[8/433] القسامة، وهناك زيادة في معني هذا الباب من القسامة على قول الصبي المقتول والاختلاف فيه، وغير ذلك من هذا المعنى. والله الموفق للصواب.
تم الثالث من الشهادات
بحمد الله وعونه[8/433]
[8/434] [8/434]
[8/435] بسم الله الرحمن الرحيم عونك اللهم
الجزء الأول
من الرجوع عن الشهادات
في الرجوع عن الشهادات وما يلزم الراجع عن
شهادته بعد الحكم، وفي التجريح بعد الحكم
/ من كتاب ابن سحنون: قال سحنون : أخبرني ابن نافع، عن ابن أبي ذئب، عن محمد بن عبد الرحمن البياضي [عن ابن المسيب] قال : قضى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الرجل يشهد بالشهادة ثم يرجع عنها بعدما قضي بها، أن شهادته الأولى جائزة [وشهادته الآخرة غير جائزة] ورواه ابن وهب عن أبي ذئب أنه سأل أبا جابر البياضي فذكر له عن ابن المسيب عن النبي عليه السلام قال: [يؤخذ بأول قوله]وذكر ابن المواز عن ابن الماجشون عن المغيرة عن ابن أبي ذئب عن النبي عليه السلام. فذكر نحوه.
قال سحنون عن ابن وهب عن الثوري عن مطرف عن الشعبي عن على بن أبي طالب أن رجلين شهداء عنده على رجل أنه سرق فقطع يده، ثم أتيا بآخر[8/435]
***(1/426)
[8/436] فقالا : كنا أوهمنا. هو هذا، فأبطل شهادتهما عن الآخر، وأغرمها دية الأول، يريد : دية يده، وقال: لو علمتكما تعمدتما قطعه لقطعتكما.
قال محمد بن عبد الحكم: وفي هذا أنه تقطع يدان بيد، وهذا قولنا وخلاف قول أبي حنيفة، وفيه أن يقطع الشاهدين إذا تعمدا قطعه، وبهذا قال أشهب وبه أقول، [وفيه : أنه من أغرم رجلا بشهادة أخطأ فيها : أنه يغرم، وبه أقول].
وفي الكتابين من رواية ابن وهب عن جرير عن النخعي : إذا شهد أربعة على رجل بالزنا فرجم ثم رجعوا، فإن قالوا : تعمدنا قتلوا به، ومن رجع منهم قتل، وإن قالوا تشبهناه لم يقتلوا وغرموا الدية. وقاله الحسن.
/ ومن كتاب ابن سحنون : ذكر ابن وهب عن يحيى بن سعيد: إن رجع إثنان منهم فقالا: كذبنا فعليهم عقل تام، قال سحنون : غير أن أصحابنا اختلفوا في رجوع البينة بعد الحكم فقالوا: إن قالوا: وهمنا أو شبه علينا، فلا غرم عليهم ولا أدب، وأن قالوا : زورنا غرموا ما أتلفوا ويؤدبون، وقال آخرون: يغرموا ما أتلفوا في العمد والوهم والشك، ويؤدب المتعمدون، وقال بعض أصحابنا : إذا رجعوا بعد الحكم من قتل أو قطع أنه يقتص من المتعمدين، وأكثر مذاهبهم أن يضمنوا العقل في النفس واليد، ولا قود عليهم إذا لم يلوا ذلك بأيديهم، وعليهم قيمة العبد الذي شهدوا بعتقه، ولا شيء عليهم في الطلاق بنى بها الزوج أو لم يبن.
قال ابن الماجشون في كتابه : إذا رجع الشاهدان بعد الحكم وأقرا بتعمد الزور فعليهم ضمان ما يدخله الضمان من الديات وغيرها من الأموال ويؤدبان، وإن قالا: وهمنا فلا ضمان عليهما ولا أدب، والحكم ماض، وهذا قول مالك والمغيرة، وقال ابن المواز: لم تحفظ عن مالك في غرم الشهود جوابا إذا شهدوا بحكم فحكم به ثم رجعوا، ولكن قال ذلك أصحابه أجمع: المدنيون والمصريون. [8/436]
***(1/427)
[8/437] قال ابن القاسم : واخبرني من أثق به عن عبد العزيز بن أبي سلمة في رجوع الشاهدين بعد الحكم قال : يغرم نصف الحق ولا يرد الحكم.
قال ابن القاسم : فسألنا عنه مالكا فقال: يمضى الحكم ولم يتكلم فيما وراء ذلك / قال ابن القاسم وأشهب وابن وهب وابن عبد الحكم وأصبغ: إنه يغرم نصف الحق.
قال ابن القاسم: ولا شيء عليهما حتى يقرا بتعمد الزور. ولو قال ذلك أحدهما، وقال الآخر : وهمت، أو شبه على، أو كان قضاه الدين ونسيت، فهذا لا يغرم . ويغرم الآخر نصف الحق، وقاله عبد الملك وابن عبد الحكم وأصبغ.
وقال أشهب ك يضمنا إذا رجعا وإن لم يتعمدا واعتذار بسهو أو غلط، قلت لابن عبد الحكم: ولم لا يلزمهما ما أدخلا فيه مما لم يكن عليه بشهادتهما وإن كانت خطأ؟ فقال لي ما أقر به وقال : انظر.
قال محمد : ولو رجع أحدهما بعد الحكم لم يكن على المقضي له يمين مع شهادة الذي لم يرجع، ولا يضره لو رجعا جميعا قبل قبض حقه.
قال عبد الملك : وإقرار الشاهد بعد الحكم بتعمد الزور ليست بشهادة، وهو إقرار منه بإتلاف المال فيضمنه، وقال: وإن كان رجوعه بغير إقرار منه بتعمد الزور لم يضمن، ويمضى الحكم بقول الأول، وأما رجوع البينة قبل الحكم إلا أنه قد قبل شهادتهما وأثبتها، فإنه يقبل رجوعها ولا ينفذ الحكم ولا غرم عليهما، ولو رجعا بعد الحكم وقبل قبض الحق، لنفذ الحكم ولزمهما من ذلك ما يلزمهما بعد قبض الحق.
قال سحنون : إذا رجعا قبل الحكم وقد شهدا بحق أو حد لله من زنا أو سرقة أو خمر، وفي حق للعباد من قصاص في نفس أو جراح أو نكاح أو طلاق أو قذف أو عتق وفي جميع الأموال، فإنهم يقالون/ ولا شيء عليهم من العقوبة، [8/437]
***(1/428)
[8/438] اتهموا في شهادتهم أو رجعوا عنها لشك خالطهم، لأن العقوبة في هذا، بخلاف أن لا يرجع أحد عن شهادة شهد بها على باطل أو شك إذا أراد التوبة الذي شهد على الباطل، أو تثبت الشاك خوفا من العقوبة، وقال بعض أصحابنا : لو عوقب المتهم لكان لذلك أهلا، وأرى أن لا يعاقب.
ومن كتاب ابن المواز: قال : وإذا شهدا في قتل أو غيره ثم رجعا بعد الحكم، فرجوعهما ليس بشهادة، وهو إقرار على أنفسهما بما أتلفا، وشهادتهما الأخرى باطلة، والحكم ماض، وروي لنا ذلك عن عبد العزيز بن أبي سلمة، وعن ابن القاسم، وكذلك سمعت عبد الملك وابن عبد الحكم يقولان، وقاله أصبغ، وقاله غير أصحاب مالك من العلماء، واختلف أصحاب مالك : هل عليهما الأدب؟ فقال ابن القاسم وعبد الملك: عليهما الأدب الموجع، وقال أيضا : ولو أدبا لكانا لذلك أهلا، وقال ابن عبد الحكم : لا أدب عليهما؛ لأن ذلك توبة، فليس كل تائب يضرب، ولو ضرب ما رجع راجع عن باطل.
وقال أشهب : لو عوقب من رجع لم يرجع أحد عن شهادة باطل أو شك إذا خاف العقوبة، وكذلك المرتد إذا رجع إلى الإسلام لم يعاقب، وكثير من يختار القتل على الضرب.
قال سحنون: ولو شهدا على رجل بسرقة أو قصاص، ثم أتيا قبل الحكم بآخر فقالا: هذا هو، فلا تقبل شهادتهما على الأول ولا على الآخر، وقد خرجا من حد العدالة، ويحدان/ فيما شهدا به من الزنا حد القذف في الحر المسلم، وإذا رجعا بعد الحكم في جميع ذلك فلا يرد الحكم، قالا: وهمنا، أو قالا: تعمدنا.
قال في كتاب ابن المواز: إذا رجعا قبل الحكم فقالا: وهمنا فقد صارا غير عدلين فلا يقبلا، وقاله ابن القاسم وأشهب، وقالا : ولو قالا في آخر: على هذا أشهدنا ووهمنا في الأول فلا يقبلا على واحد منهما، وقاله ابن القاسم عن مالك، قال أشهب : كان ذلك في حق أو قتل أو سرقة لأنهما أخرجا أنفسهما [8/438]
***(1/429)
[8/439] من العدالة بإقرارهما أنهما شهدا على الوهم والشك، وقال أصبغ عن أشهب في بعض مجالسه: ولو جاء الشاهد قبل الحكم متنحيا من شهادته، بطلت، وأما إن قال: لم تكن كنا شهدت، وإنما شهادتنا على هذا، لم تجز الأولى ولا الآخرة، وقال ابن القاسم : إن أتيا بعذر بين في رجوعهما ولم يتعمدا جنفا، وهما بينا العدالة، وعرف صدق ما اعتذرا به، جازت شهادتهما فيما يستقبلان. وإن لم يتبين صدقهما لم يقبلا فيما استقبلا.
قال ابن عبد الحكم : ولو أحدثا قبل الحكم مما لو كان ذلك منهما قبل أن يشهدا لم يقبلهما الحاكم، فأما مثل ما يشبه أن يكونا عليه قبل ذلك من فساد دين أو زنا أو شرب خمر فلا يقبلهما، وأما من أحدثا من شر بينهما وبين المشهود عليه أو قذف أو خصومة ولو كان ذلك قديما لم يقبلا عليه، فلا تبطل بذلك شهادتهما عليه.
قال محمد بن عبد الحكم : وإذا شهدا على رجل أنه أقر لفلان / وفلان بمائة دينار فقضي بذلك لهما، ثم رجع الشاهدان فقالا: إنما شهدنا بهما لأحدهما وسميناه، فإن للمقضي عليه بالمائة أن يرجع عليهما بخمسين، لأنهما أقرا أنهما أخرجاها من يديه إلى من لا حق له فيها، ولا تقبل شهادتهما للآخر : أن المائة كلها له، لأنهما مجرحان بشهادتهما، ولا عليهما أن يغرما له شيئا، لأنه إن كان له حق فقد بقي على من هو عليه، وليس قول الذي قال : إنهما يغرمان له خمسين بشيء، لأنهما إنما أخذا خمسين من مال المظلوم فأعطياها من لا شيء له عليه. ولو كان عبدا بعينه شهدا أنه أقر به لفلان وفلان فقضي به لهما فأخذاه ثم رجعا فقالا: إنما أقر به عندنا لفلان منهما، فها هنا يغرمان للذي أقرا له نصف قيمة العبد لأنهما أتلفاه عليه، هذا إن كان الذي كان العبد في يديه يقول : هو للذي شهدا له به آخرا، فإن كان الذي كان العبد في يديه يدعيه لنفسه وينكر شهادتهما؛ فليغرما نصف قيمته للمشهود عليه، ولم يكن للمقر له به آخرا إلا نصفه.[8/439]
***(1/430)
[8/440] قال في كتاب ابن المواز: وإذا حكم بشهادتهما ثم رجعا فهرب المقضي عليه قبل أن يؤدي، فطلب المقضي له أن يأخذ الشاهدين بما كانا يغرمان لغريمه لو غرم، قال : لا يلزمهما غرم حتى يغرم المقضي عليه فيغرمان له حينئذ إن أقرا يعتمد الزور، ولكن ينفذ القاضي الحكم للمقضي عليه على الراجعين بالغرم هرب أو لم يهرب، فإذا غرم أغرمهما.
وكما لو شهدا على رجل بحق إلى سنة، ثم رجعا، فلا يرجع عليهما حتى تحل السنة ويغرم / هو، وله أن يطلب القضاء بذلك عليهما الآن، ولا يغرمان الآن، وقال محمد بن عبد الحكم : للمقضي عليه أن يطلب الشاهدين بالمال حتى يدفعاه عنه إلى المقضي له.
قال : وقال أصحاب أبي حنيفة: لا يحكم على الشاهدين بشيء حتى يؤدي المقضي عليه، وفي هذا تعرض لبيع داره وتلاف ماله، والذان أوجبا ذلك عليه قيام، أرأيت لو حبسه القاضي في ذلك أيترك محبوساً ولا يغرم الشاهدان؟ بل يؤخذان بذلك حتى يخلصاه فإن لم يفعلا حبسا معه، وإذا شهدا عليه بمائة دينار فحكم عليه، وضرب له الإمام في ذلك أجلا عشرة أيام أو أكثر، ثم رجعا قبل تمام الأجل، فإنهما يغرمان ذلك الآن للمقضي له ويبرأ المطلوب، وإن لم يدفعا حتى حل الأجل فودى ذلك المطلوب، فليرجع بذلك عليهما.
قال ابن المواز: وإن أقام بينة بجرحتهما بعد الحكم فقد اختلف فيه، فقال ابن القاسم: ينقض بذلك الحكم إن أثبت جرحة قديمة قبل الحكم، وأما إن لم يدر قدمها فلا ينقض.
وقال أشهب وابن الماجشون : لا ينقض بما أتي به من التجريح، كما لا ينقضه قاض غيره لو أثبت عنده التجريح، قال ابن المواز: والذي قاله مالك وابن القاسم أنه ينقض قضاء نفسه، واحتج مالك بقول عمر بن عبد العزيز : ما سأقصيه أهون على من نقض قضاء قضيته رأيت الحق في خلافه. وأما قاض غيره فلا ينقض قضاء غيره بجرحة شهادة. [8/440]
***(1/431)
[8/441] / في دعوى المشهود عليه رجوع الشاهدين
وكيف إن قامت عليهما بينة بذلك؟
وكيف إن رجعا ثم رجعا عن رجوعهما؟
من كتاب ابن المواز : وإذا ادعى المقضي عليه أن الشاهدين عليه رجعا عن شهادتهما، أمكنته من إيقاع البينة عليهما.
قال ابن سحنون عن أبيه : وإذا ادعى المقضي عليه أنهما رجعا وقالا: شهدنا بزور، وطلب يمينهما. قال : إن أتى بلطخ يوجب عليهما اليمين حلفا، فإن حلفا برئا، وإن نكلا ردت اليمين على المدعي، فإن حلف أغرمهما ما اتلفا عليه بشهادتهما، فإن نكل فلا شيء عليهما.
ولو شهد عليهما شاهدان بأنهما أقرا بعد الحكم أنهما شهدا بزور، فقبلهما الحاكم ورضيهما، فليغرم الراجعان ما شهدا به، وكذلك كل ما شهدا عليه من قصاص في النفس أو سرقة أو رجم، ثم ثبت عليهم الرجوع بعد الحكم، فإنهما يؤخذان بما أتلفا بالدية في الرجم مع حد القذف، وبالدية في النفس وأرش الجراح، ولا ينظر إلى جحودهما بعد الإقرار، وقال محمد بن عبد الحكم : إذا ادعى عليهما أنهما رجعا عن الشهادة فلا يمين له عليهما إذا أنكرا، وإن أقام شاهدين برجوعهما قضي عليهما بالمال، وكذلك في قيام البينة برجوع أحدهما يغرم النصف، وزعم أبو حنيفة وغيره من أصحابه أنه لا تقبل عليهما شهادة من شهد برجوعهما، قال محمد : وهذا خروج من المعقول، لأن من قولهم: لو أقرا بالرجوع لزمهما الغرم، / فما الذي فرق بين إقرارهما عند الحاكم بالرجوع وبين قيام البينة عليهما بالرجوع؟ قال : وقالوا : لو كتبا على أنفسهما بذلك كتابا برجوعهما، وأنهما قد ضمنا للمشهود عليه المال برجوعهما لم يجز ذلك عليهما، فإن سميا المال في الكتاب وذكرا رجوعهما فيه عن الشهادة ولم يغرما شيئا. وهذا حكايته تنوب عن نقضه. [8/441]
***(1/432)
[8/442] قال محمد بن الحكم : وكل ما رجعا عن شهادتهما بعد الحكم به مما يلزمهما بعد رجوعهما غرم من مال أو دم أو غيره، ثم رجعا عن ذلك الرجوع، فإنهما لا يقال ويقضى عليهما بما يقضى به على الراجع المتمادي في رجوعه.
في رجوع بعض الشهداء على الحق
أو يرجعون رجوعا غير متفق
أو تختلف الشهادة ويختلف الرجوع
أو قضى بشاهد ويمين ثم رجع الشاهد
أو كانت اليمين مع شاهد فيما زادت فيه شهادته على الآخر
من كتاب ابن المواز : قال ابن القاسم في شاهدين قضي بشهادتهما في حق، ثم رجع أحدهما بعد الحكم، فإنما يغرم نصف الحق، وقاله عبد الملك وابن عبد الحكم وأصبغ، قال محمد: ولو رجع أحدهما عن نصف ما شهد به غرم ربع الحق، وإن رجع عن الثلث غرم السدس، ولو رجعا جميعاً كان الحق عليهما نصفين، ولو اختلف رجوعهما لزم كل واحد غرم نصف ما رجع عنه، لأنه هو الذي أتلف، ولو اتفقا في الذي رجع عنه/ غرما ذلك بينهما بالسوية، قال : ولو كانت البينة ثلاثة، فرجع أحدهما بعد الحكم فلا شيء عليه لبقاء من ثبت عليه الحق، ثم إن رجع ثان غرم هو الراجع قبله نصف الحق بينهما.
وذكر محمد بن عبد الحكم في كتابه أنه ذهب إلى أن ثلاثة لو شهدوا في درهم ثم رجع أحدهما، أنه يغرم ثلث درهم، وذكر أنه أحب إليه، وأن أشهب قد قاله في أربعة شهدوا بدرهم فرجع ثلاثة، أن عليهم ثلاثة أرباع درهم.
وقال ابن المواز: ولو شهد الثلاثة بثلاثين ثم رجع أحدهم عن الجميع، وآخر عن عشرين، وآخر عن عشرة فقد بقيت عشرة اجتمع عليها رجلان لا رجوع فيها على أحد، وقد اجتمعوا في الرجوع عن عشرة فهي عليهم أثلاثا، والعشرة الثالثة رجع عنها اثنان وأثبتها واحد، فإنما على الاثنين نصفها، اثنان، ونصف على كل[8/442]
***(1/433)
[8/443] احد، وهما الراجع عن عشرين، قال: وكذلك لو كانوا أربعة حكم بشهادتهم بأربعين، ثم رجع أحدهم عن الجميع، وآخر عن عشرة، وآخر عن عشرين، وآخر عن ثلاثين، فانظر الإثنين اللذين هما أقلهم رجوعاً، وهما الراجع عن عشرة، الراجع عن عشرين، فأصبتهما قد أثبتا عشرين لا يرجع فيها على أحد بشيء، وأصبت الراجع منهما وحده عن عشرة قد اثبت وحده عشرة، فلا رجوع بنصفها على أحد، ولكن يغرم نصفها – وهو خمسة – الراجع عن عشرين، والراجع عن ثلاثين، والراجع عن الجميع / بينهم أثلاثا، إثنان إلا ثلث كل واحد، وتبقى عشرة لم يثبتها أحد منهم يغرمها الأربعة، ديناران ونصف على كل واحد، قال أبو محمد: ولم يفسر ابن المواز كيف غرم الأربعة، واثبته على أصله فبينته على ما أصل.
قال ابن المواز: ولو مات أحد الأربعة ثم رجع واحد عن عشرة، وآخر عن عشرين، وآخر عن أربعين، فقد علمت أن الراجع عن عشرة مع الميت قد اثبت الثلاثين ولا رجوع فيها على أحد، لأن الحق يحيى باثنين، فبقيت عشرة قد أثبتها الميت ورجع عنها الباقون، فعلى الثلاثة نصفها بينهم أثلاثا، قال: ولو شهد واحد بعشرة، وآخر بعشرين، وآخر بثلاثين، وآخر بأربعين، قال: إن شاء حلف مع شاهد الأربعين وأخذ أربعين، وإن شاء أخذ ثلاثين بلا يمين، وترد اليمين في العشرة على المطلوب، فإن حلف برئ منها ، وإن نكل غرمها، قال : فإن حكم له بثلاثين بلا يمين، ويعد يمين المطلوب، ثم رجع من الشهود شاهدان، قال : إن رجع الشاهد بعشرة، والشاهد بعشرين، لم يضر رجوعهما، لأنه قد بقي شاهدان يشهدان بأكثر من ذلك، ولكن إن رجع شاهد الأربعين، وشاهد الثلاثين فقط، فإنهما يغرمان خمسة عشر دينارا بينهما نصفين، أما العشرة التى زادا على العشرين فيغرماها إذ لم يشهد بها غيرهما، وعشرة أخرى شهدا بها مع شاهد العشرين، وهو لم يرجع، فأتلفا نصفها خمسة، وعشرة / قد ثبت عليها الباقيان لا يرجع فيها [8/443]
***(1/434)
[8/444] بشيء، ولو رجعوا كلهم إلا شاهد العشرة، غرم الراجعون خمسة وعشرين، يغرم الشاهد بالعشرين خمسة، وكل واحد من الباحثين عشرة، وذلك أن شاهد العشرة قد شهد شهادة الثلاثة الراجعين فلزمهم نصفها إذ ثبت من يثبت به نصفها فيغرموا نصفها أثلاثا، واحد وثلثان على كل واحد، وعشرة ثانية لم يشهد فيها غير هؤلاء الثلاثة الراجعين فرجعوا عنها فلزمتهم أثلاثا، ثلاثة وثلث كل واحد، فاجتمع على كل واحد منهم خمسة، وأما العشرة الباقية فلم يشهد بها غير شاهد الثلاثين وشاهد الأربعين، ثم رجعا فلزمتها نصفين، فبلغ غرمهما عشرة عشرة، قال : ولو ثبت الشاهد على العشرين فقط ورجع الباقون، قال: فيغرم شاهد العشرة إثنان إلا ثلث، والباقيان ثمانية عشر وثلث بينهما نصفين، لأن الثابت على العشرين قد علمنا أن عشرة منها شهد بها معه الراجعون كلهم، فعليهم نصفها أثلاثا : دينار وثلثان على كل واحد، وعلمنا أن العشرة الثانية من العشرين قارنه فيها في الشهادة شاهد الثلاثين وشاهد الأربعين، فعليهما نصفهما، خمسة، ديناران ونصف على كل واحد منهما، وعشرة ثالثة انفراد هما بالشهادة بها فرجعا عنها، فهي عليهما نصفين، وصار على كل واحد منهما تسعة وسدس، وعلى شاهد العشرة دينار وثلثان فذلك / عشرون ديناراً، قال : ولو رجع شاهد الأربعين وحده قال: يغرم وحده عشرة، ويمين المدعي إنما كانت مع شهادته على العشرة التي انفرد بها.
قال ابن المواز : وسمعت غير هذا – وهو الصواب – أنه ليس عليه إلا خمسة، وقد أنزلت اليمين بمنزلة شاهد في ذلك، وأما يمينه فقد حاطت بالأربعين، وعليها حلف، ولو أراد يمينه بها ما أمكنه ذلك ولا أمكن منه، ولا يحلف إلا على الجميع حتى لو لم يرجع ها هنا شاهد الأربعين، ورجع أصحابه ما ضر ذلك ولا غرم عليهم، وكذلك لو وجدا عبيدا، يريد : ويصير كأن الحق كله ثبت بشاهد ويمين، قال: ولو رجع شاهد الأربعين وشاهد الثلاثين بعد أن حكم للطالب بالأربعين مع يمينه ، قال : فعلى شاهد الأربعين سبعة دنانير ونصف، وعلى شاهد [8/444]
***(1/435)
[8/445] الثلاثين ديناران ونصف، قال : لأن شاهد الأربعين انفرد بعشرة قضي بها بشهادته مع يمين الطالب، فعليه نصفها، وعشرة أخرى شهدا بها، قال في الكتاب: فعليهما نصفها. قال أبو محمد : وينبغي أن يغرماها كلها لأنها بشهادتهما خاصة ثبتت، وقد رجعا ولم يبق عليهما شاهد، واليمين إنما حكم بها في العشرة التي لم يشهد عليها غير شاهد، وقد ذكر ابن المواز في آخر الكتاب هذا القول لأنه حكم لليمين إلا في عشرة، وسنذكره بعد إتمام هذه المسألة.
قال أبو محمد: ولو رجع معهما شاهد/ العشرين، قال : فإن عشرة ثانية ثابتة بالشاهد بالباقي وباليمين، والعشرة الثانية تلزم صاحب العشرين، منها خمسة يشاركه فيها شاهد الثلاثين وشاهد الأربعين أثلاثا، لأنه قد بقي فيها عين الطالب، فهو كشاهد، فلا يكون على شاهد العشرين غير دينارين إلا ثلث، وعلى صاحب الثلاثين أيضا خمسة أخرى يشركه فيها شاهد الأربعين، وعلى شاهد الأربعين خمسة أخرى وهي نصف العشرة التي انفرد بها فثبتت مع يمين الطالب، فجميع مغرمهم خمسة عشرا دينارا، ولو رجعوا كلهم إلا شاهد العشرين ثبت، فلا غرم إلا على شاهد العشرة، لأن يمين صاحب الحق مع شاهد العشرين أغنى عنه، ويغرم شاهد الثلاثين دينارين ونصفا، لأن العشرة التي يشهد بها عليه نصفها خمسة يشاركه فيها شاهد الأربعين، لأنه شهد معه فيها، وتسقط خمسة بسبب اليمين، ويلزم الشاهد على الأربعين أيضا نصف العشرة التي انفرد بها مع اليمين، قال أبو محمد : وهذا بنيناه على ذلك الأصل الذي جعل اليمين في العشرة مرجوع به إلى أنه على كل عشرة في رجوع البينة، وقد قال غير هذا في آخر الكتاب، قال في ثلاثة شهدوا، واحد بعشرة، وآخر بعشرين، وآخر بثلاثين، فقيل للطالب: إما أخذت عشرين بلا يمين، وإلا حلفت وأخذت ثلاثين، فحلف وأخذ ثلاثين، ثم رجع شاهد الثلاثين وأقر/ بالزور، ثم رجع كذلك شاهد العشرين، ثم شاهد العشرة، قال: فالشاهد بالعشرة قد شركه في الشهادة صاحباه، فهي عليهم أثلاثا، [8/445]
***(1/436)
[8/446] وشاهد العشرين قد شركه في العشرة الباقية شاهد الثلاثين فهي عليهما نصفين، ويغرم شاهد الثلاثين من العشرة التي انفرد بها نصفها، لأن اليمين أوجبت النصف الآخر فيصير عليه ثلاثة عشر وثلث، وعلى شاهد العشرين ثمانية وثلث، وعلى شاهد العشرة ثلاثة وثلث، ولو قضي له بعشرين بغير يمين، ثم رجع شاهد العشرة، فلا شيء عليه، لأنه قد بقي شاهدان بها، ثم إن رجع أيضا صاحباه غرم جميعهم العشرين، فعلى شاهد العشرة منها ثلاثة وثلث، وعلى كل واحد من صاحبيه ثمانية وثلث.
ومن كتاب ابن سحنون: وإن شهد رجلان لرجل على رجل أن له عليه مائة دينار، وشاهدان: أن له عليه خمسين، وجميع دعواه مائة، فحكم له بها القاضي، ثم رجع شاهدا الخمسين، فلا شيء عليهما، لأن الحق ثابت بغيرهما. قد بقي عليه من لو لم يكن غيرهما لثبت، ولو لم يرجع إلا شاهد المائة لغرما خمسين، لأن خمسين أخرى قد بقي من يثبت به، ولو رجع الأربعة لزم شاهدي المائة خاصة خمسون لانفرادهما، فيغرماها بينهما نصفين، ولزمت الخمسون الأخرى جميع الأربعة لإشراكهم فيها، فيغرم كل واحد منهما اثني عشر ونصفا، ولو رجع واحد من شاهدي المائة/ وآخر من شاهدي الخمسين، غرم شاهد المائة خمسة وعشرين، ولا شيء على الراجع عن خمسين، لأنه قد بقي ممن يثبت به ملك الخمسين بشاهدين: أحدهما صاحبه، والثابت من شاهدي المائة، ولو رجع أحد شاهدي المائة وشاهدا الخمسين جميعا، لزم شاهد المائة خمسة وعشرون من الخمسين التي زادها هو وصاحبه، وعليه مع شاهدي الخمسين خمسة وعشرون لدخولهم أجمع في الشهادة بها، والشاهد الثابت أحيى نصفها، ولو رجع شاهد المائة وشاهد من شاهدي الخمسين، لزم شاهدي المائة خمسون انفراد بها، ولزمهما مع الراجع عن الخمسين خمسة وعشرون بينهم أثلاثا، وقد بقي من أثبت نصفها، ولو شهد أربعة بحق فقضي به، ثم رجع اثنان منهم، فلا شيء عليهما إذا [8/446]
***(1/437)
[8/447] بقي من يحيى به الحق، ثم إذا رجع واحد من الاثنين، كان عليه مع الراجعين قبله غرم نصف الحق.
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم : وإن شهد رجلان لرجل على ميت بدينار، وشهد آخران بدينارين، ولم يدع الميت إلا ديناراً فقضي له بدينارين وأعطاه الدينار، ثم رجع الأربعة فليغرموا من الدينار، ربع دينار، وشاهدا الدينارين: ثلاثة أرباع دينار، لأن جميعهم اجتمعوا على دينار، وانفرد اثنان بدينار آخر، وأخذ من ذلك كله دينار، ولو شهد إثنان أنه أقر له بدينار، وشاهدان أنه أقر له بدينارين، فليس عليه إلا ديناران مع يمينه،/ فإن نكل حلف الطالب على ثلاثة إن ادعى ثلاثة وأخذها، فإن رجع الشهود لم يغرموا إلا دينارين؛ لأن الثالث لم يجب بشهادتهم، إنما وجب بالنكول ويمين الطالب.
ولو شهد رجلان على رجل أنه أقر لرجل بدينار، وشهد آخران أنه أقر له بدينارين وأن فلانا تحمل له بدينارين، لم يكن على المقر إلا ديناران مع يمينه، ولا تزيد الحمالة في العدد شيئا، وكذلك إن شهد رجلان بدينار وأن فلانا حميل، وشاهدان أنه أقر له بدينار بغير حمالة، فليس عليه إلا دينار واحد بحمالة من أثبت الحمالة، وإن شهد اثنان بدينارين تحمل بهما فلان، وشهد آخران بدينار ولم يذكرا حمالة، فلم يوجد للميت المقر إلا دينار واحد وأخذه المدعي، ثم رجع شاهد الحمالة عما شهدا به، فإن الحميل فقد برئ من ثلاثة أرباع دينار، لأن شاهدي الدينارين قد انفردا بدينار، وشركهما الآخران في الدينار الآخر، فإن أخذ من الحميل الدينارين، ولم يؤخذ من مال الميت شيء، فإنه يرجع بالدينارين على اللذين شهدا عليه بالحمالة إذا كان منكرا للحمالة، ويرجع الشاهدان على الذي شهدا عليه بدينار منهما، لأنه قد أثبت ذلك عليه شاهدان غيرهما، وإن رجع الشاهدان على الدينار وقد أخذ الدينار من ورثة الميت، فإنهما يعرمان للذي شهد عليه: ربع دينار، لأنه الذي أخذ بشهادتهما، فإن أقر بالحمالة لم يرجع على الشاهدين بشيء، ويرجع على الذي عدم عنه بالدينارين، فإن أخذ ذلك من مال/ الذي شهد له رجع به على الشاهدين، لأن رجوع الشاهدين لا يسقط عن الحميل ما [8/447]
***(1/438)
[8/448] شهدا به عليه، وحكم عليه أن يؤخذ به، ولا يسقط عن الذي عليه الحق بعد الحكم.
في ولد الميت يشهد بعضهم بدين
على الميت ثم يرجعون رجوعا مختلفا،
وفي كيس تداعيا فيه رجلان تداعى
مختلفا، وأقام كل واحد بينة فيما يرث
ثم رجعوا أو بعضهم
من كتاب ابن المواز: وقال فيمن هلك وترك أربعة بنين، فشهد ثلاثة منهم: أن لفلان على أبيهم ثلاثين ديناراً، فقضي بذلك، ثم رجع أحدهم عن عشرة، وآخر عن عشرين، وآخر عن ثلاثين، فقد اجتمعوا على الرجوع عن عشرة، فإنما لأخيهم الذي لم يشهد ربعها، ديناران ونصف يأخذهم بذلك بينهم أثلاثاً، خمسة أسداسدينار على كل واحد، والعشرة الثانية قد رجع عنها الباقيان، وثبت عليها الراجع عن عشرة، فإنما لأخيهم منها دينار ونصف، فيغرمان له نصف ذلك لبقاء شاهد بها، يغرمان ذلك نصفين، فيغرم كل واحد من ذلك من هذين الراجعين خمسة أثمان دينار، فذلك كله أربعة دنانير إلا ربع يأخذها الأخ الذي لم يشهد فقط، ولا شيء على الراجع عن ثلاثين في العشرة التي انفرد بالرجوع عنها، لأنه قد ثبت عليها شاهدان.
قال محمد : وكل ما رجعوا منه فهو بينهم ميراث، فإنما للأخ الذي لم يشهد ربعه، / قلت : فإذا كان الراجع عن عشرين يلزمه هو والراجع عن الثلاثين ربعها للذي لم يشهد، فلم لا لزمهما ربع آخر للراجع عن عشرة؟ قال عبد الله فلم يذكر في كتاب جوابا، والجواب؛ لأنه هو ثابت عليهما مقر بها على أبيه، فكيف يغرمهم فيما يقر بصحته ؟ [8/448]
***(1/439)
[8/449] وقال في رجلين تداعيا في كيس في أيديهما فيه مائتا دينار، فقال أحدهما: جميعه لي، وقال الآخر : لي منه مائة دينار، وأقام كل واحد شاهدين على دعواه، واعتدلوا في العدالة، فإنه يحلف كل واحد منهما ويأخذ مدعي المائتين مائة، ويقاسم صاحبه المائة الأخرى نصفين، قال: فإن رجع من كل شاهدين شاهد وقالا: شهدنا بزور، قال : فعلى كل واحد منهما غرم خمسة وعشرين يدفعها لمن كان شهد عليه، ولو رجعوا كلهم غرم شاهدا المائتين خمسين لمدعي المائة، وغرم شاهدا المائة خمسين لمدعي المائتين، لأن مدعي المائة يقول : لولا شهادتكما لمدعي المائتين لم يأخذ غير مائة، وكنت أنا أخذت المائة بشاهدي فضرتني شهادتكما، فأخذت خمسين ، ويقول مدعي المأتين لشاهدي المائة : لولا شهادتكما لأخذت المائتين بشاهدي فانتقصت خمسين بشهادتكما.
في الحق يقضى فيه بشاهد ويمين،
ثم يرجع الشاهد، أو يحكم فيه برجال ونساء،
فيرجع أحدهم، وفي رجوع الصبيان عن شهادتهم
فيما يقبلون فيه
/ ومن كتاب ابن المواز وكتاب ابن سحنون عن أبيه: وإذا قضي لرجل في حق بشاهد ويمين، ثم رجع الشاهد وأقر بالزور، فإنما عليه غرم نصف الحق كشاهدين رجع أحدهما والحكم نافذ.
قال سحنون : ولو رجع الطالب فقال: ما طلبت إلا باطلا، فإنه يرد المال بالإقرار لا باليمين، كما لو قضي له بشاهدين ثم أقر بهذا، ولو قضي له بشاهدين وامرأة ثم رجع الشاهدان والمرأة، فالعرم على الشاهدين دون المرأة، لأن المرأة لا تجوز في شيء، ولا مدخل لها من الرجلين، ولو شهد رجل وثلاث نسوة، ثم رجع الشاهد وامرأة، فعلى الرجل نصف الحق وحده، لأنه قد بقي على نصف الحق امرأتان، ولا تضم المرأة إلى الرجل، وإنما تضم إلى مثلها، فاثنتان فأكثر منهن عدل رجل، ولو رجع الرجل والنسوة لزم الرجل وحده نصف الحق، وعلى الثلاث نسوة [8/449]
***(1/440)
[8/450] نصفه، لأنهن مقام رجل، وكذلك لو كثرن، وكذلك لو رجع النساء كلهن وهن عشرة واحدة إلى ثمانية، فلا شيء عليهن، فإن رجع تسعة منهن أو رجع ثمانية، ثم رجعت واحدة بعدهن، فعلى التسعة ربع المال بينهن بالسواء، لأنه بقي من أحيى ثلاثة أرباع الحق.
وكذلك في جميع الأموال من القروض وغيرها التي تجوز فيها شهادة النساء، وكذلك القول فيما لا يجوز فيه إلا شهادة الرجال من العتق والقصاص ونحوه وإن قضي بأربعة فرجع اثنان فلا شيء عليهما، فإن رجع ثالث لزم/ الثلاثة على نحو ما ذكرنا، وكذلك لو قضي بشاهدين فرجع أحدهما.
قال ابن الماجشون في كتابه : إذا شهد رجل وامرأتان في مال، ثم رجعت المرأتان فعلى كل واحدة منهما الربع، وإن لم ترجع إلا واحدة فعليها الربع، ولو حكم برجل وأربع نسوة ثم رجعت امرأتان فلا شيء عليهما، لأنه قد بقي من يتم الحكم به، ثم إن رجعت ثالثة غرمت الثلاثة ربع الحق.
قال ابن الماجشون في كتابه : وسئل عن رجعة الصبيان عن شهادتهم فقال: لا رجعة لصبي ولا ضمان عليه في رجعته إن رجع وهو صبي، أو رجع عنها بعد بلوغه فقال: كنت شهدت بزور، وأما لو لم يحكم بها ولكن لو قيدت قبل أن تفترقوا أو يخيبوا، ثم عاق عن الحكم بها شغل حتى رجع عنها بعد بلوغه فلا يحكم بها.
[قال أبو محمد عبد الله : انظر قوله : لا شيء عليه إن رجع بعد بلوغه، فجناية الصبي تلزمه في إتلاف المال، إلا أن يقيمه مقام من شهد بالقتل ثم رجع، فقد اختلف في قتله. وألزمهما الدية من امتنع من القتل، فلم لا لزمهما ما كان ديته دون ثلث الدية، أو لعله يريد: لا شيء عليه إن كان شهد بالقتل العمد، فيصير عمد الصبي خطأ، ويصير مقرا في كبره على عاقلته، ولا تحمل العاقلة اعترافاً]. [8/450]
***(1/441)
[8/451] في الرجوع عن الشهادة في الدين أو في البراءة منه
وكيف إن شهدا بدين على ميت فقضي به
ثم رجعا وأثبت غريم آخر دينا على ميت؟
/ من كتاب ابن سحنون : قال سحنون : وإن شهدا بمائة دينار على رجل فإنه تسمع الحاكم البينتان خيفة أن يثبت الدين فيحتاج إلى بينة البراءة وقد غابت أو ماتت، ولا يمنع الطالب من إثبات دينه بقيام بينة البراءة، إذ لعلها لا تثبت، وبقيت بينة المدعي أو تموت وليسمعهما، فإن ثبت الدين وثبتت البراءة منه فحكم بالبراءة، ثم رجع شاهدا البراءة فليغرما الحق للمدعي.
ومن كتاب ابن المواز: وإن شهدا على ميت بدين مائة دينار، فحكم بها القاضي في تركته ولم يترك غيرها، ثم رجعا فأغرما المائة للوارث، ثم طرأ غريم آخر فأقام شاهدين على مائة دينار أخرى على الميت، فليرجع الشاهدان الأولان على الورثة بجميع المائة، إذ لاميراث لهما بكل حال، ويقضى للثاني بمائة كاملة، يأخذ خمسين مما أخذ الأول، ويبقي بيد الأول خمسون، وهي التي كانت تجب له في الحصاص، ويغرم الشاهدان للثاني الخمسين التي بقيت بيد الغريم الأول، لأنه يقول : لولا شهادتهما لم يكن للأول معي حصاص، ثم إن رجع اللذان شهدا للثاني بعد الحكم له فإنهما يغرمان خمسين ومائة، يغرمان هذه المائة التي ردها الورثة على الشهود الأولين، يريد : يغرمانها للورثة ويغرمان للغريم الأول الخمسين التي انتزعت منه للثاني قبل أن يشهدوا.
قلت: كيف يغرم الشهود مائة وخمسين ولم يترك إلا مائة ؟ قال: قد يغرمان مائتين في مثل/ مسألتك، وذلك إن يهلك ولم يترك إلا مائة دينار في صرة، وقد استودعها الميت لغيره، فيقيم رجل شاهدين على الميت بدين مائة دينار فيقضى له بتلك المائة بعينها، ثم ترجع البينة فيقضى عليها بغرم مائة دينار للورثة، ثم يقيم رجل البينة أن تلك المائة بعينها له كان قد أودعها للميت، فإنه يرد الورثة [8/451]
***(1/442)
[8/452] المائة التي أخذوا من الشاهدين عليهما، إذ لا ميراث لهما على شهادة الآخرين، ويغرم الغريم الأول المائة التي أخذها فدفعها لصاحب الوديعة.
فإن رجع بعد ذلك الشاهدان الآخران، وأقرا بالزور، فليغرما مائتي دينار: مائة للورثة التي بشهادتهما ردها الورثة على الشاهدين، ومائة دينار للغريم الأول التي أخذها منه مدعي الوديعة، لأن بشهادتهما أخرجا من الورثة مائة، ومن الغريم الأول مائة لمدعي الوديعة، ثم رجع إلى المسألة الأولى: مسألة الغريمين فقال: وقد استودعها الميت لغيره، فقال: فإن لم يرجع شاهدا الغريم الثاني وقد رد الورثة بشهادتهما المائة على شاهدي الأول الراجعين، وأخذ الغريم الثاني من الأول نصف المائة التي بيده، وأخذ من الشاهدين الأولين خمسين عوض الخمسين الباقية بيد الغريم الأول، ثم طرأ غريم ثالث فاستحق مائة أخرى على الميت بشاهدين، فإنه يأخذ هذا الثالث من الغريم الأول الذي بيده خمسون دينارا ثلث الخمسين، ومن الغريم الثاني الخمسين التي صارت له من مائة/ الميت بعينها حتى تكون تلك المائة بعينها بينهم أثلاثا لكل واحد ثلثها فبقي بيد الغريم خمسون التي أخذها سين (كذا) التي صارت له من مائة/ الميت بعينها حتى تكون تلك المائة بعينها بينهم أثلاثا لكل واحد ثلثها، فبقي بيد الغريم خمسون التي أخذها من شاهدي الغريم الأول حين رجعا، فيرد على الراجعين منه سدس مائة، لأنهما لم يتلفا عليه التي بشهادتهما إلا ما أخذ الغريم الأول، وهو ثلث المائة فقط، فيكون هذا الثلث المائة من مال الشاهدين بين الفرعين: الثالث والثاني نصفين، وتكون مائة الميت بين الثلاثة أثلاثا. [8/452]
***(1/443)
[8/453] في البينة تشهد بدين على رجل فيقضى عليه
فقضى القاضي على الطالب للمطلوب
فرجعا إليه فأخبراه، فقال القاضي :
إنما شهدتما عندي على هذا الذي قضيت عليه
من كتاب ابن المواز من غير رواية ابن أبي مطرف : وإذا شهد رجلان لرجل بمائة دينار دينا على رجل عند القاضي، بالدين للمطلوب على الطالب فأغرمه، فأخبر الشاهدين فأتيا إلى القاضي فقالا: إنما شهدنا بالمائة لهذا على الآخر، فقال القاضي: لا، بل شهدتما للآخر على هذا، وكيف إن كتبهما في ديوانه بخطه أو بخط كاتبه على ما قال؟ قال : إن كانا عدلين فشهادتهما جائزة، فإن رجع القاضي عن قوله وقال : أوهمت، أو أنا أشك في ذلك، رجع فأخذ المائة ممن هي في يديه فردها إلى الآخر وأرجعه أيضا بمائة أخرى على صاحبيه، وإن ثبت القاضي على قوله وقال: أنا لا أشك أنكما إنما شهدتما لمن قضيت / له، قيل له : فإن كنت توقن بها فليس لك أن ترجع بها عليه واغرمها أنت، لأن الشهود شهدوا بخلاف قولك وهما عدلان، فيلزمك غرم مائتين : مائة أخطأت فيها، والمائة الدين التي كانت الشهادة بها، وذلك يلزمه، وإن كانت شهادتهما في ديوانه، إلا أن يكون حضر القاضي قوم عدول فشهدوا شهدا به جلساء القاضي إذا كانا عدلين فأكثر، وإن كان الأولان أعدل، لأنهما شهدا بجرحتهما، ولا تجوز شهادة القاضي في ذلك لأنه خصم.
قال ابن المواز : وهذا مذهب مالك وأصحابه لأنهم يقولون : إذا قال القاضي: ثبت عندي شاهدان بحق على فلان فلا يقبل منه حتى يشهدا عليه بين يديه ويعرفه إياهما. [8/453]
***(1/444)
[8/454] في الرجوع عن الشهادات في البيوع
والمعاوضة والشفعة، وعلى الوكالة في البيع والحمالة فيه
من كتاب ابن سحنون : ومن أقام شاهدين على رجل أنه باع منه عبده بمائة دينار وخمسين إلى أجل، والبائع يجحد، فقضي عليه بالبيع وقبض المشتري العبد، ثم رجعا وأقرا بالزور، فالبائع مخير إن شاء رضي بذلك واتبع المشتري بالثمن، وإن شاء تعجل من الشاهدين قيمته، فإن كانت قيمته مائة أدياها واتبعا المشتري بمائة لا بأزيد، وإن كانت القيمة مثل الثمن أو أكثر، / أدياها واتبعا المشتري بما عليه إلى أجله.
وكذلك في كتاب محمد بن عبد الحكم، إلا أنه قال: فإذا اختار أخذ قيمته من الشاهدين متعجلة وهي مائة، ورجعا بها عند الأجل على المشتري، فإن لرب العبد أن يأخذ منه عند الأجل باقي الثمن وهو خمسون، ولا يربح الشاهدان على ما أديا.
وقال من خالفنا : يأخذها الشهود ويتصدقان بها، وهذا فاسد، لأنها إن كانت لهما فلم يتصدقان بها ؟ وإن لم تكن لهما فلا يأخذاها.
قال سحنون : ومن أقام شاهدين أن فلانا اشترى منه جاريته بمائة دينار، والمتباع يجحد، فقضى القاضي بشهادتهما، وقبض البائغ الثمن من المبتاع، ودفع إليه الجارية فتوقف عن وطئها، ثم رجع الشاهدان وأقرا بالزور، فقال بعض أصحابنا : المبتاع مخير إن شاء قبلها لرضاء البائع له بالبيع كانت قيمتها أقل من الثمن أو أكثر، وإن شاء ألزمها للشاهدين ويأخذ منهما ما دفع هو فيها، فإن لم يكن عندهم شيء فتباع عليها إذا شاء ويأخذ الثمن، فإن نقص عما أدى اتبعهما بما بقي إلا أن تكون فاتت في يديه بنقص أو موت أو إباق فينظر قيمتها، فإن كانت مثل ما أدى فأكثر لم يرجع عليهما بشيء، وإن كانت أقل مما أدى أتبعها بما بقي. [8/454]
***(1/445)
[8/455] وقال غيره من أصحابنا : إن ماتت أو بيعت فليرجع عليها بجميع ما أدى أو كأنها منها هلكت، وإن دخلها نقص فله أن / يلزمها للشاهدين ويأخذ منها ما أدى، وإن أعتقها وقيمتها مثل ما أدى فأكثر فلا يرجع عليهما بشيء، وإن كانت أقل رجع عليهما بتمام الثمن الذي أدى، ولو باعها بمثل الثمن فأكثر لم يرجع عليهما بشيء، وإن باعها بأقل نظر إلى قيمتها فإن كانت مثل ما أخرج من يديه فأكثر فلا شيء له عليهما، وإن كانت قيمتها أقل مما أدى وأكثر من الثمن الذي باعها به، فإن له ما بين القيمة والثمن الذي يخرج من يديه بالحكم.
قال سحنون : وقد قيل : إن باعها أو أعتقها أو وطئها فهو رضي منه بالشراء الذي ألزمه بالحكم وشاءه البائع ورضيه، فيحل بذلك الوطء للمبتاع، وأما إن كان المشتري هو المدعي، والبائع منكر، فحكم عليه فلا يجوز للمشتري وطؤها، فإن رجع الشاهدان، فالحكم نافذ، ويكلف الشاهدان أن يشترياها للبائع، وقال: فإن كانت قيمتها أكثر من أخذ المشتري غير ماله تمام القيمة، فإن قبل ذلك البائع ثم أمر المشتري فيها، وإن كانت قيمتها أقل من الثمن أو مثله، فلا شيء عليهما، وعليهما الأدب، وإن أشتراها الشاهدان من المبتاع ثم أقرا بالزور ولم يدخلها فوت، ردت على البائع ويلزمه ذلك، ويرد إليهما ما قبض من المشتري.
قال سحنون : وقد قيل : إن له ما أخذ من الثمن، وتبقي الجارية في أيديها إن أحب، وإن دخلها فوت فله ما بقي من قيمتها بعد على الثمن الذي أخذ، يرجع عليهما وتبقي لهما الجارية، إلا أن / يشاء أن يأخذها ويرد عليهما الثمن.
قال ابن الماجشون في كتابه: وإن شهدا أن البائع باعها منه والبائع يجحد، فحكم بذلك للمبتاع، وهو يدعي الشراء، ثم رجعا فقالا: شهدنا بزور، وصدقهما المشتري في الزور، فإن فاتت بعطب أو كبر أو طول زمان ونحوه : فعلى الشاهدين فضل ما بين القيمة والثمن، إن كان المبتاع معدما، ويرجعان عليه بذلك بإقراره، يريد : إن طلب ذلك البائع، وأما إن لم تفت بتغير بدن، ولا فاتت بولادة ولا عتق، فله أخذها كالمغصوب منه، وإن فاتت بولادة أو عتق فقط: فليس له أخذها بحكم الحاكم، وله فضل ما بين القيمة والثمن. [8/455]
***(1/446)
[8/456] قال ابن الماجشون : وإن كانت قد خرجت من يد المبتاع وعميت قيمتها، وعميت الصفة، وقول المبتاع في الصفة، ويحلف، فإن نكل وهو عديم، حلف الشاهدان على الصفة، فإن كان فيها فضل عن الثمن غرما ورجعا به على المبتاع.
ومن كتاب ابن المواز: ولو كان المشتري منكرا للشراء فقضي عليه بالبينة لشرائه العبد، ثم أعتقه أو باعه أو مات عنده أو أبق منه، ثم أقرا ورجعا وأقرا بزور، فأما في الموت والإباق فيغرمان ثمنه كله، وأما في العتق فإنه تلزمه قيمته إن كانت أقل من الثمن، ويغرم الشاهدان ما زاد الثمن على القيمة، فإن كانت القيمة مثل الثمن فأكثر فلا شيء عليهما، وإن باعه بأقل غرم الراجعان تمام الثمن/ الذي شهدا به، فإن حابي في بيعه حسب عليه ما حابي به، فإن بقي عليه بعد حساب المحاباة شيء من ثمنه الذي أخرج غرمه الشاهدان.
قال سحنون : وإنه شهدا للمشتري أن فلانا باع عبده منه بمائة دينار وقيمته مائتان، والبائع يجحد، وقالا : وللبائع الخيار ثلاثة أيام، فقضى بذلك القاضي ونفذ البيع على هذا، أو كان البائع المدعي والمشتري يجحد، والثمن مائتين وهو يسوى مائة. وقالا : وعلى أن المشري بالخيار ثلاثا، ثم رجعا وأقرا بالزور، فلا شيء عليهما، لأن المشهود عليه كان له جل ما شهدا به عليه بالخيار، فإن لم يفعل فهو متطوع، وأما أتلفا عليه شيئا، وكذلك قال محمد بن عبد الحكم في كتابه: لا شيء عليهما للمشهود عليه من بائع أو مبتاع اختار البيع قبل مضي أيام الخيار، أو مضت أيام الخيار ولم يختر، لأنه قادر على دفع ذلك عن نفسه.
قال : وفيها قول آخر هو أحب إلي : أنه إذا أنكر المشتري البيع فقد انفسخ البيع، لأنه إذا قال: وهو للبائع ولا خيار لي، انفسخ البيع، ولكن لو شهدا للبائع وهو يدعي أنه باعه منه بمائة، والخيار للبائع، ومضت أيام الخيار، ولزم المشتري البيع وهو منكر، ثم رجعا فإن المشتري يدفع العبد إلى الشاهدين ويأخذ منهما الثمن، لأنهما ألزماه إياه بمائتين، ولم يكن ذاك عليه، ودفعا إليه العبد[8/456]
***(1/447)
[8/457] وليس له، وهذا / أحب إلي من أن يلزمهما نقصان قيمته العبد، ولو كان الخيار للمشتري وهو المدعي، والبائع منكر فمضت أيام الخيار، أو اختار فيها ثم رجعا فإنهما يضمنان للبائع فضل قيمة عبده، وإن باعاه بمائة وهو يسوي مائتين، غرما له مائة.
قال محمد بن عبد الحكم : وإن شهدا أن هذا باع عبده من فلان على أن للمشتري الخيار ثلاثا، والبائع منكر، فألزمه ذلك الحاكم، ثم رجعا مكانهما قبل مضي أيام الخيار، فقال البائع : قد عقلا على عبدي أن أحدث فيه بيعا أو عتقا أو إجارة، ولم أقبض الثمن، فإنه يؤخذ من الشاهدين قيمة العبد فتوقف، فإن لزمه البيع كانت تلك القيمة له، وإن لم يتم البيع ورده المشتري بخيار عادت القيمة إليهما، وإن رد العبد سالما، ولو اعوز العبد في أيام الخيار، رده المبتاع.
ومن شهد عليه شاهدان أنه أسلم عشرة دنانير إلى فلان في مائة إدرب قمح، والمشتري يجحد، فقضي عليه بغرم العشرة، وألزم الآخر القمح، ثم رجع الشاهدان فليغرما عشرة دنانير للذي خرجت من عنده، ويتبعان الذي عليه الطعام بالطعام، وإن كان المشتري يدعي والبائع منكر، فلا يؤخذ منهما شيء حتى يغرم من عليه الطعام الطعام أو يحل فيؤخذ به فيؤديه فيرجع به على الشاهدين ويعطيهما ما أخذ من الدنانير.
قال سحنون في كتاب ابنه : وإن شهدا أن هذا أسلم إليه/ عشرة دراهم فى قفيز حنطة إلى أجل، فقبضها قبل التفرق، فقضي عليه، فالفقيز إلى أجله، فحل ووداه، ثم رجعا وقالا: شهدنا يزور، فليضمنا له ما خرج من يديه وهو القفيز، يريد: فيرد عليهما الدراهم، قالا : ولو حكم عليه بقبض الدراهم وإلزام القفيز إلى أجله، ثم رجعا قبل محله، فإنهما لا يغرمان حتى يحل الأجل ويؤخذ الفقيز منه، فإذا وداه فهو مخير إن شاء تركهما وحبس الدراهم وألزم نفسه البيع، وقد قيل : إن له أن يضمنهما فضل ما بين قيمة القفيز والدراهم إن كان القفيز يسوي عشرين، رجع عليهما بنصف قفيز، وإن كان يسوى خمسة عشر، رجع عليهما بثلث قفيز، ولو كان البائع المدعي والمشتري الجاحد، فقضي عليه بأداء.[8/457]
***(1/448)
[8/458] الثمن وطلب القمح، فودي الثمن، ثم رجعا فليغرما الثمن للمشتري، ويطلب البائع القمح، وكان المبتاع ولاهما إياه.
قال ابن الماجشون في كتابه: وإن شهدا أن هذين المتبايعين تبايعا بيعا يجب فسخه، فحكم بفسخه، ثم رجعا فلينظر في السلعة، ثم يغرمان لمن له فيها الفضل ما كان من فضل منعاه منه بشهادتهما، يريد : الفضل بين القيمة والثمن إن كان فيها فضل.
ومن كتاب ابن المواز: وإن شهد رجلان أن فلانا اشترى من فلان عرضه بعرض الآخر فقضي بذلك، ثم رجعا فأقرا بالزور، قال : فليأخذا العرض الذي بيد المنكر فيخلصاه منه ويدخلان مدخله، ويغرمان له قيمة عرضة الذي خرج من يديه فات ذلك أو لم يفت، قال في باب آخر: ويكون لهما ما صيراه بيده على أي حال كان يوم رجوعهما، كان ذلك ناقصا أو ميتا أو آبقا، أو كيف كان، ليس لهما غيره، إلا أن يحدث فيه بيع أو عتق فيكون كما وصفنا قبل هذا، قال ابن الماجشون في كتابه : إذا فات العرض الذي أخذ المنكر، فله على البينة فضل ما بين القيمتين ويصفهما الشاهدان.
قال: ولو لم تفت السلعة في يديه فطلب التمسك بها. فيرجع عليهما بفضل ما بين القيمتين، وقالا هما : بل نأخذها نحن ونغرم قيمة ما أخرجنا من يديك، فذلك لهما، وهو عليهما لازم ما لم يتراضوا.
ومن كتاب ابن سحنون ونحوه لابن الماجشون في كتابه: وإن شهدا أنه ابتاع من فلان شقصاله في جنان والبائع يجحد، أو البائع يدعي البيع والمبتاع بجحد، فقضي بذلك القاضي كما شهداء، وآخذه الشفيع ثم رجعا / وأقرا بالزور، فإن كان المشتري الجاحد للشراء فلا ضمان عليهما له ولا للشفيع، لأن المشتري قد أخذ [من الشفيع ما أخرجا من يديه بشهادتهما، ولا للشفيع على الشاهدين، لأن الشفيع] أخذ بطوعه ورضاه صادف غلاء أو رخصا، وإن أخذ من المشتري في [8/458]
***(1/449)
[8/459] الشقص غلاما، والمشتري الجاحد للشراء، فاستشفع الشقص بقيمة الغلام فلا شيء له على الشاهدين، [لأنه رجع/ إليه قيمة ما أخذ منه، وإن كان البائع هو الجاحد والمشتري هو الطالب] واستشفع على المشتري فإن كان في قيمة الشقص فضل عن ما أخذ من المشتري اتبع به الشاهدين، فإن كان البائع أمد في شقصه عرضا فاستشفع على المشري بقيمته، رجع البائع بفضل قيمة شقصه على قيمة العرض على الشاهدين، وإن كانت قيمة العرض مثل قيمة شقصه أو أكثر، فلا يرجع عليهما بشيء، لأنه قد صار في يديه أكثر مما أخرجا من يديه أو مثله بحكم الحاكم وطوع المشتري، وإن شاء البائع أن يأخذ من الشاهدين قيمة ما أخرجا من يديه، وهو قيمة شقصه، ويدفع إلى الشاهدين العرض الذي أدخلاه فيه فذلك له.
من كتاب ابن المواز : ومن باع عبدا وزعم أن صاحبه وكله ببيعه وصاحبه منكر، فأقام بذلك البينة، وزعم أنه دفع الثمن إليه، فقضى القاضي بالوكالة، ونفذ الشراء للمشتري، ثم رجعا، قال: إن حلف الوكيل أنه دفع الثمن إلى رب العبد برئ، وليغرم الشاهدان الاكثر من قيمة العبد أو من ثمنه بعد أن يحلف ربه أنه لم يأخذ الثمن من بائعه، فإن نكل لم يكن له إلا ما زادت قيمته على الثمن.
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم : ومن أقام شاهدين بأن فلانا وفلانا اشتريا منه سلعة بكذا وكذا من الثمن، وضمن كل واحد منهما الثمن عن صاحبه وقبضا/ السلعه وهما منكران، فقضي عليهما بذلك ووديا الثمن، ثم رجع الشاهدان، فليغرما لهما ما وديا من الثمن، يريد : ويأخذ السلعة، إن لم يتماسك بها المشتريان، قال : وإن ودى أحدهما الثمن بالحمالة، ثم رجع الشاهدان، فلا يرجع على صاحبه بشيء، لأنه مقر أنه لم يأمره بضمان ولا ضمن عنه وأنه مظلوم، وليرجع بذلك على الشاهدين.
وإن شهد الرجل أنه أسلم إلى رجل مائة دينار في عبد وصفه والبائع يقول: في نصف عبد، والصفة واحدة، فقضي عليه بعبد فوداه، ثم رجعا، فإنه إن كانت[8/459]
***(1/450)
[8/460] قيمة العبد مائتين، رجع عليهما بمائة، وإن كان يسوي ثلاثمائة رجع عليهما بخمسين ومائة، لأنه لم يقر أن عليه بالمائة إلا نصف عبد، وإن كان يسوى تسعين دينارا لم يرجع عليهما بشيء، لأن عنده أكثر من ما أخذ منه وقد كان الحكم بينهما لولا الشهادة أن يتحالفا ويتقاسما، فقد كان الفسخ له فيه ممكنا، وبيده أكثر من قيمته.
ولو شهد شاهدان أنه أسلم إليه مائة دينار في عبد وصفه، وشهد آخران أنه إنما أسلمها إليه في عبدين بتلك الصفة، والشهادة واحدة، وكلهم عدول، واللذان شهدا بعبد واحد أعدل، فحكم بها للبائع وأمره بدفع عبد واحد، ثم رجعا، فقال المقضي له: لولا شهادتكما لأخذت عبدين فيضمنا له عليهما بقيمة عبد آخر، وقد قيل: إن/ لهما أن يقولا : أنت لم يحكم لك بعبدين، ولا يدري كيف كان يكون الأمر، فإنما أتلفنا عليك عبدا أخذت به مائة دينار، فنحن نغرم لك ما بين قيمة عبد ومائة دينار، قال محمد : وهذا أحب إلي.
قال ابن الماجشون في كتابه: وإذا شهدا على رجل أنه باع من رجل سلعة، ثم استحقت بعد الحكم بشهادتهم، ثم أقرا أنهما شهدا بزور، والمشتري ينكر ذلك، فأراد المستحق أن يجيز ذلك البيع ويأخذ الثمن، فذلك له للحكم الذي نفذ، ولو رجعا بعد أن أخذ المستحق سلعته فكذلك كما لم يجز البيع في سلعته.
وقال ابن الماجشون في كتابه فيمن باع منزلا لرجل غائب وقال: قد وكلني ببيعه، وشهد له بالوكالة رجلان، فقضي بذلك، ثم رجعا عن شهادتهما، وقدم الغائب فانكر الوكالة، قال : فالبيع ماض، قال : فإن قال الوكيل : دفعت الثمن إلى رب المنزل قبل رجوعها، صدق مع يمينه، ورجع يعني رب المنزل على الشاهدين بالثمن، وإن قال الوكيل : قد دفعت إليه الثمن بعد ما رجعا، لم يصدق، ولا ضمان على الشاهدين، يعني ولا يؤدي الوكيل الثمن بعد يمين رب المنزل. [8/460]
***(1/451)
[8/461] فيمن قضي عليه أنه باع عبده من فلان بكذا
بشهادة بينة، ثم رجع العبد إلى المقضي عليه
بابتياع أو هبة أو بغير ذلك بعد رجوع البينة أو قبل
أو رجعت البينة والمشتري فأقروا / بالزور
وقد حدث في العبد حدث أو لم يحدث
من كتاب محمد بن عبد الحكم : من قضي عليه بشهادة رجلين أنه باع عبده من فلان بمائة دينار قبضها منه والبائع منكر، ثم رجع الشاهدان والعبد يسوى مائتي دينار، فالحكم ماض، ويغرم الشاهدان للمقضي عليه بالبيع مائة دينار تمام القيمة، قال : ثم إن رجع إليه عبده بمائة من المشتري أو بصدقة فقبله، وقيمته مثل قيمته يوم أخذه أو أكثر، والعبد على حاله في يديه، فليرجع الشاهدان على هذا البائع بالمائة التي غرما له، لأن عبده رجع إليه بحالة أو أفضل، ويرد إلى المشتري المائة التي آخذها منه إن طلبها، وإن كانت قيمته يوم الهبة والصدقة لنقص دخله في يديه، فهو مخير: إن شاء تمسك به ورد المائة على الشاهدين، وهو كالعبد الغصب ينقص، فليس له أخذ ما نقص والتمسك به، ولو نقص سوفه وهو بحاله في يديه، فليرد على الشاهدين ما أخذ منهما، على البائع ما أخذ منه، ولو أقر المشتري أنه كذب، وأقر الشاهدان أنهما شهدا بزور، والعبد على حاله في بدنه، فله لم يرده إلى ربه ويأخذ منه مائة دينار التي دفعها إليه، وتأخذ منه البينة ما دفعا إليه، ولو وهبه له وقد نقص في بدنه فصار يسوى خمسين ومائة دينار فلم يرض بحبسه ناقصا، قيل له : فالمائتا دينار / لك، وادفع إلى الشاهد نصف العبد، ويبقى لك نصفه، ولو كان لا يساوي إلا خمسين، دفع نصف العبد إليهما وأخذ منهما المائة دينار ويبقى له نصفه، لأنه لا يلزمه أن يرضى به ناقصا، وله أن يحبس ما أخذ من البائع الأول، والوصية في ذلك كالهبة والصدقة، وكذلك لو ورثه، لأنه يقر أنه رجع إليه، إلا أنه رجع إليه ناقصا، فيكون كما قلنا في الهبة، وأما إن وهب له نصفه فليرجع عليه الشاهدان بما أخذ منهما إن رضى أن يتمسك به ناقصا، ولو كان نصفه لا يسوى إلا خمسة وعشرين دينارا[8/461]
***(1/452)
[8/462] لنقص دخله في بدنه، فليقل له: إن شئت فادفع نصف هذا النصف إلى الشاهدين واحبس مما أخذت منهما لتغيير العبد ، فليس عليك بالتمسك به ناقصا، وله أن يقول: النصف من النصف الذي غرمتها قيمته لكما، والنصف هبة من المشتري الأول أعامله فيه بما يجب له وعليه.
قال سحنون في كتاب ابنه : ومن أقام شاهدين في عبد في يدي رجل أنه القائم فيه، فقضي له به على ما كان في يديه، وهو منكر، فقبضه ثم رجعا فوديا قيمته إلى المقضي عليه، ثم وهبه المقضي له إلى المقضي عليه، أو تصدق عليه به، أو مات فورثه عنه، فأما في الميراث : فإن ورثه بحاله أو أحسن حالا، فليرد عليى الشاهدين ما أخذ منهما، وإن كان الآن قد نقص في يديه فهو مخير، إما رده على الشاهدين وتمسك بما أخذ منهما، / وإما حبسه ولا شيء له عليهما، وأما الهبة والصدقة فقد رضيه إذا قبضه منه ناقصا، وعليه رد قيمته على الشاهدين، إلا أن يحلف : ما قبضه رضا به ولكن ليرد عليهما، ولو رجع إلى الشاهدين بهبة أو بصدقة أو ميراث وهو بحاله، فلهما رده على المشهود عليه، فيرد عليهما القيمة إلا أن يكون ناقصا فالمشهود عليه مخير: إما قبله ورد القيمة، وإما رده وتمسك بالقيمة.
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم : قال : ولو اشتراه من المقضي له بأقل من الثمن الذي شهد أنه باعه به أو بمثله أو بأكثر، ولم يرجع الشاهدان، فإن كان اشتراه وهو بحاله في يديه، فلا ينظر إلى قيمته، فإن اشتراه بمائتي دينار فأكثر فلا شيء عليه ولا للشاهدين شيء، لأنه غرم المائتين التي أخذ منهما ومن المشتري، ولو مات المشتري والمشهود رجع بالفضل على المائتين إلى من دفعه إليه، ورجع الشاهدان على البائع بالمائة التي وديا إليه، وإن كان اشتراه بمائة وخمسين ولم يتغير في بدنه، ولم يرجع الشاهدان، فليرد على الشاهدين خمسة وعشرين دينارا، لأنه [8/462]
***(1/453)
[8/463] أخرج في نصفها خمسة وسبعين دينارا يقاصصهما بها، لأن عبده رجع بحاله إليه، ولا يغرمان له إلا ما غرما في النصف، ولو اشتراه من المشتري الأول وهو على حاله بأقل من مائة دينار، فإن يقال له: رد على الشاهدين المائة/ وعلى البائع تمام المائة، لأنك تقر أنه لم يكن مشتريا وأنه ظلمك، وقد كان له رده عليك، وترد أنت عليه وعلى الشاهدين ما أخذت منهما.
وإن اشتراه منه وقد نقص في يديه ما ينقصه نصف ثمنه وهو مائة دينار، فإن أردت أن ترد على الشاهدين نصفا فلك ما أخذت منهما، وتقاصصهما بخمسين دينارا، فذلك لك، إلا ترى لو أن رجلين غصبالك عبدا فدخله عيب نقصه نصف ثمنه، ثم رداه إليك لم يلزمه أخذه، فإذا رد على الشاهدين النصف فله المائة التي أخذ منها، إلا أنه بعد تقاصصهما بنصف ما غرم، وإن قال : أنا أتماسك بحصة الشاهدين بقيمة من المائة، فليس لك له، إما أخذه ورد جميع المائة عليهما وقاصصهما بخمسين، وإما رد نصفه وتكون المائة التي أخذها منهما له، وقاصصهما، وكأن الشاهدين اغتصباه، فإذا رجع إليه ناقصا النصف : فقد رجع إليه من حصة كل واحد نصف ما غصبه إلا أنه ناقص، ولم يرجع إليه إلا بثمن، فلما اشترى النصف ناقصا بجميع الثمن ورد على الشاهدين ما أخذ منهما، وليس لك أن تأخذ بعض ما غصباك ونقص الثمن، وإن شئت فاردد النصف عليهما وتبقى لك المائة التى أخذت منهما، إلا أنك تقاصصهما منهما بما أديت في ثمن نصف ما صار إليك.
قال محمد ولو اشترى نصفا فكذلك يقال/ له : إن شئت فاحبس ما اشتريت ورد على الشاهدين المائة، لأن في يديك ربع العبد من حصة الشاهدين، وإن شئت فرد عليهما الربع من العبد والمائة لك، ولكن تقاصصهما بما أخرجت في الثمن الربع، قال: ولو اشتراه بعرض قوم العرض فجعلت قيمته كثمن اشتراه به[8/463]
***(1/454)
[8/464] على ما فسرت لك، قال: ولو ورثه من المشهود له بالشراء، فإن لم يتغير في بدنه فهو له، ويأخذ منه الشاهدان المائة التي أخذ منهما، فإن كان نقص في بدنه : فإن شاء تمسك به ورد على الشاهدين المائة، وإن شاء رد عليهما نصفه ناقصا، وتبقى له المائة التي أخذ منهما، وإن ورث نصفه: فإن شاء تماسك بالنصف ورد على الشاهدين المائة، وإن شاء أعطاهما نصف ما ورث منه، وهو ربع العبد، وتبقي المائة له، لأنه الذي صار إليه من حصة الشاهدين.
ولو كان له على الذي قضي له به مائة دينار، واشترى منه العبد بمائة دينار، فقاصصه بهما من دينه، ولا مال للميت غير العبد، كان كما فسرت لك، أن لو ورثه يرجع عليه الشاهدان بمائة، لأنه مقر أنه رجع إليه على حاله وهو له ، فإن لم يكن له فيه حق بوراثته، ولو كان على الميت دين آخر فبيع العبد في الدينين، فأخذ من الدين مائة دينار فعليه أن يرد على الشاهدين خمسين دينارا نصف ما قبض وهو ربع الجميع، لأنه ما صار إليه من النصف/ نصفه للشاهدين بما غرما، ولو أخدمه إياه سنين، فقبله المستحق منه، كان نصف الخدمة للشاهدين، لأنه قد أخذ قيمة النصف ولو قبله المستحق منه وقيمته كقيمته أولا فأكثر، فإن علم به فأخذت منه قيمته أقرت الأمور كما كانت، ولم يتغير لذلك حكم تقدم، وإن لم يعلم به فعليه أن يرد إلى الشاهدين المائة التي قضي له بها، فالشاهدة لا تحل له غير ذلك، لأنه قد أخذ عبده تاما فعليه أن يرد إلى كل من أخذ منه شيئا من أخذ، فإن كانت قيمته أقل منهما يوم قضي عليه ولم يتغير في بدنه، فذلك كذلك، لأنهما لو رداه إليه في تلك الحال لزمه أخذه، فإن كان قد تغير في بدنه حتى نقصت قيمته النصف فقبله على ذلك فعليه أن يرد نصف قيمته يوم قبله إلى الشاهدين، ونصف قيمته إلى المشتري، لأنه إذا تغير في بدنه فليس عليه أخذهن ولا يكون قبله قبضا له ولا رضا بنقصه، وإنما يكون قبله قبضا له إذا كان في حال رد عليه لزمه أخذه، ورد عليه ما أخذ منهما.
ولو أقر البائع والشاهدان بما قال المشهود عليه من أنهم شهدوا بزور والعبد بحاله في يديه، وقد نقص سوقه، فلهم رده عليه وأخذ المائتين منه، ولو تغير بنقص [8/464]
***(1/455)
[8/465] في يديه فالمشهود عليه بالخيار إن شاء أخذ ورد المائتين، وإلا أخذه شركة وتمسك بما أخذ، ويرجع الشاهدان على/ المشهود له بنصف العبد [فياخذاه منه كأنما غصباه نصفه فدفعاه إليه، وإن أراد أن يتمسك بنصف العبد] ناقصا، وله ما أخذ من الشاهدين من المائة فيرد عليهما النصف فذلك له، إن أراد أن يرد على الذي أقام البينة النصف، وله ما أخذ من المائة فذلك له، ولا يرد على الشاهدين شيئا فتمسك بحصتهما وهو النصف، لأن من غصب رجلين عبدا فإنما غصب كل واحد نصفه، فله أن يتمسك بنصف ما شاء منها، ويرد النصف الآخر على الآخر، ويتمسك بما أخذ منه من القيمة.
وهذا باب يختلف فيه اصحابنا، فمنهم من يقول على هذا القياس، ومنهم من يقول : إن القياس على قوله: إما ردوه جميعا، وإما غرموا القيمة جميعا، وكذلك قالوا في العبد يشتريه رجلان ثم يظهر به عيب، فاختلفوا فيه كما وصفت لك، ولو كانت أمة لم أحب للسيد أن يتزوجها وهو ممن يحل له نكاح الإماء، ولا يزوجها لأبنه؛ لأنه يرق ولدا إن كان منهما وهم أحرار، لأنه ابنه، وإنما ظلم وغصب، وولد ولده يعتقون عليه.
قال محمد بن عبد الله : ولو أسر العدو هذا العبد وقد رجع الشاهدان بالزور، وأقر بذلك المشتري، فغنم فوقع في المقاسم للمقضي عليه أنه باعه فأسلمه المقضي له به، قال : فالعبد للذي صار له في سهمه مع المائتي دينار التي أخذ، إلا أن يشاء المشهود له بالشراء أن يفتكه بقيمته، [يريد: التي وقع به في المقاسم] ويدفعه إليه، ويرجعون عليه بالمائتي دينار التي أخذ، فذلك لهم إن لن يتغير العبد في يديه، ولو وقع في سهم غيره ولم / يقبضه المقضي له بشرائه، فإن المشهود عليه مخير إن شاء افتكه بقيمته، فذلك له، ويرد على الشاهدين فضل ما أفتكه به وبين المائتين، وإن افتكه بأكثر من مائتي دينار لم يرجع على أحد بشيء، [8/465]
***(1/456)
[8/466] وكان العبد له ، لأنه إنما افتكه من المال الذي أخذ، وليس على من أخذ منه شيء غير ما أخذ منهما.
ولو وقع في سهم أجنبي ولم يفتكه المقضي عليه بالبيع ولا المشتري، ثم وهب للمقضي عليه بالبيع [ولا المشتري حتى وهب للمقضى عليه بالبيع] أو ورثه، أو صار إليه بأي وجه صار إليه، فالعبد له والمال له، لأنه هذا ملك آخر صار به العبد إليه بأمر جائز، لأنه لو كان له ثم صار في سهم أحد، لم يأخذه إلا بثمنه، فهذا الباب غير الباب الأول.
ولو وقع في سهمان أجنبي ثم أقر الشاهدان والمدعي للعبد بما قال المشهود عليه من أنه زور عليه، فإن كان العبد لم يتغير في بدنه فافتكوه ودفعوه إليه لزمه ذلك، وعليه رد المائتي دينار إلى من أخدها منه، وإن لم يفتكوه قيل له: أنت مخير إن شئت أن تفتكه بما وقع به في المقاسم ويرجع عليه الشاهدان والمدعي بالفضل عن ما يفتكه به إلى تمام المائتين : إن افتككته بمائة رجعوا عليك بمائة، ليس له إن افتكه من ذلك بد.
قال : ولو أقر الشاهدان ومدعي شراء العبد أنهم زوروا وقد تغير العبد في بدنه، فاختصم فيه الشاهدان والمدعي للشراء، وهو في يد المقضي له، رأيت العبد بينهما نصفين، ولا شيء على الذي كان عنده من نقصه، لأن الشاهدين رضيا / بمصيره إليه، قال : ولو مات المشتري بعد أن مات العبد عنده ، فورث منه المشهود عليه بالبيع مائتي دينار أو أكثر، فله ذلك، وله ما أخذ من قيمة عبده، وذلك أن الذي ادعاه لم يقبضه من الشاهدين بما دفعاه إليه فلم يكن غاصبا منها ولا ضامنا لهما.
ولو قال الشاهدان بعد أن رجعا عن الشهادة والعبد حي : ادفع إلينا نصف العبد، فقال : ما شهدتما إلا بحق، ثم مات عبده، ثم مات مدعي الشراء، [8/466]
***(1/457)
[8/467] فورث منه المدعى عليه المال، رجع عليه الشاهدان في ذلك المال بقيمة نصف العبد يوم طلب له من الميت، وهو بابتياعه غاصب لنصف منهما، لأنه قد علم أنه ليس له أخذ نصفها وقد غرما قيمته، وهو كالمودع يجحد الوديعة، فهو كالغاصب من يومئذ، وعلى الوارث رد على ما علم أن وارثه غصبه، قال : ولو غصبه المقضي عليه بالبيع وقيمته مثل قيمته أولا فأكثر، فعليه رد المائتين، إلى المقضي له مائة، وإلى الشاهدين مائة، ولو نقصت قيمته لنقص بدنه فذلك رضا منه يأخذه ناقصا، وليرد ما أخذ منهم.
وليس الغصب في هذا كالقتل، لأنه قد يجوز له إذا غصبه إن خفي له ذلك، ولا يجوز له قتله وإن خفي له، فإذا تغير في القتل فله ما أخذ وعليه القيمة، وفي الغصب هو رضا منه بأخذه ناقصا، وقد سوى بعض أصحابنا بين القتل والغصب، قال : ولو أبق من المقضي له به فباعه للإمام على أنه أبق وقد كان/ الشهود والمشهود له أقروا أن البينة شهدت بزور، ثم قام الشاهدان والمشهود له والمشهود عليه، فإنه يقال للمقضي عليه: إن شئت فخذ الثمن من الإمام ورد على القوم ما أخذ الشاهدان والمقضي له، وإلا فسلم الثمن [إليهم ولك الثمن] الذي أخذت أولا، وكذلك لو قتل العبد فأخذت له قيمة.
قال : ولو زوج العبد المقضي له به، ثم أقر هو وشاهداه بالتزوير، فنكاح العبد جائز لا يصدق عليه البينة ولا المشهود له، ويقال للمقضي عليه، هذا عيب حدث بالعبد، فإن شئت فأسلمه إليهما وخذ الثمن الآول، وإلا فخذه معيبا ورد على الشاهدين والمشهود له ما أخذت منهم، والنكاح باق ثابت.
قال : ولو كاتبه أو دبره، ثم أقر أن شاهديه زورا، فالتدبير والكتابة نافذان لا يفسخا، وللمقضي عليه ما أخذ من القيمة إن أحب ذلك، ثم إن رق المكاتب والمدير بعد أن رضي بالتمسك بالقيمة فهو حكم نفذ لا يرد، وإن قال إذا قام وهو مكاتب أو مدبر : أنا أنتظر رقه، فليس ذلك له أن ينتظر بالحكم، والمال الأول في[8/467]
***(1/458)
[8/468] يديه ينتفع به إلى ذلك الوقت، ولكن يجوز الساعة، ولو رق في الكتابة ثم أقر المشهود له أو ورثته ولم يتغير العبد في بدنه، فلربه الأول أخذه وأخذ ما أدى في الكتابة لأنه غلة، ولا غلة للغاصب، وإن نقص في بدنه فربه مخير أن يأخذه ناقصا وما أدى معه، وإن شاء أسلمه وما أدى، وكذلك لو دبره ثم مات فسرق بالدين فأقر الوارث أن أباه / أقر بتزوير البينة، فلربه الأول أخذه إن لم يتغير، وإن نقص فربه بالخيار إن شاء أخذه ناقصا ورد ما أخذ وإلا أسلمه وتمسك بما أخذ.
ولو قال المشهود عليه والعبد في الكتابه لم يعجز : أنا آخذه مكاتبا، فيرق لي بالعجز أو يعتق فأخذ ما ودى، والولاء لعاقد الكتابة، وأنا أرد المائتي دينار فذلك له، لأنه إنما أخذ بعض ما غصب منه، وليس ببيع كتابة، وقد غمزه بعض أصحابنا قال: ولو قال وهو مدبره: أنا آخذ مديرا فأختدمه، فإن رق بالدين كان لي، وإن عتق كنت قد اختدمته، وأنا أرد المائتين، فذلك له، لأنه إنما أخذ بعض ما غصب منه.
وليس لقائل أن يقول : إن هذا في المكاتب والمدير كبيع ذلك في المائتين، لأنه لو أقر رجلان أنهما كانا تبادلا دينارا بدينارين من غير صنفه، أو باعه دينارا بدراهم إلى أجل، وتقابضا، فآمر أن يرد كل واحد ما أخذ على الآخر، ولم يكن ذلك منهما بيع حادث. وقال أشهب في الغاصب للعبد يبيعه فدبره المشتري أو كاتبه، ثم أقر المتبايعان بالغصب: إنه يرجع المغصوب منه على الغاصب بالأكثر من قيمته يوم الغصب، أو الثمن ولم يكشف عن ما سوى هذا.
قال محمد: ولو أن المقضي له بالشراء رهنه من رجل ثم أقر هو والبينة بالزور، والمرتهن منكر، فالمشهود له مخير إن شاء افتكه ثم رده إن لم يتغير، وإن امتنع فرب العبد الأول مخير إن شاء افتكه/ وأخذه ورد فضل المائتين على البينة والمدعي، نصف له نصف لهما، فإن افتكه برهنه وهو مائتا دينار فأكثر، لم يرجع على الشاهدين ولا المشهود له بشيء[8/468]
***(1/459)
[8/469] ولو رهنه بعرض فأبى أن يفتكه المشهود له فلربه الأول أن يفتكه بالعرض، ثم يأخذ من المائتين التي عنده قيمة العرض ويرد ما فضلن فإن أبى فليس له إلا هذا، وإن كان ما افتكه به من ماله مثل الطعام أو نحوه اشترى مثله من المائتين، ورد الفضل على الشاهدين والمدعي، فإن اغترق ذلك المائتينأو زاد فلا شيء على الشاهدين ولا على المشهود له.
في الرجوع عن الشهادة في الصرف
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه، ومن كتاب ابن عبد الحكم : ومن ادعى أنه باع مائة دينار بألفي درهم من رجل، والرجل ينكر ولم يفترقا، فقامت عليه البينة فقضى عليه القاضي بدفع الدراهم وأخذ الدنانير فتقابضا، ثم رجعت البينة، فأنه يرجع مؤدي الدراهم على الشاهدين بألفي درهم، ويدفع إليهما المائة الدينار التي أخذ، ولا ينظر إلى صرف يومئذ كان مثل صرف المائة أو أقل أو أكثر.
وقال ابن الماجشون في كتابه: إن كانت الدراهم مثل صرف الدنانير فلا ضمان على البينة، ثم رجع فقال: يرجع مؤدي الدراهم على الشاهدين يمثل دراهمه، ويدفع إليهما ما أخذ من الذهب إلا أن يكون تجاوز في نقد، أو أخذ زائفا؛ / ذلك لأنه ترك الاستيفاء وهو له، قال في كتاب ابن سحنون : وقاله ابن الماجشون في كتابه : وكذلك لو كان الجاحد صاحب الدنانير، لغرما له دنانيره، وأخذا منه الدراهم أو مثلهما، قالا: ولو تأخر منعها بشهادة من شهد في ذلك، أو أقرا به جميعا كان مفسوخا، ولو حكم بذلك حاكم لفسخ حكمه، فإذا سقط الحكم لم يضمنا شيئا، لأن الشاهدين إنما يكونان متلفين ما تمضي به الأحكام، ثم يرجع عنه، قال سحنون: وقد قال بعض أصحابنا: إن ذلك كمثل من شهد عليه في بيع واخرجا ملكه من يديه بغير طوعه بدون قيمته، أنه يرجع عليها بما [8/469]
***(1/460)
[8/470] أتلفا من فضل القيمة، ولو أخر فضل القيمة في السلعة أو فضل ما بين الذهب والورق على الشاهدين بما أتلفا من شهادتهما، لم يكن بذلك بأس، ولم يكن صرف، ولكنه غصب أتلفا به فضل ماله.
في الرجوع عن شهادة بالتأخير في الدين
أو هبته أو الوكالة على قبضه أو أنه وضع
بعضه على العجلة أو وضع الحمالة به
من كتاب ابن المواز : ومن حل حقه على غريمه فشهد عليه شاهدان أنه أخره به حولا، ثم رجعا بعد الحكم عن شهادتهما، وأقرا بتعمد الزور فليغرما الحق لصاحبه حالا، لأن التأخير نقصان جنياه عليه. قال ابن المواز : إلا أن يكون الغريم معدما ظاهر العدم لو قام عليه لم يأخذ منه شيئا، فلا يكون/ عليهما شيء حتى يكون عند الغريم ما يقدر أن يؤخذ منه، فحينئذ يغرم الشاهدان ذلك ثم يرجعان بما غرم على غريم صاحب الحق إذا حل الأجل.
وقال محمد بن عبد الحكم : إن كان المطلوب مليا فللطالب الرجوع على الشاهدين قبل الأجل بالمال، ورجع الشاهدان بذلك على الذي عليه الحق إذا حل الأجل، وإن رجعا بعد الأجل وهو ملي ففيها قولان : أحدهما : لا شيء على الشاهدين، وليطلب غريمه، وقول آخر : أن له أن يرجع على الشاهدين؛ لأنه قد كان ذلك له في أول شهادتهما لما قضي عليه بالتعجيل، وهما أخراه وهو ملي، وهذا أحب إلي.
وإن كان المطلوب معسرا أو مفلسا فلا شيء عليهما لأنهما أنظرا من له الإنظار بالحكم، فإن كان معسرا ثم أيسر قبل الأجل فإنه يحكم بذلك على الشاهدين، لأنه وقت يجب للطالب أخذه به، فوخر بشهادتهما، وإن أيسر[8/470]
***(1/461)
[8/471] بنصف المال رجع بذلك على الشاهدين وإن لم يحل الأجل، وإن غاب المطلوب وهو معسر وقد حل الأجل، أو معدم لم يعلم ما حاله فلا شيء على الشاهدين حتى يصح له يسار بذلك؛ لأنه على العدم حتى ينتقل عنه بأمر ثابت.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه : وإذا شهدا في دين حال أن ربه أخر به المطلوب سنة، والدين معروف بغيرهما، وهو من فرض عين، أو مما يكال أو يوزن [أو كان من بيع سلم مما يكال أو يوزن من طعام] أو عروض لا تكال ولا توزن؛ فقضي بالتأخير، ثم رجعا بأثر الحكم أو بعد محل الأجل، فعليه غرم الحق/ للطالب حالا، لأنهما أخرجا من يديه تعجيله، وذلك نقص من حقه، ويطلبان الغريم كان مليا أو معدما، ولا يرجعان على المشهود عليه بما دفعا إليه، ويصير الدين لهما، وقال بعض أصحابنا : إن كان رجوعها بعد الأجل فقد أتلفا ربح ما أخرجا عنه من ماله، وإن الأمر في انتفاعه به لو قبضه، وإنما يغرم الشهود ما أتلفا من ماله، وهو الانتفاع بربحه وماله، وقد أعلمتك باختلافهم فيما أتلفا من العروض التي هي دي لا تكال ولا توزن.
وإذا شهدا عليه بدين حال ، وقال المطلوب : هو إلى أجل، فقضي عليه بتعجيله وهو من قرض أو بيع وهو من عين أو عرض، ثم رجعا بعد القضاء ودفع المال، وإنما رجعا بعد محل الأجل الذي ادعى المطلوب، فعليهما ربح ما أخرجا من يديه ومنعاه الإنتفاع به إن كان فيما بين إخراجه من يده إلى محل الأجل ما يكون لمثله ربح، وإن لم يكن لمثل ذلك ربح لقربه فلا شيء عليهما، وقال ابن الماجشون في كتابه : إذا رجعا بعد حلول الأجل فلا ضمان عليهما فيه، وإن رجعا قبل الأجل فعليهما ربح ما أخرجا من يديه، وأما إن شهدا لرجل أن له على رجال مالا إلى سنة، وقال الطالب: حقي حال فحكم بشهادتهما، ثم رجعا بعد الأجل، وأقرا بتعمد الزور بما شهدا به من الأجل، فعليهما للطالب ربح ما أخرا عنه من ماله، وأزالا من انتفاعه به. [8/471]
***(1/462)
[8/472] ومن كتاب ابن المواز: ومن لم يحل حقه فشهد عليه شاهدان أنه وضع عن غريمه بعض حقه، / والذي له الحق منكر للوضعيه وللقبض، فقضي عليه يرد ما شهدا أنه تعجله ثم رجعا عن شهادتهما، فعليهما غرم ما غرمه صاحب الحق لغريمه، فإذا حل الأجل استوفى صاحب الحق جميع حقه من غريمه، ولا شيء على الشاهدين في ذلك، ولو أن صاحب الحق مقر بالقبض منكر للوضعية، فحكم عليه برد ما قبض، ثم رجعا، قال : فليغرما لصاحب الحق ما كلفاه رده على غريمه، ثم يرجعان بذلك على الغريم مع صاحب الحق عند الأجل، فيكون ما يؤخذ منه بين الشاهدين ورب الحق بالحصص.
ومن كتاب ابن عبد الحكم : وإن شهدا أن فلانا الغائب وكل هذا يقبض دينه من فلان، وفلان مقر بالدين، فقضي عليه بدفعه إلى الوكيل، فضاع منه أو استهلكه، ثم قدم رب الدين فأنكر الوكالة، ورجع الشاهدان عن شهادتهما، فإنهما يضمنان له ما قبض الوكيل، فإن كان الوكيل أكل ذلك أو استهلكه بما لا يجب له، رجعا عليه بما غرما، وإن كان ضاع منه بما لا يلزمه ضمانه فلا شيء على الوكيل، وإن أقر الوكيل أنهما شهدا له بباطل، ضمنا المال وإن ضاع منه، ولا يخرجه من الضمان حكم الحاكم له بالوكالة، ولو شهدا أن رب الدين وهبه لمن هو عليه فحكم له بذلك، ثم رجعا، فإنهما يضمناه للطالب إن كان الذي عليه الحق مليا.
وكذلك لو شهدا أنه أبرأه منه، أو تصدق به عليه، أو قضاه إياه، فإن كان / المطلوب عديما قامت له البينة بذلك عند الحاكم، أو مفلسا فإنه متى ما أيسر رجع الطالب بذلك الحق على الشاهدين؛ لأنهما لم يتلفا عليه إلا إذا كان المطلوب معسرا، وإذا طرأ للميت يوما مال، يريد: فيه وفاء بالحق، كان للذي عليه الحق أن يرجع بحقه على الشاهدين.
ومن كتاب ابن سحنون : قال إذا شهدا أنه وضع الحق عن غريمه ، أو حلله منه، أو وهبه له، أو أبرأه منه، أو تصدق به عليه، أو أوفاه إياه، والحق حال، [8/472]
***(1/463)
[8/473] ثم رجعا عن الشهادة بعد الحكم، فعليهما غرم ما أقر أنهما أتلفاه، فعليهما في العتق مثله، وكذلك في كل ما يكال أو يوزن من طعام أو عروض، وأما العروض التي فيها القيمة والحيوان فقد اختلف فيه أصحابنا، فقيل : فيه القيمة، وقاله ابن الماجشون في كتابه، قال سحنون : وقيل : بل عليهما مثل العروض، لأنهما حين أتلفا ذلك دخل مدخل من كان ذلك عليه، وكان ذلك عليهما.
في الرجوع عن الشهادة في الهبات والوصايا
ومن كتاب ابن سحنون : وإذا شهد الشاهدان على الميت أنه وهب لرجل دارا، أو عروضان أو حيوانا، أو شيئا يكال أو يوزن من طعام أو عرض، أو تصدق به عليه، أو نحله إياه، أو شيئا من العين، والمشهود عليه منكر، فحكم عليه، وقبض ذلك المدعي، ثم رجعا فعليهما ضمان ما أخرجا من يديه وأتلفاه مع الأب، ويضمنان القيمة فيما / لا يكال ولا يوزن، قيمته يوم قبض ذلك منه على هيئته من سلامة أو نقص في الموضع الذي قبض فيه، والقول قولهما في القيمة مع إيمانهما إن عميت القيمة، إلا أن تقوم بينة بغير ذلك، وعليهما المثل فيما يكال ويوزن في موضع قبض ذلك منه إلا في العين، فإنه يأخذه به في كل موضع، وإن شهدا في الهبة للثواب وهو مما فيه ثواب، فأثيب به أقل أو أكثر من قيمته ما شهدا به عليه، فلا ضمان عليهما، لأن الموهوب له لزمه للواهب القيمة بالقضاء، فيرد الهبة إلا أن تفوت، ففيها القيمة، فإما زاده متطوعا وأعطاه أقل فرضي بذلك الآخر وذلك لا يلزمهما.
ومن ادعى أن هذا الميت أوصى له بالثلث، وأقام بذلك شاهدين، فقضي له بذلك وقبضه، ثم رجعا فإنهما يضمنان ذلك الثلث للورثة، وإن رجع أحدهما ضمن نصفه، ولو كانت الشهادة أنه أوصى له بجارية تحمل ثلثه، فقضي له بها، وقبضها ووطئها وأولدها، ثم رجعا، فعليهما قيمتها يوم الحكم له بها، ولا شيء عليهما في الولد.[8/473]
***(1/464)
[8/474] ومن كتاب محمد بن عبد الحكم : قال : وإن شهدا أن فلانا الميت أسند وصيته إلى فلان فحكم له بذلك، فتعدي الوصي على شيء من التركة فأتلفه، ثم رجعا، فليغرما ما أتلف الوصي، لأن ذلك بشهادتهما.
في الرجوع عن الشهادة على الشهادة،
أو يقدم المنقول عنهم فينكرون الشهادة
/ من كتاب ابن سحنون: وإذا شهد شاهدان على شهادة ثمانية غيب، وشاهدان على شهادة شاهدين غائبين، والغيب بموضع بعيد، يجب النقل عن مثلهم لما في انتظارهم من الضرر على الطالب، فقضي بهذا النقل، ثم قدم المنقول عنهم فرجعوا عن شهادتهم وقالوا : ما أشهدنا أحدا على شهادتنا، قال : قال بعض أصحابنا : إذا قالوا : ما أشهدنا على شهادتنا أحدا، وما كان عندنا منه علم، أن الحكم ينتقض، لأنه لا يجوز نقل شهادة عن من ينكرها، وإنما ينفع هذا فيمن يقر على نفسه بشيء ثم ينكره، فهذا يلزمه، ولو رجعوا عن الشهادة فقالوا : قد أشهدناهم وقد كذبنا في شهادتنا، فإنهم يضمنون ما تلف بشهادتهم، وإنماالناقلون عنهم نقلوا قولهم، وقيل أيضا : لا يضر رجوع المنقول عنهم، لأنهم قد يكونون رجعوا قبل الحكم بشهادتهم وهم غياب، ولم يمكنهم إعلام من كان شهد على شهادتهم.
والذي يرى هذا يرى أن لو رجع الناقلون والمنقول عنهم، فإن الناقلين هم الضامنون ، فيغرم الناقلون عن الثمانية أربعة أخماس الحق، ويغرم الناقلون عن الباقين عن اثنين خمس الحق، لأنه إنما ينظر ما كان يضمنه الشهود لو رجعوا، فذلك الذي يضمنه الناقل عنهم، ولو نقل ثمانية عن رجل، وإثنان عن رجل، فقضي بذلك، ثم رجع الناقلون، فللثمانية عليهم النصف/، والإثنان النصف، لأن الثمانية إنما نقلوا قول واحد، ولو رجع من الثمانية ستة ما كان عليهم، لأنه قد بقي من يحيى به النقل، ولو رجع سبعة من الثمانية وواحد من الإثنين، وغرم السبعة ربع [8/474]
***(1/465)
[8/475] الحق، ولو رجع جميع الناقلين، وثبت المنقول عنهم، فإن كانوا عدولا ممن يقبل يوم رجع الناقلون، فالحكم ماض ولا غرم على الراجعين، ويصير كرجلين شهدا على حق فقضي به ثم رجعا، فلما رجعا أتى غيرهما عدلان فشهدا بذلك الحق، فذلك يرفع الغرم عن الراجعين، ويوجب على الجاحد الحق وكأنه أقر بما شهدوا به عليه.
قال : وإن كان المنقول عنهما اللذان ثبتا على الشهادة بعد رجوع الناقلين، هما يومئذ ممن لا يقبل، فعلى الراجعين ضمان ما أتلفا، وإذا نقلا الشهادة عن غائبين، أو شهدا على خطهما بشهادة، ولم يشهدا هما فقضي القاضي بذلك، ثم رجع الناقلون للفظ، أو على الخط، فإنهما يضمنان، ولا ينفعهما أن يقولا للحكم : توقف عنا، فلعل من نقلنا عنه لو شهدنا على خطه يعدم فيحق من شهادته ما يزيل الضمان عنا، أو يأتي غيرهما فيشهد به فلا يؤخرا بالغرم لهذا.
ولو قدم المشهود على كتابهما فقالا: ما كتبنا ذلك، ما ضر ذلك الحكم ولا نقضه، وهو كمن شهد على شهادتهما ببينة، ثم قدم المنقول عنهم فقالا: شهد علينا بزور، فذلك كله لا يضر شيئا . قال / أبو محمد : انظر ما معنى هذا، وقد قال في أول الكتاب إن الحكم ينتقض في تكذيب المنقول عنهم للناقلين، ولو قالا : شهدنا وكتبنا وكان ما كتبنا زورا، ولم نشهد عليه أحدا، وقد كنا رجعنا عنه، ولا وقع في قلوبنا أن أحدا يعرف كتابنا، ولا شهدا علينا، فلا شيء عليهما من الغرم.
قال أبو محمد : انظر أراه إنما هذا في نقل خط الشاهد، لأن فيه اختلافا هل يقصى به ؟ وأكثر أقاوين أصحابنا : أنه لا يقضى به حتى يقولوا لهم : انقلوا عنا، فإنه إذا قال : نسينا كتابنا، لم يضرا الحكم، والصواب أن ذلك كله سواء، وينتقض الحكم، أنكر الشهادة أو الكتاب، وفي أول الباب: أن الحكم ينقض في إنكارهم للشهادة. [8/475]
***(1/466)
[8/476] ومن كتاب ابن عبد الحكم: وإذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين بحق لرجل، فحكم به الحاكم، ثم أتى الشاهدان الأولان إلى الحاكم فقالا: قد كنا أشهدنا هما على شهادتنا، وقد رجعنا عن الشهادة، فعليهما غرم الحق للمقضي عليه ليس كما قال أصحاب أبى حنيفة: إنهما لا يغرمان بالرجوع شيئا، قال محمد: ألا ترى أنهما اللذان حكم القاضي بشهادتهما، وأنهما المزوران لا الناقلون عنهما. قال محمد : ولو لم يرجعا ولكن قالا: لم يشهدوا ولا أشهدناهما على شهادتنا، فإنهما يغرمان أيضا، وهو رجوع منهما، وإن قالا: ما أشهدناهما وقال الناقلون/ : صدقا، ما أشهدانا، فالمقضي عليه مخير إن شاء اتبع المنقول عنهما، وإن شاء اتبع الناقلين، فإن أغرم الناقلين لم يرجعا بذلك على أحد، وإن رجع على المنقول عنهما رجع بذلك على الناقلين عنهما.
قال ابن الماجشون في كتابه إذا رجع المنقول عنهما ولم يرجع الناقلان فلا ضمان على المنقول عنهما، فأما إن رجع الناقلان وثبت المنقول عنهما، فإن كان المنقول عنهما عدلين يوم رجع الناقلان، فإن ذلك ماض لايرد، لأنهما كما لو رجعا عن شهادتهما في حق شهدا فيه على علمهما، ثم رجع فقام شاهدان فشهدا بمثل ما شهدا به، فحكم بشهادتهما، فذلك يرفع الغرم عن الراجعين أولا، فإن كانا غير عدلين عند رجوع الناقلين، ضمن الناقلان الحق.
في الرجوع عن الشهادة في الرهان
ومن كتاب ابن سحنون : ومن عليه لرجل دين مائة دينار من قرض أو بيع، فأقام الطالب شاهدين أنه رهنه عبده هذا، أو عروضا، فغاب عليها فقضي بذلك، وحاز ذلك المرتهن، ثم رجعا وأقر بالزور، فعليهما غرم قيمة العبد،أو العرض الذي أخرجاه من يد ربه، ومنعاه من مرافقة فيه، فكأنهما رهناه عنه، فإن مات العبد فهو منهما، وإن بيع في الدين فكان كفاف الدين أو أقل أو أكثر،[8/476]
***(1/467)
[8/477] رجعا عليه بما أديا عنه، وكان لهما فضل الثمن إن كان فيه فضل، إلا أن يكون للغريم مال يؤدي عن نفسه، ويرجع العبد إليهما/ بحاله التي يرجع بها سالما و معطوبا، وإن تلف المتاع عنده ببينة بلا تفريط، فهو كموت العبد، وكذلك أن أبيع في الدين فهو كما قلنا في الغلام، وإن ودى الغريم رجع المتاع إليهما سالما أو ناقصا، وإن تلف المتاع ولم تقم بذلك بينة، فالمرتهن ضامن، فإن كان ذاك كفاف الدين سقط الدين عن المرتهن، ورجعا على الغريم بما أديا عنه إن كان الدين حالا، فإن كان إلى أجل فإلى أجله، وإن كان في قيمة المتاع فضل سقط حق الغريم، وأتبعا الغريم بما أديا عنه على ما ذكرنا، وأتبعا الغريم بفضل الرهن، فإن شاء المشهود عليه أن يبقى رهنه بيد مرتهنه، فإن كان موت في الحيوان فمنه، وكذلك المتاع تقوم على تلفه بينة، ولا شيء له على الراجعين، والدين عليه بحاله، وإن كان تلف المتاع بلا بينة، وقيمته أكثر من الدين، سقط دين صاحب الدين به قصاصا، وكان مخيرا في فضل القيمة، فإن رجع بها على المرتهن أخذها وبرئ الراجعان، وإن شاء رجع بها على الراجعين ورجعا هما بها على المرتهن.
قال سحنون : وإذا كان المطلوب مقرا بالدين عليه مائة دينار، وبيد الطالب ثوب قيمته مثل الدين، فقال هو لي رهنتكه في دينك، والطالب منكر، وأقام المطلوب بينة بذلك فقضي بذلك، ثم ادعى الطالب تلف الثوب فضمنه وسقط حقه به، ثم رجع الشاهدان وأقرا بالزور، فعليهما ضمان مائة دينار، ولو قال الطالب : الثوب في / يدي وديعة للذي عليه الدين، وقد قضي عليه أنه رهن، وسقط الحق بتلفه، ثم رجعا، فليضمنا ما أتلفا بشهادتهما إذا أسقطا ما لم يكن سقط من الدين، وكأنهما شهدا أنه قبض الدين. [8/477]
***(1/468)
[8/478] في الرجوع عن الشهادة في القراض
والمساقاة والشركة، وفي الشهادة التي
إنما توجب رفع اليمين يرجعان عنها
من كتاب ابن سحنون: وإن شهد شاهدان على رجل أنه أخذ من رجل مالا قراضا على النصف، وجحد العامل أو قال: بل على الثلث لرب المال بعد ما نض المال وربحه، فاقتسما على النصف، أو نض رأس المال وبقي الربح دينار أو لم ينض منه شيء، فهو دين كله، وقد أذن له في البيع بالنقد والدين، ثم رجعا عن شهادتهما، فليضمنا له ما أتلفاه، وهو سدس الربح تمام ما ادعى إن كان نض كله، وإن أقتسماه فليرجع العامل عليهما بسدس الربح، وإن كان الربح دينا لم يضمنا شيئا منه، فكل ما اقتضى شيئا اقتسماه ورجع على الشاهدين بسدس ما اقتسما.
وإن شهدا أنه أخذه على أن للعامل ثلثي الربح، ولرب المال الثلث، وقال رب المال : دفعته إليه على أن لي الثلثين، فليس هذه مسلمة، لأن العامل مصدق بلا بينة، ولو شهدت فرجعت لم يضمن، لأن الحاكم لم يحكم بها، ولا أتلفت شيئا إن كان قول العامل يشبه، فإن كان لا يشبه وإنما يشبه ما قال رب/ المال، فحكم بشهادتهما واقتسما على ما حكم ثم رجعا، فقد أتلفا لرب المال الربح، فليرجع عليهما بذلك، وإن تلف رأس المال في الوجهين فمن رب المال، ولا يضمناه.
ومن كتاب ابن عبد الحكم : وإن شهدا أنه دفع المال للعامل قراضا على النصف، ورب المال يدعي أن له الثلثين وقد ربح، فأخذ النصف ورد رأس المال ونصف الربح إلى رب المال ثم رجع الشاهدان، فلا يغرمان لرب المال شيئا، لأن العامل مصدق مع يمينه، وإنما منعاه أن يستحلفه وليس يوجب ذلك عليهما شيئا، كما لو شهدا بذلك فطلب رب المال يمينه فشهد أن الحاكم استحلفه فزالت [8/478]
***(1/469)
[8/479] عنه اليمين ثم رجعا، لم يلزمهما بذلك شيء، وكذلك لو شهدا في المودع يدعي تلفها فطلب يمينه القاضي، فشهد أن حاكما غيره استحلفه فزالت اليمين، ثم رجعا، أو شهدا أن لصوصا أخذوا الوديعة فحكم بإبرائه ثم رجعا، فلا شيء عليهما، لأنه كان مقبول القول في ذلك، وإنما أسقط عنه يمينا.
ولو شهدا في القراض على أن لرب الثلثين، والعامل يدعي على النصف، والمال في يديه مائة، وربح مائة، فأقتسما على ما قضي به يقول الشاهدين وتمادى في العمل به، فربح ثم رجعا، فإنهما يغرمان للعامل ما كان من الفضل على الثلث يوم شهدا، يريد : السدس، قال : وما كان من الربح فيما عمل بعد ذلك فلا غرم عليهما فيه، لأنه كان يقدر على فسخ ذلك/ فتركه، يزيد وقد كان نض المال.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أقام شاهدين أن صاحب هذا الحائط ساقاه إياه على النصف وهو منكر، فقضي عليه، ثم رجعا وأقرا بالزور، فلينظر إلى ما يصير للعامل من الثمرة، فإن كانت النفقة عليهما مثل قيمتها فأكثر، فلا شيء عليهما، وإن كانت النفقة أقل غراما لصاحب الأصل الفضل، ولو كان العامل هو المنكر المقضي عليه، ورب الأصل المدعي ثم رجعا بعد الحكم، قال: فعليهما أن يدخلا مدخله، ويلزمهما ما ألزماه من العمل والنفقة والعلاج.
قال محمد : وكذلك في كل كراء دابة أو أرض أو عمل يد أو غيره إذا كان صاحب الأصل هو المدعي، وأما إن كان صاحب الأرض والدابة والعامل بيده هو المنكر، فلينظر إلى قيمة العمل والكراء، فإن كانت أكثر مما شهدا به لزمهما غرم الفضل، وهذا مذكور في كتاب ابن الماجشون.
ومن كتاب ابن عبد الحكم : وإذا شهد على من في يديه مال أو متاع أن فلانا شريكه فيه شركة مفاوضة، فقضي بذلك ثم رجعا، فعليهما غرم نصف المال ونصف قيمة العروض، وكذلك في كتاب ابن سحنون عن أبيه.[8/479]
***(1/470)
[8/480] قال محمد بن عبد الحكم : وكذلك لو ضاع ذلك بيد المشهود عليه قبل أن يقبضه المشهود له، لأنه حكم نفذ للمشهود له المقضي له يورث عنه وضمانه منه، ويغرمان للمشهود عليه.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه: وإن / شهدا على رجلين أنهما تعاقدا شركة، وأخرج كل واحد مائة دينار وأخلطاها على أن الربح بينهما على الثلث والثلثين، وعملا على ذلك وربحا، وقال المشهود عليه: تعاقدنا على الشطر لكل واحد منا، فرأى الحاكم إن قبل البينة وأعطاه الشطر من الربح، ورأى أنها عطية منه له، يريد سحنون : الزيادة على الشطر على ما ذهب إليه القاضي، قال : ثم رجعا فإنهما يضمنان ما أتلفا وهو ما بين النصف والثلث.
وإذا شهدا أنه مفاوض لرجل في شركته فحكم له بالشركة، وجعل له نصف ما في يديه، ثم أقام المشهود عليه بينة أن عبدا مما في يديه ورثه عن أبيه، وعدلت البينة، فإنه يقضى له بلك العبد.
في الرجوع عن الشهادة في الكراء
والاجارة والعارية والوديعة
من كتاب ابن سحنون : ومن ركب دابة رجل من مكة إلى مصر ذاهبا وراجعا فعطبت بالمدينة، وقال : أكتريتها منه بعشرة دنانير، وأقام بينة ، وربها منكر يقول : غصبتنيها، فحكم القاضي بالبينة وأعطاه بحساب ما ركب، ثم رجعا، فعليهما غرم ما أتلفا له، وهذا فضل قيمة الكراء في الدابة على ما وصل إليه من الكراء، أو فضل ما بين قيمة الدابة يوم ركبها وبين ما وصل إلى ربها من الكراء، لأنه لولا البينة كان على رب الدابة اليمين/ : ما أكراه، ثم يأخذ الأكثر من قيمتها يوم ركبت، أو كراء مثلها إلى المكان الذي ركبت إليه، وإذا اختار الكراء فلا حق له في قيمتها، وكذلك في دعواه العارية، وربها منكر وقيام البينة ورجوعها، وإن شهدا عليهما أن فلانا أودعه مالا، والمدعي عليه يجحد، فحكم القاضي عليه، وكذلك في البضاعة والعارية. [8/480]
***(1/471)
[8/481] من كتاب ابن عبد الحكم : وإذا شهد شاهدان لصباغ أن فلانا آجره على أن يصبغ له ثوب هذا معروفا بدينار وهو ينكر فقضى عليه القاضي أن يدفع ثوبه إلى الصباغ ليصبغه ثم رجعا فليغرما قيمة الثوب لربه ويطاليا الصباغ بالثوب، كما حكم فيه أن يصبغه بالدينار، ولو أخذ الصباغ الدينار من رب الثوب رجع به رب الثوب على الشاهدين، وإن رضي رب الثوب بالصبغ حتى يخرج الثوب بذلك له، فإذا أخرج فلربه – إن شاء – أخذ ثوبه لنفسه ورد للصباغ دينارا، وإن أبى أن يأخذه قيل له : أنت كمن عدا عليه الشاهدان فصبغا ثوبه وأخذا منه دينارا، وهو الذي أخذ منه الصباغ، فارجع به على الشاهدين، وينظر إلى الثوب فيقال له : إن شئت فخذه وادفع إليهما ما زاده الصبغ إن زاده، وإن شاء أغرمهما قيمته وكان الثوب لهما، وهذا على قول ابن القاسم في الغصب، وأما أشهب : فيرى لربه أخذه مصبوغا بلا غرم / شيء إن شاء ذلك، أو يضمنه قيمته ويرى الصبغ كالتزاويق والجير في الدار.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا ادعى الجمال أن فلانا اكترى منه على حمل أحمال أو حمل هدية كراء مضمونا، أو دابة بعينهما بعشرة دنانير، والمكترى ينكر، فحكم عليه بذلك، ثم رجع الشاهدان وقالا: كذبنا، فإن كان بحضرة ذلك وقبل الحمل والركوب، فلك أيها المقضي عليه أن تدخل الشاهدين فيما ألزماك فيكون عليهما وضعيته، ولهما فضله، فإن كانا عديمين فلك أن ترجع عليهما بفضل ما أخرجا من يديك إن تكن قيمة ما وصل إليك من قيمة كراء الحمولة أو الركوب خمسة دنانير، رجعت عليهما بخمسة، فإن كان قيمة ما وصل إليك عشرة فأكثر لم يرجع عليهما بشيء، وهذا إذا أدخلا له مدخلا إن أردت أن تلزمهما ما ألزماك/ وتبرأ إليهما منه، فيباع ذلك الكراء ممن يطلب فيه فضلا فلم يوجد، فأما إن ألزمتهما ذلك فأصبت من يشتري ذلك بأقل مما أوجبا عليك، فلك إتباعهما بفضل ما أخرجاه من يديك حين لم يوجد من يشتريه إلا بدون ما أدخلاك فيه، [8/481]
***(1/472)
[8/482] فإذا كان هذا فله إما أن يسلم ذلك لهما فلهما نماؤه وعليهما نقصه، أو يدعهما ويلزم ذلك نفسك، فلك نماؤه وعليك نقصانه، ولا تتبعها بشيء، ويؤدبا، وإن شئت في أول أمرك أن لا تسلم إليهما ذلك وتتشبث به وتطالبهما بفضل ما أخرجاه من يديك على / قيمة ما أدخلاك فيه من الكراء، فذلك لك إلا أن يشاء الشاهدان أن يعطياك ما أخرجا من يديك، ويأخذا ما أدخلاك فيه من الحمولة أو الركوب، لهما فضله وعليهما نقصه، فذلك لهما إلا أن تشاء أنت التمسك بما أدخلاك فيه، ولا تطلبهما بشيء، فذلك لك.
ولو كان رجوعهما بعد تمام الغاية في حمل أو ركوب رجع عليهما بفضل ما أخرجاه من يديه على قيمة ما وصل إليه من قيمة الكراء للحمولة أو للبدن؛ فإن كان ما وصل إليه من قيمة ذلك مثل ما خرج من يديه فأكثر، فلا شيء له عليهما.
ولو كان الطالب هو المكتري، والكري هو الجاحد، فلا يقضى عليه بشهادتهما ثم رجعا، فلرب الظهر عليهما ما نقصاه وأخرجا من يديه، فإن كن كرى أظهره بسوى خمسة عشر وألزماه له بعشرة، فإنه يغرمهما خمسة، قال عبد الله: يريد : وكذلك لو كان كراء مضمونا، وأرى هذا الجواب بعد تمام الركوب، فأما قبل الركوب والحمل والدابة بعينها، فله أن يضمنهما قيمتها ويسلم إليهما ما قبض من الكراء إن قبضه، فإن هلكت في نصف الطريق رجع عليهما بمايرد من الكراء في المقاصة وهو نصفه، وأما الكراء المضمون فله عليهما فضل ما بين قيمة ما ألزماه منه، وبين قيمة ذلك إن كان ما أخذا أقل من قيمة ذلك. وفي باب الرجوع عن الشهادة فى القراض شيء من هذا المعنى.
قال محمد بن عبد الحكم : / وإن شهدا على رجل أنه واجر عبده من فلان سنين معلومة بكذا وكذا دينارا كل سنه، والسيد ينكر، فقضي عليه، وقبض المستأجر العبد ليعمل له، فهلك العبد في ذلك العمل، أو بقي ثم رجعا فللسيد [8/482]
***(1/473)
[8/483] أن يغرمهما قيمته ويسلمه إليهما، لأنهما قد حالا بينه وبين إلى الأجل، وكذلك إن شهدا أنه واجره إلى مكة يرحل به، أو إلى الأندلس ثم رجعا بعد الحكم، فله أن يضمنهما قيمته، يريد: يوم أخرج من يديه بالحكم. قال : ويقاصانه بما أخذ في إجارته، ويتبع الشاهدان العبد حيث كان، فإن رجعا وأقر بذلك المستأجر أنهما شهدا له بزور، وأنه ما واجره، ودفع ذلك إلى القاضي، فليرد العبد وقيمة ما عمل له، أو ما استغل منه، ويأخذ الإجارة، أو يتقاصوا في ذلك، فإن كان الشاهدان ومدعي الاجارة بعضهم ملي وبعضهم معدم فله أخذ الملي بغلة العبد، فإن أخذها من الشاهدين فليرجعا بذلك على الذي استعمله، وإن أخذ ذلك من مستعمله لم يرجع بذلك على الشاهدين، فإن رجع المستأجر عن دعواه ولم يرجع الشاهدان فليرد العبد إلى سيده مع قيمة عمله وغلته، ويقاصه في ذلك فيما قبض ربه من الإجارة، وإنما يرده إن لم يتغير في بدنه، فإن أخذه سيده ثم رجع الشااهدان بعد ذلك لم يغرما شيئا، فإن رجعا وقد تغير العبد في بدنه فنقصت قيمته، فربه مخيرا إن شاء أخذه وغلته، وإن شاء أسلمه وأخذ منه تمام قيمته، يريد : على ما / عنده من إجارة، وإن شاء أخذه وغلته، يريد : ويرد الإجارة، فإن أسلمه ليأخذ تمام قيمته يوم حكم عليه بالإجارة، فأخذ ذلك أو لم يأخذ حتى رجع الشاهدان، فلربه طلب تمام القيمة ممن شاء، إما من الشاهدين أو من مدعي الإجارة، فإن أخذها من الشاهدين رجعا بذلك على مدعي الإجارة ، وإن أخذها من مدعي الإجارة لم يرجع بذلك على الشاهدين.
ومن أقام بينة أنه واجر عبدا من فلان سنة بعشرة دنانير يدفعها إليه نقدا، والمدعى عليه الإجارة ينكر ذلك، فقام بذلك شاهدان، يقضى عليه بأن يأخذ العبد ويدفع العشرة دنانير إلى سيده ففعل، ثم رجع الشاهدان فليغرما العشرة للذي دفعها في الإجارة، ويأخذ العبد حتى ينقض الإجارة. [8/483]
***(1/474)
[8/484] في الرجوع عن الشهادة في التعديل
من كتاب ابن سحنون : قال سحنون : وإذا شهد رجلان بحق والقاضي لا يعرفهما، وزكاهما رجلان، فقبلهما القاضي، وحكم بالحكم ، ثم رجع المزكيان للبينة، وقالا: زكينا غير عدلين ومن لا يزكي مثله، فلا ضمان عليهما، لأن الحق أخذ بغيرهما، ومن لو شاء لم يشهد، ولو رجع الشاهدان أو من زكاهما لم يغرم إلا الشاهدان، إذا لو شاء لم يشهدا، فبهما قام الحق، وقاله ابن الماجشون في كتابه.
في الرجوع عن الشهادة
في كسر الخمر لذمي/
من كتاب ابن سحنون عن أبيه : وإذا شهد رجلان مسلمان أن مسلما أو ذميا كسر لذمي خمرا، أو قتلا له خنزيرا، فحكم عليه الحاكم بقيمة ما أفسد له لأن ذلك من أموالهم، وقد أقروا على ذلك، ثم رجعا وأقرا بالزور، فليغر ما للمشهود عليه ما أخرجا من يديه، وقاله ابن الماجشون في كتابه، ثم رجع فقال: لا يضمن الجاني شيئا ويؤدب، وهو قول مالك.
في الرجوع عن الشهادة
في الصلح ونفقة الزوجة
من كتاب محمد بن سحنون عن أبيه، وهو في كتاب محمد بن عبد الحكم : وإذا قال الزوج للزوجة : قد صالحتني في رزقك على خمسة دراهم في كل شهر، وقالت هي: بل على عشرة دراهم في كل شهر، وأقامت شاهدين، فحكم لها بهما، ثم رجعا، فإن كانت نفقة مثلها عشرة فأكثر، فلا غرم عليهما، وإن كان نفقة مثلها أقل من عشرة فعليهما غرم ما زادا على الزوج على نفقة مثلها، [8/484]
***(1/475)
[8/485] قال محمد بن عبد الحكم : إلا أن تكون نفقة مثلها أقل من خمسة فلا يغرما للزوج شيئا لأنه مقر بخمسة، يريد : ويغرما ما جاوز الخمسة.[8/485]
***(1/476)
[8/486] [8/486]
***(1/477)
[8/487]بسم الله الرحمن الرحيم عونك اللهم
الجزء الثاني
من كتاب الرجوع عن الشهادات
في الرجوع عن الشهادة في النكاح،
وعن النكاح والطلاق،
أو عن مقدار الصداق أو عن قبضه/
من كتاب ابن سحنون وكتاب ابن المواز: وإن شهد شاهدان على امرأة أن فلانا تزوجها على مائة دينار، وصداق مثلها مائتا دينار، وهي تجحد، فقض القاضي بذلك، ودخل بها الزوج، ثم أقرا أنهما شهدا بزور، فالنكاح ماض بالحكم، وعليهما ما أتلفا عليه من فضل صداق مثلها : مائة دينار، وإن كان صداق مثلها مائة دينار فأقل لم ترجع عليهما بشيء، وإن طلقها الزوج قبل البناء فإنها تسأل عما أنكرت، فإن ثبتت على أنه لم يكن نكاحا قط فلا شيء لها، وإن قالت: قد كان نكاح وجحدته كراهية للزوج، فلها أخذ نصف الصداق منه، كالمرأة تدعي أن زوجها طلقها ثلاثا ولم تجد بينة، فبقيت تحته حتى مات وصارت وارثة، فإن تمادت على تلك الدعوى فلا ميراث لها، وإن قالت: كنت كاذبة كراهية للزوج، كان لها الميراث يريد : وتحلف. [8/478]
***(1/478)
[8/488] قال في كتاب ابن سحنون : ولو أن امرأة تدعي ذلك والزوج يجحد، فقضي لها ودخل بها الزوج، وصداق مثلها أكثر مما شهدت به البينة، ثم رجعا فلا شيء لها عليهما، لأنهما طاعت بذلك.
ومن كتاب ابن المواز و ابن سحنون : وإذا شهدا على رجل بنكاح امرأة بمهر مسمى، وشهدا أنه طلقها قبل البناء وهو ينكر النكاح، وهو للطلاق أنكر، فقضي عليه بنصف المهر ثم رجعا، فليغرما له نصف الصداق الذي خرج من يده.
قال ابن الماجشون في كتابه : وإن رجعا بعد أن تزوجت غيره فليأخذ الأول منهما / نصف الصداق، ويمضى الحكم الآخر، وكذلك لو شهدا عليه بالدخول وهو ينكر، لكان له عليهما غرم المهر كله الذي قضي به عليه، ولو كان النكاح ثابتا بشهادة غيرهما أو بإقراره فشهدا عليه أنه طلقها البتة ثم رجعا، قال : أما بعد البناء فلا اختلاف فيه أنه لا شيء عليهما، وأما قبل البناء : فابن القاسم يرى عليهما غرم نصف المهر الذي غرم الزوج.
وقال أصبغ : والقياس أن لا شيء عليهما، لأنهما لم يشهدا على مال، ولكن استحسن قول ابن القاسم، لأن ذلك قد آل إلى ما قال ابن المواز، والصواب : أن لا يلزمهما شيء، لأن نصف الصداق قد كان لازما له لم يغير شهادتهما، وإنما انطلى عليه مصابها كما لو كان دخل بها، أو أرخى الستر لم يلزمهما شيء إن شهدا بالطلاق ثم رجعا، لأنه شيء لا ثمن له ولا قيمة، وكذلك قال أشهب وعبد الملك وغيرهما ممن أرضى.
قال ابن المواز: ولو كان بني بها زوجها الأول قبل أن يشهدا عليه بالفراق، فقضي عليه بذلك فاعتدت. فبعد تمام العدة تزوجها أحد الشاهدين فلم يبن بها حتى رجعا، قال : تحرم عليه لإقراره أنها زوجة لغيره، ويلزمه نصف الصداق، إذ لا يعلم حقيقة رجوعه لعله كرهها، ولو رجع قبل يتزوجها، ثم جعل فتزوجها فلا يلزمه لها صداق، إلا أن يبني بها فيلزمه مهرها ولا يقر معها وهو يقر أنها ذات زوج. [8/488]
***(1/479)
[8/489] قال ابن الماجشون في كتابه: إذا تزوجها أحدهما ثم رجع عن شهادته، فلها الصداق، ويفرق بينهما بطلاق ولا حد عليه، والعمد والوهم في هذا سواء، إلا أنه يؤدب في العمد ولا يؤدب في الوهم، وتتزوج من الأجنبيين من بدا لها، وإن كانت رجعة أحد الشاهدين قبل التزويج ثم أراد نكاحها فليمنعه السلطان من ذلك ما دام على إقراره ذلك، فإن رجع إلى قوله الأول حلف : لقد كان ما قال أولا، ثم حل له نكاحها.
قال ابن المواز : ولو أن المشهود عليه بالنكاح وهو ينكر، دخل بها ثم رجعا وأقرا بالزور، فلا غرم له عليهما، لأنه قد وطئ بسبب ما ألزماه من المهر، ولو طلقها قبل البناء ثم رجعا لرجع عليهما بما غرم.
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم: وإذا شهد شاهدان على رجل أنه دخل بامرأته، والمرأة تنكر الدخول وقبض الصداق، فليحلف الزوج على دفع الصداق ويصدق، فإن رجع الشاهدان رجعت المرأة عليهما بالصداق إذا حلفت : ما قبضته؛ لأن بشهادتها صار القول قول الزوج في دفع الصداق مع يمينه، فإن رجعا بعد موت المرأة، حلف من بلغ من ورثتها : ما يعلمونها قبضت ذلك ولا شيء منه، ورجعوا بذلك على الشاهدين.
ومن كتاب ابن سحنون : قال : وإذا شهدا عليه أنه تزوجها بغير تسمية، وأنه طلقها قبل البناء وهو ينكر ذلك كله، فقضي عليه، ثم رجعا وقد / تزوجت غيره أو لم تتزوج، فلا شيء عليهما، لأنهما لم يتلفا عليه شيئا إلا أن يكون القاضي ممن يرى الحكم بالمتعة فقضى لها، فعليهما غرم ما أخرجا من يديه في ذلك، ولو شهدا بالتسمية غرما له نصف الصداق.
ولو قام رجل آخر بشاهدين على أن أباها زوجه إياها قبل هذا المقضي عليه بنصف الصداق، بشهادة المرجوع عنها، فقضي بها للذي زوجه الأب. للزوج المحكوم بطلاقه أن يرجع على المرأة بما أخذت منه، فإن كان عديمة رجع على الشاهدين بذلك، ثم يرجع الشاهدان الراجعان بذلك عليهما.[8/489]
***(1/480)
[8/490] وقال بعض أصحابنا : وهذا إن كانت هي عالمة بالزوج منهما، فإن لم تكن عالمة لم يرجع عليهما الشاهدان بمنزلة غاصب لمال ووهبه لمن لم يعلم أنه غصب فأكله، فإن ربه إنما يأخذه من الغاصب، ثم لا يرجع به الغاصب على الموهوب، وقيل في هذا : ربه مخير إن شاء رجع به على الغاصب، وإن شاء على الموهوب الذي أكله، وهوأن المشهود على نكاحه وطلاقه وهو يجحد دخل بالمرأة، ثم قضي بها للزوج الذي زوجه الأب قبله، فلها على الآخر الصداق بالمسيس إن كانت غير عالمة بما دخلت فيه، وعلى الشاهدين للزوج المقضي بطلاقه مازادت التسمية على صداق مثلها بما أوطآه من العشرة، ولو كانت هي بذلك عالمة لكانت بذلك زانية، يريد : ولا صداق لها، وقد قيل : لا شيء لها عليهما، لأنه مسها وقد علم / بالتسمية وهو قادر على ترك ذلك النكاح، ويرجع بنصف الصداق عليهما [إلا أن يعطاها الزوج قبله، فيرجع بذلك عليها] في ملائهما كما تقدم ذكرنا.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه، ومن كتاب ابن المواز: وإذا شهد شاهدان على رجل أنه تزوج هذه المرأة على مائة دينار وهو يجحد، وشهد آخران أنه بنى، وآخران أنه طلقها، فلا شيء على شاهدي الطلاق، لأنه الصداق قد لزمه قبل شهادتهما، وعلى شاهدي العقد خمسون ديناراً، وعلى شاهدي الدخول خمسون، لأنه لولا شهادتهما لم يلزمه إلا خمسون، قال ابن المواز : وشاهدا الدخول قد شاركهما في شهادتهما شاهدا العقد، وقد اختلف أصحاب مالك في ذلك، فقال أشهب : على شاهدي العقد النصف، وعلى شاهدي الدخول النصفن فالصداق بينهم أرباعا، وقاله ابن الماجشون في كتابه.
قال ابن المواز : وروي لنا عن ابن القاسم قولان : أحدهما : أن على شاهدي العقد ربع المهر، وعلى شاهدي الدخول ثلاثة أرباعه، وأظن هذا غلطا، لأن شاهدي البناء لم يشهدا على عقد، ولا على وطء، ولا على غصب، ولولا شهادة العقد ما لزمه بإثبات الخلوة شيء إلا خلوة اغتصاب أو خلوة نكاح، [8/490]
***(1/481)
[8/491] وشاهدا العقد لو لم يشهد غيرهما كانا قد ألزماه نصف الصداق، ثم اشتركا مع شاهدي البناء في النصف الذي يوجبه البناء، فهذا القول أحب / إلي وأقيس، وإني لأستحسن قول أشهب إذا كان في شهادة شاهدي البناء: أنه أرخيت الستور، وادعت هي المسيس.
وقال ابن المواز: وإن شهدا عليه شاهدان بالعقد، وآخران بالبناء، وآخران بالعقد والبناء، ثم رجعوا بعد الحكم، فعلى شاهدي العقد والدخول النصف، ويكون النصف الباقي ثلاثة أرباعه على شاهدي العقد، وربعه على شاهدي البناء، وهذا على القول الذي اخترناه، وفي قول أشهب أن النصف الآخر بين شاهدي العقد وشاهدي البناء نصفين، إن كان في شهادة البناء الخلوة وإرخاء الستور، وفي القول الذي اخترت يكون نصف الجميع على شاهدي العقد والدخول، والنصف الباقي يكون ثلاثة أرباعه على الشاهدين بالعقد خاصة، وربعه على الشاهدين بالبناء خاصة.
ومن كتا ابن سحنون : وإن شهد شاهدان أنه تزوجها على مائة دينار وهو يجحد ذلك، والمرأة تدعي ذلك، ومهر مثلها خمسون، وشهد آخرون أنه طلقها قبل البناء، فقضي عليه بالنكاح وبالطلاق، فقبضت منه خمسين ديناراً، ثم رجع جميع الشهود، فإنه يرجع على شاهدي العقد بالخمسين، ولا شيء على شاهدي الطلاق، لأنهما لم يتلفاه مالا، وإنما أتلفا بضعاً، والبضع لا ثمن له، والمال قد وجب بغيرهما، وكذلك في كتاب محمد بن عبد الحكم، قال : وهذا قياس قول ابن القاسم وأشهب/ في هذه المسألة.
قال محمد بن عبد الحكم : ولو شهد شاهدان أنه تزوجها بألف وهي تدعي ذلك، وقال الزوج بل بخمسمائة، وصداق مثلها خمسمائة، فقضي عليه بالألف ودخل بها، ثم رجعا بعد الحكم، فإنهما يضمنان للزوج الخمسمائة، لأنه لم تكن تلزمه، يريد: لو لم يبق إلا خمسمائة أو يفارق إذا حلف فلم يدفعا إليه من نصفها إلا ما قيمته خمسمائة، ولو كان صداق مثلها ألفا [ما كان عليهما [8/491]
***(1/482)
[8/492] شيء، لأنه قد وصل إليه ما قيمته مثل ذلك بالبناء، ولو كان صداق مثلها ألفا] وشهدا أنه تزوجها بخمسمائة، وكذلك قال الزوج، والمرأة تقول بألف، فقضي له فبنى بها، ثم رجعا، فليغرما للمرأة خمسمائة، ولو شهدا على رجع أنه تزوج امرأة وبني بها بخمسمائة، وكذلك تدعي المرأة والزوج يقول : بثلثمائة، فقضي بشهادتهما ثم رجعا، ولم يدفع الزوج إليها شيئا قد تقاررا بذلك، فليغرم الشاهدان للزوج مائتين، لأن القول كان قوله مع يمينه في الصداق بعد الدخول بها، فهما زادا عليه المائتين.
هذا على قول ابن القاسم في الذي بنى أن القول قوله في الصداق إن لم يأت بأمر مستنكر، وعلى مذهب أشهب، لها صداق مثلها إلا أن يجاوز ما ادعت، أو ينقص عن ما أقر به الزوج، فإن كان ما ترجع به المرأة من صداق مثلها أربعمائة، رجع الزوج على الشاهدين بمائة، فإن كان أكثر من خمسمائة، لم يكن / له أن يرجع عليهما بشيء، وإن كان أقل من ثلاثمائة لم ينقص منه، لأن الزوج مقر بذلك ويرجع على الشاهدين بمائتين، ولا ادعت هي خمسمائة، وقال الزوج: مائتين، وشهد الشاهدان بثلاثمائة، وصداق مثلها مائتان وخمسون، وقد رجع الشاهدان، فليرجع الزوج عليهما بخمسين، لأنهما لو لم يشهدا لم يلزمه إلا صداق مثلها : مائتان وخمسون، لأنه قد بنى بها. وفي باب الرجوع عن الشهادات في الطلاق ما يشبه بعض ما جري هذا الباب.
ومن كتاب ابن سحنون : وإذا ادعى رجل نكاح امرأة وهما طاريان وتقاررا واختلفا في الصداق، فقالت هي بمائة دينار، وذلك يشبه صداق مثلها، وقال الزوج : بعشرة دنانير، وذلك لا يشبه صداق مثلها، وأقام بذلك شاهدين، فقضى له القاضي بذلك، ثم رجعا وقد بنى بها، فإنها ترجع عليهما بتسعين ديناراً، ولو كان قد طلق قبل البناء رجعت عليهما بتمام الخمسين، يريد : تأخذ منهما [8/492]
***(1/483)
[8/493]خمسا وأربعين، ويرد نصف العشرة التي قبضت على الزوج، لأنه قد كان القول قولها لما أتت بما يشبه، وادعى الزوج ما لا يشبه، ولو كان صداق مثلها عشرة كما قال الزوج، وأتى بالبينة، ثم رجعا، ما كان عليهما شيء ولم تكن عليه بينه، والقول قوله مع يمينه، فإنما أسقطا عنه اليمين ولم يتلفا له شيئا.
قال محمد بن عبد الحكم: / وإن شهدا أن فلانا زوج أمته من فلان وهو ممن له نكاح الإماء، لا يجد طولا إلى الحرائر، ويخشى العنت، والسيد منكر، فقضي عليه، وأخذ منه المهر فدفعه إلى السيد يجهزها به، ودخل بها الزوج ثم رجعا، فإنهما يغرمان ما بين قيمتها متزوجه وقيمتها بلا زوج يوم الحكم فيها بالنكاح، لأن ذلك عيب أدخلاه فيها، ولو طلقها الزوج أو مات عنها قبل البناء أو بعده، قبل أن ينظر في ذلك [الحكم فليحكم عليه بما بين القيمتين، وليس يوم يحكم بذلك] وإنما هذا فيمن أعتق شركا له في عبد، هذا عليه قيمته يوم يحكم بالتقويم عليه، ولا شيء على الشاهدين مما نقص من الافتضاض إن كانت بكراً ، ولا قيمة الولد إن ولدت.
ومن كتاب ابن الماجشون : قال عبد الملك : وإن شهد شاهدان على رجل قد كان نكح بتفويض أنه فرض فرضا يستنكر، فثبت ذلك، ثم رجعا وأقرا بتعمد الزور، فليغرما للزوج ما بين صداق مثلها إلى ما سمياه عليه، ولو شهدا في نكاح قد صح عقده أن الزوج قد دفع للزوجة صداق المسمى، ثم رجعا وأقرا بتعمد الزور، فإنهما يغرمان ذلك للزوجة.[8/493]
***(1/484)
[8/494] في الرجوع عن الشهادة في الطلاق
وكيف إن شهد آخران بالبناء
ثم رجع الجميع أو بعضهم؟
والرجوع عن الشهادة في المتعة
من كتا ابن سحنون : وإذا شهد شاهدان على رجل أنه طلق امرأته، ثم رجعا، فقال بعض أصحابنا : لا شيء عليه/ دخل بالمرأة أو لم يدخل، لأنهما لم يتلفا عليه مالا إلا ما كان لازما له بغيرهما، وإنما أتلفا عليه المرأة ومتعته بها، ولا ثمن لذلك، فإن كان قد بنى بها فقد لزمه الصداق قبل شهادتهما. [وإن لم يدخل بها فقد لزمه نصفه قبل شهادتهما] فإن قيل: فقد أتلفا عليه الاستمتاع بها، قيل : فكذلك فعلا في المدخول بها وهما لا يغرمان فيها شيئا عند من يرى الغرم في التي لم يبن بها، وقال بعض أصحابنا : إذا لم يدخل بها غرما له نصف الصداق، والرواة على خلافه، ولم يرد عليهما في المدخول بها شيئا.
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم : وإن شهد شاهدا أنه طلقها واحدة، وشهد آخران أنه طلقها ثلاثا، والزوج لم يبن بها، ثم رجع الأربعة، فعلى شاهدي الواحدة غرم ربع الصداق للزوج، وعلى شاهدي الثلاث ربعه؛ لأن كل شهادة منهما لو انفردت ألزمته نصف الصداق . وقال أصحاب أبي حنيفة: الغرم كله على شاهدي الثلاث، قالوا : لأنها حرمت عليه إلا بعد زوج بشهادتهما، ولا حجة لهم بذلك؛ لأن الشاهدين بالواحدة عندهم لو انفردا لزمهما نصف الصداق، فلا يزول ما لزمها من هذا، بأن غيرهما حرمها قبل زوج.
وأما أشهب، فلا يوجب على شاهدي الطلاق قبل البناء شيئاً لازما، وقال: لأن نصف الصداق قد وجب لها بكل حال، / وإنما أتلفا عليه المرأة، وقد بقوا لها الدخول الذي يجب به جميع المهر، وإن شهدا أنه طلق امرأته في شهر [8/494]
***(1/485)
[8/495] رمضان قبل البناء بها، فلزمه الطلاق ونصف الصداق، ثم رجعا، فقضي عليهما للزوج بنصف الصداق، ثم شهد غيرهما أنه طلق تلك المرأة في شعبان من تلك السنة قبل البناء بها، فليرد الزوج على الشاهدين ما أخذ منهما من نصف الصداق.
وقال أصحاب أبي حنيفة: إن شهدا عليه بالفراق لم يبرأ الشاهدان، وإن أقر بذلك عند الحاكم فلا شيء على الشاهدين، قال محمد : ولا فرق بين أن يقر بشيء أو يشهد عليه إن كان هذا يبرئهما، فهذا يبرئهما إلا أن يكابر المرء عقله.
ومن كتاب ابن سحنون : وإذا شهدا أنه طلقها قبل البناء ونكاحها معلوم بغيرهما، وشهد آخر أنه قد كان بنى بها، والزوج يجحد البناء والطلاق، فحكم القاضي عليه بالطلاق وبجميع الصداق، ثم رجع شاهد من شاهدي الطلاق، وشاهد من شاهدي الدخول، فعلى شاهد البناء ربع الصداق، ولا شيء على شاهد الطلاق، ولورجع شاهدا الدخول جميعاً، ولم يرجع شاهدا الطلاق، فعليهما نصف الصداق، ولو رجع شاهدا الطلاق دون شاهدي الدخول، لم يكن على شاهدي الطلاق شيء، ولو رجع شاهدا الطلاق وواحد من شاهدي / الدخول، فعلى هذا الواحد ربع الصداق، ولا شيء على شاهدي الطلاق، لأن نصف الصداق ثابت بكل حال، فإنما زاد شاهدا الدخول النصف الآخر الذي يسقط لو طلق قبل البناء طائعا: الأقوى أنها لو ماتت لم يرجع عليه شاهد الدخول، يريد : لو رجعا فأخذا منه ما كان أخذ منهما، لأنه يقر أن جميع الحق قد وجب لها بموتها، وهو يجحد أن يكون طلقها.
ولو أقر بطلاقها وجحد الدخول ، ما كان على شاهدي الدخول إلا نصف الصداق، فإذا قضي عليه بالطلاق بشهادة شاهدي الطلاق فكأنه طلق من نكاحها معلوم بغيرهما. وقد كان يكون لها الصداق، وإن مات فكله، وإن طلق فنصفه، وإنما أتلفا بضعاً والبضع لا قيمة له، ولو رجع شاهدا الدخول وشاهدا [8/495]
***(1/486)
[8/496] الطلاق كان النصف على شاهدي الدخول، إذا لم يتلفا غيره، ولا شيء على شاهدي الطلاق.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا قضى بشاهدين في الطلاق، فقضي بذلك ثم رجع أحدهما، فالحكم الأول ماض ولا يرد، وكذلك لو رجعا جميعا.
ومن كتاب ابن عبد الحكم : ومن طلق امرأته بعد البناء فقضى القاضي بالطلاق، أو كان لم يدخل ولم يفرض، فقضى بالطلاق، وكان ممن يوجب القضاء بالمتعة، فقضى لها بها، فشهد شاهدان أنها قبضت ذلك من الزوج، فحكم بذلك القاضي، ثم رجعا، فإنهما يضمنان ذلك للمرأة، لأنه حكم نفذ / لا يرده غيره . ومن له أمة ذات زوج وقد بنى بها أو لم يبن، فشهد شاهدان أن الزوج طلقها، والسيد يدعي ذلك، فقضي له بذلك، ثم شهد شاهدان على الشاهدين بما أسقط شهادتهما ومن أنهما زورا في الشهادة، أو كانا غائبين عن البلد الذي شهدا به، فأثبت القاضي النكاح وصح حكمه بالفراق، ثم رجع الشاهدان آخراً ، فإن عليهما ما ينقص الجارية اثبات النكاح، فيغرما ما بين قيمتها ذات زوج، وقيمتها خالية من زوج.
وقال ابن الماجشون في كتابه : وإن شهدا أنه طلق زوجته قبل البناء، فقضي عليه بنصف الصداق، ثم رجعا بعد أن مات الزوج، فللمرأة أن ترجع عليهما ببقية صداقها، وبما يقع لها من الميراث، ولو كان إنما ماتت هي، رجع الزوج عليها بميراثه فقط، لا شيء مما غرم من الصداق، وهذا الجواب إذا كان كل واحد من الزوجين منكرا ما شهدا به من طلاق.
الرجوع عن الشهادة في الخلع
من كتاب ابن سحنون : وإذا شهد شاهدان على امرأة أنها اختلعت من زوجها بمال أعطته، أو على أن حطته صداقها قبل البناء، وهي تجحد العطية، فقضى له، ثم رجعا وأقرا بالزور، فعليهما أن يغرمان ما أتلفا لها من مال، وإن كان [8/496]
***(1/487)
[8/497] بالصداق، فعليهما نصفه، ولو كان قد بنى بها غرما لها جميع الصداق الذي أتلفا عليها.
ومن كتاب/ ابن المواز: وإن شهدا أنه خالعها على ثمره لم يبد صلاحها، ثم رجعا بعد الحكم فأقرا بالزور، فليغرما لها قيمة الثمرة على الرجاء والخوف، كما لو أفسدا لها تلك الثمرة، وهو قول عبد الملك، وقال ابن المواز: يغرمان لها قيمة الثمرة يوم أخذها الزوج وقبضها.
قال : ولو شهدا أنها خالعته على جنين في بطن أمه، لم يلزمها غرم حتى يخرج الجنين ويستهل صارخا، ويقبضه الزوج، فجينئذ يضمنان قيمته للمرأة.
ولو كانت شهادتهما أنه خالعها بعبده الآبق أو جملها الشارد، فهذا يكون عليها يوم رجعا، قيمة ذلك للمرأة على أقرب صفاته، فإن انكشف بعد ذلك أنه قد كان ميتا قبل الخلع، ولم يكن عليهما شيء، ولو انكشف أنه أصابه عور، أو قطعت يده قبل الخلع، لم يلزمها إلا قيمته كذلك، وهذا قول عبد الملك، وأحب إلى أن ينظر، فإن رجي أخذ ذلك قريبا، لم يعجل بعزمهما حتى يقبض ذلك الزوج فيغرمان قيمة ذلك على ما يوجد، وإن لم يرج تعجيل وجد أنهما لزمهما قيمة صفتهما على ما كانا يعرفان به قبل الإباق والشرود، فمتى انكشف نقص عن ذلك أو موت، رجعا بما زيد عليهما، ثم رجع محمد عن هذا كله وقال: لا يغرمان لها شيئا إلا من خروج الجنين وقبضه ويعد وجدان العبد الآبق، والجمل الشارد وقبضهما، فيغرمان قيمة ذلك يومئذ، وقد كان قبل ذلك تالفاً، وكذلك الجنين، وكذلك الثمرة قبل بدو صلاحها، لأنها في أصل نخل المرأة / فهو فيها كالشرط ألا يقبض إلا بعد الزهو. [8/497]
***(1/488)
[8/498] في الرجوع عن الشهادة في العتق البتل أو المؤجل
أو شهدا على تعجيل عتق معتق إلى أجل
أو إسقاط خدمة عليه ثم رجعا
وكيف إن رجعا في عتق ثم شهد غيرهما
أن السيد أعتقه قبل ذلك؟
من كتاب ابن سحنون عن أبيه : وإن شهدا شاهدان على رجل أنه أعتق عبده، والسيد يجحد، فقضي عليه بعتقه، ثم رجعا، فإن كان السيد مقيما على الجحد، فله قيمة العبد على الشاهدين ويبقى ولاؤه له، ألا ترى أن من أعتق عبداً عن رجل أن الولاء للرجل، وكذلك لو كانت أمة لغرما له قيمتها، إلا أنها لا يحل لها أن تبيح فرجها إن علمت أن البينة شهدت بالزور، وإن كانت لا تعلم بذلك فهي مثل ما ذكرنا في المرأة المشهود بطلاقها بالزور في جميع أمرها، إلا أن يرضى السيد بأخذ القيمة من الشاهدين فيتم بذلك الحكم بحريتها إذا كانت هي لم تعلم أن البينة شهدت بزور ويحل لها النكاح.
ولو شهدا أنه أعتق عبده إلى سنين فقضي بذلك ثم رجعا، فعليهما لسيده قيمته حالا، ويطلبا ذلك في خدمة، فيؤاجراه أو يستخدماه، فإن قبضا ما وديا قبل الأجل رجع العبد يخدم سيده إلى الأجل، وإن تم الأجل ولم يتم ما وديا، فلا شيء لهما مما بقي لهما، فإن مات العبد في يد سيده فترك مالا، أو قتل، فأخذ له قيمة، أو مات بعد الحرية وترك مالا/ فليأخذ الشاهدان من ذلك ما بقي لهما. وذكر ابن الماجشون هذه المسألة فى كتابه وقال: إن أراد السيد أن يعتق، أو أعتق قبل أن يقبض الشاهدان من خدمته ما غرما من قيمته، فالعتق ماض، ويرد إليهما ما أخذ منهما من القيمة، ولو أعتقه وقد أخذا نصف ما أخرجا، رد إليهما نصف ما أخذ، وكذلك إن كانت ثلثا أو ربعا على هذا الحساب. [8/498]
***(1/489)
[8/499] وذكر هذه المسألة ابن المواز مثل ما ذكر سحنون وزاد: فإن قال السيد بعدما أغرمهما قيمته، أنا لا أسلمه إلى الشاهدين بختدمانه أو يؤاجرانه، ولا آمنهما عليه، ولكن أنا أستخدمه وأدفع إليهما ما يحل علي من خدمته، فذلك له، وربما كان ذلك في الجارية النفيسة وغيرها، وذات الصنعة، فله أن يحبسها، وكذلك العبد، ويدفع إلى الراجعين كسبهما وعملهما، حتى ينتهي ذلك إلى ما غرما.
وقال لي عبد الله بن عبد الحكم : يغرمان قيمة العبد للسيد، ويطرح عنهما قيمة خدمته إلى الأجل، فلم يعجبنا هذا. وقد يجاوز [عمله إلى الأجل] قيمته، فيسلم الشاهدان، وقال عبد الملك : يعجلان القيمة ويسلم إليهما الخدمة إلى أن يأخذا منها ما وديا، ولا يعجبنا أن يكره السيد على هذا ، ولكن هو مخير بين أن يسلمه إليهما أو يأخذا من خدمته ما وديا، وإن حبسه عنده ودفع هو إليهما كل ما حصل في خدمته وغلته إليهما إلى مبلغ ما وديا، ولا يمكنان من حيازة عبده، ولو كانا غريمين؛ فإنه يحكم عليهما / بقيمة العبد، ثم إن شاء السيد حبسه وتحسب عليه قيمة خدمته، فمتى ما أيسر رجع عليهما بباقي القيمة معجلا، ويدفع هو إليهما فيما يستقبلان قيمة خدمته شهرا فشهرا، وسنة فسنة على قدر ما يرى، وإن شاء دفع العبد إلى غيره بإجازة يستوفيها السيد عن الشاهدين، فإن تمت السنون قبل وفاء قيمته أتبعه بما بقي، وينفذ عتقه، وإن استوفى من الإجارة قيمته ولم تتم السنون كان باقي خدمته للسيد.
ومن كتاب ابن المواز: إن شهدا على رجل في عبد أنه أقر أن نصفه لفلان، وأن المقر أعتق نصفه منه، فقضي بذلك وعتق عليه، وغرم القيمة للمقضي له، ثم رجعا، قال : يغرمان للمشهود عليه قيمة عبده، ويغرمان له نصف قيمته التي أخرجها من يده إلى الآخر، ولو كان في شهادتهما أن المقر له هو الذي أعتق الشخص الذي أقر له به هذا، فقضي عليه بنصف قيمته التى أخذ من[8/499]
***(1/490)
[8/500] الآخر، ويغرمان للآخر قيمته كاملا، فلو كان هذا الآخر منكرا لما شهدا له به من إقرار رب العبد، ومن العتق، لم يكن عليهما له إذا رجعا إلا نصف قيمته التي خرجت من يده، وللآخر نصف قيمته فقط.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه : ولو شهدا أنه أعتق عبده هذا عام أول في المحرم، فقضى بذلك القاضي، ثم رجعا وأقرا بالزور، فلزمهما غرم قيمته، ثم شهدا أنه أعتقه عام أول في صفر، فلا/ يلتفت الحاكم إلى ذلك، ولا ينفع ذلك الراجعين، لأنه عتق بشهادتهما قبل هذا، فإن أقر السيد بالعتق، رد ما أخذ من الشاهدين، وقد قيل : إن القاضي يقبل الشاهدين بالعتق في صفر، والسيد جاحد، ويلزمه رد القيمة على الراجعين أولا، وهذا أعم وأكثر من القول الأول، وذكر محمد بن عبد الحكم هذا القول الثاني، وفي سؤاله أن الأولين شهدا أنه أعتقه عام أول في رمضان، فحكم بذلك فقضي عليهما بالقيمة ، أو لم يحكم حتى شهدا آخران أنه أعتقه عام أول في ذي الحجة، قال : لا يلزم الراجعين أولا غرم، لأن العبد قد عتق بغيرهما، وليبرنهما القاضى من الغرم، فإن كان السيد يختدم العبد فيما بين رمضان وذي الحجة، فللعبد طلبه بقيمة ذلك بشهادة الراجعين في قول أشهب، فإن قضى له بذلك الحاكم عليه رجع به السيد على الراجعين، لأن شهادتهما أوجبت ذلك، يريد : ولم يغرما قيمته.
ثم إن رجع الشاهدان الآخران عن شهادتهما، قيل لهما، : إنما برئ الأول بشهادتكما، فأغرما ما كان يلزمهما من قيمة العبد، ولو شهد آخران بعد ذلك أن السيد أعتقه في المحرم من تلك السنة، سقط عن الشهود كل ما لزمهم بالرجوع وكل ما أخذ منهم، لأن العتق وجب له بغير الراجعين في تاريخ قبل تاريخهم، ويرد السيد على الشاهدين ما أغرمهما من قيمة خدمة العبد من رمضان / إلى ذي الحجة، ثم يكون للعبد في قول أشهب طلب السيد بخدمته من المحرم إلى أن قضى عليه القاضي بالعتق، لأن مذهب أشهب أن من شهد عليه بعتق عبده وهو ينكر من وقت ذكراه، ثم اختدمه بعد ذلك، أن عليه أن يغرمه قيمة الخدمة من ذلك اليوم إلى يوم قضى بعتقه، ويراه كمن اغتصب حرا [8/500]
***(1/491)
[8/501] فاختدمه، وابن القاسم لا يرى على السيد شيئا في العبد إذا كان منكرا، ويقول أشهب : أقول كما قال مالك فيمن اختدم حرا غاصبا له.
ومن كتاب ابن سحنون: قال سحنون : وإن شهدا أنه أعتق عبده منذ سنتين، وكانا غائبين، ثم قدما فوجداه يملك بالرق، فقضى القاضي بشهادتهما وقضى للعبد بأخذ خراجه أو خدمته من تاريخ العتق إلى يوم الحكم، ثم رجع الشاهدان وأقرا بالزور؛ فعليهما للسيد قيمة العبد وما أخرجا من يديه من الغلة والخدمة.
وإن شهدا أنه حلف بحرية عبده إن دخل دار فلان، والسيد ينكر، ثم دخل تلك الدار واعترف بذلك، فقضي عليه بالعتق ثم رجعا، فعليهما قيمة العبد لسيده.
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه ومن كتاب ابن المواز : ولو شهدا في عبد معتق إلى أجل، أن سيده عجل عتقه، فقضى القاضي بتعجيل عتقه ثم رجعا، فعليهما قيمة الخدمة إلى الأجل/ على غررها، ولو كان معتقا إلى موت فلان فعليهما قيمة خدمته أقصر العمرين: عمر العبد أو عمر الذي يعتق إلى موته.
ومن الكتابين : ومن كان بيده عبد أخدمه حياته ثم هو حر. وذلك معلوم بالبينة، ثم شهد شاهدان أنه وضع عنه هذه الخدمة، فحكم بذلك الحاكم وعجل حرية العبد، ثم رجعا وأقرا بالزور، فعليهما قيمة الخدمة التي أتلفا على الرجل على التعمير على أقصر العمرين: عمر العبد أو عمر المخدم، وفي السنين الأقصر من السنين، أو من عمر العبد كانت الخدمة لسيد العبد أو لأجنبي جعلها له السيد.
ولو شهدا على رجل أنه أخدم عبده لرجل سنين أو حياته، ثم هو حر، أو قالا: ثم مرجعه إلى سيده، فقضى بذلك القاضي ثم رجعا وأقر بالزور، فالحكم ماض، وإن كان مرجع العبد إلى سيده، فله عليهما – إن شاء – قيمة الخدمة على غررها من أن يرجع العبد إليه بعد مدة طويلة أو قصيرة في التعمير، يريد : أو [8/501]
***(1/492)
[8/502] يموت العبد قبل ذلك ويأخذ منهما قيمة عبده فيما أتلفا منه عليه، وحالا بينه وبينه، ويكون مرجع العبد إليهما على ما يرجع به من نماء أو نقص، أو يموت قبل ذلك فيضمناه، وإن كان مرجعه إلى حرية، فعليهما قيمته [لأنهما قد أتلفاه، فلا يرجع إليه منه شيء إلا أن يقتل فتكون قيمتة] لسيده، فيكون لهما حينئذ أن يأخذا منهما ما دفعا إليه من قيمته إن كان فيها ذلك، وذكر ابن المواز هذه المسألة على ما ذكر سحنون.
وقال في الذي مرجعه إلى سيده: إن اختار أن يضمنهما / قيمته، ويكون مرجع العبد إليهما، فإن كان في قيمته فضل، أعطيا منه القيمة التي وديا، إن لم يكن في ثمنه وفاء ما وديا، فليس لهما غير ذلك. وفي باب الرجوع عن التدبير شيء من هذا المعنى.
في الرجوع عن الشهادة في التدبير،
أو شهدا أنه أعتق مدبره ثم رجعا
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه : وإذا شهد شاهدان على رجل أنه دبر عبده فقضي عليه بذلك، وهو جاحد، ثم رجعا وأقرا بالزور، قال : يتعجل منهما قيمة العبد، ويقال لهما : ادخلا فيما أدخلتماه فيه فاقبضا من الخدمة التي بقيت بيده من رقه وما وديتما، ثم ترجع مخدمته لسيده.
قال ابن الماجشون في كتابه : تؤخذ منهما قيمته يوم الحكم، ثم يخير السيد في إسلامه إليهما يأخذا من خدمته وغلته ما وديا ما دام سيده حيا، ثم يرجع إلى سيده مدبراً، وإن شاء كان أولى بخدمته، ودفع إليهما قيمة تلك الخدمة، فإن مات السيد وهو في الخدمة التي صارت لهما قبل يستوفيا ما وديا، فإن خرج من ثلث سيده عتق ولا شيء لهما غير ما أخذا، وإن لم يخرج إلا بعضه فإن الشاهدين[8/502]
***(1/493)
[8/503] أحق بما رق منه حتى يستوفيا ما بقي لهما من قيمته، فإن فضل من ثمن ما رق منه شيئا بعد ذلك فهو لورثته، ولم يربحا فيما وديا، وكذلك ذكر سحنون في موت السيد.
ومن كتاب ابن سحنون : وقال سحنون : ولو مات المدبر قبل يستوفيا وترك مالاً، أخذا مما ترك ما بقي / لهما، وكذلك لو أفادا مالا لأخذا منه ما وديا ولو قيل: لأخذ من قيمته ما بقي لهما، وإن مات ولا شيء له، فلا شيء لهما.
قال : ولو مات السيد وعليه دين يرقه، فإنه يباع لهم قبل الدين، لأن الدين أرقه، فكان هؤلاء أولى بقيمته التى وديا مثل ما لو جنى جناية والدين محيط فأهل الجناية أولى، لأنها في رقبته، قال محمد بن عبد الحكم : يتعجل السيد قيمته من الشاهدين، ثم يدفع إليهما المدبر[يختدمانه في القيمة حتى يستوفياها ثم يرجع إلى سيده إن مات المدبر] قبل / يستوفياها، ثم يرجع إلى سيده وإن مات المدبر/ يستوفياها ثم يرجع إلى سيده بشيء ، وإن كان الشاهدان معدمين، فليضمنا فضل ما بين قيمته عبداً أو قيمته مدبراً، أن لو جاز بيعه مدبراً، ولا أخرج العبد من يده بغير شيء يصير إليه، ولا أقول كما قال بعض أهل الحجاز: إن السيد يختدمه في قيمته، فإن أوفاها لم يرجع على الشاهدين بشيء وإن أيسرا، وإن مات قبل أن يختدمه وفاء القيمة رجع عليهما بما بقي إذا أيسر، وهذا بعيد أن يعطلا عليه رقبته وخدمته، ولا ينالهما غرم شيء، ولو قال قائل: يقضى على الشاهدين بما نقص التدبير من قيمته، كانا موسرين أو معسرين لم أعبه؛ بل هو أقوى في النظر من القول الآخر.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه : ولو كان المشهود على تدبيره جارية ليست ممن تخارج ولا تعمل، كما نهى عمر أن تكلف الأمة غير ذات الصنعة [8/503]
***(1/494)
[8/504] الكسب فتكسب بفرجها، قال : فيؤديا قيمتها / وتعتق إذ لم يبق فيها ما يستوفيان منه ما وديا، إلا أن يشاءوا أن ينفقوا عليها السيد كان ينفق عليهما السيد إلى أن يدركا شيئا من رقها بموت السيد لعجز الثلث، أو لدين حدث عليه، فإن فعلا فأدركا شيئا من رقها فليبع لهما ذلك فيما وديا من قيمتها وفيما أنفقا، ولا يكون لهما الفضل، وإن لم يف ذلك بما وديا من قيمة ونفقة، فلا شيء لهما غير ذلك، وقاله ابن الماجشون في كتابه.
وقال : فإن أبيا أن ينفقا ويطلبا ما ذكرنا لم يلزم سيدها أن ينفق وهي حرة. قال سحنون : ولو بقي المدبر بأيديهما يختدمانه فيما غرما من قيمته، فأعتقه السيد قبتله قبل يأخذا من خدمته ما وديا، فليس لهما رد عتقه، ولكن ينظر فإن كان عتقه وقد استوفيا نصف ما أخرجا، رد عليهم السيد نصف ما بقي، وإن بقي الثلث رد ثلث ما بقي، أو الربع فربع ما بقي إذا كان الشاهدان فقيرين فقال السيد : لا أسلمه إليهما يختدمانه ولم يعطياني قيمته، ولكن أختدمه وأحسب ذلك فيما لزمهما من القيمة، كما لو كان مدبرا وعليهما دين يغترق فأسلماه يختدم في الدين، فإن مات المدبر أو أبق أو عطب فضمانه منهما، وعليهما ما بقي من الدين، وكذلك يتبعان ببقية قيمته في رجوعها، أو يتم الأداء فيرجع إلى سيده.
قال : ولو رجع شاهدا التدبير ولزمتهما القيمة فودياها، ثم شهد غيرهما أن السيد دبره قبل ذلك التاريخ، أو بتل عتقه/، فقضى بذلك القاضى، فليرد ما أخذ من الراجعين أولا، قال: ولو كان إنما شهد آخران لرجل أنه اشتراه من سيده قبل التدبير بمائة دينار، فقضي بالبيع وأبطل التدبير، ثم رجع شهود التدبير وشهود البيع، فلا شيء على شهداء التدبير ويرجعان على السيد بما أديا ويرجع البائع عليهما إن كان مشهودا عليه بفضل ما أخرجا من يده من القيمة على الثمن الذي [8/504]
***(1/495)
[8/505] وصل إليه، فإن كان مثلا أو اكثر، فلا شيء على الشاهدين، وإن كان المشتري هو الجاحد، رجع عليهما بفضل الثمن على قيمة ما في يديه إلا أن يشاء الشاهدان أخذ العبد، ويعطيا المشتري ما ودى، فذلك لهما إلا أن يتماسك، فذلك له.
قال سحنون وابن المواز: ولو شهدا أنه أعتق مدبره وقد ثبت تدبيره بغيرهما، أو بإقرار السيد. وهو يجحد العتق البتل، فقضى القاضي بتعجيل عتقه، ثم رجعا وأقرا بالزور، فعليهما قيمته للسيد، لأنهما أتلفاه عليه، لأنها إن كانت أمة كان له وطؤها ويقضى بها دينه بعد موته.
وقال ابن المواز، وكذلك قال عبد الملك، قال: وقال أصبغ مثله في المدبر والمعتق إلى أجل.
قال ابن المواز: ولم يعجبنا قوله في العتق إلى أجل، لأنه قد ثبت فيه عتق لا يحول ولا يتسيب إليه رق، فلم يتلف الشاهدان منه غير الخدمة، ولم يتلفا فيه قيمة، وإنما نحا أصبغ مذهب ابن القاسم في أم الولد، وإنما قاسا ذلك على القتل أن لو قتلا لكان فيها قيمة عبد/، قاله مالك، وليس القتل من هذا، لآن عبدا لو كان قد أعتق أكثره فلم يبق فيه من الرق إلا قيراط من أربعة وعشرين، فقتله رجل لكانت عليه قيمة عبد، ولو شهد شاهدان بعتق ذلك الشقص، ثم رجعا لم يغرما غير قيمة الشقص.
قال محمد: وأم الولد تخالف المدبر، فلو بيعت فأعتقت ثم استحقت لرد العتق ورجعت إلى سيدها إن كان عديما. وكذلك المعتق إلى أجل يرد إلى سيده، فإن لم يكن عنده شيء رجع المشتري في خدمتهما بالثمن، ولو ماتا عبد المبتاع كانت مصيبتهما من البائع، ويرد الثمن، والمدبر لو بيع فعتق لمضى عتقه، ولو لم يعتق حتى مات سيده وعليه دين محيط أن بيعه يمضي. [8/505]
***(1/496)
[8/506] في الرجوع عن الشهادة في الكتابة
أو شهدا أنه عجل عتق مكاتبه
وأن المكاتب ودى من كتابته ثم رجعا
أو على أن فلانا لفلان قد كاتبه ثم رجعا
من كتاب ابن سحنون عن أبيه ومن كتاب ابن المواز: وإن شهد رجلان على رجل أنه كاتبه عبده، فقضي بشهادتهما وأنفذ الكتابة على السيد، ثم رجعا وأقرا بالزور، فالحكم ماض، وليؤديا قيمته بأخذه للسيد، قال ابن المواز : قيمته يوم الحكم قالا: ويتأدياها من الكتابة على النجوم فإذا قبضا منها مثل أديا رجع السيد فأخذ مائة الكتابة منجمة، فإن وداها عتق، فإن عجز رق له، وإن عجز قبل يقبض الراجعان ما وديا: بيع لهما منه بتمام ما بقي لهما، فإن لم يكن/ فيه تمام ذلك فلا شيء لها غير ذلك، قال ابن المواز: وهذا قول عبد الملك.
وروى أصبغ عن ابن القاسم : أنهما يغرمان القيممة إذا رجعا، فيوقف بيد عدل ويتأدى السيد الكتابة، فإن تأداها وفيها تمام القيمة، رجعت القيمة إلى الشاهدين، وإن كانت الكتابة أقل، أو مات المكاتب قبل الإستيفاء، دفع إلى السيد من تلك القيمة تمام قيمة عبده.
قال ابن المواز : وهذا جواب غير معتدل، وبقول عبد الملك أقول، وعليه أصحاب مالك، لأن السيد في قول ابن القاسم مظلوم، قد منع من عبده، وما كان ينبسط به فيه من بيع وغيره، ولم يصل يده إلى قيمته، ولا راحة للشاهدين في إيقافهما ولعلها تتوفى فيغرماها ثانية، ولو اسحسنت قول ابن القاسم[8/506]
***(1/497)
[8/507] لقلت : فكلما قبض السيد من الكتابة رجع مثله إلى الشاهدين من القيمة الموقوفة، ولم أوقفها كلها حتى انقضاء الكتابة كما في ظاهر جوابه، قال سحنون، وقال بعض أصحابنا: إذا رجعا بيعت الكتابة بعرض، فإن كان فيه وفاء لقيمة العبد أو أكثر، فللسيد، وإن كان أقل رجع عليهما بتمام القيمة، والقول الأول أكثر.
وفي كتاب ابن الماجشون: تباع الكتابة بعرض، فإن شاء سيده أخذه ، وإن شاء بيع العرض، فإن كان ثمنه مثل قيمة العبد أو أكثر فهو له، وإن كان أقل رجع عليهما بتمام القيمة، قال عنه ابن ميسر: إلا لو يأبى السيد من بيع/ الكتابة فلا يغرم له الشاهدان شيئا.
ومن كتاب ابن سحنون ومثله في كتاب ابن المواز: قال سحنون : وإن شهدا أنه أعتق مكاتبه، قال في الكتابين : شهدا أنه أخذ منه ما عليه من الكتابة. قال في كتاب ابن المواز: أو أسقطه عنه وخرج حرا وقد تبينت كتابته بغيرهما، أو باقرار السيد، وهو يجحد ما شهدا به، فحكم القاضي بذلك، ثم رجعا فليغرما للسيد ما أتلفاه عليه مما كان على المكاتب، كان ذلك عينا أو قرضا، قال في كتاب ابن المواز: يؤديه على النجوم، وقاله عبد الملك.
قال سحنون : وإن شهدا على رجل أن فلانا كاتب بمائتي دينار، وقيمته مائة، والمشهود عليه يجحد، فقضي عليه وخرج حرا، ثم رجعا فعليهما أن يغرما له مائتين إذا أقرا بالزور، ولا ينظر إلى قيمته. [8/507]
***(1/498)
[8/508] في الرجوع عن الشهادة في أمة
أنها أم ولد، ثم رجعا
أو في أم ولد أن سيدها أعتقها
ثم رجعا
من كتاب ابن سحنون وكتاب ابن المواز: وإن شهدا على رجل، قال في كتاب ابن سحنون : أنه أولد جاريته هذه وصارت له أم ولد، وقال في كتاب ابن المواز : شهدا أنه أقر أنها ولدت منه أو أسقطت، قال في الكتابين : فحكم القاضي بأنها أم ولد ثم رجعا، فعليهما قيمتها للسيد، ولا شيء لها، وهي أم ولد للسيد يطؤها ويستمتع بها، ولم يبق فيها خدمة يرجعان فيها : أنهما يغرمان إلا أن تجرح أو تقتل فيؤخذ / لذلك أرش، فلهما الرجوع في ذلك بمقدار ما وديا، والفضل للسيد. قال سحنون : وكذلك لو أفادت مالا فليرجعا فيه بما وديا فقط، وقال ابن المواز: لا يرجعان فيما تفيد من مال بعمل أو بهبة أو بغير ذلك، وذلك للسيد مع ما أخذ.
ومن الكتابين : ولو شهدا في أم ولد رجل أنه أعتقها، فحكم بذلك، ثم رجعا وأقرا بالزور، فقد اختلف فيها، فقال سحنون : فقد قيل فيها، وقال ابن المواز: قال عبد الملك: وأخبرنا أصحابنا مثله عن أشهب : أنه لا شيء على الشاهدين، لأنه لم يبق له فيها غير الوطء، ولا قيمة له، كما لو شهدا أنه طلق امرأته ثم رجعا، وأن السفيه يعتق أم ولده فيجوز ذلك، وهو لو وضع خدمة من أعتقه أبوه إلى أجل، أو وضع كتابة مكاتب لم يجز ذلك، وقال ابن المواز: وقال ابن القاسم : على الشاهدين قيمتها للسيد كما لو قتلها رجل، والقول الأول أقوى وأجح، وذكر هذا القول سحنون، ولم يسم قائله.
وقال محمد بن عبد الحكم في رجوع اللذين شهدا في أمة لرجل أنها أم ولده : أن عليهما قيمتها، ويخفف عنهما، لما بقي له فيها من الاستمتاع، وكذلك [8/508]
***(1/499)
[8/509] إن كانت حاملا غرما قيمتها على التخفيف، ولو كان لها ولد وكانت شهادتهم له أنه أقر أنها ولدت هذا منه فألحق به، ثم رجعا، فعليهما قيمته، وقال في الذي شهدا أنه أعتق أم ولده ثم رجعا: أنهما يغرمان له قيمتها، ويخفف عنهما من ذلك بقدر ما كان بقي له فيها من الرق،/ وروي عن بعض مشايخنا أن لا شيء عليهما إذا شهدا أنه اتخذها أم ولد، وهي رواية ما أدري ما حقيقتها، ولا أرى ذلك.
في الرجوع عن الشهادة في الانساب
والمواريث وعدد الورثة
أو بزوجة الميت أو بعتق أمة ونكاحها
من كتاب ابن سحنون : ومن ادعى أنه ابن رجل والأب ينفيه، فأقام بينة أن الأب أقر أنه ابنه، فحكم الحاكم بذلك، ثم رجعا وأقرا بالزور بقرب ذلك، ولم يمت الأب، فلا شيء عليهما في تثبيت النسب قبل أن يؤخذ بشهادتهما المال بالميراث، فيرث المقصي له ويمنع العصبة، فحينئذ يغرمان للعصبة ما أتلفا عليهم، وكذلك إن كانت الشهادة على ما قد مات وترك عصبة فقضي للإبن بالميراث فليغرما للعصبة ما أتلفا عليهم، وعليهم في العين مثله، وكذلك فيما يكال أو يوزن من طعام أو غيره، وفي العروض القيمة.
ومن كتاب ابن المواز: وإن شهدا على رجل أنه أقر في عبده أنه ابنه، فقضي بالحاق نسبه وحريته، ثم رجعا والسيد صحيح البدن، فالحكم بالنسب ماض، وعليهما للسيد قيمة العبد، فإن مات الأب بعد ذلك وترك ولدا آخر غير المستلحق، فليقسما تركته إلا قدر قيمة المستلحق الذي يأخذ الأب من الشاهدين، فإنها تعزل من التركة فتكون للإبن الأول وحده دون المستلحق، لأن المستحلق مقر أن أباه ظلم فيها الشهود، وأنه لا/ ميراث له فيها، وينظر إلى ما [8/509]
***(1/500)
[8/510] حصل للملحق من الميراث في غير القيمة، فيغرم الشاهدان مثله للإبن الأول بما أتلفاه عليه.
قال محمد: وإنما جعلنا القضية للإبن الأول، لأنا لو قسمناها بينهما لرجع الشاهدان على المستلحق فيما أخذ منهما فأخذاه منه، لأنه مقر أنه لا رجوع لأبيه عليهما لصحة نسبه عنده، فإذا أخذا ذلك منه قام عليهما الإبن الأول فأخذ ذلك منهما، لأنه يقول: لو بقي ذلك بيد المستلحق وجب لي الرجوع بمثله عليكما وأن تغرما كل ما أخذ من التركة الذي ألحقتماه بأبي، فلذلك أخرجناها أولا للإبن الأول.
قال: ولو طرأ على الميت بعد ذلك دين لرجل: مائة دينار، قال: يأخذ من كل واحد من الولدين نصفها، فإن عجز ذلك ثم قضى الدين من تلك القيمة التي انفرد بها الأول، ورجع الشاهدان على الإبن الثابت الأول، فأغرماه مثل الذي غرمه المستلحق للغريم، لأن الملحق يقول: إن المائتي دينار التي ترك أبي منها المائة التي هي قيمتي، لا ميراث لنا فيها، فكان جميع تركة أبي مائة قضى بها دينه، ولم يترك شيئا غير تلك القيمة التي لا شيء لي فيها، فوجب للشاهدين أن يرجعا، بنصفها على الإبن الأول، يريد : لأنهما لم يتلفا شيئا من التركة، وهذه القيمة قد أقر لهما الابن المستلحق أنهما مظلومان في غرمها، فليأخذا نصيبه/ منها من الابن الأول الذي انفرد بها.
قال : ولو لم يكن للميت ولد غير المستلحق وحده، وقد ترك مائتي دينار، قال: فالمائة الواحدة له فقط، والمائة الأخرى للعصبة، فإن لم يكونوا قبيت المال، ويغرم الشاهدان مائة أخرى للعصبة أو لبيت المال، لأنهما لولا شهادتهما أخذ العصبة مائتين، إن طرأ على الميت مائة دينار لرجل أخذها من المستلحق وحده، ورجع الشاهدان، فأخذا المائة التي وفياها للعصبة، أو لبيت المال بعد موت الميت، وإن لم يشهدا إلا بعد موته وقد ترك ابنا وعبداً، فشهدا أنه أقر بالعبد أنه أبنه، وفقضي بذلك، ثم مات وترك مائة دينار، فأخذ الملحق نصفها، ثم رجعا وأقرا [8/510]
***(2/1)
[8/511] بالزور، قال : فالحكم بالنسب ماض، وليغرما للإبن الأول الخمسين التي أخذ المستلحق وقيمة الملحق.
قال : فإن كان قيمة الملحق خمسين يغرم الشاهدان للولد الأول مائة، فصار بيده خمسون ومائة، وبيد الملحق خمسون، فإن طرأ على الميت مائتا دينار لغريم، فليأخذ من الملحق الخمسين التي بيده، ويأخذ من الثابت النسب مائة دينار فقط، ليس له غير ذلك، ويرد الولد الأول الخمسين الباقية بيده إلى الشاهدين، لأنهما إنما غرماها غرما لما ورث الملحق، فقد أخذت منه للدين ولم يرث شيئا، قال: فإن لم يطرأ على الميت دين حتى مات الملحق: فإن كان ترك ورثة سوى أخيه ممن يحوز المال/ فالحكم بينهم قائم كما كان لميتهم فيما يطرأ للميت الأول من مال أو دين فيما ورثوا منه عن ميتهم مع الولد الأول، رجع بمثله الولد الأول على الشاهدين أبدا، وما طرأ على الميت من دين فقضي مما صار لورثة الميت الآخر، أو ما ترك ميتهم من ما كان ورث قبل موته مع ما صار للولد الأول، رجع الشاهدان على الولد الأول بمقدار ما أخذ منه الغريم من مال الملحق ومن ورثته، فأما إن لم يكن للملحق وارث غير أخيه: فالشاهدان أحق بتركته حتى يأخذا منها ما غرما للأول من قيمة أو ميراث، لأنه قد رجع إليه حين ورثه ما أتلف عليه الشاهدان، وسقط عنهما الغرم بعد ذلك فيما يطرأ للميت من مال أو غلة.
قال : ولو كان إنما مات الثابت النسبت، فإن ترك ولدا ومن يحرز الميراث فالأمر قائم كأنه لم يمت، لأن ورثته مقامه، وإن لم يترك إلا أخاه الملحق، فإنه يرثه، ويغرم الشاهدان للعصبة مثل جميع ما ترك، وإن كان يرثه من يرث معهم الملحق : قال : فاعما فيما صار للملحق من ذلك ما يفعل في المال كله لو صار إليه بالميراث، قال: ولو طرأ على الميت مائة دينار دينا، وتركة الميت مائتا دينار، يريد : بقيمة الملحق، قال: فأخذ المستلحق خمسين، وأخذ الابن الأول [8/511]
***(2/2)
[8/512] خمسين ومائة، منها من القيمة، وخمسون من المورث، فلم يوجد بيد الأول إلا خمسون، وقد أعدم بما بقي، والملحق ملي بما أخذ، فليأخذ/ الغريم من الملحق خمسين، والخمسون التي وجد عند الأول يأخذ هو نصفها، والشاهدان نصفها، لأن الشاهدين وجب لهما الرجوع على الأول بالخمسين التي غرما له التي ورثهما الميت، لأنه صار الدين أحق بها فلم يتلفا على الأول مورثه.
قال : ومن هلك فأقام رجل شاهدين أنه أخوه، لا يعلمون له وارثا غيره، فحكم له بذلك، فورث أخاه، ثم أقام آخر شاهدين أنه ولد الميت، فحكم له وانتزع من الأخ ما ورث، ثم رجع الأربعة فأقروا بالزور، قال: فيغرم شاهدا الأخ لبيت المال مثل جميع التركة، ويغرم شاهدا الإبن للأخ مثل جميع التركة، فإن احتج شاهدا الأخ أن شاهدا الإبن قد اخرجا المال عن الأخ وعن بيت المال، قيل لهما : لا حجة لكما بذلك، لأن شاهدي الإبن قد رجعا ووجب للأخ أن يأخذ منهما ما أتلفا عليه، ولولا شهادتكما كان ذلك لبيت المال لا للأخ.
قال : ومن ترك أخاه لأبيه فورثه، فأقام آخر شاهدا بأنه أخو الميت شقيقه، وشاهدا أنه أخوه لأبيه، وشاهدا بأنه أخوه لأمه قال: قد ثبت له شاهدان أنه شقيق؛ لأن الشاهد أنه شقيق قد قاربه واحد على الأب، وآخر على الأم، فيكون أحق من الأخ للأب، فإن قضي بذلك ثم رجع هؤلاء الثلاثة وأقروا بالزور، قال: فيلغرموا للأخ للأب ما ورث هذا بشهادتهم، فيغرم الشاهد بأنه / أخ للأب : ثلاثة أثمان المال، ويغرم الشاهد أنه أخ لأم ثمن المال، قال: لأن الشاهد أنه أخ لأم قد شاركه الشاهد بأنه شقيق في الأم، وذلك يوجب السدس، فصار السدس بينهما نصفين، وأصيب الشاهد بأنه أخ لأب، وقد شاركه الشاهد أنه شقيق، في الأب فأوجبت شهادتهما النصف، فذلك بينهما، فعلى الشاهد أنه أخ لأب الربع، فأخرج ربعا وسدسا فذلك أربعة، فهو غرم هذين. [8/512]
***(2/3)
[8/513] وقد علمت أن على الشاهد أنه شقيق مثل غرمهما أربعة أجزاء، فأجرى في غرمهم على ثمانية اجزاء كل ما غرموا، ولو كان إنما ورث الميت جده وأخوه لأبيه، ثم كانت الشهادة لأخ شقيق كما ذكرنا من الثلاثة: فإنه يؤخذ له من الأخ للأب النصف الذي في يده، ويؤخذ له من الجد السدس، لأن الشقيق يعادل الجد بالذي للأب ولا يرث، فإن كان ذلك ثم رجع الثلاثة: قال : فليغرم الشاهد أنه أخ لأم للاخ للأب ثلث النصف الذي أخرج من يديه؛ لأنه قد شركه صاحباه في إخراج ذلك النصف من يديه، ولم تضر شهادته الجد، شهد بها وحده أو مع غيره، ويرجع الجد على الشاهدين، يريد: الآخرين بالسدس بينهما نصفين، ثم يغرمان للأخ الأول الثلث.
قال : ومن ترك مائة دينار فورثها مولاه، ثم قدم رجل فأثبت شاهدان أنه ابن عمه، فقضي له وأخذ ما بيد المولي، ثم قدم آخر، فأثبت أنه أخوه شقيقه فأخذ ما بيد ابن عمه، ثم قدم آخر فأثبت أنه ابنه فأخذ/ ما بيد أخيه، ثم رجع جميع الشهود، قال : فعلى شهود الإبن غرم المائة دينار للأخ كما أتلفاها عليه، وكذلك على شهود الأخ غرمها لابن العم، وعلى شهود ابن العم مغرمها للمولي أو لبيت المال إن لم يكن له مولى.
ومن كتاب بن سحنون : قال سحنون : وإن شهد رجلان في أمة بيد رجل أنها ابنته وهو يعلم كذبهما في ذلك، فقضي عليه بشهادتهما ثم رجعا فأقرا بالزور ووديا، فالحكم بالنسب ماض، ولا يحرم عليه فرجها بينه وبين الله، إلا أنا نكره أن يفعل فيعد زانيا، ويضيع نسب ولده، وله – إن شاء – طلب البينة بقيمتها، فإن أخذ منهما قيمتها تم لها الحكم بالحرية ولم يجز له مسها، فإن ماتت فورث مالها وكان فيه مثل القيمة فأكثر، رد منه على الشاهدين ما أغرمهما، وإن كان قدر نصف القيمة رده عليهما فقط. [8/513]
***(2/4)
[8/514] وإذا سبي رجل وامرأة من أرض الحرب فيعتقا، ثم تزوج الرجل المرأة، ثم قدم رجل من أرض الحرب فأسلم وادعى أنهما ولده وأقام البينة المسلمين، وقضي له بذلك، ثم رجعا وأقرا بالزور، فليؤدبا والحكم بالنسب ماض، فإن كان الرجل والمرأة لا يعلمان ما شهدت به البينة أحق هو أو غيره، وسعهما قبول حكم الحاكم على الظاهر، فإن علما أن البينة شهدت بزور، فهما على أمرهما الأول بينهما وبين الله، ولكنا نكره له مسها ليلا يعد زانيا، ويبيح من حرمته، ويقطع نسبه، أو تحمل هى فترجم إذا وضعت، ولا يحل لأحدهما أن يرث من صاحبه إن مات إلا ميراث الزوجية، فإن / لم يعلما غير ظاهر الأمر فهما على النسب بظاهر الحكم، فإن ماتت المرأة فصار ميراثها لأخيها، فإن على الشاهدين للمولى الذي أعتقها ثلاثة أرباع ميراثها إذا لم يترك وارثا غير أخيها، وقال عبد الملك : لا ندري ما أراد بهذا، وأراه خطأ وقع في الكتاب، وإنما أتلفا على المولى النصف، لأن الأخ ورث الجميع بشهادتهما، ولولا ذلك لم يرث إلا النصف بالزوجية.
وعن ابن المواز زيادة ليست في كتاب ابن أبي مطر.
وقال في ميت ورثه أخوه فأتت امرأة بشاهدين فشهدا أنها زوجة الميت، فقضي لها، فأخذت من الأخ الربع، ثم أتت أخري ببينة أنها زوجة الميت، فرجعت على الأول، فقضي لها، فأخذت نصف ما بيدها، فصار الثمن بيد كل واحدة، ثم رجع شاهدا الأولى، فعليها للثانية غرم الثمن الذي بقي بيد الأولى حتى يصير في يد الثانية الربع كاملا، ثم إن رجع الشاهدان الآخران أيضا، فللغرماء الربع كله، فيكون نصفه للمرأة الأولى ونصفه لشاهدي الأولى، لأن شاهدي الأولى يقولان لشاهدي الآخرة : ولولا شهادتكما لم نغرم برجوعنا للآخرة الثمن الذي غرمناه لها، وكذلك تقول لهما المرأة الأولى : بشهادتكما نزع مني الثمن، ثم يرجع الأخ على الأربعة فيغرمهم الربع كاملا بينهم، ولو رجع شاهدا الآخرة أولا، ثم رجع شاهدا الأولى، قال: فيغرم الآخران الثمن للأولى، ويغرم الأولان الثمن للآخرة، ويغرم الأربعة / الربع للأخ. [8/514]
***(2/5)
[8/515] / من كتاب ابن سحنون عن أبيه : ومن مات وترك أمته وعبديه ومالا، فأقام رجل البينة أنه أخوه شقيقة، فقضي له بالنسب والميراث، وانتزع التركة، ثم أقام أحد العبدين بينة أنه ابن الميت، فقضي له بالنسب، وانتزع التركة من الأخ، ثم أقام العبد الثاني شاهدين بأنه ابن الميت فقضي له بذلك، وشارك الآخر المقضي له بالنسب في الميراث، ثم أقامت الأمة شاهدين أن السيد كان قد أعتقها في صحته وتزوجها، فقضي لها بذلك وأخذت من الإثنين ثمن التركة، ثم رجع اللذان شهدا للعبد الأول أنه ابن، فالحكم للأول نافذ، ويغرمان للولد الآخر قيمة العبد الأول، يأخذ هو سبعة أثمان قيمته، والزوجة ثمن قيمته، وأما ما في يديه من المال فيأخذه الإبن الثاني، لأن المرأة قد أخذت ثمنه، ولم يرجع إلا بينة العبد الثاني، فليغرما للأول سبعة أثمان قيمة العبد الثاني، وللمرأة قيمته، ويغرمان للأول أيضا ما في يد الثاني من الميراث، والحكم الأول نافذ، وكذلك لو رجع هذا بعد رجوع الأولين، فالأمر ما ذكرنا.
ثم إن رجع شاهدا الأمة بالعتق والنكاح، فليغرما للإثنين ما أتلفا، وذلك قيمة الأمة، وما أخذت بالميراث يكون بين الولدين نصفين، والحكم نافذ، ولا تبال من رجع منهم أولا أو آخرا، أو رجعوا كلهم مرة واحدة، لأنها شهادة بعد شهادة على أشياء مختلفة، ولو شهدوا كلهم بالنسب والعتق والنكاح، وحكم بذلك ثم رجعوا، لغرموا ما هنا للأخ الأول أخ الميت/ ما أتلفوا من قيمة العبد وجميع الميراث، ولو شهدا لامرأة على رجل بنكاح بصداق مسمي، ثم مات، أو شهدا عليه بذلك بعد موته، فحكم لها بذلك وورثت، ثم رجعا وأقرا بالزور، فليغرما للورثة المعروفين ما أخذت المرأة من ميراث وصداق، ولا يكون للمرأة في ذلك شيء.
ولو كان بيده صبي عبد فشهدا أنه ابنه، وشهدا آخران في أمة عنده أنه أعتقها فتزوجها بصداق معلوم، فقضي بذلك كله، ثم رجعوا كلهم وأقروا بالزور، [8/515]
***(2/6)
[8/516] وقد مات الزوج ودخل الصبي والزوجة في ميراثه، وأخذت الصداق؛ فإن شهود الصبي يضمنان للوارث المعروف قيمة الصبي وما أخذ من الميراث، ويضمن شاهد الأمة للوارث قيمة الأمة وصداقها وما أخذت من الميراث، والحكم الأول نافذ لا يرد، ولا يدخل الإبن فيما غرم شهوده لباقي الورثة، ولا تدخل الأمة فيما يغرم لهم شهودها.
في الرجوع عن الشهادة في الولاء
وفي إرقاق الحر
ومن كتاب ابن سحنون : وإذا شهد شاهدان في ولاء رجل اختصم فيه رجلان فاثبتاه لاحدهما، أو شهدا في رجل لا يعرف له ولاء، فأثبتا ولاءه لرجل، وهو يدعي ذلك، والمشهود بولائه ينقل ذلك ويدفعه، فقضي بذلك، ثم رجعا وأقرا بالزور، فلا شيء عليهما إلا أن يرد غير العقوبة، لأنه قد يموت ويدع وارثا يحجب المولى، فإذا مات وترك مالا ولا يرثه غير ذلك المولى المحكوم له، فإنهما يغرمان لمن / تلفا ذلك عليه حتى صار لهذا إن أقر أنهما ينزعان ولاءه من الذي نازع الآخر في الولاء، فانتزعاه منه، وأما الذي لا يعرف له ولاء، فعليهما ضمان ذلك لمن نزعاه منه، وإن كان يعرف دفعا إليه وإلا وقف ليأتي من يستحقه، قال : وإنما يضمان تركته التي مات عنها، كانت أكثر مما كان معه يوم الحكم أو أقل، فالرباع والحيوان والعروض يضمنان القيمة فيه، وما يوزن وبكال فعليهما مثله، وما ولدت من أمة بعد الحكم فمات الولد فلا يضمناه، وكذلك لو زادت في بدنها أو نقصت أو ماتت، فإنما يضمنان ما يملك الميت يوم مات.
ولو شهد شاهدان في امرأة ورجل أنهما لفلان وهما ويجحدان ذلك، فقضي بذلك القاضى فيما، ثم رجع الشاهدان فأقرا بالزور فلا موضع للضمان في ذلك. [8/516]
***(2/7)
[8/517] قال محمد بن عبد الحكم : إذا شهدا على رجل أنه عبد لفلان، وهو يدعي الحرية، فقضي عليه بالرق، ثم رجعا فلا قيمة عليهما في الرقبة، ولكنه يلزمان للعبد كل ما استعمله سيده وكل خراج أدى إليه من عمله، وإن كان له مال فانتزعه فهذا كله يلزم السيد للعبد، ثم ليس لمن قضي له بملكه أن يأخذ ذلك منه؛ لأنه إنما هو عوض مما أخذه هو منه، ولو مات العبد وذلك في يديه فلا يرث ذلك السيد، ولكن يوقف ذلك حتى يستحق ذلك مستحق، ثم يرثه بالحرية، فإن أعتق منه العبد قبل موته عبدا جاز عتقه، وكان ولاؤه بعد لمن كان يرث عنه الولاء لو كان حرا، ويرثه العبد إن مات/ ومعتقه حتى، وإن أوصى منه العبد كان ذلك في الثلث منه، وإن وهب منه منه أو تصدق جاز ذلك، ويرث باقيه ورثته إن كان ممن يرثه حرا، وليس للعبد أن يتزوج منه، لأن النكاح ينقص رقبته.
ولو مات رجل وله ابن حر فأقر أن هذا العبد أخوه لا وارث لأبي غيري وغيره، وأنه سرق صغيرا، والعبد في يد من يدعي ملكه، فليدفع هذا المقر إلى الأب نصف تركة الأب، وليس لسيده أن ينزعه منه، وللعبد أن يعتق من ذلك المال رقبة ويتصدق وينفقه فيما شاء، وليس مثل ما يملكه العبد من هبة أو صدقة، لأن هذا إنما أقر له به على أنه له على أنه حر، ولو مات هذا العبد لم يرث ذلك سيده، ويأخذه أخوه الذي أقر بأنه أخ له.
ولو مات العبد عن ولد من أمة أشتراها من ذلك المال، أو كان ما تركة أبيه رقيقا، فأخذ في نصيبه أمة فأولدها، فذلك الولد حر، وأمه حرة، ويرث ذلك الولد باقي ذلك المال، وإن كنت لا أرى له أن يتسري في المال، لأن من كان له ولد حر من العبيد حط ذلك من ثمنه، ولو أن الشاهدين برقه جرحاه فلسيده أن يأخذ منهما ما نقصه ذلك من قيمته يوم يغرمان للعبد دية الجرح إن كان خطئاً لا تحمله العاقلة، وإن كان مما تحمله العاقلة فلا يلزم عاقلة الشاهدين ذلك بقولهما، ولكن يغرم له ذلك الشاهدان في أوقات وجوب الدية على العاقلة، لأن شهادتهما أتلفت ذلك عليه، وإن كان عمدا فشاء أن يقنص منهما بجرحه فذلك له، يريد: لإقرارهما أنه/ حر فله أن يقتص منهما خاصة بإقرارهما على أنفسهما.[8/517]
***(2/8)
[8/518] ومن كتاب ابن سحنون : وإذا شهد رجلان على رجل أنه عبد لرجل ادعاه، والمدعي قبله يجحد ذلك، فحكم برقه، ثم قاطعه المحكوم له على مال أخذه منه وأعتقه أو كاتبه عليه، فأدى وأعتق، ثم أقرا بالزور ورجعا، فعليهما أن يغرما للمشهود برقة ما ودى إلى سيده، والحكم ماض، والولاء قائم.
في الرجوع عن الشهادة بالنسب
وقد أوجب ذلك قياما بدم أو عفوا عنه
وفي الرجوع عن الشهادة
قال ابن سحنون عن أبيه : وإن شهد شاهدان أن هذا ابن هذا القتيل لا وارث له غيره، وله أخ شقيق معروف، أو مولي معروف، والقاتل يقر بقتل القتيل عمدا، فحكم القاضي بذلك له بالنسب وبالقتل، فقتل، ثم رجعا وأقرا بالزور، فلا شيء عليهما في القصاص، كما لو شهدا بعفو عن دم عمد، ثم رجعا، لأنه ليس بمال، وعليهما ضمان كل ما ترك الميت، يغرمانه للأخ المعروف أو المولى المعروف. وقال محمد بن عبد الحكم : يقتل الشاهدان لأن بشهادتهما قتل، وهذا قول أشهب، وابن القاسم لا يرى في هذا القود.
محمد بن عبد الحكم : وإن صالحاه على والدية أو أقل، فليغرم ذلك الشهود، لأنه ليس عليه أن بيبح دمه بترك غرم الدية، وإن صالح على أكثر من الدية ففيها قولان، أحدهما: أنهما يغرمان ذلك، وقيل: ليس عليهما أكثر من الدية كأنها قيمة، / لأن أحد الأولياء لو عفا لم يأخذ الباقون إلا حصصهم من الدية.
في الرجوع عن الشهادة في القتل في العمد والخطأ
وكيف إن كان في الشهادة عتق القاتل أو المقتول؟
قال أبو محمد : قد ذكرنا في أول الكتاب الإختلاف في البينة يشهدون على رجل بقتل أو سرقة فقتل أو قطع، ثم رجعوا وأقروا بالزور : أنه قد قيل : إنهم يقتلون [8/518]
***(2/9)
[8/519] في القتل، ويقطعون في القطع إذا تعمدوا الزور، روي ذلك عن على بن أبي طالب. قال سحنون : وبهدا قال بعض أصحابنا، قال محمد بن عبد الحكم: هو قول أشهب، وبه أقول.
قال سحنون : وأكثر أصحابنا على أن يضمنوهم الدية، وهو قول ابن القاسم وغيره.
ومن كتاب ابن المواز: وإن شهد رجلان على حر أنه قتل حرا فقتل به، ثم رجعا وقالا: تعمدنا الزور ليقتل، فإنهما يقتلان ويضمنان الدية في أموالهم، والحكم نافذ، لأنهما لم يجنيا بأيديهما، وإنما قتله السلطان بما غراه ، ولم أجعل ديته على عاقلة السلطان، لأن عدالتهما يوم رجعا قد سقطت، فلو قبلت قولهما في الرجوع على العاقلة لنقضت بقولهما الحكم الأول، ولو شهدا أنه قتله عمداً، فحكم الإمام بقتله، ودفعه إلى أولياء القتيل ، فذهبوا به ليقتلوه، فرجعا وأقرا بالزور قبل أن يقتل، فقد اضطر فيه القول ، فقال ابن القاسم مرة: لينفذ القتل عليه بالحكم الأول ولا يرد برجوعهما؛ لأنهما الآن ممن لا تقبل شهادتهما فلا يقبل منهما ردهما بشهادتهما/ الأولى التي حكم بها، وإنما يؤخذان بقولهما الثاني في انفسهما فيما أقرا به مما أتلفاه وضمناه، ثم رجع ابن القاسم فقال: هذا هو القياس، ولكن أقف عن قتله لحرمة القتل، وكلك القطع وشبهه، وأرى فيه العقل أحب إلي.
وقال أشهب في رواية أصبغ مثل قول ابن القاسم الأول، وروى عنه غيره أنه لم ير قتله، أخبرني به إبراهيم البرقي عن أشهب في أربعة شهدوا بالزنا على محصن فحكم برجمه ثم رجعوا قبل يرجم، قال : لا يرجم ويمضي عليه أدنى الحدين مائة جلدة، وكذلك لو شهد شاهدان على رجل بالسرقة فحكم بقطعة، وأمر به، فرجعا قبل يقطع، قال: لا يقطع، وكذلك في قطع يد رجل فحكم بالقصاص، ثم رجعا فليدرأ عنه القطع، وأما الحكم بالأموال فلينفذ وإن لم يقبض. [8/519]
***(2/10)
[8/520] قال محمد : لو كان المشهود عليه بالزنا غير محصن لأمضي عليه الحد.
قال أصبغ: والقياس إنفاذ القتل والقطع وكان شيء، ولكني استحسن لحرمة الدم وخطر القتل ألا يقتل، ولادية فيه على المشهود عليه ولا على الشهود، وأراه شبهة كبيرة.
وكذلك قال ابن المواز، وكذلك في الزاني المحصن، ويحد المحصن بالحكم الأول.
ومن كتاب ابن المواز : وإن شهدا أربعة على أن هذا العبد قتل رجلا حرا عبدا ، فقال اثنان منهما: ما علينا أن مولاه أعتقه، وقال الآخر: علمنا أنه أعتقه قبل القتل، فقضي بشهادتهم وقتل القاتل، ثم رجع الأربعة وأقروا بالزور، فقيل : إن على الأربعة دية المقتص منه في القتل/ ألف دينار لورثته الأحرار، ثم يرجع سيده والشاهدان على أنه عبد جميعا على شاهدي الحرية، فيكون لسيده عليهما قيمة عبده ما بلغت، لأن شهادتهما منعت السيد من أخذ قيمة عبده، ويرجع أيضا عليهما شاهدا الرق بما زادت نصف الدية على نصف القيمة، لأنهما يقولان : لولا شهادتكما بحريته لم نغرم نحن إلا نصف قيمة العبد.
وقال ابن المواز: ولم يعجبنا هذا، والصواب ألا يكون على الأربعة إلا قيمة المقتص منه، قيمة عبد، يأخذ ذلك سيده، لأن شهادة الحرية لم تتم حين رجع من شهد بها، وإنما نفذ بها القصاص فقط، لأنه لم يكن يحتاج إلى شهادتهم في الحرية، لأنه يقتص من العبد بالحر في النفس، وإنما نفذ بشهادة الأربعة القتل لا الحرية، ولم ينظر فيمن شهد فيه بحرية، ولا احتيج إليها حتى رجعا عنها، فهي كالشهادة يرجع عنها قبل أن ينفذ بها حكم فلا يقضى بها، ولو لم ينفذ القتل لبطل أيضا.
قال : ولو رجع شاهدا الزور فقط، أو شاهدا الحرية فقط، فلا شيء عليهما، لأنه قد بقي من يكتفى به، إلا أن يرجع الباقيان بعدهما، فيلزم الأربعة قيمة عبد [8/520]
***(2/11)
[8/521] لسيده، وسواء كان البادئ بالرجوع شهيد الحرية أو شهيد الرق، وكذلك لو لم يشهد أنه إلا اثنان، وشهدا أن سيده أعتقه فقتل به، ثم رجعا، ما كان عليهما إلا غرم قيمته عبدا، لأنهما لم يضرا بشهادتهما على الحرية شيئا، ولا ثبت لورثته بشهادتهما على الحرية حين رجعا عنها./
قال : ولكن لو لم يكن شهد على القتل إلا الشاهدان على أن القاتل عبد، وشهد آخران أن السيد كان أعتقه، ولم يشهدا بالقتل، ثم رجعا، فإن كان رجوعهم جملة، لم يكن فيه إلا قيمة عبد لسيده على الشاهدين بالقتل وحدهما، وكذلك إن ابتدأ بالرجوع شاهدا الحرية، ولكن إن ابتدأ ها هنا بالرجوع اللذان شهدا بالقتل لزمهما غرم دية حر لورثته الأحرار بشهادة شاهدي الحرية، وحينئذ احتيج إلى شهادة شاهدي الحرية، واحتيج أن يكشف عن عدالتهما، فإن ثبتا على شهادهما أنفذ الحكم بشهادتهما أنه حر، وحكم بشهادتهما على شاهدي القتل بدية الأحرار في أموالهما، فإن رجع بعد ذلك شاهدا الحرية فلا تبطل شهادتهما على الحرية، ويغرمان للسيد قيمة عبده، ويغرمان لشاهدي القتل ما كان غرما من فضل الدية على قيمته عبدا، قال: وإن شهدا أن هذا المملوك قتل حرا وما علمنا أن سيده اعتقه، وشهد آخران أن مولاه أعتقه، ولم يشهدا على القتل، فرجع أحد شاهدي القتل ورجع أحد شاهدي الحرية، أو رجع شاهدا الحرية قبله، أو رجع أحدهما وثبت الآخر مع صاحبه، قال : سواء من رجع منهم إذا كان رجوعه قبل أن ينفذ فيه الحكم بحرية، قال في رواية غير ابن ابي مطر : فلا شيء فيه إلا أن يثبت شاهدي الحرية حتى يحكم بشهادتهما فيكون على الراجع من شاهدي القتل نصف دية حر لورثة المقتص منه، فإن رجع بعد ذلك أحد شاهدي الحرية، غرم للسيد نصف قيمة عبده، / وللراجع عن القتل للذي شهد انه عبد نصف فضل دية الحر على نصف قيمة العبد، فإن رجع شاهدا الحرية قبل رجوع أحد [8/521]
***(2/12)
[8/522] شاهدي القتل فلا شيء عليه، ولو رجع شاهدا الحرية جميعا ما لزمهما شيء، وإنما الشأن في رجوع شاهدي القتل، فمن رجع منهما فعلهي نصف قيمة العبد.
قال ابن المواز : ولو أقر السيد أنه قد كان أعتق العبد بعد رجوع اللذين شهدا بالقتل والرق، أو بعد رجوع شاهدي الحرية أو موتهم، أو قبل رجوع شاهدي القتل، فقال : أما إذا أقر السيد أنه أعتقه، ثم رجع شاهدا القتل فعليهما دية حر لورثته، بشهادة شاهدي الحرية لا بإقرار السيد، أنه أعتقه، فإن رجع بعد ذلك شاهدا الحرية لم يكن عليهما لشاهدي القتل إلا فضل ما بين قيمته ودية حر، لأن بشهادتهما أغرما الدية، وتسقط عنهما قيمته التي كانت تجب للسيد[لو لم يقر بعتقه ولم يشهد أصحاب الحرية، ولو أقر السيد بعتقه]ثم رجع بعدهما شاهدا القتل، فعلى شاهدي القتل قيمة عبد، يدفعان ذلك إلى ورثته، لأن سيده يقر أنه لاحق له فيها، وليس قوله: إنه حر يوجب عليهما دية، لأنهما يقولان : وإنما شهدنا أنه عبد، وشاهدا الحرية قد رجعا قبل ينفذ الحكم بشهادتهما، ولو شهدا أن رجلا حرا قتل فلانا خطأ، فحكم في ذلك بالدية على عاقلته، ثم رجعا وأقر بالزور، فللعاقلة الرجوع على الشاهدين إن وديا [والله الموفق للصواب برحمته]./
في الرجوع عن الشهادة
في العفو عن الدم
على مال أو على غير مال
من كتاب ابن سحنون : وإذا شهدا على ولي الدم أنه عفا عنه، أو على المجروح في جرح عبد أنه قد عفا عنه، فحكم القاضي بإسقاط القود، ثم رجعا فلا يضمنان شيئا، لأنهما لم يتلفا مالا، ولا قصاص على القاتل لأنه حكم نفذ ولا يرد، وكذلك في كتاب ابن المواز، وشبهه برجوعهما في الطلاق. [8/522]
***(2/13)
[8/523] قال محمد عبد الحكم : بل يغرمان الدية، لأنه كان له في أحد قولي مالك أن يقتل أو يأخذ الدية، وهو قول أشهب، وتمامها في آخر الباب.
قال في كتاب ابن سحنون عن أبيه: ويجلد القاتل مائة، ويحبس سنة، ويؤدب الشاهدان، ولو كانت شهادتهما على أنه عفا على أنه يأخذ مائة درهم، وهو يجحد، والجاني يدعي ذلك، فحكم بذلك ثم رجعا، فإنه لا شيء لولي القصاص، لأن الجاني مخرج المال مقر بأنه عفا عنه بذلك، وولي القصاص لم يتلفا عليه غير القصاص الذي لا ثمن له، وإن كان الجاني يجحد الصلح، وولي القصاص يدعي أنه صالحه على أكثر من الدية أو أقل، فقضى القاضي بذلك، ثم رجعا، فإن عليهما أن يغرما للجاني ما أخرجا من يديه، ويؤدبان، ولو قال ولي الجناية: صالحتك على مائة دينار، وقال الجاني : بل على خمسين دينارا، فولي الجناية المدعي لزيادة المال وقد اتفقا على أنه صالحه واختلفا / وفي المال، فإن أقام ولي الجناية بدعواه بينة فحكم بها ثم رجعا، فليضمنا ما زاد بشهادتهما على ما أقر الجاني به، وذلك خمسون ديناراً.
ومنه ومن كتاب ابن المواز: ولو شهدا أنه عفا عن دية خطأ : قال في كتاب ابن سحنون : أو عن جرح خطأ يكون أرشه أقل من ثلث الدية، وذلك لدم الخطأ في نفس أو جرح ثابت بغيرهما، فقضي بذلك ثم رجعا، قال في الكتابين : فإنهما يضمنان ما أتلفا من دية النفس وإسقاطها عن العاقلة، فيكون عليهما في ثلاث سنين منجمة، قال ابن المواز: إلا أن تكون قد حلت.
قال في كتاب ابن سحنون : وما أتلفا من أرش جرح دون الثلث ضمنا ذلك حالا.
قال ابن المواز: ولو شهدا بالعفو عن قتل عمد ولم ينفذ الحكم حتى رجعا، قال: فكأنهما لم يشهدا، وينفذ القتل على القاتل، وكذلك في جميع الأشياء إذا رجعوا قبل الحكم فالشهادة مرتفعة. [8/523]
***(2/14)
[8/524] ومن كتاب محمد بن عبد الحكم : فإن شهدا بالعفو من ولي الدم عن قاتل عمد، فقضي بذلك ثم رجعا فليغرما الدية، لأنه كان في أحد قولي مالك : أن يقتل أو يأخذ الدية، وقاله أشهب، وروي عن أشهب : أنه لا شيء عليهما، لأنهما إنما أتلفا دما لا مالا، ولا قيمة للعمد ، وهذا – عندي – خلاف أصله الذي بني عليه القصاص، وقد قال فيمن عفا عن قاتل وليه أنه يحلف : ما عفا إلا ليأخذ الدية، / ثم يأخذ نصيبه منها، وقال أيضا: إن لم يشترطها فلا شيء له، وإنما هذا – عندي – لاختلاف قوله في الأصل، مرة جعله مخيرا في القتل أو الدية، ومرة قال: ليس له إلا القصاص، قال محمد: وبأي القولين قلت، فإني لم ألزمهما الدية إذا رجعا.
في الحكم ينفذ ثم يظهر ما يبطل به
مثل البينة تقوم بقتل رجل عمدا أو خطأ
فحكم بذلك ثم يقدم المشهود بقتله حيا،
وشبه ذلك مما يظهر فيه الكذب
أو يظهر المرجوم محبوبا
من كتاب ابن المواز: وإن شهد رجلان أن هذا الرجل قتل ابن هذا عمدا، فقضي بقتله فقتل، ثم قدم ابن الرجل حيا، قال ابن القاسم : لا شيء على الإمام، ولا على عاقلته، ولا على الأب، ويغرم الشهود ديته في أموالهم، وقال أصبغ، وإنما الخطأ في ذلك من الشهود، فإن كان ذلك منهم تعمدا فذلك في أموالهم، وإن شبه عليهم فهو على عواقلهم، وهذا يخالف رجوعهم، قال ابن القاسم : ولو صالح الأب القاتل على مال لرد الأب ما أخذ، قال ابن المواز: فإن كان عديما لم يتبع به الشهود، وروي ذلك عن ابن القاسم، وقال ابن القاسم : ولو شهد أنه قتله خطأ فقضي بذلك فأخذ الأب الدية من العاقلة، ثم قدم ابنه فليرد إلى العاقلة ما أخذ منهم، فإن وجد الأب عديما بذلك فليغرم ذلك الشاهدان، وهذا بخلاف رجوعهما، لأنهما لعلهما كذبا في رجوعهما / ولم ينفذ الحكم بقولهما، وهذا لما [8/524]
***(2/15)
[8/525] قدم المشهود بقتله فقد ظهرت حقيقة باطل ما شهدا عليه به.
قال ابن سحنون عن أبيه : إذا شهدا أنه قتله عمدا، فقضي بالقتل، وقتل المشهود عليه، ثم قدم المقتول حيا، فعلى الشاهدين ضمان الدية لولاة المقتول، ثم لا يرجعان بها على القاتل بشيء، لأنهما هما اللذان تعديا وأباحا للولي قتله، وليس لولي المقتول أن يأخذ الدية إلا من الشاهدين، إلا أن يكون عديمين فيرجع على الولي القاتل المتلف للنفس، فإن أخذ ذلك منه لم يرجع على الشاهدين به، لأنه هو الذي أتلف النفس، وهو كمن تعدي على مال رجل فأطعمه لآخر لا يعرم بعدائه، فله طلب المتعدي [ثم لا رجع المتعدي على الآكل بشيء، فإن كان المتعدي] عديما رجع به على الآكل، ثم لا يرجع الآكل على المعتدي.
وقد روي أن ولي الدم مخير إن شاء اتبع بذلك الشاهدين، فإن اختار ذلك لم يكن له التحول عنهما إلا أن يعدما فيكون له، لأنه لو أخذ ذلك الشاهدين لرجعا بذلك على الولي، وإن اختار تضمين القاتل، فليس له التحول عنه إلى الشاهدين، أعدم أو لم يعدم ، ولو ودى الولي إلى القاتل لم يكن له رجوع على الشاهدين، وقد روى أنه لا يرجع على الولي بشيء، لأن ظهور المحكوم بقتله حيا قد أبطل الحكم، ولا شيء على الولي لأنه أخذ ما أعطاه الشاهدان/ على أنهما صدقا عنده، والذي أخذ قصاص لا ثمن له، وعلى الشاهدين غرم الدية، لأنهما اللذان أتلفا ذلك، ولا شيء على الحاكم، لأنه قد اجتهد كما عليه.
قال : وإن شهدا أنه قتله خطأ، فقضي على العاقلة بالدية، فأخذها الأب، ثم قدم الابن حيا، فللعاقلة أخذ الشهود بما ودوا حالا، ولا شيء لهم على الولي [إلا في عدم الشهود، فيأخذون بها الولي مأخذه، فإن وداها الشهود لم يرجعوا بها على الولي] وإن وداها الولي، ثم لم يرجع بها على الشهود. [8/525]
***(2/16)
[8/526] وقد روي أن العاقلة مخيرة ، فإن اتبعت البينة فلا يتحول عنهما إلا أن يعدما فيطالب الولي لأنهما كانا لو أغرما أولا الشاهدين، كان لهما أن يرجعا بذلك على الولي، وإن تابعت الولي فلا تتحول عنه وإن أعدم، لأنه الذي أخذهما، وهو لو غرمها لم يرجع بها على الشاهدين.
قال سحنون: ولو شهدا على إقرار رجل أنه قتل فلانا عمدا، وادعى ذلك الولي فقضي عليه بالقتل، ثم قدم المشهود بقتله حيا، فلا ضمان على الشهود ها هنا، لأنهم إنما شهدوا على إقراره، ولولي المقتول بالقود أن يضمن القاتل الدية، لأنه أتلف النفس، إلا أن يرجعا عن شهادتهما فيقولا: ما أقر عندنا بشيء وقد كذبنا، فيكون كما قلنا في المسألة المتقدمة، وكذلك لو شهدا على إقراره أنه قتل فلانا خطأ، فقضى القاضي عليه بالدية في ماله، ثم قدم المشهود بقتله حيا، فلا شيء على / الشهود في هذا، لأنهما إنما شهدا على إقراره، وليرجع الذي ودى الدية بها على من قبضها منه، إلا أن يرجعا عن شهادتهما في الإقرار ويقرا بالزور.
ولو شهدا على شهادة شاهدين : أن فلانا قتل فلانا خطأ، فقضي القاضي بذلك، وأغرم العاقلة الدية، ثم قدم المشهود بقتله حيا، فإنه تردع العاقلة على الذي قبض منهم الدية، فيأخذوها منه تاجزة، ولا شيء على الشهود، لأنهم شهدوا على شهادة غيرهم، إلا أن يقروا بتعمد الكذب في نقلهم فيكون – كما تقدم – أن للعاقلة أخذ الولي بالدية، ثم لا يرجع بها الولي على الشهود، فإن رجعوا بها على الشهود كان للبينة أن يرجعوا بها على الولي.
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم : وإذا شهد شاهدان أن رجلا حلف، يعني: بحرية عبده: أن في قيده عشرة أرطال، وقد حلف بحريته: أن لا ينزع عنه القيد شهرا، وقد فعل العبد ما يستوجب به ذلك، ثم أتى شاهدان فشهدا أنه ليس في القيد ثمانية أرطال. قال عبد الله : أراه يريد : فحكم القاضي بحرية العبد، قال في الكتاب: ثم إن السيد نزع القيد، قال عبد الله : يريد : بعد الشهر، قال: [8/526]
***(2/17)
[8/527] فوجد فيه عشرة، قال محمد : فلينقض القاضي حكمه لأنه ظهر كذب الشاهدين.
وقال أصحاب أبي حنيفة : ينفذ العتق ويضمنان القيمة، جعلوه كالرجوع، وذلك غير مشتبه، لأنهما في الرجوع لا يعرف أي قوليهما أصدق، والآن فقد ظهر كذبهما أولا، قال: / لو وجد في القيد تسعة، لم يرد عتق العبد، لأنه وإن تبين كذب الشاهدين في هذا، فقد عتق على السيد بالحنث، وقال في المشهود عليه بالزنا: فيرجع فيوجد مجبوبا بعد أن رجم، قال: فديته على عاقلة الإمام، ولا شيء على الشهود، وقاله أشهب.
في الرجوع عن الشهادة في الزنا والسرقة
وكيف إن شهدوا في عبد أنه أعتق ثم زنى؟
أو شهد قوم بالعتق وقوم بالزنا
وفي الرجوع عن الشهادة في حد القذف
وزنا البكر، وفي الأدب والتعزير
من كتاب محمد بن عبد الحكم : وإذا شهد أربعة على رجل أنه زنا وأنه محصن، فرجم، ثم رجع الشهود فأقروا بتعمد الزور، فذكر محمد الاختلاف في قتلهم في التعمد، وذكر أن أشهب يقول: إنهم يقتلون إذا أقروا بتعمد الزور، واحتج محمد بأن علي بن أبي طالب قال في الشاهدين على السرقة، ثم قالا بعد أن قطع السارق: قد أوهمنا وإنما هو آخر، فقال : لو اعلمكما تعمدتما لقطعت أيديكما، وذكر عن النخعي والحسن في القتل: أنهما يقتلان إذا تعمدا، واحتج ابن عبد الحكم فيمن أمسك رجلا لآخر حتى قتله، أنه يقتل إذا علم أنه يريد قتله، قال: والشهود أشد من هذا، وكذلك يقطعون في تعمد الزور في الشهادة بالسرقة أو قطع يد، فقطع المشهود عليه. [8/527]
***(2/18)
[8/528] قال عبد الله : وذكر بعض ... البغداديين / أن قول مالك اختلف في تعمد الشهود للزور في القتل بالقطع، قال محمد بن عبد الحكم: قال أشهب: إذا رجعوا بعد الرجم، فإن أقروا بتعمد الزور حدوا حد الفرية وقتلوا، فإن لم يتعمدوا فالدية على عواقلهم، ولا شيء على الوالي. وقد ذكرنا في باب الرجوع عن الشهادة في القتل الاختلاف في هذا، وقول ابن القاسم وغيره فيه.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا شهد خمسة على الزنا أو أكثر، فرجم بشهادتهم، ثم رجع منهم واحدا أو أكثر، وأقر بتعمد الزور، فإن بقي ممن لم يرجع أربعة، فلا شيء على من رجع من حد ولا غرم، وعليه الأدب، ثم إن رجع بعد ذلك من الأربعة واحد، لزم غرم [ربع] الدية، يدخل فيه معه من سبقه بالرجوع، قلوا أو كثروا مع الحد على كل منهم سواء رجعوا معا أو مفترقين، ولا أدب عليهم مع الحد.
فإن رجع آخر أيضا، لزمه ربع الدية يشاركه فيها كل من رجع قبله، ويشركهم فيما غرموا قبله، فيصير نصف الدية على جميعهم على عددهم، والحد على عددهم، وهذا أحسن ما سمعنا، وإن رجع ثالث من الأربعة، لزمه مع كل من رجع قبله: ثلاثة أباع الدية.
وذكر لنا عن ابن القاسم أنه كان يقول : على من رجع الحد، وإن بقي ممن لم يرجع أربعة أو أكثر، وأبى ذلك غيره من أصحاب مالك، وكذلك سمعت عبد الملك يقول : وروى مثله أصبغ وأبو زيد عن ابن القاسم في الأسدية، وروى عنه أصبغ في مجالسه قوله الآخر الذي يخالف فيه/ عبد الملك، وكأنه تأول في ذلك أن الراجع مقر أنه قاذف لمن لم يرق، وأنه وبقية الشهود اتفقوا على أن يشهدوا عليه بالزورفي ذلك في مقام واحد، وانه لقول حسن، ولم أرو عنه هذه الحجة. [8/528]
***(2/19)
[8/529] ومن حجة عبد الملك : أنه لما بقي عليه أربعة ينقذ بهم عليه الحد، فكان الراجع إنما قذف من حق عليه الزنا، وإذا رجم بشهادة أربعة في الزنا ثم رجع أحدهم، فإنه يحد ويغرم ربع الدية، ولا حد على من لم يرجع، وذكر عنه أنه كان قال بحد من لم يرجع مع الراجع، ثم رجع عن هذا القول وقال : لأن الحكم لم ينتقض.
قال ابن المواز: وإن شهد سبعة على رجل محصن بالزنا، فأمر الإمام برجمه، فلما فقئت عينه في الرجم، ورجع واحد والشهود، ثم تمادوا في رجمه فأوضح موضحة، فرجع ثان من الشهود، ثم تمادوا في رجمه حتى قتل، فرجع آخر، قال: إنه لو لم يرجع هذا الثالث ما كان على من تقدم من رجوعه شيء، وأرى على الراجع الأول بعد فقء العين سدس دية العين، وعلى الراجع [بعده بعد الموضحة خمس دية الموضحة وسدس دية العين، وعلى الراجع بعد قتله ربع ديه النفس فقط، لأن ديه النفس تأتي على ما قبل ذلك.
قال في غير رواية ابن أبي مطر : فقد قيل فيها: إن على الثالث أيضا خمس دية الموضحة وسدس دية العين، والأول أصح.
قال سحنون في كتاب ابنه: وإذا شهدا على رجل بالسرقة فقطع ثم رجعا، فعليها / ديه اليد في أموالهما، وإن رجع واحد، فعليه نصف دية اليد، وكذلك في القصاص في النفس وفيما دونها في جميع الأموال، وإن شهدا عليه أربعة بالزور بالزنا، وشهد اثنان غيرهم بالإحصان، أو أقر أنه محصن، فرجم ثم رجع شاهدا الزنا وشاهدا الإحصان، فالغرم للدية على شهود الزنا، ويحدون للقذف، ولا شيء على شاهدي الإحصان ولو رجع واحد من شهود الزنا قبل انفاذ الحكم، وطلب المشهود عليه جرحتهم فجرح واحد منهم، فإن الحد على جميعهم، حد الفرية، لأنه لم ينفذ الحكم، ولو حكم القاضي بالرجم فلم يرجم الرجل حتى رجع [8/529]
***(2/20)
[8/530] واحد وإنما يحد الراجع وحده، ولا يسقط الحد عن المشهود عليه، وعلى الراجع ربع الدية، ولا شيء على الثلاثة.
قال ابن المواز: اختلف علينا في هذه المسألة، فقال ابن القاسم : إنما الدية على شهود الزنا إذا رجعوا، ولا شيء على شاهدي الاحصان رجعا جميعا أو أحدهما.
وقال أشهب وعبد الملك: بل الدية على الستة أسداسا. قال ابن المواز: والذي أقول به: أن نصف الدية على شاهدي الإحصان، ونصفها على شهود الزنا، وقال أصبغ بقول ابن القاسم، وقال: وهو كما لو شهد شاهدان على رجل أنه حلف بحرية عبده إن دخل المسجد شهرا، وشهد غيرهما أنه دخله قبل الشهر، فقضي عليه بالحرية، ثم رجع شاهدا الدخول، فلا شيء عليهما، وإن رجع شاهدا اليمين قضي عليهما بقيمته، ولا شيء/ على شاهدي الدخول إلا ما لزمهم من الجرحة.
قال ابن المواز: وقد سمعت من يقول : إن نصف الدية على الأربعة الراجعين في الزنا، ونصفها على الراجعين عن الاحصان، رجعا جملة أو مفترقين، ومن رجع فعليه على هذا الحساب.
ومن كتاب ابن سحنون، وذكر عند يحيى بن سعيد من رواية ابن وهب في أربعة شهدوا بالزنا على محصن، فرجم، ثم رجع اثنان وأقرا بتعمد الزور، قال: يغرمان العقل عقلا تاما.
قال عبد الملك وسحنون : ولو كان الشهود ثمانية ثم رجع اثنان بعد الرجم، فلا غرم عليهما ولا حد ولا على الباقين، لأنه ممن عليه الرجم ثابت بشهادة من ثبت، ولكن على من رجع الأدب فقط لإقراره بتعمد الزور. [8/530]
***(2/21)
[8/531] ولو رجع خمسة وبقي ثلاثة، فعلى الخمسة يرجع العقل بينهم أخماشا، وحد القذف، ولا أدب عليهم غير ذلك، ولا شيء على من لم يرجع من غرم ولا جلد. لأنه حكم نفذ فلا ينقض، ولأنهم لم يقروا على أنفسهم بأمر يؤخذون به، ثم إن رجع أحد الثلاثة الباقين جلد حد القذف، ويصير عليه وعلى من قتله نصف الدية بالربع المتقدم، فيكون النصف عليهم أسداسا، ثم إن رجع أحد الإثنين الباقيين يحد وتصير شركتهم أجمع في ثلاثة أرباع الدية بين السبعة أسباعا، ولا شيء على الباقي، فإن رجع أيضا الثامن حد وكانت الدية على جميعهم أثمانا.
وإن شهد ثمانية على رجل بالزنا / والإحصان، كل أربعة على زنا على حدة، بامرأة على حدة، فقضى القاضي برجمه، فرجم، ثم رجع أربعة شهدوا على زناه بامرأة واحدة، فلا حد عليهم ولا غرم، لأنه قد بقي من لو ابتدئ بهم الحق لرجم بهم، ثم إن رجع واحد من الأربعة الثانية، فعليه الحد وعلى الراجعين قبله، لأنهم أقروا أنهم قذفوا غير زان، وعليهم ربع الدية أخماسا، والحكم الأول نافذ، وحتى لو قذفه أحد بالزنا لم يحد، ولكن يؤدب، لأذاه له، إلا الذين رجعوا فإن عليهم الحد إن قذفوه، لأنهم يقرون على أنفسهم أنه غير محدود بحق.
ولو رجع واحد من كل أربعة من هاتين الطائفين، كان عليهما الحد وربع الدية، لأنه لم يبق على زنا كل امرأة إلا ثلاثة. ولو رجع اثنان من كل طائفة فعليهم نصف الدية أرباعا مع الحد، ولو كان ثلاثة من كل طائفة فعليهم أرباع الدية بين الستة وحد الفرية، ولو رجع الثمانية غرموا الدية وحدوا، ولو رجع ثلاثة من طائفة، وواحد من طائفة، فعليهم ربع الدية والحد، فخذ هذا على هذا النحو.
قال سحنون : وإن شهد رجلان على رجل أنه أعتق عبده والسيد يحجد فقضي عليه، وشهد أربعة أنه زنا، وأنه محصن ، فقضي عليه بذلك ورجم ، ثم رجعوا كلهم فينظر إلى السيد، فإن كان مقيما على إنكار العتق، فله القيمة على شاهدي العتق، وعلى شهود الزنا الحد والدية لورثة المعتق الآخر، فإن لم يكن له [8/531]
***(2/22)
[8/532] وارث غير/ السيد الذي يجحد الحق، فإنه إن أخذ القيمة من شهود العتق، رجع بها شهود بالعتق على شهود الزنا، ولم يكن على شهود الزنا إلا قيمة عبد، وإن أخذ السيد القيمة من شهود الزنا، لم يكن على شهود الزنا غيرها، لأن السيد لم يقر بعتقه ويزغم أنه عبده، ولا يرجع شهود الزنا على شهود العتق بشيء، لأنهم هم أتلفوا النفس، وإن أقر السيد بالعتق لم يكن على شاهدي العتق شيء، وله الدية على شهود الزنا، إن لم يكن وارث غيره، وإن كان يرثه غيره فذلك لوارثه.
ولو رجع شاهدا العتق وأقرا بالزور ولم يشهدا عليه بالزنا، فالحكم بالعتق ماض، والولاء للسيد، فإن رضي أخذ القيمة من شاهدي العتق فذلك له، وقد يعتق بعض الناس عن بعض فالولاء للمعتق عنه.
وإن شهد أربعة على رجل أنه أعتق عبده، وإن العبد بعد عتقه زنا وهو محصن، فقضي شهادتهم وعتق ورجم ، ثم رجع اثنان عن الغرم واثنان عن الولاء فلا ضمان على الراجعين عن العتق، لأنه قد بقي من يتم به العتق لو انفردا، وإن كان للمرجوم وارث من نسب فله نصف الدية على الراجعين عن الزنا، وعليهما حق القذف، فإن لم يكن وارث غيره أحق، فقد أقر له شاهدا الزنا الراجعان بنصف الدية، لأنهما يزعمان أنه حر وأنه مولاه، فإن اعترف السيد بالعتق فله نصف الدية، وإن أقام على جحوده، فله عليهما / نصف قيمة عبده إلا أن تزيد على نصف الدية فلا يزاد، وإنما له الأقل.
وإن شهد شاهدان على رجل أنه سرق مائة درهم من حرزها، فقضي بقطعة وأغرم المائة، إما كانت بقيمتها أو لم تكن بعينها، وكان يسره متصلا، ثم رجعا، فعليهما نصف دية اليد وغرم المائة، وإن رجع أحدهما فعليه نصف ذلك كله. [8/532]
***(2/23)
[8/533] قال سحنون : وإذا شهدوا على رجل في شتم أو حد قذف، أو في حد زنا البكر، أو على لطمة، أو ضرب بالسوط مما يوجب الآدب، أو على العفو عن الدم يعني العمد، أو الطلاق، يريد: في التي قد بنى بها، فيقضى بذلك، ويقيم الأدب فيما فيه الأدب، ثم رجع الشهود وأقروا بالزور، في هذا عند جميع أصحابنا غرم ولا قود معروف إلا الأدب من السلطان، ولا تقع المماثلة في اللطمة، ولا ضرب السوط بأمر يضبط، ولا أرش لذلك، وإنما فيه الأدب.
في البينة يقضى بها ثم يتبين ان أحدهم عبد
أو ذمي أو مولى عليه أو غير عدل
وكان ذلك في مال أو زنا أو قذف أو غيره
من كتاب ابن سحنون : قال : سحنون : وإذا شهد شاهدان على رجل بمال فقضى به القاضي بعد التأني و الكشف كما ينبغي، ثم ظهر أن أحدهم عبد، أو ذمي، أو مولى عليه، فعلى المقضي له بالمائة رد المال إلى المحكوم عليه، إلا أن يحلف مع الشاهد الباقي فيعم له ما أخذ، فإن نكل حلف المحكوم/ عليه إن شاء وأخذ ماله ، فإن نكل فلا شيء له، قال في موضع آخر: والحكم ها هنا ينقض بخلاف رجوع البينة، وبخلاف إن ظهر أن أحدهم مسخوط. قال أبو محمد : وقد اختلف في قبول شهادة المولي عليه لسوء نظره في المال لا لجرحة فيه، وهذا مذكور في كتاب الشهادات.
قال سحنون : ولو كان الحكم في قصاص في قتل أو قطع يد: فإن حلف المقضي له بالقصاص في اليد مع شاهده الباقي، أو حلف المقضي له بالقتل مع رجل من عصبته خمسين يمينا قسامة، ثم له الحكم الأول، وإن نكل عن القصاص في اليد، ولم يعلم أن شاهده عبد لظاهر حريته، فليحلف المقتص منه في اليد: أن ما شهد به عليه باطل، وإذا نكل المقضي له بالقتل عن القسامة، فالنكول في مثل هذا ترد به الشهادة، وينقض به الحكم. [8/533]
***(2/24)
[8/534] فقال بعض أصحابنا: ولا ضمان [على الحاكم، وهو لم يخطئ، وقد اجتهاد وفعل ما عليه من القتل على ما ظهر له، ولا ضمان] على المحكوم له بالقصاص، لأنه لم يأخذ ثمنا فيرده، وغرم ذلك على الشاهدين إن كانا جعلا رد شهادتهما عنه بأن أحدهما عبد أو ذمي، وقال بعض أصحابنا: إن ذلك على عاقلة الإمام، وقيل : ذلك هدر لا على عاقلة الإمام، ولا على البينة، ولا على المحكوم له، وإنما خطأ الإمام الذي يكون على عاقلته ما جاوز ثلث الدية منه ما يخطئ فيه في نفس الحكم، مثل أن يقتل أو يقطع من لايجب ذلك عليه، / أو يجيز شهادة العبد والذمي والمولى عليه، وهو يرى أن ذلك يجوز، أو يقطع من سرق [من غير حرز، أو من سرق] تمرا أو كثرا، وأما أن يظهر له ما لم يكن يعلمه، وما بالغ فيه في الاعذار والإجتهاد، فهذا الذي عليه، وكذلك لو حكم بالرجم في الزنا، ثم ظهر أن أحد الشهود عبد أو ذمي أو مولى عليه، فالحكم زائل كأنه لم يكن، ويجلدون للقذف، وقال بعض أصحابنا : الغرم على الحاكم إن كان الشهود لم يعلموا أن الذين شهدوا معهم كما ظهر من أمرهم، وإن كانوا يعلمون ذلك فعليهم الغرم. وقال بعضهم : إن كانوا جهلوا رد شهادتهم عنه، وقيل : لا شيء عليهم ولا على الحاكم إن جهلوا من معهم، أو كانوا عرفوا بهم، أو جهلوا أن شهادتهم لا تجوز، فأما إن علموا بهم وعلموا أن شهادتهم لا تجوز فهم ضامنون للدية.
ومن كتاب ابن المواز: قلت : فإن شهد ستة على رجل بالزنا وهو محصن فرجم بشهادتهم، ثم رجع إنسان منهم؟ فقلت : لا شيء عليهما من غرم ولا حد، أرأيت إن وجد من الأربعة الذين ثبتوا أحدهم عبدا؟ قال : فإنه يرجع على الراجعين الذين شهدوا منهم بربع الدية مع الحد، وليس على من لم يرجع من الأحرار شيء ولا غرم ولا حد، ويحد العبد أربعين جلدة ولا غرم عليه. وإذا لم يشهد عليه إلا أربعة فرجم بشهادتهم، ثم وجد أحدهم عبدا، فإن عليهم الحد أجمعين للقذف، وعلى العبد نصف حد الحر. [8/534]
***(2/25)
[8/535] قال / أصبغ : وقال ابن القاسم : إن كان علم الشهود أنه عبد، فعليهم الدية في أموالهم، وإن لم يعلموا فهي على عاقلة الإمام، ولا شيء على العبد في الوجهين، وأما إن وجد أحدهم مسخوطا : فقد قال ابن القاسم بنقض الحاكم كما لو كان عبدا أو ذميا، ويضرب هو ومن شهد منه من مسلم حد القذف إن كانت هذه الجرحة قبل يشهد.
وقال أشهب : لا يرد الحكم في المسخوط، ولا ضرب عليه وعلى من معه.
قال ابن المواز : ولا أعلم إلا وقد قاله لي عبد الملك. قال أشهب : وكذلك لو كان الحكم في مال، فلا ينقض، فأما في العبد والذمي قينقض الحكم ويحلف المقضي له بالمال مع شاهده الباقي، ويبقي له، فإن نكل حلفه ضامنه وأخذه منه.
قال محمد : وقول أشهب وعبد الملك هو أحسن إن كان القاضي غير الذي قضى بشهادتة، فأما إن كان هو الذي قضى بشهادته فلينقضه ما لم يفت، مثل القطع والقتل والرجم، وأخبرني بقول ابن القاسم أبو زيد وأصبغ عند، وقال: ولا ينقض الحكم برجوع من رجع من الشهود، والحكم ماض، وعليهم غرم ما أتلفوا، وقد كان ذكر عنه أنه قال: إن رجع واحد منهم أنه يحد هو ومن لم يرجع، ثم رجع فقال : ولا يحد غير الراجع وحده، وأحده على هذا، وقال: لا ينقض الحكم برجوعهم كلهم بخلاف أن لو وجد أحدهم عبدا، هذا ينقض فيه الحكم الأول، ويسقط الحق عن المقضي عليه، ويكون على عاقلة الإمام في القتل الدية، / إلا أن يكون بقية الشهود علموا برق هذا فيضمنوا الدية في أموالهم، وأما لو رجم بشهادة أربعة في الزنا، ثم وجد بعد أن رجم مجبوبا فقد ذكرنا هذا في باب تقدم [8/535]
***(2/26)
[8/536] في الحكم ثم يظهر ما يبطله أن ديته على عاقلة الإمام، قال: وإن شهدا على أن رجلا قتل رجلا، فقضي بشهادتهما، واقتص منه، ثم وجد أحدهما عبدا؟ قال: هذا ينقض فيه الحكم، وتكون كدية المقتول على عاقلة الإمام.
قلت : ولا تكون فيه القسامة مع الشاهد الباقي. قال : فعلى من يقسمون وقد فات وأخذوا حقهم بالقصاص ؟
وقال سحنون في كتاب الإكراه : إذا أقامت المرأة شاهدين على زوجها أنه رماها بالزنا، فأمر القاضي الزوج باللعان فالتعن خوفا أن يبيح ظهره وهو يعلم أنهما شهدا بزور، والتعنت هي وفرق بينهما، ثم تبين أن أحد الشاهدين عبد أو مجروح، فإن القاضي، يبطل الحكم باللعان الذي كان بينهما، ويردها إليه وتكون امرأته، قال سحنون : ولا يكون قوله: أشهد بالله أني من الصادقين إقرار من قبل أنه قد ظهر أنه أضطره إلى ذلك خوفه الحد، فصار كمن لم يقر وكالمكره، وقال ابن الماجشون في كتابه : ولو رجع الشاهدان بعد الحكم بتمام اللعان لم يغرما، يريد: للزوج شيئا إن كان الزوج قد دخل بها، وكذلك إن لم يدخل بها في قوله، وقد مضى ذكر الإختلاف في رجوعهما قبل البناء.
فيما يحل بالحكم الظاهر وما لا يحل / بالحكم
لمن يعلم خلاف ظاهرة من محكوم له أو غيره
وما دخل في ذلك من الرجوع
عن الشهادات
قال أبو محمد : وهذا الباب قد كتبنا مثله وأوعب منه في كتاب الأقضية.
قال سحنون في كتاب ابنه : وحكم الحاكم لا يبيح للمحكوم له ما يعلم باطل دعواه فيه، وما يعلم الله أنه حرام، فإذا علم ذلك أحد فلا يحل له بظاهر[8/536]
***(2/27)
[8/537] الحكم، وإنما يحكم الحاكم بما يظهر له، وذلك أن النبي (صلي الله عليه وسلم) قال : فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار واحتج على أهل العراق بهذا وبغيره مما ذكرته في كتاب الأقضية.
قال : وإذا شهد رجلان أن رجلا قذف امرأته بالزنا، والرجل يعلم أنهما شهدا بزور، فقبلهما القاضي، وأمره باللعان فالتعن خيفة أن يحد بالقذف، والتعنت هي وهو يعلم كذبهما، ففرق بينهما الحاكم بظاهر ما ظهر إليه، وجعلهما لا تحل له أبدا، أن ذلك لا يحرم عليه بينه وبين الله سبحانه، ولكن نكره ذلك لئلا يعد زانيا فتنتهك حرمته، ويضيع نسبه إن كان حملا، ولئلا ترجم هي إذا وضعت أيضا، ولا يجوز لها أن تنكح، وإن كانت هي لا تعلم إلا ظواهر الأمور فمباح لها أن تنكح على ظاهر الحكم، ولو أن الزوج رماها بالزنا وهي يعلم كذب الزوج، فلاعن بينهما الإمام، فالتعنا، وفرق بينهما وحرمها عليه للأبد، فإنها لا يحرم عليها النكاح، لأن / الزوج ها هنا راض بحكم السلطان وتحريمها عليه، وإباحتها للأزواج.
قال : وإذا شهدا أن فلانا فارق زوجته، والزوج يعلم أنهما شهدا بزور، فحكم القاضي بالفراق، ثم رجعا وأقرا بالزور، فالحكم ماض على ظاهره، فإن علمت المرأة باطل قولهما لم يجز لها أن تنكح، ولا يجوز للزوج أن يتزوج أختها ولا أربعة سواها، وهي زوجته في علم الله، ويجوز للزوج أن يصيبها إن خفي له في ذلك، ولكنا نكره ذلك له للتغرير بنفسه في هتك حرمته، وإبطال نسبه، وإن تحبل هي فترجم إذا وضعت، فإن لم تعلم المرأة إلى ما ظهر من الحكم، فلها التزويج بظاهر الحكم، وكل من لم يعلم إلا ظاهر الحكم فله إقامة ما يوجبه ذلك الحكم في الظاهر، ولو علم الحاكم باطل ذلك جاز له أن يحكم بما ظهر، فكذلك من علم بباطنه، فلا يستبحه بظاهره. [8/537]
***(2/28)
[8/538] ولو فرق بينهما السلطان بشهادة عدلين، ثم تزوجها أحد العدلين ورجع عن شهادته أنه شهد بزور، فإنه يفرق بينه وبينها، لأنه مقر أنها زوجة رجل لا تحل له، ويفرق بينهما وبينه بطلقة على ظاهر الحكم، وعليه الصداق إن بنى بها، أو نصفه إن لم يبن بها، ولا حد عليه، ويؤدب في شهادته بالزور، وإن ادعى وهما لم يؤدب، ولو رجع الشاهدين ثم أراد أن يتزوجها وهي لا تعلم أنهما شهدا بزور، فإن الحاكم يمنعه من نكاحها، لأنه أقر أنها ذات زوج [فإن نزع عن قوله وقال : وما شهدت إلا بحق، وثبت عندي ما كنت فيه شاكا، فله أن يتزوجها إذا / حلف، وقد قيل : إنها لا تحل له لإقراره أنها ذات زوج] إلا أن يموت الزوج.
وإن شهدا أنه أعتق جاريته هذه فقضى القاضي لها بالعتق، ثم رجعا فالحكم ماض. وإن علمت هي أنها شهدا بزور، لم يحل لها أن تبيح نفسها، وإن لم تعلم فلها التعلق بالحكم الظاهر، وإن علمت كذبهما فلا تبيح نفسها إلا أن يرضى السيد بأخذ القيمة من الشاهدين، فيتم بذلك ما قضى لها به القاضي من حريتها.
ومن كتاب محمد عبد الحكم : وإذا شهدا أنه طلق امرأته ثلاثا، فقضى بذلك القاضي، ثم رجعا فلا يحل لأحدهما أن يتزوجها، وهي حلال لغيرهما ممن لا يعلم بكذبهما، والحكم الأول ماض، ولا يجوز للزوج أن يتزوجها إلا بعد زوج، وإن شهدا أن ملك امرأته أن تطلق نفسها ثلاثا إن شاءت، وأنها طلقت نفسها ثلاثا، فقضي عليه بذلك، وهي تعلم أنهما شهدا بزور، فلا يحل لها أن تتزوج، ولا يحل لها أن تمكن من نفسها زوجها المقضي عليه.
وإذا علمت هي أن الزوج فارقها وأنكر، فقامت عليه بالبينة، فلم يثبتوا عند القاضي، فردها إليه، فلا يحل لها أن تمكنه من نفسها، ولا يحل له وطؤها إذا علم مثل ذلك، وحكم القاضي بردها إليه لا يحل أحدهما لصاحبه، ولومات الزوج الأول، جاز للشاهدين أن يتزوجها من شاء منهما بعد انقضاء عدتها من الوفاة. [8/538]
***(2/29)
[8/539] وإذا طلقت امرأة فقالت : قد انقضت عدتي والزوج يعلم/ أنها كاذبة فحكم لها القاضي أن تتزوج، فلا يجوز لها أن تتزوج حتى تخرج من عدتها، ولو كانت حاملا فحتى تضع، والحكم لا يحل لأحد ما يعلم حرامه، وذكر الحديث المتقدم ذكره، قال بعض أصحاب أبى حنيفة: إنه يجوز لأحد الشاهدين اللذين شهدا بطلاقهما وقضي بشهادتهما أن يتزوجها، لأن الحاكم قد فسخ نكاحها، والنبي (صلي الله عليه وسلم) لم يبح بحكمه لمن علم منه مالم يعلم النبي عليه السلام، فكيف بحكم غيره ولزمهم أن من أقام بينة أنه ابن فلان الميت وهو يعلم كذبهما، وأنه ليس بابنه، يجوز له أخذ ميراثه، وكذلك يلزمهم إن حكم في أخت رجل أنها بنت فلان لغير أبيها، أنه يجوز لأخيها أن يتزوجها، أو حكم في أم رجل أنها ليست بأمه، وأن أمه امرأة أخرى، يجوز له تزويجها.
أرأيت إن أشترى شاة مذبوجه، فقام المشتري فقال: قد صح عندي أنها ذبحت بعد أن ماتت، فلم يقبل الحاكم منه ذلك وألزمها إياه، أيحل له أكلها؟ واحتجوا باللعان فقالوا: أرأيت إن علم الزوج أنه كاذب أتحل له بعد ذلك؟ وهذا غير مشتبه، لأن اللعان قد علم الإمام أن أحدهما كاذب، فصار حكما على الصادق والكاذب أن لا يتناكحا أبدا. والشاهدان- يعنى بالطلاق- لو علم الحاكم أن أحدهما كاذب، لم يفرق بينهما بشهادتهما، وقياس هذا أن يقول : إن المحكوم عليه بالطلاق ثلاثا، للزوج أن يتزوجها، وهذا لم نعلمه نحن ولاهم، والشاهدان بالطلاق / المزوران كيف بتزويجها أحدهما وهما يعلمان أنهما كاذبان؟ وهذه ذريعة إلى أن من طلب نكاح ذات زوج فلم يمكنه : أن يشهد عليه رجلان بطلاقها ثم يتزوجها من شاء منهما.
أرأيت إن شهدا على حر مسلم أنه من أهل الحرب قد أسر، فقضي عليه بالرق، أيحل لأحدهما أو لمن علم ذلك أن يسترقه؟ أو كانت أمة أن يطأها، وإذا شهدا أن فلانا أقر أن هذه الصبية ابنته، فحكم لها بالنسب ثم ماتت على مال، [8/539]
***(2/30)
[8/540] والأب يعلم كذبهما فلا يحل له أن يرث منهما شيئا، وكذلك لو استلحقها كاذبا، فالحقت به القضاء، ثم ماتت لم يجز له أن يرثها، ويجوز لها هى أن ترثه، لأنها لا تعلم صدقه من كذبه، ولو كانت أمة له فشهدا أنها ابنته فألحقت به، وهو يعلم كذبها، فلا يجوز له أن يطأها، ويريد : للتغرير بنفسه، وإن ماتت فله جميع ما تركت، لأنها أمته فيما يعلم، فما لها له حلال في الحالين.
قال محمد بن عبد الحكم: وإن شهدا أن رجلا تزوج امرأة بألف درهم، والزوج ينكر ذلك، وهي تدعيه، فألزمه القاضي النكاح [فأرى أن يفسخ النكاح القاضي] ويجعل لها نصف المهر.
وقال أصحاب أبي حنيفة : إنه يجوز للزوج أن يقيم عليها ويطأها، وإن رجع الشاهدان عن النكاح، قال محمد : وهذا مالا يحله الحكم، أرأيت لو أقر أنها أخته من الرضاعة أيترك؟ أو قال : لي أربع نسوة ببلد آخر، فألزمه الحاكم صداقها، أيحل له أن يطأها؟ أو قال : أنا أعلم أنها في عدة من زوجها وقالت هي: خرجت من العدة، أيثبت نكاحه عليها / أم لا ؟ [هذه إلا بتت نكاحه] ولا يبرئه ذلك من نصف الصداق إذا قضى عليه بالفرقة.
ولو شهد شاهدان أن هذا قتل أبا هذا خطأ، ولا وارث له غيره، وأن هذا الرجل ضمن الدية على العاقلة وعن قاتله، وهو منكر، فقضي القاضي بذلك وأغرمه الدية، والمقضي عليه بالضمان يعلم أن المشهود عليه بقتله حيا ببلد آخر، فلا يجوز، للذي ودى بالضمان أن يرجع بما ودى لا على المشهود عليه بالقتل، ولا على العاقلة، لأنه لا شيء عليهم، وأنه لم يضمن عنهم شيئا، وكذلك لو شهدا أن هذا المسلم أفتكه هذا من حربي بمائة دينار، وهو منكر، فقضى عليه[8/540]
***(2/31)
[8/541] القاضي بأدائها، وأذن له بالرجوع بها على المعتدي، فلا يجوز له أن يرجع عليه بشيء، لأنه يعلم أنه لم يكن بيد حربي ولا فداه منه، وأنه مظلوم فيما ودى، وأن هذا ليس عليه شيء من ذلك، فإن رجع الشاهدان عن شهادتهما، رجع عليها بما ودى.
وإن شهدا شاهدان على رجل أنه أمر فلانا أن يشتري له من فلان ثوب بدينار، وأنه اشتراه منه ودفعه إلى المأمور، وهما ينكران ذلك، فقضى القاضي على الرسول بغرم الدينار، فلا يجوز للرسول أن يرجع بذلك المشهود عليه أنه أمره، لأنه يعلم أنه بريء، وأنه لم يأمره بشيء، ولا وجب له عليه شيء، وإن شهدا أن فلانا أمره أن يزوجه بمائة دينار، وأن يضمنها عنه، وأنه زوجه وضمان عنه، فقضى القاضي بالنكاح وبالصداق، وحكم على الرجل بأدائها، أنه بالضمان فوداها، وهو منكر، وقدم الزوج فأنكر ذلك، فلا يجوز/ للغارم بالضمان أن يرجع عليه، فإن رجع الشاهدان رجع عليهما بذلك.
وقد جرى في معنى هذا الباب في باب الرجوع عن الشهادات في النسب وغيره من هذا الكتاب.
تم الجزء الثاني
من الرجوع عن الشهادات
والحمد لك كثيرا
وصلى الله على سيدنا محمد واله
يليه كتاب الدعوى والبينات الأول(2/32)
النوادر والزيادات
علي ما في المدونة من غيرها من الأمهات
لأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن أبي زيد القيرواني
310 – 386 هـ
تحقيق
الأستاذ محمد عبد العزيز الدباغ
محافظ خزانة القرويين بفاس
***(1/1)
[9/5]
بسم الله الرحمن الرحيم ... ... ... وصلي وسلم علي سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
الجزء الأول
من كتاب الدعوي والبينات
في القوم يرون سلعة بيد رجل
حتي انتزعها منه آخر
هل يشهدون أنها ملكة؟
وكيف إن شهدوا بالحوز ولم يشهدوا علي الملك,
وأن هذا الولد من جارية فلان
أو أن هذا الطعام من زرع فلان؟
قال أبو محمد: والقضاء أن اليد دليل الملك، قال الله سبحانه: ( أو ما ملكت أيمانكم )(1)فيقضي لصاحب اليد بالملك، إلا أن تأتي البينة بغير ذلك.
ومن المجموعة وكتاب ابن سحنون، قال أشهب فيمن أقام بينه في عبد بيد رجل أنه انتزعه منه أو غصبه أو غلبه عليه، أو أنه أرسله في حاجة فاعترضه هذا في طريقه[فأخذه، أو ابن من هذا فأخذه هذا، فالشهادة علي هذا جائزة ويقضي برده إليه كما كان من ملك، أو إيداع، أو رهن](2)، إلا أن يأتي الآخر بحجة تقطع(3)وذلك، فأما حجته بأنه في يديه اليوم فليس بشئ، ولو أقام بينه أنه كان في يديه قبل هذا، فلما وجده أخذه فيكون هذا/ أحق به.(4)(*) 135/ظ
[9/5]
***
__________
(1) الآية الثالثة من سورة النساء .
(2) ما بين معقوقتين ساقط من ص .
(3) في ص ، تقضي .
(4) الترقيم هنا تابع لورقات الجزء الحادي عشر من مخطوط أباصوفيا ( الأصل),(1/2)
[9/6]
قال ولو كان عبدا في يد رجل فادغاه آخر وأقام بينة أنه كان أمس بيده فلا يكون أحق به حتي تقول بينته إنه يملكه.
وقيل لسحنون في المجموعة في رجل حضر رجلا اشتري سلعة من سوق المسلمين أيشهد أنها ملكه؟ قال: لا، وليشهد أنه اشتراها، ألا تري لو أقام رجل بينه انها ملكه وأقام هذا بينة أنه اشتراها من وسوق المسلمين لم يزيدوا علي هذا لكان الذي أقام البينة بالملك أولي، وقد يبيعها من لا يملكها.
قيل فمتي يشهدون أنها ملكه، قال إذ طالت حيازته إياها وهو يفعل فيها فعل المالك لا منازع له وقد حضروا بدء دخولها في ملكه أولا فليشهدوا بالملك، ولو لم يشهدوا مع طول الحيازة بالملك لم يثبت ملك إلا أن يشهدوا أنه غنمها من دار الحرب وشبهه، فهذا أمر ضيق. قيل فلو شهدوا أنهم رأوه يحوزها الزمن الطويل الذي يشهد مثله علي الملك، ولم يشهدوا علي الملك ولا أنه كان يحوزها بحقه، قال فلا يقضي له بها حتي يقولوا حازها بحقه وملكه. قيل له فقد قال مالك إن شهد واحد أنها ملكه وشهد آخر أنها حيزه إنه يقضي له بها، قال معني قوله حيزه أي ملكه.
قال فالشاهد أيشهد بالملك بطول الحيازة وإذا شهد بالحيازة التي بها يشهد بالملك لم يحكم/بها، قال هو كذلك، ولابد أن يكون في شهادتهم أنها لم تخرج من ملكه في عملهم.
وقال أشهب في الكتابين: وإذا تداعيا دارا فأقام هذا بينة أنها له، وأقام الآخر بينة أنها في يديه منذ سنين، قال يقضي ببينة المالك. وإن أقام رجل البينة في أمة بيد رجل أنها ولدت عنده ولم يقولوا إنها له فلا يقضي له بها حتي يقولوا إنها له يملكها لا يعلمون لغيره فيها حقا، [وقد يولد في يده ما هو لعيره](1). قال ولو شهدوا أنها بنت أمته فليس كالأول لأنهم قد شهدوا أنها له بقولهم إنها بنت أمته إذا كان في شهادتهم أنها ولدتها وهي في ملكه، وإلا لم يقض له بها لأنها قد يكون
[9/6]
***
__________
(1) في ص، وقد يوجد لغيره ما هو في يديه .(1/3)
[9/7]
ولدها قبل يملكها، أن يقولوا إنها بنت أمته[وإن أمته](1)ولدت عنده من أمة له جدة الصبية فإنه يقضي له بها، قال ولو شهدوا أن هذا التمر خرج من نخل فلان وهو يملكه، وأن هذا العبد ولدته أمته هذه وهو يملكها، قال يقضي له بذلك.
وقال في دجاجة بيد رجل أقام آخر البينة أن البيضة التي خرجت منها هذه الدجاجة كانت له فلا يقضي له بالدجاجة، ولكن يقضي علي صاحب الدجاجة بيضة مثلها لصاحبها إذا أقر أنه أفرخها، بخلاف الولادة, إذ لو ولدت أمة عند الغاصب كانت وولدها لربها، ولو غصب بيضة خرجت منها دجاجة لم يكن عليه إلا مثلها والدجاجة له، كمن غصب/ حنطة فزرعها، فخرج منها أضعافها فعليه المكيلة وما أخرجت فهو له.
قيل أفيطيب له؟ قال لو تصدق بالفضل كان أحب إلي، وما ذلك عليه بالواجب، ولو شهدوا أن هذا التمر جد من نخل فلان لقضي له به وعليه اليمين أنه ما باعه من الذي هو في يده، وإن شهدوا أن هذه الحنطة من زرع فلان حصدت من أرض فلان آخر، فأراد رب الأرض أخذها فليس له ذلك، ولرب الأرض كراؤها، قال ولو شهدوا في ثوب أنه غزل من قطن فلان ونسج فلان(2)، قال فالقطن قطن من شهد له بالقطن، والغزل غزل من شهد له بالغزل، والنسج نسج من شهد له بالنسج.
قال ابن سحنون عن أبيه قال: هذا مثل قولهم في الحنطة إنها من زرع فلان، وهذا الطحين من قمح فلان، وهذا الطحين من قمح فلان، وهذا التمر جد من نخلة [فلان](3)، قياس ذلك كله واحد.
قال أشهب: فإن شهدا عليه(4)أنه طحن هذا الدقيق من حنطة فلان، فإن كان الطاحن يشتري(5)فلربها أخذ الدقيق، وإن شاء أخذ الثمن من البائع أو مثل
[9/7]
***
__________
(1) ما بين معقوقتين ساقط من ص .
(2) ص، من قطن فلان ونسجه .
(3) الزيادة من ص .
(4) ص، فإن شهدوا عليه.
(5) ص، فإن كان الطاحن مشتريا.(1/4)
[9/8]
حنطته، فإن أخذ الدقيق رجع الطاحن علي البائع بالثمن، وإن كان قرضا من سلف رجع بالمثل.
قال في كتاب ابن سحنون: وإن أقمت بينة في دابة بيد رجل أنها نتجت عندي ولم يقولوا هي لي، قال فلا يقضي بها حتي يقولوا إنك تملكها ويحلف من هي بيده ما أعلم لك فيها حقا، ولو كان ثوبا فشهدوا أنك نسجته ولم يقولوا لك فليل من هو بيده، فإن قال لي حلف أنه له ولا يعلم لك فيه حقا/ ويقضي لك بقيمة النسج ويحلف ما نسجتة باطلا.
وكتب إليه شجرة في بينة شهدت أنهم روا فلانا دخل دار فلان فأخذ منه خمسة من الدواب فأخرجها، فقال يؤمر المدعي عليه برد ما أخذ من الدواب، إلا أن يأتي بمخرج له به حجة.
في الحيازة علي الحاضر من الأجنبيين
وبماذا تكون الحيازة؟
قال أبو محمد: والدليل علي أن الحيازة الطويلة بعلم من يقوم في ذلك لا يدعيه كالتسليم والاقرار، وإن كثيرا من[عوائد الناس](1)والغالب من أحوالهم جعلت كالاقرار منها أن من دخل بزوجة فأقامت معه دهرا طويلا ثم قامت عليه بالنفقه، وقالت ما أنفق علي أنها لا تصدق وتصير مدعية لخروجها عن الغالب من أمر الناس، وكذلك قلنا لو قالت لم أقبض النقد فقد ادعت ما الغالب إلا تمكنه من نفسها قبل قبضه، فجعلت مدعية لخروجها عن العادة، وقال عمر [ومذهبه يري أنها للثواب](2)فجعل الغالب من الحال مغلبا يقضي به، وكذلك يجري غير شئ في تغليب الأحوال، وكذلك ليس يجري في أحوال الناس، والغالب منها أن من له شئ يري غيره يصنع فيه ما يصنع المالك الدهر الطويل لا يدعيه
[9/8]
***
__________
(1) كلمتان ممحوتان من صورة الأصل مثبتتان من ص .
(2) كذا في ص ، وقد كتبت في الأصل محرفة علي الشكل التالي (بن بلهية هبة جري أنها للثواب.(1/5)
[9/9]
فقد خرج من الغالب من الأمور ومن اجتهد مجدا في ذلك عشر سنين فمن دليله أن الله سبحانه جعلها أبلغ شئ في العذر، إذ أمر نبيه[عليه السلام] بتأخير المشركين/ فلم يأذن لهم فلا الإنتصار بالسيف إلا بعد عشر سنين، فقال سبحانه: ( أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله علي نصرهم لقدير)(1)فهذه أول آية نزلت في الجهاد .
قال ابن حبيب: روي ابن المسيب أن النبي صلي الله عليه وسلم قال، << من حاز شيئا علي خصمه عشر سنين فهو أحق به>>(2)قال ربيعة: وإذا كان الحائز ينسب ذلك إلي نفسه ويلي منه ما كان يلي صاحبه عشر سنين فهو أحق به إن ادعاه ملكا له إلا أن يأتي الآخر ببينة علي عارية أو إسكان، وبذلك أخذ ابن القاسم وابن وهبه وابن عبد الحكم وأصبغ في توقيت عشر سنين، وقال ابن القاسم إن التسع أو الثمان وما قارب العشرة من العشرة، ولو يؤقت مالك في الحيازة ورأي أن ذلك علي قدر ما ينزل ويجتهد فيه الامام فرب حائز يغتل ويهدم ويبني فلا يمكن أن يدع(3)ملكه ويتجافي عن هذا، قال وما اغتل من ذلك أقصر مدة في الحيازة مما يحاز بالسكني والحرث وقال مطرف بالعشرة ومنها قاربها، ورأي بعض ذلك أقوي من بعض، ولا يؤقت ابن الماجشون فيها علي معني ما قال مالك، وذكر عنه ابن حبيب نحوه وقال وكان يري أن من ورث ذلك عن حائزه أقوي من موروثة ولا يري عليه من طول الحيازة مثل ما يراه علي من حاز بنفسه بغير مورث، ويري الوارث أولي إلا أن يأتي الطالب ببينة علي إسكان أو إعمار أو مساقاة/ ونحوه، فيكون أولي، قيل له فإن كان الطالب أو أبوه قد خاصم الموروث ذلك عند حكم فلم ينقطع ذلك حتي مات؟ قال فهذا أوهن لحجة الطالب وأقوي لحجة المطلوب بأنه قد خاصم
[9/9]
***
__________
(1) الآية 39 من سورة الحج.
(2) لم أجد مصدرا للحديث إلا أن روايته عن ابن المسيب مما يؤكد معناه فقد قالوا عنه إنه أفقه الناس في البيوع كما قالوا عطاء أفقه الناس في المناسك وإبراهيم أفقههم في الصلاة والحسن أجمعهم لذلك كله ( ابن تيمة ، الجزء 29 صفحة 27).
(3) في ص ، أن يدعي .(1/6)
[9/10]
فلم يظفر، [وانقرض](1)الموروث بعد أن خوصم ولم يدرك قبله شيئا، فإذا لم يكن الطالب خاصم الموروث عنه فهو أقوي للطالب لأنه يقول لو أدركت أباه فخاصمته لم يجد مدفعا لحجتي.
ومن المجموعة قال ابن كنانة فيمن سكن دارا حتي مات، ثم أقام آخر بعد موته بيسير بينة علي أصل الملك، فإن كان الحائز بيني ويهدم ويغرس ويخلع فلا شئ، وإن لم يكن منه غير السكني فلا شئ للحائز، وهي للمدعي، وإنما ذلك بقدر الاجتهاد، قال وأما الثوب يكون بيده الزمان الطويل، والدين يقيم عليه الزمن الطويل فلا يقطع بهذا ملك ربه، بخلاف الأرض والعقار، ورب الدين والدابة أولي بذلك مع يمينه إلا أن يكون من ذلك بيده يلبس ذلك ويعيره ويركبه ويكريه بحضرة المدعي لا ينكره، ومن العتبية(2)من سماع يحي بن يحي من ابن القاسم قال له: كم الحيازة في الأجنبي الذي إنما سكن دارا وهو زرع الأرض وشبه ذلك، قال عشر سنين ونحوها يبطل دعوي المدعي في هذا، وأبين من ذلك أن يغرس ويبني.
وقال ابن الماجشون في المجموعة وكتاب ابن حبيب فيمن حاز ربعا بحضرة المدعي فإن طالت مسافته أو كان من الغيبة/ بحيث ينتهي إليه العلم وهذا يبني ويهدم ولا ينكر الآخر ولا يدفع فهذا يبطل حقه.
ومن المجموعة قال أشهب: كتب مالك إلي ابن غانم فيمن يقيم بينة في دار بيد رجل أنها لجده حتي هلك وتركها ميراثا ولم يخاصم فيها أبوه أو خاصم فلم يتم الخصومة(3)حتي هلك، فإذا طالت حيازة هذا الذي في يديه بمحضر الطالب يراه يسكن ويعمر وينسبها إلي نفسه ظاهرا فإنه ينتفع بطول حيازته، وإن لم يكن علي ذلك نظر الإمام فاجتهد .
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن أثبت بينة في أرض أنها له، وأثبت الذي هي في يديه أنه يحوزها عشر سنين بمحضر الطالب فأقام الطالب بينة أنه طلبها ونازع
[9/10]
***
__________
(1) في ص ، ولم يظفر ولم يفرض الموروث .
(2) البيان والتحصيل 11 : 172.
(3) في الأصل ، فلم يتم الخصوم .(1/7)
[9/11]
هذا فيما، قال إن قالوا لم يزل يخاصم ويطالب ليس أن يخاصم يوما ويومين ثم يمسك نفعه ذلك وإلا لم ينفعه.
وقال عنه فيمن أقام بينة بالحيازة عشر سنين فأكثر بمحضر المدعي لا يطلب ولا يغير، ولم يقولوا يحوزها بحقه ولا يدري بماذا حازها، فقال توقف بيده هذه الحيازة والشهادة.
قال ابن حبيب قال مطرف: ومن حاز من الاجنبيين في الأشياء كلها عشر سنين علي وجه الملك فهو له، إن كانت أرضا فزرع فقط أو غرس، أو دارا فسكنها فقط أو هدمها، أو بناها أو غلة فاغتلها أو لبس الثياب، أو اختدم الرقيق أو اعتق أو وطئ أو ركب الدواب واحتلب الماشية علي/ التمليك لذلك بمحضر المدعي ومثبت أصله ويعمه فذلك كله لحائزه بعد يمينه أنه له ورأي ما قارب العشر سنين في ذلك كالعشرة، وبعض ذلك أقرب من بعض مثل الهدم البين الكثير والبناء الذي لا يشبه الرم(1)والزيادة مما لا يفعله إلا المالك فهذا أقوي من السكني وأقصر في مدة الحيازة والمغتل أقوي(2)أيضا مما لا يغتل، والعروض والحيوان أقصر مدة من الرباع إلا أن عشر سنين غاية تجمع الرباع(3)وقد يكون من هذه الوجوه ما يكون فيه الخمس سنين والست والسبع والثمان يقطع حجة الدعي باجتهاد الامام عند نزوله، وأما ما أحدث فيه حائزة بيعا أو عتقا أو تدبيرا أو كتابة أو صدقة أو إصداق الأمة أو وطأها فذلك يقطع حجة المدعي إذا لم يغيرها عند علمه بها قام بحد ثانه، ولا ينظر فيه إلي عشر سنين.
قال اصبغ: إذا كان الحاضر يري حيازة الحائز بسكني الربع أو هدم أو بناء أو زرع الأرض بعشر سنين في ذلك وما قاربها قطع لدعواه، كما الرهن والستر(4)كشاهد، واما غير الدور والأرض من ثياب وحيوان أو عبيد فذلك أقصر مدة، وكل
[9/11]
***
__________
(1) كلمة الرم ساقطة من ص .
(2) كلمة أقوي ساقطة من ص .
(3) كلمة ممحوة في الأصل وغير مبثته في ص فتعذر ذكرها.
(4) كذا في الأصل، وأما في ص، فكتب علي الشكل التالي (كما الرهن والسنين).(1/8)
[9/12]
شئ بقدره، فالثياب السنة والسنتان فيها حيازة إذا لبست، والدابة السنتان والثلاثة إذا ركبها واغتلها علي وجه الملك، والأمة شبه ذلك إلا أن يطأها بعلم القائم فلا ينكر فلا حجة له بعد ذلك، وإن لم يطل ذلك قبل الوطء/ وأما العبيد والعروض ففوق ذلك شيئا إن حازه بالملك وشبهه ولا ينظر في هذا إلي عشر سنين فيما بين الأجنبيين إلا في الدور والأرضين والأصول، قال وسألت مطرفا عن الذمي يدعي الأرض أو المنزل في يد الشامي عندنا بالأندلس وذكرت له ما كان ينزل أهل الشام عليهم هل هم كغيرهم؟ فقال ليسوا كغيرهم ورأي إن عرف أن أصل القرية لأبي الذمي أو لجده أو جد أمه مما صالحوا عليه، وعرف أن هذا الشاهد أو جده أو جد أبيه ينزل عليه أو علي أحد أجداده فعلي الشامي البينة أنه اشتري هذا(1)وأبوه ولا ينفعه طول كونها في يديه وطول حيازته ولا بمورثه ذلك عن أبيه وعن جده، وإن لم يعرف أصل القرية للذمي أو ابنه أو جده، ولم يعرف أن الشامي أو أباه أو جده ينزل عليه فالبينة علي الذمي إن حازها الشامي عشر سنين فأكثر وسألت عنه أصبغ وابن الماجشون فوقفا عنه وبالأول أقول.
وقال ابن سحنون عن أبيه سئل فيمن أقام بينة أن فتاة له تجري علي فلان منذ سنة لا يدري(2)بحق أو بغير حق فلا يغير الذي تجري عليه ولا ينكر هل يلزم الذي جرت عليه إثباتها، قال سنة قليل وقد يتغافل الجار عن مثل هذا،[قال](3)فإن جرت عليه أربع سنين أو خمسة، قال هذه حيازة واستحقاق.
وعن دارين بينهما زقاق مسلوك، في أحدهما كوة يري منهما ما في الدار الأخري، فبني جاره قبالته غرفة وفتح/ كوة قبالتها، فقام صاحب القديمة بطلب سدها، فطلب الآخر سد القديمة، والقديمة منذ أربع سنين أو خمسة، قال يحلف صاحب الحديثة ما تركتها إلا علي معني الجوار وتسد الكوتان.
[9/12]
***
__________
(1) في ص، هو وأبوه .
(2) س، لا يدرون .
(3) قال ساقطة من ص.(1/9)
[9/13]
قال ابن حبيب: وأخبرني حسين بن عاصم عن ابن القاسم في حيازة الأجنبي علي الأجنبي بالهدم والبناء عشر سنين والسكني أنها حيازة، وأما بالحرث والزرع فلا أراه حيازة.
في الحائز يدعي أنه اشتري أو وهب له أو ورث
وفي الحائز يعلم أن أصل حيازته
بكراء أو إسكان أو شبه ذلك
أو يقضي للرجل بالربع
ثم يبقي بيد المقضي عليه يحوزه طويلا
ومن العتبية(1)روي عيسي عن ابن القاسم فيمن بيده أرض أو مسكن يحوز فيقيم آخر البينة بملكه، أو يقر له ذلك الحائز ويدعي أنه باعه منه او وهبه له أو تصدق به عليه، ولا يأتي ببينة إلا أنه حائز له، قال قالقول قول من بيده الدار في البيع مع يمينه إذا حازها الزمن الطويل الذي يعلم فيه أن قد هلكت فيه البينة علي البيع، وأما الهبة والصدفة والنزول فليحلف المستحق ما خرجت من ملكة وياخذها بعد أن يدفع قيمته[بناء](2)هذا فيها نقضا، وإن كان الحائز ورثها فالقول قوله مع يمينه، إلا أن يكون المستحق غائبا فيكون أولي بها، إلا أن يقيم هذا بينة بسماع علي شراء، يعني فيما طال زمانه.
ومن المجموعة قال/ ابن كنانة: ومن حاز أرضا زمانا ثم أقربها لرجل لم تنفعه الحيازة وثبت عليه إقراره.
قال ابن حبيب قال مطرف: فإذا عرف أن أصل ما بيد الحائز الأجنبي أو الصبي(3)والمولي إنه إنما أرفق به أو كان عبدا أعتقه سيده، وقد كان ذلك في يديه قبل يعتق ثم ادعاه اليوم لنفسه وشبه ذلك مما يعلم أن أول دخوله فيه بإرقاق
[9/13]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 11 : 165.
(2) في ص، قيمة ما بتي هذا فيها.
(3) غير واضحة في الأصل .(1/10)
[9/14]
مالكه أو بأكثر منه أو وكالة(1)عليه، فالحق لصاحب الأصل، وإن طالت الحيازة حتي يقيم هذا بينة علي هبة أو اشتراء، أو يحدث في ذلك بحضرة هذا ما لا يحدثه إلا في مكله ولا ينكر عليه فيكون أحق به، قال وولد الحائز وولد ولده في كل ما ذكرنا مثل آبائهم.
وفي كتاب الغضب ما يشبه معني الحيازة وقطع الدعوي للحاضر بالحوادث، وفي آخر الكتاب باب في القاضي يقضي بالشئ فلا يحوزه المقضي له حتي يموت أحدهما أو يطول أحدهما فيه فيسأله من قضي له بربع فلم يحزه بقبضه وبقي بيد المقضي عليه فطالت حيازته إياه بمحضر الطالب، وهو من معاني هذا الباب، وفي الدين يتقادم عشرين سنة(2)ولا يقام به، قال ابن الماجشون: يقوم به وإن قدم، وهذه في البيوع في اختلاف المتبايعين في قبض الثمن.
في الحيازة علي الغائب من الأجنبيين
أو الصغار والمولي عليهم أو علي النساء
من العتبية(3)روي عيسي عن ابن القاسم في الغائب عن/ أرضه أو داره يحوزها رجل ثم مات وحازها ورثته، ثم قدم الغائب فأثبت أنها له وإنما دخلها الميت بعد مغيب هذا، وقد كان يقول اشتريت(4)أو لم يقل، فالقادم أحق بها بكل حال حتي تقوم بينة علي شراء أو هبة أو صدقة أو سماع صحيح علي الشراء، وكذلك لو كان الغائب علي مسيرة ثمانية أيام فليست تلك بحيازة ولا يحاز علي غائب إلا أن يكون علم بذلك وطال زمانه ولا يخرج [إلي ذلك ويتركه](5)له فلا شئ له، قيل له فإن كان علي أربعة أيام أو نحوها فيحوزها الحاضر عشر سنين أو عشرين [سنة](6)ثم يموت وتورث وهو يبلغه ذلك فلا يطلب ولا يوكل ولا يذكر شيئا، قال
[9/14]
***
__________
(1) في ص، أو وكله عليه.
(2) في ص ، عشر سنين .
(3) البيان والتحصيل، 11 : 179.
(4) في ص ، وقد كان يقول اشتراها.
(5) كلمات ممحوة من الأصل مثبته من ص .
(6) كلمة سنة زائدة من ص.(1/11)
[9/15]
له القيام ولا يقطع ذلك عنه الأمر القريب وليس كل الناس يقرب ذلك عليهم من ضعيف وغيره، وللناس أعذار، قيل فإن لم يكن به ضعف ولا عذر، قال كم من لا يثبين عذره وهو معذور. وروي عنه يحي فيمن مات وترك ورثه غيابا، وترك منزلا فحازه رجل أربعين سنة ولعله مات وورث عنه وعن وارثه، ثم قدم وارث الأول فاحتج ورثة الحائز بالحيازة قال إن كانوا مثل الأندلس من مصر كلف من هو بيده البينة علي ما يستحقونه به، فإن لم يأتوا ببينة لم ينتفعوا بطول الحيازة، وأما أن كانت الغبية قريبة ومنزلهم يتوارث هكذا بعلمهم ولا يقومون ولا يوكلون حتي طال الزمان وقد/ ورث أو لم يورث فذلك قطع لحقهم كالحاضر إلا لمن يتبين للسلطان عذرهم لضعفهم أو عجزهم، قال ابن حبيب قال مطرف: وإذا حيزت علي رجل أرضه أو داره وهو غائب فإن لم يعلم فهو علي حقه إذا قدم وإن طالت الغيبة قربت غيبته أو بعدت، وهو علي أنه يعلم حتي تقوم البينة بعلمه فتنقطع حجته إن كان قريب الغيبة، ومسيرة الخمسة أيام وشبهما قريب إلا أن يأتي بوجه يعذر بمثله، وقد تكون له معاذر(1)ويعذر بها، والسبعة أيام والثمانية طول.
في العتبية(2)ويعذر بترك القدوم(3)وإن علم بما حيز عليه لم يضره ولكن استحب له أن يشهد علي حقه، وإن يشهد لم يضره [ذلك](4)، وذكره عن مالك.
قال أصبغ: لا حيازة علي غائب وإن علم في غيبته ما لم يقرب ذلك جدا ويري مثل تسعة أيام ونحوها بعدا ومادونها قربا إلا أن يقيم الحائز بينة بشراء أو يطول الزمان جدا مثل تسعين سنة وثمانين وما قاربها، ويكون مع ذلك سماع مستفيض بأنها ملك للذين هي في أيديهم تداولها(5)تداول الملك فيكون بالحيازة علي الحاضر.
[9/15]
***
__________
(1) في ص، معاذير.
(2) البيان والتحصيل، 11 : 179.
(3) بياض بالأصل ملأناه من ص .
(4) ذلك ساقطة من ص .
(5) ص، في أيديهم يتداولونها.(1/12)
[9/16]
وروي حسين بن عاصم عن ابن القاسم وابن وهب وابن نافع في الغائب علي مثل خمسة أيام وسنة إن علم بما حيز عليه فلم يقدم ولا كل حتي طال الزمن فهو كالحاضر إلا أن يكون له عذر مثل أن يكون في جوار عدو ومن وراء بحر أو ضعيفا أو مخبلا أو إمرأة محجوبة [أو غير/ محجوبة](1)وشبه ذلك، فيكون علي حقه أبدا، ثم رجع ابن القاسم وقال أري الغائب علي مثل ثلاثة أيام أو أربعة معذوراً، فإن لم يظهر عذره ورب معاذير للمرء لا تعرف.
قال ابن حبيب والأول أحسن، ومن المجموعة قال ابن كنانة ف يالمولي عليه في حجر ولي وأرضه بيد المولي إن ورثة الولي لا يستحقونها بذلك وهي لليتيم، وفي باب بعد هذا ذكر الحيازة علي الصغير.
ومن كتاب ابن سحنون كتب شجرة إلي سحنون في [مسألة](2)المنزل الذي أثبت قوم أنها(3)لأبيهم تركها [ميرايا](4)لهم ولزوجته فأتي الحائزون للمنزل ببينة علي حيازتهم المنزل بحقهم منذ خمس عشرة سنة(5)لا يدعون ولا ينكرون، وما تري في الحيازة علي النساء يظهرون؟ فكتب إليه: طول هذه الحيازة يقطع دعوي المدعين، وأنا الحيازة علي النساء لا يظهرن فإن كان معهم في قرية واحدة أو قريبة بعضهم من بعض فليس يخلي عليهم مثل هذا لطوله، وإن كان غائبا(6)ببلد يعلم أنهم لا يعلمون أو صغارا، فإن كانت بينة الطالبين قد دونت تاريخا(7)قبل وقت تاريخ المدعي عليهم وهم عدول فحقوق النساء ثابته وإن لم يؤقتوا وقتا قبل وقت المدعي عليهم فاقض بأعدل البيتين، فإن تكافؤوا فأقررها بيد الذي هي بأيديهم.
[9/16]
***
__________
(1) ما بين معقوقتين ساقط من ص .
(2) ساقطة من الأصل .
(3) في الأصل ، خمسة عشر سنة وهو خطأ يقع فيه الناسخ كثيرا.
(4) ساقطة من الأصل .
(5) في الأصل، خمسة عشر سنة وهو خطأ يقع فيه الناسخ كثيرا.
(6) في الأصل، غيبا.
(7) في ص ، قد أرخت تاريخا.(1/13)
[9/17]
القول فيما حازه بعض الورثة
أو بعض الشركاء من بعض/
من المجموعة قال ابن القاسم عن مالك [في الوارثين](1)يرثان دارا أو حائطا فيموت أحدهما وترك(2)[فقامت] زوجته فيدعي الباقي أن ذلك له دون أخيه فلا يقبل ذلك وهي بينهما.
ومنه ومن العتبية(3)من سماع يحي عن ابن القاسم وابن وهب في الأخوة يرثون الأرض ويحرث كل واحد ناحية إلي ان يموت وبيده أكثر المنزل فأراد من بقي المقسم، واحتج عليهم ولد أخيهم بحيازة أبيهم، وقال الأعمام إنما كان ذلك بيننا علي [طريق](4)المرفق، قال لا حجة لهم بالحيازة إذا أقروا بالأصل أو قامت بينة، وليحلف الأعمام أنهم ما باعوا من أخيهم ولا وهبوه، قال ابن القاسم إلا أن يكون المالك الحائز وهب شيئا من ذلك أو باعه أو فعل فيه ما لا يفعله إلا المالك فيكون أحق بما أحدث فيه مثل هذا بحضرة إخوته وعلمهم.
قيل فيها كان يكري منه باسمه ويستغل أيستحق به الكراء؟ فقال مرة نعم، ثم سألته عنه فأمسك عنه ومرضه وكأنه لم يره حوزا يستحق به شيئا، قال عنه يحي في الورثة يرثون منزلا فهلك بعضهم وعن ولد وادعوا أن ما ترك الجد من ذلك لم يقسم وادعي أعماهم أن ما بأيديهم حقهم وأنهم عايشوا إخواتهم وكل واحد مقيم علي ما بيده من المنزل راض به وبيد بعضهم أكثر من بعض وعسي أن بعضهم ليس بيده شئ/ وتعايشوا علي ذلك نحو ثلاثين سنة، ولعلهم تقاسموا ولا يجدون بينة، قال أما ما لم يحدث فيها الحائز منهم غير أن سكن أو زرع فلا حجة له بذلك وليسوا في حوز بعضهم عن بعض من غير إحداث بناء أو هدم وكراء كالأجنبيين، وقد اختلف قوله فيما حاز أحدهم ببناء أو هدم أو غرس أو
[9/17]
***
__________
(1) بياض في صورة الأصل، أثبتناها من ص .
(2) بياض بالأصل غير موجود ما يقابله بنسخة ص.
(3) البيان والتحصيل، 11 : 166.
(4) كلمة ساقطة من ص .(1/14)
[9/18]
كراء باسمه، فقال مرة هم فيها كالأجنبيين إذا حازها بمثل هذا عشر سنين(1)فهو أولي بها، ثم رجع فقال لا يقطع ذلك حق الوارث بمثل هذا وثبت فيما حازه الوارث بالبيع والوطء والتدبير والكتابة بالعطية أن ذلك يقطع حق باقي الورثة بمثل هذا، وقال في الغرس والبناء إلا أن يطول الزمان بعدا، ولم يرا الأربعين سنة طولا بين الزمان جدا، قال وكذلك المرأة مع زوجها تقوم هي أو ولدها من زوج بعده علي ولد الأول وقد حازوا بالزرع والسكني وإن بعد عشرين سنة فلا يقطع ذلك حقها وحق ولدها إلا أن يقتسموا أو يبيعوا بعملها أو بعلم من ورثها بعد موتها، بذلك يقطع حقهم.
قيل فإن فعلوا ذلك في بعض الرقيق وإن كان في يسير منهم أخذت حقها فيما أعتقوا أو باعوا لأنها تعذره للسكوت عن اليسير في جنب الكثرة والميراث، وإن أحدثوا ذلك في جل الميراث فإن حقها يبطل / من الجميع .
ومن كتاب ابن حبيب قال مطرف: ولا حيازة بين الورثة والشركاء فيما يزرع أو يسكن بغير عمارة طال الزمان أو قصر في بعض ذلك أو في كله، حضروا أو غابوا، إلا أن يطول الزمن جدا خمسين سنة أو أكثر، أو يحدث فيما لم يطل بيع أو هبة أو قسم أو إصداق للنساء والباقون حضروا لا يغيرون فلا حق لهم إلا أن يقوموا بحدثان ذلك، وإلا فلا شئ لهم لا في ثمن البيع ولا غيره، قال وما حيز منه بالهدم والبناء والغرس والاحياء فهم فيه كالأجنبيين، هذا إذا مضت عشر سنين وشركاؤه حضور عالمون لا يغيرون فهم أحق به إذا ادعاه ملكا لنفسه [إلا لمن](2)لا يريد أن يظهره واحتج بالحيازة فإن حاز بهذا جميع ذلك فهو له، وإن كان غنما حاز بعضها ولم يحز البعض وكان ما حاز مثل سهمه فهو له بسهمه، فإن ادعي أن ما عمر له دونهم فحقهم ثابت فيما بقي وما عمر فله سهمه إذا ادعي أشراكه أنهم انما تركوه يحدث ذلك ليكون له بسهمه، وإن عمر
[9/18]
***
__________
(1) في الأصل، عشرين سنة.
(2) ساقطة من ص .(1/15)
[9/19]
أقل من سهمه أتم له بقية سهمه فيما بقي، وإن كان اكثر من سهمه فهو له كله قدر سهمه بسهمه وما زاد علي سهمه بالحيازة، قال والحيازة بقبض الغلات والثمار، وإن قبض غلة ذلك كله كالحيازة بالسكني في الدور، فإن زعم شركاؤه إنما قبض ذلك له ولهم بتوكيلهم أو التقديم له حلفوا، أو هم علي حقهم من الأصل والغلة الماضية، وإن قالوا تجافينا له عن / ذلك فهم علي أصلهم خاصة، وما حاز بعضهم من العبيد والاماء والدواب والحيوان وجميع العروض يختم فيركب ويحتلب ويمتهن العروض فلا يقطع ذلك حق الباقين ما لم يطل في ذلك دون الطول بينهم في حيازة الدور والأرضين بالسكني والازدراع، وفرق بين حيازة الأجنبي علي الأجنبي ما لم يحدث الحائز عتقا أو تدبيرا أو بيعا أو هبة أو إصداقا، أو يطأ الاماء أو يقطع الثياب والباقون حضور لا يغيرون ولم يقوموا بحدثانه، فإن أحدث ذلك فيها كلها فهي له كلها، فإن كان في بعضها فله ذلك خاصة والباقي بينهم بعد يمين الباقين أنه ما خرج من أيديهم، ولو قاموا عند هذا الاحداث وحلفوا [ ما سو نحوه](1)ذلك فلهم قيمة نصيبهم فيما أعتق وفيما وطئ وما باع أو وهب أو تصدق أو أصدق فهو مردود وهم علي حقهم، فإن طال ذلك قبل قيامهم فلا شئ لهم لا في ثمن الجميع ولا غيره، وما طال بحيازته لذلك بالامتهان والاستخدام حتي طال الزمان فذلك لحائزه دون الباقين، والطول فيه فوق العشر سنين بالاجتهاد وأنا في غير الورثة والشركاء فالحيازة فيه أقل من عشر سنين، قال والورثة والشركاء فالحيازة فيه أقل من عشر سنين، قال والورثة والشركاء وآباؤهم بمنزلة أبنائهم لا يستحق شئ بموت من مات، وقال مثله كله أصبغ، وقال أصبغ أيضاً وما حاز بعضهم بهدم أو بناء يشبه الاصطلاح والزيادة كالسكني لا يضر معه طول الزمان / ولا بموت بعضهم إلا في طول الزمان جدا خمسين سنة او ستين سنة فذلك يقطع حق من بقي، وما دون الخمسين زمانا بها فليس يحوز في الشركاء والورثة، وأما البناء والهدم الذي لا يشبه الزيادات فذكر فيه مثل ما تقدم لمطرف.
ومن المجموعة قال أشهب: وما حاز الورثة فكان كل واحد يعمل ما بيده من الأرض، وكيف إن مات بعضهم فكان ولده كذلك، فما ترك فاقتسموه ولده
[9/19]
***
__________
(1) كتاب في النسختين ولم يتضح لنا معني لذلك .(1/16)
[9/20]
أو لم يقتسموه، ثم طلب ورثه الجد القسم فهم والأباعد سواء إن طال زمانه فيما يندرس فيه علم المقاسمة، فذلك باق علي حاله.
وكان سحنون لا يري الحيازة بينهم إلا في أكثر مما يراه بين الأجنبيين ولم يوقت وقتا.
قال أشهب: إلا أن يكون عند من طلب القسم منهم بينة أو سماع أن ذلك منهم علي التجاوز فيكون علي ذلك،
إلا أن يكون حوزهم لذلك مثل سنة او سنتين فليقتسموا علي ميراثهم الأول، إلا أن يكون عند الآخرين بينة بقسم وإلا فليؤتنف القسم فمن وقع حقه فيما بني وغرس فهو له ومن وقع بناؤه في حق غيره فليحلف ما بني إلا بمقاسمة ثم أعطاه الآخر قيمة البناء قائما، وإلا أعطاه هذا قيمة أرضه وإن أبي كانا شريكين، إلا أن تقوم بينة أنه إنما حاز بغير مقاسمة أو ينكل عن اليمين أو حلف الآخر فإن الآخر يعطيه قيمة بنائه منقوضا أو يأمره بقلعه لأن هذا يبين العداوة(1)، والأول يشبهه كالمشتري، وإن لم تقم بينة ونكل أعطاه قيمته / قائما علي ما ذكرنا .
قال ابن كنانة: إذا حاز أحدهم بازدراع فقط لم يستحقها إلا بطول الزمان، ثم يحلف أنه ما حاز إلا بحق أو بموت، فيدعي ورثته وراثة، وأما ما حيز بالبناء ولاغرس وإنشاء العيون وحفر الآبار فهو أحق بما عمل فيه ميتا وحيا مع يمينه.
ومن العتبية(2)روي يحي بن يحي عن ابن وهب فيمن مات عن أب وبنين فلم يأخذ الأب ميراثه حتي مات فقام ورثة الجد بميراثه واحتج ورثة الابم بسكونه عنه، قال هو لورثة الجد إلا أن تكون لهم بينة بصدقة أو بيع فلا يستحقونه بتقادمه في أيديهم.
وبلغني أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: <<لا يبطل حق امرئ وإن قدم(3)>>
[9/20]
***
__________
(1) في ص ، يبين عداءه .
(2) البيان والتحصيل، 11 : 191.
(3) لم يتيسر لنا تخريج هذا الحديث وربطه بالأحاديث الصحيحة .(1/17)
[9/21]
قال سحنون عن ابن القاسم في الورثة فيهم صغار وكبار وبيد بعضهم بعض القري والمساكن وبيني ويغرس، ويختدم العبيد، ويبيع بعضهم، ويطأ الإماء، قم قال الباقون بعد أعوام، فادعي الحائز أن أباه تصدق عليه واحتج بحيازته، قال فهو أحق بذلك يحوزه بمحضرهم، قال ابن القاسم في آخر المسألة: وما باع أو وطئ فلا شئ للباقي فيه، وأما ما كان ببناء أو غرس أو ستغلال فلا يقطع ذلك حق الباقين. [لأن حوز القرابة في ذلك بخلاف الأجنبيين(1)].
وروي عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب في فرن بيد رجل كان يغتله وأوصي به لرجل في مرضه، ثم صح فأصلح سقيفته وكان قد احترق وكان يغتله، ثم مات فأقام إخوته بينة أنه لوالدهم / وكل ما فعل فبمحضرهم وعلمهم وهو حائز(2)الأمور، قال إن حازه هكذا نحو عشرين سنين(3)أو أكثر منها فهو له ولورثته من بعده إلا أن يكون إخوته صغارا أو تحت يديه أو غيابا غبية طويلة أو بعيدة فيكونون علي حقهم .
وقال أشهب: الفرن للموصي له به، يريد إذا وجب للموصي له بحيازته.
ومن المجموعة قال ابن كنانة في أخوين ورثا أرضا ثم مات أحدهما فترك ولداً فعمر أخوه الأرض زماناً طويلاً، ثم قام ولد الأخ بنصيب أبيهم فادعاها عمه، فأثبت ولد الأخ أن الأرض للجد وهم صغار حين مات أبوهم أو له معذر من غيبة أو علة فلهم أخذ ميراث أبيهم، وإن كانوا كباراً حضوراً وطال معايشة(4)أبيهم لعمهم وهي بيده نظر الإمام فذ ذلك بجتهاده، وقال في شركاء اقتسموا أرضاً فميز حق كل واحد، ثم غاب عليها عبيدهم فدخل بعضهم علي بعض فمكثت سنينا كذلك وكيف إن مات بعضهم ثم ادعي من بيده فضل منها أن ذلك له بحيازته وأراد الباقون الاعتدال في قسمها، فقال أما ما كانوا أحياء فهم يعتدلون علي
[9/21]
***
__________
(1) في ص، لأن حق القرابة في ذلك بخلاف الأجنبي.
(2) في الأصل، وهم حائزو الأمور.
(3) في ص، عشر سنين
(4) في ص، معاشرة.(1/18)
[9/22]
قسمهم الأول ويترادون الزيادة إلا أن يطول الزمان جدا بقدر ما يستحق الأرض من عمرها بطول حيازته، فأما إن توارثها القوم فهي علي ما هي عليه الآن بزيادتها .
ومن كتاب ابن حبيب قال أصبغ في إخوة ورثوا منزلا فقسموه وغاب بعضهم وعمر بعضهم فقدم الغائب بعد سنين فقالوا اشتهيت الحيازة، وقال الحاضرون سهامنا بأيدينا ولا نعرف / سهامكم قال يحلف الذين عمروا أن ما عمروا سهامهم ولا شئ عليهم، إلا أن يقيم الآخرون بينة علي اشتباه سهامهم أو انتقاضها فتعاد القسمة.
قيل فإن كان حظ رجل من تلك الأرض بيد أخيه عشرين سنة أو نحوها فمات وطلبه بنوه أو طلب ذلك هو والمنزل يعرف بوالدهم، قال إن ادعي شراء أو صدقة فذلك له أقام بينة أو لم يقم لأم في عشرين سنة ما يبيد الشهود، ولو مت الذي الحظ في يده فقال ورثته لا ندري بماذا كان في يد صاحبنا فلا شئ عليهم إلا أن يأتي الآخرون بما يتبين به حقهم فيه.
قال ابن حبيب قال لي عيسي بن دينار عن ابن القاسم: الحيازة بالحرث والسكني مثل الهدم والبنيان علي الورثة وغيرهم، وخالفه عيسي وقال بما ذكرنا من الزيادات(1).
فيما حازه ذوو القربي والأختان والأصهار والموالي
وما حاز الإبن في حياة أبيه والصهر والمولي
من المجموعة والعتبية(2)قال ابن القاسم عن مالك في الذي تكون بيده الأرض زمانا يزرعها في في حياة أبيه ثم يملك أبوه فيقول قد حزتها فهي لي، قلت [ليس](3)ذلك له إلا ببينة. وكذلك لو قال ذلك في حياة أبيه وقد يكون الرجل يدبر أمره ابنه قيل فلو كان أجنبياً، قال هو أقوي أن يقول اشتريت ومات
[9/22]
***
__________
(1) في ص، من الروايات.
(2) البيان والتحصيل، 11 : 179.
(3) ليس ساقطة من الأصل، مثبته من ص .(1/19)
[9/23]
شهودي، فيكون ذلك للأجنبي فوقف وكان يراه فوتا، / وقاله ابن القاسم في العتبية(1).
قال ابن حبيب: بلغني عن محمد بن إبراهيم بن دينار أنه قال ما حاز الابن من أرض أبيه في حياته بالغرس والبناء والإحياء ولم ينقله الأدب منه حتي مات أو طال الزمان فهو للابن بحيازته إياه إذا ادعاه ملكا لنفسه، قال وإن كان أبوه ينقله من موضع إلي موضع ويعمل في كل موضع فلا شئ له بحيازته، وإن مات أبوه علي ذلك.
وقاله مطرف، وروي أصبغ عن ابن القاسم أن ليس بين الولد ووالده في مثل ذلك حوز وإن طالت عمارته لأنه كالحوز لآبائهم إلا ما نسبوه لأنفسهم بشراء أو هبة أو صدقة أو إصداق إمرأة، وإن بنوا أو غرسوا في موضع واحد ، وقاله أصبغ وابن حبيب.
وقاله ابن حبيب فيمن عمر منزلا لأبيه حتي مات الأب فقام عليه ورثة أبيه، فقال لم يكن لأبي فيه إلا كذا وكذا وباقية لي، قال إن كانت القرية كلها لأبيه فليس له منها إلا ميراثه إلا أن يقيم بينة أن القرية كانت لأبيه فيها أشراك وزعم أن ما بيده منها صار إليه من غير أبيه فهو مصدق وعلي إخوته البينة.
ومن المجموعة قال ابن الماجشون: إذا حاز ربعا علي أبيه حتي مات، فإن أقام باقي الورثة بينة أنه كان لأبيهم حتي مات عنه كلف الحائز من ولده بينة يستحق بها ذلك، وإلا حلف باقي الورثة أن ذلك لم يخرج من ملك الأب، ثم يكون لهم مورثاً، ولو قرب حوزه بعد موت أبيه لم يوجب / له ذلك حقاً، وإذا علم أصل حيازته في حياة الأب أنه بتوكيل وما أشبهه أو في غيبة الأب ما لم يكلف إخوته بينة وكلفها الحائز علي ما يستحق به
ومن(2)العتبية قال عيسي قال ابن القاسم في الذي يعمر في أرض أبيه أو مواليه أو أختانة حتي هلك ولا بينة له علي عطية أو هبة، فأما الولد فلا شئ له
[9/23]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 11 : 179.
(2) البيان والتحصيل، 11: 172.(1/20)
[9/24]
إلا أن يقيم بينة علي عطية أو صدقة أو هبة والمولي والختن كالأجنبي إن عمروا أو غرسوا بمحضر رب الأرض لا يغير ولا ينكر ولا يشهد بعارية ولا بغيرها، فذلك لهم إذا عمروه زماناً طويلاً وبنوه بناء معروفاً بعلم رب الأرض عشر سنين أو تسعاً أو ثماناً، وأما حيازة الإبن علي أبيه فيما ثبت أصله لأبيه من حيوان أو دابة أو رأس فلا ينتفع بتقادم ذلك في يديه إلا أن يأتي ببينة علي صدقة أو هبة.
قال ابن حبيب قال مطرف ما عدا الشركاء أو الورثة من جميع القرابات، الإخوة وبنوهم، والأعمام وبنوهم، والأخوال، والأصهار، والموالي فهم كالأجنبيين فيما حازوه.
وقال أصبغ: الموالي والأصهار فيما ليس فيه مواريث كالأجنبيين إلا، موالي الخدمة المدبرين لماله، يريد مثل الخول والقوام وشبههم من الخاصة فلا يجرون مجري الأجنبيين، وكذلك الموالي والأصهار يكونون خولا أو وكلاء لصاحب الأصل أو مختلطين به جداً، إلا أن يكونوا منقطعين عنه فيكونون / كالأجنبيين ولا حيازة للابن علي أبيه، وإن كان منقطعاً، واختلف قول ابن القاسم في ذلك، مرة قال كقول مطرف وأصبغ، ومرة قال بخلافه.
وقال ابن القاسم في المجموعة في حيازة الإخوة أو الموالي بعضهم عن بعض بحفر الآبار والغرس والبناء أنهم كالأجنبيين، إلا الولد مع الأب وولد الأب مع الجد فلا حيازة لهم تنفع إلا بصدقة أو عطية.
وقال سحنون: الذي كنا عليه مع علي بن زياد أنه لا حوز للموالي وشبههم، ثم رأيت الروايات تخالفه.
ومن(1)العتبية روي يحي بن يحي عن ابن القاسم في الموالي والأصهار يساكنون الرجل في دار تعرف له ويحرثون أرضه [فبقوا علي ذلك](2)زماناً (طويلاً)(3)ثم يدعوه أو ورثتهم أنهم لا يستحقون شيئا مما سكنوا أو حرثوا بتقادمه
[9/24]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 11 : 207.
(2) في الأصل، فيقيموا كذلك .
(3) وائدة من ص .(1/21)
[9/25]
في أيديهم إلا أن يهدموا أو يبينوا فيكونوا كالأجنبيين، ومنها من رواية عيسي ومن المجموعة قال ابن القاسم في الأختان والموالي يساكنون الرجل في داره أو قريته المعروفة له أو يسكنهم ذلك فأقاموا بذلك زمانا ثم ادعوه أو ورثتهم والرجل أو ورثته يدفعونهم فإن كانوا ببلد يعرف منهم التوسع للموالي والأصهار قد جروا عليه فأهل الأصل أحق به إلا أن يأتي آخرون ببينة توجيه لهم أو سماع علي بيع، وإن كانوا ببلاد لا يعرف أن يجوز أحدهم علي أحدهم إلا بشراء أو عطية فالحائزون أولي في عشر سنين وما قاربها، إلا أن تقوم لأهل الأصل بينة بإسكان أو إعمار أو عارية، / وروي يحي مثله عن ابن القاسم وابن وهب إلا أن ابن وهب لم يذكر، إن كان قوم يعرف منهم التوسع [وروي عن ابن القاسم إلا ما حيز علي غائب في الذين لا يعرفون منهم التوسع](1)فإنه أولي بحقه وإن تقادم، إلا أن يأتي الحائز ببينة علي أصل (شراء)(2)أو سماع بذلك(3)فاش، قال ولم يكن مالك يري الأقارب كالأجنبيين في الحيازة وإن قدمت [قال يحي بن يحي](4)، يعني أهل الميراث.
ومن(5)العتبية قال سحنون في الصهر [زوج الأخت](6)أو العمة يعمر قريتي الحضري قال هو كالقريب في الحيازة لا يستحقها بعمارة عشر سنين بخلاف الأجنبي، وقد اختلف فيها أصحابنا، وهذا أحسن، وكذلك الموالي من فوق وأسفل كالقرابة أيضا في ذلك، قال يحي قال ابن القاسم: ومن أصدق عن ابنه منزلاً فلما بني الإبن بزوجته أخذت المنزل إلا حقولا يسيرة تركتها بيد حميها(7)حتي مات بعد طول زمان، ثم قامت فيها فمنعها ورثته واحتجوا بحيازته فلا يضرها طول بقاء ذلك أو جميع المنزل بيد الحم(8)وهي أولي بذلك، قال ابن حبيب عن
[9/25]
***
__________
(1) ما بين معقوقتين ساقط من الأصل، مثبت من ص .
(2) كلمة شراء ساقطة من ص .
(3) بذلك] ساقطة من الأصل.
(4) ما بين معوقتين ساقط من الأصل، مثبت من ص.
(5) البيان والتحصيل، 11 : 188.
(6) كلمتان ممحوتان من صورة الأصل، مثبتتان من ص.
(7) في الأصل، بيد حموها وهو تعبير دراجي.
(8) في الأصل بيد الحمو والصواب ما أثبتناه .(1/22)
[9/26]
حسين ابن عاصم عن ابن وهب وأشهب أن الورثة والأصهار والموالي كالأجنبيين فيما تجاوزا فيه إذا حازوه عشر سنين.
ومن المجموعة قال أشهب فيمن أعتق عبيداً ثم سكنوا دوراًُُ له وبنوا مساكن في أرضه فيقيمون كذلك زماناً، ثم يريد إخراجهم فيدعونها بحيازتهم عشر سنين أو عشرين، أو طلب ذلك ورثته من بعد موته بخمس سنين، أو مات الموالي وبقي أبناؤهم / قال الموالي في هذا كالأجنبيين سواء.
ومن العتبية(1)روي عيسي عن ابن القاسم في العبد يبني بنيانا في أرض سيده ويسمي باسم العبد، ثم يعتقه السيد عند الموت، فيقول العبد هذه الدار لي وبي عرفت، قال فالأرض لورثة الميت والنقض للعبد، قال عنه أصبغ فيمن له عبد بيده منزل فيه بناء وغرس(2)معروف أنه لسيده فأعتقه وفي يده المنزل والأرض، ثم أقام بعد عتقه عشرين سنة يبني ويهدم ويزرع حتي مات السيد فقام ورثته علي الموالي واحتجوا بحوزتهم، قال لا ينفعون بحوزهم، وليس الموالي والوالد كالأجنبيين شأنهم أضعف.
ومنها ومن المجموعة فيمن وقع له ولابنته ميراث في دار فتزوجت الابنة ودخل بها زوجها ثم باع عليها الأب والزوج وقالا وكلتنا، وأقامت الدار في يد المشتري أربع عشرة سنة يبني ويهدم، وهي مقيمة بالبلد وقالت ما علمت ولا وكلت، وكانا يذكران أنها بكر، فقال مالك إن باع عليها وهي بولي(3)جاز ذلك عليها وإن لم تكن بولي(4)ولا قامت بينة بوكالتها لهما حلفت دون البيع.
[9/26]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 11 : 162 .
(2) في الأصل، وغراس.
(3) في الأصل، تولي.
(4) في الأصل، وإن لم تول .(1/23)
[9/27]
في الحيازة في عامر الأرض وبورها والطرق
من العتبية(1)روي يحي عن ابن القاسم فيمن سكن قرية ليس له فيها(2)إلا مسكنه أو شيئاً اشتراه بعينه ليس من أهل الميراث ولا ممن اشتري منهم فعمر من عامرها / أرضا يحرثها ويذللها أو يزرعها زماناً وأهل القرية حضور لا يغيرون، ثم يريدون إخراجه، قال ذلك لهم إلا أن تقوم له بينة علي شراء أو هبة أو يطول زمانه جداً، قيل أتراه كالأجنبي في الحيازة أم بحال الوارث أو المولي، قال ينظر فيه السلطان علي قدر ما يعذر به أصحاب الأرض في سكوتهم لما يعلم من افتراق سهامهم قولة حق أحدهم لأنه يقول منعني من الكلام قلة حقي فلما خفت أن يستحق علي قمت فهو اعذر ممن يستحق عليه خاصة ما له ولا أبلغ به حد الورثة ولا الموالي والأصهار إلا أن يكون ذلك للرجل والرجلين والنفر القليل، ولا يعذرون لسكوتهم عنه، ويحملون محمل من حيز عليه من داره شئ، وهم في عمارة بعضهم أعذر في عمارة أجنبيين وأوجب حقاً وإن طالب الزمان جداً.
وروي عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب في القوم في منزل له بور وشعراء فاحترق أحدهم في بورها حرقاً، فزرع فيه، فأقام بيده عشر سنين أو عشرين، ثم قام عليه باقيهم ليردوه مرعي(3)لعامتهم، واحتج هذا بطول حيازته بالعمارة أو كان قد مات وورثت عنه أو قامت بذلك كله بينة وأقر هو بذلك أعطوه قيمته صحيحاً إن كان اعتماله بعملهم إن كانوا كباراً، وإن كانوا صغاراً ليس لمثلهم إذن فقيمته منقوضاً، وإن لم يعرف البور بالبينة وهو ينكر وذلك بيده يعمره السنين التي في مثلها الحيازة / فلا حق لهم فيها.
ومن كتاب ابن سحنون وكتب إليه شجرة أن أهل مرابط قريش أقاموا بينة علي خصائمهم بني ليث أنهم يعرفون مرسي قريش يرابط فيه من ولاية العكي إلي الآن، وأن دواب المرابطين ترعي في الفحص الذي دون الوادي الجاري من جبل
[9/27]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 11 : 213.
(2) في الأصل، ليس فيها.
(3) في الأصل، ليس فيها(1/24)
[9/28]
قريش إلي الغربي، ومنهم من لم يدرك ولاية العكي [فهل يدفع بهذا ما استحق بنو ليث وشركاؤهم ببينتهم التي شهدت أن الحق حقهم](1)والمنزل وأرضه بحدوده لهم, فكتب إليه أما الشهادة علي المدعي فضعيف، ورأي شهودهم شهدوا علي جميع الجون والمسجد في الجون منذ دهر وهم حضور، فأري الرباط قد جاز المسجد، وذلك يثبت الحق لمن حازه، إلا أن يقيم المدعي بينة بما يدفع به ذلك، وأما من لم يدرك ولاية العكي من [ فهل يدفع بهذا ما استحق بنو ليث وشركاؤهم ببينتهم التي شهدت أن الحق حقهم](2)والمنزل وأرضه بحدوده لهم، فكتب إليه أما الشهادة علي المدعي فضعيف، وأري شهودهم شهدوا علي جميع الجون والمسجد في الجون منذ دهر وهم حضور، فأري الرباط قد جاز المسجد، وذلك يثبت الحق لمن جازه، إلا أن يقيم المدعي بينة بما يدفع به ذلك، وأما من لم يدرك العكي من البينة فلا تجوز شهادته إلا أن ينقل عن غيره.
وسئل عن رجل يدخل من زقاق للمسلمين نافذ شيئاً في داره فلا يرفع ذلك الجيران إلي الحاكم إلا بعد عشرين سنة، قال يهدم ويرد إلي الزقاق إن صحت البينة ولا تملك الأزقة ولا تحاز.
وسئل عما يحدث في طرق المسلمين من الكنف والحمامات فلا يرفع إلي الحاكم إلا بعد عشر سنين واثنتي عشرة، قال لا تحاز طرق المسلمين بخلاف الأملاك بين الناس إلا أن يأتي من ذلك أمر قديم مثل سنتين أو سنة أو نحوها [فيترك ذلك لأنه لا يعلم بأي وجه / وضع ذلك، وأما عشر سنين ونحوها](3)فلا، وعن رجل تحامل علي مقبرة المسلمين فحرثها وحازها، وقامت بذلك بينة وهو غائب، ثم قدم، قال تعاد عليه البينة وتقر كما كانت .
في المتناوعين في دار
يدعي كل واحد أنها في يديه ويقيم البينة
من المجموعة وكتاب ابن سحنون قال أشهب: ومن ادعي في دار أنها بيده وادعي آخر أنها في يديه فلا يصدق هذا ولا هذا، وليأتيا بالبينة، فإن لم يقيما بينة قيل لهما من كانت في يديه فهي في يديه، وإن أقام أحدهما البينة أنها له أو في يديه قضي له بذلك، وإن أقاما البينة بمثل ذلك قضيت بأعدلهما وإن تكافأتا،
[9/28]
***
__________
(1) ما بين معقوقتين ساقط من ص.
(2) ما بين معقوقتين ساقط من ص .
(3) ما بين معقوقتين ساقط من ص .(1/25)
[9/29]
فإن لم يكن في شهادة كل بينة أنها ليست في يد الآخر جعلت في يد كل واحد نصفها، وقال في موضع آخر: وإن كانت شهادتهما علي أنهما فيها. قضيت بها بينهما نصفين في أديهما، وإن كانت شهادة كل بينة أنها بيد هذا دون الآخر وتكافأتا بطلت شهادتاهما وبقيت علي ما هي عليه.
وإن كانت واحدة أعدل قضيت بالأعدل، وإن أقام واحد بينة أنها له وبينة الآخر أنها في يديه قضيت ببينة الذين قالوا إنها له، وإن يقيما بينة فلا أري أن يستحلف أحد منهما للآخر أنها ليس في يديه إلا أن يكونا جميعاً في الدار، أو قد أقام كل واحد منهما بينة أنها في يديه فيليها لا نعلم أحداً يليها غيره فعلي كل واحد اليمين أنها في يديه دون الآخر، فإن حلفا / أو نكلا لم أجعلها بيد أحد منهما وبقيت بحالها، وإن نكل أحدهما جعلتها في يد الحالف، قال وإن وجدها القاضي بيد أحدهما فلا ينزعها من يديه، ونحو ذلك ذكر(1)ابن حبيب عن مطرف. وإذا شهدت بينة لهذا في أمة أنهم يعلمون أنها له، وبينة الآخر أنها في حيازته وخدمته، فبينة الذين علموا الملك أولي.
في المتداعبين في شئ في أيديهما، أو في يد أحدهما
أو في يد غيرهما، وأقاما البينة
من كتاب ابن المواز: ومن أقام شاهدين في دار أنها له، وأقام آخر شاهدين أنها له قضي بأعدلهما، فإن تكافآ قضيت لمن هي بيده، كان أحدهما أو غيرهما، قاله مالك وابن القاسم وهو الصواب وخلاف قول من قال إن كانت بيد أحدهما فالبينة بينة المدعي لأن البينة عليه، وهذا قول عراقي، وهذا القول الذي أنكر محمد يذكر لعبد الملك .
وقال محمد بن عبد الحكم: ومن أقام بينة في شئ أنه يملكه وأقام آخر بينة أنه يملكه، فإن ورخت(2)البيتان قضيت لأبعدها تاريخاً وإن لم تؤرخا قضيت
[9/29]
***
__________
(1) في الأصل، ذكره ابن حبيب .
(2) كذا في النسختين والمراد أرخت .(1/26)
[9/30]
بأعدل البيتين ولا أنظر إلي العدد، فإن تكافأتا بقي لمن هي بيده مع يمينه، وإن كان ذلك ليس بيد واحد منهما لم يحكم فيه الحاكم بشئ، وقد قبل بقسمة الحاكم بينهما إن لم يكن بيد واحد منهما، قال أبو محمد : يريد وليس بيد أحد يدعيه غيرهما.
/ من المجموعة وكتاب ابن سحنون قال أشهب: وإذا كانت بيد رجل فادعاها آخر وأقام بينة أن أباه مات وتركها ميراثاً منذ سنة لا يعلمون له وارثاً غيره، وشهدت بينة الذي هي بيده بمثل ذلك فليقبض بها لأعدلهما فإن تكافآ بقيت للذي هي بيده وليس بقضاء، ولو شهدت بينة لحائزها علي أقل من سنة[أو لم يوقتوا](1)وقتا قضيت له بها أيضا.
قال ابن عبدوس، وقال سحنون فيمن ادعي عبدا بيد رجل أن أباه مات وتركه ميراثاً له، وأقام بذلك بينة وأنهم لا يعلمون له وارثاً غيره، وادعي آخر أنه له وأقام بينة أن هذا موضع تهاتر، قال ابن عبدوس يعني وتترك لمن هو في يديه.
قال ابن الماجشون: إذا شهد رجلان علي أمة في يدي أنها أمة فلان وهو يدعيها وأنه أعتقها أو دبرها أو كاتبها أو أعتقها إلي رجل، وأقمت أنا البينة أنها لي، فإن تكافأت البينتان كانت للحائز من كان منهما.
قال أشهب في عبد بيد رجل فأقام بينة أنه له، وأقام حائزه بينة أنه له وقد أعتقه فإني أقضي به لأعدلهما، فإن تكافأتا قضيت به لأولهما توقيتا ليس كلما قال ا[و حنيفة إنه يقضي به للمدبر.
قال أشهب: وإن لم يؤقتا أجزت العتق لأني لا أري رده حتي يقيم الذي هو في يديه بينة أنها أمته أولدها / هذا الولد كنت أرقها؟
ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون: سمعت بعض أصحابنا من الحجاز يقول في الرجلين يدعيان الشئ يكون بيد أحدهما فيقول الذي هو بيده أنه
[9/30]
***
__________
(1) ما بين معقوقتين ممحو من صورة الأصل، مثبت من ص.(1/27)
[9/31]
لرجل آخر ويبرأ به إليه مثل الدار فيقيضها المقر له ثم يقيم بينة ويقيم مدعيها ببينة أن الذي هي في يديه لا يكون أولي بها لأنها إنما صارت في يديه بدعوي المدعي، وإنما يكون أولي بالشئ الذي تسبق حيازته دعوي المدعي.
ومن المجموعة وكتاب ابن سحنون قال أشهب: قلت فإذا اختصم رجلان في عبد كلاهما أنه عبده وهو في أيديهما، فإن كان العبد لا يتكلم كلفا البينة، فإن قامت لأحدهما بينة قضيت له ربه ولم أنظر إلي قول العبد، وإن أقاما جميعاً بينة وأحدهما أعدل قضيت به لأعدلهما ولم أنظر إلي قول العبد إني لغيره، فإن تكافأت البينتان أبطلتهما وجعلت العبد لمن أقر العبد أنه له، ومتي جاء صاحبه بأعدل قضيت له به، وإن لم يقيما بينة جعلته لم أقر له العبد بعد أيمانهما أو نكولهما [وأيهما نكل وحلف الآخر قضيت به للحلف ولم أنظر إلي إقرار العبد، وزعم](1)النعمان أنه يكون بينهما إن لم يقيما بينة، وهذا غلط، أرأيت لو تعلق هو بهما وقال انتما عبداي أيقبل قولهما دون أن يقبل قوله؟ وإذا تداعيا أرضا أو يدعيها كل واحد منهما ويقول إنها في يديه والدار بيد غيرهما فأقر أنه أكراها من أحدهما أو استعارها، قال فهي للذي أقر له الذي هي في يديه، إلا أن يقيم الآخر بينة فيكون [/ أحق بها، إلا يقيم الآخر بينة فتكون](2)لأعدل البينتين، فإن تكافأتا كانت للمقر له بعد [يمينه أنها له ما لأحد فيها حق نعلمه، فإن لم يأتيا ببينة فهي للمقر له بغير](3)يمين علي واحد منهما، ولا يمين علي المقر إذ لو رجع عن إقراره لم يصدق وإن كان شاهدا فلا يحلف الشاهد، وقال أشهب فيه وفي المجموعة في دار بيد رجل فادعي رجل أنها له وأنه أكراها منه، وادعاها آخر وقال ودعته إياها، وأقام كل واحد بينة علي ما ذكر، فإن عرف الذي أكري أو أودع قبل الآخر فالحق حقه إلا أن يكون الآخر منهما يشهد ببينته، أنه عار هذه الدار من زمان حاز به علي الأول بحضرته لا يغير ولا يدفع فيقضي له بسبب الحوز علي صاحبه، وإن لم يعلم أولهما إكراء أو إعارة قسمت بينهما نصفين.
[9/31]
***
__________
(1) ما بين معقوقتين ساقط من ص .
(2) ما بين معقوقتين ساقط من ص.
(3) ما بين المعقوقين ساقط من ص.(1/28)
[9/32]
ومن كتاب ابن سحنون وهو لأشهب، وقال في عبد بيد رجل أقام بينة أنه غصبه منه، وأقام آخر بينة أن حائزه أقر أن هذا أودعه إياه، قال يقضي به لصحاب الغصب دون صاحب الإقرار. وكتب شجرة إلي سحنون فيمن ادعي علي رجل أنه غصب أرضا وشهدت له بينة بغضها، فأقام المدعي عليه بينة أنه اشتراها من هذا المدعي، وأن بينة الغاصب حضروا معهم الشراء وشهدوا عليه، هل يجرحهم هذا، وكيف إن كان مدعي الشراء من الجند ومدعي الغصب من أهل البلد وقد كانت حال الجند في / هذه الفتنة. ما قد بلغك، فكتب إليه سحنون: إن كان شهداء الشراء(1)عدولا فخذ بشهادتهم إذا تبين صحة الشراء، وإن كان مدعي الشراء من الجند وهو من أهل العداء والغصب وأنه ممن كان لا يعدل عليه في حالته تلك قبل البينة، فإن علموا أن الطالب أراد البيع من غير ظلم يقر ببيع الرجل علي وجه الحاجة من أهل العداء، فإن لم عندهم من ذلك علم فكلف المعروف [بالعدل فإن كان ما برئت به عندنا حجة شرائه علي ما أعلمتك وإلا فافسخ شراءه بعد يمين مدعي الغصب علي دعوي المعروف](2)بالعداء، وإن كان الجندي ليس بمعروف بالعداء فأجر ببينته علي الشراء.
وسأله حبيب عمن حكم عليه بدين فأثبت بينة بغرمه فأقام الطالب بينة أن له دارا هو بها ساكن، وأقامت امرأة الغريم بينة أن الدار لها، قال يقضي بأعدل البيتين فإن تكافأتا بقيت الدار للزوج ويباع في دينه لأن سكناه أغلب من سكني امرأته، وعليه هو ان يسكنها.
ومن كتاب ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون في مولي مات فادعي ولاءه رجلان فإن لم يقيما بينة فلا يحلفان ولا يقسمان ماله لأن السلطان يلي الدفع عن هذا المال، والمسلمون وارثوه، وإن أقاما بينة حلفا وقسماه بينهما.
[9/32]
***
__________
(1) في ص، إن كان شهود الشراء.
(2) ما بين معقوقتين ساقط من الأصل، مثبت من ص .(1/29)
[9/33]
قال مطرف: فإن أقام أحدهما بعد ذلك بينة أعدل من بينة صاحبه لم يرجع علي صاحبه بشئ لأنه حكم مضي، وقال ابن الماجشون وأصبغ بل يرجع علي صاحبه بما أخذ، وبه أقول .
ومن كتاب ابن سحنون قال أشهب وسحنون في / شاة مسلوخة بيد رجل وسقطها ورأسها بيد آخر، فأقام من هي بيده البينة أن الشاة وسقطها له، ورأسها بيد آخر، فأقام من هي بيده البينة أن الشاة وسقطها له، وأقام الآخر بينة بمثل ذلك، قال يقضي بجميع ذلك لأعدلهما بينة، فإن تكافأتا حلفا فإن حلفا قضيت لكل واحد منهما بما في يديه منهما، وإن نكلا أقررت بما بيد كل واحد منهما بيده وأيهما نكل قضيت[للحالف بما هو في يده وما في يدي](1)صاحبه، وإن أقام كل واحد منهما البينة علي أن الشاة له نتجت عنده وذبحها وسلخها، وأن هذا الجلد والسقط منها فإن ذلك كله له والجواب سواء.
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا كانت دار بيد رجلين وعبد لأحدهما كان يدعيها، فإن كان العبد تاجراً وعليه دين فهي بينهم أثلاثا، وإن لم يكن تاجرا فهي بين الرجلين لأن العبد في يدي مولاه، وإن كانت في يد عبد وحر فادعاها الحر لنفسه أو لمولاه فالدار بينهما نصفين، ولو أقر لها العبد [للساكن معه فادعاها مولي](2)العبد نفسه أو لبعده تحالفا وإن كان النصف للحر والنصف للعبد أو لمولاه لأن العبد لو أقر بما في يده أنه لفلان وقال السيد هو العبد لو أقر بما في يده أنه لفلان وقال السيد هو لي أو لعبدي لم يقبل إقرار العبد، وإذا كانت في يد حر وعبدين تاجرين أو غير تاجرين فادعاها العبدان لسيدهما والحر لنفسه، أو ادعاها كل واحد منهم لنفسه فإنها تقسم بينهم أثلاثا ولو كان السيد معهم / في الدار وهما غير مأذونين لقسمت بينه وبين المدعي لنفسه نصفين ولم يكن للعبدين يد مع السيد، وكذلك لو كان معه في الدار عيال له أو أضياف أو ينظر إلي عددهم ودعواهم له إن كان الذي أدخلهم في الدار معهم، فإن لم يكن في الدار نظرت إلي عددهم فإن كانوا أربعة أحدهم يدعيها لنفسه والباقون للذي ليس معهم فإنها تقسم علي
[9/33]
***
__________
(1) التتمة من ص، نظرا لمحو ذلك في الأصل.
(2) ما بين معقوقتين مطموس في الأصل، مثبت من ص .(1/30)
[9/34]
أربعة، الربع للمدعي لنفسه والباقي لمن ادعوها له الباقون، ولو كان معهم في الدار قسمت نصفين وزالت يد المدعين لغيرهم، وأما إن كان الثلاثة يقولون أكراها منا فلان وهي له فلا تبالي كان معهم في الدار أو لم يكن فإنها تقسم علي أربعة لأن الكراء أوجب لهم يدا فصار للذي أسكنهم ثلاثة أربعاها ولو كانوا عيالا أو أضيافا أو عبيدا غير مأذونين بكونه معهم يوجب قسمها نصفين لأن اليد له دونهم، وإن لم يكن معهم كانت أيديهم توجب له زيادة في القسم لحلوهم فيها بسببه.
ذكر ما يكون به التكافؤ في البينتين
أو تكون إحداهما أعدل أو أكثر عددا
من المجموعة قال ابن القاسم: التكافؤ في البينة هو في العدالة لا في العدد.
قال هو وابن وهب عن مالك: ولا أنظر إلي كثرة شهداء [أحد الرجلين لكن إلي العدالة وإن كانوا أقل من شهداء الآخر](1).
قال ابن القاسم: وإن كان شهداء أحدهما اثنين والبينة الأخري مائة، وهما(2)في العدالة سواء، فقد تكافأتا. قال/ ابن حبيب، وروي مطرف وابن الماجشون [عن مالك في المتداعبين في شئ يقيم كل واحد عليه بينة فليقض بالعادلة، وإن كانوا أجمعين عدولا قضي بأعدلهما وإن استوتا في العدالة قضي له لأكثرهم عدداً، فإن كان هؤلاء كثيرا يكتفي بهم فيما يلتمس من الاستظهار، والآخرون أكثر جدا فها هنا لا نراعي الكثرة، فإن استووا في العدالة بقي لمن هو بيده، وإن لم يكن بيد أحدهما فإن راعي الإمام إلا به(3)وإلا قسمه بينهما(4). قال مطرف وابن الماجشون: وإن جاء أحدهما بشاهدين مبروين والآخر بأربعة أو عشرة من [العدول ملنا إلي الكثرة وقاله مالك وخالفه غيره من](5)علمائنا، فقال إن أقام
[9/34]
***
__________
(1) ما بين معقوقتين ساقط من ص .
(2) في ص، وهم.
(3) كلمة غير واضحة.
(4) ما بين معقوقتين ساقط من ص.
(5) ما بين معقوقتين ساقط من الأصل، مثبت من ص .(1/31)
[9/35]
أحدهما شاهدين عدلين وقام الآخر أعدل أو أكثر إنهما جميعا سواء لأن كل بينة أحقت لصاحبها ما أحقت الأخري، فلو أخذ بهذا أحدهما أخطأه.
ومن العتبية(1)روي عيسي عن ابن القاسم في متداعيين تداعيا شيئا أقام كل واحد بينة لا يعرفهم الإمام فيعدل كل بينة معدلون هل يقضي ببينة أعدلهم معدلين؟ قال لا، وإنما ذلك في للشهداء خاصة، وروي مثله ابن حبيب عن ابن الماجشون، وقال مطرف كان مالك يميل في الشهود والمعدلين إلي من هو أرجع بعدالة أو بكثرة عدد، فإذا كان الفريق الواحد من المعدلين إلي من هو أرجع بعدالة أو بكثرة عدد، فإذا كان الفريق الواحد من المعدلين أعرف بوجه التجريح والتعديل وأبين عدالة وفضلا ومعرفة، أو أكثر عددا قضيت بها لمن جاء بأولئك، وفي باب التداعي في الولد والولاء من هذا المعني.
[9/35]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 135.(1/32)
[9/36]
في البينتين تشهدان في الشئ
كل بينة لرجل، فتؤرخ إحداهما
أو تقول ولد في ملكة أو تؤقتان جميعا
ومن المجموعة وكتاب ابن سحنون قال أشهب في عبد بيد / رجل فأقام رجل آخر يدعيه بينة أن أباه مات[ وتركه له ميراثا منذ سنة لا يعلمان له وراثاً غيره، وأقام آخر بينة أن أباه مات](1)وتركه ميراثاً منذ سنتين لا يعلمان له وارثا غيره، قال يقضي به لصاحب السنتين إلا أن يكون في شهادة صاحب السنة وأنه أعاره للذي هو بيده صاحب السنتين فيكون لصاحب السنة بحوزه إياه علي صاحب السنتين.
ومن كتاب ابن سحنون قيل: فإن أقام أحدهما بينة أن أباه مات وتركه ميراثاً، وأقام آخر بينة أنه له، قال يقضي به بينهما نصفين، إلا أن يكون في شهادة أحدهما توقيت فيقضي له به، ولو أقام أحدهما بينة أنه كان لأبيه حتي مات وتركه ميراثاً لا يعلمون له وارثاً غيره، وأقام آخر بينة أنه اشتراه من أبي هذا المدعي بكذا وكذا ونقده، قال يقضي به للمشتري لأن أبا هذا لو كان حياً قضيت عليه، ولو شهدوا علي صدقة مقبوضة من الميت في صحته أو هبة أو عطية أو عمري، قال فإن شهد شهود ابن الميت أنه لم يزل في يديه حتي مات نظر إلي أعدل الشهود فيقضي بهم، فإن كانوا متكافئين بطلت بينة المتصدق عليه، قال ولو كان إنما أقام الآخر لبينة أن أبا هذا أصدق هذا العبد أم الآخر وأن أمه ماتت وتركته ميراثاً له لا يعلمون لها وارثا غيره، قال يقضي ببينة ابن الزوجة لأن شهوده شهدوا أن الزوج خرج منها حين أصدق كالبيع، إلا أن يكون الزوج / قد حازها بحضرة المرأة حوزا يقطع الدعوي .
ومن المجموعة وكتاب ابن سحنون قال أشهب في عبد بيد رجل أقام آخر البينة أنه له، قضي له به القاضي، وأقام من هو بيده بينة أنه عبده ولد في ملكه،
[9/36]
***
__________
(1) ما بين معقوقتين ساقط من ص .(1/33)
[9/37]
وأقام آخر بينة أن قاضي بلد كذا قضي له به، فإن لم يفسره الشهود أكثر من هذا قضي به لصاحب الولادة إذ لو وجدته بيد أحد هذين المقضي لهما به لقضيت لهذا به، إلا أن يكون في شهادتهما تفسير أن القاضي قضي به لهذا إلا أنه اشتراه من هذا أو من وكيله أو ممن باعه إياه فأقضي له به، وإن شهد للآخر بينة بمثل هذا فسألتهما عن التاريخ فمن ورخت قضيت بقول المؤرخة إلا أن يكون في شهادة التي لم تؤرخ أن القاضي قضي بهذا العبد لهذا فأقضي له به، وإن ورخت شهودهما جميعاً قضيت به لأولهما تاريخا، وإن لم يؤرخا قضيت لهما بعد أيمانهما أو نكولهما ولا يمين علي صاحب الولادة، ومن نكل قضيت عليه للآخر، وقال ابن القاسم في الدابة يدعيها رجلان فيقيم أحدهما بينة أنها نتجت عنده في ملكه، وأقام آخر بينة أنه اشتراها من المقاسم وليست بيد واحد منهما أو هي بيد صاحب النتاج أو صاحب بينة المقاسم أحق بها إلا أن يدفع إليه الثمن الذي اشتراها به ويأخذها.
ومن كتاب ابن سحنون قال أشهب في عبد بيد رجل أقام آخر بينة أنه عبده منذ عامين، وأقام حائزه بينة أنه له منذ سنة قال أقضي به لصاحب العامين / إلا أن يكون في شهادة شهداء صاحب السنة أنه يحوزه علي وجه الملك بمحضر هذا وعلمه لا ينكر فأقضي له به، قال ولو أقام رجل بينة أنه له منذ سنة [ وأقام الحائز بينة أنه في يديه منذ سنتين، ولم يشهدوا أنه له، قال أراه لمن شهدوا أنه له منذ سنة](1)إلا أن يكون للآخر بينة بالحوز علي الآخر بوجه الملك علي ما ذكرنا.
وسئل سحنون في مداعيين لدابة أقام أحدهما بينة أنها له [وبين يديه](2)من خمس عشرة سنة وأقام آخر بينة أنها له وفي يديه، حكم له بها قاض سنة ثلاث وعشرين ومائتين، وتحاكما في سنة سبع وثلاثين، فيكون وقت الحكم بعد وقت الذي لم يذكر ببينته حكماً، فكتب إن شهدت بينة المحكوم له أن الحكم كان علي
[9/37]
***
__________
(1) ما بين معقوقتين ساقط من ص.
(2) زيادة من ص .(1/34)
[9/38]
هذا المدعي قضيت للمحكوم له، وإن كان علي غيره قضيت لصاحب الوقت الأول إذا كانوا عدولاً كلهم، وإن كان صاحب الوقت الآخر أعدل.
قال ابن سحنون: وكتب شجرة إلي سحنون في رجلين تنازعا أرضا فادعي كل واحد أنها له وفي يديه، وأقام أحدهما بينة أنها له وفي يديه منذ خمس عشرة سنة وأقام الآخر بينة أنها له وفي يديه حكم بها القاضي سنة ثلاث وعشرين ومائتين، وأقاما هاتين البيتين سنة سبه وثلاثين، وتاريخ الحكم بعد تاريخ الآخر، فكتب إليه إن كان الحكم علي المدعيين ببينته، وأثبت إن كان حكماً علي غيرهم فلا يضر ويقضي / لأهل التاريخ الأول اعتدلت البينة في العدالة او تفاضلت وكلهم عدول، وسأله حبيب(1)عمن حكم له بحمار استحقه ثم يأتي المحكوم عليه بالبائع منه فيقر له فيحكم له عليه، وكذلك في الثالث والرابع، ثم يأتي الرابع بالبائع فيقر له، ويأتي بشاهدين أنه ملك هذا الحمار باشترائه إياه من بائع باعه منه في سنة ثلاثين ومائتين فلم يزل في ملكه حتي باعه من هذا الرابع سنة ثلاث وثلاثين، وقد أقر المحكوم له به(2)أنه يملكه قبل خصومته فيه [بسبعة وعشرين شهراً، وكانت خصومته فيه](3)في آخر شهر من سنة أربع وثلاثين، فقال بينة المشهود له بالملك القديم أولي، وذلك سنة ثلاثين، وذلك يوجب صحة ملك هؤلاء المحكوم عليهم، وهذه أحكام تنقض ويرد الحمار إلي من كان في يديه أولا، الذي اعترف أنه في يديه ولا ينظر في هذا إلي أعدل البينتين لكن إلي قدم تاريخه، وإنما ينظر إلي أعدلهما لو كان ذلك في وقت واحد من ذكر المالك، قال وإذا حكم الحاكم بعبد لمن استحقه من يد رجل ثم أحضر المحكوم عليه بائعه فأقام البينة أنه ولد عنده، قال فهو أحق به ويفسخ الحكم الأول، وإن قال بينتي قريبة علي مثل اليوم واليومين (ونحو ذلك) قيل له فقال بينتي بأطرابلس، قال هذا بعيد [ويقضي عليه برد الثمن، ثم إن جاء ببينة حكم له بالعبد وفسخ الحكم الأول
[9/38]
***
__________
(1) في ص، وسئل ابن حبيب.
(2) في ص ، لربه.
(3) ما بين معقوقتين ساقط من ص .(1/35)
[9/39]
واسترجع الثمن من الذي أخذه، وكان الذي يرد الثمن أحق بالعبد](1)/ وهذه المسألة فيها في الأم اختلاط، وهذا للذي صح عندي منه، والله أعلم.
في الذي يدعي الشئ فيقيم بينة فيحكم له به
ثم يدعيه آخر ويقيم بينة علي مثل ذلك
أو كانت لقطة فأخذها من عرفها ثم يقوم غيره
من المجموعة وكتاب ابن سحنون قال أشهب في شاة بيد رجل أقام آخر بينة أنها لها ولدت في ملكه فقضي له بها، ثم جاء آخر ببينة بمثل ذلك أيعيد الأول بينته؟ قال ليس عليه إعادتهم ولا يرد إلي الأول، ولكن يقضي بها لأعدل هذين بينة، وإن تكافأت بينتاهما لم أردها إلي الأول ويقسم بين هذين بعد يمينيهما، وأيهما نكل قضيت عليه للحالف فإن نكلا قضيت بها للذي أنتزعت من يديه لأن نكولهما كإقرارهما، قيل فلو حلفا في تكافؤ البينة واقتسما ثم أقام أحدهما بعد ذلك بينة غير التي شهدت له أولا بمثل شهادة الأول، قال إن كانت هذه الآخرة أعدل من بينة صاحبه التي طرحتها بالتكافؤ قضيت بجميع الشاة لذا، وإن كانت مثل الأولي أو دونوها أقررت الشاة بينهما.
قال أشهب في المجموعة فيمن التقط لقطة فأتي من وصفها فدفعها إليه، ثم جاء آخر فوصف كصفة الأول فهي للأول القابض لها بالصفة، وكذلك لو قال ملتقطها هي لي كان أحق بها، فإن جاء من يدعيها ووصفها فلا تكون له إلا ببينة، وإن كان الأول إنما أخذها ببينة بأمر سلطان أو بغير / أمره قم ادعاها ثان وأقام البينة قضيت بها لأولهما تاريخا، فإن لم يؤرخا قضيت بها لأعدلهما بينة، فإن تكافأتا بقيت لمن هي بيده بعد يمينه، فما أعلم لذا فيها حقا. وإن نكل حلف صاحبه وأخذها, فإن نكل بقيت لمن بيد من دفعت إليه أولا، وكذلك قال فيما يوجد بيد اللصوص فأقروا أنه مما تلصصوا به علي هذا المعني، قال ولو جاءا جميعا
[9/39]
***
__________
(1) ما بين معقوقتين ساقط من ص.(1/36)
[9/40]
يدعيان ذلك وتكافأت بينتاهما(1)كان ذلك بينهما شطرين بعد أيمانهما، وإن كانت إحداهما أعدل قضيت لأعدلهما.
قال ابن القاسم وأشهب وعبد الملك: ومن أقام بينة علي ميت أنه مولاه أعتقه لا يعلمون له وارثا غيره دفعت إليه ميراثه بغير كفيل فإن جاء آخر بعده ببينة بمثل ذلك نظر في حجته.
قال أشهب: ومن حجته أن ينظر من أعتق أولا فيقضي له، وإن كانت بينة الآخر أعدل وهذه عدول، وإن لم يدر من أعتق أولا فالشهادة لأعدلهما، قال عبد الملك: وإن استووا فأطرحهما ويصير مالا ولا شهادة فيه، فمن وجدت المال بيده بغير القضاء بالشهود فدعه حيث هو حتي يستحق وينزع المال من يده، ويوقف حتي يجئ له أمر ويأتي له ببيان.
قال عبد الملك فيمن(2)أخذ ماله رجل زعم أنه [ مولاه، وأتي بعده آخر أقام بينة أنه مولاه، وأقام الأول للذي هو بينة أنه مولاه](3), قال لا يزال عن موضعه لأنه صار بيده ولا مدع معه إذ لما تكافأت البينتان سقطتا / وإن كان ما جاء به غير قاطع نزع ووقف إلي أن يستحق، وقال ابن القاسم يقسم بينهما نصفين .
في الرجلين يقيم كل واحد منهما بينة
علي النتاج او النسخ وشبه ذلك
من المجموعة وكتاب ابن سحنون قال أشهب فيمن بيده دابة أو عبد أو أمة أو ثوب فيقيم الآخر بينة أن ذلك نتج عنده، أو أن الثوب له أو نسجه، ويقيم من هو بيده بينة بمثل ذلك فإني أقضي بأعدل البيننين، فإن تكافأتا قضيت بذلك لمن هو بيده بعده يمينه ما يعلم للآخر فيها حقا وأنها له نتجت في يديه، فإن كان
[9/40]
***
__________
(1) في الأصل، وتكافأت بينتهما.
(2) في الأصل، في ميت اخذ ماله.
(3) ما بين معقوقتين ساقط من ص .(1/37)
[9/41]
قضيت بها للآخر بعد يمينه، فإن نكل بقي ذلك بيد من هو بيده، قال في كتاب ابن سحنون: إلا أن يكون أقام المدعي وحده بينة أو أقاماها جميعا وكانت بينة الدعي أعدل يكون هذا قد حازها عليه ما ينقطع بمثله الدعوي أو تقوم بذلك بينة.
قال في الكتابين: وإن كان ذلك بيد غيرهما قضيت بذلك لمن هو بيده بكل حال بعد يمينه أن ذلك له لا نعلم لهما فيه حقا، فإن نكل حلفا وكان بينهما، وأيهما نكل قضيت بها للحالف، وإن نكلا قضيت للذي هما في يديه، وإن كانت الدابة بيد اثنين أقام كل واحد بينة بالنتاج عنده وأنها له قضيت بها لأعدلهما بينة، فإن تكافأتا حلفا، فإن حلفا أو نكلا قضيت بها بينهما نصفين، ومن نكل قضيت بها لمن حلف منهما، ومن العتبية / روي عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب فيمن بيده دابة فاعترفها رجل أنها نتجت عنده وسرقت، وقال من هي بيده ابتعتها من رجل ببلد آخر فوضع القيمة وخرج بها علي بائعه فأعدي عليه بالثمن وذكر الثاني أنه اشتراها ببلد آخر فوضع القيمة وخرج بها علي بائعه فأعدي عليه بالثمن وذكر الثاني أنه اشتراها ببلد آخر فوضع القيمة أيضا وذهب بها إليه، ثم أقام الثالث علي بائعه [فأقام بائعه](1)بينة أنها له نتجت عنده فليقبض بها لأعدلهما بينة، فإن كان شهداء الأول أعدل أو هما في العدالة سواء قضي بها لمستحقها الأول، وإن كانت بينة الآخر أعدل بعد البيع فيها بين كل من تباعيها وردت إلي من استحقت من يديه.
ومن كتاب ابن سحنون: قال ابن القاسم في دابة ادعاها رجلان وليس هي بيد أحدهما، البينة أنها نتجت عنده، وأقام الآخر بينة أنه اشتراها من المقاسم، بخلاف من ابتاعها من سوق المسلمين لأن هذه تسرق وتغصب ولا تحاز عن الناتج إلا بأمر يثبت، وأمر المغنم قد استوقن أنها خرجت من يديه بحيازة المشركين، ولو وجدت في يدي من نتجت عنده وأقام هذا بينة أنه اشتراها من المقاسم، قال هما لمن اشتراها من المقاسم بخلاف من ابتاعها من سوق المسلمين لأن هذه تسرق وتغضب ولا تحاز عن الناتج إلا بأمر يثبت، وأمر المغنم قد استوقن أنها خرجت من يديه بحيازة المشركين، ولو وجدت في يدي من نتجت عنده وأقام هذا بينة أنه اشتراها من المغانم أخذها منه أيضا وكان أولي بها، إلا أن يشاء أن
[9/41]
***
__________
(1) ما بين معقوقتين ساقط من ص.(1/38)
[9/42]
يدفع إليه الثمن، وأجاز ذلك ابن سحنون، وقال ويكون من أقام البينة بالنتاج أحق بها بالثمن الذي يبعث به في المقاسم.
ومن المجموعة وكتاب ابن سحنون قال أشهب: وإذا كانت دابة بيد رجلين كلاهما / يقيم بينة بالنتاج وأنها له وقد وقتت بينة أحدهما لم انظر في هذا إلي التوقيت إذا كان شيئا يشبه توقيت البينة، لأن الشهادة بالنتاج تقطع الوقت ويقضي بها لأعدلهما بينة، فأن تكافأتا قضيت بها بينهما نصفين يمينهما، وكذلك لو وقتت بينتاهما جميعا نظرت إلي الدابة فإن كان يشبه وقت أحدهما قضيت بها له، يريد وإن كانت الأخري أعدل، وإن كانت مشكلة، أو كان لا يشبه أحد الوقتين قضيت بها لمن حلف منهما، وإن نكلا كانت بينهما نصفين، وكذلك النسج وكل مالا يكون إلا مرة، قيل والخز الذي ينفش ثم ينسخ ثانية فيدعي كل واحد منهما ثوبا هو في أيديهما ويقيم بينة أنه له نسجه، قال إن وقتا وقتا قضي به لآخرهما وقتا إذا كان مجهولا عن الناس الثوب الذي قد نسج غزله مرتين، فما قالوا قضيت به لأنهم شهدوا علي غير ما شهد عليه شهداء الرجلين، فإن قالوا إنه نسج مرتين قضيت به لصاحب الوقت الأول لأن الغزل له وغرم له ذلك الثاني لن شهداءهم لم يشهدوا أن الغزل ليس للأول، إنما قالوا إن الثوب ثوبه نسجه، ولو شهدوا أن الغزل غزله نسجه أبطلت شهادتهما جميعا في الغزل وجعل الثوب لصاحب الوقت الآخر في النسج، وإن كان مما لا ينسج إلا مرة / قضيت به لأعدلهما، فإن تكافأت البينتان(1)جعلته بينهما نصفين بعد ايمانهما، ومن نكل منهما قضيت به الآخر، قال وإن كان بيد غيرهما فليقبض به لآخرهما وقتا وإن كان مما ينسج مرتين وحتي سقط أن يقضي به لآخرهما، يريد مما ينسج إلا مرة، قضي به لأعدلهما ببينة، فإن تكافأت أبطلتهما وقضي به لمن هو بيده، وكذلك لو كان بيد رجل أقام آخر عليه بينة أنه نسجه، وأقام من هو بيده بينة بمثل ذلك،
[9/42]
***
__________
(1) في الأصل، فإن تكافأت البينة .(1/39)
[9/43]
والثوب مما ينسج مرتين، قضيت له علي ما يقولون، وإن كان مما ينسج مرة فضيت له علي ما يقولون لمن هو بيده في تكافؤ البينة، وإن كان لا يتبين أمرتين نسج أو مرة قضيت به لمن هو بيده بعد أيمانهما، وكذلك المتداعيان في نصل سيف أو حلي أو غزل أو مرعزاء(1)أو شعر أو خز فعلي ما فسرنا، قيل فغزل بيد امرأة أقامت أخري بينة أنه لها غزلته من هو بيدها بمثل ذلك بينة، قال يقضي به لأعدلهما بينة، فإن نكلت قضيت به للتي هو بيدها، وكذلك الدار بيد رجل فيقيم آخر بينة أنها له اختطها جده وساق المواريث، وأقام من هي بيده بينة بمثل ذلك فليقض بها لأعدلهما، فإن تكافأتا قضيت بها لمن هي بيده لأن الخطة لا تكون إلا مرة، وكذلك الصوف يقيم من هو بيده بينة أنه صوفه جزه من غنمه وآخر بينة بمثل ذلك علي ما ذكرنا، قيل فالصيد بيد رجل فيقيم آخر بينة / أنه له صاده، ويقيم من هو بيده بينة بمثل ذلك وقتا أو يؤقتا، أو الأرض يقيمان(2)بينة بإحيائها وهي غامرة، أو العبد يقيم كل واحد بينة أنه سباه من بلد الحرب وقتا أو يؤقتا.
قال أشهب في الكتابين: ولو أن قباء مشحوا بيد رجل أقام آخر البينة أنه قباؤه خاطه وحشاه وقطعه في ملكه، وأقام من هو بيده بينة بمثل ذلك فليقض به لأعدل البينتين، فإن تكافأتا قضي به لمن هو بيده مع يمينه، فإن نكل قضيت به للذي ليس هو بيده بعد يمينه، فإن نكل لم يقض له به، وأقر بيد من هو بيده، وكذلك الجبة المحشوة والفراء والبرود وجميع الثياب وما يقطع من البسط والأنماط والوسائد، وكذلك الشاة المسلوخة يقيم رجل البينة أنها له ضحي بها وسلخها، وأقام من هي بيده بينة بمثل ذلك. وكذلك الثوب المصبوغ يقيم كل واحد منهما بينة أنه له صبغة بهذا العصفر، قيل فاللحم والحيتان المشوي يقيم كل واحد بينة
[9/43]
***
__________
(1) المر عزي بالألف المقصورة مع تشديد الزاي ويمدد إذا خفف والميم والعين مكسورتان علي كل حال وقد تفتح الميم في الكل: الزغب الذي تحت شعر العنز قاله الجوهري وجعل سيبوية المرعزي صفة عني به اللين من الصوف ( من تاج العروس) .
(2) في النسختين معا، تقيما بإسقاط نون الرفع.(1/40)
[9/44]
أنه له شواه في ملكه، قال إن وجها لشهادتهما وجها واحدا أو وقتا واحدا أو لم يوقتا قضي به لأعدلهما بينة، وإن إحداهما أو وقتتا جميعا وقتا مختلفا قضيت لمن وقتت بينة دون من لم توقت بينته، والذي وقتت بينته الوقت الأول دون من وقت بعده، وكذلك المصحف يقيم كل واحد بينة أنه له كتبه، وهو بيد أحدهما، قيل فالأمة بيد رجل أقام آخر بينة / أنها أمته ولدت عنده من أمة في يديه، وأقام من هي بيده بينة أنها أمته ولدت في ملكه من أمته هذه التي في يديه فليقض بها لأعدلهما بينة، فإن تكافأتا قضي بها لمن هي بيده مع يمينه، وإن نكل الذي هي في يديه عن اليمين قضيت بها للذي ليست في يديه مع يمينه، وإن نكل الذي هي في يديه عن اليمين قضيت به للذي ليست في يديه مع يمينه، [فإن نكل قضيت بها للذي هي في يديه بلا يمين](1)، ولو لم تسم البينتان أمها أو نسختها إحداهما لم أقض بها للتي سمت إلا كما أقضي للتي لم تسم ومن بيده أمة وابنتها فأقام رجل بينة علي أمها أنها له وأنها ولدت هذه الابنة(2)في ملكه، وأقام من هي بيده بينة بمثل ذلك، فإن وجه الشهود شهادتهم وجها من توقيت قضيت بها لأولهما ملكا، وإن لو يؤقتا أو وقتا وقتا واحدا قضيت بها لمن هي بيده، يريد في التكافؤ، وإن وقتت إحداهما دون الأخري قضيت بها للذي وقتت ببينته إلا أن تكون إحداهما أعدل شهودا، وإن لم يؤقتا وقتا وإحداهما أعدل قضي بها لأعدلهما بينة، وكذلك الحيوان كله، قال ولو أن بيده أرضا ذات نخل أقام آخر بينة أنها أرضه ونخله غرسها فيها وأقام من هي بيده بمثل ذلك فليقض بأعدلهما، فإن تكافأتا ولم يوقتا أو وقتا أبطلت شهادتهما في غرس النخل لتكاذبهما، وإن لم يوقتا وقتا أبطلت شهادتهما في الأرض خاصة أيضا، فإن وقتا وقتا يريد مختلفا قضيت بالأرض لأولهما وقتا / إلا أن يكون حاز عليه صاحب الوقت الآخر حيازة تقطع الدعوي فأقضي له بها بالحيازة، وإن وقتت إحدي البينتين قضيت بالأرض لصاحب الوقتين، وإن كانت في يد من لم توقت ببينته قلت لمستحق الأرض إن شئت أن تدفع إلي رب النخل قيمتها الساعة قائمة وإلا أعطاه الآخر قيمة أرضه براحا، فإن أبيا كان شريكين بقدر قيمة الأرض بيضاء من قيمة النخل يوم الحكم، وقال في قطن نابت في أرض
[9/44]
***
__________
(1) ما بين معقوقتين ساقط من ص .
(2) في ص، هذه الأمة في ملكه.(1/41)
[9/45]
بيد رجل أقام بينة أنها أرضه زرع فيها هذا القطن وأقام من هي بيده بينة بمثل ذلك فإني أقضي بالقطن والأرض لأعدلهما، فإن تكافأتا قضيت بها لمن هي بيده بعد تحلفهما، وإن حلف من ليست بيده ونكل من هي بيده قضي بها للذي حلف قال ابن عبدوس قال سحنون وإنما خالفت مسألة الأمة وأمها مسألة الأمة وأمها مسألة الأرض والغرس في التوقيت لأن الأمة إذا أولدت في ملك رجل فالولد له، وقد يكون غرس رجل وهي بيد رجل لغير رب الأرض، وقد ينبغي في مسألة الأرض والغرس أن ما يري في الغرس أن يبطل في الأرض لأنها شهادة واحدة تهاترا فيها.
في المتداعيين في الشئ علي تداع مختلف
وكيف إن أقر أحدهما ببعضه لأجنبي
من المجموعة قال ابن الماجشون إذا تداعي رجلان في سلعة وهي بيد أحدهما، فقال من ليست بيده لي كلها، وقال/ الذي هي بيده إنما لك معي فيها النصف، فليحلف من هي بيده ماله فيها إلا النصف، ويكن للآخر نصفها، وإن لم يكن بيد أحد منهما وقال واحد لي الجميع، وقال الآخر لي الشطر، قال يتحالفان ويكون لمدعي الكل ثلاثة أرباعها ولمدعي النصف ربعها، لأن مدعي النصف سلم للآخر نصفها ونازعه في النصف فقسم بينهما، وقال ابن حبيب قال عبد العزيز مثل هذا، وقال مالك لمدعي الكل ثلثاها ولمدعي النصف ثلثها لأنهما يقتسمانها علي دعواهما يضرب فيها هذا بسهم وهذا يسهمين، وقال ابن حبيب لأن دعواهما مشاعة في الكل لا في شئ بعينه، ولو كان ذلك لكان كما قال ابن أبس سلمة، ولو كانت دعواهما علي أقل من ذلك أو علي أكثر لكان مثل هذا ولو ادعي هذا الجميع والآخر الثلث كانت بينهما علي أربعة، وقال ابن الماجشون وابن القاسم كقول ابن أبي سلمة، وقال مطرف وابن كنانة والليث وابن وهب وأشهب وأصبغ مثل قول مالك، وبه يقول ابن حبيب عن مالك وابن أبي سلمة مثل ذلك، وكذلك لو اختلفا فيمن أبضع مع رجل دينارا أو أبضع آخر معه دينارين فخلطهما فضاع منها دينار، فقال مالك يقسمان الدينارين الباقين علي الثلث والثلثين، والدينار التالف منهما كذلك، وقال ابن أبي سلمة التالف بينهما نصفين
[9/45]
***(1/42)
[9/46]
ويقسمان الدينار من الباقيين نصفين ويكون الدينار الواحد لصاحب الدينارين، ذكر المسألة التي في المدونة في الذي له مائة دينار ولآخر دينار فذهب / من ذلك دينار واختلافهما فيها.
ومن المجموعة قال ابن القاسم في الدار يدعيها ثلاثة، أحدهما يدعي الجميع، وآخر الثلثين، والآخر النصف، وقامت لكل واحد بينة علي دعواه وتكافأتا أو لم تكن بينة أو لمدعي الجميع ثلثاها لأنه لم يدعه آخر والسدس منها بينه وبين مدعي الثلثين نصفين، والنصف بين جميعهم أثلاثا، وقاله أشهب في ثوب يدعي أحدهم جميعه، وثان نصفه، وثالث ثلثه، ورابع ربعه، فالمدعي الكل النصف إذ لا منازع له فيه، ثم يكون سدسه بين مدعي الكل ومدعي النصف نصفين، ونصف السدس بين مدعي الكل ومدعي النصف ومدعي الثلث اثلاثا، ثم الربع بين جميعهم.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه، وهو لأشهب، قال في رجلين بيدهما ثوب ادعي أحدهما جميعه، والآخر نصفه فإن كان بأيديهما ليس بيد أحدهما دون الآخر فالذي أقول به إنه بينهما نصفين لتساويهما في الحيازة فيه، وقد قال بعض أصحابنا بذكر مثل قول ابن الماجشون أول الباب، قال أشهب وسحنون: ولو لم يكن بيد واحد منهما فأبي فيه السلطان فلعل أحد يأتي ببينة يستحقه به، فإن طال ذلك فلم يأت من يستحقه قسمه بينهما علي الربع والثلاثة أرباع، قال ولو كانوا ثلاثة ادعي واحد جميعه، وآخر نصفه، وثالث ثلثه والثوب بأيديهم فهو بينهم أثلاثا، أو لم يكن بيد واحد منهم فإنه يقال لمدعي النصف ولمدعي الثلث قد سلمتها / النصف لمدعي الكل فيكون له، كذلك ستة أسهم من التي عثر ثم، يقال لمدعي الثلث قد سلمت السدس وهو سهمان تكون بين مدعي الكل ومدعي النصف نصفين، ثم يبقي الثلث وهو أربعة يدعونه كلهم فيقسم بينهم أثلاثا، فيصير لمدعي الثلث سهم وثلث من اثني عشر ولمدعي النصف سهمان وثلث لمدعي الكل ثمانية وثلث، وهذا نحو جواب ابن القاسم، قال أشهب: وقد قال بعض أصحابنا يقسم بينهم علي حساب عول القراض فيقسم علي أحد عشر سهما، لمدعي الكل ستة، ولمدعي النصف ثلاثة، ولمدعي الثلث اثنان.
[9/46]
***(1/43)
[9/47]
قال ابن سحنون: وكذلك لو ادعاه اثنان، واحد جميعه، وآخر نصفه، قسم بينهم علي تسعة علي هذا القول علي الثلث.
قال ابن المواز عن ابن القاسم في شريكين أرادا المفاصلة فتداعيا فقال أحدهما لي ثلثا المال ولك ثلثه، وقال الآخر هو بيننا نصفين، قال يعطي مدعي الثلثين النصف ومدعي النصف الثلث ويقسم السدس الباقي بينهما نصفين، وعلي هذا ثبت ابن القاسم وهو القول.
وقال أشهب: يقسم بينهما نصفين إذا حلفا. قبل لابن المواز: وإن ادعي أحدهما الكل والآخر النصف والآخر الثلث، قال يقال لمدعي النصف والثلث سلما السدس لمدعي الكل، وتبقي خمسة أسداس يدعيها صاحب الكل وصاحباه يدعيانه فيعطيانه نصفها، ثم يقتسمان نصفها وهي عشرة قراريط من أربعة وعشرين قيراطا، فيقال لمدعي الثلث أنت لا تدعي قيراطين منها فسلمهما / لمدعي النصف وتقسيم الثمانية بينهما نصفين.
ومن المجموعة وكتاب ابن سحنون قال أشهب في عبدين بيد رجلين يحوزانهما حوزا واحدا فهما في القضاء بينهما نصفان، فإن ادعي أحدهما جميعهما وادعي الآخر نصفهما حلف مدعي النصف ما يعلم للآخر فيهما إلا النصف وكانا بينهما نصفين، وإن نكل حلف مدعي الكل وكانا له فإن نكل كانا بينهما نصفين ولو كان كل واحد منهما يدعي جميعهما حلفا وكانا بينهما نصفين، وأيهما نكل كانا للحالف ولو كان واحد عبد قد حازة فادعاهما أحدهما وأبقي الآخر بنصفيهما فمدعي الكل له العبد الذي في يديه ونصف العبد الآخر، والنصف الآخر لصاحبه بعد يمينه ما يعلم لصاحبه فيه إلا نصفه، فإن نكل حلف وأخذ العبدين، فإن نكل بقي هذا العبد بينهما نصفين، قال ويحلف مدعي الكل في العبد الذي في يديه، فإن نكل حلف الآخر واستحق نصفه، وكذلك دار بيد رجلين مشاعة أو مقسومة(1)علي هذا، فإن كانت بيد رجلين بيد كل واحد منهما منزل وليس فيها إلآ المنزلان، وواحد يدعي جميعهما، والآخر نصفهما
[9/47]
***
__________
(1) كتبت في الأصل، أو مفسوخة وهو خطأ واضح.(1/44)
[9/48]
فليس لمدعي النصف إلا نصف المنزل الذي في يديه وباقيه لمدعي الكل بعد التحالف علي ما ذكرنا في العبدين، وإن كان في الدار سوي ذينك المنزلين اللذين في أديهما، إلا أن تكون الدار بأيديهما وكل واحد في منزل فيكون ما سوي المنزلين / بينهما نصفين.
ومن كتاب الاقرار لابن سحنون قال سحنون: وإذا كانت دار في يد رجلين فادعي أحدهما جميعها والآخر نصفها وكانا لا يسكنانها فقد تنازع أصحابنا في ذلك، فقال أشهب لمدعي جميعها / ثلاثة أرباعها ولمدعي نصفها ربعها لأنه قد سلم النصف لصاحبه ونازعه في النصف الآخر فاقتسماه .
وقال غيره من أصحابنا: إذا كان حوزهما فيها واحدا وهي بأيديهما قد أغلقا عليها ولم يقفا ظلال في الحوز فهي بينهما نصفين، قال محمد وهذا قول أهل العراق، وقال سحنون.
[9/48]
***(1/45)
[9/49]
قال أشهب وأهل العراق ولو كان في يد أحدهما منها بيت وفي يد الآخر بيت آخر وليس فيها غير البيتين، والساحة في أيديهما يحوزانها، فإن البيت الذي بيد مدعي جميع الدار له وحده، والبيت الذي بيد مدعي النصف بينه وبين مدعي الكل نصفان لأنه قد أقر أن لصاحبه فيما بين يديه نصفه ولم يقر له الآخر مما في يديه بشئ، وتكون الساحة بينهما نصفين، قال سحنون وليست كالدار التي بأيديهما جميعا لأن كل شئ منهما في أيديهما، وهذه بيد كل واحد منهما شئ ليس بيد صاحبه.
قال أشهب: وإن كان فيها سوي ذينك البينتين لم يكن لواحد منهما غير البينتين اللذين في أيديهما، إلا أن يكون جميع الدار بأيديهما، وكل واحد منهما في منزل، فيكون منزل مدعي الكل له وحده، ومنزل مدعي النصف بينه وبين الآخر نصفين، وبقية الدار بينهما نصفين لأنهما حازاها حوزا واحدا.
قال محمد: وفي قول أشهب هذا رجوع منه إلي قول سحنون وأهل العراق، قال أشهب: وكذلك لو كان عبد في أيديهما جميعا كان بينهما نصفين، فإن ادعي أحدهما أن له فيه أكثر من النصف / لم يكن علي صاحبه إلا يمين أن ماله في نصفه حق يعلمه.
وكذلك دار يحوزانها كذلك كلها ويكريانها ويقتسمان كراءها، ثم ادعي أحدهما جميعها وادعي الآخر ما في يديه منها، فلا يدخل عليه في ذلك النصف شريكه، وإنما يكون علي غير هذا الرجلان في يد كل واحد منهما من الدار شطرها، فيدعي أحدهما جميعها، ويدعي الآخر شطر جميع الدار فليحلف مدعي نصفها أنه لا يعلم لصاحبه في يديه حقا غلا ما أقر له به، ثم يرجع عليه الذي ادعي الكل بنصف ما في يديه فيأخذه فيكون له ثلاثة أرباع الدار، نصف منها مقسوم ونصف مشاع بينه وبين مدعي نصفها.
ومن المجموعة ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون فيمن بيده دار أثبت أخوه البينة أن أباه مات وتركها ميراثا، وأثبت أجنبي بينة أنها له، قال إن أقر من هي بيده أنها كانت لأبيه أقرت الدار في موضعها ولم يكن للأجنبي شئ، وإن
[9/49]
***(1/46)
[9/50]
قال هي (لي) لأحد فيها شئ أقرت بيده وأمر أن يزيدا البينة إن تكافأت ببينتاهما، قال في المجموعة إنما تكافأت البينتان(1)في النصف الذي يدعي الأخ الذي ليس في يديه منها شئ، وأما النصف الآخر فإنما شهدت فيه بينة الوارث للذي هي في يديه بميراثه من أبيه، وهو يكذبها فسقطت البينة في ذلك النصف وثبتت فيه بينة الأجنبي، فهو أحق به، ثم قال سحنون بعد ذلك: إذا تكافأت بينة الأجنبي ثلاثة أرباعها وللأخ ربعها، لأن الأخ يقول هذا النصف الذي لي ببينتي ميراث بيني وبين أخي وأخوه يجحد أن يكون له فيها ميراث فرجع نصف للأجنبي، وهذا بعد الاستيناء بالدار، وقال أشهب في دار بين ثلاثة قال أحدهم لي ثلثها ولصاحبي ثلثاها ولا شئ للآخر، فالدار بينهم أثلاثا، ولو أٌر أحدهما لأجنبي بنصفها ونصفها لي ولا شئ لصاحبي، وقال الآخر ثلثاها لي ولأجنبي ثلثها، فمن زعم أن للأجنبي نصفها دفع إليه نصف ما في يديه، ومن قال للأجنبي ثلثها أعطاه ثلث ما في يديه، ومن قال ثلثاها أعطاه ثلثي ما في يديه.
قال سحنون في ثوب أو دار بيد رجلين فقال أحدهما نصفها لي ونصفها لفلان، وقال الآخر نصفها لي ونصفها لذلك الفلان، أن الدار يصير ثلثها للأجنبي ولكل واحد من هذين ثلثها لأن كل واحد منهما يقر أن الأجنبي حل محله فيها، هذا جوابه في المجموعة وقال في كتاب ابنه وهو لأشهب يبقي ذلك بينهما نصفين ولا شئ للأجنبي لأن كل واحد إنما أقر فيما في يد صاحبه، إلا أن يكونا عدلين فيحلف زيد مع شهادة / كل واحد يمينا ويأخذ الثوب، وفي كتاب الاقرار باب فيه مما في هذا الباب.
[9/50]
***
__________
(1) في الأصل، تكافأت البينة والصواب ما أثبتناه،(1/47)
[9/51]
في المتداعبين في شئ بيد كل واحد منهما طائفة منه
أو حائط بين داريهما يدعيه كل واحد منهما
وفي الحائط عليه رف وقمط إلي دار رجل
من المجموعة وكتاب ابن سحنون قال أشهب في دار سلفها بيد رجل وعلوها بيد آخر، وطريقه في ساحة السفلي فادعي كل واحد أن الدار له، قال الدار كلها لصاحب السفلي إلا الفلق وطريقه فهو لصاحب العلو بعد أيمانهما أو نكولهما، وأيهما نكل قضيت به للحالف ولو أقاما جميعاً بينة قضي بأعدلهما بينة، فإن تكافأتا بقي بيد كل واحد ما في يديه.
فإن قبل قد قال النبي عليه السلام:<< البينة علي المدعي واليمين علي المدعي عليه(1)>> فليس معني هذا أنه لا يقبل للمدعي عليه بينة ولا يقبل للمدعي يمين، وإنما هذا إعلام منه عليه السلام بما يلزم كل واحد منهما، ولم يقل ليس لهذا بينة ولا لذا يمين، ومن بيده شاة مسلوخة وبيد الآخر جلدها وسواقطها فأقام كلاهما بينة أنها له جميعها فليقض لأعدلهما بينة، فإن تكافأتا بقي ما بيد كل واحد بيده بعد أيمانهما أو نكولهما، ومن نكل قضيت بها للحالف وكذلك لو أقام كل منهما بينة أنها له نتجت في ملكه وأنه ذبحها / وسلخها قال أشهب : وإذا تداعي رجلان في حائط وهو متصل ببناء أحدهما وللآخر عليه جذوع قضيت به لمن اتصل بداره وقضيت لصاحب الجذوع بموضع جذوعه.
وإن انكسرت فله أن يجعل مكانها للأخري.
قيل فإن كان عليه لأحدهما عشر خشبات وللآخر عليه خمس خشبات قال أقضي بالجدار لمن عليه عقوده أو ربطه، وللآخر بموضع جذوعه، وإن لم يكن ذلك إلي واحد منهما قضيت بالجوار بينهما نصفين لا علي عدد الخشب وأبقيت خشبها بحاله، وإن إنكسرت رد كل واحد منهما مثل ما كان له فيه، ولا أجعل لكل واحد منهما ما تحت خشبه منه.
[9/51]
***
__________
(1) ورد في صحيح البخاري في كتاب الرهن عن ابن أبي مليكة، قال كتبت إلي ابن عباس فكتب إلي أن النبي صلي الله عليه وسلم قضي أن اليمين علي المدعي عليه.(1/48)
[9/52]
وقال ابن سحنون عن أبيه إنه إذا تداعيا الحائط [وعهده يلي أحدهما قال يا(1)الحائط و] إن كان للآخر عليه خشب بقيت بحالها، وإن كان حائط فوق حائط الأسفل عقده إلي أحدهما والأعلي عقده إلي الآخر قضيت بالأسفل لمن إليه عقده وبالأعلي لمن إليه عقده، وإن كان حائط بيم رجلين وعليه لواحد خشب وللآخر عليه خشب يجتهد فأراد صاحب السقف الأسفل دفع خشبه إلي حد خشب صاحبه، قال فليس للآخر منعه، قال ولو قال أعلاهما سقفاً للآخر ليس لك شئ فيما فوق خشبك منه، قال القول قوله، قال ولو كان عقده إلي أحدهما من ثلاثة مواضع ومن ناحية الآخر من موضع واحد قال يقسم بينهما علي عدد العقد قال وإن لم يكن معقوداً إلي / أحدهما وكلاهما يدعيه ولأحدهما عليه خشب معقودة بعقد البناء أو منقوبة، قال إن كانت بعقد البناء فذلك يوجب له ملك الحائط، وقد كان قال قبل ذلك إن ذلك لا يوجب له ملك الحائط.
قيل له لم ذلك وقد قلت في كوة في حائط معقودة بعقد البناء أو منقوبة، قال إن كانت بعقد البناء فذلك يوجب له ملك الحائط، وقد كان قال قبل ذلك إن ذلك لا يوجب له ملك الحائط.
قيل له لم ذلك وقد قلت في كوة في حائط معقودة بعقد البناء، والحائط الذي فيه الكوة غير معقود إلي حائط آخر، إن عقد الكوة بعقد البناء يوجب له الملك، قال نعم، وعقد الخشب مثله يوجب له الملك بذلك.
وأما المنقوبة ففيها نظر فدعني حتي أنظر، يريد بالكوة كوة لرفع الأشياء فيها لا للضوء تكون مبينة من أصل بناء الحائط منقوبة، وأما كوي الضوء المنقوبة فلا دليل فيها.
وقال محمد بن عبد الحكم: يقضي بالحائط لمن له عقده، فإن كان لكل واحد منهما عقد فهو بينهما، فإن لم يكن فيه عقد ولاحدهما عليه جمل خشب ولو خشبة واحدة فهو له، فإن لم يكن فيه عقد ولا حمل خشب وفيه كوة من جهة أحدهما، يريد غير منقوبة، فهو لرب الكوة، فإن لم يكن فيه شئ من ذلك فهو بينهما، وإن كان عقده لأحدهما وللآخر حمل خشب، فالجدار لصاحب العقد
[9/52]
***
__________
(1) كلمة غير واضحة في الأصل، وما بين معقوفتين ساقط من ص .(1/49)
[9/53]
وللآخر حمل خشبه، فإن انهدم فعلي رب العقد بناؤه، ويرد الآخر خشبة فيه، وإن لم يكن في أسفله عقد لواحد منهما وفيه في أعلاه عقد لأحدهما فهو لصاحب العقد، وإن لم يكن لأحد فيه عقد وعليه حصر قصب لأحدهما فهو لمن له القصب، والقصب والطوب سواء. / وكذلك بيت من خشب إذا كان القصب مربوطاً بعضه إلي بعض.
قال سحنون: وعن حائط بين حانوتين أو بيتين وعليه خشبهما، فيدعيه كل واحد لنفسه وعليه فوق خشبها حائط لغرفة أحدهما، قال فالحائط الأسفل لمن إليه عقده مع يمينه، وإن لم يعقد إلي أحد حلفا وكان بينهما، وحائط الغرفة هو كالعاقد فأحلف صاحبه ويكون الحائط له وللآخر عليه خشبة.
وعن زنقة غير نافذة وفيها أبواب ودبر دار رجل إليها ولا باب له فيها، وكنييف في الزنقة قديم الحفر لزيق داره يخرج إليه منها فناؤه وهو معطل لم يجر إليه شئ منذ زمان فأراد رب الكنيف أن يخرج فيه العذرة فمنعه أهل الزنقة، قال ليس لهم منعه إلا أن يدعوا الكنيف فيكتنف عما اعدوا، وإلا فالكنيف لهذا للرسوم التي تدلك عليه، وكذلك لو باع الدر فأراد ذلك المشتري.
وقال أشهب في الكاتبين إذا كان لرجل باب من داره في دار رجل فأراد أن يمر في داره من ذلك الباب فمنعه رب الدار، فإن عرف بمرورهم منه ولم يطل قطعهم المرور منه فله أن يمر في الدار، وإن كان أمر الباب لم يزل مجهولاً، أو كان معروفاً ثم انقطع بمره منه منذ دهر لا يعلمون لا يدرون لم انقطع فصاحب الباب مده الطريق وعليه البينة، وإلا حلف رب الدار وما يعلم لهذا فيها حقا، فإن أقام بينة أنه كان يمر فيها من هذا الباب فإنه يستحق بذلك الممر، وإن لم يشهدوا له أنه طريق له ثابت إلا أن يكون قد مضي لمره / دهر حتي جبر عليه ذلك.
قال في كتاب ابن سحنون وهو لأشهب، وقال في حائط في دار رجل له جذوع شاخصة فيه قبة علي دار رجل فأراد أن يجعل عليها كنيفاً فلرب الدار منعه، وليس له قلع الجذوع ولتترك بحالها إن كان لتركها منفعة لربها فإن لم يكن له وجه منفعة يوماً ولا يحمل علي مثلها شئ، إنما هي كأطراف السقف والجريد
[9/53]
***(1/50)
[9/54]
الفاصل علي السقف الخارج عن الجدار فله قطعها، قال ابن سحنون عن أبيه في غصون رف خارجة من داره إلي دار جاره ولا قصب عليها، أراد أن يضع عليها قصباً فمنعه جاره، قال ليس له منعه لأنه إنما يوضع الرف للقصب، قال وفيمن له رف لاقط إلي داره فبني جاره جدارا لزيق جداره فبلغ إلي الرف وأراد البناء عليه فيمنعه صاحب الرف قال ليس له أن يبني عليه وسمي الرف لصاحب الرف، ومن هذا يسير في كتاب الإقرار وفي كتاب القضاء في البنيان.
تم الجزء الأول
بحمد الله وعونه
[9/54]
***(1/51)
[9/55]
بسم الله الرحمن الرحيم ... ... ... ... ... وصلي الله علي سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
الجزء الثاني
من كتاب الدعوي والبينات والحيازات
في الرجلين يقيم كل واحد منهما بينة علي رجل
أنه باعه هذا أو أوصي له به وشبه ذلك
أو يدعي كل واحد علي صاحبه أنك بعته مني
من المجموعة وكتاب ابن سحنون قال أشهب: ومن ادعي دارا / بيد رجل أنه ابتعها منه بمائتي درهم ونقده، وادعي آخر أنه ابتاعها منه بمائة ونقده فإن وقتا قضيت للأول، وإن لم يوقتا وقال كل واحد لا أدري شرائي قبل أم لا، فكل واحد مخير إن شاء أخذ نصف الجدار ونصف الثمن الذي نقده، وإن شاء رد وأخذ جميع الثمن وإن قال كل واحد شرائي قبل الأجل حلفا ثم قيل للبائع أيهما الأول فإن قال له صاحب المائتين وجب للبائع الثمن كله وله عليه نصف قيمة الدار يوم زعم أنه باعها من الآخر، وإن قال ما أعرف الأول، أو قال ما بعته من واحد منهما، فلهما أن يقتسماها نصفين ويرجع كل واحد بنصف ثمنه، وإن شاءا ردها وأخذا ثمنيهما، فإن رداها فللبائع أن يلزم أيهما شاء البينة(1)، وإن قال أحدهما يأخذ نصفها ونصف ما فضل دفع، وقال الآخر أنا أرد فذلك لهما، وإن وقت إحدي البينتين ثم لم يؤقت الأخري قضي بالتوقيت.
ومن المجموعة قال مالك ومن أذن لرجلين أو لمن حضر منهما السوق ببيع غنمه فباعها أحدهما بخمسين وباعها الآخر بستين ولم يعلم أولهما بيعاً ولم يقبض
[9/55]
***
__________
(1) في الأصل، أيهما شاء البيع، وفي ص أيهما شاء البتة ولعل الصواب ما أثبتناه.(1/52)
[9/56]
الغنم ولم يفت، قال يلزم كل واحد من المشترين نصف الغنم بنصف الثمن الذي عقد عليه.
قال ابن المواز قال أشهب في دار بيد رجل أقام كل واحد من الرجلين شاهدين أنه ابتاعها قضي لأقدمهما تاريخا، فإن لم يؤرخا قضيت بأعدلهما، فإن استويا فهي بينهما.
قال ابن سحنون / عن أبيه فيمن في يديه عبد ودار ادعي رجل عليه أنه اشتري منه هذه الدار بذلك العبد وأقام بينة وأقام آخر بينة بمثل ذلك، والذي الدار في يديه ينكرهما، فقال من أصحابنا من يوقف هذه الأشياء بيد المدعي عليه، الدار والعبد، ويحلف [علي دعواهما حتي يزيدا بينة، ومنهم من يخرج الدار خاصة من يديه](1)ويحلف المدعيان ويبقي العبد بيد من اخرجت الدار من يديه لأنه لم يثبت لكل واحد منهما في العبد إلا نصفه، قال ولو أقام من ذلك في يديه البينة أنه ابتاع هذه الدار بهذا العبد من هذا المدعي وتكافأت البينتان فإن الدار تبقي لمن هي بيده ويأخذ العبد مدعيه،
ومن المجموعة قال أشهب: إن شهد رجلان أن الميت أوصي لرجل بثلثه وشهد وارثان أن الميت أعتق هذا العبد في مرضه فالشهادتان جائزتان وإن كانت إحداهما أعدل إن لم يتهم الوارثان علي حر ولا العبد في العتق به علي صاحب الثلث. وقال ابن المواز لا تهمة علي الوارثين في هذا بجر الولاء، كما لا أتهم الميت في عتقه بإيثار الذكور بالولاء دون البنات.
قال ابن عبدوس قال أشهب فيمن أوصي بعبده لرجل فشهد رجلان أنه رجع عن وصيته به لزيد وأوصي به لعمرو، وشهد وارثه أنه انتزعه من عمرو وأوصي به لزيد، قال فإن كان الوارث أعدل من الشاهدين حلف زيد واستحقه فإن نكل وكان الشاهدان أعدل قضيت به لصاحب الشاهدين / ولا شئ علي الوارث .
قال، وقال أشهب فيه وفي كل كتاب سحنون فيمن ادعي في دار بيد رجل أنه ابتاعها
[9/56]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.(1/53)
[9/57]
منه بثمن نقده، وأقام بينة وأقام من هي بيده بينة أنه اشتراها من المدعي بثمن ونقده فإن كان في ذلك توقيت قضيت به لصاحب التوقيت الآخر كان ثمنه أقل أو أكثر وليس بتهاتر، ولو شهد الشهود أن هذا اشتراها من هذا ( أمس ثم عاج هذا) فاشتراها منه، وشهد شهود الآخر بمثل ذلك، وتكافأت البينتان قضيت بها لمن هي بيده، وقال يحي بن عمر ليس هذا بتهاتر فأقضي بأعدلهما لأنه يمكن أن يبيعها منه ثم يبتاعها منه، ولكن تبقي بيد من هي بيده، وفي اختصار الشفعة مسألة المتداعيين في شقص، كل واحد يدعي أنه ابتاعه من الآخر.
ومن المجموعة قال أشهب في أرض أو دار أو خادم بيد أحد رجلين أقام كل واحد بينة أن الآخر وهبه ذلك وقبضه هو منه، فإن لم يؤقتا قضيت بذلك لمن هي بيده، وإن وقتا قضيت بها لآخرهما توقيتا، قال محمد بن عبد الحكم: وإن شهد عدلان أن هذا ثوب زيد يملكه، وشهد آخران أن زيدا أقر به لعمرو وهو بيد أحدهما فهو للمقر له به، ولو شاهد بملكه لزيد وشهد علي زيد شاهد أنه أقر به لعمرو وهو بيد ثالث فلزيد أن يحلف فيأخذه، ثم يحلف عمرو علي إقرار زيد فيأخذه منه، فإن قال زيد لا أحلف، أو قال ليس هو لي فليس لعمرو أن يحلف ويأخذه، أو لا يستحقه بإقرار زيد حتي / يثبت ملك زيد، ولا له أن يحلف أنه له وأنه أقر لي به، ولا يثبت ملكه لزيد بيمين عمرو، وليس كيمين الغرماء في دين الميت وقد نكل ورثته.
في رجلين يتداعيان في الشئ
فيقول أحدهما رهنتكه أو غصبتنيه
ويدعي الآخر شراءه منه وشبه ذلك
من العتبية(1)روي يحي بن يحي عن ابن وهب ويذكره ابن حبيب عن مطرف فيمن أقام علي رجل بينة انه غصبه منزلاً في يديه، وأقام المدعي عليه بينة
[9/57]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 11 : 252 .(1/54)
[9/58]
أنه اشتراه منه، قال بينة الشراء أولي لأنه إن تقدمه غصب فالشراء يزيله، وإن كان الشراء قبل فإنما غصب ماله.
من كتاب ابن سحنون قيل له فمن ادعي في جارية بيد رجل انه رهنها عنده وأقام بذلك بينة، وأقام حائزها بينة أنه اشتراها منه، ولم يؤقتوا هل هذا قبل هذا، قال بينة الشراء أثبت إلا أن يقيم المدعي بينة أن الرهن كان بعد الشراء فيعلم أنها قد رجعت إليه. قال سحنون قاله ابن القاسم، وهي في العتبية من رواية أصبغ عن ابن القاسم.
قال سحنون في كتاب ابنه، وقال بعض أصحابنا يقضي بأعدل البيتين، وكذلك لو لم تكن بينهما بينة فالراهن مصدق مع يمينه لأن المشتري أقر له بالملك وادعي الشراء، وكذلك في تكافؤ البينتين، وأخذ سحنون بقول ابن القاسم.
في العبد يتداعيانه(1)فأقاما فيه / بينة
وهو بيد أحدهما وفي الشهادة توقيت
أو تأسر(2)عتق ونحوه من معني التداعي
من كتاب ابن سحنون، وهو لأشهب وعن عبد بيد رجل ادعاه آخر وأقام بينة، وأقام من هو بيده بينة أنه عبده دبره وأنه يملكه، قضي به لأعدلهما بينة، فإن تكافأتا(3)قضي لصاحب التوقيت، فإن وقتا قضيت لأولهما توقيتا وأجعل الآخر مأنه اغتصبه أو [ملكه بغير حق فعليه المخرج، ولا يقضي للذي شهدت بينته أنه دبره كما قال أبو حنيفه](4)لأنه لو أعتق عبده فأتي آخر ببينة أنه ملكه قبل هذا، أليس هو أولي به ولابد أن يقر بهذا؟ قال فإن لم تؤقت البينتان وقتا أخرت العتق، وكذلك لو كانت أمة وفي شهادة أحدهما أنها ولدت منه ولم يؤقتا فهي له أم ولد
[9/58]
***
__________
(1) في الأصل ، يتداعياه.
(2) كذا .
(3) في النسختين معا، تكافآ، والصواب ما أثبتناه .
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص .(1/55)
[9/59]
حتي يقيم الآخر بينة بقدم ملكه قبل ملك الذي أولدها أنهم لا يعلمونه باع ولا وهب ولا خرجت من يديه بوجه تخرج بمثله فيحلف علي ذلك ويقضي له بها ويغرم له أبو الولد قيمة الولد.
ومن العتبية(1)من سماع عيسي وفي بعض الكتب أنها من سماع حسين بن عاصم، قال ابن القاسم في إمرأة ولدت أمتها غلامين فاشتري رجل أحدهما فأعتقه وتركه عند أمه، فمات أحدهما، وادعي المبتاع أن الباقي منهما هو الذي اشتري، وقالت الرأة إن الهالك هو الذي اشتري، قال فالمرأة مصدقة مع يمنيها في ذلك./
في العبد بيد رجل فيدعي الحرية
أو يقر بالرق لرجل آخر
وفي المتداعيين في شئ بيد غيرهما
وهو يقر به لهما أو لأحدهما
أو ادعيا ولاء رجل وهو لا يقر لأحدهما
من المجموعة قال أشهب في صبي بيد رجل يعرب عن نفسه، فقال السيد أنت عبدي، وقال الصبي بل أنا حر، فإن تقدمت له فيه حيازة وخدمة فهو عبد له، وإن كان متعلقا به لا يعلم منه قبل ذلك خدمة ولا حوز فالقول قول الصبي، وكذلك من بيده عبد يحوزه حوز الملك فلا يقبل إقراره أنه عبد لغيره أو أنه لم يزل حراً.
ومن كتاب ابن سحنون قال أشهب: ومن بيده عبد صغير يدعي أنه عبده فالقول قوله إن كان العبد صغيرا لا يعرب عن نفسه، ولو ادعي رجل آخر أنه ابنه، قال إن كانت أن الصبي معروفة لا يعلم أنه ملكها أو تزوجها لم يصدق إلا ببينة، وإن كانت أمه مجهولة جلب من بلد آخر كان بها المدعي له فنسبه لاحق به وهو مملوك لسيده، وإن أقام البينة أنه ابنه ولم يزيدا علي هذا فليقض له بنسبة ولا
[9/59]
***
__________
(1) البيان والتحصيل 14 : 174.(1/56)
[9/60]
يكون حراً، وقد يكون تزوج الحر أمة لقوم آخرين. وإذا تعلق رجلان بعبد كبير، كل واحد يدعي أنه عبده، وهو مقر لأحدهما فهو للمقر له بعد أيمانهما أو نكولهما، ومن نكل قضيت به للحالف ولا أنظر إلي إقرار العبد، ليس كقول أبي حنيفة إنه يجعله بينهما ولا يقبل إقراره، قال / أشهب: وإذا أقرت أم ولد لرجل أنها أمة آخر فلا يقبل إقرارها، وكذلك لو أقرت له أمة بالرق ساعة أو أقرت لغيره لم يقبل إقرارها، وفي باب المتداعيين في شئ بأيديهما أو بيد أحدهما مسائل من هذا المعني، وفي كتاب الإقرار مسألة من أقر بعبد لرجلين وكلاهما يدعيه.
في الولد يدعيه رجلان يقيم كل واحد بينة أنه ابنه
أو يقيم كل واحد بينة علي امرأة أنها زوجته
وذكر التداعي في الولاء واختلاف بينته
من المجموعة قال ابن الماجشون في صبي مجهول(1)النسب ملكه رجل أقام رجل البينة أنه ابنه يملكه لأمة، قال يلحق به، وإن شهدوا أنه بنكاح ولم يبينوا أمة حرة أو أمة ألحقت نسبه وأبقيت ملكه لمن هو بيده، وقال أشهب فيه وفي كتاب ابن سحنون: إن أقام بينة أنه ابنه ولم يزيدوا علي هذا والأب عربي أو مولي أو دعي قضي له بنسبه والذي هو في يديه يملكه، وإن شهدوا أنه تزوجها علي أنها حرة ولم يشهدوا أنها حرة أعتقته وألحقت نسبه بأبيه(2)، وعليه قيمته للذي هو بيده، وإن قالوا في شهادتهم أنها حرة كان ابنه حرا لا قيمة عليه.
ولو ادعاه رجلان وهو بيد أحدهما، وأقام كل واحد بينته أنه ابنه ألحقته بأعدلهما بينة فإن تكافأتا ألحقه بمن هو في يديه بلا يمين لأن النسب لا يلحق أو يدفع باليمين.
ومن المجموعة قال ابن الماجشون: / إذا عرف قبل الدعوي أنه ابن الذي هو بيده يحوز نسبة ولو طرفة عين فلا يزيل نسبة عنه بإقرار منه ولا بينة يأتي بها
[9/60]
***
__________
(1) في الأصل، محدود النسب.
(2) في الأصل، محدود النسب.(1/57)
[9/61]
الآخر، وإن ينسب إلي الذي هو بيده قبل الدعوي قضيت لأكثرهما بينة، فإن تكافأتا قضيت به لمن هو بيده كما لو ادعاه وهو رقيق بيد أحدهما، ولا ينظر إلي قول من قال إنها البينة علي من ادعي لا علي من هو بيده.
ومنه ومن كتاب ابن سحنون، قال أشهب في عبد وامرأته بأيديهما صبي يدعي العبد أنه ابنه، وأقام بينة، وأقام رجل عربي بينة أنه ابنه فليلحق بأعدلهما بينة، وأقام رجل عربي بينة أنه ابنه امرأته هذه العربية أو المولاة أو الذمية وحريتها معروفة حين ولد هذا الصبي فأقضي به للذي ليس في يديه استحسانا كما بدأ المسلمون العتق علي الوصايا.
قال ابن الماجسون: سواء قالت البينة هو من امرأته هذه الحرة أو لم تقل فإن كان حازه نسب قبل الخصوم عرف به فلا ينزع عنه، وإن ابتديا ذلك في مجهول قضي بالأعدل أو بأكثرها فإن تكافأتا قضيت بنسبه لحائز العبد.
وقال أشهب فيمن بيده صبي أقام آخر بينة أنه ابنه وقامت بينة أخري علي إقرار من هو بيده أنه ابنه قضي لمن شهد له أنه ابنه، إلا أن تكون بينة شهدت بإقراره / أيضاً فليحق نسبه بمن هو بيده لأن من أقر بالولاء لرجل ثم طلب نقله عنه لم يكن له ذلك، فإن آخر بينة أنه مولاه فهو أحق به.
وقال ابن الماجشون في زوجة بيد أحد رجلين أقام كل واحد منهما بينة أنها امرأته بالشهادة لأولهما وقتا، فإن لم يؤرخوا أو يتتفقوا في التاريخ قضيت بها لمن هي بيديه، وقال ابن القاسم إذا أقام كل واحد من رجلين البينة في إمرأة أنها امرأته وعدلته فإن كانت إحداهما أعدل والمرأة مقرة لأحدهما أو منكرة إني أفسخ النكاحين بطلقة بخلاف البيوع، وقال ابن المواز: لا ألزم التطليقة من نكحها منهما الآن قبل أن تنكح أحدا.
[9/61]
***(1/58)
[9/62]
وقال سحنون: يقضي بأعدل البينتين في ذلك، فإن تكافؤوا لم يكن الفسخ طلاقاً، وكأنه لم يثبت نكاح، أو إن أصاب أحدهما منفعة(1)بعد ذلك فله القيام.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه وعن صبي ادعاه نصراني ومسلم لم يولد عندهما لحق به نسبها وتعتق عليه ولا قيمة عليه في الأم إن أقر بعد موتها ورويت هذا عن بعض أصحابنا، وقال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون في المولي يموت فيدعي رجلان ولاءه، يدعيه كل واحد منهما ولا يأتيان ببينة / يحلفان ويقسم المال بينهما؟ قال لا وإنما هذا فيها تنازعاه ولا دافع عنه، فأما ما للسلطان أن يدفع عنه وهو يرثه إن لم يثبت له وارث، فلا إلا أن يقيما بينةفيتهاتر بينهما [ من ناحية أن البيتين كلاهما آخرجاه أن يكون للمسلمين وهو لأحد هذين، فلما أشكل علينا من هو منهما قسمناه بينهما](2)وقاله أصبغ، قالا ثم إن أقام أحدهما بعد ذلك بينة عي أعدل من الأخري أيرجع علي صاحبه فيما قبض؟ فقال مطرف لا يرجع عليه بشئ وهو حكم قد مضي، وقال ابن الماجشون وأصبغ بل يرجع عليه فيؤخذ منه ما أخذ، وبه أقول.
[9/62]
***
__________
(1) في الأصل، منافعة بعد ذلك.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص،(1/59)
[9/63]
في أخوين مسلم وكافر
يدعي كل واحد منهما أن أباه مات علي دينه
وكيف إن أقاما بذلك بينة
وكيف إن كان أحدهما مسلما
فادعي أنه أسلم بعد موت أبيه وكذبه الآخر،
أو قال عتقت قبل موت أبي وكذبه أخوه
من العتبية(1)قال أصبغ فيمن هلك وترك ابنته وأخته فقالت البنت هلك وهو مسلم، يعني وهي مسلمة، وادعت الأخت أنه مات نصرانيا وهي نصرانية، قال كلتاهما يتداعيان النصف فأراه بينهما بعد أيمانهما والنصف الآخر لجميع المسلمين.
ولو ترك ابنا وابنة فادعي الابن أنه هلك مسلما وقالت الابنة هلك نصرانيا، قال يكون للابنة الربع لأنها تدعي النصف لا غيره، وللابن ثلاثة أرباع/ المال لأنه يدعي المال كله.
قال يحي بن يحي عن ابن القاسم في نصراني مات وله بنون فتأخر قسمهم ثم طلبوا القسم وفيهم يومئذ مسلمون، فقال إنما أسلمت بعد موت أبي، وقال إخوته بل قبل موته أسلمت فعلي المسلم البينة أن أباه مات وهو نصراني لأن إسلامه ظاهر وهو مدع لأخذ الميراث، قال يحي بن عمر، وذهب محمد بن عبد الحكم إلي أن القول قول المسلم أنه أسلم بعد أبيه، وبقول ابن القاسم أقول، وذكر ابن حبيب عن أصبغ مثل قول ابن عبد الحكم، وقال لأن أصله النصرانية التي يحق له بالميراث، فمن طلب أن يزيله عن ذلك فهو المدعي واحتج علي ابن القاسم بقوله أن لو مات الأب فاختلف ولده فقال هذا مات مسلما وقال الآخر مات نصرانياً أن القول قول النصراني لأن أباه قد عرف بالنصرانية.
[9/63]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 14 : 291.(1/60)
[9/64]
ومن كتاب ابن سحنون لأشهب وقال في داربيد رجلين مسلمين فأقرا أن أباهما مات مسلما وتركها ميراثاً، وقال أحدهما كنت مسلما وأبي مسلم وصدقه أخوه وقال قد أسلمت أنا في حياة أبي فكذبه الآخر وقال لا بل بعد موته أسلمت قال هي للمسلم الذي اجتمعا عليه، وعلي الآخر البينة أنه أسلم قبل موت أبيه، وكذلك إن كان عبدا يقال لأخيه عتقت أنت بعد موت أبيك وعتقت أنا قبل موته، وقال هو عتقت أنا وأنت قبل موته، فالميراث للذي اجتمعا علي عتقه وعلي الآخر البينة بعد أن يعرف/ أنهما اليوم أحرار، وهذا إن لم يطل حيازتهما للدار ما يري أن مثله حيازة علي الآخر، ولو كان مسلم وكافر فقال أحدهما إن أبانا مات وتركهما ميراثا ومات كافرا وقال المسلم قد أسلم قبل موته، وقال الكافر مات علي كفره، قال المسلم مدع وعليه البينة، ولو لم يقر بأن أباه كان كافرا وقال كان مسلما وقال الكافر بل كان كافرا لم أجعل القول قول المسلم بإسلامه وأرد قول الكافر بكفره لأن كل واحد مدع علي صاحبه، ويحلف كل واحد منهما علي دعواه ثم يقسم الميراث بينهما، قال ولو مات رجل وله مسلمون وله أبوان كافران، قال فالأبوان مدعيان علي ولد الميت أن الميراث لهما دون الولد، والأولاد مدعون علي الأبوين مثل ذلك، فليحلف كل فريق علي دعواه، ثم أورث الأبوين والوالد ولا أصدق المسلمين بدعواهم. قال سحنون: وهذا إن كان الأبوان غريبين لا يعرف ما كان أصلهما، فأما إن عرف أنهما لم يريا نصرانيين يعرفان بذلك، فالمال لهما والقول قولهما إن أباهما نصراني لأن الأب إذا كان نصرانيا فقد صار أصل الابن النصرانية، فمن ادعي إسلامه فهو المدعي، وعن رجل هلك فادعي رجل مسلم بأن هذا الميت أبي، وأن هذا الصبي الصغير أخي وأنا مسلم وهو مسلم، وقال رجل نصراني إن هذا الميت أبي / وأن هذا الصغير أخي، وهو نصراني وأنا نصراني كيف يكون غسله والصلاة عليه ؟
قال ليس غسله والصلاة عليه حجة من شك فيه فعل به ما يفعل بالمسلمين فإن كان له تركة وهي بأيديهما جميعا قسم المال بينهما بعد أيمانهما ووقف بثلث ما بيد كل واحد منهما ، فإن كبر الصبي فادعى الاسلام اخذ ثلث ما في يد المسلم ، وإن أحد ادعى النصرانية أخذ ثلث ما بيد النصراني بعد يمين المنكر ، والله أعلم .
[9/64]
***(1/61)
[9/65]
ومن كتاب أحمد بن ميسر: ومن مات عن ولدين مسلم ونصراني، وكل واحد منهما يدعي أن أباه مات علي دينه فليحلفا ويقتسما المال بينهما، وإن أقاما بينة مسلمين وتكافأتا فالقياس أن يقضي بالمال لمن له أعدل البينتين، فإن تكافأتا سقطتا ولابد أن تقول كل بينة إنا لم نزل نعرفه بالحال التي شهدنا بها إلي أن مات ونحن من أهل الخبرة به، ولو استحسن أحد أن يكون مسلما لأن الإسلام(1)لا يكون بعده كفر يقر عليه، وقد يري ابنه الكافر من مورثه فإن الكفر يكون بعده الإسلام ويقر عليه كان قولاً حسناً، ولو أقر كل واحد أن أباه مات علي دين الآخر فقد أقر أنه لا شئ لهما في هذا المال، وابن القاسم يري أن النصراني إذا مات ولا وارث له أن ميراثه للمسلمين. وقال أشهب يرثه أهل دينه، فعلي مذهب أشهب في هذا يكون نصفه للمسلمين ونصفه لأهل دينه، وأجابني محمد بن / عبد الحكم فيها بمذهب أشهب، وقال ابن المواز بالقول الأول، وقال محمد ولو كان مع هذين الولدين الكبيرين طفل فنصف المال للطفل علي كل حال لا نسمع أحدهما يصلح له النصف، وكل واحد منهما مقر له به، والنصف الآخر يقسم بين الكبيرين بعد أيمانهما، ومن نكل كان النصف لمن حلف، وذلك بعد الاستيناء من الحاكم ليأتي أحدهما ببينته، فإن لم يأتيا ببينة كان ما ذكرنا، وأما الولد فأحب إلي أن يكون مسلما ويرث علي ذلك، فإن غفل عنه حتي كبر علي النصرانية وحتي بلغ لم يكره علي الإسلام، قيل فإن لم يعرف أنهما ولداه أصلا أتكلفهما البينة علي النسب، قيل البينة علي الدين؟ قيل إن كان المال بأديهما لم أكلفهما بينة علي النسب، قيل البينة علي الدين؟ قيل إن كان المال بأيديهما لم أكلفهما بينة علي النسب، وإن كان في يد غيرهما كلفا البينة علي النسب. ومن مات عن ثلاثة بنين مسلمين ونصراني فادعي أحد المسلمين أن أباهم مات وهو مسلم ووقف المسلم الآخر وادعي النصراني أن أباه مات نصرانياً، فإن المسلم المدعي لدين أبيه مقر أنه ليس له إلا النصف والنصراني يدعي جميع المال ولا منازع له في النصف فيأخذه ثم ينازع المسلم في النصف الآخر، فكل واحد منهما يدعيه فيقسم بينهما بعد أيمانهما فيصير للمنفرد ثلاثة أرباعه ولمدعي دين الأب من المسلمين الربع والذي لا يدعي شيئا لا شئ له إذ لا يكذب أحدا،
[9/65]
***
__________
(1) في الأصل، وإسلامه.(1/62)
[9/66]
وإن ترك ولدين نصرانيين وولدين مسلمين كل فريق يدعي أن الأب مات علي دينه فإنه / تقسم تركته بينهم أرباعا بعد أيمانهم، فإن نكل أحد الفريقين كان جميعه للفريق الحالف، وإن نكل واحد من كل فريق كان للذي معه ما يصيب صاحبه ولو حلف، قال ولو أن المسألة بحالها إلا أنه رجع أحد المسلمين ورجع أحد النصرانيين بعد أن قبضوا، قال فالراجع أولا يسلم حقه للطائفة الأخري، فإن رجعا معا فالراجع يسلم ما في يديه لمن لم يرجع من الفريق الآخر، وذلك أنهما لو نكلا قبل القسم كان المال بين الحالفين من كل فريق نصفين، قال ولو ترك ابناًَ نصرانياً يقول أبي نصراني وابنتين(1)واحده كبيرة مسلمة تقول هو مسلم والأخري صغيرة، قال فالذكر يقر للصغيرة بالثلث والكبيرة المسلمة تقر أن للصغيرة الثلث ولها هي الثلث فلا منازع للصغيرة في الثلث، وإنما التداعي في الثلثين بين الابن والبنت الكبيرة المسلمة، فهي تقول لي الثلث والثلث الآخر للعصبة، والابن النصراني يدعي الثلثين فيقسم الثلث الذي يصير للبنت الكبيرة بينها وبين الابن لأنه ينازعها فيه وتنازع العصبة الابن في الثلث الآخر فيقسم بينهما فيصير للأخ الثلث وللعصبة السدس وللبنت المسلمة السدس وذلك إن كان العصبة علي دين البنت الكبيرة، قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون فيمن هلك وترك ابنين مسلما ونصرانيا(2)كل واحد يدعي أنه مات علي دينه، فقالا إن تقم بينة وعرف أنه كان نصرانياً فهو للنصراني حتي يقيم المسلم بينة أنه مات مسلما لأنه مدع / لإسلام أبيه، فإن أقاما بينة قضيت بأعدلهما، فإن تكافأتا قسم المال بين ولده المسلمين والنصراني نصفين قل عدد أحدهم أو أكثر، ثم يقتسمه كل طائفة منهم علي مواريثهم، وليس قيام البينة للمسلمين بأنه صلي عليه ودفن في مقبرة المسلمين بحجة علي الأخري إلا أن يكون حاضرا ولا ينكر فيقطع ذلك حجته.
قال سحنون في كتاب ابنه في الهالك يدعي ابنه أنه مات مسلما وابنه الآخر أنه مات نصرانيا وله ابن صغير فليحلفا ويوقف ثلث ما بيد كل واحد حتي
[9/66]
***
__________
(1) في ص ، وأختين.
(2) في الأصل، مسلم و"ونصراني" بالرفع.(1/63)
[9/67]
يكبر الصغير فيدعي دعوي أحدهما فيأخذ ما وقف له من سهمه ويرد إلي الآخر ما أوقف من سهمه.
ومن العتبية(1)قال أصبغ: كلاهما مقر للصغير بالنصف فله النصف ويجبر علي الإسلام ولهذين جميعاً بينهما.
قال سحنون: فإن مات قبل أن يبلغ حلفا زاقتسما ميراثه، وإن مات أحدهما قبل بلوغه وله ورثة يعرفون فهم أحق بميراثه وإلا ترك، فإذا كبر الصبي وادعاه كان له.
فيمن أقام بينة في دار أنه ورثها عن أبيه
وأقام آخر بينة أن أباه تصدق بها عليه
أو بينة بالصدقة وبينة أن المعطي كانت بيده حتى مات
وكذلك في رهن وفي حيازته
من كتاب ابن عبدوس قال أشهب: ومن أقام بينة في أمة بيد رجل أنها لأبيه مات وتركها ميراثاً له لا يعلمون له وارثاً غيره، وأقام آخر بينة أن أبا هذا الطالب تصدق بها عليه وحازها عنه، فإن قالت بينة ابن الميت أنها له لم تزل في / يد الميت حتي مات وهو يختدمها قضيت [بأعدل البينتين، فإن تكافأتا قضيت ببينة ابن الميت، قال ومن أقام بينة أن أباه تصدق عليه بعبد فقبضه وقامت بينة أنه لم يزل في يد الميت حتي مات، قال إذا فات إيقاف الشهود قضيت](2)بأعدلهما لتكاذبهما، وإن لم يفوتوا أوقفوا، فإن رأي في شهادة إحدي البينتين ما هو أقوي من الأخر قضي بذلك مثل أن تقول بينة نشهد أنه كان يخدمه في مرضه كما كان في صحته، وقالت الأخري نعلم أنه حاز ولا نعلم ما قالت هذه، أو تقول بينة الحوز أنه لم يزل في يد المتصدق عليه حتي مات المتصدق، وتقول
[9/67]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 14 : 193.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص .(1/64)
[9/68]
الأخري لا علم لنا بهذا، ولكن رأيناه يختدمه، فتكون بينة الحوز أولي وإن تكافأتا في القوة قضيت بأعدلهما، وإن تكافأتا في العدالة فالصدقة باطلة، وإن كان الشهود أربعة, اثنان علي كل شهادة، فاثنان أعدل من أحد الشاهدين المخالفين لهما ودون عدالة الآخر حلف صاحب الشاهد الذي هو أعدل مع شهادة شاهده الذي هو أعدل، فإن أبي أن يحلف قضي لصاحب الشاهدين الآخرين.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإن شهد رجلان في وهن علي حيازته، ثم شهد آخران أنه لم يحزه فشهادة الحوز أولي.
وكذلك في المجموعة عن المغيرة وابن الماجشون وقال سحنون في كتاب ابنه، قال ابن المواز: وأحسن ذلك أن يقضي ببينة من ذلك في يديه.
فيمن شهدت بينة فيه أنه أوصي
أو فعل / فعلا أو أقر أو زني
في صحة عقله،
وبينة أنه كان موسوساً حينئذ
أو بينة أنه قتل فلانا
وبينة أنه كان ذلك اليوم ببلد آخر
وكذلك في غير القتل
أو بينة أنه مات يوم كذا
وبينة أنه كان يومئذ حياً
من المجموعة والعتبية(1)عن ابن القاسم من رواية أبي ويد وهي في كتاب ابن المواز في امرأة شهدت بينة أنها أوصت في صحة عقلها، وشهد اثنان أنها كانت حينئذ موسوسة، فشهادة من شهد أنها صحيحة العقل أولي .
[9/68]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 234.(1/65)
[9/70]
وقال سحنون في المجموعة والعتبية(1)في أربعة شهدوا علي رجل بالزنا وأنه حينئذ صحيح العقل، وشهد اثنان غيرهم أنه كان يومئذ ذاهب العقل فإن قاموا به وهو صحيح العقل قضي بشهادة الذين قالوا صحيح العقل وإن قاموا به وهو ذاهب العقل فالشهادة شهادة الآخرين.
من العتبية(2)قال سحنون في أربعة شهدوا علي رجل أنهم رأوه يزني يوم كذا وهو صحيح العقل وشهد عدلان غيرهم أنه كان ذلك اليوم وفي ذلك الموضع مجنوناً، قال إن قيم به وهو عاقل أقيم عليه الحد ولا تزيل ما ثبت من الحد بقول الآخرين، وإن قيم به وهو مجنون [ذاهب العقل فقد قال بعض أصحابنا إنه يصرف عنه الحد إذا قيم به وهو مجنون(3)].
قال أبو بكر بن محمد اللباد: إنما المراعاة وقت رأوه لا وقت القيام به، يريد أبو بكر فإذا غلب قول الشهود أنه عاقل صبر به الآن حتي يفيق فيحد.
ومن المجموعة وكتاب ابن / سحنون قال ابن الماجشون في بينة شهدت أن فلانا قتل رجلا عمدا، فأقام فلان بينة أنه كان يومئذ ببلد بعيد، قال فشهادة القتل أولي، وكذلك في كتاب ابن المواز. وروي مثله سحنون عن ابن القاسم في العتبية(4)وقاله أصبغ، قال وكذلك لو كان مكان القتل زني أو سرقة، قال سحنون ولا يجرحه ما شهدوا به إلا جرحتهما وليس ما أتي به بتجريح.
ومن المجموعة وكتاب ابن سحنون قال سحنون إلا أن يشهد مثل أهل الموسم في جماعتهم أنه أقام بالحج لك اليوم وأهل مضر أنه صلي بهم العيد ذلك اليوم بطل القتل، لأن أهل الموسم لا يجتمعون علي الغلط ولا يشبه عليهم وقد يشبه علي الشاهدين، وأكثر من ذلك قال في هذه الكتب ابن سحنون، أو قام بالقتل شاهد وقامت بينة أنه كان ذلك اليوم ببلد بعيد، يقول البينة أولي، وكذلك لو قال ضربني فلان يوم النحر وهو بمصر من ضربه أموت وقامت بينة أنه كان معهم يوم النحر بمني فالبينة أولي، قال في كتاب ابن سحنون فيمن قال قتلني فلان صباح هذا اليوم، وشهد قوم أن فلانا بات معهم تلك الليلة قال هو كالأول.
قال وإن قال الشهود مشي معنا بموضع كذا والموضع ينال من موضع الميت في ليلة، فهذا ملبس والقسامة واحدة.
من المجموعة قال سحنون: وإن شهد رجلان أنه قتل ولي هذا/الرجل يوم كذا بمصر عمداً، وشهد آخران أنه قتل ولي هذا الرجل الآخر ببلد آخر في ذلك اليوم عمداً أو خطأ لبطلت الشهادتان جميعاً، وقال أصبغ في العتبية(5): قد اجتمعا علي قتل إذا قام أولياء القتيلين في العمد قتل لهما، وكذلك لو شهد أربعة أنه زنا بمصر يوم عاشوراء، ثم شهد آخرون أنه زنا بالعراق ذلك اليوم لحد حداً واحدا لأن البينتين أثبتتا زنا، ولو شهدت بينة أنه زنا بمصر في المحرم يوم عاشوراء، وشهدت بينة أنه سرق ذلك اليوم بالعراق أو قتل سقطت الشهادتان.
قال سحنون في المجموعة: ولو قال بعض أوليائه قتل بموضع كذا، وقال بعضهم بل بموضع كذا وأقاموا البينة كلهم سقطت الشهادة. ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: وإن شهدوا أن فلانا مات سنة ثمانين، وشهد آخرون أنهم رأوه سنة إحدي وثمانين، فشهادة هؤلاء أحق.
[ قال(6)محمد بن عبد الحكيم: ولو شهد شاهد أن فلانا أقر عنده يوم عرفه بعرفة لفلان بكذا، وشهد آخر أنه أقر عنده لهذا الرجل في ذلك اليوم بمصر بمائة إردب قمح، فإن كانا في العدالة سواء بطلت الشهادتان، وإن ادعي شهادة أعدلهما حلف معه وأخذ ما قال وبطلت شهادة الآخر، وإن ادعي شهادة الذي
[9/70]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 187 .
(2) البيان والتحصيل ، 10 : 187،
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص ،
(4) البيان والتحصيل، 10 : 165.
(5) البيان والتحصيل، 10 : 201.
(6) من هنا يبدأ حذف نحو صفحتين من ص، وينتهي عند إغلاق المعقوقة.(1/66)
[9/71]
هو دون الآخر في العدالة لم يقض له بشئ لتكذيب الأعدل له، ويحلف المدعي عليه ويبرأ من ذلك كله، قل أبو محمد فأعرف لأشهب أنه إنما تسقط إحدي/ البينتين بالأخري، إنما كانوا شاهدين، وشاهدين لأنه كالتجريح لا يقبل فيه واحد، فعلي هذا يكون له في المسألة الأولي إن يدعي شهادة الدون في العدالة.
قال محمد بن عبد الحكم : لو كان مكان كل شاهد شاهان أخذ بشهادة الأعدل إن ادعي شهادة الآخرين فلا شئ له.
وقال بعض أصحابنا: إذا شهد عدلان أنه أقر عندهما بعرفة يوم عرفة من سنة كذا لفلان بكذا، وشهد عدلان أنه كان ذلك اليوم عندها بمصر أنه يقضي بشاهدي الإقرار لأنهما شهدا بحق والآخران لم يشهدا بحق وليس لهذا عندي معني، وأري إن كان اللذان شهدا أنه يومئذ بمصر أعدل فلا شئ له، وهو تجريح للآخرين إما زور وإما خطأ ألا تري لو شهد شاهدان أنه أقر لفلان بكذا في سنة مائتين، وشهد آخران أعدل منهما أنه مات قبل المائتين، أو أنه ولد بعد المائتين أن ذلك يبطل شهادة الآخرين، ولو استووا في العدالة بطلت الشهادة، قال أشهب: كل شهادة ردها مثلها فهي باطل،] قال محمد: ولو شهد شاهد أنه أقر لرجل يوم عرفة بعرفة من سنة كذا بمائة دينار، وآخر أنه أقر لرجل آخر في ذلك اليوم بمصر بمائة إردب قمح، وشهد آخر أنه أقر ذلك اليوم بالشام لثالث بمائة إردب شعير، فإن استووا في العدالة أو كان اثنان أعدل من الثالث بطلت الشهادة أو إن كان واحد أعدل حلف معه واحد، وكذلك لو كان مكان كل شاهد شاهدان/.
في المتزوجة تقوم بينة أنها تزوجت غير بالغ
وبينة للزوج أنها كانت بالغا
وفي بينة شهدت علي امرأة أنها زفت طائعة
وبينة أنها كانت حينئذ مكرهة
قال سحنون في المجموعة في يتيمة تزوجت، فشهدت بينة أنها تزوجت غير بالغ، وقال الزوج بل هي بالغ، فأقام بذلك بينة، فقد قال بعض أحصابنا إنه
[9/71]
***(1/67)
[9/72]
تهاتر وينظر إلي أعدل البينتين، ونحوه لابن القاسم وأشهب، وقال الآخرون البينة بينة من شهد أنها بالغ.
قيل فإن دفع إلي الحاكم في يتيمة أنها نكحت في بالغ، قال يكشف عن ذلك، فإذا نظرها النساء وقلن لم يثبت فذلك يجري في هذا، ولا يجري في هذا أقل من امرأتين.
ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون في يتيمة زوجت فادعت أنها زوجت قبل البلوغ،[وقال الزوج بل بعد البلوغ، قال إن زوجها وليها فالبينة عليها أنها زوجت قبل البلوغ.(1)] وعن البكر يدخل بها زوجها وهي سفيهة ثم ترشد ويصلح حالها وقد وهبتة، هبة، ثم ادعت أن ذلك في سقهها، وقال الزوج بل بعد أن رشدت، قال فالبينة علي الزوج وهو المدعي.
وقال ابن الماجشون في المجموعة في أربعة شهدوا علي رجل وامرأة بالزني طوعا، وشهد اثنان أنها في ذلك مكرهة، قال تسقط شهادة لأن شهادتهم علي قولهم توجب حدهم، وشهادة الأربعة ثابتة، وكل فريق من الأربعة زادت، فالأربعة / زادوا زني المرأة والاثنان زادوا الصداق علي الزوج ولا يمكن ها هنا الأخذ بالزيادتين، ولو كانوا أربعة وأربعة سقطت الشهادتان، ولا تجد من يشهد علي المرأة بالطوع، كما لو شهد فريق أنه زنا بمصر يوم الفطر وفريق أنه زنا يوم الفطر بمكة لأبطلت الشهادتين، ولا يحد الفريقان. قال سحنون: إن شهد رجلان علي محدود في الزني أنه غضب امرأة بوطئها وهم ينظرون أنه يلزمه الصداق بشهادتهما، وكذلك لو شهدا أنه غصب امرأة فأدخلها بيته، ثم ادعت هي المسيس لوجب لها الصداق.
[9/72]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.(1/68)
[9/73]
فيمن أوصي بعتق عبد إن مات من مرضه هذا
فيدعي العبد أنه مات منه
ويقول الورثة بل صح، ويقيمان بينة
من كتاب ابن المواز والمجموعة قال أشهب فيمن أوصي إن مات من مرضه هذا ففلان حر وقام بذلك شاهدان وقالا لا ندري متي مات، وقال عبد مات منه، وقالت الورثة بل صح، قال الورثة مصدقون مع يمينهم، لأن العبد يدعي الحرية، قال ابن المواز: إن قالت البينة إنه أوصي بذلك في مرضه فالقول قول العبد حتي يقيم الورثة البينة أنه صح منه.
قال أشهب في الكتابين: ولو أقام العبد بينة أنه مات منه، والورثة بينة أنه صح منه قضي بأعدلهما، وإن قال إن مت من مرضي فميمون حر وإن برأت فمرزوق حر، فقال ميمون مات / منه، وقال مرزوق بل صح منه وصدقه الورثة، قال فالورثة مصدقون مع أيمانهم، ولا قول لمن أكذبته فإن قامت البينة أنه مات من مرضه عتق ميمون في ثلثه، ثم إن ثبت الورثة علي أنه قد برأ من مرضه بعد شهادة بينة ميمون وكان الثلث يحمل مرزوقا بعد إخراج ميمون من حمله المال عتق مرزوق أيضا، فإن كان بعضهم لم يقر بعتق وبيع ويؤمر أن يجعل ما نابه منه في عتق ومن اشتراه، فمن أقر فأقام علي إقراره عتق عليه، فإن أقاما جميعا البينة قضي بأعدلهما فإن كان شهداء ميمون أعدل أعتقته ببينته وأعتقت الآخر بإقرارهم علي ما ذكرنا إذا لم يكن معهم ورثة، وإن كان شهداء مرزوق أعدل أعتقته وحده بشهادة بينته وبالإقرار، قال ابن المواز في هذا الجواب غلط وهو قوله ويعتق مرزوق في ثلث ما بقي، بل يعتق من رأس المال لأنه إنما يقع عتقه بعد صحته إذا ثبت ما أقرت له به الورثة، وكذلك لو قامت لمرزوق بينة فهو بخلاف جوابه أول المسألة أري ألا قول لمرزوق ولا لورثته أنه مات من غير ذلك المرض وأنه صح منه إلا بشاهدتين.
وقال ابن المواز عن ابن القاسم: وإن تكافأت بينة ميمون ومرزوق عتق من كل واحد نصفه، إلا أن تكون إحداهما أعدل فيقضي بها، قال محمد وذلك إذا كان من شهد أنه مات من مرضه لم يغيبوا غيبة تمكن فيها صحته، وقال أصبغ
[9/73]
***(1/69)
[9/74]
الشهادة شهادة من شهد علي الصحة كما لو شهدوا أنه أوصي، فقال بعضهم في / صحة عقلة، وقال آخرون ليس بثابت العقل.
ومن المجموعة قال أشهب: فإن قال إن مت في جمادي فعبدي فلان حر، وإن مت في رجب فعبدي فلان حر فشهد رجلان أنه مات في جمادي وآخر أنه مات في رجب قضي بأعدلهما لا بأولهما.
قال في الكابتين: إن قتلت فميمون حر، ثم شهد شاهدا الوصية أو غيرهما أنه قتل وشهد آخران غيرهما أنه مات فليقض بأعدلهما، ولو شهد بموته شاهدا الوصية ثم شهد غيرهما أنه قتل لم يعتق، وإن كان شاهدا القتل أعدل، وكذلك لو شهد رجلان أنه قال إن مت من سفري هذا ففلان حر وشهدا أنه مات منه، وشهد آخران أنه رجع من ذلك السفر فمات في أهله أجزت شهادة أعدلهما علي ما تقدم ذكره، ولو قال شاهدان إنه قال إن مت من سفري فمرزوق فميمون حر وأنه قدم منه قضيت بأعدلهما وجري من هذا الباب في باب في آخر كتاب الوصايا الثالث.
في الرجلين يتداعيان فيما وقع به البيع
من الثمن أو الإجارة أو الكتابة
أو اختلفا في المبيع نفسه
واختلاف البينة في ذلك وفي الطلاق
أو في الدين أو في الوصايا،
وفي إقرار المطلوب نصف غير ما ادعي المدعي
من المجموعة قال ابن نافع فيمن باع سلعة، فقال بعتها بعشرين وقال المبتاع بعشرة، وأقام كل واحد بينة أني أقضي بالزيادة، وكذلك في / الطلاق وقاله ابن الماجشون في أربعة شهدوا في مجلس، قال اثنان نشهد أنه طلقها ثلاثا، وقال اثنان
[9/74]
***(1/70)
[9/75]
نشهد أنه لم يلفظ إلا بواحدة فيلزمه الزائد وكذلك روي يحي بن يحي في العتبية(1)عن ابن القاسم عن مالك.
ومن المجموعة قال أشهب، وهو في كتاب ابن المواز: إذا شهد ثلاثة نفر لرجل، فشهد اثنان أن له عليه بغلا، وشهد الآخر أن له عليه حماراً، وقالوا كلهم هي شهادة واحدة، فإن ادعي الطالب الحقين بطل دعواه في الجميع.
وإن ادعي ما قاله الشاهد حلف واستحق وإن ادعي ما قاله الشاهدان أخذ ذلك بلا يمين، فإن طلب شهادة الشاهد، فقام المطلوب بشهادة الشاهدين يكذب بهما الشاهد فذلك له ويغرم ما قالا. محمد ويحلف علي إبطال قول الواحد إن لم يكن فيما أقر به ولا ما قال الشاهد، وله أخذ ما أقر به المطلوب، وإن لم يدعه، قال في المجموعة: وإن أبي أن يأخذه وطلب المطلوب إكراهة عليه فذلك له، وإن لم يكرهه علي ذلك لم أجبرهما علي شئ منه ومتي ما رجع الطالب فيما كان جحد من ذلك كان له أخذه، ولم أر له عليه يمينا فيما جحده مما شهد له به الشاهد إذ لا خلطة تثبت له، وقال ابن المواز يحلف، قال محمد: وأحب إلينا إذا حكم عليه بما شهد به الشاهدان وهو ينكره أن يباع ويشتري بثمنه ما ادعي من قول الشاهد، فما نقص لم يكن له غيره، وإن زاد رد الفضل علي النطلوب، فإن لم يقبله لم يجبر علي أخذه، وقيل لهذا تصدق به عن من هو له، وهذه المسألة من أولها في / العتبية(2)عن سحنون ما كان ها هنا منها لأشهب مذكور، قال ابن المواز: وإن لم يقر المطلوب بما يقول الشاهدان لم يبطل عنه شهادة الشاهد وهو مع الطالب من كذب الشاهدين، ويقضي للطالب بشهادة الشاهد مع يمينه، قال وإن طلب المدعي شهادة الشاهدين وقال المطلوب بشهادة الشاهد يكذب بها الشاهدين [وهو مقر بقول](3)الشاهد فلا يكذب شاهدان بشاهد ويأخذ المدعي أي الحقين شاء، قال وإن قال شاهدان أمر بمائة دينار وقال شاهدان بألف درهم
[9/75]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 88
(2) البيان والتحصيل، 10 : 172.
(3) كلمة ممحوة من الأصل .(1/71)
[9/76]
أو مائة قفيز قمح، وقالوا كانت شهادة واحدة، فإن ادعي المدعي الحقين جميعا شقطت الشهادتان إن تكافأت البينتان في العدالة، قال محمد بل تسقط الشهادتان وإن ادعاهما وإن لم تتكافأ في العدالة وهم عدول، فإن ادعي أحدهما فذلك له، وإن تكافؤوا في العدالة، [فأخذه بلا يمين، فإن أقام المطلوب بشهادة اللذين كذبهما الطالب فإن تكافؤوا في العدالة](1)فهو تكذيب لشاهدي الطالب ويغرم المطلوب ما أقر به بلا يمين عليه للطالب، ويقال للطالب بعه واشتر بثمنه ما ادعيت، فإن نقص فليس لك غيره، وإن زاد رددت الزيادة عليه، فإن لم يبقلها تصدق بها عن من هي له، قال وإذا سقط شاهدا الطالب بدعوي المطلوب لشهادة الآخرين وتكافئهم قال أشهب فلا يمين للطالب عليه ألا يخلطه غير هذه تثبت وفي باب في آخر الكتاب وهو باب مسائل في المدعي والمدعي عليه / فيه مسألة من ادعي علي رجل بدارهم، وقال المطلوب إنما لك علي زيت وقال الحميل تحملت لك عنده بطعام، قال محمد بن المواز: إذا سقط بالتكافؤ فلا يمين فأما بدعوي المطلوب إحدي البينتين فاليمين قائمة.
قال ابن المواز قال أصبغ قال اشهب: وإن شهد لرجل شاهدان أنه اشتري من فلان عبده بخمسين دينارا، وشهد آخران للبائع أنه باعه منه بمائة، وقال الأربعة هو مجلس وأحد قضي بأعدل البينتين، فإن تكافأتا، سقطتا وتحالفا وتفاسخا، فإن فاتت السلعة تحالفا وردا القيمة عند أشهب.
وقال ابن القاسم: إن باتت فالمبتاع مصدق ويحلف.
ومن العتبية(2)قال سحنون إذا شهد شاهدان لرجل فقال أحدهما أشهد له علي فلان ببغل، وقال الآخر بحنطة، وزعما أنها شهادة واحدة، فإن ادعي الشهادتين بطلتا، وإن ادعي إحداهما حلف مع شاهده وأخذ ما ادعي.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن أقام شاهدا أنه اشتري منه غلاما بمائة دينار، وأقام شاهدا أنه اشتري منه غلاما بمائة دينار، وأقام شاهدا آخر بأنه اشتري منه هذا الغلام المذكور وهذه الجارية بمائة دينار،
[9/76]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) البيان والتحصيل، 10 : 172 .(1/72)
[9/77]
والغلام بيد المشتري والجارية بيد البائع، فإن ادعي الغلام والجارية حلف في الجارية وأخذهما وإن ادعي الغلام وحده أخذ بلا يمين وقد جرت من هذا الباب مسائل كتبتها في الصفقة، ومنها في القسم، ومنها في المكاتب في اختلاف البينات في ذلك والتهاتر فتركت إعادتها ها هنا والله الموفق للصواب./
في الشهود يختلفون في كلام رجل
في إقرار أو وصية أو غيرها في مجلس
فيقول بعضهم تكلم بكذا ويقول آخرون بل بكذا
أو يشهدون بخلاف شهادة الآخرين
واختلاف البينة في غير شئ من اليمين والحنث وغير ذلك
من المجموعة قال ابن القاسم عن مالك في أربعة نفر كانوا في مجلس مع رجل فشهد عليه اثنان أنه حلف بطلاق البتة، وقال آخران إنما كانت يمينه بواحدة قال يؤخذ بشهادة الأكثر من الطلاق. وكذلك لو قالا أعتق غلاميه زيداً وميموناً وشهد آخران أنه لم يذكر غير زيد فليؤخذ بالأكثر، قال ابن القاسم: ولو كانا علي سلف فقال اثنان عشرين وقال آخران إنما كانت عشرة، فليؤخذ بالزائد.
ومن كتاب ابن المواز، وقاله ابن القاسم في المجموعة والعتبية(1)من رواية أبي زيد وإن شهد رجلان علي رجل أنه قال عبدي حر، وشهد آخران أنه قال امرأته طالق وقالوا كان مجلس وكلمة واحدة، فالشهادة باطلة إن استووا في العدالة، وإلا قضي بأعدلهم، قال ابن القاسم في العتبية(2): وكذلك لو شهد بعضهم أنه أقر لفلان بمائة دينار، وقال آخرون: إنما أقر له بمائة درهم أنه لا يلزمه الدنانير ولا الدراهم، ولو قال بعضهم بمائة وبعضهم بخمسين قضيت بالزائد، قال ابن المواز في المسألة الأولي وإن كانوا ثلاثة فانفرد واحد بأحد الوجهين فهذا يبطل شهادته،
[9/77]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 88.
(2) البيان والتحصيل، 10 : 88 .(1/73)
[9/78]
وإن / كان أعدل من الآخرين، ويقضي بقول الآخر لأنه لا يكذب اثنان بشاهد ولا بشاهد ويمين، وهو من باب التجريح.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن ادعي علي رجل انك بعت مني غلاما وجارية بألف درهم، يريد وعينوهما، وقال البائع بل بعتك الجارية فقط بمائة دينار، فأقاما جميعا البينة وتكافأتا في العدالة، وقد فات العبد والجارية قائمة أو لم يفوتا، قال هذا من التهاتر، عند ابن القاسم ويتحالفان ويتفاسخان، وقد يقضي لكل واحد بما قامت به ببينته، يعطي المبتاع الجارية والغلام، ويعطي البائع مائة دينار فيقضي بالزيادة فيما زادت به البينة.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: وإن شهد اثنان أنه طلق امرأته في مجلس، وشهد آخران أنه لم يتفوه في مجلسه ذلك بشئ، فإنه يقضي بقول من أثبت الطلاق، قال ابن حبيب عن ابن القاسم نحو ما ذكر عنه ابن المواز في اثنين شهدا أنه طلق، وقال آخران أعتق، وهي كلمة واحدة أن ذلك كله يبطل، وقاله أصبع، قال وقال مطرف وابن الماجشون إن الشهادتين جميعا جائزة من طلاق وعتق أو عتق في عبدين مختلفين لأن كل فريق قد شهد بغير ما شهد به الفريق الآخر، ولو طرحت واحدة بقول الأخري في هذا لطرحت بقول الأخري إنه كان صامتًا، وسواء عندنا كان ذلك في مجلس أو مجلسين، أو قال فريق صمت منذ جلس أو نطق بكذا، وقاله مالك وجميع أصحابنا / لا نعلم خلافه، قال مطرف: ولو قال فريق طلق امرأته ثلاثا وقال فريق بل واحدة، وقال الفريقان كانت لفظو واحدة، قال فليؤخذ بالأزيد، وكذلك في الإقرار بالحق، وقاله ابن القاسم وأصبغ وقال ابن الماجشون : إن زعموا أنها لفظة واحدة حكمت بما اجتمعوا عليه من عدد الطلاق أو الحق فأحلفت المطلوت فيما زاد لأنهم تكاذبوا فيما زادوا(1)ولا يشبه الأول، لأن ذاك أمران مختلفان، وهذا أمر واحد اجتمعوا علي شئ وتكاذبوا فيما ناب عليه.
[9/78]
***
__________
(1) ممحوة من صورة الأصل.(1/74)
[9/79]
قال ابن حبيب: والأول أحب إلي، ولكن لو شهد واحد أنه طلقها واحدة وآخر بالثلاث فلا تبالي قالا ذلك في مجلس أو مجالس وليؤخذ بما اجتمعا عليه ويحلف علي ما ناب. ولو قال أحدهما أقر له بمائة وقال الآخر بل بخمسين، وقالا إنه إقرار واحد فليؤخذ بما اجتمعا عليخ بلا يمين، وحلف إن شاء علي ما زاد الآخر وأخذه، قال مطرف وابن الماجشون: وإذا شهد شهود أن كتابا قرئ علي قاض فحكم بتجويزه، وشهد آخرون أنه قرئ عليه ولم يسمع له تجويز، أو قالوا لم يجوزه أصلا، قال يؤخذ بشهادة من ثبت دون من نفي كان في محضر واحد أو محضرين تكافأت العدالة أو لم تتكافأ وهم عدول، وكذلك في صلح أو بيع بعضهم قد تم وقال بعضهم لم يتم فالشهادة من ثبت.
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة والعتبية(1)، من رواية عيسي قال ابن القاسم فيمن ترك أربعة/ من الولد فشهد اثنان منهم أنه أوصي لفلان بمائة درهم، وقال الآخران بل لفلان وأوصي بها، قال يقضي بأعدلهما فإن تكافؤوا قسمت الألف بين الرجلين نصفين.
قال ابن القاسم في المجموعة والعتبية(2): وإن ترك ابنين، فقال أحدهما أوصي لفلان بألف، وقال الآخر بل لفلان فليحلف كل واحد منهما ويقتسمان الألف، وإن نكل أحدهما وحلف الآخر كانت الألف للحالف، وإن نكلا وقالا لا علم لنا فليدفع كل ابن منهما ما يصيبه من الألف للحالف، وإن نكلا وقالا لا علم لنا فليدفع كل ابن منهما ما يصيبه من الألف إذا قسمت ميراثاً إلي من شهد له، فإن لم يكن غيرهما وكانت تخرج من الثلث أدياها.
قال في المجموعة: ومن أقام شهيدين أن فلانا أوصي له بغنم وقال الورثة إنما أوصي له بفرس أو ثوب أو مائة درهم فأراد أن يأخذ الوصيتين بإقرار الورثة وشهادة الشاهدين فذلك له فأعدهما وصيتين حتي يقولوا لم يوص إلا بكذا فيكون ذلك إكذابا لمن شهد أو أقر له من الورثة.
[9/79]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 64 .
(2) البيان والتحصيل، 10 : 64.(1/75)
[9/80]
وقال ابن دينار فيمن شهد له ثلاثة نفر أن فلانا أوصي له بمائة، وشهد اثنان أنه إنما أوصي له بخمسين ولزيد بخمسين، فإن لهذا ثلاثة أرباع المائة وزيد ربع المائة لأنا أعطيناه خمسين اجتمع له عليها وقسمت الخمسين الأخري بينهما لإختلاف البينة فيها، وإن شهد ثلاثة أنه أوصي لزيد ولعمرو بخمسين، وشهد آخران أنه إنما أوصي بالمائة لعمرو وبالخمسين لزيد قال خمسين ومائة تقسم بينهما نصفين لاختلاف الشهادة فيها.
ومن كتاب ابن المواز / وإن أقر الوارثان أو أحدهما أن الميت أوصي لفلان بالثلث، وشهد شاهدان أنه أوصي بالثلث لآخر، فإن كان الوارث عدلا حلف معه وكان الثلث بينهما، وإن كان بعضهم أعدل من بعض أو لم يتكاذبوا فإن لم يحلف أو كان الوارث غير عدل فالثلث لمن شهد له الأجنبيان دون الآخر، وإن شهد الوارث أنه رجع عن وصيته بالثلث لمن شهد له الأجنبيان وأوصي به لآخر، وشهد الأجنبيان أنه انتزع ذلك من الذي شهد له الوارث وجعله لمن شهدا له فإن كانت شهادتهم في وقتين قضيت بقول آخرهما وقتا، فإن لم يوقتا أو وقتا وقتا واحدا قضيت بأعدلهما، فإن كان الوارث أعدل حلف معه مدعيه وقضي له، وإلا قضيت له بالشاهدين إن كان أعدل.
وإن كان تكاذبهم في فرس وعبد، فقال الوارثان أوصي لسعيد بالعبد ورجع عن وصيته لزيد بالفرس، وشهد الأجنبيان أنه رجع عن وصيته لسعيد بالعبد وأوصي لزيد بالفرس، فإن لم يكن ما شهد به الوارث أكثر ثمنا قضيت بشهادة آخرهما وقتا، فإن وقتت واحدة فالشهادة لها، وإن لم يوقتا وتكافأتا كان ذلك بينهما، وإن كان الأجنبيان أعدل جاز ما شهدا به ونظر إلي ما شهد به الوارث، فإن كان يخرج من ثلث المال كله أخذه من شهد له الوارث وإن استوعب ثلثي مال البيت إن لم يكن له وارث غيره، وإن لم يخرج من ثلث المال كله فله ما يخرج منه، قال محمد: هذا قول ابن القاسم، وقال أشهب: / لا يأخذ من العبد إلا ما حمل الثلاثة بعد إخراج القرض من المال.
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم: وإذا شهد رجل علي رجل أنه شج هذا موضحة، وشهد آخر أنه أقر شجه موضحة قضي له بذلك واقتص له إن
[9/80]
***(1/76)
[9/81]
حدوا للموضحة، ولو شهد واحد أنه ذبحه، وشهد آخر أنه غرقه أو أحرقه بالنار لم نجز الشهادة لأنها أفعال مختلفة، وكذلك إن شهد واحد أنه قتله بحجر وشهد آخر أنه قتله بالسيف لم تجز الشاهدة، ولا يقسم علي قول أحدهما.
قال أبو محمد: يريد إذا ادعي شهاتهما، وإن ادعي شهادة أحدهما أقسم عليه، وإن شهد واحد أنه سرق كبشاًَ، وقال الآخر سرق معجة فلا يقطع، وكذلك إن شهد واحد أنه سرق يوم الخميس، وقال الآخر يوم الجمعة لم يقطع، ولو شهد شاهدان أنه حلف لا دخل دار عمرو بن العاص، فشهد واحد أنه دخلها في رمضان، وقال آخر دخلها في ذي الحجة طلقت عليه علي مذهب ابن القاسم وفي قول أشهب لا تطلق لأن هذا فعل وليس بقول وبذلك أقول، وكذلك الحالف لا كلمت فلانا، فشهد واحد أنه كلمه في السوق وقال الآخر في المسجد أجاز ذلك الحاكم، وكذلك في العتق، وإن شهد واحد أنه طلقها البتة، وشهد آخر أنه حلف بالبتة إن دخل الدار، وشهد هو وآخر أنه دخلها فلا تجوز الشهادة.
في الشاهدين يختلفان في عدد المال، أو في عدد الطلاق
أو يزيد أحدهما علي دعوي المدعي
أو شهد/ كل واحد علي مائة دينار
فيقول المطلوب هي واحدة
أو يقول أحدهما قضاه بعضها
واختلافهما في غير ذلك
من المجموعة قال ابن نافع عن مالك: وإذا شهد شاهدان أحدهما بمائة وآخر بخمسين فإما أخذ الخمسين بلا يمين، أوحلف وأخذ المائة قال ابن نافع: هذا إن كان في موطن واحد وإن اختلفت المواطن(1)فله أن يحلف مع الشاهد المائة ويأخذها ومع شاهد الخمسين ويأخذها، قال ابن الماجشون: أما إن كانا بصكين
[9/81]
***
__________
(1) كلمتان ممحوتان من الأصل.(1/77)
[9/82]
صك بخمسين وآخر بستين فلا اختلاف أنه يقضي بهما، واختلف في شهادتهما بغير صك، فشهد رجل بخمسين وآخر بستين، فقالواـ وهو الصواب ـ إن قال الطالب هي ما لان حلف يمينين وأخذهما وحلف ما الخمسون من الستين، وإن قال إنما لي ستون فإما أخذ خمسين بلا يمين أو ستين باليمين، وقال ابن القاسم: إن شهد شاهد بعشرة وآخر بعشرة وآخر بعشرة فإن شاء حلف مع كل واحد وأخذ ثلاثين ومنه ومن كتاب ابن المواز قال ابن الماجشون: وإن شهد رجلان بألف علي رجل قال أحدهما بيض وقال الآخر سود فإن شاء أخذ السود وهي الأدني ورد اليمين علي المطلوب، وإن شاء البيض حلف وأخذها، وهذا من ناحية الزيادة في الجنس وليس نصفين، محمد ولو أقر له أنها سود فليحلفه علي البيض إن شاء، ولأشهب في المجموعة نحوه، ولسحنون في العتبية(1)وكتاب أبيه / مثل هذا، إلا أنه جعل البيض أفضل.
ومن كتاب ابن المواز، وقاله أشهب في المجموعة، وسحنون في العتبية(2): وإن شهدا بمائة درهم فقال أحدهما وزن كل درهم خمسة دوانق، وقال الآخر دراهم وازنة فإن شاء أخذ الناقصة ورد اليمين علي المطلوب، وإن شاء الوزانة حلف وأخذها، فإن نكل حلف المطلوب فإن نكل قضيت عليه، يعني بالوازنة، وإن حلف رد الناقصة [ورد اليمين علي المطلوب](3)ومثله شاهد يشهد بعتق مثل وآخر إلي سنة، قال فإن ادعي الطالب المالين ووقف الشهود علي أنه مال واحد فليس ذلك له، وليحلف مع شاهد الوزانة ويأخذها، وإن نكل حلف المطلوب ما له عليه إلا الناقصة، أو قال ما له علي شئ وودي الناقصة، وإن قالا أشهدت كل واحد منا علي حدة حلف الطالب بيمينين وأخذ المالين، وإن شاء حلف علي أيهما شاء ورد اليمين علي المطلوب في المال الآخر، قال محمد بن المواز: بل له أخذ أقلهما بلا يمين، وإن ادعاهما لم يأخذهما إلا بيمين، وإنما يمينه علي الزيادة وحدها، فإن لم يحلف أخذ الأقل وله اليمين علي المطلوب في الزيادة، فإن نكل غرمها.
[9/82]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 170.
(2) البيان والتحصيل، 10 : 171 .
(3) كلمات ساقطة من الأصل، مثبته من ص.(1/78)
[9/83]
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز لأشهب، وهو لسحنون في العتبية(1)وكتاب أبيه، قال أشهب: وإن شهدا له بألف فقال أحدهما قضاه خمسمائة ولم يقر هو بالقبض فكل واحد شهد بخمسمائة، فإما أخذها بلا يمين ورد اليمين علي المطلوب / ما له علي إلا بخمسامائة، قال في كتاب ابن المواز فإن نكل حلف الطالب وأخذ ألفااً، قالوا وإن شاء حلف وأخذ ألفاً، قال في المجموعة وفي العتبية(2)إلا أن يحلف المطلوب علي قضاء الخمسمائة فيسقط عنه، فإن نكل لم ترد اليمين علي الطالب لأنه حلف مرة، قال ابن المواز لا يحلف الطالب لأنه مكذب لشاهده، ولكن إن ادعي المطلوب أنه قضاه خمسمائة حلف مع شاهده ولم يغرم إلا خمسمائة، فإن نكل حلف الطالب وأخذ الألف.
قالوا كلهم: وإن شهدوا له بألف درهم علي رجل فقال أحدهما حالة، وقال الآخر إلي سنة، فإن شاء حلف مع شاهد الحال فكانت حالة، وإن شاء أخذها إلي سنة بغير يمين.
قال أشهب: وليس للمطلوب أن يحلف مع شاهده أنها إلي سنة إذا حلف الطالب أنها حالة، قال ابن المواز ولا يعجبنا هذا وله أن يحلف إن أقر بالحق وادعي الأجل مع شاهده، وإن أنكر الحق فهو للأجل أنكر ولا يحلف لأنه مكذب لشاهده، قال وإن لم يحلف الطالب أنها حالة رد اليمين علي المطلوب فحلف أنها إلي سنة أو يحلف ما له عليه شئ.
ومن كتاب ابن سحنون وهو لأشهب: ومن ادعي أنه ابتاع من فلان هذا العلام بمائة دينار وأقام بذلك شاهدا، وشهد له شاهد آخر أنه ابتاع منه هذا الغلام وهذه الجارية بمائة، وهو لا يدعي الجارية قال قد كان / له أن يحلف مع الشاهد الأول ويأخذ الغلام إن لم يدع الجارية، وإن ادعاها فله أن يأخذ العبد بلا يمين وله أن يحلف ويأخذ الجارية والعبد.
[9/83]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 162.
(2) البيان والتحصيل، 10 : 162 .(1/79)
[9/84]
ومن المجموعة قال المغيرة: ومن شهد له شاهد في وصية بمائة وشهد آخر أنه أوصي له ولزيد معه بالمائه فليحلف الأول وتثبت له المائة ويحلف الآخر مع شاهده ويضرب معه بخمسين، فإن نكل قيل للآخر احلف أن ما شهد به شاهد الناكل لباطل وخذ المائة، فإن نكل ضرب معه الآخر بخمسين.
ومن المجموعة [ قال ابن الماجشون](1): وإن شهد شاهدان بطلقة وشاهدان بطلقتين لزمته اثنتان، قال مالك: وإن شهد واحد بالبتة وآخر بواحدة لزمته واحدة وحلف علي البتة، وقال الماجشون: وإن شهد واحد باثنتين وآخر بالبتة لزمته اثنتان وقال البتة في ذلك مجري الثلاث، وكذلك جميع ألفاظ الطلاق التي يلزمه بها البتة، قيل له فإن لم يبن بها فشهد واحد ببائه والآخر بالبتة قال تطلق عليه، ثم إن أراد أن يتزوجها حلف علي شاهد البتة.
قال ابن حبيب قال مطرف: لا تلفق الواحدة إلي البتة لأن البتة لا تتبعض.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإن أربعة [ بألف درهم، قال اثنان بيض وقال اثنان سود، أو شهد اثنان منهم] بخمسمائة فقط، وقالوا كلهم هي شهادة واحدة فليس بتكاذب، وهذا من الحكم بالزائد فيقضي بالألف بأتم الشهادتين بغير يمين.[ قال محمد بن عبد الحكم: وإن شهد عليه شاهدان أنه أقر له بمائة درهم صحاحا وشاهدان أنه أقر له بمائة درهم / قطعا، والطالب يدعيها، فإن لم [يصفها ذلك بصفة](2)فيها تكاذبهما قضي له بالمائتين، ويحتاط في ذلك فيحلف المدعي أن له عليه المائتين فإن نكل حلف الآخر وغرم أي المائتين شاء بعد يمينه علي الاخر، [ فإن نكل كان للمدعي المائتان جميعا](3).
ولو شهدا أنه أقر عندهما بمائة مبهمة وشاهدين بمائة قطع أو صحاح فليحلف المشهود عليه ما له عليه إلا مائة درهم إن شاء قال قطعا أو صحاحا وتدخل المبهمة في الموصوفة، وإن قال شاهدان بمائة درهم صحاح وشاهدان بمائة
[9/84]
***
__________
(1) زيادة من ص.
(2) ما بين معقوفتين كتب في ص، في غير هذا المكان.
(3) ما بين معقوفتين كتب مبهما في الأصل، فأثبتناه من ص.(1/80)
[9/85]
درهم قطع، وآخران مائة مبهمة، وليس في الشهادة ما يدل علي التكاذب فإنه يغرم مائتين، مائة صحاحا ومائة قطعا، وتدخل المائة المبهمة فيهما، فإن ادعي الطالب أن له عليه ثلاثمائة حلف المدعي [ عليه ما له غير المائتين المبهمتين وبرئ من الثالثة فإن نكل حلف المدعي](1)علي المائة المبهمة [ووصفها بما شاء وأنها](2)غير المائتين التي قامت فيهما البينة ويأخذ منه ثلاثمائة درهم وإن شهد [شاهدان](3)أنه أسلمه مائة درهم صحاحا وشهد آخر أنه سلفه مائة درهم قطعا وقالا كانت شهادتهم [واحدة في مقام واحد فاختلفتا فيه](4)قال فيسأل المدعي فإن قال هما لي جميعا لم يقبل منه، ويقال له إن شئت أن تأخذ القطع بلا يمين بعد أن يحلف المدعي عليه علي الصحاح، وإن قال لي القطع قيل له فقد أكذبت شاهدك بالصحاح، فإن كان أعدلهما فلا شئ لك لأنه قد كذب بعضهما بعضا، وإن كان شاهد القطع أعدل فله أن يحلف معه ويستحق، فإن نكل حلف الآخر وبرئ وفي كتاب الإقرار معني من هذا. /
في اختلاف أهل النظر
في الجنس أو الصفة أو الجودة
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: إذا اختلف أهل النظر في جودة الدنانير ورداءتها فلا يؤخذ إلا اجتمعوا عليه. محمد ولو قبلها علي أنها جياد ثم جاء ليردها فاختلف عليهم فلا يردها حتي يجتمعوا أنها رديئة. قال مالك: ومن ابتاع ثوبا نسبه البائع إلي جنس فقال بعض أهل البصر هو من ذلك الجنس [وقال بعضهم ليس منه، فإن شهد عدلان أنه من ذلك الجنس](5)لزم المبتاع لأن البينة
[9/85]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين من الأصل، أثبتناه من ص.
(2) ما بين معقوفتين كان مطموسا في الأصل، فأثبتناه من ص.
(3) ساقطة من الأصل، أثبتانها من ص.
(4) ما بين معقوفتين غير واضح في الأصل. أثبتناه من ص .
(5) ما بين معقوفتين ساقط من ص، وبابه مرتب ترتيبا يخالف الأصل.(1/81)
[9/86]
علي البائع إلا أن يأتي المبتاع ببينة هي أقوي [ وأثبت في المعرفة والنظر قال محمد: لا نعرف هذا لمالك ولا لابن القاسم](1)، وهذه شهادة تكاذيب، والبيع ثابت إلا أن يأتي المبتاع بأعدل من شهوده، وفي كتاب الإقرار معني من هذا.
في الرجل يقر للرجل عند طوائف بمال
ثم يقول هو مال واحد
وكيف إن كان مثل هذا في قبض مال أو براءة
والطالب يقوم بدين والمطلوب ببراءة ولا تاريخ في ذلك
وكيف إن تكرر ذلك في طلاق
من المجموعة قال ابن القاسم فيمن أشهد علي نفسه أقواما أن لفلان عليه مائة دينار، ثم أشهد بذلك آخرين، ثم آخرين في غد وبعد الغد أنه يلزمه ثلاثمائة دينار إن طلب ذلك رب الحق.
وقال غيره: إن كان بكتاب واحد فهو حق واحد، وإن كان كل شهادة بكتاب فهي حقوق، وإن لم يكن في شئ من ذلك كتاب فهي مائة واحدة إذا حلف المطلوب وتقارب ما بين / الشهادات.
وقال ابن سحنون عن أبيه: واضطرب مالك في هذا، وآخر قوله وبه أقول أن المقر يحلف ما كان ذلك منه إلا إقرارا واحدا وتلزمه مائة واحدة. وسئل عمن أقر عند قاض أنه قبض من رجل مائة دينار من دين له عليه، ثم سأله القاضي بعد أن كتب إقراره، فقال دفع إلي رسوله مائة دينار فشهد عليه بذلك قوم فقال هي المائة التي أقررت بها أولا، وادعي الخصم أنهما مائتان وذلك في مجلس واحد وبين الكلامين سكوت، قال يحلف المقر ما كان ذلك منه إلا إقرارا واحدا ثم لا تلزمه إلا مائة واحدة، وهو آخر قولي مالك، قال ابن حبيب فيمن أقر لرجل مرة بخمسين ومرة بمائة شهد عليه بكل مقالة شاهد، وقال الطالب هما حقان، وقال المطلوب يحلف مع كل شاهد، وكذلك لو كان علي كل إقرار شاهدان لأخذ ذلك
[9/86]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص، وبابه مخالف لترتيب الأصل.(1/82)
[9/87]
بلا يمين، إلا أن يقول المطلوب إن ذلك حق واحد فيحلف الطالب منك هو إقرار واحد ويأخذ وسواء كانت الشهادة علي دنانير كلها أو علي دراهم كلها، اتفق العدد أو اختلف، أو علي صنفين من دنانير ودراهم، أو دنانير وعروض، كان علي إقرار أو علي معاملة، كان يعرف بينهما مخالطة ومبايعة أو لم يعرف، وكذلك إن قال عند ثلاث فرق أسلفني فلان مائة دينار في أيام مختلفة، فإن زعم الطالب أنها ثلاثمائة حلف وكان ذلك له قاله مطرف وابن الماجشون وابن القاسم، وقال أصبغ: / إذا ترادفت الشهادات بإقراره والعدد واحد وقال هو حق واحد فليحلف ويقبل قوله، وإن اختلف العدد فكان الأقل المتقدم في التاريخ قبل قول المقر مع يمينه أن القليل دخل في الكثير، وإن كان الأكثر متقدما في التاريخ فهما مالان إلا أن يقول في كل شهادة أسلفني فلان كذا، أو شهد كل قوم علي معاينة السلف أو البيع فلا يقبل قوله إنه حق واحد، قال ابن حبيب والأول القياس وهذا استحسال.
ومن كتاب ابن المواز، وقاله القاسم في العتبية(1)من رواية أبي زيد فيمن قام له شاهدان بمائة وأقام المطلوب شاهدين بإقرار الطالب أنه لا شئ له قبله، قال في العتبية أو قال شاهدا البراءة كان ذلك منذ شهر. قال ابن القاسم: بينة البراءة أولي، قال ابن المواز بينة الدين أولي حتي تثبت البراءة منه لأنه قد كان بريئا قبل تداينه فالطالب يقول أبرأني قبل المداينة، ولو قالا أقر أنه لم يبق له عليه حق، أو لا شئ لي عليه مما كان لي، أو مما كان بيني وبينه، أو ما يدل أن إقراره براءة استيفاء لسقطت بذلك دعواه، فأما إن شهدا ما له عليه حق ولم يشهدا علي العلم فبينة الدين أثبت إلا أن يشهدا أنه أبرأه من حق كما ذكرنا.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: ومن له علي رجل كتاب بخمسمائة فقام عليه هذا المطلوب ببراءة من ألف وقال الخمسمائة داخلة فيها، وقال الطالب الخمسمائة غير الألف، فالقول قول الطالب. وقال أصبغ عن ابن القاسم: / إن القول قول المطلوب، يريد مع يمينه، وقاله أصبغ، والأول أحب إلي.
[9/87]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 527.(1/83)
[9/88]
وقال ابن نافع فيه وفي العتبية(1)في البراءة والإقرار: إن كانت بينهما مخالطة وكثرة مبايعة ومسالفة فالبائع مصدق، يريد مع يمينه، والبينة علي المطلوب أن الخمسمائة دخلت في البراءة من الألف، وإن لم يكن بينهما مخالطة وكثرة مبايعة ومسالفة فالقول قول المطلوب وذكر أصبغ ويحي بن يحي عن ابن القاسم نحو ما ذكر عنه ابن حبيب، وذكره عن ابن القاسم وابن وهب، وفي السؤال أنه ادعي عليه مائة دينار فأتي ببراءة من عشرين ومائة ويذكر أن المائة قد دخلت في ذلك أنه يحلف علي ذلك والقول قوله.
وقال ابن القاسم: بلغني عن بعض أهل العلم فيمن ادعي علي رجل بألف دينار وأتي فيها بذكر حق، فأتي المدعي عليه ببراءة من ألفي دينار أنه يحلف ويبرأ.
ومن العتبية روي أصبغ عن ابن القاسم فيمن أتي بذكر حق له علي رجل بألف دينار وأتي عليه ببراءة من ألف دينار وأتي المطلوب عليه ببراءة من ألف دينار وببراءة إذا اجتمعت فيها ألف دينار أو أكثر، فادعي المطلوب أن الألف دخلت في هذه البراءة أو البراءات، وأنكر الطالب ولا تاريخ في ذلك، فالقول قول المطلوب، قال سحنون في كتاب ابنه مع يمينه في قيامه ببراءة ثم ضعف اليمين بعد ذلك.
ومن العتبية(2)روي عيسي عن ابن القاسم فيمن عليه مائة دينار دينا وادعي قضاءها فأقام شهيدين أن الطالب أقر أنه قبض منه خمسين وأقام شهيدين / آخرين أنه أوصل إليه خمسين، وقال الطالب هي خمسون واحدة، ولكنه فرق المجالس في الشهادة علي، قالا لا يقضي له خمسين، يريد مع يمين الطالب، قال إلا أن يكتب عليه براءتين ويستدل بهذا أنهما مالان ويبرأ، قال عنه ابنه إذا جاء عليه ببراءات مفترقة فإن كان ليس في واحدة منهن مفردة وفاء من الألف فلا براءة له مما ثبت عليه، وإن كان في واحدة منها جميع الألف وصار بقية البراءات زيادة فليحلف ويبرأ، ثم قال بعد ذلك يبرأ وإن كان ليس في كل واحدة إذا .
[9/88]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 528.
(2) البيان والتحصيل، 10 : 421 .(1/84)
[9/89]
انفردت كفافا لذكر الحق لأنه يقضيه شيئا بعد شئ يكتب له براءة بعد براءة بما انتهي.
ومن العتبية(1)من سماع ابن القاسم قال مالك فيمن قام بصك بعشرة دنانير علي رجل فأقام المطلوب بينة أنه [ قضاه إياه منذ تسع سنين فأقام الطالب بينة أنه](2)أقر له به منذ سنتين، قال يقضي ببينة الاقرار الحديث.
وذكر ابن حبيب عن ابن القاسم فيمن له قبل رجل اثنا عشر دينار واقر الطالب أنه قبض منه خمسة ثم ثلاثة ثم دينارا أو أقر أنه قد قبض التسعة جملة، وجاء المطلوب ببينة أنه قضاه ثلاثة فقال الطالب هي من التسعة، وقال المطلوب بل هي الثلاثة الباقية، أو له عليه ستة، فأقر الطالب بقبض ثلاثة، وأقام المطلوب بينة بقضاء ثلاثة، فقال الطالب هي الثلاثة التي أقررت بها، فالمطلوب مصدق مع يمينه ويبرأ من جميع الدين، وقاله أصبغ، وقال مطرف وابن الماجشون، القول قول الطالب مع يمينه وبه أقول.
قال في المجموعة / عن ابن القاسم ومن العتبية(3)من رواية عيسي عن ابن القاسم: وإذا شهد عليه رجلان أنه أشهدهما بطلاق امرأته في رمضان واحدة، وآخران بمثل ذلك في شوال، وآخران بمثل ذلك في ذي القعدة، أنها ثلاث ولا يدين، وكذلك في اختلاف الأيام والمجالس، وكذلم إن كان ذلك في يمين واحدة في شئ واحد فهي ثلاث ولا يدين، وقال غيره قال ابن المواز: إن قال اشهدوا أني قد طلقتنها فهو يدين، وإن قال عند كل شاهدين اشهدوا أنها طالق لم يدين.
وقال ابن وهب عن ملك فيمن شهد عليه رجلان، كل رجل بطلقة قال أردت واحدة أنه يحلف ويدين.
[9/89]
***
__________
(1) اليبان والتحصيل، 10 : 564.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من ص.
(3) البيان والتحصيل، 10 : 24 .(1/85)
[9/90]
ومن العتبية(1)من كتاب الوديعة من سماع ابن القاسم ومن عنده لرجل وديعة ثلاثة وعشرون دينارا، فأخذ منه شيئا بعد شئ حتي بقيت ثمانية عشر، فذكر أنه تسلفها وكتب عليه بها صكاً مؤرخاً ببينة ثم طلبه بها مدة فأخرج عليه براءة من أربعة دنانير بغير تاريخ، وزعم أنها من الثانية عشر، وقال الطالب: بل هي من الثلاثة وعشرين الأصل، قال إذا لم تكن البراءة مؤرخة، والصك الثمانية عشر مؤرخ، وهو مقر بالأصل أو ثبت ببينة فليحلف الطالب ما هذه البراءة من الثمانية عشر وقضي له بها عليه.
قال ابن سحنون: كتب شجرة إلي سحنون فيمن أقام بينة علي رجل أنه له قبله مائة دينار وخمسين دينارا وعدلت فسأله القاضي هل قبضت منها شيئا؟ قال قبضت من غريمي / هذا مائة دينار، فكتب إقراره بذلك ثم سأله بعد ذلك في المجلس بعد سكوت وكلام كثير ما الذي قبضت من هذا الدين؟ قال قبضت من رسول خصمي هذا مائة دينار، ثم ادعي الطالب انها مائة واحدة وأنها المائة الأولي التي كتبها القاضي ولم يكتب القاضي إقراره الثاني وقد شهدت به بينة، وزعم المطلوب أنهما مائتان مائة بدفعي ومائة بدفع رسولي، فكتب إليه: كان مالك يضطرب في هذا الأصل، والذي أخذ به وهو أكثر قول مالك أن يحلف المقر ما كان ذلك منه إلا إقرارا واحدا، لأنه قد جاز في كلام الناس أن يقول قبضت منك وقبضت مني، وإنما جري ذلك بإرسال ولم يل الاعطاء بيده، ألا تري أن أصحابنا جعلوا إقرار الرجل بمائة دينار في مجالس شتي مائة واحدة، وجعلوا بخلاف براءات الحقوق إن كان كتب ثلاثة فهي كلها لازمة، وهذا الباب قد جري في الاقرارات مستوعب بمثل معناه.
[9/90]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 15 : 293.(1/86)
[9/91]
في الشاهدين يشهدان علي رجل بمال
أو تمليك ربع أو عتق أو طلاق
ويختلفان في اللفظ والمعني
من المجموعة والعتبية(1)ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم في الرجلين يشهدان لرجل بمسكن، يقول أحدهما مسكنة، ويقول الآخر حيزة قال هي شهادة واحدة، وكذلك كل ما اتفق معناه واختلف لفظه.
قال ابن القاسم في العتبية(2)من رواية سحنون عن ابن القاسم في يتيم صغير يشهد له / شاهد أن أباه نحله هذا العبد وحازه له، وشهد آخر أنه تصدق به عليه، قال ليست شهادة واحدة لأن النحلة تعتصر والصدقة لا تعتصر، وهذا كشاهدين شهد أحدهما أن فلانا أسلفه فلان مائة دينار، وقال الآخر هي له عليه من بيع فليست شهادة واحدة، وليحلف مع أحدهما ويستحق مائة.
وروي عنه محمد بن خال في المسألة الأولي قال في سؤاله كان ذلك في صحته، فقال إن باع الغلام حلف مع شاهده علي الصدقة واستحقه، وإن لم يبلغ وخيف علي الغلام بيع وأوقف ثمنه حتي يبلغ، فإن حلف استحقه وإن نكل كان ميراثا.
قال سحنون في كتاب ابنه: ولست أري ذلك وأري الشهادة واحدة وله العبد إلا أن يقيم الورثة بينة أنه اعتصره بعد النحلة فيكون للابن أن يحلف مع شاهد الصدقة ويستحق.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: وإذا شهد شاهدان علي ميت، قال أحدهما إن هذا عبده أعتقه، وقال الآخر إنه عبده كاتبه، فقد اجتمعا علي الرق واختلفا فيما سواه، فيثبت الرق ويبطل ما أختلفا فيه.
[9/91]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 9 : 437 .
(2) البيان والتحصيل، 10 : 112 .(1/87)
[9/92]
قال ابن الماجشون فيه وفي كتاب ابن المواز: شهد أحدهما أنه أوصي بعتقه وشهد آخر أنه دبره فليعتق في ثلثه ولا يستحق تبرية المدبر علي الموصي له بالعتق بعد موته، وإن شهدا في حياته قال ابن المواز في مرضه أو صحته، قال فليحلف أنه ما دبره ويسقط تدبيره لأن له أن يرجع / في الوصية لو أقر بها، وكذلك في كتاب اسن سحنون.
ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون فيمن مات وترك عبدا فشهد شاهد أنه أعتقه وشهد آخر أنه ابنه فلا أري شهادتها واحدة لأن واحدا شهد بحرية الأصل وآخر بعتق بعد ملك.
ومن كتاب ابن المواز: شهدا علي صحيح قال أحدهما بتله وآخر أنه دبره فذلك باطل إن أنكر، فإن قالا كانت شهادة واحدة ولفظا واحدا فلا يمين عليه، وإن كانت شهادة كل واحد علي حدة حلف مع كل واحد، فإن أبي سجن حتي يحلف، وشهادتهما مختلفة، ولو شهد واحد أنه بتله في صحته وآخر أنه بتله في مرضه إذ أوصي بعتقه، فأما بالوصية فلا يجوز، وأنا إن شهد بالبتل في المرض عتق في الثلث، محمد وأحب إلينا ألا يجوز لأن هذا صرفه إلي الثلث وهذا إلي رأس المال ويحتج أصل الوصايا فيقولون يؤخذ الثلث لذا بشهادة واحدة.
قال محمد واستحسن إن لم يكن للميت وصية أن تجوز الشهادة بعتق المرض وبالوصية به حمله الثلث مع شهادة عتق الصحة، لأن عتقه قد أوجباه فواحد أكثر فيه وهو البتل فيؤخذ بالأقل، فأما إن كانت معه وصية فلا لتبديله(1)العتق.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن شهد له شاهد أن فلانا أوصي له بخدمة غلامه فلانا سنة ثم هو حر، وشهد آخر أنه أوصي له بخدمة سنتين ثم هو حر فالمشهود له مخير إن شاء حلف مع شاهد / السنتين واختدمه إلي انقضائهما ثم يعتق، وإن نكل اختدمه سنة ويعتق بعد سنتين، وخدمته في السنة الثانية للورثة، كشاهد بمائة وآخر بمائتين فإن حلف أخذ مائتين وإن نكل أخذ مائة.
[9/92]
***
__________
(1) في الأصل، فليبتد العتق.(1/88)
[9/93]
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز والعتبية(1)من سماع أصبغ قال ابن القاسم: وإذا شهد شاهد أنه حلف بطلاق زوجته إن فعل كذا، وشهد آخر أنه قال إحدى امرأتي إن فعل، وشهد فلا يتم الشهادة لاختلافهما.
قال أصبغ في العتبية(2)وكتاب محمد لا يعجبني هذا، وهي شهادة واحدة لأن قوله امرأتي أو إحدي امرأتي سواء، ويرجع إلي أنه نوي واحدة وإلا طلقتا عليه، فإن أقر بها وادعي النية صدق، وإن أنكرها كان كمن لا نية له وطلقتا عليه.
قال محمد: إن لم يشهد أحدهما علي امرأة بعينها فالشهادة واحدة، وإن شهد واحد علي معينة فكأنه لم يشهد عليها غيره ولا نطلق، وهو أقرب إلي قول ابن القاسم، وقاله عبد الملك.
ومن العتبية(3)من سماع عيسي وأصبغ عن ابن القاسم، وهو كتاب ابن المواز لأشهب: وإن شهد واحد قال عيسي عن ابن القاسم بواحدة، وقال أصبغ بالبتة، وقال أشهب بالبتة أو بالواحدة، قالا وشهد آخر أنه صالحها وهو منكر فليحلف ولا شئ عليه، قال محمد لأن الصلح طلاق علي فعل شهد عليه واحد، قال أشهب: ولو شهد واحد أنه / صالحها، وشهد آخر أنه أقر بالصلح فهي شهادة واحدة ويقضي عليه بالصلح.
ولو شهد واحد أنه قال أنت علي حرام، وآخر بالثلاث لزمته الثلاثة.
قال عيسي في العتبية عن ابن القاسم: وإن شهد واحد أنه حلف بالطلاق إن دخل دار فلان وأنه دخلها، وشهد آخر أنه حلف بذلك إن ركب دابة فلان وأنه ركبها حلف علي شهادة كل واحد وسقطت الشهادتان.
ومن سماع ابن القاسم، قال مالك: وإن شهد عليه واحد بيمينه بالطلاق إن فرق بيني وبينك إلا ابن أبي سلمة، وشهد الآخر أنه حلف إن استاذيت
[9/93]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 221 .
(2) البيان والتحصيل، 10 : 220 .
(3) البيان والتحصيل، 10 : 224 .(1/89)
[9/94]
عليك إلا ابن أبي سلمة، وقال الحالف إنما قلت إن فارقني إلا بحقي، فليحلف أن ما قالا ليس بحق .
قال ابن القاسم في المجموعة: وإن شهد أحدهما أنه قتل فلانا بالسيف، وشهد الآخر أنه قتله بالحجر بطلت الشهادتان لاختلافهما، قال سحنون: هذا إن ادعي شهادتهما، وإن ادعي شهادة أحدهما أقسم معه وطرح شهادة الآخر.
ومنه ومن العتبية(1)من رواية أبي زيد، قال ابن القاسم: ولو شهد علي امرأة بالزني اثنان بالطواعية واثنان بالاكراه فالشهادة باطلة ويحدون.
قال المغيرة في المجموعة فيمن شهد له شاهد أن فلانا أوصي إليه وآخران أنه أوصي إليه وإلي فلان يثبت له بذلك شئ، وإن شهد واحد أنه أوصي إليه وإلي رجل لا يعرفه، وشهد آخر أنه أوصي إليه وإلي رجل / آخر لم يجز أيضا، وإن أتي كل واحد من الرجلين [بشاهدين](2)أن فلانا أوصي له فالوصية بينهما.
ومن كتاب المدبر لابن سحنون قال: وإذا شهد عليه شاهدان وهو يجحد أنه قال فلان حر أو قال فلان مدبر إن دخل دار فلان وشهد أحدهما أو غيرهما أنه دخلها لزمه الحنث ولو لم يشهد بالدخول غير واحد لم يلزمه إلا اليمين علي تكذيب الشاهد بالدخول، ولو شهد باليمين واحد وشهد بالفعل اثنان وأقر به، وأنكر اليمين فهذا أيضا يحلف أنه ما حلف، ولو شهد واحد باليمين وواحد بالفعل لم يحلف لأن هذا لا يوجب عليه الحنث من البينة لأن هذا شاهد مع شاهد اليمين وآخر مع شاهد الفعل فلا تنوب اليمين عن شاهدين، ولو كان يأخذ الأمرين بشاهدين لم يبق مما يلزمه به الأمر إلا شاهد فتصير يمينه هاهنا لازمة.
ومن الأقضية لابن سحنون ما كتب به سحنون إلي شجرة فيمن قام له شاهد أنه بعث عبدا يعرفونه مع أبي الأشعت بن فلان المتوفي، ثم رآه من باعه في تركه أبي الأشعت، وشهد آخر علي إقرار أبي الأشعت أن هذا العبد لهذا الطالب
[9/94]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 16 : 322 .
(2) ساقطة من الأصل، مثبته من ص.(1/90)
[9/95]
وعدلا فكتب إليه أن ثمنه في تركة أبي الأشعت فأعطه منها الثمن الذي بيع به، إلا أن يجد غلامه بعينه.
وكتب إليه فيمن أقام بينة في منزل بيد قوم أنهم يعرفونه لخلف بن فلان حتي هلك أو ترك ورثة يسمونهم وجدوا المنزل وجاء بآخرين فشهدوا بمثل ذلك إلا أنهم قالوا نعلم أن لمحمد أخيه في داخل هذه / الحدود حقا، فكتب إليه يسأل المدعي عن شهادة الآخرين، فإن كذبوهما وقالوا ظننا أنهم يشهدون بالحق فقد بطلت شهادتهم كانت المنزل بيد محمد أو بيد غيرهم، وإن قالوا هو عدول فقد أقروا لمحمد بما أقروا به إن كان في يديه، وإن كان في يد غيره لم يضمن ذلك المدعي عليه قال أبو محمد قوله فقد بطلت شهادتهم، يريد لتكذيبهم أيمانهم، ولكن شهادة البينة الأولي الذين لم يستثنوا لا يقضي له بها.
في شهادة الأنداد(1)
في الطلاق والحدود وغير ذلك
من المجموعة قال ابن وهب عن مالك: وإذا شهد عليه رجل انه طلق امرأته البتة بمكة وآخر أنه طلقها البتة بالمدينة لزمته البتة والعدة من يوم شهد الآخر لا من يوم فرق الامام بينهما، وقال عنه هو وابن القاسم وابن نافع: إن شهد شاهدان في طلاق أو عتق فاختلفت الأيام او البلدان والمواضع واتفقت الشهادة جازت، وإن اختلفت لم تجز، مثل أن يختلفا في يمينين علي فعلين مختلفين.
قال عنه ابن القاسم في العتبية(2): كذلك لو شهد عليه بفرية أو شرب خمر واختلفت الأوقات أو الأماكن لنمت الشهادة، وقاله ابن القاسم.
ومن المجموعة قال عبد الملك، وهو في كتاب ابن المواز لم يذكر عبد الملك: ولو شهد عليه رجلان أنه حلف بالطلاق إلا فعل كذا وشهد ثالث أنه فعله فإنه
[9/95]
***
__________
(1) في الأصل، الإبداد.
(2) البيان والتحصيل، 10 : 52 .(1/91)
[9/96]
يحلف ما فعله، ولو / كان الشاهد باليمين واحدا وآخر بالحنث لم تلزمه يمين لا علي يمين ولا علي حنث.
قال ابن الماجشون: ولو شهد اثنان بالفعل وأقر هو بذلك لأحلفته. قال ابن المواز: ولو شهد باليمين وبالحنث واحد لأحلفته.
قال أشهب في المجموعة: فإن شهد أحدهما أنه قال لرجل إن دخلت الدار فأنت زان ثم دخلتها، وشهد الآخر أنه قال له إن ركبت الدابة فأنت زان، وأنه ركبها، فالشهادتان مختلفتان(1)ولا شئ عليه.
قال ابن حبيب: قال ابن الماجشون فيمن شهد عليه أربعة بالزني واتفقوا في الرؤية والصفة واختلفوا في الأيام والمواطن فلا يضر ذلك لأنهم لو قالوا رأينا فرجه في فرجها وسكتوا عما ذكرت لمضت الشهادة، فاختلافهم في المواضغ والأوقات والأحوال لا يضر، وقال ابن القاسم عن مالك: إن ذلك يسقط الشهادة إذا اختلفوا في الأيام أو المواضع وأجاز ذلك في الخمر والقذف.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإن شهد واحد علي رجل أنه رآه يشرب الخمر أمس وشهد آخر أنه رآه بشربها اليوم أو اختلفا في البلدين لم تجز الشهادة لأنهما فعلان بخلاف الاقرار، ولو شهد واحد أنه أقر بشربها في وقت كذا وبلد كذا، وشهدا آخر بإقراره في يوم آخر أو بلد آخر فهو بخلاف الأول، وكذلك الطلاق وغيره، وكذلك علي أنه رآه سكرانا في شعبان وآخر أنه رآه سكرانا في رمضان فهو كالاقرار، وذهب عبد الملك في الذي يشهد / عليه واحد أنه شربها بالمدينة وآخر أنه شربها بمصر أنه يحد لأنه زعم مالا تكشف عليه البينة(2)كيف شرب وأيم شرب، والأول قول ابن القاسم وأشهب، وذكر ابن عبدوس عن القاسم وأشهب وابن الماجشون نحو ما ذكر عنهم ابن المواز، قال ابن المواز: ومسألة واحدة ذكرها ابن عبد الحكم عن مالك تشبه قول عبد الملك، إذا قالا رأيناه
[9/96]
***
__________
(1) في الأصل، فالشهادتان مختلفة.
(2) في الأصل، لأنه زعم مما لا تكشف عنه النية.(1/92)
[9/97]
يشرب الخمر في وقت كذا لوقت واحد، فقال أحدهما في قدح من قوارير وقال الآخر في قدح من عيدان أنه يحد، وروي ابن وهب عن مالك مسأله الرؤية رآه هذا سكرانا من خمر بالأمس ورآه هذا كذلك اليوم أنه يحد.
قال ابن القاسم: ولو شهد واحد أنه شرب خمرا، وشهد آخر أنه شرب نبيذا أنه يحد يريد ولم يختلفا في الأيام والمواضع.
وإن شهد واحد أنه حلف لا يشرب نبيذا فشربه فلا شئ عليه يريد لأن المسكر غير النبيذ.
قال ابن القاسم: وإن شهد واحد أنه قذفه في شعبان وآخر أنه قذفه في رمضان حد، وهذا من القول، وكذلك الاقرار في الخمر والحقوق، وقاله ابن وهب، قال ابن القاسم وأشهب في المجموعة وكتاب محمد: وإن شهد واحد أنه سرق كبشا وشهد آخر أنه سرق نعجة لم يجز لأنهما فعلان، قال أشهب إلا أنهما إن شهدا علي فعل واحد فهو تكاذب، وإن كان علي فعلين أو يومين لم يقطع أيضا، ولكن له أن يحلف مع أيهما شاء ويقضي له بشهادته أو يحلف معهما جميعا ويقضي له بالأمرين ما لم يكن علي فعل واحد ووقت واحد.
/ قال المغيرة عن مالك في المجموعة: تجوز شهادة الأنداد(1)في العتق والطلاق والفرية وشرب الخمر، وإن اختلفت الأماكن والبلدان، بخلاف السرقة والزني، حتي يتفقوا في المرأة بعينها وفي المكان، فإن اختلفوا في ذلك في الزني أو في السرقة بطلت الشهادة، وقاله المغيرة، قيل فما الفرق؟ قال لأن السرقة فيها علل منها مالا يجب فيه قطع، ومنها أن يكون مؤتمنا، ومنها أن يكون خادم القوم، ومنها من غير حرز، والخمر قد حرم قليلها وكثيرها علي أي وجه دخلت البطن فهي خمر علي اختلافها. قال ابن نافع عن مالك: وإن شهد واحد أنه حنث بيمين، وقال الآخر أشهدني علي مصالحته.
[9/97]
***
__________
(1) كذا قي ص، وكتبت في الأصل الإبداد بالباء لا بالنون.(1/93)
[9/98]
في المدعي يكذب ببينته، وفي المدعي عليه يجحد
فإذا ثبت عليه الحق طلب المخرج
من المجموعة قال عبد الملك فيمن ادعي في عرصة أو مزرعة عند قاض وكتب دعواه فكلف البينة فأتي بمن شهد له علي عرصة أو مزرعة غير التي ادعي قال يقضي له بشهادتهما إذا ادعاها لأنهما لو شهدا علي ما ادعاه وزادا معه سواه وطلب جميع ذلك كان ذلك له.
وقال أشهب فيمن ادعي قبل رجل وديعة فجحده إياها، وقد كان أخذها منه [ ببينة أو بغير بينة ثم ادعي ردها إليه فإنه ضامن لها ولا ينتفع ببينة](1)لأنه أكذبهم في الدفع بجحده إياها، وقد قال لي مالك فيمن ادعي قبل رجل / حقا فجحده إياه، فلما قامت عليه البينة أقام بينة بأنه دفعه إليه فلا يقبل ذلك منه بعد الجحد، ورواه عنه ابن نافع.
ومن كتاب ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: من ادعي عليه قراض أو وديعة أو بضاعة فجحدها ثم أقر بها وادعي تلفها، أو قامت عليه بها بينة فادعي ضياعها فلا يصدق، وكذلك من ادعي عليه دين فأنكر أن يكون كان عليه من ذلك شئ قط ثم أقر به أو قامت عليه بينة فأتي بالبراءة منه فلا تنفعه لأنه أنكره أولا، وذلك إذا قال ما كان لك علي هذا الدين أو لا أعرفه، فأما إن قال مالك علي منه شئ فإن البراءة تنفعه، وقاله أصبغ، وقاله ابن القاسم في الدين، وقاله أشهب في الدين والوديعة وغيرها.
ومن العتبية روي عيسي عن ابن القاسم فيمن دفع إلي رجل مائة دينار قراضا علي أن يخرج هو خمسين ويكون الربح بينهما نصفين ثم جحد أن يكون أخذ منه شيئا حبيسا، ثم قال بعد تلف مني، قال قال مالك فيمن بعث معه بمال ثم سئل عنه لما قدم فقال لم تبعثوا معي بشئ فلما قامت عليه البينة قال ضاع مني، قال مالك يحلف بالله لقد ضاع ثم يبرأ، وكذلك مسألتك.
[9/98]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.(1/94)
[9/99]
قال عيسي إذا جحد حتي قامت عليه بينة لم يصدق في الضياع، وكذلك بلغني عن مالك، وقال ابن القاسم [في العامل يجحد القراض ثم يزعم أنه رده، قال إن لم يأت بالبينة علي أنه قد رده ضمنه، / بخلاف لو ادعي الضياع، وقال مالك في كتاب من سماع ابن القاسم](1)ما أري عليه إلا يمينه بالله ويبرأ، وهذه المسائل قد كررنا ذكرها في كتاب القراض.
ومن المجموعة قال ابن كنانة فيمن ادعي عند رجل مالا فجحده، ثم أتي ببينة أنه رده إليه قال لا تنفعه البراءة إلا إن أتي بوجه له به عذر.
قال ومن ادعي علي رجل أرضا في يديه قد حازها عشرين سنة فأنكر الذي هي في يديه أن يعرف أنها له، فأثبت المدعي بينة أنها له فجاء هذا ببينة أنه ابتاعها منه أو من أبيه فإن ذلك يقبل منه لأنه يقول رجوت أن حيازتي تكفيني، وليس هذا كالدين.
وقال أشهب في الموصي له بوصية يقتل الموصي عمدا فتقوم بذلك بينة فيصدقهم بعض الورثة ويكذبهم البعض، قال فما صار للذين كذبوهم من وصيته فهو له وما صار للذين صدقوهم فهو لهم، كذلك الوارث تقوم عليه بينة أنه قتل موروثه فصدقهم بعض الورثة وكذبهم البعض علي هذا المعني.
وكذلك لو أقر الميت لبعض ورثته بدين فكذبه بعضهم وصدقه بعضهم.
ومن كتاب ابن سحنون فيمن أبضع معه رأسين فجحد أن يكون أبضع معه إلا رأسا، وقال الآخر بعثت به مع غيري ووكلني بقبضه إذا وصل إلي بلد الاسلام، وزعم أنه لم يصيل إلي بلد الإسلام وأنه مات مع البضع معه قبل يقبضه فأقام المدعي شاهدين أنه إنما أبضع / بالرأسين معه قال يضمن الرأس الذي لم يقر به لأنه جحد وقد كان في حد الأمانة فأزالها بالجحود.
[9/99]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين من ص.(1/95)
[9/100]
[ومن كتاب التفليس من العتبية(1)قال عيسي بن دينار فيمن ادعي قتل رجل حقا فأنكر الخلطة، ثم إن المدعي عليه ادعي مثل ذلك قبل المدعي بحق وأتي ببينة أتنفعه بينته وقد أنكر الخلطة؟ قال لا تنفعه إلا أن تكون خلطة بعد ذلك](2).
ومن كتاب ابن سحنون وسأله شجرة عمن ادعي دارا بيد امرأة أبيه أنها لأبيه تركها ميراثا بين ورثته وسماهم، ثم جاء ببينة أخري أن أباه أشهد له في صحته بنصفها أصيره إليه في حق له قبله من قبل ميراثه من أمه، وذلك عند مخرجه إلي الحج، ثم رجع فسكنها حتي مات فقال له الحاكم قد ادعيتها أولا ميراثا والآن لنفسك، فقال لم أعلم بهذه البينة الأخيرة، فقال قال سحنون لايقبل منه، يريد لأنه كذب بينته الأخيرة بدعواه الأولي.
وقال في كتاب الإقرار: ومن ادعي علي رجل ألف درهم فأقام عليه البينة بألفي درهم فإن قال لم يكن لي عليه قط إلا ألف بطلت ببينته، وكذلك إن سألته عند ذلك فلم يجب، وإن قال كنت أبرأته من ألف أو جاء لي بها قبلت بينته، قال ابن المواز في المشتري العبد يقول لبائعه اشتريته منك بخمسين دينارا، فأنكر البائع أن يكون باعه منه بعد أن شهد عليه عدلان بإقراره بالبيع فإن البيع بلزمه ولا ينفعه إنكاره ولا يؤدي المشتري م إلا الثمن الذي أقر، ولو قامت للبائع بثمن أكثر مما أقربه المشتري لم ينفعه لأنه أكذبه ببينته أن قال ما بعت منه شيئا، وإن ادعي المشتري مالا يشبه فلا يصدق إذا قال ما يعرف أنه فيه كاذب ويرد البيع ورد العبد إلا أن يفوت عند البائع فليزمه قيمته.
من العتبية(3)من كتاب الدعوي روي عيسي عن ابن القاسم فيمن قام علي رجل بدين من سلف أو من بيع سلعة فينكره فيقول ما أسلفني أو ما بعت مني شيئا، فإذا ثبت عليه الدين أتي ببينة أنه فضاه، قال لا تنفعه لأنه أكذبها بإنكاره، وأما لو كان قال مالك عندي شئ لقبلت منه البينة بالبراءة، وروي عنه سحنون
[9/100]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 422 .
(2) ما بين معقوفتين كتب في ص في غير هذا المكان.
(3) البيان والتحصيل، 14 : 175 .(1/96)
[9/101]
نحوه إلا أنه قال إذا قال مالك علي دين من بيع ولا من سلف لم ينفعه بينته بالبراءة إلا أن يكون قال مالك عندي شئ وإنما يريد ابن القاسم مالك عندي من بيع ولا سلف علي أنه ما كان لك علي دين من بيع ولا سلف، وأما لو قال مالك علي شئ من سلف ولا بيع فلم ينف بهذا المبايعة، والله أعلم.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب في الوصي يقر ليتيمه بخمسة وعشرين دينارا فقيل له وقد كانت له خادم بعتها، فقال ما كانت له خادم ولا بعتها، ثم جاء ببراءة من أربعين دينارا فقيل له في ذلك، فقال دخل فيها ثمن الخادم إنه يقبل منه، وقال ابن المواز لا يقبل منه في الخادم لأنه كذب نفسه.
فيمن عليه مائة دينار ومائة بحمالة
فدفع مائة وقال هي أحدهمت أو سكت
أو قبض دينا / عن غريمه
فقال الدافع عن غريمك الآخر دفعته
وقال القابض بل عنك
من كتاب ابن سحنون ومن العتبية(1)قال سحنون فيمن عليه مائة درهم قرض بصك ومائة كفالة عن رجل بصك ومائة حمالة عن آخر بصك فدفع المطلوب مائة وقال من حق فلان دفعتها وقال الطالب ما قبضتها إلا مبهمة، قال يكون لكل صك منها الثلث إن كانت كلها حالة، وإن كان منها الحال والمؤجل كانت المائة من الحال ولا يقبل قول المطلوب قضيتك حق فلان، ولو أنه لما جاء بها قال أقضيك حق فلان كان القول قول الطالب لأنه مال يقضي القاضي عن أيه شاء إلا أن يكون المطلوب بحق ما فيكون المال بينهم جميعا.
وكذلك لو مات الطالب قبل أن يبين من أي وجه اقتضي فهي علي الصكوك كلها إن كانت حالة، وإن ادعي القاضي غير ذلك، وكذلك لو ماتا جميعا، قال سحنون وهذا أصحابنا وقد قيل لبعضهم فيمن له كتاب سلف
[9/101]
***
__________
(1) البيا والتحصيل، 10 : 565.(1/97)
[9/102]
مائة دينار، ومائة برهن ومائة بحمالة رجل بعينه فقضاه مائة ثم اختلفا من أيها قضاه فالقول قول الذي له الحق مع يمينه، ولو قال قضيتك من حق كذا، وقال القابض منها كلها حلف القابض وصدق، وكذلك لو مات المطلوب أو مات الطالب لم ينظر إلي قول المطلوب، ولو كان منها الحال والمؤجل فالقول قول من ادعي أنها من الحال مع يمينه، قال ابن حبيب قال مطرف: ومن كان له علي رجل وعلي ولده دين فدفع الأب إلي / ابنه ما عليه ليدفعه عنه قبضه وقضاه للغريم ثم اختلفا، فقال القابض للابن عنك قبضته وقال للابن بل عن أبي فالقابض مصدق، يريد مع يمينه، ولو أقام الأب بينة أنه دفع ذلك للابن وأمره أن يدفع ذلك عنه لم ينفعه حتي يقولوا إن الابن قال حين دفعه هذا عن أبي وقاله ابن الماجشون وأصبغ.
فيمن قام بصك فيه بيع وسلف
فاختلفا متي كان السلف بعد البيع أو معه
روي عيسي عن ابن القاسم في العتبية(1)فيمن قام بذكر حق فيه شراء وسلف، وقال إنما بعته متاعا بالمال ثم أسلفته إياه بعد البيع، وقال الآخر بل هو بيع وسلف فالطالب مصدق مع يمينه إذا لم تقم بينة للمطلوب، فإن نكل حلف المطلوب وفسخ البيع، وقاله سحنون.
فيمن قام بصك ممحو فيه بينة
وقال المطلوب قضيته ومحاه عني
ومن قضي دينا عليه بصك
هل له أخذ الصك؟
من العتبية(2)روي عيسي عن ابن القاسم فيمن قام بذكر حق علي رجل وأقام فيه البينة وقال المطلوب قد قضيته ومحاه عني، قال يلزمه الحق ويحلف أنه ما
[9/102]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 455.
(2) البيان والتحصيل، 10 : 455.(1/98)
[9/103]
محاه ولا قضاه، ولو قال الطالب أنا محوته وظننت أنه قضاني، قال يحلف المطلوب في هذا لقد قضاه ويبرأ لأن هذا أقر أنه محاه / عنه، قال محمد بن عبد الحكم فيمن قضي دينا عليه بصك فأراد أخذ الصك فأبي عليه الطالب قال لا يجبر علي أخذه، ويجبر علي أن يكتب له براءة كتابا في الموضع الذي فيه الشهود عليه أو في غيره
فيمن طلب من رجل ثمن ثوب باعه منه
فقال بل أمرتني ببيعه
أو قال أمرتك ببيعه بنفد
وقال المأمور بالنسيئة
أو قال بعت منك هذه الأمة
وقال الآخر بل زوجتنيها
ومن العتبية روي عيسي عن ابن القاسم فيمن قال لرجل أعطني ثمن الثوب الذي بعتك فقال إنما أمرتني ببيعه، قال القول قول رب الثوب مع يمينه ويحلف لقد باعه منه، نظر إلي صفة الثوب، فإت اختلفا في صفته قيل للمبتاع صفة واحلف علي صفته [ ويقوم تلك الصفة أهل النظر ويغرمها وإن نكل المبتاع قيل لرب الثوب صفة واحلف علي صفتك](1)ويؤدي المشتري قيمة تلك الصفة، وإن أتيا بما يستنكر من الصفة ونكلا عن اليمين فالمبتاع مصدق، قال فإذا كانت قيمته أدني من الثمن الذي باعه به، يريد مدعي الوكالة فإنه يقال له اتق الله، فإن صدقت أنه أمرك ببيعه فادفع بقية الثمن إليه، ولا يقضي بذلك عليه، قال أبو محمد: يريد بقوله أول المسألة يحلف ربه أنه باعه / منه إنما يعني ينفي بذلك الوكالة [ لا علي أنه يصدق في البيع وثمنه، ويطلبه بذلك بل إنما حقيقة ذلك دفع الوكالة(2)] حتي يطلبه بالقيمة
[9/103]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.(1/99)
[9/104]
للتعدي، وإذا أمرتك أن تبيعه بنقد، وقال المأمور بل بالدين، فإن لم يفت الثوب بيد المبتاع حلف ربه وأخذه، فإن مات فالوكيل مصدق، يريد مع يمينه، قال كما لو اختلفا في الثمن في قتله وكثرته، فإذا لم يفت فلا يمين علي البائع(1)، ومسألة الذي يدعي أنه باع منه أمة وقال الآخر زوجتنيها أو قال ربها زوجتك وقال هذا اشتريتها مستوعبة في كتاب أمهات الأولاد.
فيمن اشتري لزوجته شيئا
ثم قال لم تعطني ثمنا فكذبته
أو أعمر في أرضها
فقالت هي إنما ذلك من مالي
وقال هو من ماله أو ورثته
من العتبية(2)روي عيسي عن ابن القاسم عن مالك فيمن اشتري دابة أو قال لزوجتي ابتعتها أو اكنرى لها دابة ونقد الثمن أو لم ينقد، وحازت المرأة الدابة ثم طلبها بالثمن فقالت دفعته إليك ولا بينة لها قال إت نقد الثمن فالمرأة مصدقة مع يمينه، وإن لم ينقد حلف هو أنه ما قبضه منها ولزمها دفعه إليه.
قال سحنون وعيسي: وإن أشهد الزوج عند دفعه الثمن إلي البائع أنه ينقده من ماله فالقول قوله مع يمينه، وله الرجوع بالثمن عليها، وروي عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب فيمن بني أو غرس في أرض زوجته / ثم مات فقالت أنا بنيت ذلك وغرست من مالي، وقال غيرها من ورثته هو أنفق ذي ذلك من ماله ولا بينة لها أو قامت بينة لورثة الزوج أنه عمر، فقالت إنما أنفق من مالي، وقال غيرها من ورثته هو أنفق في ذلك من ماله ولا بينة لها أو قامت بينة لورثة الزوج انه عمر، فقالت إنما أنفق من مالي، وقال ورثته بل عمر لنفسه بماله في أرضها، قال فإن كانت الأرض تعرف للمرأة ولا تدافع عنها بوجه ولم يقم للزوج بينة علي نفقة ولا علي ولاية بنيان ولا قيام عليه، فالقول
[9/104]
***
__________
(1) في الأصل، فالثمن علي البائع.
(2) البيان والتحصيل، 14 : 135.(1/100)
[9/105]
قول المرأة وتحلف ولا شئ لورثة الزوج ولا له لو كان حيا، وإن عرفت نفقة الزوج وبنيانه وقيامه فالمرأة مخيرة إن شاءت أعطته قيمة ذلك منقوضا وإلا طرحت، ذلك يريد فيؤمر بقلعه من تركة الزوج إن ترك تركة، وإن قالت المرأة إنما عمر بمالي لم تصدق إلا ببينة، وإلا غرمت ذلك لهم.
وقال أشهب: إن كان الزوج حيا فالقول قوله، وإن مات فالقول قولها غلا أن تقوم بينة أن الزوج كان يدعي في حياته تلك العمارة ولو مرة واحدة فيكون القول قول ورثته مع أيمانهم أنهم ما يعلمون تلك العمارة ولا شيئا منها للمرأة.
وروي عيسي عن ابن القاسم في الزواج بيني في أرض زوجته بنفسه ورقيقة أو يرم لها ما رث من بنيانها، ثم يطلب النقض هو أو ورثته فذلك له ولورثته بعده إذا ثبت أنه الباني لذلك والقائم به، وإن ادعت هي ان ذلك من مالها وأنها أعطته ذلك أحلف إن كان حيا إن لم تكن له بينة، وإن مات حلف ورثته إن كانوا ممن بلغ علم ذلك أو من بلغ منهم ثم استحقوا نقضهم يريد في يمين / الورثة علي علمهم، قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون في الرجل يبني في أرض زوجته ثم اختلفا فقال الزوج بنيت لها بنفقتي ولم تدفع إلي النفقة، وقالت المرأة دفعت ذلك إليه وبمالي بناه فالقول قول الزوج مع يمينه، وقال أصبغ مثله.
باب من مسائل المدعي والمدعي عليه
ومن أظهر إقرارا بشئ وباطنه بخلافه
ومن ادعي علي آخر شيئا فسكت ولم ينكر
من كتاب ابن سحنون قال بعض أصحابنا فيمن أحلته بألف دينار علي ألف دينار لك علي رجل فأخذها، وقال هي لي كانت لي قبلك، وقلت أنت بل هي لي، فأنت مصدق مع يمينك، وكذلك لو قلت له اكفل لي بالألف التي لي عليك أو اضمنها له فدفعها إليه فهي لك مع يمينك ويصير المحتال وكيلا، وقال عيره إن كان المحتال يشبه مثله أن يكون له ذلك قبل المحيل فهو مصدق مع يمينه، وإلا حلف الآمر ورجع عليه بها وصار كوكيله، وبهذا قال سحنون قال ابن
[9/105]
***(1/101)
[9/106]
القاسم في المدونة: ولو أمرته يدفع عنك لزيد ألف درهم ففعل ثم قلت كانت لي عليك دينا، وقال المأمور لم يكن لك علي شئ وإنما أسلفتك فالمأمور مصدق ويحلف.
قال سحنون: ومن كتب علي نفسه ذكر حق بقرض ثم أقام بينة أن أصله قراض فليؤخذ بإقراره بالقرض إلا أن يقيم البينة علي إقرار الطالب أن اصله قراض، ومن كتب علي نفسه إقرارا بمال من ثمن حرير ثم أقام بينة أنه من ربا وإنما أقر / أنه من ثمن حرير، قال يلزمه المال بإقراره أنه من ثمن حرير، إلا أن يقيم بينة علي إقرار الطالب أنه رباً فيقضي بذلك، قال ابن سحنون وابن أبي ليلي: يقبل منه البينة أن ذلك رباً ويرد إلي رأس ماله، وبالأول قال سحنون.
قال سحنون: ومن أقر بمال في ذكر حق من ثمن بيع ثم قال لم أقبض المبيع ولم يشهد علي نفسه بقبضه، قال لا ينظر إلي قوله والمال يلزمه وقال ابن أبي ليلي إن لم يقم البائع البينة بقبض المتاع للشئ المبيع فلا شئ له، وخالفه سحنون، وقد ذكرتها في كتاب أقضية البيوع الثاني، وقول ابن القاسم فيها وغيره مثل قول سحنون,
ومن قال لرجل اشتريت منك عبدين هذا أحدهما بمائة فوجدت به عيباً والآخر لم أقبضه، وهو هذا الذي بيدك، وقال الآخر بل بعتك هذا العبد الذي في يدي كما ذكرت مع عبد لا عيب فيه قبضته مني وهو هذا العبد الآخر، واتفقا علي الثمن ويشبه ما قالاه جميعا، قال يتحالفان ويتفاسخان. ومسألة من ادعي علي رجل دعوي فلم ينكر وسكت وما يكون السكوت فيه كالتسليم والإقرار قد كتبت فيه بابا وجعلته في كتاب الإقرار، وفيه أيضا من اشتري سلعة من رجل ثم ادعاها.
[9/106]
***(1/102)
[9/107]
في البينة يختلف فيما تشهد به للرجل
من شيئين مختلفين أو حال ومؤجل ونحو ذلك
وفيمن يدعي شيئا
من كتاب ابن سحنون: وإذا شهد شاهدان لرجل علي رجل فقال أحدهما تشهد أن له عليه بقلا، وقال الآخر بل حنطة / فإن زعما أنها شهادة واحدة بطلت شهادتهم إن زعم رب الحق أنهما حقان مختلفان قال وإن زعم أن أحدهما حي أحلفته مع شهادة المحق وأعطيته ما شهد له به، وإن كانوا ثلاثة فشهد اثنان منهم أن له عليه حقا وشهد الثالث أن له عليه عشرة أرادب حنطة، وزعموا أنها شهادة واحدة فإن ادعي ذلك الطالب بطلت شهادتهم أجمعون، وإن ادعي ما شهد به الرجلان أخذه بغير يمين وإن ادعي [ ما شهد به الواحد حلف(1)] معه وقضي له به إلا أن يقول المشهود عليه الحق بما شهد به الشاهدان فلا يلزمه غير ذلك ويبطل ما شهد به الشاهد الذي ادعي الطالب شهادته لأن الشاهدين كأنهما جرحا وقد صارا كشهادتين للمطلوب فإن لم يجبره تركناهما ومتي ما رجع الطالب فطلب أخذ ذلك، فذلك له ولا يمين له علي المطلوب فيما جحده لأن الشاهدين قد شهدا بإكذابه فكأنهما جرحاه وانقطعت الخلطة ولا يمين إلا بعد خلطة تثبت.
ومن شهد له شاهد أن فلانا الميت قال يخدم عبدي فلانا سنة ثم هو حر، وشهد آخر أنه قال يخدمه سنتين ثم هو حر فإن حلف فلان مع شاهد السنتين خدمه سنتين ثم عتق، فإن نكل فليخدمه سنة ولا يعتق حتي يخدم الورثة سنة أخري لأنهما اجتمعا علي حريته بعد عامين ولم يشهد له بالسنة الأخري واحد، قال ابن القاسم في صغير شهد له شاهد أن أباه في حياته تصدق عليه بعبده/ وقبضه له، وشهد آخر أن أباه نحله إياه، قال هي شهادة مختلفة، الصدقة لا تعتصر والنحل تعتصر، وكمن شهد له شاهد أن له قبل فلان مائة دينار من
[9/107]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ممحو من الأصل، مثبت من ص.(1/103)
[9/108]
سلف، ويشهد آخر أن له عليه مائة دينار من ثمن سلعة فليحلف مع أحد شاهديه ويستحق مائة، وقال سحنون: الشهادة بالصدقة وبالنحل واحد يوجب له العبد إلا أن يقيم الورثة البينة أنه اعتصر ذلك بعد النحل، فيكون له أن يحلف مع شاهد الصدقة ويستحقها.
فيمن ادعي علي رجل دعوي فأقر له المطلوب بخلافها
أو يقر له بثوب كذا ثم يقول بل هو ثوب آخر
من كتاب ابن سحنون: ومن ادعي أن له قبل رجل عشرة دراهم، وقال المطلوب إنما لك علي قسط من زيت، وقال الحميل إنما تحملت بقفيز قمح، قال يؤخذ القسط الزيت من المدعي عليه فيباع، فإن سوي عشرة دراهم أخذها المدعي، ثم يؤخذ من الحميل القمح فيباع منه تمام عشرة دراهم ويرد ما فضل علي الكفيل إن فضل شئ ولا يكون للكفيل أن يبيع بذلك المطلوب، وقال في التي ادعت أن لها علي زوجها صداقها عشرة دنانير فأقر لها الزوج بعشرة دنانير ثم جاء بثمانين درهما دفعها إليها،وقال كانت لي علي العشرة كل دينار ثمانية بدينار كان القول قول / الزوج، وإن كان الأمر عندهم علي العين فالقول قول المرأة، وإن كان ذلك عندهم علي ما قالاه فالقول قول الزوج، يريد مع يمينه. وفي كتاب الإقرار باب من نحو هذا فيمن يقر لرجل بثوب وشي ثم يقول إنما هو ثوب غير وشي، أو يكون ذلك في ذلك أنه يلزمه الأمران جميعا.
ومن العتبية روي عيسي عن ابن القاسم فيمن هلك وأوصي ف شعير في حانوته أنه بينه وبين فلان، فقال فلان إنما لي قبله أربعون دينارا وليس لي عنده شعير، وأقام بينة بالأربعين فأخذها، ثم قال وجدت في برنامجي أن الشعير بيني وبينه، قال يحلف أن ذلك له ويأخذ شطر الشعير لأن الأربعين ثابتة بالبينة، وهو لو ادعي الشعير كان له ادعي الأربعين أو لم يدعها.
[9/108]
***(1/104)
[9/109]
باب في مسائل مختلفة من التداعي وغير ذلك
من كتاب ابن سحنون عن أبيه قال أشهب في شريكين قد عرفت شركتهما، فمات أحدهما فقال الباقي إنما للميت مدعي السدس بشركته فهو مصدق فيما في يديه، ومن قال لرجل بعت منك عبدي هذا بكذا فدبرته أنت، وأنكر الآخر الشراء، قال قد أقر أن المشتري دبره وأنه بيده الثمن فيلزمه أن يبقي مدبراً ويأخذ البائع من خدمته الثمن الذي يدعي، إلا أن يقر المبتاع فيعطيه ما بقي منه، وإن استوفي من خدمته الثمن بقي مدبراً، فإن مات البائع وهو يخرج من ثلثه عتق وإن كان عليه دين، وقال فيمن هلك عن زوجة وأخ وترك مائة دينار وأربعين ديناراً، / وذكرت المرأة أن لها قبله مائة دينار صداقها فصدقها الأخ فأخذتها وأخذت ربع ما بقي، ثم طرأ من ادعي أن له علي الميت مائة دينار فصدقته المرأة وكذبه الأخ أنها تقاسمه المائة وعشرة نصفين لأنها أقرت أن ليس لها شئ إلا وله مثله.
وعن ورثة أتوا إلي قاض فأقاموا البينة أنهم وارثو الميت فلان لا يعلمون له وارثا غيرهم فيقسم ما هلك عنه بينهم، ثم طرأت زوجة للميت وأقامت بينة أنها زوجته [ولا نعلم له امرأة غيرها وأنها وارثة قال لابد أن يقولوا إنهم يعلمون أنها امرأته وارثته لا يعلمون](1)له امرأة غيرها إذ قد تكون نصرانية وإن لم يذكروا عدد الورثة إذا شهد بذلك غيرهم، ولو جاءت وحدها لكلفت البينة بعدد الورثة لأنها مدعية، وفي المسألة الأولي هي مدعي عليها، وعن من أبضع ثلثمائة دينار مع ثلاثة رجال في شراء جارية فأتوه بها، فزعم اثنان منهم أنهم اشتروها له علي صفته بمائة دينار، وقال الثالث بل بمائتين، وهم كلهم عدول، قال يأخذ من كل واحد من الاثنين سبعة وستين إلا ثلثا ويأخذ من الذي قال ثمانين ثلاثة وثلاثين دينارا وثلثا ولم ير شهادة الاثنين شهادة، قال محمد بن عبد الحكم: ومن في يديه دابة هي دابتي أعرتك إياها فأراها للذي في يديه ولا كراء له، ويحلف ، وكذلك لو قال لخياط لك عندي
[9/109]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من ص.(1/105)
[9/110]
درهم من خياطة ثوبي هذا الذي بيدي، فقال له الآخر بل هو لي أودعتك إياه أو أعرتكه، فالثوب لمن هو في يديه ويحلف ولا أجر له، يعني للآخر، وينبغي أن يحلف الآخر في الدابة أنه / ما أكراها منه.
ومن العتبية(1)روي أصبغ عن ابن القاسم في الصراف يدفع إليه الرجل الدينار يزنه فيقول الصراف يدفع إليه الرجل الدينار يزنه فيقول الصراف قد رددته إليك وأنكر ذلك ربه وهما في مجلسهما، فالقول قول الصراف مع يمينة، من العتبية من سماع عيسي وفي بعض الكتب من سماع حسين بن عاصم من ابن القاسم: وعمن مات وترك زوجته وفي بيته غزل يعرف أن الكتان للرجل وأنها غزلته فلتحلف المرأة أنها ما غزلته له فإن حلفت أقيم غزلها الكتان، فكان بينهما علي قدر ذلك، وإن كان لم يعرف الكتان للرجل فالغزل للمرأة.
وقال سحنون في المرأة تنسج الثوب فيدعيه زوجها لنفسه، يقول إن الكتان لي، وتقول المرأة إنه لها وإنها غزلته من كتانها، قال ابن القاسم: هي أولي بما في يديها مع يمينها ولا حق للزواج فيه إلا ببينة، أو تقر هي أن الكتان له فيكونان شريكين في الثوب بقدر ما لكل واحد منهما، وكذلك أمرها بعد موت زوجها أنها مصدقة مع يمينها فيما في يديها، وكذلك قال ابن نافع إنها أولي بما في يديها مع يمينها.
وروي عيسي عن ابن القاسم فيمن وجد ثورا ميتا في الجبل فعلم أنه لبعض جيرانه فلسخة وأتي بجلده إلي صاحبه وأخبره أنه وجده ميتا ثم سلخه، فقال ربه أنت قتلته فلا شئ عليه بعد أن يحلف أنه ما قتله ولا تعدي فيه.
ومن كتاب ابن حبيب، وذكر عن مطرف فيمن قام بذكر حق من بعد عشرين سنة أنه يقضي له به، وإن قدم، إلا أن يأتي المطلوب بالبراءة منه، ولو قسمت تركته والطالب / حاضر ولم يقم فلا شئ له إلا أن يكون له عذر بغيبة بينة أو قال لم أعرفهم أو لم يجد كتاب الحق إلا الآن، أو كان للورثة سلطان يمتنعون به، فإن كان هذا حلف أنه ما ترك القيام إلا لما يذكر مما يعذر به، فإن
[9/110]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 14 : 217 .(1/106)
[9/111]
نكل حلف الورثة أنهم ما يعلمون له حقا قبل وليهم، فإن نكلوا عزموا، وقد كتبت هذه المسألة في الجزء الثاني من أقضية البيوع وفي كتاب الإقرار.
قال مطرف في أجير الفراء يبيع الفرو بمحضر مستأجره ثم يريد قبض الثمن لنفسه ويقول كان الفرو لي مما أعمل لنفسي، وينكر الذي استأجره ذلك ويقول أنت أجيري لا شئ لك معي، قال إن كان مثله يعمل لنفسه ويبيع وهو أجير كما هو فإن الثمن له كان مستأجره حاضرا أو غائبا بعد أن يحلف أن الفرو له، وإن كان مثله لا يعمل لنسفه ولا يبيع لها فالثمن للذي استأجره بعد يمينه أن دعوي الأجير باطل.
قال ابن القاسم: ومن قضي له به لأن عليه أن يحوز ببينة وينصب علي ذلك حدوده، فإن لم تقم عليه بينة فالمقضي عليه أحق بأرضه.
قال ابن الماجشون: ومن أقر لرجل بعشرة دنانير يحل عليه كل يوم منها دينار، وقال الطالب هي حالة فالقول قول المطلوب مع يمينه ولا يصدق في بعض إقراره دون بعض، وهذا الأصل هو في المدونة ولمالك فيه أقاويل ثلاثة، وذلك مفسر في غير هذا / الموضع.
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا شهدت بينة لرجل أنه أكري من هذا دارا بثمن قبضه وحدوا الدار ولم يقولوا يملكها حتي أكراها، والمكتري ينكر فإن القاضي يحكم بردها إلي الذي أكراها بعد تمام مدة الكراء ويكتب له بذلك كتاباً ولا يكتب أنه قضي بملكها للمكتري، ولكن يحكم بردها إليه، ولو شهدوا أنه أكراها منه وهو يملكها وأنكر ذلك المكتري وادعي المالك حكم له بردها إليه وبملكها.
تم الجزء الثاني من الدعوي والبينات والحيازات بحمد الله
ويتلوه في الجزء الثاني عشر إن شاء الله الجزء الأول من الاقرار.
والحمد لله وحده وصلواته علي سيدنا محمد وعلي آله وشرف تم.
[9/111]
***(1/107)
[9/113]
بسم الله الرحمن الرحيم ... ... ... ... ... وصلي الله علي سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
الجزء الأول
من كتاب الإقرار من النوادر(1)
ذكر ما يلزم من الإقرار وأنواعه
وتصرف وجوهه
قال الله تعالي(( يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوانيت بالقسط شهدآء لله ولو علي أنفسكم))(2)وقال سبحانه في الكافرين ((وشهدوا علي أنفسهم أنهم كانوا كافرين))(3)فكل مقر علي نفسه فهو شاهد عليها، وقال سبحانه (( فاعترفوا بذنبهم))(4)وقال النبي عليه السلام << واغد يا أنيس علي امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها>>(5)، قال بعض العلماء، وقد يعبر عن الإقرار بنعم وببلي وبأجل أو ما أشبه ذلك، قال الله سبحانه (( الست بربكم قالوا بلي شهدنا))(6)وقال تعالي في أهل النار(( قالوا بلي قد جاءنا نذير))(7)وقال (( فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً قالوا نعم))(8)وقال أشهب بن عبد العزيز: وقول كل أحد علي نفسه أوجب
[9/113]
***
__________
(1) أضفنا في مقابلة هذا الجزء نسخة فاس المحفوطة بخزانة القرويين تحت رقم 793 المنسوخة في حياة المؤلف.
(2) الآية 135 من سورة النساء .
(3) الاية 130 من سورة الأنعام .
(4) الاية 11 من سورة الملك.
(5) جاء بصيغة أخري في كتاب الصلح من صحيح البخاري
(6) الآية 172 من سورة الأعراف .
(7) الاية 9 من سورة الملك .
(8) الاية 44 من سورة الأعراف.(1/108)
[9/114]
من دعواه علي غيره، فمن لم يجز إقراره علي نفسه من صغير أو سفيه لم تجز شهادته علي غيره وكذلك لأنفسهم مع قول الصبي في الدم. قال محمد بن عبد الحكم: والإقرار علي صنوف(1)، فمنه ما يلزم المقر في بدنه، ومنه ما يلزمه في ماله، ومنه ما يلحق به النسب، ومنه ما يقر به علي نفسه فعله(2)بما يوجب أمرا علي غيره وغير ذلك من الوجوه.
فكل ما أقر به المرء علي نفسه وهو طائع غير مكره ولا خائف ولا متهدد مما أتلفه علي غيره من عين أو عرض أو / من جرح عمد يقاد منه أو لا يقاد منه من المتألف أو بمداينة أو بضمان أو شبه ذلك، فذلك يلزمه، وما أقر فيه علي نفسه مما يلزمه في بدنه من قصاص أو عقوبة أو حد يجب للآدميين فذلك يلزمه ولا ينفعه الرجوع عنه، ومنه ما يلزمه ما لم يرجع عن إقراره، مثل: حد الزني والسرقة، فيقال: إذا رجع عما لله في ذلك ويلزمه ما للآدميين من مال أو من صداق في غضب امرأة. ومن الإقرار ما يقر به علي غيره مثل إقراره بقتل الخطأ وما فيه ثلث الدية من الجراح، فهذا لا يلزم، وما كان دون الثلث لزمه في ماله وقد اختلف في إقراره بقتل الخطأ وما أقر به من ولد استحلقه والولد صغير أو كبير فيصدقه الكبير فهذا لاحق به، وأنا إقراره بأخ أو ابن عم ونحوه فلا يوجب ذلك النسب ويوجب له مشاركته في الميراث معه. قال ابن الحكم: وإقرار المريض مختلف بما أقر به من دين من بيع أو قرض وجرح عمد تجب فيه الدبة في ماله فذلك يلزمه لغير الوارث صح أو مات، فإن أقر بذلك لأخيه في المرض ولا وارث له غيره فإن صح لزمه، وإن مات من مرضه سقط إقراره.
وإقرار الرجل في الصحة للوارث لازم وكذلك إن أقر له في المرض ثم صح وإقراره في المرض لصديق ملاطف يلزمه وإن كان يورث كلالة في قول ابن عبد الحكم، وهو خلاف قول مالك.
[9/114]
***
__________
(1) كذا في الأصل، في النسخ الأخري علي ضروب .
(2) في التسخ الأخري، مما يقر به علي فعله.(1/109)
[9/115]
قال أحمد بن ميسر: وإذا / أقر المريض للصديق الملاطف وكان يورث كلالة ويرثه مولي او يرثه من بينه وبينه عداوة من غصبته فإنه يتهمه أهل العلم في إقراره ويرونه تأليجا عن ورثته(1)الذين ذكرت، وأنا أري أن ذلك والله أعلم جائز له لا يأثم به(2)، فأما الرجل الذي عرف بالدين والصديق ولا يجهل ما في ذلك من الإثم فإقراره جائز للصديق الملاطف مع من ذكرت، فإذا أقر في مرضه أنه طلق امرأته في مرضه أو في صحته لزمه ذلك وورثته. وإقراره بالنكاح في المرض لا يوجب لها الميراث ولا يلزمه النكاح. وأما إقراره في مرضه لبعض ورثته فلا يقال الآن إقرار جائز ولا غير جائز ولكن إقرار مترقب ليعلم ما يلزمه منه أو لا يلزمه في حال آخر.
فإن مات وقد شركه وارث بطل الإقرار، وإن صح ثبت الإقرار، وكذلك إن بتل عتق عبده في مرضه فإن صح ذلك وإن مات عتق في الثلث بعد الدين وكذلك في بيعه بمحاباة.
قال محمد: ومن الإقرار ما لا يلزم صاحبه في وقت إقراره مثل أن يكري دارا في يديه من رجل ثم يقر أنها لفلان، فلا يقبل منه إلا بعد انقضاء مدة الكراء قبض الدار الساكن أو لم يقبضها، نقد الكراء أو لم ينقده ولكن يكون له الكراء من يوم أقر المقر، ولو قامت بينة أنه أقر بذلك قبل الكراء كان للمقر له / فسخ الكراء وأخذ الدار يريد فإن فسخ فله حصة ما سكن من الكراء إن لم يحاب فيه، ولو أقر في عبد قد رهنه وفبضه المرتهن أنه لفلان فلا يصدق ختي يفتكه فيأخذه المقر له، فإن بيع في الدين فعلي الراهن قيمته للمقر له.
وذكر محمد إقرار أحد الابنين علي أبيه الميت بدين وذكر إقرار العبد المأذون وغير المأذون والمكائب والوصي والوكيل، وذلك مذكور في أبوابه.
[9/115]
***
__________
(1) التأليج المراد به التوليج وهو من قولهم ولج المال إذا جعله في حياته لبعض ولده فتسامع الناس بذلك فانكفوا عن سؤاله.
(2) كذا في الأصل، وفي ف، والعبارة في هـ، وص لا بأس به.(1/110)
[9/116]
في الإقرار في موطن بعد موطن(1)
من كتاب ابن سحنون: وإذا لرجل بمائة درهم في موطن فأشهد له بها ثم أقر له بها في موطن آخر وأشهد فقال الطالب هي مائتان وقال المقر هما مائة واحدة فإن كان الإقرار بغير كتاب لم يلزمه إلا مائة.
وقال غيرنا: تلزمه مائتان ثم ناقضوا فجامعونا إن لم أقر له عند بينة بمائة ثم قدمه إلي القاضي فأقر له بمائة فقال له الطالب لي بينة بمائة أخري وأحضرهم فقال المطلوب هي مائة واحدة إن القول قوله ففرق مخالفنا بين إقراره عند القاضي وعند بينة أخري، ولا فرق بين ذلك. قال سحنون: وقال أصحابنا جميعا في إقراره في مواطن بمائة إنه لا يلزمه إلا مائة واحدة بخلاف إذكار الحقوق، فلو شهد له في صك بمائة وفي صك آخر بمائة لزمه مائتان، قال محمد: ولو اختلف الإقرار فأقر له موطن بمائة وأشهد في مواطن بمائتين / لزمه ثلاثمائة.
وقال ابن حبيب عن أصبغ: إنه إن كان الإقرار بالأقل أولا صدق المطلوب أن الأقل دخل في الأكثر وإن كان الإقرار بالأكثر أولا منها ما لان وذكر في اتفاق المالين كما قال سحنون: قال ابن سحنون في غير كتاب الإقرار إن قول مالك اضطرب في هذا وآخر قوله وبه أقول أن يحلف المقر ما ذلك إلا مال واحد ولا يلزمه إلا مائة.
وقال محمد بن عبد الحكم مثل قول ابن سحنون في ذلك قال: وفرق أهل العراق بين إقراره في موطنين عند بينة وبين إقراره عند القاضي وعند بينة، ولا فرق بين ذلك، وقال أبو حنيفة: إذا أقر لرجل بماثة درهم عند شاهد وأقر عند آخر بمائة وخمسين إنه يأخذ مائة ويحلف المقر علي الخمسين ويبرأ قلنا لهم: أليس المائة التي شهد بها الأول هي التي شهد بها الآخر؟ فينبغي علي هذا إن كان الإقرار بشئ مختلف ألا يلزمه شئ من المائة، وهذا خروج من قول العلماء، أرأيتم إن شهد عليه واحد بمائة درهم من ثمن غلام وشهد الآخر أنه أقر بها من ثمر بر
[9/116]
***
__________
(1) كذا في التسخ كلها وأما في الأصل فقد جاء العنوان علي الصيغة التالية ( في الإقرار في موطن واحد)(1/111)
[9/117]
ابتاعه منه فقبضه منه؟ فقالوا: هذان مختلفان فلا تجتمع عليه الشهادة. قلنا: فقد قلتم إن شهد عليه واحد بمائة [في موطن](1)وآخر بمائتين في موطن آخر أن له ثلاثمائة جعلتم المائة هي المائة الأولي، وهذا تناقض؟ وقد جرى في كتاب الدعوى / والبينات باب مثل هذا.
فيمن أقر بدنانير أو دراهم ولم يذكر عددها
أو بأقفزة لم يسمها، أو قال دنينرات(2)أو درهيمات
أو قال دراهم كبيرة أو عظيمة أو غنم كثيرة أو إبل(3)
أو قال له علي مال أو كذا أو كذا في إقرار أو وصية
ومن كتاب ابن سحنون: من أقر لفلان عليه دنانير لزمه ثلاثة لا أقل منها وكذلك في الدراهم وكذلك في الأقفزة يقر بها. قال محمد : وهذا إجماع فيما علمت وقوله دنانير أو قال دراهم إن أقل ما يلزمه ثلاثة، ولو قال عندي دنينرات فقد لزمه ثلاثة وكذلك في الدراهم، وعلي المدعي البينة في أكثر منها. قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: إذا شهد عليه أن لفلان عليه دنانير أو قالوا دراهم لا يعرفون عددها أنه يلزمه ثلاثة دنانير وكذلك الدراهم، ويحلف ما له عليه غيرها، فإن نكل حلف الطالب علي ما سمي واستحق، وكذلك إن شهدوا أنه قال له اعطني الدنانير التي لي عليك فقال نعم ثم أنكرها فإنه يلزمه ثلاثة. قال ابن سحنون: وإذا قال له دراهم كثيرة لزمه[مائتا درهم وإن قال دنانير كثيرة لزمه](4)عشرون دينارا، وقال محمد بن الحكم: يلزمه ما جاوز الثلاثة لأنها جاوزت القليل، إذ ليس القليل أو الكثير، وقد قيل عليه تسعة لأن الدراهم ثلاثة، فلما قال كثيرة كأنه رددها مرات فلا معني لقول النعمان عشرة دراهم ولا
[9/117]
***
__________
(1) زيادة من ص.
(2) كذا في النسخ كلها والمناسب لقواعد اللغة أن يقال دييزات.
(3) أو إبل] انفردت بذكرها النسخة الأصلية.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، وف مثبت من ص وهـ.(1/112)
[9/118]
لقول أبي يوسف مائتا / درهم، لأن فيها الزكاة ولا مدخل للزكاة في هذا، وقد قيل: يكون له خمسة دراهم لأن ثم قليل وكثير وشئ لا قليل ولا كثير هو بين القلة والكثرة، فلو قاله علي دراهم لا قليلة ولا كثيرة جعلناها أربعة وجعلنا في قوله كثرة خمسة لأنها جاوزت ما قلنا لا كثيرة ولا قليلة، [فصارت كثيرة](1)وهذا أحسن وليس فيه أمر لا يقضي عنه ويجتهد في ذلك عند نزوله، ولو قال له علي إبل كثيرة أو بقر كثيرة أو غنم كثيرة(2)فمثل ما قلنا في الدنانير والدراهم. قال أصحاب أبي حنيفة: له في الغنم أربعون شاة ومن الإبل خمسة وعشرون فناقضوا وكان ينبغي أن يقولوا خمسة من الإبل.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا قال له: علي مال عظيم من الدراهم كان مائتي درهم عند سحنون وغيره، وإن قال من الدنانير فله عشرون ديناراً، وإن قال له: علي مال فهو مصدق فيما يقول مع يمينه عندنا وعند أهل العراق.
قال ابن المواز: ومن أوصي أن لفلان عليه مالاً ولم يبين كم هو حتي مات، فإن كان بمصر أو بالشام قضي له بعشرين دينارا وفي العراق بمائتي درهم بعد يمين المدعي ويحلف الورثة أنهم ما يعلمون له أكثر من ذلك أو يحلفون أنهم لا يعلمون عليه حقا إن ادعي المقر له أكثر مما ذكرنا قيل أفيحلف المدعي أنه ليس له أقل من ذلك؟ قال: كيف يحلف وهو يقول عندي ولي معاملة(3)وهو من ورثت عنه أو أوصي لي بها، وإن قال له: علي دنانير يقضي له بثلاثة مع يمين الورثة ما يعلمون / له أكثر يحلف من يري أن عنده منه علما وإن قال دنانير كثيرة زدته علي الثلاثة أقل زيادة من الدنانير وهو دينار لأن ما كثر من ذلك فهو شك ويحلف الورثة أنهم لا يعلمون له أكثر من ذلك إن ادعي ذلك الموصي له وسماه فإن نكل الوارث عن يمينه علي علمه حلف المدعي وأخذ من الوارث قدر مصابته.
[9/118]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأص، مثبت من ص.
(2) في النسخ الأخري أو شياه كثيرة .
(3) كذا في ص، في النسخ الأخري وهو يقول غيري ولي معاملته والظاهر أن ما أثبتناه هو الصواب.(1/113)
[9/119]
ومن العتبية(1)قال أصبغ عن ابن وهب: وإن أقر أن لفلان في هذا الكيس مالا قال: يعطي عشرين دينارا منه، قيل فإن كان فيه مائتا درهم قال يعطاها ويحلف.
ومن كان ابن سحنون: وإذا قال غصبتك شياها كثيرة فهي أربعون شاة، وإن قال إبلا كثيرة(2)ففيها قولان: أحدهما خمس ذود(3)، والقول الآخر وهو قول من خالفنا خمس وعشرون ما تجنب فيه فريضة من الإبل، وإن قال: حنطة كثيرة فهي خمسة أوسق(4)في قولنا وقولهم وإذا قال له علي كذا وكذا درهم بهذا اللفظ فهو مصدق فيما يسمي مع يمينه، وقد قال يلزمه أقل ما يكون في اللغة كذا وكذا درهم. وقال أهل العراق: يلزمه أحد عشر درهما وكذلك في الدنانير، وفي الكيل وفي الوزن قال سحنون: ما أعرف هذا فإن كان هذا أقل ما يكون في اللغة هذا اللفظ فهو كما قالوا وكان يقول: إن القول قول المقر مع يمينه، وكذلك له علي كذا وكذا دراهم وكذا وكذا ديناراً يلزمه من كل صنف أقل ما يكون عند العرب هذه ديناراً ودرهما نظر إلي أقل ما يكون كذا وكذا من العدد فيكون عليه نصفه دنانير ونصفه دراهم، وفي القول الآخر القول قول المقر ويحلف.
[9/119]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 520
(2) في النسخ كلها إبل بالرفع وآثرنا نصبها لمناسبة الكلام إذ المراد وإن قال غصبتك إبلا كثيرة عطفا علي قوله وإذا قال غصبتك شياهاً كثيرة.
(3) الذود القطيع من الإبل ما بين الثلاث إلي العشر وقيل غير ذلك.
(4) الأوسق جمع وسق وهو ستون صاعا قال الخليل الوسق حمل البعير والوقر حمل البغل والحمار.(1/114)
[9/120]
فيمن أقر أن لفلان عليه جل المائة أو قريباً منها
أو قال نحو المائة أو مائة إلا قليلا
أو ناقصة أو إلا شيئا أو إلا مائة وشيئاً
أو قال نيفا وعشرين أو بضعا
ومن قال له علي مائة درهم أو قال دينار
أو قال ووصيف ولم يذكر ما المائة؟(1)
من العتبية(2)قال سحنون فيمن أقر في مرضه أن لفلان عليه جل المائة أو قرب المائة أو أكثر المائة أو نحو المائة أو مائة إلا قليلاً أو مائة إلا شيئاً فالذي عليه أكثر أصحابنا أن يعطي من ثلثي المائة إلي أكثر بقدر ما يري الحاكم، وقال أهل العراق : يزداد علي الخمسين دينار أو ديناران(3). وقال سحنون: وإن أقر لك بمائة دينار ناقصة وقلت أنت وازنة فالقول قوله مع يمينه، ومن سماع عيسي بن دينار من ابن القاسم فيمن أقر الرجل بعشرة دنانير نقص فأتي بها ينقص كل دينار ربعاً أو ثلثا قال يقبل قوله ويحلف كنقصان العدد. ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون: إذا قال لفلان علي مائة درهم إلا شيئاً أو قال إلا قليلا أو قال له علي أقل من مائة أو جل المائة أو أكثر المائة فقال بعض أصحابنا: يلزمه ثلثا المائة، وقال آخرون منهم: يلزمه النصف وشئ، وذلك أحد وخمسون، ولو كان الإقرار بألف زيد علي الخمسمائة درهم، وناظر سحونا رجل / من أصحابنا يقال له الذهبي(4)وذهب إلي أنه إذا قال له علي عظم المائة أو قال جلها أو قال أقل من المائة أن القول قوله مع يمينه فيما يقول وكذلك في القرض(5)والوكالة والغصب والوديعة والمضاربة.
[9/120]
***
__________
(1) كثير من الكلمات داخل العنوان وردت مرفوعة فنصبناها لتنسجم مع قواعد اللغة لأنها معطوفة علي قوله جل المائة.
(2) البيان والتحصيل، 10 : 485.
(3) دينار أو ديناران مرفوعان للنيابة عن الفاعل وقدر وردا في النسخ كلها منصويين والصواب ما أثبتناه .
(4) في الأصل الذهبي وهو ما أثبتناه، وفي هـ الزربي وفي ف الزريبي وفي ص الدبي.
(5) في الأصل، الفروض.(1/115)
[9/121]
قال محمد: وإذا مات المطلوب كان عليه في تركته في قول بعض أصحابنا الثلثان، وفي قول آخرين أكثر منت النصف بدرهم، وكذلك إن مات الطالب وكذلك في إقرار العبد المأذون والمكاتب والمرأة والذمي وكذلك في قوله علي قريب من المائة، ولو قال له علي كرحنطة إلا شيئا أو إلا قليلا فهو علي ما ذكرنا في العين من الاختلاف. وكذلك في الموزون والمكيل وإن قال علي عشرة دراهم ونيف فالقول قول المقر في النيف قل أو كثر وله أن يجعله من درهم وإن شاء قال دانق فضة وكذلك في نيف وخمسين، وإن قال له علي بضع وخمسون فأقل البضع ثلاثة دراهم في وقولنا وقول غيرنا.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: وإذا أقر في مرضه لفلان بعشرة دنانير وشئ أو مائة دينار وشئ ثم نات ولم يسأل فالشئ يسقط لأنه مجهول ويلزمه ما سمي، وكذلك لو شهدت بينة بذلك علي رجل ولم يعرفوا كم الشئ لسقط الشئ وثبت العدد ويحلف المطلوب، ولو قال له علي مائة دينار إلا شيئاً ثم مات فهذا يحمل علي ما يتصرف من كلام الناس ويحسن، ويجري في لفظهم.
قال الله تبارك وتعالي (( فلبثت فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً))(1)فحسن استثناء هذا من العدد الكثير ولا يحسن أن يقول مائة إلا شيئا يعني إلا خمسين، ويحسن في الألف إلا خمسين وسبعين وثمانين وتسعين، ولا يحسن أن يقول إلا مائة، لا تجد من يقول: له عندي ألف إلا مائة، وإذا قال: عشرة آلاف إلا شيئا فاطرح [تسعمائة وهو أقصي ذلك في الكلام، وإذا قال مائة إلا شيئا](2)فاطرح تسعة وهو الأقصي، ولا يقول أحد إلا عشرة لأنه إذا شاء قال تسعون، وأما قوله له عندي درهم إلا شيئا أو درهمان إلا شيئا فاطرح ثلث درهم وهو الأقصي في مثل هذا ما بينك وبين خمسة عشر، ولا يحسن أن يقول في هذا في قوله إلا شيئا هو إلا درهما فأما في العشرين والثلاثين والأربعين والخمسين فعلي قدر اجتهاد
[9/121]
***
__________
(1) الاية 14 من سورة العنكبوت .
(2) ما بين معقوفتين ساقط من هـ وص.(1/116)
[9/122]
المجتهد يكون إلا درهما وإلا درهمين وإلا ثلاثة وأربعة ولا تراه خمسة ولا أكثر، وإن قال له عندي خمسة وسبعون درهما إلا شيئا فلا يجعل الشك بالإ في الجملة كلها ولكن في النيف لأنه حين نيف علمنا أن الجملة صحيحة فإنما الشك في النيف فيطرح منه ثلث درهم وكذلك في مائة وخمسة.
وقال أحمد بن ميسر فيمن قال لفلان علي عشرة إلا شيئا فالقول قوله فيما يزعم أنه أراده من قليل أو كثير من يمينه، فإن قال إلا كسرا فالكسر أقل من درهم وشبهه فإن صدقة الطالب وإلا أحلفه.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا قال مريض أو صحيح لفلان علي عشرة ونصف درهم ولم يبين ما العشرة فله عشرة دراهم ونصف / وكذلك قول مائة ودينار فعليه مائة دينار إذا ادعي ذلك الطالب مع يمينه.
وإذا قال له: علي عشرة آلاف ووصيف فالقول قول المقر، فإن قال: أردت عشرة آلاف وصيف ووصيفا فهو كذلك، فإن قال أردت عشرة آلاف درهم ووصيفا صدق، فإن ادعي الطالب غير ذلك من دنانير وغيرها كلف البينة وإلا حلف له المقر، وكذلك قوله ألف وشاة، فإن قال إنها ألف شاة أو ألف درهم أو أقفزة حنطة فهو مصدق مع يمينه، فإن مات ولم يسأل صدق ورثته فيما قالوا مع أيمانهم، وقال أهل العراق في قوله: ووصيف فنجعل العدد دراهم، قال سحنون: لا أعرف هذا وأنكره.
[9/122]
***(1/117)
[9/123]
فيمن أقر لرجل فقال له علي حق
أو قال : شئ ولم يسمه
أو قال : له حق في عبدي أو في داري ولم يسمه
أو قال من داري أو وهبه نصيبا لم يسمه
أو شهدت بذلك بينة
من كتاب ابن سحنون: ومن أقر أنه غصب فلانا شيئا [ ولم يبينه ثم قال هو كذا وقال الطالب هو كذا أو لم يقل شيئا](1)فالقول قول الغاصب فيما يذكر مع يمينه، فإن ادعي الطالب غير ذلك فعليه البينة فإن لم يجد أو نكل الغاصب فالقول قول الطالب مع يمينه، فإن أبي المقر أن يسمي شيئا جبر علي أن يبين / ما أقر به وإلا سجن حتي يذكر شيئاً ويحلف عليه.
وقد قال ابن القاسم وسحنون وغيرهما فيمن وهب لرجل نصيبا من داره ولم يسمه وطلب الموهوب فلابد أن يقر له بما يكون نصيباً، قال سحنون: طائعاً كان أو مكرها(2).
قال محمد بن عبد الحكيم: إذا قال له: عندي شئ فليقر بما شاء من الأشياء ويحلف إن طلب منه اليمين.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن قال له علي حق ثم أردت حق الإسلام لم يصدق ولابد أن يقر له بشئ ويحلف علي دعوي المطالب إن ادعي أكثر منه.
وكان سحنون يقول: ينظر فيه علي نحو ما ينزل مما يتكلمان فيه فإن كانا تنازعا في ذكر المال أخذناه بذلك وإن تنازعا فيما يوجب بعضاً لبعض من حق وحرمة لم يؤخذ في هذا بالمال، وقد يقول: ما أوجب حقي عليك أني أكبر سنا منك أفإني لقريبك فيقول الآخر: لك علي حقوق يقول حق الإسلام والقرابة والجوار فيجري هذا علي ما يستدل عليه من كلامهما.
[9/123]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص وهـ .
(2) في ص، وهـ، طائعا أو كارها.(1/118)
[9/124]
قال سحنون عن ابن نافع عن مالك فيمن أقام بينة أن له علي رجل حقا لا يدرون لا كم هو أيحلف الطالب علي ما يدعي؟ قال: ليس ذلك له وهذه البينة كمن لم يشهد وليحلف المطلوب، قال مالك: فيما يقول المطلوب؟ قيل: يقول شهدوا بباطل وما له عندي شئ، قال: قد شهدوا بشئ فلو سمي شيئا حلف ما له عليه غيره وبرئ، فأما قولهم حقا لا ندري ما هو فليحلف المطلوب ويبرأ، وهذا المعني في كتاب الشهادات مستوعب. / والاختلاف فيه في شهادة البينة وفي إقرار الرجل بذلك.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن أقر بدار بيديه أن لرجل فيها حقا ولم يسم فإنه يجبر أن يسمي من ذلك ما شاء ويحلف إن ادعي المطلوب أكثر منه، وكذلك إن أقر له بحق في أرض أو عبد أو ثوب في يديه فإن تمادى علي الإنكار سجن أبدا حتي يضطر بالسجن إلي الإقرار، وإن أقر له حقا في هذه الغنم ثم قال هو عشر هذه الشاة صدق مع يمينه، وكذلك في كتاب محمد بن عبد الحكم.
قال ابن سحنون: وإن أقر له بحق في هذه الدار ثم قال: هو هذا الجذع أو هذا الباب المركب، فقال سحنون: مرة يصدق ثم رجع فقال لا يصدق، ولو قال هو هذا البناء لبناء في الدار ففيها قولان أحدهما أنه يصدق وليس كالخشبة والباب، وقول ثان أنه لا يصدق وقد أثبت له في أصل الدار حق فالقول قوله مع يمينه، قال سحنون في قوله الآخر وقول أهل العراق وإذا قال أردت هذا الثوب الذي في الدار أو هذا الطعام لم يصدق. قال سحنون: قيل ذلكم يصدق ولا حق له في رقبة الدار، وكذلك إن أقر أن له في هذا البستان حقا(1)ثم قال أردت تمرة هذه النخلة فلا يصدق في قوله الآخر ويصدق في قوله الأول، ولو قال له: هذه النخلة بأصلها لصدق مع يمينه إذا أقر معها من الأرض بشئ، فإن قال: وهبتها له بغير أرض فقيل لا يصدق وقيل يصدق مع يمينه.
[9/124]
***
__________
(1) في الأصل، إن في هذا البستان جزءاً، ونحن أثبتنا ما في النسخ الأخري.(1/119)
[9/125]
فإن قال له: في هذه الأرض حق فسئل عنه فقال أزرعتها / إياه سنة وقال الآخر بل لي فيها شرك فلابد أن يقر له بشئ في رقبتها في قوله الآخر وهو مصدق في قوله الأول، وكذلك في إقراره أن له في هذه الدار حقاً ثم(1)قال هو سكني شهر.
وقال محمد بن عبد الحكم: إذا أقر له بحق في الدار وقال أردت سكني بيت منها أكريته منه أو أسكنته إياه سنة قبل قوله مع يمينه، وكذلك إن قال: له حق في هذا الثوب ثم قال أجرته أو أعرته منه شهرا صدق مع يمينه، وأما إن قال: له حق من هذه الدار أو من هذا الثوب لم يقبل منه حتي يقر بشئ من الثوب أو بشئ من رقبة الدار، وكذلك قوله في هذا البيت. وكذلك في جميع الأشياء إذا قال من هذا الشئ حمل علي أنه من الرقبة، وإذا قال في هذه الدار قبل قوله في السكني.
قال ابن المواز: إذا قال: من هذه الدار قيل له فريما شئت من رقبتها ولو بعض بيت واحلف فإن نكل وذلك إذا لم يدع المقر معرفة ذلك، فأما إن ادعي معرفة ذلك ونكل المقر حلف المدعي علي ما يقول وقضي له.
قال ابن عبد الحكم: ولو قال له في هذه الدارهم أو قال هذه الدنانير أو قال هذا الطعام كان محمل ذلك من الرقبة، قال في أو قال من وظاهر المقصد في هذا عين الشئ.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن أقر لرجل بجزء في داره فالقول قول المقر يقر له من ذلك بماء شاء مما هو جزء، وكذلك في قوله شقص(2)منها أو طائفة منها أو سهم أو حق أو نصيب في قول بعض أصحابنا فهو كله واحد والمقر فيه مصدق / مع يمينه، وقال أشهب: إذا قال له في داري حق أنه يكون له ثمن الدار.
[9/125]
***
__________
(1) ثم ساقطة من الأصل.
(2) الشقص بالكسر القطعة من الأرض والطائفة من الشئ.(1/120)
[9/126]
قال سحنون فيمن قال لفلان في داري حق ثم قال إنما له فيها هذا القمح أو هذا الحجر الملقي أن القول قوله ولا يلزمه إقراره في رقبة الدار. وأما إن قال له في داري نصيب ثم قال هو هذا اللوح أو هذه السارية وهي قائمة في البناء أو هذه الخشبة لم يصدق ولابد أن يقر له بنصيب في رقبة الدار قل أو كثر، ولو قال له في ثوبي حق ثم قال هو هذا القفيز من القمح فهو مصدق مع يمينه إن كان القفيز في الثوب، فإن لم يكن فيه قيل له بين إقرارك فإن قال هو رهن عنده أو قال له فيه شرك بدرهم من ثمنه فهو مصدق .
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم: ولو قال لك معي حق في [هذه الدار التي في يدي ثم قال هي حبس علي وعليك إما نصفان أو لك فيها الثلث قبل قوله مع يمينه. قال هو ابن سحنون وإن قال لك معي حق في](1)جميع هذه الدار قيل له أقر بما شئت منها فإن قال له: هذا البيت قيل له قد وجب له البيت ولابد أن تقر بجزء فيما بقي منها لقولك في جميعها.
قال ابن عبد الحكم: ولو قال: له حق في هاتين الدارين [فأقر بجزء شائع في واحدة لم يكن له بد أن يقر في الأخري بجزء آخر كان أقل مما سمي في الأول أو أكثر ويحلف إن طلب منه اليمين.
قال ابن عبد الحكم](2)وابن المواز: وإن قال له من أعلي هذه الدار حق فأقر له ببيت من سلفها فله البيت، وعليه أن يقر له من علوها بجزء، وكذلك لو قال له في سلفها فأقر في علوها ولو قال من أعلاها غرفة وهي طبقات فأقر له بغرفة من الطبقة الوسطي فالقول قوله ولا يجزئه إن يقر له ببيت / من سلفها ولو أقر له بغرفة من أعلي غرفها لم يجزئه أن يقر أنها من الوسطي.
ولو قال له من داري منزل قيل له أقر بأي منزل شئت من غرفها أو من سلفها، ولو قال لك من هذه الدار أعلي غرفة فيها فوجد في أعلاها غرف متساوية في العلو قيل له أقر بما شئت منها ويحلف إن طلبت منه اليمين، وإن كانت غرفة
[9/126]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، أثبتناه من النسخ الأخري.
(2) ما بين معقوفتين سافط من ف.(1/121)
[9/127]
هي أعلاها كانت تلك، ولو قال: لفلان حق في سكني هذه الدار أو من سكناها أقر بما شاء من السكني وصدق.
قال ابن عبد الحكم: إذا أقر أن له في هذا البستان حقا ثم قال هو تمر هذه النخل أو النخلة بأصلها صدق مع يمينه، وأما لو قال: له من هذا البستان حق لم يصدق، إذا قال هو تمرته أو تمرة النخلة.
قال ابن سحنون عن أبيه: وإذا قال له في هذه الدار حق من وصية من والدي ثم قال هو سكناها أو بيت منها سنة وقال الآخر بل بشرك في أصلها ففيها قولان: أحدهما: أنه مصدق مع يمينه لأن هذا يجري في قول الناس ومعانيهم، وقاله ابن عبد الحكم، قال ابن سحنون: والقول الآخر أنه لا يصدق وليقر له في رقبتها بشئ ولو بجزء من مائة جزء إلا أن يقر بما لا يشبه أن يوصي الناس به من التافه القليل جدا كما لو قال: أوصي بموضع أصبع أو ما يرجع إلي ذلك لم يقبل منه حتي يذكر ما يشبه أن يوصي به. ويكون به شريكاً مما لا يخرج من معاني الناس ولو وصل الإقرار في قوله له فيها حق وقال هي وصية بسكني شهر فهو مصدق مع يمينه / في إجماعهم، وكذلك له فيها ميراث سكني شهر كان والدي أسكنها والده وورث ذلك عن أبيه، ولو قال لك في رقبة عبدي هذا أحق ثم قال أردت دينا ثم قال الطالب لي عشر رقبته فلا يقبل من السيد حتي يقر له في رقبته إنا بالعشر أو بأقل فإن أقر بأقل صدق مع يمينه وإن قال لك علي عبدي حق ثم قال أردت دينا ثم قال الطالب لي عشر رقبته فلا يقبل من السيد حتي يقر له في رقبته إما بالعشر أو بأقل فإن أقر بأقل صدق مع يمينه وإن قال لك علي عبدي حق ثم قال أردت ديناً وقال الطالب بل لي في رقبته العشر فالمقر مصدق وهو شاهد علي عبده هو ولا يلزمه الدين إلا بعد يمين الطالب، ولو قال لك في عبدي هذا أو في امتي هذه حق فقال الطالب إنما لي حق في الأمة دون العبد فإن حلف المقر أنه لا حق له في الأمة برئ ولم يكن للطالب شئ في العبد لأنه نفي أن يكون له فيه شئ، ولو ادعي فيهما جميعاً جبر المقر أن يقر له في العبد بحق ويحلف في الأمة ما له فيها حق ويخلي عنه إلا أن يدعي الطالب أكثر مما أقر له به في العبد فيحلف علي الزائد.
[9/127]
***(1/122)
[9/128]
فيمن قال لفلان معي في هذا العبد شرك
أو قال هو بيني وبينه أو قال شريكي فيه
أو قد أشركته فيه ولم يسم جزء الشركة
من كتاب ابن سحنون: ومن قال لفلان في هذا العبد شرك قال معي أو لم يقل ثم قال هو العشر فالقول قوله.
قال ابن عبد الحكم: ويحلف إن ادعي المقر له أكثر سواء وصل الكلام أو لم يصل لأن الشرك يقل ويكثر وكذلك الدار.
قال ابن سحنون في قول بعض أصحابنا: له النصف / وفرق غيرنا بين قوله معي وبينه إذا لم يقل معي قالوا: إن قال معي مصدق فإن لم يقل معي فله النصف ولا فرق بين هذا، وأجمعوا أن لو وصل كلامه فقال له فيه شرك العشر أنه مصدق.
وإذا قال: هذا العبد بيني وبين فلان أو قال لي ولفلان ثم سكت فسئل فقال له الثلث أو السدس وقال الآخر لي النصف، فقال بعض أصحابنا وأهل العراق إن له النصف وقال آخرون من أحصابنا وقاله ابن المواز ومحمد بن عبد الحكم إنه مصدق في قوله: الثلث أو الربع أو العشر، وقال ابن سحنون وقد يحسن في الكلام أن يقال هو بين فلان وفلان لأحدهما أقل من النصف، قال ابن سحنون وكذلك قوله: فلان شريكي فيه علي اختلافهم، وفرق غيرنا بين قوله له فيه حق وبين قوله شرك إن لم يصل كلامه بالتفسير وأجمعوا أنه إن قال له شرك معي أو حق معي أنه مصدق فيما يذكر. وهذا حجة عليهم فيما خالفونا فيه إذا لم يقل معي وفي قول غير أشهب وأهل العراق إذا قال: فلان شريكي في هذا العيد أن له النصف إلا أن يصل كلامه بأن له أقل، وكذلك الحيوان والدور.
وإن قال: فلان وفلان شريكان معي في هذا العبد فهو بينهم أثلاثا عند بعض أصحابنا وأهل العراق. وقال أشهب: القول قوله مع يمينه فيما يقول منه قالوا جميعا وإن قال أشركت فلانا في نصف هذا العبد فله النصف كأنه قال أشركته بالنصف وكذلك أشركت في ربع هذا المتاع فله الربع / ولا يقال له نصف
[9/128]
***(1/123)
[9/129]
الربع وكذلك بربعه وإن قال: هذه الدار لفلان وفلان فهي بينهما نصفين إلا أن ينسق الكلام فيقول: لفلان الثلث ولفلان الثلثان فيكون كما قال.
فيمن أقر لرجل بشجر هل تكون له الأرض؟
أو بنخلة أو بجذع أو بجدار(1)أو بأسطوانة
أو ببناء دار هل تدخل في ذلك الأرض؟
ومن كتاب ابن سحنون وابن عبد الحكم: ومن أقر لرجل بكرم في أرض قضي له بالكرم والأرض، لأن اسم الكرم يجمع الشجر والأرض، ومن أقر أن هذا البستان له كان له الشجر والنخل والأرض، ومن أقر لرجل بنخل كانت له النخل بموضع أصلها وطريقها وما بين النخل من الأرض إلا أن تكون نخل يسيرة في أرض كثيرة والنخل تبع فيكون له النخل بأصلها ولا شئ له في الأرض التي بين النخل، وإذا طبقت النخل الأرض فله الجميع من النخل وأصولها وما بينها من الأرض لأنها تبع للنخل وكذلك في الشجر، ولو أقر له بعشرة أصول من هذا الكرم فله تلك الشجرات بأصولها.
ولو أقر له بثمن النخلة فادعي الطالب النخلة مع الثمرة فليس له إلا الثمرة مع يمين المقر.
[9/129]
***
__________
(1) في الأصل، أو بجذعين.(1/124)
[9/130]
قال ابن عبد الحكم: ولو أقر له بجذع النخلة لم يكن له من الأرض شئ ولا من الجريد ولا من الثمرة وإن لم تؤبر.
قال: ولو قال بناء هذه الدار لفلان فله البناء دون الأرض، وكذلك لفلان بناء هذا الحائط فله البناء دون الأرض، لأن البناء ليس يخرج من الأرض كما يخرج النخل والشجر من الأرض، والبناء ليس منها، وإن أقر له ببعض هذا الجدار فإنما له البناء دون الأرض، وإن أقر له بجذع هذه النخلة فله الجذع دون الأرض.
قال ابن سحنون: وإن أقر لرجل بحائط بين داريهما ثم قال أردت البناء دون الأرض فلا يصدق وتقضي له بالبناء والأرض وكذلك في إقراره له باسطوانة فادعي الطالب بناءها وأصلها فاختلف قوله فقال يقضي له ببنائها وأصلها، وقال أيضا: القول قول المقر مع يمينه.
وقال ابن عبد الحكم في الحائط: إن له الحائط بأرضه.
قال ابن سحنون: وإذا أقر له بخشية في داره أصلها ثابت في الأرض وعليها حمل فادعي الطالب الخشبة بموضوعها من الأرض فإنما له الخشبة وحدها فإن أقر أنه غصبه إياها فالطالب مخير بين تضمينه قيمتها [وبين أنه يأخذها ويهدم ما عليها، وقال أشهب: إن كان لا يؤخذ إلا بضر فعلي المقر قيمتها](1)للطالب.
قال ابن عبد الحكم: وإن كانت في يديه دار فقال لرجل أنت بنيت / هذا البيت فيها فقال له الآخر صدقت والعرصة لي وأخذتها أنت مني ظلما فلا يصدق في العرصة، وكذلك قال ابن المواز: وليس في سؤاله وأخذت العرصة مني ظلما، وقيل له أو ليس لما أقر أنه بني في الأرض أقر أنها صارت في يديه حين بني؟ قال أرأيت إن أدخل متاعا في بيتي أيحكم له بالبيت؟ قيل يقول ادخلته فيه وأنا حاضر قال: ويقول بنيت وأنا حاضر أرأيت إن قال أنا بنيت هذه الغرفة أيكون له ما تحتها، ؟ وفي غير هذا الكتاب من هذا المعني فيمن أقر لرجل بأرض أو أوصي(2)له بها أن ما فيها من عين أو بئر داخل في ذلك أو كان بينا من ذلك
[9/130]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) في الأصل أو أقر له بها والصواب ما أثبتناه.(1/125)
[9/131]
أن للبيت حقه من المدخل والمخرج ومرفق البئر والمرحاض وإن لم يذكره، ونحو هذا، وبعد هذا باب فيمن أقر له بالأرض فهل له ما فيها من أصل أو بناء أو زرع؟ وباب في استثناء البناء والأصول في إقراره ونحو هذا.
فيمن أقر بدنانير أو بدراهم من بيع
أو قرض أو غصب ولم يذكر وزنا ولا جودة
ثم ادعي نقصا أو رداءة في عين ونحوه
أو أقر بشئ مصوغ أو أقر بدينار دارهم
أو بدينار حنطة أو بدينار في دينار أو في دينارين.
قال محمد بن عبد الحكم: من أقر أنه اغتصب من رجل دينارا ولم يقل جيدا ولا رديئا ولا ناقصا ثم مات المقر حكم عليه بدينار جيد وازن علي نقد ذلك البلد فإن كان نقدهم مختلفا لزمه دينار من أي الأصناف شاء(1)/ [ بعد يمينه إن طلب منه اليمين يريد يدعي عليه أعلي من ذلك أو يموت الطالب فيحلف أنه لم يقر بأجود من هذا وكذلك في إقراره بالدراهم. إن كان ببلد دراهم كلها ناقصة لزمه وزن دراهم البلد.
وروي عن ابن القاسم فيمن قال غصبت فلانا دراهم ثم قال بعد ذلك كانت دريئة أنه لا يصدق. قال محمد وذلك إذا لم يصل الكلام. ومن قال غصبتك درهما ثم قال كان ناقصا أو زائفا رديئا لم يصدق وهذا رجوع. وإن ادعي معرفة الطالب فليحلف فإن نكل حلف الغاصب وصدق فإن نكل غرم دينارا وازنا جيدا وإن قال غصبتك دينارا [ رديئا أو قال ناقصا بكلام متصل فالقول قوله مع يمينه بخلاف إذا لم يصل كلامه وإن قال غصبتك ديناراً(2)وهو في كيسي هذا فأخرج كيسه وليس فيه إلا دينار ناقص أو ردئ فليس له غيره. فإن ادعي
[9/131]
***
__________
(1) من هنا سقط مقدار صفحة من الأصل أثبتناه من ص، وهـ وجعلناه بين المعقوفتين المواليتين لهذا التنبيه.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص، وأثبتناه من ف.(1/126)
[9/132]
عليه جيدا أو وازنا حلفه فإن نكل حلف المدعي وأخذ دعواه، فإن نكل قيل للمقر احلف وود ما أقررت به. ولو كان في الكيس دنانير مختلفة الوزن والجودة فقال المقر هو هذا الردئ الناقص صدق مع يمينه. ولو قال غصبتك دينارا هو في منزلي أو تابوتي لا أعرف وزنه ولا جودته فالقول قوله ويأتي بأي دينار شاء] ويحلف إن ادعي عليه غيره، وإن قال غصبتك دينارا هو في منزلي ولم يزنه فليأت بأي دينار شاء ويحلف إلا أنه إن مات لزمه دينار جيد، ولو مات في المسألة التي قال فيها لا أعرف جودته ولا وزنه فليقض عليه بأقل ما يقع عليه اسم دينار ولا يكون إلا صحيحا [ وإن قال غصبتك دينار متقالا فله أن يعطيه دينار متقالا صحيحا(1)] أو قطعا إذا كان ذلك مما يتعامل به في تلك البلدة، ولو قال: غصبتك دينارا هو في كيسي هذا فأخرج منه دينار قطعا أقل من دينار فلا يصدق ولا يكون القطع دينار إلا وازنا وليس بمضروب ويسمي دينارا بالسكة فإذا أقر بدينار قطع لزمه دينار قطع ولو قال مضروبا أخرج أي دينار شاء من كيسه وحلف إن سئل(2)اليمين إن كان ناقصا.
وإن قال غصبتك دينارا تبرأ لزمه وزن مثقال تبر، وإن قال: غصبتك دينارا ينقص قيراطا أو قيراطين فقال هو قطع وصحيح فذلك له مع يمينه إن طلبت منه إذا ذكر الوزن ذهبا.
وإن قال : غصبتك مائة درهم عددا ثم قال هي تنقص عشرة أو خمسة فهو مصدق إذا نسبها إلي لاعدد إن وصل الكلام بالعدد، فإن لم يقل عددا لم يصدق بعد ذلك أنها عدد أو أقل من مائة في الوزن، وقال أصحاب أبي حنيفة: إن عليه وازنه في العدد فإن قال عددا وقد جامعونا علي أنه إن قال مائة عددا لا أعرف وزنها أنه تلزمه وازنة. أرأيت لو شهد شهدان بهذا وقالا لا نعرف وزنها أيقضي عليه بوازنة؟ أرأيت لو قال علي / مائة درهم عددا من هذه الدراهم أتلزمه وازنة منها؟ ولو قال مائة منها ولم يقل عددا لزمه بإجماع مائة وازنة منها.
[9/132]
***
__________
(1) في الأصل، وحلف إن شاء .
(2) في الأصل، وحلف إن شاء.(1/127)
[9/133]
وإذا أقر لرجل بماشة درهم مطلقا وكانت المعاملة بتلك البلدة علي دراهم غير وازنة يكون دخل المائة خمسة وعشرة وأقل وأكثر فالقول قوله فيما يدعي مع يمينه، وإن كان في بلد دراهمه الشعرة علي وزن سبعة دنانير لزمته وازنة، وكذلك الدنانير وكذلك عيون الدنانير والدراهم له نقد تلك البلدة ولو أقر بفلوس كان له فلوس تلك البلدة الجارية فيه ولو بطلت الفلوس وهي قبل ذلك مختلفة فليق بأي سكة شاء ويحلف لأنه ليس في البلد وقت إقراره أمر يحملان عليه، وإن قال بالعراق له علي مائة دينار وقال من دنانير مر ودنانير العراق أجود فإنما عليه من دنانير مصر كانت أجود أو أردأ إذا وصل كلامه، وإذا قال له علي مائة درهم صغار سئل أي الصغار هي؟ ويصدق مع يمينه فيما يذكر من الصغار ولو قال له علي درهم ناقص صدق في مبلغ النقصان إذا كان يقع عليه اسم درهم ولو أقر بدرهم وزنه نصف درهم صدق إن وصل الكلام ويحلف.
ولو قال له علي مائة درهم وازنة إذا أقر بدراهم مثاقيل الدراهم، وإذا أقر بدنانير مثاقيل فله وزن مثاقيل الدنانير وإذا أقر بدرهم عريض أو قال ثخين(1)فله درهم وازن، ولو قال: درهم خفيف فهو مثل قوله / درهم ناقص وهو مصدق في وزنه ويحلف إذا وقع علي ما أقر به درهم، ولو قال درهم ثقيل فإن ادعوا عليه أن فيه أكثر من وزن درهم حلف فبرئ من الفضل.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا قال له: علي ألف درهم زيوف من ثمن بيع فقال الطالب هي جياد ففيها قولان: أحدهما أنها جياد إن كانت الزيوف لا يتبايع بها وكذلك النبهرجة(2)وإن كانوا يتبايعون بها فالقول قول المقر، وفي القول الآخر أن القول قول المطلوب مع يمينه إذا وصل الإقرار أن عليه ألف درهم قراض زيوف أو بهرجة ووصل وقال الطالب بل هي جياد. قال سحنون: فالقول قول المقر وكذلك في الإقرار بالغصب أو بالقوة إذا وصل الكلام الإقرار، ولو قال: مائة
[9/133]
***
__________
(1) التخين الصلب الكثيف الغليظ وفعله من باب ظرف.
(2) في الأصل، المبهرجة والصواب ما أثبتناه والدراهم النبهرجة هي الدراهم المزيفة يقال درهم بهرج ونبهرج. والبهرج من كل شئ الباطل.(1/128)
[9/134]
درهم ستوقة(1)من بيع فإن كان يتبايع الناس بها فالقول قوله، فإن كان لا يتبايع بها والسلعة قائمة فالمبتاع مخير إن شاء الله أخذها بما قال البائع أو ردها وإن فاتت صدق البائع إذا ادعي ما يشبه لأن المشتري ادعي ما يشبه لأن المشتري ادعي مالا يتبايع به الناس كأنه قال بلا ثمن.
وإذا ادعي البائع من الثمن مالا يشبه أعطي القيمة يوم التبايع بخلاف إقراره بالقرض، لأنه لو أقر بعشرة أفلس لم يلزمه غيرها.
قال محمد وكذلك القول قوله في الغصب في إجماع العلماء فيما أعلم. وكذلك في الوديعة مع يمينه.
فأما إن قال: / غصبته ألف درهم وسكت ثم قال بعد ذلك هي زيوف أو نبهرجة أو ستوقة أو رصاص فلا يصدق عند سحنون، وقال غيرنا يصدق من النبهرجة والزيوف ولا يصدق من الستوقة والرصاص، وهذا كله سواء عند سحنون.
ولو قال: غصبته دينارا رديئا او درهما رديئا كلاما نسقا فالقول قول الغاصب ولو لم يقل رديئا ثم قاله بعد ذلك لم يقبل منه ولزمه جيد.
قال ابن عبد الحكم: وإن قال غصبتك خاتما من فضة مغشوشة بكلام متصل صدق، ولو كان بعد أن سكت لم يصدق ويصدق المغصوب منه مع يمينه، فإن قال لا علم لي بما قال إنه غصبني وأنا آخذه بإقراره حلف أنه ما يعلم ذلك وله فضة جيدة.
قال ابن سحنون: وإذا أقر أن له عليه مائة درهم ثم قال هي وزن خمسة دوانق(2)أو قال تنقص المائة خمسة. إن كان ببلد تعرف فيه الدراهم كيلا وافية أخذ بوازنة إلا أن يكون استثناؤه نسقا فيصدق، وهذا إجماع فيما أعلم.
[9/134]
***
__________
(1) المستوقة: المزيفة درهم ستوق وستوق : زيف بهرج لا خير فيه وهو معرب وكل ما كان علي هذا المثال فهو مفتوح الأول إلا أربعة أحرف جاءت نوادر وهي سبوح قدوس وذو روح وستوف فإنها تضم وتفتح.
(2) الدوانق جمع دانق وهو سدس الدرهم.(1/129)
[9/135]
ولو كان بالكوفة فقال له علي مائة دينار عددا ثم قال تنقص عن وزن الكوفة فلا يصدق وعليه وزن الكوفة، وكذلك الدراهم إلا أن يكون كلامه نسقا، ولو كان البلد يتبايعون بنقص خمسة في المائة إن ادعي ذلك في إجماعهم ولا يصدق في أكثر من ذلك النقص، وإن كان البلد نقده مختلف فأقر له بمائة درهم ثم قال بعد ذلك هي من نقد كذا فذكر بعض ما يتعاملون به فهو مصدق / في إجماعهم . ولو قال له علي درهم كيلا ثم قال ينقص دانقا فلا يصدق إلا أن يكون الكلام نسقا، ولو قال له علي مائة درهم كيلا ثم قال: شئ من هذه الصغار فلا يصدق وعليه من وزن سبعة ولو أقر بمائة درهم من السود الكبار ثم قال هي من وزن سبعة، وقال الطالب هي مائة مثقال فالمقر مصدق ويحلف إن كان المعروف من الدراهم كلها من وزن سبعة إلا أن يسمي من الزيادة أو النقصان ما هو المعروف أو يكون استثناؤه نسقا هو لو أقر بدرهم صغير ثم قال هو نصف درهم، فإن كان وزن الدرهم الصغير بذلك البلد نصف درهم صدق ولا فله وزن الدرهم الصغير بالبلد إلا أن يتسق كلامه فيؤدي ما قال ولا ينظر إلي وزن البلد. ولو نسق كلامه والبلد لا يعرف فيه وزن الدرهم الصغير فليؤخذ منه ما قال ويحلف وإن لم ينسق كلامه وليس للصغير وزن عندهم أخذ بما أقر مع يمينه.
ولو أقر بدرهم، ثم قال هو خمسة دوانق وكذبه الطالب فليأخذه بواف إلا أن يكون كلامه نسقا، ولو أقر بدرهمين ثم قال هي ثلاثة صغار وزنها درهم ونصف وقال الطالب هي ثلاثة فليؤخذ بدرهمين وازنين وكذلك إقراره بفلس فعليه فلس تام أو بقفيز فعليه قفيز تام إلا أن يتسق كلامه بذكر قفيز بالعكي أو بالعباسي فيؤخذ به مع يمينه أو يكون ببلد فيه الأقفزة مختلفة فيؤخذ بما أقر به ويحلف / وإن لم يكن في نسق الكلام، وقال غيرنا: إذا أقر بدرهم صغير أن عليه من وزن سبعة وهو قد نسق الكلام بصغير. وقالوا إن نسق الكلام بقوله: وزن نصف درهم أنه مصدق، وهذه مناقضة، ولو قال له: علي دينار تبر أخذ بدينار مكسور ولو لم يقل تبرا إلا بعد سكات أخذ بدينار منقوش.
ومن أقر لرجل بمائة درهم من قرض أو بيع من وزن سبعة ثم قال هي زيوف أو نبهرجة [ فلا يصدق وعليه جياد علي ما يتبايع الناس ويتقارضون ولو وصل
[9/135]
***(1/130)
[9/136]
كلامه بقوله زيوف أو نبهرجة(1)كان ذلك كما قال في القرض، وأما في البيع فينقض إن لم تفت السلعة، وقال بعض أصحابنا: يؤخذ في البيع بجياد مما يتناقد الناس.
ولو قال: غصبته ألف درهم ثم قال هي زيوف أو نبهرجة فعليه جياد إلا أن يصل كلامه، وكذلك لو قال غصبته دينارا ثم قال بعد ذلك أنه ردئ فلا يصدق وعليه جيد إلا أن يصل كلامه وكذلك في السلف فيصدق قال رديئا أو قال ناقصا أو كليهما، وأما العروض فالقول قول الغاضب ما لم يستدل علي كذبه، ولو قال له: عندي ألف درهم وديعة، ثم قال بعد ذلك هي نبهرجة أو زيوف فهو مصدق نسق الكلام أو لم ينسقه، لأن المقر بالغضب أقر بشئ لزمه في الذمة فليس له أن يدعي ما ينقضه إلا أن ينسق كلامه، وفي الوديعة هو خالي الذمة فليس بمدع فيما يزيد منها.
ولو قال في الوديعة هي رصاص أو ستوقة لم يصدق إلا أن يصل كلامه فيصدق في إجماعهم.
وقال سحنون: إن قال / بعد تمام الكلام هي رصاص بحيث لا يقع عليها اسم دراهم وليس فيها فضة وأما إن كانت مختلطة رصاصا وفضه يقع عليها اسم درهم، قبلت قوله وإن لم ينسق كلامه. وإن أقر في البيع بدراهم يتبايع بها الناس وهي رديئة إلا أنها قد جازت بينهم فهو مصدق يريد ويحلف، ولو أقر له بألف درهم قرضا ثم قال هي هي نبهرجة أو زيوف فإن كانت مما يقرضه لنا كما صدق وإن كانت مما لا يجيزها الناس قرضه بينهم ولا البيع بها أبطلت قوله إلا أن يكون كلاما نسقا.
ولو أقر بعشرة أفلس من بيع أو قرش ثم قال هي من الفلوس الكاسدة لم يصدق في قولنا وقولهم، لأن الناس لا يتبايعون بها وكذلك قال سحنون في الغضب إلا أن يصل كلامه.
[9/136]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل مثبت من النسخ الأخري.(1/131)
[9/137]
قال غيرنا: هو مصدق مع يمينه وأجمعوا في الوديعة علي تصديقه ولو نسق بإقراره قوله من الكاسدة في بيع أو قرض فقال بعض أصحابنا وبعض أهل العراق: لا تصدق إذ لا تجزئ في بيع أو قرض، وقال بعض من هؤلاء وهؤلاء: يصدق في القرض ولا يصدق في البيع ويحلف البائع ويرد السلعة إلا أن يأخذها المبتاع بما قال البائع، فإن فاتت صدق المشتري فيما يشبه فلما ادعي من الثمن ما لا يتبايع به الناس صدق البائع فإن جاء بما لا يشبه كان له قيمتها من الفلوس الجياد وكذلك في الدنانير والدراهم في قول بعض أصحابنا إن قال له: علي ألف درهم زيوف / وهي من بيع فلا يصدق، وقال آخرون: يصدق في نسق الكلام ولا يلزمه إلا ما أقر به وإن لم تفت السلعة حلف البائع وله نقض البيع إلا أن يشاء المبتاع أخذها بما قال البائع أو يدعها البائع للمشتري بما أقر به وإن فاتت فالمبتاع مصدق في الثمن إن ادعي ما يشبه البيع، فإن ادعي مالا يشبه قضي للبائع بقيمتها من الدنانير الجياد.
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا قال: علي مائة درهم صنائعية من ثمن شئ اشتريته منه وقبضته وقال البائع هما جياد فإن نسق المبتاع كلامه صدق فيما قال من جياد أو رديئة في قياس قول ابن القاسم، وأما قياس قول أشهب فإن البائع إن شاء قبل قوله وإن شاء حلف وكانت له قيمة السلعة ما لم تجاوز مائة جيادا.
قال: وإن قال أقرضني مائة دينار صنائعية أو مغشوشة فلا يقبل قوله، وابن القاسم يقبل قوله.
وقد اختلف قوله فيه، وإن أقر أنه غصبه دينارا دراهم فعليه دراهم صرف دينار جيد في يوم الإقرار، فإن قال المغصوب منه كانت الدراهم يوم غصبني أرخص منها اليوم فالقول قول الغاصب مع يمينه وليس عليه إلا صرف اليوم، وقيل إنه يقر بدراهم صرف أي وقت شاء ويحلف، والأول أحب إلينا.
[9/137]
***(1/132)
[9/138]
وإن قال: غصبتك دراهم تسوي يوم الغصب دينارا سئل عن صرف يومئذ وحلف عليه إن سئل في اليمين. / وإن قال: عندي دينار في دينارين لزمه دينار ويحلف، وكذلك دينار صرف في دراهم فإنما عليه دينار، وإن قال له: علي دينار صرف لك في دراهم فهذا عليه الدراهم لأنه صرف لا يحل، وإن قال له: علي خمسة دراهم في ثوب علي وصفه فإن قال سليما وصدقه الدافع لزمه الثوب وإن أنكره لزمه الدراهم وحلفه.
وإن قال: غصبتك دينارا في حنطة أو شعير أو عسل أو بر أو في عوض فليقر بما شاء مما قيمته دينار من هذه الأصناف، وإن كان مما له مثل كالحنطة والشعير غرم مثله وما ليس فيه مثل غرم فيه دينارا ولو قال: قيمته دينارا وهو يسوي اليوم نصف دينار هكذا أقر فإنما عليه المكيلة ويحلف.
ومن العتبية روي عيسي عن ابن القاسم فيمن أقر لرجل بعشرة دنانير نقص فأتي ينقص كل دينار ربعا وثلثا. قال: يقبل قوله ويحلف كنقصان العدد.
فيمن أقر بشئ مبهم من العروض
أو الطعام أو الأدام أو الرقيق أو الحيوان
ولم يذكر في ذلك صفة ولا جنسا
ولا في الحيوانوالرقيق ذكراً ولا أنثي
أو أقر بوديعة ولم يذكر ما هي
وكيف بالتداعي في ذلك
أو أقر بخير ثيابي أو أكبر بيت في داري!
من كتاب ابن سحنون: فإن اقر أن لفلان علي كذا حنطة من بيع ثم قال: وسط من القمح وقال الطالب / هو جيدها فالمقر مصدق في قوله وسطا، أو رديا في إجماعهم، وكذلك كل ما يكال أو يوزن بخلاف العين في قول أصحابنا لأنه في العين مدع للتبايع بخلاف ما يتبايع الناس له وقد يتبايعون حنطة جيدة ووسطة ورديئة، ولو قال: أسلمت إلي في كر حنطة ووصفه بغير الجودة فإن
[9/138]
***(1/133)
[9/139]
كان مما يسلم الناس فيه وتجري بينهم فالمقر مصدق مع يمينه، وكذلك في الغصب والوديعة .
ولو جاء الغاصب بكر حنطة أصابه ماء أو عفن وفيه منفعة للأكل أو للعلف فهو مصدق أنه الذي اغتصب منه أو أودع عنده ولو أتي بعفن قد بطل ولا نفع فيه ولا ثمن له فقال هذا الذي غصبتك لم يصدق، ولو قال هذا الذي أوعدتني صدق لخلاء ذمته، والغصب مضمون فيحمل علي انه استهلكه.
ولو قال: غصبته ثوبا يهوديا ثم جاء بثوب يهودي خلق فقال هذا هو فهم مصدق ويحلف لأنه ثوب بعد خلق مخترق(1).
وكذلك الوديعة، ولو جاء بخرق لا منفعة فيها ولا ثمن لها لم يصدق في الغصب ويضمن ويصدق في الوديعة، وقد يأتي عليه عنده سوس فيصدق فيه المستودع، ولو قال أودعني عبدا أو غصبته إياه ثم أتي بعبد معيب فقال هو هذا فكذبه الطالب فالمقر مصدق مع يمينه.
ومن"كتاب" محمد بن عبد الحكم: وإن أقر أنه غصبه كبشاً فإنه مصدق فيما أتي به من الكباش أو قيمته إن هلك وكذلك الحيوان / والعروض وكل شئ إلا الدنانير والدراهم لنه لو باع منه ثوبا بدرهم فإنما له درهم جيد وازن فإن كان النقد بالبلد مختلفا في السلع فله نقد تلك السلعة حتي ولو باعه ثوبا بكبش بلا صفة لم يجز البيع وليس في الكباش ظاهر يقصد إليه والدنانير والدراهم ظاهرها الجودة.
وإذا أقر له بمكيل من قمح أو شعير أو غيره من الحبوب أو كيل من زيت أو سمن أو عسل فله أن يقول أي حنطة شاء وأي شعير، وكذلك يقول في العسل علي نحل أو قصب أو غيره ويحلف وكذلك الزيوت إن كان بمصر أعطاه أي زيت شاء إن شاء زيت أو فجل أو كتاب وكذلك حبوب، ولو كان بالشام أو المغرب لزمه عسل النحل وزيت الزيتون إلا أن يكون عندهم زيت غيره
[9/139]
***
__________
(1) في غير الأصل منحرق.(1/134)
[9/140]
يستعملونه، وإن أقر بحنطة لزمه من حنطة تلك البلدة إلا أن يصل الكلام فيقول من حنطة بلد كذا وكذلك الشعير.
وكذلك إن أقر بالعراق بزيت فقال بكلام متصل زيت فجل لزمه. وإذا أقر بذلك وقال: أردت النفط فإن كان النفط يقع عليه اسم زيت قبل منه مع يمينه وإلا فلا، وإن قال: غصبتك ثوبا يسوي دينارا فجاء بثوب يسوي أقل من ذلك فقال هذا هو. وقال الطالب لا أعلم صفته فإن حلف أنه ما يعلم أن هذا الثوب كان له فله أخذ المقر بدينار، ولو أقر أنه غصبه طائرا فعليه أي طير أقر به إنسيا أو وحشيا / ولو قال مذبوحا بكلام متصل صدق وإن لم يصله فهو علي الحي وكذلك عن مات ولم يفسر.
وإن قال: أردت دجاجة أو أوزة قبل منه ويحلف إن سئل اليمين، ولو قال: هو نعامة لم يصدق، وإن أنكر الطالب، وإن قال غصبتك شاة أعطاه ما يقر به من كبش ذكر ونعجة وماعز ذكر او أنثي لأنه يقع علي ذلك اسم شاة، ولا أعلم أنه يقع علي ما دون الجذعة(1)شاة فإن غرف ذلك أعطيها ولو قال: تيس(2)لم يقع إلا علي الذكر.
وكذلك الثيران لا تقع إلا علي الذكور ولا تقع النعجة إلا علي الأنثي الكبيرة والنعجة من المعز لا تكون إلا أنثي صغيرة، وإن قال غصبته بهما كان عليه ثلاثة من البهم ذكرانا كن أو إناثا.
وإن قال: أردت حمارا وحشيا لم يصدق إلا أن يصل كلامه، وإن قال غصبته دابة قبل قوله في الخيل والبراذين والهجن والبغال والحمير، وإن قال أردت من البقر أو الإبل أو العبيد أو الماشية لم يصدق كما لو وكله علي شراء دابة لم يقع ذلك إلا علي ما يجري في عرف الناس ولو كان علي عموم الآية (( وما من دآبة في
[9/140]
***
__________
(1) الجذعة أنثي الجذع وله إطلاقات حسب الصنف الذي ينسب إليه فهو يطلق علي ولد الشاه في السنى الثانية وعلي ولد البقر والحافز في السنة الثالثة وعلي ولد الإبل في السنة الخامسة ويقول الأزهري ينبغي أن يفسر قول العرب تفسيرا مشبعا لحاجة الناس إلي معرفته في أضاحيهم وصدقاتهم وغيرها.
(2) التيس : الذكر من المعز والظباء والوعول جمعها أتوس وأتياس وتيسة.(1/135)
[9/141]
الأرض إلا علي الله رزقها))(1)ولو وقع علي الذرة فما فوقها، ولو قال: غصبتك شيئا وسمي دابة فهذا لو أقر بما شاء مما يقع عليه اسم دابة قبل منه لأنه بين أنه لم يرد ظاهر الأشياء، ولو قال تيسا أو غزالا أو أرنبا حلف ويصدق، فإن قال: غصبته بقرة كان ذلك علي الذكر والأنثي ويحلف وفيه اختلاف، ولو قال بقرة مسنة لم يقع إلا / علي أنثي كبيرة، والبقر والخيل والجمال يقع علي الإناث والذكور، ولو قال: جمل كان ظاهره ذكرا.
ولو قال: لك عندي حمامة وقع علي الذكر والأنثي، ولو قال حمامة من حمام الأبراج قبل منه، والعرب تسمي الساق حر(2)والدياسي والفواخت حماما وليس بمستعمل في أفواه الناس، وإنما يريدون الحمام الذي يفرخ في البيوت، ولو أقر له بفرس قبل منه الذكر والأنثي مسنا وغير مسن ويحلف.
وإن قال: غصبته عيراً كان من الحمير وإن قال حمارا أو قال بغلا فالغالب أن ذلك ذكور وفيه اختلاف، ولا تكون البغلة إلا أنثي والاتان لا تكون إلا أنثي، وقوله ماعز يقع علي الذكر والانثي، وإن قال: غصبته فصا فليقر بما يشاء من أصناف الفصوص الياقوت والزبرجد وعقيق وحبشي وفيروزي وغيره من الأصناف، وأنا إن قال: فص جوهر لم يكن إلا ياقوتا أحمر أو غير أحمر والزبرجد وكل ما خلق خلقا من الجوهر بلا صنعة للآدميين فيه فهو جوهر.
وإن قال: عقيق فإن كان خلق خلقه فهو جوهر وإن كان اليزادي والادرك كذلك فهو جوهر، وإن قال غصبته جوهرة ولم يقل فصا فله أن يقر بما يشاء عن ياقوت أو زبرجد ولؤلؤ وما يقع عليه اسم جوهر.
إن قال غصبته حليا كان له أن يقر بما يشاء من الحلي من ذهب أو ورق ولؤلؤ / وجوهر وعقيق وغيره من لباس النساء حليا مشهورا منظوما مثقوبا وصحيحا ومكسورا، وإن أتاه بحلي مكسور فهو يقع عليه اسم حلي، وفي اللؤلؤ
[9/141]
***
__________
(1) الاية 6 من سورة هود
(2) الساق حر: ذكر القماري(1/136)
[9/142]
غير المثقوب اختلاف. قال الله سبحانه (( يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا))(1)ولو أتاه بحلي نحاس مطلي بذهب أو فضة لم يلزمه ويحلف الطالب، فإن قال لا أدري إنما أقر لي حلف أنه ما يعلم أنه هذا ولم يلزمه المطلي، ولو أتاه بحلي من سك(2)أو زعفران ونحوه لم يلزمه وليس هذا ظاهر الحلي ولو أتاه بحلي سيف أو حلي منطقة أو مصحف أو لجام وقال هذا أردت فما هذا عندي بظاهر حلي النساء ويحلف، وكل ما أقر به مما يختلف من القمص والجباب والسراويلات والسيجان(3)والأردية وجميع الأمتعة فله أن يقر من ذلك الصنف بما شاء ويحلف، والأكسية لا أعلمها تقع إلا علي الصوف أو الخز. والسيجان يقع علي الصوف، والكتان والقطن والأردية لا تقع إلا علي الكتان والقطن والخز، وإن كان يعرف من الحرير اردية دخلت في ذلك، والعمائم تقع علي الأصناف كلها من كتان وقطن وصوف وخز صغار وكبار مما يصلح للرجال والصبيان، وإن أقر له بكساء فقال هو قومصي(4)أو صوف مصري أو طبري أو خز فذلك إليه والطبرازي الأغلب علي رسمه ساج ويحمل ذلك في البلدان علي ما يعفرون وسيجان القطن لا تكون إلا مدورة إما منسوجة أو قطعت من ثوب والكساء / يقع علي المدور والمربع ومطبقا وطاقا والساج الطبرازي يقع عليه مدور وجديد لم يقطع وكذلك الكردي الجبلي ولو أقر أنه غصبه قوسا فليقر بما شاء من أصناف القسي، ولو أقر بسهم لم يقع إلا علي السهام العربية وشبهها، والنشاب بخلاف ذلك، ولو قال قوس نشاب لم يقع إلا علي العربية، والرماح تكون من القنا وغيرها وثم بلاد لا يعرفونها إلا من القنا فيحملون علي ما يعرفون وكذلك بلد لا يعرفونها إلا من الزان(5)، وإن كان بلد فيه الصنفان أقر بما شاء وحلف، وإن أقر أنه غصبه كل سلاح عنده كان
[9/142]
***
__________
(1) الآية 23 من سورة الحج.
(2) السك: نوع من الطيب
(3) السيجان: جمع ساج وهو الطليسان الواسع المدور.
(4) بياض بالأصل، ملأناه من النسخ الأخري .
(5) الزان: شجر من فصيلة البلوطيات.(1/137)
[9/143]
ذلك علي السيوف والرماح والبيض الحديد والقسي والنيل والمزاريق(1)والأترسة(2)والسواعد وشبهها يقر من ذلك بما يقع عليه، وليست المنطقة والأقبية والخناجر واللبادات من السلاح عندي، وأما ما كان لوقاية الدواب من التجافيف(3)وغير ذلك فهو من السلاح، وليست السروج واللجم والسكاكين للأقلام والذبح من السلاح، وليست الحسك من السلاح وهي كالحصون.
ومن كتاب ابن سحنون قال أصحابنا: إذا أقر بعبد دنئ أو بشئ من الحيوان فذلك يلزمه، وقال مثل قولنا أبو يوسف، وقال صاحبه : باطل إلا أن يفسر من أي شئ لزمه، وإذا أقر أقر أن لفلان عليه عبداً وفلان يدعي ذلك ثم قال لا شئ له علي فلا بد له / من الإقرار بعبد علي أي صفة أقر بها مع يمينه ويجبر علي ذلك. وكذلك إن أقر له بعيد قرضاً أخذ به والقول في صفته قوله مع يمينه.
[وقال غيرنا: يؤخذ بقيمة عبد والقول قوله فيه مع يمينه،(4)وإن كان العبد لا يكون قرضا. قال محمد: فإذا كان لا يكون قرضا فلم ألزمه ما لا يكون©(5)؟، وكذلك في إقراره ببقرة أو شاة والقول وقوله في الصفة، وإن جاء لشئ فقال هو هذا فهو مصدق مع يمينه وإن أقر أن له عليه دابة لزمه ذلك.
وقيل له هلم لي أي الدواب(6)شئت واحلف علي ذلك، وقال غيرنا:يلزمه أي الدواب شاء، وإن جاء بدابة فقال هي هذه أو جاء بفرس أو برذون أو بغل أو حمار فالقول قوله في إجماعنا.
[9/143]
***
__________
(1) المزاريق جمع مزارق وهو الرمح القصير.
(2) الأترسة: جمع ترس وهو صفحة من الفولاذ تحمل للوقاية من السيف ونحوه.
(3) التجافيف جمع تجفاف وهي آلة للحرب يتقي بها كالذرع للفرس والإنسان وكتبت هذه الكلمة في الأصل محرفة.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من ص، وهـ.
(5) في ص، وهـ، فلم الزموه ما لا يكون ؟
(6) كذا في ف، في الأصل، هلم أي الدواب شئت.(1/138)
[9/144]
قال محمد بن عبد الحكم: كل ما أقر به أنه غصبه لرجل من عبد أو دابة أو ثوب وبما لا يقضي بمثله فإنه إذا تلف فعليه قيمته والقول قوله في القيمة، وقال أبو حنيفة: إذا أقر بعبد فعليه قيمة عبد وسط، قال محمد: لا معني للوسط في هذا إنما هو إقرار بما وقع عليه عبد مما يقر به فليس عليه إلا قيمته علي ما يقر به من صفته(1)أرأيت لو قال غصبته خلخال ذهب أو طست ذهب ألا يقبل قوله في وزنه حتي يجعل وسطا؟ أرأيت إن قال له علي دراهم أليس عليه أقل الدراهم؟ وكذلك إن قال له: علي حق أليس ذلك أقل ما يكون من الحقوق؟ وقالوا / : إن أقر أن عليه دارا أو أرضا أو بستانا أو نخلا فإنما يأخذه بأدني ما يكون من ذلك، فهذا تناقض ولا فرق بين هذا وبين العبد.
قال ابن سحنون: فإن أقر له أن عليه دارا أو أرضا أو نخلا أو بستانا لزمه ذلك أن يقر بما شاء من الدور والأرضية وغيرها يجبر علي ذلك، وهو مثل قوله عصبته، دارا أو قال أرضاً أقر بذلك عند قاض، فليأخذه بذلك، وإذا أقر أن لفلان عليه ثوبا هروياً فليؤخذ به وهو مصدق فيما أتي به من ثوب هروي ويحلف، ولو قال له: علي ثوب ولم يسم جنسه فأي ثوب جاء به قبل منه مع يمينه وكذلك لو قال: علي ثوب فاللبيس والجديد في هذا سواء.
قال محمد بن عبد الحكم: إذا أقر أن لفلان عليه عبداً أو أمة أو حيوانا أو ثوبا أو غيره من العروض فإن قال هو سلف فعليه مثله علي ما أقر من صفته وكذلك من بيع في الحيوان وغيره وقال غيرنا يكون الحيوان من بيع ولا يستسلف فلا يكون دين من سلف ولا بيع، ولا حجة لهم في ذلك، والأخبار عن النبي صلي الله عليه وسلم في ذلك كثيرة وقد رووا عن ابن مسعود أنه كره السلف في الحيوان، وإنما الخبر عنه إن كرهه بشرط من فحل بعينه، واعتلوا أن الصفة فيه لا يحاط بها، وكذلك غيرها من العروض والثياب وقد يسوي(2)ثوب يوصف بالدقة والصفاقة والعرض
[9/144]
***
__________
(1) في ف، من صنفه.
(2) في التسخ كلها يسوي علي وزن يفعل وقال الفراء إنه لا يعرفه وإنما يعرف يساوي والمؤلف يستعمله كثيرا في كتابه هذا.(1/139)
[9/145]
والطول، قد يسوي ثلاثة دنانير ويسوي خمسين دينارا، وكذلك من القطن. / والوشي يختلف [به قيمته](1)بأجر كثير، وقد استسلف النبي صلي الله عليه وسلم، بكرا(2)، ولو قال جبائي أو غلائلي غصبتها من فلان أو لفلان فله كل جبة مقطوعة من أي الأصناف كانت من خز أو وشئ أو غيره، وكذلك الغلائل، وأما ما كان غير مقطوع ففيها قولان: أنها تكون له مثل العدني من الغلائل وشبهها، والقول الآخر ليس له إلا ما كان مقطوعا، وكذلك لو قال: لفلان جميع كسوتي لم يكن له منها إلا ما قطع أو لبس من رداء أو غيره والسراويلات، والسيجان(3)يدخل في الكسوة، وبهذا أقول، ولو قال: غصبته ما في بيتي من وسادة فله ما جاوز المخادد من الوسائد وسائد الطرح والمتكآت.
ولو قال ما في بيتي من لحاف كان له اللحف التي ينام فيها، وبرا(4)أو قطناً أو خزاً مبطنا وكل ما يلتحف فيه إلا أن الظاهر ألا يدخل في ذلك ساجه ولا رداؤه وإن نام فيهما، ولو قال القطف(5)لم يقع إلا علي الصوف والخز والكتان المخمل، وما شك فيه حمل علي الأغلب الظاهر، ولو قال ادفعوا إليه لحافي الذي أنام فيه ولم يكن ينام إلا في قطيفة رأيتها له لأنه نسب ذلك إلي الذي ينام فيه ويحمل كل ذلك علي الأعم في اللحف عندهم، ولو قال غصبته ثوب وبر وقع ذلك علي أي ثوب من الوبر شاء. إن قال ثعالب أو سنجاباً أو سموراً(6)أو دلقا(7)أو غيره من أصناف الوبر ولا يدخل في ذلك الضأن، والقول قوله إن أقر
[9/145]
***
__________
(1) الزيادة من ص.
(2) البكر: الفتي من الإبل والأنثي بكرة وقد جاء هذا الحديث في مسند الإمام ابن حنبل عن أبي رافع بالجزء السادس صفحة 390 المطبعة الميمنية بمصر.
(3) تقدم شرحه والمراد به هنا الطليسان الأخضر.
(4) الوبر هو للإبل والأرانب ونحوها كالصوف للغنم.
(5) القطف جمع قطيفة وتجمع القطيفة علي قطائف أيضا وهي دثار مخمل يلقيه الرجل علي نفسه.
(6) السمور حيوان بري يشبه ابن عرس وهو أكبر منه لونه أحمر مائل إلي السواد تتخذ من جلده فراء ثمينة وربما أطلق السمور علي جلده.
(7) الدلق حيوان من فصيلة السموريات يقرب من النسور في الحجم وهو أصفر اللون بطنه وعنقه مائلان إلي البياض ( فارسية).(1/140)
[9/146]
به(1)مظاهراً أو غير مظاهر، ولو أتي/ بجلود لم تقطع فقال هذا أردت لم يصدق إذا أنكر الطالب.
وإن قال: غصبته رحي(2)بأداتها فله أن يقر برحي من أرحاء تلك البلد رحي ماء أو رحي فارسية، أو رحي خبز الكعك بمصر ورحي اليد وكل ذلك يسمي رحي(3)بأداتها فله أن يقر برحي من أرحاء تلك البلد رحي ماء أو رحي فارسية، أو رحي خبز الكعك بمصر ورحي اليد وكل ذلك يسمي رحي وأقل ما يقع عليه ذلك الاسم الحجر الأسفل والأعلي والعجلة والعمود الذي يديرها والقادوس الذي يصب فيه القمح والعمود الذي فيه القوس والقوس وليست الخشبة المعترضة عندي من الرحي ولا الحبال.
وإن قال غصبته سانية(4)بأداتها كان له سانية بعجلتها وترسلها وسهمها المعترض الذي يدير(5)وليست الخشبة التي يدور فيها السهم المعترضة علي فم البئر والخشبة التي يدور فيها عمودها القائم المعترض فوق عمودي الساقية ولا الحبال والقوادس من ذلك، ولو قال غصبته عبداً أو جارية جاء بعبد أو جارية صغير أو كبير من أي جنس، وإن قال: قد تلف فالقول قوله في قيمته، وإن قال كان معيبا أعور أو أعرج أو غير ذلك صدق ويحلف إن طلبت منه اليمين، وكذلك جميع الحيوان.
وفي باب الإقرار في البيوع شئ من معني هذا الباب.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا قال لفلان عندي وديعة ولم يبين ما هي فهو مصدق في إجماعهم فيما أقر به من شئ، فإن ادعي عليه غيره حلف إن كان متهما، ولو أقر بثوب وديعة فأي ثوب أتي به خلفا أو جديدا معيبا أو صحيحا فالقول قوله فيه مع يمينه، وإن قال الآخر: أودعته / صحيحا فإن اتهم حلف له وكذلك إن أقر بشئ من الحيوان فما سمي من ذلك قبل منه قوله بعد يمينه إن
[9/146]
***
__________
(1) به ساقطة من الأصل.
(2) الرحي الطاحونة مثناها رحوان ورحيان وتمد فيقال فيها رحاء ومثناها وحاءان والجمع أرحية وأرحاء.
(3) وردت العبارة في الأصل محرفة ووردت في ف بصيغة أخري تدل علي نفس المعني حيث جاءت علي الشكل التالي وذلك كله يسمي رحي.
(4) السانية ما يعرف بالساقية أو الناعورة.
(5) في ف الذي يدور(1/141)
[9/147]
اتهم وكذلك إن كان به عيب، فقال كذلك استودعتنيه ولو قال: حدث به عيب عندي فهو مصدق ويحلف إن اتهم أنه فعل ذلك به، ولو قال: غصبتنيه ولم استودعكه فالمقر مصدق ولا شئ عليه.
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا قال له أرفع ثوب من ثيابي هذه فله أرفعها ثمنا اختلفت أجناسها أو اتفقت وكذلك الرقيق والحيوان كله ولو قال له أكبر بيت في داري هذه فوجد فيها بعض هذا أعرض وبعض هذا أطول وبعض أرفع سمكا فلا ينظر إلي السمك ولكن أكبرهما في الطول والعرض مثل أن يكون أحدهما عشرة في عشرة فتكون فيه مائة ذراع مكسرة ويكون الآخر تسعة في عشرة فهو تسعون ذراعا الأول أكبرهما ولو كان الآخر فيه تسعة في اثني عشر كان أكثرها لأنه مائة وثمانية أذرع.
فيمن أقر بشئ علي صفة
ثم قال إنما أقررت بشئ آخر
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا أقر لرجل بثوب وشئ ما قامت عليه بذلك بينة، فقال: إنما أقررت له بثوب كتان فإنه يلزمه الثوب الكتان والوشي، ولو قال له دار في يدي بغافق قيل له أقر له بأي دار شئت منها فإن أقر له بدار في خولان لزمه ما أقر به من التي بخولان ويلزمه / أن يأتي بدار بغافق إن ادعي المقر له كلاهما، وإن أقر له بحق في دار فشهدت عليه بينة أنه أقر له ببيت منها فقال هو بل بهذا البيت أقررت لزمه البستان إن ادعاهما الطالب.
[9/147]
***(1/142)
[9/148]
فيمن أقر بعدد من صنفين لم يذكركم(1)من كل صنف
كقوله علي مائة مثقال ذهب وفضة أو كر(2)من حنطة وشعير
أو له عندي ألف وديعة وقراض ونحو هذا
أو قال لفلان علي ألف ولم يفسر كيف هي بينهما
وكيف إن استثني من ذلك أو ذكر البيع علي ذلك
من كتاب ابن سحنون: وإذا قال لفلان علي مائة مثقال فضة وذهب فالقول قوله فيما منهما ذهب وفيما منهما فضة في قياس قول أصحابنا وعند سحنون، وإن جعل الفضة أكثر كما له في إجماعنا مع من خالفنا أن يجعل الذهب رديئة والفضة رديئة فكذلك له أن يجعل أحدهما أكثر عدداً.
وقال من خالفنا: عليه النصف [من كل صنف](3)فناقضوا ولو قال الذهب من ذهب كذا أو الفضة من فضة كذا صدق مع يمينه في إجماعنا.
وقال محمد بن عبد الحكم: مثله في قوله له علي مائة دينار ودراهم فليقر بما شاء من كل صنف إلي تمام العدد ويحلف، وكذلك إن قال: غصبته كيساً فيه دنانير ودراهم أقر بما شاء بقليل صنف وبكثير آخر(4).
وكذلك قوله: غصبته ضأنا إناثاً وذكوراً أقر بما شاء من كل صنف، وكذلك في البقر والإبل وكذلك في البقر والإبل وكذلك لو قال / فيها إناث وفيها ذكور.
قال ابن سحنون: وكذلك إن قال له علي كر من حنطة وشعير فهو مصدق في قلة أحدهما وكثرة الآخر إلي مبلغ الكر.
وإن قال أيهما وسط أو أحدهما صدق في إجماعنا، وهذا حجة لنا عليهم في قولهم النصف من كل صنف، وكذلك هذا في القرض والسلم والوديعة والغصب
[9/148]
***
__________
(1) في ف ولم يذكر.
(2) الكر بضم الكاف مكيال قيل إنه أربعون أردبا وقيل غير ذلك والجمع أكرار.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من النسخ الأخري.
(4) في ف من تقليل صنف وتكثير، وفي هـ من تقليل كل صنف وتكثير آخر.(1/143)
[9/149]
والبضاعة، وإذا قال أسلمت إلي في كر من حنطة أو شعير الثلثان شعير والثلث حنطة وقال الطالب بل النصف من كل صنف [فالذي عليه السلم مصدق مع يمينه، فإن قال المطلوب لم يسموا كم من كل صنف، وقال الطالب قد سمينا النصف من كل صنف(1)فالطالب مصدق من باب دعواه لما يجوز وادعي الآخر ما لا يجوز ولو تضاد فأفسد السلم.
وإن قال: استودعني عشرة أثواب مروية ويهودية فهو مصدق فيما يذكر من عدد كل صنف، وكلك في السلم إذا قال قد سمينا ذلك وقت العقد صدق مع يمينه، وإن قال لم يسم وقال الطالب قد سمينا فالقول قول الطالب لدعواه الأمر الجائز ويحلف، وقال غيرنا إن نكح علي كر من حنطة وشعيرة ولم يسميا كم من كل صنف أن النكاح جائز وكذلك الخلع والشراء والبيع، وقلنا: البيع والنكاح فاسدان [ويفسخ البيع](2)ويفسخ النكاح قبل البناء ويثبت بعده. ولهذا صداق المثل، وكذلك من باع عبدا بكرين من حنطة وشعير حالا أو مؤجلا فذلك عندنا فاسد وعندهم / جائز وعليه النصف من كل صنف، وإن أقر أن له عليه كر حنطة وشعير وسمسم فالقول قوله مع يمينه في مقادير ذلك ولا يكون عليه من كل واحد الثلث كما قال غيرنا.
وكذلك قوله علي فرق(3)من سمن وزيت أو قال كذا وكذا من ورس وزعفران فهو مصدق مع يمينه في مقادير ذلك، ولو قال له علي قفيزان من حنطة وشعير إلا ربعاً فعليه قفيزان إلا ربعا وهو مصدق كم القمح وكم الشعير؟ وقد قيل: يسقط ربع الجميع ويكون عليه قفيز ونصف ويصدق في تسمية كل صنف، ولو قال لفلان علي ولفلان قفيز من حنطة وشعير فعليه لكل واحد منهما نصف قفيو ويصدق في كم القمح وكم الشعير مع يمينه، وإن قال لفلان وفلان علي ألف درهم
[9/149]
***
__________
(1) ما بين معقوفين ساقط من ص وف، ومثبت في الأصل وهـ.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وجاء في هامش ف ما ياتي: في كتاب البيوع الفاسدة من المدونة فمن باع عبدا بألفلا مثقال منذ هب وفضة فإن البيع فاسد.
(3) الفرق بسكون الراء وفتحها مكيال كان معروفا بالمدينة وهو ستة عشر رطلا والجمع فرقان وهذا الجمع يكون لهما جميعا كبطن وبطنان وحمل وحملان.(1/144)
[9/150]
ولم يسم كم لكل واحد منهما فإنهما بينهما نصفين: فإن قال بعد ذلك لفلان منهما شتمائة وللآخر أربعمائة لم يصدق ويغرم للذي أقر له بستمائة إلا أن يكون الكلام نسقا فلا يضمن. ولو وصل الكلام كان كما قال ولم يضمن إن شاء الله.
قال محمد: وجاء معنا أهل العراق فيمن قال استودعني فلان ثلاثة أثواب زطيه ويهودية أنه مصدق إن شاء قال يهودي وزطيان مع يمينه ويلازمهم علي أصلهم أن يلزموه النصف من كل صنف.
قال ابن المواز ومحمد ابن عبد الحكم: إذا قال له علي ثلاثة أثواب شطوي وهروي فهو مصدق فيما يقول من كل صنف، قال ابن عبد الحكم: وقال أهل العراق نحو قولنا في هذا فتناقضوا / في قولهم في الدنانير والدراهم أن عليه النصف من كل صنف.
قال ابن المواز: يكون له ثوب من كل صنف ويكون المقر في الثالث مصدقاً مع يمينه، فإن قال: لا أعرف وقد نسيته حكم للمدعي بما ادعي بلا يمين وإنما يحلف لو قال المطلوب إنما تطلب باطلا وأنا موقن ذلك وأكره اليمين فاحلف أنت فإن لم يحلف لم يكن علي المطلوب إلا ما أقر به في الثوب الثالث.
وأنا إن قال ما أدري قيل له كيف تحلفه وأنت لا تدفع قوله ولا أنت مدع عليه بأجود ولا بأكثر؟
قال ابن المواز: وإذا قال المريض لفلان علي مائة دينار وداراهم فإن أمكن مسألته سئل والقول قوله ويجبر حتي يبيم فإن مات فورثته بمثابته يقرون بما ساءوا من كل صنف ويحلفون(1)، فإن أنكروا علم ذلك جعل النصف من كل صنف بعد أيمان الورثة أنهم لا يعلمون له شيئا وبعد يمين المقر أنه ليس حقه أقل من ذلك علي البت لا علي العلم.
وكذلك لو قال له علي قنطار عنب أبيض وأسود أو قال قنطار عنب وتين لكان النصف والنصف إلا أن يقول المقر أكثر ذلك من العنب أو من التين ويحلف عليه.
[9/150]
***
__________
(1) في جميع النسخ يقروا ويحلفوا بإسقاط نون الرفع والصواب ما أثبتناه.(1/145)
[9/151]
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا قال لفلان عندي ألف درهم قرض ووديعة فالقول قوله فيما يذكر أنه قرض منه أو وديعة إن قال الوديعة الثلثان فهو مصدق مع يمينه. وقال غيرنا: لا يصدق إلا أن يصل كلامه وإلا كان ذلك نصفين وإن قال: له قبلي ألف درهم مضاربة / وقرضا ثم قال مائة منها قرض وتسعمائة مضاربة [ فهو مصدق مع يمينه.
وإن قال له قبلي(1)ألف درهم كر من حنطة وشعير الحنطة من ذلك مختوم فهو مصدق مع يمينه. وإن قال: له عندي ألف درهم مضاربة(2)ووديعة خمسمائة مضاربة وخمسمائة وديعة فالقول قوله إلا أن يحرك الضماربة فيعمل بها فهو ضامن إن خسر.
وفي كتاب آخر إلا أن يحرك الوديعة [وكل محتمل](3)لأنه قد يدعي رب المال انه كله وديعة فيصير متعديا بتحريكها وقد اختلف في هذا الأصل.
وإذا قال: له عندي ألف درهم هبة ووديعة وقال الطالب هي وديعة ولم أهبك شيئا فالقول قوله في إجماعنا.
فيمن أقر أن لفلان الدين الذي علي فلان
وله عليه صنفان فقال أردت أحدهما
أو قال أردت نصف ما عليه وله عليه صنفان أو صنف واحد
وفيمن عليه مال فأقر أن ربه أمره بدفعه إلي زيد
ولا بينة بأمره، هل يلزمه دفعه؟
ومن كتاب سحنون: وإذا قال: الدين الذي لي علي فلان هو لفلان وكان للمقر علي المطلوب مائة درهم في صك فقال عنيت الدراهم دون الدنانير وقال المقر له بل ذلك كله فإن له المالين في قولنا وقولهم، فإن
[9/151]
***
__________
(1) كذا في ف وهـ وكتبت في الأصل عندي.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل/ مثبت من النسخ كلها.(1/146)
[9/152]
غاب المقر كان له أن يقبض ذلك من الغريم في قولنا، وقال غيرنا: ليس له ذلك في غيبة المقر لنفيهم القضاء علي الغائب، وإن كان له علي / رجل ألف درهم فأقر أن نصفها لفلان فذلك يلزمه.
قال غيرنا ولا يتقاضاها إن غاب المقر, فإن حضر المقر كان هو المتقاضي ويعطي للمقر له نصف ما يقبض.
وقالوا معنا: إذا أقر له بالألف وهي في صك باسم المقر له فهو جائز، فإن دفع المقر ذلك إلي المقر فهو برئ لأنه دفعه إلي من يملكه(1)فنقضوا بهذا قولهم ثم نقضوا هذا فقالوا ولو دفعها إلي المقر الذي باسمه الصك برئ وقلنا(2)إن ذلك لا يبرأ به وعليه غرم ذلك للمقر له، وإذا أقر له بالكر الحنطة الذي له علي فلان سلما فذلك جائز فإن وكله المقر بقبضة وغاب فإن كان الإقرار قد ثبت فلا معني للوكالة وللمقر أن يقبض، وكيف يوكله في ماله؟ وإن كان الإقرار لم يثبت وثبتت الوكالة فللوكيل قبضة بالوكالة.
[وقال غيرنا: إذا وكله المقر بقبضة وغاب فله ان يقبضه بالوكالة](3)ولا يقبض بالإقرار فيقال لهم هل وجب له الكر بالإقرار ممن قولهم إنه وجب له فكيف يكون وكيلا لغيره فيما هو له؟ وهذ يستحيل فإن لم تكن له بينة علي الوكالة ولا علي الإقرار فأقر المطلوب بالوكالة فإني أجبره علي دفعه في إجماعهم وإن لم يقر بالوكالة وأقر بإقرار الطالب له فليجبر أيضا علي دفعه ولا أصدقه علي صاحب الطعام إذا قدم فأنكر ما أقر به الذي عليه السلم وأغرمه له الطعام ثانية وكذلك في الوكالة، وقال من / خالفنا: لا يجبر علي دفعه ولا أصدقه علي رب الطعام الغائب فيقال له فلم صدقته في الإقرار في الوكالة وجبروته علي دفعه؟
وقال ابن المواز وابن عبد الحكم فيمن عليه دين أو عنده وديعة لفلان فأتاه من ادعي أن من له ذلك أمره بقبضه وأتاه بكتابة فعرف خطة أو أقر أن من له
[9/152]
***
__________
(1) كتبت في الأصل محرفة علي شكل هلك.
(2) كذا في ف وهـ في ص وقلت وفي الأصل وقولنا.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص وهـ .(1/147)
[9/153]
ذلك أمرني بدفع ذلك إليك فإنه لا يلزمه دفعه إذا لم تقم بينة علي إذنه بذلك لأن ذلك لا يبرئه إذا جحده الآمر ومن هذا الفن باب موعب في كتاب الوديعة، ومنه في آخر الوكالات.
ومن كان له علي رجل كر من حنطة وكر من شعير فأقر أن نصف طعامه الذي علي فلان لفلان فإنه يكون للطالب نصف كل صنف ورأي غيرنا: أن ما أقر بالحنطة دون الشعير وجعلوا قوله طعامي لا يعدو الحنطة قالوا: كما لو كان مع الطعام سمسم أو تمر .
قال محمد: واحتجوا لقولهم بقولهم وهذا كله عندنا سواء كله وله نصف الحنطة مع نصف ما معها من سمسم أو تمر أو شعير، لأن ذلك كله طعام، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم " من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتي يستوفيه"، فدخل تحت هذا كل ما ذكرنا، أرأيت لو كان له علي رجل شعير فقال طعامي الذي علي فلان لفلان او نصفه أليس يكون له في إجماع الأمة [والله أعلم بذلك كله وأحكم].
فيمن أقر لرجل بأحد هذين الثوبين
أو أحد هذين العبدين
/ من العتبية(1)روي عيسي عن ابن القاسم في الرجل يقول للرجل في ثوبين له أو عبدين له إن لك أحد هذين الثوبين أو أحد هذين العبدين ولا يدري أيهما هو فإنه يقال للمقر احلف إنك لا تدري أن أجوهدما للمقر له فإن حلف أنه لا يعلم أيهما له قيل للمقر له احلف أنك ما تعلم أيهما لك, فإن حلف أيضا كانا شريكين في الثوبين جميعا.
قيل فإن قيل للمقر الأول احلف فنكل ورد اليمين علي المقر له، قال يحلف فإن حلف كانا في الثوبين شريكين فإن نكلا جميعا فكذلك يكونان شريكين إلا
[9/153]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 14 : 151.(1/148)
[9/154]
أن يقول المقر لا أعرفه ويقول المقر له أنا أعرفه فإن قال المقر له أدناهما ثوبي أخذه بغير يمين وإن ادعي أجودهما أخذه بعد أن يحلف فإن قال المقر أدناهما هو ثوبه حلف ولم يكن للمقر له غيره وإن ادعي المقر له أجودهما أنه ثوبه لم يقبل قوله ولا يمينه إذا زعم المقر أن [ أدناهما هو ثوبه وحلف علي ذلك وإن زعم المقر أن](1)أجودهما ثوبه أعطيه المقر له ولم يحلف واحد منهما علي ذلك [فإن زعم المقر ان أجودهما ثوبه أعطيه المقر له ولم يحلف واحد منهما](2)
قال عيسي وقال أشهب: إذا حلف المقر أو نكل فرد اليمين علي المقر له، فإنه يحلف علي البتات علي أيهما شاء فإن نكل كان له أدناهما.
فيمن أقر بالشك
أن لفلان هذه الشاة او هذه الناقة
أو له علي دينار أو درهم
أو قال دنانير أو طعام
من كتاب ابن سحنون: ومن أقر لرجل أن لك هذه الشاة أو هذه / الناقة، هكذا أقر علي الشك فإن الشاة للمقر له ويحلف المقر ما الناقة له وإن حلف ما له فيهما جميعا شئ وادعي الطالب كلهيما لم يقبل قول المقر في الشاة وقضيت بها للمقر له وتركت الناقة في يديه، ولو نسي الشهود فقالوا سمي لنا إحداهما فنسيناها بطلت الشاهدة. وقال ابن المواز: فقال له اعطه أيهما شئت فلا يمين إلا أن يدعي الطالب ارفعهما أو كليهما فيحلف المقر ولا يكون عليه غلا ما أقر به، وكذلك لو أنكر المقر الشاة ولا يكون عليه إلا ما أقر به، وكذلك لو أنكر المقر الشاة أو البعير فليحلف المقر له ثم لا يكون له إلا أدناهما، وقاله أشهب.
قال في موضع آخر: فإن أقام المقر علي شكه فليأخذ المقر له ما شاء منهما بلا يمين، وإن رجع المقر فقال ما له فيها شئ وادعاهما الطالب قضي له بقيمة أدناهما.
[9/154]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وف مثبت من ص وهـ .
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص وف وهو الصواب لأنه جاء مكرراً في الأصل كما هو ملاحظ .(1/149)
[9/155]
وقال أشهب: بأدناهما بعينه قال وكل من أقر بكذا وبكذا فإنما يلزمه أحدهما أيهما شاء فإن لم يقدر عليه حتي يقر بأحدهما حكم عليه في ماله بأقلهما [ وكذا لو حضر وقال لا ندري أيمهما له فلا يحكم عليه بأقلهما](1)لأن الطالب لا يدعي أكثر منه، وإن ادعي الأكثر أخذه بلا يمين لأن المقر يقول لا أدري.
وقال محمد بن عبد الحكم: القول قول المقر مع يمينه فإن جحد وقال ما له منهما شئ وادعي الطالب كلاهما فليقبض له بقيمة أدناهما ولا أقضي له(2)بأدناهما بعينه.
وقال أشهب: يعطيه أدناهما قيمة، قال محمد بن عبد الحكم: وكذلك في عبد وجارية أو جاريتين يعطيه قيمة : أدناهما، ولو أعطاه أدني الجاريتين لكان يطأ جارية لم يصرح له فيها بالإقرار، يريد ولعل الطالب لا يدعي واحدة معروفة.
وقال ابن عبد الحكم فيمن قال غصبت هذا العبد أو هذا الثوب من فلان هكذا أقر حلف الغاصب علي أيهما شاء ما غصبته منه وكان الآخر للمقر له فإن نكل كان له أقلهما قيمة علي قياس قول أشهب، وفيها قول آخر أنه يغرم قيمة أدناهما لأنه أقر أنه غصبه ما يسوي عشرة أو أكثر ولا أقدر علي أخذه بعينه إذا حلف المقر عليهما ولو قال غصبته هذا العبد او هذه الأمة أو هذا الثوب قيل له احلف علي ما شئت وأنت مصدق فإن نكل حلف الطالب علي ما شاء منهما وأخذخ فإن قال لا علم لي بذلك وإنما آخذه بإقراره فإنه يأخذ أدناهم قيمة في قول أشهب.
قال محمد بن عبد الحكم: ولو قيل يكونان شريكين في الثلاثة كان مذهبا وأحسن ذلك أن يأخذ قيمة أدناهم إذا نكلا عن اليمين.
قال محمد بن عبد الحكم فإن قال: غصبت هذا الرداء أو هذا الساج من فلان فليعطه أيهما شاء ويحلف ما غصبته الآخر فإن نكل حلف الآخر علي أيهما
[9/155]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) في الأصل وص لهما، والصواب ما أثبتناه من ف وهـ.(1/150)
[9/156]
شاء فإن نكل ففيهما قولان أحدهما أنهما فيهما شريكان كثوبين اختلطا، والقول الآخر أنه له أن يأخذ أدناهما قيمة او قيمته.
قال ابن المواز: وإن أقر لرجل(1)أن لك هذا العبد / أو هذه الأمة فأنكر فقامت عليه بينة بإقراره جبر علي أن يقر بأيهما شاء وأحبسه علي ذلك فإن الجي إلي الضرب ضرب، وقيل يقضي عليه أدناهما ولا أحكم له بفرج فأحله له بالوطء.
قال ابن المواز: إن ادعي المقر له أخذهما حكمت له به إذا أبي المقر اليمين.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن أقر أن لفلان عليه دينارا أو درهما قال سحنون: يلزمه الدينار ويحلف في الدرهم، فإن نكل حلف الطالب وأخذ دينارا ودرهما، وإن قال له علي كر حنطة أو كر شعير لزمه الحنطة وحلف في الشعير، ولو قال أو درهم حلف في الدرهم، وإن قال له علي ثوب هروي أ يهودي فإن ادعاهما الطالب لزم المقر الهروي وحلف في الآخر.
وإن قال الطالب إنما أسلمت له في ثوب هروي فعليه له ثوب هروي، وإن قال إنما أسلمت له في ثوب هروي فعليه له ثوب هروي، وإن قال إنما أسلمت إليه في ثوب هروي يهدوي وأبرأه من الهروي فإنه يبرأ منه ويحلف علي الثوب الآخر أو يرد رأس المال إذا تحالفا، فإن نكل المقر حلف الطالب وأخذه بالثوب اليهودي فإن نكلا ترادا رأس المال.
وإن قال له: علي ألف درهم ودينار أو كر حنطة فالألف يلزمه في الدينار، فإن نكل حلف الطالب وأخذه فإن نكل سقط الدينار وأخذ المائة والكر.
[9/156]
***
__________
(1) لرجل ساقطه من الأصل.(1/151)
[9/157]
وإن قال له: علي ألف درهم ومائة دينار أو كر حنطة وكر شعير فألألف يلزمه بإجماعنا، ويلزمه المائة عند سحنون ويلزمه الكر الشعير في إجماعنا ويحلف عند سحنون في الكر الحنطة فإن نكل حلف الطالب وأخذه مع الألف والمائة والكر الشعير فأما الألف والكر الشعير فقد جامعونا فيهما وأنا المائة والكر الحنطة فقال سحنون يغرم المائة لأنه لم يوقع فيها شكا وتلزمه اليمين في الحنطة والشعير.
وقال غيرنا ما يلزمه الأول وهو الألف والرابع وهو الشعير وعليه الأوكس(1)من الثاني والثالث، وإن قال لفلان علي ألف درهم بيض أو سود فيلزمه ألف بيض ويحلف في السود.
قال محمد: وقد قيل فيها إنه يلزمه الأقل من ذلك ويحلف علي الأكثر، وكذلك في القائل له علي ألف درهم او خمسمائة أنه يلزمه الخمسمائة ويحلف فيما بقي فإن نكل حلف الطالب وأخذ الألف فإن نكل فليس إلا خمسمائة. وكذلك لو / قال ألف درهم أو نصفها.
قال اشهب: وإن قال غصبت من زيد هذا العبد أو هذا الثوب فإن ادعاها زيد جميعا حلف الغاصب علي أيهما شاء لنفسه وأعطي لزيد الآخر، وإن نكل حلف زيد وكانا له، فإن نكل فله أدناهما وإن حلف علي أحدهما ونكل الآخر فله الذي حلف عليه فقط، وفي قول سحنون: يكون للمقر له العبد لأنه لما قال غصبته هذا العبد وجب له ويحلف الغاصب في الثوب أنه ما أراد الإقرار له به، فإن حلف لم يكن لزيد في الثوب شئ وإن نكل حلف زيد علي ان الثوب ثوبه وأخذ الثوب والعبد وإن نكلا أخذ زيد العبد ولا شئ له في الثوب.
قال ابن عبد الحكم: وإن قال لفلان علي ثلاثون درهما أو ديناران ثم أنكر وحلف فعليه الأقل من ذلك.
[9/157]
***
__________
(1) الأوكس: الأنقص من وكس الشئ من باب وعد وفي الحديث لها مهر مثلها لا وكس ولا شطط أي لا نقصان ولا زيادة.(1/152)
[9/158]
وإن قال لفلان علي عشرة دنانير ومائة درهم أو مائة إردب قمح فإن قال العشرة ومائة دون القمح قبل منه، فإن قال إنما علي المائة إردب قبل منه وإن قال إنما علي الدنانير دون الدراهم أو الدراهم دون الدنانير لم يقبل منه ولزمته الدنانير والدراهم.
وإن قال بل له علي ألف درهم او مائة دينار ومائة أردب من شعير فإن أثبت الدراهم قبل منه وإن قال بل المائة دينار دون الشعير لم يقبل منه، وإن قال له علي ألف درهم صحاح أو قطع لزمه الأقل مع يمينه وكذلك مضروبة او نقرة لزمه النقرة مع يمينه لأنه أقل، وإن قال له علي مائة دينار وألف درهم / او مائة إردب حنطة أو مائة أردب شعير فإن شاء أثبت المائة دينار والألف درهم وإن شاء أثبت أحد الطعامين وليس له أن يثبت أحد المائتين دون الآخر [وبالله التوفيق](1).
فيمن أقر لرجل أن له شاة في غنمه
او جملا(2)في إبله أو عبدا في عبيده
أو قال ذلك في ثياب أو دنانير أو طعام
أو قال له في هذا الطعام عشرة دنانير
أو في ثمنه او نحو هذا(3)ولم يعينه
أو له في هذه الدنانير كذا
أو قال له رطل زنبقاً في زيته
أو له في ثوبي عصفر صبغ به ونحوه
من كتاب ابن حسنون: ومن أقر لفلان شاة من غنمه هذه فإن عينها فهو مصدق فإن ادعي الطالب غيرها ولا بينة له حلف المقر علي ما عين فإن حلف علي جميعهن أجبر علي أن يعطيه شاة منها فإن قال لا أعرفها ولم يدع الطالب
[9/158]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من ص وهـ.
(2) في ف وهـ أو بعيرا.
(3) أو نحو هذا ساقطة من ف.(1/153)
[9/159]
معرفتها كان شريكا له بها إن كانت عشرة فله عشرها وكذلك في بعير من إبله هذه أو بقرة من بقره أو ثوبا من ثيابه هذه فإن مات المقر فورثته بمنزلته فيما يدعون، فإن جهلوا كان شريكا لهم علي العدد إن لم يجد بينة ولا ادعي الطالب واحدة بعينها، وإن أقر له بعشرة دراهم في دراهمه هذه وهي مائة فله منها عشرة من وزن سبعة فإن قال المقر: هي زيوف وفي الدراهم زيوف فالقول قوله / مع يمينه، وكذلك التبهرجة إن جازت بين الناس وإن كانت رديئة لم يصدق إلا أن يصل الإقرار بالتفسير فإن كان فيها صغار وكبار فقال هي صغار نقص وادعي الطالب عشرة وزن فذلك له لأن المقر قال عشرة دراهم فلا تكون إلا علي الكيل، وإن قال له في طعامي هذا كر حنطة فهو جائز فإن لم يبلغ كر حنطة فهو للطالب ويحلف المقر ما استهلك من هذا الطعام شيئا ولا شئ عليه إذا كان الكلام متصلا، ولو قال له عندي كر حنطة، ثم قال هو في هذا الطعام فلم يكن فيه كر فلا يصدق عليه كر تام ولو وصل الكلام فقال له عندي كر حنطة في طعامي هذا فوجد ناقصا فليس له غيره، وكذلك إن قال له عندي كر إلا ربعاً فهو مصدق، ولو قال: له شاة في غنمي هذه العشرة، ثم جحد وحلف فإن له عشرها وما هلك منها بعد ذلك فهو بينهما وما ولد فبينهما.
ولو قال له في هذه العشرة شياه التي بيدي شاة شرك فتموت الغنم فطلب تضمينه فقال انت خلطت شاتي بغنمك، قال بل خلطتها وشاركتني، فالقول قول المقر ويحلف، وإن قال: لك في زيتي هذا رطل من زنبق أنت خلطته، وقال الآخر أنت خلطته فلا يصدق أحدهما علي الآخر ويقال للمقر اعطه رطل زنبق فإن أبي [أخذ صاحب الزنبقي رطلا من الزيت وكان ما بقي للمقر في قول/ ابن القاسم. وقال سحنون: الزيت يعيب الزنبق](1)وسئل عن الزنبق فإن كان أضر الزيت وأحاله وأعابه كانا شريكين في ثمنه هذا بقيمة زنبقه وهذا بقيمة زيته مغيباً، وإن كان الزنبق لا يعيبه ضرب صاحب الزيت بقيمة زيته غير معيب.
[9/159]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.(1/154)
[9/160]
وإن كان بيده خمسون رطلا من زنبق فأقر أن لرجل فيه رطلا من بنفسج صار فيه بغير تعد من أحدهما فإن كان البنفسج يعيب الزنبق والزنبق يعيب البنفسج ضربا في ثمنه بقيمة كل واحد معيبا وإن كان واحد يعيبه الآخر والآخر لا يعاب به ضرب بقيمة هذا(1)معيبا وهذا غير معيب علي قول سحنون، وفي قول ابن القاسم يقال لصاحب الزنبق اعطه رطلا من بنفسج وخذ الزنبق بما فيه فإن أبي أخذ صاحب البنفسج رطلا من الزنبق المخلوط وما بقي للآخر.
وإن قال في ثوب له مصبوغ أن لفلان في صبغه قفيزاً من عصفر فعليه له قيمة القفيز العصفر إلا أن يقول نسقا غصبني الثوب فصبغه به فإن قال ذلك وأقر به الآخر فرب الثوب مخير بين أن يعطيه قيمة الصبغ ويأخذ ثوبه أو يضمنه قيمة الثوب يوم غصبه ويسلمه إليه، وإن أنكر صاحب الصبغ الغصب وادعي العصفر فرب الثوب مخير بين أن يعطيه قيمة العصفر وله ثوبه وإن أبي بيع الثوب، فإن زاد ثمنه علي قيمته أبيض فالزيادة لصاحب العصفر / وإن نقص من قيمته أبيض فلا شئ عليه.
ابن عبد الحكم: ومن بيده صبرة قمح أقر أن لفلان منها خمسين أردباً فلميكن فيها إلا دون ذلك فجميعها للمقر له، فإن زادت علي خمسين فالزيادة للمقر، ولو قال له من هذه الصبرة عشرة دنانير بيع له منها بعشرة دنانير وما بقي فللمقر، وإن لم يف ثمنها بالعشرة فليس علي المقر غير ذلك، وإن قال له من(2)ثمنها عشرة دنانير سئل ما أراد، فإن أراد كان له من ثمنها [ إذا اشتريت سئل كم كان ثمنها وكان المقر له شريكا فيها بعشرة وإن قال أردت من ثمنها](3)إذا بيعت فهو كذلك، وإن طلبت منه اليمين حلف علي ما يقول، فإن مات قبل ان يسأل فللمقر له الأقل من الوجهين [. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب](4)
[9/160]
***
__________
(1) هذا ساقطة من الأصل.
(2) من ساقطة من الأصل، مثبته من ف.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من النسخ الأخري.
(4) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.(1/155)
[9/161]
فيمن أقر لأحد رجلين بالشك
فقال لفلان أو لفلان قبلي كذا
أو غصبت كذا من أحدهما
أو شهدت بذلك بينة
أو قال لفلان لا بل لفلان ونحو هذا
أو أقر بشئ لرجل ثم أقر به لآخر
من كتاب ابن سحنون: قال أشهب وسحنون: إذا قال لفلان علي ألف درهم أو لفلان فالألف للأول ويحلف أن الألف له عليه وما يعلم للآخر فيها حقا، فإن قال لا أحلف وأخذ المقر بإقراره ولا أدري صدق أو كذب فإن أخذه بما أقر به فذلك له ويحلف للثاني أنه ما يعلم له في هذه الألف حقا وليس علي المقر للثاني إلا يمينه ما له علي شئ ولا غصبت شيئا فإن نكل حلف الثاني وأغرمه ألفا أخري وكذلك / في العروض وما يكال أو يوزن، والذمي والمسلم في ذلك سواء والعبد المأذون والمكاتب والمرأة في ذلك سواء.
قال ابن عبد الحكم: إذا قال لفلان علي ألف درهم أو لفلان فقد وجبت لواحد منهما، فإن اجتمعا عليها أخذاها فإن ادعاها كل واحد منهما وجحد المقر وحلف أنه ما أقر بذلك او ما تواجد منها عليه شئ فإن هذين يحلفان فإن حلفا أو نكلا أخذت الألف فقسمت بينهما إن أحبا، وإن قال واحد منهما ما لي شئ، وقال الآخر هي لي وحلف المقر فلا شئ لواحد منهما لأن الإقرار ثبت لواحد بغير عينه فإذا تبرأ أحدهما منهما أمكن أن تكون هي له فلم يكن للآخر شئ.
وفي موضع آخر من كتابه قال: وإذا قام علي إقراره هذا بينة وهو يجحد وادعاها كل واحد منهما لنفسه فليحلف المقر لكل واحد منهما فإن نكل لهما غرم لكل واحد مائة وإن نكل لواحد وحلف للآخر غرم لمن نكل له مائة فقط ولا شئ للآخر، فإن حلف لهما فعليه مائة لهما علي الإقرار الأول. وقال أبو حنيفة إذا حلف لهما ثم اتفقا علي أخذها منه فليس ذلك لهما، وهذا فاسد، أرأيت لو
[9/161]
***(1/156)
[9/162]
كانت مائة دينار بعينها أتبقي له؟ [ فقال: المائة دينار للأول ثم إن عرف لمن القمح أو الشعير من الباقين قبل قوله فإن أنكر قوله وحلف ما لهما عليه شئ فلهما الأق من الشعير أو القمح يكون بينهما، وكذلك لو قال علي لفلان ثوب يسوي [ دينارين أو لفلان ثوب يسوي](1)/ ديناراً ثم أنكر قوله وحلف فلهما دينار واحد إن طلباه كما لو قال لرجل له هذا الثوب الجيد أو هذا الدنئ ثم حلف فإنما له أدناهما أو قيمته(2).
قال ابن سحنون: وقال غيرنا: الدنانير للأول ولا شئ للثاني والثالث.
قال ابن المواز: ولو قال أحد هذين الرجلين دفع إلي مائة دينار سلفا أو قال وديعة أو مضارية لا أعرف أيهما هو وادعي كل واحد منهما أنه هو، قال: فإن كان المقر معدما لا يقدر علي أكثر من المائة او يملك أكثر منها إلا أن الطلب
[9/162]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من النسخ الأخري.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.(1/157)
[9/163]
منه يعسر ويطول لم يكن بد من اليمين علي الرجلين فإن حلفا قسمت بينهما أو طالبناه بمائة أخري وإن كان موسرا أغرمته مائة أخري فيأخذ كل واحد منهما مائة بلا يمين عليهما إذا كان لا يدفع دعواهما ولا ينكره لقوله لا أدري، ولو أكذبهما لزمه اليمين فإن نكل رد اليمين فإن لم يحلف من رد / عليه اليمين فلا شئ له وهو كمن ادعي عليه بحق فقال لا أدري أصدق المدعي أم كذب فهذا لا يمين علي الطالب ويأخذ مطلبه ولو أنكر دعواه وأبي أن يحلف رد اليمين علي المدعي، فإن نكل فلا شئ له.
قال فيمن أقر أن أحد هذين دفع إليه هذه المائة دينار لا أدري أيهما هو ثم مات، قال: إذا مات أحلفتهما وأخذ كل واحد مائة دينار من تركته لأنه لم يبق حتي يمكنه معرفة أيهما هو أولا يعرفه فيثبت علي ترك إنكاره أحدهما فاستحسن أيمانهما ها هنا.
قال ابن عبد الحكم: وإذا قال لفلان علي مائة دينار أو لعبد فلان هذا وهو غير مأذون وادعي ذلك العبد والحر فلهما أخذهما إن أخذها إن أحبا نصفين وليس للمقر أن يمنعهما فإن ادعاها الحر بعد أخذها، وحلف كان له النصف، وإن نكل كانت كلها للعبد بلا يمين لأنه لو أقر بها العبد للحر لم تكن له ولو كان مأذونا فلهما أخذهما جميعا إن أحبا، وإن قال لفلان علي مائة درهم ولفلان أو فلان وفلان فإن أقر بها للأولين حلف وكانت لهما وكذلك إن أقر بها للآخرين وإن أنكر وحلف قسمت بين الأربعة أرباعا إن طلبوا ذلك.
وإن قال لفلان علي مائة درهم أو لفلان دينار ثم أنكر وحلف فأراد أخذ دينار منه فذلك لهما لأنه الأقل.
وقال ابن المواز: إن كان ذلك منه في لفظ واحد لزمه الدينار فقط إذا ثبت علي ذلك إلا أن يطلب الأول المائة / فيحلف له المقر ويبرأ .
ومن العتبية(1)روي عيسي عن ابن القاسم في شاهدين شهدا أن فلانا أقر
[9/163]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 449 .(1/158)
[9/164]
أن لفلان عليه مائة دينار أو لفلان لا يدريان أيهما هو قال: ليس عليه أكثر من مائة ويحلف هذا ويقتسمانها(1).
قال أصبغ: يريد يحلف كل واحد منهما أنه هو وأن له عليه مائة ثانية فمن نكل فهي للحالف وإن نكلا اقتسماها بغير يمين كما لو حلفا فإن رجع الشاهدان وزورا أنفسهما غرما يريد ما أتلفا بشهادتهما.
قال ابن سحنون: وإذا قال لفلان قبلي مائة درهم أو لفلان وفلان ثم جحد وقامت عليه بينة فإن المائة للأول ويحلف للثاني وللثالث فإن نكل حلفا أغرماه مائة عنهما نصفين، قال محمد: وقد كنت قلت إن المائة بين الأول والثالث ويحلف للثاني ثم رأيت أن قوله إن لفلان وفلان شك فيهما فيحلف لهما ويثبت الإقرار للأول، وقوله لفلان علي مائة وإلا فلفلان فهذا مثل قوله أو لفلان، ولو قال لفلان علي مائة درهم لفلان فهو سواء، ولكل واحد منهما مائة في إجماعهم، وإن قال لفلان علي ألف درهم أو نصفها لفلان آخر لزمه الألف للأول ويحلف للثاني وإن نكل حلف الثاني وأخذ منه نصفها، وإن قال: لفلان علي ألف درهم ولفلان أو فلان فالألف للأول والثاني ويحلف للثالث والرابع ويبرأ وإن نكل غرم لهما ألفا.
وقال غيرنا للأول الثلث وللرابع الثلث ويحلف للثاني والثالث.
ولو قال أقرضني فلان أمس ألفا وإلا فعلي حجة فهو مقر / بالمال ويدين في اليمن. ولو قال: وإلا فلفلان علي دينار لزمته الألف وبطل الدينار في قولنا وقولهم.
فإن قال لفلان علي مائة درهم وإلا فلفلان علي دينار لزمته المائة للأول ويحلف للثاني ويبرأ فإن نكل غرم له الدينار.
قال ابن عبد الحكم: وإذا قال: غصبت هذا العبد من هذا الرجل أو من هذا الآخر أو قال من رجل لم يسمه فإنه يحلف أنه إنما غصبه ممن يقول ويدفعه
[9/164]
***
__________
(1) في النسخ كلها ويقتسماها بحذف ثون الرفع والصواب ما أثبتناه(1/159)
[9/165]
إليه ويحلف الآخر عن ادعي عليه ويبرأ أو كان أحدهما غير حاضر فيحلف أنه لم يغصبه من الحاضر ولا شئ له، وإن كانا حاضرين فحلف أنه غصبه من أحدهما فليدفعه إليه، وإن كان حلف أنه لم يغصبه من هذا دفع إلي الآخر مع يمينه أنه لم يغصبه منهما فإن حلفه لكل واحد ما غصبه منه كان بينهما نصفين إذا كانا يدعيانه جميعا أو قولا لا علم لنا بذلك غير أنا نأخذه بإقراره ويحلفان علي ذلك، يحلف أحدهما للآخر إن طلب يمينه.
وإن قال: غصبت هذا العبد من هذا أو من هذا فقالا نحن نصطلح فيما بيننا ونأخذه فذلك لهما بلا يمين فإن لم يصطلحا استحلفته علي ما فسرت فإن حلف لواحد منهما أنه غصبه منه فقال الذي لم يحلف إنه غصبه منه استحلفوا هذا الذي حلف أنه غصبه منه ولم يقبضه مني أنه لا يعلم لي فيه حقا فذلك / له، وإن قال: غصبت هذا العبد من هذا أو من هذا ثم قال أنا أحلف أني لم أغصبه من واحد منهما وقد أخطأت في إقراري فإن حلف علي ذلك فشاء اللذان أقر أنه غصبه من أحدهما أن يأخذاه جميعا فليأخذاه ليس لهما غير ذلك لأنه قد أقر لواحد منهما غير معين.
وفي باب الإقرار علي العبد مسألة من قال غصبتك أو غصبك عبدي قال سحنون: ومن أقر في عبد في يديه أنه غصبه من رجل بعينه ثم اشتبه في عينه فلا يدري أهو فلان هذا أو فلان وقد كان وقت الغصب يعرف ربه بعينه ثم نسيه فليحلف كل واحد منهما أنه له حتي غصبه منه هذا المقر فإن حلفا كان بينهما نصفين وأغرمنا الغاصب قيمته فكانت بينهما، فأيهما حلف ونكل الآخر فالعبد كله للحالف ولا شئ للناكل في العبد وله نصف قيمته، ولو قال: كان العبد في أيديهما فغصبته منهما فلا أدري لمن هو منهما فهذا يبرأ من الضمان ويحلف كل واحد من الرجلين أنه له حتي غصبه فلان ثم يكون لهما ولا غرم لهما علي المقر إذا لم يتلف بجهله عليهما شيئا ولكن لو قال في عبد في يديه: هذا العبد لفلان بن فلان أو لفلان بن فلان فإن العبد لفلان المقر له أولا ويحلف للآخر أنه ما أراد به
[9/165]
***(1/160)
[9/166]
وجه الإقرار له بالعبد ثم لا يلزمه فيه قيمة ولا غيرها. ولو قال: غصبته من فلان بل إنما غصبته من / فلان أو قال غصبته من فلان بن فلان بل من فلان، كان العبد في إجماعهم للمقر له أولا ولا يغرم للثاني قيمته.
وقال أشهب قولا أباه سحنون، قال: لو غصبت هذا العبد أو قال هذا الثوب من هذ الرجل أو هذه الإبل من هذا(1)فإنه للمقر له به أولا وليس للذي شك فيه شئ إلا يمين المقر أنه ما اغتصبه منه وعلي الذي أقر له به اليمين بالله لقد اغتصبه وما يعلم له فيه حقا، فإن بي أن يحلف أنه منه اغتصبه وقال(2)وقد أقر لي بشئ لا أدري أصدق فيه أن كذب، وأنا آخذه بإقراره فله ذلك ويحلف أنه ما يعلم له فيه حقا فلم يعجب هذا سحنون من قبل أن الذي قال فيه بل هو من هذا يضمن له قيمته عند جميع العلماء, واجتمع أشهب وسحنون علي أنه لو قال غصبته من زيد ومحمد لا بل من زيد أن العبج بينهما شطرين ويرجع عليه زيد بنصف قيمته يوم الغصب وإن شاء أخذه بقيمته كله يوم الغصب [لأنه ليس له أن يغصب منه عبدا فيرد عليه نصفه ونصف قيمته. وهذا يدل علي قول سحنون، وقالا: لو قال اغتصبته من زيد ومحمد لا بل من محمد أن العبد بين زيد ومحمد لا بل من محمد أن العبد بين زيد ومحمد يغرم لمحمد نصف قيمته يوم الغصب(3)] وهذا هو الأصل قالا: ويحلف كل واحد منهما انه ما يعلم للآخر فيه حقا فإن حلفا فعلي ما قلنا وإن نكل عن اليمين الذي صار له نصف العبد، يريد الذي بيد الناكل فيرد علي الناكل نصف القيمة بعد يمينه علي / ما ادعي وإن نكل عن اليمين الذي صار له نصف العبد ونصف القيمة صار العبد كله للذي صار له نصف العبد بلا نصف القيمة وبقي نصف القيمة بيد هذا وليس للمغتصب أن يرجع علي واحد منهما بشئ بنكولهما عن اليمين وحلف الآخر وأما إن نكلا أو حلفا فالعبد بينهما شطرين وللآخر نصف القيمة.
[9/166]
***
__________
(1) في الأصل، أو من هذه الإبل من هذا.
(2) قال ساقطة من الأصل.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص وهـ .(1/161)
[9/167]
وقرأت عليه قال أصبغ فيمن أقر لرجل بدنانير من دين او غصب أو وديعة أو تعد فلا يقبضها حتي يقول المقر بل هي لفلان لآخر وبعد أن قبضها الأول فإنه يغرم لكل واحد منهما مائة بعد أيمانهما، وكذلك إن قال قبلي مائة دينار لا أدري لفلان أو لفلان، ولو كان ما أقر به سلعة بعينها أو عبدا بعينه فإن لم يقبضه الأول حتي قال بل هو لفلان فليسلم العبد مع قيمته إليهما يكون هذا وهذا بينهما بعد يمين كل واحد أن العبد له، وإن كان قد قبض ذلك الأول لم يدخل عليه الثاني وكانت له القيمة، وكأنه استهلك له العبد، وكذلك في السلعة.
قال سحنون: أصاب إلا في العبد والسلعة حين قال ذلك لفلان بل هو لفلان فهو للأول قبضه أو لم يقبضه ويغرم للثاني قيمته يريد بعد أيمانهما.
قال أصبغ وسحنون: وإن شهد عليه شاهدان أن ذلك قبله لواحد منهما لا يدريان من هو وهو منكر، فلا شئ عليه ويحلف.
وروي عيسي وأصبغ في العتبية(1)عن ابن القاسم: إذا شهد أن فلانا أقر أن لفلان / عليه مائة أو لفلان لا يدريان أيهما [ هو فليس عليه أكثر من مائة ويحلف هذان ويقتسمانها.
قال أصبغ: يحلف كل واحد أنه هو وأن له عليه مائة فإن نكلا أو حلفا اقتسماها فإن نكل أحدهما(2)كانت لمن حلف.
قال ابن القاسم: ومن قال في وصية أن لفلان علي أو لفلان مائة دينار ثم مات فادعي المائة كلاهما، قال فلكل واحد منهما مائة.
قال أشهب وسحنون: ولو قال: غصبت هذا العبد من زيد لا بل غصبته كله من عمرو فالعبد بينهما نصفان وعليه لعمرو نصف القيمة والأيمان بينهما.
روي يحي بن يحي عن ابن القاسم فيمن له علي ثلاثة نفر علي كل واحد عشرة دنانير فقبض عشرة من أحدهم ونسيه، فادعي كل واحد أنه هو فإن لم ينصه باسمه حلف الغرماء كلهم وبرئوا.
[9/167]
***
__________
(1) البيان والتحصيل 10 : 449.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص وهـ(1/162)
[9/168]
ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون: وإن قال في عبد في يديه هذا العبد لفلان أودعينه لا بل لفلان، قال: فالعبد للذي أقر له به أولا ولا يضمن للثاني قيمته لأنه استهلكه عليه بإقراره به لغيره أولا قال : ولو قال : هذه الوديعة لزيد أو لعمرو فقد اختلف فيها، قال بعض أصحابنا: يكون بينهما نصفين بعد أيمانهما وقال آخرون: هي للأول ويضمن للآخر مثلها وقال أصحابنا جميعا: إذا قال: هذه الوديعة لفلان بل لفلان فإنها للأول ويغرم للآخر مثلها.
قال أشهب فيمن ورث رجلا ولم يرثه غيره فقال هذه وديعة لفلان ثم قال لفلان معه فإن كان في كلام متصل رأيتها بينهما علي ما أقر به / وإن أقر بها للأول ثم أدخل معه الثاني بعد ذلك فإن كانت شهادته بحوز حلف الآخر مع شهادته وكانت بينهما علي ما أقر به فإن نكل أو لم يكن المقر عدلا فإنها للأول ولا يصدق علي الثاني وليس علي المقر شئ للآخر لأنه لم يدفعها إلي الأول حتي أخبر بما عنده فيها وأما إن أقر له بها ودفعها إليه ثم أقر بأنها كانت لفلان معه أو لفلان دونه وأنه قد أخطأ رأيته ضامنا لفلان ما أقر به من ذلك لأنه قد استهلكها بالدفع كان عدلا أو غير عدل ولو لم يدفعها كانت للأول ولا يضمن للثاني لأنه شاهد علي الميت.
قال أبو محمد: وبقية هذا المعني في الباب الذي يلي هذا.
فيمن أقر فقال لك علي كذا أو علي فلان
أو قال أو لا شئ لك علي
أو قال غصبتك أنا وفلان أو هذا الحجر
ومن قال لك علي أو علي أبي فمات الابن
قال ابن المواز، ومحمد بن عبد الحكم: ومن قال لرجل لك علي عشرة دراهم أو علي فلان فليس بإقرار ويحلف.
قال ابن المواز: كان فلان صبياً أو عبداً إلا أن يكون الصبي ابن شهر فيلزمه العشرة وحده كقوله علي أو علي هذا الحجر .
[9/168]
***(1/163)
[9/169]
قال ابن عبد الحكم: وكذلك قوله عشرة دراهم أو لك علي فلان دينار، كان فلان حرا أو عبداً فلم يقر علي نفسه بشئ وقد قررنا(1)قول سحنون بعد هذا، وكذلك قوله: غصبتك أنا وفلان عبداً إلا أن يكون ذلك الفلان صبياً لا يمكن منه الغصب فيصير / هو الغاصب، كما لو قال حلمت أنا وهذا الصبي(2)من قمحك كذا لصبي ابن يومين أو ثلاثة ولو كان صبياً(3)يحمل مثله لم يكن إقرارا علي نفسه بالشك.
قال ابن المواز وابن عبد الحكم: وكذلك قوله: حملت من منزل فلان أو قال من حديده قنطار حديد أنا وصبي لا يمكن منه الحمل لزمه القنطار وحده، وكذلك إن قال علي مائة درهم أو علي هذا الحجر لزمته المائة الدرهم لأنه نسب ذلك إلي ما لا يمكن، وعلي أصل سحنون: وإذا قال لك علي كذا أو قال علي فلان إن ذلك يلزمه دون فلان. ابن عبد الحكم: وإن قال لك علي مائة درهم أو علي أبي فلان فمات الابن وورثه أبوه وزوجته وترك مائة درهم فأخذت زوجته ربعها والأب ما بقي فعلي الأب أن يدفع ما صار له منها إلي الطالب، ولو ترك الابن مائتي درهم لم يلزم الأب إلا نصيبه(4)من مائة واحدة ولو لم يرثه إلا الأب فعليه أن يؤدي ما ترك الابن إلا أن يجاوز مائة درهم وللأب الفضل.
ولو ترك الابن ابنا وزوجة وأباه وترك مائة درهم فللأب منها السدس(5)وعليه دفع ذلك السدس ولو ترك مائتين لم يغرم الأب إلا سدس مائة واحدة.
ولو أقر الباقون معه أخذ الطالب مائة وكان للأب سدس ما بقي وإذا لم يرثه إلا الأب ولم يدع شيئا فلا شئ علي الأب إلا اليمين.
[9/169]
***
__________
(1) كذا في الأصل وفي النسخ الأخري وقد ذكرنا.
(2) في الأصل، وفلان الصبي.
(3) في الأصل، ولو كان صبي بالرفع.
(4) في الأصل، لم يلزم الأب إلا بضمته وهو تحريف واضح.
(5) في الأصل، لم يغرم الأب إلا السدس.(1/164)
[9/170]
قال ابن المواز ومحمد بن عبد الحكم: وإن ترك اقل من مائة درهم أخذ ذلك المقر له ويحلف الأب ما عليه شئ، ولو مات الأب لم يلزم الابن شئ / ترك الأب تركة أو لم يترك.
قال محمد بن المواز ومحمد بن عبد الحكم: وإن قال لك علي ألف درهم أو لا شئ لك علي فلا شئ عليه وليس هذا بإقرار يلزم، وكذلك قوله: أودعتني كذا أو لم تودعني إذا كان في لفظ واحد، وأصل سحنون يخالف هذا.
ومن كتاب ابن سحنون: وإن قال : لفلان علي ألف درهم أو لا شئ فإنه يلزمه الألف.
وكذلك لو قال أو لا أو (كذا) قال غصبته ألف درهم أو لم أغصبه أو قال أودعني كذا أو لم يودعني، فذلك لازم له، وقال غيرنا [لا يلزمه](1)ذلك.
ولو قال: لك علي كذا او علي فلان فذلك يلزمه دون فلان كان فلان صبياً أو ميتا أو امرأة أو مكاتباً أو عبداً أو نصرانياً.
وقال غيرنا: لا شئ علي المقر.
ولو قال: غصبتك أنا أو فلان عشرة دراهم فإنه يلزمه له عشرة، وقال غيرنا: لا يلزمه شئ إلا يمينه وقد جامعونا إلا أبا يوسف(2)أنه إن قال لك علي عشرة أو علي هذا الحجر أنه تلزمه عشرة، فكذلك قوله او لا شئ نحوه مما يبطل إقراره فهو كالنادم:
وإن قال: لفلان علي عشرة دراهم أو لفلان علي فلان دينار فإنه تلزمه العشرة له وهو شاهد لفلان إن أيقن وإن شك فلا يشهد.
وقال غيرنا: لا يلزمه إقراره، وإن قال لك علي عشرة دراهم أو علي عبدي فلان فلا يلزم عبده شئ والشعرة علي السيد.
[9/170]
***
__________
(1) لا يلزمه ساقطة من الأصل، مثبته من النسخ الأخري.
(2) في جميع النسخ إلا أبو يوسف بالواو عوض الألف.(1/165)
[9/171]
وقال غيرنا: إن لم يكن علي العبد دين فليضعها إن شاء الله إليه أو إلي عبده وإن كان علي عبده دين يحيط بقيمته لم يلزمه من هذا الإقرار شئ أن / يقضي عبده دينه يوما فليزمه الإقرار.
فيمن أقر لفلان بشئ ثم قال بل هو لفلان
أو استثني بعض ذلك لرجل
أو يقر به لرجلين فيدعيه كل واحد منهما لنفسه
قال أبو محمد: وهذا الباب قد جري منه كثير في البابين اللذين هذا الباب عقيبهما.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن أقر أنه غصب هذا العبد من فلان ثم قال لابل من فلان فإنه يقضي بالعبد للأول بعد يمينه ويقضي للآخر بقيمته يوم الغصب في إجماعهم، فإن دفعه هو أو لم يدفعه حتي قضي به القاضي فهو سواء، وكذلك العارية والوديعة لأنه أتلفها بإقراره للأول فيضمنها للثاني وكذلك الحيوان والعروض والدور والأرضون، وإذا قال: هذه الألف درهم لفلان وديعة عندي ثم قال لا بل هي وديعة لفلان فإنها للأول وعليه مثلها للثاني وكذلك في العروض وفي الغصب والإقرار بالدين، وإذا قال: هذا العبد الذي في يدي وديعة لفلان إلا نصفه لفلان، فالقول قوله والعبد بينها.
ولو قال: هذان العبدان لفلان إلا هذا فإنه لفلان فهو كما قال، ولو قال هذا العبد وهذا العبد لفلان إلا الأول فإنه لي فلا يصدق والعبدان جميعا لفلان في قوله الآخر. وفي قوله الأول، وقول أهل العراق أنه مصدق، ولو قال: هذا العبد لفلان وهذا العبد لفلان إلا نصف الأول فإنه لفلان فإنه كما قال لأن الكلام متصل في إجماعهم. / وكذلك وإلا نصف الآخر فهو لفلان فهو كما قال.
ولو قال : هذه الحنطة والشعير لفلان إلا كرا من هذه الحنطة فإنه لفلان، فهو مصدق إذا كانت الحنطة أكثر من الكر، وكذلك هذه الفضة والذهب لفلان إلا نصف الذهب فإنه لفلان، أو قال: هذه الدار لفلان وهذه الأرض لفلان إلا
[9/171]
***(1/166)
[9/172]
نصف الدار فإنه لفلان فإنه مصدق في ذلك كله، وإن قال: علي الف درهم أقرضنيها فلان ثم قال لا بل فلان فعليه لكل واحد منهما ألف، وكذلك في الغصب والوديعة ، فأما الوديعة إن كانت بعينها فإنه يدفعها إلي الأول ويغرم للآخر مثلها، والصحيح والمريض في هذا سواء.
ولو أقر بذلك في الصحة ثم قال في المرض لا بل لفلان فإنهما يتحاصان في ماله فإن لم يترك غير ألف درهم فهي بينهما نصفين.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا أقر في عبد في يديه أنه بينه وبين فلان ثم قال بعد ذلك هو بيني وبين فلان آخر ثم قال: بعد ذلك هو بيني وبين فلان آخر ثم قال: هو بيني وبين ثالث فقيل إنه يكون [للأول](1)نصف العبد وللثاني نصف النصف الذي بقي له وللثالث نصف الربع الباقي له فيبقي له ثمن العبد.
قال سحنون: وقد سمعت بعض أصحابنا يقول فيها: يكون للثاني نصف العبد الذي بقي وللثالث قيمة نصف العبد لأنه أتلفه عليه بإقراره، ولو أقر بالعبد كله لرجل ثم اقر به للآخر فهو للأول ولا شئ للآخر.
قال أشهب : إلا أن / يدفعه إلي الذي أقر له آخراً فليعزم للأول قيمته، ولو قال: فلان أودعنيه ثم قال فلان آخر اودعنيه فهو للأول ويضمن للثاني قيمته، وكذلك الغصب والعارية لأنه أتلفه للثاني.
ولو قال: أودعني فلان نصف هذه الدابة ثم قال: أودعني فلان لآخر نصف هذه الدابة ثم أقر بذلك للثالث فليضمن للثالث نصف قيمتها والدابة بين الأولين.
من العتبية(2)روي عيسي عن ابن القاسم فيمن أقر لرجل بعبد ثم أقر به لرجل آخر، قال: فالعبد للذي أقر له به أولا وعليه للثاني قيمة العبد قال ولا يمين عليه لهما. قال عيسي إلا أن يدعيه الثاني, فإن ادعاه فله اليمين علي المقر له أولا
[9/172]
***
__________
(1) للأول ساقطة من الأصل.
(2) البيان والتحصيل ، 14 : 167.(1/167)
[9/173]
فإن حلف فالعبد له وكان للثاني علي المقر قيمته وإن نكل المقر له أولا عن اليمين حلف المقر له أولا عن اليمين حلف المقر له آخرا وكان العبد له، ولو لم يكن علي المقر شئ.
قال ابن المواز وابن عبد الحكم: ومن قال اكتريت هذه الدار من ربها فلان بكذا وكذا أو كذا سنة وصدقه فلان ثم قال ما هي لفلان بل هي لفلان آخر منه اكتريتها فليؤد جميع الكراء إلي الأول وتكون له الدار بعد المدة ويغرم للثاني جميع الكراء وقيمة الدار يوم تمام المدة علي ما يكري به يومئذ من تغير أو غيره لأنه أقر أنه أكراها منه هذه المدة، ولم لم يكن صدقه أنه أكراها منه لكان له قيمتها يوم أقر له بها ولا كراء له عليه، وكذلك في البعير يقر أنه اكتراه من زيد إلي مكة بكذا ثم يقر أنه لعمرو ومنه اكتراه بهذا الكراء فإن صدقه عمرو أخذ / الكراء وقيمة بعيره يوم يرجع من مكة ولا يضمنه إن هلك في الطريق ويغرم من الكراء لكل واحد بعدد ما سار إلي أن أعطب فإن سلم فالبعير للأول وله كراؤه كاملا [. وكذلك للثاني مع قيمة البعير. قال محمد بن عبد الحكم](1)وكذلك في العبد يكريه سنة ثم يمرض في بعضها علي هذا السؤال في الدار والبعير فإنما يلزمه لكل واحد من الكراء إلي ذلك الوقت ويرجع للثاني قيمة العبد أو الدار يوم يأخذ ذلك الأول علي ما بالدار من هدم وبالبعد من المرض إذا فسخ الكراء ولو أن الأول صدق المقر في إقراره للثاني لرد عليه ما أخذ من الكراء وأخذ الثاني الدار والعبد والبعير بعد المدة، ولو قبض العبد المقر له أولا بعد الأجل فمات بيده ثم أنه صدق المقر في إقراره للثاني فليغرم له قيمته يوم قبضه إن لم يكن أخذها [ من المقر ورد ما أخذ من الكراء علي المقر وهو مخير إن شاء أخذ القيمة من المقر أو من هذا](2)المقر له أولا الذي صدقه فإن رجع بها علي المقر رجع به المقر علي الأول.
ومن بيده شاة فقال: فلان دفعها إلي وأمرني بذبحها ثم قال بل فلان دفعها إلي وأمرني بذلك وكلاهما صدقه وقد ذبحها فليأخذها الأول مذبوحة ويغرم للثاني قيمتها مذبوحة، ولو كان طائر علي هذا السؤال فأفلت منه قبل ذبحه فلا ضمان
[9/173]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من ف.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص وهـ .(1/168)
[9/174]
عليه لواحد منهما، وكذلك لو قال: إنما أمرني كل واحد بإطلاقه ففعلت فلا ضمان عليه أو كان ديناراً فقال أمرني بصدقته ففعلت أو غصب مني لم يضمن لأنهما صدقاه ولم يتعد، ولو أمره كل / واحد منهما برده إليه فذهب ليأتي به فطار فلا شئ عليه وإنما كان يرده علي الأول ويغرم للثاني قيمته طار من يد الأول أو لم يطر.
ولو ذبحه بعد أن نهياه عن ذبحة ضمن لكل واحد قيمته، فإن قال الأول أن آخذه مذبوحا وما نقص الذبح فذلك له ويغرم للثاني قيمته وللأول أن يغرمه قيمته حياً ثم للثاني أخذه مذبوحا وما نقصه الذبح أو قيمته حياً، ولو قال: دفع زيد هذه الدابة إلي وأمرني بدفعها إلي ابنه ببرقة، ثم قال بل فلان أمرني بذلك فذهبت بها إلي برقة فهلكت فلا شئ عليه.
ومن سماع عيسي عن ابن القاسم وفي بعض الكتب من سماع حسين بن عاصم قال ابن القاسم فيمن أقر بعبد في يده لرجلين قال غصبتكما إياه أو غير غصب وقال كل واحد منهما بل هو لي خاصة ولا بينة لواحد منهما قال: يحلف المقر أنه ما يعلمه لواحد منهما خاصة فإن حلف برئ ولا شئ عليه لواحد منهما ويرجع هذا فيحلف كل واحد منهما أنه له خاصة دون صاحبه، فإن حلفا بقي بينهما نصفين وإن نكل المقر عن اليمين حلف كل واحد م هذين أنه له خالصاً، فإن حلفا غرم لهما قيمته فكانت بينهما نصفين(بعد العبد) وإن نكلا مع النكول المقر لم يكن لهما غير العبد وإن نكل أحدهما ونكل المقر فإن العبد كله لمن حلف ولا شئ لهما علي المقر الناكل، ولو أتي غيرهما فادعاه فإن كان خليطا للمقر حلف ما له / فيه شئ فإن حلف برئ وإن نكل حلف المدعي فإن حلف غرم له قيمة العبد وإن لم يحلف المدعي فلا شئ له وإن لم يكن خليطاً فلا يمين عليه ولا شئ، قال: وكذلك في الدنانير لو اقر في مائة دينار انها بينهما فادعاها كل واحد لنفسه، قال: ولو أن الذي أقر لهما بالعبد ادعاه أحدهما وقال الآخر ما ادري صحة قوله إنما أقر لي بشئ فقبلته قال يحلف هذا انه ما يعرف هذا الذي أقر له به هل هوله أم لا فإن حلف فله نصف العبد، ويقال للمقر
[9/174]
***(1/169)
[9/175]
احلف انك ما تعلمه لهذا الذي ادعاه خالصاً فإن حلف برئ وكان العبد بينهما نصفين، وإن نكل حلف مدعيه انه له ورجع علي المقر بنصف قيمته وبقي العبد بينه وبين الآخر، ولو نكل الذي قال ما أعرف صدق ما قال حلف مدعي العبد وكان له جميعه ولم يكن علي المقر يمين ولا غرم.
قال أبو محمد: وفي باب إقرار المضارب شئ من معاني هذا من الإقرار لرجل بشئ ثم يقر به لغيره، ونحوه. [ والله أعلم بذلك وأحكم](1).
فيمن قال لفلان عندي عشرة دنانير
ولي عنده خمسة أو أوصي له بعشرة علي هذا
روي عيسي عن ابن القاسم عن مالك، وذكره عنه سحنون قيمن قال عند موته لفلان عندي عشرة دنانير ولي عنده خمسة فانكر المقر له بالعشرة أن كيون عليه شئ فإنه يأخذ العشرة من تركته وعلي الورثة اليمين في الخمسة أنها عليه / وإلا حلف .
ولو قال لفلان من مالي عشرة دنانير وصية مني له ولي عليه خمسة دنانير فأنكر فلان الخمسة فإنه ليس له ان يأخذ من الوصية إلا خمسة لأنه لم يوص له إلا بخمسة حين قال عليه خمسة.
فيمن أقر فقال(2)لفلان علي ألف درهم
لا بل ألفان(3)أو لا بل خمسمائة
أو أقر بالإقتضاء للدين علي هذا الوجه
من كتاب ابن سحنون قال سحنون: ومن قال لفلان علي ألف لا بل ألفان لزمه ألفان فإن قال لا بل خمسمائة فإن كان في نسق واحد قبل قوله وإن
[9/175]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل.
(2) فقال ساقطة من الأصل.
(3) في النسخ كلها بل ألفين، والصواب ما أثبتناه(1/170)
[9/176]
كان بعد أن سكت فلا يصدق وكذلك: له علي درهم لا بل نصف درهم، أو قال درهم أبيض لا بل أسود ويحلف في ذلك كله وكذلك كر لا بل نصف كر وكان كلامه نسقاً.
وقال غيرنا: إذا قال له علي مائة درهم لا يل مائتان فالقياس أن عليه ثلاثمائة ولكنا ندع القياس ونستحسن أن عليه مائتين، قال محمد: وكيف يجوز ترك القياس لغير أثر ولا سلف.
قال محمد بن عبد الحكم: إن قال له علي درهم بل درهمان لزمه درهمان.
وقال ابن سحنون: وإن قال علي درهم لا بل دينار فهذه زيادة فهذه زيادة وعليه دينار ويسقط الدرهم.
وقال غيرنا: يلزمه دينار ودرهم، وقد قالوا: إن قال له علي درهم أبيض لا بل أسود أنه يلزمه أفضلهما فقط فليزمهم أن يبطلوا الدرهم.
وإن قال: علي كر حنطة لا بل كر شعير ففيها قولان: أحدهما أن يلزمه كر شعير / ويحلف وكأنه استثناء في نفس(1)الإقرار، والقول الآخر وهو قول غيرنا: يلزمه الكران، وإن قال له: علي درهم زائف لا بل جيد فله الجيد في إجماعنا، وهذا عندنا زيادة في الإقرار، وكذلك قوله مختوم من دقيق ردئ لا بل حواري(2)فله حواري في إجماعنا فإن قال له علي رطل من بنفسج لا بل من خيري(3)وادعي الطالب الصنفين فعليه رطل خيري فإن كان هو أفضل فهو زيادة في الإقرار وإن كان أدني استثناء في نسق الكلام، وفي القول الآخر له الصنفان جميعا، وكذلك قوله له علي رطل سمن غنم لا بل بقر علي اختلاف القولين، فأما إن قال له علي رطل سمن ردئ لا بل جيد فعليه رطل جيد فقط في إجماعنا، فإن قال: لزيد علي ألف لا بل لعمرو ألف فعليه لكل واحد ألف في
[9/176]
***
__________
(1) في التسخ كلها في نقض الإقرار ولعل الصواب ما أثبتناه .
(2) الحواري بالضم وتشديد الواو مقصور: ما حور من الطعام أي بيض وهذا دقيق حواري.
(3) الخيري نبات ذو زهر عطر وهو المعروف بالمنثور الأصفر.(1/171)
[9/177]
إجماعنا، وكذلك لو قال: لا بل لمكاتبه ألف أو لعبده المأذون فإن عليه ألفين لكل واحد ألف كان المأذون، عليه دين أو لا دين عليه.
وقال غيرنا: إن لم يكن عليه دين لم يلزمه إلا ألف وقد جامعونا في المكاتب بينهما(1).
فإن قال له: علي ألف ثمن جارية باعنيها ثم قال لا بل فلان باعنيها فإن ادعاها فلان لنفسه فعليه لكل واحد منهما ألف وإن لم يدعها الثاني لنفسه وأقر بها للأول فهي ألف واحدة تكون للأول، ومن لك عليه عشرة دراهم بيض وعشرة سود فأقررت أنك قبضت منه درهما أبيض ثم قلت لابل أسود وقال الطالب: قضيتك درهما من كل صنف فإنه يلزمه درهم واحد من السود مع يمينك .
/ قال سحنون: وإن كان لك صكان؟ علي رجل كل صك بمائة فقلت قبضت منه عشرة دراهم من صك كذا لا بل من صك كذا فلا يلزمه إلا عشرة تجعلها من أي صك شئت، فإن كان أحدهما بحمالة والصك الآخر بغير حمالة فقلت أنت قد قبضت عشرة من صك الحمالة لا بل من الصك الذي بلا حمالة لم يلزمك إلا عشرة مع يمينك ولا ينظر إلي قول المطلوب إنها عشرون. فإن قال الكفيل هما مما أتي به كفيل لزمك أن تبرئه من حمالة عشرة وكذلك لو بدا فقال: أخذتها من الصك الذي لا حمالة فيه ثم قال لا بل من صك الحمالة وأما لو قال: قبضتها من الصك الذي لا حمالة فيه لابل قبضتها من الحميل من صك الحمالة والحميل يدعي ذلك والمطلوب يدعي أنه دفع أيضا إليه عشرة فها هنا يلزمه عشرون مع يمينه الغريم والحميل، ولو كان بكل صك حميل فقال قبضت من الغريم عشرة من صك كذا لا بل من الصك الآخر فإنما تلزمه عشرة يجعلها من أيهما شاء مع يمينه انه إنما قبض عشرة واحدة ولكن إن ادعي ذلك حميل لزمه أن يبرئ كل واحد من حمالة عشرة ولا يبرأ الغريم إلا من عشرة واحدة، ولو قال : قبضت عشرة من فلان الكفيل عن حمالة لابل من الكفيل الآخر من كفالته. فها هنا يلزمه عشرون.
[9/177]
***
__________
(1) بينهما ساقطة من الأصل.(1/172)
[9/178]
وأما إن كان له عليك صك بمائة درهم وعشرة دنانير فقال: قد قبضت منه دينارا لابل درهما والطالب يدعي الدرهم والدينار ففيها قولان: أحدهما أنه مصدق مع يمينه، والقول الآخر / يلزمه دينار ودرهم، وكذلك كل ما اختلف من النوعين علي هذا مثل حنطة وشعيرة والكيل والوزن.
وإذا كان له علي رجلين مائة درهم علي كل واحد، وكانا في صك أو في صكين وكل واحد حميل بها علي الآخر فقال: قبضت من هذا عشرة لا بل من هذا فإنه يلزمه لكل واحد عشرة إذا ادعياها وكذلك لو كفل بها رجل واحد: ومن له علي رجل ألف درهم فقال: قد دفعت إلي فيها مائة قال بل بعثتها إلي مع غلامك، وقال المطلوب هما مائتان فلا يلزمه إلا مائة واحدة عندنا وعند أهل العراق مع يمينه، ولو قال: قبضت منك منها مائة، وقال المطلوب : وعشرة بعثتها إلينا مع فلان وثوبا بعثته لك بعشرة، فقال الطالب: صدقت ولكن دخل ذلك في المائة التي قلت لك فهو مصدق مع يمينه في إجماعنا.
[ ولو كان ذلك بحميل](1)فقال قبضت منك منها مائة لا بل من كفيلك وكلاهما يدعي ذلك فإنه يلزمه لهما قبض ما تبقي مع أيمانهما.
وقال غيرنا لا يمين عليهما لأنه أقر لهما وليس بالقياس لأنه قد جحد أحدهما بما تبين لك بعد ذلك.
تم الجزء الأول من كتاب " الإقرار"
بحمد الله وعونه(2)
[9/178]
***
__________
(1) كذا في الأصل، والعبارة في النسخ الأخري " ولو كان له بها كفيل" .
(2) هنا يتم الجزء الأول من الإقرار إلا في ف فإنه سيتم بعد أربعة أبواب.(1/173)
[9/179]
بسم الله الرحمن الرحيم ... ... ... ... وصلي الله عليه وسلم وآله وصحبه وسلم
الجزء الثاني
من كتاب الإقرار
في الإقرار بغير التصريح وبالدلائل من اللفظ
/ من كتاب محمد بن سحنون ومحمد بن عبد الحكم وربما ذكر هذا ما لم يذكر الآخر والمعني واحد، ومن قال لرجل اعطني الألف درهم التي لي عليك فقال نعم فهو إقرار بها، كذلك قوله سأعطيكها أو أنا أدفعها إليك بها أم ليست عندي اليوم متهيئة كلها أو غدا أعطيكما أو سوف أعطيكها(1)أو ابعث إلي غدا من يأخذها مني فهذا كله إقررار بها، وإن قال أقض العشرة التي لي عليك فقال نعم فهو إقرار بها، كذلك قوله سأعطيكها أو أنا أدفعها إليك [ أز أبعث إليك بها أم ليست عندي اليوم متهيئة كلها أو غدا أعطيكما أو سوف أعطيكها(2)] أو ابعث إلي غدا من يأخذها مني فهذا كله إقرارا بها، وإن قال أقض العشرة التي لي عليك فقال لم يحل أجلها بعد أو حتي يحل فهو إقرار بها إلي أجل، [قال محمد عبد الحكم](3)ولو قال له: اتزن أو قال اجلس فانتقد أو زن لنفسك او حتي يأتي وكيلي يزن لك فهذا كله ليس بإقرار إن حلف، وكذلك لو قال اجلس فانتقدها واتزنها فهو كقوله اتزن وانتقد لأنه لم ينسب ذلك إلي أنه الذي يدفع إليه، ولو قال اتزنها مني أو ساهلني فيها لزمته لأنه نسب ذلك إلي نفسه.
وقال أصحاب أبي حنيفة : إذا قال اتزنها لزمته وإن قال اتزن أو انتقد لم تلزمه، قال محمد بن عبد الله ولم يذكر من الوجهين أنه منه يأخذها فإذا قال اتزنها مني لزمته فالهاء إنما هي نسبة للدراهم وإنما تكون النسبة إلي نفسه لو قال اتزنها
[9/179]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) ما بين معقوفتين من ص.
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من ص وهـ(1/174)
[9/180]
مني، ولو قال اقض حماري أو ثيابي التي لي عليك أو غيرها مما لا يوزن، فقال اتزن فلا شئ عليه وهذا من الاستهزاء، ولو قال اقض مائة إردب لي عليك فقال اكتل من هذا الرمل أو الرماد فهذا استهزاء لا يثبت به إقرار، ولو قال اكتل ذلك مع قمح فلان / لم يكن إقراراً، وإن قال اكتله من قمحي أو أندري(1)فهو إقرار.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا قال له اقضني العشرة التي لي عليك فقال اتزنها أو انتقدها أو اقعد فاقبضها فذلك إقرار، وكذلك قوله اتزن او انتقد، ولو قال اتزن أو اتزنها ما أبعدك من ذلك أو قال من أي ضرب تأخذها ما أبعدك من ذلك فليس بإقرار، ولو قال له خذ أو قال خذها فليس بإقرار.
ولو قال له اعطني الألف درهم التي لي عليك فقال نعطيك أو قال نعطيكها فهو إقرار بها، ولو قال زنها لي فقال ازن لك أو قال اتزنها لك فهو كذلك ولو قال اقض الكر حنطة التي لي عليك فقال أرسل من تكيله أو قال من يقبضه لك أو لم يقل لك أو قال أرسل من يقبض لك فهو كله إقرار، وكذلك إن قال: ليست عندي اليوم فقد أقربها في إجماعهم، وكذلك إن قال: ليست بمسيرة اليوم أو ليست بحاضرة أو مهيأه.
وإن قال أجلني شهرا أو وخرها عني شهرا أو نفسني بها فهو إقرار، وكذلك دعني حتي أيسرها لك أو أرسلها لك، ولو قال : أقضني المائة التي لي قبلك فإن غرمائي لا يدعونني(2)فقال أحل علي بعضهم أو من شئت منهم ائتني برجل منهم أضمنها له أو أكفل له بها أو يحتال علي بها فهو إقرار.
ولو / قال قد قضيتكها أبرأتني منها أو حللتني منها أو أحلتك بها أو وهبتها لي أو تصدقت بها علي فهو إقرار في إجماعهم .
[9/180]
***
__________
(1) الأنذر بوزن الأحمر: البيدر بلغه أهل الشام وهو الكدس من القمح خاصة جمعه أنادر.
(2) في جميع النسخ لا يدعوني بإسقاط نون الرفع.(1/175)
[9/181]
قال محمد بن عبد الله: وكذلك إن قال: قد وهبتها لابني أو لأخي أو أمرتني أن تصدق بها فهو إقرار، [ قال ابن سحنون](1)ولو قال والله [ لأقضيتكها اليوم أو قال](2)لا أقضيكها اليوم أو قال لا أعطيكها أو لا أزنها لك تأخذها اليوم مني فهو إقرار.
ولو قال والله لا أعطيكها قال أبدا أو لم يقل فليس بإقرار.
قال محمد بن عبد الله: وإن قال لا تأخذها مني إلي شهر فهو إقرار.
قال ابن سحنون: ولو قال حتي يدخل علي من فائدة أو ربح أو حتي يقدم مالي أو غلامي أو حتي يأتي وكيل أو يقضي غريمي فهو إقرار.
والمكيل والموزون والسلم في الثياب وغيرها سواء في هذا كله.
قال محمد بن عبد الحكم: وإن قال حتي يأتي وكيلي أو غلامي الذي قبضها منك فهو إقرار منه أن الوكيل أو الغلام قبضها وليس بإقرار منه أنها عليه ومن يقول حتي يأتي وكيلي أو غلامي فأسأله عن ذلك.
ولو قال: أحل بها علي من شئت فهو إقرار، وإن قال: إن أخرتني بها سنة أقررت لك بها فليس بإقرار ويحلف، ولو قال إن صالحتني عنها صالحتك فليس بإقرار ويحلف.
ولو قال: أرسل رسولك أعطيه خمسة ثم قال: ليس له علي غير خمسة فالقول قوله، ولو قال: أرسل رسولك يأخذ منها خمسة فهو إقرار بالعشرة فيما أري والله أعلم.
ولو قال: مالك علي عشرة ولا أقل ولا أكثر فلم يقر له بشئ .
ولو قال: مالك علي إلا أقل من / عشرة، قيل له أقر بما شئت واحلف. ولو
[9/181]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من ص وهـ .
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من ص وهـ .(1/176)
[9/182]
قال لم يبق لك علي إلا خمسة فهذا إقرار بالعشرة فتلزمه العشرة مع يمين الطالب أنه له عليه عشرة لم يأخذ منها شيئا ولا أبدأه من خمسة منها وأنها له عليه ثابتة.
ولو قال: أعلم فلانا أن قد أرسلت إليه بعشرة دراهم فليس هذا بإقرار له بشئ.
ولو قال: أعلمه أني أرسلت إليه بعشرة دراهم قضاء لم يكن إقرار منه بعشرة قد يرسل إليه قضاء عن غيره، ولو قال: أعلمه أني لم أقبض العشرة التي أسلفتنيها لم يكن هذا اقرارا منه بشئ، وإن قال: أعلمه أني قد رددت عليه العشرة دراهم حلف وبرئ وقد يرسل بها إليه فلا يقبلها.
وكذلك إن قال رددت إليك هديتك التي أهديت إلي وهما كذا وكذا.
ولو قال: اشتريت من فلان سلعة بعشرة دنانير قبضت السلعة لزمته العشرة وإن لم يقل قبضت السلعة لم يلزمه دفع الثمن حتي يقبض السلعة ويحلف، ولو قال: لك علي عشرة ابتعت بها عبدك هذا الذي في يديك فإن صدقه أخذ العبد ودفع الشعرة وإن كذبه وادعي العشرة لم يلزم المقر شئ ويحلف. وإن قال: لك عند عبدي وديعة مائة درهم فأنكر العبد أو أقر وقال ضاعت أو كان مأذونا فأنكر فلا يلزم ذلك العبد إن كان السيد غير عدل وإن كان عدلا حلف معه الطالب: ولو قال لرجل كتب علي فلان ذكر حق بعشرة دنانير لم يلزمه شئ إلا أن يقول أشهدت له به، ولو قال فاشهدوا به علي(1)لزمه أيضا، وإذا تقتضاه في عشرة له عليه / فقال: ما أكثر لجاجك في تقاضيها فليس هذا بإقرار.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا ادعي عليه بألف درهم فقال كم وزنها أو قال ما ضربها؟ فليس هذا بإقرار، قال والاقرار بالفارسية وبالقبطية والسندية وكل لسان يعرف إذا شهد عليه عدلان من أهل الترجمة.
ولو قال: غصبتني هذا الغلام فادفعه إلي فقال غدا فقد أقر له به في إجماعهم.
[9/182]
***
__________
(1) في الأصل، ولو قال فأشهد هو علي.(1/177)
[9/183]
ويلزم من قال إذا تقاضاك فقال اتزن واتزنها ففرق بين اتزنها وبين اتزن، لأن قوله اتزن لم يضف كلامه إليها فتلزمه إذا قال له غصبتني هذا العبد فادفعه إلي فقال غدا أن ليس هذا بإقرار حتي يقول ادفعه إليك غدا وفي هذا دليل علي صحة قولنا.
وكذلك أجمعوا أن لو قال ادفع إلي عبدي هذا الوديعة فقال غداً فإنه إقرار له به.
وكذلك قوله نعم أو سأعطيك، والعارية مثله. قال ابن عبد الحكم وكذلك إن قال حتي أفرغ مما أريد منه فهو إقرار.
قال ابن سحنون: وكذلك لو قال ابتعت مني عبدي هذا؟ فقال نعم، فهو إقرار، وكذلك لو قال وأجرته مني؟ فقال نعم أو قال أعرتك دابتي فقال نعم أو قال ادفع إلي عبدي هذا فقال نعم أو ثوب عبدي هذا فقال نعم فهو إقرار بالعبد والدابة، والعروض كذلك.
وكذلك لو قال: افتح باب داري هذه فقال نعم أو قال حصص داري هذه فقال نعم أو قال جصص داري هذه فقال نعم أو قال أسرج دابتي هذه فقال نعم، هذا كله إقرار، قال ابن عبد الحكم / ليس هذا كله بإقرار ويحلف أنه يركبها أو يسكن الدار أو يجصصها وليس هذا بإقرار بملك.
قال ابن سحنون ولو قال أعطني سرج بغلتي هذه فقال نعم، فهو إقرار بالبلغة وكذلك في اللجام.
وقال ابن عبد الحكم [ليس هذا بإقرار قالا]): ولو قال في جميع هذا لم يكن إقراراً.
قال ابن عبد الحكم: أرأيت لو قال المكتري لجماله أرجل لي بعيري هذا او اسرج لي دابتي هذه فقال نعم أيكون إقراراً؟
[9/183]
***(1/178)
[9/184]
قال ابن سحنون: ولو قال أعطيكمه اليوم فهو في إجماعنا وأهل العراق إقرار بالدابة واللجام، ولو قال لا أعطيكه أبدأ فليس بإقرار بهذا ولا باللجام لأنه نفي للإعطاء، وكذلك لا أعطيكه أو قال لا فقط.
وقال غيرنا: هو إقرار إن قال لا أعطيكه أبدأ، وإن قال لا أعطيكه اليوم فهو إقرار بالدابة واللجام وكأنه سأل تأخيره في يديه يوما أو شهرا.
ولو قال رجل لرجل أخبر فلانا أن لفلان علي ألف درهم فهو إقرار لفلان إن ادعي ذلك فلان، وكذلك لو قال قل لفلان أن لفلان لآخر علي ألف درهم فهو إقرار لفلان بألف درهم إن ادعي ذلك فلان ويلزمه المال.
ولو أقر رجل لآخر وقال إنما لك علي ألف درهم فهو إقرار بها.
وإن قال: ليس لك علي مائة فإنه لم يقر بشئ.
ومن قال لامرأته: أقرضتك ألف درهم فقالت: لا أعود لها أولا أعود بعد ذلك فهو إقرار وكذلك في قوله أخذت مني ألف درهم فأجابت بهذا.
ومن قال لرجل يخاطبه لم أغصبك إلا هذه المائة أو غير هذه المائة أو سواها فهو إقرار، وكذلك لم أغصبك إلا هذه المائة أو غير هذه المائة أو سواها فهو إقرار، وكذلك لم أغصبك مثل هذه المائة أو قال بعد هذه المائة أو مع هذه المائة شيئا / فهو إقرار، ولو قال لم أغصب أحدا بعدها، أو قال لم أغصب أحدا قبلها، أو قال معها فهو إقرار. سحنون: وإذا قلت غصبتني مائة فأجابك ما غصبتك قبلها فهو إقرار بها.
ولو قلت له: قد أقرضتك مائة فقال ما استقرضت من أحد غيرك أو قال بعدك أو قبلك، قال محمد: فهو إقرار عندي، وقال سحنون وأهل العراق ليس بإقرار.
قال سحنون: وإذا قال له اقضني المائة التي عليك فقال مجيبا له قد آذيتني بها أو غممتني بها، فليس بإقرار، قال أو قال لا أعود لها فليس هذا بإقرار.
قال ابن سحنون: هو إقرار في قوله لا أعود لها وأما قد آذيتني بها أو غممتني فليس بإقرار، وقد يريد أنك آذيتني في طلبك مني ما ليس لك علي.
[9/184]
***(1/179)
[9/185]
قال محمد بن عبد الحكم: وإن قال اقضني المائة التي لي عليك فقال لا أعود أستقرض منك شيئا فليس هذا بإقرار، وقد يريد جوابا إنك تدعي بأكثر من مالك، ولو قال: لا أعود استقرض منك غيرها فهذا إقرار، وكذلك لم أستقرض منك شيئا قبل هذه [ المائة التي لي عليك فقال لم استقرض منك شيئا هذه](1)المرة فليس بإقرار، وكذلك لا أعود أستقرض من أحد شيئا، ولو قال ما استقرضت مائة من أحد سواك فظاهر هذا إقرار، ولو قال لا أعود أستقرض من أحد مائة كان هذا إقرارا.
قال ابن سحنون: ولو قال لم أستقرض من أحد معك فهو إقرار.
ولو قال: مالك علي إلا مائة درهم فهو إقرار، ولو قال: مالك غير مائة أو سوي مائة او أكثر من / مائة فهو إقرار وإن قال: مالك علي أكثر من مائة ولا أقل من مائة لم يكن إقراراً.
ولو قال له: عليك ألف لي فقال المطلوب بل تسعمائة لزمته تسعمائة وعلي الطالب البينة علي ما زاد، ومن قال لرجل أخير فلانا أو أعلم فلانا أو قل أو أشهده أن لفلان علي ألف درهم فهو إقرار إن ادعاها المقر له، ولو قال رجل لآخر أخبر عنك فلانا أو أعلمه عنك أو أشهده أو أقول له إن لفلان عليك مائة درهم، فقال نعم فهو إقرار.
ولو قال له بشر فلانا أن له علي ألف درهم فهو إقرار، قال ابن عبد الحكم: ولو قال له ليس لفلان علي شئ فأخبره أن له علي ألف درهم فليس هذا إقرارا إنما قال له أخبره بها ليس علي.
قال ابن سحنون: وإن قال : وجدت في كتابي بخط يدي أو قال ذكر حق بخطي أن لفلان علي ألف درهم أو كتبت بيدي أن له علي ألف درهم فإنه يؤخذ بذلك.
[9/185]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل، مثبت من النسخ الأخري.(1/180)
[9/186]
ولو قال: هذا خطي بيدي أن لفلان علي ألف درهم لم يؤخذ بها إلا أن يقر أنها دين عليه، ولو قال: كتبت لفلان علي صكا بألف درهم بخطي أو لم يقل بخطي فإنه يؤخذ بالألف ولو كتب صكا علي نفسه لفلان بألف درهم وقوم ينظرون إليه فقال للقوم اشهدوا فهو جائز في إجماعهم، ولو قال لرجل لا تشهد علي لفلان بألف درهم فليس بإقرار.
ولو قال لفلان علي شئ فلا تخبره أن له علي ألف درهم لم يكن هذا إقرارا، وكذلك لو قال ليس لفلان علي شئ فلا تقل له إن له علي ألف درهم فليس بإقرار لأنه افتتح الكلام / بالانكار، ولو قال لا تخبر فلانا أن له علي ألف درهم او لا تقل له إن له علي ألف درهم فهما قولان أحدهما إنه بإقرار له لأنه قال له اكتم عني فلانا ما له علي، وقول آخر لا يكون هذا إقرارا وكذلك لا تشهد أن له علي ألف درهم، ولو قال أشهد له علي بألف درهم كان إقرار لازما.
ومن كتاب ابن عبد الحكم: ومن قال: وجدت في كتابي أن لفلان علي دينارا فأخبره بذلك يا فلان لزمه الدينار فيما أري، وكذلك قوله حاسبت فلانا فلم يبق له علي إلا دينار فهو إقرار لفلان بالدينار.
ولو قال: أعلم فلانا أن له علي دينارا فهو إقرار بالدينار وكذلك قوله أرسل إليه فأعلمه، ولو قال: وجدت في كتبي كتابا بذكر حق علي لفلان بمائة دينار لم يكن هذا إقرار حتي يقول وجدت بخط يدي أن لفلان علي عشرة دنانير فهذا إقرار يلزمه.
ولو قال: كتبت بيدي أن له علي عشرة لزمه ذلك.
ولو قال: كتبت لفلان صكا علي بمائة دينار لزمه وأبين ذلك أن يقول وأشهدت له فيه، ولو قال: كتب علي فلان ذكر حق بعشرة دنانير لم يكن هذا إقرارا؟
ولو قال كتبت لفلان ذكر حق بعشرة دنانير ولو يقل علي قضيته منها خمسة فليس هذا إقرار منه بالعشرة.
[9/186]
***(1/181)
[9/187]
ولو قال: كتبت لفلان علي ذكر حق قضاه فلان منها خمسة فليس هذا إقرارا منه بالعشرة، ولو قال: كتبت لفلان علي ذكر حق قضاه فلان منها خمسة فليس هذا إقرارا منه بالعشرة، ولو قال: كتبت لفلان علي ذكر حق عشرة دنانير فهذا إقرار بعشرة، وأبين ذلك أن يقول أشهدت له.
ولو قال / كتبت لفلان ذكر حق وقضاه فلان منها خمسة لم يكن هذا إقرار علي نفسه بشئ، وكذلك لو قال قضيته منها خمسة.
في الإقرار علي الاستفهام
من كتاب ابن سحنون: ومن قال لرجل: أليس قد أقرضتني أمي ألف درهم؟ فقال الطالب بلي أو نعم فجحد المقر، فالمال يلزمه [ ولو قال: أما أقرضتني أو قال ألم تقرضني؟ فهو سواء يلزمه إن ادعي الطالب المال](1).
وقال محمد بن عبد الحكم: يحلف المقر ولا يلزمه شئ وإنما سأله بالاستفهام ما عنده من العلم فليس قوله أليس بإقرار.
وكذلك قوله ألم تقرضني كذا؟ قال ابن المواز ومحمد بن عبد الحكم: وأما إن قال ألم أو فك العشرة دراهم التي لك علي فقال لا فهو إقرار.
قال ابن المواز: ويغرم العشرة بلا يمين عليه، قالا: لأنه أقر بالدين وإنما استفهم في القضاء.
قال ابن المواز: إلا أن يرجع عن الاستفهام فيقول بل قضيتك فيكون عليه اليمين قالا: ولو قال ألم تسلفني كذا فقضيتك فقال له ما قضيتني شيئا وهي لي عليك فقال المقر ما أسلفتني شيئا، فلا شئ عليه وليس ذلك إقرارا.
قال ابن عبد الحكم : وأما إن قال أسلفتني كذا فلم أحسن قضاءك، فهو إقرار وإنما أستفهمه في القضاء فإن أنكره غرم. ولو قال ألم أقضيك الألف التي لك علي أبي وأبوه ميت ولم يرثه غيره فهو إقرار إن ورث عنه مالا وصار في يديه وإلا لم / يلزمه أن يقضي عنه.
[9/187]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ف.(1/182)
[9/188]
قال ابن المواز وابن عبد الحكم: وإن قال ألم أضمن لك المائة التي تدعي علي أبي؟ قال بلي فرجع الابن فقال ما ضمنت لك شيئا وإنما استفهمتك وما أوقن أن لك علي أبي شيئا، فليس هذا بإقرار ولا يحلفه.
قال ابن عبد الحكم: إلا أن يكون في يديه من تركته شئ.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن قال لرجل أعطيتني أمس ألف دره بتثقيل الألف درهم يريد بمدها لم يلزمه شئ وهذا استفهام وإن ادعي ذلك الطالب ولم يثقل الألف لزمه ذلك. وفي باب الاقرار بالنكاح ذكر الاقرار بالنكاح علي الاستفهام.
ذكر ما يعد من السكوت كالاقرار فيما يدعي عليه
أو فيما يحاز عليه وفيما يؤثر في سنة من الحوادث
من العتبية(1)روي عيسي عن ابن القاسم وفي بعض الكتب أنها رواية حنين بن عاصم عنه فيمن قال لرجل: فلان الذي في منزلك ساكن لم أسكنته؟ فقال أسكنته بلا كراء والساكن يسمع ولا ينكر ولا يعير هل يقطع دعواه سكوته إن ادعي المنزل يوما؟ قال: لا يقطع ذلك عواه إن أقام بينة أن المنزل له فهو علي حقه ويحلف لأنه يقول ظننته يداعبه ونحو ذلك.
وقال فيمن سئل عند موته هل لأحد عليك(2)شئ؟ قال لا، قيل ولا لأمرأتك؟، قال لا والمرأة تسمع ساكته لا تذكر حقها فإنها تحلف إن حقها عليه يريد إلي الآن وتأخذه إن شهدت لها به بينة ولا / يضرها سكوتها.
وروي عنه عيسي فيمن أتي إلي قوم فقال اشهدوا أن لي علي هذا الرجل لرجل معهم كذا وكذا، والرجل ساكت ولم يسأله الشهود عن شئ فلما طولب أنكر، قال هذا يلزمه السكوت ومسألة التفليس في الميت تباع تركته وتقسم وغريم
[9/188]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 14 : 195.
(2) في الأصل عندك ولعل ما أثبتناه من ص وهـ هو الصواب.(1/183)
[9/189]
حاضر ساكت لم يقم أنه لا قيام له إلا أ يكون له عذر وقد ذكرتها في التفليس بتمامها.
وفي كتاب الحيازات أحكام الحيازة ببناء او هدم أو غراس أو زرع أو احداث بيع أو هبة والمدعي حاضر لا ينكر أن سكوته في البيع والهبة تسليم وفي طول الحيازة تسليم ومثل الرجل تقسم تركته ورجل يدعي عليه دينا حاضر لا يدعي أن ذلك يبطل دعواه، ذكرها ابن حبيب عن مطرف وأعرف لابن القاسم مثله.
قال ابن حبيب قال مطرف إلا أن يكون له عذر أنه لم يعرف بينته أو كانوا غيابا أو لم يجد ذكر حقه إلا عند قيامه أو كان لهم سلطان يمتنعون به ونحو هذا مما يعذر به فيحلف ما كان تركه القيام إلا لما يذكر مما يعذر به فإن نكل حلف الورثة ما يعلمون له حقا ويبرؤون(1)فإن نكلوا غرموا.
وذكر ابن حبيب مسألة الميت له ولدان أحدهما مسلم والآخر نصراني فتكلم في المسألة بوجوهها وقال إلا أن يعلم الولد النصراني أنه صلي عليه ودفن في مقبرة المسلمين وهو حاضر ساكت فيبطل دعواه، وبه قال ابن القاسم وابن الماجشون ومطرف وقد جري / في مسائل أصحابنا ما يكون السكوت فيه كالاقرار.
فمن ذلك زرع في أرض(2)رجل وادعي أنه اكتراها منه وربها ينكر، فإنه إن علم به ربها حين زرع فلم ينكر فليس له إلا ما أقر مع يمينه إن كان ذلك يشبه كراء مثلها.
ومنها أن يقول لزوجته المطلقة قد راجعتك فتسكت ثم تدعي أن عدتها قد كانت انقضت، فلا قول لها.
وكتب شجرة إلي سحنون فيمن أوصي بعتق أمته وهي حاضرة ساكته تسمع لا تدعي الحرية وشهدت بذلك بينة وقالوا لا نعلمها مملوكة، فلما مات الموصي قالت إني حرة قال: لا يضرها سكوتها.
[9/189]
***
__________
(1) في التسخ كلها ويبرؤوا بإسقاط نون الرفع والصواب ما أثبتناه.
(2) في الأرض ساقطة من الأصل.(1/184)
[9/190]
في الاقرار علي جهة الشكر او علي الذم
في دفع دين أو في قبضة
كقوله أسلفتني وقضيتك
أو قضاني ديني ثم تناكرا
من العتبية(1)روي عيسي عن ابن القاسم فيمن قال لرجل اشهد أني قبضت من فلان مائة دينار كانت لي عليه. فأحسن قضائي جزاه الله خيرا، فقال الدافع إنما أسلفتها له، وما كان له عيل شئ، فالذي قال أسلفته مصدق إلا أن يأتي الآخر ببينة أنه قد كان يتقاضاه في دينه قبل ذلك، وقاله المخزومي، قال يحي بن يحي عن ابن القاسم: ومن قال لرجل قد قضيتني مائة دينار من الماثتين التي لي عليك فاعطني ما بقي، فيقول الآخر مالك علي شئ وما دفع / إليه إلا لما يقول وذلك له.
وروي عنه سحنون فيمن قال: كان لفلان علي دينار فاساء تقاضي فلا جزاه الله خيرا يريد وقد دفعته إليه، فقال المقر له ما تقاضيت منك شيئا، قال: يغرم المقر الدينار بخلاف الذي يقر علي وجه الشكر، وكذلك ذكر ابن سحنون في كتابه عن أبيه عن ابن القاسم.
قال ابن حبيب قال ابن ماجشون فيمن قال لقوم أسلفني فلان مائة دينار وقضيته إياها أنه مصدق ولو قالها عند السلطان لم يصدق إلا ببينة، والفرق بين ذلك أن ما كان من أمر جره الحديث والأخبار علي حال الشكر أو الذم فلا يؤخذ به أحد مثل أن يقول لقد أسلفني فلان فأحسن متابعتي أو أساء متابعتي حتي قضيته، فيأتي الآخر فيطلبه بذلك فليس ذلك له، ولو أنه ناكر رجلا ثم تقاعدا عن السلطان فقال قد أسلفني وقضيته لم يصدق لأن هذا إقرار في موضع القضاء ومآخذ البينات.
[9/190]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 437.(1/185)
[9/191]
قال لي مطرف وأصبغ وقال ابن حبيب في أول باب في الإقرار، ومن أقر بحق عند قوم في مساق حديثه لهم علي وجه الشكر لمن أسلفه وقضاه من أمر قد مضي أو غير ذلك من الحقوق ثم قام المقر له فقال لم أقبض فلا يلزم هذا إذا جري علي هذا الوجه ولا ينبغي للقوم أن يشهدوا به فإن جهلوا ونقلوها علي جهله ومساقه لم ينبغ للقاضي أن يأخذخ بذلك.
وقاله(1)مالك وجميع اصحبنا، وأخبرني أصبغ عن ابن القاسم عن مالك مثله فيما طال زمانه أو قرب إن كان إقرار لحي، وإن كان أقر / لميت، فإن كان لما قد بعد وطال زمانه مثل ذلك، وإن كان قرب وقته أخذ بإقراره وفرق بين الحي والميت، لأن الميت لعل عنده وثيقة بحق ذلك سوي إقراره هذا، والحي إن كانت بيده وثيقة قام بها، والميت إن قال عند موته: لي عند فلان كذا فلا بد أن يحلف فلان وإن لم تقم بينة بخلطته والحي لا يحلفه حتي يقيم بالخلطة بينة.
قال ابن سحنون عن أبيه: ومن أقر فقال: لقد فعلت كذا إذ كان ذلك علي مائة درهم يريد فطالبه بها المقر له، قال إن كان أمرا قد تقادم وجري مجري الشكر لم يؤخذذ بهذا الاقرار وإن كان أمرأ لم يتقادم ولا جري بوجه الشكر فإنه يؤخذ بإقراره، وكذلك قوله: فعلت كذا يوم أقرضني فلان كذا فجزاه الله خيرا فهو مثل ذلك يفترق ما تقادم منه مما كان حديثا.
قال ابن سحنون: حدثنا موسي بن معاوية قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن الأعمش قال: سمعتهم يتحدثون عن شزيح في الرجل يتحدث الحديث فيقول اشتريت من فلان متاعاً كذا وكذا فأعطيته ثمنه فقال إنما هو رجل يتحدث فإن شئتم فصدقوه وإن شئتم فكذبوه، ولا يؤخذ بقوله اشتريت.
[9/191]
***
__________
(1) كذا في الأصل والعبارة في ف وقاله مطرف وجميع أصحابنا.(1/186)
[9/192]
في الإقرار علي جهة الاعتذار
من كتاب ابن المواز ومن العتبية من سماع أشهب عن مالك فيمن اشتري مالا فسئل الإقالة فقال: تصدقت به علي ابني فلان ثم مات الأب فلا شئ للابن بهذا وليس بقاطع.
قال عنه ابن القاسم / وإذا سئل أن يكري منزله من رجل فقال هو لابنتي حتي أشوارهما ثم مات فقامت فيه الابنة، فقال: لا ينفعها ذلك إلا أن تكون حازت ذلك ولها الصدقة والحيازة بينة، قيل: فلو كانت صغيرة في حجرة قال ليس لها شئ قد يعتذر بهذا يريد منعه ولا شئ لها إلا ببينة علي الصدقة وحوزه من الكبير.
قال عنه أشهب وابن نافع: ولو سأله ابن عمه أن يسكنه منزلا فقال هو لزوجتي ثم سأله فيه ثان وثالث من بني عمه وهو يقول ذلك، فقامت امرأته بذلك فقال: إنما قلته اعتذارا لأمنعه قال لا شئ لها بهذا، وقد يقول الرجل للسلطان في الأمة ولدت مني والعبد مدبر لئلا يأخذها منه فلا يلزمه هذا ولا شهادة في هذا.
وروي عيسي عن ابن القاسم فيمن قال له أتبيع جاريتك؟ فقال هي لزوجتي أو لرجل أجنبي ثم يدعي ذلك من اقر له في حياته أو بعد موته فلا شئ لهما إلا أن يأتيا ببينة عليه بصدقة أو بهبة قد حيزت يريد في صحته.
وسواء قال هي لزوجتي أو هي خادمتها لا تنتفع بذلك المرأة ولا الأجنبي إذا عرف أنه كانت له إذا قال في عذره أردت الانتفاع بذكر من ذكرت أنها له من زوجة أو اجنبي أو ولد ونحوه من العذر.
قال أصبغ: ولو قال ذلك حين سين بعبده فقال عليه من أقر به به فقالوا هو لنا بإقراره أو قالوا: قد كان لنا قبل إقراره والمقر يقول إنما قلت ذلك علي الاعتذار، قال: فلا حق لهم في هذا / إلا بثبت غير هذا ويحلف أنه لا حق لهم فيه ويبرأ فإن نكل وادعوا حقاً لهم قديما بغير هذا الإقرار حلفوا واستحقوا، فإن قالوا إنما ندعيه بهذا الإقرار لم يوجب لهم نكوله شيئا.
[9/192]
***(1/187)
[9/193]
ولو قال إذ سيم به: قد بعته فلانا بكذا أو وهبته له أو تصدقت به عليه فقامت عليه بذلك البينة وقال كنت معتذرا، قال: هذا يلزمه لأنه فعل شيئا يلزمه إمضاؤه عليه بخلاف قوله هو لفلان.
قال أصبغ: ولو خطبت إليه ابنته البكر فقال كنت زوجتها فلانا فقام فلان يدعي أنها زوجه قبل ذلك أو يقول بل بهذا القول زوجتني وقال الأب إنما قلته اعتذاراً قال ذلك سواء، وذلك يلزمه لأن النكاح جد ليس فيه لعب ولا اعتذار كالطلاق.
وقال ابن كنانة: إن ادعي ذلك بأمر تقدم غير هذا وهو له منكر فشهد عليه الخاطبان أنه قال قد زوجت فلانا فهذا يلزمه ولا يقبل قوله أردت اعتذاراً وإن كان الطالب إنما طلب ذلك بقول الشهيدين الخاطبين ولم يدع أنهزوجه قبل ذلك فلا شئ له بهذا ولا يلزمه.
في الإقرار بالكتاب والإشارة(1)
من كتاب ابن سحنون: وإذا كتب الرجل(2)ذكر حق على نفسه بمحضر قوم وأشهدهم به ولم يقدر عليهم فهو جائز في إجماعنا قال من خالفنا : إن كتبه بين أيديهم بيده أو أملاه على رجل فإن لم يحضروا ذلك لم يجز أن يشهدوا وذلك عندنا / جائز إذا اشهدهم بما فيه وقد جامعونا فيمن كتب رسالة إلي غائب أن 51/ظ لك على كذا إن ذلك يلزمة ، ولو كتب في الأرض لفلان على ألف درهم وقال اشهدوا على بهذا لزمة ذلك وإن لم يقل اش هدوا لم يلزمة ، وكذلك لو كتبة في صحيفة ثم حرقها ولم يشهد فيها فلا يلزمة في إجماعنا انه إن كتب بذلك إلي رجل أنه يلزمة فإن جحد الكتاب وقامت بينة أنه كتبه أو أملاه لزمه ويلزمه ما فيه أيضا من طلاق وعتق أو كفالة بمال أو نفس أو بدين من بيع أو قرض أو غصب أو بوديعة وعارية وقراض.
[9/193]
***
__________
(1) في هـ أو الإشارة.
(2) في الاصل ، وإذا كتب لرجل(1/188)
[9/194]
وكذلك الإقرار بالجراح مما فيه قصاص وغيره،](1)وأما الإقرار بالحد فله أن يرجع عنه ثم يؤخذ بغرم السرقة فقط ولا يحد.
وقال غيرنا: يؤخذ بكل ما وصفنا ما خلا ما فيه قصاص أو حد فإنا نأخذ في هذا بالقياس، ولا نجيزه إلا في تضمين السرقة. وإذا كتب في وصيته بمحضر البينة أو أملاها ثم أشهدهم بها جاز [ ذلك وإن لم يقرأها فإن لم يحضروا الكتاب جاز عندنا إذا أشهدهم بها](2)ودفعها إليهم، وقال غيرنا حتي يقرأها عليهم، [وكذلك قالوا في كتاب(3)القاضي إن لم يحضروا كتابه فحتي يقرأه عليهم،](4)وقال أبو يوسف: إذا شهدوا علي الكتاب والخاتم جاز وإن لم يعلموا ما فيه، وهذا أقرب إلي قولنا، ومن قرأ علي رجل كتابا فقال أشهد عليك بما فيه فقال نعم، ورجل آخر يسمع لم يخاطبه جاز له أن يشهد في إجاعنا، وإذا كتب حقاً عليه / لرجل بمحضر قوم وقال اختموا عليه ولم يقل اشهدوا فإن شهدوا أنه خطه جاز ذلك قال اشهدو أو اختموا، وكذلك إن قالوا نشهد عليك فقال اختموا الكتاب ودفعه إليهم فشهدوا أنه خطه لزمه ما فيه. وقل غيره لا يلزمه.
ولو قال له نختمه(5)فقال اشهدوا جاز في إجماعنا، وإن كتب رسالة إلي فلان أنك ذكرت أني ضمنت لك ألفا عن فلان وإنما ضمنت لك عنه خمسمائة وعنده رجلان ثم محا الكتاب فشهدوا عليه فذلك يلزمه.
وكذلك في الطلاق والعتق والدين والغصب بخلاف الصك وكذلك إن كتب بذلك مكاتب أو عبد مأذون أو امرأة أو ذمي قال سحنون: ولو محاه أو حرمه قبل أن يشهدهم وقبل أن يخرجه من يديه لم يلزمه.
[9/194]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص.
(3) في هـ، في حكم القاضي.
(4) ما بين معقوفتين من ص.
(5) في النسخ كلها يختموه والصواب ما أثبتناه.(1/189)
[9/195]
قال محمد وأجمعنا أنه إن كتبه بمحضر رجلين لا يقرآن ولا يكتبان ودفعه إليهما فكان عندهما ثم شهدوا به أن ذلك جائز، وإن كتب علي نفسه صكاً بمحضر رجلين ثم لم يقرأه عليهما ولا أشهدهما به ولا علما ما فيه ثم قبضاه ثم شهدا أنه خطه أنه يقضي بما فيه.
وقال غيرنا: لا تجوز شهادتهما. وإن كتب رسالة في تراب ولم يقل اشهدوا علي هذا فذلك باطل، ولو قال اشهدوا علي به فهو جائز في إجماعنا، ولو كتب في خرقة أو لوح أو صحيفة أن لفلان عليه كذا فذلك جائز إن شهدوا انه خطه بخلاف كتابه في الأرض، وقال غيرنا / لا يلزمه إلا أن يقول اشهدوا، ولو كتبه في صحيفة بغير مداد إلا أنه يتبين أو في الأرض ثم أشهدهم به وقد عرفا ما كتب لزمه في إجماعنا.
وكذلك لو كتب بغير محضرهما ثم أشهدهما عليه ولو كتب كتابا ليس له أثر ولا يتبين بإقراره بطلاق أو عتق أو دين ثم قال اشهدوا علي به أو أقر عنه القاضي أنه كتبه فإنه يلزمه ولا ينفعه قوله كتبته غير عازم، وقوله اشهدوا عزيمة. وإذا أقر أنه أشهدهم به بعدما كتبه لزمه.
وقال غيرنا بل لا يلزمه لأنه لا يتبين، وقد قالوا في الذي كتب رسالة بمائة دينار بمحضر رجلين ولم يقل لهما اشهدا ثم محاه أنه يلزمه فالذي كتب ما لا يبين واشهدهما به أولي أن يلزمه، يريد محمد وقد أقر بما كتب.
وإن كتب في صحيفة حسابه أن لفلان عليه كذا وحضره شاهدان شهدوا علي خطه جاز ذلك وكذلك إن أقر به عند حاكم.
وإن كتب أن لي علي فلان(1)ألف درهم بمحضر الشاهدين ومحضر المطلوب وهو كاتب يعرف ما كتب عليه ثم قال الطالب للشاهدين اشهدا فقال المكتوب عليه نعم فذلك لازم وهم في سعة إن شهدوا فقال المكتوب عليه نعم فذلك لازم وهم في سعة إن شهدوا عليه أنه أقر أو أنه أشهدهم وأما الإشارة بالإقرار فقد جاء في غير شئ من مسائل أصحابنا في الطلاق وفي
[9/195]
***
__________
(1) في النسخ الأخري وإن كتب أن لفلان علي فلان.(1/190)
[9/197]
الأخرس وفيمن سئل في مرضه عن شئ فقال برأسه نعم أنه يلزمه إذا فهم عنه مراده(1)
/ في الإقرار بما بين كذا إلي كذا أو
يوصي من ادعي علي من دينار إلي عشرين فاقضوه
من كتاب ابن سحنون ومن أقر أن لفلان عليه ما بين درهم إلي مائتي درهم فإنه يلزمه مائة وتسعة وتسعون.
ولو قال ما بين درهم إلي عشرة دراهم لزمه تسعة، وقال أيضا سحنون يلزمه عشرة.
وإن قال له علي ما بين كر شعير إلي كر حنطة فعلي قوله الأول يلزمه كر شعير ويلزمه كر حنطة إلا قفيزا، وفي قوله الآخر يلزمه الكران، وعلي قوله هذا لو قال له علي ما بين عشرة دراهم إلي عشرة دنانير للزمه ذلك كله.
وفي القول الآخر تلزمه العشرة دراهم وتسعة دنانير.
وكذلك لو بدأ بالدنانير في القولين وإذا قال له علي ما بين مائتي درهم إلي مائة درهم قضي له بمائة وتسعة وتسعين لأنا أيقنا بمائة ولم نرد أن نكمل له مائة ثانية.
وكذلك لو قال له علي ما بين عشرة دراهم إلي درهم فإنما عليه تسعة دراهم، وفي قوله الآخر يغرم العشرة. وكذلك وقوله له علي من درهم إلي عشرة، والكيل والوزن كله مثل العين فإن اختلف النوعان أو اتفقا فهما سواء ويؤخذ من الأكثر في قوله الأول. وفي قوله الاخر يؤخذ من المالين.
[9/197]
***
__________
(1) بختام هذا الباب ينتهي الجزء الأول من الإقرار في نسخة فاس العتيقة الموجودة بخزانة القروين المنسوخة في حياة المؤلف وقد كتب في آخره ما يأتي: قابلته بكتاب أبي محمد عبد الله بن أبي زيد وقد ... من مقابلته في عقب ذي القعدة من سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة .(1/191)
[9/197]
قال ابن المواز إذا قال له علي ما بين عشرة إلي عشرين لزمته العشرون(1)إن ادعاها الطالب وإن لم يدعها فالعشرة له فإن رجع المقر / عن الزائد عليها فذلك له ويحلف إن ادعي المقر له أكثر وإن لم يدع أكثر فلا يمين عليه، وإن تمادي المقر علي شكه وادعي المقر له العشرين فهي له بلا يمين إذا لم يكذبه المقر، ولو رجع المقر فقال ما لك إلا عشرة حلف وصدق فإن نكل حلف المقر له وأخذ.
ولو قال له علي ما بين درهم إلي دينار فعليه درهم ونصف ما بقي.
قال محمد بن عبد الحكم: إذا قال لفلان علي ما بين مائة درهم إلي ماثتين فإنما أقر له بمائة وشك في الزائد عليها، قال: هذا يملك ما بين مائة إلي ماثتين فلم يقطع علي ملكه إلا بمائة. وقال النعمان: له مائة وتسعة وتسعون قال: لأن الدرهم الآخر غاية فيقال له والدرهم الأول غاية.
وقال بعض أصحابه: له جميع المائتين، قال محمد: ولو حلف في رصاص أنه فيه ما بين رطل إلي رطل ونصف لعلمنا أنه إنما شك في الزائد علي رطل، أو قال: تحمل هذه السفينة ما بين أربعمائة إردب إلي خمسمائة أليس إنما الشك في الزائد علي أربعمائة؟
وقال النبي عليه السلام في مخرجه إلي بدر في المشركين إنهم ما بين تسعمائة إلي ألف.
قال محمد بن عبد الحكم: وناقض أبو حنيفة في قوله فقال إن أقر له بما بين مائة درهم إلي عشرة دنانير أنه يلزمه الدراهم وتسعة دنانير وكان يلزمه أن يجعل عشرة دنانير غاية لا تلزم.
ولو قال ما بين كر حنطة وكر شعير أنه يلزمه كر حنطة وكر شعير إلا قفيزا وهذا تناقض.
[9/197]
***
__________
(1) في النسخ كلها لزمته العشرين وهو خطأ واضح.(1/192)
[9/198]
وقال محمد: إذا قال له/ عندي ما بي كر حنطة كر شعير كان له فضل ما بين الكرين، وكذلك لو قال: ما بين دينار ودرهم نطرح من الدينار قيمة درهم، وكان له ما بقي.
وإن قال غصبته ثوبا قيمته ما بين دينارين إلي ثلاثة لزمه ديناران مع يمينه، وكذلك غصبته كيسا(1)لا أعلم ما فيه إلا أن ما فيه ما بين عشرين دينارا إلي ثلاثين لزمه عشرون مع يمينه وكذلك في السلعة.
قال ابن المواز: وإن قال له: عندي ما بين إردب حنطة إلي أردب شعير قال فلا مخرج له من الأقل فإن ادعي المقر له ما زاد علي الأقل كان له إلا أن ينكره المقر فيحلف ويبرأ فإن نكل بعد الإنكار حلف المقر له، وإن لم ينكل ولم يقر غرم.
قال ابن المواز: ومن قال أسلفني دنانير ما بين خمسين إلي ستين فقد أقر له بخمسين بلا شك فإن رجع عما زاد حلف إن حلفه الطالب فإن نكل حلف المدعي وأخذ تمام الستين وذلك إن أنكر المقر عشرة، وقال قد أيقنت أنها خمسون وإن نكل وشك جبرته حتي يقر أو ينكر وسجنته إن طلب ذلك المدعي.
قال لي عبد الملك وعبد الله بن عبد الحكم: أنه يحبس حتي يحلف أو ينكل، وقاله مالك فيمن لا يقر ولا ينكر.
قال محمد وهذا كله صواب والاستحسان عندي إذا ثبت علي شكه وقال كيف أحلف علي ما لا أوقنه أحلفته ما وقف عن ذلك إلا أنه لا يوقن ذلك ثم يغرم العشرة ويحبس فيها ويحكم عليه بها للا يمين علي المدعي لأن كل مدع لا يرفع قوله المدعي عليه ولا / ينكر دعواه فإنه يحكم له بدعواه بلا يمين وأما من أوصي فقال من ادعي علي من دينار إلي عشرين دينار فأعطوه فقد ذكرته في الكتاب الأول من الوصايا مستوعبا.
[9/198]
***
__________
(1) كيسا" ساقطة من ص مطموسة في الأصل واضحة في هـ ومنها أثبتناها.(1/193)
[9/199]
في الإقرار يقول فيه إن شاء الله
أو إن قضي الله ونحوه
أو قال إلا أن يبدو لي
أو قال إن شاء فلان أو في شهادة فلان
أو في علمه أو في حكمه
أو قال إن دخل الدار
أو لفلان علي كذا في حسابه
أو بكتابه أو بصكه أو نحو هذا
قال ابن سحنون قال أصحابنا جميعا إذا أقر فقال: لفلان علي ألف درهم إن شاء الله، أو قال: له عندي، أو قال: معي، أو قال: عندي له إن شاء الله، إن الإقرار يلزمه ولا ينفعه الاستثناء.
وقال أهل العراق: ولا شئ عليه، فاعاب سحنون ذلك وقال: قد جامعونا فيمن قال له علي ألف درهم إلا ألف درهم أو بل لا شئ له علي أن الألف يلزمه، وهذا كالأول أن المستثني لإبطال الجميع لا ينفعه استثناؤه وإن جعلوه شكا فقد قالوا إذ أقر بمال ثم قال سككت فيه أن ذلك لا ينفعه وإن نسق الكلام.
وقال محمد بن المواز وابن عبد الحكم: إذا قال له علي ألف درهم عن شاء الله لم يلزمه وكأنه أدخل ما يوجب الشك، ولو قال له علي ألف درهم أقضيه إياه إن شاء الله الآن أو إلي الشهر فذلك لازم فإنما استثني في القضاء.
قال ابن سحنون: قلت لسحنون في الاستثناء بمشيئة الله تحل / اليمين فلم لا تحل الإقرار؟ قال: لم تأت بنظير. أجمع العلماء علي الفرق بين اليمين وبين الإقرار فقالوا: إن لفلان عندي ألف درهم فسكت أو قال عبدي حر ثم سكت أو امرأتي طالق ثم سكت أنه مأخوذ بما قال.
ولو قال: الله صم سكت أن هذا الكلام غير عامل بنفسه فلا يلزمه فيه حكم حتي يقطعه علي فعل فدل هذا علي انفصال اليمين من الإقرار.
[9/199]
***(1/194)
[9/200]
قال محمد: وقد جامعونا أنه إن قال لعبده: انت حر إن شاء الله إن الاستثناء باطل وهو حر. وقال بعضهم فيمن يكتب علي نفسه ذكر حق أن لفلان علي فلان كذا وكذا ومن قام بهذا الذكر الحق فهو ولي فيه إن شاء الله فقالول لا يلزمه. وقال أبو يوسف يلزمه مثل قولنا.
وفي كتاب ابن عبد الحكم قال في الصك: ومن قام به اقتضاء ما فيه إن شاء الله قال ابن عبد الحكم: فهذا يلزمه لأن الاستثناء علي قبض القائم به وقع.
قال ابن سحنون: ولو قال: لك علي ألف درهم إن قضي الله ذلك أو بذلك فالألف تلزمه مثل قوله إن شاء الله أو إذا أراد الله، أو قال إن أراد الله ذلك او إن رضي الله ذلك أو إن أحب الله ذلك أو إن يسر الله ذلك.
وقال ابن المواز وابن عبد الحكم: لا يلزمه ذلك كله، وكذلك قوله إن رزقني الله مالا فليس بشئ من ذلك يلزمه.
وقال ابن سحنون: وإن قال له علي ألف درهم إلا أن يبدو لي، أو قال إلا أن أري غير ذلك فهذا يلزمه، وهو كقوله قد بدا لي.
قال سحنون وابن عبد الحكم/ : وإذا قال لفلان علي ألف درهم إن شاء فلان فهذا باطل شاء فلان أو لم يشأ لأنه خطر كما لو قال له علي ألف درهم إن تكلم به أو إن دخل الدار. وقاله ابن المواز وقال هو كمن قال فلان مصدق علي في شهادته فذلك لا يلزمه.
قال ابن سحنون: وكذلك إن قال إن مطرت السماء أو هبت الريح أو إن دخل فلان الدار فهو باطل في إجماعهم.
وقال قال: له علي ألف درهم إن حمل متاعي هذا إلي منزلي بالبصرة ففعل فهذه إجارة وهو جائز، وإن قال: له علي ألف درهم في شهادة فلان أو بشهادته أو في علمه أو في قوله فهو إقرار جائز. وقال محمد بن المواز ومحمد بن عبد الحكم إذا قال في شهادة فلان أو في علمه أو في قوله فلا يلزمه ذلك، ولو قال شهادة فلان لزمته الألف وكذلك بعلم فلان.
[9/200]
***(1/195)
[9/201]
قال ابن سحنون: وأجمعوا أنه إن قال بعلم فلان أنه يلزمه وأما إن قال بقول فلان أو في قوله فلا يلزمه، لأن هذا يخرج علي طريق النفي والإنكار كأنه قال: فلان يقول ذلك ولست أقوله أنا، وأما قوله بعلم فلان أو بشهادته فهو تأكيد للإقرار. وإن قال: له علي ألف درهم في صكه أو بصكه أو في صك أو كتاب أو بكتاب فهذا يلزمه، ولو قال: له علي ألف درهم في قضاء فلان لزمه كما لو قال بقضاء فلان القاضي، وكذلك لو لم يكن فلان قاضيا / فقال الطالب حاكمته إليه فقضي لي عليه وإن أقر الطالب أنه لم يحاكمه إليه وكذلك قال المطلوب ففيها قولان: أحدهما أن الإقرار باطل، والآخر أنه يؤخذ بإقراره إن ادعي ذلك الطالب.
وكذلك إن قال: له علي ألف درهم في قضاء فلان وفلان قاض أو قال في فتيا فلان أو في فقهه أن ذلك لا يلزمه.
فيمن أقر لفلان فقال فيما أعلم
أو فيما يحضرني أو في علمي
أو في حسابي أو في ذكري أو في ظني
أو قال ذلك في الإبراء له
أو قال إن كان ذلك ونحو هذا
من كتاب ابن سحنون: وإذا قال له علي ألف درهم فيما أعلم فهو إقرار يلزمه، وأعاب قول من قال أن ذلك باطل واحتج قائل ذلك بالشهادة أن لو شهد أن لفلان علي فلان ألف درهم فيما أعلم أن الشهادة باطلة.
وليس ذلك بحجة لأن الشك في الشهادة يبطلها والشك في الإقرار لا يبطله، فإذا قال: علي ألف درهم في علمي أو قال قد علمت أن له علي ألفا
[9/201]
***(1/196)
[9/202]
أن ذلك يلزمه ولو قال: له علي ألف درهم فيما أظن فهو إقرار يلزمه وكذلك فيما ظننت أو فيما حسبت أو فيما احسب أو فيما رأيت أو فيما أري.
وقال ابن المواز ومحمد بن عبد الحكم: إذا قال فيما أعلم أو قال في علمي او فيما يحضرني فهو شك ولا يلزمه. واحتج بالشهادة ولو قال: قد علمت ان له علي مائة درهم فهذا إقرار، ولو قال: فيما أحسب أو فيما أظن أو فيما أري فلا يلزمه شئ.
قال ابن سحنون: وإذا قال له علي ألف درهم في حسابي أو قال / في ذكري أو في كتابي أو بكتابي فذلك يلزمه في إجماعهم.
وإن قال: لفلان علي ألف درهم إن كان كذلك أن إن كان ذلك حق فالإقرار يلزمه، وهذا رجوع.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون فيمن قال لرجل ما أعلم إلا أن فلانا أعطاني من طعامك أو قال ما أظن إلا أن لك عندي عشرة آصبع فادعي ذلك المقر له قال: لا يلزمه ذلك إلا بإقرار صحيح ويحلف أنه ما يحق ذلك وما هو إلا ظن وإن أنكر أن يكون قال هذا فشهد عليه به شاهد فليحلف أن ما شهد به الشاهد لباطل.
قال ابن سحنون: إذا قال: لا حق لي عليك فيما أعلم ثم أقام بينة أن له عليه حقا مسمي فإنه تقبل بينته وليست هذه براءة في إجماعنا، وكذلك قوله في علمي أو في يقيني أو في ظني أو فيما أري أو في حسابي او فيما أحسب أو في كتابي فهو سواء في إجماعنا.
ولو قال: قد علمت أنه لا حق لي عليك أو قد استفتيت فلا دعوي له بعد ذلك ولا تقبل منه البينة في إجماعنا.
قال محمد بن المواز ومحمد بن الحكم: إذا قال لا حق لي عليك أو قال قبلك فيما أعلم ثم طلبه بحق وأقام به بينة فإنه تقبل ببينته علي علم ذلك إذ يحلفه إن لم تقم بينة وقوله فيما أعلم هو علي الشك وكذلك فيما حضرني أو في ذكري
[9/202]
***(1/197)
[9/203]
أو في رأيي، ولو قال: لا حق لي قبلك في يقين لم أقبل ببينته بعد ذلك إلا أن يدانيه فيما يستقبل ولو قال في رأيي قبلت بينته بعد ذلك.
قال محمد بن عبد الحكم: وإن قال قد علمت أنه لا حق لي قبلك لم أقبله في هذا، قال ابن المواز /: وإن قال اشهدوا علي شهادتي أن فلانا أقر عندي أن لفلان عليه مائة درهم فيما أعلم أو قال في علمي لم يقبل ذلك، وهذا شك، ولو قال: إن هذه الأمة لفلان لم يبع ولم يهب في علمي جازت شهادته بل لا يشهد في هذه إلا هكذا وأما إن قال: هي أمة فلان في علمي لم تقبل شهادته وإنما يقول لم يبع ولم يهب في علمي.
جامع تصرف ألفاظ الإقرار بمعان مختلفة
من كتاب ابن سحنون: وإذا قال: اشهدوا أن لفلان علي ألف درهم إن مت فهذا وصية(1)في قول ابن القاسم من الثلث.
وقال غيره: إن قال في الصحة من غير إحداث وصية فهو إقرار عاش أو مات، وإن قال: علي ألف درهم إذا جاء رأس الشهر أو إلي الفطر أو إلي الأضحي لزمه ذلك إلي أجله ولا تكون حالة، وإن ادعي الطالب أنها حالة حلف المقر وكانت إلي الأجل إلا أن يقر المقر أنها من قرض فهذا إن ادعي الطالب أنها حالة فالقول قوله مع يمينه.
وإن قال: له علي كر حنطة من سلم أو بسلم أو من سلف بسلف فهو لازم في إجماعنا، ولو قال: له علي مائة درهم من بيع أو لبيع أو من ثمن بيع أو من قبل بيع أو قال من قبل بيع أو قال من قبل إجارة أو الإجارة أو بإجارة أو بكفالة أو من كفالة أو لكفالة أو علي كفالة فهو جائز كله بإجماعهم، وقد تقدم في بابين قبل هذا قوله لفلان علي كذا بحسابه أو بكتابه أو بكتاب فلان أو قال بصكه أو في صكه أو قال بحسابي أو بكتابي.
[9/203]
***
__________
(1) في ص وهـ فهذه وصية.(1/198)
[9/204]
قال ابن سحنون: وكذلك لو أقر له أن له علي ألف درهم من حساب / بيني وبينه أو من كتاب بيني وبينه أو قال من حساب أو من كتاب أو قال له علي صك أو كتاب أو حساب بألف درهم فذلك مله يلزمه، وإن قال: من شرك أو قال من شركة بيني وبينه أو من تجارة أو من خلطة فذلك كله يلزمه.
قال ابن عبد الحكم: وإذا أقر أن هذه الدراهم في يديه من قبل فلان فهو إقرار له بهذا، وإن قال: دفعها إلي رسولي فإن قال وأعلمني أن فلان أمره بدفعها إلي فهي للباعث وإن لم يقل ذلك فهي للرسول إن سماه، وإن قال: هذه الدراهم في يدي من عند فلان فهو إقرار له بها، ولو قال: هذا العبد عبدي بميراث فلان فما هذا عندي بإقرار واضح ويسأل عما أراد، فإن قل: ميراثه صار لي فيما قمت به من ميراثه أعطانيه غيره وشبه ذلك فالقول قوله، وإن قال: بميراث فلان ذكر الميت فهو لجميع ورثته وإن ذكر حيا فهو للحي وإن قال بميراثه فليس هذا بإقرار له ويحلف، وإن قال: هذه الدراهم لي بما عملت لفلان اليوم أو لصحبتي له أو لقيامي علي دوابه فليس هذا بإقرار قد يدفعه إليه غير فلان بذلك العمل والكراء.
وإن قال: أخذت من تعليم ابن فلان عشرة دنانير أو في ختامه فادعاها الأب أو الإبن وأنكر تعليمه وختانه أو لم ينكر فلا أراه أقر له بشئ قد يعطيه ذلك الأب والأم والقرابة والصديق، وإن قال: صارت إلي هذه الدراهم بسبب فلان لم يلزمه ذلك لفلان بالسبب، وإذا جلب رجل ثيابا فباع نصفها فأقر رجل في ثوب أنه من ثياب فلان التي جلب مما / قد باع منها وقال الجالب هي مما لم أبع فليس له أخذه يريد ويحلف له الآخر.
قال: وكذلك لو باع بعض قمح مخزنه ثم وجد قفيزا بيد رجل أو بيد المشتري فقال هذا مما لم أبع لم يكن ذلك له إذا ادعي الآخر أنه مما باع.
ومن قال لرجل وضعت ثوبك في حجري فضاع أو خاتمك في إصبعي أو دابتك في داري فضاعت لم يكن عليه ضمان ذلك لأنه لم يقر مما يضمن به من
[9/204]
***(1/199)
[9/205]
فعل ولا غيره، وكذلك إن قال: ربطت دنانيرك في ثوبي فضاعت وكذلك قال محمد بن عبد الحكم.
وفي باب الإقرار يقول فيه إن شاء الله قوله لفلان علي كذا في حسابه أو كتابه أو في علمه أو قال في حساب فلان أو كتابه أو في علمه ونحو هذا.
وفي باب العارية فيمن في يديه عين أو طعام أو غيره يدعي فيه العارية ويخالفه ربه معن يمن تصرف الألفاظ في الإقرار أن يقول هذا في يدي عارية بملك فلان أو من ملكه أو لحرمته أو لقرابته فاختلاف في ذلك(1).
ومن كتاب ابن سحنون: ومن قال لفلان علي الف درهم لحقه أو من حقه أو بحقه أو بميراثه أو من ميراثه أو لميراثه أو بملكه أو لملكه أو من ملكه أو لأجره أو بأجره أو من أجره أو ذكر مثل هذا في الشركة أو البضاعة فهو كله إقرار.
قال ابن عبد الحكم، وإن قال له علي دينار من ميراث أو من وديعة أو من شركته أو من حقه أو من بضاعته وشبه ذلك فهو كله إقرار بالدينار.
فيمن أقر بمال أو طعام واستثني بعضه
أو استثني صنفا من خلافه
أو أقر بصنفين أو لرجلين ثم استثني
أو أقر بعبد واستثني بعضه
من كتاب ابن سحنون[عن أبيه](2)ومن أقر لرجل بألف درهم إلا مائة درهم فاستثناؤه جائز وكذلك إلا تسعمائة وخمسين فلا يلزمه إلا خمسون، وكذلك قال ابن المواز. وقال: وسواء كثر استثناؤه أو قل.
قال ابن سحنون: وإن قال له علي ألف درهم إلا ألف درهم أو إلا ألفين فذلك باطل ويلزمه الألف في إجماع أصحابنا وما أعلم فيه اختلافا، وإن قال له
[9/205]
***
__________
(1) غير واضحه في الأصل فهي تقرأ هكذا وتقرأ فافتراق في ذلك. وفي هـ، وافتراق وفي ص، واقتران.
(2) زيادة من ص وهـ.(1/200)
[9/206]
علي مائة درهم إلا درهما أو إلا عشرة دنانير أو قال نقصان درهم فهو كما قال، وإن قال له علي ألف درهم إلا دينارا طرح من الألف قيمة الدينار في إجماعنا.
وكذلك ألف دينار إلا ألف درهم يحط من الدنانير قيمة ألف درهم. ومثله من أول الباب في كتاب ابن عبد الحكم.
قال ابن سحنون: وإذا استثني من الدراهم ما يغترق ما أقر به من الدنانير فاستثناؤه باطل، وإن قال له علي كر حنطة إلا درهما فقيل استثناؤه باطل ويلزمه الكر بخلاف الاستثناء من نوع واحد، وقيا يلزمه علي ما أقر به كإقرار درهم إلا دينارا وكذلك دينار إلا فلساً فهو كما أقر به.
قال ابن المواز: إذا أقر بمائة درهم إلا دينارا او إلا إردب حنطة نزع من المائة قيمة الدينار أو قيمة الأردب حنطة وودي ما بقي. قال ابن سحنون: وإن أقر بمائة درهم إلا ثوبا مرويا أو إلا شاة أو دابة فقيل استثناؤه باطل ويلزمه الدرهم، والقول / الآخر أن استثناءه جائز، ويقال للمقر صف الثوب أو الدابة أو الشاة أو العرض فتطرح تلك القيمة من الدراهم ويغرم ما بقي فإن اغترق ذلك ما أقر به بطل استثناؤه ولزمه ما أقر به.
قال محمد بن عبد الحكم: وهو مصدق في قيمة الثوب مع يمينه، ولو قال له علي مائة درهم إلا ثوبا شطويا يسوي خمسين كان مقرا بخمسين وإذا لم يصفه يريد ولم يذكر له قيمة قيل له صفه وقيمته وهو مصدق مع يمينه.
وقال النعمان: إن استثني ثوبا من دراهم فذلك باطل، وإذا استثني دينارا جاز استثناؤه ولا فرق بينهما.
قال ابن سحنون: وإن قال لزيد علي ألف درهم ولعمرو علي مائة دينار إلا درهما من الألف فاستثناؤه باطل لأنه غير متصل بما استثني منه وكأنه استثني بعد سكات، وإن قال له علي ألف درهم ولفلان مائة دينار إلا عشرة دراهم فها هنا تكون العشرة مستثناه من الدنانير.
وقال ابن عبد الحكم: إن قال إلا عشرة دراهم من الدراهم قيل له وإن لم
[9/206]
***(1/201)
[9/207]
يقل من الدراهم سئل من أيهما هي وقبل قوله ويحلف، وإن مات ولم يبين، وقال المقر لهما لا علم لنا بها جعلت من الآخرة كان ذلك لرجل أو لرجلين.
قال ابن سحنون: وإن أقر لرجل بألف درهم ومائة دينار إلا درهما بالاستثناء جاز في إجماعهم، قال بعضهم ويكون الاستثناء من الدراهم، وقال آخرون من المائتي درهم، وإن قال له علي كر حنطة ودرهم إلا قفيز حنطة جاز استثناؤه من الأول إن استثني منه، ويكون كمن سكت ثم استثني، وإن استثني من إقراره للآخر أجزنا ذلك وإن أبهم الاستثناء جعلناه من الآخر وأجزناه، وإن أقر بألف درهم إلا مائة وخمسين ودي تسعمائة وحلف في الخمسين فإن نكل حلف الطالب أن استثناءه المائة باطل وأخذ تسعمائة وخمسين فإن نكل أخذ تسعمائة.
وقال ابن عبد الحكم: إذا أقر بمائة درهم إلا عشرة أو عشرين لزمه ثمانون.
قال ابن سحنون: وإن أقر بألف درهم إلا مائتي درهم وعشرة دنانير إلا قيراطا فإن المائتي درهم والعشرة دنانير إلا قيراطا كلاهما استثناء من الألف في قول سحنون وأهل العراق، وإن أقر بألف درهم ومائة دينار إلا مائة درهم وعشرة دنانير فاستثناؤه جائز وعليه تسعمائة درهم وتسعون دينارا عند بعض أصحابنا وأهل العراق.
وقال آخرون: إن المائة درهم والعشرة دنانير تحط من المالين. وقال ابن عبد الحكم بالقول الأول.
قال ابن سحنون: وإن أقر بألف درهم ومائة دينار إلا ألف درهم فقيل استثناؤه باطل كمن استثني جميع أحد النوعين، وقيل: يجوز استثناؤه ويحط الألف درهم من المالين فلا تلزمه إلا مائة دينار.
وإن أقر بكر حنطة وكر شعير إلا كر حنطة وقفيز شعير فاستثناؤه بالحنطة باطل وفي الشعير جائز، وفي القول الآخر: استثناؤه جائز كله ويحط من جميع كر حنطة وقفيز شعير فيصير عليه / كر شعير إلا قفيز شعير.
[9/207]
***(1/202)
[9/208]
وإن قال: لفلان علي ألف درهم ولفلان علي مائتا دينار إلا قيراط ذهب وألف درهم فإن الألف درهم عليه لفلان ولا يجوز أن يستثني منها لما أدخل بعدها من الكلام ويكون استثناؤه من المائتي دينار التي أقر بها للآخر، وقيل يسأل المقر فإن قال استثنيت الدراهم من الدراهم والقيراط الذهب من الدنانير بطل استثناؤه من الدراهم إلي الأول وجاز استثناؤه للقيراط من الدنانير، وإن قال: استثنيت ذلك كله من المالين قصصنا الألف درهم والقيراط الذهب علي المالين فما أصاب الألف درهم التي للأول من الدراهم والقيراط الذهب أبطلنا فيه الاستثناء لما قطع به الكلام وما أصاب المائتي دينار من الألف درهم والقيراط ذهب حط ذلك من المائتي دينار فإن اغترق ذلك المائتين بطل استثناؤه أجمع ولزمه الألف درهم والمائتا دينار.
وإن قال: استثنيت الجميع من الألف درهم بطل استثناؤه ولزمه المالان، وإن قال: إنما استثنيت ذلك من المائتي دينار حلف وحط منها ألف درهم وقيراط ذهب فإن اغترقها ذلك بطل استثناؤه ولزمه ما أقر به.
وإن أقر بمائة درهم وكر حنطة إلا كر حنطة فقيل الاستثناء باطل ويلزمه النوعان، وقيل: تسقط الحنطة وتلزمه مائة درهم، وإن قال له علي ألف درهم أستغفر الله إلا مائة درهم فإن عني استغفارا من الذنوب وذكر الله بالعبادة بطل / استثناؤه لأنه خرج بكلام آخر، وإن كان الاستغفار لذكر ما يذكر فاستثناؤه جائو إذ لم يخرج به عما كان فيه وكأنه من معناه.
ولو قال: أستغفر الله لذنوبي أو سبحان الله والحمد لله ثم قال إلا مائة بطل الاستثناء في إجماعنا.
قال ابن المواز وابن عبد الحكم: إذا قال له علي مائة درهم أستغفر الله إلا خمسين أو قال أعوذ بالله من الشيطان أو من النسيان لم يلزمه إلا خمسون إن كان كلاما نسقا.
قال ابن المواز: وكذلك إن قال أسأل الله قضاءها إلا عشرة لم يلزمه إلا تسعون.
[9/208]
***(1/203)
[9/209]
قال ابن سحنون: وإن قال له علي مائة درهم يا فلان إلا عشرة فإن كان فلان هو المقر له جاز الاستثناء وإن كان غيره بطل الاستثناء.
وإن قال له علي مائة درهم فاشهدوا علي بذلك إلا عشرة دراهم فاستثناؤه جائز لأنه لم يخرج إلي معني آخر، وقد قيل إن المال كله يلزمه لأنه فصل بين الإقرار والاستثناء بكلام. وقال ابن المواز وابن عبد الحكم بالقول الأول.
قال ابن سحنون: وإن قال له علي ألف درهم إلا عشرة دراهم وقد قضيتها إياه فاستثناؤه للعشرة جائز وهو مدع أنه قضاه الألف إلا عشرة فعليه البينة وإلا لزمه ذلك لأنه لم يدع القضاء في المستثني، ولو ادعي القضاء في الاستثناء لزمه جميع الألف، وكذلك إن قال له علي ألف درهم غلا درهما قضيتها إياه لزمه ألف درهم الأولي لأنه وصف القضاء في الألف، ولو قال: قضيته إياه وصف / القضاء في الدرهم فيلزمه دفع الألف، وإن قال له علي ألف درهم إلا دانقا لم يقل(1)قضيته إياه فعليه درهم إلا دانقا ويصير كأنه استثني الدرهم.
وقال ابن المواز وابن عبد الحكم: إن قال له علي ألف درهم إلا مائة درهم قضيتها إياه سئل فإن قال أردت بالقضاء التسعمائه صدق مع يمينه وودي تسعمائه، وسواء قال وقد قضيتها إياه او قال قد قضيته إياها وقع القضاء علي الدرهم فصار مدعيا وتلزمه المائة كلها، وإن قال له علي مائة درهم إلا درهما قضيته إياه فلان أسرج لي دابتي إلا عشرة دراهم لزمته المائة لأنه أدخل كلاما ليس من سبب الإقرار.
قال : وإن قال له علي مائة إردب حنطة إلا مائة إردب شعير أخرج من القمح قيمة الشعير فما فضل فللمقر له، والكيل في ذلك والوزن والصفة واحد في الاستثناء.
قال ابن المواز: وإن قال هذه الدراهم لفلان إلا نصفها فهو كما قال.
[9/209]
***
__________
(1) في ص وهـ، إلا دانقا من بقل قضيته إياه.(1/204)
[9/210]
ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون: ومن قال غصبت من فلان هذا العبد ومن فلان هذه الأمة إلا نصف ذلك العبد بطل استثناؤه وجميع العبد لمن أقر له به لأنه لم يصل الاستثناء حتي قطع بكلام آخر.
وكذلك لو قال إلا جميع العبد أو إلا جميع الأمة فالاستثناء باطل في إجماعهم.
وإن قال: غصبت من فلان هذا العبد وهذه الأمة وهذه الدار إلا نصف العبد فله استثناؤه / لأنه متكلم في صفة ما غصب منه الرجل ولم يخرج من خبره إلي خبر غيره.
ومن كتاب أحمد بن ميسر: ومن قال لفلان علي عشرة إلا ثلاثة إلا واحدة فإنما له ثمانية.
فيمن أقر لرجل بدار واستثني منها جزءاً أو بيتا أو بنياناً
أو استثني الشجر من الأرض أو الزرع أو الثمر من الشجر
أو الفص من الخاتم أو البطانة من الجبة أو سرج الدابة
أو ولد الأمة أو ما حوت الدار أو التابوت ونحوه
وكيف إن استثني عضوا من العبد أو نصف العبد
أو استثني من عبدين أحدهما
من كتاب ابن سحنون: ومن أقر في دار في يديه أنها لفلان إلا بيتا معلوما فإنه لي فإقراره جائز علي ما استثني في إجماعهم، وكذلك قوله إلا ثلثها أو تسعة أعشارها فإنه لي فهو كما قال.
وقال مثله ابن المواز. قال ابن سحنون: وقال أشهب وسحنون: وإن قال هذه الدار لفلان وهذا البيت لي فإن جميع الدار لفلان ولا يصدق في البيت إلا أن يكون الكلام نسقا فيصدق، وقال غيرنا: لا يصدق في البيت وإن نسق الكلام، وكذلك في قوله: ولكن البيت لي فعلي ما ذكرنا من قولنا وقولهم.
[9/210]
***(1/205)
[9/211]
قال محمد بن عبد الحكم قال أشهب: إذا قال: جميع الدار لفلان ونصفها لي فهي استثناء جائز، وكذلك قال ابن المواز في كتابه.
قال محمد بن عبد الحكم: ولو قال غصبته جميع هذه الدار وبيتا منها لي فهذا لا يقبل منه وقد أقر بغصبه جيمعها كأنه قد غصبك هو بيتا لي، وأما إن قال هذه الدار لفلان ولكن بيتا / منها لي قبلت قوله مع يمينه.
قال في كتاب ابن سحنون قال أشهب وسحنون فإن قال هذه الدار لفلان وبناؤها لي فهو كما قال إذا نسق الكلام، وغيرنا لا يقبل قوله في البناء وكذلك هذه الأرض لفلان ونخلها لي نسقا وكذلك في الشجر وكذلك هذه الدار إلا بناءها لفلان أو قال هذا البستان إلا نخلة فإنها لي فهو مصدق في قولنا ولا يصدق في قول غيرنا.
وكذلك قال محمد بن عبد الحكم عن أشهب في قوله غصبت هذه الدار لفلان وبناؤها لي أو قال بيتا منها لي أو قال في الجبة بطانتها لي إذا نسق الكلام مثل قوله هذا الخاتم لفلان وفصه لي قال ابن المواز: وإن قال هذا البستان لفلان ونخله لي أو قال هو لي وأرضه لفلان أو قال هذه الأرض لي إلا نخلها لفلان فهو كما قال، وكذلك هذه الدار إلا بناءها لفلان، وكذلك الرحي الفارسية في الأرض فيقول الأرض أو قال الأصل لفلان والرحي لي فهو كما قال.
وإن قال : هذا البناء لفلان والأرض لفلان فهو كما قال.
ومن العتبية(1)روي عيسي عن ابن القاسم فيمن أقر أن هذه البقعة بيني وبين فلان وأن ما فيها من البنيان لي. قال: البناء تبع للأصل وجميع ذلك بينهما وهو مدع. ورواها عنه أصبغ وخالفه، وقال: إن كان إقراره ودعواه نسقا فكان ما أقر به لا يعرف إلا وهو في يديه حتي لو لم يقر به لم يكن لفلان حتي يستحقه فليس له إلا ما أقر به من العرض والبنيان للمقر فينقض / أو يعطيه الآخر نصف
[9/211]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 14 : 186 .(1/206)
[9/212]
قيمته ويكون بينهما أو يقتسمانه فإن صار في حصة الثاني فهو له وإن وقع في حصة الآخر أمره بنقضه إن أعطاه قيمته.
قال ابن سحنون: ولكن إن قال : هذه النخل أصولها لفلان وتمرها لي فلا يصدق لأن التمر لمالك الأصل وقد يكون النخل في الأرض لغير مالك الأرض، كذلك البنيان والتمرة لا يخرجها إلا الله عز وجل وقد يبني الرجل بشبهة في أرض غيره فيكون له ما أحدث بإجماع العلماء.
قال ابن عبد الحكم: وإذا كان في الأرض زرع فقال: هذه الأرض لفلان فلا يدخل الزرع في إقراره بخلاف الأصول والبناء الذي يكون إقراره بالأرض إقرارا بما فيه من أصل وبناء، ولو كان فيها رحي فارسية كانت للمقر. قال ابن سحنون: وإت قال هذه الحبة لفلان بالبطانة والحلية وقالوا: أرأيت لو قال هذه الدار لفلان إلا جذعا بعينه من سقف منها أيصدق؟ قال ابن سحنون: وهو مصدق عندنا استثني جذوعها أو بعضها وإن أقر أنه غصب خاتما ثم ادعي فصه فليس له ذلك وهو مصدق عندنا إلا بكلام نسق وكذلك في بطانة الجبة وبناء الدار، وقد أجمعنا ومن خالفنا أنه إن أقر لرجل بدار ثم قال بل هي لفلان إنها للأول وحده، وكذلك لو قال بعد إقراره ولفلان إلا أن يصل كلامه.
قال ابن المواز وابن عبد الحكم: وإن قال هذا / الخاتم وفصه لفلان أو قال حلقته لي وفصه لقلان أو قال فصه لي وحلقته لفلان فهو كما قال وكذلك لو قال في باب في يديه خشب هذا الباب لفلان ومساميره لي او خشبه لي ومساميرة لفلان فهو كما قال ويكونان فيه شريكين بقدر المسامير من الخشب.
وإن قال : هذا الباب لفلان ومساميره لي قال أشهب: فهو كما قال كأنه عنده ليس باستثناء بين.
قال ابن عبد الحكم: وأنا أري أن الباب كله للمقر له وليس باستثناء .
[9/212]
***(1/207)
[9/213]
قال محمد بن عبد الحكم : وإن قال : غصبت منه خاتما فصه لى فإن الخاتم والفصل للمقر له ويحلف ، ولو قال لا علم لي يحلف ما يعلم ذلك وكان له الفصل . وإن قال غصبته هذا الخاتم وفصه لى فقد أقر أنه غصبه بالفص وادعى الفص ، وهذا الباب فيه اختلاف ، فأشهب يري أن يحلف المقر ويعطيه الخاتم إلا فصه إن طلب منه اليمين والله أعلم بالصواب .
فإن قال غصبتك خاتما أو قال هذا الخاتم ثم عرفت أن فصه لى أو إلا أن فصه لي أو قال إلا أن فضته أو صياغته لى كان الخاتم بفصه وفضته وصياغته للمقر ويحلف إن سئل اليمين .
قال ابن سحنون : وإذا قال هذه الأمة لفلان وولدها لى كلاما نسقا فهو كما قال وقاله معنا أهل العراق وفرقوا بين الولد والبناء بأن البناء والدار شئ واحد والأمة والولد شيئان .
قال سحنون : الولد من الأم أثبت لأن البناء يجعل في الأرض / فاستثناؤه 63/ظ أقوى .
ولو قال : هذه الأمه لفلان ولم يذكر الولد فإن ولدها وولد ولدها لمن هى في يديه وأما لو شهدت بينة أن هذه الأمة لفلان ولم يذكر الولد فإنه يقضي بها وبولدها لفلان والبينة بخلاف الإقرار في هذا عندنا وعندهم .
قال محمد بن المواز ومحمد بن عبد الحكم : إذا أقر بعبد في يديه أو جارية وعليها ثياب ومعها ثياب ودنانير فقال المقر له ذلك لى كله فإن العبد والجارية والثياب والمال الذى معها للمقر له إذا أقر أنه كان له قبل إقراره .
قالا : وإن قال هذه الدابة التى في يدى لفلان وعليها جل(1)أو سرج أو حمل أو إكاف(2)فذلك كله للمقر إذا ادهاه مع يمينه وإن طلبت اليمين من المقر له الجارية والعبد والكسوة والمال حلف ما يعلم لهذا فيه حقا .
[9/213]
***
__________
(1) الجل للدابة كالثوب للإنسان تصاب به والجمع جلال وأجلال يقال جل الفرس جلا إذا ألبسه الجل .
(2) الاكاف والوثاق : بردعة الحمار(1/208)
[9/214 ]
قال بن سحنون : وإذا قال هذة الخاتم لفلان وفصة لى فهو كما قال عندنا ، وقال غيرنا : لا شىء لة فى الفص وكذلك الخاتم لفلان إلا فصة فهو لى فى اختلافنا معهم ، وكذلك هذة الحلقة الفضة لى والفص لفلان ، وقلنا ومن خالفنا وإن قال هذا الصندوق لفلان وما فية من المتاع لى أن المتاع لة وكذلك هذة الدار لفلان وما فيها لى ولم يذكر ما فيها فذلك للمقر إن ادعاة بإجماعهم .
قال سحنون : لو بدأ بالبناء فقال : بناء هذة الدار لى وأرضها لفلان / 64/و فهو مصدق ، وقال غيرنا : الأرض والبناء لفلان وعلى المقر البينة فى البناء وهذا فاسد ، وقد أجمع العلماء أن لو قال : بناء هذة الدار لفلان وأرضها لفلان أنة كما قال ويلزم مخالفنا أن يقول فى هذا البناء لمن لة الأرض وإن قال غصبتة هذة الدار ونصفها لى مشاعا فهو مثلة وفى قياس قول أشهب : لا شىءلة إلا النصف وكذلك قولة غصبتك غلاما لى نصفة أو إردبا لى وفية منة فهو كلة للمقر لة ويحلف .
وإن قال غصبتك خاتما أو قال هذا الخاتم إلا فصة أو قال هذة الدار إلا نصفها أو الأردب إلا ويية(1)منة فللغاصب ما استثنى والباقى للمقر وإن قال : غصبتة هذا الخاتم وفصة لى لم أغصبة كان كالاسثناء يريد والكلام نسق وكذلك ما أشبة هذا ، وإن قال : غصبت هذا الغلام إلا يدة أو رجلة أو بعض اعصابة فالعهد كلة للمقر لة وكذلك استثناء بيت من الدار قد يكون الملك فيها على هذا ولا يكون فى العبد ، ولو قال : يد هذا العبد لفلان أو رجلة أو قال غصبتة يدة أو رجلة فجميع العبد للمقر لة ، ولو قال : هذة الشاة لفلان غلا رأسها او سواقطها او جلدها كان كما قال ، وقد يملك الشاة رجلان لأحدهما سواقطها .
( وقد روى ان النبى علية السلام اشترى شاة على أن للبائع سواقطها )(2)وكذلك الإبل والبقر وجميع ما يؤكل من / الحيوان .
[9/214 ]
***
__________
(1) الويية غثنان وعشرون أو أربعة وعشرون مدا .
(2) مابين معقوفتين ساقط من ص وهـ ولم نعار عل ه\ة الرواية فى الكتب الستة .(1/209)
[9/215]
قال ابن المواز وابن عبد الحكم : وإن قال : هذا العبد لفلان إلا نصفة فقد أقر لة بنصفة ، وإن قال : هذان العبدان لة إلا وحدا منهما كان مقرا لة بواحد منهما .
وإن قال : هذا العبد لفلان وهذا العبد وهذا العبد إلا واحدا ، قال لة أن يوقع الاستثناء على من شاء منهما لأنة كلام واحد كمن قال : واللة لا كلمت فلانا ولا فلانا ولا فلانا إن شاء اللة فغنة استثناء فى الجميع . ( وكذلك لو قال فى العبيد إلا نصف الأول فهو استثناء جائز )(1)وكذلك إن قال لك هذا السيف إلا حديدتة جاز قولة وللمقر لة الجفن والحمائل وما سوى الحديدة ، وكذلك لو قال : هذا الميزان إلا كفتية فهو كما قال ، وإن قال : لك هذا العبد تأخذة منى بعد شهر ، فهو كما قال ، وكذلك إن قال : هذا العبد لك إلا خدمتة شهرا فإنها لى . وفى باب من أقر بشىء واستثنى بعضة شىء من هذا . ( وباللة أستعين وبة أثق )
فيمن أقر لرجل بجبة او وسادة هل لة حشوها ؟ او بأرض هل لة زلاعها أو أصولها أو بنيانها ؟ أو بكيس أو تابوت او ميزان أو زق ونحوة هل يكون لة ذلك بما فية أو برواية(2)هل لة الدابة او المزادتان أو ما فيهما ؟ أو قال هذا باب دار فلان أو سرج دابتة أو مفتاح قفلة قال محمد بن عبد اللة بن عبد الحكم فيمن أقر أنة غصب رجلا هذة الجبة قال : يكون لها حشوها وبطانتها وإن كانت وشيا غير مبطنة فهى تسمى جبة وكذلك الخز وإن أقر لة بهذة الوسادة فهى لة بحشوها .
[9/215]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل ، مثبت من ص .(1/210)
[9/216]
/ ومن لة بغل علية رواية فقال هذة الرواية لفلان وقال أردت الماء فذلك لة 65/و وكذلك إن كانت زيتا أو عسلا أو سمنا .
ولو قال : استعرت هذة الرواية من فلان فقال أردت الماء فلا يصدق ويكون ذلك على المزادتين ولا يقال للماء استعرتة فى الظاهر ، ولو قال هذة المزادة لفلان كان ذلك على الجلد دون الماء ، وإذا قال فى أرض فيها زرع هذة الأرض لفلان فلا يدخل الزرع فى إقرارة بخلاف الأصول والبناء ، وإقرارة بالأرض إقرار بما فيها من أصل وبناءولو كان فيها رحى فارسية فهى للمقر .
قال ابن المواز ، وابن عبد الحكم : ومن بيدة سرج أو لجام ( أو جل ) فقال هذا سرج دابة فلان أو لجامها فهذا مشكل .
قال ابن عبد الحكم : ولا يوجب أنة ملك لفلان كأنة قال هذا السرج الذى تسرج بة دابة فلان أو اللجام الذى ألجم بة ، قالا وأما لو قال فى باب بيدة هذا باب دار فلان فهذا يوجب ملكة لفلان لأن مشترى الدار يجب لة الباب ومشرى الدابة لا يجب لة بالشراء لجامها وسرجها .
قال ابن عبد الحكم : وإن قال : هذا الباب لدار فلان فليس هذا بإقرار ظاهر وقد يكون اشتراة للدار .
ومن قال : غصبت هذة الصرة من فلان لم يكن لة أن يقول أردت الخرقة إذ لا تكون الخرقة صرة إلا بمال مملوء هى أبين من أن يقر بكيس فية دنانير ويقول أردت الوعاء نفسة لأن الوعاء يقع علية اسم كيس بلا شىء فية وهو / فى الكيس 65/ظ أشكل ويحمل فى الكيس على ما يجتهد فية .
وإن قال : غصبتك كيسا فية دنانير لزمة كيس فية ثلاثة دنانير أقل ذلك ، وإن قال : هذا الكيس الذى فية الدنانير كان هذا إقرار بالوعاء ويحلف ، وإن قال : غصبتك هذة الحديدة الصرة وفى يدة صرة فيها دنانير لم يلزمة إلا الصرة بلا
[9/216]
***(1/211)
[9/217]
دنانير ، وإن قال لة رجل غصبتنى صرة فيها دنانير فقال لا ولكن غصبتك كيسا حلف أنة كيس بلا دنانير .
وإن قال : غصبتك ميزانا فية ثلاثة دنانير ، كان الميزان والدنانير للمقر لة ، هذا ظاهر القول وما يفهم فى المخاطبة .
وإن قال : غصبتك ميزانا فية الساعة دنانير لم يكن لة إل ال الميزان بلا دنانير ، وإن قال :غصبتك كيسا فية الساعة ثلاثة دنانير ، أو قال فية الى الساعة ثلاثة دنانير لم يكن لة إلا الكيس ويحلف . قال ابن سحنون قال ابن القاسم فيمن فى بيتة مسح(1)شعر أو خيش مملوء طعاما فقال عند موتة المسح الشعير أو الخيش اعطوة فلانا إنة يأخذة بطعامة .
ولو قال : الخريطة(2)الحمراء اعطوها فلانا والخريطة مملوءة دنانير أن يعطاها بما فيها ، وكذلك اعطوة زقا كذا فأصيب مملوءا عسلا فليأخذة بعسلة ولو كان مملوءا دراهم ، كان لة الزق دون الدراهم إلا أن يكون عرف أن فية دراهم .
قال ابن عبد الحكم : ومن فى يدية تابوت فقال هو لفلان وما فية من الثياب لى فادعاها ربة فهى لمن فى يدية التابوت ، وإن كان علية قفل فالقفل للمقر لة إن ادعاة / وإن كان مضببا(3)بحديد أو علية قفل منة فهذا لرب 66/و التابوت ، وإن قال : هذا مفتاح قفل فلان أو مفتاح قفل باب دارة فذلك المفتاح لرب الدار ولرب القفل
[9/217]
***
__________
(1) المسح جمع أمساح : الكساء من الشعر ، والبساط يقعد علية ويقال لة البلاس وهى كلمة فارسية .
(2) الحريطة : وعاء من جلد أو غيرة يشد على ما فية .
(3) المضيب : المسدود بضبة وهى حديدة أو خشبة يضب بها الباب أى يسد ويحبس سميت بذلك لأنها عريضة كهيئة خلق الضب .(1/212)
[9/218]
فيمن قال غصبتك ثوبا أو ثيابا فى ثوب أو قال ثوبا فى ثياب أو ثوبا مع ثوب أو قال غصبتك طعاما فى جوالق(1)أو قال فى سفينة أو عسلا فى زقاق أو سرجا على دابة أو رواية أو حملا على دابة أو مائة دينار فى كم عبدك أو طعاما فى بيت فى دار أو عبدا مع عبد أو درهما فى درهم أو فى دراهم قال ابن سحنون عن أبية فيمن أقر فقال غصبت فلانا ثوبا فى منديل أخذناة بثوب ومنديل يكون مصدقا فى صفة الثوب والمنديل وكذلك قولة : غصبتك عشرة أثواب فى عيبة(2).
وأما إن قال : غصبت فلانا هذا الثوب مع ثوب أخر فذلك يلزمة ويطلبة بثوب آخر والقول قول المقر فى صفتة مع يمينة فى إجماعهم .
وقال محمد بن عبد الحكم فى قولة ثوبا مع ثوب مثل قول سحنون قال : وأما قولة ثوبا فى منديل فإنة لا يلزمة المنديل وكذلك إن قال فى عيبة لم تلزمة العيبة .
قال فى كتاب ابن سحنون : وإن قال غصبتك عشرة أرداب حنطة فى جوالق أو قال مائة رطل سمن فى ذمة فهو ضامن لما سمى من شىء وظرفة . وقال ابن عبد الحكم : لا يلزمة الظرف . ولو قال غصبتك ثوبا فى ثوب زطى أو فى ثوب مرورى ضمنة ثوبين ، وليس / يؤخذ هذا من باب الضرب فى الحساب وقد 66/ظ يكون ثوبا مدرجا فى ثوب ، وكذلك قولة غصبتك عشرة أثواب مروية فى ثوب مروى قضى لة بأحد عشر ثوبا مروية .
[9/218]
***
__________
(1) الجوالق : وعاء والجمع جوالق .
(2) العيبة : ما تجعل فية الثياب كالصندوق والجمع عيب وعياب وعيبات .(1/213)
[9/219]
ولو قال : غصبتك ثوبا فى ثوب ولم يذكر الجنس لزمة ثوبان ، والغاصب مصدق فى جنسهما وصفتهما ، وأما إن قال غصبتك ثوبا فى عشرة أثواب أو فى مائة ثوب فبخلاف الأول لأنة معروف من كلام الناس أن الثياب تكون فى ثوب وعاء لها أو ثوب فى ثوب وعاء لة ولا يقال ثوب فى ثياب وعاء لها ، وفى المسألة قولان فى قولة ثوب فى عشرة أثواب : أحدهما أنة لا يلزمة الأثواب وقيل يلزمة أحد عشر ثوبا وكذلك قولة فى مائة ثوب على هذا المعنى . وأما قولة غصبتك درهما فى درهم فلا يكون الدرهم وعاء للآخر وإنما يلزمة درهم ولو أصرفتة إلى ضرب الحساب كان درهما واحدا وقد جاء معنا أهل العراق على هذا .
وكذلك على قولة غصبتك خمسة أثواب مروية فى ثوب زطى أنة علية ستة أثواب على ما وصف .
وأما إن قال : عشرة دراهم فى عشرة دراهم فعلية مائة درهم لأنة لا يخرج إلا إلى الحساب وكذلك مائة درهم فى عشرة يلزمة ألف درهم ، وإن أقر أنة غصبة مائة إردب فى سفينة ضمن المائة أردب ولا يضمن السفينة وحلف فيها ، وكذلك لو قال مائة إردب فى بيت ضمن الطعام دون البيت ، ويلزمة من ضمنة السفينة أو البيت ، ولو قال : غصبتة / مائة إردب أو مائة رأس فى قصر أن يضمنة القصر . 67/و وإن قال : غصبتة قفيزا من قمح على رأس غلامة أن يضمنة الغلام ، وأجمعوا أن لو قال غصبتة سرجا على دابة أو قال لجاما على دابة أنة لا يضمن الدابة . ولو قال غصبتك رواية على برذون أو قال حمل بر أو قال طعاما على جمل أو قال مائة دينار فى كم عبدك لم يضمن البرذون ولا الجمل ولا الغلام . قال محمد بن عبد الحكم : فيمن قال غصبتك ثوبا فى منديل أو قال كان فى منديل أو ثوبا فى منديل فلا يلزمة المنديل . وكذلك شعير فى غرائز أو جوالق أو قال كان فى غرائز لم يلزمة غير الشعير ، وأما إن قال عسلا فى زق فإنة يلزمة العسل والزق لأن ظاهر هذا أنة أخذ العسل بزقة .
[9/219]
***(1/214)
[9/220]
وأما العيبة ونحوها فية الثوب فقد يدخل يدة فيأخذ منها الثوب ولا يأخذها ، وسحنون يضمنة المنديل والعيبة والجوالق وقد تقدم هذا . قال ابن عبد الحكم فى قولة غصبتك مائة إردب فى دار أو فى بيت أو فى قرية أو فى مدينة فلا يلزمة إلا المائة أردب ويحلف .
( وإن قال غصبتك إردبا على حمار أو سرجا على دابة لم يلزمة الحمار ولا الدابة )(1).
ولو قال : غصبتك دابة عليها سرج أو لجام لزمتة الدابة والسرج واللجام وكذلك حمار علية جل أو سرج يلزمة مع ما علية . ولو قال غصبتك ثوبا من عيبة أو قال قمحا من سفينة أو من بيت لم يلزمة إلا الثوب أو القمح ، وإن قال غصبتك هذا العبد مع عبد آخر / أو هذا الثوب 67/ظ
مع ثوب آخر فليأخذ العبد أو الثوب الحاضر ويأتية بثوب آخر أى ثوب أقر بة ، وكذلك فى العبد إلا أن يقول أردت أن العبد الآخر كان معى غاصبا فيحلف ويصدق . ولو قال غصبتك هذا العبد ومعة عبد آخر أو قال ومعة حمار أو بغل أو كان معة حمار فلا يلزمة إلا العبد الحاضر . ولو قال : غصبتك هذا العبد ومعة ثوب أو قال وعلية ثوب لزمة العبد والثوب بخلاف قولة ومعة عبد ، لأن العبد قد يكون معة وليس فى يدية وقد يكون فى يدية ولا يغصب . ولو قال : غصبتك هذا العبد ومعى رجل آخر أو مجنون أو صبى فإنما يضمن نصف قيمتة مع يمينة وكذلك فى غصب الثوب يلزمة نصف قيمتة مع يمينة .
[9/220]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص .(1/215)
[9/221]
هذا قول محمد بن عبد الحكم ، وهو يخالف مالكا فى تضمين اللصوص والسراق بعضهم عن بعض . قال ابن عبد الحكم : ومن أصحابنا من يرى أنة إذا غصب رجلان شيئا كان لة أخذ جميعة من أيهما شاء . فيمن أقر بدراهم فى دراهم أو فى دنانير أو بعين فى طعام أو فى عرض أو بعرض فى عرض أو فى عين أو أقر بدرهم مع درهم أو مع دينار أو قال قبلة أو بعدة ونحو ذلك من كتاب ابن سحنون : ومن أقر لرجل أن لة علية عشرة دراهم فى عشرة دراهم فقال سحنون : يؤخذ بمائة درهم ، وقال غيرة أسأل المقر فإن قال أقرضنى عشرة أو باعنيها بعشرة دراهم أو بعشرين أو أقرضها على ذلك لم يؤخذ / إلا 68/و بعشرة مع يمينة .
وقال محمد بن عبد الحكم : إن قال لة على دينار فى دينار فعلية دينار ؛ وإن قال دينار فى دينارين فلا أعرف لهذا ظاهرا يحمل علية فغذا حلف ما أراد ضرب الحساب حلف ما لة على أكثر من دينار وودى دينارا ، وإن نكل فقال المقر لة علية ديناران صدق وحلف . وإن قال لا أدرى ما لى علية وأنا ىخذة بإقرارة فإنة يغرم دينارين بنكولة . قال سحنون : عن قال لة على عشرة دراهم فى عشرة دنانير لم أقض علية إلا بعشرة دراهم لان لقولة مخرجا والجنس مختلف فزال عن ضرب الحساب، وكذلك إن أقر بعشرة دراهم فى دينار ، وإن قال المقر عنيت أن لة الدراهم والدنانير لزمة المالان فغن لم يقر بهذا أو ادعاها الطالب من باب الحلال حلف المقر على الدنانير وبرىء منها . فإن نكل حلف الطالب عليها وقضى لة بها .
[9/221]
***(1/216)
[9/222]
وإن قال لة على درهم فى قفيز حنطة قضى علية بالقفيز وهذا من باب السلم ، ولو قال الطالب لى علية درهم وما أسلمتة إلية فى قفيز قضى لة بالدرهم وبطل القفيز ، وإن قال بل لى علية قفيز حنطة قضى علية بالقفيزمع يمينة وبطل الدرهم ، وإن قال لة على عشرة أقساط زيت فى قفيز حنطة فإنما يقضى لة ها هنا بالزيت إذ لا يجوز بيعة بطعام مؤجل وكل ما يقر بة مما لا يجوز ان يسلم بعضة فى بعض من الطعام ونحوة من وزن أو كيل / فإنما 68/ظ علية الوزن الاول أو الكيل الأول لأن هذا لا يدخل فى باب الحساب ومجراة البيوع فما جاز سلمة بعضة فى بعض أخذ بة غلا ان يجحد ذلك الطالب فيحلف ويكون لة ما أقر المقر بقبضة منة ، وإن كان الإقرار مما يجرى بعضة من بعض فى الحساب كقولة عشرة دراهم فى عشرة دراهم أو عشرة اقفزة حنطة او زيت فى مثلها مع قول سحنون يؤخذ بما يبلغ ذلك فى ضرب الحساب .
وقال غيرة فيسأل المقر فإن قال أقرضنى عشرة فى عشرة قرضا او بيعا فغنما علية عشرة وأخذة إن قال لة على خمسة دراهم باعنى بها ثوبها هروبا فغن صدقة الطالب اخذ الدراهم ، وإن قال : الثوب لى ولم أبعة منة حلف وأخذة بثوب هروى ، وإن قال : غصبتة فلة قيمتة ، وإن قال لة على درهم بعدة درهم او قال قبلة أو قال معة فعلية درهمان فى إجماعهم وكذلك درهم مع دينار ، أوقال قبلة أو بعدة أو كان مكان الدينار قفيز حنطة فعلية الدرهم مع الدينار او مع القفيز ، وكذلك إن جعل مكان القفيز ثوبا شطويا أو مائة ثوب وكذلك درهم مع مائة درهم أو مع مائة دينار أو قبلة أو بعدة أنة يلزمة الجميع ، وإن قال لة على درهم ثم درهمان فعلية ثلاثة . ولو قال ثم دينار أو ثم قفيز حنطة أو ثم ثوب شطوى لزمة الجميع ، وإن قال : درهم فوقة درهم وتحتة درهم لزمة ثلاثة ، وإن قال لة على درهم درهم أو قال درهم درهم لم يلزمة إلا درهم ، وإن شاء الطالب حلف ما / ما أراد درهمين ، وإن 69/و قال لة على درهم على درهم فعلية درهمان وقيل علية درهم والأول أحب إلينا .
[9/222]
***(1/217)
[9/223]
ولو قال لة على درهم على قفيز حنطة أو قال على ثوب شطوى فإن صدقة الطالب اخذ ذلك وإن أنكر وادعى الثمن حلف ، وأخذ الثمن . فيمن اقر أنة قبض من بيت فلان أو من دارة أو من أرضة أو من كيسة أو من على دابتة شيئا ادعاة لنفسة أو لغيرة أو قامت بذلك بينة أو لبس ثوبة أو انتفع بشىء لة أو من معارضة أو ابنة من كتاب ابن سحنون ومن أقر أنة قبض من بيت فلان ألف درهم ثم قال هى لى أو قال هى لرجل آخر وجحد ذلك بعد إقرارة بة عند البينة فإنة يلزمة المال لصاحب البيت لأنة قبضة من موضع حوزة . قال محمد بن عبد الحكم : إن أخذ ذلك من منزل يسكنة فلان ، قالة ابن سحنون عن أبية ، ولا يقبل قول المقر أنها لفلان آخر لأنة أقر بالقبض ، ولو قال إن فلانا استودعنيها وأنى دفعتها فى هذة الدار فقد أقر بالتعدى ويضمنها لفلان يريد حين أودعها لغيرة .قال وكذلك إن قال هى لفلان غصبتة إياها ، ولو قال هى لفلان دفعتها فى هذا المكان فلا ضمان علية ، وإذا قال : قبضت مائة درهم مائة درهم من صندوق فلان أو قال من كيسة أو قال ثوبا مرويا من سفطة(1)فهو ضامن لذلك فى إجماعهم . وقالة ابن عبد الحكم / ، قال وكذلك قولة من بيتة الذى يسكنة أو من 69/ظ صندوقة الذى فى يدية أو من عيبة لة . قال ابن سحنون : ولو قال قبضت من قريتة كرا من حنطة وهو مالك لجميع القرية أو قال قبضت من تمر نخلة أو قال من زرعة كذا فهو لذلك كلة ضامن .
[9/223]
***
__________
(1) السفط : وعاء كالقفة أو الجوالق جمعة أسفاط .(1/218)
[9/224]
فإن قال قبضت من أرضة عدلا(1)من بركذا ثم قال إنما مررت بها فنزلها بعدى هذا ومعى أحمال من ذلك فإن كانت الأرض مباحة لا تحاز بغلق ولا بناء وهى فيفاء(2)لا يمنع الرعى فيها والنزول او يكون طريقا معروفا فيها فالقول قولة وكذلك القرى إذا كانت الطرق فيها غلا قرى لو كان فيها دواب أو بقر او إبل ترعى فيها وادعاها ربها لم تكن احق بذلك ممكن ادعاها إذا كانت فيفاء يرعى الناس فيها وإن كانت أرضا محازة عليها علق الرجل او حائطة او زربة فالقول قول رب الأرض إن ذلك لة ، وكذلك قال ابن المواز فى كتابة . ولو أقام صاحب العدل بينة أنة نزل أرض فلان بإذن او بغير إذنة لبرىء من العدل البر . قال ابن المواز وابن عبد الحكم : وإن قال أخرجت هذة الابل من أرض فلان أو هذة الأعدال وهى من أرض براح ينزلة الناس ليس لأحد فيها يد حوز إلا يد الملك يدخل بغير إذن لم يلزمة لفلان شىء وهما كالطريق ، وكذلك ما قرب من الدور والأجنحة والعراص فصار مسلكا فليس يد مالكها على ما فيها يد ملك وذلك لمن هو بيدة . قال ابن سحنون : وإن قال أخذت من دار فلان مائة درهم / ثم قال : 70/و كنت فيها ساكنا بكذا والمائة لى لم يصدق إلا ببينة أنة كان فيها بكذا فيبرأ من المائة يريد ويحلف .وإن قامت بينة أن فلانا احتضر فى أرض فلان فأخرج منها ألف درهم آدعاها رب الأرض وادعاها الحافر أو جحد ذلك فإما إن جحد أن يكون وجد شيئا فقامت علية البينة بذلك فإنة يضمنها لرب الأرض لأنة لما جحدها ترك أن يدعيها ولو ادعاها وقال دفنتها ها هنا إذ خفت عليها ، فإن كانت الأرض قفرا لاتحاز بغلق ولا غيرة فهو مصدق لأن مثل هذة الأرض لا يدفن فيها ربها المال وإن كانت
[9/224]
***
__________
(1) العدل: الغرارة اى الجوالق لأنة يحمل على جنب البعير ويعدل بآخر .
(2) الفيفاء : الصحراء الملساء والجمع الفيافى .(1/219)
[9/225]
أرضا ممنوعة من الناس بجدار أو غلق أو غلق أو زرب فالقول قول ربها وإن قامت بينة أنة أخذ من منزل فلان كذا وكذا ثوبا أو شيئا بكيل أو وزن فهو لذلك ضامن ، وكذلك إن شهدوا أنة أخذ سرجا أو لجاما كان على دابة فلان او حملا عليها وادعى ذلك رب الدابة فليقض بة لرب الدابة وكذلك فى إقرارة بذلك . وكذلك لو قال : أخذت حملا من حنطة كان على دابة فلان أو فى جوالقة أو أخذت بطانة جبة فلان أو حمائل سيفة او جفنة أو جلال قبة أو شيرمان فهذا يقضى بة كلة لفلان . قال محمد بن عبد الحكم : إذا قال إخذت سرجا كان على حمار فلان فإن كان الحمار فى يد المقر فلا شىء لفلان ويحلف المقر كما لو قال فى حمار فى يدية هو لى سرجا لفلان فهو مصدق فإن لم يكن الحمار فى يد المقر فلا شىء لفلان ويحلف / المقر كما لو قال فى حمار فى يدية هو لى وسرجة لفلان فهو مصدق وإن 70/ظ لم يكن الحمار فى يد المقر فعلية دفع السرج إلى رب الحمار ، وإن قال : أخذت سرجا كان على حمار فى يد فلان وهو غير رب الحمار فالسرج لمن كان فى يد الحمار ويحلف إن آدعاة.وقالة ابن المواز : وقال ولا أنظر لمن لة ملك الحمار ولكن لمن فى يدية الحمار ويحلف .قال ابن عبد الحكم : وإن قال : جنيت من نخل فلان التى فى يدى كذا وكذا وادعاة فالنخل وثمرها لأن الثمرة من النخل بخلاف السراج من الدابة .ولو قال : أخذت دهنا من قارورة هى فى يدى فلان والدهن لى فهو مصدق فى الدهن ويحلف وإن قال : أخذت ثوبا من عبد فلان الذى فى يدى فالثوب لرب العبد إن إدعاة ويحلف لأن للعبد تملك وحيازة بخلاف الدابة والبيت والدابة تكون فى يد غير(1)مالكها وكذلك السفينة .
[9/225]
***
__________
(1) فى الأصل ، فى يد غير يد مالكها ، وما أثبتناة من ص وكلا التعبيرين صواب .(1/220)
[9/226]
وإن قال : أخذت من يد ابنك الصغير دراهم كانت معة وقال الأب هى لابنى أو قال لا أعلم لمن هى فإن الدراهم للابن كالعبد . وإن قال : أخذت من يد أجيرك فأسا أو مسحاة(1)فالاقرار هاهنا للأجير .وإن قال : أخذت من يد عبد نصفة حر أو دينارا أمر بردة إلية ولو صدق المأخوذة ذلك من يدية لم يلزم ذلك من لة فية الرق ولو صدق السيد وقال الذى نصفة حر هو لى رد ذلك إلى العبد أيضا فى قياس قول أصحابنا . ومن كتاب ابن سحنون : فإن أقر أنة ركب دابة فلان فطلبة بها فهو ضامن / حتى يردها وكذلك إن قال لبست ثوبة أو أخدمت خادمة أو قال : حملت 71/و على دابتة متاعا فطلبة بها فعلية ردها وإلا ضمنها ، وكذلك إن قال : حملنى عليها فركبتها وربها منكر فالمقر ضامن . وإن(2)أقر انة أخذ ثيابا من حمام فلان وقال هى لى فالقول قولة لأنة مأذون فية وكذلك المسجد الجامع والفندق وكل دار أو ارض ينزلها الناس فيضعون فيها الأشياء فالقول قولة ولا ضمان علية . وإن قال : وضعت ثوبى فى دار فلان ثم أخذتة فقال رب البيت : الثوب لى فالقول قولة والآخر ضامن . وإن قال : أخذت من طريق فلان أو من فنائة شيئا فهذا لم يضف ذلك إلى شىء يملكة فلان وهذا فى إجماعنا . وإن قال أخذت ثوبا من أجير فلان كان الثوب للأجير دون الأستاذ ، ولو قال من حانوت فلان كان ذلك الثوب لرب الحانوت إن آدعاة وكذلك دهنا من قواريرة أو سمنا من زقة أو زيتا من خابيتة فهو ضامن لذلك ويقبل قولة مع يمينة يريد فى مقدارة وقال : وعلى فلان البينة فيما يدعى من الفضل .وإن قال : أخذت ثوبا من مسجد بنى فلان ( وهو لى فلا ضمان علية وكذلك إن قال من مسجد فلان )(3)إذا كان مسجدا للعامة فأما مسجد فى دار
[9/226]
***
__________
(1) المسحاة : المجرفة من سحا الطين يسحية سحيا إذا جرفة .
(2) فى ص ، ومن أقر إلخ..........
(3) ما بين معقوفتين ساقط من ص .(1/221)
[9/227]
رجل اتخذة لنفسة ولم يبحة فالقول قول رب الدار إن الثوب لة يضمنة لة الذى أخذة . وإن قال : أخذت ثوبا من هذة الكنيسة لم يضمن لأن ذلك مباح لعامتهم وكذلك بيت النار وكذلك القنطرة وكل موضع على هذا الوجة للعامة . وكذلك / المسجد الحرام والكعبة والطريق المعروفة فالقول قول الآخذ فى هذا 71/ظ كلة ، وإن أقر أخذ ثوبا من دار بينة وبين فلان فقال فلان الثوب لى أو نصفة وادعاة الذى أخذة فالقول قول الآخذ لأنة يحوز من الدار مثل ما يحوز شريكة ولة أن يدخل فيها ويخرج وقد قيل إن الثوب بينهما نصفين كما لو كان فيها فادعياة لكان بينهما وكأنة فى أيديهما إذا لم تكن بينة . قال محمد بن عبد الحكم : وإن قال : أخذت من منزل فلان ألف درهم هما لى فإن كان المنزل يسكنة فلان فالألف لفلان إن ادعاها ، وكذلك العدل وإن كان إنما يسكنة غيرة فلا شىء فى ذلك لرب المنزل وذلك لساكنها إن ادعاة ولم يسكنها غيرة وكذلك ذكر ابن المواز قال : وكذلك إن قال : أخذت كذا من فدان فهو إقرار لمن فى يدية الفدان . قال ابن عبد الحكم وإن قال أخرجت من دار فلان عدل بر فسمى دار هذيل بمصر وهى ينزلها التجار فلم يقر لأحد بشىء . قال ابن المواز وابن عبد الحكم : ومن لة فندق ينزلة التجار فقال رجل أخرجت منة حملا بإقرار لربة وكذلك الثياب من الحمام . قال ابن عبد الحكم : وإن قال أخرجت العدل من بعض دور فلان ولة دور يسكنها فلان ودور يسكنها الناس بكراء لم يلزمة لفلان شىء .ولو قال : خرجت من دار فلان بألف درهم لم يلزمة شىء لأنة لم يقر أنة أخذها من الدار وإن قال هذا المنديل لفلان أو قال هذا التابوت لفلان وفى ذلك ثياب / فادعاها فلان مع التابوت او المنديل أو قال المقر الثياب لى فالقول قول 72/و المقر لأنة فى يدية وكذلك قال ابن المواز
[9/227]
***(1/222)
[9/228]
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم : وإن قال غصبت من وكيل فلان أو من مقارضة لم يلزمة لفلان شىء حتى يقول من مالة الذى بيد وكيلة أو مقارضة . ولو قال من عبدة أو من أمتة أو مدبرة أو عبدة المعتق إلى أجل أمر برد الدينار إلى السيد إن لم يكن العبد مأذونا ، ولو قال غصبتة من ولدك الصغير فإن كان الأب مأمونا رد الدينار إلية وإلا نظر فية الإمام . وإن قال من العبد الذى بينك وبين فلان رد ذلك إلى العبد أو إلى السيدين وإن لم يعلم العبد . وإن قال : من مكاتبك ردة إلى المكاتب إن صدقة السيد أنة مكاتب وإن كذبة فإن أثبت المكاتب كتابتة أخذة وإلا أخذة السيد وكذلك إن لم يسمة ولم يعرف المكاتب وقال السيد مالى مكاتب فليحلف ويأخذ الدينار بضمان فإن لم يكن مليا كلف ضامنا ، وإن قال من عبدك فلان المأذون فأنكر السيد الأذن لة فإن كان العبد غائبا أخذ السيد الدينار بضمان فى ملاية أو يأتى بضمان فإن جاء العبد فأقام البينة بالإذن أخذة من السيد أو من الضامن . فيمن أقر لرجل بدين ثم ادعى قضاءة أو بدار أو عبد أو ثوب ثم قال رددت ذلك إلية أو وهبة أو اشترية منة أو قال أودعنية ولم أقبضة أو أسلمت إلى فى ثوب ولو أقبض الثمن / من كتاب ابن سحنون : ومن قال لفلان على ألف درهم وإنى قد قضيتها 72/ظ إياة بكلام متصل فلا يصدق ويغرمها إلا أن يقيم بينة فتقبل منة بإجماعنا . ولو قال بعد إقرارة بالألف قد قضيتها إياة قبل الإقرار فهذا لا يقبل منة البينة بالقضاء ويغرمها وإقرارة أصدق من البينة .
[9/228]
***(1/223)
[9/229]
وإن قال بعد إقرارة قضيتها إياة ولم يقل قبل الإقرار قبلت منة البينة بالقضاء ، والإقرار بهذا عند القاضى وعند غيرة سواء . وإن أقر أن هذا العبد لفلان وقال اشترية منة بكذا كلاما متصلا ونقدتة الثمن قبلت منة البينة بالشراء أو الدفع ، وأجزت ذلك ، وكذلك فى الدار والدابة إذا قال اشتريها منة أو وهبها لى وجاء بالبينة فإنى أقبلها منة . ولو أقر لة بعبد ثم قال بعد ذلك اشترية منة قبل إقرارى وأقام البينة فلا أقبلها منة لأنة أكذبها إلا أكذبها إلا أن يشهدوا أنة اشتراة منة بعد الإقرار فأقبل ذلك وكذلك فى الهبة والصدقة يدعيها فى الأرض والدابة وجميع العروض . وإن قال : هذا العبد الذى فى يدى عبد فلان اشترية منة بمائة دينار ونقدتة الثمن ثم قال بعد ذلك اشترية من فلان آخر بخمسين دينارا ونقدتة وأقام البينة على ذلك كلة فذلك جائز ويلزمة الثمنان لكل واحد ما أقر لة بة ، وكذلك إن أقام البينة على الأول ولم تقم بينة على الآخر وصدقة الآخر وإن لم تقم بينة على ذلك كلة فالعبد للأول / إن جحد البيع وللثانى على المقر قيمة العبد إن جحد البيع 73/و وإن أقر أنة أخذ منة خمسين دينارا وكذلك الدابة والأرض والثوب ، وإن أقر أنة غصب فلانا ثوبا وردة إلية بكلام متصل لم يصدق فى الرد وعلية البينة وإلا ضمن الثوب . ولو قال : اودعنى مائة درهم فرددتها إلية فهو مصدق وإنما لا يصدق بالرد بما كان فى الذمم . ولو قال : أودعنى ألف درهم ثم قال بعد ذلك لم أقبضها منة فإنة يضمنها وهذا جحد ، وإن قال : أقرضنى ألف درهم ثم قال بعد ذلك لم أقبضها منة وقال الطالب بل دفعتها إلية ، فذلك يلزمة وكذلك قولة أعطيتنى . وأما لو وصل كلامة بقولة لم تدفعها إلى لم يلزمة شىء وكذلك قولة اسلفتنى أمس ألف درهم فلم تدفعها إلى لم يلزمة شىء وكذلك قولة أسلفتنى أمس ألف درهم فلم تدفعها إلى فهو مصدق مع يمينة .
[9/229]
***(1/224)
[9/230]
وإن : أسلمت إلى أمس عشرة دراهم فى كر حنطة ثم قال ولم تدفعها إلى أو وصل بذلك كلامة فالكر يلزمة ولا يصدق أنة لم يقبض لأنة ادعى فسادا فالآخر مصدق مع يمينة . وإن قال : أودعنى فلان فلان ألف درهم قد أعطانيها أو قال وضعها عندى أو نقدنى إياها ثم قال بعد ذلك لم أقبضها فلا يصدق وإن وصل قولة لم أقبضها أو لم أقبلها فلا شىء علية فى إجماعهم . وإن قال غصبتة ألف درهم أو قبضتها منة فانتزعتها منى أو لم يتركنى أذهب بها فلا يصدق وهو ضامن فى إجماعهم . وإن قال القصار(1)أسلم إلى فلان ثوبة لأقصرة / ثم قال بعد ذلك لم تدفعة 73/ظ إلى فإنة يضمن الثوب وصل كلامة أو لم يصلة ، وقال غيرنا : يصدق وإن وصل كلامة مع يمينة . قد جامعونا فى القائل أخذت منك ألف درهم فلم تتركنى أذهب بها أنة ضامن . ذكر الاقرار الذى لا يلزم ومن قال لك على مائة باطلا أو تلجئة(2)أو نحو ذلك أو عقد على التلجئة بيعا أو نكاحا أو عتقا أو غيرة ومن أقر لرجل بمال فكذبة ثم صدقة فرجع المقر أو قال أسلفتك فأنكر الآخر ثم قال أقر وقال الأول ما أسلفتك شيئا ومن كتاب ابن سحنون : ومن قال لرجل بمحضر بينة لأحق لى عليك فاشهد لى عليك بألف درهم فقال لة الآخر نعم لاحق لك على فاشهد لة بالألف تلك البينة فلا يلزمة وهى كالهبة فإن قام بها قبل موت الواهب أو تفليسة ومرضة فهى لة علية وإلا بطلت إن مات قبل أن يقبضها وقال غيرنا : لا يلزم
[9/230]
***
__________
(1) القصار : محور الثياب ومبيضها ( فارسية ) .
(2) التلجئة عند الفقهاء أن يلجئك إنسان أن تأتى أمرا ظاهرة خلاف باطنة .(1/225)
[9/231]
من هذا شىء وإن قال اشهدوا أن لة على مائة درهم زورا أو باطلا أو كذبا وصدقة الآخر فذلك باطل فى إجماعنا ، وإن قال : صدق فى المال وكذب فى قولة باطلا فذلك لة فى إجماعنا . وإن قال : على مائة درهم تلجئة فإن صدق الطالب فلا شىء لة وإن قال بل هى حق لزمتة وإن أقر أنة باع ثمنة بكذا تلجئة فصدقة فى جميع قولة فالبيع باطل ولا يلزمة شىء ولا يسمع البينة إن تشهد بة وإن قال قد باعة بيعا صحيحا لا تلجئة فية فذلك لة ولا يصدق المقر / بالبيع على التلجئة ، ولو قال إننى أريد 74/و أن ألجى إليك دارى وأشهد لك بها بيعا بكذا وأقر لك بقبض الثمن تلجئة لأمر خفتة(1)وقال الآخر نعم فاشهد لى ما قلت وحضر الشهود هذة المقالة ثم أشهد لة أنة باعة هذة الدار بألف درهم وقبض الثمن فذلك باطل ( ولا يلزمة من قبض الثمن شىء ولو ادعى ذلك البائع فذلك باطل )(2)إذا أكذبة الآخر فى إجماعنا . ولو قال لامرأة إنى أريد أن أشهد أنى تزوجتك بألف درهم تزويجا باطلا وتلجئة وقالت المرأة نعم أنا أفعل ذلك على هذا وحضر الشهود قولهما ثم أشهدوا وأنة تزوجها بألف درهم ورضيت لة فإن هذا جائز ، لأن النكاح جد ، وكذلك الطلاق والعتاق فى أجماعنا . ولو قالت لرجل آمرأتة اشهد لى أنك طلقتنى ثلاثا على أن ذلك باطل ففعل ذلك وأوقع عليها الطلاق فذلك يلزمة فى إجماعنا . وكذلك الخلع والعتق بخلاف البيوع التى يجوز فيها الخيار والاقالة وترد بالعيوب ، ولو طلقها على مال على هذة الصفة كان المال لة فى إجماعنا ، وكذلك العتق . وإن قال عبد لسيدة أظهر أنك كاتبتنى تلجئة باطلا فقال نعم ( فاشهد لة )(3)وقد حضر الشهود قولها أولا فالكتابة باطل وهو كالبيع .
[9/231]
***
__________
(1) فى ص ، لأمر خصة .
(2) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(3) مابين معقوفتين بياض بالاصل أثبتنا محتواة من ص .(1/226)
[9/232]
ومن قال لرجل اشهد عليك بألف درهم على أنها باطل تلجئة ففعل فذلك باطل يلزمة فى ( إجماعنا )(1)/ ولو تزوج امرأة على أن أمهرها ألفا وأظهر فى العلانية 74/ظ ألفين وأشهدا على ذلك كلة فالسمعة تبطل وتصح الألف عندنا وعندهم . وكذلك فى البيع عندنا وقالة معنا أبو يوسف ، وفرق النعمان بين البيع والنكاح وألزمة فى البيع ألفين فناقض فى العلة . ومن أقر أن لفلان علية ألف درهم فقال مالى عليك شىء فقد برىء بذلك فإن أعاد المقر الاقرار بالألف فقال الآخر أجل هى لى عليك أخذتة بها . قال سحنون : إذا قال : لك على ألف فقال الآخر مالى عليك شىء ثم رجع فقال هى لى عليك فأنكرها المقر فالمقر مصدق ولا شىء للطالب ولكن إن قال الطالب ما أعلم لى عليك شيئا ثم قال نعم هى عليك فأنكر المقر فهاهنا يلزمة ولا ينفعة إنكارة . وإن قال : هذة الجارية غصبتها من فلان فقال فلان ليست لى ، لم يلزم المقر شىء وإن قال : هذة الجارية غصبتها ( فقال فلان ليست لى لم يلزم المقر شىء فإن أعاد الإقرار)(2)من فلان وادعاها الطالب دفعت إلية . ولو قال هذا العبد لك فقال الآخر ليس هو لى ثم قال هو لى قبل أن يعيد المقر الإقرار لم يكن لة العبد ولم تقبل بينتة علية إن أقامها لأنة برىء منة(3)وكذلك . من أقر أنة برىء من هذا العبد ثم ادعاة فلا يقبل منة بينة إلا بحق حدث لة فية بعد الابراء وكذلك إن قال أخرجت ملكى من هذا العبد أو قال خرج من ملكى أو من يدى .
[9/232]
***
__________
(1) ساقطة من الأصل ، مثبتة من ص .
(2) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل ، مثبت من ص .
(3) فى الأصل ، وبة برىء منة .(1/227)
[9/233]
قال : وإن قال لرجل أسلفتك كذا فأنكر ثم أقر بذلك فرجع الأول فقال ما أسلفتك / فليحلف أنى ما أسلفتك شيئا ولا يلزمة أخذ شىء ، وفى أبواب الإقرار 75/و فى البيوع مسائل من هذا المعنى . فيمن أقر أنة قبض من فلان دينة أو وديعتة أو ما وكلة أحد على قبضة منة فقال فلان بل أسلفتك ذلك أو أخذتة منى تعديا أو قال أخذت منك دابتى التى أكريتك أو ثوبى أو دارى فقال الآخر بل ذلك لى من كتاب ابن سحنون : ومن أقر فقال قبضت هذة الألف درهم من فلان كانت لى علية دينا أو وديعة فقال فلان لم يكن لك على شىء ولا عندى إنما دفعتها إليك سلفا فقد قيل إن القول قول الدافع ويأخذها ويحلف مالة على شىء وقيل : إن القول قول القابض إذا أشبة ما قال فى مداينة مثلة ، وقالة أكثر أصحابنا ، وقالة سحنون . ولو قال فلان إنما أخذتها منى ظلما فقال أشهب وأهل العراق : فليردها المقر إلى الذى أخذها منة بعد أن يحلف مالة علية شىء . وكذلك لو ادعى أنها هبة أو صدقة وجحد ذلك الواهب ، وكذلك لو ادعى أنها وديعة لة فلا يصدق فيردها ويحلف ، وليس كالقائل استودعتنيها فضاعت لأن المودع لم يقبض لنفسة شيئا ، وكل من ذكرنا قبض لنفسة فلا يصدق ، ولو قال : قبضتها منك بوكالة فلان كانت لة عليك أو وهبتها لة فقبضها منك ودفعتها إلية فهو ضامن إذا جحد الدافع ذلك . ولو قال : قبضتها منك هبة لفلان أو صلة لة فأمرنى بقبضها ولم / أدفعها 75/ظ إلية بعد فإن كان فلان حاضرا فهذا لة شاهد ويحلف معة ويستحق فإن نكل أو كان هذا غير عدل أو كان فلان غائبا بعيد الغيبة لم يقبل قولة ودفعتها إلى ربها ، وإن قال قبض منة ثوبا وقال أعارنية وقال الآخر بل غصبتة منة فالقول قول القابض فى إجما عنا .
[9/233]
***(1/228)
[9/234]
وكذلك الدابة قال ابن سحنون :(1)هذا إن جاء بالثوب بحالة ، فأما إن لبسة حتى أبلاة أو خرقة فهو ضامن لة وإن ادعى تلفة ضمنة حتى تقوم بينة على تلفة من غير عداء منة فلا يضمن وإن أتى بة وقد لبسة وهو بحالة فعلية قيمة ما انتفع بة منة . وكذلك فى الدابة علية قيمة الركوب ولا يصدق فى ذلك كما لم يصدق الآخر فى تضمينة ولا يضمنها إن تلفت . ولو قال : أسكنت فلانا بيتى ثم أخرجتة منة وسلمة إلى وقال الساكن بل البيت لى فإنا نرد الساكن فى البيت بعد يمينة ما أسكنة إياة ، وعلى الآخر البينة إلا أن تطول حيازة الذى أخرجة من البيت بعد إخراجة فبقطع حجة الساكن وكذلك دابتى هذة أعرتها فلانا ثم قبضتها منة . وقال فلان هى لى فليحلف فيرد إلية . وكذلك الثوب والحلى ما لم تطل حيازة القابض لذلك . وإن قال : هذا القميص خاطة لى فلان بكذا وقبضتة منة وقال الخياط بل هو قميص أعرتكة فإنة يقضى بة للخياط مع يمينة . وفى القول الآخر القول قول الذى فى يدية الثوب مع يمينة وإن قال : خاطة لى فلان ولم يقل قبضتة منة فهذا لا يرد إلى الخياط / وكذلك فى جميع المتاع . 76/و ولو كان الثوب أو الدار أو الدابة قد عرف ذلك للذى قال أعرتة فلانا ثم قبضتة منة فإن القول قولة . وإن قال : إن فلانا ساكن فى هذا البيت وهو لى وقال الساكن : بل لى فليقض بة الساكن يريد مع يمينة . ولو قال فى أرض فى يدية أو دار إن فلانا بنى هذة الدار بإجازة أو قال معونة أو زرع هذة الأرض أو غرسها وقال البانى والزارع والغارس بل ذلك لى
[9/234]
***
__________
(1) فى ص ، قال سحنون .(1/229)
[9/235]
فالقول قولة مع يمينة لأن هذا قد أقر بكون الأرض فى يد الزارع والغارس إلا أن يرى لإقرارة وجة ، مثل ان يقاولة فى أرض هو بها ساكن من بناها ؟ فيقول فلان ، وذلك الفلان بناء معروف يؤاجرة الناس ، فالقول فى هذا قول المقر مع يمينة . وكذلك فى الزرع والغرس لأن هذا لم يقر أن ذلك فى يد الفاعل ولا أنة خرج من يد المقر إلى يد الفاعل فية . فيمن أقر فى عين فى يدية أو طعام أو عرض أو دابة أنة أخذ ذلك من فلان قرضا أو عارية أو وديعة أو مضاربة وخالفة ربة إلى غير ذلك من الدعوى أو قال غصبتة ووجوة الإقرار بالعارية والتداعى فى ذلك وفى القراض(1)من كتاب ابن سحنون ومن أقر فى دراهم فى يدية أو دنانير أو فلوس أنة أخذها من فلان وديعة وقال فلان بل أسلفتكها فرب المال مصدق عند ابن القاسم . وقال أشهب وسحنون : إن لم يحركة / قالا فى موضع آخر حتى إذا ادعى 76/ظ الضياع فالقول قولة لأن ربة يريد أن يضمنة إياة وأن يكون قد تلف بوجة ولم يحركة ولا تجر بة ، فلا ضمان علية وإن تجر بة فالقول قول ربة إنة سلف لأنة ضمنة بالتحريك ولا يصدق أنة أمرة بذلك . وإن قال : ما حركتة وتلف بغير سببى صار ربة مدعيا إشغال ذمتة وهو منكر وقد أقر ربة أنة صار بيد أخذة بإذنة بغير فإن عمل بة ضمنة لأن ربة لم يقر لة بالإذن فى ذلك .
[9/235]
***
__________
(1) ترتيب بعض فقرات هذا الباب فى الأصل ، مخالف لترتيبها فى هـ وص .(1/230)
[9/236]
ولو أقر فى الدنانير والدراهم والفلوس أخذتها منة عارية وقال ربها غصبتنيها فالمقر بالعارية ضامن لأن العين لا تكون عارية وكذلك كل مالا يعرف بعينة من طعام أو إدام مما يوزن أو يكال لأن الانتفاع بة بإتلافة فإنما العارية فى هذا سلف يضمنة إن تجر فية وهو إلى أجلة الذى أعارة إلية وليس أخذة قبل الأجل . وإن قال : هذا الطعام عارية عندى فهو قرض يلزمة . وإن قال : هذة الدراهم عندى عارية من قبل فلان فهو إقرار لة بها عندنا وعند أهل العراق . ومن كتاب ابن عبد الحكم : وإذا قال أعرتنى هذا الطعام فهو قرض يلزمة وقولة : أعرتنى بطيخا أو غيرة من الفواكة التى لا ينتفع بها إلا للأكل فهو قرض وإن حبسة حتى يتغير ضمنة وكذلك عارية البيض هو قرض يرد مثلة إن وجد وإلا فقيمة بيض دجاج ونحوة وبيض الحيتان وأما بيض النعام فبخلاف ذلك وهو مما يعار وتعلقة النساء يتجملن بة وإن لم يكن صحيحا عمل منة / أقداح . 77/و وإن قال : أرتنى هذا اللجام الكافور أو المسك أو العنبر مما يعلم أنة ينتفع برائحتة فأقام عندة وتغير للقدم فليردة ولا شىء علية . وكذلك الثوب يعيرة إياة ليلبس فيجلس لطول المدة فلا شىء علية وإن تخرق لغير اللبس لشىء علق بة فهو ضامن لة . وإن قال أعرتنى هذة الدار فقال ربها بعتها منك أو قال قد اشتريتها منك فقال ربها بل أعرتك إياها فالقول قول من قال عارية مع يمينة وإن كان ثوبا فلبسة فنقصة ذلك فعلية ما نقصة . ومن كتاب ابن سحنون : وإن قال دفعت إلى ألف درهم وديعة فضاعت وقال للطالب بل غصبتنى إياها فالمطلوب مصدق ويحلف فى إجماعهم . وكذلك إن قال : أخذها منك وديعة فضاعت وقال ربها غصبتنيها فلا يضمن إن لم يقر بحركتها .
[9/236]
***(1/231)
[9/237]
وقال محمد بن عبد الحكم : والقياس أنة ضامن لأن ربها لم يقر أنة سلطة على قبضها وابن القاسم يرى أن القول قول من فى يدية ولا يصدق علية فى الغصب والسرقة . قال ابن عبد الحكم : وإذا قال أسلفتك فقد أقر لة بقبض جائز وادعى ما يدخلة فى ضمانة من السلف وقال الآخر وديعة فلا يضمن إلا أن يحركها قال ابن سحنون : وإن قال أعطيتكما مضاربة فضاعت قبل العمل وقال الطالب غصبتها فالمقر مصدق مع يمينة لأنة لم يعمل بها ولو عمل بها كان ضامنا فى قول أشهب وسحنون وأهل العراق . وروى / أشهب وابن نافع عن مالك فيمن قال لرجل لى عليك عشرة دنانير 77/ظ من ثمن سلعة بعتكها . وقال المطلوب بل هو وديعة فضاعت فهو مصدق ويحلف وهو لم يقر لة إلا بالأمانة فلا شىء علية غير اليمين . ومن كتاب ابن سحنون : ومن أقر فى دابة فى يدية أن ربها فلانا أعارنيها وقال فلان بل غصبتنيها فإن لم يركبها ولا أحدث فيها حدثا فهو مصدق وإن ركبها فليحلف لربها أنك أعرتنيها ويحلف ربها ما أعرتكها ثم يأخذ منة قيمة ما انتفع بها وقولة أعطيتنيها عارية أو قبضتها منك عارية سواء وكل واحد منهما مدع ومدعى علية ، ربها يدعى ما يوجب على الآخر ضمانها والآخر يدعى ما يزيل عنة قيمة النفع بها . ولو قال أعرتنيها فلم يركبها حتى عميت أو دخلها عيب وربها منكر فالمستعير مصدق ولا يضمن فى إجماعهم . قال ابن عبد الحكم : إن أصابها شىء فى ركوبة إياها ضمن ما أصاب . وإذا قال أعرتنيها وقال ربها أكريتها منك وتلفت بيد مدعى العارية فإن لم يركبها فلا يضمن قيمتها ولا كراءها وإن ركبها ضمن الكراء إلى الموضع بعد يمين ربها ولا يضمنها وفرق أو حنيفة بين قولة دفعتها إلى عارية وبين أخذتها منك عارية وربها منكر فيضمنة فى قولة أخذتها منك .
[9/237]
***(1/232)
[9/238]
قال محمد وكيف تصير فى يدية إلا بأخذ ولا فرق بين هذا ولو قال قائل يضمن فى / الوجهين لكان وجها لأن ربها لم يقر بدفعها إلية وهو مقر بقبضها 78/و مدع لإذن ربها . وإن قال : أعرتنيها إلى موضع كذا وقال ربها إلى موضع دونة فإن لم يركبها فربها مصدق مع يمينة وإن ركبها المستعير إلى موضع قال فالقول قولة مع يمينة عند ابن القاسم وقال أشهب : يصدق فى رفع الضمان ولا يصدق فى رفع الكراء فيغرم كراء الزيادة مع يمين ربها . قال ابن عبد الحكم : وينبغى عندى على قول أشهب أن يضمن فى زيادتة على قول ربها وابن القاسم يرى أنة قد آئتمنة فهو مصدق وربها مدع للضمان وإن قال أعرتكها لتركبها أنت فقال ما أعرتنى إلا عارية مطلقة وقد حمل عليها ابنة هو أخف منة أو أثقل فهلكت فلا ضمان علية عند ابن القاسم . وقال أشهب : لا يضمن إلا ما بين كراء أثقل هذا إلى خفة الآخر إذا حلف ربها أنة حمل عليها أثقل ولو أعارة لحمل قفيز من السمراء فحملة من البيضاء وهى أخف لم يضمن . قال سحنون : ولو قال أعرتنيها وهذا العيب بها فالقول قولة وإن كان قد ركبها ويضمن قيمة الركوب ولا شىء علية بعد التحالف ، وكذلك ففعلت وقال ربها بل أكريتها منك إلى ذلك الموضع بكراء فربها مصدق ، وعند ابن القاسم إلا أن يكون مثلة لا يكرى لشرفة ، وقال أشهب : قول ربها كان ممكن يكرى أو ممن لا يكرى ويحلف أكراها / ويحلف الآخر ما أكرها ويغرم قيمة الكراء إلا أن يكون أكثر 78/ظ مما ادعى ربها إلا أن يكون رجلا شريفا عظيم القدر الذى يعرف مثلة بكراء دوابة فيكون القول قول المستعير مع يمينة . وإن قال : أعرتنى هذا الثوب وقال ربة بل أخذتة منى بيعا فالقول قول الذى أخذة مع يمينة ما لم يلبسة ، ومن أقر فى دارهم فى يدية أن فلانا دفعها إلية قراضا .
[9/238]
***(1/233)
[9/239]
وقال ربها فى بضاعة فرب المال مصدق مع يمينة ولة الربح وعلية للعامل أجر مثلة ما لم يكر أكثر من نصف الربح الذى ادعى فلا يزاد فإن نكل فالقول قول العامل مع يمينة إن كان مثلة يستعمل المال فى القراض ولا يضمن بحركة المال لإقرار ربة أنة أذن لة بحركتة يريد ولو كان يقع لة من الربح أقل من الإجازة حلف العامل وأخذ الإجازة ، وإن قال لرب المال هى قرض صدق عند ابن القاسم . وقال أشهب : إن عمل بة ضمنة إن هلك وإن هلك ولم يعمل بة لم يضمن وهو مصدق ويحلف ، وقالة سحنون لأنة إذا حركها كان مدعيا لما يزيل عنة الضمان بالتحريك وإذا لم يحركة فرب المال مدع لإشغال ذمتة بأمر لم يقر بة . ولو قال العامل : هى قرض وقال رب المال قراض فالعامل مصدق . قال أشهب وسحنون : وإن قال رب المال سلف وقال العامل وديعة فالعامل مصدق ويحلف بقى المال أو هلك إلا أن يحركة فيضمنة . ولو قال ربة وديعة وقال العامل قراض فإن حرك المال ضمنة لأنة مدع وإن لم يحركة لم يضمن هلك / المال أو أبقى ، وكذلك لو قال رب المال هو سلف أو قال 79/و وديعة أو قراض وقال الآخر أمرتنى بدفعة إلى فلان أو أتصدق بة على الفقراء فإن لم يكن فعل فهو مصدق تلف أو بقى وإن دفعة ضمن لأنة مدع ، وإن قال ربة قراضا وقال العامل أسلفتنية فهو مصدق ويحلف ، فإن نكل حلف ربة لقد وصلتك بة وقبلتة منى ويقضى على الآخر بقولة فإن نكل ربة فلة قبض مالة وافرا من الآخر ولا يحلف . قال : ولو رجع رب المال عن قولة إلى أنة وديعة كما قال الآخر فليأخذ منة رأس مالة بلا يمين ، وإن رجع الذى بيدة المال إلى قول رب المال إنة قراض رد علية مالة ناقصا بلا يمين على العامل ، ولو رجع رب المال فقال ، كان عندك وديعة فحركتة فضمنتة ، فقال لة الآخر بل كان قراضا كما قلت قال فيرجع الامر إلى أن يضمن العامل المال يردة وهو كمن قال أسلفتك مائة ، فقال الآخر ما ألفتنى شيئا ثم قال قد أسلفتنى .
[9/239]
***(1/234)
[9/240]
وقال الآخر ما أسلفتك شيئا فليطرح قولة أولا وآخرا ويستحلف الذى أبى من أخذ المال أنة ما أسلفة شيئا ولا يلزمة أخذ شىء فإن أقاما بينة أخذ بأعدلهما فإن تكافآ رجع الأمر مثل إذا لم تكن بينة . وإن كان بيدة عبد فقال هو مضاربة لفلان معى على النصف ثم باعة بألفين وقال كان رأس المال ألفا وقال رب المال : العبد نفسة دفعتة مضاربة فليحلف ويأخذ الألفين وعلية للعامل أجر مثلة فى بيع العبد . / فى الخيار فى الإقرار بالدين والكفالة 79/ظ من كتاب ابن سحنون : ومن أقر أن لفلان على ألف درهم وعلى أنى بالخيار يومين أو ثلاثة أو أكثر ففية قولان : أحدهما أن ذلك يلزمة ويكون ما ذكر من الخيار كالأجل يلزمة عند حلولة وكذلك فى إقرارة بالقرض على أنة بالخيار ثلاثا ، والقول الآخر إن ذكرة للخيار باطل ويلزمة ما أقر بة حالا مثل أن يقول : لة على مائة أو أقرضنى مائة أو غصبتة إياها . وقال فى ذلك كلة : ولى الخيار ثلاثا وكذلك ما استودعنى مائة استهلكتها أو عارية استهلكتها ولى الخيار ثلاثا فذكرة للخيار باطل والمال لة لازم . وكذلك إن أقر أنة كفيل لفلان بألف درهم على أنة بالخيار والطالب ينكر الخيار فدعواة الخيار باطل وكذلك بالنفس ولو صدقة الطالب فى الخيار ثلاثا كان الكفيل مخيرا فى التمادى على الكفالة أو الرجوع عنها . ولو قال قتلت وليك على أنى بالخيار ثلاثا فى الرجوع عن إقرارى فالإقرار لة لازم ولا خيار لة . وكذلك إن قال لزوجتة : أقر طلقتك ثلاثا على أنى بالخيار فالطلاق يلزمة ولا خيار لة ولو اجتهد أنة أقر لفلان بألف درهم على أنة بالخيار فى الرجوع عنها إلى ثلاثة أيام ، فذلك لة لازم ولا خيار لة .
[9/240]
***(1/235)
[9/241]
وإن أشهد أنة باع منة هذة السلعة بكذا على أنة بالخيار ثلاثا فهو فى / هذا 80/و مصدق صدقة المشترى أو كذبة . ولو قال : أقر لك بالبيع على أنة بالخيار فى الإقرار ثلاثا فهذا يلزمة الإقرار ولا خيار لة فية إذ ليس فى الإقرار خيار ولا فى عتاق ولا فى طلاق ولا فى إقرار بمال أو غصب ونحوة . فى الإقرار بسقوط اليمين أو بسبب النكول عنها كقولة لفلان على كذا إن حلف . وما يعد من النكول إقرارا برد اليمين أو بغير ردها ، وكيف بما لا يجب فية على المدعى علية يمين من كتاب ابن سحنون : ومن قال لفلان على مائة درهم إن حلف أو إذا حلف أو متى حلف أو حين يحلف أو مع يمينة أو فى يمينة أو بعد يمينة ، فحلف فلان على ذلك ونكل المقر وقال ما ظننت أنة يحلف فلا يِخذ بذلك المقر فى إجماعنا . قال محمد بن عبد الحكم : إذا قال لفلان على مائة إن حلف فيها أو إن ادعاها أو متى حلف بالعتق أو الطلاق أو الصدقة أو قال إن حلف مطلقا فلا شىء على المقر بهذا وإن حلف الطالب ، وكذلك إن قال : إن استحل ذلك وإن كان يعلم أنها لة أو قال إن أعارنى رداءة أو دابتة فأعارة ، أو قال إن شهد بها على فلان فشهد علية بها فلان فلا شىء على المقر فى هذا كلة . وأما إن قال : إن حكم بها فلان لرجل سماة فتحاكهما إلية فحكم بها علية لزمة ذلك لأنة لو تحاكم رجلان إلى رجل / من عامة الناس فحكم بينهما جاز حكمة ، 80/ظ ولو قال : إن أخرنى بمائة دينار ادعاها على سنة فهى لة على إلى سنة لزمة ذلك إذا أخرة بها سنة .
[9/241]
***(1/236)
[9/242]
ولو قال : إن أخرنى بمائة ادعاها على إلى سنة فهى لة إلى سنتين لزمة ذلك إلى سنتين إذا حلف وطلبت منة اليمين أن ليس لة علية مائة حالة ولا إلى أقل من سنتين . قال ابن سحنون : ولكن لو ادعى ذلك علية فجحد فقال احلف وأنت برىء ، أو قال إذا حلفت أو متى حلفت أو كلما حلفت أو أنت برىء مع يمينك أو فى يمينك أو بعد يمينك فحلف فهذا يلزمة ويبرأ بة المطلوب . للمدعى أحلف وأنا أعرم لك فحلف فذلك يلزمة . ولو رجع فقال لا تحلف فليس لة ذلك وللمدعى أن يحلف ويثبت حقة ، ومن ادعى مالا وأثبت الخلطة ولا بينة لة ونكل المطلوب عن اليمين فإن حلف الطالب قضى لة وكان يمينة مع نكول المطلوب كإقرار المطلوب . ولو قال : قضيتك فأنكر الطالب ولم يحلف فردت اليمين على المطلوب فيبرأ بيمينة كما يبرأ بالإقرار بالقبض ، وكذلك إن ادعى أنة اشترى منة عبدا وأقام لطخا فنكل عن اليمين لحلف المدعى وثبت البيع وكذلك لو كان البيع يدعى البيع ونكل المشترى حلف البائع وكذلك هذا فى الأكرية والإجارات / والرهان والوديعة 81/و والعارية والمضارية فى النكول وفى رد اليمين على المدعى فيصير كالإقرار . وقال اشهب : ومن ادعى علية جراحة عمدا أو خطأ أو دما فجحد المدعى علية ولم يأت المدعى ببينة فاليمين على المدعى علية ويبرأ فإن نكل لزمة القصاص . وقال بعض العلماء ذلك لة فيما دون النفس فأما فى النفس فيبرأ المدعون بالدم باليمين خمسين يمينا فإن حلفوا استحقوا وإن لم يحلفوا حلف المدعى علية الدم فإن لم يحلف سجن حتى يحلف فإن طال حبسة وأيس من إقرارة ويمينة كانت علية دية المقتول .
[9/242]
***(1/237)
[9/243]
وقال ابن القاسم عن مالك : إن أقام شاهدا فى جرح عمد حلف معة واقتص فإن نكل حلف الجارح فإن نكل سجن حتى يحلف وكذلك القتل . وقال مالك فى المتهم بالقتل يرد علية اليمين فلا يبرأ إلا بخمسين يمينا وليحبس حتى يحلف فاختلف أهل العراق كاختلاف أصحابنا ؛ فقال أبو حنيفة : إذا لم يحلف فى جراح العمد فعلية القصاص كما قال أشهب . قال أبو حنيفة : وإن نكل فى قتل العمد حبس حتى يحلف فيبرأ أو يقر فيقتل ، وهذا قول مالك وابن القاسم فى قتل العمد . وقال أبو يوسف : علية فى هذا وفى جراح العمد الدية فى مالة ، وهذا قول أشهب فى الدية فى قتل العمد . قال سحنون : قال مالك وابن القاسم وغيرهما من أصحابنا : لا تستحلف المرأة فى النكاح / يدعية عليها الرجل ولو أقام عليها عليها شاهدا فلا يمين عليها ولا 81/ظ يوجب النكاح إلا بشاهدين ، وكذلك فى دعواها هى ذلك علية لا يمين علية ، وإن أقامت شاهدا ولا يستحلف فى ادعاء نسب أبا كان أو ابنا . وقال فى أمة ولدت وادعت أنة من سيدها ، فإن أقر بالوطء لحق بة حلف أو لم يحلف إلا أن يدعى استبراء فيصدق ولا يلحق بة ولا يمين علية فى الاستبراء ولا على أنة لم يقر بالولد ، ولو ادعت أنة ابنة ولم يدع إقرارة بذلك فلا يمين علية أيضا ولا يمين فى زنى ولا سرقة إلا أن يدعى المشاع فيقول سرقة منى ويقيم لطخا على المتاع فيحلف أنة لة ولا يحلف على السرقة ، فإن نكل حلف المدعى وأخذ المتاع ولا يقطع ، ولا يمين فى شرب الخمر ولا فى القذف . قال مالك : فإن أقام المقذوف شاهدا حلف القاذف فإن نكل سجن أبدا حتى يحلف ولا يمين فى الرجعة . وإذا ادعت امرأة على رجل أنة تزوجها فطلقها قبل البناء أو بعدة فلا يحلف فإن أقامت علية شاهدا فقيل إنها تحلف مع الشاهد فى المهر وتأخذ نصفة إن لم
[9/243]
***(1/238)
[9/244]
يبن بها وجميعة إن بنى بها ، وقيل : ليس لها أن تحلف فى المهر إذ لا يثبت النكاح إلا بشاهدين . وقال بعض أهل العراق : يستحلف فى النكاح فترك قول صاحبة وقولنا ، قال : واستحلفة فى الرق . إن ادعى أن امرأة أمتة أو أن رجلا عبدة وهو مجهول استحلف الرجل والمرأة فإن نكل أو نكلت قضيت لة برقها . قال سحنون أخطأ فى استحلافة / فى الرق . 82/و
ولو أقام شاهدا برقة حلف معة واسترقة ، قالة ابن القاسم ، وقال غيرنا : لا يكون هذا إلا فيمن عرف بالرق وأما معروف بالحرية فلا يسترق بهذا . وقال سحنون : ولا أعلم خلافا أنة لا يستحلف الأخ فى نسب أخية لأنة لا يلزمة بالنكول . قال محمد : قلت لة قال بعض الناس : إن ادعى ميراثا فى يدية أحلفتة لة . قال سحنون : ولو ادعى أنة أخوة يرث معة فى هذة الدار عن أبيهما أو أخيهما فلا أحلفة ، إذ لا يحب لة معة الميراث حتى يقر لة بالنسب ، قال قلت لة ، وقال : يستحلف السيد لأمتة تدعى أنها أم ولد لة فإن نكل فهى أم ولد لة ، قال وفى قول آخر مبهم : لا يحلف فى هذا فقال أوهم الأول وقال الآخر بقول أصحابنا . فيمن أقر على يمين فقال لفلان على كذا وإلا فعبدى حر أو بدأ باليمين أو قال لفلان على كذا وإلا لفلان كذا أو عبدى حر وإلا فعبدى الآخر حر من كتاب ابن سحنون : ومن قال : لفلان على ألف درهم وإلا فعبدى حر فإن المال يلزمة دون العتق ، وكذلك لو حلف على ذلك بطلاق أو حج أو
[9/244]
***(1/239)
[9/245]
غيرة أو باللة عز وجل ، قال فى باب آخر قال : تلزمة المائة ويحلف فى العبد ما أراد بة إلا اليمين بالعتق ثم لا يعتق فى إجماعهم وإنما أقر بيمين وهو أعلم بنيتة إن كانت المائة علية فلا حنث علية . قال ابن المواز وابن عبد الحكم : ولو أنة قال بعد ذلك أنكر المائة لزمتة المائة .وعتق العبد ، وإن ثبت على إقرارة دفع المائة ولا شىء علية / فى العبد ، قالا : وإن 82/ظ قال لفلان على مائة درهم أو على عمرة أو حجة أو عتق رقبة فليس هذا إقرار منة فالمال لفلان إذا حلف . قال ابن سحنون : وإن قال : لفلان على مائة درهم أو على حجة فالمال يلزمة وإن لم يرد إيجاب الحجة فلا شىء علية . قال سحنون : وإن قال : لفلان على ما ئة أو عبدى حر لزمتة المائة وحلف فى العبد ما أراد عتقا ، وإن قال : على مائة بل على حجة لزمتة المائة والحجة ، وقال غيرنا فيمن قال لفلان على مائة أو عبدى حر أنة لا يلزمة شىء من ذلك . وإن قال : على ألف درهم فإن جاز إقرارى وإلا فلفلان على ألف درهم فإن الإقرار الأول جائز وأما الثانى فحظر لا يلزم . وإن قال ابتعت هذا العبد من فلان بألف درهم وإلا فلفلان على خمسمائة فإن صدق البائع جاز البيع ولا يلزمة الخمسمائة صدقة البائع أو جحدة ، لأنها خطر ويجاب رب العبد ما ادعاة منة ، وهذا فى إجماعنا . وإن قال : لفلان على ألف درهم وإلا فلفلان مائة دينار لزمة الألف ويحلف فى المائة دينار ما هى علية للآخر ويبرأ فإن نكل حلف الآخر وأخذها . وقال غيرنا : لا يلزمة من هذا الواحد منها شىء وإن قال : اعتقت عبدى هذا وإلا فعبدى الآخر حر لم يلزمة العتق إلا فى الأول فى إجماعنا . ولو قال : أعتقت هذا وإلا فقد أعتقت هذا فالأول حر ويحلف فى الثانى ما اعتقة . وفى باب من أقر لأحد رجلين بالشك مسائل من مسائل هذا الباب .
[9/245]
***(1/240)
[9/246]
فيمن أقر أن علية ثمن سلعة اشتراها ولم يقر / بقبضها 83/و وكيف إن قال البائع إنما بعتك سلعة أخرى وغير ذلك من التداعى بين المتبايعين من كتاب ابن سحنون ، قال سحنون قوا أصحابنا : ومن أقر أن علية دنانير من ثمن بيع ، ثم قال : لم أقبض السلعة التى ابتعت فإنة لا يصدق وتلزمة الثمن ، وقالة مخالفونا من العراقيين . وقال ابن أبى ليلى : لا يلزمة المال حتى يقيم البائع البينة بدفع السلعة فأنكر هذا سحنون . وروى محمد بن بشار عن سحنون : أن القول قول المبتاع وعلى البائع البينة أنة دفع السلعة إلية ، وكذلك إن قال : اشتريت من فلان سلعة بمائه درهم ولم أقبضها منة فالقول قولة . قال : واختلف ابن القاسم وغيرة فى قولة لم أقبض السلعة فقال : إن أقر لة أنة اشتراها وأنة لم يقبضها نسقا متتابعا قبل قولة وأما إن أقر بالشراء ثم قال بعد ذلك ثم أقبضها لم يصدق وغيرة يخالف ويقول القول فى هذا كلة قول البائع . وإذا قال لة على ألف درهم من ثمن متاع لم أقبضة فالمال يلزمة لابد منة فى قول بعض أصحابنا ، وفى قول بعضهم : ليس علية شىء وهو مصدق مع يمينة لأنة وصل الكلام . ولو قال من ثمن متاع ثم قال لم أقبضة فقال سحنون فى هذا : يلزمة المال ، وقد ذكرنا هذا فى الثانى من أقضية البيوع والاختلاف فية ، أن ابن القاسم يقول : إن أشهد لة بالثمن لم يصدق أنة لم يقبض السلعة . قال أصبغ : ولا يحلف إلا أن تقوم علية بحرارة البيع . / وقال ابن عبد 83/ظ الحكم : على البائع البينة بدفعة للسلعة .
[9/246]
***(1/241)
[9/247]
ومن كتاب ابن سحنون : وإن قال : لفلان على ألف درهم من ثمن عبدة فلان وقد قبضة ، وقال لفلان لى عليك الألف درهم من ثمن عبد آخر ولم أبعك هذا العبد فليحلف كل واحد على دعوى صاحبة ويرد العبد ويبطل المال ولو سلم لة ذلك العبد ولم يدعة كان لة عليك ألف درهم ، ولو قال : لك على ألف درهم من ثمن عبدك هذا الذى فى يديك وقال الطالب هى لى عليك من غير ذلك فإن سلم لة ذلك العبد وجب لة المال وإلا فلا شىء لة فى إجماعنا . ومن كتاب محمد بن عبد الحكم : ومن أقر أن لفلان علية ألف درهم من ثمن بر اشتراة منة ثم قال بعد ذلك لم أقبض البر منة فليحلف المقر والقول قولة ، وكذلك من ثمن دار وقال لم أقبضها منة ، وسواء وصل الكلام أو لم يصلة ، وخالفنا فى ذلك أصحاب أبى حنيفة على أنهم قد اختلفوا إذا وصل فقال بعضهم : هى علية ولا يصدق ، ولو أقر فقال : ابتعت من فلان بيعا بألف درهم ثم سكت ثم قال لم أقبض المتاع كان القول قولة ، وجامعنا على ذلك أصحاب أبى حنيفة ، وهذا حجة لنا عليهم إذا قال على وكذلك قالوا إذا أقر أن لفلان علية ألف درهم من ثمن هذا العبد الذى فى يدى المقر فإن أقر الطالب بذلك العبد أخذة بإقرارة وإن قال لم أبعك العبد وبعتك غيرة وقبضتة منى فإن ما أخذ المقر لة العبد ولا شىء على المقر ، وهذا / يدل على أنة ليس بقولة على يجب علية شىء إذا لم يتم لة 84/و القبض . ومن كتاب ابن ميسر : ومن قال لرجل لك على ألف درهم من ثمن عبد بعتة منى وقبضتة منك ، وقال الآخر هى لى عليك قرضا أو من ثمن دار قبضتها منى قال إن لم يدع البائع العمد أنة لم يخرج من ملكة فقد وجب لة علية ألف والمبتاع يدعى علية عهدة فى سلعة أقر بقبضها فإن استحقت حلف المقر أن الألف منها ورد القابض الألف ما قبض إن لم يكن لة بينة . وإن قال : الألف من ثمن دار بعتها منك فإن قال ابتعتها منك بمال آخر حلف ربها وارتجعتها ويحلف الذى هى فى يدية ما هذة الألف من الدار ، وإن ادعى المقر لة ملك
[9/247]
***(1/242)
[9/248]
العبد وأنكر بيعة حلف وأخذ العبد ، وإن أنكر ملكة فلا يجبر على أخذ ما لا يدعية . ومن كتاب ابن سحنون :ومن بيدة عبد وبة عيب فأتى إلى رجل بيدة عبد آخر فقال لة بعتنى هذا العبد الذى فى يدى والعبد الذى فى يديك بكذا وقبضت هذا العبد منهما وأصبت بة عيبا وقال الآخر بعتك العبد الذى فى يديك بعبد بيدية لا عيب فية أو جارية وهذا العبد الذى فى يدى بما ذكرت والقول يشبة ما قال هذا وما قال هذا . قال سحنون فيتحالفون ويتقاسمان ، وإن أقر لة علية ألف درهم من ثمن خمر أو خنزير أو ميتة أو ثمن حر فقال الطالب بل هى من بر فإن المال لازم للمطلوب مع يمينة فى قولة وكذلك / قال محمد بن عبد الحكم . 84/ظ قال محمد بن عبد اللة : ولو قال : اشتريت منك خمرا بألف درهم أو خنازير بألف لم يلزمة شىء لأنة لم يقر أن لة علية شيئا . فيمن أقر على نفسة وعلى غيرة أو أقر لرجلين أو أقر أنة وفلان غصبا أو جنيا من كتاب ابن سحنون : ومن أقر فقال لفلان على وعلى فلان وفلان ألف درهم فإنما علية الثلث ويحلف الطالب مع شهادتة ويقضى لة على الرجلين فإن نكل أو كان هذا غير عدل فليس لة إلا الثلث وكذلك ما سمى من عدد الرجال إن سمى عشرة فإنما يلزمة العشر . ولو قال : لفلان على وعلى فلان ألف درهم فجحد ذلك فلان وادعى الطالب ذلك على المقر وحدة فإنما يلزمة النصف وهو فى النصف الآخر شاهد على غيرة فإن شاء المقر لة حلف معة وأخذ من فلان النصف وإن نكل أو لم يكن هذا عدلا فإنما لة النصف على المقر وإن سمى عبدا محجورعليةأو مأذونا أو مكائبا أو من فية بقية رق أو صغيرا أو ذميا أو مرتدا أو رجلا لا يعرف فذلك
[9/248]
***(1/243)
[9/249]
كلة سواء ولا يلزم المقر إلا حصتة على ما ذكرنا ولو لم يسم رجالا ولكنة قال لفلان علينا ألف درهم ثم قال عنيت أن معى فلانا وفلانا وقال الطالب بل ذلك عليك خاصة فإن المال كلة على المقر لأنة لم يسم معة أحدا ، وقولة علينا يقع على أكثر من واحد ، ولو أقر فقال : لفلان علية ألف درهم وأشار بيدة إلى نفسة وإلى آخر معة وقال الطالب بل كلها / عليك فإن المال كلة يلزم المقر . 85/و ولو كان معة رهط فقال لفلان علينا جميعا أو قال كلنا وأشار بيدة إلى نفسة وإليهم مائة درهم ، وقال الطالب المال كلة عليك فإنى ألزم المقر حصتة من ذلك على عدد القوم وهو شاهد على غيرة لو ادعى شهادتة المقر لة ولكنة أبرأ القوم ، ولو أن عشرة رجال جلوس فقال أحدهم لفلان على رجل منا ألف درهم لم يلزمة بهذا شىء ، وكذلك لو قال على اثنين منا أو على أكثر إلى تسعة لم يلزمة شىء حتى يقول لفلان على عشرة منا ألف فيلزمة العشر ويكون شاهدا فيما بقى . وإن أقر أنة غصبة هو وفلان كذا فلا يلزمة غير النصف إلا أن يكون غصب من معى الحرابة وقطع الطريق فيلزمة الجميع عندنا وإلا لم يلزمة إلا النصف . ولو كان المقر اليوم عدلا قد نزع عن حالة فإنة يحلف المقر لة مع شهادتة ويستحق النصف الآخر وكذلك الجراحة الخطأ يلزمة النصف ، وأما العمد فيلزمة القصاص فى الجراح وفى النفس . وكذلك الإقرار بالوديعة والعارية والمضاربة والديون إنما يلزمة النصف وهو شاهدا فى النصف الآخر ، وإن أقر أنة قطع هو وفلان يد فلان عمدا فادعى الطالب أنهما قطعاها جميعا قطعت يد المقر فإن كان المقر الآن عدلا قد انتقل عن حالة فهو شاهد ويحلف معة المجروح ويستفيد ، وإن لم يكن عدلا أو نكل اقتص من يد المقر ولم يلزم الآخر شىء . فإن ادعى ذلك الطالب على المقر كلة فذلك لة وتقطع يدة / وقال غيرنا : 85/ظ إن ادعى أنهما قطعاة جميعا لزم المقر نصف الأرش(1)ولا يغرم الآخر شيئا بعد أن يحلف .
[9/249]
***
__________
(1) الأرش : دية الجراحات .(1/244)
[9/250]
قالوا : ولو ادعى ذلك الطالب على المقر كلة لم يلزم المقر شىء أنة ادعى قصاصا وإنما أقر لة بمال ثم نقضوا هذا فقالوا : تجعل على المقر نصف أرش اليد ، وهذا خطأ بين فاحتجوا بقولهم فى رجلين قطعا يد رجل ألا قصاص عليهما . وإن قطعها واحد فعلية القصاص . قال محمد : ويدل على فساد قولهم ما جامعونا فية فى القتل لو أقر أنة وفلان قتلا فلانا عمدا وفلان منكر وقد ادعى ذلك الولى عليهما أو على المقر فلة أن يقتلة فى إجماع العلماء ، وإن أقر أنة وفلان قطعا يد فلان خطأ وفلان يدعى عليهما أو على المقر فعلى المقر نصف دية اليد فى مالة فى الوجهين ولا شىء على الآخر ، وإن قال : أقرضنى فلان أنا وفلانا ألف درهم فإنما يلزمة نصفها وهو شاهد على فلان بالنصف الآخر . وإن قال : لفلان على ألف ولفلان فإن الألف بينهما نصفان ، وكذلك قال وديعة أو مضاربة أو ثوب عارية أو غصبا كان بينهما ، ومن أقر لفلان وفلان علية ألف درهم ، قال : المال بينهما نصفان . فإن قال بعد ذلك الأحدهما أربعمائة فكذبة وقال لى النصف كان لة النصف ويغرم المقر للآخر مائة ولهذا أربعمائة . ولو قال : أقرضنى فلان ألف درهم مع فلان كانت الالف لهم اذا ادعى . ذلك المقر لة ، ولو قال : أقرضنى فلان مع شاهد على ذلك فلان ألف درهم كانت الألف لة علية وحدة . / وكذلك لو قال : معى جالس أو قائم ، ولو قال غصبتك أنا وفلان معى 86/و ألف درهم فإنما علية لفلان خمسمائة وهو شاهد على فلان بخمسمائة فإن كان وقت الإقرار عدلا حلف معة المقر لة وإلا لم يكن على المقر إلا خمسمائة ، فإن قال : وفلان معى شاهد فعلية جميع الألف ، وكذلك الإقرار بالغصب والسرقة وكذلك إقرار الذمى والعبد المأذون والمكائب . قال سحنون فى رجلين لهما دين بصك واحد على رجلين فأقر أحدهما أنهما قد تقاضيا دينهما ذلك الذى على فلان فإقرارة على نفسة جائز وشهادتة على
[9/250]
***(1/245)
[9/251]
شريكة ساقطة لما يدفع بها عن نفسة من رجوع صاحبة علية فيما أقر أنة قبضة بما ينوية منة فيرجع المشهود علية فيما يرجعة على الغريم ولا يكون للمقر الشاهد الرجوع على أحد ، قال : وشهادتة ساقطة كان المشهود علية مليا أو عديما . ولو أن رجلا أقر فقال يا فلان لكم على ألف درهم أو قال بحق يا فلان لكم علينا ألف درهم فذلك واحد والمال لازم لة كلة لفلان ، ولو قال : يا فلان لكما علينا ألف درهم لم يكن لفلان إلا نصفها ولا يصدق إن ادعى جميعها بخلاف قولة لكم لأن لكم يكون على الواحد والجماعة ولكما لايكون إلا لاثنين ، قال محمد : وسمعت سحنون ينحو فى هذا إلى أنة إنما يؤخذ بالمال كلة فى قولة يا فلان لكما على ألف درهم ، ولو أقر / وقال : أقرضنا فلان أو استودعنا ألف درهم أو 86/ظ غصبنا من فلان ألف درهم ثم قال المقر كنا فى ذلك ثلاثة وقال الطالب ذلك كلة عليك فإن المقر يلزمة جميع ذلك وكذلك فى عارية الدابة والثوب . ولو قال : غصبت ومعى فلان من فلان مائة درهم فإنما يلزمة نصفها . ولو قال : ومعى فلان جالس لزمة المال كلة لأنة لم ينسب الغصب إلية . ومن العتبية قال أصبغ عن ابن القاسم : ومن قال على مائة دينار وعلى فلان وفلان فإن هذا يغرمها كلها وإن كان كلامة نسقا . قال أصبغ : ولو قال لفلان على وعلى فلان وفلان مائة دينار لم يلزمة إلا الثلث لأنها إقرار وشهادة ، وأما الأول فقد أقر على نفسة ثم ذكر فلانا وفلانا بعد لزوم الإقرار لة .
[9/251]
***(1/246)
[9/252]
فيمن أقر فى عبد فى يدية لرجل بعد أن أقام فية آخر البينة أو ادعى رجل عبدا بيد آخر فحلف فنكل فحلف الطالب وأخذة ثم أتى غير مدعية هل لة يمين على الأول ؟ وغير ذلك من الدعوى من كتاب ابن سحنون ومن ادعى عبدا بيد رجل وأقام لطخا وطلب يمينة هل يحلف لة ؟ فإن حلف برىء وإن نكل حلف الطالب وقضى لة بة فإن أقر الذى كان فى يدية أنة لآخر بعد ما قضى بة للمدعى لم ينتفع بذلك الآخر . ولو أقر بة قبل أن يستحلف والمقر لة بة غائب فلا ينتفع بذلك ولا يدفع الخصوم عن نفسة إلا أن تقوم بينة أنة دفعة غلية فتزول الخصومة واليمين بين هذين وتصير / الخصومة بين المدعى والغائب إن لم تقم بينة فهو خصم ويحلف ، فإن 87/و نكل دفعة إلى المدعى بعد يمينة فإن جاء المقر لة الأول فصدق المقر فى إقرارة على العبد لة رد رد إلية من يد المقضى لة بة لأنة أقر بة قبل أن يصل إلى يد المدعى لة ولكن يتهم فى إقرارة لإبطال الخصومة عن نفسة فلم أصدقة فلما قدم المقر لة فادعى ما أقر بة فليرد إذ لو كان حاضرا أجزت إقرارة لة بة وزالت عنة الخصومة وجعلت المقر لة بة خصما ويكون هذا الذى أخرج من يدية على حجتة فإن أقام بينة أخذ العبد وإن لم يقم بينة استحلف هذا فإن حلف للطالب برىء وإن نكل قضى بالعبد للمدعى لة بعد يمينة . قال ابن عبد الحكم : ومن ادعى عبدا بيد رجل ورثة عن أبية لا وارث لة غيرة فقال أودعتة لأبيك فأنكرة فاستحلفة القاضى فنكل فرد اليمين على المدعى فحلف وأخذ ثم أتى من ادعى مثل ذلك فليس لة أن يحلف الابن لأنة لم يقر بة بشىء إلا أن يدعى علية أنك غصبتنية فليحلقة فإن نكل حلف مدعى الغصب وأخذ منة قيمة العبد .
[9/252]
***(1/247)
[9/253]
وذكر المسألة سحنون وقال : إن أقام لطخا وكان الابن ممن يظن بة العلم حلف على علمة فإن نكل حلف الطالب وأخذ العبد ثم إن ادعى آخر مثل ذلك فلا يستحلف الابن ولا ينفعة إقرارة لة بة ولا يلزمة لة بشىء ، وكذلك كل ما ادعى على الأب من غصب أو عارية لأن الابن لم يل الغصب والعارية وهى دعوى على غيرة فكرة اليمين /فقضى القاضى للأول فلا يضمن الابن للثانى شيئا إذا كان ما 87/ظ ادعى فية بيد المقضى لة بة ولم يكن فى يد الابن من ميراث ابنة شىء . وقال ابن عبد الحكم : ولو ادعى أن أباة غصبة ما ترك أبوة غير العبد فلة أن يحلفة أنة ما يعلم وأن أباة غصبة ولا شىء علية وإن نكل حلف المدعى وأخذ قيمة العبد مما ترك الأب فى يدية فإن لم يترك غير العبد فلا يمين على الابن ، إذ لو أقر أن أباة غصبة لم يضمن شيئا ، وإذا قال : أودعت هذا العبد لأبيك فقال : ما أدرى أصدقت أم لا فليحلف لة على علمة ويبرأ . وقال مثلة أبو حنيفة وهو ير ما خالفونا فية فيمن قام على من باع منة عبدا فأبق فطلب يمينة فقال احلف لة على العلم فذلك لة عندنا . وقال النعمان : يحلف على البت وهذة المناقضة ، وفى هذا أيضا أنهم يقبلون يمينة فيما يعلمون أنة فية كاذب ولا يجوز لأحد أن يقطع أن هذا العبد لم يأبق قط . ومن كتاب ابن سحنون : ومن ادعى عبدا بيد رجل أنة غصبة منة وجحد ذلك الآخر ولا بينة للطالب وأقام لطخا فإنة يستحلف لة فإن نكل حلف الطالب وقضى لة بالعبد ، فإن جاء مدع آخر يدعى أن من كان فى يدية غصبة منى وأقام لطخا فإنة يستحلف لة أيضا فإن نكل حلف المدعى وغرم لة قيمة العبد ولا يصدق على العبد ولكن يغرم قيمتة وكذلك فى الحيوان والارضين وجميع الأشياء .
تم الجزء الثانى من الإقرار والحمد للة رب العالمين ولا قوة إلا باللة
[9/253]
***(1/248)
[9/254]
***(1/249)
[9/255]
بسم اللة الرحمن الرحيم ... ... ... وصلى اللة على سيدنا محمد وآلة وصحبة وسلم
الجزء الثالث
/ من كتاب الإقرار 88/و
الإقرار فى المرض بالدين وغيرة وكيف إن أقر مع ذلك بشىء بعينة من قراض أو وديعة أو غيرها والمريض يقضى بعض غرمائة دون بعض قال أبو محمد عبد اللة بن أبى زيد ، ومن كتاب ابن سحنون قال أصحابنا جميعا فى مريض أقر بدين لرجل فى مرضة الذى مات فية ثم أقر بدين لآخر فوصل إقرارة أو فصلة فذلك لازم . ويتحاصان ، ولو أقر بوديعة بعينها لغير وارث ولا ممن يتهم علية ثم أقر بدين لآخر أو بدأ بالدين فذلك سواء ويأخذ الوديعة ربها دون أهل الدين وكذلك القراض بعينة . وقال أهل العراق : هذا إذا بدأ بالوديعة المعينة فأما إن بدأ بالدين تحاصا ، قال سحنون : وهذا سواء ولو لم أصدقة فيها بعد أن أقر بالدين ما كان لة بها حصاص والحصاص بها مناقضة وقد ذهب ابن شهاب إلى أن الوديعة التى ليست بعينها وقد صارت فى الذمة يبرأ بها فكيف بهذا . قال : وكل ما كان بغير عينة من وديعة أو قراض أو بضاعة أو أمانة فهو والدين سواء قدم ذكرة أو أخرة ، قالة مالك .
[9/255]
***(1/250)
[9/256]
وإن كان ذلك بعينة وعلية بينة بالدين فى الصحة أن رب الوديعة والقراض والبضاعة يأخذ ذلك إذا كان بعينة . / قال عنة ابن وهب فيمن هلك بغتة وبيدة وديعة وبضاعة وقراض عمل فية 88/ظ ولم يتبين أهلك من ذلك شىء أم لا فهذا كلة يلزمة كالدين ويحاص أهلة بة غرماءة وكذلك من أكل وديعة عندة أو وكل على تقاضى مال فخلطة بمالة فرب ذلك أسوة غرمائة وكذلك زوجتة بصداقها . قال سحنون : وإذا استقرض مالا فى مرضة بمعانية البينة لقبضة أو ابتاع وقال مخالفونا : يكون ذلك أولى من الدين فى الصحة . قالوا : وإن قضاهم فى مرضة فقبضهم جائز دون غرماء الصحة لأنة أخذ منهم عوضا . قال مالك : يتحاصون كلهم عاين(1)الشهود القبض فى مرضة أو لم يعاينوا إذا كان وارث . وأما قضاء المريض بعض غرمائة دون بعض فمختلف فية ؛ فقال سحنون وغيرة من أصحابنا : إن قضاة بعضهم دون بعض جائز . قال سحنون : وأخبرنى بهذا أبو سلمة الأنصارى عن مالك كما لو أقر لمن لا يتهم علية بدين يقبل ذلك مع يمين المقر لة فكذلك يجوز قضاؤة لبعض الغرماء . وقال ابن القاسم : لا يجوز أن يقضى بعضهم دون بعض ورواة عن مالك ( ورآة كدين )(2)وإذا أقر المريض بألف درهم دينا لرجل ثم بألف وديعة بعينها وبألف دينار لآخر ومات ولم يدع إلا الألف الوديعة إن ربها يأخذها دون أهل الدين ولو لم تكن الوديعة بعينها تحاص الثلاثة فى هذة الألف / فكانت بينهم 89/و أثلاثا .
[9/256]
***
__________
(1) فى الأصل ، عاينوا الشهود .
(2) مابين معقوفتين من ص ، وأما فى الأصل ، فقد كتب مبهما .(1/251)
[9/257]
ولو قال المقر لة أولا بألف الدين أبرأت منة الميت كانت الألف بين الغريم ورب الوديعة نصفين . ولو أقر بألف درهم دينا وألف وديعة بغير عينها وبألف قراضا بعينها ولم يدع غير ألف درهم فرب القراض أولى بها ولو لم يكن بعينة لتحاصوا فيها ، ولو أقر المض بألف درهم لرجل واستقرض ألفا من آخر قبضها بمعاينة بينة ثم مات ولم يدع غيرها فإنهما يتحاصان ، وأنكر قول أهل العراق وإن الذى لة القرض أحق بها . ولو كان علية مع ذلك دين فى الصحة بالبينة لتحاصوا كلهم . وقال غيرنا : يتحاص فيها صاحب القرض ومن لة دين فى الصحة دون من أقر لة فى المرض وهو الأوجة لة ، وإذا أقر مريض بدين لغير وارث وعلية دين فى الصحة ثم مات من مرضة فليتحاصا .. ولو كان إقرارة لوارث ثم برىء ثم مات لثبت دين الوارث ويتحاصان ولو أقر فى المرض بدين لرجل فى يوم وأقر فى يوم بعدة لآخر لتحاصا مع أهل دين الصحة . قال أحمد بن ميسر : وإذا أقر المريض لرجل أجنبى لا يتهم علية وعلية دين ببينة ثم مات من مرضة ذلك فاختلف فية قول مالك فقال : إن كان مليا جاز إقرارة وإلا لم يجز ثم رجع فقال ذلك جائز وهو كمن لة بينة ولم يرة كالمفلس . قال سحنون(1): ولو قال : لفلان قبلى حق فيصدقونة ثم مات فليصدق فيما يشبة مداينة مثلة ومعاملتة ولو أقر بدين مسمى لتحاص ربة مع الذى قال صدقوة يتحاص معة الغرماء فيما يشبة معاملتة / ، فإن ادعى ما لا يشبة معاملتة 89/ظ لم يصدق وحلف لة الورثة على علمهم فإن نكلوا حلف هو وقضى لة بما قال . قال أشهب : وإذا أقر المريض بوديعة بعينها ثم بوديعة لآخر بكلام متصل أو غير متصل فهو سواء ولكل واحد ما أقر لة بة وإنما يبدأ الأول إذا كان الإقرار منقطعا إذا كان الإقرار بغير شىء بعينة لأنة يدخل الآخر على الأول فها هنا إن كانت شهادتة جائزة حلف الآخر معة وقضى لة وكان للأول ما أقر لة بة إن بقى
[9/257]
***
__________
(1) فى ص ، قال ابن سحنون .
9- النوادر والزيادات 9 .(1/252)
[9/258]
منة شىء فلم يعجب سحنون من قولة فها هنا إن كانت شهادتة إلى آخر الجواب ، وإذا أقر المريض أن عندة ألف درهم بعينها لقطة ومات ولم يدع غيرها فهو مصدق ويأمر الإمام بتعريفها وإن طال أمرها ورأى أن يتصدق بها فعل ، ولو أقر أنة قد كان التقط ألفا فعرف بها سنة ثم أفقها فأوصى أن يتصدق بها من مالة ولم يدع الألف درهم فإنة يتصدق بثلثها ويرث ورثتة ثلثيها . ولو كان لة مال يحل إخراجها كلها أخرجت فإن تزوج فى مرضة امرأة بألف درهم وهو مهر مثلها وأمر بوديعة فرب الوديعة أولى كانت بعينها أو بغير عينها وإنما صداق المريض فى الثلث يبدأ . وإقرارة المرأة والعبد المأذون والمكائب والذمى فى المرض كإقرار الحر المسلم . ويجوز إقرار المريض بالدين لقاتلة ولعبد قاتلة ولا يجوز إقرارة لعبد وارثة ولا لمكائب وارثة وإقرارة لمكاتب نفسة بالدين جائز إذا كاتبة فى صحتة / فإن كاتبة 90/و فى مرضة وثلثة يحملة جاز إقرارة لة بالدين وجازت الكتابة وإن لم يحملة خير الورثة إما أجازوا الكتابة فيجوز الإقرار بالدين وإما ردوها فيعتق ما حمل الثلث منة ويجوز إقرارة لة بالدين ويبقى المال موقوفا فى يدة . فى الإقرار بالدين للوارث أو الهبة أو الوصية لة وكيف إن كان غير وارث حينئذ ثم صار قبل موت المريض وارثا أو كان وارثا ثم حدث من حجبة قبل موت المريض أو مات المقر لة أو الموهوب قبل المريض وكيف إن أقر لوارث أو لغير وارث أو أقر لوارث ثم صح ؟ من كتاب ابن سحنون قال مالك : لا يجوز إقرار المريض لوارثة بدين إن مات من مرضة .
[9/258]
***(1/253)
[9/259]
قال ابن سحنون : اختلف أصحابنا إذا أقر المريض لأخية وليس بوارث يومئذ فلم يمت المريض حتى صار الأخ وارثة فقال سحنون وأهل العراق : الإقرار باطل وإنما راعوا يوم الموت فقالوا وكذلك إن أقر المسلم فى مرضة لابنة النصرانى بدين ثم أسلم الابن ثم مات الأب من مرضة أن الإقرار باطل . وقال أشهب : إقرارة جائز وكأنة أقر لغير وارث لأنة أقر فى وقت يجوز إقرارة فقد لزمة ذلك قبل أن يكون وارثا . وكذلك إن أقر لأحد إخوتة ولة ولد يحجبهم ومات الولد فصار أخوتة وارثية أن إقرارة إذا مات من مرضة جائز لأنة قد ثبت علية قبل أن يتهم فية . قال سحنون : ولأشهب قول فى الإقرار فى المرض غير هذا أنا أستحسنة . قال ابن سحنون ومحمد بن عبد الحكم(1)يقول أشهب إنة إنما يراعى يوم الإقرار . قال ابن سحنون : وأجمعوا أن لو أقر لوارث فى صحتة فلم يقبض ذلك حتى مرض المقر أن الإقرار ثابت إن مات المريض فكذلك هذا لأنة وقع فى وقت لا تهمة فية . قال ابن سحنون وابن عبد الحكم : وراعى أبو حنيفة وقت الموت إن كان المقر لة يومئذ قولة أبطل إقرارة فبقال لة فلو أقر لأجنبية بدين ثم تزوجها فى مرضة ونكاحها عندك جائز فقال فى هذا إن إقرارة جائز فناقض ، ولا فرق بين ذلك . قال ابن سحنون قال أشهب فى الذى أقر فى مرضة لأجنبية بدين ثم تزوجها فى مرضة ثم مات فالإقرار لها جائز من وجهين أحدهما أنها غير وارثة يدريد لفساد نكاحها والوجة الآخر على أصل أشهب أنة إنما يراعى يوم الإقرار . وإذا كان ذلك حينئذ لو قيم بة لقضى بة فهو لازم ولا ينظر إلية يوم مات المقر عند سحنون . وأما فى المرأة فيحوز عندة إقرار لها لأنها لا ترثة .
[9/259]
***
__________
(1) هنا وقع اضطراب فى صورة النسخة الأصلية أدى إلى طمس صفحة وتكرار أخرى .(1/254)
[9/260]
قال ابن سحنون وقال أشهب وسحنون : إذا أقر فى مرضة لوارث ثم حدث من حجبة فالإقرار يلزمة لو أقر لوارثة فى مرضة ثم صح . قالا : ولو أقر فى مرضة لأخية أو وهبة هبة وهو وارثة فى ظنة ثم ولد لة من يحجبة فالإقرار لة جائز من رأس مالة والهبة جائزة من ثلثة قبضها أو لم يقبضها . وقال ابن المواز مثل قول أشهب إنة إذا ثبت الإقرار قبل موتة لغير وارث ثم صار / وارثا أن الإقرار جائز . قالوا : وإذا أقر المريض لوارثة ثم صح فقال إنما أردت 92/و بة الحيف(1)ولا شىء لة أن ذلك يلزمة ولا يصدق ، وقد قال مالك وأشهب فى التى وضعت فى مرضها عن زوجها مؤخر صداقها ثم صحت أن ذلك يلزمها ولا ينفعها إن قالت أردت الحيف ، قال وإن أقر فى مرضة ثم صح فمات أن ذلك لازم فى رأس المال ما لة للوارث ، وكذلك لو حدث من حجبة قبل موت المريض ثم مات من يحجبة فعاد وارثا جاز ذلك الإقرار لة لأنة إذا ثبت مرة لم يحل . ومن العتبية(2)روى عيسى ابن القاسم فى صحيح أقر لوارثة بدين من ولد أو زوجة أو غيرها ثم مات بعدسنين أن ذلك لازم يأخذة الوارث من التركة . ومن كتاب ابن سحنون قال سحنون : وإذا أقر المريض المسلم لأبية النصرانى بدين ثم مات فهو كإقرارة لصديق ملاطف فإن كان يورث كلالة لم يجز إقرارة لة ولا يجوز إقرار المريض لعبد أحد ورثتة أو مكاتبة بدين وإذا أقر فى مرضة لابنة ثم مات الابن وترك ولدا ومات الأب بعدة فترك ولدا يحجب ابن الابن الذى مات فالإقرار لولد جائز . ولو مات المقر ولم يدع ولدا لم يجز الإقرار لأن ولد ولدة هو وارثة فصار الإقرار لوارث . وإذا أقر المريض بدين لرجل ثم مات الرجل وأخذ ورثة المريض وارثة ثم مات المريض ( فالإقرار باطل )(3)قالة أشهب وأهل العراق ولأنة صار لوارثة .
[9/260]
***
__________
(1) الحيف الجور والظلم وقد حاف علية من باب باع .
(2) البيان والتحصيل ،13 : 306 .
(3) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل ، مثبت من ص ، وبة يتم الكلام .(1/255)
[9/261]
قال محمد بن عبد الحكم إقرارة جائز لأنة أقر لغير وارث حين مات قبلة فالإقرار لة لا لوارثة . قال / أشهب : وإذا أقر المريض بدين لرجلين أحدهما وارثة ثم مات المريض 92/ظ أن ذلك مردود لأنة لا يأخذ الأجنبى شيئا إلا يشركة فية الوارث فكلما أخذت الورثة من الوارث شيئا من ذلك رجع على الأجنبى هكذا أبدا حتى لا يبقى شىء كمن اعتق عبدا وعلية دين قبل عتقة وأجاز دينا بعد عتقة وقيمتة مثل الدينين ولا يعتق منة شىء إذ لو بيع منة بقدر الدين الذى قبل العتق ثم عتق ما بقى ، لدخل العتق ولا يجوز هذا ، وكذلك لو شهد شاهدان على رجل لرجلين أحد الشاهدين ولد أحد الرجلين أو عبدة فلا تجوز شهادتهما لأن المشهود لهما شريكان فى المال لا يستأثر أحدهما على الآخر بشىء إلا دخل فية فيصير تجويزا لشهادة الابن(1). ولو اقتسما المال قبل الشهادة جازت شهادة من لا يتهمان علية خاصة ولا يدخل أحدهما على الآخر . ولو شهدا قبل القسم فلم يقض بشهادتهما حتى اقتسما فإنة إن رد الحكم بشهادتهما فقد مضى ذلك وإن لم يردها وكان ينظر فى ذلك حتى اقتسما فشهادتهما جائزة للأجنبى ولا يدخل علية الآخر ، وأبى هذا سحنون وقال : لا تجوز شهادتهما . قال : وأهل العراق كما قال أشهب فى المريض يقر لرجلين أحدهما وارثة أو أحد ورثتة ثم قال إن ذلك باطل ، وقال ابن عبد الحكم : إن قال غير الوارث ما بينى وبين الوارث شركة أعطى النصف ولا يقبل علية قول الميت أنة شريكة . وإن قال / أنا شريكة فقد قال بعض أصحابنا ثم ذكر قول أشهب الذى ذكر ابن 93/و
سحنون . قال ابن عبد الحكم : وإن قال لأجنبى أنا شريك لة فى المال وقال الوارث ما أنا لك شريك فالإقرار باطل . وإن قال إن لكل واحد منا ذلك كلة بغير شركة فليأخذ الأجنبى حصتة بعد يمينة على ذلك .
[9/261]
***
__________
(1) فى الأصل ، فيصير يجيز شهادة الابن .(1/256)
[9/262]
قال سحنون وقال اب القاسم : إذا أقر المريض لأجنبى بمائة دينار ولابنة بمائة دينار ولمدع غير مائة فإنهما يتحاصان فما صار للأجنبى أخذة وما صار للوارث دخل فية باقى الورثة إن لم يجيزوة ، وقالة مالك . قال أشهب : ولو قال الابن لم يقر لى على أى شىء ولا شرك بينى وبين هذا الأجنبى لم يصدق ولا شىء للأجنبى لأن أصل الإقرار باطل . ولو قال الأجنبى ليس بينى وبين هذا الميت شرك وصدقة ولد الميت لم ينتفع بهما . وإذا أقر فى مرضة لزوجتة بدين ثم ماتت ولها ورثة يحوزون ميراثها ليسوا من ورثة الميت فإقرارة لها جائز ، وكذلك لو أقر لابنة ثم مات الابن قبلة وترك ابنا وللمقر بنون يحجبونة فالإقرار جائز لأنة إقرار لغير وارث ، ولو كان يرث الزوجة ابنان أحدهما من المريض والمريض أبو الآخر فالإقرار باطل عند أشهب . وإذا أقر مريض بدين لأجنبى ثم استقرض من وارثة دينا قبضة منة بمعاينة البينة فإنهما يتحاصان . وإذا أقر المريض لبعض ورثتة بوديعة بعينها أو بمضاربة أو عارية فذلك لا يجوز ، وقال من خالفنا : إذا أقر المريض بدين لامرأتة من مهر فإنة يصدق فيما / بينة وبين مهر مثلها ويقاسم من أقر لة فى الصحة والمرض بخلاف غيرة إذ 93/ظ لا يحل فرج إلا بمهر . وقال ابن القاسم عن مالك فى إقرار لها بدين أو مهر أنة ينظر فإن كان لا يعرف منها إلية انقطاع ويأخذة(1)ولة ولد من غيرها فذلك جائز وأما إن عرف منة إليها انقطاع ومودة وكان بينة وبين ولدة تفاهم ولعل لهما الولد الصغير فلا يجوز إقرارة . وإذا أقر المريض لامرأتة بدين ثم طلقها قبل البناء ثم تزوجها ثم مات من مرضة فقال أشهب وسحنون : إقرارة باطل لأنها وارثة عندنا ، وإذا أقر المريض
[9/262]
***
__________
(1) كتبت فى الأصل محرفة على شكل وناجية ، والصواب ما أثبتناة من ص .(1/257)
[9/263]
لابنة العبد بدين ثم عتق ثم مات الأب فالإقرار جائز لة عند أشهب كان مأمونا مديانا أو غير مديان لأن الإقرار قد ثبت لة وهو غير وارث . وقال سحنون والعراقيون : إن استثنى معتقة مالة بمأذون جاز الإقرار وإلا لم يجز لأنة يوم الموت وارث وإن كان مأذونا وعلية دين لم يجز الإقرار لأنة ينتفع بة الابن . قال سحنون : ولا يجوز للسيد استثناء ما أوصى لة بة إذا كان العبد مديانا والغرماء أحق بذلك وما وهب لة أو تصدق علية ، ولو كان الابن مكائبا فأقر لة الأب فى مرضة بدين ثم مات فذلك جائز . ولو عتق قبل موت الأب لم يجز الإقرار لة ثم أسلم قبل موت الأب على الاختلاف . ولو أقر مكائب مريض لابنة الحر بدين ثم مات مكانة جاز إقرارة إذا لم يتهم / ترك وفاء بالكتابة أو لم يترك ويرثة مولاة إن لم يكن معة فى الكتابة أحد . 94/و قال سحنون : ولو قضى كتابتة ودينة وعتق ثم مات ( بطل إقرارة ، وهو عند أشهب جائز . وإن أقر الحر المريض لابنة المكائب بدين ثم عت ثم مات )(1)الأب فإقرارة باطل عند سحنون والعراقيين وفى قول أشهب جائز . قال أهل العراق : ولو أن رجلا من أهل الأرض أسلم ثم أقر فى مرضة الذى مات فية بدين لرجل ثم والى صاحب الدين أحدهما فإقرارة جائز ، وهذة مناقضة ، لأنة عندهم يورث بهذة الولاية فقد أقر لوارث وجاز إقرارة عندنا ، إذ لا يورث بهذة الولاية فى قولنا وإذا مرض المأذون فأقر لأربعة لكل واحد بألف فباعة سيدة من أحدهم بألف درهم والعبد المريض ثم مات المشترى وأخذ الغرماء وارثة واكتسب العبد فى مرضة مالا ثم مات فليقسم ذلك بين غرمائة الثلاثة يضرب كل واحد
[9/263]
***
__________
(1) مابين معقوفتين ساقط من ص .(1/258)
[9/264]
منهم بألف ويضرب وارث الميت المشترى للعبد المعتق لة بدينة أيضا وهو ألف فى قول أشهب لأنة دين ثبت لة قبل أن يشترية . قال سحنون : يضرب فى مالة الثلاثة الذين لم يشتروة ويضرب أيضا الوارث بدينة إن كان الوارث غير الذى أعتقة من قبل أن ملكة لة لا يبطل دينة عن عبدة وقد مات وهو غير وارث ، وإن كان وارث الميت المعتق هو وارث العبد لم يضرب بدين الذى أعتقة لأنة قد صار وارثا لة . وفى كتاب الوصايا يأتى من هذا المعنى / وفى باب إقرار أحد المتفاوضين من 94/ظ كتاب الإقرار إقرار الصحيح لوارث المريض ونحوة من معنى هذا الباب فيمن أقر بدين من كتاب ابن سحنون واختلف فى إقرار المريض لقاتلة بدين فلم يجزة أهل العراق إذا مات من مرضة(1)وجعلوة كالوارث وقالوا : إن كان يوم أقر ليس بصاحب فراش فإقرارة جائز . قال أشهب وسحنون : إذا أقر الأجنبى بدين ثم قتلة بعد الإقرار أو جرحة قبل أن يقر ثم أقر ولم يزل صاحب فراش حتى مات أو كان مقبلا ومدبرا ثم مات فذلك سواء لأن الإقرار ثابت لة ، فإن جرحة قبل أن يقر لة ثم أقر لة فلا يتهم أن يكون إنما جرحة ليموت فثبت علية إقرارة لأنة لو لم يجرحة ثبت علية إقرارة لأن إقرارة قد كان ثبت علية لو لم يمت فذلك جائز علية كان الجرح قبل أن يقر أو بعدة كان قد لزم الفراش أو كان يقبل ويدبر . قال محمد : والقياس على أصلهم أنة إن أقر لوارث بدين فى صحتة ثم قتلة الوارث عمدا أو خطأ أن ذلك يلزمة لأنة إقرار قد ثبت .
[9/264]
***
__________
(1) بياض بالأصل عوض فى ص بقولة فى حياتة ولا معنى لذلك ويمكن الاستغناء عن ذلك التعويض ويبقى الكلام متسلسلا .(1/259)
[9/265]
وإذا جرح من يرثة جرحا عامدا فية بنفسة فأقر لة المقتول بمال فذلك جائز لأن قاتل العمد لا يرث من مال ولا دية . ولو كان الجرح خطأ ثم مات منة بطل إقرارة لأنة لم يرث من مالة خاصة فإن تضم الدية إلى تركتة ويقضى الإقرار عليها فما أصاب الدية لزمة فية الإقرار ويبطل ما سواة ، فقد خالفت(1)مالكا ، وفى كتاب الوصايا / باب مستوعب فية قول مالك وأصحابة فى ذلك وأن ذلك جائز 95/و إن كان خطأ فعرف أنة قتلة وإن كان عمدا لم تدخل الوصية فى ديتة إن صولح عليها بعد موتة . فى الذى يقر بعبد لرجل ثم إن الرجل أقر لابن المريض أو وهبة أو باعة منة أو مات الرجل فصار وارث المريض وارثة أو أقر أنة حر أو أنة أعتقة من كتاب ابن سحنون : وإذا أقر مريض لعبد فى يدية أنة لفلان فقال فلان بل هو لابن المريض ثم مات المريض فإقرار المريض فى ذلك باطل وكذلك الإقرار بالمال أو بوديعة أو عارية أو قراض ، ولو باعة منة المريض بثمن هو قيمتة وتقابضا ثم باعة المبتاع من وارث المريض أو وهبة لة أو مات فصار وارث المريض وارثة وللمريض ورثة سواة فهذا كلة جائز لأنة لم يصل إلى الأول إلا بثمن . ولو أن المقر لة بالعبد أقر أنة حر الأصل أو أقر أنة أعتقة ولا مال للمريض غيرة فإقرارة جائز والعبد حر بخلاف قولة أنة لا يلزم المريض لأنة أصرف الأمر إلى ما لا يجوز ، ولو أنة قال : إنة لفلان الأجنبى جاز قولة أو قال هو مدبر أو مكاتب لزمة الإقرار وكذلك إن كانت أمة فأقر أنها أم ولدة يريد للمريض .
[9/265]
***
__________
(1) فى ص |، فقد سمعت .(1/260)
[9/266]
فى المريض يقر على ابنة الميت بدين أو أنة أعتق عبدا والمريض مديان أو غير مديان وكذلك إن أقر بعد ذلك بدين على ابنة / من كتاب ابن سحنون : وإذا أقر المريض أن لفلان على ابنة ألف دينار 95/ظ وفى يدية دار لابنة وعلى المريض دين معروف فى صحتة فإقرارة جائز كالصحيح وغرماء ابنة أحق بدار ابنة من غرمائة ، ألا ترى لو هلك الأب وعلى الابن دين يغترق مالة وميراثة فأقر بودائع عند أبية بعينها أو أقر لرجل بدين على أبية قبل قيام غرماء الابن على الابن فذلك جائز ويأخذ أهل الودائع ودائعهم ويكون أهل دين أبية أحق بما ترك إذا كان من أقر لة حاضرا غير غائب . وأما إن قاموا بتفليسة فلا يجوز إقرار حينئذ ، وقال غيرنا : دينة الذى علية فى الصحة أولى من غرماء أبية . قال محمد : ولا يعدو إقرار بدين أبية أن يكون جائزا وغير جائز ، فإن جاز لزم ذمة أبية وصار غرماؤة أحق بتركتة ، وإن كان غير جائز فلا شىء لغرماء أبية مما فضل . وإذا أقر المريض أن لفلان على فلان ألف درهم وعلى المريض دين فى الصحة ثم مات فلان والمريض وارثة وترك ألف درهم ثم مات المريض فإن كان تمادى المريض على ذلك الإقرار بعد موت فلان فأهل دين فلان الذين أقر لهم المريض أولى بمالة من غرماء المريض ، وإن أنكر ذلك الإقرار بعدما ورث المال فإن مال الأول بين غرماء المريض لأن المريض أقر فى حال لا يجوز إقرارة وإنما كان شاهدا يرجع عن شهادتة فإن لم يسمع منة بعد موت الميت إنكار ولا إقرار فلا شىء لغرماء الميت والمال لغرماء المريض ، ( المقر )(1)لأن ذلك / الإقرار لم يكن إقرار ا يلزمة 96/و يومئذ إنما كان شهادة .
[9/266]
***
__________
(1) ساقطة من الأصل ، مثبتة من ص .(1/261)
[9/267]
وقال من خالفنا : يكون مال الميت من غرماء المريض لأن المريض أقر فى حال لا يجوز إقرارة ، وكذلك لو أقر المريض بدين هذا الرجل بعد موتة وقد أجمعنا أنة لو أقر بذلك فى صحتة وبعد موت الآخر أو بدين الآخر أو بدين ابنة فى صحتة بعد موت الأب فذلك جائز ، ويكون دين أولئك أحق بهذا المال من غرماء المريض . وإذا أقر المريض على ابنة لرجل بدين وفى يد المريض ألف درهم لأبية ولا دين علية وقال ولفلان ألف درهم يوصل كلامة فهى بينهما نصفين فى إجماعنا ، وكذلك لو قال على أبى لفلان ألف درهم وهذة وديعة عندنا لفلان لزمة ذلك وصاحب الوديعة المعينة أحق بها . قال أشهب : إذا أقر الوارث فقال لفلان من الدين على أبى كذا ولفلان وديعة كذا عندة وذلك جميعا تركتة فلكل واحد ما أقر بة ولا يصادق بينهما بدا بالوديعة فى إقرارة أو بالدين ، لأن إقرارة لهما جميعا معا على نفسة ، ولو أقر لأحدهما بعد الآخر رأيت أن يبتدىء من بدأ بالإقرار لة إلا أن يكون ممن تجوز شهادتة فيحلف معة الذى أقر لة آخرا فيقضى بما أقر لة بة من وديعة أو دين . قال سحنون : الجواب صحيح إلا قولة لو أقر لأحدهما قبل صاحبة رأيت أن يبتدىء من بدأ الإقرار ألا يكون ممن تجوز شهادتة فإن هذا ليس بشىء . قال : فلو أقر فقال على أبى ألف درهم دين فإن دفعها إلية بقضاء / قاض 96/ظ ثم أقر بعد ذلك لآخر بدين على أبية لم يكن للثانى دين إذ لم يكن لابنة مال غير ذلك والابن غير عدل ، فإن كان عدلا وحلف معة المقر الآخر دخل مع الأول فى الألف ولا ضمان على الوارث ، لأن القاضى قضى بالمال ولو أن الوارث دفع المال بغير قضية ثم أقر لآخر بمثل ذلك ضمن لة الوارث خمسمائة التى كان يضمنها من الألف . قال أشهب فيمن ملك أبوة ولا وارث لة غيرة فقال هذة وديعة لفلان عندة ودفعها إلية ثم قال بعد ذلك إنما هى لفلان معة أو لفلان دونة وأنة قد أخطأ فإنة
[9/267]
***(1/262)
[9/268]
ضامن لفلان ما أقر لة بة من تلك الوديعة لأنة دفع فاستهلك سواء كان عدلا أو غير عدل ولم يدفعها كانت للأول ولا ضمان علية للثانى لأنة شاهد على الميت . ولو قال لفلان على أبى ألف درههم لا بل لفلان فإن القاضى يقضى بها للأول ولا ضمان على الابن ولا شىء للثانى .
( ولو دفعها الابن للأول بغير قضاء ضمن مثلها للثانى )(1)ومن شهد أن لفلان على زيد ألف درهم فجحد زيد ثم مات والشاهد مريض وهو وارث زيد وعلى الشاهد دين فى صحتة ثم مات الشاهد وقد ترك ألف درهم ورثها عن زيد ففيها قولان : أن غرماء زيد أحق بها من غرماء الشاهد ، لأنة أقر أنة لا ميراث لة منة للدين الذى اغترق تركتة ، والقول الآخر : إن غرماء الشاهد أولى بها لأن ( إقرارة بدين )(2)لم يكن يلزمة لو رجع عنة . ومن شهد على زيد أنة أعتق عبدة / وهو يجحد ثم مات زيد والشاهد وارثة 97/و فابن القاسم يعتقة بالقضاء وإن كان مريضا ، ولا ينفعة رجوعة . وقال المغيرة وأشهب : لا يلزمة ذلك إلا أن يتمادى على إقرارة بعد أن يملكة فعلى قولهما إن ملكة وهو مريض فتمادى على إقرارة عتق فى ثلثة . قال ابن سحنون : وهذا قول أهل العراق إلا أنهم يقولون إن لم يدع غيرة عتق ثلثة واستسعى فى قيمة الثلث وإن كان علية دين محيط بيع فية لأهل الدين وإنما خالفهم المغيرة وأشهب فى الاستسعاء ، ويقولان إن لم يدع غيرة عتق ثلثة ورق ثلثاة وإن أحاط بة الدين بطل عتقة . وبعد هذا باب فى إقرار الوارث على أبية بدين وفى كتاب الوصايا من هذا المعنى .
[9/268]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص .
(2) بياض بالأصل أثبتناة من ص .(1/263)
[9/269]
فيمن أقر بقبض الدين من وارث أو من غير وارث أو بقبض كتابة مكاتبة أو بقبض ما صالح علية فى نفس أو جرح وكذلك إن كان مديانا وفى إقرار المأذون فى مرضة بقبض دين من سيدة من كتاب ابن سحنون : وإذا أقر بقبض دين لة على وارث من ورثتة لم يجز إقرارة فى إجماعهم وكذلك الزوجة بقبض صداقها المعلوم من زوجها فى مرضها الذى ماتت فية لا يجوز . قال محمد بن عبد الحكم : ولو مات الذى أقر لة المريض من ورثتة بقبض الدين منة فورثة المريض جاز إقرارة لأنة صار غير وارث . ومن كتاب أحمد بن ميسر قال : قال / مالك : إذا أقرت الزوجة فى 97/ظ مرضها بقبض صداقها من زوجها فإن كان لها الولد من غيرة ولا يتهم فإقرارها جائز ، وإن كانت تورث كلالة لم يجز إقرارها إلا أن يكون زوجها قد مات قبلها فقولها مقبول . وقال محمد بن عبد الحكم : لا يقبل قولها ، يريد إذا مات قبلها بعد إقرارها . ومن كتاب ابن سحنون : وقال فى الزوجة المريضة لو أقام الزوج بينة أنة دفعة إليها بنعاينتهم فى مرضها بقبضتة فإنة يبرأ بذلك . قال سحنون : ومعاينة القبض أمر يقبل وليكشف القاضى عنة ، فإن صح عندة أن ذلك رجع إلية أبطلة وإن لم يتبين لة أجازة واللة حسب من ظلم . وإن أقرت فى مرضها أنها قد كانت قبضت منة فروى أشهب عن مالك أن ذلك لة ولكن إن صحت لزمها الإقرار ولا ينفعها إن قالت إنما أقررتة بذلك حيفا . وقال أشهب فى مريض لة دين على وارثة وقد تكفل بة الأجنبى فأقر أنة قبضة من وارثة أو من كفيلة فلا يصدق ولو كان الدين على الأجنبى والوارث كفيل بة
[9/269]
***(1/264)
[9/270]
فأقر بقبضة فى الأجنبى فههو كالأول . وأنكر ذلك سحنون وقال : لو أوصى بة للأجنبى
( لجاز فى ثلثة فكيف بهذا . قال ابن سحنون : إن كان الأجنبى )(1)مليا بة فكما قال سحنون ، وإن كان غير ملى فهو يقع لوارثة وإقرارة باطل إن مات من مرضة ، وأما إن أقر أنة قبض ذلك من الوارث فإقرارة باطل ، قال أشهب : / وإذا كان الكفيل أجنبيا فأبطلت 98/و إقرار المريض بقبض الدين فقال الكفيل برئت من الحمالة إذ لست بوارث فإنة لا يبرأ منها حتى يسقط الدين كما لو أوصى بذلك الدين لوارثة لم تسقط الحمالة بذلك . وقال ابن المواز : إذا كان لة دين على وارثة بحمالة أجنبى فلما مرض أسقط حمالة الأجنبى وذلك سواء كان الوارث موسرا أو معدما لأنة لم يسقط من حقة شيئا عن الوارث وليس إسقاط الحمالة مما ينفع وارثة بشىء . قال : وكذلك لو أقر فى مرضة أنة قد استوفى حقة من وارثة لسقطت الحمالة عن الحميل . قال ابن عبد الحكم : إن حمل الثلث المال قلا لم يسقط الحق عن الوارث . قال ابن المواز : ولو أقر أنة قد استوفى الحق من الحميل وهو أجنبى جاز قولة وسقط الحق عن الوارث وسقطت الحمالة عن الحميل وكان الحق الذى على الوارث للحميل بمنزلة ما لو أوصى لة لأن الوصية بة لة من ثلث مالة والإقرار بة لة من رأس المال . قال ابن سحنون : وإذا كان دين على وارث وأجنبى وكل واحد منهما كفيل بصاحبة فإقرارة بقبضة ذلك منهما باطل كما لو أقر لهما بدين ، هذا قول أشهب . وقال ابن القاسم : يجوز إقرارة بحصة الأجنبى خاصة ويغرم الوارث حصتة ولا يرجع بشىء من ذلك على الأجنبى ، فإن كان عديما ودى عنة الأجنبى / ( ثم يرجع بة علية فإن لم 98/ظ
[9/270]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص .(1/265)
[9/271]
يكن واحدا منهما كفيلا عن صاحبة فأقر أنة قبض حصة الآخرين )(1)فذلك جائز فى إجماعهم . وإن كان كل واحد حميلا بصاحبة فأقر المريض بقبض جميع الدين من وارثة فذلك باطل ، وإن قال من الأجنبى بطل إقرارة فى حصة الوارث وبرىء الأجنبى من حصتة إن كان الأجنبى مليا وإن كان عديما بطل إقرارة وكان لورثة أحدهما بالمال ولو أقر أن أجنبيا تطوع بدفع حصة الوارث بطل إقرارة فى إجماعهم . وكذلك لو أقر أن الوارث أحالة بة على رجل دفعة إلية عن الوارث فقبضة منة . قال ابن المواز : إذا كان دين المريض على وارث وأجنبى فأقر أنة قبضة منهما وبعضها حميل ببعض فإن كان الأجنبى عديما لم يسقط من الحق شىء والحمالة بحالها ويؤخذ من الوارث جميع الحق ويرجع على الأجنبى بما غرم عنة وكذلك إن كان الوارث اليوم عديما لأنة قد يتيسر قبل الأجنبى ، ولكن إن كان الأجنبى مليا سقط عن الأجنبى ما علية من الدين والحمالة واتبع الوارث بحصتة وإنما ينظر فى هذا إلى يسر الأجنبى وعدمة كان كان الوارث مليا أو عديما ، ولو أقر أنة قبض حقة من الأجنبى جاز إقرارة كانا مليين أو عديمين أو أحدهما . قلت : فإن كان الأجنبى عديما فلم يقبل قول الميت وأغرمت الوارث ما لزمة ولزم الأجنبى واتبع الوارث الأجنبى هل للأجنبى الرجوع بذلك على الورثة بما أقر وليهم أنة قبضهم من الأجنبى ؟ قال : لا ، لأن إقرارة / قد سقط ألا بالتهمة . 99/و قال ابن المواز فى مريض لة على ابنة مائة دينار فأقر فى مرضة الذى مات فية أنة قبضها من فلان الأجنبى دفعها عن الابن فليسأل الأجنبى فإن قال قبضتة من مالى صدق وصدق الأب ، فإن قال من مال الابن لم يصدق هو ولا الأب ويغرمها الابن ثانية للورثة ويرجع بها على الابن دفعها بلا بينة يبرأ بها الأب ، ولو مات الابن قبل أبية ولم يترك وارثا يرث أباة صدق الأب والأجنبى وبرىء من حق الأب .
[9/271]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين من ص .(1/266)
[9/272]
ولو قال الأجنبى : إنما دفعها إلى الأب من مالى وصدقة الأب جاز قولهما ولم يبرأ الولد ويغرم الأجنبى ما ودى عنة . قال ابن سحنون : ومن أمر رجلا ببيع خادنة فباعها من ابن الآمر ( فذلك جائز وإن مرض الآمر مرضا مات منة فأقر الوكيل حينئذ أنة قبض الثمن من ابن الآمر)(1)فدفعة إلى الآمر فقد قيل إنة لا يصدق وإن صدقة المريض أنة ابن الوارث ، وفيها قول آخر : إن الوكيل مصدق فى قبض الثمن وفى دفعة إلى المريض صدقة المريض أو كذبة لأنة أمينة ومأمور بالبيع والوكيل على البيع مأذون لة فى قبض الثمن مصدق فية وهذا الذى ذكر ابن المواز فى كتابة . وأما لو أقر المريض أنة قبض من أبية بغير علم الوكيل فلا يصدق ولا يبرأ منة الابن . وقال ابن المواز : وإن قال المريض قبضتة من الوكيل قبل إقرارة إلا أن يكذبة الوكيل فيبقى الحق ثابتا على أبية ولو صدقة الوكيل برىء الابن وكان للوكيل طلب الابن بة إلا أن يقر الوكيل بقبضة من الأب ، ولو قال الوكيل قبضتة من الابن وضاع / منى لصدق وبرىء الابن . 99/ظ قال ابن سحنون : ولو كان الوكيل هو المريض والآمر صحيح فأقر الوكيل بقبضة من الابن ودفعة إلى الآمر فهو مصدق ولا ينفع الآمر إنكارة وإن كان الآمر وارث المريض الوكيل ومات من مرضة فإنة مصدق ، لأن المال ليس لة وقد أقر أنة قبضة من المبتاع ودفعة إلى الآمر فهو أمين ومصدق وقد وهم من قال إنة لا يصدق فى هذا ، وإن كان المشترى وارث البائع وليس بوارث للآمر فالآمر والمأمور مريضان فأقر المأمور أنة قبضة ودفعة إلى الآمر فذلك جائز فى إجماعهم . وكذلك إن قال : ضاع منى فأما إن قال قبضتة ولم أدفعو وهو فى مالى فلا يصدق فى إجماعهم ويغرم المشترى الثمن لأن المال يلزمة ها هنا وكأنة أمر(2)أن
[9/272]
***
__________
(1) ما بين معقوفاين ساقط من الأصل ، مثبت من ص .
(2) فى ص ، أراد عوض أمر .(1/267)
[9/273]
يودى من مالة عن وارثة ، وذكر ابن المواز هذا القول . وقد قيل إن الوكيل ها هنا مصدق . قال محمد بن المواز : والقول الأول أصوب عندى . قال ابن عبد الحكم : ولو باع الوكيل من ابن نفسة ثم مرض فقال قد قبضت من الثمن ودفعتة فهو مصدق وابنة برىء لأنة مال غيرة ، وكذلك إن قال : قبضتة من أبى ولم يقل دفعتة إلى الآمر فالابن برىء ، وقد قال بعض الناس : لا يبرأ فى هذا الابن ، ويبرأ إن قال أبوة قبضتة ودفعتة إلى الآمر وقد ضاع منى ولا فرق بين هذا(1). وقال ابن سحنون فى مريض علية دين محيط بمالة فأقر بقبض دين لة على أجنبى فذلك جائز إذا كان الدين فى الصحة فى قول / سحنون وكثير من 100/و أصحابنا وأهل العراق . فإن كان الغريم أخا للمريض فأقر المريض بقبض الدين منة وللمريض ولد يحجب الأخ ثم مات الابن قبل الأب ومات الأب وأخوة هذا وارثة مع إخوة لة فلا يصدق فى قول سحنون وأهل العراق ، ويصدق فى قول أشهب . وكذلك إن أقر مريض مسلم أنة قبض دينة من ابنة النصرانى ثم أسلم الابن ثم مات المريض فلا يصدق عن سحنون وأهل العراق ويصدق عند أشهب ، لأن الإقرار وقع فى وقت لا يتهم فية كما لو أقر لوارثة فى صحتة حيث لا يتهم . قال سحنون وابن المواز : وإذا أقر مريض بقبض دين دين لة على زوجتة ثم طلقها ثلاثا فانقضت عدتها فلا يجوز إقرارة لأنها ترثة . قال ابن المواز : سواء كان دينة من جرح أو خلع أو مبايعة أو من أى وجة كان . قال سحنون : ولو صح صحة بينة ثم مرض ثم مات لزمة إقرارة .
[9/273]
***
__________
(1) فى ص ولا فرق بين ذلك .(1/268)
[9/274]
وإن أقر لأخية بقبض دين ثم ولد لة من حجبة جاز إقرارة فى إجماعهم لأنة غير وارث . وإذا كان على المريض دين محيط فإقر فى مرضة أنة أقرض رجلا ألف درهم وهو جميع ما ترك ثم قال المريض قد استوفيتها منة ، فهو مصدق فى غير الوارث ولا يصدق فى الوارث ، وكذلك الصديق الملاطف . وقال غيرنا : الأجنبى والوارث والصديق الملاطف سواء ولا يجوز ذلك حتى تعاين البينة القبض . وكذلك لو باع أمة بمثل القيمة فى المرض وأقر بقبض الثمن من المبتاع فذلك جائز / فى غير الوارث . وغيرنا لا يجيز إقرارة بالقبض إذا كان علية دين فى 100/ظ الصحة . وإن باع المريض من الوارث دارا أبطلنا إقرارة بالقبض منة . ويقال للمشترى إن مات المريض انقد الثمن وخذ الدار فإن أبى ألزمناة ذلك وتباع علية فية الدار إن لم يكن لة مال فإن نقص شىء أتبع بة . قال ابن عبد الحكم : وإن قال مريض ابتعت من ابنى هذة السلعة وقبضها منة ودفع الثمن إلى الابن فقبضة منة وأقر الابن بذلك فعلى الابن رد الثمن إن مات الأب من مرضة . ( محمد وهذا على أنة لم تقم بينة على الشراء أو على بيع الابن من الأب وما علم الابن موتهما فلهذا يرد الثمن بعد موت الأب من مرضة )(1). وقال غيرنا : الوارث وغيرة فية سواء . ويقال للمشترى إن مات المريض انقد الثمن . وكذلك إن قالا فسخنا البيع وبعنا الدار لغرماء الميت . قال ابن القاسم : وإذا أقر المريض أنة قبض فى مرضة من مكائبة جميع الكتابة ، والكتابة فى الصحة ويرثة ولدة فإقرارة جائز . وإن لم يرثة ولدة فإن حملة ثلثة جاز إقرارة كما لو أعتقة وإن لم يحملة الثلث لم يقبل قولة .
[9/274]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل ، مثبت من ص .(1/269)
[9/275]
قال سحنون : إذا اتهم لم يجز إقرارة حملة الثلث أو لم يحملة لأنة أراد بة رأس المال ولا يكون فى الثلث إلا ما أراد بة الثلث . وقالة أيضا ابن القاسم . وإن كاتبة فى مرضة فأقر بقبضها فى المرض والثلث يحملة جاز ذلك . وإن لم يحملة خير الورثة بين إمضاء كتابتة أو يعتقون ثلثة إن لم يدع غيرة ورق ثلثاة . قال سحنون : الكتابة فى المرض من الثلث لأنها عتاقة فهو موقوف بنجومة . وإذا اختلعت المرأة من زوجها وهو مريض وأقر بقبض الخلع منها / فلا 101/و يصدق فى قولنا لأنها ترثة ( وغيرنا يجيزة لأنها لا ترثة )(1)عندة إذا لم يكن علية دين فى الصحة ولا فى مرضة . وإذا صالح فى مرضة من دم عمد أو جرح عمد على مال فأقر بقبضة فى مرضة فذلك جائز فى إجماعهم . وإن كان على وارث لم يجز فى إجماعهم ، وكذلك إن كفل بة وارث فى قول أشهب وأهل العراق . وقال سحنون وابن المواز : وإذا أقر العبد المأذون المريض بقبض دين لة على مولاة فإن كان على العبد دين لم يجز إقرارة إن مات من مرضة ( . وأهل العراق قالوا إن لم يكن علية دين جاز ذلك )(2).قال ابن سحنون : وكذلك فى إقرار المكائب لسيدة وإن كان لة على مولاة طعام فأقر بقبضة وترك وفاء بالكتابة ولة ورثة غير مولاة فإنة يصدق ، فإن كان علية دين يحيط بمالة لم يجز إقرارة ، وإن كان فيما ترك وفاء بالدين والكتابة بدا بالكتابة وجاز إقرار لسيدة بقبض الدين منة كان سيدة وارثة أو غيرة . قال : وإذا كان للمريض دين وعلية دين فى صحتة فأقر بقبض دينة فى مرضة فذلك جائز فإن أداة فى مرضة فأقر فى مرضة بقبضة صدق فى قول
[9/275]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل ، مثبت من ص .
(2) ما بين معقوفتين سقط من الأصل ، مثبت من ص .(1/270)
[9/276]
سحنون وأصحابنا ولم يصدق فى قول غيرنا ، وإن لم يكن علية دين صدق فى إجماعنا . قال محمد : إذا لم يتهم فى الورثة فى إقرارة بقبض الدين لم يتهم فى إقرارة مع أهل الدين . ومن هذا فى كتاب الوصايا . فى الإقرار بقبض الوديعة والمضاربة من الوارث وغيرة من كتاب ابن سحنون / ونحوة فى كتاب ابن المواز ، وقال فى المريض يقر فى 101/ظ مرضة أنة قبض من بعض ورثتة وديعة كانت لة عندة أو عارية مما لا يضمن أو بضاعة أو مضاربة ، وكل ما كان بمعنى الأمانة فهو مصدق فية بخلاف الديون . قال ابن المواز إلا فيما دفعة إلية ببينة فلا يصدق فية كما لو ادعى الوارث ردة لم يصدق إلا ببينة مع يمين الأب ، وقد قيل إنة لا يصدق الأب فى إقرارة وإن دفع ذلك إلية لأن الابن لو قال تلفت منى(1)لصدق مع يمينة وهذا أحسن . قال سحنون : والعارية المضمونة فلا يصدق فيها ، ولو قال الوارث رددت إليك الوديعة والقراض وأنكر ذلك المريض ، فالوارث مصدق إن قبض ذلك بغير بينة ، ولو كان ذلك من ثمن متاع باعة لة من غير وارث فقال قبضتة ودفعتة إليك أو قال ضاع منى فهو مصدق ، فكذلك إن قبض من المريض دراهم يشترى لة حاجة فقال قد فعلت ودفعتها إليك فهو مصدق ولو كان إنما أمرة أن يقبض ذلك عنة فى دين فقال قد قبضتة وكذبة الغريم فالوارث ضامن إلا أن يقيم بينة بالدفع ولو صدقة المريض لم يبرأ بذلك الوارث من الضمان ، ولو أمرة بتقاضى دين لة فقال الوارث قبضتة ودفعتة إليك فإن لم يقيم الغريم بينة بقبض الوارث لم يبرأ وإن أقام بينة برىء ثم هو مصدق أنة دفع ذلك إلى المريض ، ولو كان وكيلا مفوضا إلية صدق فى القبض من / الغريم وبرىء المطلوب كذبة المريض أو صدقة . 102/و
[9/276]
***
__________
(1) كذا فى ص ، فى الأصل تلفت بينتى .(1/271)
[9/277]
وإن وكلة ببيع شىء فباع فأتى لقبضة ثم قال قبضت الثمن ودفعتة إليك أو ضاع منى فهو مصدق مع يمينة وعلية اليمين فى كل ما جعلناة فية مصدقا وإن كان متهما كان المريض حيا أو ميتا مديانا وغير مديان صدقة أو كذبة . وإذا مات المريض فقال وارثة كانت لة عندى وديعة فدفعتها إلية فهو مصدق ويحلف إن كان متهما وكذلك البضاعة والمضاربة ما لم يعمل بهما فإن عمل بهما لم يصدق فى الدفع لأنة إقرار صلة أمانة فلما حركة خرج من الأمانة إلى الضمان ، وهذا قول أشهب وسحنون . وقال ابن القاسم : لا يضمن أقر بتحريكها أو لم يقر فإن كان المين أقر فى مرضة أنها مضاربة أو بضاعة وأقر الوارث بالعمل أو التحريك ففيها قولان : أحدهما أن الوارث ضامن لإقرارة بتحريك ما أصلة أمانة ولا ينفعة تصديق المريض أحدهما أن الوارث ضامن لإقرارة بتحريك ما أصلة أمانة ولا ينفعة تصديق المريض إياة ، والقول الآخر أنة مصدق مع يمينة ، وكذلك لو قال دفعت إلى الورثة أنصباءهم من ذلك فهو مصدق فى هذا القول ، وفى القول الآخر لا يصدق ، ولو باع لأبية المريض عبدا فأقر أبوة أنة أمرة بذلك ثم مات الأب من مرضة فقال الابن قد قبضت الثمن ودفعتة إلى أبى فإنة لا يصدق لأنة لم تثبت لة الوكالة إلا بإقرار الأب فى المرض وهو فى القول الآخر مصدق ويحلف . ولو كان عند عبدة وديعة لبنة فقال قد رددتة لة فهو مصدق كان / الأب 102/ظ صحيحا أو مريضا ، وأما لو غصبة ابنة عبدا فقال الأب فى مرضة الذى مات قد قبضتة منة ومات عندى فلا يصدق فى إجماعهم وكذلك فى كل شىء مضمون ( وكذلك ما أنفق الابن من الوديعة ثم أقر الأب المريض بقبضها منة وكذلك فى العارية والمضاربة إذا خالف فيها فضمنها . وقال ابن القاسم : إذا أنفقت الوديعة ورددت ما أنفقت فى مكانة ثم قال الأب بعد ذلك قد قبضت منة الوديعة فهذا مصدق لأن المودع عبدة يبرأ برد ما أنفق منها . )(1).
[9/277]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص .(1/272)
[9/278]
فى إقرار الوارث بدين على الميت أو بوديعة أو بأنة أوصى بوصية والوارث مديان أو غير مديان وكيف إن أبرأ غريم ابنة من كتاب ابن سحنون قال أشهب وسحنون : ومن مات عن ولد واحد وأقر بدين على أبية لرجل فعلية أن يقبضة من تركتة إلا أن يزيد فلا يلزمة إلا ما ترك أبوة . ولو قال لفلان على أبى ألف درهم ولفلان ألف درهم ولم يترك غير ألف درهم فإن وصل كلامة فهى بينهما كان عدلا أو غير عدل . قال محمد بن عبد الحكم : وكذلك إن قال لهذا علية مائة دينار ولهذا مائة وديعة بغير عينها فليتحاصا فى ضيق تركتة . وقال ابن سحنون قال أشهب وأهل العراق : وإن أقر بدين على أبية ثم أقر بعد ذلك بدين آخر على أبية فى غير كلام متصل بدىء بدين الأول لأنة لا يقدر أن يرجع عنة . قال أشهب : وإن كان عدلا وجاء بعذر بة فيما رجع عنة / جاز قولة 103/و وحلف معة الثانى فإن نكل فالمال للأول . وأنكر سحنون قولة وقال : إن رجع عن الأول ثم أقر فشهادته الثانية باطل كما لو شهد رجلان بدين على رجل فلم يحكم بذلك متى قالا وهمنا بل هو رجل آخر وكذلك في الوضية بالعتق لعبد بعينه ثم يقولون لا بل هذا هو فالشهادة باطلة وينبغى في الإبن أن الأول أحق بالتركة حتى يستوفي .
قال ابن المواز : ولا وارث له غير ابنه وللميت مائة ديناؤ دين على رجل لم يدع غيرها فإقرار الإبن أن الأب قد قبضها قبل موته ثم قام رجل على المت بمائة ديناء دينا فأقر له بها الإبن فإن لم يكن للقائم بذلك بينة إلا اقرار الإبن بعد إقراره الأول سقط دين الميت . ولو قامت به بينه سقط إقرار الابن أولا ورجع غريم الأب على من عليه دين الأب بالمائة فأخذها منه وكذلك لو أقر الإبن أن أباه أعتق عبدا
[9/278]
***(1/273)
[9/279]
في صحته ثم طرا غريم له قبل الأدب دين من قيمة العبد ولم يترك غير العبد فإن أقام الطارئ بينة بدينة بطل عتق العبد وبيع في الدين سواء كان عتق العبد باقرار الابن أو بينة على الميت أنه اعتقة . قال : وإن كان عتقه باقرار من الابن والدين باقرار من الابن فلا يرد العتق ولا يرجع الغريم على الابن بقيمة العبد لآنه شاعد واحد ثابت على شهادته ولم يتعد وأما لو أبعد هو عتقه قبل أن يقر بالدين فبعد أن ثبت عتقه أقر أن لهذا على أبيه دينار دينا يغرم قيمتها حتى يأخذ منها / الغريم دينه 103/ظ
إلا أن يثبت الدين ببينة فلا يغرم الابن شيئاً ، يعنى ويرد العتق .
ومن كتاب ابن سحنون قال أشهب وسحنون : ولو أقر بوديعة بعينها عند أبية ولفلان بدين على أبيه فرب الوديعة أحق بها والدين فيما بقي من نركته ولا حصاص بينهما لا تبالى من بدأ به الذكر .
ولو أقر اولا لأحدهما ثم أقر للآخر فالأول يبدأ إلا أن يكون عدلا فليحلف معه الآخر ويكون له ما أقر له به من وديعة أو دين . وذكر ابن عبد الحكم مثله ثم قال وفيها قول انه أن اقر بالوديعة بعينها وبالدين معا أنهما يتحاصان فيها وهذا الذكر الذي ذكر ابن عبد الحكم ليس بقياس .
قال ابن سحنون : ولو قال لفلان على أبي ألف درهم لا بل لفلان ، قال سحون : يقضي بها للأول ولا يقضي للثانى بشئ . وقال أشهب : إن كان عدلا حلف مع الثانى وقضي له ، يريد ويتحاصان .
قال سحنون : لا تجوز شهادته فإن دفع الألف إلي الأول ضمنها للثانى لأنه أتلف مال الثانى ورجع عن شهادته للأول وهذا إجماع .
قال أشهب : وإن قال أوصي أبي بالثلث لفلان ثم قال بل لفلان أو قال يشرك فلان معه فالثلث للأول في الوجهين ولا شئ للآخر ، ولو وصل كلامه كان الثلث بينهما نصفين ، ولو قال : أوصي به لفلان ثم قال أو لفلان فهو للأول لا يقضي بع بكلامه ، ولو دفعه له ثم قال لا بل لفلان فإنه يتضمن للثانى مثله ولا يصدق على الاول ولو لم يدفعه إلي الأول ثم دفع إلي قاض فليقض به للأول
[9/279]
***(1/274)
[9/280]
ولا يضمن الوارث ها هنا لأنه شاهد / ، ولو أقر لفلان بالف درهم ثم سكت ثم 104/و قال ولفلان ألف ثم أعطاها للأول بغير قضية فإنه يضمن للثانى خمسمائة وكذلك قال ابن عبد الحكم .
وقال : ولو دفعها إلي الأول ثم قال بل هى لفلان يغرم للثانى ألفا ولا يؤخذ شئ من الأول ، قال : ولو قال له رجل هذه الوديعة التى ترك أبوك لى وقال آخر : إن على أبيك دين ألف درهم فصدقهما قال سحنون : فرب الوديعة أحق بها في قولنا .
قال أشهب : وإن قال الوارث وليس معه غيره : هذه وديعة لفلان ثم قال ولفلان معه فإن وصل قوله فهى بينهما وإن لم يصل قوله ف، لم يكن عدلا أو كان عدلا ولم يحلف معه الثانى فهى للأول وإن كان عدلا حلف معه الثانى وكانت بينهما ولا يضمن المقر شيئا لانه لم يدفعها حتى ذكر ما علم فيها . ولو أقر الثانى أنها له أو شريكا مع الأول بعد أن دفعها إلي الأول فإنه يضمن للثانى ما أقر له به كان عدلا أو غير عدل في هذا .
قال ابن الحكم : ومن ترك ولدين فأقر أحدهما أن لفلان على ابيهما مائة دينار فأنكر الآخر والمقر غير عدل وقد ورثا مائتين فليعط المقر خمسين دينارا من حصته . وقال النعمان : يعطيه المائه كلها ولا يرث وعلى ابنه دين فقلنا الميت لم يثبت عليه بإقرار هذا فإنما عليه حصته منه .
وقد قال النعمان في نصرانى مات عن ولدين على دينه فأسلم أحدهما بعد موته ثم أقام النصرانى بينه نصارى بدين على الميت أنى أقضي بنصفه في حصة الولد / النصرانى وأبطل النصف وهذا خلاف أصله وكيف يرث وقد ثبت على أبيه 104/ظ الدين عندك ويلزمه أن يؤدى الدين كله من حصة النصرانى أويرجع إلى قولنا .
قال ابن سحنون : فإن ترك ثلاثه ىلاف درهم وثلاثة بنين وأخذ كل ابن الفا ثم قال رجل على أبيكم ثلاثة آلاف درهم وصدقة الأكبر في ذلك وصدقه الأوسط في الفين وصدقه الأصغر في ألف فإن كانوا عدولا أخذ ألفا بشاهد ثم
[9/280]
***(1/275)
[9/281]
ألفا بشهادة اثنين وألفا بيمينة مع شهادة الأكبر ، فإن كان الأكبر وحدة عدلا حلف معة وأخ\ الثلاثة آلاف ، وإن كان الأوسط وحدة عدلا أخذ من الأكبر ألفة ومن الاوسط ثلثى ما معة ويحلف مع شهادة الأوسط ويأخذ من الأصغر ثلثى ما فى يدية . وإن كان الأصغر وحدة عدلا فليأخذ ألف الأكبر وثلثى ألف الأوسط ولم يأخذ من الأصغر إلا ثلث ما فى يدية ، وكذلك لو لم يكونوا عدولا ، وإن لقى الأصغر أولا والآخران عديمان فليقض لة علية بجميع الألف ثم إن أيسر الأوسط ولقية والأكبر عديم أو ملى غائب قضى علية بالألف التى فى يدية ، ثم إن لقى الغريم الأكبر وهو ملى ولقية معة أخواة فليأخذ منة الغريم الألف التى فى يدية ، ثم إن كان الأكبر عدلا حلف الغريم مع شهادتة وسلم لة كل ما أخذ ، وإن لم يكن عدلا رجع الأوسط على الغريم بثلث ما أخذ منة ورجع علية الأصغر بثلثى ما أخذ منة إن كان الأوسط غير عدل . وإن كان / عدلا حلف مع شهادتة ولم 105/و يرجع علية الأصغر إلا بثلث ما أخذ منة . وإن لقى الأكبر أولا ما أخذ ما بيدة ، فإن كان عدلا حلف مع شهادتة إذا لقى الأوسط والأصغر وأخذ ما بأيديهما فإن لم يكن عدلا أو نكل وهو عدل فإنما يأخ\ من الأوسط ثلث ما بيدة . وإن كان عدلا ولقى الأصغر حلف مع شهادتة الأوسط وأخذ ثلثى ما بيد الأصغر فإن نكل أو كان الأوسط غير عدل أخذ ثلث ما بيد الأصغر . وإن لقى الأوسط أولا أخذ منة ألفة ثم إن لقى الأصغر بعدة حلف مع شهادة الأوسط إن كان عدلا وأخذ من الأصغر جميع ما بيدة ، وإن نكل أو لم يكن الأوسط عدلا أخذ من الأصغر ثلثى ما بيدة فثلثا بإقرارة وثلثا آخر عن الأكبر لأنة مقر أنها على أبية فنقل لهذا عليك منها ثلثها ثم إن لقى الأكبر جميعا وهو عدل حلف معة وأخذ من الأصغر الثلث الباقى ومن الأكبر جميع ألفة ولم يرجع علية الأوسط بشىء ، فإن نكل أو كان الأكبر غير عدل أخذ منة ألفة ورجع الأوسط على الغريم بثلث ما أخذ منة فيرجع علية الأصغر بنصف ما أخذ منة .
[9/281]
***(1/276)
[9/282]
ومن هلك عن ولدين وترك ألفين فأخذ كل واحد ألفا فأقر أحدهما أن على أبية خمسمائة درهم فإن كان عدلا حلف الطالب وأخذها فإن قضى لة بها ثم أقر أن علية لآخر ألف درهم فليقض عليهما بذلك على كل حال فأخذ خمسمائة . ( وإن كان المقر الواحد غير عدل أو أبى الطالب أن يحلف معة أخذ من حق المقر لة ما ئتين وخمسين ./ ولو أقر الأول بألف كاملة وحلف معة الطالب وأخذ من المقر يريد لغيبة 105/ظ أخية ، ثم أقرا جميعا بألف ثانية فليقض لصاحبها بالألف التى بيد الثانى إن كان مليا ولا يرجع على أخية بشىء . وإن نكل الطالب أولا مع شاهدة أو كان غير عدل أخذ منة ما بيدية من الدين وهو )(1)خمسمائة ويخرج المقر الأول الذى أقر بألف لواحد وللثانى مع أخية بألف فلا يرث شيئا ولا يرجع على أخية بشىء ولواحد من الولدين كل واحد ألف ثم أقر لواحد بمائة درهم على الميت وأقر أحدهما بمائة درهم وذلك بعد إقرارة للأول فإن مائة الأول عليهما نصفين . ولو أخذ من أحدهما رجع غارمهما على أخية بنصفها وينظر فى المائة الأخرى ، فإن حلف الطالب مع المقر بها إن كان عدلا أخذهما منهما وإن نكل ولم يكن المقر عدلا أخذ من الذى لة قدر منابتة من المائة وذلك خمسون درهما . وكذلك لو بدأفأقر لهذا وحدة ثم اجتمعا على الإقرار للآخر فإن حلف الطالب مع شهادتة ثبتت مائة كما تثبت مائة الآخر ، وإن نكل أو لم يكن المقر عدلا فإن للمقر أولا خمسين درهما من حصة من أقر لة والمائة الأخرى من مالهما نصفين ، ولو أقر بألف على الميت لرجل وأقر أحدهما لآخر بألف وكان إقرارهما معا فيأخذ الذى أقر لة بالألف خمسمائة من كل واحد فإن كان الثانى عدلا حلف الطالب معة وأخذ من كل ابن خمسمائة أيضا ، وإن نكل أو كان المقر غير عدل / أعطاة من أقر لة خمسمائة وهو ما بقى فى يدية ولو لم يرجع على أخية منها 106/و
[9/282]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من ص .(1/277)
[9/283]
بشىء ولو لم يحضر إلا الذى أقر لة الواحد فحلف معة قضى لة بالألف التى بيدة ، يريد لغيبة أخية ، ثم إن قدم الآخر فقدم أخاة قضى له بالألف التى بيده ، يريد لغيبة أخية ، ثم إن قدم الاخر فقدم أخاه قضي له بالألف التى في يدية يريد كلها ولا يرجع واحد من الأخوين على أخيه بشئ ، ولو كان الذي أقر للواحد غير عدل أو نكل الطالب عن اليمين فإنما يقضي له عليه بخمسمائة ثم إن قدم الآخر أخذ من الأخويين ألفاً من كل واحد خمسمائة ، ولو أن أقرا له جميعا قدم الذي أقر له ولم يقر لغيره وهما عدلان قضي له بدينه كله وأخذ الألف من هذا الملي الخاص ، ثم إن جاء الغريم الآخر وشهد له أخوه وهو عدل حلف معه وأخذ منه الألف ولا يرجع أحد منهما على أخيه منهما أخيه بشئ ، وإن يحلف أو كان المقر له غير عدل لم يض لهذا الذي أقر له الواحد إلا بخمسمائة ويرجع عليه أخوه الغارم الألف بخمسمائة أخري .
وكذلك إن كانت التركة دنانير والدين أو كانت التركة مما يكال أو يوزن والدين كذلك
وإذا مات عن عبدين وترك ولدين وأخذ كل ابن منهما عبدا بالقيمة ثم أقر أن أحد العبدين وديعة لفلان وهو الذي أخذه الأصغير وأقر الأكبر وحده أن الذي صار له وديعة لفلان فيلزمهما الإقرار بالذي في يد الأصغير أنه لفلان ثم ينظر فإن كان الأكبر عدلا حلف معه الطالب وأخذ العبد الذي في يديه فإن نكل أ كان اغبن غير عدل لم يكن للمقر له / بالعبد الذب بيد الأكبر إلا حصته منه . 106/ظ
قال محمد بن عبد الحكم : ومن مت وترك ولدين وثلاثه آلاف درهم فاقتسماها فقال أحدهما لفلان عندى ألف درهم وقال الآخر كلك لفلان ولفلان آخر عند أبي ألفا درهم فإنه يقال للمقر بالألفين ادفع للرجلين ألف درهم بينهما نصفين ويقال للمقر الواحد ادفع إليه خمسمائة مما في يدك ثم إن طرأ للمين ألف درهم فاقتسماها الاثنان فليس للمقر لهما من ذلك شئ لأن الذي أقرأ له جميعاً أخذ بجميع حقه فالآخر إنما للآخر بألف فأعطاه حصته مما في يديه منها وهو خمسمائة .
[9/283]
***(1/278)
[9/284]
وكذلك لو طرأ للميت أكثر من ألف ولو طرأت زوجة لم تقر بشىء مما أقر بة الاثنان والتركة ثلاثة آلاف قد اقتسماها الاثنان فصار لها ثمن ذلك فسقط ثمن ما أقرا بة من الدين فيدفع الابن المقر لرجلين تسعة أثمان ألف وهو ثمانمائة وخمسة وسبعون ، ويدفع الإبن المقر للواحد أربعمائة وسبعة وثلاثين درهما ونصفا للذى أقر لة وهو سبعة أثمان خمسمائة . وإذا مات رجل وترك اثنى عشر دينارا وترك ابنين وزوجة فأوصى بالثلث فأقر الابنان بدينار دينا لرجل على أبيهما ولم تقر الزوجة يريد والابنان غير عدلين ولا يولى عليهما فإنا نخرج الثلث أربعة دنانير كأنة لا دين علية وتبقى ثمانية تأخذ المرأة ثمنها دينارا والباقى سبعة دنانير بين الابنين ، والابنان قد أقرا أن دينارا دينا فيقال لهما فعلى إقراركما لو أخرج / الدينار من التركة كان الباقى أحد عشر تخرج 107/و ثلثها ثلاثة دنانير وقيراطين الباقى بينكما على هذا ستة دنانير وثلث وقيراطان الفاضل هذا بأيديكما نصف دينار وقيراطان فادفعاها إلى صاحب الدين فإن مات ولم يرثة غير وارث واحد وترك مائة دينار فأقر الابن أن لفلان على أبى مائة دينار يدفعها ثم قام آخر ببينة أن الميت أوصى لة بالثلث فإن الحكم يقضى لة بثلث المائة التى أخذ ( المقر لة )(1).
قال أبو محمد(2): يريد إن لم يكن المقر عدلا يقض للثالث بشهادتة مع يمينة . ومن كتاب ابن المواز : ومن مات وترك ولدا لا يرثة غيرة وعلى الابن دين محيط فأقر أن أباة أوصى بثلث ما لة فى عتق وغيرة أو على أبى دين لفلان ولفلان مما إن صدق لم يبق وفاء لدين الابن فقد اختلف فيها ابن القاسم وأشهب فقال ابن القاسم : إقرارة جائز فى ذلك كلة ما لم يكن قام علية غرماؤة قبل إقرارة فذلك جائز فيما أقر بة من دين على أبية أو وصية لأنة ممن لا يتهم علية . وفرق أشهب بين إقرارة بدين على أبية وبين إقرارة بالوصية فجعل إقرارة بدين أبية لازما
[9/284]
***
__________
(1) مابين معقوفتين ساقط من الأصل ، مثبت من ص .
(2) قال أبو محمد ساقطة من ص .(1/279)
[9/285]
فى تركة . قال محمد : يزيد ما لم يقم غرماؤة وتفليسة لأنة لو أقر بدين على نفسة لزمة . قال أشهب : وأما إقرارة بوصية أبية فلا يجوز بعتق ولا بغيرة لأنة لو فعل ذلك الابن فيما يملك لم يجز لأن ما ترك أبوة قد صار لة . وقول أبى القاسم أحب إلى لأن إقرار الوارث كأنة قال لا حق لى فى الثلث وهو لفلان من أبى قبل أن يصير / لى وليست كعطية من الابن إذ لا تبطل بموتة قبل حيازتها . 107/ظ ولقد قال أشهب فيمن أقر أن أباة أوصى بثلثة أو بأكبر منة وأنة أجاز وصيتة ولا دين على الأب ثم مات بعد أن شهد بذلك على نفسة وعلى الابن دين كثير إن ما أقر بة الابن من وصية أبية نفسة فيما يقر بة من مال أبية لأنة أقر فى وقت يلزمةفية إقرارة ، وكذلك كل ما أقر بة أن أباة أوصى بة لأحد فهلك الابن قبل أن ينفذ ذلك واستهلك الابن تركة أبية ولم يوجد من تركة الأب شىء وعلى الابن دين وقد ترك مالا لا وفاء لة فإن الذين أقروا أن أباهم أوصى لهم يحاصون غرماء الابن ( فى تركة الابن ولو وجد من تركة الأب شىء يعرف بعينة كان أهل وصية الأب أحق بة من غرماء الابن )(1)حتى يتم لهم وصية الأب ، وإن عجز ذلك عن جميع وصيتهم حاصوا بما بقى لهم غرماء الابن فيما يوجد للابن لأن تلك الوصية صارت دينا على الابن حين استهلك التركة قبل تنفيذ وصية أبية . ومن هلك فترك ابنا لا يرثة غيرة وترك مائة دينار على رجل فقال الابن : قبضها منك أبى قبل موتة أو أبرأتك أنا منها بعد موتة أو وهبتها لك ثم أقر أن على أبية مائة دينار لآخر فلا يرد بذلك الابراء والهبة للغريم وأما إن قامت بها بينة فإنة يرجع بها على من كانت علية ولا شىء على الابن ولو لم تقم بينة فقال الطالب للابن أنت أتلفت الدين بإقرارك فلا يلزمة ، أرأيت إن قال أبرأك منها أبى أو ليس لأبى عليك شىء أو أعتق عبدا تركة ثم أقر بدين على أبية ؟ / وقد تقدم فى المريض 108/و يقر على أبية بدين فية من معانى هذا الباب .
[9/285]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل ، مثبت من ص .(1/280)
[9/286]
فى إقرار أحد الورثة بأن الميت أوصى بوصية أو أنة أعتق عبدا من كتاب ابن سحنون : قال أشهب وسحنون : ومن ترك ثلاثة بنين فأقر أحدهم أن أباة أوصى بالثلث وقد اقتسموا التركة فإن الموصى لة يحلف مع المقر ويأخذ ما بيد كل واحد منهم . فإن لم يكن عدلا أعطاة ثلث ما بيدة فقط . ولو كانا ولدين حلف مع الذى شهد لة وأخذ ثلث ما بيد كل واحد فإن لم يحلف أو لم يكن الشاهد عدلا أخذ ثلث ما بيد الشاهد فقط . قال أشهب : وإن ترك ولدين وألفين إحدى إحدى الألفين دين على أحدهما فأقر الذى لا دين علية أن الأب أوصى لهذا بالثلث ، فإن كان عدلا حلف معة وأخذ من الألف ثلثها وأخذ الابن الشاهد ثلثها وثلثها نصيب الذى علية الدين بين هذين نصفين قضاء بما لهما علية لأن لكل واحد منهما علية ثلث الألف التى علية . وإن نكل أو كان الشاهد غير عدل كانت هذة الألف لهذا الابن وللآخر الألف التى علية ويرجع الموصى لة على هذا المقر بثلث ما فى يدية . ولو ترك ابنين وألفين فأخذ كل ابن ألفا ثم أقر كل واحد لرجل غير من أقر لة صاحبة بوصية الثلث فإن لم يكونا عدلين أعطى كل واحد لمن أقر لة ثلث ما فى يدية وإن كانا عدلين متفقى العدالة أو متفاضلين حلف كل واحد مع شاهدة وقسم الثلث بينهما ، / فإن نكل أحدهما فالثلث للحالف ولا شىء للناكل على 108/ظ صاحبة إذا لم يبق بيدة من الثلث شىء ولو دفع كل ابن ثلث ما فى يدة لمن أقر لة ثم أقر كل واحد منهما أن ما شهد بة أخوة حق فإنة يضمن لمن كان شهد لة أخوة نصف ما دفع إلى من أقر لة . وإذا مات عن عبدين وابنين وقيمة كل عبد ألف فأخذ كل ابن عبدا على القيمة فأقرا جميعا أن العبد الذى صار للأصغر أعتقة الأب فى صحتة وأقر الأكبر أن أباة أعتق العبد الذى فى يدية فى صحتة فليعتق الذى أجمعا علية من رأس المال ويبطل إقرار الأكبر للعبد الآخر لأنة شاهد واحد ولا يلزمة عتق صحتة
[9/286]
***(1/281)
[9/287]
فيصير كعتق الشريك بغير تقويم ، فإن ملكة يوما عتق علية وإلا أمرا جميعا ببيعة فما صار للمقر من ثمنة أمر أن يجعل ذلك فى عتق وقد قيل يعتق العبدان ويضمن الأكبر للأصغر نصف قيمة العبد الذى فى يدية ، لأن الأصغر دفع إلية نصف العبد الذى فى يدية بنصف العبد الذى أخذة الأصغر فلما اجتمعا على عتق الذى بيدة الأصغر عتق ورجع الأصغر فى نصف العبد الآخر ، فلما أتلفة الكبير بإقرارة بحريتة غرم لأخية نصف قيمتة ، وهذا الباب منة فى كتاب الوصايا باب مستوعب . فيمن قتل عمدا وترك ولدين فعفا أحدهما عن دمة ثم أقر أحدهما بدين على أبية وقد ترك أبوة مالا أو لم يترك وكيف إن ترك ورثة غيرهما ؟ وكيف إن أقر مع ذلك بأخ ؟ /قال أبو محمد : وفى هذا الباب فى كتاب التفليس كلام مستوعب من 109/و هذا المعنى . ومن كتاب ابن المواز : ومن قتل عمدا وترك ولدين فعفا أحدهما على غير شىء فليأخذ الذى لم يعف من القاتل نصف الدية فى ثلاث سنين فإن ترك المقتول مائة دينار وعلية مثلها دين ببينة فإن المائة مقسومة على مائة التركة وعلى الخمسمائة التى أخذها الذى لم يعف فوقع على العافى فى الخمسين التى ورث ثمانية دنانير وثلث وكذلك إن كان الدين أكثر من مائة جعل منة على كل مائة جزؤها . قال أحمد بن ميسر : إذا كان القتل خطأ فعفا أحد الابنين عن الدية وقد ترك الميت مائة ببينة أو بإقرارهما لعجل الدين من المائة التى ترك لأن الدين حال والدية منجمة .
[9/287]
***(1/282)
[9/288]
وكذلك إن كان المقر عدلا وحلف معة الطالب فإن كان المقر هو العافى وليس بعدل فليدفع إلية نصف المائة العين إن كان فية وفاء ، فإن لم يكن فية وفاء نظر فإن كان العفو بعد أن أقر بالدين بيع منة يريد من حظة من الدية المنجمة بقدر ما يجب علية من الدين وسقط عن أهلة ما بقى ، ولو أقر بالدين بعد العفو يضمن ما بقى منة والعفو ماض ولو كان المقر هو الذى لم يعف لأخذ ما فى يدية من مال أبية إن لم يكن عدلا إن كان فية وفاء بقدر ما يصيبة من دين أبية لو أقرا قال ابن المواز(1): وإن كان الدين ستمائة فأكثر / فحينئذ لا شىء للذى 109/ظ عفا ولا للذى لم يعف ويكون ذلك كلة للغرماء . قال : ولو أقر أخو العافى بأخ لأعطاه ثلث ما بقي من ثلث الدية وثلث التركة بعد الدين ، وكذلك لو كان الدم خطأ ولو كان أيضا أقر بدين على أبيه لأعطاه جميع ما بيده إن بلغ الدين ذلك لأنه لم يرث معه غيره من الدية شيئا فكأنه لا وارث للميت غيره فإقراره بأخ يوجب أن يعطيه ثلث ما في يديه وأما في الدين فلا يكون بيد وارث شئ من تركة أو دين إلا والدين أحق به ، ثم رجع محمد فقال : ليس على الذي لم يعف إذا أقر على الميت بدين لرجل إلا أن يعطيه نصف الدسن ، لن الدية وإن كانت من عمد فقد صارت للوارث لازمة للقاتل ويطلب الغريم لو كانت له بينة على الدين كالوارثين يبقي أحدهما ولو لم يعف أخذ من الولدين فأقر أحدهما بأخ وبدين فالجواب سواء ، إلا أنه يقال للمقر بأخ قد صار لك النصف من دية إن كانت ومن مال غيرها والذي والذي لك الثلث من غيرها فسلم مازاد عليه إلي هذا ، كان المقر عدلا أو غير عدل ، وفي إقراراك بالدين يخرج النصف إلي من أقررت له به وينبغي أن يحسب الدين عليك وعلي الوارث معك فيخرج مما صار إليك بقدره من الدين إن ورثت النصف أخرجت نصف الدين وإن ورثت الثلث فثلت الدين إلي مبلغ ما بيدك ولو كان المقر بالدين عدلا حلف معه الطالب واستحق ويأخذ من الورثة ما بقي / من دينه إلي مبلغ ما بأيديهم . 110/و
[9/288]
***
__________
(1) فى ص ، قال ابن القاسم .(1/283)
[9/289]
وإذا كانا ولدين فعفا أحدهما عن دين أبيه العمد فعلي الذي لم يعف نصف الذي يريد فيما يأخذ من نصيبه من دية أو تركة على أحد القولين الذي ذكر ، وإن كانت الدية من خطأ أو كان عمدا فعفا أحدهما بغير شئ ثم أقر العافي بدين على أبيه فإن كان عدلا حلف معه الطالب ورجع الطالب على القاتل وعلي المنكر بالسواء(1)يستوفي دينه فإذا كان على أحدهما فأقر الذي لم يعف بأربعمائة دينار على الأب فعلي المقر منهما مائتان يريد فيما ورث .
فإن كان عدلا حلف معه الطالب وقضي له في الخطأ بمائتين على العاقلة وفي العمد على القاتل بمائتين .
ولو كان هذا الدين بشاهدين لأخذ من الذي أقر له جميع الأربعمائة ثم للمأخوذ منه الرجوع على من ورث معه شيئا من الدية أو على العاقلة في الخطأ أو على القاتل في العمد .
وكذلك لو لم يعف أخوه حتى أقر أحدهما بدين على أبيه يريد ثم عفا على جميع الدية فليس على المقر إلا نصف الدين فيما بيده من نصف الدية فيرجع الغريم ( على المنكر فيحلفه على علمة ، وإن كان المقر عدلا حلف مع الغريم )(2)ورجع على المنكر فيما في يديه من الدية أيضا . وكذلك في دية الخطأ إن عفا أحدهما وقد أحدهما بمائة دينار علة الأب فعلية نصف ما أقر به من الدين في نصف الدية فحصل له أربعمائة وخمسون . / وإن كانو ثلاثة ودي ثلث ما أقر به 110/ظ . ولو أقر بأخ دفع إليه ثلثما في يديه ويصير الباقي عنده ثلث جميع التركة .
قال أبو محمد : وكل ما جري في هذه المسألة من أولها بالرجوع على القاتل بعد عفو أحدهما بدين يلحق فليس باصلهم ، وكذلك أحد القولين الذين قال فيه لا يغرم الذي لم يعف إلي نصف الدين الذي لحق المقتول إذا لم يترك غير ما أخذ من الدية ، والمسألة فيها اضطراب إلي ها هنا .
[9/289]
***
__________
(1) في ص ، بالسوية
(2) مابين معقوفتين ساقط من الأصل ، مثبت من ص .
10- النوادر والزيادات(1/284)
[9/290]
قال ابن المواز : وإذا ورث الميت أخر وأخت فأقر الأخ بدين على الميت فعليه ثلثا الدين فيما بيده ، وإن أقر بأخ فليحبس ما في يدية خمس التركة ويدفع إليه ما بقي . وإن أقرت الأخت بدين فعليها ثلث ما أقرت به ، ولو كانت زوجة فأقرت فعليها ثمن ما أقرت به . وسواء ورثوا(1)من دية خطأ أو عمد أو غير دية . قال : والمقتول عمدا إذا عفي عن دمه جاز ذلك ولاكلام لغرمائة وإن أحاط الدين . وكذلك إن ترك ولدين فعفا الولدان عن دمه ، وأما إن عفا أحدهما على غير شئ لم يكن للآخر أن يعفو على غير شئ وعلى الميت دين وقد وجب بعفو الأول نصف الدية للولد الآخر فليس له أن يترك ذلك إن كان على المقتول دين يحيط بذلك وكذلك لو كان الدين على الولدين فعفوا(2)معا فلا قول للغرماء .
وإن عفا واحد بعد واحد فلغرماء الثانى القيام إلا أن يكون على أبيه دين فغرماء أبيه أحق من غرمائه إلي مبلغ دينه .
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم : ومن قتل عمدا وترك ولدين وترك ألف درهم فعفا أحدهما على غير مال / يقضي للآخر بنصف الدية ، فأقر الذي عفا 111/و بأخ وإنما في يديه نصف الألف درهم التركة فيقال اعطه ثلث ما بيدك .
ولو أقر الذي لم يعف بزوجة الميت فقط وأنكر الآخر فليعطيها المقر ثمن ما بيده من التركة ومن الدية ولو أقر بها الذي عفا أعطي مما بيده من التركة ثمنه .
ولو ترك ابنا وبنتا وزوجة وترك ثلاثة آلاف درهم وقد قتل عمدا وعليه دين ألف درهم فعفا الابن على غير شئ فقد اختلف في ذلك . فقال ابن القاسم وأشهب : لا شئ للبنات والزوجة حظهم من الدية . وروي أشهب عن مالك : أنه وإن عفا جميع البنين فللبنات حظهم من الدية وكذلك الزوجة ، وبه أقول ولا أعلم روي عن مالك غيره .
[9/290]
***
__________
(1) ورثوا ) ساقطة من الأصل ، مثبته من ص .
(2) في النسخ كلها فعفيا .(1/285)
[9/291]
قال ابن المواز : وقد روي عن مال مثل ابن القاسم وأشهب وروي عن أشهب القول الآخر والذي عليه من أدركنا من أصحاب مالك . قوله أن لاشئ للبنات إذا عفا جميع النين وكذلك في الموطإ قال ابن عبد الحكم على رواية أشهب عن مالك في مسالة الابن والبنت والزوجة وقد عفا الابن على غير شئ فإن للزوجة والبنت حظهما من الدية وذلك ربعها وسدسها وهو عشر أجزاء من أربعة وعشرين من الدية وذلك خمسة آلاف درهم للبنت ثلاثة آلاف وخمسمائة وللزوجة ألف وخمسمائة(1)يضم إليها التركة ثلاثة آلاف(2)
تصير ثمانية آلاف / فخرج الدين من جميعها بالحصص فيقع على كل ألف مائة وخمسة 111ظ
وعشرون فيبقي من مال التركة ألفان وستمائة وخمسة وعشرون فيكون ذلك بين البنت والزوجة على عشرة أسهم للزوجة ثلاثة وللبنت سبعة .
قال ابن عبد الحكم في المقتول عمدا يترك ولدين يعفو أحدهما على غير شئ فأخذ الآخر نصف الدية ثم أقر العافي أن لفلان على أبيه دينا فليس على أخيه منه شئ إذا أنكر فإن أقر ودي جميع الدين بما أخذ ، ولو أقر له بمثل نصف الدية فأخذها منه ثم أقام آخر البينة بدين على أبيه فليأخذ دينه كله من الذي قبض دينه بالإقرار فإن لم يكن له شئ طلب بذلك الابن الذي دفعه إليه إلا أن يكون دفعه إليه بقضية فلا شئ عليه ، ولو ترك المقتول مائة وأخذ الذي لم يعف نصف الدية خمسمائة دينار وأقام البينة بدين مائة دينار على المقتول فالمائة الدين تخرج من ذلك كله بالحصص فيلزم الذي عفا نصف سدسها من الخمسين التى ورث ويلزم الآخر باقيها
وكذلك لو لم تقم بها بينة وإنما أقر بها الذي عفا ولو أقر بها الذي لم يعف وحده لودي خمسة أسداسها ونصف سدسها ، ولو أقر الذي عفا أن أباه أوصي بالثلث لدفع إلي الموضي ثلث ما في يديه لأن وصية الميت إنما تدخل فيما علم به الميت ولو كان المقر بالوصية الذي لم يعف لعطي للموصي له ثلث الخمسين
[9/291]
***
__________
(1) في الأصل ، ألف وخمس ، وما أثبتناه من ص .
(2) في الأصل ، ثلاثة(1/286)
[9/292]
الذي أخذ بالميراث فقط ولا تدخل الوصية فيما بيده من دية العمدة لأن ذلك لم يعلم به الميت ، ولو أقر بالمائة الدين فدفعا إلي الطالب / مائة الميراث ثم عفا 112/و
أحدهما على غير شئ وأخذ أخوه نصف الدية فليرجع الذي عفا على أخيه فأخذوا أربعين دينارا وثلثي دينار لأنه إنما يلزم مائة الميراث من مائة الدين سدسها وباقيها ميراثا بينهما وخمسة أسداس الدين في نصف الدية الذي قبض الآخر ، ولو ترك ابنين وبنتا فعفا أحد الابنين على غير شئ فإن الابن والبنت يأخذان ثلاثة أخماس الدية وذلك ستمائة دينار بعد إخراج ستة أسباع المائة الدين منها . وتودي المائة الدين من هذه الستمائة ومن المائة ماية التركة بالحصص إن أقرت الأخت معهما فعلي مائة التركة من مائة الدين سبعها وستة أسباعها على نصف الدية ثم يأخذ مما بقي من مائة التركة الأخ الذي عفا خمسين ما بقي منها ثم يضم باقيها إلي ما بقي من الستمائة فيقسمه الذي لم يعف مع أخيه على البنت والابنين .
وإن أنكرت الأخت الدين وحلفت وأقر به الأخوان فإنما يأخذ من المائة التركة خمسها ومن الستمائة التى من الدين ثلثها وذلك أخذ عشرة أجزاء من خمسة وثلاثين جزءا وتبقي أربعة وعشرون جزءا عشرون دينارا فإنما يؤدي الأخوان من الدين حصة ذلك وليس عليهما أن يوديا حصة الأخت المنكرة .
قال أبو محمد : يريد فيأخذ الطالب من دينه من الأخوين أربعة وعشرين جزءا من خمسة وثلاثين وذلك أربعة أسباعها وأربعة أخماس سبعها فيأخذ من الثمانين الباقية من مائة / التركة أربعة أجزاء من هذه الأربعة وعشرين جزءا وذلك 112 / ظ
أربعة أسباع الدين وهو عشرون جزءاً من هذه الأربعة وعشرين . قال ابن عبد الحكم ثم ينظر ما بقي من الثمانين بعد ذلك فيقسمه الاخوان نصفين وما بقي من الأربعمائة فالذي لم يعف وحده .
قال ابن المواز : وإذا كانا أخوين يعفو أحدهما وأخذ الآخر نصف الدية وقد ترك المقتول مائة دينار وعليه دين مثلها فطرأت أخت لهما فإن ثبت نسبها ببينة أخذ من القاتل مائة دينار تمام ثلاثة أخماس الدينة وذلك ستمائة دينار ومائة تركها فيقسم الدين على هذه السبعمائة دينار فيزول الدين من مائة التركة سبعها أربعة .
[9/292]
***(1/287)
[9/293]
عشر دينار وسبعا دينا الباقى خمسة وثمانون وخمسة أسباع دينار فترجع فيها البنت بخمسها ولكل ابن خمساها ويرجع على الذى لم يعف بثلث ما بقى من الستمائة دينار التى من الدية . قال ابن المواز : فإن كانت هذة البنت لم يثبت نسبها بالبينة وإنما أقر بها الذى عفا على غير شىء فلا يؤخذ من القاتل شىء بسببها وإنما لها خمس ما يحصل بيد المقر بها من مائة التركة بعد إزالة ما وقع عليها من مائة الدين وقد حصل بيدة بعد زوال حصة الدين منها اثنان وأربعون دينارا إلا ثلثا فيدفع إليها من ذلك ثمانية وثلثا ، وإن كان الذى أقر بها لم يعف فليعطها خمس ما بيدة من مائة التركة بعد زوال الدين منها ويعطيها ثلث ما بقى بيدة من نصف الدية بعد زوال ما لحق / 113/و ذلك من الدين ، لأن نصف الدية لم يرث فية العافى شيئا فإنما هى نصيب من لم يعف من الدية ، فلو ثبت نسب البنت لأحد من القائل مائة سادسة فكانت بين الابن والبنت الذى لم يعفوا على الثلث والثلثين . قال أبو محمد : وهذة المسألة التى لابن المواز كتبت من قولة : وإن كان الذى أقر بها الذى لم يعف على ما فسر لى من أصولهم وهى فى الأمم مشكلة . فيمن أقر على رجل أجنبى ثم مات الأجنبى والمقر وارثة ومن كتاب ابن سحنون : ومن أقر لفلان علية بألف درهم أو على فلان ثم مات فلان والمقر وارثة أو غير وارثة وترك مالا أو لم يترك فإن الإقرار يلزمة ، يريد لأن هذا كالرجوع فى قولة أو على فلان . وكذلك لو أقر بذلك بعد موت الميت إلا أنة إن أقر بة بعد موت الميت وهذا وارثة وقد ترك مالا فذلك يلزم المقر إن شاء فى مالة وإن شاء فيما ورث ، وإذا أقر أن لفلان على فلان ألف درهم ثم مات فلان والمقر وارثة ولا دين علية فإن تمادى على إقرارة بعد موت الميت فإن الدين يكون فى ميراث الميت ، وإن رجع عما أقر بة وقال قلت باطلا لم يكن للمقر بة فى مال الميت شىء .
[9/293]
***(1/288)
[9/294]
فإن كان على الميت دين فى الصحة أو فى المرض والمقر غير عدل فالغرماء أحق بما ترك إن تمادى المقر على إقرارة ، فأما إن رجع وهو عدل أو غير عدل فالغرماء أحق بما ترك . وإن كان المقر عدلا ومضى على إقرارة فإن حلف الطالب مع شهادتة حاص الغرماء بما أقر لة بة فإن نكل فالغرماء أحق بمال الميت ولا ينفعة / تمادى المقر على 113/ظ إقرارة لأنة لا ميراث للمقر حتى يأخذ الغرماء ، فإن بقى لة ميراث بعد الدين جاز إقرارة للمقر لة إن تمادى على إقرارة . وإن رجع لم يؤخذ بما تقدم من إقرارة ، قال من خالفنا فى الذى أقر أن لفلان علية ألف درهم وعلى فلان ثم مات فلان والمقر وارثة وترك مالا فإن الإقرار يلزمة إن شاء فى مالة أو فى مال الميت . قال محمد : وإنما يصح هذا إن تمادى المقر على إقرارة بعد موت وارثة ، فأما إن رجع فالإقرار يلزمة فى مالة ، وقد أجمعوا على أنة لو قال لفلان على ألف درهم لا بل على فلان أو بل على فلان فإن المال يلزم المقر ولا يصدق على قولة بل على فلان . فى إقرار الوصى بقبض ديون الميت وبغير ذلك وإقرار الوكيل من كتاب ابن سحنون : وإذا أقر الوصى أنة قبض جميع ما للميت على فلان ولم يذكر كم هو والورثة صغار ثم قال إنما قبضت منة مائة درهم وقال الغريم كانت على ألف فقبضها ولا بينة بينهما ولا للميت بينة على الأصل فالقول قول الوصى مع يمينة أنة ما قبض إلا مائة ويؤخذ الغريم بتسعمائة . وأما إن قامت بينة بأصل الدين أنة ألف فالوصى لها ضامن بإقرارة أنة قبض جميع ما للميت على هذا بخلاف إقرار الغريم بالألف بلا بينة إذا كان إقرارة بعدما أشهد الوصى بالاستيفاء فإن كان الغريم أقر قبل إقرار الغريم بالاستيفاء ثم أقر ولم يسم كم قبض ثم قال إنما قبضت مائة درهم فإنة يلزمة الألف درهم وكل شىء / 114/و
[9/294]
***(1/289)
[9/295]
قامت بة البينة على الغريم فهو يلزم الوصى كلة . وكذلك الوكيل المفوض إلية فى قبض الدين هو كالوصى ، وكذلك قال ابن المواز ومحمد بن عبد الحكم . وقال أبو حنيفة : يبرأ الغريم والوصى وإن كان الدين بإقرار الوصى . وقالوا معنا : لو قال : قبضت من أصحاب الدين كلهم جميع ما لللميت عليهم فأقر جماعة بديون للميت فأنكر الوصى القبض من بعضهم فلا يبرأ ذلك الذى أنكرة الوصى مما علية وهذا متناقض ، قالا : وإن قال الوصى : قبضت جميع ما للميت على فلان وهو مائة درهم فقال فلان بعد ذلك كانت على ألف درهم وقبضتها منى فالقول قول الوصى أنة ما قبض مائة ويؤخذ الغريم بتسعمائة . قال ابن سحنون : وليس الوكيل والوصى كالطالب نفسة ، فلو أشهد الطالب أنة قبض جميع ما لة على فلان وهو مائة درهم وقال فلان كانت على ألف درهم وقد قبضتها منى فإن المطلوب يبرأ من جميع الألف والطالب مصدق على نفسة أنة قبض جميع حقة وأنة كذا وكذا ولا يصدق الوكيل والوصى أن جميع الحق ( كذا )(1). قال ابن المواز : وإن قال الوصى بنصف ما كان للميت على فلان ولم يسمة والورثة صغار فإن فلانا يبرأ بقولة فإن أقر الغريم أنها كانت مائة وقال الوصى لم أقبض منك إلا خمسين وهى التى كتبت(2)عليك فلا يلزم الوصى غير ذلك ويحلف ويؤدى الغريم باقى المائة ولا ينبغى أن يكتب لة براءة من كل ما علية ، وكذلك لا يكتب عن اليتيم براءة / جامعة ، وإن أشهد الوصى للغريم أنى قبضت 114/ظ منك خمسين وهى جميع ما كان للميت عليك ثم أصاب بينة أن للميت علية مائة فلا يبرأ بذلك الغريم ويؤدى ما بقى . ولو قال الوصى : علمت أنها مائة وعلمت أن الميت قبض خمسين وأنا خمسين فكتبت لة البراءة من مائة فلا يبرأ الغريم إلا مما أقر الوصى بقبضة والوصى شاهد فيما قبض الميت ، وقالة أشهب .
[9/295]
***
__________
(1) كذا زائدة من ص .
(2) فى ص ، التى ظننت .(1/290)
[9/296]
ولو أن الوصى هو عامل الغريم وكتب لة أنى قبضت كل ما عليك للميت ، ثم قال إنما قبضت خمسين وقال الغريم بل مائة وقد أبرأتنى من كل ما على فلا شىء على الوصى غير ما أقر بقبضة فإن كبر اليتامى وطلبوا يمينة فذلك لهم ولا يلزمة من قول الغريم ولا على الغريم تباعة لقول الوصى أنة قبض كل ما كان علية إلا أن يسمى الوصى ما قبض ولا يبرأ الغريم إلا من ذلك العدد . ولو شهد هو أو غيرة أن هذا آخر حق كان للميت علية لم يجز ذلك إلا على إقرار الميت كما يشهد فى ملك الشىء ، ولا يقولوا ما باع ولا وهب ولكن على العلم وللغريم أن يحلف الوصى فإذا أحلفة لم يكن لليتامى إحلافة بعد بلوغهم . قال ابن سحنون : وإن باع الوصى خادما للورثة فأشهد أنة استوفى جميع ثمنها من المشترى وهو مائة وقال المشترى بل هو خمسون ومائة وقد قبضها منى فالقول قول الوصى ويلزم للمشترى ما أقر بة للورثة . وكذلك قال ابن المواز ، قال ويحلف الوصى ، فإن حلف فلا يحلفة الصبى إن بلغ . قال ابن سحنون وقال غيرنا : لا يلزم المشترى شىء والوصى مصدق وليس لة طلبة بالخمسين لأنة أقر أنة قبض منة / جميع الثمن . 115/و وقال محمد بن عبد الحكم مثل ما ذكر ابن سحنون عن أهل العراق أنة لا يلزم المشترى شىء لأنة لم يعامل غير الوصى وقد أقر الوصى أنة قبض منة كل ما كان علية . قال ابن سحنون : ثم نقض غيرنا قولهم هذا فقالوا معنا : إذا قال الوصى قد استوفيت منة مائة وهو جميع ثمنها وقال المشترى هو خمسون ومائة للوصى أن يتبعة بخمسين ها هنا لأنة إنما أقر بقبض مائة وفرقوا بين قولة استوفيت ثمنها وهو مائة وبين قولة استوفيت مائة وهو ثمنها ، ولا فرق بين ذلك . وكذلك الوكيل البائع والمضارب البائع ، ولو أن بائعا باع لنفسة فقال واشهدوا أنى قد استوفيت ثمنها وهو مائة أو قال مائة وهو ثمنها فذلك سواء لا يلزمة ولا يرجع على المشترى بالخمسين الباقية التى أقر بها ، لأنة أقر على نفسة أنة قبض
[9/296]
***(1/291)
[9/297]
جميع الثمن بخلاف الوصى الذى إنما باع لغيرة فذلك أخذ المبتاع بإقرارة ، وفرق أهل العراق أيضا فى البائع لنفسة بين قولة قبضت ثمنها وهو مائة وبين قول مائة وهو ثمنها ولا فرق بين ذلك . قال ابن المواز : وإن قال الوصى لا أقبض الخمسين من المشترى لعلمى أنها ليست لليتيم قال قد قيل يجبر على أخذها لأنة وصى قد قبل حياطة ما وجب لة كما لو علم أن الميت أقر فى ذكر لة أنها لفلان فعلية حياطتها ، وقد قيل توقف الخمسون بين عدل إلى بلوغ الصبى ورشدة ، وإذا أقر الوصى أنة قبض ما للميت على فلان / وهو مائة درهم ولم يقل الغريم إن علية أكثر منها ثم قامت بينة بمائتين 115/ظ فإن الغريم يغرم المائة الباقية ولا يصدق الوصى على إبطالها ولا يضمن غير ما قبض .
وإذا قال الوصى : قبضت ما للميت عند فلان من وديعة أو مضاربة أو شركة أو بضاعة أو عارية ثم قال بعد ذلك إنما قبضت مائة درهم وقال المطلوب قبض منى ألفا وقامت بينة على ذلك فإن الوصي على ما قبض ويبرأ ويضمن المطلوب ما ذكر أنه دفعه إليه غير المائة التى أقر بقبضها وكل ما قامت به بينة أنه للميت عند هذا قبل إقرار الوصي فإن الوصي يضمنه بإقراره هذا ويبرأ به المطلوب .
وغذا أقر أنه قبض كل دين كان للميت على الناس فأتي غريم للميت فقال قد دفعت إليك كذا وكذا فأنكر وقال ما علمت أن للميت عندك شيئا وما قبضت منك شيئا فإن كان هذا الذي بينه فالوصي ضامن له ويبرأ الغريم وإن لم تكن بينة لم يلزم الوضي ويحلف ويغرمة الغريم .
وكذلك لو قال : قبضت كل دين له بالكوفة أو قال على قبيلة كذا فمثل هذا لا يلزمة قبض كل ما كان معروفا بالبينة على أصل الدين الغريم وكذلك إقرار الوكيل المفوض إليه بالقبض على هذا .
وإم قال الوضي : قبضت ما على مكائب الميت من الكتابة وهو فلان فقال المكائب قبضت منى ألفا وهو جميع كتابتى وقال الوضي قبضت منك مائة درهم / فالوصي مصدق ويحلف ويلزم المكاتب تسعمائة في إجماعنا .
[9/297]
***(1/292)
[9/298]
قالوا جميعا : فلو قالت بينة إن أصل الكتابة الف درهم وإن المكائب أقر بها قبل إقرار الوصي بالقبض وقد أقر الوصي بقبض الكتابة ولم يسم دراهم ولا غيرها فإنه يلزم الوصي الألف كاملة في إجماعنا . ويعتق المكائب ، وكذلك قال ابن عبد الحكم . قال ابن سحنون : وهذا من قولهم حجة عليهم فيما قلنا .
ولو قال الوصي : الكتابة ألف درهم قبض الميت منها تسعمائة في حياتة إلا مائة وقال المكائب بل أن قبضت منى الألف وقامت بينة بإقرار الوصي أنه استوفي جميع ما على المكائب فإنه يلزم الألف في ماله بعد يمين الورثة مايعلمون الميت قبض ما قال وكذلك الوكيل في قبض ما عل المكاتب .
قال ابن المواز : إذا قال قبضت ما على المكائب من الكتابة فيسأل كم هو ؟ فقال : قد قبضت منه خمسائة والميت خمسمائة والكتابة ألف وقال المكائب بل الوصي قبض منى الألف فالقول قول الوصي ويحلف ويغرم المكائب خمسمائة وهو كذب شهادة الوصي له وليس قوله قبضت ما عليه من الكتابة كقوله قبضت منه الكتابة فإذا كان يعلم مبلغها قبضت منه الكتابة فها هنا يلزم الوصي الألف ولا يقبل قوله بعد ذلك قبض الميت منها خمسمائة ولو صدقة المكائب / في ذلك لم يلزمة ذلك ويغرم الوصي الألف ويرجع بخمسمائة على 116/ ظ المكاتب وهو حر بعد .
قلت : وله أن يغرمها له وهو يعلم أنه منها برئ قال : نعم كما لو أن عليك مائة دينار بكفيل فوديتها بعلمه فجحدك الطالب(1)ووداها عنك الحميل فله أن يرجع عليك بها وهو يعلم أنك منها برئ .
قال ابن عبد الحكم : وإن قال الوصي قد قبضت ما أقر مكائب الميت من الكتابة فقال الوضي هو خمسمائة وقال المكائب هي ألف وعلى المكائب بينة بألف لم يلزم الوصي إلا خمسون .
[9/298]
***
__________
(1) في الأصل ، فجحد كالطالب .(1/293)
[9/299]
ولو قال المكائب : دفعت الميت خمسمائة وإلي الوصي مثل ذلك فقال الورثة قد أقررت أيها الوصي بقبض الكتابة لزم الوصي للورثة خمسمائة ويرجع للوصي على المكاتب بخمسمائة أو كان الوصي قد أقر بقبض جميع ما عليه من الكتابة .
قال ابن سحنون : وكذلك إن قال الوصي قبضت ما للميت على فلان من الدين فقال الغريم هو ألف درهم دفعتها إليك وقال الوصي قد كان له عليك ألف درهم غير أنه قبض منك منها خمسمائة قبل موته خمسمائة فلا يقبل منه ويضمن الوصي الألف ويحلف الورثة على علمهم وكذلك الوكيل في قبض المال . وإن أقر الوصي أنه قبض ما لفلان الميت على الناس من دين استوفاه فلان ابن فلانن فقامت بينة أن للميت على رجل ألف درهم الوصي ليست هذه مما قبضت فإنها تلزم الوصي ، وكل من قامت عليه بينة أن للميت عليه مالا فإنه / 117/ و يلزم الوصي ذلك لآنه أقر بقبضه في اجماعنا .
قال غيرنا لأنه أضاف ذلك إلي رجل معروف قبضه منه قالوا ولا يشبه ذلك لو قال قبضت ما له على الناس ولم يضف ذلك إلي أحد .
قال محمد : وهذا عندنا سواء والحكم فيه واحد في قول أصحابنا .
قال ابن عبد الحكم : فقلنا لهم أرأيتم لو قال قضانى فلان عن جميع غرماء الميت ثم قال الوصي في بعض الغرماء لم يدفع إلي عن هؤلاء شيئا ؟
قال فالوصي ضامن بإقراره بالقبض من رجل واحد ، قلنا : فصار قوله قبضت من دافع دفع عنهم أقوي من قوله قبضت أن منهم وهذا فاسد .
قال ابن سحنون : وإذا أقر الوصي أنه قبض جميع ما في منزل الميت من متاعه وميراثه ثم قال بعد ذلك هو مائة درهم أوقال خمسون أو خمسة أثواب وقال الوارث كان في منزله يوم مات ألف درهم ومائة ثوب وأقام البينة بذلك فهذا لا يلزم الوصي إلا ما أقر به لأنه يقول لم اجد له إلا ما قلت وكذلك إن أقر أنه قبض ما في ضيعته من الطعام وما في نخلة من التمر وزرع أرضه هذه ثم قال هو
[9/299]
***(1/294)
[9/300]
كذا وادعي الورثه أكثر فالوصي مصدق ويحلف إن اتهم فإن أقام البينة أنه كان في هذه الضيعه أكثر مما قال وفي هذا البيت أكثر مما سمي فلا يلزمه ذلك حتي يقولوا إنه قبض ذلك أو يقولوا إن هذا البيت في وقت قبض ما فيه الوصي كان فيه كذا وكذا وكذلك في الضيعة وكذلك في الوكيل يقر أنه قبض ما في نخل فلان وهو كذا / ويقول فلان هو أكثر ويقيم البينة فهو مثل هذا .
قال ابن عبد الحكم : وإذا قال الوصي قبضت جميع ما خلف فلان الميت في منزله من القمح ثم قال كان ألف إردب فأقام الورثة البينة أن الميت خلف في منزل ألفي إردب أنه يلزم الوصي الألفان .
وقال ابن المواز : القول الوصي ويحلف ، ومن يقول لعل ذلك كان والأحداث تحدث وهذا الذي وجدت وكذلك في الدنانير وهو نحو ما قال ابن سحنون .
قال ابن عبد الحكم : ولو قال الوصي قبضت ما وجدت في منزله ألفي إردب فلا يلزم في هذا إلا ألف لأنه إنما قال ما وجدت إلا كذا فليس عليه غير اليمين .
وإذا قال قبضت ما خلف الميت في نخله من التمر وذكر شيئا ادعي الورثة أكثر منه وأقاموا بينة أنه كان فيها كذا لزم الوصي ما أقاموا به البينة ، وفيها قول آخر : أنه يحلف والقول قوله لأنه يسقط ويسرق ويذهب بغير وجه بخلاف إقراره بقبض الدين ، وقد قبل في الوصي يقر بالقبض بلا تسمية ( أنه لا يقبل منه إقرار بقبض )(1)ولا يبرأ الغريم بذلك .
قال ابن عبد الحكم : وإذا قال الوصي قبضت الدين الذي للميت على فلان وضاع مني فهو مصدق في القبض والضياع عند أصحابنا إذا كان الورثة مولي عليهم .
[9/300]
***
__________
(1) ما بين معقوفتين ساقط من الصل ، مثبت من ص .(1/295)
[9/301]
ولى الميت معاملتهم فية وما ليت أنا فية معاملتهم وقد ضاع منى فهو مصدق وما كانوا / فى ولايتة وقد برىء الغرماء ، وإن أقر بهذا بعد أن ولى الشامى أنفسهم لم 118/و يبرأ الغرماء بذلك إلا أنة شاهد إن كان عدلا ، وكذلك إن قال بعد رشدهم إنما قبضت ما وليت معاملتهم فية فلا يبرؤون إلا أن يخرجهم الوصى بوجة يبرؤون بمثلة وإلا غرموا ورجعوا بة على الوصى إذا لم يوثق ولم يشهد ، وكذلك قولة قبضت كل ما كان على مكاتبة أو على غريمة أو كل ما كان لة على الناس فلا يلزمة إلا ما يقول أنة قبضة إلا أن تقوم بينة بأكثر منة .
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم : وإذا قال الوصى قبضت ما على مكاتب الميت وهو خمسمائة فقال المكاتب قد دفعت إلى الميت خمسمائة فلا يعتق حتى يؤدى الخمسمائة . قال ابن المواز وابن عبد الحكم : فإن قال الوصى : قبضت ما على فلان من الدين لفلان ولم يبنية فثبتت لة بينة على فلان مائة دينار فقال الوصى أنا قبضت منة خمسين وقبض الميت قبل موتة خمسين وكتبت لة براءة بمائة فصدقة الغريم ، قال يغرم الغريم خمسين فإن لم يوجد عندة شىء أخذت من الوصى ورجع بها الوصى إلى الغريم . ولو قال الغريم : ما دفعت إلى الميت إنما دفعت المائة إلى الوصى برىء الغريم ولزمت الوصى لأنة ما ثبت على الغريم بينة وقد أقر الوصى بقبض ما للميت علية ويحلف الغريم أنة دفعها إلى الوصى .
قال ابن المواز : إذا كتب لهم الوصى براءة / بمائة دينار منها خمسون قبضها 118/ظ الميت ومنها خمسون قبضتها أنا منهم والورثة صغار فلا يبرؤون إلا من الخمسين التى قبض الوصى وما قال الميت قبضة فهو فية كشاهد إن حلفوا معة برئوا من المائة إن كان عدلا .
قال ابن المواز وابن عبد الحكم : وإن أقر الوصى أن صانعا كان استصنعة الميت شيئا من حلى يصنعة أو ثوبا يصبغة بجعل فقال الوصى قد قبضتة من الصانع بعد أن عملة فذلك يبرأ منة الصانع إن كان بين الورثة وكذلك لو واجر
[9/301]
***(1/296)
[9/302]
الميت على بناء يبنية فقال الوصى قد بناة وفرغ منة أو حفر بئرا وفى حكل متاع فاقر الوصى بعد موت الميت أنة فعل ذلك بعد موت الميت فالوصى مصدق . فإن قال قبل موت الميت فهو كشاهد يحلف معة الصانع إن كان عدلا .
وإن قال الوصى قد كان دفع الصانع إلى الميت وأنكر الورثة لم يبرأ الصانع بقول الوصى ، وإن قال قبضت منة ما استصنعة الميت وفى الورثة كبار فإن حق الأصاغر يسقط عن الصانع ويلزمة حق الكبار من ذلك لو أقام الصانع بينة بدفع الجميع إلية لم يبرأ من حق الكبار ويضمن الوصى حق الكبار أيضا لتعدية فية ويرجعون بذلك إن شاءوا علية أو على الصانع ، فإن رجعوا بة على الوصى لم يرجع بما ودى عن الصانع وإن رجعوا على الصانع رجع الصانع بذلك على الوصى . وإن قال الوصى ضاع الجميع من يدى فلا يضمنون نصيب / الصغار ويضمنون حق 119/و الكبار ويضمنة الصانع يرجعون بة على أيهما شاؤوا .
وإذا قال الوصى : قبضت ذلك وهم فى ولائى وقد رشد الآن بعضهم فلا يصدق فى حصة من رشد .
وإذا غرم الصانع حصة الكبار رجع بة على الوصى حين لم يتوثق بالإشهاد على الكبار فى دفعة إليهم .
وإذا أقر الوصى أنة قبض دين الميت على فلان وفى الورثة ولد أكابر وزوجة فلم يجيزوا قبضة ، فقبضة فى حصة الصغار جائز ولا يجوز قبضة على الزوجة والأكابر ولهم طلب الغريم بحظهم ويرجع الغريم على الوصى .
ولو هلك الجميع بيد الوصى فنصيب الصغار منهم ونصيب الكبار ويرجعون بة إن شاءوا على الغريم ويرجع بة الغريم على الوصى .
وإذا أقر الوصى أنة قبض ما للميت عند فلان من وديعة وقراض برىء بذلك فلان ، يريد والورثة صغار ، وإن أنكر الوصى لم يبرأ المودع والعامل . وإن كان أخذ ذلك من الميت بغير بينة لأنة دفع إلى غير اليد الذى دفعت إلية فلا يبرئة إلا البينة كما لا يبرأ الوصى بدعواة الدفع إلى اليتامى بعد بلوغهم إلا
[9/302]
***(1/297)
[9/303]
ببينة ، والموكل بالبيع يقبل قولة فى قبض الثمن مع يمينة ، لأنة ولى معاملتة وأذن لة فى القبض منة .
قال ابن عبد الحكم : ولو قال الوصى قد اقتضيت ما للميت قبل فلان فطلبة بة الورثة فقال اقتضيتة فلم لى شيئا فذلك لة وعلية اليمين وقد يقتضى ولا يقبض . وكذلك إن قال : اقتضيت مالى قبل فلان فليس / بالإقرار بالقبض إذا 119/ظ حلف ، وكل مدع بالدفع إلى الوصى ممن للميت عندة دين أو وديعة فعلية البينة إذا أنكر الوصى ، لأنة دفع إلى غير من عاملة .
وإذا كتب الوصى على الوارث أنى دفعت إليك نصيبك من كل دين تركة فلان على الناس فذلك يلزمة وإن لم يسمة .
قال ابن المواز : وإذا أقر الوصى أنة قبض من غرماء الميت ما كان لة عليهم قبل موتة فذلك يلزمهم إذا كان على الورثة وإن لم يقر الوصى حتى ولى أيتامة أنفسهم لم يصدق وهو كشاهد للغرماء إن حلفوا وكان عدلا بهذا وإلا غرم الغرماء ورجعوا على الوصى إذا لم يتوقف .
وإن كانوا صغارا فقال قد قبض الميت دينة فلا يبرأ وهو كشاهد كما ذكرنا وقالة أشهب . وإذا أقر الوصى أن الميت أوصى لفلان بالثلث فهو كشاهد ، وإن شهد لمن لا يلى علية جازت شهادتة وحلف معة من يقضى لة ، وإن دفع الوصى إلى أحد يتيمية ألف دينار بعد أن بلغ ورشد فقال هذا حقك ثم بلغ الآخر فطلب حقة فقال الوصى : حقك فيما أخذ أخوك وما كان لأبيكما عندى غيرها فلا يقبل منة ويغرم ألف دينار أخرى للثانى .
فإن كان عديما لم يرجع هذا على أخية لأن الوصى أقر للأول أنة حقة فلم يتعد فيما قبض .
وشىء من إقرار الوكيل فى باب جامع الإقرار فى البيع .
[9/303]
***(1/298)
[9/304]
فى إقرار الأب على الصبى
/ من كتاب ابن سحنون قال : وإذا أقر الأب أن ابنة الصغير غصب شيئا 120/و فإنما هو شاهد ولا يجوز إقرارة علية بذلك ولو أقر علية أنة تداين بدين لم يجز ذلك لأن مداينتة لا تلزمة .
وكذلك إقرار الوصى(1)على يتيمة بمثل ذلك وكذلك إقرار الأب أو الوصى على من يلية من مغلوب على عقلة أو مجنون أنة تداين بدين فذلك غير لازم لة ، وأما إقرارة علية بغصب أو جراحة أو لفساد قال : فهو فى ذلك كالشاهد لا كالمقر .
إذا أقر علية بعتق أو طلاق لم يلزمة وإن أقر بة على ابنة الكبير أو ابنتة التيب فهو فى معنى الشاهد . وإن كان الأب عبدا والابن حرا لم يقبل إقرارة علية ولا شهادتة . ولو كان حرا والابن عبدا مكاتبا لم يجز إقرارة علية وكان كشاهد علية .
فى الإقرار بالشركة المفاوضة والتداعى فى ذلك
من كتاب ابن سحنون : ومن أقر فقال : فلان شريكى مفاوضة فقال فلان نعم أو قال أجل أو قال صدق أو هو صادق أو هو كما قال فهذا كلة واحد وهما شريكان فيما بيد كل واحد منهما من مال عين لهما أو دين أو لهما من دين أو بأيديهما من عروض أو رقيق أو حيوان أو ربع أو عقار أو أشقاص فى رقيق أو دار أو متاع وعروض من متاع التجار إلا ما بيد كل واحد مما يأكل من طعام وكسوتة وكسوة أهلة مما يلبسة / مثلة أهلة ويأكل ويلبس أهلة فهذا لة خاصة فى 120/ظ إجماعنا .
قال ابن القاسم : وكذلك إن أقام كل واحد منهما بينة أن فلانا شريكة مفاوضة فإن كل ما بيد كل واحد منهما إلا ما أقام أحدهما فية البينة أنة لة
[9/304]
***
__________
(1) هنا انتهت المقابلة من هـ .(1/299)
[9/305]
بميراث أو هبة أو صدفة إذا كان لة قبل أن يفاوضة وأنة لم يفاوض علية ، يريد وأما ما ثبت ببينة أنة ورثة بعد المفاوضة أو وهب لة فهو لة خاصة .
قال سحنون : والذى أقر بالمفاوضة إن من كان لة أم ولد أو مدبرة فلا تدخل فى المفاوضة ، وأما المكاتب كاتبة أحدهما فإن الكتابة بينهما إلا أن يكون كاتبة بغير إذن سيدة فتفسخ الكتابة ويرجع عبدا بينهما .
وإذا قال أحدهما : أودعنى فلان وديعة فخلطتها فى المال أو أنفقتها على نفسى ففيها قولان : أحدهما أنة مصدق كما لو تسلف ما أنفق على نفسة أو قال رددتة فى المال ، والقول الآخر : لا يصدق ، لأنة خلطها ، وقبول الودائع ليس من التجارة فيصدق فيها ولزمتة فى حصتة .
ولو قال : تسلفت وأفقت على نفسى كان مصدقا وإذا قال طائفة من هذا المال ورثتة فإنة لا يصدق .
وكذلك إن قال هو من وديعة أو مضاربة لأبية أو لأمة أو لولدة فلا يصدق .
وإذا قال : فلان شريكى مفاوضة أو مفاوض فى الشركة أو أنا مفاوضة وصدقة الآخر فهما متفاوضان .
وإن قال أحدهما : فلان شريكك معنا فى سلع كذا أو فى تجارة كذا فهو / كما قال ولا ينظر إلى إنكار الشريك .
وإن قال : فلان مفاوض معنا فى جميع مالنا فلا يلزم ذلك شريكة ويلزم ذلك المقر فى حصتة ويصير شاهدا على شريكة يحلف معة المدعى إن شاء ويقض لة ، فإن كان أو لم يكن المقر عدلا فللمقر لة ثلثا ما فى يدى المقر وأهل الذمة والمسلمون فى المفاوضة سواء .
وإن أقر مسلم بمفاوضة ذمى أو ذمى بمفاوضة مسلم لزمة وإن كنا نكرة لة شركة الذمى فإذا أقر حربى بشركة عبد مسلم بمفاوضة وهو مأذون فذلك لازم لهما ، وكذلك إقرار المأذون والمكاتب بمفاوضة حر أو عبد مأذون .
[9/305]
***(1/300)
[9/306]
ومن أقر لصبى تاجر أنة مفاوضة لزمة ذلك للصبى فيما فى يد الكبير ولا يلزم ذلك الصبى فيما فى يدية صدقة الصبى أو كذبة .
ولو أقر صبى أنة مفاوض لكبير أو صغير فإقرارة باطل .
وقال غيرنا، يلزم إقرار الصبى بالمفاوضة ويلزمة تصديقة للكبير فيما فى يد الصبى.
قال محمد : وهذا خلاف السنة ، أجمعت العلماء أنة إن أقر بعتق أو كتابة أو قتل أو رهن أنة لا يصدق ، وكذلك المرتد يقر بالمفاوضة ثم يسلم .
وإذا أقر رجل لآخر بشركة مفاوضة والآخر منكر فلا شىء لكل واحد منهما فيما بيد ضامنة .
ولو قال منكر : ليس لك فيما فى يدى شىء وأنا شريك لك فيما فى يديك غير مفاوضة فالقول قولة مع يمينة. فإذا أقر لصبى لا يتكلم بشركة مفاوضة فصدقة أبوة فإن ما فى يد الرجل بينهما فى إجماعنا ولا يكونان(1)متفاوضين / لأن 121/ظ الصبى لا يتكلم . وفيما جامعونا فية من هذا دليل على صحة قولنا فى إقرار الرجل الصبى التاجر أنة مفاوضة .
وكتب ابن سحنون فيمن أقر عن موتة فقال : كل مال فى يدى فثلثة لى وثلثة لفلان بعد أن يؤدى عنى لفلان كذا وكذا دينارا غير هؤلاء فقال من أقر لهم بالشركة بحق شركائة والدين علية خاصة ، وقال ورثتة إنما أقر لكم بالشركة بعد أن يؤدى عنة الدين .
قال سحنون : لا يثبت إقرارة لهم إلا بأداء الدين لأن الشركة إنما تثبت بإقرارة .
[9/306]
***
__________
(1) فى الأصل ، ولا يكونا بإسقاط نون الرفع .(1/301)
[9/307]
فى إقرار أحد المتفاوضين فى الصحة أو فى المرض وأفعال أحدهما ومعروفة وجناياتة
من كتاب ابن سحنون : قال أصحابنا وأهل العراق : إذا أقر أحد المتفاوضين بدين لزمهما جميعا ولا ينفع شريكة إن جحدة .
قال ابن القاسم : إذا كان دين من تجارتهما إلا لمن يقر بة لمن يتهم علية مثل الولد والأبوين والزوجة والجد والجدة والصديق الملاطف وكذلك إن أقر بوديعة بعينها لفلان أودعنيها ولو قال إنة استهلكتها لزمة فى حصتة دون شريكة وكذلك ما أقربة
من جناية أو غصب فقال أهل العراق : إذا أقر باستهلاك الوديعة أو بغصب مال فذلك يلزمها جميعا ولو قال شريكة كان هذا قبل المفاوضة لم يقبل منة .
قال محمد : وإذا كان الغصب والجناية ليس من التجارة فكيف لزم شريكة ؟ أرأيتم إن أقر أنة قتل دابة فلان أو أحرق ثوبة / أو أكل طعامة غصبا ؟ 122/و فإن ألزموا هذا شريكة لزمهم أن يلزموة إقرارة الآخر أنة قطع إصبع رجل خطأ أو قتل عبدة عمدا أو افتض امرأة حرة غصبها نفسها وهذا لا يقولة أحد من الأمة فهذا يدل أن الجنايات لا تلزم شريكة .
وإذا كفل أحدهما بمال أو ضمنة عن رجل فذلك عندنا علية خاصة وقالة بعض العراقيين . وقال بعضهم : يلزم ذلك شريكة وقال هذا من تجارتهما ، وقال أصحابنا : لا يلزم ذلك شريكة لأنة من المعروف ، وكذلك إن تزوج أحدهما أو آجر نفسة فى عمل الطين والطوب أو الحمل على رأسة .
وإن أقر أحدهما بقبض دين من الشركة إذا بناة جميعا أو أحدهما فإقرارة جائز على شريكة فى إجماعهم .
قال ابن القاسم وسحنون : إذا أخر استيفاء مالة على وجة التجارة قال ابن القاسم فإن أرارد بة المعروف فقط أو وضع لة منة لزمة فى حصتة ولا يلزم شريكة . وقال سحنون : ويلزمة فى حصتة إن كان مال غير مال المفاوضة فيرد
[9/307]
***(1/302)
[9/308]
منة إلى مال الشركة مثل ما أخرج منها ، وإلا لم يجزم ، وإذا أقر أحدهما بإجازة أجير أو دابة أو دار من الشركة لزمهما ، ولو أقر أحدهما بشىء من شركتهما لرجل من عين أو حيوان أو رقيق أو دار أو مما يكال ويوزن فذلك يلزم شريكة فى إجماعنا .
وقال العراقيون معنا فى إقرار لامرأتة ونفقتة لها أنة لا يلزم شريكة وهذا حجة عليهم فى الغصب والاستهلاك ، ولو أقر أحدهما أن على شريكة / مهر امرأتة أو 122/ظ نفقة لها أو جناية لها أرش جناها على رجل فلا يلزم المقر ذلك وهو كشاهد تحلف معة المرأة والمجنى علية ويقضى لهما فى مال المشهود علية . وإن قالت : كفلت لهم بذلك عنة فذلك يلزمة دون صاحبة ، ولو أن امرأة مفاوضة أقرت أنها اختلعت بشىء من مال الشركة من زوجها لزمة ذلك دون شريكها فى إجماعنا . ولو ادعى أحد الشريكين أن الآخر أنفق من الشركة نفقة على نفسة لزمة ذلك فى خاصتة ولو أقر أحدهما أن على شريكة دينا قبل الشركة لفلان وشريكة منكر وقال الطالب هذا الدين فى الشركة ففيها قولان : قيا إنة شاهد لو ادعى الطالب شهادتة قضى بذلك مع يمينة فلما ادعى خلاف ذلك لم يلزم المقر شىء ولا يكون للطالب شىء ، والقول الآخر أن الدين يلزمهما لأنة أقر بة فى وقت هو مأخوذ بالإقرار .
ولو أقر الذي أنفق عليه على نفسه بالمال قبل الشركة وادعي الطالب أنه عليه في الشركة فإن المال لازم له ولشريكه ولا يصدق واحد منهما على دفع ذلك عن نفسه .
وفي القول الآخر يلزم الذي أقر عليه ثم أقر هو على نفسه يلزمه في ماله خاصة ودعوي الطالب أن ذلك كان في الشركة لا يصدق فيه ولا يلزم المقر الأول شئ .
وإذا أقر أحدهما أن لفلان عليه ألف درهم فقال الآخر بل لفلان آخر فإنه يلزمهما المالان جميعا لأن / إقرار أحدهما كإقرارهما .
وقال ابن القاسم : ولو مات أحدهما ثم أقر الحي بدين كان في الشركة لزمه ذلك دون صاحبه ، وقال أهل العراق : لأن المفاوضة قد انقضت .
[9/308]
***(1/303)
[9/309]
وقال ابن سحنون : يلزم ذلك في المال الذي كان بينهما وكذلك قال ابن القاسم .
ولو قال : قد رهنا متاعا من الشركة عند فلان وقال ورثة الميت في ماله . وكذلك لو أقر أحدهما بدين من الشركة بعد المفاصلة فيها فذلك يلزم شريكه عند سحنون .
وفي قول غيرنا يلزم المقر دون صاحبه ويحلف صاحبه ، وفي قول ابن القاسم :
يلزم المقر النصف في حصته وهو شاهد للطالب فيحلف معه ويستحق النصف الآخر في مال الشريك . ومن ادعي عليهما بدين فأنكرا فأحضرهما إلي الحاكم فأقاما لطخا فحلف أحدهما ونكل الآخر أن الطالب يحلف يلزمهما المال جميعا .
وإذا أقر أحدهما أنه أنفق على نفسه في المال أنها له خاصة في ميراث لم يصدق ، ولو قال : إن ذلك وديعة لابنه أو للآمه أو لولده أو مضاربة لأحدهما لم يصدق ، ولو أقر أحدهما بوديعة خلطها في مال فليس هذا من التجارة ولا يلزم / 123/ظ
شريكة اقراره وذلك يلزمه في حصته وإذا أقر أحدهما بشئ من السلع فهو مصدق على شريكه .
قال ابن سحنون قال ابن القاسم وسحنون وغيره من اصحابه في المتفاوضين يمرض أحدهما مرضا يموت منه وعليهما دين محيط فأقر المريضلمن لا يتهم عليه درهم من الشركة وجحد ذلك الصحيح أو أقر بها الصحيح وجحدها المريض فذلك سواء ويلزمهما جميعا بإقرار أحدهما أو بإقرارهما ويحاص بها من داين المريض في صحته .
ولو أقر الصحيح منهما بدين لوارث المريض فإن الصحيح يلزمه نصف ما أقر به لوارث المريض في حصته ، فإن كان عدلا حلف معه الوارث وأخذ النصف الآخر من نصف المريض ، وإن كان غير عدل لم يلزم الصحيح إلا نصف المال ولو أبي الوارث أن يحلف لأخذ من حصته المقر نصف الدين أيضا ، وإذا مرضا
[9/309]
***(1/304)
[9/310]
جميعا فأقر أحدهما بدين لمن لا يتهم عليه ثم مات المقر وبرئ الآخر فإنه يلزم المقر نصف المال في حصته والنصف على الشريك الآخر الذي أحلفه(1)
قال أصحابنا : وإقرار المتفاوضين يلزمهما جميعا كان عليهما دين في الصحة أو لم يكن ، فإقرار المريض منهم جائز بالدين والوديعة والمضاربة والشركة جائز ذلك عليهما كالصحيح كان عليهما دين أو لم يكن .
فإن كان عليهما دين في الصحة حاص الذي أقر له بالدين أحدهما في مرضه أهل الدين في الصحة إن لم يتهم أن يكون ذا قرابة أو صديقا ملاطفا .
قال / اصحابنا لم يجيزوا إقرار أحد الشريكين يريد المتفاوضين للابويه أو 124/و
لولده أو لزوجته أو لجده أو جدته بدين من الشركة ولا لصديق ملاطف ، وأجاز محمد بن عبد الحكم إقرار المريض بالدين للصديق الملاطف .
وكذلك ينبغي على قوله في إقرار أحد المتفاوضين للصديق الملاطف على قوله في صحته أو مرضه .
قال سحنون قال صاحبنا : وإذا أقر أحد المتفاوضين في مرضه أنه تكفل بألف درهم في صحته لزمه ذلك في ماله خاصة لأنه معروف وليس لأحدهما صنيع المعروف في مال الشركة ، وكذلك ما غصب أحدهما أو جني أو تزوج أو خرق ثوبا أو آجر نفسه في حمل على رأسه ونحوه فلا يلزم شريكة من ذلك شئ ولا له أن يدخل معه فيما أصاب .
وإذا قال المفاوض لأجنبي ما ناب لك قبل فلان فهو على أو ما قضي لك عليه ، ثم مرض الضامن من قبل أن يقضي على فلان ثم أقر فلان بألف درهم لفلان فقضي بها القاضي عليه فلا يلزم شريك الضامن من ذلك شئ وذلك على الضامن في ماله .
ولو باع أحدهما دارا من الشركة وتكفل بالدرك فإن درك الدار عليهما لأن ذلك من الشركة .
[9/310]
***
__________
(1) كلمة غير واضحة في الأصل(1/305)
[9/311]
ولو مات الضامن وعليخ دين محيط فالحصاص في مالها للغرماء ولصاحب الدرك وكفالته في المرض فيما يباع منه من الشركة لازم في شركته وكفالته في غير >لك في ماله خاضة لأنه معروف .
/ في إقرار بالشركة غير المفاوضة
وذكر المفاوضة في نوع التجارة
وذكر إقرار أحد الشريكين في ذلك كله
من كتاب ابن سحنون : وإن أقر أنه شريك فلان في كل قليل وكثير وقال الآخر نعم فهما شريكان فيما بيد كل واحد منهما كالمتفاوضين إلا أنه لا يجوز إقرار أحدهما بالدين ولا بالوديعة .
ولو أقر أنه شريكه في التجارات وصدقه الآخر كان ما بأيديهما من المتاع للتجارة بينهما ولا يدخل في ذلك مسكن ولا خادم ولا طعام ، فإن كان في يد أحدهما دار فقال هذه ليست من تجارتنا فهو مصدق مع يمينة إلا أن يقيم الآخر بينة أنه من الشركة أوأنه كان في ديية يوم أقر ، ولو أقر أنه كان في يدية يوم أقر كان من الشركة ، لأن العين هي من التجارة ، ولو كان بيده متاع من متاع التجارة فقال : ليس هذا من التجارة ولم يزل في يدي قبل الشركة والتجارة ، كان هذا في الشركة بينهما ولا يصدق في إجماعنا .
ولو قال : فلان شريكي ولم يسم شيئا ثم قال : إنما عنيت في هذا الدار والخادم فهو مصدق مع مينة في إجماعنا .
وإن قال : هو شريكي في المتاع الرطني(1)خاصة صدق .
ولو قال في كل تجارة وقال الآخر أنا شريكك فيما في يديك ولست شريكي فيما في يدي فهو مصدق مع يمينه .
[9/311]
***
__________
(1) الرطني وكتبت في مكان آخر الوطنى ولم يتضح لنا معنى ذلك .(1/306)
[9/312]
وإن قال في يديه فلان شريكي فيما فيه فأدخل فيه عدلا ذهبا ثم قال هو من غير الشركة / وقال الآخر قد كان في الحانوت يوم إقراره وقد ثبت أنه أدخلها 125/و الحانوت بعد إقراره فالعدل للمقر خاصة ، وكل ما وجد في الحانوت بعد الإقرار فلا يقبل قوله أنه أدخله فيه بعد الإقرار وذلك بينهما حتي يقيم هذا بينة أنه أدخلة ويصدق أنه أدخله بعد الإقرار أن يقيم الآخر بينة لأن ما في الحانوت غير معلوم .
قال محمد : وقوله الأول أحب إلي .
وإذا قال : فلان شريكي في كل تجارة فصدقة فلان ثم مات أحدهما وبيده مال فقال ورثته إنما أفاده من غير الشركة فالقول قولهم مع أيمانهم وعلي الآخر بينة ، وإن أقر أنه كان في يديه يوم أقر بالشركة وهو من التجارة أو قامت بذلك بينة فهو من الشركة .
وإن كان للميت صك باسمه على رجل تاريخة قبل الشركة فهو مشترك بينهما في إجماعنا ولا يصدق ورثة الميت بأنه له خاصة ، وإن كان تاريخه بعد الشركة فقال الورثة ليس من الشركة فإنه من الشركة عندى ، وقال أشهب وغيرنا : القول قول الورثة مع أيمانهم .
ومن في يديه رحي فقال : فلان شريكي فيها ثم ادعي أن أداتها له خاصة فإن الرحي وأداتها بينهما في قول سحنون ، وهو قول ابن القاسم وأشهب وغيرنا أن الذي بيده الرحي مصدق ويحلف .
وكذلك كل عامل في يديه حانوت فيما يعمل به ذلك العمل فيدعيه المقر لنفسه بينهما فإنه بينهما وفي قول ابن القاسم / وأشهب وسحنون وغيرنا أنه 125/ ظ مصدق
وقال ابن القاسم فيمن أقر أنه أصاب في زرع ثلاثين مدا وقال هي بيني وبين فلان شاركني في الحرث وقد أنفقت على الدوراب والعمل عشرة أمداء وبذرت خمسة أمداء وكلامه متصل وقال الآخر ما له عندي من نفقة الأعوان ولا من الزريعة شئ والثلاثون مدي بيننا ، فإن أقام المقر بينة أنه ولي الحرث معه فالمقر
[9/312]
***(1/307)
[9/313]
مدع ، وإن كان المقر هو ولي العمل والزراعة فهو مصدق مع يمينه ، وإذا قال : فلان شريكي فيما اشتريته من الوطنى(1)وفي يديه منه عدلان فقال اشتريت واحدا وورثت الآخر فهو مصدق مع يمينه .
ولو كان اشتراهما وقال واحد منهما من غير مال الشركة فهو مدع والعدلان بينهما إذا ادعي ذلك صاحبه في قول سحنون وقولي .
وقال أشهب وغيرنا : القول المقر مع يمينه ، ولو قال الذي هما في يديه هما للتجارة جميعا ثم قال واحد لي خاصة فلا يصدق ويكونان من الشركة .
وقال أشهب وسحنون : القول قول ذلك في يديه .
وقال هو شريكي في كل وطني(2)قدم من الأهواز أمس ثم أقر أن عشرة أعدال قدمت أمش من الأهواز فقال : واحد منهما لي وآخر بضاعة لفلان ، وقال الآخر : كلها من الشركة ، فإنها تكون كلها من الشركة إلا العدل البضاعة فهو فيه شاهد فيحلف المدعي معه ويأخذه فإن لم يحلف أو كان المقر غير عدل فإنه يصدق في حصته ولا يصدق في حصة شريكة .
وقال غيرنا : يضمن لصاحبة / البضاعة نصف العدل لأنه أتلفه بإقراره 126/و الأول وقوله أنه لايضمن .
وإذا كان عبد بين شريكين وأقرا أنه من شركتهما ثم قال أحدهما وهو غير عدل إن فلانا أودعه عندنا فإنه يصدق في حصته لا في حصة شريكة ولا يضمن شيئا في إجماعنا . وهذا يرد قولهم في المسألة الأولي .
فإن قيل : لم يكن في يديه غير النصف ، قيل وكذلك الأعدال .
وإذا قال : فلان شريكي في هذا الدين الذي على فلان فقال المقر له أنت أذنته بغير إذنى ولا شركة بيني وبينك فإن المقر هو باع البيع وقبض الدين فالمقر له
[9/313]
***
__________
(1) تقدم لنا أنها كتبت في مكان آخر الوطنى ولم يتضح لنا معناها .
(2) تقدمت الإضارة إليها في التعليقين السابقين .(1/308)
[9/314]
مخير بين أن يجيز البيع ويأخذ نصف الثمن وإلا أخذ نصف القيمة يوم تعدي عليه ، فإن كان الدين لم يقبض فالمقر ضامن لنصف القيمة وهو مصدق في نصفها إن خالفه الآخر ويحلف الآخر ما أمره .
ولو قال المقر : أنت بعت المتاع وليس في الصك ذكر من باعه وكتبت الصك باسمي فالمقر مصدق أنه لم يبع المتاع مع يمينه والصك بينهما ، ولو طلب المقر تضمين من عليه الدين نصف قيمة المتاع وقال الغريم إنما باعنى من الصك باسمه فالقول قوله مع يمينه ولا يصدق على الصك باسمه في التضمين ويكون الصك بينهما
قال سحنون في شريكين في حانوت بمال يبيعان فيه ويشتريان وأحدهما ساكن في الحانوت فيقول قد ذهب ماكان من متاع الشركة وهذا المتاع لي خاصة فإن القول قول الساكن ويحلف .
قال ابن سحنون : وإذا اشتركا في نوع / من التجارة تفاوضا فيه مثل أن 126/ ظ يشتركا في شراء البر وبيعه أو شراء الرقيق وبيعها وهي شركة عنان في قول غيرنا فأقر أحدهما بدين عليهما من ذلك النوع وأنكر صاحبه فإن ذلك يلزمهما جميعا ، وإن أقر أحدهما بدين عليهما في ذلك وأنكر الآخر فلا يصدق على شريكة وهو كشاهد عليه ومقر على نفسه فيؤخذ بما أفر به على نفسه ويحلف الطالب مع شهادته في النصف الآخر على شريكة إلا أن يقول أنا وليت الدين وحدي فيلزمة الدين وحده .
ولو قال وليناه جميعا لم يلزمه إلا نصف وهو شاهد على شريكة في النصف الآخر .
وإن أقر بعبد من الشركة التى تفاوضا فيها لزم ذلك شريكه إلا أن تكون الشركة في شراء سلعة بعينها فلا يلزم شريكة ما أقر به .
ولو أقر بوديعة بعينها في أيديهما لم يلزم ذلك شريكة إن انكر ويلزمة النصف من ذلك ويحلف الطالب في النصف الآخر لقد أودعتكما ذلك جميعا ويأخذ النصف الأخر
[9/314]
***(1/309)
[9/315]
في إقرار أحد الشريكين شريكه
فيما هما فيه شريكان من ربع أو غيره
وكيف إن أقر بثلث من دار من الشركة
أو بثوب من الثياب أو من غيره ؟
من كتاب ابن سحنون : ولو أن دارا بين رجلين أقر أحدهما أن خشبه من بين منهما لرجل وأنكر الآخر فليحلف مع شاهده وتكون له قيمة الخشبة عليهما وإن نكل أو لم يكن المقر / عدلا فعليه لفلان نصف قيمه الخشبة وكذلك في 127/و
إقراره بعمود قد بني عليه . وكذلك بعةد في قبوة أو باب ، فإن حلف وكان أخذ اللوح ليس بفساد أخذه وإن كان فسادا أخذ منهما وإن لم يحلف فإنما له نصف قيمته على المقر .
قال بعض أصحابنا : إلا أن يقر أنهما غصبا الخشبة فأدخلاها في السقف فلربها انتزاعها أو يضمنهما قيمتها إن شاء ، وإن كانت دارا بين رجلين فأقر أحدهما أنهما بينهما وبين فلان أثلاثا وقال الآخر إنها بينهما وبين المقر له ، ثم قال بعد ذلك وبين آخر أرباعا فإن للذي أقرا له جميعا ثلثها ويأخذ المقران كل واحد ثلثها ثم يرجع المقر له على الذي أقر له بربع ما في يديه وهو نصف سدس الدار ولو كان أقرا له وللآخر إقرارا متصلا فإن الذي أقر له جميعا من نصف المقر الذي أقر به وحده ثلث ما في يديه وهو سدس الدار .
ويقال للذي أقر لاثنين غير شريكة قد أقررت أن ما لك في الدار ربعها وذلك ثلاثة أسهم من اثني عشر وفي يدك ستة فادفع ثلاثة منها للذي أقررت لهما فيكون ذلك بينهما نصفين .
وقال غيرنا : إن الذي أقر بالأرباع يعطي للذي أقرا له جميعا ربع ما في يديه ويقاسم الآخر ما بقي في يديه نصفين ويضم الذي أخذ الربع ما أخذ إلي ما في يد الذي أقر له بالثلث فيقتسمانة نصفين وذلك من ستة عشر سهما للذي أقر بالأرباع ثلاثة ولصاحبه الذي لم يقر له الآخر ثلاثة وللذي أقر له بالثلث خمسة / 127 /ظ
وللذي أقرا له جميعا خمسة .
[9/315]
***(1/310)
[9/316]
وقال في دار بين رجلين فأقر أحدهما أن نصيبة منها لفلان أو قال نصيبي منها له فذلك جائز في إجماعنا .
وكذلك يعتبر جميعها من نصيبة خاصة أو ثلثها من نصيبي خاصة فذلك جائز ؟ وكذلك في العبد والأمة والأرض ، وإن أقر أن لي ربع الدار وثلاثة أرباعها بيني وبين شريكي نصفين وجحد شريكة فإن كان المقر عدلا حلف معه الطالب وقضي له بربعها وإن نكل أو كان المقر غير عدل فللشريك الجاحد نصف الدار وللمقر ثلاثة أثمانها وللمقر له الثمن سهم من ثمانية من نصف المقر .
ولو أقر بجميع الدار فإنما له نصف المقر والنصف الآخر لصاحبة إلا أن يكون المقر عدلا فيحلف معه الطالب ويقضي له بالنصف الآخر .
ومن كتاب ابن سحنون وكتاب ابن المواز : وإذا كانت دار بين رجلين فأقر أحدهما ببيت منها بعينة لرجل وأنكر شريكة فإن نصيب المقر من المنزل للمقر له ويحلف مع شاهدة المقر ويستحق باقية فإن نكل أو كان المقر غير عدل قال ابن سحنون : قضي له بنصيب المقر من البيت فيكون بينه وبين الشريك .
وكذلك في إقراره بطريق في الدار لرجل أو لحائط بعينه والآخر منكر وكذلك البستان والقراح(1)والأرض .
وقال ابن المواز : إذا نكل أو كان المقر غير عدل في إقراره بالبيت لرجل فإنه يقال للذي أنكر إن / رضيت أن يكون المنزل وحده بينك وبين المقر له وباقي المنزل بينك وبين شريك المقر جاز ذلك وإن لم ترض بتبعيض القسم فذلك له فتقاسم المقر الدار نصفين .
فإن صار البيت في حظ المقر لزمه إشلامة لمن أقر له وإن وقع في حظ المنكر قيل للمقر إن الذي أقررت له شريك لك في كل ما صار لك بقدر قيمة نصف البيت من قيمة باقي نصف الدار مثل أن تكون قيمة الدار غير البيت
[9/316]
***
__________
(1) القراح : المزرعة التى ليس عليها بناء ولا فيها شجر والجمع أقرحة .(1/311)
[9/317]
ثلاثين دينارا وقيمتها بالبيت خمسون فصار شريكم على خمسة أجزاء لك ثلاثة أحماسة وله خمساه .
قلت : فإذا وقع في سهمة لم ألزمته تسليم البيت وهو كأنه فداه ببعض الدار كمن فدي من العدو شيئا أو من لص ؟
قال العدو لهم شبهخ ملك فله الرجوع بما فدي ولا يرجع بما أعطي للص . وكذلك هذا فداه من يد جاحد فهو كالغاصب .
قال : وإن صار هذا البيت بين الشريكين في القسم فليسلم المقر النصف الذي صار له من البيت للمقر له / وإن صار له ربعه سلم ذلك الربع ، ويكون شريكا بقيمة الربع الباقي في باقي نصف الدار الذي صار له بلا بيت .
قال محمد بن عبد الحكم : إذا أقر أحدهما ببيت من الدار بعينه لرجل والآخر منكر فليقسم الدار فإن وقع البيت في نصيب المقر دفعة إلي من أقر له وإن وقع في سهم الذي لم يقر رجع المقر له على المقر بما أخذ عوضا عن نصف البيت فيقال كم قيمة نصف البيت ؟ / فيقال عشرون دينارا ثم يقال ما قيمة 128 / ظ
نصف الدار بغير البيت ؟ فيقال ثلاثون دينارا فقد صار النصق الذي صار للمقر بينة وبين المقر له على خمسة أسهم للمقر ثلاثة وللمقر له سهمان .
وقال أبو حنيفة : يضرب المقر له بقيمة البيت كله ويضرب المقر بقيمة نصف ما بقي من الدار وهذا غلط ، لأن الذي صار إليه نصف الدار فإنما صار إليه عوض نصف البيت وإنما جعلنا له جميع البيت لو صار في حظ المقر لأنه لو اشتري بيتا ثم أقر أنها لآخر لوجب أن يدفعها إليه وكما لو بيعت ولم تقسم لم يكن على المقر من نصف ثمنها إلا نصف قيمة البيت وليس عليه غرم نصف المنكر . وكذلك لو غضبت لهما أو هدمت فأخذا قيمتها .
ومن كتاب ابن المواز وابن عبد الحكم : ولو كانت ثيابا بينهما فأقر أن ثوبا منها بعينة لرجل فإن حصة المقر منه للمقر له ولا يقسم لهذا جميع الثياب إذا لا ضرر في ذلك وإنما الضرر في الدار .
[9/317]
***(1/312)
[9/318]
قال ابن عبد الحكم : وقد قيل إنه إذا لم يكن له ان يبيع نصف ثوب منها من رجل لم يكن له تبعيض ذلك على صاحبة بالإقرار ولو جاز أن يقر بنصف ثوب لرجل و. وكذلك الرقيق والحيوان .
قال ابن المواز : وقد قيل هو مثل منزل لا يحكم فيه إلا بعد مقاسمتها .
قال ابن عبد الحكم : ولو أقر في ضمح بينه وبين رجل أن لرجل فيه إردبا من حصتى لزمه ذلك في حصته منه يأخذ منها إردبا وكذلك في التمر والزبيب والخل والعسل والزيت .
قال : وإن أقر / في سيف بينه وبين رجل أن حليته والشريك منكر 129 / و
فلا تقلع حليته لأن ذلك ضرر على شريكة ولكن يباع جميعه بحليته فيعطي للمقر له نصف حصة الحلية مصوغا من الثمن .
قال ابن المواز : يعطي من الثمن نصف قيمة الحلي مصوغا من قيمة نصف السيف بلا حلي كما لو أقر له بجذوع من دار بينه وبين رجل أو بعمود أو بخشبه .
قال ابن سحنون : وإن كان عدلا حلف معه الطالب واستحق ، فإن لم يكن عدلا أو نكل للطالب فله نصف الحلية ينقضها ويقسم بالوزن بينهما .
وقال غيرنا : يضمن نصف قيمتها ذهبا ولا يجوز الإقرار .
وقول سحنون في نقض الحلية بقول المقر سلا أدري وجهة ، وقول ابن المواز وابن عبد الحكم أبين .
وقال أصحاب أبي حنيفة : إن المقر يضمن نصف قيمة الحلية من الذهب وهذا غلط : كيف يضمن من لم يتعد أرأيت لو أقر بما في يد غيرهما يضمنه ؟
وكذلك لو أقر بجزوع من دار بينة وبين رجل فلا يضمن حصة غيره إنما يلزمه حصته منها .
وإن بيع ذلك كان لة نصف قيمة من حصة المقر وكذلك لو أقر بسارية منها فهو إقرار بذلك لا بالأرض .
[9/318]
***(1/313)
[9/319]
ومن كتاب ابن سحنون وقال فى حمام بين رجلين أقر أحدهما أن البيت الأوسط منة لرجل فإن كان المقر عدلا يحلف معه المقر له وقضي له بالبيت فإن نكل أو لم يكن المقر عدلا قضي له بنصيب المقر من البيت .
وقال من خالفنا : هذا إقرار لا يجوز وللمقر له أن يضمن المقر نصف قيمة البيت ولا يجوز إقرار / هذا على شريكة لما يدخل عليه من الضرر . 129 / ظ
وقال سحنون : ولو كان إقراره لايجوز لم يضمنوه نصف قيمة البيت والشئ المقر فيه قائم غير مستهلك فلم يضمنوه .
قال محمد : إجمعوا معنا على أنه لو أقر بنصف الحمام إن إقراره جائز ، قال : لأنه ليس فيه ضرر على المنكر .
وإذا كان بينهما عدل ثياب فأقر أحدهما في ثوب بعينة لرجل والآخر منكر فليحلف الطالب ويأخذه فإن نكل فحصة المقر منه للطالب في إجماع العلماء .
قال من خالفنا : هذا لا ضرر فيه على المنكر قالوا : وكذلك الرقيق والحيوان ما يقسم منه وما لا يقسم فهو مثل هذا .
وعن دار بين رجلين أقر أحدهما ببيت لآخر فإن كانا عدلين حلف كل طالب مع شاهده في إنكار شريكة وكان له البيت ، فإن نكلا أو لم يكن من شهد عدلا فنصيب كل مقر من البيت لم أقر له به .
ولو أن طريقا لقوم عليه باب أقر أحدهم فيه بطريق لرجل فأنكر الباقون فإن كان المقر عدلا حلف معه الطالب وقضي له وإن نكل أو لم يكن المقر عدلا فإن حمل القسم وكان يقع لكل واحد ما يكفيه قسمة مما وقع للمقر أدخلت فيه المقر له بقدر ما أقر به على قدر الأنصباء وإن لم يحمل القسم أبطلت إقراره لأني لو أخرت إقراره أدخلت له الطريق في جميع الممر في حق المقر وغيره لأنه غير منفصل ، ولو أن نهرا بيد قوم خاص بشربهم منه وأقر أحدهم بشرب فيه لرجل وأنكر / الباقون فليحلف معه المقر له ويقضي له ، فإن نكل أو كان المقر غير 130 / ظ
[9/319]
***(1/314)
[9/320]
عدل قالوا جميعا فيقال لهم كم شربه منه ؟ فإن قال عشرة وهو ثلاثة كان له عشر نصيب المقر وهو عشر الثلث .
وقال من خالفنا : يكون نصيب المقر وهو الثلث بينه وبين المقر له على الثلث وعلى العشرة يريد على ثلاثة عشر جزءاً
في إقرار المضارب
من كتاب ابن سحنون : ومن بيده مال قراض فأقر فيه بدين وكذبه رب المال فإقراره جائز ما لم يجاوز المال القراض فما جاوزه فلا يلزم رب المال .
وكذلك إن أقر فيه بإجارة أجير عمل معه ما ينبغي لمثله أن يعمله أو بإجارة ذاته أو كراء حانوت أو أجر قصار أو خياط فذلك لازم لو دفع إلي رب المال رأس ماله ث أقر بشئ من هذا فإنه لا يلزم ذلك في إجماعنا
واستحسن أصحابنا أنه إن قام بحدثان دفع المال أن ذلك له وإن كانت ألف درهم قراضا بيد رجلين فربحا فيهما ألفين ثم أقر أحدهما بخمسمائة لفلان فقال الألف فالمقر مصدق فيما في يديه في مائتين وخمسين شاهد على صاحبه فإن كان عدلا حلف معه الطالب وأخذ مائتين وخمسين من العامل الآخخخر ويبقي بأيديهما خمسمائة ونصفها بينهما .
وإن لم يكن عدلا أو نكل الطالب فإنه يأخذها بيد المقر مائتين وخمسين ويأخذ رب المال منهما رأس ماله ونصف ما بقي في يد المقر وذلك مائة وخمسة وعشرون / ومثلها تبقي بيد المقر لنفسه ويأخذ نصف ما بيد المنكر من الربح 130/ظ
وذلك مائتان وخمسون ويبقي مثلها بيده لنفسه .
ولو كان إقرار المقر لأبيه أو لولده أو لمن يتهم عليه لم يصدق على رب المال وصدق في حصته من الربح يأخذ منه ما يقع له على إقراره .
وفي كتاب القراض إقرار أحد العاملين أن بيديهما لرجل آخر كذا وكذا واختلفا في رأس المال ومبلغة وفي المال ربح
[9/320]
***(1/315)
[9/321]
وإذا قال : هذا المال قراض في يدي لزيد على النصف ثم قال بل قراض لعمرو وعلي النصف ثم ربح فيه فليعطه للأول مع نصف الربح ويضمن للثانى مثل ذلك من ٍرأس مال وربح .
وقال غيرنا : لا يضمن للثانى إلا رأس المال بلا لأنه ضمنه قبل ان يعمل فيه .
قال سحنون : وليس للمتعدي عندنا في القراض أن يستأثر بالربح .
وإذا قال : هذا المال قراض بيدي لفلان وفلان ثم قال لفلان الثلثان ولفلان الثلث فلا يصدث إلا أن يكون كلاما نسقا .
وإن كان قراضا بيد رجلين فأقر به لفلانفصدقهما ثم قال لفلان منهما ربع الربح والآخر الثلث فإن صدقاه فهو قراض فاسد ولهما قراض مثلهما . وإن قال صاحب الربع بل لي الثلث ولصاحبي الثلث فالقول قوله ويحلفان
في اقرار الرجل على عبده أو مكاتبة أو من فيه رق
أو يقول لك على أو على عبدي
ومن كتاب ابن سحنون : ومن أقر على عبده المأذون بدين وهو منكر وعليه دين ببينة يحيط بقيمته وبما في يديه فهو كشاهد إذا أقر / لمن لا يتهم عليه يحلف 131/و
معه الطالب ويحاص الغرماء في ماله . وإن أقر لمن يتهم عليه بطل إقراره ولا يلزم العبدين عتق (كذا)
وكذلك إقراره على مكائبة وأن ولده ومدبره لا يلزمهم إلا من باب الشهادة ولو لم يقبل من جهة الشهادة ثم عجز المكائب أو عتق فلا يلزمه .
وقال من خالفنا : إن عجز لزم مولاه الإقرار ويكون في رقبته وذلك أنهم يقولون دين العبد ومن فيه بقية رق في أموالهم وفي رقابهم كالجناية وذلك عندنا لا يئبه الجناية ، لأن الجناية أخذت بعد طول المجنى عليه والدين أخذه العبد بطوع الطالب فافترقا .
11 – النوادر والزيادات 9
[9/321]
***(1/316)
[9/322]
قال محمد بن عبد الحكم : ومن أقر أن لفلان عند عبده مائة درهم وهو مأذو ن أو غير مأذون فلا يلزم العبد شيئا إن كان غير مأذون وقد يستودع شيئا فيتلف وشبه ذلك مما لا يلزم في رقبته ولا يقبل إقرار السيد عليه
وإن كان مأذونا وبيده مال ولا دين عليه ألزمته ولأخذت ذلك منه للذي أقر له السيد
وإن قال الرجل لك على عبدي هذا مائة درهم أو على والعبد مأذون فلا يلزمه ذلك ولا يلزم السيد إذا قال : ذلك على عبدي لأنه إنما أقر له في ذمة العبد كان مأذونا أو غير مأذون إلا أن يكون مأذونا وفي يده دخل ولا دين عليه فإنه يدفع ذلك إليه مما في يد العبد وكذلك قال ابن المواز .
قال ابن عبد الحكم : وإن قال غضبتك ثوبا يسوي عشرة دراهم أو غصبتك عبدي هذا فإنه يقال للسيد فربما يثبت فإن أقر علي نفسه ودي العشرة / 131 / ظ
وأن أقر به على عبده وهو غير مأذون قيل له أفده أو أسلمه فإن جحد الإقرار وقامت عليه البينة لزمة الأول من قيمة العبد أو من العشرة فإن كان مأذونا ولا دين عليه فالجواب سواء .
وإن كان عليه دين فالدين أولي بماله ويفتك رقبته بعشرة أو بقيمته أو يسلمة لأن ذلك أقل ما يلزمة ولم أقدر على دفع العبد لأنه لم يقر به بعينه .
وقياس قول اشهب أنه لا يلزمه إلا أقل من العشرة يدفع العبد إن كان قيمته أقل لأنه يقول من أقر بأخذ هذين الثوبين ثم أنكر أنه يدفع إليه أدناهما ، وأنا أري أن يعطيه قيمة أدناهما ، أرأيت إن كانا جاريتين أيعطيه أدناهما يطأها ولعلها ليست التى له ؟
في اقرار الصبي والكبير
والمحجور عليه والمعتوه وأفعالهم
من كتاب ابن سحنون : وإذا أقر صبي أذن له أبوه بالتجارة بدين لرجل فإقراره باطل لا فيما في يديه ولا في ماله عند وصية .
[9/322]
***(1/317)
[9/323]
وإن أذن لة وصية وهو مراهق / أن يتجر وأذن لة القاضى فى ذلك فإقرارة بالدين باطل .
وكذلك بالوديعة والعارية والغصب أو بعيب فى سلعة أو بغير ذلك من أسباب التجارة أو بعبد فى يدية أنة لفلان ، وأجاز غيرنا إقرارة بالعبد أنة لفلان .
قال محمد : وهذا باطل وهو يقبل إقرارة عند الجميع بغصب أو سرقة او قذف أو نكاح أو كفالة ، وأجمعوا على إبطال كفالتة .
وإن أذن لة وصية فى التجارة فهذا يرد قولهم فى إقرارة بالعبد لفلان ، وإذا حجر القاضى على رجل حر / ثم أقر بدين لرجل فهو باطل والحجر لازم وكذلك 132/و ما أقر بة من غصب أو وديعة أو عارية أو إجازة أو بيع او شراء أو عتق أو نكاح ويلزمة إقرارة بالطلاق إذ ليس بمالة ، وإن أقر بولد استلحقة فذلك لازم لة . ولو أن يتلف المال بالوطء .
وإذا أقر قذف رجلا بالزنى حد لة ، وأجاز غيرنا إقرارة بالمال وجعلة كإقرارة بالطلاق والزنى والاستحقاق ، وذلك مختلف ، لأن هذا غير مال .
وأجمعوا إقرار العبد المحجور علية بالمال وأجازوا إقرارة بالزنى والقذف والطلاق .
قالوا : ولا يجوز تأخيرة بدين على رجل وأما شهادتة فتجوز إن كان عدلا .
قال أبو محمد : يريد وقد اختلف فى شهادتة .
قال محمد بن عبد الحكم : وإذا حجر القاضى على كبير وأشهد على قضائة بذلك ثم باع ونكح أو أعتق أو أقر فذلك باطل ، فإن حكم حاكم بإجازة ذلك فلمن ولى بعدة نقضة ولا يفسخ حكم قاض إلا في جور بين أو يحكم بحث فيثبت عند الثانى براءته منه وشبه ذلك يريد مما تبين فيه بال حكمه ، وهذا مشروح في كتاب الرجوع عن الشهادات .
وقال أبو حنيفة : إن ذلك يمضي إذا حكم حاكم بإجازة أفعاله ولا ينفعه حكم الأول بالحجر .
[9/323]
***(1/318)
[9/324]
وقال ابن عبد الحكم : ويقال له : أرأيت لو حكم حاكم بإخراجه من الحجر فباع واشتري أينقض هذا ؟ ولو أبعد هذا من قوله في فسخ من حكم قبله لجاز لكل حاكم أن يفسخ / حكم من خالفه . وقال أصحاب أبي حنيفة مثل قولنا في 132/ظ هذا .
قال محمد : ولو أخرجة قاض آخر من الحجر فليس هذا بفسخ وإنما هذا أمر حادث ، وكذلك لو جاء ثالث فرده في الحجر فليس هذا بفسخ وإنما هذا أمر حاذث ، وكذلك لو جاء ثالث فرده في الحجر فهو حكم مؤتنف ، وبلغني ان بعضهم قال يفسخ الحكم باليمين مع الشاهد أو ببيع المدبر وليس هذا من الفقه ، وما رأينا حاكما قط أقدم على هذا . ولو نقضه حاكم لجاز على من ولي بعده أن يفسخ حكم من حكم بفسخة ولا ينفذ حكم حاكم بفسخ حكم حاكم قبله إلا في جور لا يختلف فيه ، فكيف يرد حكم من حكم به رسول الله وعلي بن أبي طالب وخيار هذه الأمة ؟
قال ابن عبد الحكم : وإقرار المجحود عليه بالطلاق والجراح التي عليه فيها القصاص وما يقطع فيه من السرقة وشبهه فهذا كله يلزمه .
وكذلك العبد يلزمه ما كان في يديه وكذلك القذف والزني يلزمه إقرارهما ولا يلزمه إقراره بأموال الناس .
وقال أبو حنيفة : لا يحجر على البالغ ويجوز عتقه وبيعه وصدقته إن قبضت وغير ذلك من فعله .
وقال في قوله تعالى ( فإن ءانستم منهم رشدا )(1)إنه الفعل بعد الحلم وتأول على القرآن المحال لأن الله شرط الرشد فإذا كان يخدع عن ماله كيف يقال له شريد ؟ ثم خالف ما قال إن الله أراده فقال إذا بلغ الحلم لم يدفع إليه ماله حتي يبلغ خمسا وعشرين سنة(2)والله قد أمر بالدفع إليهم وقال هو لا يدفع إليهم وقد بلغوا عنده النكاح والرشد / ثم أجاز أفعالهم والمال محجور عليهم لا يدفع 133/ و
[9/324]
***
__________
(1) الآية 6 من سورة النساء .
(2) في الأصل ، خمسة وعشرين سنة ، والصواب ما أثبتناه .(1/319)
[9/325]
إليهم وأجازوا أفعالهم وهم محجور عليهم فلا أعرف المعني الذي منع به من قبض ماله وأفعاله فيه جائزة من عتق وبيع وغيره .
ويقال له : من الذين أقر الله أن يدفع إليهم أموالهم بعد النكاح والرشد ؟ فلابد أن يقول بقولنا إن الرشيد المصلح لماله وأن يكون معه دين يحجره عن إنفاقه في غير وجهه ، وأصحابنا يحتجون بقول الله ( فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا ...)(1)الآية فجعل السفيه ينوب غيره عنه .
قالوا : وهذا على الحجر عليه أو يقول بقول من يري الرشد إصلاح المال وإن لا يخدع فيه ولا ينظر إلي بيعه الدين إذا كان مصلحا لماله أو يقول بما ذكر عنه أن الرشد صحة العقل بعد البلوغ ، وهذا وإن كان غير معقول في اللغة وخلاف النظر عندنا فلم منعه أن يدفع إليه وهو صحيح العقل عنده بالغ ؟ ثم لا يعدل قوله بمنعه قبض ماله وتمضي أفعاله فيه فلا المنع بأفعاله ولا يدفع له عن ماله وإنما يمنع الله من دفع ماله عليه لمعنى وجده . ( فلو قال غيره عشرين أو ثلاثين أو أربعين فهل يكون قوله أولي منه )(2)
ويسألونني هل للرشد وقت في السن أو صفة في مالك المال ؟ فإن كان بلوغ العاقل هو وقت أمر الله بالدفع فلم يمنع من قبضه ؟ وإن كان ليس هو الوقت فلم أجازوا أفعاله فيمن أفعاله في سلعة ؟
وإذا كان منع المال هو الحجر فلم جاز فيه ؟ وإن / كان منع القبض 133 / ظ
ليس بحجر فما الحجر الذي كان فيه ؟ وهذا تناقض فاحش .
قال ابن عبد الحكم : ومن أذن لابنه الصغير في التجارة وأقر بدين فذلك باطل وكذلك اليتيم يأذن له وصية ، وأجاز غيرنا إقراره ، قالوا : وكذلك إن أذن له جده لأبيه ولا وصي له .
[9/325]
***
__________
(1) ألآية 282 من سورة البقرة .
(2) كذا في الأصل ، والكلام فيه اضطراب .(1/320)
[9/326]
قال محمد : وهذا فاسد وهذا لو لم يأذن له فأقر بإفساد متاع أو جرح عمد لم يلزمه ذلك إلا أن تقوم بينة بذلك وكيف يأذن له أن يقر على نفسه بإتلاف ماله ، ولو جاز هذا جاز أن يخرجة من ولايته في صغره . وكما ليس له أن يدفع إليه ماله في صغره فكذلك لا يجوز إقراره في ماله قبل بلوغة رشده ، قالوا : ليس هذا بنظره والتجارة نظر . قلنا إنما النظر في تعلمه وأما أن يطلق له فهذا من إتلاف ماله وأجازوا إقراره إذا أذن له في التجارة بالوديعة والعارية والغصب ، فقلنا : ولم لزمه الغصب وليس من التجارة ولا يلزمة الجرح عند العلماء إلا بالبينة ؟ وكذلك افساده .
قال أصحاب أبي حنيفة : وإن أقر بعبد في يديه أنه لرجل إن ذلك يلزمه وإن كان ورقة عن أبيه أن إقراره جائز فإن كان معه وارث آخر كان ذلك في حصته .
قال محمد : فلو كان من التجارة للزمه في ماله الذي في يديه من كال أبيه وغير مال أبيه فإذا لم يكن من التجارة لم يلزمه لا فيما في يديه ولا في غيره ، وكيف يجوز إقراره والنبي قد رفع القلم عنه ؟
في الإقرار للصبي ولمن في النظر وللمحجور عليه / 134/و
ومن تكفل عن الصغير أو غائب
ومن كتاب ابن سحنون : ومن أقر لصبي صغير بدين فذلك يلزمه وإن لم يكن مثله يداين ولا يتكلم .
وكذلك لو قال أقرضنيها أو أعطانيها فلا يقدح هذا في إقراره لأنه قد لزمه فلا يقبل منه ما يحوله وقد يلزمة ذلك أو جناية أو أنه كان لأبيه عنده أو غير ذلك .
وإن قال : أودعنى هذا العبد أو أعارنيه أو أجره مني أو وهبه لي أو باعه مني والصبي لا يتكلم فإقراره جائز والعبد للصبي ، وكذلك إقراره للمجنون المطبق بمقل هذا لازم .
[9/326]
***(1/321)
[9/327]
وما نسب إلي المجنون من الفعل باطل والإقرار له لازم .
وكذلك إن أقر أنه تكفل لهذا الصبي بمال عن فلان فذلك يلزمه ولا يلزم اللقيط كما لو أقر لا يرجع به على المكفول عنه إلا أن يقر له .
وإن اقر أنه تحمل عن صبي لقيط لاي تكلم بمال عن فلان فذلك يلزمه ولا يلزم اللقيط كما لو أقر لرجل أنه تكفل له عن غائب بمائة درهم أقرضة إياها أمس وقبل ذلك الطالب أن ذلك يلزمة وإن كان يعرف أن الغائب لم يقدم لأن ذلك يمكن على وجوه .
ومن كفل لرجل عن حاضر بغير أمره فرضي المكفول عنه ثم رضي المكفول له فذلك لازم رضي المكفول ذلك قبل رضي الكفيل أو بعده .
وإذا قال : قد شئت كفالتك أو قد شئتها أو أجزتها كقوله رضيت ، ولو أن الكفيل بعد ضري المكفول عنه رجع قبل رضي المكفول له لم يكن له رجوع ويلزمه المال .
قال محمد بن عبد الحكم : ومن أقر أنه غصب شئيا من هذا الصبي أو 134/ ظ
المجنون فليرد ذلك إلي ولي المجنون إن كان له ولي أو إلي السلطان ، وأما الصبي فإن كان مثله يحوز متاعه ويقوي على ذلك دفع إليه وإن كان له مال ، وأما إن كان مثل الدرهم والشئ الخفيف مما يحوز ذلك مثله دفع إليه وغلي المعتوه كما لو تصدق عليه رجل بذلك اوبثوب لم ينزعه منه الإمام ، ولو دفع إليهما ألف درهم لأخذها الإمام فجعلها علي يدي عدل .
ومن كتاب ابن سحنون : ومن أقر أن عليه ألف درهم لما بطن فلانة فولدت غلاما لأقل من ستة أشهر من يوم قوله لزمه ذلك .
فإن قال : وهبت ذلك له أو تصدقت به عليه أو أوصي له به أبي قبل منه وأخذ منه ما قال وكذلك لو وضعت ابنه فذلك لها .
[9/327]
***(1/322)
[9/328]
وإن وضعت لأكثر من ستة أشهر وزوجها مرسل عليها لم يلزمه ما ذكر من هبة وصدقة ووصية(1)وإن كان الزوج معزولا عنها فقد قيل يجوز له الإقرار إذا وضعت لما يلد له النساء وذلك اربع سنين .
وإن قال : هذا العبد أو هذه الدار لمن في بطن هذه الأمة لا حق لي فيه فذلك يلزمه على ما ذكرنا ، ولو وضعت غلاما وجارية فالصدقة والهبة والوصية بينهما نصفين وإن ولدت أحدهما ميتا فذلك كله للحي منهما .
ولو ولدت ميتا بطل إقراره وتبطل الوصية . وإن ولدته حيا ثم مات فذلك ميراث لورثته وإن أقر أي وصي فلان وقد ترك مائة درهم أكلتها والذي في بطن هذه المرأة وارثه / فالمائة دين عليه . ... ... ... ... ... ... 135/ و
وإن وضعت ذكرا وأنثي فهما ولدا الميت كان بينهما للذكر مثل حظ الأنثي وإن كانت المرأة زوجة فلها الثمن من ذلك وإن ولدت ولدا ميتا فالمائة لعصبة الميت .
وإن قال : لجنين هذه المرأة على ألف درهم فقيل له من ماذا ؟ قال أقرضنيها فهذا لا يمكن ويعد ندما ويلزمه الإقراروذكر نحو ما ذكر ابن سحنون في الإقرار للحمل .
قال محمد بن عبد الحكم : وكذلك لمن أقر للحمل بكذا وكذا من كراء هذه الدار ومن غلة هذه الجنان كان ذلك له إن ولدته حيا ويدفعه إلي أمة أو وصية وإن ولدت توأما ذكرا وانثي فهو بينهما نصفين .
وكذلك في إقراره بدين وإن قال : ذلك ميراث لهما عن أخر شقيق أو لأب فذلك بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين .
وإن كان عن أخيها لأمهما فالذكر والأنثي فيه سواء ، وإن قال عن أخيهما ولم يفسر حتي مات فوضعت غلاما وجارية فليصطلحا فيه فإن لم يصطلحا ففيها
[9/328]
***(1/323)
[9/329]
قولان : أحدهما أن يكون بينهما نصفين ، والقول الآخر أنه يقسم ذلك على ثلاثة فيأخذ الذكر جزءا والأنثي والجزء الثالث يدعيه الذكر كله وتدعي الأنثي نصفه فقد سلمت نسفه للذكر فيقسم نصفه بينهما ولتداعيها فيه فيقسم المال على انثي عشرة للذكر سبعة وللأنثي خمسة ، وبالأقل أقول .
ولو قال ميراثا من بعض قرابتهما كان بينهما نصفين إن مات المقر ، وإن ولدت ولدين أحدهما ميت فجميع ذلك للحي ولا يثبت ميراث للميت ولا إقرار / 135/ظ
فيما يحرضنى .
وقال أصحاب أبي حنيفة : إقراره لما في البطن باطل وإن وضعته لأقل من ستة أشهر من يوم إقراره أقر له بعبد أو كراء أو ثمن بيع أو غيره فقلنا فيمن أوصي له بدنانير فأكلها الوصي فقالوا : يكون عليه لمن تلد هذه المرأة من حتي قلنا فما أنكرتم في الإقرار له ؟ قالوا وذكر سنة . قلنا فقد أجزتم إقراره للكبير وإن لم يذكر سنة قالوا لأن ذلك يعرف لمثله قلنا : والصغير قد يكون له حق على ما ذكرنا .
قالوا ولو كان ميت لم يكن له شيئا قلنا هذا لاستحالة ملكه وقد قلتم من أقر لصبي كمن ولد لا يتكلم أن ذلك يلزمه ولا فرق بين ذلك .
[9/329]
***(1/324)
[9/330]
***(1/325)
[9/331]
بسم الله الرحمن الرحيم ... ... وصلي على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
الجزء الرابع
من كتاب الإقرار
في اقرار العبد الماذون له في التجارة
وذكر الحجر عليه وفي إقرار العبد المحجور عليه
من كتاب ابن سحنون قال مالك وأصحابه : إقرار العبد المأذون له في التجارة بالدين لمن لا يتهم علية جائز وإن كان مديانا ما لم يقم علية الغرماء .
وكذا إقرارة بالعروض والحيوان والرقيق أو بوديعة أو عارية أو غصب أو إجازة قال ابن ميسر أو رهن أو مضاربة ما لا يستنكر ولا يتبين فية كذا وكذلك اللقطة ، ولا يلحق شىء مما أقر بة رقبة وذلك فيما فى يدية أو فى ذمتة .
وإذا كان عليه دين محيط لم يجز إقراره لسيده / بدين ولا وديعة ولا عارية ونحو 136/و
ذلك ، ولا يجوز إقراره بشئ من جراحات الخطأ والجنايات الخطأ .
وإن أقر أنه جرح حرا عمدا فقال قطعت يده أو فقأت عينه فذلك باطل إذا لا قصاص بينهما فيما دون النفس ، وإن أقر أنه قتله عمدا فلولية القصاص فإن استحبوه على استرقاقه فلا حق لهم فيه . قال ابن المواز : ويضرب مائة ويحبس سنة .
قال ابن سحنون : ويجوز إقراره بالجراحات العمد والجنايات في العبيد ، فإن شاء سيد المجني عليه أن يقتصر فذلك له ، وإن طلب الدية فليس له ذلك وإقراره
[9/331]
***(1/326)
[9/332]
بالسرقة يلزمه وإن لم يكن فيها قطع وعليه غرمة لأن إقراره بوصول الأموال إليه جائز ويقطع فيما فيه القطع ، وإقراره بالزنى يلزمه ويحد به ، ويحد في إقراره بقذف مسلم حر ، ولايجوز إقراره بمهر زوجته إذ لا يتزوج إلا بإذن سيده ، ولا يجوز إقراره بالكفالة أو بمال لأن ذلك من المعروف ولا إقراره بعتق عبده أو بكتابته . ويجوز إقراره بالنكاح وسيده مخير في إجازته أو فسخة ، ويلزمه إقراره بالطلاق .
وإن أقر أنه افتض امرأة بأصبعة لم يلزمة غرم شئ ، وقال سحنون : وإذا قال الحر لرجل غصبت من عبدك ألف درهم رددتها إليه فصدقة العبد في درهت فإن كان مأذونا صدق ولا يصدق غير مأذون .
قال محمد : في هذا دليل أن المأذون إن قال غصبت من فلان مالا أو سرقته منه أن ذلك يلزمه . وإذا أقر أنه اشتري أمة فافتضها ثم استحقت فلا شئ عليه من العقر / فإن جحد البائع فهو إقرار بجناية فإن شاء ربها أخذتها ولا شئ له من 136/ظ
عقر(1)ولا نقص وإن شاء ضمنه ، وإن زعم أن عذرتها ذهبت عنده من غير فعله فإن شاء ربها أخذها ولا شئ له من عقر ولا نقص وإن شاء ضمنه قيمتها أجاز البيع وأخذ الثمن أو يأخذها ناقصة وكذلك في ذهاب عينها .
وإن قال ذهبت عينها من فعلي فهو ضامن لما نقصها ذلك وإن شاء ربها أجاز البيع فأخذ الثمن وإن أقر له وطء أمة بشبهة فافتضها(2)بغير إذن سيدها فهذا جناية ولا يلزمه شئ إلا أن يقر أنه وطئها بشراء فلربها إجازة البيع وأخذ الثمن .
وقد اختلف في الحجر على المأذون . فقال غيرنا : إن حجر عليه سيده في سوقة فهو حجر وإن حجر عليه في غير سوقة فليس بحجر . وما أقر به بعد الحجر من دين لم يلزمه في رقبته ويلزمه فيما بيده من المتاع . فإن كان عليه دين قبل الحجر فأولئك أولي ممن أقر له بعد الحجر ، وكذلك إن مات مولاه ولم يحجر عليه .
[9/332]
***
__________
(1) العقر : الجرح .
(2) في الأصل ، فأفضاها .(1/327)
[9/333]
وقال ابن القاسم عن مالك : لا يحجر عليه إلا عند السلطان فيكون هو الذي يوقفه للناس ويسمع به في محله ويشهد على ذلك ويأمر أن يطاف به حتي يعلم ذلك ثم لا يلزم مبايعته كالحجر .
قال محمد وفرق غيرنا بين حجر سيده عليه في سوقة وفي غير سوقة ولا فرق بين ذلك .وقالوا : إن أقر بعد الحجر لزمه فيما في يديه ولا يلزمه في رقبته . وهذا كما قالوا وتأييدا لقولنا أن الدين لا يلزم رقبة المأذون ثم نقضوا هذا فقالوا إن حجر عليه السيد ثم أخذ / ما بيده من المتاع فإقراره بعد ذلك باطل ولا فرق بين كونه بيد 137/و العبد أو بيد السيد ، ولو جاز هذا لم يئأ سيده أن يبطل ديون المأذون إلا فعل بأن يحجر عليه ويقبض ما في يديه .وإذا باع الرجل عبده المأذون ولا يدن عليه معلوم وترك متاعا في يدي مولاه ثم أقر بدين أو بمتاع بعينه أوب بوديعة بعينها أو بعارية فذلك مقبول ولو رد على بائعة بعيب جاز إقراره ، وكذلك لو وهبه سيده فقبضه الموهوب ثم أقر بدين فإقراره جائز يرجع إلي مولاه . وقال غيرنا : لايجوز إقراره ؟ولو رجع إلي مولاه بوراثة قم أقر فإقراره جائز ولا يجيزه غيرنا .وقالوا : فإن أذن له في التجارة ثانية ثم أقر بدين من التجارة الأولي أن ذلك يلزم رقبته ولا يصدق على المتاع الذي كان في يد مولاه فيقال لهم المال الذي لم يختلف فيه أن دين المأذون فيه أولي من رقته الذي قد اختلف في لحوق الدين بها .
قال : والمدبر وأم الولد إذا أذن لهما في التجارة فلهما حكم العبد المأذون ، وكذلك إذا أذن العبد المأذون لعبده في التجارة بإذن سيده . وإقرار المأذون له بالشركة في الشئ الحاضر وفي التجارة الكبيرة جائز .
وإقراره بشركة المفاوضة جائز فيما في يدية كله . ومفاوضته للحر والعبد جائزة والعبد الذمي التاجر ومولاه مسلم أو ذمي أو حر في مستأمن أو حر مسلم أو عبد فذلك سواء .
[9/333]
***(1/328)
[9/334]
وكذلك إن كان مولاه مرتدا أذن له في اسلامه فإقراره / جائز ما لم يحجر 137/ظ
عليه وعلى مولاه السلطان في قول ابن القاسم .
وقال سحنون : هو بالردة محجور عليه دون حجر السلطان ولا يجوز إذنه له في الردة وإقراره في ردة مولاه كإقرار المحجور عليه وإقرار المأذون جائز وإن كان مولاه صبيا أذن له أبوه أو وصيه ولا يجوز إذن غيرهما من جد وغيره .
وكذلك الأمة التاجرة فيما وصفنا وإن ولدت ولدا فلا يكون ولدها تاجرا إلا أن يأذن له مولاه كان عليها دين أو لم يكن ، والعبد والمحجور عليه يحد في إقراره بالزني ويقطع في اقراره بالسرقة ولا يغرم السرقة ولو كانت قائمة كان سيده أولا وكذلك الأمة ومن فيه بقية رق .
وأما المأذون فليغرم بالسرقة إن كانت قائمة إن أقر بها وإن استهلكها وله مال فالقيمة في ماله . وإن كان لا مال له لم يتبع بها .
وإن أقر بدن عمد فليقتص منه كان مأذونا أو غيره وإن كان للدم وليان فعفا أحدهما فلا شئ للآخر في رقبته ولا في ماله .
وإن أقر العبد المحجور عليه بسرقة لا قطع فيها لم يجز ذلك عليه في إجماعنا . لو كان مأذونا لزمه غرمها في إجماعنا . قال غيرنا : كان تاجرا أو يؤدي الغلة أو مكائبا فذلك عليه ، وقولنا أن ذلك يلزم المكائب ولا يلز عن ال غلة كالمحجور عليه ويلزمه إقراره بالنكاح ويخير سيده في إجازته أو فسخة وإن أقر بجنابة على حر دون النفس لم يجز فالمأذون وغيره في ذلك سواء وإقرار المكائب بجناية الخطأ لا يلزمه وإذا أقر العبد بدم / عمد فعفا بعض الأوليا فلاي لزم الإقرار لأنه صار إلي مال . 138/و
ولو حكم الحاكم عليه بالعمد ثم عفا بعضهم لم يقبل إقراره وبطل القود ، ويجوز إقرار العبد ومن فيه بقية رق عليه بالطلاق وبأن زوجته أخت رضاعة وبأنها ارتدت وهي تنكر .
وغذا أقر مكائب أو عبد بجرح فيه قصاص فعفا المجروح ليرجع ذلك إلي مال يفدي به أو يسلمه السيد فلا يجوز إقراره .
[9/334]
***(1/329)
[9/335]
قال أحمد بن ميسر : إذا أقر العبد المحجور عليه بشئ لرجل لم يجز إقراره وإن أقر له بدين فإن أسقطة عنه السيد سقط ولم يلزمه إن عتق وإن لم يسقطة حتى عتق أتبع به وكذلك اللقطة يقر أنه أتلفها بعد السنة فأما إن أقر أنه أتلفها قبل السنة فلا تلزمه وإن عتق لأنه إنما أقر بشئ في رقبته وإن كان بعد سنة ففي ذمته .
في اقرار المكائب أو العبد بين الرجلين
وذكر الإقرار للمكائب أو العبد
من كتاب سحنون ونحوه في كتاب ابن المواز : وإذا أقر المكائب بدين عليه أو ببيع أو بشراء أو بوديعة أو عارية في يديه أو بدار بكذا فذلك كله جائز أقر لحر أو لعبد أو مسلم أو كافر .
وكذلك لو أحاط الدين الذي أقر له به بما في يديه فإن عجز بقي في ذمته في إجماعنا وهذا يدل أن دين العبد لا يعدو ذمته . وقال محمد بن عبد الحكم مثله في إقرار بالدين أو مباعية أو اجارة وشبهه .
/ وقال : فإن أقر بوديعة لرجل لم يحكم بها عليه إلا أن يعتق وهي بيده 138/ظ
فإن تلفت قبل أن يعتق فلا شئ عليه .
قال : ولا يلزمه اقراره بالعرية الا أن يعتق فيأخذ ذلك من أقر له به وإن عجز ذلك سيده ، ولا يجوز اقراره في غصب ولا جناية لا تلزمه في بدنه ، ولا يلزمه اقراره في شئ في يديه أنه غصبه ويلزمه اقراره بالحدود ويحد حد عبد ما بقي عليه من الكتابة شئ .
قال ابن المواز : اقرار المكاتب لازم في البيع والشراء وكل ما لزم المأذون ، ولا يجوز اقراره بالغصب ولا بما يلزم رقبته ولا يلزمه أيضا إن عجز أو عتق لأن ذلك لو ثبت كان في رقبته .
[9/335]
***(1/330)
[9/336]
ومن كتاب ابن سحنون ونحوه في كتاب ابن المواز : واقرار المكاتب لسيده بدين أو وديعة أو عاية في يديه جائز ويجوز اقراره باإجارة وبكل ما يلزم المأذون ، ولا يجوز اقراره بغصب الأموال ولا بما يلزم رقبته ولا يتبع بذلك إن عجز .
قال سحنون : ويقبل اقراره بجناية فيها قصاص في اجماعنا ، وقال أصحابنا لا يجوز اقراره بجنايات الخطأ أو بأنه افتض امرأة بأصبعة ولا يلزمه ذلك في ذمته ولا في رقبته .
وقال ابن عبد الحكم : وإن أقر أنه تزوج امرأة لم يلزمه نكاح ولا صدق إذا لم يجز له سيده .
وقال النعمان : إن أقر أنه افتض حرة أو أمة بأصبعة لزمه ذلك دين في رقبته فإن قضي عليه القاضي بذلك فودي بعضه ثم عجز بطل عنه ما بقي .
قال ابن عبد الحكم / فإن لزمه الدين فلم فسخ عنه الباقي ؟ وإن كان 139/و
لا يلزمه فلم حكم عليه به ؟
وقد جامعونا أن دينة من بيع وشراء لا يسقط بعجزه فهذا يدل أن الأول لا يلزمه ولو لزمه مثل هذا يسقطة العجز .
قال محمد : واقراره بالعيوب فيما باع يلزمه وكذلك بالإجارة والكراء وأنه واجر من يخدمه . وكذلك في كتاب ابن سحنون .
وقال ابن سحنون كذلك إن أقر أن ولده الذي حذث في الكتابة أو اشتراه في الكتابة بإذن سيده في قول ابن القاسم . وكذلك شراؤه بإذن سيده كل من يعتق على المكاتب لو كان حرا فيجوز اقراره بالدين .
وقال سحنون : عبد الملك لا يدخل في الكتابة بالشراء إلا الولد ، وقال أشهب عن مالك : يدخل الولد فقط يشتريها بإذن السيد ثم يجوز اقرارهما حينئذ .
وقال غيرنا : يجوز اقرار الولد يتشريه في الكتابة وكذلك أبوية ولم يذكر إذن السيد وأما غير هؤلاء يشتريهم فلا يجوز اقرارهم .
[9/336]
***(1/331)
[9/337]
قال ابن عبد الحكم : قال السمان : وان اشتري غيرهم من ذوي رحمة فله بيعهم ولا يجوز اقرارهم وهو يقول إن اشتراهم الحر عتق عليه وهذه مناقضة .
قال ابن سحنون : ويجوز اقرار مكاتب المكاتب أو أمة مكاتبة أو كانت مدبرة مكاتبة ولا تبطل كتابة المكاتب يريد سيده ولا اقراره رجوع مولاه وكذلك / 139/ظ
مكائب الحربي المستأمن والمرتد إذا كاتب عبده ثم قتل لم تجز كتابتة ولا اقراره فيها فإن صار إلي بلد الحرب وقف ماله وهذا المكاتب فإن رجع إلي الإصلام جازت الكتابة وإن قتل بطلت وإن أسلم قبل أن يلحق بدار الحرب جازت الكتابة ولزم اقراره فيها .
قال ابن سحنون وابن عبد الحكم : واقرار الحر للمكاتب أو لعبد مأذون أو غير مأذون يلزمه .
قال ابن عبد الحكم : وللسيد خصومته لغير المأذون وأخذ ما أقر له به ولا يأخذ ما أقر به للمكاتب ولا للمأذون .
وقال أصحاب أبي حنيفة ليس للسيد طلب ما أقر به لغير المأذون حتي يحضر العبد ، وهذا يدل أن المالك للعبد لا للسيد وحكي نحوه سحنون .
قال ابن عبد الحكم : ومنأقر أنه غصب من عبد فلان شيئا والعبد حاضر مأذون أو غير مأذون فليرده إليه وإن طلب السيد قبضته دفع إلي العبد وقيل للسيد خذه منه إن شئت .
وإن غاب العبد وليس بمأذون أخذه السيد وإن كان مأدونا لم يأخذه ونظر فيه القاضي
قال سحنون : وإقرار الحر للمكاتب أو للعبد بوديعة أو عارية جائز كان العبد مأذونا أو غير مأذون ، وإن غاب العبد فلمولاه أخذ ذلك المال من المقر ، وفي قول غيرنا لا ياخذه حتي يحضر العبد .
قال ابن القاسم : وللسيد أخذ وديعة عبده الغائب كان مأذونا أو غير مأذون .
[9/337]
***(1/332)
[9/338]
قال سحنون : وكذلك إقرار الحر / للأمة وإقرار الذمي للعبد التاجر جائز 140/و
غاب مولاه أو حضر .
وإن أقر العبد للحر بوديعة فأقر العبد بها لغيره فإن كان مأذونا جاز إقراره وإن كان غير مأذون بطل إقراره ولمولاه أخذها حضر العبد أو غاب .
ومن أقر لعبد تاجر بدين بين رجلين فذلك جائز ولا يكون مأذونا بإذن أحدهما له في التجارة والإقرار له جائز وهو مال له حتي ينزعه الموليان ، وإذن له أحدهما فهو كالمحجور عليه لا يجوز إقراره بالديون .
في اقرار الأجير
من كتاب ابن سحنون : وإذا قال الأجير إن ما في يدي من قليل أو كثير من تجارة أو متاع أو مال عين أو دين لفلان وأنا فيه أجير فذلك يلزمه في كل ما في يديه يومئذ لا حق للأجير فيه إلا طعامه وكسوته وما سوي ذلك فللمقر له فإن لم يعرف ما كان في يديه يوم أقر فالقول المقر له في جميع ما يوجد في يد الأجير .
وإن قال في شئ أصبت هذا بعد اقراري فهو لي لم يصدق إلا ببينة أنه أصابة بعد اقراره .
وقال اشهب : القول قول الأجير مع يمينة ، وقاله أهل العراق .
قال : ولو أقر أن ذلك الشئ كان في يديه يوم أقر فهو للأستاذ ولا يصدق الأجير عليه في إجماعنا .
وإن أقر أن ما في يديه من تجارة كذا فلفلان لزمه ذلك كما قال وما كان من غيرها فلا يكون لفلان وما كان بيده من تلك التجارة فقال أخذته بعد اقراري فإنه لفلان دونه / حتي يقيم بينة أنه أفاده بعد اقراره ، وفي قول غيرنا : القول قوله 140/ظ
مع يمينة .
[9/338]
***(1/333)
[9/339]
ولو قال : كان في يدي يوم الإقرار ولم يدخل في اقراره لم يصدق في اجماعنا ولو قال : لم يكن يومئذ في يدي فقامت بينة أنه كان في يدية فهو للأستاذ في اجماعنا .
وإن قال : إن ما في يدي من تجارة أو مال فلفلان وبيده عين وصكوك بدين فذلك كله لفلان في اجماعنا ، وما كان من صك أخذ به بعد ذلك فقال هو مالي وهب لي أو ورثته كلف البينة . والقول قول المقر له .
وقال غيرنا : المقر مصدق مع يمينة وإن قال ما في يدي من الحنطة لفلان فهو له كما قال . فإن قال في حنطة في ديي أفدتها بعد اقراري لم يصدق .
وقال أشهب وأهل العراق : ويصدق مع يمينة وإن قال ما في يديه من الطعام لفلان وبيده حنطة وشعير وسمسم وتمر ثم جحد وثبتت عليه البينة باقراره وإن ذلك في يديه فإن نستحسن ألا يكون لفلان إلا الحنطة والشعير . ولو قال قائل : يدخل فيه التمر ما عتق إلا أن يكون البلد طعامهم التمر فيكون للمقر له .
وقال غيرنا : لا يدخل في ذلك إلا الحنطة وما سواها فللأجير ويحلف
قالوا : ألا تراه لو أمره يشتري له طعاما فاشتري له تمرا أو سمسما أو شعير لضمن
قال ابن سحنون : لا حجة بهذا إنما ينظر إلي ناحية الأمر وطعامه وما يشبه أكل مثله فلا يضمن ما اشتري له من ذلك ، ولو كان ممن أكله الشعير / فاشتري 141/و
له القمح وينظر أيضا إلي الغالب من أكل البلد ، فإن كان التمر ضمن في قولنا بشرائة لغيرة وإن أقر بذلك وفي يديه تمر وشعير وسمسم فالشعير للمقر له دون السمسم وإن كان البلد جل عيشهم غير التمر استحببت ألا أجعل له التمر بعد يمين المقر . وإن كان عيشهم التمر كان له التمر .
ولو قال قائل : ما يدخل التمر في اقراره في كل بلد لم أعب ذلك . قال غيرنا : لا شئ له من التمر والشعير والسمسم . وأخبرنى محمد بن يسار عن سحنون بن سعيد فيمن حلف لا أكلت طعاما وقد أكل بقلا فإن كان ليس بعيشه ولا عيش البلد لم يحنث ورواه عن ابن القاسم .
[9/339]
***(1/334)
[9/340]
في اقرار الذمي أو الحبي المستأمن
والإقرار له والتداعي في ذلك
من كتاب ابن سحنون : وما أقر به الذمي لمسلم من دين أو غصب أو وديعة أو عارية فذلك يلزمه .
وما أقر له به من جراحات خطأ أو عمد فهو مأخوذ بذلك ، وإن أقر بذلك لذمي لم أعرض له إلا أن يتراضيا بالتحكام إلينا . وما أقر من نكاح أو طلاق أو عتاق لم أعرض له فيه .
وإن أقر أنه استهلك خنزيرا لمسلم كان نصرانيا وقال استهلكته له بعد إسلامه وقال الآخر بل قبل إسلامي فإنه يضمن له في إجماعنا .
ولو أقر ذمي أني استهلكت خمر الذمي وأنا حربي وقال الآخر بل بعد الذمة فالقول قوله ويأخذ بذلك وكذلك / الخنزير ، وكذلك لو قال الذمي لذمي كان 141/ظ
حربيا استهلكت لك الخمر وأنت حربي وكذبه الآخر فهو ضامن في إجماعنا .
وإذا أقر الحربي المستأمن في دار الإسلام بدين لمسلم لزمه ذلك فإن قال داينته بدار الحرب وقال المسلم بل بدار الإسلام فالدين يلزمه في إجماعنا .
وكذلك لو فصل كلامه فهو سواء وكذلك القبض والغصب والبيع وإقراره لمسلم أو لذمي أو حربي مستأمن سواء . أو أقر لعبد مأذون أو لمكاتب بكل ما أقر به ما في يده من دار أو عبد أو ثوب أو حيوان أو غيره فذلك يلزمه .
وإن قال : غصبتك هذا الثوب بدار الحرب وقال ربه بل بدار الإسلام فرب الثوب أحق به وكذلك في الدين لا ينفع قوله داينته بدار الحرب وما أقر به من نكاح أو طلاق أو مكاتبة لم أعرض له فيه وكذلك بنكاح مستأمن إلا أن يتحاكما إلينا بالتراضي ولا أعرض له في إقراره بالزني وأرده إلي أهل دينة .
وإن أقر بسرقة في أرض الإسلام قطعته سرقها لمسلم أو لذمي وإن أقر بقذف مسلم حد به .
[9/340]
***(1/335)
[9/341]
وإن أقر لمسلم بدين أو وديعة أو عارية فذلك موقوف ، فإن أسلم لزمة ذلك وإن قتل لم يجز إقراره في شئ من هذا وكذلك المرتد .
وقال محمد بن عبد الحكم : إقراره جائز ما لم يوقفه السلطان فإذا أوقفة ثم أقر فإقراره موقوف .
فإن فعل بطل ذلك ولزمه ما أقر به قبل الإيقاف ، وإن أسلم لزمه ذلك كله ، ولو أقر قبل الإيقاف بنكاح لم يلزمه لأن / نكاحه لا يجوز وإن كان ببينة . 142/و
قال ابن سحنون : وإذا أقر له مسلم بشئ أخذ به وإن أقر المرتد أنه كائب عبده أو أعتقه فذلك موقوف فإن قتل بطل ذلك وإن أسلم لزمه . وكذلك إقراره بالنكاح .
وإن أقرت المرتده بقذف أو سرقة أو زني فإن عادت إلي الإسلام حدت للقذف وقطع يدها للسرقة ولا حد عليها للزني لأنه يوضع عنها بالإسلام وإن تمادت على الردة حدت للقذف ثم قتلت ثم القتل يأتي على باقي الحدود وإن أسلمت ضمنت المال الذي أقرت بسرقته مع الحد وتضمن إن تمادي بسيرها إلي يوم القطع وكذلك المرتد .
لو قال : إنما اردتدت بعد الغنيمة فالقول قوله حتي تأتي بينة بخلاف ذلك .
ولو تزوج امرأة وقد شهد عليه بالردة فقال تزوجها في الردة وقالت بعد أن رجع إلي الإسلام فالقول قولها قياسا على القول إن مدعي الحلال أولا يفسخ النكاح لإقراره بفساده وعليه نصف الصداق المسمي لأنا لم نقبل قوله في إيصال الصداق .
[9/341]
***(1/336)
[9/342]
ولو اوقفة السلطان وأوقف ماله فثبتت بينة أنه باع سلعة أو اشتراها فقال هو كان ذلك في الردة أو قبلها وادعي بائعة خلاف ذلك فلا يلزم البيع إن قتل / أو 142/ظ
مات مرتدا .
وإذا ارتد وقد طلق ثم راجع الإسلام وقد قمت بينة برجعته فقال هو ارتجعت في الردة أو بعد الرجوع إلي الإسلام وخالفته المرأة فذلك سواء ولا رجعة له والردة تفسخ النكاح فكيف تكون له الرجعة .
ومن هذا باب في كتاب المرتدين وأحكامهم مستوعب .
فيمن قال أقررت لك أو جنيت عليك
وأنا صبي أو مجنون أو إذا كنت عبدا
أو قبل أن أسلم وأنا حربي
أو قال : جنيت عليك أو قذفتك وأنا عبد أو أنت حربي
وقال الآخر بعد العتق أو الإسلام
أو قال قطعت يمينك ويميني باقية
وقال الآخر بعد أن قطعت
ونحو هذا من التداعي في حالين مختلفين
من كتاب ابن سحنون : وإذا أقر رجل لرجل فقال أقررت لك بألف درهم وأنا صبي . قال ابن المواز : أو بدارى هذه وأنا صبي وقال الطالب بل أقررت لي بذلك وأنت رجل فالقول قول المقر مع يمينه ولا شئ عليه .
وقال سحنون : هذا قول ابن القاسم وأهل العراق ، وكذلك إن قال أقررت لك بذلك في نومي أوقال قبل أن أخلق فذلك عندهم باطل لأنه نسبه إلي حال لا يثبت فيه إقرار
وقال سحنون : يلزمه الإقرار في ذلك كله ويعد كالنادم وكأنة قال أقررت لك وكنت في اقراري كاذبا فلا خلاف أن هذا يلزمه ، وإن قال قد أقررت لك
[9/342]
***(1/337)
[9/343]
بذلك وانا ذاهب العقل من برسام(1)أو لمم(2)أو كنت / سفيها أو مولي علي 143/و
فقد قال العلماء من أهل المدينة وأهل العراق إن علم أن ذلك كان أصابة كان ذلك باطلا وإن لم يعلم أنه أصابه فهو ضامن للمال وكذلك في كتاب ابن المواز .
قال سحنون : فلما نسب الإقرار إلي وقت جنون لا يعرف لزمة عند جميعهم ويعد كالنادم ، وكذلك قوله قبل أن أخلق فهو ندم .
ولو قال اخذت منك ألف درهم بغير طوعك وأنا صبي او وأنا ذاهب العقل وقد كان يعرف أن ذلك أصابة فهو ضامن المال بخلاف الإقرار وهذا أشبه .
قال ابن المواز ومحمد بن عبد الحكم : ولو قامت عليه بينة بفعله ذلك في الصبا للزمة .
ولو أقر في الصبا أنه فعل ذلك لم يلزمه بإقراره وهو كبير أن قد يستهلك وهو صغير كالبينة .
وإن قال : أقررت لك بكذا وأنا ذاهب العقل فإن علم أن ذلك أصابه فلا شئ عليه وغن لم يبه لزمه . وقد قيل إن وصل كلامه لم يلزمه شئ . وقاله ابن المواز .
وقال ابن عبدالحكم : ولو سمعت منه بينة إقراره بذلك وهو مريض مغمور تارة يضيق فقال أقررت بذلك وأنا في غمرة الحمي أهذي لقبل ذلك منه .
وإن قامت بينة أنه قذف أو سرق وهو ممن يذهب عقله ويرجع وقالوا وما ندري فعل ذلك وهو يعقل أم لا فلا حد عليه في قذف ولا سرقة . وقاله أشهب في السرقة ويحلف ما فعل ذلك وهو يعقل .
قال ابن عبد الحكم / وإن قال المريض طلقت امرأتى في مرضي هذا وأنا 143/ظ
أهذي من غمرة الحمي أو كان(3)فقال كنت لا أعقل فإذا كان له سبب
[9/343]
***
__________
(1) البرسام هنا : مرض يفقد معه الإنسان القدرة على التمييز .
(2) اللمم : جنون خفيف يعتري الإنسان .
(3) كلمة في الصل غير واضحة تركنا مكانها بياضا .(1/338)
[9/344]
من مرض ونحوه مما يمكن ذلك فيه فهو مصدق أن ذلك كان في غمرته أو وهو لا يعقل . فإن لم يكن له سبب يعرف فلا يصدق .
وأما من قال كنت أهذي فقلت امرأتى طالق أو غلامي حر ولا يعرف أصدق أن كذب فليحمل من ذلك ما يحمل ويقبل منه .
وكذلك لو قال لقيني لصوص فهددونى بالقتل فحلفت فهو مصدق
قال محمد بن عبد الحكم : وإن قال أقررت لك بألف درهم وأنا صبي فقال الآخر بل وأنت بالغ مرشد فالقول قول المقر ، وكذلك لو كان محجورا عليه ثم زال عنه الحجر فقال أقررت لك في الحجر فهو مصدق مع يمينة .
وفي باب الإقرار في الطلاق ذكر من قال طلقتك وأنا صبي أو مجنون . وكذلك في باب العتق وفي باب الإقرار بالنكاح قوله تزوجتك وأنا نائم أو قبل أن أولد .
قال محمد بن عبد الحكم : وإن قال أقررت لك وأنا عبد وهو الان حر فالقول قوله مع يمينه كما لو أقر مريض ثم قال أقررت ولم اكن عاقلا وقد كان تصيبه غمرة الحمي قال فالقول قوله مع يمينه . وقد اختلف في هذا قال ابن الحكم .
ومن كتاب ابن سحنون : وإذا أقر الحر لرجل أني قد أقررت لك بكذا وأنا عبد وقد كان عتق / فذلك يلزمه في اجماعهم بخلاف قوله وأنا صبي . 144/و
وكذلك حربي أسلم ثم أقر أنه أقر في دار الحرب لفلان بكذا في دخلة دخلها بأمات فهذا يلزمه في اجماعهم .
وكذلك لو قال دخل علينا فلان بأمان فأقررت له بألف درهم فهذا يلزمه لأمنه أقر بذلك وهو ممن يجوز إقراره .
ولو قال اقررت لك وأنا بدار الحرب وهو الآن بدار الإسلام فهذا يلزمه .
وكذلك المسلم يقر أنه كان أقر لفلان بكذا وهو حربي فذلك يلزمه .
[9/344]
***(1/339)
[9/345]
وإذا قال : أقررت لك بكذا فذلك يلزمه إن اعتق وقال الطالب بل يعد عتقك فإن المال يلزمه ويكون المال للعبد دون سيده .
وقد قال أيضا : القول قول المقر للسيد دون عبده إذا أعتق ويتبعهما له إن لم يستثنه سيده وإن أقر وهو مسلم وقد كان مشركا محاربا أنه أخذ في حربه من فلان ألف درهم وقال فلان بل أخذتها مني بعد إسلامك فالحربي يصدق في قول ابن القاسم ، وأما في قول سحنون وهو قول أهل العراق فإن الحربي لها ضامن ولا يصدق لأنه أقر بالتعدي وادعي ما يزيل عنه الضمان ، ألا تري لو فقأ رجل عين رجل اليمني وعين الفاقي اليمني قد ذهبت فقال المفقوءة عينه فقأت عينى وعينك ذاهبة وقال الفاقي بل قبل أن تذهب فالقول قول المفقوءة عينه والفاقي ضامن لأرش العين وكذلك الجراحات وغيرها في قول سحنون لأنه / وقعت الإقرار 144/ ظ
لا عين له فهو يدعي طرح الدية .
وفي قول ابن القاسم : القول قول الفاقئ ولا شئ عليه .
قال سحنون : ولو قال المسلم قد كنت أخذت من هذا الحربي مائة دينار في الحرب وقال هو أخذتها مني بعد الإسلام فالقول قول المسلم في قول ابن القاسم ، وفي قول ابن سحنون وأهل العراق : ولو أن المسلم أخذ من الحربي عرضا أو عبدا فقال أخذته منك في الحرب فلا يصدق والحربي مصدق في أنه إنما أخذه منه بعد اسلامه لأن المسلم أقر أنه ملك الحربي ثم ادعي زوال ملكة عنه إليه بأمر يجوز فهو المدعي كما لو قال سبيت ابنك في الحرب فلا يصدق في هذا إلا أن يأذن المسلم وهو موثوق في يديه فيقول اشتريته والابن معروف أنه كان حربيا فيصدق عليه المسلم .
قال محمد بن عبد الحكم : ومن أسلم من أهل الحرب ثم أقر أنه أخذ من رجل مالا أو جرحة جرحا أو غار على قرية فقتل وسبي وأخذ المال فقال المقرن له بل فعلته بعد اسلامه فالقول قول المقر مع يمينه . لأنه حال كان بها وكذلك لو قال قتلت في تلك الحال لم ألزمة شيئا وهو كالصبي يقر أنه فعل ذلك في صباه وكذلك خارجي رجع إلي الجماعة فقال إنما فعلت ذلك قبل رجوعى إلي الجماعة
[9/345]
***(1/340)
[9/346]
وقال المدعي بل بعد ان رجعت فالخارجي مصدق مع يمينة ، وكذلك حربي يغير عل المسلمين أو لم يغر على / الرفاق فتاب فأتي إلي الإمام تائبا فقامت البينة أنه 145/و أغار على أحد ولم يوقت متي ذلك فقال كان ذلك قبل أن أتوب فلا يقام عليه حد الحرابة حتي تؤقت البينة أنه فعله بعد أن تاب .
وكذلك المريض بهذي فقال أقررت وأنا لا أعقل وقال الطالب بل وأنت تعقل فالمريض مصدق مع يمينة .
وإن قال أقررت لك في وقت لا أدري أكنت حينئذ صبيا أو بالغا لم يلزمه بذلك الإقرار شئ لأنه لم ينسبه إلي وقت يلزمه ولا ألزمه إياه بالشك .
قال أبو محمد : الذي أعرف من أصولهم أن من لم يكذب المدي عليه فإن المدعي يحلف ويقبل قوله وهذا قد قال خصمة أقررت لي وأنت رجل فلم يدفع ذلك بتكذيب له .
قال محمد بن عبد الحكم : ولو قال عبد قد عتق لرجل حر قذفتك وأنا رقيق فقال الرجل بل وأنت معتق فالرجل مدع وليس على القاذف إلا حد العبد أربعين جلده . وقال المقذوف بل وأنا حر فالقول قول المقذوف .
قال ابن بعد الحكم : ولو قال من أسلم من الحربين لرجل قذفتك قبل أن أسلم وقال الرجل بل بعد غسلامك . فهو مدع ، ولو كتب رجل على رجل براءة من كل حق له قبله ثم قال كانت لك على خمسون دينارا قبل تاريخ البراءة فدخلت في البراءة وقال الآخر بل هي بعد البراءة فهو المدعي والمطلوب برئ مع يمينة .
قال / ابن المواز وابن عبد الحكم : ومن قال لعبد : دفعت إلي مائة دينار 145/ظ
وأنت في ملك زيد وقد كان يعرف أن زيدا ملكه وهو الآن لمحمد فقال العبد : دفعها إليك وأنا في ملك محمد فالقول قول الذي المال في يديه وهو المقر . قال ابن عبد الحكم مع يمينه . قال ابن المواز : كان المقر عدلا أو غير عدل ولو كانت المائة بيد العبد فقال العبد هي لزيد أو قال هي لي ملكتهاوأنا في ملك زيد . وقال محمد بل ملكتها وأنت في ملكي صدق محمد وعليه اليمين لزيد إذا طلب ذلك زيد .
[9/346]
***(1/341)
[9/347]
ومن كتاب ابن سحنون : ومن أعتق عبدا ثم أقر أنه أخذ منه ألف درهم قبل أن يعتق وقال العبد بل بعد أن أعتقنى فالقول قول العبد ويرد إليه ما قبض منه . وكذلك لو قال : قطعت يدك قبل أن أعتقك وقال العبد بل بعد العتق فعليه دية حر .
وقال ابن بعد الحكم : القول قول القاطع ، وكذلك في كتاب ابن ميسر : القول قول السيد مع يمينه فإن نكل حلف العبد وكانت له دية حر وإن حلف برئ إلا أن يتيبين كذبه مقل أن يكون جرحا طريا والعتق قديم فيقض منه في عمده .
قال اسن سحنون : ومن أعتق أمته ثم قال أخذت منك هذا الولد قبل أن أعتقك وقالت هي بل بعد أن أعتقني فإن كانا ولدته قبل العتق فالقول قول السيد ، وإن ولدته بعد العتق فالولد عتيق ، وإن قالت : ولدته بعد العتق وقال السيد قبل العتق فإن كان في حوز السيد / فالقول قول السيد وإن كان في 146/و
حوز الأمة فالقول قول الأمة . وكذلك إن قال : أعتقك بعد أن ولدته وقالت هي قبل أن ألده فالقول قول من في يديه الولد .
وإن قال : أخذت منك الغلة قبل أن أعتقك كل شهر خمسة دراهم وقالت هي : أخذتها بعد العتق فالقول قول السيد ويحلف .
وإن قال : جامعتك قبل أن أعتقك وقالت هي بل بعد أن أعتقني جامعتنى غصبا فالقول قول السيد . وإن كان ممن لا يشار إليه بذلك حددت له .
ومن أسلم من أهل الحرب فقال له رجل غصبتك ألف درهم وأنت في دار الحرب وقال هو بل في دار الإسلام بعد أن اسلمت فالغاصب ضامن وكذلك الجراحات مايصدق به المقر في تقادمها وحداثة إسلامه مما لا يمكن أن يكون بعد اسلامه في قول سحنون .
وإذا قال : سبيت ابن هذا من دار الحرب وهو صبي وقال الحربي الذي أسلم بل غصبته في دار الاسلام فإن كان الابن في وثاق المسلم وحوزه فالقول قوله وإن كان في حيازة الأب فالقول قول الأب .
[9/347]
***(1/342)
[9/248]
وإذا أقرالرجل لعبد قد أعتق أنه أخذ منه ألفا وهو عبد لفلان وقال العبد بل أخذتها مني بعد العتق فالقول قول العبد .
وإن قال : أخذت من هذا المكائب ألف درهم قبل أن يكائب وقال المكائب بل بعد الكتابة فالقول قول المكائب والمال له دون مولاه .
ومن باع عبدا من رجل فأقر رجل آخر أنه غصب / من هذا العبد مائة 146/ظ
درهم قبل أن تبيعه وقال مبتاعه بل غصبتها منه وهو عبدي فالمائة لمولاه الآخر دون الأول وكذلك الجراحات إلا أن يكون الابن يصدقه فيما قال .
ومن عرف بالرق ثم عتق قم قال قتلت فلانا خطأ أو عمدا وأنا عبد وقال ورثة المقتول بل قتلة بعد أن عتق أنه لا شئ على العبد في هذا وهو مصدق ، قاله ابن القاسم ، واهل العراق قالوا لأنه أقر على مولاه . وقا سحنون : والقول قول ورثة المقتول والمقر مأخوذ بإقراره .
قال ابن سحنون : قبل لأهل العراق فلم لم تنظروا إلي الإقرار في وقته كما نظرتم إلي اقرار الذي قال فقأت عينك وأنا بصير فقلتم القول قول المفقوءة عينه ؟
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم : وإذا أقر من أسلم من الحربيين فقال أقررت لفلان بمائة وأنا مستأمن فالمائة تلزمه لآنه أقر في حال يلزمه الإقرار .
وكذلك لو قال : دخل علينا فلان فأقررت له بدار الحرب أو أقررت له بدار الحرب وهو بدار الإسلام فذلك يلزمه ، ولو قال مسلم أقررت لحربي وهة بدار الحرب لزمه ذلك .
ولو قال الحربي بعد إسلامة أخذت منك كذا وأنا حربي وقال الآخر أخذته مني بعد إسلامك فلا ضمان على الذي أسلم .
وإذا قال مسلم : أخذت من هذا الذي كان حربيا بدار الحرب في الحرب مائة دينار وقال الآخر أخذته مني بعد أن أسلمت لم يكن عليه شئ .
ولو أن الساعي بيده / شاه فقال لرجل أخدتها منك في صدقتك وقال ربها 147/و
[9/248]
***(1/343)
[9/349]
بل غيرها أخذت وهذه لي فالقول الساعي ولو كانتا شاتين فقال أخذتها منك في الصدقه وقال المؤدي أخذت مني واحدة وأخري لم تجب علي فالقول قول المؤدي مع يمينه .
وإذا أسلم أهل مصر أو دخلو علينا بأمان ولهم في يدي أهل الإسلام رقيق وأموال وأولاد فقالوا أخذتم ذلك من بعد الأمان وقال من ذلك بيده أخذناه قبل الأمان وكان يعرف أنهم يعدونهم يسبون ويغنمون فأما الأموال كلها فهي لمن هي بيدها وأما الرقيق فإن خيروا بالرق فهم لمن هم بيده ، وإن أنكر الرقيق أن يكونوا كانوا في ايديهم برق ولا بينة على ذلك فهم أحرار لأنه لم يصح عليهم حوز برق .
وكذلك إن قالوا لم يحزنا(1)برق ولم يقم على ذلك بينة وقالوا غصبتمونا أنفسنا ونحن أحرار قال وسواء كان ذلك المال قائما أو مستهلكا وكذلك الحيوان والنساء والرجال
قال : وإن كان بأيديهم صبيان لا يعرفون عن أنفسهم فادعي(2)آباؤهم انهم أخذوا بعد الأمان وقال من هم بأيديهم بل قبل الأمان وقد عرف أنهم يحاربون يغيرون ويغار عليهم ثم أسلموا ودخلوا بأمان فأراهم رقيقا لمن هم بأيديهم .
وإذا أسلم قوم من اهل الحرب ووجد في ايديهم رقيق للمسلمين وأموال فقالوا اسلمنا عليهم وهو في ايدينا وقال أربابهم بل / أخذتم ذلك بعد دخولكم 147/ظ مسلمين إلي دار الإسلام فإذا لم أقبل قول أهل الحصن إذا أسلموا فيما بأيديهم لزمني أن أقول إذا ادعوا أموالا ورقيقا منهم في أيدي أهل الإسلام فقالوا أخذوا منا بعد أن صرنا في الإسلام أن أكلف أهل الإسلام على ذلك البينة .
ومن بيده عبد أقطع فقال قطعة فلان والعبد في ملكي وقال القاطع قطعته وهو في ملك غيرك وهو معلوم أنه كان لغيره فالقول قول القاطع مع يمينه فإن نكل غرم قيمة القطع للأول والثاني يغرم للواحد بالنكول وللآخر بالإقرار .
[9/349]
***
__________
(1) في الأصل ، لم يجوزنا .
(2) في الأصل ، فادعو آبائهم .(1/344)
[9/350]
وقال ابن سحنون : وإن قال المشتري قطعته وهو في ملكي وقال القاطع بل في ملك من باعه منك فالأرش للمشتري والقول قوله .قال ابن عبد الحكم : وإذا أقر رجل أقطع اليد اليسري فقال قطعت يسري فلان قبل أن تقطع يدي ، وقال المقطوع بل بعد أن قطعت يدك فإن القاطع تلزمه الدية ولا يبرأ مما فعل بالدغمي وقاله سحنون وقد تقدم لسحنون مثله في العين .قال ابن عبد الحكم في موضع آخر : إن القول قول القاطع .
وكذلك لو قطعت يده فودي فادعي عليه رجل أنك قطعت يدي بعد ذلك وقال هو قبل فالقاطع مصدق كمن كتب براءة على رجل من مائة دينار ثم قام عليه بصك فيه عشرون دينار يقول انه من غير المائة وقال المطلوب بل هي من المائة فهو مصدق مع يمينة حتي تقوم بينة أن ذلك بعد البراءة ، وكل ما / شك فيه 148/و
فالقول قول الواهب .
وقال ابن سحنون : القول قول الموهوب ، وقال : كما لو قال : قطعت يده فوهبته وقال الأخر قطعت يده بعد الهبة .
قال ابن عبد الحكم وقال أصحاب أبي حنيغة في هذه المسألة : وقوله قطعته ثم وهبته أن القول قول الواهب ، وقالوا في الأول إن القول قول الموهوب والقاطع ضامن ، وهذا خلاف قول النبي .
قال ابن المواز : وكذلك في الصدقة قال ابن عبد الحكم : وكذلك لو قطعه أجنبي مقر بالقطع فقال سيده قطعه قبل أن أتصدق به على فلان وقال فلان بل بعد أن قبضته بالصدقة منك ، وكذلك لو باعه فقال البائع قطعته قبل أن أبيعه منك ، وقال المبتاع بل بعد البيع فالقول قول السيد الأول وليس للمبتاع رده عليه وله عليه اليمين ، وكذلك لو أعتقه وقال قطعت يده قبل العتق وقال العبد بل بعد العتق
[9/350]
***(1/345)
[9/351]
فالعبد مدع والسيد مصدق، ولو تداوله بيعا بعد بيع أو ميراثا بعد ميراث ثم أقر رجل أنه قطع يده فقال واحد إن ذلك كان في ملكه فالقاطع مصدق.
ومن كتاب أحمد بن ميسر وإذا قال البائع للعبد قطعت يده قبل البيع وقال / المبتاع بل بعد البيع فالمبتاع مدع وله يمين البائع، فإن نكل فللمبتاع عليه ما نقص العبد بعد يمينه ما لم يتبين كذبه مثل أن يشتريه منذ أيام يسيرة وأن القطع قديم، ولو صدقه المبتاع أنه قطعه قبل البيع ورده عليه فإنه يعتق عليه إن كانت الجناية عمدا وإن لم يصدقه لن يعتق.
ومن ابتاع عبدا من المغنم فقال رجل قطعت يده وهو في المغنم وقال المشتري بل قطعته بعد شرائي له قال يحلف المشتري ويغرم لأهل الجيش ما نقصه إلا أن يأتي من علم الجرح ما يدل على صدق المشتري فيصدق مع يمينه.
وإن قال المقر قطعته في الحرب صدق مع يمينه.
ولو أسلم نصراني فأقر رجل أنه قطع يده وهو نصراني وقال الآخر جنيت علي بعد إسلامي فالقول قول القاطع مع يمينه فإن نكل حلف الآخر، وقبل قوله وكان له دية مسلم، يريد في الخطأ ولو تبين كذب الجاني بطراء الجرح وقدم إسلام هذا فالقول قول المجني عليه مع يمينه.
وفي باب الإقرار في الدماء بقية من هذه المسائل.
قال بن المواز: ومن اشترى رجلا في المغانم فقال آخر قطعت يده في الحرب وقال مشتريه بل بعد أن اشتريته أنا فالقول قول المقر مع يمينه، وكذلك لو أسلم نصراني فقال لرجل قطعت يده بعد أن أسلمت وقال القاطع إنما قطعتها قبل إسلامك فالقاطع مصدق مع يمينه ويعزم له دية نصراني.
وقال أصبغ عن ابن القاسم / فيمن تزوج امرأة على أن كل امرأة يتزوجها عليها طالق ثم ظهرت له امرأة فقال تزوجتها قبل أن أتزوج ذات الشرط وقالت هي بل بعد تزويجي تزوجتها فالقول قول الزوج.
[9/351]
***(1/346)
[9/352]
ومن حدَ في قذف فقيم عليه بقذف آخر فقال كان ذلك قبل أن أحد وقال المقذوف بل بعد الحد فالقول قول المقذوف وكذلك قال بن المواز ومحمد بن عبد الحكم، قال بن المواز إذا حلف أنه ما قذفه بعد الحد الذي ضرب فيه.
فيمن أقر لرجل بمال وقال دفعه إلى آخر
قرضا أو وديعة أو أرسل به إلي
وكيف إن كان ثوبا أو عبدا
فقال أتاني به عارية
أو قال في العبد هو بن فلان
أو قال في الثوب بعثه إلي
لأخيطه أو لأقطعه ونحو هذا
ومن كتاب بن سحنون: ومن أقر فقال دفع إلى زيد هذه الألف لفلان وكلاهما يدعيها فليحلف فلان مع شهادة المقر إن كان عدلا ويأخذها، وإن نكل أو كان المقر غير عدل فإنها تكون للدافع، وكذلك لو قال هذه الألف لفلان دفعها إلى فلان فإن حلف فلان مع شهادة المقر أخذها ولا شيء للدافع فإن نكل أو لم يكن المقر عدلا فليردها إلى الدافع إلا أن يقول هذه الألف لزيد غصبه إياها عمرو ودفعها إلي فغبت عنها وأنا أعلم أنها غصب وعمرو يجحد فعلى المقر ألف لزيد لتعديه في قبض ماله ويلزمه ألف أخرى لعمرو/ الدافع إليه إذا أنكر الغصب
مع يمينه لزيد ولا شهادة للمقر لأنه كالغاصب. قال: إلا أن يقول غصبها عمرو ودفعها إلي وأمرني بردها إلى زيد فيصير شاهدا ويحلف معه زيد ويستحقها.
وقال غيرنا: إن قال هذه لفلان دفعها لفلان فهي للمقر له ولا تكون للدافع، وإن ادعاها الدافع وحلف ضمن له المستودع ألفا أخرى فيقال لهم لا يعدو قوله هي لفلان دفعها إلى فلان أن يكون في مقام شاهد أو يكون أنه رآه غصبها لفلان ثم دفعها إليه وهو يعلم فهو كالغاصب فهذا يضمن ألفين ويقول أقر عبدي بقبضها منه فيكون شاهدا.
[9/352]
***(1/347)
[9/353]
وإذا قال: هذه ألف لزيد أقرضنيها عمرو وكلاهما يدعيها فإن قال غصبها منه عمرو فأقرضنيها فقد حرج نفسه فعليه ألف لزيد وألف لعمرو فإن قال أقرضنيها من مال زيد بأمره ففيها قولان: أحدهما أنه يغرم لكل واحد / ألفا ولا يحلف لزيد مع شهادته لأن ذلك يوجب براءته ما أقر به لعمرو أنه أقرضه فسقطت بهذا شهادته، والقول الآخر: أنه يغرم لزيد ألفا ولا شيء لعمرو لأنه رسول.
وأما لو قال ه(1)ذه الألف لعمرو تسلفها من زيد فأقرضنيها أو قال أقر عندي بذلك عمرو حين أسلفني أو قال أقر عندي أنه أسلفنيها من وديعة لزيد عنده فإن زيدا يحلف معه في ذلك كله ويأخذ الألف ولا شيء لعمرو، فإن نكل أو لم يكن المقر عدلا كانت / الألف لعمرو ولم يكن على المقر لزيد شيء1 (1) لأنه شاهده.
وإذا قال: هذا العبد الذي عندي لزيد باعه من عمرو بألف درهم وادعى البائع أنه باعه بما ذكر وادعاه المقر له وحلف أنه لم يأذن له في بيعه فإنه يقضى بالعبد للمقر له وبالثمن للبائع في إجماعنا.
وإن قال: هذا العبد الذي في يدي لفلان غصبته من فلان فإن كان المقر عدلا حلف المغصوب منه مع شهادته واستحقه، وإن لم يكن عدلا أو لم يحلف معه فليقض به للمقر دون المغصوب منه.
ولو قال: هذه الألف لفلان أرسل بها إلي كان إقرارا له، ولو قال أرسل إلي بها مع فلان وادعاها كل واحد منهما بعد الإقرار بالرسالة فهي للأول دون الرسول، فإن قال الأول ليست لي ولم أرسل بها وادعاها الرسول وقال كذبت في الرسالة فإنها لرسول في إجماع العلماء، فإن كان المقر له غائبا وأراد الرسول أن يأخذها وادعاها لنفسه فلا تكون له بعد إقراره بالرسالة، وإن قال هي لفلان وكنت فيها رسولا فذلك أبعد له منها، ولو لم يقر الرسول بالرسالة وقال ما دفعتها إليك إلا وديعة لي فقد قال بعض علمائنا إن كان المقر عدلا لم يكن له على المقر شيء(2)والألف للرسول.
[9/353]
***
__________
(1) في الأصل، شيئا والصواب ما أثبتناه.
(2) في الأصل،شيئا والصواب ما أثبتناه.
12- النوادر والزيادات 9(1/348)
[9/354]
وإذا قال الخياط في ثوب في يديه إنه لفلان أرسله إليه مع فلان وكل واحد منهما يدعيه فإن أقر الرسول بالرسالة ثم ادعاه فإنه للذي أقر أنه أرسله به أولا وإن قال ما دفعته إليك إلا لنفسي وما/ قلت إني رسول فالثوب له ولا شيء على الخياط للأول.
وكذلك القصار والصباغ والصائغ في هذا شاهد. فإن كان في شهادته جر إلى نفسه لم تجز شهادته على الدافع وإن لم يكن فيها جر حلف معه الأول وأخذ ثوبه فإن نكل عن اليمين فلا شيء له والثوب للدافع.
وإذا قال: هذا الثوب أسلمه إلى فلان ليقطعه قميصا وهو لفلان وادعاه كل واحد منهما فإن كان قطعه وهو يعلم أنه لغير الذي دفعه إليه فقد أقر بالجرحة ولا شهادة له والثوب في إجماعنا للدافع، وإن لم يحدث فيه شيئا فليحلف الذي قال إنه له مع شهادته ويأخذه فإن لم يكن عدلا أو أبى أن يحلف فالثوب للذي دفعه إلى الخياط.
وإن قال هذا الثوب أعارنيه فلان وبعث به إلي مع فلان وأقر المبعوث به بذلك ثم ادعياه فهو للمعير، دون المبعوث به إليه.
وإن قال: فلان أتاني بهذا الثوب عارية من فلان وأقر بذلك الرسول فلا ينفعه ما يدعي بعد ذلك وإن لم يقر بشيء وقال الثوب لي دفعه إليك وقال المقر فلان أرسل به معك إلي عارية فالمقر شاهد للمعير ويحلف معه ويأخذ ثوبه فإن لم يحلف أو كان المقر غير عدل فالثوب للدافع.
ولو قال في صبي في يديه هذا الصبي ولد لزيد غصبه من عمرو وهو عبد له وادعي زيد أنه ابنه وادعي عمرو أنه عبده فإن كان المقر عدلا حلف معه المغتصب وأخذ/ العبد، فإن ادعى نسبه والمغتصب منه ينكر نسبه لم يقبل دعواه ولم يثبت نسبه، وإن لم يكن المقر عدلا أو نكل الحالف عن اليمين لم يقض له بشيء وكان الابن ابنا للأول الذي ادعاه إذا لم يعرف كذبه ويكون حرا ثابت النسبة، وفي قول سحنون لا يثبت النسب حتى يكون معروف الولادة عنده من أمته أو زوجته أو يكون أصل الحمل عنده.
[9/354]
***(1/349)
[9/355]
ولو قال الصبي ابن فلان له مع فلان، وفلان يدعى نسبه فإنه يحلف به، فإن قال الرسول هو عبدي فإن العبد له يرد إليه حتى يقيم مدعي النسب شاهدا آخر مع المقر أنه ابنه وأنه حر إلا أن يكون الصبي يعرف عن نفسه فيقول أنا ابن فلان وينكر ملك الرسول فلا يثبت عليه ملك إلا أن يكون كان في يد الرسول يحوزه حيازة الملك فيكون عبدا للرسول.
فيمن أقر أن الدين الذي على فلان
أو الوديعة التي لي عنده لفلان آخر
وكيف إن علم بذلك صاحبه
قبل دفع ذلك إلى الطالب
ومن كتب حق باسم رجل
هل لرب الحق أخذه دون من هو باسمه؟
من كتاب ابن سحنون: وإذا أقر فقال: الوديعة لي عند فلان لفلان فهو جائز وللمقر له أخذها ممن هي بيده غاب المقر أو حضر إذا ثبت الإقرار وليس للمقر أخذها. ولو كان عند فلان ودائع من أنواع شتى فقال المقر إنما/ غصب وديعة كذا وقال المقر له بل كلها ففيها قولان أحدهما أنه ينظر فإن كان استودعه إياها في وقت واحد فهي كلها للمقر له وإن كان أودعه إياها في أوقات مختلفة فالمقر مصدق مع يمينه في أي وديعة شاء فهذا القول أيضا هو قول من خالفنا أنا جميعها للمقر له كان المقر أودعها في وقت واحد أو في أوقات.
وإن قال فلان ما أودعني شيئا فالقول قوله. ويضمن المقر إن قال أودعنيها المقر له فأودعتها لهذا بغير أمره أو قال بأمره فجحد ذلك الأمر فالمقر ضامن.
ولو قال المقر ما أودعتني شيئا ولكن تصدقت بها عليه أو وهبتها له فأقررت بها له فهو مصدق ولا يضمن.
[9/355]
***(1/350)
[9/356]
وإذا قال المقر له قد أذنت له في إيداعها فلانا فقال فلان قد دفعتها إليك أيها المقر فأنكر فالقول قول المودع إذا كان قبضها في الإيداع بغير بينة ولا يضمن المقر وعليهما اليمين.
ولو قال: دفعتها إلى المقر له صدق مع يمينه إن ثبت إقرار المقر ولا ضمان على المقر.
قال مالك: وإن قال من عنده وديعة قد رددتها إلى ربها فهو مصدق، ولو قال قضيتك الذي لك علي لم يصدق وعليه البينة.
قال محمد بن عبد الحكم: ومن له ذكر حق على رجل فأقر أنه لرجل فلم يعلم المطلوب حتى دفعه إلى الطالب ثم ندم المقر له فلا شيء على الدافع وإن أقام بينة لأنه لم يتعد ويتبع به القابض له. ومن له على رجل مال وأمره/ أن يدفعه إلى فلان أو كتب بذلك إليه كتابا وعرف أنه خطه وامتنع من الدفع وقال يبرئني ذلك إن جحدني فالقول قوله وذلك له.
ولو أنه قبل السفنجة(1) على أن يدفعها ثم بدا له فليس له ذلك وليدفع ويشهد، وكذلك قال ابن المواز، وهي مذكورة في الوكالات.
قال ابن المواز في الذي كتب إليه إليك أن ادفع إلى فلان الدين الذي لي عندك أو الوديعة وعرفت خطه وأمارته فلا يلزمك الدفع ولا يقضي عليك به السلطان، وإن أقررت بهذا كله عنده إلا أن يقر أنك رضيت بالدفع فيلزمك الدفع أو تقول له تعود إلي حتى أدفع إليك فيلزمك الدفع وإلا فلا، لأن على من ذلك له أن يوثقك بالاشهاد.
ولو صدقت كتابه ورسوله فدفعت إليه ثم جاء فأنكر فعليه اليمين وتغرم أنت له وترجع أنت على من قبض منك ولا يضرك تصديقه أو لا فيما ذكر من أمر فلان له بالقبض.
[9/356]
***(1/351)
[9/357]
وقال أشهب في كتبه: إذا صدق الرسول أنه أمر بأخذها فلا يرجع إليه إن غرمها.
قال ابن المواز فيمن لك عليه حق فأمرته أن يكتبه باسم رجل ميت وعرف المطلوب أن الحق لي دونه فطلبته بحقي وغاب الذي له الاسم فأما المطلوب من دفعه حتى يحضر صاحب الاسم فذلك له ولا يقضي عليه بالدفع وإن أقر أن الحق لك، لأن دفعه لا يبرئه من صاحب الاسم ولو قامت بينة على إقرار صاحب/ الاسم بذلك لقضي عليه بالدفع إليه ويبرأ بذلك لا يحكم عليه بدفع لا يبرأ به ولو أحضر صاحب الاسم وقد كان أشهد له أن الحق له ثم بدا له فاقتضاه وأخذ فقال صاحب الحق دفعت إلى صاحب الاسم ما يعلم أنه ليس له قال لا شيء عليه ويبرأ الغريم لأن لوكيل البيع قبض الثمن وكل وكيل على وكالته حتى يعزل ولو حضرك إلى السلطان فأقررت أن الذي كتب الحق عليك باسمه قد أمرك بالدفع إلى هذا لكنك تخاف إن جحدك فيضمنك فلا يقضى عليك بالدفع إلى هذا.
ولو أقررت أنه جمع بينك وبينه وأمرك بالدفع إليه فقلت له أنت أنا أدفع إليك فهنا يقضى عليك بالدفع إن أقررت أنك قلت ذلك لأنه من باب الضمان وإن لم تزد على أن قلت أمرني بالدفع إليك فلا يقضى عليك بالدفع إلا ببينة على الإذن إلا أن تقر أنك رضيت بالدفع فيكون هذا من باب الضمان.
ومن العتبية(1)قال أصبغ فيمن عليه لرجل مائة دينار فأتاه من زعم أنه وكله ربها على قبضها وقال له أنا أضع عنك منها خمسين فإن أتى ربها فهن في مالي أضمنها أو يذكر له أن ربها حطه خمسين فلا يصدقه على الوكالة فيقول له ادفع إلي وأنا أضمن له الخمسين التي حططت إن أنكر قال إذا قبض على ذلك لزمه الضمان في الوجهين ولكن إن كان إنما يقبض لغائب بعيد الغيبة أو لوجه يطول مكثها به عنده لينتفع بها فليس بجائز/ لأنه ضمان بانتفاع وإن كان ربها قريب
[9/357]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 8: 157 .(1/352)
[9/358]
الغيبة ومعاملته منه قريب فيرضى أولا يرضى فذلك جائز وضمان لازم لأنه معروف وليس بضمان بزيادة.
وروى أشهب عن مالك فيمن أسلفته أربعين درهما وأمرت صرافا يدفعها إليه فقبضها فلما ردها دفعها إلى الصراف ظنه وكيلا فلا يبرأ بذلك فإن جحد الصراف وكان متهما حلفه وهذه شبهة وقال سحنون وابن نافع يحلف له الصراف بكل حال.
فيمن قال غصبت منك عبدا غصبته أنت من فلان
وأقام آخر بينة أنه منه غصبه
أو رهن عبدا ثم قال غصبته من فلان
قال محمد بن عبد الحكم: ومن قال غصبت هذا العبد الذي غصبته أنت من فلان والعبد في يد المقر أو في يد آخر يدعي ملكه فإن صدقه المغصوب منه قلنا له رد العبد إلى الذي غصبته منه ويرده هو إلى ربه، وإن كان في يد مدع له غرم المقر قيمته لمن غصبه هو منه فإن صدقك أنه غصبه من فلان دفع إلى فلان الأكثر من قيمته يوم غصبه هو أو من قيمته التي أخذ من الغاصب الآخر قيمته يوم غصبه الآخر.
قال أبو محمد: والذي قال محمد من هذا إن كان على أن ربه الأول يضمن الغاصب الأول أوفر القيمتين من قيمته يوم غصبه الأول أو من قيمته يوم غصبه من الثاني فليس هذا قول مالك وإنما له أن يضمن الأول قيمته يوم غصبه أو يأخذ عين عبده/ أو يدعه ويدع الغاصب الأول ويضمن الثاني قيمته يوم غصبه من الثاني ثم لاشيء له على الأول فإن أراه محمد أن الغاصب الأول إذا قبض قيمته يوم غصبه الثاني منه وهي أكثر من قيمته يوم غصبه الأول أن يدفعها كلها إلى ربه الأول لأنه مختار لتضمين الغاصب الثاني دون الأول فذلك صحيح، وإن قال من غصبه من الآخر: العبد لي لم أغصبه من أحد قيل للمقر ادفع قيمته إلى الذي
[9/358]
***(1/353)
[9/359]
غصبته أنت منه يوم غصبته أو ادفع إلى من أقررت أن هذا غصب منه العبد إن كان قائما، يريد لم يحل عنده فإن فاء فعليه للأول قيمته أيضا، يريد محمد قيمته عند غصبه الثاني، وإذا طال عنده ولم يفت فربه الأول مخير بين تضمينه قيمته يوم غصبه أو أخذه بعينه. ولو قال لرجل غصبتك هذا العبد الذي في يدي فصدقه ثم أقام غيره بينة أن هذا الغاصب غصبه منه وأنه يأخذه صاحب البينة إن قام المقر له يطالبه فله تضمين الغاصب قيمته بإقراره إنه من غصبه.
وليس قيام البينة للآخر يخرج هذا من الضمان لأنه يقول غصبته من غير الذي شهدت له البينة وهو هذا.
ولو قال: أودعينه فلان فأقام آخر البينة أن المقر له غصبه منه فحكم له به ثم قام من أقر له هذا بالإيداع على المقر فلا ضمان عليه لأنه لم يجن عليه جناية.
ومن كتاب أحمد بن ميسر: ومن رهن عبدا ثم قال غصبته من فلان فإن كان مليا ودى الدين ورده على صاحبه وإن لم يكن مليا/ ترك ذلك حتى يحل الحق فإن وجد ما يؤدي في الدين رد العبد إلى ربه إن كان بحاله وإن دخله نقص في يديه فربه مخير بين أخذه ولا شيء له غيره أو أخذ قيمته. وإن بيع لغير الغاصب ودي الدين من ثمنه فإن فضل منه شيء كان لربه من قيمته واتبع الغاصب بباقيها.
فيمن أقر أنه غصب رجلا داراً
ثم قال هي لفلان أو قال بالبصرة
قال محمد بن عبد الحكم ونحوه في كتاب ابن سحنون: ومن أقر أنه غصب فلاناً داراً ثم قال هي هذه فإن كانت في يديه دفعها إليه وإن كانت في يدي غيره فإن صدقه الذي هي في يديه ودفعها إليه ردها إلى المقر له وإن أنكر ذلك من هي في يديه فعلى المقر قيمتها.
[9/359]
***(1/354)
[9/360]
قال ابن سحنون يقال للمقر بالغصب خلصها من يد من هي بيده إن أنكر قولك وسلمها إلى ربها وإن لم تقدر على خلاصها فعليك قيمتها للمغصوب منه، وكذلك الأرض والإماء والعبيد.
وكذلك لو قال غصبت فلانا مالا فأنفقته على فلان أو أودعته إياه أو قارضته عليه وفلان منكر فالمقر ضامن للمال لربه إن لم يخلصه له.
قال ابن سحنون: فإن قال: غصبتك دارا ثم قال في نسق الكلام هي بالبصرة أو بالكوفة ففيها قولان: أحدهما: إن كان المقر والمقر له غريبين(1)لا يعرفان فالمقر مصدق مع يمينه، وإن كانا يعرفان ويعلم الناس أنهما لم يدخلا تلك البلاد قط ولا/ ملكا بها مالا فبعض أصحابنا يرى هذا ندما ورجوعا عن إقراره ولا يصدق وعليه أن يبين ما أقر به طائعا أو مكرها بالسجن، هذا معنى قول سحنون.
فأما في قول غيره من أصحابنا فالقول قول المقر مع يمينه على أنه دخل البلد أو لم يدخلها.
قال محمد بن عبد الحكم: وإن قال: غصبته دارا ثم قال بعد ذلك هي بالمدينة أو بالكوفة صدق وحلف إن ادعى عليه غيرها فإن طلبه حبس المقرها هنا حتى يدفعها إلى ربها أو إلى وكيل ربها، وإن قال أعطيته كفيلا حتى أوافيه بالبلد فأدفعها إليه إلى أجل قدر المسافة فليس ذلك له إلا برضى الطالب وكذلك أحبسه إذا كانت الدار معه بالبلد حتى يردها إليه.
وقال أبو حنيفة: إن قال هي التي بيد فلان فلا شيء عليه لأنه لا يزال بها ولو كان عبدا أو دابة غرم القيمة لأنه لا يزال بها.
قلت لمن ناظرني عنه فإذا لم يزل بها فينبغي ألا يضمنه حتى يزال به وأنت تضمنه الآن فقد وقع تضمينك بإخراجه من يده وإزالة ذلك هو فعل غير
[9/360]
***
__________
(1) في الأصل، غريبان.(1/355)
[9/361]
الغاصب فأنت لا تضمنه بفعل نفسه وتضمنه فإن الذي ذلك في يديه يقدر على إزالته، أرأيت لو قال قائل لا أضمنه ما دام حيا لأنه يقدر على رده لأنه الحجة عليه أكثر من أن يقال إنه قد أخرج ملكه من يديه، أرأيت ما فيها من الخشب والنقض أليس يقدر أن يزيله من موضعه فيلزمك أن تضمنه ذلك وعليه الضمان و/ إخراج الشىء من يد مالكه، وقد خالف أبا حنيفة صاحبه وقال بقولنا.
جامع الإقرار في البيوع
والتداعي في ذلك
وشيء من اختلاف الآمر والمأمور
من كتاب ابن سحنون وإذا أقر أنه باع عبده هذا من فلان وقبض الثمن ولم يسمه وصرفه المشتري فهو إقرار لازم، وإن سمي الثمن كان إقرارا أجوز، وكذلك في كل مبيع ولو سمي الثمن وقال لم أقبضه فالقول قوله وعلى المبتاع البينة بالدفع إن ادعى ذلك وللبائع منع العبد حتى يقبض الثمن.
فإن دفع العبد ولم يكن له رده ليأخذ الثمن، ولو تقاررا بالبيع ولم يسميا الثمن ثم استحق العبد فاختلفا في مبلغه فالقول قول البائع مع يمينه فيما يشبه وإذا اختلفا في الثمن في عقد البيع تحالفا وترادا، وذكر رواية ابن وهب أن المبتاع إذا قبضه مصدق ويحلف.
وقال ابن القاسم إنه إن لم يفت تحالفا، وقال أهل العراق مثل قول ابن القاسم قالا وإن فات بيد المشتري بنقص فالقول قوله ويحلف، قال أهل العراق: إلا أن يرضى البائع بأخذه ناقصا.
قال ابن القاسم: ليس له أخذه إلا أن يرضى المبتاع، وإذا قال: بعته من فلان بألف وأنكر فلان الشراء ثم أقر به فأنكره البائع فلا شيء للمشتري لإنكاره
[9/361]
***(1/356)
[9/362]
الأول كمن أقر لرجل بمائة درهم فقال الرجل مالي عليك شيء ثم قال هي لي عليك فأنكره المقر فالقول قوله ولا شيء للطالب.
وفي قول غيرنا ينفذ شراؤه/ بألف ولا يضره قوله لم أبع.
وقال: لو قال بعتك هذا العبد بألف وقال المشتري ما اشتريته منك فصدقه البائع ثم قال المشتري قد اشتريته لم يلزمه البيع ولم تقبل منه البينة على ذلك في إجماعنا.
ولو قال: بعت منك هذا العبد فأنكر وقال ما اشتريته فأحلفه الحاكم فأقر أنه اشتراه بذلك فذلك يلزمه.
وكذلك لو ادعى هذا الشراء وأنكره فأحلفه فأقر فذلك لازم.
وإذا قال: بعت عبدي من فلان ولم يسم ثمنا فقال فلان اشتريته بخمسمائة فأنكر البائع أن يكون باعه فالقول قول المبتاع ويحلف إلا أن يذكر من الثمن مالا يشبه.
وقال غيرنا يحلف البائع ولا يلزمه البيع، وكذلك لو ادعى المشتري الشراء ولم يسم الثمن فقال البائع بعتكه بألف درهم فجحد المشتري أن يكون اشتراه منه بشيء فالبائع مصدق إن ذكر من الثمن ما يشبه.
وقال غيرنا يحلف المشتري ويبرأ وقد جامعونا أنه إن أقر أنه باع عبده من فلان وقبض الثمن وصدقه المشتري أن البيع لازم وإن لم يسميا الثمن فقد اتفقنا على ما اختلفنا فيه.
وإذا قال: اشتريت هذا العبد من فلان فجحد ذلك البائع فادعى الآخر أن العبد كان له من أصله فلا يصدق ولا تقبل منه البينة لأن إقراره هدم ذلك وكذلك إن ساومه ليشتريه.
وإن أقر أنه باع عبدا/ لم يسمه من فلان ثم جحد فليؤخذ بإقراره إن طلبه المشتري ويلزمه أن يأتي بالعبد فأتى عبد أتى به فقال هو هذا فالقول قوله مع يمينه.
[9/362]
***(1/357)
[9/363]
فإن ادعى المبتاع عبدا بعينه وجحد البائع حلف وبريء فإن نكل حلف المبتاع وأخذ العبد الذي ادعى.
وفي قول غيرنا: هذا الإقرار باطل، وإذا أقر أنه باع منه عبده فلانا والبينة لا تعرف العبد والمشتري يعرفه فإن عرف غير بينة الإقرار بالبيع عبده فلانا جازت شهادتهم وحكمت ببيع عبده فلان، وإن لم يكن أحد يعرف عبده كلفته أن يأتي بعبد فما أتى به فقال هو الذي أقررت به فالقول قوله مع يمينه.
فإن ادعى المبتاع غيره حلف البائع وقيل للمبتاع إن شئت فخذ ما أقر به وإلا فدعه وكذلك في الأمة والدار والدابة.
وإذا عرفوا هذه الأشياء ولم يسم الثمن فذلك جائز، فإن اتفقا في الثمن لزمهما ما اتفقا فيه وإن اختلفا تحالفا وتقاسما.
وفي قول غيرنا إذا لم يسم الثمن لم يجز وإن عرف الشهود السلعة، ولكنه يحلف.
وأجمعنا أنه إن حدد الدار وسمي الثمن أنه جائز وإن جحده البائع ولم يعرف الشهود الحدود بعد أن تقوم بينة على معرفة الحدود فذلك جائز.
وما أقر به أحد المتفاوضين من شراء أو بيع فهو لازم للآخر وكذلك لو تفاوضا في نوع من التجارة إذا أقر به في ذلك النوع وما أقر به من شراء شيء مستهلك/ من تجارتهما وقال الثمن دين علينا فإن ذلك عليهما في المال الذي تفاوضا فيه ولا يلزم ذمة شريكه من إقراره ولا تجاوز إقراره المال الذي بأيديهما ويلزم ذمة المقر ما جاوز المال الذي تفاوضا فيه إلا أن يكون تفاوضا في نوع من التجارة بمال على أن يشتريا به وبوجوهما فهاهنا يلزمهما ما جاوز المال إن كانت هذه الشركة مكروهة.
وإذا أقر الوكيل على بيع العبد إنه باعه من فلان بكذا وصدقه فلان وجحد الآمر فالبيع لازم والعهدة على الآمر دون الوكيل وكذلك البضاعة، وكذلك إذا أمره بالشراء فالقول قول الوكيل في اجماعنا، ولو أمر بشراء عبد بغير عينه وسمي جنسه
[9/363]
***(1/358)
[9/364]
وثمنه فأقر الوكيل أنه قد اشترى هذا العبد له بالثمن وجحد الآمر فالقول قول الوكيل ويلزم العبد الآمر إذا اشتراه بما يشبه سواء دفع الثمن إليه أو لم يدفع، وقد أحال من فرق بين دفعه الثمن وغير دفعه وقال: إذا لم يدفع الآمر الثمن إلى الوكيل لم يصدق الوكيل ويلزمه البيع دون الآمر.
وإن مات البائع وأقر الوكيل لشراء العبد فإن كان الثمن في يديه أو دفعه إلى البائع ببينة أو أقر بذلك الورثة فالشراء جائز ويدفع الآمر الثمن إلى الورثة إن كان في يديه وإن جحد الورثة البيع ولم تكن بينة وقال الوكيل اشتريت منه ودفعت إليه الثمن بلا بينة فالوكيل ضامن للمال ويحلف الورثة على علمهم، وإن قبض/ البائع الثمن ببينة واستهلكه فالبيع تام لازم للميت.
وإذا أمر ببيع عبد فمات الآمر وأقر الوكيل وقالت الورثة إنما بعته بعد موت صاحبنا فالقول قول ورثة الميت وإن كان العبد مستهلكا فالقول قول ورثة الوكيل.
قال محمد بن عبد الحكم: ومن أقر أنه باع هذا العبد من هذا الرجل ولم يسم الثمن ثم أنكر إقراره هذا فقامت عليه بذلك بينة فقال المقر له اشتريته بخمسين دينارا فلا يصدق على هذه التسمية ولا يجب له العبد بهذا الإقرار إذا لم يقم بالثمن بينة.
ولو مات المقر قبل أن يسأل عن الثمن لم يلزم بهذا الإقرار بيع إلا أن يدعي المبتاع على ورثة البائع معرفة الثمن فيحلفوا علمهم ويبقى العبد لورثة البائع.
ولو مات المتبايعان حلف ورثة البائع ما يعلمون الثمن، ولو قال ورثة المبتاع نحن نعلم الثمن يقبل منهم، وإذا نكل ورثة البائع عن اليمين على العلم حلف ورثة المبتاع وأخذوه وإن نكلوا فلا شيء لهم.
ولو قال البائع الثمن خمسون وحلف وطلب يمين ورثة المبتاع فحلف بعضهم ونكل بعضهم فإن شاء البائع علم حصة من حلف إليهم إن كان النصف بذلك وإن قال لا أرضى أن يتبعض علي العبد فذلك له.
[9/364]
***(1/359)
[9/365]
قال محمد بن عبد الله، وعلى مذهب بعض أصحابنا: إن الذين حلفوا إن شاؤوا أخذوا نصف من لم يحلف ويؤدوا / جميع الثمن فذلك لهم.
وإذا أقر المشتري أنه اشترى من فلان هذه الدابة بكذا وكذا وصدقه البائع وطالبه فأنكر الإقرار وحلف فللبائع بيع دابته ويصنع بها ما يشاء، وينفسخ البيع الذي أقر به المشتري.
ومن ادعى أنه ابتاع هذا العبد من فلان ولم يسم الثمن فقال المدعى عليه بعتك إياه بمائة فأنكر المبتاع أن يكون أقر بشيء وحلف ما أقر ولا اشترى فقامت عليه بإقراره بينة فلا يلزمه بهذا بيع، ولو اختلفا في اليمين فتحالفا وتقاسما، ومذهب أشهب في اختلاف المتبايعين في قلة الثمن وكثرته يتحالفان بعد فوت السلعة وترد القيمة. وابن القاسم يرى ذلك في جنسين من الثمن يدعى هذا صنفا وهذا صنفا ويرى في قلة الثمن وكثرته أن يتحالفا ما كانت. ويقول أشهب بقول ابن عبد الحكم.
في الإقرار بالعيوب في البيوع
من كتاب ابن سحنون: وإذا أقر البائع أنه باع هذه الأمة من فلان وبها هذا العيب فلفلان ردها بذلك فإن ادعى البائع أنه أبرأه منه فإن لم تقم بينة حلف المشتري وردها فإن لم يحلف حلف البائع وبريء، وإن قال المشتري:اشتريتها وبها هذا العيب وهو مما يحدث مثله وأقر البائع أنه باعها وبها عيب لم يسم أي عيب هو فلا يلزمه بهذا الإقرار إلا اليمين في العيب الذي ادعاه المبتاع أنه ما باعها وبها ذلك العيب. فإن قال: / بعتها وبها عيب لم يسمه وقال قد ذهب بها فالقول قوله ويحلف ولا يرد عليه بهذا.
وإن أقر أنه باعها وبها عيب لم يسمه فجاء المشتري بها وبها عيب فقال البائع ليس هذا هو وهو يرى ذلك العيب فالقول قوله مع يمينه وينظر في العيب الذي قال المشتري فإن كان مما لا يحدث مثله رده وإن كان يحدث مثله أحلف البائع ما باعها وذلك بها ويبرأ. فإن نكل حلف المشتري ما حدث عنده ورده به.
[9/365]
***(1/360)
[9/366]
ولو كان اشترى رجل من رجلين فأقر أحدهما بعيب سماه وجحد الآخر فللمشتري أن يرد على المقر حصته وإنما له على المنكر اليمين. ولو كان المقر جحد حلف معه المشتري ورد على الآخر.
وإن اشترى رجلان من رجل فأقر البائع بعيب قائم في الأمة وقال أحد المشترين قد رضيته وأراد الآخر أن يرد فاختلف فيها أصحابنا وأهل العراق، فروى أشهب عن مالك أنه ليس لأحدهما رد دون الآخر فإما ردا جميعا أو أخذا.
وروى عنه ابن القاسم أن لأحدهما أن يرد حصته وأن للبائع ها هنا مقال وإن كان البائع واحدا وله شريك مفاوض فأقر شريكه بالبيع وجحده الآخر البائع فللمشتري أن يرد بإقرار الشريك المفاوض.
ومن أمر رجلا فباع خادما له ثم أقر الآمر بعيب فيها وجحده البائع أن ذلك لا يلزم الآمر ولا شيء على البائع، وإن أقر به البائع وجحد الآمر فللمشتري أن يرد على البائع.
ومن باع سلعة / فباعه المبتاع من أخرى ثم باعه الآخر بعيب فأقر له البائع الثاني فإن قبلها بغير قضاء قاض فليس له ردها على البائع الأول في إجماعنا وإن قبلها بقضاء قاض بهذا الإقرار أو جحد العيب فإما أن يحلف فليس له ردها على الأول وله مخاصمته.
ولو قال المشتري الآخر بعتنيها وهذا العيب بها فاستحلفه القاضي فنكل وحلف المشتري فرد القاضي عليه فأراد خصومة البائع الأول فقال له قد قلت لك إنها لم يكن هذا العيب بها يوم بعتها فإن ذلك يضره وليس له ردها على الأول أنه يزعم أنه حدث عند المشتري الأول لا أن يقول ما علمت بهذا العيب ولعله أن يكون بها ولم أعلم فإنه أمكنه من خصومة البائع.
وإذا باع الآمر ثم أقر بعيب فيها لا يحدث مثله فإنها تلزم البائع. وكذلك الشريكان في السلعة يبيعها أحدهما بإذن الآخر إذ لو أنكره وكان لا يحدث مثله لزمهما بخلاف ما يحدث مثله.
[9/366]
***(1/361)
[9/367]
ومن باع دارا ثم أقر أنه باعها وبها هذا العيب الذي يحدث مثله من صدع في حائط أو كسر في جذع يخاف على الدار منه أو كسر في الباب وكان الباب له بال من الدار فهذا ترد به الدار وكذلك فيما أقر به من عيب في ثوب أو عرض أو حيوان.
ولو قال: بعتك هذا الثوب وهو خرق فجاء المشتري بخرق فقال بعتني وهذا به وقال البائع ليس هذا الذي أقررت لك به وهذا عندك حدث وليس في الثوب خرق غيره فلا/ يصدق البائع على ما قال.
ولو قال كان هذا الخرق صغيرا فازداد عنك ففيها قولان: أحدهما أنه مصدق، والقول الآخر أنه مدع في قوله زاد فإن كان فيه خرق غير ذلك فقال البائع بعتك وهذا به ولم يكن الآخر به فالقول قول البائع مع يمينه ويرد المشتري الثوب وما نقصه أو يحبسه ويأخذ قيمة العيب.
وإن أقر أنه باعه وهو أقطع اليد فقيم عليه وهو أقطع اليدين فليس له رده.
وإن قال المشتري كذلك بعتنيه حلف البائع ما بعته كذلك ثم إن أراد المشتري إمساكه ويرجع بالعيب فذلك له.
وإذا قال: بعته وبه قرحة ثم جاء المشتري به ليرده فقال البائع برأت تلك القرحة وهذه غيرها فلا يصدق وللمشتري أن يرد بعد أن يحلف على ذلك.
جامع التداعي والإقرار في البيوع
وفي غير ذلك وفي اختلاف البينة في ذلك
من كتاب ابن سحنون قال سحنون فيمن ادعى على رجل فقال بعت منك هذه السلعة بمائة دينار والرجل منكر فأقام عليه البائع البينة بذلك ثم أتى آخر يدعي على ذلك المدعى عليه يقول إني بعت منك تلك السلعة بخمسين دينارا والرجل منكر لذلك وهي سلعة واحدة ادعاها البائعان أن كل واحد منها باعها من المشتري منفردا هذا بخمسين وهذا بمائة وأقاما بذلك بينة قال: يقضي عليه
[9/367]
***(1/362)
[9/368]
بمائة للأول(1)/ وللثاني بخمسين وقال له خذ سلعتك قال: فإن أصاب بها عيبا فإن كان متماديا على إنكاره فليس له ردها على واحد منهما، وإن قال بل اشتريتها من هذا كان له أن يردها عليه.
قال ابن سحنون: وإن قال اشتريتها من هذا ومن هذا قيل له إن أثبت دعواك على واحد منهما فارددها عليه وليس لك ردها عليهما وأخذ الثمن من كل واحد منهما الثمن الذي دفعت إليه لأن كل واحد قد أثبت شراء جميعها فليس لك أن ترد عليه نصفها وتأخذ الثمن أجمع.
وقال في دار بيد رجل أقام آخر بينة على إقراره أنها للمدعي وأقام من بيده بينة أن المدعي أقر أنها للذي هي في يديه فليقض بأعدلهما فإن تكافأتا بقيت لمن هي في يديه، وكذلك في العبد والأمة والدابة والثوب والكيل والوزن، وإذا شهد شاهدان بدار لرجل وشهد أحدهما له بدار أخرى فإنه يقضى له بالتي اجتمعا عليها ولو أن يحلف مع الذي شهد له عن الآخر أو يقضى له بها. وكذلك إن شهدا له بمال. وقال من خالفنا: إن شهد أحدهما بألفين والآخر بألف بطل ذلك كله وهذه مناقضة لا يحتج عليها بأكثر من حكايتها. وقال بعضهم كقولنا إنه يقضى له بالألف التي اجتمعا عليها.
وإن شهدا له بألف فقال أحدهما كنا جميعا عليها، وقال الآخر كنت وحدي فذلك جائز.
وقال محمد بن عبد الحكم: وإذا قال: هذه الدار بيني وبين أخوي فلان وفلان ميراثا/ عن أخينا وهما أخواه لأمه وأنا شقيقه وقال أخواه نحن أشقاء فالقول قول المقر.
[9/368]
***
__________
(1) وقع تكرار أثناء تصوير النسخة الأصلية أدى إلى اضطراب في ترقيم صفحاتعا.(1/363)
[9/369]
فيمن أقر بغصب حمامة
وكيف إن فرَخت عنده أو قال هي ذكر
قال محمد بن عبد الحكم ومن أقر أنه غصب من فلان حمامة ففرخت عنده فيسأل فإن قال: كانت ذكرا فلا شيء له في الفراخ. وإن قال: كانت أنثى فالأنثى وأفراخها للمقر له كشاة ولدت عند الغاصب.
ومن أقر لرجل بحمامة أقر بما شاء من ذكر أو أنثى والذكر والأنثى يسمى حمامة ويقال حمامة ذكر ولا يقال حمام ذكر وإنما الحمام جماع، وإن كان في بلد قد جرى في ألفاظهم أن الحمام الواحد حمام على الغالب من عرفهم مثل الشاة تقع على الذكر والأنثى، وهذه في كتاب الغصب مذكورة.
في الإقرار في الكراء والإجارة والمساقاة
من كتاب ابن سحنون: وإذا أقر أنه أكرى داره من فلان كل شهر بكذا وادعى ذلك المكتري أو ادعى ذلك الساكن وأقر به رب الدار أو ادعاه أحدهما فقال له الآخر نعم أو أجل أو صدق فذلك لازم.
ولو اختلفا في الإقرار أو في أجل كراء الدور ولم يكن تحالفا وترادا، وكذلك في إجارة العبيد والأرض، وكذلك هذا في الحر والعبد المأذون والمكاتب والمرأة والذمي/ والبينة والإقرار.
وإذا أقر بإجارة في دار لم يعرفها الشهود فإن حددها ووصف مكانها فذلك جائز، يريد إن تصادقا وإن لم يحدها وجحد لم يجز، وكذلك في إجارة عبد لم يسمه فإن عرفه الشهود وإلا لم يجز إذا جحد، والإقرار بكل لسان جائز إذا ترجم وعرف.
وقال محمد بن عبد الحكم فيمن بيده بستان فقال هو لعمرو ساقانيه على نصف الثمرة فصدقه عمرو ثم قال بل هو لزيد ساقانيه على سنة على النصف فصدقه ثم تخاصموا فإن البستان يبقى بيده إلى آخر السنة ثم يرفع إلى كل واحد
[9/369]
***(1/364)
[9/370]
منهما نصف الثمن بإقراره ويكون البستان للأول وهو عمرو ويغرم لزيد قيمته يوم يأخذه، ولو عطب أو غصب قبل تمام السنة لم يضمنه حينئذ لزيد لأنه مقر أنه في يديه بإذن ولم يأت موضع التعدي إلا بعد تمام السنة.
في الإقرار بالوديعة
والعارية وتصرف أوجه الإقرار بذلك
من كتاب ابن المواز ومحمد بن عبد الحكم: ومن أقر أن لفلان عنده وديعة فليقر له بما شاء وهو مصدق من قليل وكثير ومعيب وغير معيب.
وإن أقر أنه ركب الدابة الوديعة ولبس الثوب فقال ربها هلكت الدابة قبل أن تنزل عنها والثوب قبل أن تنزعه وقال الآخر بل بعد نزولي عنها ونزعي الثوب وقامت بينة/ بالركوب واللباس فهو يضمن حتى يثبت أنه ردها إلى حيث كانت وأنه نزع الثوب ورده إلى حيث كان فيبرأ من الضمان وذلك لقيام البينة بالركوب واللباس ولو كان ذلك بإقرار باللباس والركوب وإنه نزل ونزع الثوب فالقول قوله عند أصحابنا لا يؤخذ إلا بما أقر به. وقال أصحاب أبي حنيفة: إن ركبها ببينة ونزل عنها ببينة لم يضمن فوافقونا في هذا وهو حجة عليهم فيما خالفونا فيه إذا تسلف من الوديعة ثم ردها فقالوا يضمن وإن ردها.
قال ابن المواز: إذا ردها بما تسلف منها لم يضمن وأحسبه إن تسلفها بغير بينة صدق في ردها. وإن كان ببينة لم يبرأ وهذا كله في كتاب الوديعة.
ومن كتاب ابن سحنون: ومن أقر أن هذا الثوب عنده عارية بملك فلان أو من ملكه أو لملكه أو بميراثه أو من حقه أو بحقه أو لحقه فهذا كله إقرار في إجماعنا.
ولو قال: هو عندي عارية لحرمة فلان أو بحرمته أو لقدره أو بقدره أو لشرفه أو بشرفه أو باستعانته أو بشفاعته فليس هذا بإقرار بالثوب ولا بشيء منه.
[9/370]
***(1/365)
[9/371]
وإن قال: هو عندي عارية على يدي فلان فليس بإقرار له، وإن قال لفلان عندي مائة درهم أو قال قبلي ثم سكت ثم قال هي وديعة قبلي قبل قوله وحلف.
ولو مات قبل أن يقر أنها وديعة أخذت من ماله وديعة / كانت أو من حق عليه.
وذكر ابن سحنون خلافه في قوله قبلي.
قال ابن عبد الحكم: ولو قال لفلان في بيتي ألف درهم أو في صندوقي ثم قال استودعتها غيري. وصيرها هناك قبل ذلك منه وليس هذا بإقرار منه بها، ولو قال له في مالي ألف درهم لزمه ذلك. وإن قال له من مالي مائة درهم سئل فإن قال هبة قبل منه.
قال محمد بن عبد الحكم: والعارية جائزةو إلى أجل وإلى غير أجل. وقد استعار النبي - صلى الله عليه وسلم - من صفوان السلاح في مخرجه إلى هوازن(1)، وليس لذلك حد من الأيام قدر ذلك إن ما ليس بمعاوضة من عارية وشبهها يجوز إلى أجل وإلى غير أجل. فإن كانت إلى أجل فهي إليه وإن كانت إلى أمر معروف فذلك كالأجل كما استعار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مخرجه إلى هوازن فمضى في وجهه ذلك ولم يكن أمراً معروفاً وجهه ولا فيه أجل فهو بيد المستعير حتى يطلبه ربه فيأخذه.
ومن كتاب ابن سحنون: وإذا قال لفلان عندي مائة درهم عارية فهي تلزمه في إجماعهم. وكذلك كل ما يكال ويوزن، وأما قوله على مائة درهم وديعة لا يكون إلا وديعة في إجماعهم. وإن قال دينا كانت دينا.
ولو قال له قبلي أو علي مائة درهم دينا وديعة لزمته دينا، ولو قال له قبلي أو قال علي مائة درهم وديعة دينا لزمته دينا إذ لعله تسلفها أو استهلكها، ولو قال لفلان / ألف درهم أو قال قبلي أو قال عندي فذلك يلزمه ديناً، وإن قال بعد ذلك في غير نسق كلامه هي وديعة لم يصدق، وأما إن قال له معي ألف درهم ثم قال هي بضاعة لم يصدق، وقال آخرون في قوله له عندي مائة درهم أنه يصدق في قوله بعد ذلك إنها وديعة ويحلفه، وأجمعوا في قوله قبلي أنه لا يضمن إلا في نسق الكلام.
[9/371]
***
__________
(1) انظر: الإصابة لابن حجر في ترجمة صفوان.(1/366)
[9/372]
وأما قوله في منزلي أو في بيتي أو في كيسي أو في صندوقي فليس هذا بدين في إجماعهم. ولو قال له في مالي كذا فهذا إقرار وأما إن قال له من مالي كذا فهي هبة. فإن قام عليه أخذها، وكذلك قوله له علي من دراهمي هذه مائة ولو قال له في مالي جارية لا حق لي فيها فهذا إقرار، وإن قال في دراهمي هذه مائة فهو إقرار وأجمعوا أنه إن قال له عندي مائة درهم وديعة قرضا أو قال دينا، ثم قال ضاعت وادعى الطالب أنها قرض فالقول قوله، وكذلك قوله مضاربة قرضا فهي قرض، وكذلك قوله بضاعة قرضا في إجماعهم.
في الإقرار بالهبة والصدقة والحيازة
من كتاب ابن سحنون وقال من يرضى من علمائنا إذا أقر رجل أنه تصدق على فلان بهذه الدار وأن فلانا قبضها ثم جحد ذلك وهي في يديه فالإقرار جائز ويقضى بها لفلان.
وكذلك العبد والأمة والعروض أو بيت من دار، وكذلك لو أقر رجلان أنهما تصدقا بذلك عليه وادعى ذلك عليهما / فصدقاه.
ولو أقر أنه تصدق عليه بشقص في دار وأنه قبضه فذلك جائز عندنا جميعا، ولم يجزه أهل العراق لأنه مشاع، وجامعونا أن لو تصدق رجلان بدار لهما على رجل أن ذلك جائز وهذا هو صدقة المشاع.
وأجمع العلماء على أن الصدقة ببعض عبد جائزة والهبة والعمري والنحل في جميع ما ذكرنا سواء، ولو أقر أنه وهب لفلان هذه الأمة وأن فلاناً قبضها منه ولم تعاين البينة الحيازة فالهبة تلزمه، وإن قام عليه الموهوب قضي له بهذا إلا أن يموت الواهب فيبطل حتى تشهد بينة على معاينتهم القبض في صحة الواهب وكذلك العمري والنحل والعطية.
ولو أقر ورثة الواهب بذلك بعد موته وبالقبض في صحة الواهب أمضيته إن كانوا حائزوا الأمور، وإن أقر بذلك إثنان منهم عدلان لزم ذلك من بقي إن أقر به واحد عدل حلف الموهوب وأخذها وإن لم يكن عدلاً فله قدر حصته من الهبة.
[9/372]
***(1/367)
[9/373]
ولو أقر الواهب بذلك بعد موت الموهوب فذلك ماض ويقضى به لورثته، ولو قال: فلان وهبني هذا الثوب الذي في يدي فقال فلان نعم أو صدقت أو أجل أو قال لعمري فهو إقرار بالهبة وكذلك العمرى والنحل.
وإن أقر بالهبة فذلك يلزمه أقر بالقبض أو لم يقره.
ولو قال للموهوب احلف على القبض لم يلزمه ولا يضره عندنا وليقبض الآن ما لم يفلس الواهب أو يمرض أو يمت، ولو مات الواهب فقال ورثته لم يقبض الهبة، وقال الموهوب / قبضت كلف البينة فإن لم يجد حلف من ورثة الواهب من يرى أنه يعلم ذلك، يريد على العلم.
وإذا قال له وهبني هذه الجارية فقبضتها ثم أودعتها عندك فقال صدقت أو قال نعم أو أجل فذلك يلزمه.
وكذلك إذا جاوبه بالفارسية أو بالقبطية أو غيرها وترجم ذلك رجلان، وكذلك لو قال: وهبتك ولم يقبضها فلا يضر ذلك ويؤمر بدفعها إليه، ولو كان هذا بعد موت الواهب كلف الموهوب البينة على القبض في صحة الواهب.
قال سحنون: ولو أقر مريض أنه تصدق في صحته بدار وأنه قبضها منه في صحته والدار في يد المريض فذلك باطل إذا لم يثبت حوزها.
وإقرار المريض بالحوز لا ينفع ولا يكون في ثلثه لأنه أدخلها في أحكام رأس المال ولم يقصد بها أحكام الثلث فتكون في الثلث، ولو قال تصدقت بها عليه في مرض وقبضها ثم مات كانت له من الثلث قبضها المعطي أو لم يقبضها لأن أفعال المريض في ثلثه حال في موضع ولا يحتاج إلى حيازة في هذا.
في الاقرار بالرهن
من كتاب ابن سحنون: ومن أقر برجل أنه رهنه داراً أو عبداً أو عرضاً بعينه وأنه قبض ذلك فذلك جائز وليقبض الرهن إن لم يفلس الراهن أو تقوم عليه الغرماء يريد أو بمرض قال فلا يجوز إقراره حينئذ حتى تشهد البينة على الرهن وعلى
[9/373]
***(1/368)
[9/374]
حيازته قبل ذلك/، وإذا كان الرهن بإقرار منهما ولم يقبض الرهن فله قبضه ما لم يفلس الراهن ويقوم عليه الغرماء وكذلك في الصدقة والهبة يدعيها فيصدقه الواهب فإن لم يقم عليه الغرماء فللموهوب قبض الهبة والصدقة.
وإن أقر برهن شقص في دار وأنه قد قبضه جاز ذلك عندنا ولا يجيز غيرنا رهن المشاع من ربع أو عبد أو غيره.
وإذا قال وهبتني هذا العبد وقبضته فقال له الراهن صدقت أو قال نعم أو قال أجل أو قاله بالقبطية أو بالفارسية فذلك جائز ويلزمه ويدفع الرهن إلى المرتهن، وإذا اختلفا فيما رهنه فالمرتهن مصدق فيما بينه وبين قيمة الرهن كان بيد الراهن أو بيد المرتهن إذا أقر الراهن بالرهن وكذلك إقرار المأذون والمكاتب.
وإذا أقر في دار برهن لم يحزها ولا عرفها الشهود فذلك لا يجوز إذا جحد ذلك، وإن حددها وسماها رهنا فهو جائز، وكذلك إن لم يحدها وعرفها الشهود، وكذلك العبد والأمة.
في الإقرار بالبراءة من كل حق
وجامع أوجه البراءات
من كتاب ابن سحنون: ومن أقر أنه لا حق له قبل فلان فهو جائز عليه وفلان بريء في إجماعنا من كل قليل وكثير دين أو وديعة أو عارية أو كفالة أو غصب أو قرض أو إجارة أو غير ذلك.
وقال سحنون: وقد قال مالك فيمن قال عند موته ما كان لي على قرابتي من حقوقهم لهم وكان له عند أحدهم قراض قال: أراه له فيما يحضرني. / قال محمد: وكذلك إن قال فلان بريء من ما لي عليه عند سحنون، وأما أنا فرأيت ألا يبرأ من الوديعة في هذا ولا من العارية التي لا تضمن ولا من كل شيء أصله أمانة ومن كل شيء أصله ضمان من قرض أو غصب أو كفالة أو وديعة فيها.
[9/374]
***(1/369)
[9/375]
وقال غيرنا: إذا قال بريء من مالي عنده فهو بريء مما أصله أمانة ولا يبرأ ما أصله ضمان من قرض أو غصب أو كفالة أو وديعة خالف فيها. قالوا: وقوله بريء مما له عليه هو على الضمان. وإن قال مما عنده فهو على الأمانة. قال محمد: ذلك سواء وقد أجمعنا أنه إذا قال هو بريء مما لي قبله أن ذلك يجمع الضمان والأمانة ويبرأ من ذلك كله، فإن ادعى الطالب بعد ذلك دعوى لم تقبل وإن أتى ببينة بدين فلا تقبل حتى يقولوا إنه بعد تاريخ البراءة، وهذا يقضي على اختلافنا في إذا أبرأه مما عنده لأن الوديعة وشبهها لا تفترق فيما عليه وقبله.
وقال سحنون في بعض أقاويله: إذا قال فلان بريء من كل حق لي عليه أو قال ما لي عليه أو قال مما لي عنده أو قال لا حق لي قبله فذلك كله سواء وهو بريء من كل شيء من أمانة أو ضمان.
قال محمد: وأنا أستحسن في قوله هو بريء مما لي عليه أنه لا يبرأ من الأمانة، وإذا أقر أن فلاناً قد بريء من حقه قبله ولم يقل من جميع حقه ثم قال إنما بريء من بعض حقي وبقي البعض فلا يصدق والبراءة جائزة/ في إجماعنا في جميع حقه.
وكذلك في قوله هو بريء من الذي لي قبله أو من دين عليه أو من الذي لي عليه أو من حقي عليه بريء من ذلك كله.
وكذلك لو كانت قبله كفالة بنفس أو مال فهو بريء منها، لأن ذلك من الحق، وكذلك إن كان قبله قصاص أو أرش جناية فهو بريء من ذلك كله.
وكذلك امرأة لو شهدت بذلك كان زوجها بريئاً من المهر، وإن أقر أنه لا حق له قبل فلان ثم ادعى قبله قذفا أو سرقة فيها قطع وأقام ببينة فلا يقبل ذلك إلا أن تقول البينة أنه فعله بعد البراءة.
وإن أقر أنه بريء من قذفه إياه فليس له به قيام وهو كالعفو، ولو أبرأ من السرقة بريء من الضمان ولم يبرأ من القطع إن قام به غيره.
ولو قال: لست من فلان في شيء لم تكن هذه براءة وتقبل منه البينة بما أقر به قبل هذا القول.
[9/375]
***(1/370)
[9/376]
ولو قال: برئت من فلان أو بريء مني فهو براءة، وقال غيرنا: لا يكون هذا براءة لواحد منهما من حق له قبل صاحبه.
قال محمد: وهو لو قال برئت من هذه الدار أو بريء فلان مني في هذه الدار برأه فيها.
وقد أجمعنا أن لو قال لست من هذه الدار في شيء أنه لا يقبل منه بعد هذا دعوى فيها.
وكذلك لو قال: أنا بريء من هذه الدار إلى فلان وكذلك لو قال قد خرجت من هذه الدار إلى فلان. وقال غيرنا في قوله قد خرجت منها إلى فلان لا يكون إبراء، وقد أجمعنا لو قال: قد خرجت منها على مائة درهم قبضتها من/ فلان أن هذا إقرار أنه لا حق له فيها لأن هذا صلح إن أقر به فلان.
وكذلك العبيد والحيوان والعروض والدين، ولو أنكر الذي في يديه الدار وغيرها فقال قد أقر أنه قبض مني مائة درهم ظلما فليردها إلي فذلك له إذا حلف.
وإذا قال برئت من دين على فلان أو قال بريء فلان أو قال بريء فلان من ديني فهو براءة في إجماعنا.
وكذلك لو قال: هو في حل ما لي عليه أو قد وهبته له فهو براءة إلا أن لا يقبل الهبة، وإن مات قبل أن يرد ذلك فهو بريء وإن لم يعلم فورثته مقامه في قبول الهبة أو ردها.
وقوله هو في حل وسعة ما لي عليه فهو براءة في إجماعنا.
ولو قال: ليس لي مع فلان شيء فليس هذا براءة من الدين وهو براءة من البضاعة والوديعة وكل أمانة في إجماعنا. إلا في مذهب سحنون فإنه يرى ذلك من الدين والأمانة.
وإن قال بريء إلىَ فلان مما لي عليه فهو إقرار بالقبض في إجماعنا.
[9/376]
***(1/371)
[9/377]
وإن قال: لا قصاص لي قبله فله أن يطلبه بجراح الخطأ إلا القول لا جراحة لي قبله فيبرأ من جراح العمد والخطأ في إجماعنا.
وإن ادعى نفسا عمداً أو خطأ فهو على دعواه، وإن قال: لا قصاص لي قبله فادعى قبله حدا فذلك له.
وإن أقر أنه لا حق له قبله فليس له أن يطلبه بقصاص ولا حد ولا أرش ولا كفالة بنفس ولا بمال ولا دين ولا مضاربة ولا شركة ولا ميراث ولا دار ولا أرض ولا رقيق ولا في شيء من الأشياء من عروض أو غيرها، إلا ما يستأنف بعد البراءة / في إجماعنا.
وإذا أقر أنه لا دين له قبل فلان فليس له أن يدعي دية خطأ أو عمد صالح عليها.
وإن أقر لرجل فقال: لست من هذه الدار في شيء ثم ادعاها وأقام بينة فيها أو في بعضها فلا يقبل ذلك منه في إجماعنا لأنه قد أقر أنه لا حق له فيها.
وإن اشترى منها شيئاً بعد قوله هذا جاز ذلك.
وقال محمد بن عبد اله: إذا قال: لست من هذه الدار في شيء ثم ادعاها وأقام البينة فيها أو في بعضها فإن ذلك يقبل منه وليس هذا بإقرار أنه لا حق له فيها قد يكون من الكلام الجائز أن يقول لست منها في شيء يريد أن غيره الناظر في أمرها من كراء وبناء وغيره لا على التبري منها إليه.
قال: وقال أصحاب أبي حنيفة: إنه لا يقبل منه دعواه فيها بعد قوله هذا، وقالوا: إن قال لعبده لا سبيل لي عليك إلا سبيل الولاء ثم قال هو عبدي على حاله حلف وصدق.
قال محمد: وقول الرجل ليس من هذا في شيء أبعد من الإقرار أنه لا ملك له على ذلك من قوله لا سبيل لي عليك إلا سبيل الولاء فالذي يفهم من هذا أنه لا حق له ولا رق له عليه وأنه مولاه.
[9/377]
***(1/372)
[9/378]
قال ابن سحنون: وإذا أقر أنه لا هبة له قبل فلان فادعاها صدقة قال ابن القاسم: فهو على دعواه، وقال سحنون: يقبل دعواه في الصدقة وكذلك لو ادعى أنه لا صدقة له قبله فادعى هبة فهو على دعواه عند ابن القاسم.
وكذلك إن ادعى شراء وإن قال لا بيع/ لي قبله ثم ادعى عبدا جعله له من صلح فدعواه باطل والصلح بيع.
وإن قال: لا صلح لي فيه فادعى عبدا شراء فقيل إنه على دعواه وقيل إن دعواه باطل بإقراره أنه لا صلح لي قبله.
وإن أقر أنه ليس من هذا العبد في شيء ثم ادعى أنه اشتراه لعبده قبل الإقرار فلا يقبل منه وكانت المخاصمة لمقر أنه اشتراه له ولو ادعاه لنفسه لم يقبل منه وكذلك الحيوان والعروض والعقار كله.
ومن العتبية(1)قال ابن القاسم عن مالك: ومن قال عند موته ما كان لي حق على قرابتي فهو لهم ثم مات وله عند أحدهم قراض قال: أراه لهم في رأيي.
فيمن أبرأ رجلا ثم قام عليه بحق
وقال لم يدخل في البراءة وقال المطلوب قد دخل فيها
ومن كتب على رجل دينا
وجعل براءته منه أن يأتي بصك
وهذا الباب قد جرى من مسائله في كتاب الدعوى والبينات، قال ابن القاسم في العتبية(2)عن مالك فيمن كتب على رجل براءة من كل حق له قبله وكان بينه وبينه شركة أو مداينة ثم قام عليه بذكر حق لم يسمه في البراءة قال المبرأ لقد دخل في البراءة ويبرأ، قال: وإذا قبض دينه من غريمه وكتب أنه حق قبله ثم
[9/378]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10 : 386 .
(2) البيان والتحصيل، 10 : 354 .(1/373)
[9/379]
قام بذكر حق لا يدرى قبل البراءة أم بعدها فليحلف المبرأ لقد دخل في البراءة ويبرأ وكذلك إن قام بعد موته.
قال ابن المواز: وإذا دفع إليه خمسين / وكتب له أن ذلك آخر حق له قبله ثم قام عليه بحق فقال هو بعد البراءة وقال الآخر قبلها، فكل ما أشكل من هذا الأمر قبل البراءة أم بعدها فلا يقضى به. وكذلك لو أخرج هذا ذكر حق لا تاريخ فيه وبيد الآخر براءة لا تاريخ فيها فالبراءة أحق، وإن كان في أحدهما تاريخ حكم بالذي فيه التاريخ وبطل الآخر.
ومن العتبية(1)روى أصبغ عن ابن القاسم فيمن عليه ذكر حق مائة دينار فأتى ببراءة من مائة دينار دفعها إليه لا تاريخ فيها ولا نعلم البينة أقبل الحق أم بعده فليحلف المطلوب ويبرأ.
قال أصبغ: يحلف أنه قضى لك الحق ويبرأ كما لو كان للحق تاريخ والبراءة بعده بمال دفعه إليه وادعى الطالب أنه غير هذا فليحلف الآخر أنه هو ويبرأ.
وقال سحنون فيمن قام بصك ألف دينار فأتى المطلوب ببراءة من ألفي دينار وقال دخلت الألف في المحاسبة فليحلف ويبرأ ولو أتى ببراءات متفرقة إذا جمعت مع ذكر الحق أو مع أذكار الحقوق كانت أكثر منها أو أقل وليس في البراءات أنها قبل أذكار الحقوق ولا غير ذلك فإن كانت البراءات المتفرقة لا تفي واحدة منهن بالحق أو بأذكار الحقوق لم تنفعه البراءة.
وإن كانت واحدة من البراءات فيها جميع ذكر الحق يريد أو أذكار الحقوق، قالت البراءات الباقية زيادة عليه فإنه يحلف ويبرأ.
قال أبو محمد وهذه المسألة لم أجدها وروايتي في العتبية / من رواية يحيى ابن عبد العزيز عن العتبي وهي رواية ذكر الحق وهي في كتاب ينسب إلى سحنون في الشهادات وقال رواها أصبغ عن ابن القاسم وقال في سؤاله وقال في الأكبر قد
[9/379]
***
__________
(1) البيان والتحصيل، 10: 527.(1/374)
[9/380]
دخل ذلك في الحساب والبراءة من غيره فزاد: قال ذلك، كله سواء وذلك له براءة ويحلف إذا ادعى الآخر غير ذلك وإن كانت البراءات أقل من ذكر الحق غرماه ما بقي.
قال أصبغ وردتها على ابن القاسم فثبت على هذا قال أصبغ: وهو رأيي.
وروى ابن القاسم عن مالك فيمن كتب على رجل ذكر حق وكتب فيه أن براءته منه أن يأتي بذكر الحق فجاء به وقال الطالب سرقه مني فلا يقبل منه ويبرأ المطلوب بعد أن يحلف ما أغنى له فيه وذلك مما يجوز بين الناس.
وإن كتب فيه: وإن جاء بالصك فليقبض به فيأتي به غير صاحبه قال: فلا يرفع إليه شيء إلا بوكاله، ورواه أشهب عنه.
في الإقرار في النكاح والتداعي فيه
وما جرى فيه من ذكر الطلاق
من كتاب ابن سحنون ومن أقر أنه تزوج فلانة بألف درهم فصدقته ثم جحد الزواج فإقراره يلزمه إن كانا طارئين وإن كانا من أهل البلد وأقر بذلك الولي ولم يبين بماذا فذلك جائز ويأتنف الإشهاد فإن تقارا بالوطء فإن كانا من أهل الحاضرة حدا ولا نكاح بينهما وإن كانا طارئين/ فذلك لازم للزوج. فإن مات قبل البناء وقبل أن تدعي المرأة ذلك ثم ادعته وهما طارئان فذلك جائز ولها الميراث والمهر، ولو أقر بهذا في مرضه وهما طارئان فهي زوجته ولها الميراث ولا يصدق في المهر إن كان ورثته كلالة فإن كان ورثته ولدا صدق في المهر إن سمي مهر مثلها فأقل إلا أن يكون أقر في المرض أنه تزوجها في المرض فذلك لا يجوز.
ولو كانا غير طارئين فأقر في المرض أنه تزوجها في المرض أو في الصحة لم يجز ذلك ولا مهر لها ولا ميراث.
فإذا أقرت امرأة أنها تزوجت فلانا بألف درهم ثم جحدت ذلك وادعاه الزوج وأقر الولي أنه زوجها إياه بذلك فهو جائز ويؤمر بالإشهاد وإن أنكر ذلك الولي لم يلزمهما إقرارها وإن تمادت عليه.
[9/380]
***(1/375)
[9/381]
وإن أقرت في مرضها أنه تزوجها فصدقها وهما طارئان فذلك مقبول ويتوارثان بذلك فإن لم يكونا طارئين فأقرت في مرضها أنها تزوجته في صحتها وصدقها الولي فلا يقبل ذلك منها. ولو أقرت في صحتها بذلك ثم مرضت فماتت قبل البناء وصدقها الولي أنه زوجها منه في صحته أو ادعى ذلك الزوج بعد موتها فله الميراث وعليه الصداق.
وإن قالت تزوجته بلا بينة وقال هو بل بالبينة ولم يبن بها قيل له هلم البينة فإن لم يجدها وأقر الولي بالنكاح
ثبت النكاح وقيل لهما اشهدا فيما يستقبلان.
وإن تقارا بالبناء وهي في حوز الزوج / وهما طارئان فالنكاح جائز ولا يكشف الزوج عن شيء.
وإن كانا من أهل البلد فتقارا بالبناء فإن أتى الزوج بالبينة على النكاح ثبت ذلك وإن لم يأت بها وأقر بالوطء حددتهما.
وإذا قالت: تزوجته وأنا في عدة وقال هو بل في غير عدة فالقول قوله.
وإن قالت تزوجته قبل أن أعتق وقال الزوج بل بعد أن عتقت أو قبل ذلك سواء فالنكاح جائز.
ولو قال: تزوجتها بعد أن أسلمت وكانت مجوسية وهو مسلم وقالت هي: تزوجني قبل أن أسلم فالقول قول الزوج. وقال محمد بن عبد الحكم القول قولها لأنها كانت مجوسية .
قال ابن سحنون: ولو قالت تزوجته قبل أن أبلغ وقال الزوج بعدما بلغت فقال سحنون مرة القول قولها وعلى الزوج البينة ثم قال بل القول قول الزوج وعلى المرأة البينة لأنها تريد إبطال النكاح. وقوله الأول قول أهل العراق وقالوا: وكذلك لو قالت تزوجتك وأنا مغلوبة على عقلي وقال الزوج بل وأنت بصحة فالقول قوله.
[9/381]
***(1/376)
[9/382]
وقال غيرنا: إن عرف أنها كانت مغلوبة على عقلها فالقول قولها وإن لم يعرف ذلك فالنكاح لازم. وقالوا: هي بخلاف المجوسية لأن المجوسية قد يجوز نكاحها.
وإن قال: تزوجتك وأنا صبي وقالت هي بل وأنت بالغ فالنكاح ثابت وإن بنى بها فلها المهر فإن لم يسم فلها صداق المثل وإن لم يبن بها فطلقها/ فلها نصف المسمى وإن لم يسم لها صداقا فلها المتعة إن أطاع.
قال ابن عبد الحكم: فإن أسلمت مجوسية فقال مجوسي تزوجتها وقال مسلم تزوجتها وهم غرباء فقالت هي: تزوجني المسلم وأنا مجوسية وتزوجني المجوسي وأنا مسلمة لم يثبت نكاح واحد منهما عليها.
قال ابن سحنون: وإذا قال تزوجتك وأختك في عقد قال ابن عبد الحكم أو قال وأختك عندي قالا: وقالت المرأة بل تزوجتني وحدي ولم تكن أختي عندك فإن النكاح يفسد لإقراره بفساده وعلي نصف الصداق المسمى إن لم يبن بها وإن لم يسم صداقا فلا شيء لها. قال ابن عبد الحكم لها المتعة. قال ابن سحنون: وإن بني بها لم يصدق على إبطال الطلاق والسكنى وكذلك لو ادعى أنه تزوجها في عدة.
وإذا أقر أنه تزوجها وقد كان طلقها قبل ذلك ثلاثا فتزوجها قبل أن تنكح غيره وقالت هي: ما طلقني أو قالت طلقني وتزوجت غيره ودخل بي وطلقني فليفرق بينهما بإقراره على نفسه ولها المسمى إن بنى بها وإن لم يسم صداقا فلها صداق المثل وإن لم يبن بها، وإن أقر لها بالتسمية فلها نصف وإن لم يسم فلا شيء لها ولا متعة لأنه يقر بنكاح مفسوخ.
وإذا قال: تزوجتها أمس وقال: قلت إن شاء الله وقالت هي: ما استثنيت وقاله الولي فالنكاح لازم. وقال غيرنا: لا يلزمه، وكذلك إن ادعت هي الإستثناء ونفاه هو، وإذا أقر سيد الأمة أنه زوجها/ لزمه النكاح، وإن أقر بذلك سيد العبيد لم يلزم العبد النكاح في إجماعنا.
[9/382]
***(1/377)
[9/383]
قال: وكذلك أبو الصبي والصبية فإنه يلزم الإبن والإبنة النكاح بإقرار الأب، وإن قال رجل لإمرأته ألم أتزوجك أمس؟ أو قال أليس قد تزوجتك أمس؟ أو قال أو ما تزوجتك أمس؟ فقالت بلى ثم جحد الزواج فهذا إقرار في إجماعنا.
قال محمد: قوله أو ما تزوجتك؟ كقوله أو ما قلت لك كذا؟ فهو إثبات كقوله ألم أتزوجك؟
وإن قال لها: قد تزوجتك أمس فأنكرت ثم قالت بلى قد تزوجتني فقال هو ما تزوجتك فلا يلزمه النكاح بهذا، وقال غيرنا: يلزمه.
وإذا قالت امرأة لرجل قد طلقتني أو قد خالعتني وهما طارئان فهذا إقرار منهما بالزوجية، وكذلك لو قال الزوج إختلعت مني وقالت هي طلقتني فهذا إقرار منها بأنها زوجته.
قال ابن سحنون: وإن قال لها إختاري أو أمرك بيدك في الطلاق فهو إقرار بالنكاح.
وإن قال لها أنت علي حرام أو بائنة أو بته فليس بإقرار بالنكاح لأن الأجنبية عليه حرام إلا أن تسأله هي الطلاق فيجيبها فهذا إقرار بالنكاح في إجماعنا.
وكذلك لو قال لها: أنا منك مظاهر بخلاف قوله أنت علي كظهر أمي، ولو قال أنا منك مول فهو إقرار بالنكاح في إجماعنا.
وإن قالت: أنت علي كظهر أمي إن وطئتك أو(1)إن دخلت دار فلان فهو إقرار بالنكاح، وكذلك قوله ألم أطلقك أمس؟ أو قال: أو ما طلقتك؟ أو ليس قد طلقتك أمس؟ فهذا إقرار بالنكاح / وبالطلاق.
ولو قالت له وهما طارئان قد خالعتني أمس وأنت مظاهر أو مولي مني فهو إقرار منها بالنكاح.
وكذلك هذا ابني منك فصدقها أو قال هو ذلك فصدقته فهو إقرار بالنكاح في إجماعنا.
[9/383]
***
__________
(1) في الأصل غير واضحة ولعل الصواب ما أثبتناه .(1/378)
[9/384]
قال ابن عبد الحكم: ولو قالت له ما أنفقت علي كما ينفق على الزوجات أو قال أجري(1)على ولدم مني هذه النفقة أو قالت اجعل لي الطلاق بنفسي منك فهو إقرار بالنكاح.
ولو قالت له: طلقني فقال لها أمرك بيدك أو أنت طالق فهو إقرار منه بالنكاح.
قال ابن سحنون: وإذا أقر أنه تزوج امرأة ثم مرض فمات قبل أن تصدقه ثم أتت بعد موته فصدقته وصدق الولي وهما طارئان فهي امرأته ولها الميراث في إجماعنا.
وإن كان من أهل البلد ولم يبن بها ثبت النكاح وورثته، وإن كان ذلك بعد البناء فأقرت هي بالوطء فإنها تحد ولا صداق لها ولا ميراث، ولو أقرت هي بالنكاح في صحتها ثم ماتت قبل أن يصدقها الزوج ثم أتى فصدقها وهما طارئان فالنكاح ثابت ويرثها.
قال ابن عبد الحكم: وإذا قال تزوجتها قبل أن أولد لم يلزمه ذلك في قولنا وقول أبي حنيفة، وهذا يدل أن اللعب في النكاح لا يلزم، ولو قال تزوجتك في المنام لم يكن هذا بشئ.
وإذا أقر أنه تزوج هذه المرأة ثم مات قبل أن تصدقه أو قالت امرأة تزوجت هذا فماتت قبل أن يصدقها ثم صدق كل واحد منهما الآخر بعد موته فالنكاح لازم ويرث كل واحد الآخر كما لو احتضر فقال: لي امرأة / بمكة سماها ثم مات فطلبت ميراثها منه أن ذلك لها.
وكذلك لو قالت امرأة زوكي فلان بمكة فأتى بعد موتها فإنه يرثها باقرارها.
[9/384]
***
__________
(1) أو) ساقطة من الأصل، أثبتناها لإثبات تسلسل صيغة الاستفهام.(1/379)
[9/385]
في الإقرار بالطلاق
وفي المبتوتة تقول تزوجت زوجاً وطلقني
هل تحل بذلك للأول؟
وكيف إن تزوجها ثم قامت عليه بينة
أنه طلقها طلقة فقال كان ذلك في العصمة الأولى
والبينة لم تؤرخ ونحو هذا
من كتاب ابن سحنون: وإذا قال لامرأته طلقتك وأنا صبي صدق في قول ابن القاسم وأهل العراق.
ولو قال: طلقتك في منامي أو قبل أن أولد لم يلزمه عنده ولا عندهم شئ.
وقال سحنون: يلزمه الطلاق وهو كالنادم وكمن قال طالق لا طالق.
ولو قال: طلقتك وأنا مغلوب على عقلي فإن كان ذلك قد أصابه فلا شئ عليه عند ابن القاسم وأهل العراق وإن لم يصبه فالطلاق يلزمه. وقال سحنون: يلزمه الطلاق على كل حال.
وإذا قال لامرأته كنت قلت إذا تزوجتك فأنت طالق فالطلاق يلزمه وإن تزوجها اليوم ثم أقر أنه طلقها أمس فلا يلزمه شئ إلا أن يقول قلت أمس إن تزوجتك فأنت طالق فيلزمه.
وإن قال: طلقتها إن شاء الله أو طلقتها وقلت إن شاء اله فالطلاق لازم ولا ينفعه استثناؤه.
وإن قال: طلقتها منذ ثلاثة أشهر وقد تزوجتها قبل ذلك وقالت هي ما أدري متى طلقني / فالطلاق لازم والعدة من يوم إقراره.
وإن أقر أنه طلقها ولم يمسها وليست له بامرأة لزمه الطلاق.
وإن قال: لي امرأة أخرى لم يصدق إلا ببينة فإن قامت بينة قيل له أيهما نويت؟ ويصدق.
[9/385]
***(1/380)
[9/386]
ولو قال زينب طالق وامرأته تسمى زينب وقال زينب الأجنبية فإن قامت عليه بينة لزمه الطلاق وإن جاء مستفتيا لم يلزمه.
وكذلك لو نسبها إلى أبيها أو إلى أمها أو إلى ولدها فقال ابنة فلان أو ابنة فلانة طالق ولم يسمها فهذا كله يلزمه إذا قامت عليه بينة.
وقال محمد بن عبد الحكم: ومن تزوج امرأة ثم قال قد علمت أنك أختي من الرضاعة وأنكرت هي الرضاع فليفرق بينهما ولها نصف الصداق.
وإن قال: امرأتي طالق وله امرأة معروفة فقال إن لي امرأة أخرى أردتها ولا بينة له فإن التي تعرف تطلق ولا يصدق أن له أخرى إلا ببينة.
وإن قال: ابنة زيد طالق وله امرأة اسم أبيها زيد طلقت ولا يصدق أنه أراد غيرها، وإن سمى أخرى بذلك النسب والاسم، وكذلك قوله بنت فلانة وأمها تسمى بذلك الاسم، وإن كانت من ولد رجل معروف بالجد فنسبها إلى جدها فإن قال أردت غير امرأتي لم يصدق إن كان ذلك نسباً مشهوراً، وكثير من الناس ينسب إلى الجد إذا كان مشهوراً.
ولو قالت جارية لرجل هذا ابني منك ثم قالت ما أنا لك زوجة وإنما أنا أم ولدك وقد أعتقتني وقال هو بل أنت امرأة لي ولو قالت له هذا ابني منك فقال صدقت ولكنه / من زنى أو قال صدقت فقط لم يكن هذا إقرارا بالنكاح قد يكون ابنه منها وهي أمة له فإذا وصل الكلام فقال من زنى لم يلحق به ولو قال ابني هو ثم سكت ثم قال من زنى لم يصدق ولحق به.
قال ابن المواز وابن عبد الحكم: وإن قال: طلقت امرأتي عائشة ثلاثا أو حنثت بطلاقها ثلاثا وشهد عليه عند الحاكم أو أقر وقال لي امرأتان اسم كل واحدة عائشة والتي أردت منها غائبة.
قال ابن المواز إن علم أن له امرأة أخرى تسمى عائشة دين(1)وإن لم يعلم إلا بقوله حيل بينه وبين الحاضرة وقضي بفراقها.
[9/386]
***
__________
(1) في الأصل ( دين ذلك ) ولا يصح الكلام إلا بإسقاط ( ذلك ) أو بإضافة ( في ) إليها، فيقال ( دين في ذلك ).(1/381)
[9/387]
قال ابن عبد الحكم: وإذا قامت عليه بينة أنهم لا يعلمون له امرأة غير عائشة هذه فتلوم له الحاكم فلم يثبت عنده أن له غيرها فليحكم عليه بطلاقها قالا جميعاً فإن جاءت بعد ذلك بينة تشهد بما قال رد القاضى حكمه وردت إليه التى طلقت عليه وطلق عليه عائشة التى أرادها.
قال ابن المواز: ويفسخ الحكم الماضي. قال ابن عبد الحكم: ليس هو بفسخ حكم إنما ظهر له خلاف ما حكم به في الظاهر كما لو حكم بموته ثم أتى حيا.
قال ابن المواز وهو كعبد طلق طلقتين فحكم عليه بالبتات ثم ثبت بشاهدين أنه كان حرا قبل طلاقه فتكون له الرجعة ويسقط عنه الحكم بالبينة وكذلك حر قتل عبدا عمدا فحكم عليه بالقيمة وبالضرب والحبس ثم بين أن المقتول كان حرا فينتقض الحكم ويرد القيمة ويقتل به.
/ وكذلك العبد يقتل حرا خطأ فيحكم فيه ثم يتبين أن القاتل حر فينتقض الحكم وترجع الدية على العاقلة، وهذا كله بخلاف المطلق يرتجع ولا تعلم هي حتى تنكح غيره. وامرأة المفقود تفوت بالبناء.
قال ابن المواز وابن عبد الحكم في المطلقة ثلاثا تريد نكاح الأول وتقول تزوجت غيره وبنى بي وطلقني.
قال ابن المواز فأما المأمونة وبعد إقامة الزمان فلا أرى أن تكلف بينة ولا تكشف وإن كانت من أهل الظنة ومن لا يوثق بها فلا يتزوجها حتى يستخبر لنفسه ولو ارتفع إلى السلطان لم يأذن لمثل هذه إلا باستخبار وإذا وقع في قلب الأول شك فليكف عنها حتى يختبر دون السلطان كأنه لا يرى للسلطان عليها تكشف.
وقال ابن عبد الحكم: أما المرأة المقيمة التي لم يطل ذلك منها فلابد أن يكون ذلك ظاهرا مكشوفا وإن طال الزماان ما يمكن موت الشهود فهي كالغريبة وإن كانا غريبين قدما البلد فالقول قول المرأة.
[9/387]
***(1/382)
[9/388]
وإن قالت المرأة قد تزوجت قبل أن تتزوجه وقال الزوج تزوجتك قبل أن تتزوجي وهي غريبة فليفرق بينهما ولها نصف الصداق إن سمى لها.
وإن قال: كان نكاحي تفويضا قبل أن تتزوجني وقد كان طلاقها ثلاثا وقالت هي بل بعد أن تزوجت غيرك وسميت لي صداقا فليفرق بينهما ويحلف ما سمى لها ولا صداق لها.
ومن طلق امرأته ثلاثا في مرار ثم تزوجها بعد زوج فقامت بينة / أن طلقها طلقة أو اثنتين فقال كان ذلك في العصمة الأولى ولم تؤرخ البينة فهو مصدق ولا تطلق عليه وكذلك من حلف بعتق رأس فحنث فأعتق رقبة ثم قيم عليه بذلك اليمين ويحنثه فقال هو الحنث الأول فهو مصدق إذا لم تؤرخ البينتان.
في الإقرار بالعتق
ومن كتاب ابن سحنون: ومن أقر لعبده أنه كان أعتقه أمس وقد كذب فإنه يعتق في القضاء ولا يعتق في الفتيا في إجماعنا.
ولو قال: لقد أعتقتك واستثنيت فإنه يعتق في الفتيا والقضاء.
ولو قال: أعتقتك في منامي أو وأنا صبي فلا يعتق عند ابن القاسم وأهل العراق في القضاء ولا في الفتيا ويعتق عند سحنون يريد في القضاء ويجعل قوله ندما، فإن قال: أعتقتك وأنا ذاهب العقل فقال سحنون يعتق، وقال ابن القاسم وأهل العراق: إن عرف أنه كان به ذلك لم يعتق وإن لم يعرف ذلك عتق بالقضاء، وإن قال: أعتقتك قبل أن أشتريك أو أعتقتك أمس وإنما اشتراه اليوم فليعتق في قول سحنون.وقال ابن القاسم وأهل العراق: لا يعتق إلا أن يريد أني قلت إن اشتريتك فأنت حر فليعتق عند جميعهم.
ولو قال: أعتقت هذا لا بل هذا عتق جميعا.
ولو قال: أعتقتك على مال وفتات وقال العبد بل على غير مال فهو حر ولا شئ عليه إلا بيمينه إلا أن يقيم بينة في قول ابن القاسم وأهل العراق.
[9/388]
***(1/383)
[9/389]
وقال أشهب وسحنون / القول قول السيد ويحلف لأنه لو قال له أنت حر وعليك كذا للزمه عندهم بخلاف الزوجة في الطلاق.
ولو قال له: جعلت أمرك أمس بيدك فلم تعتق نفسك وقال العبد ما أعتقت نفسي فإنه يعتق، وكذلك أعتقتك على ألف فلم تقبل وقال العبد قبلته أو قال قد أعتقتني على غير شئ فهو حر ويحلف وكذلك في تمليك المرأة في هذا.
وإذا أعتق شقصا له من عبد منذ زمان فقيم الآن عليه فقال أعتقتك وأنا معسر وقال الشريك كنت موسرا فإن كان اليوم معسرا فلا شئ عليه وإن كان موسرا قوم عليه إلا أن يعلم أنه إنما تركه لعدمه والناس والسيد والعبد يعلمون ذلك فلا تقوم عليه الآن.
ومن كتاب ابن عبد الحكم: ومن قال لعبده لا حق لي عليك فلا شئ عليه وهذا على المال. ولو قال له لا حق لي عليك في رقبتك حلف ما أراد العتق فإن نكل لزمه العتق. وليس إذا ادعى لم يكن له في رقبته حق كان حرا. وعبيد الناس لا حق لهم في رقابهم، ولو قال قد أبرأتك من الرق الذي لي عليك فهذا عتق، ولو قال لا حق لي في رقبتك فليس بعتق إذا حلف ما أراد عتقا قد يبيعه وقد يهبه.
ولو قال لعبده ما يحل لي بيعك فليس هذا بشئ يلزمه. وكذلك لا يحل لي أو لا يحل لي ميراثك وكذلك لأمته لا يحل لي وطؤك أو قال النظر إلى عريتك أو قال النظر إلى فرجك ويحلف في هذا كله. وإن مات قبل أن يحلف فهي رقيق.
/ ومن أعطى عبده لرجل وأمره أن يعتقه عنه فأقر أنه أعتقه عنه ثم أقر أن رجلا آخر أعطاه إياه فأعتقه عنه بأمره مع قياس قول أشهب العتق نافذ ولو علم ذلك ببينة فإن الولاء لدافع العبد ولكن أتلف ولاءه على الآخر لأن إقراره الأول قد ثبت عليه ولأن أشهب من قوله إذا قال له اعتق هذا العبد عني فأعتقه عن نفسه أنه حر عن الدافع وولاؤه له.
[9/389]
***(1/384)
[9/390]
الإقرار بالكتابة
وشئ من التداعي في ذلك
من كتاب ابن سحنون: وإذا أقر أنه كاتب عبده على ألف درهم أو قال ولم أسم مالا وقال العبد بل على خمسمائة فالعبد مصدق في إجماعنا.
وكذلك قوله كاتبتك أمس على كذا فلم تقبل وقال العبد كنت قبلت فالعبد مصدق كالبيع يقول كنت بعتك عبدي بكذا فلم تقبل وقال الآخر قبلت فالمبتاع مصدق.
ولو قال: كاتبت هذا لا بل هذا على كذا وكلاهما يدعي فيلزمه أن يكونا مكاتبين.
ولو قال: كاتبت هؤلاء الثلاثة على الألف درهم إلا هذا وقال المستثنى أنا في الكتابة فالقول قول السيد مع يمينه. وكذلك في العتق والطلاق.
وإن قال: كاتبتك وأنا صبي فلا شيء عليه عند ابن القاسم وأهل العراق وقال سحنون: تلزمه الكتابة، وكذلك في البيع والشراء، ولو قال: كاتبتك قبل أملكك وقال العبد بعد أن ملكتني(1)فالقول قول العبد في قولهم أجمع.
وإن قال / كاتبتك وقلت إن شاء الله فلا استثناء في ذلك، وقال غيره تنفعه والسيد مصدق مع يمينه.
قال محمد: وأجمعنا أن إن قال كاتبتك واستثنيت الخيار لنفسي وقال العبد بلا خيار أن القول قول العبد.
قال ابن المواز وابن عبد الحكم: وإذا قال كاتبت عبدي ميمون على مائة دينار ثم قال لم أكاتبه وإنما كاتبت عبدي نصرا قال ابن المواز: كتابة ميمون بمائة بلا يمين وتلزمه كتابة نصر، وقال ابن عبد الحكم: إن ادعى ذلك، العبد إن كانا
[9/390]
***
__________
(1) في الأصل، بعد أن أملكتني.(1/385)
[9/391]
مكاتبين جميعاً وليس عليهما ولا على أحدهما يمين كما لو أقر لواحد أنه كاتبه ثم رجع عن ذلك فطلب يمين العبد فليس ذلك له، قالا: وكذلك لو قال تزوجت فلانة بهذا العبد. قال ابن عبد الحكم ودفعه إليها ثم أنكر النكاح وقال ابن المواز: ثم قال نسيت وطلب يمينها قالا: فليس له أن يستحلفها، وكذلك لو أقر لرجل بدين ثم رجع عن إقراره وأراد أن يستحلفه فليس ذلك له.
قال ابن المواز: أما في إنكاره أو قوله غلطت أو نسيت فلا يمين له عليه وأما إن قال قد أقررت لك بذلك وأشهدت له ولكن تركت ذلك وديعة عنده أو رددته إليه رأيت له عليه اليمين فإن حلف بريء من دعواه وإن نكل حلف الآخر وله أن يغرمه مرة أخرى.
قالا: وكذلك إن شهد له شاهدان بحق فأراد المطلوب يمين الطالب فليس ذلك له، قالا: وإن قال: كاتبت عبيدي وعبيدي هؤلاء الثلاثة بألف إلا فلانا منهم فذلك إستثناء جائز ويكون / الاثنان مكاتبين بألف ويرق الذي استثنى إلا أن يقر له بكتابة أخرى.
وقال ابن المواز: وكذلك إن قال إلا فلانا منهم فإني كاتبته على مائة إردب قمح فهو إستثناء جائز.
في الإقرار بالرق
والدعوى في الحرية والنسب
من كتاب ابن سحنون قال سحنون: لا أعلم بين العلماء إختلافا أن الرجل والمرأة يقران بالرق لفلان ولا تعلم لهما حرية أن ذلك جائز يوجب ملكهما وكذلك صبي يعقل ويتكلم يقر بالرق وهو في يدي رجل يحوزه فلا يزيل عنه الرق إلا البينة بأنه يحوزه.
قال محمد ابن عبد الحكم: وإن كان واحد من أقر بالرق معروف الأصل بالحرية تعرف أمه أنها حرة لم يجز إقراره بالرق.
[9/391]
***(1/386)
[9/392]
قال ابن سحنون: وأما اللقيط فقال أصحابنا هو حر ولا ينظر فيه إلى حكم حاكم بحريته ولا يقبل إقراره بالرق. وقال غيرنا: إذا لم يحكم بعتقه جاز إقراره بالرق.
وأجمعنا في امرأة معروفة بالحرية وأبواها أحرار(1)أن إقرارها بالرق باطل.
قال ابن المواز: وإقرار الصغير أنه مملوك لرجل ادعى رقبته فإقراره بالرق باطل.
قال ابن المواز: وإقرار الصغير أنه مملوك لرجل ادعى رقبته فإقراره له جائز إن كان يعرب عن نفسه. ولو قال الصغير أنا حر وأنا لقيط وقبل قوله ولم يلزمه قول من هو في يديه وإن كان له حائزا لأنه لا يقر له بالرق.
قال ابن المواز وابن عبد الحكم في عبد يعرف بالملك لفلان فأعتقه ثم أقر العبد بالرق لغير / مولاه فلا يقبل منه ذلك إلا ببينة كما لا يرق الحر نفسه ولكن أقضى للمقر له بماله وبإمائه وعبيده إلا ما أعتق أو كاتب أو دبر أو اتخذ أم ولد فليس له نقض شيء من هذا بإقراره غير أني أجعل خدمة المدبر وكتابة المكاتب للذي أقر له بالملك وله انتزاع مال مدبره وأم ولده وكذلك لو صدقه في ذلك من أعتقه إلا أنه يغرم ها هنا قيمة رقبة هذا العبد للمدعي ولا ينقض عتقه ولا أزيل عنه ولاءه لأنه كالنسب.
قال أحمد ابن ميسر: وأما إن أقر بذلك في مرضه الذي يموت فيه فلا أقبل إقراره في المال وهو ممنوع منه إلا ما يجوز له من وصيته ونفقته فأما مدبروه ومكاتبوه فمثل مدبر الحر ومكاتبه إلا أن المقر يتقاضى الكتابة في صحة السيد فإن عتق بالأداء فولاؤه للمعتق المقر ثم إن مات المكاتب فميراثه للمقر له إن كان المقر حيا وإن كان ميتا فميراثه للذي ثبت له ولاء سيده أولا دون من أقر له بالرق، ولو عجز المكاتب فإنه لمن أقر له بالرق، وأما مدبره فهو يخرج من ثلثه إذا مات وولاؤهم للأول مع ما تركه المعتق من تركته، وكذلك ولاء أم ولده لا تعتق بموته من رأس ماله.
[9/392]
***
__________
(1) استعمل الجمع خبرا عوض المثنى والمشهور في هذه الحالة المطابقة حيث يقال وأبواها حران.(1/387)
[9/393]
قال ابن المواز وابن عبد الحكم: ومن عرف بالحرية فأقر بالملك لفلان لم يرق له بذلك أم ولده ولا ولده منها وهو حر وكذلك ما تلد منه بعد ذلك.
ومن أعتق عبده ثم أقر العبد والسيد أنه كان ملوكا لزيد وادعى ذلك / زيد أو أنكره فإنه لا يرق أبدا بإقراره ولا يرق إلا بالبينة ولا يزول الولاء بالإقرار.
قال ابن عبد الحكم: وقال أصحاب أبي حنيفة إذا أقر بالرق لرجل وصدقه الذي أعتقه جاز ذلك وإن لم يصدقه لم يجز لأن الولاء قد ثبت. قال محمد: فإذا ثبت الولاء كيف يزول بالإقرار؟
قال ابن سحنون: ومن أعتق عبدا ثم أقر العبد أنه ملوك لآخر لم يجز الإقرار إلا أن يصدقه المعتق فيجوز ذلك فيرق له. وهذا خلاف ما ذكر ابن المواز وابن عبد الحكم.
قال ابن سحنون: إذا أقر أعتقه ثم أقر هو والعبد أنه لفلان وصدقهما فلان ولا يعرف المعتق بحرية ولا جرى في عتقه حكم فإنه يرق لفلان في إجماعنا مع أهل العراق وكذلك لو جرى بعد عتقه حكم بقصاص فيه أوحد أو شيء ما يحكم به في الحر فأمضاه القاضي ولا يمنعه هذا أن يقبل قوله ويرق لمن أقر له.
وإنما الذي لا يرجع في الرق من كان مشهورا بالحرية وطال لأأمره فلا يقبل قول هذا في إرقاق نفسه وإن صدق الذي أعتقه وعليه قيمته لفلان إن صدقه.
وأجمعنا فيمن في يديه عبد فأقر العبد أنه ملوك لآخر فكذبه الذي يحوزه وقاتل هو عبدي فهو مصدق أنه عبده لإقرار العبد بالرق وصار كالقرض وصار الحائز أولى به وتنازعوا في عبده بين رجل متشبث به لم يتقدم له فيه حيازة بملك فقال هو عبدي وقال العبد أنا حر أو قال لفلان فقال أشهد / وسحنون وابن المواز: القول قول العبد . قال ابن المواز إلا أن يقول له العبد أنت أعتقتني فلا يقبل قول العبد إذا أنكر الذي هو بيديه عتقه.
قال ابن سحنون: وقال غيرنا: إن قال أنا حر فهو حر وإذا قال أنا ملك لفلان فالقول قول الذي هو في يديه.
[9/393]
***(1/388)
[9/394]
قال أشهب وسحنون: وإذا تعلق رجلان بعبد كل يدعي ملكه فإن كان لا يتكلم كلف البينة فأن أقاماها قضي بأعدلهما فإن تكافأتا كان بينهما. وكذلك إن لم يقيما بينة بعد أيمانهما، وإن نكل أحدهما فهو لمن حلف وإن نكلا فهو بينهما وإن كان العبد كبيرا يتكلم ولا بينة لهما كان العبد لمن أقر له بالرق.
وكذلك إن أقاما البينة وتكافأتا في العدالة بعد أيمانهما أو نكولهما، وإن نكل أحدهما قضي به لمن حلف ولا ينظر إلى قول العبد أنه للآخر لأنه أبى أن يدعيه حين نكل، وإن كانت إحدى البيتين أعدل قضي به لمن أقامها حتى يأتي الآخر بأثبت من هذا ولا ينظر إلى قول العبد وكذلك إن أقامها أحدهما ولا بينة للآخر قضى له بالبينة دون قول العبد.
وقال أبو حنيفة: إن لم تكن لهما بينة فهو لهما جميعا، قال أشهب: وهو لو ادعى أنهما عبدان له لكلف البينة كما يكلفانها(1)
قال ابن المواز ومحمد ابن عبد الحكم في رجل لا يعرف أصله وهو يدعي الحرية فأولد أمة له ثم أقر بالرق لرجل فإنه يرق له ويكون كل ما في يديه من رقيق وعين وعرض يأخذه / منه إن شاء ولا يصدق على رق الولد ولا على رق أم الولد ولا على رق المكاتب ولا من له من مدبر ومن معتق إلى أجل ولا يفسخ ما عقد في عبده من إجارة ولا في أمته من نكاح ولا يصدق فيما تلد أم ولد من ذي قبل وهو حر لأنه ولده من أم ولده ولا يجوز لها بيعها ولا أن يهبها.
قال ابن المواز: وللمقر له خدمة مدبرة وكتابة مكاتبة، وللمقر أن يعتق أم ولده ولا حجة للذي أقر له بالرق في ذلك وليس له أن يعتق مدبره.
قال ابن عبد الحكم: ولو أن امرأة حرة في الظاهر فحدث فولدت أولادا فأقرت أنها أمة لرجل وصدقها فإنها ترق له دون ولدها لما ثبت لهم من الحرية فلا يرقون(2)بقول أمهم وكذلك لو كان صغيرا لا يعقل لم أرقه بقولهم.
[9/394]
***
__________
(1) فى الأصل، كما يكلفاها بحذف نون الرفع والصواب ما أثبتناه.
(2) في الأصل، فلا يرقوا بحذف نون الرفع.(1/389)
[9/395]
وأما لو أقر رجل لامرأة بالملك لرجل فأقر ذلك عليها ثم قامت بينة أنها حرة الأصل فإن هذا الرجل أعتقها قبل ذلك فإنها يحكم لها بالحرية وليس للحر إرقاق نفسه والبينة أولى في هذا من الإقرار.
قال ابن سحنون قال أشهب وسحنون ومن بيده عبد بحوزه حيازة الرق بما يحوز الناس به أرقاءهم فلا يقبل قول العبد أنه لرجل آخر يدعيه ولا دعواه أنه حر وعلى السيد اليمين أنه لا يعلم أن لهذا فيه حقا.
وكذلك أم ولد الرجل لا يقبل إقرارها بالرق لغيره وكذلك لو أقرت أمة لرجل بالرق ساعة واحدة ثم رجعت / مكانها فأقرت للآخر فإنها للأول إلا أن يقيم الآخر بينة.
ولو أن قصارا أو ذا صنعة بيده عبد يحوزه فقال إنه عبدي وقال العبد بل أنا لفلان أسلمني إليك وادعاه فلان فهو للحائز إلا أن يقيم الآخر بينة.
وكذلك إن حاز أمة فقالت أنا أمة لفلان أو مدبرته أو مكاتبته فالقول قول الذي هي في يديه يدعي رقها.
وكذلك إن قالت: كنت لفلان فأعتقني وصدقها فلان فلا يقبل ذلك إلا ببينة إلا أن يكون الذي هي في يديه لم يحزها ولم يعرف له منها خدمة ولا حوز وإنما وجدت في يديه وقت الدعوى فالقول قولها.
ومن بيده غلام يحوزه بالملك فقال أنا ابن فلان وأمي أم ولده وقال الذي هو وأمه في يديه أنت عبدي وأمك أمتي وقال الذي أقر له هو ابني فإن قال الغلام ولد في ملك الذي هو في يديه فهو وأمه رق له ولا يلحق نسبه بمدعيه وإن لم يعلم مولده إلا أن هذا يحوز بالملك فالقول أيضا قوله وأما إن وجد في يديه متشبتا به ولم يتقدم له فيه حوز ولا خدمة معروفة فالغلام حر وإن لم يكن له نسب معروف فهو لاحق بمن إدعاه في قول ابن القاسم.
[9/395]
***(1/390)
[9/396]
وقال سحنون: لا يثبت بهذا النسب، وإذا ادعى عبد رجل أنه ابنه أو أنه أعتقه فلا يصدق وهو رق لحائزه إلا أن تكون له فيه حيازة ولا خدمة متقدمة وإنما هو متشبت به فإنه يكون حرا ولا يلحق به نسبه / بدعواه.
وقال أحمد بن ميسر فيمن لا يعرف أصله وهو يدعي الحرية أقر لرجل بالرق فإنه يرق له ويكون له ماله وأما ما ولد له فحر لا يضره إقرار أبيه. وكذلك ما يولد له بعد هذا من أم ولده، وأما ما يولد له قبل انتسابه فيرقون برقه(1).
وما كان له من امرأة حرة فهي حرة فإن اختارت المقام فلسيده فسخ النكاح إن لم يكن علم بالنكاح وإن بنا بها فلها المسمى وهي أولى بماله حتى تستوفي مهرها، وإن لم يبن بها واختارت الفراق فلا مهر لها وإن اختارت المقام ففارق عليه سيده فلها نصف الصداق وليس كعبد تزوجها بغير اذن سيده وإنما عقد هذا ولا سبيل عليه وإنما حدد السبيل بإقراره.
ومن كتاب ابن سحنون ونحوه في كتاب ابن عبد الحكم: وإذا أقر رجل مجهول لرجل بالرق فباعه المقر له فذلك جائز.
وكذلك الأمة وإن ادعت عتقا بعد البيع فإن أقامت بينة أنه أعتقها قبل البيع أو أنها حرة الأصل قبلت بذلك وليس إقرارها بالملك إكذاب البينة كما لا ألزمها إقرارها بالملك وهي معروفة النسب. وكذلك العبد.
ومن كتاب ابن المواز: ولو أن رجلا باع عبدا أو دفعه إلى المبتاع فقبضه ونقد الثمن فمضى بالعبد إلى منزله والعبد ساكت لا يقر ولا ينكر وهو رجل أو صبي يعقل فهذا إقرار بالرق ولا يصدق وإن ادعى الحرية / بعد أن بيع وقبضه المبتاع إلا بالبينة. وكذلك لو عرضه للبيع وقلت فلم ينكر فهو إقرار بالرق ولا يقبل إنكاره بعد ذلك. وكذلك إن وهبه أو أسلمه بجنايته فهو كالإقرار في إجماعنا وكذلك لو كاتبه وأشهد عليه، وأما لو واجره ثم قال أنا حر قبل قوله وقد يكون عليه الخدمة فيؤاجره، أما الرهن والبيع والسلام(2)في الجناية وهو يعلم فلا ينكر
[9/396]
***
__________
(1) العبارة في الأصل، مضطربة وقد صححناها حسب سياق الكلام.
(2) كذا في الأصل، والظاهر أن المقصود والسلم.(1/391)
[9/397]
قال سحنون: فلا يفعل منك هذا إلا بعهده، ألا ترى لو كان بخدمة فقال أنا حر فالقول قوله لأن الخدمة ليست بإقرار بالرق، وكذلك الاجارة وهو إقرار من المستأجر فإن العبد ليس له إلا أن يطول الخدمة حتى يخرج من حد الاجارة.
ولو قال لرجل أعرني هذا العبد يخدمني فهذا إقرار من المستعير للمعير في إجماعنا.
ومن قدم من بلد ومعه رجال ونساء وصبيان يخدمونه فادعى ملكهم وادعوا الحرية فإنهم أحرار إلا أن يقيم البينة.
وإن كانوا أعاجم أعتاما أو سندا أو حبشا فهو بمنزلة هذا في إجماعنا إلا أن يحازوا بما يحاز به الأرقاء من الوطء والبيع والاستخدام فيكون القول قول من حازهم بمثل هذا أو يقرون بالملك بكلام أو بالبيع.
ومن عرض جارية للبيع وسام بها وهي ساكتة لا تنكر فليس هذا إقرار بالرق وتصدق أنها حرة. وكذلك الغلام الذي يعقل.
وقال ابن عبد الحكم: ومن عرض غلاما للبيع وقلب على ذلك أو كانت أمة فلا / ينكران ولا يدفعان فهو إقرار بالرق ولا ينفع دعواهما بعد ذلك الحرية إلا ببينة.
ولو قالت الجارية بعتني لفلان فهو إقرار بالرقوكذلك قولها أرهنتني، وأما قولها زوجتني فليس بإقرار، وإن قالت: هو أعتقني فليس بإقرار بالرق.
وكتب سحنون إلى شجرة في الذي أوصى بعتق جارية وهي حاضرة تسمع وصيته فلما مات قالت إني حرة وقالت البينة إنها تسمع وصيته فلم تقر ولم تنكر وقالوا إنا لا نعرفها له ملكا، قال: لا يضرها سكوتها. وعن امرأة(1)زوجها رجل أقر وأقرت بذلك فلا يكون إقرارها بذلك إقرارا بالرق للذي زوجها. ولو كاتبها إذا أعتقها على مال أو باعها نفسها كان إقرارا منها بالرق.
[9/397]
***
__________
(1) في الأصل وغرماء زوجها.(1/392)
[9/398]
ولو قالت آجرتني من فلان فليس بإقرار بالرق، ولو قال أرهنتني منه أو تزوج فلانة على رهن فهو إقرار بالرق. وكذلك لو قالت لامرأة اختلعي من زوجك في اجماعنا.
ومن قال لآخر قد أعتقتني وهو مجهول فقال الآخر ما أعتقتك فهو إقرار بالرق وكذلك لو قال ألم تعتقني أمس؟ أو قال أليس قد أعتقتني؟ أو قال أو ما أعتقتني؟ فهو إقرار بالرق.
وقال ابن سحنون: ومن استأجر عبدا ثم ادعى رقه لم يصدق في اجماعنا ومن بيده غلام لا ينطق يقول هو عبدي وجاره بالملك فلما كبر الغلام قال أنا حر فعليه البينة في إجماعنا ولو كان الغلام ينطق فقال الرجل أنت عبدي / وقال الغلام أنا حر فالقول قوله.
وكذلك الجارية والصغير والكبير في هذا سواء إذا لم يتقدم له فيه حوز بملك ولا خدمة وكذلك لو قال أنا عبد لآخر ادعاه فالقول قول العبد، وكذلك لو قال الصبي أنا لقيط فهو حر في إجماعنا.
قال ابن عبد الحكم في صبي قد عقل وهو بيد رجل فقال أنا ابنك من أم ولدك هذه وهي أمة له وقال بل أنت وهي رقيق لي فهما رقيق له لأن الأم في يديه ولم يثبت أنها أم ولد ببينة ولا إقرار.
قال أشهب وسحنون في الذي في يديه صغير يدعي ملكه إن القول قوله كالثوب في يديه.
ومن في يديه أمة يحوزها ولها ولد فقال حائزها هذه لفلان فالقول قوله وكانت أمة لفلان ويبقى ولدها لها إن زعم الولد له رقا إذا كان الولد معروفا بالرق أو كان صغيرا وقد يقول بعتها بعد أن ولدت أو وهبتها فيصدق.
قال ابن عبد الحكم: ولو أقر أنها لرجل من سنتين ومنا ولد ولدته من أقل من سنتين فإنها مع ولدها للمقر له.
[9/398]
***(1/393)
[9/399]
قال ابن سحنون عن أبيه: ولو قامت بينة أنها لفلان قضيت له بها وبولدها لأن البينة نفت ملك الآخر عن الأمة والأول إنما أخذ بإقراره وهو لا يرجع بالثمن على أحد والمحكوم عليه بالثمن على بائعه إلا أن يقول المقر وهبتها له قبل أن تلد فيقضى للآخر بها وبولدها.
وقال ابن عبد الحكم سواء الإقرار / في هذا والبينة إذا قامت بينة على أمة أنها لفلان ولها ولد فالجارية له بلا ولد لا نعلم يشهد له بالولد ولا تثبت أنها ولدته بعد أن ملكها. ولو جاز الفرق بين الإقرار والبينة جاز أن يقول تجعلها له في الإقرار فولد الأول جعله له في البينة.
قال ابن المواز وإن قدمت امرأة بلدا فادعت أنها حرة فتزوجها رجل ثم قدم رجل آخر فقال هي أمتي فأقرت له بذلك فلا يقبل منها إلا بينة وتبقى بحالها وأولادها أحرار ما ولدت قبل إقرارها أو بعد.
ولو مات ورثها زوجها وولدها، ولو مات هو لم ترثه هي إلا أن يرجع ويذكر عذرا يعذر به في إقرارها مثل أن يقول أقررت هربا من زوجتي وشبه ذلك فذلك لها.
ولو ماتت ولا ولد لها لورث الزوج النصف والنصف لبيت المال.
قال أحمد بن ميسر: وليس للذي أقرت له أن يأخذ قيمة ولدها من أبيهم ولا ترث ولدها إن مات لأنه حر وهي مقرة أنها أمة فإن فارقها الزوج كانت عند السيد بملك اليمين.
قال ابن سحنون: وإذا تزوجت امرأة على أنها حرة وهي غريبة لا يعرف أصلها ثم أقرت بالملك لرجل صدقناها وتكون أمة له ولا تصدق على فساد النكاح، والزوج مخير إن شاء فارق أو ثبت على النكاح، وإن كان دفع إليها مهرها قبل أن يقر بالرق فهو برئ منه فإن طلب أن يفارق وكان أكثر من صداق مثلها رجع عليها بالفضل وإن نسب بالنكاح لزمه جميع المهر وإن دفع المهر / إليها بعد إقرارها بالملك لم يبرأ منه إلا أن يدفعه بإذن سيده، وكل ولد ولدت قبل الإقرار فهم أحرار.
[9/399]
***(1/394)
[9/400]
وإن كانت حاملا يوم أقرت فما في بطنها حر وإن لم يعرف أحامل هي أم لا وهو مرسل عليها فما وضعت لأقل من ستة أشهر فهو حر وما وضعت لأكثر فهو عبد وما حملت به بعد إقرارها فهو عبد. وإن طلقها بعد إقرارها طلقتين لم تحرم عليها وطلاقها ثلاثا وعدتها عدة الأمة، ولو طلقها قبل إقرارها طلقتين ثم راجعها فهي عنده علي طلقة ولو لم يراجعها كان له أن يراجعها.
قال محمد بن عبد الحكم: إن ما ولدت قبل إقرارها وبعده وما في بطنها حر ولو جعلت ما تلد رقيقا لفسخت النكاح ولو أوجبت عليها الرق من يوم يقر جعلت علي الأب قيمة الولد كما لمستحقه وهي حامل، ولو ماتت لورثها الزوج لأنه لم يقر أنها أمة! ولو مات الزوج لم يرثه هي فأقبل قولها فيما كان لها ولا أقبل قولها عليه، ولو ثبت عليها الرق لفسخت نكاحها ولو طلقها طلقتين بعد الإقرار كان له الرجعة.
هذا مما للزوج ولو طلقها اثنتين قبل الإقرار لم يزل إقرارها بالرق ما للزوج من الرجعة وقد جامعنا علي هذا مخالفنا وهذا حجة لنا فيما خالفونا فيه.
ومن كتاب ابن سحنون: ولو أن رجلا مجهولا أقر بالرق لرجل وللمقر مال وعبيد وولد لزمه ذلك في نفسه وماله ولا يصدق في أم ولده وولده ومدبره ومكاتبه في إجماعنا.
ولو أن امرأة / مجهولة في يديها ابن لها صغير أقرت أنها وابنها رق لفلان فهي مصدقة وهي وابنها رق له، ولو كان ابنها يتكلم فقال أنا حر فهو مصدق ويكون حرا.
وأخبرني محمد بن يسار عن سحنون في رجل وامرأة قدما من بلد وهما زوجان فيما قالا ثم قدم رجل فأقرت المرأة أنها أمة له فلا تصدق وعلي المدعي البينة.
وقال أيضا يقبل قولها في نفسها لا في الولد ولا في فتح النكاح وهذا القياس والقول به.
ولو أن رجلا وامرأة في أيديهما ابن لهما صغير لا يتكلم فأقرا أنهما وابنهما رق لفلان فذلك جائز عليهما وعلي الابن.
[9/400]
***(1/395)
[9/401]
ولو قالا نحن رق لفلان وابننا لفلان آخر فهو كما قالا إن صدقهما مولاهما فإن كذبها في الولد فالولد له معهما في إجماعنا.
ولو أن رجلا وامرأة مجهولان كل واحد منهما يقول إنه رقيق للاخر وليس واحد منهما في يد الآخر وكل واحد مصدق للآخر فهذا باطل ويبقيان علي ما كانا عليه.
وأما لو تقدم إقرار المرأة للرجل وثبت رقها ثم أقر هو بعد ذلك أنه عبد لها وصدقها فيما قالت ففيها لسحنون قولان :
أحدهما قال أولا قد ثبت وحرية الرجل بإقرارها له فليس له أن يرق نفسه وتعتق الأمة بإقراره أنه لا رق له عليها، والقول الآخر أن الرجل الذي أقر أخيرا مملوك للأمة إن ادعت ذلك وكذلك الرجل، لأن الثاني يصير مقرا بحرية الأول وأنه رقيق له وهو مجهول فإذا صدقه الأول ثبت رق الثاني له كما لو قال/ رجل مجهول لآخر أنا عبدك فقال له الآخر لا ثم قال صدقت وتمادي الأول علي إقراره فإنه عبد له كعبد لك يقر لك بالمال فكذبته ثم صدقته وهو متماد علي إقراره فإنه عبد لك.
ولو أن الرجل المجهول أقر لآخر بالملك فكذبه ثم رجع المقر فقال ما أنا لك بعبد ثم رجع الذي كان كذبه فادعي ملكه فلا يقبل منه ولا سبيل له علي المقر إذا جحد قبل رجوع المقر له.
ألا تري لو أن رجلا في يديه عبد فقال هو لفلان فقال فلان لا ثم قال بلي فقال من هو بيده بل عبدي، فالقول قوله ولا حق فيه للاخر.
وإن قال من هو بيده هو عبدك يا فلان فقال له فلان بل هو لك ثم قال بل هو لي وجحد المقر فأقام له البينة فلا تقبل بينة لأنه أقر به لحائزه.
وكذلك من أقر بعبد لزيد ثم أقام بينة أنه له فلا يقبل منه، ولو ادعي رجل دارا إلا بيتا منها فجحد ذلك حائزها فأقام المدعي البينة أن الدار له وقال كنت
[9/401]
***(1/396)
[9/402]
بعت البيت فإني أقبل بينته. ولو قال: لم يكن البيت لي قط كان قد أكذب شهوده فلا تقبل بينته في إجماعنا.
قال محمد بن عبد الحكم: وإن كان رجل يخدم رجلا فقال له ليس منك حر إلا السدس وقال الخادم بل نصف حر فالقول قول الخادم إذا لم يقل أعتقني لأنه لم يحزه كله علي الرق إذا كان فيه جزء من الحرية.
قال ابن المواز ومحمد بن عبد الحكم: ولو كان غلام في يدي رجل / فادعي رجل آخر أن له ثلثيه وأنه أعتقهما وقال الذي هو في يديه إنما ثلثاه لي ولك أنت ثلثه أعتقه فلي عليك قيمة الثلثين فالقول قول الذي بيده العبد لأنه حاز كله علي الرق مع يمينه ويغرم له الآخر قيمة(1)ولا ينظر في هذا إلا أن هذا يدعي قيمة الثلثين والآخر يقول إنما علي قيمة الثلث لأن من يحوز عبدا بالملك فهو مصدق فيما يدعي من رقه.
فالأول قال الذي هو بيده لي ثلاثة أرباعه وربعه لك يا فلان وقال العبد بل ربعاي لفلان ورعي لك، كان للذي في يديه العبد ثلاثة أرباعه لأنه إذا أقر العبد برق ثلاثة أرباعه فحائزه أولي بما رق منه وإنما سقط عنه ما ادعي العبد من الحرية فقط فيكون ربعه حرا.
قال ابن المواز بعد أن ذكر هذا الجواب: الجواب صحيح ما خلا قول العبد ربعي حر فإني أتوقف عنه إذ لا يكون في عبد رق وإن قل إلا وأوصله رقيق كله وهذا بخلاف قول العبد جميعي حر.
قالا: ولو قال حائزه لي ربعه ولفلان ربعه ولفلان آخر ربعه فسمي غير الذي أقر لهما العبد فالقول قول حائزه. وأما إن قال العبد: ثلاثة أرباعه حر فالقول قوله.
قال: وإن أقر في مكاتب له أو مدبر أنه ملك لفلان لم يفسخ التدبير ولا الكتابة فإن رقا أخذهما المقر له وإن أدي المكاتب عتق وولاؤه لعاقد الكتابة
[9/402]
***
__________
(1) كلمة غير واصحة في الأصل.(1/397)
[9/403]
ولكن أقضي بما أدي المكاتب من الكتابة للمقر له وبخدمة المدبر فإن مات المقر أعتق / في الثلث وولاؤه للذي دبره. وإن رق منه شئ أخذه ذلك المقر فكان رقيقا وإن قال المقر له أنا آخذ مال المكاتب الذي لم يؤده فليس ذلك له. وإن قال آخذ مال المدبر مع خدمته فذلك له لأن للسيد أخذ مال مدبره فمن له به أخذه منه، ومال المكاتب ليس لسيده أخذه منه.
في الإقرار بالولد
من كتاب ابن سحنون قال: ومن في يديه صبي أو صبية فقال هذا ابني وهذه ابنتي ومثله يولد وليس له نسب معروف فقال ابن القاسم وأهل العراق هو به لاحق، قال ابن القاسم: ما لم يكن يعرف كذبه.
وقال سحنون: لا يلحق نسبه أبدا إلا من ولد في ملكه من أمة عنده أو كانت له وليس للولد نسب معروف.
وقال كبار أصحابنا وأنا أقوله إنه لا يلحق بنسب هذا الولد إلا أن تكون أمه أمة كانت له وولدته عنده أو عند غيره ثم باعه ولم يحزه نسب أو كانت عنده زوجة له بقدر ما يلحق به الأنساب ويشبه أن يكون ولد من حين زالت عنه وإلا لم يلحق به.
وإن كان للصبي أم معروفة والولد في يديها فصدقته في النكاح وهما طارئان فهي امرأته والولد ولدهما وكذلك الصبي بيد رجل فقالت المرأة هذا ابني منك فهو ابنها وهذا زوجها إن كانا طارئين، وإن كانا من أهل البلد ممن يجهل لم أصدقهما وإن تماديا علي الإقرار. / حددتهما.
قال ابن المواز ومحمد بن عبد الحكم: إذا أقر الحر بالولد لزمه ذلك إن لم يعرف كذبه ولم يعرف للصبي نسب وكذلك اللقيط، وهو قول أشهب في اللقيط، وكذلك عبد رجل يستلحقه أنه يلحقه به إن لم يتبين كذبه.
وإن قال هذا الولد ولدي من زني وأمه أمة لم تكن بذلك أن ولد ولا يلحق نسبه ولا يعتق عليه ولو اعتقناه عليه لجعلنا أمه أم ولد وهي أولي أن لا تباع لأن
[9/403]
***(1/398)
[9/404]
الأمة مجتمعه علي نفي ولد الزني ولا تنفي ولده من أمه فيلزم من أعتقه أن يجعل أمه أن ولد.
قال أحمد بن ميسر: إذا كان ملكه لها معروفا لم يزل ملكه عنها لحق به وكان كاذبا في قوله من زني.
قال ابن سحنون في امرأة لها زوج معروف وبايديهما صبي فقال الزوج هو ابني من امرأة غيرك وقالت هي هو ولدي من رجل غائب، فالقول قولها فإن رجعت إلي تصديقه ولم تكن سمت الآخر ولا وصفته بصفه كان ابنه إن ادعاه وإن سمت رجلا نسبته حتي يعرف بتلك الصفة فلا يجوز أن يلحق بالأول وإن قدم الغائب فأنكر الولد لم يلحق بالأول إلا أن ترجع الأم إلي تصديقه ولا يصدق هو والأم تنكر.
قال ابن المواز وابن عبد الحكم: ولو قال في عبد له إنه ابنه وللعبد أب معروف فإنه يعتق هذا العبد عليه ولا يلحق به نسبه ولا ينتفي من أبيه المعروف كان صغيرا أو كبيرا أو لو اشتري صبيا فقال هو ابني من زني / لم يعتق عليه ولم يلحق به .
قال ابن عبد الحكم وقال النعمان إذا أقر في عبد في يديه أنه ولده من زني فلا يلحق به ويعتق عليه وكذلك لو كان في غير يديه ثم ملكه وهذا غلط.
قال ابن عبد الحكم وقال أيضا: لو اشتري أمة فقال: ولدت هذه مني من زني لم تكن له أم ولد ولم يعتق عليه.
قال محمد: وقوله وقول أصحابه أنه إن أولد أمة بنكاح ثم اشتراها أنها بذلك أم لود ولا فرق عندهم بين ذلك.
وإن كان يؤخذ بالحكم فقد أجمعت الأمة ألا يلحق به ولد زني، وإن كان يؤخذ بإقراره فقد أقر أنها أم ولده.
قال ابن المواز في امرأة معها ولد فادعاه رجل أنه ابنه منها قالت هي بل هو ولدي من غيرك ولم تسم أحدا فإن لم يحزه نسب غيره لحق بمستلحقه ما لم يتبين
[9/404]
***(1/399)
[9/405]
كذبه. وإن سمت أحدا وحضر فادعاه كان أحق به بإقرار المرأة له وهذا إن كانا طارئين فإن لم يكونا غريبين نظر من كان الحائز لها وتعرف به. فإن لم تكن حيازة كان ولد زني لا يلحق بواحد منهما.
قال ابن المواز وابن سحنون: ومن التلقط لقيطا فادعي أنه ابنه لحق به عند أشهب.
قال ابن المواز: وكذلك إن التقطه غيره وبعد الدهر الطويل لقبل قوله عند أشهب.
قالا وقال ابن القاسم: إن جاء بعذر في طرحه مما يعرف به وجه قوله لحق به وإلا لم يلحق به.
قال ابن سحنون وقال أهل العراق مثل قول أشهب / أنه يلحق به. وقال ابن القاسم لا يلحق به. قال أشهب: وكذلك المرأة تدعي اللقيط أنه ابنها أنه يلحق بها. وقال ابن القاسم لا يقبل قولها.
ولو أن صبياً في يدي رجل ادعي انه ابنه وله أب معروف وأمه أمة له قال أشهب وسحنون لا يعتق ولا يثبت نسبه لأن له أبا معروفا. قال أهل العراق: يعتق ولا يثبت نسبه، وهذا فاسد، وقد أجمعنا لو قال في عبد في يديه هو مثله في السن أنه ابني لا يعتق ولا يلحق به.
وكذلك من ادعي في عبد لغيره انه ابنه وجحد المولي وقال المدعي اشتريت أمه أو تزوجتها فلا يصدق في قول ابن القاسم وأهل العراق.
قال ابن القاسم فيمن ادعي أولاد أمة رجل وقال لسيدها زوجتنيها وولدت هؤلاء الأولاد مني وقال السيد ما زوجتكما وما هم منك فلا يصدق المدعي ولا يثبت نسب الولد منه فإن اشتراهم واشتري أمهم ثبت نسبهم منه ولا تكون أمهم أم ولد لأنه أقر أنهم أولاده بنكاح.
قال ابن القاسم وهذا إذا كان مثلهم يولد لمثله ولم يكن لهم نسب معروف.
[9/405]
***(1/400)
[9/406]
قال ابن المواز: ومن بيده صبي يحوزه وقال هو عبدي وقال غيره هو ابني فإنه يلحق بمستلحقه ما لم يتبين كذبه ويبقي رقيقا لسيده مثل أن تكون أمة قد عرفت بملك غيره ولا يعرفونها زالت من ملكه ولا تزوجت هذا قط أو تكون مجلوبة مع ولدها من بلد قد عرفوا أن هذا ما دخلها قط لمعرفة منهم.
قال ابن / المواز: ولو جاءت امرأة بولد فقالت هو من زوجي هذا وأنكره الزوج فإن أقر بالزوجية لزمه الولد وإن أنكره لاعن وإن أنكر الزوجية وقال ولدته مني من زني فإن كانا حاضرين ولا يعلم بينهما نكاح ولا اجتماع بسبب نكاح أو سماع له فإنهما يحدان ويسقط نسب الولد.
وكذلك لو وجدت حاملا فحدت حد الزني ولا يقبل رجوعها هنا ويقبل رجوعه هو علي إقراره بالزني.
وأما الطارئان فالقول قولها ولا ينظر إلي قول الرجل إنه زني بها وهي تدعي الصحة.
وإن رجعا عن الزني لم يحد فيه ويحد للقذف .
وفي كتاب الاستلحاق كثير من معني هذا الباب.
في الإقرار في الدماء في النفس والجراح
وذكر التداعي في ذلك والبينات
وهذا الباب منه في كتب الدماء ومنه في كتاب الشهادات
قال ابن المواز: ومن أقر أنه قتل فلانا خطأ أو عمدا فلا يعجل فيه ولكن يشهد علي قوله في الخطأ ويطلق سبيله ويحبس في العمد ثم يكشف عن الرجل فإن وجد مقتولا أو ميتا أقسم فيه في الخطا وكانت الدية علي العاقلة ما لم يرجع عن قوله لأنه لوث(1)من بينة.
[9/406]
***
__________
(1) اللوث: أن يشهد شاهد واحد علي إقرار المقتول قبل أن يموت أن فلانا قتلني أو شهد شاهدان علي عداوة بينهما أو تهديد منه أو نحو ذلك وهي من التلوث أي التلطخ.(1/401)
[9/407]
قال أحمد بن ميسر قاله مالك. وقال أشهب وابن وهب: لا تحمل العاقلة إقراره.
قال ابن المواز: وإنما يشهد علي إقراره في الخطا وهو لو رجع عنه لبطلت القسامة لئلا يموت قبل / القسامة فينقل عنه الشهادة رجلان عدلان أو رجل وامرأتان فتجب القسامة علي قول من يراها بقول لا. قال ابن المواز ويقتص منه في العمد بلا قسامة قال فأما قبل أن يظهر أمر الرجل فلا ينفذ فيه حكم بقصاص ولا دية لأنا لو فعلنا ذلك لأنفذنا وصاياه وتزوجت امرأته وعتقت أم ولده وقسم ميراثه بقول هذا ولا يقبل رجوعه في ويقبل رجوعه في الخطأ.
قال ابن سحنون: ومن أقر أنه قتل فلانا عمدا وادعي ذلك عليه الولي فعليه القصاص، وكذلك في جراح العمد مما فيه القصاص فليقتص منه.
قال ابن المواز: واختلف قول مالك في الأولياء يختارون أخذ الدية في العمد فقال: ليس ذلك لهم وبه أخذ ابن القاسم.
وقال أشهب عن المغيرة عن مالك: إن ذلك لهم، وبه أقول، وقد نقض ابن القاسم قوله إذ قال: إن عفا بعض الأولياء علي الدية قال احمد ميسر بغير إذن القاتل قالا: إن ذلك يلزم من بقي ولا قول للقاتل.
قال محمد بن عبد الحكم: ومن أقر أنه قتل فلانا عمدا أو ادعي ذلك الأولياء فلهم القصاص.
وروي أشهب عن المغيرة عن مالك أنهم بالخيار في القتل أو أخذ الدية وجاء به الحديث.
واختلف قول مالك في العفو علي اختلاف قوله في الأصل، فقال مرة: إن عفا بعض الأولياء فإن حلف ما عفا إلا علي أخذ حظه من الدية فذلك له وهذا علي قوله إن الأولياء بالخيار ومرة قال: ليس للعافي شئ. وهذا / علي قوله إنهم ليسوا بالخيار.
[9/407]
***(1/402)
[9/408]
قال ابن عبد الحكم: وقوله في العبد يقتل الحر أن أولياءه بالخيار في القتل فإن أبوا القتل خير رب العبد في فدائه بالدية أو إسلامه.
قال محمد: وهذا علي قوله إن الخيار له، وكذلك في الصحيح يفقأ عين الأعور أن له أن يعفو بالدية وله القصاص فهو مخير، ولو كان الدم لا يجب به إلا القود(1)لما كان للأولياء أن يأخذوا العبد إن كرهوا القتل.
قال ابن سحنون وابن المواز وابن عبد الحكم وإذا أقر رجل أنه قتل فلانا وحده عمدا ثم أقر آخر بمثل ذلك فإن الولي هما قتلاه عمدا فله قتلهما وإن صدق أحدهما وبرئ الآخر ولا يقتل إلا الذي قال إنه قتله.
قال ابن المواز وابن عبد الحكم: ولو قال ما أدري علم ذلك ولكني آخذكما بذلك فله قتلهما وله قتل واحد وله أن يأخذ من الآخر ما يلزمه من الدية علي قول أشهب وروايته.
قال ابن المواز: لأولياء المقتول قتلهما وإن شاءوا عفوا عن أحدهما بالدية أو باكثر وما اصطلحوا عليه ويقتلون الآخر فإن قال الثاني أنا قتلته مع الأول فللأولياء أن يعفوا عن الأول بالدية كاملة ويلزمه ذلك وإن كره لإقراره أنه قتله وحده يريد في رواية كما لو قال للأول عفونا عنك علي ديتين لم يكن ذلك لهم في رواية أشهب ولا في غيرها / إلا أن يقول الولي لا أعفو إلا علي ديتين أو أكثر فذلك له. فأما إن كان العفو من قبل الولي فلا يزاد علي دية.
قال ابن سحنون: ولو قال الولي لهما قد صدقتما أن كل واحد منكما قتله وحده فليس له قتل واحد منهما لأنه قد أحال وهو مكذب لكل واحد بتصدقه للآخر.
قال ابن المواز: ولو استحق الدم علي واحد بالقسامة ثم أقر آخر أنه قتله وقد أقسموا علي الأول فللأولياء المقتول أن يقتلوهما هذا بالقسامة وهذا بالإقرار.
[9/408]
***
__________
(1) القود: القصاص.(1/403)
[9/409]
قال ابن عبد الحكم: واختلف قول أشهب في الجراح فقال في كتبه ليس إلا القود، وسمعته وسئل عن الجراح فقال: المجروح مخير أن يقتص أو يأخذ العقل.
قال ابن سحنون: ولو أقر رجل أنه قتله عمدا وقامت بينة علي آخر أن فلانا غيره قتله فادعي الولي أنهما قتلاه فلا يقتل إلا الذي قامت عليه البينة وحده. وكذلك هذا في جراحات العمد في قولنا.
وقال محمد بن عبد الحكم: إذا أقر رجل أنه قتله وحده عمدا وقامت البينة علي آخر أنه قتله فللولي أن يقتل الذي قامت عليه البينة بالبينة والذي أقر بإقراره.
قال ابن سحنون: وإن أقر أنه قتل فلانا خطأ وادعي ذلك الولي فقال ابن القاسم عن مالك إن كان ممن يتهم فيه يريد غني ولده مثل الأخ والصديق لم يصدق وإن كان من الأباعد فليقبل قوله ويكون العقل علي العاقلة بقسامة إن كان المقر مأمونا / لا يتهم أن يرشيه الورثة. وقال المغيرة وعبد الملك: الدية علي المقر في ماله، وروي ذلك عن مالك. وقال آخرون: يلزمه ما كان يلزمه مع العاقله لو أقسم عليهم وقال غيرنا كقول المغيرة.
ومن أقر بقتل رجل خطأ وقامت بينة أن آخر قتله خطأ وادعي الولي ذلك ففي قول ابن القاسم: الحكم علي قول البينة والدية علي عاقله من شهدوا عليه خاصة، وفي قول المغيرة: عليهم نصف الدية وفي مال المقر نصفها، فإن ادعي ذلك الولي علي المقر وحده لم يكن له شئ في قول ابن القاسم وفي قول المغيرة يكون علي المقر جميع الدية في ماله. ولو ادعي ذلك علي من قامت عليه البينة وحده كانت له عليه الدية وحده علي عاقلته في إجماعهم.
قال ابن عبد الحكم: ومن أقر أنه قتل ولي رجل ولم يقل عمدا ولا خطأ ثم قال قتلته عمدا فللولي أن يقتله وإن قال خطأ لم يكن عليه شئ ولا علي العاقلة، وقال ابن القاسام في كتبه إذا قال فتلني فلان ولم يقل عمدا ولا خطأ أن للأولياء إن قالوا عمدا أن يقتلوه.
[9/409]
***(1/404)
[9/410]
وقال في غير كتبه إنه لا شئ فيه لأنه لم يقم علي القاتل بالعمد ولا يقبل قول الوارث في هذا. وهذا عندي صواب وهو خلاف قوله وقول أشهب في كتبهما ودعوي غير الميت في العمد لا يقبل ولا في الخطأ.
وقال أشهب: إن لم يقل عمدا ولا خطأ فإن كان حاله حالا يستدل بها علي العمد مثل أن يكون مقطعا جراحا فيقسمون / علي العمد فإن لم يستدلوا علي شئ مما أصبح عليه الولاة من عمد أو خطأ أخذ بذلك.
وقال ابن المواز نحو قول أشهب في الذي قال قتلني فلان فإن لم يقل عمدا ولا خطأ أنه يكشف عن حال القاتل والمقتول وجراحه وسبب عدائه وبغيه ونحو هذا فإن لم يظهر لذلك سبب من عمد أو خطأ فلا يقبل قول الأولياء في عمد ولا خطأ وإنما يقبل قول القتيل.
قال ابن عبد الحكم: وإذا قال قتلت فلانا خطأ أو قال وهو مجروح قد أنفذت مقاتله قتلني فلان خطأ فلا يقبل دعوي من ذلك. واختلف قول مالك فيه، والصحيح أن ذلك دعوي مال وليس دعوي قصاص، ومن أقر أنه قطع يد رجل عمدا ويد آخر خطأ وأنه مات منها فإنه يقتل بالقصاص ولا شئ عليه في الخطأ لأنه مقر علي عاقلته بمال كما لو شهد عليه أنه قتل فلانا عمدا ومعه آخر قتله خطأ فيقتل المتعمد وعلي عالقة المخطئ نصف الدية، وفي ذلك اختلاف، وهذا أحب إلي.
وإذا قال: جرحته أنا عمدا وجرحه آخر خطأ فمات مكانه فليقتص المقر ولا يصدق علي جارح الخطأ.
وقال ابن القاسم: لعله مات من الخطأ فلا أقتله، ولو كان هذا حجة لكان إذا جرحه رجلان فأمكن أن يموت من جرح أحدهما فلا أقتص منهما وهذا يفسد، وقول أشهب أصح .
ولو قال: جرحته خطأ ثم قتلته عمدا سئل عن الجرح فإن قال موضحة.
[9/410]
***(1/405)
[9/411]
فإنه يقتل وتؤخذ من ماله / دية الموضحة(1)وكذلك ما لا تحمله العاقلة وإن كان جرحا تحمله العاقلة فلا شئ عليه لأنه أقر علي غيره.
فإن قال: قتلت فلانا عمدا أو خطأ سئل فإن أيقن بالعمد قتل وإن قال أيقنت بالخطأ فليس عليه إلا اليمين أنه ما قتله عمدا إن ادعي ذلك عليه الولي ولا شئ علي العاقلة.
فإن قال رميت بسهم ورمي غيري بسهم فأصاب أحد السهمين رجلا فقتله ولا ندري أي السهمين هو فلا يوجب هذا إقرارا.
وكذلك لو رمي جماعة صيدا فأصاب سهم أحدهم رجلا فقتله ولا ندري من هو لا شئ علي واحد منهم.
قال ابن المواز وقاله أشهب لأنه قال في القاتل يهرب فينزل في بئر فينزل إليه فيؤخذ هو وآخر كل يدعي أن الآخر نزل عليه.
فالذي أظن أن أشهب يهدر دمه وأن ابن القاسم يري الدية في أموالهما. قال ابن المواز: يريد في العمد وأما في الخطأ فهو هدر ولا تحمل العاقلة إلا ما حق عليها.
وكذلك مسألة السهمين والذين رموا صيدا فأصاب سهم أحدهم رجلا ولا يعرف صاحب السهم فهو هدر لأنه خطأ فالإقرار والبينة في هذا سواء، إذا لم يعرف القاتل.
قال محمد بن عبد الحكم: وإذا أقر أنه قتل فلانا خطأ فلا شئ عليه فإن قامت بينة علي رجل أنه قتل ذلك الرجل خطأ فالدية علي عاقلة من قامت عليه البينة ولو كانت البينة بالعمد فللأولياء قتل من شهدوا عليه.
[9/411]
***
__________
(1) الموضحة: الجرحة التي تبدي العظم أي بياضه وحكمها أنها إذا كانت في الراس أو الوجه فإنها يعرض لها خمس من الإبل أنا إذا كانت في غيرهما ففيها الحكومة.(1/406)
[9/412]
قال محمد/: ويحلف كل واحد من صاحبي السهمين أنه ما يعلم أن سهمه هو القاتل علي واحد منهما خمسين يمينا إلا أن يدعي ذلك أولياء المقتول علي احدهما فيقسموا في العمد وعلي العاقلة في الخطأ.
قال ابن المواز وابن عبد الحكم: وإن شهد رجلان أن فلانا قتله خطأ وشهد آخران أن فلانا قتله عمدا قضي بأعدل البينتين، فإن قال الأولياء إنما قتله من شهد عليه بالخطا برئ صاحب العمد وصاحب الخطا. إذا كانت بينة العمد أعدل فقد أسقطت الأخري وقد كذبهم الأعدل ويضرب مائة ويحبس سنة فإن قالوا بل قتله صاحب العمد فلهم القصاص إن كانت هي أعدل.
وإن كانت بينة الخطأ أعدل وقد ادعوا العمد فلا دية ولا قود وإن طلبوا يمين المدعي عليه في العمد فلا يمين عليه لأن بينة الخطأ أعدل وقد أبرأته من ذلك.
قال ابن المواز: وإن تكافأتا في العدالة فلا شئ للأولياء في عمد ولا خطأ وإن ادعوه لأن كل بينة قد كذبت الخري وقد تكافأتا.
وقال ابن ميسر: والقول قولهم فيما يدعون من عمد أو خطا بالقسامة.
قال ابن المواز: وكذلك لو قال المقتول قتلني فلان خطأ وقال أولياؤه عمدا فإن القسامة تبطل في العمد والخطأ ولا دم لهم ولا دية فإن رجعوا فادعوا ما قال فليس ذلك لهم.
قال ابن عبد الحكم: وإذا قال رجل قطعت أنا وزيد يد فلان فجحد زيد فإن قال المقر عمدا فللمقطوعة / يده قطع يد المقر.
فإن قال: أريد الدية فله في قياس قول أشهب في النصف دية اليد شاء القاطع أو أبي.
وفي قول ابن القاسم إن تراضيا علي الدية تم ذلك.
وفي باب من قال أقررت لك وأنا صبي أو مجنون أو عبد أو محارب بشئ من معني هذا الباب.
[9/412]
***(1/407)
[9/413]
ومن كتاب ابن سحنون: ومن أقر أنه قطع يد هذا العبد وهو في يد من باعه من هذا الرجل وقال من هو في يده بل قطعته وهو في ملكي بالأرش لمن بيده والقول قوله.
وقد تقدم في باب من قال أقررت وأنا صبي قول ابن عبد الحكم أن القول قول القاطع.
قال ابن سحنون: ولو قال البائع قطعته إذ كان في ملكي وقال المشتري بل وهو في ملكي ضمنته ذلك بعد أن يكون ....(1)الإقرار. وكذلك الهبة إذا قبضه.
ومن وهب عبدا لرجل فقبضه وأقر الواهب أنه كان قطع يده قبل الهبة وقال الموهوب بل بعد الهبة والقبض فالقول قول الموهوب له والقاطع ضامن. وقال ابن المواز وابن عبد الحكم: القول قول الموهوب لا الواهب.
وقال ابن سحنون: ولو لم يعرف بالهبة ولم يعرف فقال الواهب قطعت يده خطأ ثم وهبته لك وقال الموهوب بل قطعت يده بعد قبضي له بالهبة فالقول قول الواهب، وكذلك في البيع والعتق. إذا كان الإقرار علي . هذا، يريد قبل أن يعلم بالهبة.
وقال ابن سحنون وإذا / قامت البينة علي الهبة والبيع والعتق قبل الإقرار لم يصدق المقر وهو ضامن.
ولو أن اقطع اليمين قال قطعت يمين فلان قبل تقطع يدي(2)، وقال فلان بل قطعتها وأنت مقطوع اليمين فعلي المقر دية اليد لأنه مدع لإسقاط الجناية كما لو قال أمرتني أن أقطع يدك لم يصدق.
[9/413]
***
__________
(1) بياض بالأصل.
(2) المراد قبل أن تقطع يدي والمؤلف كثيرا ما يستغني عن أن في الذكر داخل كتابه هذا.(1/408)
تم الجزء الرابع من كتاب الإقرار(1)
وبه تم الجزء التاسع من كتاب النوادر والزيادات
يليله في الجزء العاشر
كتاب المديان والتفليس
__________
(1) جاء في النسخة الأصلية بعد ذلك وبتمامه تم الجزء الثاني عشر من النوادر والحمد لله وصلواته علي محمد نبيه وسلم.(1/409)
النوادر والزيادات
على ما في المدونة من غيرها من الأمهات
لأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن أبي زيد القيرواني
310 - 386 هـ
تحقيق
الأستاذ محمد الأمين بوخبذة
محافظ الخزانة العامة بتطوان سابقًا
المجلد العاشر
1999 دار الغرب الإسلامي
الطبعة الأولى
***(1/1)
[10/5]
بسم الله الرحمن الرحيم ... ... ... عونك اللهم
الجزء الأول من كتاب
المديان والتفليس في الدين
وما جاء فيه من التشديد
واللين وإنظار المعسر والغريم
من كتاب ابن حبيب : ذكر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الترغيب في الرفق بالمديان : أن النبي عليه السلام قال : أحب الله عبدا سمحا إذا قضى ، سمحا إذا اقتضى ، وفيا يأخذ حقه في عفاف وافيا أو غير واف وروى أن النبي عليه السلام قال : من سره أن يفرج الله عنه كربه ، ويعطيه سؤله - وفي حديث آخر - أن يظله الله في ظله ، فلينظر معسرا أو يخفف عه ، وذكر ما روي من التشديد في الدين ، وقوله صلى الله عليه وسلم : إن صاحبكم محبوس دون الجنة بدين عليه في رجل استشهد ، وفي حديث آخر : قال : صلوا على صاحبكم ولم يصل عليه .
[10/5]
***(1/2)
[10/6]
قال ابن حبيب : قال أصبع في هذه الأحاديث في التشديد في الدين : إنها منسوخة ، وإنها كانت قبل أن يفرض الله الصدقة فيقضى منها عن الغارمين ، فلما فرضها وجعل قضاء الغارمين منها . صار ذلك على السلطان ، فإن لم يقضه فإثمه عليه دون الغريم المعسر إلا من كان في سرف أو فساد ، وذكر نحو ذلك عن ابن أشهاب أنه تأوله ، وذكر/قول النبي صلى الله عليه وسلم : من مات وعليه دين فعلينا ، ومن مات وترك مالا فلورثته . وفي حديث آخر : إن ترك كلا فإلينا كله ، ومن ترك دينا فعلينا دينه فقال رجل : يا رسول الله ، فمن لنا بعدك ؟ قال : يأخذ الله الولاة لكم بمثل ما يأخذكم به لغرمائكم يوم القيامة ، ثم صار رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بعد ذلك على من مات وعليه دين .
قال أصبغ عن أبي العباس الزهري : إن الله وضع ذلك في الدنيا بقوله سبحانه في المعسر : ( فنظرة إلى ميسرة ) أفيأخذه في الآخرة .
وروي أن معاذا لما خلعه النبي صلى الله عليه وسلم من ماله لغرمائه وبقي لهم فقال : يا رسول الله فكيف بالتباعة ؟ فقال عليه السلام : لا تباعة في الدنيا ولا في الآخرة يعني تباعة الإثم ، وروي أن من أدان دينا ينوي قضاءه أداه الله عنه ، وإذا لم ينو قضاءه أتلفه الله ، وفي حديث آخر : إذا مات أحد من خصمائه وإن كان ينوي قضاءه ، فالله قادر أن يرضي عنه غريمه وفي حديث آخر : قال :
[10/6]
***(1/3)
[10/7]
النبي صلى الله عليه وسلم : فأنا وليه يوم القيامة ، وروي أن من أدان في غزو ، أو حج ، أو كفن ميت لا كفن له ، أو في صلة رحم ، أو نفقة على العيال ، أو في نكاح لخوف العنت فعلى الله سبحانه وعلى ولاة المسلمين أن يقضوا عنه ، وفي حديث آخر : قضى الله عنه يوم القيامة .
وفي العتبية/من سماع ابن القاسم : قال مالك : إن عبد الله بن عمرو وابن حرام والد جابر بن عبد الله استشهد يوم أحد وعليه دين قد رهقه ، فقال النبي عليه السلام لجابر : إذا كان الجداد فآذنوني ، قال جابر فآذنته ، فوضع عليه السلام فيه يده ودعا فيه ، فكال منه أهل دينه وبقي بعد ذلك مثل الذي كان فيه .
في تفليس الغريم وخلع ماله ،
وما الذي يباع عليه من ماله ؟
وكيف يباع ؟ وهل يؤاجر الحر أو العبد ؟
وهل يؤمر بانتزاع مال عبده أو بأخذ شفعته
أو باعتصار هبته ، أو تؤخذ نفقة بعثها إلى أهله
وذكر الكفن والرهن فيمن مات عريانا ،
وفي الخادم تدعيه زوجة المفلس
أو هل يكون قيامهم تفليسا دون الإمام ؟
قال ابن حبي وغيره : قال ابن شهاب : لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم غرماء معاذ على أن خلع لهم ماله ، ولم يأمر ببيعه .
[10/7]
***(1/4)
[10/8]
قال مالك في سماع ابن القاسم في العتبية وفي كتاب ابن المواز وابن حبيب : ويترك له ما فيه نفقة له ولأهله وعياله ، وكسوة له ولأهله ، وفي زوجته شك ، يريد كسوتها ، وكذلك في المختصر ، قال ابن المواز وابن حبي عن مالك : تترك له نفقته ونفقة أهله بقدر الشهر ، قال ابن حبيب : يعني بأهله زوجته وولده الصغير ، قال عنه ابن القاسم في العتبية : وكذلك في إخدامه ، يريد أن يؤاجر نفسه ففضل عن نفقة أهله ونفقته فضل بعد ، أن يؤخذ منه .
قال في كتاب ابن المواز : ولا يؤاجر لغرمائه ، قال الله تعالى : ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) وكذلك لا يؤاجر المأذون لغرمائه إن فلس .
قال سحنون في العتبية : ويترك للمفلس قدر كسوته ونفقته ولا يترك كسوة زوجته .
قال ابن القاسم في العتبية : يترك له ما يكفيه هو وزوجته وولده الصغير الأيام ، وفي كتاب آخر : قدر الشهر .
قال في العتبية : ويترك له للسنة إلا أن يكون فيها فضل عن لباس مثله ، وإن كان شيئا يسيرا لا خطب له ترك له قدر ما يعيش به الأيام .
قال في كتاب ابن المواز : إن كان الذي يوجد معه لا خطب له يتجر فيه لا شيء له غيره فليترك له يعيش به ، قال أصبغ : إن كان قدر نفقته شهرا أو نحوه .
قال ابن حبيب : وقال ابن الماجشون ومطرف : ويباع عليه خاتمه ومصحفه ، وقاله مالك في كتاب ابن المواز .
[10/8]
***(1/5)
[10/9]
ابن حبيب : قال مطرف عن مالك : ويستأنى في بيع ربعه يتسوق به الشهر والشهرين ، وأما الحيوان فلا يؤخذ إلا اليسير ، قال مطرف : ويشترط السلطان عندنا فيما يبيع الخيار ثلاثا .
وقال في كتاب ابن المواز : وأما الحيوان والعروض أسبوع بيعا ، وأما الدور والأرضون فالشهر والشهرين ثم تباع ويقسم بين من حضر/من غرمائه ، وفي العتبية من سماع ابن القاسم نحوه .
قال مالك في موضع آخر : ومن شأن بيع السلطان عندنا أن يبيع بالخيار ثلاثة أيام .
قال سحنون في غير مسألة من بيع السلطان ، وليبع بالخيار لعل زايدا يأتيه ، ولم يذكر الأجل في الخيار .
وكتب إليه شجرة في الحاكم يبيع الشيء في سوق المسلمين على غائب أو طفل أو مفلس ، هل له يشتريه من مبتاعه ؟ قال : لا أحب له ذلك إلا أن يتداوله الملاك فتسقط عنه الظنة .
قال ابن المواز وابن حبيب : قال مالك : وإذا قصر مال المفلس عن دينهم اتبعوه بما بقي إلا أن يكونوا يوم خلعوه رضوا بأخذه بيعا فها هنا إن باعوه فقصر ثمنه عن دينهم فلا يتبعوه ، وقاله ابن القاسم وابن الماجشون وأصبغ .
ومن كتاب ابن المواز : قال مالك : ويباع على المفلس سريره وقينته ومصحفه وخاتمة ، قال مالك : ولا تباع كتب العلم في دين الميت ، وقال في موضوع آخر : والوارث وغير الموارث فيها سواء ممن هو لها أهل ، وإليه ذهب سحنون ، وغيره من أصحابنا يجيز بعيها ويرى أن تباع في الدين على الميت .
[10/9]
***(1/6)
[10/10]
قال محمد بن عبد الحكم : بيعت كتب ابن وهب بعد موت بثلاث مائة دينار ، وأصحابنا متوافرون ، فما أنكروا ذلك .
قال ابن المواز : قال مالك : وليس لغرماء الميت أن يؤاجروا أم ولده ، ولهم أن يؤاجروا ومديروه ويبيعوا كتابة مكاتبه ، ولا يجبر على اعتصار/ما وهب لولده أو نحله ، ولا على طلب شفعة له فيها فضل ، وكلك في شفعة الميت ، والورثة أولى منهم . ومن كتب دارا بمعنى الحبس على ولديه ، وكتب : إنهما إن شاءا باعا وإن شاءا أمسكا ا ، فرهقهما دين وفلسا ، فلهما بيع الدار .
ومن العتبية من سماع أصبغ ، وذكر ابن المواز : قال ابن القاسم فيمن بعث بنفقة إلى عياله ، فقام فيها غرماؤه ، فلهم أخذها ، فإن قال الرسول : قد وصلتها إلى أهل صدق مع يمينه ، وللغرماء أخذها من عياله إن قاموا بحدثان ذلك ، فإن تراخى ذلك مدة ينفق ذلك في مثلها ، فلا شيء لهم كمغترق الذمة ينفق على عياله ، وقال أصبغ ، ولو قاموا بحدثان ذلك فقال أهله : قضينا ذلك في نفقة تقدمت ، وفي كراء منزل ، لم يصدقوا إلا أن يأتوا على ذلك بلطخ وبرهان .
ومن كتاب ابن المواز : ولا يؤاخر المفلس فيما بقي عليه كان حرا أو عبدا مأذونا ، ولسيد العبيد بيعه ، ولا شيء لهم من ثمنه ، وإن أفاد مالا عند مبتاعه أخذه غرماؤه ، وإن عتق اتبعوه به ، وإن أراد أن يستعمله في غير التجارة فله ذلك ، وليس لغرمائه أن يأبوا ذلك ، وليس لهم في عمله شيء إلا أن يفيد مالا من غير إجارته ومن غير كسب يده ، فأما الحر إن أجر نفسه فيفضل له من أجرته فضلة بينة بعد عيشته ، فذلك لغرمائه بخلاف العبد .
ومن العتبية ، ومن كتاب ابن المواز : قال ابن/القاسم بن مالك : والكفن أولى من الدين ، والمرتهن أولى بالرهن من الكفن ، وفي كتاب الرهن من الرهن ، وفي كتاب الرهون وكتاب الجنائز هذا .
[10/10]
***(1/7)
[10/11]
ومن كتاب ابن سحنون : وكتب شجرة إلى سحنون في الذي يقام عليه بالديون فيقول : لا مال عندي وبيد امرأته خادم تقول : هي لي ، ويصدقها الزوج ، ويقول الغرماء : بل هي له ، فكتب إليه : إذا كانت في حيازة المرأة والزوج يقوم بأمرها فهي للزوج ، ولا يقبل قول بعد التفليس ، وعلى المرأة البينة .
وسأله حبيب عن الصناع يقرون بالدين وليس لهم أموال يقضون منها إلا عمل أيديهم : قال : ينظر عمل يده فيترك منه قدر مؤنته وقوت عياله ، ويأخذ الغرماء ما بقي عليه ، قيل : وإن كان لا دين عليه ، ولكن عليه نفقة أولاد له من امرأة فارقها ، قال : تترك له نفقة نفسه وزوجته ، فإن فضل شيء أنفق منه على ولده وإلا فلا شيء لهم .
في المفلس له أمة ولها ولد صغير
فدبره ، هل تباع الأمة في دينه ؟
والنصراني يموت وعليه دين وله
خمر وخنازير ، هل تباع ؟
من العتبية : قال أصبغ فيمن دبر ولد أمته الصغير ثم استدان وفلس فلا تباع الأمة للتفرقة ، ولكن تخارج ويأخذ الغرماء خراجها من دينهم إلى مبلغ حد التفرقة فتباع حينئذ ، أو يباع منها بقدر باقي الدين ، إلا أن يموت السيد دون ذلك فتباع الأمة إن وفت بالدين وعتق/ثلث المدبر ، فإن كان في بعضها وفاء بالدين عتق الصبي في باقيها وما في نفسه مبلغ الثلث من ذلك إن لم يدع غير ذلك ، وإن كانت هي المدبرة دون الولد : فالجواب سواء ، قال أبو محمد : يريد في قوله : تباع الأمة بعد موت إن وفت بالدين ، يريد : تباع مع مارق من الولد في صفقة والله أعلم .
[10/11]
***(1/8)
[10/12]
قال سحنون في النصراني يموت وعليه دين للمسلمين ولا يترك غير خمر وخنازير ، قال : فلا يجبر ورثنه على بيع ذلك ، وليتربص الطالب بهم ، وإذا باعوا ذلك وصار مالا قام فيه وقضي له به ، وكذلك مركب بمرسى بساحلنا وفيها الخمر وغيرها ، فلا يجبرهم الإمام على بيع الخمر ، ولكن يجعل من يتحفظ بهم ، فإن باعوها أخذ من ثمنها العشر .
في المفلس يوهب له الشيء هل عليه قبوله ؟
أو أن يعفو عن دم عمد ليأخذ الدية ، أو يقبل سلفا ممن يسلفه ؟ وكيف إن ورث أباه ، أو أوصى له به أو أجاز وصية أبيه بأكثر من ثلثه ؟
قال ابن حبيب : وليس لغرماء المفلس أن يجبروه على قبول ما وهب له أو وصل به أو على أخذ شفعته .
ومن العتبية : روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم : قال : إن تصدق عليه أحد بدنانير يؤديها في دين فيأبي قبولها ، فلا يجبر على قبولها ، قال عنه أصبغ : ولو بذل له رجل سلف أو معونة/إلى أجل فلا يجبر على قبول ذلك ، وهو في المعين أقيس ، والجواب واحد .
قال عنه أبو زيد : وإذا ورث أباه فالدين أولى به ، ولا يعتق إلا ما فضل عن الدين منه ، فأما إن وهب له فهو يعتق عليه ، وليس لأهل الدين فيه شيء ، لأنه لم يوهب له ليأخذه غرماؤه ، وإنما اعنرى به العتق ، وأعرف من قول ابن القاسم أنه لا يجبر على أن يعفو عن دم أبيه ليأخذ الدية ، ولا أن يعفو عن دية وجبت له .
قال ابن حبيب : قال مطرف : وليس له أن يجيز وصية بماله . وبقية هذا المعني في باب إقرار المفلس .
[10/12]
***(1/9)
[10/13]
في المفلس يثب عليه غرماؤه فيمكنهم من ماله هل يكون كمن فلسه الإمام في أحكامه ؟
من العتبية من سماع ابن القاسم ، وقال في المديان يقول عليه غرماؤه فيمكنهم من ماله فيبيعون ويقتسمون ، ثم يداين آخرين فليس للأولين دخول فيما بيده إلا أن يكون فيه فضل ربح ، ويكون هذا بمنزلة تفليس السلطان ، وكذلك روى أصبغ وأبو زيد عن ابن القاسم ، وهو في كتاب ابن المواز : وإذا قاموا ففلسوه فيما بينهم وقسموا ما بيده ثم دوين ؛ أن الآخرين أولى بما في يديه كتفليس الإمام .
قال في كتاب ابن المواز : ولو أبقي بعضهم بيده ما صار له ، ثم داينه/آخرون فهو كتفليس السلطان ، وهذا المعني مستوعب في باب بعد هذا . قال فيه وفي العتبية : ولو قاموا عليه فلم يجدوا معه شيئا فتركوه ثم دوين فليس هذا تفليسا ، فإن قيم عليه تحاص فيما بيده الأولون والآخرون إلا أن يكونوا بلغوا به السلطان ففلسه فيكون هذا تفليس لأنه يبلغ من كشف حالته مالا يبلغه غرماؤه ، ولو علم أنهم يبلغون من ذلك ما يبلغه السلطان رأيته تفليسا ، ولكن لا أقوله خوفا ألا يبلغوا ذلك ، وقاله أصبغ .
وقال أصبغ في العتبية : تفليسهم إياه دون السلطان تفليس إذا اجتمعوا وتبين ذلك ، ومن تبيانه أن يجدوا في حانوت الذي تفالس فيه الشيء اليسير والسقط فيقسمون على تفليسة والإياس من ماله ، ويطلقونه ، فهذا تفليس كنحو فعل السلطان به .
[10/13]
***(1/10)
[10/14]
في تفليس الغائب
قال ابن حبيب : قال مطرف وابن وهب عن مالك في الغائب له ماله حاضر فقام غرماؤه بتفليسة ، قال : ذلك لهم ولا يؤخرون لاستبراء ما عليه لغيرهم لأن ذمته باقية ، ولكن ما يعرف أن عليه لغائب فالتحاص قال : وأما الميت فيستأنى بهم لأن ذمته قد ذهبت وهذا في ميت معروف بالدين ، فأما من لا يعرف به فليعجل قضاء دينه .
قال مالك في كتاب ابن المواز : نحون في المعروف بالدين أو يظن ذلك به لم يعجل بقسم ماله حتى يتبين أمره ، وإن لم يعرف بذلك فضوا مكانهم ولم ينتظروا .
والمفلس إذا بيت عروضه لم ينتظر بقسمته ، ولم تؤخر لاستواء أمره ، وإن خيف أن يكون عليه دين لغيرهم إلا بمعرفة تعرف من دين فيحاص به مع من قام ، وليس الحي كالميت ، قال ابن حبيب : قال أصبغ عن ابن القاسم ، ورواه عيسى عنه في العتبية في الغائب يقوم به بعض غرمائه ، وليس فيما حضر من ماله وفاء ففلس ، قال : أما الغيبة القريبة كالأيام اليسيرة فليكتب فيه ليكشف ملاؤه من عدمه ، وأما في الغيبة البعيدة فلا يعرف ملاؤه من عدمه ، أو يعرف فيها عدمه ، قال في العتبية : ولا يدرى أين هو فهو كالتفليس ويحل المؤجل من دينه ، ومن باع منه سلعة فوجدها فله أخذها وأما إن عرف فيها ملاؤه فلا تفليس ويقضي من حل دينه ، ويبقي المؤجل على أجله ، ولا يأخذ البائع سلعته . وذكر ابن المواز مثله عن ابن القاسم وأشهب في البعيد الغيبة ولا يعرف فيها ملاؤه من عدمه أنه يفلس ، وقال : ولو كان حاضرا بمصر وله بالأندلس مال لا يدرى ما حدث عليه ألا يفلس وبقول ابن القاسم أخذ أصبغ استحسانا ، قال : والقياس قول أشهب ، وليكتب في قوله بتفليسه إلى موضع هو غائب حتى يتم ذلك عليه ، وذكر ابن حبيب ، عن أشهب وأصبغ مثله/وذهب مذهب أصبغ .
[10/14]
***(1/11)
[10/15]
قال ابن حبيب : قال ابن الماجشون في غائب بعث بمتاع فقام غريم له فطلب عقل المتاع أو ثمنه ، قال : لا يعقل له ذلك الحاكم ، وليضرب لذلك أجلا .
ومن العتبية : قال ابن القاسم عن مالك في الغائب تقوم الغرماء عليه بدين قد حل ، قال : يبيع السلطان فيها ماله ويقضيهم ولا يستأني قدومه وحجته .
في حبس المديان وكشف أمره والعمل فيه
من كتاب ابن حبيب : روى أن عمر بن عبد العزيز لم يمكن يسجن الحر في الدين ويقول بالأدب يسعى في دينه ، قال ابن عبد الحكم : وذلك بعد انكشاف عدمه . قال ابن جريح : وكان أبو بكر وعمر يسجنان المعسر الذي لا يجد شيئا يعلم له أنه ما يجد فضاء في فرض ولا عرض ، وأنه إن وجد قضاء حيث لا يعلم ليقضينه .
قال ابن وهب : قال مالك : لا يحبس إن كان معسرا لا شيء له ، وإن كان يجد قضاء فلم يقض سجن ، قال عن مطرف : ولا يحبس في الدين حر ولا عبد ، ولكن يستبرأ أمره فإن أتهم أن يكون خبأ شيئا سجن ، وإن لم يكن ذلك ترك ولا يؤاجر . قال الله سبحانه : ( وإن كان ذو عشرة فنظرة إلى ميسرة ) ، إلا أن يحبس قدر التلوم في اختباره ممن يعرفه ، أو يأخذ عليه حميلا ، ونحو هذا عن مالك في كتاب ابن المواز قال : يحبس الحر والعبد حتى يستبرأ أمره لعله غيب مالا ولا حد في ذلك إلا كشف حاله ، وإن علم أنه لا شيء له/لم يحبس في الحر والعبد .
قال عيسى بن دينار في العتبية عن ابن القاسم : ولا يسأله الحاكم إذا سجن البينة أن لا مال له ، ومن يشهد أنه لا مال له فهذا غموس وزور ، ولكن يكشف عن أهل الخبرة به ، إن لم يجد له ماله حلف وأطلق .
[10/15]
***(1/12)
[10/16]
ومن كتاب ابن حبيب : مطرف عن مالك ، ومثله في كتاب ابن المواز والعتبية من سماع ابن القاسم : وإذا تبين لدده حبس ، مثل أن يتهم بمال أخفاه قال : ومثل هؤلاء التجار الذين يأخذون أموال الناس ثم يقولون : ذهبت ولا نعرف ذلك ، والرجل في السوق وفي موضعه لا يعلم أنه سرق له شيء ولا احترق منزله ، ولا أصيب بشيء ، فهؤلاء يحبسون حتى يوفوا الناس حقوقهم ، أو يتبين أن لا شيء لهم فيطلقهم ، ولا يلازمهم أحد .
قال مالك في الذين يعاكسون ويقولون : ذهب لنا ولا يعرف ذلك ، فإنهم يسجنون ، وإن شهد لهم ناس أنه لا شيء لهم ، فهذا لا يعرف ، ولا يعجل سراحهم حتى يستبرأ أمرهم . قال في كتاب محمد وابن حبيب : وأرى في الذين يتفالسون في السوق ولا يعرف ما يعرفون به ، وأن يخرجوا من السوق ، وقال عن مطرف : فإنه لا يزال يزال يفعل ذلك الرجل منهم ثم يظهر له مال ومتاع ، فلينف هؤلاء من السوق .
قال مطرف : وتسجن النساء ومن فيه بقية رق في الدين في اللدد والتهمة ، وكذلك من قسم ما وجد له بين غرمائه ، والملد بما بقي واتهم .
قال مطرف : ولا يحبس/الأبوان في دين الولد لأن مالكا قال : لا يحلف القاضي الأب للولد إن طلب يمينه ، فاليمين أيسر ، ولكن يأمره الإمام فيما ثبت له عليه أن يقضيه ، وأما غير الأبوين من سائر القرابات فإنه يحبس ، وقاله كله ابن الماجشون عن ابن القاسم عن مالك ، قال أصبغ : وقال أشهب : وقال ابن القاسم : فإن شح الابن في استحلاف أبيه أحلف له ، وكانت جرحه على الابن .
ومن العتبية من سماع عيسى فيمن له دين على رجلين فأخذ بهما شاة بحقه فسجن أحدهما ، فللمسجون إن سجن الآخر إن كان له مال أو اتهم بمال .
[10/16]
***(1/13)
[10/17]
قال سحنون فيمن سجن في دين لامرأته أو لغيرها فليس له أن تدخل إليه امرأته ، لأنه إنما سجن للتضييق عليه ، فإذا لم يمنع لديه لم يضيق عليه .
قال ابن حبيب : قال ابن الماجشون : وإذا حل الدين فطلب العزيم النظرة ووعد بالقضاء ، فليؤخره الإمام حسب ما يرجو له ، ولا يعجل عليه ، وأما إذا تفالس وقال : ما عندي ولم يوعد بالقضاء ويسأل الصبر فليحبس إن جهل عدمه ، وقال : ويحبس في الدريهمات ليسره قدر نصف شهر ، وفي الكثير المال أربعة أشهر ، وفي الوسط منه شهرين .
وقال في سماك حل لرجل عليه سمك فسأل الصبر حتى يخرج يتصيد ، قال :
يصبر عليه ، قال : ولا يحبس المكاتب في الكتابة ، ويحبس له السيد في دينه ، وقال : وليس على الإمام أن يوقف/المفلس للناس ينذرهم أن يعترفه أحد ، وقاله مطرف بخلاف المحجور عليه .
ومن كتاب ابن سحنون من سؤال حبيب عمن يجب عليه الحق فيقول : أنا فقير ، وظاهره ليس بظاهر فقير ، فأقام بينة أنه فقير ، ولم تزل البينة : يأخذ عليه حميلا ويسجن حتى تثبت البينة ، قال : بل يسجن حتى تزكي بينته ، وعمن وجب له على رجل دين فسأل أن يؤخر يوما أو نحوه ، قال : يؤخر ويعطي حميلا بالمال فإن لم يكن يجد حميلا بالمال إلى يوم ، ولا وجد المال سجن .
وقال ابن عبد الحكم : ويحبس الوصي فيما على اليتامى من دين إن كان لهم في يديه مال ولم يدفعه ، وكذلك الأب إن كان بيده للولد مال . ويحبس الكفيل بالمال إذا غاب الغريم ، فإن حبس الكفيل فليس على الغريم إن يدفع الحق إلى الكفيل حتى يؤخذ به ، ولكن يحبس للكفيل إن طلب ذلك حتى يخلص ، ويحبس الرجل فيما يلزمه من النفقات إذا كان بها مليا ، ويحبس الجد والجدة وغيرهما من القرابة في الدين ، ولا يخرج المحبوس لجمعة ولا لعيدين ، واستحسن إذا اشتد مرض
[10/17]
***(1/14)
[10/18]
أبويه أو ولده وأخيه وأخته ومن ويقرب من قرابته ، أو خيف عليه الموت أن يخرج فيلسم عليه ، ويؤخذ منه كفيل بوجهه ، ولا يفعل ذلك به في غيرهم من القرابة ، ولا يخرج لحجة الإسلام ولو أحرم بحجة أو عمرة أو لنذره ، حنث بذلك ، ثم قيم عليه بالدين فليحبس فيه ، ويبقي على/إحرامه ، ولو ثبت عليه الدين يوم نزوله بمكة ومنى أو عرفة وهو محرم استحسنت أن يؤخذ منه كفيل حتى يفرغ من الحج ثم يحبس بعد النفر الأول ، ولا يخرج ليغير على العدو إلا يخاف عليه الأسر أو القتل بموضعه ، فليخرج إلى غيره ، وإن قذف رجلا في السجن أخرج لإقامة الحد عليه ، ثم يرد . ويحبس في قليل الدم وكثيرة ، وفي الدم والقصاص حتى يؤخذ به ويحبس المسلم للكافر في الدين ، وإذا مرض المحبوس لم يخرج إلا أن يذهب عقله فيخرج بحميل ، فإذا عاد عقله رد إلى السجن ، ويحبس النساء على حدة ، والرجال على حدة فيما يجب عليهن ، ويحبسن فيما يحبس فيه الرجال ، ولا يحبس العبد في حالة الخطأ ، لأن الطلب على سيده ، وإذا امتنع الأب من النفقة على ولده الصغير حبس هذا بضربهم وبقتلهم ، وليس هذا كدين الولد على أبويه . ويحبس الأخرس في الدين إذا كان يعقل بالإشارة والكتاب ، ويحبس أهل البلاء من أعمي ومقعد ومن لا يدان له ولا رجلان . وتحبس أم الولد في دين إذن لها السيد في التجارة به ، فلحقها دين . ويحبس كل من فيه رق في الدين ، أصحابنا لا يرون حبس الأب في دين الولد ، ولو امتنع الأب من دفع دين ولده ، يريد : وهو به ملي ، قال محمد : إذا دفع الولد . ولا يمنع المحبوس في الحقوق ممن يسلم عليه ، ولا ممن يخدمه ، وإن اشتد/مرضه واحتاج إلى أمة تباشر منه ما لا يباشر غيرها ، وتطلع على عورته ، فلا بأس أن تجعل معه حيث يجوز ذلك ، وإذا حبس الزوجان في دين ، فطلب الغريم أن يفرق بينهما ، وطلب الزوجان أن يجمعا ، فذلك لهما إن كان الحبس خاليا ، وإن كان فيه رجال غيرهما حبس معهم الرجل وحبست المرأة مع النساء .
[10/18]
***(1/15)
[10/19]
وقال سحنون في المسجون : لا يمكن أن يكون معه امرأته وتبيت عنده ، لأنه إنما حبس ليضيق عليه .
قال محمد بن عبد الحكم : ولا يفرق بين الأب والابن ولا غيرهما من القرابات إن سجنوا ، وإذا أقر المحبوس لرجل أنه كان أجره على خروج معه لسفر يخدمه أو يصنع صنعة هاهنا ، لم يخرج لذلك ، ولو قامت عليه بذلك بينة ، كان العمل مما يعمله في السجن أو خارجا منه ، فلا يخرج حتى يقضي الدين ، ثم يطلبه الرجل بعمله ، وإذا شاء الطالب له فسخ الإجارة لسجنه فذلك له ، وإذا طلب الزوج أن يخرج بامرأته إلى بلد فأقرت بدين لرجل ، أو بايعته ، أو قامت بذلك بينة ، وأرادوا حبسها ، وطلب الزوج أن يخرج بها فإنها تحبس إن قامت بينة بما عليها ، وأما إن أقرت لابنها أو لغيره ممن يتهم عليه أو يكون ذلك كراهية الخروج لم تصدق ، وينظر الإمام في ذلك بقدر ما ينزل به ويشاور فيه .
فيمن ثبت عليه دين فغاب وأقر رجل أن له بيده وديعة أو بضاعة
ومن كتاب ابن سحنون : وكتب شرحبيل إلى سحنون في رجل ثبت عليه دين فلم يوجد له مال ، ثم غاب ، فأتى رجل فذكر أن هذا الغائب أودعه جارية أو دنانير أو دراهم ، فهل يقبل منه الحاكم ويأمر ببيع ما يباع من ذلك ، فيقضي منه غرماء الغائب إن كان غائبا ، أو متواريا بالبلد ؟ فكتب إليه : ما أرى أن يقضي الحاكم غرماءه من المال الذي أقر هذا له به .
وسأله حبيب فقال : أتاني رجل فقال : إن هذا معه بضاعة لفلان الذي بصقلية ، ولي أنا على فلان الغائب دين فأعدني في بضاعته هذه ، فقال له : نعم فأعداه فيها إذا أتي بالبينة على ما ادعاه وذكر .
وسأله شجرة فيمن أخذ مالا قراضا يعمل فيه ، ثم خرج إلى القيروان ثن قفل إلى مصر بغير علم ربه ، وترك بيد أبيه ثلاثين دينارا فأقر بها الابن ، فزعم رب
[10/19]
***(1/16)
[10/20]
القراض أنه ماله وقام قوم بدين على الخارج إلى مصر لهم عليه في نفسه ، وقامت امرأته بمهرها ، والعامل عديم لا يعرف له مال ظاهر ، فكتب إليه . إن ثبت أن غيبته منقطعة مثل مصر وغيرها فالمال الذي أقر به الابن أنه للغائب ، يقضي منه غرماؤه وزوجته إن أثبتوا دينهم ، وينظر في صاحب القراض فإن كان أعطاه إياه على العمل به بأرض تونس/والمال كثير أو قليل ، فخرج به إلى مصر ، وثبت ذلك ، فليضرب رب المال مع الغرماء ، وإن كان أعطاه إياه ولم يشترط عليه ، والمال قليل فهو كذلك يضرب به مع الغرماء ، وإن كان المال واسعا يحمل الخروج به إلى مصر ، ولم يشترط عليه شيئا فليس لصاحب القراض أن يضرب به مع الغرماء .
في الغريم يطلب تفليسه وحبسه أحد غرمائه ، وكيف إن كان معه قدر حق من قام به هل يفلس ؟
قال ابن حبيب : قال مطرف وابن الماجشون : وإذا طلب واحد من الغرماء سجن الغريم ، وقال الباقون : ندعه يسعى ، قال : فإن لد أو اتهم فللقائم أن يسجنه وللآخرين محاصة القائم في ماله ، ثم إن أبقوا ما فاتهم في يديه ، لم يكن للقائم أن يأخذ منه شيئا إلا أن يربح فيه أو يفيد فائدة من غيره فيضرب في الربح أو الفائدة القائم بما بقي له ، وهؤلاء بما بقي لهم بعد الذي أبقوا بيده ، وإن كان فيما أبقوا بيده وضيعة وطرأت فائدة ، ضربوا فيها بالوضيعة ، وبما بقي لهم أولا ، وضرب فيها الأولون بما بقي لهم ، وقاله ابن القاسم وأشهب وابن عبد الحكم وأصبغ .
قال ابن حبيب : قال مالك : وإذا فلس لبعض غرمائه ، وقال بعضهم : لا نفلسه ، قسم ما بيده على ديونهم أجمع ، فما صار للقائمين أخذوه ويبقي بيده نصيب الآخرين ، ثم لا دخول فيه للذين أخذوا ، وإن داين/آخرين واكتسب مالا فالذين لم يفلسوه عامله بعد ذلك أحق بما في يديه إلى مبلغ حقوقهم ، فما فضل فللذين فلسوه ، لأن الذين لم يفلسوه فيه بمنزلة غريم لم يفلسه غرماؤه حتى
[10/20]
***(1/17)
[10/21]
داين آخرين ثم فلس ، فكلهم يسرع في ماله بقدر دينه ، وإن أفاد بعد التفليس فائدة بهة ، أو وصية ، أو ميراث ، أو عقل خطأ أو عمد فليسرع في ذلك من فلس ومن لم يفلسه ، ومن داينه بعد التفليس بقدر ديونهم .
قال ابن المواز : ومن هلك عن مال وعليه دين فطلب الورثة غرماءه ، فتركوا لهم نصف حقوقهم وأخذوا النصف ، ثم قدم غريم فأبى أن يضع ، قال : يحاصه الورثة بما وضع الأولون للميت فيدخلون معه .
ومن كتاب ابن المواز : وإذا قام به أحد غرمائه وله عليه دين يسير ليسجنه ، وعليه كسائر غرمائه مال كبير لم يريدوا سجنه ، فإما دفعوا إلى القائم دينه ، وإلا بيع له مما بيده ما بقي بدينه ، وإن أتى على جميعه ، ولا يدخل معه فيه الآخرون بعد
التعريف لمن قدر عليه من غرمائه ، فمن شاء قام وحاص هذا ، ومن أبي فلا حصاص له ، وإذا سجن لمن قام وكان له من دين وعروض أكثر من دين من قام به ، فلا يفلس هذا ، ولا يقضى إلا لمن حل أجله ، ولو تلف ما بقي بيده ثم قام غريم ، فلا يرجع على من أخذ حقه بشيء .
في المفلس والميت يقوم بعض غرمائه/وبعضهم حاضر فلم يقم وقد قسم المال وكيف إن فلس المفلس ثانية وقد أبقي بيده بعض غرمائه شيئا وعامل آخرين ؟
وفيمن أبي من أخذ دينه المؤجل حتى يحل
من العتبية : روى عيسى عن ابن القاسم في الميت يقسم ورثته ماله ، والرجل عليه دين فلا يقوم به ، وهو حاضر لقسمتهم لماله ، ثم قام ذلك فلا
[10/21]
***(1/18)
[10/22]
شيء له ، إلا أن يكون له عذر في ترك القيام ، أو يكون لهم سلطان يتقون به ونحو ذلك مما يعذر به ، فهذا على حق أبدا وإن طال الزمن النبي عليه السلام :
لا يبطل حق امرئ وإن قدم .
ومن سماع ابن القاسم : قال مالك في الميت عليه طعام إلى أجل : فقال ورثته للطالب : خذ حقك ، فقال : لا حتى يحل حقي ، فإنه يجبر على أخذه ، لأن مال الميت يباع ، وقد لا يكون فيه وفاء ، قال ابن القاسم في العروض : يجبر على أخذها في الفلس والموت .
ومن كتاب ابن المواز : قال مالك : وإذا أعطى الغريم بعض ما عيه للطالب ، فأبى إلا أخذ الجميع ، أنه على أخذه . قال ابن القاسم : إلا أن يكون الغريم مليئا فلا يجبر الطالب ، ويجبر المطلوب على أداء الحق كله .
قال ابن حبيب : قال مطرف وابن الماجشون : وإذا قام بعض الغرماء بالغريم ففقلسوه ، وباقيهم حضور عالمون ، فلم يقوموا ، فليس لهم بعد ذلك دخول فيما أخذوا القائمين ، لأن سكوتهم تسليم كسكوتهم/عما أعتق الغريم ، وقاله ابن القاسم وأشهب وأصبغ ، وكذلك في كتاب ابن المواز ، وقال فيه : وإذا لم يقم الباقون حتى داين آخرين ، قال مالك : فلمن لم يقم من الأولين تفليسه ومحاصة من داينه بعد التفليس فحاص غرماءه ، ثم أبقي بعضهم حصته بيده ، وداين آخرين ، ثم فلس ، فالذين أبقوا بيده مع الذين عاملوه آخرا أولى بما في يديه إلى مبلغ ذلك ، وإن نقص تحاصوا فيه خاصة ، وأما إن كان فيه ربح أو أفاد فائدة فليتحاص في الربح والفائدة كل من بقي له عنده شيء .
قال في كتاب ابن حبيب : وإن كان فيه وضيعة ضرب في الفائدة لهؤلاء بالوضيعة ، وضرب أيضًا الأولون بما بقي عليه ممن أبقي بيده شيئا أو لم يبق ، وقد تقدم هذا في الباب قبل هذا ، وذكر ابن حبيب عن مطرف أنه إذا فلس
[10/22]
***(1/19)
[10/23]
ثانية فلا يدخل في ذلك كل من له دين قبل التفليس الثاني ، كان ممن حاصص في الأولى أو لم يحاص ، ولو ذهب كل ما بيده مما أبقى بيده بعض الغرماء وما عامله به آخرون ، ثم أفاد فائدة لدخل فيها كل أحد من أول وآخر بجميع ما بقى لهم ، وكذلك فيما يدخل عليه من ميراث أو عقل دية أو جرح ، وإن كانت وضيعة في ذلك لأحد ما بقى من داينه آخر مع الذين أبقوا بيده ما أبقوا هم ، يحاص في الفائدة هؤلاء وغيرهم بكل ما بقى لهم .
ومن العتبية قال سحنون فيمن مات وعليه دين لجماعة ، فأتى بعضهم السلطان فأثبت دينه ، فأمر/ببيع مال الميت وقسمته بينهم ، ثم قام باقي غرمائه فلهم الدخول فيما أخذ الأولون ، ولا يضرهم علمهم بموته وأن ماله يباع لغرمائه ، وأما لو كان مفلسا لم يكن لتاركي القيام الدخول على من قام فيما أخذ ، لأن المفلس قد بقيت ذمته والميت لم تبق له ذمة ، وقد قال لي ابن القاسم عن مالك : لا يجوز أن يشترى دين على ميت لأنه لا ذمة له يطلب فيها ، والمفلس له ذمة تتبع .
وروى أصبغ عن ابن القاسم فيمن فلسه غرماؤه ثم داين أحدهم ، ثم فلس ثانية ، فلم يكن في ماله وفاء بما داينه به آخر ، ثم إنه داينه ثالثة بشيء آخر فربح فيه ربحا كثيرا ، هل يكون أحق بذلك في دينه الأول والآخر ؟ قال : لا ، ولكن له أن يأخذ ماله الذي فلس داينه به آخر مرة ، ثم هو في الفضل مع الغرماء اسوة يحاص بما بقى له من دينه الأول والأوسط ، كمن فلس ثم داين آخرين ، ثم فلس فللآخرين رؤوس أموالهم ، ثم هم في الفضل أسوة غرمائه فيما بقى لهم ، وكذلك في كتاب ابن المواز عن ابن القاسم ، وروى عنه أبو زيد في الكتابين فيمن فلس وضرب على يديه فيقي ولا مال له ثم أعطاه رجلا علم بفلسه قراضا فداين الناس ، ثم فلس ، ثم طلب رب المال ماله فلا يكون أحق به لأن الناس داينوه .
[10/23]
***(1/20)
[10/24]
قال في العتبية : والغرماء أولى به إلا أن يبقي فضل فيأخذه رب المال ، إلا أن يكون تعدى العامل في المال بما أدخله في ذمته مثل أن يتعدى ما أمر به/أو يتسلفه فيكون به إسوة الغرماء ، وقاله مالك ، ولا ينبغي أن يدان في القراض ، فإن ادان فيه فهو أولى به ، ولا يجوز أن يقول له : داين ، وإذا تعدى وماله معروف ، وماله الذي تعدى عليه فيه معروف ببينة فهو أحق به من الغرماء ، قال ابن حبيب : قال أصبغ : وإذا فلس الغريم ومات رجل وعليه دين فليأمر القاضي من ينادي على باب المسجد في مجتمع الناس أن فلان ابن فلان قد مات أو فلس فمن كان له عليه دين ، أو قراض ، أو وديعة ، أو بضاعة فليرفع ذلك إلى القاضي ، وكذلك فعل عمر في الأسيفع .
في الرجل يفلس أو يموت وبعض غرمائه غائب فيأخذ من حضر حقه ، وكيف إن هلك ما بقي من ماله ثم طرأ غرماء آخرون ؟ وكيف إن طرأ له مال أو وهبه قبل قدوم الغائب ؟
وهذا الباب أكثره في المدونة ، إلا أن هذا أبين تفسيرا .
قال ابن حبيب : قال مطرف وابن الماجشون فيمن فلس أو مات وعليه دين فيأخذ غرماؤه ديونهم ، وبقي من ماله ربع ، أو عرض ، أو حيوان ، أو عين فهلك ذلك ، ثم طرأ غرماء آخرون ، فلا رجوع لهم على الأولين إن كان فيما أبقوا وفاء دين الطارئين ، ولو كان أخذه الورثة في الموت لم يرجع الطارئون إلا عليهم ، أملياء كانوا أم عدماء ، وإن كان واحد مليئا أخذوا منه كل ما أخذ ما لم يكن أكثر من/ديونهم ، ويرجع هذا الوارث على بقية الورثة بقدر حقه على أن تركة الميت ما أخذوا ، وما بقى بيد هذا إن بقي شيء ، ولا يتبع المليء منهم بما على المعدم ، ويضمنوا ما أكلوا واستهلكوا ، وما مات بأيديهم من حيوان ورقيق ، أو هلك بأمر
[10/24]
***(1/21)
[10/25]
من الله تعالى من العروض فلا يضمنوه ، وما باعوه فلا محاباة فإنما عليهم الثمن ، وما جني عليه عندهم فلهم أجمعين أرش ذلك ، سواء كانت قسمتهم بأنفسهم أو بأمر قاض ، وقاله كله ابن القاسم عن مالك .
قال أصبغ : قال ابن القاسم : ولو كان القاضي أمر ببيع الرقيق ، أو الوصي أو وصي أوصي إليه فاشترى الورثة منهم كغيرهم ، ولو يكن بمعنى القسمة ضمن بعضهم لبعض ما مات واتبعهم الغرماء بالأثمان ، ولو كان قسموا لم يتبعوا ، قال أصبغ : ولا أرى ذلك ، وقسمتهم ذلك بينهم ، وقسمة السلطان أو الوصي سواء ، لأن مالكا قال في الحالفة بعتق أمتها إن كلمت فلانا ، فباعتها ، ثم مات أبوها وقد دارت إليه فورثتها هي وأخوتها فباعوها فاشترتها في حظها ، وفي المدونة : فأخذتها في حظها ، ثم كلمت فلانا فإن كانت قدر ميراثها لم تحنث ، قال مالك : وشراؤها كالقسمة ، قال ابن الماجشون ومطرف : فإن لم يكن فيما أخذ الورثة بعد دين الأولين كفافأ لدين الطارئين فلينظر إلى ما كان ينو بهم في الحصاص بحضورهم ، فيطرح منهم ما أخذ الورثة ويتبعون الغرماء بما بقي ، كل/واحد بما عليه لا يؤخذ فيه مليئ عن معدم ، وكذلك في المفلس يظن الغرماء أن ماله لا يفي بدينه ، ويقتسمون ماله ، وتبقى فضلة فتركت بيده ، ثم طرأ عليه دين وقد هلكت الفضلة أو لم تهلك وفيها وفاء بدين الطارئين أولا وفاء فيها مثل ما ذكرنا في الميت ، يأخذ الفضلة ورثته ولو لم يكن في مال الميت والمفلس فضل عن دين الأولين رجع من طرؤ من الأولين بما كان ينوبه لو حضر ، ولا يؤخذ فيه مليء بما على معدم ، وليس لهم أن يأخذوا ما وجدوا من ذلك بعينه فيقسمونه ، لكن على ما وصفنا ، وقاله كله مالك ، وذكر مثل ابن القاسم عنه أيضًا ، وقد ذكرنا في باب من فلس وبعض غرمائه حاضر من هذا المعنى .
في مال الميت أوالمفلس يوقف للغرماء فيهلك في الإيقاف
من كتاب ابن المواز قال : وإذا جمع السلطان مال المفلس وأوقفه ليقضي غرماءه فتلف ، فروى أشهب عن مالك : أن ضمانه من المفلس كان عرضا ، أو
[10/25]
***(1/22)
[10/26]
حيوانا ، أو عينا حتى يصل إلى الغرماء ، وروى عنه ابن القاسم أنه يضمن غير العين .
قال أبن حبيب وابن وهب ومطرف : وأما العين فضمانه من الغرماء ، وكذلك ثمن ما باعه له من عروض وغيرها فصار عينا فهو من الغرماء ، وبه أخذ ابن القاسم ، وروى ابن الماجشون عن مالك أن ضمانه من الغرماء/كان عينا أو أو حيوانا أو عرضا ، أو ما كان ، لأن السلطان احتجنه عنه فضمانه من غرمائه من حضر منهم ، أو غاب أو علم ، كان دينه عرضا ، أو حيوانا أو ما كان ، وله قال : وقال ابن عبد الحكم بقول أشهب ، وبه أقول ، وقال أصبغ بقول ابن القاسم ، وقال ابن حبيب أن أصبغ أخذ بقول ابن الماجشون .
محمد : قيل لابن القاسم : فلو اشترى من العبد أن أوقف سلعة فربح فيها ، قال : الربح يقضى منه دينه . قيل له : كيف له ربح ما ضمانه من غيره ؟ فسكت ، وذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون ما ذكر عن ابن المواز ، وقال : هو قول مالك وأصحابه ، وقال : ولو قدم غريم بعد ضياع ماله ممن لم يكن علم لكان عليه من ضمان ذلك حصته كما أن كان يرجع على الحاضرين فيما يأخذون ، وقاله مطرف .
قال محمد : قال أصبغ وعبد الملك : ولو بيعت دار الميت بأمر القاضي لدين عليه مائة دينار فاستحقت ممن اشتراها وأودعت فهلكت في الإيداع ، ثم استحقت الدار ، لرجع مشتريها على الذي بيعت لد الدار طالب الدين لأنه كان الثمن في ضمانة ، فكأنه قبضه ، وكذلك لو كان عبدا فباعه القاضي لغرمائه فضاع من رسول القاضي ، فاستحق العبد الحرية ، أن الثمن من الغرماء ، وعليهم يرجع المشتري بالثمن ، فإن لم يجد عندهم رجع به عليهم في مال المفلس أو الميت إن بقي له شيء ، أو طرأ له ما يأخذ ذلك منه دون سائر الغرماء ، لأنه عنهم يأخذه ويحسب عليهم/إن بلغ ذلك دينهم ، وإن لم يكن للميت مال يرجع بالمائة أو بما عجز منها على الغرماء ، وأما على رواية أشهب فذلك من المديان حتى يصل إلى
[10/26]
***(1/23)
[10/27]
أصل الدين ، أو يضعه لهم السلطان ، أو يعزله لهم الوصي ، ويكون للمشتري محاصة الغرماء بالثمن ، ولم يختلف قول مالك أن لا يضمن ذلك السلطان ، وذكر ابن حبيب عن مطرف ، وابن الماجشون ، وأصبغ ، أن المشتري يرجع على الغريم بالثمن الذي تلف في الإيقاف ، فإن لم يجد له شيئا رجع على الغرماء الذين بيع لهم ذلك ، وقال مطرف وابن الماجشون : ويرجع على من كان غائبا ولم يقم .
ومن العتبية قال أصبغ : ومن قام بدين على ميت فباع له القاضي ماله ولا كفاف فيه ، فأوقفه فهلك ، ثم قدم غرماء آخرون ، قال : المال من الغريم الذي أوقف له ، ويرجع عليه القادمون بما ينوبهم منه .
في مال الميت أو المفلس يوقف وفيه فضل عن دينه فيهلك أو يهلك ما بقي بعد القضاء ثم طرأ الحي ، أو يعتق أو يصدق ، ثم طرأ غريم ، أو يود أكله ثم يحدث له ملاء ثم يعدم ثم يطرأ غريم
من كتاب ابن حبيب : قال ابن الماحشون فيمن فلس فوجد له ألف درهم ومائة درهم ، فيأخذ الألف غرماؤه ، وأوقفت المائة فهلكت في الإيقاف ، أو سلمت إليه فأنفقها ، ثم طرأ غريم له مائتان ، قال : إن تلفت في الإيقاف فهي من الطارئ ، وإن أنفقها/المفلس فهي له من لا يرجع منها بشيء على الأولين ، فأما المائة الأخرى : فيرجع منها الوجهين على الأولين على أن يحاصصهم في الألف بجزء من أحد عشر جزءا ، وهذا الذي ذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون بعيد ، وإنما ينبغي وهو أصل ابن القاسم أن يحاصهم في الألف ومائة بجزئين من اثني عشر جزءا فنصيبه مائتان إلا سدس مائة ، فتحسب عليه المائة الذاهبة
[10/27]
***(1/24)
[10/28]
ويذهب عليهم بخمسة أسداس مائة ، وقد تقدم ما يدل على هذا من قول ابن الماجشون ، قال ابن الماجشون : وكذلك لو بيعت طائفة من ماله لغرمائه فكانت كفاف دينهم ، وكان الظن أن جميع مال لا يفي بدينه ، فأخذ من قام حقه وبقي بيده ما بقي ، ثم طرأ له غرماء فلا رجوع لهم على الأولين وإن هلك ما بقي بيده إذا كان فيه كفاف دين الطارئين وليتبع الطارئون ذمة غريمهم بما هلك بيده ، وقاله مطرف ، وخالفهما أصبغ فقال : إنما هذا الميت الذي لم تبق له ذمة فيحسب ما فضل عليهم ، وأما من له ذمة قائمة فحق الطارئين في ذمته ولا يحسب عليهم ما هلك ، كما لو حضروا وأبوا القيام فهلك ما بيع له في الإيقاف ، لكان ضمان ذلك ممن قام بتفليسه دون من أبى أن يقوم ، وبقول مطرف وابن الماجشون أقول .
قال أبو محمد : انظر كيف يكون مفلسا ومعه وفاء بحق من قام إلا أن يعلم أن عليه لآخرين دينا ، ولو علم ذلك لكان يحاص فيه .
وقد تقدم في الباب الذي/قبل هذا الاختلاف في هذا المعنى ، وقول أصبغ فيما هلك في الإيقاف من مال الميت أن من طرأ من غريم يرجع بحصته في الحصاص فيما أوقف ذلك له من الغرماء ، قال ابن الماجشون : وسواء كان ما بقي عينا أو عرضا ، فلا يرجع القادم على الأولين إلا بما يبقى له بعد أن تحسب عليه قيمة العرض أو وزن العين .
قال ابن الماجشون : ولو كان له عبد أبق فاقتسم الغرماء ماله ، ثم قدم الأبعد فمات ، أو أبق ثانية ، ثم طرأ غريم ، فلا يرجع على الأولين فيحاصهم إلا بما يبقى له بعد قيمة العبد ، ولو لم يقدم العبد لحاصهم بجميع دينه ، ولو أرجعت على الأولين فلم يأخذ منهم شيئا ، ثم قدم العبد لرجع طلبه في العبد دونهم .
قال أبو محمد : يريد : إلا أن يبقى له شيء بعد ثمن العبد ، وكذلك كل ما يظهر للغريم من عطية وغيرها قبل أن يأخذ الطارئ من الغرماء شيئا ، فإن حقه يرجع فيما ظهر للمفلس ، وقاله مطرف ، وقال : ليس هذا مما يقطعه الحكم ، وقال أصبغ : إذا حكم له بالرجوع على الغرماء بالحصاص مضى ذلك ولم يرجع حقه
[10/28]
***(1/25)
[10/29]
في الطارئ كحميل الوجه يقضى عليه بالمال ، ثم يأتي الغريم قبل قبض الطالب ، قال ابن حبيب وبالأولى أقول ، ولا يشبه الحميل إلا في الاستحسان .
قال ابن الماجشون : ولو وهبه أبوه بعد أخذ الغرماء ماله أو ورثه بحق عليه ، ثم طرأ غريم له دين/تاريخه تاريخ دين الأولين ، لكان له الدخول مع الأولين ، لأن مالكا قال : إذا وهب له أبوه وعليه دين محيط أنه يعتق ولا شيء لغرمائه فيه ، ولو أنه اشتراه وأخذه في دية أو دم عمد فهذا يرد عتقه إن لم يكن مليا يوم عتق عليه ، بخلاف الهبة والميراث الذي لم يكن حق أحدهما به ، ولو كان قد حلف بحرية عبد إن اشتراه فعتق عليه ، ثم طرأ غريم ، ثم جهل أمره فإن لم يكن يوم عتق عليه مليا بحق الطارئ ، رد عتقه وأخذ منه الطارئ دينه ، فما فضل منه عتق ، وإن عجز ثمنه عن الدفع رجع بالباقي فحاص به الغرماء فيما قبضوا ، وقد قال مالك فيمن حلف لغريم بعتق عبده ينوي فيئه يوم كذا ، فلم يفعل فعتق عليه ، أن للمحلوف له رد عتقه في دينه إن لم يجد غيره ، فهذا أبين من مسألتك ، ولو ملكه في مسألتك بهبة أو ميراث فكما ذكرنا في الأب . قال ابن الماجشون : وإنما يباع للغريم من العبد الذي في عتق مناقصة يقال : من يشتري منه بكذا على أن باقيه حر ، فيقول رجل : أنا آخذ بذلك نصفه ، ثم يقول آخر : آخذ ثلثه ، ويقول آخر : ربعه ، حتى يقف على يقف ، ولو أنه فلس فكان ما بيده كفاف غرمائه فيما يرون فقسم ، ثم حدث له ملاء من هبة أو ميراث أو دين ، أٌر له به رجل ولا بينة عليه ، ثم يعتلف ذلك من يديه ، ثم طرأ/غريم ، فلا رجوع له على الأولين وليتبع ذمته ، ولو اقتسم غرماؤه ماله كله بعد أن ثبت لهم ببينة يوم قام طارئ عليه بما به فذهب ليرجع على الأولين ، فرجع شهيدان كانا شهدا لبعض الأولياء بما به ، وقالا : شهدنا بزور ، فقال باقي الأولين للطارئ : ارجع على الذي أخذ المائة بشهادتهما دوننا ، قال : بل نرجع عليهم أجمع وفيهم الذي رجع شاهداه ، ثم يرجعون على الشاهدين الراجعين بالمائة وفيهم الذي رجع شاهداه ، وقاله مطرف وأصبغ .
[10/29]
***(1/26)
[10/30]
في التركة تباع وتقسم بين الورثة وفيهم أصاغر ،
ثم ينمو ذلك أو ينقص ، ثم يطرأ وراث أو غريم
من العتبية من سماع ابن القاسم فيمن ترك بنين صغارا أوصى بهم رجلا ، وترك ثلاثمائة دينار فتجر فيها لهم الوصي فصارت ستمائة دينار ، ثم طرأ على الميت دين : ألف دينار ، أن الستمائة تؤدى كلها في الدين ، لأنه لو أنفق عليهم المال لم يضمنوه ، ولو أن الورثة كلهم كبار لا يولى عليهم فباعوا التركة وتجروا وربحوا فليس عليهم إلا رأس المال ، ولهم النماء وعليهم النقصان ، وكذلك يضمون ما غابوا عليه من العين ، وأما الحيوان إن تلف أو نما فلا ضمان عليهم فيه .
ومن كتاب ابن المواز : قال مالك : وأمين الوصي/إذا باع للغريم ، ثم تلف الثمن عنده فلا ضمان عليه ، وكذلك الوصي إذا كان أمره على الصحة ، قيل : فإذا قسم ذلك الوصي بين الورثة وطرأ دين وقال الورثة : قد تلف ما قبضنا ، قال : لا يقبل قولهم فيما يغاب عليه ، وأما الحيوان فلا يضمنوه إلا أن يتلف بسببهم ، وما أنفقوا على أنفسهم غرم الكبار ما صار لهم منه ، وما أنفق على الصغار فلا يتبعون به ، وما ربح الوصي للصغار في ذلك دخل الغرماء في أصله وربحه ، وما ربح الكبار فيه لا يدخل فيه الغرماء ، لأن الكبار ضمنوه ولا يضمنوا الحيوان ، ولكن إن اشتروا بما قبضوا من حيوان أو غيره حيونا فهلك ، فهذا ضمان منهم ، وإن كان جميعهم صغارا ومولى عليهم فتجر لهم الوصي بما ورثوا ، ثم طرأ دين ، صار ذلك كله في الدين ، لأنه لو أنفق عليم لم يضمنوه هم ولا الوصي ، وأما أشهب فقال : إن طرأ دين رجع عليهم أجمع ، فإن لم يكن عند الصغار بحصتهم ، وإن لم يوجد أيضًا عند الكبار شيء اتبع الغرماء الصغار والكبار بقدر حصصهم التي ورثوا ، وبه قال أصبغ .
[10/30]
***(1/27)
[10/31]
وروي عن أشهب فيمن ترك مائتين وولدين صغرين فرفع الوصي مائة كل واحد إلى عمل بها فصارت أربعمائة ، ثم طرأ على الميت أربعمائة دينار دين ، فلا تؤخذ من الصغار إلا المائتين/التي ورثا ، وخالف ابن عبد الحكم فقال : إن ترك ولدين كبيرا وصغيرا فورث كل واحد مائة فأكلاها ، ثم أفادا مالا ، وطرأت مائة على الميت دينا ، قال : تؤخذ كلها من الكبير خاصة ، ولا يرجع الكبير على الصغير بشيء ، ثم إن طرأ مائة للميت أخذها الكبير وحده ، ولو تجر الوصي للصغير في مائة فربح فصارت أربعمائة ، ثم طرأ دين على الميت مائة ، فعلى الكبير خمسها ، وعلى الصغير أربعة أخماسها ، وأما لو قدم عليهم وارث فلا يتبع كل واحد إلا بقدر حصته من صغير أو كبير ، ولا يأخذ من أحد عن أحد ، وكذلك عن مالك في كتاب ابن المواز : وهو في الأول من الوصايا .
في الغريم يطرأ على غرمائه ، أو على
ورثته أو على موصى لهم ، أو وراث
على ورثة ، أو موصى على ورثة
قال محمد بن المواز : قال مالك : وإذا باع الورثة تركة الميت وأكلوا ذلك واستهلك ، ثم أتى غرماؤه ، فإن كان لا يعرف بمداينة الناس ، فبيع ورثته جائز ، وتتبعهم الغرماء بالثمن دينا ، ولا سبيل لهم إلى السلع ، وإن كانت قائمة بيد المبتاع ، ولو هلك الثمن بأيديهم من غير سببهم لم يضمنوه ، ولو كان معروفا بالدين ، كان للغريم أخذ السلع حيث كانت بلا ثمن/، ويرجع المشتري على الورثة بما دفعوا إليهم إلا أن يشاء المشترون أن يدفعوا قيمة ما بأيديهم ، أو نقص قيمته يوم قبضوه ، فذلك لهم ، ويرجع المشترون على الورثة بالثمن .
[10/31]
***(1/28)
[10/32]
قال عبد الملك : ولو قبضوا ما باع غرماؤه وفضلت فضلة فورثوها ، ثم جاء غريم ، وقد كان بيع الورثة مبادرة ، وهم الآن معدمون ، فليرجع على الغرماء بما كان ينوبه معهم ، ويرجع جميعهم على الورثة ولو كان بيعهم على ثان ، وكبيع السلطان ، وأجراه مجرى السلطان ، قال محمد : فإن لم يجد الطارئ هاهنا عند الغرماء شيئا لم يكن له على ما باع الورثة سبيل ، ولا على المشتري ، لأن بيعهم ليس على مبادرة لأنفسهم ، وإنما تعدوا في مسألة عبد الملك فقضوا الدين وتركوا واحدا من الغرماء وهم عالمون ، فلذلك لزم الغرماء الغرم له ، ورواية ابن القاسم عن مالك نحوه .
قال ابن القاسم : وأما الوارث يبيع الدار ثم يطرأ وارث معه فهذا يرجع في الدار كان الوارث البائع مليا أو معدما ، كان عالما بالوارث معه أو غير عالم ، ويرجع المشتري على بائعه بالثمن ، بخلاف الغريم يطرأ إذ لا حق للغريم في رقبة الدار ، إنما حقه دين ، إذ لو قال له الوارث : نعطيك الدين ، أو قال ذلك له المشتري لنفذ بيع الدار ، ولا يكون ذلك في الوارث ، ولا يباع عليه ملكه .
ومن كتاب ابن المواز : قال أشهب : ولو ترك ألف درهم عينا وعبدا/وعليه دين لرجلين لكل واحد ألف درهم وحضر أحدهما فأخذ الألف العين ، ثم قدم الغائب وقد هلك العبد ، قال : ينظر قيمة العبد ، فإن كانت قيمته ألف درهم فلا رجوع له على قابض الألف ، ولا ينظر إلى قيمة العبد يوم مات ولا يوم مات السيد ، ولكن على أوفر قيمة مضت عليه من يوم قبض الغريم الألف إلى أن مات العبد ، فإن بلغ ألف درهم لسوق زاد أو زيادة بدن ، فلا رجوع على الغريم الأول بشيء ، وإن كان أوفر قيمة مضت له خمسمائة رجع القادم على الغريم الحاضر بمائتين وخمسين وحسب العبد على الغائب ، وإن اختلفا فقال الحاضر : بلغت قيمته ألفا ، وقال الطارئ خمسمائة ، فالقول قول الطارئ إن لم تقم بينة ، ولو كان إنما باع الوصي العبد بألف فقضاها للحاضر ، وبقيت الألف العين فلا رجوع للطارئ على الحاضر بشيء ، ولو رد العبد بعيب بعد أن تلفت الألف التي عزلت للغائب ، وقدم الغائب ، قال : يباع العبد ثانية للحاضر الذي كان بيع له دون الغائب إلا أن ينقص من الثمن شيء فيرجع على الغائب من نقصانه بما يصيبه إلا
[10/32]
***(1/29)
[10/33]
أن يكون أتى على العبد وقت من يوم قضى ثمن يسوى فيه بالعيب ألفا فلا يرجع بشيء على الحاضر ، وذلك إذا قامت بينة ، ولو بيع العبد بالألف فيأخذها الحاضر ، ثم قدم الغائب فأخذ الألف العين ، ثم رد العبد بعيب فإن كانت قد/بلغت قيمة العبد ألفا لم يرجع الحاضر على القادم بشيء ، ولو كانت قيمته خمسمائة ، رجع الطارئ بمائتين وخمسين ، وفي الأول من الوصايا في مثل هذا فيه قول مالك أنه إذا تجر الوصي في نصيب الصغير فربح ، أن يقضي بذلك دين الميت ، ويقضي الدين على ما أخذ الكبير فقط ، وعلى ما أخذ الصغير من ربح .
قال مالك فيه وفي العتبية من رواية أشهب فيمن ترك قيمة ألف دينار ، قال في العتبية : ألفا دينار وعليه دين : مائتان ، فباع الورثة لأنفسهم بعض تركته وقالوا في باقي التركة وفاء لدنيه فالبيع باطل ، وقد يذهب ما أبقوا أو يفسخ ، وقد ما بياع ما يقال يبلغ ألفا ، قيل : فإن جاء الأمر على العاقبة ، قال لابد من فسخه بكل حال . محمد : يريد : لمعرفتهم بالدين وأن بيعهم لأنفسهم .
قال مالك : قال الله سبحانه : ( من بعد وصية يوصي بها أو دين ) وإذا أخذ الغرماء حقوقهم بقضاء سلطان أو وصي ثم طرأ غريم فليرجع على الغرماء يتبع كل واحد بقدر ما عنده مما ينوبه في الحصاص ، ولا يتبع المليء منهم بما عند المعدم ، وقاله مالك وأصحابه ، قال ما لك : ولو كان بقيه فضله قدر حق الطارئ لم يرجع إلا على الورثة ، قال ابن القاسم : كانوا أملياء أو معدمين ، وليأخذ ممن يجد من الورثة كل ما صار إليه حتى يستوفي جميع حقه ، ثم يرجع الوارث على باقي الورثة بحصة ذلك ، علموا بالطارئ أو لم يعلموا ، وكذلك/إن كانت الفضلة لا تفي بدينه حسب عليه ، ويرجع على الغرماء بباقي ما يبقى مما كان يصيبه في المحاصة لو حضر ، ولا يتبع المليء إلا بما عنده من ذلك ، لا يأخذه بما عند الغريم منهم ، وأما ما يرجع به على الورثة فليأخذ من المليء منهم حقه من كل ما صار إليه ، قال أصبغ : وكذلك موصى له طرأ على موصى لهم ، ثم أخذوا
[10/33]
***(1/30)
[10/34]
وصاياهم ، وبقيت فضلة فيها وصية الطارئ ، أخذها الورثة ، فإنها تحسب عليه ، ولا يتبع بها إلا الورثة ، وإن لم يكن فيما صار إليهم وفاء وصيته رجع على أصحابه بما بقي فيتبع كل واحد بما يصير عليه منه لا يأخذه بما عند المعدم منه مثل إن يوصي لثلاثة بمائة مائة والثلث مائتان وخمسون ، وأخذ الحاضران مائتين والورثة خمسين ثم قدم الثالث فقد كان يجب له ثلاثة وثمانون وثلث ، ويحسب عليه منها خمسون عند الورثة يطلبهم به ، ويرجع على كل واحد من الموصى له بسبعة عشر إلا ثلثا لا يأخذ المليء منهما عن المعدم ، وقال أشهب ، وله أن يأخذ الوارث المليء بجميع ما صار إليه من الخمسين ، ثم يتبعان جميعا باقي الورثة ، وكذلك كل من يرجع على وارث من غريم على غريم ، أو موصى له على موصى لهم فلا يتبع المليء منهم إلا كما يتبع المعدم ، وأما إن طرأ وارث/على ورثة فيختلف ، فقال ابن القاسم ، ورواه عن مالك ، وقاله أصبغ : إنه لغريم يطرأ على غرماء وموصى له على موصى لهم ، وذهب أشهب وابن عبد الحكم إلى أن يقاسم الوارث الطارئ من وجده مليا منهم جميع ما صار إليه حتى كأنه لم يترك الميت غيرهما ، ثم يرجعان على سائر الورثة بما يعتدلون به معهم ، فمن أيسر منهم قاسموه ، ثم رجعوا على الباقين هكذا حتى يعتدلوا .
قال محمد : والغريم يطرأ على الموصى لهم أو على ورثته ، فذلك سواء ، يأخذ المليء منهم جميع ما صار إليه إلى مبلغ حقه .
ومن مات عن امرأة وابن فأخذت المرأة الثمن والابن ما بقي ، ثم قدمت امرأة له أخرى لم يعم بها فوجدت صاحبتها عديمة والابن مليئا فلترجع على الابن بخمس ثلث ما صار إليه ، لأن حق الابن من التركة سبعة أثمان ، ولهذه الطارئة نصف ثمن فأضعفها تصير خمسة عشر سهما ، فلما من ذلك سهما ، وترجع هي والابن على الأولى بنصف ما أخذت ، فكل ما يؤخذ منها فستمائة على خمسة عشر سهما ، سهم للطارئة وللابن أربعة عشر ، وهذا الذي ذكر محمد إنما هو على مذهب
[10/34]
***(1/31)
[10/35]
أشهب ، وأما على مذهب ابن القاسم فإنما يقسم سهمها ثمانية ، تأخذ من الابن سبعة أثمان نصف الثمن ، ومن المرأة ثمن نصف الثمن
قال محمد : ولو قالت الطارئة : عبدي خفي من الميراث ، أو قالت : تركت لكما ميراثي ، فإن الابن/والزوجة ينتقص قسمهما ويرجعان فيقتسمان ما بأيديهما على خمسة عشر سهما ، للزوجة سهم ، وللابن ما بقي مثل أن يترك الميت ستة عشر دينارا ، أخذت الزوجة دينارين ، والابن أربعة عشر ، فترد المرأة دينارا فتقسم على خمسة عشر ، لها من ذلك سهم وللابن ما بقي ، ويصير ذلك أن يرجع الابن عليها بأربعة عشر مهما من خمسة عشر من نصف الثمن الذي أخذت ، ويبقي بيدها دينار وجزء من خمسة عشر جزء من دينار ، وذلك خمس ثلث دينار ، وذلك قراط وثلاثة أخمسا قيراط ، فكذلك ينبغي أن يكون بيد الطارئة ، فإن طرأ على الميت دين رجع عليهم به على حساب ما بأيديهم ، وإذا طرأ وارث وغريم على بعض الورثة وهو ملئ وباقيهم عديم ، فقال الأول منى ما أخذت ، فأما فيما يغاب عليه فلا يصدق إلا ببينة ، وأما الحيوان والسفن والرباع وما لا يغاب عليه ، فهو مصدق ما لم يتبين كذبه مثل أن يذكر موت العبد بموضع فيه ثقات لا يعملون ذلك ، وكذلك الدابة ، فإن قالوا : مات عبد أو دابة لا يدري ما هي صدق فيه ، وأما قوله : سرق الدابة ، أو شرد البعير فهو مصدق مع يمينه .
محمد : ولو ترك ولدين وعبدين ، فأخذ كل واحد عبدا على قسمة أو بيع فمات أحد العبدين ثم طرأ لهما أخ ثالث ، قال ابن القاسم : فأما في القسم فقسمتهما باطل ، ويدخل جميعهم في العبد الباقي ، قال محمد : وأما لو كان/كل واحد عند شرائه من أخيه أو من وصي كانت مصيبته نصف العبد الميت بين الثلاثة أخوة ، وهو النصف الذي لم يشتره ، والنصف الذي اشتراه منه وحده ، ثم يكون نصف العبد الحي الذي لم يقع عليه الشراء الطارئ مخيرا في إنفاذ بيع مصيبته منه ، وهو سدس العبد ، فإن أنفذه رجع بثمنه على من قبضه ، ويكون نصف الميت المشترى مصيبته من مشتريه وحده يرجع الطارئ بثمن ما يستحقه
[10/35]
***(1/32)
[10/36]
من هذا النصف المباع على أخيه الذي باع ، ثم هو مخير أيضًا عليه في العبد الحي الذي بيده إن شاء أخذ ثلثه كله ، السدس ثمن النصف المباع ، والسدس من النصف الذي لم يقع عليه بيع ، ويرجع هذا على الأخ الذي مات العبد بيده بثلث ما كان دفع إليه في ثمن العبد الحي ، لأن مشتري العبد ، إنما رقع شراؤه على نصفه ، وكأن النصفين من العبدين وقع فيهما مبايعة ، ونصفيهما الآخرين وقع فيهما مقاسمة بما وقع على المبالغة ضمن مشتريه ، وما وقع على المقاسمة فسخت ، ويكون مصيبة ذلك على جميع الورثة ، لأن من اشترى شيئا فمات بيده فمصيبته منه لا يرجع على بائعه بشيء ، ويرجع مستحقه على بائعه بالثمن ، ولو كان بائعه عالما متعديا لزمته القيمة إن كانت أكثر من الثمن ، وكذلك الحكم في النصف المباع من العبد الميت ، وإذا لم يجز بيع حقه من النص المبيع/فله أخذ ثلث العبد الباقي ، ويرجع من بيده العبد الحي على أخيه الذي باعه بثلث ما دفع إليه في ثمن النصف ، قال : وما سكن الوارث من الدور إنما اغتل يظن ألا وارث معه ، ثم قدم وارث ، قال ابن القاسم : لا يرجع عليه فيما سكن ، وقال مالك ، وكذلك الأرض وما اغتل ، فليرجع عليه ، كان يعلم أنه معه وارث غير ، أو لا يعلم ، وقاله أشهب .
وهذا الباب مثله في الوصايا الأول .
في الرجل يقتل عمدا وعليه دين وترك ما لا بقي بدينه أو يقي فعفا أحد ولده عن دمه بغير شيء
من العتبية من كتاب الديات عن ابن القاسم ، ومن كتاب ابن المواز قال : وإذا قتل الرجل عمدا فترك ولدين ، وترك مائة دينار ، وعليه مائة دينار ببينة فعفا أحد ولديه عن الدم بلا شيء ، وأخذ الآخر نصف الدية ، قال : تؤدى المائة الدين من نصف الدية ومن المائة التركة من كل مائة سدسها للدين ، فيبقى من
[10/36]
***(1/33)
[10/37]
المائة التي ترك المائة خمسة أسداسها بين الولدين نصفين ، وللذي لم يعف ما بقي له من نصف الدية ، وهو أربعمائة وستة عشر وثلثان ، قال ابن القاسم في رواية عيسى : فتقسم المائة الدين على اثني عشر جزءا ، فعلى الذي لم يعف منه أحد عشر جزءا لأن خمسمائة من الدين ونصف المائة التركة ، وللذي عفا نصف المائة عليه فيها نصف سدس الدين جزء من اثني عشر جزءا ، وذلك ثمانية وثلث ، يبقي له أحد وأربعون وثلثان ، يريد : ويصح للآخر بعد الدين بسبب الدية والميراث أربعمائة وثمانية وخمسون وثلث ، وذكر مثله ابن سحنون في كتاب الإقرار عن أشهب وسحنون .
وقال : ولو ترك الميت مدبرا أعتق في جميع هذا المال حتى يبلغ الثلث بعد الدين .
وقال عيسى عن ابن القاسم : وإن الخمسمائة التركة ونصفه من الخمسمائة التي يأخذها الابن الآخر من الدية ، ويقسم ما بقي من التركة بين الولدين ، وهو مائتان وخمسون ، وبقية الخمسمائة المأخوذ من الدية للابن الذي لم يعف وحده ، قال في كتاب ابن المواز : ولو عفيا ولا مال للميت جاز عفوهما ، ولا قول للغرماء إلا أن يكون القتل خطأ لم يجز العفو عنه حتى يأخذ الغرماء دينهم من الدية ، وفي عفو المقتول نفسه لا يجوز عفوه في الخطأ إلا في ثلثه ، ويجوز في العمد ولو عفا الوارث ، وذلك الوارث مديان ، فيجوز ذلك في العمد ، ثم إن عفا بعده وارث آخر لم يجز عفو الثاني إن كان مديانا ، وغرماء هذا الثاني أحق به ، إلا أن يكون على الميت دين فغرماؤه أحق بحصة من لم يعف ، ولو لم يعف بعد عفو الأول أحد ، كان كذلك دين المقتول أحق بما بقي من الدية من الوارث ، وإن لم يحط دين الميت بما بقي من الدية وقد ترك الميت مالأ سواه/فيه وفاء بدينه فليقض دينه منه ، ومن بقية الدين بالحصاص ، ثم يكون بقية ماله بين ورثته كلهم ، وما بقي من الدية لمن لم يعف خاصة .
[10/37]
***(1/34)
[10/38]
ومن كتاب الإقرار لابن سحنون : وقال يعنى أشهب وسحنون فيمن قتل عمدا وله ابنان ، وترك ألف درهم ، وعليه دين عفا أحد الابنين عن نصيبين ، وأخذ الذي لم يعف نصف الدية ستة آلاف درهم فإنها تضم إلى الألف التركة ، ثم يقضى الدين على ذلك كله ، فما وقع على الألف التي ترك خرج منها ، وكان باقيها بينهما ، ويرجع ذلك إلى أن يخرج الدين من الجملة ويقسم ما بقي بين الابنين على أربعة عشر سهما ، للذي عفا سهم ، والباقي للآخر ، ولو أن عليه دين ثلاثة آلاف وخمسمائة ، وأوصى لرجل بألف درهم فإنه يؤدى نصف السبعة آلاف في الدين ، فيصير على الألف التي ترك نصفها ، ونصفها الباقي فيه تكون الوصايا في ثلثه ، لأن الوصايا لا تدخل إلا فيما علم الميت ، فيأخذ الموصى له ثلث الخمسمائة وما بقي من المال كله يكون بين الولدين على عشرين جزءا ، للذي عفا جزء ، وهو نصف العشر ، وللذي لم يعف تسعة عشر سهما ، ولو ترك عبدا يساوي ألف درهم ، وعليه ألف درهم دينار ، فباعه القاضي وقضي دينه ، ثم عفا أحدهما وأخذ الآخر ستة آلاف درهم نصف الدية ، فليرجع أخوه عليه حتى بنصف سبعها ، وذلك أربعمائة درهم ، وثمانية وعشرون/درهما ، وأربعة أسباع درهم ولو لم يقم الغريم حتى قبض الابن الستة آلاف وأخذ منها الغريم ألفا ، فإن العبد بين الولدين نصفين والخمسة آلاف الباقية للأخ الذي لم يعف ، ويرجع الذي لم يعف على الذي عفا بنصف سبع الدين الذي هو الألف درهم ، وذلك أحد وسبعون درهما وثلاث أسباع درهم ، فإن أداها وإلا بيع من نصيبه من نصف العبد بقدر ذلك ، وإذا ترك ابنا وزوجة فعفا الابن وأخذ في دية أبيه اثني عشر ألف درهم وترك الميت عبدا يساوي ألف درهم ، وعليه دين ألف ، فللمرأة من ذلك كله الثمن ثمن العبد ، وثمن الدية ، ولو ترك ابنا وابنة وزوجة وعليه دين ألف درهم ، فترك ألف درهم ، فعفا الابن عن الدم على الدية ، فإنه تدخل فيها الابنة والزودة بالميراث ، وما كان على الميت دخل في الدية وفي المال ، وما بقي من ذلك قسم على الفرائض ، ولو ترك ابنين وابنة فترك مائة دينار وعليه مائة دينار فعفا أحد الابنين ، فإن للابن الذي لم يعف
[10/38]
***(1/35)
[10/39]
وللبنت ثلاثة أخماس الدية ، وذلك ستمائة دينار بينهما على الثلث والثلثين ، والمائة التي ترك بين الابنين والابنة أخماسا ، ويقسم الدين على جميع التركة التي بأيديهم ، وهي ستمائة دينار ثمن الدية ، ومائة من التركة ، فستة أسباع الدين على الابن الذي لم يعف ، وعلى الابنة/فيما أخذا من الدية ، فعليهما من ذلك خمسة وثمانون دينارا ، وخمسة أسباع دينار ، على الابن ثلثا ذلك ، وثلث على الابنة ، ويبقي من الدية أربعة عشر دينارا مخروجة من المائة التركة وهي بينهم أخماسا ، وكذلك تؤدى هذه البقية من الدين أخماسا على كل ابن خمسا ذلك ، وذلك خمسة دنانير وخمسة أسباع دينار ، على البنت الخمس ، دينارا وستة أسباع دينار .
ولو أن مريضا أقر بوديعة بعينها لرجل ثم قتل عمدا وترك ولدين فعفا أحدهما وأخذ الآخر نصف الدية إذ لم يعف ، فيكون له خاصة ، ويأخذ رب الوديعة وديعة لأنها بعينها ، ولا شيء للابن الآخر ، وكذلك لو أقر بدين : ألف درهم لرجل وقضاه إياها قبل أن يقتل فهو مثل هذا ، ولو لحقه دين بعد ذلك فاتبع صاحب الدين الابن الذي لم يعف ، فأخذ منه دينه ، فإن ذلك لا يوجب للابن الذي عفا شيئا ، وإن لم يتبع به الابن الذي لم يعف وأراد أن يتبع به الغريم الذي اقتضي في المرض ، وكان دين هذا الذي لحق به في الصحة ألف درهم ببينة ، فليس ذلك له ، وإنما له أن يتبع بدينه الابن الذي لم يعف فيما أخذ من الدية ، ولكن لو كان المقر له بالدين في المرض وارثا فأقر بألف درهم في مرضه دينا وقضاه إياها ، ثم قتل ثم لحقه دين ببينة في الصحة ، فإن إقراره للوارث باطل ، فيؤخذ الألف من الوارث ، ثم تكون هذه الألف التي/في الصحة على الابن الذي لم يعف منها ستة أسباع ونصف ألف دينار ، ولا مال له غيره ، ثم قتل العبد المريض وله ابنان ، فهبته كالوصية قبضت أو لم تقبض ، فإنما للموصى له ثلث العبد ، فإذا قتل العبد المريض فشاء ورئته قتلوه ، فإن استحيوه على أن يكون لهم فضت الدية على العبد ، فثلثا الدية على ثلثي الورثة فيسقط ذلك الدية على ثلث العبد الذي هو للموهوب له العبد ، فيخير بين أن يفديه بثلث الدية أو يسلمه ، ولو أجاز الورثة جميع الوصية
[10/39]
***(1/36)
[10/40]
صار العبد للموهوب له ، وصارت الدية في رقبته ، فإما فداه به الموهوب أو أسلمه بها للوارثة ، فإن عفا الورثة على غير دية وقد أجازوا وصية صاحبهم ، صار جميع العبد للموهوب له ، وإن عفوا على غير دية وأبوا من إجازة الوصية صار ثلث العبد للموصى له ، وثلثاه للورثة ، فإن عفا أحد الابنين على الدية ، فالحكم على ما شرحت لك ، وإن عفا أحدهما على غير دية ، فللأخ الذي لم يعف شطر الدية في رقبة العبد ، فإن أجازوا وصية المقتول صار جميع العبد للموهوب له ، ويخير في أن يفتك نصفه من الأخ إذا لم يعف بنصف الدية ، أو يسلم نصفه إليه ، فإن افتدى نصفه بنصف الدية لم يكن للأخ الذي عفا في نصف الدية شيء ، وإن أبوا أن يجيزوا الهبة صار العبد بينهم أثلاثا ، فإن عفا أحد الابنين على الدية سقط عن العبد ثلثا الدية ، وقيل للموهوب له : إفتك ثلثك بثلث الدية ، فيكون ثلث الدية بين الاثنين شطرين ، أو أسلم ثلثه إليهما فيكون العبد بين الاثنين شطرين ، وإن على أحد الابنين على غير دية ، وجب للأخ الذي لم يعف شطر الدية في العبد ، وله من العبد ثلث الدية ، فيسقط عن ثلثه نصف ثلثه من العبد بثلث النصف ، وذلك سدس الدية في قول المغيرة وغيره ، وفي قول ابن القاسم ، يخير بين أن يسلم نصف ثلث العبد الذي صار له بنصف ثلث الدية ، أو يفتكه بها ، فيكون ذلك للأخ الذي لم يعف دون الذي عفا ، فإن أسلمه إليه لم يكن للأخ الذي عفا فيه معه شيء ، وكذلك يقال للأخذ الذي عفا فيما صار له من العبد ميراثا : تفتك ثلثك بسدس الدية التي لأخيك الذي لم يعف ، أو تسلم على شرحت من اختلافهم ، فإن أجاز الذي عفا وصية المقتول وقال : عفوت من غير دية ، وأبي الآخر أن يجيز ، فقد صار للموهوب له العبد ثلثا العبد ، وثلثه للأخ الذي لم يعف ، ويصير للأخ الذي لم يعف شطر الدية في رقبة العبد ، فسقط من ذلك ثلث النصف ، وذلك سدس الدية ، ويخير الموهوب له العبد في افتكاك ما صار له من العبد ، أو يسلم على اختلافهم كما وصفت لك .
[10/40]
***(1/37)
[10/41]
في المحاصة في المدبر والدين
وقد عفا أحد الولدين عن الدم
ومن العتبية/في الديات : روى عيسى عن ابن القاسم : ومن قتل عمدا وترك مائة دينار ، وعليه مائة دينار دينا ، وأوصى بوصايا ، فعفا عن القاتل عل الدية ، قال : يقضى الدين من المائة التي علم بها ، وتبقي الدية لورثته ، وتبطل الوصايا . انظر وفيها غير هذا ، والمسألة الأولى في الذي عليه دين ولم يوص بشيء فعفا واحد من البنين ، يدلك على ذلك .
قال عيسى : قال ابن القاسم : ولو ترك مائة دينار وخمسة وأربعين ، وعليه مائة دينار ، وأوصى بوصايا ، فطرأ له مال بعد الموت ، يريد : لم يعلم به ، فليؤد الدين من المال الذي علم به ، فتبقى خمسة وأربعون ، فثلثها للوصايا : خمسة عشر ، وإن كان فيها عتق يريد : بعينه ، بدأ به ، وتبقى ثلاثون للورثة مع المال الطارئ ، وأما لو كان مع الوصايا مدبر ، فإن الدين يخرج ويعتق في ثلث ماله مما علم به ومما لم يعلم ، وذلك أنه ينظر في ثلث المال الذي علم به بعد إخراج الدين منه ، فإن كان ثلث ما بقي من الذي علم به مائة ، وثلث الطارئ مائتين ، عتق ثلثاه في الطارئ ، وثلثه في المعلوم ، فإن فضل من ثلث المال المعلوم بعد ذلك شيء كان لأهل الوصايا ، وإن لم يفضل شيء لهم ، وإن أحاط الدين بالمال الذي علم به سقطت الوصايا ، وعتق المدبر في ثلث الطارئ ، ولو لم يف المال الذي علم به بالدين أخذ باقيه من الطارئ ثم عتق المدبر من ثلث ما بقي منه أو ما حمل منه ، ولو ترك مدبرا قيمته مائة/دينار ولا دين عليه فعفا أحدهما فهو مثله ، لأن المدبر يخرج مما علم به الميت ومما لم يعلم به ، فيعتق في نفسه وفي الخمسمائة ، وذلك اثنا عشر جزءا ، فإذا أعتق المدبر قسم نصف الدين على اثني عشر جزءا ، ويصير للذي لم يعف من نصف الدية أحد عشر جزءا من ذلك ، وللذي عفا من اثني عشر ، وقال محمد : وقيل : بل ليس للذي عفا من نصف
[10/41]
***(1/38)
[10/42]
الدية إلا جزء من سبعة عشرة جزءا ، وللذي لم يعف جزء من سبعة عشر ، لأن ثلث المدبر خارج في نفسه فيبقى ثلثاه ، لكل ابن ثلث ، إلا أن باقية خرج بسببه نصف الدية فما فاتها ثلثا تبلغ خمسة عشر ثلثا فزد عليها ثلثي العبد ، فذلك تسعة عشر ثلثا فباقي المدبر من جميعها خارج ، فينبغي أن يقسم نصف الدية على سبعة عشر ، يأخذ منها الذي عفا جزء ويعتق المدبر كله ، قال محمد : والأول أحب إلي ، ولو كان على هذا لكان إذا كان عليه دين : مائة ألا يكون للذي عفا شيء ، وقال عيسى في العتبية عن ابن القاسم : وإن كان له مدبر قيمته مائة ولا دين عليه ، فقال للذي عفى : كم كان يكون لك من المدبر لو لم تكن دية ؟ فقال : ثلاثة ، قلنا : فالمدبر يستتم عتقه في الخمسمائة دينار فيتم عتقه كله ، ثم ترجع أنت على أخيك بمثل ما كان يكون لك من المدبر ، وذلك ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث ، ولا يكون هذا كالدين يقضي على الحالين كما قال من قالوا ذلك ، وذلك خطأ ، ولا يكون الذي عفا أحسن حالا ، لأن العافي في عفوه عن العمد لم يعف عن مال ، فلذلك لم يضمن الدين ، وأما إذا كان خطأ فليس لأحد عفو حتى يخرج الدين ، ثم يخرج ثلث ما بقي للمدبر وللوصايا ، قال : ولو كان على المقتول دين : مائة دينار ، وله مدبر قيمته مائة . قال أبو محمد : فلم يفسر محمد على القول الأول إلا مجملا ، وتفسيره : أن يكون للذي عفا نصف سدس أربعمائة من نصف الدية ، لأنه يخرج المدبر ، ويأخذ المديان مائة ، وتبقى أربعمائة فتقسم بينهما على ما كان لكل واحد من أصل المال لو لم يكن دين ولا مدبر ، وهو ستمائة ، منهما خمسمائة للذي لم يعف ، وله نصف المائة التي ترك الميت ونصفها لأخيه ، وعلى القول الآخر تقسم الأربعمائة على سبعة عشر سهما ؛ للذي عفا سهم ، والباقي لأخيه ، ولو كان مع ذلك وصية بعتق أو غيره ، وترك المدبر مائة عينا ، فوصاياه باطلة إذ لا تدخل فيما لم يعلم به الميت ، وكذلك لو طرأت مائة له يعلم بها ، قال : ومن ترك ثلاث بنين له على أحدهم مائة دينار ، وترك مائتين ، وأوصى بمائة ، فالتركة ثلاثمائة ، للوصايا منها سهما مائة ، والمائتان بين البنين لكل ابن ثلاثمائة ، فالذي عليه المائة عنده أكثر
[10/42]
***(1/39)
[10/43]
من حقه ، فاقسم ما حضر بين الولدين والموصى له على سبعة ، للموصي له ثلاثة ، ولكل ابن ممن لا دين عليه سهمان ، ثم يتبع جميعهم الولد الذي عليه المائة بثلاثمائة ، فكلما قبضوا قسموه على سبعة ، وقال محمد : يأخذ الموصى له ثلث المائتين ويقسم ما بقي على الثلاث بنين/، فما صار للمديان رجع فيه صاحب الثلث بثلاثة أسباعه ، والوارثان بأربعة أسباعه .
في إقرار المفلس وقضائه بعض غرمائه
وأفعاله في ماله في حياته
وإقرار المديان عند وفاته ، وإقرار المأذون وقضائه
ومن كتاب ابن حبيب : قال النخعي وشريح : إذا فلس الحر فلا يجوز له بيع ، ولا صدقة ، ولا إقرار بدين ، ولا بغير ذلك ، وقال الليث فيمن أحاط به الدين : إن قضى بعض غرمائه أو رهن فذلك ماض ما لم يقوموا به ، واختلف في ذلك قول مالك ، فقال : يدخل في ذلك باقي الغرماء ، وقال : لا يدخلون وذلك ماض ، قال ابن القاسم : وعلى هذا جماعة من الناس ، وإن فلس بحدثان ذلك مما كان قائم الوجه ، قال ابن القاسم : وكذلك لو فطن المقتص باستغراقه وبادر الغرماء فهو أحق ما لم يكن الغرماء قد تشاوروا كلهم في تفليسه ولم يرفعوه ، ثم خالفهم بعضهم إليه فقضاه فهذا يدخلون معه ، وقال أصبغ : لا يدخلون معه ، وبه أقول .
وروى عيسى في العتبية عن ابن القاسم مثل قوله هاهنا فذكره عن مالك .
ومن العتبية : قال أصبغ : وأما المريض فلا يجوز قضاؤه بعض غرمائه دون بعض إن كان مرضا مخوفا ، وإن كان غير مخوف لا يحجب عنه القضاء في ماله ، فله ذلك .
[10/43]
***(1/40)
[10/44]
وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن لك عليه عشرة دنانير فتقاضيته ، فأعطاه رجل سلعة ليبيعها ويوفيك ، ففلس غريمك قبل بيعها أنك أسوة غرمائه في تلك السلعة .
ومن كتاب ابن المواز : قال مالك : وجه التفليس الذي لا يجوز إقرار المفلس فيه : أن يقوم عليه غرماؤه ويسجنوه ، وقال أيضًا : إذا قاموا عليه على وجه التفليس ، قال محمد : يريد : وحالوا بينه وبين ماله ، وبين البيع والشراء ، والأخذ والعطاء ، واستتر عنهم ، فحينئذ لا يقبل إقراره بدين ولا وديعة ، وأما إن لم يكن لأحد منهم بينة ، فإقراره جائز لمن أقر له إن كان في مجلس واحد ولفظ واحد ، وقرب بعض ذلك من بعض ، أو كان من له بينة منهم لا يستغرق ماله فيجوز إقراره ، لأن أهل البينة ليس لهم تفليسه ، قال : وقد كان من قول مالك : أن من أقر له المفلس إن كان يعلم منه إليه تقاضيا ومداينة وخلطة ، أن يحلف ويدخل في الحصاص مع من له بينة ، ويجوز إقراره المريض بالدين لمن لا يتهم عليه بخلاف المفلس .
قال مالك فيمن عليه دين فأقر في مال عنده أنه وديعة ، فإن كان وارثا يعرف فصاحبه أحق به ، إلا أن تأتي بأمر لا يعرف .
ومن كتاب ابن حبيب : قال ابن القاسم : إذا أقر المفلس لمن يتهم عليه ولمن لا يتهم عليه ، ولا بينة لغرمائه ، فإقراره جائز ويتحاصوا ، وإن كان لغرمائه بينة لم يدخل معهم من أقر له ممن يتهم عليه أو لا يتهم عليه ، وأما المقر عند الموت ، فيدخل من أقر له ممن لا يتهم عليه مع دينه بالبينة ، ولا يدخل معهم من يتهم عليه ، ولو أقر لمن يتهم عليه وليس لجميعهم/بينة ، جاز إقراره ، وإن ضاق مال تحاصوا ، فما وقع للمتهم عليه نظر ، فإن كان وارثا يشركه الورثة ، وإن كان غير وارث كان له إن كان في الورثة ولد ، وإن كانوا كلالة كان للورثة دونه ، قال ابن حبيب : وذلك إذ أقر بماله كله أو بجله مما لا تجوز وصيته له به ، فأما إن كان إقر له بما أوصى له به لجاز ، وقاله ابن القاسم وغيره وبه أقول .
[10/44]
***(1/41)
[10/45]
قال أحمد بن ميسير : وإذا أقر المديان المسجون ، يريد : وقد أحاط به الدين ، فإن كان قائم الوجه فإقراره جائز ما دام منبسط اليد في ماله ، غير أني أستحسن إذا قرب من التفليس ، وتعذرت عليه الحال ، وخاف من قيام الغرماء فأقر لمن يتهم عليه من ولد أو والد ، فإني أبطل إقراره وأراه تاليجا إليهم لما يخاف من ذهاب ما في يديه ، وأما إقراره للأجنبيين فليس كذلك ، قال أصبغ : قال ابن القاسم في المفلس يقول : هذا قراض فلان ، فهو مصدق ، وكذلك في الموت إن كان على أصل القراض والوديعة ببينة ، قال أصبغ : وهذا قول مالك للآخر ، وهذا أحب إلي وليس بالقياس ، وأما في البيع يقر في التفليس أن هذه سلعة فلان ، وعلى أصل البيع بينة ، ولا يعينوها فلا يقبل قوله ، أو يدعي بائعها أن الغرماء يعرفونها فليحلفوا ، فإن نكلوا كان أحق بها مع يمينه .
قال أصبغ في العتبية عن ابن القاسم : وإذا فلس المقارض بدين عليه فأقر في بعض ما في يديه أنه ليس من مال القراض ، قال : لا يصدق .
ومن كتاب محمد :/وإذا كان على الحر بينة فقال عند التفليس : هذا متاع فلان ، فقيل : يكون أولى به من الغرماء وقيل : إذا لم يعينوا ذلك ، وإنما شهدوا على إقراره بعبد أو سلعة لم يعينها لهم ، فلا يقبل قول في تعيينه بعد التفليس ، ويحلف الغرماء على علمهم ، فإن نكلوا حلف البائع وأخذها ، قال : ولو كان ذلك في قراض أو وديعة لقبلت قوله .
ومن كتاب ابن حبيب والعتبية : ابن القاسم عن مالك ، ومثله في كتاب ابن المواز : فيمن مات وقبله ودائع وقراض ودين ، ولم يوص بشيء من ذلك ، فمات ولو يوجد شيء من ذلك يعرف ، أنهم يتحاصون في مال إلا أن يوصي بشيء بعينه فيقول : هذا قراض فلان أو وديعته ، فيكون أحق به ممن لا يتهم عليه ، قال ابن
[10/45]
***(1/42)
[10/46]
القاسم : وأما في التفليس فلا يصدق كما لا يصدق في الدين ، قال ابن القاسم في كتاب ابن حبيب : كان على أصل القراض والوديعة بينة أو لم يكن ، ولو أقر بذلك في مرضه ، ولم يعين ، وجب به الحصاص ، وأما في التفليس فلا ، وقال أشهب ، واختلفا في قول المفلس : هذا قراض فلان أو وديعته ، وعلى أصلها بينة ، فأجاز ابن القاسم إقراره ، ولم يجزه أشهب إلا ببينة على التعيين ، رواه عن مالك .
وقال أصبغ : يقبل قوله فيما عين من وديعة وقراض ، كان عينا أو عرضا ، كان على أصله ببينة أو لم تكن ، لأنه أقر بأمانة ولم يقر بدين إذا أقر لمن لا يتهم عليه بالتاليج إليه ، فأما إن لم يفسر ذلك وإنما/قال : في ماله وديعة كذا وكذا وقراضا كذا فلا يجوز ، لأن هذا إقرار بدين .
وقال ابن حبيب ، وقال أشهب في كتابه : إذا قال قراض فلان في موضوع كذا ، فلم يوجد حيث قال ، فلا ضمان عليه ، وقال ابن وهب في سماعه : ومن أوصى عند وكان يلابس الناس في البيع فقال : هذا عِكْمُ فلان ، وهذه الدنانير قراض عندي ، وهذه الصرة وديعة عندي لفلان بغير بينة إلا قوله ، قال مالك : إن كان مليئا جاز ، وإن كان معدما لم يقبل منه يخص من أحب ، قلت له : فإن لم يكن له مال أيتحاص كل من سمى فيما ترك ؟ قال : نعم .
قال مطرف في المديان أو المفلس يوصي أبوه بماله كله فيجيز وصيته فلغرمائه رد ذلك ، ولا يجوز منه إلا الثلث ، ولو أقر أن أباه أوصى لفلان بالثلث ، وأكذبه غرماؤه ، فإن أقر قبل قيامهم ، فذلك جائز ، ولا يجوز بعد قيامهم ، ولو أقر أن لفلان عند أبيه ودائع ، أو له عليه دين ، فإن كان فلان حاضرا حلف وقبل قول المديان إن كان قبل يقام عليه ، ولا يقبل قوله بعد قيامهم ، وقاله ابن الماجشون وابن القاسم ، وقاله أصبغ في الدين ، وأما في ودائع ابنه فجائز إن نصها ، وإن لم نصها لم يجز .
[10/46]
***(1/43)
[10/47]
قال ابن القاسم ومطرف عن مالك في المفلس يهب للثواب ، فلغرمائه أخذ الثواب ، وكذلك إن مات ، ومن كتاب ابن المواز : في الحر يقر عند موته لصديق ملاطف ، أو لزوجته ومن أتهم عليه ، فإن كانوا عصبة لم يجز إقراره/وإن كانوا ولده أو ولد ولده أو أبويه جاز إقراره إلا أن يكون عليه دين محيط ببينة ، أو يكون ولده عرف منه البعضة لهم فلا يجوز إقراره للصديق الملاطف .
قال مالك : ولو أقر لعمته بدين ، ومن لا يرثه من رحمه ، ولا بينة لهم ، وعليه دين ببينة ، فلا يجوز إقراره ، وأما إقراره لأجنبي فذلك جائز ، ويحاص أهل البينة .
قال مالك في المأذون له ينتزع ماله فيقر بديون للناس بغير بينة ، فإن كان مما يشبه مداينة مثله ، ويؤتمن على مثله وهم يعرفون بمخالطته وتقاضي ، جاز إقراره ، وإذا كان بيده مال لسيده لم يستنجزه به ، فالسيد أحق به ، وإن استنجزه به فالغرماء أحق به ، إلا أن يكون عليه دين من بيع أو سلف ، قال مالك : وأما إن كتب عليه دينا كثيرا لا من بيع يشبه مال العبد ، فإن الغرماء أحق بماله إلا أن يرتهن بذلك رهنا فيكون أولى بالرهن . أصبغ : حتى يستوفي ما يشبه مداينه ويسقط الفضل .
قال مالك : إذا باع من عبده المؤذون سلعة ، وأخذ منه رهنا ، فلحق العبد دين ، فإن كان دين السيد بقدر مال العبد ومبايعة مثله ، فهو أحق بالرهن إذا كانت له عليه بينة ، وإن كان على غير ذلك لم يكن أحق به ، وإن كانت له به البينة : فقال ابن القاسم : ويفسخ رهنه لأنه كان على التاليج ، وليحاص بقدر قيمة ما باع في الرهن وفي غيره من ماله إذا قامت له بينة ، ولا بينة ، ولا يكون أولى بالرهن في مبلغ/قيمة ما باع منه ، قال اصبغ : وأنا أرى ذلك للسيد في الرهن إلا أن الرهن يقسم على ماله من صحيح الدين وفاسدة ، فما قابل صحيحة كان به فيه رهنا ، وقال أشهب وأصبغ في العبد يداين بغير إذن سيده ، ثم يعتق فليتبع به ذمته ، إلا إن يكن قد فسخه عنه سيده فلا شيء عليه منه .
[10/47]
***(1/44)
[10/48]
ومن العتبية وكتاب ابن المواز وابن حبيب : قال أشهب عن مالك في الصانع يفلس ، فيقول النساج : هذا الغزل لفلان ، ويقول الصائغ : هذه سبيكة فلان ، قال في كتاب ابن المواز : وكتاب ابن حبيب : لا يصدق إلا ببينة ، وكذلك الوديعة ، وقال في العتبية إلا أن يأتي ربه بشاهد ولذلك علامات ، قال ابن المواز في رواية أشهب وابن عبد الحكم : لا يصدق إلا ببينة ، وروي عن ابن القاسم في الصانع يسرق بيته فيقول : هذا ثوب فلان ، وهذا متاع فلان ، وقد سرق متاع الآخر ، قال : يحلف أصحاب ذلك ويأخذونه ، وكذلك المفلس . قال محمد : أما في المفلس فإن كان على أصل دفع ذلك إليه ببينة ، وإن لم يعرفه البينة بعينه ، أو على إقراره قبل فلسه ، فإني أقبل قوله . وأما في سرقة بيته ، أو حرقه بالنار ، فيذهب بعض المتاع ويبقى بعض ، فهو يقبل فيه إقراره ويصدق . قال عيسى : قال ابن القاسم عن مالك : إن إقراره لهم بذلك جائز بغير بينة ، قال ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم : يجوز إقراره بما استعمل فيه ، ولا يجوز بالوديعة . وقال أصبغ : يجوز إقراره في الوجهين إن عين ذلك ،/وأما إن قال : دفع إلي ثوبا أعمله ، وأودعني كذا ولم يعين ، فلا يقبل قوله ، ويصير كإقراره بدين .
قال أبو زيد في العتبية عن ابن القاسم : إذا قال : هذا قراض فلان ووديعته قبل قوله في الموت والفلس ، وإن لم يكن على أصله بينة . ولو كان قد باع منه أمة أو سلعة وعلى ذلك بينة ولا يعرفونها بعينها ، فقال بعد التفليس : هذه هي ، أنه مصدق وبائعها أحق بها .
قال ابن حبيب : قال مطرف : وإذا أقر المفلس بدين لرجل فرد إقراره ، وتحاص غرماءه ، وبقيت لهم عليه بقية ، ثم أفاد مالا ، فإنه يدخل معهم فيه المقر له أولا ، إذ لا تهمة هاهنا ، ولو كان قد الآخر قبل الفائدة ، جاز إقراره ، وإن كانت الفائدة بتجارة دخل فيها المقر له آخرا ، وكل من عامله بعد التفليس أو لا من
[10/48]
***(1/45)
[10/49]
الأولين ومن المقر له أولا ، لأن ما في يديه مال حادث . يريد بالتجارة كما قال مالك : أن من عامله بعد التفليس أحق من الأولين إن فلس الآن ، وكذلك من ابقي بيده شيء من الأولين كان أحق ، ولا يدخل في ذلك المقر له أولا ، ولو أفاد فائدة بميراث ، أو وصية ، أو صدقة ، أو عقل جرح لدخل فيه الأولون والآخرون ، ولا يدخل في التفليس الثاني كل من له دين من الأولين ممن حاص في المال الأول أو لم يحاص ، وقاله ابن الماجشون وابن القاسم .
قال ابن المواز : وقال أشهب في المفلس يفر بدين لرجل ثم يداين آخرين ، ثم يفيد فائدة : أن المقر له يدخل/فيها مع الأولين والآخرين ، ثم لا يرجع الأولون على المقر له فيأخذوا منه ما أخذه .
قال مالك في العبد المأذون يفر بالدين ، ويقول السيد : لا أعرف هذا ، فإقراره جائز ، وكما لو حضرته الوفاة فأقر فذلك لازم فيما في يد الغلام إذا كان معروفا بمداينة الناس .
قال ابن وهب : لا يقبل إقرار المأذون غلا بالبينة ، وقال أصبغ : ذلك جائز ما لم يكن لمن يتهم عليه مثل صديق ملاطف ونحوه . محمد : وهذا المعروف من قول مالك ما لم يفلس .
قال مالك في المأذون يقر عند موته لرجل ببضاعة ولا بينة فيها ، فإقراره جائز إلا لمن يتهم فيه من قريب القرابة والصديق المنقطع إليه ، فلا يؤخذ بقوله في هذا ، وكذلك الحر يقر لولد ولده ، ولامرأته المطلقة ، وله منها ولد ، فهذا يتهم ولا يصدق .
وبعد هذا باب في أفعال المديان من صدقة وعتق وغيره ، وفي كتاب العتق : باب في عتق المديان .
محمد : قال مالك في كتاب المديان : أعطي سيده عشرة دنانير من كتابته ، ثم عجز فطلب الغرماء تلك العشرة ، فإن علم أنها من أموالهم التي داينوه فيها أخذوها من سيده .
[10/49]
***(1/46)
[10/50]
في نكاح المفلس والمفلسة
من كتاب ابن حبيب : ذكر أنه روي عن ابن نافع عن مالك فيمن ابتاع عبدا فتزوج به ، ثم طولب بالثمن ولا مال له وقد بني أو لم يبن ، قال : يكون دينا عليه إذا لم يكن يعلم/منه خلابة قبل شرائه العبد ، ولم يعلم منه إلا خيرا ، فإن عرف بالخلابة أخذ صاحب العبد عبده ، واتبعته المرأة بقيمته ، وقال أصبغ : لو كان الزوج أخلب الخلابين لم يأخذ البائع العبد ، وهو للمرأة بني بها أو لم يبن ، وقال ابن القاسم في المرأة المديانة فتفلس أو لا تفلس حتى تتزوج ، فليس لغرمائها أخذ مهرها في دينهم إلا أن يكون الشيء الخفيف مثل الدينار ونحوه ، وليس لها أن تعطيهم جميع صداقها وتبقى بلا جهاز .
قال ابن القاسم : ليس للمفلس أن يتزوج في المال الذي فلس فيه ، وله أن يتزوج فيما يفيد بعد ذلك .
ومن كتاب محمد : قال أشهب عن مالك فيمن أحاط به الدين يتزوج بعبد بعينه ثم يفلس : أن المرأة أحق به ما لم يصدقها إياه بعد أن وقف على فلس ، وقاله ابن القاسم .
قال مالك : وإن كان دين قد أظله غرمه ، ولزم به ، وليس عنده غير العبد ، والمرأة فيه أسوة ، وإن كان لم يطله الدين ولم يلزم به حتى يرى الناس أنه لم يتزوج به فرارا ، فالمرأة أحق به .
قال أصبغ : رجع مالك عن هذا إلى أن شراءه وبيعه وقضاءه ونكاحه جائز ما لم يفلس ، به أقول .
[10/50]
***(1/47)
[10/51]
في التي أعطت زوجها مالا على ألا يتزوج ففلس ثم تزوج ، أو أقر لزوجته ثم فلس
من العتبية : قال أصبغ في التي أعطت زوجها بعد عقد النكاح مالا على أن لا يتزوج عليها ، فلما فلس وأوقف ماله/تزوج قبل يقسم ماله : قال : لها أن تتبعه به ، ولا تحاص مع الغرماء ؛ وهو كدين حادث .
وروى عيسى عن ابن القاسم في الذي يشهد لزوجته بحق لها عليه ثم أقام سنتين إلى ثلاثة ثم فلس ، فإنها تحاص غرماءه بذلك إن قامت بإقراره قبل التفليس بينة ، ورواه أشهب عن مالك .
وروى سحنون عن ابن القاسم في مريض أقر بدين لمن يتهم عليه من وارث أو غيره ، ثم صح حصة بينة ، ثم مرض فمات ، فإقراره جائز ثابت يؤخذ من رأس ماله ويحاص به الغرماء الذين لهم البينات .
جامع القول في المديان والمفلس من قضائه في ماله
وقد جرى في كتاب العتق باب في عتق المديان مستوعب .
روى أشهب عن مالك في العتبية في المديان يتصدق أو يعتق ، ثم أقام حينا ، ثم قام غرماؤه في ذلك ، فإ ، أقام البينة أنه حين تصدق لا وفاء عنده فيما يرون ، قال ابن القاسم : فلهم ذلك إذا يكونوا علموا بالصدقة ، وإن كان في الصدقة فضل عن دينه لم يرد الفضل ، وأما العتق فلا يرد إن طال زمانه ووارث الأحرار ، وجازت شهادته .
وروى عيسى و محمد بن خالد عن ابن القاسم في الرجل يرهقه دين فيزعم في جاريته أنها سقطت منه ، قال : لا يصدق إلا أن تقوم بينة بذلك من النساء ، أو يكون قد فشا هذا قبل ادعائه ، أو كان يذكر ذلك ، وإلا فلا ، وتباع للغرماء .
[10/51]
***(1/48)
[10/52]
قال عنه عيسى في غير رواية يحيى/بن عبد العزيز : أن الذي عليه المهر المؤجل لأجل قريب أو بعيد يحيط بماله أنه ليس له أن يعتق ولا تهب كسائر الديون .
قال عنه أصبغ وسحنون فيمن اعتق عبيده وعليه دين يغترق بعضهم ، ثم يستحدث دينا ، ثم يقوم به الغرماء الأولون ، فليرد من عتق العبيد بقدر الذي كان لهم من الدين يوم العتق ، فيباع لهم ويدخل فيه الغرماء الآخرون ، ثم يعتق باقي العبيد ، ثم لا يباع منهم شيء ، وإنما يباع للأولين أول مرة . ومن العتبية في قول لأشهب أنه إذا دخل الآخرون على الأولين فقاصوهم ، وبيع للأولين ثانية بقدر ما انتقصهم الآخرون ، ثم يدخل في ذلك الآخرون ، هكذا أبدا حتى يباعوا كلهم ، ويوفى الدين قبل ذلك ، وأعاب هذا أصبغ ، وذكر أن ابن القاسم أعابه أيضًا ، قال : وقد كان جنح إليه فيما أعلم ، ثم رجع عنه ، والمسألة مستوعبة في كتاب العتق ، والاختلاف فيها .
قال أصبغ : قال ابن القاسم : ومن أحاط به الدين فلا يجوز أن يتحمل بحمالة ولا فيما بين وبين الله ، وتفسخ الحمالة وهي كصدقته ، قال أصبغ : وهي معروف ، كما لا تجوز حمالة ذات الزوج بما الثلث ، ولا تجوز حمالة المأذون أيضًا .
[10/52]
***(1/49)
[10/53]
في البائع يجد سلعته في التفليس أو قد أخلطت بغيرها ، أو تغيرت وكيف إن بيع بعضها أو انتقد بعض الثمن أو لم ينتقد ؟ وفي المطلقة تفلس قبل البناء بها وبيدها ما أصدقت
من كتاب ابن المواز وفيه من العتبية من سماع ابن القاسم ، ومن كتاب ابن حبيب : قال مالك في المفلس يجد البائع سلعته التي باع منه بيده ، فإن شاء أخذها زادت أو نقصت بجميع الثمن ، وإن شاء تركها وحاص الغرماء ، وإن كان قد قبض بعض ثمنها فله رد ما قبض وأخذها أو تركها ومحاصتهم ، قال ابن حبيب : ولو لم يبق له من ثمنها إلا درهم لم يأخذها إلا برد ما قبض ، قال مالك في كتاب محمد : إلا أن يشاء الغرماء حبسها لغريمهم ، ويعطوا للبائع الثمن أو ما بقي منه ، فلا حجة للغريم ونماؤها له ، وثواؤها منه ، ولو قال : إما أن تحبسوها على أن تبروا بي وتضمنوها ، وإلا فدعوه يأخذها ، فليس له ذلك .
وقال يحيى بن يحيى عن ابن وهب في العتبية : إذا قال لهم هذا ثم حبسوها ، ودفعوا الثمن ، فضمانها منهم ، يقاصهم بها المفلس فيما لهم عليه ، وإن بيعت ففضلها للمفلس .
قال أبو محمد : قوله : فيما لهم عليه ، يعنى فيما ودوا عنه من ثمنها ، وذكر ابن حبيب من رواية ابن وهب عن ابن شهاب : أنه إذا قبض بعض ثمنها فليقاسم الغرماء ربها بالحصص ، وقد ذكرنا قول مالك وأصحابه فيه . قال ابن حبيب : قال مطرف وابن الماجشون عن مالك : أما إذا زاد ثمن السعلة فالغرماء مخيرون بين أن يعطوا البائع ثمنها أو يسلموها ، فإن كان بعض ثمنها فالبائع هو المخير إن شاء أخذها
[10/53]
***(1/50)
[10/54]
ولا تباعة له ، أو يتركها ويحاص . قال ابن الماجشون : وإذا/زاد ثمها فأعطى له الغرماء ما ائتمن من ماله أو من أموالهم فنماؤها للمفلس ما فضل عنه ، ومصيبتها إن تلفت قبل أن تباع أو نقصت منهم ، ليس على المفلس من ذلك شيء لأنه برئ بها إلى البائع فيما كان عليه منها من ثمنها ، كالعبد الرهن يحرج فيأبى سيده أن يفدي أو يسلم ، فيفتك المرتهن ، ثم يموت ، فمصيبته من المرتهن مصيبته ما أفتكه به ، ويتبع بالدين الأول ، فإن بيع بأكثر كانت الزيادة قضاء عن الراهن ، وقاله أصبغ ، قال ابن كنانة : ليس للغرماء أن يفدوها بأموالهم ، ولكنها تبدية يبدونه بثمنها في مال المفلس إن كان له مال ، وقال أشهب : ليس للغرماء أخذها بالثمن حتى يزيدوا على الثمن زيادة يحطونها عن المشتري من دينهم ، وتكون لهم السلعة ، لهم نماؤها وعليهم ثواؤها ، وقال ابن القاسم : النماء والثواء فيها من المفلس ، ولسنا نقول بشيء من هذه الأقاويل الثلاثة .
قال مطرف عن مالك في المفلس يقوم من باع منه عبدا ، فأقام فيه البينة ، فمات المفلس قبل يأخذه ، قال : إذا قام البائع في حياته فهو أحق إذا أثبت ببينة ، وليس وقف الغرماء وقفا لهذا حتى يقوم ويوقف له العبد بعينه .
ومن العتبية : قال عيسى عن ابن القاسم : قال مالك في المفلس يوقف السلطان ماله وفيه دابة ، فمات المفلس قبل قسم المال ، فيجد بائع الدابة دابته ، قال : إذا وقفت له فهو أحق بها ، وإن مات قبل أن توقف للبائع فهو/أسوة الغرماء ، وليس إيقاف ماله إيقاف البائع إذا لم يجيء حتى مات المفلس ، هذا يكون أسوة حتى ينقلوها في حياة المفلس ، فتوقف له ، فيكون أحق بها .
ومن كتاب ابن المواز : قال مالك : إذا أصاب البائع جاريته التي تباع من المفلس ، فطلب أخذها ، وأبى ذلك الغرماء ، فهو أحق بها ، إلا أن يدفع إليه الغرماء ثمنها أو يضمنوه له وهم ثقات ، أو يعطوه حميلا ثقة ، فإن فعلوا فماتت فهي من المفلس ، كما أن له فضلها ، وليس له أن يأبي الغرماء من أخذها له ويقول : إما
[10/54]
***(1/51)
[10/55]
برأتموني من ثمنها ، وإلا دفعتموها إلى البائع وذلك لهم ، ولا قول له ، وكذلك ذكر ابن حبيب عن مالك ، وقال : وليس لهم أن يقولوا له : نبيعها ونعطيك ، إلا أن يضمنوا له ، ثم نماؤها للغريم ، ومصيبتها منه ، ويتبع الغريم بما ودي عنه ، وقال أصبغ : مصيبتها من الغرماء ونماؤها للغريم ، لأن الغريم قد بريء منها ، وإنما أخذوها ، رجاء الفضل له ليأخذوه من دينهم ، وكالعبد الرهن يجني فيفدي المرتهن بعد أن أسلمه الراهن ، فيكون نماؤه للراهن ، وإن هلك لم يضمن الراهن إلا الدين الأول دون ما فدوه به ، وقاله ابن الماجشون ، وبه أقول .
ومن العتبية من سماع ابن القاسم ، ومن كتاب ابن المواز : وكتاب ابن حبيب : قال مالك فيمن باع راويتين زيت بعشرين دينارا فيقبض عشرة ، ثم فلس المبتاع وقد باع رواية ، فأراد البائع أخذ الرواية التي وجد ، فإنه يرد ما قابلها مما قبض ، وذلك خمسة/دنانير ، ثم يأخذها ، وكذلك لو كانت عشرة ، ولم يجد إلا واحدة فليرد عشر ما قبض ويأخذها إن شاء ، فعلى هذا يحق إن قبض عشر الثمن رد عشر ثمن ما وجد من سلعته ، وإن قبض الثلث رد ثلث ما وجد بعد فض الثمن على ما فات وما بقي منها ، وكذلك ما بيع من الأعدال وغيرها فيحسب أن ما انتقد عن الجميع .
قال ابن القاسم : وإن كانت عروضا مختلفة القيم في صفقة ، وقبض بعض الثمن فلتقوم كل سلعة من ذلك ، ويقبض الثمن على الجميع ، ثم يقسم ما اقتضي لكل سلعة قدر ما يصيبها فإن شاء أخذ ما وجد ورد ما قبض من ثمنه إلا أن يشاء الغرماء أن يتموا له بقية ثمن هذا الذي وجد ، مثل أن يبيع ثلاثة أرؤس بمائة دينار ، فيقبض ثلاثين ، وقيمة أحدهم نصف الثمن ، وللآخر ثلاثة أعشار الثمن ، والآخر خمس الثمن ، فصار من الثلاثين على الذي قيمته النصف خمسة عشر ، وعلى الذي قيمته ثلاثة أعشار تسعة دنانير ، وعلى الآخر ستة دنانير ، فمات فات منهم
[10/55]
***(1/52)
[10/56]
حسب عليه فيه ما قبض من ثمنه ، وحاص بما بقي ، وما وجد منهم ردما وقع له وأخذه إن شاء ، إلا أن يعطيه الغرماء بقية ما وقع له من الثمن ، قال مالك : وكذلك إن باع خمس روايا زيت ، فأخلطها بروايتين ، ثم باع بعض ذلك ، وقد كان نقد بعض الثمن ، ثم فلس ، فإذا عرف ذلك أخذ البائع إن شاء قدر ما يصير له مما بقي بعد أن يرد ما انتقد من الثمن حصة ما يسترجع ، قال في كتاب ابن المواز : قال ابن القاسم :/وكذلك الثياب والدواب وكل اشتري صفقة وإن اختلفت أصنافه فعلى ما ذكرنا من تقديم كل صنف وما يقع له من الثمن ، ومما قبض من الثمن فيرد حصة ما قبض من ثمن ما يجد ويأخذه ، إلا أن يعطي الغرماء قبض من الثمن فيرد حصة ما قبض من ثمن ما يجد ويأخذه ، إلا أن يعطي الغرماء باقي ثمن ويبقوه ، وإذا دفعوا إليه باقي ثمن ما وجده دخل بالحصاص معهم في ثمنها وفي باقي مال المفلس بما بقي له ، وقاله مالك ، قال محمد : يريد فيما فضل من ثمنها بعد ما فدوها به ، يريد محمد : إن فدوها بأموالهم ، قال : كما لو فدوها من مرتهن ، أو فداها بعضهم .
قال مالك : وإذا اختلط ما ابتاع من قمح ، أو عسل ، و زيت بمثله ، وعرف ذلك ببينة ، فله أخذه من جملته ، قال ابن القاسم : وإن خلط بشيء اشتراه من آخر كانا أحق به وتحاصا فيه .
قال محمد : وإن صب عسل هذا في جديدة هذا ولته فهما أحق بذلك من سائر الغرماء يتحاصون في ثمنها بقدر قيمة هذا من قيمة هذا ليس لهما غيره إن أحبا إلا أن يعطيهما الغرماء ثمن الجميع ، أو يعطوا لمن شاؤوا ثمنه ويدخلون مدخله من الآخر ، قال ابن أبي مطر : ثم وقف عنها محمد .
ومن العتبية من سماع أشهب في الذي يشتري من غير واحد فاشتري من هذا قمحا ومن هذا قمحا حتى اشتري من رجال فصبه كله في سفينته ، ثم فلس قبل دفع الثمن فهم أحق بما في السفينة من الغرماء إذا ثبت ذلك ، ويقتسموه على
[10/56]
***(1/53)
[10/57]
الحصص ، وذكر ابن الحبيب عن مطرف عن مالك . وابن عبد الحكم عن ابن وهب عن مالك مثل ما تقدم كله من خلطه/الشيء بمثله أن ذلك لا يبينه ولا يمنع بائعه من أخذه إذا ثبت ذلك ، وهو كمن دفع صراف مائة دينار فصبها في كيس ثم فلس مكانها ، أو بز يشتريه فيرقمه ويخلطه ببز غيره ، فليس ذلك مما يمنع به البائع من أخذ ماله فيه ، وقال مطرف وابن الماجشون وابن القاسم وأشهب وابن عبد الحكم وأصبغ ، قال أصبغ : إلا أن يخلطه بغير نوعه مثل أن يصب زيت الفجل على زيت الزيتون ، أو القمح القصيل على المغلوث جدا أو على المسوس حتى يفسد فيكون كما قد فات .
ومن العتبية : روى أصبغ عن ابن القاسم قال : بلغني عن مالك ، وهي في كتاب ابن المواز فيمن اشترى سلعتين من رجل بثمنين ، ثم فلس فوجد البائع أحدى السلعتين وفاتت الأخرى ، فأعطاه الغرماء ثمن التي وجد ، أن يحاصهم في ثمنها ، وفي سائر مال الميت بثمن الفائتة ، بمنزلة ما فدوها من جرح ، أو رهن ، قال عنه أبو زيد ، في العتبية فيمن تزوج امرأة بعبدين فقبضتهما ، ثم فلست وطلقها ، قال أبو محمد : يريد : قبل البناء ، فهو أحق بأخذ العبدين ، قال أبو محمد : يريد : يكون شريكا فيهما .
قال ابن المواز : وإذا طلقت امرأة قبل البناء وفلست ، فإن عرف المهر بيدها فالزوج أحق به حتى يأخذ نصفه ، فإن لم يوجد إلا نصفه ، فإن كان ما هلك بغير سببها يعرف ذلك ، فليس له إلا نصف ما وجد ، ولا محاصة له بما بقي ، وإن كان بسببها حاص بنصف ما ذهب وفي سائر ماله/.
قال أصبغ في كتاب محمد : إن ضمان هذا [التي] أفتكوها من المفلس لأن ذلك سلف منهم له ، إلا أنهم يبدون من ثمنها ما فدوها به ، ثم يدخل معهم في الفضل سائر الغرماء .
[10/57]
***(1/54)
[10/58]
قال ابن حبيب : قال مطرف : ولو وهب لرجل هبة للثواب فتغيرت عند الموهوب ثم فلس : أن الواهب أحق بها كالبيع ، إلا أن يعطيه الغرماء قيمتها ، وقاله ابن الماجشون ، وقاله ابن القاسم عن مالك .
ومن كتاب ابن المواز : قال أصبغ فيمن اشترى من الفيء رقيقا بأكثر من سهمانه فلحقه درك لأهل ذلك الغزو ، وعليه دين آخر ففلس وليس له غير تلك الرقيق ، فأهل ذلك المغنم الذين باعوه أولى ، بمقدار ما فضل فيهم عن سهم ، وينظر قدر سهم منهم فيكون مالا من ماله لغرمائه سواهم ، وهؤلاء أحق بالفضل يأخذوه أبو يتركوه ، ويحاصون في جميع ذلك ، وذلك إن كان شراه منهم خاصة بمقدار ما صار لهم وله خاصة دون الجيش ، والحق ثابت عليه لم يختل بعضهم بعضا عليه ، فأما إن أحيل عليه بما زاد عنده على حقه رأيت من احتال عليه أسوة الغرماء بما احتال ، وكذلك إذا لم يشتر من قوم منهم بأعيانهم من شيء مما صار لهم خاصة بالقسم ، لم يكن من احتال عليه بما زاد عنده على سهمه أحق بشيء مما بيده من ذلك ، إذ ليست سلعا لقوم بعينهم ، إنما هي غنائم يبيعها السلطان للخمس ، ولأهل الجيش ، فالمحتال/ليس ببائع ، إنما أحيل بدين ، فهو وغيره أسوة في تلك الرقيق ، قال محمد : لم أدر من أي وجه قاله أصبغ ، وأرى أن يكون المحتال يقوم مقام من أحاله سواء ، يكون أحق بما زاد ثمنهم على سهمه على ما كان اشترى يوم الشراء .
وفي باب التحاص في مال المفلس : ذكر من طلق قبل البناء وفلست المرأة فوجد الصداق بعينه .
ثم الجزء الأول
من المديان والتفليس
بحمد الله
[10/58]
***(1/55)
[10/59]
( بسم الله الرحمن الرحيم )
عونك اللهم
كتاب الجزء الثاني من المديان والتفليس
فيمن ابتاع طعاما فلم يقبضه حتى مات البائع وقام غرماؤه
قال ابن حبيب ك قال ابن القاسم عن مالك فيمن ابتاع من رجل طعاما عنده ، ونقده الثمن ، ثم ذهب ليأتي بمركب يحمل فيه ، فمات بائعه وقام غرماؤه ، فالمبتاع أولى منهم بطعامه ، قال أبو محمد : يعني وكذلك لو ابتاع على الكيل فلم يكتله حتى مات بائعه ، فالمبتاع أحق به وتكتاله ، ولا حصاص فيه ، لأنه ليس في الذمة ويتبين لو هلك هذا الطعام قبل ذلك ببينة بأمر من الله أن البيع ينتقض ويصير المشترى أسوة الغرماء في الثمن إذا لم يعرف بعينه .
فيمن باع سلعة فتحول عن حالها بحادث أو غير حادث أو يحدث فيها المبتاع صنعة أو رهنا ، أو يكون عبدا فيأبق ، أو يجني ثم يفلس المشتري في ذلك كله
ومن كتاب ابن حبيب :/قال مطرف عن مالك فيمن باع أمة فعميت أو اعورت بغير جناية ، ثم فلس فإما أخذها البائع بجميع حقه أو يدعها ويحاص ، وكذلك في كتاب ابن المواز ، قال مطرف : ولو كان ذلك بجناية جان فنقصها
[10/59]
***(1/56)
[10/60]
نصف قيمتها ، فللبائع أخذها بنصف حقه إلا أن يعطيه الغرماء نصف حقه ، أو يسلمها ويحاص الجميع ، قال مالك : وكذلك الثوب يخلق ، أو يتوهى ، أو يدخله فساد فهو كالأمة تعور ، وقاله ابن الماجشون ، وابن القاسم ، وأشهب ، وابن وهب ، وابن عبد الحكم ، وأصبغ ، قالوا : إلا أن يكون ما دخل من البلى والفساد فاحشا جدا ، قال ابن الماجشون : فلا يكون له أخذه ، قال ابن القاسم ، وأشهب : ولا خيار لصاحبه في أخذه وأخذه ما نقصه ، ولكن يضمنه المتعدي بقيمته ، ويسلمه إليه .
قال مطرف عن مالك : وإذا وجد الثياب قد قطعت ، قال ما أدي لو كانت جلودا فقطعت نعالا كان ذلك له فوتا فإذا تفاوت الشيء هكذا فلا أرى له شيئا ، وأما شيء متقارب لم يأت فيه فوت ، فإنه أحق به قاله أصحاب مالك ، وذكر مثله ابن المواز عن مالك ، والجلود تقطع نعالا ، من رواية ابن وهب .
ومن كتاب ابن المواز وابن حبيب : قال مالك فيمن اشترى عرصة فبناها دارا أو عدلا فنسجه ثم فلس ، فإن للبائع أن يكون شريكا للغرماء بقدر قيمتها من قيمة البنيان ، وكذلك الغزل ، وكذلك في العتبية عن زيد عن ابن القاسم ، قال ابن حبيب :/وقال أصحاب مالك كلهم : قال مالك في كتاب ابن المواز : ولو اشترى جلودا فقطعها خفافا لم يكن أحق بها ، وهذا فوت ، وكأنه ليس بعين شبه ، بخلاف العرصة تبنى ، وقال أصبغ ، ورواه عن ابن وهب عن مالك .
قال ابن حبيب : قال أصبغ : ومن اشترى زبدا فعمل سمنا ، أو ثوبا فقطع قميصا ، أو ظهارة ، أو خشبة فعمل منها بابا أو تابوتا ، أو كبشا فذبح ، أن ذلك كله فوت ، وليس لبائعه غير المحاصة بخلاف العرصة تبنى والعزل ينسج ، لأن هذا عني شبه قائم زيد فيه غيره .
قال ابن المواز : وأما الجلد يدبغ ، والثوب يصبغ ، فإنه يكون البائع شريكا فيه ، ويكون الغرماء معه شركاء بقد ما زاد الصبغ والدباغ ، وقال أصبغ عن ابن
[10/60]
***(1/57)
[10/61]
وهب أنه قال : إن ذلك فوت ، ثم رجع إلى هذا وقال ابن القاسم : يكون العامل شريكا بقيمة الصبغ وبقيمة النسخ في الغزل .
وقال في الصباغ يسلم الثوب إلى ربه ، ثم يفلس ربه : أن الصباغ أن يكون شريكا في الثوب بما زاد فيه الصبغ .
ومن كتاب ابن المواز : وإن اشترى قمحا فزرع لم يكن البائع أولى به ، ولو طحن ما كان أولى به ، قال أشهب : وإذا فلس وقد دفع ثوبا إلى قصار أو صباغ يعمل ، فقام بائعه بعد فراغه ، فله أخذه من الصانع بعد أن يعطي أجره ، ويحاص الغرماء بما أعطاه يقوم مقام الصانع ، قال محمد : لا شيء له مما فداه به وإن أسلم إليه الغرماء ، وليس له إلا ثوبه زاده الصبغ غأو نقص كالعبد يجني عنده ثم يفلس فيفديه/بائعه فلا يرجع بشيء مما فداه به ، ولو وجد سلعته مرهونة ، فالبائع مخير أن يدعها ، أو يحاص ، أو يفديها ويأخذها بالثمن كله زادت أو نقصت ، ويحاص بما فداها به ، ففرق محمد عن أشهب بين الجنابة والرهن ، وهو صحيح ، لأنه في الجنابة لم يتعلق بذمة المشتري شيء يلزمه ، ثم ذكر في نسقه سببا كأنه يخالف هذا في الجنابة فتركته .
ومنه ومن العتبية من سماع ابن القاسم عن مالك : ومن اشترى عبدا بثمن مؤجل ، فرهنه ، ثم فلس ، فبائعه مخير إما فداه وحاص الغرماء بما دفع إلى المرتهن ، وإلا أسلمه وحاص بثمنه كله مع الغرماء في فضل ثمنه بعد افتكاكه ، وفي سائر مال المفلس ، فإن فداه من المرتهن فالغرماء بالخيار ، إن شاؤوا أسلموه إليه ، وإن شاءوا أعطوه ثمنه ثم حاصهم فيه وفي غيره بما فداه به ، قال في كتاب ابن المواز : ولو لم يرهنه ولكن جنى ، فالغرماء مخيرون إما فدوه بدية الجناية وبثمنه الذي لبائعه ، ثم يبيعونه فيستوفون من ثمنه دية الجنابة ، فإن عجز عنها لم يكن لهم من بقية الجنابة شيء ، وإن فضل بعد تلك الجناية شيء فذلك بين غرمائه من دينهم الأول ، وإن مات العبد أو نقص بعد أن فدوه فلا شيء على المفلس مما فدوه به من مثل
[10/61]
***(1/58)
[10/62]
الجناية وحدها ، قال : وإن شاءوا افتكوه من بائعه بالرهن ، ومن المجروح بدية جرحه وبزيادة على دية الجرح شيء من دينهم ليكون العبد لهم رقا ، فذلك لهم ، وإن مات إن دينهم عليه/إلا الزيادة التي زادوها على دية الجرح يحطوه عن الغريم .
وروى أبو زيد وعيسى عن ابن القاسم في العتبية ، وهو في كتاب ابن المواز فيمن باع عبدا فأبق عن المشتري ثم فلس فطلب البائع أن يحاص بثمنه على أنه إن وجد العبد أخذه ورد ما حاص به ، فليس له ذلك . إما أن يرضى بطلب العبد ولا شيء له غيره ، وإلا فليحاص - إن شاء - الغرماء أن يدفعوا إليه الثمن ، قال ابن حبيب : قال أصبغ عن أشهب ، قال : وليس سوى الآبق فيه ترك المحاصة ، ويقول : أن أطلب عبدي ، فذلك له ، فإن وجده فهو أحق به ، وإلا رجع فحاص الغرماء .
وقال : قال مالك فيمن باع تمرة حائطه في رؤوس النخل ثم فلس المبتاع بعد أن تيبس ، فأراد البائع أخذه بحقه ، قال : لا خير فيه ، وأجازه أشهب ، واختلف قول مالك فيه في العتبية ، وقال أصبغ بقول مالك في النهي عنه ، قال ابن حبيب : وذهب أصبغ في الآبق إلى أن بائعه ليس له أخذه بثمنه ، وبه أقول .
وقال ابن الماجشون : ومن أعرى حائطه سنين ثم فلس ، فلا يباع حتى يتم سنوه ، ولو كان ساقاه بيع الحائط على أن هذه مساقاة .
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن باع عبدا ففلس مشتريه بعد أن باعه فحاص البائع بمثنه ، ثم رد بعيب ، فقال البائع الأول : أنا آخذه وأورد ما أحدث ، فذلك له ، وإذا وطئ المشتري الأمة ثم فلس فللبائع أخذها ، وليس الوطء فيها فوتا وهو يفيت الإعتصار ، وفوت في هبة الثواب .
[10/62]
***(1/59)
[10/63]
فيمن رد سعة بعين ، أو بفساد بيع
فلم يقبض/ثمنه حتى فلس بائعه فوجدها ، هل يأخذها ؟
أو بائع أخذ سلعته في التفليس ثم وجد بها عيبا
من كتاب ابن المواز : قال القاسم في المشتري يرد العبد بالعيب ، فلم يقبض يمنه م البائع حتى فلس والعبد بيده ، فلا يكون الراد له أولى به .
قال مالك في المشتري يفليس وقد نقد بعض ثمنها ورد البائع ما قبض وأخذها ، ثم وجد بها عيبا . يريد : مما حدث عند المبتاع ، فله ردها ويحاص أو يحبس ولا شيء له ، قال محمد : لأنه لا يعرف ما كان رد من الثمن بعينه ، ولو عرف بعينه مثل أن يكون طعاما أو كتانا أو غيره فيكون أ؛ق به ويحاص بما بقي له من ثمنها فيها وفي غيرها ، قال أبو محمد : أنظر قول محمد وتأويله ، ولم لا يأخذ ما رد وإن لم يعرف بعينه ، كما لو بيع على المفلس عبد فاقتسموا ثمنه ، ثم رد بعيب .
قال ابن القاسم في المكاتب يعجز ثم يرد عليه عبد باعه بعيب وعليه دين ، فقال الغرماء للمشتري : إن رددته دخلنا معك فيه ، فذلك لهم ، إلا أن يتمسك به ، وهذه في المدونة وذكر مسألة المقارض يتعدى ، ثم يأتي بسلع وعين ، وذكر مثل ما في المدونة وزاد محمد قال : وذلك إذا عرف أنها من القراض .
قال أبو زيد فيمن عليه مائة إردب قمح من بيع فابتاع البائع مائة إردب بصفة ما عليه ، وأحال بها مبتاعه فقبضها قبل يستوفيها مبتاعها ، وكان مبتاعها حلف له بالطلاق ليوفين حقه . فقد برئ في يمينه ويفسخ قبض المحلوف له/والأول أحق به ، قال محمد : لأنه يعينه له ، ولم يفت ، وإذا رد غرم الحالف ما عليه ، فكان بين غرماء المحلوف له .
قال ابن الماجشون : ومن ابتاع سلعة من رجل بيعا فاسدا بنقد أو بدين له عليه ، ثم فلس البائع قبل فوت السلعة ، فإنه يرد البيع ويرجع السلعة إلى المفلس بين غرمائه ، إلا أنه إن باعها بنقد فمبتاعها أحق بثمنها حتى يستوفي حقه ، وإن
[10/63]
***(1/60)
[10/64]
أخذها بدين دخل مع الغرماء في ثمنها ، لا أنه كان له هدين كدينهم فرجع إلى ما قد كان ، قال محمد : وهما عندنا سواء إلا أنه إذا نقص البيع في النقد فإن وجد ثمنها بعينه كان أحق به ، وكذلك فيما رد بعيب ، وإن لم يجده بعينه كان إسوة الغرماء إن اختار الرد ، ولو جعلت في النقد أحق بثمنها ، وإن لم يجده بعينه ، لكان له ذلك في اشترائه إياها بدين .
قال سحنون في كتاب ابنه فيمن اشترى سلعة شراء فاسدا ، ففسخ البيع وقد فلس البائع ، قال : فالمبتاع أحق بالسلعة حتى يستوفي ثمنها ، وقال ابن المواز : لا يكون أحق بها .
قال ابن المواز : وقال ابن القاسم فيمن تكفل عن رجل بألف درهم ، فصالح الكفيل الطالب على مائة درهم لتكون الألف له ، فذلك حرام ، والحمالة على حالها ، ويرد الطالب المائة على الكفيل ليس له حبسها من الألف ، قال أصبغ : إلا أن يكون ليس على الكفيل دين والمطلوب غائب أو معدم ، يريد : حبسها .
/قال أصبغ عن ابن وهب فيمن حبس عليه ثوب فرهنه فليرد ، وينقص رهنه ، ويتبعه الطالب بدينه ، فإن كان الرهن دارا أو دابة أكريت ، وكان المرتهن أحق بكرائها من الغرماء حتى يستوفي حقه ، قال محمد : والصواب عندي أن المرتهن إن شرط عليه ارهنا فالرهن جائز فهيا ما دام المحبس عليه حيا ، فإذا مات رجعت إلى من إليه مرجعها ، وإن لم يكن اشترط الغلة رهنا فالرهن باطل ، وكذلك كل ما ليس له غلة من الأحباس فرهنه باطل .
[10/64]
***(1/61)
[10/65]
في العين هل يكون دافعه أولى به
إذا وجده في تفليس قابضه ؟
أو وجد ما اشترى به في بيع أو كراء أو قرض
من العتبية : روى سحنون عن أشهب في قوم اكتروا إبلا ودفعوا الثمن ثم فلس الجمال ووجدت دنانير أحدهم بيد الجمال بعينها يشهد عليها : أن دافعها لا يكون أحق به ، بخلاف السلع ، ولو كانوا أخذوا عليه حميلا فدفعوا إلى الجمال الكراء إلا رجل منهم دفع إلى الحميل ونفى الجمال ذلك ، فإن الدافع لا يدخل عليه في ذلك أصحابه ، وإن كان قبضه بأمر الجمال فالمال الذي بيد الحميل بين جميع الغرماء ، وقد روى محمد بن خالد عن ابن القاسم فيمن أسلف رجلا مالا فاشترى به سلعة ، ثم فلس فقام المفلس مع الغرماء فطلب أخذ السلعة التي اشتريت بماله ، فليس ذلك له ، وهو أسوة/الغرماء .
وفي باب التحاص في مال المفلس في ذكر الصداق بعينه يوجد بيد الزوجة وقد فلست .
فيمن باع أمة أو غنما فولدت ثم فلس
وكيف إن وجد الولد دونها ؟
أو بيع الولد ، أو بيعت دونه أو مات أحدهما
من كتاب ابن المواز : قال مالك ، وذكره عيسى عن ابن القاسم في العتبية فيمن باع أمة ثم فلس المشتري وقد ولدت ، وباع الولد ، فإن شاء أخذها بجميع الثمن وإما تركها وحاص بثمنها كله ، وكذلك إن كانت غنم أو رمكة فيبيع نتاجها فليس له في الولد شيء ، وكأنه غلة ، قال : وإن وجد الأولاد وقد باع الأمة ، قسم الثمن على الأمة وولدها ، فأخذها الأولاد بحصتهم من الثمن ، ويحاص بما أصاب الأم من الثمن ، قال يحيى بن عمر : مسألته إذا وجد الأم وقد بيع الولد ،
[10/65]
***(1/62)
[10/66]
رواية ابن القاسم عن مالك ، وإذا وجد الولد وقد بيعت الأم من رواية ابن وهب عن مالك ، قال سحنون : لا أدري ما هذا ؟ قال مالك في الكتابين : ولو ماتت الأم وبقي الولد ، أو مات الولد وبقيت الأم فليس له أخذ الباقي منهما إلا بجميع الثمن ، أو يترك ويحاص ، قال محمد : إذا ولدت عند المشتري فإن كان قبض شيئا من الثمن رده وأخذ ما وجد بالثمن كله ، قاله مالك .
ومن كتاب ابن حبيب : وذكر مثل ما ذكرنا كله عن أصبغ عن ابن القاسم ، وقال : قال ابن القاسم : ولو قتل أحدهما فأخذ له عقل وبقي الآخر كان/مثل البيع سواء ، وإن لم يؤخذ له عقل فسبيله سبيل الموت ، ولو باعها بولدها كانا كسلعتين بيعتا في صفقة في وجود ما وجد منها ، وذكر مثله كله ابن وهب عن مالك ، وقاله أشهب ، قال ابن القاسم : ولو ولدت الأمة ثم ردها بعين فذلك بخلاف التفليس ، هذا وإن باعها ردها مع أيمانهم ، وإن مات ولدها ردها بغير شيء إلا أن ينقصها الولد نقصا بينا ، وإن باع الأم وبقي الولد ثم ظهر على عيب ، لم يرجع بشيء إلا أن يرجع عليه ، فيكون مخيرا كما ذكرنا في الزيادة والنقصان ، قال أصبغ : إن تولدت الغنم فله أخذها بأولادها أو يتركها ، وتكلم فيها إذا وجد الأم أو الأولاد مثل ما تقدم في الأمة ، وروي مثله عن ابن وهب عن مالك والليث .
فيمن فلس وقد ابتاع عبدا بماله فهلك العبد وبقي المال ، أو هلك المال وبقي العبد أو كانت غنما فجز صوفها ، أو نخلا فجد تمرها ، ثم فلس أو رد ذلك بعيبه
من العتبية : روى عيسى عن ابن القاسم ، ومثله في كتاب ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون في رجل ابتاع عبدا بماله بدين إلى أجل ففلس مشتريه وقد مات العبد وبقي ماله ، فليس للبائع أخذ المال وهو أسوة في مال العبد مع سائر مال المفلس ، وإن كان مال العبد رقيقا وعروضا وقد قال مالك : إذا ذهب
[10/66]
***(1/63)
[10/67]
مال العبد في الثلاث أنه لا يرده ،/بذلك ، قال : ولو هلك المال وبقي العبد ثم فلس مشتريه فسواء هلاك المال بانتزاع من السيد ، أو استهلاك منه أو من العبد ، فالبائع مخير إن شاء أخذ العبد ولا شيء له غيره ، أو يدعه ويحاص بالثمن ، إلا أن يدفع إليه الغرماء الثمن ويأخذوا العبد فذلك لهم ، قال ابن القاسم : وإن وجد به عيبا وقد ذهب ماله رده ولا شيء عليه من المال إلا أن يكون ينزعه منه فليرده معه ، وكذلك لو كان ما انتزع منه إنما اكتسب عند المبتاع فلا يرده إلا بماله ، قال في كتاب ابن حبيب : وما وهب له السيد ثم انتزعه فليس عليه رده في رده بالعيب ، وله أن ينتزعه في حين رده بالعيب .
ومن كتاب ابن حبيب وابن المواز : قال ابن القاسم : وإن اشترى غنما عليها صوف ، - قال في كتاب ابن حبيب عن أصبغ - قد حان جزازه فجزه ثم فلس ، يريد : وقد فات الصوف فلينظركم كان قدر الصوف من الرقاب إلى ما باعه إن باعه فيأخذ غنمه بحصتها بلا صوف ، ثم يحاص الغرماء بما دفع الصوف من الثمن ، إلا أن يشاء الغرماء أن يعطوه ما قابل الغنم ويحاص بقيمة الصوف من الثمن ، وكذلك الأصول كلها يشتريها وفيها ثمر قد طاب ، قال في كتاب ابن حبيب : قد أدبر وكذلك الدار لها الغلة قد حلت فاشتراها مع غلتها بما يجوز به البيع ، إن كانت عينا اشتراها بعرض ، وإن كانت عرضا بعين ، قال في كتاب ابن المواز : أو عبدا اشتراه/بغلته التي قد حلت فهو كما ذكرنا في الغنم يجز صوفها ، قال أصبغ في كتاب ابن حبيب : ولو كان الصوف الذي حز منها عنده فللبائع أخذها مع صوفها ، أو يترك ذلك ويحاص بجميع الثمن ، ولو شاء أخذها مع صوفها فطلب الغرماء أن يعطوه الثمن ويبقوا ذلك ، للغريم نماؤه وعليه ثواؤه فذلك لهم ، ويباع ويتخلص في ثمن ذلك وغيره من ماله . قال أصبغ : وإن لم يفلس ولكن ردها بعيب فليرد مكيلة الثمرة التي أخذ يابسة ، أو يقاصه بقيمتها إن جدها رطبة ، وأما في رد الغنم أو الدار بعيب فلا بد أن يرد معها مثل الصوف التي جز وغلة الدار التي اشترى معها ، وهذا إن كان ذلك تبع وإلا .
[10/67]
***(1/64)
[10/68]
فيمن اشترى ماله غلة من غنم أو نخل أو ربع أو حيوان فاغتله ، ثم فلس وطلب بائعه أخذه ما الحكم في الغلة ؟ وكيف إن رد بعيب ؟
من العتبية من سماع عيسى عن ابن القاسم ، ومثل معناه في كتاب ابن المواز ، وذكر نحوه ابن حبيب عن أصبغ وما/اشترى من نخل لا تمر فيها ، أو غنم ليس عليها صوف ، أو در ، أو عبد لم يحل فيه غلة فاغتل ذلك سنين ، واكتسب العبد مالا فانتزعه ثم فلس المبتاع فليس للبائع فيما اغتل المبتاع وانتزع شيء ، إن اختار أخذ السلع من غنم ونخل وغيرها فليأخذها وحدها ، وإلا تركها وحاص الغرماء ، ابن حبيب : كانت الغلة عنده أو قد فاتت وإذا كان في النخل يوم يأخذها ثمرة قد طابت فهي بيع للغرماء ، وكذلك ما حل من غلة دار ، وأما ما كسب العبد فله أخذه بما كسب عند المبتاع والغنم بما عليه من صوف قد تم إلا أن يعطيه الغرماء دينه ، والفرق بينهما : أن مشتري الغنم عليها صوف لا يذكره ، ويكون للمبتاع ولا يكون له مأبور الثمر .
قال العتبي ، وقد قال مالك في كتاب آخر : إذا بقيت النخل ولا تمر فيها ، ثم فلس وفيها تم أن للبائع أخذها بتمرها ، ومن كتاب ابن المواز : وذكر ابن المواز اختلاف قول مالك أنه قال مرة : لا يأخذ الغلة ، ثم رجع فقال : يأخذها ما لم تفارق النخل ، فإن جدت فلا يأخذها ، وأما مال العبد الذي أفاده عند المشتري فانتزع منه ، فإن البائع يأخذه به إذا أخذ العبد ، وقاله أصبغ ، وقال : وأما الصوف والتمر إذا كان فيهما يوم اشترى فهما شيئان كالسلعتين يقع الثمن عليهما ، كما لو استحق أحدهما لفض الثمن عليها ، ويرجع/بقدر ذلك ، قال محمد : فإذا أخذ ذلك المشتري وقد كان يوم الشراء فيها ترم قد أزهى وعلى الغنم صوف قد تم ، فللبائع قيمة ذلك عن ابن القاسم ، وإن لم يجد الثمرة ولا جز الصوف فهو للبائع ما لم تيبس التمرة .
[10/68]
***(1/65)
[10/69]
قال ابن القاسم : قوله الأول هو القياس ، والثاني هو الاستحسان ، وهو أحب إلي ، وقاله أصبغ ، وقال مالك : ما دامت الثمرة في رؤوس النخل لم تجد ولم تبع فهي كالولد .
قال أشهب فيمن اشترى نخلا فيها تمر مأبور ، أو مزهي ، أو لا تمر فيها ، فإذا قام الغرماء فالبائع أحق بالنخل بما فيها من تمر أزهى أو لم يزه ، إلا أن يعطي الغرماء الثمن ، ولو كان فيها شفعة فالشفيع أولى بها من بائعها ومن الغرماء ، وبائعها أولى بالثمن الذي يدفع الشفيع ، فبائعها أحق بها ، إلا أن يشاء الغرماء أن يدفعوا إليه ثمنها ، وقال أصبغ عن ابن القاسم عن مالك : إذا لم يكن فيها يوم البيع تم ففلس المبتاع وفيها ثمرة قد طابت ، أن للبائع أخذها بثمرها ما دامت في النخل ، إلا أن يعطي الغرماء حقه . قال ابن القاسم : وكذلك لو كان فيها يوم البيع ثمرة مأبورة فاستثناها .
وقال ابن عبد الحكم عن مالك فيمن ابتاع حائطا ثم أقاله وقد صار فيه تمر قد يبس ، فلا خير فيه إلا أن يفلس مشتريه فيكون أحق به من الغرماء ، لأن الحكم أوجبه له .
قال في كتاب ابن حبيب : وما اغتل من النخل قبل ردها بالعيب ، فلا يأخذه البائع إلا أن يكون في النخل/حين يردها بالعيب تمر قد أبر أو أزهى أو لم يؤبر فلتؤد مع الأصول ما لم تزايلها ، وأما في التفليس فإن كان فيها تمر لم يؤبر للبائع ، وإن كان قد أبر فهو للمبتاع مثل الشفعة ، قال : وإن كان للدار حين يردها بالعيب غلة قد حلت ولم تقبض فهي للمبتاع ، وإن كان للغنم صوف اكتسبه عنه ردها في العيب بصوفها ما لم يجزه ، وغلة الدار بخلاف صوف الغنم وتمرة الشجر ، وإذا رد الشجرة بعيب وفيها ثمرة قد طابت فلا أجر له في قيامه وسقيه للتمرة ، لأن ضمان ذلك منه كنفقته على الدواب ، فإنما أنفق في ماله ، قال أصبغ : وإذا فلس مشتري الغنم وعليها صوف قد تم ، فللبائع أخذها بصوفها ، إلا
[10/69]
***(1/66)
[10/70]
أن يعطيه الغرماء دينه ، وأما الدار تحل غلتها فالغلة للغرماء ويأخذ البائع الدار بلا غلة إن شاء ، وليس غلة الدار بمنزلة تمر النخل وصوف الغنم ، فرق بين ذلك : أن من اشترى غنما عليها صوف فلا يستثنه فيكون له ، ويشتري الدار ولها غلة قد حلت فلا تكون له إلا بالاشتراط .
في الصناع هل يكونون أحق في التفليس والموت بما عملوه حتى يأخذوا أجرهم ؟ وكيف إن دفعوه إلى أربابه ؟ وفي الأجير هل يحاص الغرماء ؟
من العتبية : روى عيسى عن ابن القاسم ، وفي كتاب ابن حبيب من رواية أصبغ عن ابن القاسم : كل صانع عمل لرجل سلعة لم يجعل فيه إلا عمل يده مثل الخياطة والصياغة/والقصارة وما أشبه ذلك ، ثم فلس ربها ، فالصانع أحق بها حتى يأخذ أجره ، قال في كتاب ابن حبيب : في الموت والفلس إلا أن يكون قد ردها إلى ربها قبل ذلك ، ثم يؤخذ قبل ذلك فهو أسوة الغرماء بعمله ، وكل صانع أخرج من عنده شيئا صار في السلعة سوى عمله مثل الصباغ يجعل : قال أبو محمد : يريد : العصفر وغيره ، والصيقل : يريد : حوائج السيف ، والفراء يرقع الفرو برقاع من عنده ، ثم أخذه ربه ثم فلس ، فهذا إذا وجد ما بيد أرباب ينظر إلى قيمة ذلك الصبغ يوم الحكم فيه ، وذلك العمل لا ينظر ، زادت السلعة بذلك أو نقصت ، وإلى قيمة الثوب أبيض فيكون بقيمة الصنعة شريكا إن أبى الحصاص ، زادت قيمة ذلك على أجره أو نقصت ، إلا أن يعطي الغرماء ما شاركه عليه المفلس من الأجر ، فذلك لهم بمنزلة من باع غزلا نسجه المبتاع ثوبا ، ثم فلس والثوب بيده ، فإن لم يحاص كان شريكا بقيمة العمل من قيمة الغزل ، كانت قيمة الثوب أقل من قيمة الغزل أو كثر إلا أن يعطيه الغرماء ثمنه ، وقد تقدم هذا ، زاد في
[10/70]
***(1/67)
[10/71]
كتاب ابن حبيب : أصبغ عن ابن القاسم : وأما إن كان بأيديهم فيهم أحق بذلك كله في الموت والفلس ، كان لهم في صنعة غير علم اليد أو لم تكن ، وأما التجارة والبناء فهم فيه أسوة في الموت والفلس ، والذي يرقع الثوب برقاع من عند ربه ثم رده إليه ، وإنما خاطه فقط ، فهو أسوة في الموت والفلس ، وإن كان لم/يرده فهم أحق به في الموت والفلس ، وإن كان برقاع للخياط وقد رده فهو أحق به ، وإن خرج من يده في الفلس لا في الموت حتى يأخذ حقه يقام مرقوعا ، ويقام غير مرقوع ويكون شريكا بذلك . قال أصبغ : وإن كان خاط فيه فتوقا مع الرقاع ، فللأقل من ذلك حكم الأكثر إن كانت الرقاع أيسر ذلك : رقعة ورقعتان من غيره ولا بال له ، وأكثره خياطة فتوق ونحو ذلك ، فهو أسوة في الموت والفلس في جميعه ، وإن كانت الرقاع أكثر ذلك وهي من عنده وأقل مرمة وفتوقا ، كان أحق به على ما تقدم ، وإن تناصف ذلك وكان لذلك قدر ، أقيم كل ذلك على حدته ، ثم يكون أسوة في المرموم ، وكان بما يتوب الرقاع شريكا إذا قيم الثوب مرقوعا معمولا على ما ذكرنا .
ومن كتاب ابن المواز : وقال ابن القاسم في صانع استأجره رجل يعمل له عملا في بيته ، فإذا كان الليل انصرف وترك الحلي ، فإذا فلس صاحب الحلي فالصائغ أسوة الغرماء ، قيل : فلو استأجره يدرس ببقر الأجير ، يدرس النهار ، وينقلب في الليل ببقره ، ففلس صاحب الأندر ، قال : صاحب البقر أحق بالأنذر بخلاف الصائغ ، وكذلك روى عيسى وأبو زيد في العتبية عن ابن القاسم ، قال محمد : لأنه وإن انقلب في الليل فإن الأندر بحال لا ينقلب به صاحبه ، ولا يحوي عليه ، ولا هو في يديه .
ومن الكتابين : وقال أيضًا فيمن دفع غلامه إلى من يعلمه الخبز/والطبخ يكون العبد عند معلمه على أجل معلوم ، فأفلس السيد فليس للغرماء أخذ العبد
[10/71]
***(1/68)
[10/72]
قبل تعلمه إلا أن يعطيه ما كان السيد راضاه عليه ، وكذلك لو لم يعلمه شيئا بعد ، إلا أن يكون إنما دفعه في عمل ينقلب فيه بالليل إلى سيده .
قال ابن القاسم في كتاب ابن المواز : وفي العتبية من رواية أبي زيد : ومن دفع إلى صائغ سوارا يعمله ، ثم دفع إليه بعد سورا آخر يعمله ، أو دفعهما معا ، فعمل أحدهما فدفعه إلى ربه ، ولم يأخذ إجارته حتى فلس ربهما ، فلا يكون الصائغ أولى بالباقي عنده حتى يأخذ أجر الذي دفع ، وهو أسوة ، وهو أولى بالباقي عنده حتى يأخذ أجرة هذا خاصة .
ومن العتبية : روى عيسى عن ابن القاسم فيمن أجر بناء يبنى له عرصة مقاطعة ، كل ذلك من عند البناء ، فيبنيها ، ثم فلس صاحبها ، أن البناء أولى بذلك ، لأن ذلك كسلعة بعينها .
وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن دفع إلى صائغ ثوبا يصبغه ، أو غزلا ينسجه فأتم صبغة ورد إلى ربه قبل قبض أجره ، ثم فلس رب الثوب ، فللعامل أن يكون شريكا في الثوب بقيمة الصبغ أو النسج ، نقصه ذلك أو زاده ، قيل : فالبناء يكتريه الرجل فيبني له دارا ثم يفلس ، قال : البناء أسوة الغرماء .
ومن كتاب ابن سحنون قال : وكلم سحنون الأمير في استعجال أرزاق كتاب وأعوان لما احتبس ذلك عنهم ، وقال له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه فهم أجراء ونحن نرى/أن من عمل لرجل عملا بإجارة ثم فلس قبل قبض الأجير حقه أن يبدأ بحق الأجير قبل دين الغرماء لهذا الحديث .
[10/72]
***(1/69)
[10/73]
في الأجراء هل يكونون أولى بما علموا به في تفليس أربابه ؟
من كتاب ابن المواز : قلت : أيكون الأجراء أحق بما في أيديهم ؟ قال : أما الحرابين ، وأجير خدمة بيتك ، أو لرحلك أبلك أو دوابك ، وعلوفتهم ، وليبيع لك في حانوت بزا أو غيره ، فهو أسوة في الفلس والموت ، وأما أجير السقي للزرع أو حائط فأحياه بسقي ، فالأجير أولى بالزرع حتى يأخذ حقه ، وهو في الموت أسوة ، وكذلك في سقي الأصول من الفواكه وغيرها إلا أن يعطيه الغرماء أجره في الفلس ، قاله كله مالك .
قال مالك في الأجير في الزرع فزرعه وقاته به فهو في المفلس أحق به ، وهو في الموت أسوة ، قال ابن القاسم : إن صاحب الأرض مع الأجير في سقيها وعلاجها كلاهما أولى من مرتهن الزرع في الفلس ، والأجير أيضًا أولى في المرتهن في الفلس .
وروى أبو زيد عن ابن القاسم في أجي السقي في الزرع والنخل فهو أسوة . ومن كتاب ابن المواز : روى أشهب عن مالك ، قال ابن حبيب : ورواه عن مطرف فيمن اكترى أرضا فزرعها ، واستأجر أجيرا ، ورهن الزرع ، قال ابن حبيب : وقبض المرتهن ، ثم فلس فصاحب الأرض والأجير سويان على المرتهن يتحاصان ، قال : والأجير/مبدأ مع كل من فدي ، وهو في الموت أسوة .
وروى أصبغ عن ابن القاسم في العتبية مثله ، وقال أصبغ ، قال ابن القاسم : ورب الأرض أولى بما في أرضه من الغرماء في الموت والفلس ، وقال أصبغ كالرهن ما دام فيها الزرع ، ورب الأرض أولى من الأجراء في الفلس والموت ، والأجراء أولى من المرتهن ومن الغرماء في الفلس ، وأما في الموت فالأجير أسوة .
ومن الكتابين : روى أصبغ وأبو زيد عن ابن القاسم في رب الزرع يؤاجر أجيرا يسقيه فعجز ، فأجر ثم فلس رب الزرع : أن رب الأرض والأجير الثاني
[10/73]
***(1/70)
[10/74]
بالزرع يتحاصان ، فإن فضل شيء فالأجير الأول أولى به من الغرماء ، وقاله أصبغ ، لأن بهم تم كما لو رهنه قوما فأحيوه بأموالهم ثم عجزوا فرهنه لغيرهم ، أن الأجيرين أحق وما فضل فللأولين برهنهم وإحيائهم .
قال في كتاب محمد : وقد قال مالك فيمن ارتهن زرعا فأصابته عاهة ، فأخذ صاحبه من غيره فأصلحه ثم انتعش ، فبالأولى يبدأ ثم الثاني ، هكذا في كتاب محمد .
وقال أيضًا مالك فيه وفي العتبية من سماع أشهب : ومن استدان فزرع واستأجر أجراء ثم عجز فاستدان ، قال : يبدأ صاحب الدين الآخر فالآخر لأنه أحياه لمن قبله ، فما فضل فللأول ، قال : والأجير مبدأ كان أولا أو آخرا ، وذكر ابن حبيب عن مطرف عن مالك ، وقال : ويبدأ أهل الدين الآخر فالآخر على مكري الأرض والأجير ، فما فضل فلمكري الأرض والأجير يتحاصان ، فما فضل للغرماء .
ومن العتبية روى عيسى/عن ابن القاسم فيمن مات عن زرع أفرك ، فلما حصد ودرس قام الغرماء ولم يدع غيره ، فطلب الولد إجارة ما حصدوا ودرسوا ، فذلك لهم .
قال عنه أبو زيد في أجير السقي ومكري الأرض أولى بالزرع من الغرماء يتحاصان فما فضل للغرماء يدخل معهم فيه أجير حراسة الزرع .
ومن كتاب ابن حبيب : روى ابن القاسم ، وأشهب عن مالك أن مكري الأرض وأجير الزرع والحوائط أولى بالزرع والثمر من الغرماء ، وهما في الموت أسوة ، وقال عنه أشهب : إنهما يتحاصان ، وقال عنه ابن القاسم : يبدأ رب الأرض والأجير بعده ، وذهب أصبغ إلى أنهما يتحاصان ، وأنهما أولى في الموت والفلس كالرهن ، وقاله ابن الماجشون وزاد : أن مكري الأرض ومكري الدابة لسقي الزرع
[10/74]
***(1/71)
[10/75]
والأجراء فيه وفي النخل أولى في الموت والفلس في الزرع والتمر ، لا من باب الرهن ، لكن لأن بهم حيي وتم ، وكذلك الصناع أولى في الموت والفلس ما كان المتاع بأيدهم ، قال : والأجراء فيما بعثوا لجلبه من بلد إلى بلد ، والمجاعل على الآبق والشارد مبدون كالرهن بأيديهم هذه الحجة فيهم ، والحجة في الزرع : أنه بهم حيي وتم ، والأجير على رعاية غنم أو إبل يسلم إليه ويكون في يديه أولى في الموت والفلس ، وكذلك وكلاء من بالعراق على ما لهم بالمدينة من قيم وساق وناضح مبدؤن في الموت والفلس ، وفي الغزل إذا قدم أحدهم بغزلهم قبض ذلك منهم قبض أجرهم ، وللأجير على بيع الثمرة/إن لم تخرج الثمرة أو ثمنها من يده حتى مات ربها أو فلس ، فهذا مبدأ ، وكذلك أجير الحصاد إذا قبض الزرع وغاب عليه وهو بيده ، ولو كان قد خرج ذلك كله من أيدهم إلى أربابه قبل ذلك فهم أسوة ، وأما أجير على خدمة أو رحلة وعلوفة ، أو بيع متاع لم يسلم إليه ، فأسوة في الموت والفلس .
في تفليس المكري أو المكتري في كراء الحمولة
من كتاب ابن المواز : قال مالك : وأكرياء الحمولة أولى بما حملوا من الغرماء في الموت والفلس ، قال ابن القاسم عن مالك : كان طعاما أو غيره ما لم يسلمه ، بلغ أو لم يبلغ ، قال مالك : وكذلك السفن . وكذلك لو برز بها ولم يسر ، أو قبض المتاع ولم يحمله حتى فلس ربه ، فالمكري أولى به حتى يستوفي من ثمنه جميع الكراء ، كان إلى مكة أو غيرها ، ويكري الغرماء الظهر ما بقي من الطريق إن كان سار شيئا ، وكذلك الصانع يدفع إليه العمل يعمله فيفلس ربه أو يموت ، فالصانع أحق بما في يده إلا أن يفتك الغرماء ، وكذلك لو دفع الجمال إبله إلى صاحب المتاع ليحمل هو عليها أو يسلمها إليه ، فحمل عليها لنفسه فأفلس المكتري ، فرب الظهر أولى بالمتاع ، وإن لم يكن مع إبله .
[10/75]
***(1/72)
[10/76]
قال مالك في كتاب ابن المواز ، وكتاب ابن حبيب : وإن فلس صاحب الظهر فقد جعله مالك كمشتري السلع فقال : إن مات أو فلس قبل يكري المكتري أو يقبض شيئا/من الإبل ، فإن كان اكترى إبلا معينة وعرفت فالمكتري أ؛ق بها ، كمبتاع سلعة بعينيها ، أو يكتري دارا ، فمكتري ذلك ومشتريه ألوى في الموت والفلس ، وإن كان الكراء مضمونا فالمكتري والغرماء أسوة يحاصهم بقدر قيمة الكراء ، قال محمد : فالقيمة يوم المحاصة والحكم ، وكذلك في العتبية في سماع ابن القاسم في الكراء المضمون ، وقال : كما يحاص من له في ذمة البائع سلعة بقيمتها يوم الحصاص ، فإن صار لكل غريم نصف حقه كان لها نصف قيمة السلعة يشتري بذلك من تلك السلعة على شرطه ، ولا يأخذه ثمنا .
قال مالك في كتاب محمد والعتبية وإن لم يفلس أو يمت في الكراء المضمون حتى دفع لكل إنسان بعيرا ثم فلس أو مات ، أو سار بالقوم فكان تديل تحتهم الإبل ، فكل واحد أحق بما في يديه يوم مات أو فلس من أصحابه ومن سائر الغرماء ، وفي كتاب ابن المواز : إلا أن يكون في أثمانها فضل عن كرائها ، فلمن بقي من الغرماء أن يبيعوها ويتكارى لهم من الثقات الأملياء ، ويحاص باقي الغرماء في فضل ثمنها بعد الكراء ، قال مالك : وإن مات بعير تحت رجل ممن يديل تحتهم إبله ، لم يكن له دخول على سائر أصحابه فيما في أيديهم يوم يموت البعير لا يدخل بعضهم على بعض إلا أن يشاء الذي هلك بعيره أن يتكارى لمن سلم بعيره من مليء ، ويتبع ما سلم فيكون له فضل الثمن ، قال أبو محمد يريد : يكتري به ، في الواضحة نحو ما تقدم ، كله/عن مالك .
من العتبية : قال سحنون : والكراء المضمون وغيره سواء في أن كل من بيده بعيره كان أولى به ، قال : ولو تسلف الجمال من بعض المكترين على أن يرهنه ما في يديه من الإبل فذلك جائز ، ويكون رهنا محوزا ، لأنه لو أفلس الجمال كان
[10/76]
***(1/73)
[10/77]
كل واحد منهم أحق بما تحته من الغرماء ومن أصحابه ، وكذلك أصحاب الأحمال أولى بما تحت أحمالهم من الإبل ، ولو أراد الجمال أن ينقل تلك الإبل ويديلها بينهم وأباه أصحاب الأحمال فذلك لهم ، ولا يفعل الجمال إلا برضاهم .
قال سحنون عن ابن القاسم فيمن اكترى كراء مضمونا ذاهبا وراجعا ، فلما بلغ مكة نزل عن بعض الإبل التي تحته واشتغل بحجه وأخرجت الإبل إلى الرعي ، ثم فلس الجمال ، قال : فالمكتري أولى بالإبل .
ومن كتاب ابن حبيب : قال ابن وهب عن مالك : إذا هلك المكري على الحمولة كراء مضمونا ، فإن كان صاحب الحمولة قد حمل وبرز بها فهو أحق من الغرماء إلا أن يرغب الغرماء في بيع الظهر ويضمنوا له حقه في ثقة وملاء .
قال : ومن قول مالك في الأجير على رحلة الإبل وعلوفتها ، ثم يفلس مستأجره فلا يكون الأجير أولى بالإبل التي يليها ، وإن كانت بيده ، وأما إذا فلس الجمال فكل رجل من المكترين أحق بما تحته ، وإن كان الجمال كان يديلها تحتهم ، وإن لم يكن ركب الرجل جمله إلا يومه ذلك . قال أصبغ : وهذا اختلاف من القول ،/وينبغي أن يكون الجواب فيهما سواء ، إن كان الراكب أولى بجمله إذا كانت تدال تحتهم ، فذلك الأجير أولى بما في يديه منها ، وإن لم يكن الأجير أولى بما في يديه مما يدير منها بالعلوفة والرحلة ، لم يكن المكترون أحق بما تحتهم ، وقولي : إلا أن يكون أ؛د منهم أحق بشيء من ذلك ، إلا أن يكون مكتري الحمل أسلمه إليه وقبضه وإلا يدال منه فهو أحق به ، قال ابن حبيب : وبقول مالك أقول .
قال ابن وهب عن مالك فيمن تكارى دابة ، أو أجر عبدا ونقد ، ثم فلس المكري ، فالمكتري أولى بالدابة والعبد حتى يستوفي حقه .
في التفليس في أكرية الدور والأرضين
من كتاب ابن المواز : قال مالك : وإذا فلس مكتري الدار لم يكن رب الدار أولى بما فيها في فلس ولا موت ، وكذلك الحوانيت ، قال : وهو أسوة في حصة
[10/77]
***(1/74)
[10/78]
ما مضى من الكراء ، وهو أحق ببقية السكنى ، يريد : في حصة ذلك من الكراء . قال أصبغ : إلا أن يدفع إليه الغرماء حصة باقي المدة بعد أن يأخذوا من الكراء ما فدوها به ، ويكون لحصاص فيما في بقي مع سائر مال الغريم وإن ساء رب الدار تسليم باقي السكني ، ويحاصهم بجميع الكراء في ذلك وفي غيره ، فذلك له ، قال ابن القاسم : وهذا في الفلس ، وأما في الموت فلا يكون أحق بباقي السكني وهو أسوة في ذلك وفي غيره بجميع الكراء ، قال مالك : وكذلك/في كراء الحوانيت مثل الدار فيما ذكرنا ، قال محمد : ولو مات رب الدار والحانوت أو فلس فالمكتري أحق بذلك في الموت والفلس ، وكذلك لو لم يكن لأنه شيء بعينه كالسعلة المشتراة بعينها يفلس بائعها .
ومن العتبية : قال عيسى عن ابن القاسم ، وقاله ابن حبيب عن ابن القاسم : وإن اكترى دارا سنة بستة دنانير ، وانتقد ثلاثة وسكن ستة أشهر ، ثم فلس الساكن ، فإن شاء رب الدار ترك الدار وحاص بالثلاثة دنانير الباقية له ، وإن أبي إلا أخذ داره فليرد نصف ما انتقد حصة النصف الباقي من السنة في ذلك ، ويأخذ باقي السكنى ، ويحاص بدينار ونصف بقية حصة ما مضى ، إلا أن يشاء الغرماء أن يعطوه دينارا ونصف حصة باقي السكنى من الكرا ، ويحاص بدينار ونصف باقي ما مضى ، قال ابن حبيب : وكذلك قال مطرف ، وقال ابن كنانة وابن نافع : إذا اختار الغرماء حبس ما أدرك البائع من ماله ، فلا يكون ذلك لهم إلا بدفع جميع الثمن ، أو ما بقي منه إليه ، وإن أتوا وخذه البائع لم يرد ما انتقد من الثمن إلا حصة ما استرجع من الصفقة ، قال لي أصبغ . وقد كان قاله أيضًا مالك ، قال ابن حبيب : والأول أحب إلي .
ومن كتاب ابن حبيب : قال مالك : وإن أكرى داره سنة ، ثم فلس الساكن بعد أن سكن شهرا ، فإن شاء ربها حاصص بالكراء كله ، وإن شاء حاصص بحصة ما سكن وأخذ داره إلا أن يعطية الغرماء حصة باقي المدة/فذلك لهم ويحاص بحصته ما مضى .
[10/78]
***(1/75)
[10/79]
وروى ابن القاسم وأشهب عن مالك في مكتري الأرض سنة يفس وقد زرعها : أن رب الأرض أولى بالزرع حتى يأخذ جميع الكراء إلا أن يدفعه إليه الغرماء .
في تفليس أحد المقارضين أو أحد الشريكين
من كتاب ابن المواز ومن العتبية من رواية أصبغ عن ابن القاسم في المقارض يشتري متاعا ويخرج إلى أطرابلس ، فقام عليه بأطرابلس غرماء له أو لرب المال ، قال مالك : أما غرماء رب المال فليبع لهم في ذلك فيأخذ العامل حصته ، وكان ما بقي لغرماء رب المال ، وأما إن قام على العامل غرماء له فأرادوا البيع ليأخذوا ربحه فلا عين المال شي ، ولا يجبر على بيع ، ولا يمنع منه .
قال أصبغ عن ابن القاسم : وإذا فلس العامل بدين عليه فاقر في بعض ما في يديه أنه ليس من مال القراض فلا يصدق ولا نعمة عين .
ومن كتاب ابن المواز : وعن شريكين في مال بعينه فسافر فيه أحدهما ، فيدان فيه ، ثم فلس ، فأراد غريماه أن يتبعوا الشريك المقيم ، فليس ذلك لهم ، لأنه شاركه في مال بعينه .
ومن أفلس بديون عليه في ذاته وعنده مال قراض لرجل ، فرب القراض إن أدرك من ماله شيئا بعينه أخذه ، وإلا فهو أسوة ، إلا أن يقول العامل/: هذا مالي ، فيصدق ولا يتهم أن يفر من ذمته إلى شيء في ذمته ، ويقبل قوله فيه في ربح أو وضيعة ، قال محمد : ولأنه إنما فلس بغير مال القراض ، ولم يعرف هذا منه ، ولو عرف كان صاحبه أولى به ، وكيف تفليس في القراض وهو لا يصلح أن يداين فيه ، ولو شرط ذلك ما جاز .
وذكر تفليس الشريكين وعلى أحدهما مهر لزوجته في باب بعد هذا .
[10/79]
***(1/76)
[10/80]
فيمن مات وعنده وديعة وقراض أو بضاعة ، أو لقطة فلم يوجد
من كتاب ابن المواز : قال مالك : ومن مات وعنده وديعة أو قراض فلم يذكرها ولا وجدت ، فذلك كالدين يحاص به غرماؤه إلا أن يذكر بعينه فيقول : هذا لفلان ، فيصدق ، قال محمد : أو يقول : قد تلف فيصدق ، ومن مات وقد بعث معه ببضاعة ولم يدر أين هي ، فإن مات قبل أن يبلغ البلد لم يلزمه ، وإن مات بعد أن بلغها فهي في ماله ولزمه ، وخالف في هذه أشهب وغيره وأصحابه وأصحاب ابن القاسم ، وقالوا : سواء بلغ البلد أو لم يبلغ هي في ماله يحاص بها غرماؤه ما لم يوجد ، أو يذكر هو فيها ذكرا يدفع ضمانها عنه ، وقاله ابن عبد الحكم : قال مالك : ومن عنده لقطة قد فرع بها فلم يجد طالبها فأوصى بها ، فليحاص بها أهل دينه .
في أحد الشريكين في الدين يقتضي أحدهما منه وكيف إن بدأ أحدهما بنجم الآخر ؟/
من كتاب ابن المواز : والشريكين في الدين ما اقتضى أحدهما لنفسه فللأخر أن يدخل معه إلا أن يكون أذن له أو استأدى عليه ، وإذا الإمام للحاضر منهما بأخذ حقه جاز ذلك ، إلا أن يكون لا شيء له غير ما يأخذ هذا ، فهذا يرجع عليه القادم ، وإن لم يأت السلطان ولكن صالحه على نصيبه بعد أن حل بعضه أو باعه منه قبل الأجل ، ففي الصلح يأخذ الآخر نصف ما أخذ ، ثم إذا قبض رد عليه مثله ، وأما في البيع فإن شاء أجاز ودخل معه ، وإلا سلم ذلك واتبع الغريم ، وقال في الحميلين يغرمان المال ثم يقبض أحدهما من الغريم نصيبه ، فللآخر أن يدخل معه فيه لأنهما كالشريكين .
[10/80]
***(1/77)
[10/81]
قال عيسى عن ابن القاسم في العتبية في رجلين لهما حق بكتاب واحد ، وللمطلوب على أحدهما دين فقاص به في نصيبه من الدين : أن لشريكه أن يدخل على صاحبه فيما قاص به الغريم ، قال سحنون : وإذا كان لهما دين بكتاب واحد فيشهد أحدهما أنهما قد قبضا حقهما منه لم تجز شهادته ، لأنه يدفع عن نفسه ما عليه من رجوع شريكه عليه ، وللشريك أن يأخذ منه نصف ما أقر بقبضه ثم يرجع المنكر على الغريم بتمام حقه .
قال ابن حبيب : روى مطرف وابن القاسم عن مالك في الدين المنجم لرجلين فيبدأ الآخر بنجم حل ، ثم يفلس الغريم ، فله أن يرجع على/المبدأ بنصف ذلك النجم لأنه سلف ، ولو قبض أحدهما نصيبه وأخره الآخر لم يرجع على صاحبه بشيء ، قال ابن الماجشون : ولو أخذ جميع النجم الأول من غير استئذان صاحبه ولا بدأه شريكه على أنه يسوغ له ذلك ، ورضي بالنجم الثاني فليس له رجوع عليه في التفليس ، قال أصبغ : وإذا كان لهما في كل نجم ثلاثة ، فبدأ أحدهما الآخر بنجم على وجه المعروف فجائز ، وإن كان إنما قصد إلى جبر الدنانير لأن كل واحد يأخذ دينارا ونصفا ، لم يجز ويصير سلفا بنفع .
جامع مسائل في الدين والتفليس
من كتاب ابن المواز : قال مالك : وإذا صالح ابن الميت غرماء ابيه على نصف حقوقهم على تحليل أبنه فرضوا فذلك يبرئه ، ويكون في حل منه ، قال : ومن ترك رهونا طال زمانها ، ولا يعرف أهلها ، ولا في كم هي فلتبع وليتربص بأثمانها سنة وما يرى ، فإن لم يأت لها مستحق قضى بها دينه ، ثم إن طرأ مستحق لها رجع على الغرماء . قال أبو محمد : يريد : بما يفضل من ثمن رهنه على الدين الذي يقر به .
[10/81]
***(1/78)
[10/82]
قال مالك : وإن أعطى الغريم بعض ما عليه للطالب فأبى إلا أخذ الجميع ، فإنه يجبر على أخذه ، قال ابن القاسم : إلا أن يكون الغريم مليئا يجبر الطالب ، وجبرت الغريم على دفع الحق كله .
وقال فيمن صالح من دم على أن يأخذ في كل سنة شيئا سمياه ، ويأخذه عند السنة جملة فأراد الذي عليه الإبل/أن يؤديها رسلا رسلا ، وقال الطالب : لا آخذها إلا جملة كما اشترطت ، قال : ليأخذها رسلا كما قال ، قيل : إن شرطه في سنة لم يقل أولها ولا آخرها : فقال : ليعط في وسطها ، يعني وسط السنة .
قال مالك : ومن ترك زوجة حاملا فأراد الورثة صلحها على حقها فلا يجوز ذلك ، إذ لا تدري مالها : الربع أو الثمن ؟
ومن العتبية : قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن استأجر أجير ا ليستتجره وأجلسه في حانوته أن ذلك جائز ، قال : وما لحقه في ذلك من دين فذلك في ذمته إن لم يكن في يديه مال ، قال : وما دخل عليه كان للذي استتجره ، قيل : فلا تراه كأنه استأجره على أن يضمن ما تلف ؟ قال : لا ، وقد يستأجر نواتية يكرون سفينة ويحملون فيها ، وهم يضمنون ما حملوا من الطعام ، وكذلك عبده المأذون يكون الدين في ذمته .
وقال أصبغ : قال أشهب فيمن له على رجل ديناران فأتاه بدينار ، فأبى أن يأخذ إلا دينارين ، فإن كان المطلوب مليئا لم يجبر الطالب على أخذه وأجير المطلوب على الأداء ، وإن كان معسرا أجير الطالب على أخذه ، وقال أصبغ : وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن أتى ببعض الحق فأبى الطالب أخذه أنه يجير على أخذه ، وهذا المعنى مكرر في باب آخر .
[10/82]
***(1/79)
[10/83]
وقال عيسى بن دينار عن ابن القاسم فيمن له على رجل وعلى ابنه مال ، أو طعام ، فدفع الأب ما عليه إلى الابن ليؤديه عنه ، ففعل ، فقال الغريم : إنما دفع الابن عن نفسه وكذبه الابن ، فالغريم مصدق/مع يمينه إلا أن يقيم الابن بينة أنه قال له : هذا عن أبي ، ولو أقام الأب بينة أنه أمر الابن أن يدفع ذلك عنه لم ينفع حتى تقوم بينة أن ذلك الشيء بعينه هو الذي دفع الابن .
قال أصبغ عن ابن القاسم في رجلين لهما على رجل حق فوكلا من يقبضه ، قال : قبضت حق فلان ، وقال الغريم : بل دفعت حق فلان وهو معدم ، فإن كان حقهما واحدا مجتمعا فذلك بينهما .
وقال أصبغ : ومن سماع أشهب : وعمن له عليك دين فأدرت أن تشتري منه سلعة فقال : أخاف أن تقاصصني وأنا محتاج إلى ثمنها ، فقلت له : لا أقاصصك ، فباعها منك على ذلك ، ثم أردت مقاصته وعليه دين كثير ولكن لم يفلس ، قال مالك : له أن يقاصه ، فروجع فثبت على هذا .
في التحاصص مع الغرماء بصداق أو نفقة وخلع وعلق جرح وشبهه وكيف إن طلقت الزوجة بعد ذلك ؟
من كتاب ابن حبيب ، وهو في غيره : قال مالك : للمرأة أن تحاص غرماء الزوج بصداقها ، أو بما بقي منه ، أو بما صالحته في خلع ففلس قبل يقبضه .
قال عنه مطرف : ولا تضرب المطلقة بنفقة الحمل كما لا تضرب بنفقتها في العصمة إلا ما أنفقت الزوجة قبل ذلك في غيبته ، وذلك في يوم ترفع إلى الإمام فلتضرب به في الفلس والموت ، وقاله ابن الماجشون .
قال ابن القاسم : اختلف قول مالك في نفقة الزوجة ، فقال مرة : هذا/البائع معهم ببقية ثمن الفائتة بيد المبتاع ، ولو فلس البائع قيل للمشتري : أخرج
[10/83]
***(1/80)
[10/84]
باقي ثمن الفائتة عندك تتحاص فيه وفي غيره أنت والغرماء من مال المفلس بما كان يجب كل به الرجوع في المستحقة على البائع ، وهذا مذهب مالك وأصحابه .
قال محمد : قال ابن القاسم : وإذا فلست المرأة وقد طلقت قبل البناء وقد كانت أخذها مهرها ، فإن عرف المهر بعينه فالزوج أحق بنصفه ، فإن لم يعرف إلا بعضه ، كان أولى بنصف ما وجد منه ويحاص الغرماء بنصف ما بقي منه ، ولو لم ينقدها إلا النصف ففلست وطلقها بعد التفليس قبل البناء وقد عرف ذلك بعينه ، فلا شيء له فيه ، وهو حقها ، ولو كان بقي عليه من تمام النصف شيء لغرمه لها ، وسواء طلقها قبل التفليس أو بعده .
ومن كتاب ابن المواز : قال مالك : ومن صالح زوجته بعشرة دنانير إلى شهر ثم فلست فليحاص غرماءها بذلك كما تحاص هي غرماءه بمهرها المسمى ، محمد : وعليه دين محيط .
وقال في شريكين متفاوضين فلسا وعليهما ألف دينار ، وعلى أحدهما لزوجته مهرها مائتا دينار ، ومعهما ألف دينار ومائتان ، فعلمنا أن على هذه سبعمائة في نفسه ، وعلى الآخر خمسمائة ، وبيد كل واحد ستمائة ، فيحاص في ستمائة ؛ الزوجة بثمانين ، والغرماء بخمسمائة ، فيصير للزوجة مائة وخمسة أسباع مائة ، وللغرماء أربعمائة وسبعمائة ، ثم يأخذ الغرماء من/نصيب الآخر خمسمائة تبقى له مائة يقام عليه فيها بالضمان عن صاحبه ، فيؤخذ منها ما عجز الغرماء ، وذلك خمسة أسباع مائة ، فإذا أيسر صاحبه غرم مائة تأخذ منها الزوجة ما بقي لها وهو سبعمائة ، وشريكه خمسة أسباع المائة .
[10/84]
***(1/81)
[10/85]
وجه الحصاص في مال المفلس والميت وحلول ما عليه لمن له عليه من دين مؤجل ، وكيف يحاص لمن له عليه طعام مؤجل أو عرض ، أو حيوان ؟ وكيف بمن عنده رهن يتأخر بيعه ؟
من كتاب ابن حبيب : قال مالك : يحل ما على المفلس مندين مؤجل ، قال ابن شهاب : هي السنة أن من مات حل ما عليه من دين ، ولا يحل ماله من دين ، قال أشهب : وكذلك يحل ما باع من عطائه .
ومن كتاب ابن المواز : قال مالك فيمن باع رزقا له بالجار فمحقا سنين ثم مات ، أن ذلك يحل في مال الميت ، يأخذه المشتري قمحا من مال الميت ، وكذلك من باع عطاءه ثم مات فليؤخذ ذلك من تركته ، قال محمد : ولو بقي حتى يحل الأجل لألزمته ذلك في ماله ولا يقسم ، لان عمدة ذلك عليه ، وإنما شرط ذلك وتسميت بمعنى الأجل ، ولو تبرأ من ضمانه على أن ذلك المشتري خرج أو لم يخرج ، كان مكروها وفسخ .
وفي العتبية من سماع أشهب فيمن تعين في عطائه ، فتأخر العطاء وله مال فيه وفاء ، أيؤخذ من ماله ؟ قال : لا ، وروي عنه فيمن اشترى بالدين في عطائه ، ويكتب ذلك في ديوانه/فيخرج له نصف العطاء ، أيحل حقه كله ؟ قال : إن أمثل ذلك أن يأخذ ما خرج من عطائه فقط .
ومن كتاب ابن المواز ، ومثله في العتبية عن ابن القاسم ، ومن رواية عيسى ، وفي كتاب ابن حبيب : قال مطرف وابن الماجشون : وذكر أن مطرفا وابن القاسم وأشهب رووه عن مالك ، واللفظ لكتاب ابن المواز ، قال : ومن أفلس وعليه عروض وحيوان سلم إليه فيها ، قال : المشتري يحاص بقيمة ذلك فما حصل له من ذلك القيمة بالمحاصة اشترى له شرطه وما بلغ منه ، وقاله أصبغ ، قال : ويحاص
[10/85]
***(1/82)
[10/86]
بقيمته ما يسوي يوم الحصاص ، فما أدرك بذلك جعل له في مثل ما كان يسأله بلغ ذلك الجميع أو أقل أو ما بلغ من أجزائه يشتري له ، وإن صار به شريكا لم يتبع بباقي ما كان من شيء .
قال في كتاب ابن حبيب ، ونحوه في العتبية من سماع عيسى : وإن كان له طعام من سلم حوصص له بقيمته يوم الحصاص ، فما وقع له اشتري له به من الطعام ما بلغ ، وطالب بالباقي ، ولا يجوز له أن يأخذ ما وقع ثمنا في طعام أو عرض ، ولو كان السلم في صيف فوقع له ما يأخذ به نصف وصيف ، فإن شاء اشترى له نصف وصيف وإلا ترك حتى ييأس صاحبه فيأخذ منه وصيفا ، ولا يجوز أن يأخذ هذه الدنانير ويتبعه بنصف وصيف ، وأن يأخذ ما أدرك ويطرح ما بقي إلا أن يكون ما وقع له مثل رأس المال فأقل ، فيكون كما قال جائز . يريد/: في غير الطعام من بيع .
قال في العتبية : وإن اشترى له نصف عبد طالب غريمه بنصف عبد .
قال ابن حبيب : قال مطرف وابن الماجشون : فإن لم يشتر الطالب الطعام بما وقع له طعاما حتى غلا أو رخص ، فلا تراجع بينه وبين الغرماء ، ولكن ما نقص اتبعوا به الغريم وما زاده لرخص السعر حوسبوا به للغريم ، إلا أن يبقى فضلة بعد قبض جميع الطعام فيرد الفضلة إلى الغرماء ، وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ ، وكذلك يحاصص من له كراء حمل غرماء الحمال في موته أو فلسه بقيمة الكراء ، لا بما نقده . وفي باب تفليس الكري والمكتري من هذا .
قال مطرف وابن الماجشون : وإن كان لأحدهم أصناف من طعام من قمح وشعيره وغيره ، فوقع له في الحصاص دنانير فطلب أن يشتري له بها قمح ، وقال المطلوب : شعير ، فليس لهما ذلك ، ويأمر الإمام من يشتري له من أصناف طعام بقدر ما يقع لكل صنف ، لا يجوز لهما غير ذلك ، وأما في غير التفليس : فالبائع
[10/86]
***(1/83)
[10/87]
يعطه ما شاء من أصناف ماله عليه ، وليس للمبتاع أن يقول : بع ما عندك من الشعير وابتع لي قمحا .
ومن كتاب ابن المواز : وإذا كان لرجل عليه عشرة أرادب قمح فلم يوجد له إلا فحل وعليه لغرمائه فحل ، فقال له رجل من الغرماء : تسلم لنا الفحل وأقله من القمح ، وأنا أضمن لك رأس مالك نعطيكه إلى أجل كذا ، ودع الفحل لنا فلا يجوز ، ويرجع من له القمح على من/ضمن له رأس ماله ، فيأخذ من ما كان يصير له في المحاصة من ذلك الفحل ، ويرجع بالذي ضمن على سائر الغرماء الذين اقتضوا معه فيأخذ من كل واحد منهم قدر ما يصيبه ، قال محمد : وذلك للتأخير ، ولو نقده رأس ماله كان جائزا إن تولاه لنفسه ، فأما عن الغريم فلا يحل .
قال لي ابن الماجشون : وإن كان بيد أحدهم رهن فإنه يحاص الغرماء بجميع حقه إلى أن يباع الرهن ، فإن بيع بجميع حقه أو أكثر رد الفضل إن كان مع ما أخذ في الحصاص ، وإن بيع بأقل من حقه أخذه ونظر ما بقي له فيأخذ مما أخذ في الحصاص مثل ما صار لكل غريم إن كان نصف حقهما أخذ هذا نصف ما بقي له ورد ما بقي فيحاص هو والغرماء فيه بما بقي لكل منهم ، قال محمد ، وقاله ابن القاسم وأشهب وابن وهب فيمن كان بيده رهن زرع لم يبد صلاحه ، وقال محمد بن عبد الحكم : وإذا فلس دنانير وعليه دراهم فليصرفها ، وكذلك إن كان له دراهم وعليه دنانير إلا أن يصرفها من الغرماء بما يسوي برضاهم ، وإن كان له طعام وعليه مثلها دفعها فيما عليه ، يريد : إن وقع له قيمتها في الحصاص ، قال : وإن كان لو باعها لا شترى ما عليه بأقل من الثمن فليبعها ، وإذا كانت الصفة علي الجيد والجيد أصناف فليشتر له إذنا ما تقع عليه تلك الصفة ، وقد قيل : أوسط تلك الصفة ، والله أعلم/.
[10/87]
***(1/84)
[10/88]
فيمن أنظر غريمه ثم بدا له
من العتبية من سماع أصبغ عن ابن القاسم عمن له دين حال ، فسأله غريمه أن ينظره إلى الصدر ، فقال : لا ، ولكن أكتبه حالا وأنا أنظرك إلى أن يتهيأ لك ، ففعل ، ثم طلب أخذه قبل أن يتهيأ ، فإن أشهد له بالانتظار إلى أن يتهيأ له لزمه ، وإن كان كتبه حالا وأنظره إلى أن يتهيأ له فذلك له ، ويحلف : ما أراد إلا أن يتهيأ له ما بينه وبين الصدر ، قال أصبغ : وليس له قبل الصدر طلب إذا لم يتهيأ له بغير مرزأة من بيع عقار وربع ، إنما استنظره مخافة ذلك ، فإذا حل الصدر أخذه به وحلف ، وأما الوجه الآخر في التأخير المبهم : إلى أن يتهيأ له ، فهو على الصدر وبعد الصدر متى ما تهيأ إذا لم يكن للذي عليه الحق نشاط في التأخير إلى الصدر ، فإن كان ذلك لم يجاوز الصدر ولم يجعل دونه .
فيمن مات ولزوجته عليه دين ثم أقرت الزوجة لأجنبي أن له عليه دينا ، وكيف التحاصص في ذلك ؟
من كتاب ابن المواز : ومن مات عن زوجة وأخ ولها عليه مائة دينار ، وترك خمسين ومائة ، وأقرت الزوجة أن لفلان على زوجها مائة دينار ، فلتدفع إليه هي سبعة وثلاثين دينارا ونصف ، لأن إقرارها لا يلزم الأخ فيما ورث ، ويبقى له عند الأخ سبعة وثلاثون دينارا ونصف ، ولأنها هي/تقول : إنما لي بالحصاص خمسة وسبعون فتحبسها وقد أخذت مائة بالدين ، واثنين عشر ونصفا بالميراث ، فتعطي من أقرت له مما بيدها ما زاد على خمسة وسبعين ، وهو ما ذكرنا ، وتحسب على الذي أقرت له ما ورث الأخ ، فإن طرأ غريم آخر بمائة على الميت ببينة ، قال : فليدخل مدخل الذي أقرت له المرأة ، لأنه بالبينة أولى ممن لا بينة له ، فيأخذ ما بيده ويحسب على الطارئ ما ورث الأخ ، وهو بقية حقه ، ثم يرجع الذي أقرت له
[10/88]
***(1/85)
[10/89]
المرأة على المرأة وحدها بخمسة وعشرين دينارا لأنها تقول الآن ليس لي بالحصاص في تركته إلا خمسون ، ولك خمسون فتدفع إليه منها خمسة وعشرين ، وتقول له في يد الطارئ الذي أقام بينة ، يريد : بما قبض وبما حسب عليه عند الأخ خمسة وسبعون لك منها خمسة وعشرون ، قال : فإن لم يكن للمرأة بينة أيضًا إنما أخذتها بإقرار الميت ، قال : يأخذ الذي له البينة المائة كلها ، وتأخذ المرأة خمسين ، ولا شيء لمن أقرت له المرأة لأنها تقول : إنما بيدي ما يجب لي في الحصاص ، وجميع حقك عندك الذي أقام البينة .
في أحكام العبد المأذون وتفليسه
من العتبية من سماع ابن القاسم : ومن استتجر عبده بمال ، ثم فلس العبد ، أن سيده لا يحاص بذلك المال غرماءه ، إلا أن يسلفه سلفا ، أو يبيعه بيعا فيحاص بذلك ، ولو باعه وكتب عليه مالا يشبه مال العبد فالغرماء أحق بماله ، إلا أن يكون/ارتهن منه رهنا فهو أولى بالرهن . قال سحنون : إلا مبلغ قيمة سلعته ، لأنها لا تشبه ثمنها ، قال مالك : وإذا فلس وبيده مال لسيده لم يستتجره فسيده أحق به ، وأما ما استتجره فله فالغرماء أحق به وبجميع مال العبد ، وعن المأذون له على من بايعه دين ببينة فادعوا أنهم بعض ذلك إلى سيده ، فإن عرف أن السيد كان يقتص ذلك مع العبد ، حلف السيد فيما ادعي وحلف العبد فيما ادعي عليه .
ومن سماع أصبغ من ابن القاسم فيمن استتجبر عبده بمال وأمره ألا يبيع إلا بالنقد ، ولا يشتري إلا به ، فداين الناس ، أنهم أحق بما في يديه ، وإن لم تكن هي أموالهم بعينها ، قال أصبغ : لأنه مأذون حين أطلقه على البعض ، وكمن أذن له ألا يتجر إلا في البز ، فتجر في غيره ، فلحقه دين أنه يلزمها ، لأنه نصبه للناس ، وليس على الناس أن يعلموا بعضها دون بعض قال ابن القاسم : فإن قضى ما في يديه فإني أستحسن أن يكون ما بقي في ذمته ، وقاله أصبغ على استحسان وفيها
[10/89]
***(1/86)
[10/90]
ضعف ، قال سحنون : وهو كما شرط للسيد ، ليس له أن يتعداه ، ألا تراه لو أعطاه قراضا كان به مأذونا ، وحكم القراض لا يباع بالدين ، فكذلك إذا شرط عليه ألا يبيع بالدين لم يجز على سيده تعديه .
قال أبو بكر عن ابن القاسم : وإذا أحلت من له عليك مائة دينار على عبدك المأذون ، ثم فلس العبد فليحاص الذي أحلت غرماءه ، فإن نابه نصف حصة رجع/بالنصف على السيد ، ويرجع غرماء العبد على السيد بما صار لغريمه في المحاصة ، وهي خمسون ، فإن لم يكن عنده شيء باعوا من العبد بقدر ذلك . قال ابن المواز : ولم يجب أن يكون ما لحق المأذون من دين في رقبته ، لأن إذن السيد له ليس من ناحية الضمان ، ولو كان من الضمان يلزم السيد ديونه وإن جاوز قيمته .
في معاملة غير المأذون وحكم العبد المحجور عليه
من كتاب ابن المواز : قال : والعبد إذا حجر عليه سيد حجرا بينا ظاهرا عند الحاكم ، أو في مجمع سوقه ، ثم في سائر الأسواق ، وأذاع ذلك وأعلنه ، لم يلزم ما أقر به بعد ذلك لا مستأنفا ولا قديما ، إلا أن تقوم بينة بدين قديم ، فإن قامت بينة بإقراره أو بمعاملة حضروها ولا يعلمون قبل الحجر أو بعده ، فلا يحكم عليه بشيء من ذلك ، إلا أن يقولوا : إن ذلك كان قبل الحجر عليه ، ولا يقبل قوله بعد الحجر بأن هذا كان قبل الحجر ، ولو قبلناه كان إبطالا للحجر .
وروى أشهب عن مالك ، قال : ولا يشتري من العبد الذي لم يؤذن له في البيع والشراء شيء وإن قل ، مثل الحب وشبهه إلا بإذن أهله ، ولا يقبل قوله : إن أهله أذنوا له حتى يسألهم أو يرده عليهم ، وقد يكونون في بعد . وقد جرى في العتق باب فيه أحكام مال العبيد ، وجرى هناك شيء من ذكر المأذون .
ومن كتاب ابن المواز : ومن ارتد وله عبد مأذون ، فإن العبد يوقف عن التجارة ، ويمنع ويضرب على يديه/كما يضرب على يدي سيده ، ويوقف عن ذلك
[10/90]
***(1/87)
[10/91]
توقيف رؤية لئلا يضيع ، كما يفعل بسائر مال سيده من غير حجره انتظارا لما يكون من سيده ، فإن عاود سيده الإسلام عاد وهو على أمره ، وإن قتل كان ماله لبيت المال ، وإقرار العبد لازم له في ماله بخلاف إقرار سيده المرتد .
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم : قال : وإذا ارتد ثم رجع إلى الإسلام فهو مأذون له في التجارة على حاله ، ويطلق الإمام الوقف عن ماله ، وما أقر به العبد من التجارة في وقت ردة مولاه أو بعد ذلك فذلك يلزمه إلا أن يوقفه الإمام ويمنعه من تحريك ماله ، فإن أوقفه الإمام فقتل على الردة قضى في مال العبد ، والذي في يديه ، وكن ما بقي فيئا مع رقبة العبد ، وإن ارتد المأذون حبس ولم يعرض لما في يديه ، فإن قتل فما في يديه لسيده ، وإن لم يكن عليه دين ، وإن كان عليه دين ، قضي من ذلك الدين وأخذ السيد ما بقي .
ومن كتاب ابن سحنون : كتب شجرة إلى سحنون فيمن مات وله عبد مأذون فلما مات مولاه أمرت بضم ما في حانوت العبد خفت عليه الضيعة ، فزعم أن عليه ديونا لناس سماهم ، وقامت بينة لآخرين بإقراره قبل هذا بدين ولمولاه بدين ، ثم أقر بعد أشهر بديون لآخرين ، فكتب إليه : إقراره بحدثان ما أقر خاص ، إلا أن يقر لمن يتهم عليه بصداقة والدين غالب على ماله ، فإذا وقف ماله ، وضرب/على يديه ، وأقام الناس في إثبات ديونهم ، والدين غالب على ما في يديه ، فإقراره بعد ذلك باطل .
قال محمد بن عبد الحكم : إذا حجر السيد على عبده المأذون حجرا ظاهرا عند حاكم وفي جامع الناس والأسواق ، وأذاع ذلك . فلا يقبل إقراره بعد ذلك بدين ، ولم يلزم ذلك فيما في يديه ولا في رقبته ، وقال النعمان : إن أقر بدين بعد الحجر لم يلزمه في رقبته ، ويلزمه فيما بيده من متاع ، وما كان له عليه من دين قبل الحجر فهو أولى مما أقر به بعد الحجر ، وكذلك لو مات مولاه ولم يحجر عليه ، قال محمد : وهو يقول : إن المأذون يلحق رقبته الدين مع ماله ، قال محمد : فإذا كان قد ثبت حجره ولزمه الحجر فلم أجاز إقراره بعد الحجر ؟ فلا هو جعله حجرا
[10/91]
***(1/88)
[10/92]
فأبطل إقراره ، ولا هو ألزمه إياه فجعله فيما هو في يديه وفي رقبته على أصله في الذي يم يحجر عليه ، وحكاية هذا تنوب عن نقضه ، وقد قال أصحابه في هذا بقولنا : إنه لا يلزمه إذا حجر عليه ، لا فيما بيده ولا في رقبته .
في بيع السفيه وشرائه وأفعاله ولا ولاية عليه
من العتبية : قال عيسى في السفيه يبيع قبل أن يولى عليه ، قال ابن كنانة وابن نافع وجميع أصحاب مالك : إن بيعه جائز حتى يولى عليه ، إلا ابن القاسم قال : بيعه وقضاؤه لا يجوز ، لأنه لم يزل في ولاية منذ كان ، لأن السلطان ولي لمن لا ولي له ، فهو في ولايته حتى يولي عليه يقوم بأمره ، وكذلك روى عنه سحنون في سفيه مات أبوه ولم يول عليه أحدا ، أو مات/وصيه ولو يوصف به إلى أحد ثم يبيع متاعه أو ينقلب به ، أن ذلك مفسوخ وإن طال الزمن فيه إذا كان مشهورا بالسفه ، ولا شيء للمشتري عليه من الثمن كالمولى عليه ، قال : وإن لم يعرف بشر ولا بخير ولا بتبذير إلا أنه يشرب الخمر ، وربما أحسن النظر في ماله ، ففعل هذا جائز إذا لم يول .
قال سحنون : أفعال السفيه الذي لا وصي عليه ، يعني : ولا حجر ، نافذة من بيع وهبة وصدقة حتى يحجر عليه ، فإذا حجر عليه لم يجز شيء من أفعاله بعد الحجر ، قال ابن حبيب عن ابن الماجشون ومطرف : إنه إن كان منذ بلغ سفيها لم يأت عليه حال رشد ، فأفعاله مردودة ، لأنه لم يزل في ولاية ، ثم ذكر نحو قول ابن القاسم وحجته ، قالا : وليس ترك السلطان ما يلزمه من التولية عليه مما يخرجه من ولايته ، قال : وأما من خرج من الولاية بالبلوغ فإيناس الرشد منه بعد وحسن النظر في أمره ، وما رجي منه من تماديه حتى بلغ وخالط ، ثم حدث به حال سفه ، فباع فيها وخالط أيضًا ، ثم رفع أمره ، فهذا بيعه كله ، إلا أن يكون بيع سفه
[10/92]
***(1/89)
[10/93]
وخديعة بينة ، مثل أن يبيع ما يسوى ألف دينار بمائة ، فهذا يرد ولا يتبع بالثمن إن أفسده ، ولا يكون في ماله ، وما كان بيعا متقاربا وإن كان فيه غبن متفاوت فهو نافذ ، وقال ابن القاسم : بيعه قبل الولاية وبعدها مردود . وقال ابن كنانة : ولا يرد إلا ما كان بعد الولاية قولا مجملا لم يفصله .
قال مطرف وابن الماجشون :/ويرد بيع المولى عليه ولا يتبع بالثمن إلا أن يكون في يديه أو ما أدرك منه ، أو يكون نمى به ماله ، أو أدخله في مصلحته مما لم يكن له بد من إنفاق مثله من ماله فينظر له ، فإن كان رد سلعته اليوم خيرا له ردت وودي الثمن من ماله ، وإن رأى إنفاذ البيع خيرا له أنفذ وأخذ من المشتري تمام قيمته اليوم إن كانت أكثر ، قالا : ولو كان إنما أكل الثمن فلا يلزمه منه شيء ، وقال لي أصبغ : مثله إلا أنه قال : إلا أن ينفق ذلك فيما لا غنى به عنه ، نفقة بينة معروفة ، ومما لا بد أن يباع في مثل ذلك ماله ، فهذا ماض ، ويؤخذ الثمن من البائع ، ويأخذ شيئه ، فإن أكله السفيه فلا طلب عليه ، ولو اشترى أمة فأولدت فهو فوت ، ويرد بائعه الثمن ، ولا يطالب السفيه بشيء ، وقاله أصبغ .
قال ابن حبيب : قال ابن الماجشون في السفيه الذي لا ولاية عليه : بيعه جائز ما لم يخرج ن بيوع المسلمين ، ولم يكن منه فيه إفساد ولا تلف .
في أفعال البكر اليتيمة أو غيرها وكيف إن لم يول عليها ؟ وما الذي يوجب لها الرشد ؟ وكيف إن قاسم عليها إخوتها ؟
قال ابن حبيب : قال عطاء ومجاهد : لا يجوز للبكر قضاء في مالها حتى تدخل/بيتها . وتمضي لها سنة ، أو تلد ولدا . قال مالك : بعدما تدخل بيتها
[10/93]
***(1/90)
[10/94]
ويعرف من حالها ، قال مطرف : يعني يشهد لها عدول من أهل الخبرة بها أنها صحيحة العقل رشيدة الحال ، مصلحة للمال ، حسنة النظر فيه حابسة على نفسها ، قال مطرف : فإن شهد لها بهذا بعد البناء عندما دخلت وقد عرفت بما ذكرنا قبل البناء ، فقد استحب مالك أم يؤخر جواز قضائها ما بينها وبين سنة ، وهذا استحباب والذي يلزم أن يجوز بذلك قضاؤها ، وإن شهد بذلك بعد البناء بيسير إذا عرفت بذلك في سترها ، وأما إذا قضت في مالها بعد البناء ، ولا تعرف برشد على من يريد أجازة فعلها ما بينها وبين السنة وما قاربها ، وإن كان قضاؤها بعد السنة فالبينة على من يريد رد فعلها بأنها سفيهة ، أو سيئة النظر ، أو مختبلة العقل ، وقاله كله ابن الماجشون وأصبغ .
قال مطرف عن مالك في البكر المرشدة المرضية الحال ، الحسنة النظر ، فلا يجوز لها قضاء في مالها ببيع ولا غيره ، كان لها أب أو لم يكن حتى تبلغ أربعين سنة ، وقاله أصبغ وابن القاسم . وقال ابن الماجشون : إذا لم يول بأب ولا غيره ، فإذا بلغت الثلاثين جاز قضاؤها من عتق وعطية وغير ذلك إذا كانت مرشدة ، وأما التي تولى بأب أو وصي أو خليفة سلطان ، فلا يجوز لها قضاء وإن كانت/في الستر والحال كما ذكرنا حتى تنكح أو تعنس ، وأول التعنيس أربعون .
وبه قال ابن وهب وغيره .
قال ابن حبيب : وبه أقول .
ومن العتبية : قال سحنون في البكر تعطي زوجها قبل البناء من مالها ما تبارئه به ، فإن كان لها أب أو وصي لم يجز ذلك ورد ما أخذ ، وألزمه الطلاق ، وإن كانت لا أب لها ولا وصي عليها حتى تكون غير محجورة فذلك نافذ للزوج ما أعطته ، بمنزلة السفيه ولا وصي له فأموره نافذه من بيع وشراء أو هبة أو غيرها ما لم
[10/94]
***(1/91)
[10/95]
يحجر عليه ، فكذلك البكر تجوز هبتها وخلعها إلا أن يولى بأب أو وصي . وقال مالك في ضعيف العقل يزوج فأراد وليه إجازة ذلك ، فقال : إن كان مولى عليه لم يجز نكاحه ، وإن كان غير مولى عليه فهو جائز .
قال ابن حبيب عن ابن الماجشون في اليتيمة يدخل بها زوجها ، ثم تخالع زوجها بالقرب بكل ما أعطاها ، قال : يمضي الطلاق ويسترد وليها من الزوج كل من أخذ منها ، ولم يكن لها أن تعطيه شيئا بإذن وليها أو بغير إذنه حتى تقيم سنة وتلد ولدا .
ومن العتبية : قال سحنون عن ابن القاسم في البكر الثلاثين سنة : لا يجوز قضاؤها في مالها وإن أبوها عنها ، وإن تزوجت إلا بعد البناء ورشد الحال ، وأما التي عنست وبلغت الخمسين والستين فهذه يجوز فعلها في مالها إن كانت لا بأس بنظرها ، وإن لم تكن كذلك لم يجز ذلك ./قال ابن القاسم : وإذا تصدقت بمهرها على زوجها بعد البناء بنحو الشهر ، ولا يعلم أمرشده هي أم لا ، وأجاز ذلك وليها أب أو غيره ، أن ذلك مردود ، وليس للولي أن يجيز فعل من في ولاية حتى يعرف حالها بالرشد ويتواطأ وتقوم به البينة .
قال أصبغ في العتبية ، وكتاب ابن حبيب في البكر تحتاج فتبيع بعض عروضها ، قال عنه ابن حبيب : وعقارها وتنفقه وتفعل في البيع والنفقة مثل ما يفعله السلطان ، أو تبيع ذلك لها أمها أو من يقوم لها من أقاربها ممن ليس بوصي .
قال في العتبية : ولعله يبعد عليه أو عليها أمر السلطان أو يضيع ذلك ، أو لعلها ومن ولي أمرها يقدر على رفع ذلك فتركته ، فالا عنه : غير أن البيع والنفقة جريا بما يجريه الإمام من حسن النظر ، قال ذلك سواء ، وينظر فإن كان شيء له بال وقدر ، مثل العقار الصالح ، والأمر الكبير من عين فذلك مردود كله ، وينظر في الثمن ، فإن كان جعل في نفقة لا بد منها ، أو أمر لا غناء عنه ، ولا مرجع إلى
[10/95]
***(1/92)
[10/96]
شيء غيره ، ولو وليه سلطان أو وصي لباع ذلك للحاجة إليه ، فليحسب للمشتري الثمن ، قال عنه ابن حبيب : وأعطيه من مالها وإن كان على غير ذلك فهو ساقط عنها .
قال عنه العتبي : وإنما يبطل من بيع السفيه ما لا مخرج لثمنه إلا فيما شاء أو في شهوته ، فهذا لا مرجوع بالثمن فيه ، وأما ما دخل في وجهه ، أو وجد بيد السفيه/فمردود إلى المشتري ويفسخ البيع ، قالا عنه : وأما إن كان المبيع خفيفا مثل الدويرة أو البيت الخرب والأمر القريب ، قال عنه ابن حبيب : أو الدويية أو الثوب فذلك نافذ إذا بيع لنفقة ومصلحته ولم يكن له غيره .
قال ابن حبيب عن أصبغ في البكر لا يوصي بها أبوها إلى أحد ترث مع إخوتها المنزل فيقسم ذلك إخوتها بغير أمر سلطان ، فيعزلون لها حقها ، فإن لم يفت ما بأيديهم ردوا وانتفي القسم ، وإن فات ما أخذوا نظر فإن كان لها حظ فيما صنعوا ولا غبن فيه مضى ذلك ونفذ ، وإن لم يكن نظر لها ولاحظ ، وقد فات نصيبهم من الأرضين ببناء أو غرس ، أعيد كله إلى القسم كأنه براح ، فإن وقع لها ما فيه بناء وغرس نظر ، فإن كان إنما أحدثه إخوتها أو من اشترى منهم محمد يعلم بعدتهم فليس له إلا قيمة ذلك مقلوعا ، وإن كان مشتر لا يعلم بعدتهم فله قيمة ذلك قائما كمن بنى على شبهة .
في أفعال المولى عليه وما الذي يوجب له الرشد ؟
وما الذي يوجب الحجر على السفيه ؟
من كتاب ابن المواز : قال محمد : تجوز أفعال من لم يبلغ ، فإذا بلغ فأنس منه الرشد كما قال الله سبحانه جاز فعله ، وذلك أن يصلح ماله ويثمره ويكون له دين يحجزه عن معاصي الله ، وعن إتلاف ماله في لذاته ، وليس لذلك حد من
[10/96]
***(1/93)
[10/97]
السنين إلا الرشد ، ولا يصح قول أهل العراق : إنه لا يحكم/له بماله حتى يبلغ خمسة وعشرين سنة ، ويجوز عندهم قبل ذلك عتقه وبيعه وشراؤه ، وهذا خلاف ما دل عليه القرآن .
قال : والذي يلي عليه يقوم مقامه في البيع والشراء أو غير ذلك ، فيرهن ماله ، ويتسلف له حتى يبيع ماله ويزوجه بغير إذنه إذا رأى ذلك نظرا له ويمهر بشبهه .
قيل : فالكبير السفيه لا أب له ولا وصي ، أو كان غير مرشد أيحجر عليه ؟ قال : أشهب : لا أرى ذلك إلا في البين أمره في تبذير ماله ، وما لا يحكم إمساكه .
وقال ابن القاسم : يحجر على من لا أب له ولا وصي ممن لو كان عليه وصي لم يقض له بأخذ ماله ممن لم يتبين رشده ، ولينزع القاضي منه ماله ، ويجعل من يلي عليه ، قال : وكذلك : من دفع إليه وصيه ماله ثم ظهر منه غير الرشد ، فإن له أن يحجر عليه ثانية وينزع ماله .
قال أشهب : ولا ينظر إلى سفهه في دينه إذا كان لا يخدع في ماله كما يخدع الصبي ، ولا يخاف عليه في تدبيره ولا تبذيره .
قال محمد : ولم يختلف في الصغير إذا بلغ أنه لا يدفع إليه ماله حتى يؤنس منه الرشد .
قال ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون في المولى عليه يؤنس منه بعد البلوغ حسن النظر في ماله وفي أخذه وإعطائه ، إلا أن يشرب المسكر ، قال : لا يحكم له بأخذ ماله إلا بالرشد في الحال وفي المآل ، قالا : ولا يرد لشرب الخمر في الولاية بعد أن خرج منها .
وقال ابن كنانة وغيره من المدنيين : لا يرشد حتى يكون رشيدا في حاله ومآله .
[10/97]
***(1/94)
[10/98]
/وقال ابن القاسم وأصبغ : إذا كان حسن النظر في ماله خرج ن الولاية وإن شرب الخمر .
وبقول المدنيين أقول ، وهو قول الحسن البصري .
قال أصبغ : لا يخرج المولىعليه من الولاية ، ولا البكر المعنسة إلا بشهادة عدلين بحسن نظرهما في المال ، ويكون أيضًا مع ذلك أمرا فاشيا غالبا ، وإلا لم تنفع شهادة العدلين في قبض أموالهما ، ولكن يحكم لهم في إنفاذ ما اعتقا وباعا وقضيا فيه .
قال أصبغ في السفيه المولى عليه ، أو الصغير ، أو البكر يتبع أحدهم الجارية فتعتق أو تحمل من مشتريها أو من زوج ، أو يكون حيوانا فينتاتج فلترد تلك الدواب ونتاجها ، والأمة وإن كان ولدها من زوج رد معها ، وإن كان من المشتري فعليه الأكثر من قيمتها يوم ابتاعها أو اليوم ، ويسقط الثمن الأول عن المولى عليه ، إلا أن يكون قائما ، أو دخل في مصلحة لا بد منا ، وأما العتق فيرد .
قال ابن كنانة : ما أقر به المولى عليه من دين عند موته فهو في ثلثه مبدأ ، واستحسنه أصبغ ما لم يكثر جدا ، وإن وسعه الثلث .
قال مطرف وابن الماجشون في البكر والصغير والمولى عليه يبيع أحدهما ، أو يهب ، أو يعتق ، فلا يعلم ذلك إلا بعد موته : أن ذلك مردود يورث عنه ، وكذلك لو تزوج فلم يعلم به وليه حتى مات المولى عليه : أنه لا ميراث لامرأته ولا صداق عليه ، إن بنى بها ، لأن ذلك/مردود حتى يجيزه الولي ، وإن كانت المرأة هي التي ماتت وبقي المولى عليه فالنظر لوليه قائم فإن رأى إجازة ذلك خيرا له وغرم الصداق لما يأخذ من الميراث أجازه وإلا رده ، وقاله ابن أبي سلمة ، وقال ابن القاسم : بل هو أمر جائز فد قات موضع النظر فيه ، ومضى الذي كانت به الولاية ، والأول أحب إلي ، وإليه رجع أصبغ وقالا في المولى عليه من سفيه ، وصغير وبكر : إنه لا يجوز عفوهم عما نيل منهم من الحدود والشتم والجراح ، عمدها وخطائها ، بل ذلك أولى بالصيانة مما حجر عليهم فيه ، إلا في النفس فإنهم عند
[10/98]
***(1/95)
[10/99]
الموت في العفو في العمد والخطأ كالكبير ، وقال ابن القاسم : يجوز عفوهم فيما ليس بمال في الحياة ، وبالأول قال أصبغ ، وقال : هو كالعبد ، ولو جاز هذا جاز نكاحه بغير إذنه وليه إذا حمل عنه الصداق حامل .
قال مطرف وابن الماجشون : ومن أتى إلى القاضي بيتيم بالغ فقال : إن أباه أوصى به إلي ، وقد رشد وأنا أدفع إليه ماله ، فاكتب لي به ، فرآه ، قال : لا يفعل حتى يثبت عنده أنه وصيه ، وأنه قد رشد ، ولو خوصم في فسخ بيع عليه ما أمكنه من ذلك . قال أصبغ : إن ثبت عنده رشده كتب له على ما يذكر من الوصية : إنك ذكرت كذا ودفعت إلى من ثبت رشده .
وقال سحنون في العتبية : يكتب له : إن فلانا أتاني بفتى صفته كذا ، وزعم أنه يسمى فلانا ، أو بامرأة/صفتها كذا ، وزعم أن اسمها كذا ، وذكر أن أباها أوصى بها إله وبمالها ، وأنها بلغت مبلغ الأخذ لنفسها والإعطاء منها ، يريد سحنون ذلك بعد البناء ، وسألني أن آمره بدفع مالها إليها ، ويكتب له براءة ، فأمرته بدفعه إليها ، فدفعه إليها عندنا ، وهو كذا وكذا ، وقبضته منه ، وقد أشهدنا له بالبراءة منه شهداء هذا الكتاب .
وفي كتاب الصداقات : باب في صدقة المولى عليه .
قال ابن الماجشون : ومن باع من مولى عليه وأخذ حميلا بالثمن ، فرد ذلك السلطان ، وأسقطه عن المولى عليه ، فإن جهل البائع والحميل حاله لزمته الحمالة ، لأنه أدخل البائع فيما لو شاء كشفه ، وإن دخل البائع في ذلك بعلم سقطت الحمالة ، علم الحميل أو لم يعلم .
قال ابن الماجشون : ومن دفع إلى موقى عليه دنانير سلما في سلعة ، فاشترى بها اليتيم سلعة من رجل وهي تعرف بعينها بيد الثاني ، أو رهنا رجل ثم قال الأولى ففسخ ذلك ، فله أخذ دنانيره بعينها من الثاني ومن الموهوب ، وهي كدنانير لليتيم اشترى بها سلعة .
[10/99]
***(1/96)
[10/100]
ومن العتبية : قال : ولو أسلفت إلى مولى عليه مالا ، أو أسلمه إليه في سلعة ، فاشترى بها أمة فأحبلها فهي له أم ولد ، وليس لك أخذها في مالك ، وترد أنت إليه السلعة إن قبضها ، وإذا ابتاع السفيه أمة فأولدها فلترد الأمة على بائعها ، ويرد هو الثمن ، ولا شيء له من قيمة الولد والولد ابن للسفيه حر . وروى أشهب عن مالك في المولى/عليه يداين ثم يموت : أنه لا يقضى عليه ، وهو في موته كهو في حياته ، إلا أن يوصي به وقد بلغ حد الوصية ، قال أبو محمد : يريد ك فيكون في ثلثه .
قال عيسى عن ابن القاسم في يتيم له وصي وقد بلغ : ومثله لو طلب ماله أخذه ، تزوج بغير إذن وصيه ، ثم فسد وصار ممن يستحق الحجر ، ثم طلقها في سفهه قبل البناء ، وصالحها على أقل من نصف الصداق الذي قبضت بعلم الوصي ، قال : يرجع وصية بتمام نصف الصداق ، لا إذن لوليه في النقصان ، ولو ادعى أبوها أنه رد إلى اليتيم نصف الصداق لم ينفعه ، وإن صدقة اليتيم ، لأنه دفع إلى مولى يجوز قبضه ، وأما نكاحه وهو في الحال الذي ذكرت فيجوز ، وهو كالإذن له .
وفي كتاب الوصايا : ذكر وصية المولى عليه . وفي كتاب العتق : ذكر عتقه ، وفي الوصايا : كثير من معاني هذا الباب . وهناك ذكر فيمن يبيع على الصبي ممن ليس بوصي من أم أو عم كنفه .
في البالغ هل يسافر بغير إذن أبويه ؟
من العتبية : روى أشهب عن مالك ، وسأله رجل فقال : إن ابني تزوج امرأة ، وهو يريد أن يذهب معها ويخرج ويدعني ، وأنا شيخ كبير لا أقدر على نزع الشوكة من رجلي ، فقال : إن كان قد بلغ وليس بسفيه ولا ضعيف العقل ، وهو
[10/100]
***(1/97)
[10/101]
يلي نفسه ، فذلك جائز له ، وهو رجل يخرج إن شاء إلى العراق ، وإن كان لا يلي نفسه وهو سفيه مأخوذ على يديه فليس ذلك له .
/فعل الأب في مال ولده
قال ابن حبي : قال مطرف وابن الماجشون : وما وهب الأب من مال ولده الصغير من عرض أو رقيق أو عقار ، فإن كان مليا فذلك نافذ للموهوب ، وعليه للابن عوضه ، شرط له ذلك على نفسه أو لم يشترطه ، ولا سبيل للابن على الهبة إلا أن يعسر الأب من بعد يسره ، فليرجع الابن فيأخذ الهبة ، إلا أن تفوت فيأخذ قيمتها من الموهوب ، ثم يرجع الموهوب على الأب بذلك ، يتبعه من عدمه ، لأنه قد لزمته القيمة لابنه فوداها هذا ، والفوت في ذلك عتق العبد ، والأمة تتخذ أم ولد ، وإبلاء الثوب ، وأكل الطعام ، وبيع الهبة وأكل ثمنها ، وما كان فوته بسببه ، وأما ما هلك بأمر الله عز وجل فلا يضمنه ، وإن كان الأب يوم الهبة قيمته إن كان له شيء يوم الحكم ، وإن لم يكن وكان متصل العدم وداها المعطي ولا يرجع بها على الأب ، وكأنه وهب مال أجنبي ، وإن كان الأب يوم العطية معسرا ثم أيسر ثم أعسر نفذت العطية ولا يأخذها الابن وإن كانت قائمة ، إن كان الأب مليا ، وإن كان عديما فهل أخذها إلا أن يفوت فيأخذ القيمة من المعطي إن فاتت بسببه ، ثم يرجع بها المعطي على الأب ، قال : ومن باع أو رهن من متاع ولده لنفسه فهو مردود ، إن عرف أنه فعله لنفسه ، ولأنه قد يفعله لولده ، وإن لم يعرف ، فهو على أنه لولده/لا يرد حتى يعلم أنه لنفسه لدين عليه أو لغيره ، وهذا في عدمه ، فأما وهو ملي فذلك ماض ويضمن الثمن ، وما اشترى لنفسه من رقيقهم وعقارهم فذلك نافذ ، إلا بالبخس البين ، فيرد كله ، وما قارب الأثمان مضى .
ومن باع من مال ولد الصغير فحابى فيه ، فإن صغرت المحاباة مضى ذلك ، وكانت في مال الأب كالعطية ، وما عظم من المحاباة رد كله .
[10/101]
***(1/98)
[10/102]
قال مطرف : وما أعتق من عبيده جاز في ملأ الأب ، وإن كان عديما رد ذلك ، إلا أن يطول زمانه ، ويولد للعبد على الحرية فيمضى ، وبيع الأب على القيمة ، قاله مالك .
وكذلك ما نكح به من عبد أو غيره جاز في ملئه وعليه ، فإن كان عديما رد ما لم يبن بالزوجة فيمضى ، ويتبع الأب بالقيمة ، ولا يكون للابن أخذ ذلك وإن لم يفت ، وقال ابن الماجشون : سواء بني بها أو لم يبن ، طال أمر العتق وولد له على الحرية أو لم يطل ولم يولد له ، وسواء صغيرت المحاباة فيما أعطى من ماله أو عظمت ، إن كان الأب موسرا مضى ذلك وأخذت هذه القيمة ، وإن كان معدما رد ذلك كله إلى الابن . وقال أصبغ : يحوز هذا كله من فعل الأب من هبته وبيعه وعتقه وإصداقه النساء ، مليا كان أو معدما ، قائما كان ذلك أو فائتا ، طال أمر العبد أو لم يطل ، بني بالمرأة أو لم يبن ، كان البيع له أو لنفسه ، فذلك كله ماض ويلزم الأب قيمة ذلك لنفسه في ماله وفي ذمته إلا أن يكون السلطان قد تقدم/إليه في ذلك ونهاه عنه ، فلا يجوز بعد ذلك ، فجعله في شيء من ذلك ، وبالأول قال ابن حبيب . وفي كتاب ابن المواز من هذا الباب في النكاح وكتاب العتق وغيره .
ومن سماع أصبغ من العتبية : قال ابن القاسم في الأب يبيع على ابنه في حجره دارا أو أرضا ، فإن كان ليس بسفيه ولا مولى عليه جاز ذلك ، ولا يرده الابن إن كبر إذا ذلك نظر له ، ويتبع أباه بالثمن ، وللأب محاسبته بالثمن بالنفقة عليه إن شاء من يوم باع ، وإن كان الأب سفيها يولى على مثله ، لم يحز بيعه ، وإن لم يكن عليه ولي كما لو باع على نفسه ، وإن السفيه إذا مات أبوه أو وصيه فهو عندي كالمولي عليه ، وقد يموت الرجل فجأة أو في سفر ، وقد لا يرفع أمره إلى قاض فيولي عليه ، أفيذهب مال هذا في مبايعته وأفعاله ؟ هذا بين الفساد ، وكذلك سمعت .
[10/102]
***(1/99)
[10/103]
ومن سماع ابن القاسم : وعمن تصدق على امرأته وعلى ابنه الصغير منها ببعض حائطه صدقة بتلا ، فطلبت المرأة بيع حصتها من ذلك ، وأراد الأب أن يبيع لابنه ، قال : ذلك لهما ، قيل : والابن صغير فأراد أن يبيع عليه نظرا له ، قال :
ذلك له .
وروى عيسى عن ابن القاسم في الأب يهب عبد ابنه صغيرا ويتصدق به ، وقال مالك : ذلك باطل ، وإن كان مليا ، وإن أعتقه ، يريد : عن نفسه والأب مليء ، فذلك نافذ ، وعليه لأبيه قيمته ، ولو كان كبيرا لم يجز عتق الأب/وأما ما تزوج به من مال ولده الصغير ، فإن كان الأب مليا فذلك نافذ للمرأة بني بها أو لم يبن ، وقاله مالك .
قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم : ومن تصدق على ابنه الصغير بغلام ثم أوصى بعتقه ومات الأب ، فإن ذلك نافذ ، ويعتق في ثلثه ، وقيمته للابن في رأس ماله ، لأنه كان يجوز لابنه ، ولو أوصى بعتق لابنه الصغير لجاز إن كان له ثلث يعتق فيه ، فكذلك هذا ، وإن مات الأب ولا مال له لم تجز الوصية للعبد ، والابن أولى به بالصدقة ، وإن كان الابن كبيرا يجوز لنفسه ، فإن لم يقبض الابن العبد حتى مات الأب بطلت الصدقة له ، والوصية للعبد جائزة ، وإن قام يجوزه في صحة الأب فذلك له ، وتبطل الوصية للعبد لأنه لا يجوز أن يوصى في عبد ابنه الكبير بعتقه .
في قضاء ذات الزوج في مالها
قال ابن حبيب : قال مطرف وابن الماجشون : روي أن النبي عليه السلام قال : لا يجوز لامرأة أن تقضي في ذي بال من مالها إلا بإذن زوجها . فرأى العلماء أن الثلث ذو بال ، ولم تكن أسوأ حالا من المريض الذي قصره رسول
[10/103]
***(1/100)
[10/104]
الله صلى الله عليه وسلم على الثلث : فما فعلت أكثر من الثلث في عتق ، أو صدقة ، أو هبة فهو مردود حتى يجيزه الزوج ، وقال ابن القاسم : هو جائز حتى يرده الزوج كعتق المديان ، ورواه عن مالك ، وأنكر مطرف/وعبد الملك هذه الرواية ، وقالا : الغرماء لا يصح لهم نكير إلا بإثبات بينة على الدين وإغراق الذمة ، وهذا زوج فلا يكلف بينة ، وقد قال في الحديث : لا يجوز لامرأة ، فهو مردود في الأصل ، قالا : وإذا قضت بالكثير فلم يعلم به حتى تأيمت بموته ، أو طلاقه ، أو علم فرده فلم يخرجه من ملكها حتى تأيمت . فذلك نافذ عليها ، وكالعبد يعطي ويعتق فلا يرد ذلك حتى أعتق أنه يلزمه ، والغرماء يردون عتق المديان للعبد فلم يخرج من يديه حتى أيسر أن العتق ماض ، وإذا لم يعلم الزوج بما فعلت من عتق وعطية حتى ماتت هي ، أو لم يعلم السيد بفعل العبد حتى مات فذلك مردود ، لأن لها الميراث فيه .
وقال أصبغ بقول ابن القاسم : إن قضاء المرأة جائز حتى يرده الزوج ، فإن لم يعلم حتى تأيمت أو ماتت فذلك ماض ، وقال أصبغ : أقول بقوله في الموت ، وأما في التأيم فبقول مطرف وابن الماجشون ، وقال ابن حبيب بقولهما في كل شيء ، وقال : قد أجمعوا في التأيم واختلفوا في الموت ، فقال ابن القاسم : إذا لم يعلم به الزوج ولا رده حتى تأيمت يحكم به عليها ، ولا يحكم به عليها إن كان الزوج قد رده حين علم ، وقال مطرف وابن الماجشون واصبغ : ذلك كله ماض عليها ، لأن ذلك الرد ليس برد للعتق ، إنما هو رد للضرر ، وقد أجمعوا في الهبة أنها بخلاف العتق ، وأن الزوج إذا ردها ثم تأيمت فلا يلزمها/إمضاؤها ، وإذا لم يرد حتى تأيمت فهي ماضية ، وأجمعوا في الهبة أنها تقضي فيها بما أحبت قبل أن تتأيم إذا كان قد ردها الزوج .
قال ابن القاسم : وإذا أعتقت ثلث عبدها ولا تملك غيره جاز ذلك ، ولو أعتقته كله لم يجز عنه شيء ، وهو قول ابن أبي حازم وقال ابن الماجشون
[10/104]
***(1/101)
[10/105]
ومطرف : ويبطل عتقها في الوجهين لأنه كأنه أعتقته كله بعتق بعضه ، لإيجاب النبي عليه السلام تتيمم العتق على معتق شقص ، فكيف بمن يملك جميع العبد ، فلما منع الزوج من ذلك رد جميعه ، وروياه عن مالك ، وعن المغيرة ، وابن دينار ، وغيرهم ، قالا : وكذلك لو أعتقت نصيبا لها منه لا تملك غير ذلك النصيب ، فرده الزوج ، فلا يجوز من عتقه شيء ، وقاله ابن نافع وأشهب وأصبغ ، إلا أن أصبغ قال : إذا أعتقت . . . بينها وبين رجل أنه يستتم عليها ، إلا أن يرد ذلك الزوج هذا ، لأن أصله أن فعلها ماض حتى يرده الزوج .
قال مطرف وابن الماجشون : وإن كان لها عبيد غيرهم ، فأعتقت أثلاثهم ، فذلك باطل ، ولو أعتق ثلثهم أعتقت ثلثهم بالسهم ، فإن خرج عبد وبقي من الثلاث أسهم حتى يتم الثلث ، فإن كان تمامه في أقل من عبد أو جميعها على ما بينا . وقاله أصبغ .
وقال مطرف عن مالك : إذا دبرت عبدها فذلك ماض لا رد للزوج فيه ، إذ لم يزل رقه وإنما منعت بيعه ، وقد كان/لها ألا تبيعها بلا تدبير ، وقاله ابن القاسم ، ورواه عن مالك ، وقال أصبغ : وقال ابن الماجشون : لا يتم ذلك إلا بإذنه ، وهو كعتقه ، وقد منعت نفسها من البيع إن أرادته بعد ذلك ، وقال ابن حبيب بالقول الأول .
وقال ابن الماجشون : وإذا أعطت أو تصدقت بأكثر من الثلث رد منه الزائد على الثلث ، وأما في عتق العبد فيرد جميعه لئلا يعتق بعض عبد بلا استتمام فيخالف السنة ، ورواه عن مالك . وقال مطرف : ما علمت مالكا فرق بين ذلك ، إن ذلك مردود إلا أن تقتصر هي على الثلث ، وقاله ابن القاسم ، وبقول ابن الماجشون أقول .
[10/105]
***(1/102)
[10/106]
وقال لي عن مالك : إذا تصدقت بالثلث فأقل على وجه الضرر بالزوج والسفه أنه يرد ذلك كله ، وبه أقول ، وقاله أشهب عن مالك ، وقال ابن القاسم ذلك ماض لها على أي وجه كان ، وقاله أصبغ .
قال مطرف وابن الماجشون : ولها أن تنفق على أبويها وتكسوهما وإن جاوزت الثلث ، ولا قول للزوج ، لأن الحكم يوجبه عليها ، وقاله أصبغ .
وقال أصبغ : وإذا أعتقت رأسا من رقيقها ثم رأسا ثم رأسا والزوج غائب ، ثم قدم فإن كان بين ذلك أمر قريب حتى كأنها اغتزت تجويز الكثير من مالها مثل أن يكون بين ذلك اليوم واليومين ، فإن حملهم الثلث وإلا رد جميعهم كعتقها إياهم في كملة ، وإن كان بين ذلك بعد مثل/شهر وشهرين جاز الأول إن حمله الثلث فأقل ورد ما بعده وإن حمله الثلث مع الأول لأن مخرجه الضرر ، وإن تفاوت ما بين الوقتين مثل ستة أشهر فهو عتق مؤتنف يبدأ لها فيه نظر الثلث في كل وقت .
قال أصبغ : وإذا تصدقت بشوار بيتها وهو قدر الثلث فأقل فقال الزوج : لا تعري بيتي فذلك ماض ، وتؤمر هي أن تعمر بيتها بشوار مثلها ، وكذلك لو تصدقت قبل البناء بصداقها ، وهي دون الثلث ، وهي ثيب أن ذلك ماض ، وتؤمر أن تجعل مثله من مالها في شورة تدخل بها .
وقال ابن الماجشون : وإذا أقرت في الكثير من جهازها أنه لأهلها جملوها به والزوج يكذبها ، فإن لم يكن إقرارها بمعنى العطية فذلك نافذ على الزوج ، وإن كان بمعنى العطية . رجع ذلك إلى الثلث .
ومن العتبية قال أصبغ عن ابن وهب في العبد له المرأة الحرة ، إنه ليس له من منعها من القضاء في ثلثي مالها مثل ما للحر ، ولها أن تتصدق بمالها ولا كلام له ، قلت : إنه قد يعتق ، قال : ما اتفق الناس في الحر فكيف في العبد ، قلت :
[10/106]
***(1/103)
[10/107]
فهو رأيك في الحر أن له منعها إلا من الثلث ، قال : هو أحب غلي . قال : وأما الأمة تحت الحر فليس له عليها حجر مالها لسيدها ، وهي لا تختلع إلا بإذنه .
قال أصبغ : أما قوله في الحرة تحت العبد فليس بشيء ، وله ما للحر ، وهو زوج ، وهو حق له .
وقال أشهب وابن نافع عن مالك مثله .
وكذلك ذكر ابن المواز عن مالك/أن له منعها .
وفي كتاب الصدقات باب في صدقة ذات الزوج المولى عليها فيه كثير من هذين البابين ها هنا وزيادة في معنى ما فيهما .
قال محمد بن عبد الحكم : وإذا طلب الزوج أن يخرج بزوجته إلى بلد آخر ، ولها عليه دين فدخل أو تقارب حلوله أو لم يتقارب ، وقالت : لا أخرج وها هنا بينتي ، فإن له أن يخرج بها وتطلبه بالدين حيث ما حل ، فإن طلبت كتابا من القاضي بما ثبت من دينها فإن كان قريبا فذلك لها ، وإن كان ذلك بعيدا فليس لها ذلك ، وله أن يخرج بها .
في مال المرتد ، وإيقافه ، وقضاء ديونه ، وذكر دين المعاهد الناكث ونحو ذلك
وهذا الباب مستوعب في كتاب الجهاد ، وكتاب المرتد ، من قول مالك وأصحابه ، وهذا المذكور منه ها هنا لابن عبد الحكم سيغني عنه أو يضاف إليه ما في ذينك الكتابين لتعلق ذلك بما في هذا الكتاب من ذكر الديون والحجر في المال .
قال محمد بن عبد الحكم : وإذا ارتد رجل وعليه ديون حالة أو مؤجلة ، فإنما يقضي عنه الإمام ما حل من ديونه من ماله ، فإن قتل قبل ذلك فقد حل الرجل من الدين الذي عليه ، ويحاص في ماله من حل دينه ومن لم يحل ، ولو رجع إلى
[10/107]
***(1/104)
[10/108]
الإسلام قبل ذلك فلم يحل ما عليه إلى الأجل ، ولمن حل دينه قبضه منه بخلاف المفلس ، ولو لحق/بدار الحرب مرتد فليسمع البينة بما عليه من دين ، ويبقى المؤجل إلى أجله بخلاف التفليس ويحاط الفاضل من ماله حتى يموت مرتدا فيكون كالفيء ، أو يرجع إلى الإسلام فيورث عنه إن مات ، وليس كالتفليس ، ولا يكون من وجد من غرمائه سلعته بعينها أحق بها .
تم الجزء الثاني
من كتاب المديان والتفليس
بحمد الله وعونه
[10/108]
***(1/105)
[10/109]
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه
كتاب الحمالة والحوالة
في الحمالة بالوجه ، وكيف إن قال : إن لم آت به فعلي المال ؟ وأخذ حميل من حميل ، ومن تحمل بمنكر بوجه أو مال ، أو تحمل بوجه رجل بما قضى به عليه قاض معلوم
من كتاب ابن المواز : قال مالك : ومن تحمل بوجه رجل أو بعينه أو بنفسه فهو سواء ، إن لم يأت به وإلا غرم المال حتى يشترط في حمالته : لست من المال في شيء ، محمد : أو يقول : لا أضمن لك إلا الوجه فهذا لا يضمن إلا الوجه ، غاب الغريم أو حضر أو مات ، أو لا يتكلف إلا إحضاره ، قال ابن القاسم : فإن لم يحضره لم يسجن إلا أن يعلم بمكانه فليسجن فيه بقدر ما يرى السلطان مما يرجو به إحضاره ، وإن لم يشترط هذا وتحمل بالوجه مبهما فهذا إن لم يقدر عليه حكم عليه بما يصح على الغريم بالبينة ، وهذا في غيبة المطلوب فقط ، فأما/في موته ، أو تفليسه ، أو وهو محبوس في دم أو دين أو غيره فلا شيء عليه ، إذ يدفعه إليه وهو في السجن ويكفيه أن يقول : قد برئت إليك منه ، وهو في السجن ، فشأنك به .
قال فيه وفي العتبية من رواية يحيى بن يحيى عن ابن القاسم : وإن طلب الحميل أن يؤجل له في طلبه في غيبته ، فإن بعدت غيبته فليس له ذلك ، وليغرم
[10/109]
***(1/106)
[10/110]
مكانه ، وإن كان قريبا على يوم أو يومين ، قال في العتبية : أو ثلاثة ، وبقدر ما لا يضر فيه بالطالب ، وما يجتهد به للحميل ، أستأني به بقدر ذلك ، وإن كان ببلد لا يرجوا قدومه منه إلى يومين أو ثلاثة ونحوها أغرمه مكانه .
قال أصبغ في كتاب ابن حبيب : إذا غاب الغريم عند محل أجل الحمالة ضرب لحميل الوجه أجل ، فإن جاء بالغريم فيه وإلا غرم ما عليه إن ثبت ما عليه بالبينة ، إلا أن يكون شرط ألا مال علي ، فلا يلزمه إلا طلبه .
ومن العتبية من سماع يحيى ، ومن كتاب ابن المواز : فإن طلب الحميل بيع مال الغريم ، فإن كان على مسيرة عشرة أيام ، بيع ما له عليه ، وأما على يومين فلا ، وليكاتب حتى يبعث أو يؤنس منه فيباع عليه ، قال : ولا يؤخر حميل المال ، وهو كالغريم نفسه .
ومن كتاب ابن المواز : وإذا حكم على حمي الوجه بالغرم فلم يغرم حتى قدم الغريم فأتى به ، ويبرأ منه ، لم ينفعه ذلك ، ولابد أن يرغم ، قال : ولو غرم بالحكم ثم أصاب بينة بموت الغريم قبل الحكم فإنه يرجع بما ودي على الطالب وتسقط الحمالة .
قال ابن وهب في حميل/الوجه : إذا غاب الغريم قضي عليه بالغرم ولا يضرب له أجلا ليطلبه ، وقال أصبغ : يضرب له أجلا خفيفا في قريب الغيبة كقول ابن القاسم .
قال محمد بن عبد الحكم : ومن تكفل بوجه رجل فغاب رجل فأخذ به الكفيل ، فأقام آخر البينة على الكفيل أنه استأجره قبل ذلك أن يبني له داره أو يسافر معه إلى مكة ، فالإجارة أول ولا يحبس في الدين ، لأن الكفالة بالدين معروف تطوع به ، ولو كانت ظئرا استؤجرت لرضاع قبل الكفالة لم تحبس في الكفالة أيضًا ، والرضاع أولى ، فإذا انقضت إجارة الرضاع طولبت بالحمالة .
[10/110]
***(1/107)
[10/111]
قال ابن القاسم في كتاب ابن المواز ، وفي العتبية من رواية عيسى : وإذا مات الغريم في البلد قبل الأجل أو بعده في حميل الوجه قبل الحكم عليه فلا شيء عليه ، قال محمد عن ابن القاسم : وقيل لمالك : فإن مات بالبلد أيلزم الحميل شيء ؟ فقال : أرأيت إن غاب إلى سفر لم يكن عليه أن يعطيه حقه ، قيل لمالك : أفترى الموت مثله ؟ قال : الخروج أبين ، قال محمد : وهذا المعروف من قول مالك وأصحابه ، وقال أشهب : لا أبالي مات في غيبته أو في البلد ، يريد : فلا يغرم الحميل . وقال ابن القاسم في الكتابين : يغرم في موت الغائب إن كان الدين حالا قربت الغيبة أو بعدت ، وإن كان مؤجلا فمات قبل الأجل بأيام كثيرة لو خرج فيها الحميل جاء به قبل الأجل ،/فلا شيء عليه ، وإن كان لو طلب فخرج لم يأت به إلا بعد الأجل فهو ضامن ، قال عنه عيسى : وإذا مات بعد الأجل ضمن ، قربت الغيبة أو بعدت ، قال في الكتابين : وإن كنت قلت فيها غير هذا فاطرحوه ، وكذلك ذكر عنه أصبغ في كتاب ابن حبيب ، وزاد : ولو جاء به عند الأجل والطالب غائب فالحميل حميلا حتى يجمع بينه وبين صاحبه ، إلا أن يكون شرط عليه في أصل الحمالة : أنك إن غبت ولم توكل من يقبض مني فلا حمالة ، فذلك له إذا أحضره عند الأجل فأشهد بإحضاره فقد برئ من حمالته .
قال عنه أبو زيد في العتبية : وإذا تحمل بالوجه إلى أجل على أنه إن لم يأت به إليه غرم ، فأتى به كالغد ، فإنه يغرم حتى يأتي به في اليوم بعينه .
ومن كتاب ابن المواز : قال مالك فيمن أبى أن يتحمل برجل إلا أن الطالب كتب عليه : إن عليك إذا طلبته أن تأتي به سالما من كل علق أو تباعة ببعض حقه من كل أحد ، أترى ذلك حمالة ؟ قال : نعم هي حمالة ، وهي في العتبية
[10/111]
***(1/108)
[10/112]
من سماع ابن القاسم ، وقال في سؤاله : وأرهن بالحق رهنا وضعه بيد رجل ، وأبى الموضوع على يديه أن يتحمل به ، ولكن كتب على نفسه : إن علي إذا طلبت مالك أن آتيك بفلان سالما من كل تباعة ببعض مالك من كل أحد من الناس ، قال : هذه حمالة لازمة . ... ... حمالة
ومن كتاب محمد : وإذا دفع الغريم نفسه إلى الطالب ليبري الحميل فلا ينفعه وهو كأجنبي لم يوكله بدفعه إليه/إلا أن يأمره الحميل بذلك فيكون ذلك كرفع الحميل ، فإن أنكر الطالب أن يكون الحمل أمره بذلك ، أو وكل به من قام بذلك ، فإن شهد بذلك أحد بري . قال : ومن تحمل برجل وتحمل آخر بنفس الحميل فلم يوجد إلا حميل الحميل فإنه جاء بأحدهما برئ ، وإلا لزمه المال ثم يرجع هو به على من شاء منهما ، قال : وإن لم يحكم عليه حتى مات أحدهما ، فإن مات الغريم برآ جميعا ، وإن مات الأوسط كانت الحمالة في تركته ، وبرئ هذا الذي تحمل بالحميل ، وإن مات هذا فالحمالة عليهما قائمة ، فإن تحمل الثاني عن الحميل بالمال قيل له : إن جئت بالغريم برئت ، وإن جئت بالحميل فإنه إن ثبت عليه المال إذا لم يأت بالغريم ، كنت للمال ضامنا ، وإن مات الغريم برئتما ، وإن مات الحميل الأول ، فالأول على حمالته . محمد : ويقوم الثاني مقامه إن جاء بالغريم برآ ، وإلا غرم ، وقال عبد الملك : إذا مات الحميل الأول سقطت عنه الحمالة بموته وعن حميله ، ولم يعجبنا هذا ، ولا تسقط عنه ، وأما عن حميله فلا تسقط إلا ، يتحمل بالوجه ، قال : ولو شرط حميل الوجه : إن آتك به عند وفاء الأجل ، فحقك علي ، فمات الغريم ولم يأت به ، فإن مات في البل بعد الأجل لم يبرأ لأنه صار بمضي الأجل حميلا بالمال .
ومن قام على منكر بدين ، فقال له رجل : دعه فأنا كفيل بوجهه إلى غد ، فإن لم آت به فالمال علي/وقد سماه ، فلم يأت به في غد أن المال لا يلزمه حتى يثبته الطالب ببينة ، ولو أقر له به المطلوب بعد الحمالة لم يلزم ذلك الحميل إلا ببينة ، وكذلك من ادعى على غائب ألف درهم فتكفل بها رجل ، ثم قدم الغائب فأنكر أو أقر لم يلزم الحميل إلا ببينة ، أو تقوم بينة أنه أقر بها قبل الحمالة فيلزم
[10/112]
***(1/109)
[10/113]
الحميل ، وكذلك لو قال له : أنا حميل لك به إلى غد ، فإن لم أوفك به غرمت ما ثبت لك عليه ، فلا تضمن إلا ما تقوم به البينة ، فإما بإقرار المطلوب بعد الحمالة فلا يضمنه ، ونحوه كله في العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم .
وقال في كتاب محمد : وقال مالك في رجل طولب بدينارين فأنكر ، فقال أخوه للطالب : خله وحقك علي إذا حلفت عليه ، وأشهد عليه بذلك وكتب ، ثم بدا للأخ ، قال يلزمه إذا حلف الطالب .
ومن العتبية : وروى حسين بن عاصم عن ابن القاسم في الحميل يشترط على الطالب : أنك إذا لقيت غريمك فتلك براءتي ، قال : إن لقيه بموضع يقدر عليه ثم له براءة وله شرطه ، وإن لقيه بموضع لا يقدر عليه لم يكن براءة للحميل .
قال : ومن تحمل بالوجه وقال : على أني لا أكفل بمال ، إنما أطلب وجهه حيث كان ، فغاب الغريم وأجل للحميل في طلبه أجلا آجالا كثيرة ، قال مالك : لا شيء عليه غير طلبه وإن طال ذلك ، وله شرطه ، وإن قال به الطالب : هو بموضع كذا فأخرج إليه ، فلينظر ،/فإن كان مثل الحميل يقوى على المسير إليه ، أمر بذلك ، وإن ضعف عن ذلك لم يكن عليه ، ولو خرج ثم قدم فقال : لم آخذه ، فكذبه الطالب في الوصول : فإن كان من وقت خروجه مدة يبلغ في مثله ، صدق ، فإذا ثبت ببينة أنه خرج فأقام بقريته ولم يتماد فليعاقبه بالسجن بقدر ما يرى ، ويأمره بإحضار صاحبه إن قدر عليه ، وأما أن يضمنه المال فلا ، إلا أن يلقاه فيتركه ، أو غيبه في بيته فلم يظهره ، فإن ثبت ذلك ببينة ضمن إن لم يأت به ، قال أشهب : إن لقيه فتركه ضمن .
قال أبو زيد عن ابن القاسم في من طالب غريما له بمائة أردب قمحا ثمنها مائة درهم ، فقال له رجل : أنا حميل لك بوجهه إن لم آت به في غد فأنا أضمن لك مائة درهم ثمن القمح ولا أضمن القمح ، فرضي ولم يأت به ، فإنه يضمن مائة
[10/113]
***(1/110)
[10/114]
درهم فيشتري بها السلطان قمحا ، فإن فضل شيء رد الحميل ، فإن عجز فلا شيء على الحميل ، قال : فلو تلفت قبل الشراء بها كانت من الغريم وبرئ الحميل ورجع بها على الغريم ، ويطلبه الطالب بقمحه .
وهذه المسألة من أولها في كتاب ابن المواز كما ذكره .
ومن كتاب ابن حبيب : قال ابن الماجشون في حميل الوجه وقد شرط البراءة من المال فغرم الغريم ، فإن جهل مكانه فليس عليه طلبه ولا الغرم عنه ، وإن عرف مكانه فعليه أن يخرج إليه قرب مكانه أو بعد ، إلا في البعد/المتفاحش جدا فليس عليه خروج ولا غرم ، وأما مسيرة الأيام التي تكون من أسفار الناس واختلاف البلدان غير النائية جدا فليخرج أو يرسل أو يغرم . وقاله ابن عبد الحكم ، وقال أصبغ : ليس عليه طلبه إلا في مسيرة يوم أو يومين وما لا ضرر فيه .
قال محمد بن عبد الحكم : ومن تكفل بوجه رجل قضى به عليه قاضي المدينة أو مصر ، فقضى عليه قاضي مكة أو البصرة ، لم يلزمه ، لأنه أمر تطوع به ، ولو قال : بما قضى به عليه فلان بن فلان قاضي بلد كذا فعزل ووليها غيره ، فلا يلزمه إلا قضاء المعزور ، فيكون حميلا بذلك ، لعله يريد أن الحميل حضر القاضي لمعني فيه من مذهب أو عفاف .
قال محمد بن عبد الحكم : ولو قال : قد تحملت بما قضى لوكيل فلان على فلان ، فعزل الطالب ذلك الوكيل ووكل غيره ، فإن كان علم أن الأول وكيل لغيره فالكفالة لازمة له لكل من وكله الطالب ، وإن لم يعلم أنه وكيل لغيره لم يلزمه لوكيل غيره وفسخت وكالته .
في الحميل بالمال متى يؤخذ به ؟ وكيف إن لم يثبت الدين على المطلوب ، أو أقر به ؟ والحميل يؤدي الصداق ثم يقع الطلاق قبل البناء
من كتاب ابن المواز : قال مالك في الحميل بالمال : إن للطالب طلبه في ملأ الغريم وحضوره ، ثم رجع فقال : لا يتبعه إلا/في عدمه أو غيبته ، أو يلتوي
[10/114]
***(1/111)
[10/115]
عليه ، أو يموت ولا شيء عنده ، أو يستحق أو يقصر ماله عن الحق فيؤخذ الحميل بما يفي ، وهو قول الليث ، وإذا حكم له على الحميل بحقه أو بما عجز عنه الغريم فلم يأخذه حتى أيسر الغريم رجع على ما شاء منها .
قال ابن حبيب عن ابن القاسم : وإذا غاب الغريم عند الأجل غيبة بعيدة وله مال حاضر أعدي الطالب على الحميل ، ثم أعدي الحميل في مال الغائب فبيع له ، ولو كان قريب الغيبة أجل به الحميل أجلا قريبا وكوتب ، فإن أتى وإلا فعل به ما ذكرنا ، وأما البعيد الغيبة فإن الحميل يغرم إلا أن يكون للغائب مال ظاهر ناض أو شبيه بالناض مما لا تأخير فيه ولا مضرة على الطالب فيؤدى منه ، وأما الدار وما يطوى بيعه . ويكون فيه التربص ، فليؤخذ الحميل بالغرم ، ثم للحميل أن يباع له ذلك ويعدى فيه .
ومن العتبية : وروى أبو زيد عن ابن القاسم في الطالب يقوم على الحميل بعد الأجل ، ويزعم أنه غارم إلا أن ينكشف للطالب مال الغريم فلا يكون له شيء عن الحميل .
وروى عنه عيسى عن مالك فيمن أشهد أنه حميل لكل من داين فلانا ، فأتى رجل يدعي أنه داينه بكذا ، ولا بينة له إلا أن الغريم مقر ، قال : لا يغرم الحميل بإقرار الغريم حتى تقوم بينة بالحق ، وكذلك من شكا مطل غريمه ، فقال له رجل : فما لك عليه فهو علي فيقر له الغريم بألف دينار ، فلا يلزم الحميل شيئا بذلك إلا بالبينة .
/قال : ومن تحمل بصداق ابنه أو أجنبي فغاب فطولب الحميل ، فإن كانت غيبة قريبة كالأيام اليسيرة كتبا إليه ، فإن جاء وودى وإلا أخذ من الحميل ، وأما البعيد الغيبة ، أو لا يدري أين هو ، ودي الحميل ولم يضرب له أجل ، ثم إن قدم فطلق قبل البناء رجع عليه بنصف الصداق ، يريد : وعليها بنصفه كالمفقود قبل البناء يقضى لزوجته بالصداق ثم يقدم ، فإن طلق رجع بنصفه ، وإلا
[10/115]
***(1/112)
[10/116]
فهو لها ، قال مالك : فإن وجدها قد تزوجت لم يرجع بشيء ، وبه أخذ عيسى وليس من روايته ، وروى سحنون عن ابن القاسم أنه يرجع عليها بنصفه ، وهذا في كتب النساء وفي التفليس .
ومن كتاب ابن سحنون من سؤال حبيب في المدعى عليه الدين ينكر ويقر الحميل به بأنه ضمن ذلك عنه ، قال : يؤدي الضامن ذلك . قيل : فإن للمدعي بينة على الدين ، فهل يقيمها ليطلب الغريم قبل الحميل حتى يعوزه طلب الغريم ؟ فقال : لا ، وإنما يؤخذ الحميل والضامن بمصل هذا ، فله أخذ حقه من الضامن عاجلا ، ثم للضامن أن يقوم بتلك البينة فيأخذ منه ما ضمن عنه .
في موت الحميل أو الحملاء أو بعضهم وموت الغريم
من كتاب ابن المواز : وإذا مات الحميل قبل الأجل فهو كموت الغريم يأخذ الطالب حقه من ماله ، وإن كان الغريم مليا حاضرا فلا يرجع عليه ورثة الحميل حتى يحل الأجل ، ولو مات عند محله أو بعده فها هنا يبدأ بالغريم ، فإن كان/عديما أو ملدا أو غائبا أو ما يعنته أخذه ، فليؤخذ من مال الحميل ، وقاله ابن القاسم وأشهب .
وقال ابن الماجشون في موت الحميل قبل الأجل : إنه لا يحل الحق بموته ، ولكن يوقف من ماله بقدر الدين ، فإذا حل الأجل فإن قضي الحق من مال الغريم أو بعضه أخذ من مال الحميل ما عجز ، فإذا مات بعض حملاء الوجه قبل الأجل ، فإن قام أحد ورثته بإحضار الغريم برئ به الميت ، وإلا لزمه ما لزم من ضمن المال ، وإنما يبرأ الميت إذا تحمل بعضهم عن بعض ، فجاء به بعض من بقي منهم ، قيل يحكم عليهم بالمال ، وأما لو شرط : أني لست من المال في شيء لم يلزم الميت ولا ورثته ولا فيها ترك شيء ، وتسقط الحمالة ، ولو تحملوا بالمال فمن مات فقد حلت عليه الحمالة ، وإن لم يحل الأجل فيؤدي من ماله ، وأما إن كان بعضهم
[10/116]
***(1/113)
[10/117]
حميلا عن بعض أخذ من مال الميت جميع الحق معجلا ، وهذا أحب إلي من قول عبد الملك ، وإذا مات الغريم قبل الأجل تعجل الدين ، فإن لم يكن له مال أو عجز حاله لم يتبع الحميل حتى يحل الأجل فيؤدي المال وما بقي منه ، ولا يرجع الحميل فيحاص بما ودي الآن غرماء الميت ، لأنه إنما غرم تمام المائة التي حاص بها كلها رب الحق ، إلا أن يطرأ الآن للميت مال فيدخل فيه الحميل ، ويحاص فيه الطالب ، فيرد ما يأخذ إلى الحميل فيما ودي إليه ، ولو مات الحميل قبل الغريم ، ولم يحل الأجل ، فحاص الطالب غرماء الحميل ، فنابه من مائة خمسون ، ثم حل/الأجل على الغريم فليرجع الطالب وغرماء الحميل بالمائة كلها ، فيرجع منها إلى غرماء الحميل ما كان أخذ عن الغريم من مال الحميل ، وإن لم يؤخذ من المائة إلا الخمسون ردت خمسة وعشرون إلى غرماء الحميل ، يحاص فيها الطالب بخمسة وعشرين ، وغرماء الحميل بما ودي من ماله بسب الحمالة ، فما ناب غرماء الحميل بذلك دخل فيه هم والطالب بما بقي لكل واحد .
ومن العتبية من سماع ابن القاسم : ومن باع سلعة من رجلين ويكتب عليهما أيهما شاء ، أخذ بحقه ، والحي عن الميت ، فمات أحدهما فللطالب أخذ جميع الحق من تركته ، ويتبع ورثة الآخر بما عليه بعد محل الأجل ، ولو لم يدع شيئا لم يؤخذ من الحي شيء حتى يحل الأجل .
في حمالة الجماعة
من كتاب ابن الحبيب : قال ابن الماجشون فيمن باع شيئا من رجلين وشرط أن يأخذ أيهما شاء بجميع الثمن ، أو باع من واحد ثم تحمل له آخر ، وشرط مثل ذلك ، أو تحمل له رجلان بدين وشرط عليهما ذلك ، فشرطه في مذهبه باطل ، وليس له أتباع أحدهما بأكثر من نصيبه إلا في عدم صاحبه أو غيبته كالحمالة المبهمة ، وقاله ابن كنانة وأشهب ، وقال ابن القاسم : الشرط لازم في ذلك كله
[10/117]
***(1/114)
[10/118]
ويتبع أيهما شاء ، وإن كان الآخر مليا حاضرا ، بخلاف الحمالة المبهمة والناس عند شروطهم ، وقد اختلف قول مالك في الحميل المبهم ، أنه يتبع فكيف بالشرط ، وقاله أصبغ/وابن حبيب .
وقال ابن الماجشون فيمن أخذ بحق حميلا ثم طلب الغريم فأعطاه حميلا آخر ، ثم أعدم الغريم ، قال مالك : فله أن يتبع أي الحميلين شاء ، وينتقل من واحد إلى آخر حتى يكمل حقه .
وقال ابن الماجشون : من تحمل عن رجل ثم أخذ من الحميل حميلا ، فإن الطالب يتلوا الغريم ، فإن لم يجد عنده شيئا ، أتلا حميله الأول ، فإن غاب أو عدم ، اتبع الحميل الثاني . وقاله مطرف .
وقال ابن القاسم في ثلاثة تحملوا عن رجل ، وتحمل بعضهم ببعض ، فطولب أحدهم ، والغريم والباقون غياب أو معدمون ، فغرم جميع المال ، فله أن يأخذ من أول صاحبيه ملأ نصف ما أدى ، فثلث الحق عن هذا ونصف الثلث عن المعدم .
ولو مات أحد الحملاء عن مال ، وبعضهم حميل ببعض ، أخذ من ماله جميع الحق معجلا ، ولا يرجع ورثته على غريم أو حميل حتى يحل الأجل ، ولو لم يتحمل بعضهم ببعض ، وقال أيضًا : على أن يأخذ من شاء منهم بحقه ، فأخذ من أحدهم جميع الحق ، كان الأمر على ما ذكرنا ، ولو لم يتحمل بعضهم ببعض وقال : من شئت أخذت بحقي ، فله أن يأخذ أحدهم بجميعه ، فإن فضل فليس للغارم أن يرجع عن صاحبه بشيء ويتبع الغريم . وقاله مطرف وابن الماجشون .
من كتاب ابن المواز : قال مالك : وإذا اشترى رجلان سلعة بثمن إلى أجل ، وأحدهما حميلا بالآخر ، أو قال : من شاء أخذ بحقه ، أو الحي عن الميت ، فمات/أحدهما قبل الأجل فليؤخذ من ماله جميع الحق ولا يرجع ورثته على
[10/118]
***(1/115)
[10/119]
الآخر إلى الأجل ، وإن لم يدع شيئا لم يأخذ الآخر بما عليه ولا ما على الميت حتى يحل الأجل .
قال ابن القاسم : ولو اشتركا فيها بالثلث والثلثين ، ولم يذكرا ذلك عند الشراء ، ولم يتحمل أحدهما بالآخر فليؤخذ كل واحد بنصف الثمن ، ولو ذكرا في العقد كيف اشتركا لم يتبعها إلا بالثلث والثلثين .
قال ابن القاسم : وإذا تحمل أربعة بحق لرجل على أن من شاء أن يأخذ منهم بحقه أخذه ، فله أخذ من شاء منهم بجميع الحق بمحضر الباقين وملئهم ، ثم لا يرجع الغارم على كل واحد من الباقين إلا بربع الحق لا يأخذ أحدا بما على صاحبه ، يريد : غابوا أو عدموا .
ذكر ابن حبيب عن ابن القاسم أنه ليس للغريم منهم أن يرجع على صاحبيه بشيء إذا لم يتحمل بعضهم ببعض ، وإنما قال : من شئت أخذت بحقي ، وقد ذكر محمد بعد هذا ما دل على ذلك .
قال في كتاب ابن المواز : إلا أن يقول مع ذلك : وبعضهم حميل عن بعض ، فيكون لهذا الغارم إن وجد أصحابه حضورا أملياء : أخذ كل واحد بربع الحق ، ولا يأخذ بعضهم عن بعض بشيء ، فإن لم يلق إلا أحدهم وكان الحق أربعمائة درهم ، وداها فليأخذ منه مائة وداها عنه ، وتبقي مائتان عن الغائبين ، يأخذ منه مائة لأنه حميل معه بهما ، فيتفق أداؤهما ، ثم إن لقيا الثالث فيأخذان منه مائة عن نفسه ، وثلث المائة التي عن الرابع ، فيكون ذلك بينهما/نصفين . يريد : ويصير لكل واحد من الثلاثة على الرابع ثلث المائة يطلبه بها .
قال ابن القاسم فيه وفي العتبية : ولو أن الطالب لم يأخذ من الأول إلا ما تبين ، ثم لقي غارمها أحد الثلاثة ، فإن مائة وداها عن نفسه ، ومائة عن ثلاثة هذا أحدهم ، فيأخذ عنه ثلثها ، ويأخذ منه ثلثها عن صاحبيه لشركته معه في الحمالة ،
[10/119]
***(1/116)
[10/120]
ثم إن لقي هذان ثالثا أخذا منه أربعة وأربعين درهما ، وأربعة أتساع درهم بينهما نصفين ، منها ثلاثة وثلاثون ودياها عنه ، ومنها أحد عشر درهما وتسع درهم ثلث الثلاثين والثلاثين الذي وديا عن الرابع ، ثم إن لقي هؤلاء الثلاثة الرابع أخذوا منه ثلث المائة فاقتسموه أثلاثا .
قال في كتاب محمد : ولو لم يأخذ الطالب من الأول إلا مائة فإنه لا يرجع على من لقي من أصحابه بشيء ، إلا أن يؤدي أكثر من المائة ولو بدرهم ، فيرجع بذلك الدرهم على الباقين ، فإن لقي أحدهم أخذ منه ثلث درهم عنه ، وثلث التسع عن الرابع .
قال : وإذا وجد الذي ودي جميع أصحابه أملياء لم يأخذ كل واحد إلا بما ودي عنه لا بما ودي عن غيره ، كانت حمالة بعضهم عن بعض ، وهم شركاء في السلعة ، أو حمالة عن غيرهم ، شرط صاحب الحق عليهم : أيهم شاء أخذ بحقه أو لم يشترط ، وإنما للمؤدي أن يرجع على أصحابه في شرط صاحب الحق حمالة بعضهم ببعض ، لا لشرط : أيهم شاء أخذ بحقه إلا أن يقول أيضًا : وبعضهم حميل ببعض : فللمؤدي/حينئذ الرجوع عليهم ، فإن وجدهم أملياء حضورا لم يأخذ بعضهم بما على بعض إلا في غيبة أحد منهم أو في عدمه ، وكذلك لو ودي أكثر من ربع الحق وهم أربعة ، لم يرجع عليهم في الزيادة إلا على ما ذكرنا .
قال : وللمؤدي أن يرجع عليهم بما ودي عنهم في حضرة الغريم وملئه لأنه عنهم أدي ، وله أتباع الغريم ، وتركهم إن شاء .
ومن العتبية : روى حسين بن عاصم عن ابن القاسم : إذا تحمل ثلاثة بمال على أن يأخذ الطالب حيهم بميتهم وملئهم بمعدمهم ، وأيهم شاء أخذ بحقه ، ثم أخذ من أحدهم حميلا ولم يشترط على الحميل ، فقام على هذا الحميل في عدم الذي عنه تحمل ، فأراد أن يغرمه جميع المال ، وقال الحميل : إنما أغرم ثلثه الذي
[10/120]
***(1/117)
[10/121]
على صاحبي في نفسه ، قال : يلزمه جميع الحق لأنه قد لزمه ما لزم من تحمل عنه ، يريد : وقد علم الحميل بما على الحميلاء من الشروط .
وروى عنه عيسى في الرجلين يشتريان السلعة ويتحملان حيهما بميتهما وحاضرهما عن غائبهما ، وأيهما شاء أخذ بحقه ، ثم تحمل عنهما رجل بجميع الحق فوداه ، أن له أن يأخذ بالحق كله أحدهما ، كما كان للطالب ؟ قال : نعم ، لأنه لو تحمل للغريم بما على أحدهما كان للغريم أن يتبع هذا الحميل بالحق كله ، لأن له أن يتبع أحدهما بالمال كله ، فكذلك للحميل أخذ أحدهما بما للغريم أخذه به .
وكذلك روى ابن الحبيب عن أصبغ هذه المسألة .
وروى عيسى عن ابن القاسم وقال : لو اشترى رجل وعبده سلعة وبعضهما/حميل عن بعض ، فباع العبد ، فليس للطالب تعجل الدين من السيد ، ولا أن يأخذه بحميل بدلا من العبد ، وله أتباع حمالة العبد حيث كان ، فإن لم يعلم المبتاع فهو كعيب إما رضيه أو رد به ، إلا أن يزيله السيد بالأداء عنه فلا يرد .
ومن كتاب ابن المواز : قال أشهب في رجلين تحملا بمائة درهم وحلفا للطالب بالطلاق ليقضيانه حقه إلى أجل كذا ، فحل وغاب واحد ، فقضى الآخر نصف الحق ، فإن لم يكن بعضهم حميلا ببعض فالذي قد قضاه بار ، وقد حنث الآخر ، وكذلك لو كانت اليمين : ليقضينك ، قال : وإن قضاء الحاضر جميع الحق وكان احدهما حميلا بالآخر ، فقد برئا جميعا ، وإن لم يأمره الغائب بالقضاء عنه ، ولو قضاه الحاضر نصف الحق حنثا جميعا ، يعني إذا كان أحدهما حميلا بالآخر ، ورواها كلها عن مالك .
وإذا تحملوا بوجه رجل ، فأتوا به بروا ، فإن لم يأتوا به حكم عليهم بالحق ثم جاء به أحد ممن لم يطلب منه فلا ينفعه ، وقد لزم جماعتهم غرم المال ، وإذا لم يكن بعضهم حميلا ببعض لم يبر إلا من جاء به هو وحده ، فإن أخذ به أحدهم فلم يأت به والحملاء أربعة ، غرم ربع المال ، ثم إن طولب به آخر فجاء به برئ هذا
[10/121]
***(1/118)
[10/122]
وحده ، ولم يخرج بذلك الأول من ربع المال الذي/لزمه ، وإن لم يأت به الثاني غرم ربع المال فقط .
في غرماء تحمل بعضهم ببعض فودي أحدهم ، ثم ادعى كل واحد أنه هو
قال ابن حبيب : قال أصبغ في غرماء ثلاثة تحمل بعضهم ببعض في ثلاثين دينارا عليهم ، فأخذها من أحدهم ، فادعى كل واحد أنه هو . فالمقتضي مصدق فيمن هو مع يمينه ، ويرجع ذلك الدافع على صاحبيه بعشرين ، فإن قال القابض : لا أدري من هو ، حلف أنه لا يدريه ، ثم حلفوا ، يحلف كل واحد من الغرماء : أنه الدافع ، فإن حلفوا أو نكلوا برئوا ولا يرجع بعضهم على بعض بشيء ، وإن حلف واحد رجع على الناكلين بعشرين ، وإن حلف اثنان رجعا على الناكل بعشرة ، ولو قبض من أحدهم عشرة فادعاها جميعهم فهو مصدق فيمن قال : إنه دفعه إليه ، فإن قال : لا أدري من هو ، حلف القوم ثم برئوا من الثلاثين ، ولو قال بعد قوله : لا أدري ممن قبضتها إن فلانا هو ، لم يقبل قوله . وأعرف لسحنون نحو قول أصبغ الذي ذكر ابن حبيب .
ومن كتاب ابن المواز : قال ابن القاسم فيمن له على رجلين حق أيهما شاء أخذه بحقه ، فقال : ما لي عليهما شيء ، فقال كل واحد منهما : إنه الذي قضاه ، وأقر صاحب الحق لواحد ، قال : هو كشاهد ويحلف معه الدافع إذا لم تبق عليه تهمة .
قال محمد : ولو قاله قولا نسقا : ما بقي لي عليهما شيء قد أخذته من فلان ، كان قوله جائزا ، وإن لم يكن عدلا بلا يمين على من أقر له ، كان كما لو قال : تركت حقي كله لفلان/لأنه حقه حتى تركه ، فأما إذا ثبت سقوطه عنهما ثم قال : فلان دفعه ، فهو كالشاهد .
[10/122]
***(1/119)
[10/123]
فيمن تحمل بنصف سلعة فاستحق نصفها أو حاص الطالب غرماء الغريم فنابه بعض حقه ، أو تحمل بنصف عهدة سلعة فاستحقت ، أو بصداق امرأة فطلقت قبل البناء
من كتاب ابن المواز : ومن باع سلعة بمائة وأخذ حميلا بخمسين منها فاستحق نصف السلعة ، وتمسك المبتاع بالنصف ، ثم غاب أو فلس ، فعلى الحميل خمسة وعشرون لأن نصف حمالته زالت بالاستحقاق ، وقاله أصبغ .
وروي عن ابن القاسم فيمن اشترى سلعة بمائة دينار ، وأخذ حميلا بنصف عهدتها ، ثم استحق نصفها : أنه إنما يطلب الحميل بخمسة وعشرين ، ويتبع ذمة البائع في عدمه بخمسة وعشرين . محمد كسر يكثر في الحمالة إلا أن تشترط أنك حميل بما استحق منها ، فهو حميل بالجميع .
قال ابن القاسم : وإذا تزوجت امرأة بمائة وأخذت حميلا بخمسين فطلقت قبل البناء ، فلا تتبعه إلا بخمسة وعشرين ، وكمن حمل عن الزوج خمسين ، ثم طلق قبل البناء فلا تتبع هي الحامل إلا بخمسة وعشرين كان أبا أو أجنبيا ، وزوجها بخمسة وعشرين ، وقاله أصبغ . ولو شاءت في الحمالة تركت الحميل وطلبت الزوج بخمسين ، فذلك لها ، قال محمد : وأما في الحمل فلا . وقاله أصبغ ، واحسب ابن القاسم معه . وذكر ابن حبيب/هذا القوم عن أصبغ وخالفه ، وقال : قال ابن كنانة وابن الماجشون : إن لها إذا طلقت أن تأخذ من الحميل الخمسين كلها ، قال : وذلك أنه لو باع سلعة بمائة ، وأخذ حميلا بخمسين ، فاستحق نصف السلعة ، فلا يسقط عن الحميل نصف الخمسين التي تحمل بها ، وكذلك لو وهب البائع للمبتاع نصف الثمن فله أن يأخذ من الحميل خمسين .
[10/123]
***(1/120)
[10/124]
ومن كتاب ابن المواز : وإذا ارتهن رهنا بمائة ، ثم قال للغريم : إنه لا يساوي ، فأعطاه حميلا بخمسين ، فبيع الرهن بخمسين ، فإن الحميل يلزمه خمسون ، وكذلك لو كان أعطاه رهنا بخمسين وحميلا بخمسين ، قال محمد : ولو لم يبع الرهن ولكن ودي الغريم خمسين لكانت عن الرهن وعن الحميل جميعا بالحصص إن كان قضاءه أمرا مبهما ، ولو كان بشرط أن ذلك خاصة عن الرهن ، أو عن الحميل ، كان ذلك له ما له يفلس ، بخلاف الرهن إذا بيع لأن ثمن الرهن مكانه ، وهو أحق به .
من العتبية : روى عيسى عن ابن القاسم في من عليه خمسون دينارا ، فأعطى حميلا بخمسة وعشرين ، ثم فلس الغريم فوقع للطالب بالحصاص ثلاثين بمثل نصفها يسقط من الحمالة ويبقي على الحميل عشرة بالحمالة ، وقاله سحنون .
وقال ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم مثله وقال : بل يرجع على الحميل بتمام الخمسين ، ثم رجع إلى قول ابن القاسم بعدي ، وبه أقول .
في الحمالة بالعقود الفاسدة ،/والحمالة بنفع أو بجعل ، وما يفسد من شرط الحمالة وما يصح
من العتبية : روى عيسى عن ابن القاسم فيمن أعطى رجلا دينارا في دينارين إلى أجل ، أو مائة دينار في ألف درهم مؤجلة وأخذ بذلك حميلا ، فإن لم يعلم الحميل بما صنعا فالحمالة ساقطة ، وإن علم لزمه في الدينارين دينار ، وبطل الربا ، وأما في الدراهم فيخرجها فيشتري بها مائة دينار ، فإن كانت تساوي أكثر لم يتبع الغريم إلا بما ودي في المائة ، وحبس ما بقي ، وإن لم تبلغ إلا تسعين لم يلزمه غير ذلك ، واتبع الطالب غريمه بعشرة ، والحميل بألف درهم .
[10/124]
***(1/121)
[10/125]
قال : وأهل العراق يرون الحمالة ساقطة بكل حال . والذي قلت لك الذي آخذ به ، وقال مثله سحنون فيمن دفع دينارا في دراهم إلا أنه قال : وإن لم تساو الدراهم إلا ثلاثة أرباع دينار ، قيل للطالب : رد من عندك الدينار ، فتضرب وتدفع إليه ، ويرجع الحميل على الغريم بدراهمه ، يريد سحنون : ويرجع الغريم عليه بربع دينار ذهبا .
قال ابن المواز : وقال أشهب : الحمالة باطل وبخلال الرهن ، ويجعل الرهن رهنا بالأقل .
قال عيسى : قال ابن القاسم : ومن له على رجل دينار ففسخه في زيت ، فأخذ بالزيت حميلا ، فإن لم يعلم فلا شيء عليه ، وإن تحمل عالما ودي الزيت فبيع ، وودي الدينار منه ، واتبع هو الغريم بالزيت . قال : ومن باع سلعة بيعا فاسدا ، وأخذ بالثمن حميلا وفاتت ، ولزم المبتاع/قيمتها ، فعلى الحميل الأقل من القيمة أو الثمن .
ولو أسلم نصراني إلى نصراني في خمر أو خنازير ، فأخذ بذلك حميلا ، فأسلم الحميل ، وأعدم البائع . فالحمالة ساقطة ، وكل حمالة أصل شرائها حرام فالحمالة باطل .
من كتاب ابن المواز : وإذا أقرضه الخمر سقطت عن الحميل بإسلامه ، وتثبت بين الباقين ، ومن أسلم منهما سقطت الخمر بإسلامه ، ولو كانت من بيع فاسلم إن فات ، وعلى الحميل في عدم الغريم الأقل من ذلك أو من قيمة الخمر ، وكذلك إ ، أسلما جميعا ، ويتبع الطالب المطلوب بتمام قيمة عرضه ، وإن لم يسلم إلا الحميل اشتريا بما يؤخذ من الحميل خمرا إن أحبا ، واتبع الطالب المطلوب بما بقي له ، وإن كانت الخمر من غصب فلا تسقط الحمالة ولو أسلموا كلهم ، وكقول مالك وأصحابه في مسلم كسر لذمي خمرا ، أن عليه قيمته ، وكذلك في الخنازير إلا عبد الملك يقول : لا شيء عليه ، لأنها لا تقوم عنده ، لأن تقويمها
[10/125]
***(1/122)
[10/126]
كالشهادة . ويقول مالك أقول ، وهي قد تباع بحضرة الناس ، تستفيض معرفة قيمتها ، والاستحسان جار في العلم وهو من القياس .
وروي عن سحنون في مسلم كسر لذمي خمرا أنه يقومها حديث عهد بالإسلام منهم .
ومن كتاب ابن المواز أيضًا : قال مالك : لا تجوز الحمالة بالجعل . قال ابن القاسم : فإن كان صاحب الحق عالما/بذلك سقطت الحمالة ورد الجعل ، وإن لم يعلم فالحمالة لازمة ، والجعل مردود وقاله أصبغ .
وكذلك قال ابن حبيب عن مطرف عن مالك .
وقال ابن الماجشون ، وابن عبد الحكم ، وأصبغ .
ومن كتاب ابن المواز : قال : وكل حمالة وقعت على أمر حرام بين المتبايعين في أول أمرهما أو بعد : فهي ساقطة ، لا يلزم الحميل منها شيء علم المتبايعان بحرام ذلك أو جهلاه ، علم الحميل بذلك أو جهله ، محمد : لأن حرامه للبائع فيه عقد وسبب .
قال أصبغ : وكل حمالة وقع حرامها بعقد بين الحميل والمطلوب بغير علم الطالب ، فالحمالة ثابتة ، إنما يفسدها علم الطالب ، قال محمد : أو يكون ذلك من سببه أو معاملته ، فإذا لم يكن من سببه ، ولا علم بصنيع الحميل والمطلوب ، فالحمالة لازمة .
قال أشهب في دافع دينار في دراهم إلى أجل ، وأخذ بها حميلا ، فالحمالة ساقطة ، ولم ير ذلك كالرهن ، وقال : يكون رهنا بالأقل ، وكذلك كل حمالة بأمر فاسد .
قال محمد على ما فسرنا ، وهو معنى قول ابن القاسم وأصحاب مالك على إتباع منهم لقول مالك .
[10/126]
***(1/123)
[10/127]
وقال ابن القاسم فيمن دفع دينارا في دينارين : إن الحمالة في ذلك ساقطة ، وكذلك في فسخ الدين في الدين .
وروى أصبغ عن ابن القاسم ، وأشهب ، فيمن باع طعاما من بيع قبل قبضه ، وأخذ بذلك حميلا ، أو في بيع حرام : أن الحمالة ساقطة ، وقال أصبغ عن ابن القاسم : وهي من رواية عيسى عن ابن القاسم .
في العتبية في رجلين/لهما على رجل مائة إردب ، فقاضى أحدهما خمسين منها ، فطلب صاحبه الدخول معه ، فقال له : هبني ما قبضت لنفسي ، وأنا أضمن لك الخمسين التي على الغريم ، فذلك لا يجوز من غير وجه ، منها : أنه ضمن له على أن أسلفه خمسة وعشرين ، وكأنه بيع طعام بطعام متأخر وزيادة ضمان وغير شيء مكروه ، ولو ضمن له خمسة وعشرين مما على الغريم ، وهو قدر نصيبه مما قبض كان جائزا . قال أصبغ : لأنه معروف كله ، وسلف منه له .
ومن كتاب ابن المواز ، قال ابن القاسم : ومن له قبل رجل طعام يوفيه إياه ببلد فاقتضى بعضه عند أجله ، وتحمل له رجل بباقيه على أن يوفيه إياه ببلد آخر ، فلا يجوز ذلك وتسقط الحمالة .
قال أصبغ : معناه : أن البلد الآخر أقرب إلى منزله ، فصار تأخيره بنفع .
انظر قول أصبغ فيه ، قال ابن القاسم : ومن حل دينه فقال له رجل : ضع لغريمك منه كذا وأنا حميل لك بباقيه إلى أجل كذا ، فذلك جائز ، لأنه لو شاء تعجله ، فكأنه أسلفه وحطه .
وقاله ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم ، رووه عن مالك . واختلفت رواية أشهب فيه عنه فكرهه وأجازه ، وإجازته أبين ، لأنه إذا جاز أن يؤخر بحميل ، جاز أن يحطه ويؤخره بحميل .
[10/127]
***(1/124)
[10/128]
قال ابن وهب ، وأجازه ابن أبي سلمة ، وأن يعطيه به رهنا ، قال : لأنه ليس له في تأخيره منفعة إلا أن يكون غريمه تبين فلسه فلا يجوز ، لأنه إذا قام عليه قد يقع له في المحاصة بعض حقه ، فوخره على أن يضمن له/الحميل أكثر منه .
قال ابن القاسم : ولو قال للطالب : هب فلانا دينارا غير الغريم ، فأنا أتحمل لكل بدينك ، لم يجز وهي حمالة بجعل .
قال مالك : وإن لم يحل الأجل لم يجز تأخيه بحميل ولا برهن . قال : وإذا حل الدين فقال له : أسلفني مالا آخر ، ووخرني على أن أرهنك بهما أو أعطيك حميلا ، فذلك جائز ، وقد قيل : إلا أن يتبين عدم الغريم .
قال محمد : هو عندي جائز وإن تبين عدمه إن كان الرهن لنفسه ، ما لم يكن عليه دين محيط فلا يجوز تأخيره الدين الأول ، وإن كان وحده بذلك الرهن ، لأنه يزداد بما أخره منفعة ، وأما تأخيره بحميل فجائز ما لم يسلفه سلفا ثانيا ، قال : ولو كان عديما ولا دين عليه لغيرك ، أو عليه دين لغيرك فلا شيء له أصلا فجائز له تأخيرك بحميل ما لم يكن معه سلف آخر ، ولا أحب له تأخيره الأجل البعيد الذي يرجى له قبل ذلك اليسر .
قال : ولو قال له قبل الأجل : أسلفني مائة أخرى وخذ رهنا بالمائتين إلى شهر بعد الأجل ، لم يجز ، ويرد المائة السلف ويأخذ رهنه ، ويرد الدين إلى أجله ، وكذلك لو لم يزده في الأجل شيئا وهو سلف جر منفعة ، فغن لم يعثر على ذلك حتى مات الراهن أو فلس ، وقام الغرماء ، قال : ما سمعت فيها إلا ما خاض فيه أصحابنا أن يكون نصف الرهن هنا بالمائة الأخرى ، ويرد نصفه إلى الغرماء .
قال محمد : بل الرهن كله رهن بالمائة الآخرة لأنه بسببها . وهذا مذهب أشهب ، لأن يجيز الرهن بالجعل ، ولم يره ابن القاسم/رهنا بالجعل ، ولو كانت بحمالة سقطت الحمالة عن المائتين لأنه لا تثبت حمالة في معاملة فاسدة ، ولا يثبت فيه تأخير ولا سلف ، وكذلك لو سأله قبل الأجل أن يؤخره إلى بعد الأجل ويعطيه رهنا أو حميلا ، فذلك فاسد ، ويرد إلى أجله ، فإن مات الغريم أو فلس قبل
[10/128]
***(1/125)
[10/129]
الأجل فلا رهن ولا حميل يلزم فيه ، وإن مات أو فلس بعد الأجل ثبت له الرهن وتبطل الحمالة .
قال أشهب : ومن لك عليه عشرة دنانير سلفا ، فبعث منه بيعا على أن يعطيك بالعشرة السلف رهنا ، فذلك جائز ، ولو كانت العشرة من بيع فأسلفته عشرة أخرى على أن يرهنك بالعشرة الأولى لم يجز ، لأنه لا يسلف ويشترط نفعا ، وله أن يبيع ويشرط نفعا ، قال محمد : ولم يجزه ابن القاسم في الوجهين ، فأجاز أشهب الرهن بجعل ، لأنه إنما يصل ذلك إلى الغريم لا لغيره ، فهو كوضيعة من الحق بعد أن حل على أن يرهنه ، والجعل في الحمالة للحميل ، وكذلك لو كان الرهن لأجنبي بجعل من الغريم لم يجز وينقض الرهن إن علم رب الحق ، وإن لم يعلم ثبت الرهن وسقط الجعل ، وليس كمن اكترى حليا أو متاعا يلبسه ، لأن الرهن كما مطل المديان بالدين ازداد صاحب الرهن في الرهن كراء ، فكأنه وخره بزيادة يعطيها لغيره .
قلت : فلو أكراه إلى أجل ؟ قال : لا يجوز الرهن إلى أجل ، ويبطل من أوله ، وإن فلس أو مات الغريم قبل الأجل دخل فيه الغرماء .
وقال أشهب فيمن لك عليه عشرة دنانير/إلى أجل ، فحططته دينارين قبل الأجل على أن أعطاك رهنا بثمانية ، أن ذلك جائز ، ولم يجزه ابن القاسم .
ومن العتبية : روى أشهب عن مالك في من له على رجل مائة درهم فأخره بها على أن أعطاه حميلا ، أنه جائز ، فإن قال الحميل : أنا أتحمل لك وتضع عشرة ، لم يجز كأنه أعطاه عشرة من دينه على أن تحمل له . وقال أصبغ في من له دين إلى أجل ، فأخذ به حميلا على أن وضع عنه بعضه ، أن ذلك جائز ، ولو قال له : أعطني بها حميلا أو رهنا إلى الأجل ، وخذ مني هذه العشرة دنانير ففعل ، وأخذها منه ولا مقاصة فيها ، قال : ذلك جائز .
[10/129]
***(1/126)
[10/130]
ومن كتاب محمد : روى ابن القاسم عن مالك في من له قبل رجل أذهاب مختلفة الآجال ، فباعه بيعا على أن يرهنه بالثمن وبتلك الديون ، فلا خير فيه ، وإن لم يقدم دينه الأول ولا وخره عن أجله .
قال لي البرقي عن أشهب في من ارتهن رهنا في بيع فاسد ، وفاتت السلعة ، أن الرهن رهن بالأقل من القيمة أو الثمن .
وقال في دافع دناني في دراهم إلى أجل ، وأخذ رهنا ، إن الرهن رهن بالأقل ، وإن كان حميلا فالحمالة باطل . وابن القاسم يبطل الرهن والحميل .
قال ابن القاسم في كتاب ابن المواز وفي العتبية من رواية أصبغ : ومن باع سلعة وأخذ حميلا على أنه إن مات الحميل ، يريد : قبل الأجل ، فلا تباعة في تركته وإن مات صاحبه .
قال في كتاب ابن المواز : البائع قبل ذلك الأجل فلا حمالة له لا على الحميل ولا لورثته/فقال : هذا بيع حرام لا يجوز ، والحمالة ساقطة ، وعلى المشتري في فوت السلعة القيمة .
قال أصبغ : أجاب على غير تأمل ، وهذا عندي جائز والشرط ثابت ، ورأى أن الشرط ليس بيع البائع والمبتاع ، وهو شرط بينه وبين الحميل ، كما لو تحمل على هذا من غير بيع ، وكذلك لو تحمل بمهر على أنه إن دخل فالحمالة ثابتة ، وإن مات أو طلق قبل البناء فلا حمالة علي ، فذلك جائز ، وكذلك لو تحمل بمهر قال : أتحمل على أن أعطاني فلان وثيقة قبل أن يموت ، وإلا فلا حمالة لكم علي به ، أو تحمل إلى قدوم فلان ، أو قال : إلى أجل كذا على أنه إن قدم فلان قبل ذلك فلا حمالة علي ، فهو جائز ، ولا غرر فيه بين الحمل والبائع ، ولا في المبالغة ، وإنما الذي يفسد لو شرط المشتري أنه إن مات بائع أو مبتاع قبل الأجل فالثمن هدر لا تباعة فيه ، فهذا بيع فاسد .
[10/130]
***(1/127)
[10/131]
قال محمد : وأرى قول ابن القاسم إن كان ذلك شريطة مع النفع على المشتري فالبيع فاسد ، والحمالة ساقطة لا ، ثمن السلعة مع حميل أو رهن أكثر منه بلا رهن ولا حميل . فقد تخاطرا ، وإن كن شرط في سلف غير بيع كان جائزا .
قال ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم في من تحمل بحق مؤجل على أنه إن مات الغريم قبل محله فلا حمالة علي ، قال : ذلك شرط جائز .
ومن العتبية من سماع أبي زيد من أبي القاسم : ومن كل عليه ثلثا دينار ، فأحلت عليه من له عليك نصف دينار ليأخذ ذلك وليبقى لك عليه سدس دينار ، لم يجز ذلك .
قال ابن/القاسم في كتاب ابن حبيب : ومن باع من ثلاثة سلعة على أن بعضهم حميل ببعض ، وأن لم يكونوا شركاء في غيرها ، قال : ذلك جائز ، ولم يزل هذا من بيوع الناس ، وما علمت من أنكره ، وإنما لا يجوز أن يقول : تحمل عني في شيء على أن أتحمل عنك في أمر آخر ، وهؤلاء في أمر واحد هم فيه شركاء ، ولو اشتروا على أن كل واحد منهم يأخذ حصته من هذه السلعة على حدة من البيع فهو سواء إذا كان في صفقة ، وأما لو اشترى أحدهم جزءا منها ، واشترى الآخر جزءا لم تجز حمالة أحدهما بالآخر ، وتبطل الحمالة ع أعرف في بائعين على أن يضمن بعضهما عن بعض العهدة لا يجوز ، وقد قيل : إن اتفقت أنصباؤهما جاز ، وإن اختلفت لم يجزا نظر .
ومن كتاب ابن سحنون من سؤال حبيب ، وعن شريكين في سلعة وكل أحدها الآخر على بيع نصيبه منها ، فقال المشتري : لا أشتري منك إلا أن تضمن لي نصيب شريكك ، قال : لا يجوز ذلك وكأنه زاده في ثمن نصيبه على أن يضمن له عند شريكه .
[10/131]
***(1/128)
[10/132]
ومن العتبية من سماع ابن القاسم : قال مالك في شريكين في سلعة أو أمة يريدون بيعها ، فأعطى بعضهم بعضا شيئا على أن تكون عهدته عليه : أن هذا لا يجوز ، والحمالة بالجعل حرام ، ويرد ما أخذ ، وهو كأجنبي قال لبائع سلعة : أعطني دينارين على أن عهدة السلعة علي من كل درك .
ومن سماع أصبغ : ومن قال لرجل : تحمل عني لفلان ولك دينار ، فلا يجوز ، كأنه/أخذ دينارا ليضمن عشرة .
وروى عيسى عن ابن القاسم في من تحمل لرجل بدينار له على رجل إلى أجل قرضا ، ثم فسخه عليه بعد الأجل في شعير إلى أجل آخر ، وأبرأ الحميل ، ثم علم بفساد ذلك ورجع بالدينار فقام على الحميل وقال : لم أعلم ، قال : قد برئ الحميل ولا ينفعه جهله ، وقد برئ الحميل .
ومن كتاب ابن المواز : قال : يعني مالكا في من أسلف سلفا وأخذ بذلك رهنا أو حميلا ، فلا بأس به ، وما بلغني أن أحدا كرهه إلا الحسن ولا بأس به .
وقال في من باع سلعة بمائة دينار إلى أجل وأخذ بها حميلا ، فلما حل الأجل دفع إليه بالمائة ثمرة لم يبد صلاحها ، ثم علم بمكروه ذلك ففسخ ورد ، قال : قد سقطت الحمالة عن الحميل ، أرأيت لو حلف : ليقضينه دينه وقت كذا ، وأخذ حميلا ، ثم أعطاه جارية عند الأجل فوجد بها عيبا ، فردها ، فإنه حانث ، وتسقط الحمالة ، وإن رضي إمساكها وهي تسوى ما له عليه بعينها فلا يحنث ، وإن ردها فقد حنث وإن سويت ما عليه .
ومن العتبية : روى أصبغ عن ابن القاسم في من تحمل عن رجل فقال المطلوب للحميل : بعني سلعتك لأقضيها فلانا ، أو أقضيه ثمنها ، وتسقط عنك الحمالة ، قال : لا يعجبني وأخاف أن يكون من الدين بالدين ، أو باب من أبواب الربا .
[10/132]
***(1/129)
[10/133]
في التداعي في الحمالة والحوالة
من العتبية من سماع عيسى من ابن القاسم : وقال في من تحمل وقال : تحملت بألف درهم ، وقال الطالب : بل بخمس مائة/دينار ، وصدقه المطلوب ، يريد : ولا مال له ، فليحلف الحميل : ما تحمل إلا بألف فيؤديها ويشتري بها دنانير ، فإن بيعت بثلاثمائة له دينار يرجع الطالب على المطلوب بمائتين ، ويرجع الحميل على الغريم بثلاثمائة دينار ، فيشتري له بها دراهم ، فإن وفت ألفا فذلك ، وإن زادت فالزيادة للغريم ، وإن نقصت حلف المطلوب للحميل : ما تحمل له إلا بخمسمائة ، فإن نكل حلف الحميل وأخذ ، ولو قال الحميل : تحملت لك بألف إردب قمحا ، وقال الطالب : بل بخمسمائة دينار ، وقال المطلوب : بألف درهم ، قال : فإن كان مائة إردب أخذ من الحميل تسعمائة إردب تمام ما أقر به ، ثم يباع الحميل بدنانير فيوفي الطالب بخمسمائة فإن نقصت فلا شيء له على الحميل ، يريد : ولا على الغريم ، وما زاد رد إلى الحميل . ... ... ... حمالة
وقال في كتاب ابن المواز : إذا ادعى الطالب خمسين دينارا ، وقال الحميل : ألف درهم ، وقال الغريم ، مائتي إردب قمحا فليؤخذ منه المائتا إردب ، وأخر اليمين ، فإن بلغ ثمنها دعوى الطالب سقطت الأثمان ، وبرئ الحميل والغريم ، وإن لم يف ثمنها بخمسين دينارا ، وكانت تسوى ألف درهم ، يريد محمد : فيبرأ الحميل ويؤثر يمينه ، قال : ويحلف الغريم ، فإن نكل لزمه دعوى الطالب إن كان مليا فبرئ الحميل ، وإن حلف فهو بريء ، ويحلف الحميل ويبرأ إذا كانت تسوى ألف درهم ، وإن لم تسو حلف وغرم ما عجز ثمن القمح/عن ألف درهم ، يريد : إن عجز هذا كله عن خمسين دينارا ، قال : فإن نكل غرم بقية دعوى الطالب الخمسين دينارا ، ولا يرجع الحميل بما غرم في ذلك كله ، لا على الطالب ، ولا على الغريم ، وإن كان الغريم معدما : أخذت الألف درهم من الحميل ، فإن كانت تفي بخمسين دينارا ، فلا يمين على الحميل ، وإن كانت أقل منها حلف ولم يلزمه غير
[10/133]
***(1/130)
[10/134]
الألف التي أقر بها ، ثم إن أيسر الغريم فيؤخذ منه القمح الذي أقر به ، فإن كان ثمنه أكثر من الألف ، يعني بما يتم دعوى الطالب ، فلا يمين على الغريم ، قال : والحميل أولى بذلك القمح حتى يستوفي دراهمه ، قال : وإن كان إنما أيسر الغريم ببعض القمح ، فإن كانت قيمة القمح ، يريد : كله مثل الألف درهم فأقل ، فالجميع أولى بذلك من صاحب الحق ، فإن كان في قيمة القمح كله أكثر من الألف درهم تحصا فيما يجدا عند الغريم مما ذكر أنه أقل من جميع القمح ، تحاص الحميل بألف ، والطالب بالزائد على الألف درهم من قيمة القمح كحقين أحدهما بحمالة ، والآخر بغير حمالة ، كمن تحمل بخمسمائة من الألف على رجل فغرمها عنه ثم طرأ للمطلوب مال لتحاص فيه الغريم والطالب ، قال : وإذا غرم الحميل الألف درهم التي أٌر بها ، يريد : في عدم المطلوب وقيمتها من الذهب مثل دعوى الطالب فلا يمين ، وإن كان أقل حلف الحميل ، قال : ثم يشتري بها قمح ، فإن بلغت ما أقر به فليس للطالب غيره مع يمين الغريم ، وإن كانت الألف/درهم أكثر من ثمن القمح دفعت الفضلة إلى الطالب عينا ، ولم يكن للحميل على الغريم إلا قدر ما اشتري به القمح ، وبطل ما أخذه الطالب من الفضل ، فلا يرجع به الحميل على أحد ، وإذا كانت الألف درهم تبلغ دعوى الطالب فزالت اليمين بذلك عن الحميل ، كانت للحميل اليمين على الغريم إن كان ما أقر به الغريم من قيمة القمح أقل مما ودى الحميل .
ومن كتاب ابن سحنون : قال سحنون فيمن ادعى على رجل أن له قبله عشرة دراهم ، وقال المطلوب : إنما لك علي قسط من زيت ، وقال الحميل ، إنما تحملت بقفيز من قمح ، قال : يؤخذ القسط من زيت من المدعى عليه ، فإن سوى عشرة دراهم أخذها المدعي ، وإن زادت ردت الزيادة على المدعى عليه ، وإن نقص من عشرة أخذ ذلك المدعي ، ثم يؤخذ من الحميل القمح فيباع من تمام العشرة دراهم ، ويرد ما فضل على الكفيل إن فضل شيء ، ولا يكون للكفيل أن يتبع بذلك المطلوب ، وهذه مذكورة في كتاب الدعوى والبينات .
[10/134]
***(1/131)
[10/135]
ومن كتاب ابن المواز : قال : وإن أحلت غريمك على رجل فمات المحال عليه قبل يؤدي ، يريد : وهو عديم ، فقال الطالب : أحلتني على غير مال كان لك عليه ، وقال المطلوب : بل على مال لي عليه ، قال : فهو حول ثابت حتى يظهر أنه على غير أصل مال .
وإن ادعى الطالب مائة إردب ، وقال الغريم : خمسين إردبا وقال الحميل : أربعين ،/فليحلق الغريم والحميل مكانهما ، ثم إن وجد عند الغريم خمسين سقطت الحمالة وإن لم يوجد عنده إلا أربعون غرم الحميل ثمانية ، لأن ما أخذ من الغريم خمسة بغير حمالة وأربعة أخماس ما ودى عن الحمالة ، فيسقط عن الحميل أربعة أخماس ما أقر به ، وبقي عليه الخمس ، ولو كانت عشرين سقطت عن الحميل ستة عشر من الأربعين ، ويؤدي أربعة وعشرين ، ولو ادعى الطالب مائة دينار وصدقة الغريم وقال الحميل : بل هي ألف درهم ، والغريم عديم ، فليؤخذ ألف درهم من الحميل ويباع بدنانير ، فإن نقصت عن مائة دينار فلابد من يمين الحميل ويرجع الطالب على الغريم مما بقي والحميل بما ودى فما أصابا عنده تحاصا فيه ، قيل : فلو أن الحميل صدق الطالب وكذبهما الغريم ، قال : فقد اختلف قول مالك في شهادة الحميل ، فروى عنه ابن القاسم أنه لا تقبل شهادته ، ويلزمه ما تحمل به عنه ، وروى عنه أشهب وابن عبد الحكم أن شهادته جائزة وحمالته لازمة .
قال محمد : والصواب عندي إن كان الغريم مليا جازت شهادة الحميل عليه مع يمين الطالب ، وإن كان عديما أغرمت الحميل ما أقر به ، ولم أقض له به على الغريم .
ومن العتبية : روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم : ومن أقر لرجل أنه تحمل له بماله على فلان فأنكر أن يكون عليه حق للطالب ، وأن يكون الحميل تحمل عنه ، قال : يغرم الحميل ما أقر أنه تحمل به ، ثم لا يعد الحميل على/المطلوب إلا ببينة أن ذلك الحق عليه ، ولو أقر المطلوب وأنكر حمالة الحميل عنه ،
[10/135]
***(1/132)
[10/136]
قال : يغرم المطلوب ما أقر به ولا شيء على الحميل حتى يجد الغريم وفاء ، فإن لم يكن عنده وفاء غرم الحميل ما أقر بحمالته كما لو أحاله الطالب لجاز له أن يطلب ذلك منه ، ولو قضى عنه بغير أمره ولا بحمالة كان له أن يرجع عليه .
قال ابن حبيب : قال أصبغ فيمن تحمل برجل فأتى به إلى الطالب مبرئا إليه ، والرجل مقر أو منكر فقال الطالب : لم تتحمل لي إلا بفلان ، فالقول قول الحميل مع يمينه ، إلا أن يأتي الطالب ببينة ، ولا شيء على الذي جاء به الحميل ، أقر أو أنكر ، لأن الطالب قد برأه ، قال : ولو شكا رجل غريمه فتبرع رجل فودى عنه ، ثم أنكر المطلوب أن يكون كان عليه شيء ، وإن كان الدافع قد دفع إلى الطالب مصدقا له ، لم يكن له عليه شيء ، وإن قال : إن هذا الحق لك عليه فخذه مني ، ودفعه إليه ، فإنه يرجع على الطالب له ، إلا أن يقيم به بينة ، وإن كان لم يتبين تصديقه إياه ، ولا أنه لم يصدقه ، وادعى المعطي أنه إنما أعطاه ذلك يرى أنه على الغريم فهو على التصديق لا يرجع حتى يتبين بشرط أن يثبت دعوان عليه .
ومن العتبية : روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم : ومن أحلته بعشرة دنانير على غريم لك فقبضها ، ثم قلت له : إنما أسلفتك إياها . قال في كتاب ابن/حبيب : أو أمرتك تكفيني تقاضيها ، فقال هو : بل قبضتها من دين كان لي عليك ، فالقول قولك مع يمينك ، ويقضي لك بالرجوع عليه بها ، وليس إحالتك إياه إقرارا له ، قال ابن حبيب عن ابن الماجشون ذلك على ما يشبه ، فإن كان من أحلته يشبه أن يكون له عليك مثل ذلك ، فهو مصدق مع يمينه ، وإن كان لا يشبه ذلك ، فهو كوكيلك مع يمينك ، وقال أشهب : أنت مصدق قولا مجملا ، وبقول ابن الماجشون قال ابن حبيب .
[10/136]
***(1/133)
[10/137]
في التداعي في الحق بحمالة وحق بغير حمالة يقضيه أحدهما فيختلفان فيه
من كتاب ابن المواز : قال ابن القاسم فيمن عليه حق بحمالة ، وحق بغير حمالة فيقضيه الغريم أحدهما بغير تسمية ، ثم يختلفان عن أيهما قضاه ، فليقض ذلك على الحقين ، قال أصبغ : ولا ينفع الطالب إقرار الغريم بعد القضاء أنه عن غير الحمالة حتى يعرف عند القضاء بسبب أو بشرط .
قال ابن القاسم : ولو كان الحقان من ثمن سلعة لم يخرج من يد البائع حتى قبض ، ثم ادعى الحميل أنه عن الحمالة فلا يصدق ، لأنه لم يصر بعد دينا للغريم .
قال أصبغ : والحقان برهنين أو برهن وحميل على مجرى هذا سواء .
قال ابن القاسم : ولو قبض الغريم السلعة وصار مطلوبا ، فلما دفع إليه الحميل بعد ذلك عن الحمالة قال الطالب : بل ثمن سلعتي وقد حل الدينان فليقسم ذلك على الحقين ، قال أصبغ : إن قضاء مبهما ، وأما إن/فسرا فهو على ما بينا ، قال محمد : وسواء ادعى كل واحد أنه بين ذلك عند القضاء ، أو قالا : كان ذلك الذي نويا ، وقال مثله أشهب : إذا كان القضاء مبهما ، وخالفه إذا ادعى كل واحد أنه بين عند القضاء ، فجعل القول قول القاضي . وقال مثله عبد الملك ، وخالفه في الحجة ، فاحتج أشهب أن الدافع مدع لقضاء الحق الذي بحمالة أو رهن ، والآخر ينكر ، فالمدعي عليه البيان ، وحجة عبد الملك : أنه لما أسلم ذلك إليه فكأنه أئتمنه ، ولم يشهد عليه فصدقه ، ومن مات منهما فورثته بمثابته ، قالا : وذلك إذا لم يحلا أو حلا جميعا ، فأما أن حل أحدهما : فالقول قول من ادعى أنه من الحال مع يمينه .
وقال ابن القاسم - وقاله مالك - : إذا قال هذا : قضيتك وبينت لك أنه لكذا ، وقال الآخر ، قد شرطت عليك أنه من حق كذا ، فليقسم الحق بينهما ، محمد : يريد : بعد أيمانهما ، ومن نكل فالقول قول من حلف ، فإن حلفا أو نكلا قسم ذلك على الحقين .
[10/137]
***(1/134)
[10/138]
قال ابن القاسم عن مالك فيمن أسلف رجلا برهن جعل بيد أمين ، ضمن له ما نقص من رهنه ، ثم أقرضه شيئا آخر برهن ، وجعله على يدي الأول ، وقضاه البعض ، وقال : قد أعلمتك عند القضاء أن ذلك عن الحق الذي بالرهن المضمون ما نقص ، وقال المرتهن : بل من الآخر ، قال مالك : يقسم ذلك على الحقين ، وكذلك قال في حق برهن ، وحق بغير رهن ، أو حق بحميل ، أو حق بلا حميل ، قال : وكذلك حق/بيمين ، وحق بلا يمين .
قال أصبغ : ولو ادعى أحدهما أنه بين عند القضاء ، وقال الآخر : ما بين شيئا فالقول قول الذي قال ما بين شيئا إلا أن يقيم الآخر البينة ، قال محمد : وهذا مذهب أشهب وعبد الملك ، وخلاف ابن القاسم ، وأما لو اتفقا أنهما لم يبينا ، فلم يختلفوا فيه أنه يقسم على الحقين .
ولو كان لك عليه صك بكفالة عن فلان بمائة فقضاه مائة ثم قال : هي عن القرض ، أو عن كفالتين عن فلان ، وقلت أنت : بل عن كفالتك عن فلان ، فقول مالك يقسم على الحقين ، وقال أشهب وعبد الملك : القول قول القابض ، وكذلك لو قال : قبضت ذلك منهما ، وقال الدافع : قد بينا ، فالقابض مصدق مع يمينه ، يريد : في قول مالك ، قال : ويكون على كل صك ثلث ما اقتضى إذا كانت كلها حالة ، ولو كان منها ما لم يحل ، كان ذلك عن الحق الذي قد حل ، ولا يقبل قول المطلوب : إن ما قضيتك عن فلان ، فيحابي من أحب ، ولو قال له حين القضاء : أقضيك عن فلان ، فقال : لا أقبض إلا حق فلان فذلك للطالب ، إلا أن يكون المطلوب محوبا ، فيكون المال بينهما جميعا إن كانت حالة ، ولا ينظر قول المطلوب ، وكذلك في موتهما .
[10/138]
***(1/135)
[10/139]
في الحميل يدفع إلى الطالب غير النوع الذي تحمل به ، وصلحه فيه ، وكيف إن تحمل بعرض أو طعام فوداه ، بماذا يرجع ؟
/ومن كتاب ابن المواز : ومن تحمل بدنانير ، فدفع فيها الطالب دراهم ، فأما بعد الأجل فذلك جائز ، ثم لا يأخذ من الغريم الدنانير ، ولكن يخرج الدنانير الغريم ، ثم يشتري بها دراهم ، فإن نقصت لم يكن للحميل غيرها ، وإن كان أكثر فليس له الفضل ، وهذا كله بعد الأجل ، وكان ابن القاسم يقول : الغريم مخير إن شاء دفع دنانير ، وإن شاء دفع دراهم ، ثم رجع فقال : هذا حرام بين الحميل والغريم ، وقاله أشهب : وهو أحب إلينا .
قالا : ولو أراد الكفيل أن يصالح في ذلك لنفسه حتى يكون له ما على الغريم ، فلا يجوز له إلا ما يجوز لأجنبي أن يشتري الدين به ، وبعد أن يكون الغريم قريب الغيبة يعرف الحميل ملأه من عدمه ، حل الأجل أو لم يحل ، فإن كان بعيد الغيبة ، أو مجهول الغيبة ، أو لا يعرف ملاؤه وما عليه لم يجزه ، ولو كان طعاما فاستولاه الحميل لنفسه ، فإن كان حاضرا وجع بينهما وهو يعرف حاله وأحاله عليه ، فهو جائز ، وإن كان من قرض فجائز ، وإن لم يجمع بينهما ، إذا عرف ملؤه ودأبه وقربت غيبته ، وإنما يفترق الحميل في هذا والأجنبي في وجه واحد : أن للأجنبي شراء ما يجوز بيعه بما شاء ، ولا يجوز للحميل أن يشتري به بمثل الثمن الذي نقد فيه مشتريه وإن حل .
ولو صالح الكفيل الغريم والدين دنانير لم يجز بدارهم ، ولا بما يوزن ويكال من الأشياء إلا بالجزاف منه ، ويجوز بما يرجع إلى القيمة من حيوان أو عرض أو غيره ، لأنه يؤدي/ما عليه أو القيمة إن شاء ، وهي دنانير كما عليه ، وأما بما في المثل فإنما كرهته لأنه يصير عليك مخيرا ، وهذا قول أشهب ، وهذا الذي يرجع إليه ابن القاسم ، وقاله أصحابهما .
[10/139]
***(1/136)
[10/140]
وروى يحيى بن يحيى عن القاسم في العتبية : أن الحميل إذا تحمل بعرض فصالح فيه أو بعرض ، يرجع إلى القيمة أن المطلوب مخير بين أن يؤدي ما ودى عنه من العين أو من قيمة العرض ، ويعطيه ما كان عليه ، ومن كتاب محمد : وإن كان ما عليه عرض أو حيوان لم يجز صلح الوكيل عنه على شيء من الأشياء إلا بجنس ما عليه إما أقل أو أكثر ، لأنه إن وقع أكثر أو أجود فقد علم أنه إنما له مثل ما تحمل به ، وإن دفع أقل فليس له غيره ، ولا يجوز أن يدفع عنه نوع ما عليه ولا عينا ، لأنه يصير مخيرا عليه ، فإن نزل ذلك فسخته فيما بين الحميل والطالب ، لأنه عقد للمطلوب ، ولو كان للحميل شراء لنفسه جاز من ذلك له ما يجوز لغيره ، ثم لا حجة عليه للغريم ، ولا يجوز أن يستقيله عن الغريم من طعام عليه أو عرض أو غيره ، فإن شاء تولى ذلك لنفسه ، ولا يدفع عن الغريم بيضاء عن سمراء ، ولا سمراء عن بيضاء ، ولا يدفع عنه إلا مثل ما عليه ، محمد : من طعام أو عين إن حل ، ولا يجوز لأجنبي أن يدفع عن الغريم مثل ما عليه من طعام أو عين ، وإن حل ، ويحيله به ، لأنه بيع ، إلا أن يكون الطالب سأل في ذلك الأجنبي ، أو يكون المطلوب سأله أن يقض ذلك عنه فيجوز حل الأجل أو لم يحل ، فهو بخلاف الحميل ، لأن الحميل يدفع عن نفسه/شرا لزمه ، فيجوز وإن لم يحل الأجل .
قال ابن القاسم : والمأمور فيما يقضي عن الغريم بخلاف الحميل فيمن أمرته يقضي دراهم فقضى دنانير ، فذلك جائز ، وليس كل أن تعطيه إلا مثل ما أمرته ، لأن ذلك عمل بين المأمور والقابض لم يكن لك منعه منه ، كما لو أعطاه عبدا أو عرضا لأنه له أن يبايعه ويصارفه ، وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم في العتبية ، قال محمد : وإلى هذا رجع ابن القاسم ، وأما في أقل من دينار إن أمرته أن يدفع عنك نصف دينار ، فدفع عنك ورقا فيها ترجع ، لأن ذلك الأمر إنما يقع على الورق ، وقد روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك أنه يخير بين أن يدفع إليه الدراهم أو نصف دينار كما أمره ، ثم رجع مالك في رواية ابن القاسم إلى ما ذكرنا ،
[10/140]
***(1/137)
[10/141]
وأما لو دفع طعاما أو عرضا فله على الآخر نصف دينار ما بلع ، وقال في رواية ابن القاسم : وإنما له عليه من ذلك دراهم ، ولو كان إنما دفع في ذلك دينارا فصرفه وأخذ الطالب نصفه ورد نصفه إلى المأمور ، رجع المأمور بنصف دينار بالغا ما بلغ ، وقد روي عن ابن القاسم أنه جعل نصف دينار كالدينار ، ولا يرجع الدافع إلا بنصف إن دفع دراهم فلا يرجع إلا بمثلها إلا إن يكن تجاوز في الصرف فليرد إلى العدل وهو الذي ثبت عندنا من قول ابن/القاسم ، وكذلك يرجع الأمر على القابض إن كان إنما أسلفه ذلك ، وإذا دفع غير الدراهم لم يرجع إلا بنصف دينار ما بلغ يوم يستوفي ، ويكون للآمر على القابض كذلك إن كان سلفا ، وكذلك لو أمره يدفع إليه دينارا سلفا يرجع عليه بدينار ، وكذلك يؤدي الآمر للمأمور ، ولو كان المأمور وكيلا للآخر فدفع في الدينار ورقا لم يرجع الآمر إلا بدراهم ، لأن وكيله بمنزلته ، إلا أن يعطب ما على القابض فيضمن الوكيل بتعديه حين دفع من ماله غير ما أمره به ، فيضمنه مثل الدراهم ، وإن شاء أسلم ذلك له ، قال أصبغ : ما لم يكن عن قرض أ يكون وكيلا مفوضا إليه .
قال أصبغ عن ابن القاسم في المأمور أن يدفع عنه قراريط ذهب ، فيدفع فيها دراهم ، أنه يرجع بدارهم مثل ما دفع ورقه ، لأن القراريط مرجعها إلى الدراهم ، وقاله أصبغ .
قال محمد : وإذا أمره بدفع دينار فدفع دراهم ورجع بدينار ، وكذلك يؤدي القابض إلى الآخر ، قال : فإن : أحبا أن يتصارفا عند القضاء فجائز ما لم يرجع إلى المأمور من الدراهم أكثر مما دفع فانقبه لاختلاف قول ابن القاسم في الدينار يدفع فيه المأمور دراهم ، فقال مرة : الآمر مخي ، ثم يرجع إلى أنه لا يدفع إلا دينارا ، وبمثله يرجع ، وبهذا قال أصبغ .
[10/141]
***(1/138)
[10/142]
قال أصبغ : قال ابن القاسم : وكان مالك مرة يقول : يرجع بدراهم ، ثم قال : الآمر مخي رفي دفع دينار أو دراهم ، ثم رجع إلى أن يؤدي دينارا/وبه أقول .
ومن تحمل بعبد أو حيوان أو عرض فوداه ، يريد : عنده ، رجع بمثله لأنه سلف ، قاله مالك وأصحابه .
قال ابن القاسم : وإن تكلف الحميل شراءه بثمن فله الرجوع بمثل الثمن ، ولو تحمل بطعام فاشتراه وقضاه لرجع بالثمن . قال ابن القاسم في العتبية من رواية يحيى بن يحيى : وإن وداه من عنده رجع بمثله .
من كتاب محمد : ومن تحمل بثمن طعام فوداه فله أن يأخذ من الغريم فيه طعاما ، يريد : إن رضيا ، وإن كان من صنفه أكثر كيلا مما اشترى أو من غير صنفه ، وكذلك من تطوع بقضاء ذلك عنه وهما بخلاف البائع وبخلاف من أحاله البائع على الثمن .
وكذلك روى عيسى في العتبية نحو عن ابن القاسم ، وكذلك روى عنه أصبغ سواء ، وروايته أتم .
ومن كتاب محمد : ومن تحمل لك بثوب فلا تأخذ منه من صنفه قبل الأجل أرفع ولا أدنى عن نفسه ولا عن الغريم ، وذلك بعد الأجل يجوز عن الغريم ، ولا يجوز للكفيل نفسه إلا أن يؤدي مثله ، ومن تحمل بكذا مضمون فأكرى للمكتري بأكثر مما ودى فله الرجوع بذلك على الكري ، وقاله مالك .
ومنه ، ومن العتبية من رواية أبي زيد ، وعيسى عن ابن القاسم : ومن تكفل بطعام من بيع فدفع إليه الغريم دنانير يشتري بها طعاما ويقضيه عنه ، فقضي عنه
[10/142]
***(1/139)
[10/143]
من طعام عنده ، فإن لم يعلمه ثم بلغه فرضي ، فذلك جائز ، لأنه سلف رضي له فيه بثمن ، ولو كان ذلك بأمر/الغريم لم يجز ، لأنه بيع فوجب أن يستوفيه الغريم من الحميل قبل أن يقبضه عنه ، فدخله بيع الطعام قبل قبضه .
قال في العتبية : ولا يحل للذي له القمح أن يقبضه من الضامن حتى يكتاله الذي عليه الحق ، وأحب إلي يوكل المطلوب بالقمح من يقبضه من الضامن ثم يقضيه عنه ، وإن وكل الضامن فأرجو أن يكون خفيفا ، وضعفه ، وقال في رواية عيسى : ولعله يجوز ، وما يجوز الآن حقا .
ومن العتبية من سماع عيسى عن ابن القاسم ذكر مسألة المأمور يقضي عن الآمر دراهم عن دنانير ، وقد تقدمت ، ثم قال في رجل لزم بصاع من قمح فأحاله على رجل فأعطاه فيه تمرا فهي كالأولى ، وليس له أن يرجع إلا بثمن ، وهذا إن كان من سلف ، ولو كان من بيع لم يؤخذ فيه ثمن ، ولو صالحه المطلوب من القمح السلف على تمر من رجل أمره بدفعه إليه ، فإنما للدافع تمر .
قال ابن حبيب : قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن تحمل بعبد أو عرض أو حيوان أو غيره مما لا يكال ولا يوزن فودى ، فإن وداه من شيء كان عنده رجع بقيمته ، وإن اشتراه ، يريد : اشتراه ليقضيه رجع بالثمن كان أقل من قيمة ما تحمل به أو أكثر ، وأما ما يكال ويوزن فيرجع فيما ودى من عنده بالمثل ، وفيها اشترى بالثمن .
[10/143]
***(1/140)
[10/144]
في الطالب يؤخر الغريم أو يهبه ، أو يؤخر الحميل أو يصالحه ، وفي الحميل يأخذ المال من الغريم ليقضيه فيتلف ، وهل له ذلك ؟ وكيف إن قدم الغريم وقال : قضيت الطالب ؟
/من العتبية وكتاب ابن المواز : قال أشهب عن مالك فيمن له حمل بحق فأخر غريمه بعد محله سنة مؤتنفة ، فقال الحميل : قد انفسخت حمالتي ، قال مالك : الحمالة عليه قائمة ولا يقدر المحتمل له أن ينظر غريمه قبل يقول الحميل : أنت أخذته حتى فلس ، قال : لو شاء هو لقام به .
قال في العتبية يحيى بن يحيى عن ابن القاسم : قال : وإذا تحمل رجل بحق فلما حل الأجل فقضى الغريم الطالب بعض حقه وأنظره بما بقي إلى أجل ، فلما حل الأجل قام على الحميل فقال له : لما أنظرت غريمك فذلك أبرأ لي ، قال : لا يبرأ بذلك ، والحمالة قائمة حتى يقبض جميع حقه .
ومن كتاب ابن المواز : قال أشهب عن مالك فيمن أخذ حميلا بحقه وارتهن به حائطا فلما أثمر دفع إليه ربه جميع ثمرته في دينه ، وأخره بما بقي إلى أجل ، قال : لا يبرأ الحميل ما لم يقم الحميل وينظر لنفسه ، وعسى أن يلزمه اليمين : أنه ما أبرأه .
قال في الكتابين أشهب عن مالك فيمن باع سلعة وأخذ حميلا ، وكتب : أيهما شاء أخذ بحقه ، فمات الغريم ، فبيعت تركته كلها ، فاستوفى ثلثي حقه ، ثم حلل الميت مما بقي ، فقال له الحميل : قد برئت ، قال : يحلف بالله : ما وضع إلا للميت ، ثم هو على حقه ، قال محمد : فيها شيء ، وقال في موضع آخر : فيها نظر ، وفي موضع : ذكرها عن مالك ، قال : محلل الميت ، ثم طلب الحميل ، قال : يكون ما أخذ بين الحقين بالحصص ، ويحلف : ما/وضعت إلا للميت ، ثم يكون على الحميل حصته من ذلك .
[10/144]
***(1/141)
[10/145]
من كتاب محمد : قال ابن القاسم : وليس للحميل أخذ الحق من الغريم ليقضيه ، وله طلبه ليدفع بنفسه ، فإن قبضه منه على الاقتضا فهو ضامن له إن تلف ، كان محمد يغاب عليه أو لا يغاب عليه ، قبضه بطوع أو بقضاء سلطان ، وقد أخطأ السلطان إن جبره على ذلك ، وإن قبضه على الرسالة لم يضمن ، ويقبل قوله في تلفه بلا بينة ، وإن اتهم حلف ، قال للطالب أن يكلف الحميل بملازمة الغريم ليدفع ما عليه وهو مليء .
قال ابن حبيب عن أصبغ : وإذا أراد الحميل أن يأخذ من الذي تحمل به الحق بعد محله ، والطالب غائب ، وقال : أخاف أن يفلس ، قال : ينظر السلطان فإن كان يخاف عدمه قبل قدوم الطالب ، أو كان لا يخاف عدمه لكثره ماله ، إلا أنه كثير اللدد والمطل ، فليعد الحميل عليه ، وينظر فإن كان الحميل من أهل الملأ والوفاء ، أقر ذلك في يديه ، وإلا أودعه ، وكان ذلك براءة للحميل والغريم ، وضمان المال فمن الغائب ، فإن كان المطلوب من أهل الملأ والوفاء ، فليس للحميل أن يأخذ ذلك منه .
ومن كتاب ابن المواز : قال ابن المواز : قال ابن القاسم : وإذا كان له حق على رجلين بعضهما حميل عن بعض ، وأيهما شاء أخذه بحقه ، فأخذ أحدهما فسجنه وترك الآخر ، فأراد المحبوس أن يحبس معه صاحبه ، قال : ذلك له أن يسجن له .
قال محمد :/وقال أشهب : في ظني فيمن أخذ غريمه بعد الأجل أن ذلك تأخير للحميل ، إلا أن يأبى الحميل ، فذلك له ، ويقال للطالب : إما أسقطت الحمالة فيجوز تأخيرك ، وإلا فاحلف : أنه ما أردت بتأخير الغريم إسقاط الحمالة ، فإن حلف بطل تأخيره ، إلا أن يشاء ذلك الحميل ، وإن علم الحميل بتأخيره فسكت حتى حل الأجل والحمالة لازمة ، وكذلك إن لم يعلم حتى حل الأجل إذا حلف الطالب أنه ما أخره رضي بترك الحمالة ، فإن نكل سقطت الحمالة ، قال : وإن أخر الحميل وطلب الغريم ثم حلف : ما ذلك تأخير للغريم ،
[10/145]
***(1/142)
[10/146]
فإن نكل كان تأخيرا لغريم معه ، وكذلك لو وضع عن الحميل حمالته أو بعضها كان الحد كله قائما على الغريم .
ومن العتبية : روى عيسى عن ابن القاسم فيمن أخذ بثمن سلعة كفيلا ، وكتب : أن يأخذ أيهما شاء ، ثم أمره بقبض الثمن فقبضه ، ثم زعم أنه ضاع ، قال : إذا كان أيهام شاء أخذ بحقه فهو والبيع سواء ، وإن كان على وجه الوكالة على قبضه فهو بريء في الحمالة ، ولو كان شريكا في البيع بريء من نصف الحق ، وإن أمره بأخذه على وجه التعاطي لم يجعله وكيلا له فهما ضامنان جميعا .
ومن كتاب ابن المواز : قال : يريد : ابن القاسم : وإذا غاب الغريم فغرم الحميل الحق ، ثم قدم الغريم فأقام بينة أنه دفع إلى الطالب ، فلينظر فإن كان الحميل فهو دفع قبل الغريم وبعد الأجل ؟ فله الرجعة/به على الغريم ، لأنه دفعه كان بحق ، ويرجع الغريم بما دفع إلى الطالب ، وإن كان الغريم هو الدافع إلى الطالب إلا فلا يتبعه الحميل ، ولكن يرجع على صاحب الحق بما دفع إليه ، وإن جهل أمرهما فلا يعرف الأول لم يكن للحميل أن يتبع إلا من دفع إليه ن وهو صاحب الحق ، إلا أن يكون له بينة أنه الدافع الأول أو بقضاء من السلطان بعد أن يحلف الغريم : أنه دفع أولا ، فإن نكل حلف الحميل وأغرم الغريم ، فإن نكلا لم يكن للحميل شيء على الغريم .
ومن العتبية : قال عيسى بن دينار : وإذا أنكر الحميل الحمالة فصالحه الطالب على بعض الحق في غيبة الغريم ، ثم قدم فله أن يرجع عليه ببقية حقه ، ويأخذ منه الحميل ما ودى عنه .
[10/146]
***(1/143)
[10/147]
فيمن ادعى دابة فضمن له رجل ما جاء فيها ، فمات بيد الآخر .
ومن باع عبدا وأعطي به حميلا ، والمدعي فيها يذهب بها إلى موضع بينته ويعطي حميلا بقيمتها
من العتبية : قال سحنون فيمن ادعى دابة بيد رجل ، فضمن له رجل ما جاء فيها ، فخلا عنه ، فأخرجت إلى الرعي يوما آخر فماتت ، قال : يضمنها إذا أثبتها المدعي عند القاضي وقضى له بها .
وقال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب في رجلين اعترفا دابتين سرقتا لهما ، فقال من هما بيده : أعطياني حميلا بقيمتها واذهبا بها إلى بلد بينتكما ، فإن أثبتما ذلك عند قاضي بلدكما سقطت الحمالة ، وإن لم تثبتا ذلك أخذت الحميل بالقيمة إلى الأجل ، فتحمل أحد الطرفين بقيمتها وذهبا بهما فهلكتا قبل/يقضي لهما ، فأخذ الحميل منهما فودى القيمة ورجع على صاحبه فقال له : أنت تعلم أني محق ، وأن الدابة لي فلا ترجع علي ، قال : يلزمه غرم ما ودى عنه إذا تحمل عنه بأمره إن كان ودى ، وإن لم يؤد رجع المتحمل له عليهما فأغرم كل واحد النصف إن تحمل بإذن صاحبه ، قال أشهب : يغرم له ما غرم عنه ، إلا أن يستحق الدابتين فيرجع الحميل بما وفى على من كانتا في يديه فيأخذه .
قال ابن حبيب : قال أصبغ : ومن اعترف عبدا بيد رجل فيأخذ به عليه حميلا حتى يثبت بينته ، فزعم أنه أبق ، قال : يضمن ، وأما الموت فلا يضمن لأن الموت معروف .
قال ابن حبيب عن أصبغ فيمن ابتاع من رجل عبدا على أن يعطيه به حميلا فمات العبد قبل يقبضه المبتاع ، أو بعد أن قبضه قبل أن يعطيه الحميل ، فمصيبته
[10/147]
***(1/144)
[10/148]
من المبتاع ، وإن كان له رده إذا أبى أن يعطيه حميلا ، وهذا أحب إلي من قول ابن كنانة : إن الضمان من مشترط الخيار ، ومشترط الخيار كان له الرد ، وهذا لم يكن رد حتى يعجز صاحبه عن الحميل فيكون هو حينئذ مخيرا في الرد .
في حمالة من أحاط الدين بماله ، وحمالة ذات/الزوج ، والعبد ، والحمالة بالمولى عليه ، وحمالة المريض ، وإقراره ، وحوالة السيد على عبده ، أو يكرهه على الحمالة
من كتاب ابن المواز والعتبية : قال مالك : لا يجوز حمالة من أحاط به الدين كصدقته ، وهي من المعروف ، وتفسخ ، قال ابن القاسم : ولا تسعة فيها بينه وبين الله ، ومن كتاب محمد : قال أصبغ : وهي كحمالة ذات الزوج في الكثير ، ثم إن طلقت وأيسر هذا المعدم ولم تفسخ فهي ثابتة ، إلا أن يكون قد كان الزوج أسقطها عن زوجته ، والغرماء عن غريمهم .
قال مالك : حمالة ذات الزوج جائزة ما لم تجاوز ثلث مالها ، وإن كان بأبيها أو أخيها ، محمد : أو أجنبي ، قال : فإن جاوزت الثلث فللزوج رد جميعه .
قال مالك : وتجوز حمالتها بزوجها بمالها كله إن كانت طائعة ، فإن ادعت إكراهه كشف عن ذلك .
وقال المغيرة في غير كتاب ابن المواز : إذا تصدقت بأكثر من الثلث لم يرد منه الزوج إلا ما جاوز الثلث .
قال محمد : قال أشهب : أما حمالتها لزوجها لأجنبي فذلك لازم ، ولا يقبل دعواها الإكراه إلا ببينة ، قال محمد : فإذا قامت البينة بالإكراه ، سقطت الحمالة ، علم الأجنبي بالإكراه أو لم يعمل ، قال أشهب : فإن لم تقم بينة فإن كان الأجنبي
[10/148]
***(1/145)
[10/149]
منهما يعلم ذلك كالقريب الجوار وشبهه ، حلف الأجنبي : أنه ما علم ذلك ، فإن نكل حلفت : لقد علم وبرئت ، وأما غير الجار ممن لا يظن به علم ذلك فلا يحلف ، وأما حمالتها بغير الزوج للزوج ويدعي/الإكراه ، فإن كان ظاهر الإساءة لها بالبينة وقلة ورعه فيها ، وتحامله بما لا يحل له ، معروف أنها إن لم تفعل فعل بها ما لا يحل ، فإنها تحلف وتسقط الحمالة ، وإن كان على غير ذلك حلف الزوج : ما أكرهها وثبتت الحمالة .
قال محمد : وحمالة المريض في ثلثه لأنها من ناحية العطية عند مالك وأصحاب لا كالبيع .
قال ابن القاسم : ثم إن داين الناس في مرضه حتى أحاط به الدين ، بطلت الحمالة ، قال محمد : ولو صح ثم مرض كانت من رأس ماله .
وقال أشهب : إن حمالة المريض جائز ما لم يدخل على أهل دينه نقص بها ، ولا يكون المتحمل به مليا ويكون المريض متهما في إحياء حقه ، وإذا كان مليا جازت بكل حال .
وقال عبد الملك : إن كان المحمول به مليا فهي لازمة ، وإن كان عديما بطلت ولم تكن في الثلث إذ يرد بها الوصية .
قال محمد في المريض وله دين على رجلين وقد تحمل بعضهما ببعض ، وأحدهما وارثه فأقر أنه قبض منه جميع الحق فلا يجوز إقراره ، والحمالة قائمة كانا مليين أو معدمين ، لأنها وصية لوارث أسقط ما عليه وجعل له اتباع الأجنبي ، وإن اقر أنه قبض الحق من الأجنبي جاز إقراره ، وسقط الحق عنه ، إن كان مليين ، لأن الأجنبي يتبع الوارث ولم يسقط عن وارثه شيئا لأن صاحبه ملي لا يغرم بحمالته شيئا ، وإن كانا معدمين لم يجز إقراره ، ولم تسقط عنهما حمالة ولا دين ، لأن الوارث إن أيسر أولا صارت وصية له ، لأنه أسقط عنه ما يلزمه في نفسه وعن الأجنبي ، وأما في عدم الأجنبي وملأ الوارث لا يجوز ، لأنه يزيل عن/وارثه واجبا إن أقر له فلا يجوز للأجنبي ، لأنه يزيل بذلك الطلب عن وارثه .
[10/149]
***(1/146)
[10/150]
وإن أقر المريض أنه قبض ديته من وارثه وله به حميل أجنبي لم تسقط الحمالة عنه لبقاء الحق على الوارث ، وإن مات هذا من مرضه قال : ولو أسقط الحمالة لم يجز إسقاطها لأن ذلك يضعف فرضه وينقضه .
ولو أقر أنه قبضه من الحميل جاز إقراره ويتبع الأجنبي الوارث ، كما لو أوصى للأجنبي بالحق ، وكذلك لو أقر أن الحق له أو بغيره جاز إقراره ، وإن لم يدع غيره .
قال : وحمالة العبد بغير إذن سيده باطل ، وإن كان مأذونا له في التجارة ، وتجوز بإذنه في المأذون وغير المأذون ، وتكون في ذمته . وقال عبد الملك : إنه تجوز حمالته .
قال : وللسيد إكراهه على الحمالة ما لم يكن على العبد دين محيط . وقول ابن القاسم : لا يكرهه ، والأول أحب إلينا .
ومن أحال غريمه على عبده أو مكاتبه فمات فلا شيء أو فلس ، أو عجز المكاتب رجع الطالب على السيد أحاله على المكاتب بأول نجم أو بآخره ، قال أصبغ عن ابن القاسم : وهذا إن أحاله على غير أصل دين ، فأما لو أحاله بدين له على عبده أو مكاتبه ، لم يرجع على السيد بحال في عجز ولا غيره ، وبطلت ذمته ، وكذلك هذه المسألة في العتبية من رواية أصبغ .
ومن كتاب محمد : ومن أحال على عبده المأذون الملي بمائة دينار من غير دين ففلس العبد ، فحاص/غرماءه ، فأصابه نصفها لرجع هو والغرماء على السيد بالمائة يأخذ المكفول له بما بقي له ، ويأخذ الغرماء غيره ما أخذ منهم بسبب الحوالة ، فإن لم يكن عند السيد شيء بيع العبد في ذلك ، محمد : وإنما ذلك يريد : في حمالة العبد ما لم يكن على العبد دين محيط وبيده مال بقدر حمالته فأكثر ، ومن تكفل عن عبده ثم عتق فله اتباعه بما ودى عنه .
ومنه ومن العتبية من سماع ابن القاسم : وإذا تكفل عن عبده إلى أجل ، ثم باعه وانتزع ماله وطلب الطالب تعجيل ماله فليس ذلك له ، وذكر مسألة
[10/150]
***(1/147)
[10/151]
مالك فيمن باع من عبده المأذون وارتهن به رهنا ، ثم فلس العبد ، فإن كان الدين يشبه معاملة العبد ، كان الرهن له رهنا إن أثبت الدين ببينة ، وإن لم يكن لمثله مداينته بطل الرهن ، وإن كانت له بينة لأنه لم يرتهن بصحة وهو توليج ، وحاص بقيمة سلعته إن ثبت ذلك ببينة في الرهن وفي غيره ، وليس كالأجنبي يحابي في البيع ويرتهن .
وقال أصبغ : أرى أن يكون السيد أحق من الرهن بمبلغ قيمة السلعة ، قال عبد الملك : ومن تحمل برجل فإذا هو مولى عليه لزم الحميل الغرم ، ولم يرجع هو ولا الطالب عليه بشيء ، ولو أن الطالب عامل المولى عليه قبل هذه الحمالة لم يلزم الحميل شيء ، قال : ولو كان مما يلزم اليتيم مثل أن يكون لليتيم الدار والحائط ، فيسلفه النفقة فهذا يلزم الحميل .
قال ابن القاسم : إذا تحمل بالصبي فيما يلزم الصبي/لزمه ورجع به في مال الصبي .
ومن العتبية : قال أصبغ : من اشترى من سفيه أو من بكر وأخذ حميلا بما لزمه من قبلهما ، فأبطل البيع وأبطل الثمن عنهما : أن الحميل يلزمه غرم الثمن ، ولا يرجع به على أحد ، ولو قال : ضمنت لك ما يدركك من السفيه لم أره شيئا ، لأنه لا يدركه من السفيه ، إنما أدركه بسببه ، إلا أن يكون السفيه هو الذي قام بذلك في ولايته أو بعد رشده حتى فسخ ذلك ، فلذلك الرجوع على الضامن عنه .
في الحمالة بدين مجهول ، الوارث يتحمل بدين أبيه على أن يؤخر
من كتاب ابن المواز : قال مالك : من أوصى ولده أو غيرهم أن يضمنوا عنه دينه ، فذلك جائز ، سمى الدين أو لم يسمه ، والغرماء حضور أو غيب ، في الصحة أو في المرض .
[10/151]
***(1/148)
[10/152]
قال أشهب : ومن مات وعليه دين فقال رجل أنا حميل بما عليه فذلك يلزمه ولا رجوع له ، فإن لم يكن للميت مال يوم تحمل لزمه الغرم ولا رجوع لها بما غرم في مال إن طرأ للميت ، ولو كان للميت يوم تحمل مال يعلم به رجع فيه إن قال : إنما تحملت لأرجع به .
ومنه ومن العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم عن مالك ، قال مالك فيمن مات وعليه من الدين مالا يدري كم هو ، وترك مالا ، قال في العتبية في عين وعرض لا يدرى كم هو ولم يحصل ، فتحمل بعض ورثته بجميع دينه ، يريد : إلى أجل على أن يخلى بينه وبين ماله ، فإن كان فيه فضل بعد وفاء الدين كان/بينه وبين الورثة على فرائض الله عز وجل ، وإن كان نقصا فعليه وحده ، فذلك جائز .
قال في العتبية لأن ذلك منه على وجه المعروف وطلب الخير للميت ولورثته ، كان الذي تحمل به عن الميت نقدا أو إلي أجل ، قال في الكتابين : وأما إن كان له الفضل بعد وفاء الدين وعليه النقصان فلا يجوز ، لأنه غرر وغير وجه من الفساد ، وصار كالبيع يحله ما يحله ، قال : ولو كان وارثا واحدا كان جائزا .
قال : ولو طرأ غريم لم يعلم به الابن فعليه أن يغرم له ولا ينفعه قوله : لم أعلم به ، وإنما تحملت بما علمت .
قال مالك فيمن مات وعليه ثلاثة آلاف دينار ، ولم يترك غير ألف دينار وولد لا يرثه غيره ، فسأل غرماء أبيه أن يدعوا الألف بيده ، وينظروه سنين ، ويضمن لهم بقية دينهم ، فرضوا ، فذلك جائز قال ابن القاسم : وبلغني عن ابن هرمز مثله ، قال مالك : وإن كان معه ورثة غيره وأدخلهم في فضل إن كان ، فذلك جائز فإن طرأ غريم لم يعلم به لزمه أن يغرم له .
[10/152]
***(1/149)
[10/153]
في الحميل يدفع إلى الطالب من عند نفسه ما أخذ من المطلوب بغير بينة ، أو يدفع المطلوب بغير بينة
من العتبية : وري عيسى عن ابن القاسم في الحميل بعشرة دنانير يأخذها من الغريم ليدفعها إلى الطالب ليدفعها إلى الطالب ، فدفعها إليه بغير بينة فجحد ، فالحميل ضامن حين لم يشهد إلا أن يدفعها بمحضر المطلوب فلا يضمن الحميل/، ويغرمها المطلوب ثانية لأنه غرر بنفسه ، ولو دفعها الحميل من عند نفسه بلا بينة بمحضر من المطلوب وهو يشهد عليه وقد جحد ، قال : يؤديها الغريم إن كان مليا للطالب ولا يتبعه الحميل بما ودي عنه ، ولو أن المطلوب وداها بمحضر الحميل فليؤدها الغريم فللحميل الرجوع عليه بعشرين ، وفي رواية عيسى : لا يغرم غلا عشرة ، قال عنه أبو زيد : وإن دفها بغير محضر الغريم لم يرجع عليه إلا بعشرة .
جامع مسائل مختلفة
من العتبية من سماع عيسى عن ابن القاسم : ومن خرج في قتال نائرة فضمن له رجل من الناس عقل جرحه ، فذهب ثم طلبه بذلك فقال : لا أضمن ، قال : ذلك يلزمه إذا كان على وجه الحمالة والإصلاح بين الناس إذا كان قد قبل ذلك من المجروح ، وذلك في الخطأ مما فيه دية ، أو في العمد إذا اصطلحوا على الدية .
ومن قال لعبده : إن جئتني بألف درهم فأنت حر فتكفل بها رجل وعجل عتقه ، قال : يلزمه الحمالة ويرجع الحميل على العبد بما أدي ، وهي حمالة في حرية ثبتت ، كمن قال :/أعتق عبدك ولك علي كذا إلى أجل .
[10/153]
***(1/150)
[10/154]
ومن سماع ابن القاسم : ومن ابتاع من غريب شيئا ثم سأله بعد يوم التعريف به ، قال : لا يلزمه ذلك ، إلا أن يشترط ذلك عند البيع ، أرأيت الذين يبيعون الإبل والغنم أعليهم معرفة ، أو على أهل منى ؟ .
ومن سماع عيسى عن ابن القاسم ، وعن من له دين على رجل إلى أجل ، فيقرب الأجل فيريد الغريم سفرا ، فطلب منه الطالب حميلا لئلا يحل الدين في غيبته ، قال : ينظر السلطان ، فإن رأى أن الدين يحل قبل تقضي سفره ، أمره بحميل ، وإلا فليس ذلك عليه ، ويحلف بالله : ما يخرج إلا مثل ما يخرج الناس في التجارة والحوائج القريبة مما يأتي مثل أجله .
وروى عنه أبو زيد في الغريم له مال غائب ، فقال له غرماؤه : أعطنا حميلا حتى يأتي مالك ، فليس لهم ذلك عليه إلا أن يخاف عليه أن يهرب أو يغيب .
وروى عنه عيسى فيمن قضى غريمه عشرة دنانير ، فذهب بها لربها ليزنها فوجدها قبيحة الوجوه أو ناقصة الوزن فردها ، فقال له : إنما أخذتها من فلان فاذهب بها إليه بيبدلها ، فذهب لذلك فوقعت منه ، فإن كان حين ردها إليه قبضها منه ثم ردها إليه ليذهب في بدلها فضمانها من الذي عليه الحق ، وإن لم يكن قبضها منه ، فهي ممن سقطت منه .
قال ابن حبيب : قال أصبغ : وإذا أخذ الطالب من الغريم عبدا بدينه ، ثم استحق فرجع على الغريم ، إن الحميل قد برئ ، لا تعود عليه حمالة . وفي باب الحمالة بالعقود الفاسدة ما يشبه هذا ./
قال أصبغ : قال ابن القاسم في رجلين اشتريا سلعة ، فقال البائع : لا أكتب الثمن إلا على أحدكما فكتبه عليه وقبضا السلعة ، فقال المكتوب عليه لشريكه : لا أعطيك من السلعة شيئا حتى تأتين بثقة أو تنقدني ، فليس له ذلك ، وهو قد تحمل ، والحمالة تلزمه . هذه المسألة في العتبية ، كتبتها في التفليس .
ومن كتاب ابن المواز : قال مالك فيمن تكارى من رجل وتحمل عن الكري حميل ، والكري مديان ، فوثق حميله بأن باع بعيرين وأعطاه أثمانهما ، وقال :
[10/154]
***(1/151)
[10/155]
إن رهقني شيء فهذا معي بكراية يكتري له به ، ففلس الكري ، هل يدخل غرماؤه فيما وضع بيد الحميل لذلك ؟ قال : الحميل أحق بذلك منهم كالرهن ما لم يخرج الحمال بأكريائه ، فلو خرج بهم ثم فعل هذا لدخل في ذلك غرماؤه .
قال محمد بن عبد الحكم فيمن ادعى على رجل بمائة دينار ، وأنه تحمل بها رجل وهما منكران ، فأقام عليهما البينة فأخذ بها الحميل فأداها ، فإنه ليس للحميل أن يرجع بها على الغريم لأنه يقول ، إنما ظلمه فلا آخذ من هذا شيئا .
ومن العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك : وإذا اشترى رجلان سلعة بثمن مؤجل ، وكتب أحدهما الثمن على نفسه ليمكن صاحبه السفر ، فبيعث السلعة ، فطلب الذي ليس عليه الكتاب قبض نصف الثمن ، فأبى عليه الذي كتب الثمن عليه ، وقال : أنا المطلوب وغلب على حبسه ، فلما حل الأجل قال : ضاع منه عندي عشرة دنانير ، قال : هو لها ضامن ، وكذلك لو قال : سرق/مني المال لضمنه ، ولو استأدى عليه أولا حين منعه لقضي عليه أن يدفع نصف الثمن إلى صاحبه .
في الحوالة وجامع مسائلها
من كتاب ابن المواز : قال محمد : لا تكون حوالة إلا على أصل دين ، وإلا فهي حمالة .
قال ابن حبيب : وقال ابن الماجشون : الحوالة جائزة ، وإن لم يكن للحميل دين على المحال عليه ، وبه أقول لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ومن على ملي فليتبع .
محمد : وإذا أحالك على أصل دين فهي براءة للحميل لا يرجع عليه في فليس المحال عليه أو موته .
[10/155]
***(1/152)
[10/156]
قال مالك : ولو أحاله على مفلس وهما عالمان به فلا رجعة له ولو لم يعلم المحال كان له أن يرجع على المحيل إذا غره أو كتمه شيئا علمه منه ، مثل أن يكون مفلسا ، أو قد غرق في الدين أو غير ذلك . قيل لمالك : أفعلى الغريم شيء ؟ قال : ينظر القاضي فيه فإن كان يتهم في ذلك أحلفه ، وإنما تجوز الحوالة إذا حل ما تحيل به أحلت على ما قد حل أو لم يحمل إذا كان في صفته وفي جنسه ، وجاز ذل قول النبي صلى الله عليه وسلم : ومن اتبع على ملي فليتبع ، فأما إذا لم يحل دينك فلا تحيل به على دين قد حل أو لم يحل ، ويصير دينا بدين وذمة بذمة ، وقد جاء النهي عنه . قال مالك : ومن أحلته بدين على رجل ثم تبين أنه ليس لك إلا بعضه فإنه تتم الحوالة فيما يساوي ما لك عليه ، ويصير الباقي حمالة يتبع بها أيهما شاء ، وقاله ابن القاسم .
قال محمد : وإذا كان له عليه خمسون دينارا فأحالك عليه/بمائة فمات الحميل وعليه لغيرك مائة ، وترك مائة ، والذي أحالك عليه غائب ، والذي مات يحل ما عليه ، ف إنك تحاص غرماءه بالمائة كاملة ، فيصيبك بالحصاص خمسون ، فمنها خمسة وعشرون عن الحول وخمسة وعشرون عن الحمالة فما كان منها عن الحمالة صار دينا للميت على المحيل الغائب ، ولك أنت عليه بقية الخمسين التي هي حمالة ، وذلك خمسة وعشرون والميت لك بها حميل ، وبقي لك على الميت خمسة وعشرون بالحول لا يرجع بها على أحد ، فإذا قدم الغائب أخذت منه الخمسين التي عن الحمالة لنفسك ، فالذي صار للميت منها تضرب فيه أنت بما بقي لك على الميت من الحول خاصة ، وهو خمسة وعشرون ، وغرماء الميت بما بقي لهم ، يريد محمد : وهو خمسون ، فتأخذ أنت ثلثها وهو ثلثيها . قال محمد : وإن لم يوجد في مال العادم إلا خمسة وعشرون لزمك رد نصفها وهو اثنا عشرة ونصف إلى الميت ، ثم تحاص أنت منها غرماءه بما بقي لك من الحول والحمالة ، وقد بقي كل من الحول خمسة وعشرون ، وعن الحمالة اثنا عشر ونصف ، فلما رجع
[10/156]
***(1/153)
[10/157]
إليك من مال العادم خمسة وعشرون صار كأنه لم يجب لك على الميت بالحمالة إلا خمسة وعشرون ، وبها كان ينبغي أن تحاصص فصار يصير لك أثنا عشر ونصف ، إذ صار لكل غريم نصف حقه ، فعليك أن ترد اثني عشر ونصفا ثم تحاص فيها أنت وغرماء الميت ثانية كفضلة من ماله ، فتضرب أنت/فيها بما بقي لك ، فذلك سبعة وثلاثون ونصف ، ويحاص المحيل بها غرماءه في الاثني عشر ونصف ، فما نابك فثلثاه للحول وثلثه للحمالة ، ويصير جزء الحمالة دينا للميت على المحيل ، قال : فإن لم يوجد للقادم إلا عشرون ، أو كانت هي التي أصابك في الحصاص ، فينبغي إن ترك عشرة تحاص فيها أنت بما بقي لك ، وغرماء الميت بما بقي لهم ، وبقي لك أنت بالحمالة خمسة عشر ، ومن الحول خمسة وعشرون ، وذلك أربعون ، فما صار لها منها فخمسة أثمانه عن الحول ، وثلاثة أثمانه عن الحمالة ، وإنما دررت الآن العشرة لأنك لما أخذت عشرين من مال العادم عن الحمالة علمنا أن بثلاثين كان ينبغي أن يحاص من الخمسين التي للحمالة في مال الميت . فيتمسك بنصف خمسة عشر من الخمسة ، لأن كل غريم أخذ نصف حقه أولا ، ويرد عشرة يكون فيها الحصاص ، فإذا أحلته على ثمن سلعة بعتها من رجل وهو ملي ثم استحقت السلعة أو ردها عليك بعيب ، قال ابن القاسم : الحول ثابت يؤديه ويرجع به عليك ، قال : وبلغني ذلك عن مالك . وقال أشهب : الحول ساقط ، ويرجع غريمك عليك ، وكذلك لو قبض ما أحلته به لرجع به عليه من دفعه إليه ، قال محمد : هذا أحب إلي ، كما لو بيع على مفلس أو ميت متاعه ، وقبض غرماؤه من متولي بيعه أو من المشتري بحوالتهم عليه ، ثم استحق ما بيع فليرجع المشتري بالثمن على من قبض الثمن ، وهذا قول أصحاب مالك كلهم .
قال فيه وفي العتبية من سماع أصبغ وأبي زيد عن ابن القاسم قال : ومن/باع بمائة دينار ثم تصدق بها على رجل وأحاله بها وأشهد له ، ثم استحق العبد أو رد بعيب ، قال : قال ابن القاسم : ومن حمل عن ناكح صداقه في عقد نكاحه فهو له لازم في حياته وبعد مماته ، وأما حمله بعد عقد النكاح ، واحتالت عليه به المرأة ،
[10/157]
***(1/154)
[10/158]
وأشهد على ذلك ، فذلك جائز لازم في الحياة ، ويسقط بعد الموت كالعطية لم تقبض ، ولا تكون الحوالة إلا من أصل دين ، وقال ابن الماجشون : تلزمه بعد موته ، لأن الحوالة عندي تلزم ، وإن لم تكن على أصل دين ، كما إذا قال : بع منه ثوبك والثمن علي ، فكذلك هذا كأنه قال : أعطه من مالك كذا ومثله لك علي .
في الحوالة على غير دين ، وكيف إن شرط المحيل أنه بريء بذلك ، أو شرط أنه إن فلس المحال عليه رجع ؟ وفي الحميل يعطى على أن يأخذ من شاء بحقه
من كتاب ابن المواز : قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن أحال رجلا على رجل ليس له عليه دين وشرط أنه بريء بذلك وشق الصحيفة ، قال : ذلك لازم وله شرطه ، قال محمد : إلا أنه إن فلس المحال عليه قبل يدفع إلى المحال حقه ، فليرجع المحتال على من أحاله ، لأنه لو دفعها إليه المحال عليه كان له الرجوع به على المحيل ، وروى أشهب عن/مالك أنه إن فلس المحال عليه أو مات فليرجع المحتال على المحيل ، إلا أن يكون أحاله على أصل دين فلا يرجع على الأول ، قال وما لم يفلس أو يمت فليس له أن يأبى من الدفع إلى المحتال عليه .
قال ابن حبيب : قال مطرف عن مالك : إذا شرط الغريم على الحميل : إن خفي عليك ، لا أطلب به غريمي لشر عرفه منه ، أو قبح مطالبة ، أو لامتناع بسلطان ، فالشرط جائز وحقه عليه ، حضر الغريم أو غاب في ملئه وعدمه ، إلا أن يشاء أن يرجع إلى غريمه ، قال ابن الماجشون : الشرط باطل ، وهي حمالة لا يطالب الحميل إلا في غيبة الغريم أو عدمه ، وهي سنة الحمالة حتى يسمي الحوالة فيقول : احتال عليك من حقي ، فحينئذ يكون حقه عليه لا يرجع به على الأول ، وما دام له الخيار في الرجوع إلى الأول فهي سنة الحمالة ، وقال أشهب وابن كنانة مثله إنه كالحميل ، وقال ابن الحكم وأصبغ مثل قول مطرف ، وروايته عن مالك ، ورواه ابن القاسم عن مالك ، وبه أقول ، قال أصبغ : وكان ابن القاسم إنما يقول في القبيح المطالبة أو ذي السلطان ، ونحن نراه في كل أحد إذا بين وحقق .
[10/158]
***(1/155)
[10/159]
ومن العتبية من سماع ابن القاسم : ومن أحلته على غريم لك بدين ثم تبين أنه إنما لك عليه بعض ما أحلت هذا به ، فينظر ، فما قابل ذلك فهو حول ، وهو في الباقي كحميل .
ومن سماع عيسى عن ابن القاسم : وإذا قال الحميل : علي حقك ودع صاحبك لا تكلمه ، فإن الحق عليه ، وإن كان المحيل مليا فالمحال مخبر فيه وفي المحيل .
وإذا/كتب : على المحيل طلبك ، ولست من الغريم في شيء ، أو كتب : إن حقه عليهما حيهما عن ميتها ، أو أيهما شاء أخذ بحقه ، فحقه لازم للمحيل ، وإن كان الغريم مليا فله أخذ الحميل بحقه إن شاء ، وإن لم يكن كذلك قال مالك : يستأني بالغريم إلا أن يغيب أو يفلس .
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم في المطلوب يذهب بالطالب إلى غريم له فيأمره بالأخذ منه ، ويأمر الآخر بالدفع له فيتقاضاه فيقضيه البعض أو لا يعطيه شيئا : أن الطالب أن يرجع إلى الأول ، لأنه يقول : ليس هذا احتيالا بالحق ، وإنما أردت أن أكفيك التقاضي ، وإنما وجه الحول أن تقول : أحيلك بحقك على هذا وأبرأ إليك بذلك .
ومن كتاب ابن المواز : ومن شمن حقا وشرط للطالب أن يأخذ من شاء بحقه ويبدأ بمن شاء ، قال : قول ابن القاسم : إن له أن يبدأ به ويطلب الذي عليه الحق ، وله أن يأخذ ممن شاء .
وقال أشهب ورواه عن مالك فيمن كتب حقه على رجلين أن يأخذ الحي عن الميت ، والحاضر على الغائب ، وأيهما شاء أخذ بحقه ، فليس له أن يأخذ هذا فيبيع داره والآخر حاضر مليء ، وأما في عدم صاحبه أو غيبته فذلك له .
[10/159]
***(1/156)
[10/160]
قال أصبغ عن ابن القاسم : إذا شرط على الحميل : أن حقي عليك ، أو كتب عليهما أن يأخذ أيهما شاء بحقه ، أن ذلك يلزم الحميل أن يأخذه وحده ، وأن كان الغريم حاضرا مليا لا علة به ، ولا يكون عليه أن يبدأ بالغريم ، والناس عند شروطهم ما لم يكن شرطا حراما ، وإنما يبدأ بالغريم إذا لم يكن شرطا ، وكانت حمالة مبهمة ، وقد كان مالك يقول في المبهمة : يأخذ أيهما شاء ، ثم رجع .
ومن احتال على/رجل بغير حق للحميل عليه ، ثم دفع المحيل ذلك الحق للحميل ثم فلس أو مات فرجع الطالب على غريمه وقال : كانت حمالة ، وقال الغريم : قد كانت ثم صارت حولا ، قال : للطالب أن يرجع على غريمه ، ثم يرجع الغريم على الحميل بما أعطاه ، وإذا كانت لك وديعة عند رجل فأحلت صاحب دينك على من عنده الوديعة بها وضمنها له ، وقال : هي لك علي حتى أعطيكها ، فمضى ليعطيه إياها فوجدها قد ضاعت ، فهو مصدق ، ولا شيء عليه فيها ، ولكن يضمن للطالب يعطيه قيمتها ، فإن كان أقل من دينه رجع بما بقي على غريمه .
ومن العتبية : قال سحنون سئل المغيرة عن من أحلته بدينه على غريم لك ، على أنه نقص أو فلس رجع عليك فهو حول ثابت ، وهو أحق به لو فلست ، إلا أنه له شرطه إذا فلس من أحلته عليه فله طلبك .
ومسألة من أحال على عبده أو مكاتبة في باب حمالة من أحاط الدين بماله . وذكر التداعي في الحول قد تقدم في باب التداعي في الحمالة .
[10/160]
***(1/157)
[10/161]
بسم الله الرحمن الرحيم
عونك اللهم
كتاب الرهون
في حيازة الرهون
من كتاب ابن المواز والمجموعة عن عبد الملك ، قال : وإذا كتب في كتبا الرهن أن فلانا قد حازه ، يعنى المرتهن ، أو قد حازه له فلان ، وأشهدا بذلك على أنفسهما فلا ينفع ذلك حتى تشهد البينة على معاينة الحوز ، ولو مات الراهن أو أفلس ووجد الرهن بيد المرتهن أو بيد الموضع على يده ينفع ذلك حتى تعلم البينة أنه حازه قبل الموت والتفليس ،/قال ابن المواز : صواب لا ينفع إلا معاينة الحوز بعد الارتهان .
قال ابن الماجشون في كتبا ابن عبدوس : وكذلك لو وجد بيد الوارث لا يدرك هل حيز أم لا ، فذلك أوهى له ، وهو باطل .
ومن المجموعة : قال ابن وهب : قال مالك : وإذا أقر الرهن بيد ربه ، وأشهد عليه أن لا يبيعه ولا يهبه ، ولم يقبضه ، فليس برهن حتى يقبضه أو وكيله أو من يرضيان به ، وإذا كتب أنه قد حازه ولم يخرج من يد ربه ، فباعه ، جاز بيعه وليس برهن .
[10/161]
***(1/158)
[10/162]
قال غيره عن مالك : إذا كتبا أنه حازه وقبضه وأشهد بذلك ، ولم يروه يقبض ، ولكن يشهدون على إقراره بالقبض ، ومن ذلك ما يعرف أنه لم يقبضه مثل الحائط خارج المدينة ، فليشهدوا على إقراره . قيل : فقد يشهد عليه ببراءة من مال له عليه دفعه إليه ، كيف يشهد على دفعه ويدفع إليه ، ويشهد بذلك ولم يره قبضه ؟ قال : قد يرى ذلك حين دفعه ويراه في يديه وإن لم يعرف عددها إلا بإقراره ، والمقر على نفسه بقبض الذهب لم يدخل بقبضه على غيره ضررا في الرهن إذا شهدوا بقبضه ، وإنما سمعوا يقر به قد ظلموا الغرماء .
ومنه ومن كتاب ابن المواز : قال ابن القاسم وأشهب : وإذا قبضه المرتهن ، ثم رده إلى ربه إما بإجارة أو مساقاة أو وديعة أو عارية أو بغير ذلك فقد خرج من الرهن ، قال أشهب : ثم إن قام المرتهن برجه قضي له بذلك إلا أن يدخله فوت من تحبيس أو عتق أو غيره . أو قام غرماؤه .
قال في كتاب ابن المواز : أو بيعه ، قال في الكتابين ، وقاله ابن القاسم إلا في العارية ، وقال : ليس رده في العارية إلا أن يكون أعاره على ذلك ، فإن أعاره على ذلك : قال في كتاب ابن المواز : فيكون له رده ما لم يمت صاحبه أو يقوم غرماؤه .
قال ابن القاسم في المجموعة : إذا أعاره على ذلك ، فاستحدث دينا ، فقيم عليه قبل دره فهو أسوة الغرماء .
وهذه المسألة من أولها في العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم على ما ذكر عنه ابن عبدوس ، وزاد عيسى في روايته فقال : وقد اختلف في : إن رده إليه قبل
[10/162]
***(1/159)
[10/163]
أن يفلس ثم فلس ، قال مالك : ليس برهن ، وهو أسوة الغرماء فيه ، وأحب إلي أنا أن يكون رهنا حازه قبل أن يفلس .
قال ابن القاسم : وإذا أذن له في الدار يسكن فقد خرجت من الرهن ، قال هو وأشهب : ولو أذن في زراعة الأرض فزرعها وهي بيد المرتهن ، فهو خروج من الرهن .
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز ومن العتبية من سماع ابن القاسم : ومن تسلف من امرأته سلفا ورهنها خادما تخدمها ، قال : أحب إلى الو جعلها بيد غيرها .
وقال في موضع آخر : لا يكون ذلك رهنا .
قال اصبغ في كتاب ابن المواز : ذلك لها حوز وكل ما في البيت إلا رقبة البيت فلا يكون سكناها فيه حوز له .
قال ابن القاسم : وكذلك الصدقة .
ومن العتبية روى أصبغ عن ابن القاسم : إذا رهنها خادما ببقية صداقها قبل البناء فحازتها أشهرا ، ثم بنى بها ، فكانت الخادم تخدمها ، فعدا عليها الزوج فباعها ، فالبيع نافذ وقد خرجت من الرهن بكونها تخدمها ولا تنتفع بمتقدم ، وكذلك لو رهنها إياها بعد البناء . فبقيت تخدمه لم يكن ذلك رهن حتى/يكون بيد غيرها ، قال بخلاف الصدقة والهبة ، يهب أحد الزوجين لصاحبه الأمة فتبقى في البيت تخدمها ، فذلك حيازة تامة .
[10/163]
***(1/160)
[10/164]
ومن قول مالك فيمن حبس ووهب فحيز ذلك عنه سنين ، ثم سكن ذلك المحبس أو الواهب بكراء أو غيره ، فلا يبطل ذلك .
وكذلك الصدقة ، ولو كان رهنا لبطل بعودته إلى يده .
قال ابن عبدوس : وقال غيره في الذي وهن زوجته خادما قبل البناء فما خدمتها به فهي تحاسب بخدمتها ، وأما إذا رهنها إياها بعد البناء فكانت تخدمهما في البيت فلا يكون رهنا ولا تحاسب بخدمتها . ... ... ... ... ... الرهون
قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب في المرآة ترتهن من زوجها خادمة في حق لها قبلها ، ثم أراد طلبها بأجر خدمتها ، وقالت : لم تطلبني بحق خدمتها علي ، قال : فإن كانت الخادم تعمل لها خاصة من غزل وصنعة ، فعليها الأجرة ، وأما في خدمة البيت معها فلا شيء له عليها فيه ، وقال أشهب : لا أجرة له .
قال ابن حبيب : قال أصبغ : ومن رهن بيتا من دار فيها بنيان ما يلي ذلك في الدار فحازه المرتهن بغلق أو كراء ، قال : إن حد له نصف الدار ، فذلك أحسن ، وإن لم يحده ولكنه أرهنه البيت بعينه ، ونصف الدار شائعا فحيازته للبيت تكفيه ، وهي حيازة للجميع ، وكذلك في الصدقة .
ومن العتبية : روى عيسى عن ابن القاسم في الرجل يرتهن الدار وفيها طريق للمسلمين يسلكها الراهن معهم ، قال : إذا حاز البيوت لم يضره الطريق ، لأنه حق للناس كلهم .
ومن كتاب ابن المواز : قال ابن القاسم عن مالك : ومن اكترى دارا سنة ،/أو أخذ حائطا مساقاة ، أو استأجر عبدا سنة ، ثم ارتهن شيئا من ذلك قبل تمام السنة فلا يكون محازا للرهن ، لأنه محازا قبل ذلك بوجه آخر .
[10/164]
***(1/161)
[10/165]
قيل : فمن رهن فضلة رهن وقد تقدم فيه حوز الأول ، قال : هذا محوز عن صاحبه ، والأول هو باسم صاحبه في المساقاة والكراء والإجارة ، قال محمد : فهو محاز له ، والرهن محاز عنه .
ومن المجموعة قال سحنون : ومذهب ابن القاسم : أنه يجوز للرجل أن يرتهن ما هي في يديه بإجارة أو سقاء ، ويكون ذلك حوزا للمرتهن ، مثل الذي يخدم العبد ثم يتصدق به على آخر بعد ذلك فيكون حوز المخدم حوز المتصدق عليه .
ومن العتبية من سماع عيسى : ومن ارتهن رهنا وحازه سنة أو سنتين ثم أتى غيره فأقام البينة أنه ارتهنه قبله وحازه ، وقال : لم أعلم برهنه لهذا ، فإنه يبدأ الأول ، ويكون ما فضل لهذا الآخر دون الغرماء
قيل : قد بيعت الدار للثاني بأمر السلطان ، قال : يمضي البيع ، ويبدأ بدين الأول ، وللثاني ما فضل لأن حيازته قد سبقت .
ومن العتبية روى ابن القاسم عن مالك في الحائط الرهن يوضع بيد رجل أمين ، أيساقيه من وضع على يديه صاحبه ؟ قال : هذا يوهن للرهن وكأنه لم يره رهنا ، وأما إن أخذه رب الدين مساقاء من الأمين فذلك جائز .
وروى أبو الماجشون في كتاب ابن عبدوس : والأمين إذا ساقاه ، أو أكراه ، وكتب/عليه الكتاب ، وصار الكراء والثمرة إلى ربه فليس ذلك مما يغير الحيازة ، فإن كتب به للأجنبي كتاب براءة ومنه ومن كتاب ابن المواز : قال ابن
[10/165]
***(1/162)
[10/166]
الماجشون : وإذا مات الراهن فأكرى المرتهن الرهن الذي حازه في حياته من بعض ورثته ، فلا يخرج بذلك من الرهن ، وهو أولى به من الغرماء .
محمد : لأنه ليس لابنه إلا بعد الدين ، ولو كان ذلك والأب حي لأضعف ذلك الرهن وأبطله .
ومن العتبية : روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن ارتهن دارا فأكراها من رجل بإذن الراهن ، ثم أكراها المكتري من الراهن ، فإن كان المكتري من ناحية رب الدار ، فالكراء لازم وقد فسد الرهن ، وإن كان أجنبيا وصح ذلك فذلك جائز ولا يفسد الرهن .
قال ابن حبيب : قال اصبغ عن ابن القاسم : وإذا جعل الرهن بيد أمين فأكثراه الأمين من ربه ، فإن كان يعلم المرتهن بعد خروج من الرهن وهو فيه أسوة الغرماء ، وإن كان أكراه بغير ففسخه حين علم ورده إلى الحيازة ، كان رهنا ماضيا ، وإن تركه لم يغيره حتى فلس الراهن فهو أسوة الغرماء ، وإن باعه ربه نفد بيعه ولم يكن رهنا ، وإن أكراه بعلمه أو علم بعد العقد فترك فله أن يفسخه ، وإن أكراه بعلمه أو علم فلم ينكر ثم أراد أن يفسخ ذلك فليس ذلك له ، وإن لم يعلم حتى حل حقه فالرهن باطل ، والأمين ضامن .
قال محمد بن عبد الحكم : من بايع رجلا أو أقرضه على رهن ولم يذكرا عند من يكون فاختصما فيه ، قيل لهما : اجعلاه/عند من رضيتماه ، فإن لم يجتمعا على الرضا بأحد جعله القاضي عند من يرضى .
[10/166]
***(1/163)
[10/167]
في الراهن يوضع على يد غير المرتهن ممن هو منه بسبب من ولده ، أو زوجته ، أو أجيره أو وكيله أو ذي قرابته
ومن العتبية من سماع ابن القاسم ، وهو في المجموعة ، وكتاب ابن المواز : وإذا وضع الرهن بيد ابن رب الرهن ، فذلك تضعيف له ، ولا ينبغي أن يضعه على يدي ابنه ، ولا امرأته ، ولا أخيه ، وذلك يضعفه .
قال ابن القاسم في المجموعة : أما في الأخ فذلك رهن تمام ، وأما الابن والمرأة فإن وضع بأيديهما فسخ ذلك .
قال سحنون في العتبية : هذا في الابن الصغير ، فأما الكبير البائن عنه فذلك جائز ، وكذلك ابن الماجشون في كتاب ابن حبيب في الابن البائن عنه ، أو ابنته ، أو زوجته ، فإذا قبضوه دونه كله حوز للرهن ، وإن كانوا في ولايته فليس بحوز .
ومن العتبية : روى أشهب عن مالك في الرهن يوضع على يدي الراهن في دين ، وضمن الابن الدين ، والابن معه في المنزل ، قال : الرهن ضعيف لكونه معه في المنزل والعبد يخدمه ، وأما ضمان الابن فإن لم يكن مولى عليه فضمانه يلزمه إن دخل عليك الغرماء في العبد فهو ضامن لما خس من حقك .
وقال أصبغ في كتاب ابن المواز في حيازة الزوجة والابن ، ثم قام الغرماء ، فإن حيز عن راهنه حتى لا يلي عليه ولا يقضى عليه فهو رهن ثابت .
[10/167]
***(1/164)