغرم قيمة الأمة لولده في ملائه ويتبع به في عدمه، [وعليه الأدب إن لم يعذر بالجهالة، وهي أم ولد له](5)، وإن كان الولد ولد في غير ملك الابن فأمه أمة والولد عتيق على أخيه.
ومن أقر بولد أمة عبده فهو به لاحق إذا ولدته وهي في ملك عبده، ولم يكن العبد ينسبه إلى نفسه، وهي به أم ولد، وإن كانت ولدته وهي في غير ملك عبده فالولد لاحق بالسيد فهو حر، والأمة أمة لعبده، وإن تركها السيد على حالها.
وكذلك أمة مدبره، وأما أمة المكاتب فإن ام يجز الولد المكاتب ولا غيره لحق بالسيد وأدى قيمة أمه للمكاتب، وكانت به أم ولد.
***
__________
(1) - كذا في النسخ كلها والظاهر أن (لا) هنا للنفي لا للنهي ولذلك فإن الصواب أن يقال (فلا تكون به هي أم ولد) بدون حذف الواو.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت مثبت من الأصل وب.
(3) - في النسخ كلها (معروف) والصواب ما أثبتناه.
(4) - في الأصل (فادعى رجلان) بدون ضمير.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من ص مثبت من النسخ الأخرى.(1/187)
[13/192]
وإن ولد في غير ملك المكاتبة انتظر بالمكاتب، فإن عجز لحق الولد بالسيد وله أخذ الأمة،
وإن عتق المكاتب فإن صدق المكاتب سيده لحق به في قول ابن القاسم.
ولو استلحق رجل ولد أمة والده، فإن كان استلحق الولد بما يجوز به الاستلحاق وصدقه الأب على ذلك عتق على الجد،/ ولم تكن هي به أم ولد، وإن لم يصدقه لم يلحق به إلا أن يملكه يوما ما، وإن استلحقه بما لا يجوز به الاستلحاق لم يلحق به وعليه الحد إن ثبت على قوله،
وليس كالأب يستلحق ولد أمة ولده لأنه يدرأ عنه الحد بوطئه إياها، وأما لو استلحق الجد ولد أمة ابنه، فقد اختلف فيه، فقيل هو كالأب في الحرمة في درء الحد، وقيل ليس ذلك إلا في الأب خاصة.
فيما يستلحق(1) من الولد بعد بيعه، أو بيع الأم،
وفي الأمة لها زوج، فيستلحق السيد ولدها،
وفي الولد يستلحق بعد اللعان.
من كتاب ابن سحنون عن أبيه وهو لأشهب، وعمن استلحق ولد أمة باعها فولدت لأقل من ستة أشهر من يوم البيع وقد أعتق المبتاع الأم؟ قال يلحق به، ويبطل عتق المبتاع، وترجع إليه ويرد الثمن،
ولو استلحق الولد بعد أن مات لم يصدق، فإن صدقه المشتري، إن كان أحدث في الأمة عتقا أو تدبيرا أو كتابة أو إيلادا، فلا ترد إليه.
قال: وإن لم يحدث فيها شيئا وصدقه، ردها وأخذ الثمن، ولو لم يصدقه ولم يكذبه رجع عليه بالثمن وأخذه، وإن كذبه لم يرجع عليه بشيء.
***
__________
(1) - في الأصل (فيما لا يستلحق) وقد أثبتنا ما في النسخ الأخرى.(1/188)
[13/193]
وأستحسن إن صدقه وهي حية قد أعتقها أن يرجع عليه بالثمن، وتقر على حالها من عتق أو تدبير أو غيره، وإن صدقه وقد كاتبها، فلتسأل هي فإن أقرت به انتقضت الكتابة وعادت إليه أم ولد، ورد الثمن، وإن كذبته سعت في/ الكتابة، فإن ودتها أعتقت ورجع المبتاع بالثمن وما أدت من الكتابة لها وهي حرة، وهذا استحسان ليس بقياس،
ولو ابتاعها حاملا فوضعت لأقل من ستة أشهر بنتا ثم ولدت ابنتها ابنا فاستلحق البائع البنت بعد أن أعتق المشتري البنت، قال يصدق ويبطل عتق المشتري ويرد الأمة إلى سيدها، ورد جميع الثمن، ويصير الابن حرا بحرية أمه التي ألحقها بابنها كما لو ولد عندك عبد ثم ولد له ولد فبعت أنت الولد بعتق ثم استلحقت أنت أباه، فإنه يلحق بك، ويبطل بيع الابن وعتقه، ويرد الثمن،
وكذلك لو لم يبع إلا فأعتق ثم استلحقه للحق به وبطل عتق المبتاع [ورد وأخذ ثمنه إن كان لدعواه وجه من ملك أو شبه ذلك، ولو لم يدعه حتى مات عند المبتاع](1) فإن لم يكن له ولد لم يصدق بدعواه إياه إن كان أعتقه الذي كان بيده أو مات عبدا فترك مالا هو أكثر مما يرد من ثمنه ويتهم أن يدعيه لبعض هذا.
ولو ولدت أمة ولدين في بطن فباعها مع أحدهما وأمسك الآخر، وأعتق المبتاع ثم ادعى البائع الولدين أو أحدهما فالنسب لاحق وترد الأم أم ولد، ويبطل عتقها ويأخذ الثمن،
ولو كانا في بطنين فادعى الباقي في يديه لحق به وردت الأم إليه أم ولد،
وإن كان الذي باع ولم يدعه ولد أولا نفذ فيه البيع ورجع المبتاع بما يصيب الأم من ثمن،
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وت.(1/189)
[13/194]
وإن كان الذي باع هو ولد بعد المستلحق فهو ولد أم ولد، /ويرد فيه البيع مع أمه، وإن كان استلحق المبيع رد مع أمه، ويرد البائع الثمن ويصير الولد الثاني ولد أمه ولد يعتق بموت السيد،
ومن له أمة فولدت ولدا فقال السيد هو من زوجها والزوج حر أو عبد، فصدقه الزوج أو كذبه أو لم يقر ولم ينكره، أو كان غائبا، أو كان الزوج معروفا ثم استلحقه السيد، فإن كان الزوج حاضرا في حين الحمل فادعاه لحق به دون السيد، ولا دعوى للسيد فيه قبل إقرار الزوج أو بعد، وإن أنكره الزوج لاعن ثم لحق بالسيد،
ولو كان الزوج غائبا عنها بقدر ما يعلم أن الولد لا يكون له للحين الذي حضر فيه، ألحق بالسيد إن ادعاه، ولا يكون للزوج، وإن ادعاه وقال قد كنت أغشاها سرا من غيبتي، فلا ينفعه إلا أن تقيم بينة على ذلك،
وإن لم يذعه السيد أصلا وادعاه الزوج وكان غائبا غيبة لا يكون الولد منه، ولم يزعم أنه غشيها من موضع غيبته، فلا يلحق به إن أقرت له بذلك امرأته، وإن ادعته امرأته لم ينفه إلا بلعان.
ومن أقر في أمة عبده أنه زوجها زوجا غائبا فجاءت بولد وهو حي لم يمت بعد فولد لستة أشهر فادعاه السيد فالولد يلحق به، فإذا قدم الزوج فإن أنكر الولد أو جحد النكاح ثم لحوقه بالسيد، [وإن ادعاه الزوج وثبت نكاحا كان الولد ولده دون السيد،] (1) قال: وإذا ولدت أمة الرجل ولدا فادعاه والد سيدها أنه منه وأكذبه/ السيد والأمة، فالأب مصدق ويلحق به، وتصير الأمة له أم ولد، ويضمن القيمة يوم أصابها كان الولد صغيرا أو كبيرا، ذكرا أو أنثى، إلا أن يدعيه ابنه فيلحق به دون الأب.
قال: وإذا تزوج رجل أمة ولده برضاه أو بغير رضاه وهو صغير أو كبير فولدت منه ولدا وأقر به، فالولد به لاحق، ونكاحه يفسخ، كان برأى الولد، أو لم
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.(1/190)
[13/195]
يزوجه هو، لأن نكاحه لها لا يصلح، وتكون الأمة به أم ولد وأجعله كأنه وطئها بغير نكاح، ولو أجزت نكاحه ألحقت به الولد، ولم أجعلها له أم ولد.
قال ابن حبيب قال أصبغ، فيمن باع أمة ومعها ولد، أو هي حامل، أو حائل فولدت عند المبتاع، ثم يستلحق البائع الولد، فأحسن ما فيه عندي أنه إن كان معها ولد قبل قوله فيها، كانت رائعة أو غير رائعة، كان يملك ثمنها أو لا يملكه، فأما إن لم يكن معها ولد فانظر، فإن [كانت رائعة يتهم فيها بصيانته لم يصدق كان مليا أو معدما وإن](1) كانت دنية صدق إلا أن يكون معسرا بثمنها، وأما إن أعتقها مبتاعها قبل إقرار البائع بالولد فعتقها ماض ولا يصدق فيها، كانت رائعة أو دنية، كان معها ولد أو لم يكن. وأما الولد فإقراره فيه جائز كان مليا أو عديما، كان قد أعتقه أولا، ونسبه لولي من عتق المبتاع، ولا يرد عتق الأم، ويقبض الثمن عليه وعليها إن كان معها في البيع، أو كانت حاملا يومئذ، فما أصاب الولد رجع به المبتاع،
قلت فكيف تقوم إن كانت حاملا في البيع؟ قال بقيمة/ الأم يوم وضعته، قلت فلم لا كان قيمته يوم أقر به،؟ قال: ليس كالمستحقة لأن ولد تلك لو مات لم يلزم أباه قيمة، وهذه لو مات لزم أباه حصته من الثمن.
قال ابن الماجشون: إن كان قد شهد عليه وسمع منه قبل بيعها إقراره بمسيسها فإنه يرد في عدمه وملائه اتهم فيها أو لم يتهم. كان معها ولد، أو لم يكن كانت قد أعتقت أو لم تعتق كأم ولد بيعت، وإن لم يكن سمع منه الإقرار بوطئها قبل البيع. فانظر، فإن كان لا ولد معها(2) وهي دنية وهو(3) ملي بثمنها قبل قوله، وإن كانت رائعة يتهم فيها لم يصدق في ملائه ولا في عدمه، وإن كان معه ولد قبل قوله كانت رائعة أو دنية، وإن كان عديما قبل قوله في الولد بحصته من الثمن، ولا
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) - في ص وت (فإن كان الولد معها) والصواب ما أثبتناه من الأصل والبيان والتحصيل لأن الحكم ومعها الولد سيأتي فيما بعد.
(3) - في الأصل، وهي بدل وهو مع عدم وضوح ما بعدها.(1/191)
[13/196]
يقبل قوله فيها رائعة كانت أو غير رائعة، ولو أعتقها المبتاع وولدها قبل الاستلحاق فولاء الولد لمعتقه ويلحق بأبيه ويوارثه ويرد حصته من الثمن، فإذا إنقطعت قرابة أبيه ورثه معتقه بالولاء،
وأما الأمة فلا ترد إليه بعد العتق إلا أن تقوم بينة أنه أقر بمسيسها قبل أن يبيعها.
ومن العتبية(1) قال سحنون فيمن باع أمة وابنها وقد ولدته عنده فأقام بيد المشتري ثم ادعاه البائع أنه ابنه، قال: إن كان إذ ولده عنده لم يكن له نسب معروف فليلحق به ويفسخ البيع وتكون به أم ولد،
قال: ولو أقام في يديه حتى ولد له ولد في يد المشتري/ ثم جني عليه جناية خطأ، فمات، فادعاه البائع فالقول قوله إن كان له ولد لأنه يلحق بالنسب ولا يتهم أن يكون إنما اغتزى جر المال إلى نفسه(2)، كمل لو لاعن امرأته فنفى ولدها ثم ولد للولد ولد، ثم قتل ابن الملاعنة خطأ، ثم استلحقه الأب أنه يلحق به [ويثبت له الميراث ولا يتهم، وإنما يتهم لو لم يترك ولدا فتصير التهمة بينة.
قال ابن حبيب، قال مطرف وابن الماجشون، فيمن باع (عبده صحه) (3) الجواري عند المشتري ويولد له أولاد ثم يستلحقه البائع أنه يلحق به](4) هو، وكل ولد له يصير جدا لهم، ويرجع إلى البائع بجميع ما عنده من مال، ويرد البائع الثمن، ولا قيمة عليه في ولد العبد، وكذلك لو مات العبد ثم استلحقه فإنه يلحق به ولد العبد ويأخذ ماله ويغرم الثمن.
ولو كان إنما زوجه المشتري أمته أو أمة غيره لم يأخذ البائع الولد وإنما يأخذ العبد وماله، إلا أن ولده ينسبون إليه هم وأبوهم، وقاله أصبغ.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 281.
(2) - (اغتزى) قصد. والعبارة في البيان والتحصيل جاءت على الشكل التالي: (واتهم أن يكون رجا المال إلى نفسه).
(3) - العبارة غير واضحة في الأصل وأثبتناها على الصورة التي هي عليها من ص وب رغم غموض معناها.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.(1/192)
[13/197]
وقال سحنون في ابن الملاعنة يملك ويترك ابنة وعصبة ثم يستلحق الأب ولده الميت، قال تلحق الابنة لجدها، ويرجع الجد على العصبة بالنصف الذي أخذوا.
وقال في ولد الملاعنة ينفي فيولد له ولد ثم يولد لولد الولد ابنة يستلحقها الجد أن استلحقها جائز إذا عرف نسب من استلحق لأن استلحاقه لولد ولده استلحاق لابنه فيرث بذلك ولا الموالى.
ومن كتاب ابن سحنون، وهو/ لأشهب، من زوج أمته من عبد فأتت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم النكاح(1) لم يلحق به، وإن كان لستة أشهر فأكثر فهو للزوج، ولا ينفعه إلا لمكان يدعي قبله استبراء، فإن ادعاه المولى لم يجز دعواه إلا أن ينفيه الزوج بلعان، وإذا لم يلحق بالسيد وألحق بالزوج فلا عتق للولد بدعوى السيد إياه لأنه قد أكذب وصار ابن غيره.
ولو ولدت لأقل من ستة أشهر من يوم تزوجها لم يلحق بالزوج، وإن ادعاه المولى لحق به وصارت أم ولد وفسد النكاح لتزويج الزوج أيضا إياها وهي حامل من العبد، ومن تزوج امرأة على خادم فولدت الخادم فادعى الزوج ولدها وكذبته المرأة فهو مصدق إذا ملكها [منذ ستة أشهر فأكثر إلى أن وضعت وعليه قيمتها يوم أصدقها إياها، وإن ملكها منذ أقل من ستة أشهر لم يصدق ولم يلحق به.
ولو طلق الزوجة [قبل البناء](2) وقبل قبضها للخادم، فإن وضعت لستة](3) أشهر من يوم ملكها(4)، فإن نسب الولد يلحق به، وهي له أم ولد [وعليه نصف قيمة الخادم للزوجة يوم أصدقها إياها، ولا يضمن نصف قيمة الولد لأنها كانت أم ولد له](5) قبل أن يصدقها إياها
***
__________
(1) - في ب (من يوم تزوجها).
(2) -(قبل البناء) ساقطة من الأصل مثبتة من ص وت.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(4) - في ص وت (فإن وضعت لأكثر من ستة أشهر من يوم ملكها).
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.(1/193)
.[13/198]
ولو أقر أنه وصى للأمة بعد أن أصدقها لها ووضعت لستة أشهر من يوم أصدقها إياها، فإن بنى بها فعليه الحد ولا يلحق به الولد، [ولا تكون له أم ولد، وإن لم يبن بالزوجة لحق به الولد](1) ولا قيمة عليه فيه، وعليه نصف قيمة الأمة كما ذكرنا.
/فيمن أقر في أولاد أمته أن احدهم ولدُ،
أو أقر بأحدهم بعينه عند بينة ونسيتهُ البينة
أو اختلط ولد أمة وحرة
من العتبية(2) قال سحنون فيمن قال في ثلاثة أولاد من أمته أحدهم ولدي، قال: الصغير منهم حر على كل حال لأنه إن كان المستلحق الكبير فالأوسط والصغير حران، [بحرية أمهم وإن كان الأوسط فالصغير حر أيضا](3)، وإن كان الصغير فالكبير والأوسط عبدان.
[وذكر عن المغيرة أنه يعتق الأصغر ويعتق ثلثا الأوسط ويعتق ثلث الأكبر، لأنه إن كان أراد الأكبر فكلهم أحرار، وإن أراد الأوسط فهو والأصغر حران، وإن أراد الأصغر فهو حر وحده، فالأصغر لا تجده في هذه الأحوال إلا حرا، والأوسط يناله العتق في حالين ويرق في حال فيعتق ثلثاه والأكبر يناله العتق في حال ويرق في حالين فيعتق ثلثه، وقال ابن عبد الحكم: يعتقون كلهم بالشك](4).
قال ابن المواز: إذا قالت الأم هم من سيدي فأقر السيد بالصغير منهم، وقال في الأول والأوسط لم تلدهما أنت فالقول قوله، وإن أقر بالأوسط وقال في الأول
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ت وب.
(2) - البيان والتحصيل، 14: 282.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(4) - ما بين معقوفتين انفردت به ص وهو ساقط من النسخ الأخرى.(1/194)
[13/199]
هو عبد لي ولده غيرك أو ولدته أنت قبل أن تلدي مني فالقول قوله وهي مصدقة في الآخر أنه منه(1)، ويلحق به نسبه، إلا أن يدعي استبراء [فيه وإن أقر بالأول فقد لزمه الثاني والثالث إلا أن يدعي استبراء](2) [فيهما أو في أحدهما، فالقول قوله ولا يلحق به، يريد ويكون ابن أم ولد هو بمنزلتها يعتق بعتقها.
قال أحمد بن ميسر، إذا أقر بأحدهم/ ولم يسمه، أو أقرت الأم بهم أجمعين فإن الآخر حر لاحق به لأن الفراش قد صح وما أتت به أم الولد فلاحق بالسيد إلا أن ينكره ويدعي استبراء، ففي مسألتك إن لم يكن له ولد غيرهم عتق الأول والثاني على أحدهما ولم يرثا، أولا وورثهما بالشك، ولو قالت: الأول ولده دون هذين فإن الثالث يعتق ولا يرث لأنه ابن أم ولد، وأما الأول والثاني فلا أدري ما أقول فيهما وأرى أن يعتقا إن لم يكن للميت وارث، لأنه إن كان الأول ولده وحده فأخواه حران، وكذلك إن كان الأوسط، وأرى أن يوقف الميراث حتى يصح أو يتراضى الإخوة بقسمته بينهم، أو يعرف أنه لواحد فيدفع إليه.
قال أحمد: وبيان هذه المسألة أنه لو أقر بالأول ولم يعرف له بالآخرين إن كان أنهما عتيقان ويرثوه كلهم، وإن كان إقراره بالثاني دون الأول فالأول عبد والثاني والثالث ولداه يرثانه، وإن كان إقراره للثالث فالأول والثاني عبدان ويعتقان على أخيهما إن لم يكن للميت وارث غيره، وإن كان له وارث غيره عتق منهما نصيبه.
وإذا كان له أمة لها ثلاثة أولاد فأقر بالأول وأنكر من بعده والأمة تدعي أن جميعهم ولده، فإن الثاني والثالث يلزمانه(3) إلا أن ينكرهما ويدعي الاستبراء فلا يلحقاه، ويكونا كولد أم ولد تلده من غيره بعد أن صارت أم ولد يعتق بعتقها،
***
__________
(1) - في ب وهي مصدقة [ولا يلحق به] في الآخر أنه منها بإقحام ما بين معقوفتين ولعل ذلك سهو من الناسخ.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من النسخ الأخرى.
(3) - في النسخ كلها (يلزماه) بحذف النون والصواب ما أثبتناه.(1/195)
[13/200]
ولو لم يقر إلا بالثاني فإن الأول رقيق والثالث/ [كولد أم ولد إذا أنكر وادعى الاستبراء وإن لم يقر إلا بالثالث لحق به، ويكون الأول والثاني عبدين، فإن مات ولم يدع وارثا غير ولده هذا عتق عليه أخواه لأمه هذان.
وقال سحنون فيمن أقر عند موته أن فلانة جاريته ولدت منه وأن ابنتها فلانة ابنتي وللأمة ابنتان غير](1) التي أقر بها فمات ونسيت البينة والورثة اسمها، قال إذا أقر بذلك الورثة فهن كلهن أحرار ولهن الميراث ميراث واحدة من البنات يقسم بينهن، ولا يلحقه نسب واحدة منهن، قال: وإن لم يقر بذلك الورثة ونسيت البينة اسمها، قال فلا تعتق واحدة منهن.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا ولدت امرأة رجل غلاما وولدت أمته غلاما وماتت المرأة والأمة، فقال الرجل أحدهما ابني وأعرفه، قال يدعي لهما القافة فمن ألحقوه به منهما لحق به، وألحق الآخر بالآخر.
وقال في كتاب أمهات الأولاد في حرة وأمة لهما ولد ثان في بيت، فماتت الأمة وادعت الحرة أحد الولدين، قال: دعواها جائزة ويلحق الولد الثاني بالأب، وإن ماتت الحرة والأمة عتق الولدان، ولم يلحق نسب واحد منهما.
ومن كتاب الأقضية وهو لأشهب، ومن نزل على رجل وله أم ولد حامل فولدت هي وولدت امرأة الضيف في ليلة صبيين فلم تعرف كل واحدة منهما ولدها، أو ادعى كل واحد أحدهما ونفي الآخر، قال يدعى لهما القافة.
/[ومن الثاني من المواريث لابن سحنون فيمن ولدت امرأته جارية وأمته جارية فاشكل عليهم ولد الحرة من ولد الأمة، ومات الرجل ولم يدع العصبة يستدل به القافة على ولد الميت. قال ليس في مثل هذا قافة، ولا تكون المواريث بالشك.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ضاع عند التقاط صورة الأصل فأثبتناه من النسخ الأخرى.(1/196)
[13/201]
ومن كتاب محمد بن ميسر](1) قال ومن حلف لزوجته لئن ولدت المرة جارية لأغيبن عنك غيبة طويلة فولدت وهو في سفر صبية فبعثت بها خادمها في جوف الليل لتطرحها على باب قوم ففعلت، فقدم زوجها فوافى الخادم راجعة فأنكر خروجها حينئذ فسألها وحقق عليها فأخبرته فردها لتأتي بالصبية فوجدت صبيتين فأشكل على الأم أيتهما هي منها، قال، قال ابن القاسم: لا تلحق به واحدة منهما، وبه قال ابن المواز، قال سحنون يدعى لهما القافة، وبه أقول، وهو يشبه حديث محرز القائف.
وقال عبد الملك وسحنون في كتاب الأقضية لابن سحنون: لا يلحق القافة الولد إلا بأب حي، فأما إن مات الأب فلا قول للقافة في ذلك من جهة قرابته، قال: وذلك أنه إذا كان له ولد آخر فألحقوه بالأب الميت بما رأوا في ابنه هذا من الشبه به فقد يكون قد زنى هذا بأمة أبيه فلا يلحق أبدا إلا بالأب نفسه. وأما الميت قد أقر بأن أحدهما لا رق عليه، فإن كين إقراره في المرض فلا حرية لأحدهما ويصير كمن لم يرد بالعتق الثاني/ فلا يعتق في رأس المال على الورثة، وإن ثبت إقراره في صحته ولم يبين حتى مات فيعتق أحدهما بالسلم في رأس ماله ولا يلحق نسبه، وقاله سحنون. قال أحمد بن ميسر، فيمن له زوجة حامل وأم ولد حامل فوضعتا في ليلة ابنا وبنتا فلم يعلم لمن الابن منهما، وكل واحدة منهما تدعيه، قال فنسبهما جميعا فيه ثابت يرثانه ويرثهما، فأما أم الولد فإن ماتت عن غير ولد ذكر ورث منهما الابن النصف بالولاء وأوقفت الباقي، فإن ماتت البنت ورث هو الباقي إن لم يكن لها وارث سواه، قال أحمد بعد موت سيدها، وأما الحرة فإنه يعزل من مورثها ميراث بنت إن لم يكن ثم ورثة سواها(2)، وإن [كان](3) يعلم أن القافة يلحقون الأبناء بالأمهات، فقد قال سحنون أنهم يلحقون كل واحدة
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ضاع عند التقاط صورة الأصل فأثبتناه من النسخ الأخرى.
(2) - كذا في ص وت وأما في الأصل وب فقد جاءت العبارة بالإثبات لا بالنفي أي على الصيغة التالية (إن كان ثم ورثه سواها).
(3) - (كان) ساقطة من الأصل.(1/197)
[13/202]
بولدها، قال أحمد، [لا أرى أن يكون للعصبة شيء، وأن يوقف ما بقي من الميراث حتى يتبين لمن هو منهم](1) بعد أن يدفع لكل من له فرضه ممن لا يحجبهم الولد الذكر، فيأخذ فرضه على أن لها ولدا ذكرا.
وقال سحنون فيمن أودع رجلا صبية وغاب، ثم قدم بعد وفاته فأقام بينة أن الميت أقر أن لفلان عنده وصيفة وديعة، وهاتان الجاريتان ابنتاي، فأشهد أن واحدة من هؤلاء الثلاث لفلان والباقيتين ابنتاه، ولا يعلم أيتهن منهن، قال: لا تجوز شهادتهن ولا شيء للمدعى، وهذه مذكورة في الشهادات.
ومن كتاب ابن سحنون في الأقضية وهو لأشهب، فيمن له عبدان فقال: أحدهما ابني/ ثم مات ولم يبين، قال: أستحسن أن يدعى لهما القافة إن بقي من قرابته ما يلحق به نسبه، فإن انقطع ذلك من جميع قرابته حتى لا يقدر على ذلك، فلا يثبت نسب واحد منهما وليسهم بينهما، فأيهما خرج سهمه عتق منه نصف قيمته ورق ما بقي، [ورق صاحبه كله، فإن وقع السهم على الذي هو أقل من نصف قيمتهما عتق كله وعتق من الآخر ما بقي من نصف قيمتهما ورق ما بقي](2) منه،
وذكر أحمد بن ميسر قول سحنون هذا عنه، وقال ابن القاسم يعتق أحدهما بالسهم ولا يرث ولو تراضيا، ولم يكن وارث غيرهما بأن يعتقا ويقسما المال بينهما لم أمنعها لأن أحدهما ثابت النسب،
قال أحمد: وقول سحنون أحب إلي.
ومن العتبية(3) قال سحنون في الرجل له زوجة وولد، فتدعي المرأة أن الغلام ولدها من زوج غيره، ويزعم هو أن الغلام ابنه من امرأة أخرى،
قال: أرى أن يلحق الغلام بالزوج ولا يقبل قول المرأة.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) - البيان والتحصيل، 14: 278.(1/198)
[13/203]
فيمن شهد عليه شاهد أنه أقر أنه أولد
جاريته هذه هذا الولد، وشهد آخر بإقراره
أنه أولدها ولدا آخر غيره بعده
قال ابن المواز ومحمد بن عبد الحكم، ومن شهد عليه شاهد أنه أقر أنه أولد أمته هذه هذا الولد، وشهد آخر أنه أقر أنه أولدها هذا الآخر لولد أصغر من الأول، وشهد ثالث أنه أقر أنه أولدها ثالثا بعينه أصغر من الاثنين، قال في كتاب/ ابن المواز: وقد مات السيد، قالا فقد أجمعوا على إقراره أنها أم ولد، ولكن لم يجتمع شاهدان على إقراره أنها أم ولد إلا من يوم أقر بالحمل الثاني، فصارت بشهادتهما من يومئذ أم ولد، وإن اختلفا في الولد وصار الولد الثاني كابن أم ولد ولدته فوجب أن يلحق بسيدها، وكذلك الثالث، يريد وإن لم يقم له شاهد، لأنه ابن أم ولد لم يعلم من السيد، أنه أنكره وادعى الاستبراء،
قال ابن الحكم(1): ولو شهد شاهد أنه أقر أنها ولدت منه ولدا [آخر بغير عينه ولا يعرف الأول منهما، فها هنا لا يلحق به واحد منهما، وتكون أم ولد لاجتماعهما على إقراره أنها أم ولد، ولو عرفنا الصغير ألحقناه به، ولو شهد غيرهما أن هذا الصغير لحق به، وإن شهد شاهد أنه أقر أنها ولدت منه ولدا](2) في محرم سنة إحدى ومائتين، [وشهد آخر أنها ولدت منه في محرم سنة أخرى](3)- يريد ولم يعلم الناس- لكان يلحق به كل ولد تلده بعد إقراره عند الشاهد الثاني.
ولو كان عشرة أولاد فهم ولده أنكرهم أو أقر بهم، ماتوا أو عاشوا، وإذا أنكر الولد كان كمن له أم ولد أنكر حملها [يريد وإن علم الولد أنه ابنه يلحق به هو وكل ولد بعده- يريد فيما أنكر من الولد من ولده](4) إن لم يدع استبراء، ولو
***
__________
(1) - في ص وت (قال ابن القاسم) عوض قال ابن الحكم.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت مثبت من الأصل وب.
(3) - ما بين معقوفتين مثبت من الأصل ساقط من النسخ الأخرى.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/199)
[13/204]
ادعى الاستبراء لم يلحق به إذا ولدته لستة أشهر فاكثر من استبرائه، ولو شهد شاهد أنه أقر في المحرم من سنة كذا بأنها ولدت/ منه هذا الولد بعينه، [وشهد آخر أنه أقر عنده في رمضان من هذه السنة أنها ولدت هذا الولد بعينه](1) فهو لاحق به وهي به أم ولد، ولا يضر اختلاف إقراره، وكذلك لو قال الشاهد ولدته في المحرم لا قبل ذلك، وقال الشاهد الآخر ولدته في رمضان من هذه السنة لا قبل ذلك، لم يضر ذلك لأنه اختلاف من قوله لا من الشهود، وقد حصل عليه لأنه ولد من أمته، وكما لو أقر عند أحدهما أنه أعاره دابته في رمضان، وقال الآخر أقر عندي أنه أعارها له في ذي القعدة من تلك السنة وجبت له الدابة بشهادتهما، ولو شهد شاهدان أنه قطع أذنها في شوال من تلك السنة لم يقض له بما نقصها إلا بيمينه مع الشاهد بالعارية في رمضان لأنه لم يصح له ملكها في رمضان إلا بشاهد واحد فلذلك لم يقض له بالنقص إلا بعد يمينه، فإن نكل حلف المشتري وبرئ من قطع أذنها، ولو شهد شاهد على إقراره أنه أولد أمته هذه هذا الولد، وشهد آخر أنه أقر أنه أولدها هذا الولد لولد آخر، وشهدت امرأتان أن هذه الأمة ولدت الولدين يوما، لا يلحق به الولدان جميعا لأنه إذا لحق به نسب واحد من التوأم بإقراره لزمه الآخر، وإذا أقر في ولدين أنهما توأم، وأقر بأحدهما وأنكر الآخر لم ينفعه ولحق به.
فيمن استلحق ولداً ثم أنكره
ومن العتبية(2) روى عيسى وأصبغ عن ابن القاسم، فيمن استلحق/ ولدا ثم أنكره، ثم مات الولد عن مال، فلا يأخذه المستلحق، قال يوقف ذلك المال فإن مات هذا المستلحق صار هذا مالا لورثته وقضي به دينه، وإن قام عليه غرماؤه وهو حي أخذوا ذلك المال في ديونهم.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب مثبت من النسخ الأخرى.
(2) - البيان والتحصيل، 14: 242.(1/200)
[13/205]
في توارث المتحملين من أهل الكفر وغير المتحملين
ممن أسلم، وأهل العتق هل يتوارثون(1)؟
من العتبية(2) من سماع ابن القاسم، قال مالك في المحمول بملك ويدع مولاه وقرابة يلقونه إلى أب جاهلي فلا يرثه قرابته، ولو كان من أهل قرية افتتحت عنوة فسكنها المسلمون فليتوارثه هؤلاء بقرابتهم بالنسب، ويحجبون المولى، بخلاف المحمولين يدعون القرابة. والنسب وأما الذين لم يزولوا وسكن معهم المسلمون فليتوارثوا بالقرابة. قال: ولو أسلم أهل الحصن، أو جماعة لهم عدد فتحملوا إلينا، رأيت أن يتوارثوا بأنسابهم.
قال ابن القاسم: فأما النفر مثل تسعة وثمانية فلا يتوارثون. قال سحنون: ولا أرى العشرين عددا يتوارثون.
وقال ابن القاسم أنهم عدد يتوارثون.
وروى عنه عيسى في جماعة حربيين يسلمون فيستلحقون أولادا من زنى، فإن كانوا أحرارا ولم يدعهم أحد بفراش أنهم ولده ويلحق بهم الولد، وقد لاط(3) عمر بن الخطاب من ولد في الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام إلا أن يدعيه معهم سيد لأمة، أو زوج الحرة، لأن النبي عليه السلام قال: «الولد للفراش»(4) / ففراش الزوج والسيد أحق به،
***
__________
(1) - كذا جاء الفعل في ب بواو الجماعة وأما في النسخ الأخرى فقد جاء بألف الإثنين.
(2) - البيان والتحصيل، 14: 239.
(3) - جاء فعل لاط هنا ثلاثيا وجاء في البيان والتحصيل رباعيا وعلق على ذلك الأستاذ المحقق السيد سعيد أعراب بقوله: هكذا في سائر النسخ (ألاط) من الرباعي وهو صريح عبارة ابن الأثير في النهاية:4: 285 ومنه حديث عمر أنه كان يليط أولاد الجاهلية بآبائهم أي يلحقهم بهم من ألاطه يليطه إذا ألحق به قال: وهو خلاف صنيع اللسان والتاج.
(4) - روي في مختلف كتب الحديث ورواه البخاري في أبواب عدة منها كتاب البيوع.(1/201)
[13/206]
قال: ومن ادعى من النصارى الذين أسلموا أولادا من زنى فليلاطوا بهم لأنهم يستحلون الزنى في دينهم، ومن استلحق منهم ولد أمة مسلم أو نصراني فليلحق به، فإن عتق يوما كان ولده وورثه.
ومن كتاب ابن سحنون وهو لأشهب، عن امرأة سبيت ومعها صبي، فأعتقها وكبر الصبي ثم مات فلا يوارثه ادعت أنه ابنها أو قالت هو لغيري وأنا ظئر له، وإذا سبي رجل وصبي فأعتقا فادعاه ابنا لم يتوارثا له بذلك، ودعوى الصبي من ابن أو أب أو أخ أو أم سواء، جاء ذلك عن عمر مجملا أنه لا يلحق نسب إلا من ولد في الإسلام. قال عيسى عن ابن القاسم في مسلم دخل دار الحرب فأقام سنين ثم قدم بذرية فقال هم ولدي فهم لاحقون به ويوارثونه وقد تقدم هذا.
وروى يحيى عن ابن القاسم في أهل العنوة قال يتوارثون مثل أهل الصلح وقاله أشهب قال: ويعتبر في ذلك بأهل مصر وأهل الشام قد غلبوا عنوة أيام عمر بن الخطاب فصاروا يتوارثون إلى اليوم، وإنما حالهم حال الأحرار من أهل الذمة، غير أنهم نظرا للعامة ولمن يجيء من الذرية يأخذ منهم خراجه.
في توأم المتحملة وتوأم الزانية والملاعنة والمغتصبة
من العتبية(1) قال ابن القاسم عن مالك، عن الحامل من زنى،/ في أرض الإسلام تلد توأما(2)، فإنهما يتوارثان [من قبل الأم، وأما المسيبة تلد توأمين فإنهما يتوارثان](3) من قبل الأب والأم، قيل: فإن لم يدر أمن زوج ذلك أم من غير زوج؟ قال هو من زوج إذا كان في شرك، وقد ألاط(4) عمر ما كان في الشرك وهو زنى- يريد بالقافة- قال وتوأم الملاعنة يتوارثان من قبل الأب والأم.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 257.
(2) - هكذا بصيغة الإفراد لفظا ولكنها دالة على الإثنين معا يقال هو توأم وهي توأمة وهما توأمان كما يقال هما زوج وزوجان والجمع توائم وتؤام.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ت وص.
(4) - تقدم عند المؤلف استعمال هذا الفعل ثلاثيا وقد أشرنا إلى الإستعمال الرباعي في كتاب البيان والتحصيل(1/202)
[13/207]
وقال المغيرة وابن دينار في كتاب المواريث الثاني لابن سحنون، أن توأم المسيبة والملاعنة يتوارثون من قبل الأم لا من قبل الأب.
روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم في العتبية(1) قال: سمعت من أثق به يقول عن مالك، قال يتوارث توأم المغتصبة من قبل الأب والأم.
قال ابن القاسم في كتاب ابن سحنون: فسألت أنا مالكا عن ذلك فوقف، وأبى أن يجيبني، وقال أحمد ابن نصر هذا خطأ ولا يتوارثان من قبل الأب لأنه زنى.
في الإقرار بالنسب، أو بالقرابة، أو بالزوجية
قال ابن ميسر: ويثبت النسب بشهادة عدلين يشهدان أن فلانا، ابن فلان، فإن كان يطلب ميراثه فلابد أن يقولا لا نعلم له وارثا غيره، أو يذكروا من يرثه معه، ويقولوا لا نعلم لهم ورثة غيرهم،
وإن أقر رجل بولد لحق به إذا لم يتبين كذبه، وليس للولد نسب معروف، وإن كان مديانا أحاط به الدين، ولم أعلم في هذا اختلافا، وكذلك إن كان مريضا صدقه الولد أو كذبه.
وإذا استلحق من هو/ مثله في السن أو يقاربه فقد تبين كذبه، أو من ولد في الهند أو من بلد العدو، والأب لم يدخلها ونحوه،
وإن أقر وارث بأخ للميت أو ابن أخ أو عم وابن عم أو جد، أو ابن ابن، فإن كان أقر بذلك في الصحة وبيده فضل يورث، فيلزمه الإقرار في خاصته ودفع إليه فضل ما بيده، ولا يثبت النسب بذلك،
وإن أقر بمثل هذا وهو مريض فإن اتهم لأن ورثته كلالة لم يقبل منه إلا ببينة.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 257.(1/203)
[13/208]
وإن قال فلان ابن عمي فهو عند ابن القاسم كالشاهد، ويدفع إليه المال بعد الإستثناء(1) بالمال، فإن لم يأت إليه طالب دفع إليه مع يمينه ويرث مواليه إن لم يكن له من يستحق ذلك غيره، ولا يستحق بذلك النسب ولا الولاء.
وإن أقرت امرأة بولد في حجرها أنه من زوجها لحق به ما لم يتبين كذبها،
وأما إقرار الزوج بزوجته أو الزوجة بزوجها فيقبل(2) إن كانا طارئين وإلا لم يقبل ذلك إلا ببينة أو سماع فاش، وكذلك الأب والأخوات والأعمام والعمات إذا كانوا غرباء، وأقاموا على إقرارهم بالنسب الزمن الطويل حتى يقدم من بلدهم من لا ينكر ذلك، فإنهم يصدقون(3) على ما ادعوا من النسب، [وإقرار المولى قد انتقل](4) بالولاء لرجل فإن كان هو المعتق نفسه جاز إقراره كما يلزمه إقراره [بالرق](5) إذا لم يعرف له حرية ولا ولاء، وأما قوله قد أعتق أبي فليس بشيء، صدقه الآخر أو كذبه لأنه مقر على غيره لا يقبل/ لا في نفسه ولا فيما يجر من ولاء ولده، وإذا لم يكن لولده أحد أعتقهم.
ومن ترك بحي من أحياء العرب فيقيم فيهم زمانا ويزعم أنه منهم ولا يعرف ذلك إلا بقوله ثم يلزمهم دية، قال يلزمه أن يدخل معهم في الأداء بإقراره، فأما أن يستوجب ذلك نسبا معهم فلا.
قال: وكل مقر ومدع فإني أقبل(6) إقراره على نفسه، ولا أقبل دعواه لها إلا أن يطول الزمان على نسبه، وأتي من يعرفه فلا ينكر ذلك النسب عليه فيعلم بذلك صحة نسبه، وفي الباب الأول شيء من معاني هذا الباب.
***
__________
(1) - في ص وت (بعد الإستثناء) وهو تحريف واضح.
(2) - حرفت في الأصل إلى (فقيل).
(3) - كذا في ب بإثبات النون وكتبت خطأ في النسخ الأخرى بحذف النون.
(4) - في الأصل وب (وإقرار المولى من أسفل) وقد أثبتنا ما في ص وت.
(5) - (بالرق) محذوفة من ت.
(6) - في ت وص (فأنا أقبل).(1/204)
[13/209]
فيمن أقر بأخ في صحته هل يوارثه؟
ومن كتاب ابن حبيب قال ابن الماجشون، وكذلك في كتاب ابن ميسر وغيره، في الرجل المعتق يقر بأخ في صحته يقول هذا أخي ولدنا في الإسلام وفرقنا البيع في الصغر، وصدقه الآخر، فيقيمان على ذلك مدة ثم يموت المقر ولا وارث له غير الأخ الذي أقر به، [ومولاه، فإن ميراثه لمولاه ولا يرثه الأخ الذي أقر به](1) ولا يلحق نسب باستلحاق أحد إلا الأب في ابنه فإنه يلحق به كان ذلك في صحة الأب أو في مرضه، ولا يجوز استلحاق الجد لابن ابنه إنما يقر على غيره إلا أن يصدقه الابن ويكون حيا، فيكون الابن هو الذي استلحق ولده وذلك جائز.
وأما إقرار المقر أن فلانا مولاه يلزمه في صحته ومرضه. قال ابن حبيب، وقاله كله أصبغ، وقال إلا أن يموت المقر وليس له/ وارث غير هذا الذي أقر الميت أنه أخوه فيأخذ ميراثه إذا لم يدفع عنه دافع، وهذا إذا كان أمرهما مجهولا، فأما إن كانا يعرفانه بغير القرابة فلا يرثه بذلك، أقر له في صحته أو في مرضه.
قال أحمد بن ميسر، يلزمه إقراره بالولاء إلا إن هلك ولا وارث له غيره فيحلف ويستحق الميراث، عند عبد الرحمن بن القاسم، وقال أشهب، لا يرث إلا من استحق بالولاء(2).
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) - في ب (إلا من استلحق بالولاء) وأثبتنا ما في النسخ الأخرى.(1/205)
[13/210]
فيمن ترك ولدا، أو ترك أولادا لإمائه فقال
ولده هذا أخي لا بل هذا أخي لا بل هذا،
أو قال ذلك في أجنبيين
من العتبية(1) قال سحنون، فيمن ترك ولدا واحداً فيقول لثلاثة من أولاد خدم أبيه هذا أخي لا بل أخي [لا بل هذا](2) وأمهاتهم شتى فالأول حر وقد أقر له بنصف الباقيين ونصف المال فلا يبطل حق هذا فيهما بإقرار هذا لهما وليس بعتق فيضمن(3) له قيمة، ولا تجوز شهادة واحد في العتق، ولو كانوا لأم واحدة وأقر لأكبرهم، قال يكون حرا وتكون أمه وأخواه أحرارا، وما بقي من المال فبينه وبين أخيه، لأن إقراره بالأول إقرار أن الأم أم ولد، وولداها(4) بمنزلتها، ولا ميراث لهما، ولا يلحق واحد منهما بالنسب، ولو أقر لأصغرهم/ فإنه يكون حراً وأمه حرة، ويكون له نصف الباقيين فيعتق عليه نصيبه منهما، ويعتق على المستلحق باقييهما لأنه نسب بما دخلهما من العتق.
ولو أقر لأجنبيين ليسوا بولد خدم أبيه، قال هذا أخي لا بل هذا لا بل هذا، قال فللأول نصف ما ورث عن أبيه، وللثاني نصف النصف الباقي في يديه وهو الربع، وللثالث نصف الربع الذي بقي في يديه.
قال سحنون: وقال فيها بعض أصحابنا أنه يغرم للثاني مثل ما صار للأول، ويغرم للثالث مثل ما صار أيضا للأول، لأنه أتلف على كل واحد منهما مورثه.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 264.
(2) - عبارة (لا بل هذا) ساقطة في النسخ كلها وسياق الكلام يقتضي إثباتها لمناسبة العدد المذكور.
(3) - في ت وص (فيغرم) وقد أثبتنا ما في الأصل وب.
(4) - في ص وت (وولدها) بالإفراد في الأصل (وولديها) بالياء باعتبار العطف على المنصوب وقد أثبتنا ما في ب.(1/206)
[13/211]
إلحاق النسب والقافة
ومن العتبية(1) روى أشهب عن مالك أيؤخذ بقول القافة اليوم كما جاء في الحديث؟ قال أما فيما يلحق من الولد فنعم، وأما بغايا الجاهلية فلا، ولا يؤخذ بقول قائف واحد لكن اثنين، وقال ابن القاسم: يؤخذ بقول قائف واحد إن كان عدلا، من رواية محمد بن خالد.
ومن كتاب ابن سحنون قال مالك: وإنما القافة في أولاد الإماء، فإذا حملت من وطء السيدين وأحدهما مسلم أو عبد أو بائع ومشتر فمن ألحقوه القافة به لحق به، فإن قالوا اشتركا فيه فليوال الولد إذا كبر أيهما شاء، وكذلك قال عمر يوالي من شاء منهما.
قال سحنون، وقال غير ابن القاسم، إذا بلغ يبقى ابنا لهما، ولا يوالي واحدا منهما، قال ابن القاسم: فإن والى لما كبر النصراني لحق به، ولا يكون إلا مسلما، وهذا الباب/ مستوعب في كتاب أمهات الأولاد في الأمة تأتي بولد من وطء الشريكين ووطء المتباعين.
في الدعوى في النسب والقرابة [والزوجية](2)،
وبماذا يثبت ذلك؟
من العتبية(3) روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم قال: إذا كان للميت وارث معروف النسب، فأتى من يدعي أنه ولد الميت أو زوجة له أو غير ذلك من القرابة وقام شاهد، فلا يثبت له [ذلك بشاهد ويمين، وإن أقر به الوارث المعروف أعطاه ما يلزمه بإقراره، ولا يثبت له](4) بذلك نسب، ولا للمرأة نكاح، ولو لم
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 236.
(2) - (والزوجية) ساقطة من الأصل.
(3) - البيان والتحصيل، 14: 254.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.(1/207)
[13/212]
يكن للميت وارث معروف لقضيت له بالشاهد واليمين بالمال بوجه الميراث، ثم لا يثبت له بذلك نسب ولا لزوجه نكاح.
قال عبد الله: وقول أشهب انه لا يستحق المال حتى يثبت النسب بما يثبت به الأنساب.
قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، ولو كان لميت بنت أو ابنتان لكان لهذا الذي فضل عن النصف وعن الثلثين بشاهده ويمينه ولا يثبت له بذلك النسب.
ولو جاءت امرأة بشاهد أنها زوجة الميت وله وارث معروف بالبينة، فإنه يقضي لها مع يمينها بالميراث ولا يثبت نكاح ولا لولدها- إن كانت حاملا- نسب، ولو أقام شاهدا أنه مولى فلان حكم له بالمال مع يمينه ولا يستوجب بذلك الولاء- يريد [إن لم يكن له وارث معروف](1) ولا يثبت [له ولا الموالى،/ من مواليه أحد أقام هذا شاهدا على](2) ما ادعى من الولاء وحلف واستحق ميراثه ولا يجزئه ما تقدم من يمينه مع الشاهد على الميراث الأول.
وروى عيسى عن ابن القاسم في الميراث يقسم ثم يقيم رجل البينة أنه ولد الميت، فينظر ما حقه أن لو كان معهم، فيتبع كل واحد بما في يديه من ذلك، يتبع المعدم في عدمه ولا يتبع المليء إلا بما عليه، كما لو ورثه أمه واخوه ثم قدم أخ آخر فإنه يتبع الأم بالسدس ملية كانت أو معدمة، والأخ بالربع في ملائه وعدمه.
في إقرار بعض الورثة بوارث،
أو يقر أن الميت أقر بوارث له
وهذا الباب هو من معنى الفرائض، وقد ذكرنا منه ها هنا مسائل يقرب معناها من معنى هذا الكتاب مما يتعلق بالاستلحاق، فمن ذلك من كتاب ابن المواز:
***
__________
(1) - في ص وت (إن لم يكن له مال معروف).
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/208)
[13/213]
وقال فيمن ترك أخاه وأمه فأقرت الأم بأخ آخر للميت [أتخرج نصف ما في يديها](1) وهو السدس،؟ فقال مالك في موطئه وعليه الجماعة من أصحابه أن المستلحق يأخذ ذلك السدس، وروى عنه ابن القاسم وابن وهب، وقاله ابن القاسم وأصبغ أن ذلك السدس بين المستلحق والأخ الآخر.
قال أصبغ لأنه يقول ما ينوب الأم فأنا أحق به(2) إذ لا وارث معي ويقول المستلحق، هو لي فيقسم بينهما.
قال ابن المواز: والأول قولنا، وهو قول مالك وجميع أصحابه.
وذكر سحنون في العتبية(3) هذا القول الذي/ أنكره ابن المواز وذكره أصبغ عن ابن القاسم وروايته هو وابن وهب ذلك عن مالك. وقال سحنون يأخذ المقر به نصف السدس ويوقف نصفه حتى يقر به الأخ الآخر فيقاسمه ما في يديه، وقد أخطأ من قال يعطى نصف السدس للمنكر.
[وقال أحمد بن ميسر وغيره هذا خطأ، والذي عليه أصحابنا أن يأخذ المقر له جميع السدس ولا شيء للمنكر](4).
ومن كتاب ابن المواز، وإن ترك ابنا وبنتا فأقرب البنت بأخ لها فلتعطه خمس(5) ما بيدها.
وكذلك يجري هذا في جميع الإقرار [يدفع المقر ما زاد بيده على نصيبه في الإقرار](6) فيأخذه المقر له وكل من نفع بإقراره.
***
__________
(1) - كذا في الأصل والعبارة في النسخ الأخرى (فإن الأم تخرج نصف ما في يديها).
(2) - في ت وص (فما ترث منه الأم) وقد أثبتنا ما في الأصل وب.
(3) - البيان والتحصيل، 14: 272.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(5) - في ب (فلتعطه خمسين ما بيديها) وأثبتنا ما في الأصل.
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من ت وص.(1/209)
[13/214]
ومنه ومن العتبية(1) قال أصبغ عن ابن القاسم، فيمن ترك زوجة فأقرت الزوجة أن الميت قد استلحق فلانا ابنا، فإن كان له ولد غيره فلا شيء عليه ولا عليها، لأنها أقرت على غيرها، ولأن الثمن لها على كل حال، فإن ورث الميت غير الولد وقد أخذت هي الربع ثم أقرت بهذا فلترد الثمن، قال ابن المواز: فليأخذه الذي أقرت له، وعلى القول الآخر يكون بينه وبين الورثة نصفين على ما ذكرنا عن ابن القاسم وأصبغ.
وفي الكتابين قال أصبغ وهو خلاف قول أهل الفرائض.
قال ابن المواز: بل لا يكون ذلك إلا للمقر له كما قال مالك في موطئه.
ومن العتبية(2) روى عيسى/ عن ابن القاسم، [فيمن ترك ابنه وعصبة فأقرت البنت بأخ لها، قال مالك: تعطيه ثلث ما في يديها.
قال ابن القاسم](3) ولو كن ثلاث بنات فأقررن بابن للميت فليعطينه ما زاد بأيديهن [على ثلاث أخماس المال- يريد وذلك عشر ما بأيديهن](4). قال ابن القاسم: ولو كن أربعة لم يعطينه شيئا- يريد لأن السدس بيد كل واحدة، وكذلك يجب لها مع هذا الأخ لو ثبت.
قال في كتاب ابن المواز: ولو أقرت واحدة(5) من الأربع بنات بهذا الأخ لم يكن عليها شيء وطلبه على العصبة، ولو ترك ابنتين وعصبة فأقرتا به فلتعطه كل واحدة ربع ما بيدها، وإن أقرت به واحدة أعطته ربع ما بيدها، ولو أقرتا به وكانت عدلتين حلف، عند ابن القاسم، وأخذ تمام النصف من العصبة.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 285.
(2) - البيان والتحصيل، 14: 247.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ب سهوا من الناسخ.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(5) - في النسخ الأخرى (ولو أقرت البنت) ولعل ذلك إنما هو خطأ في النسخ إذ المراد (ولو أقرت بنت من الأربع بنات) وحينئذ يكون المقصود واحدا.(1/210)
[13/215]
ومن ترك أختا فأقرت أن أخاها كان أقر أن فلانا ابنه، فلتدفع إليه جميع ما بيدها.
ومن كتاب ابن المواز، وإذا تركت زوجها وأمها وأختا لأم فأقرت الأخت لأم بابنة للميتة، فلتعطها وللعصبة جميع ما بيدها وهي في الإقرار من اثنى عشر، وفي عشر، وفي الإنكار من ستة، والستة داخله في الاثنى عشر، فقد أقرت للبنت بستة أسهم وللعصبة بسهم، فتقسم السهمان الذي بيدها على سبعة أسهم، وعلى القول الآخر(1) / الذي أنكرتاه، يرجع الزوج والأم على البنت والعصبة فيأخذان(2) منهما سهما من السهمين يقتسمان(3) على خمسة أسهم، ثلاثة للزوج وسهمان للأم.
ولو أقرت بأخ لأم أو أب، أو شقيق لم تعطه شيئا، لأن ما بيدها هو ميراثها مع الأخ لو صح.
ومن العتبية(4) روى محمد بن خالد عن ابن القاسم، في امرأة مات زوجها فأقرت أنها كانت أحلت له أمتها فأولدها هذا الولد، قال تعتق هي وولدها عليها- يريد والولاء للميت- قال ولا قيمة لها في تركته بقولها- يريد وقد ورثه غير ذلك الولد- قال ويمنعها الولد من الربع.
وعن أخوين شهدا لآخر أنه أخوهما، قال: يثبت نسبه بشهادتهما.
قال ابن القاسم فيمن ترك أربع بنات فأقرت أحداهن بأخ وأخت لها، فإنه ينظر ما زاد عندها(5) على ما يجب لها في الأقرار، فتعطيه لهما بينهماعلى فرائض الله سبحانه- يريد تعطيهما(6) سُبُعُ ما بيدها- قال ابن كنانة: بل ذلك
***
__________
(1) - العبارة في الأصل جاءت على الشكل التالي: «وقال القول الآخر...»، إلخ.
(2) - في ب (فيأخذون) وفي ص (فيأخذوا) وفي الأصل فيأخذوا بحذف النون والصواب ما أثبتناه.
(3) - بإثبات النون في ب وقد حذفت في النسخ الأخرى والصواب إثباتها.
(4) - البيان والتحصيل، 14: 284.
(5) - كذا في ب وأما في النسخ الأخرى فقد جاء فيها (فإنها ينظر ما زاد عندها).
(6) - في ص وت (يريد تعطيه) والصواب ما أثبتناه من الأصل وب.(1/211)
[13/216]
للأخت دون الأخ يريد لأنها لو أقرت بأخ فقط لم يضرها، قال ابن كنانة: والأخ حقه بيد العصبة،
قال ولو كان معها ألخ معروف النسب فأقرت بأخ وأخت لكان ما ترده من ذلك بين الأخ والأخت المستلحقين- يريد لأن البنات لما ثبت معهن نسب أخ خرجن من أهل التسمية.
ومن كتاب ابن المواز، ومن ترك أربع بنات وجداً(1)، فأقرت واحدة بابن للميت/ فلتعطه سدس ما بيدها، لأن الفريضة في الإنكار من ستة، للجد الثلث، وأصلها في الإقرار من ستة للجد السدس، ويقسم الباقي على ستة، فلا يقسم فاضرب ستة في ستة تبلغ ستة وثلاثين يخرج في الإقرار والإنكار.
في إقرار أحد الورثة بوارث، وفي الفريضة عول،
أو تكون على الإقرار عائلة
من العتبية(2) من رواية سحنون عن ابن القاسم، في امرأة هلكت عن زوجها وأمها وأختها، فادعت الأخت أخا وصدقها الزوج، قال تقسم على الإقرار والإنكار فما زادت في الإنكار أخرجته، يضرب فيه هذا الأخ بسهمه، والزوج بما انتقص في العول. قال أبو محمد، والفريضة في الإنكار من ثمانية العول بثلثها، فللزوج ثلاثة وللأم سهمان وللأخت ثلاثة، وهي في الإقرار من ثمانية عشر، للزوج النصف تسعة، وللأم السدس ثلاثة، والباقي ستة بين الأخ والأخت، أربعة للأخ وسهمان للأخت، فاضرب ثمانية عشر في النصف الثمانية لأنها توافقها في نصفها، فبلغت اثنين وسبعين(3) فللزوج في الإنكار ثلاثة مضروبة في تسعة، فذلك سبعة وعشرون، وله في الإقرار تسعة مضروبة في أربعة، ستة وثلاثون فانتقص
***
__________
(1) - كلمة (وجدا) وردت منصوبة في ب فقط ولم تنصب في النسخ الأخرى والصواب ما أثبتناه.
(2) - البيان والتحصيل، 14: 285.
(3) - كذا في ب وهو الصواب وكتبت في النسخ الأخرى (اثني عشر).(1/212)
[13/217]
تسعة، والأم منكرة وبيدها الثلث بالعول وهو الربع فهو أكثر لها/ من السدس، وللأخ في الإقرار أربعة مضروبة في أربعة، ستة عشر سهما، وللأخت في الإقرار سهمان في أربعة فذلك ثمانية، ولها في الإنكار ثلاثة في تسعة بسبعة وعشرين، فإنما لها منها ثمانية، فيرد تسعة عشر يضرب فيها الزوج بتسعة والأخ بستة عشر.
ومن كتاب ابن المواز، وهي في كتاب ابن سحنون، وإن تركت زوجها وأمها وأختها وجدها، فأقرت الأخت بأخ، فذكر فيها ابن المواز وفيما بعدها الجواب بحساب فيه طول، وكذلك ذكره غيره، ونحن نأتي بمعناه على اختصار الحساب من حساب أهل الفرائض، فتعول هي في الإنكار من ستة: عالت بثلاثة ثم ضربت في ثلاثة فبلغت سبعة وعشرين(1)، وأصلها في الإقرار من ستة ثم ضربت في ثلاثة(2) بلغت ثمانية عشر، فثمانية عشر توافق عدد الإنكار في التسع، فاضرب سبعة وعشرين في تسع الثمانية عشر تبلغ أربعة وخمسين أيهما ضربت في تسع الآخر ليخرج في الإقرار والإنكار، فللزوج في الإنكار ثمانية عشر، وللأم اثنى عشر(3)وللجد ستة عشر، وللأخت ثمانية، وإنما لها سهم من ثمانية عشر في الإقرار مضروب في ثلاثة، فذلك ثلاثة يفضل بيدها خمسة فتردها فيضرب فيها الأخ والزوج، فوجدنا في الإقرار للأخ ستة أسهم من أربعة وخمسين، وبيد الزوج في الإنكار ثمانية عشر من أربعة وخمسين وله/، في الإقرار سبعة وعشرون وهو النصف(4) بلا عول فبقي له تسعة، وللأخ ستة، فيقتسمان الخمسة المأخوذة من الأخت على خمسة، للزوج ثلاثة وللأخ [سهمان(5) فيصير الباقي بعد ذلك في الإقرار للزوج ستة وللأخ](6) أربعة، وذلك عشرة وهي عند الجد والأم، فلو أقرا
***
__________
(1) - في الأصل (فبلغت سبعة وعشرون) والصواب ما أثبتناه.
(2) - في الأصل (ثم ضربت في ثمانية) والصواب ما أثبتناه.
(3) - كذا في ص وهو الصواب وكتبت في النسخ الأخرى (اثني عشر).
(4) - في ب (وله في الإقرار سبعة أسهم عن أربعة وعشرين وهو النصف) وذلك خطأ واضح والصواب ما أثبتناه من الأصل.
(5) - في ب عوض (وللأم سهمان) كتب (وللأخت سهملن) والصواب ما أثبتناه.
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت من الأصل وب.(1/213)
[13/218]
بالأخ لرد الجد سبعة والأم ثلاثة. ومن ترك زوجته وأمه وثلاث أخوات مفترقات، فأقرت الشقيقة بأخ، فالفريضة في الإنكار من خمسة عشر بعولها، وهي في الإقرار من ستة وثلاثين، وهي توافق الخمسة عشر في الثلث، فاضرب أحدهما في ثلث الآخر(1) تبلغ مائة وثمانين(2) فللشقيقة في الإنكار ستة من خمسة عشر مضروبة في اثني عشر، فذلك اثنان وسبعون، ولها في الإقرارخمسة من ستة وثلاثين مضروبة في خمسة، فذلك خمسة وعشرون، الفاضل بيدها سبعة وأربعون فيخرج منها إلى الأخ الذي أقرت له وإلى من نفعت بإقرارها، فللأخ الذي أقرت به خمسون سهما في الإقرار، وقد نفعت الأم بستة أسهم، وكذلك نفعت الأخت للأم بستة أسهم لأن لكل واحدة منهما في الإنكار اثنان من خمسة عشر مضروبة في اثني عشر فذلك أربعة وعشرون(3)، ولكل واحدة(4) منهما في الإقرار ستة وثلاثين مضروبة في خمسة، فذلك ثلاثون سهما، الباقي لكل واحد منهما(5) ستة/ ونفعت(6) الزوجة بتسعة لأنها كان لها [ثلاثة] (7) من خمسة عشر في الإنكار مضروبة في اثني عشر فذلك ستة وثلاثون، وفي الإقرار لها الربع بلا عول تسعة من ستة وثلاثين مضروبة في خمسة(8) تبلغ خمسة وأربعين(9) الباقي لها تسعة، فيتحاص في السبعة وأربعين المأخوذة من الأخت والأخ والأم والزوجة والأخت لأم، فيقسم بينهم على أحد وسبعين جزءا بقدر ما بقي، لكل واحد منهم على ما ذكرناه.
وإن تركت زوجها وأمها وأختا شقيقة وأختا لأم، فأقرت الشقيقة بأخ شقيق، فالفريضة في الإنكار من ثمانية بعولها، وفي الإقرار من ثمانية عشر، والثمانية عشر
***
__________
(1) - في ب (في ثلث الأخرى).
(2) - في الأصل (تبلغ مائة وثمانون) والصواب ما أثبتناه.
(3) - في الأصل (أربع وعشرون) والصواب ما أثبتناه.
(4) - في ص وب (ولكل واحد منهما) عوض ولكل واحد منهما.
(5) - في ب (الباقي لكل واحد منهما) عوض (لكل واحد منهما).
(6) - حرفت في ت وص إلى (ويعقب).
(7) - كلمة (ثلاثة) ساقطة من الأصل.
(8) - في الأصل (مضروبة في خمس).
(9) - في الأصل (تبلغ خمسة وأربعون) والصواب ما أثبتناه.(1/214)
[13/219]
توافق الثمانية في النصف، فاضرب أحدهما في نصف الأخرى تبلغ اثنين وسبعين، فبيد الأخت في الإنكار سبعة وعشرون لأن لها ثلاثة من ثمانية مضروبة في تسعة، ولها في الإقرار [واحد] (1) من ثمانية عشر سهما مضروبا في أربعة، فذلك أربعة، الفاضل بيدها ثلاثة وعشرون فهي للأخ، ولمن نفعت بإقرارها، فقد أقرت للأخ بثمانية ونفعت الزوج بتسعة، [لأن له في الإقرار ستة وثلاثين، وفي الإنكار سبعة وعشرين] (2) ونفعت الأم بثلاثة، والأخت للأم بثلاثة، لأن لكل واحدة في الإنكار تسعة وفي الإقرار اثني عشر فيبقى لكل واحدة ثلاثة فيأخذ كل واحد ممن ذكرنا من هذه الثلاثة وعشرين/ ما ذكرنا أنها نفعته به،
وإن تركت زوجها وأمها وأختا لأم فاستوعبوا المال فأقرت الأخت بابنه للميت فلترد ما بيدها يتحاص فيه الابنة بستة أسهم من اثني عشر، والعصبة بسهم من اثني عشر، وإن أقرت بأخ لأم أو لأب أو شقيق فلا شيء لها، لأن لها مع كل واحد من هؤلاء السدس.
في إقرار بعض الورثة بوارث في المناسخة، وبعد (3)
موت بعض الورثة
ومن كتاب ابن المواز، وهو في العتبية (4) لأصبغ، فيمن ترك زوجته وهي حامل، وترك أخوين شقيقين فولدت ولدا فقالت الزوجة وأحد الأخوين قد (استهل) صارخا، وقال الآخر لم (يستهل) فالفريضة على أنه لم يستهل من ثمانية أسهم، للزوجة الربع وللأخوين ستة لكل واحد ثلاثة.
وإذا استهل كانت الفريضة من أربعة وعشرين، فالثمانية داخله فيها وهي تخرج (5) في الإقرار والإنكار، فهي في الإنكار للزوجة الربع ستة ولكل أخ تسعة
***
__________
(1) - كلمة (واحد) ساقطة من الأصل.
(2) - في الأصل (لأن له في الإقرار ستة وثلاثون وفي الإنكار سبعة وعشرون) والصواب ما أثبتناه.
(3) - في ب (أو بعد موت بعض الورثة).
(4) - البيان والتحصيل، 14: 294.
(5) - في الأصل (وهي تجري في الإقرار والإنكار) وقد أثبتنا ما في النسخ الأخرى.(1/215)
[13/220]
وعلى الإقرار للزوجة الثمن ثلاثة وللولد أحد وعشرون مات عنها فلأمه ثلثها سبعة ولكل عم سبعة وبيد العم المقر سبعة (1)، فيؤخذ منه سهمان (2) فيعطيان (3) للأم ويبقى لهما سهمان (4) عند العم الآخر.
قال ابن المواز: ولو كان الولد أثنى لم يدفع العم المقر إلى الأم إلا نصف سهم مما في يديه، لأن للزوجة في الإنكار الربع ستة ولكل أخ تسعة، وعلى الإقرار للزوجة الثمن ثلاثة/ وللبنت اثنا عشر (5)، ولكل أخ أربعة ونصف، فللأم من ابنتها الثلث أربعة، ولكل عم من عميها أربعة فصار للمقر ثمانية ونصف وبيده تسعة، فيرد نصف سهم للزوجة ويبقى لها نصف سهم عند الأخر.
وجواب هذه المسألة في الكتابين بغير هذا اللفظ فذكرنا معناه بحساب مختصر.
ومن كتاب أحمد بن ميسر، ومن مات عن ولدين شقيقين، ثم مات أحدهما فترك ابنته وأخاه، ثم أقر الحي بأخ آخر شقيق فالفريضة تصح في الإقرار والإنكار من اثني عشر، بيد كل أخ ستة، مات عنها أحدهما، فصار لابنته ثلاثة ولأخيه ثلاثة وهو ربع جميع المال وبيده النصف، فصار له ثلاثة أرباع المال (6)، وفي الإقرار يصير لكل أخ أربعة، فمات واحد عن أربعة فلابنته النصف اثنان، ولكل أخ سهم فيصير بيد الأخرين خمسة، خمسة وهذا المقر بيده تسعة فيدفع إلى أخيه أربعة ويبقى له سهم بيد بنت أخيه، فإن أقرت دفعت إليه، وإن كان إنما أقر بأخ لأب كان له في الإقرار أربعة، فيرث من أخيه الشقيق سهمين ولا يرث معه الأخ للأب
***
__________
(1) - هكذا بتقديم السين وردت في ص وهو الصواب وقد كتبت في النسخ الأخرى تسعة بتقديم التاء.
(2) - في الأصل وص وت (فيؤخذ منه سهمين) والصواب ما أثبتناه من ب.
(3) - في النسخ كلها (فتعطى للأم) والصواب ما أثبتناه لانسجامه مع سياق الكلام وقواعد اللغة.
(4) - في الأصل (ويبقى لها سهمين) وذلك سهو من الناسخ.
(5) - في الأصل (وللبنت اثنى عشر) والصواب ما أثبتناه.
(6) - في ب (قصار لابنته ثلاثة أرباع المال) وقد أثبتنا ما في النسخ الأخرى.(1/216)
[13/221]
فيصير بيده ستة وبيده الآن في الإنكار تسعة، فيعطي الفاضل (1) وهو ثلاثة للأخ للأب، ويبقى للأخ للأب سهم بيد بنت أخيه، إن أقرت أخذه منها.
ومن ترك ابنين أمها واحدة ثم هلك أحدهما وترك بنتا ثم أقر الثاني (2) بزوجة لأبيه (3) غير أمه، وبأخ له شقيق فللمقر في الإنكار النصف اثنا عشر (4) من أربعة/ وعشرين، ولأخيه اثنا عشر مات عنها، فلابنته النصف، والنصف لأخيه، فصار بيده ثمانية عشر في الإقرار، وأما في الإنكار فله تسعة إلا ربعا لأن للزوجة الثمن ثلاثة ولكل ابن سبعة، فمات واحد، فلابنته نصفها ثلاثة ونصف، وثلاثة ونصف من إخوته، فأصبنا بيده ثمانية عشر، له منها تسعة إلا ربعا (5)، الفاضل تسعة وربع، فيدفعها إلى الزوجه، ولابنه، يأخذ أخوه سبعة، وهي موروثة من أبيه، ويبقى له اثنان (6) إلا ربعا موروثة من أخيه عند بنت أخيه، وتأخذ الزوجة اثنين وربعا، ويبقى لها عند بنت الأخ ثلاثة أرباع سهم، فإن أقرت دفعت ذلك إليهما.
ومن مات عن ولدين فورثاه وقسما ماله، فاستهلك أحدهما نصف ما ورثه منه، ثم مات وترك ابنته وأخاه، فأقر الأخ بأخ ثالث، فالفريضة تخرج في الإقرار، والإنكار من اثنى عشر، يأخذ كل واحد ستة أسهم، استهلك منها المنكر ثلاثة، ثم مات وترك ابنته وأخاه، فلما أقر هذا الأخ الآن بأخ، قيل له، إنما كان لك في الإقرار أربعة، وبيدك ستة، فادفع سهمين إلى من أقررت له، وأنت مقر أن أخاك المنكر الميت متعد (7) في حبس، سهمين، أحدهما للذي أقررت أنت له، فهو لهما
***
__________
(1) - في ب (فنقص الفاضل) عوض ما أثبتناه من النسخ الأخرى.
(2) - كتبت في الأصل (ثم أقر الباقي).
(3) - كتبت خطأ في ت وص (لابنه).
(4) - في الأصل (اثنى عشر) والصواب ما أثبتناه من الأصل وب.
(5) - في النسخ كلها (إلا ربع) والصواب ما أثبتناه وسيقع للمؤلف ذلك مرارا وسنصححه أحيانا دون أن ننبه عليه.
(6) - في الأصل (وتبقى له اثنين) والصواب ما أثبتناه.
(7) - في الأصل (متعدي) بإثبات الياء والصواب حذفها.(1/217)
[13/222]
ضامن، وكان ينبغي أن يؤديا من هذه الثلاثة أسهم الذي ترك، ويبقى سهم يورث عنه، لك نصفه، ولابنته نصفه، وتراك قد أخذت من ابنته سهما ونصفا، وهو نصف الثلاثة التي ترك، وأنت مقر أن عليه/ فيها سهمين دينا (1)، فإنما لك ما ترث منه بعد قضاء الدين، فيصح لك نصف سهم، فادفع سهما لمن أقررت له، ويبقى النصف سهم، ويبقى له سهم عند الابنة إن أقرت، دفعته إليه.
قال أبو محمد كتبت هذه المسألة على غير[هذا] (2) اللفظ الذي في كتاب ابن ميسر، وكتبتها على تفسير ليس في الكتاب، وإنما ذكر ما دل على هذا.
في الوارث يقر بوارث من وجه، ويقر به وارث غيره
من وجه آخر، فيصدق أحدهما أو يدعي غير الوجه
الذي أقر له به المقر
من كتاب ابن ميسر، ومن ترك أخا لأب وأخا لأم، فأقر الذي للأب بأخ لأب، وقال الذي للأم فيه بل هو أخ لأم، فصدق أحدهما وكذب الآخر، أو كذبهما وقال، أنا أخ شقيق، فالفرضة في الإنكار من سبعة، للأخ لأم سهم السدس، وما بقي للذي للأب، فلم يقر له الذي للأم إلا فيما بيد غيره، لا فيما بيده، فلم ينفعه بشيء، ويعطيه الذي للأب نصف ما في يديه، فإن قال أنا شقيق، قيل له إن أقمت بينة وإلا فليس لك إلا ما أقر به الذي للأب، ولو أقر الذي للأب أن الأخ الطارئ لأم (3) لم ينتفع الطارئ بذلك لأنه إنما أقر على غيره.
ولو ترك ابنا واحد فأقر بأم للميت، فقالت هي بل أنا زوجة للميت، فقد أقر لها بالسدس، فقالت هي ليس لي إلا الثمن، فلا يجبر على أخذ الزائد عليه،
***
__________
(1) - في النسخ كلها (دين) بالرفع والصواب نصبها على التمييز الملحوظ.
(2) - كلمة (هذا) مثبتة من ت ساقطة من النسخ الأخرى.
(3) - في الأصل (لأب) وجاء في هامش الأصل أن ذلك غير صحيح والصواب ما أثبتناه من النسخ الأخرى.(1/218)
[13/223]
ولا يأخذه منه الحاكم، / لأنها تقر أنه له، ولا يثبت بهذا أنها أم، ولا زوجة للميت، ويلزمها بقولها العدة والإحداد، وأن لا تتزوج إلا بعد انقضاء عدتها، فإن نزعت عن قولها وقالت أنا أم، رجعت فأخذت منه القيراط الرابع، وسقط عنها العدة والإحداد، وهذا ما لم يرجع المقر عن إقراره قبل رجوعها، فلا يكون لها أن تأخذ منه ما بقي. وإن أقر أولا أنها زوجة، وقالت هي أنا أم الميت، فلا تأخذ منه إلا الثمن الذي أقر به ويحلف لها.
ولو أقر رجل لرجل أن قد مات فترك ألف درهم، وأنت أخي لأبي فقال المقر، بل أنا ابن الميت، ولست أنا بابن له، فإن كان المال بيد المقر، فليس عليه للآخر إلا نصفه، وإن كان بيد أجنبي لم يأخذه واحد منهما إلا ببينة، فإن أثبت المقر نسبه دفع النصف لمن أقر له، وإن أثبت المقر به نسبه وحده أخذ جميع المال، ولو كان المال بيد المقر به كان له وحده.
وإن قال رجل لرجل أنا زوج هذه الميتة، وأنت ابنها، وأنكر الابن أن يكون زوجها، فإن كانت ولادة الابن (1) معروفة لم يعد أن يكون بملك أو نكاح، فإن كان بملك يمين فلا شيء للابن معه، ولكن قد أقر الأب أنه بنكاح، فأعطى للأب حظ الزوج وما بقي للابن، فإن كان المال ليس في أيديهما، ولا يعرف ولادته منها، فلا يستحقه أحدهما إلا ببينة، وإن استحقه أحدهما فهو استحقاق لصاحبه.
وإن لم يقل الأب أنه ولده، وقال أنه ربيبه، لم أقبل قول واحد منهما، فهو استحقاق لصاحبه، لأن يكون المال في يد الابن وينازعه/ عليه الآخر، فيكون ذلك لمن هو بيده، ولو كان في يد الزوج وأقر أن الآخر ابنها من غيره، فليسلم المال إليه، ولا يثبت له معه مورث إلا ببينة،
ولو قالت امرأة أنا زوجة هذا الميت وهذا ابنه مني، أو قالت من غيري، والابن ينكرها ويقول، أنا ولده، فإن كانت معروفة أنها زوجته فلها الميراث،
***
__________
(1) - كتبت في غير الأصل على شكل (فإن كانت وارثة الابن).(1/219)
[13/224]
وكذلك الابن إن كان معروفا فأما بالدعوى فلا، وإن كانت معروفة ولا يعرف لها منه ولادة فلا يقبل قولها، وإن لم تكن ولادة الابن معروفة والمال في يديه، فإن أقر أنها أم له دفع إليها ما أقر لها به، وأقبل اجتماعهما إذا صح أنها زوجة لأبيه، وإن لم يقر أنها زوجة لأبيه وكان المال في يديها أو في يده، لم أقبل دعواه أنه ابنها، ونزعت المال من يدها ولم أعطها منه شيئا، والابن إن كان غير معروف لم أنزع المال من يده، وإن كان بيد غيره لم أعطه منه شيئا.
قال أحمد، وإن ترك ابنته وأخته، فأقرت البنت في امرأة أنها ابنة معها، وقالت الأخت بل هي أخت معي، فإنها تسأل، فمن صدقت منهما كانت معها، وإن كانت ممن لا يسأل لصغر، أو بكم، أو جهلت الأمر، فإن البنت قد أقرت لها بثلث ما في يديها، والأخت بنصف ما في يدها، فأعلى حالها أن تكون بنتا فتأخذ من البنت ثلث ما في يدها وهو السدس بينهما واختلف فيما بقي، فقال ابن المواز يؤخذ السهمان الباقيان فيقضي على الثلاثة بقدر حظوظهم(1)/ وقيل لا يؤخذ من البنت والأخت إلا بقدر ما يقران به إلى تمام الثلث، ويترك ما بقي بيد كل واحد منهما، وهذا معنى ما أجبنا عليه.
قال أيوب البصري في كتابه، قال محمد بن الحسن وأصحاب أبي حنيفة، يؤخذ الثلث من يدي البنت والأخت على قدر ما بأيديهما، وبيد البنت السدس سهمان(2) وبيد الأخت الربع ثلاثة، وذلك خمسة، فيؤخذ الثلث منهما على خمسة، من البنت خمساه، ومن الأخت ثلاثة أخماسه، فيجعلونها من ثلاثين سهما(3) بيد واحدة خمسة عشر، فيأخذ من البنت خمسي الثلث أربعة وبقي بيدها سهم، ويأخذ من الأخت ثلاثة أخماس الثلث وهو ستة، فيتم لها الثلث، ويبقى بيد الأخت تسعة، فلها منها على قولها سبعة ونصف، فيبقى بيدها سهم
***
__________
(1) - العبارة في ب (فيقضي على ابنتيه بقدر حظوظهما).
(2) - كلمة (سهمان) حرفت في الأصل وص إلى (بينهما).
(3) - (ثلاثين سهما) حرفت في الأصل إلى قوله (ثلاثين بينهما).(1/220)
[13/225]
ونصف لا تدعيه يبقى موقوفا، (ويبقى) (1) بيد البنت سهم موقوف، فإذا كبرت المقر بها فقالت أنا بنت ردت البنت الصحيحة على الأخت السهم البقي بيدها، وإن صدقت الأخت ردت الأخت على البنت ما كان بيدها موقوفا وهو سهم ونصف، وردت المقر بها على البنت سهمين [ونصفها] (2) فيبقى بيدها الربع، وبيد الأخت القديمة الربع، ويكمل بيد البنت النصف، وهذا قول عامة الناس إلا بعض البصريين، قالوا يأخذ من البنت السدس، ومن الأخت الربع، وذلك الثلث ونصف السدس، فإذا كبرت فصدقت واحدة، ردت على الآخر فضل ما بيدها، ولو قالت البنت: هي أخت أن تعطيها السدس لأنها إذا كانت بنتا(3) لم يبق للأخت غير الثلث
في أحد الورثة يقر بوارث، ويقر بوارث آخر
من كتاب ابن الميسر، وقد كتبتها على ما أعرف من حساب أهل الفرائض، في امرأة هلكت فتركت زوجها وأمها، وثلاث أخوات، مفتريات، فأقر الزوج(4) بابنه للميتة، وأقرت الأخت الشقيقة بأخ شقيق، فأصل الفريضة من ستة، عالت بنصفها فصارت من تسعة للزوج ثلاثة من تسعة وهو النصف من أصل الفريضة، وللأم السدس سهم، وللأخت للأم السدس سهم، وللشقيقة النصف ثلاثة، وللتي للأب السدس سهم تمام الثلثين، فعلى حساب إقرار الشقيقة بأخ شقيق يصير من ثمانية عشر ويسقط العول فيصير للزوج النصف تسعة، وللأم السدس ثلاثة، وللأخت للأم ثلاثة، يبقى ثلاثة بين الشقيق والشقيقة [للذكر مثل حظ الأنثيين](5)، وتسقط التي للأب.
***
__________
(1) - كلمة (ويبقى) محذوفة من ت.
(2) - في الأصل (ونصف) والصواب ما أثبتناه.
(3) - في ص وت (إذا كانت بنت) والصواب ما أثبتناه من ص وب.
(4) - كتبت في الأصل خطأ (فإذا أقرت الزوجة) والصواب ما أثبتناه من النسخ الأخرى.
(5) - العبارة في الأصل جاءت على الشكل التالي (للذكر مثل حظ الأنثى) والمعنى واحد.(1/221)
[13/226]
وإذا كانت على إقرار [الزوج] (1) بينة(2) دون إقرار الأخت، كانت الفريضة من اثني عشر، للزوج الربع ثلاثة، وللبنت النصف ستة، وللأم السدس اثنان، يبقى سهم للشقيقة، وتسقط الأخرى، فأصبنا التسعة، تدخل في الثمانية عشر، فيجري أكثر العددين، والثمانية عشر توافق/ الاثني عشر في السدس، فاضرب ثمانية عشر في اثنين سدس الاثنين عشر، فذلك ستة وثلاثون، فاقسمها على الإنكار، للزوج من التسعة ثلاثة مضروبة في أربعة، لأنا أضعفنا التسعة، ثم أضعفنا الثمانية عشر، فصار للزوج اثنا عشر(3)، وكذلك صار للشقيقة، وكان للأم سهم فيضرب في أربعة فصار لها أربعة، مثلها للأخت للأم، ومثلها للأخت للأب، ثم أقسمها على إقرار الزوج بالبنت، فللزوج الربع تسعة الفاضل بيده ثلاثة تدفعها إلى البنت، وإلى من نفع بإقراره، وقد نفع الأم أيضا، لأنه يقول للبنت ثمانية عشر وهو النصف، وللأم السدس ستة، وإنما بيدها أربعة فنفعها بسهمين، والبنت ثمانية عشر، [فتقسم الثلاثة التي يأخذان](4) منه على عشرة، للأم عشرها وذلك خمس سهم ونصف خمس، وتسعة أعشارها للبنت، وذلك سهمان وثلاثة أخماس سهم ونصف خمس سهم، ثم اقسمها على اقرار الشقيقة خاصة، فصار لها على إقرارها بأخ سهمان، لأن الزوج يأخذ النصف ثمانية عشر، وللأم السدس ستة وللأخت للأم ستة، تبقى ستة، فللشقيق أربعة، ولها سهمان، وبيدها اثنا عشر(5) على الإنكار، فتسلم عشرة إلى من نفعت بإقرارها، وقد نفعت الزوج بستة أسهم، ونفعت الأم بسهمين، والأخت للأم بسهمين، والشقيق بأربعة أسهم، فيقتسمون العشر على أربعة عشر سهما، فيصير للزوج ثلاثة/ أسباعها، وللشقيق سبعاها، ولكل واحدة من الأم والأخت سبعها، فما صار للزوج من هذه سلمه إلى البنت التي أقر بها، يقسمها مع الأم، كما قسمت الثلاثة أسهم،
***
__________
(1) - لفظه (الزوج) ساقطة من الأصل.
(2) - حرفت كلمة (بينه) في ص وت إلى (بنت).
(3) - في الأصل (فصار للزوج اثني عشر) والصواب ما أثبتناه.
(4) - في ب (فيقسمان الثلاثة التي يأخذان).
(5) - في النسخ كلها (وبيدها اثني عشر) والصواب ما أثبتناه.(1/222)
[13/227]
ويبقى بيده التسعة أسهم المذكورة. [إلا ما زاد عند الأم على السدس فيدعه للبنت](1).
قيل فلو أنكرت الأم ما أقرت به الأخت، وما أقر به الزوج،؟ قال أما إنكارها للأخ الذي قالت ابنتها، فليس عليها قبول ذلك، لأنها تنفي عن نفسها ولدا، وأما ما أقر به الزوج فقد يكون لابنتها ولد يعلم به، فليوقف هذا في بيت المال، فإن أقرت به يوما أخذ به، لأنها في رجوعها إلى دعواه لا تلحق بنفسها شيئا لوارثها، وما أقرت الأخت لأمها موقوف بيد الأخت ولا رجوع للأم إليه(2). [ورأيت في كتاب نسب إلى ابن ميسر ذكر المسألة فبلغ منها إلى أن جعلها من ستة وثلاثين. قال فنظرنا(3) الأخت الشقيقة وبيدها الثلث اثنا عشر(4)، فلها على إقرارها سهمان فيسلم عشرة أسهم لمن نفعت بإقرارها، فنفعت الزوج بستة، والأم بسهمين والأخت للأم بسهمين والشقيق بأربعة، ولكل نصيب من أنصابهم فيضرب بثلاثة، والأم بسهم، والأخت بسهم، والأخ بسهمين فذلك سبعة، فللأخ من العشرة سبعاها(5)، وذلك ثلاثة إلا سبعا(6)، وللأم سهم وثلاثة أسباع، وكذلك الأخت للأم، وللزوج أربعة وسبعا(7) سهم فصار بيد الزوج على الإنكار ستة عشر سهما وسبعا سهم فأقر الزوج أنه إنما له من ذلك تسعة أسهم الباقي بيده سبعة أسهم وسبعا سهم فأقر أنه للهالكة(8)، لها ثمانية عشر، وأقر للأم بتمام السدس وهو أربعة أسباع سهم لأنه صار بيدها مما أخذت في الإنكار، ومما أخذت من الأخت خمسة أسهم وثلاثة أسباع سهم فيحتاج إلى أن يقسم السبعة
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وب مثبت من ص وت.
(2) - هنا انتهت الباب في الأصل وب وأضيف إليها في ص وت ما سيأتي بين المعوفتين التاليتين.
(3) - في ص (فنظرت) بالتاء المتحرك لا بالنون الدالة على الفاعل.
(4) - في ص (اثني عشر) والصواب ما أثبتناه في ت.
(5) - في ص وت (سبعيها) بالياء والصواب ما أثبتناه.
(6) - في ص وت (إلا سبع) والصواب ما أثبتناه.
(7) - في ص وت (وسبعي سهم) والصواب ما أثبتناه.
(8) - في ص وت (فأقر أنه للهالك) وأثبتنا ما في ت.(1/223)
[13/228]
أسهم وسبعي سهم التي فضلت عند الزوج على مائة وثلاثين سهما، فما أصاب أربعة فللأم وما أصاب مائة وستة وعشرين للابنة(1) فأصاب الأم بقية عشر حبة وستة أجزاء إلا سبع جزء من حبة، وأضيفت البنت سبعة أسهم وثلاث حبات وتسعة أجزاء من ثلاثة عشر جزءا من حبة.
قلت فلم لا يرد الزوج على الأخت للأب والأم وقد أقر لها بنصف السدس كما ردت الأخت؟ قال لأن الأخت قد كان بيدها أكثر مما أقر لها به فأعطته لمن أنكره الزوج، والزوج أخذ من الأخت فاعلم أن غيرها أحق به منها فدفعته إليه. قال أبو محمد وقد يحسب على غير هذا فنقول إن الأخت كان بيدها اثنا عشر(2) فأقرت بأخ فإنما على إقرارها سهمان(3) فيؤخذ من يدها عشرة فتقسم على سبعة فللزوج ثلاثة أسباعها وذلك أربعة أسهم وسبعان وللأم سبعها: سهم وثلاثة أسباع سهم وكذلك للأخت للأم، وللأخ سبعا العشرة، وذلك اثنان وستة أسباع سهم فللزوج على إقراره تسعة فيرد ما بقي بيده وذلك سبعة أسهم وسبعا سهم يدفعها إلى من انتفع بإقراره تسعة فيرد ما بقي بيده وذلك سبعة أسهم وسبعا سهم يدفعها إلى من انتفع بإقراره وقد انتفعت البنت بنصف جميع الفريضة [ثمانية عشر والأم بتمام السدس وذلك أربعة أسباع سهم ومطلبها لكل مطلب منهما نصف](4) فيقسم ما يدفع الزوج على تسعة أسهم وسبعي سهم، وإن بدأنا بإقرار الزوج بالثلث قلنا له في الإقرار تسعة وفي الإنكار اثنا عشر(5) فيدفع ثلاثة إلى الأم والبنت تقتسمان ذلك(6) على عشرة، للبنت تسعة وللأم تمام السدس: سهمان(7) ثم يرجع إلى إقرارها بستة أسهم، والأخت بسهمين والأخ بأربعة، فإن قلنا إن الأم أيضا
***
__________
(1) - في ص (لابنه) وأثبتنا ما في ت.
(2) - في ص وت (كان بيدها اثني عشر) والصواب ما أثبتناه.
(3) - في النسختين معا (فإنما على إقرارهما سهمين) والصواب ما أثبتناه.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص مثبت من ت.
(5) - في ص (له في الإقرار تسعة وفي الإنكار اثني عشر) والصواب ما أثبتناه من ت.
(6) - في النسختين معا (يقتسما ذلك) والصواب ما أثبتناه.
(7) - في النسختين معا (وللأم تمام السدس سهمين) بالياء والصواب ما أثبتناه.(1/224)
[13/229]
قد انتقصت سهمين؟
***(1/225)
[13/229]
قد انتقضت سهمين؟ فإنه يقول لها الزوج والأخ المقر به أنت قد قبضت ثلاثة أعشار سهم- يريد الزوج أولا- فلا يضرب لسهمين، وإنما يبقى لك سهم وسبعة أعشار سهم، كان للأم أن تقول للأخ المقر به والأخت للأم ليس لكما أن تحاسباني بذلك لأنكما منكران لإقرار الزوج، وإنما انتفعت أنا بموضع تنكرانه(1)، فللأم في ذلك مقال، وليس لها أن تقول مثل هذا للزوج لأن الزوج مقر بذلك وقد نابها ستة أسهم كاملة في إقرار الأخت وقد قلنا إنه إذا أصاب الأم سهم وثلاثة أسباع سهم من العشرة الفاضلة على يد الأخت مضمونه إلى يدها من المحاصة الأولى، أربعة أسهم وثلاثة عشر سهما فاجتمع لها خمسة أسهم وثلاثة أسباع منها وثلاثة أعشار سهم فخرج هذا الكسر من سبعين فيصير للأم خمسة أسهم صحاح وأحد وخمسون جزءا وأحد وهو سبعون جزءا للأخت للأم خمسة أسهم وثلاثة أسباع سهم، ويبقى في يد الزوج في هذه المحاصة أربعة أسهم وسبعا سهم يدفعها لمن انتفع بإقراره على ما كنا قسمنا الثلاثة التي دفع الزوج، وكنا قسمناها على عشرة فيكون للأم عشرها، ويبدو للأم خمسة أسهم: وأحد وخمسون جزء سهم، هو سبعون جزءا فيصير عندها بهذا ستة أسهم وهو السدس ويبقى بيدها سبع وعشر سبع سهم يجوز إليها(2).
فيمن ترك ولدين، فأقر أحدهما بأخوين،
فصدقه أخوه بأحدهما
من كتاب ابن ميسر، وإن ترك ولدين فأقر أحدهما باخوين فصدقه أخوه الثابت النسب في أحدهما، والمقر لهما كل واحد منهما ينكر صاحبه، فالفريضة في الإنكار من سهمين، وفي الإقرار من أربعة، وعلى الإقرار من أحدهما من ثلاثة، فاثنان داخلة في أربعة، فضربنا أربعة في ثلاثة، فذلك اثنا عشر(3)، ففي يد كل
***
__________
(1) - في النسختين معا (وغنما انتفعت موضع تنكراه) وهو تعبير مضطرب صححناه بما أثبتناه في النص.
(2) - هنا انتهت الإضافة التي اتصلت بهذا الباب في ص وت وسقطت من الأصل وب.
(3) - في النسخ كلها (فذلك اثني عشر) والصواب ما أثبتناه.(1/226)
[13/230]
واحد من الأولين ستة، فالمقر منهما بثالث قد أقر في يده بسهمين لأخيه فيدفعهما إليه، والمقر بالأخوين مقر أنه ليس له إلا ثلاثة، ويسلم إليهما ثلاثة، ثم ينظر، فإن كان أقر لهما قبل تصديق أخيه(1)، قسما الثلاثة بينهما نصفين، وإن كان إقراره بعد/ إقرار أخيه، فقد زعم أن لأخيه الذي اجتمعا على الإقرار به ثلاثة أسهم، أخذ منهما سهمين من الآخر، وزعم أن لأخيه الذي أقر به هو وحده ثلاثة، لم يأخذ منها شيئا، فيضربان في الثلاثة أسهم التي سلمها هذا إليها بأربعة أسهم، للمجتمع عليه رُبُعُها، وللآخر ثلاثة أرباعها، فهكذا يكون إذا كان المقران غير عدلين، ولو كان كل واحد من المقر بهما مقرا بصاحبه، فإنا ننظر إلى ما يصير لكل واحد منهما على إقرار الجميع، فمن كان بيده فضل رده على صاحبه، وليس في هذه المسألة ما يترادان.
فيمن أقر بوارث معه ثم أقر بآخر
بعد أن دفع إلى الأول مورثه أو قبل
من كتاب ابن ميسر، وإذا أقر الوارث بوارث ثم بآخر، فإن كان دفع إلى الأول ما أقر له به ضمن للثاني ما يصيبه على إقراره به، وإن لم يكن دفع إليه شيئا(2) لم يضمن، ويدفع إليه فضل ما في يديه بعد الأول، إلا أن يكون دفع إلى الأول بقضاء قاض، وهو لا يعلم موضع الثاني، فيكون كأنه لم يدفع إليه، وأما إن علم به فأخفاه(3)، فهو متعد على الثاني، ثم رجع أحمد، فقال، يضمن للثاني بدفعه للأول، علم بالثاني أو لم يعلم، والقول الأول قول أشهب، ومن هلك عن ابن واحد فأقر الابن بابن آخر، فدفع إليه أو لم يدفع، ثم أقر بثان فإنه يدفع إلى الأول/ نصف ما في يديه، ويدفع إلى الثاني ثلث ما في يديه، فإن كان دفع إلى الأول بحكم بعد إقراره بالثاني، فلا شيء عليه إلا ثلث ما في يديه،
***
__________
(1) - في الأصل (قبل تصدق أخيه) والصواب ما أثبتناه من النسخ الأخرى.
(2) - في الأصل (وإن لم يكن دفع إليه شيء) والصواب ما أثبتناه.
(3) - كذا في ب وهو الصواب والعبارة في النسخ الأخرى (وأما إن علم به فأكناه).(1/227)
[13/231]
وأما إن دفع إليه بغير حكم ثم أقر بالثاني أو أقر أنه كان عالما به فسكت عن ذكره حتى حكم للأول، فإنه ضامن للثاني ما أتلف، وكذلك قال أشهب في الإقرار بعد الإقرار بالوصية، ولو لم يدفع إلى الأول والثاني حتى أقر بثالث، فإن لم يدفع فلا ضمان عليه، وقد ثبت الإقرار للأول، فإن فضل بيده شيء عما أقر به للأول دفعه للثاني، فإن بقي بيده بعد ذلك فضل دفعه إلى الثالث، وإن لم يبق فضل عن حقه عما أخذه الأول، لم يكن عليه شيء، وإن كان قد إلى الأول ما أقر له به، ثم أقر للثاني والثالث، فهو ضامن لما يصيب الثاني، [فإن كان فيه فضل عن حق الثاني](1)، دفع الفضل إلى الثالث، وإلا لم يلزمه للثالث شيء [لأن ما يضمنه للثاني](2) لا يأخذه إلا بحكم، فيكون كما لو أخذ الأول بحكم لم يضمن الدافع، ولو دفع إلى الأول بحكم وإلى الثاني بغير حكم، ثم أقر بالثالث، فما دفعه إلى الأول، فقد برأ من ضمانه، وما دفعه إلى الثاني مما يقر أنه للثالث ضمنه له.
في أحد الولدين يقر بأخ بعد أن قاسم
أخاه والتركة عين أو عرض
/ومن كتاب ابن ميسر، ومن هلك وترك ولدين فأقر أحدهما بولد للميت، والتركة عين، فقد بينا ذلك، فإن كانت التركة عبدا أو أمة، فاقتسما فأخذ المقر العبد وأخذ الآخر الأمة، ثم أقر بأخ، فلما أقر هذا بأخ فقد أقر له بثلث العبد، وثلث الأمة، وقد كان للمقر نصف كل واحد منهما في الإنكار، فأقر له في كل نصف وجب له بثلث ذلك النصف وهو سدس العبد، فلما باع نصفه في الأمة بنصف أخيه في العبد، ضمن لأخيه سدس قيمة الأمة، وأما ثلث العبد فواجب له، لأن سدسه كان بيده، وسدس آخر عاوض فيه أخاه، فابتاع ما لا يحل له، كمن اشترى شيئا ثم أقر أنه لآخر، فليسلمه إليه، فقد وجب له ثلث العبد بكل
***
__________
(1) - العبارة في الأصل جاءت على الشكل التالي (فإن كان فضل عن الثاني) وقد أثبتنا ما في النسخ الأخرى.
(2) - جاءت هذه العبارة في غير الأصل على الشكل التالي (لأن ما يضمنه للثالث).(1/228)
[13/232]
حال، وهو مخير في سدس الأمة أن يأخذ منه نصف قيمته، أو يأخذ فيه سدس العبد الذي باعه، فيصير له نصف العبد، وللمقر نصفه هذا الذي ذكره أحمد بن ميسر.
وقال أيوب البصري(1)، إن قول أهل المدينة أنه يعطيه ثلث العبد الذي صار له، ويضمن له قيمة سدس الأمة، لأنه باع ذلك بسدس من العبد وهو مقر أنه لأخيه، وهذا الذي قال أيوب هو الصواب، وليس فيه يخير الذي أقر له به من العبد اشتراء نصفه بسدس الأمة، بالذي كان بيد أخيه من العبد الذي كان بيده.
قال أيوب ولو أقر/ بأخ وأخت له لأعطاهما ثلاثة أسباع العبد، [ويضمن لهما ثلاثة أسباع نصف الأمة، وقال ابن ميسر، على أصله له ثلاثة أسباع العبد،] وهو مخير في تضمينه قيمة ثلاثة أسباع العبد، [ويضمن لهما ثلاثة أسباع نصف الأمة، وقال ابن ميسر، على أصله له ثلاثة أسباع العبد،] (2) وهو مخير في تضمينه قيمة ثلاثة أسباع نصف الأمة، أو يأخذ من العبد سبعا ونصفا مع ثلاثة أسباعه، فيصير له منه أربعة أسباع ونصف(3).
فيمن ترك ولدين، فأقر أحدهما بأخ، ثم مات
المقر، أو المقر به، أو كانوا ثلاثة
من العتبية(4)، قال سحنون، فيمن أقر بالرجل مات أخي وترك ألف دينار وهو أخوك، قال يقاسمه الألف، ولو ترك ولدين فأقر أحدهما بأخ له، قال يعطيه ما وقع في سهمه- يريد يعطيه ثلث ما في يده-، قيل مات المقر له؟ قال يرثانه المقر له والمنكر له.
قال يحيى بن عمر، يأخذ المقر له من تركته بدءا مثل ما كان أعطاه، ثم يكون ما بقي بينهما، لأن المنكر جحده إياه. قال سحنون، ولو مات المقر لم يرثه
***
__________
(1) - في ص وت (قال أبو أيوب البصري) والصواب ما أثبتناه من الأصل وب.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت مثبت من الأصل وب.
(3) - في الأصل (أو ياخذ من العبد سبع ونصف) والصواب ما أثبتناه.
(4) - البيان والتحصيل، 14: 274.(1/229)
[13/233]
إلا أخوه المعروف النسب، إلا أن يموت ولا يموت ولا وارث له غير هذا (المقر له) (1) فإنه يرثه. قال أحمد ابن ميسر، في الذي هلك عن ولدين، فأقر أحدهما بأخ فأعطاه ثلث ما في يده، ثم مات المقر، فلا يرثه المقر به لأن نسبه لم يثبت، ولو مات المقر به ولا وارث له غير ورثة أبيه، فيأخذ المقر(2) من تركته ما دفع إليه، ولا حجة/ عليه في هذا، وأما إن كان يرثه أحد من غير ورثة الأب، فلا يأخذ المقر من تركته شيئا لا ما أعطاه ولا غيره.
في الورثة يقرون بوارث فيقول المقر به
عندي نصيبي
من كتاب ابن ميسر، وكتاب أيوب البصري واللفظ له، إذا قسم الورثة التركة، ثم طرأ وارث فأقروا به، فقال عندي مورثي، (فإنه يضع ما عنده إلى ما قسموا) (3)، فإن كان نصيب كل واحد منهم في كل حال واحدا، فلا تراجع بينهم، وإن كان يصير لبعضهم أكثر فليتراجعوا، فلو مات رجل وترك أبويه وابنتيه، فأخذ أبواه الثلث، وابنتاه الثلثين، ثم أقر جميعهم ببنت، فقالت عندي نصيبي، قال فريضته في الإنكار من ستة، وفي الإقرار من ثمانية عشر على تصحيحها، وللأبوين الثلث: ستة، وللبنات الثلاث الثلثان أربعة لكل بنت، فأسقط سهام الطارئة أربعة فتبقى أربعة عشر، فالأربعة التي أسقطتها هي مثل سبعي الأربعة عشر فأردت أن أزيد على فريضة الإنكار [وهي ستة مثل] (4) سُبُعها، كما أسقطت من هذه ولا سبع لها، فاضرب ستة في سبعة تبلغ اثنين وأربعين، ثم احمل عليها سبعيها اثني عشر تبلغ أربعة وخمسين، فللأبوين سدسها ثمانية عشر، وللبنات الثلثان ستة وثلاثون لكل واحدة اثنا عشر(5) وأسقط/ سهم الطارئة تبقى اثنان وأربعون، فقد
***
__________
(1) - في ص وت (ولا وارث له غير هذا المقر) والصواب ما أثبتناه.
(2) - في الأصل (فليأخذ المقر له).
(3) - كذا في الأصل والعبارة في النسخ الأخرى (فإنك تضم ما عنده إلى ما قسموا).
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت مثبت من البيان والتحصيل ومن هامش الأصل.
(5) - في النسخ كلها (لكل واحدة اثني عشر) والصواب ما أثبتناه.(1/230)
[13/234]
علمت أن الأبوين إنما أخذا ثلث اثنين وأربعين، وذلك أربعة عشر، وإنما لها ثمانية عشر ثلث أربعة وخمسين، فبقي لهما بيد الابنتين أربعة من اثنين وأربعين، سهمان بيد كل واحدة منهما، وذلك إن ترك الميت خمسة آلاف وأربعمائة درهم، رجع الأبوان على الابنتين بأربعمائة بينهما، ويصير الذي في يد الطارئة ألفا ومائتين(1). قال أيوب البصري الفرضي، [ولو كانت الطارئة ملية والابنتان معدمتان(2) والتركة](3) ما ذكرنا، فقد علمت أن تصحيح الفريضة من ثمانية عشر، للأبوين ستة، ولكل بنت أربعة، فضمت الأربعة التي للطارئة مع الستة للأبوين، فذلك عشرة، فيقسم ما بأيديهم على عشرة، فنظرت إلى ما بيد الطارئة فإذا هو ألف ومائتان(4) وقد أخذ الأبوان ألفا وأربعمائة، فاجمع ذلك فيصير ألفين وستمائة، فاقسم ذلك على عشرة، للبنت خمسة، وللأبوين ثلاثة أخماسه، والخمسان ألف وأربعون، والثلاثة أخماسها ألف وخمسمائة وستون، فالذي يأخذ الأبوان من الطارئة الملية مائة وستون، ثم إن طرأ للإبنتين المعدمتين شيء اقتسموه أيضا على عشرة، ثلاثة أخماسها للأبوين، وخمساه للبنت الطارئة، هكذا حتى يستوفوا جميع أنصبائهم، ولو كان إنما قالت الطارئة معي نصف نصيبي/ عملت على معنى ما تقدم، فلها من الثمانية عشر سهما أصل الفريضة أربعة، فاترك(5) منها سهمين، الباقي ستة عشر، فالسهمان منها ثمانية، فزد على فريضة الإنكار مثل ثمنها، ثم اعمل على ما وصفنا، فمن كان له فضل أخذه ممن كان أخذ أكثر من نصيبه على ما تقدم. قال ابن ميسر، وفيه أخصر من هذا، أن الفريضة من ثمانية عشر فأزل منها نصيب الطارئة أربعة، الباقي في أربعة عشر، يقسم عليها ما بأيدي المقرين عليهم على سبعة للأبوين ثلاثة أسباع، وأربعة أسباع بين الابنتين المعروفتين، فإن
***
__________
(1) - في النسخ كلها (ويصير الذي في يد الطارئة ألف ومائتان) والصواب ما أثبتناه.
(2) - في النسخ كلها (والإبنتين معه متين) والصواب ما أثبتناه.
(3) - ما بين معقوفتين كتب في ب محرفا على الشكل التالي (ولو كانت الطارئة ثلاثة والإثنتان مقدمتان في التركة) وهو تعبير مضطرب صوابه ما أثبتناه.
(4) - في النسخ كلها (فإذا هو ألف ومائتين) والصواب ما أثبتناه.
(5) - كذا في ص وت وعوض هذا الفعل في الأصل وب بقوله (فأزل) والمعنى واحد.(1/231)
[13/235]
كانت التركة ثمانية عشرة دينارا، وجب لكل بنت خمسة وسبع وبيدها ستة، فترد كل واحدة منهما على الأبوين ستة أسباع سهم، فعلى هذا تقسم التركة، قلت أو كثرت، وإن كانت البنتان عديمتين، والطارئة ملية، وهم متقارون بالطارئة، فقد قيل يرجع عليها الأبوان- يريد على ما ذكرنا من كتاب أيوب- قال أحمد، وقيل لا يرجع عليها لأنها أخذت حقها، وبهذا نقول، لأنا نقول في الوارث يطرأ على وارثين، وأحدهما عديم، أنه إنما يأخذ من المليء ما فضل من حقه، والقول الأول لأشهب، وقاله ابن القاسم في غريم يطرأ على غرماء وأحدهما عديم، وأما إن طرأ غريم على ورثة، فهذا يأخذ جميع ما بيد المليء إلى مبلغ حقه، وهذا في كتاب التفليس مشروح،
وفي كتاب التفليس من هذا المعنى/ مسألة لابن المواز، إذا ترك ابنا وزوجة فاقتسما ثم طرأت زوجة أخرى فقالت عندي حقي،
ومن كتاب ابن ميسر قال، ولو أن أحد الإبنتين منكرة للطارئة لم يرجع عليهما الأبوان بشيء، ويرجعان على المقرة بسهمين، فيصير لهما ستة عشر سهما.
قيل فهل ترجع المنكرة على الطارئة بشيء؟ قال إن أقرت أنها قبضت من التركة شيئا أخذته منها فقسمته على المواريث، وما فضل رد إليها، لأنها مدعية النسب ولم يشهد لها من تجوز شهادته، ويأخذ أيضا فضل ما بيد من أقر لها، كما لو ترك ولدين وترك مائتي دينار، فأقر أحدهما بأخ لأنه طارىء، فقال الطارئ حقي في يدي فعلمنا أن ذلك مائة دينار، فأخذناها منه فأضفناها إلى المائتين، فقسمنا الجميع بين الطارئة النسب، فأصاب المقر خمسين ومائة، يرد منها خمسين على الذي أقر به.
وفي كتاب التفليس من هذا المعنى مسألة
تم كتاب الإستلحاق
***(1/232)
[13/237]
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه
كتاب الولاء
ذكر الولاء فيما أعتق الرجل عن نفسه، أو عن غيره،
أو دبر عن غيره، أو أعتق مدبره أو مكاتبه عن نفسه،
أو عن غيره، وفي عتق السائبة ومن الزكاة
قال أبو محمد، ومن كتاب ابن سحنون، ومعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:/ «إنما الولاء لمن أعتق»(1) يعني من أعتق عن نفسه، كما قلنا في قوله:«كل ذي مال أحق بماله» معناه ما لم يحدث فيه، تحبيسا على غيره، وأجمعوا أن الوصي يعتق عن الميت ما وصى به، وأن الولاء للميت، وكما تعتق أم ولده بعد موته، وليس بمعتق يومئذ وولاؤها له. قال سحنون، وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بشراء بريرة(2) وبشرط الولاء للبائع ليبين رد ذلك إذ لا يحل الحكم من القلوب محل القول، وكما قال: «إني لأنسى أو أنسى لأسن»(3) يريد أن الفعل يحل من قلوبهم محل التعليم(4)، وأنكر قول من قال اشترطي لهم بمعنى عليهم، وقال ما علمت من قاله.
***
__________
(1) - أخرجه البخاري في كتاب التجارة والترمذي في الأحكام.
(2) - بريرة مولاة عائشة كانت مولاة لبعض بني هلال فكاتبوها ثم باعوها من عائشة وجاء الحديث في شأنها بأن الولاء لمن أعتق (من الإستيعاب لابن عبد البر).
(3) - رواه مالك في الموطأ في كتاب السهو وعلق محمد فؤاد عبد الباقي عليه بقوله: قال ابن عبد البر لا أعلم هذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مسندا ولا مقطوعا من غير هذا الوجه وهو أحد الأحاديث الأربعة التي في الموطأ التي لا توجد في غير مسنده ولا مرسلة، ومعناها صحيح في الأصول.
(4) - في الأصل وب (يحل محل قلوبهم غير محل التعليم) بزيادة غير وأثبتنا ما في ص وت.(1/233)
[13/238]
قال والسائبة التي نزل النهي عنها(1) هي من الأنعام لا عتق العبد سائبة، لأنهم أجمعوا أن من أعتق سائبة أن عتقه ماض، ولو كان في النهي لرد كما يرد ما في سيب من الأنعام، وقد سيب جماعة من الصحابة سوائب، فكان ميراثهم للمسلمين،
قال مالك في كتاب ابن المواز، إذا اشترى العبد نفسه من سيده، قال في كتاب ابن حبيب أو دبر من اشتراه، فولاؤه لسيده،
قال فيه وفي كتاب ابن المواز، [فإن شرط على أن يوالي من شاء، لم يكن له ذلك، والسنة أن الولاء لمن أعتق. قال في كتاب ابن المواز]، ومن اعتق عبده بشرط أن ولاءه لفلان، فذلك باطل والولاء لمعتقه، حتى يقول أنت حر عن فلان فيكون الولاء لفلان،
وإن قال انت حر عن فلان وولاؤك لي، فولاؤه لفلان دونه.
قال مالك:/ وأحب إلي للذي يريد أن يعتق عبدا عن أبيه أن يهبه لأبيه ثم يعتقه الأب نفسه(2). قال ابن سحنون عن أبيه، وقولنا أن من أعتق عبده عن رجل فولاؤه للرجل، وإن كره، قال: وإذا أجاز الوارث عتق الميت في مرضه أو بعد وفاته فيما جاوز الثلث، أن الولاء للميت.
ومن كتاب ابن المواز والعتبية(3)، من رواية عيسى، ومن أعتق مدبره عن فلان فالولاء لسيده.
***
__________
(1) - يشير إلى قوله تعالى {مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ} (الآية 103 من سورة المائدة). وجاء في مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر الرازي ما يأتي: السائبة الناقة التي كانت تسيب في الجاهلية النذر أو نحوه وقيل هي أم البحيرة، كانت الناقة إذا ولدت عشرة أبطن كلها إناث سيبت فلم تركب ولم يشرب لبنها إلا ولدها أو الضيف حتى تموت. فإذا ماتت أكلها الرجال والنساء جميعا، وبحرت إذن بنتها الأخيرة فتسمى البحيرة وهي بمنزلة أمها في أنها سائبة، والسائبة أيضا العبد كان الرجل إذا قال لعبده أنت سائبة عتق ولا يكون ولاؤه له بل يضع ماله حيث شاء، وقد ورد النهي عنه.
(2) - كذا في الأصل والعبارة في ب (ثم يعتقه الأب عن نفسه) وفي ص وب (ثم يعتقه الأب بنفسه) والمعنى واحد.
(3) - البيان والتحصيل، 14: 586.(1/234)
[13/239]
قال عن عيسى، ولا أحب ابتداء ذلك، قيل فالمكاتب مثله؟ قال أشبهه به، وكذلك لو باعه ممن يعتقه فالولاء للسيد، قال عنه أصبغ وهو في الكتابين،
وإن باع المدبر من غير شرط فأعتقه مبتاعه، فولاؤها لمبتاعه. قال في كتاب ابن المواز، ولو باع أم ولده ممن يعتقها أو أعتقها عن فلان فولاؤها لسيدها.
قال أصبغ في غيركتاب محمد، الولاء للبائع والعتق ماض ويبقى له الثمن، كما لو أعطى مالاً على عتقها.
وروي عن سحنون أن العتق باطل، وترد إلى ربها أم ولد، وروى ابن الماجشون، أنها حرة والولاء للبائع ويرد الثمن.
وفي كتاب ابن المواز قال مالك، وقد ترك الناس عتق السوائب، فإن فعله أحد فالولاء للمسلمين.
قال ابن القاسم، روى عمر بن عبد العزيز أن ولاءه لمعتقه. قال سحنون في كتاب ابنه، وقاله ابن نافع.
قال ابن حبيب قاله ابن نافع وابن الماجشون، قلا ولا يجوز أن يعتق سائبة، قال/ وإن جهل فولاؤه للمسلمين، قال سحنون، وليس هذا قول أصحابنا.
قال ابن حبيب: وقد قال ما قال مالك، عمر، وابن عمر، وابن عباس، وغيرهم، وكثير من صاحب وتابع.
قال ابن القاسم في كتاب ابن المواز، والأمر عندنا على أن ولاءه للمسلمين، وقال مالك في الموطأ أنه الأمر المجتمع عليه عندنا. قال سحنون، وقال ابن شهاب، يوالي من شاء، فإن مات ولم يوال أحداً(1) فولاؤه للمسلمين.
***
__________
(1) - في الأصل (ولم يوالي أحد) والصواب ما أثبتناه.(1/235)
[13/240]
قال في العتبية(1)، ابن القاسم من رواية أصبغ، وأكره عتق السائبة لأنه كهبة الولاء(2).
قال أصبغ وسحنون، لا تعجبنا كراهيته ذلك، وهو جائز (كما يعتق عن غيره من ولد، وغيره) (3)، ولا كراهية فيه، قال ابن القاسم في العتبية(4)، من رواية أصبغ، وهو في كتاب ابن المواز، وإذا قال أنت سائبة- يريد العتق- فهو حر وإن لم يسم الحرية،
وقال في العتبية(5)، أو يقول اذهب فأنت حر سائبة، وقال أصبغ، لا يعجبني قوله حتى يريد العتق، ولفظ التسييب لفظ الحرية وإن لم يردها، إلا أن يكون لقوله سبب غير الحرية. قال مالك في العتبية(6) من سماع ابن القاسم، وإذا وجد الذين يقسمون الخمس،
وقال في كتاب ابن المواز، وإذا وجد الذين يقسمون الزكاة، قال في الكتابين الرقبة الرخيصة بالثمن اليسير، يعتقها أهلها على أن ولاءها للبائعين، فأحب إلي أن يغلوا في ثمنها ويكون ولاؤها للمسلمين
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 489 وهناك من الروايات ما يخالف هذا الحكم وقد علق القاضي أبو الوليد ابن رشد على ذلك فذكر أن في عتق السائبة أقوالا ثلاثة: الجواز وهو قول مالك برواية سحنون من سماع أشهب وابن نافع عن مالك، والكراهة وهو قول ابن القاسم، والمنع وهو قول ابن الماجشون في الواضحة.
(2) - كتبت في بعض النسخ محرفة على شكل (كهيئة الولاء) والصواب ما أثبتناه ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هبة الولاء وقد روى الإمام مالك حديث النهي في موطئه في باب مصير الولاء لمن أعتق من كتاب العتق والولاء.
(3) - كذا في الأصل وكتبت في النسخ الأخرى محرفة على الشكل التالي (كما يعتق عن غيره لأم ولده أو غيره).
(4) - البيان والتحصيل، 14: 489.
(5) - البيان والتحصيل، 14: 489.
(6) - البيان والتحصيل، 14: 412. قال ابن رشيد: اشتراط البائعين لها أن يكون الولاء لهم شرط باطل لا يحل ولا يجوز ولا ينفذ إن وقع، لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وإبطاله له بقوله في حديث بريرة: ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله. من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط. قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق، أخرجه البخاري في كتاب التجارة والترمذي في الأحكام.(1/236)
،[13/241]
قال مالك في/ كتاب محمد، ومن أعتق عن زكاته فالولاء للمسلمين. [قال مالك في كتاب ابن حبيب، وإذا أعتق رجل من زكاته عن نفسه، أن ولاءه للمسلمين](1)، كمن أعتق عن غيره واشترط الولاء لنفسه.
ومن كتاب ابن المواز، [قال مالك] (2)، وولاء ما أعتق من الكفارة له. قال ابن سحنون عن أبيه، في المرأة تقول لمولى زوجها اعتق عبدك عني على كذا، أني أختار قول أشهب أن النكاح لا يفسد.
قال في كتاب ابن المواز، وإذا ابتاع المقارض بالمال عبدا فكاتبه، فلرب المال رد عتقه، فإن أجاز فولاؤه له، وإن كان فيه فضل فللعامل من الولاء بقدر ذلك، ولو لم يجز رب المال لم يعتق من العبد شيء على العامل، وإن كان فيه فضل كعبد بين رجلين كاتبه أحدهما بغير إذن صاحبه.
في جر الولاء في ولد العبد من نكاح حرة
قال ابن سحنون عن أبيه، وقامت السنة عن الصحابة والتابعين وتابعيهم، أن ولد المرأة الحرة المعتقة، ولاؤه موالي أمه ما كان أبوه عبدا، فإذا عتق جره إلى مواليه وورثه وعملوا عنه، وإن كانت عربية فولاؤه للمسلمين حتى يعتق أبوه. محمد، قال ابن القاسم، ومن قال وهو مريض، عبدي هذا مدبر عن أبي، لزمه ولا يرجع فيه إن كان منه على البتل لا على الوصية، وهو يخدم الأب، فإذا مات خدم الورثة حياة الابن، والولاء للابن، فإن كانت/ أمة لم يطأها الأب ولا الابن.
وروى عنه أبو زيد، فيمن قال أنت مدبر على أبي، أنه مدبر عن نفسه، ولا يعتق إلا بموته من الثلث، فأما بموت الأب فلا، إلا أن يقول أنت مدبر عن أبي، أو أنت حر عن دبر من أبي، فينفذ ذلك عن أبيه، قال مالك، وذلك عندنا سواء
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(2) - جملة (قال مالك) ساقطة من الأصل.(1/237)
[13/242]
قال على أبي أو عن أبي، وهو معتق إلى أجل إلى حياة أبيه، والولاء لأبيه، وإن كان أبوه ميتا فهو حر مكانه، والولاء لابنه.
قال مالك في كتاب محمد، في ولد الحرة من زوجها [العبد] (1) أنه حر ترثه أمه وإخواته لأمه، وما بقي لبيت المال إن كانت عربية، أو كانت قد أسلمت، وإن كانت مولاة إرثه(2) إلى مواليها ورثوا عنه فاضل(3) المال، فإن عتق رجع ولاؤهم إلى معتقه، ولو كان ذلك قبل عتق العبد بساعة.
قال مالك في العتبية(4) من رواية ابن وهب، وقع في سماعه أشهب، وكذلك لو كان العبد مريضا مرضا شديدا فأعتقه غدوة، ومات العبد عشية، وإن أعتقه عند موته إذا نال العتق وهو حي.
قال في كتاب ابن المواز، وإن بقي في الرق حتى أعتق سيد أبيه أباه، لجر ولاؤه ولد ولده إلى معتق الجد ما كان الأب عبداً، مات أو عاش، يرثهم ويعقل عنهم هو وقومه، ما لم يعتق الأب، وروى مثله يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، وزاد، وكذلك يجر الجد إذا عتق ولاء من ولد لابنه العبد قبل عتقه.
قال فيه من رواية عيسى/ وفي كتاب ابن المواز، ولا يجر الجد ولا من ولد بعد موته إلا أن يموت الجد وهي حامل، فيجر، ولا حملها إذا حملت به قبل وفاة الجد.
قال ابن سحنون، قال ابن الماجشون، وإذا كان الأب والجد عبدين، وأبو الجد حرا جر ولاء الولد إلى مواليه، ما لم يعتق الجد فيصير ولاؤه لمواليه، (ما لم يعتق الأب فيرجع ولاؤه إلى موالي الأب، ولا يجر أحد الولاء من الأقارب [إلا الولد وأبناؤه من الذكور.
***
__________
(1) - كلمة (العبد) ساقطة من ت وص مثبتة من الأصل وب.
(2) - حرفت كلمة (إرثه) المثبتة من ب إلى (ابنها) وفي الأصل (إلى أيهما).
(3) - حرفت في الأصل إلى قوله (ما فضل).
(4) - البيان والتحصيل، 14: 493.(1/238)
[13/243]
قال في كتاب ابن المواز، وهذا ما كان الأب](1) عبداً، فإذا عتق رجع ولاؤه إلى مواليه](2)، ولا ينقل أحد الولاء من القرابات غير الأب، قال، وإنما الذي لا يجر ولاءه أب ولا جد، ولد مسه رق، مثل أن تكون به حاملا وهي أمه، فتعتق قبل أن تضع، ولا يجر ولاءه أب ولا جد.
ومن كتاب أيوب بن سليمان الفارضي(3)، وإذا كان رجل حر(4) لم يعتق وله أبوان، الأب مملوك، والأم حرة معتقة، وللأم أبوان حران معتقان، وللأب أبوان [حران] (5) معتقان، فولاؤه لموالي جده أبي أبيه، ولو أن أبويه حران لم يعتقا، ولأبيه أبوان أبواه مملوك وأمه معتقة، ولأمه أبوان أبوها مملوك وأمها حرة معتقة، فإن ولاءه لموالي أم أبيه،
ولو أن رجلا حرا لم يعتق، وأبوه حر، لم يعتق، وأم الولد حرة معتقة، وأم الأب حرة معتقة [وأبو الأب مملوك] (6)، فولاء الولد لموالي أم الأب.
ولو أن لهذا الحر الذي لم يعتق أبوين أبوه حر لم يعتق وأمه حرة معتقة، وللجد أبي الأب أبوان أبوه مملوك وأمه حرة معتقة، فولاء الولد لموالي أم الجد، دون موالي أم الأب، ودون موالي أم الولد.
ولو أن له أبوين الأب مملوك/ والأم حرة [لم تعتق، وللأم أبوان حران لم يعتقا، ولأبي الأم أبوان، أبوه مملوك وأمه حرة](7) معتقة، ولأم الأم أبوان حران معتقان فالولاء لموالي أم أبي الأم، لأنهم موالي الأم.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) - كذا في الأصل ووصف في النسخ الأخرى بالفرضي.
(4) - كذا في ب بالرفع على إن كان تامه وهوالصواب وقد استعملت في النسخ الأخرى على أنها ناقصة فجاءت العبارة على الشكل التالي (وإن كان رجلا حراً).
(5) - كلمة (حران) مثبتة في الأصل ساقطة من النسخ الأخرى.
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من النسخ الأخرى.
(7) - ما بين معقوفتين ساقط من ت وص مثبت من الأصل وب.(1/239)
[13/244]
وكذلك لو كانت المسألة على حالها إلا أن أبا الأم عربي، فليس لواحد من هؤلاء من الولاء شيء.
ومن كتاب ابن المواز، ومن العتبية(1)، من سماع أشهب، قال مالك، ولو أن ابن العبد من الحرة اشترى أباه، فيعتق عليه، كان ولاء أبيه له لجره إلى موالي أمه.
قيل لمالك في العتبية، إن ناسا شكوا في ذلك، وقالوا نراه كالسائبة، فأنكر ذلك.
قال سحنون في كتاب ابنه، وهذا قول جميع أصحابنا، إلا ابن دينار فإنه قال هو كالسائبة، وولاؤه للمسلمين.
ومن كتاب ابن المواز، ومن أعتق أمته الحامل من عبد لرجل، ثم ولدته وولدت آخر بعده فمعتقها، يرث الولدين مع أمها ما لم يعتق الأب، فإن عتق الأب جر ولاء الولد الذي ولدته بعد العتق، وبقي ولاء الآخر لمعتق الأم.
ومن تزوج مدبرة فمات السيد وقد ولدت قبل موته، أو هي به حامل يوم موته، فولاؤهم للميت إذا عتقوا في الثلث، وإن كان زوجها عبدا ثم عتق لم يجر ولاؤهم إلى معتقه إلا أن تحمل به بعد موت سيدها، وقاله أصبغ.
قال ابن سحنون عن ابن الماجشون، في السيد يعتق ما في بطن أمته الحامل من زوج عبد لغيره، ثم عتق، ثم وضعت بعد عتقه، فولاء الولد لسيده المعتق، ولو أعتق أمه بعد عتقه للجنين، ثم عتق الأب قبل أن تضع، فولاء الولد/ لسيد الأمة، لا يجره معتق الأب، وذلك إن ولدته لأقل من ستة أشهر من يوم عتق
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 243 وجاء ذلك على طريق العموم وفي صفحة 448 ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه» وعلق ابن رشد على ذلك بقوله: أي فيعتقه بشرائه إياه لا أنه يكون له مملوكا حتى يستانف له العتق والحديث المذكور رواه الجماعة إلا البخاري عن أبي هريرة وفي البيان والتحصيل، 15: 24 إن الأب يصبح حرا بمجرد الشراء وإن لم يقبضه المشتري.(1/240)
[13/245]
الأم، وإن كانت لستة أشهر فأكثر- يريد فليست بظاهرة الحمل- والزوج مرسل عليها، فإن الأب يجر ولاؤه إلى معتقه.
ومن كتاب ابن المواز قال، وإن ادعى معتق الأب أنها حملت بالأول بعد أن عتقت، وقال معتقها: بل كانت حاملا يوم العتق، فمعتق الأب مصدق وولاؤها له، إلا أن تكون بينه الحمل يوم عتقت، أو تضعه لأقل من ستة أشهر من يوم عتقت، ولا ينظر إلى قول الأب والأم، وقال أشهب، لأن الظاهر أنها ولدت وهي حرة، والشك في أن تكون حاملا يوم العتق، محمد، ولأن أحقها بالولاء الأب لأنه يجره، فلا يزول عنه بشك(1).
قال مالك، ولا يكف زوجها عن وطئها إذا عتقت لاختيار الحمل. قال ابن كنانة في العتبية(2) في رجل أعتق ابن أمته من رجل عربي أنه ينسب إلى أبيه وعشيرته، ولا يرثه الذي أعتقه، وقاله سحنون.
قال أبو بكر، وقاله مالك، يعني مسألة كتاب التدليس. وروى عيسى عن ابن القاسم، في الأمة بعضها حر، فيطؤها من له فيها الرق فحملت، أن ولاء الولد بينهما، وذكر ابن المواز عن ابن القاسم، وقال والصواب غير هذا، وولاؤه لأبيه، والنسب أملك به، وعلى الأب عتق، وبالحمل عتقت الأم، وكل ولد يلحق بأبيه ويخرج حرا فولاؤه لأبيه، ولو أعتق المتمسك ثم تزوجها رجل، فولاء ولده لمواليه دون مواليها.
وروى عنه عيسى/ في عربي تزوج أمة فأولدها ولداً، فتزوج الولد حرة، فإن ولدها منه حر ينتسب إلى جدة(3) ويعقل عنه قومه.
***
__________
(1) - في ص وت (فلا يزول عنه الشك) وفي ب (فلا يزول عنه إلا بشك) والصواب ما أثبتناه من الأصل.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 92.
(3) - في ت (وينسب إلى سيده).(1/241)
[13/246]
ذكر الولاء فيما أعتق المدبر وأم الولد،
والمكاتب، والعبد بين الرجلين، والمكاتب في مكاتب عبده
من كتاب ابن المواز، وذكره ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون، قالوا، كل من للرجل أن ينتزع ماله من أرقائه(1)، فولاء ما أعتق الأجل، أو يمرض السيد في المدبر أو أم الولد، فإن ولاء ما أعتقوا حينئذ بإذن سيدهم يرجع إليهم إذا أعتقوا، وهؤلاء كلهم إذا أعتقوا، وهؤلاء كلهم إذا أعتقوا بغير إذنه فلم يعلم حتى عتقوا، فلا يرجع إلى سيدهم، ولاء ذلك إلا أن يكون استثناء مال من يجوز استثناء مال من يجوز استثناؤه منهم حين أعتقه، فهذا يكون ما أعتق بغير إذنه رقا لسيده، باستثناء ماله، وقاله كله أصبغ عن ابن القاسم، وكله أيضاً في العتبية(2) عن ابن القاسم.
قال في كتاب ابن المواز، وإذا علم السيد بعتق العبد فلم يجز ولم يرد حتى عتق العبد، فولاؤه للعبد.
وقال أصبغ، وما أعتق المدبر وأم الولد في مرض السيد بإذنه، فالولاء لهما وإن صح السيد، لأنه وقت ليس له نزع مالهما، وأما ولاء من أعتق المكاتب قبل أن يعجز، إذا عجز فالولاء لسيده ثم لا يرجع إليه إن عتق.
قال عبد الله بن عبد الحكم/ اختلف في ولاء ما أعتق المدبر وأم الولد في مرض السيد، وأحب إلي أن يكون للسيد، وإن مات من مرضه لا يرجع إليهما وإن عتقا، لأنه كان له أخذ مالهما بسبب صحته إن صح، وكذلك المعتق بعضه، وقال أشهب في المعتق بعضه، يعتق بإذن السيد، وقال ابن القاسم الولاء للعبد إن عتق،
***
__________
(1) - كذا في ص وكتبت في النسخ الأخرى (إلى أقاربه).
(2) - البيان والتحصيل، 14: 420.(1/242)
[13/247]
قال محمد، ولم يعجبنا قول أصبغ ولا قول أشهب، ولا غيره في ذلك كله، وهو خلاف قول مالك وابن القاسم، أن من لا ينتزع ماله فولاء ما أعتق بإذن السيد راجع إليه إن عتق، وما روي غير هذا فغلط عليه وهو لأشهب، والمدبر وأم الولد لا ينتزع مالهما في مرضه، فإن انتزعه ثم مات فذلك رد، وإن عاش بقي له,
وكذلك عتقهما بإذنه موقوف، فإن مات كان ممن ليس له انتزاع مالهما، فالولاء لهما وإن صح، علمنا أنه ممن له أن ينتزع مالهما فصار له الولاء ثم لا يرجع إليهما وإن عتقا.
وكذلك المكاتب الذي لم يختلف فيه، يعتق بإذنه ثم يعجز ثم يعتق بكتابة أخرى أو غيرها، ولا يرجع إليه الولاء.
قال ابن القاسم في كتاب ابن المواز والعتبية (1) من رواية عيسى، في عبد بين رجلين أعتق عبدا له بإذن أحدهما، ولم يعلم الآخر حتى أعتقاه، أن ولاء ذلك العبد له دون سيديه ما بقي أحد من عصبته الأحرار، لأنه لم يكن لأحدهما أخذ شيء من ماله دون صاحبه.
قال ابن القاسم في العتبية(2)، وإن أعتق المعتق نصفه عبدا بإذن من له فيه الرق، فولاء ما أعتق/ بينه وبين معتق النصف، نصفين، فإذا أعتق العبد الذي نصفه حر يوما رجع إليه ولاء ما كان أعتق، وإن أعتق بغير إذنه كان له رد عتقه.
وقال في سماع يحيى بن يحيى، أن ولاء ما أعتق هذا العبد الذي نصفه حر بإذن للذي له فيه الرق للذي تمسك بالرق خالصا، وهو أحق بميراث مواليه من الشريك المعتق.
وروى عنه عيسى في عبد قال لعبده يوم أعتق فأنت حر بعتق، والعبد في ملكه، أو قال اخدمني عشر سنين وأنت حر، فعتق، أن هذا العتق يلزمه وولاؤهما
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 508.
(2) - البيان والتحصيل، 14: 515.(1/243)
[13/248]
له إذا صنع ذلك بغير إذن السيد، بمنزلة ما لو أعتق فلم يعلم السيد بعتقه حتى عتق، فأما لو فعل ذلك بإذن السيد فولاؤهما لسيده، وإن لم يعتقا إلا بعد عتق العبد الذي جعل لهما ذلك، وقال ابن نافع، الولاء في جميع هذا كله للسيد،
قال ابن القاسم، ولو كانت جارية يفعل ذلك فيها بإذن سيده، فأما التي أعتقها إلى أجل فلا يطؤها هو ولا سيده، وأما التي قال لها يوم أعتق فأنت حرة، فهو يطأ ويبيع [إن شاء] (1) وروى عيسى عن ابن القاسم، أن ما أعتق المدبر والموصى بعتقه بعد موت السيد وقبل التقويم في الثلث، ثم قوما فخرجا من الثلث، أن الولاء لهما.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم، ومن أخدم عبده سنينا ثم هو حر، فأعتق العبد عبدا بإذن سيده، فليس ذلك [له] (2) إلا باجتماعهما، فإن اجتمعا فولاؤه لسيده لا يرجع إلى العبد إن عتق،
قال وإذا لم يعجز المكاتب وقد أعتق/ عبدا بإذن سيده، ثم مات ذلك العبد فميراثه لسيد المكاتب دون أحرار ورثة المكاتب، ولو مات المعتق وقد بيع المكاتب لورثة بائع المكاتب، ولو لم يمت حتى ودى المكاتب لمشتريه، فولاء المعتق وميراثه للمكاتب الذي عتق، وولاء المكاتب لبائعه، ولو عجز رق لمبتاعه، وكان ولاء من أعتق لبائعه.
قال ابن القاسم، وإن كاتب المكاتب مكاتبا، فبيع الأعلى فيؤدي من الأسفل حتى عتق، ثم عجز الأعلى، فولاء الأسفل [لمشتري كتابة الأعلى إذا عجز الأعلى ثم ودى الأسفل،] (3) [قال محمد، والذي نقول به أن ولاءه للبائع كتابة الأعلى، والذي قال محمد قول ابن القاسم في المدونة.
***
__________
(1) - (إن شاء) ساقطة من الأصل ولفظة يبيع كتبت في ب (يتبع).
(2) - لفظة (له) ساقطة من الأصل وب مثبتة من ص وت.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.(1/244)
[13/249]
قال، ولو لم تبع كتابته ولكن تؤدى من الأسفل حتى عتق ثم مات الأعلى، أو أدى الأسفل] (1) بعد موته إلى ولده في الكتابة معه، فولاؤه لولد الأعلى الذي في كتابته دون أحرار ولده، ولو لم يترك في الكتابة ولدا لم يكن ولاؤه لأحرار ولده، وذلك لسيد سيده كماله.
وقال عبد الملك، ولا يكون ولاؤه لولد الأعلى الذين في كتابته وإن عتقوا، وذلك لسيد سيده، لأن سيده مات قبل يثبت له الولاء (2)، وأنكر هذا محمد في موضع آخر، وقال هذا خلاف مالك وأصحابه.
ولو لم يعلم السيد عتق المكاتب لعبده حتى مات المعتق عن مال، فإن أجاز السيد عتقه، ورثه سيد المكاتب، إلا أن يكون للمعتق ورثة أحرار فلا يرثه المكاتب ولا ولده ممن معه في الكتابة أو ليس في الكتابة، وإنما جازت/ إجازة سيد المكاتب لعتق ما أعتق بعد عتق المعتق، كعبد عتق ثم استحق بعد أن مات له من يرثه من الأحرار، فإن رد عتقه لم يرثه، وإن أجاز بيعه وعتقه ورث، وإن لم يمت المعتق حتى ودى الأعلى ولم يكن علم به سيده ولا أذن له، نفذ كل ما أعتق [في كتابته، ولو كان السيد رده ثم عتق المكاتب وذلك بيده فلا يعتق عليه، وكذلك صدقته، وكذلك ما رد من عتق] (3) أم الولد والمدبر والمعتق إلى أجل ثم عتقوا فلا يلزمهم فيه شيء وإن كان بأيديهم، وقاله ابن القاسم وأشهب.
واختلفا في رد الزوج عتق زوجته وصدقتها، ثم ملكت نفسها وذلك بيدها، فقال أشهب ورواه عن مالك، أن ذلك لا يلزمها كالمكاتب، وقال ابن القاسم ورواه عن مالك، أن أحب إلي أن ينفذ ذلك.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.
(2) - في ص وت (قبل أن يثبت له الولد).
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ب.(1/245)
[13/250]
في ميراث الولاء
من كتاب ابن المواز، قال مالك، وإذا كاتب ثلاثة عبدا فودى وعتق، ثم مات اثنان منهم عن أولاد، ثم مات المكاتب حرا، فثلث ميراثه للحي، ولولد كل واحد من الميتين الثلث، وكذلك لو مات مكاتبا،
ولو كان الذي كاتبه أبا الثلاثة كان ميراثه بعد عتقه للحي من الثلاثة دون ولد من مات،
ولو مات قبل أدائه ورثه ولد الميتين مع الحي أثلاثا، ولو ودى ومات ثم مات له مولى، كان الحي أحق بميراثه من ولد الميتين،
ولو مات الثالث وترك ولدا واحدا (وكان لأحد أخويه ولدان) (1) وللآخر خمسة، ثم مات المكاتب بعد أن عتق ورثته، بنوهم على عددهم/ على ثمانية أسهم، لأنهم عن جدهم ورثوه لا عن آبائهم (2).
ولو مات في كتابته ورث الخمسة الثلث، والاثنان الثلث، والواحد الثلث، وهذا ميراث بالرق ليس بالولاء، ولو كان إنما كاتبه الثلاثة، فالثلث لولد كل واحد، ورثوه بعد عتقه أو وهو مكاتب، كانوا إخوة أو أبعدين.
ولو مات أحدهم عن غير ولد، فنصيبه لأولى الناس به من عصبة من ولد شركائه أو غيرهم.
قال ابن المواز، ولا يورث أحد بالولاء حتى لا تكون عصبة، ولا ذو رحم- يعني ذا رحم من العصبة- (3).
قال ابن سحنون عن أبيه، ومولى النعمة أولى من ذوي الأرحام الذين ليسوا بعصبة، وإنما معنى ما جاء عن بعض الصحابة أنهم ورثوا ذوي الأرحام دون
***
__________
(1) - في الأصل (وكان لأحد أخويه ولدين) والصواب ما أثبتناه.
(2) - كذا في الأصل وكتبت في النسخ الأخرى (لا عن أبيهم).
(3) - في النسخ كلها (يعني ذو رحم من العصبة) على الحكاية وقد آثرنا نصبها بالألف.(1/246)
[13/251]
الموالي يعنون (1) من العصبة ليس ممن ليس من أهل الفرائض ولاؤهم عصبة، وقد أجمعوا على توريث الموالي منفردين، ولم يجمعوا على توريث ذوي الأرحام منفردين، فإذا أجمعوا، فالذين أجمعوا على توريثه منفردا أولى، وإنما ورثت العصبة دون الموالي لأنهم أقرب إلى الميت، كما أني أورث الأقرب من العصبة.
قال ابن المواز، فالابن أحق الناس بولاء موالي أبيه ثم الأب ثم الأخ وابن الأخ، وهما أولى من الجد، كان أخا شقيقا أو ابن أخ شقيق أو لأب، وإن كان لأم فلا حظ له في الولاء، والجد أولى من العم، قال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون، ونحوه في كتاب ابن المواز وغيره، والأخ الشقيق أولى بالولاء من الأخ لأب، والأخ لأب أولى به من ابن أخ شقيق، وابن/ أخ شقيق أولى من ابن أخ لأب، وابن أخ لأب أولى من ابن أخ شقيق،
ومن كتاب ابن المواز، وإذا كان عصبة وأخ لأم من عصبة- يريد وقد استووا-، فقال مالك، وابن القاسم، هو كأحدهم(2)، وقال أشهب: هو أحق منهم بالرحم كالمعتق يموت عن أخ شقيق وأخ لأب، فيكون الشقيق أحق بولاء مواليه، وكذلك عم شقيق، وعم لأب.
وإن ماتت امرأة عن ولد ذكر من غير قومها فورث مولى أعتقه، ثم مات الابن فترك عمه وخاله، فالولاء لخاله دون عمه، لأن الخال عصبة أمه.
قال أشهب: وما ورث ابنها الولاء إلا رجعا، قال وولد ولدها كولدها.
ومن كتاب ابن سحنون قال أصبغ وسحنون، في قاتل وارثه عمدا وللمقتول موال أنه لا يرث من مواليه شيئا، كما لم يرث من ماله للتهمة(3).
***
__________
(1) - كلمة (يعنون) كتبت محرفة في الأصل (يعتقون) والصواب ما أثبتناه من النسخ الأخرى. هامش. ولاء
(2) - في ص وت (هو كأحدهم)وأثبتنا ما في الأصل وب.
(3) - في ص (لتهمته).(1/247)
[13/252]
في جر البنات ولاء من عتق، وهل يرثن الولاء؟
قال سحنون في كتاب ابنه، أجمع العلماء على أنه لا يرث النساء من الولاء إلا من أعتقن أو جره من أعتقن إليهن بولاء أو عتق.
ومن كتاب ابن المواز، وأكثره في كتاب ابن سحنون وهو لابن الماجشون وأصل المسألة لمالك، في ابن وابنة اشتريا أباهما فعتق عليهما ثم أعتق الأب عبدا، فمات الأب ثم مات مولاه فميراث الأب بينهما على الثلث والثلثين وميراث المولى للابن وحده، وكذلك لو كانت البنت هي معتقة الأب كله، لأنه إنما يورث بالولاء إذا عدم الميراث بالنسب، فولد الرجل(1) يرث مواليه(2) دون من/ أعتق أباه، ولو كان موضع الأخت أجنبيا أعتق نصيبه، لكان ميراث موالى الأب(3) للابن دون الأجنبي الذي شاركه في عتق أبيه(4)،
ولو أن الابن(5) والابنة اللذين(6) أعتقا أباهما مات الابن أولا فورثه أبوه، ثم مات الأب أو كان موضع البنت أجنبيا أعتق نصيبه وترك الأب موالي، فأما الابنة فترث من أبيها النصف بالرحم ونصف النصف الباقي بالولاء، [والباقي لأخيها الميت](7)، ولها في ولائه نصف ذلك الربع، فصار لها سبعة أثمان المال(8)، والثمن لموالي أم أخيها، ولها من موالي أبيها النصف، والنصف الذي لأخيها لها فيه النصف فقط.
***
__________
(1) - في ت (فذلك الرجل) وأثبتنا ما في النسخ الأخرى.
(2) - في الأصل (يرثا ماله) ولا معنى لذلك.
(3) - في ص وت (مولى الأب) بالإفراد وقد أثبتنا ما في الأصل وب.
(4) - في ص وت (في عتق ابنه).
(5) - في ت (والولاء أن الابن) وهو تحريف واضح.
(6) - في ص (الذي) عوض اللذين وذلك خطأ واضح.
(7) - ما بين معقوفتين كتبت في ص وت (وباقي أخيها الميت ولاؤها في ولائه).
(8) - كتبت في ص وت (أثمان الثمن).(1/248)
[13/253]
وأما الأجنبي فإن لم يدع الأب وارثا غيره فله [ثلاثة](1) أرباع ما ترك، وكذلك من مات بعد من مواليه،
قال: وإن هلك الابن أولا وترك بنتا وهلكت ابنة الأب وتركت ابنا ذكرا، ثم هلك الأب عن مال وموالى، فلبنت ابنه النصف بالرحم فقط، ولابن البنت ثلاثة أرباع النصف الباقي، والثمن الباقي لأم أخيها، لأن ابن البنت ورث ما لأمه من الولاء، ولها نصف ولاء الأب، والنصف لأخيها، فجر إليها الأب نصف ولاء أخيها، فورث ابنها نصف نصيبه أيضا.
قال مالك في كتاب ابن المواز وابن سحنون، في أختين اشترتا أباهما ثم مات فهو بالشراء حر بغير حكم، ولهما منه الثلثان بالرحم، والثلث الباقي بالولاء.
قال في الكتابين/ وهو لأشهب عن مالك في كتاب ابن سحنون وللمغيرة في الكتابين، وفي كتاب ابن حبيب لأصبغ وابن الماجشون في العتبية(2) لابن وهب قالوا، ثم إن ماتت إحداهما أو ميراث لها غير أختها، فلها منها النصف بالرحم ونصف النصف بالولاء فقط بما جر إليها الأب، والربع لموالي أم أخيها، وفي رواية ابن حبيب عن ابن القاسم أنها تأخذ سبعة أثمان ما تركت النصف بالرحم، والربع بشركة الولاء، والثمن بجر الولاء إليها.
قال ابن الماجشون: وهذا غلط وليس في هذا جر.
قال في كتاب ابن المواز، فإن ماتت الثانية ولا وارث لها فنصف ميراثها لموالي أمها، والنصف لموالي أم أختها، فإن كانت الأم واحدة فكله لموالي أمها،
قالوا في هذه الكتب كلها، ولو ماتت إحداهما أولا ثم مات الأب وترك الثانية، فلها سبعة أثمان (ميراثه). فالنصف لها بالرحم ولها نصف ما بقي، لأن لها نصف ولاء ما أعتقت نصفه، ونصف الربع الباقي جره إليها أبوها من أختها، ويبقى الثمن لموالي أم الأب.
***
__________
(1) - لفظه (ثلاثة) ساقطة من ص ت مثبتة من الأصل وب.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 108.(1/249)
[13/254]
قال ابن وهب في العتبية(1)، فإن كانت الاثنتان أعتقهما رجل ثم اشترتا أباهما فعتق عليهما، ثم مات إحدهما، ثم مات الأب، فللباقية النصف من أبيها بالرحم، ولها نصف النصف الباقي بالولاء وذلك ثلاثة أرباع، وما بقي فلمولاهما الذي أعتقهما.
/ قال ابن القاسم في في كتاب ابن المواز، ولو مات الأب أولا ثم ماتت واحدة، فلها النصف منها فقط، والنصف للذي أعتقهما، قال محمد، صواب لأن الأجنبي أعتق الميتة فلا حر فيها.
قال ابن وهب، ولو أن إحدهما هي التي اشترت أباهما وليستا بمعتقتين وهما حرتان وأمهما حرة، فمات الأب، فإنهما يرثان الثلثين بالنسب، وما بقي للتي أعتقته بالولاء، قيل له فتوفيت الآن بعد التي لم تشتره، وبقيت التي كانت اشترته، قال، فلها كل شيء بالرحم والولاء.
ومن كتاب ابن المواز وابن سحنون قال، ولو أن الأب اشتري مع إحدى ابنتيه اللتين أعتقتاه، ابنا له آخر، فماتت [الأخرى](2) التي لم تشتر الأخ، ثم مات الأب فورثه الابن والبنت، بالرحم، ثم مات الابن فللباقية جميع ميراثه إلا نصف ثمنه، يكون لموالي أم الأخت الميتة أولا، لأن للباقية النصف عن الأخ بالرحم، ثم نصف النصف لأنها اعتقت نصفه، ويبقى الربع، فلها نصفه، لأنه ولد من أعتقت نصفه، ويبقى الثمن لأختها الميتة بالولاء الذي لها من أبيها، فلهذه الحية نصفه لأنها ابنة من أعتقت نصفه ونصفه لموالي الميتة(3)،
قال: ولو أن لهذه الباقية أختا(4) أخرى لم تكن اشترت معها شيئا فماتت، فللباقية عنها سبعة أثمان ما تركت، لأن لها النصف بالرحم، ونصف النصف
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 108.
(2) - كلمة (الأخرى) مثبتة من ب ساقطة من النسخ الأخرى.
(3) - في الأصل (ونصف لأم الميتة).
(4) - في الأصل (أخت) والصواب ما أثبتناه.(1/250)
[13/255]
بالولاء، لأنها بنت من أعتقت/ نصفه والنصف الباقي جره إليها أبوها عن أختها الهالكة، والثمن الباقي لموالي أم الميتة.
قال في كتاب ابن سحنون، ابن نافع عن مالك، في عبد له ولد من امرأة حرة معتقة، ثم اشترى الابن وجل أجنبي أباه فأعتقاه، ثم مات الأب فورثه الابن وحده، ثم مات الابن فنصف ميراثه للذي أعتق نصف أبيه، والنصف الباقي لموالي أمه.
قال سحنون، عن عبد الملك، في امرأة وأبوها أعتقا عبدا، ثم مات الأب- يريد ثم مات العبد- قال فلها نصف الولاء بالعتق، ولا شيء لها في النصف الآخر، لأنها لا ترث من الولاء إلا ما أعتقت.
ومن كتاب ابن المواز، في ثلاث بنات اشترين(1) أباهن ثم ماتت واحدة فورثها أبوها، ثم مات الأب، فللابنتين جميع ما ترك الأب إلا سهما واحداً(2) من سبعة وعشرين سهما، يكون هذا السهم لموالي أختها الهالكة قبل أبيها(3)، لأن لها بالرحم الثلثين(4) ثمانية عشر سهماً، فتبقى تسعة تورث، لهما ثلثاها ستة، وثلاثة لأختها الميتة، ولهما من ولائها الثلثان سهمان، ويبقى سهم لموالي أمها، ولو مات الأب أولا ثم ماتت واحدة فلها ثمانية أتساع ما تركته، ولهما الثلثان بالرحم، وثلثا الثلث الباقي بالولاء، وثلث الثلث بينهم(5) لموالي أمها.
ومن كتاب أيوب البصري ذكر هذه/ المسألة وقال لو مات ابنتان منهن أولا، ثم مات الأب، فللباقية نصف ميراثه بالنسب، ولها ثلث ما بقي بالولاء، ولكل واحدة من الميتتين ثلث ثلث موروثا عنهما، فاجعل النصف الموروث بالولاء سبعة وعشرين، فللحية ثلاثة، تسعة، وتبقى ثمانية عشر للميتتين، وذلك ثلث
***
__________
(1) - كتبت في ب (اشترتا) وفي ص (اشترتا أباهم) والصواب ما أثبتناه من الأصل.
(2) - في الأصل (إلا سهم واحد) والصواب ما أثبتناه.
(3) - في ص (قبل أمها).
(4) - في الأصل (الثلثان) والصواب ما أثبتناه.
(5) - كتبت في الأصل (وثلث الثلث سهم) وقد أثبتنا ما في ص.(1/251)
[13/256]
جميع المال يورث عنهما بالولاء، فللحية ثلث، ولاء كل واحدة، فتأخذ من كل تسعة للميتتين ثلاثة، ولكل ميتة من نصيب أختها الميتة ثلاثة، ولموالي أم كل واحدة ثلاثة، فالثلاثة التي أخذت كل ميتة عن أختها لهذه الحية، من كل ثلاثة سهم، وسهم لموالي أمها، [فسهم](1) من كل ثلاثة هو الدائر(2)، فيسقط هذان السهمان، ويقسم كل ما ورث بالولاء عن هاتين البنتين على ما استقر بيد ورثتهما بالولاء، فقد علمت أن ما ورث عنهما بالولاء ثلث المال، استقر منه بيد الحية ثمانية، وبيد [موالي](3) كل ميتة أربعة، [وسقط السهمان الدائران،](4) وإن شئت الاختصار فقد علمت أن ما ورث عنهما ربع صحيح، فربع ما بيد الحية بالميراث عن الميتتين بالولاء سهمان، وربع ما بيد أم كل واحدة من الميتتين واحد، فذلك كله أربعة، وقد علمت أن ما ورث عنهما هو ثلث المال، فقد عاد المال كله اثنى عشر، للحية عشرة أسهم، ولموالي كل ميتة سهم، فإن كانت أمهما واحدة عادت الفريضة من ستة للحية خمسة ولموالي أم الميتتين سهم.
قال ابن المواز،/ وإن مات الأب بعد موت واحدة، ثم ماتت الثانية وتركت أختها، فالفريضة من ثمانية عشر، فلها النصف بالرحم تسعة، ولها ثلث ما بقي بالولاء ثلاثة، وثلاثة لأختها الميتة، فلهذه ثلث ذلك بالولاء سهم، وسهمان لموالي أمها، وثلاثة أسهم لموالي أم الميتة، ولأن الحية قد أخذت من تركتها كل ما يجب لها بالولاء، وليس لها في هذه الثلاثة أسهم [الأخرى](5) شيء، ثم ماتت الثالثة، فكل ما تركت لموالي أمهاتهن أثلاثا،
وقال، في أختين اشترت إحداهما أمها، ثم ماتت الأم فلهما منها الثلثان بالرحم، والتي اشترتها الثلث [الباقي](6) بالولاء،
ولو اشترتاها جميعا كان بينهما.
***
__________
(1) - كلمة (فسهم) ساقطة من ت.
(2) - في ب (هو الزائد).
(3) - لفظة (موالي) ساقطة من ب ص مثبتة من الأصل.
(4) - ما بين معقوفتين مثبت من الأصل ساقط من النسخ الأخرى.
(5) - لفظة (الأخرى) ساقطة من ص مثبتة في النسخ الأخرى.
(6) - لفظة (الباقي) ساقطة من ب مثبتة من النسخ الأخرى.(1/252)
[13/257]
في ولاء النصراني يعتقه المسلم، وميراثه
وميراث الذمي الحر لا وارث له
من كتاب ابن المواز، وقال في مسلم يعتق نصرانيا، قال مالك، فله ولاؤه ولا يرثه لاختلاف الدينين، قال وقد مات مولى لعمر بن عبد العزيز [نصراني فجعل ماله في بيت المال، قيل: أفأوقفه أو أمضاه للمسلمين،؟ قال: أمضاه للمسلمين.
قال ابن سحنون، وروي عن عمر بن عبد العزيز](1)، وربيعة، والليث، أنهم كانوا يقولون، يرثه معتقه كما يرثه بالرق. وقال ابن المواز، وابن سحنون، واختلف قول مالك، إن ترك ورثة نصارى، روى عنه أشهب، أنه لا يرثه أحد من ورثته، وميراثه للمسلمين.
قال ابن المواز، وروى عنه أيضا أنه يرثه ولده الذي على دينه/ قال ابن سحنون، وقال أشهب في كتاب ابن المواز، وإن لم يكن له إخوة أو غيرهم لم يرثوه، ولو ورثتهم لورثت أهل دينه، وإنما ورثت ولده، لأنه يجر ولاءهم إلى معتقة.
قال ابن المواز ، وروى عنه أيضا أنه يرثه ولده الذي على دينه/ قال ابن سحنون، وقاله أشهب في كتاب ابن المواز، وإن لم يكن له إلا إخوة أو غيرهم لم يرثوه، ولو ورثتهم لورثت أهل دينه، وإنما ورثت ولده، لأنه يجر ولاءهم إلى معتقة.
قال ابن المواز، وروى ابن القاسم عن مالك أنه قال: أما ولده ووالده فيرثانه.
وروى عنه ابن القاسم أيضا، أنه يرثه أخوه قال ابن القاسم في الكتابين وأرى أن يرثه كل من يرث الرجل من قرابته، فإن لم يكن له وارث فبيت المال. وقاله ابن عبد الحكم، وأصبغ في كتاب ابن المواز وجرائره في بيت المال.
ومن العتبية(2)، قال المخزومي، لا يرثه مولاه أبدا، وإنما ميراثه لولده، فإن لم يكونوا فإخوته، فإن لم يكونوا فبنو عمه، فإن لم يكن له أحد من الناس، فمن أخذ
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) - البيان والتحصيل، 14: 490.(1/253)
[13/258]
ميراثه من النصارى لم يعرض له فيه، لأنهم لا يكلفون في أصل دينهم البينة، ولو كلفوا لها لم يأتوا إلا بمثلهم، فمن أخذه، وقال هكذا مواريثنا أعطية(1)، فإن أسلموه ولم يطلبه منهم طالب أوقفناه في بيت المال معزولا لا يكون فيئا حتى يرثه الله (أو يأتي)(2) له طالب.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك، ومن مات ممن لم يعتق من أحرارهم ولا وارث له فميراثه لأهل دينه من أهل خراجه، وقال ابن القاسم، بل في بيت المال إن لم يدع عصبة، قال: وإذا كان للمسلم المعتق للنصراني ولد نصران(3) أو عصبة نصارى هل يرثون هذا النصراني؟، قال: إنما قال مالك، في النصراني يعتق نصرانيا فيموت المعتوق مسلما وللسيد/ ولد مسلمون، أنهم يرثونه، قلت، فلم لا كان هذا مثله(4)،
ومن كتاب ابن حبيب، قال أصبغ عن ابن القاسم، في نصراني مات وله أخ نصراني مولى لمسلم، وأخ نصراني ليس بمولى، أن الميراث بينهما، وقاله أصبغ،
وقال ابن كنانة، ميراثه لأخيه الذي ليس بمولى، وقاله ابن حبيب.
في نصراني عبد لمسلم أعتق مسلما
ثم عتق ثم مات المسلم المعتوق
من كتاب ابن المواز، وقال في نصراني عبد لمسلم فأعتق النصراني عبدا مسلما ولم يعلم سيده حتى عتق، ثم مات المسلم الذي كان أعتق العبد في رقه، قال يرثه السيد الأعلى المسلم لأن له ولاءه أذن في عتقه أو لم يأذن، إلا أنه إن كان
***
__________
(1) - في ب (أعطيته).
(2) - كذا في الأصل وهو الصواب وقد جاءت هذه العبارة محرفة في النسخ الأخرى.
(3) - في النسخ كلها (ولدا نصرانيا) والصواب الرفع.
(4) - بهذا السؤال تم الكلام في ص ت وأضيف إليه في الأصل وب قوله (ليس لها جواب) والغالب أن هذه الإضافة ليست من المؤلف.(1/254)
[13/259]
بإذنه فولاؤه له وحده، وإن لم يكن علم ولا أذن فالولاء لعبده، وإن مات ولا عصبة له رجع إلى سيده، رجع محمد عن هذا وقال، لا يكون لمولاه الولاء، ولو جعلته لمولاه لجعلته لولده المسلم قبل مولاه، ولأنه لم يتم للعبد المسلم عتق النصراني إلا بعد أن عتق النصراني، ولو مات المسلم بعد عتق النصراني [له لورثه النصراني](1) لأن عتقه لم يكن بعتق حتى يعتق سيده، إلا أن يستثنيه السيد الأعلى، أو يستثني ماله، [ولو أن نصرانيا لمسلم فكاتب النصراني عبدا مسلما فودى الأسفل، [فعتق(2) ثم عتق النصراني، لم يكن له](3) ولاء الأسفل، ولا يجره إلى سيده ولا إلى ولده المسلمين.
/في النصراني العربي يعتق نصرانيا
ثم يسلم، ثم يجني
من كتاب ابن الواز، وإذا أعتق نصراني من العرب من بني تغلب [وغيرهم](4) نصرانيا أو يهوديا، فأسلم المعتوق وحده، ثم جنى فجريرته على بني تغلب من المسلمين،
قال أشهب كما يرثه عصبة سيده المسلمون، وإن لم يبق إلا عشيرته إذا عرف أقعدهم(5) بالسيد،
ولو كان السيد الذمي ليس من العرب، لم يكن على قومه ولا على عصبته المسلمين من جرائر هذا المعتوق المسلم شيء، ولا على سيده وإن أسلم، وذلك على بيت المال، كما تكون جرائر سيده إذا أسلم، بخلاف العربي، ولو أن العربي النصراني أعتق العبد بعد إسلام العبد لم يكن على قومه من جرائر العبد شيء،
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ب واقتصر فيه في ص وت على الضمير فجاءت العبارة على الشكل التالي (ولو مات المسلم بعد عتق النصراني له لورثه).
(2) - لفظة (فعتق) محذوفة ساقطة من ب.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(4) - لفظة (وغيرهم) مثبتة في الأصل ساقطة من النسخ الأخرى.
(5) - في ص وت (أبعدهم) وقد أثبتنا ما في الأصل وب.(1/255)
[13/260]
ولو أسلم نصراني ثم عتق نصرانيا، فجرائره على بيت المال ليس على سيده ولا على قومه من ذلك شيء، كان معتقة عربا أو مولى، إذا كان مسلما حين أعتق لأن ميراث المعتق لبيت المال، وتسقط عنه الجزية لحرمة مولاه، ولا يرثه أيضا أهل الجزية لخروجه عنهم، وديته إن قتل لبيت المال.
في ولاء النصراني ينقض العهد، ثم يسبى مرة ثانية
ولمن ولاء من أعتق أو ولد له قبل ذلك أو بعده؟
من كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، في نصراني أعتقه مسلم ثم هرب إلى بلد الحرب وحارب فسبي، فإنه يرق، فإن عتق فولاؤه للثاني، وولاء ما يولد له أو يعتق من ذي قبل، وولاء ما/ تقدم له من ولد أو عتق فلمعتقه الأول.
وقال أشهب، لاتبطل حريته الأولى، وهو حر كما كان، وولاؤه للأول، (وولاء كل من جر من ولد أو عتق)(1)، قال محمد، وقول ابن القاسم أحب إلى،
وقيل لابن القاسم لم ذلك وقد قلت في التي قدمت بأمان فأسلمت فصار ولاؤها للمسلمين، ثم يسبى أبوها فيعتق، أنه يجر ولاءها؟ قال، لأن هذه (لم يملك ولاءها أحد منذ عتق)(2).
رجع محمد، فاختار قول أشهب، قال وقد ثبت ولاؤه للمسلم الذي أعتقه أولا، فلا ينتقل عنه كالنسب.
وأما لو أعتق نصراني نصرانيا، ثم هرب المعتوق محاربا، فهذا يرق لمن أسره، ويكون ولاؤه من يعتقه الآن، ولو أسلم سيده قبل الظفر بهذا العبد المحارب، ثم غنم(3) لرد إلى حريته ويصير(4) للأول ولاؤه.
***
__________
(1) - العبارة في ب (وولاء كل واحد من ولده إذا عتق).
(2) - كذا في ب والعبارة في النسخ الأخرى جاءت على الشكل التالي (لم يملك ولاءها أحد بمنة عتق).
(3) - كذا في ب وكتبت في الأصل (ثم عتق).
(4) - في ب (وبقي للأول ولاؤه).(1/256)
[13/261]
قال مالك، في الذمي يسبيه أهل الحرب، ثم يسيبه منهم المسلمون، فليرد إلى حريته، قال ابن القاسم، إلا أن يهرب ناقضا للعهد محاربا من غير ظلم، فهذا يباع، ولو كان عن ظلم لرد إلى ذمته،
وقال أشهب، بل يرد إلى حريته(1) وإن نقض أو حارب بغير ظلم ولا خوف.
وإن أعتق الذمي نصرانيا، ثم أسلم المعتق، ثم هرب السيد إلى دار الحرب من غير ظلم وحارب فأسر فعتق، فإنه يجر إلى معتقه ولاء ما تقدم له من عتق أو ولد.
وكذلك المرأة الحربية القادمة من أرض الحرب، فأعتقت عبدا قبل إسلامها أو بعد، فولاؤها وولاء ما أعتقت للمسلمين، ثم لو أسر أبوها فعتق يجر ولاءها وولاء ما أعتقت [إلى معتقه،
ولو سبيت هي/ أولا فعتقت، لبقي ولاؤها وولاء من أعتقت](2) لمعتقها، ولا ينتقل إلى من أعتق أباها بعد ذلك، وهذا إذا ثبت نسبها منه، حتى لو عتق جدها ولم يعتق أبوها لجر ولاءها إلى معتقة.
وكذلك لو دخل حربي إلينا بأمان فأعتق نصرانيا، ثم هرب ونقض ذمته، فأسر ثم عتق، لجر إلى معتقه الآن ولاء من كان أعتق وولاء من كان ولد له من ذمته،
ولو سبي الحربي أولا فأعتقه رجل لكان له ولاء من أعتق أولا [لا يجره إلى معتقه آخرا، ويكون ولاؤه وحده للذي أعتقه آخرا- يريد وولاءُ ما يستأنف من عتق أو ولد من حرة. قال: ومن مات ممن كان أعتق أولا](3) فميراثه لمعتقه اولاً، كان هو الآن عبدا أو عتق،
***
__________
(1) - في الأصل (يرد إلى جزيته) وأثبتنا ما في النسخ الأخرى.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ت وساقط بعضه من ص.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ت وص.(1/257)
[13/262]
قال، ولو كان رجل ذمي أو داخل إلينا بأمان لم يمسه قط رق، فنقض(1) وحارب واسترق، فإن من مات ممن قد كان أعتق قبل نقضه للعهد، فميراثه لبيت المال ما دام هذا رقيقا، فإذا عتق جر ولاء من بقي له من ولد أو مولى عتيق إلى معتقه الآن، ولا شيء له فيما مضى من ميراث مواليه مما صار في بيت المال يثبت(2) الميراث بينهما، وكذلك قال ابن القاسم،
وإذا أعتق ذمي عبدا نصرانيا، ثم نقض الذمي العهد وحارب فأسر، وأسلم مولاه فاشترى سيده فأعتقه ثم أسلم بعد أن أعتقه مولاه، فولاء كل واحد منهما لصاحبه،
قال محمد، فميراث الميت منهما أولا للباقي، وميراث الباقي للمسلمين، وقال أشهب، بل يرجع الأول حرا ويرد إلى ذمته وله ولاء مواليه،/ ولو قلت أنه يسترق لقلت لا يرجع إليه ولاء من كان أعتق أولا كما لم ترجع إليه حرية نفسه(3)، وكان يكون ولاؤه لهذا الذي كان عبداً له، ولا ولاء له هو عليه، ويكون ولاء هذا وكل ولد تقدم له للمسلمين. قال محمد، أما من لم يقل أنه يرد إلى حريته(4)، فإنه يجر إلى معتقه الآن ولاء ما تقدم له من عتق أو ولد من حرة [إن لم يمس رقبته أولا، رق](5) وأما إن مسه أولا رق فعتق منه، فهذا لا يجر ما تقدم له من ولاء عتق أو ولد إلى من أعتقه آخرا.
***
__________
(1) - في ب (فناقض) وقد أثبتنا ما في النسخ الأخرى.
(2) - في الأصل (بسبب الميراث) وقد أثبتنا ما في النسخ الأخرى.
(3) - في الأصل (لم ترجع إليه جزية نفسه) وقد أثبتنا ما في النسخ الأخرى.
(4) - في الأصل (يرد إلى جزيته) وقد أثبتنا ما في النسخ الأخرى.
(5) - ما بين معقوفتين هو النص الموجود في ب وقد أثبتناه لوضوحه وملاءمته للمقابلة التي بعده وقد جاء في الأصل على الشكل التالي (إن لم يمس رقبته ولاء بمنة عتق) وفي ص وت (إن لم يمس رقبته ولاء قط عنه عتق) وهو تعبير مضطرب.(1/258)
[13/263]
في الحربي يعتق عبده، أو يسلم أحدهما
ثم يقدم أحدهما أو يسبى
من كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، وإذا أعتق الحربي عبده، فهو بذلك حر حتى لو خرج العبد إلينا وجاء بعده مولاه فأسلم، أن له ولاءه إذا ثبت عتقه إياه ببينة من أسارى مسلمين، أو بأهل حصن يسلمون(1)، وقال أشهب، ليس عتقه بعتق [ولاء، ولا ولاء له فيه بعتقه إياه بدار الحرب والسيد ليس بمسلم](2)، وإنما أعتق هذا العبد خروجه إلينا، ولو مات عندنا ما بعثنا بما ترك إلى مولاه الذي أعتقه.
قال محمد، صواب، لأن عتق النصراني باطل إلا أن يسلم أحدهما، فلما خرج إلينا فعتق لخروجه وحده. قال مالك، في الحربي يدخل إلينا بأمان فيموت، فليبعث بماله إلى ورثته.
قال محمد، واختلف أيضا ابن القاسم وأشهب، فيمن أسلم من عبيد الحربيين/ بأيديهم، فقال ابن القاسم، لا حرية له بذلك إلا أن يخرج قبل سيده فيكون حرا بخروجه، ثم إن جاء سيده وأسلم فلا ملك له عليه ولا ولاء، ولو جاء سيده قبله كافرا أو مسلما كان له رق، وكذلك لو قدم معه، ويؤمر ببيعه من مسلم إن لم يسلم، وذلك أنه إذا خرج قبل سيده فقد غنم نفسه، كما لو غنمه غيره، قال، ولو أسلم سيده قبل خروج العبد الذي أسلم، لبقي ملكه عليه، وإن خرج العبد قبله، وجعله أشهب بإسلامه حرا وإن لم يخرج إلينا.
قال ابن القاسم، لو كان ذلك ما كان ولاء بلال لأبي بكر رضي الله عنه، وقد أعتقه إسلامه؟ قال محمد، فاضطرب أشهب إلى أن قال لم يكن ولاؤه لأبي بكر، قال أشهب، ولو أسلم سيده بعده بساعة ما كان له ولاؤه حتى يسلم معه
***
__________
(1) - في ب (أو بأهل حصن مسلم) وفي ت وص (أو بأهل حضر يسلمون) وقد أثبتنا ما في الأصل.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ت وص.(1/259)
[13/264]
أو قبله، قال محمد، وقول ابن القاسم أحسن أن بخروج العبد إلينا يكون حرا، خرج وهو مسلم أو كافر ثم أسلم، ثم جاء سيده مسلما، لا ولاء له عليه، ولو ثبت كافرا حتى جاء سيده فولاؤه له، قال مالك فيه وفي العتبية(1)، بلغني أن بلالا طلب أن يخرج إلى الشام في الجهاد فمنعه أبو بكر، فقال له بلال، إن كنت أعتقتني لنفسك فاحبسني، وإن كنت أعتقتني لله فخلي سبيلي، فقال له: قد خليت سبيلك.
قال ابن المواز، وأجمع ابن القاسم وأشهب، أنا إذا دخلنا دار الحرب وقد أسلم العبد وحده أنه بذلك حر.
قال ابن القاسم، وذلك استحسان، ورأيت ذلك كخروجهم إلينا./ قالا ولو ارتد العبد بعد أن أسلم، فغنمناه مرتد [فإنه] يستتاب، فإن ثاب وإلا قتل.
قالا، ولو جاء حربي بأمان فابتاع عبيدا نصارى فخرج بهم فأسلموا بدار الحرب ثم غنمناهم [لكانوا أحرارا.
ولو اشترى هذا الحربي عبيدا مسلمين سرا فخرج بهم ثم غنمناهم](2)، فقال ابن القاسم، هم رقيق لمن غنمهم ولمن اشتراهم من الحربي، وقال أشهب هم أحرار وكما لو أسلم عبد الحربي كان حرا بإسلامه، وولاؤهم للمسلمين لا يرجع إليه(3) وإن أسلم، ولا يملكهم من غنمهم.
ومن ابتاعهم من الحربي أتبعهم كما يتبع الحر بالثمن.
قال ابن القاسم وأشهب، ولو سباهم الحربي كانوا رقا لمن اشتراهم منه، ولو وقعوا في سهم رجل من المغنم، فلسيدهم أخذهم بالثمن، ولو وهبوا لرجل أخذهم سيدهم بلا غرم.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 424.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) - في ص وت (لا يرجع إليهم).(1/260)
[13/265]
قال أشهب، وإن أسلم عليهم الحربي كانوا له رقا، من أسلم على شيء من أموال المسلمين، فهو له محمد، إلا أن يسلم على حر.
ولو أعتقهم وهو حربي فعتقه فيهم باطل إلا أن يسلم الحربي بعد ذلك، أوقبل يخرج العبد إلينا، أو يسلموا فيكونوا أحرارا، وولاؤهم للحربي الذي أسلم، ولا يكون لصاحبهم عليهم سبيل أبدا.
محمد، صواب، إلا قوله ولاؤهم له، قال محمد، فإنه إنما أعتقهم قبل أن يسلم وهم مسلمون فولاؤهم للمسلمين. قال محمد، ومن اشتراهم من الحربي الذي أسرهم فأعتقهم فابن القاسم(1)/ ينفذ العتق، ولا يرى لصاحبهم إليهم سبيل، وكذلك لو كانت أمة فأولدها ولم يعلم.
وكذلك لو باعهم نفذ البيع، ولا سبيل إليهم، وقاله أصبغ. ولو كان مدبرا فأعتقه مبتاعه نفذ أيضا عتقه، فأما إن كانت أم ولد أو معتق إلى أجل فذلك رد، إلا أن يجيز السيد ذلك، فيكون ولاؤهما لسيدهما، وأما أشهب فقال، في العتبية(2)، إذا أعتقتهم من صاروا له في سهمه من الغنيمة، أو بسبي من العدو، فليرد ذلك، وسيدهم أحق بهم، كما لو وهبوا له فأعتقهم لكان ربهم أحق بهم بالثمن في الوجهين، وينقض العتق كما ينقض إذا أعتقهم من وهبوا له بغير عوض، ويأخذهم ربهم بغير شيء، وإن تركهم السيد جاز فيهم العتق وولاؤهم لمعتقهم في الغنيمة خاصة، لأنه لما أجاز عتقه فكأنه أعتقهم [عنه](3)، وكما لو باعهم لنقض سيدهم البيع إن شاء، فرد العتق أشد من رد البيع.
***
__________
(1) - في الأصل نسي الناسخ كتابة القاسم فاقتصر على بن.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 113.
(3) - لفظة (عنه) ساقطة من ص وت.(1/261)
[13/266]
فيمن ارتد ثم تاب، وقد كان أعتق، أو
عقد عتقا من تدبير ونحوه، وفي العبد يرتد
من كتاب ابن المواز، ومن ارتد بعد أن كان أعتق مسلما أو كافرا ثم تاب، فالولاء راجع إليه، وإن قتل فذلك لولده وعصبته، لأنه ممن كان له ولاؤه يوم أعتقه تاما،
وكذلك إن كان له مدبر أو مكاتب، أو أم ولد، أو معتق إلى أجل،/ وقد مات أو قتل إلا أن بقية الكتابة والخدمة إلى الأجل (لبيت) المال دون ورثته لأنه بقية (ماله)(1) إلا أن مدبره من الثلث يعتق، وولاؤهم لعصبته المسلمين.
قال ابن القاسم، هذا قول مالك، وقال أشهب، بل ولاؤهم للمسلمين دون مسلمي ولده وعصبته، كان العبيد مسلمين أو كفارا،
وقال محمد بقول ابن القاسم، أقول، وهو أصل قول مالك. ولو مات له بعد الردة ابن مسلم ثم عاد إلى الإسلام، فقال ابن القاسم، لا يرثه، وقال أشهب، يرثه إذا رجع، وقال محمد، لا يرثه.
وإذا ارتد عبد لمسلم فقتل، فماله لسيده، وليس هذا بميراث، وهو كملكه، وكذلك عبد العبد يموت فماله للعبد الباقي.
فيمن أعتقه رجل وأعتق أباه رجل آخر كيف يكتب
ولاؤه؟ أو الرجل يعتقه الرجلان، ومن لا يعرف له نسب،
أو نصراني أسلم كيف يكتب نسبه؟ وولاء من
أسلم على يديك
من كتاب ابن المواز، ومن العتبية(2) من سماع ابن القاسم، ومن أعتقه رجل وأعتق أباه رجل آخر، فليكتب فلان ابن فلان. قيل فإن المولى يقول أخاف أن
***
__________
(1) - لفظة (ماله) محذوفة من ت وص.
(2) - البيان والتحصيل، 14: 437.(1/262)
[13/267]
ينقطع ولائي، قال: فليكتب فلان ابن فلان، ولابد أن يذكر مولى فلان، فيجمع ذكر النسب والمولى.
قال عنه أشهب، ومن أعتقه رجل وامرأة، فليكتب مولى فلان وفلانة.
قال/ عنه ابن القاسم، فالرجل المعتق الذي لا يعرف أبوه، يكتب فلان ابن فلان، قال، إنهم ليفعلون ذلك، قيل، فإن مولاه قال إني أخاف أن تندرس ولايتي إن لم يذكره، قال، إن عرف ظلم ذلك منع.
وعن النصراني يسلم فيكتب فلان ابن فلان، قال، إني لأكره ذلك.
وقوم يعتقون فيكتبون كذلك ويكذبون، ولا أحب ذلك. قيل، فنصراني يكون اسمه جريج فيسمى باسم أهل الإسلام، قال، لابأس بذلك.
قال عنه أشهب، في نصراني أسلم اسمه إسحاق، وأبوه نصراني، فيقال له من أنت، فيقول إسحاق بن عبد الله، قال، تركه أحب إلي.
ومن العتبية(1) قال عنه ابن القاسم، في امرأة يموت مولى لها، وله ابن وأخ إن ابنها أحق بالصلاة عليها،
قال ابن عبد الحكم، فإن أراد الابن أن يقدم أجنبيا فالأخ أحق.
وفي كتاب ابن المواز، قال مالك، وإذا مات قيسي ولا يعرف له من قيس من يوارثه بنسب معروف، فلا يوارثه إلا وارث معروف.
قال أشهب، وليتصدق بذلك على الفقراء، بخلاف الفيء بعد التربص إن رجي علم ذلك، ولا يرثه عامة قي(2) لأن له منهم وارثا بعينه.
***
__________
(1) - لم يتيسر لي ربط هذا النص بأصله إلا أنه ينبغي الإشارة إلى أن ما يتعلق بالنصراني الذي اسمه جريح فتسمى باسم أهل الإسلام فإنه موجود بالبيان والتحصيل، 14: 444 وما يتعلق بمن اسمه إسحق بن عبد الله فموجود بالبيان والتحصيل، 14: 488.
(2) - في ب (ولا يرثه عامة الناس) وقد أثبتنا ما في النسخ الأخرى.(1/263)
[13/268]
في الكافر يسلم بعض ولده بعد موته، ومن أسلم
ثم مات عن أولاد صغار ولدوا في نصرانيته،
وآخرون بعد إسلامه
من العتبية(1) قال سحنون عن ابن القاسم في مجوسي مات [(2) ثم أسلم ولده قبل أن يقسم ماله(3)، أو كان نصرانيا فأسلم ولده أو بعضهم(4) أعلى قسم الكفر يقتسمون أم على قسم الإسلام؟ قال بل علي قسم الكفار، وإنما يقسم على قسم الإسلام أن لو كان الأب مجوسيا ليس بذي ذمة فأما إن كان مجوسيا من أهل الذمة فالقول فيه مثل ما قلنا في أهل الكتاب.
وروى محمد بن خالد عن ابن القاسم فيمن أسلم ثم مات عن ولد صغار ولدوا في نصرانيته وولد ولدوا بعد إسلامه أن ماله يوقف فإذا بلغ ولده الصغار، فإن أسلموا ورثوا وإن لم يسلموا فالميراث لولده المسلمين.
في ميراث أهل الملتين بالرق، والنصراني
يسلم عبده، ومن له فيه بقية رق ثم يموت
ذلك العبد، أو يموت له عبد وميراث المجوس
من كتاب ابن المواز قال: ويرث المسلم عبده النصراني والمجوسي بالرق، وكذلك مدبره يسلم أو أم ولده ثم يموتان(5)، ولو أعتقهما بعد أن أسلمت ثم ماتت لورثها ولده المسلمون إن كان لأنه كان يرجع ولاؤها إليه إن أسلم، وكذلك مدبره ومكاتبه لعقده ذلك في نصرانيتها.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 90.
(2) - ابتداء من هذه المعقوفة وقع نقص في النسخة الأصلية نظرا لضياع لوحات النسخة المصورة ونقلناه من النسخ الأخرى.
(3) - في ص وت (قبل يسلم ماله) وآثرنا كتابة ما في البيان والتحصيل.
(4) - في ت (أو بعض) بتنوين العوض.
(5) - في النسخ كلها (ثم يموتا) بحذف نون الرفع والصواب ما أثبتناه.(1/264)
[13/269]
وفي باب المرتد [يتوب](1) وقد كان أعتق عبيدا ذكر ميراث العبد المرتد بالرق، وميراث العبد لعبده.
من العتبية(2) عن مجوسي تزوج ابنته فولد منها ولدين، ثم مات أحد الولدين؟ قال فللأم السدس لأن الميت ترك أمه وهي أخته وترك أخاه فهي تقاص نفسها(3) بنفسها فكأنه ترك أخا وأختا فحملا الأم عن الثلث.
في ولد المنبوذ والنفقة عليه
من كتاب ابن المواز، قال مالك ولو علم أن عمر قال في المنبوذ ما ذكر، ما خولف. قال وإذا ادعى اللقيط ملتقطه فلا قول له عند ابن القاسم إلا ببينة أو يأتي بما يعذر به(4). وذكره عن مالك. وقال أشهب يقبل قول من ادعى ملتقطه أو غيره إلا أن يتبين كذبه.
وإن ادعت امراة أنه ابنها لم يقبل منها عند ابن القاسم، وإن جاءت بما يشبه من العذر وقال أشهب يقبل قولها، وإن قالت من زنى حتى يعلم كذبها. قال محمد وأحسن ما بلغني إن كان الزوج حاضرا صدقته ولا ينفيها إلا بلعان. وإن قدما من بلد لم تصدق هي إلا أن يقر بالزوجية فيكون كالحاضر فإن أنكر لم يلحق به وتحد المرأة. قال مالك: ومن التقط منبوذا لزمته نفقته حتى يبلغ ويستغني وليس له أن يطرحه فإن استلحقه أحد ببينة أو غيرها، قال ابن القاسم فليرجع عليه بما أنفق إن تعمد طرحه إن كان يومئذ مليا، وإن تعمد طرحه غيره فلا شيء على الأب وقال أشهب لا شيء على](5)/ الأب بكل حال، لأن هذا
***
__________
(1) - لفظة (يتوب) ساقطة من ص وت مثبتة من ب.
(2) - البيان والتحصيل، 14: 279.
(3) - (في النسخ كلها جاءت على شكل (فتحاد) أو (فتفاد) وقد أثبتنا ما البيان والتحصيل.
(4) - حرفت في ت فجاءت على شكل (فيغدونه).
(5) - هنا انتهى ما عوضنا به النقص الواقع في الأصل.(1/265)
[13/270]
أنفق حسبة، وكذلك من أنفق على يتامى يرى أنهم لا مال لهم ثم يتبين لهم مال، فلا يتبعهم لأنه أنفق حسبة.
وقالا جميعا في المنفق على ولد رجل غائب، أنه إن كان يومئذ مليا رجع عليه، قال أشهب، إلا أن ينفق وهو يرى أن أباهم لا مال له، فلا يرجع عليه وإن ظفر أنه كان يومئذ مليا، قال، ولابد للذي أنفق والأب الغائب مليا أن يحلف ما أنفق احتسابا، وإلا فلا شيء له، وأقوى له أن يشهد حين أنفق أنه ينفق ليرجع.
فإذا التقط المنبوذ عبد ونصراني فهو حر، وولاؤه للمسلمين، وإن كان عليه زي النصارى إلا أن يلتقط في مدائن الشرك فهو مشرك، وإن كان في قرى أهل الذمة وليس فيها مسلم إلا الاثنين والثلاثة ونحو ذلك، فهذا إن التقطه نصراني فهو نصراني، وإن التقطه مسلم في قرى أهل الشرك، وإن كان في كنيسة فما أجعله حراً.
قال محمد، يريد إن كان في أرض الإسلام وحكمهم.
في التداعي في الولاء والإقرار فيه، وإقرار
الوارث بعتق وغير ذلك من ذكر الولاء
من كتاب ابن المواز، قال مالك، فيمن مات ولا وارث له فأقام رجل شاهدا(1) أنه مولاه أعتقه، فلا يثبت بذلك الولاء، ولكن يستأتي بالمال، فإن لم يأت من يستحقه حلف هذا ودفع إليه، وقد (قضي)(2) بذلك ببلدنا،
وقال أشهب، لا شيء له حتى يثبت ذلك/ الولاء بشاهدين، وإن شهد في الولاء شاهدان على السماع، فروى ابن القاسم عن مالك، أنه يقضى للطالب بالمال بعد الثاني، ولا يثبت الولاء بذلك، وروى عنه أشهب أنه يثبت بذلك الولاء ولكن لا يجعل، فلعل أحد يأتي بأولى من ذلك.
***
__________
(1) - في الأصل (شاهد) بالرفع.
(2) - كلمة (قضي) محذوفة من النسخ الأخرى مثبتة من الأصل.(1/266)
[13/271]
ومن مات عن ابنتين فأقرت واحدة لرجل أنه مولى أبيها ثم ماتت، ولا وارث لها، فقال ابن القاسم، إنه يحلف ويرثها، قال محمد، واليمين في هذا ضعيف(1)، ولو أقرتا لحلف معهما وأخذ المال في حياتهما ثلث تركة أبيهما في قول ابن القاسم، وخالفه أشهب.
ومن قال فلان أعتقني وفلانا، فأقاما عليه شاهدا فلا يمين، ولا ينتفع (إلا بشاهدين)(2)،
قال ابن القاسم، وإذا شهد ولدان للميت أن أباهما أعتق هذا العبد، وترك بناتا، فإن كان رفيعا يرغب في ولائه لم تجز الشهادة، ولا يعتق حظهما إلا أن يملكا العبد فيعتق كله عليهما، وإن كان وغدا جازت الشهادة، قال محمد، وأحب إلي أن يقبلا في الرفع، وليس الولاء بشيء يوجب التهمة، ولو كان كذلك لكان الميت إذا أوصى بعتق هذا العبد المبتل كان متهما أن يخص الذكور بولائه، (فينقض)(3) وصيته،
وهذا لم يختلف فيه مالك وأصحابه، أن وصيته جائزة. قال ابن حبيب، قال ابن الماجشون، ومن اشترى عبدا فأعتقه ثم قال بعد ذلك اشتريته لفلان بمائة وأعتقته عنه، قال، الولاء للمعتق ولا ينتقل عنه وعليه اليمين إن طلبه به، إلا أن يكون إقراره متصلا بالعتق./ قال ابن حبيب، عن ابن الماجشون، فيمن أقر أن ولاءه لفلان، وله ولد أصاغر وأكابر، فأنكر ذلك الأكابر، فإن ولاء المقر وولاء ولده الأصاغر للرجل الذي أقر له الأب، وليس له ولاء ولد المقر الأكابر.
ومن العتبية(4) قال أصبغ عن ابن القاسم، فيمن قامت عليه بينة أنه كان يقر أنه مولى لبني تميم أو بني زهرة وشبه ذلك، فلا يكون لأحد من هؤلاء من
***
__________
(1) - في ب (اليمين في هذا ضعيفة) أثبتنا ما في الأصل وص.
(2) - (إلا بشاهدين) محذوفة من ب.
(3) - في ت وص (فتبطل).
(4) - البيان والتحصيل، 15: 133.(1/267)
[13/272]
ولائه شيء حتى يتبين لمن هو من تلك القبيلة ممن يعرف بعينه، قال أصبغ، يسمى القوم بأعيانهم، أو بنو الأب بعينه غير الأب الجامع.
فيمن مات عن زوجة حامل، هل يقسم ميراثه
قبل أن تضع؟ أو ميت ببلد بعيد، هل يقسم ورثته
ميراثه؟ والمتوارثين لا يدرى أولهما موتا؟
من العتبية(1) روى أشهب عن مالك، في الميت يدع زوجته حاملا، فلا يعجل لها من الميراث شيء حتى تضع، قال عنه ابن أشرس، ولا يأخذ ولده [شيئا](2) حتى تضع، وكذلك أبواه لا يعجل لها شيء حتى تضع، ولا لها أن تقول اعزلوا ميراث الحمل على أنه ذكر،
قال أشهب عن مالك، فيمن مات بالمدينة من أهل مصر، أيقسم ورثته ماله بمصر، أو حتى ينظر هل تزوج بالمدينة، قال: إن شك في أمره لم يقسم تراثه حتى يعلم ذلك، فإن استوثق بأمره قسم ماله بين ورثته.
قال ابن القاسم، قتل يوم الجمل، طلحة وابنه محمد فخوصم في ميراثه فلم يورث أحدهما من الأخر، وأصلحت بينهم عائشة.
قال عيسى عن ابن القاسم/ إذا ماتت امرأة وولدها في ساعة، فإن شهد في ذلك نساء، حلف أبو الصبي وورثه مع شهادة النساء أن الأم ماتت قبله ويستحقون ميراثه من أمه، لأنه مال، ورواها أصبغ قال، وكذلك شهادتهن في ذكر وأنثى.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 14: 457.
(2) - لفظة (شيئا) ساقطة من ص.(1/268)
[13/273]
فيمن مات له ولد بعد أن أنفذت مقاتله
وروى العتبي(1) عن سحنون عن ابن القاسم، عن رجل شُقت جوفه وأمعاؤه، أو ذبح وهو كذلك حتى مات له ولد أيرثه؟ قال، نعم يرثه إلا المذبوح فإنه لا يرثه، وأما المشقوق الجوف، ففي عمر بن الخطاب في ذلك حجة، قيل، فإن قتله رجل في ذلك الحال، أيقتل به؟ قال: لا.
تم كتاب الولاء
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 91.(1/269)
[13/275]
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه
الجزء الأول
من كتاب الجنايات(1)
/في القصاص بين العبيد في النفسوالجراح
وهل بينهم وبين الحر قصاص، وذكر جناتهم
على الأحرار والعبيد
قال أبو محمد من كتاب ابن المواز، قال مالك وعبد العزيز، القصاص بين العبيد في النفس والجراح في العمد، فإن استحياه سيد المقتول، فالخيار لسيد القاتل في فدائه وإسلامه، وإن طلب في الجرح ما نقص عبده، وأبى القصاص، فذلك له إلا أن يسلم إليه الجارح.
قال مالك، ولا قود بين حر وعبد في الجراح، جرح العبد أو جرح، وأما النفس فيقتل العبد بالحر إن شاء ذلك الأولياء، ولا يقتل به الحر.
وقال عبد العزيز، يقاد للحر من العبد في الجراح إذا رضي الحر، ولا يقاد للعبد فيها وإن رضي الحر، وأبى هذا مالك في الجراح، وقول مالك قول ابن شهاب، وروى عمرو بن شعيب(2) أن حرا قتل عبدا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فأمر به صلى الله عليه وسلم أن يجلد مائة وألا تقبل له شهادة(3).
***
__________
(1) - سنقابل هذا الجزء بنسخة المكتبة الوطنية بتونس وسنرمز لها بالحرف ت ونسخة الصادقية وسنرمز لها بالحرف ص.
(2) - في ص وت (عمر بن شعيب) والصواب ما في الأصل.
(3) - جاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا تجوز شهادة خائن ولا محدود في الإسلام ولا ذي غمر على أخيه» من الجزء الثاني، صفحة 208.(1/270)
[13/276]
قال ابن سحنون عن أبيه عن أشهب، في عبد قطع يد حر ويد عبد عمدا، فليقطع بالعبد، ويخير سيده في فدائه من الحر بخمسمائة دينار وإسلامه، ولو عفا(1) سيد العبد على الأرش خير بين فدائه منها بما نقص العبد، ودية اليد أو إسلامه إليهما، فيكون بينهما بقدر دية اليد، وما نقص العبد المجني عليه.
وقال أصحابنا،/ عبد الرحمن وغيره، وإذا قتل العبد حرا وعبدا عمداً، قتل بهما إن اختار ذلك ولي الحر وسيد العبد، وإن أبقياه وطلبا الأرش، خير سيده في أن يفديه بدية الحر وقيمة العبد، أو يسلمه فيكون بينهما بقدر القيمة والدية، وإن اختلفا فمن طلب القتل فذلك له ويبطل حق الآخر، وليس كما قلنا في قطع اليد، لأنه ليس بين الحر والعبد قصاص في الجراح، فإذا قطع للعبد بقى جرح الحر في يده قائما في رقبته.
قال ابن سحنون عن أبيه، لم يختلف العلماء في القصاص بين العبيد في النفس، قال مالك وإذا استحيا سيد المقتول القاتل، فلسيده فداه أو يسلمه، فإن أسلمه لم يكن لسيد المقتول قتله.
قال ابن سحنون، ومن منع من القصاص بين العبيد في الجراح خصم بإجماعهم على أن ذلك بينهم في النفس، وإن كانوا أموالا وعلى اختلاف قيمتهم.
قال ابن شهاب، إذا قتل عبد عبداً خطأ والقاتل أعلى قيمة، فليس لسيد المقتول إذا وجد قيمة عبده غير ذلك، وإن كان المقتول أغلى فأسلم إليه القاتل، فلا حجة له.
قيل لسحنون، فلم تركت ما قاله السبعة من فعهائنا؟- يعني أهل المدينةـ، لا قصاص بين العبيد في الجراح، وقاله العراقيون،
قال سحنون، لما روينا عن عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز وابن شهاب وسالم، ولما ذكرنا من الاستدلال، قيل له، قال بعض الناس بهذا إلا أنه
***
__________
(1) - في ص وت (ولو عصا).(1/271)
[13/277]
قال، فإن طلب السيد قيمة/ المقتول، كان ذلك في رقبة القاتل يبيعه سيده فيها، قال ليس له أن يبسط يده فيه ببيع حتى يفديه، قال: وقال جميع أصحابنا في عشرة أعبد لعشرة رجال قتلوا عبدا لرجل، فإن شاء قتلهم، وإن شاء أخذ قيمة عبده، فكان على كل واحد عشر قيمته، إما ودى ذلك سيده أو أسلمه فيه، ولرب المقتول قتل من شاء منهم ويعفو عمن شاء على اخذ حصته من القيمة على الأعشار لا ينظر إلى تفاوت قيمتهم، وكذلك في كتاب ابن المواز.
قال ابن القاسم، ولو كانت قيمة أحدهم ألف دينار، فلسيده فداه بعشرة دنانير التي هي عشر قيمة المقتول.
قال سحنون، ولا أعلم بين العلماء اختلافا أن لو ماتوا قبل قيام سيد المقتول، أنه لا طلب له على ساداتهم، قال أبو محمد، يريد إلا أن يترك مالا.
قال: وإن قتل حر وعبد عبداً، عوقب الحر ولم يفد منه، وودى نصف قيمة العبد، ولسيد المقتول قتل العبد القاتل أو يستحييه(1)، ويكون له في رقبته نصف قيمة عبده، ويفديه بذلك سيده أو يسلمه إليه.
ومن كتاب ابن المواز، قال ربيعة، وإذا فقأ عبدان عين عبد، أنه يفقأ عينهما، قال هو ويحيى بن سعيد، تقتل مائة عبد بعبد إذا اجتمعوا على قتله، فإن استحياهم سيده، فليس له إلا قيمته.
قال مالك، وإنما ينظر إلى قيمة الجرح بعد البرء، فإن كان بعبد والجاني حر أو كان بحر والجاني عبد أو إذا جنى حر على عبد، فينظر إلى ما نقص يوم البرء/ أن لو كان هكذا يوم الجناية لا يوم البرء مع الأب- يريد في العمد- ولو برئ على شين فلا شيء فيه غير الأدب في الحر والعبد، وإذ لا قصاص بين حر وعبد، وإن جنى عبد على حر، نظر إلى دبة ذلك بعد البرء في العمد والخطإ، فيكون في رقبة العبد إلا أن يفدي بذلك، وفي العمد الأدب، وإن برئ الحر على
***
__________
(1) - في ص وت (أو يسجنه).(1/272)
[13/278]
غير شين فلا شيء فيه إلا الأدب، وإن برئ على شين فذلك في رقبة العبد، وإن كان المجرم عبدا والجاني حرا، فذلك الشين في ماله- يريد في غير الموضحة وشبهها.
في العبد يجني على الحر فيفدى ثم يبرأ
ما جرحه إلى أكثر منه أو يموت الحر
من كتاب ابن المواز، وهو في كتاب ابن سحنون لأشهب، وفي المجموعة لابن القاسم وأشهب، وإذا جرح حرا عبد فبرئ على شين ففدى العبد سيده، ثم انتفض الجرح فمات منه، فليقسم ولأنه لو مات منه إن طلبوا إتمام الدية في الخطإ أو القصاص، فإن استحيوه في العمد بعد القسامة عاد كالخطإ، إما أسلمه سيده وارتجع ما دفع أولا وإما فداه بالدية ويحسب له ما كان دفع، وإذا أسلمه وطلب ما دفع، والمقتول مديان، فليس لغرمائه الدخول معه في العبد حتى يوفوه من ثمنه إن لم يكن ثم مال غير ما كان دفع أولا في الجرح، وليس لأولياء المقتول أن يلزموك أيها السيد بتمام الدية على ما كنت وديت في الجرح، ولكن/ لهم أن يتمسكوا بما وديت في الجرح، ويدعوا لك العبد إذا كان ما وديت مثل دية النفس فأقل، إلا أنه إن كان مثل الدية لم يكن لك عليهم قسامة لأنه خطأ، وعندهم مثل الدية إلا أن يكون عمدا، ويطلبوا القصاص، قال، ولو وديت في الجراحة أكثر من الدية ثم انتفض جرحه فمات وقد نقد العبد عندك أو جنى او هو بحاله، فأردت أن ترجع بالنائف على دية النفس، فأما أشهب فقال لك ذلك إذا استحيوه في العمد وأقروا أن ميتهم مات منها، أو أقسموا على ذلك ثم استحيوه بعد ذلك، وليس لك أن تسلم أنت عبدك وتأخذ كل ما كنت دفعت إلا أن تريدوا قتله، فلك أخذ جميع ما كنت دفعت من مال المقتول، وبعد هذا باب في العبد يجني فيفي ثم يجني ثم تنتقض جراحات الأول، وقال أيضا أشهب فيمن قطع يدي رجل ورجليه وفقأ عينيه خطأ ثم مات، أن لولاته أن يحلفوا أن صاحبهم ما علموه مات من هذه الجناية يمينا واحدة، ثم لهم ثلاث ديات على عاقلة الجاني، [فإن نكلوا حلف عاقلة
***(1/273)
[13/279]
الجاني، والجاني معهم لمات منها، وودى دية واحدة، قال أصبغ](1)، على عاقلة الجاني ثلاث ديات، بلا قسامة ولا يمين، وإن كان عمدا فلولاته القصاص من الجراح، وإن شاؤوا القتل فليس لهم ذلك إلا القسامة أنه مات منها./ ومنه من المجموعة قال أشهب، وإذا جرح عبدك حرا جراحات تبلغ دية ونصفا(2) ففديته بذلك، ثم انتقضت الجراح فمات، فإن أقسم ولاته لمات منها، وقتلوا العبد، ردوا ما أخذوا، وإن أبوا ذلك وتمسكوا بما أخذوا، ولم يدعوا أنه مات منها في العمد ولا في الخطأ، فقمت عليهم بما زاد على الدية، لأنها نفس، فلهم أن يحلفوا يمينا واحدة ما علموه مات من ذلك، ويتمسكوا بالجميع، فإن أبوا، فلك أن تقسم قسامة [واحدة](3) لمات منها.
قال في كتاب ابن سحنون والمجموعة، فإنه يحلف لمات منها، ويأخذ الزائد على الدية، فإن نكل لم يأخذ شيئا، وبقي الأمر على ما كان.
قال في كتاب ابن المواز، إذا أقسم لمات منها فإنه يأخذ الخمسمائة الزائدة أو يسلم العبد ويأخذ الألف وخمسمائة، قال في موضع آخر، إلا أن يشاء أولياء القتيل أن يتمسكوا بالدية ويردوا الفضل، فذلك لهم، ولعل العبد قد نقص أو جنى جناية أخرى، فلا يكون لك إسلامه إن ردوا عليك الفضل، فإن لم تحلف أنت فلا شيء لك مما كان دفعت، ويبدأ باليمين أولياء المقتول يحلفون يميناً واحدة ما علموه مات من تلك [الجراحات] (4) فإن نكلوا حلفت أنت قسامة أنه مات منها، وأخذت الفضل إلا أن يقر الأولياء أنه مات منها ثم استحيوه، أو نكلوا فليردوا الفضل بلا يمين، قال أشهب، فيمن منقلة(5) فذهب فيها/ سمعه
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) - في الأصل (ونصف) وفي ص وت ونصف دية.
(3) - (واحدة) ساقطة من الأصل.
(4) - (الجراحات) ساقطة من الأصل.
(5) - المنقلة: هي الشبحة التي تخرج منهار صغار العظام وتنقل عن أماكنها وقد كتبت في ص وت (المثقلة) وذلك خطأ في النسخ.(1/274)
[13/280]
وبصره، ثم مات من فوره، فلأوليائه على عاقلة القاتل دية السمع والبصر والمنقلة، قال أصبغ هذه أصوب من التي قبلها.
قال أشهب في كتاب ابن سحنون، وإذا أسلمت عبدك إلى الحر في جرحه إياه ثم ترامى جرحه إلى أكثر منه أو إلى النفس، فأما ما دون النفس، فلا شيء عليك لا في العمد ولا في الخطإ، لا قود بين العبد والحر في الجرح، ولا لك أن ترجع فيه، وتؤدي جميع الجرح وما ترامي إليه، ولو جرح آخر بعد إسلامك، فالذي أسلمته إليه مخير بين فدائه أو إسلامه، وكذلك لو ترامت جراحه الأولى إلى النفس إذا كانت خطأ، وإن كان عمدا، فلولاته أن يقسموا ويقتلوه، فإن لم يقسموا أو أقسموا ثم استحيوه عاد الأمر على ما ذكرنا في الخطإ.
ومن العتبية(1)، روى يحيى عن ابن القاسم، في مدبر جرح عبدا، ثم نزي(2) في جرحه فمات بعد أن عتق المدبر، أن سيد العبد يحلف يمينا واحدة لمات منه، ويرجع بقيمته على المدبر في ذمته، لأنه لا قسامة في العبد، ولو لم يعتق المدبر في الثلث، لأسلم سيده خدمته أو فداها...
في العبد أو من فيه بقية رق يجرح عمدا ثم
يموت مكانه أو بعد أن عاش أياما، أو يتنامى
الجرح إلى أكثر منه، أو جرحه رجلان ثم مات،
وكيف إن أقام بالجرح أو بالقتل شاهدا أو شاهدين
/ قال ابن سحنون عن أبيه عن أبي زيد الأنصاري عن المغيرة، وذكر مثله عيسى عن ابن القاسم في العتبية(3)، في عبد شج عبدا موضحه أو منقلة، وثبت الجرح بشاهدين، قال في رواية عيسى، إن مات من فوره فله قيمته بلا يمين، قالا،
***
__________
(1) - البيان والتحصيل،6: 149.
(2) - يقال نزي الرجل ينزي: نزف وسال دمه ويقال أصابه جرح فنزي منه بالبناء للمفعول.
(3) - البيان والتحصيل، 16: 115.(1/275)
[13/281]
وإن عاش ثم نزي فيه فمات، فليحلف سيده يمينا واحدة لمات منها، وتصير قيمته في رقبة العبد الجارح، فيفديه سيده أو يسلمه، قال المغيرة، وإن شاء اقتصر على طلب الشبحة دون النفس، ولا يحلف فيفديه بها السيد أو يسلمه، وإن طلب يمين سيد الجارح أن العبد لم يمت من الشجة فذلك له، وإن حلف برئ إلا من الشجة، وإن نكل أسلم عبده أو فداه بقيمة العبد الميت، ولو أقر العبد إن منها مات، فلسيد الميت قتله، فإن استحياه كان لسيده افتداؤه أو إسلامه، وإذا أقام شاهدا أن حرا أوضح عبدا، حلف معه سيد العبد دون العبد، واستحق أرش ذلك، فإن نكل حلف الحر وبرئ، فإن نكل ودى الأرش فبرئ، ثم قال سحنون في المجلس قال المغيرة، إذا شهد شاهد على عبد أنه قطع يد عبد آخر، فإن طلب سيده القصاص حلف العبد، واقتص له، وإن أراد السيد العقل حلف السيد وأخذه، وقال مالك، يحلف السيد في الوجهين، وكذلك روى عنه ابن القاسم، إذا أقام شاهدا في جرم عبده عمدا أو خطاً، أن السيد يحلف... وروى ابن وهب عنه مثله في الخطإ...
/ وروى أصبغ عن ابن القاسم في العتبية(1)، مثل قول المغيرة، قال ابن القاسم في رواية عيسى، وإذا أقام شاهدين على ما أصاب له عبده من موضحة أو منقلة، فعاش أياما ثم مات، فأبى أن يحلف أنه مات منها فله على عاقلة الجاني قيمة الجرح بلا يمين، ولا يستحق فيه العبد إلا باليمين، قال بعض الناس بغير يمين ولا أداء ذلك، وكذلك في جرح النصراني يبرأ فيه فيموت، فليحلف ولاته يمينا واحدة، ويستحقون ديته، وإلا فليس له إلا عقل الجرح، قاله مالك، وقال: ولو أقام شاهدا على قتل العبد أو النصراني وقيمة العبد، وإن كان يرث النصراني جماعة، ويملك العبد جماعة، فلابد من يمين كل واحد منهم مع الشاهد، وكذلك مع شهادة شاهدين على الجرح وقد عاش بعده، وإذا شهد شاهد على أن عبدا جرح عبدا
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 199.(1/276)
[13/282]
فبرئ فيها فمات ولم يشهد على القتل فليحلف سيد الميت يمينا واحدة لمات منه، ويستحق العبد ولا يقتله.
قال أبو محمد، أراه يريد يحلف لقد ضربه، ولمن ضربه مات، ولو قام شهيدان بالضرب لم يحلف وحلف ومات منه.
قال ابن حبيب عن أصبغ نحو ما ذكر عيسى عن ابن القاسم، في العبد يقوم شاهد أو شاهدان على أنه جرحه الحر ثم يموت العبد، وقال إذا أقام بالجرح شاهدين(1)، ولم يمت مكانه فأبى السيد اليمين أنه مات منه/ فله ما نقصه في غير الجراح الأربعة، وإن كان من أحد الجراح الأربعة، فله بقدر ذلك من دية الحر في قيمة العبد، وإن كان ضرباً بلا جرح فلا شيء فيه إلا العقوبة من الإمام، وإن قام شاهد على الجرح، ومات مكانه حلف أنه جرحه وأخذ قيمته، فإن أرنت ثم مات، فليس له أن يحلف أنه مات منه، ويأخذ قيمة العبد، ولكن يحلف أنه جرحه، ويأخذ قيمة الجرح كما لا يجب في الحر في مثل هذا قسامة، وإن كان ضربا بلا جرح فلا يمين فيه، قال ويلزم الجاني ضرب مائة، ويسجن سنة في الموضع الذي للسيد أن يحلف فيه ويأخذ قيمة العبد، حلف السيد أو نكل، وقاله ابن القاسم وابن الماجشون.
قال ابن حبيب قال أصبغ، ومن ضرب عبدا فمات قعصا(2)، فإن ثبت ذلك بشاهدين فلربه قيمته بلا يمين، ويضرب القاتل مائة ويسجن سنة، وإن لم يمت قعصا، ومات بعد أن أرنت، حلف السيد يمينا واحدة أن من ضربه أو من جرحه مات وأخذ قيمته، وضرب القاتل وسجن كما ذكرنا، فإن نكل السيد فلا شيء له، ولم يحلف الضارب أنه لم يمت من ضربه، وعليه الضرب والسجن كما ذكرنا.
***
__________
(1) - في الأصل (إذا أقام بالجرح شاهدان) والصواب ما أثبتناه.
(2) - يقال مات فلان قعصا إذا أصابته ضربة أو رمية فمات مكانه وفي الحديث «من قتل قعصا فقد استوجب المآب» (عن الرازي من مختار الصحاح) وقد كتبت في ت وص (بعضا) وذلك تحريف واضح.(1/277)
[13/283]
وإنما ترجع اليمين على المدعى عليه إذا شهد شاهد على القتل، أو على قول القتيل، فنكل الولاة عن القسامة، فها هنا ترجع الأيمان على المدعى عليه، لأن القتل لم يثبت، فأما إذا ثبت الضرب ببينة أو بقول القتيل فعاش ثم مات فنكل/ الأولياء عن القسامة فلا ترجع ها هنا الأيمان على المدعى عليه، لأنه لا يقال له احلف أنه ما مات من ضربك، وفي الأول إنما يقال له احلف إنك لم تقتله.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون، وإن قتل عبد ذمي عبد فلان الحر عمدا، فليسجن حتى يستبرأ أمره ثم يحلف يمينا واحدة، ويبرأ، لأن العبد مدع(1) لغيره.
ولو قال صبي قتلني فلان لسجن حتى يستبرأ أمره، ثم يحلف هذا خمسين يمينا أنه بريء من دمه، ولا يقسم على قول الصبي.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك، ومن أقام شاهدا أن حرا أو عبدا قتل عبده، حلف يمينا واحدة واستحق قيمته، ولا يستحق دمه إلا بشاهدين، وليس فيه قسامة في عمد ولا خطإ.
قال مالك، وإذا شج عبد عبداً فتنامى إلى أعظم منه، فإن شاء سيده أخذ ذلك كله، وإن طلب القود فإنما يستقيد بمثل الجرح الأول بغير تنام، كالحر، فإن تنامى إلى مثل ذلك أو أكثر فلا شيء له ولا عليه، وإن قصر عنه بعقل ما بينهما في رقبته، إن شاء سيده أسلمه كله بذلك أو فداه بدية الزيادة، وهذا في تنامي الجرح إلى أكثر منه، مثل أن يجرح ملطاء(2) فتصير موضحة(3) أو منقلة، أو شجة موضحة، فيترامى إلى منقلة أو مأمومة(4)، فيقتص من الجرح الأول، وينظر
***
__________
(1) - في النسخ كلها (تدعي) بإثبات الياء والصواب حذفها.
(2) - الملطاء ويقال لها الملطى بالقصر والملطاة بالتاء: الشجة التي يبقى بينهما وبين انكشاف العظم ساتر رقيق.
(3) - الموضحة: الشجة التي تكشف العظم.
(4) - المأمومة هي التي تصل إلى أم الدماغ وهي أشد الشجاج.(1/278)
[13/284]
إلى أرش ما تنامى إليه كاملا، فيطرح منه دية الجرح المقتص منه إن لم يتنام(1) في القصاص إلى مثل ذلك، وإن تنامى المقتص منه إلى دون ذلك، كان ما بقي/ محسوبا له في رقبة الجارح، فأما إن تنامى إلى غيره، مثل أن يجرحه في رأسه فيذهب منها عينه أو يده، فإنه إذا اقتص فمن الشجة، ثم يكون في رقبة الجارح دية العين أو اليد، أو يفديه سيده بدية ذلك كله أو يسلمه.
ومن العتبية(2) قال سحنون في عبد جرحه رجل موضحة وآخر منقلة، أو قطع يده فمات ولم يدر من أيهما مات، فسيده مخير إن شاء أخذ من الأول قيمته تامه، ويرجع الأول على الثاني فيأخذ منه ما نقص جرحه من قيمة العبد، لأنه غرم قيمته تامة، وإن شاء سيده أخذ من الثاني بالجرح الأول، ويأخذ من الأول ما نقص من جرحه.
قال أبو محمد، أراه يريد بعد يمينه فيما ادعى أنه مات منه. قال العتبي(3)، قال أصبغ، وإن جرح رجلان عبداً موضحتين عمدا، وثبت ذلك ببينة، فإن عرف الضارب الأول حلف يمينا واحدة أن من ضربه مات، وأخذ منه قيمة العبد، ثم يرجع الضارب الأول على الثاني بنصف عشر قيمته للموضحة، وإن شاء حلف على الثاني، وأخذ منه قيمته مغضوبا، ويأخذ من الأول قيمة الموضحة، وإن جرحاه في فور ولم يدر الأول، فعلى كل واحد نصف قيمته بعد يمين كل واحد أنه ما يعلم الأول.
قال مالك في عبد ضربه قوم أحرار أو جرحوه فمرض من ذلك فمات أن سيده يحلف لمن ضربهم، فإن نكلوا ضمنوا قيمته.
***
__________
(1) - في الأصل (إن لم يتنامى) بإثبات حرف العلة والصواب حذفه.
(2) - البيان والتحصيل، 16: 179.
(3) - البيان والتحصيل، 16: 170.(1/279)
[13/285]
قال سحنون، في الرجل/ يقتل، فيقول دمي عند عبد فلان قتلني عمداً، فنكل ولاته عن القسامة، فإن كانوا ادعوا العمد فليحلف العبد خمسين يمينا ويبرأ، ولا يحلف السيد، فإن قال الأولياء نحن نحلف السيد أنه لم يمت من ضربه، ويدع القتل ويأخذ الدية، حلف السيد خمسين يمينا، فإن نكل قيل له افتك عبدك أو ادفعه.
في الجارح أو المجروح يعتق بعد الجرح، ثم يموت المجروح
أو يتنامى جرحه أو يصح
من كتاب ابن المواز، قال مالك، وإذا أعتق [المجروح](1) بعد الجرح، فإنه ينتظر به(2) حتى يصح، فإن برئ الجرح ولم يتنام(3) إلى غيره أو نقص، فللسيد مبلغ ذلك من دية عبد، إلا أن يجب القود، وإن تنامى الجرح بعد العتق(4) إلى أكثر منه، فالزيادة للعبد، على أن الزيادة من دية حر، فأما إن جرحه وهو عبد، ثم تنامى ذلك بعد العتق إلى زوال جارحة أخرى مثل فقء(5) عينه، فالشجة الأولى للسيد إن شاء اقتص منه، أو أخذ أرشها، وفي العين دية عين حر خمسمائة دينار للعبد المعتق في رقبة الجارح إن كان عبدا، وإن كان حرا ففي ماله، فأما تنامي باضعه إلى منقلة بعد العتق، فإن في الباضعة قدر ما نقصت من عبد، يكون ذلك للسيد، وإن شاء استقاد، فإن لم يستقد طرح أرش الباضعة من عبد من عقل منقلة حر، وما بقي أخذه العبد المعتق، وأما إن ذهبت من ذلك العين كما ذكرنا، فلا يحط من دية العين شيء/ بسبب الجرح الأول، ولو عتق الجارح مع هذا قبل تنامي الجرح، فأراد سيد المجروح القود، وأخذ عقل التنامي، فذلك له، وليس عتق الجارح يحمل من ذلك شيئا، ويحلف سيده ما أعتقه ليحمل عنه ما
***
__________
(1) - (المجروح) ساقطة من الأصل.
(2) - في ص وت (فإنه ينظر فيه).
(3) - في الأصل (ولم يتنامى).
(4) - في ص وت (بعد العقد).
(5) - في النسخ كلها (ففي عينه) بقلب الهمزة ياء.(1/280)
[13/286]
لزمه من ذلك، فإن لم يحلف تم له العتق، وغرم السيد كل شيء، وإن حلف رد رقيقا وطلب سيد المجروح دية ما وجب له قبل عتقه، وطلب المجروح تنامي جرحه بعد عتقه، فإن أسلم سيد الجارح عبده بما جنى كان بين السيد وبين العبد المجروح، فإن كانت موضحة تنامت بعد العتق إلى منقلة، فله نصف عشر قيمته عبدا يوم جرحه، وللمعتق ثلثا(1)، عقل منقلة حر، فيضربان في العبد بقدر ذلك، ولو تنامت في هذه المسألة إلى زوال عينه، فأسلم الجارح سيده، ضرب فيه لسيده بنصف عشر قيمة عبده، وضرب المجروح المجروح بدية عين حر، وإن سيد الجارح فداه بعد أن حلف ما أراد بعتقه حمل جنايته، لعتق عليه، وكذلك لو أبى اليمين كان عليه أن يسلم إلى سيد المجروح المعتق نصف عشر قيمة رقبته عبدا يوم الجرح ويسلم إلى المجروح دية عين حر، وإن كانت منقلة فثلثى قيمة منقلة، وإن تنامى جرح العبد بعد أن عتق إلى أن مات، فها هنا يسقط الجرح، ويدخل في النفس، وليس للسيد قصاص الجرح ولا أرشه، لأنه يقال في هذا عمد القتل بالضربة، ولا يقال تعمد ذهاب العين بالموضحة،/ وقد اختلف فيه، فقال ابن القاسم، فيه دية حر يرثها ورثته بعد أن يقسموا لمات منها، وبلغه ذلك عن مالك، ويكون ذلك في رقبة الجارح إن كان عبداً، فيفدى بها أو يسلم، وفي مال الحر إن كان حرا، وليس على العاقلة منه شيء في عمده ولا في خطئه، وإنما ترك فيه القتل لعظيم القتل، ولما فيه من الشبهة، وبه أقول، وقال أشهب وابن عبد الحكم بخلافه، فقالا في العبد أو النصراني يجرحان بعتق العبد، ويسلم النصراني وينزيان في الجرح، فيموتان، فإنما الحكم فيهما يوم الجرح لا يوم الموت، فالدية دية نصراني وقيمة عبدٍ.
وقال عبد الملك وأصبغ بقول ابن القاسم، وقال أصبغ القياس قول أشهب ولا أقوله، وهو قول [عراقي، قال ابن القاسم، ولو أنفذ جارح العبد مقاتله ثم عتق ثم مات فإنه يوارث بالحرية، وكذلك](2) ينبغي أن تكون ديته دية حر، وفي كتاب
***
__________
(1) - في الأصل (وللمعتق ثلثي عقل) والصواب ما أثبتناه.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ت وص.(1/281)
[13/287]
الديات باب في المعنى، وفي آخر هذا الكتاب باب في الأمة تلد من السيد بعد الجناية.
في جنايات العبيد ودياتهم، والجناية عليهم،
ومن أمر رجلا بقتل عبده، ومن أخصى عبد رجل
قال مالك، جراحات العبد كلها إنما فيها ما نقصها، إلا في مأمومته ومنقلته وموضحته وجائفته، ففيهن من قيمته يوم جرح، بقدر جرحهن(1) من دية الحر، وفيما سوى ذلك ما نقصه،/ ولا يقام حتى يبرأ، فينظر ما قيمته يوم الجرح صحيحاً؟ أو ما قيمته أن لو كان به يومئذ هذا الجرح؟ [= يريد نازيا] (2) فما نقص كان له، وإن جاوز دية الحر، وكذلك الأمة، وفي جنينها نصف عشر قيمتها.
قال أشهب عن مالك، وإذا جرح عبداً بما يفسده كفقء(3) عينه أو قطع يديه لزمته قيمته وعتق عليه قال أشهب، [وكذلك] (4) اليد والرجل جميعا، وليس للسيد في هذا إلا أن يسلمه، ولابد من عتقه على جارحه، وأما جرح لا يفسده فليس لربه إلزامه قيمة جميعه إذا أبى، ولا على سيده ذلك إن طلب ذلك الجارح، وبهذا قال أبو الزناد، أنه إن قطعت يده أن قيمته تلزمه ويعتق عليه ويعاقب.
أشهب، ولقد قال مالك، إذا قطعت يده أو فقئت عينه عمدا، أن لربه إن شاء أخذ ما نقصه، وإن شاء ضمنه قيمته صحيحا ثم يعتق عليه، أخبرنيه عنه ابن كنانة، ولا أقول به، وهو يرد قول الذي قال، وإن فقئت عيناه أو قطعت يداه ليس فيه إلا ما نقص، وأما إن كان في قطع يد واحدة وقد أذهب أكثر منافعه فقد لزمته قيمته كلها، وإذا بقي فيه بعض المنافع، فأرى أن يحمل فيه على المتعدي فيكون سيده بالخيار على ما قال مالك، وهو استحسان، والقياس ما أخبرتك.
***
__________
(1) - في الأصل (بقدر جزء من دية الحر).
(2) - ما بين معقوفتين غير واضح في الأصل أثبتناه من ص وت.
(3) - في النسخ كلها كفقي عينه بقلب الهمزة ياء.
(4) - (وكذلك) ساقطة من ص وت.(1/282)
[13/288]
قال أشهب وابن وهب عن مالك، أنه إن كان في جائفته ومأمومته، ومنقلته وموضحته عقل بعد البرء، لم يزد فيهن على عقل الجرح. ابن عبد الحكم عن ابن القاسم وأشهب، أنه يزاد بقدر/ الشين، قال محمد: وأظن هذا غلط عن أشهب، لأن قوله في كتبه وما ذكرنا عنه أصح، أنه لا يزاد في ذلك ما روي عن النبي عليه السلام في دية الموضحة في الحر(1)، وقال ابن القاسم وابن عبد الحكم وأصبغ أن يزاد للشين، والرأس عندهم من الوجه(2)، وإذا برئ جرح العبد وعاد لهيئته فلا شيء عليه غير الأدب، إلا في الأربع جراح التي ذكرنا(3)، وروى ابن القاسم وابن عبد الحكم [عن مالك، قال إذا كسرت رجلا العبد ويداه، ثم صح كسره فلا شيء على الباغي، وإن أصاب كسره نقص أو عيب فعليه بقدر ذلك النقص، ولم ير مالك أجر] (4) الطبيب في جراح العبد إذا برئ، وضعفه، قال مالك، وقوم يقولون ذلك، ويقولون وطعامه، ولم ير ذلك شيئا. قال ابن القاسم، وإذا جرح العبد وقيمته مائة، ثم مات وقيمته أقل من مائة، أو قيمته ألف، فليس فيه إلا قيمته يوم جرح، وهو يوم ضمنه، قالوا ولو قطعت يده بعد جناية الأول عليه، أو فقئت عينه، أو ضربت عنقه، فأما إن ضرب عنقه آخر، فعليه قيمته(5) يومئذ على انه مجروح، ويأخذ السيد من الأول قيمة جرحه ما لم يكن أولا قد أنفد مقاتله، فتكون عليه قيمته، ولا يكون على ضارب عنقه إلا الأدب، وأما إن لم يكن جرحها مبلغا المقتل، فإن السيد إن شاء حلف عليهما [لمات منهما، وإن شاء على أحدهما إن كان جرح كل واحد معروفا، فإن حلف عليهما](6) فله أن يضمنها/ قيمته، وتكون نصف قيمته على الثاني منقوصة- يريد ويغرم الأول أيضا نصف ما نقصه جرحه بالجرح الأول- فإن شاء حلف على الجارح الأول لمن جرحه
***
__________
(1) - أي على خمس من الإبل كما جاء في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول وقد تقدمت الإشارة إليه في أول هذا الكتاب.
(2) - في الأصل (والرأس عندهم مثل الوجه).
(3) - أي الجائفة والمامومة والمنقلة والموضحة.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(5) - (فعليه قيمته) حرفت في ت إلى (فليس قيمته).
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/283)
[13/289]
مات، وأخذ منه قيمته إلا ما نقصه جرح الثاني، فيحسب ذلك على السيد يتبع به السيد الجاني الثاني، وإن شاء حلف لمن جرح الثاني مات، وأخذ منه قيمته مجروحا، وأخذ من الأول ما نقصه جرحه يوم جرحه، وقد قال بعض من قال انه يأخذ من الأول قيمته صحيحا لا يحاصه بشيء، ويرجع الأول على الثاني بما يلزم الثاني من دية جرحه، ولا أقول به، ولكن يحسب الأول ذلك على السيد كما ذكرنا.
قال محمد بن عبد الحكم، إذا جرح رجل عبدا قيمته مائة دينار فمرض العبد، فلم يزل ينقصه المرض كل يوم حتى مات، ولم يبرأ الجرح حتى مات، وقيمته عشرة دنانير، فعلى جارحه قيمته مائة دينار، ولو زاد قيمته فصار يسوى أكثر من مائة، لم يكن إلا قيمته يوم جرحه، ولو قطع أصبعه أو يده ثم أقام أياماً لم يبرأ، فجنى عليه رجل آخر بجرح أو قطع يد فإنه يحكم على القاطع الأول بما نقص العبد القطع الأول، ويغرم الثاني ما نقصه القطع الثاني، ثم ينظر إلى ما بقي من قيمته بعد ذلك، فيغرمانه جميعا لا أبالي كان الجرحان جميعا سواء، أو أحدهما أعظم من الآخر، مثل أن تكون قيمته أولا مائة فنقصه الجرح الأول عشرة، ونقص الثاني عشرين، فصار يسوى سبعين، ثم مات من الجرحين فليغرم الأول عشرة،/ والثاني عشرين، ويغرمان جميعا سبعين دينارا بينهما بالسواء، لأنه تلف من جرحتهما، ولو قطع الأول يده فنقص من قيمته خمسين دينارا، ثم زادت قيمته فصار يسوى مائتي دينار، ثم جنى عليه جان جناية نقصت منه مائة دينار، ثم مات من الجرحين، فليغرم الأول خمسين دينارا(1) لما نقص من جرحه، ويغرم الثاني مائة دينار لما ينقص جرحه من العبد، ثم ينظر إلى ما بقي من العبد، وهو بعد يسوى مائة دينار جناية فلم يمت حتى صار يسوي عشرة دنانير فصار يسوى مائتي دينار، فليس عليه إلا قيمته يوم جنى عليه، فيقول الجاني إنما بقي من العبد [مما بقي من بعد جناية الأول خمسون دينارا، وقد ذهب منها خمسة وعشرون](2)
***
__________
(1) - في النسخ كلها (فليغرم الأول خمسون دينارا) والصواب ما أثبتناه.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/284)
[13/290]
لجناية الثاني، فعلى الأول نصف ما بقي بعد الجرحين من قيمته يوم الجرح الأول، فيغرم اثني عشر دينارا ونصفاً(1)، فيصير كل ما يغرم اثنين وستين دينارا ونصفا(2)، وعلى الثاني مائة وخمسون دينارا.
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية(3) من سماع ابن القاسم، قال مالك، في العبد يخصى، فإن نقصه ذلك، فلربه ما بين القيمتين كجراحه، وإن زاد فيه ذلك فلينظر إلى ما ينقص الخصي من مثله من أوسط صنفه، فيغرمه، وذلك أن ينظر إلى ما نقص الذي زيد فاجعله جزءا من ثمنه إن كان عشرا، فله عشرة على هذا النحو وروى أصبغ في العتبية(4)،/ عن ابن القاسم، فيمن قطع يداً واحدة من عبد فاره صناع(5)، فإنه يضمن قيمته لربه ويعتق عليه.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون، إن قطع يد عبد [نساج أو صانع] (6) بيده ضمن قيمته أجمع، ويأخذه، وإن كان على غير ذلك فإنما عليه ما بين القيمتين، وكذلك البغل الفاره، والحمار الفاره الذي هو مطية يقطع أذنه أو ذنبه، فعلى قاطعه جميع ثمنه، وإن كان ممن يحمل عليه الأحمال فعليه ما نقصه،
ورأيت لسحنون، فيمن أخصى عبدا لرجل فزاده الخصاء قال، ينظر إلى عبد دنئ وعبد ممن ينقص مثله الخصاء، قال، ينظر إلى عبد دنيء وعبد ممن ينقص مثله الخصاء، فيقال ما ينقصه الخصاء أن لو أخصي فيقال خمسة، غرم الجاني قيمة العبد الذي جنى عليه- أراه يريد إن تمسك به ربه ولم يرد تضمينه- وقال ابن عبدوس، إذا لم ينقصه الخصاء فلا غرم على الجاني، إلا أن الإمام يزيد في ذلك على قدر ما يرى.
***
__________
(1) - في النسخ كلها (ونصف) والصواب ما أثبتناه.
(2) - في النسخ كلها (إثنان وستون دينارا ونصف) والصواب ما أثبتناه.
(3) - البيان والتحصيل، 16: 88.
(4) - البيان والتحصيل، 16: 200.
(5) - حرفت العبارة في ص وت إلى قوله (فأراه ضاع) والصواب ما أثبتناه.
(6) - ما بين معقوفتين غير واضح في النسخ الثلاثة توقعنا أن ذلك هو المقصود فأثبتناه والله أعلم.(1/285)
[13/291]
[والذي قال سحنون، نحوه في رواية علي بن زيد عن مالك، وفي سماع ابن القاسم](1)، ومن كتاب ابن حبيب وقال أصبغ، ومن أمر رجلا بقتل عبده ففعل، لزمه ثمنه لحرمة الدم، كما يلزمه دية الحر إذا قتله بإذن وليه فعفي عنه، ويلزم الآمر والمأمور ضرب مائة، وسجن سنة، وعتق رقبة- يريد على كل واحد.
في العبد ومن فيه بقية رق، يقتل رجلا عمدا،
فعفي عنه على استرقاقه
من المجموعة/ قال مالك، في العبد القاتل عمدا، يعفى عنه على استرقاقه، أن الخيار يرجع إلى سيده في أن يسلمه أو يفديه. وكذلك المكاتب إلا أن يؤدي الدية، فيبقى على كتابته، قال ابن القاسم، ولو عفوا عن أم الولد والمدبر على استرقاقهما لم يسترقا(2)، وإن رضي السيد، أن لا يسلم رقابهما، ولهما في المدبرة أخذ خدمتها إلا أن يفديها السيد، ولو عفوا في أم الولد على أن يأخذوا قيمتها من السيد، فأبي، فله ذلك، وليس لهم إلا القتل، وقاله مالك في الحر إذا أبى أداء الدية، واختلف فيه قول مالك في موضع آخر، وقال أشهب، تلزمه الدية في ماله، قال سحنون، أم الولد بخلاف الحر، وعلى السيد الأقل من قيمتها أو أرش الجناية، وقال غيره إذا استحياها الولي في الحر، أو سيد العبد، في قتل العمد على أن يأخذ العقل، رجعت إلى السيد، لأنه إنما يفديها حين لا يجوز له إسلامها، فأما وقد أسلمها للقتل، فليس عليه غير ذلك، وليس العفو عنها يوجب عليه ما لا يلزمه، قال ابن وهب عن مالك في القاتل عمدا يسلم فيؤخذ رضي بأخذ العقل، أنه ليس للأولياء قتله بعد ذلك.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) - في الأصل (لم يسترق).(1/286)
[13/292]
في العبد يجني أو يستهلك مالا وجنايته فيما
يؤتمن عليه، وجنايته على ولده أو والديه
/ من المجموعة، روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك، قال كل ما جنى العبد على أحد من جرح أحدثه أو حرسة احترسها، أو تمر معلق أخذه أو أفسده، أو سرقة لا قطع فيها، أو وطئ امرأة غصبا فلزمه ما نقصها، في الأمة وفي الحرة صداق مثلها، فذلك في رقبته قل أو كثر، فإن شاء سيده فداه بها أو أسلمه، ومثله في كتاب ابن المواز، وقد اختلف في العبد ففي ذمته، لأن أصله أمانة.
من غير كتاب ابن المواز، وقد اختلف في العبد يؤتمن فيتعدى فيما أؤتمن عليه، [فقيل هذا في ذمته وقيل في رقبته. قال ابن حبيب، قال ابن الماجشون، كل عدي كان من العبد فيما أؤتمن عليه](1)، من وديعه أو بضاعة، أو ما استؤجر على عمله، أو في عارية أو كراء، أو ما صار بيده بإذن أهله، فذلك في ذمته إلا في وجه واحد [إلا أن يتعمد](2) فساد ذلك الشيء من تعمد قطع الثوب وعقر البعير وشبهه، فهذا في رقبته، فإما إن يبع ذلك الشيء ويأكله أو يأكله إن كان طعاما فذلك في ذمته،
[وقال أصبغ لم يكن ابن القاسم وأصحابننا يميزون بين ذلك، وكانوا يجعلون ذلك كله في ذمته، قال وكل ما لزم العبد في رقبته](3) لزم مثله اليتيم في ماله وذمته، وما لا يلزم العبد إلا في ذمته فلا يلزم اليتيم في ماله ولا في ذمته، وقاله/ ابن القاسم.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم في عبد قال لرجل بعثني سيدي يسألك ألف دينار(4)، سلفا، فدفعها إليه ببينة، فأتلفها، وأنكر السيد أنها في رقبته
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) - في الأصل (وأما أن يبيع) والصواب ما أثبتناه من ص وت.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(4) - في ص وت (ألف درهم).(1/287)
[13/293]
إن لم يكن للعبد مال، وليس هذا بشيء، وقوله الآخر أنها في ذمته، وقول أصحابه أصوب.
وقال أصبغ، هذه جناية، ولا فرق بين الخديعة والجناية، وذلك في رقبته.
وروى سحنون في العتبية(1) عن أشهب، قال هذه خناية، وذلك في رقبته، ادعى أن ذلك تلف أو دفعه إلى سيده والسيد منكر، وذكر مثله عن أشهب ابن القاسم إلا أن يقر السيد، وذكر أن مالكا قال في الذي آجر عبدا بإذن سيده ليؤدي له بعيرا إلى منهل، فنحره وقال خفت عليه الموت، قال مالك، ومن يعلم هذا؟ أراه في رقبته.
وكذلك في سماع أبي زيد عن ابن القاسم عن مالك فيه إذا آجره على أن يعلفه فباعه أو نحره، وأكل منه، قيل: أليس أصله أمانة؟ قال: هو كما لو آجره على رعاية غنم فذبحها، أو على حراسة حائط فجره، أو على أن يحمل له شيئا إلى بيته فسرق من البيت ثوبا، ولم يره كالصباغ يقول ذهب المتاع.
قال ابن القاسم، في المأذون إذا أحبل أمة بينه وبين رجل، فذلك في رقبته، إما فداه سيده بنصف قيمتها أو أسلمه بمالها.
قال عيسى عن ابن القاسم، إذا وطئ/ العبد أم ولد ابنه الحر، درئ عنه الحد، وقيمتها في رقبته قيمة أمة، لأنه حرمها على الابن، وتعتق، فإن لم يفده سيده وأسلمه عتق على الابن، فإن قيل إنه يتهم أن يرجع على الابن فيعتق؟ قيل ليس كذلك، وهو لو قطع لها جارحة، أو لأمة ابنه، أو سرق من ماله لكان في رقبته، فذلك ما حرمه عليه، قال ابن القاسم، وإن وطئ أمة للابن، فأما البكر فذلك في رقبته إن نقصها الافتضاض، فإن لم تكن بكرا فلا يكون في رقبته من ذلك شيء.
وقد قال في غير العتبية، أنه قد حرمها عليه، فله أن يحبسها، ويكون ما نقص البكر في رقبته، ثم لا تحل له أو يلزمه قيمتها، ويكون ذلك في رقبتها(2).
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 165.
(2) - في الأصل (في رقبته) والمناسب للكلام ما أثبتناه من ص وت.(1/288)
[13/294]
ومن العتبية(1) روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، في عبد قتل أباه الحر عمدا، فليسلم إلى أولياء أبيه وهم إخوة العبد، فيستحيونه، فإنه لا يعتق عليهم، ولكن يباع فيعطون ثمنه، ولو كان القتل خطأ فأسلم إليهم [يعتق عليهم ولا يرث في الوجهين، ولو جرح أباه الحر عمدا أو خطأ فأسلم إليه](2) لعتق عليهم.
قال عنه سحنون، ولو فعل العبد بابنه العبد(3) كما فعل المدلجي(4)، كان مرتهنا بالجناية، فإن أسلم بيع ودفع ثمنه إلى ورثة الابن، ولو قتله خطأ، فأسلم إليه بالجناية يعتق عليه.
في إقرار العبيد ومن فيه بقية رق بالجنايات
من كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم عن مالك، أنه قال في عبد أقر على نفسه بالقتل، قال فللأولياء قتله بإقراره،/ فإن استحيوه، بطل إقراره، ولا شيء لمن أقر له، قال، وإقراره بجرح الحر باطل، لأنه لا قود بينه وبينه، وكذلك لو أقر بجرح عبد عمدا، فإن لسيده القصاص، فإن ترك القصاص، فلا شيء له، قال محمد، إلا أن يكون مع إقراره سبب بذلك، كما قال مالك في عبد كان راكبا على دابة فأصاب صبيا بموضحة، فأتى والصبي متعلق به، والعبد مقر وليس عنده بينة، قال أما ما يكون قريبا هكذا أو يأتي وهو متعلق به فأرى ذلك لهم، وأما إذا لم يكن معه الصبي فيأتي فيقر له، فليس بشيء، وقاله ابن القاسم، وقال أشهب في إقراره بالقتل إذا أتي بما يعرف مثل أن يكون هناك قدري يتبعه، فذلك لازم ويحلف ولي القتيل، فأما إن لم يكن [إلا قوله فلا قول له، قيل أظهر عينه فقال قتلته وما هو
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 11.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل أثبتناه من ص وت.
(3) - في الأصل (بابنه الحر) وقد أثبتنا ما في ص وت.
(4) - قضية المدلجي رواها الإمام مالك في الموطأ فيما جاء في ميراث العقل والتغليظ في الدية وقد أشار إليها العتبي في كتاب الديات الثالث ويوجد تعليق مفيد حولها للأستاذ أحمد الحبابي أثناء تحقيقه للجزء السادس عشر من البيان والتحصيل.(1/289)
[13/295]
ذا، قال لا يقبل منه إلا أن يكون](1) معه، ويرى يتبعه ونحوه، أو قام شاهد حلف سيد المقتول معه واحدة، لأنه الآن مال،
قال ابن القاسم، في عبد قتل حرا فلم يعلم سيده حتى أعتقه ثم أقر بذلك العبد، فإن كان خطأ لم يقبل منه، لأنه يرق نفسه، وقيل وإذا جنى على عبد بموضحة فأقام أياما ثم مات، فاعترف عبد أنه جرحه، فليكشف عن ذلك، ولا يكون لسيده أن يحلف إلا أن يأتي بشبهة، فإن أتى بشاهد حلف، وصار له، فإن نكل ورد اليمين على سيد المقر، فما أظن ذلك له.
قال أشهب وإذا أقرالحر أنه شج/ عبدا وأقام أياما ثم مات [فعليه قيمته](2) وليس على سيده يمين لمن ضربه مات، لأنه مقر بضربه.
قال محمد، وأحب إلي ألا يكون له شيء حتى لمن ضربه مات.
ومن كتاب ابن شعبان، وأعرفها في غيره من كتب أصحابنا في المدبر يقر بجناية تكون في خدمته، فلا يقبل إقراره، ثم مات السيد بعد ذلك بمدة ولم يدع غيره، فإنه يعتق ثلثه، ولا يتبع بثلث الجناية كلها، لأنه يقول لو قبل إقراره اختدمت في تلك الجناية، وقد منعكم السيد خدمته، فلا تلزمني حصة ما كان يسقط بها عني، فإنه ينظر إلى قيمة ثلث الخدمة، فإن كانت مثل ربع الجناية، فالباقي ثلاثة أرباعها، فعلى الثلث العتيق ربع الجناية، ولو حمل الثلث جميعه لأتبع بثلاثة أرباع الجناية.
قال ابن المواز، قال ابن القاسم، ويقبل إقرار المكاتب بالدين، ولا يقبل في الجناية، قال أشهب، في الجناية، إن للسيد أن يبطل عنه ذلك قبل عتقه، فإن عتق قبل أن يبطله لزم ذلك المكاتب يلزمه الأقل من قيمته أو من دية ذلك الجرح، ولو كان قد أبطله السيد سقط ذلك عنه، إلا أن يقر به بعد عتقه، فيلزمه
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وجاءت العبارة في الأصل على الشكل الآتي (وإذا أقر الحر أنه شج عبدا وأقام أياما ثم مات فليس على سيده يمين).(1/290)
[13/296]
وقال ابن القاسم، إقراره باطل قبل عتقه [وبعد عتقه](1)، قال محمد، وهذا الصواب، لأن جنايته برقبته، فإما فداه سيده أو أسلمه، هذا أصل مالك وأصحابه.
قال أحمد، قول أشهب أصح، بخلاف العبد/ يقر بالجناية بعد عتقه، لأن جناية العبد في رقبته، وجناية المكاتب في ماله إن كان يؤديها، وإن لم يرض سيده، ولا تكون على سيده إلا بعد عجزه،
ومن العتبية(2)، روى أشهب وابن نافع عن مالك، وإذا اعترف عبد بقتل- يريد خطأ- فليس على سيده شيء ولا يمين، قال، وإن أقام سيد المقتول شاهدا حلف معه، قيل فإن نكل أيحلف سيد المقر؟ قال، ما أرى ذلك.
في العبد ومن بقية رق يجنى وله مال،
وكيف إن مات عن مال وهو عبد أو مكاتب أو
أم ولد أو مدبر، أو من فيه بقية رق؟
من العتبية(3) قال أصبغ، اختلف قول ابن القاسم، في العبد يسلم للقتل فاستحيي وله مال، فقال مرة لا يكون ماله تبعا، لأنه للقتل أسلم كما لو قتل.
ومرة قال يتبعه ماله إن استحيي، والأول أحب إلي، ثم رجع أصبع فقال بل يسلم بماله لأنه ما عفى عنه صار بمنزلة الخطإ، وسواء قتل حرا أو عبدا، أو كان جرحا أو نفساً.
وقال أشهب يؤخذ ماله في العمد والخطأ إلا أن يستقاد منه فيقتل.
من المجموعة قال ابن القاسم وأشهب عن مالك، إن مال العبد الجاني معه في الجناية، وكذلك ما أفاد بعدها أو كسب، قال أشهب كما يكون في مال الحر
***
__________
(1) - (وبعد عتقه) ساقطة من ص وت والظاهر أن حذفها أقرب إلى الصواب.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 466.
(3) - البيان والتحصيل، 16: 11.(1/291)
[13/297]
إلى ثلث الدية فيكون ما زاد على عاقلته، وهو لا يسترق، والعبد/ يسترق، ففي رقبته وماله.
قال سحنون، قال غيره إن كان ماله عينا لم يجبر سيده، ووديت من ماله إن حملها، وأما إن لم يحملها أو عروضا أو عينا غائبا، فيجبر سيده، وقال مالك، وإن كان مديانا فدينه أولى بماله.
قال أشهب ويكون في رقبته لأنه كمن لا مال له، لأن المال مال غرمائه، ألا ترى أن عتق المديان، وصدقته إن كان لها بال، لا يجوز لأنه كأنه أنفذ مال غيره.
قال المغيرة، لأنه إنما أسلم إلى المجروح ما كان يتسلط عليه السيد منه، فهو لم يكن ينزع مال عبده المديان، ولم تكن الجناية كالبيع الذي يبقى ماله لبائعه، لأنه لا عمدة فيه ولا تبرأ من عيب، ولا رد به، ولم يكن يدعي بيعا- يريد- أخذ به عوضاً-.
قال ابن نافع عن مالك، وإن أسلمه للقتل في قتل العمد بلا مال فاستحياه، وأخذه فرجع الخيار إلى سيده فأسلمه، فقال فلو أسلمه في الخطأ أليس بمال؟ قيل أفتراه مثله؟ قال ما هو بالبين،
وقال عبد الملك، وإذا استحياه فله أخد ماله، وإن قتله فلا شيء له في المال، لأنه لم يملكه بالقتل عظم رقبته، وكأنه قتله وملك سيده عليه، فإنما أسلم إليهم للقتل كما يسلم الحر، ألا تراه لو استحياه كان لسيده أن يفديه بالدية، فلو كان قد ملكه إياه ما كان له فداه،
وقال بعض كبار أصحاب مالك، إن مات الجاني- يريد بغير قتل- وله مال/ فماله بدل منه، إما أن يفديه سيده أو يسلم ماله كله عينه وعرضه غائبه وحاضره، ولو كان معتقاً بعد خدمة مؤجلة، قيل للمخدم افد ماله أو أسلمه.
قال عبد الملك، وإن كانت أم ولد وتركت عينا، ودى منه الأرش، فإن لم يف به لم يكن له غيره، وإن كان عرضا خير السيد في فدائه او إسلامه،
***(1/292)
[13/298]
قال ابن القاسم، لا شيء للمجروح في مالها لأنها عنده لو كانت حية إنما تقوم بغير مالها.
وقال ابن نافع عن مالك، وإن أسلم المدبر بجنايته يخدم فيها، فمات عن مال، فليأخذ المجروح منه ما بقي له من عقل جرحه، وما بقي فللسيد، قال، والمكاتب الجاني إن مات عن مال يخير سيده في أداء الجناية وأخذه او تركه لهم، وإن كان مديانا، فما فضل بعد الدين يعمل فيه كذلك.
قال ابن المواز قال أشهب في أم الولد أنها تقوم بغير مالها، وروي عن البرقي أنه قال: قال مالك لا يقوم بمالها.
ومن كتاب ابن المواز، وإذا استحق قتل العبد في قتل عمد ببينة أو بقسامة وله مال، فإن قتل فماله لسيده، ولم يختلف في هذا،
قال فإن عفى عنه فقد قال ابن القاسم مرة إن أسلمه سيده فعليه أن يسلمه بماله لأنه لم يستحق في القتل إلا رقبته، قال وكذلك إذا جرح، ثم رجع ابن القاسم فقال يسلم بماله استحساناً، وقال أصبغ، يسلم ماله، وعليه جماعة من/ الناس، والقتل وغير القتل فيه سواء، والجرح أقوى وهو سواء، لأن القتل العمد إذا عُفي عنه كان كقتل الخطأ، وهو لو جرح عبدا لاقتص منه بلا مال إن شاء رب المجروح، فإن اختار إسلامه أسلمه بماله، وهذا كله قول عبد الملك.
قال أشهب كل جان فماله في جنايته إلا الحر.
قال ابن وهب عن مالك، العبد يسلم بماله.
ومن كتاب ابن حبيب ذكر أصبغ، اختلاف ابن القاسم في العبد يسلم للقتل، فمرة قال لا يتبعه ماله وإن استحيي، ومرة قال إن استحيي فماله تبع له، وبالأول قال أصبغ، قال ابن الماجشون إن قتل بقي ماله لسيده، وإن استحيي فماله تبع إن أسلمه سيده، وله أن يفديه بدية الميت، وإن أسلمه لم يكن له التمسك بماله، ولا حجة له بإسلامه للقتل، وبه قال ابن حبيب، قال ابن
***(1/293)
[13/299]
الماجشون، وإذا جنى العبد جناية تلزم رقبته وماله، ثم أخذ السيد بعض ماله قبل الحكم في أمره، لم يخير في إسلامه، فإنه إن أسلمه فليرد ما كان أخذ منه، وقاله أصبغ، قال مالك، وإذا جنى العبد وله مال وعليه دين، فالمجروح أولى برقبته، والغرماء أولى بماله، قال عنه أشهب، إلا أن تكون رقبته أقل من دية جنايته، فيحاص المجروح ببقية دية جرحه غرماء العبد في ماله.
وقال ابن القاسم وأشهب، ليس للمجروح مع الغرماء في ماله حق، وأما الحر يجرح فغرماؤه والمجروح يتحاصون في ماله.
قال أشهب عن مالك، في العبد يجني فيسلمه سيده ولا مال له/ يعلم، ثم طهر له مال، وطلب المجروح أخذه، فسيده مخير، إن شاء دفع دية الجرح وأخذ عبده وماله، إلا أن يرضىالمجروح بحبسه بلا مال، وإن شاء أسلم إليه المال مع رقبته، وقال أشهب، فإن أراد السيد أخذ عبده ودفع الجناية، فذلك له، إلا أن يرضى المجروح أن يحبسه بلا مال، وقال ابن القاسم، ليس له ذلك إلا أن يرضى، وما ظهر له فهو للذي أسلم إليه، قال محمد: قول مالك وأشهب أصوب، وأما المدبر يعتق نصفه من الثلث وله مال، فإنه يؤخذ من مال الجنايات.
قال محمد وذلك فيما جنى قبل يعتق، لأن كل مدبر يجنى فيبدأ بماله في جنايته، فإن لم يقم به حتى مات السيد، فجرح حرا أو بعضه، أخذ ذلك من ماله، فأما ما جنى بعد أن عتق بعضه، فكالمعتق بعضه يجني، فما فضل من كسبه بعد عيشه وكسوته، فيؤخذ منه عما يصير على حرية المعتق، وإن استوعب ذلك كل ما يبقى بيده، فإن فضل منه شيء بعد قضاء نصف الجناية، أوقف بيده.
قال أشهب، وعند مالك في المجموعة، إذا جنى المدبر وله مال، فلتؤد الجناية من ماله، شاء السيد أو أبى، وليس للسيد أن يسلمه بماله ولا ينزع ماله، وتسلم خدمته، ولكن إن عجز عن ذلك ماله، خير السيد في فدائه أو إسلام خدمته في ذلك، قال ابن القاسم، في المعتق نصفه حر، أن سيده مخير في نصفه، وإن كان
***(1/294)
[13/300]
للعبد مال أخذ منه عما يلحق النصف العتيق،/ وكذلك المدبر يجنى، فيموت السيد ولا يحمل الثلث إلا نصفه، فإن كان بيده مال، ودى منه عن حصه ما عتق منه، وأوقف الفضل بيده، وإن قصر أتبع في حصة الحرية من كسبه فيما يفضل عن عيشه وكسوته، كالدين، وأما ما رق منه فهو رق لهم، وعليهم نفقة ما رق لهم منه، قال غيره، هذا فيما أفاد المدبر في مرض السيد أو بعد موته، فأما ما أفاد في صحته قبل يجني أو بعد، فهو لأهل الجناية حتى يستوفوا منه جنايتهم،
وقال ابن عبدوس، قال بعض كبار أصحابنا، في العبد المخدم أجلا ثم هو حر، فجنى وله مال، أنه لا يؤخذ ماله في الجناية، وليخبر المخدم إما أسلمت خدمته أو فديتها بالأرش، وأما أم الولد فلا يؤخذ عقل جرحها من مالها، وإن لم يكن للسيد مال إلا أن يأخذه السيد، فإن أبى انتزاعه لم يؤخذ منها في الجناية، وتوبع السيد فيها بالأقل، قال أشهب هي بخلاف المدبر، لأن جنايتها على السيد، قال هو وابن القاسم إلا أن تكون قيمتها بغير مالها أقل، فلا يلزمه إلا ذلك، وقاله مالك، وقال المغيرة وعبد الملك تقوم بمالها كما لو كانت تسلم، لأسلمت به، فالقيمة بدلا من الإسلام، قال غيره في ولد المقرور إذا غرم أبوه قيمته، فإنما يقوم بغير ماله، وقد اختلف فيه.
في العبد ومن فيه بقية رق يجني ثم
يعتق، أو يتقدم العتق جناية
/ من كتاب ابن المواز قال مالك، وإذا جرح العبد رجلا ثم أعتقه السيد، فإن أراد حمل الجناية عنه لزمه، وإن قال لم أرد حملها أو قال ظننت أن عتقي يسقطها، أو قال لم أعلم بالجناية، فليحلف على ذلك، ويرد عتقه، فيخير سيده، فإن فداه كان حرا وله إسلامه، فإن كان للعبد مال يؤدى منه أو يرجو معونة من أحد، تلوم له بقدر ما يرجو، ولا يكثر له التلوم، فإن لم يوجد له ذلك رد رقيقا، قال ابن القاسم، إلا أن يكون في رقبته فضل عن دية الجرح، فيباع منه بقدره
***(1/295)
[13/301]
ويعتق ما بقي، قال محمد، وإن كان للسيد مال يعتق فيه ما بقي عتق العبد كله، وودى السيد دية الجرح، وذلك إن كان في قيمته فضل على الجرح.
من المجموعة قال المغيرة، إذا أعتقه عالما بالجناية فهو لها ضامن، كما لو أولد الأمة، قال ابن القاسم، وإن جرح رجلين فعلم السيد بأحدهما فأعتقه رضي بحمل الجناية التي علم، ثم قال قام الثاني، فإن كانت الجنايتان(1) سواء، فعليه أن يعطي الثاني إما أرش جرحه أو نصف قيمة العبد، إن كان أكثر من ذلك، ويأخذ ما بقي، لأنه فدا منه جميعه، ويظهر انه إنما يستحق نصفه وهو لا يقدر أن يسلم إليه نصفه بما أحدث فيه من العتق فلزمه عتق جميعه،
وذكرها ابن عبدوس فقال/ عن بعض أصحابنا، إلا أنه قال، إذا قام صاحب الجناية الآخر أحلف السيد بالله ما علم بها، فإن حلف مضى نصفه حرا ورق نصفه، وخير في ذلك النصف فيفتكه أو يسلمه، فإن أسلمه وكان له مال عتق عليه بالسنة، وأعطى للمجروح نصف قيمته، وإن فداه عتق عليه كله وإن لم يكن له مال وأسلمه، [صار نصفه حرا ونصفه رقيقا](2)، إذا كان له مال يحمل جرح الذي رضي بحمله، وإن لم يكن له غيره، وليس فيه فضل عن جرحيهما، بيع لهما بقدر جرحيهما، وعتق ما بقي.
ومن كتاب ابن المواز، وقال لي ابن عبد الحكم، في الذي أعتقه وقد جنى، فحلف ما أراد حمل جنايته، وخير فيه ففداه، أنه يبقى عبدا له، وهو عبد إن أسلمه، فعجبت من قوله، ثم أخبرت بمثله عن أشهب.
وقال في مدبر قتل عبدا لرجل عمدا، فأعتقه سيده، قال فلسيد العبد قتل المدبر، قال وميراثه لورثته الأحرار، لأنه قتل وهو حر، فإن عفي عنه حلف سيده ما أراد حمل الجناية عنه، أو يقول ظننت أن عتقي له يحمل عنه الجناية ويحلف،
***
__________
(1) - في النسخ كلها فإن كانت الجنايتين.
(2) - في النسخ كلها (صار نصفه حر ونصفه رقيق) والصواب ما أثبتناه.(1/296)
[13/302]
فإنه يرد عتقه، فإن كان له مال وديت منه الجناية، وإن لم يكن له مال أو عجز ماله عن تمامها، خير سيده، فإما فداه، أو أسلم خدمته، فإن استوفى من خدمته في حياة السيد خرج حرا، ولم يضره دين مستحدث، وإن مات سيده قبل ذلك عتق في الثلث، ونال عتق الصحة، وأتبع بما بقي، وهو كعبد/ جنى فأعتقه ربه، وحلف أنه لم يرد حمل ذلك، ثم فداه، فإنه يعتق، وكذلك لو نكل عن اليمين العتق، وإن لم يفده وصار ملكا لغيره رق.
وإذا جنى عبد فأسلمه سيده أو فداه، ثم تثبت البينة أنه أعتقه قبل يجني، فإن كان أسلمه، فسواء أقر أو جحد فهو حر، ويستقاد منه، وإن كان أفتداه، افترق إقراره وإنكاره، فإن قال لم أكن علمت ولا ذكرت حتى فديته، فليس للمجروح غير القود، وإن طلب ذلك سيد العبد وكان له عذر بين في دفعه، ويرد إلى السيد ما أخذ منه، وإن جحد السيد، فالمجروح بالخيار، إن شاء قام بما أخذ، وإن شاء رد ما أخذ، واستقاد.
وفي باب الأمة توهب لرجل وما في بطنها لآخر، من مسائل هذا الباب.
ومن العتبية(1) قال سحنون، في رجل شهد لعبد أن مولاه أعتقه، ثم إن العبد ضرب الشاهد ففقأ عينه، قال لا شيء للمجني عليه في العبد، والعبد لسيده، وفي باب جناية أم الولد، وباب جناية المدبر ذكر عتق السيد إياهما بعد الجناية.
في العبد يجني، فيفديه سيده، ثم يجني، ثم
ينتقض جرح الأول، أو لا يفديه حتى جنى فأسلمه،
أو جنى على رجلين، أو على عبد لرجلين أو عبدين
من كتاب ابن المواز، وهي في كتاب ابن سحنون والمجموعة،/ وإذا جرح عبدك رجلا، ففديته بأقل من دية النفس، ثم جرح آخر، فلم تسلمه حتى انتقض
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 180.(1/297)
[13/303]
جرح الأول فمات، أو ترامى إلى أكثر منه، فأما في الخطأ فهو سواء، فلولاة الأول الخيار، إما تمسكوا ولا يتبعونك في عبدك بشيء، فذلك لهم، ثم تخير أنت في عبدك في الجرح الثاني فقط، أن تفديه أو تسلمه كله، فأما لو أتبعوك أولياء الأول بما ترامى إليه جرح وليهم، على أن ينقضوا الجرح(1)، الأول، فإنه يدخل معهم المجروح الآخر(2) في رقبته، ويردون ما أخذوا من السيد، ويكون العبد بينهم بقدر جناية كل واحد منهما، ويسلمه إلى أولياء الأول وأولياء الثاني فيكون بينهما على قدر جرحيهما ما ترامى ذلك إليه، يتحاصان في العبد، وترجع أنت بما كنت فديته أولا، وإن شئت فديته منهما بدية الجنايتين، وتحسب على الأول بما دفعت إليه، وإن شئت فديته منهما بدية من الأخر بدية جرحه، وأسلم إلى الأول من العبد قدر ما كان يقع له من الأخر لو أسلمته إليهما، وتأخذ منه ما كان أخذ منك، وإن شئت فديت من الأول بقدر ما يصير له من العبد تحسب عليه فيه ما أعطيته، وتسلم إلى الآخر ما كان يقع له من العبد مع الأول، وسواء ترامى جرح الأول إلى النفس أو إلى جرح أعظم منه، فإن شاء المجروح الأول المتمسك بما بيده ويدع زيادة/ الجرح، فذلك له، وتخير أنت في إسلامه إلى الآخر، وإن أراد أن يرد ويطلب ما تنامى إليه الجرح ويدخل مع الثاني، فذلك له، وليس أحدهما أحق من صاحبه، وهذا في الخطأ والعمد من الجراح، لأنه ليس بين حر وعبد قصاص فيهما، إلا أن يترامى في العبد إلى النفس، فللأولياء أن يقسموا ويقتلوا، ويبطل حق الثاني، ولا يكون له شيء لا على السيد ولا عليهم، ويرجع سيد القاتل بما كان فداه به إن قتلوه، وإن استحيوه فهو على ما ذكرنا في الخطإ.
وقال أشهب في كتاب ابن سحنون، وإذا فديته بدية الجرح ثم جرح رجلا آخر، وانتفض جرح الأول فمات، فإن كان خطأ حلفت أولياءه يمينا يمينا(3) ما علموه مات منها، وكان لهم ما أخذ منك وليهم، ثم تخير في فداء عبدك من الثاني
***
__________
(1) - في الأصل (الأمر الأول) ونحن أثبتنا ما في ص وت.
(2) - في الأصل (المجروح والأخر) وقد أثبتنا ما في ص وت.
(3) - هكذا بالتكرار أى يحلف كل ولي يمينا والعبارة في ت (يمينا واحدة) والصواب ما في الأصل.(1/298)
[13/304]
بدية جرحه، أو تسلمه إليه، وكذلك إذا لم يحلف ولاة الأول، إلا أنهم إن لم يحلفوا حلفت على ما علمت، ورجعت عليهم بالفضل عن دية المقتول.
وقال أشهب في المجموعة، إذا كنت فديته بأكثر من الدية حلف، ورثة الميت يمينا يمينا ما علموه مات من الجناية(1)، فإن نكلوا حلفت أنت على ما علمت، ورجعت بفضل الدية عليهم، [وتخير في الثاني في إسلامه العبد إليه](2)، أو افتدائه، ولو كنت أسلمت/ العبد إلى الأول ثم انتفض جرحه فمات، أو ترامى إلى أكثر منه في العمد والخطأ، فليس عليك أكثر من إسلامه، ولا لك في الخطأ أن ترجع في العبد، وتؤدي جميع جراحه وما ترامت إليه، فإن كان العبد قد جرح آخر، فذلك على من صار إليه، يخير في إسلامه أو فدائه، ولكن إن مات في العمد من جراح الأول، فلولاته أن يقسموا ويقتلوا العبد، فإن لم يقسموا واستحيوه فهو مثل ما قلنا في الخطأ.
من كتاب ابن المواز، وإذا جرح عبد رجلين جرحين مختلفين فأسلمه سيده، فهو بينهم بقدر جرحيهما، وكذلك لو قتل حرا وعبدا فأسلمه، فهو بين ورثة الحر وبين سيد العبد بقدر قيمة العبد [من دية الحر، فإن فداه بدية الحر وقيمة العبد](3)، وإن شاء أسلمه إلى أحدهما، فينظر، فإن كانت قيمة العبد مائتي دينار، فذلك سدس الجميع، فإن شاء فدى خمسة أسداسه من ورثة الحر بألف دينار، وأسلم سدسه إلى سيد العبد أو يفدي من ورثة العبد قدر منابته من العبد بما يقع لذلك من الدية، على أن خمسة أسداس العبد [دفعت بألف دينار، وكذلك جرحه لرجلين بقسم العبد](4) على قيمة الجرحين، ثم له أن يفدي بدية أى جرح شاء، ويكون(5) له من العبد بقدره، قال مالك، ولكن لو جرح العبد
***
__________
(1) - في ص وت (من الجراحة).
(2) - العبارة في ت ( ويخير الثاني في إسلام العبد إليه).
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(5) - في ص وت (ويصير له).(1/299)
[13/305]
عبداً/ خطأ، ثم قتل آخر عمدا، فإن قتل لم يكن لسيد المجروح شيء(1) لا على من استقاد ولا على غيره.
وإن استحياه دخلا فيه بقدر الجنايتين مثل ما قلنا في الخطأ، قال مالك، وإن شج جماعة فقام أحدهم فأسلم إليه، فللباقين الدخول معه فيه من قديم أو حديث، ولا شيء على سيده إلا أن يفتكه، ثم يجرح فيوتنف الأمر على سيده أن يفديه أو يسلمه أو يفتك من بعضهم، وإن أسلمه ثم يجرح ثانية، خير من أسلم إليه، وكذلك إن أسلم بعضه ثم جنى، فإنه يخير من له فيه شرك، بخلاف المدبر تسلم خدمته ثم يجني.
ومن كتاب ابن المواز، وكتاب ابن سحنون لأشهب، وإن جرح عبدك عبدين لرجل موضحة موضحة(2) فليس لك أن تفدي نصفه بأرش أحد الموضحتين، وتسلم نصفه بالآخر، كما لو جرح سيدها جرحين، فإما فداه كله أو أسلمه كله، بخلاف أن لو جرح رجلين، وليس العبد أيضا لرجلين، فيكون لمن شاء فداء نصفه.
قال، وإذا جنى عبد لرجل واحد على رجل في بدنه أو ماله أو في عبيده فليس لسيده أن يبعضه على المجني عليه، وإذا جنى عبدك على عبد لرجلين موضحة، فلك فداء نصفه من أحدهما بنصف دية الموضحة، وتسلم نصفه للآخر.
وإذا قتل عبدك حرا وارثه واحد فليس لك فداء بعضه، لكن فداء جميعه، ولو كان له ورثة/ فلك فداء نصيب من شئت منهم بقدر ما يصير له من العبد، وليس لك أن تفدي من أحد الورثة بعض مصابته، ولكن كلها، ولو جنى عبدك
***
__________
(1) - في النسخ كلها ( شيئا) والصواب ما أثبتناه.
(2) - كلمة (موضحة) هنا مكررة في الأصل أي أنه جرح كل عبد من العبدين موضحة ولذلك كان تكرارها ضروريا لمطابقة الكلام للمقصود منه وقد جاءت في ص وت غير مكررة والصواب ما في الأصل وتكرارها شبيه بالتعبير الذي استعمله المؤلف من قبل أثناء تحليف الأولياء حيث قال: فإن كان خطأ حلفت أولياءه يمينا يمينا أي حلفت كل واحد يمينا.(1/300)
[13/306]
على رجلين أو رجلين أو على عبدين لرجلين موضحتين، فلك أن تفدي من أحدهما، وتسلم إلى الآخر، فيكون لك من العبد بقدر ما فديت، مثل أن تكون قيمة أحدهما مائة دينار، والآخر مائتين فموضحة هذا خمسة، وهذا عشرة، فالعبد بينهما أثلاثا، فإن أسلمه إليهما كان بينهما أثلاثا، وإن فداه من صاحب الخمسة، وأسلم إلى صاحب العشرة صار له ثلثا العبد(1)، ولربه ثلثه، وإن أسلم إلى صاحب الخمسة صار له ثلثه، ويصير لسيده إذا فداه من الآخر ثلثاه.
ومن كتا ابن المواز، وإذا قتل عبدك قتيلا بعد قتيل خطأ، وقطع يد رجلين فلكل ولي قتيل منهم ثلث العبد، ولكل مقطوع يده سدس العبد، فمن شاء سيده فدى منه ما يصير له منه، وكذلك لو كان بين كل جنايتين سنة أو أكثر، فذلك سواء، وكذلك لو اجتمع على عبد جنايات من جراحات، وإن كانت قتلا(2) وغصب امرأة نفسها أو مالاً أو خلسة أو حراسة جبل، أو تمرا معلقا أفسده، أو جذه أو سرقه من غير حرز، فذلك كله في رقبته يخير سيده، فإما أسلمه في ذلك أو فداه، أو فدى بعضه من بعضهم بما يقع له منه في الحصاص، فإن أسلمه تحاصوا فيه بقدر ما لكل واحد،/ وفي أول الكتاب مسائل العبد يجني على الحر فيفدي ثم ينتقض الجرح فيموت الأول.
ومن المجموعة، وقال بعض أصحابنا في العبد يجرح جماعة، فأسلم إلى أحدهم، ثم قام الآخرون، فإنهم يدخلون مع الأول بمقدار عقل جراحهم إلا أن يشاء السيد أن يعطيهم ذلك، ويكون له من العبد بقدر ما كان يصير لهم منه، فذلك له، ولو دخل هؤلاء مع الول في رقبته لم يكن لهم عليه فيما اختدمه قبل قيامهم شيء، إلا أن يكون كان عالما بهم، فليرجعوا عليه بقدر نصيبه من الخدمة.
قال غيره، وإذا جنى على رجلين، فأسلمه السيد إلى أحدهما، وهو بالآخر عالم، فهلك بيد الأول، فالسيد ضامن لجرح الثاني، لأنه متعد(3) في إسلامه
***
__________
(1) - في النسخ كلها (صار له ثلثي العبد) والصواب ما أثبتناه.
(2) - في النسخ كلها (وإن كانت قتل) والصواب ما أثبتناه.
(3) - في الأصل(متعدي) بإثبات الياء والصواب ما أثبتناه.(1/301)
[13/307]
لواحد، وكان عليه أن يرفع ذلك إلى السلطان، وقال أصبغ عن ابن القاسم في العتبية(1)، إذا أسلمه إلى واحد ولم يعلم بالآخر، ثم قام، فله الدخول مع الأول، وليس للسيد أن يفتك منه نصيبه من العبد، لأن العبد لو مات قبل قيامه لبطل جرحه، إلا أن يكون السيد أسلمه عالماً بالثاني، فيكون ضامنا للثاني جرحه.
ومن المجموعة، ابن نافع عن مالك، في عبد جرح عبدا خطاً، وقتل عبدا أخر عمداً، فإن قتل فلا شيء للمجروح على سيده ولا على المستقيد، ولا له أن يمنعه من قتله كالحر، قال غيره في عبد جرح عبدا موضحة عمدا ثم جرح حراً موضحة/ عمداً، أو عبداً موضحة خطاً، فاقتص رب المجروح عمدا، فإن السيد يخير في الجرح الآخر(2) فيفديه أو يسلمه، ولو مات من القصاص بطل حق من بقي.
قال أشهب، ولم يختلف في العبد يفدى ثم يجني، أن يخير سيده في فدائه، قال هو وابن القاسم، وعبد الملك، في المدير يجني فسلم خدمته، ثم يجني، أنه لا يخير سيده ولا من أسلم إليه، وليدخل مع الأول من ذي قبل في خدمته، لأنه لم يسلم رقبته،
قال عبد الملك، وكذلك لو جنى قبل يسلم إلى الأول فأسلم إليهما، قال مالك، ولو مات عن مال تحاصا فيه بما بقي لكل واحد، قال أشهب، ولأن الأول لم يجز خدمة المدبر، وإنما جاز منها ما اختدم، ولو وهب للمدبر مال أو وجده، ويجوز له أخذه، لودى منه باقي الجناية، ورجع إلى سيده، وليس للمجروح أو العبد أن يأبيا ذلك، ولا يأباه السيد، وذكر ما يكون من أم الولد من جناية مذكور في باب جنايتهما، وكذلك ما يكون من جناية المكاتب جناية بعد جناية في بابه.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 189.
(2) - في ت (في الجرح الثاني) وما أثبتناه من ص والأصل.(1/302)
[13/308]
في العبد أو العبدين يقتلان رجلا، فيعفو أحد الأولياء،
أو يعفو الولي عن بعض الدية، أو يوصي بالعفو،
أو يفدي من أحد الوليين حصته
من كتاب ابن المواز، ولو أن عبدين لك قتلا رجلا خطاً، ورثه وارثان يرثانه(1) بالسواء، وقيمة العبدين مختلفة، قال مالك، ولك أن تفدي من شئت منهما، أرفعهما أو أدناهما إن/ كان بينهما تفاوت بنصف الدية، وإن شئت فديت نصف كل عبد من أحد الوارثين بنصف الدية، ولك أن تفدي من أحدهما نصفه بربع الدية، وأسلمت نصفه للآخر، وأسلمت الآخر بينهما، وإن شئت فديت أحدهما كله منهما بنصف الدية، ونصف الآخر من أحدهما بربعهما، وليس لك أن تفدي من أحدهما بعض مصابته من أحد العبدين، ولا بعض مصابته من العبدين، إلا مصابته كلها من هذا العبد أو منهما، وكذلك لو قتل عبدك رجلا له وليان، فلك فداء نصفه من أحدهما، وليس لك فداء نصفه من كليهما،[ولو قتل رجلين وليهما واحد فليس لك أن تفدي إلا جميعه بالديتين](2) ولو قتل قتيلين فعفا أولياء أحدهما على الدية، فلأولياء الآخر القتل، ثم لا يكون لأولياء العافي على الدية شيء(3) ولو عفا بعض أولياء كل واحد فلا سبيل إلى القتل، وكان كالخطأ في الإسلام والفداء، ولو عفا من كل فرقة بعضهم على غير شيء فمصابة من عفا على ذكرنا، ويخير فيما بقي، فإن شاء فدى ما بقي من العبد بجميع حق من لم يعف، وإن شاء أسلم إليهم من العبد قدر ما كان يكون لهم مع أصحابهم،
وإذا قتل عبد رجلا له ولي واحد فوضع نصف حقه، فهو كعبد عند رجل رهنا في حق، فوضع نصف حقه أو قبض نصفه، فليس لربه أخذ نصف العبد،
***
__________
(1) - في النسخ كلها (يرثاه) بحذف نون الرفع والصواب إثباته.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل أثبتناه من ص وت.
(3) - في النسخ كلها (شيئا) والصواب ما أثبتناه.(1/303)
[13/309]
ولو أن الحق لرجلين والعبد رهن لهما، فوضع أحدهما للغريم حقه أو قضاه إياه، فله أخذ نصف عبده، ويبقى للآخر نصفه رهناً.
قال/ أشهب، وإذا قتل عبدك رجلا خطاً، فأوصى أن يعفى عنه ويرد إليك، ولا مال له،
ولم يجز الورثة، فقال إن شئت فديت جميعه بثلثي الدية لأن ثلثها لك بالوصية، وإلا أسلمت جميع العبد بثلثي الدية(1)، كما لو جرح حرا جرحا ديته مائة دينار، فوضع عنك نصفها، فأنت مخير أن يقتل جميعه بالخمسين أو تسلم جميعه بالخمسين، بمنزلة الرهن يضع المرتهن بعض حقه فهو رهن بما بقي، قال وخالف أصبغ أشهب، في وصية المقتول بالعفو فقال، ليس للورثة إلا ثلثا العبد بثلثي دية، إن شاء أسلم سيده ثلثيه، أو افتك ثلثيه بثلثي الدية، وثلث العبد لسيده بالوصية أسلم أو فدى بخلاف المجروح، وقوله في المجروح كالرهن كما قال.
قال محمد، وقول أصبغ جيد لأنه لو تمسك الورثة بجميع العبد بثلثي الدية ولعله لا تسوى، لم ينفذ للميت من وصيته شيء، ولأنه لو أوصى المقتول بالعبد لأجنبي ولا شيء له غيره، لكان له ثلثه بثلث الدية إن فدى منه كذلك فهو له، وإلا فله ثلث الرقبة، وكذلك سيده، قال أصبغ، وقال أشهب مثله في وصيته به لأجنبي، وزاد أن له أن يفتك من الموصى له ثلثه بثلث الدية، أو يسلمه إليه، ومن افتك من الورثة ثلثيه بثلثي الدية، فلا يدخل الموصى له عليهم في ذلك وله أن يفتك من بعض الورثة بقدر نصيبه، وأسلم نصيب باقيهم، وإن شاء افتك من بعض الموصى لهم إن كانوا/ غير واحد، وأسلم إلى بعضهم، قال أصبغ، صواب كله. محمد، فهذا كوصيته بالعفو عن قاتله.
***
__________
(1) - في النسخ كلها (إلا ثلثي العد) والصواب ما أثبتناه.(1/304)
[13/310]
في العبد ومن فيه بقية رق يجني على رجلين،
فسلم إلى أحدهما أو يفدى، ثم قام الآخر أو لم يقم
حتى جنى على ثالث
من كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، قال مالك، وإذا جرح عبد جماعة معا أو متفاوتين، وبين ذلك [سنة](1) أو أكثر، فهو بينهم بقدر قيم جراحاتهم، ولو أسلم إلى أحدهم لقيامه، كان حق من لم يقم في رقبته هكذا، ولا شيء على السيد إلا أن يفتكه ثم يجني، فيؤتنف فيه التخيير أو فيما فدى منه، وإن كان قد أسلم بعضه، خير من أسلم إليه في ذلك البعض.
ومن كتاب ابن حبيب والعتبية(2)، قال أصبغ عن ابن القاسم، إذا جنى على رجلين فأسلمه السيد إلى أحدهما، ولم يعلم بالآخر، فجنى عبده ثم قام الذي لم يعلم به، فإنه يكون له من العبد بقدر جرحه، ثم يخير هو والمسلم إليه أن يفدياه أو يسلمه إلى الثالث، أو يسلم أحدهما ويفدي الآخر، ولا شيء للسيد الأول من ذلك.
قال ابن المواز وسحنون في كتاب ابنه، إسلامه العبد الأول إسلام لنصفه إليه، إذ هو الذي كان يجب للقائم فيه، فيقال للذي أسلم إليه أولا إنما كان يجب لك نصفه فأسلم نصفك هذا إلى الثالث أو افده، فإن أسلم نفسه إلى الثالث قيل للثالث قد صار إليك/ نصف جرحك وبقي لك نصفه، وبقي للذي لم يعلم به ولم يقم جرح كامل ودية جراحاتهم سواء، قال سحنون، فيقال للسيد في النصف الآخر إما فديته بجميع أرش الثاني وبنصف أرش الثالث وإلا فأسلمه إليهما،
قال في الكتابين، فيكون النصف الباقي من العبد بين الثاني والثالث على ثلاثة، للثالث ثلث ذلك النصف وهو ثلث العبد، ويصير ثلث العبد للثالث، لأنه
***
__________
(1) - لفظة (ستة) محذوفة من الأصل.
(2) - البيان والتحصيل، 16: 189.(1/305)
[13/311]
أسلم إليه الأول نصفه، وأخذ ثلث النصف الآخر وهو السدس، وذكرها سحنون كلها عن عبد الملك.
قال أصبغ في العتبية(1)، وكتاب ابن حبيب، قال ابن القاسم، ولو لم يجرح ثالثا حتى قام الثاني- يريد بعد أن أسلمه إلى الأول- فإن له منه بقدر جرحه، ثم ليس للسيد أن يفتك منه نصيبه، إذ لو مات العبد قبل يقوم بكل جرحه، لأن السيد لمن يعلم به، ولو علم به فأسلمه إلى القائم دونه فمات بيده ضمن للسيد الذي لم يقم جرحه، قال أصبغ، وقاله ابن نافع وبه أقول وهو لعبد الملك في المجموعة.
ومن كتاب ابن المواز، وليس للسيد أن يفدي من الأول ما حصل له منه كمشتريه يستحق نصفه من يده، فلا يكون للبائع خيار في رد ما بقي منه، بل الخيار للمبتل لولاء ما قال به من الجناية المحدثة، وأما النصف الذي استحقه الثاني فلم يقع/ فيه إسلام ولا فداء حتى جنى، فإن شاء فدى هذا النصف بجميع دية جرح الثاني ونصف دية جرح الثالث، وإن شاء فدى ثلثي هذا النصف من الثاني وهو ثلث العبد بدية جرحه كله، وأسلم ثلث النصف إلى الثالث بنصف، قال، ولو أن السيد إنما كان فداه كله من الأول ولم يعلم بالثاني، ثم جنى على ثالث، فللسيد أن يرجع على الأول بنصف ما دفع إليه، ولو لم يفد بالجناية الثالثة لكان له رد ما يجب له منه مع الثاني، وخدمته جميع ما دفع إليه، ولكن إن فات رد ما يصير له منه بالجناية الثانية، ثم يكون المجني عليه الأول إذا رد نصف ما قبض مخير في رد ما بقي وطلب ما يصير له من العبد وهو نصفه أو قيمته، أو مات وقد فات بالجناية الثالثة فله أن يأخذ قيمة ذلك النصف وما بيده، ويرد ما بقي، لأنه يقول لو لم أكن رضيت بإسلام ما يصير لي من العبد حتى قبضت جميع جنايتي، فإذا رجعت إلى نصفها فلي التمسك بما صح لي من العبد آخذه، فإن فات فلي قيمته يوم فداه السيد لأنه شراء، وأتمسك بنصف ما قبضت، فله الأكثر
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 189.(1/306)
[13/312]
من الوجهين، ثم للسيد أن يفدي هذا النصف من الثالث، لأنه صار الثالث وحده أحق به بنصف جرحه، فإما أسلمه إليه السيد أو فداه بنصف جرحه، وللسيد أيضا في النصف الذي كان يصير للثاني أن يفديه منهما، تعطى للثاني جميع جنايته، وللثالث نصف جنايته، وإن شاء فدى من أحدهما/ ما يصير له من هذا النصف بماله فيه، وإن شاء أسلمه إليهما فكان للثاني ثلثاه، وللثالث ثلثه وهو السدس مضافا إلى النصف الذي أسلم إليه، فيصير له ثلثا العبد، وللثاني ثلثه.
ومن العتبية(1) روى أصبغ عن ابن القاسم، في مدبر جرح رجلين ففداه السيد من أحدهما ولم يعلم بالآخر ولا علم بذلك صاحبه، ثم مات السيد ولم يدع غيره، فعتق ثلثه، ثم قام الآخر، فإنه يأخذ من الورثة نصف ما أخذ الأول، ويخير الورثة في إسلام ثلثيه إلى المجروحين أو افتدائه بما يجب لكل واحد، فإن أسلم الثلثين إليهما تحاصا في ذلك، فضرب فيه الأول بنصف جرحه، والذي قام الآن بجرحه كله، ويتبعان الثلث العتيق منه يتبعه الذي لم يأخذ شيئا بثلث دية جرحه، والآخر بسدس دية جرحه.
ومن كتاب ابن المواز، وإذا قتل عبد رجلين أحدهما عمدا والآخر خطاً، فإنه إن قتل بالعمد فلا شيء لصاحب الخطأ، والقتل يأتي على الجميع، وإن استحيوه كان بينهما نصفين.
في العبد يجني على رجلين فيفديه السيد من أحدهما،
ثم أعتقه أو باعه، ثم جرح ثالثا، ثم قام الثاني،
وكيف إن باعه قبل أن يجني على الثاني ثم جنى؟
من كتاب ابن المواز، وإذا جنى عبد لرجل على رجلين، ففداه من الأول ولم يعلم بالثاني، فأعتقه ثم جرح ثالثا(2)، ثم قام/ الثاني والثالث، وجراحاتهم واحدة،
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 187.
(2) - في ص وت (ثم خرج ثالثا) وذلك خطأ واضح.(1/307)
[13/313]
فإن كان السيد مليا، فالقصاص بينه وبين الثالث، لأنه جرحه، وهو حر بملأ السيد، ثم يرجع على الأول بما دفع له، فيترك له منه نصف قيمة العبد يوم فداه، أو نصف دية الجرح الأول يوم برئ، ويأخذ منه ما سوى ذلك، ثم يكون على السيد الثاني نصف قيمة العبد يوم دفع إليه ويوم يقع له الحكم فيه، على أن في رقبته جرحا(1) للثالث يقتص منه إن كان عمدا، لأنه لو اقتص منه قبل قيام الثاني، لم يكن له إلا نصف قيمته مقطوعا(2)، لأنه يومئذ استحق نصفه،
ولو مات قبل ذلك وقبل المعتق، ما كان للثاني فيه شيء ولو كان جرح الثالث(3) خطأ مما لا تحمله العاقلة، كان للثاني نصف قيمته على أن عليه دين دية هذا الجرح، ولو كان تحمله العاقلة لزمه نصف قيمته صحيحا لا شيء عليه يوم يحكم له فيه، إلا أن يرضى أن يدفع إليه دية جرحه، قال، وإن كان حين افتكه من الأول ولم يعلم بالثاني، أعتقه ثم علم بالثاني ولم يجرح ثالثا، فإن كان جرحهما سواء، فللثاني على السيدنصف قيمته يوم الحكم ما بلغ إن كان مليا، إلا أن يرضى بدفع دية جرحه إليه، ولا يمين عليه إن رضي بدية الجرح، وإذا لم يدفع إلا نصف قيمة العبد، حلف ما أعتقه رضي بحمل جنايته على الثاني، أو يحلف أنه ما علم يوم أعتقه، ثم يدفع نصف العبد يوم يحكم/ عليه، فإن نكل غرم دية الجرح الثاني، قال، وإن لم يقم الثاني حتى فداه من الأول وأعتقه، فلا طلب للثاني على السيد، لأنه حقه يوم يحكم فيه، ويأخذ السيد من الأول مما دفع إليه ما كان يستحقه الثاني معه، وكذلك لو كانت أمة فجنت فحملت من السيد وماتت قبل قيام المجروح، فلا شيء له إلا أن يكون علم السيد بالجناية يوم الوطء، فيحلف ما كان ذلك رضى بحمل الجناية، فإن نكل غرم، قال، وإذا فداه من الأول ولم يعلم بالثاني ثم أعتقه، ثم جرح ثالثا، والسيد عديم وعليه دين، فرجع على الأول بما ذكرنا، لم يكن الثاني والثالث أحق به، ولكن الغرماء أولى به، ويرد
***
__________
(1) - في الأصل (جرح) والصواب ما أثبتناه.
(2) - في النسخ كلها (مقطوع) والصواب ما أثبتناه.
(3) - في ص وت (ولو كان جرح الثاني خطأ).(1/308)
[13/314]
من عتق العبد ما كان يستحقه الثاني مع الأول، [وينفذ عتق الأول](1)، وتكون مصابة الثاني بينه وبين الثالث أثلاثا، للثالث ثلثه وللثاني ثلثاه(2) على ما ذكرناه، ويتبع الثالث العبد في نصفه العتيق بنصف دية جرحه، قال، ولو أنه فداه من الأول ولم يعلم بالثاني حتى باعه، فجنى عند المبتاع على ثالث، فليرد السيد ثلث الثمن على المبتاع، لأنه يستحقه الثاني من العبد بجرحه، إن كانت الجراحات سواء، وإن كانت مختلفة نظر ما كان يصير للثاني مع الثالث الآن من رقبة العبد، فبمقداره يرجع المبتاع على البائع السيد، ويرجع السيد على الأول فيما دفع إليه فيأخذ منه ما زاد على نصف قيمته،/ ولا يغرم السيد للمبتاع إلا ثلث ثمنه، لأن الثالث قد استحق ثلثيه عن المبتاع، وليس على البائع منه شيء، لأن الثالث يستحق مصابة الأول وهو نصفه، ويدخل أيضا مع الثاني فيما كان يصير للثاني مع الأول، يضرب فيه باقي جرحه، والثاني بجرحه كله، فما استحق منه الثاني بحصته من الثمن، يرجع المبتاع على البائع، ثم يخير المبتاع بعد المعرفة بذلك في إسلام العبد إلى الثالث والثاني، فيكون بينهم، للثالث ثلثاه وللثاني ثلثله إن تساوت الجراح، وبقدر ذلك يرجع المبتاع على البائع، فإن اختلفت الجراح فبقدر ذلك، ثم إن شاء المبتاع فداه منهما بجناية كل واحد، أو يفدي من أحدهما ما يصير له، ويسلم إلى الآخر ما وقع له منه، ويرجع المشتري على البائع بقدر ما صار للثالث منه، إن كانت جنايته عند البائع عمدا.
ومن العتبية(3) روى أصبغ عن ابن القاسم، في عبد جرح رجلا خطاً فباعه ربه قبل يقام به، ثم جرح آخر خطاً عند المبتاع، ثم قام، فيقال للبائع إن أعطيت الأول دية جرحه ثم البيع، ولا حجة للمبتاع بسبب عيب، لأن الجرح خطأ، ثم يخير المبتاع في إسلام العبد إلى الثاني كله أو فداه، فإن أراد البائع الأول أن يعطي الأول دية جرحه، قيل له فتسلم إليه الثمن كله، فإن شاء أخذه بدية
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ت مثبت من الأصل وص.
(2) - في الأصل (وللثاني ثلثيه) وفي ص وت ثلثه والصواب ما أثبتناه.
(3) - البيان والتحصيل، 16: 200.(1/309)
[13/315]
جرحه ويتم البيع، ثم يكون ما ذكرنا، فإن أبى قيل للمشتري إن شئت فافده من/ الآخر، ويبقى العبد لك وخذ الثمن كله من البائع، وأسلم العبد إلى المجني عليه الأول، وإلا فافتك منهما جميعا بدية جرحيهما، أو يصير العبد والثمن كله لك، فإن أبى المشتري، من هذا كله نظر إلى قيمة العبد صحيحاً وقيمته وقد جنى عند المشتري، فما بقي رجع على البائع من الثمن بقدر ذلك، لأن المبتاع كان ضامنا لما جنى عنده(1)، ثم يصير العبد بين المجني عليهما جميعا يقتسمانه، يضرب فيه المجني عليه أولا عند البائع بقيمته صحيحا لا جناية فيه، ويضرب فيه الثاني بقيمته على أن فيه الجرح الأول- يريد وجرحاهما سواء-.
ومن كتاب ابن المواز، وإذا جنى عبد فباعه السيد، ثم جنى عند المبتاع على آخر مثل جرح الأول، فليس للمبتاع على البائع إلا نصف الثمن ونصف قيمة العبد، إن كانت الجناية عمدا، إلا أن يدفع البائع الأول دية جرحه، فيتم البيع ويتبعه المبتاع حينئذ بالعيب كله، إلا أن يقتل البائع المبتاع في نصف العبد، ويدفع نصف قيمة العيب، فليس للمبتاع حجة.
قال، وإذا دفع البائع إلى المشتري ثمن ما استحقه المجروح الأول من رقبة العبد، فالمبتاع مخير في إسلام العبد إلى المجروحين أو يفديه منهما أو من أحدهما بقدر ما يقع له منه بجميع دية جرحه، فإن فداه كله، فليس له رده على بائعه، ويأخذ منه بقية الثمن إلا أن يكون ما جنى عند البائع عمداً فله أن يرد/ نصف العبد فقط ويأخذ بقية الثمن، لأن نصفه الذي كان يصير منه للمجني عليه الأول قد أسلمه البائع له، ورد على المشتري به نصف ثمن العبد، فافتداه المشتري من المجني عليه الأول، ومنه أخذه، وعليه عهدته لا من البائع، وإن كان الجرح الأول خطاً لم يكن للمبتاع حجة في رد ولا قيمة عيب، وإن كان الأول عمدا والثاني الذي أحدثه(2) عند المشتري عمدا، فله رد هذا النصف بلا قيمة عيب عليه، لأنه كان عند البائع، فقال كذلك، وليس للبائع أن يقول لا أقبل إلا جميع
***
__________
(1) - في الأصل (كان ضامنا لما جنى عبده).
(2) - في ص وت (الذي أخذ به) والظاهر أن الصواب ما أثبتناه من الأصل.(1/310)
[13/316]
العبد، ولأنه لم يبع منه إلا نصفه، وأسلم للمجني عليه نصفه حين رده على المشتري به نصف الثمن، فصار نصف المجروح الأول للمبتاع من قبل المجروح لا من قبل بائعه، وكذلك إنما حجة المشتري على البائع في نصف العبد فقط، لأنه لم يبع منه غيره، وكأنه اشترى العبد من رجلين. قال، وللمبتاع أن يرد على البائع النصف الذي فداه من المجروح الآخر بعيبه الأول، فإنه قد [فداه بعد علمه بعيبه](1) الأول، قال، ذلك له لأنه لم يحدث في النصف الذي يرده عوضا(2) للبيع ولا غير ذلك مما يكون منه رضاء به، وقد كان ممنوعا من رده قبل افتداء نصفه الآخر، وقد كان مرتهنا بجنايته حتى افتداه، ولو أعتقه المبتاع قبل علمه بالجرح الذي كان عند البائع وقتل بجرح عنده، فإن الجرح الأول في رقبته أولى من العتق، فإن شاء البائع دفع إلى المجني عليه الأول دية جرحه كله فيتم العتق، وإن شاء رد نصف الثمن على المبتاع إذا/ كان الجرحان سواء، فإذا دفع جناية الأول، صار جرح الثاني جرح حر، وإن اختار رد نصف ثمنه على المشتري، فإن كان المشتري موسرا، فقد نفذ أيضا عتق العبد كله، ولزم المشتري للمجروح الأول لأقل من نصف قيمة العبد أو دية جرحه، ولا شيء للمجروح الآخر على المشتري، وإنما حقه على جارحه فليتبعه، وإن كان عمدا اقتص منه، ثم يكون للمبتاع [على البائع](3)، جميع قيمة عيب جناية العبد في العمد، إن اختار دفع جناية الأول إليه، وأما إن رد المشتري نصف الثمن، فليس عليه إلا نصف قيمة العيب، وإن كان المبتاع عديما وعليه دين أحدثه بعد شرائه وبعد عتقه، فإنه إن اختار البائع دفع جناية الأول، فقد تم عتق الجناية، وصارت جنايته على الثاني جناية حر، وإن لم يختر ذلك، فإن الأول يرجع في رقبة العبد، ويحاصه فيه المجروح الثاني، لأن جناية الأول في رقبته قبل العتق، ولا يرق منه شيء بجناية الثاني لأنها بعد العتق، فعتق نصفه تام، ويرق نصفه للأول، ويدخل معه الثاني
***
__________
(1) - العبارة في ص وت (فداه من المجروح الآخر بعيبه).
(2) - في الأصل (عرضا للبيع) وما أثبتناه من ص وت.
(3) - (على البائع) ساقطة من ص.(1/311)
[13/317]
فيكون بينهما نصفين، ويتبعان جميعا العبد في نصفه العتيق بجناية الثاني، وما رجع به المبتاع على البائع من نصف الثمن ومن قيمة نصف العيب، فهو لغرمائه هو أحق من عتق رقبته، ولو لم يكن عليه دين كان ذلك في عتق بعينه، وتم له عتقه الأول، وكان المجني عليه الأول أحق به، ويتبع الثاني العبد بجنايته كلها،/ وقد كان أشهب يرقه كله بالمحاصة، وأبي ذلك ابن القاسم، وهو قول مالك في الدين، وهو أحب إلينا، ولما للعبد فيه من الحق والحجة.
في الأمة تجني ثم تباع فتلد من المبتاع، ثم يعلم بذلك
أو يدعي ربها أنه باعها من رجل، وقال الرجل
بل زوجتنيها
من العتبية(1) روى عيسى عن ابن القاسم، في الأمة تقتل رجلا أو تجرحه، ثم باعها السيد وهو يعلم أو لا يعلم، فأولدها المبتاع، ثم قيم ذلك، فإن كان القتل عمدا فللأولياء قتلها، فإن قتلوها نظر، فإن كان في قيمة ولدها مثل الثمن أو أكثر منه فلا شيء للمشتري على البائع، ولا للبائع على المشتري شيء في الفضل، وإن كانت قيمة الولد أقل من الثمن رجع المبتاع بما نقص على البائع، وإن استحيوها خيروا بين أخذ الثمن الذي بيعت به من البائع، أو أخذ قيمتها يوم الحكم من المبتاع، فإن أخذوا الثمن من البائع فلا شيء لهم على المبتاع، وإن أخذوا القيمة من المبتاع، رجع المبتاع على البائع بالثمن كله، كان ما غرم من القيمة أكثر منه أو أقل، كالاستحقاق، ولا ينظر إلى قيمتها للبائع إذا استحييت، ولا يوضع عنه من الثمن لذلك شيء،
قال: وإن شاء البائع أن يؤدي دية الحر ألف دينار، ويبقى له الثمن كله، فذلك له، قال، وإن كان البائع عديما والثمن أكثر من القيمة، فطلبوا أخذ القيمة من المبتاع، وطلب البائع ما في الثمن، فليس/ لهم ذلك، وإما أخذوا القيمة ولا
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 117.(1/312)
[13/318]
طلب لهم على البائع، فإما طالبوا البائع بالثمن ولا شيء لهم على المبتاع، وإن فاتت القيمة على الثمن، وإما أخذوا القيمة من المبتاع ولا شيء لهم على البائع، وإن كان الثمن أكثر من القيمة، والثمن كله للمبتاع يأخذه إذا ودى القيمة، إلا أن يرضى البائع بأداء الدية، ويبقى له الثمن، فذلك له، ثم لا طلب للمشتري ولا لأهل الجناية في الثمن، وإذا كان القتل(1) خطاً أو كانت جنايتها جرحا، وهو مما فيه العقل، كان ذلك عمداً أو خطاً فهو سواء، فإن ودى البائع جنايتها مضى البيع، قال عنه أصبغ، فإن أبى ودى الثمن وأخذ المجني عليه، إلا أن تكون القيمة لها أكثر، فليرجع على المبتاع ببقية القيمة، لأنه كان له أن يأخذ من المبتاع جميع القيمة.
قال أصبغ، فإن أخذ بقية الثمن من المبتاع، رجع المبتاع على البائع بقيمة العيب فقط، إن لم يكن المشتري علم به، وهو ما بين قيمتها جانية وقيمتها غير جانية، ويرجع بقدره من الثمن، إلا أن يكون قيمة العيب أقل، فليس على البائع غيره مع الثمن الذي أخذ منه، فإن وجد المجني عليه البائع عديما أخذ القيمة من المبتاع كلها، ورجع المبتاع بالثمن على البائع وبما بين القيمتين على ما فسرنا، والقيمة التي تؤخذ من المشتري قيمتها يوم قام المجني عليه، وليس يوم جنت(2) ولا يوم الشراء، ولا يوم الحمل، إذ لو ماتت قبل ذلك/ لم يلزم المبتاع، ولو ماتت بيد البائع ولم يبع لم يلزمه شيء من الجناية.
ومن كتاب ابن المواز قال، وإذا جنت الأمة فباعها سيدها ولم يعلم، فأولدها المبتاع، فإن ودى البائع دية الجناية بعد البيع، ولا شيء للمشتري إلا أن يكون الجرح عمدا فهو عيب، فيرجع بقيمة العيب، وإن كان خطأ فليس بعيب، فإن لم يؤدي البائع قيمة الجناية، فعلى المشتري فداء أم ولده بالأقل، ثم يرجع
***
__________
(1) - في ص وت (إذا كان القتل) بدون واو ولعل الصواب إثباته.
(2) - في ص وت (يوم حنث) ولا معنى لذلك.(1/313)
[13/319]
على البائع بالثمن إلا ما يقع على المشتري من قيمة الولد، [فإن مالكاً قال ينقص الثمن عليهما](1)، كأنه اشتراهما في صفقة، فما وقع على الأم من الثمن رجع به على البائع، أو يعطي البائع دية الجناية وقيمة العيب إن كان عمداً.
ومن العتبية(2)، وكتاب ابن سحنون، سئل سحنون عن أمة جنت ثم باعها ربها، وهو عالم بالجناية، من رجل، فأولدها وهو ينكر الشراء ويقول زوجتنيها، قال، يحلف للبائع ما باعها- يريد حمل الجناية- فإن حلف قيل له لا يزيل الجناية من رقبتها ما ادعيت من البيع، وقد أنكر المبتاع، فأنت مخير، إما أن تفكها وأنت على خصومتك وإلا فأسلمها برقبتها، وإن نكل غرم الأرش وهو على خصومته، وإن كان عديما، كانت الأمة لصاحب الجناية، ولا يزول بدعواه ما لزم رقبتها، وليس مما يفدي، وهو يقر أن البيع لا يتسلط عليها إذ هي أم ولد، ولو جنت عند الثاني، قيل للسيد إن شئت فافتد أو أسلم، وليس في الولد جناية،/ وقال بعض أصحابنا أن الولد أحرار.
ومن كتاب ابن سحنون ذكر مسألة الأمة تجني ثم تباع، فيولدها المبتاع، فإن كان البائع عالما بالجناية حلف ما باعها وهو يريد حمل الجناية، فإن نكل وداها وتم البيع، وإن حلف قيل له افدها ويتم البيع، وإلا أسلمها، فإن أسلمها نقض البيع وأخذها المجني عليه إن كانت الجناية خطأ، ورجع المبتاع على البائع بالثمن، إلا أن يكون عند المشتري من ولدها شيء، فيقاصه بقيمتها، فإن زادت قيمة الولد على الثمن، فلا يرجع البائع بذلك، ولو رضي المبتاع أن يعطي أرش الجناية، فذلك له، ويرجع على البائع بالأقل من ذلك أو من الثمن، فذلك له، ويقاصه بقيمة ولده كما ذكرنا.
قال سحنون، وقد رأيت أن البائع إذا حلف وأسلمها، أن المبتاع يؤدي لأقل من قيمتها أو من الأرش، ولا يرد إلى رق، ويرجع على البائع بالأقل مما ودى أو
***
__________
(1) - في ص وت (فإن مالكاً نقص الثمن عليهما) وعبارة الأصل أسلم وأدق.
(2) - البيان والتحصيل، 16: 173.(1/314)
[13/320]
الثمن، ويقاصه فيه بقيمة الولد إن كان ولدا، وإذا كان القتل عمداً فقتلت بطل البيع، ورجع المبتاع على البائع بالثمن، وقاصه فيه بالولد.
وقال أيضا سحنون، إذا حلف وأسلمها والجناية خطأ، وطلب أهل الجناية أخذها، وطلب المشتري أن يفديها ففدى، اختلف في ذلك أصحابنا، فقال بعضهم، ليس له ذلك، ورأيت أنا أن ذلك له على ما ذكرنا، ويرجع بالأقل مما ودى أو الثمن، ويقاص فيه بقيمة الولد،
وذكر ابن حبيب عن أصبغ مسألة الأمة تجني ثم يبيعها عالما/ أو غير عالم، فتلد من المبتاع، ثم قيم بالجناية، فإن كان قتل عمدا فلهم قتلها، وإن استحيوها صار العمد والخطأ سواء كان قتل أو جرح، فيبدأ بالبائع، فإن شاء ودى العقل وله الثمن، ولا شيء للمبتاع، إلا أن تكون الجناية عمدا ولم يبرأ منه، فيرجع عليه بما بين القيمتين، وهي أم ولد للمبتاع، وإن أبى البائع فداها، أسلم الثمن، ويكون كإسلامها، فإن يشأ أهل الجناية أخذوه مكانها، وإلا أخذوا قيمتها اليوم من المبتاع، لقوتها بالولادة(1)، وإن أخذوا الثمن، فلا شيء لهم على المبتاع من الولد ولا من غيره، ولا المشتري على البائع، لخروج الثمن كله من يديه، وإن أخذوا قيمتها من المبتاع، وتركوا له الثمن، فلا رجوع له بسبب من العيب في العمد على البائع، لأن جميع الثمن قد أخذ منه، ولو كان البائع عديما فأخذت القيمة من المبتاع فله الرجوع على البائع بالأقل مما أخذ منه أو من الثمن، فإن كانت القيمة أقل رجع أيضا عليه بقيمة العيب، لأن الثمن بقيت له منه بقية، فالبيع بيعه كما هو، يرجع بما بين القيمتين حتى يحيط بفضل الثمن الذي بقي في يد البائع، فإن زاد، فذلك عليه، لأن البيع يتبعه بعد، ولأن القيمة لو كانت أقل، لم يؤخذ منه غير الأقل، فكما يكون له الفضل، يكون عليه الدرك، وإن كانت المأخوذة من المبتاع أكثر من الثمن، رجع بالثمن كله على البائع، ولم يكن عليه له قيمة عيب ها هنا، وليس في الولد في شيء من هذا محاسبة، وإن رجع بالثمن في
***
__________
(1) - في الأصل عوض (لقوتها بالولادة) (أقر بها بالولادة) وسياق الكلام يقتضي ما أثبتناه من ص وت.(1/315)
[13/321]
الاستحياء في/ العمد أو الخطأ، لأن ذلك إنما يقع على ذمتها، والولد لغو، ولو جعلت فيه المحاسبة لجعلها بالغة ما بلغت، فيصير البائع في بعض الأحوال غير غارم، بل رابحا.
وقال ابن القاسم، يحاسب بالولد إن كان كفافاً أو دون، فإن كانت قيمة الولد أكثر لم يرجع البائع بشيء، وهذا منكسر على ما بينا،
وكما لو ولدت من غير السيد، مثل أن يزوجها المشتري فتلد عنده، ثم يستحق فيها ما استحق من هذا، فلا يدخل ولدها في الجناية، ولم يحاسب فيه بشيء، وكأن للمبتاع، عفوا، إن ولد عنده أو للبائع إن ولد عنده، قال وهذا قول مالك، قال: وإذال كان البائع مليا فأسلم الثمن، واختار أهل الجناية الثمن، والجناية عمدا، فعليهم يرجع المبتاع بقيمة العيب، لأنهم كأنهم البائعون بتجويزهم البيع وأخذهم الثمن.
في العبد أو من فيه بقية رق يجني على سيد أو
على أحد سيديه، أو عليهما، وكيف إن جنى على
أجنبي مع ذلك، أو ادعى السيد أنه جرحه ثم مات
من العتبية(1)، روى عيسى عن ابن القاسم، في عبد بين رجلين شج أحدهما موضحة، فإنه يقال للآخر افد نصفك بنصف الجناية أو أسلمه، وإن جنى على أحدهما وعلى أجنبي موضحتين أو منقلتين أو جائفتين، فإنه يصير للأجنبي ثلاثة أرباع العبد، وللسيد ربعه، قال عيسى، ولو جرح أحد سيده موضحة والآخر منقلة، فإنه يقال للمجروح موضحة إن شئت فافتك/ نصفه بخمسين ديناراً وإلا فأسلمه، ولهذا تفسير، قال ابن سحنون عن سحنون وأصبغ، في العبد بين رجلين نصفين، يشج كل واحد منهما موضحة موضحة، فإنهما ساقطتان،
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 112.(1/316)
[13/322]
والعبد بينهما، ولو شج أحدهما موضحة، قيل للآخر افد نصفك بنصف الجناية أو أسلمه، وإن شج أحدهما موضحة والآخر منقلة، فإنه يسقط من دية المنقلة خمسون أرش الموضحة، فتبقى مائة من المنقلة نصفها على كل نصف، فيقال للمشجوج موضحة افد نصفك بخمسين أو أسلمه، وإن شج أحدهما وأجنبيا موضحة موضحة، فيقال للذي لم يشج افد نصفك بنصف عقل موضحة لهذا ونصف عقل موضحة وسلم للآخر، ثم يقال للمشجوج إن نصيبك عليه من كل موضحة نصفها، فيسقط ما وقع على نصيبك من موضحتك، وبقي نصف موضحة الأجنبي على نصيبك، فإما فديته أو أسلمته، فإن افتديا جميعا صار العبد بينهما كما كان، وإن أسلم الأول وافتدى هذا فله من العبد ثلاثة أرباعه، وللأجنبي ربعه: وإن أسلم هذا مع إسلام الأول كان للأجنبي ثلاثة أرباعه وللسيد المشجوج ربعه.
ومن كتاب ابن المواز، وقال في عبد بين رجلين قتل رجلا ثم قتل أحد سيديه، فليخير ورثة المقتول في فداء نصفهم بنصف دية الأجنبي، أو يسلموا مصابتهم [كلها إلى الأجنبي وحده، وبهم/ افتدى، ولا حجة لهم أن يطلبوا من مصابتهم](1) أن يشتركوا فيها مع الأجنبي بقتل صاحبهم، لأنه ماله قبله، ويبقى للأجنبي نصف ديته في نصيب السيد الباقي، ويبقى لورثة السيد المقتول في نصف السيد الباقي نصف الدية، لأن نصف ديته سقطت باشتراك نفسه مع نصف صاحبه في فتله، وإن شاء الباقي أسلم نصفه، فكأن بقي العبد بينهما لورثة الأجنبي ثلاثة أرباعه، ولورثة السيد المقتول ربعه، وإن شاء فدى نصيبه وهو النصف من كل فريق بما يصير لهم، وهو ربع العبد بنصف دية كاملة.
ومن كتاب ابن المواز أيضا، ومن قال قتلني عبدي أو مدبري أو مكاتبي، أو معتقي إلى أجل، ثم مات، فإنه إن أقسم ولاة السيد قتلوا من كان ممن
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/317)
[13/323]
ذكرت، فإن عفوا بطل عتق المدبر حمله الثلث أو لم يحمله، إلا أن يشاء الورثة عتقه، ولا يتبعوه من الدية بشيء، وأما المكاتب فاختلف فيه، فقال ابن القاسم، لا يتبع إلا بالكتابة إن استحيوه، إلا ان يتراضوا، وقال عبد الملك، بل يكون على المكاتب كجناية على أجنبي إما ودى الدية معجلة وإلا عجز. قال محمد، وأما العتق إلى أجل، فيحتسب الورثة بخدمته إلى الجل، ثم يخرج حرا، ويتبع بما بقي،، بخلاف المدبر، لأنه بموت سيده يعتق، فأبطل عتقه بما أحدث، كما لا يرث القاتل لما أحدث من القتل الذي هو سبب الميراث، وأما المعتق إلى أجل فخدمته قائمة تكون فيها الجناية، ويتبع بما بقي./ وذهب عبد الملك إلى أنه لا يحسب على الورثة خدمته، وأما ام الولد، فإن قتلته خطً فلا شيء عليها، وتقتل به في العمد فإن استحييت، لم تتبع بشيء [كا لعبد، وكذلك المكاتب، والمعتق بعضه يستحيي فلا يتبع بشيء](1)، إلا أن يتراضوا على شيء، فيكون في نصفه الحر.
قال سحنون في العتبية(2)، في أم الولد إذا قتلت سيدها خطاً، عتقت في رأس ماله، واتبعت بالدية ديناً، وليس على عاقلها منها شيء، ولا قتل به في العمد إلا أن يصطلحوا على شيء.
قال ابن حبيب قال أصبغ، فإن عفى عنها في العمد كانت حرة لا تسترق، بخلاف المدبر.
وإن قتلته خطاً، قال ابن القاسم، تعتق ولا تتبع هي ولا عاقلتها بشيء، وأنا أرى أن تتبع بالدية وتكون في مالها، وهي في الخطأ تشبه عندي المدبر بقتله خطاً، وفرق ابن القاسم فيه بينهما، قال لأن المدبر في جنايته على غير السيد تكون عليه، ولا يؤخذ من السيد، وجناية أم الولد يؤخذ من السيد الأقل.
قال ابن نافع، إنما للورثة عليها في الخطأ قيمتها التي كانت تكون على السيد في جنايتها على غيره. قال ابن حبيب: وقول أصبغ أحب إلي،
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 502.(1/318)
[13/324]
قال ابن المواز، قيل لعبد الملك، فقد نالت أم الولد بقتلها منفعة، فقال، ليست كالمدبر لأنه من الثلث وهذه من رأس المال بأمر ثبت لها في الصحة لا يتغير، وقد يعتقها المولى عليه فيمضي ذلك لما ثبت لها، ولم يبق فيها غير المتعة، إلا أنه قال أنها تتبع بدية السيد، وأباه ابن القاسم.
/ في العبد بين الرجلين يجني عليه أحدهما
عمداً والآخر بعده أو قبله خطاً
من العتبية(1)، قيل لسحنون، في العبد بين الرجلين يفقأ أحدهما عينه عمداً ثم فقأ الآخر عينه الأخرى خطاً، وكان العمد بعد الخطأ، ولا تعلم البينة أيهما أولا الخطأ أم العمدُ؟ [ولا أيهما الأول](2)، والسيدان منكران، أو أقر كل واحد بالخطأ ونسب العمد إلى شريكه، فإن سقطت المسألة وسقطت شهادة الشهود- يريد بهذا التناكر- ولم تتم الشهادة.
قال سحنون، ولكن إن اعترف واحد منهما أنه هو الذي فقأ عينه أولا عمدا، ثم الآخر بعده خطاً، فلينظر ما قيمته يوم فقأ الثاني،؟ فيقال عشرون، وما قيمته بعد جنايته؟ فيقال عشرة، فيرجع الأول على الثاني بخمسة، ثم ينظر قيمته يوم القيام بالحكم، فإن كان عشرة ضمن الأول نصفها للثاني، وعتق على الأول بالمثلة، لأنه في المثلة إنما يعتق يوم الحكم لا يوم المثلة،- يريد في قوله، وقد قيل يوم المثلة-
قال ابن القاسم، ويغرم الأول لصاحبه نصف قيمة ما نقصته جناية العبد، وإن كان الأول هو الفاقئ خطأ، غرم الأول للثاني نصف ما نقصه يوم ينظر إلى قيمته يوم يقام به، فيعتق على المتعمد، [فيغرم نصف ذلك لشريكه، ويعتق على
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 176.
(2) - عبارة تؤدي نفس ما ذكر قبلها فهي في الواقع زائدة.(1/319)
[13/325]
المتعمد](1)، قال، فإن جحد المتعمد ولم يعرف وحلفا، غرم الجاني الأول نصف ما نقصه للثاني يوم جنى عليه، وغرم الآخر لصاحبه(2) نصف ما نقصه يوم جنى عليه.
/في العبد يجني ثم يأبق أو يأسره العدو،
ثم يقع في المقاسم، وفي أم الولد تقع في
المقاسم مرة بعد مرة قبل أن تفدي
من العتبية(3)، روى عيسى عن ابن القاسم في العبد يجني ثم يأبق، فطلب المجروح أن يسلم إليه الآبق يكون له من الآن أو يفديه، فلا خير في ذلك- يريد وإن رضيا- وبلغني أن مالكاً قاله.
قال سحنون في العبد يجني وعليه دين وهو مأذون، فيأسره العدو، ويقع في سهمان رجل، فلسيده أن يفتكه بالأكثر من الأرش أو مما صار به لهذا في سهمه، فإذا كان الأرش عشرين وصار لهذا بعشرة، ودى عشرة لصاحب الأرش، ولصاحب السهم عشرة وإن كان صار لهذا بعشرين، والأرش عشرة، فليأخذ العشرين صاحب السهمان، ولا شيء لصاحب الجناية، وذكر عنه ابن عبدوس نحوه، وقال وللسيد أن يفديه ممن صار به في السهمان أو يسلمه، فإن أسلمه، فلصاحب الجناية أن يفتكه بما صار به في السهمان أو يسلمه، وتبطل الجناية، وإذا فداه السيد فداه بالأكثر من الجناية وما وقع به في المقاسم، فإن فضل من ذلك شيء عما وقع به، كان للمجني عليه، وإلا فلا شيء له، وبدأنا صاحب السهم لأنه أحدث ملكاً، ولو جنى بعد إن صار في السهم، خير السيد في إسلامه أو فدائه، فإن افتكه افتكه بالأكثر، فإن كان ما في السهم أكثر أخذ منه
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) - في ص وت (وعزم الأول لصاحبه).
(3) - البيان والتحصيل، 16: 124.(1/320)
[13/326]
صاحب الجناية أرشه، وما فضل فلصاحب/ السهم، وإن كان كفافاً أو كانت الجناية أكثر، فلا شيء له، وإن لم يفتكه خير صاحب السهم في فدائه بفضل جرحه أو إسلامه، ولو جنى ثم صار في السهمان ثم جنى، فإن بعضهم لا يرجع على بعض، والآخر منهم مبدأ.
قال سحنون في العتبية، وكذلك أم الولد تسبى فتعنم وتصير في سهم [رجل بمائتين ثم سبيت ثانية وتصير في سهم رجل آخر بمائة ثم سبيت فصارت في سهم](1) آخر بخمسين، ثم قام السيد، فهو أولى بالخيار يأخذها بأكثر ذلك وهو مائتان يأخذ منها التي هي بيده خمسين، لأنه أحدثهم ملكا، ثم الذي يليه مائة، ثم للأول ما بقي، وإن كانت صارت للأول بخمسين وللثاني بمائة، وللثالث بمائتين، فالمئتان يأخذهما الثالث، ويسقط حق صاحبيه، وكذلك لو كان في موضع أم الولد عبد، فهو كما قلنا في أم الولد.
قال سحنون في المجموعة، في عبد جنى ثم سبي، فوقع في سهم رجل بعشرين، ففداه بها السيد ولم يعلم بالجناية، وقيمة الجناية ثلاثون(2) ثم قام المجني عليه، فيقال للسيد إن شئت فأعط المجروح عشرة تمام الثلاثين، وإن شئت فأسلم إليه العبد وخدمته العشرين التي فديته بها من السبي، فإن أبى المجروح فلا شيء له، قال ابن عبدوس سألت سحنون عن أم ولد وقعت في المغنم في سهم رجل ثم جنت، قال، يؤدي سيدها ما صارت به في السهم، فيأخذ من ذلك المجني عليه الأقل من قيمته أو من الأرش، وما فضل فلصاحب السهم، وإن لم يفضل شيء فلا شيء له، وإن صارت به/ في السهم أقل مما ذكرنا من الأقل من الأرش والقيمة، فإن على السيد المجني عليه تمام الأقل من الأرش والقيمة، ولا شيء لصاحب السهم، ولا للذي صارت في سهمه، وتصير الجناية مصيبة دخلت عليه، كما لو سبيت ثانية فصارت لآخر بأكثر مما صارت به للأول، أنه لا شيء
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص.
(2) - في الأصل (ثلاثين) والصواب ما أثبتناه.(1/321)
[13/327]
للأول، وأما لو كانت جنت قبل السبي ثم صارت في سهم رجل، فإن على السيد الأقل من قيمتها أو الأرش، فيأخذ منه صاحب السهم ما صار له به، وما فضل للمجني عليه، وإن لم يفضل شيء فلا شيء [له، وإن كان ذلك أقل ما صارت به في السهم فعلى السيد تمام ما صارت به في السهم ولا شيء عليه](1) للمجني عليه.
في العبد بين الرجلين يجني أو كان لواحد
فجنى على رجلين
قال ابن حبيب قال أصبغ، قال ابن القاسم، في عبد بين رجلين يجني على رجل، فلكل واحد من سيديه أن يفتك نصيبه دون صاحبه بنصف العقل، ولو كان لواحد لم يكن له أن يفتك نصفه بنصف الجناية، ولم يكن له إلا افتكاك جميعهما، أو يدع، وإذا كان لواحد فجنى على رجلين، فله أن يفتك نصيب من شاء منهما، وقد جرى معنى هذا الباب في أبواب تقدمت...
في العبد بين الرجلين يجرحه عبد لهما أو لأحدهما،
أو يجرح عبدا بين أحدهما ورجل آخر
من العتبية(2) من رواية عيسى وأصبغ عن ابن القاسم، وكتاب ابن المواز قال، وإذا جرح عبدك عبدا بينك/ وبين آخر، فإنه يقال لك إما أسلمته كله إلى شريكك وإلا فافده بنصف العقل، قال محمد، وليس لك فيما خرج من نصيبك شيء، لأن مالك جرح مالك، قال في كتاب محمد، وكذلك لو جرح عبد بينكما عبدا لك خالصا، فلشريكك أن يسلم مصابته من الجاني بنصف قيمة عبدك، وإن شاء فدى ذلك بنصف قيمة عبدك، لأن نصفك ونصفه قتلا عبدك.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت في ص وت.
(2) - البيان والتحصيل، 16: 195.(1/322)
[13/328]
قال ابن سحنون قلت لسحنون، فعبد الرجل يجني على عبد بينه وبين آخر، فإنه يقال لرب العبد ادفع إلى شريكك في المجروح نصف قيمة الجرح، أو أسلم إليه جميع عبدك، قال هذا على أصله الذي خرج فيه عن مذهبنا في قوله، في عبد يجرح رجلين ففداه من أحدهما، أنه إما أعطى الآخر أرش جرحه، أو أسلم إليه جميع العبد، وهذا قولنا، ولو جرح عبد بينهما عبدا لأحدهما، فيخير الذي لا حق له في المجروح بين فداء نصيبه من العبد بنصف قيمة الجرح، أو إسلام نصيبه من العبد، ولم يختلف في هذا أصحابنا.
ومن كتاب ابن المواز، وإن جرح بينكما عبدا بينكما، كان الجارح بينكما بحاله، إلا تختلفا(1)، فيقول أحدكما أسلم مصابتي، ويريد الاخر أن يفتدي، فعلى الذي فدى ربع قيمة المقتول، أو ربع دية/ الجرح إن كان جرح، لأنه يقول نصفك ونصفي جرحا نصفك، ويقال للذي لم يفد أسلم نصيبك كله بربع مصابة صاحبك، أو بما يقع عليهما من الجناية، فيكون جميع الجارح للذي فداه، وإنما دفع فيه ربع قيمة المجروح والمجروح بينهما على حاله.
قال ابن سحنون عن أبيه، وقال أصحابنا أجمع إلا عبد الملك، يكون على الذي فدى ربع قيمة الجرح، ويبقى بيده نصفه الذي له من نصف العبد، وقد أسلم إليه صاحبه مصابته وهو ربع العبد، فيصير للذي فدى ثلاثة أرباع العبد، وللذي أسلم ربعه، وقال عبد الملك، يكون جميع العبد للذي فدى.
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية(2) من رواية عيسى عن ابن القاسم، وإذا جرح عبد بينكما عبدا بينك وبين أجنبي، قال في العتبية(3)، فإنه يقال للذي معه نصف الجارح افد نصفك منهما بنصف الجرح، أو أسلمه إليهما، ولك أن تفتك من أحدهما قدر نصيبه، وتسلم إلى الآخر، وأما أنت فنصفك فيه قد جرح
***
__________
(1) - في ص وث (إلا أن تلحفا) والصواب ما أثبتناه.
(2) - البيان والتحصيل، 16: 195.
(3) - البيان والتحصيل، 16: 195.(1/323)
[13/329]
من العبد نصفك الآخر، فذلك باطل لأن مالك جرح مالك، وقد جرح نصفك فيه نصف شريكك في الآخر فإن شئت فافتكه منه بنصف دية الجرح أو أسلمه إليه،
وقال في كتاب ابن المواز، أنه يبدأ بك كما لو جرحك وجرح أجنبيا، لبدئ بك، فإما أن تسلم نصفك من الجارح لشريكك في المجروح، [/(1) أو افد به بنصف قيمة الجرح، ثم يقال لشريكك في الجارح إما أن تسلم نصفه فيه فيكون بينك وبين الأجنبي، أو يفديه بينكما لأنه بقي لصاحب نصف المجروح نصف حقه واستوفى نصفه بما أسلمت إليه من نصف الجارح، وأنت كذلك، لأن نصف حقك سقط، وبأن مالك جرح مالك، فإذا أسلم شريكك في الجارح نصفه إليك وإلى شريكك في الجارح صار لك في الجارح ربعه بما أسلم إليك، وللآخر ثلاثة أرباعه فما أسلمت أنت إليه وشريكك في الجارح، وأما المجروح فبينكما نصفين بماله، وهذا كعبد لك قتل عبدا لك وعبدا لأجنبي، فلا يكون لك بسبب عبدك المقتول محاصة في القاتل ويأخذه الأجنبي كله إلا أن يفديه بقيمة عبده. وقال أشهب: يبدأ بالذي ليس له في المجروح. وذلك يرجع إلى معنى واحد. ولو أن عبدا لك وعبدا لغيرك فعليك إسلام عبدك كله ينصف عبد الأجنبي يطلب نصف قيمة عبدك المقتول من عبد الأجنبي، ولو أن عبدين بينك وبين رجل جرحا عبدا بينك وبين ثالث فإنه يقال لشريكك في الجارحين أسلم مصابك في العبد إلى صاحبي المجروح، وافتك منهما بنصف قيمة الجرح، أو افتك ممن شئت منهما، ثم يقال لك وأنت الذي لك نصيب في الجارحين وفي المجروح، إما سلمت نصيبك في الجارحين إلى شريكك في المجروح أو افتديت ذلك بنصف قيمة الجرح، ولا يحاصه بشيء مما بقي لك أنت فيه من الجرح، وكذلك لو جنى عبدك على عبد بيني وبين آخر، فإنه يقال لي أسلم عبدك كله لصاحبك بنصف الجناية، وإما أن تفديه كله بنصف الجناية.
***
__________
(1) - ما بين هذه المعقوفة وأختها- وهو يقرب من الورقتين- ساقط من الأصل أثبتناه في ص وت.(1/324)
[13/330]
في عبدين قتلا رجلا أو جرحاه ثم قتل
أحدهما صاحبه
من كتاب ابن المواز: وقال في عبدين قتلا رجلا أو جرحاه ثم قتل أحدهما صاحبه، فليس على صاحب الباقي إلا إسلامه فإن كان سيدهما واحداً كان الباقي لورثة المقتول خاصة، وإن لم يكونوا لواحد كان هذا الذي أسلمه سيده بين ورثة الحر المقتول وبين سيد العبد المقتول بالحصص. يحاص ورثة الحر بالدية والسيد بقيمة عبده، لم يخير سيد العبد المقتول فيما صار من العبد الباقي فإن شاء أسلم ذلك بعينه إلى ورثة الحر المقتول وكان العبد لهم كله، وإن شاء فدا ذلك بنصف الدية وإن أحب سيد العبد الباقي أن يفتكه بدية الحر وقيمة العبد ويكون سيد العبد المقتول فيما يأخذ من قيمة عبده مخيرا أن يسلمها لورثة الحر او يدفع منها نصف دية الحر ويحبس ما بقي إن كان فيها ولو كان العبدان له فأراد فداء الباقي منهما فدية الحر وحده، وإن شاء فبنصف دية الحر وقيمة العبد ما بلغت قال. ولو قال سيدهما أنا أسلم هذا الباقي وافتك المقتول]/ ثم أرجع بقيمته مع أولياء الحر في رقبة هذا العبد الباقي الذي أسلمته، فأحاص فيه بقيمة العبد المقتول، فليس ذلك له، لأنهما عبداه قتل أحدهما الآخر، ولو كان كل عبد منهما لرجل، فقال رب الباقي أنا أفديه من أيهما شئت، وأسلم إلى الآخر ما يصير له منه، فذلك له، فإن فداه من سيد المقتول، فبقيمة العبد المقتول يوم قتله، ويكون له من عبده بقدر قيمة العبد المقتول من نصف دية الحر، وكذلك إن فداه بنصف دية الحر، وأسلم لرب العبد كان بينهما لسيده فيه بقدر دية الحر، ولرب العبد المقتول بقدر قيمة عبده، ثم يخير رب العبد المقتول فيما صار له منه أن يسلمه أو يفديه بنصف دية الحر [وأسلم لرب للعبد كان بينهما لسيده فيه بقدر دية الحر ولرب العبد المقتول بقدر قيمة عبده، ثم يخير رب العبد المقتول فيما صار له منه أن يسلم أو يفديه بنصف دية الحر] وهذه المسألة من أولها في كتاب ابن سحنون عن أبيه مثل ما ها هنا، وها هنا أتم معنى وأزيد، وقال في عبدي قتل
***(1/325)
[13/331]
عبداً لأخي ثم عمد لأخي(1)، فقتل عبدي، فإنه يقال لك ارض أخاك، واطلب قاتل عبدك، فإن لم ترض أخاك، كان لأخيك على قاتل عبدك، مثل الذي كان له، ومثل الذي كان له على عبدك من القتل أو الاستيفاء، فإن استيحاه أخوك، فربه مخير، إما فداه أو أسلمه إليه، فإن أسلمه، كان لأخيك كله عبدا.
قال محمد، وإن فداه فبقيمة عبدك أنت، لأنه هو الذي قتله هذا، فيكون ذلك لأخيك، قل أو كثر، لأنك قد سلمت إليه ما كان لك على قاتل عبدك، وإلا إن أخاك يقول لو علمت ما يرجع إلى إلا قيمة عبدي لقتلت، وإنما استحييت على/ قيمة عبد أخي، فإن أصبتها وإلا رجعت إلى القتل، ولو أن عبدين لكل رجل عبد، جرح كل واحد منهما الآخر موضحة، فإن [تساوت](2) قيمها، فهذا بهذا، ولا تخير بينهما ولا إسلام، وإن اختلفت، قيل لصاحب الوضع إما أن يفتكه بما فضلت موضحة الرفيع أو يسلمه، وكذلك ذكر ابن سحنون عن أبيه عن ابن القاسم.
قال محمد بن المواز، أحب إلي أن يخير رب الجارح الأول أن يسلمه أو يفديه، فغن أسلمه، فالعبدان لرب الجارح الآخر بلا غرم، ولا شيء لرب الجارح الأول، لأن عبده إنما جرح بعد أن صار مرتهنا بجرح الأول، فصار ما يحدث له وفيه مرتهن يسلم في ذلك بما له من دية جرح ومال، وليس للجارح الآخر أن يبطل ذلك عن سيده، ولا ان يقتص لنفسه، قال وإن فدى عبده الجارح الأول، وطلب جرح عبده، قيل لرب الجارح الآخر، افداه أو أسلمه.
قال ابن المواز، وأظن ابن القاسم أجاب على أنه لا يحرم من شج منهما أولا، كالمصطدمين، وقد قال في العبدين المصطدمين إن ماتا فهذا بهذا، ساوت القيمة القيمة أو اختلف، إلا أن يكون لهما أموال، فيكون كالجارح حينئذ(3)،
***
__________
(1) - في ص وت (قتل عبدا لأجنبي) والصواب ما أثبتناه من الأصل.
(2) - (تساوت) ساقطة من الأصل.
(3) - في ص ى ث (كالجراح حينئذ).(1/326)
[13/332]
قال ابن المواز، وذلك إذا لم يكن قتل أحدهما قبل صاحبه، ولا أنظر إلى أرفعهما قيمة، إنما انظر إلى مال أقلهما قيمة، إن صار له مال، وكذلك في كتاب ابن سحنون في المصطدمين،
وقال، ولا أنظر إلى اختلاف بينهما في الموت.
في عبد وحر حفرا بئر فانهارت فقتلتهما
/ من المجموعة، قال بعض أصحابنا، وإذا كان عبد وحر في بئر يحفرانها، فانهارت، فقتلتهما، فنصف قيمة العبد مثل نصف دية الحر أو أقل، فلا تباعد بينهما إلا نصف دية الحر في رقبة العبد الذاهب، إلا أن يكون له مال فتستوفى زيادة نصف دية الحر من مال العبد، وإن كان نصف قيمة العبد أكثر من نصف دية الحر، فإن ما زاد على نصف دية الحر في مال الحر، وكذلك الحر مع أم ولد أو مع مدبر، مثل ما ذكرنا في الحر والعبد، إن نافت نصف قيمتها على نصف دية الحر أخذ، ذلك من مال الحر، وإن كان مثلها فأدنى فلا رجوع عليه.
في العبد يجرح عبداً أو حراً، ثم يقتله المجروحُ
أو يقطع له عضواً
من المجموعة وكتاب ابن سحنون، قال سحنون، في عبد قطع يد عبد لرجل خطأً، ثم إن المقطوعة يده قتل العبد القاطع خطأً، فليخير سيد القاتل في افتكاك عبده بدية الجناية، أو يسلمه، فإن افتكه بقيمة المقتول أخذ من تلك القيمة ما نقص، قطع اليد من قيمة القاتل، إلا أن يجاوز قيمة المقتول، فليس عليه أكثر من ذلك، وإن أسلمه ولم يفتده، وقف موقف العبد المقتول، فإما فداه من أسلم إليه بما نقص القطع أو أسلم إليه.
ومن المجموعة قال غيره، وإذا قتل عبد عبداً عمداً، ثم عدا حر فقتل القاتل عمداً أو خطأً، فهو سواء، ويقال لسيد المقتول الآخر ارض سيد العبد/ الذي
***(1/327)
[13/333]
قتله عبدك، وخذ قيمة عبدك، فإن لم ترضه، فقيمة [العبد المقتول آخراً](1) لسيد المقتول [أولاً وليس لسيد] (2) العبد الذي قتله الحر أن يقول لسيد العبد المقتول أولاً أنا أؤدي إليك قيمة عبدك وآخذ قيمة عبدي، وإذا كان قتل العبد الأول خطأً وقتل الحر الآن عمداً أو خطأً، فسيد الآخر مخير في أن يغرم للأول قيمة عبده، ويكون له قيمة عبده على الحر القاتل، وبين أن يسلم إلى سيد المقتول الأول قيمة عبده ويبرأ.
وإذا قتل الأول خطأً فعدا عبد آخر فقتل عبد هذا القاتل عمداً، فسيد المقتول عمدا مخير، فإن شاء غرم قيمة العبد المقتول الأول خطأً، وأخذ قاتل عبده فقتله أو استحياه، وإن شاء أسلمه فأخذه سيد المقتول خطأً فقتله أو استحياه إن شاء.
ومن كتاب ابن حبيب قال أصبغ، في العبد يجرح عبد الرجل، ثم يجرح المجروح الجارح، فلينظر إلى أرش جرحيهما ثم يتقاصان، فإن كان لأحدهما فضل، كان ذلك في رقبة الذي في جنايته الدرك، ثم خير سيده في إسلامه أو افتكاكه، ولو أن عبداً قطع أصبع حر ثم فقأ عينه، فقد فقد علمت أن دية الأصبع مائة دينار، فإن نقص العبد ففي عينه خمسون ديناراً، فالخمسون(3) الزائدة في رقبة العبد، يسلم بها، أو يفدي، وإن زاد نقص العين على المائة كان ذلك على الحر.
في العبد أو من فيه بقية رق يجني، ثم يجني
عليه المجني عليه أو غيره، وكيف إن جنى هو
بعد ذلك؟
من المجموعة قال أشهب،/ إذا جرح عبدك حراً، ثم جرحه ذلك الحر أو غيره من عبد أو حر، فأنت مخير في أن يفديه بدية جرح الحر، ويرجع على
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت في ص وت.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت في ص وت.
(3) - في الأصل (ففي عينه خمسين دينارا فالخمسين الزائدة) والصواب ما أثبتناه.(1/328)
[13/334]
جارحه بما نقصه الجرح، أو يسلمه إلى المجني عليه مع ما وجب لك في أرش جرحه، وقاله غيره من كبار أصحابنا.
قال أشهب، ولو جرح عبدك رجلين واحداً بعد واحد، ثم جرحه الآخر، فإن أسلمته إليهما، فأسلم معه ما نقصه جرح الآخر فكان بينهما، وإن فديته فلك أرش جرحه بينك وبين من أسلمته إليه نصفين. وأما لو جنى على العبد، ثم جنى عليه، فأسلمه إليهما، فإن ما نقص العبد يرجع به السيد على جارحه فيكون بينه وبين الأول نصفين، وأنكر هذا سحنون وابن المواز في هذا بعد هذا، وذكر ابن عبدوس، أن بعض كبار أصحابنا قال، أنه إذا أسلمه إليهما، أسلم ما أخذ في أرش جرحه، فاخذه الأول في جرحه، فإن لم يف، تحاص هو والآخر في العبد الأول بما بقي له، والثاني بجميع جرحه، وبه أخذ سحنون، وهذا قد ذكرته بعد هذا من كتاب ابن سحنون بتمام ما بقي من شرحه.
ومن العتبية(1) وكتاب ابن المواز، قال أصبغ عن ابن القاسم، في العبد يجرح رجلا فلم يقض عليه حتى جرح العبد، وأخذ السيد عقل جرحه، ثم قيم به، فإن شاء سيده فداه بدية الجرح أو يسلمه مع ما أخذ في جرحه، ولو أنه هو جرح آخر بعد ذلك، ثم قاما، فالسيد مخير، أن يفديه بأرش جرحيهما، وإلا أسلمه إليهما مع ما أخذ في جرحه/ الأول خاصة، ويقتسمان العبد بينهما على قدر جرحيهما، لا يحسب على الأول ما أخذ من قيمة جرح العبد، لأن الثاني إنما جرحه عبد مقطوع قد وجب جرحه للأول، ثم رجع ابن القاسم فقال، يتحاصان في رقبته وفي نمو جرحه، لأن قيمة جرحه كبعضه، والحكم إنما وقع الآن. وقال أشهب، إذا أسلمه كان بينهما، وكانت دية الجرح نصفها للأول ونصفها للسيد، قال لأنه جرح الأول صحيحا [فله نصفه صحيحا](2)، وجرح الثاني مقطوعا أو مفقوءا، فله نصفه كذلك، وبقي نصف الجرح لا يستحقه أحد
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 191.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.(1/329)
[13/335]
منهما، فكان للسيد، قال محمد، لا يعجبنا ما قال ابن القاسم، ولا قول أشهب، وقد أعطى أشهب للسيد من العبد ما ليس له، وأحسن ما فيه ما قال عبد الملك وأصبغ، أن جميع دية الجرح للأول كله، وينظر كم هو من العبد حر(1)، فإن كان قدر ثلث رقبته، فقد صار للأول ثلث حقه، ثم يضرب في العبد على حاله الآن بثلثي دية جرحه، والثاني بدية جرحه، وكذلك ذكر العتبي عن أصبغ.
قال محمد، ويكون القياس في ذلك أن يكون سيد العبد في قيمة جرح العبد بالخيار، إذا عدلت مع قيمته، ولكن الإستحسان ألا يكون للسيد فيها خيار، ويكون للمجني عليه الأول وحده ما لم يفده منه السيد، وهذا كعبدين جرحا رجلا ثم قتل أحدهما، ثم عدا الثاني على آخر فجرحه، فإن قيمة المقتول منهما للمجروح الأول، ويحاص في الثاني بما بقي له، فكذلك ما قطع/ من العبد قبل جنايته على الثاني أرشه للأول وحده، ويحاص بما بقي له المجني عليه بعد ذلك، قلت فقد أدخلت الثاني فيما جنى على العبد الأول بمرفق، وتقع إذ لولا ذلك ما كان للثاني إلا نصف العبد مجروحا، فلما صار الجرح للأول قل نصيبه في الرقبة، وكثر نصيب الثاني فانتفع بذلك، قال لا حجة لك بهذا، لأنه لو كان مكان يده التي قطعت عنه خرج معه الأول، ثم جرح أحدهما رجلا آخر، لكان قد انتفع المجروح الثاني بالعبد الذي لم يجرحه، لأن المجروح الأول يصير حقه على العبدين، فيقل حقه في العبد الذي جرح.
قال محمد، ولكن لو وجد قاطع يد العبد عديما، أو ذهبت بأمر من الله، لكان جرح الأول كله فيما بقي من العبد، ويتحاص فيه الأول والثاني كل واحد بجرحه كله، وليس كذلك العبدان(2) ها هنا يجرحان رجلا، ثم يموت أحدهما، ثم يجرح الباقي رجلا آخر، فإن المجروح الأول لا يحاص الثاني إلا بنصف جرحه، والفرق في ذلك أن العبد الباقي لو لم يجرح أحداً غير الأول، لم يكن للأول فيه إلا
***
__________
(1) - في النسخ كلها (كم هو من العبد حرا) والصواب ما أثبتناه.
(2) - في الأصل (وليس كذلك العبدين) والصواب ما أثبتناه.(1/330)
[13/336]
نصف جرحه، لأنهما عبدان جرحاه، واليد إذا لم يصر، للأول من ديتها شيء لم يحسب عليها شيء.
ومن كتاب ابن سحنون، قال سحنون في مسألة العبد يجني، ثم يُجني عليه، ثم يجني قبل قيام الأول، وقد أخذ السيد في الجناية عليه أرشا، فإنه يدفع إلى الأول، فإن كان فيه/ كفاف جرحه ففدي أخذ حقه، وإن كان فيه فضل أخذه السيد، ثم يخير السيد في فداء العبد الثاني أو إسلامه، وإن كان ليس فيها، أخذ من جرح العبد، وقام الجرح الأول، نظر كم هو من قيمة جرح الأول؟، فإن كان النصف أخذه، وبقي له نصف جرحه، فإما أسلم السيد العبد إليه وإلى الثاني فيحاصان(1) فيه، هذا بما بقي له، والثاني بأرش جرحه كله، وإلا فداه منها، ولو أن الجاني على العبد عبد(2) ففداه سيده، فعلى ما ذكرنا، ولو أسلمه، خير السيد في إسلامه العبدين أو فداهما بأرش الرجلين، أو يسلم إليهما العبدين، فإن أسلمهما إلى الرجلين وجرحاهما موضحة موضحة(3)، نظر إلى قيمة العبد الجارح الأول فإن قيل خمسون، قيل وما قيمة العبد الثاني؟، فإن قيل خمسة وعشرون(4)، [دفع](5) إلى المجروح الأول، فكان مستوفيا لنصف أرشه، ويحاص في العبد الآخر بما بقي له، ويحاص الثاني بجميع جرحه، [قال سحنون، وهذا خير من قول أشهب، وقول أشهب غلط في هذا الأصل](6).
ومن كتاب ابن المواز، قال، في مدبر جرح حرا ثم جرحه آخر، [ثم جرح هو آخر](7)، أن دية جرح المدبر للسيد، ولو كان إنما أصيب المدبر بعد أن
***
__________
(1) - في النسخ كلها (فيحاصا) بحذف النون.
(2) - في النسخ كلها (عبدا) والصواب ما أثبتناه.
(3) - (موضحة) غير مكررة في ص والصواب تكرارها كما هو الحال في الأصل وت.
(4) - في الأصل (خمسة وعشرين) والصواب ما أثبتناه.
(5) - (دفع) ساقطة من ص وت.
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(7) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/331)
[13/337]
جرحهما، لم يقل للسيد أسلم منه شيئا، إذ لا يقدر أن يسلم رقبته، وكذلك لو جرح بعد أن أسلمه،
قال كتاب ابن المواز، وذكره سحنون في كتاب ابنه لأشهب، قال، ولو/ جرح عبد لك رجلا حرا ثم جرحه ذلك الرجل، فأنت مخير، إن شئت أن تسلمه إليه مجروحا فعلت، ثم لا شيء له عليك، ولا لك عليه، لأن حقه قد كان وجب في رقبة العبد، وإن شئت فديته بدية جرح الحر، ثم لابد أن يغرم الحر ما جنى على عبدك.
قال محمد بن المواز، بل ينظر إلى جناية الحر على العبد إن فداه السيد، فإن كانت أكثر من دية الجرح العبد للحر، تقاصا، وغرم الحر الفضل وإن كره، وذلك أن يقوم العبد بعد برئه كم يسوى بادئا هكذا يوم الجناية، على أنه ليس في رقبته جناية الحر، إلا أن تكون عمدا، فهو عيب يقوم به، فإما على أن في رقبته جناية، فلا لأن السيد قد فداه منها، وننظر قيمته غير مجروح يومئذ، فإن كان ما نقص من قيمته على هذا أكثر من دية جنايته على الحر تقاصا، فأخذ السيد من الحر ما فضل له، وإن كان للحر فضل، فالسيد مخير في ثلاثة أوجه: إما فداه كله بذلك الفضل، وإن شاء أسلمه كله، وإن شاء قال أجعل ما نقص عبدي بجنايتك إن نقصته نصفه فذلك بنصف جنايتك، وافتده الآن بنصف جنايتك الباقية، فذلك للسيد، لأنه لو مات العبد، فقد سقط نصف حقه، كعبدين لك قطعا يد حر ثم قتل الحر أحدهما، فسيده مخير إن شاء حاسب الحر بقيمة عبده المقتول يقاصه، وإن شاء حسبه عليه بنصف دية يده، قال أشهب في كتاب ابن سحنون في أول المسألة، وذلك كعبد لك جرح حرا ثم عدا حر آخر أو عبد فجنى على عبدك، فإنك إن فديت عبدك/ كان لك أجر ما نقصه من الجراح الجارح له، وإن كان عبدا سلمه إليك سيده أو فداه بما نقص عبدك، وإن أسلمت عبدك للمجروح أسلمت إليه معه وما وجب لك على جارح عبدك، مثل أرش الجرح الذي جرحه عبدك أو أكثر، فأدفع من ذلك إلى الحر أرشه، ولك
***(1/332)
[13/338]
ما فضل، ويسقط التخيير، وإنما يكون التخيير إذا كان ما يأخذ في أرش عبدك أقل من أرش الحر، ويقع التخيير أيضا إذا كان الجارح لعبد عبدا، فأسلمه سيده إليك، ويقع التخيير أيضا إن أخذت من الحر الجاني على عبدك عوضا فيما نقصه.
ومن كتاب ابن المواز وابن سحنون عن أشهب، ولو برئ الحر بجرح العبد، ثم جرحه العبد، فلربه دية جرح عبده، أسلمه أو فداه، لأنه وجب ذلك لسيده قبل يصير في رقبته جناية، وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم في العتبية(1)، وقال، ثم إن شاء فداه أو أسلمه إليه، وكذلك في المجموعة عن أشهب قال، وكذلك لو جرحه العبد وجرح حرا آخر أو عبداً، فللسيد ما نقص عبده، ويخير في العبد في فدائه أو إسلامه إليهما.
ومن كتا ابن المواز وهو في غيره لأشهب قال، ولو برئ العبد فجرح الحر، ثم جرحه الحر، ثم جرح العبد حراً آخر مثل جرح الأول، فإنه يحط عن المجروح الأول ما جنى هو على العبد، لأن الثاني قد شاركه في بقية العبد، فينظر ما بقي/ للأول من دية ما جنى عليه، ثم يخير السيد، فإما أسلمه إليهما، فينظر ما نقص العبد بجناية الحر الأول عليه، وإن كان ثلثه، فذلك بثلث ما جنى عليه العبد، فبقي للحر ثلثا جناية العبد عليه، وليس له أن يحسب عليه الجناية ما بلغت، لأنه وصى بإسلام العبد كله، فإن شاء سيده أسلمه إليهما، فكان بينهما أخماسا للأول خمساه، وللثاني ثلاثة أخماسه، وإن شاء فداه ممن شاء منهما، فيفدي من الثاني ثلاثة أخماسه بدية جرحه كله، ويسلم للأول خمسيه، أويفتدي خمسيه من الأول بثلثي دية جرحه، لأنه صار له ما أتلف من العبد بثلث جنايته، أو يفديه منهما على ما وذكرها ابن سحنون في كتابه فأدرج الجواب فيها لأشهب على أصله الذي تقدم ذكره، وقد أجابه ابن المواز وسحنون، وقال سحنون مثل ما تقدم له من أصله، أنه ينظر إلى ما جنى الحر الأول على
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 122.(1/333)
[13/339]
العبد، فإن كان فيما لزمه من ذلك مثل قيمة ما جرحه العبد ففدى، أخذ حقه، وإن كان فيه فضل أخذه السيد، ثم يخير السيد في إسلام العبد ناقصا إلى الثاني أو افتدائه، ولا يدخل الثاني في شيء مما أخذ في جرح العبد، لأنه إنما جرح الثاني وهو عبد مقطوع، قال، وإن كان فيما لزم الحر الأول للعبد قدر ما جنى عليه العبد، خير السيد بين إسلامه إليه/ وإلى الثاني، فكان بينهما بالحصص للأول ثلثه، وللثاني ثلثاه(1)، وإن شاء فداه منهما، قال سحنون، والأصل الذي أقوله في العبد يجني عليه، أنه إن كان فيما جني عليه مثل جناية العبد فأكثر، فلا تخيير ها هنا، ويأخذ من ذلك المجني عليه دية جرحه، وما بقي للسيد، وإن كان ما أخذ فيه أقل من حق المجني عليه، كان التخيير، فإما أسلمه مع ما أخذ فيه وإلا فداه، وقد قال المغيرة ما يدل عليه في أمة جنت ثم ولدت، سلمها بولدها أو يفديهما، ولو جنت على ثان بعد أن ولدت ثم قاما، قال تقوم الجارية وولدها، فينظر ما الولد من ذلك؟ فتقسم الجناية عليهما، فما صاب الولد منها أخذه المجني عليه بذلك، ثم ينظر ما يبقى له، فيحاص به الثاني في الأمة وحدها، فما وقع له منها، كان به شريكا للثاني، وقال إذا جنت الأمة ثم جني عليها، فأخذ له السيد عقلا ثم قام المجني عليه، فإنه يسلمها إليه السيد مع ما أخذ فيها أو يفديها، ولو جرحت ثانيا قبل ذلك، فليسلمها إليه ما أخذ فيها، ثم يكون الأمر على ما ذكرت لك،
وقال أشهب وابن القاسم، لا يكون الولد معها في الجناية، لأن المجني عليه إنما يستحق الجناية يوم قيامه، وقد قام بعد أن زايلها الولد، وهي لو ماتت قبل قيامه بطل حقه.
في الأمة الحامل تجني ثم جنت على ثان بعد الوضع
/ قال سحنون، وإذا جنت الأمة على رجل وهي حامل أو قبل أن تحمل، ثم جنت على ثان بعد الوضع، ثم قاما، فعلى قول ابن القاسم وأشهب، تسلم
***
__________
(1) - في النسخ كلها (وللثاني ثلثيه) والصواب ما أثبتناه.(1/334)
[13/340]
وحدها دون ولدها فيكون بينهما نصفين، وعلى قول المغيرة، يقوم الولد والأم، فإن كان الولد النصف، خير السيد، فإن أسلمها، فالولد للأول في نصف جنايته، ويحاص هو والثاني في الأم، هذا بنصف جنايته، والثاني بجميع جنايته، فإن شاء افتكها بذلك، وإن قال أنا أفتك الابن وحده بقدره من أرش جناية الأول، فليس له إلا أن يفتك الابن مع ثلث الأم بأرش الأول، لأن ذلك هو المرتهن بجناية الأول، قال عبد الملك، إن فداها منهما فلا كلام لهما، وإن فداها من أول أسلمها وحدها إلى الثاني، وإن فداها من الثاني أسلمها بولدها إلى الأول، وإن أسلمها إليهما كان الأمر على ما ذكرنا من قول المغيرة، من أخذ الأول الولد بحصته، والتحاص في الأم مع الثاني، كما تقدم،
ومن كتاب ابن المواز، قال وإن جرح العبد حرين موضحة موضحة، ثم جرحه أحدهما، فإنه جرحه بعد أن صار حقهما في العبد سواء، فتصير الجناية على العبد بينهما مع رقبته، فإن شاء السيد أسلمه إليهما فكان بينهما، ورجع الذي لم يجن على العبد أنا أحسب على جارحه ما نقص من العبد،/ يجعل جزء من جرحه، ثم لا يحاصصني(1) إلا بما بقي، فليس له ذلك في نصفه، لأنه كعبد غيره جنى عليه، فلابد من دية ذلك ما بلغت، وإن شاء السيد فداه منهما أو من أحدهما، وله أن يفدي نصفه من الذي لم يجن على العبد بدية جرحه كله، ويسلم للثاني نصفه، ويأخذ منه السيد نصف ما نقص من العبد من جنايته على العبد التي كانت تصير للثاني ما بلغت، وإن فداه من الجاني، وأسلم للذي لم يجن، كان للذي لم يجن نصفه، ونصف ما جنى على العبد ما بلغت، وللسيد النصف على الجاني، ثم السيد مخير، إن شاء قاص الجاني وترادا الفضل، فإذا فداه وقعت المقاصة، فإن شاء هذا حبس ما هو من العبد الحر(2)، فيسقط بقدر ذلك الجزء من
***
__________
(1) - في ص وت (ثم لا يحاص إلا بما بقي).
(2) - في النسخ كلها (ما هو من العبد حرا) والصواب ما أثبتناه.(1/335)
[13/341]
دية جرحه، فإن نقصه جرحه للعبد ثلث قيمته، دفع إليه السيد خمسة أسداس دية جنايته، لأن السدس الآخر يصير للمجروح الآخر يأخذ منه فيه نصف ما نقص من العبد، إلا أن يفدي السيد أيضا من الذي لم يجن على العبد بدية جنايته كلها، فيكون للسيد ما يصير له من العبد ومن قيمة جرح العبد كله، قال، وإن جرح العبد حرا ثم جرحه الحر، ثم جرح العبد حرا آخر، ثم جرحه هذا الحر الجاني بمثل جرح الأول أو خلافه/ فليحسب على الأول ما جنى على العبد، فيسقط بقدر ذلك من دية جناية العبد عليه، فإذا عرفت ما بقي له من دية جنايته بقدر ذلك، فيضرب به مع الثاني في رقبة العبد، وفيما لزم الثاني من جنايته على العبد، لأن على الثاني أن يخرج قيمة جنايته على العبد، لأنه جرحه وليس له كله، قد كان له فيه شريك يوم جنى عليه، فمن فدى السيد منهما، دخل السيد مع الثاني مدخل من فدى منه إن فدى من الأول، وإن شاء قاصه بقيمة دية جناية كل واحد ما بلغت، فيتراد الفضل، وإن شاء السيد نظر ما نقص العبد بجنايته الأول عليه، فإن كان ثلاثة صار هذا مستوفيا لثلث دية جرحه، لأنه قد صار إليه ثلث العبد، ويدفع إليه ثلثي جنايته، ويضرب السيد مع الثاني ثلثي جناية الأول في رقبة العبد، وفي قيمة ما لزم الثاني من جنايته على العبد، وللثاني من ذلك قيمة دية جناية العبد عليه كلها.
وكذلك إن تقاص الأول مع السيد، فلا يكون السيد مع الثاني [في رقبة العبد وفي قيمة جناية الثاني](1)، إلا ما كان يكون للأول فيه مع الثاني بعد أن يخرج من دية الأول ما لزم من جنايته على العبد على الآخر، وإن سلم للأول وفدى من الثاني، فليس عليه أن يسلم إليه، إلا أن تكون دية جناية العبد أكثر من جنايته على العبد، فيسلم حينئذ بهذا الفضل من العبد قدر ما تكون له مع صاحبه/ الأول على ما ذكرنا.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/336)
[13/342]
قال وإن كان الحر قد جرح العبد أولاً ثم جرحه العبد، ثم جرح العبد حرا آخر فجرحه، ثم جرحه العبد، فهذا إن أسلمه السيد إليهما أو فداه، فلابد أن يكون للسيد على الأول دية ما جنى على عبده بكل حال، ويكون جرم الثاني على العبد للمجروح الأول كله وحده، ويحسب ذلك عليه فيطرح من حقه، ويحاصه في رقبة العبد بما بقي، وإن شاء أن يفديه من الأول، فليدفع إلى الأول ما يفضل من دية جناية العبد عليه، على قيمة جنايته هو على العبد، فإن كان له فضل لم يكن له في العبد شيء ولا على السيد، وإن كان عليه فضل غرمه، ثم يكون للسيد على الثاني دية جناية الثاني على العمد ما بلغت يوم جنى عليه، ثم إن شاء السيد أسلم الثاني من العبد قدر ما يصير له مع الأول، ويؤخذ منه ما جنى على العبد، ثم يدخل للسيد مع الثاني مدخل الأول، وإن أراد أن يفدي من الثاني، نظر كم يصير له من رقبة العبد مع الأول، أو أسلم إليهما، فيفدي ذلك السيد بدية ما جنى العبد على الثاني، دية جنايته كلها على الثاني، ولابد أن يلزم الثاني دية ما جنى هو على العبد، لأنه جنى عليه قبل أن يجني العبد عليه، فصار ما وجب للثاني للأول على إن لم يفد منه السيد، وإن فدى منه فذلك للسيد، فلابد للثاني أن يغرم ذلك، فدى منه أو أسلم إليه.
في العبد أو المدبر، ومن فيه بقية رق
/ يجني، ثم يقتله سيده
من كتاب ابن المواز، قال في العبد أو المدبر يجني ثم يقتله(1) سيده خطأً أو عمداً، فعليه قيمته الآن يفديها بدية الجناية، ولو قتله أجنبي فإن كان خطأً فعليه قيمته، إلا أن يفديها السيد بدية الجناية، وإن كان عمداً فإن شاء سيده دفع قيمة الجناية، وكان الأمر إليه فيمن قتل عبده، وإن شاء ترك فكان القضاء فيه لأولياء المقتول الأول، إن شاؤوا قتلوا أو استحيوا، وكذلك الحر يقتل الحر عمدا فيقتله آخر عمدا أو خطأً، أن ديته لأولياء المقتول عمداً، ولو كان على عبده دين
***
__________
(1) - في ص وت (ثم يفتكه) والصواب ما أثبتناه من الأصل.(1/337)
[13/343]
فقتله عمداً، فلا شيء عليه لأهل ديته، إذ لم يكن لهم في رقبته شيء، ولو قتله أجنبي عمداً أو خطأً، فقيمته لسيده، ولا شيء لأهل ديته عبدا كان أو مدبرا أو مكاتبا، أو أم ولد. وإذا جنى على العبد ثم أعتقه بعدما علم، فدية الجرح للسيد، وكذلك إن وهبه بعدما جرح، فدية جرحه لسيده.
في العبد ومن فيه بقية رق يقتل رجلا له
وليان، أو رجلان لكل واحد أولياء
قال ابن سحنون عن أبيه، قال ابن القاسم وأشهب، وإذا قتل العبد رجلا له وليان عمداً، فلهما القتل أو العفو على رقه، ثم لسيده بعد ذلك فداه بالدية أو إسلامه، وله أن يفديه من أحدهما، وكذلك له في الخطأ، وقد كان ابن القاسم قال، هو غير هذا، وهذا أصح./ قال ابن حبيب قال أصبغ قال ابن القاسم، ولو جنى على رجلين وليهما واحد، فليس لسيده أن يفتكه إلا منهما، وأنا أرى له أن يفتدي من أحدهما ويسلم للآخر، [كالوليين، وإذا كانت الجناية على اثنين، فسواء كان وليهما واحد أو اثنين، له أن يفتك بأحد القتيلين ويسلم بالآخر، أو يسلم بهما جميعا](1)، وبه قال ابن حبيب.
ومن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب، وإن كانت أم ولد، فعفا أحدهما فليفدها من الآخر بالأقل من نصف قيمتها أو نصف الأرش، وليس له أن يقول إنما لكم القتل، كما لو كان القاتل حرا فعفا أحد الأولياء، أنه يخير على إعطاء نصيب الآخر من الدية، قالا، ولو قتل عبد قتيلين عمدا فعفا(2) أولياء أحدهما، فلأولياء الآخر القتل، [فإن استحيوه فلسيده أن يسلمه أو يفديه. قال أشهب، وكما لو كان حرا، كان لأولياء الآخر القتل](3)، ولو أراد بعض أولياء كل قتيل العفو على استرقاقه، بطل القتل، وإما فداه السيد أو أسلمه.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت وعوض فيهما بقوله (كالجناية على رجلين).
(2) - في ص وت (ففد أولياء أحدهما).
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/338)
[13/344]
ولو كان عفو من عفا من أولياء كل واحد على غير استرقاقه، فإن ما كان يصير لكل عاف من العبد يصير للسيد.
قال ابن سحنون، وقلت له قال عبد الملك، وإذا جرح العبد رجلين جرحين متساويين، ففداه ربه من أحدهما، وأراد إسلامه نصفه إلى الآخر، وأبى الآخر إلا أن يعطيه الآرش أو يسلم إليه جميعه، قال، فذلك للآخر على/ سيده، قال سحنون، قد زال عن مذهبنا في هذا، ولا يسلم إليه إلا نصفه، وكذلك في كتاب ابن المواز مثل قول سحنون، ولم يذكر القول لا عن عبد الملك ولا عن غيره، قال، ولو جرح الثاني بعد أن فداه من الأول، لم يكن له بد من إسلام جميعه أو فداه، ولو جنى على رجلين، ففداه من أحدهما ولم يعلم بالآخر، فله أن يرجع فيأخذ ما دفع إليه، ويسلم العبد إليهما وقال سحنون في العبد يقتل قتيلين خطأً لكل واحد منهما وليان، فله أن يسلمه إليهم أو يفديه منهم، أو يفتدي من أولياء أحدهما نصفه بالدية ويسلم من الآخر من نصفه، أو يفدي من أحد هذين ومن أحد هذين ربُعا ربُعا بالدية بينهما، فيصير له نصفه، ولكل واحد من الباقين ربعه، أو يفدي من واحد من أولياء أحدهما ربعه بنصف الدية، ويسلم إلى الباقين ثلاثة أرباعه، [أو يفدي من ثلاثة ثلاثة أرباعه](1) بدية ونصف، ويسلم إلى الباقي رُبُعُه، وإن كان عمداً فاجتمعوا على القتل، فذلك لهم، فإن استحيوا كان فيه ما ذكرنا في الخطأ، وإن طلب أولياء أحدهما الاسترقاق أو بعضه، وأولياء الآخر القتل فلهم، القتل، ولو طلب واحد من أولياء كل قتيل الاسترقاق، فلا سبيل إلى القتل، ويكون الأمر مثل ما قلنا في الخطأ، وإن كان عفوا على غير شيء، فنصيب العافين للسيد وهو نصف العبد.
وإن كانوا ثلاثة/ أرباعه، ويخير السيد في نصيب من لم يعف فيفديه أو يسلمه، يفدي نصفه من الاثنين بالدية، وثلاثة أرباعه بدية ونصف.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/339)
[13/345]
في الأمة تجني ثم تُسبى، ثم تُعْنَمُ فتقعُ في المقاسم
وإذا جنت الأمة فلم تفد(1) حتى سبيت، ثم غنمت، فصارت في سهم رجل، ثم قام السيد وولي الجناية، فللسيد أن يفديها أو يسلمها، فإن اختار أن يفديها فليغرم السيد الأكثر من الأرش أو ما وقعت به في السهم، فإن كان الأرش أكثر وداه، فأخذ منه صاحب السهم ثمنها، وما بقي فللمجني عليه وإن كان ثمنها في السهم أكثر، وداه ولا شيء للمجني عليه، وإن أسلمها السيد فالمجني عليه مخير أن يفديها بثمن السهمان او يسلمها للذي صارت في سهمه، ولو فداها السيد من صاحب السهم بعشرين ولم يعلم بالجناية، وقيمة الجناية ثلاثون، ثم قام المجني عليه، فالسيد مخير، إن شاء ودى للمجني عليه تمام الثلاثين، وإلا قيل له فأسلمها إليه إن دفع إليك العشرين التي وديت، ولو لم يجن إلا عند الذي صارت في سهمه، فالسيد مخير أن يسلمها أو يفتكها، فإن افتكها فعليه الأكثر من الأرش أو ما وقعت به في السهم، فإن كان الثمن أكثر أخذ منه المجني عليه أرشه، وصاحب السهم ما بقي، وإن كان الأرش أكثر، وداه للمجني عليه، ولا شيء لصاحب السهم،/ وكذلك إن تساويا، فإن أسلمها، خير صاحب السهم فيفديها أو يسلمها،
ولو جنت ثم صارت في السهمان، ثم جنت لم يدخل بعضهم على بعض.
[والآخر منهم مبدأ](2).
تم الجزء الأول من كتاب الجنايات
بحمد الله وعفوه،
ويتلوه في الجزء الذي يليه
إن شاء الله الثاني من الجنايات
***
__________
(1) - في ص وت (فلم يفدها سيدها).
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.(1/340)
[13/347]
بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
الجزء الثاني من كتاب الجنايات(1)
في جناية العبد المخدم والمؤاجر، وكيف إن
جنى عليه سيده
من كتاب ابن المواز، قال أصبغ: اختلف قول مالك، في العبد المخدم، يجني، ومرجعه إلى سيده، فقال: يبدأ بالمخدم، فيخير(2)، فإن فداه خدمه باقي الجل، ثم أن شاء سيده أخذه، ودفع إليه ما فداه، وإلا أسلمه إليه رقاً.
قال أصبغ في كتاب ابن حبيب: فإن أسلمه المخدم، خير لسيده؛ فإما أسلمه فرق للمجروح بتلا، وإما فداه، فبقي لسيده رقاً.
قال أصبغ في كتاب ابن المواز: ثم رجع مالك إلى أن يبدأ سيده؛ فإما فداه، فبقي على خدمته، أو أسلمه فخير المخدم، فإن فداه، لم يكن لسيده أخذه بعد الأجل، حتى يدفع إليه ما فداه به هو أو ورثته(3) إن مات.
ورواه أشهب، وروى القول الأول، وقال: أنا أرى أن يقوم مرجع رقبته، فإن قيل عشرة، فيقوم خدمته، فإن قيل عشرة، صارا فيه كالشريكين؛ فإما فدياه جميعا نصفين، فكان على حاله، وإن أسلماه رق مكانه لأجل الجناية، وإن شاء
***
__________
(1) - قابلنا هذا الجزء بالنسختين السابقتين في مقابلة الجزء الأول.
(2) - في الأصل (فيجبر) وقد أثبتنا ما في ص وت.
(3) - في الأصل (وريثه) وأثبتنا ما في ص وت.(1/341)
[13/348]
أحدهما(1) فدى ماله فيه، أو أسلمه، فإن فداه أحدهما بنصف الدية، وأسلم الآخر، فإن فدى(2) صاحب الخدمة، لم يكن [لسيده عليه مرجع، وإن أسلم صاحب الخدمة، لم يكن لسيده عليه غير بقية الخدمة، وإن أسلمه صاحب الرقبة، كان](3) للمجني عليه بعد الخدمة.
قال أصبغ: وروايته عن مالك أحب إلى، وهو الذي قاله ابن القاسم، وفي رواية ابن وهب: يبدأ المخدم.
قال ابن المواز: وأحب إلينا أن يبدأ السيد، وهو الذي رجع إليه مالك، وقاله ابن القاسم، وأصبغ، وهو: لو قيل: كانت له قيمته، وإذا كان مرجعه إلى حرية، فهو كالعتق إلى أجل يخير المخدم، فإن فداه اختدمه، فإذا تم الأجل، خرج حرا، ولم يتبع(4) بشيء، لا هو، ولا سيده، وإن شاء أسلم خدمته (فاختدمه المجروح)(5)، وحسبت/ قيمة الخدمة (أو أجرها)(6)، واستوفي ذلك من جنايته، وما فضل اتبعه به، وإن استوفى، وبقي شيء من الأجل، عاد إلى سيده.
وقال ابن حبيب عن عبد الملك نحوه، إلا في قوله: فأسلمه، فاختدمه المجروح، فيتم الأجل، ولم يف فإنه قال: يعتق ويتبعه بما بقي في ذمته.
ومن كتاب ابن المواز، قال أصبغ: قال ابن القاسم: وإذا كان مرجعه إلى رجل آخر[ملكا دية](7) المخدم، كالذي مرجعه إلى حرية، فإن فداه، اختدمه باقي
***
__________
(1) - في الأصل (فإن شاء آخرهما) وأثبتنا ما في ص وت.
(2) - في ص (فإن سلم صاحب الخدمة).
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(4) - في ص وت (لم ينتفع).
(5) - العبارة في الأصل (فخدم المجروح) ومع كون المقصود واحدا فقد آثرنا ما في ص وت لملاءمة الاستثناء الذي سيذكره فيما بعد.
(6) - في ص وت (وحسبت قيمة الخدمة وإلا وأجره).
(7) - ما بين معقوفتين كتب واضحا في ت وهو محرف في ص والأصل.(1/342)
[13/349]
الأجل، ثم أسلمه إلى من له مرجع الرقبة، (وما فداه به لا يكون له عليه شيء)(1). وكذلك روى عيسى عنه في العتبية(2).
قال في كتاب ابن المواز: وخالفه أصبغ، وقال: ما أراه إلا وقع رجع عن هذا!، وليس كمن مرجعه إلى حرية، بل كمن مرجعه إلى السيد، وخير من له المرجع أولاً، والمخدم في هذا؛ في فدائه، لا يأخذه من له المرجع إلا بدفع ما فداه به، كأنه إنما أحيا بالفداء خدمته، كما أحيا الراهن رهنه فما افتكه به ثابت في رقبته مبدأ، قبل دين المرتهن، وقبل صاحب البتل، والذي مرجعه إلى حرية، كمعتق إلى أجل، إن فداه سيده، لم يتبعه بشيء.
قال ابن المواز: وقول ابن القاسم أحب إلى؛ لأن صاحب المرجع لم تصر له رقبته(3) بعد، فلو مات لم يرثه، ولو قتل (لم يأخذ قيمته)(4).
وإن أخدمته رجلا سنة، ثم هو لآخر يخدمه سنة، ثم هو لفلان بتلا، أو ثم هو حر فجنى عند الأول، فقال ابن القاسم: يبدأ الأول، فإن فداه خدمه باقي أجله، ثم لا شيء له على المخدم الثاني، [ولا على من المرجع إليه وإن أسلمه خير المخدم الثاني](5) مثل الأول إن فداه اختدمه بقية خدمة الأول، وجميع خدمته، ثم أسلمه إلى صاحب المرجع، ولا شيء عليه، وإن أسلمه للثاني(6) أيضاً ومرجعه إلى حرية، اختدمه المجروح وحسب ذلك في جرحه، فإن وفي، أو بقيت من خدمة الأول بقية، رجع إليه يخدمها، ثم خدم الثاني سنة.
***
__________
(1) - العبارة عوضت في ص وت بقوله (بلا شيء يكون له عليه).
(2) - البيان والتحصيل، 16: 137.
(3) - في الأصل (لم تصر له رقبة) بدون اتصال الرقبة بالضمير.
(4) - (لم يأخذ) مطموسة في الأصل أثبتناها من ص وت.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.
(6) - في الأصل (وإن أسلمه الثاني) عوض وإن أسلمه للثاني.(1/343)
[13/350]
قال: إن لم تف الخدمة الأولى بالأرش، اختدمه السنة الثانية، [فإن استوعبت وبقيت بقية، اختدمه الثاني/، ولا يتبعه الأول فيه](1)، وإن لم تف خدمة السنة الثانية بما بقي له، فهو حر، ويتبعه بما بقي له من الأرش، إن بقي شيء، وإن كان مرجعه لثالث بتلا قيل لثالث يوم: أسلمه المخدومان، إن فديته كان لك بتلا، وإن أسلمته كان للمجروح بتلا.
وقد قيل: إذا فداه المخدوم الثاني، وأسلمه الأول، ولم يختدمه الثاني إلا سنة فقط، ثم رجع إلى ما أرجعه إليه سيده.
قال محمد بعد هذا الفصل: ومن قول ابن القاسم: إن فداه أحد المخدمين، وأسلمه الآخر، اختدمه الذي فداه الخدمتين جميعاً، ثم رجع إلى صاحب البتل بلا غرم.
محمد: ومذهب أصبغ، إن كان مرجعه إلى رجل أن يبدأ من له مرجع الرقبة، كسيده، فإن فدا بقي في خدمة الرجلين إلى تمامها، ثم أخذه، وإن أسلمه، خير المخدمان(2)، فإن أسلماه، كان للمجروح بتلا، وإن افتدياه اختدماه، ثم لم يأخذه من له الرقبة، حتى يعطيهما ما فدياه به.
ومن كتاب ابن سحنون، وذكر مثله ابن حبيب لابن الماجشون، في الذي أخدم عبده سنة [ثم آخر سنة](3)، ثم هو حر، فجنى: أنه يخير الأول، فإن فداه بالأرش اختدمه فيه، ووقف المجروح، فإن استوفاه، وبقيت في المدة بقية، اختدمه في باقيها، ثم سلمه إلى الثاني بغير غرم، وإن تمت المدة قبل تمام الأرش، قيل للثاني: ادفع إليه باقي الأرش، واختدمه فيه مدتك، فإن استوفيت قبلها، اختدمت باقيها بالعطية، وعتق العبد، وإن تمت سنتك قبل أن تستوفي كان ما بقي لك في
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين جاء في ص وت على الشكل التالي (فإن استوفى وبقي منها شيء اختدمه الثاني ولا شيء للأول فيه).
(2) - في النسخ كلها (كان المخدمين) والصواب ما أثبتناه.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.(1/344)
[13/351]
ذمة العبد، وعتق، فإن أبى الثاني أن يدفع للأول ما بقي له، قيل للأول: اختدمه في مدة الثاني، فإذا استوفيت، فادفعه إلى الثاني يختدمه ما بقي، ويعتق، وإن لم يستوف الأول حتى تمت خدمة الثاني عتق، وأتبعه الأول بما بقي له ولو أن الأول/ أبى أن يفتكه، فليسلمه إلى المجروح يختدمه في جرحه، فإن استوفى، وبقي من مدة الأول شيء، عاد إليه، فاختدمه ما بقي، ثم خدم الثاني وعتق، فإن تمت مدة الأول عند المجروح، ولم يستوف، قيل للثاني: إن شئت فأعطه ما بقي له من أرشه، وقف موقفه في الخدمة، فإن استوفيت وبقي من مدتك شيء، خدمك فيها، وعتق.
قال في كتاب ابن حبيب: وإن تمت المدة قبل أن يستوفي، عتق، وأتبعه بما بقي. قال في الكتابين: وإن أبيت أن تعطيه ما بقي له، اختدمه المجروح في مدتك، فإذا تم ما بقي له، وقد بقي شيء من مدتك، عاد إليك يخدمك فيها، وإن تمت ولم يستوف، عتق، وأتبعه المجروح بما بقي له.
وقال ابن القاسم: إذا فداه الأول اختدمه سنة، ثم أخذه الثاني بلا غرم، فاختدمه سنة [ثم هو حر وإن أبى الأول أسلمه إلى المجروح فاختدمه سنة](1) في الأرش، فإن استوفى قبل تمامها، رجع إلى الأول يخدمه باقيها، فإن تمت ولم يستوف، قيل للثاني: افده، واختدمه مدتك، فإن أبى، خدم المجروح فيما بقي له، فإن استوفى قبل [مدة الثاني رجع إلى الثاني فخدمه باقيها وعتق، وإن تمت ولم يستوف عتق واتبعه](2) بما بقي.
ومن كتاب محمد، مالك: وإن جنى على العبد المخدم، ومرجعه إلى حرية، فإن أرش جرحه للذي كان له رقبته أولا، وكذلك قيمته إن قتل، وميراثه إن مات.
قال ابن القاسم: وإن جعل مرجعه لرجل بتلا، بعد خدمة سنة لآخر، فمات العبد قبلها أو قتل، فمرة قال مالك: ميراثه وقيمته إن قتل للأول. ومرة
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.(1/345)
[13/352]
قال: لصاحب المرجع. وأخذ ابن القاسم بأن ذلك للأول. وقاله أصبغ؛ لأن مرجعه إلى حرية. وقاله أشهب. وكذلك أرش جرحه في قولهم.
قال مالك في الموصى بخدمته لرجل سنة، ثم هو لفلان بتلا إن قيمته إن قتل في السنة لمن له المرجع، وقال أصبغ: لم يصر بعد لصاحب المرجع، ولا يثبت له فيه حق إلا بعد الخدمة، وإن جعلت حيازته حيازة لمن له المرجع في الهبة. وقال أشهب: تكون قيمته مقام رقبته يشتري منها من يخدم مكانه بقية السنة،/ ثم يصير لمن له المرجع، وإن كان مرجعه إلى سيده، كانت قيمته لسيده؛ لأن رقبته له بعد، وهو لو أحدث دينا لبيع في دينه، وكان أولى بمن له المرجع، لأنه لم يجزه بعد السنة قبل موت سيده أو فلسه.
قال محمد: أما إذا كان مرجعه إلى سيده أو بتل لرجل عبده بعد سنة، فلم يختلف فيه قول مالك وأصحابه، وإنما اختلفوا إذا أخدمه رجلا سنة، ثم قال: هو لفلان بتلا فقيل في السنة، واختلف فيه قول مالك، واختلف فيه قول ابن القاسم، وأشهب، واختلف فيه قول أشهب؛ فقال ابن القاسم وأصبغ: ذلك للسيد الأول. وقال أشهب: قد خرج عن ملك ربه وحيازته المخدم حيازة للمبتل له، ولا يضره الدين المحدث، ولا موت سيده، فيختدمه من قيمته تمام السنة، وما بقي فلصاحب البتل.
قال أصبغ: ولا يتم لصاحب البتل شيء، والمخدم حائز لنفسه، وإنما تكون حيازة للمبتل إذا بقيت الحيازة حتى يأتي وقت الإبتال، وقد قال أيضاً أشهب ما قلت؛ أن قيمته للأول، وقاله ابن وهب.
ومن أخدم رجلا عبده أجلا أو حياته، ثم قتله السيد، فإن كان خطأً، فلا شيء عليه، وعليه في العمد غرم قيمته، توقف بيد عدل، فيؤاجر منها، فيخدم بقية الأجل أو العمر، فما بقي (1)، فللسيد، وما عجز، فلا شيء عليه. وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم، وقال: إن قتله أجنبي، فقيمته لسيده.
***
__________
(1) - في ص وت (فما فضل فللسيد).(1/346)
[13/353]
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: يشترى منها من يخدمه، والإجارة عندي أبين. وهو نحو قول مالك. ومن قول ابن القاسم- فيما أعلم-: ولو اشترى عبداً لجاز. قال أصبغ: كل ذلك حسن، ولا حجة للسيد، ولا للمخدم، والقياس أن يؤاجر له، كان يرجع إلى حرية أو إلى سيده، ومن اخدم أمته أمداً(1)، ثم هي حرة، فجرحته، فليخدمها بالجناية، فإن استوفى رجعت، تخدم المخدم، وإن انقطعت الخدمة ولم يستوف، أتبعها بما بقي، وكذلك إن جنت على عبده؛ كقول مالك في مدبر/ جنى على سيده، ولكن المدبر يتبع بعد العتق بما بقي: إن حمله الثلث أو بقدر ما حمل منه يتبع تلك الحصة بما بقي عليها، وتسقط حصة ما رق، وإن كان له مال، أخذ منه، وإلا فما كان من الأيام يبقى له فيما فضل من عيشه، اتبع في ذلك الفضل، وإلا فعيشه أولى.
ابن حبيب، قال ابن الماجشون: ولو أخدمه رجلا سنة، ثم لآخر سنة، ثم يرجع إلى سيده، فجنى عند الأول، خير الأول في فدائه، أو إسلامه، فإن أسلمه خير الثاني، فإن أسلمه خير سيده، فإن أسلمه صار للمجروح رقاً، لا خدمة فيه، ولا مرجع، وإن فداه سيده كان لا خدمة فيه، وإن فداه المخدم الثاني كانت له خدمته إلى مدته، ولا يقاصه فيها مما فداه بشيء، وقيل لسيده: إن شئت فافده منه بما فداه به، وإلا فأسلمه إليه عبداً له. وإن فداه المخدم الأول، فله جميع خدمته إلى مدتها، ثم قيل للثاني: إن شئت أخذه بخدمتك، فأعطه ما فداه به، واختدمه، ثم لا يأخذه سيده إلا أن يعطيك ما وديت. وإن أسلمته إلى الأول، قيل لسيده: أعطه(2) ما أدى، وخذه قنا(3) لا خدمة فيه (أو أسلمه رقا إلى الأول)(4).
***
__________
(1) - في ص وت (ومن أخدم أمته رجلا).
(2) - في ص وت (قيل لسيده ادفع إليه ما أدى).
(3) - القن بكسر القاف: العبد إذا ملك هو وأبوه يستوي فيه الإثنان والجمع والمؤنث وربما قالوا (عبيد أقنان) ثم يجمع على أقنة، وهذه الكلمة ساقطة في ص وغير واضحة في ت.
(4) - العبارة في ص وت (أو أسلمه إليه رقا).(1/347)
[13/354]
ومن كتاب ابن سحنون، وعن العبد يؤاجره سيده، ثم يعتقه في الإجارة، ثم يجني؛ سئل السيد، فإن قال: أعتقته لأحرز(1) الإجارة، وأخلصه من الرق، حلف، وكانت له الإجارة، وخير، فإن افتكه كانت له(2) الإجارة، وعتق بعد وفائها، ولا يتبعه بما فداه به، وإن أسلمه خير المستأجر في أن يفتك أو يسلم، فإن افتك خدمه بالإجارة، وإن أسلمه المستأجر عتق، وكانت الجناية في ذمته، ويرجع المستأجر بالإجارة، أو ما بقي منها [على المؤاجر، وإن نكل سيده عن اليمين، كانت الإجارة للعبد- يريد ما بقي منها-](3) ولم يخير السيد في شيء؛ لأنه لم يبق له فيه رق [ولا تصح له إن افتك، ولكن يخير المستأجر فإن افتكه خدمه](4) بالإجارة، فيعتق بتمامها، واتبعه بما افتكه به، والإجارة للعبد، فإن أسلمه كان حرا مكانه، واتبعه أهل الجناية بدية جنايتهم، ورجع عليه المستأجر بالإجارة، أو ما بقي عليه منها.
ومن العتبية(5)، قال عيسى عن ابن القاسم في العبد يخدمه سيده رجلا سنة، ثم هو لفلان بتلا، فجرح العبد رجلاً في الخدمة أو يجرح، فقد اختلف قول مالك؛ فقال: ذلك للأول. وقال: هو لصاحب المرجع. وأرى أن دية جرحه(6) وقتله لسيده الأول.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم في العبد يؤاجره سيده، ثم يعتقه، فيخرج العبد رجلاً، أو تكون أمته(7)، فتلد بعدما عتقت، وقبل ما تجني، فأما(8)
***
__________
(1) - في ص وت (أعتقه لأحُوز).
(2) - في ص وت (فإن افتكه تمت له الإجارة).
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(4) - ما بين معقوفتين أثبتناه من ص وت وجاء في الأصل على الشكل التالي (لأنه لم يبق له فيه رق ولا حيازة يصح له أن يفتدي به) والظاهر أن ما أثبتناه أوضح.
(5) - البيان والتحصيل، 14: 373.
(6) - في الأصل (إن قيمة جرحه).
(7) - في الأصل أو تكون (أمة) من غير ان تتصل بضمير الغائب.
(8) - في الأصل (أبى العبد).(1/348)
[13/355]
العبد، فيخير سيده؛ إما أن يفديه، ولا غرم عليه بجميع ما أخذ من إجارته، ويكون عتيقا بعد السنة، فإن لم يفده خير المستأجر، فإن شاء فداه، واختدمه بقية الإجارة، وعتق بتمامها، وإن شاء فسخ، الإجارة، وحاسب سيده بما مضى منها، وقبض ما بقي، وعتق مكانه، وذلك أن المستأجر إن شاء فسخ الإجارة، ويعجل عتق العبد ورد السيد ما بقي من الإجارة، ويتبع العبد بعقل جنايته. قلت: وإذا فداه السيد هل يتبعه بما غرم عنه من عقل الجناية؟ فلم يأت يحيى فيها بجواب. وقد ذكرنا قول سحنون في الأول(1) أنه لا يتبعه إذا اراد بالعتق إحراز الإجارة مع العتق.
ومن كتاب ابن حبيب، قال أصبغ فيمن أخدم عبده عشر سنين، فجني على العبد في الأجل، فإن كانت الجناية تنقص خدمته، استعان المخدم من أرش الجناية بما يتم به الخدمة حتى يتم الأجل، أو ينفد الأرش، فإن كان ذلك لا ينقص من خدمته مثل الموضحة وشبهها فالعقل للسيد.
في جناية العبد الرهن، والجناية عليه،/
وفي جناية العبد المبيع في أيام
الخيار، في العهدة
من كتاب ابن المواز، وإذا جنى العبد الرهن، فإن فداه ربه، بقي رهنا، وإن أسلمه خير المرتهن في ثلاثة أوجه؛ إما أن يسلمه إلى الجاني، ويتبع الراهن بديته، وإما أن يفديه بدية الجاني فقط، فيكون العبد وماله رهنا بما فداه به، إن لم يكن سيده انتزعه قبل ذلك، وهو بالدين الأول رهن بغير ماله، إن لم يكن اشترطه في أول الرهن.
قال ابن القاسم: لا يباع حتى يحل الدين، فإن لم يفده بالدين والأرش، بيع، فبدى بالأرش، وما بقي كان في الدين، وإن فضل شيء بعد الأرش والدين
***
__________
(1) - في الأصل: (في الأهل).(1/349)
[13/356]
كان لسيده. قال مالك: فإن عجز ثمن رقبته وماله عما فداه به، لم يكن على سيده من ذلك شيء، ولا على غيره.
والوجه الثالث أن المرتهن إن ابى هذين الوجهين، فله أن يأخذه لنفسه ملكا بزيادة على الجناية ما كانت. قلت: أو كثُرت فيسقط مثلها من دينه، ويتبع السيد بما بقي من الدين بعد إسقاط ما ذكرنا من الزيادة، وليس لسيده أن يأبى ذلك؛ لأنه كان أسلمه بأقل، فهو مضار بإبائه.
قال ابن عبد الحكم: واختلف قول مالك في ماله إن لم يكن مشترطاً في أصل الرهن، هل يكون بالأرش رهنا مع الرقبة،؟ فقال مرة: يكون رهنا. وقال أيضا: لا يكون رهناً. وبهذا أخذ ابن القاسم، وابن عبد الحكم.
محمد: وهذا عندنا إذا كان السيد انتزع ماله قبل ذلك، وأما إن لم يكن انتزعه قبل ذلك، قول مالك، ومن يرضى من أصحابه، أن ماله ورقبته فيما فداه به. قال: وأما إن لم يفده السيد، ولا أسلمه، ولكن قال للمرتهن: افده؛ ففداه، فقال ابن القاسم، وأشهب: فذلك يكون دينا على الراهن. قال أشهب: ولا يكون العبد،/ لم يلزم السيد شيء من ذلك إلا الدين القديم، وكما لو كان وديعه عنده، أو بإجازة ففداه بغير أمره، ثم مات العبد، لم يلزم السيد من ذلك شيء، ولو قال: أحدهما أولاً لسيده قد فديته، فإما أن يلزم ذلك نفسه، وإلا فأسلمه إلى بذلك. قال: فليس ذلك له، ولكن يباع العبد، فيؤخذ من ثمنه ذلك بدءاً، وما بقي لسيده، فإن كان مرهوناً، كان ما فضل للمرتهن من دينه، وإن لم يف ثمنه بالأرش، لم يتبع السيد بشيء مما فداه به، إلا بالدين؛ لأنه فداه بغير أمره.
قال: ولو فداه أحدهما أولا، فلم يفده السيد حتى جنى على آخر، فهو رهن بالجنايتين، فإن كانتا سواء، فإن شاء سلم نصفه للمجني عليه آخرا، وإلا فداه بجنايته، ويكون النصف الآخر مرهونا بالدين والجناية، والقول فيه حسبما تقدم من القول في العبد الرهن، يجني.
***(1/350)
[13/357]
قال: وإذا أسلمه السيد، ففداه المرتهن، بدية الجناية، أو فداه بأكثر منها ليأخذه ملكاً، ثم جنى. قال: إن فداه بزيادة ليأخذه، فهو قد ملكه، فليفده إن شاء، أو يسلمه، [ويتبع السيد بديته](1)، إلا ما أسقط عنه الزيادة، وأما إن فداه بالأرش فقط بعد أن أسلمه سيده، فإنه يخير سيده أيضا في هذه الجناية الثانية بين فدائه، أو إسلامه كله، فإن فداه بقي رهنا بحاله، وإذا بيع، فقد قيل، يأخذه مرتهنه من ثمنه ما افتداه السيد بالجرح الآخر يأخذه في دينه؛ لأن الجناية الآخرة أولى برقبته من الجرح الأول، والجرح الأول من المرتهن، فيأخذ ذلك المرتهن، فيستوفي [منه دية](2) الجناية الآخرة. فما فضل أخذ منه الجناية الأولى، فما فضل أخذ منه المرتهن في دينه الأول، ولو عجز ذلك عن الجناية الآخرة، لم يتبعه المرتهن بها، وأتبعه ببقية الدين الأول.
وقد قال أشهب: إذا بيع أخذ المرتهن ما كان له فيه من الرهن؛ لأن الجرح الآخر أولى به من الأول، وإن فضل فضل، كان فيما فداه به من الجرح/ الأول، ثم [إن كان فضل، فللسيد. قال محمد: وأحب إلي أن يكون الجرح الثاني أولى به من الرهن، فما بقي، ففي الأول، وما](3) بقي، ففي الثاني.
قال أشهب: فإن أسلمه سيده في الجرح الثاني، خير المرتهن بين أن يزيد على الجناية الآخرة، أو يأخذه ملكا، وتسقط الزيادة من الدين بشيء مما فداه من الجنايتين، وإلا فداه من الجناية الآخرة لا يزيد شيئا، ولا يبقى رهناً بالجنايتين والدين، فإذا بيع استوفى منه ما أدى في الجنايتين، ثم بقي في الدين، وإن فضل(4) شيء فلسيده.
قال محمد: ومحمل قول مالك عندنا في مال العبد الجاني الرهن، إن لم ينزعه سيده قبل الجناية، أن ماله رهن فيما فدي به [دون الدين فإن بقي بيع بماله فإن
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين كتب في الأصل على الشكل التالي(ويتبع السيد بديته) عوض بديته.
(2) - (منه دية) ساقطة من الأصل أثبتناها من ص وت.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(4) - في الأصل حذفت النون من قوله (وإن) فاضطرب بسبب ذلك الكلام.(1/351)
[13/358]
استوفي منه ما فداه به](1)، ثم لا يكون بجميع ما بقي أولى في الدين من الغرماء، ولكن يقسم ما بقي على قيمة العبد بماله، وقيمته بغير مال، فإن زاد ماله في القيمة الثلث، قسم ما بقي على ثلاثة؛ فثلثاه(2) للمرتهن، وثلث يحاص فيه مع غرمائه بما بقي له.
قال: ولو قال المرتهن: خذوا من مال العبد دية الجناية، ودعوه رهنا بيدي. فليس له ذلك إلا بإذن السيد، وللسيد إسلامه بماله، وإن كان فيه أضعاف الأرش، إلا أن يشاء المرتهن أن يفديه بزيادة، [أو بالمثل، أو يسلمه، فيكون على ما ذكرنا أولا. وفداه بالأرش بغير زيادة](3) كان بماله في ذلك رهناً.
[قال أشهب: ويكون مال العبد بيده، ينفق منه، ويكتسي بالمعروف.
قال ابن القاسم: ولو جرح العبد، وأخذ فيه أرش، كان رهنا](4) معه، وهو كبعضه، لا يجعل له من دينه. وقال في العبد المبيع بالخيار يجني في أيام الخيار: فليختر البائع، فإن فداه فالمبتاع بالخيار في العمد والخطأ، وإن أسلمه، فالمشتري مخير؛ إن شاه فداه، ودفع للبائع باقي الثمن، وإن كان الخيار للبائع ففداه، والجرح خطأ، فله أن يمضي البيع ويلزم المشتري، [ولو كان عمداً، فليس له ذلك إلا برضى المشتري](5)؛ لأنه عيب حدث في أيام الخيار، وإن أسلمه، فلا مقال للمشتري، ويصير إسلامه نقضا/(6) [لبيعه كما لو وهبه أو باعه، وإن كان العبد هو المجروح والخيار للمشتري أو في أيام العهدة أو الأمة في المواضعة فإن شاء المبتاع أخذه مجروحاً بالثمن كله والأرش للبائع وإن شاء رده إلا أن يعلم به إلا أن يبدأ جرحه على غير علم فيلزمه ويكون أرش جرحه للبائع إن كان من الجراح
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) - في الأصل (فثلثه) بالإفراد وما أثبتناه من ص وت.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(6) - سقطت اللوحة رقم 19/7 و7ظ من النسخة المصورة فعوضنا محتواهما من ص وت ويوجد المحتوى بين هذه المعقوفة الأخرى التي شنبه عليها عند الوصل إليها.(1/352)
[13/359]
الأربعة التي يرتفع فيها القصاص، وكذلك روى عيسى في العتبية عن ابن القاسم في الجناية عليه وفي الثلاث أو ذهاب ماله وقال وإن كان هو الجاني فإن افتكه البائع فالمبتاع على بيعه إلا أن تكون الجناية عمداً فيصير مخيراً في رده أو قبوله، وإن أسلمه فالمشتري مخير أن يفديه أو يسلمه فإن فداه بدية الجرح وذلك أقل من الثمن ودى بقية الثمن إلى البائع وإن كان مثله فأكثر ولا شيء عليه للبائع.
العبد يجني فيوصي سيده بفدائه وعتقه(1)
من كتاب ابن المواز: وإذا جنى الموصى بعتقه بعد موت السيد، فهو كالمدبر إن ترك الموصي مالاً مأموناً فهو كالخر فيما يلزمه من قود ودية على العاقلة، أو في ماله، وإن لم يكن له مال مأمون فهو كالعبد، فإن خرج من الثلث اتبع بالجناية وإن نافت على الثلث، فإن جنى قبل الموت، فترق من المدبر، فهذا يسلمه السيد إن شاء عبداً أو يفديه ويبقى على الوصية إن لم يرجع عنها، والمدبر يسلم خدمته وإن لم يسلم الموصي بعتقه حتى مات السيد فقال أشهب لورثته ما كان له أن يسلموه رقا، بعد أن يحلفوا ما علمنا أنه أقره تحملا للجناية، فإن نكلوا أخرجوا من الدية من رأس المال وأعتقوا العبد من ثلث ما بقي. وقال ابن القاسم إن شاء أسلموه عبداً للمجروح، وإن شاء فدوه، فكان على الوصية، فعلى قول ابن القاسم يسقط العبد من التركة، فإن فدوه بثلث ما بقي فأقل، عتق، وإن كان بأكثر عتق منه محمل الثلث. قال محمد كأنه استحق وكأنه حين أقره كموصى يعتقه مكانه عبدا آخر يشتري بثلث ما بقي من ماله بعد العبد إذا استحق بالجناية. قلت فلو أوصى بشراء عبد بعينه فيعتق واشتروه فجنا قبل العتق؟ قال هو مثل ما ذكرنا في هذا العبد بعينه، وفي المدبر يجني ولو كان عبدا بغير عينه فهو بخلاف ذلك. قال محمد وهذا بمنزلة لو مات بعد الشراء قبل يعتق فهو كمال الثلث ينقص فإن شاؤوا اشتروا غيره(2) من ثلث ما بقي فكان
***
__________
(1) - هذا جزء من عنوان لم يتيسر لنا نقله كله نظرا لعدم وضوح محتواه في كل من ص وت.
(2) - في ص وت (غير) بغير ضمير ولعل الصواب إثباته.(1/353)
[13/360]
كالشراء ويعتق. ولو أوصى بعتقه بعد سنة فجنى بعد موته، فيخير الورثة في فداه خدمته على أن لا يتبعوه بما بقي [أو إسلامها فيختدمه من المجني عليه في ذلك ويتبعه بما بقي. قال محمد وأما الجناية على المدبر والمعتق إلى أجل والموصى بعتقه بعد أجل، فبخلاف جنايتهم والجناية عليهم للسيد أو لورثته لا يكون كأموالهم وهو ثمن الرقبة، وليس مثل ما كسب أو وهب له بعد موت السيد هذا. ولورثته انتزاع ما لهما ما لم يقرب الأجل.
ومن أوصى بعتقه إلى شهر فجنى بعد السيد قبل النظر في النظر في الثلث، والثلث لا يحمله خير الورثة فإما أنفذوا الوصية وتكون الجناية في خدمته ويتبعه المجني عليه بما بقي](1) إلا أن يفدوا الورثة](2) خدمته بالأرش، على أن لا يتبعوه بعد العتق بشيء، فذلك لهم، وإلا عجل(3) عتق ما حمل الثلث منه، واتبع ما بقي(4) منه قدر ما يقع عليه من الجناية، ويخير الورثة في فداء ما رق منه، أو إسلامه.
قال: وأما المعتق بتلا في المرض، يجني فيه، فقد اختلف فيه؛ فمرة قال ابن القاسم، وقاله أشهب: هو كالمدبر؛ يجني في المرض، وقد دبره في المرض أو في الصحة؛ إما فداه سيده، أو أسلم خدمته إلى موت سيده. ومرة قال ابن القاسم: ليس له أن يسلمه. محمد: وأحب إلي أن ليس له أن يسلمه(5)، وهو بخلاف المدبر الذي استثنى خدمته، والمبتل لا خدمة فيه، إلا أنه يخدمه العبد، حتى ينفذ عتقه، إلا من له مال مأمون [وقال أشهب لا يعتق وإن كان للسيد مال مأمون](6) حتى يموت، فاختلف أيضا فيه قول أشهب.
***
__________
(1) - ما بين قوسين ساقط من ص مثبت من ت.
(2) - هنا ينتهي ما عوضنا به اللوحة الساقطة من صورة الأصل.
(3) - في ص وت (وإلا عجلوا عتق ما حمل الثلث).
(4) - في الأصل (واتبع ما عتق منه).
(5) - في ص وت (وأحب إلي أن يسلمه).
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.(1/354)
[13/361]
ومن كتاب أمهات الأولاد لابن سحنون، وقال المغيرة في عبد جنى موضحة، وأوصى سيده؛ يفدى ثم يعتق: فإن كانت قيمته مثل دية الموضحة خمسين، فعلى الورثة شراؤه من رأس المال، ثم يعتق في ثلاثة أو ما حمل منه، وإن كانت قيمته ثلاثين، أدوا عنه عقل الموضحة كما أوصى، وتكون عشرون وصية للمجروح، استتماما لحق العبد(1)، ففداؤه في الثلث، ويعتق الزائد على العشرين فيما بقي من الثلث؛ لأنها من الوصايا، وكأن العشرين اشترى بها العبد، فأعتقه؛ لأنه مرتهن بثلاثين.
ومن العتبية(2)، وقال فيمن حلف بحرية عبده؛ ليضربنه ضربا يجوز له، فجنى قبل الضرب جناية خطأً خير، في إسلامه أو فدائه، وإن أسلمه، رد وعتق عليه كالبيع، [ويرجع المجروح على سيده بالأقل من قيمة العبد، أو قيمة الجناية](3).
وقال ابن سحنون عن أبيه: (إن افتكه ضربه)(4)، وخرج عن يمينه، وإن أسلمه قيل للمجني عليه: اختدمه بقدر جنايتك، فإذا استوفيت، رجع العبد إلى سيده؛ فضربه، وخرج من يمينه.
قال ابن عبدوس: قال بعض أصحابنا:/ فإن أسلم خدمته، ثم ضربه سيده وهو في الخدمة سقطت الخدمة، فأسلمه رقا، أو فداه، وليس عليه أن يسلمه رقبته(5) قبل أن يضربه، وإن مات السيد قبل ضربه، وهو في الخدمة، فإن حمله ثلثه، عتق فيه، أو ما حمل منه، واتبع بما بقي من الجناية، وخير الورثة في فداه ما رق منه أو إسلامه.
***
__________
(1) - في ص وت (استماما لعتق العبد).
(2) - البيان والتحصيل، 16: 189.
(3) - العبارة الموجودة بين معقوفتين جاءت في البيان والتحصيل على الصورة التالية: (ويرجع المجروح على السيد بقيمته إلا أن تكون القيمة أقل فليس له إلا الأقل من قيمة العبد أو الجناية).
(4) - في الأصل (أن ابتله من ضربه) وما أثبتناه من ص وت.
(5) - في ص وت (وليس عليه أن يسلم رقبته).(1/355)
[13/362]
ومن كتاب ابن المواز: وإذا جنى المعتق إلى أجل، فهو كالمدبر، فإن شاء سيده فدى خدمته، ولا يتبعه بشيء أو يسلمها فيخدم فيما لزمه، أو يؤاجر فيها(1)، فإن وفى رجع إلى سيده، وإن تم الأجل ولم يف أتبع بما بقي [وعتق؛ كان سيده حيا أو ميتا، ولو جنى في الخدمة على آخر بعد إسلامه، دخل الثاني فيما بقي من الخدمة](2) بما يجب له، والأول بما بقي له.
وإذا جنى المعتق نصفه، فلم يختلف قول مالك وأصحابه؛ أنه يخير سيده أن يفدي نصفه بنصف دية الجناية، أو يسلمه، ويتبع العبد بنصف الجناية في ماله، أو يتبع به إن لم يوجد له شيء.
وإذا جنى عليه، فاختلف فيه قول مالك؛ فقال: أرش ذلك بينه وبين سيده. قال أشهب: ثم رجع؛ فقال: جميعه لسيده. وبه أقول استحساناً. وروى القولين ابن القاسم، وأخذ هو، وابن وهب بأنه بينهما. محمد: وهو القياس أن له مثل ما عليه. قال أشهب: وهو القياس، وأستحسن أنه للسيد؛ لأنه بعد عبد في أحكامه، ألا ترى لو قتل كانت قيمته لسيده، وكذلك ما قطع منه، وأما إذا جنى، فهو المخدم(3) لها، فلذلك لم أحمل على سيده من حصة الحرية شيئاً، ولا أعري العبد من ذلك، وهو المعتدي، وتصير ذريعة إلى تجرؤ العبد على الجنايات.
قال محمد: وهو قول حسن لا يعيبه./
ومن قول العلماء، ولكن أقيس القولين ما ذكرت لك، وهو قول ابن القاسم، وابن وهب، والمغيرة وابن دينار، وابن الماجشون.
وذكر ابن حبيب أن مظرفا روى عن مالك ثلاثة أقوال؛ فذكر القولين اللذين ذكر ابن المواز، والقول الثالث أن يكون ما يجب فيه موقوفا بيده مع ماله
***
__________
(1) - في ص وت (ويؤاجر فيها) عوض أو يؤاجر فيها.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت وجاءت العبارة فيهما مختصرة على الشكل التالي (اتبع بما بقي من الخدمة التي تجب له).
(3) - في الأصل وت (فهو المحرم) والصواب ما أثبتناه من ص.(1/356)
[13/363]
[وآخر أقواله أن يكون بينهما، فما صار للعبد بقي بيده موقوفا مع ماله](1). وبه أقول، وقاله ابن الماجشون، والمغيرة، وابن دينار.
في جناية العبد المغصوب والجناية عليه
وهذا الباب أكثر مسائله مستقصاة(2) في كتاب الغصب، من كتاب ابن المواز، وذكرنا منه هنا شيئا من العتبية(3). روى العتبي عن سحنون، فيمن غصب عبداً،وعند الغاصب جارية وديعه لربه، فجنى العبد عند الغاصب، فقتل رجلا خطأً، ثم قتل تلك الجارية، ثم قام أهل الجنايتين، فلرب العبد أن يضمن الغاصب قيمته فارغا بلا جناية، ثم يخير فيه الغاصب إن كانت قيمة الجنايتين سواء ألفاً ألفا، فإن شاء أسلمه [وإن شاء فداه](4)، وإن شاء فدى نصفه من إحدى الجنايتين بألف.
ولو جنى العبد على رجل خطأً، ثم جنت تلك الجارية على العبد خطأً، [قال](5)، فإن أخذ رب العبد قيمته من الغاصب [فارغا](6)، بلا جناية، فإنه يقال لرب الجارية: أسلم جاريتك بما نقص العبد، أو أفتك، فإن أفتك- هكذا: في الكتاب، وهو غلط، وإنما هو: فإن أسلم- قال: فيقال للغاصب: قد صار إليك العبد والجارية، وهما مرتهنان بجناية الحر، فإن شئت، فأسلمهما إلى أوليائه، وإلا فافتكهما بدية الحر، فإن أفتك رب الجارية الجارية بما نقص العبد، وقيمة نقصه ألف دينار، قيل للذي له العبد: ادفع الدية إلى أولياء الجناية، فتصير/ كأنك افتككت العبد بالدية، فإن كان ما نقص العبد أقل من ألف دينار، قيل لرب العبد: إن شئت فافتك العبد بالدية، وإن شئت [فأسلم العبد، وأرشه، في الجناية](7).
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص مذكور من الأصل وت.
(2) - في ص وت (وهذا الباب أكثره مستقصى).
(3) - البيان والتحصيل، 16: 175.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.
(5) - لفظة (قال) ساقطة من الأصل.
(6) - كلمة (فارغا) ساقطة من الأصل وعوضها سهوا بلفظة (قيمته).
(7) - جاءت العبارة الموجودة بين معقوفتين في ص وت على الشكل التالي (فأسلم العبد أرشه والله أعلم).(1/357)
[13/364]
جامع القول في جناية أم الولد، والجناية عليها
من كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: كل ما جنت أم الولد، أو غصبت، أو كل ما لزم رقبتها(1)، فعلى سيدها- عاش أو مات- الأقل من ذلك، أو من قيمتها يوم الحكم، ويحاص بذلك غرماءه في الفلس والموت. مالك: ويقوم بغير مالها. [وقال المغيرة، وعبد الملك: تقوم بمالها، وإن جنت وسيدها مريض، فلم ينظر في ذلك حتى مات، فذلك في ماله، دون أم الولد](2)، [قال مالك](3)، وإن جنت فأعتقها في صحته، وهو عديم](4)، اتبع به دونها- يريد بالأقل- كان لها مال أو لم يكن؛ لأن قيمتها تلزمه، وإن كره، وذلك بدل من إسلامها؛ لأنها ليست بحرة؛ فيلزمها ما يلزم الحرة، ولا خدمة فيها فتسلم.
ومن المجموعة، قال سحنون: إذا عتقت أم الولد بعد أن جنت، وهو عالم بالجناية، أو جاهل بها، فإن كان غير عالم، فهي حرة، والجناية في قيمتها، وإن كان عالما، فالأقل من الأرش أو من قيمتها يتبع به سيدها، وهي حرة، وليس له أن يزيل عن نفسه(5)، ما كان يلزمه بالعتق، [ولو ماتت بعد العتق لزمه الأقل لأنه حقا لزمه حين أعتقها](6)، ولو أعتقها قبل أن يعلم(7)، ثم ماتت، لم يلزمه شيء، لأنه لم يتعمد(8) إتلاف ما كانت به مرهونة، وهي كالعبد يعتقه بعد الجناية، فإن كان عالما خير على أداء(9) الأرش في قول المغيرة، ومن قال بقول ابن القاسم في العبد، فإن السيد إن أعتقها وهو عالم، حلف؛ ما أعتقها يريد حمل الجناية، فإن حلف كانت في ذمتها.
***
__________
(1) - في ص وت (أو غصبت أو قتلت فكل ما لزم رقبتها إلخ).
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(3) - (قال مالك) ساقطة من الأصل مثبتة من ص وت.
(4) - (عديم) حرفت في الأصل إلى (عبد ثم) ولا معنى لذلك.
(5) - في ص (وليس له أن يرد عن نفسه) وفي ت (أن يريد على نفسه) وأثبتنا ما في الأصل.
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.
(7) - في الأصل (ولو عتقها ولم يعلم) ونحن أثبتنا ما في ص وت.
(8) - في ص (لأنه يتعمد) بالإثبات لا بالنفي.
(9) - لفظة (أداء) ساقطة من الأصل.(1/358)
[13/365]
قال: وإن جنى عليها فلم يأخذ السيد ذلك حتى مات، فقال مالك مرة: ذلك لورثته مثل العبد يعتق بعد أن/ وجبت له جناية أنها لسيده، ثم قال: هو لأم الولد. لما تقدم فيها من حرمة العتق، وكذلك ذكر ابن القاسم عن مالك في العتبية(1)، قال: واستحسن مالك هذا القول الذي رجع إليه، ونحن نستحسنه.
قال في كتاب ابن المواز: وقوله الأول هو القياس، ونحن نستحسن ما رجع إليه، وكذلك لو أعتقها قبل تؤخذ دية الجناية، كانت لها. وقال أشهب: بل ذلك للسيد.
ومن المجموعة قال سحنون: وقال غيره(2): إذا جنت أم الولد على رجل، فلم يقم حتى مات السيد، فذلك عليها. وقاله عبد الملك، وروى مثله ابن القاسم عن مالك، وقال غيره: إن قوم جرحها على السيد، ثم مات ولا مال له، فلا شيء عليها؛ لأن ذلك قد ثبت في حياته(3). وقال سحنون: يحكم على سيدها، وإن كان عديما مثل ولد المغرور، يموت بعد الحكم فيه.
ومن كتاب ابن المواز [قال ابن القاسم](4): قال مالك: وأما العبد يعتقه بعد أن جنى عليه، وهو يعلم بالجناية، أو يهبه، فذلك للسيد، وإن لم يستثنه، قال: ولو جنت فلم يقم(5) حتى جنت [ثم جنت](6)، فليس عليه إلا قيمة واحدة يتحاصون فيها، وللسيد أن يعطي بعضهم دية جرحه، وبعضهم ما كان يصير له من قيمتها.
ومن كتاب ابن المواز، والمجموعة عن أشهب وهو في كتاب ابن سحنون: ولو جنت على رجلين، فعلم السيد بأحدهما فأعطاه دية جرحه [أو قيمتها، ثم
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 91.
(2) - في ص وت عوض (وقال غيره) جاء فيهما (وقال المغيرة).
(3) - في ص وت (قد ثبت في جناية) عوض (قد ثبت في حياته) التي أثبتناها من الأصل.
(4) - (قال ابن القاسم) ساقطة من ص وت.
(5) - في الأصل فلم يقض عوض (فلم يقل) الموجودة في ص وت.
(6) - (ثم جنت) ساقطة من ص وت.(1/359)
[13/366]
قام الثاني فعلى سيدها أن يعطيه إن شاء دية جرحه](1)، بقدر ما كان يصير له مع الأول في قيمتها لو تحاصا اليوم، ويرجع السيد على الأول، ولا يكون له مما كان أخذ إلا قدر ما كان يصير له قيمتها، [يوم قام أولاً، أو تحاصا](2) يومئذ، مثل أن يخرج الأول والثاني موضحة موضحة، فيدفع إلى الأول أرش جرحه/ ولم يعلم بالثاني، ثم قام الثاني، [وقيمة الأمة الآن](3) أقل من الموضحتين، فليدفع للثاني نصف قيمتها اليوم، ويرجع السيد، فيقول للأول: [إنما أعطيتك دية جرحك](4)، وأنا أظن أن ليس معك شريك، فله ذلك، ويدفع له مما قبض(5) قدر نصف قيمتها يوم كان قام إلا أن يكون نصف قيمتها يوم قام أكثر مما كان قبض، فإنما له الأقل من دية جرحه، أو من نصف قيمتها يوم قيامه، فإن اختلفت الجراح، فكذلك له الأقل من أرش جرحه(6)، أو مما كان يصير له من قيمتها مع صاحبه لو قام يوم قام الأول، وإنما يتبع الثاني بما يجب له السيد، إلا أن [يشاء](7) أن يتبع الأول فيما بيده، بما كان يجب لسيدها أن يرجع عليه؛ لأنه غريم غريمه، ثم يرجع على السيد بما بقي له، إن كان يبقى له شيء، ولو لم يعلم بالثاني، حتى جرحت ثالثا، وقد كان غرم للأول قيمتها يوم قام الباقيان، فللسيد أن يرجع على الأول، فيأخذ منه نصف تلك القيمة، إن ساوى جرحه جرح الثاني، وعليه الثالث نصف قيمتها اليوم إن كان ذلك أقل من نصف دية جرحه؛ لأنها جنت على الثاني، وقد فديت من الأول، وتم الأمر فيه، وإنما كان يستحق منها الأول نصفها؛ فذلك النصف منها، الذي كان فداه من الأول لا يدخل فيه ثانية، [وبقي نصفها
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) - ما بين معقوفتين أثبتناه من ص وت وهو في الأصل جاء على الشكل التالي(وقد قام الأول وتحاصا).
(3) - العبارة في ص وت (وقيمة الأمة الأولى) والصواب ما أثبتناه من الأصل.
(4) - في الأصل (أنا أعطيك دية جرحك) والصواب ما أثبتناه من ص وت.
(5) - في ص وت (ويدع له مما قبض).
(6) - في ص وت (له الأقل من أرشه).
(7) - (يشاء) ساقطة من ص وت.(1/360)
[13/367]
الذي كان ينبغي للثاني وحده](1)، حين لم يكن له شريك غير الأول، ولم يقع فيه فدي ولا غيره، حتى دخل فيه الثالث ببقية جرحه، فيخرج السيد قيمة نصفها هذا الذي كان للثاني، فيدخل فيه الثاني بدية جرحه [كله، والثالث بنصف جرحه لأنه استوفى نصف جرحه](2) في النصف الذي كان فداء من الأول، فيصير للثاني ثلثا هذا النصف الآخر، وللثالث نصفه، فيصير للثالث ثلثا قيمة أم الولد، وللثاني ثلثها، وإن شاء السيد دفع إلى من شاء منهما دية جرحه، وحسن ما ذكرنا أنه يصير له/ من القيمة، وذلك أن على السيد إذا فدا أم ولده بقيمتها، [ثم جنت أن يستأنف فداءها بقيمتها، هكذا أبداً، ولم يفدها بكل جناية تجتمع عليها يشترك أهلها في قيمتها](3)، وكذلك إن فدا بعضها حتى خرجت، فإن يأتنف الفداء في الجرح المحدث، وذهب أبو حنيفة إلى أنه إذا أدى قيمتها فكل جرح حدث منها بعد ذلك، فلا شيء عليه فيها، ويدخلون في القيمة الأولى كلهم، إلا أن تكون قيمتها قد زادت، وهذا فاسد؛ أن يأخذ سيدها ما جنى عليها، ويؤدي غيره جناياتها، وزعم أن ما أدى من قيمتها أولا، كإسلامها، ليس بسوي؛ لأن الأمة إذا أسلمها لم يبق له فيها نفع، وهذه منافعها قائمة، [وما أعطى يكون فدى به عبده](4).
وذكر سحنون في العتبية(5) مسألة أم الولد تجني على رجلين، ففدى من أحدهما، ثم تجني على الثالث، مثل ما ذكر ابن المواز، ولكن كلام سحنون أقيس(6)، وهذه المسألة كتب بها إلى طرابلس.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين أثبتناه من ص وت وجاء في الأصل على الشكل التالي (وبقي نصفه الذي كان مع الثاني وحده) وما أثبتناه أوضح وأبين.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت أثبتناه من الأصل.
(4) - ما بين معقوفتين من الأصل وجاءت العبارة في ص وت على الشكل التالي (فصار ما أعطى كأرش فدى به عبده).
(5) - البيان والتحصيل، 16: 172.
(6) - في ص وت (أظهر) عوض أقيس الموجودة بالأصل.(1/361)
[13/368]
ومن المجموعة أيضاً، قال سحنون، في أم الولد تجني على رجلين، موضحة موضحة، فقام أحدهما، فأسلم السيد إليه قيمتها، ولم يعلم بالآخر، وكانت قيمتها يومئذ مثل أرش الموضحة سواء، فلم يقم الثاني حتى خرجت ثالثا أيضا موضحة، ثم قام هو والثاني: فإنه يرجع السيد على الأول بخمسة وعشرين؛ لأنه إنما كان له يوم قام نصف الجناية، ثم ينظر قيمتها اليوم، فإن كانت ستين دينارا، قيل للثالث: قد جنى عليك نصفها المفتك وهو فارغ، ونصفها الآخر وهو مرتهن بجناية الثاني، فنصف موضحتك في النصف الفارغ، فيفتكه منه السيد بخمسة وعشرين؛ لأن نصف جنايتها أقل من نصفها الآن، والنصف الثاني بينك وبين الثاني على ما بقي؛ لك وله فلك ثلثه، وهو عشرة، وله ثلثاه، وهو/ عشرون؛ يريد: لأن هذا بقي له نصف جرحه، وهذا له جرحه كله، والجرحان سواء، فصار على الثلث والثلثين.
ومن المجموعة، قال أشهب: وإذا جنت جناية بعد جناية، فلم يقم عليها حتى قيم، فإنما تفدى بالأقل من ديات ذلك، ومن قيمتها يوم قيامها، ولو كان يعطى المجني عليه قيمتها يوم جنت، لكان يكون لكل واحد من هذين الأقل من أرشه، ونصف قيمتها يوم جنت. وما علمت من قال ذلك إلا المغيرة، وابن القاسم، فأما ابن القاسم، [فرجع، وأما المغيرة](1) فراجعته، حتى خيل إلي أنه رجع، لشدة انكساره(2).
ومن كتاب محمد، والمجموعة: وإذا ماتت أم الولد بعد الجناية، فلا طلب على سيدها، وهي لو اعورت بعد الجناية، لم يود إلا قيمتها عوراء وما تقدم من هذه المسائل فهو لأشهب في المجموعة، قال في المجموعة: وقاله ابن القاسم، وأشهب، وعبد الملك، وقال أشهب في كتاب ابن المواز، ومن ذلك ما روي عن عمر، وعثمان، في ولد الأمة القارة أن على الزوج أمثال الولد، وروى أسنانهم، فدل أن ذلك على ما هم به يوم الحكم، وذلك يرجع إلى القيمة، وقد كان خالفني
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت والصواب ذكره.
(2) - في الأصل لشدة إنكاره والمناسب للمقام ما أثبتناه من ص وت.(1/362)
[13/369]
المغيرة، وابن القاسم؛ فقالا في أم الولد: إنما عليه قيمتها يوم جنت. فرجع ابن القاسم، وتمادى المغيرة(1)- فيما علمت- حتى قال في الأمة القارة: للحر أن عليه قيمة ولده يوم ولدوا، وإن ماتوا بعد ذلك. وهو خلاف أهل الحجاز من العلماء.
ومن العتبية(2) روى محمد بن خالد، عن ابن القاسم في أم ولد النصراني، تسلم، فتجني قبل أن تعتق عليه: أنها تتبع بجنايتها، دون سيدها. وكذلك روى عنه يحيى ابن يحيى، وزاد، فقال: لا ينبغي أن تعتق عليه، ويؤدي الجناية عنها؛ لأن عتقها أمر ثابت لازم.
قال ابن حبيب: قال أصبغ في أم ولد النصراني، تجني، قال: له أن يسلمها كالأمة، أو يفديها. لابد له من ذلك./ فإن أسلمت قبل الحكم، قال: فكذلك يقال له: إفدها، وتعتق عليك، وإلا فأسلمها؛ لأنها كانت مرتهنة بها قبل إسلامها. فإن أسلمها وفي ثمنها فضل عن جنايتها، بيع منها لذلك، وعتق ما بقي، وإن كان كفافاً، أو كانت الجناية أكثر، أسلمت في الجناية، وكذلك إن كان رهنها(3) في حق عليه، ثم أسلمت، فإنه إن كان له مال عتقت، وكان حق المرتهن في مال النصراني، وإن لم يكن له مال، بيع منها لوفاء الدين، وعتق ما بقي، وإلا بيعت كلها.
قال: ولو أسلمت، ثم جنت قبل الحكم بعتقها، فإنها تكون حرة، وعلى السيد الأقل من جنايتها أو قيمتها، كأم ولد المسلم؛ لأنه لم يكن يقدر على بيعها، ولا على إسلامها، ولأنها لو ماتت قبل الحكم عليه بعتقها، لورثها بالرق، ولو قتلت أخذ قيمتها قيمة أمة، وإن أسلم كان أحق بها، وإن جني عليها، فجنايتها جناية أمة، وأرش ذلك في القياس لسيدها، وإن لم يسلم،
***
__________
(1) - في الأصل (وتمادى المخزومي ) والصواب ما أثبتناه من ص وت.
(2) - البيان والتحصيل، 16: 181.
(3) - في الأصل (وكذلك إن كان رهنا) والصواب ما أثبتناه من ص وت.(1/363)
[13/370]
والاستحسان(1) أن يكون لها إن لم يسلم سيدها وقتها. ذلك إن مات بعد أن جنت.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم [في العتبية](2) في أم الولد إذا جنت، ثم ظهر أنها أخت السيد من الرضاعة، قبل القيام عليه بالجناية، وقبل أن تعتق عليه، فعلى السيد إخراج قيمتها، ولا يتبعها بذلك؛ لأنه قد لزمه فداها. وإنما تعتق عليه للحرية التي ثبتت لها حرم عليه الوطء، ولم يكن له في غيره، فلهذا عتقت عليه، ولو قال قائل: إنها لا تعتق. لم يقل إنه ترك سنة مضت، ولا أثرا مجتمعاً عليه. وقال سحنون: (الجناية عليها، تبع لها مثل أم الولد)(3) النصراني. يريد إذا أسلمت.
وقال في كتاب ابنه: تتبع بالأقل. وذكر ابن سحنون لسحنون، أن أبا زيد روى عن ابن القاسم، في أم الولد تجني على رجلين، فيعلم السيد أحدهما، فيعطيه قيمتها، إذ هي أقل من جرحه، (ثم تجرح ثالثا)(4). وجراحهم سواء، ثم قام الثاني والثالث: أنه/ يرتجع نصف ما أعطى للأول، وليعط هذين- إن شاء- دية جرحهما كاملا. (وقال: هذا خطأً وأبو زيد؛ لا يقوم لهذه المسألة)(5)، وإنما يؤدي قيمتها الآن، إن كان ذلك أقل من جرح الثاني، ومن نصف جرح الثالث، فتكون هذه القيمة بينهما على الثلث للثالث، والثلثين للثاني؛ لأن الثالث جني عليه أيضا نصف فارغ، وهو النصف الذي فدا السيد
***
__________
(1) - في الأصل عوض (والاستحسان) والاستحقاق وما أثبتناه من ص وت.
(2) - (في العتبية) ساقطة من الأصل ويشير بذلك إلى الجزء 16: 154.
(3) - العبارة في البيان والتحصيل، جاءت على الشكل التالي (والجناية عليها دين تتبع به مثل إن الولد) وهي أوضح وأبين.
(4) - في الأصل (ثم يخرج ثالث) والصواب ما أثبتناه من ص وت.
(5) - العبارة في الأصل (وقال قد أخطأ أبو زيد لا يقوم بهذه المسألة) ولعل الصواب ما أثبتناه من ص وت.(1/364)
[13/371]
من الأول [ونصف شريكه فيه الثاني](1)، ويأخذ الثالث أيضا من سيدها الأقل، من نصف قيمتها الآن، أو من نصف دية جرحه على ما ذكر سحنون قبل هذا، وابن المواز.
وذكر ابن عبدوس أن أشهب قال: يقال للسيد: إنما عليك لهذين(2) الآخرين الأقل من قيمة أم الولد الساعة أو من دية جرحهما جميعا. فأنكر سحنون هذا، ثم ذكر شرحها، فذكر المسألة التي كتب بها إلى طرابلس، التي قدمنا ذكرها.
ومن العتبية(3)، ومن كتاب ابن المواز، قال: وإذا جنت أمة رجل، فأولدها السيد بعد الجناية، فقيل: إن لم يعلم الجناية، فهي كأم الولد، وعليه الأقل في عدمه وملائه وإن وطئها عالما، فعليه دية الجناية ما بلغت.
محمد: فأحب إلي إن كان عالما بها، وهو ملي، أن يحلف: ما كان ذلك منه رضى، بحمل الجناية، إن كانت الجناية أكثر، وودى قيمتها، وإن نكل أدى قيمة الجناية، وإن كان عديماً(4)، ثم وطئ بعد العلم على المبادرة، فلا تكون أم ولد، وله أن يسلمها دون الولد، ولا يتبع بشيء من قيمة ولدها؛ لأن ولدها لو كان عبدا لم يتبع بشيء من جنايتها.
ومسألة الأمة تجني، فباعها، ولم يعلم، فأولدها المبتاع. في باب مفرد قبل هذا.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين كتب عوضه في الأصل ما يأتي (ونصف من شركه فيه الثالث) ولا معنى لذلك والصواب ما أثبتناه من ص وت.
(2) - حرفت (لهذين) في الأصل إلى (لها دين) ولا معنى لذلك والصواب ما أثبتناه من ص وت.
(3) - البيان والتحصيل، 16: 117.
(4) - في الأصل (إذا كان عدما) والصواب ما أثبتناه من ص وت يقال أعدم الرجل يعدم إذا افتقر فهو معدم وعديم وسمي الفقر عدما وعدما وكثيرا ما تتناوب هاتان الصيتغتان في اللغة العربية مثل قولهم الحزن والحزن والرشد والرشد والجحد والجحد .(1/365)
[13/372]
قال: وإن جنت أم ولد، فوطئها الأب، فحملت، فعلى سيدها الأقل من قيمتها يوم الحكم أو الأرش، على أبيه يوم وطئ، وتكون حرة مكانها، ولو وطئ أمة ولده، فحملت، ثم جنت، فعليه قيمتها يوم الوطء للابن، وعليه للمجني عليه الأقل من قيمتها يوم الحكم، أو من الأرش.
محمد: وذلك إذا أحبلها قبل الجناية، فجنت، وهي حامل، فعليه قيمتها للابن، ثم عليه ما على من جنت أم ولد، فأما إن جنت قبل الوطء، ثم وطئها، فإنما عليه قيمة واحدة؛ لأنه إنما أفات ما صار للمجني عليه، أو لابنه، إلا أن يفديها الابن، فإن فداها فهو أولى بقيمتها التي يؤدي الأب قيمتها يوم وطئ، وإن أسلمها الابن، فعلى الأب للمجني عليه الأقل من قيمتها يوم الحكم، أو دية الجناية، وليس عليه للابن شيء؛ لأنه قد أسلمها بدية ما جنت عنده، إلا أني أحلف الأب للمجني عليه، إن كانت دية الجناية أكثر مما يدفع إليه من قيمة رقبتها، يوم يريد أن يدفع أنه ما كان وطؤه إياها رضى بحمل جنايتها، فإن نكل غرمها ما بلغت.
ومن كتاب ابن حبيب(1)، قال ابن الماجشون: ومن قول المغيرة في أم الولد تجني، فلا يحكم على سيدها، حتى تجني على آخر: أن عليه الجنايتين، فكذلك جنايات كثيرة؛ لأنه لا ينتظر بها إسلام، ولا افتكاك. ويرى في أم القارة قيمتهم، يوم ولدوا. قال ابن الماجشون: ونحن على قول مالك في الوجهين.
قال مطرف، وابن الماجشون: وإذا جنت أم الولد على رجل جناية، أو جنايات، أو على واحد بعد واحد، فإنما عليه. وإن كثرت قيمتها يوم الحكم. قاله مالك، وقال المغيرة: إنما عليه قيمتها يوم جنت، فإن ماتت قبل الحكم، فذلك عليه. ويقول: إن جنت جناية بعد جناية، على واحد أو جماعة، فإن عليها تلك الأروش كلها، وإن جاوز قيمتها أضعافها، فلا يجزئه إخراج قيمتها رفي هذا، وإنما ذلك إذا كانت جناية واحدة، على رجل واحد. وبقول مالك نقول. وقالا:
***
__________
(1) - في ت نسب القول إلى كتاب ابن المواز وما أثبتناه مأخوذ من الأصل وص.(1/366)
[13/373]
إن مات السيد، قبل يقام في جنايتها، فذلك في ماله،/ [وإن لم يكنله شيء](1)، فليس عليها هي شيء من ذلك في مالها، ولا يؤخذ في ذلك من مالها في حياة السيد، إلا أن يشاء هو، فإذا جني عليها هي، فلم يأخذ ذلك السيد، حتى مات، فذلك لها دون ورثته. قاله ابن القاسم، وابن عبد الحكم.
ابن سحنون: قال سحنون في أم الولد، إذا صارت في سهم رجل من المغنم، فلم يقم ربها حتى جنت، ففي قول مالك: يؤدي سيدها (ما وقعت به لا الأقل)(2)، فيأخذ منه المجني عليه الأقل من قيمتها، أو من أرش الجناية، وما بقي للذي صارت في سهمه، وإن كان ما يجب في جنايتها من الأقل أكثر مما بقي للذي صارت في سهمه، وإن كان ما يجب في جنايتها من الأقل أكثر مما صارت به في المقاسم، فليتم سيدها تمام الأقل للمجني عليه، ولا شيء لمن وقعت في سهمه. ألا ترى لو وقعت ثانية في سهم آخر، بأكثر مما وقعت [بالأول، أن سيدها ودى لهذا الآخر الأكثر، ويأخذها، ولا شيء للأول؟](3) ومذهب المغيرة يرى أن ما عليه للذي صارت في سهمه، الأقل من قيمتها، أو ما وقعت به في سهم هذا، فعلى هذا القول، يغرم الأقل من قيمتها، أو ما وقعت به في السهمان، [يأخذ من ذلك المجني عليه الأقل من قيمتها](4)، ومن أرش جنايته، وصاحب السهمان ما بقي، وإن لم يكن فيه، فعلى السيد أن يتم للمجني عليه تمام الأقل من الجناية، أو القيمة، ولا شيء لصاحب السهمان، وإن كان إنما جنت قبل أن تسبى، فليغرم السيد الأقل من قيمتها، أو من الجناية، ويأخذ منه الذي صارت في [سهمه وقعت به في السهم وللمجني عليه ما بقي فإن كان ما وقعت له في السهم](5) أكثر أداه للسيد، ولا شيء [للمجني] عليه، وفي قول المغيرة: يغرم
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت مثبت من الأصل.
(2) - كتبت هذه الجملة مضطربة في مختلف النسخ فآثرنا اختيار الصيغة التي وضعناها عليها لانسجامها مع الحكم الفقهي.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.(1/367)
[13/374]
الأقل؛ فيأخذ صاحب السهمان منه الأقل من قيمتها، أو مما وقعت(1) به، فإن لم يف به، أتمه سيدها، ولا شيء للمجني عليه.
في الأمة بين الرجلين، يطؤها أحدهما
فتحمل، ثم تجني، أو مثل بعبده، فلم
يقم عليه العبد حتى جنى/
من كتاب ابن سحنون، في أمة بين رجلين، وطئها أحدهما، ولا مال له، ثم جنت، فنصف الواطئ، بحساب(2) أم الولد، ويقال للآخر: افد، أو أسلم، فإن فدى، كان له نصف قيمتها على الواطئ يتبعه بها، ويباع فيه هذا النصف المفتك، وإن أسلمه كان للمجني عليه مثل ذلك، يتبعه بمثل ذلك، وتباع له فيه، إلا أن يشاء السيد إن افتدى، أو المجني عليه إن أسلم الأمة، أن يتمسك بهذا النصف رقا(3)، ولا يتبع الواطئ بشيء، إلا أن للشريك اتباع الواطئ بنصف قيمة الولد، ويعتق على الواطئ نصفه ويتبع المجني عليه ذلك النصف بالأقل من نصف [الجناية أو نصف قيمة الرقبة، وكذلك من مثل بعبده فلم يقم عليه العبد حتى جنى فإن يعتق ويتبع بالجناية كانت أقل من](4) قيمته أو أكثر، وليس فيه فدى، ولا إسلام؛ إذ لا يفتكه لرق، وليس ما أحدث يزيل عتق ما وجب له من العتق، ولكنه إنما يعتق بالمثلة يوم الحكم بذلك، وكذلك نصف الواطئ، إنما يعتق عليه يوم الحكم.
وكذلك أم الولد تجني، ثم يعلم أنها أخت السيد من الرضاعة، فإنها تعتق وتتبع هي بالأقل، ولا يكلف السيد فيها فداء، إذ لا نفع له فيها، ولا تطل جناية مسلم.
***
__________
(1) - في الأصل (مما بقيت) وأثبتنا ما في ص وت.
(2) - في ص وت (فنصف الواطئ لسبيل أم الولد).
(3) - في الأصل (أن يتمسك بها النصف ربها).
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.(1/368)
[13/375]
وكذلك أم الولد، لا يعلم جنايتها حتى يموت سيدها، فإنها تتبع بالأقل، ولا يكون على عاقلتها؛ لأن جنايتها قبل عتقها وتمام حرمتها، وقد قيل غير هذا، وبهذا أقول.
وإذا أحبل(1) الأمة أحد الشريكين، وهو ملي، ثم جنت، قيل للذي لم يطأها: افد نصفك، أو تمسك. [فإن تمسك، أو افتدى](2)، رجع من صار له ذلك النصف منه، أو المجني عليه على الواطئ [في ملائه بنصف القيمة، يوم وطئ، وتصير له أم ولد، ورجع المجني عليه على الواطئ](3) بالأقل من نصف الأرش، أو من نصف قيمتها.
وكذلك إن وطئ، ولم تحمل، ثم قام ولي الجناية والشريك؛ فالشريك مخير أن يسلم، أو يفتك. فإن افتك، فهو مخير أن يضمن الواطئ نصف/ قيمتها، أو يتماسك، وإن أسلمها فليس للمجني عليه خيار؛ لأنها بهذا(4) الوطء جنت عليه، وقد ضمنها بوطء التعدى، ولم يزل بذلك ملك شريكه، فصار المقدم بالتخيير قبل المجني عليه.
ولو جنى عبد عند الغاصب، لكان سيده مبدأ قبله بالتخيير، وإن ضمنه الغاصب، فإما فداه سيده أو أسلمه، وإن شاء ضمن الغاصب قيمته، ثم الغاصب أن يفديه، أو يسلمه.
في جناية المدبر، والجناية عليه
من كتاب ابن المواز: وإذا جنى المدبر؛ فإما فدى سيده خدمته، ولا يتبعه بشيء، وإما أسلمه، فاختدمه المجروح بأرشه، فإن وفي عاد إلى سيده، وإن
***
__________
(1) - حرفت في الأصل إلى قوله (وإذا أجل الأمة).
(2) - ما بين معقوفتين كتب في الأصل (فإن تمسك أو أسلم) وكتب في ص وت (فإن أسلم أو افتدى) ولعل الصواب ما ارتأيناه لأنه مناسب لما قبله ومتفرع عن مقابلته.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(4) - في ص وت عوض (بهذا الوطء جنت) كتب (بعد الوطء جنت).(1/369)
[13/376]
مات السيد قبل ذلك، وثلثه يحمله، عتق واتبع بما بقي، وإن حمل نصفه، اتبع ما عتق منه بنصف ما بقي، وخير الورثة فيما رق منه؛ في افتدائه، بحصته أو إسلامه رقا، وإنما خيروا فيه [وقد كان أسلمه السيد لأنه إنما أسلم خدمته، فلما صار بعضه رقا خيروا فيه](1) فإن قيل(2)، فإذا استوفى الجريح ديته من خدمته، لم كان(3) ما بقي للسيد من خدمته دونه؟
ولو مات المدبر لم يضمن له سيده ما بقي. فكما لا يضمن، فلم كان أحق بفضل الخدمة؟ قلت: لو كنت أجعل للمجروح غير الخدمة، لكان ما قلت. ولكن جعلت له تضمين المدبر، واتباعه بما بقي له، مع ما يضمن الوارث من ذلك فيما رق منه.
قال: وإذا كان على السيد من الدين ولو درهم، لم يعتق حتى لا يبقى عليه شيء من الدين، ولا من الجناية، وإذا كان الدين، ودية الجناية قد أحاطا برقبته، وهما أكثر من قيمته، أو لا فضل في قيمته عنهما، لم يبع منهما شيء، وكان المجروح أولى برقبته ملكا؛ كان الدين أكثر من الجناية أو أقل، فقد أبطل الدين التدبير، وصارت الجناية أملك به من الدين، إلا أن يفديه الغرماء من المجروح بدية الجرح، أو بزيادة، فإن فدوه بدية الجرح فقط، بيع لهم./
وإن عجز ثمنه عما فدوه به، لم يكن لهم غيره، ويبقى دينهم بحاله، وإن كان فيه فضل عما فدوه به، حسب الفضل عليهم في دينهم(4)، وإن باعوه بمثل الأرش والدين، وفضل، استوفوا الأرش والدين، وما بقي لورثة الميت.
قال محمد: وهذا في العبد، وأما المدبر؛ فيعتق منه ثلث الفضل، ويرق ثلثاه. قال: وإن أحب الغرماء أن يفدوا المدبر بدية الجناية وزيادة، يحطونها(5) من
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.
(2) - كذا في ص وت وكتبت في الأصل (فإن فدى).
(3) - كذا في ص وت وكتبت في الأصل (ثم كان).
(4) - في الأصل (في ديتهم) عوض ما أثبتناه من ص وت.
(5) - جاء في الأصل عوض يحطونها (يجعلونها) مع الإشعار بأن نون الرفع محذوفة في الفعلين معاً.(1/370)
[13/377]
ديتهم، على أن يكون العبد لهم بعضه وزيادته، فذلك لهم. وإن أحب الورثة أن يفدوه [بدية الجناية، على أن يباع في دين أيهم فقط؛ فما فضل عتق ثلثه، ورق ثلثاه، ولا يحسب لهم شيء مما فدوه](1) به، فذلك لهم، ولأن الورثة في هذا كالميت.
ولو كان فيه فضل عن الجناية، فالدين لم يكن فيه يخير، ويبيع منه الدين والجناية، وفدي بالجناية ثم الدين، وما فضل منه عتق ثلثه، ولو لم يكن دين، لم يبع منه للجناية شيء، وعتق ثلثه إن لم يدع غيره، واتبع بثلث الجناية، ورق ثلثاه للورثة، وخيروا في فدائه أو إسلامه، وكذلك يعتق، محمل الثلث منه إن ترك غيره، ويرق ما بقي، ويتبع حصة ما عتق منه بحصته، ويخير الورثة فيما رق منه.
ولا يباع مدبر بعد موت سيده؛ بجنايته، ولكن بسبب الدين، وإن قل، فإن كان فيه عن الدين فضل بيع لها، عتق ثلث الفضل، وإن لم يكن رق، وصارت الجناية أملك به إلا أن يريد أهل الدين على ما ذكرنا، [قال] ولو أسقط الغرماء دينهم عن الميت، كان كمن لا دين عليه، ويعتق ثلث المدبر، أو ما حمل الثلث منه، ويتبع من الجناية بقدر ما عتق منه، ويخير الورثة فيما رق منه.
قال ابن القاسم، وأشهب، وبه أقول. وقيل: إن المجني عليه أحق برقبته؛ لأن ذلك وجب له بعد موت السيد، فلا يلزمه(2) إسقاط الدين. والأول أحب إلي.
كذلك قال فيمن أعتق في مرضه،/ أو بعد موته رقبته(3)، وعليه دين محيط، ثم ترك أهل الدين دينهم: أنه لا يجوز على الورثة إلا عتق ثلثهم، كمن مات، ولا دين عليه، فإذا كان عليه دين محيط، فبيع المدبر فيه، ثم طرأ له مال، فخرج من ثلثه المدبر؛ أنه يرد البيع، ويعتق فيه، ولو ترك مالا فخرج فيه، فلم يعتق حتى
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) - كذا في ص وت وكتبت في الأصل (فلا يرى له).
(3) - كذا في ص وت وكتبت في الأصل (رقيقة).(1/371)
[13/378]
هلك المال، فإنه لا يعتق إلا ثلثه، ولو كان قد قوم، وأعتق في الثلث، لم يضره شيء.
قال فيه، وهو في المجموعة لابن القاسم: وإذا جنى المدبر، وأسلم، فخدم المجني عليه، ثم جنى، فإن الآخر يدخل مع الأول، في خدمته من الآن؛ الأول بما بقي له، وهذا بدية جنايته كلها، ولا يخير الأول(1) في فدائه؛ لأنه لم تسلم إليه رقبته، إذ لو وهب للمدبر مال، لأدى منه الجناية، ورجع المدبر إلى سيده.
قال في المجموعة: ولا يخير من أسلم إليه، ولكن من يدخل معه، وإذا مات السيد، وهو بيد المخدم حين(2) يختدمانه، وترك مالا، يخرج المدبر من ثلثه، وثلث بقيته عتق، واتبعه كل واحد من هذين بما بقي، وإن خرج نصفه، اتبع كل واحد نصف ما بقي له، وخير الورثة في فداء نصفه، أو إسلامه رقا. ولهم أن يفدوا من أحدهما، ويسلموا للآخر، ولكل واحد من الورثة فداء حصته، أو إسلامها.
وما ولدت المدبرة بعد أن جنت، وقد أسلمت للمجني عليه، أو لم تسلم، فلا يدخل ولدها في ذلك، وإن بلغوا الخدمة وهم مدبرون، وليس بإسلام ملك، ولو شاء السيد متى أحب أن يعطيه ما بقي له من الأرش، ويرتجع مدبرته، كان ذلك له. وفي آخر كتاب المدبر باب في جناية المدبرة الحامل بأتم مما ها هنا.
وإذا ولدت المدبرة، ثم جنت هي، ثم مات السيد، وعليه دين، فينظر إلى الجناية، فتجعل في المدبرة وحدها، فإن أحاطت بنصفها، جعل الدين على نصفها الآخر، وعلى جميع ولدها، وبيع منه ومنها بقدر ما وقع عليه الدين منه ومنها، ويعتق ثلث ما رق منه ومنها.
وبعد ذلك قال ابن القاسم: ولو أحاط الجرح بالأم أو أكثر لأسلمت/ وحدها للمجروح. قال محمد: [يريد](3). وكان دينه في ولدها وحدهم.
***
__________
(1) - في الأصل (ولا يجبر الأول) وأثبتنا ما ف ص وت.
(2) - في ص وت (وهو بيد المجروح).
(3) - (يريد) ساقطة من الأصل.(1/372)
[13/379]
ومن ومن العتبية(1)، قال مالك: وإذا جنى المدبر الصغير الذي لا عمل عنده، لم يسلم حتى يبلغ الخدمة، فإن مات قبل ذلك سقط حق المجني عليه، وكذلك المدبرة، لا عمل عندها ولا صنعة.
قيل لمالك في سماع أشهب: فلم ترجأً المدبرة الكبيرة، لا عمل عندها؟ قال: قد يموت سيدها، أو تصيب مالاً، أو يكون شيء.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا كان للمدبر مال، لم تسلم خدمته، ولا يوقف ماله، فإن بقي بيده شيء من ماله، أقر فيه، إلا أن ينزعه سيده، وإن لم يف ماله بالأرش اختدمه فيما بقي، أو فدي به، ثم إن جنى ثانيا، وقد أسلم، تحاصا في خدمته، الأول بما بقي(2) له تمام ما فضل من مال أو خدمة، والثاني بجراحته كلها وحدها، ولو لم يسلم ماله إلى الأول، ولا نظر في ذلك حتى جنى لدخلا في ماله، فإن لم يف بجنايته(3)، كانا في خدمته بقدر ما تبقى لهما إن أسلمه سيده، وإذا أسلمت خدمة المدبر إلى المجروحين حتى يختدماه، فجني عليه، فابن القاسم يرى ذلك للسيد، ولا يعجبنا، وأراه للمجروحين في بقية جرحيهما، فإن فضل من ذلك(4) شيء، فهو للسيد [مع](5) مرجع المدبر، وإذا جرح المدبر سيده، فليختدمه في العمد والخطأ ويقاصه بذلك، لو قتله عمدا لم يعتق، ورق للورثة [إن عفوا عنه، ولو جرح سيده ثم انتزع ماله فليحسب في جرحه إن لم يكن على المدبر دين فإن وفى بجرحه رجع كما](6) كان في خدمة التدبير، وإن لم يف اختدمه فيما بقي، فإن وفى خدمة بالتدبير، فإن لم يف حتى مات سيده، فإن خرج من ثلثه عتق، وأتبعه الورثة بما بقي لهم.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 125.
(2) - في النسخ كلها (بما بقي له) ولعل الصواب (بما يفي له) لمناسبة السياق والله أعلم.
(3) - في ص وت (فإن لم يف بجنايتها).
(4) - في الأصل (فإن فعل من ذلك) والصواب ما أثبتناه من ص وت.
(5) - (مع) ساقطة من الأصل.
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.(1/373)
[13/380]
وإذا قتل المدبر سيده خطأ، عتق في ثلث ماله دون ثلث الدية، وأخذ منه الدية، أو اتبع بها دينا أو بما عجز ماله عنها، وإن لم يخرج من ثلث ماله، عتق منه ما حمل منه ثلث المال، دون ما بقي واتبعه بحصته ما عتق منه، من الدية، إلا أن يكون مال، فيؤخذ منه مكانه ما لزمه من ذلك، وكذلك في العتبية(1) رواية عيسى عن ابن القاسم: وإذا خرج المدبر من الثلث. ومن قول أصبغ: إذا خرج/ بعضه نحو ما ذكر، وقال: ولا يدخل فيما يؤخذ منه؛ من الحصة، العتيقة من الدية. قال ابن القاسم: وإن قتله عمداً، قُتل به، فإن استحيي بطل تدبيره، وإذا جنى المدبر، وأخذت الجناية من مال المدبر، فإن لم يكن له مال، فإن وفى بها خرج حرا، وإن لم يف اختدمه المجروح، فيما بقي، ولا يضره ما استحدثه سيده من الدين بعد ذلك، ومتى وفى عاد إلى سيده في جنايته خرج حرا مكانه، وإن يرجع حتى مات سيده، لم يخرج إلا من الثلث، فيرد ما استحدثه سيده من الدين؛ لأن أحكام التدبير عليه، ولم يتم له حرمة العتق في حياة سيده، وتكون الجناية أولى به من الدين، إلا أن يكون فيه فضل عن الجناية والدين فيعتق ثلثها.
قال: ولو نكل السيد عن اليمين أنه لم يرد حمل الجناية، لزمته الجناية في ماله، وعجل عتق المدبر. وإن لم يكن للسيد مال لم يحلف، ولابد من إسلام المدبر؛ يخدم في الجناية، وكان كما ذكرنا إذا حلف، إن وفى في حياة السيد، خرج حرا، وإن مات سيده قبل ذلك، رجع إلى أحكام الثلث.
قال سحنون في المجموعة: وإنما لم يخير الورثة فيما رق منه؛ لأن سيده أعتقه، وتبرأ من رقه، وأسلم الخدمة التي كانت فيه، فلم يكن لهم فيه خيار، كما لم يكن للميت. قال: وإن لم يرد حتى مات سيده، وله مال، يحمله ثلثه، عتق واتبع ما بقي.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 125.(1/374)
[13/381]
وإن كان عليه، دين يغترق المدبر، استحدثه السيد بعد عتقه، قال سحنون: فإنه يعتق ثلثه، ويتبع ثلث بما بقي من الجناية، ونظر إلى ما بقي منه، فإن لم يكن فيه فضل عن الجناية- [يريد على ثلثه من بقية الجناية- رق ثلثاه](1)، للمجني عليه، وإن كان في ثلثه(2) فضل، ولم يجد من يعينه، فيؤدي عنه ما وقع على ثلثيه من الجناية، ويعتق، فليبع من ثلثيه بقدر ما لزمها/ مما بقي من الجناية، وعتق ما بقي.
قال سحنون: وإنما أعتقت ثلثيه، وعلى السيد دين يغترقه استحدثه؛ لأن الذي رد من أجله عتقه هو الجناية قبل العتق، فلا حجة لأهل الدين، لأنه قد أعتق قبل دينهم، ويقال لأهل الجناية: قد كان يعتق ثلثه، لو لم يكن قد أعتقه، فلا يضره ما أحدث له من العتق.
ومن كتاب ابن المواز، وقال في المدبر يجرح امرأته الحرة، ثم مات سيده، وعليه دين محيط، ولا مال له غيره: فإن كان في رقبته فضل عن الدين والجراح، بيع منه للجرح والدين، وعتق ثلث ما فضل، ورق باقيه للورثة، ولا يفسخ النكاح، فإن اغترق الدين والجرح والرقبة، فالجرح أولى به، إلا أن يريد أهل الدين أن يدفعوا الفضل للمرأة، فذلك لهم. (فإن لم يفعلوا)(3)، أسلم العبد إليهم، وحرم عليها؛ لأنها ملكته، ولو افتداه أهل الدين الأرش ثبت نكاحها، وكان عبداً يباع لغرماء سيده.
[ومن العتبية(4)، روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، في عبد مدبر، جنى، وأسلم سيده](5) خدمته، ثم بدا له أن يفديه بديه الجناية، أو بما بقي منها فذلك
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين هو الصيغة الموجودة في ص وت وأما في الأصل فقد كتبت العبارة على الشكل التالي (- يريد ما على ثلثيه من بقية الجناية- رق ثلثه) ولعل الصواب ما أثبتناه.
(2) - في الأصل (في ثلثيه) وما أثبتناه من ص وت.
(3) - في الأصل (فإن يفعلوا) بدون أداة النفي.
(4) - البيان والتحصيل، 16: 98.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/375)
[13/382]
له، كإسلام العبد؛ لأنه لم يسلم الرقبة إلى المجروح، وإنما أسلم الخدمة، وهي كمال يأخذه شيئا بعد شيء، فإذا وجده نقداً، فلا حجة له.
ومن العتبية(1)، روى أشهب عن مالك، في المدبر يسلم خدمته في جناية، فيموت المدبر قبل استيفاء المجروح حقه، ويترك مالا: فإنه يأخذ المجروح من ماله ما بقي له، وما فضل دفع إلى سيده](2).
في جناية المُكاتب، والجناية عليه
من كتاب ابن المواز، قال مالك: إذا جنى المكاتب، فلم يقم المجروح حتى أدى الكتابة، وعتق، فإنه إن أدى الآن الأرش، وإلا نقص كتابته، وعتقه، ثم خير سيده بين أن يفديه رقيقا، أو يسلمه رقيقا، ويرد معه ما اقتضى منه/ من يوم الجناية.
قال أشهب: وكذلك عجزه عن قضاء [دين، فإنه تنتقض بذلك كتابته، ويتبع به في ذمته. قال محمد: ليس عجزه عن قضاء](3) دينه، كعجزه عن أداء دية ما جنى؛ لأنه يجوز له أن يكاتب عبده، وعليه دين، ولا يكاتبه وفي عتقه جناية، وإن قلت؛ لأنها في الرقبة، والدين في الذمة لا يأخذه من جراحه وكسبه ودية ما يجنى عليه، وهذا كله يؤخذ فيما يجني، وله أن يؤدي من مثل هذا كتابته، ولا حجة لأهل دينه. وقاله ابن القاسم، عن مالك، إذا أوفى الكتابة، ثم قام غرماؤه فلا حجة لهم، إلا أن يعلم أن ذلك من أموالهم، ويجوز إقراره بالدين؛ لأنه كالمأذون، ولا يجوز إقراره بالجناية.
قال ابن القاسم، وأشهب: وإذا جنى أحد المكاتبين في كتابة، فإن لم يؤد هو أو أحد ممن معه الأرش، وإلا عجزوا أو أسلم الجاني وحده، أو فدى. قال
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 98.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/376)
[13/383]
أشهب: وكذلك في عجز أحدهما عن دين عليه، قالا: وإن أدى عنه الجناية، وهو أحق، لم يرجع عليه بشيء كالكتابة يؤديها. قال أشهب: وكذلك لا يرجع على كل من بينه وبينه رحم- بخلاف ابن القاسم(1)- وإن لم يتوارثا بها. قال محمد: بل يرجع على كل من لا يعتق عليه بالملك. وقاله ابن القاسم، وعبد الملك، وابن عبد الحكم، وأصبغ.
وإذا لم يؤد المكاتب جنايته حتى جنى ثانية، أو أكثر، وإن تباعد ما بين كل جناية، فقد عجز به، ولكن إن قال: ما عندي الآن، فأنا أؤدي إلى أيام. فلا يعجزه إلا السلطان؛ فيقول له: إن أديت من يومها، وشبهه، وإلا فأنت رقيق. ثم يخير سيده كالعبد.
قال أشهب في المجموعة: ولا يضرب له السلطان من الأجل فيما عليه من الجناية، إلا قدر يوم ونحوه، فإن أدى، وإلا رق. وقال نحوه عبد الملك؛ قال: ولا يكون له من الأجل (والنفس)(2) في ذلك ما يكون له من نجومه من فسحه التلوم.
قال أشهب: ولو طلب المجني عليه أولياء القتيل في عمد أو خطأ أن يسلم/ إليهم المكاتب مكاتبا(3) كما هو، أو فداه، أو طلب ذلك السيد، فلا يكون ذلك إلا برضى من الفريقين.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا جنت مكاتبة ولها ولد حدثوا في الكتابة، أو كاتبت عليهم، أو كانوا أجنبيين، فإن أدوها حالة، وإلا عجزوا، ولو ماتت هي سقطت الجناية عليهم، ولم يلزمهم أداؤها، ولدتهم(4) بعد الجناية أو قبل، أو كاتبت عليهم، أو كانوا أجنبيين، ولا على السيد إلا أن يدع الجاني مالاً، فللمجني عليه أخذ الجناية منه، وهو أولى به ممن معه في كتابة، ومن السيد، فإن لم تف بها، لم
***
__________
(1) - (بخلاف ابن القاسم) ساقطة من ص وت.
(2) - (والنفس) كلمة ساقطة من الأصل أثبتناها من ص وت.
(3) - في الأصل (أن يسلم إليهم المكاتبة مكاتبا) والصواب ما أثبتناه من ص وت.
(4) - حرفت في الأصل إلى (ولزمهم).(1/377)
[13/384]
يكن له غيره، وكذلك لو قتل الجاني، فما أخذ فيه، فللمجني عليه فيه أرشه، إلا أن يفدي عن ذلك منه السيد أو المكاتبون معه؛ لأن ذلك محسوب على السيد في آخر كتابتهم.
وإذا جنى المكاتب على مكاتب لسيد، معه في كتابة واحدة، فإن أدياها، وإلا عجزوا، ومن وداها منهما، عتقا بذلك، كانت عمدا أو خطأ، ولو أداها الجارح كلها، فإنه يرجع عليه المجروح بقدر ما دخل له من هذه الدية في الكتابة كاملا. قلت: وإن كان خطأً؟ قال: نعم، سواء كانوا إخوة، أو أقارب، أو أجنبيين؛ لأنه إن لم يرجع على الجاني بذلك، وهو المؤدي، كان قد رجع إليه بعض ما أدى من الدية.
قال: ولو اداها المجروح كلها عن الجارح، عتقا بذلك(1)، وهذا إن كان خطأً، فإنه يرجع على من لا يعتق عليه بالمال إذا كان هو الجارح، فيأخذه بالأمرين بدية الجناية، وبما يقع عليه من الكتابة، وإن كان [ممن يعتق عليه فلا يرجع عليه إلا بالخيانة وحدها إن كانت خطأ، وإن كانت عمداً فذلك سواء عليه بالدية والكتابة وإن كان](2) وارثا، [أديا له ويقولون](3) التهمة أن يتعمد جرحه لتعجيل العتق بماله.
محمد في كتاب المكاتب: وهذا غلط لا ينبغي أن يعتق بذلك الجاني، إذا جرحه عمدا، ولا يتعجل بجناية عمد عتقه بمال المجروح، وهو متهم في ذلك، [فإن كان أحد ممن معه مليئا](4) فلابد من عجزه، ونص جملة كتابتهم عليهم، بقدر كل واحد، فيرق الجاني وحده، وتكون رقبته للمجروح يأخذه السيد، ويحسب/ قيمته له ولأصحابه، في آخر كتابتهم، أو قيمة الجناية، فإن وفي ذلك
***
__________
(1) - حرفت في الأصل إلى قوله (فيعفى بذلك).
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ص وت.
(3) - هكذا في ص والعبارة في الأصل وت وردت مضطربة وغير واضحة.
(4) - ما بين معقوفتين مثبت من ص وت وكتب في الأصل مضطربا.(1/378)
[13/385]
بما بقي عليهم، خرجوا أحرار، واتبع المجروح من عتق معه بحصة ما عتق من ذلك، وإن لم يكن ممن يعتق عليه، فإن كان في قيمة الجارح فضل عن باقي الكتابة، فذلك الفضل للمجروح.
[قال: وإن كانت قيمة الجاني أقل من الأرش، قيل للمجروح](1) ومن معه: أدوا بقيمة الأرش. فإن عجزوا عن ذلك، رقوا، وإن أدوه معجلاً، حسب ذلك لهم مع قيمة رقبة الجاني في آخر كتابتهم؛ لأنهم حُملاءُ بعضهم ببعض، وأما لو قتله عمداً، ولم يجرحه، وقد ترك مالاً، فلا يعتق القاتل فيه، وإن كان ذا قرابة، ويقال له: إن عفا السيد عن قتله (ود دية المقتول)(2)، وإلا عجزت، [فإن أداها وفيها وفاء بالكتابة](3)، عتق بها، ثم اتبع ثانية بما عتق به منها، يغرمه ثانية.
قال ابن القاسم، وعبد الملك: يتبع بما يصيبه من أداء ذلك في الكتابة. وقال أشهب: يتبعه بالجميع، وإن قتله خطأً، عتق القاتل في تركة المقتول، إن لم يكن في ديته وفاء، كان أجنبيا أو قربت القرابة؛ لأنه خطأً، إلا أنه يتبع الأجنبي بما أدى أولا من ماله، ومن دية الجناية، ولا يتبع القريب إلا بما أدى من الدية.
قال: وإن كان للمقتول مال، والقاتل ملي، فإنما يؤدي الكتابة من الدية وحدها. هذا أحب إلي، وقد اختلف فيه. قال ابن القاسم،: يغرم القاتل قيمته، وإن وفت، عتق بها القاتل، ثم اتبع ثانيه بما كان يصيبه منها، وإن لم يكن فيها وفاء، تمت الكتابة من مال المقتول، وعتق بذلك القاتل، واتبعه السيد بحصته، مما يصيبه من القيمة، وبما أدى عنه من مال المقتول.
محمد: وذلك في الأجنبي، فأما من يعتق عليه، فلا يتبع إلا بما بقي من الدية. وقال عبد الملك: لا تؤدى الكتابة إلا منها؛ من قيمته، ومن ماله
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ت.
(2) - في الأصل (ودي دية المقتول) والصواب حذف الياء من فعل الأمر وذلك ما قمنا به أثناء التصحيح والتصويب.
(3) - في الأصل (فإن أداها وقتها وفى بالكتابة) والصواب ما أثبتناه.(1/379)
[13/386]
بالحصص، ثم يكون ما بقي من قيمة رقبته لسيده، وما بقي من المال للأخ ثم يرجع السيد عليه بما دفع إليه مما دخل عليه من تلك القيمة عن الكتابة. ولا يعجبنا هذا؛ لأنه قد صيره للسيد مع الأخ في الخطأ ميراثا فيما ترك/ للمقتول من ماله، بعد أن استوعب السيد [القيمة وفيها وفاء بالكتابة وأكثر، ألا تراه قد وفى الدية ببعض ماله حين يفي من الدية بقدر ما دفع من ماله فأخذ السيد](1) ما بقي من الدية، وإنما ذلك من ماله؛ ليس من الدية، فأحرم الأخ ميراثه؛ مال أخيه، وصيره لسيده، بغير حق، ولو كان هذا، لكان المكاتب إذا قتله أجنبي(2)، وترك مالاً، وعليه دين محيط، أن تكون الكتابة في قيمته، وفيما ترك من ماله، ثم لا يكون لأهل الدين إلا ما بقي من ماله، وليس كذلك، وإنما صار السيد أولى بقيمته من أخيه؛ لأنها ثمن رقبته، ورقبته مال للسيد دونه، إلا أنه لابد أن يحسبها من كتابته؛ لأنه لا يرثه وعليه دين، فالكتابة أولى بقيمة رقبته من الورثة.
قال: إن كان معها أخ ثالث في الكتابة، والقتل خطأً، فإن ما فضل عن القيمة من الكتابة لهذا الأخ، وله ما يرجع به على القاتل، بما يصير له من القيمة التي دفعت عنها في الكتابة، يكون أولى بذلك من السيد؛ لأن السيد تعجل من قيمة المقتول وفاء كتابته؛ لأنه ثمن رقبة عبده، فإن كان فيها فضل، فالفضل وما يرجع به على القاتل منها لهذا الأخ، وأما ما ترك المقتول من سوى القيمة، فبين الأخوين شطرين ميراثا؛ لأن القتل خطأً، فيرث من المال دون الدية، فإن لم يكن في القيمة وهاء الكتابة، تعجلها السيد، فإن كان للمقتول مال، أخذ منه السيد باقي الكتابة، ثم كان ما بقي بينهما؛ لأن القتل خطأً، ويستوفي الأخ الذي لم يقتل، من نصيب الأخ، من هذا المال قدر ما وقع على القاتل من القيمة التي أخذها السيد، فيقاصه بذلك، فيما يصير له من مال المقتول، فإن بقي له شيء أخذه.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(2) - حرفت في الأصل إلى قوله (إذا فعله أجنبي).(1/380)
[13/387]
وإن كان القتل عمداً، وليس فيما غرم القاتل من الدية وفاء للمكاتبة، وترك المقتول مالاً فليستوف(1) منه السيد ما بقي على المقتول والأخ الذي لم يقتل من الكتابة، ويؤدي القاتل من عنده ما بقي عليه من الكتابة، [حتى يصير غارما](2)، ويعتقوا، ويرجع الأخ الحي(3) على أخيه القاتل بما حسب له من القيمة التي غرمها، فيما عليه من الكتابة، حتى يصير غارما للدية كلها؛ لا ينتفع منها بشيء، وإن لم يكن معها أخ ثالث. والقتل عمداً وترك/ المقتول مالاً أكثر من الكتابة، فهو كله للسيد، ولا يؤدي عن القاتل منه؛ لا دية ولا كتابة. قال أشهب: ولو قتله خطأً، كان ما ترك للمقتول يؤدي منه للسيد الدية، فيعتق بها القاتل، ثم يرجع عليه السيد بذلك ثانية، ولو كان أجنبيا رجع عليه بالدية والكتابة.
ولو جرح أحد المكاتبين الآخر خطأ، وهم ثلاثة إخوة، في كتابة، فإنه يقال لهم: أدوا الجناية. فإن أدوها، وكان فيها وفاء، عتقوا بها، فإن أداها الجاني وحده، رجع عليه المجروح أيضا بعد عتقه بثلث الدية؛ لأنه الذي عتق به، وإذا أدوا كلهم الدية، كان للمجني عليه على الجاني الدية كلها، يتبعه بعد العتق بها، وإن لم يكن للجارح مال، أخذت من ماله شيئا أو أبي، لأنه حميل عنه، والجناية خطأ.
قال أشهب في المكاتب يجني عبده: فللمكاتب فداؤه أو إسلامه، ما لم يحاب(4)، فيرد ذلك عليه السيد. وإذا جنى مكاتب المكاتب، فإن أدى الجناية، بقي على كتابته، ولا سبيل [عليه، وإن كانت أضعاف قيمته، وإن عجز عن ذلك، رق، وخير المكاتب الأعلى في](5) فدائه وإسلامه.
***
__________
(1) - في الأصل (وترك ما لا يستوفي منه السيد) والصواب ما أثبتناه.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(3) - في الأصل (ويرجع الأخ الحر) والمناسب لسياق الكلام ما أثبتناه من ص وت.
(4) - كذا في الأصل وكتبت ف ص وت (لم يحط).
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.(1/381)
[13/388]
وقال أشهب في المكاتبة تلد، فيقتل السيد ولدها، فليؤد قيمته، فيعتق فيها الأم، فإن لم تف بالكتابة، تعجلها السيد من أجرها، فإن كان فيها فضل، [فلابنها كله، وإن كانت ابنة فنصفه وللسيد نصفه وهذا في الخطإ، وأما العمد لم يرث السيد منه شيئا، وكان ما فضل لأولى الناس بالسيد، وكذلك لو كاتبهما معا. ولو كانا أجنبيين فقتل السيد أحدهما عمدا فإنه يعتق الثاني(1) في قيمته ويكون ما فضل عن قيمته ومن ماله، وما يرجع به عن صاحبه لأولى الناس بالسيد لو كان السيد ميتا، ولو قتله خطأ كان ذلك كله للسيد](2) قال: وإذا قتل السيد مكاتبا لمكتبه أو لأمته أو لأم ولده وفي قيمتها وفاء بيعت عليه فيه [كتابة ومكاتبه هذا](3)، ويدفع إليه الثمن، وهو في ملك غيره.
وإن شج مكاتبه موضحة، وضع عنه نصف عشر قيمته، لو بيع، فيحسب من آخر كتابته.
وإن وطئ مكاتبة غصبا/ وهي ثيب، فلا شيء عليه، وعليه في البكر ما نقصها يحسب في كتابتها. وقال ابن القاسم: عليه ما نقصها. ولم يذكر بكرا، ولا ثيباً. وكذلك الأمة؛ له نصفها، أو أمة لغيره.
في الأمة؛ توهب لرجل، وما في بطنها الآخر،
فتجني، والأمة؛ تجني، فلم تتبع حتى ولدت
من كتاب ابن المواز، ومن العتبية(4)، من رواية عيسى، عن ابن القاسم، ومن وهب أمة حاملا لرجل، وما في بطنها لآخر، فجنت، خير من له الأمر، فإن أسلمها، فهي وما في بطنها للمجروح، فإن فداها بالجناية،فتكون بحالها، ويكون
***
__________
(1) - في النسخ كلها (فإنه يعتق الباقي) ولعل ما أثبتناه أقرب للصواب.
(2) - ما بين معقوفتين أثبتناه من ص وت نظرا لاضطراب ترتيبه في الأصل.
(3) - هكذا في ص وت والعبارة في الأصل (كتابة نقدا).
(4) - البيان والتحصيل، 16: 134.(1/382)
[13/389]
ما في بطنها لمن وهبت له. قال في كتاب محمد: وإن تأخر النظر فيها حتى تضع، فالولد لصاحبه، ولا تلحقه الجناية، ويخير صاحب الأم؛ فإما فداها، أو أسلمها وحدها.
قال في العتبية(1): وإن أسلمها صاحب الرقبة، وهي حامل، فقال صاحب الولد: أنا أفتكها. قال عيسى: ذلك له. قال ابن القاسم في العتبية(2): ولو لم تجن الأمة، ولحق من له رقبتها دين، لم تبع في دينه، حتى تضع. قال: ولو أعتقت هي خاصة، ثم جنت قبل أن تضع، فالجناية دين عليها، ويأخذ صاحب الجنين [جنينه، إذا وضعته، وليس لصاحب الجرح فيه شيء.
قال في كتاب ابن المواز: ولو أعتق صاحب الجنين جنينه](3) قبل جرحها فإنها تكون على ما وصفت لك إذا لم يعتقه، ولو كان إنما أعتق صاحب الأمة الأمة، فقد اختلف فيه، وأحب إلي أن يتم عتقه، إلا بعد الوضع. قال أشهب عن مالك: وكل أمةٍ جنت، فلم تبع حتى ولدت أولادا، فلا يلحق ولدها شيء من جنايتها، بخلاف ولد المدبرة، ولكن كالموصى بعتقها تلد قبل موت السيد، فلا يدخل ولدها في الوصية، فإن مات سيدها قبل أن تلد لحق ولدها الوصية. وفي باب: العبد يجني، ثم يجني عليه، من مسائل الأمة؛ تجني، فلم تتبع(4) حتى ولدت.
ومن كتاب ابن المواز: ومن وهب ما في بطن أمته؛ لرجل، فضرب/ رجل بطنها، فألقت جنينها ميتا، فديته للموهوب له، وكذلك لو كان قد وهبها لآخر فالغرة، لمن له الجنين(5).
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 134.
(2) - البيان والتحصيل، 16: 134.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(4) - في الأصل (فلم تبع حتى ولدت) والصواب ما أثبتناه.
(5) - الغرة: العبد والأمة وفي الحديث قضى رسوله الله صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة (من مختار الصحاح).(1/383)
[13/390]
والموصى له بالجنين إذا أعتقه بعد موت الموصي، ثم ضربت الأم، فألقته ميتا، ففيه ما في جنين الأمة، يرثها الموهوب، دون والده الحر. قاله ابن القاسم؛ قال: ولو خرج حياً، فاستهل، كانت ديته لأبيه، أو من يرثه من الأحرار، ولو أعتقت الأم قبل أن تضع، بطل عتق الموهوب، وكان حرا بعتق الأم.
وقد اختلف في الجنين يعتقه الموهوب، ولم يعتق الأم، ثم ضربت، فألقته، فاستهل، ثم مات، فقال أشهب: فيه قيمته مملوكا؛ لأنه مات بما أصيب به في حال الرق، فذلك لسيده، إذ لا يمسه العتق إلا بالوضع، كالمعتق إلى اجل يجرح قبل الأجل، ويموت بعده من الجرح، ففيه قيمته عبداً، يوم أصابه، ويكون لسيده. وكذلك العبد، يجرح، ثم يعتق، ثم يموت من الجرح، فقيمته يوم جرح، ويكون ذلك لسيده.
وقال ابن القاسم: إذا أعتق الجنين قبل الضرب، ثم خرج مستهلا، ففيه عقل؛ الحر يرثه ورثته الأحرار. قال أصبغ: قال ابن القاسم، في أمة بين رجلين، أعتق أحدهما ما في بطنها: فلا عتق له حتى يخرج فيقوم عليه، ولو أصيب، فخرج مستهلا، ففيه دية عبد؛ إذ لا يعتق إلا بعد التقويم.
محمد: وليس كمن له الجنين كله، فأعتقه. قال ابن القاسم: ولو أعتق أحدهما الجنين، وأعتق الآخر نصيبه من الأم، فعتق الأم لازم، ولا عتق لصاحب الجنين.
محمد: ومن ترك زوجة حاملا، وأخا، وعبدا، فضرب العبد بطنها، فألقت جنيناً ميتاً، فالعبد لها ربعه، وللأخ ثلاثة أرباعه، فقد صار الآن بينهما بالميراث، بسبب الجنين، على الثلث للأم، والثلثين للعم(1)، على أنهما أسلماه؛ لأنهما إما أن يسلماه، فيرجع إليهما على هذا أو يفتكاه، فتخرج في في الربع من الغرة والعم ثلاثة أرباعها، ثم يرثا الجميع على الثلث والثلثين، فيرجع العم ما أخرج إلا
***
__________
(1) - في النسخ كلها (الثلثان للعم) والصواب ما أثبتناه نظرا لعطفه على ما قبله.(1/384)
[13/391]
قيراطين من أربعة/ وعشرين، يصير منه إلى الأم ربعها الذي أخرجت، فيرجع الجواب كله [إلى تخيير العم](1)؛ إما أن يفدي من الأم(2) هذين القيراطين، وهو نصف سدسه إلى الزوجة، فيثبت لها ثلاثة أرباعه، أو يسلمه إليها، فيصير لها ثلثاه، ولا يقال للمرأة شيء؛ لأن مصابتها راجعة إليها أسلمتها، أو فدتها، وإنما ثبت لها فيه قيراطان(3) زائدة على ربعها.
ولو استهل الجنين، ثم مات، فإنه يصير للزوجة عشرة قراريط [من العبد، وللأخ أربعة عشر قيراطاً؛ لأن لها عن الزوج من العبد الثمن؛ ثلاثة قراريط](4)، لما استهل الولد، وبقيت أحد وعشرون قيراطا، مورثة عن الولد، للأم ثلثها؛ سبعة، وأربعة عشر للعم.
مسائل مختلفة من الجنايات والتعدي
وذكر الجناية على الحيوان
من العتبية(5)، روى أشهب عن مالك، في عبد لأيتام، شج رجلا ثلاث مواضح(6)، وملطاتين(7)، فوجب عليه بذلك مائة وخمسون دينارا، فأرادها الوصي- يريد من ماله- وأخذ العبد لنفسه، قال بئس ولي الأيتام هذا فليرجع ذلك إلى السلطان، فينظر فيه.
***
__________
(1) - كذا في الأصل والعبارة في ص وت (إلى أن يخير أخو الميت).
(2) - في ص وت (أن يفدي من العبد).
(3) - في النسخ كلها (قيراطين) والصواب ما أثبتناه.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ص وت.
(5) - البيان والتحصيل، 16: 101.
(6) - المواضح: الشجات الموضحات وهي التي تكشف عن العظم وتوضحه.
(7) - الملطاة والملطاء والملطى: الشجة التي يبقى بينها وبين انكشاف العظم ساتر رقيق.(1/385)
[13/392]
قال أصبغ: ومن أمر رجلا بقتل عبده، فقتله، فعلى القاتل قيمته. وقال سحنون: لا قيمة للسيد؛ لأنه عرض ماله للتلف، وعلى سيده وجيع الأدب(1)، ويضرب القاتل مائة، ويسجن سنة- يريد ويعتق رقبة-.
ومن سماع ابن القاسم: ومن قتل كلبا معلما، أو كلب ماشية، أو حرث، فعليه قيمته. قال سحنون: وله أكل ثمنه، ويحج به إن شاء. قال أصبغ: لا يجوز بيع كلب، وإن احتاج صاحبه إلى أكل ثمنه. وقال ابن نافع: إنما الحديث في المنهي عن أكل ثمنه؛ هو الكلب العقور، المنهي عن اتخاذه. ورواه مالك مستحلا(2).
قال مالك فيمن دخل مضيقا بأرض العدو، ورمحه بيده، فأصاب به فرسا، غير متعمد: فلا شيء عليه. ولم يره مثل الإنسان. قال ابن القاسم: إن أصاب/ به إنساناً، فعليه، وإن أصاب به دابة في الحضر، فعليه. قال سحنون: يضمن في الحضر، والسفر.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، فيمن كسر بقرة رجل، أو شاته، فخاف ربها عليها الموت، فذبحها: فأما الكسر المعطب، يوجب قيمتها، فذبح صاحبها رضى، بحسبها، ولا غرم على الجاني، قل أو كثُر. وذلك أن ربها كان مخيرا بين تضمينها بجميع القيمة، ويدعها، أو يأخذها وحدها، ولا شيء له. وإن كان ما أصابها به غير معطب، فله ما نقصها على الجاني، ذبحها أو تركها.
قيل لسحنون فيمن أخذ مائة دينار قراضا، فابتاع بها عبدا، فجنى، وقيمته مائة، فأسلمه رب المال: هل للعامل أن يفتكه؛ لما يرجو من فضل؟ فإن فعل،
***
__________
(1) - كذا في الأصل والعبارة في ص وت (الأدب الوجيع).
(2) - الحديث الذي يتضمن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل ثمن الكلب ورد في مختلف أمهات كتب الحديث وبألفاظ مختلفة من ذلك ما جاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثمن الكلب ومهر البغي وثمن الخمر حرام. ومن ذلك ما جاء في سنن أبي داود عن أبي جحيفة أن أباه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب.(1/386)
[13/393]
فهل ينفرد بالفضل؟ قال: له أن يفتكه إذا رجا ذلك، ويدخل مع رب المال في الفضل، وإن بيع بنقص، فالخسارة على العامل. والمرتهن قد يفديه. وإن كان فيه فضل، قضي به الدين.
قيل فيمن باع عبدا بدين، فجنى عند المبتاع، فلم يقم فيه حتى حل الدين، وفلس المشتري: من أحق بالعبد؟ قال: البائع إلا أن يكون فيه فضل عن الثمن، والأرش، فيطلب الغرماء الفضل، فذلك لهم، فيباع للجناية، والثمن وما بقي للغرماء، ما يحط عن دين المفلس، فإن أبى الغرماء أخذه، قيل للبائع: إن شئت أن تأخذه بالعيب الذي حدث فيه، بعد ان تدفع أرش الجناية، فافعل. فإن أبى دفع للجرح إلا أن تزيد قيمته على الأرش، فيقال للغرماء: اضمنوا الأرش، وبيعوه، وخذوا ما بقي في دينكم. وإذا فداه الغرماء بالأرش، فمات في أيديهم، لم يرجعوا على المفلس من ذلك بشيء؛ لأنهم متطوعون فيه، وأما الثمن الذي دفعوه عنه إلى البائع، فلهم الرجوع به على المفلس؛ لأنه دين عليه، ولم تكن الجناية ديناً عليه، وهي في رقبة العبد.
ولو رهنه المشتري، ثم فلس، لكان بائعه أولى به إلا أن يكون/ فيه فضل عما رهن فيه، وعن الثمن، فضلب الغرماء ذلك، فإنه يباع منه للبائع وللمرتهن، فما فضل، أخذه الغرماء، فإن أبوا، قيل للبائع: إن شئت فرد ما رهن فيه، وخذه، وإلا فاتركه، واضرب بينك مع الغرماء. ويباع العبد، فيأخذ المرتهن دينه، وما فضل فللغرماء، ومن فداه هنا من المرتهن، كان البائع أو الغرماء فليرجع على المفلس بما فداه، بخلاف ما فدوه به من الأرش؛ لأن هذا دين في ذمته، والأرش في رقبة العبد.
ومن كتاب ابن حبيب، روى عن عبد الله بن عبيد، قال: دخل علينا عبد لأبان بن عثمان، فسرق متاعا، فأدركناه، فكابرنا، فربطناه، فأصبح ميتا، فطلب منا أبان عنه، فعرفنا سرقته، فجعل علينا قيمته؛ على أنه مقطوع اليد في السرقة.
***(1/387)
[13/394]
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا أرسل رجلان كلابا لهما على ظبي مستأنس لرجل، فقتلاه، أو أرسل أحدهما كلبا، وأرسل الآخر ثلاثة، فقتله الأربعة. فأرى غرم الظبي على الرجلين؛ نصفين، كما لو رماه أحدهما بسهم، والآخر بثلاثة أسهم، فمات كان الغرم عليهما نصفين. وكذلك لو كانت الكلاب بينهما؛ لأحدهما ثلثها، والآخر الثلثان، غرما قيمة الظبي شطرين. وكذلك لو أرسل رجل كلبا، ورجل آخر كلبين على صيد، فأخذته الثلاثة، كان الصيد بينهما نصفين.
قال محمد: والحائط المائل إذا كان بين قوم على أنصباء مختلفة، فأعذر إليهم السلطان في هدمه، فلم يهدموه حتى سقط على شيء، فكسره، كان ضمان ذلك عليهم بالسواء على الأنصباء.
تم كتاب الجنايات
***(1/388)
[13/395]
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الجراح الأول (1)،
القول في ديات الأعضاء،
وديات الجراح، وأسمائها، وصفاتها،
وذكر ما فيه الاجتهاد منها، ومن
الكسر،/ والضرب، والحلق(2)
من المجموعة، وكتاب ابن المواز مثله، إلا ما نسب إلى سحنون. قال ابن القاسم، وابن وهب: قال مالك: الآمر عندنا في الجراح على ما في الكتاب الذي كتبه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم، حين بعثه إلى نجران(3). قال سحنون: واجتمع العلماء على ما فيه؛ أن في النفس مائة من الإبل، وفي الأنف، إذا أوعي(4) جدعا، مائة من الإبل، وفي العين خمسون من الإبل، وفي اليد خمسون من الإبل، وفي الرجل خمسون من الإبل، وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل.
***
__________
(1) - أنجزنا مقابلة هذا الكتاب من نسخة الخزانة العامه بالرباط المسجلة تحت رقم 425 ق وسمي فيه بكتاب الدماء عوض كتاب الجراح وسنرمز لها بحرف ع.
(2) - في ع (والخنق) والصواب في الأصل.
(3) - بهذا الكتاب الموجه من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى عمرو بن حزم بدا الإمام مالك في موطئه كتاب العقول.
(4) - (أوعي): أخذ كله.(1/389)
[13/396]
وفي المأمومة(1) ثلث النفس، وفي الجائفة(2) ثلث النفس، وفي المنقلة(3) خمس عشرة فريضة، وفي الموضحة(4) خمس من الإبل وفي السن خمس من الإبل.
قال مالك: وأجمع الناس على أن في اللسان الدية، وفي الذكر الدية، وفي كل فرد من هذه الدية كاملة. [وأخف ذلك الحاجبان، وثديا الرجل. قال عنه ابن وهب: وبعض ذلك أبين من بعض؛ ليس ثديا الرجل كثدي المرأة، ولا الجاجبان كالعينين.
قال مالك: بلغني أن في ثدي المرأة الدية كاملة](5)، وفي الأنثيين الدية كاملة. قال مالك: وفي كل زوج من الإنسان الدية كاملة. قال أشهب: في إليتيها الدية كاملة، وهما أعظم ضررا من ثدييها؛ فإن ما يبقى منهما بعد الثديين أكثر نفعا وجمالا مما يبقى بعد الإليتين.
وأما إليتا الرجل؛ ففيهما حكومة، على قدر ما شانه، وأضر به، وليس كالمرأة فيهما، كما يفارقها في الثديين.
قال ماللك: في الحاجبين، وثديي الرجل حكومة.
ومن المجموعة، قال أشهب والمغيرة: والحاجبان من الرجل والمرأة سواء؛ فيهما حكومة. وقال أشهب: كأشفار العينين، واللحية، والشاربين. قال مالك: ليس في الحاجبين- وإن لم ينبتا- إلا الاجتهاد. قال ابن القاسم: وكذلك إليتا المرأة.
***
__________
(1) - المأمومة: الشجة التي تبلغ أم الدماغ حتى يبقى بينها وبين الدماغ جلد رقيق وهي التي تعرف بالدامغة وقد تقدم شرحها في الجزء الأول من كتاب الجنايات.
(2) - الجائفة: الشجة التي تصل إلى جوف الدماغ.
(3) - المنقلة: الشجة التي تنتقل منها العظام وقد سبق شرحها في الجزء الأول من الجنايات وسيعرف بها المؤلف فيما بعد مع سائر أنواع الشجاج.
(4) - الموضحة: الشجة التي تكشف عن العظم وتوضحه وقد سبق التعريف بها.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.(1/390)
[13/397]
قالوا عن مالك: في العقل الدية [وقد جاءت الدية](1)، فيما هو أيسر منه. قال أشهب: وروي ذلك عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه فيه مائة من الإبل، وعن عمر، وغيره.
[قال على/، عن مالك](2): لم أزل اسمع أن في الضرب [الدية إن انقطع](3) وما نقص منه، فبحسابه. وقاله المغيرة. قالوا: قال مالك: وفي الصلب الدية، إذا أقعد عن القيام، فإن برئ على انحناء، ففيه قدر ذلك. ابن القاسم: كأصل اليد. قالوا عن مالك: وفي الأذنين الدية، إذا ذهب السمع؛ اصطلمتا(4) أو بقيتا، وكذلك العين؛ يذهب نظرها، [وتبقى قائمة](5)، ففيهما نصف الدية.
قال أصحاب مالك عنه: إن الأمر المجتمع عليه عندنا؛ أنه ليس فيما دون الموضحة من شجاج الخطإ(6) عقل مسمى، وإنما انتهى النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى الموضحة فيما له عقل، وليس أجر الطبيب بأمر معمول به(7) قال عنه ابن نافع (سئل)(8) عمن كسرت فخذه، ثم انجبرت مستوية: أله ما أنفق في العلاج؟ قال: (ما) علمته(9) من أمر الناس، أرأيت إن برئ على شين، أيأخذ ما شأنه. وما أنفق؟ قال: لا يكون قضاء مختلف في شيء واحد، وإنما فيه ما شأنه.
***
__________
(1) - عبارة (وقد جاءت الدية) ساقطة من الأصل.
(2) - المراد به علي بن زياد كما هو مشار إليه في ع.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(4) - أي قطعتا واستؤصلتا: يقال اصطلمهم الدهر أي استأصلهم.
(5) - في الأصل (ويبقى قائما) والصواب ما أثبتناه من ع.
(6) - في الأصل (من الشجاج) بغير تقييد بالخطأ وقد أثبتنا ما في ع.
(7) - في الأصل (بأمر معلوم).
(8) - لفظة (سئل) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(9) - في الأصل قال علمته بإسقاط (ما).(1/391)
[13/398]
ابن القاسم، وأشهب، عنه: وليس في الباضعة(1)، والدامية، والسمحاق(2)، والملطاة(3) شيء، إذا كانت خطأً، وبرئ إلا إن برئ على شين، ففيه حكومة. قال أشهب: يقوم ذلك أهل المعرفة، بقدر شينه وضروره.
ومن كتاب آخر ذكر ذلك فيه عن بعض أصحاب مالك، في تفسير الحكومة؛ أن يقوم المجروح على أنه عبد صحيح، ويقوم وبه ذلك الشين، فما نقص، فمثله من ديته. ومثله في كتاب الأبهري.
قال ابن حبيب، في أسماء الجراح في الوجه والرأس: وهي عشرة؛ أولها الدامية؛ تدمي الجلد بحدس(4) أو حرش(5)، ثم الجارضة؛ تجرض الجلد؛ أي تشقه، [وهي السمحاق، وهي تشق الجلد، كأنه تكشطه](6) عن اللحوم، ثم الباضعة؛ تقطع اللحم بعد الجلد؛ أي تشقه، ثم المتلاحمة وهي التي أخذت من اللحم، فقطعت في غير موضع، ثم الملطاة(7)، بينهما وبين العظم صفاق رقيق. قال غيره: وهي السمحاق، وكل جلدة رقيقة؛ فهي سمحاق، وهو مشتق من السحاب الرقيق. ابن حبيب. ثم الموضحة؛ وهي التي توضح عن العظم، ثم الهاشمة؛ تهشم العظم،/ ثم المنقلة؛ التي تطير فراش العظم مع الدواء، أو هشمته، وإن لم يطر، أو صدعته(8)، وبينه وبين الدماغ صفاق صحيح، ثم المأمومة؛ وهي ما أفضى إلى الدماغ.
***
__________
(1) - الباضعة: الشجة التي تبضع الرأس ولم تسل الدم فإذا بضعت اللحم وأسالت الدم فهى الدامية.
(2) - السمحاق: هي الشجة التي تعمل في اللحم ولا يبقى بينها وبين العظم إلا جلد رقيق.
(3) - الملطاه: الشجة التي يبقى بينها وبين انكشاف العظم ساتر رقيق وقد تقدم شرحها وتسمى أيضا الملطى بالقصر والملطاء بالمد.
(4) - الحدس مصدر حدس فلانا يحدسه إذا صرعه. وحدس الشي برجله إذا وطئه.
(5) - الحرش: الخدش من حرشه يحرشه حرشا وتحراشا إذا خدشه وقد جاءت في الأصل بالسين المهملة ولعل الصواب ما أثبتناه.
(6) - ما بين معقوفتين جاء في ع على الشكل التالي (ثم السمحاق وهي سلخ الجلد كأنها تكشطه).
(7) - كثرت في ع (الملطاء) بألف الثأنيت الممدودة وقد أشرنا من قبل إلى أنها لغة في الملطاة.
(8) - كذا في ع وجاءت في الأصل (أو جدعته) بالجيم عوض الصاد.(1/392)
[13/399]
وقال ابن المواز: الملطاة؛ هي السمحاق، وهي التي لا تقطع الجلد، وهي تهشم اللحم، وتنتف الشعر، وتدمي، ولا تقطع من الجلد شيئاً [والدامية تدمي ولا تقطع شيئا من الجلد](1)، ولا تهشم من اللحم(2) شيئا ولا تبينه، والباضعة؛ التي تبضع في الرأس، ولا تبلغ العظم. جراح
ومن المجموعة- وأكثر في كتاب ابن المواز- قال مالك: وقد وقت قوم في هذه الجراح؛ التي دون الموضحة توقيتا من الدية، والذي يجتمع عليه(3) أنه ليس فيما دون الموضحة إلا الاجتهاد. قال مالك: وذلك التوقيت لا أصل له، وأول من كتب به معاوية، ثم طرحه عمر بن عبد العزيز حين ولى.
ومن كتاب آخر: وقد أنكر مالك ما روى عنه؛ أنه حدث به عن عمر وعثمان في الملطاء، وقال: ما تحدثت بهذا قط. قال في المختصر: ولو جرى أهل بلد على عقل مسمى فيما دون الموضحة، لرأيت أن يبطل ذلك الإمام، ولا يحكم به.
قال ابن عبدوس: قال المغيرة: ليس في الصدر إذا أوهن إلا الاجتهاد. قال علي [بن زياد](4)، عن مالك، فيمن ضرب رجلا، ففتقه، فوقعت مصارينه في أنثييه: فإنما في ذلك حكومة. ومن المجموعة، وكتاب ابن المواز، قال ابن القاسم [وأشهب](5)، في حلق الرأس خطأً إذا لم ينبت: ليس فيه إلا الاجتهاد. وكذلك في اللحية، والشاربين، والأشعار، وما ينبت من ذلك: فلا شيء فيه، وليس في عمده قصاص، وفيه الأدب.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) - في الأصل (ولا تهري من اللحم) والصواب ما أثبتناه من ع.
(3) - في الأصل (والتي يجتمع عليه) بوضع التي عوض الذي وذلك خطأً بين والعبارة في ع (والمجتمع عليه).
(4) - (ابن زياد) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(5) - لفظة (وأشهب) ساقطة من الأصل.(1/393)
[13/400]
وذكر أبو الفرج البغدادي في كتابه، عن ابن الماجشون: أن في الشواة(1)؛ وهي جلدة الرأس، الدية، وكذلك في الصدر إذا هدم، ولم يرجع إلى ما كان عليه. قال فيه وفي كتاب الأبهري: إذا ضرب الأنف، فأذهب شمه، والأنف قائم: أن فيه الدية كاملة. [وقاله أبو الفرج، وقال ابن نافع، عن مالك: أنه لا دية فيه](2) حتى يستأصل الأنف من أصله. يقول: لا تكمل فيه الدية إلا بهذا، وهذا شاذ. قال أبو الفرج: وخالف ابن الماجشون مالكا، فقال في الذكر والأنثيين [الدية وكذلك](3)، إذا قطع أحدهما قبل الآخر: أن الثاني/ فيه حكومة. وقال أبو بكر الأبهري: إن قول مالك اختلف فيه؛ فقال مرة: هذا [إذا](4) كان في قطع واحد أو قطعين. وكذلك قال ابن حبيب، وقد ذكرناه في باب دية الذكر.
ومن المجموعة، وأكثره من كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، وأشهب، عن مالك: وليس في شفر العين، وحاجبها [إلا](5) الاجتهاد، إلا أن ينقص نظر العين، وكذلك في الأشفار، والجفون، وليس في أشراف الأذنين إلا الاجتهاد إذا أبقى السمع. قال ابن نافع عنه: وإن أعيدتا، فنبتتا، فلا شيء فيها.
قال عنه ابن القاسم: وإنما في كسر الضلع، والترقوة الاجتهاد، وكل ما كسر من عظام الجسد، فبرئ، وعاد لهيئته، فلا شيء فيه. وإن نقص أو برئ على عثل(6) فإن كان شيء جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم- توقيت دية، ففيه منها بحساب ذلك- يريد ما نقص- قال أشهب وعنه وليس في هذا حكومة، ليسن إن كان في اليد والرجل، لكن بقدر ما نقص من ديتها برئت على شين، أو غير شين.
***
__________
(1) - في ع (إن في الشوى) عوض أن في الشواة الموجودة بالأصل وهما لغتان وفي مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر الرازي إن الشوى جمع والشواة مفرد.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(4) - (إذا) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(5) - (إلا) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(6) - في الأصل (برئت على غل) وهي محرفة عن قوله (برئت على عثل) من قولهم عثلت يده عثلا أي انجبرت على غير استواء.(1/394)
[13/401]
وكذلك العين يخرج حاجبها، فيبرأ على شين، وقد نقص نظرها(1)، فإنما فيه بقدر ما نقص من نظر العين، من ديتها، إلا أن يوضح الحاجب(2)، فتكون فيه دية الموضحة، مع ما نقص من العين.
وجراح الجسد كلها غير الرأس؛ إنما فيها في الخطأ الاجتهاد، إلا الجائفة، ففيها ثلث الدية. قالوا عن مالك: وليس في النافذة في عضو من الجسد إلا الاجتهاد.
قال عنه ابن وهب: وليس في الظفر؛ يقلع(3) إلا الحكومة، إذا لم ينبت. قال عنه على: أو خرج مشققا، لا يزال. قال عنه ابن القاسم: وإن عاد لهيئته، فلا شيء فيه.
قال عنه [ابن القاسم](4)، وابن وهب: ومن ضرب رجلا، حتى أحدث، فليس فيه إلا الأدب، وأنكر ما روي فيه.
وفي كتاب القصاص، باب ما فيه القصاص، باب ما فيه القصاص، وما لا قصاص فيه، من الجراح، وغيرها؛ فيه بقية من هذا المعنى.
***
__________
(1) - في ع (وقد نقص بصرها).
(2) - في الأصل (يوضح العين) وأثبتنا ما في ع.
(3) - في الأصل (في الظفر يقطع) وأثبتنا ما في ع.
(4) - (ابن القاسم) ساقطة من ع.(1/395)
[13/402]
في دية الأنف والأذنين [والعينين](1)،
ودية العقل تؤخذ، ثم تعود/
من المجموعة، قال أشهب: روي للنبي- صلى الله عليه وسلم- في الأنف، يقطع مارنه؛ قضى فيه بالدية كاملة(2) وروي ذلك عن علي، (ابن أبي طالب)(3)، وغيره، [وروي ذلك عن الشيخة السبعة. ومنه، ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، وأشهب، وغيره](4)، عن مالك: والذي فيه الدية من الأنف، أن يقطع المارن، دون العظم، ولو استؤصل من العظم، فإنما فيه الدية فقط. قال أشهب: المارن هي الأرنبة، وهي الروثة(5) وذكرنا في الباب الأول، من رواية شاذة، عن مالك، أن الدية في استئصال العظم. قال مالك في الكتابين: وإذا قطع بعضه، فإنما يقاس من المارن كالحشفة.
ومن كتاب محمد: وإذا خرم أنفه، فإن خرم العظم، وسلخ المارن، ففيه حكومة، إن برئ على عثم(6) أو شين، فإن خرم ما دون العظم، فذلك الخرم كالقطع، له من الدية بحساب ذلك ما ذهب من مارنه، بعد البرء. وإن برئ على غير شين، فلا شيء فيه، في الخطأ. وفي العمد القود.
قال مالك فيه، وفي المختصر: وليس في أشراف الأذنين إلا حكومة، إلا أن يذهب السمع بذلك، ففي ذلك دية واحدة، وأما قطعهما أو سماخيهما(7)، فحكومة. وذكر بعض البغداديين أن قول مالك اختلف فيها؛ فروى مرة أن في أشرافهما الدية. وقال: بل حكومة حتى يذهب السمع.
***
__________
(1) - (والعينين) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(2) - لم ينص الإمام مالك على ذلك في كتاب العقول في الباب المخصص لما فيه الدية كاملة.
(3) - (بن أبي طالب) ساقطة من الأصل.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(5) - الروثة: طرف الأرنبة من الأنف.
(6) - العثم: انجبار العظم على غير استواء وهو العثل أيضا حسبما سبقت الإشارة إلى ذلك في بعض التعليقات.
(7) - السماخ بالسين والصماخ بالصاد: خرق الأذن الباطن إلى الرأس في الأصل (فليس فيه) وأثبتنا ما في ع.(1/396)
[13/403]
قال ابن المواز: وإن قطع من أشرافهما ما أذهب ببعض السمع، وإن قل، فليس فيهما(1) إلا بقدر ما أذهب من السمع، وليس فيما اصطلم منهما شيء. وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، عن مالك، في العتبية(2)، في هذا السؤال: إنما له بقدر ما نقص من سمعه، ومن عقل ما نقص من الأذن الاجتهاد. قيل: فإن ذهب السمع كله، واصطلمتا؟ قال: ففي ذلك دية واحدة. فقيل: عقلهما، وعقل السمع، لم يتم؟ قيل: كأنما تجعل عليه الاجتهاد، فيما جاوز ما ذهب من السمع؟/ فلم يذكر جوابا. قال: وقد روي أن أبا بكر الصديق قضى في أشراف الأذنين بالإجتهاد؛ خمس عشرة فريضة.
ومن كتاب ابن المواز، قد رأى عمر بن عبد العزيز، وأبو الزناد فيهما الدية، وذكره أبو الزناد عن غير واحد من العلماء، وذلك لما في ظاهر حديث ابن حزم(3): وفي الأذن خمسون. محمد: ولا حجة في ذلك؛ لأنه قال فيه، وفي العين، وإنما يعني النظر. وفي اليد، وإنما يعني الأصابع.
وذكر ابن شهاب، للنبي- صلى الله عليه وسلم- أنه إنما أريد بذكر الأذنين السمع، وهو معروف من كلام العرب: أذنت لك؛ أي: اسمتعت لك.
قال مالك في هذا الكتاب: وفي العين؛ يذهب جميع بصرها، الدية. وفي جميع نظر العين الدية؛ ألف دينار، سواء اخسفت(4)، أو نزرت. أشهب: ولا يزاد لذلك شيء.
***
__________
(1) - في الأصل (فيه) بإعادة الضمير على القطع لا على الأذنين.
(2) - البيان والتحصيل، 16: 156.
(3) - يقصد بذلك الحديث النبوي الشريف الذي يتضمن الكتاب الموجه من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى عمرو بن حزم وقد ذكره الإمام مالك في موطئة في أول باب من أبواب كتاب العقول كما سبقت الإشارة إلى ذلك في أحد التعاليق السابقة.
(4) - أخسفت عينه: عميت وكذلك انخسفت وقد جاءت الصيغة الأولى في الأصل والصيغة الثانية في ع.(1/397)
[13/404]
وقال أشهب في كتاب ابن المواز: وهو في العتبية(1)، من رواية أصبغ: ومن ضرب، فذهب عقله. قال: يستأني به سنة. قيل: فإن أخذ العقل بعد تمام السنة، ثم رجع إليه عقله؟. قال: هو حكم قد مضى. محمد: يريد لا يرد [شيئا](2).
[باب](3) في دية اللسان، والشفتين، والأسنان
من المجموعة، [وغيرها](4)، (قال ابن وهب)(5)، عن مالك: وإذا قطع من اللسان ما منع الكلام، ففيه الدية كاملة، وإن منع بعضه، ففيه بقدر ما منع من كلامه. ابن المواز: وإنما الدية فيه، بقدر نقص [الكلام لا بقدر نقص](6) اللسان، [وشيء آخر، أن بعض الحروف لا حظ للسان فيها؛ مثل الميم، والحاء، ونحوها، ومراعاة الكلام أشبه](7).
ابن القاسم، وأشهب، في المجموعة: لا ينظر إلى عدة الحروف؛ لأن بعضها أثقل من بعض، ولكن بالاجتهاد. أشهب: بقدر ما يرسخ في القلب من نقصان ذلك.
ابن حبيب: قال مجاهد: تجزا(8) الدية على عدد حروف المعجم، ثمانية وعشرين/ حرفا، فما نقص من هذه الحروف، عقل بحسابه. ابن حبيب: وقال في مثله جماعة من العلماء، ممن سألته، وقاله أصبغ. ابن حبيب: والحرف؛ الثقيل والخفيف سواء.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 150.
(2) - (شيئا) ساقطة من الأصل.
(3) - (باب) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(4) - لفظة (وغيرها) ساقطة من ع.
(5) - في ع (قال ابن القاسم) عوض قال ابن وهب الموجود بالأصل.
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(7) - ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(8) - في الأصل (نحن نرى الدية) عوض (تجزا الدية) التي أثبتناها من ع.(1/398)
[13/405]
ومن العتبية(1)، قال يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم: إنما نقدر نقصان الكلام. والعقل باجتهاد الناظر على ما يفهم عند الاختبار، ويقع في نفسه، أنه ذهب نصف كلامه، أو ثلثه. فإن شكوا، فقالوا: هو الربع، أو الثلث، أعطي الثلث حملا على الظالم. وكذلك في العقل إن قالوا: يفيق أكثر(2) نهاره ثلثيه، أو ثلاثة أرباعه، أو نحوه، أعطي [بقدر ما رأوه فإن شكوا احتيط فيه](3)، على الجاني كما ذكرنا [وقال بعض الناس على الأحرف في الباء والتاء وهو، أحب ما سمعت إلي](4).
ابن القاسم، وأشهب في المجموعة: وإن قطع منه ما لا يمنع الكلام، ففيه الاجتهاد، بقدر شينه. محمد: وجاءت السنة بأن في الشفتين الدية(5)؛ في كل واحدة نصفها. وقاله مالك، وجميع أصحابه، فيما علمنا، ولم يأخذ مالك بقول ابن المسيب؛ أن في السفلى ثلثي الدية. قال في المجموعة: ولم يبلغني من فرق بينهما غيره، وأراه وهما عنه، ولو ثبت عنه لما كان فيه حجة، لكثرة من يخالفه. والحجة فيه أنه إن قال: السفى أحمل للطعام، واللعاب. فإن في العليا من الجمال أكثر من ذلك. وقد تختلف يسرى اليدين واليمين في المنافع، وتتفقا(6)، في الدية. وفي [بعض](7) الحديث عنه- صلى الله عليه وسلم-:«وفي الشفتين الدية»(8). ولم يخالف بينهما، وقضى به عمر بن عبد العزيز، وقاله عدد كثير من التابعين.
***
__________
(1) -البيان والتحصيل، 16: 150.
(2) - لفظة(أكثر) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(3) - ما بين معقوفتين أثبتناه من ع والعبارة في الأصل جاءت على الشكل التالي (بعدما يروى احتياطا) ولا معنى لذلك.
(4) - ما بين معقوفتين أثبتناه من ع ومن البيان والتحصيل وأما في الأصل فقد جاءت العبارة مضطربة.
(5) - ينظر في ذلك في كتاب الموطإ للإمام مالك كتاب العقول ضمن الباب المخصص لما فيه الدية كاملة.
(6) - في الأصل ويتفق في الدية ولعل الصواب ما أثبتناه.
(7) - (بعض) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(8) - تقدمت الإشارة إلى هذا الحديث وبه اتبدأ الإمام مالك كتاب العقول من موطئه.(1/399)
[13/406]
ومن الكتابين، قال ابن القاسم، وأشهب، وغيرهما، عن مالك: أن العقل في الأسنان في مقدم الفم، والأضراس سواء؛ لقوله- صلى الله عليه وسلم-: «وفي السن خمس من الإبل، والضرس سن»(1).
وقال في كتاب ابن المواز، قال ابن عباس: كما دية الأصابع سواء. أشهب: وكما كانت الثنية والرباعية والناب سواء، وإن كان قد/ اختلف في ذلك؛ فروي عن ابنه عمر(2): وفي الضرس جمل، وروي عن معاوية: وفي الأضراس خمسة أبعرة. ابن المسيب: والدية تزيد في قضاء معاوية، وتنقص في قضاء عمر. ولو كنت أنا لجعلت في الأضراس بعيرين، فيتم عقل الفم الدية كملا. واستحسن هذا عمر بن عبد العزيز.
قال ابن مزين الأضراس عشرون، الأسنان اثنا عشر؛ أربع ثنايا، وأربع رباعيات، وأربعة أنياب. وغير ابن مزين يقول: الأضراس ستة عشر، ويزيد في الأسنان؛ أربع نواجد(3)، وهي التي تلي الأنياب، وتتصل بالأضراس. جراح2
ومن الكتابين، قال أشهب: وقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: «وفي السن خمس من الإبل»(4) أمر كاف، ولو افترق السن من الضرس لبينة النبي- صلى الله عليه وسلم-. قال أشهب: وإذا طرحت السن من سنخها(5)، ففيها ديتها كاملة، وكذلك إن كسرت من أصل ما أشرف منها، ولا يحط لما بقي من السنخ، مما كسر شيء، كبقية الذكر حد الحشفة. وإذا ضربت، فاسودت، تم عقلها. قيل لابن القاسم: فإن احمرت، أو اخضرت، أو اصفرت؟ قال: إن كان كالسواد [تم عقلها](6)،
***
__________
(1) - موطأ الإمام مالك كتاب العقول.
(2) - في ع (فروى عن عمر).
(3) - في الأصل (أربع ضواحك) وقد أثبتنا ما في ع.
(4) - الحديث منصوص عليه في موطإ الإمام مالك في كتاب العقول.
(5) - النسخ من السن منبتها ويقال سنخت الأسنان من باب فرح: اؤتكلت وسنخ الفم: ذهبت أسنانه.
(6) - (تم عقلها) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.(1/400)
[13/407]
[وإلا فله، فبحسابه](1) وقال أشهب: [الخضرة إلى السواد أقرب، ثم الحمرة](2)، ثم الصفرة، وفي ذلك بقدر ما ذهب من بياضها [إلى ما بقي منها، من سوادها](3). وقال ابن القاسم في العتبية(4) نحو قول أشهب. قالا: وإن أصيبت السن التي اسودت بعد ذلك، ففيها ديتها[كاملة](5). قال أشهب: وقد قال عمر، وعلي، وابن المسيب، وعدد من [الصحابة](6)، والتابعين: إنها إذا اسودت، تم عقلها. ولم يبلغني عن أحد من العلماء خلافه. قال أشهب، في كتاب ابن المواز: وفيها إذا طرحت بعد سوادها بعض الاختلاف. قال ابن شهاب، وأبو الزناد: فيها حكومة كالعين القائمة. محمد: العين[القائمة](7) لم يبق فيها من منافعها شيء، والسن/ السوداء، بقيت قوتها، وأكثر منافعها. قال مالك: وإذا ضربت، فتحركت، فإن كان اضطرابا شديدا، تم عقلها، وإن كان خفيفا، عقل لها بقدره، وينتظر بالشديدة الاضطراب سنة. [قال أشهب: فإن اشتد اضطرابها بعد السنة، فهي كالمسودة(8)، تم عقلها، ثم إن طرحها بعد ذلك، السنة، على غير ذلك، ففيها حكومة، بقدر ما ذهب من قوتها، إلى ما بقي، ثم إن أصيبت بعد ذلك، ففيها ما بقي بعد تمام ديتها، وإن ضربت، فاسودت، أو اسود بعضها، أو اضطرابت بعد ذلك اضطرابا شديداً، ففيها ديتها لا يزاد عليها، ولا يكون ذلك أشد من طرحها، ولو اسود نصفها، ولم يشتد اضطرابها، كان له الأكثر مما وجب فيها من قوتها، واسودادها، مثل أن يسود نصفها، ويذهب ثلث قوتها، فله
***
__________
(1) - في ع (والأول بحسابه).
(2) - ما بين معقوفتين كتب في ع على الشكل التالي(الخضرة أقرب من الحمرة).
(3) - ما بين معقوفتين كتب في ع على الشكل التالي(إلى ما بقي منه إلى اسودادها).
(4) - البيان والتحصيل، 16: 105.
(5) - (كاملة) ساقطة من ع.
(6) - (الصحابة) ساقطة من ع.
(7) - (القائمة) ساقطة من ع.
(8) - (كالمسودة) مطموسة في الأصل غير موجودة في ع وقد آثرنا استعمالها لتشابه حكمها وحكم المضطربة اضطرابا شديداً.(1/401)
[13/408]
نصف ديتها، وكذلك إن ذهب من القوة النصف، واسود ثلثها، وكذلك إن اسودت كلها، وذهب نصف قوتها، فله ديتها كاملة.
ابن نافع في المجموعة: وإن ضربت فسلم منها، فله بقدر ما سلم منها؛ من ديتها](1). وقال أشهب في الكتابين: وإنما يحسب ما ذهب منها مما بقي، مما أشرف منها، لا من سنخها، فإن اسود مع ذلك باقيها، أو اضطرابا شديدا تم عقلها، وإذا انكسر في ذلك نصفها، فاسود نصف ما بقي منها، أو اضطربت، فذهب منها نصف قوته، فله نصف عقلها، فيما انكسر، والربع فيما اسود، واضطراب، فذلك ثلاثة أرباع ديتها.
ومن كتاب ابن المواز، قال إذا ضرب(2) الفم، فطرح جميع ما فيه؛ من سن، وضرس، فله في كل واحدة خمسة أبعرة. وقاله أصبغ. وقال أشهب: وإن كسير بعض السن، واسود ما بقي منها، أو اشتد اضطرابه، تم عقلها.
في دية اليدين، والرجلين، والأصابع، والأنامل/(3)
[من المجموعة، وكتاب محمد](4)، قال غير واحد عن مالك: وإذا قطعت أصابع الكف، تم عقلها: خمسمائة دينار كما لو قطعت من المرفق أو المنكب. قال عنه ابن وهب، وابن القاسم: وكذلك لو قطعت رجله من الورك، ففيها خمسمائة دينار، وإنما عليه من العقل مثل ما على من قطع الأصابع [من أصلها. قال أشهب كما تستكمل دية الذكر بقطع الحشفة ولذلك تستكمل دية اليد أو الرجل بقطع الأصابع](5): وإذا قطع كفه(6) وأشل ساعده، فدية واحدة، وإذا قطع
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(2) - (ضرب) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(3) - العنوان في ع يبدأ بقوله باب في إلخ..
(4) - العبارة في ع جاءت على الشكل التالي (من كتاب ابن عبدوس وابن المواز).
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع وعوض في الأصل بقوله (قال ابن القاسم وأشهب).
(6) - في الأصل (يده) عوض (كفه).(1/402)
[13/409]
أصبعين، مما يليهما من الكف، فعليهما خمسا دية اليد. أشهب: (إلا أن ينقص بذلك [شيء من بقية قوة](1) اليد والأصابع،) فيزداد(2) مع ذلك دية ما نقص منها من ثلاثة أخماسها.
ابن القاسم، وابن نافع، وفي المجموعة: قال مالك في اليد تصاب، فيدخلها نقص: فينظر ما ذهب منها، ومن جمالها، فيعطى بقدر ذلك من العقل.
قال مالك في الكتابين: وإذا شلت اليد، أو الرجل، فقد تم عقلها، وكذلك شلل الأصابع؛ يتم به عقلها. قال أشهب: وذلك إذا تم شلل اليد تم له عقله، حتى تذهب قوتها، وحركتها من المنكب، أو المرفق، أو الكف، أو الأصابع كلها، وإن لم يذهب ذلك كله، فبقدر ما ذهب منها.
قال ابن القاسم: ومن قطعت كفه، وليس فيها إلا أصبع واحدة، فله دية الأصابع. وأحب إلي أن يكون له في باقي الكف حكومة. ولم أسمعه. وقال أشهب، وسحنون، في المجموعة: لا شيء له في الكف. وقاله ابن القاسم، في الأصبعين. وقاله المغيرة.
ومن قطعت كفه عمدا، وليس فيه إلا ثلاث(3) أصابع،وقد أخذ في الأصبعين عقلا، أو قودا، فله عقل ثلاث أصابع، ولا حكومة له. وقال عبد الملك: له مع عقلها حكومة، إلا أن يكون أربع أصابع، فلا يزاد على ديتها، لأنه يقاد له من كف إلا أصبعا(4)، ولا يقاد من كف إلا أصبعان. وذكر في كتاب ابن المواز مثل ما تقدم.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين نقلناه من ع وهو غير واضح في الأصل.
(2) - كذا في ع وكتبت في الأصل (فليرد).
(3) - في الأصل (ثلاثة أصابع) وأثبتنا ما في ع لموافقته للمشهور من أن الأصبع مؤنثه وقد تذكر وعلى جواز التذكير يكون ما في الأصل له وجه من التأويل.
(4) - في الأصل (إلا أصبع) والصواب ما أثبتناه..(1/403)
[13/410]
قال: وكذلك لو قطعت من المنكب، (وفيها أصبع)(1)، لم يكن له غير دية الأصبع./ وذكر قول ابن القاسم، في الأصبعين. قال: وقال أصبغ: هو حسن، وليس بواجب، (ولا نرى فيه الحكومة)(2) مع دية الأصبع.
وقال أشهب، عن مالك، في كف؛ قطعت منها أصبع، ثم قطعت: فيها دية أربع أصابع. فأما لو نقصت مثل الأنملة. ولم يأخذ لها عقلا، كانت له دية اليد كاملة. قال ابن القاسم، وأشهب: فأما الأصبع، فيحسب له به أخذ له أرشا، أو لم يأخذ، فأما الأنملة، فإن كان أخذ لها عقلا، حُوسب بها، في الخطأ، وإن كانت بمرض أو شبه، لم يحاسب بها [قال أشهب وأما أنملتان فيحاسب بها في الخطإ قال ابن المواز. وأنملة الإبهام في هذا كغيرها ولا يحاسب بها](3)، وقد ذكر عن ابن شهاب في كف ناقصة أصبعا، أو أصبعين؛ أن فيها دية كاملة. وإن كنا لا نقوله، فهو راد لقول من يرى في الكف؛ تنقص أنملة: أنه لا قود فيها، وأنه ليس فيها في الخطأ إلا دية ما بقي.
ومن الكتابين، ومن العتبية(4)؛ رواية يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم، فيمن خلقت يده؛ وفيها أربع أصابع، فأصيب منها أصبع: أن فيها عشراً من الإبل، وفي جميعها أربعون. وكذلك إن لم يكن فيها إلا ثلاث أصابع، أو أصبعان، فتقطع يده، فإنما له دية ما بقي. وقال عنه أيضا يحيى؛ وهو في المجموعة؛ فيمن بيده أصبع سادسة. قال: إن كانت قوية، ففيها عشر من الإبل، فإن قطعت عمداً؛ فلا قصاص فيها؛ إذ لا نظير لها، وفيها الدية، وإن كانت ضعيفة؛ ففيها حكومة، ثم إن قطعت اليد، لم ينقص من ديتها شيء، وإن قطعت، وفيها الزائد، لم يزد على دية اليد شيء، إذا كانت الزائدة ضعيفة، وإن كانت قوية؛ ففيها ستون(5).
***
__________
(1) - في الأصل (وليس فيها أصبع).
(2) - في الأصل (ولا قوى في الحكومة).
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(4) - البيان والتحصيل، 16: 162.
(5) - في ع (وفيها ستون من الإبل).(1/404)
[13/411]
ومن المجموعة، وكتاب محمد: ولم يختلف عن مالك؛ أن في كل أنملة ثلاثة وثلاثين ديناراً، وثلثا، وهي من الإبل ثلاث وثلث. وفي الإبهام أنملتان، فإذا قطعت(1) ففيها عشر من الإبل(2)، وفي قطع كل واحدة عشر من الإبل؛ لأنهما إذا ذهبتا، فقد ذهبت المنفعة، وإبهام الرجل مثلها. قال مالك: وما سمعت فيها بشيء. وهو رأيي. ثم قطعت الأنملة الثالثة من الإبهام، أو الرابعة من غيرها من الأصابع/ بعد الأصبعين، ففيها حكومة.
وقال أشهب: ولو لزم في بقية الإبهام الذي في الكف دية، لزم في سائر الأصابع أن يكون له في مثل ذلك دية أنملة رابعة، وهذا خلاف الأمة، وإن لم تقله ناقض، فدل هذا أن الأصبع ما أشرف منه، كما أن دية السن فيما أشرف منها. وفي الحديث: «في الأصبع عشر»(3). ولم يقل: في الأناملد.
قال ابن سحنون: وروى ابن كنانة عن مالك: أن في الإبهام ثلاث(4) أنامل. قال مالك: في كل أنملة ثلث دية الأصبع. وإليه رجع مالك. قال سحنون: وأخذ أصحابه بقوله الأول. قال ابن سحنون عن أبيه: ومن قطع يد رجل؛ فيها ست أصابع(5)، فإن كان عمداً، فله القصاص بلا زيادة دية، وإن كان خطأً، فله الدية؛ خمسمائة دينار، ومن الإبل خمسون بعيرا. قال سحنون(6): وقد قيل: له نصف الدية، وفي الزيادة حكومة. وكذلك أصبعان زائدتان أو أكثر؛ ففي ذلك حكومة عنده.
وقد روى عيسى عن ابن القاسم: إن كانت قوية قوة سائر أصابعه، ففيها دية أصبع، إن قطعت. وإن قطعت اليد، ففيها ستمائة دينار. وقال ابن المواز عن
***
__________
(1) - في الأصل (فإذا قطعها) وما أثبتناه من ع.
(2) - في ع (ففيها خمس من الإبل).
(3) - تقدمت الإشارة إليه من موطإ الإمام مالك.
(4) - في الأصل (ثلاثة أنامل) والصواب ما أثبتناه من ع.
(5) - في الأصل (ستة أصابع) وقد آثرنا ما نقلناه من ع لكونه ينسجم مع المشهور في كون الأصبع لفظة مؤنثة وأما على من يبيح فيها التذكير فإن عبارة الأصل مقبولة.
(6) - في ع (قال ابن سحنون) عوض قال سحنون.(1/405)
[13/412]
ابن القاسم: إن قطعت اليد، فلا يزاد على دية اليد شيء، وإن قطعت الزائدة مع أصبع آخر، ففيهما دية أصبع، وإن قطعت الزائدة وحدها، ففيها حكومة. ثم قال ابن القاسم: إلا أن تكون هذه الزائدة كقوة سائر الأصابع، ففيها عقل تام.
قال ابن سحنون: قلت لسحنون: قال الشافعي فيمن له في يمنى يديه كفان أو يدان منفصلتان. قال سحنون: ما سمعت أن من مضى يتكلم في هذا، وما أحب أن أتكلم فيه بشيء، وأكثر ما تكلموا في أصبع زائدة، أو سن زائدة، ولم أر الأصبع تكون إلا مقلقلة زائدة، ولا تكون كسائر الأصابع. قال ابن سحنون: والقياس على قوله في الكفين؛ أن يكون الحكم للتي تبطش، وفيها القوة، وهي التي تكون في مخرج الساعد؛ ففيها/ القود في العمد، والدية في الخطأ، وفي الزائدة عليها حكومة، إذا لم ينقص قطعها من الكف الأخرى شيئا، فإن نقص منها شيئا، فله في الدية بقدر نقصانها، وإن كان يبطش بهما جميعا، إلا أن إحداهما خارجة من المفصل، وهي أقواهما؛ فلها الحكم في القصاص والدية، وفي الأخرى حكومة، وكذلك إن تساويا في البطش والقوة، إلا أن إحداهما مستقيمة على المفصل، فالحكم لها، فإن قيل: فإن كانت استقامتها على المفصل معاً، وهما في البطش والقوة سواء. فإني أخاف أن يكون هذا محالاً، فإن وقع ذلك فهما(1) بموقف كف واحدة، وفيهما جميعا دية يد واحدة، [وفي إحداهما دية نصف يد](2)، ولا قصاص في واحدة منهما، على انفرادها، وإن قطعتا جميعا، ففيهما القصاص، وفي قياس قول ابن القاسم، أن يجعل في كل كف منهما دية [الكف](3) كاملة، ويلزمه أن يجعل فيهما ألف دينار، وفي إحداهما خمسمائة.
وسحنون لا يرى في الأصبع الزائدة إلا حكومة وإن قطعت مفردة، إلا أن ينقص ذلك من قوة باقي الكف، فتكون فيه بقدرة(4). وإن قطعت مع الكف،
***
__________
(1) - في الأصل (فيهما) والصواب ما أثبتناه.
(2) - العبارة في ع على الشكل التالي (وفي إحداهما نصف دية اليد).
(3) - لفظة(الكف) ساقطة من الأصل.
(4) - حرفت في الأصل إلى قوله (مقدرة) والصواب ما أثبتناه من ع.(1/406)
[13/413]
ففي الجميع خمسمائة دينار. وقال بعض الناس في الكف ذات اليدين، إن قطعت واحدة: فلا تبلغ دية كف، [ولكن حكومة مجاوزة نصف كف](1). وإن قطعتا معا ففيهما دية كف؛ لا يزاد عليها.
في دية الذكر والأنثيين، والإليتين،
والتديين، والشفرين
من كتاب ابن المواز، قال أشهب: روى ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «في الذكر، الدية كاملة، إذا قطع»(2). وروى عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «في الذكر الدية إذا قطعت الحشفة». وقاله علي بن أبي طالب، وغيره وكثير من الصحابة والتابعين.
ومن كتاب ابن المواز، والمجموعة، قال ابن القاسم، وغيره، عن مالك: وإذا قطع بعض الحشفة، فمن الحشفة يقاس، فما نقص [منها](3)، فبحسابه، لا من الذكر، كما لو قطعت أنملة، [فبحسابها من الأصابع](4) وفي الذكر الدية؛ قطع/ من أصله، أو من الحشفة فقط، كما أن الأصابع [تفي بدية اليد، ولو قطعت من المنكب فديتها واحدة ثم إن قطع](5) باقي الذكر بعد الحشفة، ففيه حكومة، مثل ما يبقى من اليد بعد الأصابع.
قال: وفي الأثنيين الدية، فإن قطعتا مع الذكر في ضربة واحدة، ففي ذلك ديتان، وكذلك إن تفاوت القطع؛ كان قطع الذكر قبل الأنثيين، أو بعده.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين جاء في ع على الشكل التالي (ولكن حكومة تجاوز ديته نصف كف).
(2) - يوجد في موطإ الإمام مالك (باب ما فيه الدية كاملة من كتاب العقول).
(3) - كلمة (منها) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(4) - العبارة في ع (فإنما حسابها من الأصل).
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع هذا مع الإشعار بأن ترتيب الفقرة التي اشتملت على ما ذكرناه مختلف بين الأصل وع.(1/407)
[13/414]
[وذكر ابن حبيب عن مطرف، وابن الماجشون](1) أنه إن قطع الذكر أولاً، أو آخراً؛ ففي الذي قطع بعد، حكومة، بخلاف قول ابن القاسم(2): إن في ذلك ديتين؛ تفاوت القطع أو كان معاً. وقال أهل العراق: إن قطع الذكر قبل أو بعد، ففيهما حكومة. فإن قطع الجميع معا، فإن بدأ من أسفل، ففيهما ديتان، وإن بدأ من فوق الذكر، فدية وحكومة.
وأخذ ابن حبيب بأنهما إن قطعتا قبل الذكر(3)، فلا دية فيهما، وفي الذكر الدية؛ قطع قبلهما أو بعدهما. وإن قطع الجميع في ضربة واحدة(4)، ففي ذلك ديتان؛ كان القطع من فوق، أو من أسفل. ابن حبيب: وقيل: إن في اليسرى من البيضتين الدية كاملة، [وفي السفلى من البيضتين ثلثا الدية](5). وهو قول شاذ. ابن حبيب: روى ابن وهب أن عطاء قال في ذكر الذي لا يأتي النساء الدية كاملة، وكذلك في ذكر الشيخ الكبير الذي ضعف عن النساء. وقاله مطرف، وابن الماجشون، عن مالك. وبعد هذا باب في ذكر الخصي، والعنين، ولسان الأخرس، وشبهه.
ابن حبيب: روى ابن وهب أن عمر بن الخطاب قضى في شفري المراة الدية كاملة، إذا سُلبا، حتى يبدو العظم. وقاله مطرف، وابن الماجشون [في شفريها، وفي إليتيها](6)، وإن ذلك أعظم مصيبة عليها من ذهاب ثدييها، أو عينها،
***
__________
(1) - العبارة في ع جاءت على الشكل التالي (وقد ذكر ابن حبيب أن ابن الماجشون ومطرفا رويا عن مالك).
(2) - في ع (بخلاف رواية ابن القاسم).
(3) - في ع (إن قطعتا بعد الذكر).
(4) - في ع (في مرة واحدة).
(5) - عوضت العبارة الموجودة بين المعقوفتين في ع بقوله (وفي العليا من الشفتين ثلثا الدية).
(6) - في الأصل (في شفريها وفي اليدين وفي إليتيها) بإضافة اليدين والظاهر أن ذلك سهو من الناسخ لأن المؤلف سيقول بعد: فإن ذلك أعظم مصيبة من ذهاب ثدييها أو عينيها أو يديها. حيث جعل اليدين في مقابلة الشفرين والإليتين، لا ضمنهما.(1/408)
[13/415]
ويديها. وقال ابن القاسم، وابن وهب: في إليتي المرأة حكومة. وقال أشهب: فيهما الدية كاملة.
ومن المجموعة، وكتاب محمد، قال ابن القاسم: في إليتي المرأة الدية، كثدييها، بخلاف إليتي الرجل. وقد ذكرناه في الباب الأول.
ومن المجموعة/ قال ابن القاسم، في حلمتي المرأة؛ يقطعهما؛ فإن أبطل مخرج اللبن، ففيهما الدية. قال أشهب: إن كان ذلك أذهب سدادهما لمصدرها، ومالها لولدها، ففيهما الدية، وإن كان على غير ذلك، ففيهما بقدر شينهما وضررهما. ابن حبيب: قال مطرف وابن الماجشون: حد ما يوجب الدية فيهما، ذهاب الحلمتين، والصغيرة [والكبيرة فيه سواء، وليس يطمع في ثدي الصغيرة](1) بنبات، فتؤخر. وذكر مثله عن ابن شهاب(2)، وابن وهب، وقاله أشهب، في الصغيرة، في كتاب ابن المواز والمجموعة. قال في المدونة، عن ابن القاسم إن رجي لها نبات، استؤني بها لسن الصغير[وروى ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم أن يستأني بها لسن الصغير](3). قال أصبغ: يعني إن لم يتبين بطلانها، فإن تبين بطلانها، [فهي كالكبيرة في قوله. قال ابن المواز قال ابن القاسم إن استوفى أن قد أبطلها](4) فلها الدية، وإن شك، أوقف العقل، واستوني بها حتى تكبر، فإن برئت قبل الكبر، على قطع الحلمتين، فلا يدرى أتُمسكُ اللبن، أم أعطيت من الدية قدر ذلك القطع، وحبس ما أمسك منها، فإن أمسك اللبن بعد الكبر(5)، ردت ما أخذت على الجاني، وإن لم يمسك اللبن، أخذت ما بقي من الدية.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) - في ع (عن أشهب).
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(5) - في الأصل (بعد القطع).(1/409)
[13/416]
دية الموضحة، والمنقلة، والمأمومة، والجائفة،
وسائر شجاج الرأس، وفي الجراح، والكسر يبرأ
ويعود لهيئته أو على شين
وقد ذكرنا في الباب الأول أسماء شجاج الرأس، وما في ذلك من دية وحكومة، ذكرا مجملاً.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز قال ابن القاسم، وغيره، عن مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا، أن الموضحة، والمنقلة والمأمومة، لا تكون إلا في الرأس، [والوجه خاصة ولا تكون المأمومة إلا في الرأس] وما يصل إلى الدماغ، ولو بمدخل إبرة إذا خرق.
وقال أشهب: إنما الموضحة، والمأمومة، والمنقلة، في الرأس، وتكون في الوجه، فيما لو نقب منه وصل إلى الدماغ(1)، وليس الأنف، واللحي الأسفل من ذلك. قال أشهب: ولو ضربه، فأطار أنفه، ثم نقبت الضربة إلى دماغه، ففي ذلك دية وثلث، وكذلك لو وصل النقب إلى العظم؛ أعني عظم الوجه الذي تحت الأنف، فنقله ففيه دية منقلة ولو أوضحه ولم ينقله، كان فيه دية موضحة. ابن/ المواز: وإنما معنى قول مالك؛ ما كان من جرح في الأنف نفسه، لم يصل إلى ما ذكرنا(2).
قال: وما أوضح من العظم، وإن قل، فهو موضحة،[وكذلك ما تطاير عن العظم، وإن قل، فهو منقلة، إذا تيقن أنه من الفراش] (3). قال ابن وهب عن
***
__________
(1) - العبارة في ع جاءت على الشكل التالي(فيما لو نفذ منه وصل إلى الدماغ) (وآثرنا استعمال ما في الأصل لملاءمته مع ما بعده حينما سيقول المؤلف (ولو وصل النقب إلى العظم).
(2) - (في ع لم يصل إلى ما وصفنا).
(3) - ما بين معقوفتين عبر عنه في ع بالعبارة التالية (والمنقلة ما طار فراشها من العظم وأن قل إذا استوقن أنه من الفراش).(1/410)
[13/417]
مالك: والموضحة في الرأس والوجه من اللحي الأعلى وما فوقه، وليس في الأنف واللحي الأسفل موضحة، وفيه الاجتهاد.
ابن القاسم: في الخد الموضحة، وما أوضح منه من اللحي الأسفل، وسائر الجسد، فلا موضحة فيه، ولا منقلة، ولا مأمومة. وفيه الاجتهاد، إذ برئ على شين، [وكذلك قال فيه أشهب. وفي عظم الأنف قال ابن القاسم وإذا برئت موضحة الوجه على شين](1) زيد في عقلها بقدره. ولم يأخذ مالك بقول سليمان بن يسار: يزاد في موضحة الوجه ما بينهما وبين نصف عقلها. مالك: وما سمعت أن غيره قاله، وإنما يزاد فيها عندي، بقدر شينها، بالإجتهاد.
وفي المجموعة، وقاله ابن نافع؛ قال ابن وهب عن مالك: لا يزاد فيها شيء إلا أن يكون شيئا منكراً، فيزاد في ذلك. وقال أشهب: لا يزاد في شينها شيء؛ لأن فيها دية مؤقتة.
ومن كتاب ابن المواز، قيل: فإذا برئت موضحة الرأس أو الوجه، على شين، فقد اختلف فيها عن مالك؛ فقال: يزاد فيها لشينها بالاجتهاد بقدر الشين. وذكر قول بن يسار. وقال مالك(2): يزاد فيها للشين؛ زاد قليلا أو كثيراً، وبه أخذ ابن القاسم.
وقال أشهب، عن مالك في الزيادة، في شينهما: ما سمعت في ذلك إلا ما قال سليمان. قال أشهب: وكذلك أرى ألا يزاد فيها، على ما جاء عن النبي_ صلى الله عليه وسلم- وإن شانت(3)، وربما كانت قدر إبرة، فتكون فيها ديتها، وتكون شبرا، وفيها تلك الدية، وكذلك لا يزاد في شينها شيء، ولم يفرق تابعو المدينة بين موضحة الرأس والوجه في الدية. وقاله عمر بن عبد العزيز، وغيره.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) - في الأصل وقال ابن القاسم وفي ع وقال مالك وابن القاسم ولعل لفظة ابن القاسم أقحمت هنا سهوا لأن القول قول مالك وفي آخر الفقرة سيقول المؤلف (وبه أخذ ابن القاسم).
(3) - يوجد ذلك في صحيح الترمذي في أبواب الديات عند قوله ما جاء في الموضحة.(1/411)
[13/418]
قال: وإذا برئت، وعادت لهيئتها هذه الأربع جراح الموضحة، والمنقلة، والمأمومة، والجائفة، ففيها ديتها، [وكذلك لو شج ثانية في الموضع نفسه؛ لكان فيها ديتها ايضا](1).
وأما ما لم يأت فيه توقيت من الجراح،/ فإنما فيه بقدر شينه، إن برئ على شين، وإلا فلا شيء فيه، وكذلك ما كسر من يد أو رجل، فبرئ، وعاد لهيئته فلا شيء فيه.
قال مالك: [وإذا كان فيه برء على عثل](2)، فإن كان [مما فيه توقيت من السنة ففيه بقدر ذلك من ديته وما لم يأت](3) فيه توقيت، ففيه الاجتهاد. قيل لأشهب: روي عن عمر، أنه قضى في رجل كسرت رجله؛ بفريضتين. وقضى به عمر بن عبد العزيز، وقاله في اليد. قال محمد: إنه حكومة؛ لأنه روي عنه أيضا في اليد والرجل؛ تكسر؛ مائتا درهم. فكأنه اجتهد على حسب النازلة، وتفاوت الكسر. وروي عنه أيضا: إذا كسرت، ثم انجبرت على ما كانت، فليس فيها إلا عطاء الجابر. وهو قول عطاء، ومجاهد، والسبعة من فقهاء التابعين(4). قاله عنهم أبو الرناد، وقال عنهم: إن برئت الرجل أو اليد، على شين، ففيه الاجتهاد، وكذلك الشجاج التي دون الموضحة، وجراح الجسد التي لا توقيت فيها، تُبرأ على غير شين، ففيها عندهم أجر المداوي.
قال مالك: وإن ضرب رجلا عمدا، فشجه؛ بها موضحة، ومأمومة عمداً؛ قال: يقتص منه الموضحة وتعقل العاقلة دية المأمومة بعد البرء، وليس بين الجاثفة، والموضحة فصل عقل، والهاشمة؛ أن ينكسر العظم، ولا يخرج منه شيء، ولو خرج منه، كانت منقلة.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(2) - وردت العبارة في ع على الشكل التالي (وإذا برئ شيء من الجراح على عثل).
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(4) - في ع (من فقهاء تابعي المدينة).(1/412)
[13/419]
ومن المجموعة، قال ابن القاسم: وكل ناحية من الرأس سواء؛ في الموضحة وأكبر منها(1)، وحد ذلك منتهى الجمجمة، فإن أصاب أسفل منها، فهو من العنق؛ لا موضحة فيه. قال أشهب: كل ما لو نقب منه وصل إلى الدماغ؛ فهو من الرأس.
ومنه ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، وأشهب، وغيره، عن مالك، في الجائفة، إذا نفذت ففيها ثلثا الدية، دية جائفتين. قال ابن القاسم، في المجموعة: وهو أحب قولي مالك إلي. قال في كتاب ابن المواز، وهو لأشهب في المجموعة: ولكن لو انخرق ما بينهما، ما كان فيها إلا دية جائفة واحدة، كالموضحة؛ تعظم، فكشفت من قرنه إلى قرنه، وإن كان ذلك من ضربات، إلا أنه في فور واحد.
وكذلك المأمومة والمنقلة، ولو لم ينخرق الجلد، حتى يتصل ذلك، وإن كانت ضربة واحدة، واحدة، حتى تصير تلك الضربة مواضح،/ فإن كان ما بين ذلك ورم، أو جرح لا يبلغ العظم، أو صارت الضربة [مناقل، وما بين](2) موائم(3)، وما بينها مثل ذلك، ولم ينخرق ذلك، فله دية تلك المواضح، والمناقل والموائم.
قال أشهب: وقد قضى الصديق رضي الله عنه في جائفة نافذة، من الجانب الآخر(4)، بدية جائفتين، بعد البرء. وقاله مالك في العمد والخطأ، وإن كان روي عنه غير هذا. قال ابن القاسم، وأشهب، في الكتابين بقول مالك: [الذي فيه] أن فيها جائفتين. محمد: وقاله ابن عبد الحكم، وأصبغ. وفي الباب الأول من ذكر جراح الرأس ما ذكرنا فيه، من مجمل القول، وجرى في باب تنامي الجراح، [ذكر المواضح، والموائم، وفيه](5) بقية القول في الموضحة، والمنقلة، والمأمومة.
***
__________
(1) - في ع (وأكثر منها).
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ع.
(3) - في ع (مآميم) عوض موائم (وكلا اللفظتين جمع للمأمومة).
(4) - في الأصل (من الجانب الأيسر) والصواب ما أثبتناه من ع.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من ع.(1/413)
[13/420]
ابن حبيب: قال مجاهد: من أصيب بمأمومة؛ فأخبلت(1) الشق، أو كان إذا سمع الرعد، غشي عليه؛ ففيها الدية كاملة.
في دية العقل، ودية الصلب، وما تنامى
من ذلك إلى غيره
من كتاب ابن المواز: ومن ضرب، فذهب عقله، ففيه الدية كاملة، وروي ذلك للنبي- صلى الله عليه وسلم(2)-، وقاله عمر بن الخطاب، وغيره[وقال أشهب](3). قال مجاهد: وفي المأمومة ثلث الدية [فإذا خبلت شقة ففيها الدية كاملة](4)، وإن أذهبت عقله؛ ففيها الدية كاملة. محمد: ويكون ذلك على العاقلة، وإن كان عمدا؛ إذ لا قصاص فيه. قال أشهب: أما في تخبيل الشق، فإن أمات شقه؛ ففيه الدية كاملة؛ لأن ذلك أذهب يده، ورجله، وليس فيما حمل من بقية الشق شيء؛ لا حكومة، ولا غيرها، سوى اليد، والرجل، وإن دخل في ذلك السمع فصم؛ ففيه الدية أيضا كاملة، وكذلك البصر إن عمي، ففيه أيضا دية كاملة، وإن ذهب مع ذلك قوة ذكره؛ حتى يذهب منه أمر النساء؛ ففيه أيضا دية أخرى.
وقد جرى في الباب الأول والثاني مسائل من دية العقل.
ومن كتاب محمد، والمجموعة: وجرى منه في الباب الأول. قال مالك: في الصلب الدية. قال عنه ابن وهب، فإن برئ، وفيه انحناء أعطي(5) بقدر ذلك. قال ابن القاسم، وأشهب، في المجموعة: ومعناه في كتاب/ محمد: إنما تكون
***
__________
(1) - في الأصل (فأحبلت الشق) بالحاء المهملة والصواب ما أثبتناه.
(2) - رواه الإمام مالك في موطئه في كتاب العقول باب ما جاء في عقل الشجاج.
(3) - (وقال أشهب) ساقطة من الأصل.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(5) - كلمة (أعطي) ساقطة من الأصل.(1/414)
[13/421]
الدية في الصلب، إذا أقعده، فلم يقدر على القيام. قال أشهب: وما نقص من قيامه، فبقدر ذلك(1).
قال ابن القاسم: وإن مشى على شين أو حدب، ففيه الاجتهاد، بقدر ذلك من الدية؛ مما ذهب من قيامه. قال أشهب، في كتاب ابن المواز: فإن كسر الصلب، فأقعد ثم برئ، وعاد لهيئته، فلو رأيت فيه القصاص، لوجب عليه القصاص، ولكنه لا قصاص فيه؛ لأنه متلف [فهو كالخطإ](2)، فإن برئ، وعاد لهيئته، فلا دية عليه، ولا قصاص إلا الأربع الجراح التي ذكرنا؛ في الرأس؛ فإن فيهن ديتهن، وإن برئن.
وجرى في الباب الثاني ذكر دية العقل؛ تؤخذ، ثم يعود عقله. ابن حبيب: قال ابن الماجشون: وفي الصلب ثلاث وثلاثون [فقارة، فإذا كان في الصلب الدية؛ ففي كل فقارة ثلاثة](3) من الإبل. فقال: إنما الدية في الصلب، إذا انكسر، فلم يقدر على الجلوس. وإذا نقص جلوسه؛ فبقدر ذلك من الدية. وإن عاد لهيئته؛ فلا شيء فيه غير الأدب في العمد.
فيمن أصيب بجرح عمداً، أو خطأً، فتنامى
إلى ما هو أكثر منه، أو تنامى إلى النفس
بعد قود أو عفو أو قبل ذلك، وفي تنامي
جرح المستقاد منه
من المجموعة: ابن وهب، وعلي، في جراح العمد، ينتشر، وتعظم الجراح، فليس عليه قود، إلا مثل ما أصاب، وليس عليه فيما انتشر قود، [إلا العقل](4)،
***
__________
(1) - في ع (فبحساب ذلك).
(2) - (فهو كالخطإ) ساقطة من الأصل.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(4) - في ع (وإنما فيه العقل).(1/415)
[13/422]
إلا أن ينتهي إلى النفس فيقتل فيه بقسامة. قال ابن الماجشون: والفرق بين التنامي إلى النفس [وما يزيد من الجراح](1) إلى غضوان النفس، لا بعض فيها للقود. والجرح فيه للقود بعض، فليجعل الجديد موضع جعله الأول.
ومن العتبية(2)، روى عيسى عن ابن القاسم فيمن جرح رجلاً عمداً، فأحد حتى برئ، فاقتص من صاحبه، ثم انفجر جرح الأول، فمات. قال: يقسم أولياؤه: لمات منه. ثم يقتلون جارحه. وإن كان قد اقتص، فلا يكون له من الجروح شيء.
ومن العتبية(3) قال/ ابن القاسم، وأشهب: ومن قطع يد رجل عمدا أو خطأً، فعفا عنه، ثم مات من القطع، فإن عفا عن الجرح، لا عن النفس؛ ففيه القود من النفس؛ في العمد، والدية في الخطأ، وذلك بالقسامة. قال أشهب: ولو قال في عفوه: عفوت عن الجرح، وعن كل ما ترامى إليه. فذلك لازم، ولا قود فيه ولا دية [إذ أخرجت الدية من ثلثه].
قال علي عن مالك: إذا شجه في حاجبه عمداً فانتشرت(4)، فأذهبت عينه؛ فإنه يقاد منه بالشجة، وتعقل بالعين.
قال ابن القاسم، وابن وهب، وغيره عن مالك: وإذا اصاب أنملته عمدا، فأذهب أصبعا أو أصبعين، أو شلت يده، ثم برئ فإنه يقاد منه بالأنملة، ثم يتربص به، فإن تنامى ذلك إلى ما بلغ الأول فأكثر، برئ الجاني، وإن نقص عن ذلك، عقل له ما بقي، فإنه لأمر مختلف فيه، وهذا أحب ما فيه إلي.
ومن كتاب ابن المواز: والفرق بين تنامي الجرح إلى النفس، فيقتل به، ولا يقتص فيما يتنامى إلى غير النفس، وذلك أنه إذا بلغ النفس، اقتص من النفس،
***
__________
(1) - العبارة في ع (وبين التنامي في الجراح).
(2) - البيان والتحصيل، 16: 126.
(3) - البيان والتحصيل، 16: 120.
(4) - في الأصل (فانتزعت) وهي محرفة عما أثبتناه.(1/416)
[13/423]
وسقط كل جرح، ويعود نفساً، وكذلك قصاص النفس، تسقط كل جرح عليه لغيره. ولو قطعت يداه ورجلاه(1) ثم ترامي ذلك، فمات. لم يكن لهم عليه دية الجوارح، حتى يقسموا: أنه مات من جراحه. فيأخذوا ديتين. فإن نكلوا حلف القاتل وولاته خمسين يمينا: أنه مات منها. ولو مات مكانه، كانت نفسا، وسقطت الجراح، فيقتص بالعقل في العمد، وتكون الدية على العاقلة في الخطأ.
وفي الباب بعد هذا ذكر التنامي في العبد، يجرح ثم يموت من ذلك، وقد أعتق.
ومن المجموعة، قال ابن القاسم، وأشهب: وإذا اوضحه عمدا؛ فأذهب سمعه وبصره، فإنه يقاد له من الموضحة، فإن بلغت(2) إلى مثل ذلك، فلا شيء له، وإن لم يذهب سمعه ولا عقله ولا بصره، كانت دية العقل والسمع والبصر في مال الجاني.
ومن كتاب ابن المواز، قال أشهب: يكون/ له دية السمع، والعقل على العاقلة، وكذلك لو تنامت إلى ذهاب يد أو رجل. قلت لمحمد: فقد قلت عن ابن القاسم، وأشهب: إنه إن قطع له أصبعا، فشلت يده؛ أنه يقطع له أصبع، فإن شلت يده، وإلا كانت له دية في اليد؛ في مال الجاني. قال: أما ابن القاسم، وعبد الملك، وأصبغ؛ فيجعلون ما ترامى إليه العمد، ما بقي من ذلك، بعد القصاص؛ لأن العمد جره.
وقال أشهب: إذا ترامى جرح إلى مزيد؛ فيه نفسه، مثل أن لو كان خطأ، لم يكن فيه دية جرحين، ولكن يكون فيه دية جرح واحد، وهو الأكثر. وهذا يكون ما تنامى إليه في ماله، وأما إن تنامى ذلك إلى جارحة أخرى، فذلك التنامي على عاقلته، وجعله كالعمد الذي لا يقدر على القصاص منه، وهو في الجاني قائم.
***
__________
(1) - في النسخ كلها (ولو قطعت يديه ورجليه) والصواب ما أثبتناه.
(2) - في ع (فإن تنامت).(1/417)
[13/424]
قال محمد: وأحب إلي أن يكون في ماله؛ لأن العمد جره. ولو كان على غيره، لكان إذا ترامى إلى النفس، كان ذلك على العاقلة، وهذا لا يقوله أحد، ولابد فيه من القصاص- يريد بقسامة- [لأن أصله عمد](1).
وقاله أشهب، وأصحاب مالك؛ في جرح العمد في اليد؛ تنامى إلى شلل اليد إن تنامى ذلك في ماله، ولكن يفدى له من اليد، فإن شل ساعده برئ، وإلا كان للأول، بقدر ما زاد شلله على الثاني.
وأما أنا؛ فليس له إلا دية جميع اليد بعد البرء، كما لو قطعها كلها.
ومن المجموعة، قال أشهب: وإذا شجه مأمومة، فتنامى ذلك إلى ذهاب سمعه، وعقله، وبصره، وغير ذلك، ولو كان ما تنامى إليه عشر ديات؛ فله دية ذلك كله، ما بقيت النفس، فإن زهقت النفس، فليس له إلا دية النفس.
قال المغيرة: إذا ذهب بالمأمومة عقله، فله الدية في العقل، وثلث الدية بالمأمومة، وكذلك إن سقط شقة منها، كان له عقل ما أصاب من يده، ورجله، سوى عقل المأمومة.
قال أشهب: إذا أصاب يده؛ من الكف عمدا، ثم يبست يده من ذلك؛ فليفد من كفه، فإن يبست أيضا، فذلك بذلك، وإن لم تيبس،/ فله بقدر الشين الذي أصابه.
قال ابن القاسم: وإذا قطعت يده، فأخذ عقلها، أو صالح منها، ثم تآكلت إلى العضد، فلا شيء له إلا ما أخذ؛ لأنه قد أخذ ما وجب له، أو صالح. وكذلك روى عيسى، عن ابن القاسم، في العتبية(2).
قال ابن القاسم، عن مالك، في الكتابين: وإذا شجه موضحة عمدا، ثم صارت منقلة عند العلاج، فإنه يقتص من موضحته بعد البرء، ويعقل ما بين
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) - البيان والتحصيل، 16: 141.(1/418)
[13/425]
موضحة ومنقلة؛ فإنه يخاف أن يكون العلاج هشم منها شيئا، ولو علمت أنها منقلة من أولها، لم يكن فيها إلا ما في المنقلة. وكذلك الملطاة والباضعة، والدامية خطأ ينتشر، ويستغور حتى تصير موضحة، ففيها ما في الموضحة.
وقاله المغيرة، وعبد الملك، في ترامي موضحة العمد، إلى منقلة، وذلك عشر الدية، وكذلك إن ترامت إلى ذهاب سمعه، أو عينه، أو شلت يده، فله عقل التنامي كله.
قال المغيرة، وعبد الملك، في تنامي الموضحة إلى منقلة، أو مأمومة: فذلك يفترق من تناميها، إلى ذهاب العين، ونحوها؛ لأن تلك الشجاج، بعضها من بعض، فكأنه شجة أكبر من شجه، فيدفع عقل الصغرى إلى الكبرى- يريد في الخطأ- وإن أقيد بالصغرى في العمد، عقل ما بينهما، وأما العين، وغيرها؛ تذهب لذلك، فيؤخذ عقلها تاما، والجرح الأول إن كان عمدا، قيد منه، وإن كان خطأ، كان له عقله على حدثه.
قال المغيرة، في كتاب ابن سحنون: إذا جرحه منقلة عمدا، فأذهبت عينه، فليحلف؛ أن عينه منها ذهبت قبل المنقلة، ويكون له عقل المنقلة والعين؛ في ماله. وما عجز ماله عنه من ذلك، حملته العاقلة؛ قل أو كثر.
قال ابن القاسم، وغيره في كتاب ابن المواز، عن مالك: إن تنامت الموضحة الخطأ، إلى المنقلة، وإن أصيبت من ذلك عين(1)، فليعقل الموضحة، وعقل العين.
ومن المجموعة، قال عنه ابن وهب: وإنما يكون منقلة؛ من شق يكون في العظم، فإذا أصابه الدواء، خرج العظم، فصارت منقلة.
***
__________
(1) - في النسخ كلها (عينا) بالنصب والصواب ما أثبتناه.(1/419)
[13/426]
قال عنه أشهب، وابن نافع/ فيه، وفي العتبية(1) [فإذا جرحه ملطاة عمداً، فلا يقاد له إلا من ملطاة، فإن صارت موضحة، عقلت له الموضحة](2)، قيل أتعقل له الموضحة كلها، أو ما بين الملطاة، وموضحة؟ فوقف.
قال ابن نافع وعبد الملك، في المجموعة يعقل له الموضحة كلها، إذ ليس دونها عقل. ومن المجموعة قال ابن الماجشون أيضا: ينظر ما يكون في الملطاة خطأ، فيعطى ما بين ذلك، وبين عقل الموضحة.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك، في الملطاة عمداً، تصير موضحة: أنه يقاد منها ملطاة، فإن صارت موضحة، عقل له ما بينهما، وإن كانت خطأً، ففيها العقل كله.
قال سحنون: في كتاب ابنه مثل هذا، وأنكر قول ابن نافع في العمد؛ إذ قال: يقاد له من الملطاة، فإن صارت موضحة، عقل له عقل موضحة(3) كاملة. قال سحنون: بل له ما بينهما، كقول مالك، في حافر البئر على الجعل؛ يحفر بعضه، ثم يتركه، ثم يستأجر ربه آخر على تمامه: إن للأول من جعله الأول، بقدر ما حفر أولاً. وكذلك الملطاة، إن برئت على شين، بعد أن تؤخر سنة، فيقال: ما قدر ذلك الشين؟ فإن قيل: عشرة. رجع عليه بأربعين؛ أربعة أخماس الدية الموضحة. وقاله ابن سحنون على اختلاف من قوله فيه.
ومن المجموعة، قال أشهب: وإن أصابه بهاشمة عمداً، [فإن بدا لمنقلة الهشم](4)، فليستأن به(5)، فإن برئ، وقد تنقل العظم، فهي منقلة، لا قود فيها،
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 99.
(2) - ما بين معقوفتين جاء في الأصل وع مضطربا وقد صححناه من البيان والتحصيل لينسجم مع سياق الكلام.
(3) - في ع (وإلا فله عقل موضحه).
(4) - ما بين معقوفتين أثبتناه من ع وهو مضطرب في الأصل.
(5) - (فليستان به) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.(1/420)
[13/427]
وفيها ديتها؛ عمداً كانت أو خطأً. وإن لم ينتقل العظم، فهي موضحة، إنما عقلها في الخطأ، وله القود في العمد.
قال سحنون: وإذا كان أولها هشم معروف، فلا قود فيها. قال أشهب: وإن استقيد منه بهشم لقوده، مثل ما هشم الأول، أو أكثر، فذلك بذلك. وإن لم يصبه في القود هشم، فلا شيء للمستقيد، إذ لا فصل عندنا بين الموضحة، والهاشمة في العقل إذا لم ينتقل العظم، وكل ما كان في هذا من جراح الجسد، أو اللحي الأسفل، فلا يبالي؛ [انتهى إلى المنقلة أو لم ينته](1). فإن برئ، وعاد لهيئته، فلا شيء فيه، وإن كان عمدا فيما يستقاد/ منه، أقيد، ترامى إلى أكثر من الأول أو إلى مثله، وإن برئ على عثم، ولم يبر المستقاد منه على عثم مثله، فعلى المستقاد منه قدر الشين، وإن كان مما لا يستقاد في عمده، وبرئ المجروح الأول، بلا شين، فلا عقل فيه، ولا قود، وفي كتاب ابن المواز مثل معناه من أول المسألة، وزاد، فقال: وكذلك لو قطع [أذنه أو قطع](2) سنة. [فاستقاد منه ثم إن المستقاد منه رد أذنه أو سنة](3)، فنبتت، ولم يفعل ذلك الأول، فإن له رد ذلك(4) على المستقادرمنه في ماله.
ومن كتاب ابن المواز: وقال في موضحة عمدا لا هشم فيها، تنقلت على الدواء، واختلف قول مالك فيها؛ فقال مرة: يقاد منه(5)، فإن تنقلت، أو زادت(6) برئ، وإلا فله ما بين موضحة، ومنقلة؛ عشر الدية. قال مالك: وإنما يقاد من الجرح الأول، لا تناميه، إلا أن يتنامى إلى النفس، فيقاد للنفس بقسامة، ولا قسامة في الجراح.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين مثبت من ع والعبارة في الأصل جاءت على الشكل التالي (أيتها انتقل أولم ينتقل).
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(4) - في ع (فإن له دية ذلك).
(5) - العبارة في ص (فقال مرة ينقاد منه) وقد أثبتناه ما في ع.
(6) - في الأصل (أو أرادت) والصواب ما أثبتناه من ع.(1/421)
[13/428]
محمد: وهو قول مالك وأصحابه: إنه لا يستقاد من التنامي. قال عنه أشهب: إن تنامى المستقاد منه، إلى [مثل](1) ما تنامى الأول فأكثر، فذلك بذلك، وإن نقص عنه عقل له ما بين ذلك، ولو مات المستقاد منه، فلا شيء على المستقيد. قال ابن القاسم: وكذلك لو اقتص منه تعديا بلا سلطان، لم يلزمه غير الأدب. محمد: والقول الآخر لمالك، في موضحة العمد، تصير منقلة: إن القود يرتفع، ويأخذ عقل منقلة. قال: لأني أخاف أنها كانت منقلة من الأول؛ لأن الدواء لا ينقل العظم، أو لأن الضربة هشمت العظم أولاً، وإلى هذا رجع مالك، وهو أحي إلي، وهي خلاف غيرها من الجراح، وقد اخترتك بقول أشهب، وعبد الملك.
وذكر في العتبية(2) من سماع ابن القاسم، اختلاف قول مالك فيها. قال ابن القاسم: ولم يزل مالك يقول: لا قصاص له، وله عقل المنقلة. وقال سحنون. يقاد له من موضحة، ويعقل له ما بين موضحة، ومنقلة. قال: وهو قول ابن القاسم. قال سحنون: وقولي أن كل جرح تفرغ بعضه في بعض مثل ملطاة تصير موضحة، أو موضحة تعود منقلة، أو منقلة تصير مأمومة- يريد في الخطأ- فليحكم فيه بما ترامى إليه، فإن أفرغت إلى غير ذلك؛ من ذهاب عين، أو شلل يد، حكم له/ بحكم الجرحين.
قال ابن المواز: وقال مالك في الملطاة، والباضعة، والدامية- يريد الخطأ- ستغور، فتعود موضحة(3)، ففيها عقل موضحة. وكذلك موضحة تصير منقلة، فإن فيها عقل المنقلة، وهو الأكثر. ولو ذهبت منها عينه، أخذ العقلين [جميعا](4)، وإذا قطع يده، وأشل ساعده(5)، فإن كان خطأً، فليس له إلا دية [اليد](6) بعد
***
__________
(1) - لفظة (مثل) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(2) - البيان والتحصيل، 16: 83-16-106.
(3) - كذا في الأصل والعبارة في ع (فتصير موضحة).
(4) - لفظة(جميعا) ساقطة من الأصل.
(5) - في الأصل (وإذا قطع يده قبل ساعده) وقد أثبتنا ما في ع.
(6) - لفظة (اليد) ساقطة من الأصل.(1/422)
[13/429]
البرء، كما لو قطعها كلها. وأما في العمد، فليقتص من الكف، فإن شل ساعده(1)، وإلا كان للأول بقدر ما زاد منه على الثاني(2).
في تنامي الجراح، في العبد، والنصراني،
وكيف إن أعتق هذا، وأسلم هذا،
بعد التنامي إلى جرح أو نفس(3)
من كتاب ابن المواز، وكثير منه من كتاب ابن سحنون: قال: وإن شج عبد عبداً، فتنامى الجرح إلى أكثر منه، فهذا كالحر، إن شاء سيده القود منه، أقيد منه، فإن تنامى إلى مثل ذلك، وإلا كان ما بينهما في رقبة [العبد](4)، مثل أن يكون ملطاة، فيصير موضحة، أو منقلة، أو مأمومة، فيكون له عقل ما زاد على الملطاة، من حر قيمته. إما فداه سيده، أو أسلمه(5)، وكذلك الجائفة. وكذلك لو شجه موضحة، فصارت منقلة، أو مأمومة؛ اقتص له من الموضحة.
قال سحنون: فإن لم يرد سيده، أخذ نصف عشر قيمته. [قال ابن المواز: ثم كان له ما بقي في رقبته على هذا؛ لأن له في المأمومة ثلث قيمته، إلا ما استوفاه سيده، في الموضحة، فيزول من ثلث قيمته نصف عشر قيمته،](6) ولو تنامى إلى جرح آخر، مثل أن يذهب من الشجة عينه، أقيد من الجشة، فإن ذهبت عين المستقاد منه، وإلا كان له عقل العين كلها في رقبته، فإما فداه أو أسلمه، ولو عتق المجروح بعد الجرح، وقبل التنامي، فلا تكون دية، ولا قصاص، إلا بعد البرء، فيكون للسيد ما بلغ جرحه إلى أن عتق، ويكون ما يتنامى بعد ذلك بحساب دية حر؛ يكون للعبد المعتق.
***
__________
(1) - جملة الشرط (فإن شل ساعده) بقيت بدون جواب سواء في الأصل أو في ع.
(2) - العبارة في ع (بقدر ما زاد شينه على الثاني).
(3) - كذا في الأصل والعبارة في ع (بعد التنامي إلى جرح آخر أو إلى النفس).
(4) - لفظة (العبد) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(5) - العبارة في الأصل (إما فداه به أو أسلمه) وقد أثبتنا ما في ع.
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.(1/423)
[13/430]
وكذلك قال سحنون في العتبية(1). قال في كتاب ابن المواز: وإذا تنامت الشجة بعد العتق؛ إلى ذهاب العين، فإن للسيد القصاص من الشجة. فإن شاء طلب ما نقص من قيمته عبداً. وللعبد/ المعتق في العين، دية عين حر؛ في مال الجاني، إن كان حراً، وفي رقبته إن كان عبداً، دية العين كاملة، بخلاف الجرح يتنامى إلى غير جرح ثان، مثل أن يجرحه باضعة، فيتنامى بعد العتق(2) إلى منقلة. كان ما ينقصه الباضعة، للسيد إن لم يستقد منه، ويسقط من دية منقلة حر، ويأخذ المعتق ما بقي؛ بخلاف العين واليد، فأما لو أعتق الجارح قبل التنامي، لم يتغير الحكم، ويقتص منه(3) سيد المجروح، إن شاء، [ويأخذ عقل التنامي ويحلف سيده أنه ما أعتقه ليحمل عنه شيئا، ثم يرد عبداً فيقتص منه](4) ثم يخير سيده؛ في فدائه بالتنامي، أو يسلمه به، فإن فداه، عتق، وإن أسلمه، عتق. وإن لم يحلف خرج العبد حرا، وغرم سيده التنامي، أو يسلمه، ويقتص منه سيد المجروح، إن شاء، وهو [حر](5)، ولو حلف، وأسلم العبد بالجرح والتنامي، وكان التنامي بعد عتق المجروح أيضا؛ فإنه يكون العبد المسلم بين العبد المعتق، وبين سيده. فإن كان جرحه [بعد عتق المجروح أيضا فإنه يكون العبد المسلم بين المجروح المعتق وبين سيده وإن كان جرحه](6) موضحة، فتنامى بعد العتق إلى منقلة؛ فللسيد في [العبد](7) المسلم نصف [عشر](8) قيمة المجروح؛ عبداً. وللمجروح المعتق ثلثا منقلة حر، فيضربان(9) في العبد بقدر ذلك، وإن كان
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 86.
(2) - (بعد العتق) كتبت في الأصل بعد العين.
(3) - كتبت في الأصل (ونقص منه) وذلك تحريف واضح.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(5) - لفظة (حر) ساقطة من الأصل.
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(7) - لفظة (العبد) ساقطة من الأصل.
(8) - لفظة (عشر) ساقطة من ع مثبتة من الأصل.
(9) - في الأصل (فيصيران) وقد أثبتنا ما في ع.(1/424)
[13/431]
بينهما. ولو تنامت هذه الموضحة إلى زوال عينيه(1)؛ لضرب في الجارح سيد المجروح نصف عشر قيمة العبد، ويضرب فيه الجريح المعتق بدية عين حر.
قال: ولو نكل سيد الجارح؛ ففداه؛ فعتق عليه؛ فإنه يسلم سيد الجارح إلى سيد المجروح نصف عشر قيمة رقبته عبداً، أو يسلم إلى المجروح [المعتق](2) عقل عين حر، وفي المنقلة ثلثي عقل منقلة، ولو تنامى إلى نفسه، فليس لسيده ها هنا من الجرح شيء؛ لأن الجارح صار قاتلا خطأً، بضربة العمد، وسقط القود حين لم يقف الجرح جرحا.
قال: و[لو](3) إن عبدا معتقا إلى أجل، جرح، فحل الأجل، فصار حرا، ثم مات من الجرح، فليس على جارحه قود في جرح، ولا دية جرح، جرحه حر، أو عبد، ولا لسيده دية جرح، ولا قصاص له؛ لأن الجرح سقط، وصار قتلا، ويصير فيه دية حر مسلم، من مال قاتل.
وكذلك النصراني؛ يجرح، ثم يسلم، ثم يموت؛ فإن ديته لورثته الأحرار المسلمين؛ دية حر، [إلا أن يكون قاتل العبد عبداً، فيقتل به؛](4) بالقسامة. وكذلك إن مات النصراني؛ من جرحه، وهو/ مسلم وجارحه؛ [نصراني](5) فإنه يقتل به بالقسامة، وإذا ترامى جرحه، إلى ذهاب [عينه](6) بجرحه، فلا يقال: إنه تعمد ذهاب عينه. وإن ترامى إلى النفس، فقد قتله، ولولا أنه قتله، لم يقتل به.
قال ابن المواز: سمعت ابن عبد الملك، يقول هذا ونحوه. قال أصبغ، عن ابن القاسم، في العبد، يجرح، فيعتقه سيده(7)، ثم يموت من جرحه: إن ورثته
***
__________
(1) - العبارة في ع (إلى ذهاب عينيه).
(2) - لفظة (المعتق) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(3) - لفظة (لو) ساقطة من الأصل.
(4) - ما بين معقوفتين جاء في الأصل على الشكل التالي(إلا أن يقول قاتل العبد عمدا فيقتل به) والصواب ما أثبتناه من ع.
(5) - لفظة (نصراني) ساقطة من الأصل.
(6) - لفظة (عينيه) ساقطة من الأصل.
(7) - حرفت في الأصل إلى قوله (ويقتل سيده) والصواب ما أثبتناه من ع.(1/425)
[13/432]
يقسمون، ويستحقون ديته في مال الجارح. وبلغني أن ابن القاسم: يمين واحدة(1). قال ابن القاسم: وقال بعض الناس: إن فيه عقل عبد. وهو قول بعض العراقيين. قال أصبغ- وهو قول أشهب-: فيه دية عبد، وجرح عبد. وهو القياس، ولا أقوله.
وقال [ابن القاسم](2) وابن عبد الحكم، في العبد، والنصراني؛ يجرحان، ثم يعتق هذا، ويسلم هذا، (ثم يتنامى الجرحان؛)(3). فيموتان. فإن الحكم؛ فيه يوم جرح، لا يوم يموت؛ فجرحه جرح عبد وجرح نصراني. وذهب ابن القاسم؛ أن عقله عقل حر مسلم، وترثه ورثته، الأحرار، ولا تجب ديته إلا بقسامة ورثته الأحرار، لمات منها، ولهم الدية في ماله؛ ألف دينار؛ في العمد. والخطأ لا شيء فيه على العاقلة. وقاله عبد الملك، وأصبغ.
قال ابن القاسم: ولم أقتله في العمد(4) لعظم القتل، وما دخله من الشبهة. ولو قال قائل: فيه دية عبد، لوجد مطعنا، ولا أرى في عمده وخطئه، إلا الدية بقسامة، لأنه قد عاش.
ابن القاسم: ولو كان قد أنفذ الجارح مقاتلة، ثم أعتقه [سيده](5)، ثم مات. قال: هو سواء، وفيه دية حر، ويورث بالحرية. وقال أشهب، في مسلم جرح نصرانيا، ثم أسلم، ثم ترامى جرحه، فمات: إن ديته دية نصراني، في مال الجارح يأخذها أولياء النصراني.
ومن كتاب ابن سحنون، عن أبيه؛ قال ابن القاسم، فيمن قطع يد عبد، ثم عتق، ثم مات؛ فلا قود فيه، وفيه دية حر بقسامة؛ في مال الجاني حالة. وقال
***
__________
(1) - حرفت في الأصل إلى قوله (تصير واحدة) والصواب ما أثبتناه من ع.
(2) - (ابن القاسم) ساقطة من الأصل.
(3) - في الأصل (ثم يترامى الجرحان) ولعله تحريف عما أثبتناه وعوضت هذه العبارة في ع بقوله (فينزيان في الجرح).
(4) - في الأصل (وإلا قتله في العمد) وقد أثبتنا ما في ع.
(5) - كلمة (سيده) ساقطة من الأصل.(1/426)
[13/433]
أشهب: فيه قيمة عبد؛ لمعتقه. ابن القاسم: وكذلك النصراني؛ يسلم بعد أن جرح، ثم يموت؛ من ذلك؛ ففيه دية حر، يصاب، بجرح، ثم يحل الأجل، ثم يموت؛ فإنما فيه/ قيمته يوم جرح لسيده، عند أشهب.
ومن ضرب بطن أمة؛ قد أعتق ما في بطنها؛ فألقته ميتا؛ ففيه عقل جنين الأمة في قول جميع أصحابنا. وإن استهل؛ ففيه دية حر بقسامة [عند ابن القاسم](1). ولا قود فيه، وإن تعمد الضرب. وقال أشهب: بل فيه قيمة [عبد](2)؛ لمعتقه. وأما العبد شجه عبد، أو حر؛ موضحة، ثم يعتقه، ثم يموت منها، ففيه دية حر بقسامة.
قلت لسحنون: قال بعض الناس- يعني الشافعي-: تكون لسيده دية حر؛ في مال الجاني، [ويغرم للجاني دية نفس](3)؛ في ماله، يأخذ منها السيد دية الجرح؛ إن كان قطع اليد أخذ في ذلك نصف قيمة العبد، يوم جني عليه، ما بلغت. وما بقي، لورثته. وإن كان نصف قيمته أكثر من دية، أخذ السيد جميع الدية، وبطل ما زاد؛ لأنه مات حرا، فليس فيه أكثر من دية، أخذ السيد جميع الدية، وبطل ما زاد؛ لأنه مات حرا، فليس فيه أكثر من دية حر. وكذلك في غير اليد، من الجراح. قال سحنون: السنة تدل على خطأ هذا؛ لأن الناس لا يختلفون، أن كل جرح تنامى إلى النفس، أن الأمر يرجع إلى النفس، ويبطل الجرح، ولا يكون في النفس دية جرح ونفس. وكذلك أجمعوا في قطع اليد(4)، ويموت منه؛ أنه يبطل حكم اليد، ويصير القصاص في النفس؛ فيلزمه أن يوجب القصاص في اليد؛ في العمد، أو الدية في الخطأ، ويوجب دية النفس بعد ذلك. وقد ناقض في إسقاطه ما زاد على دية النفس، في قيمة يد العبد، عنده إن كان قيمة نصفه يوم القطع ألفين(5)، فلم أسقط بقية القيمة، إن كان حكم اليد قائما؟ فليستوعب ديتها، وإلا ناقض.
***
__________
(1) - (عند ابن القاسم) ساقطة من الأصل.
(2) - لفظة (عبد) ساقطة من الأصل والعبارة في ع (بل قيمته لمعتقه).
(3) - ما بين معقوفتين مثبت من ع والعبارة في الأصل (ويغرم الجاني دية حر).
(4) - في الأصل (اجمعوا في قطع العضو) وأثبتنا ما في ع لتلاؤمه مع سياق الكلام.
(5) - في الأصل (ألفان) والصواب ما أثبتناه.(1/427)
[13/434]
قلت: تقول في حر أوضح عبدا خطأً، ثم عتق، ثم ذهبت منها عينه: إن أرش الموضحة لسيده، وله هو دية عين حر. قال: هذا جرح أفرغ إلى جرح، ولو أفضت الجراح إلى النفس، بطلت الجراح في إجماعنا.[ولا يزاد في الحر تفرغ موضحته عمدا إلى زوال العين، وإن استقيد من الموضحة](1) فإن تنامت إلى العين، وإلا عقلت العين. قال: ولو نكل ولاة الدم(2) في المعتق، عن القسامة، لم يكن لهم عقل اليد، وذلك لسيده.
وذكر ابن سحنون عن أبيه، في عبد شج عبدا، موضحة عمدا، ثم عتق المجروح، أو كان معتقا إلى أجل، ثم تنامت إلى منقلة. مثل ما ذكر ابن المواز/ في أول الباب؛ أن لسيده أخذ أرش الموضحة؛ نصف عشر قيمته، إن لم يرد القود، ويكون ما زادت موضحة عبد إلى منقلة حر، ومأمومته للمجروح، وأما إن ذهبت منها عينه، فبخلاف ذلك وهذا للمعتق دية عين عبد كاملة، في رقبة الجاني، ولو شاء السيد القود من الموضحة، فله ذلك، ثم إن تنامى ذلك، إلى ما تنامى الأول، فلا شيء للمعتق، وإن يتنام، كان للأول ما ذكرنا. وإن لم يرد القود، فالجاني مرتهن بنصف قيمة المجني عليه؛ في الموضحة، ودية عين حر، فإن أسلمه سيده، تحاصا فيه؛ المعتق، وسيده؛ بقدر ذلك، ولو أعتق الجارح، فذكر مثل ذكر ابن المواز سواء.
قال ابن سحنون: ولو كانت الموضحة خطأ، تنامت بعد عتق المجروح، إلى منقلة، أو مأمومة، كان على أصله؛ لا شيء لسيد المجروح، وتبطل الموضحة، ويصير للمعتق عقل منقلة، أو مأمومة، إن كانت. وأما إن تنامت إلى عين، فها هنا للسيد نصف عشر قيمته، وله هو دية عين حر، ويصير الجارح بذلك رهناً.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين أثبتناه من ع والعبارة في الأصل جاءت على الشكل التالي (أولا يرى الحر تفرع موضحته عمدا إلى زوال العين إنما يستفيد من الموضحة) وقد آثرنا ما في ع لوضوحه.
(2) - كذا في الأصل والعبارة في ع (ولو نكل ولاة المعتق).(1/428)
[13/435]
وفي الجزء الثاني، وهو كتاب القصاص، باب في النصراني والعبد؛ يجني جرحا، أو قتلاً، ثم يسلم، أو يعتق بعد ذلك؛ فيه بقية معاني هذا الباب، وفيه ما تكرر فيها.
فيمن أصيب بجراح؛ في ضربة واحدة؛
من يد، أو أيد
من المجموعة، قال ابن وهب، عن مالك: المجتمع عليه عندنا؛ أن في النفس دية واحدة، وإن تفرقت في جسده الجراح، بيد واحدة أصابته، أو أيد متفرقة، مثل أن يشج مأمومة، وتقطع يده ورجله؛ ففي ذلك دية وثلث.
قال في موضع آخر: فإن مات من ذلك، بطلت الجراح، وصارت نفساً.
قال سحنون، في كتاب ابنه: ولم يختلف؛ أن الجراح إذا آلت إلى النفس(1)، أن الجراح تبطل، ويكون فيه القود(2) بقسامة، إن كان عمداً، وإن كان خطأً، كان الدية.
ومن المجموعة، قال ابن القاسم، وابن وهب، عن مالك: ومن أصيب في أطرافه بأكثر من دية؛ فذلك له إن أصيب يداه، ورجلاه، وعيناه، فله ثلاث ديات، ثم إن أصيبت نفسه؛ فله ديتها.
ومن كتاب ابن المواز، قال: وإذا شج منقلة؛ فذهب منها بصره،/ ومات من فوره؛ فلأوليائه دية البصر، مع دية المنقلة، على عاقلة الجاني. قال أصبغ: صواب.
ومن المجموعة، قال ابن القاسم، عن مالك: ومن أصيب بجائفتين، أو مأمومتين، ومثقلتين؛ فإنه يعقل كل ذلك له، وإن أوضح في وجهه ورأسه [موضح](3)؛ فله عقل ذلك كله؛ كل موضحة خمسون ديناراً، وإن أوضحه
***
__________
(1) - كذا في الأصل وهي في ع (إذا ترامت إلى النفس).
(2) - في الأصل (ويكون فيه القتل) وقد أثبتنا ما في ع.
(3) - لفظة (مواضح) ساقطة من ع مثبتة من الأصل.(1/429)
[13/436]
من قرنه إلى قدمه، فإنما له عقل موضحة واحدة. قال أشهب: إن كان ذلك في ضربة واحدة، أو ضربات متواليات، فأما إن ضرب ضربة، فأوضحه موضحتين؛ بينهما فرجة، ثم بدا له، فضربه ضربة خرقت ما بينهما، فله عقل ثلاث مواضح.
قال ابن القاسم، وأشهب: وإذا ضربه واحدة عمدا؛ فشجه موضحة، ومأمومة، اقتص من الموضحة، وتعقل العاقلة المأمومة. قال أشهب، في رجل أنصاري قطع يد رجل خطأً، ثم قطع رجله رجل من سليم خطأً، فمات المجني عليه: إن على عاقلة القاطعين دية بغير قسامة.
ومن كتاب ابن سحنون روى أصبغ، عن ابن القاسم، في رجل قطع يدي رجل، ورجليه، وأنثييه، ثم يموت بعد أيام؛ أن ورثته ليس لهم إلا دية واحدة، ولا يأخذون ما فوقها بالشك. وقال أصبغ: بل لهم ثلاث ديات. واختار سحنون قول أصبغ. وذكره ابن المواز؛ إن قال أولياؤه: لم يمت من هذا. وقال الضارب: من ذلك مات. فليحلف ولاة الميت: [أنه ما مات من جراحه ويكون لهم ثلاث ديات فإن نكلوا حلف الضارب](1) انه من هذه الجنايات مات؛ خمسين يميناً. قال ابن القاسم، وأشهب: ولو مات مكانه، سقطت الجراح، وكانت نفساً؛ إن كانت خطأً، فدية النفس على العاقلة. وإن كانت عمدا، اقتص منه بالقتل فقط.
في إيقاف [الحكم في](2) الجراح إلى تناهيها، في العمد، والخطأ،
وذكر ما يوقف ديته من سن الصبي وشبهه
من المجموعة، روى ابن وهب، وابن القاسم، عن مالك، قال: الأمر المجتمع عليه عندنا؛ أنه يقاد من كسر اليد، والرجل، وأنه لا يعقل في الخطأ، ولا يقاد في العمد؛ الجراح، حتى يبرأ المجروح، فيستقيد، ثم إن تنامى جرح المستقاد منه إلى النفس، أو إلى أكثر/ منه؛ فلا شيء على الأول، ولو برئ، وشل الأول، أو برئ
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) - (الحكم في الجراح) ساقطة من الأصل.(1/430)
[13/437]
جرحه على عثم، فلا قود في ذلك، ويعقل له بقدر ذلك الشين، [قال عنه في مال الجاني دون العاقلة ويتبع به في عدمه وكذلك](1) جراح الجسد.
قال أشهب: إنما لا يقاد من الجراح حتى تبرأ؛ لأنها قد تفرغ إلى النفس، فلا يؤخذ بقصاص جرح، ونفس. وإن كان جرح يقاد منه(2)، فلا يجمع عليه دية جرح، وقود نفس. وإن كان خطأ، فقد يعود نفساً، أو يصير إلى تحمله العاقلة، وكان بما يكون في ماله. فأما كل جرح تحمل العاقلة أوله، كالجائفة، أو مأمومة، أو مواضح؛ تبلغ الثلث(3)؛ فقد لزم العاقلة الثلث الآن، وله تعجيل ما حل منها. وما تنامى إلى زيادة، فله ما تنامى. ولم ير ابن القاسم أن يعجل له شيء؛ إذ قد يجب على العاقلة دية النفس، بقسامة.
قال ابن القاسم: وكذلك مقطوع الحشفة، لو قال: لي الدية بكل حال، فلم تؤخرونني(4)؟ لم يكن بد من تأخير ذلك، ولعل ذلك يؤول إلى زوال جارحة أخرى. وقال أشهب في هذا أيضاً: لولا ما مضى من فعل السلف؛ أن لا قود ولا دية، حتى يبرأ الجرح. وبلغني ذلك عن الصديق، لكان هذا يؤخر، ولا أدري لعل هذا أصل، ولا ينبغي خلافة، ولعل من يتوقف في هذا؛ أن قد ينبت الحشفة. وقد قال مالك: إن اللسان ينبت؛ فلا تعجل فيه بالدية.
قال أشهب: [ولا أفرض عليهم الدية حتى تبرأ الحشفة فإن بقيت سنة ولم تبرأ فلتفرض](5). عليهم في ثلاث سنين متبدأ(6)، ولا يحسب ما تقدم. وذكر ابن المواز من اختلاف ابن القاسم، وأشهب مثل ما ذكر ابن عبدوس [وأخذ ابن القاسم](7) بقول أشهب، وذكر عن أشهب، في الحشفة مثل ما تقدم ذكره.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) - كذا في ع والعبارة في الأصل (وإن كان لا يقاد منه).
(3) - في ع (تبلغ ثلث الدية) عوض تبلغ الثلث المثبتة من الأصل.
(4) - في النسختين معا (فلم تؤخروني) بحذف نون الرفع والصواب ما أثبتناه.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(6) - كذا في الأصل وهي في ع (مؤتنفة).
(7) - في ع (وأخذ ابن المواز) عوض وأخذ ابن القاسم المثبتة من الأصل.(1/431)
[13/438]
ومن كتاب ابن المواز، قيل: أينتظر بالجرح قبل أن يحكم فيه بدية أو قصاص، إلى البرء، وإن جاوز السنة أو يحكم عند مضي السنة، وإن لم يبرأ؟ قال: فذكر الوجهين عن مالك. قال عنه ابن القاسم، وابن وهب، في السن تصفر، والعين تدمع، واليد تكسر، والشجة أو الكسر كله، أو الظفر: يؤخر ذلك سنة، فإن انتهى إلى ما يعرف، عقل. وذكر هذا ابن عبدوس من رواية ابن وهب، وذكره من رواية ابن القاسم: فإن أصابها في السنة ذهاب البصر، أو اسودت السن، أو شلت اليد؛ فقد تم عقلها. وقال المغيرة تؤخر الجراح في العمد، والخطأ، فإن قال أهل المعرفة: قد برئ، فليقتص/ في العمد، ويعقل في الخطأ. ولم أسمع لذلك توقيتا يؤقته أهل العلم.
ومن كتاب ابن المواز: [ويتأخر السنة بأحد. أشهب](1). قال: وينتظر بالعين تبيض إلى تنامى أمرها، وأن يستقر مقرها، فيعقل ما ذهب منها، وإن كان قبل السنة. وليس مرور السنة انتظاراً، وذلك في الخطأ. قال أشهب: فإذا مضت السنة، والجرح بحاله، عقل مكانه ثم إن برئ، فله ما أخذ وإن ترامى إلى أكثر من ذلك، طالبه بما زاد، والظالم أولى بالحمل.
قال ابن القاسم، وأشهب، في الكتابين: والعين تضرب؛ فيسيل دمها. فإن تمت سنة، وهي كذلك، ولم ينقص من نظر العين شيء؛ ففيها حكومة. ابن المواز: أما مثل العين تدمع، والجراح التي يكون مثل هذا حالها، فقد ثبتت على ذلك، [وبرئ؛ فهذه تعقل عند السنة. وأما غير ذلك،](2) من جميع الجراح، فلا عقل ولا قصاص فيها، إلا بعد البرء. وإنما معنى قول مالك عندي: يستأني سنة؛ أنه عندي لا يأتي سنة [إلا وقد انتهى](3)؛ لأنه قال مع ذكر السنة: فإن انتهى إلى ما يعرف عقل. وقال محمد: لا يعقل جرح، ولا يقتص منه، إلا بعد
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين مثبت من ع والعبارة في الأصل (وتتأخر السنة أحد أشهر) ولا معنى لذلك.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.(1/432)
[13/439]
البرء. وروي ذلك عن أبي بكر الصديق. وكذلك روى ابن وهب، عن مالك: يستأنى بالموضحة؛ حتى يعرف ما تصير إليه. قال عنه ابن عبد الحكم: ينتظر بمثل هذا ونحوه. وكذلك قال عنه ابن القاسم: ينتظر به البرء، وبعد السنة. وقاله ابن عبد الحكم.
وذكر ابن المواز، في المأمومة، والجائفة، وما بلغ ثلث الدية؛ من مواضح الخطإ، خلاف ابن القاسم، وأشهب؛ في تعجيل ثلث الدية، كما ذكرنا، وأخذ بقول أشهب؛ لأنه إما أن يكون على العاقلة ثلث الدية، أو أكثر من ذلك، لابد منه، أو من النفس. فأما العمد من الجراح أو الخطإ، فلا يحكم فيه بعقل ما بلغ ثلث الدية، ولا أقل، ولا أكثر. ولا قصاص في عمد، إلا بعد البرء، والتناهي؛ لأن [ما بلغ الدية من ذلك](1) الخطإ، إن رجع، لم يكن في ذلك شيء، وإن برئ على أقل من الثلث، لم يلزم العاقلة؛ ولعل ما كان أقل من الثلث، منه [يؤدي إلى أكبر من الثلث فلا يلزم الجارح إلا ما يلزم جميع العاقلة، وكذلك العمد من جميع الجراحات لو اقتص منه](2) قبل برئه، أو عقل منه ما لا/ قصاص فيه؛ لعله يخرج إلى النفس؛ فلا يكون فيه عقل، ولا قصاص [من جرح].
ومن المجموعة، قال ابن القاسم: ينتظر بالجرح سنة؛ حتى يعلم ما يصير إليه، ويستأنى بالموضحة، إذا لم تبرأ.
قال ابن نافع، عن مالك: سمعت في العين، والظفر؛ فيطمع بهما أن يؤخرا سنة. قال ابن نافع: وإن مضت سنة، والعين منخسفة، لم تبرأ، فلينظر حتى تبرأ، ولا قود ولا دية، إلا بعد البرء، وإذا استؤني بمن جرح موضحة، فسقط عليه جدار؛ فمات. فله عقل موضحة.
قال ابن القاسم، في الأصبع يقطع، أو ما هو دون الثلث: فليوقف عقله، فإن برئ؛ أخذه. وإن تنامى إلى أكثر(3) من الثلث، رد إلى الجارح، وحملته
***
__________
(1) - العبارة في الأصل (ما بلغ الثلث من ذلك) وأثبتنا ما في ع.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(3) - في ع (وإن ترامي إلى أكثر) فقد أثبتنا ما في الأصل.(1/433)
[13/440]
العاقلة، وكان الجارح كرجل منهم، فأما ما تحمله العاقلة، يستأنى به، ولا يوقف له عقل؛ لأن العاقلة أمر مأمون، وأما الجارح، فقد يذهب ماله.
وكذلك في سن الصبي يقلع، قبل يثغر[وكذلك في العتبية(1) عن سماع ابن القاسم ومن المجموعة قال أصحاب مالك عنه وذكر وفي العتبية(2) أصبغ عن ابن القاسم في سن الصبي لم يثغر](3) تطرح خطأً. قال: يوقف جميع عقلها، فإن نبتت، رد ذلك إليه، وإن لم تعد كان ذلك للصبي، وإن مات قبل أن تنبت، كان ذلك لورثة الصبي.
قال في العتبية(4)، والمجموعة: وإن يئس من نباتها، أخذه الصبي، وإن لم ينبت قدرها، أخذ من ديتها بقدر ما نقصت. قال ابن القاسم: وإن نبت بعضها، ثم مات، دفع إلى ورثته عقلها، وكل من ذكره فنحوه لأشهب في المجموعة.
وقال فيها ابن القاسم وأشهب، وهو لمالك في العتبية(5): وإن نزعت عمدا، وضع العقل، ولا يعجل بالقود، فإن نبتت(6)، فلا عقل، ولا قود، وإن لم تعد؛ اقتص منه، وإن عادت أصغر من قدرها؛ أعطي عقل ما نقصت. قال ابن القاسم: وفي قياس قول مالك؛ إن الصبي، ولم تعد؛ اقتص منه، ولا عقل فيها.
قال سحنون مثله في المجموعة(7) وزاد(8): وإن مات الرجل، ولم ينبت السن، فقد ذهب ما فيه القصاص. قال سحنون: لا أرى أن يوقف عقل السن
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 196.
(2) - البيان والتحصيل، 16: 196.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع..
(4) - البيان والتحصيل، 16: 196.
(5) - البيان والتحصيل، 16: 66 ضمن شرح رسم يتعلق بالذي يضرب فيذهب عقله.
(6) - في ع (فإن عادت) عوض فإن نبتت.
(7) - في ع (قال سحنون مثله في العتبية) عوض في المجموعة المثبتة من الأصل.
(8) - في ع (وروى).(1/434)
[13/441]
كلها؛ لأن السن قد يكون فيها النقص، ولا يمنع ذلك من القصاص، مثل الأصبع من اليد، ولكن يوقف من عقل السن ما إذا نقصت السن إليه لم يقتص له. قبل: كم ذلك؟ قال: هو/ معروف كالعين يضعف نظرها(1)، واليد يدخلها النقص اليسير.
قال أشهب: فإن كان الصبي حين قلعت سنة، قد أثغر، وتنبت أسنانه، فله تعجيل العقل؛ في الخطإ، والقود؛ في العمد. وكل ما ذكرنا من مسائل سن الصبي؛ ففي كتاب ابن المواز مثله، إلا ما نسب إلى سحنون؛ فمن كتاب ابن حبيب.
قال ابن الماجشون، عن مالك: وأنا أقوله؛ إنه ينتظر بالعقل سنة؛ لأنه وإن صح جرحه، وظهر عثله(2)، فقد يرجى نقصان ذلك العثل(3)، ولكن ما استقر عليه بعد السنة، حكم به، وليس العقل كغيره من الجراح؛ ينتظر برؤها. فإذا برئت، حكم فيها بالقود أو العقل، وإن قبل السنة. وقاله أصبغ؛ قال: وإن جاءت السنة، ولم يبرأ حكم فيها بالقود، ولم يؤخر، فإن ترامى ذلك إلى عضو آخر، أو موت؛ اؤتنف فيه الحكم، كما لو انتقص بعد البرء.
في الجراح، يؤخذ عقلها [ثم تبرأ](4)، وفيمن
طرحت سنه، أو أذنه، فردها، فنبتت
للجاني أو المجني عليه، في العمد أو الخطإ، ونبت اللسان
من المجموعة، وكتاب محمد: ومن ضربت عينه(5)؛ فانصبت، أو نزل فيها الماء؛ فأخذ ديتها، ثم برئت بعد ذلك. فقال ابن القاسم: يرد ما أخذ. وقال
***
__________
(1) - في ع (كالعين يذهب نظرها) وقد أثبتنا في الأصل.
(2) - كذا في ع وقد حرفت في الأصل إلى قوله (وظهر عليه).
(3) - كذا في ع وحرفت في الأصل إلى قوله (ذلك العقل).
(4) - (تم برأ) ساقط من ع مثبتة من الأصل.
(5) - في الأصل (ضربت عيناه) بالتثنية وسياق الكلام يقتضي الإفراد وذلك ما أثبتناه.(1/435)
[13/442]
أشهب: لا يرد شيئا، إذا كان قد استؤني بها، وبلغت حقيقتها. [ولعله يقضيه مجتهد](1). قال ابن المواز: إن كان يقضيه قاض، وبعد الاستيفاء والاستقصاء، فلا ير:، وإن عادت قبل القضاء، فلا شيء له.
ومنه، ومن العتبية(2)، قال أشهب،: عن مالك: وإن طرحت سن الكبير خطأ، فأخذ ديتها، ثم ردها؛ فثبتت، إنه لا يرد شيئا. محمد، وقاله ابن القاسم، لكن السن عنده بخلاف غيرها؛ لأنه يرى فيها ديتها، وإن نبتت قبل أن يأخذ. وقال أشهب: هي كغيرها من الجراح؛ لا شيء له، وكذلك لو ردها؛ فثبتت، إلا أن يكون ذلك قبل أن يأخذ لها عقلا؛ فلا شيء له، إلا في دية العمد، فله القصاص.
ومن العتبية(3) قال يحيى، عن ابن القاسم: ومن قلع أذن رجل، ثم ردها، فثبتت(4) [فإن عادت لهيئتها فلا عقل له فيها وإن كان في ثبوتها ضعف فله بحساب ما يرى من نقص قوتها. قيل له فالسن تطرح ثم يردها صاحبها فتنبت؟] (5). قال: يغرم عقلها تاما. والفرق/ بينهما؛ أن الأذن إذا ردت، استمسكت، وعادت لهيئتها، وجرى فيها الدم،[والسن لا يجري فيها دمها](6) [ولا تعود](7) كما كانت؛ وإنما تراد للجمال.
ومن المجموعة، وكتاب ابن المواز، قال أشهب [عن مالك](8)، فيمن طرح سن رجل عمداً، أو قطع أذنه، فردها؛ فلم تثبت، فاقتص من الجاني، فردها
***
__________
(1) - كذا في الأصل والعبارة في ع (ولعل ذلك يقضيه قاض مجتهد).
(2) - البيان والتحصيل، 16: 105.
(3) - البيان والتحصيل، 16: 158.
(4) - في ع (فثبتت) والصواب ما أثبتناه من الأصل.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(6) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(7) - كذا في الأصل وكتبت في ع (ولا ترجع).
(8) - (عن مالك) ساقطة من الأصل.(1/436)
[13/443]
الجاني؛ فثبتت. قال: فللمجروح عقل أذنه [وسنه](1). قال أشهب، في كتاب محمد: ولو ردهما المستقاد منه، فثبتتا [فذاك ولو لم يثبتا](2)؛ فلا شيء له، ولو كان أخذه من قبل ذلك، فلا يرده.
ومن كتاب ابن المواز، والمجموعة، قال ابن القاسم، عن مالك؛ فيمن قطعت أصبعه، فقيل ذهب ثلاثة أرباعها، فعقل له، ثم برئت، فلم يذهب منها إلا الربع؛ فقال: أخطؤوا في العقل؛ وليرد نصف عقل الأصبع. محمد: وإنما هذا في الخطأ، وأما في العمد، فله القصاص، على القياس الأول. وكذلك الأذن؛ تقطع عمداً، ثم يعيدها؛ فثبتت؛ فله القصاص.
قاله ابن القاسم، وأشهب، وهو أصل قول مالك فيما فيه القود. قال أشهب: وإن كان خطأ، فلا شيء له، إلا أن يثبت بعد أخذه ما في ذلك من دية، فلا يكون عليه رده.
ومن المجموعة، قال مالك، والمغيرة، وابن القاسم، وأشهب: إن له في السن أن يستقيد في العمد، وإن كان قد ردها؛ فثبتت. قال ابن القاسم [وأشهب] (3): وكذلك الأذن. قال أشهب: ويمكنان مما فعل الأول، فإن نبت له ذلك، وإلا فلا شيء له، وهو جريح الحق. قال المغيرة، وأشهب: وليس له في الخطأ عقل، إذا رد أذنه؛ فثبتت. قال أشهب: وكذلك السن، إلا أن يرجعا على شين، فله قدر الشين. قال ابن القاسم: والذي بلغني عن مالك، في السن؛ لا أدري أفي العمد؛ فيقتص منه أم في الخطإ؟ قال أشهب[والمغيرة](4) لا شيء له في جراح الخطإ، [إذا ردت فثبتت قال أشهب لا شيء له في جراح الخطإ](5) إذا برئت على غير شين، إلا في الجائفة، والمأمومة، والمنقلة، والموضحة.
***
__________
(1) - لفظة (وسنة) ساقطة من ع مثبتة من الأصل.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(3) - لفظة (وأشهب) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(4) - لفظة (والمغيرة) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(5) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.(1/437)
[13/444]
وقال ابن القاسم، وأشهب، وعبد الملك؛ في الصلب يكسر، ثم يعود لهيئته؛ فلا شيء له، [قال عبد الملك؛](1) في كل جرح خطإ، فأما في كل عمد بقدر/ على القصاص، ففيه القصاص، وإن كان خطأ. قال اشهب: والصلب: وإن انكسر، فالدية في ماله، أو بقدر ما ذهب من قيامه-[وقال عبد الملك: الصدر مثله، إذا عاد لهيئته، فلا شيء فيه](2)، إلا إن برئ على شين، ففيه حكومة.
قال ابن القاسم، عن مالك؛ في قطع اليمين يجرح يمين رجل: إنه لا قصاص في عمده، ولا دية في خطئه- يريد: إذا برئ على غير شين-.
ومن كتاب محمد، قال أشهب، في الحشفة؛ تقطع، ثم تنبت: فلا شيء فيها. محمد: وكذلك كل كسر، وقطع، وكذلك الجراح، إلا جراح الرأس الأربعة؛ المنقلة؛ والموضحة، والمأمومة، والجائفة.
قال أشهب: وكل جرح عمد، وإن برئ، فلابد من القود منه، وإن لم يبرإ المستقاد منه، وقد برئ الأول؛ فلا شيء عليه(3). وإن برئ الآخر، ولم يبرإ الأول، أو كان [برؤه](4) دون الثاني؛ فله عقل ما بين ذلك، وما برئ من جراح في الخطأ؛ فلا شيء فيه، إلا في الجراح الأربعة؛ برئت على شين، أو على غير شين، وما لا يستقاد منها، فالعمد فيه والخطأ سواء، إلا أن المتعمد يؤدب.
ابن حبيب: قال أصبغ: إذا قطع اللسان، فنبت، وعاد لهيئته؛ ففي عمده القصاص، وفي خطئه العقل، إذ لا يجري فيه الدم، ويجري في الأذن. وقاله ابن القاسم. وقد تقدم هذا، عن ابن القاسم مكررا.
***
__________
(1) - كذا في الأصل وكتبت في ع (وقال ما لك).
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(3) - في ع (فلا شيء له) وقد أثبتنا ما في الأصل.
(4) - لفظة (برؤه) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.(1/438)
[13/445]
في لسان الأخرس، وذكرالخصي، واليد الشلاء،
والعين القائمة؛ تصاب، والعضو فيه الضعف؛
يصاب عمداً، أو خطأً، أو كان فيه نقص أخذ [له] (1)
عقلا أم لا ثم يقطع باقيه، يتجاوز
إلى ما فيه حكومة(2)
من كتاب ابن المواز، والمجموعة، قال أصحاب مالك عنه: إن الأمر المجتمع عليه عندهم، أن ليس في العين القائمة؛ إذا فقئت بعد ذهاب بصرها، ولا في اليد الشلاء تقطع، إلا الاجتهاد. وكذلك الأصابع؛ إذا تم شللها، ثم قطعت، وكذلك حكم الخصي/ ولسان الأخرس.
قال مالك، في المجموعة: وذكر عسيب؛ قطعت حشفته. فأما مقطوع الأنثيين فقط؛ ففي ذكره الدية كاملة. محمد: قال ابن القاسم، وأشهب: وليس في مثل هذا كله قصاص ما ذهبت منافعه. قال مالك: وكذلك الرجل العرجاء؛ ولم يبق بعد منفعة في الرجل. وأما إذا كان ما نال العضو، قد أزال منافعه بجناية وخطأ؛ فأخذ له دية، فليس فيه إن أصيب بعد ذلك إلا الاجتهاد. وقال أشهب، في المجموعة، وكذلك إن كان ما أصابه بأمر من الله- سبحانه-. قال في الكتابين: إلا السن تسود ثم تصاب؛ ففيها عقلها الآن تاما؛ لأن منافعها قائمة. قال أشهب: وكذلك الأعمى؛ تخسف عينه، ففي ذلك الاجتهاد بقدر الشين، [كأن عمي بجناية، أو ولد به](3).
قال أشهب، في المجموعة: وكذلك ليس فيما بقي بعد قطع الحشفة، أو المارن، أو الأصابع؛ من يد، أو رجل، إلا الاجتهاد. ولو بقي من الحشفة، أو
***
__________
(1) - لفظة (له) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(2) - كذا في ع وجاءت العبارة في الأصل على الشكل التالي (أو يجاوز إلى ما فيه حكومة) وعبارة ع أسلم.
(3) - كذا في ع وجاءت العبارة في الأصل محرفة على الشكل التالي (كما عماه بجناية أو لديه).(1/439)
[13/446]
المارن بقية، أو من الأصابع؛ من المنكب، أو بقية الرجل؛ من الورك، فهذا يكون له بحساب ما أخذ أولا إن أخذ أولا النصف، فله الآن النصف، وكذلك فيما بقي من شلل اليد، إن قطعت، ففيما بقي منها؛ من ديتها، على ما كان أخذ، ولا يكون فيه الأكثر من الشين، أو مما من الدية، كما أن في الشين؛ في الرأس، ما يجاوز عقل موضحة، فإن كان غير موضحة، لم يزد فيها على ما روي عن النبي- صلى الله عليه وسلم(1)-، ولو برئت الملطاة، والباضعة؛ على شين أكثر من عقل الموضحة لكان له أخذه. وذكر نحوه كله، في كتاب محمد.قال في الكتابين: قال ابن وهب، عن مالك، في الذراع يقطع(2)، بعد ذهاب الكف: ففيه الاجتهاد. قال ابن القاسم: وكذلك في الكف تقطع، بعد ذهاب الأصابع.
مالك، في كتاب محمد: وليس استرخاء اللسان، أو الذكر؛ من الكبر، أو ضعف العين، أو الرجل، بمنزلة الجناية عليها، أو أمر ينزل من السماء؛ لأن ما كان من الكبر، ثم أصيب العضو منه، فإن فيه دية كاملة، وما أصابه من جناية جان، أو [من أمر](3) نزل به، أو مرض، أو سقوط، أو غيره، ثم أصيب بعد ذلك،/ فهذا إنما له ما بقي من الدية.
ومن المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، وابن وهب، عن مالك، في عين الكبير؛ تصاب وفيها ضعف، أو العين يصيبها شيء؛ فينقص نظرها، ولم يأخذ لها عقلا، فعلى من أصابه بعد ذلك العقل كاملا. قال ابن المسيب، السن؛ إذا اسودت، تم عقلها، ثم إن أصيبت؛ بعد ففيها أيضا عقلها تاما. قال مالك: ولو أخذ لنقصان العين عقلا، فهو أشكل، قال والعين، وغيرها إذا أخذ فيما أصيب منه عقل، ثم أصيب ما بقي، فإنما له بحساب ما بقي.
***
__________
(1) - ينظر في ذلك كتاب العقول من موطإ الإمام مالك باب ما جاء في عقل الشجاج.
(2) - أعاد الضمير في يقطع على الذراع بإعتباره مذكرا وذلك لغة فيه ويستعمل في الغالب مؤنثا.
(3) - (من أمر) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.(1/440)
[13/447]
قال: وما كان من خلقة خلقها الله، ثم ينتقص منها شيء، مثل استرخاء البصر، أو العين الرمدة تضعف من ذلك. [أو اليد، أو الرجل، او السمع؛ يكون فيها ضعف]؛ من كبر أو علة، وهو مع ذلك يسمع، فذلك كله، وفيه ضعف، ففيه كله إن أصيب، عقله كاملا، وأما إن أصيب به فأخذ له عقلا، ثم أصيب، فله ما بقي من العقل.
محمد: وأحسن ما في ذلك عندنا؛ وهو وجه قول مالك، ومذهب ابن القاسم، وأشهب، وإن كان فيه من قول أشهب اختلاف؛ أن العين إذا أصيبت خطأً، وكان أصابها قبل ذلك شيء نقص بصرها. فإن كان أخذ لذلك عقلا، حوسب به، قل أو كثر، وأما من ضعف البصر، فلا يحط له شيء، إلا أن ينقص جزءا معلوما. وإن قل، ثم لا يلزم [إلا ما بقي وإن كان عمدا اقتص منه ولم يحاسب وإن كان ذلك من الجاني أمر السماء ليس هو من جناية ولا ضربة لم يحاسب بما كان](1) من ضعف البصر، أو الشين اليسير، وفيها عقلها تاما. وقد قال مالك يحاسب في الكف، بما ذهب منها، في الخطأ، وإن قل وإن لم يأخذ لذلك عقلا، أكمل له عقل اليد. وإن كان أصبعا، حوسب به، وإن كان أمرا من السماء.
ومن كتاب ابن سحنون: وفرق ابن الماجشون بين الكف؛ يقطع منها أصبع خطأ، ثم تقطع بعد ذلك خطأ. فقال: إنما له بحساب ما بقي، إلا أن يكون أولا قطعت لقرحة. أو لأمر لا عقل فيه، فإن فيها الآن عقلها تاما. قال ابن القاسم، فيمن أصيبت عينه، أو يده خطأ، فضعفت فأخذ له عقلا، وهو يبصر بالعين، ويبطش باليد، ثم أصيبتا عمدا، ففيهما القصاص. والقصاص والدية؛/ يختلفان؛ فأما الكف يقطع بعضها عمدا، أو خطأً، فإنما له بحساب ما بقي؛ قل أو كثر.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.(1/441)
[13/448]
قال ابن وهب، عن مالك، في سن الشيخ الكبير، تحرك، ففيها العقل تاما، فأما لو أصابها رجل فتحركت شديدا، فله بحساب ما نقص [ثم إن أصيبت فله بحساب ما نقص منها(1) قال ابن القاسم، وأشهب، في السن المأكولة، ذهب بعضها؛ تصاب، [فله بحساب ما بقي] (2). قال ابن القاسم: أصيبت عمدا، أو خطأً. قال أشهب: [إلا إن أكل منها ما له، بال ففيها ديتها كاملة](3)، [كاليد؛ تنقص أنملة.
ومن كتاب ابن المواز، قال أشهب: ومن أصابه في رجله أمر من عرق، فضرب؛ فتعرج. له أو يد](4)، فله بحساب ما بقي منها، كما لو أصابه بمثل ذلك أحد، ومن ساوى بين ما يصيبه من أمر الله، وبين ما يصيبه من الكبر، فقد غلط؛ لأن كل جارحه [لابد أن تضعف](5) من الكبر. فأما ما يصيبه، فقد يكون وقد لا يكون. وكذلك ما أصابه من نفخ دابة، ثم يصاب ما بقي من رجله، أو يده، أو عينه؛ فله بحساب ما بقي. وكذلك اللسان.
ولو ضرب يده رجل؛ فأشل أكثرهم، ثم ضربه آخر فقطعها، وكان باقي ديتها [أقل من قدر شينها](6)، فإنما له باقي الدية.
محمد: وإن شجه الحاجب، فبرئ على عثم؛ ففيه حكومة، وإن سلمت العين. وأما إن نقص ذلك من بصره، وإن قل، إلا أن يوضح الحاجب؛ ففيه دية موضحة، مع دية نقصان البصر.
ومن العتبية(7)، روى يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم، عن مالك، فيمن
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) - كذا في الأصل وهي في ع على الشكل التالي (ففيها دية ما بقي منها بحساب ما ذهب).
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وجاء في ع على الصيغة التالية (إلا أن تأكل منها ما لا بال له أو برمد عينه فينقص بصره ثم يصاب قائما فله بحساب ما بقي).
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(5) - في الأصل (قد تضعف) وقد أثبتنا ما في ع.
(6) - في الأصل (أقل من سنها) وقد أثبتنا ما في ع.
(7) - البيان والتحصيل، 16: 156.(1/442)
[13/449]
أصيبت أذنه، فذهب بعض سمعه، فله من عقل السمع، بقدر ما نقص، وله مما نقص من الأذن الاجتهاد. [فأما إن ذهب من السمع، فيأخذ فيما زاد على ما قابل السمع حكومة، ما تقدم من أصله، لا شيء له من الحكومة، إذا كان حدا من الدية](1). [وأما لو ذهب السمع واصطلمت الأذن فليس له في ذلك إلا دية السمع فقط](2).
ومن كتاب ابن المواز: لا شيء فيما قطع من الأذن، إذا أخذ لنقص السمع عقلا. وقد تقدمت في باب دية السمع والبصر زيادة فيها.
ومن كتاب ابن حبيب، قال أصبغ، في العين تصاب عمداً، وقد نقص بصرها،/ قبل ذلك بجناية عمدا أو خطأ، اخذ لذلك عقلا، أو لم يأخذ، إن فيها القصاص، كما لو نقصت؛ لكبر، أو لأمر من السماء، وكالكف تنقص أصبعاً بجناية عمداً أو خطأ.
ولو فقئت هذه العين خطأ، لم يكن فيها إلا بقدر ما بقي منها، أصيبت اولا عمدا، أو خطأً. ولو فقئت هذه العين [خطأ لم يكن فيها إلا بقدر ما بقي منها أصيبت أولاً](3) عمداً أو خطأً، ففيها ديتها كاملة(4).
وأما اليد تصاب خطأ، وهي ناقصة أصبعاً، فلا يبالي كان بجناية جان، أو خلقة، أو بمرض، فإنما فيها بقدر ما بقي منها، وقاله ابن القاسم. وقال ابن الماجشون مثل قوله، في ذلك كله، إلا في اليد، فإنه قال: إنما يقص منها مثل ما يقص من البصر، فيأخذ دية كاملة، إذا لم يأخذ لما تقدم دية، ولا قصاصاً، أو
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع..
(3) - ما بين معقوفتين أثبتناه من ع وقد جاء في الأصل على الشكل التالي (كاليد تقطع خطأً وقد أصيبت أولا منها أصبع) وقد آثرنا إثبات ما في ع نظرا لانسجامه مع سياق الكلام.
(4) - في الأصل (فليس ديتها كاملة) وقد أثبتنا ما في ع.(1/443)
[13/450]
كان خلقه، أو لأمر من الله، فله ديتها كاملة، وإما إن اقتص من الأصبع، وأخذ له عقلا، أو صالح فيه، وعفا عنه، فله بحساب ما بقي. قاله مالك، وأصحابنا.
وكذلك في كتاب ابن سحنون، عن ابن الماجشون: والذي ينتهي إليه نقص اليد في هذا؛ نقص أصبع واحد، فإذا نقصت أصبعا [كف القاطع، أو المقطوع، فبينهما القصاص، وأما إن زاد على أصبع](1) كف الجارح، أو المجروح؛ فلا قصاص. والعقل في مال الجارح؛ لأنه لا يقاد ناقص بتام، ولا تام بناق، من النقصان، وقاله [أصبغ](2). وقال، في الأصبعين: المستقيد مخير.
قال أصبغ: وإذا قطع تام الكف كف رجل ناقصة أصبعين؛ [فعقل له ثلاثة أصابع. فإن بقية الكف مختلف فيه، والذي أخذ به أنه لم يبق منه إلا أصبع أوأصبعان](3)، فله بقية الكف حكومة، مع عقل الأصبع، والأصبعين، وإن بقي ثلاث، فلا شيء له في الكف. وبقية القول في القصاص، من الناقص بالتام؛ في باب مفرد؛ في الجزء الثاني، وهو كتاب القصاص./
في عين الأعور، وباقي البصر(4)
من المجموعة، وكتاب ابن المواز، قال أصحاب مالك، في عين الأعور الصحيحة تفقأ خطأ، ففيها الدية كاملة ألف دينار. وقال سحنون، في كتاب ابنه: لم يختلف في هذا أصحابنا. قال في المجموعة، عن مالك: وكذلك لو كان أخذ في الأولى ديتها. ومن كتاب ابن المواز قال: وقاله مالك، وأصحابه. وعبد العزيز قال: وقضى به عمر، وعثمان، وعلي، وابن عباس. وقاله ابن المسيب، وسليمان بن يسار، وعروة بن الزبير. قال ابن شهاب: وبه مضت السنة، وحكم
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(2) - لفظة (أصبغ) ساقطة من الأصل.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(4) - كذا في الأصل وقد جاء العنوان في ع على الشكل التالي (باب في دية عين الأعور وباقي البصر).(1/444)
[13/451]
به عمر بن عبد العزيز. وقال سليمان بن حبيب: أخذ في الأول دية، وأصابها ذلك بأمر من الله.
قال أشهب، في الكتابين: وقال العراقيون: فيها نصف الدية، كإحدى اليدين. وهذا غير مشنة؛ لأنه ينظر بالعين ما لا ينظر بالإثنين، ولا يمكن ذلك في اليد، والرجل. قال: فأما السمع، فليسأل عنه. فإن يسمع بالأذن ما يسمع بالإثنين، فهو كالعين، وإلا فكاليد والرجل.
وإذا أصيب من كل عين نصف بصرها، ثم أصيب باقيها؛ في ضربة؛ فإنما له خمسمائة دينار؛ لأن ذلك قائم مقام جميع بصره، كما فيها- لو كانت صحيحة- ألف دينار. ولو ضرب صحيح ضربة؛ أذهبت نصف إحدى عينيه، فأخذ ديتها، ثم أصيب بنصف الصحيحة، فله قلعها ثلث الدية؛ لأنه أذهب من جميع بقية بصره ثلثه ولو كان أصيب ببقية المصابة فقط، فليس فيها إلا تمام ديتها؛ مائتان وخمسون ديناراً. ولو ضربه ضربة أذهبت باقيها، وجميع الصحيحة، فله ألف دينار؛ لأنه باقي بصره. قال ابن القاسم، وسحنون: وهذا غير مختلف فيه، بين أصحاب مالك. قال أشهب: ولو أصيبت الصحيحة وحدها؛ ففيها ثلثا الدية؛ لأن ذلك ثلثا بصره، ولو لم يبق غير نصف المصابة، فأصيب باقيها، ففيها خمسمائة دينار، وذلك بخلاف ما لو أصيب ذلك منها صحيحة قائمة.
قال/ ابن المواز، وسحنون: قال غير أشهب: قال ابن المواز، هو، وابن القاسم، وعبد الملك: ليس في هذا مما يصاب من الصحيحة، إذا بقي من الأولى شيء، إلا حساب خمسمائة، وذهبت كلها في ضربة، وبعضها بعد بعض، ما دام في الأخرى نظر، كانت الأولى، أو الآخرة، فإذا لم يبق في الواحدة نظر؛ فما ذهب من الثانية؛ فعلى حساب ألف دينار.
قال ابن سحنون: وبه أخذ سحنون.
قال عبد الملك: ولو بنى على القياس، حتى يجعل في الأخرى ثلث الأخرى، يخرج ذلك إلى خلاف الحق. قال سحنون، في المجموعة: وناقض هذا أشهب؛
***(1/445)
[13/452]
فقال هو، وأصحابنا: إذا أصيب ببقية عينه، التي أصيب نصفها، والأخرى صحيحة، إن له تمام ديتها؛ مائتين وخمسين(1)، ويلزمه أن يجعل فيها [ثلث](2) جميع الدية، كما حكم في الصحيحة بثلثي الدية. وأحسن ذلك، أن يكون له في الصحيحة- إن أصيبت- خمسمائة دينار؛ نصف دية عين الأعور.
قال ابن المواز: وقد قيل لأشهب: فإن ذهب من الصحيحة نصفها؛ فأعطيته ثلث الألف، ثم أصيب باقي بصره؟ قال: له خمسمائة، إن أصيب في مرتين؛ ففي الأولى مائتان وخمسون، وفي الثانية نصف دية عين العور. وقال عبد الملك: قال مالك: وإن أصيب النصفان الباقيان من كل عين؛ في ضربة؛ ففيهما ألف دينار؛ كعين واحدة؛ ففقئت. وإن كان في ضربتين، ففي الأولى، بحساب خمسمائة، وفي الأخرى، بحساب ألف، وكذلك إن بقي من كل عين أقل من النصف، فإن ذهبا؛ في ضربة، فكأنه ذهب ذلك من عين اعور، وإن كان ربع جميع البصر، فهو كنصف عين الأعور، وإن ذهب باقي إحداهما، قبل باقي الأخرى، ففي الأولى بحساب خمسمائة، وفي الآخرة بحساب ألف.
قال سحنون، في كتابه: روى أصبغ عن ابن القاسم، فيمن أصيب بنصف عينه، ثم فقئ باقيها مع الصحيحة؛ أن ليس له إلا ثلاثة أرباع الدية. قال عيسى: إلا أن ينقصها ذلك بأمر من قبل الله؛ [فله فيهما ألف دينار. قال أصبغ: ثم/ رجع ابن القاسم في الغد، وقال: فيها ألف دينار؛ لأنه بصره كله. قال أشهب: قال سحنون: هذا قول أصحابنا، والأول خطأً. وما علمت من يقوله؛ من أصحابنا.
قال سحنون: ومن فقأ لرجل عينا، ونصف عين؛ في ضربة](3)؛ فله ثلاثة أرباع الدية. ثم إن أصيب بالنصف الباقي؛ ففيه خمسمائة دينار. ولو ذهب
***
__________
(1) - في الأصل (مائتان وخمسون) والصواب ما أثبتناه.
(2) - لفظة (ثلث) ساقطة من ع مثبتة من الأصل.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.(1/446)
[13/453]
نصف عين الأعور، أو ثلثها عمداً، أو خطأً، أو جزء منها؛ فله حصة ذلك من ألف دينار.
فيمن يضرب، فيدعي ذهاب بصره،
أو سمعه، أو بعض ذلك، أو يقول
ذهب مني الجماعُ
من المجموعة، قال ابن القاسم، وابن وهب، وغيره: قال مالك- ونحوه في كتاب ابن المواز-، فيمن يضرب، فيقول: ذهب مني سمعي، أو بصري، أو من بصري كذا، وكذا: إنه يقاس له في البصر، بأن يمسك له رجل بيضة، أو غيرها، ثم يباعد عنه، فإن أبصرها، يزيد تباعداً عنها، إلى منتهى بصره. قال: ويبدل عليه الأماكن. قال: وكذلك في السمع؛ يباعد عنه، ويصاح به. قال: فإذا قال: سمعت. فحول له إلى ناحية أخرى. فإن اتفق قوله في قياس النواحي، أو يقارب صدق [وأخذ قوله](1)، وأخذ بقدر ما نقص من سمعه وبصره، بعد يمينه على ما ادعى، والظالم أحق بالحمل عليه. ولم يذكر ابن وهب عنه اليمين(2). قال أشهب: ويحسب له ذلك على قدر نظر رجل، وسط مثله ينظر، منتهى نظر ذلك الرجل، وسمعه، ثم يقاس ما نقص من ذلك المضروب ثلثا، أو ربعا، أو نصفا، أو ما كان. [ويحسن تحويل المواضع](3)، ويضرب به في السمع، ويغتفل، ويصاح به حتى يعلم قدر ذلك، بعد أن يحلف.
قال مالك: فإن اختلف قوله، ولم يتفق، فلا شيء له. قال أشهب، وابن القاسم: فإن قال: ذهب جميع نظري أو سمعي؛ إنه يصدق، [مع يمينه](4). قال أشهب: وإن كانت عينه قائمة، وفيها بياض. قال: ذهب نظرها أو ذهب
***
__________
(1) - جملة (وأخذ قوله) ساقط من ع مثبتة من الأصل.
(2) - حرفت في الأصل إلى (الثمن).
(3) - كذا في الأصل والعبارة في ع على الشكل التالي(ويختبر بتحويل المواضع).
(4) - (مع يمينه) ساقطة من ع.(1/447)
[13/454]
نظره؛ من عينيه جميعا، [فإنه يغتفل](1) ويشار إلى عينيه/ جميعا، أو إلى العين التي يقول: قد ذهبت، فإن لم يستدل على كذبه، حلف، وأخذ ما يدعي.
وكذلك من ضرب في رأسه، فيدعي الصمم في أذنيه، أو في إحداهما، [فليغتفل في الصياح به](2)، فإن لم يظهر كذبه، حلف، وصدق. وقال مالك: نحوه ويحلف ما وجد صمما إلا من هذه الضربة. وكذلك من كتاب ابن المواز.
وروى ابن القاسم، وأشهب، عن مالك- وهو في العتبية(3) من سماع أشهب- فيمن ضرب في عينه الواحدة، فادعى أنه نقص ضوؤها؛ أنه تغلق عينه الصحيحة، وينصب له البيضة، أو الشيء، في مكان، ويبتعد حتى ينتهي إلى مبلغ نظره، ثم يحول إلى موضع آخر؛ يختبر بذلك. فإن اتفق قوله، أعقلت المصابة، ونظر بالصحيحة، وبدلت الأماكن عليه، فإن اتفق قوله، نظر كم نقصت عن الصحيحة، [فعقلت له ويحلف](4). قال أشهب، وابن نافع، وإن اختلف قوله: لم يصدق. قال مالك: والسمع كذلك. قال أشهب، في الكتابين: ولا يبالي بأي عين بدأت.
ومن كتاب ابن المواز، قال: وإذا اختلف قوله [بأمر بين](5)، لم يكن له شيء، فإن اتفق، حلف، وصدق. وكذلك السمع. قال أصبغ: وهذا قول مالك، وأصحابه. قال ابن القاسم، وأشهب: وكذلك في دعوى ذهاب جميع بصره، أو سمعه، أو شمه، فليختبر من الإشارة، في البصر، أو الصوت في السمع، ويغتفل مرة بعد أخرى، فإن لم يقدر فيه في الإختبار(6) حقيقة، أو أشكل أمرة، صدق [وحلف](7). وقال مالك نحوه.
***
__________
(1) - (فإنه يغتفل) ساقطة من الأصل.
(2) - كذا في ع والعبارة في الأصل (فليفعل في الصياح به).
(3) - البيان والتحصيل، 16: 107.
(4) - في الأصل (فعقلت له وكذلك) والصواب ما أثبتناه من ع.
(5) - (بأمر بين) ساقطة من الأصل.
(6) - في ع (على الإختبار).
(7) - (وحلف) ساقطة من الأصل.(1/448)
[13/455]
قال أشهب: وروى ما ذكرنا من اختبار ذلك بالبيضة، في النظر، عن علي بن أبي طالب. وقاله عطاء، وابن شهاب.
ابن حبيب، عن أصبغ: وإن ضرب، فادعى أن جماع النساء ذهب منه، فإن استطيع اختبار ذلك، اختبر، وإلا حلف، وأخذ الدية، فإن رجع إليه جماعه، بقرب ذلك أو ببعد، رد ما أخذ، وكذلك كل ما لا يقدر أن يعرف بالبينة، مثل دعواه لذهاب الكلام، أو ذهاب السمع، والجارحة قائمة، فليختبر، ويحلف، ويأخذ الدية. ثم إن رجع إليه، رد ما أخذ، وإن بعد. وقاله ابن القاسم./
في دية المرأة، ومعاقلتها الرجل فيما
دون النفس إلى ثلث الدية
قال أبو بكر بن الجهم: [البغدادي](1): لم يختلف في أن دية المرأة في النفس؛ نصف دية الرجل، وإنها على النصف في الميراث، والشهادة. والإجماع في حمالة الدية حتى ينزل إلى الثلث؛ ففيه الإختلاف، [فقال السبعة من فقهاء التابعين:](2) إنها مثل دية الرجل، في الجراح إلى ثلث ديته، فيرجع [حينئذ](3) إلى عقلها. وما روى مخالفنا عن عمر، وعلي، فإسناد ضعيف. و[روي](4) لنا عنهما خلافه؛ [وروي عن عروة البارقي](5)، عن عمر(6) [أنهما سواء](7) في السن، والموضحة، وروى عنه شريح إلى ثلث الدية. وقاله عمر بن عبد العزيز، والزهري، وعروة، وغيرهم، وروى محمد بن علي، عن علي، عن علي فيما بلغ من الجراح
***
__________
(1) - لفظة (البغدادي) ساقطة من الأصل.
(2) - كذا في الأصل والعبارة في ع (فقال الفقهاء السبعة من تابعي أهل المدينة منهم ابن المسيب).
(3) - لفظة (حينئذ) ساقطة من الأصل.
(4) - لفظة (روي) ساقطة من الأصل.
(5) - كذا في ع والعبارة في الأصل (فروى عروة البارقي).
(6) - لفظة (عمر) كتبت في الأصل عروة.
(7) - (إنهما سواء) كتبت في الأصل (إنه سمع بينهما) وذلك تحريف واضح.(1/449)
[13/456]
أربعين، فعلى نصف دية الرجل. قال أشهب، في كتابه: وروي عن علي؛ أنها تساويه إلى ثلث عقلها. قال أبو بكر ابن الجهم: لم يختلف عن ابن عباس، وزيد بن ثابت؛ أنها مثل الرجل إلى ثلث ديته. وروي عن ابن مسعود؛ أنها في السن، والموضحة سواء، فلم يجد مخالفنا، عن صاحب، أنها على النصف منه، فيما قل أو كثر؛ لأن عمر، وعليا؛ اختلف عنهما في ضعف روايتهم عنهما؛ فلا حجة لهم من قول السلف، وقد أجمعوا على الثلث، ولم يصح عن صاحب؛ أنها على النصف في كل قليل؛ فكلهم أجمعوا على تساويها فيما قل، فاجتهدنا في حده في الثلث.
قال غيره: ودلت السنة على تساوي الذكر، والأنثى في القليل من الدية؛ من ذلك دية الجنين، سواء فيه بين الذكر، والأنثى، والجناية في الأصل على الجاني، حتى يقوم دليل في انتقالها عنه، إلى العاقلة، ولم نجد دليلا فيما دون الثلث، وهو الحد بين القليل، والكثير، ولم يختلفوا، فيما بلغ الثلث- يريد في معاقلة المرأة، وفيما تحمله العاقلة.
قال ابن الجهم: وقد قال- صلى الله عليه وسلم- «في أصبع مما هنا لك عشرة من الإبل»(1) [فظاهره؛ يتناول الذكر والأنثى](2)، فإن قيل: فهلا قلته في أربع أصابع؟/ قلت: لإجماعهم فيها. ولا تقس القليل على الكثير؛ لمخالفته له، كما جمعنا بين الأخذ بالنهي عن بيع ما ليس عندك، وأجازوا السلم بالإجماع. [ويحتمل](3) قول ابن المسيب. هو السنة. أي أنه مستنبط من هذا، ويحتمل أن يكون سنة البلد(4)؛ فإنه متظاهر في التابعين؛ قال ابن هرمز(5) أخذنا بذلك عن الفقهاء.
***
__________
(1) - ورد في باب دية الأصابع من صحيح الترمذي وسنن ابن ماجة كما ورد في موطإ الإمام مالك في كتاب العقول باب ما جاء في عقل الأصابع.
(2) - كذا في الأصل والعبارة في ع (فظاهره لا يفرق فيه بين الذكر والأنثى).
(3) - لفظة (يحتمل) ساقطة من الأصل.
(4) - لفظة (البلد) أثبتناها من ع وقد حرفت في الأصل إلى لفظة (الثلث).
(5) - (قال ابن هرمز) حرفت في الأصل إلى قوله (فإن ابن هرمز).(1/450)
[13/457]
ومن المجموعة، وكتاب ابن المواز، قال مالك: ودية الحرة المسلمة على النصف من دية الحر المسلم؛ في الإبل، والذهب، الورق؛ [وفي النفس](1) والأنف، والعين، واليد، والرجل، وما عظم من الجراح. وأما ما صغر منها؛ فديتها فيه على مثل دية الرجل، إلى أن يبلغ ما فيه مثل ثلث دية الرجل، فأكثر فيرجع إلى نصف ديته. قال ابن هرمز: وهذا مما أخذناه عن الفقهاء، ولم نقله برأينا.
ومن كتاب ابن المواز، قيل لأشهب: فهلا قلت ذلك فيمن تنخفض ديته عن المرأة؛ مثل الذمي، والمجوسي؟ قال: لإجماع الفقهاء من الصحابة، والتابعين على ذلك خاصة، ومن خالفنا، فيها لا نجد سلفا، أنهم جعلوها على النصف في كل شيء. وذكر نحو ما ذكر ابن الجهم؛ من قول الصحابة، والتابعين. وزاد، فقال: وما روي عن ابن عباس، وزيد؛ أنها أقل من ثلث [دية الرجل. قول أكثر العلماء.
قال مالك: وهي فيما لم يبلغ](2) ثلث الدية، وأكثر. يرجع في ذلك إلى عقلها، وفيما دون ذلك؛ كدية الرجل. قال مالك: فإن قطع لها أصبع؛ ففيه عشر من الإبل. وكذلك في ثان، وثالث،؛ من يد أو رجل. وكذلك إن قطع ثلاث من كف؛ فثلاثون من الإبل، ثم إن قطع لها الأصبعان الباقيان؛ من تلك اليد، في مرة، أو مرتين؛ ففي كل أصبع خمس من الإبل. قاله أشهب؛ أنه يضم ما قطع من اليد، إلى ما تقدم من قطعها، ولا يضم حكم يد إلى ما قد قطع قبل ذلك من يد أخرى.
قال مالك: وإن قطع ثلاثة أصابع، ونصف أنملة؛ فله أحد وثلاثون بعيرا، وثلثا بعير. ولو كان لها ثلاث أصابع، وأنملة، كان لها بحساب ديتها. وإن قطع له أربع أصابع؛ من يد؛ ففيها عشرون بعيراً، ثم إن قطع الخامس؛ ففيه خمسة
***
__________
(1) - (وفي النفس) ساقطة من الأصل.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.(1/451)
[13/458]
أبعرة، ولا يحسب عليها في يد، أو رجل ما تقدم/ من قطع أخرى، ويؤتنف الحكم، في الأخرى.
ومن كتاب ابن المواز، قال: إذا قطع لها أربع أصابع، فردتها إلى عقل نفسها، أذلك من كف واحدة، أو من كفين، أوفي ضربة، أو ضربات. قال: إن كان من ضربة واحدة، فلم يختلف فيه؛ كانت من كف، أو من كفين؛ أنها ترجع إلى عقلها في الأربع، وفي ثلاثة، وأنملة، فاكثر.
وكذلك في ضرب مفترق، وإن كان في فور واحد، [ومقام واحد]، وضارب واحد، أو من رجال؛ فهو كضرب واحد. وإنما الإختلاف في قطع بع قطع، فخالف عبد العزيز مالكا فيه. ورأى الأصابع؛ إن كانت من كف واحد، كالأسنان، والمواضح؛ لو أوضحت عشر مواضح؛ بعد أخرى، لكان لها في كل موضحة مثل ما للرجل، ما لم يكن في ضربة واحدة، أو فور واحد، بضرب واحد؛ مواضح تبلغ ثلث دية الرجل، فأكثر، فيرجع. وكذلك أسنانها، وكذلك أصابع كفها إن قطع بعد قطع اؤتنف فيه. الأمر عنده، وإن كان من كف واحدة؛ كالمواضح، والمناقل.
وقاله ابن وهب، وعبد الملك، إلا أن عبد الملك أخبرني، عن أبيه، أنه قال: إن قطع لها أربع أصابع؛ في ضربة، فأخذت فيها حساب عقلها، ثم قطعت الخامسة؛ ففيها خمس فرائض. وقال عبد الملك: فيها عشر. وهو أقيس، لقول أبيه.
وقال عبد الملك: فيها اختلاف. وهو أحب إلى قول ابن المواز، وهو خلاف مالك، وأصحابه؛ يقولون: فيه خمسة؛ كان قطع الأربع مجمعا، أو مفترقاً. وعبد العزيز يقول: فيه خمس؛ إن قطع الأربع؛ في ضربة. ويخالف في ضربة بعد ضربة، فيرى حينئذ في الخامس عشرة. وهذا كله خلاف مالك، وأصحابه، ويحسبون ما تقدم من الضرب، وإن كان من غير ضرب، فيضم بعضه إلى بعض؛ في اليد الواحدة. فإذا بلغ ثلاثة وأنملة، فأكثر، كان ما قطع بعد ذلك من
***(1/452)
[13/459]
تلك اليد يرجع فيها إلى عقلها، ولا يحسب فيه من أخرى، إلا أن يقطع منها، وكذلك في أصابع الرجلين، ولو قطع لها من كف ثلاثة أصابع، لها من الكف الأخرى ثلاثة، كان لها فيها مثل ما للرجل، ثم إن قطع [من هذه أنملة، ومن الأخرى نصف/ أنملة، كانت الأنملة على ديتها، وفي نصف الأنملة على دية الرجل؛ كان قطع](1) الأنملة والنصف؛ في ضربة، أو ضربتين؛ من رجل، أو رجلين، وإنما ذلك في الأنملة بعد البرء. ولو مات ما بقي منها، كان كزوال الأنملة؛ فلها فيها كعقلها. وكذلك فيما بقي من كل كف.
ولو أصيبت في ضربة، بأصبعين من كل كف، وهذا لا يختلف أنها ترجع في ذلك إلى عقل نفسها. وكذلك لو ضربت، ويدها على رأسها؛ فقطع لها [أصبعان](2)، وشجت مأمومة أو منقلة، كانت في ذلك كله راجعة إلى عقل نفسها، فإذا ضربت ضربة، [أزالت من كل كف أصبعين ثم ضربت بعد ذلك ضربة](3) أزالت ثلاث أصابع؛ أصبعين من هذه، وأصبعا من هذه؛ ففي الأصبعين مثل عقلها، وفي الأصبع كعقل الرجل.
وهذا كله من أوله قول ابن القاسم، وأشهب، وذكره ابن القاسم، عن مالك، وإنما ذلك في الخطأ، وإن كان من كف واحدة.
قال ابن القاسم فيه، وفي العتبية(4)؛ من رواية سحنون: لو قطع لها ثلاثة أصابع، من كف عمدا، فاقتص لها، ثم قطع لها الأصبعان الباقيان خطأً؛ كان فيهما عشرون من الإبل؛ كما لو أصاب الثلاث أمر من السماء.
ومن المجموعة، قال ابن القاسم، عن مالك: وإن قطع لها ثلاثة أصابع، من يد؛ فأخذت ثلاثين بعيراً، ثم قطع من الأخرى أصبع، أو أصبعان؛ في مرة أو
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(2) - لفظة (أصبعان) ساقطة من الأصل.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(4) - البيان والتحصيل، 16: 48.(1/453)
[13/460]
مرتين، ففيهما عشرة عشرة. ولو قطع لها أصبعان، من كل يد؛ في كل مرة(1) فأخذت عشرين بعيرا، ثم قطع لها من كل كف أصبع؛ في مرة، أو مرتين؛ ففيهما عشرة عشرة. وقاله أصبغ، وأشهب.
قال ابن القاسم: ولو قطع من هذه ثلاثة، ومن هذه واحدة؛ في مرة، فأخذت عشرين، ثم إن قطع رابع الثلاثة، ومن الأخرى أصبع، أو اثنان؛ ففي رابع الثلاثة خمسة، وفي الأصبع، أو الإثنين؛ من الأخرى عشر عشر؛ افترق الضرب أو اجتمع، ما لم يكن في ضربة أربع أصابع. وكذلك في الرجلين.
ومنه، ومن كتاب ابن المواز نحوه. قال ابن القاسم: وأما أسنانها، فلها فيما تصاب به من سن بعد سن خطأً، كدية الرجل، إلى أن تبلغ ثلث ديته، فإذا بلغتها، رجعت إلى عقلها/، [فيما بلغ منها](2) بعد ذلك؛ كان ذلك في مرة أو مرات.
قاله أشهب: في كل شيء له دية، وكذلك سمعها، وبصرها، ويحسب عليها ما تقدم من الجناية، في ذلك [العضو](3). قال ابن المواز: قد اختلف قول ابن القاسم؛ في الأسنان، فجعلها كالأصابع، بحساب ما تقدم إلى ثلث الدية. قال أصبغ. وقوله الأول: لها في كل سن خمس، ولا يحاسب بما تقدم، وإن أتى ذلك على جميع الأسنان، ما لم يكن في ضربة واحدة، بخلاف الأصابع.
قال أصبغ: ولا أرى ابن القاسم، إلا ارتكن إليه، وهو أحب إلى. قال ابن المواز: والأسنان عندي كالرأس، يصاب فيه بمواضح، ومناقل، فلا يجمع عليها إلا ما كان في ضربة، ما لم يكن من شيء واحد له دية، فيحسب منه ما ذهب، كالأرنبة، والسمع، والبصر. وأما المواضح، والمناقل، فلا يضم منه شيء إلى ما قبله.
***
__________
(1) - في ع (في مرة واحدة) عوض (وكل مرة) المثبتة من الأصل.
(2) - كذا في الأصل وكتبت في ع (فيما يقطع منها).
(3) - لفظة (العضو) ساقطة من الأصل.(1/454)
[13/461]
ومنه، ومنالمجموعة، قال ابن القاسم: وإن ضربها؛ منقلة، ثم منقلة؛ فلها في كل واحدة مثل ما للرجل ما لم يكن في فور واحد، وكذلك لو كان في المنقلة الثانية بموضع الأولى، بعد برئها، بخلاف اليد والرجل؛ لأن ذلك عضو واحد؛ يتبعض جرحه، ولا يكون بعض منقلة، ولا بعض موضحة.
قال: ولو أصابها في ضربة؛ بمناقل أو بمواضح؛ تبلغ ثلث دية الرجل، رجعت إلى عقلها. وهو قول مالك. قال أشهب: وإن كان ضربا بعد ضرب؛ في فور واحد، فهو مثله؛ كالسارق ينقل من الحرز قليلا قليلا، فإن كان في فور واحد، وقد أجمع على أخذ ما في البيت، فجعله ينقله قليلا قليلا؛ إما لضعفه، أو لئلا يقطع. فهي سرقة واحدة فليقطع، وإن كان سرقة[بدت له](1) بعد سرقة؛ فلكل سرقة حكمها.
ومن كتاب ابن المواز: وما كان من الجراح ضربا بعد ضرب؛ في فور واحد، فهو كضربة واحدة. قاله أشهب. واختلف فيه قول مالك، وعبد العزيز؛ فقال مالك: هو كضربة واحدة. قاله أشهب: قال مالك: إلا أن يريد ضربة واحدة، ثم يبدو له، فضرب أخرى. قال عبد العزيز: ما كان في ضربة واحدة، فبلغ ثلث دية الرجل، فلها فيه مثل عقلها، وما كان يفترق، فلا يضم بعضه إلى بعض./ قال أشهب: وقول مالك أحب إلي؛ كالسارق، واصل سرقته، ثم ذكر كما تقدم في المجموعة.
في دية أهل الكتاب، والمجوس، والمرتد(2)
من كتاب محمد، روى ابن وهب عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «عقل الكافر نصف عقل المؤمن»(3). وقضى به عمر بن
***
__________
(1) - (بدت له) ساقطة من الأصل.
(2) - هذا العنوان وما يشتمل عليه ساقط من ع مثبت من الأصل.
(3) - رواه الترمذي في باب دية الكفار من أبواب الديات والنسائي في القسامة.(1/455)
[13/462]
عبد العزيز، وقضى به السبعة من فقهاء التابعين؛ أن دية الكتابي على النصف من دية المسلم. واجتمع على ذلك أهل العلم. وإن دية نسائهم على؛ النصف من دية المسلم. واجتمع على ذلك أهل العلم. وإن دية نسائهم على؛ النصف من دية رجالهم. قال مالك، في المجموعة: وهذا أحسن ما سمعت. قال في كتاب ابن المواز ما أعرف في نصف الدية فيهم إلا قضاء عمر بن عبد العزيز، وكان إمام هذا، وأنا أتبعه.
ومن كتاب ابن المواز، قال: ودية المجوسي ثمانمائة درهم، ودية نسائهم أربعمائة درهم. وروى ذلك عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وجماعة من الصحابة، والتابعين. وعلى أهل الذهب، في الرجل ستة وستون دينارا، وثلثا دينار. والمرأة نصف ذلك. وذلك صرف اثني عشر درهما بدينار. وكذلك صرف الدينار.
قال أشهب: وجراحاتهم على حسب دياتهم. قال ابن المواز: فإن كانوا أهل إبل، فدية الرجل منهم ستة أبعرة، وثلثا بعير؛ على أسنان المخمسة؛ في الخطإ بعير وثلث؛ من كل صنف. وفي المرأة ذلك. وتجرى الديات أيضاً في أهل الذمة، على أهل الإبل إبلا، وعلى أهل الذهب ذهبا وعلى أهل الورق ورقا، وعاقلتهم. قال ابن المواز: وما جرحت المرأة منهم؛ فما يكون أقل من ثلث دية الرجل منهم، فذلك على حساب دية الرجل، فإذا بلغ ذلك ثلث ديته، رجعت إلى ديتها.
قال سحنون: في كتاب ابنه؛ في دية المجسو، إذا كانوا أهل إبل، مثل ما ذكر ابن المواز. قال: في الخطأ سبعة أبعرة إلا ثلث بعير، وثلث من كل صنف؛ من أسنان المخمسة، ياقي البعير. وأما الثلث؛ فإن شاء اشترى له ثلث بعير، وإن شاء جاء ببعير؛ فكانا شريكين. قال: وهكذا حساب دية أعضائهم؛ صغر ذلك، أو كبر.
ومن/ المجموعة، ذكر ابن القاسم، وأشهب، نحو ما تقدم؛ من طبقها على أهل الذهب، والورق، وذكر نحو ما تقدم؛ من دية النساء، ودية المجوس؛ عن مالك، وجراح أهل كل ملة؛ على جراح المسلمين، من دياتهم؛ من
***(1/456)
[13/463]
موضحة، ومأمومة، ومنقلة، وغيرها. وذكر نحوه عن مالك، وابن القاسم؛ في المجوس، ونسائهم، وجراحاتهم. وقاله أشهب. ومعاملة نسائهم في الجراح كرجالهم، مثل المسلمين. وكذلك أهل الكتابين.
ومن كتاب ابن سحنون، روي عن أشهب، وسحنون؛ أن عقل المرتد عقل المجوسي؛ في العمد، والخطأ؛ في نفسه وجراحه؛ رجع إلى الإسلام، أو ظل على ردته. وذكره ابن القاسم، وأصبغ. وروى سحنون، عن أشهب؛ قال عقله عقل الدين الذي ارتد إليه. وبقية القول في هذا، في الجزء الثاني؛ في باب النصراني، يقتل مسلما، أو كافرا؛ في القصاص؛ في باب القود بين الكافر والمسلم، من معنى هذا الباب.
ما يجب في الجنين من الغرة(1)
من كتاب ابن المواز؛ قضى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على ضارب أم الجنين بغرة: عبد، أو وليدة(2)، وذلك إذا ألقت جنيناً ميتاً(3)، أو ما يعرف أنه ولد، وإن لم يكن مخلقا. وقيمة هذه الغرة، على أهل الذهب؛ خمسون دينارا، وعلى أهل الورق؛ ستمائة درهم، وعلى أهل الإبل خمس فرائض؛ بنت مخاض(4)، وبنت لبون(5)، وابن لبون ذكر(6)، وحقه(7)، وجذعة(8). وقاله ربيعة، ولم يبلغنا عن مالك؛ في الإبل شيء ووقف عنه ابن القاسم، وقال: لا إبل فيها، وإن كان من
***
__________
(1) - الغرة بالضم: العبد والأمة.
(2) - رواه أبو داود في كتاب الديات باب دية الجنين ورواه مالك في موطئه في كتاب العقول باب عقل الجنين.
(3) - في الأصل (صبيا ميتا) والصواب ما أثبتناه من ع.
(4) - بنت المخاض من النوق: التي تكون في الثانية من عمرها.
(5) - بنت اللبون: التي تكون في السنة الثالثة.
(6) - ابن اللبون: الذي يكون في السنة الثالثة.
(7) - الحقة التي تكون في الرابعة وهي التي استحقت أن يحمل عليها.
(8) - الجذعة من الإبل: التي تكون في السنة الخامسة.(1/457)
[13/464]
أهل الإبل. وقال أصحابه بالإبل. قال أصبغ: ولا أحسب إلا وقد قال ابن القاسم أيضا بالإبل. وروى عنه أبو زيد؛ أنه قاله، وأما حجته أن الحديث: ليس فيه إبل، وهم أهل إبل؛ فهذا نكر عليه؛ لأنه قد خرج إلى الورق، على أهل الورق، وإلى الذهب على أهل الذهب. وقال أشهب: لا يؤخذ منه أهل البادية فيها إلا الإبل، ولا يؤخذ من أهل الذهب إبل، ولا ورق، ولا من أهل الورق/ إبل ولا ذهب. وقد قوم عمر الغرة عشر الدية للأم الحرة.
قال مالك، المجموعة: والغرة عبد أو وليدة، وهي من الحمران أحب إلي من السودان، إلا أن يغلوا، فمن أوسط السودان، والقيمة مضت في الغرة حسنة، وليست كالسنة المجتمع عليها، فإذا بذل غرة قيمتها خمسون دينارا، أو ستمائة درهم، قبلت منه، وإن كانت أقل، لم تؤخذ، إلا أن يشاء أهلها.
قال ابن القاسم: لا يؤخذ من أهل الإبل، ألا غرة، أو ما ذكر من قيمتها. وفي باب جنين الأمة ذكر ما يجب في جنين [الكوافر](1).
في صفة الجنين الذي [تجب](2)، فيه الغرة
وكيف إن استهل، والضربة عمداً أو خطأً،
وميراث الغرة
من كتاب ابن المواز، ونحوه في المجموعة، قال مالك: وإذا ضربت الحامل؛ فألقت الجنين؛ مضغة. قال في المجموعة: أو علقة، لم يتبين من خلقه عين، ولا أصبع، ولا غير ذلك، فإن عرف النساء أنه ولد؛ ففيه الغرة، وتنقضي به العدة، وتكون الأمة به أم ولد. قال ابن شهاب: تبين خلقه أو لم يتبين، وإن كانوا ثلاثة؛ في بطن؛ ففي كل واحد غرة.
***
__________
(1) - في الأصل (في جنين الكافر) والصواب ما أثبتناه من ع.
(2) - لفظة (تجب) ساقطة من ع مثبتة من الأصل.(1/458)
[13/465]
قال في المجموعة: كان جارية، أو غلاما. قال أشهب: بأي حال عرف، والنساء تعرفه، ما لم ينته خلقه إلى ما لا يجهله أحد.
قال في كتاب محمد: كان الضرب عمدا، أو خطأً.
قال ابن وهب، عن مالك: منازل الجنين؛ يكون مضغة، ثم عظاما ثم فيه الروح. قال مالك: ولم أسمع خلافا؛ أنه لا تكون فيه الغرة حتى يزايل أمه، ويسقط من بطنها ميتا. قال عنه ابن وهب: فإن ماتت، ولم يبن عنها؛ فلا شيء فيه. وإن خرج منها، ولم يستهل صارخاً، ففيه الغرة. ومن العتبية(1) روى أشهب، عن مالك؛ أن الاستهلال؛ الصياح، فإذا صاح؛ فله حكم الحي؛ في الصلاة عليه، وفي ديته، وميراثه، وليس العطاس استهلالا. قال ابن أبي سلمة، في غير العتبية وابن وهب: إن العطاس استهلال. قال ابن وهب:/ وكذلك الرضاع. وهذا مستوعب في كتاب الجنائز. وروى يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم؛ وإذا قام على الضرب رجل عدل، وعلى الاستهلال أمرأتان؛ لم يجب القسامة، وكذلك لو شهد رجل على رجل، ثم مات؛ لم تجب فيه القسامة، فإن صح حلف مع شاهده واقتص.
ومن المجموعة، ابن القاسم: وإن ماتت؛ من الضربة، ثم خرج جنينها بعد موتها [ميتا لم يكن فيه غرة ولم أسمعه من مالك والدية في الأم وعليه كفارة واحدة](2). وقال ابن نافع، عن مالك: وإن ألقت جنينين ففيهما غرتان، وإن استهلا؛ ففيهما ديتان [قال عنه ابن القاسم وإن استهل ومات والضربة خطأ ففيه الدية على العاقلة](3) قال ابن القاسم؛ بقسامة ولو ماتت بآخر في بطنها، قبل موت الخارج، أو بعد؛ ففي الخارج الدية بقسامة، وإن كان ميتا؛ ففيه الغرة، وفيها هي مع ما في بطنها دية أخرى والكفارة.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 464.
(2) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.(1/459)
[13/466]
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: إذا استهل، ثم مات؛ ففيه الدية بقسامة. قال ابن القاسم: كمن ضرب، ثم عاش. قال أشهب: إن كان حين استهل، مات مكانه؛ فلا قسامة فيه. وإن كان أقام، ثم مات، ففيه، القسامة؛ في العمد، والخطأ، وفيه الكفارة، ولا قود فيه؛ في العمد. وعمده كالخطأ؛ لأن موته بضرب غيره، وديته في العمد والخطأ على العاقلة. وإن ضرب بطن أمة؛ عمدا أو خطأ، أو غير بطنها؛ لأن إصابة الولد خطأً، والعمد لأمه. قال ابن القاسم في عمده القود، بقسامة.
وكذلك عنه، في المجموعة؛ أنه إذا تعمد الأجنبي ضرب البطن، أو الظهر، أو موضعا يرى أنه أصيب به؛ ففيه القود بقسامة، إذا استهل. فأما إن ضرب رأسها، أو يدها، أو رجلها؛ فطرحت دماء، ثم ألقت الجنين؛ ففيه الدية بقسامة.
قال ابن القاسم: دية الجنين؛ في ماله؛ لأن موته عن سبب ضرب عمد، وكذلك المغلظة، وكما يوضح الرجل عمدا، فيتنامى إلى ذهاب عينه؛ فمذهب ابن القاسم، أن دية العين تكون في ماله، وقد تقدم قول أشهب في هذا.
قال مالك: ودية الجنين يخرج ميتا، [في ماله](1)، دون العاقلة.
ابن حبيب: قال أصبغ: إذا ضربها البطن عمدا، حتى/ يرى أنه أراد أن يسقط ولدها؛ فماتت هي، وولدها بعد أن استهل، فليقسم ولاتها، وولاة الجنين: أن من ضربه ماتت(2). ويقتل بها [وإن عمد لضربها في غير البطن فليقسم ولاتها](3)،وولاة الجنين: لمن ضربه مات. ولهم ديته على العاقلة. وإن كانت الضربة خطأً، أقسم ولاتها على الضربة، وولاة الجنين؛ فكان على العاقلة ديتان. وإنما هذا إذا شهد على الضرب، وأما بقولها؛ فلا يقتل إلا في نفسها
***
__________
(1) - في ع (في مال الجاني) وأثبتنا ما في الأصل.
(2) - في الأصل (من ضربه ماتا) وأثبتنا ما في ع.
(3) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.(1/460)
[13/467]
وحدها. تجب القسامة في العمد؛ فيقتل بها، وفي الخطأ تكون الدية على العاقلة. ولا تكون في الجنين دية، ولا قود، ولا قسامة، عاشت أو ماتت؛ لأنها؛ شاهدة لابنها.
قال سحنون، في كتاب ابنه: إن قول ابن القاسم؛ في الأدب: تغلظ عليه دية ولده: إذا تعمد ضرب بطن امرأته؛ فألقت جنينا، فاستهل، ثم مات؛ لأن ذلك يقاد منه؛ في الأجني، [وقال غيره لا يقاد منه في الأجنبي](1) فعلى هذا لا يغلظ فيه.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا خرج الجنين حيا، فلم يستهل حتى قتله رجل؛ فلا قود فيه. وفيه الغرة، وعلى عاقلته الدية. وقال غيره: فيه الدية كاملة، ولا قود فيه؛ يقول: والدية في ماله. قال أشهب: [ولا يعجبني هذا](2) ولو لزم هذا، لزم مثله في المضروب في البطن يخرج حيا فيموت ولا يستهل. وإن كان قد قاله كثير من أكابر العلماء.
ولو ضربها؛ فماتت، وبقي الولد يركض في بطنها حتى مات، [فليس عليه إلا دية واحدة](3). قال مالك: ولم أسمع خلافه؛ لأنه لا غرة فيه، حتى يزايل بطنها.
قلت: فإن زايلها ميتا، أو حيا، ثم مات؟ قال: فأحب ما سمعت إلي؛ أن فيه الغرة، مع دية الأم، تحمله كله العاقلة، وكفارة واحدة. وفي العمد يقتل، ويؤخذ ماله في الغرة.
قال أشهب: لأنه لو استهل، وقد خرج بعد موتها. كان على الجاني ديتان، وكفارتان.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) - جملة (ولا يعجبني هذا) ساقطة من الأصل مثبتة من ع.
(3) - كذا في الأصل والعبارة في ع (فليس عليه إلا دية الأم).(1/461)
[13/468]
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز، ونسبه فيهما إلى ابن القاسم، وأشهب: وإذا خرج حيا، ومات قبلها أو بعدها بعد استهلاله؛ فآخرهما موتا، يرث/ أولهما موتا. فإن لم يستهل، فهي ترث نصيبها منه ماتت قبله أو بعده، إذ لا بعد حياته حياة. وإذا ألقته ميتا، بعد أن مات أبوه، عن امرأة أخرى؛ ولدت بعده، فإن ما ولدت يرث في تلك الغرة التي لأخيه. وإن ضربت؛ فألقت جنينا ميتا، وآخر مستهلا، ثم مات؛ ففي الميت غرة، وفي الآخر دية كاملة، وهو يرث في غرة أخيه؛ خرج قبل أخيه أو بعده.
قال ابن القاسم، وأشهب: وإن كان الأب الضارب؛ فلا يرث في الغرة التي لزمته، ولا يحجب عنها وارثا.
ابن حبيب: قال ابن الماجشون: قال ابن شهاب: الغرة موروثة على كتاب الله تعالى. وقال ربيعة هي للأم خاصة؛ لأنه ثمن له، وهو عضو من أعضائها. وقال ابن هرمز: هي للأبوين خاصة؛ على الثلث والثلثين، فإن لم يكن إلا أحدهما؛ فجميعها له.
وقال هذا مالك مرة. وقال به [عبد العزيز بن أبي سلمة](1)، والمغيرة. ورجع مالك إلى قول ابن شهاب. وقاله ابن أبي حازم، والدراوردي. ابن حبيب. وبه أخذ أصحاب مالك، وابن القاسم، وأشهب، وابن وهب. وهي روايتهم عن مالك، وبه قال مطرف، وابن الماجشون، وابن عبد الحكم، وأصبغ.
ومن العتبية(2) من سماع أشهب: وعن امرأة ضربت، فألقت جنينين، فإن لم يستهلا؛ ففيهما غرتان. وإن استهلا ففيهما ديتان. وروى أصبغ، عن ابن القاسم، في العبد يضرب بطن سيدته؛ فألقت جنينا ميتا، ولها زوج؛ أنها مخيرة بين أن تفدي العبد من الزوج بثلثي دية الجنين، أو تسلم إليه العبد كاملا ولا تسلم بثلثيه، كما لو جنى على سيده وعلى أجنبي، فإن لم يفده بدية الأجنبي، أسلمه كله. وفي باب جنين الأمة شيء من ذكر ميراث الغرة.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت الأصل.
(2) - البيان والتحصيل، 16: 110.(1/462)
[13/469]
في جنين الأمة، وأم الولد، والذمية، وكيف
إن استهل، وجنين البهيمة
من كتاب ابن المواز، قال مالك: في جنين الأمة عشر قيمة أمة. وقاله الحسن، وأبو/ الزناد. فإن استهل صارخا؛ ففيه قيمته. قال ابن عبدوس: قال ابن نافع، عن مالك أنافت على الغرة أو نقصت. قال أصبغ، عن ابن وهب، من كتاب ابن المواز: في جنين الأمة ما نقص من قيمتها. وقول مالك أحب إلينا. وهو قول ربيعة، ويحيى بن سعيد. وقاله ابن القاسم، وأشهب.
قال أبو زيد، عن ابن القاسم، في العتبية(1): إن ألقته ميتا؛ ففيه عشر قيمة أمة. وإن استهل صارخا؛ ففيه قيمته على الرجاء والخوف.
قال مالك في المجموعة: لا يبالي كان أبوه حرا، أو عبدا. وقاله ابن القاسم، وأشهب؛ لأنه تبع لأمة. قال مالك فيها، وفي كتاب ابن المواز: وفي جنين اليهودية، والنصرانية. قال في المجموعة: وفي المجوسية، عشر دية أمه، إلا أن تكون أمة كتابية حاملا؛ من سيدها، ففيها ما في المجوسية، عشر دية أمه، إلا أن تكون أمة كتابية حاملا؛ من سيدها، ففيها ما في جنين الحرة. وكذلك إن كانت كتابية حرة، تحت مسلم حر؛ ففي جنينها ما في جنين الحرة المسلمة؛ لأنه لو مات أبوه لورثه، إن ولد بعده حيا.
قال في كتاب ابن المواز: قال ابن القاسم: ولو كان زوجها عبدا مسلما؛ ففيه ما في جنين الحرة المسلمة، ولو قيل ففيه الدية كلها. وقال أشهب: فيه عشر دية أمه. وقول ابن القاسم أحب إلينا؛ لأن الجنين حر مسلم. وقد قال أشهب: يرث الغرة أمه، وإخوته، دون الأب. قال محمد: وهذا غلط، ولا ترث أمه الدية، ولا أحد من أهل الذمة شيئا؛ لأن الغرة، على فرائض الله تورث. وإن لم يكن له وارث مسلم، فبيت المال.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 110.(1/463)
[13/470]
ومن العتبية(1)، روى يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم؛ إذا ضرب مسلم بطن نصرانية؛ فألقت جنينها، فاستهل؛ فلا قسمة في أهل الذمة، ولا تجب دماؤهم إلا بالبينات.
ومن المجموعة، روى ابن القاسم، وابن نافع، عن مالك؛ في جنين أم الولد؛ من سيدها؛ أنه مثل جنين الحرة. وقاله أشهب؛ لأنه حر. قال عبد الملك: لا يضره رق أمه، ولا دينها، [ولا أنه يرجع](2).
ومنه ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم، عن مالك/، في جنين النصرانية؛ من المسلم، أو جنين، أم الولد؛ إذا استهل؛ ففيه الدية كاملة. قال مالك: وإذا أسلمت أمة النصراني، وفي بطنها جنين؛ ففيه ما في جنين النصرانية؛ وهو نصف غرة. والذكر والأنثى سواء. وقاله أشهب في المجموعة.
ابن القاسم: ولو استهل ثم مات، حلف وارثوه يمينا واحدة: أنه مات من ذلك، وأخذوا ديته.
وإن أسلمت مجوسية تحت مجوسي ففي جنينها ما في جنين المجوسي؛ أربعون درهما.
ومن كتاب محمد: وجنين امرأة الذمي فيه نصف غرة جنين المسلم. فإن استهل، ثم مات؛ ففيه دية نصراني على قاتله. وعليه كفارة. قال ابن القاسم: يمين واحدة. وقال أشهب: أما في قول مالك؛ الذي لا يرى في أهل الذمة قسامة ففيه دية بلا قسامة ولا يمين. وأما من رأى في أهل الذمة القسامة ومنهم عبد العزيز؛ فإنه يقسم عصبته، لمن ضرب أمة مات. ومن حجته؛ أن يقول: إعطاؤهم ذلك بقسامة، أحوط للمعطى، ولحرمته جعلت عليهم القسامة، لا لحرمتهم. وقد قال- صلى الله عليه وسلم-: «أيحلف لكم يهود، في البراءة مما ادعى عليهم»(3)؟!
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 15.
(2) - كذا في الأصل والعبارة في ع (وإلي الله يصعد) ولم يتبين لي علاقة العبارتين معاً بالموضوع.
(3) - رواه البخاري في الخصومات وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور والإمام مالك في موطئه في باب الأقضية.(1/464)
[13/471]
والعبد لا قسامة فيه، وإن كان قاتلا لم يثبت عليه الدم إلا بقسامة. وأخذ أشهب بقول عبد العزيز: والعبد كسلعة؛ فيه القيمة. والذمي فيه الدية، ولا شيء على طارح جنين الأمة؛ يكون ملكا؛ لأنه عبده.
قال ابن المواز في ضارب البهيمة: إذا طرحت ولدها؛ فإنما عليه ما نقص من قيمتها. وذكره ابن وهب، عن ابن شهاب، وأبي الزناد. وقال ربيعة: يجتهد فيه الإمام.
في صفة دية الخطأ، [والدية] المغلظة،
[ودية] العمد [إذا قبلت]، وذكر ما فيه
التغليظ، وذكر شبه العمد،
وأسنان الإبل في ذلك كله، وأسنان الإبل في الجراح،
وتغليظ دية الجرح، وما يتصل بذلك(1)
من المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز: وقد كتب النبي- صلى الله عليه وسلم-/؛ «أن النفس مائة من الإبل»(2). وهذا أصل الدية. قال ابن القاسم، وغيره: قال مالك: وقوم عمد دية الخطأ على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثنا عشر ألف درهم. فلا تغير هذه القيمة، ولا يؤخذ فيها بقر، ولا خيل، ولا غنم. ولا يؤخذ إلا من ثلاثة أشياء؛ الإبل، والذهب، والورق. على هذا العمل. ولا يؤخذ من أهل الإبل ذهب، ولا ورق ولا من أهل الذهب ورق ولا إبل، ولا من أهل الورق ذهب ولا إبل. وأهل الشام ومصر أهل ذهب، وأهل العراق أهل ورق. ابن حبيب: وكذلك أهل الأندلس. قال مالك: وأهل البادية، والعمود [قال أشهب](3)، وأهل الحجاز؛ أهل إبل. وأهل مكة منهم. وأهل المدينة أهل ذهب. [قال ابن حبيب أما مكة والمدينة والشام ومصر فأهل ذهب](4) وأهل الإبل الأعراب، وأهل الصحاري.
***
__________
(1) - ما كتب داخل العنوان بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) - ورد كتاب النبي هذا في الموطإ ضمن كتاب العقول وورد عند النسائي في باب القسامة.
(3) - (قال أشهب) ساقط من الأصل مثبت من ع.
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.(1/465)
[13/472]
قال أصبغ، عن أشهب في العتبية(1) أهل مكة والمدينة أهل ذهب. قال أصبغ: هم اليوم أهل ذهب.
ومن المجموعة، قال عبد الملك، عن مالك: وما روي من أحاديث مما يذكر فيها غير هذه الثلاثة أشياء، فمضطربة، ولم يصحبها العمل. والناس أهل عمود أو قرى. والغالب على أهل العمود، فيما مضي الإبل، وعلى أهل القرى الذهب والورق.
ومن كتاب محمد، والمجموعة: وربما زاد بعضها على بعض.
قال مالك: ودية الخطأ مخمسة؛ عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون ذكر، وعشرون حقه، وعشرون جذعة. قال ابن المواز: ورواه ابن وهب، عن ابن مسعود، وابن عمرو بن العاص، وعدد كثير من الصحابة، والتابعين. قال سليمان بن يسار: ما أصيب من الجراح خطأً، فعلى حساب المخمسة. وقالوا: في دية العمد إذا قتلت. وقاله مالك، والليث، وعبد العزيز بن أبي سلمة: أنها أربعة أسنان؛ وهي إناث كلها؛ وهي خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة.
قال ابن نافع، في المجموعة: إذا قبلت في العمد دية مبهمة، وهي أربعة أسنان، كما ذكرنا، بذلك مضت السنة، فأما/ إن اصطلحوا على شيء بعينه، فهو ماض على ما تراضوا به.
ومن كتاب ابن المواز، قال: فإن اصطلحوا في العمد على شيء، لزم ما تراضوا عليه، على ما سموا، فإن وقع الصلح على دية مبهمة، أو عفا بعض الأولياء، فرجع الأمر إلى الدية، فالدية في ذلك كدية الخطأ، إلا أن العاقلة لا تحمل منها شيئا، وهي في مال الجاني منجمة في ثلاث سنين. وإنما يفرق دية الخطأ من دية العمد؛ أن العاقلة لا تحملها. وأما الأسنان، فكما ذكرنا.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 67.(1/466)
[13/473]
ومن المجموعة، قال مالك: وإذا قبلت دية العمد، لم تنجم، وكانت في مال الجاني حالة.
وقال ابن نافع، في العتبية(1): دية العمد إذا قبلت، فهي أربعة أسنان. قيل في ثلاث سنين. قال يؤديها كما قال الله تعالى: { فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}(2).
وكذلك في كتاب ابن المواز، عن مالك؛ أنها حالة.
ومن المجموعة، الموازية، قال مالك: والدية المغلطة- قال أشهب: وهي شبه العمد- التي لا تكون إلا في مثل فعل المدلجي بابنه؛ ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة في بطونها أولادها، ما بين ثنية إلى بازل عامها. وروي مثله عن عمر، وأبي موسى، وزيد بن ثابت. وذكره ابن شهاب، عن النبي- صلى الله عليه وسلم-؛ أن في شبه العمد مغلظة(3)؛ على هذه الأسنان.
قال ابن المواز: ولا تبالي في الخلفات إذا كانت بوازل، أو ثنايا إذا كانت حوامل. ولا نبالي من أي الأسنان؛ كانت ما لم تكن كبيرة جدا. وأحب إلينا من الثنايا إلى بازل عامها. وقاله أشهب. قال: والحقة كمطروقة العجل.
ومن المجموعة، قال مالك: ودية الخطأ تجري في جراح الخطأ على أسنانها المخمسة. قال ابن الماجشون: وكذلك في اليد، وفي الأصبع، وفي الأنملة؛ ثلاثة أبعرة، وثلث مخمسة، وثلثا بعير من كل صنف، ويكون به شريكا.
وقال في كتاب ابن المواز مثله، وزاد في العمد؛ إن قبل الدية خمسة أسداس كل سن؛ من دية العمد المربعة؛ يكون به شريكا. قال محمد: وإن كانت
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 50.
(2) - الآية 178 من سورة البقرة.
(3) - يوجد بسنن ابن ماجة في كتاب الديات باب دية شبه العمد مغلطة وكذلك في سنن أبي داود في نفس الموضوع.(1/467)
[13/474]
موضحة، فإن له بعيرا وربعا من كل صنف منها ولو/ كانت خطأ، أخذ بعيرا من كل سن من المخمسة.
قال أصبغ عن مالك، في الأنملة تقطع خطأً: أحب إلي أن يؤتى بدية الأصبع؛ عشرة أبعرة على أسنانها، فيكون فيها شريكاً بالثلث، يجبر على ذلك شاء أو أبي. وأنكر هذا سحنون، في كتاب ابنه، وقال: لا يلزمه إلا أن يأتي بخمس، فيكون المجني عليه شريكا فيها بثلثها. وإن كانت أنملتين؛ أي سبع فرائض، إلا أنملة منها خمس صحيحة، وثلث من كل فريضة، أو يأتي بفريضة؛ شاركه بثلثها، أو يشتري ذلك منها.
ومن العتبية(1) والمجموعة، قال ابن القاسم، عن مالك: وله في التغليظ، في العين، واليد، خمس عشرة حقة، وخمس عشرة جذعة، وعشرون خلفة، وإن أخذ ذلك من أهل الذهب، نظر إلى فضل نصف الأسنان المغلظة، على نصف دية الخطأ، فزيد من الذهب، بقدر ذلك.
قال في المجموعة، قال غيره، وقاله سحنون: وإذا كانت جراح لا قصاص في عمدها؛ فلا تغليظ فيها، مثل الجائفة، والمنقلة، والمأمومة؛ فلا تغليظ فيها، كما لا قود فيهن في العمد.
قال سحنون في العتبية(2) مثله سواء. قال ابن القاسم، في العتبية(3): لا تغليظ في النفس، والجراح، إلا بين الأم، والأب، والجدود، والأبناء.
ومن المجموعة، قال ابن القاسم، وأشهب، وابن الماجشون، عن مالك: إن الأم كالأب سواء في ذلك. وقيل عن مالك: إن الجد كالأب في ذلك. قال عبد الملك: الجدود والجدات، كالأبوين في ذلك، وكما لا أقتلهم في ذلك، فإني أغلظ الدية عليهم.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 435.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 435.
(3) - البيان والتحصيل، 16: 107.(1/468)
[13/475]
قال ابن القاسم: وليس الأخ والعم وسائر القرابات مثل ذلك، إلا أن يكون جرى على وجه الأدب من القرابة، فيكون كالمعلم، وذي الصنعة، ما لم يتعمده بسلاح وشبه.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: التغليظ في الأدب، وأبي الأب، والأم، وأم الأم. وتوقف عن أبي الأم، وعن أم الأب، وأما عبد/ الملك؛ فجمع الجدود والجدات، وقال: هم مثل الأبوين في التغليظ. وقال أشهب: أما أم الأب فكالأم، وأما أبو الأم فأجنبي. وذكر مثل ما ذكر في القرابة.
قال ابن سحنون، عن أبيه: واتفقوا أنها تغلظ في الجد، والجدة، واختلفوا في الجد والجدة من قبل الأم. قال ابن القاسم: هما كالأم. وبه قال سحنون. وقال أشهب هما كالأجنبيين.
ومن المجموعة: والتغليظ في النفس والجراح عند مالك، وإن كان ذكر عنه غير ذلك. فالثابت عنه، وما عليه أصحابه؛ أن فيها التغليظ، إذا كان مثل ما فعل المدلجي فيها؛ صغر منها أو عظم، إلا أن يكون عمدا لا شك فيه. قال ابن القاسم: مثل أن يضجعه أو يربطه؛ للقتل، أو يشق بطنه، أو يدخل أصبعه في عينه عمداً؛ ليفقأ عينه، فليقص منه بالقتل، والجرح. وإن كان منه الخطأ؛ مثل ما هو من غيره خطأ، فلا تغليظ فيه، وإنما التغليظ في غير هذين الوجهين مما هو من غيره عمد، ومن الأب يشك فيه فينزل منه كالخطأ.
قال: والتغليظ عند ابن القاسم، وأشهب، وأصحابهما، كبر من الجراح، أو صغر. وقد روي عن ابن القاسم؛ قال: فيما بلغ ثلث النفس، فأكثر. وأخبرني عنه أبو زيد؛ قال ما بلغ ثلث الدية؛ فعلى العاقلة مغلظة، وما كان دون الثلث؛ ففي مال الأب والجد مغلظا، وكذلك في الجد للأم. وهذا غلط من أبي زيد. وهو قول أشهب.
ومن العتبية؛ من سماع ابن القاسم، وهو في كتاب ابن المواز، وابن عبدوس، قال مالك: وإذا لزم أهل الذهب دية مغلظة، نظر ما قيمة دية الخطأ
***(1/469)
[13/476]
المخمسة؛ من الإبل، فإن قيل: ستمائة دينار. قيل: وما قيمة المغلظة من الإبل، وهي ثلاث أسنان(1)؟ فإن قيل: ثمانمائة. كان له من الذهب دية وثلث، وكذلك على أهل الورق، وكذلك لو زادت مثلها؛ فله دينار من ذهب، أو ورق. قال سحنون في كتاب ابنه: أن قد أجمع أصحابنا على أنه ينظر ما زادت المخمسة؛ كم هو منها جزء؛/ [ولا يقال كم هو جزء](2) من المغلطة؟
ابن حبيب: قال ابن القاسم: تعتبر المغلظة، على أهل الذهب؛ بقيمة المغلظة إبلا، وقيمة دية الخطأ إبلا، فمات زادت المغلظة، زيد من الذهب بقدر ذلك. فإن كان البلد لا إبل فيه كالأندلس، نظر إلى قيمة الإبل في أقرب البلدان من الأندلس، مثل إفريقية وما يشبهها.
ومن كتاب ابن سحنون، قال سحنون: وتغلظ الدية في المجوس، في مثل فعل المدلجي. وأذكر قول عبد الملك: أنها لا تغلظ. قال: وهي في الخطأ؛ على أهل الإبل سبع فرائض، إلا ثلث بعير، وثلث من كل صنف من الخمسة الأسنان، وفي التغليظ ثلاثة أسنان، فقس التغليظ بين هذين، في أهل الذهب. وفي أهل الذهب والورق؛ في النفس والجراح، كما تقدم ذكره.
وقد ذكرنا اختلاف قول مالك، في التغليظ على أهل الذهب والورق؛ فقال: لا تغلظ بينهم. وقال: تغلظ. ويعتبر ذلك بالمخمسة، والمثلثة، وذكر عنه بعض البغداديين قولا ثالثا: أنه ينظر إلى قيمة أسنان المغلظة، من الذهب والورق؛ فيؤدى، ولا ينظر إلى أسنان دية الخطأ، وينبغي أن يكون في هذا القول ما لم ينقص من ألف دينار؛ في الذهب، فلا ينقص.
قال ابن المواز: وأما دية العمد، فما رأيت من زاد فيها على دية الخطأ؛ على أهل الذهب، والورق، ألف دينار، وإما اثنا عشر ألف درهم، ولا يعرف شبه الخطأ إلا في المغلظة إلا أشهب؛ فإنه قال: تغلظ دية العمد على أهل الذهب
***(1/470)
[13/477]
والورق؛ ينظر ما بين قيمتها، وفيه دية الخطأ، من الإبل، فيزاد مثله في العين. وكذلك روى يحيى بن يحيى، عن أشهب، أن دية العمد تغلظ في الذهب والورق؛ فيزاد ما زادت قيمة المربعة على المخمسة. وكذلك يغلظ عقل الجراح العمد، على ما زادت قيمتها في الخطأ، إلا أن يصطلحوا على أمر جائز.
محمد: ولم يره ابن القاسم.
قال ابن عبد الحكيم: وقد كان لمالك بعض الوقوف، في التغليظ على أهل الذهب، في مثل صنع المدلجي، ثم رجع، فقال: تغلظ في النفس والجراح. وكان لا يغلظ في الجراح./
وقال عبد الملك، في المجموعة: لم يختلف أصحابنا، في التغليظ، في أهل الذهب والورق؛ لأن العلة إنما هي قتل النفس، بما يشبه العمد، وهي من الأجنبي عمد، فدرئ عن الأب فيه القتل، وغلظت فيه الدية؛ لبعد قصده القتل، إلا فيما لا يشك فيه، أنه قاصد له؛ كالذبح، ونحوه. وقال كثير من الناس: لا يقتل بهذا أيضاً.
ومن كتاب محمد: ولم يذكر عن مالك، في حمل دية المغلظة شيئا. وابن القاسم يراها في مال الأب. وقال أشهب، وعبد الملك، وابن عبد الحكم: هي على العاقلة [ومن المجموعة ونحوه في كتاب ابن المواز(1) قال سحنون في كتاب ابنه: وأجمع أصحابنا، أنها حالة، وإن اختلفوا في أخذها من العاقلة، أو مال الأب [قال ابن حبيب](2). وقال مطرف: وهي على الأب حالة، إلا أن لا يكون له مال، فتكون على العاقلة حالة ليلا يطل الدم، كقول مالك في المأمومة والجائفة: وإن لم يكن له مال، فهي على العاقلة. يريد؛ في أحد قوليه.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع..
(2) - (قال ابن حبيب) ساقط من الأصل.(1/471)
[13/478]
ومن المجموعة، قال ابن القاسم، وابن الماجشون: [وتكون دية التغليظ حالة كما فعل عمر قال ابن القاسم](1) هي في مال الأب؛ لا تحمله العاقلة؛ لأنه عمد من غير الأب، ولا يرث منها شيئا، ولا من ماله. وقاله أشهب في الميراث. قال: لأنه كالعمد، وقد قال قوم: لا يرث قاتل الخطأ من المال، ولا من الدية شيئا، فكيف بهذا؟ [وقد قال غيرنا لا يقتله لتهمته إياه](2) فهو بالعمد أشبه.
قال عبد الملك، وأشهب: إلا أنها على العاقلة، إذا لم يجعل ذلك من الأب عمدا؛ يدل على ذلك قول عمر، لسراقة: أعدد لي على قديد(3) عشرين، ومائة بعير. وهو ليس بالأب، ولكنه سيد القوم. قال المغيرة: وبعد ذلك من الأب كاف، جاوز به حده، فكأنه كالمخطئ.
قال ابن المواز: وعبد الملك يراها على العاقلة حالة، واحتج بقول عمر لسراقة، فاختار منها مائة بعير؛ من الأسنان المذكورة. وقولهم: القسم. أحب إلينا. وذكر ابن حبيب عن عبد الملك، ما ذكر ابن المواز. وغيره قال: ومن تغليظها؛ تعجيلها.
قال أصبغ: آخر قولي ابن القاسم: أن تكون معجلة على الأب، في ملائه، [أو عدمه وكان يقول على العاقلة منجمة وبه قال أصبغ، وقال ابن حبيب بقول مطرف أن ذلك على الأب في ملائه](4) وإن كان عديماً؛ فعلى العاقلة، حالة. وقد ذكرنا/ قول سحنون: إن أصحابنا أجمعين، يقولون: معجلة. فمنهم من قال: على الأب. ومنهم من قال: على العاقلة.
قال سحنون، العتبية(5)، عن ابن القاسم: إنها في مال الأب حالة، ودية العمد إذا قبلت حالة. قال ابن المواز: وقد ابن القاسم، وأشهب، وعبد
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع..
(2) - ما بين معقوفتين عوض في ع بما يأتي (ويذكر أن عمرهم بقتله لتهمته إياه).
(3) - كتبت في الأصل (على ما يزيد).
(4) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(5) - البيان والتحصيل، 16: 49-50.(1/472)
[13/479]
الملك: لا يرث من ماله، ولا من ديته شيئا، بخلاف الخطأ. فهذا يدل أن العقل في ماله.
ومن المجموعة قال عبد الملك: وإذا حكم الحاكم بين أهل الذمة، في التغليظ، حكم بحكم الإسلام. ومن كتاب ابن المواز، قال عبد الملك: وإذا أقر الأب أنه قتل ابنه عمدا، مثل صنع المدلجي، فلا يلزم العاقلة بإقراره شيء وذلك في ماله، ولا يطل دمه.
ومن كتاب ابن سحنون؛ في إقرار الأب بقتل ابنه، فلا يغلظ فيه الدية، في ماله، بإجماعهم. قاله عبد الملك، وغيره.
ومن كتاب ابن المواز، قال عبد الملك: وإذا وقعت دية المجوسي مغلظة، ففيها سبع فرائض إلا ثلثا؛ حقتان، وجذعتان، وثلاث خلفات إلا ثلثا. ثم ذكر تغليظ دياتهم، في الذهب، والورق. وإذا رضي أهل الكتابين بحكمنا، حكمنا بينهم في المغلظة، في النفس، والجراح، كحكمنا. وأما المجوس، فلا يغلظ عليهم. قاله مالك، والمغيرة. قال عبد الملك: لأن دية الكتابي مشتقة من دية، ودية المجوسي ليست بدية، وإنما هي كالثمن مسمى، لم تؤخذ من دية. وأنكر سحنون قول عبد الملك في المجوسي. وقال: أصحابنا يرون أن تغلظ عليهم، إذا حكم، بينهم، ولأن علة التغليظ سقوط القود. ولم أر قوله شيئا من السماعات.
قال سحنون: قال ابن القاسم: وإذا قام شاهد على الأب، بمثل صنع المدلجي، أو شهود، إلا أنه حمل، وعاش، ثم مات، ففيه القسامة على من يرثه [سوى](1) ابنه، واستحق بذلك الدية المغلظة. قال أشهب: وفيه القسامة. وإن قال: دمي عند أبي خطأً.
قال سحنون، في كتاب ابنه؛ في مسألة ابن القاسم؛ فيمن قال: ذبحني أبي، أو بقر بطني: أنه يقسم، أنه يقسم، مع قوله، ويقتل الأب./ قال سحنون: يقبل قوله
***
__________
(1) - لفظة (سوى) لم تكتب في ع وبقي مكانها بياضا.(1/473)
[13/480]
من هو في إعداد الموتى، إلا أن يكون ذبحه، وبقيت أوداجه، ولم يجهز عليه. قال: وإن لم يفسر الابن كيف كان القتل، غلظت الدية في مال الأب.
ومن كتاب محمد قال ابن القاسم: وإذا ألقت المرأة ولدها في بئر أو مرحاض، فإن كان مهلكا مثل بئر ذات ماء كثير لا ينجو من مثلها، أو مرحاض لا ينجو من مثله، فإن قتلت به، رأيته صواباً، وإن كان غير ذلك لم تقتل به. قال ابن القاسم، عن مالك، في المجموعة في بقية المسألة: إن ألقته في بحر، أو بئر كثيرة الماء، وشبهه؛ [فهي أهل أن تقتل وإن كان مثل بئر الماشية](1) فلا تقتل. وذكر عن مالك فيما تغلظ فيه الدية؛ في النفس والجراح، مثل ما ذكر ابن المواز.
ومن العتبية(2)، رواها أشهب عن مالك، وقاله أصبغ، وقال: هذه متعمدة للقتل كالذبح. وقال ابن القاسم: إن كانت مثل البئر اليابسة التي لا يبعد أن يؤخذ منها(3)، وشبه ذلك، فلا تقتل، إلا أن تكون مهواة، لا تدرك ولا تنزل؛ فلتقتل، وإن كانت يابسة.
وقال ابن القاسم، في عبد تزوج حرة؛ فصار له منها ولد ابن عشر سنين، وهو بالقلزم، فركب به يريد الحجاز، ولم يعلم أمه، فغرق المركب، وهلك الغلام، ونجا أبوه، فقامت أمه تريد أخذ العبد فيما صنع بابنه. قال مالك: فلا شيء لها عليه.
وقد جرى في باب القصاص؛ بين القرابة، في الجزء الثاني، ذكر ما يقاد فيه من الأب، وما تغلظ فيه الدية، وقد تكرر معنى ما ذكرنا في هذ الباب، وفي صفة العمد والخطأ، شيء من ذكر شبه العمد، مما يشبه بعض ما في هذا الباب.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.
(2) - البيان والتحصيل، 15: 470.
(3) - في ع (التي يقدر أن يؤخذ منها).(1/474)
[13/481]
،،،،
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الثاني من أحكام الدماء/
[وهو كتاب القصاص من النوادر](1)،
ذكر العاقلة، وكيف تحمل دية الخطأ؟ وكيف
توظف عليهم؟ وهل تحمل العمد والإقرار؟
من كتاب ابن المواز، روى ابن وهب أن ابن عباس، وغيره؛ من الصحابة، والتابعين، قالوا: إن العاقلة لا تحمل عمدا، ولا عبدا، ولا صلحا، ولا اعترافا. وبهذا قال مالك؛ إلا أنه في الإعتراف ربما جعله كشاهد على العاقلة يوجب القسامة. وأما في الجراح فلا، إذ لا قسامة فيها.
ومن كتاب آخر: إن حمل العاقلة الدية أمر قديم، كان في الجاهلية، فأقره النبي- صلى الله عليه وسلم-.
والعاقلة: عشيرة الرجل وقومه، فإن حملوا ذلك بغير أقداح، وإلا ضم إليهم أقرب القبائل إليهم حتى يرتفقوا.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا وقعت على أهل إبل، فرضت على جميعهم، ولا يقدحون حتى يشترك البقر في البعير. وأنكر قول الشافعي: لا يزاد فيها على نصف دينار، ولا ينقص من ربع دينار. وقال: ما أعلم أحداً من أصحابنا وقت في ذلك توقيتاً.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ع.(1/475)
[13/482]
ومن المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز: ولم يحد مالك كم يؤخذ من كل رجل، وليس المكثر كالمقل. ومنهم من لا يؤخذ منه شيء لإقلاله. قال ابن القاسم، عن مالك: قد كان يؤخذ منهم عمن معهم في ديوان يؤخذ في العطاء، من كل مائة درهم، درهم ونصف. قال مالك: والمجتمع عليه عندنا، أنها على أحرار الرجال البالغين. ولا عقل على النساء، والصبيان. قال ابن القاسم: ولا على مديان. قال ابن الماجشون: ولا على معدم.
قال ابن وهب،/ عن مالك، في الكتابين: ليس في أموال العاقلة حد إذا بلغته لزمتهم، وإذا قصروا عنه لم تلزمهم. وليس هذا عند أحد علمته. إنما يجعل على كل رجل، مقدار ما يحمل، وإذا لم يكن ديوان، فإنما يجعل على فخد الجاني إن كان فيهم محمل لذلك، وإلا؛ ضم إليهم أقرب القبائل إليهم، فإن لم يحملوا ضم أيضا أقرب القبائل إليهم هكذا أبدا حتى يحملوا إذا كانوا أهل بلد واحد؛ مثل مصر، والشام، ولا يعقل مصري مع شامي، ولا شامي مع مصري. وإذا كان في القوم سعة لم يضم إليهم غيرهم، وقد فعل الناس في العقل، يطلبون فيه، فيعطى كل أحد بقدره، وأكره أن يبعث(1) فيه السلطان من يأخذه، فيدخل فيه فساد كبير.
قال سحنون، في كتاب ابنه: ويضم عقل أهل إفريقية بعضهم إلى بعض من طرابلس إلى طيبة.
ومن كتاب ابن المواز، وبعضه من المجموعة: مالك: ويؤدي معهم الجاني، وعلى الموسر بقدره، والمقتر بقدره، ومنهم من لا يؤخذ منه شيء؛ لإقلاله، وأنه ليس بشيء. وقاله أشهب.
قال عبد الملك: وإنما تجب على من كان من العاقلة يوم يقسم عليهم الدية، وتوظف حيا بالغا؛ ليس يوم مات، ولا يوم جرح، ولا يوم يثبت الدم، ولكن يوم
***
__________
(1) - في الأصل (أن ينفذ).(1/476)
[13/483]
تفرق؛ فيجعل على الملئ بقدره، وعلى المقتر بقدره، ثم لا يزول عمن مات بعد ذلك، أو أعدم، ولا يدخل فيها بعد ذلك من يبلغ من صغير، ويقدم من غائب أو منقطع، ولا يزاد على من أيسر منهم.
وقال أصبغ: من مات منهم؛ ممن جعل عليه بقدره، قبل أن يحل؛ فلا يكون ذلك في ماله، ويرجع ذلك على بقية العاقلة. قال: ولا يزاد في التوظيف على بني عمه، دينه أكثر مما يجعل على/ باقي العاقلة، ولكن ذلك سواء، على قدر المال والوجد.
قال أصبغ: ولا يدخل مع العاقلة صبي، ولا مجنون. وأما السفيه فيؤخذ من ماله بقدره، من قدرهم. قال ابن القاسم، وابن نافع: ويعقل السفيه البالغ مع العاقلة. ابن نافع: ولو كان نصرانيا سفيها لا يلي مثله ماله، وضعت عنه الجزية.
ومن العتبية(1)، قال أصبغ، عن ابن القاسم: يعقل السفيه، مع العاقلة، ويعقل معهم موالي القاتل. يريد من أسفل. قال سحنون في كتاب ابنه: لا يعقل المولى الأسفل مع العاقلة. وروى أصبغ عن ابن القاسم أنه يعقل معهم.
قال سحنون: وإذا جنى الرجل، وهو وقرابته معتقون، حمل العقل على قرابته إن حملوا، فإن لم يحملوا، حملها موالي الجاني. قال سحنون: في كتاب ابنه: ومن استحق بملك بعد توظيفها، رجع ما كان عليه على بقية العاقلة.
ومن المجموعة، ومنه ومن كتاب ابن المواز،قال ابن القاسم: وإذا وضعت وفرض على الرجل بقدره، فمات قبل الأداء فذلك في ماله. وقال عبد الملك: وهي على من حضر الحكم فيها؛ من حر بالغ، وحاضر حين الحكم، فإن كان كما بلغ أو قدم- يريد يوم الحكم- بتوظيفها؛ لا يوم ثبت الدم. وقد تقدم ذلك.
قال: ولا ينظر إلى من كان غائبا حينئذ؛ غيبة انقطاع، بخلاف من خرج لحج، أو لحاجة. فإذا وضعت، ثم بلغ صبي، أو أعتق عبد، أو قدم منقطع الغيبة بعد الحكم فيه، لم يلزمهم شيء، ثم لا سقط عن من مات، أو أعدم بعد ذلك.،
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 68.(1/477)
[13/484]
وقال أصبغ، في الميت: يرجع ما عليه، على بقيتهم.
ومن العتبية(1)، روى يحيى بن يحيى/ عن ابن القاسم، قال: في عاقلة الرجل، من أهل المدينة، يقع عليهم العقل، قبل أن يقسم عليهم، أو يرتحل إليهم رجال منهم، من مصر. فلا ينظر إلى من قدم أو ظعن، أو إلى من مات، ونحوه قبل أن يوظف عليهم. وإنما ذلك على من حصل يوم يوظف عليهم، لا يوم الحكم- يريد يوم الحكم بتوظيفها، لا يوم ثبت الدم- قال: إذ ليس بدين لازم، إلا من ظعن فرارا من الدية، فإنه يلحقه حكمها، حيث كان حيا، إذا قسمت على من حضر، لزمتهم، ثم لا يزول عن منتقل، ولا يلزم من قدم. والغرماء مبدون على طالب الدية. ولا يحاص بها الغرماء.
قال عنه سحنون: ومن مات بعد أن وظفت، كانت في ماله، كدين ثابت، ومن كان منهم مديانا فلا شيء عليه. قال سحنون: إذا رتبت صارت كدين ثابت يحاص بها. وقال يحيى، عن ابن القاسم، فيمن مات منهم بعد التوظيف: لم يكن في ماله، ولا على ورثته، ورجعت على بقية العاقلة.
فأنكر هذا سحنون، وقال إذا قسمت، صارت كدين ثابت. وعبد الملك يقول له: إنها لا تكون كدين ثابت حتى تفرق على من تقطع عليه، فتلحق بالذمم في الموت، والفلس، ولا يؤتنف فيها حكم، لعدم يحدث من ملاء، أو يسار معدم، أو قدوم غائب، أو عتق عبد، أو احتلام صبي؛ لا يدخل فيها من لم يكن دخل، ولا يزول من دخل.
قال ابن حبيب: وإنما يوظف على قدر المال والسعة والاحتمال. وليست على الصبي والمجنون، ولا على المرأة. وهي على السفيه المولى عليه بقدر ملائه يوم القسم، لا يوم القتل.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 8.(1/478)
[13/485]
قال يحيى، عن ابن القاسم: وأعدل ذلك؛ أن تجعل على أهل الغني منهم،/ ولا يؤخذ ذلك إلى الجزء الذي يقتضى في عام قابل.
ومن كتاب ابن حبيب، قال ابن الماجشون: ومن أسلم من البربر ولم يسبوا، فإنهم يتعاقلون كالعرب. فأما من سبي، وعتق، فعقله على مواليه. وقاله مطرف، وابن كنانة، وابن القاسم، وأصبغ.
قال ابن المواز: قال مالك: ومن أسلم، ولا قوم له، فالمسلمون يعقلون عنه، ويرثون عقله.
ومن العتبية(1)، روى عيسى، عن ابن القاسم، في الذي يقتل باطرابلس خطأً، وبعض عاقلة القاتل بها، وبعضهم بإفريقية، وهم كثير، والذين بأطرابلس نفراً يسير. قال يضم بعضهم إلى بعض.
ومن العتبية، قيل لمالك: ربما لم يكن في القرية إلا رجل واحد؟ قال: يضم بعض ذلك إلى بعض.
ومن المجموعة، وكتاب ابن المواز، قال مالك: ويدخل الجاني مع العاقلة في القوم، كرجل منهم. قال عنه أشهب: وتؤخذ العاقلة بالدية، وإن كرهها، وكره أن يبعث فيهم رسولاً؛ يجبى إلى ذلك؛ لما يخشى من الفساد في ذلك. قال أشهب: ولكن بعدهم على العاقلة وتكره العاقلة، على أداء ذلك إليهم.
ومن المجموعة، قال مالك: ومصر، والشام، أجناد قد جندت، فكل جند عليهم جرائرهم، دون من سواهم؛ لا يعقل أهل مصر مع أهل الشام. ومنه ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: ولا يعقل أهل البدو مع أهل الحضر. وإذا انقطع بدوي، فسكن قرية من أمهات القرى، ضم عقله إلى قومه، من أهل القرى. قال، في كتاب ابن المواز: وإن لم يكن هناك من قومه، ععد يحمل ذلك، ضم إليهم
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 486.(1/479)
[13/486]
من أهل القرى أقرب الناس بقبيلتهم. وكذلك القروي يوطن البادية؛ أهل العمود، فليعقل معهم. قال- يعني مالكا- في كتاب ابن عبدوس: وكذلك/ الشامي يوطن مصر، فإن لم يكن من قومه بمصر، من يحمل ذلك لقلتهم، أو ليس منهم بها أحد، فليضم إليه أقرب القبائل من قومه حتى يقووا على العقل.
ولا يعقل بدوي مع أهل القرى. ولا يجتمع في دية عن أشهب، وعبد الملك، في الجاني، في عاقلته أهل إبل، وأهل ذهب؛ أن الأقل في ذلك يتبع للأكثر، ولو كان ذلك متناصفا حمل كل فريق من ذلك ما هو أهله. ورواه ابن وهب، عن مالك. وهو خلاف مذهب ابن القاسم. وقال أشهب: أهل القرى، وأهل باديتهم يحملون جميعا العقل، عن الجاني إذا كان شاميا. وأرى أن لا يكلف البادي منهم الدنانير، ويقبل منه الإبل؛ بقيمتها دنانير.
ومن المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز، قال- يعني مالكا-: وإذا جنى مصري، فلم يقم عليه حتى أوطن العراق، فجنايته على أهل مصر. قال ابن المواز: وقال عبد الملك غير هذا؛ زعم أنه لا يراعى المنتقل، وإنما ينظر إلى قومه، فإن كانوا أهل بادية فعليهم الإبل، وإن كان الجاني من أهل القرى. وإن كان بعضهم بادية، وبعضهم في القرى وهم متناصفون، أو يقرب بعضهم من بعض؛ فعلى البادين ما يصير عليهم إبلا، وعلى أهل القرى ما يصير عليهم عينا. وإن كان احد الصنفين فقيرا لا مال له، فيجعل الأقل تبعا للأكثر. وإن كان أهل العمود الأكثر، كانت الدية إبلا؛ يؤدي معهم منها أهل القرى ما عليهم إبلا. وإن كان أهل القرى أكثر، فالدية عين، يؤدي بدوي مع قروي. قال عنه ابن القاسم: إذا كانت قبيلة الجاني بادية، وقراراً(1)، لم يحمل أهل البادية، مع أهل القرار. وقال أيضا مالك: لا يحمل البدو جناية/ أهل الحضر، ولا أهل الحضر جناية أهل البدو.
***
__________
(1) - المراد بأهل القرار اهل الحضر وسيفهم ذلك من قول مالك الأتي.(1/480)
[13/487]
ومن الكتابين، قال بكير بن عبد الله: وإذا قتل أعرابي قرويا فديته مائة بعير. وإن قتل قروي أعرابيا فديته ألف دينار، أو اثنا عشر ألف درهم، يريد على الغالب من أموالهم. قال: وقال مالك: وأعجب هذا سحنونا، وقال: إذا كان طائفة من عاقلته، بالبدو، وطائفة، بالقرى. فلا يجمع في دية صنفان، ولكن إن كان الجاني من أهل العمود؛ فالدية كلها إبل. وإن كان من أهل القرى؛ فالدية ذهب أو ورق. ويضم إليه أقرب القبائل إليه، إن لم يكن في موضعه محمل لذلك.
ومن كتاب ابن المواز، قال: واضطراب قول أشهب في ذلك؛ فقال: إذا اجتمعت البادية، والقرار، من بلد واحد؛ أخرج أهل البادية ما يلزمهم إبلا وإن كان الجارح ليس منهم. ويخرج أهل القرار حصتهم عينا وإن كان الجارح ليس منهم. وإنما تؤخذ الإبل من البدوي، بقيمتها إلا أن يشاء البدوي ذلك. وإنما لا يحمل القروي مع البدوي إذا كانت بادية غير بلد الجاني، أو حضر غير حضري. فأما إذا اجتمع ذلك كله في بلد الجاني فهو عليهم، كما ذكرنا. وقال به ابن عبد الحكم. وقال أصبغ بقول ابن القاسم.
وروى أصبغ، عن أشهب، في الدية تقع عن قتل بالفسطاط؛ أيدخل في ذلك قبيل القاتل من جميع عمل مصر؟ قال: لا. بل من ثوى بالفسطاط منهم. فإن لم يكن لها من يحمل ضم إليهم أقرب القبائل ممن بالفسطاط خاصة.
قال أصبغ: وقال في كتبه غير هذا. وهذا أحب إلينا. وهو قول قاله ابن القاسم؛ أن لا يعقل حضر مصر مع بدوها، ولا بدوها مع حضرها. ولا أهل مدينة مع بدوها؛ لأنهم أهل إبل، وأصل المدينة أهل ذهب.
قيل: فأهل الأجواف/ مثل بليس، وشبههم؟ قال: هم أهل حضر؛ من أهل ذهب.
قال مالك: أهل البدو، وأهل الحضر؛ لا يعقل بعضهم مع بعض. قال أصبغ: يعني وإن كانوا أهل مصر واحد. قال أصبغ: وكذلك أهل القرى، والكور؛ لهم الحضارة، بمنزلة بدوها. والكورة العظيمة؛ عندي حضارة وحدها،
***(1/481)
[13/488]
إن كان فيها من يحمل ذلك. وإن كان أهل ديوان، والعقل على تلك العرافة التي تأخذ معهم، وإن كانوا من غير قبيلته.
وقال أشهب: وإن كان منهم من ليس في الديوان؛ لا يدخلون مع من في الديوان، وإن كانوا كلهم من أهل الفسطاط. قال: وإن لم يكن في أهل الديوان منهم من يحمل ذلك، لم يدخل معهم الخارجون من أهل الديوان، وليضم إليهم من أهل الديوان، أقرب القبائل إليهم. وقاله أصبغ.
وقال أشهب: وهذا في ديوان عطاء، ودينار. وأما إذا انقطعت، فإنما ذلك على قومه؛ أهل ديوان، أو منقطعين. وقاله مالك، في كتاب ابن المواز، والعتبية(1)؛ من رواية أشهب؛ إذا كان العطاء قائما قائما دائما، فليعقل معه من معه، في الديوان؛ من قومه، أو غير قومه؛ إذا كان فيهم محمل. ويؤخذ منهم؛ من كل مائة درهم ونصف.
قيل: أفيعينهم من قومه من ليس معه في الديوان؟ قال: ما يفعلون ذلك. وإني لأرى ذلك. قال محمد: وليس ذلك عليهم.
ومن المجموعة، ذكرعن مالك نحوه؛ من تعاقل أهل الديوان، بعقل مع غير قومه. قال: وقد فعل ذلك. قال: وقد تأخر العطاء، وقل الديوان، حتى ضاعت العقول. وإن اضطروا إلى من ليس معهم في الديوان، من قومهم، أعانوهم. وقاله أشهب؛ إذا در العطاء، وأما إن كانت منقطعة فليحمل عنه قومه؛ كانوا في ديوان، أو منقطعين،/ وقد تعاقل الناس قبل الديوان.
وقال أشهب: وإذا جنى الساكن بمصر، وليس بها من قومه أحد، حمل جنايته أقرب القبائل إليه ممن بمصر، أو البلد الذي أوطنها، إن كان في عددهم محمل، وإلا ضم إليهم، أيضا، أقرب القبائل إليهم. وقال ابن القاسم مثله كله.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 473 وقد ورد ذلك في هذا الرسم بعموم الحكم لا بتخصيص الألفاظ.(1/482)
[13/489]
قال ابن حبيب: قال أصبغ: معاقلة أهل الحاضرة وما حولها من القرى والبادية معاقلة واحدة، إلا أن تكون باديتها أهل انتجاع، وبدو، فتكون معاقلتهم بينهم الإبل، ولا تضم إليهم الحاضرة، وإن قربوا. ولا يجتمع في دية إبل، ومال. وأما من لم يكن أهل إبل، وإن بعدوا من الحاضرة، وإذا كانوا مصر واحد، مثل القرى، وأشباهها؛ فهي معاقلة واحدة. وقاله ابن القاسم.
ومن المجموعة، قال عبد الملك في عشرة رجال، قتلوا رجلا خطأ، ومن قبائلهم أهل عمود، فلتقسم الدية على قبائلهم أعشارا، فأخرج أهل القرى منهم، ما يخرج أهل القرار، وعلى أهل العمود ما يخرج أهل العمود.
ومن كتاب ابن المواز، المجموعة، قال ابن القاسم: قال مالك: عقل الموالى تلزمه العاقلة؛ أهل ديوان، أو منقطعين. والولاء نسب ثابت.
قال: ولا يعقل ابن المرأة عنها، ولا زوجها، ولا إخوتها لأمها، إن لم يكونوا من قبيلتها. وميراثها لهم، وميراث مواليها لولدها، وعقلهم على قبيلتها، وهي السنة منذ زمن النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم. قال ابن وهب : وقضى به النبي- عليه السلام(1)-.
ذكر قول الله- تعالى، فيمن قتل من كافر
معاهد، أو مؤمن، لم يهاجر، ومن قتل الآن
من الصفين، من كافر بارز غير القاتل/
ومن كتاب العتبي، وكتاب ابن المواز، وغيره، قال مالك، في قول الله- سبحانه: {فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ}(2): ولم يذكر دية؛ فهو من أسلم، ولم يهاجر من مكة؛ فلا دية له؛ لقول الله-
***
__________
(1) - رواه في الموطإ كتاب العقول باب عقل المرأة وابن ماجة في السنن كتاب الدية باب عقل المرأة على عصبتها والنسائي في كتاب القسامة.
(2) - الآية 92 من سورة النساء.(1/483)
[13/490]
تعالى- {مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ}(1)، وأما قوله: {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}(2)، فهذا في هدنة النبي- عليه السلام-؛ أنه من أصاب منهم ممن أسلم، ولم يهاجر ففيه الدية؛ إلى أهله الكفار الذين كانوا بين أظهرهم. ألا ترى رد إليهم أبا جندل، بعد أن أسلم؟! فلذلك.
قال ابن المواز: قال ابن القاسم، في علج دعا إلى المبارزة، بين الصفين؛ فبرز إليه مسلم، ثم رماه آخر؛ لم يبارزه؛ فقتله: فإن ديته على الذي رماه؛ لأنه تأول فأخطأ. وليعتق رقبة. وقال أشهب: لا بأس أن يعينه، ولا دية عليه.
فيمن يعقل عن الذمي جرائره، وتأجيل
ديته، وجناية الحربي المستأمن
من كتاب ابن المواز، قال- يعني مالكاً-: وعاقلة النصراني، واليهودي، والمجوسي؛ هم الذين يؤدون معه الجزية؛ أهل إقليمه الذين يجمعه، وإياهم أداء الجزية. فإن لم تحملهم؛ ضم إليهم أقرب القرى منهم؛ من كورهم كلها، حتى يتبعوا. وإن كانوا أهل صلح، فالدية على أهل ذلك الصلح، وهي مؤجلة عليهم، كتأجيلها على عواقل المسلمين؛ كانت إبلا أو عينا؛ ثلثها في سنة، وثلثاها في سنتين.
قال أشهب في العتبية، من رواية البرقي إبراهيم بن أبي العاص، عنه، في الحربي؛ يدخل إلينا بأمان، فيقتل مسلما خطأ؛ قال: يحبس، ويرسل إلى أهل موضعه، وكورته التي هو منها، فيخبرونهم/ بما صنع، وما يلزمهم في حكمنا. فإن ودوا عنه، وإلا لم يلزمه إلا ما كان يؤديه معهم. وروى عنه سحنون؛ أن الدية في
***
__________
(1) - الآية 72 من سورة الأنفال.
(2) - الآية 92 من سورة النساء.(1/484)
[13/491]
مالك الجاني، وليس على أهل بلده فيها شيء. وروى أبو زيد عن ابن القاسم، قال: ديته على أهل دينه الحربيين.
ومنه، ومن المجموعة رواية ابن نافع، وأشهب، عن مالك: وما جنى النصراني على مسلم، من قتل أو جرح؛ تحمله العاقلة، فإنه يحمله أهل جزيته، وهم أهل كورته؛ الذين خراجه معهم، وهم الذين إذا جرح نصرانيا؛ وداو عنه.
ومن المجموعة قال أشهب: عاقلتهم أهل قراهم؛ الذين يجاورونهم، ويؤدون معهم الجزية، إن حمل ذلك أهل قريته، وإلا جعل على أهل الكورة؛ التي هو منها. وقال عبد الملك: أهل إقليمه ومجرى جزيته.
قال المغيرة: إن كانوا أهل صلح، فعليهم وإن اختلفت قبائلهم، وإن كانوا أهل جزية، فوجدت لهم معقلة يتعاقلون عليها، ويحملها بعضهم دون بعض، فأحملهم عليها، وإن لم يجد لهم ذلك، فحمل الجاني عقل ما جنى، في ماله. قاله ابن القاسم، وأشهب: يحمل جنايته بعضهم على بعض؛ عواقلهم، ما بلغ الثلث.
ومن كتاب ابن سحنون، قال ابن سحنون، عن أبيه: ويعقل عن الذمي أهل إقليمه؛ من أهل جزيته؛ على كل رجل بقدره، وينجم في ثلاث سنين، والنصف في سنتين، فإذا لزم رجلا منهم في ذلك خمسمائة درهم في دية، ودى ثلثها في كل سنة، ولا شيء على الفقير، ولا النساء، والصبيان، ولا يؤخذ من أحد شيء، حتى يتم سنة من يوم الفرض.
وإذا ألزمهم بمدينة قيروان إفريقية، دخل فيها من بإفريقية؛ من اليهود الذين يحملون معهم الجراح، ويحمل في ذلك الجراح بعضهم عن بعض، فكل من كان حمل معه الجراح، فكان جراحهم يؤخذون به، فهم يعقلون عنه. فإن لم يكن فيمن يحمل معه/ الجراح قوة على أداء العقل، أسلفهم الإمام من بيت المال، ولا يقد حدا.
***(1/485)
[13/492]
في تأجيل الدية على العاقلة، وتأجيل دية ما دون النفس
من كتاب ابن المواز، روى ابن وهب، أن عمر وصف الدية على العاقلة في ثلاث سنين، وثلثيها في سنتين، ونصفها كذلك، وثلثها في سنة. وبذلك أخذ مالك. وقال: نصفها في سنتين؛ لما جاء؛ أن الدية في ثلاث سنين أو أربعة، والثلاث أحب إلي. وبه أخذ أصحابه إلا أشهب؛ فإنه استحسن في النصف أن يؤخذ الثلث إذا مضت سنة، والسدس الباقي، في السنة الثانية. قال مالك: ولا ينجم أقل من ثلثها، وينجم الثلث سنة.
قال ابن المواز: ثم يؤخذ كله عند انقضائها، ويؤخذ ثلاثة أرباعها في ثلاث سنين. وكذلك قال ابن القاسم، في المدونة إلا أنه قال: في خمسة أسداسها، يجتهد الإمام في السدس الباقي.
قال ابن المواز: إذا جاوزت الثلثين بأمر بين؛ فهي كالكاملة، إلا أن يجاوز ذلك باليسير؛ فهي كلا شيء.
قال أشهب، في المجموعة: إذا جاوز الثلثين بما له بال، فالقطع في ثلاث سنين؛ في كل سنة ثلاثة، وإن لم يكن لما زاد بال فالقطع في سنتين، وأستحسن أن ما زاد على الثلاث في السنة الثانية، وإن كان ثلثها، وزيادة يسيرة، ففي سنة، فإن كان للزيادة بال؛ ففي سنتين؛ يؤخذ في السنة الأولى الثلث، وفي الثانية ما بقي. وهذا الذي قال أشهب كله، ذكر مثله ابن سحنون، عن أبيه.
وفي كتاب ابن حبيب، عن أصبغ، ومن كتاب ابن المواز: وإذا نجمت الدية، في ثلاث سنين، فلا يتعجل منهم شيء، فإذا تمت سنة أخذ ثلثها. وكذلك ذكر ابن حبيب، عن أصبغ، وزاد فيمن مات قبل السنة؛ ممن وضعت عليه، لم يكن ذلك في ماله، ورجع ذلك على بقية العاقلة.
وفي باب ذكر العاقلة، قول عبد الملك في هذا؛/ أنه في مال من مات.
***(1/486)
[13/493]
ومن كتاب ابن المواز، قال: وإذا لزمت الدية عواقل عشرة رجال، لزم قبيل كل رجل عشرها، في ثلاث سنين. وكذلك لو لزم رجلين، أو أكثر ثلث الدية، على عواقلهم، قسم ذلك عليهم، وأحلوا به سنة. وكذلك لو وجبت على عدد دية كتابي، أو مجوسي، لحملت عاقلة كل واحد منها، ما عليه في ثلاث سنين؛ كان القاتل مسلما أو غيره. قال أصبغ: فإذا انقضت سنة من يوم الحكم، أخذ منهم ثلثها.
ومن المجموعة قال أشهب: تقطع الدية في ثلاث سنين؛ كانت إبلا، أو عينا. وثلثها في سنة، وثلثاها في سنتين، ونصفها في سنتين. وقال: يجتهد فيه. وبالحولين أخذ ابن القاسم. وتنجم دية المسلمة أو دية الكافر أو الكافرة، على العاقلة في ثلاث سنين...
فيما تحمله العاقلة من جراح الخطإ، وهل تحمل من
جراح العمد شيئا؟ وهل تحمل دية الكافر؟ وجناية
الصبي، والمجنون، والسكران، وشبهه، والعبيد
من كتاب ابن المواز، ونحوه في المجموعة، قال مالك: والأمر المجتمع عليه عندنا؛ أن لا تحمل العاقلة من جراح الخطأ إلا قدر ثلث الدية فأكثر، وما كان دون الثلث، ففي ماله حالا، فإن لم يكن له مال اتبع به. وكذلك المرأة والصبي.
[قال ابن شهاب: فبعد السنة، أن لا يحمل من العمد](1) إلا ما تطيب به نفسا، قال أشهب: وعلى هذا جميع العلماء، إلا من خالف من أهل العراق. قال ربيعة: مضت السنة أن العاقلة لا تحمل إلا الثلث فصاعدا. وقد عاقد النبي- عليه السلام- بين قريش، والأنصار، فجعل العقل ينتهي إلى ثلث الدية(2).
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من ع مثبت من الأصل.
(2) - من كتاب الموطإ للإمام مالك كتاب العقول باب ما جاء في دية أهل الذمة.(1/487)
[13/494]
وقضى به عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز. وقاله ابن المسيب، وسليمان، وعروة، وكثير من التابعين.
قال مالك: ولا تحمل العاقلة دية العمد؛ لقول الله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}(1)، وأما من الجراح، فأما كل جرح لا يقدر على القود منه لخوفه، وهو قائم من الجاني، فالعاقلة تحمل ديته إن بلغ ثلث الدية.
قال ابن المواز: وقد قال مالك، في الجائفة، والمأمومة، والمنقلة؛ عمداً، قولين؛ فقال: يبدأ بمال الجاني، فإن عجز فعلى العاقلة. ثم رجع، فقال: بل كله على العاقلة. وكذلك كل ما لا يستفاد منه لخوفه فبلغ الثلث. وعلى هذا أصحابه أجمعون.
قال: وما أصاب من لم يبلغ من صبي أو صبية من المسلمين؛ فالعاقلة تحمله، وتحمل ما أصاب المجنون في حال جنونه، وجناية المعتوه. فذلك كله في العمد والخطأ سواء؛ في النفس وفيما بلغ ثلث الدية من الجراح، وما جنى المجنون في إفاقته، فهو مأخوذ به، لا يختلف في ذلك، وما كان في حال جنونه فهو كجناية المعتوه الذي لا يفيق. وأما السكران، والسفيه؛ فعليهم؛ القود؛ في القتل، والجراح.
وإن جن القاتل استؤني به، فإن أفاق قتل، وإن أيس منه؛ فالدية في ماله. وأما جناية النائم، فكا لخطأ فيما تحمله العاقلة.
قال أشهب: وما قيل عن عثمان، فيمن جلس إلى أعمى، فأصابه بشيء: أنه هدر غير معمول به. ولعل عثمان لم يقله. ولم يصح، بل عليه القود في العمد، وتحمل عاقلته الخطأ؛ من مبلغ ثلث الدية، فأكثر.
***
__________
(1) - الآية 178 من سورة البقرة.(1/488)
[13/495]
قال أشهب: ولا تحمل العاقلة ما جنى العبيد، ولا من فيه بقية من رق من أم ولد، أو مدبر، أو غيره. ولا تحمل ما جنى حر على عبد، ولا عبد على حر. ومن فيه بقية رق، كالعبد في ذلك. وإنما تحمل ما جنى الحر على الحر. وذهب بعض الناس أنها تحمل ما جنى الحر على العبد، إن بلغ نفسه ثلث قيمته، أو كثرت في ثلاث سنين، ولكن لا يبلغ به دية الحر. وأما ما كان/ دون قيمته؛ من حر، فلا تحمله العاقلة. وهذا خطأ من القول لا سلف له.
ومن المجموعة، والعتبية(1)، روى أشهب، عن مالك، في العاقلة تحمل ثلث الدية، فأكثر، فقال: إنما ينظر إلى ثلث دية المجني عليه، فتحمله العاقلة، ومن أصيب بجرح يبلغ ثلث ديته، وهو يهودي، أو نصراني، أو مجوسي، أو امرأة من أحد منهم، أو كانت مسلمة. فعاقلة الجاني تحمل ذلك في سنة.
ولو جنى مجوسي، أو مجوسية على مسلم؛ ما يبلغ ثلث دية الجاني، حمل ذلك عنهم أهل معاقلهم؛ وهم الذين يؤدون معهم الجراح؛ فحمل ذلك رجالهم دون النساء والصبيان، والمماليك.
ولو ضرب مجوسي أو مجوسية بطن مسلم، فألقت جنينا ميتا؛ حملته عاقلة الضارب.
وفي سماع أشهب، من العتبية(2)، قال ابن كنانة لمالك: الذي عرفنا من قولك؛ أن العاقلة تحمل دية المجروح؛ كان الجاني أو المجني عليه، رجلا أو امرأة. وقد حمل عنك في امرأة أصابت رجلا بجرح قدر ثلث ديتها؛ أن عاقتها تحمله. قال: كذب من قال هذا على، وحمل قولي، على غير وجهه. وقال ابن الماجشون: إنما يراعى ثلث دية المجروح.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 21.
(2) - البيان والتحصيل، 16: 21.(1/489)
[13/496]
ومن العتبية(1) روى يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم؛ أنه إنما ينظر إلى ثلث دية المجروح؛ كان رجلا أو امرأة. فإذا بلغ ذلك، حملته عاقلة الجاني.
قال: فإن جنى مسلم على يهودي، أو نصراني، أو مجوسي؛ لم تحمله عاقلة المسلم، بلغ ثلث دية هذا الكافر، أو أكثر، وإن بلغ النفس؛ لأنهم عندنا كالعبيد، إلا أن السنة مضت بدياتهم.
وروي عنه في موضع آخر؛ أن عاقلة المسلم تحمله إذا بلغ ثلث دية المجني عليه.
ومن المجموعة، قال مالك، في النصراني؛ يقتله المسلم خطأ: إن عاقلته تحمل ديته في رأي. وهو أمر لم يكن ببلدنا، وأرى أن يسأل عن ذلك البلدان الذين هذا بين أظهرهم عما مضى في/ ذلك. وقاله المغيرة، وأشهب، وعبد الملك؛ تحمله العاقلة.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، وأشهب: وإن جنى مسلم، على نصرانية، قدر ثلث ديتها، فذلك على عاقلته إن كان خطأ، وكذلك إن جنى مسلم على مجوسية جريحا يحمل ثلث ديتها فذلك على عاقلته. وإذا قطعت امرأة لرجل أصبعين، أو جرحا يكون قدر ثلث ديتها، حملته عاقلتها. واختلف في هذا قول مالك. وهذا أحب إلينا. وقاله ابن القاسم، وأشهب.
وقال عبد الملك: لا تحمل العاقلة إلا ما بلغ قدر ثلث دية الرجل. يكون الجاني من كان، والمجني عليه من كان. ولقد قيل له: والمرأة يقطع كفها، وفي ذلك أقل من ثلث دية الرجل؟ فقال: إنما ذلك بعد أن بلغت دية الرجل، ثم بعد، رجعت، فذلك على العاقلة. وإذا جنت مجوسية على مسلم أو مسلمة، أو كانت موضحة. واختلف فيه؛ فقال ابن القاسم: تحمل ذلك عاقلة المجوسية، أو المجوسي. وقال أشهب: لا تحمله؛ لأن ذلك لم يبلغ ثلث دية المجني عليه، ولو
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 21.(1/490)
[13/497]
كانت هذه الموضحة بالجاني، لم تبلغ ثلث ديته، فإذا كانت لا تبلغ ثلث دية الجاني ولا المجني عليه لو كان ذلك به، فلا تحمله العاقلة.
ومنه، ومن المجموعة، قال مالك، في الرجل يصيب امرأة، بقدر ثلث ديتها، فتحمله عاقلته، مثل أن يقطع لها أصبعين؛ لأن لها في ذلك أكثر من ثلث ديتها، في النفس، وكذلك في جائفتها، وكذلك إن أصابت امرأة امرأة، فإن أصابت امرأة رجلا بقدر ثلث ديتها، حملته عاقلتها؛ قال مالك: والأول أبين، وإن كانت الجناية قدر ثلث دية الجاني، أو ثلث دية المجني عليه، حملته العاقلة. قال يحيى بن عمرو: وهو قول أشهب.
ومن كتاب ابن المواز: وإن رمى رجل بحجر أو غيره؛ فشج ناساً شتى؛ كل واحد منهم موضحة، أو ملطاة، أو شجاجا مختلفة، إلا أن جميعها يبلغ ثلث الدية فقط، فإن العاقلة تحمل ذلك، وذلك بمنزلة/ رجل واحد يصيب ذلك في فور واحد.
ومنه، ومن المجموعة، قال مالك: ومن شج رجلا ثلاث منقلات؛ في ضربة، أو موضحة ومأمومة؛ في ضربة؛ فالعاقلة تحمل ذلك. وكذلك إن كان عن الضرب مواضح تبلغ ثلث الدية.
قال ابن القاسم، وأشهب: وكذلك لو أوضحه؛ فأذهب مع ذلك سمعه وبصره، أو سمعه؛ وعقله؛ فعلى العاقلة ديتان، وعقل موضحه. ولو شجه ثلاث منقلات؛ في ثلاث ضربات. فإن كان متتابعاً؛ لم يقلع عنه، فهو كضربة واحدة، وإن كان مفترقا؛ لم تحمله العاقلة.
قال مالك: وإن قتل عشرة رجال رجلا خطأ؛ فعلى قبيلة كل رجل عشر الدية في ثلاث سنين، ولو جنوا قدر ثلث الدية حملته عواقلهم في سنة.
قال ابن القاسم: وإن جنى أحرار وعبيد ما فيه دية الخطأ، فإن كان ما على الأحرار مثل ثلث الدية، حملته عواقلهم، وإن كان دون ذلك، ففي أموالهم.
***(1/491)
[13/498]
قال ابن عبدوس: وقال سحنون: تحمله عواقلهم، وإن نقص عن الثلث- يريد: نقص عن الثلث منابة الأحرار خاصة- وفي الجميع ثلث الدية، فأكثر. ورواها؛ قال سحنون وابن القاسم، عن مالك. وقال: وما لزم العبيد؛ ففداهم السيد؛ فهو منجم عليه كالعاقلة.
وبعد هذا باب فيما تحمله العاقلة، من جراح العمد التي لا قصاص فيها. وفي باب الرجلين يقتلان الرجل؛ أحدهما عمدا، والآخر خطأً، شيء من ذكر ما تحمله العاقلة، وكذلك، في باب تنامي الجراح. وبعد هذا باب؛ في جناية الصبي، والمجنون.
في العاقلة؛ تؤدي شيئا؛ تظن أنه يلزمها،
وهو غير لازم لها
والولي؛ يضمن عن صبي، ما ظن أنه يلزمه
من كتاب ابن المواز، قال: وإذا حملت العاقلة شيئا؛ ظنت أنه يلزمها؛ ثم رجعوا؛ فلهم الرجوع، ما لم يطل الأمر بعد الدفع السنين الكثيرة،/ التي يرى فيها أن قد علموا ذلك.
قال ابن وهب؛ عن مالك، في صبي؛ رمى صبيا بحجر، فبرئ من جرحه، فمات، فضمن عم القاتل الدية، ثم رفع إلى الإمام؛ فضمن العاقلة الدية، وودوا بخمسين، ثم أرادوا طلب العم بما ضمن. قال: ليس لهم ذلك، إذا كانوا قد رضوا.
قال مالك: في العتبية(1)- من سماع ابن القاسم-: إذا كانوا قد رضوا، واقتضوا(2). قال ابن المواز: ولو لم يرضوا؛ نظر في العم، فإن ضمن وهو يعلم أن
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 454.
(2) - كتبت في الأصل وع (اقتصوا) بالصاد المهملة وكتبت في البيان والتحصيل (اقتضوا) بالضاد المنقوطة وهي التي أثبتنا في النص.(1/492)
[13/499]
ذلك على العاقلة لزمه ذلك. وإن ظن أنه لا يلزمهم، وأنه على ابن أخيه، لم يلزمه شيء، وهو إنما يلزمه ما ضمن، حتى يعرف أنه عمل على أن ذلك عنده كان لازما، لابن أخيه، أو له. فإما إذ قد رد ذلك على العاقلة، فقد نقد عليهم.
ذكر ما تحمله العاقلة، من العمد الذي لا قصاص فيه،
وهل تحمل العاقلة جناية
المرء على نفسه؟ أو إقراره بالقتل خطأً؟ وذكر ما
لا قصاص فيه من العمد. وقد تقدم في باب ذكر العاقلة؛
أنها لا تحمل عمداً، ولا اعترافاً، ولا صُلحاً، ولا عبداً
ومن كتاب ابن المواز، والمجموعة، قال مالك: المجتمع عليه عندنا؛ أن من قبلت منه دية العمد في نفس أو جراح؛ أنه في ماله وذمته دون العاقلة، إلا أن يتطوعوا؛ لقول الله سبحانه: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}... الآية(1).
ومن قطع يمين رجل عمدا، ولا يمين له؛ فدية ذلك في ماله وحاله. ويؤدب.
قال ابن المواز: ومن قول مالك؛ أن العاقلة لا تحمل من الجراح، إلا كل جرح، يمنعها من القصاص منه، أنه متلف؛ كالجائفة، والمأمومة، والمنقلة، وكسر الفخذ والصلب والضلع، وقطع الحلقوم.
قال عبد الملك: ما بلغ من ذلك ثلث الدية.
قال ابن المواز: بخلاف/ من جنى على عين، أو يد، وليست هي منه باقية، ولقد روي عن مالك، في المأمومة، والجائفة عمدا؛ أن يبدأ بمال الجاني فيها، فما عجز، فعلى العاقلة. م قال: ما ارى بأسا أن يكون على العاقلة. قيل: والجاني ملئ؟ قال: ما أرى من أمر بين.
***
__________
(1) - الآية 178 من سورة البقرة.(1/493)
[13/500]
قال عنه أشهب: ما سمعت فيه سنة ماضية. وما يكون إلا على العاقلة، والجاني كرجل منهم. وإلى هذا رجع مالك، وثبت، وأجمع عليه أصحابه.
قال ابن عبدوس: إلا المغيرة؛ فأخذ بقوله الأول.
قال في الكتابين: وعاب(1) ابن الماجشون قوله الأول؛ أنه إن لم يكن للجاني مال؛ فذلك على العاقلة. فقال: لو لزمه شيء، لم يخرجه منه عدمه، ولما امتنع فيه القصاص، لزم العاقلة، كما جعل عمد الصبي عليهم حين امتنع فيه القصاص.
قال مالك: والمجتمع عليه عندنا؛ أنه لا قود في الجائفة، والمأمومة، والمنقلة. قيل: فما روي عن ابن الزبير؛ أنه أقاد من منقلة؟ قال: لم يمض عليه الأمر، ولم أرهم يأخذون به.
قال ابن المواز: وروى ابن وهب، أن النبي- عليه السلام- دفع القود في المأمومة، والجائفة، والمنقلة(2).
قال ابن شهاب: مضت السنة بذلك. وقاله أبو بكر، وعمر؛ في كل ما لا يقدر على القود منه.
قال مالك: واللسان إن كان متلفا، لم يقد منه، وإن لم يكن متلفا أقيد منه. وليس في الصلب والفخذ قود. قال ابن القاسم: ولا في الضلع. وذلك مما تحمله العاقلة. وليس في البصر أو السمع يصيب بعضه قود.
ومن المجموعة، قال أشهب: ويفرق بين المأمومة والجائفة، وبين اليد المفقودة من الجاني؛ أن اليد لو كانت باقية أقيد منها وهذه باقية، والقود مرتفع، ولو أصيب الجاني، في رأسه في ذلك الموضع بمثل ذلك، لم يبطل دية المأمومة. ولو أصيبت يده؛ بأمر من الله- يريد: بعد جنايته- بطل القود والدية.
***
__________
(1) - في الأصل (وأعاب) والصواب ما أثبتناه من ع.
(2) - كتاب الموطإ للإمام مالك كتاب العقول باب ما جاء في عقل الشجاج.(1/494)
[13/501]
قال أشهب: ومثله المسلم يقتل الذمي، أو يقطع يده عمدا أن العاقلة تحمله. وكذلك/ عمد الصبي والمجنون.
وقال ابن القاسم: لا تحمل العاقلة من جنايته على النصراني، إلا جائفته ومأمومته، وقد أجمع الناس أن العاقلة لا تحمل العمد، ولم يكن عند مالك حمل العاقلة المأمومة والجائفة، كالسنة القائمة، ولكنه استحسنه. ولو أوضح رجلا؛ فترامى ذلك إلى ذهاب عين أو غيرها؛ اقتص من الموضحة، فإن لم يترام إلى مثل ذلك؛ عقل له ما بقي في مال الجاني.
قال سحنون: إلا يترامى إلى ما لو افتدى فعله، كان على العاقلة؛ لأنه متلف، فيكون ذلك عليها.
قال مالك، فيمن أقر بقتل الخطأ، ولا بينة على ذلك: فإن لم يتهم على غنى ولده، وهو ثقة لا يخاف أن يكون أرشي، فالدية على العاقلة بقسامة في ثلاث سنين.
قال ابن القاسم: فإن لم تقسم ولاته، فلا شيء على المقر، في ماله. وقاله أشهب.
قال ابن حبيب: قال ابن الماجشون، في المقر؛ أنه قتل فلانا خطأً: إنه يضمن الدية في ماله؛ إذ لا تحمل العاقلة اعترافا، ولا عمداً، ولا عبداً، ولا صلحا. ولا يطل الدم. وقاله أصبغ؛ قالا: وذلك إن مات بعصا، فأما إن أربت، فلابد من القسامة في الخطأ، والعمد. وذكر قول ابن القاسم.
ومن المجموعة، قال مالك: ولا تحمل العاقلة ما جنى المرء على نفسه؛ من عمد أو خطأ؛ لقول الله تعالى: {وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً}(1)، ولم يذكر قتله نفسه.
***(1/495)
[13/502]
قال ابن القاسم: وإن أقر رجلان أنهما قتلا فلانا خطأً أو عمداً، وفلان معنا، فليقسم ولاتُه خطأً، إن كانا عدلين، ولا يقتلان في العمد؛ لأنهما مجرحان، وقولهما في الخطأ لوث بينة، وليس لهم أن يقسموا على المقرين خاصة. ويأخذا ثلثي الدية، لكن على البينة يقسمون.
قال أشهب: وأما اعترافه بالجراح الخطأ، فلا تلزم العاقلة؛ إذ لا قسامة فيها.
قال سحنون في موضع آخر: اختلف عن مالك في الإقرار/ بالخطأ؛ فقيل عنه: على العاقلة بقسامة. وقيل عنه: على المقر في ماله.
وقال ابن دينار: ليس عليه إلا ما يلزمه مع العاقلة.
وفي باب ضمان الطبيب، شيء من ذكر ما تحمله العاقلة من العمد.
وفي باب القصاص بين العبد والحر، والمسلم والكافر شيء من ذلك.
وفي باب صفة العمد والخطأ، في القتل والجراح؛ في الجزء الثاني.
وفي باب ما أصاب الكلب العقور ونحوه. وأبواب بعده من هذا الكتاب شيء من ذكر ما تحمله العاقلة.
في كفارة القتل، وفيماذا تجب، وذكر ما يحمل
محمل الخطأ في الكفارة
من المجموعة، وكتاب ابن المواز، بمعنى واحد قال ابن القاسم، وابن وهب، وغيره، عن مالك: ذكر الله- سبحانه- الكفارة في قتل الحر خطأ، فقال: { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}، إلى قوله: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ}(1). وأنا أستحسن في العبد الكفارة.
***
__________
(1) - الآية 92 من سورة النساء.(1/496)
[13/503]
قال في كتاب ابن المواز: قتله عمداً او خطأً. وقال في الكتابين: وكذلك الذمي كالعبد. واستحب في جنينها الكفارة. قال أشهب: هي في العبد أوجب من الذمي؛ لأن الله ذكر الدية، والكفارة في نفس مؤمنة. والعبد مؤمن، وقيمته ديته. ولا أحب تركها في الذمي؛ لأن فيه دية، والله سبحانه قرنها مع الدية.
قال مالك: ومن ضرب عبده؛ بمعنى الأدب، فمات، فليكفر. وكذلك في أجيره النصراني.
قال مالك: في جماعة قتلوا رجلا خطأً: فعلى كل واحد منهم كفارة.
وقال عنه ابن القاسم، فيمن ضرب بطن امرأة؛ فألقت جنيناً ميتاً: أحب إلي أن يكفر. قال ابن المواز: وقاله عنه أشهب: لا كفارة عليه.
ولم يرها عليه أشهب، وقال: ليست بنفس، وكأنها جرحها جرحاً. ولو استهل كانت فيه كفارة.
وروى أشهب، عن مالك؛ أن كفارة على من قتل جنينا/ في بطن أمه؛ فألقته ميتاً. قال عنه ابن نافع في الكتابين، ورواه أشهب في العتبية(1)، فيمن قلع لمولى له صغير، قد أثغر، سنا بقي له تتحرك؛ قال في العتبية: فقال له: أنزعها لك؟ فقال: نعم. فنزعها له بخيط.
قال في هذه الكتب: فأقام ثلاثا، ثم مات، وقد كان في رجله قرحة. فأمره أن يكفر. وقال: ما أدري؛ هل ذلك عليك؟ فإن كان عليك، فقد وديته، وإلا أجرت.
وعن التي تشرب الدواء؛ فسقط؛ قال مالك: ما أرى بأسا، إذا كان دواء يشبه السلامة.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 108.(1/497)
[13/504]
وقد يركب الرجل الدابة؛ فتصرعه. وقد كوى النبي- عليه السلام- أسعد ابن زرارة، فمات(1).
وقال في التي أسقت ولدها دواء؛ فشرق](2) فمات، فما الكفارة بواجبة عليها، فإن فعلت، فهو خير(3). وكذلك الطبيب يسقى رجلا دواء؛ فيموت. فإن كفر، فحسن، إن كانا مليين. وليس بواجب.
قال عنه أشهب: لا كفارة في هذين، ولا دية.
ومن العتبية(4)، روى أشهب؛ عن مالك؛ في امرأة توجر(5) ولدها أو تسعطه(6): فلا عقل عليها فيه، ولا على العاقلة، ولا كفارة. وكذلك الطبيب؛ يداوي رجلاً؛ يموت؛ فلا دية على عاقلته.
ومن المجموعة، وكتاب ابن المواز، قيل لمالك: فقاتل العمد؛ يعفى عنه. أيُكفر؟ قال: إن فعل فهو خير له.
ومن كتاب ابن المواز، وعن السيد يؤدب عبده أو أمته؛ فتموت؛ فليكفر أحب إلي. قال محمد: وكذلك المعلم يؤدب الصبي، أو الزوج زوجته. وعن المرأة؛ نامت على ولدها؛ فأصبح ميتا؛ فخافت أن تكون قتلته. قال تكفر. فقيل: فالدية على عاقلتها؟ قال: ومن يعلم أنها قتلته. زاد في كتاب ابن عبدوس: فإن تبين به حمرة؛ فديته على عاقلتها.
***
__________
(1) - جاء في سنن الترمذي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زراة من الشوكة وذكره الحافظ ابن حجر في الفتح في كتاب الطب باب من اكتوى أو كوى غيره.
(2) - لفظة (شرق) ساقطة من الأصل.
(3) - في الأصل (فإن فعلت فهو ذلك).
(4) - البيان والتحصيل، 16: 108.
(5) - توجر ولدها: تشقيه الدواء عن طريق الفم وسمي الدواء المسقي عن طريق الفم بالوجور.
(6) - كتبت في الأصل خطأ تسقطه بالقاف لا بالعين والصواب ما أثبتناه يقال أسعطه الدواء إذا أدخله في أنفه وسمي الدواء الذي يدخل عن طريق الأنف بالسعوط.(1/498)
[13/505]
[وكذلك في العتبية(1)، من سماع ابن القاسم، قال أشهب، فيمن أعطى صبيا دابة فمسكها؛ فقتلته: فعلى عاقلته الدية، ولا كفارة عليه. ولست أرى الكفارة إلا فيما خرج عن/ يده؛ من عمد أو خطأ. فأما بئر يحفرها، حيث لا يجوز له، أو يربط دابة بموضع لا يجوز له؛ فيموت بذلك واحد؛ فالدية على العاقلة، ولا كفارة في هذا.
ومن أمره رجل؛ أن يضرب عبده، فضرب به أو أعانه على ضربه؛ فمات، فلا ضمان عليه، وليكفره.
وقال مالك، في غلام محتلم أحدثت أخته، فجنى، فقتلها؛ فسأل مالكا، وقال: قد عفا عني، وكنت جاهلاً. قال: تكفر بعتق، أو صيام شهرين متتابعين، وتكثر الإستغفار، وتتقرب إلى الله- سبحانه- بما قدرت عليه من الخير. وقال له: أما الصوم، فهو عليك ههنا شديد؛ فأخره إلى بلادك. فقال: لي عبد ببلدي. أفأعتقه الآن؟ فقال له: وما يدريك ما حاله؟ قال: إن لم يكن حيا؛ أعتقت غيره. قال: أصبت.
في جناية الصبي، والمجنون، والنائم، والسفيه
والسكران، وجرح العجماء
ومن كتاب ابن المواز روى أن أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلياً، جعلوا عمد الصبي كالخطأ.
قال أشهب: وبذلك مضت السنة، وبذلك قال العلماء، إلا ما كان دون الثلث؛ ففي ماله. وفي ذمته، إن لم يكن له مال. وبه حكم عمر بن عبد العزيز برأي الفقهاء. وقاله مالك.
وكذلك المجنون؛ كان ذلك؛ لسيف أو غيره.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل. لم يتيسر تحديد ذلك.(1/499)
[13/506]
وعمدهُمُا كالخطأ.
قال أشهب: ومثله في المجموعة، عن ابن القاسم، عن مالك، في كتاب ابن حبيب، ورواية عن علي، في المجنون.
ومن كتاب ابن المواز، قال: وإن كان رجل يفيق(1)، في رأس الهلال، فما أصاب في خبلة، فعلى عاقلته؛ فيما كان الثلث، فأكثر. وما أصاب في إفاقته؛ من عمد؛ أقيد منه.
وما جنى غلام لم يحتلم، أو صبية لم تخص؛ من عمد؛ فهو الخطأ، وما كان بعد الحيض والإحتلام، أقيد منهما وإن كانا في ولاء.
قال ابن المواز: عمد الصغير كالخطأ. وإنما الصغير الذي يعرف ما يعمل،/ وله قصد.
وأما الرضيع، فلا شيء فيما أفسد، وكسر. قال ابن القاسم: وفي الرضيع، يفسد شيئا، أو يكسره؛ لؤلؤا، أو غيره، أو يرميه في بئر وشبهه؛ إنه لا شيء عليه، ولا يتبع بشيء. قيل: فقأ عين رجل؟ فوقف، ثم قال: تكلم الناس في هذا. وما كسر عندي أبين.
قال: ويؤدب الصبي، إذا كان يعقل ما صنع.
وإذا رُجئ من أدب المعتوه أن يكف، ولئلا يجعله عادة، فليؤدب.
وإذا كان صبي يحبو أو صغير، فجنى؛ فليس عليه عقل ولا غيره، كالبهيمة.
ومن كتاب ابن المواز، والعتبية(2)، قال ابن القاسم: وما أفسد الصبي، أو كسر من قارورة أو استهلك لؤلؤة، ففي ما له إن كان ابن سنة فصاعداً قد جنى.
***
__________
(1) - كلمة (يفيق) كتبت محرفة في الأصل وآثرنا استعمالها لمناسبة سياق الكلام.
(2) - البيان والتحصيل، 16: 144.(1/500)
[13/507]
قال في العتبية(1) فأكثر ينتهي إذا زجر، وأما ابن ستة أشهر ونحوها لا يزدجر إن زجر، فلا شيء عليه.
وقال في المجنون أو المعتوه لو وقف على [إنسان](2) فخرقة ثيابه أو كسر له شيئا، فلا عرم عليه.
قال أشهب، قضى غلي في مجنون قتل رجلا؛ أن ذلك على عاقلته.
ومن المجموعة ذكر نحو ما تقدم كله عن مالك، وابن القاسم وقال: قال ابن القاسم: وما جنى المجنون في إقامته من حد فلم يقم به حتى زال عقله، فليسلم إلى ولاة المقتول، وأما لو ارتد ثم تجنن فلا اقتله حتى يصح، لأني أدرأ حداً بالشيهة، ولا أفعل مثله في حقوق الناس.
وقال ابن القاسم: القتل والجراح والحدود سواء لا تقام عليه حتى يفيق، فإن أيس منه، كان العقل في ماله متى أفاد مالا.
قال ابن نافع، عن مالك، وهو في العتبية(3)، من رواية أصبغ؛ في المجنون يكسر شيئا في السوق، أو يفسده: إنه يتبع به في ماله مثل جرحه.
قيل: فالصبي يسرق الشيء، فيستهلكه؟ قال: أشبه ذلك أن يتبع/ به، وما هو بالبين، ومن الأمور ما لا يتبين. أيضا وكذلك ما كان دون الثلث من جراحاته. وأما الصغير المملوك، فذلك في رقبته، وهذا مثله، وليس بالبين. قال ابن نافع: هو لا شك دين عليه.
قال عنه ابن القاسم: ما أفسد الصغير، ففي ماله، وذمته؛ يتبع به. وقال أشهب: فيه وفي المجنون والمولى عليه.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 144.
(2) - (إنسان) ساقطة من الأصل.
(3) - البيان والتحصيل. لم يتيسر تحديد موقعه في الأصل.(2/1)
[13/508]
ومثله في العتبية(1)، من رواية عيسى، عن ابن القاسم، قال ابن القاسم، وأشهب: وما أصاب النائم في نومه؛ من جرح بلغ الثلث فعلى عاقلته. قال أشهب: ودون الثلث ففي ماله، كالمجنون، والصبي؛ لايعقل.
وروى مالك؛ أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «جرح العجماء جبار»(2)، وفي الحديث غير ذلك. وبه أخذ مالك.
ومن العتبية(3)، روى عيسى، عن ابن القاسم؛ وكل شيء يلزم العبد في رقبته من غير النفس والجراح فهو في مال الصبي، والسفيه، وفي ذمتهما إن لم يكن لهما مال. ويقطع المولى عليه في السرقة.
وكل ما أصاب المجنون المطبق، والصبي الذي لا يعقل؛ ابن سنة ونصف ونحوها؛ من فساد في أموال الناس، فهو هدر لا يتبع به.
ومثل أن يشعل المجنون ناراً في بيت، أو يهدم بنيانا، أو يكسر آنيه. أو الصبي يكسر لؤلؤة، أو يلقي جوهرا في النار؛ فذلك هدر.
وما أصابا من قتل، أو جرح؛ يبلغ ثلث الدية، فأكثر؛ حماله عواقلهما. وما كان دون الثلث، يتبعان به، في المال وفي الذمة. وأما الكبير المولى عليه؛ فيقاد منه في العمد في النفس والجراح، وأما الخطأ؛ فعلى العاقلة، إلا ما نقص عن الثلث ففي ماله.
قال ابن القاسم: ويقاد من السكران. قال أشهب: بخلاف المجنون. وفي باب السائق، والقائد شيء.
وفي باب آخر من جناية العجماء، وهي الدابة/.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل. لم يتيسر تحديد موقعه في الأصل.
(2) - أخرجه الجماعة من حديث أبي هريرة بلفظ العجماء جرحها جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس وجاء في الموطإ الإمام مالك في باب جامع العقل من كتاب العقول.
(3) - البيان والتحصيل، 16: 144.(2/2)
[13/509]
... فيما يحدث؛ عن فعل الطبيب، والخاتن،
والبيطار، ومتولي القصاص، والأدب، والمعلم
وشبهه، ومن عنف في وطء امرأته؛ فأفاضها،
أو قتلها، أو كسرها، ومن أذهب عذرة امرأته بضربة
ومن المجموعة، قال ابن القاسم: لا ضمان على الطبيب، والحجام، والختان، والبيطار؛ إن مات أحد مما صنعوا به، إن لم يخالفوا.
قال مالك: ومعلم الكتاب، أو الصنعة؛ إن ضرب صبيا ما يعلم أنه من الأدب؛ بعصا، أو أدبه، فجاوز به الأدب؛ ضمن ما أصاب من ذلك.
وكذلك الطبيب؛ يعالج إنساناً، فيوتى على يديه، فإن لم يكن له بذلك علم، أو دخل فيه جرأة، وظلما، وإن مثله لا يعمل مثل هذا، ولا يعرفه، فليستاد عليه، وليقدم إليهم الإمام في قطع العروق وشبه ذلك؛ أن لا يتقدم أحد منهم، على مثل هذا إلا بإذنه، وينهوا عن الأشياء المخوفة التي يبقى منها الهلاك ولا يتقدموا فيها إلا بإذن الإمام، وأما المعروف بالعلاج؛ فلا شيء عليه.
قال ابن نافع، عن مالك: ولينذرهم ويقول: من داوى رجلا؛ فمات؛ فعليه ديته، وأرى ذلك عليهم إذا أنذروا، مثل أن يسقي صحيحا؛ فيموت مكانه؛ فهذا سم. أو يقطع عرقاً؛ فلا يزال يسيل دمه حتى يموت.
فأما من يعالج؛ فمنهم من يعيش، ومنهم من يموت؛ فليس من ذلك. وقد أسقى رجل جارية بها بهق(1) شيئا؛ فماتت من ساعتها، فهل هذا إلا سم؟ ولا يضمنون قبل التقدم إليها.
ومن العتبية(2) قال عيسى: من غر من نفسه، لم يغرم. ودية ذلك على عاقلته.
***
__________
(1) - البهق: بياض يعتري الجلد يخالف لونه، ليس من البرص.
(2) - البيان والتحصيل. لم يتيسر لنا تحديد النص من المرجع المذكور.(2/3)
[13/510]
قال أشهب، عن مالك، فيمن سقاه طبيب دواء؛ فمات، وقد سقى أمة قبله؛ فماتت: أيضمن؟ قال: لا. ولكن لو تقدم إليهم في ذلك، وضمنوا؛ كان حسنا. ويقال لهم:/ أي طبيب سقى أحداً، أو بطة(1)؛ فمات؛ فعليه ضمان.
وروى أصبغ، عن ابن القاسم؛ في طبيب مسلم أو نصراني؛ سقى مسلما دواء؛ فمات؛ فلا شيء عليه، إلا أن يقر أنه سقاه سما؛ أراد به قتله.
قال ابن حبيب: روى عن علي ابن أبي طالب- رضي الله عنه- في البياطرة والحجامين والمتطببين؛ أن من تقدم منهم على صبي أو مملوك؛ بغير إذن وليه، فقد ضمن.
ومن المجموعة قال مالك؛ في الحجام يقطع حشفة صغير، أو كبير، أو يؤمر بقطع يد قصاصا، فيقطع غيرها، أو زاد في القصاص: فهو من الخطأ؛ على عاقلته، إلا دون الثلث؛ ففي ماله. عمل ذلك بأجر، أو بغير أجر. وإن أمره عبد؛ أن يختنه، أو يحجمه، أو يقطع عرقه، فهو يضمن ما أصاب العبد من ذلك؛ إن فعله بغير إذن سيده. علم أنه عبد أو لم يعلم.
وكذلك لو بعثه إلى سفر؛ بغير إذن سيده، فعطب، ثم استحق.
قال عنه على وابن وهب: ومن ضرب عبده فعجز عنه؛ فأمر غيره؛ فضر به؛ فمات. لم يضمن، وليكفر. قال عنه ابن وهب؛ فيمن دخل ببكر إلى الصغر، فعنف في وطئها، فلم يقم إلا يسيرا، حتى ماتت. فإن علم أنها ماتت؛ من ذلك؛ فعليه الدية، وليجلد أهلها(2)، وليكفر.
قال عبد الملك: إن كان فيها محمل للوطء؛ فلا شيء عليه. وإن كان مثلها لا يحمل ذلك؛ فعليه العقل كالحجام، والبيطار. وهو كالخطأ.
***
__________
(1) - بطه بيطه بطا: شق جرحه وبط الجرح شقه.
(2) - في ع (وليحد أهلها).(2/4)
[13/511]
قال سحنون: إنما تجلدهم؛ على قول من يرى أن إقراره بالخطأ؛ في ماله.
قال عبد الملك: ولو اغتصبها، فلو علم أنها لم تمت من الوطء؛ لم يلزمه إلا ما يلزم المغتصب، الذي لم يمت من فعله. ولكن لعل ذلك؛ من غصبه إياها، وهو متعد عليها؛ فعليه العقل، وذلك كالخطأ.
قال: ومن أسلم في كبره، فأمره رجل أن يختتن، ولم يرد هو ذلك. فاختتن؛ فمات؛ فمات؛ فلا شيء على الآمر،/ ولا على الخاتن، إذا لم يخطئ؛ لأنه فعل ما يلزم.
قال ابن المواز، عن ابن القاسم، فيمن وطئ امرأته؛ فأفاضها. فهو كجرح، وحكومته في ماله. فإن بلغ الثلث، فعلى عاقلته. ولو فعله بأجنبية، كان في ماله، وإن جاوز الثلث، مع صداق المثل، والحد.
ومنه، ومن العتبية(1)، من سماع ابن القاسم: ومن دفع امرأة؛ فأذهب عذرتها؛ فعليه قدر ما شأنها، في ماله، كالجراح. قال في العتبية(2): وكذلك لو صنع ذلك بها، بأصبعه، أو صنعته امرأة، أو غلام.
قال ابن القاسم: ومن أذهب عذرة زوجته؛ بأصبعه، ثم طلقها؛ فعليه قدر ما شانها، مع نصف الصداق، وينظر ما شانها عند الأزواج؛ في حالها، وجمالها.
قال أصبغ: فإن فعلته بها امرأة؛ بأصبعها؛ فعليها ذلك. وقال في صبيان؛ أمسكوا جارية لصبي؛ حتى افتضها؛ فعليه، وعليهم قدر ما شانها. وعليه الأدب- يريد وعليهم- وإن كانت ثيبا، فلا شيء لها، وعليها الغسل واجب، وعلى الصبي، وليس ببين في الصبي. قال أبو محمد: لعله يريد: عليها الغسل، إن كانت كبيرة؛ فأنزلت، فإن لم تنزل؛ فذكر الصبي كالأصبع، إلا أن يستحب لها ذلك.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 95.
(2) - البيان والتحصيل، 16: 95.(2/5)
[13/512]
قال ابن حبيب: روي عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- أتي في رجل؛ أبرك امرأته، فدسرها دسرا(1)، فألقاها على وجهها، فبدرت(2) ثنيتاها. فقال: هي مطيته يرتحلها كيف شاء.
فيما أصاب الكلب العقور، والجمل الصؤول،
والحائط المائل، والإبل العوادي على
الزرع، وما أفسدت المواشي
ومن قول مالك، وأصحابه: إن ما روي (أن جرح العجماء جبار)(3)، إذا جنت، من غير تعد. من مالكها، في ذلك.
ومن المجموعة، ونحوه في كتا ابن المواز، من قال ابن القاسم، وما ذكر عن أشهب، في الكتابين، ولفظ المجموعة أتم./
قال ابن القاسم: وأخبرت عن مالك؛ في الحائط المائل المخوف، إن أشهد على ربه، ضمن ما عطب به. قال ابن القاسم: وإن لم يشهدوا عليه، لم يضمن. وقاله أشهب؛ إن بلغ من شدة الميل، والتغرير به، فلم يهدمه، وقد أمكنه هدمه، ضمن ما أصاب به؛ أشهد عليه، أو لم يشهد؛ لأن ترك الإشهاد لا يزيل لازما، ولا يوجب عليه غير واجب، كإيقاف دابته بموضع لا يجوز له. ولكن إن تقدم إليه السلطان، في هدمه، وإيقاف دابته؛ باجتهاد منه، فهذا يضمن ما كان عن ذلك، وليس نهي الناس يوجب عليه أمراً.
قال ابن القاسم: وليس إشهاده، على من الدار بيده برهن أو كراء، بنافع، إن كان ربها حاضرا. وإن غاب، رفع إلى الإمام.
***
__________
(1) - دسرها دسرا: دفعها دفعا.
(2) - كذا في الأصل وكتبت في ع قدرت وذلك غير مناسب لسياق الكلام والظاهر أن اللفظتين معا حرفتا عن قوله (فكسرت) ثنيتاها.
(3) - سبق تخريجه عن أبي هريرة بلفظ العجماء جرحها جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس.(2/6)
[13/513]
وقال أشهب: لا شيء على ربها، ولا على من هي بيده؛ بكراء أو رهن، إذا لم يكن مخوفاً بحضرة ربها، ثم غاب. فإن كان هذا؛ فهو ضامن دون من هي بأيديهم، ولو أمرهم السلطان بالهدم، والبناء، فلا شيء عليهم.
قال محمد بن عبد الحكم: وينبغي للقاضي، إذا كان الحائط مخوفا، أن لا يهمل أصحابه، إن حضروا، حتى يهدم على السكان، فإن لم يحضروا، أمر بهدمه، وأنفق في ذلك، من بعضه، إن لم يجد لهم مالا.
فإن كان لصبي؛ في ولاية أب، أو وصي؛ فإليهما يتقدم السلطان، فإن لم يفعل من قدم ذلك إليه، حتى يسقط؛ فما أفسدوا، أو قتل؛ كان ذلك في ماله؛ من أب، أو وصي، دون مال الصبي؛ إذا أمكنهما الهدم فتركاه.
ومن الكتابين، روى ابن وهب، عن مالك، فيمن اقتنى كلبا في داره؛ لماشية، وعقر أحدا، وهو يعلم أنه يعقر الناس؛ ضمن ذلك.
وقال عنه ابن القاسم، بلاغاً: إنه إن تقدم إليه؛ ضمن. قال ابن القاسم: يعني: إن اتخده بموضع لا يجوز له اتخاذه؛ فإنه يضمن. وإن اتخذه بموضع يجوز له؛ لم يضمن، إلا أن يتقدم إليه.
ومن العتبية،/ روى عبد الملك بن الحسن، عن ابن وهب؛ في البادية الصؤؤل، تعدو على الصبي المملوك، فتقتله، وهي مربوطة، أو أفلتت من رباطها، وقد كان أعذر إليه جيرانه فيها، أو السلطان، قبل ذلك؛ قال: لا يضمن حتى يقدم إليه السلطان بعد المعرفة بالصؤل أو العقر، فلم يحبسها، أو يضربها، فعقرت؛ فهذا يضمن؛ في قول مالك؛ دون الثلث؛ في ماله. وإن كان الثلث فأكثر؛ فعلى العاقلة. هذا في الحر، فأما في العبد؛ ففي ماله جميعه. وقال أشهب: لا يضمن رب الدابة على كل حال؛ تقدم إليه السلطان، أو اشتكاه(1) جيرانه.
***
__________
(1) - في النسختين معا كتبت على شكل (أو اشتبهاه) ولعل ما أثبتناه هو الصواب.(2/7)
[13/514]
قال ابن المواز: قال ابن القاسم: إلا أن يكون مما له اتخاذه، في داره، مثل كلب يصيد به لا لحراسة داره؛ فلا يضمن من عقر؛ دخل بإذن، أو بغير إذن، إلا أن يكون ربه علم أنه يعقر، فيضمن.
قال محمد: أصل هذا إن اتخذه فيما لا يجوز له، أو لحراسة الناس. ضمن. وكذلك إن كان بموضع يجوز له، إلا أنه قد عرف، أنه يعقر، وإنما اتخذه لمن يسرق. فأما إن اتخذه؛ لما لا يجوز له اتخاذه، وفي موضع يجوز له، فلا يضمن. قال ابن وهب، عن مالك: إن اقتناه في داره؛ للماشية، ضمن إذا علم أنه يعقر.
قال محمد: لأنه للناس اتخذه؛ لأن الماشية في النهار، لا يخاف عليها، إلا من الناس. ولو اتخذه لغيرهم. وحيث أذن الرسول- عليه السلام- باتخاذه(1)، لم يضمن، حتى يتقدم إليه، وهو قول أشهب.
ومن الباب الثاني، من هذا مسألة من هذا المعنى.
قال مالك: إذا تقدم إلى رب الكلب الضاوي، والبعير، والدابة؛ ضمن ما أفسدوا بعد ذلك؛ ليلاً أو نهاراً.
قال مالك، في الجمل الصؤول؛ صال على رجل؛ فخافه؛ فقتله: إنه هدر، إذا ثبت أنه صال عليه. فإن لم تقم بينة، ضمن الجمل.
قال عنه علي: إذا تقدم إلى ربه؛ ضمن فيه، وفي الكلب؛ عقرا في دار أهلهما، أو غير دارهم.
قال ابن القاسم: وكل ما ضمنه بسبب/ الكلب العقور، والجمل الصؤول؛ فهو في ماله، حتى يبلغ الثلث، فيكون على العاقلة. وإن لم يشهد على
***
__________
(1) - رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب المسافاة باب الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخة وبيان تحريم اقتنائها إلا لصيد أو زرع أو ماشية.(2/8)
[13/515]
قتله إلا شاهد واحد، حلف ورثة الميت يمينا واحدة، وأخذوا الدية. ولا قسامة فيما أصابت العجماء، إلا مع قول الميت، ولا بشهادة شاهد.
وكذلك، في كتاب ابن المواز، في ذلك كله، وكذلك في الثور العقور، والكلب، والجمل الصؤول، وغيره من العجماء، إذا عرف بالعدي على الناس، فليقدم إلى رب ذلك، فما عقر بعد التقدم، ضمنه في ماله، إلا ما بلغ الثلث؛ فعلى العاقلة. وكذلك روى عيسى، عن ابن القاسم، في ذلك كله من أوله. إلا أنه قال: يحلفوا(1) يمينا واحدة، ويأخذوا ذلك من ماله؛ كان ذلك، الدية كاملة أو أقل.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: إذا كانت الإبل تعدو على الزرع؛ قد عرفت بذلك، فلتبع(2) بغير موضع زرع. وما أفسدت المواشي والدواب، بالليل ضمنه أربابها؛ من زرع أو حوائط، وإن لم يحل معه، يقوم على الرجاء، والخوف، فيقوم ذلك. وإن كان أكثر من قيمة الماشية، كان على ذلك حارس، أو لا حارس له، أو عليه حظيرة(3)، أو لا تحظير عليه. وما أفسدت بالنهار، لم يضمنه، ولو وطئت على رجل إنسان بالليل؛ فقطعتها، لم يضمن ربها. وإنما الغرم في الزرع، والحوائط، والجرون(4) كلها.
***
__________
(1) - في ع (يحلفون) بإثبات نون الرفع وقد حذفت في الأصل باعتبار كون الفعل مجزوما بلام أمر محذوف مع أن حذف اللام في هذه الحاله قليل والقاعدة المتبعة في ذلك أن لام الأمر إذا جاءت بعد صيغة الأمر من صريح القول فإن حذفها مطرد كقول الله تعالى {قل للمومنين يغضوا من أبصارهم} أي (ليغضوا) وإذا جاءت بعد مادة القول وهي ليست أمرا كما هو الحال هنا فإن حذفها قليل، وإذا لم تجئ بعد مادة القول فحذفها لا يجوز إلا في الشعر فقط كقول الشاعر:
فلا تستطل مني مقامي ومدتي ولكن يكن للخير منك نصيب
أي ليكن، فحذف اللام هنا للضرورة الشعرية.
(2) - في الأصل (فلتباع) بإثبات حرف العلة والصواب حذفه لأن الأجوف إذا سكن آخره حذف وسطه.
(3) - الحظيرة: كل ما حال بينك وبين شيء وتطلق على المواضع الذي يحاط عليه لتأوى إليه الماشية فيقيها البرد والريح والجمع حظائر.
(4) - الجرون والجرن بضم الجيم والراء جمع جرن بسكون الراء وجرين وهو البيدر وموضع تجفيف النمر ونحوه يقال أجرن الحب جمعه في الجرين وأما جرنه فمعناه طحنه.(2/9)
[13/516]
ومنه ومن المجموعة، قال مالك: ومن اتخذ كلبا عقورا في حائطه أو حوزه؛ فمن دخل ثار عليه؛ فعقره. فقال ربه: اتخذته لإحراز مالي. فلا ينفعه ذلك، ويضمن.
وقاله أشهب، فيمن احتفر في داره، أو أرضه؛ لغير ضرر بأحد؛ لكن لينتفع؛ فلا يضمن من أصيب به. ولو اتخذه؛ ولو اتخذه؛ ليسقط فيه سارق أو طارق. فإنه يضمن من أصيب به، من سارق أو طارق، وغيره.
ومن كتاب ابن حبيب، قال مطرف، وابن الماجشون: وما أصاب الكلب العقور، والفرس الصؤول، والجدار المائل قبل تقدم السلطان؛/ فهو هدر. وأما بعد تقدمه؛ فما تبين فيه التفريط، في تأخير قتل الكلب، وتنحية الفرس، وهدم الجدار؛ فذلك عليه. وينبغي للسلطان أن يعجل قتل الكلب، وليس تقدمة الجيران في هذا بشيء.
وأما الضواري، فبخلاف هذا إذا عرف ضرارها، وتبين له وللجيران؛ فهو ضامن؛ قدم إليه السلطان، أو لم يقدم.
قال أصبغ، عن ابن القاسم: قال ابن القاسم: وذلك في الكلب؛ باتخاذه بموضع يجوز له. فأما لو اتخذه في داره، وحيث لا يجوز له، وهو يعلم أنه عقور؛ فيدخل الصبي، والجار، فيعقره؛ فهو ضامن، وإن لم يتقدم إليه.
قال ابن القاسم: وإشهاد الجيران عليه؛ في الجدار، والفرس، والكلب العقور، [بحيث له أن يتخذه](1)، كتقدمة السلطان.
قال ابن حبيب: وبه أقول، إن كانوا بموضع؛ لا سلطان فيه.
***
__________
(1) - العبارة في الأصل (يجب له أن يتجنبه) وقد أثبتنا ما في ع.(2/10)
[13/517]
فيمن حفر حيث لا يجوز له، أو أوقف دابة
أو رش فناء، أو نصب سيفاً، أو أخرج ظلة، أو ميزاباً
حيث لا يجوز له. وما هلك بذلك. هل تضمنه العاقلة؟
من المجموعة، وهو في كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، وغيره، عن مالك؛ في حافر البئر، على الطريق، أو يربط فيها دابة، مما لا يحق له: فهو ضامن لما أصيب؛ من ذلك بجرح أو غيره؛ في ماله. إلا ما بلغ الثلث؛ فعلى العاقلة، لا يضمن فيما كان، عما يجوز له صنيعه؛ من بئر للمطر، ودابة ينزل عليها؛ للحاجة، فتقف بالطريق.
قال ابن القاسم: ومرحاض يحفره إلى جانب حائطه، ونحو هذا.
قال، في كتاب ابن المواز: وكذلك ما يخرجه من ظلة، أو عسكر، أو ميزاب، فسقط؛ فيعطب به أحد؛ فهو هدر.
قال مالك: وكذلك إن أوقف دابة بباب المسجد أو باب الحمام،/ وباب الأمير، أو السوق، وموضع يجوز له؛ للحاجة؛ فلا يضمن ما أصابت.
وقال أشهب، في حافر البئر، والمرحاض: هذا إن لم يضر بالطريق، فلا يضمن؛ لقول النبي- عليه السلام-: «البئر جبار»(1). فأما إن احتفر بئراً لمطر، أو مرحاضاً، بقرب جداره، وذلك مضر بالطريق، فإنه يضمن ما أصيب فيهما.
قال أشهب: يجوز للرجل إيقاف دابته، في طريق المسلمين، ينزل عنها؛ للحاجة، ونحوه. أو يقف عليها، ولا يضمن ما أصابت بفم أو برجل، أو بذنب،
***
__________
(1) - تقدم تخريج هذا الحديث عند ذكر قول الرسول العجماء حيار فقد أخرجه الجماعة من حديث أبي هريرة بلفظ العجماء جرحها جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس وهو في موطإ الإمام مالك في باب جامع العقل من كتاب العقول.(2/11)
[13/518]
مثل أن ينزل عنها، ويدخل المسجد، أو دار رجل. فأما إن جعله لها مربطاً، ضمن ما أصابت، وهو نحو قول ابن القاسم.
قال أشهب: وليس على الناس، إذا نزلوا؛ لحوائجهم أن يردها، ثم يؤتي بها عند ركوبها. وليس يحرج إن وقف عليها. وهذا يخالف سعة الإسلام، ويسره.
وقال أشهب: ومن حفر بئر ماشية، بقرب بئر ماشية لرجل، بغير إذنه؛ فعطب بها رجل؛ فلا يضمن؛ لأنه يجوز له أن يحفر، كما جاز للأول، وإن قرب منها، إذا كان لا يدري؛ أيضره بها البئر الأول، أم لا؟ فأما إن علم أنه مضر بها، قيل له: اردم. فإن أصيب أحد بعد أن قيل له: اردم. ضمن.
ومن الكتابين أيضا، قال ابن القاسم، عن مالك: وما أشرع من ظلة، أو ميزاب، أو عسكر، فلا يضمن ما عطب به، وكذلك لو سقط جناح، فعطب به أحد.
ومن المجموعة: وأنكر مالك قول أهل العراق: إنه يضمن في هذا.
قال ابن القاسم: وإن بناه في أسفل الطريق؛ مما يضر بالناس؛ منع منه.
ومن الكتابين، قال ابن القاسم: قال مالك، فيمن حفر بئرا، أو سرباً للماء أو للريح؛ مما يعمل مثله في أرضه، أو داره؛ فيعطب فيه أحد؛ يضمنه. وإن حفر في داره، أو جعل فيها حباله ونحوها؛ ليلتف بها سارق؛ ضمن.
قال ابن القاسم: يضمن السارق، وغيره. وقاله ابن/ وهب، عن مالك؛ قال: وإن حفره، أو جعل الحبالة للسباع، فيقع فيه سارق، فهلك، فلا يضمن إذا كان ذلك مما له أن يجعله في حائطه.
وقال عنه أيضا ابن وهب، فيمن حدد قصبا أو عيداناً، فجعلها عند الباب، أو النقرة؛ لتدخل في [رجل الداخل في](1) حائطه من سارق، وغيره: أنه ضامن ما أصيب فيه.
***
__________
(1) - ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من ع.(2/12)
[13/519]
قال أشهب، فيمن احتفر في داره، أو أرضه؛ لغير ضرر بأحد، لكن لينتفع؛ فلا يضمن ما أصيب به، فأما إن احتفره؛ ليسقط فيه إما سارق، أو طاق، أو عدو؛ فإنه يضمن من أصيب به من هؤلاء، وغيرهم؛ لأنه تعد.
وكذلك من جعل على حائطه شركاً، أو تحت عتبته مساميرا؛ ليصيب بها من دخل، فهذا ضامن ما أصيب بذلك.
وكذلك من رش فناء يريد بذلك أن يزلق من يمر به من إنسان، أو دابة، فهذا يضمن ما انكسر فيه أو عطب. ولو رشه تبردا، وتنظيفا، أو لا يريد إلا خيراً، لم يضمن ما عطب فيه.
وكذلك إن ربط كلبا بداره؛ لعقر من يدخل، ضمن. وإن كان ربطه للصيد فعقر من دخل لم يضمن. ولو ارتبطه في غنمه؛ ليذهب عنها السباع، لم يضمن من عقر من سارق، وغيره. وإن ربطه؛ لكي إن أرادها أحد، عدا عليه. فهذا يضمن.
ومن المجموعة، قال ابن القاسم: ومن وضع سيفا في طريق أو غيرها؛ يريد به قتل رجل، فعطب به ذلك الرجل؛ إنه يقتل به، وإن عطب به غيره، فالديةعلى عاقلة الجاعل.
قال ابن القاسم، وأشهب: وإن حفر في دار رجل بغير إذنه، فعطب بها إنسان، فالحافر ضامن. قال أشهب: لأنه بغير إذن رب الدار. فإن علم، فأجاره له؛ لم يضمن هو، ولا رب الدار، إذا احتفرها لنفسه.
فأما إذا كانت بينة، وبين ربها صداقة، أو كان مما عليها، فرأى ذلك، ولم يؤمر، فلا يضمن؛ لا هو، ولا ربها.
ورب الدار مخير أن يعطي الحافر ما أنفق، إن تطوع رب الدار. وإلا فهي/ له بلا غرم، وليس للحافر ردها، إلا أن يكون له فيها نقص، له فيه منفعة؛ من آجر وخشب، وغيره. فإما أعطاه ربها قيمة النقض منقوضا، أو أمره بفعله.
***(2/13)
[13/520]
ومن كتاب ابن المواز: وكل ما ضمنه الرجل، في حفر ما لا يجوز له؛ قال مالك: فذلك في ماله، إلى بلوغ ثلث الدية؛ فيصير على عاقلته.
قال ابن المواز: وأما ما ضمن من عبد، أو دابة، أو غير الديات؛ ففي ماله.
وفي باب (الكلب العقور) ما اختلف فيه، في هذا، الأصل.
قال مالك: ومن احتفر حمالات للسباع، فعطب به إنسان، فلا شيء عليه إذا كان ذلك في ملكه، أو فيما يجوز له أن يصنعه فيه.
قال ابن المواز: ما لم يتخذه لمن يسرق.
قال ابن القاسم: فإن اتخذها؛ لسارق، ثم بدا له، فتحول من تلك الدار، فليردها. كأنه يقول: إن لم يفعل، ضمن. ثم قال: يضمن إن لم يفعل. وقاله أصبغ.
ومن العتبية(1) روى محمد بن خلف، عن ابن القاسم؛ في رجل يعمل السكر، فجعل حول قدره التي يطبخ فيها قصبا يستره به من الناس، فقام صبي خلف القصب، ولم يعلم به، وهو يطبخ، ففارق القدر؛ فأصاب ذلك الصبي؛ فمات؟ قال: لا شيء عليه.
في ضمان القائد والسائق والراكب، وما أصابت الدابة وحدها
من المجموعة قال ابن وهب، عن مالك: وما وطئت بيد أو رجل، أو أصابت بيدها أو بفمها، وعليها راكب، فإن كان الراكب يحركها، أو يشيلها، أو يضربها؛ فترمح؛ فهو ضامن. وما كان من قبلها خاصة؛ فهدر.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 58.(2/14)
[13/521]
ومنه، ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، وغيره: قال مالك: القائد والسائق والراكب، كلهم ضامن لما أصابت الدابة بيد أو رجل. قال أشهب، في كتاب ابن المواز: وإن اجتمعوا في ذلك، كان على كل واحد ثلث الدية. يريد أن الراكب شركهم في فعل بها، كان عنه فعلها.
قال في الكتابين: إلا أن ترمح/ من غير فعل أحد، وقد فعله عمر؛ في مجرى الفرس.
قال ابن القاسم: والفرس مثل الدابة، إذا كدمت من شيء، فعله بها الراكب؛ ضمن. وما أوطئت بيد أو رجل؛ يضمنه.
وقال في المجموعة: وقال أشهب مثله، في السائق والقائد والراكب.
قال ابن القاسم وأشهب: وإن اجتمع سائق، وراكب، وقائد؛ فما وطئت عليه الدابة، لم يلزم الراكب وضمنه القائد والسائق.
قال أشهب: في الكتابين: وما بعجت أو كدمت، من غير رمح من أحد منهم؛ فأحراهم بالضمان السائق، إن كان سوقه يدعوها؛ لأنه خلفها؛ تخافه ساعة تخويفه إياها، فهي تداري، ذلك وتخافه؛ فما أصابت في حين سوقه، فهو ضامن إن ساقها بزجر، أو ضرب تخس.
وكذلك الراكب، لو استحثها برجله، فكدمت، أو ضربت، ضمن الراكب.
وكذلك القائد لو نهرها بمقودها، أو صاح عليها، ففعلت هذا؛ لضمن.
وإن كان اجتمع فعلهم في ذلك، أشركوا في الضمان، قال: ولو فعل بها أحدهم ما ذكرنا، فرفعت رجلها؛ لضربه، ففعل بها الآخران ما وصفنا مما
***(2/15)
[13/522]
يضمن به، فضربت. قال: هم في الضمان شركاء، ولعلها لولا ما أحدث الآخران لردت رجلها. فقد زاداها هيجا.
وقال، في كتاب ابن المواز: وقلت: فإن كان الراكب صغيرا، لا يضبطن مثله ولا يحرك، أو نائما، أو مريضا، فوطئت الدابة؟ قال: ذلك عليه، إلا أن يكون لها سائق أو قائد، فيبرأ الراكب، ويكون ذلك على القائد والسائق.
قال مالك: وأما المرتد فإنه كالمقدم ضامن، إلا فيما يشبه من المؤخر؛ حركها أو ضربها/، فيكون عليهما.
قال ابن القاسم: أو يأتي من سبب المؤخر ما لا يقدر المقدم على دفع شيء منه، فيلزم المؤخر وحده؛ مثل أن يضربها، وهذا لا يعلم، فترمح؛ فتضرب رجلا؛ فتقتله؛ فذلك على عاقلة المؤخر.
قال، في المجموعة لأنه يعلم أن المقدم لا يعيثها شيئا، ولا يشد لها لجاما، ولا يحركها برجل، ولا غير ذلك فيكون شريكا فيما فعل. وذلك يكون على الاجتهاد فيما نرى عند مالك.
قال أشهب، في كتاب ابن المواز: فأما إن رمحت من غير فعل واحد منهما، فلا شيء على واحد منهما. وقاله مالك.
قال ابن القاسم، في المجموعة: إذا صنع بها الرديف شيئا، من غير علم المقدم، فهو الضامن، إذا صنع بها الرديف شيئا، من غير علم المقدم، فهو الضامن، إذا علم أن المقدم، لا يقدر على حضها. وقاله أشهب.
قال في الكتابين: وإن كان الصبي مقدما والرجل رديفا؛ فما وطئت؛ على الصبي إن ضبط الركوب، إلا أن يكون الرديف صنع بها ما أهاجها؛ فذلك عليهما.
وقال أشهب: إن كان الصبي مما لا قبض له، ولا بسط، وإنما هو بين يدي الرجل يمسكه كالمتاع، فذلك على الرجل دون الصبي.
***(2/16)
[13/523]
قالا: وما كدمت، أو بعجت، ولم يكن من تهيج أحد، فذلك هدر، ولا شيء على المقدم، وإن كان اللجام بيده، وقد تكدم وهو غافل، إلا أن يكون لتهيج منه، فيضمن أو منهما، فيضمناه.
ومن الكتابين، قال ابن القاسم، وأشهب، في قائد القطار: يضمن ما وطئ عليه بعير من أول القطار أو آخره.
قال أشهب: لأنه أوطأه؛ بقوده، وقد يضمن أعذر منه من يرمي طائراً؛ فيصيبه؛ فيخر على إنسان؛ فيقتله؛ فيضمنه. يريد على عاقلته.
قال مالك: ولا يضمن الراكب ما كدمت الدابة، أو ضربت بيد أو رجل، إلا ن يحثها أو يحركها. وكذلك/ السائق، والقائد. بخلاف ما أوطأت. وقاله كله أشهب.
قال أشهب، في كتاب ابن المواز: ومن نزل عن دابته، فوقعت في الطريق فلا يضمن ما أصابت بوطء، أو نفخ، أو كدم، أو ذنب؛ لأن ذلك لا يجوز له، وله أن يقف عليها في الطريق لحاجته، أو ينزل ويوقفها، ثم لا يضمن، وإذا جمحت دابة براكبها، فعلم الناس أنه مغلوب، فتصدم، إنسانا، فذلك على عاقلة الراكب؛ صبيا كان أو غيره، ما بلغ الثلث، فأكثر، وما نقص من الثلث، ففي ماله، ولو كسرت ما على دابة، أو ما يحمل إنسان، ففي مال راكبها. محمد: ما بلغ، وقد ضمن عمر مجري الفرس، فهو أحرى، ولا يصدم إلا مغلوبا.
ومن الكتابين، قال أشهب: ومن نخس دابة؛ فوثبت على رجل، فقتلته، فإن كانت هملا أو مساقة، أو مركوبة، أو مقودة، فنخسها رجل، فضربت أو كدمت رجلا بيد أو رجل، أو سقطت عليه؛ فقتلته، أو أعيبه، فلا يضمن إلا الناخس، وما بلغ الثلث، فعلى عاقلته. ولو لم ينخسها أحد، فضربت بيد أو رجل أو كدمت؛ لم يضمن ذلك ضامن، ولا قائد، إلا أن يفعل بها ما أهاجها لذلك، فيضمن. وقاله كله ربيعة. وقاله ابن مسعود؛ في ضمان الناخس.
***(2/17)
[13/524]
قال المغيرة: ومن نخس دابة فطرحت راكبها، فقتلته، فديتها على عاقلة الناخس. وكذلك ما أصابت برجلها، وما دون الثلث، ففي ماله.
قال أشهب: ومن ركب دابة فطارت من تحت يدها حصاة، ففقأت عين رجل، فلا شيء.
قال ابن المواز: هذا إن طارت من تحت الحافر بحفرة وقع الحافر من غير أن تدفعها بحافرها، فأما لو دفعتها بحافرها؛ فضربت بها حتى اندفعت، فطارت بضربها إياها؛ ففي ذلك الدية.
قال: ومن قاد دابة عليها سرج، أو متاع، فوقع السرج، أو المتاع على إنسان. قال يضمن قائدها.
ومن الكتابين قال مالك، في حامل عدلين على جمل فسار به،/ فانقطع الحبل، فوقع أحد العدلين على رجل فقتله، والقائد أجير، والحمل لغيره، فإن كان حرا، فعليه، وما بلغ الثلث، فعلى عاقلته. وإن كان عبدا، ففي رقبته، ولا شيء على رب الدابة.
قال أشهب في كتاب ابن المواز: وذلك إن كان قائدها حمل المتاع عليها، وإن كان غيره حمله، فذلك على حامله، إلا أن يكون من قوده ما يطرح المتاع في جوفه، فيكون ذلك عليه. وكذلك لو كان قطار، فسقط ذلك من على آخرها، أو من وسطها على أحد، أو وطئ البعير عليه، فعطب، فالقائد ضامن.
ومن الكتابين، قال ابن القاسم، في قائد الدابة تمر به جارية، فصاح لها: إياك، فوطئتها الدابة، فقطعت أنملتها: فهو ضامن لما أصابت. أتحملها، وتقول إياك؟!
قال ابن القاسم: ومن انقلبت دابته، فنادى رجلا ليحبسها له، فذهب ليحبسها، فضربته فقتلته، فهو جبار.
***(2/18)
[13/525]
[قال ابن المواز: إلا أن يكون المأمور عبدا لغيره، أو حر صغير، فإن دية الحر على عاقلته، وقيمة العبد في ماله].
ومن كتاب ابن حبيب، قال مطرف، وابن الماجشون: وما أصاب الفلو(1)، وهو يتبع أمه، رمحا، أو وطيا، فهو هدر، وليس على راكب أمه شيء، ولا شيء على السائق، والقائد. وقاله أصبغ، عن ابن القاسم،.
قال ابن المواز: ولم يرض أن يتعرض لمسكها حتى صدمته، فقتلته، فإن أفلتت من يد رجل، فديته على عاقلة الرجل. وإن أفلتت من مذودها(2) فذلك هدر.
وقد أفتى أصبغ، في رجل أخرج دابته؛ ليمرغها، فجذبت الرسن من يده، وشردت، فصدمت رجلا فقتلته، فعلى عاقلة ربها الدية، كما لو كان راكبها، فغلبته، فصدمت، فقتلت.
ومن المجموعة، قال ابن نافع، عن مالك، في صبي جمح به فرس، وعلم الناس أنه مغلوب، لا يقدر على حبسه: إن ما أصاب غرم عليه. قال/ ابن نافع: فيما دون الثلث، وما بلغ الثلث، فعلى العاقلة.
قال عنه ابن القاسم: يضمن من جمحت به الدابة، ما وطئت.
قال أشهب: وقد ضمن عمر مجري الفرس، ما صدم، وقد وطئ، وهو مغلوب، وبإجرائه إياه ضمن.
وليس له من العذر فيه مثل ما أصابت السفينة، ولا يجد من السفينة بداً من سيرها، وإلا لم يبلغ أبداً، والفرس لو تقدم في حبسه لقدر على ذلك. قال ابن القاسم: وكذلك الفرس، في رأسه اعتراض بحمل، فيصدم. فراكبه ضامن.
***
__________
(1) - الفلو والفلو والفلو: الجحش والمهر قطما أو بلغا السنة.
(2) - المذود يراد به هنا معتلف الدواب.(2/19)
[13/526]
قال وجمح الفرس من سبب فارسه، ومما فعله به، إلا أن ينفر من شيء مر به، لا من سبب فارسه فلا يضمن، ويكون ذلك على من فعل به ما أهاجه. والسفينة لا يذعرها أحد، والريح، غالبة عليها، فافترقا.
قال ابن القاسم في المار بحمله، فخرق ثوبا على حبل قصار أنه ضامن دون القصار؛ لأنه عرف أنه من غير فعله.
وكذلك من كسر قلالا في الطريق من المارين ضامن لها، أو كسرها على دابة، أو قتلها في جوازه، لضمن لذلك.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن شهاب، فيمن جاء فحمل متاعا على دابة، فنظرت إليه دابة رجل، فنفرت براكبها، فطرحته، فقتلته؛ قال: يضمن من نفرها ما أصابه، إن كان خطأ، فالدية على عاقلته، وفي عمده القود.
وقال ربيعة، فيمن رقد على قارعة الطريق، فنفرت منه دابة براكبها، وهو نائم: فهو ضامن، وإن كان على غير الطريق لم يضمن، إلا أن يتحرك.
قال ابن المواز: وجدت لبعض أصحابنا؛ أنه هدر، لا شيء عليه. وإن كان في الطريق، إلا أن ينفر من تحركه، فيلزم عاقلته. ولو تعمد تنفيرها، فعليه القصاص.
كان ابن نافع: سئل مالك عن رجلين؛ مرادي، وخولاني؛ اصطدما، وهما على فرسين، فوطئ فرس الخولاني على رجل صبي، فقطع أصبعه، فقضي بالعقل على مراد، وخولان. أذلك صواب؟ قال: نعم.
ومن العتبية(1)، من سماع ابن/ القاسم: وعن حمل سقط من دابة على جارية؟ قال: يضمن الحمال، إن كان حراً. وإن كان عبداً فذلك في رقبته. قال عيسى، عن ابن القاسم، في الذباب يقع على الدابة، فتنفخ إنسانا. قال لا يضمن راكبها ذلك.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 459.(2/20)
[13/527]
ومن المجموعة، قال المغيرة في فرسين عدا(1) أحدهما رجلا في ذلك، فإن كان عليها راكبان، وكان الذي أصابا به صدورهما مما يلي الراكب ضبطه، والذي إذا صنعه الراكب كف ذلك، وحملها على ما لا يعلم، فصارت تصيب شيئا بصدرها، فهو ضامن، وهو من خطإ الراكب، لا من الدابة، وإن كان الذي أصابا، ما لا حيلة للراكب فيه، وما يرتفع عنه، ولا يعد منه، وذلك مؤخر الدابة قضت برجلها ما لم يتبدعه الراكب، ولا حيلة له فيه، فذلك جبار. وإن لم يكن عليها راكب، فذلك جبار.
وجرى في باب من استعمل صغيرا، أو كبيراً، مسألة من أعطى لصغير أو عبد دابة، او سلاحا، فعطب به، أو أوطأ الدابة أحداً، فأصابه.
وفي باب اصطدام الفارسين، ذكر إذا اصطدما، فأصابا أصبع صبي.
في الفارسين، أو السفينتين، أو الحاملين يصطدمان،
فيهلكان. أو حر وعبد. وفي حافري البئر يقع عليهما
فيهلكان، أو يأخذ الأعلى بيد الأسفل، فيقعان جميعا
من كتاب ابن المواز، والمجموعة، قال ابن القاسم، عن مالك، في السفينتين، تصطدمتان، فتغرق إحداهما بما فيها، فلا شيء في ذلك، على أحد؛ لأن الريح يغلبهم، إلا أن يعلم أنهم لو أرادوا النواتية صرفها، قدروا، فيضمنوا، وإلا فلا شيء عليهم.
ابن القاسم: ولو قدروا على حبسها، إلا أن في ذلك هلاكهم، فلم يفعلوا، فليضمن عواقلهم دياتهم، ويضمنوا الأموال، في أموالهم. ولكن لو غلبت الريح، ففعلوا.
***
__________
(1) - في النسختين معا (عدم) وجاء في ع تعليق يقول فيه كاتبه (لعله عدا) فأثبتنا ما توقع هذا المعلق لأنه الصواب.(2/21)
[13/528]
قال في المجموعة: ولم يروهم/ بمظلمة الليل، ولو رأوهم فقدروا على صرفها، لم يكن عليهم شيء.
قالفي كتاب ابن المواز: قال أشهب: وإن عرف أن ذلك في غلبهم، ولم يغلبهم؛ من خرق كان منهم، فلا شيء عليهم. وإن لم يعلم ذلك، فذلك على عواقلهم.
ومن الكتابين، وقال اصطدام الفارسين؛ يهلكان وفرساهما، فعلى عاقلة كل واحد دية الآخر، وقيمة فرسه في ماله. قاله ابن القاسم، وأشهب.
قال أشهب: وقال بعض العراقيين: على عاقلة كل واحد نصف دية الآخر، لإشراكه في نفسه، ولو لزم هذا لزم إذا عاش أحدهما، لم يلزم عاقلته إلا نصف دية الآخر، ولكان الذي يهوى في البئر قاتلا لنفسه مع حافرها، ولكان الواطئ على الحسك، وقد نصبها رجل فيما لا يملك، ولا يجوز له قاتلا لنفسه، مع ناصبها. وقد روي عن علي ابن أبي طالب، وغيره من صاحب وتابع، مثل ما ذكرنا.
قال في كتاب ابن المواز: قال مالك: فإن اصطدم حر وعبد، فماتا فقيمة العبد، في مال الحر، ودية الحر في رقبة العبد، ويتقاصان. وإن زاد ثمن العبد على الدية، فلسيده الزيادة، في مال الحر، وإن كانت دية الحر أكثر، لم يلزم السيد من ذلك شيء.
قال محمد: إلا أن يكون للعبد مال، فالفضل في ماله.
ومن العتبية(1)، قال أصبغ، في اصطدام الحر والعبد: فقيمة العبد، في مال الحر؛ يأخذ السيد، ويقال له: افتك قيمته بدية الحر، أو أسلمها فإن أسلمها فإن أسلمها؛ فليس لولاة الحر غيرها. وإن فداها، بجميع الدية، ونحو هذا في باب بعد هذا.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 71.(2/22)
[13/529]
ومن المجموعة، ومن كتاب ابن المواز، وإذا اصطدم رجلان أو راكبان، فوطئ أحدهما على صبي، فقطع أصبعه، فهما له ضامنان.
ومن المجموعة: وقال أشهب في حافري البئر، يهوي عليهما، فمات أحدهما، فعاقلة الباقي تضمن نصف ديته، والنصف الآخر هدر؛ لأن المقتول شريك في قتل نفسه، ولا تعقل العاقلة/ قاتل نفسه، وإن ماتا فعلى عاقلة كل واحد نصف دية الآخر؛ لشركة كل واحد منهما في قتل نفسه.
وذكر عن ابن القاسم، في حامل الجرتين، كما في المدونة.
وقال ابن القاسم وغيره، عن مالك، فيمن ارتقى في البئر، فأدركه آخر في أثره، فجبذه، فخرا، فهلكا، فعلى عاقلة الأسفل الدية.
في السفينة تربط إلى السفينة. ومن تعلق برجل في بئر
أو فيما يخاف فخلاه، أو قطع الحبل، وفيمن يسقط
من يده شيء، أو يقع رجل على شيء فيهلك، أو يدفع
أحد، فيؤتى عليه أو على من وقع عليه وشبه هذا
من المجموعة، ونحوه في كتاب ابن المواز، والعتبية(1)، روى ابن القاسم عن مالك، في مراكب ثلاثة أصابها ريح، فربط أحدهما مركبه إلى صخرة، ثم ربط إليها أصحاب الثاني، ثم حط أهل الثالث قلعه؛ ليربطوا مركبهم إلى أحد المركبين، فأبى أهلها، وخافوا الغرق، ثم احتسب صاحب أحدهما، فربطه له، فجره المركب الثالث، حتى كادوا أن يغرقوا، فلما خافوا، سرحوا المركب الثالث فهلك بما عليه، فلا شيء على الذين سرحوه؛ لأنهم خافوا الهلاك.
ومن الكتابين، ونحوه في العتبية(2)، من رواية أبي زيد، عن ابن القاسم، فيمن طلب غريقا، فلما أخذه خشي الموت على نفسه، فسرحه، فلا شيء عليه.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 447.
(2) - البيان والتحصيل، 16: 76.(2/23)
[13/530]
قال ابن المواز: قال مالك: هذا يشبه مسألة السفينة؛ لأنه إنما أراد نجاته من خوف قد نزل، وليس كمن ابتدأ نزول بئر أو بحر، بسبب مسكه.
قال فيه، وفي المجموعة: وقد قال ابن القاسم: ولو ذهب يعلمه العوم، فلما خاف على نفسه الموت سرحه، فمات، فهو ضامن لديته.
قال ابن المواز: ثم روي عنه في بعض مجالسه خلافه، فيما يشبه، فلم يعجبنا.
قال فيمن تردى في بئر، فصاح برجل؛ يدلي له حبلا، فدلاه له، ورفعه، فلما خاف على نفسه، وأعجزه، خلاه، فمات:/ إن ذلك عليه ضامن، وهذه في المجموعة.
قال ابن المواز: في هذه شيء، وهي عندي تشبه مسألة السفينة؛ لأن أصله كان على الخوف، فرجا السلامة، فلم يتم، ولم يكن أصله على السلامة.
ومن هوى في بئر، فأمر رجلا يدلي له حبلا، ففعل، فجر، فلما خشي على نفسه سرحه، فهو ضامن.
ومن العتبية(1)، من سماع ابن القاسم، وفي كتاب ابن المواز، وابن عبدوس، قال مالك، فيمن دلى رجلا بحبل في بئر؛ ليطلب حماما، فتدلى فيه، وربط حبلا آخر في خشبة، وانقطع حبل الخشبة، فجر الأعلى هابطا، فخاف أن يذهب معه، فخلى من يده الحبل- يريد: فهلك الأسفل-: فإن عليه الدية بخلاف السفينة.
ومن كتاب ابن المواز؛ ومن نزل بئرا، ثم نزل في إثره آخر، فجبذ الأسفل الأعلى، فخرا، فماتا. فعلى عاقلة الجابذ دية الأعلى.
***(2/24)
[13/531]
ومن الكتابين، قال ابن وهب، عن مالك، فيمن أمسك لرجل حبلاً يتعلق به في البئر، فإن انقطع، فلا شيء عليه، وإن انفلت من يد المعين له، فسقط، فمات، فهو ضامن.
ومن كتاب ابن حبيب، روى عنه ابن المسيب، في خمسة فرسهم أسد، فتعلق الذي يلي الأسد بالثاني، وتعلق الثاني بالثالث، والثالث بالرابع، والرابع بالخامس؛ فقضى علي ابن أبي طالب؛ أن الأول فرسه الأسد، وإن الأول عليه دية الثاني، وعلى الثاني دية الثالث دية الرابع، وعلى الرابع دية الخامس.
قال ابن حبيب: يريد: على العواقل.
ومن كتاب ابن المواز، والمجموعة، قال ابن القاسم، وأشهب: ومن سقط من يده شي على وديعة عنده، فتنكسر؛ إنه ضامن لها، ولو سقطت الوديعة من يده، فانكسرت، لم يضمنها.
قال أشهب: وإن سقط ابنك من يدك، فهلك، لم يلزمك شيء. ولو سقط شيء من يدك على ابنك، أو على ابن غيرك، فقتله؛ إن ديته على عاقلتك. وإن ناله أقل من الثلث، ففي مالك.
قلا: ومن سقط من دابته على/ رجل، فمات، فديته على عاقلة الساقط
قال أشهب: وهو من الخطأ.
وقد قضى شريح في غلام سقط على غلام، فانشج الأسفل وأنكر الأعلى؛ أن يضمن الأعلى شجة الأسفل.
قال ابن المواز: وهو قول أصحابنا.
ومن المجموعة، قال ربيعة: إذا سقط عليه، فأصابته سنة، فشجه، فعليه دية الشجة.
***(2/25)
[13/532]
قال أشهب: وهذا مثل الذي خر على الآخر. ولكن لو أصيب الخار، وسلم الأسفل، كان ذلك هدرا، ولا شيء على الأسفل.
قال ربيعة، في كتاب ابن المواز: فأصابت سنة رأسه، فشجه موضحة، وانكسرت سن الساقط؛ فعلى الساقط دية الموضحة، وعلى المشجوج دية السن.
قال ابن المواز: وهذا خلاف قول أصحابنا: بل السن هدر، ودية الموضحة على الساقط. وروي عن علي بن أبي طالب.
ومن كتاب ابن حبيب، قال: قال إبراهيم النخعي، في غلامين كانا يلعبان، فوقع هذا على هذا، فشج أحدهما، وانكسرت ثنية الآخر؛ فقال: الأعلى ضامن للأسفل، ولا شيء على الأسفل للأعلى.
ومن كتاب ابن المواز: ومن دفع رجلا، فوقع على آخر، فقتله؛ فعلى الدافع العقل دون المدفوع.
ومن مر بجزار، وهو يكسر لحما، فزحمه آخر، فطرحه، فوقعت يده تحت فأس الجزار، فطرح أصابعه؛ فقد قيل: إن ذلك على طارحه. وقيل: بل على عاقلة الجزار، وترجع به عاقلته على عاقلة الطارح.
ومن الكتابين، قال ابن وهب، عن مالك، في بصير نادي أعمى، فوقع البصير في بئر، ووقع عليه الأعمى، فمات البصير: إن ديته على عاقلة الأعمى. وروي عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-.
***(2/26)
[13/533]
في المرمي بحجر، فاتقاها، فرجعت، فأصابت أحداً
وفيمن كدم يد رجل فنثرها، فوقع سن الكادم،
ومن عبث بسقاء، فسقطت عليه قلة، على كتف السقاء
ومن طلب رجلا بسيف، فعثر الرجل، فمات/
من المجموعة، روى على ابن زياد، عن مالك، فيمن رمى رجلا بحجر، فاتقاها بيده، فرجع الحجر، فأصاب رجلا، فعلى الذي ردها العقل، وهو من الخطأ. وقال ابن القاسم: إن رده، حتى أوقعه على رجل، فديته على المرمي دون الرامي. وإن كان إنما اتقى على نفسه، ولم يرد الحجر بشيء، ففعله على الرامي.
وكذلك روى يحيى، في العتبية(1)، عن ابن القاسم سواء، وقال: فإن دفع الحجر بشيء حتى أوقعه على غيره، فذلك على المرمي. وذكر ابن حبيب قول ابن القاسم هذا. وقال أصبغ: بل ذلك على الرامي، دون المرمي، وإن دفع الرمية، إذ لا تبقى الرمية، إلا بدفعها.
وكما لو طلبه بسيف، فهرب منه، فوقع على صبي، فقتله، أو على شيء فكسره؛ فذلك على طالبه، وهو من الخطأ، إلا أن يعثر المطلوب نفسه، فيموت؛ فيكون فيه القود.
وكذلك دافع الحجر عن نفسه بشيء، بيده، أو رجع الحجر عنه لشأنه، فأصاب رجلا غير المرمي، فذلك من الخطأ، وهو على الرامي. وإن أصاب المرمي، فهو من العمد، إلا أن يكون الحجر، قد كان في مقره، وانكسر حده قبل، فرده، فيكون على المرمي.
قال ابن حبيب: قال ابن الماجشون، فيمن طلب رجلا بسيف، فعثر المطلوب، فمات قبل أن يدركه الطالب: إن على الطالب العقل. وقاله أصبغ.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 520.(2/27)
[13/534]
وروى عيسى في العتبية(1)، عن ابن القاسم مثله، وروى غيره عن المخزومي مثله.
قال ابن حبيب: قال مكحول، في قوم رموا المنجنيق، فرجع على أحدهما، فقتله: إن عليهم الدية، ويحط عنهم قدر نصيبهم منها، ويعتق كل واحد رقبة.
ومن المجموعة، قال على، فيمن عض يد رجل، فجبذ المعضوض يده من فمه، فنزع أسنانه؛ فروى ابن وهب في هذا، عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه أهدر أسنانه(2).
وذكر ابن المواز وغيره، عن أصحاب مالك؛ أن دية أسنانه على المعضوض.
وذكر ابن المواز/ حديث ابن وهب هذا؛ قال: وقاله يحيى بن سعيد، وذكر أن أبا بكر الصديق قضى به.
قال يحيى بن عمر: وبهذا الحديث أقول لا بما روي عن مالك، وغيره من أصحابه؛ أن الجابذ يضمن. والحديث لم يروه مالك، ولو ثبت عنده لم يخالفه.
ومن المجموعة قال ابن القاسم، في صبي عبث بسقاء، على عنقه قلة، حتى سقطت القلة على الصبي، فمات، فلا شيء على السقاء. ولو سقط على غير الصبي، فقتله، فديته على عاقلة الصبي.
فيمن استعمل كبيرا أو صغيرا، أو حراً أو عبداً،
فعطب أو عطب بسببه أحد
من المجموعة، وفي كتاب ابن المواز نحوه، قال ابن وهب، عن مالك: إن المر الذي عليه الفقهاء، أن من استعان صغيراً أو عبداً في شيء له؛ قال: فهو
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 520.
(2) - أخرجه البخاري في الديات والإمام مسلم في القسامة وجاء في صحيح الترمذي في باب ما جاء في القصاص من أبواب الديات.(2/28)
[13/535]
ضامن لما أصابهما، إذا كان ذلك بغير إذن، كمن يأمر صبيا صغيراً، أن ينزل في بئر، أو يرقى نخلة، فيهلك فيه، فالآمر ضامن. ولو استعان كبيرا حرا عاقلا، فأعانه، فلا شيء عليه إلا أن يستغفل أو يستجهل، أو يقرب له فيما لا يعلم منه ما يعلم من قربه إليه.
ومن المجموعة وقال غيره عن مالك، في استعان عبدا، في نزول بئر أو صعود نخلة، وهما صغيران أو كبيران، أو كبير وصغير: قال: ذلك كله سواء؛ هذا من الخطأ، وهو مثل الحر، وذلك في رقبة العبد.
قال ابن وهب، وعلي عن مالك؛ في العبد يستأجر، فلا يضمن من استأجره، وإن قال ربه: لم آمره أن يؤاجر نفسه، إلا أن يستأجره في عمل مخوف، يزيده على إجارته أضعافاً؛ لمعنى الغرر، من ذلك البئر ذات الحمأة(1) والهدم تحت الجدران، فهذا يضمن إن واجره، بغير إذن ربه. قال سحنون: هذا أحسن من رواية ابن القاسم، إلا أن يكون سيده، قد حجر عليه، أن يؤاجر نفسه، وأبان ذلك، وأشهد عليه.
قال عنه ابن وهب: ومن استعمل عبدا، عملا/ شديداً، فيه غرر بغير إذن أهله، فعمله، فأصيب فيه؛ يضمنه. وإن كان قد أذن له في الإجارة؛ لأن هذا غير ما أذن(2) له [لما](3)، فيه من الغرر البين.
قال: ولمن خرج به في سفر بغير إذن ربه، فهو ضامن.
ومن كتاب ابن المواز، من رواية ابن وهب، مثل هذا.
قال عبد الملك: إذا استعمله ما لا يعمل مثله، فهو ضامن، وليس طوع العبد يدرأ به عمن استعمله شيئا. وإن كان مما يعمل، وكان بغير إذن ربه، لم يضمن.
***(2/29)
[13/536]
وقال ابن القاسم، عن مالك: ومن استعان عبداً بغير إذن ربه، فيما له بال: ولمثله إجارة؛ فهو ضامن لما أصابه. وإن سلم، فلسيده إجارته. هذا أحسن ما سمعت.
ومن استعان كبيراً حرا فأصيب فلا شيء عليه.
ومن الكتابين، قال أشهب: وضمان ما أصاب الصبي والعبد؛ فيما استعينا فيه بإجارة، بغير إذن أهلهما من؛ ركوب دابة، ونزول في بئر، ورمى نخلة، وهدم حائط، وشبهه من المخوفات أمر قديم اجتمع عليه أكثر العلماء.
قال عمر بن عبد العزيز: وإن استعانهما بغير إجارة فيما أذن لهما فيه، بالإجارة، فهو ضامن.
قال أشهب: لأن ذلك تعد إن لم يؤذن لهما، في العمل، بغير أجر. وهذا كله في كتاب ابن المواز.
قال ابن القاسم، في الإبن يستأجره رجل في عمل، أو تبليغ كتاب، فيعطب، ولم يعلم مستأجره. بإباقه فإنه يضمنه. وقاله مالك، في الكتاب. وقال أشهب: لا يضمن إن لم يعلم بإباقه وإنما يضمن من استعمل عبدا أو مولى عليه عملا مخوفا، ولم يعلم بالرق أو بالولاء.
قال ابن نافع، عن مالك، في أجير في إبل في السفر أخذ/ يسقى من غدير، فقال له رب الإبل: خض الغدير إلى موضع كذا وكذا منه، فاستق. فأبى، فعزم عليه، فخاضها لذلك، فوقع، فآنكسرت ثناياه. فلا يضمن الآمر، ولو شاء لم يعطه.
***(2/30)
[13/537]
وفي باب: (القائد والسائق) ذكر من انقلبت دابته، فأمر من يأخذها، فأصابته.
ومن المجموعة، ومن العتبية(1)، من سماع ابن القاسم: ومن دفع دابته أو سلاحه إلى صبي يمسكه، فعطب به، فديته على عاقلته. وقال مالك، فيمن أعطى دابته لصبي ابن اثنتي عشرة سنة، أو ثلاث عشرة سنة؛ يستقيها، فعطب، أو كان ابن أخيه: إن ديته على عاقلته، ويكفر. وإن كان كبيرا فلا شيء عليه. وأما العبد، فيضمنه؛ صغيرا كان أو كبيراً.
ومن كتاب ابن المواز، ذكر مثله، في الصبي الحر، في إمسال الدابة.
قال: وما كان دون الثلث، ففي ماله. قال: وأما السلاح، فإن كان مثله يمسك ذلك السلاح، ويقوى عليه، ويعرف ما يضره في إمساكه، وما ينفعه، لم يضمن. وإن كان على غير ذلك ضمن.
كما لو صبيا أن يناوله حجراً، لا يثقل على مثله، فذهب ليناوله إياه، فسقط على أصبعه، فعطبه فلا يضمن هذا.
ولو أمره أن يحمل له حجراً، لا يثقل على مثله، فذهب ليناوله إياه، فسقط على أصبعه، فعطبه فلا يضمن هذا.
ولو أمره أن يحمل له حجرا، يثقل على مثله، [فيناله ذلك منه](2)، لضمن؛ لأنه خطر.
وكذلك إمساكه الدابة- يريد: هو خطر.
والعبد الكبير كالحر الصغير؛ إن أعطاه دابة يركبها في مثل الإجارة(3)، أو يسقيها، فيهلك بذلك، فهو ضامن لقيمة العبد، في ماله وذمته؛ صغيراً كان أو كبيراً، قل ذلك أو كثر، إن كان بغير إذن ربه.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل. لم يتيسر ربط النص بأصله.
(2) - في الأصل (فناوله ذلك منها لضمن) وقد أثبتنا ما في ع.
(3) - في الأصل (في مثل الجنازة) وقد أثبتنا ما في ع.(2/31)
[13/538]
وكذلك إن فعل ذلك بالحر الصغير، بغير إذن أبيه، فديته على عاقلته، ودون الثلث، في ماله وذمته. هذا كله قول مالك، وأصحابه.
وكذلك في العتبية(1)، من سماع ابن القاسم، وقاله أيضا في صبي ابن اثني عشر عاما، أو ابن أخيه، أو يتيم عنده، فأمره بركوب دابة رجل أو رقي نخلة، فعطب.
ومن كتاب/ ابن المواز: ولو أوطئا الدابة رجلا، في إمساكهما إياها، وركوبهما عليها، فقتلت رجلا، فذلك على عاقلة الصبي، وفي رقبة العبد. قلت: أفترجع العاقلة وسيد العبد، بما وديا على المستعين بهما؟ قال: أما ابن القاسم،؛ فقال: لا يرجعا بشيء. قال: وإنما يضمن هو ما أصيب به العبد أو الصبي الحر، في أنفسهما، على ما ذكرنا. قال: وبلغني ذلك عن مالك.
قال ابن القاسم: كما لو بعث العبد فيما لم يؤذن له فيه، أو الحر الصغير، فركبا في الطريق دابة بغير إذن، فوطئا رجلا، فقتلته؛ أكان يضمنه الباعث؟
وكذلك ذكر عنه ابن عبدوس.
قال ابن المواز، وقال أشهب: في المسألة الأولى، ترجع عاقلة الصبي بما ودوا، على عاقلة الذي حمله على الدابة. ويرجع عليه أيضا بما أخذ من مال الصبي- يريد: دون الثلث- ويخير سيد العبد؛ في فداه، أو إسلامه. فإن أسلمه، رجع على مستعينه بالأقل من قيمته، يوم أسلمه، ومن عقل الجناية- يريد: فإن فداه رجع بما فداه به-.
قال أشهب: وإن شاء المجني عليه أن يتبع المستعين، بما كان يرجع به عليه الصبي، وسيد العبد، فعل.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل. لم يتيسر ربط النص بأصله.(2/32)
[13/539]
قال ابن المواز: وقول أشهب أحب إلى. وقاله من أرضاه(1) لأن المستعين كما ضمن العبد والصبي، كذلك يضمن ما جر ذلك؛ من ذهاب مال الصبي، ومال عاقلته، وما ودى ذلك إلى هلال العبد، وما انتهى ذلك إليه.
وما احتج به ابن القاسم؛ لو أرسلهما، فركبا دابة بغير أمره، وأوطآ بها أحداً، لم يضمن فواضح(2). ويشبه المسألة الأولى؛ لأن هذا فعل حادث؛ لم يأمره به الباعث، وليس أصله غصبا؛ فيضمن جناياته، ولو أنه لو نزل عن الدابة التي ركبها، وركب غيرها برأيه، فسقط، فمات، لم يضمنه. ولو كان غصباً ضمنه، وكذلك لو نزل عن النخلة التي أمره بطلوعها، ثم طلع أخرى برأيه، فهلك؛ لم يضمنه، لو سقط من التي أمره بها، لضمنه. وكذلك إن سقط منها، أو الدابة التي أمره بركوبها/ على أحد، فقتلته، لضمنه عاقلة المستعين.
وبقول أشهب أخذ أصبغ، وقال: إن قول ابن القاسم، إنما بلغه عن مالك.
قال أشهب: وأخبرت عن ابن شهاب، فيمن أمر عبد عبده؛ أن يدخل البئر، فيسقي، ففعل، فخر فيه على عبد آخر، فماتا، أو مات أحدهما؛ أنه ضامن.
وعن ربيعة، فيمن حمل عبداً- بغير إذن سيده- أو صبيا- بغير إذن أبيه- على فرس؛ أن عليه ما أصابت الدابة، وعليه ضمان العبد، والصبي. فإن استأذنهما، فلا شيء عليه، وذلك على أبي الصبي، وسيد العبد. فهذا يرد ما قال صاحبنا، وذكر أنه بلغه، عن مالك.
وما علمت أحدا، كان أشد استقصاء لقول مالك، ولا استخباراً عنه في حياته، وبعد وفاته مني؛ فما علمت ما بلغه عن مالك.
***
__________
(1) - كذا في ع وحرف في الأصل إلى قوله (وقاله ابن أرضي).
(2) - كذا في الأصل وعوضت في ع بقوله (قول صحيح).(2/33)
[13/540]
قال ابن المواز: ويشبه قول ربيعة قول ابن القاسم؛ فيمن كان له ولد يجري الخيل، فسأله رجل أن يجري له فرسه، فإذن له، فوقع عنه، فمات؟ قال: فلا شيء على الذي حمله، إلا عتق رقبة. وأرى أن الأب، كالعفو عن ديته، وأما غير الأب، فلا يجزئ إذنه؛ مثل اليتيم للرجل، أو ابن أخيه. فذلك على عاقلته، فلا ينفعه إذنه.
وكذلك هذه المسألة، عن ابن القاسم، في العتبية(1)، من رواية أبي زيد.
وفي المجموعة، ومن كتاب ابن المواز: وإن استعنت صبيا؛ يجري لك فرساً، فصدم رجلا، فقتله، فدية الصبي على عاقلتك. وأولياء المصدوم بالخيار؛ إن شاؤوا أخذوا ديته من عاقلتك، ثم لا طلب لعاقلتك على عاقلة الصبي، وإن شاؤوا أخذوها من عاقلة الصبي، ثم يرجع بها عاقلة الصبي، على عاقلتك، مع عقل الصبي، فذلك ديتان.
ولو كان موضع الصبي عبدا، كان عليك غرم قيمته مرتين؛ لأن سيده يضمنك قيمته. فإن كانت مثل الجناية، لم يلزم السيد غيرها، فيؤديها، ثم يرجع بها عليك ثانية؛ لأنك أتلفتها عليه؛ بتعديك. وإن كان فيها فضل عن الجناية، لم يرجع عليك إلا بما/ ودي منها.
ومن المجموعة، قال ابن القاسم، فيمن حمل عبداً على فرس، بغير إذن سيده، فوطئ على أحد، فقتله أو جرحه، فذلك في رقبته، يسلمه سيده، أو يفتديه. ثم لا يرجع على حامله شيء؛ افتك أو أسلمه. ولو اصطدم هذا العبد، وحر؛ فماتا، فعلى الذي حمل العبد على الفرس غرم قيمته لسيده، وبطل المصدوم. إن زادت الدية على قيمة العبد؛ لأن دية الحر في قيمه العبد، وقيمة العبد في مال الحر، فلا شيء على السيد من زيادة الدية على قيمة عبده، وإن ناف عليها ثمن العبد، كان الفضل في مال الحر، ويكون ذلك لحامل العبد على الجناية؛ لأنه غرم قيمته كلها لسيده.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 75.(2/34)
[13/541]
ومن كتاب ابن المواز، والعتبية(1)، قال مالك، في عبد له امرأة حرة، وله منها ولد ابن عشر سنين، فحمله في البحر، بغير إذن أمه، فغرق؛ فمات، ونجا الأب، فقامت عليه الأم؛ فلا شيء لها عليه، في حمل ابنه في البحر.
وهذه المسألة مكررة، قد تقدمت في باب آخر.
في القود بين الرجال والنساء، والعبيد والإماء، وبين الكافر والمسلم، والعبد والحر، وبين أهل الكفر. والحكم بين أهل الذمة.
من المجموعة، وكتاب ابن المواز، قال أصحاب مالك: إن أحسن ما سمع في تأويل قول الله- سبحانه-: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى}(2)، أن القصاص بين الحرتين، كما هو بين الحرين، وكذلك بين الأمتين، والعبدين فإن الأمر عندهم أن القصاص بين الرجل والمرأة الحرين، في النفس والجراح، وبين العبد والأمة كذلك؛ لقول الله- سبحانه-: {أن النفس بالنفس} إلى قوله: {والجرح قصاص}(3).
قال أشهب: فيقتص من الرجل للمرأة، في النفس وجميع الأعضاء، والجراح التي فيها القصاص، وكذلك منها له، وما علمت من خالف ذلك إلا بعض العراقيين؛ فرأوه في النفس، وأبوه في الجراح بين الرجل والمرأة. ولا فرق بينهما. وقد قال/ الله- سبحانه-: {والجروح قصاص}، كما قال: {النفس بالنفس}.
وعليه مضى صدر السلف، وحكم به عمر، وغيره من الصحابة، وحكم به عمر بن عبد العزيز، وقاله فقهاء تابعي أهل المدينة.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 448.
(2) - الآية 178 من سورة البقرة.
(3) - الآية 45 من سورة المائدة.(2/35)
[13/542]
قال أبو الزناد: هو قول كل من أدركت، من التابعين. وقاله ابن شهاب وعطاء، وربيعة، وعمرو بن دينار، ومن يكثر عدده، ومالك، وعبد العزيز، فيمن اتبعهما.
قال ابن المواز: وكذلك لو اجتمع رجال على قتل امرأة، أو صبي، أو صبية؛ لقتلوا. وعلى قطع يد أو فقء عين؛ إنهم يقطعون، وكذلك تقطع يد الرجل؛ بيد المرأة، وكذلك ما قل أو كثر من الجراح.
قال مالك، في الكتابين: ولا يقاد من المرأة الحامل؛ في النفس، حتى تضع. قال ابن المواز: وكذلك القصاص- يريد: في الجراح المخوفة-.
قال ابن المواز: وإن قتلت؛ ففي قتل قاتلها، ولا شيء في جنينها.
قال، في الكتابين: والسنة؛ أن يقتص من عبده لعبده؛ في النفس والجراح، ولكن لا يلي ذلك إلا السلطان، وبعد ثبات البينة عنده بذلك.
ومن كتاب ابن المواز وإذا لزم المرأة قصاص، في نفس أو جرح، فلزوجها وطؤها، وإن كانت حاملا. ولو أنها أمة له لزمها قصاص، لم يطأها؛ لأنها مرتهنة بجناية، حتى يفديها. وقاله أشهب.
ومن المجموعة قال ابن وهب، عن مالك: لا يقاد عبد من حر، ولا أمة من حرة. وليس بين الحر المسلم، وبين عبد أو كافر في الجراح قود. وقد ذكرنا مذهب عبد العزيز؛ أنه إن شاء الحر أن يقتص من العبد في الجراح؛ أن ذلك له.
وقال مالك: ليس له ذلك، إلا في النفس. وقال: هذا من الضرر. وقاله أشهب.
قال مالك: وهي السنة.
قال مالك: وليس بين العبد المسلم، والذمي قود.
قال سحنون: لا في نفس، ولا جرح؛ لأن في هذا حرية، وفي هذا إسلام.
***(2/36)
[13/543]
وقال ابن وهب: ومن قتل عبده، فليكفر، وعليه العقوبة؛ من الإمام.
ومن الكتابين، قال مالك: ويقتل العبد بالحر المسلم، ولا يقتل به الحر. ولا قصاص بينهما فيما دون/ النفس.
قال غيره في كتاب آخر: ولم يختلفوا؛ أن من قتل عبده لا يقتل به، وفيه دليل على أنه لا يقتل حر بعبده.
ومن المجموعة، قال علي، عن مالك: لا يحكم بين أهل الذمة إلا فيما فيه الفساد؛ من القتل، والجراح، والسرقة، ونحو ذلك، وأما غير ذلك، فليردوا إلى أحكامهم؛ ويقتل اليهودي بالنصراني، ويقتل بهما المجوسي، ويقتلان به.
ومن العتبية(1) روى عيسى، عن ابن القاسم؛ وإذا تحاكم النصرانيان بقتل أحدهما ولي الآخر، وقال القاتل: ليس في ديننا قود. لم يقبل منه، وقيل: إن شهد عليه ذو عدل. قال عيسى: يسلم إلى أولياء النصراني، فإما قتلوه، وإما عفوا. ويضربه الإمام مائة، ويحبسه سنة.
ومن المجموعة، وكتاب ابن المواز، قال مالك وأصحابه: لا يقاد كافر من مسلم؛ في نفس، ولا جرح، وإذا قتل كافر مسلما عمداً، قتل به، وإن جرحه، فلا قود بينهما. وقاله أشهب، وعبد الملك.
ومن كتاب ابن المواز، قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «لا يقتل مؤمن بكافر(2) ولا ذو عبد؛ في عبده، والمؤمنون تتكافأ دماؤهم».
وقال ابن القاسم: ويحكم بين النصارى في جراحهم كلها، وإن كرهوا؛ في القتل وغيره؛ عمده، وخطئه وفي الغصب، والسرقة، وإنما لا يحكم بينهم؛ في الطلاق والمواريث، ويحكم بينهم في مبايعتهم، إلا في الربا- يريد في تحاكمهم
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 501.
(2) - أخرجه البخاري في كتاب العلم وكتاب الجهاد وكتاب الديات وأبو داود في الديات في باب ولي العمد يرضى بالدية وابن ماجة في كتاب الديات باب لا يقتل مسلم بكافر.(2/37)
[13/544]
إلينا- وأما في الرهون، وضمان الصناع؛ فيما بينهم، فيحكم بينهم بحكم الإسلام.
وفي كتاب ابن المواز: قال إذا قتل مسلم ذميا عمداً، أو خطأ، فإن الخطأ على عاقلته، لم يختلف فيه، واختلف في العمد؛ فقال أشهب: ذلك على العاقلة.
وقال ابن القاسم، وعبد الملك، وابن عبد الحكم، وأصبغ:/ ذلك في ماله. وبه نقول. وجعله أشهب كالعمد الذي لا قود فيه، كالجائفة، وعمد الصبي والمجنون، وكذلك عنده من قتل نصرانياً، او جرحه.
قال ابن المواز: لو كان هذا، لجعلت جرح الذمي إياه عمداً، على العاقلة. ولو لم يعلم بقتل المسلم النصراني، إلا شاهد واحد، ففيه قولان؛ فالذي أخذ به أشهب، وابن عبد الحكم؛ أن المشهود عليه يحلف خمسين يمينا، ويبرأ من الدية، ويضرب مائة، ويحبس عاماً.
وأخذ ابن القاسم، وأصبغ، وعبد الملك بقوله الذي قال: يحلف ورثة النصراني يميناً واحدة، على كل واحد منهم؛ لأنه مال لا قصاص فيه، ويأخذون ديته، ويضرب القاتل مائة، ويحبس عاما.
وإن فقأ نصراني عين مسلم، أو قطع يده، فطلب المسلم القصاص، ورضي به؛ قال مالك: يجتهد السلطان في ذلك، ولا أراه كالعبد؛ لأن العبد يؤخذ في ذلك أحياناً رقيقاً.
وكذلك في العتبية(1)، من سماع أشهب: إنه توقف فيه.
وقال ابن نافع: المسلم مخير؛ إن شاء استقاد، وإن شاء أخذ العقل.
ومن كتاب ابن المواز: وقال أيضا مالك: ليس له إلا الدية، في الجراح بينه، وبين الكافر، والعبد.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 95.(2/38)
[13/545]
قال مالك وإذا جرح الذمي أو العبد مسلما؛ عمداً، فبرئ بغير شين، فليس فيه غير الأدب. وإن برئ على شين من جرح العبد، فهو في رقبته.
محمد: قال ابن القاسم: وإذا قتل الذمي عبداً مسلما، فقد اختلف فيه، وأحب إلى أن يقتل به. وكذلك روى يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم، في العتبية(1).
قال سحنون: إنما عليه قيمته، وهو كسلعة.
وروى عبد الملك بن الحسن، عن ابن القاسم؛ قال: يقتل به. قال أشهب: قال: وإن قال سيده: لا أريد قتله، وآخذ قيمة عبدي. فذلك له.
ومن كتاب ابن المواز: واختلف فيه قول ابن القاسم؛ فقال: يضرب،/ ولا يقتل. وقاله أصبغ.
قال ابن القاسم: وليس لسيده أن يعفو عن الدية، وهو كالحر يقتل الحر، فليس فيه إلا القتل، أو يصطلحان على شيء.
قال أصبغ: لا عفو فيه، إن كان على حد الحرابة، والغيلة، وإلا ففيه العفو، والصلح جائز، ويصير كالنصراني، يقتل الحر المسلم؛ على العداوة، والثائرة، فلأوليائه العفو على الدية، أو القتل.
قال ابن المواز: وأحب إلينا أن يخير سيد العبد؛ فإن شاء قتل النصراني، وإن شاء أخذ منه قيمة عبده؛ لأنه ماله، أتلفه عليه. وقاله أصبغ.
قال: وإذا قتل العبد المسلم ذميا عبداً، لم يقتل به. وكذلك ذكر يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم، وقال: يخير سيده؛ في أن يفتكه بديته، أو يسلمه؛ فيباع على أوليائه.
وإذا قتله الذمي، قتل به.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 502.(2/39)
[13/546]
وقال غيره: لا يقتل به، ويغرم قيمته، ويضرب.
ومن كتاب محمد بن المواز: وإذا جرح مسلم ذميا؛ مأمومة، أو جائفة، عمدا، فلم يختلف فيه أصحاب مالك؛ أنه على عاقلة المسلم.
ولو أن عبداً مسلما، ونصرانياً حراً، قطعا يد حر مسلم، فلا قود بينهم، وعلى النصراني نصف دية اليد في ماله وعلى العبد نصف ديتها، في رقبته، يسلمه سيده في ذلك أو يفديه.
ولو كان معهم مسلم حر، لقطعت يده، ويكون على الذمي ثلث الدية، في ماله، وثلثها في رقبة العبد.
ولو أن نصرانيا، جرح، فأقام أياما، ثم مات، حلف ورثته يمينا واحدة: لمات من جرحه، أو من ضربه؛ إن كان ضربه، ويستحق ديته.
قال ابن القاسم: وكذلك إن نزى(1) العبد في جرحه، فمات، أو قام على الجرح شاهد، فيحلف سيده يمينا واحدة، ويأخذ قيمته. فاما القصاص إن قتله عمداً فلا يقتص. وقاله ابن عبد الحكم؛ إن أثقل مرضه، حتى مات، حلف يميناً واحدة، وأخذ قيمته. والنصراني مثله./
وقال ابن القاسم، في نصرانية اجتمع عليها عبدان؛ أحدهما مسلم، والآخر نصراني، فضرباها ضربا شديدا، فعاشت خمس ليال، ثم ماتت، وقامت بذلك بينه؛ فليحلف وليها يمينا واحدة، بالله في كنيسته: لماتت من ضربها، ويستحق رقبتهما، ولسيد أن يفديها، أو أحدهما.
قلت: وكيف يحلف عليهما، ولا يقسم في العمد إلا على واحد؟ قال ابن المواز: لأنه ليس مما فيه القسامة، فهو كالخطأ. وقال: قال ابن القاسم في الخطأ، وشبهه؛ من قتل العبد والنصراني: إنه إنما يحلف على جماعتهم، وإنما الذي لا يحلف إلا على واحد، لو كان فيه قتل.
***
__________
(1) - (إن نزى) كتبت في الأصل (إن برئ) وهو تحريف واضح.(2/40)
[13/547]
ومدبر النصراني، وأم ولده، كعبده؛ له إسلامهما في الجراح. وهذا المدبر إذا أسلم قبل أن يخرج، أو بعد أن جرح، فهو سواء؛ يخير السيد؛ فإن شاء فداه، بدية الجرح، ثم يؤاجر له من مسلم. وإن شاء أسلمه إلى المجروح يخدمه. فإن استوفاه(1) في حياة سيده، فيؤاجر من مسلم. وإن مات السيد قبل وفاء الجرح، عتق في الثلث، وأتبع بما بقي. وإن جرح بعضه، أتبع بحصة ما عتق منه، ويخير الورثة، فيما رق منه.
وكذلك أم ولده؛ تسلم قبل الجرح، أو بعد، توقف السيد؛ فإن أسلم، فهو أحق بها، ولزمه فيها الأقل. وإن لم يسلم، أعتقت، وأتبعت بالجناية. ولو جنت بعد أن أوقف سيدها، فإما أن يسلم، كانت جنايتها جناية حرة مسلمة.
ولو أن عبداً مسلما جرح نصرانيا أو يهوديا، خير سيده في فدائه.
وإذا دخل حربي بأمان، فقتل مسلما خطأً، فديته على أهل دينه، من الحربيين. قيل: فأحكامنا لا تجري عليهم؟! قال: ليس ذلك إلا عليهم.
وقال، فيمن طلب علجاً، فلما أدركه، أشار عليه بالسيف، فقال العلج: لا إله إلا الله. ثم قتله، فديته على عاقلة قاتله./
في النصراني، يقتل مسلماً، أوكافراً، ثم يسلم، أو كان
عبدا، فعتق، وانتقل الجارح أو المجروح، من دين إلى
دين، أو إلى ردة، أو من ردة إلى الإسلام، أو
من حرية إلى رق، أو من رق إلى حرية، أو من عهد
إلى نكث، وكيف إن نما ذلك إلى النفس؟ وذكر القسامة في ذلك
وهذا الباب قد جرى كثير منه، في الجزء الأول، في باب تنامي الجراح، في العبد والنصراني.
***
__________
(1) - كذا في ع وكتبت في الأصل (فإن استوفيا).(2/41)
[13/548]
قال عيسى بن دينار، في العتبية(1)، عن ابن القاسم، في نصراني؛ يقتل نصرانيا عمدا، ثم أسلم- يريد: القاتل-. وقاله المغيرة، في المحموعة.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، وهو عنه في المجموعة، في نصراني قتل نصرانيا عمداً، ولا ولي له إلا المسلمون(2)، ثم يسلم؛ قال: العفو عنه أحب إلي، إذا صار أمره إلى الإمام؛ لأن حرمته الآن أعلم من المقتول.
ولو كان للمقتول أولياء، كان القود لهم.
ومن كتاب ابن سحنون، قال ابن القاسم، في النصراني؛ يسلم بعد أن جرح، ثم يموت: إن فيه دية حر مسلم؛ في مال الجاني حالة.
وقال أشهب: إنما عليه دية نصراني؛ لأني إنما أنظر إلى الضربة(3)، في وقتها، لا إلى الموت، ألا ترى لو قطع مسلم يد مسلم، ثم ارتد المقطوعة يده، فمات على ردته، أو قتل؛ أن القصاص قد ثبت على الجاني، فتقطع يده بيده، وليس لورثته أن يقسموا على الجاني، فيقتلوه؛ لأن الموت كان وهو مرتد؟
ولو أسلم الحربي، في يد سيده المسلم، ثم مات عبدا، فلا قصاص له على الذمي الجارح له في النفس؛ لأنه مات عبداً، ولورثته القصاص في يده.
ولو كان الجارح له مسلما، فعليه دية يد نصراني، ثم تكون تلك الدية على ما ذكرنا من الإختلاف فيها.
قال: ولو عتق بعد إسلامه، فورثته بالخيار؛ إن أحبوا، اقتصوا من النصراني، فقطعوا يده،/ وإن شاؤوا القصاص في النفس، أقسموا: لمات من جرحه. ثم قتلوه؛ في غير قول ابن القاسم.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 477.
(2) - كذا في ع وكتبت في الأصل (إلا المسلمين).
(3) - كذا في ع وكتبت في الأصل (إنه إنما انظر إلى الضرية).(2/42)
[13/549]
وإن كان الجاني على المستأمن مسلماً، فقطع يده، فورثه المستأمن- في قول غير ابن القاسم- بالخيار؛ إن شاؤوا، فلهم دية نصراني، وإن شاؤوا، أقسموا: لمات من الجرح. وكان لهم ديته؛ دية مسلم.
ويقوله ابن القاسم أيضاً، إلا أنه يقول: إن اقتسموا أخذوا ديته؛ دية مسلم، في مال الجاني، وإن نكلوا، فليس لهم أخذ دية اليد؛ لأنها كانت وجبت للمسلمين فيئاً. وإنما لم يكن للمسلمين من دية يده شيء؛ في قوله: إن أقسم ورثته؛ لأنه يقول في العبد تقطع يده، ثم يعتق بعد ذلك: إن دية اليد للمعتق؛ لأنها ثبتت له قبل العتق، فإن برئ من جرحه، فمات؛ أقسم أولياء العبد المعتق، وأخذوا ديته، من الإبل.
ولو أن المسلم أوضح المعاهد، ثم نقض العهد، ثم غنمناه، فأعتقه من صار في سهمه، ثم ترامت الموضحة إلى ذهاب عينه، أو إلى منقلة، فهذا عند ابن القاسم تكون موضحته موضحة عبد فيئا للمسلمين. وما تنامت إليه المنقلة للعبد المعتق. وإن ذهبت عينه، اخذ دية العين كاملة؛ دية حر.
وغير ابن القاسم لا يرى هذا.
قال سحنون، وقال أشهب، من غير رواية سحنون، في نصراني حر، قتل عبداً مسلماً: أن يقتل به. ولو قتل العبد النصراني نصرانيا، ثم أسلم القاتل: إنه يقتل ولا ينفعه إسلامه في القود.
قال: ولو جنى مسلم جناية تلزمه في ماله، ثم ارتد، ولحق بأرض الحرب، فقتل، أو مات، أو فقد؛ فالجناية في ماله، ولا يغنم في ماله الذي بأرضنا شيء، حتى يؤخذ ذلك منه.
وإذا جنى مسلم على ذمي نصراني، فتمجس الذمي، ثم نزى فيها، فمات، فعلى الجاني دية نصراني؛ في قول أشهب.
وفي قول ابن القاسم، دية مجوسي.
***(2/43)
[13/550]
ولو جنى عليه نصراني، فلورثة المجوسي القود منه؛ لأنهم كلهم أهل ذمة.
وأما مسلم/ جرح مسلما، فارتد المجروح، ثم نزي فيه، فمات؛ فاجتمع الناس على أنه لا يقاد منه؛ لأنه صار إلى ما حل فيه دمه، والذمي لم يصر إلى ما يبيح دمه.
ولو جنى مسلم، على مجوسي، ثم تهود المجوسي، ثم نزي جرحه، فمات؛ فاجتمع الناس على أنه لا يقاد منه؛ لأنه صار إلى ما حل فيه دمه، والذمي لم يصر إلى ما يبيح دمه.
ولو جنى مسلم، على مجوسي، ثم تهود المجوسي، ثم نزي جرحه، فمات؛ ففي قول أشهب على المسلم فيه دية مجوسي، وفي قول ابن القاسم، وعبد الملك؛ دية يهودي. قال سحنون: وإذا قطع نصراني يد نصراني، ثم تهود الجاني، فبرئ المجروح، فمات، وأقسم ولاته: لمات منه. فإنه تفرض ديته على أهل الدين الذي ارتد إليه، ولا ينبغي أن تفرض دية جرح أو يد، قبل البرء، وذلك خطأً، ومردود إن فعل.
قال: وإذا شجه مأمومة خطأ، وسألني النصراني؛ أن أفرض ديتها على عاقلة النصراني، فذلك له، وأجعل له ذلك، ثم إن مات المجروح من جرحه، حلف ورثته: لمات منها، وحملت العاقلة باقي الدية. هذا قول أشهب؛ في المسلم، وفي النصراني، وبه أقول، وابن القاسم لا يرى ذلك له، حتى ينظر ما تؤول إليه. وأنا أرى أن يعجل له. وكذلك كل جرح تحمله العاقلة.
وكذلك في قطع الحشفة خطأً، وأما الموضحة، فلا إلا مواضح، أو مناقل خطأً؛ تبلغ ثلث الدية، على قوم النصراني؛ على هذا القول. ثم نزى في ذلك. فمات فحلف ورثته: لمات منه، وقد ارتد الجاني، إلى اليهودية، فرض ثلثا الدية على أهل الدين الذي ارتد إليه، وثلث الثلث الأول على النصارى.
وأما في قول ابن القاسم؛ فجميع الدية على اليهود؛ لأنه لا يفرض في المأمومة وشبهها على العاقلة، إلا بعد التناهي.
قلت لسحنون: قال بعض الناس: إذا جنى نصراني على مسلم، أو ذمي موضحة، ثم أسلم الجاني، ومات المجني عليه، فليضمن عاقلة الجاني في النصارى
***(2/44)
[13/551]
أرش الموضحة، ويضمن الجاني في ماله، ما زاد على أرشها، ولا يضمن النصارى، ما زادت جنايته وهو مسلم، وكذلك/ لو أسلم هو، وعاقلته، لم يلزمهم إلا ما لزمه وهو على دينهم.
قال: هذا خطأً، لأن ما لزم عاقلة النصراني، إذا حكم به ثبت بثبوت الدين؛ لا يدخل فيه من عتق، أو أيسر من عدم. وما حدث له من جناية بعد إسلامه، أو تولد على الجناية الأولى، فيؤتنف فيه النظر، يوم الحكم، فيلزم عاقلته من المسلمين، ولو لم تفرض الدية في جنايته على النصارى، وتترتب حتى أسلم، لم يلزمهم، ولزمت عاقلته من المسلمين، يوم النظر فيها.
وقد كان قال: هي على النصارى كأم الولد لا ينظر في جنايتها، حتى يموت السيد فقال ابن القاسم: هي على السيد. ثم اختار سحنون؛ أن لا شيء على السيد، وذلك عليها.
ولو لم ينظر في جناية المسلم، حتى ارتد، فإنه يستتاب، فإن تاب(1): حملتها عاقلته، وإن قتل، فذلك في ماله؛ في قول سحنون، وقال: لأنه لو جنى على مسلم، في ردته، ثم تاب، أخذ في عمده بما يؤخذ به المسلم، وأما في الخطأ؛ ففي قولي: ذلك في ماله؛ لأنه يوم جنى، لا علاقة له. وابن القاسم يرى عاقلته من يرثه فيرى أن تحمل ذلك عاقلته في هذا وإن كان نصرانيا؛ حكم فيه كالحكم بين مسلم ونصراني. وإن قتل، فالقتل يأتي على ذلك كله إلا الفدية.
قال ابن سحنون: وقال سحنون بقول ابن القاسم. وهي رواية عيسى، عنه؛ أنه إن جنى في ردته؛ قتلا خطأً، فذلك في ثلث المال، إن قتل على ردته، وإن أسلم، فعلى عاقلته.
***
__________
(1) - حرفت في الأصل إلى قوله(فإن قلت).(2/45)
[13/552]
قال يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم: وإن جنى عليه، في ردته، ففعل ذلك، إن قتل لبيت المال، والعمد فيه كالخطأ؛ لا قود فيه، ولو كان الجارح نصرانيا؛ لأن المرتد لا دين له يقر عليه، فمات عليه.
وروى المصريون، عن ابن القاسم، في المرتد يعدو عليه رجل، فيقتله؛ قال: على عاقلته/ الدية، والعقوبة الشديدة. وإن قتل هو رجلا خطأً، فديته على المسلمين.
قالوا: فإن كان عمداً، وله ها هنا مال، وهرب إلى أرض الحرب، فلا شيء لولاة المقتول في ماله.
قلت: قال بعض الناس- يعني الشافعي- في المرتد، رمى بسهم، فأصاب به رجلاً خطأً، ولم يقع فيه السهم حتى أسلم المرتد: إن هذا في ماله؛ لا تحمله العاقلة؛ لأن الرمية خرجت، ولا عاقلة له.
وقال: أصاب في أنه لا عاقلة للمرتد. إلا أني إنما أنظر إلى الجناية، في وقت تفرض على العاقلة، وهذه لم يحكم فيها حتى أسلم، وله الآن عاقلة، فذلك عليهم، كالخطأ.
وقد قال أصحابنا؛ ابن القاسم، وغيره: إن جنى خطأً، ثم أسلم، وله الآن عاقلة، فذلك، عليهم كالخطأ؛ أن عاقلته تحمل ذلك وكذلك هذا عندهم أجمعين.
قال سحنون: وفي قوله الأول؛ هي في ماله على أن ينظر إلى الجناية، يوم وقعت، لا يوم الحكم. وذلك كقول الشافعي.
ألا ترى أن سحنوناً يقول، في عبد رمى رجلاً بسهم، فأعتق قبل وصول سهمه: إن الجناية في رقبته؛ لأنه عبد يوم الرمية؟. فجعل الحكم بخروج الرمية، لا بوقوع السهم؛ في هذا القول. وقال في مسلم رمى مرتداً، فلم يصل إليه السهم حتى أسلم، ثم وصل إليه؛ فقتله، أو جرحه؛ فلا قصاص على الرامي؛ لأنه يرميه في وقت لا قود فيه، ولا عقل.
***(2/46)
[13/553]
في قول ابن القاسم؛ إن مات؛ الدية حالة في ماله، وإن لم يمت، فدية الجرح في ماله حلال؛ لأنه جرح، وهو مرتد، ثم نزى(1) من جرحه، فمات بعد أن أسلم: إن ولاته يقسمون؛ لمات منه. وتكون ديته في ماله. ألا تراه لو رمى صيدا، وهو حلال، فلم تصل إليه الرمية، حتى أحرم، ثم وصلت إليه، وقتلته؛ أن عليه جزاءه.
قال ابن سحنون: هذا قول جماعة من العلماء، واختلفوا في دية هذا المرتد؛ فمن أصحابنا من قال: ديته دية من على الدين الذي ارتد إليه. وقال/ ابن القاسم: ديته دية مسلم. وبه قال سحنون، وكذلك لو كان المرمي نصرانيا، فأسلم قبل وصول الرمية إليه؛ إنه لا قصاص فيه، وفيه دية مسلم؛ في قول ابن القاسم. وفي جرحه؛ إن لم يمت دية جرح مسلم. وفي قول أشهب؛ ديته دية نصراني. وينبغي على قوله إن لو كان مرتدا، فأسلم قبل وقوع الرمية؛ أن لا قود فيه، ولا دية؛ لأنه يوم الرمية مباح الدم. وقد قاله سحنون، في عبد رمى رجلا، ثم أعتق قبل وصول رميته؛ أن جنايته جناية عبده.
وقال أصحابنا أجمع، في مسلم قطع يد نصراني، ثم أسلم، ثم مات: إنه لا قود على المسلم. فإن شاء أولياؤه، أخذوا دية يده؛ دية يد نصراني، فعلوا، وإن أحبوا أقسموا، ولهم دية مسلم؛ في مال الجاني حالة؛ في قول ابن القاسم، وقول سحنون.
وقال أشهب: دية نصراني؛ لأني أنظر إلى وقت الضربة.
وإن كانت الجناية خطأَ، ولم يقسم ورثته، فلهم دية نصراني على عاقلة الجاني. وإذا أقسموا، فلهم دية يد نصراني، على عاقلة، في ثلاث سنين.
وفي قول ابن القاسم، وسحنون؛ دية مسلم على عاقلته.
***
__________
(1) - حرفت كلمة (نزى) في الأصل إلى (برئ).(2/47)
[13/554]
قال سحنون: وإن قطع رجل يد عبد، ثم أعتقه، ثم برئ في القطع، فمات؛ إنه لا شيء على القاطع منه؛ لأنه صار مباح الدم، يوم مات.
وفي قوله: الأول إن عليه لسيده ما نقصته الجناية، يوم القطع.
وروي عن سحنون، عن أشهب؛ أن عقل المرتد، عقل المجوسي؛ في العمد والخطأ؛ في نفسه أو جراحه. رجع إلى الإسلام، أو قتل على ردته، وذكر مثله عن ابن القاسم، وأصبغ، وروى سحنون، عن أشهب، قال: عقله عقل الدين الذي ارتد إليه. ففي مذهب أشهب، الذي رواه عنه سحنون؛ على الجاني قيمة العبد؛ عبداً لمعتقه، يوم الجناية.
وفي قول ابن القاسم؛/ ليست [له](1) قرابة يرثونه، فيحلفون؛ لاستحقاق ديته حرا، دية الدين الذي ارتد إليه، فلما لم يكن له من يرثه، بطلت اليمين، ثم رجعت اليمين على القاتل، ما مات من القطع، ثم يغرم ما نقصه القطع لسيده. ولو عاد إلى الإسلام، ثم مات من الجرح، فليحلف ورثته، في قولي، وقول ابن القاسم؛ لما مات من الجرح، ثم تكون دية حر مسلم، في مال الجاني. وفي قول أشهب؛ تكون قيمته عبداً، يوم الجناية، لمعتقه.
وفي باب بعد هذا؛ في المعاهد يخرج؛ شيء من ذكر أمر ردة المجروح.
ومن المجموعة، قال ابن نافع، وعبد الملك، في عبد جرح عبداً، ثم أعتق: إن لسيد المجروح القود، إذا كان الجرح في الرق.
قال ابن القاسم، وعبد الملك: وإن جرح حر مسلم عبداً أو نصرانياً، ثم عتق هذا، أو أسلم هذا، ثم نزى في جرحه، فمات فلا قود فيه، وجميع الدية لورثته؛ لأنه إنما هو مقتول يوم مات.
قال عبد الملك ومن جرح مسلما عمداً، ثم تنصر المجروح، فلا دية في هذا، ولا قود، وكأنه قتله في كفر، ويؤدب.
***(2/48)
[13/555]
قال ابن حبيب: قال ابن الماجشون: وقاله لي أصبغ، عن ابن القاسم، في مسلم جرح نصرانيا، أو عبداً، ثم يسلم النصراني، أو يعتق العبد، ثم يموت: إن الدية كاملة على الجارح، في ماله.
ومن العتبية(1)، روى سحنون، عن ابن القاسم، فيمن جرح نصرانيا، أو عبداً، ثم عتق العبد، وأسلم النصراني، ثم قالا بعد ذلك: دمنا عند فلان. فإن كان للذي أسلم أولياء مسلمون، أو للعبد المعتق أولياء أحرار؛ من ولد أو موالى، أقسموا، وأخذوا الدية؛ ألف دينار؛ لورثته الذين أقسموا، وهي في مال الجاني.
وإما لو لم يسلم، ثم قال: قتلني فلان. ثم مات، فلا شيء فيه؛ لا بيمين، ولا بقسامة، إلا أن يقوم شاهد- يريد: على الجرح- فليحلف أولياؤه يميناً واحدة، ويأخذوا الدية، وهذا خلاف لقول/ له هناك، قبل ذلك.
وقال، فيمن قال: قتلت فلانا خطأ: إنه لوث(2). فإن شهد على إقراره رجل أنه أقر، أقسم مع شاهده هذا، ثم رجع، فقال: بل حتى يقوم على إقراره شاهدان.
وروى عيسى، عن ابن القاسم، في عبد جرح، فأعتقه سيده، وهو مجروح، ثم نزي فيه، فيموت؛ قال مالك: فعقله عقل الحر؛ كان عمداً أو خطأً. وذلك بقسامة، ولا يقبل منه في العمد الشبهة التي فيه، ولو قال قائل: ديته دية عبد، كان له مطعن. فلذلك رأيت في العمد والخطأ الدية.
قال: ولو أنفذ الجارح مقاتلة، ثم أعتق، فإن هو يورث بالحرية، قسموا؛ أنفذ مقاتله أم لا. وفيه الدية كاملة.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 42.
(2) - اللوث: هو أمر ينشأ عنه غلبة الظن بصدق المدعي ويعبر عنه باللطخ.(2/49)
[13/556]
قال أشهب، في كتاب ابن سحنون: قال ابن الماجشون، في عبد شج موضحة، فترامت إلى منقلة، بعد عتقه: إنه يكون لسيده نصف عشر قيمته، ويكون في التنامي(1) ما بين منقلة حر إلى موضحته.
قال ابن سحنون: معناه عندي؛ أن يكون الجارح عبدا، فأما إن كان حرا، فليس في ذلك كله إلا منقلة حر؛ لأن ذلك من الحر، في العبد، كالخطأ. وذلك في الخطأ راجع إلى ما قلنا.
وبقية هذا الباب، في الجزء الأول.
في العبد يجرح، ثم يعتق، ثم يجرح، ثم يموت
بعد ذلك، والجرحان خطأً، أو عمداً، أو أحدهما
من كتاب ابن سحنون، قال سحنون: وإذا قطع رجل يد عبد خطأ، ثم عتق، ثم قطع آخر رجله ثم نزي؛ فمات من الجرحين؛ ففي قول ابن القاسم؛ يقسم ورثته؛ لمات من الجرحين جميعاً، ثم يأخذون دية حر من الرجلين؛ النصف من عاقلة كل واحد منهما في ثلاث سنين. وإن أبوا القسامة، أخذوا من الثاني نصف الدية في ثلاث سنين. ومن الأول ما نقصه الجرح يوم الجناية. وهو عبد هذا، كان أولياؤه أعتقوع.
فأما إن كان له ورثة، كان/ ما نقصته الجناية لسيده، وإن كانت الجناية الأولى عمداً والثانية خطأً قيل لورثته: إن شئتم، فأقسموا على الجاني الأول، والثاني، وخذوا من الأول نصف دية حر في ماله حالة، ومن عقل عاقلة الثاني نصف دية حر في سنتين.
وإن شاؤوا أقسموا؛ لمات من الجرح الثاني، وأخذوا جميع الدية من عاقلته، ومن الأول ما نقص الجرح من العبد، يوم الجراحة.
***
__________
(1) - كذا في ع وكتبت في الأصل (في التناهي).(2/50)
[13/557]
فإن لم يكن له ورثة، أخذ جميع قيمة الجرح السيد.
قال: وإن كان جرحه الأول خطأً، وهو عبد، وجرحه الثاني عمداً، بعد أن عتق، فإن أقسموا على الأول، أخذوا دية حر من ماله حالة، واقتصوا من جرح الثاني، وإن لم يقسموا إلا على الثاني، فلهم قتله(1)، ويأخذون من الأول ما نقصه الجرح، من مال، إن كان ولاته من أعتقه.
وإن كان له ورثة، فأرش الجرح للسيد.
قلت: أليس هذا مثل ما أنكرت على الشافعي، من الحكم، في نفس، بقتل، وأرش؟ قال: لا؛ [لأن هذين جانبان، وذلك جان](2) واحد.،
فلو قال: قطع رجل يد رجل واحد عمدا، ثم قتله آخر، لكان القصاص في اليد من هذا، وفي النفس من هذا. ولا يكون هذا في جان واحد.
قال: ولو كان في المسألة الأولى الجانبان عمداً، فلهم أن يقسموا؛ لمات من الجرح الأول، ويأخذوا من ماله دية حر، ويقتسموا من جرح الثاني.
وإن أقسموا على الثاني، قتلوه، ولهم ما نقص جرح الأول، إن كان ولاته عتقوه، وإلا فأرش ما نقصه؛ لسيده.
قال سحنون: ولو قطع رجل يد عبد، ثم عتق، فقطع آخر رجله، ثم آخر، يده الأخرى، ثم نزي في ذلك كله، فمات، فإن كانت جنايتهم خطأً، أقسم ولاته؛ لمات منها كلها، وأخذوا من عاقلة كل جان من الجانيين، بعد الأول نصف الدية، وعلى الأول ما نقصه يوم الجناية، للسيد. وإن كانت الجنايتان(3) بعد العتق عمداً، فلهم أن يقسموا على أحدهما، ويقتلوه، ويقتصوا من الآخر/ جرحه. وعلى الأول ما نقصته جنايته عبداً(4)، ثم يوم جنى يأخذه السيد.
***
__________
(1) - كذا في ع وكتبت في الأصل (فلهم ذلك).
(2) - كتبت في الأصل سهوا من الناسخ (لأن هذين جانيين وذلك جاني) والصواب ما أثبتناه.
(3) - في الأصل (وإن كانت الجنايتين) والصواب ما أثبتناه.
(4) - في ع (عمدا) عوض(عبدا).(2/51)
[13/558]
وإن شاء ولاته، إما ورثته، أو معتقوه، أن يقسموا؛لمات من جناية الأول، فعلوا، وأخذوا من ماله دية حر حالة، ويقتصوا من الثاني والثالث.
وإن كانت الأولى والثانية خطأ، والثالثة عمداً، وأولياؤه عصبة، فلهم أن يقسموا على الثالث، ويقتلونه. ولهم على عاقلة الثاني نصف دية الحر؛ في سنتين. وللسيد على الأول ما نقصه، وإن شاء عصبته أقسموا؛ لمات من جرح الأول والاني، وكان لهم على عاقلتهما الدية؛ نصفها على كل عاقلة، في ثلاث سنين، ويقتصون من الثالث، فذلك لهم.
وإن كانت الثلاث الجنايات(1) عمداً، فإن شاؤوا أقسموا؛ لمات من جناية الأول، الذي جنى عليه، في رقه، وأخذوا من ماله دية حر حالة، واقتصوا من الجانيين عليه، بعد حريته، وإن شاؤوا أقسموا على أحد الجانيين؛ في حريته، فقتلوه، واقتصوا من الآخر، وكان لمعتقه على الأول ما نقصه، وإن أبى ورثته أن يقسموا على أحد، فلهم القصاص من الجانيين، بعد حريته، وللسيد في الجناية الأولى؛ في الرق ما نقصه.
وفي الباب الذي قبل هذا، ذكر قول ابن القاسم، وأشهب، واختلافهما في مثل هذا المعنى، واختيار سحنون.
في المعاهد الحربي؛ يجرح، ثم ينكث، ثم يؤمن
أو يسبى، ثم ينزى في جرحه
فيموت، وقد جرحه مسلم أو ذمي
من كتاب ابن سحنون، عن أبيه: وإذا قطع الذمي يد معاهد، أو جرحه، في دار الإسلام، ثم لحق المجروح بأرض الحرب، ناقضا للعهد، فنزي في جرحه، فمات، فلورثته القصاص من الجرح، وليس لهم القتل، بأيمانهم، ولو أنه رجع،
***
__________
(1) - كذا في ع وكتبت خطأ في الأصل الثلاثة جنايات والصواب ما أثبتناه.(2/52)
[13/559]
وأعطاه الإمام أيضاً عهداً، ثم نزي في جرحه، فمات، فلا قود على الجاني في القتل، وليس لهم أن يحلفوا، ويقتلوه؛ لأن وليهم ساقط الدم؛ بنقضه/ العهد، ولا يعود برجوعه، كما لو مات في نكثه، لم يكن فيه قود، ولورثته إن شاؤوا القصاص من الجاني، في اليد والجراح، واما في القتل، فلا.
قال في موضع آخر، من الكتاب: وإن حلفوا؛ لمات من الجراح، فلهم ديته، على الجاني؛ في ماله؛ دية ذمي تامة. وفي قول أشهب؛ يقتل الجاني- يريد: بأيمانهم-. قال: لأنه إنما ينظر إلى يوم موته، وفي موضع آخر من الكتاب، قال: وفي قول أشهب؛ يقتل الجاني؛ لأن الجناية كانت في وقت بينهما فيه، فكان في النفس بينهما أيضا.
قال سحنون: ألا ترى أن قطع مسلم يد مسلم، ثم ارتد المقطوع، ثم رجع إلى الإسلام، ثم مات؟؛ فغير أشهب يرى أن لورثته قطع يد الجاني، وليس لهم القسامة؛ لمات من ذلك، ويقتلونه ولهم أن يقسموا؛ لمات من ذلك، ويأخذوا الدية، وفي القول الآخر؛ لهم أن يقسموا، ويقتلوا، وإن اصطلحوا على الدية، فهي دية مسلم، لأن الضربة إنما تراعى في وقتها.
قال ابن سحنون: والدية ها هنا دية مسلم؛ في قول عبد الرحمن، وعبد الملك، وسحنون؛ لأنهم قالوا: لو قطع مسلم يد نصراني، ثم أسلم، فنزي في جرحه، فمات؛ إن لورثة النصراني الذي أسلم، إن كانوا مسلمين، أن يقسموا؛ لمات من جرحه، ويأخذوا ديته؛ دية مسلم.
قال: ولو أن مسلما أو حربياً، جرح معاهداً، ثم لحق المجروح ببلد الحرب، ثم سباه المسلمون، ثم مات، فلا قود فيه على الذمي الجاني عليه؛ في النفس، ويقتص منه في الجرح، وتكون دية يده نصف دية نصراني؛ فيئا للمسلمين؛ في قول عبد الرحمن، وقال غيره: تكون دية يده لورثته.
قال: ولو أسلم بعد ما صار في يدي من صار إليه، ثم مات عبداً، فلا قصاص له على الذمي؛ في النفس؛ لأنه مات عبدا، ولورثته القصاص من يده.
***(2/53)
[13/560]
فيمن أعتق أحد عبديه، أو أوصى ميت بعتقهما؛
ما حكمهما في الجراح، والقتل، والميراث قبل إنفاذ الحرية؟/
من العتبية(1)، روى عيسى، عن ابن القاسم، فيمن قال وهو صحيح: أحد عبدي حر. فقتلهما أو أحدهما رجل، قبل أن يسأل السيد؛ من أراد؟ فقال السيد الآن: كنت أردت المقتول.
قال: لا يصدق في الدية، وليس له فيه إلا قيمته عبداً، ويصدق؛ أنه الحر، والباقي الرقيق.
قال سحنون: ويحلف.
وإن قال: أردت الباقي. حلف، وعتق من رأس ماله.
ولو مرض، فقال: لم أكن أردت واحداً منهما بعينه. ففيه تنازع، وأولى أن يعتق الباقي من أرس المال.
قال عيسى، عن ابن القاسم: إن قال: لم أنو واحداً بعينه. عتق الباقي، وكان له في المقتول قيمة عبده.
ولو كانت زوجتين، طلقت الباقية. ولو قال: أردت الميتة، فله إمساك الباقية.
ولو قتل العبدين رجل، أو رجلان، فقال السيد: قد كنت أعتقت أحدهما، لم يكن له إلا قيمتهما؛ عبدين.
ولو قال: لم أكن أعتقت واحداً. فكذلك، ولهما حكم العبيد، بعد قوله: أحدكما حر. وكذلك لو قال ذلك في وصيته، ومات، فلهما حكم العبيد إن قتلا، حتى ينفذ في الثلث أحدهما.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 15: 491.(2/54)
[13/561]
ولو قال: مات أحدهما، أو قتل. عتق الباقي في الثلث.
وفي أبواب العتق بالسهم من معاني هذا الباب، وفي الوصايا.
فيمن قتل من لزمه القتل؛ من مرتد، أو زنديق، أو قطع
يد سارق، ونحوه. والمرتد يقتل مسلما، أو نصرانياً
أو يجرحه، ومن قتله الخوارج
من العتبية(1)، قال سحنون، فيمن قتل مرتدا عمدا: فلا دية عليه، ولا قتل؛ قتله مسلم أو نصراني.
وكان عبد العزيز لا يرى استتابة المرتد، ويقتله، ويذكره عن معاذ.
قال: ويؤدب القاتل؛ بما افتات على الإمام.
وقال أبو إسحاق البرقي، عن ابن القاسم، وأشهب: عقل المرتد في العمد والخطأ؛ عقل مجوسي؛ في النفس والجراح؛ رجع إلى الإسلام/، أو قتل. وقاله أصبغ، وأنكر هذا سحنون، وذكر عن أشهب؛ أن عقله عقل الدين الذي ارتد إليه. وقد تقدم هذا في باب آخر، في الجزء الأول.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: ومن قتل زنديقا، فلا عقل عليه، ولا قصاص، ولا دية. وكذلك من قطع سارقا، لزمه القطع، ويؤدب. وذلك أنه حق لابد أن يقام؛ لا تخيير فيه، ولا عفو. ولو قطع السارق خطأً، ففيه العقل.
قال ابن المواز: كل من أقام حداً، وجب لله- تعالى- فلا شيء فيه إلا الأدب؛ لما افتات على الإمام. وأما ما كان للعباد، وربما سقط بعفو أو غيره، فيأخذه من ليس له الحق بولاية، فلا يبطل ذلك حق ذي الحق. وإن أخذه من له الحق، بغير إذن السلطان، جاز له. وعليه الأدب.
***
__________
(1) - البيان والتحصيل، 16: 56.(2/55)
[13/562]
ومن قتل مرتداً عمداً، فقال ابن القاسم: إن تنصر، فعلى عاقلة العاقل دية نصراني. وإن تمجس، فدية مجوسي؛ في مال الجاني، مع الأدب.
ولو أن المرتد قتل مسلما خطأ، فالدية عنه في بيت المسلمين؛ لأن المسلمين يرثونه، وإن قتله عمدا، وهرب إلى بلد الحرب، وترك مالاً، فليس شيء للولاة في ماله.
قال ابن القاسم: ولو جرح المرتد نصرانيا أو قتله، اقتص منه بالقتل أو الجراح. وإن جرح مسلماً؛ لم يقتص منه، وإن قتل مسلماً، قتل به، وإذا جرح المرتد أو قتل، ثم رجع إلى الإسلام، فانظر؛ فإن كان قتل نصرانيا، لم يقتل به، وإن قتل حرا مسلما أو جرحه، [اقتص] منه بالقتل أو الجرح إذا أسلم.
قال مالك: وليس على من قتل من الخوارج أحداً؛ على تأويل القرآن قصاص، وأما إن أخذوا مالاً، أخذ منهم.
تم الجزء الثاني من أحكام الدماء
وبه انتهى الجزء الثالث عشر
من كتاب النوادر والزيادات
يليه الجزء الرابع عشر
وأوله كتاب القصاص:
الثالث من أحكام الدماء(2/56)
النوادر والزيادات الجزء 14
***(1/1)
[14/5]
بسم الله الرحمن الرحيم
خاتمة أجزاء
كتاب النوادر والزيادات
... نحمد الله تعالى على أن يسر اخراج هذا الجزء الرابع عشر، الخير من كتاب النوادر والزيادات لأبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيروانى، فتم بذلك- أول مره- نشر هذا الكتاب الذي مضي على تأليفه زهاء مائه وألف عام.
إذا كان كتاب النوادر والزيادات يعد بحق من أهم أمهات الفقه المالكي، والسجل الأمين الجامع لما أنتجه فقهاء المالكيه المجتهدون طوال ثلاثه قرون في المشرق والمغرب عموماً، وفي بلاد الأندلس وإفريقيه خصوصاً، مما تحتوي عليه مدونه سحنون، فإن مزيه النوادر الكبرى وأهميتها العظمى تتجلى في حفاظها على نصوص كثيرة من مصنفات مالكيه ألفت قبلها وضاعت جمله أو بقي منها نُتفٌ تكفل بالكشف عنها ودراستها دراسه أوليه الستشرق الألمانى ميكلوش موراني في كتابه دراسات في مصادر الفقه المالكي.
***(1/2)
[14/6]
لقد بدأ التفكير في نشر كتاب النوادر من طرف دار الغرب الإسلامي ببيروت منذ نحو عشرين سنة، فجُمعت في القاهرة صُور مخطوطات الكتاب وخرومه من جميع الجهات،وهي على العموم ناقصة او ملفقة أو عبارة عن قطع صغيرة من ابواب مختلفة، ولكنها مع ذلك تغطَي مجتمعةً نصٌ كتاب النوادر كاملاً. وتتميز من بينها مخطوطة إستنبول المجَزأة إلى عشرين جزءاً بتسلسل نصها من بداية الكتاب إلى قرب نهايته (اثناء كتاب القسامه)- على ما فيها من تصحيف كثير وطمس وفقد لوحات- لم يضع منها سوى الجزء العشرين الأخير في التتجزئه. ووُجد له بديل في الجزء الخامس من مخطوطة الصادقية بالمكتبه الوطنية بتونس, الاٌ أنه كثير التصحيف تتخله بياضات في أسفل معظم الصفحات.
وكان مما يشغل البال أيضاً أن معظم النصوص التي وقع العثور عليها تتعلق بالعبادات, حيث تتكرر نسخ الطهاره والصلاة والصيام والحج الخ فتنيف على خمس نسخ, لكن يقل العدد في كتب المعاملات حتى لاتوجد احياناً ولونسخة واحدة للمقابلة كما هو الشأن في كتب الوصايا بالجزء الحادى عشر, ومع ذلك شُرع في تحقيق كتاب النوادر في مصر, عبد الفتاح محمد الحلو.
ولما كلفتُ بمتابعة عملية التحقيق عملت اولاً على إغناء النسخ التي جاءتني من القاهره بصور مخطوطات اخرى لكتاب النوادر محفوظه فى الخزائن المغربية أشرت اليها في مقدمة الجزء الثالث, ثم حرصت على توزيع ***(1/3)
[14/7]
الأجزاء السليمة نسبيٌاً بيني وبين الزملاء الذين قبلوا التعاون معي لتسير عملية تحقيق الكتاب قَدُماً. وتركت الجزء الأخير علّني اعثر على نصوص خطية اخرى تساعد على المقابلة وملء الفراغات, وقد اقتنعت بعدم جدوى إخراج هذا الجزء مبتوراً مهلهلاً على نحو ما هو عليه في مخطوطة تونس. ولحسن الحظ وقفت على مخطوطة جيّد في مخطوط جيّد في الخزنة العامة بالرباط يشتمل على كتب الدماء ويتوقف مبتورا أثناء كتاب الأشربة, زمخطوط آخر عتيق في خزنة القروين يستمر إلى نهايه الكتاب,لكنه ينقصه كتاب القطع في السرقة. واكتمل الحظ بمخطوطة القيروان المشتملة على هذا الكتاب الناقص وهي عتيقة ربما يرجع تاريخ نسخها الى عصر المؤلف, لكن الرطوبه عاثت فيها فساداً, فلم يعد بالإمكان قراءتها الاّ تحت أضواء كاشفة وعدسيات مكبرة قوية.
وأخيراً ها هو الجزء الرابع عشر يصدر منسجماً مع الأجزاء الأ خرى, ليكتمل به كتاب النوادر والزيادات على ما غي المدونة من غيرها من الأ مهات الذي طالما تشوّف اليه الفقهاء والمهتمون بالتراث الإ سلامي.
واللهُ ولىّ التوفيق.
سلا في 12 ذي الحجة عام 1419/30 مارس 1999
محمد حجي
***(1/4)
[14/9]
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد خاتم النبين
كتاب الدماء الثالث
في القصاص من الناقص بالتامّ ومن التامّ بالناقص
وبين الكبير والصغير والمبتلى والسليم
من المجموعة, ونحوُه في كتاب ابن الموًاز, قال ابن القاسم واشهب: ومَنْ قتل رجلاً به عيوبٌ او نقصٌ من الجوارح أو به ذجامٌ أو غيره فإنه يُقتلُ به, وهي النفس بالنفس.
قال أشهب: ولو ذهب ما أمكن ذهابُه من جميع أعضائه لم يمنعْ ذلك من القصاص.
وروى ابنُ وهب عن مالك في الكبير يجرح صغيراً أن لأوليائه القوَدَ منه إن أحبُّوا, ٍٍ[وإن أحبُّوا](1)أخذوا العقل.
قال ابن المواز: واذا عفى عن قاتل: أو جارح على أن يغرم العقل فأبى إلاّ القصاص فله ذلك في الجراح؛ لم يختلف فية أصحاب مالك.
وقال ابنُ وهب: لم أسمع في الجراح أنَّ المجنىَّ عليه مخيرٌ إلاَّ في الأعور يفقأ الصحيح عينَه, أو هو عينَ الصحيحِ, أو العبيد يجرحُ بعضهم بعضاً, أو الكبير يجرحُ الصغيرَ, فإنَّ أولياء الصغير بالخيار في القصاص وأ خذ العقل. وأما القاتلُ فمُختلُفٌ فيه.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأ صل, ثابت في ص و ع.(1/5)
[14/10]
وهذا في باب مفرد هذا.
... ومن المجموعه قال المغيرة: في عين الكبير تضعيفُ ثم يصابُ عمداً ففيها القوَدُ. وأما كلُّ ما نقصها من جُدريّ أو كوكب أو قرحة أو رمية أوغيرها, أخذ فيها صاحبها عقلاً أو لم يأخذْ, ثم أصيبتْ عمداً فلا قَوَدَ فيها, وعليه في العقل بحساب ما أصاب منها.
... وقال عبدُ الملك: تأويلُه فيما يُعرف أنَّ ذلك إذا كان نقصاً فاحشاً كبيراً.
... ومن كتاب ابن سحنون: وفرَّق أشهبُ بين ما يُصيب العينَ بعلة عارضة وبين ما تصيرُ إليه من ضعفٍ لِكِبَرٍ(1)فقال في هذه فيها ديةٌ(2)كاملةٌ, وفي الأولى له من البَصَر, كما لو جنى عليه جانٍ ولم يؤخذ منه شيء, وقال المغيرةُ مثلَه.
... قال ابن الماجشون: تأويلُ قول المغيرة هذا في النقص الفاحش. وأما في النقص اليسير فله القصاصُ على كل حال.
... وفي الجزء الأول ذكر الديه في العضو الناقص.
... وقال ابن القاسم يف الذي الذي تصابُ عينه أو يده خطأ, فضعفت فأخَذَ لذلك عقلاً وهوينظر بالعين ويبطش باليد, ثم أصيبت: إنَّ فيها القصاصَ. وهذا في المدوَّنة.
قال مالك في المجموعة, وهو في العتبية(3)من سماع أشهب: ومن قطه يد رجل وبيد القاطع عيب أو نقص أو شلل أو عتل وفيها استماع, فلهذا القود بها. وإن لم يكن فيها استماع فليس له ذلك وإن رضي به مثل العين القائمة.
***
__________
(1) في الأصل: تكبر, والتصحيح من ص و ع .
(2) في ص و ع: ديتها كاملة.
(3) البيان والتحصيل16:106.(1/6)
[14/11]
وكذلك[ذكر](1)في كتاب ابن المزاز: إن كان بها شل بيَّنٌ أو نقص وهو ينتفع بها ورضى أن يستفيد منها, فذلك له: لأنها تُقطعُ في السرقة.
... ومن المجموعة(2)قال ابن القاسم وأشهب في أشَلَّ اليد والأصبع يقطعها صحيح: إنه لا قصاص فيها, وكذلك إن شل بعضها, إذ لا يقدر أن يقاد له(3)[بها بقدر](4)ما بقي منها بالاجتهاد.
... قال ابن القاسم عن مالك: وذلك في مال الجاني,يريد: وإن تم شللها شَيْنَاً ففيها حكومة.
... قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم:وإن كان الجاني أشَلَّ اليد فقطع كفاً سليمة خُير المجنيُّ عليه: فإن شاء قطَع الشلاء بيده, وإن شاء تَركَها وأخذ العقلَ.
... وقال في كتاب أسد: ليس له إلا العقلُ. زكذلك ذكر ابنُ المواز عن مالك وابن
القاسم وأشهب في الكتابين: إن كان شللاً يابساً أو كبيراً أذهب أكثر منافع يده. وأما في الخفيف فله أن ِيقتصَّ.
... وكذلك إن فقأ عينَ رجل, وعينُ الفاقىء ناقصةَ النظر وهو ينظرُ بها, وبها بياضٌ أولا بياضَ بها, فله أن يقتص منها, فإن ذهبت أو ذهب أكثرها فلا قصاصَ له فيها.
***
__________
(1) زيادة في ص.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الاصل, ثابت في ص و ع.
(3) في ص: أن يقابله, وهو تصحيف.
(4) زياده في ص.(1/7)
[14/12]
وكذلك مقطوعُ الكفّ اليمنى يَقَطعُ يمينَ رجل من المرفق, فليس له قطعُ يمين الجاني التي لاكفَّ فيها, وإنما له الدية عند أشهب, كمَنْ رضي بالقود من العين القائمة.
... قال ابن المواز وقال ابن القاسم: له قطعُ يمين الجاني التي لاكفَّ فيها من المرفق, ولا شيء له, فإن شاء أخذدية اليد خمسمائة دينار. وكذلك له قطعُها من المرفق [إن كان قطع يمين الرجلِ من المرفق](1).
... ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن قطع لرجل خمس أصابع, منها أصبعان شلاَّوان, فليقتص من ثلاث أصابع, وله في الأصبعين حكومة. وإن قطع له الكف من أصله فلا قصاص له, وله ثلاثة أخماس دية اليد, وفي الأ صبعين حكومة.
... ومن كتاب ابن المواز,وقد مضي في الجزء الأول, قال مالك في أقطع اليمين يقطعُ يمين رجل فَعَقْلُهَا في ماله. وكذلك الرَّجلُ والعين, ولا تحملُهُ العاقلةُ, بخلاف المأمومة والجائفة, لأن تلك باقية والقصاص مرتفع؛ ولو كانت هذه باقية لم يكن إلا القصاص. ولو أصيت هذه بأمر الله سبحانه بعد الجناية سقط القصاص والدية. ولو الجاني بعد الجناية بمأمومة أو جائفة في مثل الموضع من المجروح لمْ تسقط الدية.
واذا قطع صحيح كفا فيها ثلاثةُ أصابع فلا قصاص, وله ثلاثةُ أخماس دية الصحيح؛ لم يختلف في هذا مالك وأصحابة. وإن كانت تنقص أصبعاً واحداً فقول مالك وابن القاسم أنه يُقتصُّ له من هذا الصحيح, كانت الإبهامَ أو غيرها, أخذ لها عقلا أو قصاصاً أوغيره, وإنما أجيز له ذلك رحباً(2)وليس بقياس.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ع, ثابت في الأصل وص.
(2) في ص و ع : زحفا.(1/8)
[14/13]
وقال أشهب: لا قصاص له, وله أربعة أخماس دية الكف؛ ذهبت الأصبع بأمر الله تعالى أو أخَذَ لها عقلاً , واختلف فيها قوله, ولكن الثابث عندنا من قول أشهب وروايته أن ليس إلا القصاص. وقال أشهب في قوله الأخر إن الأصبع كالأصبعين في رفع القصاص, كان أخذ للأنمله عقلاً أو لم يأخذ.
ولو قُطعت كفه خطاً كان له ديتُها كلها أيضاً إذا كان لم يأخذ للأنملة دية, وإن كان أخذ للأنملة عقلاً حوسب بها, ةإلا لم ينقص من دية اليد شىء.
قال :وأنملتانِ مثل أصبع لذهاب أكثر.
... ومن المجموعة قال ابن الماجشون: حدُّ ما لا يرفع اقصاص في اليد والَّرجال من النقص أصبعٌ واحد؛ هذا أقصاه. وزاد المغيرة على ذلك, وقول مالك أحوط. قال ابن
القاسم: سواء كانت الإبهام أو غيرها. وقال ابن الماجشون: إن كانت الإبهام فلا قصاص, لأن الإبهام كأنها أزيد من أصبع. قال سحنون في كتاب ابنه: وما علمتُ من فرَّق بين الإبهام وغيرها غيره.
... زمن المجموعه قال ابن القاسم: وكذلك إن كان نقص الأصبع خلقةً علي ما ذكرنا.
... وقال ابن الماجشون في ناقص الأصبع يقطع يداً صحيحة فالقوَدُ منه وله سواء مثل الصحيح, وما زاد فلا قواد له ولا منه, ويصير ديةً.
... وكذلك روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك في مقطوع الأصبع تُقطع يدُه تلك فله بها القصاص من صحيح.
... قال ابن القاسم وعبد الملك: كان أخذ للأصبع ٍٍٍ[عقلا](1)أو لم يأخذ.
***
__________
(1) ساقط من الأصل, ثابت في ص و ع.(1/9)
[14/14]
قال بن الماجشون في الكتابين: وكذلك لو كانت يد الجاني ناقصة اصبعاً. أخذ لها عقلاً, فله بها القصاص من صحيحة. ولا عقل للمقتص منه للأصبع. ولو قطعت من يد رجل أصبعٌ خطأ أو عمداً فلم ينظر فيه حتى قطع رجل كفّه تلك فاقتص له بها بكف, فله في أصبعه القصاص أو العقل لأنه حق وجب له قبل أن تقطع كفه بها القصاص من صحيحة، ولا عقل للمقتص منه للأصبع. ولو قطعت من يد رجل أصبع خطأ أو عمداً فلم ينظر فيه حتى قطع رجل كفه تلك فاقتص له بها بكفه. وكذلك لو كان المقطوع الأصبع هو قطع كفاً صحيحة قبل انينظر في أصبعه, فله القصاص في أصبعه في أصبعه في العمد, والعقل في الخطأ, إلا أن تقطع أصبعه بعد قطعه لكف الرجل, فيكون أولى بقصاص نفسه.
... قال في المجموعه: وكذلك لو قطع منها ما يمنع القصاص, يريد بعد أن جنى هو, فلك أيها المستفيد قطع ما بقى منها. وما ذهب منها بمرض فمثله, وما ذهب بجناية جانٍ فلك طلب ذلك الحق, إلا أن يرضيك صاحب اليد ويطلب قصاصه, وإن شاء ترك وكان لك أن تقطع ما كان له هو أن يقطع. ويقطع بقية كفه.
... ومن العتبية(1)روى بن يحيى عن ابن القاسم قال: إذا كان الجاني هو الناقص أصبعاً فإنما للمجنى عليه القود بلا غرم على الجانى؛ وإن نقصت أكثر من أصبع فالمنى عليه مخبر في أن يستفيد بغير غرم يأخذه, وإلا ترك القود وأخذ العقل تاما. قال ابن المواز: قال ذلك مالك وابن القاسم مرة.
... وقد قال مالك أيضاً: وإن كان اجاني ناقصاً أصبعين فالمجني عليه مخبر؛ إن شاء أخذ جميع الدية يده في ماله, وإن شاء قطع يده بالثلاثة أصابع, وأخذ منه دية الأصبعين.
***
__________
(1) البيان والتحصيل, 160:16(1/10)
[14/15]
وقال مالك أيضاً: إن كان الجان] مقطوع الأصبع فإنه يقطع يده ويغرم له دية الأصبع الخامسة.
وقد قال ابن القاسم في الأصبع: إنه مخير: إما استفاد بغير دية الأصبع, وإلا أخذ عقل يده بلا قصاص.
وفي الجزء الأول في باب [قطع](1)لسان الأخرس, وذكر الخصي من هذا المعنى كثير.
وروى عيسى عن بن القاسم في الجاني الناقص أصبعين أنه تقطع كفه تلك ويغرم عقل أصبعين. ولو أن مقطوع الأصبعين قطع أصبع رجل الخمس من مثل تلك الكف قطعت تلك الأصابع الثصلاث الباقية له, وعقل له أصبعين. وإذا قطعت كفه تلك الناقصة فليس له إلا العقل ولا قود فيها.
... قال ابن المواز وابن عبدوس عن ابن الماجشون: ليس في الأصبع الواحد الناقص من الجاني خيار, وليس للمجني عليهإلاالقصاص, وإن كان أكثر من أصبع فليس له أن يستفيد لأنه من وجوه التعذيب, وقال أشهب في كتاب ابن المواز.
... قال ابن الماجشون: إلاَّ أن يقطع رجل أصبعيه بعد أن قطع كف رجل, فإنه يقطع باقي يده قصاص, إلا أن يرضيه قاطعه.
... قال ابن الماجشون في المجموعه: خير الجاني الأول, فإن شاء أدي دية الأصبعين اللتين قطعتا له وأمكن من باقي كفه للقصاص, ثم استفاد من قاطع أصبعه. وإنه شاء سلم القصاص فيهما إلى الذي قطع هو يده.
***
__________
(1) ساقط من الأصل.(1/11)
[14/16]
قال ابن المواز قال ابن أصبغ قال أشهب في مقطوع الأ نملة من أصبعه يقطع أنملتين من أصبع رجل مثلها؛ قال: يعقل له الأنملتين. قال ابن المواز: يريد ولا قصاص له. وقال عنه غير أصبغ: يعقل له الأنملة العليا, ويقتص منه من الوسطى.
قال ابن القاسم في أقطع اليمن يجرح يمين رجل[عمداً](1)فلينتظر بها, فإن رجعت بحالها فلا شيء عليه غير الأدب, ولو كان مما فيه قصاص لا قتص له.
ومن كتاب ابن سحنون قال ابن الماجشون في مقطوع ثلاثة أصابع قطع رجل بقية كفه عمداً: إنه لا قواد لها, قد صارت إلى الحكومة لرفع القصاص, ولا تنقص الحكومة في
ذلك من ثلاثة أخماس دية اليد. وإذا بلغت مثل أخماس دية اليد فأكثر, فذلك له. أخماس دية اليد. وإذا بلغت مثل ثلاثة أخماس دية اليد فأكثر, فذلكله. فأنكر هذا سحنون وقال: ما علمت من قاله غيره. قال سحنون: ويقول أشهب أقول انه لا حكومة في الكف ما دام فيها شيء له ديةٌ أصبع فما فوقها. قال فإذا بقيت الكف وحدها ففيها حكومة, ولابما كانت من الدية أصبع فما فوقها. قال فإذا بقيت الكفوحدها ففيها حكومة, وربما كانت أكثر من الدية الأصابع على قدر الشين.
***
__________
(1) ساقط من ع.(1/12)
[14/17]
في القصاص مِن عين الأعور وله
وهل يُقتصُّ من اليمنى باليسرى؟
من عين أو يد من أحدهما بالأخرى
وفي دية عين الأعور
من كتاب ابن سحنون(1)عن أبيه, ونحوُه في كتاب ابن المواز قال: أجمع أصحابنا أن في غين الأعور الديةَ كاملةً: مائة من الإبل, وأجمع أصحابنا أن في عين الأعور الديةَ كاملهً:مائة من الإبل, وأجمعوا في أعور العاين اليمنى يفقأ عين رجل اليمنى أنه لاقصاص له, وإنما له ديته: خمسون من الإبل.
واختلف الناس إذا فقأ عيناً مثلُها باقية للأعور, فقال ابن القاسم وعبد الملك وأكثرُ أصحابنا: إن الجنيَّ عليه مخيرأن يقتصَّ فيفقأ العين الباقية للأعور, أو يأخذ منه ألف دينار دية العين التي ترك له, وإلى هذا رجع مالك, وكان يقول: إن شاء أقتص وإلا فله دية عينه خمسمائة دينار.
قال أشهب: وقول مالك الذي رجع إليه قول [يحيى](2)بن شهاب ويحيى بن سعيد, وبلغني عن عمر وعثمان. قال: وكان لمالك قول إما أن يستفيد وإلا فلا شيء لهُ, وبه نأخذ إلا أن يكون ما قيل غير هذا سنة فيتبع. وهذا كله في كتاب ابن المواز. قال: وبقول ابن القاسم أخذ أصبغ.
قال: وإليه رجع ابن القاسم(3)وروى ذلك عيسى عن ابن القاسم في ***
__________
(1) كذا في الاصل وص. وهو الصواب, صُحفت في ع: من كتاب ابن المواز.
(2) ساقط من ص و ع.
(3) هكذا ص و ع وهو المنناسب للسياق, وفي الأصل: قال قاله ابن القاسم.(1/13)
[14/18]
العتيبية(1), وذكر اختلاف قول مالك(2)فيه, وما أخذ به ابن القاسم مثل ما تقدم. وذكر أن ابن القاسم قال أيضاً: ليس له إلا القصاص إلا أن يصطلحا على شيء. ثم رجع فأخذ بقول مالك الآخر كما ذكرنا.
... قال ابن عبدوس: وهذا الذي أخذ به ابن القاسم قول المغيره, وتكون الدية في مال الجاني.
قال ابن القاسم في المجموعة: ولو اصطلحا على دية مبهمة فإنما له عقل عينه خمسمائة دينار. قال ابن حبيب: إن قول مالك الأول أن الصحيح مخير في أن يقتص أو يأخذ من الأعور ألف دينار, وليس للأعور أن يأبى ذلك. وقال به مطرفٌ وابن الماجشون؛ قالا ثم رجع مالك فقال: ليس للصحيح إلا القود أو أن يصطلحا على ما أحبَّا.
... قال أصبغ: واختلف فيه قول ابن القاسم. ونحن نأخذ بقول مالك الأول أصبغ: واختلف فيه قول ابن القاسم. ونحن نأخذ بقول مالك الأول, وهو قول ابن شهاب.
... ومن كتاب ابن المواز ونحوه في المجموعة قال ابن المسيب وغيره عن مالك في عين الأعور تصابُعمداً, قال في المجموعة: أصابها صحيح, فالأعور مخيرإن شاء القود, وإن شاء أخذ دية عينه ألف دينار. قالهُ ابن المسيب وغيره من فقهاء تابعي أهل المدينة.
... قال ابن المواز هذا قولُ مالك وجميع أصحابه لم يحختلفوا. وكذالك ذكر سحنون في كتاب ابنه وذكر أبو بكر الأ بهري رواية شاذة أن مالكاً اختلف قوله فقال هذا, وقال ليس إلا القود.
***
__________
(1) البيان واتحصيل,127:16
(2) هكذا أيضاً في ص. وفي الأصل: وذكر قولا اختلف قول مالك. وهو خلط ثم تكررت الجمله الأخيره بنفس الأخيرة بنفس الخط(1/14)
[14/19]
قال ابن المواز قال أشهب وابن القاسم: كان الجاني صحيح العينين أو صحيح العين التي مثلها للأعور. [فأما إن كانت التيلأأعور](1)مثلها مفقوده فعليه ألف دينار.
... قال أشهب في المجموعة: وإن فقأ أعور عين أعور ومثلها باقية للفاقىء, فأما في الخطأ فله الدية كاملة, وإن كان عمداً فإني أستحسن أن يخير المجني علي: إن شاء القصاص وأخذ الدية عينه ألف دينار, وليس للجانى أن يأبى ذلك[عليه](2)فيختار العمى.
والقياس أن ليس له إلا القصاص, واسحسنت ما ذكرت لقول واحد من العلماء: إن كل مجروح مخير في القود أو الدية.
... قال عبد الملك في هذا الكتب: وإذا فقأ صحيح عين امرأء عوراء فلها القود إن شاءت بمثلها, وإن شاءت اخذت دية عينها خمسمائة دينار.
... ومن كتاب ابن المواز قال : وإذا فقأ الأعور من صحيح عيناً, فأن كان خطأ فسواء فقأ عينه العوراء أو الصحية , ليس عليه إلا خمسمائة ديناره, وان فقأ مثل إلى هي باقية للأعور, فالمفقوءة عينه مخير: إن شاء اقتص وإن شاء أخذ ألف دينار.
... ولا يقتص من اليسرى باليمنى, ولا اليمنى باليسرى, من عين ولا يد ولا رجل. ورواه ابن القاسم واشهب وعبد الملك عن مالك.
... قال مالك: وهو كأقطع كأقطع اليمين يقطع يمين رجل فإنما فيه الدية. قال ابن القاسم: ولم يختلف قول مالك في اليد والرجل, ففيه دليل على أن العين كذلك.
***
__________
(1) ما بين معقوفتن ساقط من الأصل ثابت في ص و ع. ...
(2) ساقط من الأ صل أيضاً.(1/15)
[14/20]
قال ابن القاسم في المجموعة: وإذا فقأ أعور اليمين أعور اليسار عمداً فلا قصاص له, وإنما له ألف دينار.
... وقال عبد الملك في امرأة عوراء فقأت عين رجل صحيح مثلها باقية لها فله إن شاء فقء عينها أو يأخذ منها خمسمائة دينار ثمن عينة.
... ولو فقأ أعور عين امرأة صحيحة؛ التي مثلها باقية له, فلها أن تفقأ عينه أو يأخذ
منه ألف دينار دية ما تركت له.
... قال سحنون في كتاب ابنه: هذا على رواية ابن القاسم عن مالك, وأما على لرواية الأخرى فلها أن يستفيد وإلا أخذت دية عينها مائتين وخمسين, وهو قوله الأول, وما رأيت من ذهب إليه من أصحابنا.
... قال ابن المواز: روى أشهب عن ابن القاسم وسالم في الأعور يفقأ عين رجل جميعاً فقالا: يفقأ عينه بعينه جميعاً ولا شيء عليه غير ذلك. قال ابن سحنون عن ابيه عنهما قالا: وإن شاء أخذ دية عين الأعور, أو دية عينيه, فذلك له. قال ابن المواز قال اشهب: والصواب أن يفقأ عينه الباقية, ويغرم دية العين الأخرى. وقال هذا عطاء وربيعة.
... قال أشهب: ولو قلت بقول من يرى أن يقء اليمنى باليسرى, قال في كتاب ابن سحنون وهو ربيعة لقلت بقول ابن القاسم وسالم؛ لأن قوتهما صار في عين الأعور كما لو فقأ لجماعة أعينهم اليمنى ومثلها باقية له, ولكن لا أراه كذلك. وكذلك في هذا الرجل.
... وروى عيسى عن ابن القاسم في العتبية(1)قياس على قول مالك الآ الذي رجع اليه ابن القاسم في أعور فقأ عيني صحيح جميعاً, فإن كان في فور واحد, فالصحيح المجني عليه مخير: إن شاء فقأ عينه بعينيه التي
***
__________
(1) البيان والتحصيل, 128:16(1/16)
[14/21]
مثلها له, وأخذ منه في الأخرى خمسمائة دينار, وإن شاء ترك عينه وأخذ منه ألفاً
وخمسمائة. وكذلك روى ابن المواز قال: وهذا قول مالك وأصحابه. قال مالك في المجموعة في أعور فقأ عيني صحيح عمداً: إن له أن يفقأ عين الأعور ويأخذ منه دية عينه الأخرى خمسمائة دينار. قال أشهب: هذا إن كان في ضربة واحد أو فور واحد.
... قال أشهب: وهو كمن فقأ عينين لرجلين؛ لهذا يمنى ولذه يسرى. فلوأخذ[أحد](1)منها القود والآ خر الدية. قال ابن القاسم في العتبية(2)من رواية عيسى: وإن فقأ هما في غير فور واحد في وقتين, فعلى قول مالك الذي رجع إليه: أن ينظر, فإن بدأ بفقء التى مثلها باقية له وهي اليمنى فهو مخير في القصاص بعينه, أو يترك وأخذ منه دية عينه ألف ديبار. قال في موضع آخر من الكتاب: ويأخذ ألفاً ثانيةً في عينه الأ خرى؛ لأنها صارت عين أعور.
... قال: وإن بدأ بفقء اليسرى لم يكن له فيها إلا خمسمائة دينار, الصحيح يفقأ عين الأعور, أو الأعور يفقأ عين صحيح.
... قال أشهب في كتاب ابن المواز إن بدأ بالتي هي مثل عينه العوراء, فإنما له فيها خمسمائة دينار, وهو في الأخرى مخير: إن شاء القود أو يأخذ منه ألف دينار. وإن بدأ بالتي مثلها باقية له خير. ثم ذكر مثل ما ذكر عيسى عن ابن القاسم.
... وقال اشهب في المجموعة: إن بدأ بالتي هي مثل عينه العوراء فله فيها نصف الدية, وله في الأخرى القود. فإن بدأ بمثل عينه الصحيحة فله بها القود, وله بالأخرى ألف دينار.
***
__________
(1) ساقط منالأصل.
(2) البيان والتحصيل, 129:16-128(1/17)
[14/22]
قال أشهب في كتاب ابن المواز: وإن كان الفقء خطأ وهو في غير قور واحد, ففيهما ألف دينار وخمسمائة دينار على عاقلة الفاقي, لا نبالي بأيهما بدأ.
... ومن المجموعة قال علي عن مالك فيمن فقئت عينه فأخذ عقلها, ثم فقئت الأخرى عمداً فهو مخير في القود أو أخذ ألف دينار.
... وقال أشهب في أععى فقأ عيني صحيح في فور واحد, فإنما عليه ألف دينار, وإن كان في غير فور واحد فله في ماله ألف دينار وخمسمائة دينار.
... قال ابن القاسم في العتبية(1)من رواية عيسى: وإذا فقأ صحيح العينين[عيني](2)رجل جميعاً, فإن كان في فور واحد فليس له إلا القود بلا تخيير. وإن كان واحدةً بعد واحدة فليس له في الأولى إلا القصاص غير تخيير, وهو في الأخرى مخير إما اقتص وإلا اخذ ديتها ألف دينار, وليس له إلا أن يفقهمأهما ولا شي له, أو يفقأ الأولى ويأخذ ألف دينار.
... ومن المجموعة قال عبد الملك: وإذا فقأ رجل عين ونصف عين من رجل , وه باقٍ بصره, ففيه الدية ألف دينار. وإن شاء استفاد من العين التي مثل عينه, وأخذ فيما بقي لث الدية.
... ***
__________
(1) ساقط من ع.
(2) البيان والتحصيل,129:16(1/18)
[14/23]
ويأخذُ في الأخرى ما بقي من عقلها. ولو كان ما أصابهما من السماء فله فيهما ألف دينار.
... وإن فقأهما مرة بعد مرة فبدأ بالناقصة فليقتص منه في العمد إن نقصت يسيراً، وإن كان كثيراً فلا قصاص فيه، وله بقدر ما بقي منها. وأما في الخطإ فله ما بقي من عقلها، فبما قل وأكثر. وإن أصابهما أمرٌ من السماء ففيها القصاص في العمد أو جميع عقلها في الخطأ؛ نقصت قليلاً أو كثيراً. ثم إن أصيبت الأخرى كان سبيلها سبيل عين الأعور في العمد والخطأ.
... وإن أصيبت الصحيحة أولاً، ففيها ما في الصحيحة، ثم إن أصيبت الناقصة بعدها عمداً إقتص إن شاء، قل نقصها أو كثر، وإن شاء أخذ عقل ما بقي منها، على حساب ألف دينار.
... قال سحنزن في كتاب ابنه: ولا تقطع يد أعسر بيمين آخر، ولا يمنى بيسرى. وأنكر قول ربيعة في ذلك.
[وفي باب لسان الأخرس في الجزء لأول شئ من هذا وفي باب قبل هذا](1)
***
__________
(1) زيادة من الأصل وص.(1/19)
[14/24]
في صفة العمد والخطأ في القتل والجراح
وما لا قصاص فيه في العمد
وذكر شبه العمد
في المجموعة وغيرها روى ابن القاسم وغيره عن مالك أن شبه العمد باطل، إنما هو عمدٌ أو خطأ. فالخطأ أن يصيب الرجل آخر بشئ لم يُرِدْهُ ولم يعمد له. والعمد أن يعمد لرجل فيضربه حتى يموت، أو يضربه في تاره ثم يموت بعد ذلك؛ ففيه القَودُ بقسامة.
... قال ابن الموّاز: إنما أراد مالك بهذا أن يخبرك ما فيه العمد بالقتل البيِّن من غير البَيّنِ.
... قال عنه ابن وهب: العمد إنما هو ان يعمد القتل فيما يرى الناس فيكون عن ذلك الهلاك. فأما ما كان على اللعب فليس بعمد.
... وفي كتاب ابن المواز قال مالك: من قتل العمد أن يعمد للقتل أو الضرب الذي فيه هلاك المضروب فيما يرى الناس.
... قال ابن المواز: إنما قال هذا [القول من قال لا يكون قتل العمد إلا بحديدة. قال مالك](1) في الكتابين: والمجتمع عليه عندنا أن من عمد لضرب رجلٍ بعَصاً أو رَمَاهُ بحجرٍ أو غيرها فمات من ذلك، فهو عَمْدٌ وفيه القِصَاصُ.
... قال عنه ابن القاسم: وكذلك لو طرحه في نهر وهو يدري(2) أنه لا يُحسنُ العوم على وجه العداوة والقتال، فإنه يقتل به. وإن كان على غير ذلك ففيه ألدية. ...
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل ثابت في ص و ع.
(2) في ص و ع: وهو لا يدري أنه يحسن العوم. وهو تصحيف.(1/20)
[14/25]
قال مالك: والعمد في كل ما تعمد له الرجل من ضربه أو وكزه أو لطمه أو رميه ببندقية أو بحجر أو بقضيب أو بعصا أو بغير ذلك فمات، فالقود في ذلك.
... قال أشهب: ولم يختلف أهل الحجاز في هذا؛ لأنه عمده بالضرب، وقد يترامى إلى غيرها، وقد يقصد إلى القتل بغير الحديد، ويكون أوخى منه.
... قال: وإذا قال الضارب لم أرُدِ القتل بأي ضرب كان لم يصدق، ولا يعرف ما في القلوب إلا بما ظهر من الأعمال، ولو علمنا أنه كان يحب أن لا يموت ما أزلنا عنه القود لتعمد الضرب
... قال ابن المواز: [أرأيت] (1) لو رمى يريد رأسه أو بعض جسده فأصاب عينيه، ألا يقتص من عينيه؟ أو ضرب عينه لا يريد فقأها، فأصابها، أليس يُقادُ منها؟ وليس بين النفس والجرح فرق.
... قال أشهب: وقد أقاد النبي- عليه الصلاة والسلام- من التي ضربت أخرى بمسطح فقتلتها(2) .
... قال: وكل ما عمد ضربه به على اللعب برميه أو وكزه أو ضربه بسوط أو إصطراعاً فلا قود فيه، ولا يتهم بما يتهم به المغاضب لظهور الملاعبة منهما. ولو كان على وجه القتال كان فيه القود.
... قال ابن المواز وقال أبو الزناد: ومن عمد لضرب رجل بعصاً، أو بحجر أو عظم لاعباً معه من غير قتال ولا ثائرة، أو دافعه وضاربه بسوط أو لكزه لاعباً معه، فلا قود في ذلك فيما بلغنا، وفيه ألدية مغلطة.
***
__________
(1) زيادة من الأصل وص.
(2) في كتاب الديات من سنن أبي داود وابن ماجه والدارمي، وكتاب القسامة من سنن النسائي ومسند أحمد.(1/21)
[14/26]
قال اشهب: بل دية الخطأ مخمسة غير مغلطة.
وذكر ابن حبيب أن ابن شهاب وربيعة يقولان كقول أبي الزناد في تغليظ ألدية في هذا إن كان على اللعب. وقال به ابن وهب. وأما مالك وباقي أصحابه وعبد العزيز فلا يرون تغليظ ألدية إلا في صنع المدلجى.
ومن المجموعة قال ابن وهب عن مالك: ومما فيه القود ما يكون من عداوة وثائرة. قال عنه ابن القاسم: ومن العمد ما لا قود فيه كالمتصارعين والمتراميين، أو يأخذ برجله على اللعب فيسقط فيموت، فهذا من الخطأ.
قال ابن المواز: ومن قتل رجل عمداً يظنه غيره ممن لو قتله لم يكن فيه قصاص، فهو من الخطأ لا قصاص فيه، وقد مضى مثل ذلك في مسلم قتله المسلمون بعهد النبي صلى الله عليه وسلم فظنوه من المشركين، فوداه- عليه السلام- ولم يقد به.
قال ابن حبيب عن ابن الماجشون في قوم خرجوا إلى النزهة فيلعبون، ويجذب بعضهم بعضاً فيُدْفَعُ أحدهم فيموت، أو تنكسر [يده](1) ،فهذا من الخطأ وفيه العقل. وكذلك لو تماقلوا في بحر أو نهر فمات بعضهم فهو من الخطأ وفيه ألدية، إلا أن يتعمد من ذلك تعمداً أن يمييت المفعول به ذلك فإن فيه القود؛ بأن يغطس الفاعل حتى يموت. ولو كانوا ستة نفر فشهد إثنان أن الثلاثة قتلوه، وشهد الثلاثة ان الإثنين قتلاه لم تَجُزْ شهادتُهم، وديته في أموالهم إن شَهِدُوا على العمد [بقتله](2). وإن شهدوا على أن ذلك على اللعب فالدية على عواقِلِهم.
***
__________
(1) ساقط من الأصل، ثابت في ص و ع.
(2) زيادة من الأصل وص.(1/22)
[14/27]
وقد مضى في الجزء الأول ما روى ابن القاسم واشهب عن مالك فيمن قلع لصبي يُثْغرُ بخيط سناً تحركت، فأقام ثلاثة أيام ثم مات؛ فقال له: كفر، وما أدري هل ذلك واجبٌ عليك، فإن لم يكن فقد احتطت.ومسألة من سقى لقوم سويقاً فمات بعضهم، في كتاب المحاربين.
ومن كتاب ابن حبيب قال ابن شهاب وربيعة وأبو الزناد: إن شبه العمد إن كان أصله ثائرةً وغضباً ففيه القود. وإن كان بعصاً أو وكزةأو لطمة فأرجو أن لا يكون عليه في هذا بينه وبين الله تعالى إثم قاتل النفس. وأما إن كان على اللعب ففيه ألدية مغلظة، [وهو شبه العمد الذي لا قصاص فيه عندنا. وبه قال ابن وهب، وأما مالك وباقى أصحابه وعبد العزيز فلا يرون تغليظ ألدية إلا في صنع المدلجي، ويرون في ذلك كله القود.
قال عبد الله: يعني ابن حبيب فيما كان على ثائرة،هذا المعروف من قول مالك.
قال ابن حبيب: وقال العراقيون: لا قود فيه؛ كان على ثائرة أو غيرها؛ يعنون في مثل العصا واللطمة والوكزة ما لم يكن ضرباً بحديد أو سلاح.
قال ابن حبيب: وفاعل ذلك على العمد يقاد منه، وإن لم يردفي نفسه القتل ويحكم عليه بالظاهر ويسلم من إسم العمد بينه وبين الله](1) . ويعاقب متعمد القتل.
ومن المجموعة والعتيِِبَة قال مالك في قوم عدوا على رجل [فقتلوه](2) وأخذ إثنان بيديه وإثنان برجليه وآخر يخنقه بعمامة وآخر /28/ يضربه حتى مات، فأُخِذَ أحدهم فأقر وقال: كنا نصطرع لاعبين في مرضع غليظ فصرعته ثم تعاصبنا وتحامينا فصرعته في موضع كثير الحجارة، فلم أً ُلصقه إلى الأرض حتى غُشي عليه، فقُمتُ عنه وقد مات.
... فقال: ما أرى قَتْلَه واجباً. قيل: فهل يؤخذ من أولياء الهاربين خُمسُ ديات بدلت عليهم؟ قال: لا بأس بذلك.
قال ابن المواز فيمن أشار على رجل بالسيف فمات مكانه، وكانت بينهما عداوة: فإن تمادى بالإشارة عليه وهو يهرب منه فطلبه حتى مات فعليه القصاص، فأما إن كانت إشارته فقط فمات، فإنما فيه ألدية على العاقلة.
وقد قال ابن القاسم فيمن طلب رجلاً بالسيف ليضربه به فهرب منه، فما زال يجري حتى سقط فمات، فليُقسم ولاتهُ لَمَاتَ خوفاً منه ويقتلونه.
قال ابن القاسم: ولو أشار عليه بالسيف فقط فمات، وكانت بينهما عداوةٌ، قال: هذا من الخطأ.
... وقال ابن عمر(3) فيمن سلّ على امرأة أو صبي سيفاً ليفزعه فمات، ففيه دية الخطأ
... قال ابن حبيب قال ابن الماجشون فيمن طلب رجلاً بسيفه فعثر المطلوب قبل أن يدرك فمات؛ قال: فيه القصاص. وقاله المغيرة وابن القاسم وأصبغ، وذكرالليث عن ابن سيدة(4) فيمن رمى حدأة فخرّت على صبي فقتلته فالدية على عاقلة الرامي.
قال ابن حبيب [رُوي](5) عن الحسن البصري في رجل قائم على بئر فاستسقاه رجل عطش فأبى عليه فمات، فضَمّنه عمرُ ديتَه.
***
__________
(1) هذه الفقرة الطويلة المكتوبة بين معقوفتين ساقطة كلها من ع، ثابتة في الأصل وص.
(2) ساقط من ص و ع.
(3) كذا في الأصل، و ص. وفي ع: ابن عمار.
(4) كذا في الأصل، وفي ص: عن أبي هريرة، وفي ع: ابن هبيرة.
(5) ساقط من الأصل. ثابت ص و ع.(1/23)
[14/29]
وقال قتادة فيمن رمي من عند قوم، قال ذلك عليهم.
ومن كتاب ابن حبيب قال أصبغ: ولو طرح على رجل حيةً مسمومةً على وجه [غير](1) اللعب، مثل هؤلاء الحواة الذين يعرفون من الحيات المسمومة والأفاعي التى لا يُلَبثُ من لدغته فيموت " فليُقتلْ راميها، ولا يُقبل قوله إنه على اللعب.
وإنما معنى اللعب مثل ما يفعل الشباب(2) بعضُهم ببعض؛ يطرح على الآخر الحية الصغيرة التي لا تعرف بمثل هذا فيُقتل، فهذا مشكلّ ويُجعل كالخطأ، فأمّامن يعرف ما هي ويتعمدُ طرحها فإنه يُقتلُ، فهذا مُشكلّ ويُجعلُ كالخطأ، فأمّا من يعرف ما هي ويتعمد طرحها فإنه يُقتلُ، ولا يقبل منه أنه لم يرد قتله، كما لا يقبل ذلك من الضارب بالعصا وساقي السِّكران فيكون عنه الموت.
وتجب القسامة مع الشاهد على طارح الحية على آخر.
في القود بغير الحديد ممن قتل به
ومن قتل رجلاً بقطع يديه ورجليه
أو بغير ذلك من الفعل ما الحكم فيه؟
ومن المجموعة قيل لمالكٍ: هل يقاد بالحجر أو بالعصا؟ قال: يقتُل بمثل ما قَتل.
... وكذلك في العُتْبية من رواية أشهب عن مالك قال: وسمعت أنه ***
__________
(1) ساقط من ص و ع.
(2) كذا في الأصل و ص. وفي ع: الصبيان.(1/24)
[14/30]
يُقتلُ بالعصا. قيل: فله أن يقتله بها؟ قال: نعم. وإن كان ضربه ضربةً واحدة يجهز عليه فيها، لا يكون شيئاً مختلفاً يقطع عليه الضرب، فأمّا إن ضربه ضربات فلا. قال عنه ابن وهب في المجموعة: يُقتلُ بالعصا، وإن لم يَمُتْ من ضربة كرر عليه الضرب بها حتى يموت، ولا يطول عليه.
... قال أشهب:يُنظر من أول، فإن خيف أن لا يموت من مثل ما ضرب به فليُقتل بالسيف.
... قال: فإن رُجيَ ذلك فضُربَ بالعصا ضربتين كما ضرب فلم يمُتْ، فإن رأى أنه إن زيد عليه مثل الضربة والضربتين زيد عليه بها حتى يموت. [وقال ابن القاسم: يُضربُ بالعصا أبداً حتى يموت](1) .قال مالك: يقتلُ بالعصا ولم يذكر عدداً.
... وقال أشهب في الحجر مثله يُجهزُ بالقتل إنه يُقتل به، فإن كان أيضاً ضربه بحجر فمات منها فلا يستقاد منه، إذ لعلّه يُضرب بمثله مائةً فلا يموت. وكذلك في العصا غير المرجى.
... قال ابن القاسم: فإن قتله خنقاً قُتل به خنقاً. قال أشهب: ذلك إذا خنقه حتى يموت، فأما إن أخذ بحلقة فخنقه خنقةً فأتى على يديه فيها فمات قُتل بالسيف.
... قال ابن القاسم: فإن غَرقه غَرّقْته، وكذلك ذكر عنه عبد الملك بن الحسن [في العتبية(2) .قيل لابن القاسم في رواية عبد الملك بن الحسن](3) في الذى يُغرق فيهلك، أيُقتل بمثل ذلك؟ قال نعم [قيل](4) .فإن قتله بالسُّم أهو مثله؟ قال: نعم.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ثابت في الأصل و ص. ساقط من ع.
(2) البيان والتحصيل 62:16.
(3) مابين معقوفتين ثابت في ص و ع، ساقط من الأصل.
(4) ساقط من الأصل.(1/25)
[14/31]
قال عبد الله: يعني يُوجبُ بذلك القَودَ بغير السّم.
ومن المجموعة قال أشهب وعبد الملك في الذي يغرِّق: إنه يُغرَّق.
قال ابن القاسم وأشهب: وإن كتفه وطرحه في نهر فغرق، صُنع به مثل ذلك. قال أشهب فإن كان ممن إذا كُتِف لم يغرق وحمله الماء، ثُقَّلً بشئ يُرسَّبُه في القعر حتى يموت.
... قال عبد الملك فيه وفي كتاب ابن المواز: ولا يُقتل بالنبل ولا بالرمي بالحجارة من قَتل بذلك، لأنه لا يأتي على ترتيب القتل وتحقيقه، فهو من التعذيب ولا يُقتل بالنار لأنه من التعذيب. ويُقتل بالعصا وبالخنق وبالحجر الذي يشرخُ.
... قال: ولو طرحه من فوق جدار أوجبل أو على سيف أو رمح أو غيره صُرِفَ القودُ فيه إلى السيف، لأن ذلك قد يُخطئ قتله فيصير تعذيباً.
... قال ابن القاسم: وإذا قطع يديه ثم رجليه ثم ضرب عنُقه فالقتل يأتي على ذلك كلِّه.
... قال ابن وهب عن مالكفيمن جرح رجلاً ثم قتله: فإن كان مثَّل به في تلك الجراح؛ فعسى به أن تقتص منه تلك الجراح ثم يُقتل. وإن كان إنما جرح جرحاً أو جرحين ثم قتله، فلا أرى القتل إلا كافياً من ذلك. وقال نحوه أشهب: إن كان على وجه المُثلة أستُقيد منه على ذلك وإن كان على وجه القتل، فالقتل يأتي على ذلك.
... وفي كتاب ابن المواز: إن جرحه ثم قتله في غير فَور واحد فالقتل يأتى على ذلك. وكذلك إن فعل ذلك في فور واحد ولم يقصد المثلة [والتعذيب فالقتل يأتي عليه ما لم يكن خطأ، كما فعله برجلين. قال وإن تعمّد المثلة](1) مع القتل اقتص منه بمثل ما مثّل به ثم قُتل. قاله ربيعة ***
__________
(1) ما بين معقوفتين ثابت في ص و ع. ساقط من الأصل.(1/26)
[14/32]
ومالك وأشهب وابن وهب، وأباه ابن القاسم وأنكر وقال: القتل يأتى على ذلك. وقال: ومثلتُه بواحد كمُثلتِه بجماعة ثم يقتل آخراً(1). فالقتل يأتى على ذلك.
... وقال أصبغ بقول أشهب، وقال: وذلك إذا كانت المثلةُ فاحشةً معذِّبةً مثلها يقتل، كقطع الأيدي والأرجل، وليس الواحد والجماعة في هذا سواء، لأنه إن مثّل بقوم ثم قتل أحداً فإن القتل يأتي على ذلك كله.
... وقال ابن المواز: إن مثّل به ولم يرد قتله ثم قتله، فالقتل يأتي على ذلك كله. فإن مثّل به يريد قتله بالمثلة فإنه يُقتل بمثل تلك المثلة، ما لم يكن الأمر اليسير، ما لم يكن إنما أراد قتله فمثّل به في الضرب. فالقتل أيضاً يأتي على ذلك كله. وذكر عن ربيعة مثله.
... ومن المجموعة قال أشهب: إذا كان على وجه القتال قطع يديه ورجليه فمات من ذلك مكانه ضٌربَت عنقُه، لأنه فعل ذلك به لعله لا يقتُله، ولا بُدَ من قتله.
... ومن كتاب ابن المواز: ومن جنى على رجلٍ فقطع يديه ورجليه وفقأ عينيه ثم مات. فإن كان عمداً فأولياؤه بالخيار: إن شاءوا اقتَصُّوا من الجراح فذلك لهم، وإن شاءوا أن يقتلوا فليس ذلك لهم إلا بقسامة. فإن أقسَموا لم يكن لهم بالجراح قصاص ثم يقتلوا.
***
__________
(1) كذا في الأصل وص. وفي ع: يقتل أحداً. وهو تصحيف.(1/27)
[14/33]
في القصاص بين القرابة والزوجين
من المجموعة قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك: من عمد إلى امرأته بفقء عين أو بقطع يد أو بغيرها متعمداً، قيد منه. وأما إن ضربها بسوطٍ أو حبل فأصابها من ذلك
ذهاب عين أو غيرها، ففيه العقل ولا قَودَ فيه.
... ويُقتل الأخ بأخيه إن قتله على عداوة، وقد قتل أحد بني آدم أخاه عمداً.
... وأما ما جرى على الأدب فإنما فيه العقل؛ مثل المعلم والصانع، أو القرابة يُؤدبون، ما لم يُتعمد بسلاح أو شبهه.
... قال مالك في التي فجرت فقال لها ابنها لأُ خبِرنّ أبي فقتلته إنها تقتل به. وفي التي فجرت فّرمت ولدها في بئر ونحوها، مثل ما ذكرنا في باب المغلّظة.
... قال: وما كان من فعل الأب بابنه كفعل المُدجليّ(1)، مثل أن يضربه بعصاً أو رمية بحجر أو يحذفه بسيف أو بسكين فيقتله فلا يُقتل به. وفيه الدية المغلّطة. وهو من الأجنبي عمد يُقتل به. ولا يقتلُ الأب إلا بأمر بيّن من قصد القتل(2)، مثل أن يذبحه أو يشقّ جوفه وشبه هذا. والجراح تجري مجرى هذا فيما يُقتص منه وما لا يُقتص منه وتُغلظ فيه الدية أن يكون ما رميه به يكون منه جرح أو قطع فلا قود فيه وفيه التغليظ. حتى إن أخذ سكيناً فقطع بها يده أو أذنه، أو يضجعه فيدخل أصبعه في عينه فيفقؤها فهذا يُقاد منه.
2- النوادر والزيادات 14
***
__________
(1) قصة المدلجي رواها مالك في الموطأ في ميراث العقل والتغليظ في الدية عن يحيى بن سعيد عن عمر بن شعيب. والمدلجي يُدعى قتادة حَذف ابنه بالسيف فأصاب ساقه فنُريَ في جرحه فمات.
(2) هكذا في ص و ع، وصحفت العبارة في الأصل فكتبت: ولا يقتل الأدب ألا بأمرين مثل أن يقصد.(1/28)
[14/34]
وقد ذكرنا هذا كله في باب المغلطة في الجزء الأول.
ومن كتاب ابن سحنون رُوي عن ابن القاسم في العبد يقتل ابنه مثل ما فعل المدلجي؛ يُسلمه سيده إلى ورثة ابنه أنه لا يعتق عليهم ويُباع ويُعطون ثمنه. ولو جرح أباه فأسلم إليه لعتق عليه. ولو كان قتله لبنه خطأ عتق عليه إذا أُسلم إلى ورثة ابنه إذا كانوا ممن يعتق عليهم، بخلاف المغلّطة. وقال سحنون: ذلك كله [عمد](1) ويعتق على ورثة ابنه بكل حال.
ومن كتاب ابن حبيب روي أن رجلاً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لطم امرأته، فشكت ذلك إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله- سبحانه- {الرّجالُ قَوّامُون على النساء..} الآية(2).
قال الثوري: يُقتص للزوج منها في الجراح وشبهها. ولا يقتَص لها منه في الأدب.
ذِكْرُ ما يكون فيه القِصاصُ من الجراح وكسرِ العظامِ
وما لا يكون فيه قِصاصٌ
... من المجموعة وكتاب ابن المّواز قال أصحاب مالك عنه: قال الله- سُبحانه- {والجروح قِصاصٌ}(3).
... ففي كلّ عمد القصاص، ما يستطاع منه القَودُ مِما لا يكون مُتلفاً. قال: والقَودُ في الموضحة وما دونها. وقاله أشهب.
***
__________
(1) زيادة في الأصل.
(2) الآية 34 من سورة النساء.
(3) الآية 45 من سورة المائدة.(1/29)
[14/35]
ومن المجموعة قال المغيرة أيضاً: أرى القصاص في جُرح إلا ما اجتمع عليه العلماء أن لا قصاص فيه، كالمأمومة والمنقِّلة والجائفة وكسر الفخذ. قال ابن المَوّاز: اجتمع العلماء على ذلك إلا ربيعة فإنه كان يرى في كل شئ القَود. وأقاد ابن الزبير في المنقِّلة. وقد قال الصديق: لا قود فيها. وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عبدوس قال المغيرة: ولا قَودَ في كسر الُّصلب وفيه جميع الدية.
ومن الكتابين قالابن القاسم: وإن ضربه فأشل يده أو رجله قال مالك: ففيها القود يضربه كما ضربه، فإن شُلّت وإلا فعقلها في مال الضارب.
قال أشهب: إن كانت ضربةً تجرح فليُجرح الضارب مثله، فإن شُلّت يده وإلا فالعقل في ماله. فأما لو ضربه على رأسه فأذهب يده فلا قَود فيه، وعليه ديةُ اليد في ماله.
وقالا في اليد تُقطع من المنكب والرِّجل من الوَرك ففيهما القِصاص.
ومن المجموعة قال ابن وهب عن مالك فيمن ضرب رجلاً فاتّقاه بيده فكسرها إنه يُقادذيل كشف الظنون منه.
قال عنه عليٌ: وإن كسر يده أو رجله فبرئت بغير عيب فله القَود.
قال مالك في الكتابَين إن الأمر المجتمع عليه أن في كسر اليد والرجل القصاص.
قال أشهب: رما علمتُ مَن قال لا يُقاد في كسر العظام إلا أهلَ العراق؛ قالوا إذ لا يستوي الكسران، وهذا يفسد لأنه ربّما اختلف القَودُ /36/ في الجراح لتجاوز من الحديد، أو بغلبة حقيقة تحديد ذلك وما قد يترامى إليه أحد الجرحين.
ومن كتاب ابن المواز قال: ويُقاد من كسر الأنف. وقد أقاد عليٌ ابن أبي طالب- رحمه الله- من كسر الأنف. وأقاد عمرُ بن عبد العزيز من كسر العظام مما ليس بمُتلف، فإنه لا يُقاد منه ولا من جائفة ولا مأمومة. وقاله ابن شهاب وربيعة وكثير من العلماء. وقاله مالك والليث.
وقال: في التُّرقُوة والضِّلع القصاصُ. قيل أيسقُط القود في شئ من كسر العظام؟ قال: أما مثل عظام الصدر فلا أرى فيه القصاصَ. قال أشهب: لا قصاص فيه لأنه متلفٌ.
... وقال ابن القاسم: يُسأل عنه أهل المعرفة وعن الضِّلع، فإن كانا غير مخوفين اقتُص فيهما.
... قال أشهب قال مالك: وفي أحد قصبتي اليد القصاصُ إن أستُطيع ذلك. وقال ابن القاسم وأشهب في المجموعة: فيه القصاص. قال أشهب في الكتابين: وكذلك إن كُسرتا جميعاً. قال ابن المواز: واجتمعا أنه لا قصاص في عظام العنق والفخذ والصّلب وشبه ذلك من المتالف في العظام، وفيه العقل بقدر الشَّين، إلا الصلب ففيه الدية ولا شئ في شينه، أو يكون قج انحنى وهو في ذلك يقوم ففيه الدية بحساب ذلك.
... وفي كسر اليد حكومة بقدر الشّيْن، وقد يبلغ أكثر من الدية، إلا أن يكون قد أشَل رجله، فلا يقدر أن يمس بها الأرض فله دية الرجل كاملة، أو يشلّه بما يُنقص مشيه، فله من ديتها بقدر ما نقص منها.
... واختلف قول مالك في الظفر فقال: إن كانم يُستطاع منه القصاصُ اقتص منه. رُوي عنه أن فيه الإجتهاد. وهي رواية ابن وهب عنه في المجموعة.
... ***(1/30)
[14/37]
قال ابن القاسم وأشهب: وإن قطع يده من نصف الساعد ففيه القصاص. قال أشهب: وليس ذلك بمتلف.
... قال ابن القاسم عم مالك في الظٌُّفر: فيه القصاص إن استطيع القود منه. قال ابن المواز: اختلف فيه قول مالك. وهذا أحبُّ إلينا. قال ابن عبدوس قال سحنون: ينبغي أن يكون الظّفر كسن الصبي الذي لم يُثغر لأنه ينبتُ.
... ومن المجموعة، ونحوُه في كتاب ابم المواز قال ابن القاسم وغير واحد عن مالك: لاقود في منقلة. قال عنه ابن نافع: ولا أرى ما صنع ابن الزبير ولم يمض عليه الأمر. وكل شئ كان مفسداً لا يُرى كيف يأتى أثره فلا أ ُحب القود منه.
... قال عنه ابن القاسم في هامشة الجسد القود إلا ماهو مخوف كالفخذ وشبهه. قال ابن المواز: وقاله ابن القاسم وأشهب، قالا: ويُقاد من موضحة الجسد ومنقلته.
... قال ابن القاسم في الكتابين: ولا قود في هامشة الرأس لأنها لا بُد تعود منقلة. وقال أشهب: فيها القصاص إلا أن تنتقل فتصير منقلة لا قود فيها. قال ابن المواز: يريد يستقاد منها موضحة إن لم تنتقل بالأولى، أو برئت على الهشم. فإن هشم منه مثل الأولى فهو حقه. وإن تنامت بالثاني إلى مأمومة أو إلى نفسٍ فهو قبيل الحق. وإن برئت موضحة فلم يصبه هشم لم يكن له شئ؛ لأنه ليس عندنا فصل عقل بين الموضحة والهاشمة. قال ابن المواز: صواب إن كان بدأ الجرح موضحة ثم تهمشت. فأما لو كانت الضربة هشمته لم يكن فيه قود.
... ومن المجموعة قال ابن القاسم عن مالك بلاغاً: القود في اللسان إن كان يُقدر على القود منه ولا يُخاف. وأما إن كان متلفاً فلا يقاد منه. ***(1/31)
[14/38]
ومنه، ومن العتبية(1) وكتاب ابن المواز قال أشهب عن مالك فيمن عض لسان رجل فقطع منه ما منعه الكلام شهرين ثم تكلم وقد نقص كلامه، قال : أحب إلي أن لا قود فيه لأني أن يذهب من كلامه أكثر من ذلك أو جميع الكلام. وليَحلف المجنِيُّ عليه على ماذهب من كلامه بعد التجربة له في ذلك. قال أشهب: اجتمع العلماء على أن لا قود من مخوف. واللسان عندي من ذلك، ولا أرى فيه قوداً. وقاله مالك.
... قال أشهب في المجموعة وكتاب ابن المواز: والأنثيان إن قطعتا أو أخرجتا إخراجاً ففيها القود، وأما في رضّهما فلا، وذلك متلف. وإن قطعتهما فعلت به خير ما فعل.
... قال مالك: وإذا ضربه أو نخسه في العين فذهب بصرها، والعين قائمة، فإن أستطيع القود منه أ ُقيد، وإلا عقل له. وإن فقأها فقئت عينه.
... قال ابن القاسم : والبياض عندي مثل القائم العين إن قُدر فيه على القود، وإلا فالعقل. وقال أشهب: إن خسفها(2) فله القودُ. وأما البياض فلا يُقاد منه. قال ابن المواز وقد قال ابن القاسم وأشهب: لا قود في البياض.
... ومن كتاب ابن المواز قيل: فهل يستقاد من الضارب بمثل العقل الذي بمثله ذهبت عين هذا؟ قال أشهب وإلا عُقل له قال: إن كان منه ما يكون فيه القودُ كشجة الموضحة ونحوها. وإن كان ذلك بعصا ونحوها فتعم(3) وقاله مالك وابن القاسم وأشهب. وإن كان أذهب عينه إلا أنها ***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 103.
(2) خسف العين: فقأها.
(3) كذا في ع. وفي الأصل: فإن أنبتت. وفي ص: فإن انتهت. وفي الجملة شئ وصحفت العبارة في الأصل فكتبت: وإن كان ذلك نقصاً ونحوها فنقص.(1/32)
[14/39]
منسوخة من شيء لا قود فيه كاللطمة أو الضربة بعصاً منغير أن يُدمى فإن انخسفت عينه أُقيد له من عينه فقط(1)، وإن لم تنخسف فليس له فيها إلا عقلها. قال ابن القاسم: وكذلك لو كان إنما شجه مأمومة أو منقَّلة فليس فيه قود، وفيه عقل العين. قال ابن القاسم في ماله, لأنه ليس من الصريح الذي لاق ود فيه، وهو فيه مرةً القود, ومرةً لاق ود في. ألا ترى قول مالك: إن كان يُستطاع القودُ منه فينزل الماء في عينيه وإلا عُقل ذلك.
... ومن المجموعة قال عبد الملك: لا قود في العين إلا أن تُصاب كلها وإن أصيبت كلها فقِئَت, لأنه إن أصيبت بعضها, قل أو كثر, فلا قود فيه. لأنه لا يوقف به على حدِّ.
... قال: والسمع لا قود فيه لا في كله ولا في بعضه, وإذا لا يُقدر عليه, وإنما فيه العقل؛ إما كلُّه أو بحساب ما ذهب منه.
ذكر ما لا قود فيه من اللطمة والضرب
وحلق الشعر ونتفه وشبه ذلك
... من كتاب ابن المواز والمجموعة قال مال: لا قود في اللطمة, وفيها العقوبة. قال ابن حبيب: وقد روى عن طارق بن شهاب(2) وغيره القود. قال النخعي: يُقاد من الضرب بالسوط.
... ومن المجموعة قال سحنون: وروي عن مالك في الضربة بالسوط أنه لا قود فيها، وفيها الأدب. وكذلك قال أشهب: لا قود في اللطمة وفي الضربة بالسوط أو العصا أو بشيئ من الأشياء إذا لم يكن جرحاً, لأنه لا ***
__________
(1) كذا في ص و ع. وفي الأصل فقئ.
(2) كذا في ص وع وهو الصواب. وصحفت العبارة في الأصل: "وقد روى غير طاوس وبن شهاب" وطارق بن شهاب أدرك النبي عليه السلام وسكن الكوفة, وله أحاديث في الصحيحين وغيرهما.(1/33)
[14/40]
يُعرف حد تلك الضربة، وهو من الناس مختلف, ليس ذلك من القويِّ كما هو(1) من الضعيف، وقد تتفق القوة ولا يُدرى مبلغ ذلك، ولكن العقوبة أولى.
... قال ابن المقفع عن مالك اللطمة: إن ذلك مختلف في الناس، ليس ذو الفضل والمروءة والشرف كالدنيء الأمر والضعيف(2) الخطب، والصبي والخادم، ولا قالوي كالضعيف. وأما هؤلاء السودان والصبيان؛ يتلاطمون كل ساعتين فذلك خفيف.
... قال المغيرة في الرجل ينتف لحية الرجل أو شاربه أو رأسه أو بعض ذلك عمداً فلا قود فيه. وفيه الإجتهاد من العقوبة والسجن لإختلاف عظم اللحى. ولو نتف جميع اللحية أو الشارب فأقدته منه لكان ذلك شبه الصواب، أن تكون لحية بلحية أو شارب بشارب. فأما نتف بعض ذلك فليس فيه إلا ما يرى الإمام من العقوبة والسجن.
... قال ابن المواز قال مالك: إن كان حلق الرأس واللحية والحاجبين خطأ، ففي ذلك حكومة إن لم ينبت ذلك، واختلف ابن القاسم وأشهب في عمدها، فلم ير فيه ابن القاسم إلا الأدب بلا قصاص. وقال أشهب في ذلك القصاص وفي الشارب وأشفار العين.
... قال أشهب: فإن ثبت للثاني ولم يثبت للأول، فعليه قدر شين ذلك وضرره. وأعرف لأصبغ فيما أحسب(3) أن القصاص فيه بالوزن، وعاب ذلك غيره، لاختلاف اللحى بالصغر والكبر.
***
__________
(1) كذا في ع. وفي الأصل: كهو وفي ص هو.
(2) كذا في الأصل: وفي ع: والصغير
(3) كذا في ص وع. وهو الصواب: وفي الأصل: فيما أعرف حسب.(1/34)
[14/41]
قال مالك فيمن ضرب رجلا حتي أحدث تحته، قال: يعاقب بقدر ما يري الإمام. قبل: فيما روي(1)أنه قضي فيه بالثلث؟ قال : ليس ذلك بشئ(2)
فيمن يستقيد للمجروح والمقتول
وكيف يستقاد من الجراح؟(3)
في المجموعة وكتاب ابن المواز قال أصحاب مالك فيمن جدع أنف رجل أو وفقأ عينه أو كسر يده فلا [يترك](4)يستقيد لنفسه، وليدع له أهل العلم بالقصاص، فيقاد بحساب ما نقص من ذلك. قال عنه ابن القاسم: وأجره علي الذي يقتص له. وقاله أشهب.
وقال مالك في العتبية من رواية ابن القاسم [ وذلك كالدين. قال ابن القاسم](5): لأنه يوكل من يطلب ديته ويقبض، فيكون جعله علي الطالب.
قال في المجموعة [ وكتاب ابن المواز](6): ويدعي له أرفق من يقدر عليه من أهل البصر، فيقتص بأرفق ما يقدر عليه.
قال مالك: وأحب إليه أن يولي افمام علي الجراح رجلين عدلين [ممن](7)يبصران ذلك ويقيمانه. قال في المجموعة : وإن كان أحدهما أفضل من الآخر، ولو لم يجد إلا رجلاً واحدا فأري ذلك مجزيا عنه، إن كان عدلاً.
***
__________
(1) كذا في ص و ع . وفي الأصل : رأي .
(2) هنا في الأصل خاتمة : تم باقي الجزء الثالث من احكام الديات من النوادر والزيادات بحمد الله ونعمته. وتشير إلي أن الجزء الثالث من أحكام الدماء لم ينته بعد، وسيستمر إلي حدود الجزء الرابه من أحكام الدماء وهو كتاب القسامة الاتي.
(3) في الأصل وص قبل هذا: البسملة وعنوان كبير: كتاب الجراح الثالث، وفي ذلك تكرار وخلط أنظر الهامش السابق.
(4) ساقط من الأصل.
(5) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل . ثابت في ص و ع .
(6) ساقط أيضاً من الأصل.
(7) زيادة في الأصل، ساقط من ص و ع .(1/35)
[14/42]
ومن الكتابين قال أشهب: فإن كانت موضحة شرط في رأسه مثلها. وإن كانت سناً طرحت من أصلها، نزعت من الجاني(1)بالكلبتين أو بأرفق الذي يقدر عليه، وإن كسر أشرافها أو بعضها سحل بمقدار ذلك منها، إن كان النصف أو ما كان، وإن كان شرفها فذلك له.
قيل لمالك في كتاب ابن المواز: أيجعل الموسي بيد المجروح ثم يشد الطبيب علي يده حتي يبلغ ذلك؟ قال لا أعرف هذا.
قال ابن القاسم: وأما في القتل فسمعت عن مالك أنه يدفع القاتل إلي الأولياء. وأن النفس خلاف الجراح؛ إذ ليس علي أحد يحسن القصاص فيها، وقد يتعدي.
وقال أشهب في الكتابين: لا يمكن ولي القتيل أن يقتل بيده خوفاً أن يتعدي فيقطع عليه ويضربه في غير المقاتل. وإنما يقال: يدفع إليهم القاتل، يريد أن لهم قتله وليس أن يلوه بأيديهم(2).
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: أخبرني ابن الدراوردي عن أبيه أن عمر بن عبد العزيز قضي في رجل من جهينة كسر ذراعي رجل، فدعا عمر طبيباً فكسر ذراعيه(3)علي صلاية(4).
قال أبو زيد عن ابن القاسم، وهو في المجموعة عنه، في الطبيب يخطئ في القصاص فيزيد، فهو علي عاقلة الطبيب. وإن اقتص في الموضحة أقل من حقه فلا يرجع فيقتص له حتي يتم حقه لأنه قد اجتهد له. وكذلك الأصبع يخطئ فيه بأنملة، فلا يعذب مرتين.
***
__________
(1) كذا في ص و ع . وفي الأصل، نزعت سن الصبي ، وهو تصحيف.
(2) كذا ص و ع . وفي الأصل : لا أنهم يلونها بأيديهم.
(3) كذا في الأصل، وفي ص و ع : فكسر ذراع الجهمي
(4) في القاموس : الصلابة : مدق الطبيب.(1/36)
[14/43]
قال ابن المواز: اختلف فيه قول ابن القاسم إذا قصر، فروي عنه أصبغ أنه قال: إن علم بحضرة ذلك. قبل يبرأ أو ينبت اللحم أتم ذلك عليه(1)، وإن فات(2)فلا شئ له في تمام ذلك ولا في ديته. وكذلك روي أصبغ عنه العتبية(3).
قال أصبغ في الكتابين: ليس هكذا ولكن إن كان الذي قصر يسيراً جدا فلا يقاد وإن كان في موضعه. قال في العتبية: قبل البرء أو بعده.
قال في الكتابين: وإن كان شيئا كثيرا او متفاوتا أو متفاحشاً، فإن كان بفور أتم عليه(4)وإن كان قد برد وأخذ الدواء فلا يرجع إليه وسواء برئ(5)أو لم يبرأ. وأخاف أن يكون عذابا [ وتلفاً](6). وليجعل الباقي عقلا، كان هو ولي القصاص أو من جعله [ السلطان. قال في كتاب ابن المواز: وإن كان لا ينبغي أن يقتص إلا مع جعله](7)الإمام.
وفي كتاب ابن المواز قيل لابن القاسم: فالاصبع يقطع منها دون ما قطع، أيتم له؟ قال: لا . [قيل](8)أفيعقل له ما بقي؟ قال: أدري ولعله لو قاله قائل ما أبعد. قال أصبغ : لا شك أنه يعقل له ما بقي ويكون ذلك في مال القاطع، وخلاف هذا جور [قال ابن المواز](9)لم يختلف قول ابن
***
__________
(1) كذا في ص و ع وهي العبارة الواضحة . وقد صفحت في الأصل: قبل يبر أو نبت اللحم قال يتم ذلك عليه.
(2) في الأصل : مات .
(3) البيان والتحصيل، 16 : 109.
(4) ي ص و ع : إقحام كلمة ( اقتص) بعدها بياض في ع. " وللتمام" في ص .
(5) في ص ع : إليه، برئ ( باسقاط وسواء) .
(6) زيادة في ص و ع .
(7) ما بين معقوفتين ثابت في ع . ساقط من الأصل وص .
(8) ساقط من الأصل .
(9) في الأصل ابن القاسم, ولا ينسجم مع ما بعده.(1/37)
[14/44]
القاسم أن الزيادة علي الذي تولي القصاص بيده إن بلغ ثلث الدية فعلي العاقلة. وإن كان أقل ففي ماله. رواه أبو زيد عن ابن القاسم. ولم يكن يري له في النقصان رجعة ولا دية ولا شيئا إلا أن يكون بقرب ذلك وحرارته وقبل نبات اللحم، فإذا مات قرب ذلك فلا دية فيه ولا يرجع فيه بقصاص.
ومن المجموعة والعتبية(1)روي أشهب وابن نافع عن مالك في طبيب استقاد من أصبع فقاس أصبع المقطوع فأخذ قياس ذلك فقطعه من أصبع القاطع فنقص من أصبع المستقاد منه أكثر مما نقص من أصبع المستقيد، قال : أخطأ ، وإنما ينظر، فإن كان إنما قطع من أنملة المجروح ثلثها أو وربعها فيقطع من أنملة ها الثلث أو الربع، فيكون القطع في طولها وقصرها.
ومن الكتابين قال أشهب: وكذلك إن أوضحه في رأسه فأخذ ما بين قرنيه، وهي لا تبلغ من الجارح إلا قدر نصف رأسه، وإنما يتظر إلي قدر ما أخذت منه بين قرنيه، فإن اخذت نصف رأسه أخذ نصف رأس الآخر، وإن أخذت ما بين قرني هذا أخذ ما بين قرني الآخر، ولا ينظر إلي عظم رأس هذا وصغره، ولا إلي طول الأصبع من قصرها.
قال ابن المواز: واختلف قول ابن القاسم في هذا، وهو عندنا كما قال أشهب، وقول ابن القاسم قديماً أنه يقاس الشق حتي يؤخذ في رأس الجارح بطول الشق وإن استوعب رأسه المستقاد منه ولم يف بالقياس فليس عليه غير ذلك.
وكذلك الجبهة والذراع يؤخذ بطول ذلك. ما لم يضق عنه العضو فلا يزاد من غيره. ولا يعدي الرأس إلي الجبهة، ولا الذراع إلي العضد، ثم لا قود فيه ولا دية. قاله ابن عبدوس، وقال مثله عبد الملك.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16: 109.(1/38)
[14/45]
وقال: فإن كان ذراع المستقاد منه أطول من ذراع المستقيد وقد أوعب الجرح ذراع الأول، فليؤخذ من ذراع الثاني بقدر قيسه، من أي شقي ذراعه شاء، من نحو الكف [أو نحو](1)العضد، لأن كلا قد وضع فيه الحديد من الآخر [ قال ابن المواز قال أصبغ](2): وليس قول ابن القاسم في هذا بشئ، وقد خالفه أصحابه والعلماء قبله. والصواب قول أشهب، وقد مر تفسيره.
قال ابن المواز: ولا أعلم إلا وقد رجع ابن القاسم عن ذلك في كتبه، وبقول أشهب يقول. وقاله مالك في الأصابع، وقاله عبد الملك؛ إنه إنما ذلك علي المفاصل، لا ينظر إلي قصر ذلك من طوله.
ومن المجموعة قال أشهب: وإذا جرحه موضحة وعليه بينة، لا يدري كم طولها، فقد ثبت له(3)موضحة؛ وليس في العمد إلا القود، فليوقف الشهود علي أقل موضحة. وإن وقفوا عنده ولم تجاوزه، حلف المشهود عليه علي ما فوق ذلك وأقيد منه بذلك. وإن لم يحلف حلف الآخر، علي ما ادعاه واستقاد(4). وقاله سحنون فيمن جرح رجلا عمدا ولم يؤخذ قياس الجرح حتي برئ، فليدع الجارج فيصف قدر ضربته وأين بلغت ويحلف علي ذلك، ويقتص منه علي ما أقر به. وإن لم يصف [ ولم يحلف](5)وأبي. حلف المجروح علي صفة ذلك(6)ويقتص له. فإن أبي نظر الإمام إلي ما لا شك فيه فاقتص بقدر ذلك.
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) ساقط كذلك من الأصل.
(3) كذا في ص , وفي النسختين الآخيريتن كلمة غير منقوطة وغير واضحة.
(4) كذا في الأصل . وفي ع و ص : حلف الآخر واستقادما ادعي .
(5) زيادة من الأصل.
(6) هكذا في الأصل. عبارة ص و ع أوضح : قيل للمجروح صف ذلك فيحلف(1/39)
[14/46]
وروي محمد بن خالد(1)عن ابن القاسم عن ابن القاسم في المجروح [عمدا](2)يكتب قياس جرحه حتي يبرأ، فذهب الكتاب ولا تثبت البينة طوله وغوره، وقد أصابه من ذلك عيب أو شلل، فلتستفسر البينة عن معرفة ذلك الجرح إلي ما لا يشكرون فيه. فإن ثبتوا علي أمر(3)اقتص منه [ علي ذلك](4). فإن أصابه عيب أو شلل كالأول [ كان قصاصاً](5)، وإلا عقل له العيب والشلل.
قيل له أفتقبل شهادة الذي عقل الطول والغور والجرح(6)وإن لم يعرفه غيره؟ قال : نعم مع يمينه.
ومن الواضحة(7)قال بان الماجشون : ومن قطعت يده من المرفق فأراد أن يقتص من الكف أو من الأصابع أو يقطع منها أصبعا واحدة من تلك اليد أو من الأخري، أو يجذع أنفه(8)فليس ذلك له وإن رضي المقتص منه، لأن الله يقول: ( والجروح قصاص)(9)ولو جاز هذا، جاز أن يقول له ولده اقتص مني أو بعض من يتطوع له بذلك من أوليائه، وهم بذلك كلهم راضون، ولا يجوز ذلك. وقاله مطرف وأصبغ.
وقد كتبنا باباً في خطأ الإمام والحكام في الدماء في آخر الثالث من الجراح.
***
__________
(1) كذا في ص و ع . وصحف في الأصل: وروي محمد خلافة
(2) ساقط من الأصل.
(3) كذا في ص و ع وفي الأصل : علي ذلك. وهو تصحيف .
(4) ساقط من الأصل.
(5) ساقط من ع .
(6) عبارة ص ع : الذي عقل جرحه وعرف طول غوره .
(7) في ص و ع . ومن كتاب ابن حبيب .
(8) في الألصل: جذع أذنه، وهو تصحيف.
(9) الآية 45 من سورة المائدة.(1/40)
[14/47]
في الجارح والقاتل يحبني عليه أو يجني
وفي القاتل يقتله الولي أو أجنبي
أو يقطع أعضاءه قبل القتل
وفي المجروح يجرح الجارح
من كتاب ابن المواز، ونحوه في المجموعة قال ابن وهب وابن القاسم وغيره عن مالك في قاتل العمد يقتله أجنبي عمداَ ليس من أوليائه، فقد صار دم الأجنبي لأولياء القتل الأول، فإن شاءوا قتلوه، إلا أن يرضيهم(1)أولياء القتيل الثاني، الذي كان قتيلا، ثم يكون لهم القصاص من الأجنبي، أو يعفون. فإن لم يرضوهم فالأولياء الأول قتل الأجنبي أو العفو عنه.
قال مالك في قاتل العمد يموت أو يقتله أحد، وفي فاقئ العين عمداً تذهب عينه بأمر من الله أو يمون أو يفقأ مثل عينه تلك احد، فإنه لا طلب علي الجاني ـ يريد الأول ـ بدية أو غيرها، ولا في ماله إن مات. وقاله أشهب.
وكذلك من [في](2)يمينه قصاص فسرق، فالقطع في السرقة أولي به. فإن قطع فيها أو في غيرها فلا شئ للأول.
ومن الكتابين قال مالك في قاتل العمد يقتل، إن كان الذي قتله ولي الدم ومن له العفو أو القتل، فلا شئ عليه غير العقوبة إذ فعل ذلك بغير إذن الإمام.
***
__________
(1) كذا في ع وفي الأًصل و ص : يرضيهم ، علي لغة أكلوني البراغيث .
(2) ساقط من الأصل .(1/41)
[14/48]
قال ابن المواز: إذا أقام الولي شاهداً علي القاتل وليه ثم لم يقسم(1)حتي عدا عليه فقتله قبل القسامة فإنه يقتل به، وليس له أن يقسم بعد قتله، لأنه يدرأ بذلك عن نفسه القتل، إلا أن يأتي بشاهد آخر ـ يريد فلا يقتل..
قال [ مالك](2)في الكتابين وكذلك لو اقتص رجل من قاطع يده عمداً قبل البرء بغير إذن الإمام، لم يلزمه غلا الأدب، وقد أخطأ فيما اجترأ عليه .
وفي ذلك ذريعة إلي الفساد.
قال في كتاب ابن المواز: ولو مات المستقاد منه من القطع(3)لم يلزم المستقيد غير الأدب. وقال المغيرة، في المجموعة وكتاب ابن سحنون: بل علي عاقلة المستقيد دية النفس، ويعاقب المستقيد.
ولو مات المستقيد بعد أن آخذ القود لنفسه قبل أن يبرأ(4)فإنه يقتل المستقاد منه للمستقيد بقسامة أهله لمات من ذلك. ويؤدي عاقلة المستقيد لنفسه دية المستقاد منه، وكأنه قطع يده خطأ.
وقال غيره، في المجموعة(5): إن وثب المجروح فقتل قاطعه(6)عمداً قتل به، ولا شئ للمجروح في قطع يده لأن ماله فيه القصاص قد ذهب.
وقال أشهب وابن القاسم في ولي القتيل عمداً إذا قطع يد القاتل عمداً قطعت له يده، ثم له أن يقتل القاتل.
***
__________
(1) كذا في ص ر ع. وفي الأصل: لم يقم . وهو تصحيف .
(2) ساقط من الأصل.
(3) في ص و ع : من قطع اليد.
(4) كذا في الأصل و ص . وهو الصواب وفي ع : فإنه يبرأ.
(5) كذا في الأصل. وعبارة ص و ع : ومن المجموعة : وقال غيره.
(6) في ص و ع : قاطع يده.(1/42)
[14/49]
وقال ابن القاسم فيمن قطع أيدي أربعة نفر اليمين اليمين، ثم عفا رجل منهم، فلمن بقي أن يقطع يمينه. وإن هذا رجل منهم فقطع يمينه فلا شئ لمن بقي.
ولو قطع أصابعه الخمس فقطع هو بيده من الكوع، فإنه يؤمر الذي قطعت كفه كلها أن يقطع الكف بعد الأصابع، حتي يعتدل قصاصها.
ولو قطع صحيح يد أشل عمداً ثم قطع الأشل يد الصحيح، [ يريد](1)واليد واحدة، فللصحيح فضل الدية بعد الحكومة في يد الأشل [ فإن كان الأشل البادئ ثم قطع الصحيح يد الأشل](2)رجع عليه بما بين حكومة يد شلاء ودية صحيحة.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وإذا حكم الإمام بقتل القاتل فضربه المحكوم له ضربتين، قطع بالأولي يده وقتله بالثانية؛ فإن لم يتعمد ذلك فلا شئ عليه من أدب ولا غيره. وإن تعمد ذلك فالأدب فقط.
قال ابن حبيب [قال أصبغ](3)عن ابن القاسم في القاتل عمدا يدفع إلي أولياء المقتول ليقتلوه، فقطع واحد منهم يده وآخر رجله ثم قتلوه، قال: لا يقاد منهم، لأن النفس كانت لهم، وليعاقبهم الإمام علي ذلك.
قال ابن الماجشون: وإذا قام ابن المقتول فقتل قاتل أبيه قبل أن تزكي البينة، فإنه إن جرحت البينة قتل الابن به، وإن عدلوا أدب الابن بما افتات علي الإمام.
***
__________
(1) زيادة من ص ع .
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل ثابت في ص و ع .
(3) زيادة في الأصل وص .(1/43)
[14/50]
ومن كتاب ابن المواز، وهو في المجموعة لابن القاسم وأشهب: وإذا مات القاتل في السجن بطل الدم بموته، ولو كان خطأ لم تبطل(1)الدية بموته، لأنها علي العاقلة، ولم يكن عليه حبس.
قال: وإن قتل هو أحداً خطأ أو جرح، أو جرح هو أو قتل. فأما ما جني عليه من عمد أو خطأ من جرح أو قتل. فاما ما جني عليه من عمد أو خطأ من جرح أو قتل فليؤخذ له ذلك مثل غيره، ويكون ذلك إليه في الجراح في خطئها وعمدها؛ يأخذ العقل في الخطأ ويقتص في العمد إن شاء. وليس لولاة المقتول من ذلك شئ، وإنما لهم نفسه، وكذلك لو حكم الإمام بقتله فالحقوق في هذا واجبة له، وعليه حبسها قبل حكمه ما دام حيا.
قال أشهب في المجموعة وإن ضرب بالسيف فلم تبلغ الضربة منه إلا جرحا ثم عدا عليه إنسان فقطع يده ثم كر عليه الولي بضربته الأولي علي مقاتله، فلا يكون له علي قاطع يده غير العقوبة، وهي كيد ميت.
قال ابن المواز: فأما جراحاته هو علي غيره فيفترق عمدها وخطؤها إن استقيد منه، فأما الخطأ فهي ثابته عليه وإن قتل، ما كان دون الثلث ففي ماله، وما بلغ الثلث فعلي عاقلته، وأما العمد فيسقط إذا استقيد منه، فإن عفي عنه فللمجروح قصاص جرحه. واختلف قول مالك إذا قتل هو خطأ. فروي عنه ابن عبد الحكم أن لا شئ لأولياء المقتول عمدا كما لو مات، والذي روي [عنه ابن القاسم](2)وغيره من أصحابه: أن الدية لأولياء المقتول عمداً. قال محمد: وهو أحب إلي، وعليه جماعة أصحابه، وكذلك في المجموعة ولم يذكروا رواية ابن عبد الحكم.
***
__________
(1) في ص و ع : لم تسقط.
(2) زيادة في الأصل . و ص.(1/44)
[14/51]
قال عنه ابن القاسم في الكتابين فيمن قطع يد رجل عمداً، ثم [تقطع] يد القاطع تلك خطأ: فدية اليد للمقطوع الأول. قال ابن المواز قال ابن عبد الحكم غير هذا. وهذا أحب إلينا. ول قطعت يده عمداً فالقصاص والعفو للمقطوع الأول.
قال أشهب: إلا أن يرضي القاطع الأول المقطوعة يده أولاً [ من يده](1)فيكون له القصاص [أو العفو](2)وإلا فالقصاص للمقطوعة يده أولا، وكذلك، في كتاب ابن المواز عن ابن القاسم.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون [قال مالك](3)إن أرضي القاطع [الأول](4)المقطوعة يده أولاً كان أولي بقاطعه [قال](5). وتفسيره عندنا أن يرضيه بدون عقل يده. وإن أتم له عقل يده وقد اختلفا لزمه ذلك(6)وإن لم يتم له عقل يده ولم يتراضيا بأقل منه فللمقطوع الأول أن يقطع يد قاطع قاطعه، أو يعفو علي ما أحبا.
وقال مطرف: سواء أتم له عقل يده أو لم يتم له ذلك؛ هو أولي بقطع يده ـ يريد قاطع قاطعه ـ إلا أن يرضي بغير ذلك مما يعطيه قاطع يده. وقاله أصبغ(7).
***
__________
(1) زيادة في ع و ص .
(2) ساقط من ع و ص .
(3) ساقط من الأصل.
(4) ساقط من الأصل أيضاً.
(5) لا يوجد بالأصل كذلك.
(6) كذا في ع، وهو الصواب وصفحت العبارة في الأصل: وقد اختلفا لديته.
(7) في ع : وقال مثله أصبغ.(1/45)
[14/52]
[قال ابن حبيب](1)قال ابن الماجشون: وإن قطعت يده من الكف، ثم قطعت يد القاطع(2)من المرفق، فليس للمقطوع من الكف أن يقطع [قاطع](3)قاطعة من المرفق ولا من الكف، وإن رضي له هذا بذلك. ولكن للأول عقل الكف علي قاطعه، كما لو أتي عليه عطب من السماء. وقاله مطرف وأصبغ.
ومن كتاب ابن سحنون قال مالك في القاطح بأمر من الله سبحانه، إنه يسقط القود ولادية له. قال سحنون: وقال غيره من أصحابه إن للمجني عليه دية يده. قال سحنون: فبقول مالك أقول.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: ولو قطعت يد الأول من المرفق ويد قاطعه من الكف فله قطع ما بقي من يد قاطعه، ويأخذ من قاطع قاطعه من الكف، ثم يرجع إلي قاطعه(4)فيأخذ منه عقل ذراعه الباقية ولا يقطعها فيتبعض عليه القطع. وقال مطرف: بل له عقل يده علي قاطعها جين اختلف القطعان، ثم يكون لقاطعه أن يقتص بكفه من قاطعه أو يراضيه. ابن حبيب: وبهذا آخذ، وهو استحسان، وقول ابن الماجشون القياس، وقول أصبغ غلط.
قال ابن الماجشون: ولو شلت يد الذي قطع الأول من الموفق بضرب رجل، فالأول أن يقتص من [اليد](5)التي شلت ويرجع هو أيضا علي الذي أشلها ـ يريد كاملة ـ وإنما لا يقتص من اليد الشلاء إذا كانت شلاء يوم وجب(6)القصاص.
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) في الأصل: ثم قطع القاطع.
(3) ساقط من الأصل.
(4) في ص و ع : إلي قاطع نفسه.
(5) ساقط من الأصل.
(6) كذا في ص و ع وهو الصواب. وفي الأصل: وقد وجب.(1/46)
[14/53]
وقال مطرف: لا قصاص في الشلاء شلت قبل وجوب القصاص(1)أو بعد، ولكن للأول العقل، وللثاني القصاص ممن أشل يده بضربة مثل ضربته(2)فإن أشل يده وإلا كان له العقل. وقاله أصبغ.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن قطع يد رجل من المنكب [ثم عدا رجل علي الجاني فقطع يده من الكف، فالمجني عليه الأول بالخيار: إن شاء قطع كف قاطع قاطعه، وإن شاء قطع من المنكب بقية يد قاطعه](3)وقد قال عبد الملك في باب القصاص من الناقص بالتام خلاف هذا؛ إن له أن يقطع كف المتعدي وبقية يد قاطعه إلا أن يرضيه قاطعه فيبقي القصاص له. وكذلك ذكر ابن سحنون في قاطع الكف تقطع بعض أصابعه. وقد تقدم هذا.
وقل سحنون فيمن فقأ عين رجل عمداً ثم يقتل الفاقئ خطأ، فللذي فقئت عينه نصف تلك [ الدية](4)وإن قتل عمداً فإن قتل قاتله بطل حق المجني عليه، وإن صولح علي الدية دخل فيها المجني عليه، فأخذ من ذلك عقل عينه.
ومن كتاب ابن المواز ذكر مثل قول سحنون عن نفسه، وروي أنه لا شئ للمفقوءة عينه في عمد ولا خطأ، لأن الدية المأخوذة في النفس لا في العين. فأما في العمد فالقتل يأتي علي جميع ما جني.
وفي باب الصبي والغائب يكونان من الأولياء ذكر القاتل يقتله أحد الأولياء والولي الآخر غائب، أو صغير بغير إذن الغائب ولا ولي الصغير .
***
__________
(1) في الأصل: قبل الوجوب.
(2) كذا في ع وهو الأنسب. وفي الأصل: وبضربه مثل ضربته وفي ص : بضربه شل بضربته، وهو تصحيف.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، ثابت في ص و ع .
(4) ساقطه من الأصل.(1/47)
[14/54]
ومن العتبية(1)روي أشهب عن مالك في رجلين جرح كل واحد منهما صاحبه جرحاً سواء في جسده أو موضحة موضحة أو غيرها، ثم يطلبان القصاص أو أحدهما، فلا قصاص بينهما ولا دية. وقد استوفي الثاني جرحه بيده. وكذلك لو فقأ هذا عين هذا(2)وفقأ الآخر منه تلك العين، لم يكن بينهما قصاص ولا دية.
ومسألة من عض أصبع رجل فجبذ المعضوض يده فقلع سن العاض في باب آخر؛ أن مالكاً يري أن قلع السن من الخطأ، وعليه عقله، وابن وهب لا يري في السن(3)شيئاً لحديث رواه(4).
فيمن اجتمع عليه قتل، وجراح
أو جرحان أحدهما أكبر من الآخر أو قطع يد وسرقة
أو قطع يد وقطع يد من موضع آخر
من المجموعة قال ابن وهب عن مالك فيمن جرح رجلاً ثم قتل آخر عمداً: إنه إذا قتل فالقتل يأتي علي ذلك كله وعلي كل جرح عمد. قال أشهب: كانت الجراح والقتل في رجل أو رجال؛ مثل أن يجرح رجلاً جراحات ثم يقتله أو يقتل غيره أو يقتل رجلاً ثم يجرح آخر جراحات. فإن طولب بالقتل فلا قود في الجراحات وإن عفي عن دمه أقيد منه في الجراح.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16 : 98.
(2) كذا في ص ع . وفي الأصل: لو فقأ أحدهما عين الآخر.
(3) في ص و ع : لا يري فيه.
(4) الحديث المتعلق بالسن في الموطأ هو: في السن خمس من الإبل وهذه العبارة ساقطة من ص.(1/48)
[14/55]
قال عنه ابن وهب: ولو قتل رجلاً عمداً ثم أصاب آخر خطأ(1)بقتل أو جراح [ أو كان الخطأ أولاً ثم قتل أحداً أو جرحه عمداً](2)إن الخطأ واجب علي عاقلته، ويقاد منه ما أصاب عمداً من جرح أو نفس. ولو أصيب هو أيضاً خطأ لعقل له بما أصيب به.
قال ابن القاسم وأشهب: وإن قطع يد رجل خطأ ثم قتله عمداً فدية الخطأ علي العاقلة ويقتل به. ومن قطع أصابع يمين رجل ثم قطع له بقية [كفه](3)فإنما له أن يقطع كفه فقط. ولو قطع أنملة من سبابة رجل ثم قطع لآخر السبابة فإنما لهما قطع سبابته ولو قطع أصابع يمين رجل ثم قطع يمين آخر من الكوع قطعت يمينه لهما من الكوع. فإن قطع يمين هذا من الكوع، ويمين آخر من المرفق لقطع لهما من المرفق. ولو قام به [صاحب الكف فقطعه، ثم قام به](4)لكان قطعه من المرفق.
قال أشهب: كما لو قطع كف رجل(5)ثم قطع من كف القاطع أصبعان؛ إن للأول القود في بقية اليد. وقاله عبد الملك.
قال غيره: ولو قطع يد رجل من الكوع وقطع من آخر ذراعاً بغير كف، ثم قاما ليقطعاه من المرفق فليس لهما ذلك، لأن صاحب الذراع لم يكن له القصاص يوم جرحه، وإنما له حكومة. قال ولان يد الجاني قائمة بعد، ولصاحب الكف القصاص من الكوع، ولو كان إنما جني علي صاحب الذراع بعد أن اقتص منه صاحب الكف لكان له أن يقتص من ذراعه. وكذلك لو قطع لرجل أصبعين، ثم قطع لآخر كفالين فيها إلا ثلاث أصابع، فليس لصاحب الكف إلا ثلاثة أخماس [دية](6)اليد، ولصاحب الأصبعين
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، ثابت في ص و ع .
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، ثابت في ص و ع .
(3) ساقط من الأصل.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(5) كذا في ص و ع وهو الصواب . وفي الأصل: كما لو قطع كفه رجل
(6) ساقط من الأصل.(1/49)
[14/56]
القصاص. ولو جني علي الكف بعد أن اقتص منه بالأصبعين كان لصاحب الكف القصاص. إذا كانت الأصابع التي قطع منه نظير الأصابع الباقية للجاني.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وإن قطع يد رجل من المنكب ويد آخر من الكف، فقام به صاحب المنكب فقطعه، ثم قام الآخر فلا شئ له، والقطع الأول يأتي علي ذلك. ولو قام به صاحب الكف[أولاً](1)فقطعه ولم يعلم بصاحب المنكب، ثم قام صاحب المنكب كان له أن يقطع ما بقي من المنكب، وقال أصبغ مثله، وكان أحب إلي أن لا يقطع [العذابه وقطع أرابه](2)مرتين، وأن يعقل له ما بقي، إلا ما يشاءهذا ان يمكن من بقيته(3)ويأبي العقل فذلك له.
ومن كتاب ابن سحنون: [ عن أبيه](4)فيمن قطع يد رجل من المنكب وقطع يد آخر من المرفق وسرق فإن يده تقطع من المنكب لذلك كله. ثم رجع عن ذلك وقال: أقطع يده(5)من الكوع للسرقة ثم أقطعه للباقين.
قال سحنون: وإذا قطع كفاً لرجل وقطع لآخر ذراعاً بغير كف إنه يقطع مرتين، يقطع كفه ثم ذراعه. وكذلك لو قطع عضد آخر [بغير](6)ذراع لقطع ثلاث مرات. وإن عفا المقطوع الكف(7)وجب للباقين حكومة. فإن عفا المقطوع ذراعه خاصة سقط قصاص المقطوع [ العضد ولم يسقط
***
__________
(1) ساقط أيضاً من الأصل.
(2) بياض في ع مكان الكلمات التي بين القوسين . و الكلمة الأخيرة غير مفهومة .
(3) في ص و ع : من نفسه.
(4) في ص و ع : قال سحنون.
(5) في ص و ع : قال سحنون.
(6) ساقط من الأصل.
(7) كذا في الأصل. وفي ص و ع : المقطوعة كفه.(1/50)
[14/57]
قصاص المقطوع(1)الكف، فإن عفا المقطوع العضد لم يسقط قصاص الباقين.
ومن كتاب ابن المواز وأراه لأصبغ : ومن قطع أيدي جماعة اليمين(2)، ثم قطعت يمينه خطأ، فديتها تؤخذ من القاطع وتكون لجماعة من قطعت يمينهم أولاً [ بينهم](3)بالسواء، فإن اقتسموها ثم قدم آخر كان قطعه ولم يعلم به فليدخل معهم بنصيبه.
ولو قطعت يده عمداً ثم قام يقطع قاطعه كان أولي. ولو قطعه أحد المقطوعين كان قصاصاً لهم(4)، ولا شئ للياقين من دية ولا قصاص. ويؤدب المقتص دون الإمام.
قال ابن المواز: ليس هذا مثل ولدي المقتول(5)يقتص أحدهما قبل علم الآخر فيلزمه غرم حصة اخيه من الدية؛ لأنه يقول كنت أصالح أو أعفو [ علي دية ](6).
***
__________
(1) ما بين معقوفتين من ع ثابت في الأصل و ص .
(2) في ع : اليمني .
(3) ساقط من ع .
(4) في ص و ع : فهو قصاص له ولهم.
(5) كذا في ص و ع : وهو المناسب وفي الأصل: وليس هذا لولدي المقتول.
(6) زيادة في ص و ع .(1/51)
[14/58]
في الرجل يقتل الرجلين
أو يقطع أديهما أو يجرحهما أو الجماعة
وفي الجماعة يقتلون الرجل أو يجرحونه
من كتاب ابن المواز(1)عن مالك. ومن المجموعة من رواية ابن القاسم وابن وهب وعلي عن مالك ومنهم من يزيد السن، فيمن فقأ أعين جماعة اليمين، أو قطع يمين رجل ثم أيمان جماعة، فليس لهم إلا فقء عين اليمين أو قطع يمينه. وكذلك الرجل كما لو قتل جماعة ولا دية في ذلك. ولو قام أحدهم تمكن من القصاص ثم لا شئ للباقين إن قاموا. كالقتل والحدود، وقاله ابن القاسم وأشهب. قال ابن عبدوس: وكذلك قال ابن عبد الحكم(2):
قال ابن المواز: وكذلك لو قطع يسار جماعة كان قطع يساره لمن قام منهم مزيلاً لحق الباقين، فإن لم يعرف بالباقين حين القصاص ثم قاموا ببينة أو بإقراره فلا شئ لهم من قصاص ولا دية. ولو عفوا إلا واحداً [فقام](3)كان له القطع. ولو أصيبت يده بأمر من الله تعالي لم يكن لهم عليه شئ، كما لو قتل جماعة فاقتص أحدهم أو مات فلا شئ لمن بقي. ولو عفوا كلهم إلا واحداً كان له أن يقتله. وكذلك جميع الجراح. وكذلك لو قطع أنف(4)مائة رجل أو ذكراً أو عضواً(5)من جماعتهم، فزال ذلك العضو بقصاص من احدهم أو بأمر من الله تعالي، فإنه يزيل حق من بقي. وكذلك الحدود إن حد لواحد في قذف كان لكل من قذفه.
***
__________
(1) كذا ص و ع . وفي الأصل: كتاب محمد .
(2) كذا في الأصل. وفي ص و ع : وقاله عبد الملك .
(3) زيادة في ص و ع .
(4) كذا في ص و ع . وصحف في الأصل نكتب : ألف.
(5) في الأصل: مائة رجل ....، وفي ص و ع : مائة رجل أو ذكراً أو عضواً.(1/52)
[14/59]
ولو تعدي واحد ممن قطع يده(1)أو غيرها فقطع له ذلك العضو من غير مرافعة ما كان عليه غير العقوبة؛ إذ فعله بغير إذن الإمام، ويكون ذلك لكل من كان له في ذلك العضو قصاص.
قل ابن المواز قلت لأصبغ: فلو ضربه واحد من المقذوفين؟ قال ما سمعت فيها شيئا، وأري إن كان صح [ذلك](2)وأحضر إليه جماعة وحده علي ما يصلح من الحد وأعلمهم أن ذلك لقذفه إياه، فأراه جائزاً ومزيلاً لحق الباقين، ومخرجاً له إن شهد، ويؤدب هذا الضارب بما افتات علي الإمام.
ومسألة من قطع أيدي جماعة ثم قطعت يده خطأ في الباب الذي قبل هذا.
قال ابن القاسم فيمن قتل رجلين(3)صم صالح أولياء أحدهما علي مال وعفوا عنه، فلأولياء الآخر القود إن شاءوا، فإن استقاد بطل صلح الآخرين، وردوا المال.
قال مالك في الكتابين: والمجتمع عليه عندنا أنه يقتل الرجلان الحران وأكثر من ذلك بالرجل الحر، والنساء بالمرأة والإماء والعبيد كذلك في قتل العمد،
وإذا ضربه الجماعة(4)ثم مات تحت أيديهم قتلوا به، وإن مات بعد ذلك ففيه القسامة. ولا تكون القسامة إلا علي واحد منهم. قال علي [بن زياد](5)عن مالك: وكذلك لو ضربوه، هذا بسيف وهذا بعصاً، وتمادواً علي
***
__________
(1) كذا في ص و ع وصفحت العبارة في الأصل فكتبت: ولو تعدي واحد منهم من قطع يده.
(2) ساقط من الأصل.
(3) كذا في ص و ع. وهو الأنسب وفي الأصل : فإن قطع رجلين.
(4) كذا ص و ع. وفي الأصل: ضربوه الجماعة، علي لغة أكلوني البراغيث.
(5) زياد من ص و ع .(1/53)
[14/60]
ذلك حتي مات قتلوا به، إلا أن يعلم أن ضرب أحدهم قتله. وكذلك روي عنه ابن القاسم.
[قال ابن القاسم](1): وإن اجتمع جماعة علي قتل امرأة أو صبي فإنهم يقتلون. قال مالك: وإن اجتمعوا علي قطع يده أوفقئ عينه فهو كالقتل يقتص من جميعهم في قطع أيديهم أو فقء أعينهم. وقاله أشهب، واحتج بقول عمر في اجتماع الجماعة علي القتل. وهو قول غير واحد(2)من التابعين، وقاله ربيعة ومالك وابن أبي سلمة [والليث](3)في النفس والجراح.
قال أشهب: وفرق بعض العراقيين فقال به في النفس دون الجراح، والنفس أولي بالزراية(4)؛ لعظم(5)حرمتها علي الجراح، فقد ناقضوا، وقد تقطع جماعة تعاونوا علي السرقة.
ومن كتاب ابن المواز ذكر مثل ما تقدم عن مالك وغيره، وعن أشهب في حجته وقال: لو اجتمع جماعة علي رجل يضربونه، فقطع واحدً يده وفقأ آخر عينه وجدع آخر أنفه وقتله آخر(6). فإن اجتمعوا علي قتله فليقتلوا به كلهم إن مات مكانه، وإن كان جرح بعضهم أنكي(7)من جرح بعض فلا قصاص له في الجرح ما لم يعمد. والمثلة مع القتل بمنزلة مالو أمسكوه لمن يقتله وهم عالمون بقتله، فليقتل الممسكون والقاتل. وإن لم يريدوا قتله اقتص من كل واحد بجرحه وقتل قاتله. قال أصبغ: إلا أن
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) كذا في ص . وفي ع : قول جماعة .
(3) ساقط من ص و ع .
(4) كذا في الأصل ولعلها مصفحة. وكتبت في ص و ع دون نقط مما يشبه أن تقرأ : الدراية.
(5) كذا في ص و ع وصفحت فكتبت في الأصل : لقطع .
(6) في ع : وكمله آخر.
(7) كذا في ص و ع وهو الأنسب. وفي الأصل : أنكأ .(1/54)
[14/61]
يجتمعوا لتلك الجراح ويتعاونوا عليها فليقتص منهم فيها من المتولي والممسك إذا علم الممسك أن ذلك أريد به.
ثم عاد الكلام إلي أوله فقال: وذلك إذا عرف جرح كل واحد، وأما إن انكشفوا عنه فلم يعرف جرح كل واحد قتلوا به كلهم إن مات مكانه، وإن لم يمت مكانه ففيه القسامة، ولا يقتل إلا واحد، ويضرب الباقون مائة مائة، ويحسبون سنة، ولم يقتص جرحه، ولا يكون فيه دية. وإن لم يمت قيل له: اذكر من تعلم أنه جرحك ما تقول من الجراح واحلف عليه واقتص منه.
وروي ابن وهب عن مالك فيمن اجتمع عليه نفر فضربوه ثم زالوا عنه وبه موضحة، وقامت بينة أنهم فعلوا ذلك ولا يدري من شجه، فالعقل عليهم كلهم. قال بن القاسم: بعد يمينه أنه ما يعلم من شجه، فإذا حلف حلفوا أنهم ما شجوه، فإن نكلوا كلهم أو حلفوا كلهم كان العقل عليهم. وإن حلف بعضهم ونكل بعضهم فالعقل علي الناكلين.
قال ابن القاسم: وليس له أن يقول فلان جرحني مثل ما يقول فلان قتلني. إلا قوماً قد شهد(1)عليهم بالقتال بينهم، فينكشفون وقد جرح أحدهم(2)فيدعي المجروح أن أحداً منهم جرحه، إنه يحلف ويقتص. وقاله أصبغ.
ومن المجموعة قال مالك والمغيرة: وإن تفرقوا عنه وبه أربع مواضح، فليحلف علي من يزعم(3)منهم أنه شجه ويستقيد، [وكذلك](4)إن قال إن واحداً منهم شجه إياها كلها، وإن لم يحلف علي أحد منهم فله عقل الشجاج علي جماعتهم.
***
__________
(1) كذا في ص و ع . وفي الأصل: و ص . إلا قوم شهد .
(2) كذا في ص و ع . فينكشفوا وبأحدهم جرح.
(3) كذا في ص و ع. وصحف في الأصل: من يعلم .
(4) زيادة في الأصل.(1/55)
[14/62]
قال المغيرة: إذا قال ما أدري أيهم شجني، فليحلف كل رجل منهم أنه ما شجه، ثم الشجاج بينهم ولا قود عليهم.
قال مالك: وإذا كانت دون موضحة مما فيه القصاص فليحلف علي من شاء ويستقيد، وإن لم يحلف بطل ذلك كله. وإنما يحلف إذا شهدت بينة أنهم شرعوا فيه ولم يثبتوا من شجه. فإن لم يحلف عقلوا له عقل الموضحة.
قال ابن الماجشون، في المجموعة وكتاب ابن حبيب: إذا شهدوا أن رجلين ضربه كل واحد منهما ضربة واحدة لم يضربه غيرها، ثم وجد به موضحة ومنقلة، فإن مات فولاته مخيرون في القسامة علي أيهما ساءوا يقتلونه، ويضرب الأخر مائة ويسجن سنة. وإن لم يمت سئل من جرحه الموضحة ومن جرحه المنقلة.
قال في الواضحة(1): فإن أثبت(2)ذلك قبل قوله مع يمينه. قال في الكتابين: فإن لم يثبت حلف ما أدري وسئلا، فإن ادعي كل واحد منهما الموضحة ونفي المنقلة حلفا وقيل له: خذ من أيهما شئت الموضحة يريد قواداً، وخذ من الآخر نصف عقل المنقلة، يريد إن كان شئ لا يعقل فليس للمجروح إلا أن يثبت(3)من جرحه ويستقيد، فإن لم يحلف حلف الجارح وبرئ.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن وهب عن مالك في القوم يقتتلون فتقع بينهم جراح، فليحلفوا علي من ادعوا ويقتصوا منه. قال أصبغ: ونزلت فحكم ابن القاسم فيها بهذا. ويقبل في مثل هذا دعواه ويحلف، إلا أن يستدل أن هذا الجرح كان به قديماً. وأما ما أشكل فإن المجروح يحلف
***
__________
(1) في ص : قال في كتاب ابن حبيب.
(2) كذا في ص و ع, وصفحت في الأصل: فإن أبيت .
(3) في الأصل: إلا ما يثبت وهو تصحيف.(1/56)
[14/63]
ويقتص. وإنما ذلك له إذا شهد رجلان علي قتالهم. وأما شاهد واحد فلا يجوز ولا يحلف المجروح علي الشاهد الواحد علي القتال، وليحلف المدعي عليه ويبرأ.
قال ابن القاسم وعبد الملك في النفر يجتمعون علي ضرب رجل ثم ينكشفون وبه جرح أو قطع يد، فإن حلف المجروح علي أحدهم أنه جرحه اقتص منه وحده. وإن انكشفوا وقدمات قتلوا به. وإن لم يثبت من جرحه فلابد أن يحلف ما عرفه ثم له دية جرحه علي جميعهم. قال ابن المواز: وإنما يمينه لأنه متهم أن يفر من القصاص إلي الدية. قال ابن القاسم: فإن نكل حلفوا كلهم ويرثوا.
وقد قال مالك: إذا افترقوا عنه وبه موضحة لا يدري من شجه، إن العقل علي جميعهم . قال ابن القاسم بعد يمينه أنه ما يعلم من شجه، إلا أن يكونوا إنما اجتمعوا عليه للموضحة، ولما أمسكوه وتولي بعضهم شجه أو قطع يده فليقتص(1)منهم بذلك الجرح .
وإذا اجتمع نفر علي قطع يد رجل قطعوا بذلك كلهم، وله القصاص من بعضهم وصلح بعضهم أو العفو عنه بمنزلة القتل.
قال مالك في النفر يضربون الرجل حتي يموت تحت أيديهم فيقتلون به. ولأوليائه قتل بعض وصلح بعضهم علي مال إذا ثبت القتل ببينة ومات مكانه. فأما إن كان القتل بقسامة فلا يقسمون إلا علي واحد غير الممسك وغير الناظور. وعلي هذا الأمر في الرجال والنساء والعبيد والإماء.
وإذا كان الممسك والناظور يعلم أن الضاربين يريدون قتله قتل معهم إن كان ذلك ببينة أو بإقرار. وإن أمسكه أو نظر لهم(2)وهو يظن أنهم
***
__________
(1) كذا في ع وهو الصواب. وصحف في الأصل وص : فلا يقتص .
(2) كذا في ع وهو الأنسب. وفي الأصل: وإن أمسك ونظر.(1/57)
[14/64]
يضربون من غير قتل لم يقتل الممسك ولا الناظور، ويعاقبان أشد العقوبة. وإذا كان فيما القسامة فلا يقسمان علي الممسك ولا علي الناظور.
وإن أنهم أرادوا القتل وقد ولي القتل غيره فلا يقتل بالقسامة إلا واحد، كما لو قتله نفر فقال فلان منهم(1)أنفد مقاتلي(2)وهو مما فيه قسامة، فلا يقسم إلا عليه، ثم ليس علي من بقي جلد ولا سجن، إلا أن يقر الناظر أو الممسك أنه علم أنه يقتل فإنه يقتل بغير قسامة، ويقسمون علي آخر ممن بقي ويقتلونه، ويضرب من بقي مائة ويحبس سنة.
ولو أمسكه وهو يعلم أنه يريد قتله ففقأ عينه، او أمسكه لفقء العين فقتله. فأما إذا فقئت عينه فليقتص منهما جميعاً في العين، وأما إن أمسكه للفقء فلا شئ علي الممسك، ويقتل متولي قتله، وعلي الممسك جلد مائة وحبس سنة.
في القتيل يجتمع في قتله كبير وصغير أو حر وعبد
أو أب وأجنبي أو عامد ومخطئ أو رجل ودابة أو سقطة
وما جري في ذلك من القسامة
من كتاب ابن حبيب عن ابن الماجشون، وما ذكر عنه عن ابن عبدوس(3)قال ابن الماجشون: وإذا اجتمع في [قتل](4)القتيل كبير وصغير
***
__________
(1) كذا في ص و ع وهو الأنسب. وفي الأصل: معهم .
(2) صحقت في الأصل: مقالتي.
(3) كذا في الأصل. وفي ص و ع : ومنه ذكر مثله ابن عبدوس عنه.
(4) زيادة في ص و ع .(1/58)
[14/65]
أو حر وعبد أو ضربتان عمداً وخطأ(1)أو أب وأجنبي، قال في كتاب ابن عبدوس يحذفانه(2)بسيف فيقتلانه. قال في كتاب ابن عبدوس أو يضربه رجل ثم تبعجه دابته أو يتردي من حائط فيموت قصعاً ويثبت ذلك بالبينة، [قال](3)فإن الديات تنقسم ودم العمد لا ينقسم. فكل من شرك في قتل مجهز في معترك فهو كقاتله وحده. وإذا كان القتل عليهم لقتلهم إياه فكذلك إن سقط عن أحدهم القتل إما لحرمة الأبوة(4)أو لأن الأولياء استحيوا العبيد ليسترقوهم، أو لصغر بعضهم، أو لأن أحدهم ضربه خطأ، فإن العقل علي من عليه العقل منهم علي عدد قوم هو أحدهم، ثم يقتل من بقي ممن شرك الأب أو الصبي أو المخطئ، أو شركه العبد. والذي شركه بعج دابة أو غرق أو ترد أو هدم، ويكون ما شركه من هذا هدراً، والقود علي من ذكرنا بلا قسامة إذا مات مكانه. إلا من شركة التردي أو غرق أو بعج دابة فإنه يستظهر علي المعتمد بالقسامة أن من جرحه مات، سواء مات قصعاً أو أرتث(5)، وأري ما شركه من هذا شبه الحياة بعد الجرح العمد أو الضرب العمد، والمجروح يمرض ثم يموت(6)فلأوليائه أن يقسموا.
قال: وأما إن إرتث وحمل أو كان ما ثبت من قبل القعص بشاهد فلا بد من القسامة، فإذا كانت القسامة لم تكن إلا علي واحد، وإذا كانت علي من شركه الأب قيل: فإن أقسم علي الأب كانت الدية عليه مغلظة، وإن أقسم علي من شركه الصغير او المخطئ [ قيل وإن أقسم علي الصغير أو
***
__________
(1) كذا في الأصل. وعبارة ص و ع : أو ضربتان إحداهما عمد والأخري خطأ.
(2) كذا في ص و ع . وفي الأصل: يعزقانه.
(3) ساقط من الأصل.
(4) صفحت في الأصل: لحرمة الأولياء.
(5) كذا في ص و ع وهو الصواب. وفي الأصل أرتب. والمرتب كما في لسان العربـ الصريع الذي يشخن في الحرب ويحمل حياً ثم يموت.
(6) هكذا في ص و ع. وفي الأصل: ثم من شرك بموته . ولا معني لذلك.(1/59)
[14/66]
علي الكبير المخطئ](1)فالدية علي عاقلته، كانت ضربة الصغير عمداً أو خطأ، ويضرب الكبير مائة ويحبس سنة.
وإن أقسموا علي العبد فإن شاءوا قتلوه أو استحيوه وضرب الحر وسجن.
وإن أقسم علي من شركته الدابة أو التردي وشبهه قتل. وإن لم يقسموا عليه ضرب وسجن.
وإن كان ما اشترك(2)فيه هو لا جراحات يعرف منها جرح كل واحد بالبينة، وهي مما فيه القصاص أو العقل، فمن ارتجت عنه القسامة منهم كان عليه في جرحه القصاص(3)أو العقل إن كان مما لا يقتص منه. ومن ارتجت عنه القسامة ضرب وسجن كما ذكرنا. وإن لم تكن ثبتت الجراحات إلا بشاهد أو بقول القتيل لم يجب لها عقل ولن يجب فيها قصاص.
قال: وإن كان ما صح، اشترك فيه القتل من هؤلاء لم يكن في فور واحد ولكن متفرقاً فانظر، فإن عاش بعد ضرب الآخر ثم مات فالأمر علي ما تقدم ذكره في فور واحد. وإن كان الآخر أقصعه ولم يرتث بعده فهو قاتله يقتل به في العمد إن كان ممن يقتل به، وإن كان خطأ وجبت فيه الدية بلا قسامة.
فإن كان الذي أقصعه آخراً ترد أو دابة أو شبهه فديته هدر، إلا أنه يقتص من جرح الأول في العمد، ويعقل في الخطأ، وليس لهم أن يقسموا علي الجارح الأول في هذا، وإنما لهم أن يقسموا أن لو ارتث في الثاني، فيقسموا علي أيهما شاءوا.
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) أقحمت في الأصل هنا عبارة وإن [ أقسم علي من شركته الدابة] كان ما اشترك .
(3) في الأصل: القود.(1/60)
[14/67]
وأما مجروح صحيح ناله هدم أو غرق أو بعجته دابة فيموت فلا يقتل جارحه، وليس فيه دية النفس، لكن يحكم في الجرح بقصاص في العمد أو عقل في الخطأ،[إلا أن يفذ الأول مقاتله فالحكم علي الأول بالقصاص في النفس في العمد أو لدية في الخطأ](1)قال ابن حبيب: وقال بذلك كله أصبغ واستحسنه.
قال: واضطرب فيه ابن القاسم فيما يشترك فيه العامد والمخطئ، فقال مرة يخير الأولياء أن يقسموا علي من شاءوا منها، مات قصعاً أو مرتثاً. واستحسن هذا أصبغ؛ ومرة قال: إنما يقسمون علي أن من ضربهما مات ثم تكون عليهما الدية، نصفها في مال المتعمد، ونصفها علي عاقلة المخطئ. وكذلك لو مات قصعاً ولم يعش، وقد ثبت جرحهما ببينة؛ قال: فلا يقتل المتعمد إذا شركه المخطئ؛ ومرة قال في الذي شركه الصغير مثل قولنا، ومرة قال: إن كانت ضربة الصغير عمداً قتل الكبير(2)وعليهما الدية.
وأما إن شركه بعج دابة أو غرق ونحوه، فمرة قال: يقسمون علي المتعمد وجعله كحياة المجروح أو كمرضه مثل قولنا؛ ومرة قال: علي المتعمد نصف الدية في ماله بلا قسامة، ويضرب مائة ويحبس سنة. ولم يختلف قوله إذا مرض بعد الضرب أو الجرح أن فيه القسامة. وبقول ابن الماجشون أقول، وقد قاله ابن القاسم، وهو أحد قوليه.
ومن كتاب ابن المواز [قال أشهب](3)في الرجل يجرحه رجل جرحين، ويجرحه آخر جرحاً فمات من ذلك. فإن كانت جراحهم عمداً أقسم ولاته
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل ومن ص.
(2) كذا في ص و ع ولعله الصواب. . وفي الأصل: لم يقتل الكبير.
(3) زيادة في ص و ع .(1/61)
[14/68]
علي أيهم شاءوا وقتلوا، ولا يقتلون بالقسامة غير واحد. وإن كانت خطأ أقسم الورثة عليهما ثم أخذوا الدية من عاقلتهما ثم أخذوا الدية من عاقلتهما: النصق من كل عاقلة. وإن كان جرح أحدهما عمداًُ والآخر خطأ، أقسموا علي أيهم شاءوا، فإن أقسموا علي المتعمد قتلوه وأخذوا دية جرح الخطأ.
قال محمد: وذلك إذا عرفت جناية الخطإ من جنابة العمد. قال أشهب: فإن أقسموا علي المخطئ فلهم الدية كاملة علي عاقلته، واقتصوا من جرح العمد، إلا أن يكون جرحاً لا قصاص في مثله فيؤخذ من الجاني ديته.
وقال ابن القاسم: إن مات مكانه قتل المتعمد وكان علي المخطئ نصف الدية، يريد علي قتله.
قال محمد: هذا إن لم يكن جرح الخطإ معروفاً بعينه. فإن عاش ثم مات فتكون القسامة. فإن أقسموا علي المتعمد قتلوه، ولا شئ لهم علي المخطئ. وإن اقسموا علي المخطئ فلهم الدية علي عاقلته، وبرئ الآخر. قال ابن المواز: ويضرب مائة ويحبس سنة.
قال مالك في كتاب ابن المواز والمجموعة: وإذا قتله صغير وكبير عمداً، قتل الكبير وعلي عاقلة الصغير نصف الدية، لأن عمده كالخطأ. وكذلك حر وعبد قتلا عبداً عمداً قتل العبد وعلي الحر نصف قيمته. ولو قتلا حراً قتلا به.
قال محمد(1)قال ابن وهب: وإذا قتلا حراً عمداً، فإن استحيوا العبد خير سيده في أن يسلمه أو يفديه بنصف[الدية(2)] قال: وإن شاءوا أخذوا من الحر نصف الدية فذلك لهم. ولو قتلا الحر خطأ فنصف ديته علي عاقلة الحر(3)ونصفها في رقبة العبد ويخير سيده.
***
__________
(1) في ع: قال ابن الموا. وهما واحد. وستكرر هذا بعد فلا نشير إليه.
(2) ساقطة من الأصل.
(3) كذا في ص و ع وهو الأنسب. وعبارة الأصل: فنصفها علي الحر علي عاقلته.(1/62)
[14/69]
قال ابن القاسم في الكتابين في كبير وصغير قتلا حراً، فإن كان ذلك من الصغير خطأ ومن الكبير عمداً فعليهما الدية، ولا يقتل الكبير إذ لا يدري من أيهما مات. وقال أشهب: يقتل الكبير. قال ابن المواز: وهو أخب إلي، لأن عمد الصغير كالخطأ.
قال أشهب: ومن فرق بين عمد الصبي وخطئه فقد أخطأ، وحجته أنه لا يدري من أيهما مات، وكذلك في عمد الصبي لا يدري من أيهما مات، وهو يري عمده كالخطأ.
قال ابن المواز [قال مالك](1)وإذا جرح [كبير](2)صغيراً فلأهله القود ولهم العقل إن شاءوا.
ومن المجموعة قال أشهب: ولو أن قوماً في قتال العدو ضربوا خطأ رجلاً مسلماً؛ فمنهم من ظنه من العدو(3)ومنهم من ضربه ضربة لعداوة فمات، فليقتل به المتعمد، وعلي الآخرين ما يصيبهم من الدية.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا اجتمع في قتل رجل رجال كبار وصبيان ونساء، وهو مما يستحق بقسامة إما بشاهد علي القتل(4)أو يقول الميت، فلأوليائه أن يقسموا إما علي رجل أو امرأة ويقتلوا، لا يقتلون بالقسامة إلا واحداً، ولهم علي الصبيان بقدرما يصيبهم من الدية علي عددهم أجمعين، إن كان الصبيان خمسة والرجال والنساء عشرة فثلث الدية علي عواقل الصبيان بينهم أخماساً(5)
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) ساقط أيضا من الأصل.
(3) كذا في ص و ع وهو الصواب، وصفحت عبارة الأصل: فمنهم من ضريع عفواً .
(4) كذا في ص و ع . وصفحت عبارة الأصل: إما بقول شاهد عدل.
(5) كذا في الأصل. وفي ص و ع : والرجال والنساء عشرون، فخمس الدية علي عواقل الصبيان أخماساً وكلتا العبارتين صحيح.(1/63)
[14/70]
قال ابن المواز: لو استحسنت هذا المذهب لو لرأيت أن يقسموا علي واحد من الكبار رجل أو امرأة فيقتلوه، ثم يقسموا [ثانية علي الصغار كلهم، ولهم بقدر(1)ما يقع عليهم من الدية علي عواقلهم(2)] كما قال أشهب، والأمر الذي عليه أصحاب مالك أن لا يقتلوا إن أرادوا القتل إلا واحداً رجلاً أو إمرأة. وعلي كل من بقي من رجل أو امرأة جلد مائة وحبس سنة. وإن قالوا: نقسم علي الصغار أقسموا عليهم ولهم الدية كلها علي عواقلهم، ولو لم يكن ذلك بقاسمة قتل جميع الكبار. [ وعلي عواقل الصغار ما يخصهم من الدية](3)وإن كانوا خمسة، والكبار عشرة؛ فثلث علي عواقلهم في ثلاث سنين(4).
وإذا قتل صغار وكبار رجلا ببينة أو مع الكبار أبو المقتول فليقتل الكبار الأجنبيون(5)وعلي عاقلة الصغار حصتهم من الدية علي عددهم وإن قل في ثلاث سنين، وإن كان معهم أب فعليه [في ماله](6)حصته من الدية مغلظة، وقيل: علي عاقلته وإن قل ذلك.
قال ابن المواز: بل يكون ما يقع علي الصغير في ماله ثالث هو أو ثان، وإنما [يكون ما](7)يقع عليه. وإن كان عاشراً علي عاقلته إذا كان القتل كله خطأ من قبل الكبار، أو كان جرحاً واحداً.
***
__________
(1) في ع : وعليهم بعدد.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص و ع .
(4) هكذا في الأصل وهي عبارة مبهمة. وفي ص و ع: فثلث الدية علي عواقل الصبيان في ثلاث سنين.
(5) هكذا في ص و ع وهو الصواب. في الأصل: فيقتل الكبير.
(6) ساقطة من الأصل.
(7) ساقط أيضا من الأصل.(1/64)
[14/71]
ومنه ومن العتبية(1)من سماع ابن القاسم قال مالك: إذا وقعت دية الخطأ علي عبيد وأحرار، فإن وقع علي الأحرار- قال في كتاب ابن المواز- أقل من الثلث فذلك في أموالهم وإن كان حراً واحداً. وإن وقع عليهم الثلث فأكثر فذلك علي عواقلهم. قال سحنون: في ثلاث سنين؛ وعلي العبيد ما بقي في رقابهم علي عددهم لا علي قيمتهم، فيفديهم السادة أو يسلمونهم،
وقد اختلف عن مالك فيما إذا وقع علي الأحرار أقل من ثلث الدية فقال: تكون في اموالهم، وقال ابن القاسم عن مالك: تكون علي العاقلة(2)في ثلاث سنين، وبه قال سحنون.
[قال](3)في العتبية(4)قال ابن القاسم عن مالك: وإن وقع علي العبيد ثلث الدية ففداهم ساداتهم أدوا ذلك في ثلاث سنين.
قال ابن القاسم: وإن وقع علي الأحرار ثلث الدية وهم ثلاثة، فعلي عاقلة كل حر تسع الدية في ثلاث سنين. وكذلك لو وقع عليهم أقل من ثلث الدية كان علي عاقلته في ثلاث سنين؛ وبقية الدية علي العبيد ويفديهم بها السادة في ثلاث سنين أو يسلمونهم بها، أو يفدي بعضهم ويسلم بعضهم. وإذا فدوهم به فذلك مفسوم علي عددهم لا علي قيمتهم. وهذا مذكور في الجزء الأول، وه كتاب الديات.
قال يحي بن عمر: هذا كله قول أشهب إن لزم الأحرار أقل من الثلث فعلي عواقلهم، والذي روي ابن القاسم عن مالك أن هذا في أموالهم حالاً إذا كان أقل من الثلث وذكر ابن المواز هذه الراوية؛ وقد ذكرنا اختلاف قول مالك في ذلك.
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 15 : 442
(2) عبارة ص و ع : إن ذلك علي العاقلة.
(3) ساقط من االأصل.
(4) البيان والتحصيل، 15: 443.(1/65)
[14/72]
ومن المجموعة قال عبد الملك في رجل وصبي قتلا حراً عمداً، أو حر وعبد قتلا [عبدا](1)عمداً، أو أب وأجنبي [قتلا ابن أحدهما](2)يحذفانه بسيف فيقتلانه، أو عدد أكثر من ذلك؛ فينظر إلي عددهم. فما ناب الأب(3)وإن قل فهو علي عاقلته من دية مغلظة، ولو كان خطأ لتفرق علي المعاقل. وإن كان أقل من الثلث فيكون ما أصاب الصبي علي عاقلته وإن قل. ويخير السيد فيما أصاب عبده وإن قل.
ومن العتبية(4)من سماع ابن القاسم، وهي مسألة مذكور نحوها(5)في باب الخطأ، وهي مسألة الحسبة، قال مالك في الأب يقتل ابنه مع رجلين خطأ، فعاش أياماً ثم مات وترك أمه وعصبته وأختين، فليحلف ورثته خمسين يميناً لمات من ذلك، ثم يكون علي عاقلة الأب الثلث، وعلي عاقلة كل من الرجلين الثلث؛ فللأم السدس من الدية كلها، وللعصبة والأختين ما علي عاقلة الأب بعد سدس الأم وبعد أن يحلفوا. وللأب ثلثا الدية التي علي عاقلة الرجلين بعد مورث الأم، بعد أن يحلف الأب لمات من ذلك.
وإذا لم يأت أهل الميراث جميلة فحلف أهل الثلث الأختان والعصبة خمسين يميناً [فأخذوا، ثم جاء الأب فليحلف خمسين يميناً](6)أيضاً، فتكون سهام الدية ستة وثلاثين سهماً؛ للأم [ سدس الثلثين الذين يأخذهما الأب(7)، وذلك أربعة أسهم، ولها](8)سدس الثلث الذي يأخذه الأختان والعصبة، وذلك سهمان؛ فذلك ستة أسهم، وللأختين ثلثا الثلث ثمانية، وللعصبة ما بقي وهو سهمان، وللأب عشرون سهماً.
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) ساقط أيضا من الأصل.
(3) في الأصل: فما ناب الأول.
(4) البيان والتحصيل، 15 : 438.
(5) كذا في ص و ع وهو الصواب. وفي الأصل: مشهورة نحوها.
(6) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(7) صحقت عبارة الأصل: للأم السدس في الثلثين الذي يأخذها الأب، والتصحيح من ع .
(8) ما بين معقوفتين ساقط من ص .(1/66)
[14/73]
ولو ولي الأب وحده قتله لم يرث من ديته شيئاً ولو قتلوه عمداً قتلوا به، ويقتل الأب إن كان ظهر تعمد بمثل الذبح وشق البطن. فأما بالرمية والضربة فلا، ويقاد من غيره في مثل ذلك.
وفي أبواب القسامة إذا ضربه رجل ثم بعجته دابة ثم مات.
في قطع يد المسلم يجتمع عليه حر وعبد
أو مسلم ونصراني أو مسلمون أحرار
بعضهم خطأ وبعضهم عمداً
من المجموعة(1)، وأراه لعبد الملك(2)، قال في حر وثلاثة أعبد مسلمين قطعوا يد [رجل](3)حر مسلم خطأ، قال فثلاثة أرباع عقل اليد في رقاب العبيد، وربع[الدية](4)في مال الحر. ولو كان حران وعبد فثلثا الدية علي عاقلة الحرين، وثلثها في رقبة العبد. ولو قطعوها(5)عمداً قطع الحران، وثلث ديتها في رقبة العبد.
ولو قطعها مسلم ونصراني خطأ فديتها علي عاقلتهما نصفين. ولو كان عمداً قطعت يد المسلم(6)، وكان نصف عقلها في مال النصراني مع الأدب. ولو قطعه أربعة مسلمون، ثلاثة عمداً وواحد خطأ، قطعت أيدي الثلاثة، وعلي المخطئ ربع ديتها في ماله.
***
__________
(1) في ص : من العتبية.
(2) في ص و ع : وأراه عن عبد الملك.
(3) ساقط من الأصل.
(4) ساقط من الأصل.
(5) كذا في ع. وصفحت في الأصل: ولو قتلوها.
(6) في الأصل: قطع المسلم.(1/67)
[14/74]
كما قال ابن القاسم في امرأة قطع لها رجل ثلاثة أصابع من كف، ثم قطع لها آخر الأصبعين الباقيين خطأ، فإن كان الأول خطأ لم يكن لها في الآخرين إلا خمسة خمسة، وإن كان الأول عمداً فلها في الآخرين عشرة عشرة.
في الرجل ينفذ مقاتله رجل ثم يجهز عليه آخر
أو يجرحه رجل ويقتله آخر
من العتبية(1)من رواية سحنون ويحي بن يحي عن ابن القاسم قال في رجل شق بطن رجل عمداً أو جرحه ما بلغ به مقاتله، ثم أتي آخر فأجهز عليه، فإنه يستقاد من الأول الذي بلغ المقاتل، ويؤدب الثاني ولا يقتل ويبالغ في عقوبته، وقد أتي عظيماً. وإن كان المجروح قد أكل وشرب. قال عنه سحنون: ويقتل الأول بلا قسامة. وروي عنه أبو زيد أنه يقتل الذي أجهز عليه وإن كان لا يحي من ذلك. ويعاقب الأول.
وروي ابن المواز، عن أبي زيد [عن ابن القاسم وابن وهب مثل ما ذكر العتبي عن أبي زيد](2)عن ابن القاسم قال: وقال أشهب يقتل الأول. وعلي الذي ضرب عنقه وجيع الأدب. وبه قال ابن المواز. قال أشهب: ولا قسامة فيه إن خرق أمعاءه أو دق عنقه وإن تكلم وأكل وشرب.
ومن المجموعة قال أشهب فيمن ذبح رجلاً فقطع حلقومه، ثم بقيت فيه الحياة، ثم جاء آخر فقطع أو داجه وحز رأسه فإنما القود علي الأول، لأنه صيره إلي مالا حياة بعده. وعلي الثاني الأدب. وكذلك لو شق الأول
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 6 : 34.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل. ثابت في ص و ع .(1/68)
[14/75]
حشوته أو دق رقبته حتي قطع نخاعه، ثم أجهز عليه الآخر؛ فالقتل علي الأول.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه في قوم وقعوا علي رجل(1)علي عداوة فضربه أحدهم بعصاً ولكزه آخر وضرب آخر عنقه فإني أقتل الضارب عنقه وحده. وكذلك لو قطع أحدهم [يده وآخر](2)رجله [وضرب](3)الآخر عنقه فإني أقتل القاتل وأقطع القاطعين.
فيما يقع بين الفئتين تقتتلان(4)من قتل أو جرح
وما في ذلك من معني القسامة
وفي القوم يتماقلون فيموت أحدهم
من كتاب ابن المواز والمجموعة روي ابن القاسم وابن وهب وغيرهما عن مالك، ونحوه في الواضحة عن مطرف وابن الماجشون في القوم يقتتلون، [يريد](5)من أهل العصبية والثائرة فيفترقون(6)عن قتيل أو جريح، أن عقل ذلك علي الفئة التي نازعته ونازعت أصحابه(7)، فتضمن كل فرقة ما أصابت من الفرقة الأخري. قال ابن المواز: في أموالهم. وقاله مالك.
قال: وإن كان القتيل من غير القبيل الذين نازعوهم، أو الجريح من
***
__________
(1) في الأصل وقعوا يقوم، وهو تصحيف. والتصحيح من ص و ع .
(2) ساقط من الأصل.
(3) ساقط أيضا من الأصل.
(4) ساقط من الأصل، وفيه بعده: من قتل أو جريح.
(5) ساقط أيضا من الأصل.
(6) كذا في ص و ع . وهو المناسب ، وفي الأصل : فيقرقون.
(7) كذا في الأصل. وفي ص و ع : الفئة الذين نازهوه ونازعوا أصحابه.(1/69)
[14/76]
غير الفريقين، قال ابن المواز قال ابن القاسم: وكذلك إذا لم يعرف من أي الفريقين هو.
قال مالك في الكتابين: وذلك إذا لم يثبت دية عمد آخر(1)بعينه. قال مالك في كتاب ابن المواز: فإن عرف من أصابه منهم بالبيينة اقتص من جرحه . وإن كان بشاهد واحد حلف مع شاهده واقتص من جارحه. وإن لم تكن بينة علي رجل بعينه فلا قصاص وفيه العقل، يريد علي جماعتهم، لأن الجراح لا يقتص منها ممكن كان في معركة إلا بشاهدين أو شاهد ويمين.
وفي باب الرجل يقتل الرجلين(2)من رواية ابن وهب عن مالك في القوم يقتتلون فتقع بينهم جراحات أن يحلفوا(3)علي من ادعوا [ذلك عليه ثم](4)يستقيدوا إذا ثبتت ثائرتهم بشاهادين.
قال مالك في الكتابين: ولا قسامة فيمن قتل بين الصفين ولا قود وإنما فيه الدية من بعضهم [لبعض](5)قال أشهب: وهذا إذا لم يثبت دمه عند أحد بعينه، ولم يكن من إحياء دمه(6)، غير أنه قتل بين الصفين لا يدري من قتله.
قال ابن القاسم في العتبية(7)، من رواية عيسي، وفي المجموعة: وإنما معني قول مالك لا قسامة فيمن قتل بين الصفين إذا لم يدع الميت دمه عند أحد منهم(8)ولا قام بذلك شاهد. ونحوه في كتاب ابن المواز عنه. وكذلك في كتاب ابن حبيب عن أصبغ عنه وعن مطرف وابن الماجشون.
***
__________
(1) في ع : رجل .
(2) في ع: رجل
(3) كذا في ع. وفي الأصل: يقتل الرجل.
(4) ساقط من الأصل. وفيه: علي من ادعوا ثم يستقيدون.
(5) ساقط من الأصل.
(6) كذا في النسخ، والعبارة غامضة.
(7) البيان والتحصيل، 15 : 518.
(8) في ص و ع: عند أحد بعينه، وهو أنسب.(1/70)
[14/77]
[ قال ابن القاسم](1)وأشهب في المجموعة ومطرف [وعبد الملك](2)وأصبغ في كتاب ابن حبيب: فأما إن قال دمي عند فلان(3)وشهد بذلك شاهد علي القتل ففيه القسامة. قال أشهب: لكون أنه من الصفين لا يزيد دعواه [إلا قوة. ولو كان ذلك فيمن لم ينازعه كانت فيه القسامة. قال ابن المواز: وقد رجع ابن القاسم بعد أن قال لا قسامة فيمن قتل بين الصفين](4)لا بدعوي الميت ولا بقول شاهد.
قال ابن المواز: وقول ابن القاسم هذا خطأ، وإنما تأويل قول مالك علي تأويل [قول](5)ابن القاسم فيمن ذكرنا قبل هذا. وهو قال أشهب وابن عبد الحكم: وليس لعصبته أن يقولوا نقسم علي واحد من هذه الطائفة ونقتله من غير شاهد ولا قول الميت. وكذلك ذكر ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون(6).
قال ابن المواز: ولو شهد شاهد(7)أن فلاناً وفلاناً حتي سمي منهم من لا يتبين فيه كذب الشاهد ثم ذكر العدد(8)أو ادعي ذلك الميت قيل لعصبته: أقسموا علي واحد من المسمين واقتلوه.
وروي سحنون عن ابن القاسم في العتبية(9)فيمن قتل بين الصفين وشهد علي قتله رجل أو دعوي الميت فلا قسامة فيه، قال ابن المواز: ولو شهد علي جرحه رجل ثم مات من ذلك بعده بأيام ففيه القسامة.
***
__________
(1) ساقط من الأصل.
(2) كذا في ص و ع. وفي الأصل بدله: وابن الماجشون.
(3) كذا في ص و ع وهو الصواب . وفي الأصل: وشهد.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ع . ثابت في الأصل وص .
(5) ساقط من الأصل.
(6) في ص و ع : وعبد الملك.
(7) كذا في ص و ع وهو الصواب. وصحفت عبارة الأصل: ولو قال شاهداً شهد.
(8) كذا في ع وفي الأصل وص : من ذكر العدد.
(9) البيان والتحصيل، 15 : 518 .(1/71)