[4/31]
الكتابين لا يضرها سوادها إن دخلت الجنة ، وثم من هي أهيأ منها لا تخاف ما خافت هذه .
وقال مالك في التي نذرت السير إلى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فماتت قبل ذلك فلا يفعل عنها ذلك أحد ، وإن شاؤوا تصدقوا عنها بقدر كرائها وزادها ذاهبة وراجعة .
قال عيسى عن ابن القاسم في امرأة حلفت بثلاثين نذراً مشياً إلى مكة فحنثت قال فلزوجها أن يمنعها أن تخرج في ذلك.
ومن كتاب بن المواز : ومن قال إن فعلت كذا فأنا محرم بحجة فحنث في غير أشهر الحج فليؤخر ذلك إلى أوان الحج إلا أن ينوي أنه محرم ساعة حنث ، فإن وجد صحابه و إلا فلا شيء عليه حتى يجد صحابه. قال ابن حبيب ولو قال فأنا محرم بعمرة فإنه محرم بها ساعة حنث ولا ينوي ، إذ لا وقت للعمرة بخلاف الحج ولينتظر صحابه ، قاله مالك .
ومن العتبية ابن القاسم عن مالك فيمن حلف أن يحمل شيئا على عنقه إلى مكة فعجز عن المشي فركب فإنما عليه هدي الركوب ولا شيء عليه لترك الحمل .
وفي كتاب الحج باب مستوعب في ناذر المشي إلى مكة في نذر أو يمين .
[4/31]
***(1/24)
[4/32]
فيمن نذر هدياً أو بدنةً أو أن ينحر ابنه
أو غيره أو قال مالي في رتاج الكعبة
أو جعل ماله أو شيئا منه هديا
من كتاب ابن حبيب : ومن نذر هدياً فليهد بدنة ، فإن لم يجد فبقرة ، فإن لم يجد فشاة ، فإن لم يجد صام عشرة أيام .
قال مالك : ولو نذر بدنة أو حلف بذلك فحنث فليهد بدنة ، فإن لم يجد فبقرة ، فإن لم يجد فسبع من الغنم ، فإن لم يجد صام سبعين يوما. وكذلك قال أشهب في كتاب ابن المواز .
قال مالك في المختصر في ناذر البدنة إن لم يجد سبعا من الغنم لم يجزه الصوم ، فإن صام فعشرة أيام ، يريد فإذا وجد أهدى ما ذكرنا. وهذا كله مستوعب في كتاب الحج .
ومن كتاب ابن حبيب : ومن قال لرجل أنا أهديك إلى بيت الله في يمين فحنث أو قاله لابنه أو لأجنبي في غير يمين ، قال مالك فعليه الهدي وعليه مع ذلك أن يحجه أو يعتمره فإن لم يطعه أجزأه الهدي بدنة ، فإن لم يجد فبقرة ، فإن لم يجد فشاة ، فإن لم يجد صام عشرة أيام .
قال مالك : وأحب إلي أن يهدي عن ابنه بدنتين ، فإن اقتصر على واحدة أجزأه ، ولا يسأل في ذكره الهدى عن نيته. فأما لو قال لابنه أو لأجنبي نحرتك أو أنحرك في يمين فحنث فهذا إن قال عند مقام إبراهيم أو عند البيت أو في المنحر أو بمنى أو بمكة فليهد كما ذكرنا ، وإن لم يسم شيئا من ذلك سئل ماذا أراد ، فإن نوى الهدي فعليه ما ذكرنا ، وإن لم ينو الهدي تحلل بكفارة يمين ، قاله مالك ، ثم رجع
[4/32]
***(1/25)
[4/33]
إلى أنه لا شيء عليه ، و بالأول يقول أصبغ. و كذلك فيمن قال أنحر نفسي قال ربيعة ومن جعل جاريته هديا فإنه يهدي مكانها هدياً ، و قاله مالك و الليث.
قال أبو محمد : لعله يريد أم ولده ، و قد قال ابن القاسم في المدونة فيمن أهدى عبده أنه يخرج بثمنه هدايا.
وفي العتبية ابن القاسم عن مالك فيمن نذر عبده أو دابته هدياً ، فإن شاء جعل قيمته في هدي ، وإن شاء باعه وجعل ثمنه في هدي. قال أبو زيد عن ابن القاسم : ولو قال لولده أنت بدنة فلا شيء عليه إلا أن يريد الهدي.
ومن كتاب ابن المواز : ومن نذر أن يذبح نفسه فليذبح كبشاً. قال أبو محمد [أراه] يريد إن سمَّي موضع المنحر بمكة. قال ومن أهدى ثوبه فليخرج ثمنه في هدي، وقال مرة أخرى قيمته.
قال ابن القاسم والثمن أحبّ إلي، وذلك واسع. وما عجز عن هدي دفعه إلى خزان الكعبة في نفقتها، وإن خاف أن يضيع تصدق به. وإن جعل شيئا من ماله في مقام إبراهيم، فإن احتاج البيت إلى شيء ينفقه فيه فعل وإلا جعله في هدي، وما لم يبلغ هديا تصدق به. ومن قال مالي هدي أو قال بدن فليهد ثلثه وتكون منه النفقة. ولو قال إبلي هدي أو بدن فعليه أن يبلغها ولا يبيع منها شيئا. ومن قال فرسي بدنة فليبعه ويجعل ثمنه في بدن.
وروى عيسى عن ابن القاسم في العتبية فيمن قال مالي هدي، قال يهدي ثلثه وينفق عليه حتى يبلغه من غير الثلث، وقاله مالك فيمن وجبت عليه صدقة
[4/33]
***(1/26)
[4/34]
ماله وهو بموضع ليس فيه مساكين، فليكر عليه من ماله، وكذلك إن قال إبلي هدي فعليه أن يبلغها من ماله.
ومن كتاب ابن المواز : ومن قال أنا أهدي من مالي ولم يسم شيئا فليهد هدياً.
ومن أهدى ابنه فلم يجد بدنةً ولا كبشا فلا يصم.
قال ابن حبيب : ومن نذر أن ينحر جزوراً بمكة فعليه أن ينحر بها وليس يهدي. ومن كتاب ابن المواز ومن نذر هدي بدنة ذات عوار وما لا يجوز فإن كانت بعينها أهداها، وإن لم تكن بعينها فليهد ما يجزئ من غير معيب. وكذلك إن نذر جدعة من غير الضأن فليهد ثنّثية.
وقال محمد : وكذلك في هديه المعيبة فليهد بقيمتها ما يجوز. وقال ابن حبيب إن إعرابيا سأل مالكا عن ناقة له نفرت ثم انصرفت فقال لها تقدمي وإلا فأنت بدنة، فقال له أردت بذلك زجرها لكي تمضي ؟ فقال نعم، فقال لا شيء عليك، فقال رشدت يا بن أنس.
وذكر ابن المواز هذه المسألة في روايته عنه أنه حانث، وكذلك رواها أبو زيد في العتبية عن ابن القاسم عن مالك وقال في السؤال مرّ بها من زقاق فجبنت فقال [لها] أنت بدنة إن لم تمرِّي فجبنت فلم تمر، قال أرى أن يخرجها.
من الواضحة : ومن قال مالي في رتاج الكعبة في نذر أو يمين فكان ابن عمر يوجب ذلك عليه. وقال عائشة يكفّر كفارة يمين فأخذ بقولها مالك ثم رجع إلى
[4/34]
***(1/27)
[4/35]
أن لا شيء عليه وهو قول عمر. وكذلك من قال في الحطيم، والحطيم ما بين الركن الأسود إلى الباب إلى المقام وعليه تنحطم الناس.
قال ابن حبيب وأرى أن يسأل، فإن نوى أن يكون ماله للكعبة فليدفع ثلثه إلى خزنتها يصرف في مصالحها، فإن استغني عنه بما أقام السلطان له تصدق بذلك. وإن قال لم أنو بهذه الكلمة شيئا ولا عرفت لها تأويلا فكفارة يمين أحب إلي.
في الناذر بصدقة ماله أو بعضه في يمين أو غير يمين
وكيف إن حلف مرارا أو حنث بذلك مرارا
من الواضحة قال ابن الماجشون ومطرف وأصبغ : اختلف في الحالف بصدقة ماله أو بماله في السبيل، فقال ربيعة يخرج [قدر] زكاة ماله، وكذلك في صدقة جزء منه يطهره ما تطهره الزكاة.
ورواه أصبغ عن ابن وهب عن الليث عن ربيعة، واستحسنه عبد العزيز، وأكثر المحدثين يرون فيه كفارة يمين، وقاله الثوري ورواه عن عمر بن الخطاب وابن عمر وعائشة.
وقال مالك يخرج ثلث ماله على حديث أبي لبابة. وقال أبو حنيفة يخرج ماله كله، وجميع أصحاب مالك على قول مالك إلا ابن وهب فقال في الملي بقول مالك، وفي القليل المال الذي يجمعه الثلث بقول ربيعة، وفي الفقير بكفارة يمين، وبهذا كان يفتى الليث واستحسنه أصبغ وكان فتياه يقول مالك.
وقد تقدم في باب قبل هذا ذكر من قال مالي في رتاج الكعبة.
[4/35]
***(1/28)
[4/36]
ومن كتاب ابن المواز قال [روى] ابن وهب عن ابن عمر وأبي هريرة في الحالف بصدقة ماله أنه يخرجه كله، وقال ابن المسيب يخرج الثلث وقال عبد العزيز [يخرج] زكاة ماله. قال وروي عن عائشة كفارة يمين.
ومن كتاب ابن المواز : ومن قال مالي نذر أو صدقة أو في السبيل أو هدي فليخرج ثلثه. وكذلك من قال مالي لوجه الله.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم في القائل مالي لوجه الله فليخرج ثلثه. قال أصبغ يخرجه في الصدقة دون غيرها فهو مخرج نذره. ولو قال ذلك في عبده كان مخرجه العتق. وإن قال مالي لسبيل الله أو في سبيل الله كان مخرجه الغزو والجهاد خاصة.
ومن كتاب ابن المواز : ومن حلف بصدقة ماله على المساكين أو ثوبه على فلان لرجل بعينه فحنث فإنه يؤمر في ذلك ولا يقضى عليه.
وقد تقدم في باب النذور ذكر من نذر عتق عبده أو حنث به في يمين.
ومن الواضحة : ومن قول مالك فيمن قال مالي كله إلا درهماً وصدقة أن ذلك يلزمه، وكذلك في جزء منه.
قال ابن حبيب : وإن حلف بصدقة مال مسمّى فحنث لزمه إخراجه وإن اغترق ماله. وإن قال مائة فلم يف ماله بها بقي باقيها ديناً عليه، قاله مالك وأصحابه.
ومن كتاب آخر قال ابن وهب عن مالك : إذا سمّى أكثر من ثلث ماله اقتصر على الثلث في الإخراج، وقال ابن نافع من تصدق بشيء بعينه وهو ماله كله أنه يجزئه الثلث وهو نحو رواية ابن وهب، وقال بذلك محمد بن عبد الحكم.
[4/36]
***(1/29)
[4/37]
ومن كتاب ابن حبيب قال ابن الماجشون ومن حلف بصدقة داره فحنث ثم حلف بصدقة عبده فحنث ثم بصدقة ماله فحنث فليخرج العبد والدار وثلث ما بقي من ماله.
وإذا حلف بصدقة ماله فحنث فلم يخرج شيئا حتى حلف فحنث والمال الأول بيده لم يزد فليس عليه إلا ثلث واحد. وكذلك في كتاب ابن المواز. قال ابن حبيب قاله مالك وأصحابه. قال ابن حبيب وقالوا لو حلف فحنث وماله مائة ثم حلف فحنث وهو مائتان ثم حلف فحنث وماله ثلاثمائة فليس عليه إلا مائة وبذلك قال في كتاب ابن المواز إلا أنه قال وقد نما ماله بتجارة.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم ومن حلف بصدقة ماله فحنث ثم حلف بصدقته ثانية فحنث فليخرج ثلثه الأول ثم ثلث ما بقي، وقاله مثله في الحالف مرتين بصدقة ماله، ثم قال يخرج ثلثه مرة واحدة ويجزيه، وقاله ابن كتانة، وبالأول أخذ محمد. وقاله أشهب.
قال أشهب ومن حلف بصدقة ماله فحنث فلم يخرج شيئا حتى أنفقه فلا شيء عليه ولا يتبع به دينا.
قال ابن القاسم يضمن إذا أنفقه أو ذهب منه كزكاة فرّط فيها حتى ذهب ماله.
وقال سحنون فيمن حلف بصدقة ماله فحنث ففرّط في أخراج ثلثه حتى هلك المال إنه يضمن. قال أصبغ وكذلك لو حلف لأفعلن فتلف المال قبل يحنث أنه ضامن إلا أن يتلف بعد حنثه، فهذا إن تلف بغير سببه لم يضمن، وقاله محمد.
[4/37]
***(1/30)
[4/38]
قال أبو محمد : أراه يريد ولم يفرط، وإنما ضمنه أصبغ قبل الحنث لأنه كان على حنث.
قال مالك ومن حلف بصدقة ماله فحنث وقد زاد ماله، قال في العتبية بتجارة أو فائدة، فعليه ثلثه يوم حلف، وإن نقص فثلثه يوم حنث.
وإذا حنث ثم نما ماله ثم حنث فيه بيمين ثانية ثم نما ثم حنث فيه بيمين ثالثة فليخرج ثلث المال الأول وثلث الزيادة لليمين الثانية وثلث الزيادة الثالثة لليمين الثالثة، وذلك أن يخرج ثلث جميع ما معه الآن، ولو لم يزد ماله لم يخرج إلا ثلثاً واحداً. ولو حنث أولاً وماله مائة ثم حنث ثانية وهو ستون، ثم حنث ثالثة وهو أربعون، فليس عليه إلا ثلث المائة التي حنث فيها أولا، إلا أن يبقى بيده أقلَّ من ثلثها فلا شيء عليه غير ما بيده، إلا أن يذهب بإتلافه أو أكله فيلزمه ديناً. ولو تلف بعضه بغير سببه لم يضمنه وإن فرط في إخراجه لأنه كالشريك، وقاله مالك في التلف وقاله أصبغ كله، وما نما بعد الحنث فلا شيء عليه فيه.
قال ابن المواز إذا حلف إن فعل أو أن لا يفعل لم يضمن ما أكل أو تلف قبل الحنث. ولو حلف لأفعلنَّ أو إن لم أفعل فهو كتلفه بعد الحنث يلزمه ما تلف بسببه ولا يلزمه ما ذهب بغير سببه.
ومن الواضحة : ومن حلف بصدقة مائة فحنث ثم ذهب ماله باستنفاق فذلك دين عليه، وإن ذهب بغير سببه فلا يضمن ولا يضره التفريط حتى أصابه، ولم يختلف في هذا مالك وأصحابه. وإن حلف بصدقة ماله فحنث وقد زاد ماله، فإن زاد بتجر فليخرج ثلث الأصل، وإن زاد بولادة لزمه الثلث منه ومن الولادة، وإن نقص لم يلزمه غير ثلث يوم الحنث. ولم يختلفوا في هذا وكذلك ذكر ابن المواز، إلا أنه لم يذكر الولادة.
[4/38]
***(1/31)
[4/39]
ومن العتبية روى يحيى عن ابن القاسم فيمن حلف بصدقة ماله في أيمان مختلفة في وقت أو في أوقات فحنث فيها كلها أو في بعضها في وقت واحد أو حنثاً بعد حنث فليس عليه أن يخرج إلا ثلث ماله مرة واحدة، حنث في جميع أيمانه أو لم يحنث إلا في يمين واحدة، إلا أن يحلف فيحنث فيخرج ثلثه ثم يحلف فيحنث فليخرج ثلث ما بقي هكذا كلما حنث. فأما ما وكد من الأيمان أو أكثر من الحنث قبل يخرج ثلث ماله لحنثه، وإن كان في أشياء مختلفة فليس عليه إلا ما على من حلف يميناً واحدة في أمر واحد. ثم إذا حنث في أحد الأيمان ثم حنث في باقيها قبل يخرج ثلث ماله فلا شيء عليه في باقيها، حنث فيها قبل إخراج الثلث أو بعده. وإذا نما ماله بعد الحلف بتجارة أو فائدة ثم حنث فلا يخرج إلا ثلث ما معه يوم حنث. قيل فما أتفق بعد الحنث ؟ قال أحب إلي أن يخرج جميع ثلثه يوم حنث مما كان يملكه يوم حلف، وما هو عليه بواجب.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم نحو رواية يحيى في اليمين بالصدقة في أشياء مختلفة.
ومن كتاب ابن المواز : ومن حلف بصدقة ماله ثم حنث دخل في ذلك العين وغيره من طعام ورقيق وغيره إلا أن ينوي العين خاصة. قال أبو محمد.
وهذا الباب قد كتبناه في كتاب الصدقات بابا في مثل معنى كثير منه ولا غنى بالناظر في هذا الباب عنه.
[4/39]
***(1/32)
[4/40]
فيمن قال في يمين أو في غير يمين :
كلّ ما أكسب صدقة، وقد ضرب أجلا أو لم يضرب
ومن الواضحة : ومن قال في يمين أو في غير يمين كل ما أكسبه صدقة فلا شيء عليه، كمن عم في الطلاق والعتق. ولو قال كل مال أكسبه بالمدينة أو ببلد سماه صدقة لزمه عند ابن القاسم وابن عبد الحكم، وكذلك في قوله كل ما أكتسبه إلى كذا وكذا سنة صدقة، فليخرج ثلث ما يكسبه بالبلد أو إلى أجل. وأما إن قال كل ما أملك إلى أجل كذا وكذا صدقة فتلزمه صدقة ثلث ما بيده وثلث ما يكسب إلى أجل. وقال ابن الماجشون وأصبغ لا شيء عليه فيما يكسب سمَّى بلداً أو أجلاً أو لم يسم، بخلاف الطلاق والعتق، والقول الأول أحوط.
وكذلك قوله كل ما أربحه في هذه السلعة صدقة يلزمه الاختلاف، إلا أنه يتصدق بجميع الربح في القول الأول.
وذكر العتبي عن أصبغ وابن عبد الحكم مثل ما ذكر ابن حبيب عنهما، وذكر ابن المواز عن أصبغ قال إذا قال كل ما أكسب صدقة أبداً فلا شيء عليه، وليتصدق ويعمل خيراً. ولو ضرب في ذلك أجلا يعيش إلى مثله لزمه، وهذا خلاف ما ذكر عنه ابن حبيب والعتبي قال إبراهيم النخعي في رجل جعل على نفسه مثل سواري المسجد ذهباً صدقة إنه لا يجتمع له مال إلا تصدق به ويحبس منه قوته.
باب من النذور
ومن العتبية روى ابن القاسم عن مالك في رجل قال في بعيرين له هما بعد سنة صدقة في السبيل ثم مات قبل السنة فليس هذا بشيء، وليس مثل من يعتق
[4/40]
***(1/33)
[4/41]
إلى سنة وقد يدبر العبد. قال عنه أشهب فيمن قال إن جاءني الله بأبي يوم كذا وكذا فعلي أن أتصدق أو أعتق أو أصوم أو أصلي فذلك حسن. قال الله تعالى [يوفون بالنذر] قيل فمن نذر إطعام مسكين أيطعم كل مسكين خمس تمرات ؟ قال ما هذا وجه إطعام المساكين إلا أن ينوي ذلك فذلك له, وإن لم ينو فليطعم كل مسكين مدّاً بمد النبي صلى الله عليه وسلم. يقول الله سبحانه [فإطعام عشرة مساكين] فكان مد لكل مسكين.
قال عيسى عن ابن القاسم في امرأة حلفت بثلاثين نذراً مشياً إلى مكة فحنثت, قال : لزوجها أن يمنعها الخروج إلى ذلك. قال ابن حبيب قال الحسن فيمن نذر أن يصلي عند كل سارية من سواري المسجد ركعتين قال يعد السواري ويصلي إلى واحدة ركعتين, وهو قول مالك.
ومن العتبية روى سحنون عن ابن القاسم فيمن قال لله عليَّ صيام ولم يسمه, أو قال صدقة, فإنه يصوم ما شاء ويتصدق بالدرهم وبالنصف درهم وربع درهم وبالكسر, قيل فالفلس والفلسين قال ما زاد فهو حسن.
[4/41]
***(1/34)
[4/42]
باب في يمين المرأة
ذات الزوج وصدقتها وعتقها
ومن الواضحة قال ويمين ذات الزوج بصدقة تلزمها لأنه مصروف إلى الثلث إلا أن تسمي أكثر من الثلث فيرد الزوج ما زاد على الثلث في رواية ابن الماجشون عن مالك. قال غير ابن حبيب وقاله عبد العزيز. قال ابن حبيب وقال ابن القاسم إذا نافت عن الثلث رد الزوج الجميع فأنكره عبد الملك وقال إنما هذا في العتق أن تعتق ما يجاوز الثلث فيرد الجميع إذ لا يتبعض. وروى ابن القاسم قوله عن مالك في غير الواضحة. قال سحنون في العتبية عن ابن القاسم إذا حنثت في اليمين بصدقة مالها فلتخرج ثلثه ولا قول للزوج فيه. ولو كانت يمينها بجزء أكثر من الثلث كان للزوج رد جميعه إن شاء وقال أصبغ إذا حنثت بصدقة مالها كله فللزوج رد جميعه إن شاء.
ومن الواضحة قال : وأما العتق إذا حلفت بعتق عبيد أكثر من الثلث فحنثت فللزوج رد جميعه لئلا يخرج ذلك إلى خلاف السنة من عتق النصيب بغير تقويم, هذا قول ابن الماجشون. وقال مطرف وابن القاسم يرد كله في العتق والصدقة وغيرها حتى يقتصر على الثلث, وبالأول أقول.
وإذا حنثت بعتق عبيد لا تملك غيرهم أسهم فأعتق ثلثهم بالسهم, فإن وقع تمام الثلث في بعض عبد لم يعتق من ذلك العبد شيء على ما ذكرنا. ولو قالت أثلاثهم حر لم يعتق منهم شيء كان ذلك في يمين أو في غير يمين. وكذلك لو أعتقت ثلث عبد لا تملك غير ذلك العبد لم يعتق منه شيء, وكل ما جاوزت فيه الثلث من حنث بعتق أو صدقة أو غير يمين فهو مردود أبداً حتى يجيزه الزوج
[4/42]
[4/43]
في قول مطرف وابن الماجشون. وقال أصبغ هو جائز أبداً حتى يرده الزوج وبالأول أقول.
وإذا قال لها فيما جاوزت فيه الثلث في يمينها بعتق أو صدقة قد رضيت لك أن تحنثي وتنفذي ذلك ففعلت ما أحنثها لزمها إنقاذه ولا يرده الزوج. ولو قال لها افعلي ما حلفت ألا تفعليه ولا حنث لك معي ففعلت فلا شيء عليها. وإن أذن لها في الفعل ولم يبين لها ألا شيء عليها ففعلت فله رد ذلك أو إمضاؤه, حتى يبين لها الرضى بالحنث أو يريد ذلك عند الإذن. وسواء حلفت فيما نفذت في اليمين فيه أو فيما يجوز أن يحلف فيه ويمتنع منه, قاله مطرف وابن الماجشون وأصبغ. قالوا وإذا أشهد أنها متى حنثت في هذا اليمين فقد رضي بحنثها لزمها ولا رجوع له ولا لها. ولو أشهد بهذا قبل اليمين أنها متى ما حلفت بهذا فقد رضي بحنثها لم يلزمه, وله رده إن حلفت قبل الحنث وبعده. ولو قال بعد يمينها رددت حنثها متى ما حنثت أشهد بذلك أو لم يشهد, أو قاله عند سفر خاف أن تحنث في غيبته فذلك مردود أبداً, وإن سكت عن رده حتى يجيزه إلا في قول أصبغ الذي يراه ماضيا حتى يرده أو يشهد بعد يمينها أنه رد ذلك إن حنثت فيكون رد.
ومن كتاب ابن المواز : وإذا حلفت بعتق رقيقها ولا زوج لها ثم تزوجت ثم حنثت والرقيق أكثر من ثلثها فللزوج رد ذلك, وكذلك ذكر ابن حبيب عن من لقي من أصحاب مالك وهو مذكور في باب يمين البكر بزيادة فيه.
ومن كتاب ابن المواز : وعن التي حلفت بعتق رقيقها إن تزوجت بعده قال لا تتزوج إلا أن تبيعهم, وإن حلفت بحرية أمتها إن تزوجت فباعتها ثم تزوجت فردت عليها بعيب فإنها تحنث, وكذلك لو ردت إلى المبتاع قيمة العيب, ولو حبسها المبتاع ورضي بالعيب لم تحنث.
[4/43]
***(1/35)
[4/44]
في يمين البكر والثيب وأفعالها
والمولى عليه والصبي والعبد
من الواضحة : وإذا حنثت البكر في ولاء الأب أو ولاية وصيه أو من جعله الإمام عليها خليفة فذلك رد, كان عتقا أو صدقة, لأن مالها محجور عنها. وإن لم تكن في ولاية أحد وهي في ولاية نفسها ومالها بيدها تنظر فيه باستيجاب [كذا] لذلك أو بغفلة السلطان عنها, فإن بلغت الثلاثين سنة لزمها الحنث بالعتق والصدقة, وجاز فعلها في مالها من بيع وغيره, وقاله ابن وهب وابن الماجشون, وابن القاسم يرى أن أول التعنيس أربعون.
وقال سحنون : معروفها وهبتها وأفعالها جائزة إذا لم تول باب أو وصي وإن لم تعنس. قال ابن حبيب وأما الأيّم التي مات عنها زوجها أو فارقها بعد أن بنى بها فأفعالها جائزة إذا كانت بالغاً وإن كانت بنت خمسة عشرة سنة.
ومن كتاب ابن المواز : وعن بكر حلفت بالصدقة لا تزوجت رجلاً فزوجها إياه أبوها بغير أمرها فالنكاح جائز ولا شيء عليها في يمينها لأنها في ولاية. قال مالك في البكر المعنسة بنت أربعين وهي صحيحة العقل محمودة الأمر جاز أمرها ولزمها الحنث في أيمانها. وعن مولى عليه حلف بالعتق أن لا يكلم رجلاً, قال مالك أحب إلي أن لا يكلمه. فإن فعل فلا شيء عليه, وإن زال عنه الولاء فلا يلزمه شيء إلا أن يتبرع, وما أراه يخرج من المأثم.
قال ابن حبيب : وإذا حلفت بكر معنسة أو ثيب جائزة الأمر أن لا تتزوج ثم تزوجت زوجا علم بيمينها أو لم يعلم, فهي كذات الزوج في حنثها فيما جاوز الثلث, وإنما النظر متى وقع الحنث لا متى كان اليمين, وكذلك قال لي من كاشفت عنه من أصحاب مالك.
[4/44]
[4/45]
ومن العتبية من سماع ابن القاسم, وعن المرأة المولى عليها تحلف بصدقة مالها في نذر إن تزوجت ابن عمها أن تحمله إلى بيت الله, فتزوجته فلتمش فإن لم تقدر فلتركب وتهتدي, وإن كانت صرورة دخلت بعمرة في نذرها ثم تحرم بالحج عن فريضتها إذا حلت وتصير متمتعة, وعليها هدي للمتعة وهدي لركوبها, وتتصدق بثلث مالها لحنثها. قال سحنون هذا خطأ ولا يلزمها ذلك لأنها في ولاء.
قال مالك ومن قال لغلام أبيه في حياة أبيه يوم أملكك فأنت حر, فمات الأب وورثه الابن فذلك يلزمه, إلا أن يكون يوم قال ذلك سفيها فلا يلزمه.
ومن العتبية ابن القاسم عن مالك في عبد جعل على نفسه شيئا في سبيل الله ثم ثبت أنه حر الأصل أن ذلك يلزمه، والحدود كذلك. قال وإنما كانت يمين عبد الله بن أبي حبيبة بالحر والغثا بعد أن احتلم.
قال محمد بن عبد الحكم : ولو حلف عبد بطلاق امرأة إن تزوجها فزوجه إياها سيده جبراً بغير رضاه أن لا طلاق عليه.
قال ابن حبيب قال ربيعة ومالك : من حلف في سفهه وهو في ولاء بالعتق إن فعل كذا وكذا ففعله بعد زوال الولاء عنه فلا شيء عليه. قال مالك ولا أراه إلا وقد أثم.
قال ابن حبيب لا أثم عليه, كنصراني حنث بعد إسلامه. فأما حنث العبد بعد عتقه وذات الزوج بعد زوال العصمة عنها فلازم لهما إذا كان ذلك بأيديهما بعد الحنث. قاله مطرف وابن الماجشون.
وفي كتاب التفليس أبواب في أفعال السفيه وأفعال البكر وذات الزوج موعبة بأزيد مما ها هنا.
[4/45]
***(1/36)
[4/46]
في الاستثناء في الأيمان بمشيئة الله
والاستثناء المستخرج به من المذكور
وذكر المحاشاة ومن خص بنيته الجنس أو المدة
وما تنفع فيه النية من ذلك كله
من كتاب ابن المواز قال : وإنما الاستثناء واللغو في اليمين بالله أو نذر لا مخرج له. ومن قال إن فعلت كذا أو إن لم أفعل كذا فامرأته طالق أو عبده حر أو عليه كذا وكذا لما يذكر من البر إن شاء الله, فإن نوى باستثنائه الفعل دون اليمين فقيل ينفعه ذلك وقيل لا ينفعه لا في الفعل ولا في اليمين. قال ابن حبيب قال ابن القاسم : لا ينفعه, وقال ابن الماجشون وأصبغ ينفعه إن نوى به الفعل, وإن نوى به ما ذكر من طلاق وعتق وعمل بر لم ينفعه. وقال أصبغ ولا شك في هذا. وهذا قد تقدم في باب قبله.
قال ابن حبيب : ولا ينفع الاستثناء بالقلب دون اللسان, فإن كان الحالف غير مستحلف فحرَّك به شفتيه وإن لم يجهر به أجزأه, وإن كان مستحلفاً لم يجزه إلا الجهر به وقاله أصبغ وغيره.
قال ابن المواز : وأوجه الاستثناء التي لا تجزئ النية بها دون اللفظ ثلاثة : أن يستثني بإلا وبإلا إن وبإن. فأما قوله إن فكقوله إن شاء الله فلان إن فعل فلان ونحوه, فأما إلا فمثل يمينه إن صحبت اليوم قرشياً ونوى إلا فلاناً وما أكلت طعاما ونوى إلا لحماً. ولو حرك بإلا فلان لسانه ونوى في نفسه وفلان أجزأه. لأن الواو بخلاف ما ذكرنا من أحرف الاستثناء. وقد اختلف في إلا خاصة فقيل تجزئه بها النية كما تجزئه في محاشاة امرأته في الحرام بنيته. وقد قال ابن أبي سلمة لا تنفعه المحاشاة في الحرام بنيته.
[4/46]
***(1/37)
[4/47]
قال وما كان من الاستثناء في يمين بوثيقة حق أو شرط في النكاح أو عقد بيع أو فيما يستحلفه أحد عليه فلا تجزئه حركة اللسان به حتى يظهر ليسمع منه.
ومنه ومن العتبية قال مالك فيمن استحلف رجلا ألا يخبر أحداً بما أخبره به فحلف لا أخبرت به أحداً واستثنى في نفسه إلا فلاناً فلا ينفعه حتى يحرك بذلك لسانه. قال ابن القاسم ينفعه وإن لم يسمعه المحلوف له في هذا. قال سحنون لا ينفعه حتى يسمع الذي حلفه لأن اليمين له.
وتأول سحنون أنه لم يتطوع بخبره حتى حلفه فكأنه حق. قال ابن المواز ولو استحلفه ألا يخبر به إلا فلانا فحلف ونوى في نفسه وفلان فلا يحنث أن أخبر به من نواه, إلا أن يكون على يمينه بالطلاق بينة.
ومن العتبية ابن القاسم عن مالك فيمن حلف ما فعل واستثنى في نفسه إلا كذا, فإن حرك به لسانه نفعه وإلا لم ينفعه. قال عنه أشهب وإن حلف ما أكل عند فلان ونوى في نفسه إلا التمر فلا ينفعه إلا أن يحرك به لسانه.
قال سحنون عن ابن القاسم : وإن حلف إن كلم بني فلان ونوى في نفسه إلا فلانا لم ينفعه حتى يتكلم بذلك.
ولو حلف لا دخل دار زيد ونوى في نفسه شهراً أجزأه. قال ابن حبيب ومما يجزئ فيه النية وليس باستثناء أن يحلف إن كلمت فلانا ونوى في نفسه شهراً فذلك ينفعه إلا أن يكون على يمينه بالطلاق بينة, وقاله ابن القاسم وأصبغ ورواه أشهب عن مالك. وكذلك يمينه ما لقيت اليوم قرشيا ونوى فلانا فذلك له في الفتيا, ولو نوى إلا فلانا لم ينفعه في الفتيا ولا في القضاء.
[4/47]
***(1/38)
[4/48]
ومن المجموعة قال ابن القاسم : ومن حلف بالطلاق لا أكل لبنا ثم قال نويت لبن ضأن أو معز فله ذلك في الفتيا ولا يقبل منه في القضاء, وكذلك يمينه لا أكل سمنا وقال نويت سمن بقر فله نيته في الفتيا دون القضاء.
ومن العتبية قال أشهب في الحالف بالحلال عليه حرام وحاشى امرأته فلا شيء عليه, وفي رواية أصبغ أنها البتة, وذكر في المجموعة قول أشهب أن له ثنياه فيها، وقال قال أشهب ولو قال الحلال كله على حرام ونوى في نفسه إلا امرأته لم ينفعه وهو مدع حتى يستثنيه متكلما به.
ومن حلف لا كلم فلانا أبدا ونوى في نفسه إلا يوم الجمعة فلا يجزيه حتى يحرك به لسانه. ومن قال امرأته طالق ثلاثا ونوى في نفسه إلا واحدة لم ينفعه وهي طالق ثلاثا. ومن حلف لا كلم فلانا فسكت عنه ثم كلمه فذلك له لازم لأنه لم يضرب أجلا ولا قال ولا أبدا.
قال أبو محمد : يريد إنما نوى في نفسه ساعة أو يوما فذلك له.
ومن العتبية من سماع عيسى عن ابن القاسم : ومن حلف بالطلاق لا كلم فلانا أو لا دخل داره ونوى في نفسه شهرا فذلك ينفعه في الفتيا لا في القضاء. وأما الاستثناء فلا ينفعه إلا بالقول مثل قوله إن كلمت قرشيا ونوى في نفسه إلا فلانا أو لا أكلت طعاما اليوم ونوى إلا اللحم فلا ينفعه حتى يتكلم به.
ومنه ومن المجموعة, أشهب وابن نافع عن مالك في منزل بين رجلين حلف أحدهما لا بنى فيه مع شريكه لبنة على لبنة, أيبني جدارا لقسم يقطع به بينهما.
[4/48]
***(1/39)
[4/49]
قال إن نوى إلا جدار القسم فذلك له, وإلا فهذا بنيان. وقال أشهب في العتبية هذا استثناء لا يجزيه إلا بالكلام به.
قال ابن حبيب قال مطرف في المستحلف يحاشي, فإن حاشى زوجته في الحرام فذلك بنفعه لاختلاف الناس في هذه اليمين وإن كان مستحلفا, وأما في غيره فلا تنفعه المحاشاة ولا النية, واليمين للذي استحلفه, ورواه مالك وقاله ابن الماجشون. ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية من سماع عيسى عن ابن القاسم وعمن صحب رجلا في سفر فاستخانه فحلفه فحلف أنه ما خانه منذ صحبه, وهو يريد في سفره هذا ولم يحرك به لسانه, وقد صحبه قبل ذلك في سفرات خانه فيها. قال لا شيء عليه إذا كان لذلك سبب, كأنه خانه في هذه السفرة في قمح أو عين فحلفه ولم يكن هو ابتدأه باليمين متطوعا فله نيته, ولو كان على يمينه بينة وثبتت خيانته له قبل ذلك لم يكن عليه شيء وتقبل نيته في هذا, وقاله كله أصبغ.
قال ابن حبيب ومن حلف لامرأته بالطلاق لا كان مني إليك الليلة شيء ونوى الإفضاء بوطئها ولم يفض, قال له نيته, وقاله أصبغ.
ومن المجموعة قال ابن كنانة فيمن حلف بالطلاق أن ثوبي خير من ثوب فلان وزيادة درهم, فإن قال أهل المعرفة إنه ليس كذلك حنث. ولو قال نويت في رأيي حلف ودين. وقال ابن القاسم إن قامت عليه بينة لم يقبل منه. قال المغيرة فيمن حلف ألا يطأ مكانا سماه فإنه إن جاءه راكبا أو ماشيا حنث إذا لم
[4/49]
***(1/40)
[4/50]
يستثن. وإن ادعى نية لم تظهر ويمينه بطلاق أو عتق لم يصدق, وله نيته في اليمين بالله أو بالمشي وما ليس لأحد فيه حق وذلك لله تعالى وهو يدين فيما نوى من ذلك.
ومن كتاب ابن المواز : ومن قال في امرأته طلقت منه إن تزوجتها, فتزوجها ثم قال نويت طلاق الولادة لم ينفعه ذلك.
في الاستثناء بقوله إلا أن يبدو لي
أو أرى غير ذلك أو أشاء أو إلا أن يقضي الله
أو يبدل ما في نفسي أو إلا أن أغلب ونحوه
من كتاب ابن المواز, قال مالك فيمن حلف بالمشي أن لا يخرج إلى بلد فلان إلا أن تصيبه حاجة شديدة أو يقضي الله أمراً فيصيبه فلم تصبه حاجة, فلا ينتفع بقوله إلا أن يقضي الله, ولو استثنى مشيئة نفسه نفعه ذلك.
وإذا حلف لا أكلت معه امرأته إلا أن أرى غير ذلك فجاءته وهو يأكل فأكلت معه فتركها فإن تركها فإن تركها وقد رأى أن يتركها فذلك ينفعه. وكذلك لو قال إلا أن أرى رأيا خيرا من رأيي, ثم قال رأيت أن آذن لها خيرا من رأيي الأول فذلك ينفعه.
وكذلك في العتبية في سماع ابن القاسم إن حلف لا أنفق عليها إلا إن رأى غير ذلك ثم تركها أكلت معه فذلك ينفعه إن رأى ذلك حين تركها.
قال في كتاب ابن المواز : وإن حلف بالحرية لا كلم فلانا إلا أن يبدو له أو إلا أن أرى غير ذلك فذلك ثنيا ينفعه. قال ابن القاسم وكذلك إلا أن يريني الله غير ذلك فهو ينفعه, وقال أصبغ ليس بشيء.
[4/50]
***(1/41)
[4/51]
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فى الحالف أن يفعل إلا أن يقدر فأنت طالق قال إن فعله فهو طالق ، وقال أشهب فى المجموعة لا شىء عليه.
ومن حلف فى أمر فقال إلا أن يقضى الله غير ذلك أو يريد الله غير ذلك فليس ثنيا ينفعه. قال عيسى وهو فى اليمين بالله ثنيا ينفعه، كقوله إن شاء الله، وقوله إلا أن يرينى الله غير ذلك ثنيا.
ومن قال أنت طالق إلى سنة إلا أن يبدو لى أن لا أطلقك، أو قاله فى العتق ، فالطلاق والعتق يلزمه ضرب أجلا أو لم يضرب .
قال ابن حبيب ومن قال أنت طلق لأتزوجن عليك فلانة إلا أن لا يقدر ، فخطبها غير مرة فأبت فاستثناؤه باطل ما كان فلانة تحته ولا يقرب امرأته كما لو لم يستثن، فإن رافعته ضرب له أجل الإيلاء ، فإن ماتت فلانة سقطت اليمين وعاود وطء امرأته وعرف أنه لم يقدرله نكاحها، وما كانت حية فهو لايدرى لعله من قدر له نكاحها، وقاله أشهب وأصبغ.
ومن المجموعة ابن نافع عن مالك فيمن قال لامرأته حرمت على إن لم تقومى عنى فلا ترجعى إلى حتى أشاء، ثم قامت ثم سألته الرجوع مرة وثانية فأبى ثم سألته فقال تعالى إن شئت وهو لا يشاء ذلك بقلبه، فقال لا تأتى ثم خرج ثم جاء وقج اشتهى أن تأتيه فأتته قبل أن يأمرها ،فقال أخاف عليه هى لم تدر ما أراد بقلبه ، أرأيت أولاً إن قالت له آتيك فقال لا وهو يشاء بقلبه أن تأيته فأتته بعد يمينه ايخرج من يمينه، هذا لا ينفعه، ولا يطلق الرجل بقلبه إلا أن ينوى فى يمينه حتى أشاء يعنى بقلبه فلا شىء عليه، ثم قال فى قوله: تعالى إن شأت ثم قال لا تأتى إنه ليأخذ بقلبى إنه أذن وما أدرى.
[4/51]
***(1/42)
[4/52]
ومن كتاب ابن المواز عن مالك فى الحالفة بعشرة نذور لزوجها لا أتزوج إلا أن يغلبنى أمر، فاحتاجت فتزوجت فلتطعم مائة مسكين إن لم يكن لنذرها مخرج.
ومن المجموعة قال ابن نافع عن مالك فى امرأة حلفت بالحرية لزوجها إن لم تستأذنى عليه وأجهد نفسى حتى لو وقع سوط فى عينك لأخذته، وقالت إنى قلت إلا أن يرينى الله رأيا غير هذا. قال فاستأذنت عليه فهرب فكلمت فيه فتركته وقالت قد أرانى الله رأيا غير الأول وقد استثنيت ذلك، فإن قامت بينة أنها استثنت ذلك وسمعوها فذلك لها، وإلا فقد حنثت.
ومن حلف لا يجاور أباه ولو يستطيع فليس ذلك مخرجا. ولو استأذن عليه أبوه أو حلف عليه لم يكن له به مخرج ولا يجبر السلطان أحداً على ها.
ومن العتبية من كتاب الشهادات روى أشهب عن مالك فى امرأة حلفت بالعتق إن كلمت فلانا وكان عندها أربع نسوة فقلن لها قد استثنيت فقلت إلا أن أرى خيراً من رأى هذا، قال فلا ينظر إلى شهادتهن بذلك، يريد إلا أن تذكر هى ذلك.
ومن استثنى ما يعد من الاستثناء ندماً
بعد ممات، والاستثناء فى الطلاق
من كتاب ابن المواز قال أصبغ: من نازع امرأته فغضب فقال أنت طالق البتة أن هذا عمود إنها تطلق عليه إذا لم يتنازعا فى العمود أنه عمود
[4/52]
***(1/43)
[4/53]
فيحمل هذا أنه ندم. وقال حوه سحنون فى قوله أنت طالق إن شاء هذا الحجر، وخالف ابن القاسم وذكر ابن حبيب مسألة العمود كما تقدم عن مالك. قال أشهب فى المجموعة: ومن قال والله لا كلمت فلانا حتى يشاء هذا الحجر أو هذا الميت فلا يكلمه أبدا لأنه استثنى مشيئة من لا يشاء.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم فيمن قال لمن أودعه رددت إليك وديعتك فأنكره فحلف الراد بالطلاق ما هى فى بيته، ثم قال له رجل فى علمك، فقال فى علمى، فإن قاله نسقاً من غير صمات فله ثنياه. ومن سماع أشهب وعن الحالف يستثنى فيقول علمى قال ذلك له وما أجود ذلك إن صدق.
قال عيسى عن ابن القاسم فى القائل أنت طالق إن شاء الله أو إلا أن يشاء الله فهو سواء، وهى طالق. وقد تقدم الاستثناء بمشيئة الله عز وجل فى العتق والطلاق.
فى نية الحالف ومحاشاته وقد حلف فى حق
مستحلفاً أو متبرعاً بالطلاق أو بالحرام أو غيره
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وكل يمين على وثيقة حق أو شرط أو لتأخير أجل دين فما كان يقضى فيه السلطان من طلاق أو عتق فلا يقبل منه فيه نية، وما كان لا يقضى به كيمين بصدقة أو مشى ونحوه فلا يلزمه ويدين فى نيته، مثل أن يقول نويت فى المشى مسجدا ونحوه. قال أصبغ وهذا إن لم يحكم عليه به فيلزمه بينه وبين الله عز وجل ولا ينفعه النية إذا كان فى حق أو استحلف. وكذلك فى العتبية.
[4/53]
***(1/44)
[4/54]
قال ابن المواز قال أشهب إذا نوى المسجد فله نيته وقد حلف ليقضينه حقه إلى أجل كذا، وروى مثله أصبغ عن ابن القاسم فى العتبية تبرع باليمين أو استحلف.
ومن كتاب ابن المواز ونحوه من رواية عيسى ويحيى عن ابن القاسم فى العتبية فيمن حلف ليقضين فلانا حقه إلى أجل كذا بالطلاق، فحنث فقال حنثت بواحدة، وقال الطالب بل بالثلاث فهى ثلاث. وفى رواية يحيى بن يحيى استحلفه غريمه فحلف ثم قال نويت واحدة أو استثنيت وحركت لسانى، قال يلزمه الطلاق بما ظهر مما استحلف عليه، وأما بينه وبين الله فلا شىء عليه. وروى عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب أنه إن قال الطالب أحلفته بالبتة وقال الغريم حلفت بواحدة، فالغريم مصدق مع يمينه. وقال عيسى عن ابن القاسم الطالب مصدق. قال يحيى بن عمر إن صدقه الطالب أنه إنما قال امرأتى طالق ولم يقل ثلاثا ولا البتة فله لانيته وله الرجعة إن ارتجع، وإن قال الطالب إنما أحلفته بطلاق البتة فالطالب مصدق، ولا تحل للغريم زوجته إلا بعد زوج وإن صدقته المرأة .
قال ابن سحنون عن أبيه: إذا سأله سلفا فقال حتى يحلف لى بالطلاق فحلف له به ليقضينه غلى أجل كذا، ثم أحلفه وقال نويت واحدة فإنها تطلق عليه البتة، ولو كانت واحدة لم تكن وثيقة من حقه. وأما من كان له عليه دين فقال وخرنى فقال حتى تحلف لى بالطلاق فحلف به ليقضينه إلى أجل كذا فلم يفعل ثم قال نويت واحدة فله نيته. والفرق أن الأول يخرج المال فيتوثق وهذا غير مخرج شيئا.
[4/54]
***(1/45)
[4/55]
ومن الواضحة: وكل مستحلف فى حق فلا ينتفع بنية تخالف نية من استحلفه ولا بالاستثناء بلسانه سراً. وإذا استحلفه ليقضينه حقه غلى شهر فحلف ونوى إلا أن أغيب ولا أعدم وتكلم بذلك سرا فلا ينفعه، غلا أن يحلف له بالحرام متحاشياً امرأته فينفعه فى هذا لاختلاف الناس فى هذه اليمين.
وفى كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا حلف له بالطلاق على قضاء الحق لم تنفعه محاشاة زوجته. قال ابن القاسم سواء استحلفه الطالب أو ضيق عليه حتى بدر باليمين فلا تنفعه النية ظهر أمره أو ترك، وكذلك إذا خاف ألا يتخلص إلا باليمين. فأما إن ابتدأه باليمين من غير أن يستحلفه أو يخرجه إلى اليمين فله نيته، وقد قيل ذلك سواء، لأنها وثيقة على كل حال فلا ينوى، إنما له النية والمحاشاة فيما حلف فيه من أمور نفسه كان على يمينه بينة أو لم تكن.
قال أشهب وقد قيل فى يمينه بالحرام ليقضينه حقه غلى أجل كذا فقال حاشيت امرأتى إن ذلك له وإن كانت على يمينه بينة، وكذلك روى ابن حبيب.قال أشهب وسمعت ابن أبى حازم لا يجيز المحاشاه فى الزوجة فى الحرام ويقول هذه نية فى القلب.
قال ابن سحنون عن أبيه: إذا حاشى امرأته وقد حلف لطالب يطلبه بحق، فإن قال له الطالب احلف لى بالطلاق وحلف بهذا لن تنفعه المحاشاه وكذلك لو قال له احلف لى ولم يقل بالطلاق فحلف له بالحرام فلا تنفعه المحاشاه أيضا لأنه غنما يريد بالطلاق واليمين للمستحلف.
وروى أصبغ فى العتبية عن ابن القاسم فى الحالف على قضاء الحق بالحرام وعليه بينة فيقول حاشيت امرأتى، قال اختلف فيه، وبلغنى أن مالكا حنثه، وقال
[4/55]
***(1/46)
[4/56]
لى ابن أبى حازم وغيره إن ذلك ينفعه وهو رأيى وإن كانت على يمينه بينة. قال أصبغ وله فيه قول غير هذا. وفى سماع أشهب فيمن حلف بالحرام وقال نويت من المطعم والمشرب فذلك له ويحلف، وإن قال نوي طلقة لا ينفعه ذلك.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فى العتبية إذا استحلف بالطلاق ليقضينه إلى أجل كذا فحلف وقال نويت واحدة إن ذلك لا ينفعه، ولكن ينفعه بينه وبين الله عز وجل.
ولو حلف بالله أو بالمشى إلى بيت الله أو الهدى وما لا يطلبه العباد فله نيته وثنياه.وأما إن تطوع لها باليمين من غير أن يحلفه، قيل فهذا يلزمه اليمين على ما أظهر ولا ينفعه ما أسره من لغز أو استثناء لا فى نذر ولا مشى ولا غيره مما يتطوع باليمين له.
ومن حلف بالمشى إلى بيت الله ونوى مسجداً من المساجد، فإن كان فى غير مكر ولا خديعة فى حق فلا شىء عليه من إثم ولا غيره، وإن كان فى مكر أوخديعة فهو آثم ولا شىء عليه، وإن كان مستخفاً بها فى حق فعليه المشى ولا نية له. والمستحلف مظلوماً والحالف متبرعاً فى أن النية نيته. كذلك قال مالك والليث.
ومن الواضحة: وكل حالف بالطلاق فى وثيقة حق مستحلفاً أو متبرعا ليتخلص من الطالب فلا ينفعه إن نوى واحدة حتى يسمع المحلوف له ذلك فى لفظ يمينه وإلا لم ينفعه ذلك فى الحكم وينفعه فى الفتيا وقد أثم، وسواء ادعى صاحبه أنه حلفه بالبتة او لم يدع، استحلفه أو تبرع له باليمين على الوثيقة له.
وكذلك إن شرط لزوجته فى عقد النكاح إن نكح عليها طلاقها أو طلاق المنكوحة فلا ينوى فى واحدة منهم وهى البتة، أكذبته هذه أم صدقته، كانت اليوم حية
[4/56]
***(1/47)
[4/57]
أو ميتة. وهذا قول مالك وأصحابه وتفسير مطرف لى وابن الماجشون وأصبغ، وذلك ابن عبدوس عن ابن القاسم نحو ذلك فى الشرط فى النكاح تنازعه فى البتة فيها أو فى غيرها فهى مصدقة، وذكره عن مالك. قال وكذلك فى كل يمين بطلاق يأخذه صاحبه فى حق فهو البتة حتى يلفظ بأقل منها.
وقال ابن الماجشون: وكذلك الشرط بطلاق المنكوحة أو بالحرام فهو البتة، وكذلك إن أنظره بدين على أن حلف له أو بايعه على ذلك، وكذلك لا ينفعه إلغاز إن حلف مع شاهده فى حق أو حلف فى قسامه أو فى رد اليمين يميناً أو فى غيرها فلا تنفعه النية بغير ما طلب منه، لكن على موقع ذلك من المحلوف له. وأما إن حلف لغريمه أو لزوجته من غير شرط فى عقد ولا أخذ عليه غريمه اليمين فالنية نية الحالف. ومن حلف لزوجته ليفعلن أو إن لم يفع فكما قلت لك إذا أخذ باليمين شيئا.
ولو حلف لزوجته بطلاقها إن تزوج عليها ففعل قبل البناء فالزمه واحدة لأنه تبين بها، ويلزمه بعد البناء ثلاثا.
ومن العتبية والمجموعة قال سحنون قال أشهب: ومن وخر غريمه بحقه على أن حلف له ليوفينه إلى رمضان فحلف ثم قال نويت رمضان قابل فهو حانث ولا تنفعه نيته. قال ابن القاسم وله نيته بينه وبين الله سبحانه.
[4/57]
***(1/48)
[4/58]
فيمن حلف بالطلاق أو العتاق مستحلفاً
أو متبرعاً فى حق او شرط نكاح، أو حلف
لزوجته فنوى فى ذلك كله إحدى نسائه
أو من سمى من ليس فيهن أو نوى أجنبية
توافق اسم من عنده من وجة أو أمة
أو قال امرأتى ونوى الميتة أو المطلقة
من كتاب ابن المواز: ومن حلف فى حق وثيقة بطلاق فلانة أو بعتق فلان ولم يقل امرأتى ولا غلامى وسمى الاسم فلا ينفعه ذلك وهو حانث. قال ابن القاسم وهو كما لو قال امرأتى فلانة وعبدى فلان واحتج بمسألة مالك فى الذى وجد امرأة مع امرأته فضربها وحلف لأهلها بطلاق امرأته ونوى امرأة كان طلقها وتبرع باليمين فلم ير ذلك ينفعه. ولو كان فى غير حق انتفع بما نوى ما لم يقل امرأتى فلا ينفعه وذكر مسألة حكمه طالق وقال نويت جارية له تسمى حكمه، قال فإن حلف فى حق أو دفع عن نفسه أو كان على يمينه بينة لم ينفعه. ومن المجموعة قال ابن الماجشون: وغن حلف بالطلاق فى مال ليدفعه وقت كذاوعنده نساء فقال نويت فلانة فذلك له وهى البتة فيها ويحلف ما أراد إلا هذه. ولو حلف بتحريم ما أحل الله له وقد علم من حلفه من عنده من الزوجات فهن أجمع طوالق البتة لأنه لم يخص بعضا دون بعض. وإذا لم يعلم الذى حلفه بعدد من عنده وقال لم أنو أن أعم وإنما أردت واحدة غير معينة حلف أنه لم يرد أن يعم ولا نوى واحدة بعينها وقيل له طلق من شئت منهن البتة، ولو قال نويت واحدة بعينها طلقت عليه بالبتة بعد يمينه ما نوى غيرها ولا عم.
[4/58]
***(1/49)
[4/59]
ولو قال حلفت له فى حقه بطلاق زينب ونويت واحدة وليس له زينب فإنه تطلق عليه واحدة يختارها بعد أن يحلف ما نوى واحدة بعينها إلا ما نوى من التى ليست عنده ولو قال حرم على ما حل لى وصاحبه لا يعلم أن له أكثر من واحدة وقال أردت زينب وسميتها له ولم أرد واحدةً ممن عندى فإنه تطلق عليه نساؤه أجمع بالبتة. ولو علم مستحلفه أن له امرأة تسمى زينب فحلفه بطلاقها وقال امرأتى طالق وله عمرة بنية الحالف، وإن نوى فى عمرة خاصة طلقة واحدة فذلك له. قال أبو محمد لأنه لم يستحلف بها.
وقال المغيرة فيمن طلق امرأته واحدة وخطب غيرها فقيل له إن لك امرأة فحلف بالعتق ما له امرأة، فغن زوجوه حنث فى الرقيق لأنها يمين أخذ بها حقاً ولنهما يتوارثان، فإن لم يزوجوه فغنه ينوى فإن نوى ليس لى زوجة لموضع الطلاق حلف على ذلك ولم يحنث.
قال ابن نافع عن مالك فيمن خطب امرأة فقيل له طلق زوجتك وهى أم ولده فأبى وأبوا فتركها حتى نكح غيرها، ثم خطب المرأة فلم ترض حتى يطلق زوجته يعنى الأولى ففعل وأشهد من حضر أن امرأته طالق البتة إذا ملك نكاح هذه وهو ينوى الآخرة ولا يظنون أن عنده غير الأولى، قال له نيته ويحلف، وهو كخاطب شرط طلاق امرأته وعنده امرأتان وهم لا يعلمون إلا أولهما، فهو ما نوى.
ومن كتاب ابن المواز وابن حبيب: ومن عوتب فيما صنع بامرأته فحلف بالطلاق والعتق ما صنع بها شيئاً، ينوى بامرأة أخرى، لم ينفعه ذلك فى القضاء ولا فى الفتيا. ولو قال امراتى وسمى اسمها وقال أردت سميةً لها فى عصمته فذلك له
[4/59]
***(1/50)
[4/60]
فى الفتيا لا فى القضاء. ولو قال امراتى ونوى التى طلقها أو ماتت لم ينفعه فى الفتيا ولا فى القضاء. قال ابن حبيب وقاله مطرف وابن الماجشون وأصبغ.ومن المجموعة قال ابن القاسم عن مالك ومن حلف للسلطان طائعاً بطلاق امرأته فى أمر كذب فيه وجاء مستفتياً وقال نويت امراة كانت لى لم ينفعه ذلك وتطلق عليه امرأته. وكذلك فى كتاب ابن المواز.
قال ابن عبدوس قال أشهب وإن حلف لغريمه فقال غزيل طالق إلا وفيتك حقك فحنث وامرأته غزيل وجاريته غزيل وقال نويت الجارية فلا ينفعه وقد حنث. وكذلك رواها سحنون فى العتبية من ابن القاسم وأشهب، وكذلك فى كتاب ابن المواز فيمن ابتاع سلعة على أن يحلف بالطلاق ليوفينها ثمنها وسمى جاريته وهو يوافق اسم زوجته.
ومن المجموعة وغيرها روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك فيمن ضرب امرأة اتهمها مع امرأته فطالبه قومها وحلف بالطلاق والمشى ما ضرب فلانة ينوى امرأة غيرها فلا ينفعه ما نوى، وقد حنث بالطلاق والمشى.
فيما ينفع فى النية فى أيمان الطلاق والعتاق
فى الفتيا ولا ينفع فى القضاء، وما ينفع فى الطلاق والفتيا
وذكر الشك فى الحنث
من كتاب ابن المواز ومن ادعى نية فى يمينه فى غير ما تقدم ذكره من اليمين لوثيقة حق أو شرط أو تأجيل دين وشبهه فله نيته إلا أن منه ما إن قامت عليه بينة لم ينو كمن حلف بالطلاق إن فعلت كذا ثم قال نويت شهرا أو حتى يقدم أبى فيصدق فى الفتيا مع يمينه ولا يصدق فى القضاء إن قامت على يمينه بينة. ومن
[4/60]
***(1/51)
[4/61]
ذلك ما يقبل قوله فى القضاء، يريد وإن قامت عليه بينة، مثل أن يحلف لزوجته بطلاق من يتزوج فى حياتها أو يكون ذلك شرطاً فى أصل نكاحها فتبين منه ثم يتزوج ويقول نويت ما كانت تحتى فيصدق. ومثل أن تحلف هى بالحرية لا دخل على من أهله أحد فلما مات قال نويت ما دام حيا فذلك لها. وأما لو حلف بعد أن طلقها فمذكور فى باب ثالث من هذا.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك فيمن طلق امرأته واحدة ثم حلف بالبتة إن راجعها فأراد نكاحها بعد العدة وقال نويت أن لا أرتجعها فى العدة، قال ذلك له ويحلف إلا أن تكون عليه بينة، وقيل إنما ينفعه ذلك فى الفتيا، فأما إذا دفع لم ينفعه كانت على يمينه بينة أو لم تكن إذا أقر بيمينه لا ينفعه ما نوى. قال ابن القاسم وإن لم تكن له نية فهو حانث. وقوله إن ارتجعتها أو إن أرجعتها سواء. قال أصبغ فى العتبية عن ابن القاسم وإن راجعها وقال نويت أن لا أراجعها بنكاح جديد، قال لا يصدق إلا أن يتكلم بذلك بيانا. قال أصبغ: وكذلك إن حلف إن تزوجها فمخرجه الارتجاع من طلاقه حتى يظهر طلاقه ببيان أو بسبب أو بساط له مخرح.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك فيمن حلف ألا يطأ جاريته فإن الفرج خاصة فله أن يطأ ما بين الفخذين وعلى الفرج ولا يقرب الدبر إلا أن يحاشيه، فإن لم تكن له نية فلا يقرب ما تحت الإزار منها.
[4/61]
***(1/52)
[4/62]
وعمن حلف لعبده بعتقه إن أدخلت بيتى قصباً فأدخل العبد بيته حصير قصب اشتراها، فإن حلف السيد ما أراد إلا القصب الذى يوقد به وما أراد الحصر فلا شىء عليه.
ومن العتبية قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب فيمن قال لأمرأته إنى كنت حلفت لا فعلت كذا ثم فعلته، ورجلان يسمعان إقراره، إنه يلزمه ولا ينفعه ما نوى.
قال أبو زيد عن ابن القاسم فيمن رمى امرأته بعصا فعوتب فحلف بالطلاق ما ضربها بيده فهو حانث إلا أن ينوى ما ضربها بيده بلطمة ونحو ذلك من ضرب الناس فله ما نوى، ولو كانت عليه بينة ما دينته قال بيده أو لم يقل. ومن سماع ابن القاسم فيمن حلف فى ولدته بالطلاق أنها فظة غليظة عليه قال يدين ويحلف.
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة والعتبية قال مالك فيمن أعطى بسلعته عشرة فحلف بالطلاق ما قامت بعشرة وقد قامت بأقل فقد حنث إلا أن ينوى الكرى والمؤنة فذلك له مخرج وإن لم يسمه.
ومن كتاب ابن المواز عن مالك: ومن عوتب فى إدخال يده فى كوة فحلف ما أدخل يده فيها يعنى بسوء وريبة فله نيته وليس هذا بسوء، وكذلك دخول البيت.
وعن عبد يعمل فى الحائط فحلف بالطلاق ما جنى ثمرة واحدة فشهدت بينة أنه وصاحبه جنيا يوما رطباً فذهبا به إلى منزلهما وبقى فى المريد قدر صاع نوى فاشتريا به لحما، فقال لم أنو ما وسع لنا فيه، إنما نويت الخيانة، وقد قال
[4/62]
***(1/53)
[4/63]
وكلاء سيده قد وسعنا فيه للقومة، قال يحلف ما أراد إلا ما خان وسرق ولا شىء عليه.
وعن أجير زرع حلف لا خان فيه قدراً يدريه ثم عمد إلى التبن فأعاده فخرج له منه شىء فأخذه فإن كان ذلك التبن تركه ربه لا يريد معاودته فلا شىء عليه وهو مثل اليسريت يريد السنبل يلقط خلف الحصادين. محمد: وذلك إن علم بذلك رب الزرع.
ومنه ومن المجموعة عن مالك وهو فى العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم عن مالك قال فيمن سأل رجلا حاجة لعبد الله بن عمر وله أخ اسمه سعيد بن عمر فعوتب فى طلبه لابن عمر حاجة فحلف بالطلاق ما طلبت لابن عمر حاجة يعنى سعيد ولا مشيت معه وأقر عند قوم بالمشى مع ابن عمر قبل يمينه، فقال إنما مشيتمع عبد الله وإنما يمينى على سعيد أخيه فذلك له ويدين ويحلف، كان على يمينه بينة أو لم تكن، وهما كأجنبيين اتفق اسمهما واسم أبيهما.قال ابن القاسم فى المجموعة وكتاب ابن المواز وما يعجبنى، وقد سمعت من مالك فيما يشبهه أنه حانث وإن كان قاله فلعله رجع عنه. قال أحمد بن ميسر والأول أجود.
ومن المجموعة وكتاب ابن المواز والعتبية روى اشهب وابن نافع عن مالك فيمن حلف لامرأته فى جارية له تغار عليه فيها، يريد بعتقها، أنه لا وطئها ونوى برجله أولا يطأها ينوى على بطنها، قال أكره هذا وهذا ينوى، قال غيره قال فى كتاب ابن المواز أرجو أن ينفعه إلا أن تقوم عليه بينة فيعتق.
[4/63]
***(1/54)
[4/64]
وقال سحنون فى المجموعة إن له نيته. وكذلك أن نوى غيرها فى يميمنه لا وطئتها.
ومنه ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن عاتته امرأته فى جوار له يطؤهن فوضع يده على ثياب لهن فقال أثمانهن صدقة إن وطئت منهن واحدة يريد أثمان الثياب يلغز بذلك فلا شىء عليه فيهن، ولكن إن فعل تصدق بتلك الثياب فقط إلا أن ينوى كل ثوب لهن.
ومن كتاب ابن المواز وابن عبدوس روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك فيمن حلف لامرأته بعتق كل امرأة يشتريها يتخذها عليها، ونيته ألا يمسكها إلا اليسير، فهل يشترى الجارية يمسكها الشهر قال لا إن لا يطأها.
قال ابن القاسم فيمن ابتاع جارية فسأله رجل أن يوليها له فحلف بحريتها إن كان اشتراها بدينار أو بدرهم ونيته أكثر قال هى حرة.
ومن كتاب ابن المواز قال: ومن قال فى امرأة طلقت منه إن تزوجتها فتزوجها، وقال نويت طلاق الولادة فلا ينفعه ذلك.
ومن العتبية روى أشهب عن مالك فى عبد أراد قيم سيده أن يقيده فحلف بالطلاق أنه لا أبق إلى أهله، فقيده فكسر القيد ثم أبق إلى أهله فأقام عندهم سنين ثم أبق من عندهم إباقا بيناً وقال نويت أن لا أبق يومئذ من موضع كنت به إلا إليكم، قال مالك يحلف وله نيته فى ذلك.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف لامرأته إن دخلت بينك وبين أمك فأمرك بيدك، وكانتا فى بيت فخرجت الأم عنها فمنع البنت من الخروج إليها وقال
[4/64]
***(1/55)
[4/65]
إنما نويت ما كنتما فى بيت، فأما إذ خرجت فلم أحلف عليه فله نيته ويحلف، وإن نكل فلها الخيار، فإن قضت بالبتة فله أن ينكرها، وإن كان فى عقد النكاح فلا نكرة له، وإن تبرع بها بعد البناء فله نيته ويحلف فإن نكل فالقضاء ما قضت.ومن العتبية من سماع ابن القاسم: ومن حلف بالطلاق لمن استأجره أنك ما واجرتنى على أن أعمل لك بمعول كما تدعى، فإن كلن على يقين من ذلك فلا شىء عليه. ومن قالت له امرأته فى حمام اشتراه لمن نهيتك عنهم، فحلف بالطلاق ما اشتريتهم لمن تظنين، فقال يحلف لها ما اشتراه لمن ظنت إن طاوعها فى اليمين.
ومن سماع أشهب: ومن استعار زوج حمام ففرخ عنده فرد الذكر والأنثى الذى استعاره ثم وجد عنده فرخاً ادعى المعير أنه فرخه وحلف فيه بالطلاق فأنكره المستعير فليحلف المعير بالله إنه لفرخه بعينه، يريد ويدين فى اليمين، ولا يأخذ الفرخ إذا حلف المستعير بالله إنه له.
قال ابن المواز: ومن حلف بيمين ثم شك فى بره أو حنثه فهو حانث ما لم تكن يمينه بالله تبارك وتعالى.
وفى الجزء الثانى باب فى الشك والبر والحنث.
[4/65]
***(1/56)
[4/66]
ذكر ما يرد فيه الحالف إلى
معنى يمينه وبساطه وإن خالف لفظه
وما لا يلزمه من اللفظ الذى ليس هو معصية
أو ما يجرى له من اللفظ على الغلط
من الواضحة ابن الماجشون: ينبغى إصراف اللفظ إلى معنى مخارجه وإلا بطلت الأمور، قال الله سبحانه[فاعبدوا ما شئتم من دونه] وقال [فاسجدوا لله واعبدوا] وهذا أمر والأول نهى واللفظ سواء، وهذا فى القرىن كثير.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإذا لم يكن ليمين الحالف سبب يدل على مقصده ولا ادعى نية فيما ينوى فيه حكم عليه بلفظه بعينه وبذلك الاسم، يريد وإذا كانت نية أو بساط أو مقصد عرف منه صرف إليه وإلى معناه.
ومن كتاب ابن حبيب والعتبية قال مالك فيمن باع حماماً فسئل عن هديره فحلف بالطلاق إن كان يسكت وقال نويت أنه يكثر الهدير ولم أشك أنه يسكت، وفى رواية أخرى أنه احتج بقول النبى صلى الله عليه وسلم فى أبى الجهم أنه لا يضع عصاه عن أهله.
قال ابن حبيب وكذلك قال مالك فى الذى ذكر له وطؤه لأهله فحلف بالطلاق أنه ما ينزل عن بطنها وقال أردت كثرة الوطء فلم يرد عليه شيئا. قال ابن الماجشون وكذلك قال المغيرة وجميع كبرائنا فى هذا الأصل، وقاله مطرف وأصبغ، وقاله أصبغ عن ابن القاسم.
[4/66]
***(1/57)
[4/67]
ومن كتاب ابن سحنون روى عيسى عن ابن القاسم فيمن شجر بينه وبين أختانه شر فسألوه طلاق أختهم فقال إن قلت فى اليوم هى طالق فأتوها فقالوا لها طلقك زوجك ونقلوا متاعهم إليهم ونقلوها وهى لا تعلم ما كان، ثم قالت والله ما علمت ولا انتقلت من هواى وإنما قالوا لى طلقك زوجك. قال إن عرف ذلك وشهد على ما قالت فلا طلاق عليها، وقال سحنون هى طالق ولو علم ذلك وشهد عليه لم ينفعه.
قال ابن حبيب فى رجل دفن مالاً ولم يجده وغلط بموضعه فحلف لامرأته بالطلاق ما أخرجه غيرك فأنكرت، ثم وجده فى موضع آخر، فأفتى مالك والمغيرة وغيرهما أن لا حنث عليه لأن مقصده إن كان ذهب فلم يأخذهغيرك فهو لم يذهب.
ومن العتبية روى ابن القاسم عن مالك فيمن وضع دراهم فى بيته فلم يجدها فى فرشه فأتهم بها زوجته فأنكرت فحلف بالطلاق ما أخذها غيرك ثم وجدها تحت مصلاة وضعها تحتها ونسى، فقال يحنث. فقيل له فى ذلك فتعجب ممن يقول لا يحنث، وكان ابن دينار لا يحنثه، فدخلنا على مالك فقال يحنث. ومن المجموعة والعتبية وغيرهما روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك فيمن رفع قرطا عند امرأته فصرته فى خرقه ثم سألها خرقة ليصر فيها دواء فأعتطه تلك الخرقة ونسيت القرط فرماها فى البيت ثم صر فيها الدواء بعد يومين روفعها فى زنفليجته ولم يدر بالقرط، ثم طلب القرط من زوجته فطلبته فلم تجده فحلف بالحرية إن لم يكن ضاع منك أو سرق، قال لا شىء عليه. وكذلك لو لم يلق الخرقة إلا على وضع التناول ووضعها فى الزنفليجة فأرجو ألا شىء عليه.
[4/67]
***(1/58)
[4/68]
قالا عن مالك فيمن يسأل رجلا دينارا فدار له على الطالب دراهم، فقال قاصصنى بها وإلا فخذها وهات الدينار، فصمت ثم غاب ثم قدم فعوتب طالب الدينار فى الرفق بغريمه، قال لى عليه دينار قد تركته له فقيل له أنه قال غير هذا فحلف طالب الدينار بالحرية ما أخذه منه ثم ذكر القصة فذكر، وقال لم أحبس ماله عندى على القصاص، قال يحلف على ذلك ولا شىء عليه.
ومن الواضحة: وقالوا يعنى مالكا والمغيرة وغيرهما فى رسول بدنانير إلى رجل فنقصت دينارين فحلف بالطلاق ما بعث معى غير هذا ففتشوا فى لف الثوب فإذا بالدينارين فلم يروا عليه شيئا لأن قصده أنى ما احتجت منها شيئا.
ومنه ومن العتبية وكتاب ابن المواز ورواها ابن القاسم وقال مالك فيمن سأل عبده فى خرج فقال بعته من أخيك فلم يصدقه فحلف العبد بالطلاق لقد أرسل إلى فيه أخوك فبعته منه، ثم تذكر أنه لقيه فباعه منه ولم يرسل إليه فلم ير عليه شيئا لأن معناه أنه لم يخبئه عنه ولقد باعه.
ومن هذه الكتب قال مالك فيمن تسلف من رجل ديناراً فوجده ناقصا فسأله بدله فحلف ما معه ألا أنقص منه، ثم فتش فإذا معه مثل وزنه فلا شىء عليه، لأن معناه ما هو أوزن منه.
ومنها أيضا قال مالك فيمن سال سلف عشرين ديناراً فحلف ما معه فى كمه أو تابوته إلا عشرة دنانير ثم نظر فيه فلم يجد إلا تسعة فلا شىء عليه. قال ابن القاسم ولو وجد أحد عشر لحنث.
[4/68]
***(1/59)
[4/69]
ومن كتاب ابن المواز: وكذلك من سئل سلف خمسة دنانير فحلف ما معه غلا خمسة دنانير، فنظر فى كمه فلم يجد إلا أربعة دنانير فلا شىء عليه.
ومن الواضحة عن مالك وذكرها العتبى من سماع ابن القاسم فيمن جاء بزيت فسمطته امرأته فحلف بالطلاق لألقينه فى البلاعة فالقاه دونها فلا شىء عليه لأن قصده إتلافه. وقال ابن حبيب قال ابن الماجشون وسواء تعمد طرحها دون البلاعة أو سقط من يده دونها فلا شىء عليه.
ومن سماع ابن القاسم عن مالك فيمن قال لجلاب أدخلت غنمك السوق يوم الأحد فحلف بالطلاق لقد ادخلتها يوم الجمعة يريد قبل الجمعة فإذا هو أدخلها يوم السبت فلا شىء عليه.
ومن موضع آخر من كتاب ابن المواز قال مالك أخاف عليه. قال ابن القاسم لو كان إلى لم أر عليه شيئا. قيل لمالك فلو حلفه الوالى قال هو أخف، ومسألة جلاب الغنم هذه فى العتبية رواية أبى زيد عن ابن القاسم مثل رواية ابن المواز.
ومن الواضحة عن مالك وهى من سماع ابن القاسم فى العتبية ذكرها ابن كنانة عن مالك فيمن سال رجلا سلفا فتوقف فحلف بالطلاق مالك منى بد، فرجع فأسلفه، قال لا شىء عليه، إذا أعطاه حنث وإذا منعه حنث، ليس هذا الذى أراد.
وذكر ابن حبيب عن ابن القاسم فى صيرفى سأل فى سلف دينار فحلف بالطلاق ما فى تابوته درهم، وتابوته مملوء دراهم وإنما أراد دينارا، قال
[4/69]
***(1/60)
[4/70]
لا شىء عليه. وذكرها عيسى عنه فى العتبية فيمن سال سلف درهم فحلف ما فى تابوته دينار ولا معى دينار وفى تابوته دينار ومعه دينار، وإنما أراد يقول درهم فغلط فلا شىء عليه وكذلك لو حلف لقد لقى أمس عبد الرحمن بن عبد الله وإنما أراد عبد الله بن عبد الرحمن فغلط.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أراد أ يحلف أن لا يبيع سلعته إلا بعشرة فأخطأها فحلف لا باعها إلا بأثنى عشر فلا يبيعها إ بأثنى عشر، وإن قال إلا بثمانية وغنما أراد أن يقول إلا بعشرة فليبيعها بثمانية ولا شىء عليه.
قال عيسى عن ابن القاسم وذكرها ابن حبيب فى رجل خرج يطلب خلاص رماك ختنه من المعسكر فقال لمن هى بيدههى لختن بكير النفزى فقالوا له هى للجند وليست للبربر وإلا فاحلف، فحلف بالطلاق ما هى إلا لختنة بكير النفزى، ثم سأل عن بكير فإذا هى من مصمودة وكان يظنه من نفزة، قال لا شىء عليه إذا كان استحلافهم له أنها ليست للجند لا على أنها لنفزة.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون فيمن أعار لأبن أخيه مضمداً ثم امتنع عن رده وقال هو لأبى، فحلف عمه ما هو إلا مضمدى عملته بيدى ثم ذكر أنه لم يعمله وأنه أخذه معاوضة من مضمد عمله بيده، قال هو حانث لأنه أراد بذكر عمل يده ليكون شاهداً لتصديقه، وقال اشهب لا شىء عليه.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه سئل عن رجل ألا ينام زيداً ولا يواكله ولا يشاربه، فكان الحالف يشرؤب وزيد لا يشرب قاعد لا يشرب معه، وغذا أكل لا يأك معه على مائدة، ويعطى زيد طعاما فى صفحة فيتنحى فى ناحية البيت يأكل فغذا اراد أن يشرب خرج بالشراب فشرب خارجا ثم يعود فيقعد مع الحالف، قال لا أراه إلا وقد حنث، والحالف فى مثل هذا إنما قصده ترك ما كان عليه مع صاحبه وما هذا بترك.
[4/70]
***(1/61)
[4/71]
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: من حلف لا يأكل فى المسجد شيئا من ماله، فكان ياكل فيه من طعام أصحابه، فخرج على باب المسجد فأعطاه رجل قرصة فدخل المسجد فأكلها فيه فلا يحنث، قيل قد صارت من ماله قبل أكله. وقال وهو إذا رفع اللقمة فى أكله مع صاحبه صارت من ماله، وذكرها العتبى عن أصبغ عن أشهب، وأنها نازلة سئل عنها أشهب.
باب آخر
من رد الحالف إلى المقاصد والمعانى
وما يدخل فى ذلك من الغلط والنسيان
من كتاب ابن حبيب قال مطرف فى رجل قال لرجل بلغنى أنك رفعت على للساعى أن عندى صدقة، امرأتى طالق لأرفعن عليك، فحلف له ما فعل، فترك أن يرفع عليه حتى عزل الساعى، قال لا شىء عليه لأن مراده إن كان فعل، فلما خبر علم أن ذلك لم يكن فلا شىء عليه. وقال ابن الماجشون قد حنث لأنه حلف على تصديق من أخبره ولا ينفعه غن رفع عليه عند ساع آخر.
قال ابن حبيب غن تحقق عنده أنه لم يرفع فأستحب قول مطرف، وغن شك فقول عبد الملك أحب إلى.
قال ابن الماجشون: ومن ابتاع ثوبا فدفع الثمن إلى أخى البائع منه يظن أنه مبايعة فطلبه البائع فقال له دفعت إليك فأنكر فحلف بالطلاق لقد دفعت إليك، فقال لعل إلى أخى فاعترف، فقال الحالف ما ظننت أنى دفعت إلا ألى الآخر، قال لا شىء عليه لأن مقصده لقد برىء منه وما حاسبه.
ومن المجموعة قال ابن القاسم فيمن اشترى ثوبا بدينار ودرهم فاراد بيعه مرابحة فاستحلفه مبايعة بكم أخذته، فحلف بالطلاق لقد أخذته بدينار ونسى الدرهم فلا شىء عليه لأن مقصده لم يشتره بأقل من دينار ولم يقصد إلى أكثر.
[4/71]
***(1/62)
[4/72]
وقال ابن نافع عن مالك فيمن ضاع له كتاب بذكر حق فساله البينة تجديده فتوقفوا فحلف بالطلاق ما يعلم أينه وما هو فى بيتى، ثم وجده فى بيته، قال لا شىء عليه إذا كان مراده أنه لا يدرى مكانه ولا أنه عنده، يريد فى علمه، وأنه لم يكن يكتمه. فيرجو أن لا شىء عليه.
ومن كتاب ابن المواز: ومن واجر عبداً سنة فحلف له العبد بالطلاق ما خرجت من عندك فأراد مستاجره أن يخرجه ويعطيه الإجارة كلها فذلك له ولا حنث على الأجير إن لم يقبل ذلك منه، ولكن لا يعمل عند غيره لأجل يمينه. قال مالك فى امرأة كانت تبيت مع عمها فى سطح ثم نزل ليلا يضيق عليها فحلفت بالحرية ليبيتن معها فى السطح ففعل، ثم مرض فنزل إلى الكن، قال فلتنزل هى فتبيت معه. قال ابن القاسم لا شىء عليها إن لم تنزل، وإنما أرادت وجه الضيق لا وجه المن.
قال مالك فى المطلوب يطلب منه اليمين فحلف بالطلاق لأحلفن لك فى الجامع، فمضى معه فكلم فيه فحلف معه فى بعض المساجد فلا شىء عليه.
ومن العتبية روى أشهب عن مالك فيمن سأل النقيب امراتك حاضرة فحلف بالطلاق إن لم تكن فى البيت وقد كان تركها فى الحجرة فلا شىء عليه، الحجرة يكون فيها الإذن ويقطع من سرق منها. أرأيت لو كانت فى الخزانة أو فى المغتسل.
[4/72]
***(1/63)
[4/73]
ومن كتاب ابن المواز وقال ابن عبدوس فيها عن سحنون: وهذه المسألة على البساط. قال عيسى عن ابن القاسم فيمن دعا صباغاً يصبغ له شيئا فى بيته فقال لا آخذ منه شيئا فحلف ليعطينه فذهب به إلى داره فوجد صباغا آخر يصبغ ذلك وأدخله حين جامعه فانصرف المحلوف عليه فغن كان هو الذى رجع وأنى العمل من غير ان يرده رب الدار لم يحنث، وإن رده ولم يتركه يعمل فليعطه وإلا حنث. قال وإن نوى لأعطينك إن لم يكن عمل فله نيته، وإن لم تكن له نية حنث غن لم يعطه.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه قال فيمن حلف ليقيدن غلامه سنة ثم مات الغلام فلا شىء عليه، لن مقصده فى يمينه إن عاش. وقد قال مالك فى الحالف لا وطئها حتى يفطم ولدها فمات الولد قبل ذلك فلا شىء عليه لأن معناه إن عاش، وإن كان نيته حولين كاملين دخل عليه الإيلاء.
وقال فيمن له صك بدين فتلف فسأل البينة الشهادة فأبوا فحلف بالطلا قلا يعلم موضعه وما هو فى بيته ثم وجده فى بيته فلا شىء عليه لأنه إنما أراد فى علمه وإن لم يكن ذلك لحنث.
قال عيسى عن ابن القاسم: ومن حلف لأقضينك حقك غداً يوم الجمعة وكذلك يظنه وهو يوم الخميس فغن لم يقضه فيه حنث. وكذلك لو قال يوم الجمعة غدا لأن عجل يمينه على غد يعنى التعجيل. وفرق أهل العراق بين قوله غداً الجمعة والجمعة غدا، وهذا باطل. قال أصبغ إلا أن يستثنى يقول إن كان غدا الجمعة استثناءً يتكلم به يسمع نفسه وإلا لم ينفعه. وقاله كله سحنون فى كتاب ابنه.
[4/73]
***(1/64)
[4/74]
ومن المجموعة: ابن نافع عن مالك فيمن باع لرجل بعيراً وحلف له بالطلاق إن ذهب من دراهمك شىء إلا درهماً ونصفا ثم ذكر أنه بقى عند الصراف قيراط حين وازنه أبى أن يعطيه إياه، فغن أراد أنه لم يخنه ولا ذهب له شىء فلا شىء عليه.
وروى ابن القاسم وابن وهب عن مالك فيمن حلف لا يشهد لرجل من أهل حبس فى ذلك الحبس فساله غيره من أهل ذلك الحبس أن يشهد له، قال لا يفعل إلا أن يجيره السلطان على ذلك.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف بالطلاق لا أسلف رجلا إلا نصف دينار فتسلف الحالف لنفسه ديناراً فأسلفه للرجل قال قد حنث.
وفى كتاب العتق مما جرى فى الأيمان به كثير من معنى هذا الباب ومعنى الذى قبله، وفى غيره شىء من أبواب مختلفة فى وجود الأيمان.
وهذا باب أيضا فيما يرد فيه الحالف إلى نيته
من المجموعة ابن القاسم عن مالك فيمن حلف ألا ينكح عبده، فنكح بغير إذنه، فغن لم تكن له نية حنث، وإن نوى بإذنه لم يحنث. ومن حلف لا يختلى بامرأنه فاختلاها فى بيته وقال نويت فى بيتها فذلك إلى نيته. ومن حلف لامرأته أن لا يتهمها بأحد من ولد أبيه ثم ذكر أن رجلا ولدته امرأة من ولد أبيه وإنما نيته على فخد من ولد أبيه فذلك إلى نيته ولا شىء عليه.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن ابتاع لامرأته ثوبا بدينار فسخطته فحلف بالطلاق لئن رددته إن كسوتك ثوباً بدينار، ينوى بأكثر أو
[4/74]
***(1/65)
[4/75]
بأقل، فذهب ليرده فلم يقبل بائعه أو بدا لهذا فى رده فلا شىء عليه حتى يقبله بائعه. ولو حلف ليردنه فلم يقبله بائعه لكان قد حنث. وإن كان البائع حلفه ألا يرده عليه فرده عليه فلم يقبله لحنث، لأنه إنما كره رده وشغبه، فهذه وجوه تختلف فتحل على سببها ومساقها.
قال ابن سحنون عن أبيه إذا رده ولم يقبله البائع فقد لزمته اليمين. وروى موسى عن ابن القاسم فى رجل تأتيه نفقته ونفقة امرأته من أبيه فحلف بالطلاق لإن أنفقت عليك اليوم فأتى من عند أبيه فى اليوم طعام فتأكله، فغن كان مما لو شاء منعه فقد حنث، وإن كان لا يقدر على منعه دين. فإن نوى من عندى لا ما يجرى أبى فلا شىء عليه، وغن أراد تلك النفقة التى يبعث الأب فقد حنث وهو لا يقدر على منعه، وإن لم تكن له نية وهو لو علم به لم يقدر على منعه فى شىء عليه.
وروى أبو زيد فيمن قال لأمته إن لم ألتمس الولد منك فأنت حرة، أو لأمرأته فأنت طالق، فقال أشهب لا شىء عليه إن لم يعزل، وله أن يبيع بعد الوطء. قال أصبغ فيمن أنكح ابنته بمائة دينار مهراً فحلف بالطلاق إن نقصه منها شيئا ثم ناداه على أن لا يتبعه بنقد ولا كالىء وادعى أنه إنما أراد أن لا يبتنى بها إلا بتمام المائة، قال يدين إذا خرجت يمينه على ذلك وعلى نيته فيه ولا يحلف، ولو استحسن قائل اليمين لم أر به بأسا. قال لو نكحها ثانية بأقل من مهر مائة حنث، كمن باع سلعة ثم سأل أن يحط فحلف لا باعها منه يريد ليفاسخنه ففاسخه فلا ينبغى له أن يبيعها منه بشىء، فإن فعل حنث.
[4/75]
***(1/66)
[4/76]
ومن المجموعة قال ابن القاسم عن مالك فيمن قال لامرأته بعد أن بانت منه إن مسست امرأة ما عشت فهى طالق، فتزوجت ثم طلقها أيتزوجها؟ قال نعم إن شاء، وأما غيرها فلا ما عاشت،لأنه حلف بعد أن فارقها. وإن كانت يمينه وهى عنده لنوى إن أرادت ما عاشت عندى ولم أرد أن أفارقها وأقيم بلا شىء. قيل لابن القاسم فيمن حلفلا يتزوج ثبيا فتزوج بكرا قد طلقت قبل البناء، قال أن نوى أن لا ينكح من نكحت قبله فلا يتزوجها، وإن نوى تزويج الأبكار لنهن أنتق أرحاماً وأعز خلقاً فله أن يتزوجها.
فيمن حلف على فعل شىء أو تركه
هل يبرأ ويحنث بفعل بعضه أو تركه؟
قال أبو محمد: من قول مالك وأصحابه ان يحنث الحالف أن لا يفعل بأقل الفعل، وأن الحالف لا يفعل كذا لا يبر إلا بفعل جميعه، لأن من حلف أن لا أكل هذا الرغيف فأكل جزءاً منه محلوفاً عليه الا يأكله فما أكل منه حنث به. وإذا حلف ليأكلنه فلا يبر إلا بأكل جميعه، لأن كل جزء منه محلوف عليه ليأكلنه، فباقيه لم يبر فيه، إلا أن ينصرف اللفظ عن ظاهره بمعنى يقصد إليه وينويه. قال سحنون فى العتبية قال أبو يوسف للمغيرة لم قلتم فيما حلف بالطلاق ألا ياكل هذه البيضة فاكل بعضها إنه يحنث وإن حلف ليأكلنها لم يبر إلا بأكل جميعها؟ فقال: ذلك يجرى على بساط الكلام ومعانى الإدارة. فلو أن رجلا يكره أختا له ويباعدها فحلف بالطلاق لا أكل لها بيضةً فبعثت إليه بيضة
[4/76]
***(1/67)
[4/77]
لحنث بأكل بعضها إلا أن يعلم أنه كره أمرها إلا أن يدل بساط على مقصده. ولو كان به ضعف فداووه من يكرمه من أهله على أكل بيضة تقويه من ضعفه وقالوا لنا تصبر لنا على أكلها ولا بد منها فأكل بعضها فلا يحنث لأنه قصد كراهيته إيعابها لمشقة الأكل عليه لا لكراهية أكل شىء منها.
قال مالك فى كتاب ابن المواز من حلف لا أكل هذا القرص كله فأكل بعضه فقد حنث ولا ينفعه قوله كله.
قال سحنون فى كتاب ابنه فى الطلاق فيمن حلف ألا يهدم هذا البئر بالطلاق فهدم بعضها إنه حانث قال إلا أن يشترط فيقول إن هدمتها كلها فهذا لا يحنث إلا بهدم جميعها.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال إن صلى ركعتين فامرأته طالق فصلى ركعة ثم قطع أو أحرم ثم قطع فقد حنث،وكذلك يمينه لا صام غداً فبيت الصوم حتى طلع الفجر فقد حنث وإن أفطر.قال مالك في الحالف بالطلاق ليتزوجن على امرأته فلا يبر بالعقد دون البناء،فإن قال إلى شهر فتزوج في الشهر ودخل بعده فقد حنث،ولو قال إن تزوجت لحنث بالعقد.
قال المغيرة في المجموعة في الحالف ليتزوجن فلا يبر بالعقد إلا أن يكون له بساط. وفي سماع أصبغ قال أصبغ حلف لا لبس لامرأتة ثوبا،فلما أدخل طوقه في عنقه عرفه فنزعه ،أو حلف لاركب دابة فلان فأدخل رجله في الركاب
[4/77]
***(1/68)
[4/78]
واستقل عن الارض وهم أن يقعد على السرج ثم ذكر فنزل،فروى ابن وهب عن مالك أنه حانث،قال ولو ذكر حين استقل من الارض ولم يستوعليها فلا شيء عليه إلا أن يكون استوى عليها.ومن سماع ابن القاسم وعمن حلف في رجل شتمه ليكتبن بينة عليه ويرفعها فهل يبر برفعها دون خصومته قال لاحتى يخاصمه ويقاعده.ومن دعته امرأته إلى الفرقة فقال إذا أخرجت إلي التاع الذي لي عندك فأنت طالق،فرضيت فأخرجت بعضه ثم ندمت فقد لزمه الطلاق ولتخرج باقيه.
وروى عيسى عن ابن القاسم قال مالك فيمن حلف بالطلاق ليتزوجن على امرأته امرأة يمسكها سنة، فتزوج امرأة أمسكها أحد عشر شهرا ثم ماتت، قال يتزوج أخرى يمسكها سنة مبتدأة. وقال سحنون يجزيه أن يحسبها بقية السنة الأولى.
قال ابن القاسم: ومن حلف ليتزوجن عليها إلى سنة فتزوج قبل السنة فماتتقبل السنة ولم يبن بها فليتزوج أخرى قبل السنة ويدخل بها قبل السنة وإلا فقد حنث، كانت التى تزوج حية أو ميتة، وإن دخل بها قبل السنة بر.
وعمن باع من رجل سلعة ثم سأله رجل أبعتها؟ فقال لا، فقال إن كنت لم تبعها فامرأته طالق، فإذا هو باع أكثرها وبقى اليسير، قال هو حانث. ومن سماع أبى زيد عن ابن القاسم: ومن حلف بطلاق زوجته إن أعطيتنى الوديعة التى عندك فأعطته مائة فقال بل هو مائتان، قال يحنث، وهو فيما بقى مدع: ولو قال أنت طالق إن أعطيتنى المائة التى أودعتك فوعدته ثم أعطته خمسين ثم امتنعت، قال تغرم الخمسين الأخرى بإقرارها وقد حنث، وإن جحدت فلا شىء عليها وتطلق عليه.
[4/78]
***(1/69)
[4/79]
ومن حلف بالطلاق ليتسرى عليها فاشترى جارية فوطئها، قال فقد برىء قال يريد بالوطء مراراً كمن يريد حبس جارية. قال ابن القاسم مرة أو مرارا سواء أراد حبسها أو لم يرد.
ومن كتاب ابن المواز والعتبية من سماع ابن القاسم وعمن أرادت زوجته أن تخرج إلى أهلها فحلف لتبيتن معه هذه الليلة فى هذا البيت فباتت فيه فخرجت إلى دكان بباب البيت فباتت عليه وإنما نيته لا تذهب إلى بيت أهلها، قال يحلف بالله ما أراد إلا ذلك ولا أراد أن لا تخرج من البيت ولا شىء عليه.
ومن كتاب ابن المواز وعمن خطف كتاباً من رجل فحلف ربه لا يقرأه وحلف الخاطب لامرأته فتجاذباه فبقى فى بعضه فقرأه فقد حنث جميعا. وكذلك رواها أبو زيد عن ابن القاسم فى العتبية وقال ولو قرأه الخاطف كله لم يحنث.
قال ابن القاسم: ومن حلف لا باع دابته حتى تأكل الربيع فأكلته يوما أو يومين فلا شىء عليه إلا أن تكون له نية. قال أصبغ ليس هذا المقصود ولا يبر حتى تقيم ماله بال ونجع ونفع إلا أن ينوى اليوم واليومين. وكذلك الحالف ليهدمن بئرا فلا يبر بهدم حجرين وثلاثة إلا أن تكون له نية وإلا لم يبر إلا بهدم جميعها أو بهدم ما هدمه إبطال وفساد، وهو قول مالك فى البئر، وكذلك رواها العتبى
[4/79]
***(1/70)
[4/80]
وذكر أيضا قول ابن القاسم من رواية عيسى. قال عيسى قلت فإن أراد ناحية السمن فلم تسمن أفيه حد؟ قال إلى ما تسمن فى مثله.
ابن المواز: ومن حلف بالطلاق ليقرأن القرآن اليوم أو سورة كذا فقرأ ذلك ثم ذكر أنه أسقط حرفا، فإن حلف وهو يعلم أنه يسقط مثل ذلك حلف وله ما نوى، فإن جاء ما لا يعرف من الخطإ الكثير أو ترك سورة فهو حانث.
ومن المجموعة ابن القاسم: ومن حلف إن كان فى كمه دنانير أو قال إن كان الذى فى تابوته فسطاطى ومروى وغيره فهو حانث، وسواء قال إن كان الذى أو قال إن كان فى كمى، وكذلك إن كان إن قال فى بطنك جارية فولدت غلاما وجارية وكذلك روى عنه عيسى فى العتبية قال وقاله أشهب.
قال العتبى: ورواه أبو زيد عن ابن القاسم فيمن حلف لا وطىء فرجاً حراماً أبداً فأخذ جارية امرأته فضمها إلى صدره وجعل يده على محاسنها أو قبلها حتى أنزل فقد حنث ولا ينوى أنه أراد الوطء نفسه.
ومن كتاب ابن المواز ومن حلف لا تسرر على امرأته فجرد جارية له ووضع يده على ملاذها فليس ذلك بيمين، وإن حلف لا خرجت إلى بيت أهلها فخرجت فردها قبل أن تصل فقد حنث، وإن ردها قبل أن تحرم لم يحنث. قال ابن المواز يحنث بخروجها إلى الحج وإن لم تحرم بخلاف قوله إن حجت.
ومن كتاب ابن حبيب: ومن حلف أن لا يحج أو حلف على غيره وهو من أهل الأمصار فإنه إذا توجه إلى الحج حنث ولا ينتظر به أن يحرم، وإن كان منزله قريباً من المواقيت فحتى يحرم.
[4/80]
***(1/71)
[4/81]
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن حلف بالطلاق ليخرجن اليوم إلى القيروان فخرج، فلما كان ببعض الطريق رجع فى حاجة ثم قعد فى بيته فلم يخرج حتى غربت الشمس من يومه. قال إن كان إنما أراد تهديد من يهمه خروجه يريد ليخرجن غلى الطريق لا يريد مضياً فله نيته إن لم تكن عليه نية، فإن كان عليه بينة أحنث، وكذلك إن لم تكن له نية حنث.
وسئل سحنون عن رجل حلف لا خرج مع أمه إلى موضع كذا حتى يخرج معها ختنها، فخرجت إليه مع ابنها وختنها ثم رجع الختن بعد أن سار يومين معها. قال إن خرج ابنها معها من ذلك الموضع فقد حنث.
وهذا باب من نحو ذلك
فيمن حلف لا دخل فلان إليه فأدخل رجله أو رأسه
أو لا خرجت امرأته فأخرجت مثل ذلك
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف بالطلاق لا دخل فلان على امرأته فأدخل رجل ثم ذكر ورجع. قال مالك فقد حنث كمن حلف لا أكل رغيفين فأكل أحدهما.
ومن حلف لا خرجت زوجته من عتبة الباب فأخرجت إحدى رجليها ثم ردتها قال قد حنث.
وروى ابن وهب ذلك عن ابن عمر وسعد بن أبى وقاص. قال يحيى بن عمر: وقد قيل تعيد رجلها موضع كانت، فإن منعته من غلق الباب حنث وإلا لم يحنث، وهو أحب إلى.
[4/81]
***(1/72)
[4/82]
ومن الواضحة قال ابن الماجشون فى الحالف لا يدخل هذه الدار أو هذا البيت فأدخل رجلا واحدة، فإن كان وقوفه عليهما جميعا لم يحنث، وإن كان وقوفه على الداخلة وقد أقل الخارجة ليدخل ثم ذكر فخرج فقد حنث، ولو كانت رجلاه خارجاً وأدخل يده أو رأسه أو صدره فلا شىء عليه وليس ذلك بدخول. وإن كان مضطجعاً فأدخل رجله او رجليه أو رأسه فلا شىء عليه وليس بدخول لأن اعتماده فى الاضطجاع على يديه فإن أدخل رأسه وصدره حنث لأن هذا جل البدن الذى عليه اعتماده، وكذلك لو أدخل أسلفه إلى وسطه مما هو جل بدنهحنث. واستحسن ذلك كله أصبغ وأخبرنى عن ابن القاسم وابن وهب أنهما قالا إن وضع رجله من وراء الباب إذا غلق أو فى موضع من العتبة يمنع الباب الذى ينغلق فقد حنث. قال أصبغ وقال ابن الماجشون أحب إلى.
وذكر حديث ما ذكرنا من قول ابن عمر وسعد بن أبى وقاص، وذكر عن الحسن قال: إن أدخل رأسه لم يحنث حتى يدخل الرجلين جميعا.
ومن المجموعة ذكر مسألة عن ابن القاسم من حلف لا دخل هذه الدار فهدمت وصارت طريقا فدخلها أنه لا شىء عليه. قال وقال مالك إلا أن يكون ليمينه سبب يعمل عليه. وكذلك الحالف لا اكل القمح فلا يحنث بأكل الخبز منه إلا على هذا المعنى. قال ابن حبيب عن ابن الماجشون فيمن حلف لا دخل على زوجته إلى الهلال فوقف على الباب فكلمها فلا يحنث بذلك.
[4/82]
***(1/73)
[4/83]
فيمن حلف على فعلين على نفسه أو على غيره
ففعل أحدهما
أو قال لأمتيه أو زوجتيه إن دخلتما فدخلت واحدة
أو لأمته إن دخلت الدارين فدخلت إحداهما
من المجموعة وكتاب ابن المواز قال مالك: من حلف ألا يأكل شيئين فأكل أحدهما أو لا يفعل فعلين ففعل أحدهما فهو حانث. قال ابن القاسم وإن حلف لا أكل خبزا بزيت أو بجبن فأكل أحدهما حنث إلا أن تكون له نية، وإن كره جمعها لم يحنث إلا بجمعها. وقال أشهب لا شىء عليه إن أكل أحدهما.
ومن المجموعة ابن القاسم عن مالك فى الحالف على امرأته إن دخلت الدارين فإنه يحنث بدخولها فى إحداهما ثم لا شىء عليه إن دخلت الثانية. قال عنه ابن وهب ولو قال لا دخلت المسجد ولا كلمت فلانا ولا فعلت كذا ففعل شيئا واحداً من ذلك فقد حنث ثم لا شىء عليه إن فعل ما بقى. وقال أشهب يحنث بدخول لزوجة أو الأمة إحدى الدارين، وكذلك فى أكل الرغيفين يحنث بأكلها أحدهما أو بعضهما. وإن حلف إن لم تدخلى لم يبر إلا بدخولها الدارين وأكلها الرغيفين، إلا أن ينوى فى يمينه أن لا تستوعبها أكلا ولا تدخلهما جميعا لكن أحدهما فله نيته ويحلف، كذلك لا كسوتك هذين الثوبين وكساها أحدهما يحنث إلا أن تكون له نية أن لا يجمعهما لحاجته إلى أحدهما. وفى رواية ابن القاسم أنه وإن أراد أن لا يكسوها جميعا فهو حانث.
[4/83]
***(1/74)
[4/84]
ومن العتبية قال عيسى عن ابن القاسم فين قال لامرأتيه إن دخلتما هذه الدار فأنتما طالقتان فدخلتها واحدة فإنهما تطلقان، كقول مالك إن لو قال لا دخلتما دارين فدخلتهما واحدة أنهما تطلقان. وكذلك من اكل القرصين. وعاب قول من قال تطلق الداخلة فقط وقال لم يقله مدنى ولا أهل المشرق. ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف بطلاق زجاته أو لأيمائه بعتقهن لا دخلن داراً فدخلتها واحدة فإنه يحنث فى الداخلة، وقاله أشهب فى المجموعة. وروى عيسى فى العتبية عن ابن القاسم قال تطلق نساؤه أجمع وتعتق إماؤه بدخول إحداهن.
وقال فى المدونة لا شىء عليه حتى يدخلن كلهن.
ومن المجموعة قال أشهب فيمن قال لعبديه إن دخلتما هذه الدار فأنتما حران إن لم أضربكما عشرين عشرين، فدخلها أحدهما فيلزمه فيه اليمين، ثم إن لم يضربه عشرين عتقا جميعا، ولا يلزمه ضربهما بدخول أحدهما. ثم إذا دخل الثانى لزمه بدخوله مثل ذلك. وقال أشهب فيم قال لعبديه أنتم حران إن كلمتما أباكما وكلمه أحدهما فلا يعتق إلا هو. وعاب قول من قال يعتقان بذلك وقول من قال لا يعتقان حتى يكلماه، وقال أرأيت إن قال إن أهديتما إلى كل واحد منكما فرق أرز فأنتما حران فأهداه أحدهما فلا يعتق إلا هو. وإن قال إن شئتما العتق فأنتما حران فشاء العتق أحدهما فهو وحده يعتق، وكذلك فى الطلاق والتمليك فى مشتبه الزوجتين. قال ابن القاسم عن مالك فيمن عليه حق لرجلين فحلف لأقضينكما رأس الشهر إلا أن تؤخرانى فأتى فى الأجل بنصف الحق فقضاه أحدهما ووخره الآخر، قال لا شىء عليه.
[4/84]
***(1/75)
[4/85]
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف بالطلاق على رجلين إن لم يأكلا طعامى إن أكلت طعامها أبداً، فأكل أحدهما فله أن يأكل طعام الآكل لطعامه ولا يحنث وإن لم تكن له نية.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم وعن من كسا امرأته ثوبين وأقرهما عند الخياط فطرح إليها أحدهما فكرهته فقال إن رددتهما إلى فأنت طالق إن رجعا إليك إلا بقضية من السلطان، فردته إليه فرده إليها ثم ردته إليه، فقال قد حنث. قال إنما نويتهما كليهما قال لا ينفعك، أرايت لو كانت عشرة فردت تسعة ألم تحنث؟
فيمن حلف لا أكل شيئا فذاقه أو أكله مخلوطا بغيره
أو قال لا أكلته حتى يأكله فلان فأكلا جميعا
أو حلف إن هذا لفلان فإذا هو له ولغيره
من كتاب ابن المواز قال: والحالف على الشىء أن لا يأكله لا يحنثبذوقه ويحنث بما جاوزه.
ومن حلف لا أكل سمنا فأكل سويقا بسمن فقد حنث، وجد فيه طعمه ورائحته أو لم يجد، إلا أن ينوى السمن خالصا. وقيل إن كان سبب يمينه مضرة السمن له حنث، وإن كان لأنه قيل له إنك تشتهيه لم يحنث، وذكر ابن عبدوس هذا عن أشهب والأول عن ابن القاسم.
قال أحمد بن ميسر: إذا لم يجد طعم السمن لم يحنث بحال.
[4/85]
***(1/76)
[4/86]
وقال ابن القاسم فى الحالف لا أكل خلا وأكل مرقا فيه خل إنه لا يحنث إلا أن ينوى أكل طعام دخله الخل.
قال ابن المواز وأحب إلى أن يحنث إلا أن تكون له نية، وقاله ابن حبيب.
ومن كتاب ابن المواز وفى العتبية من رواية أبى زيد عن ابن القاسم: فإن حلف لا يأكل هذا الطعام حتى يأكله فلان فأكلاه جميعا فهو حانث، إلا أن يريد حتى يأكل معى. وكذلك إن حلف لا يشترى ميمونا حتى يشترى مباركاً فاشتراه فهو حانث، إلا أن تكون له نية. وكذلك لا نكحت فلانة حتى أنكح فلانة فتزوجهما معا.
ومن المجموعة قال ابن القاسم فى رجلين بأيديهما كتاب فحلف هذا أنه لفلان وحلف الآخر أنه لفلان فإذا هو كتابهما جميعا فالحالفان حانثان.
فيمن حلف لا شرب خمرا فشرب نبيذا مسكرا
من كتاب ابن المواز، يعنى مالكاً، ومن حلف لا يشرب خمرا بعينها فما شرب مما يسكره كثيره حنث به ما أسكر كثيره وغيره أو مطبوخ وغيره. وكان ابن القاسم ينويه فى الفتيا.
قال غيره فى المجموعة ولا ينوى فى قيام البينة.
قال ابن المواز وليس ذلك بشىء ولو نفعته البينة لنفعه قوله الخمر بعينها مع رفع النية لأن القول قوله، وكذلك قال ابن حبيب وذكره عن مالك.
[4/86]
***(1/77)
[4/87]
محمد وقال مالك فيمن حلف لا شرب وقال نويت عصير العنب إنه ينوى، وقاله ابن القاسم ونحن نرى أنه يحنث حتى يقول عصير العنب إفصاحاً. قال فى المجموعة عن ابن القاسم مثل ما ذكرنا عنه أولاً، قال أشهب هو حانث.
ومن المجموعة روى عيسى عن ابن القاسم فيمن أخذ وبه رائحة شراب فحلف بالطلاق أنه ما شرب خمراً فشهدت بينة أنه رائحة مسكر، فقال أردت الخمر بعينها، قال ينوى والقول قوله. ولو حلف لا شرب مسكراً حنث بكل مسكر.
قال عنه عيسى: إذا حلف لا شرب الخمر بعينها فشرب الطلا، فإن كان لم يبلغ أن يسكر، يريد من الطبخ، وكان يسكر كثيره حنث، إذ لا يخرجه من السكر غير طبخ يعود به لا يسكر فأما إن شرب غيره من ما يسكر فينوى فى الفتيا لا فى القضاء.
وقال فى الواضحة عن مالك مثل ما ذكر ابن المواز عن مالك وما نقله ابن المواز.
قال ابن حبيب: والخمر اسم جامع، فالتخصيص منه من ناحية الاستثناء الذى لا يجوز بالنية دون اللفظ. قال ومن حلف على شىء ولم يعينه فى يمينه وله مذهب يذهب إليه بنيته غير الذى حلف عليه فله نيته فى الفتيا لا فى القضاء. ومن حلف أن لا يشرب خمراً فشرب نبيذاً حلواً خلط بشىء من دردى المسكر أو الخمر أو درديه فهو حانث، وقاله كله أصبغ وذكر ابن سحنون عن
[4/87]
***(1/78)
[4/88]
أبيه مما روى عن ابن القاسم فى الحالف لا شرب فشرب طلا أو نبيذ عسل فسكر وقال نويت الخمر بعينها أنه حانث.
وقال سحنون لا أرى عليه حنثا. قلت فإن لم تكن له نية؟ قال لا حنث عليه، لأن مقاصد الناس فى الأيمان فى هذا إنما هى على الخمر بعينها.
تم الجزء الأول من الأيمان
والنذور من كتاب النوادر
بحمد الله تعالى وحسن عونه
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
[4/88]
***(1/79)
[4/89]
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الثانى
من كتاب النذور والأيمان
فيمن حلف إن فعل أو ليفعلن
فيفعل ما يشبه ذلك أو يقاربه
وما يرد فيه من ذلك إلى معنى يمينه ونيته
من العتبية من سماع ابن القاسم فيمن حلف بالطلاق أن لا يكلم امرأته وقتاً، هل يطؤها ويقبلها؟ قال فذلك له إلا أن يكون نوى اعتزالها فلا يفعل. وعمن وجد فى المجزرة زحاما فحلف بالطلاق لا اشترى اليوم لحما لأهله، فاشترى كبشا فذبحه لهم فهو حانث، إلا أن تكون نيته كراهية الزحام فى المجزرة، فله إن وجد فى غيرها كبشاً أو لحما أن يشتريه وينوى.
وإن حلف لا ركب حماراً فى حج وهو مدنى فركبه إلى جدة مرابطاً فلا ينبغى له ذلك. قال عيسى إنما نهاه لأن طريقه على مكة، ولو كان طريقه على غيرها كان ذلك له إن شاء.
[4/89]
***(1/80)
[4/90]
وعمن دخل بين ابنى عمه يصلح فاتهماه فحلف بالطلاق لا دخل فى أمرها بشىء، فذكر أحدهما أمره لرجل فقال الرجل للحالف: ادع لى فلاناً فذهب فلم يجده. فإن أراد الكلام والإصلاح ولم يرد المشى فلا شىء عليه.
ومن قال أنت طالق إن فوضت إليك شيئا، ثم أمر معلمه أن يدفع إجارته إليها وهو حائك وهى لم تقبض بعد. قال قد حنث لأن الأمر تفويض.
ومن حلف إن خرج إلى سفر أن لا يرجع إلى سنين، فإن أراد مصرا ثم تركها وخرج إلى غيرها فلا شىء عليه، وإن لم يرد موضعا فاليمين عليه إن خرج إلى أى سفر.
ومن تحمل لرجل بأجر فقال له الحميل حين أراد الحمالة: أخشى أن تغرمنى فحلف لا غرمتك منها شيئا، فحل الأجل فأراد الحميل أن يسلفه ويغرم عنه حتى يقبضه. قال لا يفعل وليتسلف من غيره، وكذلك هى فى المجموعة عن مالك، وزاد قال ابن القاسم وكذلك لو حلف له لأعطينك إياها عند الأجل فتحمل له، فلما حل الأجل قال له الحميل أخشى أنك تحنث ولكن أنا أسلم إليك دنانير على قمح أو اشترى منك ثوبك هذا أو أسلفك إياها لتقضيها فهو يحنث بذلك كله.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن جاء ببينة يدخلهم على ابنته فيشهدون على وصيتها، فحلف الزوج لا دخلوا عليها. فخرجت هى إليهم فأشهدتهم خارجاً من الدار، فينوى، فإن نوى ما يكره من أن يروا من حال بيته مما يكره فله نيته ويحلف، وإن كان إنما كره إشهادهم حنث. ولو خوصم فى هذه اليمين فأنكرها فلما ثبتت عليه البينة قال نويت كذا فله نيته تلك، وليس إنكاره اليمين يزيل ما يدعى من البينة، فإن تبين بالبينة كراهيته لما تشهد فيه والسخط فيه وهو ليس برب المنزل، قال له نيته ويدين ويحلف.
[4/90]
***(1/81)
[4/91]
ومن العتبية من سماع أشهب وابن نافع: ومن حلف لا دخل على أخته بيتا ما دام زوجها زوجها فغاب الزوج ومرضت فنقلتها أمها ، فأحب إلى أن لا يدخل إليها.
ومن حلف فى فراش ألا يضطجع عليه بعتق فالتحفه مع امرأته فهو حانث ، وقال أشهب فيمن حلف على بساط لا يجلس عليه فمشى عليه فإن أراد اجتنابه أو كره النفع به والجلوس عليه حنث، إلا أن يكون له نية أو سبب .
ومن سماع عيسى عن ابن القاسم ومن حلف لا يسأل رجلا حاجة فسأله رجل سؤاله فعرفه بيمينه وقال له كلم أبى يقوم لك بذلك، فلا حنث عليه إلا أن يأمر هو أباه بذلك.
ومن حلف لامرأته بالطلاق لا تغيبت عنك، فخرج فى حاجة لم يخرج ليغيب عنها فلا حنث إلا أن يريد إن غبت عنك.
ومن حلف بطلاق نسائه إن حلف بالطلاق فطلق واحدة منهن فلا حنث عليه. ومن حلف بطلاق كل امرأة يتزوجها إلا كفئا فأعتق جارية ثم تزوجها فنسى يمينه وهو فى بيت من الموالى فأراد الكفء فى الحب فقد حنث.
قال ابن القاسم عن مالك فى التى حلفت فى عبد لها لا باعته ولا وهبته أتتصدق به على ولدها؟ قال لا يعجبنى وهو كالهبة.
قال عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف أن يطأ امرأته فوطئها وهى حائض أو فى نهار رمضان فلا يبر بذلك ولو كانت يمينه ألا يطأها حنث بوطئه فى الحيض وفى نهار رمضان.
[4/91]
***(1/82)
[4/92]
وذكر ابن المواز عن ابن القاسم أنه يزول بذلك الوطء عنه يمينه ويأثم ولا حنث عليه .ولو كانت يمينه أن يطأها حنث بذلك الوطء.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه: ومن عوتب فى ضربه غلام رجل فقال إن كنت فغلامى حر، ثم أقر أنه كان خنقه. قال الخنق كالضرب، وإنما ينظر إلى بساط يمينه، فأذى الخنق أشد من أذى الضرب.
ومن المجموعة قال مالك فى عبد حلف لسيده ألا يأبق فأبق عنه ليلة فجعل على يد طالب الإباق فلقيه بالبلاط، فقال لم أبق إنما حملت البارحة شيئا إلى العقيق بأجر فلا شىء عليه، وليس هذا بإباق.
قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب فيمن قال أنت طالق إن بت معك اليلة فى منزلك فبات معها فى حجرتها فهو حانث إلا أن تكون له نيته.
وقال أصبغ عن ابن القاسم فيمن حلف بالطلاق لا دخلت امرأته الحمام سنة فذهبت إلى بيت أهلها بإذنه فأتيت بماء من الحمام فاستحمت به عندهم فلا شىء عليه. قيل إنها ذهبت إلى الحمام فرفعت ثيابها خارجا عند الباب ولم تدخل هى، فقال له أحلفت لا تخرج إلى الحمام ولا تدخله ؟ قال بل لا تدخله، قال لا شىء عليك إن أيقنت أنها لم تدخله. قال وموضع الثياب ليس من الحمام وإن كان يستر وتخرج إليه المرأة عريانة. قال أصبغ وكأنه يحنث لو حلف لا يخرج إلى الحمام أو لا يسير إليه بعورته، وقال به سحنون فى كتاب ابنه.
وقال أصبغ ولو حلف بالطلاق لا حضرت جنازة فأتى نعى رجل فبكته امرأته واجتمع النساء عندها فحضر عندها. قال ابن القاسم هو حانث.
قال أصبغ قال مالك فيمن حلف لا خرجت زوجته من المدينة إلا برضاه، فأقام عنها بمصر دهراً لا يبعث إليها بنفقة فخرجت إليه، قال يحنث لأنه هو ألجأها إلى الخروج.
[4/92]
***(1/83)
[4/93]
قال أصبغ فى امرأة تكثر الخروج إلى بيت أهلها فحلف الزوج بالطلاق لئن خرجت وبعث فى ردها وبعث فى ولدها الصغير فأخذه منها فرجعت لأخذه منه، قال هو حانث لأنه تسبب بذلك إلى ردها. وقال ابن سحنون عن أبيه لا يحنث بذلك وكذلك قال فى التى أبت أن تخرج مع زوجها إلى سفره فحلف لا أرسلت وراءك ، فأبى أن يبعث إليها نفقة فخرجت إليه لذلك قال لا يحنث بذلك.
قال أبو زيد عن ابن القاسم : وإن حلف إن دخلت امرأته بيتاً من الدار إلا بإذنه، فدخلت حجرة من حجر البيوت قال يحنث. وكذلك فى كتاب ابن المواز فيمن حلف لا دخل بيتا من الدار فدخل حجرته حنث.
ومن العتبية قال أصبغ: ومن حلف ليغسلن رأس فلان فغسله وهو ميت ، قال يحنث.
وعمن تزوج فى غيبته فحلفت زوجته لتسألنه الطلاق إذا قدم فبلغه فحلف إن سألته ليجيبنها، فقدم فسألته ذلك فملكها ولم تختر شيئا فلا شىء عليه، إلا أن ينوى بقوله لأجيبنها أى لأطلقنها. وكذلك فى كتاب ابن المواز.
والمسألة التى فيها لئن سألتنى الطلاق لطلقنها فملكها مذكورة فى باب جامع الأيمان فى آخر كتاب الطلاق.
ومن كتاب ابن المواز وهو فى العتبية من سماع أصبغ وعن صانع حلف لا عمل فى هذه القرية إلا لفلان وفلان، فأراد أحد منها أن يؤاجره لنفسه سنةً بأجر معلوم ويجعله يعمل فى الحانوت وما أصاب فلمن آجره، فإن كان الذى استأجره يلى المعاملة وهذا يعمل ولا يأخذ ولا يعطى لم يحنث، وإن أطلقه فى
[4/93]
***(1/84)
[4/94]
الحانوت للأخذ والإعطاء حنث لأنه يضمن ما يدفع إليه . وهذا الذى ذكره فى مخرج يمينه.
قال فى كتاب ابن المواز وقيل إلا أن يكون يكره الصنعة وأراد قطعها وقطع نفعها فيحنث بكل حال. وعن رجل كان يستعمله أخوه بأجر فحلف لا عمل له عملاً فجلس فى حانوته يعمل فيها فخبز له قمحا فأخذ من الخبز أجر عمل الدواب فقد حنث، إلا أن يكون الكراء لرب الطاحونة والحالف أجير عنده بأجر معلوم وليس له دزء من العمل فلا شىء عليه.
ومن حلف لا تحمل برجل إلى سنة فتحمل برجل اليوم إلى بعد السنة فهو حانث. ومنه ومن المجموعة قال مالك: ومن حلف بالطلاق إن أخرج من خراج زوجته لسيدها شيئا فأسلفها درهما فربحت فيه ما يؤدى، فقال له إن كنت لم تردها وإنما أردت ألا تخرج خراجها فلا شىء عليك، وما أحب أن تسلفها وأخاف عليك الحنث، وليأخذ الدرهم فيما يستقبل.
ومن كتاب ابن المواز: وعمن ولدت امرأته غلاماً فحلف ليجتنبن منها ما يفسد اللبن فكان يتفخذها ويعبث عليها دون الفرج، فليسأل عن ذلك، فإن كان مما يفسد اللبن حنث، وإلا فلا شىء عليه.
ومن حلف أن لا يشهد لى فلان ولا على فبعث منه سلعة بثمن إلى أجل وكتب به كتابا فكتب به شهادته على نفسه فى ذلك فقد حنث إن دفع الكتاب إلى صاحب الحق.
ومن اشترى لزوجته حيتاناً فسخطته فحلف لا أشترى لها عشاء لحماً ولا حيتاناً ولا نية له ، فلا بأس أن يشتريه فى الغداء إذا لم ير به وجه الضيق والضرر، ولا يحنث إذا لم يكن فى ذلك فضل عن الغداء، فإن كان فيه فضل فأخرجه ولم
[4/94]
***(1/85)
[4/95]
يبقه للعشاء فلا شىء عليه. ولا بأس أن يشترى عشاء غير اللحم والحيتان إلا أن يريد ترك العشاء كله.
ومنه ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم : ومن غدى رجلاً ثم حلف بالطلاق لا غداه أبدا فعشاه، فإن لم يكن له نية فلا شىء عليه. وزاد العتبى فى روايته: وهو كمن حلف فى جار أذاه لا ساكنه ولا جاوره فى هذه الدار، فله أن يساكنه أو يجاوره فى غيرها إن لم تكن له نية. وكذلك لو حلف لا ساكنه بمصر فله أن يساكنه بغيرها. وكذلك لو حلف لا كسا امرأته قرقل كتان ولا نية له فكساها قرقل خز فلا شىء عليه.
ومن حلف لا يحضر عرساً فعرس بعض إخوانه وانقضى ثم صنع طعاما ً فدعاه إليه، فإن كان ذلك الطعام لأجل ذلك العرس وشبهه فلا يدخله، وإن كان لغير ذلك فلا حنث. وإن صنعه لسببه لأنه لم يحضر العرس فلا يدخله. وكذلك إن صنعه لحرارة العرس فلا يدخله، وكذلك رواها العتبى عن أصبغ عن ابن القاسم. وقال قال أصبغ وإن صنعه لحرارة العرس فلا يدخله. وإن زعم أنه صنعه لغير ذلك لما يخالط الناس الشك واستجازة الناس مثل هذا وتأويلهم فيه فإن فعل حنث.
ومن المجموعة ورواها أبو زيد عن ابن القاسم فى العتبية فيمن حلف لا يتعشى فشرب الماء فلا شىء عليه. وكذلك إن شرب نبيذاً، فإن شرب سويقا حنث، وإن تسحر فلا شىء عليه.
ومن العتبية والمجموعة ابن القاسم عن مالك : ومن خرجت زوجته فعاتبها فقالت خرجت فى حق لك فحلف لا خرجت فى حق وجىء الحج، ثم سافر قبل
[4/95]
***(1/86)
[4/96]
ذلك فأمرها أن تخرج إلى أهلها فتقيم عندهم حتى يرجع فلا شىء عليه. وهذا ليس بحق. وروى ابن القاسم عن مالك فى الكتابين.
قال فى المجموعة ابن وهب عن مالك فيمن حلف لا تواكله زوجته فى صفحة شهراً فجاءته بطبق فيه رطب ليأكله وفيه بضعة لحم جعلتها للخادم وهى لا تأكل معه فهو يأكل الرطب فأخذت المرأة البضعة لتأكلها فأخذها من يدها وقال حلفت لا تأكلين معى ثم وامر نفسه ثم قال إنما حلفت لا تؤاكلينى فى صفحة وهذا طبق، فأعطاها البضعة فأكلتها، قال هو حانث والطبق والصفحة واحد.
ومن المجموعة قال على عن مالك: ومن حلف لا يعين بزيت ولا بطعام فلا يعين بزيت ولا طعام مفتت، وكذلك فى العتبية قال غيره فى المجموعة إن نوى الزيت خاصة لم أبلغ به الحنث، ولا أحب بعضه ببعض متفاضلا. كما أكره التفاصيل فى ولم ير مالك ما تغير بأشجار الأرض يخرجه من صنفه وإنما يخرج ذلك إذا طيب بصريح الطيب كالمسك والعنبر والعود وشبهه.
ومن العتبية قال سحنون فيمن حلف لا اشترى أكثر من عشر شياه فاشترى هو ورجلان ثلاثين شاه أثلاثاً، فغن قاسم شريكيه فنابه أكثر من عشر شياه حنث، وإن نابه عشرة فأقل لم يحنث.
قال: ومن حلف لا يحكم بين الناس فأتاه صبيان الكتاب فجار بينهم فليس هذا بساط ما حلف فيه. قال وإذا لم يكن لليمين بساط فاهرب.
[4/96]
***(1/87)
[4/97]
ومنها قال عبد الملك بن الحسن فى العتبية عن ابن القاسم فيمن حلف لا ركب فرسا فركب برذونا حنث، وإن حلف لا ركب برذوناً فركب فرساً لم يحنث.
وبعد هذا باب فيم نحلف لا دخل على فلان مسألة من حلف لا دخل دار فلان فدخل قريته أو حانوته.
فيمن حلف ألا يأكل شيئا فأكل
ما تولد منه واختل عن معناه
أو أكل ما يشبهه أو قال لا أكلت كذا
فشربه أو لا شربته فأكله
قال مالك وأصحابه فى الحالف ألا يأكل لحماً غنه يحنث بما أكل من لحم أو شحم، والحالف على الشحم لا يحنث بأكله اللحم. والعلة أن القائل لا أكلت لحما قد دخل تحت هذه الكلمة الشحم واللحم فى اللغة والعرف، كما لو أسلم في لحم ضأن وسط لم يكن للبائع ولا للمبتاع أن يقول هو شحم لا لحم فيه لكن له اللحم وإن كان فيه شحم لأن ذلك يقتضيه الاسم كما كان ذكر الله سبحانه لتحريم لحم الخنزير ينوب عن اسم الشحم وكان الاسم جامعا لذلك، فكان تحريمه للشحم على بنى اسرائيل لا يدخل معه اللحم ولا يدخل تحت هذا الاسم إلا الشحم، فكذلك الحالف على أكله الشحم لا يحنث بأكله اللحم لما ذكرنا.
ورأيت فى كتاب ابن سحنون قال سحنون: واللحم اسم جامع للحم والشحم.
ومن كتاب ابن المواز وهو فى المجموعة عن ابن القاسم وأشهب: ومن حلف لا شرب لبنا ولا أكله أو قال هذا اللبن، فله أن يأكل ما تولد عنه من سمن
[4/97]
***(1/88)
[4/98]
وزبد وجبن. فأما إن قال من هذا اللبن فإنه يحنث بأكل ما تولد منه من زبد وغيره. وكذلك قوله لا أكلت من لبن هذه الشاه بعينها، كان ذلك السمن وغيره مستخرجاً منها قبل يمينه أو بعده. ولو قال لا أكلت لبنها لم يحنث بأكل ما تولد منه ما لم تكن له نية، فإن كانت نيته على اللبن فهو أخف إذا خرجت من ملك ريها.
وإذا حلف لا يأكل من جبن هذه الشاه فله أن يأكل من لبنها وسمنها. وإن حلف لا أكل من سمنها فله أن يأكل من لبنها وزبدها وجبنها. وإن حلف لا يأكل من بسر هذه النخلة فلا يأكل من رطبها تمرها، يريد وكذلك لو قال من رطبها فلا يأكل من تمرها.قالا ومن حلف لا يأكل رطبا فله أكل التمر.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم قال: إن حلف لا أكل سمناً لم يحنث بأكل الزبد. ولو حلف لا أكل زبدا لم يحنث بأكل السمن، وإن حلف بالطلاق لا أكل لبنا بإطلاق وقال نويت لبن أحد الأنعام فذلك له فى الفتيا ما لم تقم عليه بينة وكذلك إن حلف فى السمن وقال نويت سمن البقر.
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة قال ابن القاسم: وإن حلف لا أكل قصباً فله أن يأكل عسل القصب والسكر، وإن حلف لا يأكل عسلا فله أكل رب العسل إلا أن ينوى ترك ما يخرج من ذلك. وكذلك على عنب فشرب العصير إلا أن يكون له نية فى ذلك كله. واما خل ذلك كله فلا يحنث به لتغيره منه فى المعنى والصفة وقاله أشهب. وكذلك قال ابن حبيب فى الحالف على العسل أو التين يحنث بشرب نبيذه إلا أن تكون له نية.
ومن كتاب ابن المواز وهو فى المجموعة لابن القاسم وأشهب فيمن حلف لا أكل من هذا الطلع فلا ياكل من بسره وتمره إلا أن ينوى الطلع بعينه.
[4/98]
***(1/89)
[4/99]
واستحسن أشهب أنه لا يحنث فى الطلع بأكل بسره ورطبه لبعد ذلك منه فى النفع والمعنى.
قال ابن المواز ولم يختلف فيمن حلف لاأكل رطباً فأكل بسرا، واختلف فى المتولد منه فلم يره ابن القاسم إلا فى الشحم من اللحم، وفى النبيذ من التمر، والزبيب من العنب، والمرق من اللحم، والخبز من القمح والعصير من العنب فأما غيرهذه الأشياء فلا شىء عليه فى المتولد إلا أن يقول لا أكلت منه فينحث، أو تكون له نية أو سبب وذهب ابن وهب فى المتولد أن من حلف على البسر فأكل رطباً أو على الرطب فاكل تمراً أو على الزبد فأكل سمناً أنه حانث بمنزلة الشحم من اللحم.
قال ابن القاسم ويحنث الحالف على اللحم بشرب مرقه ولا ينوى لأنه كبعضه ذبل وتهرأ فيه. قال عنه عيسى فى العتبية أخاف أن يحنث ومن كتاب ابن المواز وهى لأشهب فى المجموعة وأما من حلف لا أكل من هذه الضأن فلا يحنث بأكل لبنها وزبدها إلا أن ينوى ذلك.
قال أحمد بن ميسر وقد اختلف فى الحالف لا أكل من هذه النعجة فأكل من نسلها.
وقال ابن حبيب: أما إن حلف لا آكل تمراً فله أن يأكل الرطب والزهو، والحالف على الرطب والزهو فله أكل التمر إلا أن ينوى وما يؤول إليه. وكذلك إن قال عنباً فله أكل الزبيب. وأما إن قال هذا العنب أو عنب هذا الكرم فلا يأكل زبيبه، وكذلك إن قال رطب هذه النخلة أو هذا الرطب فإنه يحنث بأكل تمره. وسواء عنده قال من رطب هذه النخلة أو قال رطبها وسواء قال من هذا الرطب أو قال هذا الرطب ولم يقل من فإنه يحنث بأكله من تمره، إلا أن يقول لا أكلت
[4/99]
***(1/90)
[4/100]
من تمر هذه النخلة رطباً فليأكل منها تمرا. وكذلك إن قال عنب هذا الكرم أو قال هذا العنب قال يأكل زبيبه. ولو قال من هذا الكرم عنباً لم يحنث بأكل زبيبه وإذا حلف لا آكل هذا اللبن بعينه أو قال لبن هذه الشاة فلا يأكل ما تولد منه. ولو قال من هذه الشاه لبناً فله أن يأكل منها سمنا وجبنا وقال هذا أحسن ما سمعت، وقد اختلف أصحابنا فيه.
ومن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب: وأما الحالف لا آكل هذه الحنطة أو هذا الدقيق أو قال من هذه الحنطة أو من هذا الدقيق فأكل ذلك خبزاً أو كعكاً أو سويقا فإنه يحنث.
ومن كتاب ابن المواز ومن حلف لا أكل قمحاً فإنه يحنث بأكل الخبز والسويق لأنه كذلك يؤكل فى الأغلب إلا أن تكون له نية فى القمح لأنه ينبت التالول ولغير ذلك فينوى. وقد قيل ليس القمح من ذلك، من حلف لا أكل هذا القمح إنه لا يحنث بأكله خبزا حتى يقول من هذا القمح أو من هذا الدقيق. محمد: وهذا أجود.
ولو قال لا أكلت من هذا القمح فزرع فأكل ما أنبت فلا يحنث، كما لو اشترى بثمنه قمحا فأكله إلا أن يريد التضييق على نفسه.وقد قيل إن كره رد الحب لم يحنث وإن كان للمن حنث.
وذكر ابن عبدوس هذا القول عن ابن القاسم، والأول عن أشهب. قال أشهب وكذلك إن باعه فأكل غيره بثمنه فلا يحنث، إلا يريد التضييق على نفسه فيما يخرج منه من نبات أو تمر.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم وأشهب: ومن حلف لا شرب لبنا فلا يأكله، وإن حلف لا أكله فلا يشربه. قال وكذلك السويق فى الوجهين.
[4/100]
***(1/91)
[4/101]
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن حلف لا أكل من هذا العجين فعجن له دقيق ففضلت منه خميرة فعجن بالخميرة خبزا وبقى أيضاً من العجين خميرة ثم عجن بها ما أكل منه الحالف فإنه حانث إن كان يمينه على المن أو لكراهيته الدقيق. وإن كان يمينه لكراهيته ملك من كان ذلك العجين فزال من ملكه فلا حنث عليه.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: والحالف على الثوم لا يحنث بأكل البصل، وإن حلف لا يأكل البصل فلا يحنث بأكل الثوم. قال ابن المواز إلا يكون كره الرائحة فيحنث.
فى الحالف على اللحم أو الرؤوس أو الدجاج
أو البيض أو صنف من الحيوان وما تولد منها
ما الذى يحنث به من ذلك؟
من المجموعة قال ابن القاسم فى الحالف على الرؤوس أو البيض فأكل رؤوس السمك وبيضها أو رؤوس الطير أو بيضها سوى الدجاج، فليحمل على ما جرى به يمينه، فإن لم يكن له بساط أو كلام يدل على قصده ولا نية له لزمه الحنث بما يقع عليه ذلك الاسم.
قال فى كتاب ابن المواز والحالف على اللحم يدخل فيه لحم الطير والحوت طريه ومالحه، إلا أن تكون له نية أو سبب يدل على مراده .
وقال أشهب فى المجموعة لا يحنث فى اللحم والرؤوس إلا بلحم الأنعام الأربع ورؤوسها لأن عليها يقع أيمان الناس، إلا أن ينوى اللحوم كلها من طير وحوت وغيره. وأما البيض بكل بيض أكله استحسانا وليس بقياس. ويفرق ما بين ذلك بعد ما بين رؤوس الضأن والطير وقرب ما بين بيض الدجاج والطير ومنه ما يشبهه فى الخلق والطعم.
[4/101]
***(1/92)
[4/102]
وقال ابن حبيب لا يحنث فى الرؤوس بأكل رؤوس الحيتان والجراد إلا أن ينوى ذلك. وفى البيض يحنث بأكل بيض الطير، ولا يحنث ببيض الحوت حتى ينويه، وذكر قول ابن القاسم وأشهب.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف لا أكل لبناً أو سمناً فذلك من جميع الأنعام يحنث به، وإن حلف على أحد منها لم يحنث بأكل الآخر. قال ابن القاسم فيه وفى المجموعة: والحالف على الدجاج يحنث بأكل الديكة، والحالف على الديكة لا يحنث إن أكل دجاجة. قال عبد الملك ابن الحسن مثله وزاد: فإن قال لا أكلت دجاجة لم يحنث بأكل الديكة، ولو قال ديكا لم يحنث بأكل دجاجة، وكذلك ذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون.
ومن حلف لا أكل لحوم الوحش فله أكل لحوم الأنعام والطير الوحشى والإنسى، وإن حلف لا أكل لبنا فلا يأكل لبن الأنعام كلها، إلا أن تكون له نية فى بعضها.
ومن كتاب ابن المواز : وإن حلف على الكباش فلا يأكل النعاج ولا يأكل صغار ذلك كله. ولو حلف لا أكلف كبشا ولم يقل كباشا لم يحنث بأكل الصغار من ذكر أو أنثى. قال ابن حبيب إلا أن ينوى اجتناب لحوم الكباش فلا يأكل صغارها.
قال ابن المواز: وإن حلف لا أكل نعجةً أو قال نعاجاً فلا يحنث بأكل كبار الذكور وصغارها ولا بصغار النعاج.
قال ابن حبيب إلا أن ينوى اجتناب إناث الضأن على كل حال فلا يأكل صغارها.
قال ابن المواز: والحالف على أكل لحوم الأنعام لا يحنث بأكل الوحش. ومن حلف على الوحش فلا يأكل كل ما هو عند الناس من الوحش ولا يأكل
[4/102]
***(1/93)
[4/103]
الطير كله وحشيه وإنسيه. ومن حلف لا أكل خروفا لم يحنث بأكل الكبير مما خرج من الخرفان.
ومن حلف لا أكل تيساً أو قال تيوساً فلا يأكل عتوداً ولا صغار الذكور من المعز. وإن حلف على العتود أو العتدان، قال ابن حبيب والجديان فلا يحنث بأكل التيوس ولا بكبار الإناث .وأما صغار الإناث فيحنث به لأنه داخل فى العتدان.
قال محمد ومن حلف لا أكل خروفا فلا يأكل عتوداً لأنها عند الناس خرفان، ووقف عنها محمد، وقال أصبغ أمرهما واحد إلا أن تكون له نية أو سبب.
قال ابن حبيب: وإن حلف لا يأكل معزا فليأكل تيوسا ، وإن حلف على التيوس فلا يأكل جديا لأنه وإن صغر من التيوس عند العرب، إلا أن تكون له نية. وإن حلف على العتدان فله أكل الخروف بخلاف الحالف على الخرفان.
ومن كتاب ابن المواز: وإن حلف على لحم البقر فذلك جامع لصغارها وكبارها وذكورها وإناثها وكذلك الإبل. وإن حلف لا أكل عجاجيل حنث بذكورها وإناثها، ولا يحنث بكبارها من ذكر وأنثى.
قال ابن حبيب : وإن حلف لا أكل لحوم الإبل فلا يأكل فصلاناً لأن الاسم يجمعهما. وذكر فى لحوم ذكور الأنعام مثل ما ذكر ابن المواز، وذكر فى الحالف على اللبن وما يتفرع من مسائله نحو ما ذكر ابن المواز.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف على النوق فذلك يجمع الإناث من الصغار والكبار ولا يحنث بالذكور. وإن حلف لا أكل جملاً فلا يحنث بصغار الإبل من ذكر وأنثى ولا بكبار الإناث إلا أن تكون له نية أنه أراد لحوم الجمال.
[4/103]
***(1/94)
[4/104]
وقد قيل فيمن حلف لا يأكل جزوراً إنه لا يأكل لحوم الأنعام كلها من ضأن ومعز (وإبل وبقر) إلا أن تكون له نية أو سبب يدل على مراده. قال ابن حبيب وكذلك إن قال جزوراً. والحالف على جبن لا يحنث بأكل الحالوم، والحالف على الحالوم لا يحنث بأكل الجبن، إلا أن تكون له نية أو سبب يدل أنه كره ما يخرج من اللبن لضرره.
قال ابن حبيب مثل أن يجرب عليه وجعا فيقال له إنه ضرك فيحلف فيه فلا يأكل الآخر ، وإن كان لا ججه أحد فلا يمنع من الاسم الآخر.
قال ابن حبيب: فإن حلف على اللبن الحليب فله أكل المضروب، وإن حلف على المضروب فله أكل الحليب.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن حلف لا ياكل لحماً فأكل قديداً فهو حانث ، إلا أن تكون له نية. فإن حلف على القديد لم يحنث بأكل اللحم ولا أسأله عن نيته. والحالف عن اللحم يحنث بأكل الرأس، وإن حلف على الرأس لم يحنث بأكل اللحم.
قال ابن حبيب: يحنث بكل ما أكل من الشاة من كرش وأمعاء ودماغ وغيره.
[4/104]
***(1/95)
[4/105]
فى الحالف ألا يأكل القطنية او القمح
أو التمر أو الخبز أو الإدام أو الفاكهة
أو العسل أو الزيت أو الخل
ما الذى يحنث به مما شمل ذلك (الاسم) ؟
من كتاب ابن حبيب: ومن حلف لا يأكل القطنية فليتجنب كل ما هو عند الناس منها، إلا أن يخص منها بنيته صنفا يحلف عليه.
ومن حلف لا أكل قمحا حنث بأكل الخبز والسويق وشبهه، إلا أن تكون له نية فى أكله صحيحاً. والحالف على الخبز فله أكل القمح والسويق وشبهه، إلا أن يريد اجتناب ذلك كله، ولا يحنث بأكل خبز الحمص وغيره من القطنية لأنه خاص حتى ينويه.
ومنه وهو فى المجموعة: ابن القاسم ومن حلف لا أكل خبزاً فأكل كعكاً، قال ابن حبيب أو خشكنانا فقد حنث.
وإن حلف على الكعك لم يحنث بأكل الخبز اللين. قال مالك فى المختصر وكتاب ابن حبيب: ومن حلف لا يأكل تمراً فلا يأكل منه الكتل ولا كل صنف منه، وإن حلف على الكتل فليأكل المنتور إلا أن تكون له نية. وإن حلف أن لا يأكل لبناً حليبا فله أن يأكل مضروباً، وإن حلف على المضروب فله أكل الحليب.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن حلف على الرطب لم يحنث بأكل التمر، وقد تقدم هذا. وإن حلف على عنب أسود لم يحنث بأكل الأحمر ، ولا يسأل عن نيته.
[4/105]
***(1/96)
[4/106]
قال ابن حبيب وإن حلف على العسل فلا يأكل عسل القصب إلا أن تكون له نية. وكيف ما أكل العسل نياً أو طبيخا أو فالوذاً أو قباطا أو خبيطا أو طعاما دخله العسل فإنه يحنث.
وقد تقدم فى باب قبل هذا ذكر من حلف على خل أو سمن فأكله فى طعام صنع به.
قال ابن المواز: ومن حلف لا أكل زيتاً، فزيت الشام وزيت الفجل والقرطم والكتان يحنث به. وإن حلف على الخل والنبيذ فإنه يحنث بما أكل منه وإن اختلف عناصره. وكذلك فى كتاب ابن حبيب.
ومن حلف لا أكل إداماً ثبت فى معرفة الناس أنه إدام فلا يأكله، فمنه السمن والعسل والخل والزيت والودك والشحم والإهالة وما يصطبغ به، ولا يأكل الزيتون والجبن والحالوم والصير والسلجم وهو اللفت والحلاط والكاسخ والمرى والشيراز وشبهه إلا أن تكون له نية فى شىء يفرده. ولا أرى الملح الجريش ولا المطيب من الإدام . فإن كان قد قاله بعض العلماء فأحنثه به.
ومن حلف ألا يأكل فاكهة ولا نية له فى تخصيص شىء منها فلا يأكل رطباً منها ولا يابسا. ومن الفاكهة بعد النخيل والأعناب والرمان وشبهه من خضر الفاكهة من قثاء وبطيخ وجزر وقصب وأخضر الفول والحمص والجلبان، إلا أن يكون له نية خص بها نوعا أو بساط يدل على ما أراد.
وذكر ابن المواز نحو ما ذكر ابن حبيب فى الفاكهة وقال: إذا حلف على يابسها ورطبها فما ضمه اسم الفاكهة يحنث به، إلا أن تكون له نية أو بساط بتخصيص شىء. ومن الفاكهة النخل والعنب والرمان والبطيخ والخربز والقصب والفول الأخضر والموز والإترنج.وقاله ابن القاسم وابن وهب فى البطيخ.
[4/106]
***(1/97)
[4/107]
قال ابن القاسم فى المجموعة ومن حلف لا أكل فاكهة فأكل بطيخا أو فقوسا أو قثاء حنث إلا أن تكون له نية. ومن حلف لا أكل جوزاً فلا يحنث بأكل اللوز.
ومن العتبية قال أصبغ عن أشهب فى الحالف لا أكل خبزاً وإداما، فأكل خبزا وملحا إنه حانث كان مخصاً أو مبذرا.
قال أصبغ ومن حلف لا أكل كل يوم إلا خمس قرص فعملت له امرأته القرص أكثر مما كانت تعمل، فلا يحنث إذا أكل ذلك إذا زادت على القدر ولم تزد فى العدد.
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن حلف لا أكل مما تنبت الأرض فأكل مما تنبت الجبال فهو حانث. وإن حلف لا أكل مما تنبت الجبال فلا يحنث بأكل ما تنبت الفحص، لأن هذا قد خص. وإذا قال الأرض فقد عم. كما أن الحالف على اللحم يحنث بأكل الشحم لأن اللحم اسم لهما.
فيمن حلف على أكل شىء أو لباسه أو النفع به
فبيع هل ينتفع بثمنه؟ أو قال طعام فلان أو عبده
أو داره فابتاعه هو أو غيره. هل ينتفع بذلك فى
الملك الثانى؟ أو قال لا أكل فلان طعامى فباعه
من كتاب ابن المواز قال: وإذا لم يوجد للحالف سبب أو بساط يدل على مراده ولا ادعى نيةً فألزمه ظاهر لفظه وما لزمه ذلك الاسم. ومن حلف لا أكل طعام فلان ولا لبس ثوبه ولا سكن داره فباع ذلك فلان، فإن كان سبب أو نية تدل أنه أراد تعيين ذلك الشىء حنث إذا فعل ذلك فيه فى ملك من كان ، وإن لم يكن يريد التعيين لم يحنث إلا أن يقول هذه الدار أو هذا الطعام أو هذا الثوب فهذا يحنث، إلا أن ينوى ما كان فى ملك فلان.
[4/107]
***(1/98)
[4/108]
وكذلك إن حلف لا أكل فلان من طعامى أو قال من هذا الطعام وهو له ثم باعه فإنه يفترق فيه الجواب كما ذكرناوكذلك لو حلف لا أكل طعام فلان ولا لبس ثوبه ولا سكن داره فابتاع الحالف ذلك وفعل فيه ما حلف عليه فلا يحنث، إلا أن ينوى تعيين الشىء. ولو وهب له ذلك ففعل فيه ما ذكرنا فقيل لا شىء عليه، وقال أشهب والمغيرة وابن دينار وابن كنانة هو حانث.
وقال مالك فى امرأة حلفت لا تلبس لزوجها ثوباً، قال أكره أن تشترى منه ثوباً تلبسه. قال ابن القاسم ولو صح ذلك لم يحنث. قال ولو كساها ثوباً فسخطته فحلف لا لبسته هى فرده يريد على بائعه فاشترته هى فهو حانث، إلا أن ينوى لا لبسته من ماله.
ومن حلف فى ثوبه لا يلبسه فأكره أن يبيعه ويشترى بثمنه ثوباً إلا أن يكرهه لشىء فيه من ضيق أو صنعة فلا شىء عليه. وكذلك قال ابن القاسم فى المجموعة وقال فى السؤال فى ثوب عرض عليه وقال وكذلك فى الطعام إن كرهه لخبثه أو رداءة أو سوء صنعة. وإن كان للمن فلا يأكل مما اشترى بثمنه.
ومن الكتابين قال ابن القاسم فيمن حلف لا أكل من هذا القمح فباعه وابتاع بثمنه قمحا فأكله، فإن كره رداءة الحب لم يحنث، وإن كان للمن حنث. وقال أشهب مجملاً لا يحنث إلا أن يريد التضييق على نفسه فيحنث فيما أكل بثمنه.
ومن المجموعة روى على عن مالك فيمن حلف بالطلاق فى تمر ألا يأكله فباعه واشترى بثمنه دقيقاً فأكله، قال يحنث. قيل له إنه نوى التمر بعينه؟ قال لعن النبى عليه السلام اليهود فى بيع الشحوم وأكل ثمنها ومن العتبية من سماع ابن القاسم، وعمن كان له ولزوجته ولابنه دابتان فحلف بالطلاق لا انتفع بشىء
[4/108]
***(1/99)
[4/109]
منهما ، قال يسلمهما إليهما فيبيعانهما، ولا أحب أن يجعل ثمنها فيما ينتفع هو به من دابة أو كسوة من عليه نفقته، ولا يعرض لهما فيما يجعلان ذلك ولا يجعلانه فيما يدفع به النفقة عنه.
قال أصبغ يعنى أن الحالف أراد تسليم ذلك إليهما، فأما من حلف لا ينتفع بثمنه فله أن يحبسه لا يبيعه ولا يهبه ولا يتصدق به، لأنه إذا فعل ذلك به فقد انتفع به، وهذا إذا حلف لا ينتفع بشىء من ثمنه، فإن لم يرد ذلك فلا بأس أن يبيعه وينتفع بثمنه ويهبه.
قال عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف بالطلاق لا يستخدم خادم فلان فأعتقت ثم استخدمها فإن نوى ما دامت فى ملكه، أو كانت يمينه لمن لسيدها عليه لم يحنث، فإن لم تكن له نية حنث.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن مر على أخيه بفاكهة جنان فحلف الأخ ألا دخل تلك الجنان فباعها أخوه فلا يدخلها الحالف لقوله هذه الجنان ولو قال جنانك لم يحنث بذلك. وإذا حلف لا دخلها فحرثت فلا يدخلها إلا أن تصير طريقا للعامة لا جنان فيها ولا تحمى عن الممر فيها فلا يحنث بسلوكها. وإذا حلف لا يركب دابة رجل فإن قال هذه الدابة فلا ركبها وإن ملكها غيره، ولو قال دابته كان ذلك له.
ومن سماع ابن القاسم وعن امرأة كست زوجها ثوباً اشترته (بدين) فمنت به عليه، فحلف بالطلاق إن لبسته حتى تكتبى على ثمنه، فكتبت عليه به كتابا وشهد عليه به امرأتان، ثم لبسه وباعه، فقال له ما أردت؟ قال أداء ثمنه من عندى ، قال فادفعه إلى رب الثوب واكتب له بذلك كتابا ولا تدفعه إلى زوجتك ولا شىء عليك.
[4/109]
***(1/100)
[4/110]
ومن المجموعة ابن القاسم عن مالك فيمن حلف فى الطعام فى ملكه أن لا يأكل منه فلان فباعه فاشتراه فلان فأكله فلا يحنث الحالف، وقال فيما يشبهه إن لم يكن نوى ما كان فى يديه إنه يحنث، وهذا أحب إلى. والحالف لا يدخل دار فلان لشىء كان بينه وبينه لا يحنث بدخولها بعد أن باعها.
قال ابن حبيب فيمن حلف لا انتفع بمال فلان فزال من، ملكه فإن كان لوجه المن لم يحنث إن انتفع به، وإن كان لخبث ماله أو لشىء لازم فيه فهو حانث حيث ما انتفع به وإن تداولته الملاك. هذا قول مالك وأصحابه.
( قال ابن المواز قال) ابن كنانة فيمن حلف لا لبس من عمل امرأته فاشترى ثوباً من عملها ولم يعلم فلبسه، فإن حلف للمن لم يحنث، وإن كان لشىء يكرهه فى الثوب حنث، وقال نحوه ابن القاسم.
ومن المجموعة ابن القاسم وأشهب: ومن حلف لا يجاور عبد فلان ولا يكلمه وسماه، فباعه وباع الدار التى فيها العبد، فهل يحنث إن أقام على ذلك أو كلمه؟ قال إن لم يرد عتق العبد فلا شىء عليه إن فعل. وكذلك يمينه على طعامه وداره. وكذلك لو ملك ذلك الحالف بوجه.
قال أشهب: وإن كره ذلك لشىء فى عين العبد والدار والطعام فاليمين قائمة. ابن القاسم: وإن حلف لا أكل لفلان طعاماً فتسلفه منه فأكله، فإن حلف للمن لم يحنث، وإن لم تكن له نية حنث. وروى عيسى فى العتبية عن ابن القاسم مثله.
وإن حلف لا أكل من مال فلان فأكل من تركته قبل أن تقسم، فإن لم يكن عليه دين فلا شىء عليه، فإن كان عليه دين محيط بماله أو غير محيط وإن قل حنث.
[4/110]
***(1/101)
[4/111]
قال أشهب سواء عليه دين أو لا دين عليه، وذكرها ابن المواز، فذكر القول الأول وقال وقد قيل لا يحنث وإن أحاط به الدين لأنه إنما يأكل مال وارث أو غريم.
وبعد هذا باب من حلف لا يبيع من فلان، فيه هذه المسألة وزيادة فيها.
فيمن حلف لا أكل طعام فلان ولا ركب دابته
ولا دخل عليه ونحو ذلك ففعل ذلك فيما
هو لعبده أو لمن هو بسببه أو يشاركه فيما أكل
وما الذى يحنث به من ذلك وفى الدخول عليه؟
من المجموعة وكتاب ابن المواز قال أشهب فيمن حلف لا ركب دابة فلان فركب دابة عبده فلا يحنث، ولو حلف فى دابة عبده لم يحنث بركوب دابة عبده كما لو ركب دابة لولده مما للأب اعتصارها لم يحنث. وقال ابن القاسم يحنث بركوب دابة عبده، ألا تراه يعتق من يد عبده من يعتق على سيده قبل ينتزعهم السيد منه.
ومن العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا يستعير من فلان فاستعار من امرأته، فإن كان شيئاً هو لها لم يحنث، وإن كان للزوج حنث.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف لا أكل فى بيت فلان فأكل فى بيت غيره، يريد من طعامه، قال فإن كان لأذى أصابه فى البيت من أحد فلا شىء عليه، وإن أراد الرجل فقد حنث.
ومن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب فيمن حلف لا دخل بيت فلان فدخل عليه بيتاً وهو فيه بكراء إنه يحنث والبيت ينسب إلى ساكنه. قال
[4/111]
***(1/102)
[4/112]
أشهب: وإن حلف لا دخل منزل فلان فدخل على رجل يسكن بكراء فى منزل فلان فلا شىء عليه، وإنما منزل الرجل حيث هو نازل. قال غيره فيمن حلف لا يدخل بيت فلان فدخل داره دون البيت، فإن كانت الدار لا تدخل إلا بإذن ومن سرق منها قطع حنث. فأما دار جامعة تدخل بغير إذن فهى كالطريق فلا يحنث. وقال غيره لا يحنث إلا أن يكون نوى الدار أو يقول منزله، فالدار تعنى المنزل، إلا أن تكون داراً مشتركة فيكون فيها هذا التفسير.
وذكرها العتبى وذكر القولين عن ابن القاسم من رواية عيسى، وذكر نحوه ابن المواز.
ومن المجموعة قال ابن القاسم : ومن حلف لا أكل من طعام أخيه وكانا شريكين فاشتريا فى السفر طعاماً فأكلاه، فإن أراد لا أكل من طعام هو له خالصاً لئلا يكون له من عليه ولما كان بينهما فلا شىء عليه.
قال مالك ومن حلف لا أكل طعام فلان فسافر معه فاشتريا طعاما فأكله، ويمينه بالطلاق، قال يحلف ما أراد إلا طعاما له خالصاً ولا شىء عليه. قال ابن القاسم إذا علم أنه لا يأكل أكثر من صاحبه.
قال فى المجموعة وكره ابن القاسم أن يقربا سفرتيهما من غير شراء فيأكلا من الطعام وإن كان ذلك كفافا، وذكرها العتبى عن عيسى عن ابن القاسم، قلا إذا اشتريا طعاما فأكلاه، فإن كان أكل قدر حقه لم يحنث وهو رأى إن نزل وما أحب ذلك بدءا. ولو قربا سفرتيهما فأكلا منها من غير اشتراك وكان كفافا لم يعجبنى وخفت فيه الحنث.
قال أصبغ لا يحنث ، وهو كالاشتراء إذا أكل مثل طعامه فدون. قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن حلف لا أكل من عمل امرأته وكسب يدها شيئا فدعا
[4/112]
***(1/103)
[4/113]
بسويق من ماله ودعا بعسل فى تابوته فأخطأت امرأته بزيت كان لها من عمل يدها لرأسها فصبته له فشربه، فإن كان زيتا حنث، وإن كان دهنا لم يحنث.
فيمن حلف لا لبس لامرأته أو لفلان ثوبا
أو لا غزلت له امرأته أو لا لبست هى من ثيابه
أو حلف على ثوب له لا لبسه
ما الذى يحنث به من ذلك كله؟
من كتاب ابن حبيب: ومن حلف لا لبس من ثياب زوجته شيئا وذلك لمنها عليه فلا شىء عليه فيما يلتحف بليل ولا فى البسط والفرش وشبهها، وإنما كره المن فى ثياب الجسد التى تنازعا فيها حتى يريد بيمينه جميع ذلك، وإن لم تجر المنازعة فيها بعينها ولا كانت له نية فليجتنب ذلك كله وإلا حنث. والزوجة بخلاف الأجنبى فلو حلف لا لبس من ثياب الأجنبى شيئا لزمه اجتناب ذلك كله وإن نوى الثياب بعينها، ولزمه الاجتناب للنفع بشىء من ماله من عارية أو سلف أو ركوب دابة أو أكل طعام أو غيره ويحمل أمره فيه على طرح منه عنه وقطع نفعه، وليس يحمل فى المرأة على قطع منافعه كلها منها لما يخصه منها من حقوق النكاح وخواصه منهما. وهو لو حلف لا يعطيها دنانير أو دراهم فكساها لم يحنث ويحنث بذلك فى الأجنبى.
وإن حلف لا يلبس من غزلها لزمه ذلك كله فى كل ما يلبس ويفرش ويلتحق مما عملته قبل يمينه أو بعده، إلا أن يريد ما عملته بعد يمينه، ولا ينتفع بذلك فى شىء من الأشياء ولا بثمن ما حلف ألا يلبسه من ثيابها، فإن فعل حنث إذا كان أصل يمينه للمن، إلا أن كره ثيابها لصنعة أو غلظ أو لغير ذلك فله أن ينتفع بثمنها . وهكذا فسر لى ابن الماجشون وأصبغ فى ذلك كله.
وإن حلف لا يلبس لها ثوبا فقام من الليل فأخذ ثوبا لها ولا يعلم فائتزر به وجعله على ظهره أو منكبيه أو لف به رأسه حنث. ولو جعله على فرجه لم يحنث، قاله مالك وأصحابه وكذلك فى العتبية وغيرها عن مالك.
[4/113]
***(1/104)
[4/114]
قال ابن الماجشون وإن سألها أن تغزل له مشملة فأبت فحلف إن غزلت له خيطاً أبداً ثم أعطاها قطنا لتغزله لنفسها وتكتسى به فإن فعلت حنث لأنه يخفف بذلك مؤنة كسوتها إلا أن تكون كانت قبل يمينه تغزل لنفسها وتكتسى فلا حنث عليه.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: وإن حلف لا لبست امرأته من ثيابه فطرح ثوبا منها فوق مشملته ثم دخلت امرأته تحت ذلك وهو ناس فقد حنث إلا أن ينوى لبسا بعينه.
وقال فى كتاب ابن المواز إلا أن ينوى بعض الثياب دون بعض.
ومن المجموعة قال ابن نافع عن مالك عى أعمى حلف لا لبس ثوبا بعينه فدعا بثوب يلبسه فألبسته امرأته الثوب الذى حلف عليه ثم أخبرته، فقال أخروه عنى فأخروه. قال قد حنث.
قال ابن حبيب قال أصبغ: ومن حلف لا قعد على بساط سماه فمشى عليه، فإن أراد الاجتناب والنفع حنث حتى تكون له نية أو سبب يخرج به من الحنث.
فيمن حلف لا يكسو امرأته أو رجلا أو لا يهب
أو لا يفتدى له رهنا أو لا لبست أو لا أعرت ثوبا.
ما الذى يحنث به من ذلك؟
من المجموعة : ومن حلف لا كسا فلاناً فأعطاه دنانير أو حلف لا يهبه دنانير فكساه أو وهبه عرضا أو دابة، قال مالك يحنث، ولم يحنث فى الزوجة إن كساها وقد حلف لا يهبها دنانير.
قال ابن حبيب قال مالك: إن قال نويت العين فله نيته فى الزوجة ولا ينوى فى الأجنبى فى الوجهين، قاله مالك وأصحابه.
[4/114]
***(1/105)
[4/115]
ومن المجموعة قال أشهب إن حلف لا كساها فلانة فأعطاها دنانير فاكتست بها فإن أعطاها لتكتسى وإن لم يأمرها بذلك حنث.
قال أشهب عن مالك فى العتبية وهو فى المجموعة من رواية ابن نافع: إن حلف لا خدم أم ولده ولا اشترى لها خادما فأعطاها دنانير فاشترت به خادما، قال لا يحنث، قيل إنهم يقولون هى لا تشترى إلا بإذنه، فإذا أذن لها أو علم فكست حنث، قال لا ولها أن تشترى. قال ابن نافع إذا أعطاها فاشترت حنث.
ومن العتبية من سماع عيسى ومن كتاب ابن المواز قال مالك فى الحالف لا كسا امرأته ولا أطعمها ففدى لها ثوباً أو طعاما رهناً قال يحنث ثم وقف، قال فى العتبية ثم رجع إلى أن يحنث وإن لم تكن له نية. وإن نوى استحداث شراء لم يحنث وذكر ابن المواز أن هذا قاله ابن القاسم.
قال ابن حبيب قال أصبغ: وإن حلف لا تلبس امرأته ثوبا له بعينه فأعطته لجارتها لتلبسه وأخذت منها ثوبا لبسته، فإن أراد أن يحرمها لبسه ومنفعته حنث. كما لو باعته وابتاعت بثمنه ثوبا لبسته يحنث، لأن مجراه على المن، كما لو حلفت هى لا لبسته للمن فرهنته فى ثوب لبسته تحنث، لبس أو لم يلبس. وكذلك لو أعارته تحنث.
ولو حلف لسوء لباسها وقلة توقيها أو لأمر فى الثوب من صنعة ونحوه لم يحنث، ولو أراد صيانته حنث. وإن حلف لا ارعت لى ثوبا فأعارت إزار سريره أو لحافه، فإن كانت تعير ذلك قبل يمينه فقد حنث، وإن كانت إنما تعير ثياب جسده أو جرى الخطاب فيها لم يحنث، وإن لم تكن له نية ولا سبب يدل على قصده حنث حتى ينولا ثياب جسده.
ومن كتاب ابن المواز: ومن كسا امرأته قرقلا فسخطته فحلف لا كساها قرقل كتان سنةً، فكساها قرقل خز، فإن لم تكن له نية فى تضييق أو غيره فلا شىء عليه.
[4/115]
***(1/106)
[4/116]
فى العتبية أصبغ عن ابن القاسم : وإن حلف لا فدى لها ثوبها من الخياط ثم رهن عنده درهماً وجاء به ثم ذهب الخياط فلم يوجد، فإن أخذ الدرهم من زوجته لم يحنث، قاله مالك. قال ابن القاسم: إلا أن يكون أجره نصف درهم فلا يأخذ منها إلا نصف درهم.
قال عنه عيسى فيمن حلف لا كسا أخاه وابتاع سلعة بخمسة دنانير فقال له بعها ولك فضلها فإنه يحنث. قال عنه أبو زيد وإن حلف لا كسا امرأته فكست نفسها وكسا هو نفسه فقالت له ثوبك خير من ثوبى قال لها: أنا أبعثه فإن كان خيرا فخذيه وأعطينى ثوبك فلم يأتها بالثوب، فإن كان ثوبه خيرا فقد حنث، وإن كان أسوأ لم يحنث وإن أتاها به.
ومن سماع ابن القاسم وإن كساها ثوباً فحلف لا لبسته ورده فاشترته هى فلبسته، فإن نوى من مالى ولم يرد إن ملكته هى بعد بيعه لم يحنث ويحلف، وإن لك تكن له نية حنث.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن كسا امرأته ثيابا فدفعها إلى الخياط ثم حلف لا غرم فى خياطتها شيئا، فهل يفتكها أو يحبسها أو يبيعها أو يفتكها أخوه أو بعض أهله؟ قال ليفتكها غيره من عنده ولا يفتكها الزوج لنفسه ولا لبيع إلا أن ينوى لا افتكها لها. وذكرها ابن سحنون لأبيه من رواية عيسى فأجازها إلا فى قوله إنه نواه فوقف عنه.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف ألا يكسو أخته فماتت فكفنها حنث، إلا أن ينوى فى حياتها. وكذلك روى أبو زيد عن ابن القاسم فى العتبية وقال حلف لا كسا أخت امرأته وكانت تشتمه.
[4/116]
***(1/107)
[4/117]
وعمن عاتبه غلامه فى كسوة فحلف إنك لا لبست غير هذين الثوبين إلى مدة ذكرها، فأراد أن يحبسه فى البيت أو يبعثه فى السفر لئلا يرى عليه ذينك الثوبين فلا ينبغى ذلك، وإنما حلف ليرى عليه ذينك الثوبين بموضعه ليهينه ويكسره.
ومن المجموعة ابن القاسم عن مالك فى عبد طلق امرأته الحرة طلقة ثم حلف بالطلاق لا أنفق عليها إلى الهلال، ثم أعطاها درهمين تصنع بهما ما شاءت. قال ما رأها إلا بانت.
قال سحنون ومن حلف لا كسا امرأته إلى أجل فكست نفسها، فلما حل الأجل أعطاها ثمن الكسوة. أو حلف لا كسا عبده إلى أجل فكساه مديان للسيد، فقال له لم آمرك، فقال قد علمت أنه لا يلزمك فحبسه له بعد الأجل، فإن كساه الغريم بأمر يرجوه من ربه وقصد إلى الحيلة فى يمينه ورآه رب الحق فلم يغيره وفى قلبه أن يكافئه أو كان مثل ذلك فى الزوجة مما يتعدى من الحنث فى الأمرين، وإن لم يعلم الحالفان ولا أضمرا ذلك حتى مضى الأجل ثم علما فكافأ فأرجوا أن يسلما.
قال ابن القاسم عن مالك ومن حلف لا أنفق على امرأته حتى تستأذى عليه وحلفت هى بالصدقة لا استأذت عليه فاليمينان لهما لازمة، فإن استأذت تصدقت بثلث مالها له أن ينفق عليها، وإن زادها على قوتها فلا شىء عليه إن لم تكن له نية. وإن نوى ألا ينفق عليها أكثر من قوتها فهو على ما نوى.
فيمن حلف ألا ينفع فلانا ولا يهبه
أو لا يصله أولا يسلفه أو لا يعيره
أو لا ينفق عليه ما الذى يحنث من ذلك
من العتبية من سماع ابن القاسم وهو فى كتاب ابن المواز وابن عبدوس قال مالك فيمن حلف ألا ينفع أخاه بشىء فبعث لحما إلى بيت نفسه فأخطأ
[4/117]
***(1/108)
[4/118]
الرسول فدفعه إلى أخيه ثم علم بعد ذلك فلا شىء عليه. وله طلب الرسول بالثمن ويطلب الرسول بذلك أخاه.
قال عيسى بن دينار فى العتبية إن تجافى الحالف عن إغرام الرسول بالثمن وإغرام الرسول الأخ لم يحنث. وإن أغرم الحالف الرسول وتجافى الرسول عن الأخ لم يحنث. وإن تجافيا عنه جميعا حنث، وقاله أصبغ وغيره.
قال عيسى عن ابن القاسم فى الحالف بالطلاق إن نفع فلانا بأمر من عنده فساقه الماء فقد حنث، إلا أن تكون له نية من سلف أو غيره.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف بعتق عبده لا نفع فلانا بما معه، فأوصى له بوصية ثم رجع عنها أو صح فقد حنث، ويعتق من رأس المال، وإن مات فمن الثلث.
ومنه ومن المجموعة ومن العتبية من سماع ابن القاسم فيمن حلف لا نفع فلانا بشىء والحالف وصى رجل على صدقة، أيعطيه منها؟ أو أوصى له الميت هل يلى الحالف دفعها إليه؟
قال مالك إن نوى ألا ينفعه من ماله، ولعل له منه عوائد، فلا يحنث إن دفع إليه ما صار له فى يديه من ميراث أو دين له على الميت أو وصية.
قال ابن القاسم فى العتبية وإن لم تكن له نية فلا يجرى عليه شيئا. هذا وجه ما سمعت من مالك.
قال ابن سحنون: وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا ينفع فلاناً فأمر غلامه فسقاه ماء وليس ذلك نيته إنما أراد لا ينفعه. قال هو حانث، وقال سحنون ينظر بساط يمينه وإلى المنافع التى كان ينفعه بها فعلى مثل ذلك تجرى يمينه.
[4/118]
***(1/109)
[4/119]
ومن المجموعة قال ابن القاسم فيمن حلف لا يسلف فلانا أيقارضه؟ فكره ذلك وخاف أن يكون كره نفعه وهذا خير نفع من السلف؛ وعن امرأتين بينهما رقيق فإحادهما تعالج بهم لرجل طعاماً فحلفت بعتقهم لا عملت له، فأرادت شريكتها فيهم أن تعمله بهم، فإن كانت تهوى ذلك الأخرى ولعلمها بذلك تولته بهم فأخاف أن تحنث، وهذا شديد, وأخاف أيضا أن لا تسلم أن تدفع صحفة أو تطبخ قدراً ونحوه.
قال ابن القاسم وأشهب: من حلف ألا يهب لفلان فلا يتصدق عليه ويحنث بكل ما نفعه به عند مالك. قال أشهب: والهبة لغير الثواب كالصدقة، والصدقة هبة لغير ثواب, ويحنث إن وهبه أونحله أو أعمره أو أسكنه أو تصدق عليه أو حبس، إلا أن تكون له نية يعرف لها وجها فيصدق. قالا وإن حلف ألا يهبه فأعاره حنث. قال أصبغ إلا أن تكون له نية فله نيته.
قال ابن القاسم: وأصل اليمين فى هذا على النفع. قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: من حلف أن لا يصل رجلا فأسلفه حنث، وإن حلف ألا يسلفه فوصله لم يحنث، وقد يكره السلف للمطل وغيره. قال ابن حبيب فإذا حلف أن لا يصله حنث بالسلف والعارية وإطعام الطعام وبكل منفعة نوى قطع النفع عنه أو لم ينو.
ولو قال نويت السلف بالدنانير لا بالدراهم لم ينفعه إلا بتحريك لسانه، لأن الصلة اسم جامع فلا يخول منه شىء إلا بحركة اللسان. والمعروف من قول أصحابنا أن الذى لا يجريه إلا حركة اللسان (إنما هو فيما ينوى فيه إلا كذا أو إلا إن. وأما إن حلف ألا ينفعه ونوى فى نفسه بالسلف أو بشىء يخص به فلا شىء عليه.
وكذلك إن حلف ألا يكلمه ونوى فى نفسه شهراً. وأما إن نوى إلا شهراً فلا يجزئه إلا حركة اللسان).
[4/119]
***(1/110)
[4/120]
وإن حلف ألا يسلفه فلا يحنث إن أعاره أو وصله أو أطعمه أو باع منه بنظره أو نفعه مما شاء غير السلف، إلا أن ينوى قطع منافعه عنه، وقاله ابن الماجشون وأصبغ.
قال ابن الماجشون عن مالك فيمن حلف لا نفع فلانا ما عاش فمات فكفنه قال يحنث، وكذلك لو حلف ألا يؤدى إليه حقا ما عاش فكفنه، قال مالك يحنث. وكذلك إن حلف لا تدخل امرأته بيت فلان أو لا تزوره ما عاش فحضرت مأمته إنه يحنث. قال ابن الماجشون وكأن الكفن من أمور الحياة وهو من رأس المال.
قال ابن سحنون قال عبد المالك فى الحالف لا دخل عليه ما عاش فدخل عليه ميتا إنه يحنث. ولو حلف لا نفعه ما عاش فكفنه إنه حانث لأن الكفن مما يخصه ويكون من رأس ماله. والتى تموت ولا شىء لها يكفنها زوجها فكأنه من واجب أمرها.
وقال سحنون: أما الدخول عليه ميتاً فلا يحنث به وترجح فى الكفن ثم رأى أنه يحنث به.
قال ابن الماجشون وإن حلف لا نفعه بنافعة ما عاش فوجده مع رجل يشتمه فنهاه عنه فلا يحنث. وإن وجده متشبثا به فخلصه منه حنث. فإن سئل عنه فى نكاح أو هل يبايع بثمن إلى أجل فأثنى عليه خيرا حنث. وإن أراد أن يتحمل برجل فأثنى عليه سواء يعنى فترك، فإن تعمد صرف الحمالة ونفعه بذلك حنث، وإلا لم يحنث.
وقال فيمن كان يرفق امرأة برعى غنمها فلم تره له فحلف لا رعى لها غنماً فضمتها إلى غنم غيره، فوقع بينه وبين الحالف مباعدة، وفى كتاب ابن عمر منازعة، فتراعيا ماشيتهما وهو يعلم بما للمرأة فيها أو لا يعلم، فلا يحنث. ولو رعاها لها بأجر ولم يحابها لم يحنث، وقاله أصبغ. وكالحالف لا لبس لزوجته ثوباً يريد ترك منافعها فابتاع منها ولبس فلا يحنث إن لم تحابه.
[4/120]
***(1/111)
[4/121]
وفى آخر باب من حلف ألا يكسو امرأته مسألة من هذا.
فيمن حلف ألا ينتفع من فلان بشىء أو لا يسأله
شيئا أو لا يستلف منه أو لا يأخذ منه ماله عليه
ما الذى يحنث به؟
من العتبية من سماع ابن القاسم، وهو فى كتاب ابن المواز وكتاب ابن عبدوس، قال مالك فيمن حلف ألا يدخل إليه من أخته هدية ولا منفعة وكان بنوه يدخلون إليها ويصيبون اليسير من الطعام. قال أما الكبار ومن خرج من ولايته فلا يحنث بذلك، وأما الصغار فما نالهم مما لا يحمل عنه مؤنة لقلته فلا يحنث به، وما كان من طعام يحمل عنه به منهم مؤونة أو كسوة ثوب فإنه يحنث.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن أبت امرأته أن تسلفه ولها مال عين فحلف لا أخذ منه درهما، ثم أقام زماناً حتى أولجته فى عروض فبيعت ثم دخل فى عروض أخرى فأخذ من ثمنها ( مثل ) نصف درهم انتفع به، قال: يحنث إلا أن يكون نوى لا يقرب من مالها شيئا.
قال أصبغ: ومن حلف لا أخذ من مال فلان درهماً فأخذ منه قميصا وفيه درهم ولم يعلم به ثم علم بالدرهم فرده إليه. قال لا شىء عليه.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا يزرا امرأته من مالها شيئان فقربت إليه طعاما فأكل منه فهو حانث.
[4/121]
***(1/112)
[4/122]
ومنه ومن المجموعة: ابن القاسم عن مالك فيمن حلف لا انتفع من بيت امرأته بشىء، فإن نوى شيئاً خصه فلا ينتفع بما نوى، فإن لم تكن له نية فلا ينتفع بشىء مما فى البيت.
ومن المجموعة قال ابن نافع عن مالك فى مطلقة حلفت بالعتق لا قبلت من زوجها منفعة فقدم فخدمته جاريتها فلما خرج كساها ثوبا وأعطاها دراهم، فلا رأى أن تقبلها ولتردها لأن ذلك نفع لها وعون فى كسوتها وغير ذلك ولتبعت بذلك إليه إن غاب، وإن مات قبل أن تبعث به ولم يقبله فلا شىء عليها، وإن فات ذلك وقد قبلته دينت، فإن قالت لم أرد هذا ولا أردت خادمى ولا عبدى حلفت ودينت، وإن انتفعت من ذلك بشىء وإن قل فقد حنثت. ولو كانت الوليدة إنما نالت منه طعاماً أكلته فهذا خفيف.
قال ابن نافع وأشهب عن مالك فيمن حلف لا يقرب من مال أخيه شيئاً إلا بثمن ولا ينال منه دينارا ولا درهما، فأهدى أخوه لابنة الحالف أو لزوجته هدية فلا يقربها الحالف إن كانت يمينه غليظة وأخاف أنه أريد بذلك لو كانت يمينه تكفر لكفر وتناول. قال ابن القاسم عن مالك فيمن حلف لامراته عند سفره بالطلاق إن أخذت من فلان قمحا أو زيتا أو علاضا فاحتاجت فى غيبته، هل تأخذ منه دنانير؟ قال لا تأخذ منه شيئا.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف لا يسأل فلانا شيئا فبعث إليه فلان شيئا من غير مسألة قال لا يحنث وإن كانت يمينه على المن حتى يسأله. قال أصبغ لا يعجبنى، وأخاف أن يحنث. قال ابن القاسم: إذا أعطاه شيئا فلا يحنث إلا أن ينوى لا أخذت منه شيئا, وكذلك روى عنه عيسى فى العتبية.
[4/122]
***(1/113)
[4/123]
قال ابن القاسم فى كتاب ابن المواز وفى العتبية من رواية أصبغ: ومن حلف لا يسأل فلانا حاجة فاحتاج إلى ما فى يديه فلزم الجلوس يتعرضه ولا يسأله، قال لو تعرضه بالكلام مثل أن يكلم غيره وهو يسمع وهو يريده فقد حنث،كما لو حلف لا يكلمه. قال أصبغ و مثل أن يتعرض بذكر الحاجة عن نفسه لا يكلمه بذلك لا هو ولا غيره فهو تعريض يحنث به. وتعريض بالكلام قيل لابن القاسم: فإن لم يتعرض إلا بالجلوس فقط ولم يكن ممن يجالسه، قال لا يحنث، ولا أحب له أن يفعله ولا يعود.
قال أصبغ وإن سلم من فنون ذلك بكل وجه والحركة فيه، كمن حلف لا يكلم امرأته ثم يجلس معها ويطؤها. زاد فى والتطاول فيه وله والمطاولة عليه حتى يستدل المطلوب على إرادته فهو حانث.
ومن كتاب ابن حبيب قال مالك وأصحابه: ومن حلف ألا يقبل لرجل صلة فلا ينتفع له بسلف ولا بعارية ولا بطعام ولا منفعة.
قال ابن الماجشون فيمن له قبل رجل دراهم قتركها له وحلف بالطلاق لا أخذها ولا انتفع منها بشىء فوهبها المطلوب لابن الحالف بائن عنه، ثم طلب الأب من ابنه سلفاً فقال ما عندى غير تلك الدراهم التى حلفت فيها، فقال حلفت وهى له وهى الآن لك فأخذها سلفا، قال لا يفعل هذا بدءاً، فإن وقع وكان على تصنع حنث، وإن لم يكن على تصنع لم يحنث.
قال أصبغ وإن حلفت امرأة لا تتنفع بعمل خادمتها حتى تبيعها فأسلمتها لخدمة زوجها فإن لم تكن نوت ذلك فهى حانثة، وقد انتفعت بها حين كفتها من خدمته ما كانت تليه منه.
قال أصبغ عن ابن القاسم: ومن حلف لا انتفع من مال امرأته بشىء فنادى بغلامه فأمرت المرأة جاريتها فنادت به فقد حنث. قال أصبغ لا يحنث
[4/123]
***(1/114)
[4/124]
بالنداء حتى تكون قد سعت فيه ومشت. وقول ابن القاسم أحوط. وقال بعض أصحابنا يعنى ابن القاسم أن الخادم سمع العبد نداءها فجاء ولو لم يسمعها ومضت إليه فلم تجده لم يحنث.
قال أصبغ ومن من عليه أخوه بطعام فحلف لا أكل له طعاما، قال فلا يركب دابته ولا يلبس له ثوبا ولا ينتفع من ماله بشىء، فإن فعل حنث.
وقال ابن الماجشون فيمن حلف لا يسلف من أم امرأته دينارا فتسلفت منها امرأته دينارا فأعطته إياه ولم يعلم ثم علم، فليرده حين علم ولا حنث عليه. إلا أن يحبسه بعد علمه. وكذلك قال فيمن حلف لا قبل من أخيه صلة فدس عليه شيئا مع رجل أن الرجل وصله به فقبله فلا يحنث بقبوله حتى يعلم فيحبسه بعد العلم، وإن رده لم يحنث.
وقال أصبغ وابن عبد الحكم: ومن حلف لا أكل من طعام أخيه فبعث أخوه طعاما إلى أمهما فدخل الحالف إلى أمه فأكل منه وهو يعلم فلا يحنث لأن ملك أخيه زال عنه.
قال ابن الماجشون فيمن حلف لا أكل من تمرهذا الحائط فاحتطب غلامه منه وانتفع هو بذلك إنه حانث، لأنه أراد قطع منافعه من الحائط.
ومن سماع أشهب: ومن حلف لا أخذ لفلان مالاً فمات فلان فأخذ من تركته فلا يحنث إلا أن يكون عليه دين أوأوصى بوصايا. قال سحنون وكذلك قوله لا أكلت من طعامه، فإن أكل قبل تقسيم ماله فإن كان عليه دين أو أوصى بوصايا حنث.
قال ابن القاسم فى المجموعة: كان الدين محيطاً أو غير محيط، وقال أشهب سواء عليه دين أو لا دين عليه. وذكر ابن المواز قول ابن القاسم قال وقد قيل لا يحنث وإن أحاط الدين به وهذا قد تقدم فى باب قبله فيمن حلف على أكل شىء أو النفع به هل ينتفع بثمنه.
[4/124]
***(1/115)
[4/125]
قال ابن سحنون فيمن حلف لا يأكل من مال فلان ولا ينتفع منه بشىء فانتفع من ماله بشىء منه بعد موته قبل جمع ماله أو بعده قبل أن يدفن أو بعد ان دفن، فإن كان عليه دين فهو حانث، كان دين محيط أو غير محيط، فأما إن لم يكن عليه دين وقد أوصى بوصايا فلا يحنث لأن المال يرد بعد موته لأهل الميراث وأهل الوصايا، وما جرى فيه من حادث فمنهم وقال وقد أخطأ من ساوى بين الوصية والدين.
فيمن حلف ألا يكلم رجلا أو ليكلمنه
أو ليخبرنه فكاتبه أو أرسل إليه
أو عناه بالكلام أو أشار إليه
من كتاب ابن المواز: ومن حلف ألا يكلم رجلاً فكتب إليه أو أرسل إليه، قال مالك يحنث فى الكتاب ولا ينوى، واختلف قوله فى الرسول فقال يحنث إلا أن ينوى مشافهته، وقال لا شىء عليه.
ومن المجموعة قال مالك: الكتاب أشد، فمرة نواه فيه مع يمينه، ثم رجع فقال لا ينوى. قال وإن رد الكتاب قبل أن يصل إلى الرجل فلا شىء عليه. قال عنه ابن نافع ويدين فى الرسول ويحلف أنه أراد مشافهته، يريد فى أيمانه بالطلاق والعتاق.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: لا يحنث بالرسول ولا بالكتاب إلا أن يسمع الكلام الذى أرسل به الرسول فيحنث، لأنه لو حلف ليكلمنه فكتب إليه لم يبر . قال أشهب وإن ارتجع الكتاب بعد أن وصل إلى فقرأ منه بقلبه ولم يقرأ بلسانه فلا شىء عليه، قال لأن من حلف لا يقرأ شيئا فقرأ بقلبه لم يحنث وإذا كتب المحلوف عليه إلى الحالف فقرأ كتابه لم يحنث عند أشهب، واختلف عن ابن القاسم، فروى عنه أبو زيد أنه يحنث، وروى عنه أبو زيد أنه لا يحنث.
[4/125]
***(1/116)
[4/126]
قال عنه أبو زيد فى العتبية إنه لا يحنث. قال فى الكتابين فى هذه الرواية: وكذلك إن أمر عبده فقرأه عليه إلا أن يقرأه عليه أحد بغير أمره فلا يحنث. قال فى العتبية وما ذلك بالبين، قال فإن كان الكتاب إلى غير الحالف فإذا قرأه على الحالف بعد أن أخبره به فلا شىء عليه.
قال محمد: والصواب أن لا يحنث الحالف بقرأة كتاب المحلوف عليه، وقد أنكر هذا غير واحد من أصحاب ابن القاسم، وفى المجموعة عن ابن القاسم أنه لا يحنث ،ومن المجموعة قال أشهب لا يحنث الحالف بالكتاب إلى المحلوف عليه ولا بالرسول، كما لا يبر بذلك إن حلف ليكلمنه.
وقال ابن القاسم: لا ينوى فى الكتاب وينوى فى الرسول، فإن لم يكن له نية حنث، لأن الله تعالى جعله كلاما فقال (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا إلى قوله أو يرسل رسولاً).
ومن كتاب ابن حبيب: ولا يحنث بالكتاب حتى يقرأه المحلوف عليه، وحين يقرأ عنوانه يحنث، وإن لم يكن له عنوان فلم يقرأه أو قطعه ولم يقرأه لم يحنث. وكذلك إن سقط من الرسول فلا يحنث حتى يعلم أنه وصل إلى المحلوف عليه وقرأه.
ولو قال الحالف للرسول اقطع كتابى ولا تقرأه أو رده على فغطاه وأعطاه للمحلوف عليه فقرأه فلا يحنث. كما لو رماه راجعا عنه بعد أن كتبه فقرأه المحلوف عليه.
وأما الرسول فروى غير واحد عن مالك أنه يحنث إلا أن ينوى مشافهته فلا يحنث، وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ .
[4/126]
***(1/117)
[4/127]
وقال ابن الماجشون: الحنث بالرسول بخلاف الكتاب. قال ولو أمر الحالف من يكتب عنه إلى فلان فى كذا فكتب ولم يقرأه على الحالف ولا قرأه الحالف ووصل الكتاب فلا يحنث. ولو قرأه الكاتب على الحالف أو قرأه الحالف أو أملاه لحنث، والقول الأول فى الرسول أحب إلى.
ومن المجموعة قال ابن الماجشون: ولو حلف ليكلمنه قبل الليل لم يبر بالكتاب ولا بالرسول، وإن سمع المرسل إليه ما قال للرسول والحالف لا يعلم فلا يبر بذلك ولا يبرا إلا بأعلى الأمور مما لا شك فيه.
قال عيسى عن ابن القاسم إذا حلف لا كلمه فكتب إليه ثم رد الكتاب قبل يصل إليه فحرقه فلا يحنث، قاله مالك وابن وهب.
قال عنه ابن القاسم إذا كتب إلى زوجته بالطلاق غير مجمع ثم حبسه فلا شىء عليه. قال ابن القاسم فإن خرج من يده لم ينفعه قبل أن يصل وقد لزمه، وقاله ابن وهب، إلا أن يدفعه غير عازم فله رده ما لم يبلغها.
قال ابن حبيب فى الحالف على الكلام لو كلم رجلا لايريد به الرجل لكن إسماع المحلوف عليه وأن يفهمه بخطاب غيره حنث، وإن رمز له بكلام كلمه به فلم يفهمه ولا سمعه لم يحنث وإن كان معه جالسا.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: وإن حلف لئن علم كذا ليخبرن به فلاناً أو ليعمنه فكتب إليه او أرسل بذلك إليه فقد بر كالحالف ألا يخبره فكتب إليه بخبر أو أرسل به إليه أنه يحنث، وكذا فى المجموعة عن ابن القاسم وأشهب. قال أشهب وإن كان قد علمه من غيره فلا ينفعه ذلك فى البر والحنث، ويحنث الحالف أو يبر بفعله.
ومن كتاب ابن المواز والعتبية من رواية ابن القاسم عن مالك. ومن حلف لئن علم كذا ليخبرن فلانا فعلماه جميعاً ينفعه حتى يخبره. ولو حلف ألا يخبره به فعلمه الآخر من غيره، فإن أخبره به الحالف حنث.
[4/127]
***(1/118)
[4/128]
قال ابن المواز قال ابن وهب: ومن حلف لا يكاتب وكيلاً له فأرسل إليه رسولاً يقبض ما فى يديه، قال يحنث وليخرج إليه بنفسه إلا أن تكون له نية.
قال أحمد بن ميسر لا يحنث بالرسول ولكن يخرج إليه بنفسه إلا أن يكون له نية، ولا يحنث بالرسول لأنه لم يوجهه برسالة إنما بعثه لقبض ماله.
ومن المجموعة وإذا حلف أن لا يكلمه فأشار إليه، قال ابن القاسم لا يحنث ولا أحب أن يفعل، وقال غيره يحنث لأن الله يقول (ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزاً) وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم فى العتبية قال ابن حبيب كان أصم أو سميعاً، وقال عن ابن الماجشون يحنث فى الإشارة التى تفهم عنه بها. قال إن لم تكن الإشارة فى الصلاة كلاماً فهذا النفخ فيها كالكلام فلا يبر به الحالف على الكلام ولا يحنث به لو نفخ فى وجهه، وهو يحنث بالكتاب إليه ولا يبر بذلك .
وفى باب من حلف لا دخلت إلى فلان من معنى هذا الباب.
فى الحالف على كلام رجل وتركه فكلمه وهو نائم أو غافل
أو من حيث لا يسمعه أو وهو لا يعرفه أو ناسيا أو يسلم على
قوم وهو فيهم أو يؤمه أو يأتم به أو خاطب غيره يريد إسماعه
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا كلم رجلا فمر به وهو نائم فقال له الصلاة يا نائم فرفع رأسه فعرفه فقد حنث. وكذلك يحنث إن لم يسمعه وهو مستثقل نوما وهو كالأصم. وكذلك إن كلمه وهو مشغول يكلم رجلا ولم يسمعه. ومثله فى كتاب ابن المواز، وقال فى السؤال حركه وقال قم صل ولم يسمعه. قال اصبغ وهذا فى نوم يشك فيه لا يوقن باستثقاله أو يوقن بثقله وأيقظه بحركته. فأما إن أيقن باستثقاله ولم يوقظه بحركته ولم ينتبه وأيقن أنه لا يسمع فلا حنث عليه. كمن كلم ميتا وقد جعله الله أحد الميتين، أو كمن ناداه من
[4/128]
***(1/119)
[4/129]
مكان بعيد لا يسمعه وكان ابن القاسم يحنثه فى ذلك كله، كان أصم أو مشغولاً أو مستثقلا نوماً، وقال أيضا لا يحنث فى الأصم، وإذا كلمه من بعيد وهو لا يسمعه لم يحنث إلا أن يكون مد فى صوته مداً لو يسمع لسمعه فإنه حانث، وقاله ابن القاسم فى المجموعة.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف لا كلم عبد الله فمر بليل فسلم عليه ينوى إن كان غير عبد الله فقد حنث، ولا ينفعه إلا أن يكونوا جماعة فيحاشيه. فإن لم يذكره ولا حاشاه ولا علم به حنث إلا أن يرى القوم فيسلم على من رأى منهم وعرف ، أو يسلم عليهم ولا يرى أن معهم غيرهم. فأما إن لم يعرفهم أو لم يعرف إلا بعضهم فسلم عليهم ولم يحاشه حنث، وهذا كله فى المجموعة عن أشهب.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف لا كلم رجلا فجمعهما مجلس فقال الحالف لرجل بلغنى أن زيداً قال لك إننى قلت كذا والله ما قلته وزيد يسمعه والحالف لم يرد إسماعه فلا شىء عليه. ولو كان زيد بدأ فقال أخبره بكذا وكذا فقال الحالف لرجل إلى جانبه هل رأيت مثل هذا ما كان شىء من هذا فهذا شديد ويحنث.
قال: وإذا دق الحالف باب المحلوف عليه فقال له من هذا؟ فلا يحنث إلا أن يجيبه الحالف بشىء فيحنث. وإن كان المحلوف عليه هو الداق فقال له الخالف من هذا؟ حنث أجابه الداق أو لم يجبه. وإن قال الحالف لرجل انظر من هذا والمحلوف عليه يسمع فلا شىء عليه.
وإذا أم الحالف قوماً والمحلوف عليه فيهم فسلم، قال محمد إن سلم اثنتين فأسمعه الثانية حنث، قال أحمد بن ميسر لا يحنث.
قال وإن تعايا الحالف فلقلنه المحلوف عليه لم يحنث، وإن كان الحالف مأموماً فرد عليه السلام لم يحنث.
[4/129]
***(1/120)
[4/130]
قيل إن أسمعه رده حنث ، قاله ابن القاسم وأشهب. وأما إن تعايا فرد عليه الحالف فقد حنث. ومن حلف لا يكلم رجلا فكلمه يظنه هو قاصداً للحنث فإذا هو غيره لم يحنث، ولو كلمه وهو يظنه غيره حنث.
ومن المجموعة: أشهب عن مالك فيمن حلف بالطلاق لا كلم فلانا إلا ناسياً، فصاح ببابه المحلوف عليه فقال الحالف من هذا؟ أو لم يجبه وجلس وتقنع فخرج إليه الحالف ولم يعرفه فحركه وقال لعلك الذى صحت الآن، فقال الرجل الآخر قريباً منه أنا فلان، فعرفه الحالف فولى عنه. فال أراه حانثاً لأنه لم يكلمه ناسياً إنما كلمه جاهلا به، ولكن ليكلمه كلاماً يحنث به حنثا بيناً ثم يرتجع امرأته، وقاله ابن القاسم . وقال ولو حلف لا يكلمه إلا ألا يعرفه فكلمه وهو يعرفه ناسياً حنث، وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم فيه وفى الذى حلف لا كلمه ناسيا فكلمه وهو لا يعرفه غير ناس إنه حانث.
قال ابن نافع عن مالك: وإن حلف لا يكلمه إلا ناسياً فكلمه وزعم أنه كلمه ناسيا، قال ذلك إليه، ورواها أشهب فى العتبية. قال ابن القاسم وإن حلف لا يكلم رجلاً فكلم رجلاً يظنه هو وليس هو فلا يحنث، وإن كان هو ولم يسمعه فإن كان فى موضع يسمع من مثله حنث وإن لم يسمعه، وإن كلمه وهو أصم ولم يسمعه لم يحنث.
ومن العتبية قال أبو زيد عن ابن القاسم فيمن حلف لا كلم فلانا فشتمه فلان فقال الحالف لرجل إلى جانبه ما أنا كما قال، فإن أراد أن يسمعه فأسمعه فقد حنث. وعن مرأة حلفت لا كلمت مرضعة انبها فسمعت بكاء الصبى فنادتها أرضعيه فقد حنثت، قيل فأنكر زوجها، قال ليس ذلك على المعنى أراه يريد حلفت بالصدق.
[4/130]
***(1/121)
[4/131]
فيمن حلف ألا يكلم فلاناً عشرة أيام كيف يحسب
أو حلف لا كلمه حتى يرى الهلال فغم
أو لا كلمتك حتى تبدأنى أو حتى تفعل كذا أو أفعل كذا
من العتبية ابن القاسم عن مالك فيمن حلف بطلاق أو غيره لا كلم أخاه عشرة أيام، فأحب إلى أن يلغى ذلك اليوم ولا يعتد به، وقاله ابن القاسم، ورواه عنه سحنون فى كتاب النذور فيمن حلف ضحى لا كلم فلانا يوماً قال يكف عن كلامه إلى مثل تلك الساعة من الغد. وكذلك إن حلف فى الليل لا يكلمه ليلة.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: ومن حلف إن كلم فلانا حتى يريى الهلال فغم قبل ذلك. قال إذا ريى الهلال فهو الذى أراد رآه أو لم يره، وإن حلف لا كلم فلانا حتى يخرج من المدينة فليخرج فتجاوز مسيرة اليوم أربعين ميلا فأكثر كالإفطار فليجاوزه لأن مسيرة اليوم من المدينة كعملها ، واسم المدينة يجمعه، فإذا جاوز ذلك فقد خرج منها.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم وهى فى المجموعة فيمن قال لزوجته إن كلمتنى حتى تقولى إنى أحبك فأنت طالق، فقالت غفر الله لك نعم إنى أحبك فقدحنث. ومن قال إن كلمتك حتى تفعلى كذا فأنت طالق فاذهبى الآن إنه حانث. وقال أصبغ وابن كنانة لا يحنث، قال ابن القاسم: وفصل لى فيها مالك على ابن كنانة، قال ابن سحنون فقيل لسحنون اختار بعض أصحابنا قول ابن كنانة، قال القول قول ابن القاسم.
[4/131]
***(1/122)
[4/132]
قال أصبغ وقد قال ابن القاسم فى أخوين حلف كل واحد لا كلم الآخر حتى يبدأه، فليس يمين الثانى تبدية بالكلام وهما على أيمانهما، فمن بدأ الآخر بالكلام حنث، وقاله ابن كنانة، وكذلك فى كتاب ابن المواز.
قال ابن سحنون وكذلك روى محمد بن خالد عن ابن نافع وقال سحنون إن اليمين الثانى تبدية بالكلام فيقال للأول كلم الثانى ثم يكلمه الثانى بعد ذلك ثم لا شىء عليهما.
ومن العتبية روى محمد بن خالد عن ابن القاسم فيمن حلف لآخر بالطلاق لا كلمتك حتى تبدأنى ، فقال له الآخر أنا والله لا أبالى، فليس ذلك تبدية.
ومن كتاب ابن المواز: وعن أخوين كانا باليف فحلف الواحد لا كلم أخاه حتى يرجع من مكة، فلما رجع منها لقيه أخوه بالفسطاط فكلمه فلا شىء عليه إلا أن يكون نوى بموضعه. وقال عيسى بن دينار عن ابن القاسم فى العتبية لا يكلمه حتى يرجع إلى الريف، أرأيت لو لقيه بالجحفة أكان يكلمه؟
فيمن حلف لا كلم امرأته أو ابنته ولا دخل إليهما فخالطهما
أو حلف لا كلمتك إلا فيما لابد منه أو إلا فى شر
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون: من حلف لا يكلم امرأته فيؤاكلها من غير كلام فلا شىء عليه، وأما القبلة والوطء فلا يحنث بذلك إلا فيما يخالف عليه من الغلط بالكلام عند غلبة الشهوةوالإشارة التى تفهم مما يحنث به.
[4/132]
***(1/123)
[4/133]
ومن المجموعة قال ابن القاسم قيل لمالك أيقبلها؟ قال إن نوى الاعتزال فلا يفعل. وروى عنه أشهب فى المجموعة فيمن حلف لا كلم ابنته ولا شهد لها محيا ولا مماتاً أبدا ولا دخل إليهما بيتا فخرجت امرأته إليها فصحبها فجلس قرب بيت ابنته فخرجت إليه فتلقته فأطعمته بكفها وسقته. قال فلا شىء عليه، قيل إن منزلها فى حائط ومن دونها حائط آخر ، فقعد الأب لما انتهى إلى الحائط الأدنى، قال لم يقولوا هذا . قيل وفى اليمين لا شهدت لها محيا ولا مماتا وقد أكل طعامها، قال هذا مشكل ولا أدرى ما هو.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب فيمن حلف لا كلم فلانا إلا فيما لابد له منه، فوقع له عليه حق فكلمه فيه فقد حنث.
قال ابن حبيب قال أصبغ وإن حلف لا كلمه إلا فى شر أو خصومة فمر به وهو يكلم رجلا فكذبه، فإن كان ما كذبه له فيه من سبب شرهما الذى كانا فيه لم يحنث، وإن لم يكن ذلك أو كذبه فى غير ما كانا فيه فقد حنث. وإن مر به فشتمه ابتداءً أو كلمه بما يسوؤه حنث.
وفى باب الحالف لا دخل على فلان طرف من هذا.
فيمن حلف أن لا يأتم بفلان أو أن لا يخبر بخبر
ما الذى يحنث به من ذلك؟
من المجموعة وكتاب ابن سحنون فيمن حلف لا صلى خلف فلان فصلى خلف غيره فأحدث فقدم المحلوف عليه فقد حنث الحالف. قال فى المجموعة قيل فلو صلى المحلوف عليه بقوم فأحدث فقدم رجلاً فدخل الحالف خلفه، قال إن لم تكن له نية، فإن كان الأول قد قرأ فى الركعة ثم استخلف الثانى فركع وركع الحالف خلفه حنث، وإن كان الأول ركع ثم استخلف هذا فسجد فدخل الحالف خلفه
[4/133]
***(1/124)
[4/134]
فسجد معه لم يحنث. وقال عنه ابنه إذا صلى الحالف خلف المستخلف وقد وجب على الأول سجود السهو قبل السلام أو بعد السلام، قال لا شىء على الحالف إذا صلى خلف المستخلف .
قال ابن القاسم فى صبى سرق لمعلمه ثوباً من البزازين فعلم به أبوه فهدده ليخبره لمن هو، فحلفه الابن بالطلاق ألا يخبر فحلف فأخبره الابن عند من رهنه، فمضى الأب إلى السوق ليستدل لمن هو فجاء لمنهو فجاء رجل فأخبره الأب أين هو مرهون ففداه فقد حنث لأنه إنما حلف على الكتمان.
وعمن أخبر بخبر لعبد الله عن رجل وأخبر به لزيد وحلف زيد ألا يخبر بذلك الرجل، فقال الحالف لذلك الرجل اذهب إلى فلان يخبرك فمضى إليه فأخبره، أنه يحنث.
فيمن حلف لا دخلت على فلان بيتاً أو لا يأويهما بيت
أو لا دخل هو على أو لا دخل فلان على فلان
أو حلف لا دخل هذا البيت فصار مسجداً
ما الذى يحنث به؟
من العتبية أشهب عن مالك فيمن حلف لا دخل على فلان بيتاً فدخل عليه وهو ميت قال يحنث. قال ابن كنانة وقاله عبد الملك، وقال سحنون لا يحنث.
ومن العتبية قال أصبغ فيمن حلف لا دخل بيت فلان ما عاش أو قال حتى يموت، فدخل بيته وهو ميت قبل يدفن، قال يحنث.
[4/134]
***(1/125)
[4/135]
قال أشهب عن مالك وإن حلف بالطلاق لا دخلت امرأته على أختها حتى تأتيها هى وبناتها فماتت أختها ولم تدخل إليها، قال إن جاءها بناتها فلها أن تذهب إليها.
وعمن حلف لا كلم ابنته ولا دخل إليها أبداً وهو يريد تسليما فى صحة أو عيادة فى مرض، فمرض زوجها فنقله إلى جانبه وفتح بينه وبينه باباً فكان يدخل عليه إذا خرجت ابنته فإذا خرج دخلت، فمات الزوج فجعل على ذلك الباب ستراً فسقط فدخل فأصلحه وهى فلا الدار وقال لم أرد هذا، فلما غسلوه دخل به فى بيت من الدار ومعها قريب منها وقال لم أرد هذا إنما أردت زيارة فى صحة أو عيادة فى مرض، فلما دفن قال لامرأته قولى لابنتك أعظم الله أجرك وهى وراء ذلك الباب، قال إن سمعت منه ابنته التعزية فقد حنث. ولو أرسل بذلك إليها لم يحنث، وأما فى دخوله عليها فلا يحنث لأنه إنما حلف على زيارتها وعيادتها.
قال ابن القاسم عن مالك فى التى حلفت لا تشهد لأخيها محيا ولا مماتاً، فماتت ابنته فأحبت أن تنتظرها عند باب المسجد وتصلى عليها فكره ذلك، وقال عنه فى التى حلفت لزوجها لا دخل إليها من قرابتها أحد فمات أو طلقها، فإن نوت ما دمت تحتك فلا شىء عليها، وإن لم تنو شيئا فلتحتط ولا تدخلهم.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا يأويه مع فلان سقف بيت فجمعهم المسجد فلا شىء عليه ولا ينتفع من هذا وليس هذا مخرج يمينه. قال عنه أبو زيد: وإن جامعه فى الحمام حنث لأنه لو شاء أن لا يدخله فعل، وكذلك ذكر عنه ابن المواز أنه لو دخل عليه المسجد لم يحنث ويحنث إن دخل عليه الحمام، وفى سؤاله ألا يجامعه تحت سقف ولا يدخل عليه، فإن جامعه فيه أو دخل بيت جار له حنث، وإن كان المحلوف عليه هو الداخل عليه لم يحنث فى يمين الدخول إلا أن ينوى ألا يجامعه فى بيت فيحنث، وقيل لا يحنث إلا أن يقيم
[4/135]
***(1/126)
[4/136]
معه بعد دخوله عليه. ولو حمل الحالف فأدخل مكرها لم يحنث إلا أن يتراخى، ثم إن قدر أن يخرج فلم يخرج مكانه حنث، وفى سماع عيسى قال ابن نافع فى الحالف لا دخل مع فلان تحت سقف فتحول عن ذلك البيت فإن أراد اجتناب معاشرته وسوء خلقه وكراهية مجامعته فهو يحنث دخل معه تحت سقف بيت أو فى ظل جدار أو شجرة.
قال عيسى عن ابن القاسم، وهو فى كتاب ابن المواز، ومن حلف لا دخل على أخته فى بيتها فدخل عليها فى غير بيتها، فإن نوى القطيعة حنث ، وإن نوى بيتها بعينه لم يحنث، وإن لم تكن له نية حنث.
قال عنه أبو زيد قال مالك: وإن حلف لا يأويه وفلان سقف بيت أبداً فمر بسقيفة فيها طريق ولم يعلم أن المحلوف عليه فيها وقال: إنما نويت الجلوس، وإنما سلكت طريقا، فإن كانت الطريق نافذة تسلك بلا إذن لم يحنث وإن كان بيت يستأذن فيه فقد حنث.
قال ابن حبيب فى الحالف لا يجمعه وفلان سقف فإن أراد اجتناب الجلوس وغيره أو لا نية له فلا يجامعه فى بقعة ولا فى موقف، لا تحت سقف ولا فى صحراء، فإن فعل حنث، وإن لم يرد إلا مجامعته فى البيوت المسكونة فلا بأس أن يجلس معه فى الدار والصحراء حيثما شاء عدا السقف ولا شىء عليه فى المسجد للصلاة والجلوس، وليفترقا فيه ولا يجتمعان فيه فى مجلس، ويحنث فى الحمام. وأما السجن فإن سجن الحالف لم يحنث بدخول المحلوف عليه إليه طوعاً أو بسجن، وإن كان الحالف غير مسجون فكيفما دخل عليه المحلوف حنث، بطوع دخل أو بسجن، فالحالف حانث، وقاله ابن الماجشون وأصبغ.
وإذا حلف لا جامعه تحت سقف، فإن دخل عليه المحلوف عليه حنث ولا ينفعه إن خرج إلا فى يمينه لا دخل على فلان، وقاله أصبغ وغيره.
[4/136]
***(1/127)
[4/137]
ومن العتبية قال أصبغ فى الحالف لا يجامع فلانا تحت سقف بيت فحبسه الإمام كرهاً، قال يحنث إلا أن ينوى طائعا. قال ابن القاسم عن مالك فيمن حلف بطلاق امرأته لا يأويهما سقف حتى تأتى فتقبل رأسى وتعتذر .قال إن دخلت عليه فقبلت رأسه واعتذرت بر وإن خرجت قبل تفعل ذلك حنث.
وقال مالك فى التى بات زوجها عند ضربتها ليالى فحلفت بالحرية إن بت معه تحت سقف حتى يبيت معى مثل ما بات معها، قال مالك يبيت معها فى غير سقف ويدع الأخرى حتى تفرغ تلك الليالى. وكذلك ذكر فى كتاب ابن المواز. قال مالك ولا يعجبنا هذا ورأى مخرج يمينها على أن لا يقربها ولا تقربه إلا أن يكون للحالف نية ومراد.
قال أصبغ فى العتبية يحنث حيث ما بات معها لأنها قصدت الاجتناب ولكن يبيت معها فى الحجرة مثل تلك الليالى ولا يمسها فيها. ثم يبيت فى البيت إلا أن تنوى هى المصاب فى الحجرة فلا ينزلانه فى تلك الليالى.
ومن المجموعة والعتبية روى أشهب وابن نافع عن مالك فيمن حلف لا يبيت مع أمه فى قاعة الدار سنة، قال فليدع ذلك سنة، قيل ففى سطح بيتها، قال يسأل عن نيته.
قال فى المجموعةوالعتبية أشهب وابن نافع عن مالك فيمن حلف إن أدخلت فلانا بيتك لا دخلت إليك سنة، ثم أراد الحالف إدخاله وأبى المحلوف عليه، فإن أدخله حنث إلا أن يستثنى إلا برضائى.
[4/137]
***(1/128)
[4/138]
قال ابن القاسم فيمن حلف لا دخلت بيت أبى يومين حتى أفرغ ما بينى وبينك، فلم يدخل البيت يومين ولم يفرغ ما بينه وبينه فلا حنث عليه.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف لا دخلت امرأته بيت أمها فدخلت الابننة بيتاً فدخلت الأم عليها فكره ذلك. ومن حلف لا دخل لفلان بيتاً فدخل سقيفته، فإن كان أكرى السقيفة لنفسه وحده فقد حنث، وإن كان أكرى مجلساًَ فيها مع غيره
لم يحنث بدخوله عليه فيها.
ومن حلف لا دخل بيتا من الدار فدخل حجرته حنث. ومنه ومن المجموعة ابن القاسم عن مالك فيمن حلف ختنه إلى بيته حتى ينزع عما هو عليه، فأتى البيت والحالف وزوجته غائبان فكسر بابه ودخل بيته ، فقال له مالك فهل نويت بإذنك؟ قال نويت ألا يدخل ، قال قدحنثت.
قال ابن حبيب ومن حلف لا دخل دار فلان فلا يدخل حانوته ولا قريته ولا خباه ولا موضع له فيها أهل أو متاع وإن لم يملكه،إلا أن يكره عين الدار لما يكره فيها مثل عيال الرجل أو لغير مما يكره من الدار وهو قول مالك وما فسر لى أصبغ.
ومن كتاب ابن المواز ومن حلف لا دخل هذا البيت فحول مسجداً فلا يحنث بدخوله.
فيمن حلف لا دخل قرية إلا عابر سبيل
أو لا دخل على فلان أو لا سافر مع فلان أو لا صحبه فيه
ما الذى يحنث به من ذلك؟
ومن العتبية من سماع عيسى ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم فيمن كان ساكنا فى قرية فحلف لا دخلها سنةً إلا عابر سبيل فقدمها مجتازاً فبات بها
[4/138]
***(1/129)
[4/139]
ليلة أو قدمها نهارا فأقام بها بعض النهار او اكثره، فإن كان لم يقصد الخروج إليها والنزول بها لكن لحاجة اخرجته فلا يبالى إذا اقام بها كما يقيم المسافر لحاجته مما لابد منه فى المناهل قال فى كتاب ابن المواز إذا لم يقصد بإقامته المنزل خاصة ولا استحدث ما يؤديه إلى المقام.
قال فى الكتابين وإن أراد الإقامة فليتباعد عنها مثل خمسة أميال او عشرة، قال فى كتاب ابن المواز ثم يقيم ما شاء، وإن اتخذ ذلك متجرا، ومسكنا.
ومن كتاب ابن المواز ورواها اصبغ عن ابن القاسم فى العتبية ومن حلف لا دخل بلدا كذا وعليها فلان والياً فمر مختاراً بقرية من عمله بينها وبين المدينة اليوم واليومان وهو لا يدخل المدينة ، قال يحنث.
وقد تقدم شىء من هذا المعنى فى باب الحالف لا يأكل طعام فلان.
وإن حلف لا صحب فلاناً فى سفر فاكترى كل واحد منهما جمال فأدركه فى الطريق فسايره وهما مفترقان فى النفقة والكراء فقد حنث، وكذلك فى العتبية من سماع ابن القاسم عن مالك وقال فكانا يسيران ويتحدثان وينزلان إنه يحنث وقاله ابن القاسم.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن سافر مع ختنته فحلف لا صحبها فى سفرها هذا فإن نوى بعد أن يردها من هذا السفر فله ما نوى، وإن لم ينو شيئا فلا يرجع معها ولا يصحبها فى سفر آخر، وإن عرض لهما بعد زمن سفر إلى أرض واحدة لهما بها حاجة واحدة فركب الختن فى البحر وركبت هى فى البر وتواعدا إلى الموضع، قال : إن كان نوى لا يخرج معها فى سفر لها فيه بحاجة ومنفعة خفت أن يحنث، وإن كان على ألا يكون معها على طعام او صحبة.
[4/139]
***(1/130)
[4/140]
فيمن حلف لا عاد مريضا فارسل إليه
أو لا يصحب رجلا فعاده
من المجموعة ابن القاسم عن مالك فيمن حلف لا عاد احداً فمرض له أحد وبينه وبين بعض أهله صداقة فأراد أن يأتيهم إلى منازلهم فيسألهم عنه، فإن وجدهم عند المريض أرسل إليهم ليسألهم عنه فنهاه عن ذلك ، وكره لمن حلف أن لا يعود فلانا أن يجوز ببانه إليه بالسلام أو يرسل إلى أهله ليسألهم عنه وإن لم يجز ببابه.
قال ابن القاسم اما الذى يقف ببابه ويرسل إليه وإلى أهله يسألهم عنه فقد عاده وحنث، وأما أن يرسل إليه من منزله ولا يخرج إليه فأخاف عليه الحنث وليس بالبين وأنويه، فإن لم يرد الإرسال أو لم تكن له نية فلا حنث عليه.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن حلف لا يصحب أخاه فى حاجة فمرض فأراد أن يعوده أو عاده إلى طعام منزله أيحنث ؟قال لا، إلا أن ينوى اعتزاله.
فيمن حلف لا يشهد لأخيه محيا ولا مماتاً
أو لا تخرج امرأته لأبيها إلا فى فرح أو حزن
ومن المجموعة قال أشهب فيمن حلف لا شهد لأخيه محيا ولا مماتاً، فرأى رجلا يريد ظلمه فنصره قال يحنث. قيل فإن وكله أو كلمه، قال يحنث.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه فيمن حلف بطلاق امرأته أن لا تخرج إلى بيت أبيها إلا فى فرح أو حزن فولد له ولد ذكر أو أنثى فسربه الأب فخرجت فيه ثم مات الولد فحزن عليه فخرجت فيه، ومات عبد نفيس عليه، قال الولد فرح وهو له حزن ، وأما العبد الذى هو قوام الرحل ووجهه فليس يقع عليه فيه اليمين.
[4/140]
***(1/131)
[4/141]
فى اليمين على الهجران وترك الكلام
وكيف إن سمى أجلاً أو حيناً أو دهراً أو زمناً؟
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لامرأته إن لم تعملى كذا لأهجرنك، فلم تعمله، قال يهجرها ثلاثة أيام، وقاله ابن الماجشون واصبغ فى الواضحة، وذكرها ابن سحنون عن أبيه مثله.
قال وأحب إلى لو زاد على الثلاثة أيام وإن كانت الثلاثة أيام تجزئه.
ومن كتاب ابن المواز : ومن حلف ليجهرن زوجته ،قال يهجرها شهراً، ولو قال لأطيلن هجرانك فليهجرها سنةً. قال وقال ابن أبى مطر: الهجرة ثلاثة فى الحديث، والطول عندى شهر.
ومن المجموعة ابن القاسم عن مالك فى طول الهجران سنة، قال ابن القاسم إنما استحب مالك ما هو أبين وأقطع للشك، وإن الشهرين والثلاثة ليس بطول، فإن طال هجرانه وإن لم يتم السنة فلا حنث عليه، ولم ير الستة أشهر طولا، وكأنه رأى الثمانية وأكثر طولا. وكره أن يوقت فيه. وإن قال لهجرتك فليجهره سنة.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن القاسم وابن المجشون عن مالك الحين والزمان سنة فى الحالف ليهجرنه حيناً أو زماناً قال مطرف فى رواية فى الدهر أكثر من السنة وسنتان قليل وما أوقت فيه وقتاً ،قال ابن حبيب الأول أحب إليه ،ولم ير أصحابنا قول ابن المسيب أن الحين ستة أشهر من طلوع تمر النخل إلى حين يرطب،وقد يكون الحين والزمان أكثر من سنة وأقل على معنى ما يجرى فى الحلف على الهجران وبره فيه وقد أثم.
قال ابن الماجشون وهى جرحة وقال فى الحالف ليطيلن هجرانه فالشهر ونحوه، فما نقص أو زاد طول وقاله انب الماجشون وبه أقول.
[4/141]
***(1/132)
[4/142]
وقول ابن القاسم سنة قال أصبغ عن ابن القاسم: وإن سلم عليه ولم يكلمه فى غير ذلك فإن كان خاصا به لم يخرج بذلك من الهجران فى الإثم والجرحة، وإن لم يكن خاصاً به أجزأه فى ذلك كله. وإن حلف لا يكلم فلانا حتى يرحع فلان من سفر أراد الخروج إليه ، قال ابن الماجشون فليدع كلامه من الأن حتى يخرج فيرجع ، وإن كسر عن السفر فإن كان الحالف قد كان كره خروجه فأبى أن يكسر ثم كسر فله أن يكلمه ولا يحنث، فإن عاد إلى الخروج أمسك عن كلامه، وإن لم يحلف لكراهية خروجه لكن لغير ذلك فكأنه جعل قدومه من سفر أجلاً فلا يكلمه. وإن كسر حتى يمضى وقت قدر ذهابه ومقامه وإيابه ، وقاله أصبغ.
قال ابن الماجشون وإن حلف لأهجرنك سنةً فليس عليه وصل السنة بيمينه ولكن يهجره سنة حتى ما شاء عجلها أو أخرها. ومن قال امرأته طالق إن كلمتك سنة فالسنة من يوم يمينه . ولو قال إن شربت نبيذاً لا كلمتك سنة فالسنة من يوم يشربه، فإن قال إن شربته لا كلمتك إلى الفطر أو إلى الصدر فإنما يهجره إلى ما يأتى من الفطر والصدر بعد يمينه قرب شربه أو بعد لأنه وقت معلوم، والسنة مجهولة، وإن شربه بعد الفطر والصدر فلا شىء عليه ، وليس عليه هجرانه إلى فطر آخر أو صدر آخر. ولو حلف بالحرية إن شربته إن كلمتك شهرا فلا بيع رقيقه قبل شربه، فإن شربه فلا يبيعهم حتى يهجره شهرا وإلا حنث والشهرمن يوم شرب، وإنما يحنث فيمن ملكه يوم حلف لا يوم الشرب ولا يوم الحنث، وقال أصبغ فى موضع آخر له بيع رقيقه بعد الشرب .
قال ابن الماجشون: وإن حلف ليهجرنه شهرا فكان الشهر الذى هجره فيه تسعة وعشرين يوماً فليس عليه تمامه بيوم.
[4/142]
***(1/133)
[4/143]
ومن كتاب ابن المواز وعن امرأة حلفت لزوجها إن لم تخبرنى بكذا لا كلمتك شهرا فأمر نفسه ثم أخبرها بعد شهر ، قال محمد فليقدر فى ذلك بقدر ما أرادت من استعجال خبره أو تأخيره ، ولعلها أرادت فى مقامها أو لها وقت قد عرف ، فإذا فات لم ينفعها إخباره بعد ذلك.
فيمن حلف ألا يساكن فلانا أو لا يجاوره
أو قال لا أبيت مع امرأتى
من كتاب ابن المواز قال مالك فيمن حلف لا يسكن معه أو لا يجاوره فذلك كله سواء. فإن انتقل أحدهما فى مسكن بقربه والدار تجمعهما وكل مسكن بمنافعه ومدخله على حدة، فإن كانا أولاً فى منزل كالرفيقين فلا يحنث بهذا ، كانا اجنبين أو ذوى قرابة ،إلا أن ينوى الخروج من الدار. قال وإن كانا متجاورين لم يجزه حتى يخرج من جميع الدار. ولو قسمت بجدار وفتح فى كل نصيب باب إلى الشارع فكرهه مالك ولم يحنثها ابن القاسم بهذا وقال أشهب وإن كانت يمينه وهو بهذا الموضع ساكن فهو حانث على ما ذكرنا، وإن تباعد ما بينهما حتى انقطع ما كانت له اليمين فلا يحنث، وإن كان إنما ساكنا فى موضع آخر مما لا يشبهه قرب هذا الآن فلا حنث عليه. ولو كان أولاً جاراً له فى القبيل فإنه ينوى ، فإن قال نويت لا أسكانه فى دار صدق مع الكشف عن سبب يمينه، وإن لم تكن له نية حنث بالمقام إن أراد النقلة عنه من القبيل إن لم يكن له فلينتقل. قال ابن القاسم : وإن كان معه فى دار فانتقل لم يحنث بسكناه معه فى قرية ، وإن كان أولاً فى قرية وليسا فى دار، فإن ساكنه فى قرية حنث إلا أن ينوى فى دار، وإذا كان من أهل العمود فحلف لا يجاوره أو لينتقلن عنه ، فينتقل إلى قرية والمضرب واحد فلا يجزيه إلا نقله حتى ينقطع ما بينهما من خلطة العيال والصبيان حتى لا ينال بعضهم بعضاً فى العارية والإجتماع إلا بالكلفة والتعب، ويكون رحله كرحلة جماعتهم من مكان إلى مكان.
[4/143]
***(1/134)
[4/144]
ومن المجموعة قال ابن القاسم فى الحالف لا يجاوره، فإن كان فى دار فليخرج منها، وإن كان معه فى رحبة فليتنح عنه ويبعد حتى ينقطع ما كان بينهما من تناول العيال وأذاهم، وإن كان كمساكن البادية والخصوص فليتنح حيث لا يلتقى عبيدهم وأغنامهم فى الرعى ، وقاله مالك .
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم إن حلف ألا يجاوره وهما من أهل الباديى فليخرج إلى بادية أخرى إلا أن تكون له نية فيعمل عليها، وليذهب عنه إلى مثل ما لا يكون به جارين من البعد.
قال عنه يحيى بن يحيى : وإذا انتقل عن أخيه بنية ثم يأتيه عائداً لمرض أو زائراً فيقيم عنده يومين أو ثلاثة قال لا يحنث بذلك . قال عنه أصبغ : إذا حلف لا يساكن أخاه وهما فى دار لم ينفعه أن يبينا جدارا بينهما ويقيما .
ابن حبييب قال ابن القاسم فى الحالف على المجاورة إن كانا فى دار فلا يحنث إن ساكنه فى قرية، ولو كان فى قرية فساكنه فيها أو فى قرية غيرها حنث. قال انب حبيب وإن كان فى حارة فساكنه فى حارة غيرها حنث . لأن محمل يمينه على رفع المجاورة ، فلا ينفعه إلا الإبعاد منه ومن الحضر الذى يجمعهما فى المصلى والاختلاف إلى مسكنهما.
قال ابن الماجشون إذا حلف لا يساكنه وكانا فى دار فقسماها بجدار من جديد وسكن كل واحد فى مسكنه وخرج على باب نصيبه فلا يعجبنى ذلك
[4/144]
***(1/135)
[4/145]
إلا بجدار وثيق بالبناء فلا يحنث إذا أضرباه بينهما، إلا أن ينوى لا يجاوره فليبعد منه ولا يجمعهما معاملة ولا طريق وسواء قال إن ساكنتك فقط أو قال فى هذه الدار فلا يساكنه فيها ولا فى غيرها.
ومن كتاب ابن المواز : ومن أذاه جاره فحلف لا ساكنتك أو قال لا جاورتك فى هذه الدار أبداً فلا بأس أن يساكنه فى غيرها ولا يحنث إن لم تكن له نية. وأما إن كره مجاورته أبدا فإنه يحنث، وكذلك إن قال لا ساكنتك بمصر فساكنه بغيرها مثل ذلك سواء.
ولو حلف لا يجاوره، فأما فى أمهات القرى فيتنحى عن الطريق التى تجمعهما فى الدخول والخروج ، وأما فى البادية فإن افترقا فى الشرب والمورد والجمع فلا شىء عليه.
ومن المجموعة قال أشهب: وإن حلف لا ساكن رجلاً فسكن فى دار لها مقاصير كل واحد فى مقصورة فقد حنث إذا كان الاب الأعظم يجمعهم والدار شرعاً بينهما وما بينهما متقارب وأما أن تساعد ما بينهما كتباعد الجيران وكل واحد مستغن ولا شرك بينهما فى مرافق القاعة التى جمعتهم فلا يحنث، إلا أن يكونا هكذا قبل اليمين فيحنث، وإن كانت دار ذات مقاصير فى كل بيت ساكنه أو فى كل مقصورة ساكنها وكان هذا فى بيت أو كانا فى مقصورة والحالف فى حجرة المقصورة وصاحبه فى البيت فليخرج حين حلف إلى أى بيوت الدار شاء ولا يقيم معه فى المقصورة، وفإن أقام فى البيت أو المقصورة يوماً وليلة حنث .
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن حلف على جار له أن لا يجاوره فأقام بعد اليمين أكثر منيوم وليلة فإنه حانث وإن أقام أقل من يوم وليلة وقال أشهب لا يحنث إن أقام أقل من يوم وليلة، ويحنث فى يوم وليلة لا جاورتك ولا ساكنتك.
[4/145]
***(1/136)
[4/146]
ومن المجموعة قال ابن القاسم فيمن حلف لا يساكن رجلاً فى دار فبات عنده ليلةً لأمر نزل به من عرس ونحوه أو كان صهره فيضيف به ليلةً فليس هذا سكنى ، وقاله مالك . وأما إن حلف لا يأوى إليهم فألجأه مطر أو خوف أو جنة ليل فأوى إليهم ليلة أو بعض ليلة فقد حنث إلا أن يكون نوى السكنى.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب :وإذا حلف أن لا يساكن رجلا فلا يحنث بالسفر معه إن كانت يمينه مستحبة ، وإن رأى أن ليمينه وجهاً أو سبيلاً حمل عليه ،ومثله فى العتبية .
من سماع ابن القاسم قال ابن سحنون عن أبيه فيمن حلف بالطلاق لا يبيت مع امرأته فأراد أن يطأها ويقيل معها فيسأل عن نيته وبساط يمينه، فإن كره المبيت ف؟إن من الناس من تبخل ذلك عليه فله أن يقيل معها ويطأها نهاراً، وإن كانت نيته اعتزاله لها وأن يعمها باجتنابه فإنه يحنث إذا قال معها ووطئها نهارا.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم فيمن حلف لا يساكن أخاه فمرض فأتاه مرضه ليالى ، فإن كانت يمينه لما يقع بين العيال والصبيان لم يحنث، وإن كانت بعد هذا فقد حنث. قال مالك ولا يحنث بالزيارة وليست سكنى وذلك مختلف ، ليس زيارة الحاضر كزيارة من انتقل من قريته ، هذا يقيم اليومين والثلاثة وإذا كانت يمينه لما يقع بين العيال فنحاهم وأقام ببدنه فهو أخف . وقال أشهب ليست الزيارة مساكنة وإن طالت إن صح أن ليس القصد فيها السكنى. وإذا كان الحالف مغلوباً عليه فأقله إليه بعد أن انتقل عنه فلا شىء عليه.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك فى من سكن مع أخت امرأته فى بيت فحلف لا يساكنها فخرج وترك امرأته معها فأقامت معها أياما حتى وجد مسكنا نقل إليه أهله، ثم سافر فانهدم المسكن فعادت امرأته مع أختها حتى
[4/146]
***(1/137)
[4/147]
قدم ، فإن لم ينو لا يدخل عليها لزيارة أو مرض لم يحنث إن دخلت ومرضتها لأنه خرج ولم يسكن بها وإنما كان ذلك منها على غير ما نوى. قال أصبغ يعنى أنه نوى لا يساكنها هو بنفسه، ولو أبهم يمينه حنث فى تركه إياها معها حتى وجد منزلا.
وقال عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا يساكنه بداره فأقام عنده أياما ، فإن كان فى الحضر فليزره نهارا ولا يكثر ، ولا أرى أن يبيت إلا لمرض فليبت الليلة.
وأما فى غير الحضر فركب إليه فله أن يقيم اليومين والثلاثة، وقال مالك . وما يشبهه .
قال أصبغ فى الواضحة فإذا أكثر الزيارة نهارا فى الحضر أو أكثر من المبيت والمقام فى شخوصه إليه يعنى فى الحضر فهو حانث.
فى الحالف ألا يساكن رجلا أو لا يسكن هذه الدار
أو لينتقلن منها وكيف أن أقام بعد يمينه
من كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا حلف لا يساكنه فإن لم يخرج ساعة حلف حنث، وإن حلف فى جوف الليل خرج حينئذ وإلا حنث إلا أن ينوى الصباح فينتقل إذا أصبح ولا يصبر حتى يجد مسكنا.
وكذلك قال فى العتبية وقال لو حلف لينتقلن فليطلب منزلا ولا يطأها حتى بينتقل. قال أشهب فى المجموعة فى الحالف لا يساكنه فيخرج ساعة حلف ، ولكن لا يحنث فى إقامة أقل من يوم وليلة قال أشهب فى كتاب محمد: لا يحنث فى إقامة أقل من يوم وليلة إلا أن ينوى تعجيل الخروج قبل ذلك. قال أصيغ حد المساكنة عندنا يوم وليلة بعد اليمين، فإن زاد أكثر حنث ،وإن انتقل فلا يرجع أبداً بخلاف يمينه لأنتقلن . ولو قال الحالف على السكنى نويت ثم صدق فى الفتيا ولا ينفعه فى القضاء إن قامت عليه بنية . وكذلك لو قعد وقال نويت
[4/147]
***(1/138)
[4/148]
لا أساكنه بعد مضى شهر او سنة لصدق فى الفتيا ولا ينفعه إن قامت عليه بينة ، وإن لم تحضر يمينه بينة إلا أن أخبر بيمينه لغير واحد ، فإن أخبرهم مع ذلك ببينة فذلك له وإلا لم ينفعه.
فيمن حلف لينتقلن أو ليخرجن من هذه الدار أو هذه المدينة
أو ليسافرن، أو قال لا سكنت هذه الدار
من العتبية من سماع أشهب قال مالك فى فيمن نازع جاراً له فحلف بالطلاق لينتقلن عنه ، فإن كان كره جواره فلينتقل ولا يساكنه أبداً، وإن أراد النقلة ترهيبا ثم يعود فينتقل ثم يقيم شهراً ثم يعود إن شاء وهو وجه النقلة، وليس يوم نقله .
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك يقيم شهراً أو نحوه إلا أن ينوى ألا يساكنه قال ابن القاسم ولو رجع بعد خمسة عشر يوما لم يحنث ، والشهر أحب إلى إلا أن ينوى ألا يساكنه .
ومن كتاب ابن المواز قال ولو انتقل بعياله وولده وترك متاعه لحنث، وقال أشهب لا يدع شيئاً من متاعه ولا ممن كان يسكن مسكناً ، ولكنه لو خلف متاعه كله لم أحنثه، وإنما يحنث إن ترك أهله وولده لأنه مسكن بعد .
قال ابن القاسم من قول مالك إنه يحنث إن ترك متاعه أو بعضه ولو تصدق بذلك على صاحب المنزل او غيره فتركه فى المنزل لم يحنث .
وقال فى المنتقل إن ترك مثل الوتد والمسامير والخشبة فلا شىء عليه، وكذلك لو تركه ناسياً، وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم فى العتبية .
[4/148]
***(1/139)
[4/149]
قال ابن القاسم فى المجموعة : إن ترك مثل سرير وآنية أو مثل طعام كثير ترك أكثره ويمينه على وجه النقل فلا يبر بذلك ولا يعجبنى لأنه له فيه منفعة وإن لم يحتج إليه إلا أن يترك شيئا يلقيه من شىء لا يريد يرجع إليه.
قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب فى العتبية إن ترك مثل الزير والوتد والفخار وهو لا يريد الانصراف فيه لم يحنث، وإن كان إنما نسيه حنث.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا حلف فى الانتقال بطلاق زوجته فلا يقربها حتى ينتقل ، فإن رفقته ضرب له أجل من يوم يرفع ، وتعجيل النقلة له أحب إلى .
قال فى العتبية وإن حلف لينتقلن فليطلب لنفسه منزلا ولا يطأها حتى ينتقل.
قال فى كتاب ابن المواز : ومن حلف لينتقلن عن أبيه وكان يمن عليه فلا يدخل بيت أبيه ولا حانوته، فإن دخل حنث ، وكذلك الدار . قال محمد وأظن فى يمينه ولا دخل له دارا.
ومن سكن بمنزل لامرأته فمنت به عليه فحلف بالطلاق لينتقلن ولم يؤجل فأقام ثلاثة أيام يطلب منزلا فلم يجد فأرجو ألا شىء عليه. قيل فإن أقام شهراً، قال إن توانى فى الطلب خفت أن يحنث وإن حلف لينقلن فلاناً من دار له لأذى أذاه فيها فنقله ثم رده بعد أن طال ذلك فلا شىء عليه إن لم يكن له نية.
ومن الواضحة وقال فى الحالف بالطلاق لينتقلن فلا يحنث وإن أخر انتقاله، ولكن لا يمس امرأته حتى ينتقل إلا أن يضرب أجلا فله مساسها ، فإن حان ولم ينتقل حنث ، وإذا انتقل أقام قدر الشهر.
[4/149]
***(1/140)
[4/150]
قال ابن الماجشون : ولكن لا احب له أن ينتقل على نية شهر لكن ينتقل على غير نية توقيت، فإن بدى له بعد شهر رجع، قال أصبغ وإن رجع فى أقل منه لم أبلغ به الحنث. قال ابن الماجشون وكذلك إن حلف ليخرجن فلانا من داره فأخرجه فله رده بعد شهر.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف ليخرجن من المدينة فإن لم ينو إلى بلد بعينه فليخرج إلى ما تقصر فيه الصلاة فيقيم نحو الشهر قاله مالك، وهو استحسان، والقياس أن يخرج إلى موضع لا يلزمه فيه أن يأتى الجمعة فيقيم ما قل أو كثر ثم يرجع إن شاء ، والأول أبرأ من الشك وأحسن فى رأيى إن يكن ليمينه سبب فيجرى عليه.
وقال فى موضع آخر فى الحالف لا يتزوج من الإسكنرية فإن نواها وعملها وإلا فالاستحسان أن يبعد إلى موضع لا يجب منه المجىء إلى الجمعة. قال ابن القاسم وقال أصبغ يخرج إلى حيث يقصر عنده الصلاة إذا برز إلى سفر وحيث لا يعم فيه إذا قدم. هذا القياس والأول استحسان وهو أحب إلى . وإن تزوج فى الموضع الذى يقصر فيه من قريته لم أفسخ نكاحه.
قال أشهب فيمن حلف ليخرجن العام إلى مصر فخرج ثم رجع من بعض الطريق، فإن لم يدخل مصراً قبل تمام السنة حنث. وفى موضع آخر من كتاب ابن المواز عن مالك: ومن حلف ليسافرن فليخرج إلى ما تقصر فيه الصلاة ويقيم شهرا أحب إلى . وقيل أما سفر القصر فلا بد منه إلا أن ينوى دونه . وأما إقامة الشهر او أكثر فهو احب إلى ، إلا أن يرى ليمينه وجه ييريد به التغرب الطويل، وإلا فعل ما ذكرنا كالانتقال، وإن رجع دون الشهر لم يحنث إذا صحت النقلة والمقام بعد النقلة إلى الغاية فى الحضر والسفر .
وإن حلف لا يسكن فى هذه الدار الواسعة، فإن قصد لسعتها لوحشته فيها أمر غير ذلك مما يعلم سببه فضيقت لم يحنث إن سكنها، وكذلك إن كرهها لتشييدها فانهدمت فسكنها ، إلا أن يريد عين الدار وإنما ذكر الواسعة والمشيدة
[4/150]
***(1/141)
[4/151]
على الاسم لها وأنه يحنث بسكناها على كل حال، وكذلك المزوقة فذهب تزويقهاثم سكنها حنث.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك فيمن حلف لا فعل كذا وكذا حتى ينتقل من منزله وهو صاحب خيمة ، فلا احب له أن ينتقل إلى موضع قريب حتى ينتقل نقلة يعرف أنها نقلة.
ومن المجموعة : ابن القاسم عن مالك فيمن حلف لزوجته لئن خرج عنها إلى سفر وعاد إلى سنتين ، فإن أراد بلداً مثل مصر فبدا له فتركها ورجع إلى غيرها فلا شىء عليه، وإن لم يرد موضعا فاليمين عليه.
فيمن حلف على سكنى دار أو دخولها أو ركوب دابة
أو لباس ثوب وشبه ذلك وهو حال فى ذلك مقيم
من المجموعة: ابن القاسم ومن حلف على نفسه أو على زوجته لا لست
ولا سكنت أو لا ركبت فيما هو او هى فى حالين ، فإن استداما ذلك حنث، قال مالك إلا أن يترك ذلك مكانه .
قال ابن القاسم وإن حلف لها وهى فى الدار إن دخلت هذه الدار فلا شىء عليه فى تماديها، وإنما اليمين على امر مستقبل. ولو قال لحامل إذا حملت ولحائض إذا حضت ولنائمة إذا نمت فأنت طالق لم تطلق بتلك الحال ولكن بأمر مستقبل إلا الحائض فتطلق مكانها من باب أنه كأجل أت فى الحيضة المستقبلة.
وقال أشهب هو مثل الحمل . قال ابن المواز قال أشهب فى يمينه إن دخلت هذه الدار وهو فيها: إنه أن لم يخرج مكانه حنث.
[4/151]
***(1/142)
[4/152]
فيمن حلف ألا يبايع رجلا أولا يداينه أو لا يعامله
أو لا يتسلف منه او لا يلابسه او لا يفوض إليه
او ليقاسمن شريكه،ما الذى يحنث به؟
من المجموعة قال ابن القاسم فيمن حلف لا يبايع رجلا فآجره فقد حنث إلا أن يكون له نية،وقاله مالك. وكذالك يمينه لا يداينه إلا أن ينوى السلف والبيع،فإن حلف أن لا يلابسه فى متاع وفلان حميل بذلك المتاع فقد حنث.
قال أشهب عن مالك فيمن حلف لا يتسلف من رجل لا له ولا لغيره هل يتعاين منه؟قال لا.
قال أشهب فيمن حلف ليفاصلن شريكه فيما بينه وبين ثلاثة أيام فخاف الحنث فحل الأجل ولهما ديون غائبة وحاضرة وطعام ودواب حاضر وغائب،قال إذا تقاسما الدواب الحاضرة والطعام الحاضر وغيره من الحاضر مما يقسم متقاسما ما على كل غريم واحتال كل غريم من أهل الدين بحقه الذى يصير إليه ووفى بذلك الغرماء وحضروا وكتب بذلك كتاباً وتصدق المحلوف عليه على الحالف بحصته من الدواب الغائبة وكل من غاب عنه معرفته مما لم يذاكره عند المفاصلة صدقه لئلا كذا لم يحنث إن فعل ذلك قبل غروب الشمس من آخر يوم.وإن تصدق الحالف بذالك على الآخر لم يبر به وحنث،ولا بأس أن يزيده فيما صار عنده فى قيمة العلروض دنانير إلا أن يزيد للأجل الصدقة فيحنث،وإن لم يحنث الغرماء حتى قسما ما على كل واحد منهم أو تراضوا بالحوالة عليهما على ذلك فلا يبر بذلك ويحنث.
قال ابن القاسم عن رجلين كانت بينهما أرض فتقاوماها على أن أربح أحد منهما ال
أخر أربع فدادين،وذلك قبل يبدو صلاح زرعها،ثم حلف الذى صار له
[4/152]
***(1/143)
[4/153]
ذلك الزرع بالطلاق لا خالطه شريكه ولا شاركه فى شىء أبدا،قال فليرفعه إلى السلطان حتى يفسخه ولا شىء عليه،لأنه إنما حلف لا خالطه يريد بأمر مبتدأ إلا أن يكون نوى غير ذلك.
ومن كتاب ابن المواز وهو فى العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم:ومن حلف بالحرية أن لا يعامل أخاه ابداً وقد كان جحده ثمن شىء باعه منه،ثم إن الحالف أسلفه دنانير أو أودعه مالاً فهو حانث إلا أن تكون له نية فى البيع خاصة فيدين.
قال محمد بن عند الحكم فيمن حلف لا يشترى من رجل شيئاً وبينه وبينه عبد فأعتق الحالف نصيبه منه فقوم عليه السلطان نصيب صاحبه إنه حانث،لأنه لما أعتق نصيبه علم ان نصيب الآخر يقيم عليه،ثم رجع فقال لا يحنث لأن الحكم أوجب القيمة عليه،فإذا حلف أن لا يبيع منه شىء فأعتق المحلوف عليه نصيب من العبد فقوم عليه الإمام نصيب الحالف فلا شىء عليه.
فى الحالف ليفعلن فعلاً
أو لا يفعله فأمر غيره ففعله
من كتاب ابن المواز ومن المجموعة قال أشهب فيمن حلف أن لا يشترى عبداً فأمر غيره فاشتراه فهو حانث إلا أن تكون له نية أو ليمينه سبب مثل أن يكره أن يلين لأنه قد عتق غير مرة،وإما أن كره شراءه أصلا فقد حنث وكذلك فى يمينه ألا يبيعه،ولم ينوه ابن قاسم. قال ابن المواز قال مالك فى المأمور يبيع السلعة بأمر غيره فيبيعها ثم حلف لربها لاأنى ما بعتها وعليه بينة وقال مالك فى المأمور يبيع السلعة بأمر غيره
فيبييعها ثم حلف لربها أنى ما بعتها وعليه بينة وقال نويت أنى لن آل البيع فهو حانث
لأنه أمر بالبيع .
[4/153]
***(1/144)
[4/154]
ومن المجموعة قال ابن القاسم وأشهب فى الحالف ليضربن عبده فأمر غيره فضربه إنه يبر . قال أشهب كانت عليه بينة أو لم تكن، إلا أن ينوى يليه بيديه. قال أشهب ينوى.
قال ابن القاسم وإن حلف لا يضربه فأمر من يضربه إنه حانث إلا أن ينوى لا يليه بنفسه .
قال أشهب إن شكاه إليه رجل فقال إضربه لم يحنث ، وإن كان إذا حلف أمر رجلا بحضرته أن يضربه له فهو حانث، فإن كانت عليه بينة لم ينو ، وإن لم تقم عليه بينة فله نيته.
قالا ومن حلف بطلاق أو عتاق أن لا يطلق امرأته فملكها فاختارت نفسها فقد حنث، قال اشهب إلا أن تكون له نية لها وجه. قال ابن القاسم إن نوى أن لا يطلقها هو بلسانه فله نيته.
قالا ومن حلف بطلاق أو عتاق أن لا يطلق امرأته فملكها فاختارت نفسها فقد حنث،قال أشهب إلا أن تكون له نية لها وجه. قال ابن القاسم إن نوى أن لا يطلقها هو بلسانه فله نيته.
ابن القاسم عن مالك فيمن أمر وكيله يبيع ثوبه فباعه،فحلف ربه ما بعته فهو حانث،هو باعه حين أمر ببيعه.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف بالمشى إلى مكة لا زوج ابنته فلاناً فعذله فولى له فقال له قد وليتك ليمينى فزوجها المولى ودخل بها. قال النكاح تام وعليه المشى إلى مكة.
فى الحالف ليضربن عبده أو امرأته أو لا يضربهما
أو على فعل غير الضرب
من الواضحة : ومن حلف بالطلاق ليضربن امرأته مثل العشرة أسوات فقد أساء ويخلى وذلك ، وإن حلف على مثل الثلاثين ونحوها، فإن رفع إلى الإمام قبل أن يفعل طلق عليه إلا أن تستوجب ذلك بعصيان أو نشوز فيخلى وذلك، وإن
[4/154]
***(1/145)
[4/155]
كان لغير شىء فلم يمنع حتى فعل فلا يعاقب بغير الزجر والسجن، ولا يطلق عليه إلا أن يكون بها من اثار الضرب أثار قبيحة أو أمر مشتهر فيطلق عليه للضرر وإذا طلبت الفراق.
وروى ابن القاسم عن مالك فى العتبية فى الحالف ليضربن امرأته إلى شهر انه لا يعجل عليه بالطلاق قبل الشهر قال ابن القاسم إلا أن يحلف على ضرب لا يترك والبر فيه فليجعل عليه الطلاق.
ومن الواضحة ومن حلف ليضربن عبده مائة سوط فقد أساء ولا يعتق عليه ، ويخلى وذلك، فإن حلف على أكثر من المائة مما فيه التعدى والمثل والشنعة فليعتق عليه الإمام لا يمكنه منه لأنه لا يقدر ان يبيعه عليه لليمين الذى فيه ،فإن ضربه ذلك قبل أن يهتق عليه فيباع عليه ولا يعتق إلا أن يبلغ به من الضرر أمر شنيع فظيع يخشى عليه منه الهلاك فليعتق . وهكذا قال لى مطرف وعبد الملك وأصبغ فى ذلك كله ، وقال ربيعه فى جواز ضربه المائة وكراهية ما فوقها.
قال ابن الماجشون وإن حلف ليضربن أمته مائة جلدة فلم يفعل حتى حملت فليعتقها عليه الإمام ، فإن ضربها قبل ذلك بر فى يمينه وأثم، ولو لم يضربها حتى باعها فأولدها المبتاع فاليفسخ البيع فتعتق على بائعها ويرد جميع الثمن على المبتاع، ولا ثمن عليه فى ولده وهو حر. ومن حلف ليضربن امراته أو أمته فقال قد فعلت وكذبتاه فالقول قوله بلا بينة، وقال مالك. ولو ادعى ذلك ورثته بعد موته لصدقوا، ولو قالوا لا علم لنا وقال العبد ما ضربنى فالقول قول العبد ويعتق، ولو باعه أو تصدق به قبل موته لم يضرب العبد ويعتق إذا جهل الورثة الضرب ولم يعلم أن السيد أدعاه وقامت باليمين بينة.
[4/155]
***(1/146)
[4/156]
ومن حلف بحرية عبده ليعطينه عطية أو حلف بطلاق امرأته ليعطينها أو ضرب أجلاً فجاوزه وقالا لم يعطنا شيئا وقال قد أعطيتكما قبل الأجل فعليه البينة وإلا حنث، بخلاف الضرب، وكذلك فى الوطء . فأما العطاءو الهبة فبالبينة عليه وإلا حنث، وكذلك على فعل يفعله، وكذلك قال مطرف وابن الماجشون وأصبغ فى ذلك كله.
قال مالك: وإن حلف بعتق ميمون ليضربن مرزوقاً فباعه فإنه يعتق ميموناً كما لو مات مرزوق أو أعتقه، ولو باع ميموناً لفسخ بيعه وقال ذلك كله أصبغ.
ومن حلف ليضربن غلامه أو امته، فأدنى الضرب يجزيه إذا كان ضربا يوجعه وإن لم يكن شديدا. وقال عبيد بن عمير: يبر من يمينه بأدنى الضرب، قال وما تحلل به أيوب النبى صلى الله عليه وسلم يمينه بالضرب بالضغث خاص له ، قال مجاهد ومالك . والضغث ما جمعه الرجل بيده من شرك أو قصب أو نبات فيجمعه فيضرب به .
ومن العتبية و المجموعة روى أشهب وابن نافع عن مالك فيمن حلف ليضربن أمته أنه لا يبر بالضرب فى قدميها، واحتج بقول الله سبحانه مائة جلدة ولا يجوز ذلك فى القدمين .
وقال فى الحالف ليضربن أمته، فان حلف على ضرب لا ينبغى فإنه يمنع ويعتق عليه، قال عنه ابن القاسم ومن حلف لأمته فى عود بيده بالحرية ليكسرنه على رأسها فكسر العود ثم ضربها ثم انفلق، قال هو حانث ، قال ابن المواز قال ابن القاسم إلا أن ينوى فيحلف ويدين.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن حلف ليضربن غلامه الرأس فضرب وجهه فقد حنث، وإن لم يرد ذلك فقد بر إذا ضرب وجهه وخديه، ولا يبر بضربه
[4/156]
***(1/147)
[4/157]
فى اللحى الأسفل ولا الأنف . وإن حلف لا يضربه فى الرأس فضربه فى جبهته حنث إلا ان يريد فوق رأسه.
قال مالك : وإن حلف ليضربنه مائة سوط فجمعها فضربه بها ضربة إنه لا يبر بذلك. قال أشهب إلا أن يكون نوى ذلك ولا بينة عليه.
قال ابن القاسم: وإن حلف لا يضرب عبده فلكزه أو فتل أذنه أوقرصه فغنه يحنث، إلا أن يكون نوى بالسوط أو غيره . ابن وهب عن مالك: ومن حلف ان خرجت امراته ليضربنها، فخرجت فضربها وخنقها فلا شىء عليه، إلا يرى الإمام أن يفرق بينهما لمكان ضربه إياها فيكون طلقة.
قال ابن حبيب قال ربيعة ومالك: ومن حلف بحرية عبده أن لا يحله من قده سنة فحل العبد نفسه، فإن رده حين علم به فلا شىء عليه ، وإن تركه يوماً أو بعض يوم حنث.
فيمن حلف ليفعلن أو إن لم يفعل هو أو غيره وقد ضرب أجلا
أو لم يضرب ، وما حكمه فى البر والحنث والوطء
والولد والبيع ؟ وكيف إن مات الحالف؟
من الواضحة : ومن حلف بالطلاق أو بعتق أمته ليفعلن كذا ، فإن أجل أجلاً فهو على بر ، وإن مات قبل الأجل ورثته المرأة ولم تعتق الأمة إذا كان بقى من الأجل ما يمكن فيه الفعل، فاما إن ضاق باقى الأجل عن فعل ما حلف ليفعلنه فقد مات على حنث، فتعتق الأمة من ثلثه وترثه المراة، لأن الطلاق والموت وقع وهذا كله قول مالك وأصحابه.
ولو حلف على فعل عبده فإن ضرب أجلاً فهو كما لو ضربه فى فعل نفسه ، فإن لم يضرب أجلاً فقد اختلف فيه ، فلم يره ابن القاسم كالمولى ولا الأمة
[4/157]
***(1/148)
[4/158]
باليمين المرتهنة، ولكن يكون فيه التلوم بقدر ما يطلب المحلوف عليه ، فإن أبره وإلا طلق عليه الإمام وأعتق عليه. وإن مات فى التلوم عتقت فى الثلث وورثته الزوجة ، وإن مات بعد إنقضاء التلوم أو بعد مقدار التلوم عتقت الأمة من رأس المال.
وقال ابن الماجشون بل هو مثل الحالف على فعل نفسه فى جميع وجوهه، وحكاه عن مالك، وبه أقول.
قال عبد الملك: وكل من حلف ليفعلن هو شيئا ولم يضرب أجلاً يعتق أمته ، وقد يحنث فى حياته ، مثل أن يحلف أن يضرب عبده أو يقضى غريمه، لأنه قد يموت العبد أو الغريم والحالف حى فيحنث بهذا الإبطاء.
قال : وكل ما لا يحنث فيه إلا بموت نفسه، كقوله لأسافرن سفراً أو لأقدمن بلداً فهذا له وطء الأمة قبل البر لأنها كالمدبرة، وقاله ابن الماجشون وابن كنانة، وأبى ذلك ابن القاسم وأصبغ ولم يجز له الوطء، والأول أحسن.
وقال مالك وأصحابه المدنيون فإذا حلف بحريتها ليفعلن كذا فما حدث لها من ولد اليمين فبمنزلتها، ولو كانت يمينه لا فعلت كذا فما حدث لها من ولد بعد اليمين فلا يدخل فى حكم اليمين ، وكان ابن القاسم يلوذ فيها.
وقال أصبغ فيها كقول مالك ، وكذلك فى المجموعة عن عبد الملك . وفى كتاب ابن المواز عن غير واحد من أصحاب مالك، وذكر عن ابن القاسم فيه اضطراب.
وذلك مذكور فى كتاب العتق مستوعب فى باب مفرد .
ومن كتاب ابن المواز ورواها أبو زيد فى العتبية عن ابن القاسم: ومن حلف بحرية أمته ليبيعنها ولو بوضيعة عشرة دنانير فلم يعط إلا وضيعة خمسة عشر فلا شىء عليه وليطأها وليبتغ بها الأسواق أبداً. وإن مات لم تعتق فى ثلث.
[4/158]
***(1/149)
[4/159]
ولا فى غيره.وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم،وقال يعرضها أبداً ما عاش،فإن لم يجد من يأخذها بذلك حتى مات فلا حنث عليه،فإن وطئها فحملت منه عتقت عليه ساعة حملت.
ومن كتاب ابن المواز:ومن حلف بالطلاق لئن بان له قبل فلان حق ليضربنه فلا يوقف عن امرأته حتى يدور له قبله حق ويثبت،وإن هرب عنه فيستأنى عليه ما كان يستأنى عليه لو حضر،ولا يقصر ولا يفرط،فإن مضت شهور الإبلاء فيضربه وإلا طلق عليه .وإن ترك أن يثبت عليه حقه حتى هرب فإن مضى من الوقت ما يمكنه فيه التثبيت وقف عنها وكان الجواب كما ذكرنا .وهذا إذا غاب الشهود أو الحاكم،فأما إذا أمكنه أن يثبت ففرط فها هنا يوقف عنها ويكون الجواب كالأول.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف ليفعلن شيئا بطلاق أو عتاق فمات قبل يفعله فالزوجة ترثه والأمة تعتق عليه فى ثلثه .ولو كان إنما قال زيد أو مبارك حر لأفعلن كذا فيعتق واحد منهما بالسهم فى ثلثه،من خرج سهمه منهما كان أعلاهما قيمة أو أدناها يعتق من الآخر الثلث،وإن خرج السهم وهو أدنى من الثلث عتق وحده ولم يعتق من الآخر شىء.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه:وعمن قال يوم تسألينى الطلاق فأنت طالق فلا يوقف عن الوطء وهو كمن قال يوم أدخل الدالر فأنت طالق.وقال فى الحالف ليبيعن داره إذا أمكنه بيعها فأعطى بها إذ عرضها ثمناً خسيسا قال لا يمنع فى الوطء حتى يعطى ثمناً يمكنه البيع به،كمن حلف ليحجن فإنما يكف عن الوطء إذا أتى إبان الحج وأمكنه الخروج،فإن فعل وإلا ضرب له أجل الإيلاء إن رفعته.
[4/159]
***(1/150)
[4/160]
ومن المجموعة قال ابن الماجشون فيمن قال إذا جاء الهلال فامرأتى طالق وأمتى حرة إن لم أقضك حقك،فإنه لا يطأ الأمة لأنه أجل لم يرد أن يكون حالفا إلا إذا جاء الهلال،فبمجيئه ينعقد عليه يمين مجلسه ليس لها أجل يبر فيه أو يحنث،ولا يبيع الأمة،وله مصاب الزوجة. لآنه لو كان الهلال يأتى بحنث أو بر لحل له وطؤها،فكيف وإنما يأتى بإلزام يمين مرسلة،ثم لا يطؤها بعد الأجل.ولو وقت بعد الهلال وقتاً جاز له أن يطأ قبل الهلال وبعده،لآن الوقت الثانى يأتى يبر أو حنث.
ولو قال إن كلمت فلانا لآحملن حملا فما حلف بعد وله المصاب حتى يكلمه،فإذا كلمه صار كمن حلف على ما لا يطيق،فهو كمن حلف إن كلم فلانا،ولو كان مما يقدر على فعله فله المصاب قبل كلامه،وإذا كلمه صار مولياً إن رفعته إلا أن يضرب لفعله أجلاً بعد كلامه،فهذا يصيب أيضا بعد الكلام ويمنع فى الآمة من بيعها ومصابها بعد كلام فلان،وله هبتها وإصابتها قبل يكلم فلانا.
ومن العتبية روى أشهب وابن نافع عن مالك فيمن حلف لزوجته بالطلاق لئن لم تقومى على لأتزوجن عليك أرفق بى منك أو أخرج إلى اطرابلس فلم تقم عليه، ثم قال بعد ذلك هى طالق البتة إن لم أتزوج عليها إلى ثلاث سنين أو اخرج إلى اطرابلس، قال فلفى كذا بذلك قبل مدخل الأجل ولم يفعل، قال ليس له ذلك. قال أشهب يضرب له أجل المولى ولا يقربها فيه، لأنه عقد على نفسه فى اليمين الأول إلى غير أجل، فإذا حل أجل الإيلاء قيل له تزوج او أخرج إلى اطرابلس وإلا طلقنا عليك طلقة الإيلاء، فإذا انقضت الثلاث سنين ولم يفعل شيئا وهى فى بقية من عدتها من طلاق الإيلاء حنث فطلقت بالبتة ، وإن لم تنقض الثلاث سنين بانت منه بتمام العدة، ولا يلزمه طلاق
[4/160]
***(1/151)
[4/161]
الحنث.قال ابن نافع ويحنث بهذه اليمين الآخرة إذا أنقضى الأجل ولم يفعل ما حلف عليه.
قال أبو محمد يريد الثلاث سنين.
ورى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال أنت طالق إن لك يجىء أبى إلى شهر أو إن لم يعطنى فلان ديناراً إلى شهر أو إن لم يقضى غريمه حقه والحق حال أو مؤجل،فإن ضرب أجلا فى قدوم أبيه فله الوطء إليه،وإن لم يضرب ضرب له أجل المولى من يوم يرفع،فإن جاء وإلا طلق عليه بالإيلاء.وأما يمينه على أخذ الحق وهو حال فيتلوم له ولا يضرب له أجل الإيلاء،لأنه حلف على فعل غيره فيتلوم له بقدر ما يرى أنه أراد،فإن فعل وإلا حنث. وإن كان الدين مؤجلاً لم يحنث حتى يحل،إلا أن يحلف على يأجيله فيتلوم له.
والحالف على غريمه ليقضينه لا يبر بالقضاء بإكراه السلطان إلا أن يكون نوى طائعا أو كارها.ولو حلف المطلوب لأقضينك شيئا فقضاه بالحكم فهو حانث،إلا أن ينوى إلا أن يقضى على به السلطان.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن حلف بعتق عبد ابن له لئن ظفر به يعاقبنه فظفر به فأخر عقوبته فلا يحنث إلا أن يموت الحالف ولم يعاقبه فيكون حنث فى ثلثه.
ومن كتاب ابن المواز:وعن امرأة حلفت لزوجها إن لم تخدمنى أمتك إن اكتسيت من مالك أبداً فغابت الأمة سنةً ورهنت المرأة رهناً فيما اكتست،ثم أخدمها تلك الأمة بعد أن جاءت وافتك لها الرهن فلا شىء عليها لأنه الآن كساها بالافتكاك بعد الإخدام. قال محمد وذلك إذا غابت الجارية بإثر يمينها وقربه ولم يفرط.
[4/161]
***(1/152)
[4/162]
ومن تشاجر مع زوجته فقال له أبوها إما أن تمسك بمعروف أو تفارق،فقال له احلف بالطلاق إن فارقتها الا زوجتها فلاناً،فحلف له،فأقاما وقتا ثم تشاجرا فعادته،قال مالك فاليمين للأب لازمة.فإذا أستأذنت الأبنة الإمام فليزوجها ولا يحنث الأب.
ومن الأيمان ما معنى قوله فيه إن فعلت بمعنى لأفعلن مثل قوله عفوت عن فلان معناه لا طلبته،وهكذا يكون على حنث حتى يطلبه. وهى مكتوبة فى العتق من رواية أشهب.
ومن المجموعة: ابن القاسم عن مالك فيمن حلف بحرية جاريته ليخرجن بها إلى مصر، فخرج ولم يمض بها رجع فخرج بها فلا شىء عليه، إلا أن ينوى فى فورى هذا.
قال ابن القاسم: فإن قال ذلك وخرج غيرها ينوى الحنث تاركاً لليمين فقد حنث، وإن لم يكن خرج تاركاً ليمينه فلا يحنث وليخرج بها. وإن قال لا خرجت من المدينة إلا بها فلم يخرج بها فذكر ذلك بعد أن سار يوماً فإنه حانث.
ومن المجموعة ابن القاسم عن مالك فى امرأة حلفت لزوجها إن لم تأخذ منى هذه الجارية وتطأها، قال فهو كما قالت.
قال أشهب فيمن قال لامرأته إن لم أحبلك فأنت طالق قال يطؤها أبداً إلى الموت ولا يوقف عنها ولا يؤجل ولا يقع عليه حنث بموته ولا بموتها، وكأنه حلف على أن يطأ إلا أن تبلغ هى من السن ما لا يحمل مثلها فتطلق عليه ويكون كالحالف.
[4/162]
***(1/153)
[4/163]
قال ابن القاسم يمكن منها مرة، فإن حملت فهى امراته، وإن لم تحمل فهى طالق، ثم رجع فقال لا يمكن من وطئها، وكأنه قال إن لم يكن بك حمل فأنت طالق فتطلق مكانها.
قال ابن القاسم: ومن حلف لأعطين فلانا عبداً فإن نوى من رقيقى لم يبر إلا أن يعطيه منهم ، فإن لم يقل منهم فما أعطاه فهو يبر به منهم او من غيرهم.
قال ابن عبدوس وقال أشهب فيمن حلف بطلاق أو مشى أو عتق إن فعل كذا فليس ينفعه تعجيل الحنث قبل الفعل إلا فى اليمين بالله، وإن حلف بطلاق أو عتق او مشى أو صدقة أو صيام او بغير ذلك لأفعلن فله تعجيل حنثه ضرب أجلاً او لم يضرب. ومن فرق بين ضرب الأجل وغيره فقد غلط ، إنما ذلك فى الوطء.
وفى الإيلاء بقية القول فيه .
قال ابن المواز : وله تعجيل الحنث إن حلف بطلاق بائن إن فعل كذا. أما من حلف إن فعل كذا بطلاق غير بائن او بعتق عبد بغير عينه أو بصدقة غير معينة أو صدقة شىء بعينه، فأعتق العبد وتصدق بالشىء بعينه فقد زالت يمينه وكذلك طلاق بائن فطلق تلك المرأة ثلاثا فهذا نزول يمينه. وكذلك فيما كفر قبل الحنث من اليمين بالله. وقد اختلف قول مالك فى الحالف إن وطىء امرأته بعتق عبد بغير يمينه فأعتق رقبة قبل الوطء، فقال يجزئه، وبعد الحنث أحب إلى، وقال لا يجزئه فى هذا كله، وكذلك فى صدقة بغير عينها مثله قياس قوله.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف فى جارية له رهن بالطلاق لئن افتكها ليتصدقن بها على ولده فأيسر فلم يفتكها ، قال أخشى أن يحنث، وقاسها على الحالف لئن أخذ عطاءه ليقضين دينه.
وعمن حلف لا ترك ابنه يذهب إلى موضع كذا فذهب إليه بغير إذنه، فإن كان يستأذنه قبل ذلك ويأذن له فلا شىء عليه. قال محمد هذا إذا نوى أن لا يأذن له وإلا فهو حانث لأنه فرط.
[4/163]
***(1/154)
[4/164]
ومن حلف لا نكح عبده فنكح بغير إذنه فقد حنث، إلا أن ينوى لا يأذن له فليرد النكاح حين علم، فإن تركه حنث.
[4/164]
***(1/155)
[4/165]
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه
الكتاب الثالث
من الأيمان والنذور
فيمن حلف لغريمه ليقضينه حقه إلى أجل
فمات أحدهما أو غاب أو جن
وكيف إن قضى عنه أحد بغير أمره؟
وكيف إن تسلف من عبده ثم قضاه؟
من المجموعة قال ابن القاسم وأشهب فيمن حلف ليقضين غريمه غداً وقد مات و لم يعلم فلا يحنث، وليقض ورثته أو وصية أو الإمام، لأن القضاء يورث قبره كذا فى وفاء الحق. ولو حلف على ضرب عبده إلى أجل فمات فلا ينوب فى الضرب أحد عن أحد. قال مالك والحالف فى القضاء إلى أجل يبرأ بالدفع عند الأجل إلى وكيل الطالب أو إلى الإمام، فإن بعد عنه الإمام أو حجب عنه او لم يكن بالبلد سلطان فأشهد عدولاً وآتاهم بالحق فإنه يبر بذلك وإن لم يقبله منه أحد، وكذلك فى كتاب ابن المواز والواضحة عن مالك.
قال ابن المواز : وقد قيل ولو دفع إلى بعض الناس بغير عذر من سلطان وأشهد لم يحنث. قال مالك فى هذه الكتب: وإذا لم يجد وكيلا على الحق ولا سلطاناً مأمونا إلى ثقة من أهل الطالب أو وكيل ضيعته أو إلى أجنبى بر
[4/165]
***(1/156)
[4/166]
ولكنه يضمنه . وإذا وجد وكيلاً بالحق أو سلطانا مأمونا لم يبر فى يمينه بالدفع إلى غيرهما، وقد قال أيضا مالك يبر بالدفع إلى وكيل ضيعته.
قال ابن سحنون عن أبيه: إذا أشهد بينةً عدولاً وأحضرهم الحق إحضاراً بين الصحة فذلك يبر به فى يمينه وإن لم يرفع إلى السلطان إذا كان لا يقدر على أن يصل إليه. وأما إن كان يصل إليه ولا يحجب عنه فتركه فلا يبر بذلك وإن أشهد. وإذا كان لا يمكنه فأحضر الحق إلى العدول عند الأجل ثم جاء الطالب بعد الأجل يقتضيه منه فمطله به فلا شىء عليه من يمينه.
وقال مالك فى كتاب ابن المواز وإذا كان السلطان غير عدل فدفع إليه ولم يعلم فهو بار إن ثبت أنه دفعه إليه ببينة، وإن علم به غير عدل ضمن .
قال ابن عبدس قال أشهب: وإذا كان سلطان البلد لا يؤمن ان يأكله فدفع ذلك إلى ثقة من أهل الطالب أو من غيرهم بأمر يصح بر بذلك.
قال مالك : وإذا دفع إلى وكيل الطالب فى صنعته بر فى يمينه وإن لم يكن وكيلاص على الحق. قال أشهب إن أمكنه الدفع إلى الوكيل على الحق أو إلى السلطان يبر بالدفع إلى وكيل ضيعته. فأما إن لم يمكنه فإنه يجزئه الدفع إلى وكيله فى غير الحق أو إلى أجنبى ثقة، إلا أنه يضمن الحق فى هذين حتى يصل إلى ربه. وقاله ابن القاسم: وأما إن حلف ليأتينه غداُ فأتاه فلم يجده فلا شىء عليه.
ومن الواضحة: وإذا حل أجل يمينه على القضاء والمطلوب مريض أو مسجون ، فإن وصل إلى قضائه بإشهاد وتوثق فعل، وإن لم يمكنه فهو كالغائب،
[4/166]
***(1/157)
[4/167]
ثم ذكر فى الغائب مثل ما فى كتاب ابن المواز وابن عبدوس قال وإن كان الحالف هو المريض أو المسجون فليرسل الحق إلى الطالب كما يرسله إلى الإمام لا يبرئه إلا ذلك، وإن كان الحالف هو الغالب وأراد بعض أهله القضاء عنه من ماله أو من مال نفسه فذلك يجزىء الحالف من الحق ولا ينجيه من الحنث، إلا أن يبلغه قبل الأجل فيرضى بذلك، وقاله ابن الماجشون وأصبغ.
قال عيسى عن ابن القاسم فى العتبية: وكذلك إن كان له وكيل على الشراء والبيع والتقاضى لم يبر بقضائه عنه إلا أن يكون أمره بذلك. وأما وكيل الطالب الغائب على ما ذكرت فإن الحالف يبرأ بالدفع إليه. وإذا كان الحالف عند الأجل مسجوناً فأرسل إلى الطالب ليأتيه فأبى فليدفع إلى السلطان ويبر.
قال ابن حبيب فيمن حلف ليقضين فلاناً حقه إلى أجل فحل الحالف عند الأجل إن الإمام يقضى عنه ويبر، فإن لم يفعل حتى مضى الأجل فلا حنث عليه، كما لو حلف حينئذ لم يلزمه. قال أصبغ هو حانث والأول أحب إلى .
قال سحنون فى العتبية عن ابن القاسم إن غاب الحالف فرفعت زوجته الأمر إلى الإمام لئلا يحنث فقضى عنه الإمام من ماله لم يبر الحالف بذلك من الحنث إلا أن يكون وكل من يقضى عنه السلطان أو غيره، ولا ينفعه قضاء أحد عنه بغير وكالة، بخلاف غيبة الطالب. قال سحنون فى كتاب ابنه عن ابن القاسم: وهو خلاف تغيب المحلوف له ودفع الحالف المال إلى السلطان.
قال فى كتاب ابن المواز وكذلك لو حلف لأرضينك من حقك إلى أجل كذا فغاب فقضى عنه بعض أهله أو أجنبى، قال مالك فإن أمرهم بذلك بر. ولو
[4/167]
***(1/158)
[4/168]
قال له رجل إن غبت قضيت عنك فرضى ذلك فذلك له مخرج، وإن لم يكن شىء من ذلك حنث، يريد بجواز الأجل.
قال ابن القاسم فى المجموعة: قيل لمالك فإن زعم المقضى عنه أنه امره بذلك قال إن كان يظن أن مثله يوكل مثله صدق مع يمينه. وروى أبو زيد فى العتبية عن ابن القاسم فى الحالف على القضاء يخشى الحنث فيتسلف من عبد الطالب الحق وهو دينار فقضاه لسيده والعبد وكيل لسيده والقائم بأمره فلا يبر الحالف بهذا . قيل فإن قال رددت الدينار على العبد قبل الأجل وصدقه العبد، قال فلا ينفعه ذلك إلا ببينة أنه قضى العبد قبل الأجل. قال عيسى عن ابن القاسم ولا يبر الحالف بقضاء أجنبى عنه إلا بأمره بالقضاء عنه .
وإذا باع من رجلين وحلفا له أن يقضياه إلى أجل فقضاه أحدهما بجميع الحق بغير أمر صاحبه فصاحبه حانث وإن كان شريك عقد فهو كأجنبى ، إلا أن يكون احدهما حميلا لبعض أو يكون امره أن يقضى عنه.
ومن المجموعة قال مالك فى رواية ابن القاسم وابن وهب وغيره إنه إن مات الحالف قبل الأجل ولم يقضه مات على بر ولم يلزمه حنث فى عتق ولا طلاق، ولا ينظر إلى قضاء ورثته.
قال ابن وهب: ولو حلف بعتق أمته ليتزوجن على امراته إلى سنة فمات لعشرة شهور فلا يحنث فى امته .
ومن العتبية من سماع ابن القاسم: ومن حلف ليقضين فلانا حقه فمات فلان قبل يقضيه ، فإن أراد وجه القضاء، فلا شىء عليه. قال ابن القاسم كأنه فى معنى قوله إن أراد أن يوصله إليه وصله فى بريد فقد حنث إذا أقام بعد اليمين ما يمكنه ذلك فيه، وذلك رأيى.
[4/168]
***(1/159)
[4/169]
فى الحالف لأقضينك إلا أن تؤخرنى فمات الطالب
من المجموعة
قال ابن القاسم فى الحالف لأقضينك إلى أجل كذا إلا أن تؤخرنى فمات الطالب فإنه يبر بتأخير الورثة او الوصى فى الأصاغر ولا دين عليه وتأخير الغرماء فى المديان. وقال أشهب يبر بتأخير الورثة كما يجزئه قضاؤه للورثة وإن كان مديانا والورثة أصاغر أجزأه تأخير الوصى. ثم إن قدر الغرماء على أخذه به قبل الأجل الذى اخره إليه الوصى بذلك فذلك لهم .
قال ابن القاسم وإذا أخر الوصى على غير وجه النظر فقد ظلم نفسه ويبر الغريم بتأخيره. وقال غيره لا يجوز تأخير الوصى.
قال ابن القاسم إن كان الدين غير محيط فرضى الغرماء بالحق انه عليه وأخروه وأبرؤا الورثة فلا يجوز إلا أن يجعل الورثة بأيديهم من النظرة لما كان بأيديهم لأن المطلوب لو أحال بالحق رجلا فأنظره المحتال لم يبر بذلك إلا أن يجعل بيده التأخير كما كان إليه.
ومن كتاب ابن المواز وهى فى العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم فى امرأة أسلفت رجلاً ديناراً وأمرت من يدفعه إليه وحلف ليؤدينه إليه وقتا كذا إلا أن يؤخره الدافع، فحل الأجل والدافع غائب، فأخرته المرأة ، ثم قدم الدافع فذكر أنه أشهد قبل الأجل أن كل من أخذت عليه يمينا فى حق فقد أخرته حتى ألقاه وكانت له أيمان على الناس غير هذا الرجل . قال ابن القاسم إن ثبت هذا ببينة نفع ذلك الحالف، ولو لقيه فوخره فهو له مخرج ، ولو فارقه بعد لقياه ولم يوخره حنث ولا ينفعه تأخير المرأة وإن كان الحق لها، وإن لم يقم شاهدين بما قال حنث، هذا قول محمد. وقد قيل ليس هذا بشىء وتأخيرها جميعاً هو النافع بما جعلت إليه، ولا يكون إشهاده بتأخير حقوقه نافعاً للحالف حتى يفصح بتأخير هذا ، وليس له فيه إلا التأخير إلا أن يكون لا حق له هو قبل أحد فذلك ينفعه.
[4/169]
***(1/160)
[4/170]
وروى عيسى فى العتبية عن ابن القاسم فيمن حلف لأقضينه إلى أجل كذا إلا أن يؤخرنى هو أو رسوله فأخره الرسول وأبى ذلك رب الحق فلا يحنث بذلك.
قال فى كتاب ابن المواز لا يخرجه ذلك من يمينه، وتأخير الرسول تعد إذا أبى صاحب الحق، يريد ولا يلزم صاحب الحق تأخير الرسول إلا أن يرضى أولاً بذلك.
قال عيسى عن ابن القاسم وإذا حلف لأقضينك إلى شهر إلا أن تؤخرنى، قال إذا أراد أن يؤخره فليشهد لئلا ينزع عن ذلك ولا يجد بينةً بتأخيره.
فى الحالف لأقضينك إلا ان تؤخرنى أو يغلبنى أمر
أو يدخل على عرجه. وكيف إن أخره فى غيبته
أو أخره ولم يعلم؟ وهل يزول اليمين بالتأخير وهو يعلم؟
من العتبية من سماع ابن القاسم ومن كتاب ابن المواز عمن حلف بالطلاق ليقضينك حقك إلى أجل كذا إلا أن تحب أن تؤخرنى، فأنظره عند الأجل ، فلما حل أجل النظرة قال لا يمين عليه، يريد لما أخره. قال مالك: اليمين عليه ، إن لم يقض حنث.
ولو حلف ليقضينه إلى أن يحب أن يؤخره فى مثل يمينه، فقبل الشهر بيوم خاف الطالب عليه الحنث فأنظره شهراً آخر وأشهد له ولم يسأله وهو حاضر بالبلد، قال مالك عسى يريد أن ذلك يجوز، فخففه مالك ولم ير عليه حنثاً. وروى عيسى عن ابن القاسم مثله.
قال ابن المواز وقال ابن وهب لا حنث عليه وقاله سحنون.
[4/170]
***(1/161)
[4/171]
وروى عيسى بن يحيى عن ابن القاسم فى العتبية وهو فى المجموعة وإن حلف ليقضينه إلى شهر إلا أن ينظره فأراد المطلوب سفراً فسأله الزيادة فى الأجل فقال الطالب فقد أنظرتك قدر مسيرك إلى البلد أملت ورجوعك وزيادة عشرين يوما بعد رجوعك فيخرج ثم يرجع من الطريق لخوف اللصوص ويترك السفر، قال مالك النظرة تسقط لترك السفر ولا يصح منها العشرون يوما ولا غيرها، فإن جدد له نظرةً وإلا حنث يتجاوزه الشهر.
قال سحنون فى العتبية وفى المجموعة عن أشهب فى الحالف لأقضينك إلى شهر إلا ان تؤخرنى أو يأتى أمر غالب من سلطان أو غيره، فلما جاء الأجل وخاف الحنث أخره إلى أيام فعرض فى تلك الأيام أمر من السلطان او غيره، فلما جاء الأجل وخاف الحنث أخره إلى أيام فعرض فى تلك الأيام أمر من السلطان فلم يقدر أن يقضيه فلا يحنث فلا ذلك.
قال أبو زيد عن ابن القاسم وذكره فى كتاب ابن المواز والمجموعة: قال وإن حلف لا قضيت أحداً مثلك ولأقضينك إلى سنة إلا أن تؤخرنى فأخره فأراد أن يقضى غريماً له مثله، قال أرجو ألا شىء عليه.
ومن المجموعة ذكر المسألة الثانية من هذا الباب فذكر جواب مالك ثم قال: وقال غيره عن مالك إذا غاب الحالف وأخره الطالب فى غيبته حين حل الأجل، فإن نوى ذلك الحالف فى التأخير بغير حنث من هفهو كما نوى إذا كان على ذلك مخرج يمينه، وإن نوى أن يوكل من يسأل له التأخير فسأل له ذلك فأخره فالتأخير ينفعه، وإن لم ينو وكيله فإن تأخير الطالب تأخير فقد حنث ولا ينفعه تأخير الطالب لأنه أخره وهو لا يجد إن أخذه بدين سبيلا لغيبته عنه. قال ابن نافع ولأن الحالف لم يرد تأخيراً حين لم يطلبه ولم يقض.
[4/171]
***(1/162)
[4/172]
وقال أشهب إن علم المطلوب بتأخير الطالب إياه قبل محل الأجل بأيام يقدر أن يقضيه فيها قبل يحل عليه الحنث فلا يحنث، فإن لم يعلم إلا بعد ذهاب إمكان ذلك وبعد ذهاب الأجل فقد حنث.
وقال ابن كنانة: إذا غاب الحالف فلا يجزئه تأخير الطالب إلا أن يكون وكل من يطلب له التأخير فله ذلك.
وقال ابن القاسم: الغائب والحاضر سواء، وذلك يخرجه من الحنث ولو كان مفترقا إذ لا يقدر فى الغائب على أخذه له، للزم مثله فى المعسر الحاضر، وما شرط مالك فرقاً بين حاضر وغائب.
وقال مالك أيضا: وإن حلف لأقضينك إلى أجل كذا إلا أن تؤخرنى ولم يوقت فللطالب أن يؤخره بما شاء. ولو قال إلا أن تؤخرنى أجلاً أنقض من الأجل المذكور فلابد أن يسمى الطالب كم ينظره وإلا حنث الحالف، وإن سمى حداً كانت اليمين إليه كما هى ، ثم له أن يؤخره تأخيراً ثانيا واليمين إليه عنى، وإنما أزلنا عنه اليمين كما لو وهبه الحق ولو أخره ولم يضرب بتأخيره أجلا كانت اليمين بحالها إلى قدر ما يتلوم له الإمام مما يرى أنه أخره إليه للرفق به . كما أنه لو أخره فى غير يمين إلى غير أجل ثم قام عليه فليس ذلك له حتى يمضى لما نوى أنه أراد بتأخيره، ثم لا يقرب امرأته فى ذلك الأجل، لأن التأخير كان منهما. وإن رافعته ضرب له أجل الإيلاء. ولو أخره إلى أن يموت فلا قيام له ولا يحنث الحالف،وكذلك لو أخره إلى ميسره فلا قيام له قبل الميسور ور حنث.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم فى الحالف لأقضينك حقك إلى أجل كذا إلا أن تؤخرنى فغاب الطالب فأراد أن يؤخره وكره أن يحنث،قال فى
[4/172]
***(1/163)
[4/173]
كتاب ابن المواز ولم يسأله تأخيراً أو هرب عنه، قال ابن القاسم:إذا أحضر بينة حين أخره فلا يحنث،وأن إن نوى فى نفسه أن يؤخره حين لم يجده لم يخرجه ذلك من الحنث.
ومن المجموعة ومن العتبية من سماع أشهب قال مالك فيمن حلف بحرية أمته إن لم يقض فلاناً حقه إلى أجل كذا إلا أن يدخل على عرجه فى بيع جاريته هذه فباعها عند الأجل فطلب منه الإشتراء،فقال له مالك أهذه العرجة التى أردت ؟ قال نعم إلا أن يدخل على فى بيعها دخل، قال يحلف على ذلك ولا شىء. وكذلك عنه فى كتاب ابن المواز.
قال ابن المواز وهذا إذا باعها لوقت يمكنه استبراؤها قبل الأجل فيطول ذلك بها، فهذا يقبل منه ويحلف. فأما إن تركها إلى آخر وقت فهذا لم يدخل عليه دخل بل هو أدخله على نفسه فلا يقبل منه أنه أراد هذا، لأن نيته بلسانه نسقاً مع يمينه لأنه استثناء.
فى الحالف لأقضينك حقك إلى أجل كذا
أو لأرضينك منه أو قال إلا أن تؤخرنى
فيفسخ الدين فى غيره أو حلف لغريمه لا خرج حتى يعلمه
من المجموعة ابن نافع عن مالك وذكره فى العتبية من رواية أشهب فيمن حلف بعتق أو طلاق لأقضينك حقك إلى أجل كذا أو لأرضينك منه فأرضاه ببعضه إلى ذلك الأجل وأخره بباقيه إلى أجل آخر ولم يأخذ عليه يميناً بعتق ولا بطلاق ، أترى اليمين باقية عليه؟ قال أخاف ذلك وليس بالبين.
قال فى المجموعة: قيل فإن كلم صاحبه قبل الأجل أتراه له مخرجا؟ قال أرجو وليس بالبين. قال فى كتاب ابن المواز: قيل فلم يحل الأجل أترى أن يؤخره صاحبه؟ قال نعم وأرجو أن يكون مخرجاً وما هو بالبين.
[4/173]
***(1/164)
[4/174]
قال ابن نافع فى الكتابين:ولا يلزمه شىء للتأخير الثانى إلا أن يشترط ذلك الطالب.
قال ابن القاسم وإذا قال إلا أن تؤخرنى،فلما حل الأجل فسخ عليه الدنانير التى عليه فى دراهم أو عرض فلا شىء على الحالف فى يمينه.وكذلك فى
كتاب ابن المواز
وبعد هذا باب فى الحالف ليقضين صدرا من حق أو ليرضينه منه فيه إيعاب هذا المعنى.
قال سحنون فى المجموعة فيمن حلف لغريمه لا خرج حتى يعلمه فأراد الخروج فأعلمه فنهاه فخرج،فإن كان معناه عنده وعند من حلف حتى يأذن له فقد حنث،وإن كان يعنى معنى أن يعلمه ليس بإذنه له فلا شىء عليه وليسأل عما أراد من ذلك ورواها عنه ابنه فى السؤال فأعلمه مرة فقال لا يخرج فقعد ثم أعلمه فنهاه ثم أراد أن يخرج فقال له لا تخرج حتى نجتمع معك،فأتاه فسلم عليه فرد عليه ولم يقل له شيئا ثم انصرف فخرج،فأجاب بما ذكر ابن عبدوس.ثم قال وما أرى من يحلف على مثل هذا يحلف إلا على الإذن.
فى الحالف لأقضينك حقك إلى أجل فأعطاه به عروضاً أو رهناً أو ضماناً أو أحاله به أو أعطاه أكثر من حقه حتى يوازنه أو اشترى منه فقضاه من ثمنها أو أحال إليه.
من العتبية من سماع ابن القاسم فيمن حلف فى دنانير عليه لغريمه ليوفين إياها،أيرهنه بها سوارى ذهب؟قال لا خير فيه.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف ليفضين حقه إلى الهلال أو ليرهنن داره،فلما حل الأجل أراد أن يرهنه نصف الدار ويرهنه نصف الحق،قال
[4/174]
***(1/165)
[4/175]
إن لم يقضه جميع الحق أو يرهنه جميع الدار حنث.ولو قال لأقضينك أو أرهنك بحقك وفاءً،فقضاه نصفه وأعطاه بباقيه رهناً فيه وفاءًبما بقى لم يحنث،وكذلك روى أبو زيد وأصبغ عن ابن القاسم.
ومن المجموعة قال المغيرة:وإن حلف لأقضينه عشرة دنانير إلى أجل فأعطاه عند الأجل خمسة عشر ديناراً حتى يوازنه وحان الأجل،قال أخاف أن يحنث وهذا رهن.ولو قال اتزن منها عشرتك لم يحنث وإن لم يزنها إلا بعد الأجل،لأنه قضاه.
قال ابن سحنون عن ابن القاسم مثله.وقال قال سحنون:هو حانث فى هذا كله إلا أن يتزن العشرة من الخمسة عشر قبل الأخل ببينة.
قال فى المجموعة قال ابن القاسم:إذا قال له استوف حقك منها ورد ما بقى فضاعت أو حبسها حتى مضى الأجل،قال إن كان الذى عليه قائمة وكان فى التى قبض عشرة قائمة قال إذاًلم يحنث.وإن كانت مختلفة الوزن إلا إنها إذا جمعت كان فيها أكثر من ثلاثة عشر قائمة فقد حنث.
قال ابن سحنون لأبيه قال بعض أصحابنا إذا أعطاه قبل الأجل خمسة عشر فقال استوف حقك،فإن جاز الأجل حنث،ولو ضاعت الدنانير كان ضامنا لعشرة وأميناً فى خمسة،وإن ضاعت العشرة قبل الأجل بر فى يمينه وهو ضامن للخمسة.قال سحنون ليس كذلك وهو حانث ضاعت قبل الأجل أو بعده.
قال أبو محمد هكذا فى الأم وأراه يعنى ضاعت عشرة قبل الأجل فصارت خمسة باقية هى قضاء من دين،إذ لم يسبق فيها موازنة وضمن من العشرة خمسة فصار باراً بهذا.
ومن العتبية ابن القاسم عن مالك فيمن له عند امرأته ذهب فأسلفت منه أخاها فعلم الزوج فحلف لا خرج إلى سفره حتى يأخذ حقه منه أو يقضى
[4/175]
***(1/166)
[4/176]
عليه سلطان،فقالت زوجته أنا ضامنة وأنا أسلفته،فلا يقبل ضمانها ولا يخرج حتى يأخذها إلا أن يؤخره الإمام إن رأى ذلك.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لغريمه بالطلاق إن خرجت من الفسطاط وأنت تسألنى شيئاً،فأحال على رجل فلا شىء عليه إن رضى وكان من أهل دين،وإن لم يكن من أهل دين لم تنفعه الحوالة وإن كانت من أهل دين وعند من حلف إن قضيتك اليوم حقك وإن أعطيتك شيئاً فألح عليه فأحاله به على رجل فلم يدفع إليه ذلك اليوم فقد حنث الحالف ولا يدين لأن الحول قضاء،ولو أنه لما أحاله للرجل قال إن على يمينالأقضينه اليوم وقد نسيت فلا يقضين اليوم،قال لا يقال فقد حنث.
قال عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا يؤخر غريمه فأراد أن يتحول بالحق على ملى،قال إن فعل حنث.
ومن كتاب ابن المواز:ومن حلف ليقضين فلانا حقه طعاماً فحل لرجل طعام على الطالب مثله فقال له أحبسه قضاءً عن فلان بأمره فذلك جائز فلا شىء عليه كان ثمنه من هذا أو من شىء لزمه بموت أو غيره.
ومن المجموعة:أشهب وابن القاسم فى الحالف إن فارق غريمه حتى يستوفى منه حقه فأحال به فقد حنث.
قال أشهب فإن فارقه بعد الحوالة حنث وإن استوفى فإنه قبض بعد المفارقة، وقال غيره من مريض قال لبنيه كنت حلفت بعتق رقيقى لأعطين فلانا مائة دينار وعليه بذلك بينة ولا يحضرنى مال،فرضى البنون أن يكتبوها عليهم ديناً فى أموالهم وأحضر ذلك ثم مات الأب،فإن كانت المائة عطية وترك مالا تحملها بينة فذلك له مخرج،وإن كانت ديناًعليه فقضاها فى مرضه من ماله ومن مال
[4/176]
***(1/167)
[4/177]
غيره فقد بر،إن ضمن له ذلك أحد وارث أو غيره فقد حنث،يريد إن مات قبل قبض الطالب.
قال ومن ذلك من حلف بالعتق ليقضين حقه إلى أجل فأحاله به فرضى،فإن مضى الأجل قبل يقبضه من المحال عليه فقد حنث،ولا يبر بالحق له.وكذلك روى ابن نافع عن مالك.ولو باعه بذلك جارية فى اليوم الذى هو آخر الأجل لم يبر لأن عليه العهدة حتى يقبض.
قال ابن القاسم وابن وهب وأشهب عن مالك فى الحالف ليقضينه حقه إلى أجل فيعطيه فى الدنانير عرضاًفيه وفاءً لو أخرج إلى السوق إنه يبر.
قال ابن القاسم وابن وهب:ثم رجع مالك فقال لا أرى ذلك،وإذا سويت فلم لا يقضيه دنانير.وبالأول قال ابن القاسم وأشهب.قال ابن القاسم إنما كرهه للذريعة،قالا وسواء قال لأقضينه حقه أو قال دنانيره.قال ابن القاسم إذا نوى القضاء ولم يقصد تعين الدنانير،فإن قصد ذلك حنث إن لم يقض دنانير.قال ابن القاسم وأشهب لا يخرج من يمينه أن يبرئه الطالب من الدين أو يهب له ويتصدق به عليه.قال أشهب ثم إن مضى الأجل ولم يقضه حنث.قال ابن القاسم وإن أعطاه قبل الأجل بعشرة دنانير تسوى أحد عشر ديناراًلم يحنث،فإن طلب شراءها منه بعد الأجل فإن كان فضلها قريبا فلا بأس به،وأما أن يأخذ من دنانير دين ما يسوى خمسة ثم يبيعه منه فلا خير فيه.
قال ابن القاسم وإن قرب الأجل وخاف الحنث فاشترى سلعة من الطالب بثمن إلى أبعد من الأجل فباعها وقضاه حقه قبل الأجل فإن تعاملا على ذلك حنث وليس عليه فى السلعة الثانية إلا الثمن الذى باعها به.
[4/177]
***(1/168)
[4/178]
قال فى كتاب ابن المواز ويلزمه البيع الثانى،يريد محمد بيع المديان لها يلزم بائعها من المديان.
قال ابن القاسم وإذا حلف لأقضينك طعامك إلى أجل كذا،فأحضر الطعام عند الأجل ولم يجد دواب تحمله إلى الطالب،فأعاره الطالب دواب حملته إليه فلا شىء عليه.قال ابن المواز كما لو استرخص فزاده المبتاع فى الثمن لجاز ولم يحنث الحالف على القضاء.
قال ابن المواز:لا يعجبنى وهو غير بار.
ومن العتبية ومن كتاب العتق أشهب عن مالك فيمن حلف إن لم أقضك حقك إلى أجل كذا،فلما كان اليوم الذى هو آخر الأجل باعه الدين بجارية،قال لا يخرج من يمينه لأن العهدة عليه باقية حتى تحيض،ولا يجزئه أن يحيله به على رجل.
وفى باب جامع اليمين على قضاء الحق واقتضائه من هذا مسألة إذا أعطاه ضامنا.
فيمن حلف لأقضينك حقك إلى أجل كذا
وهو من بيع فأقاله أو صالحه
أو رد السلعة بعيب أو استحقت
أو فسح البيع لفساده
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن ابتاع عبداً وحلف ليوفينه ثمنه إلى شهر فوجد به عيباً فرده به فلا يخرجه من يمينه إلا أن يوفيه ثمنه ثم يخاصمه،وكذلك فى جميع السلع.
[4/178]
***(1/169)
[4/179]
قال أصبغ من كتاب النذور:وإن خاصمه قبل يقضيه حتى يرد عليه بيعه قبل القضاء كان حانثاً،ثم أن رجع يقضيه الثمن بعد ذلك قبل الأجل لم ينفعه وقد لزمه الحنث.وقال ابن وهب مثله أحب إلى أن يقضيه ثم يخاصمه.قال ابن حبيب:وإذا ردت السلعة بعيب أو بفساد بيع بقضية أو بتراض فاليمين على القضاء باقية وليقضه ثم يسترجعه.
وروى عيسى عن ابن القاسم فى العتبية وهو فى كتاب ابن المواز فيمن عليه طعام من سلم أو فرض فحلف ليقضينه إلى أجل ثم استقاله قبل الأجل فأقاله فلا أحب ذلك،فإن وقع ذلك وكان من الدنانير التى استرد وفاء الثمن قال منه يومئذ.
قال فى كتاب ابن المواز:ولو اشتريت لم يحنث،وإن كان أقل حنث.قال عنه عيسى:ولو رد الدنانير وأبقى البيع لحنث،ولو وهبه تلك السلعة عند الأجل عطية أو صدقه لحنث،وقاله مالك.قال عيسى عن ابن القاسم ولو كان الحق من ثمن عبد فاستحقه أو وجد البيع حراماً أو رده بعيب فلا تزول يمينه حتى يوفيه ما حلف إليه ثم يرده إليه.وكذلك لو أخذ منه درهماً بدرهمين وحلف ليوفينه لم يبر يمينه حتى يدفع إليه الدرهمين ثم يرد الزائد.ولو كان عليه طعام من سلم وحلف ليقضينه إلى أجل فخاف لا يجده فطلب أن يقيله أو يصالحه قبل الأجل ففعل وقبض وأخبر أن ذلك لا يبر به،فقال الطالب أنا أرد ما قبضت منك ويبقى الطعام إلى أجله فلا ينفعه ذلك فقد حنث.وهذا بيع حادث،والصلح والإقالة قد تمت،وقاله مالك.
قال ابن القاسم وأشهب:إذا قاله قبل الأجل،فإن كان ما يقبض منه مثل ثمن القمح لم يحنث.يعنى نفس قيمته يوم الإقالة.
[4/179]
***(1/170)
[4/180]
فيمن حلف على قضاء الحق ثم نبين أنه لا شىء عليه
أو إنما قبل بعضه أو وهبه له الطالب
أو وهبه عوضا منه أو مات فورثه عنه
من العتيبة من سماع عيسى عن ابن القاسم:ومن حلف على قضاء الحق فشهد عدلان أنه قد قضاه لم ينفعه حتى يقضيه ثم يرده إليه.ومن تحمل برجل فى ثلث دينار عليه من خراج الأرض فأداه فطولب بنصف دينار ولم يؤخره إلى غد فحلف بالطلاق ليأتينهم غداً بالسدس ثم عرف المتقاضى أن ليس له قبله إلا ثلث،فقال لا شىء عليك،فقال إن لم يقضيه السدس فى غد حنث.
كذلك لو تقاضى غريمه فقال قد قضيتك فأنكره ولم يدعه حتى حلف ليقضينه إياه فى غد ثم ذكر الطالب أنه قبضه منه وأبرأه فلا يبر منه من الحنث حتى يقضيه ذلك ثم يرده إليه.وكذلك لو قامت بينة بالقضاء.
وقد قال مالك فيمن أسلف أخاه دنانير فأحلفه ليؤدينها إلى شهر فمات المتسلف والحالف وارثه فأحب إلى أن يأتى إلى الإمام فيقضيها إياه ثم يردها إليه،وأنا أتحسن ذلك،فإن لم يفعل لم أره حانثا.
قال ابن عبدوس وروى ابن وهب عن ربيع ومالك أن الوراثة كالقضاء ولا شىء عليه،وكذلك فى العتبية من سماع ابن القاسم إذا كان وارثه لم يحنث.
قال ابن القاسم وأشهب فى المجموعة ولا يبرئه من الدين أن يهبه الطالب الدين أو يبرئه منه أو يتصدق بهه عليه.قال أشهب ثم إن مضى الأجل ولم يقضه حنث.
قال فى سماع عيسى:وكذلك إن كان الدين سلعة فوهبه إياها عند الأجل عطية أو صدقة يحنث يريد أن لم يقضه،وقاله مالك.
[4/180]
***(1/171)
[4/181]
ومن كتاب ابن حبيب:وإن حلف ليقضينه إلى أجل كذا فتصدق به عليه الطالب أو وهبه له قبل الأجل،فإن قبله حنث مكانه ولا ينفعه أن يقضيه إياه قبل الأجل ليتحلل من يمينه،لأن الحق يسقط بالقبول،فإن لم يقبله ثم قضاه ثم لا قيام له فيما رد من الهبة والصدقة،وإن لم يظهر منه رد ولا قبول وقضاه عند الأجل أو قل ذلك بر،ثم له القيام فى أخذ ما وهبه له أو تصدق به عليه ويقضى له به وكذلك فسر لى أصبغ.
وروى عن سحنون فى موضع آخر أنه يحنث فى الهبة وإن لم يحل الأجل،فأما غن ورثه الطالب فلا يحنث إذ لا يقدر على دفعه.
وروى عن مالك فى الحالف الوارث أن يرفع إلى السلطان ويعلمه بيميه فيقضيه ثم يرده إليه فيبر.
ومن كتاب ابن عبدوس قال ابن القاسم فيمن قبله طعام من بيع إلى أجل فقال للمبتاع قد بعتك رخيصاً وحلف ليوفينه إياه إلى الأجل،فقال له البائع فأناأهبك عشرة دنانير فلا بأس بذلكإلا أن يعلم أنه يريد أن يستعين به فى القضاء.
ومن كتاب ابن المواز:وغن حلف ليقضينه حقه من طام أو سلعة فأقاله،فإن كان فى الثمن وفاء بالسلعة لو اشتريت لم يحنث قبل ذلك،فإن قضاه وتعدى عنده،قال مالك لا يعجبنى.قال ابن القاسم كأنه أراد الاشتراط،يريد نقض المطلوب عند الطالب.
ومن المجموعة قال أشهب فيمن عليه تسعون ديناراً لرجل بالمغرب فدفع منها إلى ابن أخت له بمصر عشرين ثم قدم المغرب فطالبه وحلفه ليدفعن التسعين إلى ابن أختى إذا قدمت مصر،فحلف ونسى العشرين،قال يدفع إليه تسعين ثم يأخذ منه العشرين.وكذلك فى كتاب ابن المواز وقال يأخذها منها إن أقر بها أو قامت بها بينة،وقاله الليث.
ومن كتاب ابن المواز:ومن حلف ليقضينه حقه بساحل الفسطاط فلا يبر إن وفاه بالموقف.
[4/181]
***(1/172)
[4/182]
فى الحالف لا يفارقه إلا بحقه فقضاه
ثم وجد فيها نحاسا أو ناقصة أو قضاه أجود عينا
أو من خيانة اختانها أو حلف لأقضينه كل يوم قيراطا
وبذلك باع منه وإنما يجب له فلوس ثم فسدت الفلوس
من المجموعة قال ابن القاسم وأشهب:وإذا حلف لا يفارقه إلا بحقه فقضاه ثم فارقه ثم أصاب بعضها نحاسا أو رصاصا أو بينة النقصان أو استحقت فقد حنث،قال أشهب إلا أن تكون نويت فى جهدك وقد اجتهدت،فلا تحنث فى الفتيا وإن قامت عليك لا يقبل منك .
قال ابن القاسم ومن اشترى ثوبا على أن يدفع كل يوم قيراطا وحلف ليقضينه طذلك فأفسدت الفلوس وصارت فلسين بفلس،قال يعطيه كما كانت قيراط فلوس لأنه على ذلك حلف.
ومن العتبية والمجموعة قال ابن القاسم عن مالك فى عبد حلف ليقضين غريمه إلى أجل كذا،فلما خاف الحنث قبض من غريم لسيده ما قضى بغير أمر السيد فاسترجع ذلك السيد،قال يحنث العبد،يريد إن جاز الأجل.قال وكذلك لو سرق من مال سيده ما قضاه قبل،فإن أجاز ذلك السيد بغد الأجل،قال ما أرى من أمر بين.
قال ابن سحنون عن أبيه فى الحالف ليقضينه حقه إلى أجل كذا،وحقهدينار فأعطاه ديناراً أفضل عينا،فبعد الأجل طلب منه أفضل عينة فضة،فإن كان على هذا أعطاه فقد حنث ويرد الدينار إليه ويقضيه ما عليه،وإن لم يكن بينهما ولا إعادة فأعطاه متطوعاً فلا شىء عليه فى يمينه،وإن أعطاه الدينار كله فيمن عليه طعام،لرجل بيمين وطعام له مع شريكه بغير يمين فقضى الذى حلف له فيشاركه فيه الآخر أو كان الدينان لرجل واحد فقضاه يريد عما حلف عليه.
[4/182]
***(1/173)
[4/183]
من العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن أسلم فى طعام وحلف له البائع ليوفينه إلى أجل ثم أسلم إليه هو وآخر فى طعام اشتركا فيه،فحل أجل الصفقة الأولى فوفاه إياها،وشريكه فى الثانية غائب،فلما قدم طلب أن يدخل معه فيما قبض،قال ذلك له ويقضى ما قبض على الأولى والثانية ويأخذ هذا ما وقع له من االثانية ويحنث الحالف إذا لم يحصل للأول حقه من الأولى كلها حتى مضى الأجل.وهذه المسألة هكذا وقعت فى العتيبة والمجموعة فحل أجل الأولى فوفاه إياها وأراه غلطاً فى النقل،ورأيت فى بعض النسخ من المجموعة فأعطاه عند الأجل عدد الصفقة الأولى،وهذا أصح لأنه لما أعطاه العدد ولم يفسر عن ماذا دفع قسم إلى الصفقتين.
ومن المجموعة قال أشهب فيمن عليه لرجل عشرة دنانير حلف ليوفينه إياها إلى أجل كذا،وعشرة أخرى بلا يمين،فقضاه عشرة وقال هى التى حلفت فيها،وقال القابض هى التى لا يمين فيها،قال يكون عن كل عشرة منها خمسة بعد يمينها وحنث الحالف.
فيمن حلف لغريمه ليقضينه صدراً من حقه
أو ليرضينه منه
من المجموعة والعتبية:ابن القاسم عن مالك فيمن حلف أن لم يقضى صدراً من حقى يوم كذا قال فى العتبية لألزمتك به كله.
قال فى الكتابين إن الصدر الثلثان،ولو قيل النصف كان قريبا،ولكن الثلثين أحب إلى إلا أن يكون نوى شيئا فله ما نوى.
قال عنه ابن وهب فى المجموعة فيمن حلف إن لم أرضك من حقك يوما كذا فامرأيه طالق فأحاله عند الأجل على غيره أو باعه به بيعا أو سأله فأخره به فذلك له مخرج.
[4/183]
***(1/174)
[4/184]
قال ابن القاسم:إن أحاله به أو رهنه رهناً أو قضاه بعضه أو أعطاه به حميلا فذلك له مخرج.وأما إن أنظره فليس ذلك له رضى بل يصير الطالب أرضى المطلوب وأراه حانثا.وكذلك فى كتاب ابن المواز وفى رواية عيسى عنه فى العتبية،وذكر ابن حبيب قول ابن القاسم وابن وهب فى هذه الوجوه المذكورة فى غير الأنظار مثل ما ها هنا، ولكنه كان أو قضاه منه صدراً مثل الثلث فما فوقه،ثم قال وأما إن أنظره بلا حميل ولا رهن ولا حوالة فروى ابن وهب عن مالك أن ذلك ينجيه من الحنث، وأباه ابن القاسم وابن الماجشون وأصبغ، وبقولهم أقول.
قال ابن الماجشون:فإن قضاه الثلث وأخره بما بقى بر فى يمينه، وإن قضاه دون الثلث خفت أن يحنث، وكذلك لو حلف لا أخذت منه إلا حقى كاملا أو رضى منه ففى أخذه الثلث بره إلا أن يكون المال كثيرا مثل ألف وألفين، فإذا قضاه منه صدراً صالحا وإن نقص على الثلث لا يحنث، وقاله أصبغ.
فيمن حلف ليقضين غريمه إلى أجل
فقضاه قضاء فاسداً
أو قضاه فأبى أن يأخذه منه
من العتبية قال سحنون فيمن عليه لرجل عشرة دنانير فحلف ليوفينه إياها بعد شهر فأعطاه بها فى الأجل سوار ذهب فيه أحد عشر مثقالاً بيعا باعها به فلم يعلم بفسخ ذلك حتى مضى الأجل، قال هو حانث لأن ذلك منتقد فقد حضر الأجل ولا قضاء فيه.
قال أصبغ وقال أشهب فيمن عليه طعام من بيع حلف للطالب ليقضينه إياه إلى أجل فابتاع له طعاما وأحاله به قبل يقبضه ومضى الأجل، فإن قبضه المحتال قبل الأجل بر الحالف فى اليمين، وقاله أصبغ، ويفسخ البيع بينهما.
قال أصبغ:سمعت أشهب يقول فى الرجل يحلف ليقضين فلاناً حقه فأبى أن يقبله، أراه فى سعة من ذلك؟قال يأتى الإمام فيجبره الإمام على أخذه.وهذا فى موضع آخر لمالك مثله.
[4/184]
***(1/175)
[4/185]
فى اليمين على قضاء الحق إلى الهلال
أو فى الهلال أو فى ذهابه أو استهلاله
أو انقضائه أو انسلاخه وشبه ذلك
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم فيمن حلف ليقضين فلانا حقه وجعل أجله الهلال، فإن ذكر إلى أو ذكر الانسلاخ فهو يحنث بغروب الشمس من آخر شهر هو فيه، كقوله إلى الهلال أو إلى مجيئه أو إلى رأسه أو إلى استهلاله أو إلى رؤيته كيف ما ذكر إلى،زكذلك الانسلاخ إن قال فى انسلاخ الهلال أو إلى انسلاخه فبغروب الشمس يحنث إذا لم يذكر فى الانسلاخ إذا أو عند، فيكون له يوم وليلة. وقال فى أول الباب عند انسلاخه إنه يحنث بغروب الشمس.قال وإذا لم يذكر الانسلاخ ولا ذكر إلى، فله يوم وليلة، كقوله لرؤية الهلال أو لدخوله أو لحلوله أو لاستهلاله أو لرأسه أو لمجيئه، أو جعل فى هذا بدلاً من الللام فى أو عند أو إذا، فله فى ذلك كله يوم وليلة يهل الهلال ويوما أجمع وكذلك أذا ذهب وإذا انقضى وإذا دخل وإذا جاء الهلال وجب ما ذكر إذا، وكذلك عند انقضى ومضى وإذا انسلخ أو عند انسلاخه أو عند الهلال. قال وأما إلى فكيف ما ذكرها فبغروب الشمس يحنث، وكذلك قوله فى آخر رمضان أو فى انقضائه أو إلى انقضائه أو عند آخر الهلال أو إلى آخره أو فى ذهابه أو إلى ذهابه أو إلى رأسه فبالغروب يحنث. وإذا ذكر فى ذلك كله إذا فله يوم وليلة، وهذا كله قول ابن القاسم وروايته.
وروى ابن وهب عن مالك أن الانسلاخ والمستهل ولرأس الهلال أو إلى رأسه واحد، له فى ذلك يوم وليلة، وهو خلاف رواية ابن القاسم عن مالك.
قال وأما إذا قال حين مثل قوله حين ينقضى الهلال أو حين يهل أو حين يستهل أو حين يرى أو حين يدخل أو حين يجىء فكيف ما ذكر حين فى جميع
[4/185]
***(1/176)
[4/186]
ما سمينا فليجعل القضاء ما استطاع وليس فيه حد،وله يوم وليلة، والتعجيل فيه أحوط، وقاله أشهب.
ومن العتبية من رواية عيسى وسحنون عن ابن القاسم فذكر نحو ما ذكر ابن المواز، وقال والانقضاء مثل الانسلاخ،وقال من حين ينقضى له يوم وليلة أرجو ذلك، ومثله حين يستهل وحين يذهب.
وإن قال فى رمضان وهو فيه فبغروب الشمس من آخره يحنث، وكذلك إلى دخوله وإلى حلوله وإلى دخول رمضان أو قال لحوله فبغروب الشمس من آخر يوم من شعبان يحنث. وفى كتاب أصبغ فى قوله لحوله يوم وليلة. وإذا قال فى حلوله أوإذا دخل أو حين يحل أو لمجىء أو فى مجىء يوم وليلة.اما إلى مجىء فبغروب الشمس يحنث.
قال وإذا قال إذا جاء رأس الهلال أو إذا ذهب الهلال أو عند ذهابه أو عند ذهابه أو عند انسلاخه او استهلاله أو قال فى، فله يوم وليلة،هذا كله فى رواية سحنون عن ابن القاسم.
وفى المجموعة ذكر نحو ما ذكرنا عن ابن القاسم عن مالك من ذلك كله، وقال عبد الملك: وإذا قال قبل الهلال فقد حرم على نفسه الهلال وما بعده إلا يحنثه.
ومن الواضحة ذكر ابن حبيب عن ابن القاسم وروايته عن مالك نحو ما ذكرنا من العتبية وغيرها وذكر ابن الماجشون وابن وهب رويا عن مالك أنه إذا قال إلى رمضلن أو إلى مجيئه أو إلى رأس الهلال أو إلى حلوله ونحو ذلك فله يوم وليلة.
قال ابن الماجشون وقال بعض علمائنا له ليلة الهلال وصدر يوم الهلال إلى قيام الأسواق. وقولى على قول مالك له النهار كله، وأخذ ابن عبد الحكم وأصبغ بقول ابن القاسم وروايته،وبه أقول.
[4/186]
***(1/177)
[4/187]
وذكر ابن حبيب اجتماعهم فيما عدا إلى ما قدمنا ذكره، ولكن لم يذكر الانسلاخ إلا فى قوله إذا انسلخ أو عند انسلاخه، فقال له يوم وليلة كما ذكرنا فى العتيبة وكتاب ابن المواز فى إذا وعند. قال ولم أعلم أصحاب مالك اختلفوا فيمن حلف وهو فى شعبان ليقضينه عند آخر الهلال أو إلى آخره أو إلى ذهابه أو فى ذهابه أنه يحنث بغروب بغروب الشمس من آخره.
وقال ابن الماجشون وإذا قال قبل الهلال فبغروب الشمس يحنث، بخلاف إلى الهلال عنده. وكذلك ذكر عنه فى ابن عبدوس.
قال ابن الماجشون:وأما إن قال إذا جاء الهلال فلم أقضك فامرأته طالق فهذا لا يشبه ما تقدم من التوقيت، وهذا إنما أراد أن يكون حالفاً إذا جاء الهلال، فكأنه ابتدا حينئذ اليمين فلا يقرب زوجته، كمن أرسل يمينه بغير توقيت حتى لو جعل بدل قوله فلم وقال ولم فهذا جعل الهلال وقتاً لقضائه فله يوم وليلة، ف
إن لم يقضه حنث.
ومن كتاب ابن المواز:ومن حلف ليقضينه إذا رأى الهلال فغم الهلال تلك اليلة فقضاه فى غد فقد حنث وإنحلف ليقضينه يوم الفطر فغم الهلال ثم ثبت أن الفطر قبل بيوم، قال مالك فقد حنث.
ومن سماع عيسى من ابن القاسم:فإن حلف ليقضينه حقه الهلال، فإن أراد الهلال فله يوم وليلة،وإن أراد إلى الهلال فقد حنث بغروب الشمس.
[4/187]
***(1/178)
[4/188]
فى الحالف ليقضينه فى شهر كذا أو فى نصفه
أو ليفعلن كذا قبل مضى نصف الشهر
ما الذى يحنث به ؟
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم، وهو فى كتاب ابن المواز وغيره فيمن حلف على قضاء الحق فى رمضان فإنه لا يحنث إلا بغروب الشمس من آخره.
ومن كتاب ابن المواز قال أصبغ إلا أن يحلف بذلك قيل رمضان مما يعنى به مجىء رمضان فله يوم وليلة من أول رمضان إلى ما قبله وإلا حنث.
وقال ابن وهب إذا حلف ليقضينه فى شعبان فبدخول شعبان يحق الحق ولا يحنث حتى يهل رمضان وقاله أصبغ وفى موضع آخر.وإن حلف ليقضينه فى شهر كذا فقضاه بعد غروب الشمس من آخره فالذى عندنا أن الليلة من اليوم المقبل فإن كان عندهم إلى أن الليلة من اليوم الماضى فلا شىء.
ومن كتاب ابن المواز أيضا وإن حلف ليقضينه حقه فى النصف من شهركذا فخاف أن يقضى فليقضيه يوم أربعة عشر، فإن قضاه يوم خمسة عشر أول النهار أو آخره حنث،وقبل لا شىء عليه،وهو النصف المتعارف عند الناس.
قال أشهب لا يحنث إن قضاه يوم خمسة عشر وإن نقص الشهر،وقاله ابن وهب وأصبغ.
وفى المجموعة عن أشهب أنه حانث.
وعن ابن القاسم من رواية أبى زيد يحنث إذا انقضى.
وقال عبد الملك إذا حلف ليكلمنه قبل مضى نصف الشهر فكلمه يوم خمسة عشر بعد العصر ثم نقص الشهر فلا شىء عليه لأن النصف الأول إنما
[4/188]
***(1/179)
[4/189]
العمل فيه على خمسة عشر ليس على أربعة عشر ونصف فى نقصه،فكذلك يكون الأربعة عشر نصفا من الناقص.
فيمن حلف على قضاء الحق أو على أن يفعل فعلا
أو ألا يفعله فقال اليلة أو اليوم
أو قال ليلة أو فى غد أو إلى غد
أو إلى الليل أو إلى يوم أو فيه
أو إلى عشرة أيام أو قال غدوة أو بكرة أو عشية
من المجموعة قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك:ومن حلف ليقضينه اليوم إلى الليل،فإن لم يقضه حتى غربت الشمس حنث،وإن حلف ليقضينه قمحه يوم كذا فكان يكيل فيه حتى غربت الشمس ولم يفرغ قال فكأنى رأيت معنى قول مالك أنه حانث.
قال ابن القاسم فى كتاب ابن المواز ولو أخذ فيه فى أول النهار مما يعلم أنه يفرغ قبل الليل أو بدأ فيه قبل ذلك بأيام وتمادى ثم لم يفرغ فقد حنث إذا مضى اليوم الذى أجل.
قال ابن القاسم وإن حلف ليقضينه غداً يوم الجمعة أو قال يوم الجمعة غداً،وكذلك يظن،فإذا هو يوم الخميس فإن لم يقض غداً يوم الخميس فقد حنث. وقد ذكرناه فى الجزأ الأول.
ومن كتاب ابن المواز:وإن حلف لثقضينه إلى عشرة أيام فله اليوم العاشر إلى الليل،وإن قال إلى يوم الجمعة وإن غربت الشمس من يوم الخميس ولم يقضه حنث.
ومن المجموعة قال مالك وإن حلف لا كلمه عشرة أيام وهو فى ضحى فأحب إلى أن يلغى ذلك اليوم.
[4/189]
***(1/180)
[4/190]
قال ابن القاسم أحب إلى أن يتم يوم حادى عشر إلى الليل،فإن كلمه فيه بعد الوقت الذى حلف فيه لم يحنث.
ومن العتبية من كتاب النذور قال سحنون عن ابن القاسم فيمن حلف لا كلمت فلاناً يوماً وهو فى ضحى أو أو فى نصف النهار فلا يكلمه بقية نهاره وليله وإلى غد إلى مثل تلك الساعة،وكذلك إن كان ليلا وقال لا كلمته ليلةً فلا يكلمه إلى مثل تلك الساعة فى الليلة الثانية.
قال سحنون فى كتاب ابنه:أما قوله ليلة فذلك عندى على بقية الليلة ويفارقه ذلك اليوم عندى ،فإذا قال يوما فلا بد أن يكون الليل مع النهار ومن كتاب ابن المواز ومن حلف لغريمه لا يمر به خمس ليال حتى يقضين حقه ،فمرت خمس ليال فأصبح فى يوم الليلة الخامسة ولم يقضه،قال عبد العزيز إن بين الليالى فقال ليال سود فقد حنث وإن قال لا أدرى وإنما حلفت على خمس ليال تماما لم يحنث وأيامها منها.
وقال ابن القاسم أن أراد ليالى بغير أيام حنث بطلوع فجر الخامسة،وأن لم ينو شيئا فالليالى من الأيام،وقاله مالك. قال ابن كنانة فيمن حلف لا يكام فلاناً ليلةً فإن أراد ليلته بعينها أو قال ليلة يريدها بعينها فعسى أن له نيته،وإن قال ليلةً ولا نية له فأحب إلى أن يتبعها بيومها،وقاله مالك.
وفى باب آخر:وإن حلف لا يكلمه الليلة فلا يكلمه الليلة بطلوع الفجر،وإن قال اليوم فحتى تغرب الشمس،وإن قال ليلة فليدعه يوما وليلة،وكذلك إن قال يوما.
وفى المجموعة عن ابن القاسم عن مالك:إن قال ليلةً فليدع كلامه الليلة التى نوى ويومها، وإن قال اليلة لم يحنث بكلامه فى يومها، وإن حلف لا يدخل بيتاَ بليل فدخل بعد الفجر فلا يحنث، ولو قال نهاراً حنث.
[4/190]
***(1/181)
[4/191]
ومن العتبية من سماع عبد الملك بن الحسن من ابن القاسم وأشهب:
وإن حلف لأقضينك حقك إلى الليل،قال فله الليل كله.
قال أصبغ:وإن حلف لتدخلن عليه امرأته ليلة الجمعة فحملت إليه فيها فلم تصل إليه حتى طلع الفجر فإن كان شأنهم بالبلد إدخال النساء بعد الفجر هو الغالب عليهم لم يحنث خرج بها قبل الفجر أو بعده،وإن كان شأنهم الدخول ليلا ًفأخرجت ليلاً ووصلت بعد الفجر لرفق السير ولبعد المكان فقد حنث.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف ليقضيته غدوةً،قال فله ما بينه وبين انتصاف النهار،وإن قال بكرةً فإلى ارتفاع الضحى الأعلى،وإن قال عشيةً فالعشى من وسط وقت الظهر إلى الغروب.وقال ابن سحنون عن أبيه إن غدوة وبكرة سواء وذلك ما بينه وبين الضحى الأعلى قبل نصف النهار، والعشى من زوال الشمس إلى غروبها.
ومن كتاب ابن المواز،وهى فى المجموعة،وعمن حلف لا باع عبده اليوم ولا غداً فقال لرجل فمن طلبه غداً قد أوجبته لك بأربعة دنانير بعد غد،قال قد حنث.وهذا بيع،والبيع إلى بعد غد جائز.
قال أصبغ فى العتبية فيمن حلف أن يتزوج إلى أيام فالأيام ثلاثة إلا أن ينوى أكثر من لك،وكذلك من حلف ألا يتزوج أياماً وهو أشد.
[4/191]
***(1/182)
[4/192]
فيمن حلف على قضاء الحق أو غيره
فقال إلى الظهر أو إلى العتمة
أو قال لا أبيت حتى أفعل كذا
من الواضحة قال ابن الماجشون:ومن حلف لأقضينك قبل أن أصلى الظهر فأتاه به بعد صلاة الناس ولم يصل الحالف فلا ينظر إلى صلاة الحالف،ولكن إن كان الموضع مسجد جماعة،فإن صلوا ولم يقض حنث،وإن لم يكن بموضع جماعة يجمعهم إمام فإن جاوز أن يصير ظل كل شىء مثله ولم يقضه حنث.وكذلك فى يمينه إلى الظهر.
قال ابن المواز فى قوله غدا إلى الظهر إن مال الفىء ولم يقض حنث،وإن قال عند صلاة الظهر فله إلى أن يصير ظل كل شىء مثله،وإذ قال قبل أن أصلى،فإذا انصرف الناس من الجامع ولم يقضه حنث،وإن لم يصل هو وقال نويت حتى أصلى أنا لم ينفعه.وإن لم يكن عندهم مسجد جماعة لم يحنث حتى يخلرج آخر الوقت.ووى عن ابن القاسم فى العتبية فى قوله إلى الظهر أ حده إلى أن تصلى الجماعة والعامة.
وروى غنه سحنون فى قوله صلاة الظهر قا :يقضى أول صلاة الناس عند الزوال،وهى فى كتاب ابن سحنون عن ابن القاسم،فقال أول صلاة الناس أو عند الزوال.قال فى الكتابين قيل فإن صلى قوم وبقى لآخرون فلم يذكر جواباً.قال فى العتبية قا لأبو بكر بن محمد لا شىء عليه.
وفى كتاب ابن سحنون قال سحنون لا حنث عليه إلى آخر وقت الظهر، وقال عنه أضبغ:وأن حلف أن بات الليلة وله عنده شىء،فحده إلى ثلث الليل.قا لأصبغ بل ذلك على ما يعرف من معانى الناس.فإذا حلف نهاراً فحده غروب الشمس،وإن حلف عشاء فحده انقطاع الرجل وهدوء الناس
[4/192]
***(1/183)
[4/193]
قال ابن حبيب قا لابن الماجشون فى الحالف ألا تقيم امرأه عنه إلى العتمة فقامت حتى صلى الناس وإمام قريتهم فقد حنث،ولا ينظر فى هذا إلى ثلث الليل.
فى الحالف فى القضاء وغيره إلى العيد أو إلى الصدر
أو إلى الصيف أو إلى الحصاد أو قدوم الحج أو قدوم أبى
من المجموعة قال اب القاسم:وإن حلف لأقضينك حقك إذا ذهب العيد فأيام التشريق من العيد،وإن قال إلى الأضحى فقضاه فى اليوم الثانى من النحر فقد حنث،وإن قال فى الأضحى فلا شىء عليه فى اليوم الثانى والثالث. وإن قال فى العيد فقضاه ف أيام التشريق حنث،وإن قال فى أيام العيد أو أيام الأضحى أى يوم النحر،فإن لم يقضه فى يوم النحر بعينه وقضاه فى أيام التشريق حنث.
ومن العتبية قال أصبغ:ومن حلف أن لا يطأ امرأته حتى العيد،فلا يطأها حتى العيد وبعد انصراف الإمام،فإن وطأها قبل ذلك حنث،والعيد عندى انصراف الإمام.
وإن حلف لا دخل بيته يوم العيد وكان ذلك في الفطر فلا يدخل يوم الفطر ويومين بعده، وقال سحنون لا أرى ذلك والفطر يوم واحد.
قال سحنون فى كتاب ابنه وقرأ عليه قول أصبغ فقال: إذا وطئها ليلة العيد فلا شىء عليه ،وليلة العيد من العيد. وأما فى الفطر فالعيد فيه يوم واحد.
وقال ابن عبدوس فى غير المجموعة فيمن حلف لأقضينك بعد العيد بخمسة أيام، قال يقضيه بعد يوم النحر بخمسة ايام، ولو قال بعد الأضحى بخمسة أيام، قال فتحسب له الخمسة بعد ثلاثة أيام النحر لأنه يضحى فيها.
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون فى الحالف ليقضينه إلى الحصاد إنه لا يحنث إلا بانقضاء آخره ويقضى عليه بالحق فى وسطه ومعظمه، يريد إذا كان
[4/193]
***(1/184)
[4/194]
أجلاً، وكذلك إلى الجذاذ والقطاف، وإلى الصدر يقضى به فى وسطه ولا يحنث إلا بانقضاء آخره، وقاله ابن القاسم وابن عبد الحكم وأصبغ ، وروى مثله عيسى عن ابن القاسم فى العتبية والمجموعة.
ومن كتاب ابن المواز قال: وإن حلف إلى الصدر فهذا له آخر أيام التشريق إلى الليل وبقيا الليل إلى الفجر، فإن لم يقضه حتى طلع الفجر حنث. وإن قال لاكلمته حتى الصدر أو قال إلى الصدر إلا فى الصدر الآخر ، فإن كلمه فى الأول لم يحنث. وإن حلف ليكلمنه فى الصدر فليكلمه فى الأول، فإن لم يكلمه إلا الثالث لم يحنث روى عيسى عن ابن القاسم فى العتبية.
ومن كتاب ابن المواز: وإن حلف لا يجتمع مع امرأته تحت سقف حتى يقدم الحاج فقدم أوائل البربر، قال فى المجموعة أصحاب الحمير فلا شىء عليه. قال ابن حبيب عن ابن الماجشون فيمن حلف ليقضنه فى الصيف فهو يونية ويوليه وأغشت. فإن انقضى أغشت ولم يقضه حنث، وتتلوه شهور القيظ وهى شتنبر واكتوبر ونونبر . فإذا قال فى القيظ أو فى الخريف فلم يقضه حتى خرج نوفمبر حنث والشتاء دجنبر ويناير وفبراير ، فغذا قال فى الشتاء أو إلى فلم يقضه حتى خرج فبراير حنث. ويحنث فى قوله فى الربيع أو إلى الربيع بانقضاء مايو، وكذلك قال فى هذا كله ابن القاسم وابن الماجشون وأصبغ، وكذلك فى العتبية وفى المجموعة عن ابن القاسم.
وفى المجموعة قال ابن القاسم: وإن قال إن قدم أبى ولم أقضك فامرأته طالق فقدم ولم يقضه فهى طالق إلا أن ينوى أنه إذا قدم قضاه. وإذا قال أبى فلم أقضك فلا يحنث حتى يقدم ثم لا يقضيه، وله فى ذلك يوم وليلة.
[4/194]
***(1/185)
[4/195]
فيمن حلف لأقضينك إلى حين أو دهر أو زمان
أو قال لا كلمتك إلا شهراً أو شهوراً
ومن حلف لا فعل كذا هذه السنة وقد مضى بعضها
قال ابن المواز قال مالك: الحين والزمان سنة، قال عنه ابن نافع فى المجموعة، ولعل الدهر مثله وما أدرى. وقال ابن القاسم وأشهب فى الدهر سنة.
قال ابن وهب عن مالك فى الحين سنة وأما الزمان فليس عندى مثله، وهو عندنا مثله، وهو احسن ما سمعنا إلا أن تكون له سنة فى أكثر من ذلك.
ومن كتاب لعض أصحابنا فيمن حلف لا كلمتك الدهر، قال لا يكلمه أبداً، وإن قال لا كلمتك دهراً فلا يكلمه سنةً.
ومن العتبية قال أشهب عن مالك: إذا حلف وهوفى نصف السنة إن فعل كذا وكذا هذه السنة، فإن نوى ما فيها فذلك له، وإن حلف لم ينو شيئاً ائتنف من يوم حلف اثنى عشر شهرا.
ومن كتاب ابن سحنون ومن حلف لا كلم فلانا إلا شهرا أو قال أشهرا فلا يكلمه ثلاثة أشهر، فإن كلمه قبلها حنث، وإن قال الشهور فلا يكلمه سنة، فإن كلمه قبلها حنث؛ وإن قال شهوراً سئل عن ذلك أهل اللغة، فإن قالوا إنه مثل الأشهر فثلاثة أشهر، وإن قالوا مثل الشهور فذلك سنة. قال الله تعالى (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً).
[4/195]
***(1/186)
[4/196]
فيمن حلف على قضاء الحق
أو أن يفعل فعلا إلى أجل
فعجل ذلك قبل الأجل
من المجموعة والعتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم فى الحالف لأقضينك حقك فى شعبان ورمضان فقضاه جميعه فى شعبان فلا حنث عليه ، وكذلك لو قضاه فى شعبان بعضه وباقية فى رمضان ، وأحب إلى أن يقضيه النصف فى كل شهر ، فإن قضاه الربع والثلث فى شعبان وباقيه فى رمضان لم يحنث، وإن لم يقضه فى شعبان شيئاً وقضاه جميعه فى رمضان حنث، ولو قضاه جميعه فى شعبان لم يحنث. وكذلك روى ابن وهب وأشهب عن مالك فى القضاء قبل الأجل .
ومن كتاب ابن المواز عن ابن القاسم : وإن حلف ليقضينه حقه فى شعبان ورمضان وشوال فقضاه بعضه فى شعبان وباقيه فى شوال ولم يقضه فى رمضان شيئاً فلا شىء عليه، ولا يعجبنا قول من قال غير هذا، لأنه حلف ليقضينه في كل شهرمنها ديناراً فقضاه دينارين فى شعبان وديناراً فى شوال وفى رمضان ما كان عليه شىء. ولو قضاه ديناراً فى شعبان ودينارين فى شوال ولم يقضه فى رمضان شيئا فهو بار، وكذلك لو قضاه أقل من دينار فى شعبان وبعض الحق فى رمضان، وباقيه فى شوال فلا شىء عليه.
ومن المجموعة قال ابن القاسم عن مالك: وإن حلف ليقضينه فى كل جمعة كذا حتى يتم حقه فعجله له فى جمعة فلا شىء عليه.
قال ابن القاسم عن مالك: والحالف على أكل طعام غداً يحنث إن أكله اليوم، بخلاف القضاء، لآن القصد فى قضاء الحق التعجيل ، والطعام يراد به اليوم.
[4/196]
***(1/187)
[4/197]
قال أشهب : إن سئل فى أكله الآن فقال دعونى الآن فأنا والله اكله غداً فلا حنث عليه إن أكله اليوم لأن قصده الأكل لا تعيين اليوم ، وإن كان على غير ذلك من عمد الغد حنث.
فى الحالف لأقضينك إذا أخذت عطائى
أو إذ أمكننى
وكيف إن توانى فى أخذ العطاء ؟
من كتاب ابن المواز : ومن حلف لغريمه إن خرج عطائى وقبضته ولم أقضك وامرأتى طالق ، فتهاون فى أخذ العطاء وهو قادر على أخذه فهو حانث، وإن لم يتوان حتى غلب عليه لم يحنث. وقيل لا يحنث حتى يرتفع العطاء وينقطع الإعطاء ، فأما ما دام قائماً يرجوه فلا ييأس من أخذ ذلك العطاء.
ومن حلف فى دين على امرأته لئن وقع قسمها فى يديه ليقضينه عنها فلا شىء عليه حتى يمكنه أخذه، فإن تهاون فيه وهو يقدر على أخذه حنث.
قال ابن القاسم فى العتبية من رواية عيسى: فإن تهاون فى قبضه بتوليج أو تثلاقا أو داهن فيه حتى غلب عليه فقد حنث.
فيمن حلف إن ترك غريمه او خصمه حتى يبلغ به
أقصى حق أو حتى يقبض منه حقه
من كتاب ابن المواز والعتبية من سماع ابن القاسم : ومن حلف إن فرطت أو توانيت فى حقى على فلان حتى آخذه فتوانى رجاء أن يأتيه حتى مرض فحال بينهما المرض فقد حنث، وإن أقام يوماً أو يومين أو نحو ذلك مجتهداً حتى اخذه المرض فأشغله والله أعذر بالعذر .
[4/197]
***(1/188)
[4/198]
قال مالك فى العتبية من سماع ابن القاسم فيمن بينه وبين رجل خصومة فى سلعة ابتاعها منه فحلف لا يتركه حتى يبلغ أقصى ما فيها، فأقام شاهداً ولم يحلف معه ورد اليمين على بائعه ، فلا أحب ذلك ورأى أنه إن فعل لم يبلغ أقصى ما حلف عليه.
وروى عيسى فى الذى حلف لا يفارق خصمه حتى يبلغ أقصى حقه، فأقام شاهدا ولم يحلف معه، فإن كان حقه يعلمه فنكل فهو حانث ، وإن كان لا يعلمه أنه حقه إلا بشهادة الشاهد من مورث وقع له أو غيره فهو حانث بنكوله، وإن علم أنه لا حق له عليه وأراد غيظه وأن لا يأخذ شيئا وترك اليمين فلا شىء عليه. قال عنه أبو ريد وإن حلف فى غريم له ليستقضينه منه حقه ولا يرخص له فهو يخاصم حتى هلك الغريم فليستقضه ورثة الغريم ولا ييرخص له
وروى أشهب عن مالك فيمن بينه وبين رجل خصومة فحلف بالطلاق ألا يتركه وليجتهدن عليه. ثم قال له بعد ذلك لا أخاصمك وقد وكلتك إلى الله سبحانه ، ثم ذكر يمينه فطالبه فقد حنث، فقال له خصمه إنه حين رجع إلى جعلت بينى وبينه رجلاًَ وحلفت بالعتق لأرضين بحكمه. فحكم على بدينارين فدفعتهما إليه، فقال له فاذهب إلى السلطان فارفع إليه شهادتك ولا تطلب الدينارين وإن أعطاكهما فلا تأخذهما منه.
ومن العتبية روى أشهب عن مالك فيمن أخذ لعمه ألف درهم بعث بها إلى البصرة فحلف أبوه لا أقلع عنها حتى يردها، فطلب له ألف درهم فدفعها إليه ، ثم استوهبه إياه فوهبها له. فإن كان من غير رأى عدة من العم فلا شىء عليه، وإن كان عن رأى عدة أو كان الأمر قريبا لم ينفعه فى يمينه.
ومن المجموعة قال ابن القاسم عن مالك فى رجل له عند زوجته دنانير فأسلفت منها أخاها فحلف لا خرج حتى يأخذ حقه منه أو يقضى عليه
[4/198]
***(1/189)
[4/199]
السلطان،وقالت امرأته أنا ضامنة لذلك وقد أراد السفر،قال لا يخرج حتى أخذها ولا يقبل ضمانها إلا أن يؤخره السلطان.
جامع الأيمان على قضاء الحق
واقتضائه من مسائل مختلفة المعانى
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف إن لقى غريمه أن فارقه حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين،فلقيه فقضاه حقه فلا شىء عليه.ومن حلف لا ينقص غريمه من عشرة قائمة،فلم يقر له إلا بدنانير خروبة خروبة،فخاصمه فلم يقض له إلا بها،فليأخذها ولا يضع عنه شيئا والله حسيبه.وإن كان أراد ألا يأخذ منه إلا قائمة فلا يأخذ منه إلا قائمة.
قال عبد الملك ابن الحسين عن أشهب فيمن حلف ليوفينه حقه إذا أخذ عطاءه فأخذ من عطائه ما لا يفى بدينه فقضاه،قال لا يحنث.
قال أصبغ وأن حلف لأبعثن إليك بحقك يوم كذا،قال مع فلان أو لم يقل،فإن لم يصل إليه الحق يوم قال لأبعثن به فقد حنث.
قال أبو زيد عن ابن القاسم فيمن عليه طعام من سلم فحلف لأوفينكه بساحل الفسطاط إلى إلى أجل كذا،فإن وفاه أياه بالموقف كان حانثا.
قال ابن سحنون عن أبيه فى رجلين عليهما حق لرجل فحلف ليقضيانه حقه،فقضاه أحدهما الحق كله أو بعضه،فإن كان تحمل بعضهما عن بعض فقضاه أحدهما جميع الحق فلا حنث عليهما،وإن قضاه أحدهما نصف الحق أو ما يصيبه حنثا جميعا. وإن لم يكونا حميلين فإن قضى ما يصيبه منه فلا حنث عليه ويحنث الآخر،وإن جميع الحق بغير أمر صاحبه لم يحنث القاضى ويحنث الغائب.
[4/199]
***(1/190)
[4/200]
قال وإن حلف ليقضين غريمه حقه يوم كذا فوجد لقطة فقضاه منها،فإن قضاه منها قبل السنة حنث مليا كان أو معدماً.قلت قال بعض أصحابنا:إن كان مليا لم يحنث،فلم ير ذلك سحنون.
ومن كتاب ابن المواز ومن تحمل بوجه لأجل وحلف الحميل ليأتين به فى الأجل،فلما حل الأجل أتاه المطلوب ولم يأت الحميل فقد حنث إلا أن يكون نوى إن غاب أتاه به فله نيته.
قال محمد لا شىء عليه إذا لم يكن حمالته به إلا بسبب الحق وحده.
وإذا حلف ليقضينه طعامه لأجل كذا فأتاه بقمح قبضه له وقال سأرجع أكتاله لك فتأخر فلما جاز الأجل وخاف الحالف الحنث أكتاله لنفسه،ثم جاز الأجل فقد حنث.قيل إنه رفعه إلى السلطان،قال يقضيه السلطان ولا يخرجه ذلك من يمينه.
ومن أعطى حميلا بحق وحلف للطالب ليقضينه حقه إلى أجل كذا،فلما حل الأجل قضاه الحميل والمطلوب غائب فلا حنث عليه.ومن حلف ليقضينه حقه إلى أجل فلم يجد من يسلفه إلا بحميل فتحمل بها طالب الحق وجاز الأجل فقد حنث.
ومن حلف لأقضينك إلى أجل كذا إلا أن يقول غرمائى ويحول السلطان بينى وبين مالى فقام غرماؤه وعقل السلطان ماله ثم بدا لهم أن يردوا يردوا ماله إلى يديه،فإن رد إليه بعد الأجل لم بحنث وإلا فاليمين له لازمة.
ومن سجن رجلا فى دين وحلف لا يخرجه حتى يقضيه أو حتى يقبض حقه،قال منه أو لم يقل،فتبرع أجنبى فقضاه عنه أو تبرع من يسأل الطالب مالاً فقاصه به وأشهد لنفسه به إلى المسجون إلى شهر وأخرجه الطالب،فإن حلف حتى آخذ حقى لم يحنث،وإن حلف حتى يعطينى أو حتى آخذه منه
[4/200]
***(1/191)
[4/201]
حنث،إلا أن تكون له نية.وإن كانت يمينه ليستوفين حقه فقاصه بما يسأله فلم يحنث،إلا أن ينوى أن يأخذ المال منه ووفى العدة أو لفظ بذلك فلا تنفعه المقاصة.
وإن حلف لأقضينك فى منزلك فجاء به إلى منزله فقال اذهب به إلى حانوتى فى أقصى المدينة،قا لهو منزله أيضا.وكذلك لو قال:اذهب به إلى منزل فلان وهو إذا جاء به إلى منزله صرفه حيث شاء فلا شىء عليه.
وإن حلف ليوفينه حقه يوم كذا بموضع كذا فجاء فى اليوم فلم يجده فى الموضع فلا شىء عليه إذا ظل يومه ذلك ولم يأته ولم يكن بينهما وقت من النهار يأتيه فيه،ولا يجزئه أن يمسح الموضع مسحاً فلا يجده عند مجيئه.
قال فى موضع آخر من كتاب ابن المواز:وإن حلف ليوفينه بموضع كذا فبعث به إليه،فإن نوى القضاء برإلا أن يكون بساط يمينه إلا أن يوفيه بنفسه.والمسألة من أولها فى العتبية من سماع أصبغ من ابن القاسم.وفى السؤال حلف ليوفينه بموضع كذا.ومن قوله إذا ظل يومه إلى آخرها من كلام أصبغ.
ومن كتاب ابن المواز:من تعلق بغرمه فحلف له لأوفينك غداً فى منزلك،فأتاه فى غد فلم يجده فلا حنث عليه.ورواها أبو زيد عن ابن القاسم فى العتبية.
ومن المجوعة والعتبية رواية ابن القاسم عن مالك فيمن مطل بحق عليه ثم حلف لربه إن أعطيتك حتى أسجن ثم أسجن ثم أسجن يريد أياما،وحلف الآخر إن أنظره حتى ينظره السلطان فرافعه فأنظره السلطان أجلا،فلما حل تغيب عنه فأراد عمه أن يقضى عنه فلا بأس به.قال فى العتبية ولا يحنث إن علم بقضاء العم عنه،غير أن اليمين عليه باقية فى قضائه لعمه كما كانت لصاحب الحق،إلا أن لا يقضيه حتى يسجن أياما كما حلف وإلا حنث.
[4/201]
***(1/192)
[4/202]
قال المغيرة فى المجموعة: وللعم أن يرجع عليه،فإن قضاه قبل أن يسجن حنث ويقف العم موقف الأول،وإن تركه العم لم يحنث.قلت:فما مخرج قوله حتى أسجن ثم أسجن ثم أسجن؟قال حتى يسجن ثلاثاًيسجن ثم يسجن ثم يخرج ثم يسجن،فأحب إلى أن يقيم فى كل مرة يوماً وليلة.
قال أشهب:ومن حلف لئن قضيتنى حقى لأفعلن بك كذا فقضاه بعضه فلا يلزمه شىء إلا بقضاء الجميع،لأن عرض هذا الاستيعاب.وإن حلف المطلوب لئن اقتضيتنى حقك لأهدين إليك ميسره بإقتضائه لأنه كان يأبى أخذه فلا يلزم هذ الهدية حتى يقضيه الجميع.
قال ابن حبيب قال أصبغ:ومن حلف لغريمه لأقضينك دينك من دين لامرأتى وهو يعرفه،فقضاه من غيره ولم يقبض دين المرأة فقد بر.وكذلك لو قبضته المرأه وقضاه الحالف من غيره،وإنما ذكر دين المرأة كأجل فأجل ضربه فلا يبالى مما قضاه.ومن العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم،وهى فى المجموعة،فيمن تعلق بغريمه وطلب بحميل حتى يوافيه دار القاضى،فحلف له بالطلاق إن غبت عن دار القاضى سنة حتى أوفيك حقك أو يقضى بيننا،قال فليختلف كل يوم إلى دار القاضى حين تختلف الناس حتى يوفيه.قال وإن وضع عنه حنث.قيل فإن غاب الطالب؟قال احضر أنت،وإن غاب فليس عليك شىء.
وقال ابن القاسم فى عبد حلف لغريمه ليقضينه أول دينار يجده،فباعه سيده فقال المبتاع للبائع أكسه فأعطاه ديناراً من ثمنه يكتسى به فلم بقضه العبد للغريم،قال لايحنث للمبتاع كأنه استوضعه أو ابتاع به كسوة
[4/202]
***(1/193)
[4/203]
ومنه ومن المجموعة قال سحنون عن ابن القاسم فيمن عليه لرجل عشرة أرادب فحلف ليوفينها له إلى أجل،فجاءه بها فى الأجل كما ابتاعها واكتالها فقال له صبها على هذا القمح لقمح كان فى بيته قال كلها فقال أنت صادق فصبها عليه.قال إن كانت عشرة أرادب تامة لم تنقص كما ينقص الكيل لم يحنث.قيل:ومن أين يعلم أنهلو أعاد كيلها نقصت؟قال فلينظر لنفسه،وليس يحنث بترك الكيل،ولكن إن كانت لو أعيد كيلها نقصت حنث.
ومن العتبية من سماع عيسى قال ابن القاسم فيمن له قبل رجل دنانير فحلف أن لا يأخذ منه فيها دراهم فأحال عليه بالدنانير رجلاً فأخذ منه الرجل فيها دراهم قال لا حنث على الحالف.
ومن مسائل سحنون:وسئل عمن عليه لرجل عشرة دنانير فحلف ليوفيننه إياها إلى شهر فأعطاه قبل الأجل أوقية سوار ذهب باعه إياها بيعا وفيه أحد عشر مثقالا فلم يعلم بقبيح ذلك حتى مضى الأجل،قال هو حانث،ذلك منتقض،فقد مضى الأجل ولا قضاء فيه.
قال أصبغ وقال أشهب ومن عليه طعام من بيع فحلف للطالب ليقضينه إياه إلى أجل فابتاع له طعاما وأحاله به قبل يقبضه ومضى الأجل،فإن قبضه المحتال قبل الجل بر الحالف،وقاله أصبغ فى اليمين ويفسخ البيع بينهما وقد بر.
[4/203]
***(1/194)
[4/204]
فيمن حلف لا باع بكذا كم يزاد
أو حلف لا يبيع إلا بكذا
وكيف إن وضع بعد البيع
من المجموعة قال ابن القاسم عن مالك فيمن حلف لا باع سلعته بدينار فلا يبر إلا بزيادة يرى أن مثلها يزاد فى ذلك.قال ابن نافع قال مالك أفيزيده ثمرة أو قرصاً؟ما هذه زيادة.قال سحنون لا تبرئه زيادة الخيار فى المائة،قال غيره إلا أن تكون له نية فى شىء معلوم أو أن لا يبالى ما زيد،فإن لم تكن له نية لم يبره اليسير فى الثمن الكثير ويرى أن درهما يبرأه فى الدينارين وفى خمسين درهما وهو فى المائة درهم قليل،ويرى الدينار فى المائة دينار يبرئه.وهذا الذى ذكر ابن عبدوس لغيره وهو قول أصبغ وابن حبيب أيضا.وذكر ابن الماجشون:أستحب الثلاثة دنانير فى المائة.
ومن العتبية روى أصبغ عن ابن القاسم فيمن حلف لا باع بمائة دينار فزيد خمسة دنانير قال يبرئه.قال أصبغ يبر بدينار ف المائة وبنصف دينار فى خمسين،وقاله ابن القاسم إلا ان تكون له نية فيما يزاد.قال أصبغ ولا يبر بخمس دينار فى عشرين ولا بخمس ونصف خمس فى الثلاثين وإذا جزى الدينار هكذا لم يقع لمثل هذا منه بال.قال ابن سحنون قلت لسحنون قال بعض الناس:إن ربع دينار يبرئه فى المائة دينار لأن القطع يجب فيه،قال لا يبر بذلك وأراه حانثاً إن فعل.
ومن كتاب آخر أن محمد بن عبد الحكم يقول:يبر بأقل من ذلك،والذى قاله سحنون أولى،لأن الأيمان إنما تحمل على مقاصد الناس فيها.
ومن المجموعة قال سحنون فيمن حلف لا باع بثلاثين فباعها بثلاثين ديناراً ويبرئه اليمين ولميسمه شرطاً ثم باعها المبتاع من آخر بيعاً صحيحا،فالبيع الأول
[4/204]
***(1/195)
[4/205]
فاسد فات بالبيع الثانى.فإن كانت القيمة تزيد عن الثلاثين ما يبر بمثله أخذ ذلك وبر،فإن كانت أقل فإنى أخاف عليه الحنث.
ومنه ومن المجموعة قال ابن القاسم عن مالكفيمن ابتاع عبدا ً بثمن ثم كساه إزالراً بثمانية دراهم وحلف بحريته لا باعه بربح خمسة دراهم حتى تزداد ونوى ما قل من الزيادة أو كثر فباعه بذلك وبزيادة درهم على أن يسأل عن يمينه،فإن كان على فيه شىء فإن شئت أن تأخذ على ذلك وإلا فدع،وإن لم يكن على شىء فهو لك،قا للا يترك ثمن الإزار لموضع الحنث ولم يوجبه فى الشرط بشىء.قال له قد طرحته عند الحجام يعلمه بشرط سنة وله عنده خمسة أيام قال أرض الحجام من عبدك ولا تحنث بذلك،وليس هذا من ناحية ما حلفت عليه.
قال وقال مالك فيمن حلف بالعتق لا ينقص سلعته من مائتين فباعها بمائتين ثم حط منها فى مجلسه بسؤال فقد حنث،ولو وضع له بعد يومين وثلاثة لم يحنث.
قال فى العتبية ويحلف ما أراد إلا عقد البيع وما هذا الذى أردت ألا يضع ولا شىء عليه.
ومن الكتابين ومن حلف ألا يقاطع مكاتبه إلا على كذا فقاطعه عليه ثم حطه فأكره بحدثانه.فأما بعد أيام فلا بأس به.
قال ابن حبيب فى مسألة البيع إنه يحنث وضع عنه بقرب من عقد البيع أو ببعد إلا أن ينوى لا يضع عنه فى عقد البيع،وعليه مخرج يمينه ونيته فلا شىء عليه إن وضع بغير حداثة البيع وبعد التطاول وإذا صح ولم يتعاملا عليه،وإن لم تكن له نية حنث.
ومن العتبية روى أشهب عن مالك فيمن باع بيعاً فسئل الوضيعة فحلف بالعتق إن فعل فقضاه جميع حقه،ثم سأله أن يهبه منه قال لا يهب له منه.
[4/205]
***(1/196)
[4/206]
من المجموعة ابن قاسم عن مالك فيمن حلف بالطلاق لا باع بمائتين حتى يزاد فيزيد كما طلب وقبض بعض الثمن وقبض المبتاع السلعة ثم استوضعه، فأما بقرب البيع فلا ينبغى، وأما ما تطاول من ذلك فلا بأس به .
ابن القاسم : وإن حلف لا باع سلعته إلا بمائة دينار فباعها بمائة وعشرين إلى اجل
، فإن كان لو بيع الدين بعرض نقداً سوى العرض مائة فأكثر فقد بر ، وإن سوى أقل من مائة فقد حنث.
قال ابن القاسم وابن نافع عن مالك فيمن حلف لا با إلا بكذا فباع بذلك إلى أجل ، فقال يحنث إلا أن ينوى بدين أو بنقد، قال ابن نافع ويحلف.
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا أكرى من منزله إلا بثمانية
دنانير ، فأكرى نصفه بأربعة فلا يحنث، ولو أكرى نصفه بأقل من أربعة حنث .
ابن القاسم عن مالك فيمن حلف فى طعام له لا يزيد فيه على ثلاثة أرادب ووبيتين بدينار فبعث إليه أخ له عشرين ديناراً ليعطيه بها فبعث إليه بثمانية عشر كما حلف وبعث إليه بدينارين حمص وجلبان أكثر من سعره يكون بدينار ما يسوى دينارين ، قال قد حنث.
ومن المجموعة ابن القاسم : وإن حلف لا باع إلا بثمانية عشر حبتين حبتين، فباع بتسعة عشر قيراطا قيراطاً، فإن كان يمينه على الزيادة لم يحنث وإن كانت يمينه على الدنانير ليأخذن ثمانية عشر حبتين حبتين حنث ،وإن لم تكن له نية حنث .
وروى ابن نافع عن مالك ورواه أشهب فى العتبية فيمن حلف لا باع جاريته بثلاثمائة دينار حتى يزيد فباعها بثلاث مائة ودينار وانتقد ثم سأله ابن عم
[4/206]
***(1/197)
[4/207]
له بعد تمام البيع أن يهبه خمسة عشر ديناراً عن غير شرط ولا موعد ففعل فوهبها ابن عمه للمشترى ، فقال أخاف أن يحنث قد علم أنه إنما يعطيه إياها .
وفى الباب الذى يلى هذا من معانى هذا الباب وفى باب من باع شيئا ثم أخذه رهنا.
فيمن حلف ألا يبيع سلعتيهإلا بعشرة فباع إحداهما بخمسة
أو كانت سلعة فباع نصفها أو باعها من أخرى معها
من المجموعة قال ابن القاسم : ومن حلف لا باع سلعتيه إلا بعشرة فباع إحداهما بخمسة أو بأقل أو بأكثر، فإن باعها بأقل مما يقع عليها من حصة العشرة حنث، وإن كان بمثل ما يقع لها من العشرة فأكثر لم يحنث ، إلا أن يبيع الثانية بأقل من تمام العشرة يوماً ما فينحث . وله أن يهب الثانية أو يصنع بها ما شاء.
قال ابن حبيب : بعض الثمن الذى حلف عليه على الأكثر من قيمتها يوم باع أو يوم حلف فما وقع لها، فإن باعها بمثله فأكثر لم يحنث، ثم إن باع الثانية بما يصيبها مماحلف سقطت اليمين فاكثر أو بتمام العشرة، وإن كان أقل مما يصيبها فهو بار وإن باعها بأقل مما كان يصيبها من الثمن ولا تمام فيه لليمين والمحلوف عليه فقد حنث. وكذلك لو باعها بما يصيبها من الثمن ولا تمام فيه لليمين الذى حلف عليه لأنه باعها بأقل مما حلف عليه. ولو باع الأولى بأقل مما يصيبهاحنث، ثم لا ينتفع بما باع به الثانية وإن كثر . وكذلك قال لى أصبغ فى ذلك كله .
ومن المجموعة قال أشهب: إن باع واحدة بعشرة ثم باع الثانية بخمسة، فإن كان هو الذى يصيبها من العشرة بالقيمة من السلعة الأخرى لم يحنث، وإذا أصابها خمسة فباعها بها فأكثر لم يحنث ، وإن باعها بأربعة حنث ، وإن باع الأولى بأقل مما يصيبها فقد حنث، باع الثانية بتمام العشرة أو بأكثر . وذكر ابن المواز فى كتابه مثل ذلك . وقال : وإنما بعض الثمن على قيمتها يوم حلف لا يوم حنث.
[4/207]
***(1/198)
[4/208]
قال سحنون فى المجموعة:ومن حلف لا باع سلعته بعشرين فباع نصفها بعشرة أو بأكثر،فإن باعه بثلاثة عشرة مما يعلم أنه باع النصف الثانى صح له أكثر من عشرين فلا شىء عليه، وإن كان غير ذلك فقد حنث.
وكذلك لو أمر رجلاً يبيع سلعته بعشرين فباع نصفها بخمشة عشر أو بما لو أراد بيع النصف الباقى لم ينقص جميع الثمن من عشرين لم يكن متعدياً،وإن كان ينقص فه متعد.
ومن مسائل محمد بن عبد الحكم فيمن حلف بحرية عبديه إن باعهما إلا بعشرين وقيمتها سواء،فباع واحدا باثنى عشر ثم باع الثانى بثمانية إنه يعتق الثانى ولا شىء عليه فى الأول لأنه كان منه على بر،وقع الحنث بعد أن خرج من ملكه بصحة.ولو باع الأول بأقل من عشرة نقض بيعه وعتق.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن حلف لا باع سلعته إلا بمائة فباعها مع أخرى بمائتين،فإن وقع لها من الثمن مائة يريد فأكثر فلا شىء عليه،وإن وقع لها أقل حنث.قال أصبغ وإن باع معها غيرها فباعهما بمائتين ثم أراد أن يضع من ثمن السلعة التى أضاف إليها شيئاً فإن وضع من ثمن هذه المضافة الذى هو عند أهل البصر شيئاً حنث.
قال أبو محمد وفى الباب الذى هذا يليه من نظائر هذا الباب مسألة الحالف لا أكرى منزله إلا بكذا فأكرى نصفه بنصف ذلك.
ومن المجموعة قال ابن القاسم فيمن حلف لا أكرى داره فى السنة إلا بعشرة فأكراها نصف سنة بخمسة فإن كانت سنة بعينها فإن كانت تتفاضل شهورها مثل دور مكة والمدينة تكرى الأشهر فى السنة فإن ما أكراها به مثل ما يقع لتلك الأشهر من حصتها مما حلف فأكثر لم يحنث،وإن كان أقل وباقى الشهور
[4/208]
***(1/199)
[4/209]
انفق حنث، وإن كا نت من الدور التى لا تتباين أكرية الشهور فيها مثل دور القبائل لم يحنث إذا أكرى شهوراً مما يقع عليها من كذا السنة على التساوى تفاضلت الشهور فى الكراء أو لم تتفاضل.
وروى أشهب عن مالك فيمن بيده منزلان بكراء فحلف ألا يزيدها فيهما على أربعة دراهم، فاستغنى عن أحدهما وأكرى الآخر باثنين ونصف ، قال لا أدرى يكون أحدهما بدرهم من يقدر هذا ويحصيه .
ومن كتاب ابن المواز ومن حلف ألا يكرى منزليه إلا بكذا وكذا، فأكرى أحدهما، فإن أكراه بما يقع عليه مما سمى فقد بر، وإن أكراه بأقل فقد حنث.
فى الحالف بصدقة السلعة إن باعها بكذا
فباعها به ، أو بحرية العبد إن باعه
أو لا أكل له ثمنا فباعه
من الواضحة والعتبية قال أصبغ: ومن حلف بصدقة سلعته لا باعها إلا بكذا فباع بدونه حنث والسلعة قائمة فلا يرد البيع وليتصدق بثمنها، فإن حابى فيها فعليه الصدقة بالقيمة ، وإن كان الحال بيده قراضاً لم يلزمه من الصدقة إلا بقدر ما ينويه من قيمتها إن كان فيه فضل.
قال فى العتبية ومن تصدق بسلعة بينه وبين آخر لم تلزمه إلا فى نصيبه ، وليس لشريكه أن يلزمه قيمة حصته.
وفى البا الذى يليه مسألة الحالف بحرية عبديه إن باعهما إلا بكذا .
ومن المجموعة قال سحنون فيمن قال لأمته أنت حرة إن أكلت لك ثمنا أبداً ولا نية له، فباعها فهى حرة ويرد الثمن إلى المبتاع ، فإن كانت على ذلك بينة
[4/209]
***(1/200)
[4/210]
يفسخ البيع وعتقت ،و‘ن لم تكن بينة فهى حرة ولا يحل له أكل الثمن ولا يحكم على المبتاع بفسخ البيع بقوله.وفى كتاب العتق تمام هذا المعنى.
فى الحال ليبيعنه عبده أو غيره
أو أن لا يبيعه فيبيعه بيعا فاسدا
أو بيع خيار أو باعه ثم رد بعيب
أو بدله بثمن معلوم لمن شاء
من المجموعة روى أشهب وابن نافع عن مالك وقال فى الذى قال لعبده إن لم أبعك فأنت حر فباعه بيعاً حراما رد عليه أو بيعا صحيحا فرد بعيب، فإنه يؤثر ببيعة ثانية.
قال أشهب بن عبد العزيز وإن ضرب لبيعه أجلا فرد بعيب فإن لم يعلم به لم يحنث إن مضى الأجل وإن رد عليه ولم يمض الأجل فعليه أن يبيعه ثانية ويبين العيب فإن لم يفعل حتى مضى الأجل حنث.وإن باع عالما بالعيب فرد عليه بعد الأجل فقد حنث، وقال عبد الملك لا يحنث لأن لضمان على المبتاع، ولو شاء تماسك به .
وكذلك من باع أمة وعنده أختها ودلس فيها بعيب ثم وطىء الباقية ثم ردت المبيعة فليس على وطء أختها التى وطئها بعد دخول المعيبة فى ضمان المبتاع،وكذلك ذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون إلا أنه قال:إذا ردها بعيب بعد الأجل وقد فاتت بحوالة سوق أو لم تفت كان عالما بالعيب حين باعه أو غير عالم فلا حنث عليه والرد كبيع.
وذكر مسألة الأختين فذكر مثله،وقال إن ردت بفساد بيع فكأنه لم يبع يمسك عن وطئها حتى يحرم فرج إحداهما،ولو كان لم يطأ الثانية مضى على وطء الأولى ولو ردت بعيب، ولم يطأ الثانية وطىء أيتهما شاء.
[4/210]
***(1/201)
[4/211]
قال ابن حبيب قل مطرف وابن الماجشون:ومن حلف بحرية عبده ليبيعنه إلى أجل فباعه بيعا فاسدا وفسخ بعد الأجل فقد حنث،إلا أن يكون تغير بيد المبتاع قبل الأجل فى سوق أو بدن بزيادة أو نقص حتى تلزمه قيمته قبل الأجل،وإن لم يقض بذلك إلا بعد الأجل فقد سلم من الحنث.وإن لم يفت إلا بعد الأجل حنث لأنه يوم لزمه لزم فيه البيع بالقيمة،وقاله أصبغ.قال وكان ابن القاسم يساوى فى ذلك بين البيع الفاسد وبين الرد بالعيب ويحنثه فى الوجهين،واختار أصبغ قول ابن الماجشون ومطرف.قال ابن القاسم فى المجموعة فيمن حلف بعتق عبده إن كلم فلانا فباعه ثم كلمه ثم ردً عليه العبد بعيب إنه يحنث ،وإن أعطى للمبتاع قيمة العبد حنث،وإن رضى المشترى بعيبه لم يحنث.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف بحرية عبده إن باعه فباعه بيعاً حراما فإنه يعتق ويرد الثمن، وإن حلف ليبيعنه فباعه بيعا فاسدا فرد عليه فلا يبر واليمين عليه حتى يبيعه .ولو حلف لا يبيعه فباعه بالخيار فليس ببيع حتى يمضيه.وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم فى العتبية لا يحنث حتى يتم البيع.قال ابن أبى مطر:إن كان الخيار للمشترى وحده فقد حنث.
ومن حلف لا باع غلامه ثم نسى فقال من جاءنى فيه بعشرة فهو له فلا شىء عليه إلا أن يأتيه أحد بعشرة فيلزمه البيع ويحنث.وإنما يلزمه البيع من قال هذا لمن جاءه فيما قرب مثل شهر أو شهرين.قال محمد وأحب إلى أن لا يلزمه إلا فى مثل الشهر فأقل.
ومن المجموعة قال المغيرة فيمن حلف بالطلاق ليبيعنه نصف ماله بنصف مال صاحبه وحلف الآخر بمثل هذا حرام.فإن حلف على ذلك وهما
[4/211]
***(1/202)
[4/212]
لا يعلمان أنه حرام ولا يريدان إن كان حراماً أن يجيزاه فلا حنث عليهما بعد أن يحلفا ما علمناه حراماً ولا أراد إن كان حراما إجازته.
وإن حلفا ليفعلانه كان حراما أو حلالا وعلما بحرامه فحلفا على ذلك فعلى كل واحد منهما الحنث،فعلاه أو لم لا يفعلاه،لأنه مردود أبدا.
ومن كتاب العتبى من هذا الباب فيمن حلف ألا يبيع عبده أو صوره فغصبه منه غاصب فأخذ منه قيمته أو أكرهه على بيعه أو أسر فلم يعده من المغنم أوحلف لا وهبه فباعه،أو لا يبيعه فوهبه أو لا وهبه فتصدق به.
من المجموعة قال ابن القاسم وهو فى كتاب ابن المواز والعتبية من سماع عيسى بن دينار،ومن كتاب ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم:ومن حلف لا يبيع عبده فاغتصبه منه غاصب فنقدت قيمته عنده فأخذ منه قيمته،فإن نقص بأمر من الله تعالى فقد حنث إذا كان مخيراً فى أخذهفاختياره لأخذ القيمه بيع.
قال ابن المواز:وكذلك إن أصابه ذلك بجناية الغاصب أو بجناية أجنبى.وقال أبو محمد:وهذا الذى قال ابن المواز على أصل أشهب وسحنون لا على أصل ابن القاسم فى جناية الغاصب.
قال ابن القاسم فى هذه الكتب ولو أصابه غيره فأخذ له إن شاء أو لم يأخذ فأسلمه كان حانثا إذا رضى بالقيمة من غاصبه.ولو أخذ عبدهفأخذ ما أخذ الغاصب من جرحه أو اتبع الجارح بما جنى على عبده لم يكن عليه شىء.
قال فى كتاب ابن حبيب:وكذلك لو مات فأخذ قيمته من الغاصب.قال ابن المواز:ولو كان ثوبا فأخذه مع ما نقص اللباس منه لم يحنث،وقاله أصبغ.
قال ابن حبيب:ومن حلف فى ثوبه لا يبيعه فغصبه منه غاصب فأخذ من الغاصب قيمةً أو عوضاً،فإن كان ذلك والثوب قائم فقد حنث،وإن كان بعد
[4/212]
***(1/203)
[4/213]
أن فات فوتاً بيناً فلا شىء عليه،قاله مطرف وابن الماجشون وأصبغ،ورواه أصبغ عن ابن القاسم.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا باع سلعته فغصبها منه غاصب ففاتتت عنده،فإن فات بنماء أو نقصان يسير فأخذ منه قيمتها حنث،وإن فاتت بنقص فاحش مثل الثلث فأكثر فلا يحنث بأخذ قيمتها ولا يأخذ سلعة مثلها.وقال فيمن غصب له سرح فأخذ فيه سلعة أخرى فإن لم يفت حنث،وإن فات لم يحنث.
ومن المجموعة وقال ابن نافع عن مالك فى عبد طلبه من ربه سلطان فحلف لا باعه ولا أكل له ثمناً،فلم يزل يكرهه حتى أخذه منه كارهاً وصاح به فيمن يريد فأخذه منه بأربعمائة دينار،فأحضر بينة وكتب الشراء على إخوته ودفع المال إليهم وربه يتظلم ويأبى.ثم إنه بعد ذلك أخذ المال من إخوته،هل له أن ينتفع به؟قال أرجو ألا يكون عليه من ذلك شىء.
قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك فيمن حلف لا باع عبده فوهبه لبعض قرابته،فإن نوى لا يفارقه ولا يملكه غيره فقد حنث،وكذلك فى الصدقة؛وإن أراد ألا يأخذ له ثمنا فلا شىء عليه.
قل ابن القاسم فى امرأة حلفت فى عنز لها ألا تبيعها ولا تهبها،فتصدقت بها على ولدها.قال الصدقة من وجه الهبة ويحنث فيها.وأما إن حلف لا باع عبده بعتقه،فوهبه أو لا وهبه فباعه فإن أراد لا يملكه غيره حنث،وينقض البيع والهبة ويعتق إن قامت بينة أنه كان مقرا بما ذكر من نيته قبل أن يتصدق به أو يبيعه، وإن لم تكن على ذلك بينة فلا يصدق بعد البيع والصدقة،ويتهم أن يكون نادماً.
[4/213]
***(1/204)
[4/214]
وإن حلف بعتفه لا باعه فوهبه فإن نوى لا يأكل له ثمنا فلا شىء عليه،وإن أراد لا يملكه أحد حنث.
قال محمد بن عبد الحكم فين حلف ألا يبيع عبده فأسر العبد ثم غنمه المسلمون فاشتراه رجل من المغنم،ثم جاء سيد فاختار تركه فلا حنث عليه.ولو حلف ليبيعنه فلم يعده ممن ابتاعه من المغنم وسلمه له قال يحنث.
فى الحالف ليتزوجن على امرأته فتزوج نكاحاً فاسداً
أو من طلق بعد يمينه أو من لا يشبه أن يتزوجها
من المجموعة روى ابن نافع عن مالك فيمن حلف بالظهار فى امرأته إن لم يدخلوها عليه هذا الشهر ليتزوجن عليها قبل أن يبتنى بها،فمضى الشهر ولم يدخل،فإنه إن بنى بها قبل ينطح لزمه الظهار،ةإن نكح قبل أن يبنى فقد بر، وإن بنى وكفر فهو أحب إلى،إذ لأنه ينكح لمن لا ينكح مثله مثلها فلا ينفعه،وقاله المغيرة فلا ينفعه حتى يتزوج امرأة تشبهه وتشبه زوجته،لأن ذلك أغيظ لها قال ابن المواز:وقد سهل فيها ابن القاسم.
ومن المجموعة قال ابن القاسم فيمن حلف ليتزوجن من أهل مصر فتزوج نصرانية أو ذمية فلا يبر حتى يتزوج نكاح مثله.قال وإن حلف بطلاق امرأته لينكحن عليها اليوم فنكح نكاحا فاسداً فإنه حانث،كالحالف بحرية أمته ليبيعنها فألفاها حاملاً أنها حرة،ورواه ابن وهب.
قال سحنون وابن المواز:لا شىء عليه فى الأمة كمسألة الحمامات التى حلف ليذبحنها،فإذا هى قدة ماتت.
ومن المجموعة،وهى رواية عيسى من كتاب ابن سحنون،قال ابن القاسم:وإن حلف لإحدى امرأتيه ليتزوجن عليها فطلق ضرتها ثم تزوجها،فإن كان طلاقاً بائنا أو خلعا فذلك له،إلا أن يكون إنما صالحها على أن يبر يمينه بتزويجها،وعملا على ذلك فلا يبر بذلك.ألا تراه لو قال لواحدة إن تزوجت عليك فأنت
[4/214]
***(1/205)
[4/215]
طالق فطلق ضرتها ثم تزوجها عليها أنه يحنث. وقال ابن الماجشون وغيره لا يجزئه ذلك حتى يتزوج غير التى كانت تحته يوم حلف، لأنه أراد أن يغيظها بتزويج يحدثه غير ما عرفت، ولا يشبه الذى حلف ألا يتزوج عليها لأنا نحنثه.
وقال سحنون فى كتاب ابنه : أما إن كان الطلاق ثلاثاً فذلك يبرئه، وأما الخلع فلا لأنها تعود إليه على بقية الملك الأول .
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال أنت طالق لأتزوجن عليك ، فتزوج أخته جاهلا بها وبنى بها فلا يخرجه ذلك من يمينه . ولو حلف ليشترين عبداً فاشترى أباه لم يبر.
قال عنه يحيى بن يحيى فيمن له امرأتان فحلف لواحدة بطلاق الأخرى ليتزوجن عليها ، وحلف للأخرى بطلاق هذه أن لا يتزوج عليها ، فتزوج أخته من الرضاعة ولم يعلم وبنى بها. قال يفسخ نكاحها ولا يبر فى يمينه ليتزوجن على فلانة، ويحنث فى التى حلف لا تزوج عليها، وكذلك لا يبر فى التى حلف أن يتزوج عليها إن تزوج معتدة ولا بنكاح تحليل و لا بعقد غير صحيح ووطء فى حيض ولكن بعقد صحيح ومسيس صحيح.
فيمن حلف ليبيعن شيئاً فباعه
ثم أخذه رهنا بالثمن أو باعه
ثم أقال منه أو اشتراه
أوحلف بعد البيع لا ملكه
فوضع من الثمن لعيب ظهر فيه
من العتبية من سماع ابن القاسم : وعن عبد بين أخوين حلف أحدهما بالطلاق ليبيعن نصيبه منه أو يقاوى فيه أخاه،أو يبيعه منه فابتاعه منه أخوه بدين
[4/215]
***(1/206)
[4/216]
مؤجل على أن يأخذه رهنا يكون بيد رجل، فقال لا يفعل كأنه فى يديه بعد. قيل قد نزل ، قال ارتجع العبد من غيره ولا شىء عليك. وكذلك فى كتاب ابن المواز.
وقال ابن القاسم فى العتبية إذا صح البيع وسلم من الدلسة فقد برى، ارتهنه أو لم يرتهنه، وغيره من البيوع أحب إلى .وقال ابن القاسم فى المجموعة إنما أخاف أن يدخله البيع الفاسد كأنه شبهه بمن باع عبده على أن لا يدفعه إلا إلى أجل.
ومنه ومن العتبية قال ابن القاسم عن مالك فيمن حلف لا نقص فى سلعته من خمسين فباعها بها، ثم قال له رجل إن أقالك منها المبتاع أخذتها منك بأحد وخمسين ، قال لا يفعل رب إقالة خير من نقصان. قال غيره عن مالك هو حانث إذا أقاله لأنه وضع عنه.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال لرجل بعنى جاريتك بمائة دينار، فقال له يمينك فى يمينى لتأخذها بمائة، فقال نعم ، فحلف ربها بالطلاق ليبعنها بمائة قائمة، فغاب عنه المبتاع أربعة أيام ثم جاءه فقال خذ منى المائة ثم أقلنى ، وسأله فى ذلك رجلان وقالا وهو يكسوها بدينارين، فقال إن لم يدخل على وعليه مكروه فعلت، فدفعا إليه الدينارين وذهبا، ثم رجعا مع المبتاع فدفع المائة إلى البائع. فقبضها بيده ثم سئل الإقالة فردها إليه مكانه، ثم وجد بعد أيام الدينارين فاحشى النقض فأعلم أحد الرجلين فقال هما على وزن المال الذى قضت ورددت قال ابن القاسم لا حنث عليه، ولو باعها منه بأقل من المائة أو بتسعين لأنه لم يقل لا نقصتك من مائة ، وإنما يحنث لو لم يبعها منه ويمكنه منها حتى زاده على المائة، وإنما الحنث على المشترى.
[4/216]
***(1/207)
[4/217]
ومن كتاب ابن المواز ومن باع عبده ثم حلف أن لا يملكه أبدا فقيم عليه فيه بعيب فقال للمبتاع لا ترده على وبعه فما نقصت فعلى فلا يحنث.
ومن حلف ليبيعن غلامه وأجل أجلاً فباعه ثم ابتاعه قبل الأجل فبقى عنده حتى جاز الأجل فلا شىء عليه.
فيمن حلف ألا يبيع عبده فرهنه أو آجره أو أصدقه امرأته
من الواضحة ومن حلف ألا يبيع ثوبه فرهنه فيما يستغرقه أو فيما لا يستغرقه ولا وفاء له بافتكاكه فهو حانث ساعة رهنه ، وإن كان معه مما يفتكه به اتنظرته فإن أفتكه بر وإن علق حنث.
ومن كتاب ابن المواز قال إذا رهنه فيما يغترق ثمنه حنث، وإن كان ثمنه أضعاف ما رهنه فيه لم يحنث ، افتكه أو لم يفتكه. وهو قول مالك إن شاء الله ، والحمالة كذلك. ومن حلف بحرية أمته ليبيعنها فلا يمهرها امرأته وليبيعها.
ومن المجموعة عن ابن القاسم فى مكارى حلف لا يبيع دابته فأعطاها لرجل يركبها بعلفها فلا شىء عليه، فإن خشى أمراً فليرتجع دابته .
وروى فى العتبية عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف ألا يبيع عبده فرهنه فباعه السلطان حين لم يكن له مال غيره فلا يحنث، وإن اشتراه بعد ذلك فلا شىء عليه .
باب مسائل مختلفة من اليمين على بيع السلعة :
من العتبية والمجموعة قال ابن نافع وأشهب عن مالك فى رجل مع أخيه فى منزل فحلف فى شاة له ليبعنها وليخرجنها عن أخيه، فباعها فتداولتها أملاك
[4/217]
***(1/208)
[4/218]
فأراد البائع الأول أن يشتريها ويردها، قال لا يشتريها وأخاف إن فعل أن لا يكون أخوه خرج من يمينه.
ومن المجموعة قال ابن الماجشون فيمن حلف فى أمة له بعتقها ليبيعنها إلا ألا يجد لها ثمنا أو تكون حاملاً وقد أصابها، قال فلا يصيبها حتى يبيعها، لأنه ربما منع البيع مصابها، فإن أصابها بعد ما حلف فانظر، فإن أتت به لأقل من ستة أشهر من وطء الآخر علمنا أنه لم تعتق، وإن أتت به بستة أشهر صار فى شك إذ لعلها قد عتقت فلا تقيم على شك.
ومن كتاب ابن حبيب: وإذا حلف ليبيعنها بثمن سماه إلا ألا يجد من يأخذها به فليرضها، فإن وجد من يأخذها بذلك فلم يبعها عتقت، وما لم يجد فلا يحنث، ولا يمنع من وطئها، فإن حملت عتقت لامتناع البيع. فإن لم تحمل فليعرضها أبداً بذلك الثمن حتى يجد من يأخذها به، وقال أصبغ، ورواه عن ابن القاسم .
قال عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف فى أمة بحريتها إن لم يبعها بعشرين ديناراً إن وجد وإن لم يبعها بوضيعة عشرة من رأس ماله إن وجد من يشتريها، فعرضها فلم يجد من يأخذها بذلك،قال لا يحال بينه وبين وطئها،وليعرضها أبداً ما عاش،فإن لم يجد من يأخذها بذلك حتى مات فلا حنث عليه،وإن وطئها فحملت عتقت عليه ساعة حملت.
وكذلك روى عنه أبو زيد فى الحالف ليبيعنها ولو بوضيعة عشرة فلم يجد إلا بوضيعة خمسة عشر قال يتعرض بها البيع أبداً وله الوطء ولا تعتق إن مات قبل البيع فى ثلث ولا غيره.
ومن المجموعة قال غير ابن القاسم فيمن حلف لا يبيع من فلان شيئاً أبداً،ثم بلغه بعد مدة أنه طلب سلعة عنده،فقال قد بعتها منه بعشرة وقد نسى يمينه،ثم
[4/218]
***(1/209)
[4/219]
ذكر قبل يعلم الرجل.قال ما أراه إلا قد حنث.كمن حلف لا وهب لفلان فوهب له وهو غائب فإنه يحنث،قبله الموهوب له أو رده.
وذكر ابن المواز هذه المسألة كما هى ها هنا ثم قال ابن المواز:وهذا فى الهبة لغير ثواب،فأما فى البيع أو هبة الثواب فأحب إلى أن لا يحنث حتى يرضى المبتاع.
قال ابن سحنون فيمن حلف لا باع أمته باطرابلس أو فى حواضرها فركب بها البحر فباعها فيه بحيال أعمال اطرابلس،أو كلم هناك من حلف ألا يكلمه ما دام باطرابلس.قال سحنون لا يبيعها فى البحر فى جوار اطرابلس إذا سافر من اطرابلس إلى مصر.وهذا من مشتبهات الأمور،وما أراه بعيداً من الحنث.أرأيت من أمن من الحربيين فباع باطرابلس ثم ركب وهو قريب من الساحل أيحل وقد بلغ مأمنه،فعليك بالاحتياط.
قال عبد الملك فيمن أمر من يبتاع له وصيفاً صفته كذا،فإن ابتعته لى فعبدى فلان حر،فإن لم تجده فابتع لى وصيفة فلم يجده فابتاع له الوصيفة،ثم وجد الوصيف الذى كان أمره به فابتاعه،فإنه لا يعتق لأنه لما ابتاع الوصيفة بطل أمره فى الوصيف،وهو متعد فى شرائه له فإن قبله فكأنه ولى شراءه بنفسه،ثم رجع فقال هو كمن قال لرجل ابتع لى غلاماً بمائةفإذا ابتعته فعبدى حر فابتاعه بمائة ودينار،فأجاز ذلك المتعدى عليه فهو حانث.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم عمن حلف فى رقيق لابنه أن لا يبتاعهم بثمن سماه،فهل لأبى الحالف بيعهم؟قال إن لم يكن الحالف سفيهاً فلا أرى له بيعهم.219/4
[4/219]
***(1/210)
[4/220]
فيمن حلف ألا يضع من الثمن فأقال
أو أخره أو حلف ألا ينظره فوضع وتعجل
أو ألا يعير أو ألا يحط فوهب
أو أن لا يسلف فأخر أو ألا يصالح خصمه فأعطاه دعواه
من المجموعة عن ابن القاسم قال مالك:من باع جارية كان حلف ألا يضع من ثمنها شيئاً هل يقيله؟قال لا رب إقالة خير من وضيعة.قال عنه غيره ولو حلف بعد البيع ثم أقاله لحنث.قال ابن القاسم ووجه قوله إذا كانت السلعة قيمتها يومئذ أقل من الثمن،فأما مثل الثمن فأكثر فلا يحنث،وهو كعرض أخذه فى الثمن.
ومن العتبية زكذلك روى أصبغ عن ابن القاسم،وقال أصبغ كمن حلف ليوفينه طعاما من بيع فأقاله منه،فإن لم يكن فى الثمن وفاء به لو اشترى حنث.
قال عنه عيسى ومن حلف ألا يعير فلاناً ثوباً فوهبه فإن أراد ألا ينفعه حنث،وإن لم يرد المنفعة فلا شىء عليه.
ومن باع سلعته فردت عليه بعيب فسأل المبتاع أن يصبر عليه بالثمن وقد كان حلف أن لا يسلف أحداًفصبر عليه،قال ابن القاسم فهو حانث.
ومن المجموعة قال أشهب عن مالك فى وصى باع شيئاً من التركة وحلف بالطلاق أن لا يضع شيئا من الثمن ،فسأله المبتاع أن ينظره فسأل فأفتى أن لا شىء عليه فأنظره،فليحلف ما أراد الإنظار وما نوى إلا الوضيعة ولا شىء عليه.
قال عنه ابن نافع فى المبتاع يسأل البائع حطاط ثلاثة دنانير فيحلف لا حطه إلا أقل من دينارين ونصف،فتبرع أخو الحالف بغرم ما بقى،فإن لم يكن من مال الحالف فلا شىء عليه.
[4/220]
***(1/211)
[4/221]
قال مالك فيمن حلف ألا يضع من دينه فأخر به، قال رب نظرة خير من وضيعة، تكون للعشرة أحد عشر. قيل فما حده؟ قال قدر ما يتقاضاه اليوم واليومين.
قال ابن نافع عن مالك فيمن حلف ألا ياخذ أقل من مائة دينار فى دين وجب له، فأخذ خمسين وأخر الخمسين، فلم ير أن يؤخره شىء، وكذلك البيع.
قال ابن القاسم وابن نافع عن مالك وإن حلف أن لا يضع من ثمن سلعة فقضاه تاما ثم سأله المبتاع أن يهب له ما شاء، قال إن كانت يمين غليظة فلا يفعل ، وإن كانت تكفر فأحب إلى أن يفعل ويكفر.
وكذلك هى فى العتبية من سماع ابن القاسم قال وإذا حلف البائع أن لا يقبل ولا يضع وقد باع ثمراً فوجد فيه المبتاع ما كرهه ، فقال خذ منى دينارا ورده، فقال لا يفعل إلا بقضية فيكون ذلك مخرجاً.
قال اشهب وإذا حلف لا أنظره بدينه فأحاله به فقبل فلا يخرجه من يمينه. وقال غيره من حلف ألا ينظر غريمه أو لا يقبه فوضع عنه فلا حنث عليه. قال سحنون إن كان كره رجوع السلعة استثقالاً لها ونحوه فلا شىء عليه، وإن حلف على الاغتباط بالثمن خفت عليه الحنث.
قال ابن حبيب : من حلف لا أنظره فوضع لم يحنث ، وإن حلف لا وضع فأنظر حنث، قاله مالك ، إلا أن يؤخره اليوم واليومين على التقاضى فلا شىء عليه. وإن حلف لا أقال فوضع لم يحنث، وإن حلف لا وضع فأقال فإن كانت تسوى الثمن وإلا حنث إن لم تسو.
[4/221]
***(1/212)
[4/222]
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا تسلف من رجل شيئاً، وكان عليه دين لرجل فسأله أن يؤخره ففعل فقد حنث، وإن حلف لا أسلف أحداً فأخره غريمه بدينه حنث.
ومن المجموعة قال المغيرة: إذا سأله النظرة أو الوضيعة فقال إذا أنظرتك وحلف ألا يضع له، لم يحنث إن أخره ها هنا لأنه بدل له ذلك. قال أشهب ومن حلف لا باع سلعته إلا بعشرين فباعها بها وقبض ثم أقال منها فلا يبيعها بأقل من عشرين ثانية.
قال ابن نافع عن مالك وإذا حلف ألا يضع من الثمن شئياً وقد سأله فى وضيعته شيئاً فرضى إن وضع له دونه فلم يقبل ، قال قد حنث.
وقد تقدم من معانى هذا الباب فى غيره قبله.
قال ابن القاسم عن مالك فى العتبية فى البائع يحلف ألا يضع من ثمن السلعة فقام فيها المبتاع بعيب فوضع له السلطان من الثمن فلا يحنث الحالف بذلك.
وبقية تمام معانى هذا الباب فى الباب الذى يليه.
ومن كتاب ابن سحنون وغيره عيسى عن ابن القاسم فيمن تخاصم مع رجل فى أرض ثم حلف أحدهما ألا يصالح خصمه ، فلما طال ذلك أعطى الحالف للآخر من الأرض كل ما ادعى فلا حنث عليه. وإن أعطاه بعض ما ادعى فهو حانث إلا أن يكون نوى ألا يسلم إليه من ذلك فهو حانث بكل حال.
قال سحنون يحنث وإن أعطاه كل شىء لأنه يحنث بالبعض فكيف بالكل.
[4/222]
***(1/213)
[4/223]
فيمن حلف لا يقبل أو قال ولا أستقيل من سلعة
باعها أو ابتاعها ثم اشتراها أو باعها
أو حلف على الشراء أو البيع فأقال
قال أبو محمد وهذا الباب كله فى الواضحة كله عن أصبغ ، وهو فى المجموعة إلا أنه كنى عن اسمه فقال: وقال غيره فيمن ابتاع سلعة وحلف ألا يقيل بائعها، فإن باعها منه بأكثر من الثمن لم يحنث إلا أن يريد حرمانها له ، وإن باعها منه بأقل من الثمن بكل حال، لأن ذلك خير من الإقالة للبائع. ولو حلف ألا يستقيل بائعها فباعها منه بأقل من الثمن أو أكثر فهو حانث، إلا أن يحلف على الأنفة من الاستقالة فلا يحنث إن باعها منه بيعاً ظاهراً بزيادة أو نقصان.
وأما إذا حلف البائع ألا يقبل منها المبتاع فابتاعها منه بأقل من الثمن لم يحنث إلا أن يريد ألا ترجع إليه ، وإن كان باعها بأكثر من الثمن حنث، لأنه أعطاه أكثر مما حلف عليه، والزيادة والنقصان فى المسألتين فيما يبرئه إنما هو فى الأمر البين الظاهر الذى يكون بيعا مفارقاً للإقالة وما قاربها ، فإن حلف البائع أن لا يستقيل منها فاشتراها بأكثر أو بأقل حنث. وقوله لا أقيل بخلاف قوله لا أستقيل، إلا أن يحلف على منفعة المبتاع فتركها فى يديه وكان على الأنفة من الاستقالة ، قال يحنث إن اشتراها شراء ظاهرا بالزيادة والنقصان على ما يحدث فيها من تغير السوق كغيرها .
وإذا ابتاع سلعة فحلف ألا يبيعها من بائعها فأقاله فيها فقد حنث. ولو أن بائعها حلف أن لا يشتريها من مبتاعها فاستقاله فيها فهو حانث.
وإن حلف لا نقص فى سلعته من كذا فباعها به ثم أقال منها فلا يحنث إلا أنه إن كان بحضرة البيع فاليمين عليه بحالها ، وإن لم يقله بحضرة البيع وكان بيعا صحيحا لا مدالسة فقد خرج من يمينه ، ثم يبيعها بعد بما شاء.
[4/223]
***(1/214)
[4/224]
ومن العتبية قال محمد ابن خالد عن ابن القاسم قال:ولإذا حلف لا أقاله مبتاعه ولا وضع عنه فقضى السلطان عليه بردها فلا حنث عليه.
ومن كتاب ابن المواز : ومن باع بعيراً ثم استقال منه فقال المبتاع هو بدنة إن أقتلتك ،فقال البائع هو لأمرأتى فأقاله، قال مالك إن كان بقضيه لم يحنث، وإن أطال حنث.
قال أبو محمد أراه يريد قضى أنه للمرأة فليشتر بدنة ويهديها. قال ابن المواز هذا إن فات،وإن لم يفت فليهده بعينه ألا أن تقوم للمرأة بينة.
فيمن حلف ألا يبايع فلانا فبايع وكيله أو من هو لسببه
أو حلف لا باع له فباع لمن ذكرناه
من المجموعة ذكر قول ابن القاسم فى الحالف لا باع من فلان فباع من وكيله ولم يعلم أنه إن كان من سببه أو ناحيته حنث.وكذلك إن قال لا بعت له فباع لمن هو سببه ثوباً له ولم يعلم.وقال أشهب إنما يحنث إذا علم أنه من سبب المحلوف عليه فى الوجهين.قال ابن حبيب قوله من ناحيته هو وكيله يدير أمره أو أب أو أخ ممن يلى أمره،فأما الصديق والجار والجلساء فلا.وإذا كان ممن ذكرنا أنه من ناحيته فلا يبالى علم به الحالف أو لم يعلم فإنه يحنث.فإن كان خليطا أو جاراً أو صديقاً فلا يحنث علم به أو لم يعلم حتى يعلم أنه إنما يبتاعه له،إلا الخليط المعامل القائم ببعض أموره فهو يحنث،وهو كمن هو سببه،وقاله مالك فى ذلك كله.
[4/224]
***(1/215)
[4/225]
ومنه ومن العتبية قال ابن القاسم عن مالك فى دار بين رجلين حلف أحدهما لا باع نصيبه من شريكه ،فباع من أجنبى فأخذه الشريك بالشفعة، قال لا شىء عليه وإن كانت نيته على الخروج او لا نية له فقد حنث.
ومن المجموعة قال مالك : ومن حلف لا أشترى من فلان فلا يشترى من عنده ولا يشترى الحالف من المشترى منه. قال ابن القاسم إن استشركه بحضرة البيع حنث لأن عهدته على البائع الأول، وإن كان بعد أن بان عنه وتباعد لم يحنث ، ولو شرط ها هنا عهدته على البائع لم يجز.
قال فى كتاب ابن المواز: ولو باع منه بحضرة البيع فالعهدة على البائع الثانى، إلا أن يشترط على الأول فيلزم ، ولو تفاوت البيع لم يلزم الشرط والعهدة على الثانى .
قال ابن القاسم عن مالك : ومن حلف لا يشترى لامرأته ثوباً فاشترى لنفسه ثم ولاها فكره ذلك . قال ابن القاسم وإن صح ذلك منها لم يحنث، ولاها أو ربح عليها، وإن عملا على الدلسة فى يمينه حنث.
وقال فى العتبية استثقل مالك أن يوليها قال ابن القاسم فإن فعل لم يحنث إلا أن يكون عند مواجبة البيع وحضور البائع الأول لأن عهدتها حينئذ على البائع الأول وقاله مالك.
ومن المجموعة وقال عن مالك فى امراة أنفقت فى دار زوجها نفقة فحلف بالطلاق لا أسكنها بتلك النفقة إلا أن يقضى عليه، ثم حلف ثانية لا أسكنها وليخرجنها، فأراد رجل أن يكترى منه الدار ويسكنها ، قال لا أحب ذلك ، ولو أكراها رجل على الصحة من غير قصد لهذا جاز ، فأما وهما عالمان حتى يقاربه ويكون منه ما يحلل يمينه فلا . ولو خرجت وتركت متاعها لحنث.
[4/225]
***(1/216)
[4/226]
ومنه ومن العتبية عن ابن القاسم وأشهب وابن وهب وعمن حلف لا يبيع من فلان أبدا ثوبا لنفسه ينوى قطع نفعه وإن فارقه وينوى أن يبيع منه ما يشتريه لغيره، فباع منه ابن الحالف ثوبا وهو فى حجره ، فإن كان لا ينفذ له بيع ولا شراء إلا بأبيه فهو حانث إن أجاز بيعه، وإن كان هو يلى البيع والشراء وربما استشار آباه فلا شىء عليه، وقاله أشهب .
قال فى المجموعة : وإن ابتاع منه مقارض للحالف لم يحنث ، وإن أدرك المبتاع لم يفت فليس له رده ولا يحنث. ولو باع منه شريكه مفاوضةً يحنث، وإن كان غير مفاوض فإن أجاز البيع حنث وإن رده لم يحنث.
وإن حلف لا باع من فلان لأنه مطله فلا يبيع من مقارضه وهو كوكيله . قال ابن نافع عن مالك وإن حلف لا أكرى أرضه العام من فلان فوجد وكيلاً له قد أكراها منه فرد ذلك، فهل يكريها من أخ له؟ قال أما من رجل يريد أن يدخله فيها أو من أجله أو هو شريك له فى المال فلا ،ولكن إن خاصموه حتى يقضى عليه.
قال ابن القاسم وأشهب : وإن حلف لا كفل له فكفل لوكيله عن رجل ، فإن لم يعلم ولم يكن المتكفل له من سبب المحلوف عليه لم يحنثن وإن كان من سببه حنث. قال ابن المواز قال أشهب إن لم يعلم أنه من ناحيته أو من وكلائه أو من حشمه أو من أعوانه أو من ينسب إليه لم يحنث، فإن علم بذلك حنث.
قال ابن القاسم : ومن له قبل رجل دناينر فحلف لا أخذها دراهم فأحال بها رجلاً فأخذ بها دراهم فلا يحنث الحالف قال أشهب : ومن حلف لا عامل رجلاً فعامله مقارض للحالف لم يحنث، إلا أن يعلم فيقره، فإن كان المحلوف عليه مقارضاً فشاركه الحالف حنث.
من العتبية أبو زيد عن ابن القاسم فيمن حلف ألا يبيع من رجل ثوباً فكره أن يبيع من مقارضه.
[4/226]
***(1/217)
[4/227]
فيمن حلف ليبيعن أمته ممن يغربها أو يخرج بها
أو ابتاعها وحلف ألا يجزيها البحر
من كتاب ابن المواز ومن العتبية روى عيسى وأصبغ عن ابن القاسم فيمن قال لعبده أنت حر إن بعتك إلا ممن يجيزك البحر، فباعه ممن حلف له ليجيزنه البحر بحريته، ثم باعه المبتاع أو أبقى قبل أن يجيزه،قال يعتق على الأول.قال ابن المواز وقاله أصبغ ولو باعه المشترى ممن أجازه البحر لم ينتفع بذلك الأول وعتق عليه.
قال عيسى عن ابن القاسم ولو حلف لا بعتك إلا ممن يحلف أن يجزيك البحر،وفى رواية أصبغ عنه فى كتاب ابن المواز:ولو حلف لا أبيعنك إلا ممن يحلف أن يجيزك البحر،قالا عنه لم يكن عليه شىء وعليه القيام على المبتاع حتى يجيزه.
روى عنه محمد بن خالد فى العتبية قال إذا حلف ليبيعنها ممن يجيزها البحر فباعها بذلك الشرط فأولدها المبتاع وأعتقها فلا شىء على الحالف،ويسلك بها مسلك التى تباع على أن تتخذ أم ولد.
من كتاب ابن المواز:وإن باعها بشرط ممن يجيزها البحر فوطئها المبتاع قبل يجزيها فحملت،فإنه يحنث البائع وتعتق عليه،ويرد على المشترى الثمن إذا أراد بيمينه تغريبها،وله قيمة الولد على المبتاع.وإن كان إنما أراد أن يشترط ذلك على مبتاعه فلا تعتق وترد إلى القيمة يوم باعها إن كانت أكثر حتى يتم البائع ما وضع للشرط.
قال ابن المواز:لا شىء له فى قيمة الولد لأنها عتقت عليه وهى حامل.
وكذلك من استحق أمة وهى حامل فأعتقها فلا شىء له من قيمة الولد.وكأم الولد تعترف بعد موت سيدها أو المكاتبة بعد الأداء،فقد عتق الولد بعتقها.قيل فإن أجازها البحر بعد أن حملت من أيخرج البائع بذلك من يمينه؟قال ما أظن ذلك يخرجه من يمينه.
[4/227]
***(1/218)
[4/228]
من كتاب ابن المواز والعتبية قال أصبغ عن ابن القاسم:إذا حلف ليبيعنه ممن يخرج به إلى الشام فباعه على ذلك فمات مبتاعه قبل يخرجه،فإن كانت نيته ليشترط ذلك فلا شىء عليه،وإن كانت نيته على الخروج أو لا نية له فقد حنث.قال أصبغ جيدة ومحمل نيته الإخراج حتى ينوى غيره.وفى المجموعة عن أشهب مثله.قال ابن المواز لم يبر ويفسخ البيع إلا أن يموت فيحنث البائع فتكون فيه القيمة.
قال ابن حبيب فيمن باع أمته واستحلف المبتاع ألا يجيزها البحر فباعها المبتاع من رجل لا يدرى أن يجيزها البحر فأجازها فهو حانث،علم أن يجيزها أو جهل،حتى يأخذ عليه أن لا يفعل،كما أخذ عليه هو.وقاله أصبغ،وكذلك روى العتبى عن أصبغ.
فيمن حلف ليشترين عبد غيره أو حلف بعتقه
أو ألزمه نفسه بثمن وذكر ما يقضى به
من عتق أو صدقة فى يمين أو فى غير يمين
ومن الواضحة:ومن حلف بعتق عبد غيره فحنث لم يلزمه شىء،ولا إن ملكه يوماً،ولو رضى ربه أن يلزمه إياه بقيمته أو بثمن ما يلزمه حتى يقول هو حر من مالى بخمسين فيسمى ثمنا،فإن رضى ربه بذلك لزمه أخذه وعتق عليه.
ولو قال له بعنى غلامك بقيمته وهو على حر فرضى ربه بذلك لازم للقائل بقيمته كبيع فاسد فات فيه.وكذلك لو قال هو حر فى مالى بقيمته فرضى ربه،وكذلك قال مطرف وابن الماجشون وابن القاسم وابن عبد الحكم وأصبغ وغيره.
قال أبو محمد ابن أبى زيد وهذا موعد فى كتاب العيوب.
[4/228]
***(1/219)
[4/229]
قال وإن قال لرجل إ بعتنى سلعتك فلم أشترها فهى صدقة،فرضى ربها ببيعها منه بالقيمة أو بأقل فلا يلزمه شىء حتى يقول فهى صدقة من مالى بكذا وكذا دينارا فيرضى له بما سمى فيلزمه بالقضاء،ولا يقضى عليه بصدقتها ويؤمر أمراً،بخلاف العتق.وفى العتق يجبر لحرمته فإنه يجبر عليه،خرج عن يمين أو غيرها،ولا يجبر فى الصدقة فى يمين حتى يكون تطوع بر فيقضى بها.
وقالابن المواز أما على المساكين فلا يقضى فيه ويؤمر لأنهم مجهولون،وأما النفر بأعيانهم فيقضى لهم إذا قاموا به.
وهذا له باب مفرد فى كتاب الهبة والصدقة.
قال ابن حبيب:وإن قال إن بعتنى سلعتك ولم أشترها فثمنها صدقة فى المساكين،فهذا إن رضى أن يبيعها منه بثمنها الذى هو ثمنها فلم يقبلها فعليه أن يتصدق بقيمتها بالفتيا لا بالقضاء،وهو بخلاف قوله فهى صدقة،وقاله أصبغ.
[4/229]
***(1/220)
[4/231]
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الرابع
من الأيمان والنذور
فيمن حلف بحرية عبده ثم عاد إليه
وما تعود فيه اليمين من ملك ثان
من المجموعة قال ابن القاسم فيمن حلف بحرية عبده لا كلم رجلاً فباعه ثم كلمه . قال فى كتاب ابن المواز إن حلف لا أتزوج بحريته فباعه ثم تزوج ، قال فى الكتابين ثم رد عليه بعيب إنه يحنث، وإن أدى إلى المبتاع قيمة العيب حنث، وإن رضى المشترى بعيبه لم يحنث.
قال أبو محمد : وقد ذكرنا فى باب الحالف ليبيعن عبده فيمن حلف ليبيعنه إلى أجل فباعه بعيب دلس به ثم رد عليه بعد الأجل قول أشهب إنه حانث وقول ابن الماجشون إنه لا يحنث لأنه كان فى ضمان المبتاع، ورده كبيع ثان، وأصل أشهب أن الرد بالعيب نقض بيع فى الاشتراء.
ومن الواضحة : ومن حلف بحرية عبده على شىء ألا يفعله ، فباعه ثم رجع إليه بميراث، فلا شىء عليه إن فعله. وكذلك إذا كان بيعه أو ابتياعه لحادث يرتفع
[4/231]
***(1/221)
[4/232]
فيه الثمن مثل أن يباع فى تفليس ثم يشتريه أو يوهب له فيقبله أو يبيعه طوعا ثم يفلس مبتاعه فيباع عليه فيشتريه الحالف فلا شىء عليه، كان قد باعه من هذا المفلس أو وهبه له. وكذلك لو باعه من رجل أو وهبه له ثم مات فباعه ورثته من الحالف أو وهبوه له فقبله فلا شىء عليه فى هذا كله من يمينه إن فعله، ولا تعود عليه اليمين فى هذا كله. كذلك فسر لى ابن الماجشون ، وذكر له قئل مالك والمغيرة وابن دينار وابن أبى حازم ولم يكن فيه عند المصريين إلا مثل قول ابن القاسم.
يعنى ابن حبيب ومن حكى عنه هذا القول أن اليمين ارتفع عنه لمثل هذه التهمة والمضايقة حتى إذا باعه هو ثم ابتاعه فإنه تعود عليه اليمين، وابن القاسم يخالف ذلك. وقال ابن حبيب وإنما تعود عليه اليمين فيما يتكرر فعله مثل اليمين، مثل يمينه ألا يزوج فلانا ولا يدخل من داره فيبيعه ثم يزوج فلانا ويدخل من داره ثم يشتريه فلا شىء عليه، باعه أو اشتراه على أى وجه. وهو قول مالك وأصحابه.
وفى الباب الذى يلى هذا شىء من ذكر عودة إلى اليمين فى الملك الثانى.
فى الحنث هل يتكرر فى اليمين الواحدة؟
وشىء من ذكر تكرير اليمين ومن عودته
ومن حلف لا فعل كذا على شرط
ففعله على غير شرط
ومن كتاب ابن المواز قال محمد : ليس يبر أحد ولا يحنث إلا مرة واحدة، فإذا وجدت له برا بفعل فيبر به سقطت عن اليمين ، إلا أن ينوى أن ذلك كلما.
[4/232]
***(1/222)
[4/233]
وكذلك فى يمينه فى خروج امرأته لا يحنث إلا مرة واحدة ، إلا أن ينوى كلما خرجت. وكذلك إذا حنث مرة لم يحنث فى المستقبل.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم: ومن حلف بطلاق امرأته البتة لا خرجت إلى أهلها إلا بإذنه ليضربنها ، فخرجت فضربها، فإن خرجت ثانية فلا شىء عليه إلا أن يكون نوى ذلك.
ومنه ومن المجموعة ابن القاسم قال مالك وإذا حلف إن نام حتى يوتر فعليه صدقة دينار، فنام ليلة قبل أن يوتر، هل عليه إن نام ليلة أخرى شيئا قبل يوتر؟
قال ذلك إلى نيته، وما يريد أحد فى مثل هذا مرة واحدة إلا ينوى.
قال فى كتاب ابن المواز: ومخرج يمين الناس فى هذا على التكرير والاستدامة إلا ينوى مرة واحدة، وقاله ابن القاسم وأصبغ.
وأما الحالف لا خرجت امرأته إلا إلى ميت من أهلها ، فمات منهم ميت فخرجت فليس من هذا . وهذا اليمين عليه أبداً أن لا تخرج إلا إلى ميت منهم.
ومن المجموعة قال مالك: وإن قال إن بت عندك فأنت طالق واحدة، فبات عندها فلزمته طلقة، ثم بات عندها، قال لا شىء عليه إلا أن ينوى كلما بات . وقاله أشهب .
وكذلك من حلف لا كلم فلاناً عشرة أيام، فكلمه فيها ثم كلمه فيها ثانية فلا شىء عليه ، ولا يحنث إلا مرة واحدة.
ومنه ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ومن حلف لا كلمتك ما دمت بمصر فسافر المحلوف عليه إلى الحج ثم رجع إلى مصر، فإن كلمه فلا شىء عليه. وكذلك إن قال لا دخلت عليك ما دمت فى هذا المنزل فانتقلت منه
[4/233]
***(1/223)
[4/234]
ثم عادت إليه فلا يحنث إن دخل إليها،لأن تلك الإدامة قد ذهبت بانتقالها وهو كأجل ضربه.
قال فى كتاب ابن المواز:وقوله إن دخلت هذا البيت ما كانت فيه هو كقوله ما دمت فيه،ولكن هذا أثقل،وكأنه وقف ولم يعزم.
وقال ابن سحنون عن أبيه فيمن حلف لا يشرب النبيذ اثنى عشر شهرا ما دام باطرابلس،فأقام بها أشهراً لا يشربه ثم خرج إلى سفر فأقام فيه أشهراً ثم عاد إلى اطرابلس قال بينى على الأشهر التى أقام باطرابلس بعد يمينه تمام سنة لا يشربه، وإلا حنث.
قال ابن المواز: ومن حلف بالطلاق ثلاثا ليقضينه حقه،أو إن صالحت امرأتى أو طلقتها ثم ارتجعتها بعد الأجل ولم أقضه فهى طالق ثلاثا،فحل الأجل فلم يقضه فلا ينكحها إلا بعد زوج. وإن كان فى يمينه قال أنا طلقتها البتة ثم تزوجتها عند الأجل ولم أقضه فهى طالق فحنث فلا تحل له إلا بعد زوجين.
قال محمد ولو صالحها قبل الأجل تزوجها بعد الأجل وحنث لحلت له بعد زوج واحد.
ومن المجموعة ابن القاسم عن مالك فيمن حلف بالبتة لأقضينك حقك إلى سنة ثمحلف لآخر بالبتة ليقضين غلى أربع سنين، فحنث فى اليمين الأول ثم نكحها بعد زوج قبل الأربع سنين،قال حنثه فيها بالبتة أزال عنه كل يمين فيها.قال مالك فى الكتابين وإن حلف بالطلاق ثلاثا ليقضين حقه أول يوم من صفر وحلف لآخر لقضينك أول يوم من صفر أو فى اليوم الثانى، فإن هو لم يقضه ثم ارتجعها بنكاح بعد زوج فإنه أيضا يحنث فيها بالبتة،ولها نصف الصداق، فإن نكحت زوجاً ثانيا حلت بعده للأول وذلك بعد زوجين.
قال مالك وهو كمن قال لأمراة طلقها يوم أراجعها فهى طالق البتة.
[4/234]
***(1/224)
[4/235]
ومن حلف بالطلاق ثلاثا ليقضينه حقه إلى ستة أشهر ثم عامل آخر وحلف له بالبتة ليوفين إلى سنة،فحنث فى الحق الأول ثم تزوجها بعد زوج قبل حلول الثانى،ثم حل الجل الثانى وهى عنده فهذا لا يمين عليه قد سقطت أيمانه.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال لامراته غن أمكنتنى من حلق رأسك فأنت طالق، فأمكنته فلم يحلق فإنها تطلق عليه، ثم إن أراد أن يلحق بعد ذلك فأمكنته فلا ينفعه، وقد حنث، يريد فى السؤال فلم أحلق.
ومن سماع ابن القاسم: ومن قال لامرأته أنت طالق البتة أنت طالق البتة إذ أذنت لك إلى أهلك، ثم قال أردن إسماعها بتكرير اليمين ولم أقطع كلامى، قال مالك أظنها بانت منه وقد ألبس وإن فيه لإشكال.
قال ابن القاسم يحلف أنه أراد أن يفهمها ويسمعها ولا شىء عليه. قال فى رواية عيسى: فإن لم ينو ذلك ويحلف فهو حانث، وإنما خاف مالك أن يكون نادماً يتدارك ما خرج منه.
ومن سماع أشهب: ومن قال إن كلمت فلانا فأنت طالق ثم قال مثل ذلك بعد أيام ثم قال بعد أيام أخرى ثم كلمه فلينو، فإن نوى واحدة يكررها ليفهمهما ويهددهما فهى واحدة ويحلف.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف بالطلاق فى سلعة لا باعها من رجل، ثم حلف على آخر لا باعها منه، فباعها منهما فعليه طلقتان، وفى اليمين بالله كفارتان، بخلاف من كرر اليمين بالله فى أمر واحد.
ولو سأله رجل بيعها فحلف بالطلاق لا باعها ثم سأله هو أو رجل آخر فحلف لا باعها، فهذا إن باعها لزمته طلقتان إلا أن يريد واحدة بخلاف الأول.
قال أبو محمد عبد الله ابن أبو زيد رحمه الله لن تلك كفعلين.
[4/235]
***(1/225)
[4/236]
قال محمد بن خالد عن ابن القاسم فيمن حلف بطلاق امرأته غن بنى بها حتى يوفيها صداقها فطلقها قبل البناء واحدة وأخذت نصف الصداق، ثم تزوجها بأقل من الصداق الأول فما كان يرجع فى تزويجه على بقية طلاق الملك الأول فالحنث يرجع عليه، وإن كان بتها ثم تزوجها بعد زوج فلا شىء عليه.
ومن سماع أشهب قال مالك فيمن أبق غلامه فحلف إن عاد ليضربنه، فعاد فلم يضربه، ثم عاد فضربه، قال أراه قد وقت وقتاً واحداً ذلك قد أخرجه من يمينه إذا ضربه ضرباً لا عذاب ولا دون.
ومن الواضحة قال ابن الماجشون: وإن حلف ليكسون أمته جبة صوف فكساها إياها ثم ندم على يمينه، فإن نوى وقتاً أبقاها إليه، وإن لم ينو شيئا حمل على بساط يمينه، فإن كان عندما طلبت قميصا فلا يبر حتى يأتى وقت الكسية المؤتنفة ولا بد لها من لبس الجبة فيما تسد الجبة مسده من القميص فإن يمينه على الأدب، فإذا أسمعها بها وقامت عليها حتى يعلم ذلك فلا شىء عليه فى زوالها.
ومن كتاب ابن المواز: وإن حلف لابنته إن استقيت من يبر فلان لأضربنك، فاستقت فضربها، ثم إن استقت بعد ذلك فلا شىء عليه.
وفى باب من عليه يمين فأراد أن يحتال فيها بشىء من ذكر عودة اليمين.وكذلك فى باب من حلف بحرية عبده فباعه ثم عاد إلى ملكه.
وفى باب من حلف لا خرجت زوجته إلا بإذنه شىء من ذكر تكرير الحنث.
[4/236]
***(1/226)
[4/237]
فيمن عليه يمين فيريد أن يحتال لأن
أو ينقل ملكه عن ما حلف بصدقته
أو أراد تعجيل الحنث وما دخل فيه
من يمينه بعتق عبد ابنه
من العتبية من سماع أشهب: عن امرأة قلت لابنها انكح فلانة، فقال هى طالق إن تزوجتها إلا أن تعطينى عسرين دينارا، هل للأم أن تعطيه ذلك فإذا تزوجها ردتها منه، قال لا بأس بذلك. قل ابن نافع فى المجموعة وهذا غلط، ولا أرى أن يعمل عليه.
قال عبد الله بن أبو زيد: إنما يريد مالك أنها لم تواطئه على ذلك، ثم إنه أطاع لها بالرد بعد النكاح والله أعلم.
وعمن باع جارية فسأله المبتاع وضيعة ثلاثة دنانير فحلف لا وضع منه إلا أقل من دينارين ونصف، فقال أخو الحالف أنا أغرم ما بقى، فلا شىء على الحالف إذا صالحه الأخ من مال نفسه.
وعمن اشترى ثوبا بدرهم ورهن فيه خاتمه فطلب أخذ الخاتم فحلف الصانع إن خرج من عنده حتى يأخذ الدرهم وحلف ربه لا أعطاه إياه، فإن أراد الصانع ليأخذن الدرهم لا يبالى ممن أخذه فلو أن أجنبياً أعطاه درهما فذلك لهما مخرج.
ومن سماع عيسى قال ابن القاسم: ومن حلف بالطلاق طلقة واحدة وبالمشى والصدقة ليتزوجن على امرأته، فأراد ان يطلق امرأته واحدة ويطأها ويكون فى سعة من المشى والصدقة حتى يتزوج فيزول عنه، قال ذلك له. وعمن حلف لئن رئى
[4/237]
***(1/227)
[4/238]
هلال رمضان الليلة إن صام غداً فخرج فى الليل مسافراً إلى ما يقصر فيه فأفطر فهو حانث إلا أن يكون نوى ذلك فيدين، وإن كانت عليه بينة فله نيته فى هذا.
ومن حلف بطلاق امرأته البتة ليطلقنها رأس الهلال واحدة، فله أن يعجل تلك الطلقة ويزول يمينه. ولو قال أنت طالق واحدة إن لم أطلقك فى الهلال واحدة، فإن عجلها زال عنه ذلك فى الهلال، فإن لم يفعل فهى تطلق عليه الآن بواحدة ولا يؤخر إلى الهلال.
ولو أوقف فى يمينه ثالثة لقيل له طلقها الآن واحدة وإلا طلقت عليك بالبتة. وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن رهن أمته عند زوجته فخافت إن افتكها أن يطأها فحلف لها لئن افتكها ليتصدقن بها على ابنه، فأيسر فترك افتكاكها. قال أخشى أن يحنث، وقد قال مالك فى الحانث لأقضينك إذا أخذت عطائى فأمكنه أخذه فتركه أنه حانث.
ومن سماع أصبغ قال ابن القاسم عن مالك: وإن حلف بطلاق كل امرأة يتزوجها ما دام خليطا لأبنه فترك مخالتطه ثم تزوج ثم أراد أن يرجع فيخالطه،فاستثقله مالك.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن نازع رجلاً فى أرض فحلف لا صالحه فيها فأعطاه ما أدعى، قال لا يحنث إن أعطاه كل ما يدعى، فإن أعطاه بعضه حنث، وإن نوى أن لا يسلم إليه شيئا منه حنث.
ومن كتاب ابن سحنون: وقال فى الحالف ليفعلن كذا وكذا إلى أجل، أو قال إن فعلت كذا وكذا ويمينه بواحدة، فلا ينتفع بتعجيل حنثه، لأنه فى الأجل على بر، والذى قال إن فعلت كذا فعلى بر أيضا.
وأما لو قال إن لم يفعل كذا ولم يؤجل فله أن يحنث نفسه ويزول يمينه. وهذا المعنى فى آخر باب من الجزء الأول.
[4/238]
***(1/228)
[4/239]
ومن المجموعة ابن وهب عن مالك فيمن حلف بعتق رقيقه فى شىء أن لا يفعله، أيتصدق بهم على ولده وأمه صدقة صحيحة ثم يفعل؟ قال لا، بل يبيعهم فى السوق. قال عنه هو وابن القاسم إن كرهه لامرأة حلفت بذلك أن تبيعهم من ولد أو زوج. وقال فى الذى حلف بذلك لا يصالح عن أخيه هل يسأل رجلاً أن يصالح عنه؟ قال لا أحبه. قيل فيهبهم لابنه قال لا، وقال أيضا فيه وقد حلف بذلك على وطء أمة فوهب الرقيق لابنه ما أراه له مخرجا. قيل فقد فعل ووطىء. فوقف وقال ما هو بمحرم.
قال أشهب إن تصدق بهم على بنيه الكبار صدقة صحيحة فلا شىء عليه، وإن تصدق بهم على ما يلى من ولده فقد حنث. كما لو أعتق عبد ابنه الصغير عن نفسه لعتق وودى قيمته، ولا يلزم ذلك فى عبد الكبير. ولو حلف بعتق عبد الصغير عتق إن كان للأب. قال وليس ذلك فى الكبير.
قال ابن القاسم ومن حلف بعتق أمة له إن باعها فتصدق بها على ابن له فى حجره فإنه إن باعها حنث وودى القيمة لابنه.
وقال سحنون فيمن أراد أن يحلف بعتق رقيقه فتصدق بهم على بنات له أبكار صدقةً صحيحةً وقبض لهن، ثم حلف بعتق كل مملوك له، قال لا شىء عليه، إلا أن يسميهم أو ينويهم فى يمينه.
قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك فيمن حلف بعتق رقيقه لا يكلم فلانا، أيهبهم هبة صحيحة ويكلمه؟ فكره الهبة وقال يبيعهم. قال أشهب إن باعهم أو وهبهم أو تصدق بهم بأمر صحيح بغير مدالسة فلا شىء عليه، وإن كان بمدالسة أو تاليج فقد حنث.
قال ابن نافع عن مالك فيمن حلف لا أقلع عن غريمه حتى يقضيه حقه، فذهب به إلى السلطان فأمره فدفع إليه حقه وقبضه، ثم سأله أن يسلفه فأبى فسأل أم الحالف فأسلفته، فإن كان من مالها دون مال الابن فلا شىء على الابن.
[4/239]
***(1/229)
[4/240]
وقال ابن حبيب فى الحالف بعتق رقيقه أن لا يفعل شيئا فأراد أن يتصدق بهم إلى أحد أبويه أو إلى ولده الصغير أو الكبير أو امرأة على زوجها، فقد كرهه مالك.
قال ابن الماجشون ومطرف وابن القاسم: وإنما كرهه خيفة الحيلة به وأن لا يصح.وأما لو صدق وصحت الصدقة وحيزت زال عنه الحنث غلا فى ولده الصغير فقط، فإنه إن فعل حنث، وغن حازها لهم أو جعل من حازها لهم وخرجت من يده فإنه يحنث.
وفى باب من حلف ليفعلن أو إن لم يفعل فى الجزء الأول شىء من ذكر تعجيل الحنث.
فيمن حلف بالطلاق ثم أراد أن يخالع
ليزيل اليمين وما الذى يجوز ذلك فيه؟
وما دخل فيه من عودة اليمين
من المجموعة قال ابن القاسم وابن وهب عن مالك فيمن حلف بطلاق البتة ليقضين حقا إلى أجل كذا وكذا، فدنا الأجل ولم يجد، فخالع امرأته ثم جاز الأجل ثم نكحها بعده فلا حنث عليه، وأكره ما صنع. قال عنه ابن نافع: وهو مكروه بينه وبين الله سبحانه.
قال ابن كنانة ليس مما يومر به الناس ولا يدلون عليه.
وقال ابن سحنون عن أبيه: وإن كانت امرأته غائبة فأراد الخلع ليلا يحنث، قال يخلعها منه أجنبى يعطيه على ذلك درهماً أو شيئاً فيخلعها بما أعطاه وتزول يمينه، ولا بأس على الحالف أن يسأل فى ذلك هذا الأجنبى.
[4/240]
***(1/230)
[4/241]
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم، ونحوه لأصبغ فى كتاب ابن حبيب، وذكرها ابن عبدوس إلا أنه قال وقال غيره فيمن له امرأة فنكح أخرى على أن الأولى طالق بدخول الثانية، فخالع الأولى ثم دخل بالثانية ثم نكح الأولى فلا شىء عليه، بخلاف يمينه لا دخل دار فلان فخالعها ثم دخل فنكحها، فهذا يعود عليه اليمين.
ولو حلف بطلاقها إن دخل دار فلان فخالعها ثم تزوجها وهو داخل الدار فلا شىء عليه ما دام داخل الدار حتى يخرج ثم يدخل فيحنث، وإن حلف بطلاقها إن لبس هذا الثوب أو ركب هذه الدابة فتزوجها وهو على تلك الدابة ولابس للثوب، فغن لم ينزع أو ينزل مكانه حنث بخلاف دخول الدار.
ومن حلف لا ركب هذه السفينة بطلاق امرأته فصالحها ثم ركبها ثم تزوجها وهو فى السفينة، فإن لم ينزل مكانه حنث.وإن كانت يمينه لا دخلت فلا شىء عليه وإن بنى بها فيها حتى يخرج من السفينة ثم يدخلها.
وقال أصبغ فى الواضحة إن الدخول فى هذا كالركوب،وكذلك فى دخول الدار إن لم يخرج ساعة دخلت عليه حنث. قال ابن حبيب وغيره وإنما يعود عليه اليمين فيما يتغير فعله من كلام فلان أو دخول الدار، وأما ما لا يتكرر فبخلاف ذلك. وهذا ذكرناه فى باب تقدم.
ومن العتبية من سماع عيسى من ابن القاسم فيمن تحته امرأتان فحلف بطلاق إحداهما ليتزوجن عليها، فصالح الأخرى ثم تزوجها، فإن كان طلقها طلاقابائناً بالثلاث أو بخلع فذلك يبره، إلا أن يكون إنما خالعها ليحلل يمينه ثم يتزوجها ليبر، فهذا لا يبر بذلك؛ وكذلك لو كانت يمينه ألا يتزوج عليها ففارق الأخرى ثم تزوجها أنه يحنث فى امرأته.
ومن حلف بطلاق كل امرأة يتزوجها على امرأته ثم قال لها إن لم أتزوج عليك إلى عشرة أشهر فأنت طالق يعنى ثلاثا، قال ابن القاسم فليصالحها، فإذا
[4/241]
***(1/231)
[4/242]
جازت العشرة الأشهر تزوجها ثم لا شىء عليه. ولو لم يضرب أجلا عادت اليمين عليه.
ومن سماع أصبغ عمن حلف بالطلاق يريد ثلاثا ألا دخلت أخته على زوجها. قال يصالح زوجته ثم تدخل أخته ثم يتزوج امرأته التى صالح ولا شىء عليه. ولو طلق أخته زوجها قبل البناء ثم تزوجها ودخل بها ةامرأة الأخ تحته بحالها فهو حانث، إلا أن تكون له نية. قال أصبغ لا تنفعه النية فى هذا إلا أن يكون لها سبب بعمده من ثقل صداق أو سرط كرهه حتى يأتنف نكاحاً على ما يريد يتعمد ذلك بالنية والإرادة، وإلا لم ينفعه.
قال وقال ابن القاسم فيمن حلف لا يبتدىء رجلاً يريد حلف بالطلاق ثلاثا فصالح امرأته ثم ابتدأه ثم راجع امرأته فابتدأه، قال لا شىء عليه.
قال أبو محمد: هذه المسألة ليست على أصولنا. وقوله فابتدأه الثانية هى فى بعض الكتب من رواية العتبية وليست فى بعضها وأراه غلطاً فى النقل.
من سماع ابن القاسم: ومن سأل زوج ابنته أن يمسكها بمعروف أو يفارق فقال له فاحلف بالطلاق إن فارقتها أن لا تزوجها فلانا، فحلف له، ثم أقام معها ما شاء الله ثم تنازعها فخالعها، هل ينكح فلانا المحلوف عليه؟ قال فاليمين عليه، فإن شاءت نكاحه فليستأذن السلطان حتى يزوجها، ولا شىء على الأب.
فى الحنث بغلط أو سهو أو بما لم يعلم
ويمين الموسوس والسكران وفعل النائم
من العتبية من سماع عيسى وأبى يزيد من ابن القاسم: ومن حلف بطلاق أو غيره ليصومن غداً ثم أفطر ناسياً فلا شىء عليه.
[4/242]
***(1/232)
[4/243]
قال عنه عيسى ومن حلف لا كلم فلانا إلا أن يعرفه، فكلمه وهو لا يعرفه غير ناس فقد حنث.
قال عنه يحيى بن يحيى فيمن حلف ليقضينه حقه ساعة يباغ منزله أو يدخل منزله، فأتى معه الطالب منزله عند الغروب فدخل ونسى واشتغل، فذكر يمينه بعد الليل فخرج فقضاه حينئذ فقد حنث، إلا أن ينوى بقوله ساعة أبلغ أى إذ بلغ ليقضينه ولم يرد ساعة بلوغه أو نزوله فينوى ويحلف، ثم لا يحنث إن قضاه ليلته أو من الغد، ولا يسعه ترك القضاء اليومين والثلاثة، وإنما له هذا فى يوم وليلة.
ومن حلف ليقضينه حقه يوم الفطر وهو من بعض القرى فأفطروا يوم السبت فقضاه فيه ثم جاء الثبت أن الفطر يوم الجمعة، فقال مالك يحنث. وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيم حلف بطلاق امرأته ليخرجن به فى مرته هذه، ويريد سفرا، فخرج فلما سار ذكرته يمينه فانصرف فحملها، قال هوحانث.
قال عنه عبد الملك بن الحسن فيمن قال لرجل وهو يتوضأ قم معى فى حاجة، فقال امرأتى طالق إن قمت معك حتى أتوضأ وأفرغ من وضوئى، فتوضأ ثم ذهب معه ثم ذكر مسح رأسه أو أذنيه أو المضمضة فهو حانث، لأن مراده الوضوء الذى يتوضأ الناس لا يريد المفروض ولا المسنون.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف لا وطىء امرأته فوطئها وهو نائم لا يشعر فهو حانث، وهو كالناسى.
ومن أسفى السيكران فحلف فى تلك الحال بطلاق أو عتق وهو لا يعقل فلا شىء عليه، وإنما شربه ولم يعلم. وقد قيل لمن شربه عالماً على وجه دواء ونحوه فلا شىء عليه بخلاف السكران من الخمر.
[4/243]
***(1/233)
[4/244]
ومن طلق امرأته بوسوسة فى قلبه فلا شىء عليه. ومن حلف ألا يحمل لرجل دراهم فأدخلها فى مكتل فيه جبتان استحمله إياه فقد حنث، ويعاقب من فعل ذلك به.
ومن حلف لا ساكن أخاه ولا أنفق عليه حتى يتوب من شرب السكر فغاب الحالف فأسكنته أمه فى دار الحالف وأنفقت عليه من ماله، ثم أخرجوه بقرب قدومه فلا يحنث بذلك. قيل فلما قدم سأل عنه غير واحد فقيل له قد ترك الشرب فأنا له وأنال ولده وأهله شيئا، ثم تبين له أنه بتلك الحال فكف، فقال فقد حنث ولا ينفعه خبر من أخبره، وقد يترك ظاهرا ويشرب سرا، وتغرم الأم ما أنفقت عليه من مال الحالف فى غيبته، فإن تركها على علم حنث.
ومن المجموعة قال أشهب فيمن حلف بالطلاق ليصومن رمضان وشوال، قال إن صام يوم الفطر فلا شىء عليه، وإن أفطره حنث، وإن قال لم أنو صومه لم يصدق.ابن وهب عن مالك فيمن وهب شاة لامرأته ثم ردته إليه ثم ردها إليها، ثم دار بينهما شىء فحلف لا كانت له الشاة من ملك أبداً، ثم طلب شراء أضحية لأمه وأثاب زوجته منها عوضا ونسى يمينه، قال ما أراه إلا قد حنث.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم: ومن حلف لأمه أن امرأتى ما تأمرنى فيك ولا تمنعنى أن أنفعك والمال الذى بيده لزوجته، فقال له قد كنت قلت لك عام الأول لا تعطيها شيئا من مالى، فذكر ذلك، قال قد حنث.
وعن رجل كان يضر بامرأته وكان يقول ابن بنى عمى يحملونى على ذلك، ثم حلف بطلاقها إن كانوا قالوا له شيئا، فذكرته فقال قد وهمت فى يمين ولم يشهد على قوله وهمت إلا شاهد، وإن كان بائنا قضى عليه بالحنث وإلا حلف.
[4/244]
***(1/234)
[4/245]
فيمن حلف ليفعلن كذا فغاب ما حلف عليه قبل يمينه
أو بعده أو أعوزه فلم يجده أو ظهر له أمر ممتنع
من العتبية روى عيسى وأبو زيد عن ابن القاسم فيمن قال لعبده إن لم أبعك فامرأتى طالق، فمات العبد أو أبق، فإن مات ولم يفرط فى بيعه فلا شىء عليه، وإن فرط حتى لو شاء بيعه فعل فقد حنث. وأما الإباق فإن رفعته زوجته ضرب له أجل المولى من يوم رفعته ، وإن ضفر بالعبد فباعه قبل تمام أجل الإيلاء بر، وإن يم الأجل قبل ذلك طلق عليه بالإيلاء، فإن وجد العبد فى العدة فله الرجعة، وإن لم يكن ذلك حتى انقضت فلا رجعة له.
قال عنه أبو زيد فيمن حلف أكل مع امرأته فحلف بطلاقها لتأكلن هذه البضعة فأكلتها الهرة فأخذت المرأة الهرة فذبحتها فأخرجت البضعة فأكلتها المرأة، قال لا يخرجه ذلك من يمينه، ولكن إن لم يكن بين أخذ الهرة إياها وبين يمينه قدر ما لا تأخذها المرأة فلا حنث عليه وإن توانت قدر ما لو أرادت أخذها فعلت فقد حنث.
ومن المجموعة روى ابن نافع عن مالك فيمن حلف فى طعام ليأكلنه فتركه حتى فسد ثم أكله فقد حنث إذا كان قد خرج عن حد الطعام. وقال سحنون فى العتبية عن ابن القاسم لا يحنث إلا أن يكون أراد أن يأكله قبل يفسد.
ومن المجموعة ابن وهب عن مالك فيمن حلف لينظرن غريمه بحقه سنة فمات غريمه قبل السنة، فإن حلف أنه أراد الرفق به فلا شىء عليه.
قال ابن دينار ومن حلف ليشترين لزوجته بهذا الدينار ثوباً فخرج به لذلك فسقط منه، فإن أراد الدينار بعينه فقد حنث، وإن أراد الشراء به أو بغيره فليشتر بغيره ولا يحنث.
[4/245]
***(1/235)
[4/246]
قال أشهب : ومن حلف ليبيعن إلى امرأته بنفقتها إلى سنة، فبعث إليها قبل الأجل فأخذها اللصوص ومضى الأجل فلا شىء عليه.
ومن حلف ليصربن عبده غداً أو ليركبن دابته غداً فمات ذلك قبل غد أو سرق فلا شىء عليه. وكذلك على لباس ثوب فى غد فذهب أو سرق، وقال أشهب لأنه على بر بضرب الأجل، قال ابن القاسم إلا فى السرقة فإنه يحنث إلا أن ينوى إلا أن يسرق فلا أحنثه.
قال أشهب فإن لم يؤجل ومضى وقت يمكنه ذلك فيه فلم يفعل حتى فات ذلك فقد حنث.
قال ابن نافع عن مالك فيمن حلف لئن لم يبعث إلى ابنتى زوجها إلى الليل لا دخلت إليه سنة، فذهب إليه الرسول فلم يجده حتى الليل، قال هو كما لو وجده قد سافر فيدين،فإن قال لم أرده إن لم يوجد أو قد سافر أو مات فلا شىء عليه.
وكذلك من حلف إن لم يأت فلان الآن فوجده قد مات أو سجن فلا شىء عليه وكذلك فى العتبية من رواية أشهب.
قال عنه ابن وهب وإن حلف بالطلاق ليبيعن غلامه فوجده حراً من أصله، هل يبيعه ليبر من يمينه؟ قال لا، ولوطلق كان أبرأ له.
ومن كتاب ابن المواز : ومن حلف بالعتق ليتزوجن على امرأته إلى سنة فماتت قبل تسعة أشهر فلا حنث عليه، لأنه على بر بضرب الأجل، فرط أو لم يفرط. وكذلك ليبيعن عبده إلى شهر أو ليضربنه فمات العبد قبل الشهر، أو ليضربن امرأته إلى أجل فماتت قبل تمامه وقبل يفعل ذلك فلا شىء عليه. وإن لم يضرب أجلا فى هذا فهو على حنث، فإن أمكنه الفعل وفرط حنث، وإن لم يمكنه ولا فرط لم يحنث.
[4/246]
***(1/236)
[4/247]
وإن حلف ليأكلن هذا الطعام غداً أو ليلبسن هذا الثوب غدا أو ليركبن هذه الدابة فهلك ذلك قبل غد أو سرق الطعام فلا شىء عليه. وإن لم يضرب أجلاً حنث إن أمكنه الفعل قبل الفوات.
قال ابن القاسم: ومسألة الحمامات أصل لهذا، وقد أجمع عليها المدينون، وقد ذكرنا ما روى عن ابن القاسم فى السرقة.
وإن قال ميمون حر لأضربن مباركاً أجلا فمات مبارك، فإن أمكنه ضربه ولم يفعل حتى مات ولم يضرب أجلا حنث، وإن مات والسيد مريض عتق ميمون فى ثلثه إن مات ، وإن عاش فمن رأس ماله.
قال أشهب فى الحالف ليضربن امرأته فأصبح فإذا هى هربت من الليل فلا شىء عليه إذا فرت فيما لا يمكنه فيه الضرب، وكذلك فى المجموعة إلا أنه قال فى أولها وقال غيره، وقال فى السؤال ويدعها تلك الليلة.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف ليخرجن إلى عذق كذا فليقطعنه، فبادر إليه فوجده قد قطع فلا شىء عليه، إلا أن يتوانى قدر ما يفوت به إمكان قطعه. ولو قطع قبل يمينه لم يحنث، فرط أو لم يفرط.
ومن حلف على ابنته ألا يضع من صداقها شيئاً فإذا هى قد وضعته قبل يمينه فإن عرف ذلك فلا شىء عليه إلا أن يريد إن كانت فعلت فيحنث. ورواها عيسى عن ابن القاسم فى العتبية وفى السؤال: وشهد أربع نسوة على الصدقة منذ سنين فلا شىء عليه إذا استيقن أنها فعلت قبل ذلك، إلا أن يريد إن كنت فعلت. وذكر ابن سحنون رواية عيسى لابنه فصوبها وقال: ولكن لا يستقين ذلك بالنساء ولا بقولها ولكن بشاهدين.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإن حلف بطلاق امرأته لا أعتقت أمتها فإذا هى قد أعتقها قبل يمينه فلا شىء عليه، وقد كانت تستأذنه فى ذلك فيأبىن إلا أن يريد إن كنت فعلت فيحنث. ومن حلف بطلاق من يتزوج إلى
[4/247]
***(1/237)
[4/248]
سنة فيتزوج امرأة فى السنة وحلف لها بالعتق إن طلقها إلى أجل كذا فلا شىء عليه فى رقيقه ، لأنها مطلقة بالعقد.
ومن بعث غلامه يأتى بماء فأبطأ فبعث غيره وقال له: خذ منه القلال وإن تركته يستقى فأنت حر لا يبعثك فذهب فوجده مقبلا قد استقى ، فأخذ من الدابة فتابعه حتى جاء بالماء فصبه فى الدار فلا شىء عليه. كما لو قال إن تركته يطبخ القدر فألفاه قد طبخها.
وفى باب اليمين على الخروج مع الدار ما يشبه بعض معانى هذا الباب.
قال ابن القاسم فى المجموعة فيمن قال لعبده أنت حر إن تركت فلانا يطبخ هذا القدر أو يملأ هذه القلال فوجده قد طبخها وملأ القلال فلا شىء عليه.
ومن الواضحة قال ابن القاسم فيمن حلف لأقضينك حقك من هذه الصبرة فأتى سيل فأذهبها، فإن لم يتوان مثل أن يأخذ فى الكيل مكانه فيذهب فلا شىء عليه ، وإن فرط حنث، وإن فرط الطالب فى القبض فلا يفرط الحالف وليأت الإمام حتى يأمره بالقبض.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم وعمن طلب ضرب عبده بسوط سأل عنه أهله فقالوا لا نعلم مكانه فظن بهم كتمانه، فحلف بالطلاق إن لم يأتو به فطلبوه فلم يجدوه وأتوه بغيره، فقال أهله هو فلم يعرفه وأنكره ، فإن لم يعرفه حنث.
قال ابن القاسم كأنى رأيت معنى قوله إنه لو ذكر نية كان ذلك له أن يقول لم أرد ، وإن لم تكن له نية وحلف على ظن أنهم غيبوه حنث.
[4/248]
***(1/238)
[4/249]
قال مالك: ومثل أن يقول لأمته أنت حرة إن لم أبعك فإذا هى حامل منه ولم يعلم، فإن نوى إلا أن تكون حاملا وإلا فقد عتقت.
قال ابن القاسم وكذلك السوط فيما رأيت من معنى قوله. وقال ابن المواز وذكر هذه الرواية ثم قال لا شىء عليه فى الأمة كمسألة الحمامات، وكذلك قال سحنون.
قال ابن المواز: وإن أصابها حاملاً من غيره فليبيعها بالبراء من الحمل.
قال ابن حبيب ومن حلف بحرية جاريته ليبيعنها إلا أن تكون حاملا وقد كان أصابها فلا يعود لمصابها، فإن جهل فعاد فحملت نظر، فإن وضعته لأقل من ستة أشهر من وطئه الثانى زالت يمينه لأنها كانت يومئذ حاملاً، وإن وضعته لأكثر من ستة أشهر من الوطء الثانى عتقت عليه بالشك، إذ لعله من الوطء الثانى الذى لا شرط فيه، وقاله ابن الماجشون.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف بنى امرأته وحلف بالطلاق ليفرعنها الليلة فوطئها فلم يجدها عذراء فلا شىء عليه، لأنه إنما حلف وهو يظن أنها عذراء. قيل فلو علم بذلك يريد بعد يمينه أنها ثيب واستقر ذلك عنده فترك وطأها تلك الليلة، قال يحنث. قال اصبغ يحنث إن علم بعد يمينه وقبل الوطء.
وقال ابن سحنون عن أبيه فيمن حلف ليطأن امرأته فقطع ذكره من غير تفريط فى الوطء فلا شىء عليه.
قال ابن حبيب قال ابن القاسم: وإن حلف أن لم يطأ امرأته الليلة فقام فوجدها حائضاً، فإن فرط قدر ما يمكنه الوطء قبل تحيض حنث، وإن لم يفرط فلا شىء عليه.
[4/249]
***(1/239)
[4/250]
قال أصبغ : يحنث فرط أو لم يفرط بخلاف ليأكلن هذا الطعام فذهب به كلب أو نار أو سرق لأن لم تذهب والذى حلف عليه قائم، ولكن لا تحل له. ولو وطئها وهى حائض لم يبر. وأخذ ابن حبيب بقول ابن القاسم هذا وقال لا يبر بوطئها حائضاً، ولو حلف لا وطئها حنث بوطئها حائضاً.
ومن كتاب ابن المواز قال يحنث حاضت مكانها او كانت حائضا قبل اليمين ، ولا آمره بالوطء فإن تحرى فوطىء لم يحنث وقد أثم.
قال ابن سحنون عن أبيه فى الحالف ليأكلن هذا الطعام أو ليبيعن هذا الثوب وذلك فى نيته، فقام ولم يفرط فوجد ذلك قد ذهب أو سرق فلا شىء عليه.
وكذلك إن حلف ليبيعن أمته فوجدها حاملاً منه أو ليطأنها فقام مكانه فوجدها حائضا فلا حنث عليه فى هذا وفى كل ما فات قبل يمينه أو فات بعد يمينه من غير تفريط.
قال محمد ثم رجع فقال لا يحنث، وإن أمكنه الوطء قبل أن تحيض ، لأنه قد ضرب
أجلاً بقوله اللية. قال محمد قوله الأول القياس على أصلنا. قال سحنون وإن وطئها حائضا بر فى يمينه وأثم.
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لريب له لئن جئت إلى بيتى بخبز ووجدته لأطرحنه فى الخربة، فدخل عليه الغلام بخبز فوضعه على سريره وهو يراه فسحبت له أمه فخرج بالخبز ، فإن كان يقدر على أخذه فتوانى فقد حنث، وإن فاته هرباً ولو أراده ولم يقو عليه فلا شىء عليه.
وفى باب من حلف لا يفعل شيئا ففعل بعضه من معنى هذا الباب.
ومن المجموعة قال ابن القاسم فيمن حلف بالطلاق ليتزوجن هذه المرأة إن حلت له، فشهدت امرأة أنها أخته من الرضاعة فليطلق التى تحته ولا يتزوج هذه. وإن تجرأ فتزوجها لم يقض عليه بفراقها. كذلك فى العتبية وقد كتبناه فى باب آخر.
[4/250]
***(1/240)
[4/251]
قال ابن حبيب عن أصبغ :ومن حلف ليصومن الاثنين أبدا فصادف يوم عيد فلا شىء عليه فى فطره، ولم يقصد أن يصومه على ما لا يجوز ، وكذلك لو مرضه فأفطر فلا شىء عليه.
فى الحالف لا فعل كذا فيكره على فعله
أو يغلب أو يقضى عليه به
أو حلف ليفعلن فيمنعه منه مرض
أو مانع أو خوف أو لم يقدر
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا دخل هذه الدار، فبينا هو واقف على بابها أو بقربة على دابته فنفرت لشىء فاقتحمت به فدخلتها، فإن كان يقدر أن يمسك رأسها أو يملكها أو يثنى رجله فينزل أو يترامى من غير عيب يصيبه فلم يفعل حنث، وإن قدر على شىء من ذلك لم يحنث.
قال ابن عبدوس: وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك فيمن حلف لا دخل دار فلان فحمله رجل قسراً فأدخله فيها فلا شىء عليه. قال أشهب إذا جهد أن لا يدخل ولم يقم بعد أن قدر أن يخرج.
قال سحنون فإن قال لزوجته أنت طالق إن دخلت أنت هذه الدار فأكرهها هو أو غيره على الدخول فلا يحنث بإكراه غيره، وأما هو فأخاف أن إكراهه لها رضى بالحنث.
قال ابن وهب عن مالك فيمن حلف بالطلاق إن لم يضرب عبده كذا وكذا ففرمنه العبد، أو قال قبل الليل أو ضرب أجلاً بعيداً أو قريبا، فإن لم يفرط وكان أمر عليه وكانت تلك نيته فلا شىء عليه، وإن فرط فقد حنث.
[4/251]
***(1/241)
[4/252]
قال عنه ابن وهب: وإن حلف لا فارق غريمه حتى يقضين حقه، فأتى أهل المطلوب فخلصوه منه قسراً وضربوه فله نيته، فإن نوى لا فارقته طائعاً ولا أرسلته وأنا قادر على إمساكه فلا شىء عليه.
قال أشهب إذا فر منه أو أفلت حنث، إلا أن تكون له نية فيدين ويحلف,
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف لا يأخذ حقه إلا كله ، فقضى عليه القاضى بأخذ نصفه فلم يقبضه حتى عزل، فإن قضى عليه الذى بعده بأخذ نصفه حنث إلا يقبضه، ولا يكون ذلك من الوالى إلا على الاجتهاد.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم ونحوه فى كتاب ابن المواز فيمن قال لامرأته أنت طالق إن قبلتنى فاستغفلته فقبلته فقد حنث. ولو كان قال إن قبلتك لم يحنث باستغفالها له.
وكذلك يفترق إن فارقتنى أو فارقتك أو تركتنى أو تركتك فينزع منه بشدة أو يصرعه ويفك يده ويهرب. وكذلك قوله إن ضاجعتنى أو ضاجعتك، وكذلك إن قال إن دخلت هذه الدار فيوثق حتى أدخلها فلا شىء عليه، ولا يحنث فيما يكره فيه أو يستغفل ، وقاله فى كتاب ابن المواز والمجموعة.
ابن القاسم عن مالك فى الحالف لا قبلتك فاستغفلته فقبلته ولم يكن منه استرخاء ، فيحلف أن تلك نيته. قال فى رواية ولم يوانس . قال ابن المواز: وإذا أراد بقوله إن فارقتنى معنى فارقتك فله نيته، أو ينوى إلا أن أغلب فله نيته. وقوله إن افترقا مثل قوله إن فارقتنى، ويحنث إن أفلت منه، بخلاف إن فارقتك إلا أن يتراخى . وقيل إن نوى ألا يفارقه طائعاً ولم يرد أن يغلب فله نيته.
ومن كتاب ابن المواز والمجموعة والعتبية من رواية ابن القاسم قال مالك فى المطلوب بحق ألا يقضيه شهراً، فرفعه الطالب فأمر له ببيع متاعه حتى
[4/252]
***(1/242)
[4/253]
يقضى عنه فإنه ينوى، فإن قال لم أرد إلا أن لا أقضيه أنا ولم أرد السلطان فذلك له وأدينه إذا حاشى الشلطان، وإن لم يحاشه حنث.
وإن حلف لا أنفق على امرأته سنة فغاب سنة ورفعت أمرها فقضى لها فدفع إليها نفقتها فهو حانث، إلا أن يكون نوى ألا أنفق عليها طائعا ولم يرد وإن قضى على بها، فلا يحنث.
قال أشهب عن مالك فى الحالف على أمر ألا يفعله ولم يتشن قضاء السلطان فقضى عليه، قال يحنث إن لم يستشن قضاء السلطان . ورب رجل يحنث مغالبةً له، فإن لم يرد ذلك حلف ودين. قال أبو زيد فى العتبية وكتاب ابن المواز قال ابن كنانة فيمن حلف فى أرض نازعه فيها رجل إنك لا حرثتها إلا أن تغلبنى عليها، فطرقها ليلاً فحرثها إنه يدين ويحلف ما أراد إلا أن يمنعه إذا أراد الحرث ولا بدعه إلا أن يغلبه، ولا شىء عليه.
وقال ابن القاسم لا ينوى ويحنث إلا أن يؤخذ فيربط ويحبس وتحرث فلا شىء عليه.
وفى باب اليمين لا دخلت أو لا دخل إلى فلان من هذا إذا دخل عليه وكسر الباب ولم يعلم.
قال سحنون عن أبيه فيمن حلف فى شقص له فى عبد أن لا يبيعه فأعتق شريكه حصته فقومه عليه الإمام ، أو طلب شريكه البيع معه فخبره الإمام أن يبيع معه ، فإنه يحنث، إلا أن يكون نوى إلا بقضاء السلطان فلا يحنث.
وكذلك لو حرث فى أرضه رجل متعدياً فحلف ربها ليحرثنها فمنعه من ذلك السلطان ، فإن لم ينو إن أغلب حنث. وليس هذا كمسألة الحمامات لأن تلك قد فاتت العين.
[4/253]
***(1/243)
[4/254]
وفى كتاب النكاح الرابع فى آخره فى باب سكنى المرأة مع أبوى الزوج .
وروى عيسى عن ابن القاسم فى العتبية فيمن حلف ليعتمرن فى شوال فأحرم ثم منعه خوف من المسير حتى خرج شوال ولم يطف، قال ابن القاسم يحنث إلا أن يكون جعل ليمينه مخرجاً.
ومن كتاب ابن المواز : ومن حلف لئن كان كذا لأخرجن إلى موضع سماه، فكان ذلك فمنعه من الخروج خوف فلا ينفعه ذلك، إلا أن يكون استشناه.
ومن المجموعة وغيرها قال ابن القاسم عن مالك فيمن حلف لا نكح عبده فنكح بغير إذنه إنه حانث.
وقال عنه فيمن عليه دين فتقاضاه عبد الطالب فحلف بالطلاق لا قضاه شيئاًن فأتاه السيد فقضاه، وقال إنما أردت العبد بعينه، قال لا ينوى ويحنث إن قضاه . وأقرب فى هذا إذا استأذى عليه السلطان فقضى عليه أن لا يحنث.
قال ابن نافع عن مالك فيمن حلف لا دخلت امرأته على أمها، فقالت له فسر معى أسلم عليها على الباب ففعل فاقتحمت على أمها فقد حنث.
ومن العتبية أشهب عن مالك فيمن دعا زوجته إلى فراشه فأبت، أيضربها؟ قال لا، فقد يكون لها العذر، قيل فإن حلف بالطلاق ليصيبنها قبل الصبح فأبت، فأمكنته فعالج حتى مل فلم يقدر، قال وقد استشينت إلا أن لا أقدر فعالجت فلم أقدر حتى الصبح، قال لا شىء عليك إن لم تنم حتى أصبح قال قد نمت، قال لا أدرى ما هذا.
[4/254]
***(1/244)
[4/255]
قال عنه ابن القاسم فى حبس لم يبق من يشهد فيه إلا رجل فسأله بعض من حبس عليه أن يشهد فحلف لا شهد له فيه، فسأله غيره من أهل الحبس أن يشهد ، قال لا آمره أن يشهد إلا أن يجبره السلطان. قال ابن القاسم وإن أجبره حنث إلا ان يضربه أو يعاتبه.
قال ابن سحنون قال بعض أصحابنا يعنى أصبغ فيمن حلف ليدخلن بامرأته إلى مدة سماها فدفع النقد وتهيأ أمرها، فلما شارف الأجل شهد رجلان أنه حنث فيها. قال يمنعه الإمام من البناء حتى ينظر، وإن كان فى ذلك حنث فينبغى للقاضى أن يبدأ بهذين ولا يشتغل عنهما لما رهقهما، فأجازها سحنون إلا قوله يتفرغ لهما فإنهما وغيرهما سواء، ولو جاز هذا لم يشأ خصم إلا حلف على القاضى أن يبدأ به.
ومن حلف ليطأن زوجته فى هذه الليلة فلم ينعظ ولم ينتشر تلك الليلة فقد حنث.
فى المكره على اليمين او يحلف على مخافة
ومن حلف للسلطان أن لا خرج إلا بإذنه
أو أن رأى كذا ليرفعنه إليه
من المجموعة قال ابن القاسم قال مالك: ليس يمين المكره بيمين . قيل له فالعمال يأخذون على الناس أيماناً بالطلاق فى أشياء يخرجونها عليهم إن لم يأتوا بها إلى وقت كذا، وربما جعلوا عليهم ما لا يجدون فيحلفون خوفا منهم ومن ضربهم. قال لو علم صدق ما قالوا لم أرد عليهم شيئا. قال ابن القاسم إذا كان إماماً جائرا قد علم أنه فعل ذلك بغيره من ضرب أو عذاب فليحلف ويتخلص منه. قال ابن القاسم فى أسير بيد العدو مقيد فيعرضون عليه الكفر ويقولون احلف بالطلاق أن لا تهرب ونطلقك، فيحلف ويطلقونه فيهرب، قال لا شىء عليه، لأن أصل يمينه إكراه .
[4/255]
***(1/245)
[4/256]
قال عنه محمد بن خالد فى العتبية عن مالك فى اللصوص يستحلفون الرجل بالحرية ألا يخبر بهم فحلف ثم اخبر بهم، قال لا شىء عليه.
قال سحنون فى المجموعة إذا حلفوه أن لا يخبر بهم ليلا يحذر الناس طريقهم فحلف بالطلاق والعتق وهو خائف إن لم يحلف قتلوه فأخبر بهم فلا شىء عليه.
ثم رجع فقال ليس هذا من أيمان الكره.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن حلف على خوف من العذاب واليمين على حق وقد كذب فى يمينه فهو حانث، ولا تنفعه التقية ها هنا.
قال ابن المواز كأنه غصب شيئاً أو فعل أمراً وحلف ما فعله.
قال مالك فيمن طلب ليقتل ظلماً فخبأه رجل عنده فأحلف بالطلاق ما هو عنده فحلف، قال قد اجر وطلقت عليه امرأته، وقال أشهب لا شىء عليه، والمكره على اليمين لا يلزمه، وكذلك المكره على الحنث ، يريد أشهب إن خاف إن لم يحلف عذب بضرب أو سجن.
قيل فمن حلف لا حلف بالطلاق إلا لسلطان يخافه ما حد ذلك؟ قال هو أعلم بنفسه، ليس القوى كالضعيف، ولا الشجاع كالجبان، وذلك على قدر ما يحس من نفسه.
وعمن صالح امرأته وشرط عليها إن تزوجت بعده فمالها صدقة، فإن حلفت عن ضرورة فلا شىء عليها، كما لو افتدت من ضرورة وعلم ذلك. قال مالك: ليرد ما أخذ منها.قال وقيل ليس كالفدية، وليس الضرب إكراهاً عليها حاصة فى اليمين ، واليمين يلزمها.
قال ابن المواز فى يمين المستكره الذى يخاف إن حلف سجناًَ أو عذابا: فإن كان ذلك عنده كاليقين لا شك فيه فذلك له مخرج وعذر، وإذا أخذ الوالى على الشرط اليمين بالطلاق أن يخرج أحد منهم إلا بإذنه فمات الوالى، قال
[4/256]
***(1/246)
[4/257]
مالك فلا يخرج أحد منهم إلا بإذن الوالى بعده إذا جرى ذلك على وجه النظر لا على الظلم، وما جرى على وجه الظلم لم يلزمه فى الأول ولا فى الذى بعده.
ولو حلف لأمير متطوعاً أنه لا يرى كذا وكذا إلا رفعه إليه، فعزل، فإن كان ذلك أمر يخص الأول فى نفسه فليرفعه إلى من بعده، هكذا وقع فى الكتاب، وأراه غلطا، وإنما هو فليس عليه أن يرفعه إلى من بعده، وهى فى المجموعة بينة وهى لأشهب.
قال أشهب : إن كان ذلك من شأن المعزول فى نفسه فعليه رفعه إلى من بعده يوم يراه، وإن كان مما يخص فى نفسه فإذا رآه بعد عزله فليعلمه به وإلا حنث ، فإن لم ير ذلك مات فلا شىء عليه، وليس عليه رفع ذلك إلى وارثه ولا وصيه ولا إلى الأمير بعده.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف للوالى ألا يفعل كذا إلا بإذنه فنادى منادى الوالى بالإذن فى ذلك للناس كلهم ، فإن كان ذلك نيته فى يمينه فلا شىء عليه ، وإن شىء عليه،وإن لم يرد هذا فليسمع الإذن هو نفسه فيزول يمينه.
ومن طلب منه السلطان شراءجارية فقال له هى مدبرة أو حرة فلا شىء عليه. قال أشهب قامت عليه بينة أو لم تقم إذا كان ذلك للسلطان مخافة من شرائها.
ومن مر بأمته على عاشر فقال هى حرة ولم يرد الحرية فلا شىء عليه. ومن قول أصحابنا إن اليمين تقيه العقوبة فى البدن إكراه إذا كان يوقن بذلك، وقد اختلف فى الإكراه بمخافة المال.
وقال ابن سحنون عن أبيه فى كتاب الطلاق: سئل عن السلطان يمنع الناس أن يجوزوا فى البحر إلا من مجازه ليتوفر ما يؤدون، أو يقال لهم إذا جازوا من مجازه اركبوا فى مراكبنا على أن تؤدوا الثلث وإلا لم يكرهكم على الركوب فيها وهم يمنعون من غيرها، فيرضون بالركوب فى مراكبهم فيحلفونهم أن لا يكتموهم كل
[4/257]
***(1/247)
[4/258]
ما معهم من مال، فيحلفون وهم قد كتموا بعضاً، قال لا حنث عليهم وإراه إكراها. وكذلك من كان بقرب هذا المجاز.
قال أبو محمد وقد أفردنا للإكراه والمضاغيط كتاباً.
فيمن حلف ألا يبيع ما قد باع أو فى زوجة لا يتزوجها
أو فى شريك ألا يشاركه ونحو ذلك
ومن العتبية من سماع ابن القاسم: وعن غلام ناهز الحلم وتحته أمة فشكته إلى سيدتها، فقال لها: أمسكى أمتك هى طالق إن تزوجها . قال هذا مشكل وسئل عما نوى قبل، فإن لم ينو شيئا قال يفرق بينهما، وشك فى إلزامه البتة أو واحده. قال عيسى قال ابن القاسم إن ما نوى فهى البتة.
قال أبو محمد قوله ناهز إنما يريد وقد أنبت وذكرها فى الواضحة فقال غلام تزوج أمة ولم يذكر ناهز الحلم، وفى كتاب ابن المواز قال مالك: ما أرى من أمر بين، فأحب إلى أن يفرق بينهما. قال أصبغ إذا كان ممن يجرى عليه الحدود.
ومن سماع سحنون من ابن القاسم وأشهب: وعمن باع منزلاً فقيل للمبتاع إن لزوجته فيه شركاً فأعلمه المبتاع بذلك فحلف بالطلاق لا باع منه شيئا، فخاصمه المبتاع وسلمت زوجته، قال لا يحنث لأن البيع قد تم وإنما يمضى ما ثبت، وقاله سحنون.
وقال أصبغ فيمن باع سلعةً فسأل المبتاع أن يبدل له بعض الدراهم فأبى، فحلف لا باعها منه أو حلف المبتاع لا اشتراها، فسئل المبتاع عن نيته فقال: ظننت ألا يتم بيع إلا بالافتراق أو لا يدعى نيته وأن يمينه مسجلة، قال إن تسالما حنثا إن حلفا لأن يمينهما على المنع من البائع والترك من المبتاع، وإن حلف أحدهما وسالمه الآخر بر، وإن لم يسالمه وقام على حقه حنث. وليس فى هذا شك
[4/258]
***(1/248)
[4/259]
إلا فى الجاهل الذى يظن أن البيع لم يتم ففيه ضعف وهو حانث عندى، ومسألة مالك فى الأمة هو حانث. وكالذى يدعى إلى نكاح امرأة فيقول هى طالق ولا يقول إن تزوجها فليزمه إن تزوجها، وهو كالجواب، وقاله أشهب.
ومن المجموعة روى ابن وهب وابن القاسم عن مالك فيمن غيب أمة لزوجته فسألته ردها فحلف بعتق رقيقه لا رجعت إلى ملكها، ثم سألته فردها إليها، قال قد أثم وأعتق رقيقه.
قال عبد الملك فيمن باع دابة فماطله المبتاع بالثمن فحلف لا باعها منه فلا شىء عليه إذا ثبت البيع الأول، لأنها فى ملكه.
قال ابن حبيب فى الغلام الذى حلف لا تزوج امرأته أو حلف لا باع ما قد باعه إنهما حانثان ولا ينويان. وقد قال مالك فى الحالف ألا تعتق زو جته أمتها وقد كانت أعتقتها إنه لا شىء عليه، إلا أن يريد إن كنت فعلت، فهذا يدل أنه لو كان أنها فعلت أنه حانث ولا ينوى.
ومن كتاب ابن المواز وعمن باع ثوبا ثم تشاجر مع المبتاع فحلف لا أخذ فى ثمنه ديناراً ولا درهماً، فإن كان سمى له فى أخذها فأبى عليه فله أخذ العروض، وإن لم يكن كذلك فلا يأخذ منه شيئا إلا حنث، ثم قال للسائل ما سبب يمينك؟ قال سألته الإقالة، قال فإذا لا تأخذ منه شيئا، وإن رد ثوبك بعينه فخذه. وكذلك إن رده بعد أن قطعه ولا تأخذ ما نقصه القطع ولا قيمة الثوب إن قطعه، فإن أخذت منه ثوبك وبعته من آخر فباعه الآخر منه ولا يبيعه ممن يرى أنه يبيعه منه ، وبعه من أبعد الناس منه.
وقال فيمن باع جلداً له غائباً ثم جاءه الجلد فبعث به مع أخيه إلى ربه، فحبسه الأخ ورماه فى الدباغ لنفسه، ثم طلب أن يبيعه منه فحلف بالطلاق لا باعه من أحد، فجاء المشترى فى طلبه فلا حنث على البائع، وهو للمشترى بالبيع الأول أن ينوى لا خرج من ملكه إلى المبتاع ولا إلى غيره.
[4/259]
***(1/249)
[4/260]
ومن كان شريكا لرجل فى مقتاة أو زرع ثم حلف ألا يشاركه فإنما يلزمه ذلك فى غير ما اجلا فيه. ومن له رهن بدينار فحلف ألا يرهن شيئاأبدا ثم أخذعلى ذلك/الرهن دينارا آخرفإن كان الرهن يسوى أكثر من دينار حنث والا فلا شيء عليه .
فيمن حلف لا يجاور أباه أو لا يخرج امرأته الا بقضية
وهل له منعها أن تخرج بغير يمين؟
من العتبية روى ابن القاسم عن مالك فيمن حلف بالطلاق لا جاوره أبوه وهو يستطيع فليس ذلك مخرجاً. ولو استأذى عليه أبوه أو حلف عليه لم يكن له به مخرج، ولا يحيى السلطان على مثل هذا أحداًٌُ.
وروى عنه أشهب فى الحالف بطلاق امرأنه إن خرجت من بيته إلا أن يقضى عليه السلطان أو تخرج بغير إذنه فضربها، وكانت تسكن مع أمه فخاصمت ألا تسكن معها فقضى لها أن تخرج فنقلها فلا شىء عليه، واليمين عليه فى المنزل الثانى.
وإذا حلف بطلاق وعتق لا يتركها تخرج أبداً أيقضى عليه بالخروج فى جنازة أبيها وأمها ويحنث؟ قال لا أرى ذلك عليهإذا حلف. وإذا حلف لا خرجت إلا أن يقضى على به السلطان فأراد أن يقضى عليه بذلك، فإن نوى إذا أخبر الإمام غيره فقضى عليه ألا أن يكون عليه شىء، وليس على السلطان بأس أن يفعل إذا علم أنه يجب ذلك.
قال ابن المواز وقيل لابن عبد الحكم فإن جهل فأخبر هو بذلك الإمام. قال ما أشبهه أن يحنث.
[4/260]
***(1/250)
[4/261]
ومن سماع سماع أشهب قال وإذا لم يحلف فإنه يقضى لها عليه أن تشهد جنازة أبيها وأمها وأن تزورهما، والأمر الذى فيه الصلة والصلاح. وأما الجنائز واللعب والعبث فليس ذلك عليه.
وقال فى الحالف ألا تخرج أبدا إنه لا يقضى عليه فى أبويها ويقضى عليه أن تخرج إلى الحج إن شاءت كانت صرورةً، ولكن ما أدرى ما تعجيل الحنث فى هذا يحلف بالأمس ويقول أنا أحج اليوم ولعله يؤخر ذلك سنة بسنة.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن حلف لا خرجت زوجته إلا بقضاء الإمام، فإنه يقضى عليه فيما يلزم من جنازة أمها وما ينبغى فأرجو ألا شىء عليه. وأما إن قضى عليه بغير الحق فأذن له بحكم منه فلا شىء عليه وأما إن أخبر بذلك لرجل فمضى الرجل إلى الإمام فأخبره فحكم عليه بغير الحق فهو حانث. وذكرها فى كتاب ابن المواز إلى قوله فأرجو ألا شىء عليه، ثم قال: فإن أذن لها، يريد الإمام، فيما يلزم فلا يأذن لها، يريد الزوج وإلا حنث. وإذا أذن السلطان فى أمر لا يدريه فهى على ذلك الإذن وليس له مخرج فيما لم يأذن لها فى غير الواجب، فإن أذن لها حنث. هكذا وقعت فى الكتاب مشكلة، وروايت ابن عبدوس التى تقدمت أبين.
وقال ابن عبدوس قال ابن القاسم عن مالك فى الحالف لا أذن لها إلى بيت أمها،فمرضت الأم مرضا شديدا فقالت لزوجها اتق الله، فقال لها استأذى علي الإمام حتى يأذن لك، فقلت له قد وكلتك على ذلك، فذكر هو ذلك للقاضى، فقل قد أذنت لها، فبلغها عنى كما بلغتنى عنها، فأخبرها فخرجت، قال قد حنث.
وفى باب الحالف لا تخرج امرأته إلا بأذنه بقية القول فيما يلزم الزوج الإذن فيه لها ويقضى به عليه.
[4/261]
***(1/251)
[4/261]
فيمن حلف لا يعطى خصمه شيئا
ولا يصالحه إلا بقضية أو حلف على رجل
ليستأذين عليه أو ليرافعنه
أو ليجتهدن عليه ونحو هذا
أو ليرفعن أمراً غلى السلطان
ما الذى يبرئه فى ذلك كله؟ ويحنث به؟
من المجموعة قال ابن القاسم عن مالك فيمن خاضم رجلاً فى ميراث فحلف لا دفع إليه شيئا إلا بقضية، ثم اختصما فقضى على الحالف باليمين فأراد الفداء منها، فكره، يريد مالك، أن يدفع إليه شيئا إن كان باراً. قال عنه ابن نافع فيمن حلف ليصيحن على الأمير فى فلان فصاح فلم يدع به، قال يرجع فيصيح، فإن صاح ولم يدن أو لم يستعد عليه لا ينفعه.
قال ابن نافع إذا صاح من موضع بسمعه الإمام بر فى يمينه.
وقال عنه فيمن ابتاع ثمراً فخاف أن يضيع فيه فأخبر البائع فقال له: بع ولا نقصان عليك، فخلطه بغيره ةباع فنقص فحلف البائع بالطلاق إن حطه لأنه خلطه بغيره، فخاصمه إلى صاحب الشرط فقضى على البائع باليمين فلم يحلف، فقال له مالك إن لم تحلف لزمك الغرم قال قد قال لى صاحب الشرط اصطلحا فقال حلفت لا أحطه إلا بقضية السلطان، قال قد قضيت عليك أن تصالحه، فقال مالك لا أرى ذلك مخرجاً أن تصالحه على أمر تتماسكان فيه، ولكن لو قال قضيت عليك أن تحطه النصف أو الثلث كان ذلك مخرجا لك.
قال عنه ابن القاسم فيمن حلف لمن شتمه ليرفعن فيه بينةً، أيجزئه أن يرفعها؟ قال بل حتى يخاصمه ويقاعده.
قال عنه ابن نافع: ومن ستمه رجل فحلف ليجهدن عليه وليستأذى ثم تركه، قال أخاف عليه إذا قال له إذهب وتركه، ولو أجهد عليه فلا يقضى له
[4/262]
***(1/252)
[4/263]
بشىء فلا شىء عليه. قيل فإن أجتهد عليه الآن بعد أن تركه، قال أخاف أن يكون قد حنث إن تركه وقال عفوت عنك، وإن انصرف عنه ولم يقل له عفوت عنك ففى ذلك شىء. يقول لم أتركه.
وقال عنه فيمن حلف ليستأذين على إمرأته فستأذى واحداً طائعا وجاء فلم يجدها فى المنزل، وحضره سفر إلى ينبع، قال لا يعجل وأخاف عليه الحنث.
وقال عنه فيمن حلف لرجل بالعتق ائن مات أبوك لأجهدن أن لا تلى ما كان، فمات الأب وولى الأبن سنين وولى ثلاثة أمراء كل ذلك لا يتكلم فيه. قال أخاف أن يكون قد حنث، قيل فإن لم يكن حنث فإنه يبيع رقيقه قبل أن يخاصم؟ قال لا. قال ابن نافع إذا غفل عن ذلك فلا يحنث ويقال له الآن فافعل ما حلفت عليه.
ومن العتبية ابن القاسم عن مالك:ومن حلف لا فارق خصمه حتى يذهب به إلى السلطان أو إلى صالح فلقى خاطب خليفة صالح، فقال له أرسله فرآه حانثا حين لم يجلس معه حتى يلقى صالحا.
قال ومن حلف ليرفعن أمرا إلى السلطان لم يبره أن يرفعه إلى صاحب الحرس. قال ابن القاسم يريد الذى يعس، فأما صاحب الشرطة فهو سلطان، وليس صاحب المسلحة سلطانا.
قال عنه أشهب فيمن حلف بالطلاق إن لم أخاصمك إلى فلان الوالى فمات فلان أو عزل فليخاصمه إلى من ولى بعده ولا شىء عليه، لأن قصده مشافهته إلا ينوى الأول بعينه، وإن لم تكن له نية لم يحنث إذا خاصم إلى الثانى.وإن أقام بعد يمينه شهرين لا يرافعه حتى مات الوالى أو عزل فذلك له إلا أن ينوى الأول بعينه، وإن لم تكن له نية لم يحنث إلا أن يتطاول ذلك جداً.
قال سحنون فى المجموعة شهرين كثير، وأخاف أن يحنث.
[4/263]
***(1/253)
[4/264]
قال ابن الماجشون إذا قصد ذلك الوالى لصداقة رجاها أو لعداوة بينه وبين خصمه أو لصلابة فيه، فإن لم يوقت وترك وهو قادر أن يستأذى حتى عزل أو مات أو فات المحلوف فيه فقد حنث، وإن لم يرد ذلك فالذى ولى بعده فيه اليمين. ولو ضرب أجلا فى ذلك كله ففات ما فات من ذلك فى وقته الذى لو استعدى فيه بر ،ولو استعدى بعده فلا شىء عليه.
فيمن حلف لا تخرج زوجته إلا بإذنه أو خص موضعا
أو قال لا أعرت شيئا إلا بإذنى
وما الذى يبرئه من الإذن؟
وما الذى له منعها من الخروج فيه بغير يمين ؟
من الواضحة قال ابن حبيب: وللرجل منع زوجته من الخروج إلى بيت أبويها، ولا يحكم به عليه إن امتنع وإن لم يحلف، ولكن يحكم عليه بالإذن لها فى الدخول عليهما المرة بعد المرة، وليس له منع الوجهين ويقطع ما أمر الله به أن يوصل. فإما أن يتركها تخرج إليهما أو يدخلان إليها، ويقضى عليه بأحد الأمرين إن طلبته هى أو أحد أبويها هو حق لها ولهما.
فإن حلف بالطلاق لا دخلا إليها ولا خرجت إليهما قضى بإحناثه بأحد الأمرين إن خوصم ، وكذلك قال من كاشفت من أصحاب مالك ويقضى عليه أن لا يمنع أخاها وعمها وخالها وابن أخيها وابن أختها من دخولهم إليها أو خروجها إليهم، فإن حلف فى الوجهين فقد ظلم وأساء ولا يبلغ به الحنث. وكذلك سمعت.
ومن حلف لا خرجت امرأته مبهما أو سمى موضعا، فإذا خرجت بعلمه أو غير علمه حنث. ومن حلف لا أذن لها فى الخروج فخرجت بغير إذنه ولا علمه فلا يحنث، فإن علم فسكت قادراً على منعها فلم يفعل حنث، إلا أن يحلف على التاسم لها والتحرج عن الإذن لها ويتركه إياها على سخطة وغير رضى فلا يحنث ،وهكذا قال ابن الماجشون ومطرف، وقاله ابن القاسم وأصبغ.
[4/264]
***(1/254)
[4/265]
ومن حلف لا خرجت امراته إلا بإذنه فأراد سفراً فأذن لها أن تخرج كلما شاءت وحيث شاءت، قال ابن القاسم يقول إذن واحد يكفيه،إلا ان يقول لا خرجت إلى موضع من المواضع أو يقول إلى موضع فقط، فإن قال ذلك لم يجزه حتى يجدد الإذن فى كل موضع عن علم منه بالموضع الذى تخرج إليه، وحكاه عن مالك وقاله مطرف وأصبغ. وقال ابن الماجشون إذن واحد يحزئه فى الوجهين، وقاله أشهب. وقول ابن القاسم أحب إلي، فإن نزل ذلك لم أبلغ به الحنث وأخذت بقول أشهب وعبد الملك.
وذكر ابن المواز عن مالك وابن القاسم مثل ما ذكر ابن حبيب، وذكر عن أشهب مثل ما ذكر، وكذلك عنهم فى المجموعة.
قال ابن القاسم فى المجموعة ومعنى قول مالك فى قوله إلى موضع يعنى أن يأذن لها فى كل إذن بعد أن يعلم الموضع، فأما لو قال إن خرجت إلى دار فلان إلا بإذنى ثم قال اخرجى حيث شئت أو اخرجى إلى دار فلان هذه متى شئت وكلما شئت فلا شىء عليه.
فكذلك ذكر ابن المواز فى قوله إلى دار فلان كقوله اخرجى مطلقا فإذن واحد يكفيه بخلاف قوله إلى موضع، وكلك قال أصبغ .
وذكر ابن الماجشون فى الحالف لو خرجت إلا بإذنى أنه لابد من إحداث الإذن فى كل مخرج، إلا أن يقول نويت هذا الأمر جملة بعينه، أى نويت إذنا واحداً فيحلف وينوى . ولو أراد سفراً وجها أو وقت وقتاً له سبب فأذن لها إليه لما لا يقدر أن يستأذنه لغيبة فيجيز من هذا ما كان له وقت وللإذن فيه جملة سبب .
ومن المجموعة قال ابن نافع عن مالك فيمن حلف بالطلاق لا ذهبت مكانا إلا بإذنك ، يعنى امرأته ، فأذنت له فى شهود جنازة ابن عمه فاستأخر إلى المساء ففزع أن يرجع من الحرس فبات عندهم ، قال لا شىء عليه . أرأيت لو أخذه الحرس أعليه شىء ؟
[4/265]
***(1/255)
[4/266]
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف لا خرجت إلا بإذنى، فأذن لها فخرجت ثم رجعت إلى الدار ثم خرجت بغير إذن حنث، إلا أن يقول لها اخرجى إلى أى موضع شئت.
قال ابن المواز عن ابن وهب وقال العتبى عن أبو زيد عن ابن القاسم : وإذا أذن لها إلى موضع فخرجت ثم رجعت من الطريق لحاجة ذكرتها مثل ثوب ذكرته تتجمل به ثم خرجت فلا شىء عليه، إلا أن ترجع إلى الدار تركاً لمخرجها الذى أذن فيه ثم تذكر فتخرج على الإذن الأول، فهذا حانث.
وقال ابن المواز عن ابن القاسم إنه حانث بكل حال، وكذلك ذكر عنه ابن حبيب عن أصبغ، وذكر عن ابن نافع ومطرف وابن الماجشون أنها إن رجعت لما ذكرت قبل بلوغ الموضع الذى خرجت إليه فلا شىء عليه، فأما لو بلغت ثم رجعت فلابد من تجديد الإذن وإلا حنث، وبه قال ابن حبيب.
ومن كتاب ابن المواز: وإن حلف لا أعارت امرأته من بيته شيئاً إلا بإذنه، ثم يقول لها قد أذنت لك أن تعيرى كل ما شئت فلا ينفعه فلا ينفعه ذلك حتى يعرف كل ما تغير ، كمن قال إن خرجت إلى موضع إلا بإذنى. وقيل ليس هذا مثله، وليس بشىء حتى يقول إن أعرف شيئا من الأشياء فيكون مثل قوله إن خرجت إلى موضع من المواضع. وأما يمينه إن أعرت فمثل قوله إن خرجت .
قال ابن المواز وقال أشهب فيمن حلف ألا تخرج إلى عيادة مريض إلا بإذنه،فأذن لها فى العيادة فذهبت منها إلى غيرها فقد حنث. وإن حلف ألا تخرج إلى بيت أمها إلا بإذنه فأذن لها إليها فخرجت إليها ثم مضت منها إلى الحمام فلا شىء عليه . قال أحمد بن ميسر لأنها لا تحتاج فيه إلى إذن.
قال ابن حبيب وإن حلف لا أذنت لك إلا إلى بيت أهلك أو إلى موضع كذا فأذن لها إليه فخرجت إلى غيره أو خرجت إليه، فابن القاسم لا يحنثه، فقال أصبغ يحنث كان مبتدأ خروجها إلى موضع استثناء أو إلى غيره ، وبه أقول .
[4/266]
***(1/256)
[4/267]
ومن كتاب ابن المواز وغيره قال أصبغ : إن حلف لها لا خرجت إلا بإذنى فمر بأمها فسألته أن يأذن لها إليها، فقال نعم أنا آذن لها وأبعثها إليك، فبعثت الأم إليها قد أذن لك زوجك فجاءتها قبل مجىء الزوج وإذنه ، فإن أراد بما قال للأم إذناً إنى قد أذنت لها وتلك نيته فلا شىء عليه ، وإن لم يرد ذلك فقد حنث. وكذلك ذكر العتبى عن ابن القاسم عن مالك. وفى المجموعة عنه وعن أشهب وابن وهب عن مالك.
ومن المجموعة قال أهشب عن مالك فى الذى حلف لا خرجت امراته إلا بإذنه فأراد سفراً فأذن لها بإشهاد قوم أن تخرج حيث شاءت، وأشهد بذلك فلم يبلغها حتى خرجت بعد ذلك الإذن فقد حنث ، لأنها خرجت بغير إذنه، وقالها ابن القاسم.
قال ابن القاسم وأشهب : وإن أذن لها فخرجت ثم رجعت فاليمين باقية عليه . قال أشهب كما لو حلف لا كلم فلاناً إلا ناسيا فكلمه ناسياً إن اليمين عليه ، أو حلف لا يتزوج إلا بإذن امرأته فأذنت له فى امرأة ثم نكحها ثم فارقها وبانت منه ، فلا يتزوجها إلا بإذنها.
ومن العتبية قال أصبغ : وإن حلف لا خرجت إلا بإذنى ، فأذن لها إلى موضع فذهبت منه إلى غيره فقد حنث. وكذلك إن قال فى موضع من المواضع. وقال أشهب عن مالك فيمن حلف فى سفر ومعه زوجته فقال: إن قدمنا ودخلت الدار فأنت طالق إن خرجت إلى سنة، فقدمت فدخلت داراً أو دارين قبل تدخل دار زوجها ثم دخلتها ، فلا شىء عليه حتى تخرج بعد أن دخلتها قبل السنة . قيل قدمت نهاراً ؟ قال تأتنف السنة من الليلة التى تأتى ، وأحب إلى ألا تنزل فى منزل أحد حتى تنزل فى منزله ثم لا تخرج إلى سنة.
[4/267]
***(1/257)
[4/268]
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لا خرجت امرأته إلا انتقال ، فأراد إخراجها إلى قريته ثم ترجع فلا يفعل إلا على أن يدع سكنى موضعه . وكذا قال عنه أبو زيد، وزاد فقال : وإن كان خروجه يقيم الشهر ونحوه فلا شىء عليه.
قال عنه أبو زيد وإن حلف لا أذن لها إلى أهلها فأذن لها إليهم فلم تذهب فقد حنث سارت أو لم تسر .
وفى باب من حلف على شىء فيفعل بعضه من معنى هذا الباب . وقد تقدم فى باب من حلف لا يجاور أباه ولا تخرج امرأته زيادة فى ذكر ما يؤذن فيه للزوجة من الخروج .
فيمن حلف ألا تخرج امراته فأكرهت على الخروج
أو خرجت لأمر غالب أو خوف هدم
أو انتقل الزوج أو حلف
ليخرجن فخاف أمرا
ومن كتاب ابن المواز قال مالك فيمن حلف لا مرأته لا خرجت أبدا، فأخرجها رب الدار فليرفق به، فإن أبى فلا شىء عليه ولكن اليمين باقية عليها فى الدار التى ينتقل إليها . وكذلك إن خرجت لحريق أو هدم وشبهه .
قال مالك وكذلك لو كان الزوج غائبا فكاتبته فأذن لها أو لم تكتب إليه ولا أذن فهو سواء إذا أخرجها رب المنزل ، فاليمين باقية فى المنزل الآخر .
قال ولو انتقل الزوج ولم يخرجه رب الدار فلا شىء عليه إذا كان على سبيل النقلة ، واليمين باقية حيثما انتقل . وكذلك إذا خرج بخوف سقوط البيت أو أراد النقلة أو خرج إلى بادية وما كان مما يخشاه من أمر السماء فيغلبه فلا شىء عليه.
[4/268]
***(1/258)
[4/269]
ومن العتبية قال ابن القاسم عن مالك فيم حلف بالطلاق لا خرجت امرأته من الدار ، فأتاها سيل أو هدم أو أمر لا قرار معه أو أخرجها أهل الدار وهى بكراء قد انقضى ، فلا شىء عليه فى خروجها هذا واليمين عليه فى الدار التى انتقلت إليها. وكذلك إن رجعت إلى الدار التى انتقلت منها.
قال ابن القاسم فإن ضرب أجلاً فحتى تبلغ إليه . قال ابن سحنون عن أبيه: وكذلك لو أخرجها السلطان فى يمين يحلفها عند المنبر لم يحنث.
ومن المجموعة قال ابن نافع عن مالك فيمن حلف بطلاق امرأته إن خرجت من باب بيتها حتى الصدر، فغاب وكان من شأن المبيضة ما كان، فخافت المرأة فخرجت من خوفها من دبر البيت إلى أمها ولم تخرج من بابه. قال أراه قد حنث.
ومن حلف لئن كان كذا لأخرجن إلى موضع كذا، فكان ذلك فمنعه من الخروج الخوف، قال لا ينفعه ذلك إلا أن يكون ذلك فى أصل بيناه.
فيمن حلف ألا فعل كذا إلا بإذن فلان أو حتى يقدم
وكيف إن مات فلان أو لم يمت
أو قال أنت طالق إلا أن يمنعنى فلان
من كتاب ابن المواز: ومن حلف أن لا يقضى فلاناً حقه إلا بإذن زيد فمات ن فلا ينفعه إذن ورثته ولا قضاء السلطان إلا أن يكون على يمينه بينة ونوى إكراه الوالى.
ولو حلف لا دخل الدار إلا بإذنى فلان فمات فلان لم ينفعه إذن ورثته، وكذلك قال ابن القاسم وأشهب فى المجموعة .
وإن أذن له فلان فدخل ثانية إلا بإذنه ، إلا أن يقول له قد أذنت لك أن تدخل كلما شئت فذلك له. ولو أذن له أن يدخل فلم يدخل حتى نهاه،
[4/269]
***(1/259)
[4/270]
قال أشهب قد قيل لا يدخل، فإن فعل حنث، وكذلك يمينه لا يخرج إلى بلد كذا إلا بإذن فلان فلا يخرج إلا بإذنه إلا أن يحلف بذلك لدين عليه أو يدفعه ويقضيه أو يدفعه بعد موته إلى السلطان فليخرج.
وإذا حلفت امرأة لا زوجت أمتها عبد فلان إلا بإذنه فمات فلا تزوجها إياه إلا بإذن من ورثته. وكذلك فى المجموعة عن ابن القاسم عن مالك .
ومن المجموعة قال أشهب ومن حلف لا دخل دار زيد إلا بإذن محمد ، فأذن له أن يدخل كلما شاء فذلك إذن كاف ، إلا أن يكون إنما قال له أناه أذهب أدخل دار فلان فأذن له فدخل ، فهذا لا يدخل إلا بإذن آخر. ولو أذن له ثم نهاه قبل أن يدخل فلا يدخل، فإن فعل حنث.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف لامرأته أنت طالق البتة إن دخلت دار أبيك حتى يقدم أخوك من سفره، فمات أخوها قبل يقدم، فهذا ينوى، فإن أراد مثل قدوم الحاج ونحوه ولم يرد الموت وإنما أراد الجل وأقامت لمثل ذلك ثم دخلت فلا يحنث، وإن لم تكن له نية فهو حانث إن دخلت.
وقال أصبغ: ومن قال أنت طالق ثلاثاً إلا أن يمنعنى أبى، فمنعه أبوه فلا شىء عليه إذا كره الأب ذلك ومنعه بصحة وإدارة، وكأإنه قال أنت طالق إن شاء أبى فلم يشأ.
وإن قال امرأته طالق إن خرج من المسجد إلى الليل إلا بإذن فلان، فقال فلان لا آذن لك إلى الليل وأشهد بذلك، ثم أذن له بعد ذلك فلا ينغعه ذلك، لأنه نهاه أولاً وعزم على ذلك وأشهد، وهو كالتوقيف لو وقف فأبى ثم أذن بعد ذلك بل هو أشد منه.
[4/270]
***(1/260)
[4/271]
فيمن حلف ليخرجن إلى فلان فقدم
أو لا فعلت حتى يقدم فلان فمات
أو حتى يقدم من سفرى أو ليخرجن معى فكسر
أو قال لا أخرن غلانا أو لا صحبته أو لأنفقن عليه فمات فلان
من المجموعة قال ابن القاسم فيمن حلفت لا تخرج إلى موضع كذا حتى يقدم زوجها من الحج فمات فى عيبته،فإن أرادت لمقدار قدومه كالحاج ونحوه، فإذا مضى ذلك المقدار فلا شىء عليها، وإن لم تكن له نية فاليمين عليها أبدا. قال ابن المواز إذا أرادت مغيب زوجها.
وقال ابن القاسم عن مالك فيمن حلف لا دخلت امرأته موضعا حتى يرجع من سفره فى حج أو عمرة فكسر فلا تدخله إلى مثل مقدار سفره ورجعته إذا لم يكن له نية ولا ما يدل على أكثر من لفظه.
ومن المجموعة والعتبية قال ابن نافع وأشهب عن مالك فيمن استأذنته زوجته فى الخروج عند سفره فحلف لا أذن لها حتى يرجع فكسر، فإن نوى أن لا يأذن لها فى غيبته إذ لا واعظ لها ولا معاتب وخاف من ضرر خروجها فهو أخف.
قال أشهب فى المجموعة: ومن قال لعبده إذا قدمت أنا من المدينة فأتت حر أو امرأته طالق، فكسر عنه الخروج فلا شىء عليه.
قال أبو محمد وأعرف فى موضع آخر أنه إذا أراد أن يجعله أجلا طلقت المرأة الآن. وعتق العبد إلى مثل مقدار خروجه ورجوعه.
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن أراد النقلة بزوجته فأبت،فقال أنت طالق إن لم تنتقلى معي،ثم بدا له عن الانتقال فلا شيء عليه.
[4/271]
***(1/261)
[4/272]
وإن قال إن ولدت غلاما إن لم احج بك فانت طالق،فاتت بغلام وابت الحج،فأراد أن يفي لها بما كان يسأله، فإذا عرض عليها ذلك فأبت فلا شيء عليه،وإن أغلق على نفسه ليفعلن ذلك ليس على وجه العطيه لها فقد لزمه ذلك،وله أن يكرهها على الحج وذكرها في كتاب ابن المواز فقال:إن كانت هي سألته ذلك فلا شيء عليه إذا أبت الخروج،وإن كان منه على وجه العطية لله لاعلى العطية لها وليسرها لزمه أن يخرج بها ويكرهها.ومن كتاب ابن المواز والعتبية من سماع أصبغ من ابن القاسم:ومن حلف بالطلاق ليخرجن إلى أخيه إلى العراق فقدم أخوه ولقيه فى الطريق وقد خرج إليه أو بلغها موته فإن كان إنما أراد لقيه فلا شىء عليه وليقم، وإن كان إنما أراد إتيان العراق فليأتها .وقال سحنون فى كتاب ابنه : إن فرط حنث وإن لم يفرط لم يحنث.
وقال عبد الملك بن الحسن قال ابن القاسم: ومن حلف لا أنفق هذا الدينار إلا فى حلى ابنته، فماتت قبل أن يعمله لها ، فليحبسه ولا ينفقه. وقال فيه كتاب ابن المواز لا شىء عليه.
وقال سحنون قال مالك فى الحالف لينظرن غريمه شهراً فمات الغريم قبل الشهر، فليحلف الطالب ما أراد إلا نفع الميت والرفق به ويأخذ حقه ولا حنث عليه.
قال ابن المواز قال أشهب: وإن حلف لينتقلن عن فلان إلى شهر ، فمات فلان قبل الشهر، فلا يحنث ، فإن لم يضرب أجلاً، وإن فرط فى النقلة حتى مات حنث الحالف.
ومن كتاب ابن المواز : ومن حلف لأمه ليخرجن بها فى هذا الموسم إلى مكة إذا قدمت من سفر لى فقدم، فهل يسافر سفراً آخر قبل الموسم؟ قال
[4/272]
***(1/262)
[4/273]
مالك ما أحب ذلك ، وليخرج بها ، فإن أبت لا شىء عليه، وإن قالت له حتى يرجع من هذا السفر الثانى فخرج فلا شىء عليه فى سفره هذا . قيل إنه أفتى إذا أبت الخروج حنث. قال يقال لمن قال ذلك فإن وجدها قد ماتت أو مرضت أو انكسرت أعليه شىء؟ قال لا شىء عليه.
فيمن حلف بطلاق أو عتق ليفعلن كذا
أو ليعطين حقا ثم قال قد فعلت ذلك
من العتبية من سماع ابن القاسم: ومن حلف بطلاق امرأته أو عتق عبده ليضربن أمته أو عبده كذا وكذا، ثم يقول قد فعلت ذلك ، فأكذب العبد أو المرأة فالحالف مصدق.
قال مالك: ولو حلف على قضاء فلان حقه إلى أجل فحل فقال قد قضيته، فإن لم تقم بينة بأنه قضاه طلق عليه بالبينة على أصل الحق. قال عيسى عن ابن القاسم : وإن قال الطالب بعد الأجل قد قضانى ، فإن كان من اهل الصدق حلف مع شهادة صاحب الحق ولا شىء عليه، وإن كان من أهل التهم لم يقبل منه حتى يأتى بشاهدين أنه قضاه.
وذكرها ابن سحنون لأبيه من رواية عيسى عن ابن القاسم مثل ما ها هنا فقال سحنون : لا أعرف هذا، كان عدلاً أو غير عدل. وقولنا إذا قال قبضت برىء الحالف من يمينه .
ومن العتبية روى ابن وهب عن مالك قال : إنما هذا إذا لم يكن على أصل يمينه بينة إلا إقراره إنه حلف فالقول قوله أنه قضاه بلا بينة. وكذلك قوله حلفت بالطلاق لأضربن فلاناً وقد ضربته أو لأعطينه كذا وقد أعطيته فهو مصدق بلا بينة حين لم يكن على أصل يمينه بينة ويكون عليه المخرج بالبينة، وقاله أصبغ.
[4/273]
***(1/263)
[4/274]
قال ابن كنانة إذا قال رب الدين قد قضانى عند الأجل لم تقبل شهادته فى ذلك ولا فى كل ما بينهما فى مخالطة على يمين فى ذلك بالبراء وبالحنث حتى يكون ذلك لغيره.
ومن الواضحة: وإذا قال الحالف بالطلاق على قضاء الحق إلى أجل قد قضيته قبل الأجل وصدقه القابض فإنه يبرأ من الحق ولا يبرأ من الحنث إلا بشاهدين على ما قال ، ولا يقبل فيه شاهد ويمين ولا شهادة النساء ولا تصديق الطالب. وروى ذلك عن مالك وأصحابه، وأفتوا به إلا ابن عبد الحكم وأشهب فقالا إن كان المقر بالقبض مأموناً فلا يحنث ، والأول أحب إليه.
وأخبرنى مطرف وابن الماجشون أن مالكاً أجاز فى ذلك شهادة قابض الحق مع غيره إن كان عدلاً ولا يقبل وحده قال ولو قال قبل الأجل قد قضيته وصدقه رب الحق أو أنكره فأقام شاهدا وامرأتين أو شاهداً وحلف فسقط الحق قبل الأجل فذلك يسقط الحنث، وإن لم يقم عليه بالحنث إلا بعد الأجل إذا حكم بزوال الحق قبل أجل بما قلنا من شاهد ويمين أو غيره . وإذا لم يحكم بزوال الحق إلا بعد الأجل لم يسقط الحنث وسقط الدين ،وقاله مطرف وعبد الملك .
وقالا لو أتى بعد الأجل بشاهد وناقلين عن امرأتين أنه قضاه قبل الأجل برىء من الحنث، وإن كانت المرأتان حاضرتين إذا قال الناقلان عنهما أشهد أنا على شهادتهما قبل الأجل . وأما لو شهدت المرأتان بعد الأجل بأنفسهما مع الرجل أنه قضاه قبل الأجل لم يبر من الحنث، ونقل الشاهدين عنهما ذلك بعد الأجل كما لو شهدتا بأن القابض أقر عندهما قبل الأجل بالقبض وكانت شهادتهما بذلك بعد الأجل لسقط بذلك الحنث.
ومن كتاب ابن المواز: ومن له قبل رجل حق فأتاه فقضاه بعضه فأبى فحلف إن فارقه وبينهما عمل فأعطاه ما طلب، ثم طلبه بباقى حقه فادعى إنه قضاه الجميع وجاء بشاهدين أنهما سمعا الطالب يحلف بهذه اليمين ولا يعلمون سوى ذلك فلا يبر بذلك فى بقية الحق ويحنث الحالف ، إلا أن يحلف أنه إنما أراد
[4/274]
***(1/264)
[4/275]
قبل ما تقاضاه فقط، وهو الذى قبض فلا يحنث فى الفتيا ، ويحنث فى القضاء على ظاهر يمينه .
فيمن حلف بالطلاق ما فعلت كذا أو ما كان كذا
أو ما علي كذا ثم قامت بينة بخلاف ما قال
قبل أن يحلف أو بعدما حلف
من العتبية من سماع ابن القاسم: ومن حلف فى بيت فيه ابنة عم له ما لها فيه حق، فأتت بينة أنه لجدها، وجاء هو بينة أن أباه حازه دون أخوته وبشاهد أن أباه استخلصه من إخوته، فليحلف بالله إن حقه لحق وما لها فيه حق ولا شىء عليه.
من سماع أشهب وعن ثلاثة نفر اشتروا غنماً وتقاوموها فاشترى أحدهم شاتين منها فأتى بالثمن إلى أحد صاحبيه، فقال له بقى عليك من الثمن نصف درهم وصدقه الثالث فحلف الذى أخذ الشاتين بالطلاق ما أخذتهما إلا بما بان ، فقال مالك له قد حنثت، وبماذا ترد شهادتهما عليك؟ قال بأنهما شريكان لى ، قال لا يتهمان فى نصف درهم فى الجر إلى أنفسهما هو بين ثلاثة . قيل له فالنصف درهم أيطرح عنه أو يقع عليه؟ قال لا أدرى، وقد قلت إذا لم يكن عليك فعلى من يكون؟ قال علينا أجمعين ، وما أراه إلا وقد صدق.
وروى عيسى عن ابن القاسم: وعمن حلف بالطلاق لرجل إن كان بغاه عند فلان فشهد عليه شاهد أنه بغاه عنده وشهد بذلك فلان أيضا، قال يلزمه الطلاق . وكذلك لو قال ما بغيتك عند فلان وفلان فشهدا عليه بعد يمينه أنه
[4/275]
***(1/265)
[4/276]
وروى عنه يحيى بن يحيى فيمن أقر عند قوم أنه حلف بالطلاق لا كلم فلانا ثم شهد آخرون أنه كلمه بعدما أقر باليمين ، فقال امرأتى طالق إن كنت حلفت وما كان ذلك إلا كذبة كذبتها. ولقد كلمته وما على يمين بطلاق ولا غيره، قال يحنث، لأنه ثبت عليه أنه فعل ذلك بعد إقراره باليمين ألا يفعله.
قال : ومن قال قد كلمت فلاناً اليوم أو أتيته أو أكلت كذا ثم حلف بالطلاق إن كان فعل شيئا من ذلك، فهذا يدين ويحلف ولا شىء عليه، إلا أن تقوم عليه بينة بعد يمين أنه لم يفعل ذلك فتشهد عليه البينة أنه فعله قبل أن يحنث أو يقر بعد يمينه أنه كان فعله لزمه الحنث.
ومن شهد عليه قوم بحق أو أنه فعل شيئا ينكره فحلف بالطلاق لقد شهدوا عليه بزور، فهذا يدين ويحلف ولا شىء عليه، ثم إن أقر بعد ذلك بتصديق الشهود أو شهد آخرون بتصديق شهادة الأولين فقد حنث. وكذلك لو حلف بالطلاق ما كلم فلانا أو ما له عليه شىء ، ثم شهدت عليه بينة بالحق أو بكلامه إياه فإنه يحنث.
وروى سحنون عن ابن القاسم فيمن قال لقوم فعلت كذا أو فعل بى فلان كذا ، ثم سأله رجل عن ذلك فحلف بالطلاق إن كنت فعلت ذلك ولا فعل بى فلان، فقامت البينة على إقراره الذى كان أقر، فها يحلف ماكان إلا كاذبا ولا شىء عليه، إلا أن تقوم بينة أنهم عاينوه فعل أو فعل به فيطلق عليه.
قالوا ولو أنه أقر بعد شهد عليه الشهود بيمينه فلم يلزمه حنث ، فأقر بعد ذلك أنه قد كان فعل وشهد على إقراره لطلقت عليه. وكذلك هذه المسألة فى المجموعة عن ابن القاسم عن مالك . وقال غيره وكذلك لو قامت بينة بعد يمينه أنه لم يفعله شهدوا أنه فعله قبل يمينه فإنه يلزم الحنث.
ومن سماع أصبغ قال ابن القاسم: ومن عليه بينة بدين لرجل فأنكره فأخبراه أنهما يشهدان عليه به ، فحلف بالطلاق إن كان لفلان على شىء فشهد عليه فقضى عليه بالدين فلا يلزمه الطلاق إذا كانت يمينه بعد إخبارهما إياه
[4/276]
***(1/266)
[4/277]
بشهادتهما عليه ، وهو كيمنيه بعد شهادتهما عليه به عند الحاكم ، قال أصبغ لأنه يمكن أن يكون كاذباً فى الإقرار الأول ، وكذلك فى كتاب ابن المواز وفى المجموعة عن ابن القاسم وابن نافع عن مالك نحو ما تقدم .
ومن المجموعة قال ابن وهب عن مالك فيمن له على رجل دين فأتاه بذكر الحق يتقضاه، فحلف بالطلاق ما له عليه ما ذكر ، فأقام البينة قال يطلق عليه. قال أشهب إن كانت يمينه إن كان لك على شىء من الأشياء فثبت بالبينة فإنه يسأل إن كان عليه شىء فإنه قد كان له على وقضيته ، وهذا الذى أردت ، لم يلزمه الطلاق ولزمه الحق. وإن قال لا مكان له على شىء قط لزمه المال والطلاق.
وإن قال المطلوب: كل من شهد على فى هذا المال فامرأتى طالق إن شهد إلا بباطل ، أو قال له الطالب يشهد عليك فلان وفلان فقال ذلك، وذلك قبل أن يشهدا عليه فلا شىء عليه فى امرأته إذا شهدا وثبت الحق . وهذا كمن قال لرجلين امرأتى طالق إن كتنما دخلتما الدار ، فقالا قد دخلناها ، فلا يقبل منهما. قال ابن القاسم فيمن حلف بالطلاق إن لم يكن فلان يشهد عليه بكذا ، أو إن لم تكن أخذت هى بشعادة فلان فأنكر فلان الشهادة فلا حنث عليه. وقالا عن مالك فيمن آجر رجلاً واجعى أنه آجره بمعول وعتلة وشهد بذلك رجل، فأنكر الآخر وحلف ما آجره على معول ولقد شهد بزور من شهد على ، قال لا شىء عليه إن كان على يقين من يمنه .
وقال عن مالك فيمن شهد عليه أنه به ريح خمرفحلف بالطلاق ما شربت خمراً فليحد ويدين فى امرأته .
[4/277]
***(1/267)
[4/278]
ولو حلف ما شربت خمراً فشهد عليه أن به رائحة مسكر ، فابن القاسم ينويه إن قال نويت عصير العنب . وقد تقدم في الأول باب فيه فى هذا . وإن حلف ما شربت مسكراً ثم شهد عليه طلقت عليه. وإن حلف بعدما شهدوا فلا شىء عليه.
وفى كتاب ابن المواز: ومن شهد عليه رجلان أن عليه حقاً لرجل أو أنه شرب خمراً فحلف بالطلاق ما شربته وما ذلك الحق على فلا شىء عليه ، لأنه حلف على تكذيب الشهود . ثم إن جاء شاهدان آخران بعد ذلك فشهدا أنه شربها وأن عليه الحق فأعاد اليمين بالطلاق على تكذيبهما فإنه تطلق عليه بيمينه الأول بشهادة الشاهدين الأخيرين بعد يمينه الأولى ، وكذلك لو تقدمت يمينه بذلك عند أول الدعوى ، فقامت عليه البينة بعد ذلك لطلقت عليه.
ولو قال له الخصم إن فلاناً وفلاناً يشهدان عليك فحلف هو كيمينه بعد شهادتهما ولا شىء عليه.
قال ابن القاسم فى المجموعة عن مالك فيمن له امرأتان فحلف بطلاق إحداهما إن دخلت دار فلان ، فقامت عليه بينة إنه دخلها إن كان دخل تلك الدار ، وما شهدوا عليه ... فلا طلاق عليه فى الثانية ، ويطلق فى الأولى .
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن حلف بالطلاق ما لك على حق أنه تطلق امراة الحالف. ولو كان قال له أنت زانى إن كان لك على شىء يحد إذا قضى بالحق بشاهد ويمين .
قال سحنون: ومن حلف بالطلاق ما لفلان عليه حق ثم شهد به عليه رجل وامرأتان فذلك يوجب عليه الحق ويلزمه الحنث.
[4/278]
***(1/268)
[4/279]
فيمن قالحلفت بالطلاق أو بغيره الح كذا
أو قال طلقت امرأتى أو أقر بما يحنث به
ثم قال إنما كنت كاذبا أو معتذرا
أو أقرت الزوجة بالحنث ثم قالت كذبت
من المجموعة قال ابن القاسم عن مالك فيمن سئل عن شىء فقال عليه فيه يمين وهو كاذب وإنما اعتذر فلا شىء عليه، إلا فى الطلاق والعتاق إن قامت عليه بينة .
قال عنه ابن وهب وإذا جاء مستفيتاً ولا بينة عليه دين ولا شىء عليه فى الفتيا .
قال ابن حبيب عن مطرف عن مالك : ولا يصدق فى القضاء إلا أن يكون قد أشهد قبل أن يقول ما قال إنى إنما أقول ذلك معتذراً .
قال ابن حبيب: ومن وجد امرأته قد خرجت فقال: لم خرجت وقد كنت حلفت بطلاقك لا خرجت؟ ثم قال ما حلفت وما قلت ذلك إلا تعبطا عليها ، قال لا شىء عليه فى الفتيا ، وأما فى الحكم فيلزمه الطلاق .
وفى كتاب ابن المواز : ومن سئل فى أمر فقال على فيه يمينه بصدقة أو مشى وهو لم يحلف وإنما أراد أن يعتذر فلا شىء عليه، قامت عليه بينة أو لم تقم إلا أن يقول حلفت بالطلاق يردي والعتق فلا يلزمه فى الفتيا ويلزمه فى القضاء . وكذلك روى عن ابن القاسم عن مالك فى العتبية.
ومن المجموعة قال ابن وهب عن مالك فيمن قيل له بلغنا أنك طلقت امرأتك قال قد كنت ذلك ، ثم قال والله ما طلقت ، قال يلزمه ما أقر به يريد فى القضاء . قال عنه ابن نافع فيمن قيل له اشتريت فلانة ، فقال حلف بالطلاق
[4/279]
***(1/269)
[4/280]
لا أشتريها وهو لم يحلف ، إنما خاف أن يحمل عليه فيها ثم اشتراها ، قال إن لم يكن عليه بينة وكان صادقاً فلا شىء عليه . ولو قال هذا بمحضر رجلين ولم يكن حلف لزمه الطلاق، يريد فى القضاء .
قال ابن القاسم وإن حلف بالطلاق إن دخل دار فلان ثم أقر عند بينة أنه قد دخلها ، ثم قال كذبت فيما قلت ، قال هو فى سعة بينه وبين الله عز وجل، ويطلق عليه الإمام ، وكذلك قال مالك فى الواضحة.
قال ابن القاسم فى المجموعة وإن لم يسمع منه هذا القول إلا امرأته وقال لها كنت كاذباً فلا يسعها المقام معه إلا أن لا تجد بينة.
قال ابن القاسم فيمن قال أنت طالق إن دخلت أنت الدار ، فقالت قد دخلتها فصدقها الزوج ثم قالت كذبت، فإان صدقها لزمه ذلك ، وإن كذبها لم يقض عليه رجعت أو تمادت . ويستحب له ألا يقيم عليها من الوجهين لما غاب عنه من صدقها أو كذبها، وكذلك فى العتق يؤمر ولا يقضى عليه.
فيمن حلف إن فعل كذا إلا برضى زوجته ففعله
وادعى رضاها أو فعله وهى ساكتة
من العتبية روى سحنون عن ابن القاسم فيمن حلف لا فعلت كذا إلا برضاك ففعل وقال قد أذنت لى وقامت عليه البينة وأنكرت الإذن، قال يطلق عليه، وهى مثل مسألة الدين .
وكذلك ما كان مثل هذا، وقاله المخزومى ، وإن صدقته فلابد أن أحلفه لقد أذنت له.
قال أصبغ فيمن حلف لزوجته لا وطئت فلانة إلا برضاك وإلا فهى حرة ، أو قال فأنت طالق ، فوطئها وهى ساكتة تراه فزعمت أنها لم ترض ، فهو حانث.
[4/280]
***(1/270)
[4/281]
وإن ادعى رضاها قبل أن يطأ فعليه البينة إلا أن يكون المحلوف لها زوجته أو أم ولده ممن لا يشهد فى مثل هذا عليها ، فأرجو ألا شىء عليه إذا وطىء وعلم الإذن بالرضا والصحة وجاء مستفتيا فيدين فى ذلك، فإن كان مخاصماً أو مشهوداً عليه كلف البينة على الإذن ، وإلا لزمه الأمر.
قال عيسى قال ابن القاسم : ومن حلف لا يخرج زوجته إلا برضاها ورضى أخيها وأختها، فرضيت هى أن تخرج أبى الأخ والأخت فلا يبر إلا باجتماعهم.
فيمن شك فى البر أو الحنث
أو حلف على شك أو مايشبه الشك
من العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك فيمن حلف بالطلاق على موت ناقة له لقد ماتت بين الظهر والعصر ثم شك فقد حنث. فإن كانت يمينه لواحدة فليرتجع إن لم تنقض العدة.
وعن بائع لحم حلف لا زاد على رطل وربع بدرهم . فباع صدراً وزناً ثم باع مابقى بالأجزام فلم يدر أقل مما سمى أو أكثرفقد حنث، إلا أن يوقن أن كل جزء أقل من رطل وربع.
وعمن قالت له امرأته يابن الخبيثة ثم قالت له لم أقل إلا يابن الخبث فحلف بالطلاق لقد قلت لى يابن الخبيثة ثم سكت قليلاً ثم قال لها قلتها ثلاث مرات ثم شك أن تكون قالتها ثلاثاً وهو موقن أنها قاتلها ، فإن لم يذكر بعد سكوته كلاماً فيه طلاق أو أراد به طلاقا فلا شىء عليه.
[4/281]
***(1/271)
[4/282]
قال ابن القاسم فى كتاب ابن المواز :إذا كان بعد صمات فلا شىء عليه، إلا أن يريد إدخال كلامه الآخر فى يمينه.
قال ابن المواز ومن حلف بيمين ثم شك فى بره أو حنثه فهو حانث مالم تكن يمينه بالله .
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف له قبض منى فلان خمسة وعشرين درهماً ثم شك وعنده براءة بأحد وعشرين، فإن لم يوقن بالخمسة وعشرين فقد حنث .
ومن حلف أن لا يأكل هذه الثمرة ثم اختلطت بثمر فأكل منه ثمرة لا يدرى أهى أم غيرها فهو حانث حتى يوقن أنها غيرها .
ومن الواضحة: ومن حلف فى حمام وقع أنه حمام ثم طار قبل يعلم ما هو ، فإن كان قريباً بحيث يتبينه الناظر حلف ودين ، وإن كان بموضع لا يتبنه الناظر حنث.
وكذلك لو حلف هذا إنه حمام وحلف الآخر إنه غراب ، فيدينان فى القريب ، ويحنثان فى البعيد ، وقاله مطرف وابن الماجشون و أشهب وأصبغ .
وذكر ابن سحنون أن عسيى روى عن ابن القاسم فيمن حلف فى غراب أنه ذكر ثم طار الغراب، قال إن زعم أنه عرف أنه ذكر دين فى ذلك، وإن قال إنما قلته هكذا ولا أدرى فقد حنث. وقال سحنون لا موضع للنية ها هنا ، إنما هو رجل حلف على ما أيقن فهو مصدق .
ومن المجموعة قال ابن القاسم فيمن حلف فى طائر أنه ذكر وحلف الآخر أنه أنثى ثم طار ، فإن كان عند الناس تعرف أنثاه من ذكره من موضع رأياه دينا وحلفا أن ذلك يقينهما ولا شىء عليهما . وإن نكلا أو قالا ذلك ظناً طلق عليهما . وإن حلف واحد وأيقن وشك الآخر طلقت على الشاك .
[4/282]
***(1/272)
[4/283]
وكذلك العبد بينهما يحلف أحدهما بحريته لقد دخل المسجد ، ويحلف الآخر ما دخله . فإن قالا على الظن حلفنا فليعتقاه بغير قضاء ، وقال أشهب بل بالقضاء. وكذلك كل ما يحلف فيه ثم يرجع إلى يقينه فيعلم أنه على شك ، وهو قول ابن عمر وغيره. وكمن قال أنت طالق واحدة أو اثنين أو ثلاثا .
وإن قال أحدهما فى العبد حلفت على يقين، وقال الآخر حلفت على شك قوم نصيب الشاك على الموقن.قال أشهب وإذا حلفا أنهما على يقين بقى بينهما رقاً ، وإن نكلا عتق عليهما ، وأن نكل أحدهما قوم نصيب الحالف عليه.
وكذلك من قال لعبده إن كنت دخلت الدار فأنت حر ولا يدرى أدخلها أم لا هو من باب الشك . فأما قوله إذا دخلت ثم يدعى العبد دخولها فبخلاف ذلك ، ولا شىء على السيد بقوله إلا بالبينة . وكذلك فى الطلاق .
قال ابن نافع عن مالك فى سكران قال لرجل امرأتى طالق إن لم أحبك وأكرمك ، قال هو يقدر أن يكرمه يهب له ويعطيه فكيف له بالمحبة؟ أرى أن لو ألزم نفسه طلق وارتجع .
قال أشهب عن مالك فى رجل قال فى جاريته هى حرة إن كنت أحب أن أطأها ولى كذا وكذا ، قال يمينه منكر وما يدريه ، وإن الناس يحلفون مثل هذا إن كنت أحب لباس هذا الثوب ولى مائة دينار وهو كاذب ، ويمسك عن وطئها ويرجع إلى.
وكذلك الذى سأل أخته شيئا كانت أعطته إياه فأبت ، فحلف بالطلاق إن موتك ودفنك أحبه إلى من أن أسألك من مالك ، وهذا من أيمان الناس ، يحلف أحده إن كنت أحب أن أفعل كذا فامرأته طالق. وهو لا يدرى كيف يكون إذا حل ذلك قال إنما حلفت على يقين ، قال أمرك شديد وأنت أعلم بنفسك، وما بان لى أمرك.
قال ابن القاسم فيمن حلف فى أترنج وفى كتاب ابن المواز فى رابح لا باعه إلا مائة بدينار فباع من رجل بدينار فاعتد لنفسه وذهب، ثم قال أصبت نقص.
[4/283]
***(1/273)
[4/284]
اثنين وغلطت وحلف له فزاده اثنتين. قال يحنث البائع لأنه لا يلزمه فى الحكم أن يعطيه شيئا ولعلها ذهبت فى الطريق.
وقال مالك فيمن حلف لا أكل من بيض هذه الدجاجة واشترى دجاجاً فبضن وباضت فاختلط البيض فأكل من جملته فهو حانث.
قال عنه ابن نافع فى عبد حلف لا خرج من بيته حتى يؤتى بمفتاحه، فأتى به فخرج ، ثم شك أهو مفتاحه أم لا، فقد حنث.
وعن امرأة قالت لزوجها إنك حلفت ألا تكسو أمك حتى تخرج إلى ينبع فحنثت وقد حرمت عليك ، فقال ما علمت، ولكن ذلك إليك إن علمته، قالت أنت أخبرتنى بذلك، قال ما أدرى. قال أحب إلى أن يطلقها هى قد قالت قد حرمت عليك ثم قالت مرأة لا أدرى ، هى متهمة.
ةعمن وجد شيئاً مكسورا فقال لزوجته لأنت كسرته فأنكرت ، فقال أنت أمى ما كسوه غيرك ، فإن حلف على علم فلا شىء عليه، وإن لم يعلم لزمه الظهار.
وقال مالك فيمن بيده قدح زجاج فيه شق فرمته زوجته بشىء فأصابته فقال أنت أمى لقد كسرته ، فنظر فإذا فيه شق، فقالت زدت فى شقه، وقال هو ما أراك زدت فيه، قال مالك إن كانت كسرته فلا شىء عليه، وإن تكسره لزمه الظهار وإن لم ينوه.
وقال فيمن حلف فى قرص رآه بيد زوجته إنه لمن الدقيق الذى حبتهم به، فقال له وما يدريك أنه منه، وما أراك تعرف ذلك، فإن لم يأتوا ببينة فعليك اليمين.
ومن العتبية أشهب عن مالك فيمن حلف لا كلم فلاناً بالحرية حتى يمنع امرأته النفقة ما طخلت إليها فلانة، فكان يسلم عليه فلا يرد ويجعل من
[4/284]
***(1/274)
[4/285]
يكشف له ما عنده، ثم رد عليه السلام قبل يخبره الرسول بشىء، ثم أخبره الرسول أنه سأله عن ذلك قبل رد السلام فأخبره أنه كان أسلفها النفقة قبل يمينه وأنه لا ينفق عليها. وما يدريه هل صدقه، وأحب إلى عتق رقبة.
فى الحالف على الغيب أو شك أو ظن أو كذب
فصادفه أو على يقين فظهر خلافه، أو رجع فشك
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم : سئل عمن حلف على ما لا يدرى فقال وهو بمصر: امرأته طالق لقد أمطر الليلة بالإسكندرية، قال قال مالك فى الحالف بالطلاق إن لم تمطر غدا أ وإلى الهلال إن الطلاق يلزمه ، فكذلك هذا . ونحوه، قرب استخباره أو بعد. فإن رفع إلى الإمام طلق عليه مكانه ولم يرتقب استخباره، وإن لم تطلق عليه حتى وجد ذلك الشىء حقاً لم يطلق عليه . هذا وجه قول مالك.
قال ابن القاسم ومن حلف فى غراب طائر أنه ذكر ، فإن زعم أنه عرف ذلك دين، وإن قال قلته ولا أدرى حنث.
قال مالك : ومن قال أنت طالق أنى من أهل الجنة إنها تطلق عليه مكانه.
قال ابن القاسم وكذلك إن لم أدخل الجنة .
قال عبد الملك بن الحسن أخبرنى واحد من المصريين عن ابن القاسم فى الحالف فى الصديق أو الفاروق أنه من أهل الجنة أنه لا حنث عليه . قال عنه الصلت فى عمر بن عبد العزيز مثله.
ومن سماع أشهب : وإن حلف بآخر تطليقة بقيت له فيها إن كان يدخل بطون العباد أخبث من الشراب المسكر، قال فليفارقها، وذكر الميتة والدم ولحم
[4/285]
***(1/275)
[4/286]
الخنزير ثم قال وشارب الخمر يجلد ويترك ، وآكل الميتة يعذب عذاباً أليما وقد قال الله سبحانه فى الربا (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) وليس هذا فى الخمر .
ومن كتاب ابن حبيب: وإن حلف بالطلاق إن حج فلان فرمى به ناحية الغيب فقد حنث مكانه . وقاله أصبغ.
وقال أشهب فيمن حلف فى جدى يذبح إن كان يقبض روحه إلا ملك الموت قال فلا شىء عليه، وإنما سماه الله ملك الموت لأنه يقض روح كل ميت من إنس وجان وبهيمة وغير ذلك.
وقال أصبغ عن ابن القاسم فيمن حلف أن فلاناً فى هذا البيت أو أن فى كم فلان ديناراً وهو لا علم له بذلك فجاء الأمر كما قال، قال ابن القاسم لا شىء عليه إذا صادف ما قال، كمن حلف لتمطرن غداً فلا يبريه لذلك حتى يكون كما قال فلا شىء عليه. وكذلك قال فى الحالف إن فى هذا القند كذا وكذا رطلاً ولا يدرى ما فيه، فوزن فوجد كذلك أو أكثر فلا شىء عليه، وقد غرر فسلم.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حلف بالطلاق ما أخذ فلان ثوبك أو لقد أخذه وهو لا يدرى إلا متعمداً للكذب أو لما لا يعلم به فوجد ذلك كما قال، فلا شىء عليه. وقد غرر فسلم. محمد وقيل لا يعجبنى هذا وأراه حانثاً لأنه حلف على الغيب.
ومن كتاب غيره أنه كان مما خاطب به المغيرة أبا يوسف عند المنصور بمحضر مالك، فقال إن أبا عبد الله يقول فيمن حلف أن فى هذه اللوزة تؤما ثم كسرت فوجد فيها تؤما إنه حانث لأنه حلف على الغيب.
[4/286]
***(1/276)
[4/287]
ومن المجموعة روى عن المغيرة فيمن حلف بالطلاق لتمطرن غداً أو ليكونن كذا فى شىء من الغيب، فإن ادعى علم الغيب عجل عليه بالطلاق، وغن لم يدع علم الغيب إلا أنه قال قولا ً لا يدعى علمه، فإن كان ما حلف عليه قبل يرفع غلى الإمام فلا شىء عليه.
وقال ابن حبيب فيمن حلف فى أمته أنها عذراء، فإن قال حلفت عن خبره وعلم دين فى ذلك، وإن قال حلفت لعمى فعفاها حنث لأنه حلف على شك، ولا ينفعه إن نظرها النساء وقلن هى عذراء، لأن شهادتهن لا تجوز فى الحرية ولا فى إسقاطها ، وقله أصبغ.
ومن كتاب ابن المواز: ومن اتهم رجلاً بسرقة متاعه فحلف رجل بالطلاق أنه ما سرقه، فليقف عن امرأة حتى يستبين ولا يقضى عليه.
ومن حلف لزوجته إن كتمتنى ولتصدقنى، فتخبره الخبر ولا يدرى أصدقته أم كذبته فهو فى شبهة، والشأن أن يفارقها. وقله الليث، قال ابن القاسم وأصبغ بغير قضاء. وقد قال أصبغ فى هذا وفى الحالف إن كنت تبغضينى فتقول أحبك ونحو هذا إنها تطلق عليه بالقضاء على ما روى عن ابن عمر أنه يفرق بالشك. قال مالك وهذا فتيا ابن عمر ستين سنة.
وروى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن حلف لرجل بالطلاق أنى أتقى لله منك وأشد حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قال هو حانث، قال ولو قال إن لم يكن فلان أتقى لله منك وأشد حباً لرسوله، فإن كان قال ذلك فى أحد من أصحاب النبى لله مثل أبى بكر وعمر فلا شىء عليه، وإن قالها فى أهل هذا الزمن حنث، إلا أن يعلم من المحلوف عليه فسقاً بيناً فأرجو ألا شىء عليه.
وقال ابن المواز إن قال ذلك فيمن له الصلاح والفضل مع من لا يرعوى عن الحرام وقتل النفس فهو بار، وإن أشكل ذلك فهو حانث.
[4/287]
***(1/277)
[4/288]
وقال أشهب فى المجموعة فيمن قال لنصرانى إن لم تكن من أهل النار فامرأتى طالق، فأسلم النصرانى، قال فإن أراد حاله التى كان فيها فلا شىء عليه، وإن أراد القطع أنه من أهل النار فهو حانث، وإن لم تكن له نية فهو حانث.
قال أبو زيد عن ابن القاسم فيمن حلف بالطلاق ليربحن غداً درهمين، فإن كان لشىء عنده رجاه من ثوب أو قال أقبض من غلامى درهمين أو يهب لى فلان درهمين ، فإن أصاب فى غده درهمين بشىء من هذه الوجوه فلا شىء عليه قال ابن المواز إذا كان ليمينه معنى أو سبب يظنه.
قال ومن حلف لقد قبض منى فلان خمسة عشر ديناراً ثم شك وعنده براءة بأحد وعشرين، فإن لم يوقن بالخمسة وعشرين فقد حنث.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك فيمن حاسب شريكه ثم لقيه فقال قد بقى لى كذا وكذا، فحلف الآخر بصدقة دنانير بيده ما بقى لك عندى شىء، ثم ذكر أنه بقى عنده له ما قال، فقد لزمه أن يتصدق بالدنانير، ولا ينفعه هذا إلا فى اليمين بالله، لا ينفع اللغو فى غيره.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف أن فلان يتعرض لجارية فلان، فإن أيقن أنه يتعرض لها وسمع ذلك منه حتى لا يشك فلا شىء عليه، وإن كان إنما رأه يكلمها لا يدرى تعرض أم لا فقد حنث.
وعمن حلف بالطلاق لرجل أن أبى ميتاً خير م أبيك حياً، أو أنى ميت خير منك حى، فقد طلقت امرأته.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن أمر غريمه أن يدفع حقه إلى وكيله، فكتب إليه الوكيل أنه لم يفعل، فكلمه فحلف بالطلاق لقد دفع إليه، وحلف الطالب ما فعلت، فالطالب حانث من عاجل أمره، ولا ينبغى للإمام أن يقرها تحته لأنه حلف على غيب. وأما المطلوب فيدين ولا يبرأ من الحق إلا ببينة.
[4/288]
***(1/278)
[4/289]
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن بعث بشىء مع رجل يدفعه إلى آخر فقال قد دفعته، فحلف الباعث بالطلاق أنك ما دفعته، إنه حانث، كقول كالك فى الذى جاءته امرأته بمرق وفيه ذباب فحلف بالطلاق لقد كان فيه قبل أن تأتى به، وهذا من اليمين على الغيب.
وقال سحنون عن ابن القاسم وأشهب عن رجل مع قوم فى سفر فأخذهم الليل فحلف لقد أخطأتم الطريق الذى تريدون، فلما أصبح تبين لهم أنهم على غير الطريق التى خرجوا فيها إلا أنها طريق إلى البلدة التى قصدوا، قال لا حنث عليه.
قال سحنون وقال أشهب فيمن وفى لرجل حقه عند صيرفى، فقال الصيرفى ليس فيها وفاء، وقال الغريم بل فيها وفاء، فحلف الطالب بالطلاق ما فيها وفاء، فوزناها عند غيره فوجداها وفاء من حقه. قال له قد حنثت، قال إنما حلفت على غير الصيرفى، قال قد غرك.
ومن معانى هذا الباب فى باب الحالف على الشىء هل يبرأ ويحنث بفعل بعضه، وفى باب ما يرد فيه الحالف إلى معنى يمينه، وفى باب الحنث بالغلط.
وروى عيسى عن ابن القاسم عن مالك فيمن مرت به امرأة فى ظلمة الليل فظن أنها امرأته فحلف لا وطئها الليلة ثم وطئها، ثم علم أنها غير امرأته فلا شىء عليه.
قال سحنون قال ابن القاسم عن مالك فيمن قال لرجل سرقت منى ديناراً، فحلف بالطلاق مالك عندى دينار، ثم نظر فغذا جاريته سرقت الدينار وجعلته عنده فقد حنث، إلا أن ينوى فى علمى.
وعمن حمل جلود الرجل فلما بلغها غايته وجعلت بيد رجل حتى يوفين كراءه فلما وفاه حلفه الكرى ما لغيرك فيها شىء، فنظر إلى غلامه فلم ينكر شيئاً فحلف له، ثم نظر فإذا الذى رفعت عنده أبدل منها شيئا، قال قد حنث.
[4/289]
***(1/279)
[4/290]
قال ابن المواز: ومن حلف لقد اشترى فلان الثمر بثمانية ونصف، وإنما أخبر بذلك، فهو حانث حتى يوقن بذلك.
فيمن لم يدر بماذا حلف من الأيمان
ومن شك فى اليمين أو فى الحنث
من كتاب ابن المواز قال أصبغ فيمن قال على ثلاثون يمينا فحنث فلم يدر شيئاً بعينه إنما كانت يمينه على غضب وحمية فكان يرى عليه الأيمان كلها كمن حلف وحنث ثم لم يدر بأى يمين حلف، فهذا يلزمه كل يمين الطلاق والعتاق والمشى إلى مكة وصدقة ثلث ماله وكفارة يمين إلا ما أيقن أنه لم يحلف به. وبمنزلة من حلف أن عليه أشد ما أخذ أحد على أحد من الأيمان ولم ينو شيئا بعينه.
وقال ابن حبيب فى الذى لم يدر بماذا حلف، قال إن كانت له يمين قد اعتادها ألزم ذلك نفسه قال ابن المواز إنما جواب أصنغ فيمن حلف يمينا لم يدر أى يمين، فأما من لم يرد يمينا بعينها فنسيها فإنما عليه كفارة يمين، وعلى صاحب الثلاثين يمينا ثلاثون كفارة.
وفى كتاب الطلاق لابن حبيب: وقال فيمن قال لا أدرى حلفت فحنث أو لم أحلف أو لم أحنث فلا شىء عليه. فإن أيقن باليمين وشك فى الحنث فليلزم نفسه الحنث.
ومذهب ابن حبيب لإن يقضى عليه فى الشك فى الطلاق والعتاق. وقد ذكرنا ما قاله فى موضع آخر.
قال ابن حبيب: وأما من حلف إن فعلت زوجته كذا فهى طالق، ثم تقول له نفسه لعلها فعلت وأنا لا أدرى فلا شىء عليه فى هذا حتى يخنره مخبر بذلك.
[4/290]
***(1/280)
[4/291]
فى الرجلين يحلف كل واحد منهما على تكذيب صاحبه
أو على أن يفعل خلاف ما حلف الآخر أن يفعله
أو حلف ليفعلن شيئا وحلف ألا يفعله
من المجموعة قال ابن وهب عن مالك فى امرأة حلفت بالحرية لقد حلف زوجها بالطلاق لا يتسرر عليها فأنكر ذلك، قال لا شىء عليها ولا على زوجها.
قال ابن القاسم فى رجلين بينهما أمر فحلف أحدهما بالطلاق لقد أعطيتك فى موضع كذا تسعة دنانير وحلف الآخر بالطلاق ما أعطيتنى فى ذلك الموضع إلا ستة دنانير، فذهبا إلى الموضع فوجد ثلاثة ملقاه، فقال كل منهم للآخر منك سقطت قال: يدينان إذ لم يعرف الثلاثة ممن سقطت وكذلك ذكر ابن المواز.
قال ابن نافع عن مالك فيمن وجد عند رجل فرخ حمام فحلف بالطلاق أنه فرخه، وحلف الآخر بالله ما هو فرخك، قال يحلف بالله أنه فرخه يعرفه بعينه، يريد يحلف بالله الحالف بالطلاق الذى ليس بيده هو ولا يلزمه طلاق ولا يقضى له بالفرخ.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن حلف بالطلاق غن كان فلان يعرف هذا الحق لحق الذى يدعيه، وحلف فلان بالطلاق إن كان يعلم أنه له فيه حق، قال يدينان ولا يحنث واحد منهما.
قال ابن حبيب: ومن حلف بالطلاق ما شرب خمراً وحلفت امرأته بالعتق لقد شربه، قال يدينان، قاله مالك وربيعة.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن ابتاع عبداً بعرة دنانير وله على البائع دينار فأعطاه تسعة ليقاضيه بالدينار، فحلف البائع بالمشى إلى مكة إن
[4/291]
***(1/281)
[4/292]
قاصصتك به، وحلف المبتاع بعتق العبد إن أخذته إلا مقاصة، قال إن تخاصما حنث البائع، وإن تتاركا البيع جمبعا بتراض ولم يتخاصما فلا شىء عليهما.
وفى باب الشك فى البر والحنث مسائل من الحالفين عل أمرين متدافعين
ومن العتبية ابن القاسم عن مالك: ومن حلف بالحرام إن أنفق على امرأته حتى تستأذى عليه وحلفت هى بالصدقة لا استأذيت عليك، فاليمين عليهما، فغن شاءت أن تبقى بلا نفقة، وإن استأذت عليه فلتتصدق بثلث مالها، وإن لم تكن عليه نية فلا شىء عليه إن فعل.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن حلف بحرية عبده إن باعه من فلان وحلف فلان بالطلاق ليشترينه فباعه منه فليعتق العبد على بائعه ويطلق على الآخر امرأته، وقال سحنون فى كتاب ابنه. قال ابن عبدوس قال أشهب: ومن حلف بعتق أمته إن باعها، ثم حلف بالطلاق ليبيعنها، فإن باعها عتقت عليه ولا طلاق عليه. من هذا المعنى فى كتاب الطلاق قيل: ولم لا يحنث والبيع الذى حلف فيه لم بعتم؟ قال لأنه إنما حلف ليبعنها بعد أن حلف بالعتق لا يبيعنها، وإنما حلف على هذا البيع نفسه فهو بره.
ولو حلف بالطلاق أولاً ليبيعنها ثم حلف بعتقها أن لا يبيعها ثم باعها فحنث فى الأمة وفى الزوجة. ومن هذا المعنى فى كتاب الطلاق.
فيمن حلف ما له مال ثم ظهر له مال لم يعلم به
من العتبية والمجموعة روى سحنون عن ابن القاسم عن مالك فيمن سءل سلفلً فحلف بالطلاق إن كان له شىء يملكه، ثم طلع له ميراث لم يكن علم به
[4/292]
***(1/282)
[4/293]
فإنه يحنث، إلا أن ينوى علمه. وكذلك فى كتاب ابن المواز فى ميراث لم يعلم به أو له عمرى مرجعها إليه فغن نوى مالاً أعلمه غائباً أ حاضراً لم يحنث. وقال أيضا إن استثنى علمه وإلا حنث، وقيل لا ينفعه أن يستثنى علمه حتى يجرى به لسانه.
قال ابن المواز قال ابن القاسم أما العمرى فإنه حانث وإن لم ترجع إليه يومئذ لأنها ماله. ولو تصدق عليه قبل يمينه بصدقة فإن قبلها الآن حنث، وإلا لم يحنث. وقيل لا يحنث وإن قبلها الآن إذ بالقبول صارت له.
ومن حلف بالطلاق ماله ثوب غير ما عليه، وله ثوبان رهن ف أكثر من قيمتها، فإن نوى ما له ثوبان يقدر عليهما حنث ولا شىء عليه، يريد والنية تنفعه وإن لم يلفظ بها. قال يحيى بن عمر إن لم تكن له نية حنث، كان فيهما أفضل أو لم يكن.
قال ابن عبدوس قال ابن القاسم وأشهب فى الحالف بالطلاق ما له مال وله ديون وعروض وشوار وخادم فهو حانث، قال أشهب إلا أن تكون له نية ولا بينة عليه.
قال أشهب ولو حلف لغريمه أنه ما يملك ديناراً ولا درهماً ولا يقدر عليه وله مثل هذا فإنه حانث.
فيمن قال لرجل احلف ويمينى فى يمينك
من العتبية من سماع ابن القاسم قال مالك فيمن قال لرجل احلف ويمينى على ما حلفت عليه فيحلف بالعتق أو بالطلاق فأنكر ذلك فقال إن أنكر ذلك مكانه فذلك له، وإن صمت لزمته اليمين.
وقال عيسى عن ابن القاسم غن قال يمينى فى يمينك ولم ينو شيئا فحلف بالطلاق أو العتاق وأنكر الآخر وقال لم أظن أنك تحلف بهذا، فإن ظن أنه يحلف
[4/293]
***(1/283)
[4/294]
بالله ولم يرد هذا فلا يلزمه، ولو أنه حين قال يمينى فى يمينى رضى بما حلف مسلماً لم يحول شيئا عن شىء ولم يرده لزمته ولم ينفعه إنكاره.
قال عنه أبو زيد فيمن قال يمينك فى يمينى على أن لا تفعل كذا وكذا، فقال له الآخر يمينى فى يمينك فحلف بالطلاق، وليس للحالف امرأة فلا شىء على الآخر، علم أن هذا لا زوجة له أو لم يعلم.
قال ابن حبيب إلا أن يحلف بها الثانى محاكاه له ويفصح بها فيلزمه، أو يقول فعلى مثل ما فعلت به. فأما إن قال فعلى مثل ما عليك لم يلزمه شىء، وقاله أصبغ.
ومن المجموعة قال ابن القاسم وإن حلف هذا الحالف بالمشى إلى بيت الله وقال نويت مسجداً فأحب إلى للآخر أن يحتاط بالمشى.
قال ابن حبيب فى القائل يمينى فى يمينك فحلف الحالف بالطلاق فقال الآخر لم أنو إلا اليمين بالله أو لم أرد الطلاق حلف وكان ذلك له. ولو قال لم يرد بالله ولا بطلاق ولا وقعت نيتى على شىء بعينه إذ إنى لا أحب أن أحلف بطلاق فلا ينفعه ذلك. زكذلك لو قال ذلك ولم يعلم يمينه، فلما علمها أنكرها فمثل الأول. وهذا قول مالك وأصحابه.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم فى رجلين بينهما كتاب فقال أحدهما هذا كتاب فلان، وقال الآخر بل كتاب فلان، فقال أحدهما للآخر اجعل يمينى فى يمينك، قال نعم، فحلف بالطلاق أنه كتاب فلان، فنظر فإذا هو كتاب فلان وفلان جميعاً فقد حنث جميعا.
[4/294]
***(1/284)
[4/295]
فيمن حلف على أمر قد مضى من رجل أن لو أدركه لفقأ عينه
أو فعل به كذا أو يقول لئن كان كذا لأفعلن كذا
مثل ضرب أو هوان أو فعل لا يمكن وما يشبه هذا
من الواضحة قال أصبغ: من حلف عل أمر قد سلف أن لو أدركه لفعل كذا فهو حانث، كان مما يمكنه فعله أو لا يمكن، مثل أن يحلف لو جئتنى أمس لقضيتك فهو حانث، لأنه غيب لا يدرى ما كان فاعلاً، وإنما يفترق ما يمكن وما لا يمكن فى المستقبل، فما كان يمكن فعله من شق ثوب وضرب أو قصاص أو عطية مال وشبهه فلا شىء عليه حتى يفعل أو لا يفعل، وما كا نلا يمكن من شق جوف وكبد أو فقاع عين أو قطع أو قتل فشبهه فهو حانث مكانه ولا ينتظر. وقاله ابن القاسم عن مالك.
ومن الواضحة أيضا وهو ف غيرها قال مالك: ومن حلف بالطلاق لو كنت حاضراً فى شرك أمس مع أخى لفقأت عينك أو لشققت جوفك، قال تطلق عليه.
وقال مالك فيمن حلف فى أمر كان بينه وبين إنسان أن لو أدركه لفلق كذا وكذا من أمه، وأمه قد ماتت، فقال له مالك لو أدركته ما كنت فاعلا به؟ قال لا أزيد على أن أشجه، فرأى ألا حنث عليه.
قال مالك فيمن ذم رجل ثوبه فقال أرسله فامرأته طالق لو شققته لشققت بطنك، قال يحلف لو فعل لفعل. قال ابن القاسم لا يعجبنى وهو حانث، وهى مثل ما تقدم وهى فى العتيبة وهى من سماع ابن القاسم، وقال لو شققته لشققت جوفك ثم حلف ثانيةً لو شققتك لشققت كبدك إلا ألا أقدر، فقال له مالك لا شىء عليك واستغفر له. قيل له كأنك لم تر عليه شيئاً إلا أن يشقه، قال نعم.
قال سحنون جيدة، فرد إليها كل رواية عن مالك تشبهها فقد اختلف فى هذا.
[4/295]
***(1/285)
[4/296]
وقال ابن الماجشون فى الواضحة سواء حلف فى أمر قد سلف أو مستقبل، فإن كان يمكن فعله فلا شىء عليه، وإن كان غير ممكن فهو حانث فى الوجهين، إلا أن تكون له نية فى فعل غير ما سمى، وقاله مالك فيهما.
وقاله مالك فى الذى قال لو أدركت فلانا فى شره البارحة مع فلان لقطعت رأس أمه، وأمه ميتة، فقال له ما أردت؟ قال أردت أنى كنت أشجه إذا فعل به كذا فعلا ما وقد علمت وفاة أمه، فدينه مالك ولم يحنثه، فهذا فيما قد سلف. ولم تكن له نية أحنثه كما أحنث القائل لو حضرت شرك مع أختى افقأت عينك حين لم تكن له نية فيما يفعله به. ولو كانت له نية فيما يفعله به مما يمكن لم يحنثه. وكذلك القائل ليسلخن إن نوى ضربا أو استعداءً نفعته نيته. وكذلك القائل لشققت جوفك لو نوى شيئا يفعله دين. وقول ابن الماشون أحب إلى.
ومن المجموعة قال ابن القاسم: ومن حلف بالطلاق لو اقيتك أمس لقتلتك أو لفقأت عينك، قال هو حانث، ولو قال لوهبتك أو لو جئتنى لأسلفتك فلا شىء عليه.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال لامرأته أنت طالق إن لم أضربك حتى أشتفى عليك، فضربها حتى أشتفى فى نفسه فلما رفع عنها ضحكت وقالت ما أشتفيت، قال إذا أشتفى فى نفسه لم ينظر إلى قولها ولا شىء عليه.
وعن امرأة قالت لزوجها والله لأسيلن أبحرا على ساقيك، فقل لها أنت طالق لتعلمين من يفعل ذلك به، قال أخاف أن يكون حنث كأنه قال لتعلمين من ذا الذى يفعل ذلك بى.
ومن المجموعة والواضحة فيمن آذته أمه لقوم فحلف بالطلاق لأستنهين أهلك فإن لم تنتهى لأسلخنك، قال قد حنث وما يدريه أنها تسلخ وقد أيس.
[4/296]
***(1/286)
[4/297]
وعن التى حلفت لزوجها لئن فعلت كذا ليكونن بينى وبينك كل شر ففعل فما لها راحة إلا أن تحنث نفسها.
ومن الواضحة: ومن تقاضاه عبد ديناً فحلف بالطلاق لا قضاه اليوم حتى يأتى يمشى على رأس مولاه، قال لا يقضيه شيئاً حتى يأتى معه مولاه، وعلى هذا يحمل يمينه.
وعمن حلف فى طعام بينه وبين رجل بالطلاق أن لو كان لك وحدك لظننت إنى أرميه فى البحر فلا شىء عليه وهو أعلم بنيته. قال أصبغ فيمن قال لأمرأته ومعها نسوة أنت طالق لولا من معك لحلقت شعرك، قال هو حانث. قال ابن الماجشون لا شىء عليه، وبه أخذ ابن حبيب.
فيمن حلف لزوجته لأجيعنك أو لأغيظنك
أو لأشتفين منك أو لأتركنك آية أو قال لرجل لأكافئنك
ما الذى يبر به فى ذلك؟
من كتاب ابن حبيب قال ابن الماجشون فيمن حلف بطلاق امرأته ليجيعنها جوعاً شديداً، فإن نوى شيئا ووقتاً فهو ما نوى، وإلا حمل على بساط يمينه ومحمل أمره، وليس محمل هذا عندنا جوعة واحدة، ولكن إذا نقص من قوتها حتى يعلم أنه قصر عنه. قال أصبغ وغن حلف ليغيظنها فإن نوى شيئا يغيظنها به من نكاح أو تسرر فه بره وإن لم ينو أمراً يقصده فهو حانث، إذ لا يحاط بسبيل ذلك.
وكذلك إن قال إن لم أتركك آية فإن نوى شيئا من حلق رأس أو تسخيم وجه أو غيره فهو ما نوى، وإلا فهو حانث.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب فيمن منعه رجل عارية ثوب فحلف لأكافينك، فليكافئه فى ثوب مثله أو حاجة مثلها ومن حلف لامرأته وهى فى
[4/297]
***(1/287)
[4/298]
سفر لأشتفين منك ما بينى وبين إفريقية، فضربها فى الطريق ثم قالت أين يمينك؟ قال قد فعلت، قالت ما كان ذلك إلا لعبا، قال إن صدقت فأنت على حرام. قال له ابن القاسم أليس قد اشتفيت وبالغت؟قال نعم، قال فلا شىء عليك.
وإذا حلفت لزوجها لئن فعلت كذا ليكونن بينى وبينك كل شىء ففعل، فليس لها مصرف إلا أن تحنث نفسها لأنها جمعت كل شىء وهذا لا يحاط به.
وذكر عن أشهب فى الحالف بالطلاق ليغيظن زوجته قال إن نوى التزويج ونحوه فذلك يبرئه ويدخل عليه الإيلاء حتى يفعل، وإن لم ينو أمراً يقصده، فهو حانث، قال سحنون لا يلزمه حنث والذى يغيظها به أكثر من ذلك وهو قد عرف ما يغيظها به مما جرى مثله يبنهما فيغيظها فإذا فعله بر.
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن قال لامرأته أنت طالق لأغيظنك أو لأسودن وجهك فليس معناه أن يسود وجهها بالسواد، ولكن يفعل بها من الأمور التى يعلم أنه يغيظها به ويبلغ ذلك منها.
فى الحالف لختن لئن سألتنى حاجة لأقضينها فسأله الطلاق
أو حلف بذلك لعبده فسأله أن يعتقه
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال لزوج ابنته احلف بطلاقها لتقضينى حاجة أسألك فيها، فحلف له فقال له طلق ابنتى فطلقها واحدة، فقال الأب أردت البتة فذلك للأب إن كان كلامه واحداً على المراجعة والنسق فأما إن لم يقل ذلك حتى افترقا ثم تداعيا، فقال الزوج سألتنى فى طلقة، وقال الأب فى ثلاث، فالزوج مصدق، وعلى الأب البينة.
وقال سحنون فى كتاب ابنه لا يلزم الزوج الطلاق إن قال لم أظن أن تسألنى فى مثل هذا، قال سحنون لأن ليس من الحوائج التى تعارف الناس سؤالها أو جرى من الكلام ما يدل أنه أراد لحاجته الطلاق.
[4/298]
***(1/288)
[4/299]
ومن العتية وكتاب ابن سحنون قال سحنون فى العبد يقول لسيده أسألك حاجة فاحلف لى فيها بالطلاق فيفعل، فيقول له أعتقنى، قال لا يلزمه لأن هذا ليس من الحوائج المتعارفة، ولو قال لسيده يقول ما أقول، فحلف السيد له بالطلاق ليفعلن، فقال له بل أنت حر، قال هذا يحنث ويلزمه أن يقول كما قال العبد إلا أن يستشنيه السيد فيقول إلا أن تقول أنت حر فذلك له. ثم رجع سحنون فى كتاب ابنه وقال هى مثل الأولى ولا شىء عليه.
فيمن حلف إن رجع من سفره حتى يستغنى
من العتبية روى سحنون عن ابن القاسم فيمن حلف عند خروجه إلى سفره إن رجع حتى يستغنى، فإن أفاد قدر مائتى درهم وفيها غنى لمثله ولا دين عليه ويلزم مثله زكاتها فليرجع، ولا شىء عليه.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه قال لا يعجل عليه الحنث وينظر، فإن كان خرج فقيراً فإنه إذا كسب أقل ما فيه الزكاة من ذهب أو ورق فلا حنث عليه، لأنه صار ممن عليه الزكاة وممن ليس له أخذ الصدقة، وإن كثر عياله. قال وإن قدم بعرض يسوى عشرين ديناراً فليس ينجيه من الحنث إلا أن يكون عرضاً كثيرا ،وقد يأخذ الصدقة من له من خادم ودار إلا أن يكون عرضاً كثيراً ويبيعه بعشرين ديناراً وبمائتى درهم.
مسألة
ومن كتاب ابن سحنون قال ابن القاسم فيمن سأل امرأته فى ثوبين لها ليرهنهما فقالت أخاف أن تبيعهما، فحلف بالطلاق إن دفعتها إلى أن بعتهما، فخالفها إليهما فباعهما، قال لا شىء عليه، لأنه قال إن دفعتهما إلى وهى لم يفعل . قال سحنون صواب.
[4/299]
***(1/289)
[4/300]
فيمن حلف بعتق مكاتبه إن وضع عنه فقاطعه
أو بطلاق امرأته إن خالعها ففعل
من كتاب ابن المواز وغيره ابن القاسم: ومن حلف يعتق مكاتبه لا وضع عنه فأخذ صدراً من نجومه ثم قاطعه على شىء فقد عتق باليمين وليرد كل ما قاطعه عليه فقط، وكمن حلف بحرية عبده إن باعه أو كاتبه أو كلم فلاناً ثم اقتضى من غلته وانتزع من ماله ثم حنث فليس عليه مما أخذ قبل ذلك شىء.
ومن حلف بطلاق امرأته إن صالحها ففعل بمال أخذه فليرد ما أخذ منها وقد حنث فيها.
فيمن حلف لا أمرت أمتى بشتمك
فقال لها إن انتقلت فاشتميها
من كتاب ابن المواز وكتاب ابن عبدوس قال ابن القاسم: ومن حلف بحرية جاريته إن أمرها أن تشتم امرأته، ثم قال لها إذا انتقلت أنا نت هذه الدار فاشتميها، وإن شتمتك فاشتميها، قال لا يحنث حتى ينتقل هو، قال فى كتاب ابن المواز وحتى تشتمها الحرة وإن لم ترد عليها.
وفى كتاب ابن عبدوس حتى يرتحل هو وتؤذيها الحرة. وليس هذا بإذن وعسى أن لا يرتحل.
قال فى الكتابين ولو قال إذا أهل الهلال فاشتميها حنث. قال فى كتاب ابن المواز وكذلك إذا جاء غداً قال فى الكتابين ولو قال قائل لا يعتق حتى يهل الهلال كان قولاً. قال ابن المواز وقف عنه.
وفى كتاب ابن عبدوس فى موضع ذكر الشتم كله إلا إذا وقوله أو تشتمها الحرة أجود من إسقاط الألف على ظاهر السؤال إلا أن يريد وإن شتمتك أو آذتك يريد بعد انتقالى وشتمها فيصح ما روى ابن عبدوس.
[4/300]
***(1/290)
[4/301]
يمين المرأة بأكثر من الثلث
وإن حلفت امرأة بعتق لا يطأها مرة ، فله أن يحنثها ويطأها ولا رد له فى مقدار الثلث فأقل، فإن كان أكثر منه رد الجميع.
ومن حلف إن لم يكن لى عندك دينار بشهادة فلان أو قال إن لم يكن يشهد لى به فقال فلان لا أشهد بشىء فلا حنث عليه. قال ابن أبى مطر: وليس يعنى أنه يشهد لا محالة هذا يحنث.
من حلف على التأخير
من كتاب ابن المواز من حلف لا وخرغريمه إلا أن يؤخره السلطان، فعلم السلطان عسره فوخره إلى أجل، فحل فأخذ منه بعض الحق وأخره بالبعض، قال يحنث إذا أخره بغير أمر السلطان ، لأنه لم يستشن مرة ولا مرتين.
ومن حلف لا ارتجاعها من طلاق فطلقها فى الحيض
ومنه إن قال لامرأته إن طلقتك ثم ارتجعتك فعلى المشى إلى مكة، ثم قال لها وهى حائض أو نفساء اعتدى فليجبر على رجعتها وعليه المشى. فإن جهل فلم يرتجع حتى انقضت العدة فقد بانت منه ولا شىء عليه، وإن ارتجعها بنكاح فعليه المشى.
مسألة
ومنه قال مالك: ومن حلف بالطلاق فى منزل أكراه لا دخل ما دامت زوجته تلى كراءه، فولى كراءه غيرها من صاحبه، فلا أرى أن يدخل عليها. وقال ابن القاسم أنويه، فإن نوى توليها للكراء لا كراهية دخوله عليها فلا شىء عليه، وإن كان لكراهية الدخول عليها فذلك يلزمه.
[4/301]
***(1/291)
[4/302]
مسألة
من المجموعة قال ابن القاسم عن مالك فيمن حلف بطلاق كل امرأة يتزوجها ما دام خليطاً لابنه، فما نكح قبل يفارقه حنث فى ، وإن فارقه ثم نكح فلا أحب له مخالطته ولا أن يشاركه بماله ويعمل معه.
مسألة
ومنه قال ابن كنانة فيمن حلف لامرأته لأنكحن عليك غداً أبعض خلق الله إليك، نوى أم ولد له كانت اسمها عائشة، فقال له امرأته: فانكح فلانة، فقال وهى أبغض إليك من عائشة فقالت ما أبغض عائشة وهى التى نوح الزواج بها. قال فليجتهد فى نكاح عائشة، وإن أبت حلف لقد اجتهد وما قصر ولا شىء عليه. وقال ابن القاسم لا يمين عليه وليجتهد.
مسائل
ومنه سئل ابن القاسم عن رجل قال لرجل هذا الخاتم لأختك فحلف بالطلاق ما هو لأختى ولا يصلح على أصبعها، فإذا الخاتم ليس لأخته ولكنه يصلح على أصبعها لأن عليه خيطا لف عليه قد ضيق به، فلما نزع الخيط سلس وصار يصلح لها. قال لا حنث عليه. قال ولو كان عليه خيط ورق وهو يصلح به لحنث لأن خيط الورق منه بخلاف الكتان ونحوه. وكذلك فى كتاب ابن المواز.
ابن القاسم: ومن حلف أن لا يشهد لى ولا على فبعث منه سلعة وكتبت بالثمن إلى اجل عليه كتاباً وشهد على نفسه فى الكتاب، كتب شهادته فيه على نفسه قال يحنث.
قال ابن كنانة فيمن حلف كان بينه وبين رجل متاع فيه ثم نازعه فى أمر فحلف بالطلاق لقد سرقتنى كذا وكذا، يريد تلك الخيانة، فإن نواها فى يمينه
[4/302]
***(1/292)
[4/303]
وإياها أراد لم يحنث،وإن لم يذكرها وأراد سرقة يقطع فيها حنث. وكذلك فى يمين السيد على سرقة عبده إياه من بيت السيد.
وقال أشهب فيمن سئل هل رأى أحداً من بنى فلان بالطلاق ما يعلم أنه منهم أحداً وقد كان رأى رجلا منهم وأنسيه، قال لا شىء عليه لأنه إنما يعنى فى علمه ساعة حلف. ولو قال إن كنت علمت وهو ناس يحنث.
قال أشهب فيمن حلف بالطلاق لزوجته ليذهبن على وجهه ولا نية له ، قال هو حانث إلا أن يذهب على وجهه لا تراه أبداً.
مسألة
ومن الواضحة قال: ومن قال لعبده أنت حر إن قدم أبى، قال مالك فله أن يبيعه قبل أن يقدم. قال ولو قال إذا قدم فهو أشد، يريد ويمنع من البيع. قال وإن مات قبل أن يقدم فإن أراد شكراً لقدومه فلا عتق عليه، وإن أراد به ناحية الأجل فإنه يعتق حين يقدم أبوه لو لم يمت مثل قدوم الحاج وقفل الغزاة إن كان غازياً ، أو يكون فى سفر آخر، فإذا قدم أهل ذلك السفر من أهل بلده عتق عليه، قاله ابن الماجشون.
مسألة
من كتاب ابن سحنون قال عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف ليتزوجن على امرأته قبل أربعة أشهر، فتزوج ولم يدخل إلا بعد الأربعة الأشهر، قال فهو حانث، وقاله سحنون.
مسألة
من الواضحة: ومن حلف لامرأته قبل البناء بالطلاق إن دخلت عليك إلا بهواك ، فقالت لا أهوى أن تدخل على سنةً، ثم قالت بعد ذلك أنا أهوى فادخل
[4/303]
***(1/293)
[4/304]
على فليدخل ولا شىء عليه ولا يضره قولها الأول، وإذن واحد يجزئه حتى تمنعه، وقاله أصبغ.
ومن حلف لا ضرب جارية لامرأته فرمى بحجر فأصابها خطأ فشجها فقد حنث، قاله ربيعة ويحيى بن سعيد.
ومن العتبية من كتاب الطلاق، ومن مسائل أصبغ وعمن حلف بالطلاق ثلاثاً ليدخلن بزوجته إلى أجل سماه فدفع حقها إلى وليها، فلما أشرف على البناء وقرب الأجل أتىالولى ببينة ان الزوج حنث فيها هل يمنعه الحاكم من البناء حتى يعدل البينة، وفى ذلك تعجيل الحنث عليه؟ قال يمنعه إن كان ذلك يحنثه، وينبغى للإمام أن يتفرغ له ولا يتوانى ولا يشتغل بغيره، فلمثل هذا وضعوا لما هو من نوازل المسلمين.
وعن رجلين بينهما أرض ولكل واحد منهما بقرة فحلف أحدهما بالطلاق لا حرث بالبقرتين إلا فى الأرض التى بينهما، ثم ولى الحالف نصيبه من تلك الأرض رجلا ثم حرثها له يتلك البقرتين، قال يحنث إلا أن تكون له نية. وكذلك ذكرها ابن المواز عن ابن القاسم ولم يقل إلا أن تكون له نية.
وعن رجل لزوجته عليه دين فلزمه فيه، فقال إن مات ولا بياعة لك فأنت طالق. قال عيسى قال ابن القاسم فلا يقضيها دينها، فإن صحت وأخذت حقها منه طلقت يومئذ، وإن قضاها بعضه وبقى البعض فلا شىء عليه.
ومن الواضحة قال ابن القاسم عن مالك فيمن حلف بطلاق زو جته لئن رآها ليطلقنها ، فإذ رآها لزمها الطلاق ولا يقبل منه أنه لم ينو أن يطلقها أول ما يراها . وإن حلفت هى بالعتق لئن رأت زوجها ليسألنه الطلاق فرأته تسأله فقد حنث.
وذكر ابن المواز عن ابن وهب فى المرأة مثله .
[4/304]
***(1/294)
[4/305]
مسألة
ابن القاسم وابن وهب عن مالك فيمن شرط لزوجته ألا يخرجها إلا برضاها، فخرج بها إلى بلد برضاها ثم رجعت ثم استأذنها فأبت حتى حلفته بالطلاق أن لا يحبسها أكثر من عشرة أيام، قال مالك قد قرى على البارحة سؤال لأردنها إلا أن يغلبنى أمر لا أملكه، فإن كان نوى أن يحبسها فلا شىء عليه إذا لم يحبسها وسرحها فلم تذهب. قال عنه ابن القاسم فإن كان على ما قرى على البارحة فلا ينفعه ذلك إلا أن يردها وإلا حنث، كأنه لم ير قوله إلا أن يغلبه أمر شيئا.
قالعنه ابن وهب وإن حلف أن يردها إليك فليردها ثم تخاصم هى زوجها ولا ألزمه الحنث. قيل فإن ردها فأبت أن ترجع، أينفعه شىء؟ قال لا، هذه المسألة مختلطة ها هنا، والذى فى كتاب ابن المواز أبين ، والذى فيه مختصر.
ومن حلف لزوج ابنته وقد تركها تخرج معه إلى باديته بالطلاق لا حبسها عن هأكثر من عشرة أيام قتأخرت، فإن لم يكن هو حبسها فلا شىء عليه. ولو كانت يمينه أردها عليك إلا أن يغلبنى أمر لا أملكه كان حانثا.
ومن سماع يحيى من يحيى عن ابن القاسم :ومن حلف من ذوى السلطان لا أمن فلاناً فقدم فلان يقدر فيه الحالف على عقوبته فتركه غير مؤمن له فهو حانث أيضا، ثم لا تنفعه عقوبته بعد ذلك ويصير سكوته عنه بعد علمه بمكانه تأميناً له، إلا أن يكون تركه الأمر اليسير اليوم ونحوه، وهو يتروى فى أخذه وعقوبته.
ومن سماع أبى زيد من ابن القاسم: وعن رجل طلق امرأته واتخذ عليها يميناً غن تزوجت بعد فمالها فى المكساكين صدقة، قال قد ظلم، فإن تزوجت لزمها صدقة ثلثه. قال ابن القاسم إلا أن تحلف على ضرر فلا يلزمها شىء كالتى تعطيه مالها على الضرر فليرده.
[4/305]
***(1/295)
[4/306]
مسألة الافتداء من اليمين
من العتبية روى ابن القاسم عن مالك فى ابنى عم تشاجرا فحلف أدحهما إن دفع إلى الآخر شيئاً إلا بقضاء السلطان، فاختصما فقضى باليمين على الحالف، فأراد أن يفتدى منها، فكره ذلك وقال لا تدفع إليه شيئاً، ويحلف إن كان باراً.
قيل فرجل قضى عليه باليمين فأراد أن يفتدى منها، قال لا بأس بذلك ،أراه إنما خاف أ نيحنث فيما يعطيه من فدية اليمين ، فذلك كره أن يعطيه شيئاً لئلا يحنث ، ولأن القاضى لم يقض عليه بدفع ثمن فيبر، وقد توقف ابن عمر عن اليمين وابن عمر يرى أن ذلك جائز لا حرج فيه ولا نقص. ومن وقف تنزها وتعظيما فقد أخذ بنصيبه من الخير.
فيمن جحده رجل مالاً فظفر له بمال
هل يأخذ حقه ويحلف؟
قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن جحد لرجل مالاً ثم ظفر له بمال هل يحبسن منه قدر حقه ويحلف إن حلفوه ؟ قال لا يحلف كاذباً إلا أن يقبلوا منه يمينه: ما له عندى شىء، فإن من الناس من يقبل مثل هذا فى اليمين فإن قبلوا ذلك فليحلف ما لك عندى شىء.
وروى فى موضع آخر عن مالك وابن القاسم كراهية حبس ذلك من تحت يديه ، وأجازه ابن كنانة إذا علم أنه لا دين على صاحبه أو عليه دين يصيب فى الحصاص مثل حبس له، وإذا أمن أيضا أن يحلف على أصل الشىء . فأما ما لك عندى شىء فليس عليه من ذلك شىء، وقاله ابن القاسم وغيره.
[4/306]
***(1/296)
[4/307]
وروى عن محمد بن عبد الحكم أنه إن حلف على أنه ما أودعه أو ما أسلفه أو ما وصل إلى يدك من مالى شىء كذا ، أن له أن يحلف وينوى يجب لك على الرجوع به، وأرى ذلك له مخرجا لأنه محق. وقول محمد هذا مستبعد. لأن النية فى الحلف على المحلوف له، وقد ينسى ويتأول أمراً. وما تقدم من القول أصح إن شاء الله .
وفى كتاب العز شىء يسير من الأيمان وكذلك فى كتاب الطلاق .
تم كتاب الأيمان والنذور
بحمد الله وعونه وتأييده وتسديده
[4/307]
***(1/297)
[4/309]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آل محمد وسلم
كتاب الضحايا
ذكر وجوب الضحية
ومن يلزم الرجل أن يضحى عنه
وهل يشرك فى الضحايا
قال مالك : قال الرسول عليه السلام : أمرت بالنحر وهو لكم سنة. وقال ابن حبيب تارك الضحية وهو قادر عليها آثم. وقال غير واحد من أصحابنا البغدادين يدل على أنها غير واجبة قول النبى عليه السلام:ومن رأى منكم هلال ذى الحجة وأراد أن يضحى فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره شيئاً حتى يضحى.
واستدل بعض من أوجبها بقول النبى صلى الله عليه وسلم للذبح قبله فأمره صلى الله عليه وسلم أن يعيد فقال ليس عندى إلا جدعة من المعز فقال اذيحها ولا تجزىء أحداً بعدك ، وهو أبو بردة بن دينار.
[4/309]
***(1/298)
[4/310]
ومن كتاب ابن المواز وغيره قال مالك هى سنة واجبة لا ينبغى للقادر عليها تركها من أحرار المسلمين إلا الحاج بمعنى، وهى على الصغار والكبار من ذكر وأنثى حاضر وباد مقيم أو مسافر .
قال ابن حبيب وللفقير غن وجد ثمنها أو وجد من يسلفه فيستلف وحكاه عن مالك. قال أشهب وهى أحب إلى من الصدقة بثمنها. قال ربيعة هى من الأمر اللازم، وهى أفضل من صدقة سبعين دينارا. قال ابن حبيب وهى أفضل من العتق ومن عظيم الصدقة لأن إحياء السنة أفضل من التطوع.
قال مالك وليس على الحاج أضحية، فإن أراد جعلها هدياً على سنة الهدى. قال ابن حبيب إلا أن الهدى للحاج رغيبة، والضحية لغير الحاج سنة واجبة تاركها مؤثم.
قال فى كتاب ابن المواز فى تارك ذبح أضحيته حتى زالت أيام النحر قد أساء فى تعمده وفاته خير كثير فى نسيانه. وقال ابن القاسم فى المدونة قد أثم فى تعمده.
قال مالك فى سماع أشهب وابن وهب: والصدقة بثمنها أحب إلى للحاج من أن يضحى قال أشهب والضحية بمنى بالإبل والبقر أحب إلى من الغنم وإن كنت لا أرى على من بمنى أضحية. والضحية لسائر الأمصار بالغنم أحب إلى.
ومن كتاب ابن المواز والمختصر: ومن لم يحج من أهل منى ومكة فليضح.
قال ابن المواز قال مالك ولا ينبغى أن يذبح أضحيته عن نفسه وعن اجنبى تطوعاً، وإنما ذلك فى أهل البيت، ولا يدخل يتيمه فى أضحيته،ولا يشرك بين يتيمين فى أضحية وإن كانا أخوين، وإنما يدخل فى أضحيته إن شاء أهله وولده ووالديه الفقيرين، وإن كنا نحب للواحد فى أهل بيت أن يذبح على كل نفس شاة. وإن كان أبواه مليين فإن ضحى عنهما فعن كل واحدة شاة.
[4/310]
***(1/299)
[4/311]
محمد. وأما جده فكالأجنبيين لا يضحى إلا عن كل واحد بشاة، إلا أن يكون زوجها الجد فيدخلهما فى شاة ، كما لو بعثها إلى الجد فذبحها الجد عنه وعن زوجته.
وقال ابن ميسر وإنما ذلك بإذن الجد . قال محمد وكذلك إن ذبح عن جده وعمومته وعماته الصغار الذين يدخلهم الجد فى أضحيته من عياله، وهو كله رأى محمد.
قال مالك فيمن ابتاع أضحيته ثم أراد أن يذبحها عن أمة فذلك له. قال ابن القاسم ولو ابتاعها ليكون عن نفسه فله أن يدخل فيها أهله وقاله مالك.
ولا يضحى عن أم ولد ولا عن من فيه بقية رق ولا عن من البطن ولا عن ميت . ابن حبيب وغيره قال مالك وإنما يضحى عن امرأته إن شاء وإن أدخلها فى أضحيته أجزأها وإن يفعل فذلك عليها بخلاف الفطرة.
قال ابن حبيب وليس على من فيه رق أضحية ولا على سيده فيهم لا أم ولده ولا غيرها، إلا أن يشاء أن يضحى عنهم أو يدخلهم فى أضحيته أو يأمرهم بذلك من أموالهم أومن فذلك حسن.
قال ابن حبيب : وعلى الرجل أن يضحى عنه وعن أولاده الصغار الفقراء الذكور حتى يحتملوا ن والإناث حتى تزول عنه نفقتهن. ولو كانوا أملياء لم يلزمه ذلك عنهم إلا أن يشاء.
ابن حبيب وليس عليه أن يدخل فى ضحيته من بلغ من ولده وإن كان فقيرا إلا أن يشاء لسقوط نفقته عنه، فإن أدخله فى أضحيته أجزأ ذلك الولد فقيراً كان أو ملياً إذا كان فى نفقته أبيه ، وفى بنيه وكذلك الصغير الموسر.
[4/311]
***(1/300)
[4/312]
قال ولو أدخل فى أضحيته من قد ضمه إلى عياله من أخ أو ابن أخ أو قريب فذلك يجزىء عنهم ولا يجزىء إدخال الشريك والمرافق له فى السفر ونحوه من الأجنبيين فى ضحيته.
قال ابن المواز: فإن ذبح أهل المسافر عنه بأمره بعد ذبح إمام بلدهم وقبل ذبح إمام البلد الذى فيه المسافر فذلك يجزئه وكذلك عليهم.
قال مالك: وإن أمر أهله يضحون عنه أجزأه . وكونها معه أحب إلى.
ومن العتبية وغيرها من سماع ابن القاسم قال مالك تجزىء البقرة والبدنة فى التطوع يذيحها عنه وعن أهل بيته عن سبعة وأكثر فى الضحايا ، والكبش يذبحه عن أهل البيت، ولا يشرك فى البدن فى تطوع ولا غيره فى الهدى وإن كان أهل بيت واحد.
قال أشهب عن مالك فى يتيم له ثلاثون ديناراً أيضحى عنه وليه بشاة بنصف دينار؟ قال نعم. قال ابن حبيب يلزم من ماله فى يده من وصى أو غير وصى أن يضحى عنه منه، ويقبل قوله فى ذلك كما يقبل قوله فى النفقة عنه سواء.
ومن العتبية قال أشهب قلت لمالك: أيضحى عن أمهات أولاده؟ قال إن شاء وهو من ذلك فى سعة. قال عيسى عن ابن القاسم فى أهل الصائفة فى أرض الروم يضحون من غنمهم قال لا بأس به.
قال ابن حبيب وإذا ولد يوم النحر أو فى أيام النحر وقد ضحى أو لم يضح فعليه أن يضحى عنه، وكذلك من أسلم حينئذ فذلك عليه عن نفسه، بخلاف الفطرة.
من كتاب ابن المواز: وسئل مالك عن رفقاء فى سفر فى بيت لهم نفقة أخرجوها، فلا يجوز لهم أن يشتروا منها كبشاً يضحون به عنهم، ولا يشترك فى الضحية.
[4/312]
***(1/301)
[4/313]
ذكر وقت ذبح الضحية وذكر أسنانها وما يجزىء منها
وما يتقى فيها من العيوب ومن ذبح ذات عيب
وذكر الأيام المعلومات ويوم الحج الأكبر
قال محمد بن المواز قال مالك: الأيام التى يضحى فيها يوم النحر ويومان بعده إلى غروب الشمس من آخرها. قال محمد وقاله على ابن أبى طالب وابن عباس وابن عمر وأنس وكثير من التابعين. وأما ما روى عن عمر ابن عبد العزيز عن الحسن أن الأضحى ثلاثة أيام بعد يون النحر فقد عيب ذلك، وقد قال يونس إن الحسن قال الشهر كله.
قال مالك: ويوم الحج الأكبر يوم النحر. قال غيره سمى الأكبر لن المشركين كان يقف بعضهم بعرفة وبعضهم بالمشعر، ثم يأتى من عرفة ويقف يوم النحر بالمشعر فصار فيه اجتماعهم، فأمر أن ينذرهم بسورة براءة فى أكبر مجتمعهم، وهى آخر ليلة هذا اليوم من طلع عليه فجرها ولم يقف بعرفة فاته الحج. والليلة من اليوم.
قال مالك والأيام المعلومات أيام النحر، والأيام المعدودات أيام التشريق وهى ثلاثة أيام بعد يوم النحر.
قال ابن حبيب وغيره واليومان بعد يوم النحر معدودات معلومات، ويوم النحر من المعلومات خاصة، والرابع من المعدودات خاصة ولا ذبح فيه، رواها ابن وهب.
وعن عمر وعلى ابن مسعود وابن عمر وأنس بن مالك وأفضل الذبح فى هذه الأيام فى أولها بعد ذبح الإمام.
محمد ولا يراعى فى اليوم الثانى والثالث ذبح الإمام ولا غيره، ولكن إذا أرتفعت الشمس وحلت الصلاة. ولو فعل ذلك بعد الفجر أجزأه فى هذين اليومين.
[4/313]
***(1/302)
[4/314]
قال مالك والصواب ذبح الإمام كبشه بالمصلى بعد نزوله عن المنبر ، ثم ذبح الناس بعده فى منازلهم . فإن أخره الإمام إلى داره جاز ذلك ، ولغير الإمام ذبح أضحيته فى المصلى عبد ذبح الإمام ، وقد فعله ابن عمر. وأما فى الهدى فله أ يذبح قبل ذبح الإمام بخلاف الأضحية وإذا تحرى أهل البادية ذبح الإمام فذبحوا قبله. فقال ابن القاسم يجزيهم، وروى أشهب عن مالك لا يجزيهم، قال محمد وهذا أحب إلينا.
وذكر ابن حبيب عن ربيعة إن ذبحوا بعد طلوع الشمس أجزأهم وإن كان قبل الإمام ، وإن كان قبل طلوع الشمس لم يجزهم.
وروى مطرف وابن الماجشون عن مالك إذا تحرى أهل البادية صلاة أقرب الأئمة إليهم فذبحوا قبله فإنه يجزيهم مثل رواية ابن القاسم.
ومن كتاب محمد قال مالك: ولو ذبح الحضرى عبد انصراف الإمام وقبل ذبحه فى وقت لو ذبح الإمام فى المصلى، فإن هذا إذا ضحى قبله لم يجزه إلا أن يتوانى الإمام بعد وصوله إلى داره. فمن ذبح فى وقت لو ذبح الإمام فى المصلى، فإن هذا إذا ضحى قبله لم يجزه إلا أن يتوانى الإمام بعد وصوله إلى داره. فمن ذبح فى وقت ولو لم يتوان الإمام وذبح فى داره كان هذا ذابحاً بعده أجزأه.
وإذا ذبح عن المسافر أهله فإنما يراعى ذبح إمامهم لا بعد ذبح إمام البلد الذى هو فيه. وروى عن أشهب أن الإمام إذا أخر الذبح فيذبح الناس ولا ينتظرونه.
وقال أبو المصعب إذا أخطأ الإمام أن يذبح فى مصلاه، فمن ذبح بعد ذلك فذلك له جائز.
قال ربيعة: من كان فى غير جماعة حيث ليس ثم إمام يفتدى بذبحه فذبح قبل طلوع الشمس فلا يجزئه، وإن ذبح بعد طلوعها أجزأه وإن كان قبل ذبح الإمام .
[4/314]
***(1/303)
[4/315]
ومن الواضحة قال: ووقت ذبح الضحايا فى أيام الذبح من الضحى إلى زوال الشمس، ويكره بعد ذلك إلى العشاء. فمن جهل فذبح حينئذ أجزأه، ومن ذبح بليل لم يجزه ، وقاله كله مالك.
وأما من لم يضح إلى عشاء اليوم الثالث فهذا يؤمر أن يضحى حينئذ. فأما إذا زالت الشمس فى اليوم الأول فهذا يؤمر بالصبر إلى ضحى اليوم الثانى. وكذلك إن زالت الشمس فى اليوم الثانى فهذا يؤمر بالذبح فى ضحى اليوم الثالث.
قال مالك فى المختصر وغيره: وفحول الضأن فى الضحايا أفضل من إناثها، وإناثها أفضل من فحول المعز، وفحول المعز من إناثها، وإناثها أفضل من الإبل والبقر فى الضحايا. وأما فى الهدايا فالإبل والبقر أفضل .
ومن كتاب ابن القرطبى: ثم ذكور الإبل فى الضحايا ثم إناثها ثم ذكور البقر ثم إناثها.
ومن الواضحة روى ابن وهب عن عدد كثير من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يستحسنون الضحية بكبش عظيم سمين فحل أقرن أملح ينظر بسواد ويسمع بسواد ويشرب بسواد ، والفحل أحب إليهم من الخصى ، والخصى أحب إليهم من النعجة والنعجة أحب إليهم من التيس، والحليل السمين أحب إليهم من غيره.
وأمر النبى عليه السلام باستشراف العين والأذن وقال: دم عفراء أحب إلى من دم سوداوين ويقال إن قربان ابنى آدم كبشان فتقبل السمين ولم يتقبل المهزول.
قال ابن حبيب والخصى السمين أفضل من الفحل المهزول، والفحل السمين أفضل من الخصى.
[4/315]
***(1/304)
[4/316]
ومن موطأ ابن وهب قال ابن شهاب فى الخصى إن الخصى لا ينقصه شيئا. وقال ربيعة: الفحل أحب إلى أن يضحى به الخصى. وقال عطاء فى المكسورة القرن التى قد جبرت: لا بأس أن يضحى بها. وقال مالك مثله فى التى يصيب عينها الشىء أو يصيب ظهرها فيداوى فتبرأ، فلا بأس بالضحية بها.
قال ابن القاسم عن مالك فى العتبية لا بأس بالضحية بمكسورة القرن إذا لم يدم وهى كالجلحاء. ابن المواز لا بأس بمستأصلة القرنين كالجلحاء.
قال ابن حبيب: لا يضحى بها وهى العضباء التى نهى عنها، كانت تدمى أو لا تدمى، وإنما يراعى دمها فى كسر خارج قرنها، فإن لم يدم فهى جائزة، وذكر نحوه عن النخعى، وهى القصباء والذكر أقصب.
وكذلك نهى عن عضباء الأذن وهو قطع نصفها أو ثلثها، قاله ابن المسيب وأما اليسير من قطع أو شق فلا بأس به، وكثير الشق هى الشرقاء، وقد نهى عنها، وهى العطوى والخرقاء التى فى آذانها ثقب مستدير فى مقدم الأذن ومؤخرها. وربما ترك معلقا كأنه زنمة. والجدعاء المقطوعة الأذن، قال ابن المواز والنصف عندنا كثير من غير أن يجد فيه حدا.
ومن كتاب ابن حبيب وفى الواضحة، والجد أخذ الضرع يابسة الضرع والمصرمة المقطوعة الإطاء والبنزاء المقطوعة نصف ذنبها أو ثلثه. وما أقل من ذلك فلا بأس به. وأما الترماء التى لا تجزىء فهى التى تسقط أسنانها من كبر أو كسر، فأما من إثغار فجائز. قال ابن المواز: ولو خلقت بغير أذنين خلقاً ناقصاً لم يجز أن يضحى بها.
من كتاب ابن حبيب قال ابن المواز فى الشطر الضرع إن كان يبس كله فلا يجوز، وإن كان يرضع ببعضه فلا بأس به.
[4/316]
***(1/305)
[4/317]
قال محمد ونهى عن الجداء وهى المصرمة عن الإطا، وعن الهيماء والجرباء والعجفاء.
وروى عن سحنون فى التى أقعدها الشحم أنه لا بأس بالضحية بها. وقال أشهب فى الكسيرة القرن إن كان يدمى فلا يضحى بها، فإن فعل أجزأه، وفى رواية ابن القاسم قال مالك هى كالمريضة.
قال ابن القاسم عن مالك فى العتبية لا بأس أن يضحى بالهرمة. قال أصبغ فى موضع آخر،ما لم تكن بينة الهرم.
قال فى كتاب ابن المواز وإذا سقطت أسنانها من إثغار أو هرم أو خفيت فلا بأس بها، وإن كان من غير ذلك فلا يضحى بها. وكذلك قال مالك فى العتبية من سماع ابن القاسم، قال ابن القاسم فى كتاب محمد إلا أن تكون سقطت لها واحدة فلا بأس بها فذلك جائز. قال ابن القاسم فى الجرباء إن كان مرضاً فلا يجزىء .
ومن موطأ ابن وهب قال ابن شهاب: لا يجزىء مسلولة الأسنان، ويرى الجدع ثلث الأذن ومن أسفل منها.
وسئل ابن المسيب عن عطباء الأذن فقال النصف فما فوقه. وقال ابن حبيب إن طرحت سنها ورباعيتها من غير إثغار لم يجز.
واستخف مالك العرج الخفيف لا يمنعها أن تسير بسير الغنم. ولا بأس بالجلحاء وهى الحماء، والسكاء وهى صغيرة الأذنين وهى الصنعاء، ولا بأس بالكسيرة التى قد انجبرت، وقاله أشهب عن مالك فى العتبية قال ابن المواز وإذا أخذ أضحية للذبح فاضطربت فانكسرت رجلها لم تجزه. قال ابن حبيب إلا
[4/317]
***(1/306)
[4/318]
أن ينالها ذلك أو تفقأ عينها من اضطرابها بعد الذبح فلا شىء عليه. محمد ولا بأس باليسير يقطع من الذنب والثلث عندنا كثير ومن العتبية أشهب عن مالك إن قطع من قبضة فليخلها إن وجد غيرها. قال مالك ولا يضحى ولا يعق بشىء من الوحش والطير، وذلك بالأنعام.
قال وإذا وجد جوف الضحية بعد الذبح فاسدة، فإن لم تكن مريضة فهى مجزئة.
قال ابن حبيب: ومن جهل فضحى بما لا يجزئه من ذات عيب فلا يبيع لحمها وإن أبدلها، لأنه ذبحها لنكسه وإن جهل ولم يعلم بالعيب. وكذلك التى تضطرب قبل الذبح فتنكسر رجلها أو تفقأ عينها فيتمادى فيذبحها فلا يجزيه، ولكن لا يبيع لحمها.
ومن العتبية قال عيسى عن ابن القاسم: ومن ظن أن يوم التروية من أيام النحر فنحر فيها أضحيته، قال يعيدها، ولا يبيع ذلك اللحم، كمن نحر قبل الإمام يوم النحر.
قال ابن حبيب: والأملح ما كان بياضه أكثر من سواده، والجذع من الضأن والمعز ابن سنة وقاله أشهب وابن نافع.
وروى عن ابن وهب فى غير الواضحة أنه ابن عشرة أشهر. وقال سحنون عن على بن زياد إنه بن ستة أشهر قاله سحنون.
قال ابن حبيب: والثنى ابن سنتين، والجذع من البقر ابن سنتين، والثنى ابن أربع، وجذع الإبل ابن خمس سنين والثنى ابن ست سنين. ولا يجزىء الجذع فى شىء من الأنعام فى ضحية أو هدى أو عقيقة أو نسك إلا فى الضأن خاصة.
قال محمد قال مالك: والثنى من الضأن أحب إلى، وهما جميعا جائزان.
[4/318]
***(1/307)
[4/319]
وجه العمل فى ذبح الضحية ونحر الهدى والتسمية
وفى الأكل منها والصدقة وذكر جنينها وصوفها ولبنها
من العتبية قال مالك من سماع ابن القاسم: نحر البدن قياماً أحب إلى، ورآه وجه الأمر. قال والبقر والغنم تضجع فتذبح، ويلى نحر بدنته وذبح أضحيته بيده أحب إلى وليقل بسم الله والله أكبر، فإن قال(ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم) فواسع، ولم ير قوله اللهم منم وإليك مستحسناً ولم ير العمل به.
قال عيسى سئل ابن القاسم أيضجع أضحيته على أى شقيها شاء؟ قال الثواب على شقها الأيسر على ما مضى من عمل المسلمين، ولو فعل ذلك جاهلاً لم يحرم أكلها عليه.
قال ابن حبيب وروى ابن وهب أن النبى صلى الله عليه وسلم فى الضحية وغيرها أمر بحد الشفار قبل أن تصرع وأن يواريها عند أخذها. وتوضع بالأرض عند الذبح وضعاً لينا رفيقا.
قال ابن حبيب ومن اكتفى بالتسمية أجزأه، ومن أحب أن يزيد منك وبك ولك فتقبل منى كما تقبلت من خليلك إبراهيم فعل. وقد روى أن النبى عليه السلام فعله. ومن اقتصر على التسمية فلا أحب أن يدع اللهم تقبل منى إنك أنت السميع العليم، أو ربنا تقبل من فلان ومن آل فلان أو قال عن فلان وآل فلان فهو حسن إذا أدخل أهله معه فيها.
ومن كتاب محمد قال مالك: ولا يتولى ذبح أضحيتك غيرك، ولكن تليه بنفسك. قال محمد: إلا من ضرورة أو ضعف، قال ابن حبيب أو كبر أو رعشة به أو نحو ذلك فيولى بذلك غيره مسلماً.
[4/319]
***(1/308)
[4/320]
قال محمد قال مالك: فإن أمر مسلم غيره من غير عذر فبأس ما صنع ويجزيه. وروى ابن وهب عن مالك فى سماعه وذكر مثله ابن حبيب عن مالك وحكى عنه ابن حبيب قال: إن وجد سعة فأحب إلى أن يعيد ويذبحها نفسه صاغراً فهو من التواضع لله سبحانه، وكما فعل النبى صلى الله عليه وسلم.
قال محمد: ولتل المرأة ذبح ضحيتها بيدها أحب إلى. وكان أبو موسى الأشعرى يأمر بناته بذلك.
محمد قال ابن القاسم: ومن أمر نصرانياً بذبح أضحيته ففعل لم يجزه، ولا ينبغى له بيع لحمها. قال ابن وهب قال مالك: أرى أن يعيد أضحيته، وقال أشهب فى غير كتاب ابن المواز إنها تجزئة وقد أساء.
قال سعيد بن جبير ولا بأس أن يلى سلخها. قال ابن حبيب فى قوله تعالى (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله) فالشعائر معالم الحج وسننه وعمله، وقوله(لكم فيها خير) والخير الثواب (فاذكروا اسم الله عليها صواف ) يقول تصف أيديها بالقيود عند نحرها. وفى قراءة ابن مسعود صوافن وهى المعقول منها يد واحدة من البدن وتصير قائمة على ثلاثة قوائم. وقرأ الحسن صوافى بمعنى أنها صافية لله سبحانه (فإذا وجبت جنوبها) صرعت للموت (فكلوا منها وأطعموا القانع) والقنوع فى اللغة قنوعان قنوع عفاف وقنوع سؤال، وقال الجعدى:
قليل المال يصلحه فيغنى مفاقرة أعف من القنوع
[4/320]
***(1/309)
[4/321]
يريد السؤال، وهو تفسير ابن عباس فى هذه الآية،وقال سعيد بن جبير وزيد بن أسلم ومالك فى تفسير مجاهد والنخعى والحسن وقتادة والضحاك: إن قنوع العفاف أن يجلس فى بيته ولا يسأل ولا يتعرض وأجمعوا أن (المعتر) الزائر المتعرض لما ينال من غير سؤال ولكل حق، وكله من البأساء (والبائس الفقير) (ولكن يناله التقوى منكم) يقول ما يبتغى به وجهه فذلك يصعد إليه.
قال محمد قال أشهب إن نتجت الضحية فلا يذبح ولدها ولا يجوز، وقال مالك إن ذبح مع أمه فحسن، وقال قبل ذلك إن تركه فليس بواجب ذبحه. قال ابن حبيب إلا أن يخرج بعد الذبح فعليه ذبحه كولد البدنة بعد إشعارها.
وما ولدت الضحية قبل الذبح فإن شاء ذبحه معها وإن شاء أبقاه، كما له أن يبيعه. وكذلك يفترق فى لبنها فيشرب لبن الضحية، وإن تصدق به فحسن. ولا يجوز له شرب لبن البدنة ولا ما فضل عن فصيلها، وكذلك قال مالك.
قال أبو بكر قال أشهب: له أن يجز صوفها قبل الذبح وبعده، وكذلك اللبن.
ومن العتبية قال أبو زيد ضحى ابن القاسم بنعجة حامل فركض ولدها عند الذبح فى بطنها فأمر بتركها حتى ماتت ثم شق عنه فأخرج وأمر السكين على حلقه فسال دمه فأمر أهله فشووا له منه.
قال ابن حبيب: وينبغى أن يأكل منها ويطعم، وكذلك البدن كما قال الله سبحانه. ولو أراد أن يتصدق بلحم أضحيته كله لغنائه عنه، كان كأكله له كله ولم يتصدق منه، حتى يفعل الأمرين جميعاً كما ذكر الله سبحانه، قال وكذلك قال مالك.
[4/321]
***(1/310)
[4/322]
ويستحب أن يكون أول ما يأكل يوم النحر من أضحيته، قاله عثمان وابن المسيب وابن شهاب. قال ابن شهاب: يأكل من كبدها قبل أن يتصدق.
قال ابن المسيب: ويأكل يوم الفطر قبل أن يغدو. قال ابن حبيب وليس لما يأكل منها حد ولا لما يطعم، ويجزىء منه ما قل أو كثر، قاله مالك وابن المسيب والحسن وقتادة إذا أطعم منها الربع أجزأه. قال ابن حبيب: وهذا وما روى عن غيرهم الثلث فمن باب الاستحسان لا ضيق فيه، وليس عليه أن يعم منها القانع والمعتر والبائس الفقير، وهم كأصناف الزكاه المذكورين.
ومن كتاب ابن المواز: يستحب له أن يتصدق ببعض لحم أضحيته، ولو لم يتصدق بشىء منها جاز له. وكذلك له أن يتصدق به كله وهو أعظم لأجره. ولا بأس أن يطعم منها جاره الغنى وصديقه والحر والعبد، قاله مالك. وخفف مالك أن يطعم منها أهل الذمة، وقال إنما النهى عن ذلك فى المجوس، وقد خفف مالك أن يطعم منها جيرانه الكتابين ثم كرهه وكرهه ابن القاسم، إلا لمن فى عياله منهم.
واختلف قول مالك فى ظئر ولده النصرانية والكراهية واستحب ابن القاسم.
وفى العتبية أن ابن القاسم اختار إجازته. وإذا أطعم من الهدى الواجب الذى ليس له أن يأكل منه كتابياً أو عبداً فليبد له. واختلف قوله فى الغنى. وأما التطوع فلا بدل عليه.وكذلك ما له أن يأكل منه من الواجب إن أطعم منه نصرانياص فلا بدل عليه.
[4/322]
***(1/311)
[4/323]
قال مالك فى العتبية
فى سماع ابن القاسم: لا بأس أن يهب جلد أضحيته لظئر ولده النصرانية ويطعمها من اللحم، وأن يهدى منه لجاره النصرانى. ثم كره ذلك كله وكلك قال فى العقيقة فى سماع أشهب.
قال ابن حبيب وأرخص ابن كنانة أن يطعم من الضحايا النصرانى. قال ابن حبيب: وجه الرخصة فيه عندى فيمن فى عياله من النصارى من مملوك أو أبويه أو أجيره وضيفه ومن غشية فى منزله. وأما تعمد البعث إليهم منه فلا يجوز ذلك، وكذلك فسره مطرف وابن الماجشون، وقاله أصبغ عن ابن القاسم.
[4/323]
***(1/312)
[4/324]
فى بدل الضحية والتغالى فيها، ومن مات عنها
أو عن لحمها. وفى جلدها يباع، وإذا ذهب عند
الصانع شىء منها وفى جز صوفها وبيعه
وذكر ما يرجع به من قيمة عيوبها
من العتبية قال أشهب: كره مالك تغالى الناس فى الضحية، قال وخير الهدى هدى محمد وأصحابه وليشتر كشراء الناس وإن غلت، فأما أن يجد بعشرة فيذهب فيشترى بمائة فإنى أكرهه ويدخل فى الناس مشقة.
قال ابن القاسم قال مالك فيمن ابتاع ضحية فسماها له أو لغيره ثم يريد أن يبدل أضحيته لغيره وهو يذبح ما سمى لغيره. قال أرى إن أبدلها بخير منها فلا بأس، وإن اشترى أضحيه فأراد أن يعطيها لأمه فلا بأس بذلك.
قال عيسى قال ابن القاسم: من باع أضحيته ليبتاع أفضل منها ثم وجد خيراً منها بدون الثمن، قال مالك لا يحبس من الثمن شيئا وليشتر به وأنكر الحديث فى ذلك. وأما إن تركها واشترى أفضل منها فلم يأت يوم النحر حتى صارت الأولى أفضل فليذبح الأفضل.
قال ابن حبيب: وإذا أبدلها بدونها يتصدق بما بين القيمتين أحب إلينا. وكذلك إن باعها واشترى بدون الثمن مثلها أو أخيراً أو أدون فليتصدق بما
[4/324]
***(1/313)
[4/325]
استفضل ، فإن شح فى الوجهين صنع بالفضل ما أحب، وكذلك قال من لقيت من أصحاب مالك.
وفى حديث حكيم بن حزام الذى أعطاه النبى عليه السلام ديناراً ليشترى ضحية فابتاعها ثم باعها بدينارين فاشترى أخرى بدينار وأتاه بها وبالدينار فتصدق به النبى صلى الله عليه وسلم ودعا له بالبركة. قال ابن القاسم أنكر مالك هذا الحديث.
قال فى كتاب ابن المواز :وإن ترك ذبح أضحيته حتى مضت أيام النحر فلا شىء عليه، وقد أساء فى تعمده وفاته خير كثير فى نسيانه.
قال ابن القاسم فى المدونة وقد أثم فى تعمده. مالك ويكره بدل أضحيته باشر منها. وإن أبدأها بأقل منها فى ثمنها وهى مثلها أو خير منها فجائز، لأنه لم يبعها.
قال مالك وكذلك إن حبسها واشترى غيرها. وأما إن باعها واشترى أخرى بدون الثمن فذبحها فإنه يتصدق بالفضل.
وفى المختصر وكتاب ابن المواز قال مالك: ومن مات عن أضحيته قبل أن تذبح فإنها تورث. محمد واستحب ابن القاسم أن يذبحها عنه الورثة ولا يلزمهم. قال وما اشتراه لغيره فإن أقره وأشهد عليه بتعمد الإشهاد فهى لمن أشهد له، وكذلك إن أجازها فى صحته. قال ابن حبيب وإلا فهى تورث وتباع فى دينه.
قال مالك فى المختصر وغيره: ومن مات عن لحم أضحيته أكله ورثته ولم تبع فى دينه.
قال فى كتاب محمد: ولا يقتسمونه فيصير بيعا. قال ابن حبيب إن شاءوا اجتمعوا على أكلها بعد أن يطمعوا منها كما يطعم، وإن شاءوا اقتسموها لأنهم يرثون منها ما كان له ثم ينهون عن بيع أنصائهم منها. هكذا فسره مطرف وابن الماجشون عن مالك.
[4/325]
***(1/314)
[4/326]
وقال ابن القاسم عن مالك: إذا قام عليه غريمه وقد اشترى أضحيته فله بيعها عليه فى دينه،ولو ضحى بها لم تبع.
وقال عيسى فى العتبية عن ابن القاسم: إن مات عن أضحيته قبل الذبح فأحب لورثته ذبحها عنه، وإن أبوا فهى مال من أمواله ويأخذها غرماؤه إن لاحقه دين . ولو ذبحها ثم مات لم يأخذها الغرماء واقتسمها الورثة على الميراث، وللغرماء أخذ البدنة وإن قلدها كما مر فى العتق.
قال عبد الملك بن الحسن قال أشهب : إذا مات عن أضحيته فلا يضحى بها عنه وهى ميراث . قال أبو زيد قال ابن القاسم فيمن دفع جلد أضحيته إلى من يدبغه فيقول سرق منى، فإن وثق به فلا يغرمه شيئا، وإن اتهمه فليأخذ قيمته ويتصدق بها أحب إلى ، وضعفه .
قال عنه أصبغ إن باع أهله جلد أضحيته فليتصدق بثمنه، فإن أفات الثمن فليس عليه أن يغرمه من عنده. قال ابن حبيب: وكذلك إن باعوا من لحمها، وذلك إذا لم يأذن لهم فى بيع الجلد واللحم ولا رخص لهم فيه ولا أعطاهم الجلد واللحم ليصنعوا به ما شاءوا من بيع أو غيره ، فإن فعل هذا فهو البائع وعليه إخراج الثمن من عنده والصدقة به ، وكذلك قال أصبغ .
قال مالك ولا يبيع جلد أضحيته بجلد غيره ، قال ولو جاز ذلك جاز له بقلنسوة وشبهها. قال سحنون فى موضع آخر: وللرجل أن يؤاجر جلد أضحيته ، وكذلك جلد الميتة ، يريد إذا ذبغ.
قال ابن حبيب : من باع جلد أضحيته جاهلا فلا يجوز أن ينتفع بالثمن، وعليه أن يتصدق به . وكذلك إن باعه عبده او بعض أهله . قال : ومن سرقت رؤوس ضحاياه من الفرن فاستحب ابن القاسم أن لا يغرمه شيئاً وكأنه رأه بيعاً. قال ابن حبيب وله أخذ القيمة ويصنع بها ما شاء من أكل أو هبة أو صدقة أو
[4/326]
***(1/315)
[4/327]
شراء ما يحتاج إليه، وكذلك جلدها يضيع عند الرقاق أو يستهلك ، وليس كالبيع ألا ترى من حلف ألا يبيع ثوبه فغصبه غاصب أو استهلكه أحد فله أخذ قيمته ولا يحنث، وله أخذ قيمة جلد مثله من الرقاق ينتفع به كما يأخذ من اللحم المستهلك ماشاء من حيوان أو طعام، وقاله لى فى ذلك كله ابن الماجشون وأصبغ.
وروى عن سحنون فيمن باع جلداً من أضحيته أو شيئاً من لحمها أو صوفها، فإن أدركه فسخ البيع وإلا فيجعل ثمن الجلد فى ماعونه أو فى طعام وثمن اللحم يشترى به طعاما يأكله. وقال محمد بن عبد الحكم: من باع جلد أضحيته فله حبس ثمنه وأن يصنع به ما شاء.
قال فى كتاب ابن المواز : إذا اختلطت رؤوس الضحايا عند الشواء كرهت لك أكل متاع غيرك ، ولعل غيرك لا يأكل متاعك أو متاعه خير . ولو اختلطت برؤوس الشواء فهذا خفيف لأنه ضامن ، كمن ضمن لحم الأضاحى بتعدن وكما يضمن زرعاً لم يبد ضلاحه ، وقيمة كلب الغنم بالتعدى ، وفطرة المسكين.
ومن كتاب ابن المواز ولا يتصدق بجلد الضحية على من يعلم أنه يبيعه . ومن تصدقت عليه به فلا يبيعه ولا يبدله بمثله من جلد أضحيته أو غيرها. وكذلك لو هبته لخادمك قاله مالك .
قال ابن حبيب عن أصبغ فيمن تصدق بأضحيته على رجل بعد أن ذبحها إن للمعطى بيعها إن شاء ، ذكرها ابن حبيب فى كتاب الحدود .
قال ابن المواز ولا يدفع جلودها لمن يعملها على النصف، وكذلك العقيقة ، وكذلك صوفها ووبرها إذا جززته بعد الذبح.
ومن كتاب محمد ومن العتبية من سماع ابن القاسم قالمالك: لا يجز صوف الضحية بعد أن سمى وقبل الذبح ، فإن ذبحها فله أن يجزها إن شاء، فإن
[4/327]
***(1/316)
[4/328]
جزها قبل الذبح ثم ذبحها أجزأته وقد أساء ، ولينتفع به ولا يبيعه ، وقاله ابن القاسم إن جزه بقرب الذبح. قال سحنون ولو باعها لم أر به بأسا بأكل ثمنه إلا أن يجزه بعد الذبح فلا يبيعه.
قال محمد قال أشهب: له أن يجزها وينتفع به ويبيعه ويصنع به ما شاء لأنه لم يجب ، وخفف أصبغ بيعه قبل الذبح . قال عيسى بن دينار قال سعيد بن حسان أخبرنى هارون قاضى المدينة عن مالك فى الحذاء أيدهن بشحم أضحيته شرك النعل ؟ فنهى عنه .
قال أصبغ فى العتبية إذا وجد بأضحيته عيباً بعد الذبح فرجع بقيمته ، فإن كان مما لا تجزى صنع به ما شاء ، فإن كان فى أيام الذبح أعاد وإن فاتت فلا شىء عليه ويصنع به ما شاء، وإن كان عيبا تجزى بمثله تصدق بما أخذ وكذلك ذكر ابن حبيب عن أصبغ عن ابن القاسم سواء ، وقال ذلك بخلاف ما يرجع به من قيمة عيب بعبد قد اعتقه، هذا يصنع به ما شاء كان مما يجوز فى الرقاب أم لا .
وفى العتبية قال سحنون فى الرفيقين يشتركان فى الشاتين للضحية فيتقاسمانها فيقول هذا خذ أنت هذه فضح بها وأنا هذه أضحى بها، فذلك جائز إن استويا فى السمانة، فإن لم يستويا كرهت ذلك لأخذ الأدنى إلا أنها تجزيه، ولا يأخذ للفضل شيئاً، قال أبو بكر بن محمد، قال غيره: وتجزئه لأنها بالقسم وجبت ضحية إذا كان فى كل شاة جزء.
فيمن ذبح أضحية غيره بأمره أو تعدياً أو غلطاً
وفى الأضاحى تهرب أو تختلط هى أو لحومها أو تسرق
من العتبية ذكر مالك من سماع أشهب حديث ابن عمر حين اشترى أضحيته من راع وأمره بذبحها، فذبحها الراعى وقال اللهم تقبل منى ، فقال ابن عمر ربك أعلم بمن أنزلها من رأس الجبل.
[4/328]
[329 / 4]
وذكر ابن حبيب أن تأول أصبغ هذا أن ابن عمر ضحى في سفره وعلى حسن النية منه في الضحية ولو تبالغ فيما / فعل الراعي لرآها لا تجزئه وضمن الراعي وضحى بغيرها .
ومن كتاب ابن المواز قال ابن قاسم : إذا أخطأ رجلان فذبح كل واحد أضحية صاحبه عن نفسه غلطا ً فلا تجزئ عن واحد منهما ، ورواه عن مالك ،وقال أشهب يجزى عن الذابح كما لو استحقت بعد الذبح . واختلف فيه قوله .
وأما نحر الهديين غلطا ً بعد أن قلدا فروى أشهب عن مالك أنه لا يجزيهما، وروى عنه ابن القاسم وابن وهب أنه يجزي عن الذي قلده لا عن من نحره لوجوبه بالتقليد، وبهذا يأخذ محمد .
قال وأما الضحايا فإن أجاز مستحقها ذلك وطالت القيمة أجزت عن ذابحها ، كعبد أعتقه عن ظهاره ثم استحق فأجاز به البيع ، وهو معنى قول أشهب عندي [وكذا إهداء] ولدها ثم جاء ربها فأخذ قيمتها فهي لهذا أم ولد .
وكذلك مستحق البدنة المقلدة ، له أخذها وحل قلائدها ، فإن ترك أجزت مهديها . وكذلك إن قلد بدنة صاحبه غلطا فاختار ربها أخذ القيمة أجزت عن مقلدها . وروى عن ابن القاسم في الضحية أنه إن أخذ ربها قيمتها لم يجز على من ذبحها ولا أرى له بيع ذلك اللحم لأنه أراد به النسك ، وقاله أصبغ وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم في العتبية .
قال محمد والصواب ما قلنا أولا ، وهذه من المجالس لم تتدبر .
وقال ابن حبيب في الضحية إن عرف ذلك بعد فوات اللحم أجزأت عن ذابحها غلطا وودي القيمة ، وإن لم يفت اللحم فربها مخير ،فإن شاء أخذ اللحم
[ 329 / 4]
[330 / 4]
فله بيعه ، وإن أخذ قيمة الشاة لم تجز عن ذابحها ولا له بيع لحمها نحو ما ذكر محمد عن ابن القاسم وأعابه .
قال قال ابن القاسم في العتبية / من ضحى يوم التروية يظنه يوم النحر لم يجزه ولا يبيع لحمها . وهذه من العتبية . ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم : ولو ذبح لك جارك أضحيتك بغير أمرك إكراما لك فرضيت لم تجزك إلا أن يكون مثل الولد أو من بعض عيالك مما يحمل عنك ذلك . قال عنه أبو زيد والصداقة بينهما أو وثق به حتى يصدقه أنه ذبحها عنه . قال أشهب : لا يجزيه وإن كان ممن في عياله وهو ضامن .
قال محمد : وإذا هربت الضحية فعليه بدلها لا يبالي دون الأولى أو خيرا منها ، فإن كانت خيرا فهو أحسن ، ثم إن وجدها صنع بها ما شاء ، بخلاف الهدى المقلد يضل .
قال عيسى عن ابن القاسم في العتبية : ومن ضلت أحضيته فوجدها بعد أيام النحر وقد ضحى بأخرى أو لم يضح فليصنع بها ما شاء . وكذلك إن وجدها في أيام النحر وقد ضحى . وإن أختلطت أضحيته بغنم رجل فهو له شريك بها بجزء من مبلغ عددها إن كانت مائة كان له جزء من مائة ، فإن شاء أن يتعجل أخذ شاة احاجته فله ذلك ، ويأخذ شاة من أوسطها وليست من أعلاها ولا من أدناها .
ومن موضع قال ابن القاسم في رؤوس الضحايا يحظى [كذا] بها في الفرن فليتحال أصحابها ، وليس لكل واحد طلب قيمة متاعه ولا طلب فضل قيمة متاعه من الآخر . ولو سرقت ضمنها السارق، ولا أحب إن طالب بشيء . قال عيسى بل يأخذ منه القيمة ثم يتصدق بها أحب إلي .
[330 / 4]
[331 / 4]
وروي عن بعض أصحابنا في شاتين في بيت لرجلين لكل واحد شاة بعينها فذبحاهما ثم اختلطا بعد السلخ أنهما يجزيانهما ولا يأكلان لحمهما وليتصدقا به جميعا . /
قال عبد الله بن عبد الحكم : إذا اختلطت الضحايا فلا بأس أن يصطلحا فيها إذا أخذ كل واحد كبشا يضحي به ويجزيه .
قال أبو زيد عن ابن القاسم فيمن اشترى أضحية له وأخرى لا مرأته فذبحهما عن نفسه ساهيا ، فأحب إلى أن يبدل أضحية امرأته ، فإن أبى لا تجزى عنها .
وقد تقدم في باب آخر ذكر صوف الضحية يجز وذكر جلودها تباع أو يتلف عند الصباغ جلدها أو رأسها أو يتبدل ، وما يرجع به في عيوبها .
في التلقي في شراء الضحايا ومن سلف فيها فلم يؤدها إلا بعد أيام النحر ، وهل يشتري ؟
من العتبية من سماع ابن القاسم في الذي يخرج إلى مثل الإسطبل وهو على نحو ميل ليشتري أضحيته وبه يجتمع الغنم ويخرج إليه الناس يشترون ، قال لا يعجبني حتى يرد السوق وهو قد بان فيحتاط لها . وقد نهي عن تلقي السلع . وكذلك كره إذا مرت الغنم في بعض نواحي الفسطاط أن يشتري منها حتى ترد السوق ، ولو مر بها على قرية عن الفسطاط على ستة أميال فلا بأس أن يشتروا لحاجتهم ولضحاياهم ، وأما للتجارة فلا .
قال عيسى قال ابن القاسم عن مالك في الغنم تجلب فتترك على ميلين أو ثلاثة عن المدينة ثم يخرج الجزارون لشرائها ، قال لا ، وهذا من التلقي .
[331 / 4]
[332 / 4]
ولو ضحى بما ابتاع في التلقي فعليه البدل في أيام النحر ، ولا يبيع لحم الأولى .
ومن سماع أشهب قيل لمالك : أيشتري في السفر من الراعي ؟ قال قد يرعاها ربها فأما العبد الأسود الأعجمي لا يؤتمن مثله فأحب إلي أن لا يشتري منه . وأما الفصيح الذي يبيع لأهله ويقول أمرت بالبيع وولي فيها فأرجو فيه سعة . قال : ومن سلف في ضحايا إلى أجل / إلى رجل ليأتي بها في الأضحي فلم يأت بها إلا بعد فوات ذلك فإنها تقبل منه . وكذلك الطالب يأتي بها في الشتاء فتأخرت فيلزم المبتاع قبولها، كما لو تأخر بالقمح عن وقت إنفاقه . وهذا خلاف من يكرى إلى الحاج فيخلفه . قال محمد لأنها أيام بأعيانها في الحج .
وروى ابن حبيب عن مطرف عن مالك في الضحايا يأتيه بها بعد أيام النحر بيوم أنها تلزمه، وإن جاء بها بعد ذلك بالأيام والأمر البعيد فهو مخير إن شاء قبلها أو يرجع برأس ماله .
في سنة العقيقة والعمل فيها
وذكر الذبيح من ولد إبراهيم عليهم السلام
من الواضحة قال مالك : والعقيقة سنة وإن لم تكن واجبة فيستحب العمل بها، وكانوا يكرهون تركها . قال ابن المواز : هي مستحسنة وليست بواجبة، لقول النبي عليه السلام [من ولد له فأحب أن ينسك عنه فليفعل] قال ابن حبيب ليست كوجوب الضحية .
وقد عق النبي عليه السلام عن ولده إبراهيم، وعن الحسن والحسين يوم سابعهما .
[332 / 4]
[333 / 4]
وقال مالك عن الذكر شاة وعن الأنثى شاة ، وكذلك قال ابن عمر . وروى عن عائشة عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة .
قال مالك : ومن ولد له توءمان فليعق عن كل واحد شاة، وكذلك روى عيسى ابن دينار عن ابن القاسم في العتبية .
قال ابن حبيب : وهذا في شاة العقيقة التي تذبح عن المولود، فأما ما ينبغي ويحسن من التوسعة والإطعام ودعاء الناس فأكثر من ذلك .
قال مالك في العتبية من سماع ابن القاسم ليس الشأن عندنا دعاء الناس إلى طعامها، ولكن يأكل أهل البيت والجيران ويسمى الصبي يوم السابع .
قال مالك : والضأن والمعز سواء يجزئ في العقيقة . قال في سماع أشهب ولا يعق ولا يضحى بشيء من الوحش والطير، ولا يتقرب إلى الله سبحانه في هذا إلا بالأنعام . قال الله تبارك وتعالى {ثمانية أزواج}الآية وقال في موضع آخر في سماع سحنون قال مالك : لا يجزئ في العقيقة الإبل والبقر، وإنما سنتها الغنم خاصة وبه جاءت السنة .
قال ابن حبيب : إن العقيقة عند مالك بالبقر وبالغنم والإبل، والضأن أحب إلي من المعز ومن البقر على سبيل أمر الضحية في الأنعام الأربعة، والضأن أفضلها .
والذي يجزئ من سنها الجذع من الضأن ، والثني من المعز وغيرها . ابن المواز : يعني بالجذع من الضأن والثني من المعز وغيرها .
قال ابن المواز : يعق بالجذع من الضأن والثني . قال في سماع ابن القاسم في العتبية في العقيقة ضحوة كالضحية . قال ابن حبيب
[333 / 4]
[334 / 4]
من ضحى يوم السابع إلى الزوال قاله مالك ، وتحسب الأيام بلياليها والليلة سابقة ليومها . فإذا طلع الفجر قبل يولد كان يوم لا ليلة ولا يحسب، قاله مالك .
قال ابن حبيب : ولو عق عنه إلى مثل الحين الذي ولد فيه بعد أن يكون حينا يذبح في مثله نهارا ً أجزأه ولم يعد، قاله ابن الماجشون أصبغ، قالا : وذلك اليوم أحب إلينا .
قال ابن الماجشون : ولا يذبح ليلا ولا بسحر ولا بالعشي، ولكن من ضحى إلى الزوال .
قال في العتبية قال عيسى عن ابن القاسم فإن عق ليلاً لم يجزه وأعاد . قال ابن حبيب ومعنى قول مالك تكسر عظامها بما كان الجاهلية يقطعونها من المفاصل ويحلقون رأس الصبي ويجعلون على رأسه من دمها / في قطنة ، فلذلك نهى مالك أن يمس الصبي بشيء من دمها .
قال ابن حبيب : ويجعل مكان الدم على رأسه خلوق ، روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ويحلق رأسه ويتصدق بوزنه فضة ؛ وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله بحسن وحسين .
ولا بأس أن يتخير له الاسم في تلك الأيام ولا يوقف عليه إلا يوم السابع، وكذلك روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سمي الحسن والحسين وزينب أوم كلثوم يو السابع، قال ابن وهب : وبه يأخذ مالك .
قيل له : فإن مات قبل سابعه أيسمى ؟ قال فذكرت له الحديث في السقط بقول لأبيه يوم القيامة تركتني بغير اسم، فلم يعرفه .
قال ابن حبيب وأحب إلي إن مات قبل السابع أن يسمى، وكذلك السقط يسمى لما روى من رجاء شفاعته والله أعلم .
قال ابن حبيب : ومن ترك أن يعق عن ولده في سابعه فليعق عنه في السابع الثاني فإن لم يفعل ففي الثالث فإن فاته فلا يعق بعد ذلك . وروى ذلك ابن وهب
[334 / 4]
[335 / 4]
عن مالك وروي مثله عن علي وعائشة، وروى ابن عبد الحكم عن مالك القولين واختار رواية ابن وهب .
قال ابن حبيب : ومذهب ابن القاسم وروايته إذا فاته السابع الأول فقد فاتته العقيقة، وأهل العراق يعقون عن الكبير، وروي عن ابن سحنون، وهذا لا يعرف بالمدينة . وكانت عائشة تعق عن بني أخيها من أموالهم .
وروي عن مالك في المختصر : ويعق عن اليتيم إذا كانت له سعة .
ومن العتبية من سماع ابن القاسم : سئل عن حلاق رأس الصبي يوم سابعه والصدقة بوزن شعره ورقا ً ، فقال : ما هو من عمل الناس وما ذلك عليهم .
قيل أيدخر لحم العقيقة ؟ قال شأن الناس أكلها وما بذلك بأس .
قال مالك : ويقع في قلبي من العقيقة أنه مدخل يقرب به المولود إلى طريقة الإسلام وشريعته . قال في سماع أشهب لا يعق بعد اليوم السابع ولا في الأسبوع الثاني ولا عن الكبير ولا عن اليتيم، وهو لأصحابه الذين ما عق عنهم وما عقوا عن أنفسهم .
قيل فيعمل منها الطعام فيدعى إليه ؟ قال ما رأيتهم عندنا يفعلون ذلك، إنما يقطعونه ويأكلون منه ويطعمون ويبعثون إلى الجيران . ولا بأس أن يطعم منه نيئا ً وغير نيء، شاءوا أن يصنعوا طعاما ما صنعوا من غيرها ودعوا إليه الناس .
ومن مات ولده قبل السابع فلا عقيقة عليه فيه ولا يسميه .
قال معن قال مالك : إذا كان سابع ولده يوم الأضحى وليس عنده إلا شاة، قال يعق بها . قال العتبي وابن حبيب إلا أن يكون يوم السابع آخر أيام النحر فليضح بها لأن الضحية أوجب. قال عيسى عن ابن القاسم قيل : أيطعم
[335/ 4]
***(1/317)
[4/336]
منها إخوانه الأغنياء ؟ قال الفقير أحب إلي ، فإن فعل فلا شيء عليه . ولا يعجبني أن يجعله صنيعا يدعو إليه .
قال ابن حبيب والأحسن أن يوسع بغير شاة العقيقة لإكثار الطعام ودعاء الناس إليه فروي أن ابن عمر ونافع بن جبير كانا يدعوان إلى الولادة . قال النخعي كانوا يستحبون أن يطعموا على الولادة . قال ابن حبيب فجمع الناس لا يكون إلا على الكثير .
قال ويسلك بالعقيقة مسلك الضحايا في اجتناب العيوب وفي أسنانها وفي النهي عن بيع شيء منها ، فإن ذبح الأب غير شاة العقيقة يريد بها التوسعة في إطعام الناس ، فإن لم / ينو أن يجعلها عقيقة فله بيع جلودها ، ولا يبالي فيها بعيب ولا يراعي فيها ما ذكرنا .
ومن كتاب ابن المواز قيل لمالك : أيعق العبد عن ولده الحر ويضحي عنه ؟
قال نعم إن أذن له سيده ، وإلا فلا .
قال مالك في السماع من العتبية وفي غير ديوان : الذبيح إسحاق . وقال ابن حبيب إن الذبيح إسماعيل ، وهذا قول العراقيين والله أعلم .
في الأختتان والخفاض وإتيان الولائم
من سماع ابن وهب قال مالك : الختان من الفطرة ، ولا أرى أن يختن المولود في اليوم السابع فإنما ذلك من عمل اليهود ، ولم يكن من عمل الناس إلا حديثا .
قال عنه أشهب : ليس لختانه حد ينتهي إليه ، وأحب إلي إذا أثغر ، وإن عجل قبل ذلك فلا بأس ، وكلما جعل ختانه قبل الإثغار فهو أحسن إلي . قيل له فختان الجواري ؟ قال إنهن يخفضن ويفعل ذلك بهن ابن وهب . قيل لمالك وربما ولد الصبي وفي رأس ذكره بتره فيخاف منها فيعجل إختانه حتى يسقط من الجلدة التي تقطع ، قال إذا كان من الضرورة فلا أرى به بأسا ، يريد بتعجيل ختانه .
[4/336]
***(1/318)
[4/337]
قال عنه أشهب : وإنما يسمى يوم السابع يوم يعق عنه ، وأنكر أن يؤذن في أذنه حين يولد قال يسمى السقط .
قال عنه ابن وهب : ولا يسمى المولود إلا يوم السابع ، ولا يضره إن مات قبل أن يسمى فلا يسمى ، فذكرت له الذي في السقط أنه يقول لأبيه يوم القيامة تركتني بلا اسم وأنكره وقال ما سمعنا هذا .
قال ابن حبيب : لم يكن الأختتان قبل نبي الله إبراهيم عليه السلام وهو من ملة الإسلام . قال الله تبارك وتعالى [ ملة أبيكم إبراهيم ] وأمر الله سبحانه بذلك إبراهيم ونسخ به ما تقدم من ترك الاختتان وكل طاعة الله في وقته ، فاختتن صلى الله عليه وسلم بالقدوم وهو ابن عشرين ومائة سنة وعاش بعد ذلك ثمانين سنة .
قال مالك : الاختتان من الفطرة ،فمن تركه من غير عذر ولا علة لم تجز إمامته ولا شهادته .
قال ابن شهاب ولا يتم إسلام من أسلم حتى يختتن . قال ابن المسيب كان إبراهيم عليه السلام أول الناس اختتن وقص شاربه وقلم أظفاره ونتف إبطه وحلق عانته وفرق شعره ، وأول من استاك وأضاف الضيف ، وأول الناس رأى الشيب فقال يارب ما هذا ؟ قال وقار . قال رب زدني وقارا . قال عطاء بن أبي رباح : عشر خصال من الفطرة وفطر عليها إبراهيم علية السلام ، خمس في الرأس : المضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب وفرق الرأس وفي الجسد خمس : قص الأظافر ونتف الإبط والاستحداد والختان والاستنجاء .
[4/337]
***(1/319)
[4/338]
وروي عن الحسن أنه تفسير قوله تعالى / [ وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ] وروي أن إبراهيم ختن إسماعيل ابن ثلاث عشرة سنة ، وختن إسحاق ابن سبعة أيام .
وروي أنه أطهر للمولود وأعفى من الألم يريد العنة والمرض والعيب . وكره مالك الختان يوم يولد الصبي وفي يوم سبعة أيام وقال هو من فعل اليهود ولم يكن من عما الناس إلا حديثا . وكان لا يرى بأسا أن يفعل لعلة تخاف على الصبي . قال مالك : وحد ختان حين يؤمر الصبي بالصلاة من سبع سنين إلى عشرة .
قال ابن حبيب : روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الختان سنة للرجال مكرمة للنساء وقال يحيى بن سعيد وربيعة : وذلك كالختان في الرجل في إلزامه لأنه لايقطع من أحد شيء ولا يلزمه ، وكذلك هما في حلق العانة ونتف الجناحين ، وقاله كله مالك .
ويقال إن إبراهيم أمر سارة أم إسحاق أن تفعله بهاجر أم إسماعيل وكانت أمة لها وهبتها لإبراهيم ، ثم غارت بها فحلفت ليغيرن منها ثلاثة أشراف، فأمرها إبراهيم أن تثقب أذنيها ، وتخفضها . وقال النبي عليه السلام لأم عطية : أشمي ولا تنهكي فإن ذلك أسرى للوجه وأحظى عند الزوج يقول ال تبالغ في القطع ولكن تخفف، وقوله أسرى يقول أشرق وأنظر وأكثر لماء الوجه ودمه، وإذا بالغت في القطع أذهب ماء وجهها وأمات لونها . وقوله أحظى عند الزوج يقول أحسن في جماعها .
وروى أن عليا بن أبي طالب كره أن تخفض حتى تبلغ سبع سنين، وليس من الشأن الإطعام عند ذلك، بل الشأن عند الناس ستره وإخفاء ذكره .
[338 / 4]
[339 / 4]
وأما ختان الذكر فكانوا يدعون إليه فروى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يدعى إليه . وكان ابن عمر يدعو إليه وإلى الولادة، ونافع عن حبيب بن مطعم . قال عبد الله بن زيد رأيت وائلة ابن الأسقع دعا الناس إلى ختان ابنه وهو مؤتز بشملة غليظة، وفي كلتا يديه إناء شراب من حلال الأشربة، يقول أشربوا رحمكم الله .
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا وليمة إلا في عرس أو عذار قال العرس البناء بالزوجة، والخرس نفاسها والإعذار ختان المولود . يقال أعذرت الغلام فهو عذر إذا اختتنته . وكل ما يدعى إليه الناس فهو وليمة، فخص الناس اسم طعام العرس بالوليمة، واسم طعام الخرس بالعقيقة، وطعام الإعذار عذيرة .
زاد الحسن بن يحيى الدمشقي إلى هذه ثلاث ولائم العتيرة والبقيعة، فالعتيرة الطعام الذي يبعث إلى أهل الميت، قال مالك إلا أن يرسل لنياحة فإني أكره ذلك . قال ابن حبيب والبقيعة طعام الإصلاح كانت العرب تفعله في النايرة تقع بين القبيلتين فتأتي قبيلة أخرى للصلح بينهما فيجمعهما بأفنيتهما لذلك وينحر البقر ويقدم الطعام بعد الصلح .
ومن العتبية روى أشهب عن مالك العتيرة شاة كانت تذبح في رجب يبتدرون وقد كانت في الإسلام ولكن ليس الناس عليها .
[339 / 4]
[340 / 4] فارغة
[341 / 4]
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه
كتاب الصيد
في اللهو بالصيد
وما يحل من صيد الجوارح المعلمة
وذكر التسمية
من الواضحة ومن كتاب ابن المواز قالا : وكره مالك الصيد للهو به ونهى عنه ولرآه سفهاً، ولم يجز قصر الصلاة فيه، وأجاز ذلك لمن يصطاد لعيشه وعيش أهله. قال عنه ابن حبيب أو من قرم إلى اللحم من غني أو فقير .
قال وكره الليث الصيد للهو وقال ما رأيت حقا أشبه بباطل منه. وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من بدا جفا، قال ومن لزم الصيد لها، ومن لزم السلطان فتن، وفي حديث آخر : من لزم الصيد غفل .
قال مطرف وابن الماجشون : استخفت مالك الصيد لأهل البادية وقال هم بمكانه ولا غنى عنه، وإن خروج أهل الحضر إليه خفة وسفاهة .
قال عبد الملك في قول الله سبحانه { وما علمتم من الجوارح مكلبين } فتكليبها تعليمها الاصطياد . قال غيره ودخل مدخل الكلاب غيرها من السباع المعلمة، وسباع الطير بدخولها في اسم الجوارح ، والجوارح الكواسب . قال الله تعالى { ويعلم ما جرحتم بالنهار }يقول ما كسبتم .
[341 / 4]
[342 / 4]
قال ابن حبيب : فتعليم الكلب أن يدعوه فيجيب، ويشليه فينشلي ، ويزجره فينزجر . وكذلك الفهود . وأما البزاة والصقور والعقبان فإنما تعليمها أن تجيب إذا دعيت وتنشلي إذا أرسلت، فأما أن تنزجر إذا زجرت فليس ذلك فيها ولا يمكن منها، وكذلك قال ربيعة وابن الماجشون .
وقال غير ابن حبيب من أهل اللغة : يقال للزجر أشلا كما تقول زجرت التنور إذا أوقدته .
قال ابن حبيب قال مالك : ولا يؤكل صيد النمس إذا قتل وأنفذ المقاتل لأنه ليس بمعلم ولا يفقه التعليم، ولا يؤكل من صيده إلا ما أدركت ذكاته حيا .
قال مالك في تارك التسمية في الصيد والذبائح : إن كان عامدا ً فلا يؤكل، وإن كان ناسيا أكلت . وقال أشهب في العامد إن لم يكن مستخفا فليؤكل،
قال أشهب وابن القاسم : ولا يحتاج إلى التسمية في صيد الحوت ، وقاله ابن القاسم . قال أشهب ولا في صيد الجراد، إلا أنه حين يقتلها يعتملها فعليه حينئذ أن يسمي لأن ذلك ذكاتها .
وروى عن ابن المسيب إذا خرجت قانصا فذكرت اسم الله حين تخرج كفاك . وروي نحوه عن ابن القاسم . قال ابن حبيب يعني إذا نسي التسمية .
في الجوارح المعلمة وما يكون من فعلها ذكاة وما أكلت
وذكر ما فات أو توارى عنك وما أدركت ذكاته من الصيد
أو أعان عليه سبع أو تردى وغيره
قال ابن حبيب في قوله تعالى { فكلوا مما أمسكن عليكم } يقول ما صدن وأدركن ليس يريد أن يمسكنه فلا يأكل منه .
[342 / 4]
[343 / 4]
قال ابن المواز قال مالك : وإذا أكل الكلب المعلم مما أخذ قبل أن يقتله أو بعده فإنه يؤكل ما أخذ .
قال محمد ولا يؤكل ما أخذ غير المعلم إلا ما أدركت ذكاته . قال ورأى قوم أن الكلب إذا أكل لم يؤكل منه ، ويؤكل مما أكل منه البازي إذ لا يقدر على طرده .
والعمل على حديث عمرو ابن شعيب عن أبي ثعلبة أنه يؤكل وإن أكل منه .
قال ابن حبيب وروى نحوه في حديث عدي بن حاتم . قال غيره اختلف عن عدي ابن حاتم فيه، فقال ابن حبيب : وممن قال إنه يؤكل وإن أكل علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأبو هريرة وسلمان وابن المسيب وسليمان ابن يسار وابن شهاب وربيعة وعطاء ابن أبي رباح .
قال ابن المواز قال مالك وأصحابه : لا يؤكل ما مات بنطح الكلاب وصدمها أو كدمها من غير تنييب ، ولا ما مات من الجري ، وكل ما جرحته أو نيبته ولو في أذنه، إلا أشهب فإنه قال يؤكل ما مات بصمها وبطحها وبضرب السيف وإن لم يجرح ، والأول أحب إلينا .
قال مالك : وإذا توارى عنك فصرع الصيد ثم أصبت فيه أثر كلبك أو بازك أو سهمك ، قال ابن حبيب وقد عرفت الصيد ، قال مالك فكله وإن لم يكن مقتلا ً. وإن لم تجده إلا آخر النهار ، قال أصبغ إذا كان متماديا في طلبه، فأما إن اشتعل بغيره أو انقطع عنه فلا يؤكل، إذ لعله لو طلبه أدرك ذكاته، ويصير كالذي يحاول إخراج السكين من خرجه حتى مات بنفسه، إلا أن يكون في ذلك كله قد أنفذت الجوارح مقاتله أولا ً .
قال ابن القاسم وأما إن مات عنه ثم وجد فيه سهمه قد أنفذ مقاتله فليأكله. وأما في أثر الباز والكلب فلا يؤكل وإن كان معلما . وكذلك لو رجع إلى منزله ثم رجع فوجد أثر بازه أو كلبه فيه وهو معقل لم يؤكل، إذ لعله لو حضر أدرك ذكاته قبل إنفاذ مقاتله ، وقاله أصبغ بخلاف السهم .
[343 / 4]
[344 / 4]
وقال ابن القاسم وأشهب : لا يؤكل إذا بات وإن كان سهما . ومن قول ابن عباس : كل ما أصبت، يريد ما حضرت موته، أو قربت منه، ولا تأكل ما انبت، يريد ما بعد عنك وعن موته .
قال محمد : ولعل ذلك فيما لم ينفذ السهم مقاتله، وهو بين، قال أسبغ وقد قيل إلا ما بات ولم ينفذ فيه السهم المقاتل لما يخاف أنه أعان عليه في الليل من السهم والوحش .
قال أصبغ ولا معنى لرواية ابن القاسم وأراها وهما ً .
قال ابن حبيب قال ابن الماجشون : يؤكل ما مات إذا وجد قد أنفذت الجوارح والسهم مقاتله إذا لم يشك في ذلك، وقاله أشهب وابن عبد الحكم وأصبغ . وقال ابن القاسم لا يؤكل ، والأول أحب إلينا ، وذكر ابن أبي حبيب عن أشهب غير ما ذكر ابن الماجشون .
قال ابن المواز قال مالك : وإذا أدركه في أفواه الكلاب فتركه حتى مات وهو يقدر على تذكيته في أفواهها ، أو يقدر على خلاصه ، فلا يؤكل . وكذلك لو أدركه غير صاحبه وهو يقدر على ذكاته فتركه حتى جاء صاحبه وقد مات بنفسه فلا يأكله .
قال مالك : وإن رميته بسهمك فأصابه منه ما منعه الفرار ، ثم رميت أنت أو غيرك فقتلته لم يؤكل ، لأنه أيسر .
قال ابن القاسم للأول قيمته على الثاني . قال ابن حبيب قال ابن شهاب وربيعة ومالك : إذا رميت صيدا أو أرسلت جارحاً فلا تتربص في إدراكه، فإن توانيت حتى مات وأنت تعلم لولا توانيك لأدركته حيا ً فلا تأكله .
قال عبد الملك وإن عالجت خلاصه من الكلب أو الباز حتى مات ولو شئت ذكيته تحتهما فلا تأكله، وإن لم تقدر على تذكيته وهو تحتهما لم يضرك شغلك بخلاصه وإن مات بنفسه .
[344 / 4]
[345 / 4]
ومن العتبية قال يحيى عن ابن القاسم في الصيد يتوارى بالكلب فيوجد عليه قد قتله إنه إن لم ير قريبا ً منه صيدا ً يشك في أن يكون غير الذي أرسله عليه أو غيره فأكله حلال، وإن خفت ان يكون غير صيدك فلا تأكله بالشك .
قال سحنون وإن أرسله على صيد بعينه فانبعثت صيود فرادها وتوارى عنه ثم وجده قد قتل صيدا ً، قال لا يأكله حتى يعرفه .
قال أبو زيد قال ابن القاسم : إذا أنفذ سهمك مقاتل الصيد ثم وقع في بئر أو رأيت سبعا ً قد أعان عليه أو تردى من جبل فإنه يؤكل، إلا أن يشك أن يكون أنفذ مقاتله أو لم يعلم فلا يأكله إلا أن يدرك ذكاته .
في السهم المسموم وما قتل المعراض والحجر والبندق
والعصا والسهم بعرضه والصيد يضرب فيقطع بعضه
من العتبية وكتال ابن المواز قال ابن القاسم : قال مالك فيمن رمى صيدا ً بسهم مسموم ثم أدرك ذكاته فلا يأكله، فلعل السهم أعان على قتله، وأخاف على من أكله . ولا يؤكل ما قتل السهم والرمح بعرضه . ومن رمى بعصا أو عود لا حديد فيه فأصاب فإنه يؤكل ما قتل. قال وكذلك المعراض إذا سحق . قال مالك : وقيل الحجر والبندق من الموقوذة ، وقاله ابن عمر في الجلاهق، مالك وذلك رض . قال ابن حبيب وإن دخلت في اللحم فهو رض فلا يؤكل إلا ما أدركت ذكاته .
وأخبرني أصبغ عن ابن القاسم في رامي الصيد بالحجر أو الذي مثله يذبح به فقطع رأس الصيد وهو ينوي اصطياده فلا يعجبني أكله، إذ لعل الحجر قطع رأس الصيد بعرضه .
[345 / 4]
[346 / 4]
ومن كتاب ابن المواز قال ربيعة : ومن رمى صيداً فأبان وركيه مع فخذيه فلا يأكل ما أبان منه وليأكل باقيه ، وقاله مالك .
قال مالك : وكذلك لو قطع يديه أو رجليه، واما لو جزله نصفين أو قطع رأسه لأكله جميعه، وكذلك ما ابانت الكلاب منه مثل ذلك . قال محمد بخلاف لو جزله نصفين أو أبان رأسه .
مالك : ولو أبان يده ثم أعجزه ثم وجده ميتا ً أو وجده أولاً قد مات بنفسه فليؤكل إلا ما أبان منه . ولو أدركه حياً ففرط في ذكاته حتى مات لم يؤكل منه شيء .
ومن العتبية قال عيسى عن ابن القاسم : كل ما ضربه من الوركين إلى الرأس فجزله جزلين فليؤكل جميعا ً، ولو أبان فخذيه ولو يبلغ ضربته إلى الجوف فلا يؤكل ما أبان منه ويؤكل منه ما بقى .
قال سحنون في الصيد يعدو في المغار فينفذ مقاتله فيقطع قبل أن يموت، قال فلا ينبغي أكله ولا أحرمه .
قال أبو زيد قال ابن القاسم فيمن رمى صيداً فأصاب مقاتله ثم والى عليه بالرمح حتى قتله ولو شاء ذكاه، فإنه يؤكل .
فيمن أرسل على جماعة أو صيد فأخذ غيره أو أخذه وغيره
أو أرسل كلياً بعد كلب أو ظنه سبعاً أو حجراً
فإذا هو صيد، أو قتله بغير نية الصيد
من كتاب ابن المواز : وإذا أرسل كلبه على جماعة ينوي ما أخذ منها فأخذ اثنين واحداً بعد واحد فلا يأكل إلا الأول، إلا أن يقتلهما في مرة واحدة، فيصير كقول مالك في السهم يؤكل كل ما قتل في رميته، إلا ان ينوي في السهم وغيره
[346 / 4]
[347 / 4]
واحداً بعينه فلا يأكل غيره . وهذ1 عندي معنى كلام مالك فيما قتل السهم من الجماعة أنه يؤكل .
ورأى ابن القاسم أن الكلب والباز إذا قتل تلك الجماعة كلها أكلت، وجعله كقول مالك في السهم، وذلك يفترق لأنها رمية واحدة في السهم، والكلب إذا قتل واحدا احتاج في قتل الثاني إلى إرسال ثان .
وروى ابن وهب عن مالك فيمن أرسل كلبه على صيد فأخذه ثم رأى صيداً آخر فذهب إليه فأشلاه صاحبه عليه فقتله . قال محمد ولا أظنه أراد أن يأخذ اثنين ولكن إذا لم ينو صيداً معيناً فما أخذ أكل، يريد أول مرة . يدل على ذلك قوله : وكذلك الرمي .
قال محمد : ولو أرسله على طيور وظباء ينوي ما أخذ منها فما أخذ من طير أو ظبي فإنه يؤكل . وكذلك لو أرسلت عليهما كلبين فأخذ هذا ظبيا وهذا أرنبا، فإنه يؤكل ما أخذا .
ومن أرسل كلبا على صيد ثم أتبعه بآخر بعد أن فارقه الأول فقتلاه أوقتله أحدهما فأكله جائز . قال أصبغ ما لم يكن إرساله الثاني بعد أن أخذ الأول فشاركه في قتله الثاني وحده فهذا لا يؤكل، يعني ما لم يقتله بعد إنفاذ الأول مقاتله فهذا يؤكل، قال أصبغ ولو أرسل الثاني قبل أن يأخذه الأول فهذا من قتله منهما فإنه يؤكل .
قال ابن القاسم وأشهب :
ومن رمى صيدا ً يظنه سبعاً أو خنزيراً أو حجراً فإذا هو ظبي فقتله فلا يؤكل . قال أصبغ ولو ظنه تلتلاً فإذا هو ظبي فلا يؤكل .
ومن كتاب آخر قال أشهب : ومن رمى طيراً يظنه غراباً فقتله فإذا هوغير غراب فإنه يؤكل لأنه نوى صيده، ولا ينوي صيد حجر .
[347 / 4]
[348 / 4 ]
قال محمد قال ابن الواز قال مالك : وإن رمى فقطع رأسه فإن لم ينو اصطياده لم يؤكل . قال ابن حبيب وكذلك إن رماه على وجه اللعب لا يريد صيداً .
وفي أصل سماع ابن وهب فيمن رمى صيداً بسكين وقطع رأسه ولم يرد أكله ولا اصطياده ولكنه أراد قتله، قال لا أرى أن يؤكل مل لم تكن نية اصطياده، فترك أكله أحب إلي .
ومن كتاب ابن المواز : ومن رمى صيدا لينفره من مكانه لا للاصطياد فقتله فلا يؤكله .
في إرسال الجارح وكيف إن انشلى ثم أرسله
أو أرسله على ما لم يره أو في غار أو غيضة
أو شاهقة جبل أو بحله
من كتاب ابن المواز : وإذا أشلى الكلب على الصيد ثم أتبعه سيده بالإشلاء عليه، قال مالك لا يؤكل حتى يبتدئ ربه إشلاءه . وأجاز أصبغ إذا تلاه ربه بالإشلاء والتحريض والتسمية . قال محمد لا يعجبني .
محمد : ومن رأى كلباً يحد النظر وكالمتلفت فأرسله على شيء لم يره فليأكل ما أخذ ، وذلك كإرساله إياه في الغياض والغيران لا يدري ما فيها، عرف بالصيد فيها أو لم يعرف، قاله مالك .
ومن العتبية قال ابن القاسم قال مالك في البازي يضطرب على يد صاحبه على شيء رآه صاحبه، فيرسله على غير شيء يراه ، فأخذ صيداً فلا أحب أكله، ولعله غير الذي اضطرب عليه بعينه أو غيره إلا أن يوقن أنه الذي اضطرب عليه بعينه، مثل أن يراه غيره ولم يره هو .
[348 / 4]
[349 / 4]
ومن كتاب آخر قال مالك : ومن أرسل كلبه أو بازه على جماعة صيد ونوى إن كان خلفها جماعة أخرى فهو عليها مرسل فأصاب صيداً من الجماعة الثانية ولو يعلم بها فإنه يؤكل، وقال أشهب : لا يؤكل إلا ما أخذ مما يراه حين الإرسال عليه، وإلا فلا يأكل مما لم يره إلا ما أدرك ذكاته . وكذلك إذا أرسله في غيضة ولا يعلم ما فيها فلا يأكل ما صاد .
ومن العتبية قال ابن القاسم عن مالك أنه أجاز ما صاد من الغار يرسله فيه للصيد وإن لم يدر ما فيه . وقال عيسى وقاله ابن القاسم، قال ابن حبيب وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ . وإنما لم يجوز أن يرسله أول خروجه من بيته على غير شيء رآه أو رآه لكن على ما أصاد في إرساله، وليس هذا كإرساله في الغار، والغار إرساله على جماعة لم يقصد واحداً بعينه . وكذلك ما رجاه وأشرف وقاله أصبغ، وقال وكان أشهب وابن القاسم لا يجيزان ذلك في الغيضة .
قال أصبغ : والغيضة والغار وما وراء الشرف سواء، وذلك جائز إذا أرسل على ما رجا في ذلك .
ومن العتبية قال سحنون فيمن أرسل كلبه في الجحير ولا يدري أفيه صيد أم لا، ينوي أنه مرسل على ما أصاب فقتل فيه إنه لا يؤكل، وكذلك الغيضة عنده .
ومن كتاب ابن المواز : ولو أرسل بازه على وكر في شاهقة جبل أو على شجرة، قال أصبغ فإن كان لا يصل إليه ولا إلى إلقائه بالأرض بطلوع غيره إلا بأمر يخاف فيه العطب أو التعب فإنه يؤكل بالصيد، ويصير كالغيضة والغار . ولو وصل إلى إلقائه بالأرض برمح أو غيره حتى يقع فيذكيه فلا يؤكل بالصيد. وفي العتبية عن أصبغ مثل هذا كله .
[349 / 4 ]
[350 / 4 ]
في الكلاب تضطر الصيد إلى مجلس أو غار لا نجاة له منه
أو جزيرة أو انكسر ثم يقتله بعد ذلك
من كتاب ابن المواز : وإذا طردت الكلاب الصيد حتى وقع في حفرة لا مخرج له منها أو انكسرت رجله فتمادت الكلاب فقتلته فلا يؤكل، لأنه أسير .
محمد : وهذا إذا كان لو تركته الكلاب قدر ربها على أخذه بيده . ولو لجأ إلى غار لا منفذ له أو غيضة فدخلت الكلاب إليه فقتلته لأكل ولو لجأ إلى جزيرة أحاط بها البحر فوعر طريقه إليها وأطلق إليه كلابه وتمادت فقتلته، فأما الجزيرة الصغيرة التي لو أجتهد طالبه لأخذه بيده ولا يكون له في الماء نجاة فلا يؤكل، وإن كان له في الماء نجاة أو كانت جزية كبيرة يجد الروغان فيها الأمن [كذا] لاتساعها حتى يعجز طالبه على رجليه أو على فرس أن يصل إليه بيده إلا بسهم أو كلب فإنه يؤكل بالصيد . ومثل ما ذكرنا في هذا الباب في العتبية من كلام أصبغ .
في المنصب يقع فيه صيد ألجاه إليه أحد، من أحق به ؟
ومن صاد بكلب رجل أو فرسه أو سهمه
من العتبية قال عيسى قال ابن القاسم فيمن نصب حباله أو فخاً أو حفر للصيد فطرد غيره صيداً ليقع فيه فأراه شريكاً لصاحب المنصب في الصيد بقدر ما يرى له . قال أصبغ هو للذي طرده إلى المنصب وعليه لرب الحبالة أو الفخ أو الحفرة قيمة ما أنتفع به من ذلك، كمن رمى بسهم بسهم رجل فصاد به كلابه أو بازه فعليه كراء ذلك لربه، والصيد للصائد .
قال عيسى عن ابن القاسم طرد قوم الصيد ولم يقصدوا وقوعه في الحبالة والمنصب ولم يضطروه إليها، أو انقطع عنهم ثم وقع فيه، فهو لرب المنصب
[350 / 4]
[351 / 4]
خاصة . وإن فأشرفوا على أخذه كالمقتدرين عليه فضغطوه حتى وقع في المنصب فهو للذين طردوه دون رب المنصب ، وقاله أصبغ .
قال ابن حبيب : وكذلك إن اقتحم دارا . وأما إن قصدوا تعمد إيقاعه في الحبالة أو الفخ أو المنصب فوقع فليه وهم بقرب منه ، فها هنا يكونون ورب المنصب شركاء فيه بقدر ما لهم وله .
ابن حبيب : قال مطرف وابن الماجشون وابن القاسم فيمن صاد بكلب رجل أو بازه ، فالصيد لرب الكلب أو البازي ، وعليه أجر الصائد إن شاء ، وإن شاء أسلمه إليه وأخذ منه أجرة كلبه أو بازه .
قال ابن حبيب وهذا بخلاف الحبالة والحفرة ، وأحب إلي من قول أصبغ الذي جعل ذلك سواء ، وجعله للصائد . وكذلك ذكر ابن المواز عن ابن القاسم أن الصيد لرب الكلب والبازي كالعبد .
قال ابن حبيب كمن تعدى على عبد رجل فجعله ليصيد له الحيتان، فما صاد فلسيده، وضمان ما حدث بالكلب والعبد والبازي من المتعدي عليهم، وقاله ابن المواز .
ولو صاد على فرس رجل تعدياً فالصيد له، وعليه أجر الفرس لربه .
وذكر أصبغ عن ابن القاسم في العتبية مثل ما ذكر ابن حبيب عنه سواء، وخالفه أصبغ في الكلب وقال ليس كالكلب وقال ليس كالعبد هو الفاعل، والكلب لا يصيد إلا بما يفعل به من الإشلاء والإرسال، وهو كالدابة يحمل عليها . وقال سحنون مثله إن الكلب كالفرس، وعلى الصائد أجرهما والصيد له .
وفي كتاب ابن المواز في نفي الضرر شيء من هذا .
[351 / 4]
[352 / 4]
في صيد السكران والكافر والمجنون
من كتاب ابن المواز قال مالك : ولا يؤكل صيد مرتد ولا مجوسي ولا كتابي . قال محمد ولا صيد الصابئ ولا ذبيحته . وقد كره الحسن مع ذلك نكاح نسائهم . قال مجاهد هم قوم بين اليهود والمجوس لا دين لهم .
وأجاز أشهب صيد الكتابي ولا يعجبنا، وقد كرهه مالك في الكتابي . قال ابن حبيب وقال ابن وهب إنه جائز كقول أشهب فيه، ونحن نكرهه من غير تحريم . والقياس أنه كذبائحهم، وإنما ذكر الله تعالى { تناله أيديكم ورماحكم } في ذكر ما نهى المحرمين عنه من الصيد .
محمد قال مالك : ولا يؤكل صيد السكران ولا المجنون الذي لا يعقل ولا ذبيحة الأعجمي لا يعقل الصلاة .
ومن العتبية قال أشهب عن مالك : لا خير فيما صاد المجوسي من الجراد إذا جاء به مقتولاً، فأما إن باعه حياً فلا بأس به على مبتاعه . قال أشهب في كتابه اعتملها المجوسي أو ماتت في يديه فلا يؤكل . وكذلك إن اشتراها من مسلم ثم اعتملها . ولو اشتراها نصراني من المجوسي حية فعملها لأكلت .
ومن سماع يحيى بن يحيى قال في نصراني خرج مع المسلمين في طلب صيد فبدر إليه فذكاه، فإن كان خوفا من فوته وبحال الضرورة فأكله جائز، وأما إن تمكن المسلمون من ذبحه ثم قدموه لذلك كره أكله .
ومن الواضحة : وما أدرك من صيد المجوسي والكتابي حياً فذكاه مسلم جاز أكله، ويؤكل ما صاده مسلم بكلب مجوسي أو بازه أو سهمه، ولا يؤكل ما صاده مجوسي بكلب مسلم أو بازه وسهمه .
[352 / 4]
[353 / 4]
قال ابن حبيب : وإني لأكره صيد من لا يتحفظ من المسلمين من جاهل بحدود الصيد غير متحر لصوابه .
وإذا اجتمع على الصيد كلب أرسله مجوسي وكلب أرسله مسلم فقتلاه لم يأكله المسلم ولا يقسم، وكذلك سهماهما، إلا أن يوقن أن سهم المسلم قتله دون سهم المجوسي، مثل أن يوجد سهم المسلم في مقتله، والآخر في عضو سواه فيحل ويقسم بينهما . ولو أخذاه حياً حكم للمسلم بذبحه وأخذ نصفه .
وقال بعض أصحابنا : فإن قال المجوسي أنا لا آكل ذبيحة مسلم فإنهما يؤمران ببيعه وقسم ثمنه، إلا أن يكون بموضع لا ثمن له فيه فيمكن المسلم من ذبحه إن شاء .
في صيد ما ند من أهلي أو وحشي
وفي الحمام والنحل وما دخل في الأجباح والأبرجة
وبجحر مواضع الحرب
قال ابن القاسم من صاد بازياً في رجليه شيء قال أو ظبياً في عنقه قلادة أو في أذنيه قرطان فإنه يعرف به، ثم إن كان ليس بهروب انقطاع وتوحش فهو لمعرفته، وإن كان هروب انقطاع وتوحش فهو لمن وجده، فإن قال معترفه منذ يومين ذهب لي، وقال واجده، لا أدري فعلى الأول البينة . قال سحنون البينة على الذي صاده وهو المدعي، يريد والقلادة وشبهها للأول بكل حال أنه جعلها .(1/320)
قال أشهب إذا علم الذي صاده أنه قد طال زمانه ويراه من الوحش فليس عليه أن يعرف به، ولا يأخذه ربه إن عرفه . وإن جهل أمره عرف به ، ثم سئل عن قرب ذلك وبعده .
قال محمد بن عبد الحكم : هو لصائده الأول وإن طال زمانه في ندوده عنه منذ عشر سنين فلا يزول ملكه عنه .
[353 / 4]
[354 / 4]
قال ابن القاسم : من صاد ظبياً فانفلت منه فصاده غيره، فإن كان بحدثان ما ذهب منه بمثل يوم أو يومان فهو للأول، وإن طال أمره واستوحش فهو لمن صاده آخراً .
ومن الواضحة : إذا توحشت الإنسية من الأنعام لم تحل إلا بذكاة، وروي فيها بعض الرخصة وليس بقول مالك . وأما ما أصله التوحش من الظباء والأرانب والأيائل وحمر الوحش يتأنس ثم يستوحش فإنها تحل بالصيد، وقاله مالك في اليمام واليعاقيب وجميع الطير يتأنس ثم يستوحش، فإنه يحل بالصيد، وقاله مالك .
وحمام البيوت وكذلك البرك ولإوز الإنسية تستوحش ، ولا أرى هذا في الإبل والغنم والدجاج إذ لا أصل لها في الوحشية ترجع إليه ، ولا بأس أن تعقر عقرا يبلغ مقتلا أو تعرقب ثم تذكي . وأما البقر فهي عندي لها أصل ترجع إليه من بقر الوحش ، فإذا ، ستوحشت حلت عندي بالصيد .
قال مالك في سماع ابن وهب في البقر في أرض العدو تستوحش فيريد رجل ظان يدركه برمبه فيعرقبه ثم يذكيه ، فكره ذلك .
قال ابن حبيب لا يجوز صيد الطائر ولا النصب له برجي أوغيره ، وإن دخل من برج غيره إلى برجه فليرده إن عرفه ، فإن لم يقدر وعرف عشه رد فراخه ، وإن لم يعرف عشه فلا شيء عليه ، وإن عرفه ولم يعرف ربه فلا شيء عليه ولا في فراخه .
وكذلك النحل لأن النحل وحمام الأبرجة أصلها التوحش والناد ، فأمام حمام البيوت فكاللنطة إن يعرف ربها في إنشادها تصدق بها .
قال ابن الماجشون وهذا قول مالك وأصحابنا .
ومن ذلك الحمام الأهلي ، وكذلك البازي والصقر والواشق إذا لم يعلم وصاد ثم أفلت وند فهو كاللقطة ، لا يسرع لأخذه ، وإن لم يكن بهذه الصفة من دجانته
[4/354]
***(1/321)
[4/355]
وخرابه وإجابته وهو وحش كما أخذ، لم يقتته الناس، فهو لمن أخذه وإن كان ربه يراه على بعد منه ويئئس من إدراكه، لأنه عاد إلى وحشته كذلك قال مالك، إلا أن يأخذه محتبلاً بخيطه أو متشبثاً بشجرة أو نحو هذا فهو للأول . وكذلك كل ما كان من وحش الطير من العماري والدمام وغيرها، وكذلك الظباء والإوز وحمر الوحش والأرانب وشبه ذلك، فما ند من ذلك بعد إنسه ودجانته فهو للأول، وما ند بحدثان وحشته فلمن أخذه، إلا أن يأخذه محتبلاً وسعى في ربطه .
هذا قول مالك وابن الماجشون ومطرف وابن عبد الحكم وأصبغ .
ومن العتبية قال ابن القاسم قال مالك في الجبح يضعه الرجل في الجبل فما دخل فيه من النحل وأطعم فهو له دون غيره، كالحبالة ينصبها فما وقع فيها فهو له .
قال عيسى عن ابن القاسم وليس لأحد أن يسد سداً في خليج بحر ولا يمنع الناس به من الصيد، وهو وهم فيه سواء .
ورأيت في تأليف ابن الحجام قال غيره في النحل لرجل يخرج منها فينزل بموضع ثم يأتي فرخ لغيره فيبول عليه فتختلط النحل، أن ذلك كله بينهما، وهو خلاف ما قال سحنون ها هنا، ولا أدري حكى عنه ابن الحجام .
قال سحنون في النحل يفرخ فيخرج الفرخ فيهرب في الشجرة ثم يخرج فرخ آخر لرجل آخر فيضرب عليه، قال ذلك للأول . ولو ضرب فرخ في بيت نحل لرجل فذلك لصاحب العائل .
[355 / 4]
[356 / 4]
ومن كتاب آخر ومن آوت إليه جماعة من حمام البيوت عرفها، فإن لم يعرف ربها تصدق بها عن ربها. قال سحنون فإن ازدوجت بذكر له فليردها مع نصف الفراخ إلى ربها، فإن لم يعرفه تصدق بذلك معها، لأن الذكر والأنثى في الحمام خاصة متعاونان في زق الفرخ وتربيته .
قال ابن القاسم وأشهب لا يعيد من حمام الأبرجة شيئاً، فإن فعل فليرده، وإن لم يعرف ربه أو أي برج هو تصدق بقيمته .
في نصب جبح النحل وبرج الحمام
قال ابن القاسم عن مالك من نصب جبحاً في الجبل فما دخله فهو له .
قال أشهب : هذا إن كانت جبلية، وإن كانت لقوم فهو فيه أسوة، ولا يجب أن ينصب هناك جبح . وإن كان هناك نحل كثير غير مربين ونحل مربون، فلينصب وما دخل فيه فهو له،إلا أن يعرف شيء لقوم فيرد إليهم . وكره ابن كنانة أن ينصب جبحاً بمكان قريب من أجباح الناس، ولينصبها في بعيد من العمران .
قال ابن حبيب قال مطرف : ولا ينصب للنحل جباح في القرية إذا كان ذلك يضر بهم في نوار ثمارهم وزرعهم، ويجوز في الحمام، وذلك بخلاف المواشي، وهذه لا يقدر أهل الحوائط والزروع على الاحتراس منها .
وقد مالك في الدابة الضاربة لفساد الزرع إنها تغرب وتباع على ربها ، وكذلك الإوز والدجاج الطائرة التي لا يقدر على الاحتراس منها . وقال أصبغ ذلك كله مثل الماشية لا يتخذها إن ضرب على أهل القرية حفظا لزرعهم وشجرهم، وقاله ابن القاسم .
قال ابن كنانة : لا يمنع من اتخاذ البرج وإن تأذى به جيرانه في زرعهم وثمارهم، وأكره له أن يؤذي أحداً .
[356 / 4]
[357 / 4]
في صيد الجراد وأكلها وأكل الحلزون
ودواب البحر وطافي الحوت وصيد طير الماء
من كتاب محمد وغيره : لم يجز مالك أكل الجراد بأخذها حتى يفعل بها ما تموت به من قطع رؤوسها أو أرجلها وأجنحتها أو إلقائها في ماء حار أو في نار، وإن ماتت بيده لغير ذلك لم تؤكل، وقاله ابن شهاب وربيعة .
قال ابن المسيب وعطاء إذا ماتت بعد أن أخذها أكلت وكرها ما وجد منها ميتاً . قال ابن حبيب وأجازه مطرف وقال ابن عبد الحكم : وعلى آخذها التسمية عند قطع رؤوسها أو أجنحتها أو غير ذلك مما يقتل به . قال ابن حبيب أو تنغز بالإبرة أو بالشوك حتى تموت، أو تقلى حية أو تموت شواء .
ومن كتاب آخر قال أشهب : إذا قطع أجنحتها أو أرجلها ثم تركها ثم ماتت من غير ذلك فلا تؤكل، بخلاف الرأس . ولو طرحها في ماء حار قبل موتها أكلت ولم يؤكل ما زايلها من أفخاذها . وأما الأجنحة فهي عندي كصوف الميتة وتؤكل، ولو سلقت الأفخاذ معها لم تؤكل هي ولا أفخاذها، وهذا غلط بين .
قال سحنون : ولو سلقت جراداً موتا لأكلت التي سلقت أحياء، بمنزلة خشاش الأرض تموت في القدر . وأجاز مالك أن تلقى في النار وهي حية . قال عنه أشهب وقطع رؤوسها أحب ألي، وكره سحنون قتلها بالإلقاء في ماء بارد ولم يجز ذلك إلا في ماء حار .
ومن العتبية قال أشهب عن مالك : ولا يجوز صيد المجوسي لها إن قتلها بفعله إلا أن تؤخذ منه حية فتعمل فذلك جائز . وقال ابن حبيب : وأجاز مالك أكل الحلزون وقال يذكى بما يذكى به الجراد من فعل تموت به، ولا يؤكل ما مات منه بغير فعل، وتسمي الله عند فعلك ذلك به من سلق أوبنغز بالإبر أو الشوك أو غير ذلك .
ومن الواضحة قال ابن حبيب : ولا بأس بأكل الضفادع بغير ذكاة لأنها من دواب الماء ولا تفسد ما ماتت فيه وقال بالكراهية في خنزير الماء .
[357 / 4]
[358 / 4]
قال : وكره علي ابن أبي طالب رضي الله عنه شقائق له من الحوت من غير تحريم. قال ابن حبيب فقال كل ما لا شقائق له فهو دابة من دواب البحر والماء وليس بحوت وإن كان على خلقته
وقال ابن عباس لا بأس بأكل خنزير الماء ، وإنما حرمته اليهود . قال ابن حبيب وأنا أكرهه، لأنه يقال أنه من الممسوخ .
ومن العتبية ابن القاسم عن مالك في حيتان برك بقي ماؤها يطرح فيها السيكران فسكر فتؤخذ، فكره أكلها . قيل إنه لا يخاف على أكلها ولا يعجبني هذا من فعل العجم . وأجاز في رواية أشهب أكلها ولم ير به بأساً إذا لم تؤذ من يأكلها .
قال ولا بأس بقطع الحوت قبل أن يموت وأن يلقى في النار حياً، ويؤكل ما وجد منه ميتاً. وكره في رواية أشهب غمس رؤوسها في الطين ولم يره شديداً. قال وفرس البحر الذي يقيم فيه أياماً حياً حتى يذبح قال هو من صيد البحر لا بأس بأكل ميته .
ويصيد المحرم إياه ، وإنما يذبح استعجالا لموته ، وما كره ذبحه إلا أن يدخل به على الناس شك إن دار عليهم فيه . ومن طير الماء ما يعيش في الماء وهو من البر لا يؤكل إلا بما يؤكل به صيد البر قال وما أكره طرح الحوت في النار حيا كل الكراهية ، ولو تركه قليلا مات .
ومن كتاب ابن المواز قال مالك ، والليث : طعام البحر ما ألقى . قال ابن المسيب ويؤكل التمساح وإن كان دويب وجميع دواب الماء ، واختلف في خنزير الماء ، فأجاز أكله ربيعة ، وكرهه يحيي ابن سعيد . وظاهر القرآن والسنة في صيد البحر يبيحه ، وقد سمى من رواية على غيره فلا يحرم . ويؤكل السرطان والسلحفاة والحوت الحري الذي لا قشر له . قال مالك : ولا يحتاج في صيد البحر تسمية .
[358/ 4]
***(1/322)
[4/359]
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه
كتاب الذبائح
في صفة الذبح وذكر التسمية والتوجه
وفي ترك بعض ذلك وفي الغلصمة تجوز إلى البدن
وفي البجع ومن استعجل السلخ
من كتاب محمد قال : والسنة أخذ الشاة برفق وتضجع على شقها الأيسر إلى القبلة ورأسها مشرف وتأخذ بيدك اليسرى جلد حلقها من اللحي الأسفل بالصوف وغيره فيمده حتى تتبين البشرة وموضع السكين في المذبح حتى تكون الجرزة في الرأس ، ثم يسمي الله ويمر السكين مرا مجهزا من غير ترديد ، ثم يرفع ولا ينحى ولا يرد . وقد حددت شفرتك فبل ذلك ولا تضرب بها الأرض ، ولا يجعل رجله على عنقها ، ولا يجرها برجلها .
وكره ربيعة ذبحها وأخرى تنظر ، وكره مالك ذبح طير وشبهه والدجاجة وهو قائم ، فإن فعل أكل إذا أصاب الذبح . قال مالك : ويكره ذبحها على شقها الأيمن ، فإن فعل أكلت ، ولو كان أعسر كان ذلك له .
قال ابن حبيب عن أصبغ : ولو فعل ذلك متعمدا من غير عذر أكلت . قال ابن حبيب ويكره للأيسر أن يذبح ، فإن فعل واستمكن أكلت ، ولا يكره ذلك للأيسر لأن يمينه يذبح . قال محمد ونهى مالك الجزارين أن يدوروا بالحفرة بالذبح ، ولكن ليستقبلوا القبلة ، قاله محمد ، فإن لم يتوجه للقبلة ، ساهيا فلا شيء
[359/ 4]
[360/ 4]
عليه ، وإن تعمد لم تؤكل ، وقاله ابن عمر والشعبي . وأما الجاهل فأرجو ألا شيء عليه .
وأما تارك التسمية عامدا قال أشهب إن كان مستخفاً لم تؤكل . قال ابن حبيب في تارك التوجه في الذبح عامداً من غير جهل إنها تؤكل .
قال ويقول في التسمية : بسم الله والله أكبر ، ولو قال بسم الله فقط والله أكبر فقط ، أو لا إلاه إلا الله أو سبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله من غير تسمية أجزأه ، وكل تسمية لله تعالى ، ولكن ما مضى عليه الناس أحسن ولا يذكر في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
قال أصبغ قال ابن القاسم : إن في بعض الحديث موطنين لا يذكر فيهما إلا الله : الذبيحة والعطاس ، فلا يقل بسم الله والله أكبر محمد رسول الله ، ولا في العطاس الحمد لله محمد رسول الله ، ولو قال مع ذلك وصلى الله على محمد لم تكن تسمية له مع الله سبحانه . وقال أشهب لا ينبغي أن تجعل الصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم في هذا استنانا .
ومن نزل عن المذبح أو ارتفع فذلك جائز له إذا كان ذلك في الحلق ، وأما إن جازت الجرزة إلى البدن فقال ابن القاسم لا تؤكل ، وقاله أصبغ ، وهو أحب إلى ، لأن الحلقوم لم يقطع منه شيء وأجاز ذلك عبد الحكم وذكر العتبي عن ابن القاسم وأشهب وسحنون أنها لا تؤكل ، وقال أشهب وابن القاسم وأشهب وسحنون أنها لا تؤكل وأن ابن وهب قال تؤكل .
ومن كتاب آخر مما روينا عن ابن وضاح قال قال عبد الله بن عبد الحكم : لا تؤكل ، وقال أشهب وابن وهب وأبو المصعب وموسى ابن معاوية إنها تؤكل . قال ابن وضاح : ولم يحفظ لمالك فيها شيء، وذكرت لأبي زيد أنه روى عنه عن ابن القاسم عن مالك أنها لا تؤكل فأنكره، وقال أبو زيد تؤكل، وقال سحنون أنها تؤكل ثم رجع فقال لا تؤكل، وقال محمد بن عمر قال مالك وابن القاسم إنها لا تؤكل . وقال ابن وضاح لم يتكلم فيها إلا ابن عبد الحكم فنزلت به .
قال محمد بن عمر وقال محمد بن عبد الحكم تؤكل. قال : وعلى قياس قول ابن
[360 / 4]
[361 / 4]
القاسم إنها إذا صارت إلى البدن وبقي في الرأس منها قدر حلقة الخاتم أنها تؤكل إلا أن يبقى في الرأس منها ما لا يستدير فلا تؤكل .
قال بعض شيوخنا إن ذبح الجزار لرجل فأجاز الغلصمة إلى البدن ضمن قيمة الشاة على مذهب مالك وابن القاسم، ولا يضمن في قول غيرهما .
وإن ذبح الصياد في ظلمة الليل ثم تبين له أنه ذبح من خلف القفا فلا تؤكل، وكره له الذبح قائما، وكذلك في ذبح الدجاجة وشبهها، وأخاف أن لا يتمكن ، فإن فعل وأصاب أكلت .
ولابن حبيب في الواضحة : وإذا قطع الأوداج وأكثر الحلقوم النصف فأكثر أكلت، وإن قطع يسيراً منه تؤكل، ولو لم يقطع منه شيئاً فقيل له في ذلك فرجع وأجهز على الحلقوم، فإن كان في فور الذبح قبل يذهب عنها ويدعها فذلك جائز، وإن كان بعد أن تباعد فلا يؤكل .
وقال سحنون : وإذا رفع يده قبل تمام الذكاة ثم علم فردها مكانه وأجهز فلا تؤكل . وروى ابن وضاح أن سحنون كره أكلها، وتأول بعض أصحابنا على سحنون أنه إذا رفع يده كالمختبر أو ليرجع فيتم الذكاة ثم رجع في فوره فأتم أنها تؤكل .
ومن العتبية قال أشهب عن مالك : لا يؤكل ما ذبح من القفا، وأما لو ذهب يذبح فأخطأ فانحرف فإنها تؤكل . وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم في الدجاجة والعصفور والحمام إذا أجهز أوداجه ونصف حلقه أو ثلثه، قال لا بأس بذلك إذا لم يتعمد، ولم يجز ذلك سحنون حتى يجهز على جميع الحلقوم والأوداج .
وكره مالك تعمد بجع الذبيحة، فإن تعمد أكلت وقال علي بن أبي طالب تلك ذكاة واجبة، وقال ابن عباس لا تؤكل في التعمد .
[361 / 4]
[362 / 4]
ويكره أن تسلخ بعد الذبح حتى تموت، وكذلك القطع منها، وتؤكل إن فعل .
قال مالك وينهى الجزارون عن نفخ اللحم ويؤدبون عليه .
في الذكاة بحال الضرورة وما يذبح من الأدوات
ونحر ما يذبح وذبح ما ينحر
من كتاب ابن المواز قال مالك : ومن ذبح بحال الضرورة بفلقة قصبة أو فلقة عصا أو حجر فأنهر الدم فإنها تؤكل، وكذلك من نخار أو حرف عظم أو قرن إذا أمر مراً والسطرة فلقة العصا وهي الصرر، والليطة حجر، والصرر فلقة الحجر، والليط القصبة، والمروة الحجر والمدية السكين .
قال الليث : ما مر مراً فكل، وما تردد فلا يؤكل. وكذلك روي عن ابن عباس . قال حبيب : الترداد أن يرفع يده ثم يعيدها فلا يجوز حتى يجهز أول مرة .
قال : ولا يؤكل ما ذبح الظفر أو السن. قال في كتاب ابن حبيب إذا كان مركباً، فأما إن كان منزوعين ولم يسفرا عن الذبح بهما وعظما حتى يمكن الذبح بهما فلا بأس بالذبح بفلقة العظم وإن لم يكن ذكيا، وإنما ينبغي الذبح بمثل هذه الأشياء بفلقة الحجر أو العصا والقصبة ونحوهما عند فوات نفسها ولم تحضر الشفرة . فأما في السعة فلا إلا بالشفار الحادة، فإن ذبح بذلك من غير ضرورة فقد أساء ولا تحرم .
ولا بأس بالذبح بشفرةلا نصاب لها والرمح والقدوم والمنجل الأملس الذي يبرد به، فأما المضرس الذي يحصد به فلا خير فيه لأنه يبرد، ولو قطع كقطع الشفرة فلا بأس ولكن ما أراه يفعل ذلك .
[362 / 4]
[363 / 4]
محمد قال أشهب : إن ذبح بعيرا ونحر بقرة من ضرورة فقد صار كالضرورة ويؤكل، وأبى ذلك مالك وابن القاسم وأصحابهما إلا من ضرورة من وقوع في بئر ونحوه .
قال ابن القاسم إن نحرت النعامة أو غيرها من الطير لم يؤكل .
ومن المستخرجة قال ابن أبي سلمة : ويؤكل ذلك كله إذا ذبح ما ينحر أو نحر ما يذبح من طير أو غيره من غير ضرورة .
ومن كتاب محمد ولا يؤكل ما ند من الأنعام بالصيد .
في ذكاة الجنين وما أزلمته البقرة
قال مالك : وذكاة الجنين ذكاة أمه إن تم خلقه ونبت شعره، لابد من هذا وهذا، فإن كان أحدهما لم يؤكل وإن كان حيا .
ومن المستخرجة وغيرها : أشهب عن مالك : وعن الذبيحة يخرج جنينها ميتاً قال يؤكل إذا تم خلقه ونبت شعره. قال : ويستحب مر السكين على حلقه ليخرج الدم من جوفه . قال ابن حبيب وكذلك إن خرج وبه حياة ضعيفة وهو في رمق الموت فيستحب ذبحه ويؤكل، فإن لم يذبح أكل، وإن كان به من الحياة ما يرى أنه يعيش منها لو ترك أو يشك في ذلك ، فإن لم يذك حتى مات فلا يؤكل .
قال أبو زيد قال ابن القاسم في بقرة أزلمت ولدها، فإن كان مثله يحيى ويعيش فلا بأس بأكله إذا ذكي . قال ابن حبيب إذا تم خلقه ونبت شعره. قال ابن القاسم فإن كان مثله لا يعيش لم يؤكل، وكذلك إن شك في ذلك فلا يؤكل وإن ذكي .
ومن كتاب محمد قال مالك : وإذا خرج جنين الذبيحة يتحرك أحببت أن يذبح، فإن هو سبقهم بنفسه كرهت أكله .
[ 363 / 4]
[364 / 4]
وقال يحيى بن سعيد : لا يحل أكله إلا أن يموت قبل خروجه بعد ذكاة أمه، فأما إن بقر عليه بأثر ذبحها، فإن خرج يتحرك فلا يؤكل إلا بذكاة .
قال مالك ولو أبطأ موته في بطنها بعد ذكاة أمه وموتها فإنه يؤكل إذا لم يخرج وفيه روح .
قال ابن القاسم قال مالك في بهيمة طرحت ولدها حياً يرتكض قد تم خلقه فذبح، لم أحب أكله. قال أصبغ إذا كان مثله لا يعيش إن ترك لخروجه قبل وقت الولادة .
فيمن تجوز ذبيحته ومن لا تجوز
من كتاب محمد قال مالك : تكره ذبيحة الصبي والمرأة أضحيتها، ولا يذبح الصبي أضحيته. ويجوز ذبح الأغلف والجنب والحائض . قال ابن القاسم والأخرس .
مالك ولا تؤكل ذبيحة من لا يعقل من جنون أو سكر وإن أصاب لعدم القصد .
قال مالك والأعجمي لا يعرف الصلاة. قال مالك : تؤكل ذبيحة السارق لأنه إنما حرم السرقة لا عين الذبح والمحرم حرم عليه الدبح نفسه في الصيد .
ومن العتبية أشهب عن مالك لا أحب ذبيحة الخصي، فإن فعل أكلت .
[364 / 4]
[365 / 4]
في ذبائح أهل الكتاب وأكل طعامهم وطعام المجوس وغيرهم
ومعونتهم على أعيادهم والانتفاع بآنيتهم
من العتبية قال ابن القاسم عن مالك عن رجل من بني عبد الأشهل له فضل، قال كان الناس يبتغون لذبائحهم أهل الفضل، قال ابن حبيب وأهل الإصابة والمعرفة .
ابن المواز قال مالك : ولا أحب أن يذبح النصراني، واختلف قوله في كراهية أكل ما ذبح وليس بحرام،ولو كانت ملكاً للنصراني فهو أخف . والشاة بين مسلم ونصراني لا أحب أن يمكنه من ذبحها .
مالك : ومن ذبح من ذمي أو حربي أكلت ذبيحته إلا من عرف بأكل الميتة منهم، فلا يؤكل ما غاب عليه من ذبيحته. وكره مالك أن يذبح العبد النصراني لمواليه إلا أن يحتاجوا إليه في ذلك .
وما ذبح اليهود فلم يستحلوه لأجل الدية أو لغير ذلك فقد اختلف قول مالك في كراهيته، وثبت قوله على الكراهية من غير تحريم . وأشد من ذلك ما حرمه الله عليهم من الإبل من النعام إنها من ذوات الظفر فلا تحل لنا . قال ابن حبيب والإوز. قال محمد : والشحوم المجملة كالتروب والكلأ وأما المبعر والحياوات اللين وما اختلط بعظم ولحم فجائز .
وكره مالك ما ذبحوا للكنائس أو لعيسى أو لجبريل لأعيادهم من غير تحريم . وأما ما ذبح للأصنام فمحرم لقول الله تعالى { وما ذبح على النصب } قال محمد ابن حبيب : وإن ما ذبح للكنائس ولعيسى وللصليب ولمن مضى من أحبارهم ليضاهي ما أهل لغير الله به مما ذبح للأصنام، ولكن لم يبلغ به مالك التحريم، لأن الله أحل لنا طعامهم وهو يعلم ما يفعلون، وترك ذلك أفضل .
[365 / 4]
[366 / 4]
قال محمد وتؤكل ذبيحة النصراني العربي والمجوسي إذا تنصر، قال وتلا ابن عباس { ومن يتولهم منكم فإنه منهم} وتؤكل ذبيحة السامرة صنف من اليهود لا يؤمنون بالبعث، قاله عمر بن الخطاب وغيره، ولا تؤكل ذبيحة الصابئ وليس بحرام، كتحريم ذبائح المجوس .
وقد حرم الحسن وسعيد ابن جبير ذبائحهم ونكاح نسائهم وقيل أنهم بين المجوسية والنصرانية .
وإذا ولى المجوس مسلما فذبح له فاختلف في أكله، فأجازه ابن سيربن وعطاء، وكرهه الحسن، وسئل الحسن عن مجوسي قال لمسلم اذبحها لصنمنا أو لنارنا فاستقبل بها المسلم القبلة وسمى الله فكره أكلها. قال محمد إنما يكره إذا أمره بذبحها على هذا الشرط، فأما لو تضيف به مسلم فأمر بذبحها مسلما فذلك جائز وإن عدها لعيده .
قال مالك أحب إلي غسل آنية النصاري، وان تسألهم عما قربوا من الطعام أطيب هو؟ وأما القدر الذي يطبخون فيها فأحب ألي أن يغلى فيها الماء حتى يذهب ودكها لأكلهم الميتة والخنزير .
ولا يؤكل جبن المجوس لعملهم فيه أنفخة الميتة إلا ما لم ليسوا عليه. وأما اللبن والزبد فإن كانت آنيتهم نظيفة فكل، وإن شككت فدع .
قال محمد : ما ليس أهل الذمة من خفاف وعملوا من القرب فلا خير فيه إلا من بعد غسله، وما كان جديراً فلا بأس به من أهل الكتاب ، ولا خير فيه من المجوس/ لأن الغالب عليهم أكل الميتة إلا ما أيقنتم حلاله. وأما غير المجوس فلا بأس به إلا ما أيقنتم حرامه .
ومن المختصر : ولا بأس بأكل طعام المجوس وكل الذي ليست له ذكاة. قال الأبهري وقد أكل الصحابة من طعامهم حين فتح الله بلادهم مما لا ذكاة فيه .
[366 / 4]
[367 / 4]
ومن الواضحة : ولا بأس بذبائح نساء أهل الكتاب وصبيانهم إذا أصابوا الذبح، وتؤكل ذبائح أهل الحرب من أهل الكتاب .
وكره مالك الشراء من تجار اليهود، ونهى عمر أن يكونوا في أسواقنا،ولا بأس أن يكون لهم مجزرة على حدة وينهوا عن البيع من المسلمين، وينهى عنه المسلمون .
ومن اشترى منهم لم يفسخ شراؤهم وهو ورجل سواء إلا أن يكون ما اشترى منهم مثل الطريف وشبهه مما لا يأكلونه فيفسخ شراؤه، قاله مطرف وابن الماجشون .
وقالا في الشاة بين مسلم وذمي فلا يواليها للذمي يذبحها، فإن تشاحا تقاوماها أو باعاها . وكذلك محرم وحلال صادا صيدا قبل إحرام المحرم فليتقاوماه، فإن وقع للمحرم أطلقه، وإن وقع للحلال صنع به ما شاء . قالا وليس كالعتق هذا مختلف فيه، قيل له احبسه حتى يحل من إحرامه، وقال أصبغ كقولهما .
قال ابن حبيب : وكل ذي ظفر مما حرم الله على اليهود في الإبل وحمر الوحش والنعام والإوز وكل ما ليس بمشقوق الخف ولا منفرج القائمة . ألا ترى الدجاجة والعصافير انفرجت قوائمها فاليهود تأكلها، وقاله كله مجاهد. فلو ذبح يهودي من هذا المحرم عليهم شيئاً لم يحل لمسلم، والشحوم المجملة محرمة عليهم مثل الترب والكشا وهو شحم الكلا وما لصق بالعظمة وشبهها من شحم محض، واستثنى ما حملت الظهور وهو ما يغشى اللحم من الشحم على الظهر وسائر الجسد، واستثنى الحوايا وما اختلط بعظم، فالحوايا المباعر والمرابض التي تكون فيها الأمعاء وتسمى بنات اللبن، فما في ذلك من شحم فهو مستثنى،فما كان من هذه الشحوم المحرمة عليهم فلا تحل لنا من ذبائحهم لا أكله ولا ثمنه، وما لم يكن في اللفظ محرماً عليهم وإنما حرمه بعضهم مثل الطريف وشبهه فهو مكروه أكله وأكل ثمنه لأنه ليس من طعامهم، وفي ذلك تخفيف من بعض أصحاب مالك .
وقال مالك في المختصر : لا أحب أكل شحوم اليهود من غير أن أراه حراماً، وأجاز أشهب أكل ما حرموه على أنفسهم مما ليس في النص تحريمه عليهم، وقال
[367 / 4]
[368 / 4]
ابن القاسم لا يؤكل هذا ولا هذا .وقال ابن وهب لا بأس أن يؤكل هذا وهذا ، وقاله محمد بن عبد الحكم .
قال أبو بكر بن العلاء : لأن الذكاة تذكي الشحوم وغيرها، ولا تكون التذكية لبعض دون بعض، وقد أباح ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح بعض حصون خيبر، فأخذ رجل مزوداً مملوءاً شحماً فنازعه صاحب المغانم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : خل بينه وبين جرابه يذهب إلى أصحابه، وليس كأكل ذي ظفر لأن ذلك كله محرم لا تعمل الذكاة في شيء منه .
واختلف في تأويل قول الله سبحانه {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} فقيل ذبائحهم، وقيل ما أحل لهم، ولاحتمال الآية كره مالك ذلك من غير تحريم، يعني الشحوم المحملة .
قال ابن حبيب : وأما ذبحوه لأعيادهم ولكنائسهم ولعيسى وللصليب ونحوه فيكره من غير تحريم، وإنه ليضاهي ما أهل به لغير الله، وإن أكله لمن تعظيم شركهم .
وقد سئل مالك عن الطعام يتصدق به النصاري عن موتاهم، فكره للمسلم قبوله وقال لأنه يعمل تعظيما لشركهم .
قال ابن القاسم وكذلك من أوصى أن يباع من ماله شيء للكنيسة فلا يجوز للمسلم أن يشتريه . قال ابن القاسم وإذا باع الأسقف من الكنيسة شيئاً لمدفنها وربما حبست تلك الأرض على الكنيسة لمصلحتها فلا يشتريه، كما لا يجوز ذلك في أحباسنا، ولا ينبغي للحاكم أن يعرض في ذلك ببيع ولا تنفيذ ولا شيء .
وكره مالك الركوب معهم في المراكب التي يركبون فيها لأعيادهم لما يخاف من نزول السخط عليهم،وكره ابن القاسم أن يهدي المسلم للنصراني في عيده مكافأة له، وقال هذا عون على تعظيم عيده وكفره. ولا يباع شيء منهم من مصلحة
[368 / 4]
[369 / 4]
عيدهم لحم ولا إدام ولا ثوب ولا عارية دابة، قال مالك وغيره : وينبغي للإمام الزجر عن ذلك .
ولا يحل ما ذبح المجوس وعبدة الأوثان لأن الله سبحانه قد عم فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم {والرجز فاهجر} وهو الكفر وما ضارعه وعم تحريم النساء المشركات، ثم استثنى نساء أهل الكتاب فأباح ذبائحهم ونكاح نسائهم .
قال ابن حبيب قال ابن شهاب : ولا ينبغي الذبح للعوامر من الجان، وقد نهى النبي عليه السلام عن الذبح للجان .
ذكر المنخنقة والمتردية والموقوذة والنطيحة
وما أكل السبع والمريضة
من الواضحة ابن حبيب : المنخنقة : ما يخنق بحبل أو غيره أو ينوطها برقيتها، والموقوذة المضروبة في مقاتلها أو حيث لا ترتجى لها حياة مما أصابها من ضربة حجر أو عصا أو بندق أو غير ذلك، والمتردية التي ترد من شيء منيف أو جبل أو شرف أو سقطت في هوة، والنطيحة التي ينطح بعضها بعضا أو تنطح جداراً أو صخرةً فيبلغ ذلك منها، وما أكل السبع : ما يمرط السبع بطنها أو يصيب مقتلها أو يوهنها . وقوله تعالى {إلا ما ذكيتم} يعني في الحياة القائمة لا في حال الإياس منها يقول إلا ما ذكيتم في حال الحياة فمات بتذكيتكم ، ولو كان تحريمها إنما هو لموتها لكان قوله تعالى {حرمت عليكم الميتة} يغني عن سائر ما وصف، وكذلك فسر لي ابن الماجشون فيما يئس لها من الحياة أن ينقطع نخاعها أي ينتشر دماغها أو تنشق أوداجها أو ينخرق مصرانها أو ينثر حشوتها، بهذه المقاتل لا يرجى بعدها حياة . وأما إن انكسر صلبها ولم ينقطع النخاع أو ينشرخ رأسها ولم ينتثر دماغها أو ينشق جوفها ولم
[369 / 4]
[370 / 4]
ينشق قصيرها ولا انتثرت حشوتها فلا تحرم بهذا إذا ذكيت ، وكذلك ما أصابها من كسر غير هذا إذا ذكيت والروح فيها ، إلا أن تكون قد انتهت مما أصابها ، وإن لم يكن من المقاتل المذكورة إلى حد الموت وشبهه مما فيه الإياس أو يشكل ذلك من أمرها ثم ذبحت فلا تؤكل ، وإن طرفت بعينها أو استفاض نفسها أو حركت ذنبها أو ركضت برجلها ، وهذا قول ابن الماجشون وابن عبد الحكم ، وأجاز أكل هذه ابن القاسم وأصبغ ، والأول أحب إلينا.
وكان ابن القاسم وأصبغ لا يريان دق العنق مقتلا حتى ينقطع النخاع ، قالا وهو المخ الأبيض الذي داخل العنق والظهر، وليس النخاع عندنا إلا دق العنق وإن لم ينقطع المخ كذلك قال ابن الماجشون ومطرف عن مالك.
قال ابن حبيب فأما في انكسار الصلب ففيه يحتاج إلى انقطاع المخ الذي في الفقار، فإن انقطع فهو مقتل، وإن لم ينقطع فليس بمقتل وقد يبرأ على حدوثه.
قال ابن المواز : وتؤكل النطيحة والمتردية وإن كانت لو تركت ماتت إذا سلمت المقاتل، فمن ذلك انقطاع مخ العنق أو الظهر، أو ينقطع بعض الأوداج أو ينشق الجوف، وقد قيل لا يضر شقها حتى يخرج شيء من الحشوة أو ينقطع بعض المصارين .
قال مالك : والمريضة التي تضطرب للموت وإن تركت ماتت إذا ذكيت أكلت . قال محمد إذا ذبحها قبل خروج نفسها، وذلك إذا سال دمها وتحركت بعد الذبح فإن لم يكن ذلك لم تؤكل إلا أن يكون بها الحياة بينة بالنفس البين أو العين تطرف .
قال ابن القاسم وابن كنانة إذا اضطربت أكلت وإن لم يسل دمها . قال مالك فيمن ذبح شاة وجري دمها ولم تتحرك لها رجل ولا ذنب ولا طرفت بعين، فأما النطيحة فتؤكل، وأما المريضة فإن كانت نفسها يجري وحركتها تعرف فإنها تؤكل . قال محمد ويعرف ذلك بحركة الرجل والذنب، قاله زيد بن ثابت وابن
[370 / 4]
[371 / 4]
المسيب قال والعين تطرف قال ابن حبيب أو يستفيض نفسها في جوفها ومنخرها فأي هذه الحركات الأربع كان منها عند مر الشفرة في حلقها فإنها تؤكل .
ومن المستخرجة قال أشهب قال مالك في قول الله سبحانه {إلا ما ذكيتم} إلا ما فيه موضع للذكاة وينبغي أن يذبح المنخنقة في خناقها إذا كان فيها لذلك موضع مثل أن يتنفس في عينها بطرف .
قال مالك إذا شق الذئب بطنها وإن لم يشق الأمعاء فلا تؤكل. قال عنه ابن القاسم : ولا أرى أن تذكى التي ينثر أمعائها ولا يضر في المتردية اندفاق عنقها إلا أن ينقطع مخه .
قال سحنون في شاة أو بقرة غرقت في ماء فذكاها داخل الماء وهو يعلم أنها مجتمعة الحياة حين الذبح إنها تؤكل .
ما يجوز أكله من الحيوان وذكر لحوم الجلالة
وذكر غير المسفوح من الدم وما يعاف أكله من الشاة
وذكر لبن المرأة والأتن
من الواضحة قال مالك وغيره : ومن احتاج إلى شيء من خشاش الأرض لدواء أو غيره فكان مما لا لحم له ولا دم فذكاته كذكاة الجراد كالعقرب والخنفساء وبنات وردان والعقربان والجندب والحيتان والضبعة والزنبور واليعسوب والزر والنمل والسوس والحلم والدود والبعوض والذباب وشبهه، قال وهذا ما مات منه في طعام أو شراب لم يفسده، وما كان منها من هوام الأرض ودوابها مما له لحم ودم سائل مثل الحية والفأرة وشبه ذلك لأنه يفسد ما مات فيه مما يؤكل ويشرب، ويكره أكله لغير ضرورة إذا ذكي ولا يكره ذلك لمداواة وشبه ذلك، وهذا يذكى بالذبح في الحلق أو بالصيد بنية الذكاة .
[371 / 4]
[372 / 4]
قال وأمر عمر بن عبد العزيز أهل أريحا بذكاة حياة الترياق، وقال ربيعة وأبو الزناد في الترياق اشربه ولا تسل وعليك بعمل أريحا وإن عملته فذلك للحيات .
قال مالك لم أدرك أحداً ينهي عن شيء من الطير سباعه وغير سباعه ولا ما يؤكل الجيف منه إلا أن يتقذره متقذر. وأجاز مالك لحم الجلالة من غير تحريم، وروي النهي عنها عن ابن عمر أنه كره لحومها وألبانها وركوبها، قال ابن حبيب وروثها وبولها وعرقها نجس .
والجلالة من الطير أخف، ولم يأتي فيها كراهية علمت إلا عن ابن عمر، كان يربطها ثلاثة أيام تأكل الحب ثم يذبحها . وأما ذرقها فنجس .
قال ابن حبيب : وكره عروة أكل الغراب والحدأة لما سماهما النبي علي السلام فاسقين . قال محمد بن الجهم ليس هذا بحرام أكلهما وإنما سماهما لأذاهما المحرم . والفاسق المتعدي في اللغة. قال ابن حبيب : ولم يختلف المدنيون في تحريم لحوم السباع العادية والنمور والذئاب واللبؤ والكلاب، وأما غير العادية مثل الدب والثعلب والضبع والهر الوحشي والإنسي فيكره أكلها ولا يبلغ بها التحريم لاختلاف فيها، قاله مالك وابن الماجشون .
قال ابن الماجشون كل ما عض إذا ما أخذ فلا يؤكل، ولا يؤكل لحوم الدواب، وقد نهى النبي عليه السلام عن لحوم الحمر الأهلية، والبغال مثل ذلك، ولا يؤكل الفرس ولا يبلغ ذلك في التحريم للاختلاف فيه .(1/323)
قال محمد بن الجهم وأبو بكر الأبهري : إنما نهى مالك عن لحوم السباع والدواب على الكراهة والاحتياط لا على صريح التحريم، وهو المعنى في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن لحوم السباع والحمر بدليل اختلاف الصحابة في ذلك، وما روى مالك في حديث عبيدة بن سفيان أكل كل ذي ناب من السباع حرام فشيء انفرد به عبيدة بن سفيان فلا يدري محله من الحفظ لقلة روايته وقد رواه الزهري فلم يذكر فيه هذه اللفظة، وأما المخلب فلم يصح فيه حديث .
[372 / 4]
[373 / 4]
من كتاب ابن المواز قال : وأجاز ابن المسيب أكل الفرس . قال ابن شهاب ما رأيت أحدا يأخذ به ، وقد كرهه ابن عباس . قال مالك وقد وصف الله لما خلقت له فقال [لتركبوها وزينة ] قال ابن القاسم : وكرهه عباس . وإذا تأنس حمار وحشي وحمل عليه فلا بأس بأكله كما لا يحل الأهلي بالتوحش . قال ابن كنانة وكذلك لو ربي صغيرا . وقد روى ابن القاسم عن مالك كراهية أكل الوحشي يتأنس . محمد ولم أجد لهذا أصلا وأراه وهما ، والمعروف من قوله انه جائز ولا يذبح في الأعياد، وإذا دجن صيد مالك ثم توحش فليؤكل بالاصطياد، وإذا ند شيء من الأنعام لم يؤمل بذلك، وهذا في كتاب الصيد مستوعب .
قال والسبع والنمر والفهد محرمة بالسنة. قال مالك والذئب والثعلب والهر الوحشي والإنسي هذه مكروهة، وأكره الضبع وإن كان أكله غير واحد من الصحابة، منهم سعد بن أبي وقاص وجابر بن عبد الله، وذكر عن علي بن أبي طالب قال ابن القاسم والضبع أيسرها، وهو ذو ناب .
ومن كتاب ابن حبيب : وأجاز مالك أكل الوبر والورد والخلد واليربوع . والوبر والضرب والقنفذ. وذكاة ذلك كله كذكاة الصيد، فالوبر واليربوع من دواب الحجاز، والوبر أكبر من واليربوع أصغر منها، والحرباء الحرطون وهو الورد ويكون بأرض البربر والخلف، فإذا عمر يكون بالصحراء أو بالأجنة . والضرب يسمى بالأندلس الصلوة، والقنفذ المشوك.
وكره مالك أكل الحية والعقرب والفأرة من غير تحريم، ومن أكل ذلك فليذكيه.
فأما العقرب فيقطع رأسها وهي كالخنفساء والجراد. ولا بأس بأكل الضب المضرب ولم يحرم النبي عليه السلام الضب وعافه. وكذلك روي عنه في الأرنب .
[373 / 4]
[374 / 4]
ومن المستخرجة : ولا يؤكل الخطاطيف، وقاله ابن القاسم وروي عن علي بن زياد عن مالك انه كره أكلها .
قال ابن حبيب والدم المسفوح ما سال عند الذبح ولم يحرم ما بقي في اللحم مما خالطه أو كان في العروق، واستخف ابن الماجشون سقوط الحلمة في اللبن، وإن سال منها فيه ما لم يغلب الدم اللبن.
قال ابن حبيب : ومما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يستثقل أكله من الشاة من غير تحريم الطحال والعروق والغدة والمرارة، والأنثيان والكليتان والحما والمثانة وأذنا القلب فذلك عشرة .
وسأل عبد الله بن إبراهيم ابن الأيتاني في خصيتي الشاة الخصي ترد إلى داخل ويربطان فيبطل فعلهما أو يتغير خلقهما هل يؤكل ذلك؟ وإذا طبخ ذلك في قدر هل يؤكل؟ فقال لا بأس بذلك. والذي قال الأيتاني من هذا صواب وهو بمنزلة الغدة والغرا يصل إليها ويجدها في لبن الأتن .
قال محمد بن المواز : ولم أسمع من أصحابنا شيئا في لبن الأتن إلا عن ابن شهاب أنه كرهه، وكره مرارة السبع، وقاس لبنها بلحمها ودمها، وليس يعجبني ذلك. ولين بنات آدم محرم وقد جعل لبنهن غذاء للأبناء وأباح النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الرجال أن يرضعه، فمن شربه لم أقل شرب حراماً .
ولا بأس بأكل الجلالة من الطير والأنعام . قال ابن القاسم في جدي رضع خنزيرة لا بأس بأكله بحدثان رضاعه أو بغير حدثانه‘ ورواها عيسى عن ابن القاسم في العتبية وقال : أحب إلي أن لو صبر حتى يذهب ما في جوفه من غذاء ، ولو ذبح مكانه لم أر بأكله بأساً .
قال مالك عن ابن عمر : أن ناقة سقيت خمرا أو شحم خنزيرة فكره ركوبها. قال ابن حبيب قد روي إباحة التداوي بلين الأتن للنبي صلى الله عليه وسلم، وأجازه ابن المسيب والقاسم وعطاء بن أبي رباح ومالك حدثنيه الحواى عن الواقدي .
[374 / 4 ]
[375 / 4]
من العتبية أشهب عن مالك لا بأس بالتداوي بشرب أبوال الإبل، ولا بأس بشرب أبوال الأنعام كلها، وأما أبوال الأتن و أبوال الناس فلا خير في ذلك كله.
وقال في الشاة تحلب فتبول في اللبن لا بأس به.
وحدثنا أبو بكر بن محمد عن فرات بن محمد عن سحنون عن ابن القاسم قال : لا بأس أن يتداوى بلبن المرأة ويشربه الناس . وقد قال مالك لا بأس أن يستعط بلبنها فهذا مثله إذا كان على وجه التداوي.
باب ما ينتفع به من جلود السباع
وذكر جلود الميتة وعظامها
وما ينتفع به منها وربط الأسنان إذا وقعت
من كتاب ابن المواز قال مالك : لا يباع شيء من الميتة لا جلد ولا غيره إلا الشعر والصوف والوبر إذا جزرته فلا بأس به، والقرن والعظم فهو ميتة، وما قطف من طرف القرن والظلف مما لا يؤلم الحي ومما لك أخذه وبيعه في حياته فلك أخذه بعد مماته، قال مالك الحي في ذلك مثل الميت، وما قطع من ذنب الشاة الحية فميتة لا يؤكل ولا يستصح به .
وإذا دبغ جلد الميتة طهر للانتفاع به لا للبيع. قال ابن حبيب ولا للباس .
قال غيره كما لا يطهر للأكل . قال أبو بكر الأبهري في الشعر والصوف ليس مما فيه الروح، ولو كان ذلك لما أجاز أخذه منها في حال الحياة .
محمد ابن المواز قال مالك : ويجوز بيع الريش ينتف من الإوز وله سبح يعني موضعاً يكون فيه الدم . قال ابن حبيب لا خير في ريش الميتة لأنه له سبح إلا ما لا سبح له مثل الزغب وشبهه فلا بأس به إذا غسل .
محمد ونهى مالك عن الانتفاع بعظام الميتة والفيل والادهان به، ولم يطلق تحريمها لأن ربيعة وابن شهاب وعروة أجازوا الامتشاط بها .
[375 / 4]
[376 / 4]
قال ابن حبيب وأجاز الليث وابن الماجشون ومطرف وابن وهب وأصبغ الادهان والامتشاط بها، ثم قال ربيعة : كل عظم لا لحم عليه فلا بأس به، يريد ناب الفيل قال ابن حبيب وهذا في الانتفاع بأنياب الفيل، فأما في بيعه فمجمع على أنه لا يحل، إلا أن ابن وهب قال في عظام الفيل إذا غليت جاز بيعها وجعله كالدباغ، كما قال في جلد الميتة يذبغ إنه يباع.
قال أصبغ فإن وقع البيع في الجلود والعظام بعد الدباغ وغليان العظم وفاتت العين مضى ذلك بالثمن، وإن لم يدبغ ولا غليت فسخ، فاتت أو لم تفت .
وقال محمد قال ابن القاسم : لا بأس أن يخلط بعظام الميتة الغصة. مالك ولا يطبخ بها طعام أو شراب أو يسخن الماء للوضوء. قال ابن حبيب كرهه مالك، يريد فإذا فعل لم ينجس الماء وحل أكل الطعام .
قال محمد : إذا ذكيت جلود السباع جاز بيعها والصلاة بها وإن لم تدبغ إذا غسلت، ولا يصلى بجلد الميتة وإن دبغ، ولا بجلد حمار وإن ذبح ودبغ، وكذلك الفرس والبغل .
قال مالك وأكره ذكاتها للذريعة إلى أكل لحموها، وأجاز الليث الصلاة في جلود الميتة يعني إذا دبغت أشهب قيل لمالك أتباع ويتصدق بثمنها ؟ قال أيعصي الله ويتصدق بثمنها؟
قال يحيى بن سعيد : ما دبغ به جلد الميتة من دقيق أو ملح أو قرظ فهو له طهور .
ومن العتبية قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم في قدح من بيض نعامة ميتة لا أرى أن يشرب فيه ولا يتداوى بقشر تلك البيضة لأن الميتة قد سقته . قال مالك في المرتك يصنع من عظام الميتة إن جعل في قدحه أو جرح فلا يصلي به حتى يغسل. قال ابن حبيب وإن صلى به لم يكن كمن صلى بنجاسة للنار التي أحرقته. وقد خفف ابن الماجشون أن يصلي به .
[376 / 4 ]
[377 / 4]
ومن الواضحة قال مطرف وابن الماجشون وأصبغ : لا يلبس الفرو فيه شيء من جلود الميتة وإن نزع عند الصلوات، وإنما ينتفع بها في غير اللبس وغير الصلاة والبيع .
قال عبد الملك : ولا بأس أن يطحن عليها ويجعل منها السقاء وقربة اللبن وزق الزيت، وإنما كرهه مالك في خاصته وما فيه ما يكره .
قال ابن حبيب في جلود السباع العادية وإن ذكيت فلا تباع ولا يصلى بها، ولا تلبس ولينتفع بها في غير ذلك . وأما السباع التي لا تعدو فإذا ذكيت جاز بيعها ولباسها والصلاة بها . وكذلك إذا ذكي الفرس فجلده مثل ذلك للاختلاف فيه .فأما سائر الدواب فلا تعمل الذكاة فيها لجلد أو غيره .
قال عبد الله : وقول ابن حبيب وتفريقه بين جلود السباع العادية وغير العادية ليس بقول مالك، ولم يفرق مالك بينها في إباحة ذلك بالذكاة .
ومن المختصر قال مالك : ولا ينتفع بريش الميتة لأن الميتة تسقى أصوله ولا تستقى الشعر والصوف . ولا بأس أن يخرز بشعر الخنزير . قال الأبهري ولا ينتفع بجلده وإن دبغ، ولا يدخل فيما أبيح من الانتفاع بإهاب الميتة إذا دبغ إذ لا يحل هذا بذكاة ولا غيرها .
قال مالك في كتاب ابن الواز : ولا ينتفع بشحم الميتة ولا يستصبح به. وقال محمد بن الجهم وأبو بكر الأبهري : ولا بأس أن يوقد به إذا تحفظ منه . قال الأبهري وينتفع بلحمها بأن يطعمه كلابه، وكذلك الخمر يصبها على نار يطفئها به . والمعروف من قول مالك وأصحابه أنه لا ينتفع بالخمر في شيء. وأما لحم الميتة فإذا شاء ذهب بكلابه إليه ولا يأتي بالميتة إليها .
وقد نهى ابن عمر أن يداوي ناقته بالخمر. وذكر الأبهري أنه روي للنبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن لقوم ماتت لهم ناقة أن يأخذوا شحمها فيدهنون به سفينة لهم.
ومن الواضحة : والدجاجة الميتة يخرج منها البيضة فلا يحل أكلها، وإن سلقت في قدر لحم لم يحل أكله، أو مع بيض صحيح حرم، لأنه يرشح ويسقي
[377 / 4]
[378 / 4]
بعضه بعضا . وكذلك إن سلق بيض ثم وجد في واحدة فرخ قد انعقد ولو حضنت البيضة التي خرجت من الميتة فأفرخت أكل فرخها .
ومن السير لأبن سحنون، قال سحنون : ولا بأس أن يداوي جرحه بعظام الأنعام الذكية ولا يداوي بعظم ميتة أو عظم إنسان أو خنزير أو بروث، ولا بعظم ما لا يحل أكل لحمه من الدواب، وإن أصاب عظما باليا لا يدري عظم ما هو فلا بأس أن يداويه به إلا أن يكون بموضع القتلى مما الغالب فيه أن يكون من عظام الناس ، أو بموضع يعرف بكثرة عظام الخنازير، ولا ينبغي التداوي بها حتى يعلم عظم ما هو .
ولا بأس أن تضبب الأسنان بالذهب إذا اضطربت أو طرحت .
في زيت الفأرة
وما تموت فيه الدابة وودك الميتة
ومن كتاب محمد قال مالك : يوقد بزيت الفأرة والوزغة في غير المساجد، وإذا خرجت حينئذ لم يضر ذلك. وخفف مالك أن يدهن البغال بزيت الفأرة، قال ابن القاسم ويغسل بعد ذلك .
قال مالك إذا خرجت الفأرة من الزيت حين ماتت أو علم أنها لم يخرج منها شيء فيه، ولكني أخاف فلا أحب أكله. وأما ما ماتت فيه من العسل فلا بأس أن يعلف للنحل بغير بيع ولا عوض ولا عوض ولا منفعة فيمن يأخذه . وليمنع عبده النصراني بما فيه من أكل الميتة وشرب الخمر ، ولا يدله على ذلك، وله أن يطعم الميتة كلابه، ولكن لا يأخذه فيحمله إليها ولا يأمر من يأتيه بها، وليذهب بالكلاب إليها ويسلطها عليها .
وكره مالك أن يعمل بزيت الفأرة صابوناً . قال ابن القاسم : ولو أن الغاسل به يبلغ إلى أن يغسل نفسه وثيابه التي يغسل فيها لم أر بذلك بأسا . قال ولا يستصبح بشحم الميتة ولا ينتفع به .
[378 / 4]
[379 / 4]
وسئل مالك عن زيت وقعت فيه فأرة قال : أكرهه، قيل يطرح؟ قال لا أرى، قيل فالجرة؟ قال يطرحه أو يستصبح به .
قال سحنون في الفأرة تموت في عسل جامد أنها تطرح وما حولها إلا أن تقيم فيه إقامة تسقيه صديدها فليطرح، وكذلك السمن الجامد .
وقال في المختصر : إذا وقعت في زيت أو سمن أو عسل جامد طرحت وما حولها . قال ابن حبيب والفأرة تقع في السمن أو العسل الجامد تطرح وما حولها إنما ذلك إذا كان شديد الجمود، وخالف ابن الماجشون مالكاَ في زيت الفأرة فقال : لا يستصبح به إلا في البيوت، وإن تحفظ منه، ولو صيد في الكرباس للانتفاع به لكرهت ذلك ولا يعجبني قوله. وقد أذن النبي عليه السلام بالانتفاع بإهاب الميتة وهذا منه . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يستصبح به وعن كثير من الصحابة والتابعين .
وروى أصبغ عن ابن القاسم عن مالك في الواضحة والعتبية عن باز طبخ ثم ظهرت فيه فأرة قد تفسخت وهيمن ماء النهر التي طبخ بها، فأمر مالك أن يلقى ويتم طبخه ثم يعاد طبخه بماء طاهر مرتين أو ثلاثا، ثم أجاز له بيعه والادهان به، واستحسنه أصبغ في الكثير، ورأى في اليسير لا ضرر فيه أن يطرح أو يوقد به .
قال عبد الملك : ولا يجوز مثل هذا في زيت تموت فيه فأرة، لم تمت في الباز وإنما ماتت في ماء البئر .
وقال أصبغ عن ابن القاسم فيمن فرغ عشر جرار سمن في ستين زقاَ ثم وجد في جرة منها فأرة يابسة ولا يدري في أي الزقاق فرغها أنه يحرم عليه جميع الزقاق في أكله وبيعه. قال ابن حبيب كشاة ميتة مختلطة في شياه كثيرة ذكية كلها مساليح
[379 / 4]
[380 / 4]
[كذا]. وكان مالك لا يجيز بيع زيت الفأرة وإن بين لا من مسلم ولا نصراني، وكذلك أصحابه إلا ابن وهب فإنه أجازه إذا بين، وذكره عن ابن القاسم وسالم .
قال ابن حبيب وبلغني ذلك عن أبي موسى الأشعري وابن المسيب والنخعي وقتادة، إلا أن أبا موسى قال من غير مسلم، ولسنا نقول ذلك لأن ما حرم بيعه ولو وقع البيع لرد الثمن بكل حال، قاله مطرف وابن الماجشون وأصبغ. ولا بأس إن عمل به صابونا لنفسه أو يدبغ به جلودا يغسل بعد ذلك .
ومن المستخرجة أشهب عن مالك : ولا يباع زيت الفأرة لمن يدهن به الجلود، ويرد إن فعل .
وقال في اللبن يموت فيه الخنفس أو العقرب لا بأس بأكله، وإذا باعه فليبين ذلك .
ومن كتاب السير لأبن سحنون قال ابن نافع في الجباب التي في الشام للزيت تموت فيه الفأرة إن ذلك لا يضر الزيت، وليس الزيت كالماء في هذا . وكذلك سمعت، وقال المغيرة ينجس بذلك ماء الجب الذي يكون في الدور إذا كان فيه الماء، فأما الجباب الخارجة التي تصب فيها الأدوية فإن تلك لا يضيرها ما وقع فيها .
وسئل مالك عن جباب الزيت يكثر فيها الزيت فتقع فيها الفأرة فكان يكره ذلك وإن كان كثيراً .
قال يحيى بن يحيى قال ابن القاسم في البيض يسلق فيوجد في إحداهن فرخ فلا يؤكل شيء منها، لأن بعضه يسقي بعضا، وقاله ابن وهب .
ومن المختصر: ولا بأس أن يسقى العسل الذي وقعت فيه الميتة الخيل والنحل، ويعلف القمح المبلول الذي تقع فيه ميتة للدجاج .
وسئل سحنون في قملة وقعت في ثريد أو برغوث، قال لا بأس بذلك أن يؤكل .
[380 / 4]
[381 / 4]
في الماء تموت فيه الدابة
من كتاب محمد والواضحة قال مالك : وإذا ماتت الدابة في بئر من آبار الدور، قال في الواضحة من فأرة أو وزغة أو دجاجة أو شاة فلم تغيره، فإن كان ماؤها قليلاً نزف، وإن كان كثيراً نزع منه حتى يقل ويطيب، فإن كان كآبار السواني لم ينزع منه شيء، قال مالك وهو كالبرك العظام.
قال في الواضحة : ولو ماتت فيها جزورة لو رحبت هذه البئر لم يضرها حتى يتغير اللون أو الطعم فيجتنب، وكذلك فسر لي ابن الماجشون وقاله أصبغ وإذا لم يتغير البئر الصغيرة فيعاد منه الصلاة في الوقت ويطعم ما عجن به للدواجن والكافر .
وروى ابن الماجشون عن مالك أنه إن أصاب ثوباً يفسده الغسل أنه أرخص في الصلاة به وبيعه ولا يغسل، ولم يكن ابن شهاب وربيعة يريانه نجساً حتى يتغير لونه وطعمه وريحه، وإذا تغير فلم يختلف في نجاسته، ويرى مالك أن تعاد منه الصلاة أبداً ولا يطعم ما عجن به بهيمة ولا غيرها، ويغسل منه الثوب الرفيع وغيره، وما ماتت فيه من جب أو ما جل فإنه ينجس .
وإذا ماتت دجاجة في قدر فيطرح ما فيها من اللحم لأنه قد يشرب . قال مالك : ما سمعت أنه يغسل الإناء من ولوغ الكلب، إلا في الماء، وأما في الطعام فلا، ويؤكل الطعام. وقال ابن وهب ويغسل في الطعام ، وقول مالك أحب إلي .وهذا الباب مكرر وقد تقدم في كتاب الوضوء .
في أكل الميتة للمضطرب، وهل يشرب الخمر؟
وهل يأكل من ثمار أو من مال أحد بغير إذنه؟
من كتاب محمد : ويحل للمضطر الميتة والخنزير حيه وميته، والدم، ولو أن يمتلئ شبعاً ويتزود، وإذا استغنى عنه ألقاه . وقال ابن حبيب : وذلك لمن اشتد به .
[381 / 4]
[382 / 4]
الجوع وخاف الموت ولم يقدر على النهوض فليأكل ما يقيم به رمقه ولا يشبع ولكن بقدر ما يقيم صلبه وينهضه وذلك إذا كان في قفز فحسب، لا قرية ولا بأس أن يسألهم. وإذا تغذى منها فلا يتعشى أو تعشى فلا يتغذى، فإذا كان الغداء وبه رمق صبر حتى يصير من الضرورة إلى حاله الأول، وكذلك قال عبد العزيز وابن أبي سلمة وابنه عبد الملك. قال ابن حبيب كالصائم يضطر إلى [الماء فيشرب] ما يرد به نفسه ثم لا يفطر بعد ذلك.
وقال سحنون : إذا أفطر لما ذكرنا من العذر فله أن يتمادى على الفطر. وقال في كتاب ابن المواز : والمضطر إلى الميتة إذا منعهم قوم فضل طعامهم بهبة أو بيع وبذلول ثمناً معهم فلم يجدوه منهم فلهم قتالهم بمنزلة الماء .
قال مالك لا يتضيف قوم على قوم إلا برضاهم، فيأكل الميتة ويدع أموالهم إلا ما لا قطع فيه من التمر المعلق وإن خفي له ذلك. وإن وجد له زرعا أو تمراً أو غنما لقوم فظن أن يصدقوه ولا يعد سارقاً فيأكل من ذلك أحب إلي من الميتة، ولا يحمل منه مع أني أخاف أن يعدو عاد ممن لم يضطر، فيستبيح أموال المسلمين .
قال مالك والميتة للمحرم أحب إلي من أكل الصيد. وقال محمد بن عبد الحكم ولو نابني هذا لأكلت الصيد.
قال مالك وإباحته للمضطر ممن لم يخرج بغيا ً ولا عدوانا ً، ومن خرج كذلك فلا رخصة له قاله سعيد ابن جبير ومجاهد. قال ابن حبيب ولا لعبد آبق أو من خرج في قطيعة رحم إلا أن يعقدوا التوبة مما هم فيه فيباح لهم .
قال ولا يباح الخمر للمضطر من جوع أو عطش، قاله مكحول.
من المستخرجة قال ابن القاسم قال مالك : ومن اضطر إلى الخمر فلا يشربها ولن تزيده إلا عطشاً، ولأن الله سبحانه لم يستثن في الخمر المضطر من جوع أو عطش/ كما استثنى في الميتة.
[382 / 4]
[383 /4 ]
قال أصبغ عن ابن القاسم : يشرب المضطر الدم ولا يشرب الخمر، ويأكل الميتة ولا يقرب ضوال الإبل. وقال ابن وهب قال مالك في المختصر : لا يشرب المضطر الخمر قال الأبهري لأنها لا تغني من جوع ولا تروي من عطش فيما يقال. وأما إن كانت تشبع أو تروي فلا بأس أن يشربه لذلك كالميتة عند الضرورة. وذكر عن ابن حبيب أنه أجاز ذلك غص بطعام وخاف على نفسه أن له أن يجوزه بالخمر.
في عقر الدابة المريضة والتي تقف في السفر
من المستخرجة قال أصبغ قال ابن القاسم في الدابة لا يؤكل لحمها يطول بها المرض وتعيا بأرض لا علف فيها، فليدعها ولا يذبحها. ولو كانت لرجل دابة مريضة زمنة أيس من النفع بها ولا يريد علفها فلا بأس أن يذبحها، وذلك أحب إلي.
ومن الواضحة : ومن وقف له بعير في سفر لا يحتاج إلى لحمه أو لما به من العجف والمرض فليدعه ولا يعقره إلا أن يبلغ مرضه أن لا يبقى فيه نهضة، أو كسر أو اسقطه الجوع فلينحره إلا أن يكون مما يعاف ويستقذر ويخاف على آكله فلا يذبحه وليقتله، كان في سفر أو حضر، ولا يعد ذبحه أحداً [كذا] وكذلك الشاة والبقرة إلا أنه لا يدعها وإن استغنى عن لحمها بخلاف البعير، لأن معه حذاءه وسقاءه إلا أن يبلغ من الخوف بالمرض ما لا تحامل معها ويعاف لحمها ويخاف على من أكله، فليجهز عليهما بالقتل.
والدابة التي لا يؤكل لحمها إذا بلغت مبلغاً لا يرجى فليقتلها بغير ذبح ببلد الإسلام أو الكفر، وأما التي ترجى فليدعها ببلد الإسلام وإن كان موضعا لا رعي فيه، وإن كانت ببلد الكفار فليقتلها .
[383 / 4]
[384 / 4]
في ثمن الكلب واتخاذه وثمن الهر والقرد وكسب الحجام
من الواضحة : ونى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن والحلوان الرشوة. يقال حلوت الرجل حلواناً إذا رشوته. والبغي هي الزانية، ومهرها ما تأخذ على الزنا. وثمن الكلب يعني المنهي على اتخاذه لا المتخذ في الدور فأما كلب الحرث والصيد والماشية فلا بأس يبيعه. ويجوز بيع الهرة واقتناؤها، ولا يحل ثمن القرد ولا لحمه ولا اتخاذه وجبة .
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك : ولا بأس بثمن الهرة، وكره مالك ثمن الكلب صائداً أو غير صائد ويجوز كسبه للصيد والزرع والأجنة والماشية، وأجاز ثمنه لهذه الثلاثة الأشياء ربيعة وعطاء ويحيى بن سعيد، ولم يختلف في تحريم ثمنه في غير هذه الثلاثة الأشياء .
وكره مالك لأهل الريف اتخاذه في دورهم لدوابهم، ولا بأس به للذين يرعون الدواب، وكرهه للمسافرين ولدور البادية، ولا غرم على من قتل هذا ومن قتل كلب صيد أو زرع أو ماشية ودى قيمته .
محمد : ولا يجوز كسب القرد ولا ثمنه ولا سمعت فيه من طريق مالك وأصحابه شيئا. وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمنه، وأن عمر أمر الذي جاء به من اليمن أن يرده .
ولا يكره مالك وأصحابه كسب الحجام وإنما يعافه من تنزه عنه من ناحية التكرم، وقد اعطى النبي صلى الله عليه وسلم أبا طيبة على ذلك أجراً، وكانت قريش تتنزه عنه.
[384 / 4 ]
[385 / 4 ]
في أكل النهبة . والقوم يجدون شيئا فيسبق إليه أحدهم
من كتاب ابن حبيب : ولا يحل أكل النهبة. قال مالك وأصحابه : وإن طابت نفس صاحبها كالقوم يصيدون الصيد في المغازي ثم ينتبهونه بعد عقره، أو فيما نالوا من بقر العدو بعد تذكيته، ونهب الفاكهة عند نكاح أو حداق الصبي.
ومن المستخرجة قال سحنون في المسافرين وجد أحدهم عشاء فقال أنا رأيته قبلكم فهو لي وبدر غيره فأخذه فهو لآخذه، وليس قوله هو قبضا ولا حيازة. وكذلك لو وجدوه كلهم فبدر أحدهم فأخذه فهو له، ولو تدافعوه فلم يدع بعضهم بعضاً يصل إليه فهو بينهم، وقاله مالك .
في الذي يدخل رجله في جوف الشاة
والصبي يلعب بالطير
من المستخرجة من سماع أشهب قال مالك في المنهوش يوصف له شق بطن شاة حية فيدخل رجله في كرشها فما يعجبني وما هو بالبين، قيل فيذبحها ويشق بطنها وهي تركض فقال يقول إنه على وجه الدواء، كأنه كرهه. قال ابن المواز وكره النخعي أن يعطى الصبي الطير يلعب به.
قال عبد الله : حرم الله الدم المسفوح في كتابه ودل بذكره المسفوح وهو الجاري أن ما بقى في اللحم من الدم معفو عنه، وروي ذلك عن غير واحد من الصحابة وعائشة تكون في برمتها اللحم تعلوه الصفرة من بقايا الدم . فإذا ذبحت الشاة أو غيرها فسال دمها وبقى في المذبح ما بقى، فلولا أنا نخاف أن يكون قد تكاثف مما بقي في منحرها من بقايا الدم الجاري ما لا يشبه من بقاياه في اللحم لاخترنا أن يطبخ ذلك من غير غسل، ولكن ليشبه مما أبقينا من هذا فأمر بغسل المذبح. وإن طبخ ذلك ولم يغسل فالذي به من نزل ذلك به يغسل اللحم ويأكله.
[385 / 4 ]
[ 386 / 4](1/324)
وأما في سائر اللحم من بقايا الدم يرشح من اللحم فلا جناح أن يطبخ ولا يغسل. ولو أن دجاجة لم يغسل مذبحها فسمطت في ماء حار ثم غسلت بعد ذلك جاز ذلك، طبخت بعد ذلك أو شربت، وإذا كان الدم في الدجاجة لم يتعد المنحر كان خفيفا إن لم يبق منه أمر يتكاثف، ونحن نكرهه حتى يغسل. واستحب إن لم يغسل وطبخت من غير غسل أن يغسل اللحم ويؤكل، وليس بحرام، لأن الدم المسفوح في اللغة الجاري، ولم يختلفوا فيما في اللحم من الدم عندما يقطع ويرشح منه أنه معفو عنه. وكذلك قال بعض أصحابنا في الحوت يقطع ويملح. ولابد من الدم يرشح منه فلم يروا بذلك بأسا.
ولو شوط الرأس ولم يغسل المذبح ثم غسل بعد التشويط فلا بأس بذلك، ولو لم يغسل بعد التشويط وقد تناهى فيه النار بالتشويط حتى أذهب الدم الذي كان في المذبح فلا بأس بأكل جميع الرأس، وإن شك في ذهاب جميعه بالتشويط فليجتنب أكل ما في المذبح من اللحم ويأكل باقيه.
وقيل عن سحنون إنه قال في دجاجة طبخت ولم يغسل مذبحها إنها لا تؤكل، ولا أدري وجه ذلك ، ولا يصح هذا عن سحنون، وقد قال عن ابن عباس في قدر طبخت وفيها بيضة فاسدة فيها دم إن اللحم يغسل ويؤكل، فعلى هذا لن يكون أكثر ما في ذلك أن يغسل الدجاجة ويؤكل .
تم كتاب الصيد والضحايا والذبائح والعقيقة والختان
من النوادر بحمد الله وعونه
يتلوه الجزء الأول من كتاب النكاح
والحمد لله وحده
[386 / 4]
***(1/325)
[4/387]
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه
الأول من كتاب النكاح
في التحضيض على النكاح
وذكر من يرغب فيه من النساء
وفيمن يمسك المرأة تكرماً
من الواضحة وغيرها روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عليكم بالباه فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يكن له طول فعليه بالصوم فإنه له وجاء. وحض النبي صلى الله عليه وسلم على نكاح الأبكار، وقال إنهن أطيب أفواهاً وأنتق أرحاماً وأطيب أخلاقاً .
قال ابن حبيب أنتق أرحاماً : أقبل للولد. وفي موضع آخر قوله عليه الصلاة والسلام تنكح المرأة لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين ترتب يداك ورغب في نكاح الولود، وفي حديث آخر الودود والولود العدد .
وقالت عائشة ــ رضي الله عنها ــ لا تلد المرأة بعد الخمسين وقال عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ بنت عشر سنين تسر الناظرين وبنت عشرين لذة
[387 / 4]
[388 / 4]
للمعانقين، وبنت ثلاثين ذات شحم ولين، وبنت أربعين ذات بنات وبنين، وبنت خمسين عجوز في الغابرين. وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكح في الأكفاء، ويستحب أن يستنخب الخال وقد نهى عن رضاع الفاجرة فكيف بهذا .
ومن العتبية قال مالك في سماع ابن القاسم بلغني أن لقمان قال لأبنه : يا بني ليكن أول ما تفيد في الدنيا بعد خليل صالح امرأة صالحة .
قال أشهب قال مالك : تزوج عمر امرأة فأخبرته ابنته حفصة أنه لا ولد فيها فطلقها ولم يبن بها .
قال عنه ابن القاسم لقد أدركت من له امرأة ما له بها من حاجة ويمنعه الحياء والتكرم أن يفارقها ليلاً يطلع غيره منها على ما اطلع. قال سحنون : أراه عبد الله بن يزيد بن هرمز. وقال ابن عمر : إذا كبر الرجل ذهب حسامه كما يذهب حسام السيف، وهو وحده.
في نكاح الأكفاء وذكر العضل
وفي التي ترضي بدونها في الحال والمال
من الواضحة، نهى الله سبحانه وتعالى الأولياء عن العضل، وروي أن الآية نزلت في معقل بن يسار. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم حض الآباء على نكاح بناتهم. قال عمر : لا يزوج الرجل وليته للقبيح الذميم، ولا الرجل الكبير.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك في المرأة تريد البيت ترضى برجل دونها في الحسب وهو كفء في الدين ويرده الأب والولي فرفعت ذلك إلى السلطان فليزوجها. قال ابن القاسم : فإن كان كفئاً في الدين وليس كفء في المال فلا بأس به إذا لم يأت من ذلك الضرر. قيل لمالك : فما جاء عن عمر
[388 / 4]
[389 / 4]
لا تزوجوهن إلا الأكفاء وأنه فرق بين امرأة تزوجت غير كفء وبينه. قال قد صاحبه غير هذا قوله : دين الرجل حسبه وكرمه وتقواه، ومروءته خلقه، فليس الحسب والشرف إلا في الإسلام والتقوى .
قال ابن وهب قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءكم من ترضون دينه ورأيه فأنكحوه، قيل وإن كان أسود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم {إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير} .
قال محمد قال ابن القاسم قال مالك : وإن تزوجت كفئاً بغير ولي فيفسخ ذلك، فلها أن تتزوجه مكانها، يريد ولم يدخل، فإن أبى وليها زوجها إياه السلطان وإن لم يكن مصلها في الغنى واليسار والحسب إذا كان يرضى دينه وعقله، إلا أن يكون سفيهاً ومن لا يرضى حاله .
ومن كتاب محمد : ولو فسخ بعد البناء لم تنكحه حتى تعتد من مائة.
ومن كتاب محمد قال مالك : وللرجل أن يتزوج مولاته التي أعتقها إذا كان عدلاً ولم يخدعها، ورب مولى أسفل خير من أعلى .
ومن كتاب ابن حبيب قال : ولا يكون الأب في منعه ابنته البكر النكاح عاضلاً وإن طلبت ذلك منه، ولا للسلطان أن يتسور في ذلك عليه، وقد فعله غير واحد من السلف قبل مالك، وقد فعله مالك في بناته، كما له إنكاحها ممن كرهت، كذلك له منعها من النكاح وإن كرهت. وأما الثيب فليس له ذلك فيها ولا يكون فيها بأول خاطب عاضلاً حتى يتظاهر ذلك من فعله ويتبين فيه ضرره،
[389 / 4]
[390 / 4 ]
فيكون للإمام التسور فيها عليه، ممن لها فيه الحظ وإن كان أول من خطبها؛ وللسلطان أن يتسور عليه في ذلك إذا تبين له الرشد، وقاله مالك وأصحابه.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك : لا يعترض على الأب في رد الخطاب عن ابنته البكر حتى يتبين أنه أراد الضرر بها وتطلب هي ذلك، وأما غيره من الأولياء فلينظر السلطان في منعهم إياها، فإن تبين صوابه عذره، وإذا رأى الغبطة والحظ زوجها برضاها وإن كره وليها.
ومن كتاب ابن حبيب : ولا يملك الوصي من عضل البكر ما يملك الأب، فإذا رد عنها من فيه لها الغبطة والحظ المرة بعد المرة وتظاهر ذلك عليه زوجها الإمام، وهو في غير البكر عاضل برد أول خاطب ممن فيه الغبطة. والوصي في عضل البكر كالأب في الثيب، وفي عضل الثيب كالأخ والعم فيها.
والقول في الأب يزوج ابنته لفقير أو بأقل من صداق المثل في باب نكاح الأبكار .
ومن كتاب ابن المواز وغيره مالك : لا يتزوج إلى القدرية ولا يزوجوا.
في خطبة النكاح وفي عقده
وذكر خطبة الرجل على خطبة أخيه
وإباحة النظر للخاطب
وفي تهنئة النكاح وما يستحب
من الواضحة قال مالك : وكانوا يستحبون أن يحمد الله الخاطب ويصلي على نبيه ثم يخطب المرأة، ثم يجيبه المخطوب إليه بمثل ذلك من حمد الله والصلاة على نبيه ثم يذكر إجابته.
ومن الواضحة قال مالك : الخطبة في النكاح مستحبة، وهي من الأمر القديم، وما قل منها فهو أفضل.
[390 / 4]
[391 / 4]
قال محمد : وقد خطب إلى ابن عمر مولاته، فلما فرغ الخاطب من كلامه لم يزد بن عمر على أن قال قد أنكحناك على إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان .
ومن الواضحة قال ابن الماجشون : ولا بأس أن يفوض الناكح وولي المرأة للرجل الصالح أو إلى الشريف أن يعقد النكاح، وكان يفعل فيما مضى. وقد فوض في ذلك إلى عروة فخطب واختصر فقال : الله حق ومحمد رسوله، وقد خطب فلان فلانة وقد زوجته إياها على بركة الله وشرطه. قال ابن حبيب : هو{ إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} وقد أباح النبي صلى الله عليه وسلم لمن خطب امرأة أن ينظر إليها إن شاء قال مالك وذلك إذا نظر إليها وعليها ثيابها.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك : لا بأس أن يدخل الرجل على المرأة يريد نكاحها فينظر إليها، قيل فهل يغتقلها من كوة أو نحوه، قال ما سمعته وكره ذلك. قاله ابن حبيب .
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن ابتنى بزوجته أن يأمرها أن تصلي خلفه ركعتين ثم يأخذ بناصيتها ويدعو بالبركة.
ونهن النبي صلى الله عليه وسلم أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، وإنما ذلك إذا ركنت إليه وأظهرت الرضا به وإن لم يتفقا على صداق. وقاله مطرف وابن الماجشون وابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم وقال ابن نافع له أن يخطب ما لم يتفق مع الأول على الصداق، وبالأول أقول لجواز النكاح على غير تسمية.
قال ابن حبيب : ومن خطب على خطبة أخيه وعقده لم يقض بالفسخ بخلاف البيع، إلا أن يتورع. وقال ابن نافع : يفسخ وخالفه أصحابه.
[391 / 4]
[392 / 4]
ومن كتاب ابن المواز قال مالك : وإنما معنى النهي عن خطبة الرجل على خطبة أخيه إذا رضيت به وأركنا إليه ولم يبق إلا الشرط ، وأما قبل ذلك فجائز.وكذلك السوم في البيع إذا أركنا واتفقنا على الثمن ولم يبق إلا شرط الوزن ونحوه، فإن وقع في موضع النهي فسخ النكاح والبيع. وروى عنه أشهب أنه لا يفسخ وما سمعت أنه يفسخ ولأنه يحجر ذلك. وأما لو ثبت ذلك حتى لا يشك فيه لفسخناه . وقد ذكرت فاطمة بنت قيس أن أبا الجهم ومعاوية خطباها، فخطبها النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة.
ومن العتبية روى عيسى بن دينار عن ابن وهب قال إذا عقد فليتب ويعرضها على الخاطب، فإن حلله رجوت له ذلك مخرجاً، وإن أبى فليفارقها. ثم إن نكحها الأول وإلا فلهذا أن يأتنف معها نكاحها ولا يقضي عليه بالفراق، وهذا على التنزه والاستحسان . وقال ابن القاسم : إن لم يحلله فليستغفر الله ولا شيء عليه.
قال ابن وهب : وأما في البيع فله أخذها بالثمن، زادت أو نقصت، إلا أن يكون أنفق عليه شيئاً حتى زادت فليعطه ما أنفق مع الثمن .
وروى سحنون عن ابن القاسم قال : لا يفسخ في بيع ولا نكاح، ويؤدب فاعله. وقال في الرجل المسخوط الفاسد في حاله كله يخطب امرأة فترضى به وسميا الصداق ولم يبق إلا العقد، فيأتي رجل مرضي حسن الحال فيخطبها، هل يقال فيه ذلك ؟ قال لو كنت وليها لأمرتها بنكاح هذا المرضي، ولا أرى على من دخل في ذلك شيئاً إن شاء الله، ولا أرى الحديث إلا في الرجلين المتقاربين فأما فاسق وصالح فلا .
قال ابن حبيب : واستحبوا تهنئة الناكح والدعاء له، وكان مما يقال له : بالرفاء والبنين،بارك الله لك. ولا بأس بالزيادة على هذا من ذكر السعادة وما أحب من خير قال والرفاء : الملاءمة. يقال رفأت الثوب: لا يمت بين خرقه.
[392 / 4 ]
[393 / 4 ]
فيما يلزم النكاح من مراجعة القول
وما يلزم به البيع من التساوم
وفي جد النكاح وهزله
ومن قال لرجل إن فارقت زوجتك أنكحتك
من كتاب ابن المواز : من قال لأبي البكر أو لأبي الثيب وقد أذنت له أن يزوجها : زوجني فلانة، فقال فعلت أو قال زوجتك، فقال الخاطب لا أرضى فقد لزمه، بخلاف السايم في البيع يقول بكم سلعتك؟ فيقول بكذا، فيقول قد أخذتها، فقال ربها لا أرضى وقد أوقفها للبيع. قال مالك : يحلف ما ساوم على الإيجاب وإلا لزمه.
قال مالك : ومن قال لرجل وهو يلعب : زوج ابنتك من ابني وأنا أمهرها كذا، فقال الآخر على لعب وضحك أتريد ذلك؟ قال نعم زوجه، وهو يضحك، فقال : قد زوجته، فذلك نكاح لازم وللأبوين أن يفسخاه إذا رضيا، يريد على وجه الخلع والمباراة.
قال المسبب : ثلاث لا لعب فيهن : النكاح والطلاق والعتاق. وكان في الجاهلية يناكح ويقول كنت لاعباً، وكذلك يقول في الطلاق والعتاق، فأنزل الله سبحانه{ ولا تتخذوا آيات الله هزؤاً}قال مالك فيمن خطب أخت رجل فقال ما عندك ؟ فقال خمسون درهما، قيل فإن جاء بها أتزوجه؟ قال نعم إن جاءني بها فقد زوجته. قال لا يعجبني ولا تزويج بينهما، وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم.
وقال سحنون عن علي بن زياد : لا يجوز نكاح هزل ولا لعب، ويفسخ قبل البناء وبعده .
[393 / 4 ]
[ 394 / 4 ]
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم في رجل نصر رجلا في شيء فقيل انصره فقد بلغنا أنه ختنك، فقال : اشهدوا أني قد زوجته بنتي. قيل بكم ؟ قال بما شاء، ثم قام الرجل بحدثانه أو من بعد ذلك بيومين، فقال امرأتي، فقال الأب : ما كنت إلا لاعباً، قال يحلف بالله ما كان ذلك منه على وجه النكاح ولا شيء عليه .قال أبو بكر بن اللباد يلزمه النكاح، وقد قال أبو هريرة { وعبادة بن الصامت أن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال في النكاح والطلاق، وقال أبو هريرة والرجعة، وقال عبادة والعتق : هزلهن جد وجدهن جد} .
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب فيمن قال لمن خطب إليه ابنته أو وليته إن أنت فارقت امرأتك فقد زوجتك، فهذا يلزمه وقد ثبت ذلك. وأما إن قال إن أنت فارقت امرأتك زوجتك فقد خدعه ولا يلزمه نكاح، وأحب إلي أن يفي له.
وبعد هذا باب فيمن يقر أنه أنكح فلانا يريد بع اعتذاراً ونحوه .
في إنكاح الآباء للأبكار والثيب
وهل يزوجن في غيبة الأب؟
وذكر العفو عن نصف الصداق
وهل يزوجها الأب بأقل من صداق مثلها؟
من كتاب محمد [ابن المواز] قال مالك في البكر البالغ إن شاورها الأب فحسن، وله أن لا يفعل وأن يكرهها. وكذلك في العتبية من سماع أشهب، وقال ولأني أخاف أن يتراقى في استئذان الأب للبكر حتى يجري في الناس قال في سماع ابن القاسم وكتاب ابن المواز قال الله سبحانه وتعالى حكاية عن شعيب
[394 / 4 ]
[395 / 4 ]
عليه السلام { قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني}ولم يذكر مشورة قال الحسن وزوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته عثمان ولم يستشرها.
قال ابن حبيب : يستحب للأب مؤامرة البكر ويذكر لها الزوج ويختبر من أمها ومن غيرها رضاها أو كراهيتها، وأحب إلينا أن لا يكرهها من غير أن يلزمه .
وليس للبكر قول مع أبيها في عقده عليها، ولا يتعقبه سلطان ولا غيره، كبيرة كانت أو صغيرة، زوجها بأقل من صداق مثلها أو من رجل ضرير أو غائب أو على ضرة، يريد زوجة له أخرى، أو ممن هو أدنى منها حالاً أو مالاً أو من الرجل القبيح، فذاك ماض ولا كلام لها في الأحكام، والله أعلم فيما بينه وبين الله، إلا أن يزوجها مجنوناً يخاف عليها منه، أو أبرص مستلحاً أو مجذوماً مقطعا ومن منع من الكلام وتغيرت رائحته فلا يلزمها في أحد هؤلاء الثلاثة وتخرج من ولا يته، ويكون بهذا مسخوط الحال. وقال سحنون : إذا كان ضرراًً في بدنه فلا يلزمها.
ومن كتاب محمد قال مالك : وللأب أن يزوج البكر بأقل من صداق مثلها على وجه النظر، ولا يحط من الصداق بعد العقد إلا على الطلاق أو بعد وقوع الطلاق وقبل البناء يهبه للزوج فذلك جائز عليها. قال مالك : وللأب أن يكره البكر ويزوجها بغير إذنها وإن عنست عنده ومن غير كتاب ابن المواز روى ابن وهب عن مالك أنها إذا عنست عنده لم يزوجها إلا برضاها قال أصبغ : وإذا زوج الأب البكر إلى رجل سكير فاسق لم يومن عليها لم يجز وليرده الإمام وإن رضيت هي به.
ومن كتاب ابن حبيب قال : وإذا زوج ابنته البكر بربع دينار وصداق مثلها ألف دينار لزمها، وليس ذلك لغير الأب، ولا للسلطان ولا لها هي أن تنقص من صداق المثل وذلك للثيب، وليس للأب في البكر بعد تمام التسمية وضيعة منها إلا في الطلاق وقبل البنا.
[395 / 4]
[396 / 4]
ومن كتاب محمد [ابن مواز ] قال ابن المسيب : لا نكاح لمن في البطن، وقال ربيعة فإن وقع لم يجز، وذلك جائز في التي ولدت . وقد تزوج قدامة بن مظعون مولودة للزبير ، وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بنت ست سنين .
وقال مالك في البكر إذا غاب أبوها فأطال الغيبة وأبعد فلا يزوجها الأخ إلا في مثل من خرج إلى المغازي فانقطع في مثل إفريقية والأندلس قال عنه أشهب : ومثل من انقطع خبره ، ومثل من طلب و ضربت فيه الآجال فلم يعلم له مكان، فروى ابن القاسم أن للسلطان أن يزوج ابنته إذا بلغت ورضيت، وروى عنه أشهب أن الأخ يزوجها برضاها
وفي مسائل ابن غانم في التي أبوها أو بمصر في تجارة طويل الغيبة وليس لها ولي، قال يكتب إليه في البكر، وأما الثيب فالسلطان يزوجها .
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن وهب في الأب يطيل الغيبة ببلد إما لأنه أوطنه أو لأنه يتردد بتلك الناحية، قال إذا انقطع عنها نفقته وطال غيبته فليزوجها الإمام أو وليها برضاها. وإن كانت نفقة الأب عليها جارية فلا يزوجها أحد إلا بإذنه .
ومن كتاب ابن المواز قال مالك في التي بنى بها فلم يصل إليها وفارق، فإن فارق بعد السنة فهو بعيد، وتصير كالثيب لا يزوجها إلا بإذنها. وقال أيضا لها حد سنة، ولكن إن طال ذلك وشهدت المشاهد . ولو أقر بالوطء وهي منكرة، فإن لم تطل إقامته فهن كالبكر في الإذن، وإن افتضها وفارقها قبل المحيض فهي كالبكر في الإذن والنفقة، وقاله أشهب حتى تبلغ المحيض فتصير كالثيب البالغ، ويجب عليه استئذانها. وروى مثله عيسى عن ابن القاسم عن مالك في العتبية. قال ابن القاسم : وعليه نفقتها حتى تحيض، فارقها الزوج أو مات عنها. قال سحنون يزوجها بغير رضاها وإن حاضت وينفق عليها .
[396 / 4]
[397 / 4]
قال ابن القاسم في الذي يقيم مع البكر ستة أشهر يعرض عنها فيها فيفارقها، فليؤامرها الأب إن زوجها، فإن لن يؤامرها فالنكاح جائز. وزاد عيسى في روايته قال مالك : إذا فارقها بعد شهرين فلا يستأمرها.
قال سحنون قال ابن القاسم : وللأب أن يزوج ابنته المجنونة . قال ابن حبيب من قول مالك في غيبة الولي إن كان قريباً كتب إليه الأب وإن سافر انتظره وإن بعدت غيبته، وزوجها الإمام إلا في أب البكر فلا يزوجها إلا أن تطول غيبته جداً فيزوج الثيب، فأما البكر فلا إلا أن ينقطع بالسكنى في بلد منقطع بعيد قد أيس من رجعته وطال كالعشرين سنة والثلاثين فليزوجها، ولا يفعل ذلك أحد من الأولياء فإن زوجها ولي لها بإذن السلطان في الغيبة البعيدة مضى النكاح، وإن جهل السلطان أو الولي فزوجها في الغيبة القريبة لك يجز وفسخ إذا جاء الأب وإن ولدت الأولاد، وإن أجازه الأب لم يجز، وقاله ابن القاسم .
فيمن وهب ابنته لمن يكفلها فهل يزوجها؟
وفي مباراة الأب أو الوصي عن الصبية
من كتاب ابن المواز قال مالك : وللرجل أن يهب ابنته لمن يكفلها وإن كرهت أمها إذا كان على وجه النظر، ثم ليس للأب أخذها بعد بلوغها إلا بوجه إساءة وضرر، وإنما هذا في ذوي محارم الصبية، وإلا فليس بحسن، وليس لهذا الذي وهبت له أنكاحها بغير رصا أبيها حتى يجعل ذلك له، ولا له ذلك بعد موته إلا بإذنها.
وللأب أن يباري عن البكر بمالها وإن بلغت، وليس ذلك للوصي وإن كانت صغيرة زوجها الأب، ولا إذا بلغت إلا برضاها، زوجها الأب أو الوصي. وللوصي أن يباري عن يتيمة الصغير، يريد بما يأخذ له.
[397 / 4 ]
[398 / 4]
باب في إنكاح البكر اليتيمة واستئذانها
وإنكاح الوصي من يلي عليه من ذكر وأنثى
وهل ينكح غير من يلي عليه؟
وإنكاح التي لم تبلغ
ومن أوصى بتزويج ابنته فلانا
من كتاب ابن المواز قال مالك : لا يزوج البكر قبل البلوغ غير الأب لأحد، ولا وصي ولا ولي حتى تبلغ وترضى، وإذنها صماتها، ولا تسألها البينة أن تتكلم ولا الولي، وقاله ابن القاسم عن مالك في العتبية وأما إنكارها فبالكلام. قال ابن حبيب قال ابن الماجشون قال مالك : يستحب للشهود على البكر اليتيمة أن يعرفوها أن إذنها صماتها، فإن صمتت زوجت، وإن أنكرت بالقول لم تزوج. وقال ابن المواز في كتاب ابن القرطبي : ويطيلوا المقام عندها قليلاً.
ومن كتاب ابن المواز وقال ابن القاسم : ولا تزوج البكر اليتيمة حتى تبلغ وترضى، فإن تزوجت صغيرة برضاها لم يجز إلا أن يتقادم بعد البناء فيمضي. قال أصبغ إذا تطاول وولدت الأولاد مع ذلك. قال أصبغ عنه وقد سئل عنها وقد ولدت وقد بنى بها منذ ثمانية عشر شهراً، فقال يفسخ. قال ابن القاسم وأما قبل البناء فيفسخ. وإن طال وتقادم حتى بلغت ورضيت.
قال مالك في اليتيمة المحتاجة تصلح للوطء فلا تزوج حتى تبلغ المحيض . قال ابن القاسم إن أشعرت وشارفت زوجها الوصي أو الولي يرضاها، وقال أصبغ مرة، وقال بل حتى تبلغ ويفسخ قبل ذلك . قال محمد لا يفسخ إذا أنبتت. وقد روي عن مالك في بنت عشر سنين تطوف تسأل تزوجت برضاها وولت أمها
[398 / 4]
[399 / 4]
رجلاً على ذلك، فأجازه مالك، ولم يجزه في الصغيرة. قال سحنون في العتبية وهي رواية ضعيفة.
ومن كتاب ابن سحنون : وسأل ابن حبيب سحنون عن جارية أنثى ولا ولي لها ولم تبلغ المحيض إلا أنها شارفت وأنبتت، فقال له زوجها، فزوجها بأمره.
ومن كتاب محمد بن المراز قال مالك : وللوصي إنكاح اليتيم قبل بلوغه بخلاف الصغيرة لأن الصبي إذا بلغ وكره فارق، وليس للصبية ذلك. قال مالك وإذا زوج الوصي اليتيمة قبل أن تبلغ فلا يفسخ ما تقادم وجرت فيه المواريث.
محمد : بعد البناء { والأولاد، فأما التقادم قبل البناء يفسخ، وكذلك فيما قرب بعد البناء }.
قال مالك في صغيرة زوجها عمها ثم كبرت ورضيت إنه يفسخ، وذكر في العتبية أشهب عن مالك نحوه، قبل له إذا تفاوتت ووقعت المواريث أيفسخ؟ قال لا أدري، وقد جوز هذا بعض الناس فلا أدري.
وروى عيسى عن ابن القاسم في التي زوجها العم أو الوصي قبل البلوغ ثم مات أحد الزوجين، قال الميراث بينهما، وقد أجازه جل الناس. وإذا لم يفسخ حتى بلغت ورضيت فليفسخ إلا أن يفوت بالولد أو يطول بالزمان، وإذا فسخ قبل البناء فسخ بطلقة.
قال عبد الملك بن الحسن قال ابن القاسم : وإن كانت مسكينة لا قدر لها زوجها الوصي قبل بلوغها فإن ذلك يمضي وإن لم يبن بها. قال أصبغ الوصي كالأب في الصغيرة في كل شيء إلا في إنكاحها قبل تبلغ للحديث الذي جاء أن اليتيمة تستأمر في نفسها .
[399 / 4]
[400 / 4]
ومن كتاب محمد قال مالك : والوصي أولى من الولي في البكر، وللوصي نقض ما عقده الولي فيها. وللولي إنكاح اليتيم واليتيمة إلا أن يكون لهم وصي فالوصي أحق بذلك. ولا يستأمر العبيد قال مالك : وحسن للوصي أن يشاور الولي، ولا يضره إن لم يفعل أو كان كارهاً. ولو زوج البنت لجاز على الأولياء قال أشهب : هو فيها كالأب، وإن زوجها غيره من الأولياء مضى ذلك وقاله أصبغ. قال أشهب وهو فيها أولى من الأولياء قال يحيى بن سعيد : الوصي العدل كالوالد. وقاله أصبغ.
ومن الواضحة والولي أولى بإنكاح من ولاه الموصى من أوليائه، وبإنكاح من له عليها ولاية من البنات والأخوات وغيرهن. وقد كان الزبير وصي أبي العاص بن الربيع، وهو زوج أمامة بنت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم من علي بعد موت فاطمة.
وهذا قول مالك وأصحابه المدنيين والمصريين.
وليس للوصي ولا للولي إنكاح صغيرة حتى تبلغ، فإن فعل فسخ ذلك أبداً وإن طال وكان الولد وإن رضيت، وقاله مالك وأصحابه. والبلوغ فيها الحيض، ولا ينظر إلى الإنبات، إلا أن يتأخر عنها المحيض وتبلغ ثمانية عشر سنة فتكون كالبالغ، وقاله أصبغ. قال : وإن نكحت قبل ذلك فسخ قبل البناء وبعده وإن أنبتت، إلا أن هذه التي قد قاربت إن طال الزمان وكان الولد فاستحسن لا يفسخ، قيل وبالولد الواحد؟ والسنتين طوال؟ قال لا، ويفسخ.
ومن كتاب آخر قال أبو زيد بن أبي الغمر وقال مالك في الوصيين ينكح أحدهما الجارية فلا يجوز ذلك إلا باجتماعهما. قال ولا يزوج الصبي الذكر في ولايتهما إلا باجتماعهما، فإن زوجه أحدهما فأبى الآخر نظر السلطان، فإن رأى صواباً أمضاه وإلا رده. وكذلك في بيع أحدهما لا يجوز إلا أن يكون الآخر قد فوض إلى صاحبه.
[400 / 4]
[ 401 / 4]
ومن كتاب محمد والواضحة قال مالك : وإذا قال الأب للوصي زوج ابنتي فلاناً، أو قال ممن ترضاه، قال في الواضحة أو قال زوجها فقط، فقال فهذه يزوجها الوصي قبل البلوغ وله إكراهها على ذلك بعد البلوغ.
قال في كتاب محمد : وقاله ابن القاسم وأصبغ لأنه فوض إليه أمرها قال محمد وإنما يلزم أن يستأمرها الوصي الذي لم يأمره أبوها بتزويج. قال في الواضحة وإن قال فلان وصيي على بضع بناتي أو على تزويجهن، فلا يزوجهن هذا حتى يبلغن ويرضين .
ومن العتبية من سماع ابن القاسم : وإذا أوصى رجل رجلاً بمال ابنته فله أن يزوجها ولو رفعه إلى الإمام كان حسنا. وإذا أوصى أبوها بتعجيل نكاحها وهي بنت ثماني سنين فليعجل قيل إن لها حاضنة ً أينفق عليها من مالها ؟ قال نعم.(1/326)
وروى أبو زيد عن ابن القاسم في رجل أوصى رجلين أن يزوجا ابنته من رجل بشهادتها فزوجاها منه بعد وفاة الأب، فأنكرت أن يكون أبوها أوصى بذلك فيما عملت، فلا تجوز شهادتهما على ما أوصى به بعد عقد النكاح، وتجوز قبل أن يعقداه، فإذا رضيت ما صنعا ولم تنكره فذلك جائز.
ومن كتاب ابن المواز والعتبية ونحوه في الواضحة قال أصبغ : وإن كان الذي أوصى الأب أن يزوجها منه فاسق لا يؤمن عليها لم يجز ذلك عليها، كما لو فعله الأب بها لكان للإمام رده وإن رضيت هي به، وهذا ضرر. ولو دعت هي إلى مثله لم تجب.
قال أصبغ وإذا قال الأب للوصي زوج ابنتي من فلان بعد عشر سنين أو بعد أن تبلغ، فذلك لفلان إذا بذل صداقة المثل، وليس لها ولا للوصي أن يأبيا ذلك إلا أن يحدث بفلان فسق أو تلصص. قال في الواضحة : أو سقم بين فتبطل الوصية ، سواء أحبته أو كرهته. وإن لم يحدث منه إلا أن تزوج وكان خلواً أو اتخذ السراري فلا حجة لها بذلك.
[4/401]
***(1/327)
[4/402]
قال مالك : وإذا أوصى الأب بتزويج البكر بعد موته لزمها ما أوصى به وإن كرهت وبلغت. وكذلك لو سافر ووكل بذلك رجلاً. قال في العتبية وكذلك إن قال للوصي زوجها ممن ترضاه بعد عشر سنين أو بعد بلوغها جاز عليها ولزمها.
وإذا رضي الأولياء أو اليتيمة وكرهه الوصي فذلك إلى الوصي، وفي رواية عيسى عن ابن القاسم قال مالك فيمن قال في مرضه لأبن أخيه قد وصلتك بابنتي، كان يزوج ويخفف عنه في الصداق بقدر ما يرى أنه أراد بذلك.
ومن الواضحة : ولا يزوج الصغير أحد من الأولياء إلا الوصي، فإن لم يكن فالسلطان أو خليفته، والكبير السفيه في عقله ورأيه بمنزلة الصغير في إنكاحه.
وقال ابن الماجشون : لا يزوجه إلا برضاه، فإن تزوج برأي نفسه فلمن ذكرنا إجازته أو رده إن لم يكن له في ذلك حظ، فإن فسخ بعد البناء أخذ منها ما أصدقها ولا يترك لها ولا ربه دينار، قال مالك في غير هذا الباب : إلا ربع دينار، ولا تتبع ذمته، بخلاف العبد ينكح بغير إذن سيده فيفسخه ويأخذ من الزوجة ما أخذت وتتبع هي ذمة العبد.
وبعد هذا باب في نكاح السفيه فيه بقية مسائله.
وروى عيسى عن ابن القاسم في كتاب الحدود في المولى عليه وإن كان كبيراً أن تزويج أبيه أو وليه لح جائز عليه، كما يجوز على الصغير، ومباراتهما عنه جائزة ولا يستأمرانه.
ومن كتاب ابن سحنون : وكتب شجرة إلى سحنون فيمن لزم صقلية وأطال المكث بها وترك أبنته البكر فتريد النكاح وشكت الضيعة وهو يرسل بالنفقة شيئاً بعد شيء وإن قل. قال إذا رفعت ذلك وطلبت النكاح وشكت الضيعة كتبت إلى الأب في أمرها فيأمر من يزوج أو يقدم، فإن تبين لدده وضرره زوج عليه السلطان.
وسأله حبيب عن المرأة تطلب مني أن أزوجها ولها ولي بفارس أو باريس، قال أما من قربت غيبته فكاتبه ليحضر، يريد أو يوكل، ومن كان بعيد الغيبة
[4/402]
***(1/328)
[4/403]
فليزوجها الحاكم ولا ينتظره، إلا الأب في ابنته فإنه ينتظر إلا في غيبة منقطعة. وفارس والأربس في غيبة الولي بعيد فزوجها.
فيمن أوصى إن كفل فلان ولدي فقد وصلته بابنتي
أو أوصى أن يزوج ابنته فلاناً
من كتاب ابن المواز قال مالك فيمن أوصى في مرضه لرجل فقال : إن كنفت ولدي ووازرتهم وقمت معهم إلى أشدهم فقد وصلتك بابنتي، فرفض ذلك وتركهم، فلا تكون له بذلك زوجة، إلا أن يبتدئ نكاحاً برضاهما. وكذلك في العتبية قاله ابن القاسم عن مالك وهو في سؤاله : إن قام ابن أخي مع ولدي في تركتي حتى بلغوا فقد وصلته بابنتي. قال إذا ترك هذا الشرط فلا شيء له، إلا أن تشاء الجارية . قال ابن القاسم ولو قام بما قال الأب لزوجت منه والصداق عليه. قال عنه ابن القاسم : وكذلك لو أوصى أن تزوج ابنته للزم، كما إذا زوج، وفرق غيره بين ذلك، ولم ير مالك فرقاً بين قوله زوجها أو سمى فقال فلاناً .
وفي الباب الذي قبل هذا من ذكر الوصية بتزويج ابنته.
جامع القول في أولياء النكاح وفي غيبة الولي
وفي التي لا ولي لها، وفي النكاح بغير ولي
من كتاب محمد قال مالك : لا بأس أن يزوج المرأة العربية الرجل من مواليها له الصلاح والفضل البين، في البكر والثيب، فإذا زوجها هذا وأنكر الأخ والابن فلا قول لهم. قال أشهب عن مالك : وإذا غاب أكثر إخوتها إلى الحج ولها أخ صغير فليزوجها ولا ينتظر أخاه إذا دعا إلى سداد وكان عدلاً، وإلا نظر السلطان.
[4/403]
***(1/329)
[4/404]
ومن الواضحة قال : وكان ابن الماجشون يقدم السلطان على ذوي الرأي من أهلها ويرويه عن مالك، وإن زوج ذو الرأي دون السلطان جاز. وقال ابن القاسم عن مالك هو الرجل من العشيرة، وقال ابن الماجشون ليس كل من كان من العشيرة لأنها تتشعب، ولكنه الرجل من بطنها أو من بطن من أعتقها، والبطن ألصق من العشيرة، وقال هو معنى قول مالك، وأنكر رواية ابن القاسم في الدنية في الحال والموضع لا ولي لها بقرابة ولا ولاء يزوجها أجنبي دون الإمام، قال وإنما قال مالك وعلماؤنا مثل العجمية الوعرة وتستند إلى الرجل في الحال فيصير لها كنفاً ومستنداً ويأخذ لها القسم ويجرى عليها النفع ويلي منها ما يلي من مولاته، فلا بأس أن يعقد لها بإذنها إذا لم يكن ولي، فأما ذات النعمة والحال والنسب والمال فلا .
ومن كتاب ابن المواز : وروى ابن وهب عن مالك في امرأة لا ولي لها أو لها بعيد الغيبة أو ضعيف، محمد : ضعيف العقل، فتولي رجلاً ينكحها، فيجوز إذا لم تضع نفسها في دناءة. قلت : فالسلطان ؟ قال يكون، وليس كل امرأة تقدر على رفع ذلك إلى السلطان. قال محمد وهذا في التي يعسر عليها تناول السلطان.
وروى عنه أشهب في الدنية تولي رجلا ينكحها وتشهد، فقال لا ، إذا عمل بهذا ضاعت الفروج. وروى عنه ابن وهب في المرأة تكون في البادية وشبه ذلك فلتول رجلا يزوجها، وكذلك في التي لا أحد لها . وروى عنه ابن عبد الحكم في التي لا ولي لها تتفق مع رجل ثم تأتي السلطان فذلك جائز ما لم يخل بها .
وقال في المراة الغريبة تقدم مع الحاج فتريد النكاح فليزوجها السلطان وإن لم يعلم هل لها زوج أم لا ولا يكلفها البينة أنها لا زوج لها. قال أصبغ : وهذا في البعيدة الغربة، وأحب إلي إن كان في رفقتها أحد من بلدها أن يسأل من صلحائهم من غير تكلف شهادة، فإن استراب أمراً منعها .
[4/404]
***(1/330)
[4/405]
وإذا ولت امرأة أجنبياً على إنكاحها فلا عقوبة عليها إن لم يبن بها وكان نكاحها مشهوراً .قال ابن القاسم فإن بني عوقب هو وهي والمتولي ومن علم من البينة وكذلك في العبد بغير إذن سيده. وإن زوجها غير ولي فللولي أو السلطان فسخ ذلك بطلقة بائنة، دخل بها أو لم يدخل. قال محمد تأويل الحديث فإن استمروا يريد قبل النكاح .
قال محمد : ولكل ولي رد ما عقده غير الولي أو إجارته على الاجتهاد إلا الأب في البكر يزوجها ولي غيره فلا يجوز إجازة الأب ذلك، وكذلك السيد في أمته إلا في مثل الابن المفوض إليه أمر أبيه يزوج ابنته أو أمته فيرضى بما فعل فيجوز، كما زوجت عائشة بنت أخيها في غيبته فرضي. قال مالك : وذلك لمكانها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وكلت عائشة رجلا على العقد.
والأخ بمثل الابن في ذلك، وهذا فيمن لا ولاية لها في نفسها مثل البكر في الأب والسيد في الأمة وأما التي لها الولاية في نفسها مع أوليائها فللولي أن يجيز أو يزد.قال مالك :
إلا أن يطول بعد البناء أو تلد الأولاد ويكون صوابا، وقد كان يقف في إجازة الولي فيه بالقرب، ويحب فسخه.
قال مالك في التي أسلمت من النبط والسود المعتقد ذلك فيها أحب إذا زوجها أجنبي أن يجوز إن كان نكاحا طاهراًُ .
وكتب مالك إلى ابن غانم إذا تزوجت امرأة وكلت أجنبيا فزوجها وأولياؤها غيب، فرفع إلى السلطان بقرب ذلك أو ببعد فلا ينظر فيه إلا أن يقدم الولي فيطلب الفسخ فيفسخ ذلك، إلا فيما تطاول وولدت الأولاد، وأما التي لا خطب لها ليس لها الحال ولا من العرب فلا يفسخ وإن قرب.
وكتب إليه أيضاً إذا زوج ذلك إليك وقد ولت من زوجها في كفاية وأولياؤها غيب. فأما الدنية ليس لها الحال ولا من العرب فلا ينظر فيه وإن قرب،
[4/405]
***(1/331)
[4/406]
وأما إن كانت ممن لها الحال والعشيرة على أوليائها، فما كان قريبا لم يطل فافسخه، وأما ما تفاوت وطال منه فلا ينظر فيه، رفعه ولي أو غير ولي .
قال ابن القاسم ينظر في الشريفة في غيبة الولي إن رفع فيه بقرب، فإن كان الولي بعيد الغيبة نظر له كنظرة إن حضر من رد أو إجازة، ثم يلزمه ذلك. قال محمد : وأكره للزوج بغير إذن ولي أن يطأ حتى يرضى الولي. وقد كره ذلك مالك .
ومن العتبية روى أشهب عن مالك فيما كتب إلى ابن غانم في امرأة لها ولي على مسافة ثلاثة أيام أو أربع مشتغل في صنعته لا يقدم، فإن كانت هكذا ودعت إلى كفء فليزوجها السلطان، وهو أحد ولاتها. وقال في امرأة زوجها غير ولي لإلى ابن عم لها وأشهدت، ووليها قريب الموضع، قال مالك : أدخل بها ؟ قال نعم، وتزوجها كفء ؟ قال نعم، قال لا يتكلم في هذا.وذكر ما أصاب النساء من الضيعة.
ومن الواضحة قال : والأقرب من الولاة أحق إلا أن الأولياء إذا تباعد واحد مثل ابن عم غير دينه أو الولي، فلا بأس أن يليه من يلي من له منهم السن والصلاح وإن لم يكن أقعدهم : فإن لم يكن لها عصبة ولا موالي فذو الرأي من أهلها أو السلطان. وهذا قول أصحاب مالك وعبد العزيز.
قال وأما الإخوة في درجة أو بنو العم في درجة يختلفون فذلك إلى أفضلهم، فإن استووا فأسنهم، فإن استووا فكلهم يلونه عند المشاحة وإن سبق أحدهم إلى عقده جاز وإن كان دونهم في الفضل والسن، وقاله مالك وأصحابه.
قال وإذا زوجها الأبعد من الأولياء فللأقعد فسخه إلا أن يعلم أو يحضر وقد صمت فيحمل محل الرضا ولا رد له. وإن كان في البلد أو في غيبة قريبة فله
[4/406]
***(1/332)
[4/407]
رد ذلك ما لم يبن بها فيمضي. فأما لو زوجها غير ولي لفسخ وإن بنى بها وطال، وليس للولي إجازته كذلك. قال ابن الماجشون عن مالك يفسخ بعد البناء بلا طلاق ما لم يطل جداً وقاله أصحاب مالك إلا ابن القاسم فقال للولي أن يجيزه أو يرده.
قال ابن وهب عن مالك في الولي يغيب لا يزوجها السلطان إلا أن تطول غيبة الولي. قال ابن القاسم وإذا رفعت امرأة إلى الإمام أمرها لتنكح عنها، فإن لم يكن لها ولي زوجها برضاها إن ثبت عنده أنها دعت إلى كفء في الحال والمال والقدر وإن عرف أن لها ولياً أحضره وسأله لم منعها ممن ذكرت؟ فإن ذكر صواباً ردها إلى رأيه، وإن لم ير من قوله صواباً ورأى منه عضلاً بيناً أمره بالعقد، فإن أبى زوجها الإمام وهذا كله من قول ابن القاسم حسن. وإذا غاب الأقعد غيبة بعيدة زوجها الأبعد، وكذلك إن كان حاضراً مضاراً.
قال مالك : ومن زوجها وليها ثم طلقت فلا تنكح هذا الزوج إلا بإذن وليها، وإن ولت غيره لم يجز. قال ابن المواز قال مالك : ليس الخال بولي، وإنما الولاة من العصبة قال سحنون بقول ابن القاسم وإذا اختلف الأولياء نظر السلطان، إنما هذا في الوصيين إذا اختلفا.
في الوصي يعقد نكاح من يلي عليه لنفسه أو لولده
من كتاب ابن المواز قال مالك : لا أحب للولي أن يعقد على نفسه نكاح يتيمته بإذنها ولها أولياء، فإن فعل نظر فيه، فإن كان غبطة أمضي. قال مالك وكذلك إن زوجها لابنه بإذنها وكان غبطة، وقد بلغت، فإن لم تبلغ لم يجز. قال مالك وكذلك إن زوجها لابنه بإذنها وكان غبطة ،وقد بلغت ، فإن لم تبلغ لم يجز . قال مالك وإن زوج يتيما من ابنته وزاد عليه في المهر فليس ذلك له ، ولا بأس به إن خطبها .
[4/407]
***(1/333)
[4/408]
قالت عائشة ــ رضي الله عنها ــ نهى الله سبحانه من في حجره يتيمة له رغبة فيها وفي مالها أن يزوجها إلا أن يقسط لها في الصداق ، قال تعالى [ وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء ] يقول : غيرهن ، وقال بعد ذلك [ وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء ] الآية . قال أشهب : لا يزوج يتيمته من نفسه وإن بلغت ورضيت . وأما الثيب فنعم ، يريد الثيب ليست في ولايته . قال محمد فإن فعل في البكر البالغ بإذنها نظر فبل البناء ، فإن عدل أقسط في المهر جاز ، وهذا ظاهر القرآن ،فإن لم يعدل ولا أحسن النظر رد ذلك إلا أن يعم لها ما يشبهها ، إلا أن ينزل بها بعد النكاح ضرر في بدن أو مال حتى يصير الفسخ ليس بنظر فيمضي استحسانا .
وقال أشهب عن مالك في وصي على أبن أخيه فزوجه أبنته ورفع في المهر
ثم مات ، فأوصى بهما إلى رجل فلا أرى ذلك يجوز . قيل له قد فني حالها ، قال إن رأى وصيها أن يحط عشرين من الخمسين ويكتب بذلك كتابا أنه فعل ذلك نظرا لها فهو في سعة ، ولا ينفق عليها من مال اليتيم وإن راهق حتى يبلغ الحلم . ومن العتبية روى عيسى عن أبن القاسم فيمن في حجره يتيم زوجه لابنته ، فإن كانت لا مال لها ولليتيم مال رغب فيه لم يجز ، وإن كان لها مال مثل ماله ويصلح مثلها لمثله جاز ذلك .
في عقد المرأة والعبد النكاح على أنفسهما
أو على غيرهما وعقد النصارى على غيره
وهل يزوج النصرانية من مسلم أو ذمي ؟
من كتاب محمد قال مالك : إذا عقد العبد نكاح ابنته الحرة أو غيرها وأجاز ذلك ولاتها أو كان بإذنهم ، أو عقدت امرأة نكاح ابنتها أو ابنة غيرها أو
[4/408]
[409/ 4 ]
نكاح نفسها فلا يجوز ويفسخ قبل البناء أو بعده وإن ولدت الأولاد وطال الزمان، أجازه الأولياء أو كان بإذنهم، كان لها خطب أو لم يكن ويفسخ بطلقة، ولها المسمى إن دخلت وكذلك إن كانت المرأة وصية على التي عقدت عليها أو كان العبد وصياً.
قال مالك إلا أن للمرأة الوصية أن تولي أجنبيا على العقد فيجوز وإن كره الأولياء وكذلك العبد الوصي قال أصبغ ولا ميراث فيما عقدته المرأة أو العبد وإن فسخ بطلاق لضعف الخلاف فيه قال ابن القاسم : وكذلك عقد من فيه بقية رق بكتابة أو معتق بعضه كعقد العبد وأما العبد يعقد على نفسه فذلك جائز، يريد بإذن سيده.
ومن العتبية قال أشهب عن مالك في التي زوجت نفسها : أحب إلي أن يفسخ بطلقة، دخل أو لم يدخل ، وكذلك إن زوجتها امرأة أخرى قال عيسى قال ابن القاسم وإن عقدت لأمتها فطلقها الزوج البتة قبل علمه بفساد النكاح، فلا ينكحها إلا بعد زوج.
قال عيسى عن ابن القاسم: وللرجل أن يستخلف نصرانيا أو عبدا أو امرأة يعقد عليه نكاحه، قال وتعقد المرأة على عبدها نكاحه ولا تعقد على أمتها.
قال ابن حبيب : وكذلك المرأة لا بأس أن تعقد على كل ذكر في ولايتها أو يأمرها رجل أن تعقد عليه أو يأمر الرجل بذلك صبيا أو نصرانيا، فذلك إن عقدوه عليه جائز.
ومن العتبية من رواية عيسى قال ابن القاسم : والعبد و المرأة إذا أوصي إلى واحد منهما وكلا من يعقد على البنات، ولهما العقد على من يليان من الذكور.
[4/409]
***(1/334)
[4/410]
وكذلك النصراني يفوض إليه وإنما يعقد على من يعقد على نفسه يوما، ولا يعقد على من لا يعقد على نفسه يوما ما .
قال ولا يزوج المسلم النصرانية كانت أخته أو أمته أو مولاته. وإذا رفعت النصرانية أمرها إلى الإمام في إنكاحها ردها إلى أهل دينها.
وقال في مسلم يوصي إلى نصراني بتزويج بناته قال لا يجوز إلا أن يرى الإمام لذلك وجها، فإن رأى له وجها فليوكل النصراني مسلما يلي إنكاحها بنات الميت وأما النصراني في ابنته المسلمة فلا يزوجها ولا يستخلف من يزوجها ولا يطلب في ذلك رضاه وأما العبد في ابنته الحرة، فإن كان ذا نفاد وحسن نظر فليحضر ويسمع من رأيه، وليس له في الاستخلاف شيء.
قال عبد المالك بن الحسن وقال ابن وهب: وللمسلم أن يعقد نكاح ابنته النصرانية لمسلم، وإن كان لنصراني فلا يليه أبوها. قال أصبغ عن ابن القاسم ويزوج النصراني وليته النصرانية من مسلم قال فإن أرادته وأبى ذلك وليها النصراني وهي بكر أو ثيب فلترد إلى أهل دينها وحكامهم.
ومن سماع ابن القاسم وإذا كانت ذمية من نساء أهل الجزية فلا يزوجها أخوها المسلم قال ابن القاسم وإن كان الأخ والأخت معتقين فليزوجها، وإنما لا يزوجها إذا كان من أهل الصلح .
ومن كتاب ابن المواز : وللسيد المسلم إنكاح أمته النصرانية من نصراني لأنها ماله، وليس ذلك له في ابنته النصرانية من مسلم ولا نصراني، فإن فعل فسخ نكاح المسلم ولا يعرض للنصراني، وقد ظلم الأب نفسه.
قال مالك في النصرانية لا يزوجها وليها المسلم من مسلم إن كانت حرة ذمية، وإن كان معتقة فذلك له، وكذلك لمولاها إنكاحها من مسلم بأمرها قال
[4/410]
***(1/335)
[4/411]
أصبغ : والنصرانية يزوجها وليها النصراني من مسلم، فإن لم يكن لها ولي فأساقفتهم وبعض ولاتهم دون وليها المسلم قال أصبغ لا يفسخ، وعقده أولى وأفضل، وكذلك ذكر ابن حبيب عن أصبغ قال ابن المواز وهذا غلط لأنه غير ولي لها وقد خالف مالكا وابن القاسم وأشهب وغفل عن الحجة وأما لو عقده لنصراني لم يعرض لنصراني تزوج نصرانية بغير ولي، وقد ظلم المسلم نفسه.
ومن العتبية قيل لأبن القاسم فيزوج الذمي ابنته البكر وإن كرهت، أو تنكح هي من أحبت؟ قال : يردون إلى أهل دينهم وحكامهم وإن تزوجت بغير إذن الأب ثم أسلما ثبت النكاح.
ومن الواضحة ولا يزوج العبد ابنته الحرة المسلمة ولا يستخلف على ذلك غيره، فإن جهل واستخلف غيره فعقد فسخ ذلك، وإن فات بالبناء مضى ولم يفسخ.
فيمن يكره على النكاح ممن فيه بقية رق
ومن لا يكره، وذكر من ينزع منه ماله
من كتاب محمد قال مالك في العبد نصفه حر فلا يزوجه سيده إلا برضاها، ولا يتزوج هو إلا برضا سيده. وإن تبين أن السيد مضار به ويمنعه النكاح وهو محتاج إليه فلا يقضي عليه، والعبد والمكاتب يحتاجان إلى النكاح مثله.
قال في كتاب الخيار قال مالك في الأمة بعضها حر لا تجبر على النكاح ولا تزوج إلا برضاها قال في العتبية من سماع ابن القاسم : ولا تتزوج هي إلا برضاها، لا يتم إلا برضاهما .
ومن كتاب محمد قال : ولا يمنع عبده من ارتجاع زوجته من طلاق فيه رجعة واختلف قول مالك في المعتقة إلى خمس سنين : فقال يزوجها بغير رضاها،
[4/411]
***(1/336)
[4/412]
وقال لا يزوجها إلا برضاها وكذلك إلى سنة أو إلى شهر وقال أشهب له أن يكرهها كما له أن ينزع مالها ويسافر بها بخلاف المعتق بعضه وكذلك روى ابن القاسم عن مالك .
قال محمد : من له انتزاع ما لها فله أن يكرهها على النكاح، ما لم يكن من السيد طلبا للضرر بها .
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم أن له أن يكرهها ما لم يقرب الأجل كانتزاع ما لها وروى ذلك أصبغ عن ابن القاسم كقول مالك في المال ما لم يقرب الأجل وكذلك في النكاح وإذا مرض السيد قبل عتقها بالسنة فلا ينتزع ما لها لأنه ينتزعه لغيره وهو الوارث انتزاعه بعد موته قال أصبغ ولا لهم إنكاحها كما ليس للسيد يمرض إنكاحها ولا أخذ ما لها، فليس لهم ذلك بعده.
وروى يحيى بن يحيى في الموصى بعتقها إلى أجل وهي تخدم الورثة فليس لهم إكراهها على النكاح ولكن برضاها، ولا لهم انتزاع ما لها،قرب الأجل أو بعده، وقاله سحنون، ولأنها قومت في الثلث قال ابن القاسم قال مالك فيمن أخدم أمته رجلا ومرجعها إلى حرية بعد الأجل فلا يزوجها إلا برضاها، يريد ورضا المخدم، ولا ذلك للمخدم أيضا.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك فيمن له جارية فارهة أراد أن يزوجها عبدا له قيما له في ضيعته وأموره وتقاضيه، فما لم يتبين أنه ضرر فذلك له قلت : قد يكون وغد المنظرة، قال رب وغد المنظرة له المخبرة في الحال فينظر فيه فيمنع ما يرى أنه ضرر ويجوز ما لا ضرر فيه ،وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم
[4/412]
***(1/337)
[4/413]
قال مالك وكذلك لا يضر بعبده فينكحه ما لا خير فيه. قال محمد : وله أن ينكح أم ولده ومكاتبه ومدبره وقال في كتاب المكاتب : لا يزوج مكاتبته إلا برضاها. قال مالك في المختصر لا يزوج أم ولده إلا برضاها، وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم.
قال عيسى عن ابن القاسم فيمن زوج أمة أم ولده لعبده ثم مات السيد فليس ذلك بانتزاع للأمة، وهي لأم الولد، والنكاح ثابت. كما لو زوج امة عبده ثم أعتقه فليس بانتزاع، وهي للعبد، والنكاح ثابت.
ومن الواضحة : وله أن يكره أم ولده على النكاح كأمته، واختلف فيه قول مالك، ولا يزوجها من العبد من لا يشبهها في حالها، وثبت مالك على أنه لا يزوجها إلا بإذنها، وأنه يكره له إنكاحها أصلا إلا أن يخاف عليها. وبهذا أخذ جميع أصحابه.
وفي باب نكاح العبد بغير إذن سيده شيء من ذكر إكراهه على النكاح والطلاق.
في نكاح العبد أو الأمة بغير إذن السيد
والحرة بغير إذن وليها
وكيف إن أجازوه؟ وذكر مهر العبد
وهل يكره على النكاح أو الطلاق؟
من كتاب محمد وقال في العبد ينكح بغير إذن سيده، فإن أجازه السيد جاز، بعد ذلك أو قرب. وأما الأمة فلا يجوز وإن أجازه وإن عقده رجل حر لم يختلف في هذا مالك وأصحابه، وذلك أن العبد لو أذن له يعقد على نفسه، ولو أذن للأمة لم يجز أن تعقد لقول الله تعالى{ فانكحوهن بإذن أهلهن} وللأمة ما
[4/413]
***(1/338)
[4/414]
سمي لها إن بنى بها إذ قال ابن القاسم : ولو لم يعلم أنها أمة لرجع عليها بالزائد على صداق المثل، إن وجد ذلك بعينه. قال أصبغ : وما تلف لم يتبع به.
قال ابن القاسم : وإن أصدقها أقل من صداق مثلها رجع السيد تمامه على الزوج. وقال أشهب : لا يرجع بشيء، كما لا يرجع إن أمكنته فزنى بها. وابن القاسم يرى للسيد في الزنا ما نقصها وإن أمكنته.
وفي باب نكاح المريض حجة في نكاح العبد بغير إذن سيده والفرق بينه وبين المريض وغيره.
ومن أذن لعبده في النكاح فنكح حرة ولم يخبرها فأجازه ، السيد ، فلها أن تفسخه ولها المسمى إن تقاولا قول السيد لأنه أجازه ، وإن لم يبن فلا شيء لها .
وإن أبى السيد أن يحيز نكاح عبده بغير إذنه ثم أجاز ، فأما في المجلس وما خرج كالجواب والمراجعة فله أن يجيز، وإذا عزم وبين ذلك وثبت عليه فقد تم الفراق. وكذلك إن قال لا أجيز، ثم بعد أن كلم أجاز. محمد : ولو قال والله لا أجيز اليوم أو حتى أنظر وقد تبين له انه لم يعزم، وكذلك إن لم يرد بقوله لا أجيز أني فسخت فله أن يجيز، إلا أن يفترقوا على قوله لا أجيز فيكون فراقا، ما لم يبين فيه فيقول اليوم أو حتى أنظر فذلك له وإن افترقوا، ما لم يتركه بعد علمه على ما يرى أنه منه رضى. قال ابن القاسم يصدق السيد على أنه لم يرد عدم الفراق في المجلس ما لم يتهم. وإن شك السيد على أي وجه خرج ذلك منه فهو فراق واقع.
قال مالك : وأما البيع فبخلاف ذلك، إذا قال فيما بيع عليه قد رضيت فقد تم للمشتري وأما المرأة، يريد الحرة، تزوج بغير إذنها ثم تعلم فتجيز فلا يجوز بحال إن بعدت، فأما إن قربت فيجوز. فإن أنكرت ثم أجازت لم يجز، بخلاف السيد في عبده والولي في وليته تتزوج بغير إذنه. هذا قول ابن القاسم عن مالك. وروى عنه ابن وهب تزوج بغير إذنها مثل ذلك، والأول أحب إلينا.
[4/414]
***(1/339)
[4/415]
ومن العتبية روى عيسى وأبو زيد عن ابن القاسم في العبد يتزوج بغير إذن سيده فرآه يدخل عليها. فإن قامت بينة أنه علم بنكاحه فأقره جاز النكاح والصداق على العبد.
ومن الواضحة : ومن أذن لعبده فالمهر في ذمة العبد، فإن تزوج بأكثر مما ينكح به مثله رد إلا أن يجيزه السيد.
قال ابن الماجشون لا يجوز أن يزوج عبده على أن الطلاق بيد سيده، ويفسخ، فإن بنى بها مضى وبطل الشرط.
وإذا نكح العبد بين الرجلين بإذن أحدهما فللآخر رده وينتزع جميع الصداق منها يبقى بيد العبد، إلا أن يجتمعا على قسمه، ولا يترك لها منه ثلاثة دراهم، ولا حجة لها إذا علمت أن الآذن فيه شريك. وإن اقتسما الصداق أو ماله فلها أن تأخذ من الآذن حصته من الصداق، ولو غرها الآذن ولم يعلمها رجعت عليه بجميع ما ينزع منها من صداقها، وإن استهلكته اتبعها الذي لم يأذن بجميعه، واتبعت هي الآذن بمثله، ولها اتباع ذمة العبد بما أخذ منها إلا أن يسقطه عنه الذي لم يأذن فيسقط عنه جميعه، لأن الذمة لا تنقسم.
وفي أبواب الغارة والمغرورة شيء من معاني هذا الباب ومن نكاح الأمة بغير إذن أحد السيدين، وفي الجزء الثاني باب في نكاح العبد وتسوره.
ومن الواضحة : ومن أذن لعبده في النكاح فالمهر في ذمة العبد، فإن تزوج بأكثر مما ينكح به مثله رد إلا أن يجيزه السيد، قال ابن الماجشون لا يجوز.
ومن كتاب محمد ولا يزوج الرجل عبده أمته إلا بصداق وإلا فسخ إن نزل بطلاق. وللرجل إكراه عبده وأمته على النكاح إلا ما قصد فيه الضرر، ولا يكرهه على الفراق. وإن وهب له زوجته فكره ذلك أصبغ وأجازه إن نزل. وقال ابن عبد الحكم : إن قصد إلى الفرقة لم يجز، وقال ابن الماجشون إن كان مثله يملك مثلها فذلك له ويفسخ النكاح. محمد : وإن لم يملك مثلها فالهبة باطلة.
[4/415]
***(1/340)
[4/416]
ومن زوج أمته بمائة دينار ثم قتلها السيد قبل البناء فله أخذ المائة ويضرب مائة ويسجن سنة.
في نكاح الصغير والسفيه ونكاح المرتد
وفي نكاح السفيه وليته، وحكم الصداق في ذلك
من كتاب ابن المواز قال مالك في يتيم زوجه أخوه أو وصيه، قال إن كان صغيراً فليس في هذا نظر له ولا يعجبني. قال ابن القاسم : وإذا بلغ الصبي الوطء وهي في ولاية فتزوج بغير إذن وليه، كشرائه. فإن أجازه جاز، وإن رد نكاحه لم يترك لها شيء وإن وطىء، إلا أن يكون قد بلغ الحلم فيترك لها ربع دينار. وقال محمد : وهو إذا اشترى فأتلفه أو أكله لنزع جميع الثمن من البائع ولم يتبع الصبي بشيء. قال : ومن عقد لغيره في نكاح، يريد من الإناث، فإنه يفسخ، ويمضي عقده لنفسه إن أجازه وليه، وهو كالعبد في ذلك.
ومن الواضحة قال والصغير والسفيه الكبير لا يجوز نكاحهما وهما متفقان في أمورهما إلا في الطلاق، فلا طلاق للصغير، وطلاق السفيه الكبير يلزمه، وهو كالصغير في إنكاح الأب إياه يجوز عليه، وكذلك وصي أبيه والسلطان وخليفة السلطان يجوز إنكاحهم إياه وإن كره بما سموا من الصداق في ماله وذمته، وإن بلغ الرشد فلا رد له.
وقال ابن الماجشون في السفيه الكبير لا يزوجه من يلي عليه إلا برضاه، وقال ابن حبيب وإذا تزوج السفيه بغير إذن من ذكرنا فإليهم إجارته أو رده، فإن ردوه بعد البناء ردوا جميع ما أصدقها إلا قدر ما يستحل به مثلها. ولم يجده مالك. وقال مالك في موضع آخر من كتاب ابن حبيب وفي كتاب ابن المواز يريد إلا ربع دينار قاله ابن حبيب.
قال ابن القاسم : يجتهد السلطان فيترك للدنية ربع دينار، ولذات القدر أكثر من ذلك بما يراه. وقال ابن الماجشون لا يترك لها شيء إن كان لها قدر قال ابن حبيب وهذا القياس، وقول مالك استحسان، وبه أقول.
[4/416]
***(1/341)
[4/417]
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب عن مالك : إذا تزوج السفيه بغير إذن وليه فإن أجاز مضى، وإلا فسخ وكانت طلقة قال ابن القاسم : وهو في كتاب ابن حبيب، فإن لم يعلم وليه حتى مات أحدهما، فإن مات هو فلا ميراث لها منه. قال ابن حبيب ولا صداق، وإن ماتت هي فالنظر لوليه قائم، إما أن يجيزه فيأخذ الميراث ويؤخذ الصداق، أو يرد النكاح ويدع الميراث. قال ابن حبيب وقاله مطرف وابن الماجشون. وقال لي مطرف وقال عبد العزيز وابن أبي حازم إذا مات هو بعد أن علم الولي، فإن مات بحدثان ذلك حلف الولي ما رضي ذلك ولا أجازه ثم لا ميراث، وإن كال ذلك بعد علمه فلا كلام للولي. وذكر أصبغ عن ابن القاسم أنهما يتوارثان ويمضي الصداق فيه، لأن فيه قد فات بالموت. وذكر ابن المواز عنه خلاف هذا.
قال ابن المواز قال أصبغ : وإن مات هو لم ترثه وردت عليه ما أعطاها إلا ربع دينار إذا أصابها وذلك في حياته إن فسخه. قال أصبغ هذا في الدنية. وقال ابن القاسم ويجتهد في الزيادة لذات القدر، قال أصبغ بما يرى مما لا يبلغ صداق مثلها ولا مذهب صداق، وقاله ابن القاسم فيما يفسخ من النكاحات بعد التلذذ من غير افتضاض، وقاله مالك، وأنكر سحنون هذه الرواية.
قال ابن المواز : ورواية ابن وهب عن مالك في السفيه لا يترك لها إلا ربع دينار. قال محمد وقال أصبغ أيضاً في موت السفيه إنها ترثه الولي، فإن كان مما يجيزه نظراً فلها الصداق مع الميراث، وإن كان مما لم يكن يجيزه نظراً فلها الميراث ولا صداق لها إن لم يبن بها، وإن بنى بها فلها ربع دينار. وإن ماتت هي نظر، فإن كان فيه غبطة جرى فيه الميراث والصداق، وإن لم ير غبطة فلا ميراث فيه ولا صداق.
قال مالك في المولى عليه يشكو الغربة ويطلب النكاح، قال منهم من لا يخاف أن يمسكها فيتربص به. قال ابن القاسم ينظر له وليه على الاجتهاد. قال أصبغ : فإن عطله بغير وجه يعذر به زوج عليه.
[4/417]
***(1/342)
[4/418]
قال : ويلزم طلاق السفيه، ولا يجوز عتقه كان محجوراً عليه أو غير محجور.وكذلك لا يجوز جميع صنيعه في المال، إلا أن عتقه أم ولده يجوز. قال ابن حبيب : كان في ذلك كله محجوراً عليه أو غير محجور.
من كتاب محمد قال ابن القاسم : وإذا تزوج المدبر ودخل لم يكن لها شيء من الصداق. قال أصبغ : وهذا إذا تزوج بعد الحجر والتوقيف، وذلك كبيعه وشرائه.
قال ويزوج السفيه ولا يكون له ذلك إلا بإذن وليه إلا في السفيه الضعيف فلا ينظر إلى سخطه ورضائه،وهو كالميت. قال ابن وهب في السفيه إن وليه أولى بإنكاح بناته وإمائه، ولا أمر له فيهن، ويستحب حضوره ولا تضر غيبته فلو عقد ذلك السفيه فلوليه إجازته أو رده، فإن كان عليه ولي فإنكاحه إياهن ماض إن كان ما فعل صوابا. وكذلك الأخ السفيه في أخيه، قال أصبغ هذا كله صحيح، قال محمد إلا قوله إن لم يكن له ولي أنه جائز. وذلك سؤاله ولي أم ولد لا ينظر فيما فعل كنظر الولي، فيجاز ذلك أو يرد بالاجتهاد. وإن كانت اليتيمة سفيهة فلا يزوجها الوصي حتى ترضى.
قال أصبغ في العتبية قيل لأشهب : السفيه يزوج أخته؟ قال نعم، حسبته قال إن كان ذا رأي ولا مولى عليه فذلك جائز وإن كان سفيها.
ومن كتاب محمد : ومن زوج البكر بصداق كبير فدست هي إلى الزوج ما أعانته به فلها أن ترجع بعد البناء محمد : ولو عقدت هي معه على ذلك لم ينفعه، وكذلك إن حطته عنه، قاله مالك .
[4/418]
***(1/343)
[4/419]
في نكاح الصغير والشروط فيه فيما عقد على نفسه
أو عقد وليه، وفي عقد أبيه عليه
وذكر الصداق وحمله أو ضمانه
عن ولده أو عن أجنبي ونفقة الصغير
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم : وإذا تزوج الصغير واشترط عليه شروط بتمليك وعتق وطلاق فأجاز له ذلك وليه، أو زوجه وليه على ذلك، فلا يلزمه منها شيء إلا أن يلزمها نفسه بعد البلوغ. وإذا بلغ قبل البناء وعلم بالشروط ودخل عليها لزمته، وإن بنى ولم يعلم بما شرط عليه لم تلزمه. قال أصبغ عن ابن القاسم : وإن لم يرض قبل البناء بالشروط قيل : إما أن ترضى أو تطلق، فإن طلق فعليه نصف المهر. قال أصبغ إذا اختار الفسخ فلا شيء عليه ولا على أبيه إذا لم يدخل . ولو كان يوم زوجه لا مال له. قال محمد : وهذا أحب إلينا إلا أن تسقط المرأة الشرط فيلزمه النكاح، كرسول الرجل يزوجه بشرط، فإن بنى بعد العلم لزمه، وإذ لم يبن ولم يرض، فإن رضيت بغير شرط وإلا فسخ ولا شيء عليه، قال أصبغ ولا على الرسول إن كان زعم أنه بذلك أمره.
قال ابن حبيب : وإذا أسقطت المرأة الشروط ثم فارق هو لزمه نصف الصداق، وإن لم يدعها وأبى هو وفارق فلا صداق عليه. وذكره عن ابن القاسم وابن الماجشون وأصبغ.
وروى أبو زيد في العتبية عن ابن وهب فيمن زوج ابنه الصغير بشروط من عتق وطلاق فذلك يلزمه إن كبر، بنى أو لم يبن. وقال ابن القاسم لا يلزمه إلا أن يدخل بها بعد علمه بالشروط، ومن الشروط إن نكح عليها أو تسرر فهي طالق البتة. ولو قال الصبي شرط علي هذا وأنا صغير، وقال أولياء المرأة بل وأنت كبير، فعلى الزوج البينة، وإلا حلف أولياء المرأة ولزمه.
[4/419]
***(1/344)
[4/420]
ومن كتاب محمد قال مالك : ومن زوج ابنه الصغير ولا مال للصبي فالصداق على الأب في حياته في رأس ماله وبعد وفاته، وميراث الابن له كامل، ولا يرجع عليه فيه بشيء. وإن كان للابن مال يوم العقد فذلك على الابن إلا أن يشترطه الأب على نفسه فيلزمه عاجله وآجله في ملاء الابن وعدمه، ولا يرجع به على الابن، قاله مالك. قال محمد إلا أن يكون بمعنى الحمالة وللصبي يومئذ مال، يرجع به على الابن الأب أو ورثته، فإن كان لا مال للصبي يوم العقد فذلك على الأب بكل حال .
قال ابن القاسم : ولو كتبه على الابن لم يكن على الأب منه شيء. قال أصبغ إذا كتبه على الابن برضى الزوجين له أن يكون هكذا على الابن محدداً. فهو على الابن، كما لو اشترى سلعة باسمه وكتب الثمن عليه، وإنما يلزم الأب إذا زوجه مبهماً لم يسمه على أحد والابن عديم يومئذ.
قال محمد قول ابن القاسم أحب إلي أنه على الأب وإن كتبه على الابن حتى يوضح ذلك بأن يقول ولست منه في شيء لكنه لكم على ابني، فهذا إن علم به الابن قبل البناء وقد بلغ فهو مخير أن يلزمه نفسه وإلا لم يلزمه. وإن بنى بها قبل يعلم بذلك سقط عنه منه ما جاوز صداق المثل وثبت النكاح.
قال محمد إذا كان الابن وقت العقد له مال فكتبه باسم الابن وقال الأب ضمان الابن لكم علي فهذه حمالة وإن قال الأب بعد العقد ذلك ولكم عليها احتمال احتملته عنه فليأخذوا من شاءوا منهما.
وإن كتبه باسم الأب فهو في ماله لا يرجع به على الابن وإن كبر، أراه قال إلا أن يشترط أنه حمالة، وإلا فهو على الأب لا يتبع الابن بشيء منه وإن أعدم الأب، إلا أن يعدم قبل البناء فيقال له إن شئت البناء فادفع الصداق عن الأب، ولو طلق قبل البناء لم يتبع الابن بشيء، واتبع الأب بنصفه في حياته ومماته، ولو كان دفع رجع إليه النصف أو إلى ورثته.
[4/420]
***(1/345)
[4/421]
ولو كان ذلك بحمالة ببينة من الأب فأخذ من مال الأب بعد موته، رجع الورثة به على الابن في ميراثه وغيره. وكذلك لو كتبه على الابن ولا مال للابن وتحمل به عنه فذلك على الأب، فإن كبر الابن قبل أن يدفع وقد بنى فلا شيء عليه عند ابن القاسم، والأب عنده المتبع به، وإن لم يدخل فلا دخول له حتى يدفعه ويلزمه نفسه، ويكون كالشرط عند ابن القاسم يشترط عليه فيعلم قبل البناء فيدخل عليه فيلزمه. وإن دخل ولم يعلم لم يلزمه. وإن قال قبل البناء لا أرضى فرق بينهما وليس لها من المهر شيء، إلا أن يرضوا أن يدخلوا بغير شرط ولا يتبعوا بمهرهم إلا الأب فيكون ذلك لهم.
قال : فإن طلق قبل يعلم الشرط بالمهر المؤخر لم يكن له إلا الأقل مما جعل لها مهراً ولو دفع إليها فلا شيء لها منه، وإن طلق في موضع له فيه الخيار، وإن طلق بعد أن رضي أهلها بإسقاط الشروط لزمه نصف المهر.
قال محمد ليس المهر المؤخر كالشروط، والمهر المؤخر لازم كالمعجل وكما لو كان مؤخرا كله إذا كان له قدر ذلك. وإن طلق بعد أن كبر وإن كان قبل يعلم بالشروط لزمه نصف المهر.
قال أشهب قال مالك : من زوج ابنه الصغير وضمن عنه مهره فهو على الأب ولا يرجع على الابن إن أيسر إلا أن يكون للابن مال يوم العقد. فإن كان للابن يومئذ مال فكتبه الأب على نفسه وهو عديم فهو على الأب يتبع به إن دخل الابن، ولا يرجع على الابن وإن أعدم أو مات عديماً، ولا يحال بين الابن وبين امرأته إن بنى بها، وتكون المصيبة بالزوجة. وإن لم يدخل والأب عديم أو مات عديماً لم يكن للابن البناء حتى يؤدي. محمد : ما حل من الصداق، ويتبع الأب بما لم يحل. وإن شاء فارق ولم يتبع بشيء، ويتبع الأب بنصف المعجل والمؤجل.
ومن العتبية روى أشهب عن مالك قال : وإذا أنكح الأولياء الزوجين صغيرين، ثم بلغ الزوج فأنكر، قال لا أدري إلا أن يكون الميراث بينهما.
[4/421]
***(1/346)
[4/422]
ومن سماع عيسى عن ابن القاسم قال :من زوج ابنته الصغيرة لصغير عقد عليه أبوه، فبعد العقد سكتا سنين ثم قال أبو الصبية من هلك منهما لم يتبع بعضهما بعضاً بشيء، فرضيا بذلك، فالنكاح ثابت ولا يضره ما شرط بعد العقد، والصداق ثابت، فإن تحمل به الأب لزمه، وإلا فهو في مال الابن، فإن لم يكن له مال يوم زوجه فهو على الأب. ولو عقد له على هذا الشرط لفسخ قبل البناء، وإن بنى، يريد بعد البلوغ، فلها صداق المثل، وإن مات أحدهما في الصغر توارثا وكذلك لو شرط أن لا ميراث بينهما ولا نفقة لها، قال عيسى يفسخ ولو بنى.
ومن زوج ابنه الصغير ولا مال له وكتب عليه الصداق فبلغ قبل البناء، فإما رضي بذلك أو فارق ولا شيء عليه، وإن بنى قبل يبلغ ويجوز أمره فالصداق على الأب، وإن بنى بعد البلوغ فالصداق على الأب والشرط باطل.
وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن تحمل عن ابنه بالصداق فدعت الزوجة إلى البناء وقبض الصداق، فإن كان مالاً فهو على الأب دونه في حياته ومماته، فإن طلق قبل البناء وهو بالغ فنصفه على الأب أو في تركته إن مات، وليس للابن عليه شيء في النصف الباقي. ولو مات الأب كان الصداق في رأس ماله، وإن كان حمالة ودعت إلى البناء ولم يكن منه أو منها صغر يمنع من ذلك فذلك على الابن، فإن كبر عديماً فعلى الأب ثم يرجع به على الابن، وكذلك إن غرم نصفه في الطلاق.
ومن سماع عيسى قال ابن القاسم : ومن حمل صداق ابنه أو صداق ابنته في صحته، فذلك كالدين يؤخذ من تركته ويحاص به في فلسه وموته، ولا يحاسبان به في الميراث، وإن كان ذلك منه في مرضه فهو باطل لا يلزم الورثة. وإن شاء الابن ودى ودخل أو فارق ولا شيء عليه وإن كره لما بلغ. وكذلك زوج الأمة إن ودى دخل وإلا فارق ولا شيء عليه.
[4/422]
***(1/347)
[4/423]
قال سحنون عن ابن القاسم فيمن زوج ابنه وضمن عنه الصداق، يريد حمل عنه الصداق، فأعدم الأب، فإن ودى الابن الصداق وإلا طلقت عليه واتبعت الأب بنصفه، وإن وداه ودخل رجع به على الأب إن أيسر.
ومن الواضحة ومن حمل الصداق عن ولد صغير أو كبير أو أجنبي أو لابنته عن زوجها فذلك عليه دون الزوج في حياته ومماته، فإن أعدم قبل البناء لم يكن للزوج دخول حتى يؤدي، فإن ودى رجع به على الحامل في حياته وبعد مماته كالدين لا العطية، وإن حمله بعد العقد وترتب الصداق على الزوج فهي عطية وهي عليه في حياته ولا يتبع بها إذا مات وإذا طلقت قبل البناء وقد ودى الحامل رجع الحامل على المرأة بنصفه فكان له، حمل ذلك في العقد أو بعده. ولو لم يوده رجعت هي عليه بالنصف ولم يرجع على الزوج، يريد ابن حبيب في هذا : والحمل في العقد. وإن ألفي النكاح فاسداً رجع الحامل بما ودى فكان له. ولو تباريا قبل البناء على المتاركة والنكاح صحيح لرجع الحامل بما ودى، وسقط عنه إن لم يوده، وقاله ابن القاسم.
وقال ابن الماجشون : يرجع إلى الزوج النصف الذي وجب لها بالطلاق، وبه أقول. كما لو باراها بعد البناء على رد الجميع الذي وجب لها بالبناء كان ذلك للزوج، فكذلك ما وجب لها بالطلاق قبل البناء .
ومن زوج ابنه الصغير أو الكبير أو غير ابنه وكتب في الكتاب أنه ضمن الصداق، ثم قال الأب إنما أردت الحمالة أو قاله ورثته، وقالت المرأة والابن أو الأجنبي بل أردت الحمل، فإن لم تذكر البينة تفسير ذلك فهو على الحمل، قال ابن الماجشون: حتى تنص الحمالة نصاً.
قال ابن الماجشون :ومن حمل على ابنه الصداق والنفقة، فأما الصغير لا مال له فالنفقة على الأب، وأما الكبير البائن فهي حمالة من الحملات.
ومن كتاب ابن المواز قال أصبغ عن أشهب فيمن قال لرجل زوج ابنتك بخمسين دينار وهي لك علي ففعل، ثم مات ولم يدفع ولم يدخل الزوج، فذلك في
[4/423]
***(1/348)
[4/424]
تركته، ولا يرجع بها على الزوج إن كانت صلة، وإن كانت ضمانا رجع عليه.
قال ابن القاسم : من تحمل عن ابنه أو عن أجنبي بالصداق وغاب الزوج قبل البناء وقيم بالصداق كله، فإن قربت غيبته بدى به وبعث إليه، فإن جاء وإلا ودى الأب، وإن بعدت غيبته أو لا يعلم موضعه غرم الحميل الجميع ولا يضرب له أجل، فإن جاء الزوج وطلق رجع الضامن بنصفه، وهذا فيمن لا يعرف موضعه كالمفقود الذي يجعل لزوجته الصداق وإن لم يدخل. قال أصبغ : صواب ذلك كله.
قال مالك : ومن تزوج ابنه على أن الصداق قبل الأب فلم يدفعه حتى مات أو فلس، فإن دخل الزوج اتبع به الأب ولا شيء على الابن وإن كان ملياً، ولا يحال بينه وبينها. محمد : وإن لم يدخل خير ولا يؤخر بين أن يأتي بالمهر ويدخل أو يفارق ولا يلزمه شيء، وتكون طلقة، وتتبع هي الأب بنصف المهر. قال أصبغ وإن دفع الابن المهر رجع به على الأب وحاص غراماءه به، وقاله أشهب. قال مالك وكمن نكح بمصر فدخل بها ولم ينقد ثم أعسر، فليس لها أن تمتنع منه ولا من الانتقال معه لينقدها، ولكن تتبعه إلا أن يكون دخوله بمعنى الزيارة فذلك لها.
قال : ومن قال لرجل تزوج بمائة وأحلهم علي ففعل، ومات القائل قبل الدفع وقبل أن يحال عليه، فهي عطية لم تقبض. محمد إلا أن يكون أشهد على نفسه قبل النكاح أنه ألزم نفسه إن تزوج فله كذا وكذا من صداقه ففعل فقد لزمه في صحته.
[4/424]
***(1/349)
[4/425]
فيمن زوج ابنه أو ابنته في مرضه
وضمن المهر أو لم يضمن أو دفعه إليها
أو أقر بقبض مهر أمته في مرضه
أو ضمنه لها في مرضه أو صحته
ومن كتاب ابن المواز قال مالك : ومن زوج أبنه الصغير والأب مريض وضمن صداقه جاز النكاح وبطل الضمان ، يريد وقد مات الأب. محمد : كان للابن مال أو لم يكن له مال، ولا يصل الابن إليها إلا بدفع المهر. وإن قالت المرأة اتبع به زوجي نظر له وصيه إن لم تكن توليه، فإن كان غبطة جاز وإلا فسخه ولا شيء لها. محمد وكذلك الكبير ينظر لنفسه في إمضاء ذلك أو فسخ.
قال مالك : وكذلك لو تحمل للكبير في المرض ما نكح به لا ينتزع ذلك الورثة، وكان ما ذكرناه.
قال مالك : وإن بلغ الصغير في مرض الأب فدخل ثم مات الأب ردت المرأة ما أخذ وتتبع به الزوج . محمد ولا يحال بينه وبينها إلا أن تكون لم يبق بيدها منه ربع دينار فيمنع منها الزوج حتى يؤدي ربع دينار.
وكذلك من سرق سرقة فنكح بها أو استعار خادما فنكح بها فأخذ ذلك من المرأة بعد البناء فلها منع نفسها حتى تأخذ مهرها.
ومن زوج ابنته في مرضه من ابن أخيه وأصدقها عنه فالنكاح ثابت غير مختلف فيه، واختلف في المهر، فقال ابن القاسم وأشهب هو عطية لابنته ولا يكون في ماله، وقال أصبغ.
قال في العتبية ويقال الابن الأخ إن وديت الصداق من مالك تم النكاح فإن أبى فليدع النكاح ولا شيء عليه. قال ابن المواز وقال مالك وابن وهب وعبد
[4/425]
***(1/350)
[4/426]
الملك هو عطية للزوج نافذة من ثلثه إلا أن يكون أكثر من صداق مثلها فترد الزيادة، وبهذا أخذ ابن المواز وابن حبيب، وروى مثله أبو زيد في العتبية عن ابن القاسم.
فإن طلقها قبل البناء وقبل موت الأب فلها نصف المهر من ثلثه، ولا شيء للزوج في النصف الباقي، لأنها عطية فيما لزمه في نكاحه مما لم يجب عليه، فهو عطية لم تقبض، وما وجب عليه فكالمقبوض.
قال ابن الماجشون وقال ابن دينار وغيره من أصحابنا إن طلقها قبل البناء فلا شيء لها من تركة الأب ، لأنه اعطاها على أنه إن هي دخلت تمت لها، وإن طلقت أخذت بمعنى الوصية للوارث، وخالف ذلك عبد الملك وأخذ بقول مالك .
ومن العتبية قال ابن وهب: فإن أبى ابن الأخ فلا شيء له من مال الميت، قيل له : فهذا يدل على أنها وصية للإبنة لا للزوج، قال إنما هي وصية للزوج على شيء فعله تم إلا لم يتم له.
قال أبو زيد عن ابن القاسم فيمن قال قد أصدقت امرأة ابني عن ابني مائة دينار وهو مريض فلا يجوز. ولو قال في مرضه قد زوجت ابنتي فلانا وأصدقتها عنه مائة دينار فذلك جائز من ثلثه إن كان أجنبيا، وهذا خلاف ما روى عنه محمد.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب فيمن أقر في مرضه أنه قبض صداق ابنته ولم يدخل بها زوجها ثم مات الأب، فإن ترك مالا أخذ من ماله. قال محمد : قد ترك قوله الأول أنها عطية للأبنة فكذلك هذه. قال أشهب في العتبية وإن لم يكن له مال لم يكن للزوج إليها سبيل حتى يؤدي الصداق ويتبع به الميت .
ومن ضمن لأبنته في صحته صداقها في العقدة اتبعته به في حياته وبعد مماته، ولا يرجع به الأب على الزوج لأنه كالصلة ولو ضمنه بعد العقد إن مات الأب قبل يدفع فهو باطل.
[4/426]
***(1/351)
[4/427]
فيمن زوج وليته الغائبة أو الحاضرة
بأمرها أو بغير أمرها ثم رضيت
أو كان بإذنها فأقرت بالإذن أو أنكرت
وفيمن زوج [بياض]
من كتاب ابن المواز قال مالك فيمن زوج اخته وهو بالبلد معه، فقالت لم آمره، ثم أقرت أنها أمرته فلا يجوز ذلك. قال مالك في العتبية إلا بنكاح جديد. وإذا افتات عليها الولي فزوجها أو الأب في ابنه الكبير لك يجز، وإن أجازه بعد ذلك، وإنما يجوز بالإجازة ما افتيت على الأولياء وعلى السيد في عبده، فأما ما أفتيت على المرأة أو على الرجل في نفسه، فما قرب من ذلك فلا يفسخ حتى تعلم المرأة أو الزوج فإما رضيا أو ردا فيفسخ.
وإذا قال الخاطب أمرني الرجل وقال الولي أمرتني المرأة فليس للحاضر يعجل فسخه بأن يقول لا أريد نكاحا على فيه خيار، ولينتظر الغائب منهما، فإن قدم وأقر بالوكالة ثم ذلك، وإن أنكر حلف ما أمره وسقط عنه النكاح. وذكر ابن حبيب أنه إن لم يحلف لم يلزمه النكاح بنكوله، وذكر عن غير واحد من أصحاب مالك أنه لا يميز في ذلك.
ومن كتاب محمد قال : ولو ثبت أنه افتيت على الغائب فزوجه بغير أمره لعجل فسخه ولم ينتظر، ثم لو تأخر ذلك حتى قدم ثم أجاز لم يجز ذلك، وإن لم يثبت ذلك وأقر الرسول أنه فعل ذلك بغير أمره لم يقبل قوله بعد النكاح حتى يثبت بما لا شك فيه ، أو بقدوم الغائب فيخلف. وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم، وقال لا يقبل إقرار الخاطب بالتعدي حتى يقدم الغائب فيقر أو يجحد، ولو رفعه إلى الإمام كان أحب إلي.
قال عيسى وأصبغ : لا خيار له حتى يقدم الغائب، فإن أنا أمرته تم النكاح، وإن قال لم آمره فسخ ذلك، وإن قال لم آمره ولكني أرضى به الأن ورضي الأب أيضاً فلا يجوز ذلك، لأنهما يجيزان نكاحا فاسدا.
[4/427]
***(1/352)
[4/428]
ومن كتاب محمد قال أشهب عن مالك في امرأته زوجها أخوها ثم مات الزوج قبل البناء، فقال ورثته لم تكن رضيت، قال تسأل هي الآن، فإن قالت كنت رضيت فذلك لها.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم فيمن يزوج أخته أو ابنته الثيب وهي بالبلد معه مقيمة، ثم تخبر فترضى، قال خففه مالك وأجازه. وإذا كانت نائية عنه في البلد فلما علمت رضيت لم يجز هذا النكاح. وقيل لسحنون ما معنى قوله معه في البلد أن يكونا في حضر واحد أو هي بعيدة والبلد يجمعهما؟ فقال بل في حضر واحد وبينهما قريب مثل البريد واليوم وشبهه . والقلزم من مصر ما هو بكثير وبينهما يومان إذا أرسل إليها في فور ذلك فأجازت، فأما مثل الاسكندرية وأسوان فلا يجوز ذلك وإن أجازته وقاله أصبغ.
قال ابن القاسم عن مالك فيمن زوج أخته ابنة عشرة سنين برضى أمها، فأقام الزوج مدة يحوز مال امرأته ويقوم معهم فيه، فطلب البناء فأنكرت الزوجة وقال الأخ ما أعلمناها ، فإن لم تقم بينة برضاها حلفت على ذلك هي وأخوها وفرق بينهم.
وروى يحيى ابن يحيى عن ابن القاسم فيمن زوجه الولي وأشهد ثم أنكرت المرأة أن تكون علمت أو وكلته، فإن كان إشهادا ظاهرا ووليمة بينة والأمر في دارها أوجبت يد[كذا] فإنها عالمة، فتحلف ما وكلته ولا رضيت ولا ظنت ما ظهر من الأمر لها، وإن نكلت لزمها النكاح لوجود الأسباب الدالة على الرضا.
وروى عنه أبو زيد في الجارية يزوجها الولي على أن رضيت، قال يفسخ ذلك وإن كانت قريبة، قيل فإن دخل قال ما أدري، وكأنه ضعف الفسخ بعد البناء وكأنه لم يره.
[4/428]
***(1/353)
[4/429]
وروى عنه عيسى فيمن أعتق جاريته أو أم ولده وهي غائبة عنه، ثم أشهد قوما أنه يزوجها وأمهرها أمة لها، فبلغها فرضيت، قال لا يجوز، كما قال مالك فيمن زوج ابنته الثيب الغائبة ثم ترضى.قال ولا يتوارثان قال ابن القاسم فإن بنى وطال وولدت الأولاد مضى ذلك، والولد لا حق به.
وفي باب نكاح العبد أو الأمة بغير إذن السيد شيء من معنى هذا الباب.
باب
في معنى ذلك من إنكاح الغائب
وفي قبوله أو وده أو إقراره
وفي الحرمة لهذا النكاح وأحكامه
من كتاب ابن المواز قال مالك : من زوج غائبا وهو ولده، أو أجنبيا بغير أمره ثم بلغه فأجاز فلا يجوز ذلك ويفسخ بطلقة وما هو بالبين، قال أصبغ : وكذلك الجارية، يريد الثيب، يزوجه أبوها وهي بعيدة الغيبة، فإنه يفسخ وإن بنى بعد رضاها، ويتوارثان قبل الفسخ.
قال محمد : وأحب إلينا فيها وفي الإبن الكبير البائن عنه أن لا يفسخ بعد البناء إذا رضي حين بلغه. وقاله ابن القاسم في الابن الغائب. وقال أيضا أصبغ : يأمران قبل البناء بالفسخ بغير حكم للإختلاف فيه، وقد قال مالك : لا أحب المقام عليه وقد قال مرة : إن رضي به الغائب جاز . قال مالك وهو إذا لم يرض به وفسخ لم أحب لآبائه وأبنائه نكاحها. قال أصبغ بل لا يحل لآبائه وأبنائه.
قال محمد : وقال عبد الملك عن مالك إن الحرمة يقع به ولو لم يكن عبد الملك يحرم به إذا فسخ قبل الرضا . وروى ابن وهب عن مالك نحو قول عبد الملك إنه يفسخ بغير طلاق .
قال ابن القاسم وإنما يجوز إذا رضي به الغائب الذي لم يثبت أنه افتيت عليه، ولا يقبل إقرار أبي الزوجة أن الوكيل افتات على الزوج ، ولا قول الوكيل نفسه.
[4/429]
***(1/354)
[4/430]
حتى يصح ذلك، وإلا لم يعرض له حتى يعرض على الزوج فيقر أنه أمره، أو يجحد فيحلف. وكذلك الابنة الثيب الغائبة يزوجها أبوها ثم تقدم فتخبر. قال أصبغ وحسبته أيضا قال وكذلك الأب إذا زوجت عليه ابنته البكر. قال محمد : وهذا في الأب في البكر والسيد في الأمة أثقل.
قال أشهب فلو زوج رجل صبية بكرا في غيبة أبيها ثم قدم الأب فقال أنا أمرته فلا يصدق، وقال أصبغ. وكذلك في العتبية عنهما، وقالا إلا أن تكون ثيباً .
قال محمد قال مالك وإذا قدم الابن أو الاجنبي فرضي وقال أنا أمرته فلا يلزم الأجنبي ولا يلزم الأب شيء من المهر،إلا في ابن صغير وابن كبير مولي عليه ولا مال لهما. وكذلك إذا زوج ابنه الكبير البائن عنه وهو حاضر ساكت، فلما فرغ قال لا أرضى، فليحلف ولا يلزمه شيء ولا أباه، وإن رضي وقال لا أؤدي المهر. وقال الأب لم أرد حمله عنك، وقعت الفرقة ولا شيء عليهما بعد أن يحلفا . قال ابن القاسم إلا أن يدخل الابن فيحلف الأب ويبرأ، ويتبع الابن في ملائه وعداً .إلا أن يكون مولى عليه فيكون على الأب لا في مال الابن.
ومن الواضحة : ومن زوج ابنه الحائز الأمر البعيد الغيبة، أو كان أجنبيا فبلغه وأجاز ، قال أصبغ يفسخ قبل البناء وبعده، ويتوارثان بعد الرضا، دخل أو لم يدخل، ولا يتوارثان قبل الرضا.
ومن العتبية قال أصبغ : وإذا زوج ابنه الكبير الغائب وقال أمرني بذلك ثم قدم وأنكر فيحلف ولا يكون على الأب صداق . ولو مات قبل أن يقدم ويعلم رضاه فلها الميراث مع الأب إن كان لا وارث له غيره، وإلا فلها ما يصيبها من نصيبه إن كان معه غيره، كمن أقر بزوجة للميت.
[4/430]
***(1/355)
[4/431]
قال ابن المواز قال ربيعة ويحيى ابن سعيد فيمن زوج ابنه الغائب وشرط أن الصداق على إن أنكره الغائب إنه يؤخذ بذلك ، فإن قدم فأنكر أخذ الأب بنصف الصداق . قال محمد : لسنا نقوله إذ لا يثبت حتى يثنت النكاح . ولو فرضي لم أجزه إلا أن يقول العاقد من أب أو أجنبي أمرني بذلك الغائب وأنا ضامن فنلزمه نصف المهر إن أنكر القادم . ومن زوج ابنه الغائب وقال أمرني بذلك ثم قدم فأنكر فإنه يحلف ويبرأ ولا صداق على الأب . فإن مات قبل قدومه وقبل يعلم رضاه فإن لم يرثه غير أبيه ورثت معه الزوجة ، وإن كان معه غيره ورثت ما وقع للأب لأنه مقر لها بأنها زوجة ، وقاله أصبغ .
في الوكالة على النكاح من الرجل أو المرأة أو من وليها
وفي الوكيل يؤذي على ذلك جعلا لله ويأحذه
وفي فبض الأب لصداك أو الوكيم
ومن العتبية روى أشهب عن مالك في المرأة تأذن لوليها أن يزوجها ممن يرضاه ولا يؤامرها، فيزوجها ممن رضيه. وكيف إن كان بأقل من مهر مثلها. قال لا ينبغي أن يزوجه حتى يذكره لها ويخبرها بحاله، فإن فوضت إليه بكفء، فرب كفء إذا ذكر لم تحبه. قال سحنون إذا فوضت إليه في إنكاح من يرضى لزمها نكاحه وإن لم يخبرها به، بكراً كانت أو ثيباً. وفي رواية عيسى عن ابن القاسم عن مالك قال مالك في التي فوضت إلى وليها في إنكاحها فزوجها ممن لم يذكره لها، إذا لم ترضه فلها رد النكاح حتى يسميه لها.
[4/431]
***(1/356)
[4/432]
ومن كتاب ابن المواز قال : وللولي أن يولي أجنبيا يعقد نكاح وليته برضاها، وكذلك يوكل من يعقد نكاح نفسه وكذلك المرأة. قال ابن القاسم في كتاب محمد وفي العتبية من رواية عيسى : ومن رواية عيسى: ومن قال لرجل ولني نكاح ابنتك ولك كذا وكذا فذا لا يجوز ويرد الجعل، فإن عقد النكاح رد الجعل وتم النكاح إن عرفت المرأة الزوج ورضيته وهي جائزة الأمر أو كانت بكراً في حجر أبيها.
وإذا لم يسم للمالكة أمرها الزوج فسخ قبل البناء، وثبت بعد البناء ، قاله أصبغ في رواية عيسى، وله أن يعزله كان يجعل أو بغير جعل. قال محمد : ولو كان الأب أو الوالد هو دافع الجعل من ماله جاز، وكان له الجعل إلا على الدلالة فلم يجزه مالك ولم يره كالدلالة على البيع والأكرية.
ومن كتاب محمد : وإذا قالت له المرأة لا تزوجني بعد أن كانت وكلته لذلك، فأجابها قد زوجتك، فذلك يلزمها إن أقرت بالوكالة. محمد وسمي لها الرجل. وكذلك لو وكلته على بيع سلعة فقال بعت من هذا فأكذبته فهو مصدق، وهذا بخلاف الوكيل على قبض مال يقول قبضت وضاع مني، هذا لا يصدق إلا ببينة .محمد : يريد لا يبرأ الدافع، وأما الوكيل فإنما عليه اليمين وعلى من وكله اليمين أنه ما قبض إذا ادعى عليه.
ومن كتاب ابن المواز والعتبية عن أشهب وابن وهب : وإذا قال الأب في صداق البكر ضاع مني، فإن قبضه ببينة لم يضمن وبرئ الزوج، وكذلك الواصي ويدخل بها الزوج. وإن كان القبض بغير بينة فلا دخول له إلا بدفعه. وقال ابن وهب، وقال : ولا ضمان على الأب. قال ابن القاسم لا يضمن الأب إلا أن يستهلكه.
[4/432]
***(1/357)
[4/433]
قال ابن القاسم : وإن قال جهرتها به حلف وبرئ إلا أن يتبين كذبه. وإن قال دفعته إليها عيناً ضمن لأن البكر لا يدفع إليها العين. وكذلك روى عنه في العتبية أصبغ وأبو زيد قال : هو مصدق في قوله جهرتها به فأنكرت وقد دخل بها صدق مع يمينه. قال أصبغ : ما لم يكن التناكر عند الدخول وتبين كذبه أنه أدخلها بغير شيء.
ومن كتاب ابن سحنون : وكتب شجرة إلى سحنون في الأب يقبض صداق ابنته البكر بالبينة ويدخلها على زوجها، فتقيم زماناً تقوم بعد موته بالبينة على إقرار الأب بالقبض وتقول ما دفع إلي شيئاً من ذلك، فكتب إليه إن قامت بعد البناء زماناً طويلاً لا تدعي على الأب شيئاً فلا شيء لها، وإن كان بحضرة البناء أو لم يبين بها نظر إلى الجهاز إذا لم يكن لها مال معروف تجهزت به وهو باق في يديها، فإ كان الجهاز يشبه ما أخذ الأب فلا شيء لها في ماله ، وإن كان لا يشبه نظر في ذلك . قال أبو محمد قوله وهو باق في يديها، يريد إن لم يكن دخل بها والجهاز الأن في يديها، وأما لو دخلت به وصح إدخال الأب إياها لم ينظر إلى ذهابه.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب : إذا أقر في مرضه بقبض صداق ابنته البكر ولم تدخل ثم مات، فذلك في تركته، فإن لم يكن له مال، لم يكن للزوج البناء إلا بأداء الصداق ثم يتبع هو زمة الميت بما أقر بقبضه.
قال محمد : هذا في يسار الزوج فأما في عدمه فيتهم الأب في إقراره بالتوفير على ابنته العطية، ولا يتهم في يساره ويلزمه. محمد : لأنه لم يقل ضاع مني وذلك مثل ما قال في الأول فيسقط عنه.
وهذا من أشهب على قياس قوله الذي قال إن لم يكن للزوج بينة على الدفع. وإن كانت له بينة فمصيبة ذلك على الجارية .
قال محمد وعمر كذا ذلك أصبغ من جهة أخرى فقال هو كالموصي بإنكاح ابنته في مرضه لإبن أخيه وحمل عنه صداقها، وقد قال في هذا أشهب هي وصية لوارث وأحد هذين ينقض الأخر، هذه غفلة من أشهب وقال محمد : يتهم بإقراره في عدم الزوج ثم رجع محمد وقال يصدق في القبض في ملاء الزوج أو في عدمه.
[4/433]
***(1/358)
[4/434]
وفي العتبية ذكر رواية عن أصبغ نحو ما ذكرها هنا وقال : وإن كان صحيحا فذلك على الأب في ملائه، وإن كان عديما اتبع به دينا ولو قال قبضته وضاع مني ولا بينة له بالدفع، قال إن كانت بكرا فهو مصدق وقبضه قبض لها، والضياع منها، ولا شيء على الزوج. قال ابن حبيب : وكذلك قبض الوصي في البكر. وقد تقدم في باب من زوج ابنه في مرضه ذكر الاختلاف في هذه المسألة مستوعباً.
ومن الواضحة: وإذا دفع الزوج الصداق إلى المرأة الثيب أو إلى وليها بغير توكيل لم يبره ذلك وينظر، فإن دفعه على التقاضي فهو ضامن ذلك للزوج، وإن كان رسولا للزوج لم يضمن.
وأما إن وكلته هي على القبض فلا يضمن بكل حال، فإن دفعه الزوج ببينة برئ، وإلا وداه ثانية، ولا طلب له على الأب لأنه مقر له أنه قبضه بما يجوز له.
وأما البكر فقبض الأب والوصي لها قبض، والضياع منهما على أي وجه قبضاه. وأما وليها وليس بأب ولا وصي فدفع الزوج إليه على التقاضي أو على الرسالة أو بتوكيل منها فلا يبرئه إذا تلف، وتوكيله ليس بتوكيل، وليرجع به الزوج على الذي قبضه منه إن قبضه على التقاضي، فأما إن قبضه أو قبضه على الرسالة لم يرجع به الزوج عليه في الثيب على الأب إن قبض منه على التقاضي ، وإن كان على الأئتمان له والإرسال به طوعا فلا ضمان له عليه، وإن كان بتوكيل الثيب على قبضه فيأخذه على التقاضي أو على الأئتمان أو على أي وجه كان فالزوج يبرأ إن كانت للزوج بينة على الدفع إليه، كان أبا أو وليا. فإن لم تكن له بينة فالزوج ضامن ولا شيء على الوكيل وكذلك قال لي من كاشفت فيه من أصحاب مالك، وهو قول مالك، وقاله أصبغ عن ابن القاسم.
[4/434]
***(1/359)
[4/435]
في تعدي الوكيل في النكاح
والدعوى بينه وبين الزوج والزوجة
في مبلغ الصداق وغير ذلك من التداعي
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسيم عن مالك فيمن وكل رجلا يزوجه امرأة ولم يسم لها صداقا، فزوجها إياه بعبد للآمر، فلا يلزمه إلا أن يرضى، ولا شيء عليه إن سخط، كما لو أمره بشراء سلعة ولم يسم الثمن فاشتراها له بدار الآمر فلا يلزمه إلا أن يشاء ولم يأمره أن يبيع عليه. ولو نقض عنه في النكاح أو في البيع عينا لزمه إن كان يشبه صداق المثل أو ثمن السلعة، ولو بلغه ذلك قطلق لزمه نصف ما نقد عنه، ويعد طلاقه رضى بذلك، ولو رد النكاح لم يلزمه شيء وتكون طلقة.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم : وإذا وكل من يزوجه امرأة بعينها أو بغير عينها بخمسين فزوجه بمائة وقال بذلك أمرتني وقال الزوج بخمسين، فإن لم يدخل حلف الزوج، ثم إن رضيت الزوجة بخمسين وإلا فسخ ولا شيء لها على الزوج، أصبغ ولا على الرسول، فإن نكل الزوج ولا بينة على أن النكاح كان بمائة إلا قول الرسول حلفت هي، وإن كانت بينة على أن العقد كان بمائة مع الرسول لم تحلف هي إذا نكل الزوج.
قال ابن القاسم : وإذا حلف الزوج وتفرقا كانت طلقة. وإن بنى بها قبل المناكرة وهو عالم غرم مائة، علمت هي بتعدي الرسول أو لم تعلم. وإن لم يعلم هو حتى بني بها حلف ما أمره إلا بخمسين ولا علم بما زاد إلا بعد البناء، ولا يؤدي إلا خمسين. فإن كانت بينة بأن العقد كان بمائة يريد مع الرسول ونكل الزوج غرم المائة. قال أصبغ : فإن لم تكن بينة على أن العقد كان بمائة لم يضر ذلك الزوج، قال محمد فإن لم يحلف هو هاهنا حلفت هي وأخذت المائة ، وإنما تحلف هي أن العقدة كانت بمائة لا على أن الزوج أمره بمائة.
[4/435]
***(1/360)
[4/436]
وإذا حلف الزوج بعد البناء فلها أن تحلف الرسول أنه أمره بالمائة ، فإن نكل غرم الخمسين الأخرى . قال أصبغ وكذلك إن نكل الزوج وثم بينة على أن العقد بمائة ، أو لم يكن فعلى الرسول اليمين للزوج أنه أمره بالمائة ،فإن نكل غرم له الزيادة . قال محمد : هذا غلط ، ولا يحلف الرسول ، إذ لو أقر بالتعدي لم يكن له على الزوج حجة لأنه بنكوله راضي بتعديه ، وإنما اليمين للمرأة على الرسول ، ولو كنت أحلف الرسول للزوج كنت أرد له اليمين على الزوج وقد نكل أولا .
قال أصبغ : وهذا فيما يشبه أن يكون صداقا ، وإن كان دون صداق مثلها وقد بنى فيحلف وعليه ما أقر به . وإن لم يشبه أن يكون صداقا وجاء بأمر مفرط مثل الدينارين والثلاثة والخمسة في ذات القدر واليسار ، فيحلف قبل البناء ، وإن بنى بلغ لها صداق مثلها على تزويج التخفيف والصلة والقريب المواصل .
قال عبد الملك إذا بني ولم يعلم حلف ما أمره إلا بما يذكر ، ثم عليه صداق المثل . وإن أقر الرسول بالتعدي غرم ما بقي ، وإن لم يدخل فسخ . قال محمد : ولا تقبل شهادة الرسول ، وكذلك لو كانا رجلين لأنهما خصيماه .
وإذا قال وكيل الشراء أمرتني بمائة وبها اشتريت، وقال الآخر بخمسين أمرتك، فيحلف ويرد السلة إلى البائع إن أعلمه أنه ابتاعها لفلان، وإن لم يعلمه لزمت المأمور.
وقال أشهب : وإن قال الآمر لم آمرك بهذه المرأة ولا بهذه السلعة فهو مصدق، ولا يغرم المأمور للزوجة شيئا. قال ابن حبيب وقال لي مطرف عن مالك : أنه فرق بين المرأة والسلعة، فقال في السلعة القول قول المأمور.
ومن كتاب محمد قال ابن القاسم : وإذا أنكر الآمر ما زوجه به ثم أقر ورضي بعد ذلك ، فإن كان إنكاره رداً وفسخاً لفعله فلا يجوز أن يجيزه قرب أو بعد إلا بنكاح جديد، وإن لم يكن على الرد مثل أن يقول أكثرتم علي، وما كنت أحب هذا، وما أراني أرضى وشبه هذا، فلا بأس أن يجيز، فإن طال الأمر ولا يعلم له رضى ولا سخط فلا يجوز إلا أن يأتنف نكاحا حين لم يجز حين علم،
[4/436]
***(1/361)
[4/437]
ولأنهما لا يتوارثان . وأما ما قرب فيتوارثان استحسانا . قال وتحرم على آبائه وأبنائه ،
رد ذلك أو رضيه . وقاله أصبغ وقال : التطاول بغير رضى ولا سخط لا يكون إلا بعد الرضا أو الإنكار ، وذلك كله ما لم يدخل .
قال أبن القاسم وابن وهب : وإذا زوجه الرسول ثم مات فلم يدر أمات قبل تزويجه أو بعد ، فلا ميراث بينهما حتى يعلم أنه مات بعد النكاح . قال الليث : وكذلك لا صداق لها .
وفي باب إنكاح الغائبة مسألة من زوج أخته ثم مات الزوج فقال ورثته لم تكن رضيت .
ومن الواضحة: وإذا فوضت إلى وليها في صداقها فذلك جائز ، ثم إن اختلف فيه الولي والزوج تحالفا ، يريد قبل البناء ولا تحلف المرأة في هذا .ولو كان أخذ الصداق برضاها وتسميتها لزمها اليمين بينها وبين الناكح ، وقاله أصبغ .
إنكاح الوليين
من كتاب محمد قال مالك في المرأة لها وليان فزوجها كل واحد على حدة من رجل ، فإن لم يول كل واحد صاحبه لم يجز نكاح كل واحد منهما ، وإن أمر كل واحد صاحبه فنكاح أولهما أولى ، إلا أن يبني الآخر .
محمد : وهذا في الوصيين والسيدين . وأما الأخوان والعمان ونحوهما فإذا وكلت كل واحد منهما ، فمن زوجها منهما بغير إذن الآخر جاز نكاح الأول إلا أن يبني الآخر .
قال مالك: وكذلك الأب من وكله الأب هو يزوجها الأب ، وقضى به عمر بن الخطاب ،وقاله ابن شهاب وربيعة وعطاء ومكحول ويحيى بن سعيد .
قال يحيى بن سعيد : فإن لم يعلم الأول فسخا جميعا إلا أن يدخل أحدهما ، وقاله ابن القاسم .
[4/437]
[438 / 4]
قال محمد : فإن مات الأول أو طلق قبل بناء الثاني وبعد نكاحه ، فدخل الثاني بها بعد موت الأول أو طلاقه ، فإن لم يعلم الأول حتى دخل الثاني ثبت نكاح الثاني ، كدخوله في حياة الأول وقبل طلاقه ، ولا ميراث لها من الأول ولا عدة عليها منه . وإن انكشف ذلك فبل بناء الثاني فسخ نكاح الثاني ، واعتدت من الأول وورثته . وكذلك إن كان طلاقا فإنه يفسخ نكاح الثاني إذا علم به الآخر قبل دخوله ، أو كان نكاحه قبل طلاق الأول وقل موته .
قال محمد : ولو مات الأول أو طلق قبل عقد الآخر فيختلف الموت عن الطلاق، لأنه تزوج في الموت من عليها عدة، وأما في الطلاق فيثبت نكاحها ما لم يعقد في عدة وأظن أني سمعت عبد الملك يقول : إن كان الأب العاقد أخر بعد طلاق الأول فنكاحه ثابت، وإن كان الوكيل فنكاحه مفسوخ ما لم يدخل قال وإذا بنى الآخر فأقر الذي زوجه أنه زوجه وهو عالم بالأول فلا يصدق إلا أن تقوم بينة أنه أقر بذلك عندهم قبل تزويجه فيفسخ نكاحه بغير طلاق ولو أقر بذلك الزوج الآخر نفسه صدق على نسخه نفسه وفسخ ذلك بطلقة بائنة، ولها جميع الصداق وقال عبد الملك : يفسخ بغير طلاق .
ومن العتبية قال أبو زيد عن ابن القاسم في الأب يجعل بضع ابنته بيد عمها، فمن أنكحها منهما بغير إذن الآخر فذلك نافذ .
وفي هذا الباب زيادة لابن حبيب قد كتبناها في باب البيوع، وهو باب في بيع الوليين وإنكاحهما فكرهت إعادته.
[4/438]
***(1/362)
[4/439]
في المرأة تنكر توكيل من زوجها
أو تنكر أنها بنت فلان أو انه زوجها
وفيمن زوج ابنته وله ابنتان فلم تعرف
وفي الشهادة على البكر لا تعرف
وتأخر الإشهاد في النكاح
من كتاب ابن المواز : ومن زوج وليته وقال هي أمرتني فأنكرت فتحلف ما أمرته ولا رضيت ويسقط عنها النكاح.
ومن العتبية من سماع عبد الملك بن الحسن من ابن وهب وابن القاسم وقال فيمن زوج ابنته البكر لا ولد له غيرها ثم مات فأنكرت أن تكون ابنته وقالت كنت يتيمة عنده ولا بينة للزوج علي عينها إلا سماعا أنه زوج ابنته ولا تثبتها البينة، أو لها إخوة غير عدول شهدوا عليها وكيف إن رجعت عن ذلك؟ قال : لا يلتفت إلى قولها، وقول الأب عليها جائز، ونسبها لاحق، وميراثها واجب، والنكاح لها لازم.
ومن كتاب ابن سحنون وكتب سليمان بن داوود إلى سحنون فيمن أقام بينة أن عمه فلان بن فلان زوجه ابنته فلانة، ولا يعلمون له ابنة غيرها وهي بكر في حجره، بصداق ذكروا رضيا به، وقد أنكرت الآن وتغيبت، فكتب إليه إن أقام البينة بما ذكرت وأنه لا ابنة لأبيها غيرها، فإن كانوا عارفين بشخصها يوم النكاح، أو كان غيرهم يعرف عينها وهم يشهدون على ما ذكرت، فقد لزمها أن تخرج أو توكل إن أنكرت لتقع البينة على شخصها أمامهم أو غيرهم كما ذكرنا، فإن ثبت ذلك وخيف عليها الهروب يوثق منها، وإن لم يخف ذلك منها وسألت تعجيل النقد أمهل الزوج على قدر ما يرى من أن لا يضر بها، فإن كان عنده فأحب التعجيل وإلا فارق ولا يضرها.
[4/439]
***(1/363)
[4/440]
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم قال مالك في المرأة البكر لا تعرف فلتكشف لمن يشهد على رؤيتها إذا زوجها وليها . محمد : وعلى قولها إن كانت ثيبا وعلى صمتها إن كانت بكرا ، ثم تزوج تلك التي عاينوا وشهدوا على عينها .
قال ابن القاسم في العتبية من رواية عيسى قال مالك :وإن لم يعرفها الشاهدان . قال محمد قال مالك : وليعجل الإشهاد على النكاح عند العقد لا يؤخر ، فإن تأخر فلا بأس به ، يريد محمد : ما لم يبن . قال مالك : وإذا زوج رجل رجلا ابنته وقال آخر من لقيت كذا وكذلك أنا ، ففعلا ثم ندم أحدهما فقد لزمها النكاح ، والشهادة جائزة ، ولا يفسد النكاح بتأخير الإشهاد . وقد ذكر عن النبي صلى الله علية وسلم حين أنكح أميمة بنت ربيعة ، وفعله ابن عمر وسالم .
ومن الواضحة ومن زوج ابنته وله ابنتان بكران فقال الزوج أنكحتني فلانة وقال الأب بل فلانة
ولم تسمها البينة ، فلا يثبت النكاح حتى يجتمعا على إمرأة واحدة ، أو تحفظ البينة أسمها وقاله
أصبغ . وقال سواء شهدت فيه بينه أو لم تشهد ولا تخالف بينهما فيه كالتداعي في النكاح . ولو اختلفا بعد موت أحدهما فلا ميراث له منها والجواب سواء، وعلى الزوج نصف الصداق يكون بينهما، قاله ابن القاسم فيمن تزوج أماً وابنتها من الرضاع ولا يدري أيهما نكح أولاً أنه يفرق بينهما ويغرم نصف صداق واحدة تكون بينهما، فكذلك هذا. قال أصبغ فإن رجع الناكح فصدق الأب فلا يثبت بذلك النكاح، ولكن يغرم للأولى نصف صداقها، ويغرم نصف صداق التي صدق الأب فيها. قال ولو أن الأب رجع إلى تصديق الزوج فلا يتم أيضاً بذلك النكاح.
[4/440]
***(1/364)
[4/441]
في الدعوى في النكاح
والمرأة يدعي نكاحها رجلان
وفي الأختين تدعي نكاح رجل
والرجل يدعي نكاح أختها
أو الزوج الأب إحداهما وجهلت
من كتاب ابن المواز قال مالك : ومن ادعى نكاح امرأة أو ادعته عليه فلا يمين بينهما وإذا تزوجت رجلا وبنى بها ثم أقام رجل آخر شاهداً واحداً أنه تزوجها قبله فإنها تعزل عن الأول حتى يتبين أمره إن ادعى شاهداً آخر يأتي به إن ادعى أمراً قريبا. وكذلك قال في الشاهد بحرية أمة بيد رجل تنزع وتوقف، وكذلك الدور، وقاله عبد الله بن عبد الحكم وأصبغ.
وكذلك العبد والأمة يقيمان بالحرية شاهداً. محمد فإن لم يصح لهما شاهد آخر وكان ذلك بعيداً حلف السيد ولا شيء على الزوجة ولا على زوجها.
وإذا ادعى كل واحد من رجلين نكاح امرأة وأقام كل واحد بينة عادلة فإنه يفسخ نكاحهما بطلقة، ولا ينظر إلى أعدل البينتين. ولا يعمل بإقرارها لأحدهما، وينظر في البيع لأعدل البينتين.
قال محمد قوله بطلقة فلست ألزم من نكحت الآن منهما، ونلزم الآخر إن نكاحها يوما لأن من نكحته الآن إن كان أولا فهي امرأته بحالها، ولكن أحب إلي أن يأتنفا نكاحا بولي ومهر لما من أمره ، وإن كان هو الآخر فلم تكن له قط زوجة. وإن نكحت غيرهما لزماهما طلقة. قال محمد وذلك عندي إن أنكرتهما جميعا، فأما إن أقرت أن أحدهما الأول، فأحب إلي أن تكون امرأته لأني لو فسخت نكاحهما ثم رجعت إلى الذي أقرت أنه الأول بغير ائتناف لم
[4/441]
***(1/365)
[4/442]
أمنعهما إذ لم يبق لهما خصم ينفي قولهما. وإذا لم توقت بينة الآخر وقتا فهي زوجة من أقرت له أنه الأول حتى يأتي ما يبطل ذلك.
وقد قال أشهب فيمن أقام بينة على نكاح امرأة وأقامت أختها البينة أنه زوج لها ولم توقت البينتان وقتا فالقول قول الزوج فيمن قال إنها الأولى عقدا ولا شيء عليه للآخرة ولا طلاق عليه فيها. محمد وهذا عندنا صواب يقوي ما قلت لك.
قال أشهب: وكذلك لو قال في إحداهما لم أتزوج قط كان ذلك له، وجعل الإقرار كالإنكار، فلم يعجبنا هذا وأرى إذا لم يقر أنها الآخرة بمعرفة منه أن أفرق بينها وبينه، لأنه كمن قال لا أدري أيتهما الأولى من الآخرة لأنه لم يدع بطلاق نكاحها بأن يقول هي الآخرة والبينة قد أثبتت لها نكاحا. وإنما لم أحكم بها إذا لم توقت.
قال أصبغ قال أشهب : ومن أقام بينة أن هذه امرأته فأنكرته وأقامت بينة أن فلانا زوجها وفلان منكر، ولم يوقتا تاريخا وهم عدول، قال لا أنظر إلى التكافئ في العدالة وأفسخ النكاحين. وقال أصبغ : ما لم يقع الدخول بإحداهما. محمد : وذلك أنه أقرت له المرأة وهي منكر.
وقال في الواضحة أصبغ عن أشهب : فإذا دخل بها أحدهما قبل الفسخ كانت زوجته، وقيل للآخر أقم البينة أنك الأول.
قال عنه في كتاب ابن المواز قلت لأشهب فيمن أقام بينة أنه تزوج فلانة وهي تنكر وأقامت أختها البينة أن هذا الرجل تزوجها وهي تنكر ولم يوقتوا، قال يفسخ النكاحان، ولا أنظر إلى التكافئ. وكذلك لو شهدت كل بينة على البناء لفسخا ولهما الصداق. محمد. وهذا لإنكاره نكاح الآخرة، ولو كان مقرا ويدعي أنها الآخرة لقبلت قوله، لأن البينة لا تكذبه، ولا ينفع التي زعم أنها الأولى حجودها لأن البينة أثبتت نكاحها، وهذا يقويه في المسألة الأولى حين ذكر عنه أنه جعل الإقرار مثل الإنكار قاسه على التي ادعى أنها امرأته الأولى، ولو أنكر أصلا فسخ جميعا، وهو معنى ما ذكر عنه أصبغ. ولو أقر في مسألة أصبغ التي ادعت
[4/442]
***(1/366)
[4/443]
عليه وقال هي الآخرة فالقول قوله لأن بينتهما لا تدفع قوله إذ لم يوقت، ولا ينفع حجود التي قال هو إنها الأولى لقيام البينة أنها زوجته، وليس قول بينة أختها مما يدفع ذلك.
قال ولو وقتت البينة التي أنكرها الزوج وقتا ولم يقول أولى هي أم آخرة، وقال هو هي الآخرة، ولم توقت بينة التي قال هو أنها الأولى وقتا، فبينة التوقيت أثبت، والتي أقر بها الزوج لا يدري أقبل ذلك الوقت هي أم بعده، وصار كمن ظهرت عنده أخت امرأته تدعي أنه تزوجها قبلها، وامرأته معروفة له، ولا يدري متى تزوج هذه ولا يصدق، ويفرق بينه وبينها بطلقة، لقوله أنها قبل ولا صداق لها، لأنه يقول لم أطلق وإنما حيل بيني وبينها مع إنكارها تزويجه،ولا سبيل له على التي ينكرها، ويكون لها نصف المهر لذكر بينتها للوقت، وهي كانت أولى بالنكاح، ولكن إنكاره حال بينه وبينها وكان ذلك فرقة.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم في امرأة يدعيها رجلان زوجة، وزعمت في أحدهما أنه تزوجها فأضر بها فهربت وظنت أن ذلك فراق، فنكحت الآخر ثم طلقها.فإن كانت للأول بينة ردت إليه بعد أن يحلف ما طلقها، وليستبري رحمها، وإن لم تكن له بينة فرق بينهما، ولا يقبل إقرارها له. وإن أقام الآخر بينة ردت إليه وحلف ما طلق، وإن لم يأتي ببينة فرق بينهما ونكحت من شاءت، يريد بعد العدة.
وإذا ادعت امرأة نكاح رجل ادعت شهادة قوم على أن نبطية زوجتها إياه فأنكروا، فإن أقر بالدخول وديا كذا ولو أتت بالبينة على ما قالت لفسخ النكاح بكل حال لأنه نكاح فاسد.
[4/443]
***(1/367)
[4/444]
وروى أصبغ عن ابن القاسم فيمن ادعى على امرأته أنها زوجته فأنكرت فلا يؤمر بانتظاره إلا أن يدعي بينة قريبة لا تضر بالمرأة ويرى الإمام لما ادعى وجهاً، فإن أعجزه ثم جاء ببينة بعد ذلك وقد نكحت أو لم تنكح، قال : قد مضى الحكم.
ومن كتاب ابن المواز ومن ادعى نكاح ذات زوج أنه تزوجها قبله وأتى بشاهد فليعزل عنها الزوج ليأتي هذا بشاهد آخر إن ادعى أمراً قريباً، وكذلك العبد أو الأمة يقيمان بالحرية شاهداً. محمد : وإن لم يصح لهما شاهداً آخر وكان ذلك بعيداً أحلف السيد ولا شيء عليه، ولا يمين على الزوجة ولا على زوجها.
وبعد هذا باب في الدعوى في الصداق وكيف تدعو المرأة فيه بشاهد.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه كتب إليه سليمان فيمن أقام بينة على امرأة أنه تزوجها بصداق معلوم وأنكرت، فقيل له زك بينتك، فطال الأمر ولم يفعل، ثم قال للحاكم عجزت عن التزكية وأشهد عليه الحاكم بذلك؛ فكتب إليه: إذا كان هذا فحل بين الجارية وبين ما تريد. قيل له : فإن جاء بعد هذا العجز بشاهدين على إقرارها بالنكاح، فقال إقرارها وهي من أهل موضوع معروف بالنكاح ضعيف إلا أنها ما دامت مقرة بالنكاح وهي ممن يجوز بإقرارها فإنها تمنع أن تحدث في نفسها شيء.
وعن امرأة ادعى رجل أن أباها زوجه إياها وهي طفلة وأتى بلطخ فكتب الحاكم بإحضاره فادعى أن عمها زوجها إياه برضاها، أو حضر العم فاعترف بذلك، وكل واحد من الزوجين يقول للآخر أنت غيبتها أتسمع البينة على إثبات نكاحها بالاسم والنسب وإن لم تحضر؟ فكتب إليه إن وقع على الذي زوجه العم لطخ أنه غيبها أمر بإحضارها، فإن لد حبس حتى يحضرها أو تظهر براءته، ثم هما على دعواهما، ويجتهد الحاكم في طلبها، فإن طال ذلك ولم تظهر أمراً جميعا بإيقاع البينة على اسمها ونسبها وصفتها.
[4/444]
***(1/368)
[4/445]
قيل فإن كتب أمين القاضي إليه فيما سأل في الكشف عنها أنه قد تبين أن المدعي لإنكاح الأب مظلوم وأن أمها غيبتها وأتهم الزوج في تغييبها ؛ فكتب إليه : ما تبين على الأم من ذلك فخذها بالحبس حتى تظهر براءتها .
وسأله حبيب عمن أدعى نكاح امرأة فتنكره فلم يجد بينه بأصل النكاح ، ويجد بينه تشهد أن هذه المرأة كانت تسكن معه في جوارنا خمس عشرة سنة وولدت معه وهي مقرة أنه زوجها وهو كذلك مقر بالزوجة . قال : خمس عشرة كثير ، وما أحلفه أن ذلك يوجب نكاحه ، ثم قال دعني أنظر فيها ثم قال : إن لم تكن سنين كثيرة لم يوجب ذلك النكاح إلا في الطارئين فيقبل قوله ، وأما من أهل الموضوع فلا بد من البينة على النكاح ، إلا أن يكون ذلك فاشيا مشهورا في الناس وعند القراب ، يريد أنه كان البناء مشهورا وعقد النكاح . وأما تقاررهما بعد البناء بالنكاح فلا يقبل ، هذا معنى هذه المسألة .
في الأقرار بالزوجية في الصحة والمرض
وشهادة السماع في النكاح أو شاهد واحد
ومن كتاب محمد قال أصبغ عن ابن القاسم وهو في العتبية من رواية عيسى عن ابن القاسم فيمن أشترى أمة فولدت منه فكان يقول هي امرأتي تزوجتها ، وحلف بطلاقها ، ثم مرض فأقر لها بمال بقية مهرها ، وتصدق عليها بأشياء في مرضه ، ثم صح سنين ثم مرض فمات . قال هي امرأته ولها ميراث وبقية مهرها الذي أقر به في المرض الأول ، لأنه صح بعده ، ولها ما تصدق به إن حازته بعد صحته ، وإن لم تقبضه فلا شيء له منه . وإن مات في مرضه الأول بطل ذلك وبطل إقراره لها بالمهر ، ولها ميراث بإقراره في الصحة في أنها زوجته .
قال عنه أصبغ : في كتاب محمد : ولم يقر لها بالزوجية إلا في المرض لم ترثه وإن كان يحلف بطلاقها في صحته ، إلا أن يكون له معها ولد فيثبت نسبه بإقراره ويرثه ، ثم وقف عن الميراث إن لم يكن له معها ولد إلا أن يكون سماع على
[4/445]
***(1/369)
[4/446]
النكاح من أهل العدل عن الثقات فترث مع إقراره بالمرض ، إن لم يكن معها ولد ولم يصح بعد من مرضه . محمد : ولو صح ذلك المرض من قوله وإن لم يكن معها ولد كإقراره بالدين لمن يتهم عليه ، وقاله أصبغ .
قال ابن القاسم :وكذلك في شهادة السماع في كل شيء فإنهم يوقفون من سمعوا من الثقات أومن غيرهم في جميع الأشياء .
قال أصبغ فيمن أقر في مرضه أن فلانه امرأته والولد الذي معها ولده ، فإنه يلحق به وترثه المرأة . قلت : فإن لم يكن معها ولد ؟ قال لا أدري . وكذلك جواب ابن القاسم . ثم قال ابن القاسم : لا ترثه إلا سماع من العدول عن الثقات أنها امرأته .
ومن غير كتاب ابن المواز روى حسين بن عاصم عن ابن القاسم : لا تجوز شهادة السماع إلا عن العدول إلا في الرضاع ، فيجوز أن يشهد العدول على لفيف القرابة و الأهلين والجيران وإن لم يكونوا عدولا كالنساء والخدم أنه عندهم في سماعهم أن فلانة أرضعت فلانا .
ومن العتبية روى يحيي ابن يحيي عن ابن القاسم في خصي أشهد في مرضه في جارية أني كنت أعتقها في الصحة وتزوجها وأشهدكم أنها طالق البتة فلا تعتق هذه في ثلث ولا غيره ولا صداق لها ولا ميراث إلا بأمر يثبت في الصحة من العتق ثم النكاح ، إلا إن قال في مرضه : وأمضوا عتقها فإنها تعتق في الثلث ، ولو صح ثبتت حرمتها ولم تحل له إلا بعد زوج لما طلق . قيل فما لها من الصداق ولم يكن أقر بتسمية وقد اختلفا فيه الآن ؟ قال القول فيه الزوج
[4/446]
***(1/370)
[4/447]
فيمن أقر زوج فلانا أو باعه
وقال أردت اعتذارا
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم فيمن خطب إليه رجل ابنته ، فقال قد زوجتها فلانا ، فقام بذلك فلانا ، فأنكر الأب وقال : إنما اعتذرت ذلك دفعا لمن جاءني قال إن ادعى المقر أنه زوجه فبل ذلك حلف وثبت النكاح ببينة الإقرار في الخطبة ، وإن لم يدع الإقرار في الخطبة حلف الأب أنه قال ذلك اعتذارا يريد إيجاب نكاح له وصدق ، وقاله أصبغ وكذلك في العتبية عن أصبغ عن ابن القاسم . قال محمد وهذا أحب إلينا .
وكذلك إن سيم سلعة فقال بعتها من فلان ، أو كانت أمة فقال أعتقها ، فإن لم يدع المقر له غير هذا الإقرار فإنما له اليمين . وفي العتق إشكال فاستحسن إنفاذه إلاأن يتبين أن من ساومه ممن يخاف وممن يحتجز منه بأمر بين . قال محمد ولولا ما قاله ابن القاسم كان أحب إلي أن يكون . وإن ادعى المقر له بالحق كان له قبل هذا لا يقبل قوله .
وقال ابن حبيب في مسألة النكاح ذلك لازم بأي ذلك طلب الطالب ، بقوله هذا ، أو بإيجاب متقدم . وكمن قال طلقت أو أعتقت ، ثم قال كنت متعذرا فلا يقبل منه ويلزمه عتقه ، ولو سيم به فقال قد بعته من فلان أو هو لفلان أو لابنتي أو لأمر أتى فبخلان ذلك ، هذا لا يلزمه ألا يثبت غير هذا ، ويحلف أنه كان متعذرا ويبرأ .
تم الجزء الأول من كتاب النكاح بحمد الله وعونه
ويتلوه في الجزء السادس إن شاء الله تعالى الثاني من النكاح
والحمد لله حق حمده وصلواته على محمد وأله وسلم
[4/447]
***(1/371)
[4/448]
***(1/372)
[4/449]
في مقدار الصداق
ونكاح الموهوبة وذكر الشغار
من كتاب ابن المواز قال : وأقل الصداق من الذهب ربع دينار ، ومن الورق ثلاثة دراهم ، ومن العروض ما قيمته ثلاثة دراهم ،
ومن تزوج بدرهمين ، فإن لم يدخل خير ؛ فإما أتم لها [ ثلاثة دراهم ] ، وإلا أوقعنا علية طلقة واحدة ، وكان لها نصف الدرهمين ، وإن دخل ، فقال عبد الملك :يلزمه تمام صداق مثلها ، وقال ابن القاسم وأشهب : يتم لها ثلاثة دراهم . قلت : فقول ربيعة : يجوز بدرهم .
وقال يحيي بن معين : يجوز بسوط وبنعلين إن كان صداقها لو أخذته بدرهم ، لأخذته بأقل منه إلى ما لا يكون صداقا ، وقد أجمل الله ما تقطع فيها اليد في السرقة ، فوقت النبي صلى الله علية وسلم فيه ربع دينار مما له بال ، فلا يباع فرج بما لا بال ، فلا يباع فرج بما لا بال له . وأما يحيي بن سعيد ، فقد إستثنى إن كان صداقها .
[4/449]
***(1/373)
[4/450]
قال ابن حبيب: والمياسرة في الصداق أحب إلينا وأقرب إلى يسر الدين ، وكان صداق النبي صلى الله علية وسلم لأزواجه خمسمائة درهم وزوج عليا على درعه ، فبيع بخمسمائة درهم ،
وتزوج عبد الرحمن على وزن نواة من ذهب ، واستكثر النبي صلى الله علية وسلم لرجل مائتي درهم ، واستحب عمر أربع مائة درهم .
وتزوج ابن عمر بستمائة درهم ، وزوج ابن المسيب ابنته على ثلاثة دراهم ، وكن بنات عبد الله ابن عمر ، وبنات أخيه يصدقن بألف دينار لكل واحدة ،وعشرة آلاف درهم ، وكان ابن عمر يجعل لهن قريبا من أربعمائة دينار حليا .
وتزوج ابن عباس على عشرة آلاف ، وتزوج القعقاع بن سوار بنت قبيصة ابن هانىء على أربعين ألفا ، في أيام علي ، وولاه علي ولاية بعد ذلك ، ثم كره منه شيئا فقرعة بذلك ، فقال : لو كان كفؤا ما فعل هذا .
ومن كتاب آخر : أمهر النجاشي عن النبي صلي الله علية وسلم أربعة آلاف دينار .
قال ابن حبيب : ومن تزوج بأقل من ربع دينار ودخل . فإنه يخير على إتمام ربع دينار ، ولا يفسخ للاختلاف فيه أجازه ربيعة . وقال يحيى بن سعيد : بنعلين ، وبسوط . وابن قسيط وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد ، وأجازه ابن وهب بدرهم وليس بأمر متبع وقد جاء في حديث عبد الرحمن بن عوف : على وزن نواة من ذهب : يعني خمسة دراهم، ولم يكن ذهب كانوا يسمون الخمسة دراهم ناة. والنش عشرون، والأوقية أربعون.
وقال ابن حبيب، في نكاح الهبة : إن عنى به غير النكاح، ولم يعن به هبة الصداق، ولكن وهبت نفسها له، فهذا يفسخ قبل البناء، ويثبت بعده، ولها صداق المثل: وإن عنى بها نكاحها بغير صداق، فلا يجوز، وما أصدقهاـ ولو ربع دينار فأكثرـ فجائز، لها لازم، عثر على ذلك قبل البناء أو بعده ـ والميراث بينهما في هذين الوجهين، ولا صداق فيه في الموت.
[4/450]
***(1/374)
[4/451]
قال ابن المواز : الموهوبة خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحل لمن بعده بغير صداق، فمن تزوج على الهبة، فلم يختلف مالك وأصحابه، أنه يفسخ قبل البناء [واختلفوا] إذا دخل بها. وقال أصبغ : وفساده في البضع، وقال ابن القاسم، وعبد الملك : لا يفسخ، ولها صداق المثل.
وروى عن مالك، قال أشهب : إذا فسخ قبل البناء، فلها ثلاثة دراهم، وقال أصبغ : صداق المثل وقاله ابن وهب فيما أحسب.
قال ابن حبيب : وقول مالك في الشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، فسواء عنده كان في ذلك صداق أو لم يكن، فسخ إذا كان يشترط على أن يزوجه الآخر، لأنه يفترق في الفسخ، فإذا لم يكن بينهما صداق فيفسخ قبل البناء وبعده، وإن كان فيه صداق فسخ قبل البناء، وثبت بعده، وكان لكل واحدة صداق المثل.
وقال ابن القاسم، في المدونة : لكل واحدة الأكثر من المثل أو ما سمي إذا بنى بهما في نكاح التفويض والتحكيم.
ومن الواضحة : ولا بأس بنكاح التفويض ونكاح التحكيم، كان الحكم فيه إلى الزوج أو إلى المرأة أو وليها أو إلى أجنبي، ثم لابد من فريضة، وكذلك في السكات وقد قالوا زوجناك فقط، فإذا اختلفوا بعد البناء فمجتمع عليه أن في ذلك كله صداق المثل، فأما قبل البناء، فإن فرض صداق المثل فلا حجة لهم، وإلا فارق ولا شيء عليه. وهذا مجتمع عليه في كل ما ذكرنا، إلا في قولهم : قد أنكحناك على قولها.
فابن القاسم يراه مثل السكات أو تحكيم الولي. وقاله ابن عبد الحكم وأصبغ.
[4/451]
***(1/375)
[4/452]
قال أشهب وعبد الملك : إن لم يرض بما حكمت، لم يلزمها بدله لصداق المثل قبل البناء، وبه أقول.
ومن كتاب محمد : قال ابن القاسم، فيمن تزوج على حكمه أو حكمها أو حكم فلان، فذلك جائز، فإن رضيت بما حكم، أو رضي هو بما حكمت، أو رضيا بما حكم فلان، وإلا فرق بينهما، كالتفويض إذا لم يفرض صداق المثل.
قال عبد الملك : أما على حكمها، فالنكاح يفسخ ما لم يدخل، وأما على حكمه، فهو التفويض الجائز. وأجاز ابن عبد الحكم على حكمها إذا رضي. وقاله أشهب، إن رضي بما سمت، أو رضيت بما سمى جاز، وإلا فسخ. وذكر عن مالك، قال أشهب: وإن بنى قبل التراضي، فلها صداق المثل.
قال ابن القاسم : وإن تزوج امرأة على صداق مثلها، فهو جائز، وهو أبعد من نكاحه على شوارها، وكل جائز، ولها في الشوار شوار مثلها.
قال أشهب : لو قال : زوجني ابنتك. فيقول : قد فعلت فذلك التفويض، ولو قال : بعني غلامك.فقال : قد فعلت لم يكن ذلك بشيء.
قال ابن حبيب : إذا كان المفوض إليه قريب القرابة، أو مولى نعمة، أو أجنبيا فاضلا، خفف عنه من صداق المثل بقدر ما يرى أنه أريد من مقاربته، ولا يحط عنه جزء له بال، لكن بمعنى التخفيف والمقاربة.
ولا ينبغي أن يبني في التفويض، ولا يخلو بها حتى يقدم ربع دينار فأكثر، فإن مسها ثم طلق لزمه صداق المثل.
ومن فوض إليه في المرض، فعقله فيه، ثم مات قبل البناء، وقد فرض فيه، أو لم يفرض، فلا ميراث لها، ولا صداق، ولا متعة، ولو بنى فيه ولم يفرض، فلها
[4/452]
***(1/376)
[4/453]
صداق المثل في الثلث مبدأ، ولا ميراث لها، ولو فرض فيه أكثر من صداق المثل، بدئت في الثلث بصداق المثل وحاصت بالزائد، كالوصية، وهي غير وارثة.
ومن كتاب ابن المواز :ومن تزوج على تفويض ودخل لزمه صداق المثل، ليس صداق أمها وأخواتها ونساء قومها، ولكن في شبابها وجمالها في زمنها، ورغبة الناس فيها، وينظر في ذلك أيضاً للزوج، إن زوجوه إرادة صلته ومقاربته خفف عنه، وإن كان على غير ذلك أكمل عليه صداق المثل.
وإذا دفع إليهم شيئاً أو سماه ولم يدفعه، ثم طلق قبل البناء؛ فإن كان صداق المثل أو كان أقل منه، فرضوا به، فلها نصفه، وإن لم يف بالمثل، ولا رضوا به ردوا جميعه، ولها المتعة، ولا يقبل منهم بعد الطلاق أنهم كانوا رضوا به، إذا لم يكن صداق مثلها إلا ببينة على الرضا ولو قدم إليهم شيئاً، ثم دخل بها، ثم طلبوا بقية المهر، فلا شيء لهم؛ لأنهم أدخلوها عليه، إلا أن يكون الشيء التافه لا يشبه أن يكون صداقا، كالدرهمين والثلاثة والطعام، فهذا عليه صداق المثل.
ولو سمى لها في صحته صداقا إن رضيت به قبل يمرض فهو لها من رأس ماله، قل أو كثر، مات أو عاش وإن طلق قبل البناء في مرضه فلها نصفه، وما سمى لها في المرض، فلا شيء لها فيه إن مات قبل صحته، فإن صح، تم لها ذلك، ثم إن مات، كان لها. وإن طلق قبل البناء، فلها نصفه، وإن ماتت قبل يفرض لها فلا صداق عليه. وله الميراث وإن سمى، ثم دخل في مرضها فعليه ما سمى ويرثها.
قال أصبغ : وإن سمى في مرضه ثم ماتت هي ثم صح هو بعدها، لزمته التسمية لورثتها وكذلك روى عيسى، عن ابن القاسم، في العتبية قال محمد : لا يعجبني قول أصبغ.
[4/453]
***(1/377)
[4/454]
قال مالك : وإن سمى في مرضه ودخل بها فلها ما سمى إن مات من رأس ماله؛ إلا أن يزيد على صداق مثلها فتبطل الزيادة، إلا أن تكون ذمية لا ترثه، فيكون لها الزيادة في ثلثه.
قال محمد : ولو سمى للأمة أو للذمية في مرضه ولم يبن بها، فلها ذلك كله في ثلثه، وتحاص به أهل الوصايا. قال عبد الملك : لا شيء لها لأنه لم يسم لها إلا على المصاب. قال محمد : ولا يعجبنا ذلك.
وإذا نكح على أن لها نقد عشرين ديناراً، وعلى أنه يفوض إليه في بقية مهرها، ثم لم يرضوا بما فرض لها ولا بما زاد لأنه أقل من صداق مثلها حتى فارق، فله أخذ العشرين ولا يلزمه شيء، وليمتعها.
وكذلك لو تزوجها على تفويض، وعلى دفعه لأبيها خاصة، ثم طلق قبل البناء، فعليه المتعة، ويأخذ من الأب كل ما أعطاه وليس لهم إلا ما أرسل إليها. قال يحيى بن سعيد قال محمد فيمن فوض إليه إذا كان الأب قد قبله فبعث بثياب ومتاع، فأدخلت عليه ثم ماتت : فليس لهم إلا ما أرسل إليها. قال يحيى بن سعيد : إذا كان الأب قد قبله وأدخلها.
قال ابن وهب، عن مالك فيمن تزوج امرأة، ثم خطب أختها لابنه، فقيل له : أتصدقها كصداق أختها؟ فقال : لم أكن أقصر بها. ثم طلقها الابن، قال مالك : لو صالحتموه، ورأيت معنى قوله : إنه لزمه الصداق بقوله: لا أقصر بها قال ابن القاسم : وكأنهم زوجوه على المكافأة. وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم : وكأنهم زوجوه على المكافأة وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم، قال : يلزمه، وقال مرة: لو اصطلحوا، وكأنه يوجبه عليه، ولم يعينه قال ابن القاسم : وكأنهم زوجوه على المكافأة.
[4/454]
***(1/378)
[4/455]
ومن كتاب محمد، والعتبية من سماع ابن القاسم قال مالك : وإذا تزوج امرأة على ثلاثين ديناراً، بعد أن ماتت خالتها تحته، فقال الأب : اشتر لابنتي خادماً من صداقها. فقال : عندنا خادم. قال : فمتاعاً لبيتها من مهرها. قال : هذا بيت خالتها. يعني المتاع، ثم دخلت. قال مالك : يقوم ذلك؛ فإن كان فيه فضل، فهو للمرأة، لأنه رضي أن يعطيها إياه، وإن كان أقل اتبعته بما بقى قال محمد : إذا لم تكن المرأة رضيت بذلك ولا علمت، ثم لم ترض بذلك حين رأته.
ومن العتبية روى عيسى، عن ابن القاسم فيمن تزوج بتفويض، فبعث إلى أهلها بشيء فسخطوه، فقال : فإن لها صداق المثل، ثم إن طلق ولم يدخل، فإن لها نصف صداق المثل.
في البناء قبل أن يقدم شيئاً
وفي طلب تعجيل النقد
قال ابن حبيب : وإذا رضيت له بالبناء قبل أن يقدم شيئاً فليس بحرام. وهو معنى قول الله سبحانه{ ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} وقال في باب آخر : هو ما أعطته، أو وضعت عنه من صداقها. وأجازه ابن المسيب، وغيره، وكرهه آخرون. وكرهه مالك حتى يقدم ولو ربع دينار. وكره ابن القاسم أن يدخل بالهدية التي قد أهدى. وقد أجازه مالك، وابن المسيب، وابن شهاب، وغيره.
ومن العتبية روى أشهب، عن مالك، فيمن أذنت له زوجته أن يدخل عليها، ويبني وتمنعه نفسها حتى تأخذ الصداق، قال : ذلك لها، إلا أن ترضى
[4/455]
***(1/379)
[4/456]
له بنصفه، وأما النفقة، فهي لها عليه، ومن دخل، ولم يقدم شيئاً فإنه يقال له : أعطها ربع دينار، ولا تجتنب مسيسها بعد الدخول بها.
قال عيسى، عن ابن القاسم : وإن أهدى إلى زوجته فلا يدخل حتى يقدم من الصداق ربع دينار، وإذا رهنا بالصداق، فلا بأس أن يدخل بذلك. وأجاز بعض الناس أن يدخل بحمالة، وما أحب ذلك حتى يقدم ربع دينار.
ومن الواضحة : وإذا طلبت قبل البناء أخذ النقد وأبى الزوج ذلك إلا عند البناء، فذلك للزوج، إلا أن تشاء هي تعجيل البناء فلها قبضه؛ فإن أعسر به تلوم له، وكانت عليه النفقة إن شاءت وأجل في الصداق أجلاً واسعاً. فإن عجز عن النفقة قصر له في أجل الصداق، فإن جاء به وإلا فرق بينهما، واتبعته بنصفه، وإن كان النقد شيئاً بعينه من دار أو عبد أو عرض فلها تعجيله. وإن تأخر البناء، وقاله لي كله من سألته من أصحاب مالك.
وكذلك قال في الصغيرة تتزوج صغيراً أو كبيراً، فأصدقها داراً، أو عبداً فلأبيها استعجال قبض الدار والعبد واستغلال ذلك، وإن لم يمكن من الدخول، بخلاف ما ليس بعينه، لأن الذي ليس بعينه في ضمان الزوج، والذي بعينه في ضمان الزوجة، فلها تعجله، ولا تتبعه في نفقتها، وكذلك الصغير يتزوج الكبيرة بصداق بعينه فيما ذكرنا. وهو قول مالك وأصحابه.
ومن كتاب ابن المواز،قال ابن القاسم : إذا أعسر بالنقد فأخروه به، لم يجز أن يدخل حتى يقدم ولو ثلاثة دراهم فإن دخل قبل يقدم شيئاً، فليتلاف ذلك، بأن يعطيها ما ذكرنا، ولا تنكل في هذا، وإن كان غير جاهل، قال أصبغ : ما لم يكونا من أهل التهم بتلفيق النكاح.
[4/456]
***(1/380)
[4/457]
قال مالك : وإنما كره أن يدخل قبل يقدم شيئاً أن تتصدق عليه بصداقها، ولم يصل إليها منه شيء وفي رواية أشهب عن مالك فيمن نكح بصداق مؤجل : أكره أن يدخل قبل يقدم شيئاً، فإن فعل جاز، ولا أحبه قال أشهب : فإن عجل ربع دينار ليدخل بها فأبت حتى تقبض الجميع فإنها تجبر على الدخول، إلا أن يتراخى ذلك إلى حلول أجله، فلها أن تأبى حتى تأخذ جميعه أو ما حل منه.
وكذلك من تزوج بعاجل وآجل، فله البناء بدفع المعجل؛ فإن لم يدخل حتى حل المؤجل، فلها منعه حتى تقبض جميعه ولو بقى للمؤجل سنين، فليس لها منعه حتى يحل، ولو دخلت بعد حلول المعجل ثم حل المؤجل بعد البناء، فليس لها أن تمنعه نفسها لتقبض ذلك، ولا لأن تقبض ما كان حل قبل بنائها.
وإذا وهبته قبل البناء جميع صداقها، خير على أن لا يدخل يعطيها ربع دينار فأكثر، فإن لم يفعل حتى طلق فلا شيء لها عليه، ولو قبضته ثم وهبته له فلا شيء لأحدهما على الآخر، وإن وهبته لأجنبي، رجع عليها الزوج بنصفه قال ابن القاسم : فترجع هي على الموهوب فتغرمه ما غرمت.
فيمن نكح امرأة بعبد غائب، أو دار غائبة
أو بدين له على رجل، أو بأرش جرح له عليها
وهل يدخل بذلك؟
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم : ولا بأس بالنكاح بعبد غائب بعيد الغيبة. قال ابن حبيب : إذا وصفه لها أو للأب في البكر، كان معه عين أو لم يكن، وكذلك بعبيد، قالا : إلا ما بعد جداً مثل خراسان والأندلس، فأكرهه لانقطاع خبره، قال ابن حبيب : مثل إفريقية من المدينة، كان مع ذلك عين أو لم يكن، فلا خير فيه ويفسخ، قال ابن المواز : قال ابن القاسم : وأما مسيرة الشهر ونحوه، فذلك جائز، والضمان من الزوج حتى تقبضه المرأة.
[4/457]
***(1/381)
[4/458]
قال ابن القاسم : وله أن يدخل إن كانت الغيبة قريبة، ولا يدخل بها في الغيبة البعيدة وإن قدم إليها ربع دينار. وإن سماه مع العبد لأن النقد في هذا البعيد لا يجوز، والدخول انتقاد، ولو كان هذا العبد بعينه على أن يكون مضموناً عليه لم يجز النكاح قال : وإن لم يكن بعينه، وكان مضموناً بصفة جاز، وإن كان بعينه ولم يصفه فسخ النكاح قبل البناء وثبت بعده، ولها صداق المثل.
وكذلك القريب الغيبة في هذا، ولو كان في المنزل، وإن كان قريباً فوصفه فأصيب العبد قبل تقبضه، فلها قيمته في تلك الصفة، وكذلك إن بعد فردته بعيب، فإن نكحت بدار أو أرض غائبة بعيد الغيبة، جاز إذا وصفت، ولم يجز إن لم توصف، ويفسخ إلا أن يبني فيثبت، ولها صداق المثل، ويجوز ذلك في الخلع وإن لم يوصف.
ومن الواضحة، قال ابن حبيب : وإذا نكحت برقيق غائبة على مثل شهر أو عشرة أيام فذلك جائز إن وصفت لها، أو للأب في البكر، ولها البناء قبل تقبضه، وله البناء قبل يقبضها، بخلاف البيوع، لا يجوز النقد في البيع في مثل هذه الغيبة وأحب إلي أن يعطيها قبل قبض الرقيق ربع دينار، أو ما يسواه، وهم من الزوج، فإن ماتوا ودى قيمتهم على ما وصف يوم العقد، ولا بأس أن يشترط فيهم الزوج الصفقة، كالبيع. وقاله كله ابن القاسم وغيره من أصحاب مالك.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك : وإن تزوجها بدين له على رجل، فذلك جائز، ولا يدخل حتى تقبض من ذلك ثلاثة دراهم يدفعها هو إليها، وقال مالك أيضاً : له أن يدخل وإن لم تقبض شيئاً، لأنه حق لها، لأنها لو شاءت باعته وقبضت ثمنه.
ومن كتاب الرجوع عن الشهادات، لابن سحنون : وإذا جرحت امرأة رجلا جرحا خطأ، منقلة أو موضحة فبرئ منها، فتزوجها بما وجب له عليها من ذلك، فقد كره بعض أصحاب النكاح بذلك، وأجازه غيره، فإن طلقها قبل البناء فعليها نصف العقد، وإن لم يطلقها حتى انتقض الجرح، فبرئ فيه فمات فإن
[4/458]
***(1/382)
[4/459]
أقسم ورثته لمن جرح مات، أخذت الدية من العاقلة، وأخذت هي من ذلك أو من صلب ماله قيمة الموضحة أو المنقلة، لأنها كثمن معروف، وكأنها لما صار الجرح نفساً إنما تزوجت بشيء فاستحق فلها قيمته، والنكاح جائز، ولها الميراث من المال، ولا ميراث لها من الدية، وكأنها جنت عليه، وهي زوجة له ؛ وإن أبوا أن يقسموا أنه لمنه مات، فقد سقط عقل الموضحة، وصار كدين كان له عليها، فتزوجها به فمات فسقط عنها.
ولو تزوجها وهو مريض على الضربة وما يحدث فلا يجوز؛ لأنه نكاح مريض وصداق مجهول، فإن مات من مرضه فلا ميراث لها ولا صداق لها، فإن أقسم الورثة أخذوا الدية من عاقلتها وسقط ما عليها، وإن أبوا أن يقسموا رجعوا عليها بمبلغ خراجها من الموضحة والمنقلة في مالها.
فيمن نكح برقيق، أو شوار بغير صفة ولا أجل،
أو بشيء لم يصفه، أو بعبد يختاره أحدهما
أو بشيء ذكر ثمنه ولم يصفه، أو على دار فلان
من كتاب ابن المواز : ومن تزوج بعبد بغير صفة ولا أجل جاز بخلاف البيع، ولها عبد وسط حالا وإن نكح برقيق ذكر العدة ولم يذكر حمراناً، ولا سوداناً، فلها الوسط من الأغلب في البلد من الصنفين وكذلك العتبية من سماع ابن القاسم .
قال في كتاب محمد : فإن لم يكن في البلد أحد الصنفين أغلب، نظر إلى وسط الحمران، ووسط السودان، فأعطيت نصف ذلك، وذلك على قيمته ذلك يوم وقع النكاح وكذلك إن طلق قبل البناء، وقاله أصبغ.
قال مالك في العتبية ويعطى الإناث دون الذكور. وكذلك شأن الناس وقاله سحنون، قيل لمالك : فمن سمى في صداق جارية بخمسين، وسريراً بكذا،
[4/459]
***(1/383)
[4/460]
وفرشاً بكذا، ثم يعطيهم دون تلك القيمة؟ قال : يلزمه مثل ما سمى قيل لسحنون : لأنهم يسمون للسمعة ويعطون ذلك، قال : ما أعرف هذا عندنا. وأرى أن تلزمه التسمية. قيل : فإذا كان هذا أمراً يتناكحون عليه. قال : يتقدم الإمام فيه وفي الذي ينكح عليه أهل مصره.
قال أصبغ، وفي الواضحة : وأرى إن سمى للمرأة الدنية الرداء بعشرين ديناراً، أو خمار قز، أو درع خز بثلاثين، وشبه هذا مما يرى أنه أريد به السمعة : أن تعطى وسطاً من ذلك، ولا تعطي الثمن الذي سمى لها وإن كانت تشبه أن يسمي لها ذلك، أخذ بالتسمية.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن شرط في صداقه رأسين كل رأس بخمسين، فغلت الرقيق أو رخصت، فإن وصفوا كل رأس بصفة، وكان ذكر الخمسين عبارة عن تلك الصفة فلهم الصفة؛ غلت فزادت على الخمسين أو رخصت وإن كان ذكر الخمسين لا يقصد بها صفة إلا ترتيب الخمسين فعليه شراؤها بخمسين ديناراً كل رأس في الغلاء والرخص.
قال ابن حبيب : إذا سمى للرقيق ثمناً أخذ بالتسمية، ولم ينظر إلى الوسط من ذلك، والمرأة مخيرة، إن شاءت أخذته بالتسمية وتركت الرقيق، وإن شاءت أخذته بالرقيق على تلك التسمية، إلا أن يحصر بالرقيق على التسمية، فليس لها غيرها، كمن وكل على شراء شيء فاشتراه فيلزم الأمر وإن طلقها قبل البناء فلها نصف التسمية، ولا يجبر الزوج أن يأتي برأس فيكون بينهما وهكذا أوضح لي عن مالك من كاشف فيه من أصحابه، وكله مما اجتمع عليه أصحابه.
قال ابن حبيب : ومن نكح على خادم رضاً، فإن كان معناه عندهم أنها الجائزة فذلك جائز، وعليه خادم وسط من خدم النقود، وإن كان معنى الرضا عندهم رضا المرأة فهو على وجه التحكيم، كأنه نكح على حكمها؛ فإن تراضيا على شيء وإلا فلها مثلها.
[4/460]
***(1/384)
[4/461]
ومن كتاب ابن المواز : وإن نكح بعرض لم يصف من أي العروض لم يجز، ويفسخ، ما لم يدخل حتى يقول : بثوب. أو : بكذا من الكتان أو الصوف وإن يصفه فلها الوسط، وكذلك في اللؤلؤ قاله ابن القاسم.
ولا يجوز على أن يشتري لها دار فلان، أو عبد فلان، ويفسخ قبل البناء وإن نكح باحد عبديه، تختاره هي فجائز، وإن كان يختاره هو لم يجز، ويفسخ قبل البناء، ويثبت بعده، ولها صداق المثل.
وإن نكح برأس بمائة، ولم يصفه، وبمائة دينار،فطلق قبل البناء، فعليه مائة دينار زاد عيسى بن دينار في روايته : والنكاح جائز.
في النكاح بصداق إلى غير أجل
أو إلى أجل مجهول، أو أجل بعيد،
أو على أنه إن لم يجد، فهو في حل، ومتى يحل المهر؟
منالواضحة وغيرها قال مالك : إذا كان الصداق نقداً كله والمؤخر منه محدث، فلا أحبه، ولا يفسخ إن نزل إلا أن يكون إلى غير أجل فيفسخ قبل البناء، ويثبت بعده، ولها صداق المثل.
ومن كتاب ابن المواز : وكره مالك الصداق بعضه معجل وبعضه إلى ست سنين. وقال : لم يكن من عمل الناس. وقال ابن القاسم : لا يعجبني إلا إلى سنة وسنتين؛ فإن وقع في المسألة الأولى لم أفسخه إلا في الأجل البعيد قال أصبغ : إلا أن يطرحوا ذلك عنه أو يجعلوه إلى أجل قريب أو يبني فيكون لها صداق المثل نقداً كله.
وقال ابن وهب : القريب الجائز إلى خمس ولا يفسخ، وكذلك العشرون أو أكثر قليلاً، ما لم يبعد جداً مثل الأربعين، ثم رجع فقال : وإن وقع إلى أكثر من ثلاثين، لم يفسخ وإن لم يدخل ما لم يبعد جداً. وذكر ابن حبيب، في رجوع.
[4/461]
***(1/385)
[4/462]
ابن القاسم ، أنه قال : وإلى الأربعين فلا أفسخه، قالا عنه : ويفسخ في الخمسين والستين، ويصير إلى مثل موت أو فراق.
قال أصبغ : ولو فسخه أحد في الأربعين لم أعبه؛ وابن وهب يفسخه فيما زاد على العشرين. وقال أيضاَ: يفسخ فيما زاد على العشرة. وقاله ابن القاسم، ثم رجع.
قال أصبغ : ولا أكره المهر إلى عشرين سنة وقد زوج أشهب ابنته على أن جعل مؤخر مهرها إلى اثنتي عشرة سنة.
قال ابن المواز : قال مالك : ونكاح أهل مصر والشام بعضه بنقد، وبعضه إلى غير أجل، إلا أن ما تعارفوا وعملوا عليه أنه إلى موت أو فراق، فهذا غرر لا يصلح.
قال ابن القاسم : وإذا وقع بمائة نقداَ، ومائة إلى غير أجل، أو إلى موت أو فراق، فإن مات بالبناء فلها صداق المثل، ما لم تنقص من مائة فلا ينقص، أو يزيد على مائتين أو رضيت بتعجيل فلا يزاد على مائتين نقداَ، ولو رضي يريد قبل البناء بتعجيل المائتين، أو رضيت هي بأخذ مائة فقط، تم النكاح، وقاله ابن عبد الحكم، وأصبغ. وكذلك في الواضحة.
قال ابن حبيب : ولم يختلف مالك وأصحابه أنه يفسخ قبل البناء إن لم تسقط هي المائة المؤخرة ولا عجلها الزوج، وأنه إن بنى، وصداق المثل اقل من مائة،انه لا ينقص من مائة. واختلفوا إن كان أكثر من المائتين ؛ فقال ابن القاسم : لا يزاد. وقال مطرف وابن الماجشون : لها بالزائد ما بلغ، ورواه مطرف عن مالك .
ومن كتاب ابن المواز وابن حبيب : ولو أصدقها مائة نقداً، ومائة إلى سنة، ومائة إلى موت أو فراق، ومات بالبناء، وكان صداق المثل مائتين فأقل فلها مائتان مائة نقداً ومائة إلى سنة، وتسقط المائة الأخرى. وإن كان صداق المثل مائتين وخمسين: كان لها مائة وخمسون نقداً،ومائة إلى سنة.
[4/462]
***(1/386)
[4/463]
قال ابن حبيب : وكذلك إن زاد على ذلك تعجلته إلا مائة إلى سنة.
قال في كتاب ابن المواز وإن كان أكثر من ثلاثمائة، لم يزد. وهذا ذكره ابن حبيب عن ابن القاسم. قال ابن حبيب : وسواء فيما ذكرنا من أول المسألة، كان بعضه مؤخراً إلى غير أجل أو إلى موت أو فراق، أو إلى ميسرة، أو إلى أن تطلب المرأة وهو الآن مليء أو معدم، قاله ابن الماجشون، وأصبغ.
وقال ابن القاسم، في قوله إلى ميسرة. أو إلى أن تطلبه به المرأة : إن كان يومئذ ملياً فجائزة.
ومن العتبية روى يحيى ابن يحيى عن عبد القاسم فيمن تزوج بصداق إلى ميسرة فإن كان يومئذ ملياً فالنكاح جائز، وليؤخروه قدر ما يرى من التوسعة على مثله، وإن كان يومئذ معدماً فسخ، إلا أن يبني فيثبت، ولها صداق المثل.
قال ابن المواز : وروى ابن وهب عن مالك فيمن نكح بمائة نقداً وبمائة إلى ميسرة فلا يعجبني، وإن كان له مال يومئذ فلا بأس به إن شاء الله.
ومن كتاب ابن سحنون : وسأل حبيب سحنون عمن تزوج امرأة وشرط في شيء من صداقها إلى ميسرة خادماً أو غير ذلك، قال : النكاح فاسد، يفسخ قبل البناء ولا شيء لها، وإن بنى بها فلها صداق المثل، إلا أن يكون أقل مما عجل لها، فلا تنقص منه، يريد أنه لم يكن في الصداق شيء مؤخر غير ذلك الشيء المشترط فيه الميسرة.
قال ابن المواز قال مالك : وإن نكح بمائة نقداً، ومائة على ظهره؛ فإن كان يحل بالبناء فجائز.
محمد : وكذلك لو قال : ومائة بعد البناء بسنة، لأن البناء كالحال، إذ للزوجة أن تدعوه إليه متى ما شاءت، وقد كان أصبغ يرى في قوله بعد البناء بسنة انه فاسد، وأجل مجهول، وهذا غلط منه لما ذكرنا.
[4/463]
***(1/387)
[4/464]
وقد قال مالك في المسألة التي ذكرنا : إن كان يحل بالدخول فجائزة فجعله وقتاً معلوماً، فإذا طلبته فهو محله عندي، دخل أو لم يدخل. فكذلك بعد البناء بسنة، وإذا طلب البناء، وأجرى النفقة فذلك له، فوقته طلبها للبناء، لا طلبه هو للبناء، فإن أخّرت ذلك، فحق لها أخَّرته.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن تزوَّج بخمسين نقداً وخمسين تحل بعد البناء بسنة : فأنا أكرهه ولا أفسخه إن نزل، وليس الدخول كالمجهول. وقد أجاز مالك البيع على التقاضي أنه جائز، لأنه قد عرف وجهه. وقال مالك فيمن نكح بخمسين نقداً وخمسين تحل بعد البناء : إنه جائز. قال ابن القاسم : وأرى في الخمسين التي تحل بعد البناء بسنة أنه إن مضى من الزمان ما بنى أكثر بلده إلى مثله، فإنها تحل بعد ذلك بسنة. وقاله سحنون.
وكذلك لو قال مع ذلك : وخمسين إلى خمس سنين. فذلك جائز. وروى أبو زيد عن ابن القاسم في ذلك أنه يفسخ قبل البناء، فإن دخل نظر إلى صداق مثلها على أن خمسين منه إلى خمس سنين، فما زاد عليها أخذته حالا، وبقيت خمسون إلى خمس سنين.
قال ابن حبيب : وإذا وقع بعض الصداق إلى غير أجل، فمات أو طلق قبل البناء، فلا شيء لها من معجل ولا مؤجل، وكذلك بمائة دينار بعد البناء، وبعبد آبق، وبعير شارد، فلا شيء عليه من معلوم ولا مجهول.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك، فيمن تزوج بصداق على أن ينقد بعضه ويؤخر بعضه، فإن مات ولا وفاء له، فهو في حل لم يجز، وفسخ قبل البناء ولا شيء لها، وإن دخل بطل الشرط وثبت النكاح.
[4/464]
***(1/388)
[4/465]
وبعد هذا باب في النكاح بصداق فيه غرر وفساد.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه : وسأله حبيب متى يحل المهر ؟ يريد وقد كان معه نقد فدفعه أو لم يدفعه. فقال ليس محل المهر قبل البناء ولا بعد البناء إلا بقدر اجتهاد الحاكم، فرب رجل ينقد عشرة ومهره مائة، فلو قيل له : تؤخذ بها لمَّا تدخل لم يرض بذلك، غير أن المهر لا يؤخذ قبل البناء على حال وإن كان في الكتاب مهراً حالا، لأن ذلك قد عرف وجهه. و قد يكتب، فإن لم يؤد المكاتب النجم عند محله فهو رد في الرق، ثم لا يكون ذلك حتى يتلوَّم له الإمام.
وقول مالك : إذا ادَّعى بعد البناء أنه دفع الصداق فهو مصدَّق، إنما هذا لأن نكاح الناس كان بتعجيل الصداق كله، وصار نكاح الناس الآن بتأخير المهر، ومن الناس من يرى أنه لا يؤخذ إلا إلى موت أو فراق.
في النكاح بجعل أو إجازة أو على أن يحجَّها
ومن كتاب ابن المواز : واستثقل مالك أن يتزوج امرأةً على أن يؤاجر نفسه منها سنين معلومة، أو أشهراً، يكون ذلك صداقها، قال : ولا أعلمه كان من عمل الناس.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن وقع له صبي في جب فقال لرجل : إن أخرجته، فقد زوجتك ابنتي. أو أنا أزوِّجكها. فأخرجه : قال : لا يجوز ذلك ولا يكون النكاح جعلاً ولا كراءً، وله أجر مثله في إخراجه إياه، حيا أو ميتاً. قال : وما ذكر الله سبحانه في كتابه من نكاح موسى عليه السلامعلى الإجارة فالإسلام على غير ذلك، فإذا وقع فسخ قبل البناء، وثبت بعده، ولها صداق المثل، وله هو أجر مثله.
[4/465]
***(1/389)
[4/466]
قال عنه أصبغ، فيمن نكح على أن يعمل لها سنةً، وينقدها مع ذلك شيئاً، أو لا ينقدها، فلا يعجبني، فإذا لم ينقد شيئاً فهو أشد، وإن نقد شيئاً ففيه اختلاف. وكره مالك ما يشبهه.
قال أصبغ : إنما كره أن يعمل له بدءاً، فإذا نزل مضى، كان معه غيره من النقد أو لم يكن. واحتجَّ بقصة شعيب، قال : ولا يدخل ثم يعمل قال أصبغ، عن ابن القاسم : إذا قدَّم ربع دينار فأكثر إذا رضيت وأمكنته.
ومن كتاب ابن المواز : وكره مالك أن يتزوجها على أن يحجها من ماله. قال ابن القاسم : فإذا كان مع الحج غيره لم يفسخ، فإن لم يكن معه غيره فسخ قبل البناء، وثبت بعده ولها صداق المثل، قال محمد : لا يعجبني النكاح، ولا سمعت أن أحداً فسخه من أصحابنا، وإنما استثقله مالك كما استثقله بالإجارة. ولم يقل في شيء منه : يفسخ. وهو جائز إن نزل، وليس فيه تغرير. ولو كان غراً ما أجاز مالك أن يسلف فيه، وإن كان إنما فسخه ابن القاسم، لأن الحج كلا شيء قائم.
قال : فإن طلقها قبل البناء، اتبعته بنصف الحج. ذكره عنه أصبغ. وذكر ابن حبيب مثل قول ابن المواز، قال : وأعاب أصبغ قول ابن القاسم، قال : وغيره من أصحاب مالك يراه صداقاً معروفاً ونكاحاً جائزاً، بنى أو لم يبن.
قال ابن حبيب قال مالك وأصحابه : إن نكح على أن يحجها، فأحب لهم أن يكون مع ذلك ما تستحل به، فإن لم يكن فذلك جائز عند أصحاب مالك إلا ابن القاسم، وخالفه أصبغ وإنما كره على الحج وحده لئلا يبني قبل ذلك، فإن وقع مضى ومنع من البناء حتى يحجها أو يعطيها قدر الحجة من نفقة وكراء، ثم إن شاءت حجت أو تركت.
[4/466]
***(1/390)
[4/467]
وكذلك النكاح على أن يعمل لها عملاً كرهه مالك. وهو إذا لم ينقدها مع ذلك شيئاً أشد كراهية. قال ابن حبيب : فإن وقع مضى، بنى أو لم يبن، وليس له البناء حتى يعمل، أو يقدم قدر ربع دينار. وقاله بعض أصحاب مالك.
قال ابن المواز قال ابن القاسم : فإن سمَّى مع الحج غيره لم يكن لورثتها إلا حجة يكرونها، وإن مات هو فلها أن تكتري لها من ماله، ويقام لها منه نفقتها ومصلحتها. وتكتري ممن أحبت. وإن طلقها قبل البناء فعليه نصف قيمة ذلك.
قال ابن القاسم : كمن أعطى رجلاً جارية ودنانير، على أن يحجَّها، فمات من ذلك، فليس لهذا إلا حجة في ماله، يصرف ذلك إلى من شاء. وإن مات الدافع فما لورثته غير الحجة.
قال محمد : وقد أجاز مالك وأصحابه النكاح برأس بغير تسمية ولا صفة.
قال أصبغ : ولا يعجبني قول ابن القاسم، والنكاح جائز بالحجة وحدها. وقاله أشهب . قال : وله البناء قبل أن يججها، كمن نكح بمائة إلى سنة، فله البناء قبلها. وقال ابن القاسم : لا يبنى حتى يقدم ربع دينار. قال محمد : وبه أقول، وكذلك في الحجة.
قال أشهب : وإن لم يضرب للحجة أجلاً، فذلك جائز، فإذا جاء زمن الحج وجب لها، كمن نكح بشيء لم يضرب له أجلاً فهو حال.
ومن العتبية : روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن نكح امرأة بصداق وعلى أن يحجها من ماله، قال يفسخ قبل البناء ويثبت بعده، ولها ما سمَّى مع قيمة ما ينفق على مثلها في الحج من كراء ومؤونة وكسوة، ولو لم يصدقها غير الإحجاج فلها إن بنى بها صداق المثل.
وقد قال مالك : إن نكح على شيء مسمَّى وإحجاجها، فماتت بعد البناء وقبل الحج، فلورثتها مثل ما كان ينفق عليها في الحج، ولا أرى ذلك. وإنما لهم
[4/467]
***(1/391)
[4/468]
حمل مثلها، إلا أن يتراضوا على أمر جائز، ولو لم تمت فأرادت منه أو أراد منها دفع ما ينفق عليها في الحج وأبى الآخر، لم يكن ذلك لمن أراده.
قال : وإذا كان صداقها حملها إلى بلد أو خدمة الزوج، أو عبد لها مدة فلا يصلح ذلك. ويفسخ قبل البناء، ويثبت بعده، ولها صداق المثل.
في النكاح يقارنه بيع
أو يشترط الزوج أن يعطيه الأب عطية، أو الزوجة
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم فيمن تزوج امرأة بمائة على أن أعطته خادماً لم يجز ويفسخ، ما لم يفت فيكون فيه ما في المكروه. وقال ابن الماجشون : لا يفسخ إلا أن لا يبقى لها بعد قيمة ما أعطته. قال ابن حبيب عن مطرف : لزم إذا وقعت الصفقة بربع دينار فأكثر. وقال ابن حبيب : إذا كان نكاح وبيع كان البيع في الذي أصدقها أو في سلعة أخرى منه. ابن القاسم وابن عبد الحكم وأصبغ : يفسخونه قبل البناء. وذكر عن مطرف ما روى ابن المواز عن ابن الماجشون، وذكر هو عن ابن الماجشون، وذكر هو عن ابن الماجشون، إن كان في ما أعطت وأخذت فضل بين جاز، وإن كان يقاربه أو يستغرقه فسخ قبل البناء، وإذا فاتت السلعة ففيها القيمة.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم قال : لا يقارن البيع نكاح ولا صرف ولا قراض ولا مساقاة ولا شركة، فإن وقع نكاح وبيع فسخ قبل البناء وردَّت السلعة، وإن فاتت بما تفوت به في البيع الفاسد ردَّ القيمة، وإن بنى فلها صداق المثل، ويرد في الصرف والبيع الذّهب والورق وقيمة السعة إن حال سوقها، ومثله في القراض والشركة والمساقاة، وله فيما عمل أجر مثله في القراض، وله في المساقاة مساقاة مثله.
[4/468]
***(1/392)
[4/469]
قال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فيمن اشترى أمة على أن يزوجها لعبده فزوجها، فالبيع فاسد ويفسخ وترد السلعة، فإن فاتت فقيمتها، ويفسخ النكاح بكل حال.
قال سحنون عن ابن القاسم فيمن نكح امرأة على أن أعطاه أبوها داراً، فالنكاح جائز، بنى أو لم يبن، وكذلك لو قال لرجل : تزوج وأنا أعينك. فذلك يلزمه إن تزوج. وأما إن قال : تزوج ابنتي بخمسين، على أن أعطيك هذه الدار لم يجز، وهذا نكاح وبيع.
قال ابن القاسم : ومن تزوج بكراً بمائة دينار فأعطته ذلك من عندها ثم علم الأب، فالنكاح ثابت، بنى أو لم يبن، ويرد ما أخذ منها ويغرم المائة من ماله، كالعبد يعطي مالاً لمن يشتريه.
قال في رواية عيسى : ومن أعطته امرأته مائة دينار يتزوجها بها، فإن كانت ثيباً فزادها على ما أعطته ربع دينار فالنكاح جائز، وإن كانت بكراً ولم يبن بها، فإن أتم لها الصداق وإلا فسخ، وأصل النكاح صحيح، وإن بنى فعليه صداق المثل، ثم رجع فقال : النكاح ثابتبنى أو لم يبن، فإن كانت بكراً فعليه أن يعطيها من ماله مثل ما أعطته، وإن كانت ثيباً فزادها من ماله ربع دينار لم يكن لها حجة.
في النكاح بصداق فيه غرر أو مجهول أو فساد
من كتاب ابن المواز : ومن نكح بثمرة لم يبد صلاحها، أو بعبد آبق، أو جنين في بطن أمه فإنه يفسخ قبل البناء فإن فات بالبناء فلها صداق المثل، وعليها رد الثمرة، فإن فاتت فمثلها. قال أصبغ : إن علمت كيلها، وإن أكلتها رطباً ردَّت قيمتها يوم جذّتها، ولو لم يبن حتى طابت الثمرة فلابد من فسخه. وكذلك في الآبق والجنين مثل البيع، فإن فات بعد القبض، رد قيمته يوم قبضه المبتاع. وكذلك ترد قيمة الجنين إن قبضته لأنه يفيته النماء والنقص، فإن أصدقها
[4/469]
***(1/393)
[4/470]
مع ذلك عشرة دنانير أو عبداً أو ثوباً فليفسخ قبل البناء، فإن بنى فلها صداق المثل، ما لم يكن أقل من العشرة أو من قيمة العبد أو الثوب فلا ينقص، وإن كان أكثر فلها الأكثر، وكل ما كان مثل هذا من غرر الصداق، أو بخمر، أو خنزير مما يفيته البناء، فإن موت أحدهما قبل البناء يفيت فسخه أيضاً، وبينهما الميراث، ولا مهر لها لأنه لم يسمَّ فيجب لها صداق المثل. وإن طلّق فيه أو خالع لزمه.
قال ابن القاسم وأصبغ قال محمد : وقد قيل يفسخ النكاح بالخمر وإن دخل. وهذا ليس بشيء. وقد اختلف قول مالك في المختصر الكبير في فسخ النكاح بعد البناء إذا عقد بخمر أو خنزير أو بثمرة لم يبد صلاحها أو بجنين في بطن أمه، أو ببعير شارد أو بعبد آبق.
قال ابن المواز قال أشهب : من نكح بثمرة لم يبد صلاحها وطلق قبل البناء، فلا صداق عليه، والطلاق يلزمه. وفرق بين الطلاق والموت، فجعل في الموت صداق المثل. وهذا غلط. قال أصبغ : لا صداق لها ولها الميراث.
وقال أشهب في الناكح بالآبق أو بالثمرة قبل بدو صلاحها : إنه يفسخ قبل البناء بلا صداق، وإن مات أحدهما توارثا.
ومن نكح بثمرة لم يبد صلاحها على أن يجذها بلحا فذلك جائز، فإن تأخرت حتى طابت، فجذله رطبا أو بسراً أو تمراً فلا يفسخ النكاح، وإن لم يدخل، وتفسخ الثمرة وترد ما جذت منها، ولها قيمة البلح مجذوذاً يوم النكاح، وترد إليه ما أكلت منه، فإن لم تعرف فقيمته. وإن طلقها قبل البناء فلها نصف قيمة البلح مجذوذاً يوم النكاح.
قال أصبغ : وإن تزوجت بصداق بعضه صحيح وبعضه غرر، فرضيت بإسقاط الغرر وأخذ الصحيح منه، لم يفسخ إذا كان في الصحيح منه ربع دينار
[4/470]
***(1/394)
[4/471]
فأكثر, فإن لم ترض بذلك فسخ ما لم يبن. وكذلك بمال بعضه إلى غير أجل وبعضه نقداً، فإن رضيت بإسقاط المؤجل جاز. وكذلك لو رضي الزوج بتعجيل المؤجل إلى غير أجل معلوم, وكذلك لو تراضيا على أن جعلا بدلاً ممَّا سمَّيا من الغرر شيئاً معلوماً تم النكاح.
ولو نكحت بعبد آبق وبالربع دينار, فرضيت بالربع دينار وإسقاط الآبق لجاز, ولو رضي الزوج بتقديم قيمة العبد على غير إباق نقداً تم النكاح, وإذا لم يكن مع الآبق شيء, ولا مع الثمرة أو الجنين فلابد من فسخه وإن رضيا بصداق صحيح, إلا أن يدخل.
ولو كان مع الآبق أو الشارد أو الجنين ربع دينار ولم يفسخ حتى رجع الآبق والشارد وخرج الجنين حيا؛ فإن لم ترض هي بالربع دينار وحده فسخ النكاح, إلا أن يرضى الزوج أن يدع ذلك لها, فيجوز. قال أصبغ : وإن في هذا لمغمزاً, ولكنه قول أصحابنا، والقياس فيه الفسخ, إلا أن يبني.
قال أصبغ : والمسلم إذا نكح مسلمة بربع دينار وبخمر أو خنزير, مثل ذلك, إن رضيت بالربع دينار فقط تم النكاح, وإلا فسخ, إلا أن يرضى الزوج في هذه أن يفرض لها صداق المثل فيلزمها ولا يفسخ, فإن لم ترض وفسخ لم يكن لها نصف الربع دينار, لأنه قبل أن يجب بالبناء صداق.
ولو نكح نصراني نصرانية بخمر أو خنزير ثم أسلما قبل البناء, قال ابن القاسم : إن فرض لها صداق المثل تم النكاح, سواء قبضت الخمر أو الخنزير أو لم تقبضه. قال محمد : ولا أرى أشهب إلا قال : إن قبضته وفرض لها ربع دينار تم النكاح, وفرق بين قبضها وغيره, وهما عندي واحد.
ومن كتاب ابن حبيب : ومن نكح بأرض لزوج بلا كيل بذر . . . قد عرفوه لم يذكر موضعها أو قال : بقرية كذا ولم يصف. أو قال : تختارها من
[4/471]
***(1/395)
[4/472]
أرضي. فذلك فاسد, إلا في وجه واحد، أن يقول : بأرض لزوج أو زوجين من أرضي التي بموضع كذا. ولا يقل : تختارها. وتكون المرأة أو الأب في البكر يعرف أرضه هناك, فيكون شريكه فيها سمى من دفع.
فيمن نكح امرأة على أبيها أو على عتقه
وفي عتقه الأمة على شرط النكاح فيها
من كتاب ابن المواز : ومن نكح امرأة على أن يعتق أباها وهو لا يملكه لم يجز, فإن أعتقه نفذ عتقه ولا يتبعها بشيء؛ لأنها لم تملكه طرفة عين. وقال مالك : وليس كالتي نكحته على عبده فلان على أنه حر, هذه عليها نصف قيمته إن طلقها قبل البناء. ولو نكحها بأبيها ولم تعلم هي فقد غرَّها إن كان عالماً.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم : ومن نكح امرأة على أن يعتق أباها, فاشتراه فأعتقه, ثم طلقها قبل البناء. فعليها نصف قيمته ويجوز العتق. قال ابن القاسم : النكاح فاسد يفسخ قبل البناء, فإن بنى ثبت, ولها صداق المثل؛ لأنها لم تملكه، وولاؤه له. وقال أيضاً مالك : لا يرجع عليها بشيء. وقوله الأول أحب إلي أنه يرجع عليها بنصف قيمته.
ومن الواضحة : ومن نكح امرأة على أبيها ومن يعتق عليها, وهي تعلمه أو لا تعلمه, أنه يعتق عليها, كانت بكراً أو ثيباً ؛ فإن طلقها قبل البناء رجع عليها بنصف قيمته يوم أصدقها إياه, فإن لم يجد لها غيره فانظر ؛ فإن كان هو علم يوم العقد أنه ممن يعتق عليها فليس له رد العتق ويتبعها بذلك, وإن لم يعلم به إلا عند الطلاق فله أخذ نصفه. إلا أن يشاء اتباعها بنصف قيمته فذلك له ويمضي عتقه كله. وقاله لي من كاشفت من أصحاب مالك.
[4/472]
***(1/396)
[4/473]
قال ابن الماجشون : وإن نكحها على أن يعتق لها أباها فالنكاح مفسوخ, وإن كان معنى قوله لها عنها, فالولاء له ولا شيء عليها ؛ لأنها لم تملكه, وإن كان معنى : لها. لعتقه عن نفسه, فالولاء له, ويفسخ النكاح قبل البناء ويثبت بعده, ولها صداق المثل.
ومن كتاب ابن المواز : قال مالك : لا يجوز أن يكون عتق أمة صداقها. قال محمد : كان مع ذلك مهر أو لم يكن.
قال مالك : وإن أعتق أم ولده على أن يعطيها عشرة دنانير يتزوجها بها, ففعل وبنى بها, فأرى أن يفسخ ثم يتزوجها إن شاءت بعد الاستبراء, ولها العشرة, والعتق ماض. وكذلك إن أعتقها على أن تنكح فلاناً, جاز العتق وبطل الشرط.
وإن أعطاه رجل ألفاً على أن يعتق أمته, ويزوجها له فأعتقها على ذلك, فللأمة أن تأبى, والألف للسيد والعتق نافد, والولاء له, واستحسن أصبغ أن تقسم الألف على قدر صداق مثلها وفكاك رقبة مثلها, فما أصاب قدر الفكاك فللسيد, وما أصاب قدر المهر رد على الدافع, إلا أن يستدل أنه إنما دفع ذلك للعتق وحده, ثم يزوجه إياها من ذي قبل برضاها, فتكون الألف كلها للسيد, فأما على الفكاك والنكاح إيجاباً, فيرد السيد ما يقع للنكاح, وذكر ابن حبيب, عن ابن الماجشون مثل قول أصبغ.
قال ابن حبيب : وإذا لم يشعر بذلك حتى بنى بها بهذا العقد مضى النكاح ولم يفسخ, ولها عليه صداق مثلها. وكذلك قال فيمن جعل عتق أمته صداقها, وفات ذلك بالمسيس فلا يفسخ, ولها صداق المثل.
فيمن تزوج بشيء فاستحق
من كتاب ابن المواز ومن العتبية رواية أشهب عن مالك فيمن نكح بعبد فوجد مسروقاً, قال في كتاب ابن المواز : من سرق سرقة فنكح بها وقد
[4/473]
***(1/397)
[4/474]
بنى بها, فلها أن تمنعه نفسها حتى تأخذ مهرها. وكذلك لو استعار خادماً فنقدها إياها، وقد نكحها على خادم ؛ وكالمكاتب يقاطع سيده بشيء سرقه. قال في كتاب ابن المواز : بخلاف الخلع على ذلك.
قال في العتبية, قيل له : فمن نكح بمال حرام, أتخاف أن يضارع الزِّنا ؟ قال : إي والله, ولكن لا أقوله. ومن سماع عيسى من ابن القاسم, فيمن نكح بجنان على أن فيها عشرة فدادين, فلم تجد فيها إلا خمسة, فالنكاح ثابت, وترجع عليه بقيمة خمسة فدادين, بنى أو لم يبن.
ومن تزوج إلى قوم بمال لغيره أعطاهم إياه, ثم جاء أهل المال وعلم أنه بعينه لهم فليأخذوه, فإن كان قد بنى لم يحل بينه وبينها واتبع بذلك, وإن لم يبن تلوم له في الصداق, فإن جاء به وإلا فرق بينهما.
قال في رواية عيسى وكتاب ابن المواز عن ابن القاسم : ولو كان القوم أسلفوه أو باعوه فالمراة أحق بذلك ويتبعون مع الغرماء ذمته. قال ابن المواز : يريد إذا فلس بعد أن أمهرها ذلك. قال ابن القاسم : وأما ما استنجدوه به أو قارضوه أو واجروه فاختانهم به وثبت على ذلك بعينه ببينة فلهم أخذه. محمد : وتصير كالعارية والسرقة, وإن دخل بها منع منها حتى يدفع إليها مهرها كله.
وقاله أشهب, عن مالك فيمن نكح بعبد سرقه أو استعاره, ومن العتبية قال سحنون : ومن تزوج بعبد اغتصبه فالنكاح ثابت وعليه قيمته, بخلاف الحر إذ لا ضمتن عليها في الحر, وتضمن العبد الغصب. ولو كانت عالمة فسخ قبل البناء وثبت بعده ولها صداق المثل.
وروى أصبغ عن ابن القاسم فيمن نكح بعبد لغيره أو بحر, فلا يفسخ ذلك بحال ؛ تعمَّد ذلك بمعرفة أو لم يتعمد. قال أصبغ : وكذلك لو علمت هي بحرية
[4/474]
***(1/398)
[4/475]
الحر ولم يعلم هو, إلا أن يعلما جميعا فيفسخ قبل البناء ويثبت بعده, ولها صداق المثل.
قال ابن حبيب : فمن أصدقها شسئاً غرَّها به مما لم تجد له فيه شبهة ملك من حر أعتقه أو عبد أغتصبه, فالنكاح يفسخ قبل البناء, ويثبت بعده, ولها صداق المثل. قاله ابن الماجشون وابن كنانة.
ومن كتاب ابن المواز : قال ابن القاسم فيمن نكح بشيء فاستحق منه الشيء بعد البناء فلا يمنع منها, ولتتبعه به. يريد بقيمته, فإن لم يبن تلوم له الإمام ؛ فإن جاء به وإلا فرق بينهما. قال أصبغ : إن بنى بها لا يمنع منها إن بقي لها ربع دينار أو دفع الزوج قدر ربع دينار, وإن كان عرضاً بعينه رجعت بقيمته, وإن كان موصوفاً أو كان عيناً رجعت بمثله.
وفي باب من زوَّج ابنه في مرضه, مايشبه هذا الباب.
فيمن تزوج بمال ولده الصغير أو الكبير
أو بمال ولد ولده
من كتاب ابن المواز قال مالك : من تزوج بمال ابنه أو ابنته الصغيرين, قال في موضع آخر : بمال ولده الذي يلي عليه, وذلك رقيق أو عرض أو غيره, فلا سبيل إلى ذلك إن وجد بعينه, والمرأة أحق به في عدم الأب وملائه, قرب ذلك أو بعد. ويتبع به الأب للولد بقيمة ذلك يوم أصدقه فيما له قيمة. قال في موضع آخر : والمثل فيما له مثل, علمت المرأة أنه مال ولده أو لم تعلم. قال في الوصايا : بنى بها أو لم يبن, مات الأب أو لم يمت, وكأنه ابتاع ذلك لنفسه منهم وكذلك عتقه عبداً لهم. يريد في ملائه عن نفسه.
وأما إن أعتق عبداً لهم عن نفسه في عدمه فذلك مردود, إلا أن يطول أمره أو يكون له مال, ولا يرد إن أصدق ذلك في عدمه ؛ لأن عتق المديان يرد, ولا
[4/475]
***(1/399)
[4/476]
يرد ما أصدقه, لأن ذلك مبايعة, وصار بذلك للولد ديناً على الأب. وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم في العتبية.
قال محمد قال ابن القاسم : فأما من تزوج بمال ولده الذي يولى عليه, أو بمال ولد ولده. – يريد الصغير أو الكبير – فهذا ينزع من المرأة وحيثما وجد, فإن لم يوجد بعينه فلا شيء لهم على المرأة, إلا أن يكون طعاماً أكلته, أو ثوباً أبلته فعليها غرم ذلك. قال عيسى عن ابن القاسم : علمت أو لم تعلم.
ومن الواضحة, قال : ومن نكح بمال ولده الكبير أو ولد ولده الكبير أو الصغير, فهم أحق به من المرأة, بنى أو لم يبن, في عدمه وملائه, علمت أنه للولد أو لم تعلم. فأما مال ولده الصغير : فإن كان ملياً فلم يختلف أنها أحق به, بنى أو لم يبن. وقال مطرف عن مالك : الابن أحق بذلك في عدم الأب إلا أن يبني الأب فتكون المرأة أحقَّ به, ويتبع الولد أباه بالقيمة. قال ابن حبيب : وبهذا أقول.
وهذا إذا لم يكن الإمام قد تقدم إليه ألا ينكح من مال ولده, فأما إن نهاه عن ذلك فلا يمضي ذلك على الولد، وهو أحق به من المراة, وإن كان الأب عديماً, بنى أو لم يبن, وهذا لم يختلف فيه.
فيمن طلب تعجيل البناء
وكيف إن شرطوا ألا يبني إلى أجل ؟
من العتبية من سماع أشهب : ومن دفع الصداق وطلب البناء فمنعه أهلها حتى يسمِّنوها, قال : الوسط من ذلك, ليس له أن يقول أدخلوها الساعة. ولا لهم حبسها عنه، ولكن وسط بقدر ما يجهزونها ويهيئون أمرها.
[4/476]
***(1/400)
[4/477]
ومن كتاب ابن المواز : قال أشهب فيمن نكح وشرط ألا يدخل إلى خمس سنين, قال : بئس ما صنعوا, والنكاح جائز, والشرط باطل, ويدخل متى شاء, وقاله ابن وهب عن مالك.
وروى ابن القاسم عن مالك فيمن شرط عليه ألا يدخل إلى سنة, فإن كان لسفره بها وظعنه وهم يريدون أن يستمتعوا منها, أو كان ذلك لصغرها وشبه ذلك. فذلك عذر وإلا فالشرط باطل.
قال أصبغ في العتبية وذكر هذه الرواية عن مالك في الظعن بها, أو لصغرها, قال أصبغ : وما هو بالقوي إذا احتملت الوطء
في اختلاف أبي الزوج وأبي الزوجة الصغيرين في تسمية الصداق
من كتاب ابن المواز : ومن زوج ابنه الصغير من ابنة رجل صغيرة, فمات الصبي, فطلب أبو الصبية المهر, فقال أبو الصبي : لم أسم مهراً, وإن ذلك كان منك على الصلة لابني. قال محمد : لا يصدق ولها ما ادعى أبوها إن كان صداق مثلها. قال مالك : ليس لها إلا الميراث. قال محمد : إذا حلف أبوه. وذكرها محمد في كتاب الشهادات ولم يذكر قول محمد : إن لها ما ادَّعى أبوها.
قال مالك : فإن كان لها شاهد على تسمية المهر, أخِّر ذلك حتى تبلغ الجارية, فتحلف وتأخذ. محمد : بعد يمين أبيه – يريد الآن – وهذا بخلاف مبايعته لها. ويقيم شاهداً, فيحلف الأب معه, لأنه إن لم يحلف ها هنا, لزمه غرم ما نكل عنه ؛ لأنه أتلفه إذ لم يتوثق, ولأنه لا بيع إلا بثمن معلوم وبينة, والنكاح على التفويض يجوز, فلم يتعمد, وإنما عليه أن يشهد في أصل النكاح، لا في تسمية الصداق.
[4/477]
***(1/401)
[4/478]
محمد : وذلك عندي ما لم يدع أبوها التسمية مع الشاهد, فإن ادعى هذا، فقد ضيع في التوثق, ولها إذا كبرت أن تضمنه فيكون لأبيها أن يحلف ويأخذ لها من تركة الصبي, وإلا ودى من ماله, ولها أن تدع أباها وتحلف مع شاهدها, ولها ذلك في موت أبيها وفي عدمه, وإذا قضي لها بالصداق على أبي الصبي, إلا أن يكون يوم العقد للصبي مال : فلا شيء على أبيه.
في التي تدعي بعد البناء أن قد بقي لها من النقد شيء
من كتاب ابن المواز قال مالك : ولا يقبل دعوى المرأة بعد البناء أنها لم تقبض صداقها, إلا فيما يحل منه قبل البناء. وكذلك من قبض رهنه وقال : قضيتك الحق فهو مصدق مع يمينه, وقبضه الرهن كالشاهد وهذا كله لأنه الغالب والعرف من الناس, فلم يختلف فيه قول مالك وأصحابه.
قال مالك : وما حلّ من المؤجل قبل البناء ثم بنى بعد حلوله فهو مصدق في دفعه, ويحلف, وهذا إن كان الإهداء معروفاً, وإن لم يكن ذلك حلفت هي وصدقت.
قال مالك : وإذا أقامت معه بعد البناء ثمانية أشهر ثم مات، فادَّعت الصداق، فلا ينفعها إلا أن تكون أشهدت عليه قبل أن يدخل عليها، ولها عليه مهرها, وإلا حلف ورثته ما علموا بقي لها عليه صداق حتى مات. وإذا دخل بنقد قدَّمه والمهر إلى سنة. فحلّت بعد البناء, فلا يبرأ منه إلا ببينة, ولو دخل بعد السنة قبل قوله مع يمينه أنه دفع ذلك كله.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن فوِّض إليه في الصداق, وبنى وأرخيت الستور, فقال الزوج : دفعت الصداق. وأنكر أهلها، فالقول قوله.
[4/478]
***(1/402)
[4/479]
قال عنه يحيى بن يحيى : وإذا تحمَّل للمرأة رجل بالصداق، فطلبته به بعد البناء, وزعم الزوج والحميل أنها قبضته قبل البناء, قال : يحلف الحميل ويصدق قال سحنون : ولو أخذت بالصداق رهناً ثم بنى بها فهو كالحميل, ويتم له الدخول, وهو كالإبراء, ويأخذ رهنه. قال مالك : وليس يكتب في الصدقات براءة.
وروى عنه أبو زيد, في المرأة تأخذ في صداقها خادماً, فادَّعى الزوج أنه صالحها منها على دنانير دفعها إليها فأنكرت, فالزوج مدَّع, فإن أقرَّت بالصلح فلا شيء لها, ويصدق في دفعه إليها، يريد : لأنه بنى بها.
ومن الواضحة قال ابن الماجشون : إذا ادعت الزوجة بعد البناء, أنه بقي لها بقية من مهرها, وقال الزوج : لم يبق لها شيء. فإن كان الأمر قد طال فهو مصدق بغير يمين, فإن كان الأمر قريباً, وجاءت بلطخ حلف وصدق, وإن مات حلف ورثته على العلم, وإذا أشهد الزوج عند البناء في النقد أو في بعضه أنه أخرَّ به إلى بعد البناء برضا الزوجة. فذلك كالمهر لا يبرأ منه وإن بنى إلا ببينة.
ولو أشهدت هي أو وليها عند البناء بما ذكرنا بغير محضر الزوج، فذلك باطل, وإن كان بالصداق حامل أو حميل, فزعم الحامل بعد البناء أنها قبضت ذلك منه, أو زعم الحميل أنها قبضته من الزوج, فهو مصدق مع يمينه, ويسأل الزوج ؛ فإن زعم أن الحامل بريء، أو قال في الحمالة : إني قد برئت منه صدق مع يمينه.
قال أبو محمد : قول ابن حبيب أراه, يعني في الحمالة. وقال : وإن قال في الوجهين : لم تقبض الزوجة شيئا لم يلزم الحامل ولا الزوج شيء ؛ وأما في الحمالة فيلزم الزوج دون الحميل.
وإن قال الحميل دفعته إليها وأكذبه الزوج برىء الحميل, ولم يجب له رجوع به على الزوج إلا ببينة, ويؤديه الزوج إلى المرأة بإقرار. ولو قال الزوج : أنا دفعته إليها من مالي. وقال الحميل : بل أنا دفعته برىء الزوج، ولا رجوع للحميل عليه,
[4/479]
***(1/403)
[4/480]
ويحلف للمرأة ويحلف للحميل على تكذيبه فيما ادعى من دفعه ذلك من ماله إلى
المرأة، ويبرأ الحميل أيضاً.
فى التداعى فى الصداق
وكيف إن ادعت المرأة صداقاً فاسداً؟
قال ابن القاسم فيمن زوج ابنته الصغيرة على صداق ابنته الكبرى، فادعى الأب أنه مائتان، وقال الزوج: مائة. فالقول قول الزوج ويحلف، وإن نكل حلفت الجارية وقضى لها، ولم يحلف الأب.
قال محمد: وهذا بعد البناء، فاما قبل البناء فيتحالفان ويفسخ النكاحز والأيمان بين الأب والزوج، ويبدأ الأب باليمين، فإن حلف لزم الزوج، إلا أن يحلف فيبرا ويفسخن كالوكيل فى البيع يحلف هو دون رب السلعة، وهى لم تفت، ولأن رب السلعة لم يل شيئاً. وكذلك الجارية لم تعلم،ولو عبمت ما كان لها فيه حكم ولو كانت ثيبا حتى لا يتم أمر إلا بامر ها وعلمها وحضورها،فاليمين عليها.وقاله أصبغ. وإنه معنى قول ابن القاسم.
قال ابن حبيب: وسواء اختلفا فى عدد الصداق أو نوعه، كان مما يصدقه النساء او ما لا يصدقه النساء. قال:وإن اختلفا فى نوع الصداق بعد البناء، كان ما يصدقنه او مما لا يصدقنه، تحالفا وردت إلى صداق مثلها بالعين، إلا ان يرضى الزوج ان يعطيها ما ادعت أو ادعاه أبو البكر.
ومن العتبية روى عيسى، عن ابن القاسم فى امرأة ادعت على زوجها مائة دينار صداقها إلى موت أو فراق، عقدت على ذلك نكاحها مع مائة دينار نقداً؛ فإن كان ذلك قبل البناء لم يقبل فى الفسخ شاهد واحد مع يمينها إذا أنكر الزوج. ولو قام بذلك شاهدان قبل البناء فسخ وبطل الصداق. ولو أقامت
[4/480]
***(1/404)
[4/481]
الشاهد بما ذكرت بعد البناء حلفت معه واستحقت صداق المثل، إلا أن يكون ما قبضت من النقد أكثر منه، فلا ينقص مما أخذت، وسقط المؤخر؛ وإن كان ما قبضت أقل منه أتم لها صداق المثل إن وجد، وإلا اتبعته به.
قال ابن حبيب وقال أصبغ: لها أن تحلف مع شاهدها قبل البناء؛ لأن الفسخ لا يجب بذلك مكانه حتى يخير الزوج فى تعجيل ذلك كله، او يأبى فتخير المرأة فى اسقاط المؤخر، فإن أبت فسخ النكاح.ولو ادعت انه نكحها بجنين أو بابق أوبثمرة لم تزه لم يحلف مع الشاهد لان هذا فسخ محض لا خيار فيه للزوج.
ومن كتاب الشرح لابن سحنون،عن أبيه،فيمن تزوج امرأة وادعى أنه تزوجهاعلى أمها.وقالت هى:بل على أبى،يريد وهو مالك لابويها،ولم تحفظ البينة على أيهما عقد، وحفظت عقد النكاح وشهدت به. فقال سحنون: الشهادة ساقطة، فإن كان لم يدخل بها تحالفا وفسخ النكاح، ويلزمه عتق الأم، لأنه اقر أنها حرة، وإن كان قد دخل بها، حلف أيضاً وعتقت عليه الأم بإقراره، فإن نكل حلفت المرأة وعتق الأب بقولها، وعتقت الأم بغقرار الزوج. وإن نكلا يريد قبل البناء كان الحكم فيها مثل إذا حلف، ويريد بدعواه أنه تزوجها على أمها: أنها بها عالمة فى دعواه.
ومن كتاب ابن سحنون، عن أبيه: وكتب إليه سليمان فى الرجل يأتى إلى الحكم فيقول: زوجت ابنتى فلانة لهذا الرجل بصداق معجل مائتى دينار عيناً، وخمسين ديناراً قيمة خادمين، وقبضت منه مائة دينار، فلما ثبت ذلك عنده سال الزوج عن منافعه. فأتى بعدلين شهدا بمحضرها ومحضر الأب: أن الأب أشهدهما أنه لم يبق على الزوج من ذلك غلا خمسون ديناراً، وهى بكر فى حجره، فلما ثبت هذا عنده، دعا الأب بمنافعه وأمهله، فلم يأت بشىء، فأمر الزوج بدفع الخمسين الباقية إليه، ثم أمره بغدخالها عليه، وضرب له أجلاً، ثم أجلاً، ثم
[4/481]
***(1/405)
[4/482]
أجلاً، ففى آخر آجاله قال: المائة والخمسون التى قبضت قد ذهبت، وقد هربت ابنتى. وقال ذلك بمحضر جماعة.
فكتب إليه: ما ثبت من قول الأب أنه لم يبق على الزوج إلا خمسون فذلك يبرىء الزوج، وهو مصدق فى ذهاب ما ذهب فى يديه من النقد ويحلف، إلا أن يطلق الزوج قبل البناء، فيجب للزوج عليه نصف ما قال أنه تلف، غلا أن يقيم الأب بينة أن المال قد تلف، إذا علم أن الطلاق قد وقع عليها وهى حية.
وأما قوله: قد هربت ابنتى. وقد ظهر له من لدده وكراهيته للزوج ما يرى أنه غيبها، فليحبس ويطال حبسه حتى يظهرها؛ فإن أظهرها وعرفت فقد برىء، وإن كانت لا تعرف، فأظهر من قال: هذه ابنتى وعرفها الزوج فقد برىء، وإن لم تعرف فلابد من أن يبين انها ابنته.
فى الصداق يرفع فيه
وكيف إن أعلنوا شيئاً وأسروا دونه؟ والدعوى فى ذلك
وكيف إن نكحا على مهر لم يسمياه وأقر بمعرفته
من كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا رفعوا على الزوج فى المهر فذلك يلزمه؛ قيل له: إنما سموا ذلك إرادة السمعة، وهم يعطون أقل. قال: لا أعرف هذا، وارى ان تلزمه التسميةن وارى أن يتقدم للسلطان فى مثل هذا وفى نكاح أهل مصر. يريد: إلى موت او فراق.
قال: وإذا ادعى الزوج أنهم، أسروا من المهر أقل مما أعلنوا لم يصدق إلا ببينة او شاهد يحلف معه، فإن شهدت بذلك بينة،فقال الولى: كان ذلك كلاماً سراً،وقد صرنا إلى غيره بعه وزوجناه عليه. وقال الزوج: بل هو الأمر الأول، والثانى سمعة. قال: احب إلى أن لو اشهدوا حين سموا المهر القليل أن هذا الذى أنكحوه به، وأنا نسمى فى العلانية غيره، فغن لم يكن هذا وأشكل
[4/482]
***(1/406)
[4/483]
الأمر، فالقول قول الزوج مع يمينه، حتى يظهر من السبب ما يعلم به ان الأول قد انقطع وأن على الثانى وقع النكاح.
وكذلك لو كان ذلك من الثيب بغير علم الولى. محمد: ولا يكون ذلك من أبيها إلا برضاها. قال مالك فى البكر ذلك إلى الأب دونها، فغن لم يكن ابب فليس ذلك تاماً إلا بإذن وليها مع رضاها. وقاله الليث.
قال ابن حبيب: ولا يضر الشاهدين على السر أن تقع شهادتهما على العلانية؛ لأنهما يقولان على هذا أشهدنا أن يكون سراً كذا، وفى العلانية كذا للسمعة، ولم يختلف فى هذا قول مالك وأصحابه.
قال: ولا بأس أن يقول الوصى: اشهدوا أنى قد زوجته بصداق قد سماه لنا ورضيناه، ولا يذكره للبينة. قال أصبغ: وقاله ابن القاسم وابن وهب.
قال ابن حبيب: وكذلك على صداق أختها، ولا يذكر له ويقر الزوج أنه قد رضيه وعرفه.
فى الشراء بالصداق شواراً، وهل ذلك عليهما؟
او اشترت به عرضاً، وهل يكشف عنه الولى؟
وكيف إن طلق قبل البناء؟
وفيمن طلق أو فسخ نكاحه وقد أهدى هدية
وما يشهد فيه أنه عارية من شوار أو حلى أو هدية
من كتاب ابن حبيب: وللزوج أن يسأل ولى المرأة فيما جعل الصداق ويفسر ذلك ويحلف عليه: يريد: إن اتهم وإذا أقام الولى البينة أنه أحضرهم عند توجيه الجهاز إلى بيت الزوج عند البناء، فقوموه فبلغت قيمته كذا، فذلك يجزئه إذا قالوا بمحضرنا وجهه، ولم يفت عليه بعد التقويم، وإن لم يصحبوا الجهاز إلى بيت الزوج.
[4/483]
***(1/407)
[4/484]
وليس للزوج حجة فيما يذكر أنه احتبس منه شىء بالطريق أو صد عن بيت الزوج، ولو كان له هذا كان له أن يقول: اختانه الب فى بيتى حين دخل إلى ابنته، وأرسل من خدمه وعياله من رد بعضه. فليس ذلك له. وإن عمل ببعضه حلياً، فأحضر القوم ودفعه إليها بمحضرهم فذلك يبرئه، وإن كانت بكراً،فى الأب وغير الأب؛ لأن ذلك وجه البراءة فى هذا. وقاله لى بعض أصحاب مالك.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا اشترت المرأة بالصداق جهازاً، وخادماً وطيباً، ثم طلقت قبل البناء. فذلك بينهما، وليس لها حبسه، ولا له تركه إن استغلاه، إلا أن تشترى ما ليس من مصالح دخولها.
ولو امهرها عرضاً، أو ابتاعته منه ببعض الصداق، فهو منهما؛ فإن باعته، فعليها نصف الثمن؛ إلا ان تشترى بثمنه جهازاً، فيكون كالذى أصدقها.
قال محمد: وما اشترت بمهرها من زوجها، فلم ينقدا، فإن عينته فهو زيادة منه لها، وإن عينها فهو وضيعة منها له.
قال مالك: وعليها ان تتجهز له بما يصلح الناس فى بيوتهم مما يحتاجون إليه من المتاع والفراش والصحفة وما لا غنى عنه. وإن كان فيه ما يتخذ منه خادم فعلت.
محمد: فإذا امهرها على ان تتجهز فكأنه أصدقها ذلك بعينه، وما منهما وبينهما إن طلق قبل البناء، وما أرسلت به إليه عند البناء من غلالة وملحفة وسبنية طيب وسفط، فهو كسائر جهازها، فهوبينهما إن طلق قبل البناء. ومن أنكح أمته من أجنبى أومن عبده بصداق، فله ان ينزع ذلك، ولا يجهزها به إذا ترك بيدها منه ربع دينار. قال أصبغ: هذا عندى فى عبده، فأما فى
[4/484]
***(1/408)
[4/485]
أجنبى، أو عبد أجنبى، فعليه ان يجهزها به. وقاله ابن عبد الحكم. قال محمد: فإن باعها، فالسيد أحق به.
ومن العتبية قال سحنون قال ابن القاسم: وللسيد انتزاع صداق أمته، وأنا لا أرى ذلك، كما قال مالك: ليس للحرة أن تقضى منه الدين. وقال ابن حبيب: ليس له أن ينزعه، وعليه أن يهجرها ببعضه، ولو باعها فاستثنى المبتاع مالها فعليه أن يجهزها منه، كما كان على البائع؛ واختلف فيه قول ابن القاسم.ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ومن بعث غلى زوجته متاعاً وحلياً وأشهد أنه عارية، ولم يعلم أولياؤها، فذلك على ما أشهد؛ إن ادركه أخذه، وإن تلف ولم تكن عملت بما أشهد حتى تقبله على العارية فلا ضمان عليها.
وقال ابن القاسم: ومن جهز ابنته وأشهد أن ذلك عارية منه لابنته، ولم يشهد على ابنته بشىء، واشهد بنته بوصول ذلك إلى بيت زوجها، ثم طلب ذلك الأب فلم يجد ذلك عند ابنته، فلا شىء له عليها، بكراً كانت أو ثيباً، إذا لم تكن علمت بذلك ولا قبلته على العارية.
ولو قبلته البكر خاصةً على العارية لم تضمنه إلا أن يهلك ذلك بعد بلوغها ورشدها، وبعد أن رضيته عاريةً، او تقره بعد علمها به فتضمن، إلا أن يظهر هلاكه من غير سببها، ولو لم تعلم لم تضمن ولو هلك بعد جواز أمرها. وقاله كله أصبغ. قال: ولا يضمن ذلك الزوج، غلا أن يستهلك، وإنما ذلك إذا كان فيما سواه مما جهزها به قدر صداقها؛ ويشهد بذلك قبل أن يجهزها به ويعطيها. قال محمد: أما إذا أشهد أنه عارية ولم يكن فيما سواه قدر صداقها منه، يستتكم لها صداقها منه، يغرم باقى الصداق من غيره، ويكون هذا عارية له، إن شاء أخذه أو تركه.
[4/485]
***(1/409)
[4/486]
ومن العتبية روى عيسى وأصبغ عن ابن القاسم فيمن أهدى هدية لزوجته، ثم طلق قبل البناء، والهدية قائمة فلا شىء له فيها. ولو عثر على فساد النكاح ففسخ، فما ادرك منها أخذه، وما فات فلا شىء له فيه. قال عنه أصبغ: ولو طلق عليه لعدم النفقة وشبه هذا، فهو كطوعه بالطلاق، ولا شىء له فيه. وكذلك قال ابن حبيب:إذا اهدى ثم طلق قبل البناء.
ومن سماع سحنون، وعمن نكح بصداق ومن سنتهم أن الزوج يهدى الهدية ليسر زوجنه وأهلها، فاهدى إليها وأشهد سراً أن ذلك منه عارية إذا شاء أخذها، فقبل ذلك أهلها على الهدية، ولا يعلمون بما أشهد، ثم طلب ذلك قبل البناء أو بعده، قال سحنون: فما تغير من ذلك أو نقص، فلا شىء عليهم فيه وله أخذه، وما ضاع لزمهم، إلا أن تقوم بينة بضياعه.
وروى أصبغ، عن ابن القاسم انهم لا يضمنون ما تلف إذا لم يعلموا أنه أشهد حتى يقبلوه على العارية، فحينئذ يضمنون ما يغاب عليه.
قال أصبغ عن ابن القاسم: وإذا أهدى الزوج هدية، ثم عثر بفساد النكاح، وكان مما يثبت بعد البناء او لا يثبت ففسخ قبل البناء، فغن وجدها أخذها، وما فات منها فلا شىء له عليهم، كمن أثاب من الصدقة، ولم يعلم أنه لا يلزمه لم يكن له أخذه إن وجده، قال: وما اصابه بيد الزوجة قد تغير او نقص فلياخذه بنقصه، ولا شىء عليهم، وما زاد ونما فلا يأخذه، وله القيمة يوم الخطإ. والقياس أنها له بزيادتها.
قال أصبغ: وإذا دخل فى النكاح الفاسد فلا شىء له، وإن أدرك ذلك بعينه؛ لأن النكاح قد تم بالبناء، ولو كان العطاء بعد البناء ثم فسخ النكاح كان
[4/486]
***(1/410)
[4/487]
له الرجوع فيها؛ لأنه أعطى على الثبات والمقام والحمال بذلك، هذا إن كان الفسخ بحدثان العطية، وأما إن مضت السنتان والثلاث قبل الفسخ فلا شىء له فيه إذا فسخ إلا أن أدركه بعينه؛ مثل خادم أو منزل؛ لأنه قد استمتع بما اعطى. ومن سماع أصبغ عن ابن القاسم: ومن ادعى بعد دخول ابنته بحين أن بعض ما أدخلها به عارية، وصدقته هى او كذبته، قال: إن قام بحدثان ذلك صدق، وقال ابن حبيب: مع يمينه، قال ابن القاسم: ولا ينظر إلى انكارها، ولا إنكار الزوج؛ كان ما أدعى مما يعرف له أو لم يكن، إذا كان فيما بقى وفاء بالصداق، وإن ادعى ذلك بعد طول زمان. أو بقى ما فيه وفاء بالمهر لم يصدق لطول حيازة الابنه له، وللزوج فيه منال، ولو صدقته الزوجة بعد طول الزمن، لم ينتفع بذلك، عرف أن أصله للاب أو لم يعرف، وإن كان ما بقى قدر المهر؛ لأن ذلك كعطية منها للزوج ردها.
قال ابن حبيب: ولا أرى السنة فيه طول. قال ابن القاسم: ولو قام بحدثان ذلك، والمتاع يعرف بالأب، وليس فيما أبقى ما يفى بالمهر فهو له، وعليه تمام المهر من الشوار. قال ابن حبيب: وهذا فى الاب خاصةً فى ابنته البكر، فاما فى الثيب، او فى وليته البكر او الثيب فلا، وهو فيها كالأجنبى. وقاله لى بعض أصحاب مالك.
وفى باب المرأة تهب مهرها وضمان الصداق، وعليه ذكر دعواها لهلاك الصداق من غير طلاق، وهل عليها شراء جهاز؟ وفيه: هل للمرأة أن تلبس من صداقها، أو تنفق، أو تقضى ديناً.
وفى باب الحباء ذكر من أهدى هدية هل يحسبها فى الصداق؟
[4/487]
***(1/411)
[4/488]
فى الأب يذكر ما لابنته أو لوليته عند الخطبة
أو وصفها بصفة فلم تكن كما قال
من كتاب ابن المواز: ومن خطب إلى رجل فرفع عليه فى المهر، فأنكر سومه، فقال الولى: إن لها كذا. فيسمى رقيقاً وعروضاً، فأصدقا ما طلب، ثم لم يجد ما ذكرز قال أصبغ عن ابن القاسم: فيما أظن، غن ذلك على التزين والتجمل، والمهر له لازم، ولا حجة له، كما لو قال بيضاء جميلة حسنة شابةً. فوجد سوداء أو عرجاء، فلا كلام له ما لم يكن ذلك شرطاً له، فله به رد النكاح. وكذلك غن كانت مست قبل يعلم، ثم علم، فليرجع بالمهر على من غره. قال محمد: وذلك فى السوداء والعجوز، فاما فى كثرة مالها الذى رفع فى الصداق من أجله؛ فإن كان بشرط فى كتاب وإشهاد، فإنما يرجع على من غره بما زاد من المهر لما سمى له على من شرط له بذلك، إن فارقها حين علم ولم يرض. فأما إن لم يكن ذلك بشرط، يقول: إنما أنكحها بكذا على أنها كما وصفت. أو على ان لها ما وصفت، فقد امهرتها على هذا كذا وكذا. فإن لم يكن هذا، وإنما قالك لها كذا، أو قال: ذلك لها عندى، او أراه شيئاً لغيرها، سماه لها، فذلك كله واحد، ولو شاء الزوج لاستحسن كذا، ولا يكون قوله لها عندى او على كذا إقراراً، إلا ان تشهد البينة انه اراد بذلك الإقرار على نفسه والإلزام فليزمه، وإلا فلاز
قال اصبغ ولو كان أبوها لم يلزمه أيضا بقوله: لها عندى أو على إلا أن يعرف انه كان لها ميراث وشبه ذلك، وإلا لم أره إقراراً منه لها، ولا صدقة تلزمه، إلا ان ينص ذلك باشتراط عليه، وهو من غير الأب إقراراً، إذا شهد بذلك عليه. ومن الواضحة: وإذا قال الولى للخاطب: لها عندى أو على أو فى مالى كذا، فذكر مالاً ورقيقاً أو عرضاً ظاهراً أو خفياً أو عقاراً يعرف او لا يعرف. فذلك يلزمه إن كان شرطاً عند العقد او قبله عند الخطبة، يؤخذ به فى ماله فى حياته وبعد وفاته، بخلاف الهبات، وهو كمن أعطى على ما نكح عليه ناكح، فلا
[4/488]
***(1/412)
[4/489]
يراعى فيه القبض، وسواء كان اباً، أو اخاً، أو عماً، أو مولى؛ بكراص كانت أو ثيباُ.
وأما إن قال: لها من المال كذا، ومن الحلى والثياب كذا، فإن كان أباً أو وصياً أو من ولاه السلطان عليها، وهى بكر بولاء، فذلك يلزمه، ويؤخذ به فى ماله، ويتبع به فى عدمه، كالأب يقر للابن، أو الوصى ليتيمه بمال؛ لأن ماله فى يديه، فإن ادعى ان ذلك توين على الجارية لم يصدق فيما يخفى من الأموال، وأما ما يظهر فيقول: عندها رأس أو دار أو رؤوس أو أرض. ولا يعرف لها شىء، فتلك كذبة لا تلزمه والزوج مخير؛ إن شاء فارق ولا شىء عليه، أو حسبها على ان عليه جميع الصداق، وليس لها ما ذكر.
وإن لم يعلم حتى بنى مضى النكاح وردت إلى صداق مثلها، على ان ذلك ليس لها، ورجع بالفضل على من غره لا عليها؛ بكراً كانت أو ثيباً، والولى أب أو غيره، إلا أن تكون ثيباً، ويقدم على علم بكذب وليها، فتكون هى التى غرته، فيرجع عليها، فإن لم يكن لها مال فعلى الولى.
وغذا زوجها غير أب او وصى أو ولى من السلطان عليها، أو كانت ثيباً تلى نفسها، فما سمى الولى لها مما يخفى أو يظهر فهو كذب لا يؤخذ به، والزوج مخير قبل البناء؛ إن شاء بنى على جميع الصداق أو فارق، وتكون طلقة، وغن لم يعلم حتى بنى ردت إلى صداق ماليس لها ذلك، ورجع بالفضل على من غره وعقد له فى البكر والثيب، إلا ثيباص عرفت كذب الولى له فدخلت على ذلك، فعليها يرجع ولا يضر البكر علمها بذلك. وإن قال دارى الفلانية أو عبدى فلان لزمه ذلك لها؛ حياً أو ميتاً؛ لأنه نكح عليه، إذا كان معروفاً له. وهذا أحسن ما سمعت من بعض أصحاب مالك، وق كان فيه بعض الاختلاف.
ومن العتبية روى عبد الملك بن الحسن فى الأب يسأله الخاطب مالها؛ فيقول: لها كذا وكذا، فيرفع فى الصداق لذلك، ثم لا يوجد ذلك، فغن لم يبن
[4/489]
***(1/413)
[4/490]
خير، فإما رضى وإما فارق ولا صداق عليه، وإن لم يعلم حتى بنى فلها صداق المثل.
القول فى الحباء والهدية
والنكاح على وضيعة دين على الب أو تأخيره
أو على هبة مال لأجنبى
وفى الزوج يهدى هدية فأراد ان يحسبها فى الصداق
من كتاب ابن المواز قال مالك: وما شرط الب فى الحباء لنفسه فى عقد نكاح ابنته فهو لها إن اتبعته، وإن طلقت قبل البناء فلها نصفه ونصفه للزوج، فى البكر والثيب.
واما ما جعل لجنبى لا يملك عقد النكاح على ان يزوجه فذلك له، وإنكما أعطاه على أن يقوم له قال: وما اكرمت به المرأة أو أبوها أو أهلها بعد العقد، ثم طلق، فلا شىء فيه للزوج، ولو كان فى العقد كان لها نصفه؛ قبضته او لم تقبضه، وللزوج نصفه.
وكذلك الوصى أو ولى ممن له العقد، فما شرط لنفسه من حباء فى العقد فهو للزوجة. قال ربيعة: إلا أن يقيم على إجازة ذلك له بعد البناء. وما شرط بعد العقد، لم يكن عن مدالسة فهو له دون الزوجة، ولا شىء فيه للزوج إن طلق. قال مالك: وإن أكرمها بمتاع كثير بعد النكاح، قبضت بعضه، ثم طلق قبل البناء، فلها جميعه ما قبضت وما لم تقبض، ولو مات لا يصح لها غير ما قبضت.
ومن تزوج على عطية شرطها للأب؛ وفوض إليه فى المهر، فله أن يحسب ما أخذ الأب فى فريضة صداق المثل، وإن طلق قبل البناء لرجع بجميعه على الأب، ولها المتعةن ولو قال: هذا للأب خاصة وأنا مفوض إليه فى مهر ابنته، فعليه لها
[4/490]
***(1/414)
[4/491]
صداق المثل إن دخل غير ما أخذ الأب، ويكون ذلك كله للابنة، وإن طلق قبل البناء، أخذ الزوج ذلك كله؛ محمد يريد إذا لم يفرض لها ما تراضيا به.
قال مالك: ومن تزوج ابنة رجل على أن وضع عن أبيها ديناً له عليه أو أخره به، كرهت ذلك. قال ابن القاسم: أما الوضيعة، فهو كالحباء، وهوللابنة إن شاءت. وأما التأخير فلا يجوز، ويفسخ النكاح إلا أن يبنى فيمضى، وعليه صداق المثل، ويرجع الدين إلى أجله.
قال أشهب: ومن تزوج على أن يهب عبده لفلان فذلك جائز، فإن طلق قبل البناء رجع بنصف العبد، فإن مات بيد الموهوب رجع عليه بنصف قيمته. قال أصبغ: صواب. قال محمد: ما أدرى لم صوب ذلك اصبغ، وهو عندى كالحباء الذى وهبته هى للأب أو وليها. فلا يكون لها رجعة فى طلاق ولا غيره، ولا ارى ان يضمن الموهوب العبد فى الموت؛ لأنه حيوان ما لم يكن موته بتعد من الموهوب.
قال ابن حبيب: لا باس أن تتزوج المرأة على أن يهب عبده لفلان، وأن يكون ذلك جميع صداقها. وقاله أشهب. وذكر ابن حبيب فى باقى المسألة نحو ما ذكر ابن المواز.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم قال: وما نحل الزوج ولى المرأة او بعض أختانها، فإن لم يكن على ذلك انكحه، ولا على عده منه عامله عليها، تكون كالشرط، وإنما هو من الزوج شكر وصلة للولى أو لبعض الأختان، او صلة لهم قبل النكاح، فلا كلام للزوج فيه فى طلاق ولا غيره ولا للزوجة. وإذا نحل الزوج ولى زوجته نحلة لعلها أكثر من الصداق، ويكره للمرأة أن تتبع
[4/491]
***(1/415)
[4/492]
وليها بشىء، ويريد الزوج الرجوع به على الولى، فلا حق فيه للزوج، ولا رجوع له به على الولى ولا على المرأة.
قال عيسى عن ابن القاسم: ومن أهدى إلى زوجته هدية ثم طلق قبل البناء، والهدية قائمة، فلا شىء له من الهدية، وإنما يرجع بنصف الصداق إن دفعه. قال: ولو عثر على فساد النكاح، ففسخ قبل البناء، فله اخذ الهدية إن وجدها، وإن ماتت فلا شىء له. وقد تقدم فى باب الصداق يشترى به شوار شىء من هذا.
ومن الواضحة، قال: وما حبى به الولى فى العقد فهو للزوجة، فإن أجازته للولى ثم طلقت قبل البناء، فإنما يرجع بنصفه الزوج على الولى، أب أو غيره، وهى جائزة الأمر أو فى ولاء، إلا أن للمولى عليها أن ترجع إلى الولى بالنصف الباقى، ولا يجوز تركها له.
قال مالك: وما نحله الزوج عند الخلوة مما يكثره الناس على النفخ والفخر وبعض الحماقات. فذلك باطل، إلا ما كان غرماً من الزوج، يعرف أنه اراد به إكرامها فهو كالهدية، لا يرجع به فى الطلاق قبل البناء، ويرجع به إن فسخ النكاح بأمر غالب، إلا أن يفوت باستنفاق أو غيره، فلا شىء له على المرأة. ومن الواضحة، وما أهدى الناكح من حلى وثياب ثم أراد أن يحسب ذلك فى الصداق، فليس ذلك له إذا سماه هدية، وإن لم يسمه هدية حلف ما ارسله هدية، وما بعثه إلا لينقص من الصداق، وذلك له، فإن شاءت الزوجة قاصته به أو ردته، وقاله أصبغ عن ابن القاسم. وقاله غير ه من أصحاب مالك.
وفى باب من يشترى بالصداق من الشوار شىء من هذا المعنى.
[4/492]
***(1/416)
[4/493]
فى المرأة تهب مهرها أو تعتق أو تبيع ثم تطلق
وفى غلة الصداق وضمانه وجنايته
وهل تنفق منه أو تقضى دينها؟
وضمانه فى النكاح الفاسد
من كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا وهبت المرأة مهرها لأجنبى، والثلث يحمله، فقبضه الموهوب له من الزوج، ثم طلق قبل البناء، فليتبعها بنصفه، ووجدنالابن القاسم أنها ترجع إلى الأجنبى بما تغرم للزوج. وهذا خلاف قوله الأول. وإذا أصدقها عبداً فأعتقته، أو غير عبد فتصدقت به، ثم طلقا قبل البناء، فعليها نصف قيمته يوم أحدثت ذلك فيه. قاله مالك وابن القاسم. وقال عبد الملك: بل قيمته يوم قبضته. ولا يعجبنا ذلك؛ لأن ضمانه منها، ولو باعته، فالثمن بينهما، والبيع جائز، إلا ان تشترى بالثمن بعض ما يصلحها، فيكون كما نقد من العين.
ولو جنى العبد فأسلمته فإسلامها جائز، فإن طلق قبل البناء لم يرجع عليها ولا فى العبد، إلا أن تكون حابت، فيكون له فداء حصته أو إسلامها. ولو فدته لم يكن له أخذ نصفه حتى يدفع إليها نصف ما فدته به، حابت او لم تحاب، ولو حابت فى بيعه وفى إسلامه ثم مات العبد، فعليها تمام نصف ثمنه يوم حابت فيه. ولو جنى وهو فى يده فالنظر فى إسلامه وفدائه إليها دونه، إلا أن يطلقها قبل النظر فيه.
ولا بأس بأخذ المرأة فى صداقها ذهباً من ورق. قال ابن القاسم: يريد والورق معجله.
ومن الواضحة: وإذا وهبت الصداق ثم طلقت، فلا يرجع الزوج على الموهوب بشىء، ولكن عليها بنصف قيمته يوم الهبة، فى عسرها ويسرها، وذلك إذا علم بهبتها فسكت وهى معسرة، فإن لم يعلم حتى طلق فألفاها الآن معسرة؛ فإن
[4/493]
***(1/417)
[4/494]
دفع إليه الموهوب نصف القيمة فلا حجة له، وإن ابى رجع عليه بنصف الهبة بنمائه ونقصه؛ ثم لا يرجع الموهوب عليها بشىء.
ولو أصدقها عبداً فاعتلته، فلترد نصف غلته مع نصفه، ولا تحاسبه بما أنفقت عليه، بخلاف ما أنفقت على الثمرة. وما باعت مما أصدقت ردت نصف الثمن، ومال اشترت بالمال من غير شوار وطيب ومصلحة بنائها ضكمنت نصف الثمن، وما اشترت من مصلحة البناء فبينهماز وليس لها حبسه ودفع نصف الثمن إلا برضاه، وما لبست من من الثياب التى اشترت فابلته فلا شىء عليها فيه، وكذلك ما افترشته وطوت به واستعملته من لحاف وستر حتى بلى فلا شىء عليها فيه. قاله كله مالك وابن وهب وغيره ممن لقيت من أصحابه.
وقال فى قول الله تعالى(ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) وهو ما أعطته من صداقها، أو وضعته عنه.
ومن كتاب ابن المواز: وما أصدقها من عبد ثم طلق قبل البناء وقد هلك بيدها أو بيدها فهو منهما، وما أغل بيده أو بيدها فهو بينهما. وكذلك الحائط، ويعطى من أنفق منهما فى علاجه شيئاً ذلك من الغلة لا يجاوزها، وما وهب للعبد أوكسب عند أحدهما فبينهما. يغرم نصفه من أخذه؛ استهلكه أو لم يستهلكه. وكذلك غلة الحيوان ونسلها بينهما.وما جنى على العبد فأرشه بينهما، وكذلك عليهما ما جنى.
ومن العتبية روى اشهب عن مالك أن العبد إذا مات بيد الزوج قبل قبضها إياه وبعد العقد، فضمانه منها. قيل: فمات بيدها، أيرجع عليها فى الطلاق بنصف قيمته؟ قال: ما أحرى ذلك. وقاله أشهب وابن نافع.
[4/494]
***(1/418)
[4/495]
وقال مالك: لا يرجع عليها بشىء. قال مالك: ولو باعته لم يرجع عليها إلا بنصف الثمن، إن لم تحاب.
ومن كتاب ابن المواز قالك وما اغتلت فهلك بيدها من غير سببها لم تضمنه، وهى فيه مصدقة مع يمينها إن أخذت فى الغلة حيواناً، ولا تصدق فى هلاك العين إلا ببينة، وأما الزوج فهو ضامن لما اغتل من عين وغيره؛ لأنه متعد فيما يستغل وفى حبسه وما مده ونما فى يديه فلا رجوع لمن أنفق عليه منهما بما أنفق، إلا فى غلة إن كانت لا يعدوها. وكذلك لو داوى مرضاً به. قال ابن القاسم: ولو انفقت على العبد فى تعليم صناعة نفقة عظيمةفلا رجوع لها بشىء من ذلك، وكذلكقال مالك فى رده بعيب فى البيع، وكذلك ما أنفقت فى أدب الجارية وتعليمها الأدب والرقم. وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم، فى العتبية.
قال فى كتاب محمد: وإن كانت غنماً فزكتها، رجع بنصفها ناقصةً، ولو كانت مائتى درهم زكتها، رجع بمائة كاملة، قال محمد: لأنها فى العين ضامنة، فالنماء فيها لها، وما ادعت أنه تلف مما قبضت صدقت فيما يصدق فيه المستعير والمرتهن مع يمينها، وما يغاب عليه من عيب أو عرض فلا يبرأ من ضمانه غلا ببينة. قاله ابن القاسم، وعبد الملك.
قال أصبغ: وأرى فى العين خاصةً أنها تضمنه، وإن قامت بينة بهلاكه بغير تفريط. قال عبد الملك: ولو لم يطلقها، وادعت تلف ما يغاب عليه، وطالبها أن تتجهز بالصداق، فليس ذلك له؛ لأنه مالها ضاع، فلا تضمن مالها، وعليها اليمين، وبالطلاق يسير ماله له.
[4/495]
***(1/419)
[4/496]
وقال عبد الملك فى العتبية: عليها أن تخلف ذلك من مالها، إذا لم تقم بينة بهلاكه، تشترى به جهازاً. قال ابن المواز قال أصبغ: ولو اشترت بالعين جهازاً بامر معروف ظاهر فضاع أو تلف لم تضمن، كما لو أصدقها ذلك بعينه. قال محمد، فى قول أصبغ: لا تنفعها البينة فى هلاك العين: لا يعجبنى، ولا تضمن إذا قامت البينة إذا لم يكن تحريكها ذلك لغير الجهاز، وهى كالورثة. قال: وما أكلت من مهرها، فإن طلقت قبل البناء، حوسبت به، وإن لم تطلق، وبنى فلا شىء عليها.
قال ابن عبد الحكم، عن مالك فى المرأة المحتاجة: لها أن تاكل من صداقها بالمعروف وتكتسى. وروى مثله ابن القاسم، فى العتبية.
قال محمد: قال ابن القاسم عن مالك فيمن نكحت بعروض من قرافل وثياب أو بدراهم، فلها أن تنفع من ذلك بالشىء الخفيف، ولا تقضى منه ديناً غلا بالشىء التافه، مثل الدينار والدينارين والثلاثة.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: إن قام عليها الغرماء لم تقض منها إلا مثل الدينار ونحوه. قاله مالك. وأما بعد البناء فلها قضاء دينها من شوارها، ومن كالىء صداقها، وليس لذلك بعد البناء وقتن وكذلك لوماتت قبل البناء.
قال سحنون: وابن القاسم يرى ان للسيد انتزاع صداق أمته، وبه أقول. كما قال مالك. ليس للحرة أن تقضى منه الدين، إلا الشىء اليسير.
وفى باب الشراء بالصداق شواراً من معانى هذا الباب.
[4/496]
***(1/420)
[4/497]
قال ابن حبيب: وما نكحت به من جنين وآبق وشارد وحال بيدها بنماء أو نقص أوموت وقد بنى بها فعليه القيمة تحاسب بها فيها لها من صداق المثل بغير ذلك؛ قبل البناء أو بعده، إذا لم ينظر فيه حتى بنى بها، فإن عثر على ذلك قبل البناء ففسخ فما حدث من موت فهو من الزوج وإن قبضته الزوجة، وما كان من نقص وزيادة فللزوج وعليه، كما لو طلق فى الصداق الصحيح. وقال ابن القاسم هى ضامنة لذلك فى الصداق الفاسد، ولا يعجبنى، وذلك سواء. وقاله مطرف وابن الماجشون.
فى العفو عن نصف الصداق فى الطلاق
من كتاب ابن المواز قال مالك: لا يضع عن الزوج بعد الطلاق قبل البناءمن صداق البكر وصى ولي إلاالأب فله يضع بعد الطلاق قبل البناء نصف الصداق في أمته، ويباري عنها على وجه النظر،ولا عفو لها هي عن شيء. وأما الثيب فذلك إليها دون الأب وغيره.
ومن العتبية قال ابن القاسم في التي لم ئحض إذا طلقت بعد البناء فلا عفو فيها للاب عن الصداق.
وقد جرى ذكر متعة المطلقة في كتاب الر جعة والخلع مستوعبا،فأغنى عن إعادته.
في إرخاء السر وتداعي المسيس
في نكاح أو غصب،ومايوجب الصداق من ذلك
من كتاب ابن المواز قال ابن المسيب:إذا دخل بزوجته في بيتها لم تصدق عليه،إلاأن يكون دخول اهتداء أوتعريس ،وإن دخلت في بيته صدقت عليه مع ميينها،وحديث عمر يوجب حيثما أخذئهما الخلوة.
[4/497]
***(1/421)
[4/498]
قال مالك: فإن قال هى بكر فاروها النساء لم ينظر إلى قوله ولم يكن ذلك عليها. وأخذ مالك بمعنى قول ابن المسيب فى دخوله عندها، إن كان اهتدى، ولم تكن زيادة، واخذ به ابن القاسم.
وروى ابن وهب عن مالك حيثما أخذتهما الخلوة، وإن كانت زيارة صدقت عليه.وقال به ابن وهب وأشهب وأصبغ. وهو أشبه بحديث عمر، سواء جمعتهما الخلوة بإغلاق باب أو إرخاء ستر أو غيره، إلا انها خلوة بينة، وإنما يجب لها بذلك الصداق إذا ادعت المسيس مع يمينها، والستر كالشاهد لها. فغن قالت لا يمسسنى فليس لها إلا نصف الصداق إن طلقت، كانت مولى عليها أو بكراً صغيرة، أو بالغاً أو أمةً أو حرةً مسلمةً أو كتابيةً، أو كانت يتيمة فالقول قولها لها وعليها. وكذلك فيما يفسخ من النكاح.
وكذلك روى أصبغ عن ابن وهب فى العتبية قال: وهذا مما لا يعرف إلا بقولهن. وقد قبل قول النساء فى العدة والحيض والولادة. كما لا يجب الصداق إلا بدعواهن يسقط بإقرارهن؛ كانت مولى عليها أو غير مولى، صغيرة أو كبيرة. وكذلك ذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون وأصبغ مثله سواء.
وقال أصبغ عن ابن القاسم: إن ادعت مسيسه فى أهلها فعليه اليمين، عرفت الخلوة أو لم تعرف. وقال أصبغ: إن عرفت الخلوة فى أهلها فالقول قولها، وإن لم تعرف الخلوة فعليه اليمين.
ومن كتاب ابن المواز قال أصبغ: وإذا قلت إن بالخلوة بغير اهتداء يقبل قولها، فكذلك يقبل فيها قول الزوج فى دفع الصداق قبل هذه الخلوة؛ لأنهم قد أخلوه معها.
قال محمد فإن ادعى الزوج أنه وطىء؛ ليقبل قوله فى دفع الصداق وأكذبتهفهو مصدق بالخلوة. قال ابن القاسم: مع يمينه فى دخول الاهتداء، وأما فى غير الاهتداء تحلف هى ما قبضت، وتأخذه منه.
[4/498]
***(1/422)
[4/499]
وإذا كان يختلف إلى منزلها، ويخلو ولا يبيت فلا تصدق هى فى الوطء، ولها نصف الصداق إن طلق، وعليها العدة للخلوة. والخلوة وإن لم تكن خلوة اهتداء توجب العدة. ولو مات أحدهما فى هذه العدة من هذا الطلاق لم يتوارثا، إذ لا رجعة له إلا أن يظهر بها حمل فأقر به، فيستتم لها الصداق، وله الرجعة.
قال محمد: أما فى ظهور الحمل فهو ذلك. وإن لم تعرف لها بها خلوة، إذا كان لوقت العقد ما يلحق فيه الحمل. وإذا احتملها بمعاينة بينة حتى غاب عليها، وليست له بزوجة فادعت المسيس فلها الصداق، ولا حد عليه.
قال ابن القاسم: ومن دخل بزوجته، فافتضها بأصبعه، ثم طلق فلها الصداق كاملاً لأنه فعل ذلك على وجه الافتضاض بالنكاح، بخلاف الأجنبى ذلك عليه ما شانها. قال أصبغ: هذا فى الاستحسان، واقياس أنهما سواء، وعلى الزوج قدر ما شانها مع نصف الصداق.
قال ابن القاسم: وإذا ادعت المسيس فذلك يحلها لمن كان أبتها. وقال ابن وهب: إن اختلفا بقرب الطلاق وفوره لم ترجع بذلك إلى الأول، وإن لم يكن ذلك حتى حلت وطال ذلك ثم أرادت الرجوع، فذكر ذلك الزوج، فلا يقبل منه. وهى المصدقة. قال أصبغ: هذا قول يستحلى. والقياس قول ابن القاسم أنها مصدقةعند الفراق أو بعده، ولا تمنع من الأول بحكم، ولكن لا أبيح ذلك للأول إذا أنكر المسيس زوجها الثانى عند الفراق أو بعده أو بعد التزويج.
وقد جرى فى باب عيوب النساء شىء من ذكر تداعى المسيس، وهل ينظر إليها النساء؟
[4/499]
***(1/423)
[4/500]
فيمن ادخلت عليه غير زوجته ودعوى الوطء فى ذلك
وفيمن أقام على وطء مبتوتته أو وطء غير زوجته غلطاً
أو ادخلت عليه غير زوجته فوطئها
وحكم الصداق فى ذلك كله
من كتاب ابن المواز: وإذا ادخلت عليه غير امرأته فادعت المسيس وكذبهافهى مصدقة ولها الصداق وعليها العدة، فإن أقر بالوطء لم يحد إذ لم يعرفها، وعليه صداق المثل.قال محمد:وإن عرف بها،فعليه الحد ولها وعليها الحد،عرف هو بها أولم يعرف .وإن قالت :طننت أنكم زوجتموني إياه قبل قولها صداق المثل،فان فان لم يعرف الواطى بها رجع بها غرم لها على الذي غره بها فأد خلها عليه.قال:ومن طلق امرأئه قبل البناء ثم جهل فظن أن له الرجعة فوطئها،فليفرق بينهما ،وليس لها إلامهرها ،لوطئه على النكاح الأول.مالك:وكذلك المطلق بعد البناء البتة،ثم جهل فأقام يطؤها. قال محمد: ولو كان غير هذا لكان عليه لكل وطء مهر. وهذا الذى ذكر محمد لابن الماجشون فى كتبه حتى قال: ولكل إيلاج وأخراج.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن سأل الخلوة مع زوجته، فطلب ابوها لرجل أن يعطيه ابنته يخليها مع ختنه ففعل، فاخليت معه، فافتضها ولم يعلم، فإن طاوعته ضربتت الحد ولا صداق لها، وإن أكرهها فلها الصداق على أبوى الجارية المملكة، فإن لم يكن لهما شىء، غرمه لها الواطىء، ورجع به عليهما، وعلى أبوى المستكرة النكال بكل حال.
وعمن طلب الدخول فادخلت عليه جارية بكر لامرأته، وامرأته ثيب، وقيل له: لا تقربها الليلة فحلف بعتق رقيقة لا وطئها الليلة، وهو يظنها امرأته، فوطئها
[4/500]
***(1/424)
[4/501]
تلك الليلةن واستمرت حاملاً، وعليه شرط لزوجته بعتف كل جارية يتخذها، وأمرها بيدها، قال: يلحق به الولد، ولا حد عليه ولا عليها، ويعتق عليه رقيقه، وليس عليه طلاق ولا تمليك لزوجته، وعليه لزوجته قيمة الولد إن لم يعلم زوجته بما صنع أهلها، ولا تقوم عليه الجارية، ولا يرجع الزوج على الذى غره بقيمة الولد، ولا يكون أشد من المستحقة من يديه تحمل فيؤدى قيمة الولد ولا يرجع به على الغاصب. ولو كان ذلك بعلم زوجته لم يرجع بقيمة الولد، ولا تقوم عليه الجارية إلا أن يشاء هوذلك. ولو لم يخرجوها إليه ولكن سألوه أن لا يطأها الليلة، فحلف ولم تكن الأمة حاضرة فلا شىء عليه من يمينه.
ومن كتاب ابن المواز وكتاب ابن سحنون: ومن زوج ابنته لرجل وادخل عليه أمته على أنها ابنته، فهذه تكون له بما تلد ام ولد. وعليه قيمتها يوم الوطء؛ حملت أو لم تحمل، ولا قيمة عليه فى الولد بكنزلة من أحل أمته لرجل، وتبقى ابنته زوجة له، ولو علم الواطىء أن التى أدخلت عليه غير زوجته ثم وطئها فهو سواء، ولا حد عليه.
ومن الواضحة قال ابن حبيب: ومن أدخل أمته على زوج ابنته فوطئها، درى عنه الحد، ولزمته القيمة، وتحد الأمة، إلا أن تدعى أن سيدها زوجها منه ويعاقب السيد.
ومن الواضحة، وكتاب ابن المواز، وكتاب ابن سحنون: ومن زوج أمته لرجل وقال له: هى ابنتى فولدت من الزوج لم تكن له أم ولد؛ لأنه إنما وطئها بنكاح لا بوجه الملك. ويخير الزوج بين أن يقيم على نكاحها، وأولاده فيما يستقبل أو لاد امة، وإن شاء فارق ورجع على سيدها بجميع المهر، إلا ثلاثة دراهم، وولده منها قبل يظهر عليه أحراراً، وعليه قيمتهم لسيدها يوم الحكم.
قال ابن حبيب فى اخوين ادخلت على كل واحد زوجة أخيه بخطإ من أهلها، فوطئها، فصداق المثل فى عمده وخطئه إذا لم تعلم هى، ويحد العالم منهاا، ولا صداق لها إن عملت.
[4/501]
***(1/425)
[4/502]
فى مهر المغتصبة
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ويجب للحرة المغتصبة الصداق بمعاينة أربعة شهداء للوطء؛ فإن كانوا دون أربعة، فهم قذفة ولا شىء لها حتى لو شهد عليه شاهدان بإقراره، أو أنهما عايناه احتملها فخلا بها، فادعت الوطء، فإنها تحلف وعليه الصداق، وعليه الأدب، إن أنكره وقاله مالك. ولا حد عليها ولا على الشاهدين.قال مالك: ومن اغتصب أمة بالوطء، فعليه ما نقصها فى البكر والثيب، فى الرفيعة والوضيعة.
قال مالك: وإذا جاءت المرأة متعلقة به تدعى ذلك عليه بغير بينة، فذلك لها عليه بغير يمين فى البكر التى تدمى، وفى الثيب بما بلغت من فضيحة نفسها، وما سمعت فى ذلك شيئاً. قال ابن المواز: وقد أوجب لها عبد الملك، وأشهب صداق المثل بعد يمينها. ولم ير عليه ابن القاسم صداقاً وإن كان من أهل الدعارة. قال ابن حبيب: وإذا شهد عليه شاهدان أنه غصب امرأة بعينها يريد أنه أقر بذلك عندهما لزمه الصداق، ولا يحد إذا أنكر، وإذا شهد أنه حملها فغاب عليها، فذكر مثل ما ذكر ابن المواز.
قال ابن حبيب: وإذا لم تقم بينة باحتماله لها وأتت متعلقة به، فإن ادعت ذلك على رجل صالح حدت له للقذف، إلا أن تأتى تدمى فيسقط عنها الحد، ولا يحد الرجل الصالح، ولا تحد هى فى رميها غير الصالح، اتت تدمى أو لا تدمى، ويكشف الإمام عن ذلك الرجل، ويعمل فيه على ما ينكشف له. وكله قول مالك وأصحابه.
وقد جرى من هذا المعنى باب مستوعب فى كتاب الحدود.
تم الجزء الثانى من النكاح بحمد لله وعونه وتوفيقه
[4/502]
***(1/426)
[4/503]
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الجزء الثالث
من كتاب النكاح
ذكر المحرمات من النساءء بنكاح أو بملك
من غير كتاب لأصحابنا قالوا: حرم الله سبحانه من القرابة ومن الصهر والرضاع سبعاً، فقال: ( حرمت عليكم أمهاتكم) إلى قوله: ( وبنات الأخت). فهؤلاء بالقرابة سبع، وقال: ( وأمهاتكم التى أرضعنكم) إلى قوله) وإن تجمعوا بين الأختين) وقال: ( ولا تنكحوا ما نكح ءاباؤكم من النساء) فهؤلاء سبع بالرضاع والصهر، فهؤلاء محرمات مؤبدات التحريم، إلا الجمع بين الأختين، فإنما هو تحريم فى حال جمعهما.
وحرم غير هؤلاء فى حال دون حال، فمن ذلك أنه حرم الخامسة، وحرم المحصنات من النساء، يقول: ذوات الأزواج، إلا ما ملكت أيمانكم، يقول: بالسباء ولهن أزواج بدار الكفر. قال ابن حبيب: أو سبوا معهن. وحرم نكاح المشركات بقوله:(ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن). فهن محرمات بنكاح أو ملك. وأباح الكتابيات الحرائر منهن بنكاح يقوله) والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) وهذا إحصان بحرية، وأباحهن بالملك بقوله حين
[4/503]
***(1/427)
[4/504]
حرم ذات الأزواج( والمحصنات من النساء) وهذا إحصان نكاح، ثم استثنى المسبيات، فقال:( إلا ما ملكت أيمانكم) ولم يبح الأمة الكتابية بنكاح، فهى باقية فيما أجمل من تحريم الكوافر، واشترط فى نكاح الإماء بعدم الطول أن يكن مؤمنات، فقال(من فتياتكم المؤمنات).
وحرم نكاح المعتدة ما دلمت كذلك، وحرم المبتوتة على الذى أبتها إلا بعدزوج؛ والجمع بين الأختين هو محرم فى حال جمعهما، ثم تحل له كل واحدة إذا انفردت.
ومما حرم على لسان نبيه عليه السلام والجمع بين المرأة وعمتها وخالتها، وقيل: إن فى القرآن ما دل على تحريم ذلك مجملاً، فأبانه النبى عليه السلام، ونهى الرسول عليه السلام عن نكاح المتعة؛ ونكاح المحرم ونكاح المحلل، ونكاح الشغار. فممن ذكرنا فى هذا الباب مؤبدات التحريم، ومنهن محرمات فى حالدون حال.
ومن الواضحة: وقال فى قول الله سبحانه، فى آخر آية التحريم) إلا ما قد سلف) يقول فى الجاهلية، يقول: فإنه مغفور لكم، وكانت تضر خاصة تحرم
[4/504]
***(1/428)
[4/505]
من ذلك ما حرم الإسلام، إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين، أخذوه من ملة إبراهيم.
ويدخل فى قوله) ما نكح ءآباؤكم) آباء الآباء، وآباء الأمهات، وإن بعدوا. ويدخل مسيس الإماء مدخل ذلك، وتجمع المهات جميع الجدات؛ وفى البنات بنات الذكور والإناث وإن سفلن؛ وفى الأجوات كل أخت لأب أو لأم أو لهما؛ وكذلك العمات والخالات وخالات الأباء وعماتهم وخالات الأمهات وعماتهن، لا يدخل فيه بنات العمات وبنات الخالات. قال غيره: قال الله سبحانه:( وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك).قال:ويدخل في بنات الأخ وبنات الأخت كل أخ أوأخت لأب أولأم أو لهما.وكذلك في قوله:(وأخواتكم من الرضاعة) ويحرم بقوله:(وأمهاتكم التي أرضعنكم).الأمهات وبناتهن وأخواتهن وعماتهن وخالاتهن. ويحرم من قبل الفحل بالسنة. ويدخل فى أمهات نسائكم أمهات الأمهات، ومن بع من الجدات، ولا يدخل أخوات الأمهات، ولا بناتهن وهم حلال إذا فارق الزوجات أو متن.
وأما الربائب فإنما يحرمن بالبناء بالأم أو بالتلذذ بها بلباس أو تجريد، أو مغازلة أو مداعبة، أو نظر شهوة إلى وجه أو ساق أو شعر.
وقوله:( وحلائل أبنائكم الذين من أصلبكم) لم يعن دون أبناء الرضاع، لكن دون من يدعى ابناً بالتبنى، وأمر أن يدعو لأبائهم، وكان النبى عليه السلام قد تبنى زيد بن حارثة، ثم تزوج زينب بنت جحش وكانت تحت زيد، فقال المنافقون فى ذلك، فأنزل الله هذا.
[4/505]
***(1/429)
[4/506]
ويحرم فى افماء بالقرابة والرضاعة ما يحرم فى الحرائر. ولا يجمع بين الأختين فى وطء الملك، ولا بين المرأة وعمتها ولا خالتها. كما تحرم الأم والابنة فى الملك، على هذا وفر الصحابة والسلف.
وقوله) الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة) غلى آخر الآية. فالنكاح ها هنا الزنى، لا يزنى بها إلا زان أو مشرك. روى عن ابن عباس، وقال ابن المسيب: هى منسوخة بقوله) وانكحوا الأيامى منكم).
قال ابن حبيب:ولا يجوز نكاح الزانية المجاهرة ذات الخدر. ويستحب لمن تحته امرأة تزنى أن يفارقها؛ فغن بلى بحبها فلها حبسها. وروى ذلك النبى صلى الله عليه وسلم وما علم من ذلك فعليه الاستبراء بثلاث حيض. وفى مملوكته حيضة. قال مالك: ومن زنى بامرأة، فله ان يتزوجها بعد استبراء رحمها بثلاث حيض.
قال مالك: والمرأة المعلنة بالسوء، لا أحب للرجل أن يتزوجهاا، ولا أراه حراماً.
[4/506]
***(1/430)
[4/507]
وهذا باب فى معنى الأول
فى ذكر حلائل البناء والأباء والربائب
وأمهات النساء وما ضارع ذلك
وهل يحرم ذلك بالوطء الحرام أو بشبهة؟
من كتاب محمد قال مالك: إذا قبل الرجل امرأته يريد اللذة، ثم ماتت، حرمت بذلك عليها ابنتها، كالوطء،إلا أن يكون صغيراً فليس بشىء. وكذلك النظر تلذذاً تحرم بذلك على آبائهه وأبنائه، وتحرم عليه أمها وابنتهاز وكذلك إن نظر إلى ساق أمته أو معصمها تلذذاً، أو إلى بعض عورتها للذة. وقاله عمرو بن عمر.
قال مالك: وإن مرضته أو مرضها فاطلع أحدهما على عورة الآخر ومسهالم تحرم، إلا أن يكون للذة. قال أصبغ: إن صح ذلك وسلم من اللذة بقلبهأو بصره أو يد أو فعل.
قال مالك: ومنله شرك فى جارية، وكانت تغمز رجلى أبيه ويمازحها، ثم ملك الابن جميعها، قال: ترك مصابها أحب إلى.
وقال ابن حبيب: وإذا ملك الأمة أبوك أو ابنك، وإن كان الابن صغيراً ومثله يلذ بالجوارى، فلا يقربها حتى يبين له أبوه أو ابنه أو أنه لم يلذ منها بشىء.
قوله: صغيراً لا أدرى ما هو؟.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن ماتت امراته قبل البناء فقبلها ميتة،أو وطئها،فإنها تحرم عليه ابنتها، وقد حرمت عليه أمها يريد بالعقد ومن زنى بامرأة، فلا ينكح ابنتها،وله أن يتزوج أختها.
[4/507]
***(1/431)
[4/508]
ومن العتبية:وقد اختلف مالك في التحريم،وفي موطأه:أن لا تحرم به، وبه قال سحنون .وذكر ابن المواز اختلاف قول مالك فيه.قال محمد: فإن وقع لم أفسخه. وروى عنه أشهب أشهب فى واطىء ختنه فى الفرج أو فى دونه أنه لا تحرم بذلك امرأته، ونهاه عنها فى رواية ابن القاسم، وكره فى روايته نكاح امرأة وطىء أمها حراماً فى الفرج أو دونه. وروى عنه ابن عبد الحكم ان له نكاح ابنتها، وينكحها ابنه.
قال مالك:والوطء بالنكاح الحرام تحرم عليه به أمها وابنتها، وتحرم على آبائه وأبنائه. قال ابن حبيبك ولا يقع تحريم بعقد نكاح حرام.
ومن عقد نكاح امرأة بنكاح حلال أو نكاح شبهة يثبت بعد البناء فإن أمها تحرم عليه بذلك. قال ابن حبيب: ورجع مالك عما فى الموطأ أن الزنى لا تقع به الحرمة إلى أن ذلك تقع به الحرمة.
ومن العتبية: روى ابو زيد عن ابن القاسم: ومن وطىء أمة ثم زوجها عبده فولدت منه جارية أنها لا تحل لابنه من غيرها. وروى عنه عيسى أنها تحل له، قال عيسى: كما أن للرجل أن ينكح بنت امراة ابنه من غيره، ولدتها بعد أن فارقها أو قبل أن يتزوجها، ولابنها من غيره نكاح ابنته من غيرها. وكذلك قال ابن المواز مثله سواء. وللرجل أن يتزوج ربيبة زوج أمه.
ومن كتاب ابن حبيب: روى ان طاووساً استثقل للرجل نكاح ما ولدت امراة أبيه من غير أبيه بعد أبيه، ولم يكره ما ولدت قبل أن ينكحها ابوه. قال محمد ابن الجهم: وهذا شاذ لا وجه له، انظر لعل طاووساً كره ذلك إذا اتصل لبن الأول حتى أرضعت به فى ملك الثانى.
[4/508]
***(1/432)
[4/509]
ومن كتاب ابن المواز: ومن وطىء امة ثم أعتقها أو باعها فولدت من غير صبية، فلا بأس على أبيه أن يتزوجها. وكذلك لو كانت لعبد قبل ذلك. وكل ما حرم جمعه بالنكاح حرم بملك اليمين، يريد فى الوطىء والتلذذ لا فى الملك، من الأختين والمرأة وعمتها أو خالتها.
ومن الواضحة وغيرها: ولا بأس أن ينكح الرجل أخت أخته من النسب، مثل أن يكون لأخته لأبيه أو لأخته لأمه أخت لأمه، أولأخيه لأمه أخت لأبيهن قاله مالك: وكذلكينكح أخت أخته من الرضاع.
ومن كتاب محمد: ولا باس أن يتزوج الرجل امرأة ابن امرأته، وامرأة أبى امراته، ولا يتزوج امرأة ابيه أو أبيه من الرضاعة. وهو قول مالك وأصحابه. ولا ينكح امرأة جده من قبل أبيه أو من قبل أمه.
وسئل سحنون، فى كتاب السير، عمن زوج ابنته الطفلة لابن عم لها طفل سأله ذلك؛ فقال قد زوجتكها ولم يسم صداقاً ولا حضر ذلك بينة. ثم ماتت الطفلة، ثم مات أبوها. ثم بلغ الصبى فتزوج أمها، فامره سحنون أن ينزل عن الأم لشبهة نكاح البنت. وهذا على قول مالك. وقال بعض أصحابنا لا ينزل عن الأم، لأن نكاح الطفل لم ينعقد، والذى قال ابن المواز: إنه إذا بلغ لزمه، وليس يقال: لم ينعقد إنما هونكاح حتى يرد.
[4/509]
***(1/433)
[4/510]
فيمن تزوج أماً وابنة أوأختاً بعد أخت ولم يعلم،
ثم مات أو لم يمت، وقد بنى او لم يبن
أو بنى بواحدة وعلمت الأولى أو لم تعلم،
أو مات عن خامسة مجهولة أو عن ذات محرم
من كتاب ابن المواز: ومن مات عن امرأتين، فوجدت إحداهما أم الأخرى، فإن بنى بالآخرة سقط الميراث بينهما؛ أما كانت الآخرة أو ابنة، دخل بالولى أو لم يدخل، وللتى بنى بها جميع الصداق المسمى؛ عاجله وآجله، ولا شىء للتى لم يبن بها. فإن لم يدخل بالآخرة فلا صداق لها ولا ميراث، وللأولى الصداق والميراث، دخل بها أو لم يدخل. فإن لم تعرف الآخرة، فللتى بنى بها الصداق، ولا صداق للتىلم يبن بها، اولى كانت أو آخرة.
وقيل: إن للتى بنى بها نصف الميراث وقاله ابن حبيب. قال محمد: ولا يعجبنى إن ترث شيئاً؛ لأنه لا يرث أحد شيئاً بشك، وإنما تعطى نصف الميراث فى موضع يوقن أن أحدهما ترث لا شك فيه، فيقسم بينهما. فأما من يمكن ان يكون له شىء، ويمكن أن لا شىء له فلا يرث هذا.
فغذا كانت المدخول بها هىالآخرةفلا ميراث لها ولا للاولى، وإن كانت هى الأولى ورثت ولم ترث الآخرة، فليست واحدة وارثة بكل حال.
ولو لم يبن بهما لكان الميراث بينهما؛ لأن الأولى لا شك أن لها الميراث، فلما لم تعرف قسم بينهما، ولكل واحدة نصف صداقها المسمى؛ لأن الآخرة لا صداق لها، وللأولى صداقها، فلما جهلت قسم بينهما.
وإن بنى بهما، فلا ميراث لهما. ولكل واحدة ما سمى لها.
[4/510]
***(1/434)
[4/511]
قال أصبغ قال أشهب، فيمن تزوج أختاً بعد أخت وبنى بهما، ثم مات ولم تعلم الأولى، وكلاهما تدعى أنها هى، فليحلفا، ولكا واحدة صداقها، والميراث بينهما. محمد: لأن وطأه الآخرة ها هنا لا يفسخ نكاح الأولى، فقد مات وهى امرأته بكل حال، بخلاف الأم والبنت، لأن وطأه إحداهما يحرمالأخرى، قال أشهب فى الأختين: وتعتد كل واحدة عدة الوفاة والإحداد. محمد: مع ثلاث حيض على المدخول بها. قال مالك: وكذلك إن كانت واحدة عمة الأخرى أو خالتها.
قال ابن حبيب: فإن لم يبن بهما، فالميراث بينهما، ولكل واحدة نصف صداقها، وإن بنى بواحدة معروفة فلها الصداق، والميراث بينهما، وللتى لم يبن بها نصف صداقها، وإن نكحهما فى عقدة فلا ميراث لهما، ومن بنى بها فلها الصداق، ولا صداق للاخرى. وكذلك لو نكح أماً وابنةً فى عقدة عامداً أو جاهلاً.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن وهب عن مالك فيمن نكح أختاً بعد أخت ولم يعلم وبنى بالآخرة وحدها، فليفارقها ولها المسمى، ويبقى مع الأولى، فإن أحب الآخرة وحدها فارقها، ثم نكح الآخرة بعد ثلاث قروء، إن كان طلاقه الأولى بائناً، ولا ميراث بينهما.
وكذلك العمة والخالة، وإنلم يدخل بهما، وجهل الأولى، فارقهما، ولكل واحدة نصف صداقها بعد أن يحلفا.
قال ابن القاسم: فإن كانتا أم وبنت، ولم يعلم الأولى ولا بنى بهما، فرق بينهما، وحرمت عليه الأم للأبد. محمد: ولكل واحدة نصف صداقها، كما لو مات عنهما، وله نكاح البنت منهما، وتكون عنه على تطلقتين؛ لخوفى أن تكون
[4/511]
***(1/435)
[4/512]
هى الأولى، فلزمتها طلقة. وكذلك فى مسألة الأختين من تزوج منهما كانت عبده على طلقتين.
قال ابن حبيب: ومن مات عن خامسة لا تعرف، فالميراث بينهما أخماساً، بنى بهن أو لم يبن، وإن بنى ببعضهن فاللتى بنى بها صداقها، والميراث بينهما أجمع، وإن كان قد طلق رابعة ولا تعرف المطلقة، فإن عرفت الخامسة فلها ربعالميراث وجميع الصداق، بنى بها أو لم يبن إذا كان قد طلق الرابعة ثلاثاً او واحدة وانقضت العدة قبل نكاح الخامسة، ويكون للاربع ثلاثة أرباع الميراث بينهن. ومن دخل بها منهن فلها صداقها، ومن لم يدخل بها فلها ثلاثة أرباع صداقها، وهنسواء فى الميراث، وكذلك قال بعض اصحاب مالك.
ومن كتاب محمد: قال أشهب فيمن نكح أختاً بعد أخت ولكل واحدة شهود، ولم تؤرخ البينة، ولم تعرف الأولى، فالزوج مصدق فيمن قال أنها الأولى، ويفارق الآخرة بغيرطلاق ولا صداق. محمد: وهذا لا يعجبنا، فإن لم ينكر الآخرة بعينها فرق بينه وبينها، كالقائل جهلت الأولى.
قال مالك: ومن مات عن امرأتين، فوجدت واحدة عمة الأخرى أو خالتها، لم ترثه إلا الأولى. قال محمد: ولو دخل بالثانية فلا ميراث لها ولا عدة للوفاه عليها، ولها مهرها وعليها ثلاث حيض استبراء، وللأولى الميراث وجميع الصداق، بنى بها او لم يبن، وعليها عدة الوفاه.
قال محمد: ومن مات عنامرأة، فقامت بينة أنها أخته من الرضاعة، فلا ميراث لها، ولا الصداق إن دخل بها، وعليها الاستبراء، ويحل المؤجل من صداقها بموته، ولو فسخ فى حياته لم تأخذه إلا إلى أجله، إلا أن يموت قبل ذلك.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن زوج أمتين له لرجل، ثم
[4/512]
***(1/436)
[4/513]
زعم أنهما ابنتاه، قال: يلحق نسبهما ويفارق الزوج الآخرة. قال عيسى: ولو نكحهما فى عقدة فسخ نكاحهما جميعاً.
قال ابن حبيب: وكل وطء حرام وقع بنكاح وشبهة بجهالة، فالولد فيه لاحق، والحد ساقط، وما كان تعمداً بغير شبهة نكاح أو ملك، فالولد ينهى،والحد واجب،وحيثما ثبت الملك سقط الحد،وإن كان الوطء حراماً متعمداً مثل أنيملك خالته، او عمته. وأما لو ملك من تعتق عليه فوطئها عالماً بالنسب وبالتحريم وبأنها تعتق عليه، فهو زان إذا لم يعذر بجهل؛ لأنه بالعقد تعتق عليه، ويتوارثان. وقاله لى بعض أصحاب مالك.
جامع القوم فيما يحرم
من الجمع بين الأختين
وبين المرأة وعمتها وخالتها
وما يجوز الجمع بينه من النساء
من كتاب ابن المواز: ومن باع أمة وطئها ثم اشترى أختها، فلا يطؤها حتى تحيض التى باع، ولو حاضت ثم استقال فيها أو ابتاعها؛ فإن كان قد وطىء أختها فلا يقرب هذه حتى يحرم فرج أختها. وإن لم يطأها فهو مخير فى إحداهما. قال: ولا يجزئه تحريم من وطىء منهما بيمين بحريتها بظهارها أو لا يطؤها أو بغير ذلك، لأن الوطء ها هنا غير محرم.
قال ابن أبى سلمة: ولا يهبها لمن يعتصرها منه، ولا لمن إذا شاء أخذها منه بثمن أو بغير ثمن بغير امتناع منه، ولا يبيع مفسوخ، وقيل ولا ببيع صحيح يعلم بها عيباً فيكتمه، ولا ببيع فيه استبراء ولا على العهدة والخيار حتى ينقضى ذلك كله. محمد: يريد عهدة الثلاث.
[4/513]
***(1/437)
[4/514]
ولو ملك زوجته بمثل هذا الشراء فسخ نكاحه إلا فى الخيار، ولو باع واحدة، أو زوجها من عبده، أو من غيره فمات عنها أو فارقها فكان قبل يمس فقد حلت له أختها.
وقال على بن ابى طالب وابن عمر: ما حرم جمعه بالنكاح حرم بملك اليمين. وقاله عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف فى عدد من الصحابة.
ومن الواضحة: ومن وطىء أختين بالملك، ثم أخدم إحداهما أشهراً أو سنةً، فلا يحرمها ذلك عليه ولا يبيح أختها؛ فإن أطال الأجل مثل السنين الكثيرة أو حياة المخدم، فذلك يحل له أختها. قاله ابن الماجشون.
ومن عنده أختان فوطىء إحداهما، ثم زوجها، ثم طلقت، فأصابها فى العدة، فله أن يصيب الأخرى وتلك فى عدتها أو بعد انقضائها لأنها صارت محرمةعليه للأبد.
ومن كتاب محمد: ومن عنده أمة يطؤها، ثم تزوج أختها، فقال أشهب وابن عبد الحكم: النكاح جائز وله الزطء فيه من غير تحريم للأولى؛ لأن نكاح الثانية حرمها، لأنه لم يكن وطىء الأولى لم يكن مخيراً فى وطء من شاء، كما لو اشتراهما، وإنما له وطء المتزوجة، ولو وطىء الأولى لم تحرم بذلك المتزوجة، وقد قال ابن القاسم: لا يجوز نكاحها، إذلايقع نكاح فيمن لاله الاستمتاع بها بعقد نكاحها،وهذه لايقربها حتى تحرم الأولى، ولكن إن نكحها فلا أفسخه، وأوقفه عنها حتى يحرم من شاء منهما. وقال عبد الملك: يفسخ النكاح ولا يقر ولو أعتق أختها فلابد من فسخه. قال ابن دينار: أحب إلى أن يحرم فرج التى كان يطؤها، ثم له حينئذ وطء الثانية.
[4/514]
***(1/438)
[4/515]
وذكر ابن حبيب عن مطرف وأصبغ أن الكاح يفسخ ،وكذلك الما جشون ،وذكر عن أشهب أنه يقف عن وطء التي تزوج ،حتى يحرم فرج الأمة،وهذا خلاف ما روي عن سحنون وابن المواز.ومن كتاب ابن المواز:ومن تزوج أمة فلم يمسها حتى اشترى أختها فوطئها،قال ابن القاسم :يقف عنهما حتى يحرم إحداهما.وقال أشهب:بل يطأ امرأته لأن فرج أختها حرام بالنكاح في هذه،وإذا وطى بالملك أختا بعد أخت،فليقف عنهما حتى يحرم فرج واحدة،فإن حرم الأولى،استبرأالثانية،وإن حرم الثانية لم يستبرئ الأولى،إلاأن يكون وطى الثانية ،فليستبرئها أيضا،لأنه وطء لا ينبغي،والجاهل والعالم في جميع ما ذكرنا سواء والجمع للأ ختين،أوالمرأة مع عمتها أو خالتها بالنسب والرضاع سواء وكذلك مع خالة أوعمة لأبيها أو لامها.وقاله ابن شهاب،في نكاج أو في وطء بملك.ولا أن يجمع بين العم، وإنما كرهه مالك لما يقع بينهما من التقاطع. وقاله يحيى بن سعيد.قال مالك: وناس يكرهونه وما أعلمه حراما.قال ربيعة ومالك:لابأس أن يجمع بين المرأتين بينهما نسب،لو كانت إحداهما رجلا حلت له الأخرى،وإن كانت لاتحل له الأخرى يجمع بينهما.قال مالك: فأما المراة وربيبتها، فله أن يجمع بينهما، يريد إذ ليس بينهما نسب. ومن طلق امرأته طلاق رجعة فلا يتزوج أختها حتى تنقضى العدة أو يكون الطلاق بائناً. وكذلك فى نكاح الخامسةة وقد طلق واحدة من الأربع.
ومن العتبية: روى أبو زيد عن مالك فيمن ماتت امرأته، فتزوج أختها قبل أن تقبر الميتة، فإنى أكرهه له غسلها ولا أحرمه.
[4/515]
***(1/439)
[4/516]
ومن كتاب ابن حبيب: ولا يجمع بين امرأة مع خالة ابيها أو مع عمة أبيها، ولا مع خالة أمها أو عمة أمها لا بنكاح ولا فى وطء بملك، أو كانت واحدة زوجته والأخرى أمته، يريد يطؤها، ولا يجمع بينها وبين خالة خالتها، ولا مع عمة عمتهان فأما مع عمة خالتها فإن تكن الخالة أخت أمها لأبيها فعمتها عمة أمها فلا يجوز، وإن كانت خالتها أخت أمها لأمها فذلكجائز؛ لأنها أجنبية. لو كانت إحداهما رجلاً حلت له الأخرى. وأما جمعها مع خالة عمتها؛ فإن تكن ام العمة وأم الأب واحدة فهى كالخالة فلا يجوز.
قال فى كتاب أبى الفرج: وكذلك إن كانت شقيقة الأب، قالا: وإن تكن أمها غير أم الب فذلك جائز، وهى أجنبية.
ولا اختلاف أن للرجل أن يجمع امراة رجل وابنته من غيرها، وقد فعله عبد الله بن جعفر؛ تزوج امرأة على وابنته من غيرها.
وفى كتاب الرضاع شىء من معانى هذا الباب.
قال ابن حبيب قال أصبغ فيمن أسرت امرأته فغاب خبرها، فأراد نكاح أختها أو عمتها أو خالتها، قال: فإن طلق الماسورة البتةن جاز له ذلك الآنن وإن طلقها دون الثلاث لم يجز إلا بعد خمس سنين من يوم سبيت، إذا كان طلاقه بحدثان السباء؛ لاحتمال تمادى الريبة بها بجس البطن كذا، فلا يبريها إلا خمس سنين. وإن طلق بعد السباء بسنة، فلا يفعل ذلك إلا بعد أربع سنين، وإن كان بعد السباء بسنتين، فبعد ثلاث سنين، وكذلك إن طلقها بعد ثلاث سنين من السباء فأكثر؛ لاحتمال أن تستراب فتأتيها الحيضة فى آخر السنة، ويصيبها فى الثانية كذلك، وفى الثالثة يكمل إما ثلاث حيض أوسنة لا حيض فيها. وإن كانت مسترابة بالجس، فما تقدم بالطلاق من المدة محسوب من الخمس سنين التى به أقصى الحمل.
[4/516]
***(1/440)
[4/517]
قال: ولو سبيت وهى نفساء، وطلقها بحدثان ذلك انتظر سنةً؛ لأنها عدة التى ترفعها الحيضة لنفاسها.
انظر ما معنى قول ابن حبيب كأنه تكلم على أنه تمادى بها الدم، وقد تطهر من نفاسها ثم تستراب، وقد تحيض فى آخر السنة ثم تستراب، فكيف لم يأمرها بجبر ثلاث سنين؟ وليست تؤمر بخمس سنين؛ لأنه موقن أنه لا حمل لها منه؛ إذا لم يطأها بعد النفاس. وهذا صحيح.
فى المدعى فى نكاح امرأة وهى تنكر هل يتزوج أختها؟
والمرأة تقر أن زوجها طلقها ثلاثاً ثم تريد نكاحه قبل زوج
من العتبية، روى عيسى بن دينار عن ابن القاسم فيمن تزوج امرأة، فأنكرته وتفرق شهوده فلميقض لها عليها، هل يتزوج أختها؟ قال: لا، حتى يطلق هذه ثلاثاً، وكذلك لا يتزوج رابعة سواها حتى يطلقها، وأنا احب إن لم يطلقها أن تكون فى سعة إن تزوجت غيره، ولا يديمها؛ نكح اختها أو لم ينكحها.
وقال فى المرأة تزعم أن زوجها إنما طلقها ثلاثاً، ثم تريد نكاحه قبل زوج، فلا تفعل ذلك، فإن فعلت ذلك فرق بينهما، ولو قالت كنت كاذبة لم تصدق، ولو أنكرت أن تكون قالت ذلك وشهد عدلان أنها قالته فلتمنع من نكاحه، ولو كان شاهداً واحداً وهى منكرة فلا تحلف.
فى نكاح الحر والعبد، وتسرى العبد،
ونكاح الإماء، ونكاح الأمةعلى الحرة
من كتاب ابن المواز وغيره: قال الله سبحانه وتعالى:( وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتمى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلث وربع
[4/517]
***(1/441)
[4/518]
فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة). قالت عائشة: نهى الله سبحانه وتعالى من فى حجره يتيمة يرغب فيها وفى مالها أن يتزوجها، إلا أن يقسط لها فى الصداق، فقال:( وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتمى فانكحوا ما طاب لكم من النساء). يقول: غيرهن.
قال مالك: وللعبد أن ينكح أربع نسوة، وهو أحسن ما سمعت، وقاله ربيعة.
قال عنه أشهب: وإن كان له حرتان ومملوكتان فذلك جائز إن إذن له أهله، وروى عنه أشهب أيضاً فى نكاح العبد أربع نسوة، إنا لنقول ذلك وما ندرى ما هو؟
وروى عن ابن وهب أنه لا يتزوج العبد إلا اثنتين، وقاله الليثز
قال مالك: ولا باس أن يهب السيد لعبده الدنى الهيئة الأمة يطؤها، إذا كانت هبة مستقيمة، قيل إن كان يخاف ان يزوجه إياها فلا يقدر أن ينزعها منه إذا باعه، فيقول أهيه فإن بدا لى نزعتها منه، فكره ذلك وقال: هذا يعيره إياها، فلا يعجبنى إلا هية صحيحة يريد بها سروره وإعفافه.
قال مالك فى المختصر: وإذا كان له مال فى يد عبده فلا يجوز له أن يأذن له أن يتسرى فيه، ولكن حتى يهبه ثمنها، أو يسلفه إياه.
وقال الله سبحانه:( ومن لم يستطع منكم طولاً) إلى قوله:( ذلك لمن خشى العنت منكم) قال ابن حبيب: هى محكمة، فلا تحل له الأمة إلا بعدم الطول وخوف العنت وهو الزنى وهو قول على وابن عباس وابن مسعود. وهو قول أصحاب مالك، وهو رواية ابن وهب عن مالك.
[4/518]
***(1/442)
[4/519]
ومن كتاب ابن المواز قال محمد: وأكثر قول مالك أن الحر لا يتزوج الأمة حتى يغشى العنت ولا يجد طولاً. وبه أقول. قال غيره: وهو ظاهر الآية، وقد اختلف فى نسخها.
قال فى كتاب ابن المواز: فإن تزوجها بهذا الشرط ثم وجد طولاً ثبت على نكاحها. قال مالك: والطول والمال. وقال ربيعة: والعنت الهوى.
قال مالك: وإذا وجد ما ينكح به حرة ولا يجد النفقة فلا يتزوج الأمة. قال مالك: وإذا خشى العنت ولم يجد طولاً فله أن يتزوج من الإماء أربعاً إن شاء، ولو كان تحته ثلاث حرائر لم يكنذلك طولاً يمنعه الأمة، ولكن لا يتزوجها إلا بإذن الحرة أو الحرائر. وكان من قول مالك: إن الحرة تحته طول يمنعه الأمة وإن خشى العنت وكان ممن لا يجد طولاً. قال: فإن فعل فسخ. قيل: أفيعاقب؟ قال: لا، ثم رجع فقال: يجوز، وتخير الحرة. وهو قول ابن المسيب، وأخذ بذلك ابن القاسم. وبالأول أخذ أشهب وابن عبد الحكم أنه يفسخ.
وروى ابن وهب عن مالك. إذغ أخشى العنت ولم تكفه الحرة أن ذلك له. وكان من قول مالك فيمن تزوج أمة على حرة وهو يجد طولاً، انه يفرق بينهما وإن خشى العنت، قال: ويضرب. ثم رجع فأجازه، وجعل الخيار للحرة، وقال: لولا ما قاله من قبلى من العلماء يريد ابن المسيب وغيره لأجزته لأنه حل فى الكتاب.
قال محمد: أراه يعنى قوله تعالى:( وانكحوا الأيمى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم).
قال ابن شهاب: من تزوج أمة على حرة وهو يجد طولاً فليعزر قال أصبغ: و
إنما يجوز نكاحه ويخير الحرة إذا كان فيه الشرط: أن يخشى العنت،
[4/519]
***(1/443)
[4/520]
لا تكفيه الحرة، ولا يجد طولاً مع ذلك الحرة، أو يهوى الأمة. هوى يخاف فيه على نفسه العنت إنه لم يتعزوجها.
وللعبد تزويج الإماء على الحرة إن وجد طولاً ولم يخش العنت، ولا كلام للحرة، وله نكاح أربع إماء أو حرائر.
ومن الواضحة قيل لأصبغ: ما الطول وقد يتساوى صداق الأمة والحرة؟ قال: تأويله الا يجد ما يقيم من أمر الحرة من صداق ونفقة ومؤنة. والأمة ينفق عليها اهلها إن لم يضمنها إليه. وقال ابن الماجشون: هو المال من عين او عرض أو دين وإن كان مؤجلاً، إذا كان على ملى يمكنه بيعه وإن كان على عديم فليس بطول.
ومن له مدبر أو معتق إلى اجل فليس بطول، ولا عبده الآبق وإن قرب إباقه. وأما بعيره الشارد فليتأن حتى يبعد ذلك. وكتابة المكاتب طول لأنه يبيعها، وما أعكمر من عبد أو مسكن فليس بطول، وإن اسكن الدار سنة ونحوها ممات يجوز له بيعها إليها فهو طول حتى يبعد، وسنة فى العبد ودونها بعيد لا بياع إليه. وإن كان يجد طولاً إلى حرة، أو كانت تحته حرة فهوى أمة، فمتى خاف العنت فيها فله نكاحها بعينها. قاله مالك وأصحابه.
وإذا نكح أمة لعدم الطول وخوف العنت ثم أفاد طولاً ثبت على الأمة، إلا ان لا يتزوج حرة فتحرم عليه الأمة التى عنده، روينا ذك عن ابن عمر وابن عباس إلا ان لا يكتفى بالحرة ولا يجد ما ينكح به حرة أخرى، فلا تحرم عليه الأمة التى عنده.
[4/520]
***(1/444)
[4/521]
وكذلك فيمن تحته حرة ولم تعجبه وخشى العنت ولم يجد طولاً لحرة، فلينكح إذا رضيت له الحرة.
قال ابن الماجشون: لا يتزوج أمة وحدها، ولا على أمتين ولا على ثلاث، ولا حرة قبله أو بعده، إلا بعدم الطول وخوف العنت، فله ذلك فى جمع هذه الوجوه حتى يجتمع عنده أربع إماء أو حرائر وإماء، ولم يختلف فى هذا أصحاب مالك غلا فى خيار الحرة.
قال ابن القاسم، ومطرف: تخير أن تقيم أو تفارق بواحدة أيمن كانت قبل الأمة او بعدها.
وقال المغيرة وابن دينار وابن الماجشون وابن نافع: إنما تخير إذا دخلت على الأمة، فاما إن كانت هى الأولى فإنما تخير فى رد نكاخ الأمة أو تركه. وبه أقول. قال ابن الماجشون: وللذمية فى هذا ما للحرة المسلمة.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وأما نكاح الحرة على الأمة فجائز، فإن لم تعلم الحرة فلها الخيار. ورواه ابن القاسم وابن وهب عنه. وروى عنه أشهب أنه لا خيار لها. وكذلك فى المختصر.
وقال مالك: وإذا تزوج الأمة والحرة فى غقد وسمى صداق كل واحدة منهما، فجائز إن علمت الحرة، وإلا فلها وحدها الخيار، وإن تزوج أمتين على حرة وعلمت بواحدة فرضيت، فأعلمت بالأخرى فلها الخيار، وكذلك الحرة يتوزجها عليهما.
ومن العتبية، روى ابن القاسم عن مالك، أنه أجاز للحر نكاح الأمة وهو يجد طولاً إلى حرة فليتزوج أمة؛ فإن لم تكفه ولم يجد فليتوزج أخرى. هكذا إلى اربع.
[4/521]
***(1/445)
[4/522]
قال: وإذا تزوج العبد أمة على حرة فلا حجة لها؛ لأن الأمة من نسائه قاله مالك وأصحابه إلا ابنالماجشون فإنه قال: للحرة معه مثل ما لها مع الحر.
فى الرجل هل يتزوج أمة له فيها خدمة؟
أو أمة ولده أو والده أو أمة أصدقها زوجته
أو يزوج ابنته لعبده
ومن يبعث زوجته الأمة مع ولده
هل له أخذها بالثمن؟
من العتبية، روى ابن القاسم عن مالك قال: لا أحب للرجل أن يتزوج أمة أخدمنها إياه رجل وإن رضى ربها، وكأنه كالشريك فيها. وذكر ابنالمواز عن مالك مثله، إلا أنه قال: أخدمهما إياه حياته. وقال: وهو لا يجد طولاً.
قال مالك، فى الكتابين: ولا يتزوج الرجل أمة ابنه أو ابنته. قال فى العتبية: ويفسخ إن نزل، وتقوم الأمة على الب فى ملائه وعدمه، حملت أو لم تحمل، وإن لم تحمل كانت له أم ولد، وكان بوطئه إياها متعدياً، كان الأبن صغيراً
أو كبيراً.
وفى كتاب أم الولد لابن القاسم أن الابن مخير إذا لم تحمل فى التعدى. ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن ساق إلى زوجته جارية فى صداقها، فأراد أن يتزوجها فلا يفعل، وهو كالشريك فيها يريد قبل البناء
[4/522]
***(1/446)
[4/523]
ومن كتاب ابن المواز: ولا يجوز أن يزوجح أمته من والده، ولا بأس أن يزوجها من ولده، ولا يزوج ابنته من عبده وليس بحرام. قال: ولا أعلم من أجاز نكاح أمة الابن إلا عبد الله بن عبد الحكم، فإنه يجيزه. وقل: مع إنى أكرهه. فإن وقع لك أفسخه.
ومن العتبية قال ابن القفاسم، عن مالك فى الحر تحته أمة له منها ولد، فبيعت، فله أخذها بما بلغت لما فى ذلك من عتق ولده.
فى الأمة الغارة بالحرية
من كتاتب محمد، ومن العتبية من رواية سحنون عن ابن القاسم: وعن الأمنة تغر الحر فيتزوجها عفلى انها حرة، فبنى بها ثم استحقت وفسخ النكاح، فليؤخذ منها ا زادها على صداق المثل.
قال فى كتاب محمد: ولو غره منه أحد ولم يخبره أنه غير ولى لها يريد عقد نكاحها، فليرجع عليه بالصداق كله، وإذا لم يغره منها أحد لم يرجع عليها بجميع الصداق لما غرت لأنه ليس لها، وإنما يرجع بما زاد عن المثل.
قال فى كتاب محمد: فإن كان صداق مثلها أكثر، فقال أشهب: قلا يزاد عليه، ولا حجة للسيد، كمات لو زنى بها طائعة. وقال ابن القاسم: يتم لها صداق المثل وقاله أصبغ ومحمد.
وذكر سحنون عن ابن القاسم فى العتبية لا يزاد ما أعطاها من ربع دينار فأكثر، ولو أقبضها ونقصها ذلك أكثر فلا يزاد، إلا ان يكون كا أعطاها أقل من ربع دي
نار، أو لم يصدقها شيئً، فلتعط صداق مثلها.
[4/523]
***(1/447)
[4/524]
قال سحنون: وقال غيره مثله، وزاد فقال: إن أصدقها مثلى صداق مثلها، أعطيت ما بين صداق أمة وحرة، نصف صداق أمة، ونصف صداق حرة.
ومن الواضحة: وعلى المغرور بالأمة أنها حرة فى ولد قيمتهم يوم الحكم، فى قول مالك وأصحابه، إلا المغيرة فقال: عليه قيمتهم يوم ولدوا.
ومن العتبية: قال أصبغ، عن ابن القاسم: وغذا قال الزوج ظننتها حرة فهو على قوله. قال أصبغ: والسيد مدع فعليه البينة، وليس على الزوج بينة أنه نكح على أنها حرة.
قال فى كتاب محمد: وإذا تزوج الحر أمة ولم يشترط أنها حرة، فله الخيار إذا ظهر انها أمة.
ومن العتبية قال أصبغ: ولو أقر الزوج الآن أنه نكحها عالماً بأنها أمة، وقد فشا أنها غرته من الحرية، والسماع على ذلك او الشك، فلا يصدفق الأب غلى كا يدفع عن نفسه من غرم قيمة ولده، ويريد من إرقاقهم/ قال: وإذا قتل الولد فأخذ لالأب ديتهم فاستهلكها، ثم أعدم فى قيام السيد، فلا يرجع السيد على غارم الدية بشىء؛ لأنه ودى ذلك بحكم لزمه.
ومن كتاب محمد قال ابن القاسم: ولا يرجع المغرور بالأمة بما يؤدى من قيمة الولد على من غره منها بشىء من ذلك، وإذا كان الأب عدجيماً فرجع عليهم لم يأخذ من الملى منهم إلا قيمة نفسه، ولا يؤدى قيمة أخيه المخدم، ولا ما عجز فيها، ويتبع بذلك أول من أيسر من الأب أو الولد، وليس للمستحق ولاؤهم، ولو كانوا ممن يعتق عليه فليس له أخذ قيمتهم.
[4/524]
***(1/448)
[4/525]
وإذا كانت الغارة أم ولد أخذ قيمتهم على إنهم إن بقوا إلى موت السيد عتقوا من راس ماله. قال: فإن لم يقم بذلك حتى مات فلا شىء لورثته؛ وإن كانت مدبرة قوموا على أنهم يعتقون من ثلثه إن بقوا، أو لا يكون ثلث فيروقوا. قال محمد: لا يعجبنى، والصواب فى ولد المدبرة، أن يأخذ قيمتهم عبيداً، كمنت ابتاع مدبراً فأعتقه.
قال ابن القاسم: وتؤخذ قيمة ولد المكاتبة غبيداً فتوقف؛ فإن رقوا بالعجز أخذها السيد، وإن عتقوا رجعت إلى اغلأب. قال محمد: بل المكاتبة أحق بقيمتهم، وتدفع إلى السيد فى الكتابة؛ فإن وفت بها عتقت وولدها، وغ
لا حسنت من آخر الكتابة كالجناية عليها.
ومن الواضحة روى مطرف عن مالك أنه بغرم إن كانت معتقة إلى أجل قيمتهم إلى ذلك الجل، وإن كانت مدبرة أو أم ولده فقيمتهم على أنتهم يعتقون بموت السيد، وليس لهم ما كانوا صغاراً قيمة حتى يبلغوا العمل والخراج، فإن مات قبل بلوغهم ذلك فأعتقت أم الولد وعتقت المدبرة بالتدبير أو المؤجلة ببلوعغ الجل فلا شىء على الأب.
ومن كتاب محمد: وإن غرت أمة عبداً بأنها حرة، فسيدها يسترق ولدها، ويرجع العبد على من غره بالمهر، ثم لا يرجع من غره عليها، وإن لم يغره أحد رجع عليها بالفضل على صداق مثلها؛ لحجته أنه رغب فى حرية ولده. ةهذا غن شرط أنها حرة، أو نسبت له إذا العزلة بوجه يعلم به إن عمل على أنها حرة، وإلا فلا يرجع بشىء من الصداق، بخلاف الحر لا يشترط حريتها ثم يجدها أمة، والأمة بيت الرجلين يزوجها أحدهما بغير إذن شريكه فإن ذلك يفسخ، فإن بنى بها فاللذى زوجها نصف المسمى، ولغائب الأكثر من ذلك أو من نصف
[4/525]
***(1/449)
[4/526]
صداق المثل، فإن غر العاقد الزوج فقال له هى حرة أم هى لى وحدى فلا شىء للذى زوجها، ويؤدى الزوج نصف المهر، ويرجع به على الذى عقد. ولو اجاز الغائب النكاح ولما علم الزوج أنها أمة لم يرض، فعليه لغائب القل من نصف المسمى أو نصف صداق المثل، ويرجع بذلك علىة الذى غره باانها حرة وعقد له:
فى المغرور بالعبد
والمسلم يتزوج نصرانية على انه على دينها
وفيمن تزوج نصرانية ولم يعلم
من كتاب محمد: وإن غر عبد حرة بأنته9 حر فتزوجها بغير علم سيده، ثم علم فأجاز، فلها الخيار، فإن فاغرقت قبل البناء فلا شىء لها، وإن بنى فلها الصداق. وإن لم يقل لها إنى حر ولا عبد، فلها الخيار ابداً، وهو غار حتى يخبرها أنه عبد. وكذلك إن كان مكاتباً او بعضه حر. وكذلك الحر يتزوج المرأة ولا يشترط أنها حرة، فله الخيار إذا ظهر أنها أمة.
ومن العتبية، روى عيسى، عن ابن القاسم، فى العبد يغر الحرة بأنه حر فتتزوجه، فلها أن تختار دون الإمام.
ومن سماع ابن القاسم: وعن الآبق يتزوج حرة فيقيم معها نحو عشرين سنةً، ثم اعلمها
أنه عبد فقرت، ثم علم سيده فأقر نكاحه، فقيل لزوجته لك الخيار. فاختارت الفراق واشهدت به، فقال الزوج قد رضيت بى قبل هذا فأقرت بذلك، قال: قد طلقت نفسها فلا تصدق بما أقرت به من الرضا قبل ذلك إلا ببينة، وهذا الأمنر كان اوله على غير صواب.
[4/526]
***(1/450)
[4/527]
ومن كتاب محمد: وإذا أقامت سنين مع مكاتب تزوجها ثم قالت لم أعلم أنه مكاتب وقد غرنى. فلتحلف أنها ما عملت ولها الخيار. قال أصبغ: تحلف ما علمت أنه مكاتب، ولا ينفعها أن تقول: ظننت المكاتب حراً. قال ابن حبيب: ولو قالت جهلت أن لى خيار لم تعذر لم بذلك.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا تزوج العبد حرة بغير إذن سيده، وبنى بها ، فللسيد أخذ ما أعطاها إلا ربع دينار.
ومن تزوج نصرانية ولم يعلم فلا حجة له فى ذلك حتى يشترط أنها مسلمةً، أو يطمئن ، ويعلم أنه إنما تزوجها على أنها مسلمة لما كان يسمع منها، فيكون منها الكتمان وإظهار الإسلام، فهذا كالشرط.
وأما المسلم يغر النصرانية فيقول: أنا على دينك. فتزوجه ثم علمت، قال مالك: لها الخيار لأنه غرها ومنعها من كثير من شرب الخمر وغيره.وقال ربيعة: لا خيار لها، وليس الإسلام بعيب، وقول مالك أحب إلينا.
فى عيوب النساء من أمر قديم أو محدث
ومن غر من الزوجين والتداعى فى ذلك
ومن كتاب ابن المواز : وإذا ظهر بالمرأة أحد العيوب الأربعة بعد البناء فلها الصداق، ويرجع به على وليها إن كان قريب القرابة؛ أباً أو أخاً أو ولياً لها مصافياً ملاطفاً، فإن كان بائناً لم يزل غائباص مع الجفوة منه وقلة الخبرة بها فلا شىء عليه، وذلك عليها ويترك لها ربع دينار. قاله ابن القاسم، وابن وهب. وقال أشهب: بل ذلك عليه وإن كان غائباً لم يعلم إذا كان مثل الأب والابن والأخ، وهى السنة، وقد يكون البرص بموضع لا يقدر أن يراه.
[4/527]
***(1/451)
[4/528]
قال محمد: وأرى أن يلزمه حتى يصح من غيبته ما يعلم أنه بذلك غير عارف. وقاله ابن عبد الحكم عن مالك: إذا علم أنه لم يعلم فلا شىء عليه. وذكر ابن حبيب مثل قول ابن القاسم وقال: ويحلف أنه ما علم بدائها ولا اطلع، ثم يرجع الزوج عليها بالصداق. قال فى كتاب ابن المواز: إلا ربع دينار.
ومن كتاب محمد: وإذا كان الولى الذى يرجع عليه عديماً أو مات ولا شىء له لم يرجع على المرأة بشىء، وليس عليها أن تخبر بعيبها ولها ولى ، والبكر والثيب فى ذلك سواء.
وكذلك ذكر أصبغ ، فى العتبية، عن ابن القاسم.
وقال ابن حبيب: بل رجع على المرأة إن كانت مليةً، فإن كانت عديمةً، رجع إلى أولهما يسراً.
قال فى كتاب ابن المواز: وإذا كان الولى البعيد يعلم ذلك منها ذلك منها حين عقد فعليه يرجع الزوج، ويبقى للمرأة مهرها، وهذا إن أقر أو قامت البينة عليه، وإلا لم يحلف، إلا أن يدعى بأمر علمه الزوج فليحلف، فإن نكل حلف الزوج: لقد علم وغره، فإن نكل فلا شىء عليه ولا على المرأة؛ لإقراره بعلم الولى به وأنه غره.
محمد: وأما الولى القريب فذلك عليه لغرم المعجل، فإذا ودى الزوج المؤجل رجع حينئذ به عليه.
وإن زوجها الأخ وهى بكر بأمر الأب فالغرم على الأب، وإن كانت ثيباً فعلى الأخ، وإن زوجها غير ولى عالماً بعيبها أو كتمه فعليه يرجع، إلا أن يعلمه أنه غيرو ولى ، أو يعلم ذلك الزوج ، فلا شىء عليه وإن كتمه، كالمنادى على السلعة يخبر أنها لغيره فالعهدة على ربها.
[4/528]
[4/529]
وإذا كان الوالى البعيد كابن العم والمولى عالماً بالعيب وعقد، رجع عليه دونها وإن علمت. قال ابن حبيب: فإن اتهم أن يكون علم حلف ثم لا شىء عليه. قال محمد قال مالك: وليس على الولى أن يخبر بعيب وليته ولا بفاحشة لها إلا العيوب الأربعة، ومثل أن يعلم أنها لا تحل له من رضاع أو نسب أو معتدة. ومن الواضحة قال: وتفسير داء الفرج ما كان فى الفرج والرحم مما يقطع اللذة فى الوطء، فإن علم بذلك أو ببقية العيوب الأربعة ثم دخل بها فلا خيار له، وإن بنى قبل يعلم فلما علم أمسك، هو مخير، فإن ادعت أنه مسها أو تلذذ منها بعد العلم فأنكر حلف وصدق، فإن نكل حلفت وصدقت، وإن لم تدع ذلك عليه فلا يمين عليه، وإن اختار فراقها فى داء الفرج وغيره وقد بنى فعليه الصداق، ويرجع به على الوالى، ولا يرجع الوالى عليها.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: والرتق إذا كان من قبل الختان فإنه يبط على ما أحبت أو كرهت إذا قال النساء أن ذلك لا يضرها، وإذا كان خلقةً، فإن رضيت بالبط فلا خيار له، وإن أبت فالخيار إليه.
قال أصبغ: وإذا أقامت للعلاج وهو يتمتع بها، فإن طال ذلك كطول أمر العنين فى علاجه، فلها جميع الصداق، كالسنة وما قاربها من كثير الأشهر. ومن كتاب ابن حبيب: وإذا أرادت الرتقاء البط وأبى الزوج، فغن قال النساء إن فيه مصلحتها من غير عيب ولا قطع لذة فذلك لخا، فإن طلق لزمه ما يلزمه فى طلاق الصحيحة، فغن طلب هو بطها فأبت لم تجبر، فإن كرهها وفارق فلا صداق عليه، إلا أن يطول تمتعه كالسنة، وكذلك إن أقامت للعلاج ثم فارق. قال ابن حبيب: وإذا أقام مع الرتقاء مثل السنة رجاء العلاج ثم أيس ففارق، فلها جميع الصداق لطول تلذذه، ولو تكلم بعد الشهر أو الأشهر يريد وفارق حينئذ وقال: قد تربصت رجاء العلاج، فإن ذكر ذلك من أول ما رآه، وأشهد أنه مجتنب لها لا يضاجع ولا يتلذذ فذلك له، فإن ادعت عليه جماعاً
[4/529]
***(1/452)
[4/530]
وتلذذاً حلف. فإن لم يعرف ذلك من قوله وإشهاد إلى حينفارق بعد شهر أو نحوه، وهو أقر أنه علم ذلك منها حين بنى، فليس ذلك له، إلا أن يغرم نصف الصداق وإن قال لم اطلع على ذلك إلا اليوم وقد كان يخلو بها، وقالت هى: قد رأى ذلك منى فهى مصدقة وتحلف، وإن كان هذا التداعى فى برص؛ فإن كان بموضع يخفى مثله على الرجل من امرأته صدق أنه لم يره مع يمينه، وإن كان بموضع لا يخفى مثله صدقت هى وحلفت.
وإذا زعم أن بها رتقاً أو غيره من داء الفرج فكذبته فهى مصدقة، وإن طلب أن ينظر إليها النساء فليس ذلك له، فإن فارق وادعت المسيس فلها جميع الصداق، فإن أتى بامرأتين فشهدتا أنهما رأتاها رتقاء، ولم يكن ذلك عن أمر الإمام، جازت شهادتهما، إذ الطلاق بيده لم يوجبه شهادتهما، وإنما أوجبت صداقاً.
فإن قيل: فإذا لم تمكنهما من النظر، فقد صار نظرهما تعمداً جرحةً، قيل: هذان يعذران بجهلهما.
وأخبرنا أبو بكر قال: قال سحنون: ابن القاسم يقول: لا ينظر إليها النساء فى عيب الفرج يدعيه الزوج، وقد قال: ترد به. فكيف يعرف إلا بنظرهن؟ وروى ابن سحنون عن أبيه، أنه ينظر إليها النساء إذا ادعى ذلك الزوج.
ومن الواضحة: ومن بنى بزوجته فادعى المسيس فأكذبته، وشهد لها امرأتان أنها عذراء، فلا تقبل شهادتهما لأنه يؤول إلى الفراق، وقد كذبهما من له الفراق، فافترق عن الأول. وكذلك قال فى هذا وفيما قبله من هذا الباب مطرف وابن الماجشون وابن الحكم وأصبغ.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم قيل لمالك: أترد المرأة من البرجى القليل؟ قال: ما سمعت إلا ما فى الحديث. وما فرق بين قليل وكثير. قال ابن
[4/530]
***(1/453)
[4/531]
القاسم: ترد من قليله، ولو أحيط علماً فيما خف منه أنه لا يزيد لم ترد منه، ولكنه لا يعلم ذلك فلترد من قليله.
وعمن زوج ابنته على أنها صحيحة، فتقيم سنة ونحوها ثم تنجذم، فيدعى الزوج أنه زوجه وذلك لك بها وينكر الأب،فالبينة على الزوج في ذلك .قال ابن حبيب :واليمين علي وليها إن كان أبا أخا،فإن كان غيرهما فعليه اليمين.ومن كتاب محمد قال مالك ولو قال الزوج كان بها الجذام قديما.وقال الأب بل زوجتك صحيحة.فالأب مصدق مع يمينة.
قال ابن المواز قال مالك: وليس على الرجل أن يخبر بعيب وليته ولا بفاحشة لها إلا العيوب الأربعة،وقيل:إن يعلم أنها لا تحل له من رضاع أو نسب، أو معتدة.
ولا ترد السوداء إلا بشرط. قال ابن القاسم : ومن الشرط إذا قال له : قيل لى إن ابنتك سوداء. فقال : بل هى بيضاء. وكذلك ليست ابنتى عمياء ولا عرجاء. فما وجد خلاف ذلك فله الرجوع. وقاله أصبغ. وكذلك روى عيسى وأصبغ فى العتبية عنه، إن قال : إنى أخاف أن تكون ابنتك سوداء أو عمياء. فيقول : ليس لك شئ من هذا.
وقال ابن حبيب : ليس له رد فى غير العيوب الأربعة إلا بشرط، إلا فى فى السوداء فليردها وإن لم يشترط أنها بيضاء، إذا كان أهلها لا سواد فيهم، فكأنه شرط. وكذلك القرعاء إن كان فاحشاً ؛ لأنه مما تستره الوقاية، وذكر أنه روى ذلك فيهما عن عمر.
[4/531]
***(1/454)
[4/532]
ومن كتاب محمد بن وهب عن مالك: ومن غر من عاقر لا تلد، أو امرأة غرت من رجل عقيم، فلا كلام لواحد منهما.
قال مالك: وترد الحامل من الزنى وله المهر على من غره من ولى علم ذلك فإن لم يكن ردت هى الصداق إلا ربع دينار. قال مالك: ويكون كالواطىء فى العدة. قال ابن القاسم: لا يكون كالعدة، ثم رجع فقال: يكون كالعدة فى حمل الزنى خاصة، فيرجع عليها. وهى تقولك لم أعلم بحملى وأخطأت العدة، قال: لا شىء له ولم يظهر بأنه غر بأمر يثبت.
وقد روى أشهب عن مالك فى الأب يزوج ابنته رجلاً فيجدها حاملاً من غيره وقد بنى بها، فلها الصداق، وقد يخطئون العدة ويتعمدون فى هذا.
ومن الواضحة: فإذا زنت أو غصبت ثم تزوجت قبل الاستبراء فليفسخ، ويرجع عليها بجميع الصداق لما غرته، ثم له بعد الاستبراء نكاحها، وإذا نسب وليته فلانة بنت فلان، ثم وجدت لغية، فإن فارق قبل البناء فلا صداق عليه، وإن بنى رجع بجيعه على وليها فى البكر والثيب، ولا يرجع الولى عليها بما غرم. ولو انتسبت هى رجع عليها إلا فى عدمها فيرجع على الولى، وأما فى البكر فعلى الولى دونها. وقاله لى فى ذلك كله مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم. وقاله ابن القاسم وأصبغ.
ومن العتبية روى اصبغ عن ابن القاسم فى المرأة تنتسب للرجل: فلانة بنت فلان. فيجدها لغية فله الفسخ، وإن وجد أباها لغيةً لم يفسخ بذلك. وكذلك فى انتساب الرجل للمراة.
[4/532]
***(1/455)
[4/533]
ومن كتاب محمد: وما حدث بالمرأة من جميع العيوب بعد النكاح فهو نازلة بالزوج ولا حجة له، وإن كانم قبل البناء فغن شىء بنى وإن شاء طلق وعليه نصف الصداق.
وبعد هذا باب فى البكر يجدها ثيباً.
فى عيوب الرجال، ومن طلق عليه
لعدم بمهر أو بنفقة، وهل لها صداق؟
وفى اختيار الفراق فى هذا وغيره
من كتاب ابن المواز، قال مالك: وللمرأة أن ترد الرجل مما يردها به من الجنون والجزام والبرص وما غرها به، ولها المهر إن بنى، وإن لم يبن فلا شىء لها، وإن دخلت عالمة فلا حجة لها إلا أن تزيد العلة به. وما حدث بالرجل من جنون أو جذام فلها الخير فى فراقه.
قال أشهب عن مالك فى الجنون الغالب: فغن فارقته قبل البناء فلا مهر لها، وإن كان بعد البناء فلها مهرها. قال مالك: وليس حدوث البرص الشديد مثل ذلك، ولا سمعت أن أحداً فرق فيه ولا أرى ذلك. وروى عنه أشهب: لا يفرق فيه بينهما وإن غرها. وقال ابن القاسم، وابن عبد الحكم: يفرق فيه أحب إلينا. وفى باب آخر، قال ابن القاسم: أما فى حدوث البرص بالرجل فلا خيار فيه لها وإن كان شديداً. وروى عيسى عن ابن القاسم: إذا حدث به البرص الخفيف فلا يفرق فيه، وأما ما فيه ضرر لا يجبر على المقام عليه فليفرق بينهما، وأما الجذام فيفرق فيه إذا تبين. وقاله مالك.
ومن زوج أمته من عبده وظهر به جذام فله أن يفرق بينهما، ولكن ليرفع ذلك إلى الإمام إذا كان قد بنى بها. وقال : وليس للتى بزوجها جذام أن تختار
[4/533]
***(1/456)
[4/534]
الفراق دون الإمام، ثم لا يفوض ذلك إليها الإمام متى شاءت، ولكن يخيرها ؛ فإن كرهته فرق بينهما بواحدة إذا يئس من برئه،وقاله سحنون، بخلاف المغرورة بالعبد ؛ هذه لها الفراق دون الإمام. وأما المسوس والذى يغت مرة بعد مرة فهما سواء،وقد قال مالك، فى المعيوب : يضرب له سنة. قال عبد الملك بن الحسن قال ابن وهب : إذا كان بالرجل جذام بين لا شك فيه، وإن لم يكن مؤذياً ولا فاحشاً، فليفرق بينهما إذا طلبت ذلك ؛ لأنه لا يؤمن زيادته، وأما الأمر الخلفى الذى يشك فيه ولا يعرف أنه جذام، فلا يفرق فيه.
وأما المجنون، فسواء جنون إفاقة أو مطبق ؛ فإن كان يؤذيها ويخاف عليها منه حيل بينهما فى الخوف؛ وأجل سنةً يتعالج، قال مالك: ويحبس فى حديد أو غيره أن خيف عليها منه، وينفق عليه من ماله، فأن برىء وإلا فهى بالخيار، وإن كان يعفيها من نفسه ولا يرهقها بسوء ولا يخاف منه فى خلوته بها فلا حجة لها. وقال أشهب فى المجنون الذى لا يفيق: ولو خيف أذاه مرة او مرتين فى الشهر فلها الخيار، وإن لم تخف منه فلا خيار لها وإن كان لا يفيق.
قال أشهب: وليس للجذام حد، إلا أنه إذا كان متفاحشاً لا يحتمل النظر إليه وتغض الأبصار دونه فلها الخيار، ولو شاءت المقام ثم بدا لها فذلك لها. قال ابن حبيب: ومن زوج ابنه صغيراً فلما بلغ ظهر أنه أحمق مطبق، وأرادت هى أو ولى الصغيرة الفسخ، وقالت: كان الجنون به قديماً وبالبلوغ ظهر. فهذا لا يعرف وهو على أنه حادث.
ومن كتاب محمد، قال مالك: يؤجل للجنون سنة، وكذلك الموسوس الذى لا يغت والذى يخنق ويفيق، ويحال بينه وبينها إذا كان يأذيها، ويحبس فى
[4/534]
***(1/457)
[4/535]
الحديد وغيره إن عبث. وقال محمد، فى كتاب الطلاق: غنما يفرق بينه وبينها إذا كان يؤذيها ولا يؤمن عليها.
قال: وإذا خيرها الإمام فى الأجذام فاختارت المقام، ثم قامت بعد سنين. قال ابن القاسم: فإن زيد أمره غلى ما هو أردى وأشد فذلك لها، وإن لم يتزيد فلا حجة لها غذا رضيت به عند السلطان أو عند غيره أو أشهدت. وكذلك روى عيسى، عن ابن القاسم، قال: ولا حجة لها إذا قالت: ظننت أنه سيذهب.
ومن الواضحة: وللمراة الخيار على الزوج فى العيوب الأربعة التى ترد بها النساء، فعيوب فوجد أن يكون خصياً أو مجبوباً أو عنيناً أو معترضاً أو حصوراً، فإن اختارت فراقه فرق بينهما الإمام بطلقة ولا صداق لها، ولكن المعترض يؤجل سنة للعلاج، وكذلك المجنون.
ومن كتاب محمد قال مالك: ومن تجذم قبل البناء ففارقته زوجته فلا صداق لها، كالنصرانية تسلم قبل البناء. وقاله ابن القاسم، وفى العتبية، قال: وأما من طلق عليه لإعسار بصداق أو بنفقة، فلها نصف الصداق.
وقال أصبغ عن أشهب فيمن قال: إن تزوجت فلانة فهى طالق، فتزوجها فطلقت فلها الصداق.
ومن الواضحة: وإذا لم يبرأ المجنون فى السنة ففرق بينهما فلا صداق لها. وإذا اطلعت على عيوبه بعد البناء، فاختارت الفراق فى الجنون والبرص، أو الالخصى قائم الذكر أو بعضه، فلها جميع الصداق وتعتد. وأما المجبوب المسموح والحصور خلق بغير ذكر أو ذكره كالزر، فلا صداق لها، ولا عدة عليها إلا أن يحمل لمثلهم.
وروى ابو زيد عن ابن القاسم فيمن تزوج امرأة على نسب انتسب لها إلى قريش أو إلى فخذ من العرب، ثم يوجد من غير ذلك الفخذ، فإن كان مولى
[4/535]
***(1/458)
[4/536]
فلها الخيار إن كانت عربية، وإن كان عربياً وهو من غير لبقبيلة التى سمى فلا خيار لها، إلا أن تكون قرشية تزوجته على أنه قرشى فإذا هو من قبيلة من العرب، أو تكون عربية تزوجت على ادعائه فذلك لها.
ومن كتاب محمد قال: ولو صبغ شيخ راسه بسواد غرها به حتى تزوجته، فلا خيار لها فى ذلك.
ومن العتبية روى سحنون عن ابن القاسم فيمن جن فبل البناء فاختارتفراقه فلا صداق لها، وإن فرق بينهما لعدم الصداق أو النفقة فلها نصف الصداق. وقال ابن نافع: إن فرق لعدم الصداق، أو لأنه مجنون، فلا صداق لها.
فيمن طلق ثم علم عيباً بالمرأة
أو خالعته ثم علمت عيباً به
من كتاب محمد قال مالك: ومن فارق ثم ظهر على عيوب بالمرأة ترد منها فلا رجوع له عن الصداق بشىء، فارق قبل البناء أو بعد، ويغرم ذلك إن لم يدفعه. وكذلك لو اختلعت لمضى ذلك. ولو مات أحدهما قبل الفراق وعلم العيب توارثا، والصداق لها، وكذلك فى الواضحة مثله كله.
وكذلك فى العتبية رواه ابن القاسم عن مالك إن ماتت أو طلقت أو خالعته قبل علم الزوج بعيبها فلا يرجع يشىء. وقال سحنون: بل يرجع على من غره بالطلاق، فإن غرته هى رجع عليها. وكذلك لو غرها من نفسه بعيب فخالعته ثم علمت لرجعت عليه بما أعطته.
وبعد هذا ذكر الخلع فى النكاح الفاسد.
[4/536]
***(1/459)
[4/537]
فيمن نكح بكراً فأصابها ثيباً
من العتبية روى أصبغ عن أشهب فيمن تزوج جاريةً على إنها بكر فقال وجدتها ثيباً. فلها عليه جميع الصداق. قيل: فإن صدق الأب انه شرط له ذلك وقال: إنها كانت تكنس البيت فذهب ذلك منها ولم تعلم، فخذ مالك واسكت. فاخذه منه. قال: فللأب أن يسترجعه من الزوج ولا شىء له. قال أصبغ: ليس له ذلك من وجهين: أحدهما أنه شرط أنها بكر، والاخر لو لم يشترط فإن للأب رده طائعاً، فليس جهله حجة ولا يصدق، ويحمل على أنه أراد الستر، وصار كالفدية؛ لنه يكون فيه فرقة، وترجع به المرأة على الأب.
جامع القول فى العنين والمعترض
وذكر نكاح الخصى
من الواضحة قال: وإنما يضرب الإمام الأجل للمعترض إذا أقر بذلك وذلك يفرق بينه وبين العنين بغير أجل إذا أقر بذلك وكذلك إن أقر أنه حصور أو مجبوب إذا طلبت ذلك الزوجة منهم، وإذا قال المعترض بعد الفرقة: قد أطلقت بعد اعتراضى فلا رجعة له، وهى طلقة بائنة. قال ابن المواز: لأنها قبل البناء.
قال ابن المواز قال مالك: والبكر والثيب سواء، إذا اعترض عنها ضرب له أجل سنة من يوم يرفع. قال ابن حبيب: وهذا فى إقرار الأزواج، فإن أنكر، فأما الحصور والمجبوب المسموح ذكره فقط، او ذكره وأنتياه، أو مقطوع الخصا خاصةً، فهذا يختبر بالجس على الثوب.
[4/537]
***(1/460)
[4/538]
وأما دعواها أنه عنين أو معترض فأنكر هو فهو مصدق مع يمينه. قاله مالك وعبد العزيز عندما نزلت بالمدينة. وقال ابن أبى ذئب: يخلى معها ويكون عدلان خارجاً؛ فإن خرج إليهما بقطنة فيها نقطة صدق. وقال ابن ابى ذئب: يلطخ ذكره بزعفران، فإذا فرغ ادخل إليهما امرأتان عدلتان، فإ وجدتا الزعفران فى فرجها داخل فرجها صدق. وقال محمد بن عمران: يخلى معها ثم يخرج وتلازمها امرأتان، فإن تطهرت صدق، وإن لم تغتسل فهى مصدقة، فقضى بقول مالك وعبد العزيز، ولم يريا عليه شيئاً.
وقالا: لو أقر بالاعتراض فأجل، ثم ادعى المسيس فى الأجل، حلف وصدق، وقاله أصحاب مالك عنه، وقال ابن عبد الحكم وأصبغ: لابد أن يحلف فى دعوى المسيس قبل ضرب الأجل وبعده.
قال ابن حبيب: وحال العنين والحصور والمعترض مختلف؛ فالعنين لا ينتشر ذكره كالأصبع فى جسده لا ينقبض ولا ينبسط، والحصور الذى يخلق بغير ذكر أو بذكر صغير كالزر وشبهه، لا يمكن به وطء، فهذان إن أقر بحالهما فطلبت الزوجة الفراق فرق بينهما بطلقة، وكذلك المجبوب، ولا تأجيل فيهم. وإنما يؤجل المعترض، فيؤجل سنة من يوم يرافقه امرأته إذا اقر بالاعتراض، فإذا تمت السنة ولم يطلق من اعتراضه، فإن طلبت زوجته الفراق لم يكن لها هى أن تفارقه، ولكن السلطان يطلق عليه بطلقة واحدة، ولا رجعة له وإن قال قد أطلقت، ولها جميع الصداق لطول تلذذه بها. وذكر أن عمر وعلياً أميرى المؤمنين قضيا لها بجميع الصداق بعد أجل سنة.
ومن كتاب محمد: وإذا ادعى المعترض الإصابة فأنكرت فهو مصدق، قال ابن القاسم: مع يمينه فى البكر والثيب، وذكر لى أن مالكاً نحا إليه، فإن نكل حلفت، فإن نكلت فهى امرأته. وذكر عن عبد الملك: وقال أظ،نه عن مالك:
[4/538]
***(1/461)
[4/539]
مثل ما ذكر ابن حبيب عن مالك وعبد العزيز، أنه لا يحلف إلا بعد ضرب الأجل ثم يدعى المصاب؛ فإن نكل طلق عليه عند انقضاء الأجل.
ولو ساله اليمين قبل محل الأجل فأبى، ثم حل الأجل فقال: أصبت وأبى أن يحلف فذلك له، وليس الحكم قبل الأجل بشىء، فإن نكل الآن طلق عليه، ولو قال بعد الطلاق فى العدة أنا أحلف. لم يقبل منه ولا رجعة له عليها لأنه طلاق قبل المسيس، ولا نفقة لها، وعليها العدة للخلوة. وأما الصداق فروى أشهب عن مالك:إن ضرب له الجل بحداثة دخوله فلها نصفه.
قال محمد وقال مالك مرة: لها جميعه، وروى عنه أشهب: إن رفعت بعد طول العهد وضرب لها ثم فرق بينهما فلها الصداق، وإن ضرب بحدثان البناء فإنه له نصف ما يجد عندها من صداقها،ويسقط عنها ما أبلت من ثوب وما تطببت به، وتغرم نصف ما أفدته وأنفقته. وبهذا أخذ ابن عبد الحكم. وقال ابن القاسم: إذا تمت سنة فلها جميع الصداق، وبهذا أخذ محمد. ومن الواضحة: وإذا فرق بينهما بعد السنة غرم جميع الصداق، وإن طلقها قبل السنة وتقاررا أنه لم يمس فلها نصف الصداق.
قال فى باب آخر: وإذا طلق المعترض امرأته طوعاً من نفسه؛ فإن كان بعد سنة أو قربها مثل ثمانية أشهر فجميع الصداق لها، وأما بعد أربعة أشهر أو ستة أشهر فلها نصفه. وكذلك امرأة العنين ووالحصور والمجبوب. فأما فى الوفاه فلهم جميع الصداق والميراث فى قرب السنة أو بعدها.
وقد تقدم قبل هذا فى باب عيوب الرجال إذا كان الفراق باختيارهم ما حكم الصداق.
[4/539]
***(1/462)
[4/540]
قال أصبغ فى امرأة المقد تدعى أنه لا يمسها، وإنها تمكنه من نفسها فيضعف عنها. وقال هو: تدفعنى عن نفسها فهى مصدقة مع يمينها، ولا يعجل بفراق إلا بعد سنة، كالمعترض.
ولو جعل الإمام بقربة امرأتين، فإن سمعتا امتناعاً منها أمر بها فربطت وشدت، وأمرها أن تلين له فى ذلك فذلك عندى حسن.ومن كتاب ابن المواز: ومن وطىء امرأة ثم اعترض عنها، فلا حجة لها؛ فإن طلقها ثم تزوجته فرافعته، فليضرب له الأجل، إلا ان يعلمها فى النكاح الثانى أنه لا يقدر على جماعها فترضى فلا حجة لها.
وروى يحيى بن يحيى فى العتبية عن ابن القاسم: إذا طلق المعترض فى الأجل ثم نكحها فاعترض، فلها ذلك فى النكاح الثانى إذا قامت قدر ما يقدر من اختيارها له، ومثل أن يأتى غيرها فتقول: رجوت أن يذهب عنه أو قد تداوى فلها أن تفارق بعد أجل سنة.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا جاء الأجل والعنين مريض أو مسجون، أو هى مريضة أو حائضة، قال ابن القاسم: يفرق بينهما ولا ينتظر به، وعبد الملك ينتظر به. وهو أحب إلى إلا أن يقر أنه بحاله لا يصيب النساء.
قال يحيى بن يحيى فى العتبية عن ابن القاسم: إذا رفعته وهو مريض، فلا يضرب له أجل حتى يصح، وإن مرض بعد ضرب الأجل طلق عليه ببلوغ الأجل.
وقال فى كتاب محمد: ولو أنه بعد ضرب الأجل وتمامه لم تقم به وتركته فلها القيام به متى ما بدا لها، فيوقف مكانه بغير ضرب أجل ثان، كقول مالك فى
[4/540]
***(1/463)
[4/541]
المولى تتركه امرأته بعد تمام الأجل، ثم إن قامت به بعد حين فذلك لها منى ما شاءت.
وكذلك روى ابو زيد عن ابن القاسم فى العتبية إلا أنه قال: ولها أن تطلق نفسها متى شاءت بغير لأمر السلطان.
ومن الواضحة: وإذا صبرت امرأة العنين يريد المعترض ثم بدا لها؛ فإن كان بحدثان رضاها لأمر وقع بينهما فليس لها ذلك فإن بدا لها بعد زمن وقالت رجوت ألا يتمادى به فذلك لها، وأما إن صبرت على العنين فلا خيار لها بعد ذلك، وكذلك الحصور.
ومن كتاب محمد: وإن ضرب الأجل للعنين فقطع ذكره فى الأجل، فقال ابن القاسم: يقع الفراق ساعة قطع ولا ينتظر تمام السنة. وقال أصبغ عنه: من قطع ذكره قبل البناء فرق بينهما ساعتئذ. يعنى إن طلبت ذلك المرأة، بخلاف من وطئها مرة ثم قطع ذكره. وكذلك روى عنه عيسى فى العتبية.
قال محمد قال أشهب وعبد الملك وأصبغ وغيره من رجال ابن القاسم: لا فراق فى شىء من ذلك ولا حجة لها، وذلك أنه ليس بطلاق لا بد منه، إنما هو يكون أو لا يكون، إذا لو رضيت بالمقام وقد ضرب الأجل كان ذلك لها، وذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون فيمن قطع ذكره قبل البناء مثل قول ابن القاسم،قال ابن المواز: وقد اجتمعوا فى المولى يقطع ذكره فى الأجل أن الأجل يبطل ولا حجة لها. قال أصبغ غير أن الإيلاء يوقف فيه ليكون منه. قالا: يمنعه من ذلك يمينه من المباشرة ةالاستمتاع.
[4/541]
***(1/464)
[4/542]
قال أصبغ: والإيلاء فيه لازم ولو قطع قبل الإيلاء. وكذلك الظهار، وكذلك إن تزوجت مجبوباً أو خصياً عالمةً به، فالظهار والإيلاء فيهما، وهما من الأزواج.
ولا يطلق على المولى إذا ما بقى له من الفيه من المباشرة والاستمتاع. قال مالك فى الحالف أيضا بالطلاق: فيؤجل للإيلاء، فقطع ذكره، فلا يعجل عليه إلى تمامه.وقد ترضى بالمقام معه. وهذا حجة على ابن القاسم فى تعجيله الطكلاق على العنين بقطع ذكره فى الأجل. وقد قال مالك فى الحالف ليتزوجن عليها، يعنى بطلاقها، وحلف بطلاق من يتزو عليها، فإنها إن رضيت بالمقام معه فذلك لها.
وروى أبو زيد فى الحصور له مثل المالولة أنه كالخصى، لا يضرب عليه أجل ويطلق عليه مكانه، يعنى إن طلبته. وقاله سحنون.
قال ابن المواز قال مالك فى العبد العنين يضرب له أجل ستة أشهر فى البكر والثيب، فى الحرة والأمة، ثم لا يزاد على نصف الصداق.
ولو طلق العنين الحرة قبل تمام أجله فلها نصف الصداق، وإن طلق عليه بعد السنة فلها جميعه.
ومن تزوجت خصياً ولم تعلم ففارقته قبل البناء، فلا صداق لها، وإن بنى وأقام وتلذذ، ثم علمت ففارقته. قال ابن القاسم: تعاض من تلذذه وتعتد، إلا أن يكون مثله لا يطأ، وقيل: إنها لا تعتد إذا كان مثله لا يولد له، ولها الفراق بواحدة. قال أشهب:بائنة.
ومن الواضحة: ولا بأس بنكاح الخصى وإن كان مقطوع الخصا والذكر إذا علمت به المرأة، وحكم نكاحه كحكم غيره، إلا أنه لا يلحق به ولد ولا يلاعن،
[4/542]
***(1/465)
[4/543]
وتحد زوجته إن حملت، ولا تعتد منه فى طلاق، وتعتد من الوفاه، ولا يحصن وطؤه ولا يحل، وإن بقى أنثياه أو اليسرى منهما، ومعه من عسيبه بعضه لحق به الولد، ولاعن، واعتدت من طلاق.
وقال ابن الماجشون وابن الحكم وأصبغ:إذا زوج رجل ابنته البكر خصياً، أو عنيناً يعرف بذلك أو يقر به، أو مجبوباً، لزمها ذلك؛ علمت به أو لم تعلم إذا كان على وجه النظر.
فيمن أذهب عذرة امرأة
وفيمن أفضى زوجته أو ماتت من جماعه
من العتبية قال سحنون قال ابن القاسم فيمن افتض بكراً بيده فعليه ما شانها مع الأدب، فإن كانت زوجته فلا شىء عليه ولا يلزمه بذلك الصداق، وروى أصبغ عن ابن القاسم أن عليه جميع الصداق بذلك؛ لأنه فعله على وجه النكاح. قال أصبغ: هذا استحسان، ويضعف فى القياس، وهو وغيره سواء، وما ذلك عليه بواجب، ولها نصف الصداق.
ومن الواضحة: ومن قول مالك وأصحابه فى الرجل يدفهع المرأة فتسقط عذرتها أو يفعل ذلك بأصبعه أن عليه ما شانها ونالها من عيب ذلك ومعرته. وكذلك إن فعل بها امرأة أو صبى بذكره أو بأصبعه فلا صداق فى وطئه ولو أكرهها، ولو أن زوجها افترعها بأصبعه لزمه الصداق.
ومن قولهم فيمن أفضى زوجته فاختلط مهبلها بمبالها حتى لا ينتفع منها بوطء فعليه ديتها، وإن بقى فيها استمتاع بوطء فعليه ما شانها، والزوج فى ذلك وغيره سواء ويحد غير الزوج إذا أكرهها، ويعاقب بما جر إليها من المعرة.
[4/543]
***(1/466)
[4/544]
وروى ابن القاسم، عن مالك فيمن افتض زوجته فماتت؛ فإن علم أنه منه ماتت فعليه ديتها هو كالخطإ، صغيرة كانت أو كبيرة، وعليه فى الصغيرة الأدب إن لم تكن بلغت ذلك. وقال ابن الماجشون: لا دية عليه فى الكبيرة، ولا غير دية، وعليه فى الصغيرة التى لا توطأ الأدب، والدية على عاقلته.
فى أحكام النكاح الفاسد لعقده أو لصداقه
فى طلاقه وميراثه والحرمة به
والخلع فيه، وما ذلك النكاح؟ وذكر الشغار
وفى النكاح بإكراه هل يقع فيه الطلاق؟
من كتاب محمد قال: كل نكاح فسد لصداق فإنه يفسخ قبل البناء ولا صداق فيه، ويثبت بعد البناء ويكون لها صداق المثل، ومن مات منهما قبل البناء توارثا، ويلزم فيه الطلاق والخلع قبل الفسخ، ويسقط الصداق.
فيمن ذلك النكاح بالآبق والشارد وما فى البطن وما لم يبد صلاحه من تمر أو حب، أو بصداق إلى أجل مجهول أو رأيى، أو بعارية سلف أو بيع بشرط، أو على النفقة على غير الزوج، أو على أن ينفق على غيرها من ولد أو غيره، أو على أكثر من خادم لها، أو على خمر أو خنزير.
فأما النكاح بلا مهر فيفسخ بعد البناء، وما صحمهره وفسد عقده يفسخ قبل البناء وبعده، ولها المسمى إن بنى، ولا شىء لها إن فسخ قبل البناء. وفسخ كل ما ذكرنا بالطلاق وفيه الميراث، إلا ما لا يختلف فى حرامه فإنه يفسخ أبداً بغير طلاق، ولا ميراث فيه، ولا يلزم فيه طلاق، مثل الخامسة والأخت من الرضاعة والعمة والخالة وذات المحرم من الرضاع، وجمع الأختين، وجمع المرأة مع العمة أو الخالة، والمرأة فى العدة،والمكره والمكرهة.
[4/544]
***(1/467)
[4/545]
وقال ابن حبيب: فى كل ما فسد صداقه فيفسخ بطلاق، ويلزم فيه الطلاق والميراث، وتقع به الحرمة، وإنما الصداق فيه بالمسيس، إلا أن فيه ما يفسخ قبل البناء وبعده، ومنه ما لا يفسخ إلا قبل البناء.
ومن الأقضية لابن سحنون قال سحنون فى الصغيرة يزوجها وليها قبل البلوغ ثم يتراخى النظر فيها حتى يبنى بها وتبلغ المحيض فلا بد أن يفسخ، وفسخه بغير طلاق، ولا أقول بقول عبد الرحمن: إن كل ما اختلف فيه الناس، أنه يفسخ بطلاق.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب: وقد يقع بعد صحة العقد ما يوجب الفسخ بلا طلاق، كنكاح الأم أو رضاع يحدث مما يحرم، أو ملك أحد الزوجين صاحبه.
قال محمد: وكل نكاح فسد لعقده عندنا إلا أن بعض العلماء يجيزه فإنه يفسخ قبل البناء وبعده بطلقة، ويقع فيه الطلاق والميراث. قال: وما للولى فسخه مما عقد بغير إذنه بعقد رجل حر، فيفسخ بطلاق، وفيه الطلاق والميراث والخلع، والتى ينكحها الولى بغير أمرها فلا يتوارثان قبل الرضا، وما عقدته المرأة فلا ميراث فيه.
وكذلك العبد يتزوج بغير إذن سيده، وللسيد ها هنا أن يطلق عليه واحدةً أو ثلاثاً، وأما الموهوبة ونكاح المريض والمحرم والنكاح فى العدة، والأمة على أن ولدها حر أو يعتق على أن تنكح، وعقد المرأة والعبد النكاح، فهذا وشبهه لا يقر بحال، وفيه الطلاق.
وقال أشهب: فى هذا فسخ بغير طلاق، ومنه الأمة تنكح بغير إذن السيد،ويقع بمثل هذا الحرمة مما لم ينص الله ورسوله على تحريمه، فأمر غير مختلف فيه. وقال ابن حبيب فى نكاح المحرم ونكاح المريض يفسخان بغير طلاق لضعف الاختلاف فيهما، ومثل الأمة تنكح بغير إذن السيد، والحرة بغير إذن وليها،
[4/545]
***(1/468)
[4/546]
عقدت على نفسها أو وكلت أجنبيا، وإنكاح الرجل وليته الغائبة بغير أمرهان أو ابنه الكبير الغائب الجائز الأمر.
والشغار المحض لا صداق فيه، ونكاح التحليل، ونكاح السر، والمتعة، فهذا كله يفسخ أبداً، طال أو لم يطل، دخل أو لم يدخل، بغير طلاق ولا ميراث فيه ولا صداق إلا بالمسيس،ولا تقع به حرمة إلا بمسيس أو التذاذ.
وأما ما ليس تحريمه نصاً فى كتاب ولا سنة، واختلف فيه العلماء، مثل الشغار يسمى معه صداق، وعقد الولى الأبعد دون الأقعد، ومن نكح على أنه إن لم يأت بالمهر إلى كذا فلا نكاح بينهما أو فأمرها بيدها،فله حكم ما ذكرنا فيما فساده فى صداقه.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم أن ما اختلف فيه الناس فإنه إن طلق قبل الفسخ لزمه مثل نكاح السر ببينة استكتمهم، أو تزوج امرأة حلف بطلاقها أن لا يتزوجها، ونكاح المريض، فإنه يفسخ بطلاق للاختلاف فى ذلك. قال: ولم يختلف بالمدينة أن النبى عليه السلام إنما تزوج ميمونة وهو حلال.ومن كتاب ابن المواز وقال أصبغ: ومن صالح زوجته فبانت ثم ارتجعها بغير نكاح وظن أن ذلك يجوز له ثم طلقها البتة،فلا أحب أن يتزوجها إلا بعد زوج. قال محمد: لا بل له ذلك. والمواعدة فى العدة، والخطبة فيها والنكاح بعدها هو من ذلك، ويفسخ بطلاق عند ابن القاسم وأشهب.
[4/546]
***(1/469)
[4/547]
وإنكاح السيد عبده أمته بغير مهر يفسخ أبداً بطلقة. وابن القاسم يرى فسخ الشغار بطلاق للاختلاف، وقال أصبغ: لا يقع فيه طلاق ولا ميراث.
وهو قول أشهب.
وقال أصبغ: يفسخ نكاح المحرم والمريض بطلاق، وكذلك نكاح الأمة بغير إذن السيد، ولا ميراث فى نكاح المريض لأنه بسبب الميراث فسخ.
ومن العتبية روى سحنون عن ابن القاسم فيمن خالع زوجته على مال وكان نكاحه فاسداً ؛ فإن كانت تعلم بفساده فلا رجوع لها ، وإن لم تعلم رجعت بما اعطت ، ولو اعطته شقصاً وهى عالمة ففيه الشفعة. قال : فإن استحق بعض ما خالعته به فى هذا النكاح، / قال :فلا يرجع عليها بشىء، لانه لم يكن ينبغى أن يأخذ منها شىء وفى باب مقدار الصداق فى الجزء لأول شىء من ذكر الشغار ومن كتاب ابن سحنون :وكتب سليمان الى سحنون فى رجل زوج ابنته البكر من رجل ذكر أنه اخافه وهدده فى وقت حرب ثم لم يبن بها حتى صالحه على دينارين اخذمنها الزوج وطلقها ثلاثاً، ثم خطبها وألح على فزوجته وخفته،وقيل: إن النكاح الأول لا يلزم فيه طلاق. فكتب إليه: قد أقر بالطلاق ثلاثاً فلا يجوز له نكاحها قبل زوج حتى يثبت أن النكاح الأول كان بإكراه، فلا يلزمه فيه طلاق،ويرد الزوج الدينارين.
[4/547]
***(1/470)
[4/548]
جامع ما يفسد به النكاح لشرط فيه من خيار أو ميراث
وإن لم يات بالمهر إلى مدة كذا فلا نكاح له
أو على أن من مات فلا طلب على الحى
أو على أنه إن كان عبداً فلا نكاح له
ونحو ذلك من شرط البناء إلى أجل
من كتاب ابن المواز قال: وإذا عقد النكاح بالخيار، فسخ قبل البناء، ولا يتوارثان قبل البناء، فإن بنى ثبت ولها المسمى، قاله ابن القاسم. وروى عنه أصبغ فيمن نكح على أن يستشير فلاناً أنه يفسخ وإن بنى. والمعروف عندنا أنه يفسخ قبل البناء،قال ابن القاسم: إلا أن تكون مشورةفلان أمراً قريباً، وهو بالبلد فى فوره، فهو جائز إلا أنه إن مات فى هذا القريب لم يتوارثا، ولو استشاره فلم يرضى الزوج فذلك له ويثبت النكاح، وإن قال مشورته
:أنا اثبت النكاح ولا أشاوره فذلك له كالبيع. قال اصبغ: النكاح اثقل، وفيه مغمز، وذكر مثله ابن حبيب عن ابن القاسم وعبد الملك، قال ابن حبيب فى النكاح على الخيار لأحدهما وعلى مشورة غائب أو على أن لا ميراث بينهما، قال ابن القاسم: يفسخ وإن بنى ولا ميراث فيه، وفساده فى عقده، ثم رجع فقال: يثبت بعد البناء ويسقط الشرط ويتوارثان قبل الفسخ، إلا فى الخيار أو فى المشورة فلا يتوارثان قبل، ويتوارثان بعد قطع الخيار وبعد المشورة قبل الفسخ.وبهذا قال ابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ. قال: ومن عقد على ابن له صغير نكاح صبية بعقد أبيها، ثم قال أبوها بعد العقدة: من هلك منهما فلا تباعة على الآخر فتراضيا بذلك، قال ابن القاسم: النكاح ثابت؛لأن الشرط بعد وقوع العقدة كغير شرط، والصداق على الأب،عاشا أو ماتا، إلا أن يكون للصبى مال.
ولو عقدا النكاح بهذا الشرط فسخ قبل البناء، وإن بنى بها ثبت ولها صداق المثل، ويتوارثان ما لم يفسخ. وكذلك على أن لا ميراث بينهما أو على أن لا نفقة
[4/548]
***(1/471)
[4/549]
لها.وقاله أصبغ، إلا فى قوله فيمن نكح على أن لا ميراث بينهما فقال فيه: يفسخ وإن دخل، لأن فساده فى البضع لا فى صداق، وكل نكاح لا ميراث فيه، فيكون حراماً فباطل.
قال محمد: ليس بنكاح لا يتوارث فى أصله، وإنما رفعا الميراث بالشرط، فأحب إلى أن يسقط الشرط ويثبت النكاح. وبلغنى ذلك عن مالك والمغيرة، وذكره ابن وهب وأشهب عن مالك فيمن نكح على أنه إن لمسأت بالمهر إلى أجل كذا فلا نكاح بينهما، قال: فذلك فاسد، لأنه لا ميراث بينهما فيه. قال فى رواية أشهب: ولو جاء به عند الأجل لفسخ ولا يتوارثان. قيل لمحمد: فإن فات البناء، قال: يفسخ وإن دخل، وهو أصل مذهب مالك. وروى عيسى عن ابن القاسم، فى العتبية أنه يفسخ قبل البناء وبعده. وقال: وقد قال: لا يفسخ بعد البناء، ولها صداق المثل. وليس بشىء، وخالفه ابن عبد الحكم وأصبغ، قال أصبغ: لأن فساده البضع والعقد وهو قول مالك.
وقال مالك، فيمن قال إن لم يأت بالمهر إلى أجل كذا فأمرها بيدها. قال: هذا نكاح ليس بحسن، واختلف قوله فى فسخه، فروى عنه ابن القاسم أنه يفسخ ما لم يبن. وروى عنه أشهب أنه نكاح جائز. قال ابن القاسم وأشهب: إنه جائز، بنى أو لم يبن، وقاله أصبغ، قال: وهو شرط لازم، كشرطه إن غبت عنك سنة فأمرك بيدك.
[4/549]
***(1/472)
[4/550]
ومن العتبية، وقاله أشهب: يبطل الشرط ويصح النكاح. وقل سحنون: وهو جائز دخل أو لم يدخل. وذكر ابن حبيب فيها: وفى الذى شرطإن لم ينفق نفقة مثلها فأمرها بيدها، أو على أن لها من القوت كذا أن ابن القاسم قال فيهم: يفسخ قبل البناء ويثبت بعده، ثم رجع، فقال: وهو جائز وبهذا قال ابن الماجشون ومطرف وابن عبد الحكم وابن وهب وأشهب وأصبغ.
قال ابن حبيب: فإن عجز مشترط ما يصلحها من النفقة عما يصلحها فأمرها بيدها كما شرط، فإن رضيت شرط سقط شرطها وزال ما بيدها؛ لنه فعل واحد.
ومن العتبية ومن سماع ابن القاسم قال مالك: ومن زوج عبده لأمة رجل على أن كل ما أصابها به فلا شىء عليه منه لم يجز قال عيسى ويفسخ قبل البناء ويثبت بعده.
وقال ابن حبيب، فيمن زوج عبده حرة وشرط أن ما أصابها به من حرج فلا شىء عليه. قال: النكاح جائز والشرط باطل.
قال عيسى عن ابن القاسم فيمن زوج رجلاًعلى أنه إن كان حراً فنكاحه ثابت، وإن كان عبداً فلا نكاح بينهما، قال: يوقف عنها، بنى أو لم يبن، حتى يتبين أمره، فإن كان حراً ثبت نكاحه، وإن كان عبداً فلا نكاح له، ولو عتق قبل ذلك يفسخ، بنى أو لم يبن وعليه الصداق أن بنى، فغن لم يستثن السيد ماله، فذلك لها، وإن استثناه رجع عليها بما أخذت إلا ربع دينار يترك لها. وضعف مالك هذا الترك وقال: هو من مال السيد، وإن لم يبن بها فلا شىء لها.
قال ابن حبيب فيمن شرط لامرأته فى العقد أن الطلاق بيدها وأن الجماع بيدها، فالنكاح يفسخ قبل البناء، ويثبت بعده ويبطل الشرط، ولها صداق المثل.
[4/550]
***(1/473)
[4/551]
ومن كتاب محمد: ومن شرط عليه ألا يبنى إلا سنة؛ فإن كان لظعنه بها أو لصغرها فذلك عذر، وإلا فالشرط باطل.
وقد ذكرت هذه السألة بباب مفرد فى الجزء الأول، وفيها زيادة مستوعبة هناك، وفى أبواب الشروط شىء من معانى هذا الباب.
جامع مل يفسد به النكاح
من الشرط فى النفقة
من كتاب محمد قال مالك: ومن نكح وشرط ألا نفقة لها، أو على أن لها نفقة مسماه كل شهر، فغن ذلك يفسخ قبل البناء ويثبت بعده، ولها نفقة مثلها على مثله. قال ابن القاسم: ولها صداق المثل، ويفسخ قبل البناء بطلقة. وقاله أصبغ.
قال محمد: وهو كصداق مجهول لما شرط فى العقد. قال أصبغ: وإن لم يبن وترك الشرط ثبت النكاح، كالنكاح بصداق بعضه معجل وبعضه إلى موت أو فراق. وروى عيسى عن ابن القاسم فى العتبية مثله من أول المسألة إلا قول أصبغ، وقال: ويتوارثان قبل البناء وبعده. وقاله مالك فى كل ما يفسخ قبل البناء، وقال: وكذلك على أن لا ميراث بينهما، أو بصداق إلى موت أو فراق.
وفى أبواب الشروط والتمليك منه: إن نكاحها على أن ينفق عليها نفقة مثلها، فإن لم يفعل فأمرها بيدها.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإن شرطت النفقة فى الزوج الصغير على الأب فذلك جائز ما عاش الأب وما دام الولد مولى عليه، فإن مات الأب فلا
[4/551]
***(1/474)
[4/552]
شىء فى تركته؛ لا من رأس مال ولا من ثلث، وإن كان الولد غير صغير، ولا مولى عليه لم يجز شرط النفقة على غير الزوج، وفسخ قبل البناء.
وقال ابن القاسم: إذا شرطت النفقة على الأب فسخ قبل البناء، فإن بنى ثبت وبطل الشرط، والنفقة على الزوج، وقال مالك مرة فى شرط النفقة فى الصغير أو المولى عليه على الأب إلى أن يبلغ ويلى نفسه إنه جائز. وروى عنه ابن عبد الحكم: لا يجوز فى صغير ولا كبير، ويفسخ قبل البناء ويثبت بعده، ولها صداق المثل، لأنه لا يدرى كم يعيش الصبى.وبه قال ابن عبد الحكم، وقال أصبغ: وإن طرحت عنه الشرط ثبت. وقاله ابن القاسم فيه وفيما يشبهه.
وقال مالك فيها فى العتبية من سماع ابن القاسم: يفسخ قبل البناء ويثبت بعد البناء ولها صداق المثل، والنفقة على الزوج، أرأيت إن مات الأب أيوقف لها ماله أو يحاص غرماؤه؟ قيل: فعبده؟ قال: لا خير فيه، ولو جاز هذا جازت الحمالة بالنفقة. قال عيسى عن ابن القاسم: يفسخ قبل البناء، قال عيسى: فإن بنى مضى وكانت النفقة على العبد.
قال ابن القاسم عن مالك: وإذا شرطت عليه نفقة ولد لها صغير من غيره لم يجز. قال ابن القاسم: ويفسخ وإن تركت الشرط، إلا أن بنى فيمضى ويبطل الشرط ولها صداق المثل، وهو نكاح مكروه، وقد تقصر حياة الصبى وتطول. ومن كتاب محمد قال أشهب فى شرطها عليه نفقة ولدها من غيره: يفسخ، إلا أن يبنى فيمضى ويبطل الشرط قال ابن القاسم: وإن كان إنما ضمن الأب عن ابنه نفقتها سنين معلومة فى كل سنة كذا، أو لم يقل: فى كل سنة كذا وهو أمر معروف؛ فإنه يلزم الأب ما عاش، فإذا مات سقط عنه. وقاله أصبغ.
[4/552]
***(1/475)
[4/553]
قال أصبغ: وكذلك إن ضمن الأب للمطلقة نفقة ولد ابن منها مثل ذلك. قال محمد: هذا جائز، وأما ما ضمن عن ابنه فى النكاح من نفقة امرأته، فذلك صداق عقد به النكاح ولا أمد له ومتى تفارقا أو ماتا فسقط فالعقد يفسد بهذا الشرط، وهو كصداق مجهول، ولو ضمنه بعد صحة العقد فهو كالحمالة.
فى الأمة تنكح على أن ما تلد حر،
أو على أنه بينهما
وكيف إن نكح بها بعد ذلك أو باعها؟
من كتاب محمد قال مالك: من زوج أمته من عبد رجل على أن ما تلد بينهما، فهذا يفسخ قبل البناء وبعده، والولد لسيد الأمة، ولها صداق مثلها، ولو شرط أن ما تلد حر لفسخ أيضاً والولد حر، وولاؤه لسيد الأمة، وكذلك لو تزوجها حر على هذا الشرط، أو كان عبداً لسيد الأمة.
قال محمد قال ابن القاسم، وذكر مثله عيسى عن ابن القاسم فى العتبية فيمن زوج أمته من حر أو عبد على أن أول ولد تلد حر، ثم إن السيد أصدقها امرأته أو باعها؛ فإن لم تكن يومئذ حاملاً فنكاحه بها وبيعه لها جائز إن لم يشترط على الزوجة أو المبتاع عتق ولدها؛ لان نكاح الأمة أولا ساقط، وهو يفسخ بكل حال، وما وضعت عند المرأة وعند المبتاع فرقيق، وإن لم يفسخ نكاحها بعد، ولأن من قال لأمته أول ولد تلدينه حر ثم باعها ولا حمل لها، فما ولدت بعد ذلك فرقيق والبيع نافذ. وغذا كانت حاملاً ثم تزوج بها أو باعها، قال فى كتاب محمد: فسد النكاح بها والبيع، ولم يذكر عنه عيسى فساد بيع ولا نكاح. وكذلك فى الواضحة أن النكاح بها جائز إن كتمها ذلك، وترد إلى ربها، وللزوجة قيمتها غير مستثناه الولد. وكذلك اختلف محمد ثم عاد الكلام إلى ما
[4/553]
***(1/476)
[4/554]
ذكر محمد عن ابن القاسم قال: ترد الأمة إلى سيدها ما لم تفت بالوضع أو تغير فى بدن أو سوق، فيكون على الزوجة أو على المبتاع قيمتها يوم قبضت حاملاً على أن ولدها مستثنى أن لو جاز بيعها على ذلك. فإذا وضعت الأمة ولدها حر.قال: وإن بنى بالمرأة، فلها قيمتها بلا استثناء قيمتها يوم أصدقها لا يوم قبضها، وليس لها صداق المثل.
قال محمد: لأنها لا تعلم بحرية ما فى بطنها، فلها قيمتها بلا استثناء، وعليها قيمتها على أن ولدها حر فيتقاصان، ويرتجع فضل ما بين القيمتين، والولد حر،وولاؤه لسيده.
وكذلك إن لم يبن بالمرأة فليفسخ نكاحها ولا شىء لها، وعليها قيمة الأمة مستثناه الولد، وغن بنى بها ولم تفت الأمة ردتها، ولها قيمتها بلا استثناء يوم النكاح، وأما نكاح الأمة، فيفسخ قبل البناء وبعده.
قال: وكذلك إن ماتت عند المبتاع غرم قيمتها يوم قبضها حاملاً مستثناه الولد، وولادتها فوت أيضاً، ولم ير ابن حبيب ولادتها فوتاً أيضاً فى هذا.
قال ابن المواز: المسألة صحيحة كلها إلا قوله: يفسخ نكاح الحرة إذا كانت الأمة حاملاً يوم العقد. فهذا لا يفسد نكاح الحرة لأنها لم يشترط ذلك عليها ولا علمت، فهو كعيب وجدته، وكذلك فى رواية عيسى لم يفسخ بذلك النكاح ولا البيع.
وهذه المسألة كتبتها من كتاب ابن حبيب فى البيوع الفاسدة مستوعبةً، فلم أعد كلامه ههنا.
قال ابن حبيب فى كتاب النكاح: ومن زوج أمته وشرط حرية ولدها فسخ النكاح قبل البناء وبعده، ولو شرط أن أول ولد تلده حر؛ فإن عثر على ذلك قبل
[4/554]
***(1/477)
[4/555]
الولد فسخ قبل البناء وبعده، وإن لم ينظر فيه حتى ولدت عتق الولد وثبت النكاح، ولم يبق فيه شرط.
ومن كتاب محمد: ومن تزوج أمة كتابية على أن أول ولد تلده حر،فالنكاح فاسد، والولد حر وولاؤه للمسلمين إن كان رب الأمة نصرانياً؛ لأن الولد على دين أبيه المسلم، وبقية ولدها رقيق مسلمون.
ومن العتبية روى أبو زيد عن ابن القاسم فيمن أراد أن يزوج أمة لعبده فكره العبد أن يرق ولده فقال له: تزوجها على أن ولدك حر. ففعل، فالنكاح يفسخ قبل البناء وبعده، وما ولدت فحر. وروى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم مثله وزاد: وما مات السيد وهى به حامل فولدت، فهو حر من رأس ماله، وما حملت به بعد موته فرقيق، وإذا مات وهى حامل فللورثة بيعها، احتاجوا إلى ذلك أو لم يحتاجوا، ولهم قسمها، فإن وضعت وقد صارت بالقسم لأحدهم، فما ولدت فرقيق له. قال أصبغ: لا يقسمها الورثة إن كانت حاملاً حتى تضع، إلا أن يرهق بدين، ويخاف تلف المال.
قال يحيى عن ابن القاسم فى الأمة التى شرط فى نكاحها: اول ولد تلده حر، فولدت تومأين، فكل ما فى لك البطن حر، ولابد من فسخ النكاح وإن طال زمانه، وكذلك إن ولدت هذا فى البطن بعد موته قبل القسم، أعتق كل من فى ذلك البطن.
وقال أصبغ: إذا طال وخيف على المرأة التلف، وإلا أوقفوا.
[4/555]
***(1/478)
[4/556]
فى نكاح المحرم
من كتاب ابن المواز: وقال مالك فى نكاح المحرم يفسخ بغير طلاق،ثم قال بطلاق. وقال أشهب بغير طلاق ولا ميراث فيه. ومذهب أشهب أن كل ما يرى أنه وقت فسخه لا يقره هو، فهو بغير طلاق. وقال ابن حبيب:قال مالك وأصحابه: ويفسخ وإن بنى وطال زمانه وولدت الأولاد. واختلف فى فسخه بطلاق، ورأى على قول ابن الماجشون أنه يفسخ بطلاق للاختلاف فيه. قال: ولم يختلف بالمدينة أن النبى عليه الصلاة والسلام تزوج ميمونة وهو حلال.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم قال مالك:ومن نكح بعد رمى الجمرة قبل الإفاضة فسخ بغير طلاق، ثم رجع فقال: بطلاق. وقاله ابن القاسم، ولو كان أفاض ونسى الركعتين، فإن نكح بالقرب فسخ نكاحه بطلاق، وإن تباعد جاز نكاحه، وإن نسى الإفاضة وطاف للوداع وخرج وأبعد، ثم نكح فالنكاح جائز لأن طواف الوداع يجزئه.
ومن أمر رجلاً أن يزوجه ثم أحرم فزوجه بعد إحرامه فسخ النكاح. قال ابن القاسم: وإذا نسيت امرأة من طواف الواجب شوطاً ورجعت إلى بلدها وتزوجت، فإنه يفسخ ولها صداق لها، إلا أن يبنى بها فلها المسمى، وترجع على إحرامها، فإذا فرغت فإن كان بنى به ااعتمرت وأهدت، وتعتد بثلاث حيض.
[4/556]
***(1/479)
[4/557]
فى نكاح المتعة وإحلال الأمة
والهبة لها على الأتخاذ
ومن نكح على أن يأتيها نهاراً
أو نكح وبيته أن يفارق أو على الأثرة
من كتاب ابن المواز: ونكاح المتعة النكاح إلى أجل، وهو حرام بتحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال عمر: لو تقدمت فيها لرجمت.
قال ابن حبيب: ومن نكاح المتعة أن يتزوج المسافر امرأة ما كان مقيماً بهذا البلد، وشبهه هذا، فإن كان معه صداق، فهو حرام. وما تقدم من إباحة المتعة فقد فسخه نهى النبى عليه السلام عنها، وقد أغلظ فيها الخلفاء، وقد رجع ابن عباس وعطاء عما كانا قالا من إباحتهما.
ومن كتاب ابن المواز: ومن أحل جاريته لرجل فذلك حرام. قال ابن عباس: هو السفاح. وقال عمر بن عبد العزيز وعطاء ومجاهد: ومن أحل وليدته لرجل فهى له. قال محمد: والذى نأخذ به أن لا أجيزه، وترد الأمة إلا أن توطأ فيدرا فيه الحد ويلزم الواطىء القيمة يوم الوطء، ولا يجوز ردها إلى السيد وإن رضى بأخذها فى القيمة، ولو بيعت عليه فى ذلك لم يجز لصاحبها شراؤها منه خاصةً، حتى ينفذ بيعها من غيره.
قال ابن القاسم: ومن تصدق بجارية على رجل على أن يتخذها أم ولد فلا يجوز وطؤها بهذا الشرط، فإن فعل وحملت فهى له أم ولد، ولا قيمة عليه. قال محمد: ولو لم تحل ردت على الواهب إلا أن يدع الشرط. قال ابن القاسم: وهو بخلاف التحليل.
[4/557]
***(1/480)
[4/558]
قال ابن القاسم: ويلزمه بالوطء فى التحليل وإن لم تحمل، وله أن يبيعها ويصنع به ما شاء، وفى شرط الاتخاذ إذا وطئها لا ترد وإن لم تحمل، لأنه قد طلب الولد بالوطء فذلك فوت، حملت أو لم تحمل. وقاله أصبغ.
قال مالك: ولا بأس أن يتزوج المرأة ليقضى فيها لذته وليس ينوى إمساكها، ولكنه ليس من الجميل ولا من أخلاق الناس. ورب امرأة لو علمت ذلك ما رضيت. قال محمد: ولو علمت قبل النكاح كانت المتعة بعينها
قال مالك: ومنتزوج امرأة وهو يريد أن يفارقها وأخبرها بذلك قبل النكاح ثم أراد أن يمسكها، فلا أرى هذا ولا أرى أن يقيم عليها. قال مالك: وإنما يكره من ذلك من نكح على أن لا يقيم عليها.
قال مالك: وبالعراق قوم يقال لهم النهارية يتزوجها على أن لا تأتيه ولا ياتيها إلا نهاراً أوليلاً، فلا خير فى هذا. قال ابن القاسم: يفسخ قبل البناء ويثبت بعده، ولها صداق المثل، وليأتها ليلاً ونهاراُ وإن كره، وإن شاء طلق.قال محمد: لها المسمى وليس فى الطلاق فساد.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم أنه يفسخ قبل البناء وبعده. وقال ابن كنانة فى الغريب يريد مقام شهر فى البلد، فيتزوج وفى نفسه أن يفارق، فلا شىء فى ذلك إذا كان شيئاً يحدث به نفسه،وأما إذا أظهر ذلك فلا.
من كتاب محمد، قال ابن القاسم: وإذا نكح على أن يؤثر عليها امرأة فليفسخ قبل البناء، ويثبت بعده ويبطل الشرط. قال محمد: ولها المسمى.
قال أشهب: ومن تزوج متعة ووطىء وافترقا، فلا يتزوجها حتى يستبرئها من ذلك الماء، وغيرها من النساء أحب إلى.
[4/558]
***(1/481)
[4/559]
قال ابن حبيب: وقول عمر في المتعة لو تقدمت فيها لرجمت. تغليظاً في الزجر، ولايبلغ مبلع الحد وان كان حراماً، ولكن يعاقب عقوبة موجعةً، ويلحق به الولد.
هذا قول مالك وأصحابه.
في نكاح المريض والمريضة
من كتاب ابن المواز: ونكاح المريض المنوع من ماله يفسخ ما دام مريضاً لم يحتلف في هذا مالك واصحابه، وإن صح قبل الفسخ فروي عن اشهب وابن وهب عن مالك انه يفسخ وان صح. ووقف فيه ابن القاسم .وقال محمد: وقال ابن القاسم وعبد الملك :لايفسخ أن صح. محمد: واحب الينا ان يفسخ، دخل اولم يدخل، لانه عقد نكاج لاميراث فيه، فكما منع ان يحرم بالطلاق وارثاً، بطل ان يريد بالنكاح مثله. وقاله ابن عبد الحكم.
وكذلك لو اذن له جميع ورثته، وهم بلغ، لم يجز. وقال اصبغ: والفساد فيه في عقده، الا ترى ان طلاقه لايعد ومن كتاب ابن حبيب قال:ولا يجوز وإن أذن له ورثته، ولعل غيرهم يرثه، قال: وإن صح ثبت، والفسخ فيه بغير طلاق؛ لأنهما معلومان فى المرض على فسخه، وفيه يفسخ.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا بنى المريض فلها المسمى فى ثلثه وإن زاد على صداق المثل، يبدأ على الوصايا بالعتق الواجب وغيره، فيما علم وفيما لم يعلم، ولو كان من معنى الوصايا لكان لها إن بنى، ولكنه بسبب فعله ومسيسه، فلا يبدأ عليه إلا المدبر فى الصحة، قاله ابن القاسم. وله قول، أنه مبدأ على المدبر. وليس بشىء.
قيل:فلم لا فسخت نكاح العبد بغير إذن سيده وإن اجازه؛ لأنه لا فساد فى صداقه؟ قال: نعم، ولا فى عقده، وإنما حجة السيد لما تعين على
[4/559]
***(1/482)
[4/560]
وينقص من ثمنه، فهو من باب الاستحقاق؛ ولما أفات على مال السيد. وكذلك الصغير والمولى عليه ليس فى عقده ولا فى صداقه فساد. وذلك كالمراة تنكح على الآخرى، وللأولى شرط أن أمر من يتزوج الزوج بيدها، فهذا نكاح الخيار فى رده وإجازته لغيره، ولا خلاف فى هذا، فكذلك ما ذكرنا، وليس من فساد العقد. وجعل ابن حبيب نكاح المريض كنكاح العبد بغير إذن سيده، وقال: ليس فيهما فساد فى عقد ولا صداق، فإن عتق قبل يعلم سيده جاز، وإن صح المريض قبل يفسخ جاز أيضاً.
ومن كتاب محمد قال ابن القاسم: ومن نكح فى المرض وبنى فيه ثم مات فلا ترثه،ولها الصداق من ثلثه، ولا عدة عليها للوفاة، وعليها ثلاث حيض، وإن لم يبن فلا صداق ولا عدة ولا ميراث.
قال: ونكاح المريضة لا يجوز، ولها الصداق إن بنى، ولا ترثه ولا يرثها، وإن كان أبوها قد زوجها ولا وارث لها غيره. وإذا تزوج المريض وبنى ثم مات فعدتها ثلاث قروء. قاله أشهب. وإليه رجع ابن القاسم، وكان يقول: عدة الوفاه.وقال: يفسخ نكاحه بطلاق. وقال أشهب:بغير طلاق، وما طلق قبل الفسخ لم يلزمه عند أشهب. ولذلك إن تزوج ذمية أو أمة وهو مريض او هى المريضة؛ لما قد يحدث مما يتهم به الورثة.
قال مالك: وإذا تزوج حرة فى مرضه ثم مات لم يرثها. قال:وحاضر الزحف والصف والحامل المثقل كالمريض فى ذلك، ولو خالع الحامل المثقل زوجها لم يجز أن يتزوجها، ولا يجوز نكاح المرتد ونكاح راكب البحر فى شدة هوله، كطلاقه، وقد اختلف فيه؛ وقال ابن القاسم: طلاقه جائز، وعتقه من رأس ماله. وقال أشهب: بل هو كالزاحف والحامل المثقل، وعتقه من ثلثه.
قال مالك فى موضع آخر: فإذا بلغت الحمل ستة أشهر فهى كالمريض، وإذا تزوج المريض وأصدق جاريته فماتت بيد الزوجة فلا يتبع بشىء، وإذا أعتق
[4/560]
***(1/483)
[4/561]
أم ولده فى مرضه ثم تزوجها بطل نكاحه وجاز عتقه من رأس ماله، وإذا فوض إليه فى نكاحه فى مرضه فسمى لها ثم مات فلا شىء لها، إلا أن يمسها فذلك فى ثلثه، وإن كان أضعاف صداق المثل. وكذلك يحاصص به.
قال محمد: وأحب إلى قول عبد الملك، أن لها صداق المثل مبدأ، ويبطل ما زاد عليه، يريد فى المفوض إليه فى المرض، لأن الواجب لها بالطء صداق المثل، فما زاد فليس بوصية؛ لأنه لم يرد به بالوصية، وأما التى تزوجها بتسمية فبتلك التسمية رضيت، فلها جميعه فى الثلث. وهذا التفسير من غير رواية ابن أبى مطر عن ابن المواز.
وقال سحنون، فى كتاب الإقرار فى المتزوج فى المرض وقد سمى لها أكثر من صداق مثلها: فلا يكون لها إلا صداق مثلها فى قول عبد الرحمن، ويكون مبدأ على الوصايا على المدبر فى الصحة.
قال ابن حبيب فى المريض الذى بنى فى مرضه الذى نكح فيه. فلها جميع ما سمى لها مبدأ، وإن زاد على صداق المثل، يدخل فيما علم من ماله وما لم يعلم.
وفى كتاب العتق مسألة من أعتق أمة فى مرضها ثم تزوجها، أو أقر فى مرضه أن ذلك كان فى صحته.
[4/561]
***(1/484)
[4/562]
في نكاح السكران وغير ذلك من أمو ره
ومن اكرة في النكاح من رجل او امرأة
ومن نكح بغلبة
من العتبية قال ابن القاسم عن مالك لايجوز نكاح السكران ويلزمه طلاق قال عنه اشهب ولايجوز بيعه ان استوقن وكيف يعلم ذلك؟ قديربح فيقول كنت صحيحا وقد يخسر فيدعي السكر قيل فنكاحه ؟ قال ومن يعلم انه سكران اذ يقتل هذا ويا خذ متاع هذا ويقع في الحدود ويدعي السكر فما ادري ما هذا قال سحنون قال ابن نافع يجوز عليه كل مافعل من بيع وغيره قال سحنون اما نكاحه وبيعه وهبته وصدقته وعطيته وانكاحه بناته فلا يجوز شي منه وعليه اكثر الرواة.
واما احدود التي تكون في بدنه وطلاقه وعتقه فذلك يلزمه ويلزمه تدبيره وعتقه ووما عدا تدبيره فلا يلزمه واقراه بالدين لايلزمه واذا اوصى في مرضه بوصيه لقوم وفيها عتق فلا يجوز وما بتل من العتق في مرضه فذلك جائز ثم
رجع سحنون فقال تجوز وصيته بما فيها من عتق اووصايا لقو م ولايكون اسوا حالا من الصبي والسفينه.
وقال ابن حبيب عن مطرف وابن الما جشون وابن عبد الحكم واصبغ قالوا سبل السكران في نكاحه وانكاحه وبيعه وابتياعه وعطاياه وهباته واقراره بالدين سبيل المعتوه لا يلزمه منه شي الاما كان من الحدود مثل الزنى والسرقة والقذف
[4/562]
***(1/485)
[4/563]
والطلاق والعتق والجراح والقتل فانه يلزمه لانه ادخل ذلك على نفسه ولم يبلعي عن اصحاب مالك في ذلك اختلاف.
وفي العتبية من سماع ابن القاسم وعن امراة زوجت على وجه الغلبة قال ذلك فاسد لا تنكح حتى تستبرا من ذلك الماء.
ومن كتاب ابن سحنون قال اصحابنا اجمعون بابطال نكاح امكره والمكرهة قال سحنون ثم لا يجوز للمكره ولاللمكرهة ولالاوليائها اجازة ذلك النكاح والمقام عليه لانه لم يكن عقدا ولو كان عقد البطل لانه نكاح على خيار.
وقال ابن سحنون وفي قياس بعض مذاهب مالك ان للمكره امضاء النكاح امنا وكذلك لاولياء المكرهة وفي قياس بعض مذاهبهم ان اجازة ذلك ايضا بقرب ذلك وبحدثانه فاذا طال ذلك لم تجز اجازتهم وانما يجبر المكره على صداق المثل ما لم يكن المكره وطئها وكذلك اجازة المكرهة او اوليائها بالمسمى وان كان اقل من صداق المثل الا ان يشاء الزوج ان يتم لها صداق المثل ويرضى الأولياء بذلك فيتم النكاح. وهذا خلاف قول ابن سحنون، فإن وطئها المكر غير مكرهة لزمه إمضاء النكاح على ما سمى من المهر فى قياس قول سحنون.
وإن قال وطئت راضياً بالنكاح درى عنه الحد بالشبهة، ولزمه المسمى من المهر، وإن أقر على انه وطىء على غير إمضاء النكاح لزمه الحد، ولها ما سمى لها، قال: وإن علمت أنه مكره على النكاح إذا وطئها مكرهة على الوطء فليحد فى قول سحنون وغيره، ولها صداق المثل، ولا حد عليها للإكراه. وفى قياس قول بعضهم إن وطئت على الطوع منها ومن الأولياء فهو رضى بالنكاح، ولها المسمى. وفى قول سحنون: لا نكاح بينهما.
[4/563]
***(1/486)
[4/564]
فإن لم توطأالمكرهة على النكاح وهى بكر أكره أبوها على إنكاحها، فلم توطأ حتى ترافعه إل الحاكم، فليس للأب إمضاء ذلك النكاح. وفى قول سحنون وغيره من أصحابنا أن للأب إمضاء ذلك النكاح بالصداق المسمى وإن صدق عن صداق المثل، إذا كان نظراً من الأب ما لم يطل ذلك، ولا كلام لا مع الأب، وإن كان الولى غير الأب، فالخيار إليها وإلى وليها فى إبطال النكاح أو إمضائه، فإن اختلفت المرأة والولى، فلا إجازة للنكاح إلا بهما جميعاً، إذ لا يزوجها غير الأب إلا برضاها.
ومن كتاب ابن المواز: ومن نكح امرأة بغلبة لم يجز نكاحه ويفسخ، فإن شاءت نكاحه فبعد الاستبراء.
[4/564]
***(1/487)
[4/565]
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه
الجزء الرابع
من كتاب النكاح
فى نكاح السر
ومن نكح ولم يشهد
من الواضحة، قال: وقول عمر فى نكاح السر: لو تقدمت فيه لرجمت تشديداً فى الزجر عنه.
وفى كتاب ابن المواز، قال مالك فى نكاح عقد بشهادة امراتين ودخل بها، قال ابن حبيب: وفى نكاح السر العقوبة على الزوجين والولى والبينة، ويلحق به الولد، ولها المسمى إن مسها ويفسخ بطلقة، إلا أن تطاول زمانه فى يفسخ. هذا قول مالك وأصحابه.
وكل نكاح استكتمته الشهود وإن كثروا أو عقد على وجه الاستسرار، فهو من نكاح السر. وإذا سألوا الشهود أن يكتموا ذلك من امرأة له أخرى، أو يكتموا ذلك فى منزل التى نكح، ويظهروه فى غيره، أو يظهروه فى المنزل ويكتموه فى غيره، أو يكنموه بثلاثة أيام أو نحوها، فذلك كله من نكاح السر الذى يفسد أبداً ما لم يطل. وكذلك اخبرنا عن مالك من سمعه.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن نكح بشهود واستكتمهم، فهو من نكاح السر ويفسخ بطلقة إن بنى، فلها المسمى، وتعاقب البينة إن لم يعذروا
[4/565]
***(1/488)
[4/566]
بجهل. قال في سماع أشهب: يفسخ بطلقة، فإن شاء نكاحها وقد بنى فبعد الاستبراء.
ومن العتبية وكتاب ابن المواز وأشهب عن مالك فيمن نكح في مؤخر المسجد، ثم قام فلقيه رجل فقال له: كأنكم كنتم على إملاك. قال: لا. قال: أكره كتمان ذلك، وأحب إلى أن يشاد ولا أرى عليه فى هذا القول شيئاً.
قال أصبغ: وسألت أسهب عما عقد فلما فرغ استكتم البينة. فإن لم يكن ذلك بينة ولا عليه نكح بضميره، فلا بأس. قلت: فغن نكح على ذلك فى ضميره؟ قال : فليفارق.
قال أصبغ: لا أرى أن يفسد النكاح إن لم يكن إلا ضميره فى نفسه، لأنه لا بأس أن يتزوج ونيته أن يفارق، ولكن إن كان مع ضميره مواطأه بينه وبين المرأة أو الأولياء أو حداه ما حدا الاستسرار فهو فاسد، وليفارق.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب عن مالك: ومن تزوج ولم يشهد، فإنتقارا بعد ذلك أشهدا ولا يفسخ النكاح، وغن بنى ولم يسهد فرق بينمها بطلقة، ويخطبها إن شاء بعد الاستبراء بثلاث حيض.
ومن زوج غلامه أمة رجل، لم ينفع حضور السيدين حتى يشهدا غيرهما. ومن نكح بلا بينة، ولم يرد سراً لم يضره إلا أن يبنى قبل أن يشهد. ومن الواضحة قال مالك: ومن نكح ولم يشهد، لم يضره ولكن لا يبنى حتى يشهد، فإن بنى قبل أن يشهد فاشياً، لم يحدا، عالمين كانا أو جاهلين، وإن لم يكن فاشياً حدا، عالمين كانا أو جاهلين. قال: والشاهد الواحد لهما بالنكاح
[4/566]
***(1/489)
[4/567]
أو معرفة أبنائهما باسم النكاح وذكره وإشهاده، فهو كالأمر الفاشى من نكاحهما. قاله ابن الماجشون وأصبغ.
وقال ابن القاسم: إذا لم يعذرا بالجهالة حدا، وإن كان أمرهما فاشياً، ولم أجد من يقول ذلك.
قال ابن الماجشون: ومن زوج عبده أمته ولم يشهد، فإن وقعت الإشادة بذلك والتهنئة وشبهه بالنكاح فذلك جائز، والحر والعبد فى ذلك سواء.
قال مطرف وابن الماجشون فى نفر شهدوا على نكاح وقالوا: حضرناه ضيفاناً ولم يكن غيرنا. فالنكاح جائز إن كان القوم مرتضين، ولو عثروا عليهم وهم صبيان، لم يجز وكان فيه الحد.
ما ينبغى من إظهار النكاح
وما يستجاب فيه من اللعب بدف ونحوه
وذكر الوليمة، وإجابة الدعوة
من كتاب ابن المواز وابن حبيب: روى أن النبى عليه السلام قال)أظهروا النكاح وأضربوا عليه بالغربال)، يعنى بالدف المدور. وقال غيره: وهو مفشى من جهة واحدة. قال ابن حبيب: وكان عمر بن عبد العزيز يستحب ذلك.
قال ابن المواز قال مالك: لا بأس بالكبر والدف. وقال أصبغ: يعنى فى العرس خاصةً،لإظهار النكاح، ولا يعجبنى المزهر، وهو المربع، فإن لم يكن معه غيره فهو أحب إلى، فإن كان معه الكبر فلا يكن معهما غيرهما، ولا ينبغى ذلك
[4/567]
***(1/490)
[4/568]
فى غير العرس، ولا يجوز الغناء فى العرس ولا فى غيره، إلا مثل ما كان يقول نساء الأنصار.
زاد أصبغ فى العتبية: أو رجز خفيف لا بكبر ولا طبل، مثل ما كان جوارى الأنصار، ولا يعجبنى الصفق بالأيدى، وهو أخف من غيره. ولا بأس فى الإملاك بمثل ذلك فى العرس. قال ابن المواز: وكبت عمر بن عبد العزيز بقطع اللهو إلا بالدف وحده فى العرس وحده.
ومن الواضحة قال ابن حبيب: وقد أرخص فى العرس إظهار الكبر والمزهر، وينهى عن اللهو بذلك فى غير العرس وإشهاره.
قال: وكان النبى عليه السلام يستحب الإطعام على النكاح عند عقده وعند البناء ولم يدع الوليمة على أحد من نسائه، قل أو كثر. قال أنس: ولم يولم مثلما أولم على أم سلمة، وكان ذلك الخبز واللحم، وأولم على صفية بالصهبا بالسويق والتمر، وقد ابيح أكثر من يوم. وروى: أن اليوم الثانى أفضل، والثالث سمعة. وأجاب الحسن رجلاً دعاه فى اليوم الأول، ثم فى الثانى، ثم فى الثالث فلم يجبه. وفعل ابن المسيب مثله.
قال ابن حبيب: وهذا يكره إن تكرر استذانه أياماً. فأما إن دعا فى الثالث من لم يكن دعاه أو دعاه مرة فذلك سائغ. وقد أولم ابن سيرين ثمانية
[4/568]
***(1/491)
[4/569]
أيام، ودعا فى بغضها أبى ابن كعب،فمن وسع الله عليه فليولم من يوم ابتنائه إلى مثله.
وروى أن النبى عليه السلام، قال) إذا دعا أحدكم إلى الوليمة فليجب، فإن شاء طعم وإن شاء ترك) وقد أجاب على فدعا ولم يأكل. وفعله ابن عمر، ومد يده وقال: كلوا باسم الله. فلما مد القوم أيديهم كف وقال: إنى صائم. وقال: إنما يجاب فى الوليمة من لا يخرج عن السنة فيها.قال سفيان: وإنما تجيب من لا يفسد عليك دينك. وروى ابن مسعود قال: نهينا أن نجيب من يرائى من طعامه ومن يتخذ بيته مسجد الكعبة، أى من يدعو الأغنياء ويترك الفقراء، وبذلك ذم أبو هريرة طعام الوليمة. ودعا ابن عمر فى وليمته الأغنياء والفقراء فأتوا مع الأغنياء، فقال ابن عمر: ها هنا لا تفسدوا عليهم ثيابهم، وإنا نطعمكم مما يأكلون.
وقد رجع ابن مسعود حين سمع لهوا. ورجع أبو ذر من ضرب. وأبو وائل مثله. وقال مالك والأوزاعى: قال الحسن فى وليمة فيها برابط، لا دعوى لهم ولا نعمة عين.وقد روى أن النبى عليه السلام، قال: لا عليكم أن تأتوا العرس ولا محرحه غرما.
[4/569]
[4/570]
ودعى الحسن وابن سيرين إلى عرس، وفى البيت ريحان وطيب، فجلس ابن سيرين فى أدنى البيت، فقيل ها هنا أبا بكر. فأبى، وقيل ذلك للحسن، فأتى حيث قيل له، حتى جلس فى ججلة فيها فراش ديباج، فأخبره ابنه أنه فراش ديباج، فانسل حتى نزل عن الفراش، وجاء الطعام فلما أكل ابن سيرين الثريد مسح يده وقام، وجلس الحسن إلى آخر الطعام، وجىء بخبيص فى جام من فضة، فكف الناس عنه، فأخذ رغيفاً رقيقاً فنفض مما عليه وجعله وسط المائدة، فأكفأ عليه إناء الخبيص فأكل وأكلوا، ثم جىء بالغسل، فغسل، ثم جىء بمجمر بيد جارية فاجمرته، وادخلت يدها تحت ثيابه، فلم يمنعها، ودهنت لحيته بيدها بغالية، فلم ينهها ، ثم قام، فقيل له: إن الرجل يحب أن يأتى إليه فيدعو له بالبركة. فخرج مع أصحابه حتى دخل عليه فدعا له بالبركة، ثم انصرف.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك فيما جاء من إتيان الدعوة: ذلك فى العرس وحده، ورأى أن يجيب وإن لم يأكل وكان صائماً. قال أصبغ: وكان الصحابة يجيئون صياماً وغير صيام، وليس بالمؤكد، وإنه لخفيف، وإن كنت أحب أن يجيب من دعى إلا من عذر ونحوه.
هذا كله فى العتبية. ومنها من سماع ابن القاسم قال: وليات الوليمة. قيل: فإن كان فيها زحام؟ قال: فهو فى سعة. قال عنه أشهب قيل: أفيجيب النصرانى فى صنيعه فى ختان ابنه؟ قال: إن شاء فعل، وإن شاء ترك. قال: وليجيب إلى الوليمة إلا أن تكون له علة من مرض أو غيره. قيل: فمن وخر ذلك إلى السابع؟ قال: فليجيب وليس مثل الوليمة، وربما عمل الوليمة والسابع. قال
[4/570]
***(1/492)
[4/571]
عيسى قال عنه ابن القاسم: فإن كان فيها اللعب؟ قال أما الخفيف مثل الدف والكبر يلعب به النساء فلا بأس به. قال أصبغ: وأحب إلى أن يرجع.
قال ابن وهب عن مالك: لا أحب لذى الهيئة أن يحضر اللعب. قيل: فالكبر والمزمار وغيره من اللهو، وينالك سماعه وتجد لذته وأنت فى طريق أو فى مجلس؟ قال: فليقم من ذلك المجلس، وقد رجع ابن مسعود من لهو سمعه فى وليمة وقال قال النبى عليه السلام: ومن كثر سواد قوم فهو منهم.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وأستحب الإطعام فى الوليمة، وكثرة الشهود فى النكاح، ليفشو ويثبت معرفته. قال ربيعة: والوليمة فيه لإثباته وشهرته وقد تهلك البينة.
قال مالك: والوليمة التى تؤتى وليمة النكاح، وما سمعت أنه يجب أن يؤتى غيرها من الأصنعة، وأرى إن لم يولم بعد البناء أن يجاب الدعوة له إلا من عذر.
قال محمد : وإنما جاءت العزيمة فى الوليمة النكاح. قال مالك: وإن رأى أحداً من المغنين، فليخرج ، إلا الكبر والدف، وإن لم يأكل فليبارك ولينصرف.
قال فى العتبية : وإنى لأفعله .قال: ولا بأس أن يأتى وليمةً فيها سرف فى طعامها، وإذا كان العرس زحام فأرجو أن يكون فى سعة إن تخلف، ولا بأس أن يقول للرجل ادع من لقيت . ولا بأس على من دعى لهذه الدعوة أن لا يأتى ، لأنه لم يتعمده ولا يعرفه.
[4/571]
***(1/493)
[4/572]
قال مالك: وأكره لأهل الفضل الإجابة إلى الطعام يدعون إليه يريد فى غير العرس ومن جاء للوليمة فوجد رجلاً يلعب، بأن يجعل على جبهته صارى، أو يلعب على حبل فليخرج، ولا يأتى إذا ادعى، وأكره لأهل المسجد الإجابة إلى الطعام يفطرون عليه فى المسجد فى رمضان، وأن يجيبوا إلى كل من دعاهم.
ومن العتبية روى أشهب ، عن مالك قيل له: أترى أن يولم بعد البناء؟ قال: لا بأس بذلك.
فى نفقة العرس والهدية عند الخلوة
من كتاب ابن المواز قال مالك: لا أرى هدية العرس واجبة، ولا أرى ما يحملها عند اختلائه يلزمه. قال فى هدية العرس: إلا أن يعلم أنه من شأنهم وما جروا عليه فليلزمه، إلا أن يتقدم فيه السلطان. قال ابن القاسم: وقال قبل ذلك: لا يلزمه إلا بشرط وهو أحب إلى.
قال ابن القاسم فى كتاب العدة: أرأيت لو مات أحدهما، أكان يكون لها فيه حق؟ فهذا يدل أنه لا يقضى به، كان مما جروا عليه أم لا. قال أصبغ: أحب إلى إذا كان قد جروا عليه أن يقضى به إلا أن يبرئوا منه الزوج. وقال ابن حبيب : يقضى بهدية العرس فى قول مالك وأصحابه، ولا يقضى بهدية الإملاك، فإن طلق قبل البناء فلا يرجع بهدية الإملاك، وإن لم تفت، ويرجع بهدية العرس إلا أن تفوت فلا شىء له.
فيمن نكح فى العدة، أو وطىء فيها بالملك
من كتاب ابن المواز: ومن نكح امرأته فى عدتها . فعليهما العقوبة إذا تعمدا، ولا تحرم عليه إلا بالمسيس.
[4/572]
***(1/494)
[4/573]
قال ابن القاسم: وتحرم بالقبلة والجلسة والمباشرة. ابن حبيب: أو مس شعرها للذة. محمد: قال أصبغ: وقد قال لى مرة: أحب إلى أن لا ينكحها من غير قضاء، لأنه فى الوطء نفسه اختلاف، فكيف فيما دونه؟ وكذلك روى عنه عيسى فى العتبية.
محمد: وقال أصبغ: وهو كالوطء نفسه، ويفسخ بالقضاء. وقد رجع ابن القاسم إلى هذا . وإذا نكح فى العدة وأرخيت الستور ثم تقاررا على أنه لم يمس فلا تحل له أبداً. قاله ابن القاسم وأشهب، قالا :ويقضى بذلك عليه ، وعليها بالعدة. وقاله أصبغ . وكذلك فى الواضحة.
محمد: قال ابن القاسم: ومن واعد فى العدة ونكح بعدها فإنه يفسخ وإن بنى . وقال أيضاً: يؤمر بالفراق بغير طلاق، وتكون طلقةً. قال أشهب وابن وهب عن مالك: إنه يفسخ أبداً. وقاله ابن عبد الحكم. وقال ابن القاسم ثم لا ينكحها أبداً يريد أن بنى وذكر عن مالك أنه قال: ذلك أحب إلى. وروى عنه أن له أن يتزوجها بعد الاستبراء. هذه رواية أشهب فى العتبية. قال محمد وقال أشهب: لا تحل له أبداً . قال أصبغ: تطلق عليه بالحكم، وإن بنى لم تحل له أبداً بحكم. قال محمد: لا يعجبنى.
قال أصبغ وأشهب: ومن واعد أم ولد فى حيضتها من وفاة السيد، فلما انقضت تزوجته، قال مالك: أكره ذلك، فإن فات جاز. قال ابن عبد الحكم: أما بالبناء فلا شك، وأما بالعقد فأحب إلينا الفراق بغير قضاء . وقال أصبغ: يفرق بينهما ولا يترك بحال. وقال أشهب: لا يفرق بينهما ولم يره شيئاً.
ونهى مالك أن تواعد فى الحيضة فى موت سيدها أو عتقه. قال أشهب: ولو نكحت فيها لفرق بينهما، وله أن ينكحها بعد ذلك بعد الاستبراء بثلاث
[4/573]
***(1/495)
[4/574]
حيض .وقال عبد الملك وأصبغ: لا يفسخ ذلك وليفرق بينهما ولا ينكحها أبداً إن مسها، رق كذا قبل أن تحيض. قال أصبغ: وليس كتحريم عدة النكاح.
قال مالك: أكره مواعدة الولى فى الحرة، والسيد فى الأمة. وقاله عطاء: قال محمد: وأما الأب فى البكر والسيد فى الأمة فبمواعدة الحر وأما ولى لا يزوج إلا بإذنها فيكره، فإن وقع لم يفسخ. قال: ومن قول المعروف الذى أبيح فى العدة: إنى فيك لراغب. وإنك على لكريمة. وقال بعضهم: وأرجو أن أتزوجك، وإنى بك لمعجب، فإن يقدر أمر يكن. ولا بأس أن يهدى إليها، وكله مذهب مالك وأصحابه.
قال ابن حبيب: ولا أحب أن يباح هذا بالفتيا، إلا لذوى النهى، ومن تحجزه التقوى، لئلا يكون ذريعة إلى ما يتقى.
قال محمد قال مالك: ما لم يسم صداقاً ، ولم يواعد، إلا أنه بين لها أنه يخطبها، أما إن تواعده وتعطيه عهدا فلا يحل.
قال: والوطء بالملك أو بالنكاح فى عدة نكاح صحيح أو فاسد يحرم. وقد ذكرنا الوطء بالنكاح فى استبراء الملك فى كتاب أم الولد.
ولا يحرم وطء ملك فى استبراء ملك وأما المعتقة تنكح فى حيضة الاستبراء من وطء السيد ويبنى بها، ثم يعلم فيفارقها، فأجمع ابن القاسم وأشهب أنها لا يحرم عليه نكاحها بعد ثلاث حيض، ثم إن نكحت أحداً فى هذه الثلاث حيض حرمت عليه إن وطئها فيها .
محمد: وكذلك فى استبراء ما فسخ من نكاح فاسد . وقاله أشهب وعبد الملك وأصبغ. قال ابن القاسم: لا الذى فسخ نكاحه ولا غيره، أو كانت أمة
[4/574]
***(1/496)
[4/575]
فبيعت ووطئت فى ذلك ، فتحرم على سيدها. وأما التى زنت فتوطأ بنكاح قبل الاستبراء أو وضع حمل. قال ابن القاسم: لا تحرم بذلك عليه بعد اليوم، ثم رجع فقال: أما فى الحمل فتحرم عليه ولا تحرم فى غيره. وأظن أنها رواية ابن وهب عن مالك فى الحمل. وقال ابن عبد الحكم مثله عن مالك. قال أصبغ : أكرهه فى الحمل. والقياس أنه وغيره سواء، فلا أحب أن يتزوجها ذلك كله ، ولا أقضى عليه به ، وينبغى إذا حرم بالنكاح أن يكون بالسفاح أحرم.
قال ابن القاسم : ومن له أمة، وهى حامل من غيره بنكاح، أو زنى ، فلا يتلذذ منها قبلة، أو غمزة، أو غيرها، ولا أحب أن يمس لها يداً ولا رجلاً أن تناوله الشىء، ولا يعتق عليه ما فى بطنها.
محمد: لا ينبغى أن يطأها فى ذلك الماء. قال أشهب: والحامل من زوجها حملاً بيناً منه يوم غصبت أحب إلينا أن يتوقف عنها إيجاب. وكذلك قال أصبغ: وإن لم تكن بينة الحمل فلا يطأ إلا بعد ثلاث حيض.
ومن كتاب محمد: ومن تزوج أمةً بغير إذن سيدها فوطئها ثم اشتراها وهى تحته فلا يطؤها حتى يستبرئها، ولو أعتقها سيدها قبل فسخ نكاحه فلا يتزوجها هو ولا غيره إلا بعد استبراء، قال محمد: بحيضتين.
قال مالك : وإذا مات زوج الأمة قبل البناء وهى صغيرة، فلا تحل للسيد إلا بعد شهرين وخمس ليال، وإن كان الزوج وطئها فبعد ثلاثة أشهر ، أو شهرين وخمس ليال مع حيضتين للتى تحيض.
قال مالك: وإذا انقضت عدة المطلقة بالحيض فتزوجت ودخلت، ثم ظهر بها حمل فى مدة قريبة فلا تحل له أبداً ، وكذلك لو اعتدت بالسنة. قال: ولو ارتجعها الأول بعد السنة، فظن أنه جائز ، ولم يعلم بتزويجها، كان غائباً، ثم وضعت لأقل من ستة أشهر من نكاح الثانى، كانت رجعة فسخ نكاح الثانى ، ولم
[4/575]
***(1/497)
[4/576]
تحل له أبداً لما تزوجها قبل رجعة الأول ، وهى فى عدة منه بالحمل. ولو ارتجعها الأول قبل نكاح الثانى، كان الثانى غير واطىء فى عدة ، لكن تزوج ذات زوج.
ومن ارتجع فى عدة من طلاق ثم طلقها طلقةً بائنةً فى عدتها، فلم تعرف برجعته ولا بطلاقه الثانى حتى تمت عدة الطلاق الأول وتزوجت، ودخلت قبل تمام عدة الطلاق الثانى، فلا تحل لهذا الآخر أبداً ، ولو كان الطلاق الأول بخلع ثم نكحها فى العدة ، ثم طلق قبل أن يمس فتزوجت بعد تمام عدتها من الطلاق الأول، فذلك جائز، لأنها ليس عليها ائتناف عدة، ولا لطلاقها الثانى عدة، لأنه نكاح جديد ، وطلق فيه قبل أن يمس، وأما الطلاق الذى فيه الرجعة فالرجعة تهدم عدته، ثم إن طلق كان عليها ائتناف عدة، فلذلك افترقا.
ومن طلق زوجته واحدة فارتجع وهى لا تعلم ، فانقضت عدتها ونكحت، فشهد رجلان أنهما أعلماها برجعته قبل نكاح الثانى، فقالت هى أو قال زوجها الثانى: قد صدقا ولم يكونا عندنا ممن يعدل. فليفسخ نكاحهما ويدرأ عنهما الحد بهذه الشبهة حين لم يكونا عندهما بعدلين، ولو شهد عدلان أنها أقرت قبل تزويجها أن الرجعة قد بلغتها لحدت.
قال عبد الملك: وإذا أسلمت النصرانية تحت النصرانى أو المشركة فتزوجت فى تلك العدة ودخل بها إنه ناكح فى عدة لا تحل له أبداً، لأنها عدة تحل بها للأزواج. وكذلك لو أسلم زوجها فى تلك العدة. وكذلك من نكح من لزوجها عليها الرجعة.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فى الرجل يتزوج المرأة من مجوسية أو نصرانية، وفى الزوجين الكافرين إذا أسلما، وكان قد نكحها فى عدة فلا يفرق بينهما.
[4/576]
***(1/498)
[4/577]
قال سحنون: أخبرنى ابن نافع عن عبد العزيز ابن أبى سلمة أنه كان يقول فيمن تزوج فى العدة ودخل فيها ثم فرق بينهما أنه يجوز له أن يتزوجها بعد ذلك إذا انقضت عدتها.
ومن كتاب ابن حبيب: قال ابن الماجشون فى مسلم تزوج نصرانية فى عدتها من نصرانى : إنه ناكح فى عدة، قيل لمالك فيمن تزوج نكاحاً فاسداً وبنى ففسخ ذلك ، أيتزوجها هو فى عدتها منه؟ قال: إن كان نكاح ليس إلى أحد إجازته فلا يتزوجها فى استبرائها منه، وإن كان للولى أو للسلطان إجازته فله أن يتزوجها فى عدتها منه قبل تمامها.
ومن طلق زوجته ثلاثاً ثم تزوجها فى عدتها منه، قال ابن نافع: لا تحل له أبداً. وقال ابن القاسم: هو بخلاف الأجنبى، لأن العدة منه ، وعلى هذا جماعة أصحاب مالك.
قال : ومن زنى بامرأة ثم تزوجها قبل الاستبراء فالنكاح يفسخ أبداً، وليس فيه طلاق ولا ميراث ولا عدة وفاة، والولد بعد عقد النكاح فيما حملت به بعد حيضة، أو أتت به لستة أشهر من برم نكحها. وما كان قبل حيضة فهو من الزنى لا يلحق به. وقاله كله أصبغ.
ومن زنت زوجته أو غصبت ثم وطئها قبل الاستبراء فلا تحرم بذلك عليه، ولك أكن أحب له ذلك ، ولكن لو حملت من الغصب فليكف عنها حتى تضع، فإن وطئها لم تحرم عليه، ثم إن طلقها زوجها وهى حامل فلابد لها من ثلاث حيض بعد وضع هذا الحمل، ولو لم تحمل من الغصب أجزأتها منهما ثلاث حيض. وكذلك الجواب فى المنعى لها.
ومن أسلم عن امرأة نكحها فى عدة، فإن أسلم قبل تمام العدة فسخت نكاحه بغير طلاق، دخل أو لم يدخل، وله أن يتزوجها بعد الاستبراء، إلا أن
[4/577]
***(1/499)
[4/578]
يطأها بعد إسلامه وقد بقى من عدتها شىء . ولو أسلم بعد العدة لم أعرض له . قال: والعدة فى ذلك ثلاث حيض من وفاة أو من طلاق.
ومن نكح فى العدة ، فلم يبن حتى نكح أمها ، فنكاح الأم ثابت، والأول ليس بنكاح فى الابنة ، وتحل لآبائه وأبنائه.
وروى أشهب ، عن مالك فيمن خالع امرأته على أنها إن طلبت ما أعطته عادت زوجة فطلبته فردها فوطئها ، فرآه واطئاً فى عدة، ولها بمسيسه ما كان أخذ منها، وأبى هذا غير واحد من أصحاب مالك وقالوا : لا تحرم عليه . وهو بخلاف غيره . وبهذا أقول.
قال ابن القاسم : والتى تنكح وقد نسيت فى الحج شوطاً من الطواف الواجب وقد بنى بها فإنه يفسخ ، ولها المسمى ، ولترجع حراماً حتى تتم ثم تعتمر وتهدى، وعليها ثلاث حيض ، فإن نكحها فيها زوجها الأول فهو واطىء فى عدة, وقف محمد عن تحريمها عليه وقال: لو نكحها غيره فيها ودخل حرمت عليه.
فى المفقود أو المنعى لها تتزوج امرأته
وما يجرى فى ذلك من معنى الوطء فى العدة
من كتاب محمد بن المواز: وإذا انكحت امرأة المفقود بعد الأجل المضروب فى الأربعة أشهر وعشر، فناكحها ناكح فى عدة. وكذلك روى عيسى فى العتبية عن ابن القاسم . قال فى كتاب محمد: ما دام أمره لا يعرف ، فإن عرفت حياته أو عرف أن موته كان فى وقت لا تكون تلك الأشهر عدةً، فلا يحرم
[4/578]
***(1/500)
[4/579]
بذلك . وكذلك لو جاء أنه مات بعد الأربعة أشهر وعشر ، فلا يكون الناكح فى الأشهر ناكحاً فى عدة. وكذلك لو أنه قدم ثم مات فأحمل أبداً يوم موته كيوم قدومه، محمد حكم ذلك سواء.
قال ابن حبيب عن أصبغ: وإذا نكحت بعد الأجل والعدة وبنى بها ، ثم مات أو طلق ، ثم قدم الأول فأراد نكاحها، فإن كان تقدم له فيها طلقتان فلا تحل له إلا بعد زوج، لأنه بدخول الثانى بها انكشف أن طلقة ثالثة لزمت بذلك .
ومن كتاب ابن المواز: وإذا تزوجت فى الأربعة أشهر وعشر ففسخ نكاحها ، فاستبرأت من مائه مع تمام الأربعة أشهر وعشر، ثم تزوجت غيره، وبنى بها ، ثم قدم المفقود أو لم يعلم خبره، فإ، ناكحها فى الشهور ناكحها فى عدة، لأن المفقود لو قدم وقد بنى بها الثانى، لكان الثانى أحق بها ، ولزمت المفقود طلقة، ولو فارقها الثانى لم يكن المفقود إليها سبيل إلا بنكاح جديد ، فإن كان يلزم المفقود طلقة فقد انكشف أن عدتها عدة الطلاق. قالا: وإنما هل نكاحها بعد تمام عدة الطلاق فى بقية من الأربعة أشهر وعشر فسلم من النكاح فى العدة أو قبل ذلك فيكون ناكحاً فى عدة؟
قال ابن حبيب : قال أصبغ : فإن تزوجت فى الأربع سنين ، فسخ نكاحه وله نكاحها بعد السنتين والأربعة أشهر وبعد الاستبراء.
قال فى كتاب ابن المواز: ولو قدم قبل بناء الثانى الناكح بعد العدة ، لفسخ نكاحه ورجعت إلى المفقود، ويصير الناكح فى الشهور غير ناكح فى عدة. وكذلك لو جاء خبره أنه مات قبل بناء الثانى، لم يكن دخول الآخر أن يكون الأول ناكحاً فى عدة، لأن نكاح الثانى مفسوخ، فلا يكون الناكح فى الشهور ناكحاً فى عدة حتى يثبت نكاح الذى بعده. ولو جاء العلم أن المفقود مات بعد الأشهر والعشر بما يكون الآخر ناكحاً فى عدة، لحرمت على الآخر للأبد،
[4/579]
***(2/1)
[4/580]
وحلت لنا كحها فى الأشهر. ولو وقع نكاح الآخر قبل فراغها من الاستبراء من ماء نكاحها فى الأشهر كان ناكحاً فى عدة، فإن عمى خبر المفقود، كان الناكح فى الأشهر أيضاً ناكحاً فى عدة، وإن ظهرت حياته أو أنه قدم أو مات قبل تنكح زوجته بعد هذين الزوجين، أو جاء يصح نكاحه، لم يكن الناكح فى الشهور ناكحاً فى عدة.
وإن تزوجت بعدها وبعد الاستبراء منها زوجاً قبل أن يأتى خبر المفقود بموت أوحياة، صار الناكح فى الأشهر والناكح فى الاستبراء من مائة ناكحين فى عدة، فإن جاء أن موته لوقت يكون الآخر متزوجاً فى عدة من موته، فهو بذلك ناكح فى عدة. وكذلك الناكح فى الاستبراء، ويسلم الناكح فى الشهور أن يكون ناكحاً فى عدة، لأنها لم تنكح بعده نكاحاً يصح حتى تكون الشهور عدةً ويرث المفقود. وكذلك فى كتاب ابن حبيب.
ولو تزوج الأول فى الأشهر ، والثانى فى الاستبراء من ماء ذلك النكاح ، ثم مات المفقود بعدهما، فليس بشىء حتى يتزوجها زوج يبنى بها قبل موته نكاحاً بائناً، والنكاح قائم بينها وبين المفقود. ولو كان موته بعد نكاح الآخر وقبل دخوله فسخناه، وورث المفقود. قال أصبغ: ولو أشكل حتى مات لم يتوارثا. قال محمد: ولم أجب لهذا نكاحاً أبداً.
وروى سحنون عن ابن القاسم فى العتبية فى المفقود قبل البناء يقضى لزوجته بجميع الصداق ويفرق بينهما بعد الأجل ثم يقدم: أنه يرجع عليها بنصف الصداق. وروى عنه عيسى أنه لا يرجع عليها بشىء، ولها الصداق أجمع؛ لأنها قد حبست عليه وحكم لها به.
وللمفقود باب آخر فى أبواب الطلاق فيه الحكم فى ضرب الأجل لزوجته وفى ماله وغير ذلك من أحكامه.
[4/580]
***(2/2)
[4/581]
وإذا اعتدت المنعى لها زوجها ثم تزوجت، فلم يبن بها الثانى حتى مات المنعى لها أو طلق، ثم دخل بها الآخر بعد خروجها م عدة الأول، فليفرق بينهما، ويؤمر بالتورع عنها ، وهى أخف ممن نكح فى العدة ودخل بعدها، وهو كمن تواعد فيها ونكح بعدها ،وهذا قد عقد وهى ذات زوج ،فقعدة لإنكاح ،ولكنه وطء في نكاح كانت فيه عدة فليتنزه عنهاأحب إلى.
ومن العتبية روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فى التى تغيب عنها زوجها فتنكح، ثم يقدم فتقول: نعى لى ، ولم يكن ما ادعت فاشياً، قال مالك: فلا ترجم، دعواها ذلك شبهة ،ويفسخ نكاحها، وترد إلى الأول وتعتد من مسيسه.
فى نكاح المحلل
وجامع ما يحل المبتوتة ويحصن الزوجين
من كتاب ابن المواز: وقد جاء النهى عن نكاح المحلل حتى يكون نكاح رغبة. قال مالك: ولا يجوز أن يتزوجها ليحلها علمت هى أو زوجها الأول أو لم يعلما، فإذا لم ينو هو ذلك فذلك جائز، ولا يضرها ما نوت هى أو زوجها الأول، ولو نكحها ونيته على الصحة، وقد عملت المرأة على ذلك ، وخطب إليه، فلما دخل أعلمته ففارق، أو افتدت منه. قال مالك: ذلك جائز، وتحل للأول، وروى أشهب عن مالك فى العتبية.
قال فى كتاب محمد: ولو أن الأول أمره بنكاحها ودله عليها، وقال لها هى أنكحيه حتى يحللك لى. والناكح لا يعلم، فذلك جائز، إذا لم يرد ما أراد. قال مالك: ولا يضر ما نحت هى لأن الطلاق ليس بيدها.
[4/581]
***(2/3)
[4/582]
ومن كتاب ابن حبيب : وإذا نوى أن يتزوجها فإن أعجبته أمسكها وإن كان قد احتسب فى تحليلها للآخر لم يجز ذلك أيضاً، إذا خالطت نيته التحليل، ولا تحل بذلك للآخر إن علم، وعلى هذا أن يعلمه بما اعتقد حتى يجتنبها.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا فسخ نكاح المحلل وقد بنى، فله نكاحها بعد ذلك ، وأحب إلى ألا ينكحها أبداً. قال مالك: وإذا وقع فى نفس الأول أن هذا أراد التحليل فلا يتزوجها، وليس كتحريم من ظهر ذلك منه، وإذا قال لها الأول: تزوجى فلاناً، فإنه مطلاق ودعى فلاناً لم يضره ذلك، ما لم يعلم الآخر ذلك ولا وعد عليه.
قال ابن عبد الحكم ، عن مالك: ويفسخ نكاح المحلل، وإن بنى بها فلها صداق المثل. قال محمد: بل المسمى. وهو قول مالك، وكذلك ابن حبيب.
قال فى كتاب ابن حبيب: ويفسخ بطلقة بائنة بالقضاء إن كان بإقرار منه، ولو ثبت عليه أنه أقر بذلك قبل النكاح فليس بنكاح ، ولو تزوجها بذلك زوجها الأول ، فسخ ذلك بغير طلاق إذا علم بذلك، وإن لم يعلم فإثمها على من علم ذلك ما بقيا.
قال مالك: ولا يحلها إلا نكاح يصح عقده ويصح النكاح فيه. قال مالك، فيقول النبى عليه السلام: حتى تذوقى العسيلة ،هى والله أعلم اللذة ومجاوزة الختان.
قال: ولا يحلها نكاح عبد بغير إذن سيده وإن دخل حتى يجيزه السيد ثم يطأ العبد بعد ذلك. وقال أشهب: إذا أجازه أحلها الوطء الأول . قال مالك: وما فيه خيار الولى أو لأحد الزوجين من العيوب ونحوها، فيرضى من له ذلك ثم
[4/582]
***(2/4)
[4/583]
يوطأ بعد ذلك ، فذلك يحلها، وكل ما أحصنها أحلها، وأما ما يحلها فهو يحصنها إلا الصغيرة والنصرانية والأمة فإن ذلك يحلهن ولا يحصنهن.
قال: والخصى الذى له ذكر يطأ به يحلها ويحصنها. قال: وإن كان حراً أحصنته. قال ابن القاسم: ويحصنها وطء وإن لم ينزل، وإنما الوطء مغيب الحشفة فيه يجب الإحصان والإحلال، وكذلك لو كان مقطوع الحشفة والأنثيين، فذلك يحلها.
قال مالك: ويوجب الغسل والحد، ويوجب الصداق ويفسد الصوم والحج.
ومن كتاب محمد قال: والمجبوب لا يحل ولا يحصن، وإذا كانت مجنونة أو مجنوناً قد تزوجها فى الإفاقة، قال ابن القاسم: فإن وطئها السليم فى جنوبها لم يحصنها ذلك ولم يحلها، والزوج به محصن، وإن وطىء المجنون الصحيحة فهى بذلك محصنة محللة، ولا يكون هو بها محصناً.
قال أشهب: وطء المجنون لا يحل السليمة ولا يحصنها، وإن كان سليم وطىء مجنونة فى حال جنوبها، فذلك يحصنها ويحلها، لأن الوطء للرجل ، وإليه ينظر.
قال عبد الملك: لا أبالى من كان منهما مجنوناً، أو كانا مجنونين فى حال الوطء جميعاً، فذلك يحل ويحصن إذا صح العقد فى الإفاقة وبعقد من يجوز عقده عليهما.
قال: والزوج إذا لم ينعظ للوطء، فأدخل فى فرجها على تلك الحال، ليس فى كتاب محمد تمام الجواب. وقد ذكره ابن حبيب.
روى أصبغ عن ابن القاسم أنه سئل عن التى تزوجت شيخاً فلم ينتشر، فأدخلت ذكره بأصبعها ثم فارقها، فإن انبعث بعد أن أدخلته وعمل أحلها ذلك لمن أبتها، وإن بقى كذلك فلا يحلها.
[4/583]
***(2/5)
[4/584]
ومن كتاب محمد قال ابن القاسم: وإذا وطىء فوق الفرج فأنزل ودخل ماؤه فى فرجها وأنزلت هى ، فلا يحلها ذلك ولا يحصنها، وإذا وطىء العبد الحرة بنكاح ومس، فذلك يحلها لسيده الذى أبتها إذا لم يرد الإحلال ونكح بإذن السيد.
قال وقد قيل: إذا قال لها تزوجى فلاناً فإنه مطلاق ودعى فلاناً ففعلت، فلا يضره إذا لم يعرف المتزوج ذلك ولا وعد عليه.
قال: وإذا تزوجها رجل على الصحة وبنى وأقر بالوطء ولم يكن فعل، ثم طلقها ثلاثاً فيتزوجها الذى كان أبتها ودخل ثم مات أو طلقها، فلا تحل للذى كان طلقها ثلاثاً وهو مقر بالوطء، لأنه علم من نفسه أنه لم يطأ فلم تكن حلت للأول، نكاحه لا يحلها لهذا، إذ هو فى الباطن ليس بنكاح، فلا يحلها إلا غيره.
محمد: ولو أقرت هى أن الذى قبله لم يكن يمسها لم ترث واحداً من الزوجين إذا ماتا أو من مات منهما.
قال: ولا تحل الأمة المبتوتة بوطء السيد. قال: واجتمع ابن القاسم وأشهب وابن وهب وابن عبد الحكم وأصبغ فى وطء الصائمة، قال فى سؤال ابن القاسم ، فى نهار رمضان، ولم يذكره عن الباقين فى قولهم وروايتهم. قالوا : والحائض والمعتكفة والمحرمة، أو كان هو محرماً أو مظاهراً منها أنه لا يحلها ولا يحصنها، ورووه عن مالك فى الحائض. ورواه عنه فى بقية ذلك عبد الملك. وقال المغيرة وابن دينار وروياه عن مالك: إن ذلك يحصن ولا يحل. وقال عبد الملك: إن ذلك يحل ويحصن. وذكر ابن حبيب عن عبد الملك والمغيرة وابن دينار وأصبغ مثل ما ذكر عنهم محمد ، ومثل ما ذكر من اختلاف قول مالك، وقال: قال مطرف بقول ابن القاسم، وزاد ابن حبيب، فى سؤاله: أو فى صيام ظهار أو قتل أو يمين أو فدية
[4/584]
***(2/6)
[4/585]
أو صوم واجب فى القران أو فى الصيام نذر أيام بأعيانها. ثم ذكر عنهم ما ذكرنا وقال: ومعنى محرم أو محرمة فى نكاح عقد قبل الإحرام.
قال ابن حبيب: ولو بنى بها فى صيام تطوع أو قضاء رمضان، أو نذر أيام غير معينة، فوطئها جاهلاً أو عامداً، فمجمع عليه من قول مالك وأصحابه أنه يحلها ويحصنها، ولأن لو أفطر يوماً من قضاء رمضان أو من نذر بغير عينه ساهياًجاز له فطر باقيه إن شاء ويقضيه.
وذكر سحنون فى العتبية عن ابن القاسم أن وطء الصائم فى فرض أو نذر لا يحلها، ولا يحصنها، ووقف فى صيام التطوع، ثم قال قال مالك: لا يحصن ولا يحل غلا فى عقد صحيح لا خيار فيه لأحد، ووطء صحيح لا فى اعتكاف أو حيض أو إحرام أو صوم وشبه هذا.
قال ابن القاسم: وإذا فارقها بعد البناء لجنون أو جذام أز برص ظهر بها، لم يحلها ولم يحصنها حتى يطأها بعد العلم بدائها.
ومن كتاب محمد: وإذا اختلفا فى الوطء بعد البناء، فلا يحصنها ذلك ولا يحلها. قال ابن القاسم: أما الإحلال فالزوج يتهم، وهى مصدقة انه جس. قال محمد: قول مالك أحب إلى ، إلا فى تهمة ظاهرة من الزوج، وما يدل على تكذيبه.
قال ابن القاسم: وإذا كان يأتيها فى أهلها فقالت: وطئنى. وصدقها هو ثم مات، فإن عرف الناس أنه كان يبيت عندها ويأتيها فى أهلها صدقت، وإن لم يعرف فلا يحلها ذلك . قال: ولا تكون به محصنة.
قال: وإذا أقام معها عشرين سنة ثم فارقها فزنت، وقد اختلفا فى الوطء قال ابن القاسم وابن عبد الحكم: إن اختلفا بعد الزنى، لم يقبل قول من أنكر الوطء والرجم قائم. وكذلك لو لم يقم معها إلا ليلةً واحدةً.
[4/585]
***(2/7)
[4/586]
وقال ابن القاسم: هذا فى المدونة، فى كتاب النكاح. وقال فى كتاب الرجم: إذا أخذ الزوج بزنى فقال لم أكن وطئت أنه يصدق إلا أن يعلم منه إقرار بالوطء أو ولد يظهر. قال يحيى بن عمر: وهذا احب إلى من قوله فى كتاب النكاح. قال محمد: وهو قول أصحابنا.
قال عبد الملك: وإن كان اختلافهما قبل الزنى، فعليهما حد البكر، وإن طالت إقامته معها، كانت تحته او فارقها.
كما لو قالت بعد طول السنين وهى تحته لم يمسنى. وطلبت أجل العنين وصدقها ، أن ذلك لها.
قال أشهب : أما إذا طال المكث معها وكانت معرفة الناس أنه قد أصابها فى مكان سمع منه قراد كذا إغشائه أو افتضاضه وما يشبه ذلك مما كثر عند الناس فإنه يرجم ، وإن كان فى طول مكثه المستفيض أنه لم يصل إليها، أو كان بقرب دخوله لم يرجم، وكان عليه حد البكر.
وقال عبد الملك: إن لم يذكر أو لم يختلفا فى الوطء حتى زنى أحدهما فعليه الرجم، وإن لم يقم معها إلا ليلةً واحدةً حتى زنت، سواء فارقها، أو مات عنها أو كانا على حالهما .
وإذا ارتدت المحصنة ثم تابت ثم زنت فعليها حد البكر، ولا تحل بذلك لمن أبتها، وإنما يثبت على المرتد إذا رجع حقوق الناس وما يؤخذ به فى كفره، وقال غير ابن القاسم، فى المدونة: لا تزيل ردته إحصانه ولا أيمانه بالطلاق وإن راجع الإسلام، ولا يتزوج من أبت قبل ردته إلا بعد زوج .
[4/586]
***(2/8)
[4/587]
ما يحل من وطء الكوافر
وذكر نكاح أهل الكفر وأحكامه
وسبى أحد الزوجين
من كتاب ابن المواز قال مالك: قال الله سبحانه: (والمحصنت من النساء) يريد تحريم ذوات الأزواج: (إلا ما ملكت أيمانكم) يريد ممن لها زوج بأرض الحرب وهى كتابية فقد حلت بالسبى، فإن سبيت مع زوجها فبيعا؟ قال مالك: فإن زعم بائعوها أو غيرهم أنها امرأته فلا يفرق بيتهما، وإن لم يعلم ذلك إلا بقول الزوجين فليس بشىء. وقال: وإن اشتراهما من تجار العدو، فإن زعم بائعوها أو غيرهم أنهما زوجان لم يفرق بينهما، وإن لم يعلم ذلك بقول أحد إلا بقولهما فلا أرى ذلك شيئاً.
روى عن محمد بن على، وابن شهاب أن السباء يهدم نكاح الزوجين إلا أن يسلما. قال مالك: وقال الله سبحانه فيما أحل : (والمحصنت من الذين أوتو الكتب من قبلكم) وهذا إحصان حرية ، ولم يبح الأمة بالنكاح إلا مؤمنة بقوله: (ومن لم يستطع بنكم طولاً) إلى قوله (من فتيتكم المؤمنت)
قال مالك : ولا يجوز أن يزوج عبده المسلم أمةً كتابيةً، وأكرهه، وله إن كان له عبيد نصارى أو مجوس ان يزوج بعضهم بعضاً.
قال ابن شهاب: وللرجل نكاح أربع كتابيات، وقد تزوج عثمان كتابةً، وكذلك طلحة وحذيفة. قال ابن حبيب: وقد كرهه عمر لحذيفة من غير تحريم. وقال : أخاف أن يرتخصهن المسلمون فيتركوا المسلمات، فطلقها حذيفة. وتزوج عثمان نصرانيةً فأسلمت عنده.
[4/587]
***(2/9)
[4/588]
وقال ابن حبيب: ولا تحل الأمة الكتابية لعبد مسلم كما لا تحل للحر، ولا بأس أن يزوج الرجل عبده النصرانى أمته النصرانية واليهودية والمجوسية، ينكح بعضهم من بعض.
ومن كتاب ابن المواز: وما عقده كتابى أو مجوسى من نكاح فلم يمس حتى مات أو فارق فى شركه، فلا يحرم بذلك على آبائه وأبنائه المسلمين، وليس ذلك بنكاح حتى يسلموا عليه، وليس عقد الشرك دون الوطء يوجب التحريم إذا أسلم فى أم من كان نكح، ولا يحرم على أبائه وأبنائه، وهذا قولنا . وكذلك قال ابن القاسم، وذكر لنا عن أشهب أنه تحرم عليه الأم بعقد الشرك فى الابنة ويحرمها على آبائه وأبنائه، والذى نحن عليه أن عقد الشرك لا يحرم حتى يقع المسيس.
وفى قول أشهب، أنه لو فارق زوجته فى شركه قبل أن يمس، ثم نكحها ابنه أو أبوه، ثم فارقها أو مات، ثم نكحها الأول، ثم أسلمت أو أسلم وهى تحته، فإن كان الثانى قد مسها حرمت عليهما، وإن لم يمسها ولا تلذذ بها تثبت تحت الأول إن أسلم؛ لأن النكاح الثانى لو أسلم عليه لم يقر عليه، فلا يضر إلا بالمسيس.
فكل نكاح عقده من ذمى أو مشرك لو أسلم أقر عليه فذلك يحرم بعقده إن مات أو فارق قبل أن يمس. وكل ما لا يقران عليه إن أسلما أو أحدهما، فذلك لا يحرم بالعقد، إلا أن يمس فيه أو يتلذذ. وابن القاسم لا يحرم بعقود الشرك من غير وطء أو لذة. وهذا أحب إلينا.
ولو كان عقده يحرم كان من أسلم على أكثر من أربع لم يختر إلا الأولى، وكذلك فى أخت بعد أخت. وقد خير النبى عليه السلام فيروز فى أكثر من أربعة.
[4/588]
***(2/10)
[4/589]
ومن كتاب محمد: والمسلم إذا فارق امرأته النصرانية، لم يمنع أبوه، ولا ابنه النصرانى أن يتزوجها. وقاله أشهب، إلا أنه قال: إن أسلم الثانى والمرأة حرمت عليه بإسلام من أسلم منهما.
والحربى إذا أسلم وأتانا، ثم سبيت زوجته وولده وماله، فولده عند ابن القاسم وماله فىء، إلا أن يدرك ماله قبل القسم، ولا تنقطع العصمة بينه وبين امرأته بالسبى إن أسلمت أو عتقت، وإن لم تعتق ولم تسلم وقعت الفرقة لأنها أمة نصرانية، ومهرها عليه فى كذا، وإن سبى الزوج وامرأته فهما على نكاحهما، وإن سبى أحدهما قبل صاحبه إذا ثبت ذلك بالبينة، ما لم تستبرأ المرأة بحيضة ويطؤها السيد، فإذا وطئها قبل يدركها الزوج ويعلم بها فالنكاح منقطع.
وإذا سبى الزوج ثم خرجت هى إلينا مسلمةً، فإن أسلم فى عدتها فالنكاح بحاله . قال ابن القاسم: وإنما يكره للمسلم نكاح الحربية ببلاد الحرب لبقاء ولده بأيديهم، وأما لو خرج بها لم يكن به بأس، فإن نكح منهم امرأة ثم سباها المسلمون، فأحب إلى يفارقها؛ لأنها الآن أمة.
قال أصبغ: بل واجب فسخه. قال ابن القاسم: ولا يكون أحق بها بالثمن، ولكن اشتراها، وطلبها بالمملك على ما نكاحه بالاستبراء.
وقال أشهب: قيل لمالك: أيفرق بين المجوس ذوات محارمهم؟ قال: يتركون وما هم عليه. قلت: سمعت ابن عمر قال: فرقوا بينهم وبين ذوات المحارم، وامنعوهم الزمزمة. قال: أو تأخذ كل ما تسمع؟ قال: لا .
فى إسلام أحد الزوجين وردته
ونكاح المرتد
من كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: ومن اسلم وتحته أمة نصرانية فليفارقها. وقال أشهب: لا يفارقها. لعله يريد إن عتقت أو أسلمت، لأنه ذكر
[4/589]
***(2/11)
[4/590]
عنه محمد بعد هذا مثل قول ابن القاسم. وإن نكح أربعاً فى عدتهن ثم أسلم بعد خروجههن منها ثبت عليهن. وقاله ابن القاسم وأشهب، قال أشهب: بنى بهن أو لم يبن، ولو أسلم قبل انقضاء عدتهن يفارقهن، وعليهن ثلاث حيض، يريد وقد مسهن.
قالك وكذلك لو طلقهن بعد إسلامه، وقد خرجن من العدة، لم أمنعه من نكاحهن. ولو أسلم وقد انقضت عدة بعضهن فسخ نكاح من لم تتم عدتها، كن فى عقدة أو فى عقود بنى بهن أو ببعضهن. وإن وطىء بعد إسلامه ما لم تنقض عدتهن لم تحل أبداً. قال: وإن تزوج نكاح متعة فأسلم قبل الأجل فسخ نكاحه، وإن أسلم بعد الأجل ثبت، بنى أو لم يبن.
قال مالك: وإذا أسلم مجوسى عن عشرة ،فأسلمن فله أن يختار أربعة، أوائل، أو أواخر. قالمحمد:فإن مات قبل الخيار، فسمعت من يقول: يرثن منه الربع بين جميعهن إن لم يكن له ولد مسلم، ولكل من بنى بها منهن صداقها، ومن لم يبن بها فلها خمسا صداقها. محمد: لآنه لم يكن عليه إن لم يدخل بهن إلا صداق أربع يقسم ذلك بين عشر.
وإذا أسلم مجوسى ولم تسلم امرأته ولم يبن بها، فقال ابن القاسم، وذكره عن مالك: يعرض عليها الإسلام، محمد: يريد فإن أسلمت مكانها وإلا فرق بينهما .وقال أشهب: تنقطع العصمة بينهما. محمد: يريد بإسلام الزوج، ولم يقل يعرض عليهما. وقاله أصبغ وهو أحب إلى.
قال مالك : وتقع الفرقة بإسلام من أسلم منهما قبل البناء ولا صداق لها، ولم يختلفا غى إسلامها هى قبله أن الفرقة تقع مكانه، ولا يعرض عليه. قال ابن القاسم: وكذلك النصرانية.
[4/590]
***(2/12)
[4/591]
قال ابن القاسم: وإن بنى المجوس ثم أسلم عرض عليها الإسلام، فإن أسلمت وإلا فسخ نكاحه بغير طلاق، فإن غفل عنها حتى تطاول إلى مثل الشهر فقد برى منهما. وقال أشهب : لا يفرق بينهما حتى تخرج من عدتها. وأصحابنا على قول ابن القاسم.
وفى رواية أبى زيد عنه: يعرض عليها الإسلام اليومين والثلاثة، فإن أبت استبرأت نفسها بحيضة. وقال أيضاً أشهب: يعرض عليها الإسلام فإن أسلمت وإلا فلا سبيل له إليها . قال: ولو أسلمت هى ولم يسلم هو فلا اختلاف فى هذا عندنا فى السنة، ويتفق فيه المجوسى والكتابى أيضاً فإن أسلم فى العدة فهو أحق بها، وإن أسلم بعد العدة فلا سبيل له إليها إلا بنكاح برضاها، ولا يكون ذلك إسلامهما معاً.
وقال ابن القاسم : وكذلك الأمة النصرانية تحت النصرانى، حراً أو عبداً، إن أسلم الزوج عرض عليها، فإن أسلمت أو أعتقها سيدها ثبت نكاحه وإلا فسخ بغير صداق، وإن غفل عن ذلك قدر الشهرين برىء منهما . وقال أشهب: لا أفسخه حتى تنقضى العدة.
قال: والفرق بين أحد الزوجين أنه فسخ بغير طلاق، وبين الرد بأنه تلزمه طلقة، لأن المسلم يلزمه طلقة. فكذلك يلزمه لما أحدث من الردة الطلاق، والكافر لو طلق لم يلزمه إن أسلم، فلم يلزمه بما فعل طلاق.
قال محمد: وإذا ارتدت مسلمة تحت مسلم فإنها تبين منه بطلقة. قاله ابن القاسم وأشهب. وبه أقول، واختلف قول أشهب فقال أيضاً: إن رجعت إلى الإسلام بقيت له زوجةً. وقاله ابن حبيب.
[4/591]
***(2/13)
[4/592]
قال ابن الماجشون: إذا ارتد الزوج ثم عاود الإسلام فى عدتها، فهو أحق بها بالطلاق كله، كما لو أسلمت ثم أسلم فى عدتها. ولزم المرتد حتى انقضت عدتها، لزمته فيها طلقة. وكذلك لزمه طلقة. قال ابن حبيب: لو أسلمت ثم أسلم بعد عدتها ونكاح المرتد بعد أن حبس للاستتابة يفسخ ، وإن قبل فلا صداق لها، بنى أو يبن، مسلمةً كانت أو نصرانيةً، لأنه حجر عن ماله ، فإن رجع إلى الإسلام قبل يفسخ ثبت نكاحه، لأنه إنما كان يفسخ للحجر فى ماله، وقد زال الحجر وكذلك قال لىابن الماجشون.
قال ابن سحنون عن أبيه فى الرجل يقول لزوجته إنك ارتددت عن الإسلام وهى منكرة ويرفعها إلى الإمام، قال: فليفرق بينهما لأنه بزوال عصمته ، فإن كان مسلماً تحته نصرانية فقال قد أسلمت وأنكرت هى ذلك ، قال: يفرق أيضاً بينهما لإقراره بارتدادها.
ومن العتبية روى عيسى ، عن ابن القاسم فى النصرانى تسلم زوجته قبل البناء، فإن لم يسلم هو مكانه فلا رجعة له ، وهى طلقة بائنة، ولا عدة عليها ، ولو كان أصابها عند أهلها فلها جميع الصداق وإن أسلم فى العدة فهو أملك بها.
قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب : وإذا أسلم فى غيبة وأسلمت هى ولم تعلم فاعتدت ونكحت، وقامت بينة أنه أسلم قبلها؛ فإن أدركها قبل البناء كان أحق بها، وإن فاتت بالبناء فالناكح أحق بها، وإن ثبت أنها أسلمت قبله فاعتدت ونكحت فلا سبيل له إليها بعد العدة نكحت أو لم تنكح.
وفى باب عتق الأمة تحت العبد زيادة فى إسلام الغائب.
ومن المختصر : وإذا أسلمت وزوجها غائب، فلها أن تنكح ولا تنتظره، فإن قدم وهو مسلم بعد انقضاء عدتها فلا سبيل له إليها، وقيل : إنها تستأنى خيفة
[4/592]
***(2/14)
[4/593]
أن يكون أسلم. وهو احسن، إلا أن يكون أسلم فى عدتها، فهو احق بها ما لم تنكح، فإن نكحت فلا سبيل إليها.
وقال ابن الماجشون فى كتاب آخر: إن ثبت أنه أسلم قبلها أو ثبت أنه أسلم فى العدة فهو أحق بها ، وإن ولدت من الثانى، كالمنعى لها.
ومن المختصر: وإذا أسلمت النصرانية فأراد زوجها أن يسلم ، فقالت له : أنا أفتدى منك على أن لا تسلم حتى أملك أمرى أو على أن لا رجعة لك على ثم أسلم فهو أحق بها، وما أخذ منها رد إليها.
وقال أبو زيد عن ابن القاسم: إذا أسلم وتحته مجوسية، فعرض عليها الإسلام فلم تسلم، ثم أسلمت بعد ذلك فلا سبيل له إليها إلا بنكاح جديد. وإذا أسلم عن نصرانية وقد شرط عليه أبوها: إن أسلم فأمرها بيدى أو بيدها فذلك ساقط، أسلم قبل البناء أو بعده ، وقد احتلم أو لم يحتلم.
ومن كتاب محمد: وإذا أسلم العبد وتحته أمة نصرانية حرمت عليه، إلا أن تسلم أو تعتق مكانها، وكذلك إن كانت مجوسيةً. وإن أسلمت قبله كان أحق بها إن أسلم فى العدة.
وإذا أسلم الكافر ثم طلق، فإن كان تحته كتابية حرة لزمه وإن كانت مجوسية حرة أو أمة كتابية لم يلزمه.
وفى كتاب العدة ذكر أن ابن القاسم يقول يلزمه وأشهب يقول لا يلزمه. وروى عن ابن القاسم فى مجوسى أسلم وتحته مجوسية ثم تظاهر منها ثم أسلمت مكانها أنها إذا بقيت زوجته على النكاح الأول، ولم تنقطع العصمة بالعبد وبالإباق كذا.
ومن أسلم وله ولد قد عقلوا دينهم ، بنى اثنتى عشرة سنةً، فلا يكون إسلامه إسلاماً لهم، وذلك إليهم، فإن أسلموا فلا رجوع لهم، وتحرم الجارية منهم
[4/593]
***(2/15)
[4/594]
على زوجها ، على الذكر امرأته المجوسية، إلا أن تسلم هى ، فإن وقفت ولم تفعل وقعت الفرقة، وإن لم توقف فحتى يمضى مثل الشهر عند ابن القاسم ، وإن أسلمت قبله قبل البناء وقعت الفرقة، وإن كان الولد بنى ست سنين، فإسلامه إسلام لهم.
فى نكاح الذمى حربية،
أو الحربى ذميةً، ما حكم ولده؟
من العتبية، روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم فى حربى دخل إلينا بغير أمان أو حربية، فتزوج أو تزوجت من أهل ذمتها، ثم ولد ولد. قال مالك: الولد فى هذا تبع الآباء . وذكره فى أهل قبرس. قال: إذا تزوج حربى قبرسية، فولده فىء، وإن تزوج قبرسى حربية، فولده فى عهده. وقاله الليث. وإنما الولد تبع للأم فى الرق فأما فى أحرار أهل الذمة أو الحربيين، أو المصالحين، فهم تبع للآباء. وقاله مالك والليث.
فى الكافر إذا أسلم وقد عقد نكاحه بخمر
أو خنزير أو بغيره من الصداق الفاسد،
أو تزوج مسلم ذميةً
من كتاب محمد بن المواز: وإذا نكح نصرانى بخمر أو خنزير ثم أسلم أو أسلما، فإن قبضته، فليس لها غيره، بنى أو لم يبن، وإن وجد بيدها. يريد محمد: وقد اسلمت، كسر عليها الخمر، وقتلت الخنازير . محمد: وإن لم يقبض ذلك، فابن القاسم وعبد الملك يقولان: إن شاء البناء ودى صداق المثل كالتفويض، وإلا فسخ ولم يلزمه شىء.
وقال ابن القاسم فى الأسدية: سواء قبضت أو لم تقبض، إذا لم يبن، فإن شاء بنى وودى صداق المثل، وإلا فارق وكانت طلقة ولا شىء عليه. وهذا غلط،
[4/594]
***(2/16)
[4/595]
وقال أشهب: يفسخ إن لم يدخل. قال أشهب: إلا أن يعطيها ربع دينار. يريد إذا كان قبل البناء وقد قبضت ذلك. وكذلك فسره فى غير هذا الموضع. وقال البرى عن أشهب: يعطيها صداق المثل. وقول ابن القاسم وعبد الملك هو المعمول به أنه كالتفويض، فإن قبضت نصفه كان قد بقى لها نصف صداق المثل، وكذلك أقل أو أكثر على هذا الحساب، يريد : إن شاء البناء أو لم يكن بنى.
قال: ولو وهبت نفسها لرجعت إلى صداق المثل، وهذا كله قبل البناء، وأما لو بنى ولم تقبض شيئاً، فلا شىء لها فى الخمر والخنزير، ولا فى الهبة وهذا بخلاف ما فى المدونة.
قال فى كتاب محمد: وكذلك لو كان أوله زنى تراضيا بالمقام عليه حتى أسلما ، فلا شىء لهما، وهما على نكاحهما.
ومن الواضحة وحكى ابن حبيب عن ابن القاسم: إن شاء بنى وودى صداق المثل، وإن بنى فارق ولا شىء عليه، سواء قبضت الخمر والخنزير أو لم تقبض أسلمت أو بقيت على دينها.
قال وإن أسلمت هى دونه قبل البناء فسخ النكاح ولا شىء عليها فيما قبضت من خمر أو خنزير لا نصف ولا غيره، وإن بنى بها ثم أسلم هو وقد قبضت هى جميعه، فالنكاح ثابت، ولا شىء عليه، وإن لم تكن قبضت أو كان نكاحها على أن لا صداق عليه، فلها عليه فى الوجهين صداق المثل، ولو قبضت نصف الخمر والخنزير وقد بنى فعليه نصف صداق المثل، وإن تلف قتلت كذا قال ابن القاسم فى كتاب ابن المواز: ولو أصدقها ثمن حمولة على رجل فلم تقبضه حتى أسلما، فلها قبضه والنكاح ثابت.
[4/595]
***(2/17)
[4/596]
وإذا أسلم وله دين من ثمن خمر فحلال له قبضه. وقال عبد الملك: ولا يدخل بالزوجة حتى يقدم ربع دينار، ولو أصدقها ديناً له من ربى ديناراً بدينارين، فلم تقبضه حتى أسلما فليس لها على الزوج شىء، وله البناء إن لم يكن بنى، ولا تأخذ هى من الغريم إلا ديناراً، كما كان له أن يقبض، وكذلك لو كان رأس المال درهمين فى ثلاثة، فلا تقبض الزوجة من الغريم إلا درهمين، ولا ترجع على الزوج بشىء، وله البناء، لأنه كان صداقاً يوم أصدقها، وإن أصدقها خمراً بعضه نقد قبضته وبعضه مؤجل فأسلما أو أسلم الزوج قبل قبضها المؤجل، فإن بنى فلا شىء لها، وإن لم يدخل نظر ما المؤجل منه؟ فإن كان الثلث بالقيمة، رجعت عليه بثلث صداق المثل معجلاً.
قال عبد الملك: ولو أصدقها درهماً أو درهمين قبضتهما ثم أسلما، فهى كالموهوبة، وليس كالمجهول فيقضى ولا يقوم، ولو كان أصدقها خمراً مع خنازير فقبضت الخمر ثم أسلما، قوم هذا بهذا ، فترجع من صداق مثلها بمقدار ما بقى لم يقبض.
محمد: وإذا تزوج مسلم نصرانيةً بخمر فقبضته وفات بيدها ، فإن لم يبن فسخ ولم يتبعها بشىء، وإن بنى فقيل يفرق بينهما ، ولا أقوله، ولكن يثبت ولها صداق المثل. قال ابن القاسم، وقال أشهب: يعطيها ربع دينار، قال أصبغ: وقولى على قول ابن القاسم استحساناً، وأما قوله : إن لم يبن فهو القياس.
ولو نكحها بخمر وهما نصرانيان ثم أسلم أو أسلما قبل البناء، فعليه لها صداق المثل ويفسخ. هكذا وقع عندى، وإنما هو: أو يفسخ. وقال أشهب: يعطيها ربع دينار، واستحسنه أصبغ. قال محمد: وقد ثبتت هذه المسألة أول الباب.
فى نفقة الزوجات ، ومن عجز عن ذلك
ومن كتاب ابن المواز وابن حبيب: والنفقة بقدر العسر واليسر. قال مالك: يفرض للزوجة مد بمد مروان كل يوم، وهو مد وثلث بمد النبى عليه
[4/596]
***(2/18)
[4/597]
السلام. قال ابن حبيب: اتخذه هشام بن إسماعيل لفرض الزوجات، فاستحسنه مالك.
قالا قال ابن القاسم: يفرض لها فى الشهر ويبتان ونصف إلى ثلاث ويبات، وفى ويبتين ونصف مكفاة. قال ابن حبيب: وفى الويبة اثنان وعشرون مداً بمد النبى عليه السلام، وأرى قفيزاً بالقرطبى وسط عندنا فى الشهر، وفيه أربعة وأربعون مداً.
قال ابن المواز فى قول ابن القاسم: ليس هذا فى كل إنسان ولا فى كل وقت، رب رجل ضعيف وسعر غال، فتكون ويبتان عليه اجتهاد، ومد مروان الذى قال مالك: هو عندى وسط من الشبع بالأمصار، وهو مد وثلث، وهو قدر ويبتين فى الشهر بالويبة الليثية، وإن مداً بمد النبى عليه السلام بالمدينة لوسط من عيشهم.
وليضم لها إلى ثمن القمح دراهم لطحين وخبز وحطب وكاء وزيت، والطبخة بعد الطبخة من اللحم، فإن وجد سعةً زيد عليه بقدر سعته وبقدرها هى، وكذلك الكسوة.
قال فى كتاب العدة: إن كان ممن له السعة الوسط زيد عليه فى القمح والطبخ، وإن كانت سعته أكثر من ذلك زيد عليه أكثر من ذلك حتى الخادم ونفقتها. قال ابن القاسم: ولا يفرض عليه اللحم كل ليلة، ولكن المرة بعد المرة.
قال ابن حبيب: يفرض لها عندنا فى كل شهر من الزيت نصف وربع، ومن الخل ربع، ومن اللحم على الملى بدرهم فى الجمعة، ودرهمين أو ثلاثة فى صرفها من ماء وغسل ثوب وطحين وخبيز وغيره، ولا يفرض لها فاكهة ولا عسل ولا الجبن، والصبيرة ونحوه، ولا ينقص من هذا لغناها، ولا يزاد عليه لفقرها، هذا فى تشاححهما.
[4/597]
***(2/19)
[4/598]
ومن كتاب ابن المواز: ولا يفرض العسل والسمن والحالوم، ولكن الخل والزيت، وما لا غنى لنا عنه بقدر الرجل والمرأة، والمشط رأسها ودهنه وسراحها، وهذا للموسر والمعسر، إلا أن الموسر يزاد عليه بقدرها من قدره. وإذا كان العسر البين فلا أقل مما تعيش به، وقد يختلف ذلك ويكون الرجل يعمل بيديه فى قلة كسبه، فيفرض عليه بمصر ويبتان من قمح فى الشهر، مع حق طحبين وخبيز، ودريهمات لزيت وماء وحطب، والطبخة بع دالطبخة، وما لابد منه. وقال فى موضع آخر: وما يكون لطحين وخبيز وماء، ودهنها وحناء رأسها ومشطها قيل لمالك: فإن قالت: لا يكفينى ما فرض لى . وهى ترضع . قال: ليس المرضع كغيرها، وليفرض لها ما تقوم به فى رضاعها.
قال ابن حبيب: وأما اللباس والوطاء واللحاف فإن كانت حديثة عهد بالبناء وعندها شورتها من صداقها فلا شىء عليه، وله أن ينتفع معها بأرزها وبسطها ومرافقها ووسائدها، فإن طال العهد حتى خلقت الشهرة، أو لم يكن فى صداقها ما تشور به ، فعليه الوسط من كسوة الشتاءوالصيف، فيفرض لها فراش ومرفقة وإزار ولحاف ولبد للشتاء والصيف، وسرير إن كان موضع فيه عقارب أو حياة أو براغيث أو فأر، وإلا فلا شىء عليه.
ومن كتاب ابن المواز، عن ابن القاسم مثله، إلا أنه لم يذكر اللبد. وقال أصبغ فى هذا فى التى لا شوار لها، ولا شىء منه. قال ابن حبيب: وعليه حصير من حلفا أو بردى يكون تحت الفراش، ومن اللباس قميص وفرو لشتائها من لباس مثلها، من حراف وتجليبات، وقميص يواريه، ووقاية ومقنعة، وإن لم يكن فخمار، وإن لم يكن فإزار، وخفان وجوربان لشتائها، وعليه دهن لرأسها، وليس
[4/598]
***(2/20)
[4/599]
عليه حناء، ومشط وكحل، والحاكم مخير، إن شاء أخذه، وإن شاء باثمان ذلك يدقعه فى أوقاته.
ومن كتاب ابن المواز قال ابن القاسم: وليس عليه نضوح ولا صباغ ولا المشط ولا المكحلة، وعليه اللباس بقدرها من قدره، من غير خز ولا وشى ولا حرير وإن كان متسعاً، وعليه ما يصلح للشتاء والصيف من قميص وجبة وخمار ومقمعة والوسادة هى التى تلف بها القماش لا يدنس والسبنية والإزار وشبه ذلك مما لا غنى لها عنه.
محمد: وإن قال الزوج: لا أقدر على ذلك فهو على ما كان يعرف من حاله إلا أن تشهد له بينةً من أهل الخبرة به بالعدم، فيحمل بقدر طاقته.
قال: وإن كان مثلها يلبس القطن ومثله يقدر عليه فرض عليه. قال أشهب: ومنهن من لو كساها الصوف أنصف، وأخرى لو كساها الصوف أدب وذلك على أقدارهن.
قال: وإن لم يجد غير الطعام وحده والكسوة فقط لم يفرق بينهما إذا كان فيها قوتها، والكسوة من غليظ الكتان، مثل الفسطاطى، وغليظ القطن، وإن كانت من ذوات الغنى ، قيل لمالك: فغليظ الثياب وخشين الطعام؟ قال: كل شىء بمقدار، ليس الصوف من لباسهن، وليحكم بما يرى أنه من لباسها.
قال أشهب عن مالك، فى العتبية وكتاب محمد: وإذا أراد أن يطعمها الشعير فأبت، فإن كان للناس قد أكلوه فذلك له، فأمااإن كان القمح كثيراً يؤكل، وهو شىء واحد، فذلك عليه. وروى عيسى عن ابن القاسم مثل ما ذكر عنه ابن المواز فى وجوه النفقات حسب ما ذكرنا.
[4/599]
***(2/21)
[4/600]
ومن العتبية من سماع يحيى عن ابن القاسم: وقال فى زوجة ذات شرف، ولا تجد من يعينها، ولا تلبس من الثياب إلا الخشنة، ولا تتناول غليظ العيش، فأعدم زوجها حتى لا تجد خادماً ولا تجد إلا كسوة دنية، ومثل قوتها دون قوة خادمها من قمح أو شعير أو سلت غير مأدوم، ويجعل دهنا زيتاً. قال: لا يفرق بينهما إذا وجدت ما ذكرت من قوتها شعباً لها من قوت بلده ورب بلدة لا ينفق فقيرهم ولا غنيهم الشعير، ورب بلدة يستحقه، فلي سلها أن يخصها بما لا يحمله أهل البلد إذا كان تجاوز فيه إلى الشعير من الجر إليه، فليس لها أن تأتى ذلك، وأدنى ما يجزيه من الكسوة الفسطاطى وشبهه، وذكر نحوه كله عن ابن وهب، وذكر أنه إن عجزعن أحد الأمرين من كسوة أو قوت فرق بينهما. قال: وليستأذن بمن لم يجد الكسوة شهرين.
وقال ابن وهب فى الموسر له زوجة ذات شرف وهيئة: فليفرض عليه من الطعام والإدام والحطم وصالح الثياب الوسط من ذلك، مما لا يعرها إذا لبسته ولا يحجف بماله ولها من اللحم المرة ونحوها فى الجمعة، وليس لها فاكهة ولا عسل وشه ذلك مما ينفقه الناس، وليس عليه الطيب والزعفران وخضبات الأيدين والرجلين إلا أن يشاء، ولها الحناء لرأسها، ولا يلزمه من العصب إلا غليظه، وكذلك من الشطرى والزخرف. قال يحيى: يعنى فى بلد يكون شىء من ذلك لباسهم، ويكون ما يفرض على مثله فى قدر ماله.
ومن كتاب ابن المواز: وإذا لم يجد إلا قوت شهر لم يفرق بينهما، ويتلوم له إذا فرغ. قال ابن حبيب: وغن لم يجد غير الخبز وحده وما يوارى عورتها ولو بثوب واحد. قال مالك: من غليظ الكتان، لم يفرق بينهما، كانت غنيةً أو فقيرةً، فإن عجز عن هذين أو عن أحدهما فرق بينهما بطلقة، فإن وجد فى العدة يساراً بيناً ما يقدر فيه على رزق شهر بشهر وما يستوجب من اللباس
[4/600]
***(2/22)
[4/601]
والوطاء فله الرجعة، وإن لم يجد إلا مثل عيش يوم بيوم وما يوارى عورتها فلا رجعة له. وهذا فيمن عليه سهراً بشهر، فأما من كان عليه الفرض بالأيام، والذى به كانت تعرف حاله، فله الرجعة بوجود ما لو وجده أولاً، لم تطلق عليه قاله ابن الماجشون.
ويؤجل فى طلب النفقة الشهر والشهرين إذا نكح ولم يجد شيئاً. وقاله ابن المسيب وعمر بن عبد العزيز. وقاله مطرف عن مالك.
قال أصبغ: إذا لم يطمع له بمال فلا يؤجل إلا الشهر، لا يبلغ به الشهرين إذا لم تجد هى ما تنفق.
قال ابن حبيب: أخبرنى قرعوس أنه سمع مالكاً يقوله، إن الذى لا يرجى له الشىء لا يؤخر كتأخير من يرجى له.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا لم يجد النفقة طلق عليه. وكذلك لو تزوجته عازمةً بأنه مجتاج، إلا أن تكون نكحته وهو سائل يتكفف عالمة بذلك، فلا حجة لها.
قال ابن حبيب قال مالك: إذا نكحته وهو فقير فلا شىء عنده قد عرف أن مثله لا يجرى النفقة على النساء لفقره، فليس لها بعد ذلك قول. قال مالك: وما علمت أنه يضرب أجل فى النفقة إلا الأيام. قال محمد: وقول أصحابنا فيه قدر الشهرز وقاله مالك.
قال ابن القاسم: وإذا طلق عليه لذلك توارثا فى العدة، لأن له الرجعة إن وجد النفقة فيها. قال مالك: ولو كان قبل البناء اتبعته بنصف الصداق. قال مالك: وإذا ارتجع التى بنى بها لم تصح رجعته وهو بحال عدمه، وإن وجد نفقة شهر فله الرجعة، فأما العشرة أيام وخمسة عشر فليس ذلك له، ويدخل من هذا ضرر يرتجع ثم تطلق عليه إلى أيام. وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم.
[4/601]
***(2/23)
[4/602]
قال محمد قال مالك وابن القاسم وأشهب: إن أجل أجل التلوم وهى حائض، وخرت حتى تطهر. وروى أشهب عن مالك مثله فى المولى. وروى عنه ابن القاسم فى الموطأ: تطلق، وقد أفرض بالنفقة للمطلقة باب فى كتاب العدة.
ومن كتاب ابن سحنون: وسأل حبيب سحنون عن الرجل قليل ذات اليد، ولا يجد ما يجرى على امرأته من رزق شهر كامل، هل يجرى عليها رزق يوم بيوم ومن خبز السوق، وقد طلبته بالنفقة؟ فقال: نعم، يجرى عليها رزق يوم بيوم بقدر طاقته. قيل: فإن كان له جدة وليس بالحلى وطلب أن يرزقها جمعةً بجمعة؟ قال: يجرى عليها بقدر ما يرى السلطان من جدته، فمن الناس من يجرى يوماً بيوم، ومنهم جمعة بجمعة، ومنهم شهراً بشهر.
فى العجز قبل البناء عن النفقة وعن الصداق
وذكر أجر القابلة والكفن
من كتاب ابن المواز: وغذا طلبت المرأة النفقة ولم يبن بها، فإن فرغوا من جهازها حتى لم يبق ما يحبسها، قيل له: ادخل أو انفق، ولو قال الزوج: أنظرونى حتى أفرغ وأجهز بعض ما أريد فذلك له، ويؤخر الأيام بقدر ما يرى.وهذا قول مالك، ولا شىء عليه فيما تقدم إلا أن يكون وليها قد خاصم فى ذلك ففرض لها السلطان.
ولا يطلب فى النفقة من لم يبلغ الحلم ولا بالصداق، وللصبية النفقة إذا بلغت ان توطأ، وإن لم تحض، وكذلك للعبد فى زوجته الحرة.
وبعد هذا باب فى نفقة العبد.
ومن الواضحة: وإذا عجز عن الصداق قبل البناء وأجل له الأمام السنة والسنتين، إذا أقام النفقة وثبت عنده عجزه عن الصداق. قال محمد قال ابن
[4/602]
***(2/24)
[4/603]
القاسم: فأما أجرالقابلة فإن كانت المنفة بها للمرأة فذلك عليها، وإن كانت للصبى فعلى الأب، وإن كانت لها فبينهما، وتتبعهما بقدر مبلغ الانتفاع لا نصف ونصف.
وقال مالك فى أجر القابلة: ما علمت ذلك ولا سمعت من سأل عنه. قال أصبغ: بل ذلك عليه، كما يطلق على المطلقة الحامل. وقاله ابن حبيب وقال: وليس عليه أجر الحجامة أو الطيب: قال محمد: وإذا ماتت فلا شىء لها، فليس عليه أن يكفنها.
وقد ذكرنا فى كتاب الجنائز الاختلاف فى الكفن.
قال فى كتاب محمد: وإذا كسا امرأته ثوباً فقالت: هو هدية. وقال الزوج بل مما فرض على فالقول قوله، إلا أن يكون مما لا يفرض على مثله فالقول قولها.قال ابن حبيب: وإن لم يظهر له مال واتهخم أن يكون أخفاه لم يوسع عليه أيضاً فى أجل الصداق، ولم يؤخر إلا الأشهر ونحوها إلى سنة أكثره. وقاله كله أصبغ. وفى الجزء الأول باب فى البناء قبل أن يقدم شيئاً فيه هذا المعنى وزيادة فيه. ومن كتاب محمد قال: والتلوم فى الصداق مختلف، وليضرب له أجل بعد أجل، فإذا استقضى له فرق بينهما ومن الناس من يرجى قبل السنتين. قيل لمالك: فيزداد على السنتين فى الأجل؟ قال: لا يعجل عليه بعدهما حتى يتلوم له تلوماً آخر قدر السنة، فإن جاء به وإلا فرق بينهما.
[4/603]
***(2/25)
[4/604]
قال ابن القاسم وابن وهب: وتتبعه بنصف الصداق، ولا تطلب الصغير بالصغير، ولا يبلغ بالنفقة حتى يبلغ، ولا يجب لذلك لصغيرة حتى تبلغ حد البناء، وفى موضع آخر: حتى الوطء.
ومن العتبية قال عبد الملك بن الحسن عن ابن وهب قال مالك فى واجد النفقة دون الصداق، قال: يضرب له فى الصداق ثلاث سنين. وقال أيضاً مالك: سنتين أو ثلاثاً.
ومن كتاب ابن سحنون من سؤال حبيب عمن نقد بعض النقد وعجز عن بعضه قبل البناء، فطلبته بذلك وبالبناء فقال ليس عندى. فحبسته لها، وإنمايتبع الفاكهة، فاقام بينة عادلة بعدمه، فابت المراة ان تصبر، وارادت الفراق، فقال الزوج اجليني اجلاً. قال: لايوجل مثل هذا وهذا، لايرجى له شيء، وليفرق بينهما ان ارادت ذلك المراة ويلزمه نصف الصداق، ويحسب له ما ادى ثمنه وتطلبه بما بقي.
في نفقة الغائب ومن يريد السفر
ونفقة الناشز
ومن الواضحة، قال: فإذا رفعت امرأة الغائب أمرها إلى الإمام فى النفقة وله مال حاضر، حلفها أنه ما ترك لها نفقة ولا بعثها إليها ولا وضعته عنه، ثم فرض لها. وإن لم يكن له مال حاضر وعرف بملائه فرض عليه بقدره واتبعته. وإن عرف عدمه بموضعه لم يفرض عليه، ثم هى مخيرة أن تصبر عليه بلا نفقة، وإن أحبت فرق بينهما. وكذلك إن جهل ملاؤه من عدمه. وإن أحبت إذا جهل أمره إن تصبر لترجع عليه إن ظهر ملاؤه فذلك لها.
[4/604]
***(2/26)
[4/605]
وليشهد لها بذلك الإمام، إن كان ملياً، فقد فرضت لها عليه نفقة مثلها من مثله، ويؤرخ اليوم ويذكر السعر.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا أنفقت الزوجة بقبضة فى غيبة الزوج وملائه اتبعته به وإن أعدم بعد ذلك.
ومن كتاب محمد، والعتبية ابن القاسم عن مالك: وإذا أشهدت أهل محلتها ثم تسلفت، ثم قدم فزعم أنه خلف النفقة أو بعث بها ووصلت إليها حلف وصدق، وكذلك الحاضر إذا ناكرته، ولا يكتب فى هذا براءة.
قال فى العتبية قال ابن القاسم: قيل لمالك فى الغائب عن امرأته ويعلم جيرانها أنها تنفق سلفاً، ولم يبعث إليها، ومات فى غيبته، قال: هذه أمور إنما يقضى فيها على نحو ما يترك واجتهاد الإمام فى ذلك، والحى إن قدم أبين أنه يغرم إن طلبته، فإن أنكر حلف وبرىء، وكذلك إن قال: كنت أبعث. قال فى الكتابين وأما لو مات الغائب وإنما كانت أعلمت الجيران، فالحى أبين شأناً أرايت لو غاب عشرين سنةً ثم مات أترجع بذلك إنكاراً لهذا؟ وأبى أن يجتهد الإمام. قال ابن القاسم: إن شكت ذلك إلى السلطان، فذلك لها يومئذ. قاله أصبغ ورآه كالحكم لها.
ومن كتاب محمد قال ابن القاسم: ولو قدم لاتبعته بما كان فى تلك المدة موسراً، وسقط ما كان فيه معسراً، يتحرى ذلك فى أوقات يسره فيجمع عليه، كان وقت الحكم أو وقت القدوم موسراً أو معسراً.
قال ابن القاسم: وإن قدم معسراً، أو قال: ما زلت كذلك مذ غبت. وأكذبته فهو مصدق مع يمينه حتى تقوم بينة، ولو قدم موسراً وادعى مثل ذلك لم يصدق إلا ببينة.
[4/605]
***(2/27)
[4/606]
وقال فى العتبيةعن ابن كنانة وسحنون:إذا قدم وقال كنت فى غيبتى معدماً فالقول قوله، وعلى المرأة البينة.
فياأعدم في وقت يذكره،ويزول عنه في عدمه وإذا خرج معدما فالقول قوله أنه كذلك ،يعني وعليهتا البينة بملائه ،وإن خرج مليا فعليه البينة أنه أعدم،وإن أشكل أمره يوم خرج فعليه البينة أنه معدم في غيبته .قاله ابن الماجشون في ذلك كله .
ومن كتاب محمد :وإذا طلبته با لنفقة عند مراه للسفر،نظر قدر سفره، فوضع لها من النفقة بقدر ذلك ،أوأقام بذلك حميلا،ولا يؤخذ الحاضر بحميل قال ابن احبيب قال ابن لماجشون :في الذي يريد السفر:فليعين لها عنه حميلا بالنفقة وإذا قامت في غيبته،وليس له الأداء فليضرب له أجل .وكذلك في الدين ,فان جاء وإلا باع داره الامام في النفقة .
ومن كتاب ابن المواز قيل لابن القاسم :فاذا لم يكن للغائب مال حاضر،أيومر من قام بالنفقة أن يتسلف عليه ؟أما الزوجة فنعم،وأما الأبوان فلا،ولأنهم لو لم يقوموا حتى يقدم فاقر لم يتبعه الآبوان،وتتبعه هي،وهي لها النفقة في ملائها ويضرب بها في الفلس والموت،ولا يضرب بها أنفقت علىصغاربنيه في فلسه،وكذلك لايضرب الابوان بهاأنفقا في يسره .وقال أشهب:يضرب بها أنفقت على الو لد،وأما الأبوان،فان كان يقضيه ضربا به،وإلا لم يضربا.
[4/606]
***(2/28)
[4/607]
قال سحنون في العتبية تحاص الزوجة غرماءه بما أتفقت على نفسها في الدين المستحدث،فاما دين قبل نفقتها فلا تحاص معه.قال:ويفرض لها على الغائب فيما يوجد له من دين أووديعة،ولها أن تقيم البينة على غرمائه، وكذلك الأبوان.وإذا قدم،فقال:كنت أبعث إليها ،وقد رفعت إلى الامام،فانما تصدق من يوم رفعت لا فيما قبل ذلك إن قال وصل إليها. ولا يغنيه أن يقول بعثت حتى يقول ووصل إليها. ويحلف لقد وصل إليها.
قلت : كيف يحلف ولم يحضر ؟قال : يكون قد جاءه كتابها أو خبر من عندها
قال مالك : وإذا غاب قبل البناء فقالت بالنفقة فى غيبته فرض لها.
وكذلك فى العتبية من سماع ابن القاسم. وقال فى سؤاله : فيغيب الأشهر. وروى يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم فى الغائب يقدم، فتدعى الزوجة أنها أنفقت على ولده الصغار، وقال هو كنت أبعث إليها فهو مصدق، إلا أن ترفع ذلك إلى الإمام ،فما فرض لها ولهم فلهم اتباعه به. وقال سحنون عن ابن القاسم فيمن أنفق على ولد غائب وزوجته، ثم علم أنه كان عديماً يومئذ فلا يرجع ولا يرجع على الولد، ويرجع على المرأة بما أنفق عليها.
ومن كتاب محمد: وإذا غلبت امرأة زوجها وخرجت من منزله وأبت أن ترجع وأبى أن ينفق عليها حتى ترجع، فأنفقت من عندها، قال مالك: فلها اتباعه بذلك.
قال عيسى فى العتبية عن ابن القاسم: وكذلك لو حلف بطلاقها واحدةً أو البتة إن أرسل إليها حتى تكون هى التى ترسل أو تأتى، فعليه النفقة ما أقامت، ولو شاء لنقلها.
[4/607]
***(2/29)
[4/608]
من كتاب ابن سحنون: أن سحنونا قال بذلك، وسأله حبيب عن المرأة تهرب عن زوجها إلى تونس أو تنشز عنها الأيام، فتطلبه بالنفقة، فقال: إن نشزت عنه لأنها تدعى أنه طلقها فلا نفقة لها، وإن قالت: إنما فعلت ذلك بعضةً له فلها النفقة، كالعبد الآبق نفقته على سيده.
قال ابن القاسم، فى المبتوتة تخرج من منزله، وتسكن سواه فلا رجوع لها بالكراء. محمد: بخلاف النفقة.في نفقة العبد علىزوجته ،وفي النفقة على الآمة تحت عبد او حر،وهل يظعن العبد بزوجته او ولده الحر؟ وفى ظعن الحر بزوجته
فى نفقة العبد على زوجته،
وفى النفقة على الأمة تحت عبد أو حر،
وهل يظعن العبد بزوجته أو ولده الحر؟
وفى ظعن الحر بزوجته
من كتاب ابن المواز قال: ولا اختلاف فى ان العبد عليه أن ينفق على امرأته الحرة. قال مالك: ويقال للعبد فى زوجته الحرة: إما أن ينفق وإلا طلق. قال مالك: وأحب إلى إذا نكح العبد أن يشترط النفقة بإذن سيده. وروى أشهب عن مالك فى العبد تحته الحرة أو الأمة، قال: ذلك يختلف فى الأمة، وأرى أن لا نفقة إلا أن يشترط عليه أنه ينفق. وقال أيضاً: إذا أرسلوها إليه بشىء.
قال ابن القاسم فى العبد: إن خراج سيده أولى من نفقة امرأته إذا عجز عنها، ويتلوم له، فإن لم يجد فرق بينهما.
ومن الواضحة: وعلى العبد النفقة على زوجته الحرة والأمة، لا على سيده، ويتلوم له فى عدمه، فإن لم يجد طلق، ولا ينفق من خراجه.
[4/608]
***(2/30)
[4/609]
ومن كتاب ابن المواز قال مالك في الآمة تحت حرأو عبد:فإن بويت معه بيتا،فعليه نفقتها ،وان كانت عند أهلها ،فاذا أرادها جاءئه،ثم رجعت إليهم فلا نفقة ها،إلاأن يشترط عليه في عقد النكاح باذن سيد العبد.وقال أيضا ملك:إن كانت تبيت عنده بالليل خاصة،فعليه نفقتها وكسوئها.ثم قال ملك :لها النفقة بكل حال،كانت تبيت عنده أوعند أهلها ،بوئت بيتا أولم تبوا.وإلى هذا رجع ابن القاسم بعد أن قال بالأول وروى ابن وهب عن مالك :إن كانت هي تاتيه فعليه النفقة ،وإن كان هو ياتيها في أهلها ،فلا نفقة عليه .ومن الوضحة قال ابن اماجشون:نفقة الأمة وكسوتها على أهلها دون الزوج،وعندهم عدتهاحتى يشترط ضمها إليه.ولا يمعوه إذا أتاهالما يريد منها من ليل أونهار الاتيان الذي بسببه ليس له أن يضر بهم في كثرة الترداد ،وعليهم أن يرسلوها إليه في كل أربع ليال، ونفقة تلك اليلة ويومها عليه وإن ردها إليهم في صبيحتها ،وكذلك لو تركها عندهم فنفقة يوم وليلة كل أربع تلك اليلة ويومها ليال لازم له،هذا إن لم يشترط أن تضم إليه ولا شرطوا إمساكها عند هم،فان شرطوا ضمها إليه وسكناها معه في العقد فنفقتها كلها عليه،وعنده تعتد. ولو أرادبعد ذلك ردها إليهم ليزيل النفقة فليس ذلك له .ولو شرط في العقد حبسها عندهم لم يلز مهم إرسالها إليه في كل أربع ليال،ولاعليه هو نفقتها فان
[4/609]
***(2/31)
[4/610]
طاع بذلك، لزمه، وألا ام يلزم. وهذا كله أحسن ما فيه عن مالك مبن الاختلاف.وقال اصبغ: النفقة عليه كانت، وهى مع أهلها حيث كانوا حتى يشترط ضمها إليه، وليس للعبد أن يظعن بزوجته الحرةاوالامة إلا مثل البريد ونحوه، حتى لا يخاف عليها فيه ضيعة، وكذلك بولده الحر. قاله مالك وأصحابه.ومن كتاب ابن المواز عن مالك، ونحوه رواية عيسى بن دينار عن ابن القاسم فى العتبية قال مالك : وليس للعبد أن يظعن بزوجته الحرة والأمة، إلا إلى الموضع القريب مثل بعض الأرياف الذى لا يخاف عليها فيه ضيعة ولا ضرر. قال مالك: وللحر أن يظعن بزوجته حيث شاء يسافر بها.
قال محمد: ربما كثرت شيكة المرأة للزوج، فيومر أن يسكنها بين قوم صالحين، فكيف بالخروج من البلد بها. قال مالك: وينظر إلى حاله وصلاحه قبل يخرجها.
وقد ذكرنا ظعن الحر والعبد بولده فى باب العدة والنفقات، وسم فى إخدام الحرة وما عليها من خدمة زوجها.
ومن الواضحة: وإذا كانت المرأة ذات قدر فى نفسها وصداقها، والزوج ملى، فليس عليها من خدمة بيتها شىؤ لا غزل ولا نسج ولا عجن ولا طبخ ولا كنس ولا غيره، وعليه أن يخدمها. وإذا كانت إلى الضيعة ما هى فى نفسها
[4/610]
***(2/32)
[4/611]
وصداقها، وليس فى صداقها ما يشترى به خادم، فليس على الزوج أن يخدمها، وعليها الخدمة الباطنة، من عجن وطبخ وكنس وفرش واستقاء ماء إذا كان اماء معها، وعمل البيت كله.
وإن كان زوجها ملياً إلا أنه فى الحال مثله أو أشف، ما لم يكن من إشراف الرجال الذين لا يمتهنون نسائهم فى الخدمة وإن كن دونهم فى القدر. قال: وأما الغزل والنسيج فليس له ذلك عليها بحال،إلا أن تتطوع.
وإذا كان معسراً فليس عليه إخدامها، وإنت كانت ذات قدر وشرف، وعليها الخدمة الباطنة، كما هى على الدينية. وهكذا أوضح لى ابن الماجشون وأصبغ.ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وإذا قال الزوج أنا أدفع إليها خادماً، ولا أنفق على خادمها. وطلبت هى خادمها فذلك لها، ولينفق عليها وإن لم تخدمه.
فى القسم بين النساء، والعدل بينهن
من كتاب محمد وقال مالك: من تزوج وعنده امرأة غيرها، فليقم عند البكر سبعاً، وعند الثيب ثلاثاص، ولا تخيرالثيب إن لم يسبع عندها وعند الآخرى، أو يقيم عندها ثلاثاً ويدور، ولو طلبت هى التسبيع لا يفعل،فقد مضت سنة ذلك أن يقيم عندها ثلاثاً. قاله مالك: وهو حق لازم، وليس ذلك بيد الزوج. وقال أيضاً: ليس بلازم. وقال ابن عبد الحكم: وإلزامه أحب إلينا.قال أصبغ قال أشهب: لا يقضى لها به، قال أصبغ: وأرى أنه حق عليه ولا يقضى به، كالمتعة. وقال محمد بن عبد الحكم: يقضى به. قال ابن حبيب: يقيم عند البكر سبعاً والثيب ثلاثاً، وإن كان له غيرهما، ثم هو فى ذلك يتصرف فى حوائجه إلى المسجد وغيره، فإن لم يكن عنده غيرهان فليس عليه أن يقيم عندها بكراً أو ثيباً.
[4/611]
***(2/33)
[4/612]
ومن العتبية ابن القاسم عن مالك: ولا يتخلف العروس عن الجمعة ولا عن حضور الصلوات في جماعة:قال سحنون: وقد قال بعض الناس إنه لا يخرج وذلك حق لها بالسنة.
ومن كتاب ابن المواز:وليبتدى في القسم بالليل قبل النهار،أو بالنهار قبل الليل،وليبتدى بالتي أقام عندها بعد الثلاث أو السبع، وإن شاء بغيرها،ويبدأ بغيرهاأحب إلينا.وقاله مالك في القادم بإحداهن من السفر.
قال مالك :ولابأس إذا أتى منزل امرأته فطردته وأغلقت دونه أن يذهب إلى ألاخرى,وإن قدرأن يثبت في بيتها أو في حجرتها فليفعل.وقال ابن القاسم: إذا أغلقت الباب دونه فيلؤذنهاوليس له أن يذهب بيومهاإلى الأخرى وإن طلبت.قال أصبغ:
إلا أن يكثر ذلك ضررامنها، بعدالإنصات منه، وليس له مأوى سواهما،وإلافلا.
قال مالك :وليبت عندها،وإنحاضت .قال مالك:وليس له أن يجمع بينهما في بيت إلا برضاهما ،ولا يجوز أن يجمعها على فراش وإن رضيتا.وكرهه في الإماء أوتعروا بغير ثياب.وكره مالك أن يطأ امرأئه أو أمته ومعه في البيت من يسمع حسه.
وبعد هذا باب فيه من هذا المعنى.
وقال ابن حبيب.ولايجمع امرأئين في بيت إلا برضاهما ،فإن رضينا فلا يطا إحداهما والأخرى معه في البيت تسمع حسه أولا تسمع .قال ابن الماجشون :وينبغي أن يكون معه في البيت أحد،نائما أوغير نائم،صغيراأو كبيرا.وكان ابن عمر يخرج الصبي في المهد.وكره في بعض الأخبار أن تكون معه البهيمة.
[4/612]
***(2/34)
[4/613]
ويكره أن يجمع الحر تين في فراش وإن رضيتا،وله ذلك في أمتيه أن ينام معهما في فراش،ولكن لايطأ واحدة والأخرى معه في البيت،ولاوهي نائمة وقال ابن الماجشون:ولابأس أن يطأ أمته في يوم أحد زوجتيه،وإن لم يطأها في يوم الأخرى.قال وإذا وطى واحدة في ليلتها فليس عليه وطء الأخرى .في ليلتها،إذالم يرد ذلك ميلا،ولابأس أن يتوضأ أويشرب من ماء زوجته في غير يومها ،ويأكل من طعام تبعثه إليه من غير تعمد،ويقف ببابها ويسال ويسلم من غير أن يدخل إليها ولا يجلس عندها.
ومن كتاب محمد قال مالك :ولايأتى إلا واحدة فى يوم الأخرى إلا لحاجة أو عيادة، وله أن يجعل ثيابه عند أحدهما ما لم يرد ميلاً وضراراً. مالك: ولا ينبغى أن يقيم هو فى بيت وتأتيه كل واحدة فيه، ولا يأتيهن فى بيوتهن، كما فعل النبى عليه السلام، إلا أن يرضين بذلك. وكذلك فى العتبية عنه من سماع أشهب.قال عنه ابن حبيب: ولا بأس بذلك إذا رضين بذلك. قال محمد بن عبد الحكم: ويقضى عليه أن يسكن كل واحدة فى بيت، ويقضى عليه أن يدور عليهن فى بيوتهن ولا يأتينه إلا أن يرضين.
ومن كتاب محمد: واختلف قول مالك فى القرعة بينهن إذا سافر، قال مالك: لا قرعة فى هذا، وليخرج بمن هى أصلح لأمره فى سفره فى الخفة والنشاط. ولعله عناها، فإن تساورا أقرع بينهن.
قال محمد: ليس له أن يقصد السفر بواحدة من نسائه، وعليه أن يقرع بينهن، فمن خرجت لها القرعة خرج بها، وله أن يخرج باثنتين إذا كان ذلك بالقرعة.
[4/613]
***(2/35)
[4/614]
وإذا خرجت هى لحج أو غيره ثم رجعت،ائتنف لها القسم فيما يستقبل، وغذا قدم بواحدة من سفره القصير، فلا يتعمد ببقية يومه أحداً، وليأتنف بليلته تلك ويومها، خالفه من شاء منهن القادمة أو غيرها. محمد: وأحب إلى أن يتبدىء بالقيمة وما ذلك عليه، وغن سافر من عند واحدة صلاة الظهر ثم رجع مثل ذلك الوقت فليرجع إلى الآخرى، والناس يروحون من عند بعض نسائهم للظهر، فإذا أمسوا رجعوا إلى بيت الأخرى.
قال ابن حبيب: إذا رجع نهاراً من سفره، فله أن يتعمد ببقية يوم أيتهما شاء، وليس عليه أن ينزل عند التى خرج من عندها إلا أن يشاء، ولا يحسب ذلك، ومؤتنف القسم إذا أمسى، وأحب إلى أن ينزل عند التى خرج من عندها، ليوفيها بقية يومها وما ذلك عليه بواجب. وقاله مالك وأصحابه.
ومن كتاب محمد: ومن له امرأتان فى بلدين، فليعدل جهده، ولا يكثر المقام عند واحدة إلا لعذر، من تجارة أو علاج أو اقتضاء دين. ومن جار فى القسم أمر بائتناف العدل، فإن عاد أدب.
قال مالك: ولا يقسم يومين يومين ولا أكثر. قال: قال محمد بن عبد الحكم: ليس له ذلك، إنما كان النبى عليه السلام يقسمه يوماً يوماً، يريد إلا أن يرضين.
قال فى كتاب محمد: وإذا تركت واحدة يومها للأخرى عندما أراد طلاقها أو لغير ذلك بغير عوض فذلك جائز، ولها الرجوع متى شاءت. قال مالك: ولا أحب أن تشترى من صاحبتها يوماً ولا شهراً، وأرجو أن يكون فى الليلة خفيفاً.
[4/614]
***(2/36)
[4/615]
قال مالك: وقد يرضيها بالشىء يعطيها، ليكن فى يومها عند الأخرى، وغير ذلك أحب إلى.
وإذا أذنت له فى وطء الأخرى فى يومها فلا بأس بذلك، وإن كان قبل أن يغتسل من الأخرى، ولو كان لواحدة شباب أو ذات شرف وسماح وعيال فأراد إيثارها، فأما فى المبيت فليعدل، وكذلك فيما يصلح لكل واحدة من نفقة مثلها بقدر حالها، ثم له أن يؤثر الأخرى بعد ذلك باليسير بغير ميلة، ولا بأس أن يكسوها بعد ذلك الخزى والحلى، ما لم زميلاً. وكذلك إذا كانت واحدة الظعن به فى إتحافه بطرائف الطعام والطيب فيؤثرها، فأرجو أن لا بأس به، والمساواة أحب إلى.
وقيل: إن معاذاً كان له امرأتان، فلم يكن يشرب الماء من عند واحدة فى يوم الأخرى، سمعته ولم أدر ما حقيقته؟ وأنهما ماتا فأقرع بينهما، أيتهما يدفن أولاً.
قال مالك: وإذا كانت واحدة نصرانية أو أمة، فليقسم بينهما بالسواء ولكل واحدة بقدرها وقدره من النفقة. قال مالك: وله أن يطأ أم ولده وأمته فى يوم إحدى نسائه، وليس لها قسم مع الحرة، ولا للسرائر بينهن قسم.
من العتبية قال مالك: ومن له امرأتان فكسا إحداهما الخز والحرير وحلاها دون الأخرى، فإن لم يكن ميلاً له. قال ابن حبيب: ومن له زوجتان حرة وأمة، فابن الماجشون يقول: يقسم يومين للحرة، ويوماً للامة. وذكر ابن مالكاً رجع إلى هذا. وهو قول ابن المسيب، وابن شهاب ويحيى بن سعيد وسليمان بن يسار وعطاء. وقال بالأول ربيعة. وقاله مطرف.
[4/615]
***(2/37)
[4/616]
ومن كتاب محمد، والواضحة: ولا يجوز أن يتزوج امرأة على أن يؤثر عليها، ويفسخ قبل البناء ويثبت بعده ويبطل الشرط. قال ابن حبيب: وإنما يجوز هذا بعد النكاح صلحاً عن الآخرة.
اختلاف الزوجين فى متاع البيت
ومن الواضحة قال: وما اشتراه أحد الزوجين بماله من متاع البيت وهو يشبه أن يكون للآخر، فلا يحل للآخر دعواه ولا يحل له بالحكم إن ادعاه، وإن تداعيا فى شىء من متاع البيت فى العصمة أو عند فراق، أو تداعاه ورثتهما بعد الموت، فما يعرف بالمرة فهو لها مع يمينها، وما يعرف بالرجل فهو له مع يمينه، وما يعرف بهما فهو للرجل مع يمينه. وكذلك قال محمد بن عبد الحكم فى كتابه.
وقال المغيرة وابن وهب فى العتبية فيما يعرف بهما فهو بينهما مع أيمانهما، واليمين منهما على البت، وإذا حلف ورثتهما حلفوا على العلم، وإنما يحلف من ذكرنا منهما إذا ادعى أن ذلك له بشراء أو كسب. يريد ابن حبيب: وقد ادعاه الآخر. قال سحنون فيما يعرف بأحدهما أنه له بغير يمين، وما عرف بهما فهو للرجل مع يمينه.
وقال مالك فى المختصر: ما عرف بأحدهما فهو له، وما عرف بهما، حلف الرجل وكان له، فإن نكل حلفت المرأة وكان لها. وما عرف بالمرأة فأقام هو فيه بينة حلف ما أخذ منها فيه ثمناً وكان له.
قال ابن حبيب: وما كان من متاع النساء فأقام الرجل بينة أنه ولى شراءه، فهو له مع يمينه أنه ما اشتراه لها ولا أعطته ثمنه إن ادعت هى بذلك. وما كان من متاع الرجال فقال الزوج هو لى لأنه من متاع الرجل فليس له ذلك حتى يدعى أنه اشتراه أو كسبه، وكذلك فى المرأة فيما يعرف بالنساء.
[4/616]
***(2/38)
[4/617]
فمن متاع النساء، الحلى مما يصلح لهن والعقود والنظوم والشوادر والقواقب. ومن متاعهن: الأسرة، والقباب والحجال والفرش واللحف، والقطف، والوسائد والمرافق والبسط، والحصر، والمصلبات، والطنافس والنوابت، والمشاحب وشبه ذلك. وكذلك فى العتبية نحوه من روتية يحيى بن يحيى عن ابن القاسم.
قال ابن حبيب: والنمارق، والحجال والطست والإبريق والتنور والمجامر والطنابر والقمقم والخباز والقصاع والقدور والبرد.
وما يصلح للرجال السلاح كله، والمناطق والمهامز والسكاكين وإن كان ذلك كله مفضضا، والدواب كلها والسروج. ومما يشبه النساء القراقل من الجباب، وجبب الخز والوشى والأحمرة، والمقانع واللفائف، والثياب المصبغة،وثياب الحرير كله.وما ادعاه الزوج أنه له من ذلك بشراء أو ميراث فعليه اليمين فإن لم يدع ذلك لمتحلف هي.قال :وما يلبسه الرجال دون النساء:العلام البيض والملونة الموغر،وأوجب الصوف والبركانات ،والسراويلات،وشبه ذلك،فهو له بغير يمين ،إلا أن تدعي المرأة أنه دار إليها بميراث وشبهه فيحلف هو.ومما يكون للرجال والنساء المصحف والرقيق من ذكر أوأنثى والبقر،والغنم ،والمعز،وجميع الحيوان والأطعمة والأدم والثمار،وما يدخر من المعاش .قال أبو محمد:فأدخل في ذلك الدواب من البقر والغنم ولعله يريد ما كان سائمة غير المراكب،مما يأوي إلى دار البوادي وما جرىمن عرف البلد وقد تقدم قوله في الدواب أنها للرجل. قال ابن حبيب:قلت لأصبغ فإن النساء لا يدخلن عندنا بمثل القمقم،وثور وطست ونحو ذلك من الانية قال:إذا عرف هذا واشتهر فإن ادعاها
[4/617]
***(2/39)
[4/618]
الزوج بحدثان البناء فهو فيه مصدق مع يمينه ،وإن كان بعد البناء بمدة يمكن فيه أن يستعيده فهي مصدقة مع يمينها، لأنه من متاع النساء، وإن لم تدع به .وهذا في اليكر، وأما في الثيب فالقول في ذلك قولها، كان بحدثان البناء أو بعد مدة طويلة.
قال مطرف وأصبع في المرأة تدعي بعد موت زوجها بعض ما في بيتها يصلح للرجال ،ولايعرف أن الميت مات عنه،وتخول هي :كسبته بعد موته.وهذا قبل القسم ،قال:البينة عليها،قرب ذلك أوبعد،ما لم يطل ذلك جدا،فتكون البينة على الورثة.قال:واختلاف أهل المطال من الأعراب في المطال يأوون فيها قبل الزواج كالدور.
قال أصبغ في امرأة توفيت فاختلف الووج في رداء عملته،فقال الزوج هو لها،إلا أن الكتان لي ابتعته فهو مصدق،ويكون له منه بقدر قيمة كتانه،وللميتة بقدر قيمة عملها،لأنه لوادعاه قبل قوله .
قال مالك،في المختصر:وما نسجته هي والصوف من عنده فهو بينهما،لها بقدر قيمة العمل،وله بقدر صوفه .قال ابن حبيب :والحصن للرجل كالدار،إلا أن يعرف للزوجة .
ومن كتاب ابن المواز قال مالك :وما يكون للنساء والرجال،كالساج والرابطة فللرجل مع يمينه،والصحاف والزجاج والبسط للمرأة .قال ربيعة: والرقيق، إناث أو ذكور، والدبة للرجل.
قال محمد: ومكا دخلت به من منديل ثيابه من أنواع الثياب، معلمة أو غير معلمة، أو ما كان من نساج، وعمامة، وسراويل، ومنطقة أو رداء أو قميص وغلالة، فطلقها فطلبت ذلك فهو لها، لأنه من جهازها إن دخلت به، إلا ما أبلاه الزوج.
[4/618]
***(2/40)
[4/619]
فى سكنى المرأة مع أبوى الزوج ودعواها الضرر
ودعواه الضرر من يدخل إليها
وهل يمنع من دخول أقاربها
ومن خروجها إليهم وإلى مواهم
من العتبية روى ابن القاسم عن مالك فى الرجل يسكن زوجته مع أبويه وأهله فشكت الضرر، قال: ليس له ذلك. قيل: إن أباه أعمى. قال: ينظر فى ذلك، فإن رأى ضرراً لما تقول فليحولها عن حالها.
ومن كتاب محمد، والعتبية قال أشهب عن مالك فيمن يتهم حنته بغفساد زوجته عليه، فمنعها من الدخول إليها، قال: ينظر فى ذلك فإن كانت مسيئة منعت بعض المنع ولا كل ذلك، وغن كانت غير مسيئة لم تمنع من الدخول على ابنتها.
ومن كتاب محمد وعن الزوج يريد منع أخى زوجته أن يدخل إليها، قال لا يمنع.
وقد كتبت فى كتاب الأيمان من معنى خروج النساء والدخول إليهن كثيراًهناك ،لتعلقه بمنع الزوج ذلك بيميه أو بغير يمينه .قال ابن حبيب:ولا ينبغي للزوج منع زوجته من الخروج إلى أبويها في لوازم الخقوق، ولا يمنع منها أبويها، وإن كره خروجها لذلك لم يجبر، لكن لا يمنع أبويها من الدخول إليها، وكذلك ولدها من غيره، فإن حلف لم أحنثه إلا فى
[4/619]
***(2/41)
[4/620]
الأوبوين والولد ، يريد إذا حلف لا خرجت هى ولا دخلوا هم إليها. وهو مبين فى كتاب الأيمان.
وقال فى دخول ولدها من غيره إليها، قال: الصغار كل يوم ، والكبار من الجمعة إلى الجمعة، فإن حلف فى دخولهم، فليدعها تخرج إليهم، فإن حلف فى ذلك أيضاً حنثه الإمام، وإذا كرهه لم يحنث إلا أن يريدوه بالسلطان.
قال أبو محمد: الذى أعرف لابن القاسم فى قضاء الحق أنه يحنث، إلا أن يريد إلا بقضاء سلطان.
قال: وإذا تزوجت ذات ولد صغير، فمنعهت كونه معها، فإن كان يجد من يكلفه لم يجبر الزوج على تركه، وإن لم يكن له كافل أجبر على كونه معها، لأنه نكحها وهو به عالم.
وإذا كان أهل الزوج معها فى دار فقالت له: إما أن تخرجهم عنى، أو تخرجنى. فأما المرأة الوضيعة فليس ذلك لها، وذلك لذات القدر، قاله ابن الماجشون.
وفى باب القسم بين النساء ما يدل على أن له أن يسكن زوجتيه فى دار، ولا يجمعهما فى بيت إلا برضاهما.
من كتاب ابن المواز قال مالك: ويقضى على الرجل أن يدع امرأته تخرج فى جنازة أبيها وأمها وزيارتهم والأمر بالمعروف من الإصلاح والصلة، فأما شهودها الجنائز واللعب والحمام، فليس ذلك عليه.
قيل لمالك: فإن حلف بطلاق أو عتاق أن تخرج فيه، أيقضى عليه فى أبيها وأمها؟ قال: لا، وإن حلف أن لا تخرج ، وهى صرورة أجنبية كذا فى الحج ، ولا يدرى هل يعجل عليه الحنث؟ ولعله يؤخر سنةً وشبهها ولا يعجل
[4/620]
***(2/42)
[4/621]
عليه . قال: مالك: ولا بأس أن تعود أخاها فى غيبة زوجها وإن لم يأذن لها حين خرج.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم عن مالك: وليس له أن يمنع امرأته أن تسلم على أخيها وأختها وأمها، وليس كل النساء سواءً، فالمتجالة لا تمنع، ورب امرأة لا تؤمن فى نفسها فذلك له.
قال: ويؤمر للمرأة بالخروج فى مثل ذلك إلا أن يكثر ذلك، أو تأتى أمراً لا يؤمن فيه، وعن امرأة كانت برفق زوجها ثم قطعت ذلك عنه، فلما سافر حرم عليها أن تخرج من عتبة بيتها ، وكانت فى دار ليس معها إلا ذو محرم منها، قال مالك: فأمرتها أن تخرج إليهم، ورأيت ذلك ضرراً من فعله.
ومن العتبية روى سحنون عن ابن القاسم قال: وليس للرجل أن يسكن أولا ده من امرأة مع امرأة له أخرى فى بيتها، ولا مسكن يجمعهم.
ومن كتاب ابن سحنون: وكتب شجرة إلى سحنون فى المرأة تدعى عند الحاكم أن زوجها مضر بها ، ويدعى هو منها الضرر وسوء الصحبة، وتسأل هى أو هو أن يجعلا مع من يختبرهما، فكتب إليه إذا لم يظهر ذلك جعل الحاكم معهما من يختبر ذلك، أو يجعلهما مع من يتبين أمرهما، ثم يعمل على ما تبين له.
وسأله حبيب عن المرأة تشتكى أن زوجها مضر بها وبها آثار ضرب ولا بينة لها على معاينة ضربه، لها، قال: يسأل عنه جيرابه، فإن قيل: إن مثله لا ينزع عن ظلمها وأذاها أدبه وحبسه، قيل:فإن سمع الجيران الصياح منها ولم يحضروا ضربه إياها؟ قال: لا شك فى هذا أنه يؤدب، ولأن هذه الآثار لو كانت من غيره لشكاهو ذلك وأنكره.
[4/621]
***(2/43)
[4/622]
وسأله عمن طلق امرأته ، فوجب لها المقام بمنزله للعدة، وأخرج الحاكم الزوج عنها ، قال: ذلك لها ولا تترك وحدها.
ومن سماع ابن القاسم: ومن حلف ليجلدن امرأته خمسين سوطاً، قال: يمنع من ضربها، وليحنث.
فى الاستئذان ومن يجوز له النظر فيه
والمخالطة من محارمه وغيرهم
وما ينبغى من الستر والمخالطة
فى المواكلة والمنام وغيره للرجال والنساء
ومن تخرج إليه المرأة
من كتاب ابن المواز والعتبية من سماع ابن القاسم ، قال مالك: لا بأس أن يدخل الرجل على المرأة يريد نكاحها ينظر إليها. قيل أفيغتفلها من كوة ونحوه؟ قال: ما سمعت . وكره ذلك.
قال: وليستأذن على أمه وأخته، ولا يجوز أن يرى أمه عريانةً.
وعن الرجل يدخل على زوجته ومعها صاحبة لها جالسة، قال: لا بأس بذلك ، إذا أكفت عليها ثيابها.
ومن كتاب محمد قال مالك: ولا بأس أن يرى الخصى الوغد شعر سيدته دون غيرها.
فإن كان له المنظر فلا أحبه، وأما الحرة فلا وإن كان وغداً والعبد الفحل يرى شعر سيدته دون غيرها إن كان لا منظر له، وكذلك مكاتبها، فأما الحر
[4/622]
***(2/44)
[4/623]
أو العبد لها نصفه فلا، كان وغداً أو غير وغد، ولا ينظر الرجل إلى شعر المرأة له بعضها. قال: والخادم الخصى للرجل يرى فخذه منكشفاً فذلك خفيف، ولا بأس أن يرى الرجل شعر أم امرأته وامرأة ابنه، ولا بأس أن يقبل خد ابنته إذا قدم من سفره. وكره أن يعانق ختنته المتجالة إن قدم من سفره.
ومن كتاب محمد والعتبية من سماع ابن القاسم قيل: أيسافر الرجل بأم ولد أبيه، وامرأة ابنه، ويحملها على الدابة ويضمها إليه ولو صارت فى عصمته غير أبيه؟ فلا أحب أن يسافر بها الابن ولا يعجبنى، فارقها أبوه أو كانت تحته.
قال مالك: ولا بأس أن يسافر بأخته من الرضاعة. قال: وهو محرم منها. قال مالك: ولا بأس أن تخرج المتجالة إلى مكة فى جماعة نساء، وناس مأمونين.
ومن كتاب محمد قال مالك: وإذا أراد حمل المرأة فى السفر على الدابة من ليس بمحرم منها، فليتطأطأ لها حتى تضع رجلها على ظهره، وإن وجدت عنه عوضاً فلا تفعل، وإنما هذا فى الضرورة.
قال أصبغ : وكل من لا يحل لك فرجها فلا تطلع على عورتك فى مرض ولا صحة، ولا على اضطرار . قال واحتجت عائشة عن أعمى، وقيل لها: إنه لا ينظر إليك . قالت: لكنى أنظر إليه.
قال: فلا يعجبنى للحرتين ولا للأختين، أن تبيتا فى لحاف واحد، وكره تعرى النساء فى لحاف واحد ونهى مالك عن لبس الوصائف لأقبيته، وهو يصف أعجازهن.
[4/623]
***(2/45)
[4/624]
قال : ولا يعجبنى خروج الجوارى للأسواق بالميازر، وأراه من الباطل ونهى عمر عن لبس النساء القباطى، وقال: إنه يصف. قال مالك: الذى يصف ما يلصق بالجسد.
ومن العتبية ابن القاسم عن مالك: ولا يرى عبد الزوجة فخذ الزوج منكشفاً، ولا بأس أن يدخل على المراة خصيها، وأرجو أن يكون خصى زوجها خفيفاً، وأكره له خصيان غيره.
قال ابن القاسم: أحب إلى أن لا يرى شعرها وزينتها من لا تملكه منهم، كان لزوجها أو غيره ممن بلغ الحلم، ولير وجهها بخلاف من تملك. قال مالك: ولا بأس بالخصى العبد يدخل على النساء ويرى شعورهن، إن لم يكن له منظر، وأما الحر فلا.
قال أشهب عن مالك فى الخادم زوجة الرجل يدخل عليه فى المرحاض، قاللا، ولا خادم والده أو ولده.
وروة عيسى عن ابن القاسم: سئل عن المرأة الكبيرة العزبة ، تلجأ إلى الرجل يقوم بحوائجها، ويناولها الحاجة، فلا بأس به، وليدخل معه غيره أحب إلى.
قال أشهب ، وكره مالك خروج الأمة متجردة، قال : وتضرب على ذلك. قال فى الموطأ: ولا بأس أن تأكل المرأة مع غير ذى محرم، ممن يؤاكله زوجها، يريد معها.
[4/624]
***(2/46)
[4/625]
فى إكرام المرأة زوجها
ولذة الجماع، وما يفعل عند الجماع، غير ذلك
من العتبية أشهب عن مالك فى المرأة تبالغ فى بر زوجها تتلقاه إذا دخل، فتأخذ ثيابه عنه وتقف حتى يجلس، فكره قيامها حتى يجلس، ولم ير بغير ذلك بأساً، وقيامها من فعل الجبابرة، وبعضهم يخرج فيقوم الناس له. قال عنه ابن القاسم: ولا بأس على النساء أن يطرفن أصابعهن بالحناء.
ومن كتاب ابن المواز: وكره مالك أن يجامع امرأته أو جاريته وفى البيت من من يسمع حس ذلك من جواريه. قال ابن حبيب عن ابن الماجشون: ولا يكون معه فى البيت أحد نائم أو يقظان، صغير أو كبير.
وفى باب القسم بين النساء زيادة فى هذا المعنى.
قال ابن المواز: وفى كتاب الحضانة قال مالك: ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة، وعمار ابن ياسر بالباب، ذهب عليه السلام ليدنو منها، فبكت الصبية، فقال: خذيها. فأخذتها، وهداتها، ثم ذهب ليدنو منها فبكت الصبية ، فقالت خذيها فسمع عمار فقال : نحن نأخذها يا رسول الله، فأمر له عليه السلام بها.
قال ابن القاسم: ولا بأس أن يكلم الرجل زوجته وهو يطؤها . قال أصبغ: ولا بأس أن ينظر إلى فرجها، ويلحسه إن شاء، وإنما يكره النظر إليه من ناحية الطب، يقال : إنه يضعف النظر.
[4/625]
***(2/47)
[4/626]
ومن العتبية قال أصبغ عن ابن القاسم عن الدراوردى، عمن حدثه عن ابن القاسم ، سئل عن النخير عند الجماع، فقال: إذا دخلتم فاصنعوا ما شئتم. وروى ابن حبيب، عن بعض السلف قال: من نخر نخرةً فليكبر ثلاث تكبيرات. يريد أنه كره له ذلك.
ومن غير هذا الكتاب قال مالك: ولابأس بالتجرد عند الجماع، وإن لم يكن بينه وبين زوجته ستر حينئذ، وقد كان النبى عليه السلام يغتسل هو وعائشة عريانين والجماع أولى بالتجرد، ولا بأس أن ينظر إلى الفرج فى الجماع. قال ابن وهب عن مالك: لا بأس أن يغسل الرجل الصبية ابنته ست سنين ونحوها.
ومن العتبية ، روى أشهب عن مالك أنه أجاز للمرأة أن تجعل فى أطراف شعرها الصوف تمسك به المشط.
فى الأجذم هل يمنع من وطء أمته؟
من العتبية روى ابن القاسم عن مالك فى الأجذم الشديد الجذام، قال: يحال بينه وبين وكء إمائه إذا كان ضرر . يريد : إن طلبن ذلك، كما يفرق بينه وبين الحرة للضرر. وقال سحنون: لا يمنع من وطء إمائه.
وفى آخر كتاب الأقضية باب فيه من هذا المعنى.
[4/626]
***(2/48)
[4/627]
فى المرأة تريد بيع جهازها وخياطته
من كتاب ابن سحنون قال: وكتب سليمان إلى سحنون فى المرأة تريد بيع رقيقها وعروضها وجهازها، هل للزوج منعها؟ فكتب إليه: أن ليس له منعها ، ولها بيع جهازها، إلا ما لابد لهما من النفع به من ذلك ، ولها بيعه وتستبدل منه ما لابد لهما من النفع به.
قال محمد بن عبد الحكم فيمن دخلت على زوجها بجهاز، فأرادت بيعه فمنعها، فغن كانت تبيعه تستبدل به جهازاً غيره فذلك لها، وأما أن ترفع ثمنه فليس ذلك لها، وذلك مما اشترت من الجهاز بقدر الصداق، فأما ذلك فالمرأة أولى بالنظر فيه، وإن أرادت بيع جهازها وهو جديد لتشترى مكانه قديماً فذلك لها إن كان ذلك على النظر منها، وله أن يتوطأ هو منه، فأما أن يوطئه لأضيافه ، أو لعبيده فليس ذلك له إذا منعته، ولا لها هى أن تعطيه رقيقها يتوطؤه إذا منعها ذلك، إلا فيما جاوز الصداق من الفضل.
فى امرأة طلبت النكاح بأمر القاضى
وكان لها زوج فادعت أنه خيرها أو فارقها
ونكحت بأمر القاضى أو لم تنكح
وفى المراة ترفع إلى القاضى أنها تريد النكاح ولا ولى لها
من كتاب ابن سحنون: وكتب سليمان بن عمران إلى سحنون فى امرأة تأتى إلى الحاكم تريد النكاح، فأمرها أن تأتى بمن يشهد أنه لا زوج لها ولا ولى حاضراً، فكشف عنها الحاكم، فشهد من يعرف أن لها زوجاً لها منه ولد، فسألها عن ذلك فاعترفت به وقالت: شرط لى إن غاب عنى كذا وكذا من غير نفقة يبعث بها إليها، فأمرى بيدى فى أى الطلاق شئت، وقد تمت المدة، فلا نفقة
[4/627]
***(2/49)
[4/628]
تركها ولا بعث بها، وقد طلقت نفسى. فأمرها بالتوقف عن النكاح حتى ينظر، ومضت فترة فتزوجت، فبعث الحاكم إلى الزوج فاعترف أنه زوجها، ولم يبن بها، وادعى الجهالة بأمرها، وزعم أن الولى أمر بإنكاحها. فكتب إليه: إذا أقرت بالنكاح وأنكرت البناء، وثبت النكاح والبناء ببينة، وإنما نكحت بعد أن أمرها بالتوقف، فليشدد وقفها ويمنع منها حتى يثبت ما ادعت من الشرط بالعدول ويثبت أنها اختارت فى وقت يجوز لها فيه الاختيار، ثم انقضت عدتها بعد ذلك، ثم يمسك الحاكم عنها إن كان زوجها الأول بعيد الغيبة، وإن كان قريباً كتب إليه ، وإن كان نكاحها الثانى قبل هذا ، فأفسخه، فإن مسها فلها قدر ما استحلت به. يريد كالغارة، وإن لم يثبت شرطها، فحل بينها وبين الزوج ، ولا تجز ما فعلت.
وقال: أرأيت إن ثبت شرطها وقالت هى: مضت المدة وهى عامان ولم يبعث إلى نفقة؟ فكتب إليه: إن استأذنت فى السنتين وقالت لم تأتنى منه نفقة وكثر ذلك منها فلها شرطها إذا ثبت الشرط، إلا أن تكون أقامت بعد السنتين سنين كثيرة على ما شهد به الشهود أنه بعث مرةً بنفقة وكتاب وهى تقول: بعد الكتاب الأول والنفقة الأولى لم يأت منه شىء، أقامت سنين كثيرة تذكر هذا وتستعدى، ثم أرادت أن تختار فليس ذلك لها.
ومن كتاب ابن حبيب قال أصبغ فى المرأة تأتى تسأله أن يزوجها رجلاً قد رضيته، فليسألها من مكانها ومن يعرفها، فإن سمت من يثق به سألهم عنها، وإن لم يجد من يثق به كفلها البينة بأنها امرأة خرة لا يعلمون لها زوجاً ولا ولياً، فإذا ثبت هذا عنده نظر لها، وإن كانت طارئة ليس بالبلد من يعرفها، فلا يعرض لشىء من شانها، وليمنعها النكاح حتى تأتى بالبينة من أهلها، من يعرفها ويعرف أصلها أنهم يعرفونها حرةً لا يعلمون لها زوجاً ولا ولياً فيأمر بإنكاحها.
ومن المجموعة قال ابن القاسم فى القوم يرفعون إلى القاضى أن امرأة غاب زوجها عنها منذ عشر سنين لا يعلمون أنه فارقها، وأنها اليوم تحت رجل، هنا تسأل المرأة؟ وكيف إن ادعت أنه فارقها؟ قال: أما الحاضرة فى البلد فليكشف
[4/628]
***(2/50)
[4/629]
ويسأل ما لم يظل ذلك السنين الكثيرة مما يعلم أن البينة يموت فى مثلها، وقد فارقها منذ حين، لو طلب منها علم ذلك لم تجده فإنها تترك. وإن كانت امرأة قدمت من بلد أو موضع فهى كالتى طال زمانها بالبلد، وقد تقدم المرأة الضعيفة من مصر أو الشام فتشق عليها البينة فى ذلك.
فى الدعوى فى النكاح
من كتاب ابن سحنون عن أبيه: وسأله حبيب عمن ادعى نكاح امرأة فتنكره فلم يجد بينة بطل النكاح، ويجد بينة أن هذه امرأة كانت تسكن معه فى جوارنا خمس عشرة سنةً وولدت معه ، وهى مقرة أنه زوجها، وهو كذلك مقر بالزوجية، فإن خمس عشرة سنةً كثير وما أحلفه أن ذلك يوجب كناحه، ثم قال: دعنى أنظر فيها. ثم قال: إن لم تكن سنين كثيرة لم يوجب ذلك النكاح إلا فى الطارئين، فيقبل قوله، وأما من أهل الموضع فلابد من البينة على النكاح، إلا أ، يكون ذلك فاشياً مشهوراً فى الناس وعند القرابة. يريد إن كان البناء مشهوراً وعقد النكاح ، وأما تقاررهما بعد البناء بعقد النكاح، فلا يقبل ، هذا معنى هذه المسألة .
وقال فى الخامس من الأقضية: كتب سلمان بت غانم فى التى ترفع إلى القاضى تريد النكاح، ووليها عم ، وتزعم أنه على مسيرة ثلاثة أيام أو أربعة، مشغول فى ضيعته لا يقدم إليهان وقد دعته إلى سداد وكفاية، قال: إذا كان هكذا فليزوجها الإمام ، وهو أحد ولاتها الذين ذكرهم عمر بن الخطاب.
وقال فى البكر ، أبوها مقيم بمكة أو بمصر أو بطنحة مثلاً، يفتات عليه فيها، وليكاتب. وأما الثيب فيزوجها السلطان برضاها، إذا رأى ذلك.
[4/629](2/51)
[5/1] النوادر والزيادات
على ما في المدونة من غيرها من الأمهات
لأبي محمد بن عبد الله بن عبدالرحمن أبي زيد القيراوني
310 – 386 هـ
تحقيق
الأستاذ محمد عبدالعزيز الدباع
محافط خزانة القروين بفاس
المجلد الخامس
دار الغرب الإسلامي [5/1]
***(1/1)
[5/2] 1999 دار العرب الإسلامي
الطبعة الأولى
دار الغرب الإسلامي
ص. ب 5787 – 113 بيروت
جميع الحقوق المحفوظة لا يسمح بإعادة إصدار الكتاب أو تخزينه في نطاق إستعادة المعلومات أو نقله بأي شكل كان أو بواسطة وسائل إلكترونية أو كهروستاتية، أو أشرطة ممغنطة، أو وسائل ميكانيكية، أو الاستنساخ الفوتوغرافي، أو التسجيل وغيره دون إذن خطي من الناشر. [5/2]
***(1/2)
[5/3] النوادر والزيادات [5/3]
***(1/3)
[5/5] بسم الله الرحمن الرحيم ... وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم كتاب الاستبراء
جامع القول في المواضعة وأحكامها
قال مالك، في سماع أشهب، من العتبية وفي الواضحة أرى أن يحمل الناس على المواضعة. وقال ابن حبيب في الرائعة وفيما وطئه البائع من الوخش، قال ابن حبيب: ويؤدب تاركها، [قال ابن عبدوس تتواضع] لما يتقى من الحمل فيها، وإذ لم يلزم المبتاع تعجيل الثمن فيها لذلك لم يلزم البائع دفعها من المبتاع، وفارق الحمل فيها سائر العيوب أن الظاهر من العيوب السلامة، ولا يظهر لها سبب يبقى، وهذه الغالب فيها أن لا يؤمن منها الحمل، وسببه قائم فيصير النقد تارة سلفا وتارة ثمنًا، وتصير البراءة فيها لهذا غررًا بينًا يخالف سائر العيوب التي الغالب منها السلامة، وخرجت الوخش من ذلك لأن الغالب من حالها غير الوطء، فصار ذلك فيها كسائر العيوب في تعجيل قبضها وكذلك في البراءة من الحمل فيها.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: وضع الجارية للحيض على يدي النساء حسن.[5/5]
***(1/4)
[5/6] قال ابن القاسم ووضعها على يدي رجل غير المشتري أحسن من المشتري، ويكون الرجل عدلا له أهل ينظرون إليها، فإن وضعت على يد المشتري فجائز وهو مصدق، إلا أن للبائع [أن يبدو له فيضعها بيد غيره، ولو وضعها بيد أحسن لم يكن لأحدهما أن ينقلها إلا أن يرى لذلك وجه. ولو وضعها بيد أجنبي لم يكن لأحدهما أن ينقلها إلا أن يرى لذلك وجه. قال مالك وإن اختلفا في الثمن وضع أيضا بيد عدل وكذلك في الواضحة وكتاب ابن عبدون. قال وهو مكروه أن يوضع على يد المشتري. في العتبية، من سماع ابن القاسم وليس عليه أن ينقذه حتى تحيض ولا يمكنه مواضعة الثمن إن طلب ذلك البائع. قال عيسى عن ابن القاسم ولو تطوع بالنقد من غير شرط ثم استبرأت فليس له استرجاعها إلا ان تستمر حاملا.
من كتاب محمد ولا يجوز أن توضع بيد البائع وإن طبع عليه، وإن نقده المبتاع تطوعا بعد العقد جاز. ثم ليس له أخذه ليجعله بيد غيره.
قال مالك والضمان على كل حال من البائع في كل ما يصيب الجارية قبل الحيضة والنفقة عليه.
قال أصبغ وما بيع على المواضعة أو على معرفة المواضعة والاستبراء فإن شرط النقد فيه يفسد البيع إلا أن يتطوع بالنقد بعد العقد على غير شرط وعلى المواضعة فذلك جائز، فأما ما بيع على البت ممن لا يعرف المواضعة مثل بيع أهل مصر، ومن لا يعرفها من البلدان يتبايعون على النقد ولكن لا يشترطون نقدا ولا مواضعة فهو بيع لازم لا يفسخ ويقضى عليهما بالمواضعة. وإن طلب البائع إيقاف الثمن فذلك له. قال مالك وينزع من البائع إن قبضه إن طالب ذلك المبتاع.
قال مالك في العتبة من سماع ابن القاسم ولو انصرف بها المبتاع وغاب عليها رد إلى المواضعة ولا حجة للبائع بغيبته عنه وهو قد ائتمنه]/ عليها. قال [5/6]
***(1/5)
[5/7] مالك: ولو بيعت بيع ميراث فلابد من المواضعة، ولا يجوز فيها البراءة من الحمل. قال في كتاب محمد : وبيعها بالبراءة مطلق جائز، ولا يدخل في ذلك الحمل، فإن تبرأ منه بشرط فسد البيع.
ومن كتاب محمد قال مالك: ومن باع من مسافر حاج أو غيره فعليه المواضعة، ولا ينقد إلا أن يطول ذلك ولا إقامة له فيصير ضرارًا ويفسخ. وقال أيضًا مالك: على المسافر المواضعة، وكذلك أهل مني، وكذلك المجتاز والمرأة. قال مالك وإذا تواضعا الثمن، فضمانه ممن يصير له الثمن، كان عينا أو عرضا أو حيوانًا، وإن أتتها الحيضة فهو من البائع، وإن ظهر بها حمل من البائع فالثمن من المبتاع، وإن لم يكن حمل ولكن حدث بها عيب قبل الحيضة ترد به وقد هلك الثمن قبل ذلك، قال: فالمبتاع مخير في قبولها بالعيب بالثمن التالف، فتصير من البائع، وإن شاء ردهاوكان الثمن منه، وكذلك في ظهور حمل من غير البائع، وروي عن ابن القاسم مجملا، إن ظهر بها حمل رجعت إلى البائع، ومعناه عندنا أنه من البائع، وأما إن كان من غيره، فهو كالعيب، وذكر لي عنه بعض أصحابه، أنه وإن ظهر حمل من غير البائع أنها ترد، ولا يخير المشتري، ولم يروه لي غيره عن ابن القاسم، ولا عن غيره.
وقال سحنون في العتبة: إن ابن القاسم وأشهب يقولان: إذا هلك الثمن في المواضعة وتخرج الجارية وبها عيب، أن للمبتاع أخذها/ معيبة، بالثمن التالف. وقال غيرهما: ليس له أخذها إلا بغرم ثمن ثان. وقيل: يفسخ البيع، وعن مالك أن الثمن من المشتري. وقال ابن حبيب عن ابن الماجشون: إن الثمن من المشتري، والجارية للبائع، والفسخ للبيع. قال وقال أصبغ: الخيار للمشتري قائم، وليس بشيء، ولو كان ذلك للمبتاع أخذها حبن تلف الثمن دون ترقب براءة رحمها، إن لم يكن البائع يطؤها. وذكر ابن عبدوس عن ابن الملك أن المشتري بالخيار في قبولها، بغرم ثمن ثان أو ردها، وكذلك لو كان رضيها قبل علمه [5/7]
***(1/6)
[5/8] بإتلاف الثمن، فهو سواء. وإلى هذا ذهب سحنون، قال: لأنه إنما يكون الثمن لمن يصير له بما لا خيار فيه لأحد، فأما والخيار بحدوث العيب للمشتري، فقد خرج الثمن من أن يكون مضمونا على البائع، إذ لا يجب الثمن إلا باختيار يحدث من المشتري، فصار كبيع مؤتنف يختاره بلا ثمن، فليس له ذلك وله الخيار كما ذكرنا. ولو اختارها قبل يعلم بتلف الثمن، لم يوجب ذلك عليه غرم الثمن، والخيار له كما ذكرنا، وهذا إن تلف الثمن قبل حدوث العيب، فأما إن تلف بعد حدوثه قبل تحيض، أو تلف بعدما حاضت وقبل رضى المبتاع بالعيب، فها هنا صار له خيار قبل تلاف الثمن، فهو عليه فله أن يختارها ها هنا بلا يمين، كمبتاع بالخيار ثلاثا وتلف الثمن في أيام الخيار وهو بيد عدل، فله الخيار بلا ثمن، والثمن هو من البائع.
ومن كتاب محمد قال: والنقد والقبض يجب في الوخش بالتعاقد، إذا لم يطأها / البائع، ثم إن شاء المبتاع جعلها نفسه عند أمين فإن ظهر حمل رد به، فذلك له.
قال ابن عبدوس: وإن دفع البائع الرائعة إلى المبتاع بعد صحة العقد على أن المبتاع راض بما يظهر بها من حمل وغيره ولم يكن البائع وطئها فابن القاسم يرى ذلك جائزًا، له أن يتعجل قبضها على هذا أحب البائع أو كره، كما له الرضا بحمل لو ظهر، وإذا قبضها على ذلك برضى البائع أو بغير رضاه فعليه تعجيل الثمن. وقال سحنون: ليس له ذلك، وكأنه أسقط ضمانها عن البائع لما تعجل من خدمتها. وكذلك إن طاعا جميعا بذلك مكانه، عجل له الثمن بما تعجل من نفعها، فهو كسلف بنفع.
ومن الواضحة: وإذا قبض المشتري الرائعة على غير مواضعة، فهو على أحد ستة وجوه: على ائتمان المبتاع على استبرائها، أو على وجه الجهل [بالاستبراء، أو على تعمد ترك] الاستبراء وقبضه إياها، كوخش الرقيق أو على وجه تبري [5/8]
***(1/7)
[5/9] البائع من وطئها،ومن حملها أن يكون منه. أو على تبرئة من وطئها، ومن حمل يظهر من غيره، أو على تبرئة من حملها، وهو مقر بالوطء، فأما على ائتمان المشتري على استبرائها، فهو جائز، وهو أمين على حيضتها، ونفقتها على البائع حتى تحيض، وما أصابها في ذلك فهو من البائع، والقول قول المشتري، أن ذلك أصابها قبل تحيض، لأنها لو كانت بيد غيره فتأخر حيضها تربصت ثلاثة أشهر ثم تحل للمبتاع وتخرج من ضمان البائع إلا أن/ يظهر بها حمل فترد، أو يشك فيها بجس بطن، فيكون المبتاع مخيرا أن يرضى بالتربص، فترفع إلى تسعة أشهر، فإن شاء يردها لأن تأخر ذلك إلى ما فوق الثلث كعيب ترد به، وإما على الجهل بالاستبراء، أو على تعمد تركه، وقبضها كقبض الوخش، أو على البراءة من وطئها، أو من حملها أن يكون منه، أو على البراءة من حملها، وهو مقر بوطئها، فإن في هذه الأربعة وجوه تخرج من يد المشتري، ويجري فيها حكم المواضعة ويلحق الولد في التي أقر بوطئها إن لم يدع استبراء، وإن لم ترفع أمرها حتى ماتت بيد المبتاع، وهو يقول: ما حاضت . فإن ماتت فيما يكون فيه استبراؤها، فهي من المبتاع بعد يمين، وإن ماتت في مثل ما يكون فيه استبراؤها، فهي من البائع بعد يمين المشتري أنها لم تحض عنده. وكذلك قال مالك.
وقال ابن حبيب: ومعنى ما فيه استبراؤها: إن كان أيام حيضتها معروفة، [فذهاب قدرها فيها استبراؤها. قال وإن لم تكن أيام حيضتها معروفة]، جعل على أغلب أحوال النساء، وذلك شهر، فإذا مضى شهر قبل أن تموت، فهي من المبتاع، وإن ماتت قبله، فهي من البائع، وإن لم تمت وجاء بها بعد الشهر أو أكثر وقد حدث بها عيب فقال: لم تحض فهو مصدق ويردها بعد شهرين وثلاثة بالعيب الذي زعم أنه حدث قبل أن تحيض، فالعيب تبع للحيضة، وهو مصدق أنها لم تحض ما لم تفت، ولأنه لو لم يحدث بها عيب كان له ردها بعيب تأخير الحيض، وأما إن دفعها إليه على التبرؤ من وطئها، والبراءة من حمل إن ظهر بها حمل من غيره، فإن لم تكن/ رائعة جدًا، وهي وسطة، فذلك جائز، وتدخل في ضمان المبتاع بالعقد، ولا يطؤها حتى تحيض، وله التلذذ في هذه دون الوقاع، وإن [5/9]
***(1/8)
[5/10] كانت رائعة، لا يصلح مثلها إلا للفراش، فالبيع فاسد، وترد إلا أن تفوت، فيضمن قيمتها، وهذا كله قول من أوضحه من أصحاب مالك، وهو منهاج مالك ومذهبه. وهذا الذي ذكر ابن حبيب، أن شرط البراءة من الحمل في التي أقر بوطئها لا يفسد البيع، غير معروف لمالك. وفي المدونة، أنه يفسد البيع، وكذلك في كتاب ابن المواز، عن مالك، وغيره. وقاله أصبغ.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: وإذا قبض المشتري الرائعة، أو كانت وخشا، كان يطؤها البائع، فهلكت في مدة في مثلها استبراء. محمد: قدر الشهر ونحوه، فهي من المبتاع، وإن هكلت فيما لا يكون فيه استبراء، فهي من البائع، ولو شرط في إحداهما البراءة من الحمل، وهلكت فيما لا يكون فيه استبراء، فهي من المبتاع، لأنه بيع فاسد. قال محمد: بل هي من البائع، وليس قبضه فيها قبضًا، وهي في البيع الصحيح من البائع قبل الحيضة فكيف بالفاسد؟ ألا تراه لو اشترط النقد في الخيار، وقبضها المبتاع، وهلكت بيده في أيام الخيار، أنها من البائع، والبيع فاسد؟ ولو هلكت فيما فيه استبراء، كانت من المبتاع، وذكر ابن القاسم، في المدونة هذا القول الذي أنكره محمد، إلا أنه قال في التي أقر البائع بوطئها: إنما يضمن قيمتها يوم جعلتها حائضا، / وضمنها إياه ليس يوم قبضها في هذه خاصة.
ومن العتبية، قال عيسى، عن ابن القاسم: لا مواضعة في الوخش، ومن لا يوطأ مثلها، والمواضعة في من تراد للوطء، ممن لم توطأ.
قال ابن حبيب: والنفقة في المواضعة على البائع، باع عليها أو رده السلطان إليها. ومن كتاب ابن سحنون: وسأل حبيب سحنونا، عن الجارية تباع فيقبضها المشتري من غير مواضعة ثم يأتي المشتري فيقول: رفعتها حيضتها. وذلك بعد عقد الشراء بشهر، قال: قد أخطأ في ترك المواضعة. قال: والشهر قليل، ولو جاء بعد الصفقة بشهر ونصف، وشهرين أحسن؛ فنظرها القوابل، [5/10]
***(1/9)
[5/11] فإن قلن: مشغولة الرحم. وإن لم يكن بها حمل بين ردها وإن كان قد غاب عليها.
جامع القول في استبراء الإماء في البيع
من كتاب محمد: قال مالك في الجارية تباع قبل أن تبلغ: فاستبراؤها ثلاثة أشهر، فإن انقلب بها المبتاع فأرى أن تحلف ثم تستبرأ. قال ابن القاسم: من تحمل الرجال منهن، فإنه يخاف عليها الحمل، ففيها الاستبراء قال عبدالملك بن الحسن، في العتبية، عن ابن وهب، في الصغيرة. مثلها يوطأ، ومثلها لا تحمل، ففيها المواضعة؛ فإن لم تتواضع، وماتت بيد المبتاع، فإذا جهل الاستبراء، فهي من البائع. ومن الواضحة، قال مالك: نستبرأ الصغيرة إذا بلغت أن توطأ، وإن أمن منها الحمل. قال ابن حبيب: وهذه سديد، وقد روي عن كثير من السلف أنها إنما تستبرأ إذا قاربت البلوغ/، وخشي الحمل على مثلها؛ لأنها قد تحمل قبل الحيض إذا قاربته، وأما إن لم تقاربه ولا يحمل مثلها فلا تستبرأ، روي ذلك عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن المسيب، وسليمان بن يسار، والقاسم، وسالم، والحسن، والنخعي، وعطاء المكي، وابن شهاب، وأبي الزناد، وربيعة، وابن هرمز وقاله مطرف، وابن الماجشون. وإن قاربت الحيضة، ففيها الاستبراء. وقد اختلف [في مبلغه] فقال سليمان بن يسار، وعمر بن عبدالعزيز والحسن ومكحول وربيعة وابن هرمز والليث ومالك وأصحابه، ثلاثة أشهر. وروي عن عمر وعلي وابن المسيب والنخعي وعطاء وأبي الزناد وابن أبي ذئب شهر ونصف. وقال بعض العلماء: شهر. وبعضهم: شهران. سمعت ابن الماجشون يقوله، ولا أعلم من قاله بتسمية.
ومن العتبية روى عيسى، عن ابن القاسم، قال: واستبراء المستحاضة والتي ترفعها حيضتها ثلاثة أشهر إلا أن تستربت فتبلغ أشهر، وأما التي لا تحيض[5/11]
***(1/10)
[5/12] إلا في ستة أشهر أو في الحول فثلاثة أشهر تبرئها إذا لم ترتب لأنها والمرضع تبرءان في عدة الوفاة بتمام أيامها إذا ترتب، وروي عنه يحيى بن يحيى، في التي لا تحيض إلا في ستة أشهر، قال: لا تبرئها إلا الحيضة، فإن ارتابت، رفعت إلى التسعة، وأما التي لا تحيض إلا بعد التسعة في نحو سنة فثلاثة أشهر تبرئها في الاستبراء، إلا أن ترتاب فتبلغ التسعة، وأما المرضع فاستبراؤها ثلاثة أشهر، فإن ارتابت بلغت التسعة، وكل من/ رفعت الشهر الى التسعة أشهر، فهي في ضمان البائع لها إلى تمامها، ولا توطأ دون ذلك.
ومن الواضحة، قال: وإذا كانت ممن تحيض، فرفعت حيضتها في الاستبراء، فاستبراؤها ثلاثة أشهر إذا نظرها النساء،وجسسن بطنها، وقلن: لا حمل بها ولا حس ريبة. ويلزم للمستبرئ أن ينظر بها ثلاثة أشهر؛ فإ، قال: إن البائع قال له: إنها تحيض في كل شهر فلا حجة له بذلك، وإذا كانت ممن لا تحيض إلا بعد ثلاثة أشهر ما فوق، فلا يبرئها إلا الحيضة، وهذا فيها كعيب، للمبتاع ردها به إن لم يبين ذلك له البائع إلا إن رضي بانتظار حيضتها، فذلك له، وإن بينه له البائع في البيع، فارتفعت حيضتها، وقد كانت تحيض في خمسة أشهر أو ستة أشهر فارتفعت حيضتها، فلترفع إلى التسعة، ولا مقال للمشتري في ذلك.
وقد قال ابن القاسم: إن ارتفاع حيض التي تحيض في كل شهر عيب إلى ذهابه، ولا يلزمه تربض ثلاثة أشهر. والذي قلت لك قول مطرف، وابن الماجشون، ورواتهما، وأشهب عن مالك. والذي ذكر ابن حبيب، عن ابن القاسم، روي عنه خلافه، وقد ذكرتها في كتاب العيوب بأزيد مما ها هنا.
قال ابن حبيب: وإذا وقفت الأمة للحيضة، فلما حاضت استمر بها الدم واستحيضت فللمبتاع ردها بذلك إلا أن يرضى بعيب الاستحاضة فاستبراؤها ثلاثة أشهر، إلا أن يحس النساء بها شيئا، فترفع إلى التسعة، ثم له الخيار في ردها أيضا بهذا، أو الرضى والتربص، وليس تأخير الحيض كالاستحاضة في الرد/ بذلك لأن الأمة لو كانت تستحاض المرة بعد المرة لم يكن عليه أن يبين ذلك، ولا هو عيب ترد به ولزمه تبرص استبرائها بثلاثة أشهر، ولا تصدق الأمة في [5/12]
***(1/11)
[5/13] الاستبراء، على أنها قد حاضت حتى ينظر إليها النساء ويصدقنها وكذلك في السقط.
ومن كتاب ابن المواز: ومن باع أمة في حيضتها فإن لم يبق منها إلا يوم أو يومان لم يجزه، وإن بقي أيام قدر ما تعرف أنها حيضة أجزأه، ولا يجزئه إن بقي اليسير منها، ثم إن رأت دما بعدها بأيام ليس في مثلها طهر فهو مضاف إلى الأول، وإن كان في مثلها طهر ولم يبقق الدم إلا يوم أو يومان، سئل عنه النساء فإن قلن: إن ذلك حيضة أجزأها، إلا أن تكون حيضتها قبل ذلك أكثر من هذا فلا يجزئها حتى تقيم ما يبرئها قال: ومن اشترى ممن هو معه ساكن من زوجته، أو ولد له صغير في عياله جارية وقد حاضت، قال ابن القاسم يقول: إن كانت لا تخرج أجزأه ذلك.وقال أشهب: إن كانت معه في دار هو الذاب عنها، والناظر في أمرها [أجزأه]، كانت تخرج أو لا تخرج، إذا كان سيدها غائبا، فيمن قدم اشتراها منه، قبل تخرج، أو خرجت وهي حائض، فاشتراها منه تطهر، والجارية بين الشريكين، تشتري أنت نصيب شريكك، فإن كانت بيدك وحاضت عندك، فلا استبراء عليك، وتضمنها مكانك، وتنقده/ الثمن، وإن كانت بيد شريكك، فلابد من الاستبراء والمواضعة.
قال مالك وابن القاسم فيمن وضعت على يديه جارية للاستبراء، فحاضت عنده، ثم اشتراها حينئذ أو بعد أيام، وهي لا تخرج، ولا يدخل عليها سيدها، فذلك يجزئه، وليطأ مكانه، قال: وإذا وضعت الأمة للاستبراء، فولاؤها للمبتاع، بربح أو برأس المال، فلا تنقد حتى تحيض، وكذلك لو أربحه البائع فلا ينقده الربح، ولو أربحه البائع فيها بعد أن خرجت من الاستبراء بأيام، وحلت للمبتاع،وهي بيد الأمين، فللبائع أخذها ووطؤها مكانه، وكذلك الأجنبي يتولاها بربح، أو بغير ربح. وهذا الذي ذكر محمد ها هنا في المدونة خلافه. قال: وإن كان هذا بعد غيبة المبتاع عليها فلابد من ائتناف المواضعة، وإذا ردت بعيب ففيها المواضعة، والضمانة فيها من المبتاع. وروي أشهب، عن مالك، أن ضمانها من البائع في الرد [5/13]
***(1/12)
[5/14] بالعيب، وإنما توضع ليعرف أنها حامل أم لا، فإن ماتت قبل ذلك، فهي من البائع، وطئها المبتاع أو لم يطأها. قال: وإن كانت من الوخش، فلا توقف، وليقبضها البائع مكانه في الرد بالعيب، قال محمد: وبالأول أقول. وقاله مالك، وابن القاسم، أنها من المبتاع، ونفقتها عليه، في الإيقاف في الرد بالعيب حتى تحيض. قال ابن القاسم: إلا أن يكون قبضها المشتري قبل الاستبراء، وغاب عليها، ثم ردها بعيب أو بإقالة قبل وقت يكون فيه استبراء، فلا مواضعة فيها لأنها بعد في ضمان البائع إذا لم تكن منا لوخش ولكن لا يطؤها البائع بكل/ حال، حتى يستبرئ لنفسه، إلا أن يكون دفعها أولا إلى المبتاع يستبرئ لنفسه،لا على وجه الاستبراء، فلا يكون على البائع استبراء إذا رجعت إليه.
قال مالك: ومن ابتاع جارية في أيام الخيار فقبضها فحاضت في أيام الخيار، فذلك يجزئه، والجارية تبضع فيها فيبتاعها لك الوكيل ويبعثها فتحيض في الطريق، قال مالك: لا يجزيك ذلك.قال أشهب تجزيك حيضتها في الطريق، أو عند الوكيل، ولا يستبرأ من سوء الظن.
قال ابن الحبيب: وكل من يملك أمة بشراء أو هيبة أو ميراث فلا يحل له وطؤها حتى يستبرئها، وإن كانت وخشا، وإن أيقن أن من كانت له [لا يطؤها ومن كاتب جارية] ثم عجزت، فلا يطؤها حتى يستبرئ، لأنه لما حرم عليه فرجها كان كزوال ملكه عنها. وقال ابن القاسم، في المدونة: يستحب له أن يستبرئ، إلا التي في يديه تخرج.
ما يحل من الأمة في ترقب براءة الرحم
في بيع أو عدة أو غير ذلك
من العتبية، من سماع ابن القاسم، قال مالك: ومن ابتاع معتدة، فلا يجردها عند البيع، ولا يلذ منها بشيء حتى تتم العدة، قال عيسى، عن ابن[5/14]
***(1/13)
[5/15] القاسم: وإذا كانت معتدة من وفاة، وهي بائسة من المحيض، فلا يطؤها حتى يتم بثلاثة أشهر من يوم موت الزوج، ولا ينقلها من بيتها قبل شهرين وخمس ليال من يوم موته، فإذا تمت، نقلها إن شاء، ولكن لا يطؤها حتى تتم ثلاثة أشهر من يوم البيع/، يدخل فيها الشهران وخمس ليال، من يوم مات الزوج.
قال ابن القاسم، عن مالك: ومن له أمة حامل من غيره، حملت عنده أو عند غيره من نكاح، أو زنى فلا يطؤها ولا يلذ منها بقبلة ولا مباشرة ولا غيره حتى تضع. ومن الواضحة، قال: ولا يجوز للمبتاع أن يتلذذ من الأمة المبيعة بلذة ولا قبلة لأنها في ضمان غيره، ولا يجوز ذلك للبائع فيها، فإذا دخلت في أول دم الحيضة حل للمبتاع منها القبلة والمباشرة، ودخلت في ضمانه، وأما المسبية تقع في سهمه أو ابتاعها في المقاسم فله أن يلذ منها بالقبلة والمباشرة والتجريد وغيره، عدا الوطء ليلا يسقي ماؤه ولد غيره، وهذه قد تم ملكه فيها، وبيع المقاسم بيع براءة، وإن ظهر بها حمل لم ترد به. وهذا الذي ذكر ابن حبيب أنه يدخل البراءة من الحمل في بيع السلطان، ليس بقول المالك إلا أن يعني في الوخش. وقد ذكرتها في باب البراءة. وقد روي عن سحنون، في كتاب السير، في المشتري يقبض الجارية الرائعة، فليس له أن يلذ منها حتى تحيض، إلا أن ترضى بترك عهدة الاستبراء، أو بكل ما يظهرمنها من حمل فذلك له إن كان البائع لم يطأها.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن المواز: قال ابن القاسم، في المبتاع يطأ الأمة البكر في المواضعة، فيظهر بها حمل، فينكره البائع، فيتربص بها، فإن وضعته لأقل من ستة أشهر، برئ منه، والمبتاع مخير، فإن شاء حبسها بالثمن ورجع بقيمةعيب الحمل، أو يردها بعيب الحمل ويغرم ما نقصها الافتضاض، وإن لم/ يظهر بها حمل، وقد حدث بها حمى أو داء، فليردها بذلك، ويرد ما نقصها الافتضاض، ثم إن ماتت بعد أن ردها بالعيب، فهي من البائع، وإن بقيت بيده بعد الرد حتى ظهر بها حمل وضعته لستة أشهر فأكثر من وطء المبتاع، ردت إليه أم ولد بقيمتها يوم وطئ، لا بالثمن، لأنه ردها بالعيب أولا؛ ولو لم يكن ردها بما حدث بها في المواضعة حتى وضعت لما ذكرنا من المدة فله إن [5/15]
***(1/14)
[5/16] شاء ردها بالعيب الحادث فيلزمه بقيمتها يوم وطئها، ونصير أم ولد، وإن شاء رضي بالعيب وألزمها نفسه بالثمن.
ومن العتيبة، قال محمد بن خالد: قال ابن القاسم، في المشتري للأمة إذا أعتقها في المواضعة، فإن كان البائع لا يدعي حملها إن ظهر حمل مضى عتقه ولا رد له بحملها إن ظهر لأنه عتقه رضى بذلك. وكذلك في كتاب ابن المواز، ولكنه قال: إن كان البائع لم يطأها، عجل عتقها، ثم إلى آخرها سواء. قال ابن المواز، في كتاب العيوب: إن له الرجوع يحمل إن ظهر.
فيمن باع جارية بجاريتين أو بجارية وعبد أو جارية، وعرضا بعين، وحكم المواضعة والضمان في ذلك وظهور عيب أو حمل بإحداهن
من كتاب محمد، قال ابن القاسم: ومن باع جارية بجاريتين، وكلهن مرتفعات، فإن ماتت منهن واحدة قبل أن تحيض، انقض البيع كله، كانت المنفردة أو إحدى الاثنين، أرفعهما أو أدناهما قبل طمث سواها، أو بعد طمثها، أو بطمث/ إحداهما، وكذلك إن استمرت واحدة حاملا. محمد: قوله: أو واحدة؛ فإنها تصير كالثمن الموقوف، وكالعبد، وضمانها ممن نصير له، فإذا هلكت بعد أن طمثت، وهي المنفردة، كانت من بائع الجاريتين إن حاضتا، فإن هلكتا أيضا أو لم يخرجا من الاستبراء فهما من بائعها ونصير المنفردة من بائعها ويزول البيع كله، وإن ماتت واحدة أو الاثنين، أو ظهر بها حمل، وحاضت صاحبتها، انتقض البيع وأخذها منه صاحبها، طمثت أو لم تطمث، وكانت المنفردة من بائعها إن هلكت، أو تأخذها إن لم تهلك. [5/16]
***(1/15)
[5/17] قال محمد: صواب إلا في قوله في موت أدنى الجاريتين وظهور حمل بها أنه موجب لنقض البيع كله فليس يعجبني، بل هو كاستحقاقها أو ظهور عيب بها، وليرجع مبتاعها بقدر قيمتها من صاحبها في قيمة المنفردة، إن لم تملك. وروي عيسى، عن ابن القاسم، في هذه المسألة من أولها مثل ما اختار محمد.
قال محمد: قال ابن القاسم: وإذا طمثت المنفردة، وقفت، فإن حاضت الرفيعة من الاثنين، قبضها مبتاعها، وقبض المنفردة مبتاعها، ولكل واحد أن يطأ ويبيع ويصنع بها ما شاء، ثم إن هلكت الثانية أو لم تخرج انتقض البيع فيها وحدها ويرجع مبتاعها بحصتها بقيمتها من قيمة المنفردة لا في رقبتها؛ لضرر الشركة، وكذلك لو ماتت الدنية أو حملت قبل تحيض المرتفعة ثم حاضتت المرتفعة/، وإنما ينتقض بموت المنفردة، أو بموت الرفيعة من الاثنين قبل الحيض، ولو حاضت المنفردة وقفت كالثمن، فإن هلكت وحاضت الدنية أو لم تحض، ومصيبة المنفردة من ربها، وكذلك لو ماتت الرفيعة منهما انتقض البيع وأخذ الدنية ربها سالمة أو غير سالمة.
ولو ظهر بالدنية وحدها حمل رجعت إلى ربها ولا شيء عليه فيها ولو حاضت المنفردة فأوقفت، فهلكت، ثم ماتت الدنية من هاتين قبل تطمث أو [ظهر بها حمل فله تقف الرفيعة] فإن خرجت، أخذها مشتريها وحدها، ولا شيء له، وترجع الدنية الحامل إلى ربها، ولا شيء عليه فيها لأنه لم يصل إليه من ثمها شيء، ولو طمثت الدنية بعد هلاك المنفردة التي طمثت لم يأخذها مشتريها، وزاد في رواية عيسى في هذه المسألة في العتبية، فقال: وإن أصاب المنفردة عيب قبل الحيض انتقض البيع إلا أن يرضى بها المبتاع فيتم البيع، وكذلك إن سلمت وأصاب ذلك أرفع الاثنين، وإن سلمت أيضا، وأصاب الدنية عيب، أو ماتت انتظر [5/17]
***(1/16)
[5/18] بالرفيعتين فإن خرجتا تم البيع ورجع مبتاع الجاريتين الدنية في قيمة المنفردة وإن حاضت الدنية أولا ثم ماتت فإن خرجت صاحبتها من الاستبراء فالمصيبة من المشتري وإن لم تخرج صحيحة أو ماتت فالمصيبة من بائعها. وإذا وجد بإحدى الجاريتين عيب بعد أن حاضتا جميعا، ردها رجع/ بحصتها في قيمة المنفردة، وإن وجد بأرفعهما ردها وأخذ المنفردة إلا أن تفوت في سوق أو ثمن، فيرجع بقيمتها يوم قبضت، وإن كان بالمنفردة إلا أدناها، أخذ قيمتها، وأخذ الرفيعة. وهذه المسألة مذكورة في كتاب العيوب، في العيب يوجد ببعض الصفقة مستوعبة، وفي رواية عيسى زيادة معان، فلذلك كتبتها، وهي في كتاب ابن حبيب مثل ما ذكرنا ها هنا سواء.
ومن كتاب محمد، قال أصبغ: قال ابن القاسم: ومن ابتاع جارية وعبدا بمال في صفقة واحدة، والجارية أرفعهما، فلا يقبض العبد ولا يضمنه حتى تحيض الجارية، فإن هلك العبد قبل حيضتها انتظرت، فإن حاضت قبضها مبتاعها، وكان الغرم منه، وإن فاتت أو ظهر بها حمل أو أصابها عيب فهي والعبد من بائعها وينتقض البيع. وروي عنه أبو زيد أن العبد من المشتري، ويقبض الثمن، فلم منع المشتري إذن من قبضه؟ فهذا محال.
قال أصبغ: ولقد قال ابن القاسم: ولو رضي المبتاع فأخذ الغلام بحصته من الثمن، إذا لم تخرج الجارية من الاستبراء، ورضي له بذلك البائع، لم يجز ذلك إلا بعد المعرفة بحصته بأمر مستقبل قال ابن القاسم: وإن كان العبد أرفعهما، فيقبضه، وليصنع به ما شاء، وإن لم تخرج الجارية التي معه، وهلكت لزمه العبد بحصته من الثمن.
محمد: وهذا يرد قوله الأول في فوت الأدنى. وهذا أصل مالك وأصحابه. وكذلك/ في رواية عيسى، عن ابن القاسم في العتبية، مثل رواية أصبغ. وقال: [5/18]
***(1/17)
[5/19] ويصير ضمان العبد الذي قبض منه إن هلك قبل تحيض الجارية التي هي تبع له. وهي في الواضحة مثل ما ذكرنا سواء.
ومن كتاب محمد: من ابتاع جارية مع دار أو عرض أو مع مائة أردب قمح بمائة دينار فتواضعا الجارية والثمن فهلك ما مع الجارية من عرض أو طعام فإن كان تبعا لها نظر؛ فإن حاضت، فذلك من مشتريها إن كان القمح قد كيل أو أخذ بكيلة، وإن كان بقي في الكيل فهو من بائعه بكل حال، بخلاف العبد والعرض والدار، وإن لم تخرج الجارية من الاستبراء فما تلف مما هو معها تبع من بائعه، وانقض البيع، وهو لو كان قمحا وهو تبع لم يكن يقدر على حوزه، ولو اكتاله، ولا كان يجوز له قبضه لأنه لا يعرف بعينه، وقد لا تحيض فيصير سلفا يرد، وقد تحيض فتصير بيعا.
باب فيمن باع أمة وهي زوجة لابنه، وذكر المواضعة والولد
ابن عبدوس: قال سحنون: ومن زوج أمته لولده ثم باعها فالبيع جائز ولا مواضعة فيها وينتقد، ولا يمنع منها الزوج، فإن وضعت لستة أشهر فأكثر من يوم البيع فالولد رقيق للمبتاع، وإن كان لأقل من ستة أشهر فسخ البيع ها هنا لأنه كان قبل الشراء وقد عتق على حدة، ولا تفوت بحوالة الأسواق وهي حامل، كأنه يقول: إنها على حكم بيع الصحة حتى تضعه لأقل من/ ستة أشهر، فيس فساد البيع. قال: وتقوم يوم قبضها على أنها حامل، كأنه يقومها على أن حملها لغيره، ولو كان يجوز بيعها كذلك، وهذا على مذهب أصحابنا في الولد يموت ولا أب له، وأمه حامل من زوج، فإن وضعت ولدا لأقل من ستة أشهر ورث أخاه، وإن كان لأكثر لم يرثه، ولا يعمل الزوج عنها إلا في قول ابن وهب، فإنه روي عن مالك أنه يحال بينه وبينها. وهو خلاف قول أصحابنا، ولو كان هذا لحلت بينه وبين زوجته إذا استبرأها المالك إن جاء ولد لأقل من ستة أشهر كان له أن ينفيه بلعان، وإن كان لستة أشهر كان في الملك، لا لعان فيه. [5/19]
***(1/18)
[5/20] باب في استبراء المعتدة وذات الزوج، ومن زنت، ومن اشترى زوجته، وذكر الحمل والمرأة منه، وذكر شيء من المواضعة
قال ابن عبدوس: بيع الوضيعة بالبراءة من الحمل جائز، ولو بيعت بيع الإسلام وعهدته لم يكن فيها مواضعة لحقه فوقع الحمل فيها والخطر فيه، فإن جاء حمل لستة أشهر من يوم قبضها لزمته، وإن كان لأقل فله الرد به. قال غيره: والرفيعة ترد بالحمل، وإن جاء لأكثر من ستة أشهر. قال غيره: ومن باع جارية زاينة أو معتدة، فإن كان الزنى معروفا أو الزوج فالبيع جائز، ولا مواضعة فيها ولا ترد بحمل إذا كان الزنى قريبا من الحمل، مما يمكن أن يكون الحمل منه، وإن كان الزنى والزوج لا يعرف، فالبيع فاسد؛ لأنه أراد بذكر ذلك/ تجويز بيع الرائعة بلا مواضعة وبالبراءة من الحمل.
قال عبد الملك: ولا مواضعة في ذات زوج ولا معتدة من طلاق، ولكن لا يطأ المعتدة إلا بعد حيضتين إلا أن يبيعها بعد انقضاء عدتها [قال عبد الملك وإن ابتاعها بعد عدة وفاة فانقضت عدتهاٍ بعد شرائه بيومين، فلا يقربها حتى تحيض، ولا مواضعة في هذه الحيضة على البائع، ولو حاضت حيضة بعد البيع قل تمام العدة، أجزائه، وحلت له بتمام العدة، ولو ظهر بها حمل لم ترد به، وإن وضعته لسته أشهر من يوم البيع، ولا مواضعة [في ذات الزوج إن لم يبن] بها الزوج، ولا ترد حمل، إلا أن تضعه لأقل من ستة أشهر من يوم تزوجها، ولا يلحق به، ويفسخ النكاح، وللمشتري ردها بعيب هذا الحمل ولا يفسخ البيع. وإن اشتراها زوجها فلا مواضعة فيها ولا استبراء عليه، ومن دخل بزوجته ثم اشتراها ثم باعها قبل أن يطأها بعد الشراء ففيها المواضعة في هذه العدة، بخلاف شراء الأجنبي، كانت من العلية أو من الوخش، لأنها تصير بما يظهر من الحمل أم ولد، وترد[5/20]
***(1/19)
[5/21] لذلك لا لعيب الحمل، وأما الأجنبي فتدخل في ضمانه بالشراء، ولا يردها بحمل إن ظهر. ولو اشترى زوجته بعد أن طلقها أو بعد أن حاضت حيضة، ثم باعها، ففيها المواضعة في الحيضة الثانية.
ما يجوز من تقليب الأمة في البيع وهل يأخذ البائع ما عليها؟ وقد شرط ذلك أو لم يشرطه
من كتاب ابن المواز، والواضحة، وكره مالك للمشتري عند/ استعراضه للجارية أن يضع يده على عجزها أو ثديها، ولا يكشف معصما أو صدرا ولا ساقا، قال، في الواضحة: وليسأل بائعها عما يريد في ذلك.
قال في كتاب ابن المواز: وليجعل النساء في ذلك، لما روي عن عمر في ذلك، قال ابن الحبيب: فلا أجيز ذلك للعازم على الشراء، ولم يفعله متلذذا ولا عابئا، وكان ابن عمر يضع يده من ثديها وعلى عجزها ويكشف ذلك، وذلك إن أعجبته وإلا لم يفعل. وقال عطاء: لا أحب أن ينظر إلى جواري، البيع، إلا من أراد الشراء.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: وله أن ينظر إلى كفها. وكره أن ينظر معصمها، وساقها، وليخير عن ذلك كما يخبر عن الحرة، وكره مسه لعضدها. قال أصبع: وصدرها، ولا ينظر إلا إلى وجهها وكفيها وقدمها وشعرها وما ظهر من نحرها، لغير لذة.
ومن الواضحة، وروي عن عمر بن الخطاب، في الجارية تباع وعليها الحلي والثياب تزين به أن ما زينت به من ذلك للبيع فللبائع، إلا أن يشترطه المبتاع، وقال مالك: إلا ما عرف أنه من هبتها ولباسها، فهو للمبتاع، وإن لم يشترطه؛ من الثوب اليسير تبتذله، فليس للبائع حبسه عنها ولا نزعه. [5/21]
***(1/20)
[5/22] ومن العتبية وكتاب محمد، من سماع أشهب، قال مالك، فيمن باع جارية وعليها ثبات، فقال: إن الذي عليها عارية، ولها خلفان في البيت، فباع على هذا، ثم جاء يخلقين لا يواريانها؛ قال: رب خلق يواري، فأما إن كان لا يواريها، فعليه أن يعطيها أزارا يواريها، ولا يفسخ البيع. قيل، فقميص. قال: لا، ولكن إزار يواريها. / وقال مالك: إذا باعها وعليها إزار وشرط نزعه، وباعها على أنها عريانة، فلا يفسخ البيع، ويقضي عليه أن يعطيهم ما يواريها، إما بذلك الإزار أو بغيره، ولا ينفعه شرطه.
ومن العتبية، قال أشهب، عن مالك: إذا أوقفها للبيع بثمن، فقيل: يقطع نصف دينار لكسوتها؛ فإنها عريانة. ففعل، ثم باعها مبتاعها، فطلبت منه النصف دينار، قال: يستخلف هذا الذي باعها آخرا لقد انتزع من النصف دينار. قال ابن كنانة: ثم رجع، فقال: يؤخذ النصف دينار من بائعها، فيدفع إليها. وهذه المسألة في كتاب ابن المواز من أولها.
ومن كتاب محمد، قال مالك، في الحارية تباع عليها حلي وثياب، فما عرف أنه من هبتها ولباسها، فهو للمبتاع، وما عرف أنها زينت به، فهو للبائع، وإن لم يشترطه، ولا يفسخ به البيع ولو اشترطه المبتاع، وهو حلي، فلا خير فيه إن كان الثمن ذهبا أو ورقا، إلا أن يكون ذلك الحلي للجارية. وقال مالك: إذا تنازعا الثوب عليها؛ فإن كان مما يشبه بذلتها ومواهبها، فليس للبائع أخذه، وما علم أنه لتزين به، فللبائع أخذه. [5/22]
***(1/21)
[5/23] بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
كتاب العدة
باب في عدة المطلقات من ذوات الأقراء أو من اليائسات واللائي لم يحضن والحوامل، وذات الريب وذكر من مات أو طلق في بعض الشهر وذكر الأقراء ما هي؟
من كتاب ابن المواز وغيره، قال مالك في قول الله سبحانه وتعالي: "والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء"، أنها الأطهار، بدليل قوله تعالى : "فطلقوهن لعدتهن". وإنما تطلق في طهر تعتد به. وقرأ ابن عمر: لقبل عدتهن. وفي حديثه دليل أخر، إذا أمره النبي عليه السلام أن يطلق للطهر، وقال: تلك العدة الذي أمر الله أن يطلق لها النساء قال بعض متبعي مالك، والقرء مذكر، ولو عنى به الحيض لقال: ثلاث قروء. والقرء: جمع الرحم الدم، ولا يجمعه إلا في الطهر، ومنه قريت الضيف. جمعته إليك... [5/23]
***(1/22)
[5/24] قال الشاعر: ذراعي حرة أو ماء بكر=هجان اللون لم تقرا جنينا
وقال آخر: لما ضاع منه من قروء نسائكا
ومن طلق آخر الطهر، فقد حصل له طهر تام، لأن المبتغي من الطهر، أن يخرجك إلى حيض، فحينئذ يدل أنه قروء، ولو تعدى فوطئها في الحيض، لم يكن مجئ الطهر والأعلى براءة الرحم، كان الخروج من الطهر إلى الحيض أبلغ في براءة الرحم، فدل ذلك أن الأقراء الأطهار.
قال ابن المواز: قال مالك: وذكره عنه أشهب في العتبية، في قول الله سبحانه: "واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم"، قال: ذكر سبحانه عدة الحائض والحامل في آية، ولم يذكر فيها التي يئست من المحيض، والتي لم تحض، ثم ذكرها في آية أخرى، فقال: "إن ارتبتم". يقول: ]فلم تدروا ما عدتهن[ “فعدتهن ثلاثة أشهر". وقال غيره: إن ارتبتم في معاودة الحيض لهن. وهي ريبة مستقبلة/، ولو كانت ماضية لقال: أن ارتبتم، بفتح الألف، والله اعلم، واحتج غيره بما تأول مالك، فقال: بل يعني بقوله: "إن ارتبتم"، إذا ارتبتم، لا يأتي في معنى إذا فتصير ماضية، والله أعلم. قال مالك: فذكر تعالى العدة في الطلاق في ذوات الحيض وعدة من لم يحضن، ومن يئسن من المحيض. وقال في الحوامل: "وأولت الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن"، فكان هذا عاما في الطلاق والوفاة. [5/24]
***(1/23)
[5/25] ومن كان ابن المواز، قال مالك: وهو [في كتاب ابن سحنون عن] أشهب وسحنون، قال سحنون: وهو قول مالك وأصحابه: إن عدة المطلقة الحرة من ذوات الحيض ثلاثة قروء، والأمة قرآن، وعدة الحوامل الوضع، من حرة أو أمة، من طلاق أو وفاة، وعدة اليائسة من المحيض، والتي لم تبلغ، حرة كانت أو أمة، قال بعض أصحابه: ولم تنقص الأمة،إذ لا يبرأ رحم في الأصول من الشهور بأقل من ثلاثة أشهر. قال مالك وأصحابه: وأكثره من شرح أشهب. وأما المرتابة – وهي التي كانت قد حاضت ثم فقدت الحيضة المعتادة- فإنها ترفع ألى تسع أشهر استبراء، ثم ثلاثة عدة، وكذلك لو حاضت مرة من دهرها، ثم انقطع عنها سنين كثيرة، لمرض أو غيره، وقد ولدت أو لم تلد، ثم طلقت، فإن عدتها الأقراء ما لم تبلع سن من لا تحيض فلا ترتقب الحيضة، فإن لم ترها في وقتها فلترجع إلى تسعة أشهر استبراء الريبة، فإن لم تحض فيها صارت كاليائسة فلتأتنف حينئذ ثلاثة أشهر عدة/ اليائسة، فتحل بالسنة، حرة كانت أو أمة، وهذا فيمن في سن من تحيض مثلها، حتى إذا بلغت سن من لا تحيض مثلها، فعدتها ثلاثة أشهر في الحرة والأمة في الطلاق وليست هذه بمرتابة.
وإذا حلت المرتابة بالسنة ثم تزوجت ثم طلقت، فعدتها ثلاثة أشهر في الحرة والأمة، وإن تبلغ سن اليائسة، لأنها اعتدت بالشهور مرة فصار لها حكم اليائسة إلا أن يعاودها الحيض ولو مرة فترجع إلى الحيض، ولا تحل إلا بثلاثة قروء في الحرة في الطلاق، وقرأين في الأمة، إلا أن ترتفع الحيضة، فترجع إلى حال المرتابة، فلا تحل إلا بسنة لا تحيض فيها، أو بما ذكرنا من الحيض، وما رأته اليائسة من الدم وقلن النساء: ليس بحيض لم تعتد به وتدع له الصلاة وتتطهر منه، وعدتها ثلاثة أشهر من يوم طلاق، والمرتابة التي تفقد الحيضة فترفع إلى السنة فإنها تحسب السنة يوم طهرت من تلك الحيضة، وإذا كانت من شأنها [5/25]
***(1/24)
[5/26] أن تحيض من ستة أشهر إلى مثلها أو من سنة إلى سنة أو إلى أكثر فلتأخذ في السنة وترتقب الحيضة، فإن جاء وقت الحيضة في السنة فلم ترها، حلت بتمام سنة من يوم طلاق، وإن حاضت كالعادة، فقد حلت، وإن مرت سنة ولم يأت وقت حيضتها، انتظرت وقتها، فإن لم ترها فيه، حلت، ثم إن حاضت بعد مضي وقتها بيوم لم يلتفت إلى ذلك، وإن جاء وقتها فحاضت فيه رجعت إلى الحيض فاحتسبت به، ثم حسبت السنة من يوم طهرت من الحيضة الثانية، فإن تمت سن ولم يات وقت/حيضها انتظرت وقت حيضها، وإن أتتها ائتنفت أيضا السنة ووقت مجئ حيضتها، فإن لم تأتها عند وقتها فقد حلت. وكذلك التي تحيض في السنة مرة تعمل هكذا حتى تعمل هكذا حتى تكمل لها ثلاث حيض، وسنة لا حيض فيها.
قال سحنون، في كتاب ابنه: وخالف ابن نافع أصحابنا أجمع في المطلقة تحيض حيضة أو حيضتين، ترفعها الحيضة، فقال:إذا كانت ممن يحيض مثلها، انتظرت خمس سنين، وإن كانت ممن ييأس مثلها من الحيضة، اعتدت بالسنة تسعة أشهر، ثم ثلاثة، وأصحابنا لا يفرقون بينهما، والعدة فيهما بالسنة. يعني سحنون – والله أعلم- فيمن يحتمل أن تحيض، وأما فيمن لا يحتمل ذلك منها، فعدتها ثلاثة أشهر. وقد تقدم هذا من كتاب ابن المواز.
قال مالك، في كتاب ابن المواز: وإذا مضى للمسترابة في الطلاق سنة، وفي الوفاة تسعة أشهر، فقد حلت، إلا أن تحس من بطنها حسا، فلتتربص إلى أقصى حمل النساء، خمس سنين، أو أربع، هكذا قال ابن القاسم. أراه يريد فيه القولين، قال: إلا أن تنقطع الريبة قبل ذلك، فتحل، وقال أصبغ: أربع سنين أقصى الحمل، وقال في موضع آخر: خمس سنين. وقال ابن عبدالحكم: تقيم أقصى حمل النساء.
قال أشهب: ولا أرى المرأة تلد أبدا وهي ترى الدم على حملها، وقد تحمل أربع سنين، وخمسا وستا وأقل وأكثر، وبلغني أن امرأة ابن عجلان حملت سبع سنين. قال مالك، في كتاب ابن سحنون، وغيره: وعدة المستحاضة في الطلاق[5/26]
***(1/25)
[5/27] سنة، حرة كان أم أمة، وللزوج الرجعة في السنة كلها وتحمل بالسنة، إلا أن/ تقيم إلى زوال الريبة، وبعد هذا باب في عدة المستحاضة، وباب في عدة المرضع والمريضة.
قال مالك: وعدة الحامل الوضع، في الطلاق والوفاة، وإن وضعت ولدا، وبقي في بطنها ولد، فله الرجعة إلى وضع آخر ولد، ولو طلقها بعد وضع الأول فله الرجعة إلى آخر ما تضع. قال أشهب: وتنقضي العدة بوضع المضغة والعلقة في الوفاة والطلاق، وأما الدم المجتمع فلا. وهذا في البائن وغير البائن في الحرة والأمة.
ومن العتبية، من سماع ابن القاسم، وفي كتاب ابن الموز، قال مالك: وإذا مات، أو طلق وعدة زوجته بالشهور، فليحسب إلى مثل تلك الساعة التي مات فيها أو طلق. ثم رجع، فقال: أرى إن بلغن ذلك اليوم، فإن نكحت بعد أن بلغت مثل تلك الساعة، لم أفسخ نكاحها لأنها قد أكملت، قال في كتاب ابن المواز:وتحصي ما بقي من هذا الشهر، وتحتسب بعد تمامه بالأهلة في الوفاة ثلاثة أشهر، ثم تتم على بقية الشهر الأول ثلاثين يوما، كان تاما أو ناقصا، ثم عشرة أيام، وفي الطلاق على نحو هذا.
باب في عدة الوفاة للحرة والأمة وكيف إن كانت حاملا أو مسترابة أو مستحاضة؟
ومن كتاب ابن المواز، وابن سحنون، قال: ومن قول مالك وأصحابه: أن عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر، كانت صغيرة أو كبيرة، مدخولا بها أو غير مدخول بها، وفي الأمة شهران وخمس ليال، لا يراعى فيها حيض، إلا أن ترتاب حداهما/ بتأخير الحيضة عن وقتها، فترتفع إلى تسعة أشهر في الحرة والأمة، فتحل، إلا أن تحس تحريكا، فتقيم إلى خمس سنين. [5/27]
***(1/26)
[5/28] قال أصبغ: كانت حرة أو أمة، كانت الحرة مسلمة أو كتابية، أو كانت أم ولد أو استبراء في بيع. وكذلك في الوفاة والطلاق، في الأمة والحرة، قال: والمرتابة بتأخير الحيض في الطلاق يبدأ فيها بتسعة أشهر استبراء، إذ هو أكثر الحمل في أكثر النساء، فإذا لم تردها كانت كاليائسة، وقيل لها: اعتدى بثلاثة أشهر.وأما في الوفاة، فليس عدتها بالحيض، لكن بالشهور، وإن فقدت الحيضة في وقتها، بلغنا بها إلى شهور الحمل في أكثر النساء فكان لها ذلك براءة، وكذلك قضى عمر.
قال مالك: وذلك في الحرة والأمة، إلا أن تحيض الحرة قبل التسعة وبعد الأربعة الأشهر والعشر، أو الأمة بعد الشهرين وخمس ليال، فتحل حينئذ، وإذا كانت الحرة لم تحض، أو يائسة من المحيض، فإنها تحل بأربعة أشهر وعشر. وكذلك التي بلغت حد المحيض فلم تحض، ولا تحل الأمة من هؤلاء إلا بتمام ثلاثة أشهر.
قال أشهب: إلا أن يؤمن مثلها الحمل فتبرأ بشهرين وخمس ليال. وكذلك كل من فيها بقية رق، ومن لم تتم لها أحكام الحرية. وإذ اعتدت الحرة بالأربعة الأشهر والعشر، والأمة بشهرين وخمس ليال، ورأينا في ذلك الحيض على العادة، حلتا، وإن تأخرت رفعتا إلى تسعة أشهر. قال مالك، في الكتابين وفي العتيبة من رواية ابن القاسم: وإذا كانت لا تحيض إلا من ستة أشهر إلى/مثلها، أو من سنة إلى مثلها، فانقضت عدتها في الوفاة، ولم يأت فيها وقت حيضتها المعتادة، فقد حلت، وإن قرب وقت حيضتها، إلا أن ترتاب بحس البطن، وإن مر بها وقت الحيضة فلم تحض، رفعت إلى التسعة من يوم الموت.
قال في العتيبة: فإن مضت الأربعة أشهر وعشر فلم ترتب، فلينظر إليها النساء، فإن لم يرين بها ريبة حلت. قال ابن المواز: قال أشهب: وقد قال مالك لابن كنانة في هذه التي تحيض من ستة أشهر إلى مثلها، فإن لم يأت وقت حيضتها في شهور العدة: أنها تقيم حتى تحيض، ثم رجع إلى ما ذكر، وذكر ابن[5/28]
***(1/27)
[5/29] حبيب عن أشهب، وابن الماجشون. وذكره سحنون عنهما، وقال به في التي تتم العدة أربعة أشهر وعشرًا، ويمر بها وقت الحيضة فلم تحض أنها لا تنظر إلى ذلك وتحل بتمام عدتها، وتحل الأمة بتمام ثلاثة أشهر إلا أن يحسا ريبة الحس المولد فتقفا أقصى حمل النساء. وذكر ابن حبيب؛ عن ابن القاسم ومطرف، وأصبغ، مثل ما ذكر ابن المواز عن مالك مما تقدم، وقال: هو أحوط.
قال سحنون: وقال أشهب في أم الولد يموت السيد أو يعتقها، وفي الأمة تعتق أو تباع وشأنها أن تحيض في كل ستة أشهر مرة، وفي السنة مرة: أنهن يحللن بثلاثة أشهر إذا نظرهن النساء ولم يربن بهن شيئا، بخلاف الحرة، لأن تلك عدتها، وهذه استبراء، قال أشهب: وهذا على حد قول مالك، وعلى أول قوله، يبلغ بهن تسعة أشهر.
ومن كتاب ابن المواز، قال أشهب، عن مالك، وعدة / الأمة في الوفاة شهران وخمس ليال، فتحل بها إن مرت في ذلك وقت حيضتها فحاضتها، وإذا لم يمر عليها وقتها فلتتم ثلاثة أشهر وتحل إذا لم يمر أيضا عليها فيها وقت الحيضة فإنها تحل بتمامها وإن قرب وقت حيضتها، إلا أن ترتاب بالحس، ولو مر عليها وقت الحيضة فإنها تحل بتمامها وإن قرب وقت حيضتها، إلا أن ترتاب بالحس، ولو مر عليها في الثلاثة وقت الحيضة فلم ترها رفعت إلى تسعة كالحرة. يريد: إلا أن تحيض قبل ذلك. قال: وكذلك في الاستحاضة، فعدة الحرة والأمة في الوفاة –وهي مستحاضة- تسعة أشهر، وفي الطلاق سنة، فإن لم تكن ريبة ولا استحاضة، فعدة الأمة في الوفاة شهران وخمس ليال إن كانت صغيرة لم تبلغ الوطء أو كانت لم يقربها أو كانت يائسة من المحيض، فثلاثة أشهر، فإن نكحت قبل تمامها، فسخ نكاحها. قال بعض أصحابه ولم نجد في الأصول رحما يبرأ من وطء بغير حيض ممن يمكن منها الحمل في أقل من ثلاثة أشهر. قال أشهب، عن مالك: عدة الامة في الوفاة شهران وخمس ليال. قال ابن المواز: فإذا بنى بها وخيف من مثلها الحمل ولم تحض، فلتتم ثلاثة أشهر، وكذلك ذكره سحنون، عن أشهب وغيره. قال ابن المواز: قال أشهب: وقاله عمر بن عبدالعزيز، وابن شهاب وربيعة، ويحيى بن سعيد ومالك، والليث. قال ابن المواز: فإن نكحت بعد[5/29]
***(1/28)
[5/30] شهرين وخمس ليال، وقبل [ثلاثة أشهر فسخ ولم يعاقبا إلا أن تنكح قبل شهرين وخمس ليال وقبل] شهر ونصف في الطلاق. وهذا كله قول أشهب؛ لأنه لا يبرأ رحم ولا يستبين حمل في أقل من ثلاثة أشهر.
وروي/ أبو زيد عن ابن القاسم، في العتيبة، في الأمة المرضع، أن عدتها في الوفاة شهران وخمس ليال، وتحل بها وإن لم تحض، إلا أن تستريب. يريد: بالحس.
ومن كتاب ابن المواز، قال أصبغ: وإن تزوجت الحرة المستحاضة والمسترابة بتأخير الحيض بعد أربعة أشهر وعشر، في الوفاة، وقبل تمام تسعة أشهر لم أفسخ نكاحها، لأنها اعتدت بما أمرت به، وقد أبهم الله سبحانه ذلك، وقد علم أن منهن من تحمل، وإنما الزيادة استظهار، إلا أن تجد من بطنها حركة، فيفسخ إن نكحت قبل زوال ذلك، وعدة الحامل في الوفاة والطلاق الوضع. وقد ذكرنا تمام ذكرها في الباب الأول.
باب في عدة المريضة أو المرضع من حرة أو أمة في الطلاق وهل يعزل الولد عن المرضع ليعاودها الحيض؟
ومن كتاب ابن المواز، ونحوه في كتاب ابن سحنون، عن عبدالملك وأشهب وسحنون، قال ابن المواز: ولم يختلف مالك وأصحابه في المرضعة إذا لم تحض أنه لا يبرئها أبدا في الطلاق إلا الحيض ما أقامت حتى يزول الرضاع، وتأتنف الحيض، وتقيم سنة من يوم قطعت الرضاع بموت الصبي أو فطامه أو عزله. وقال ابن المواز: وإنما السنة لمن لم يدر لم رفعتها الحيضة؟ والمرضع، وقد علمت أن بالرضاع تأخرت، وقاله علي بن أبي طالب، وعثمان، وزيد بن ثابت. [5/30]
***(1/29)
[5/31] قال مالك: وإن طلب انتزاع ابن المرضع/؛ ليتعجل حيضها، خوفا أن ترقه، فذلك له في طلاق الرجعة خاصة، أو قال: لأني أريد نكاح أختها، أو عمتها. أو كانت راتبة فقال: لأتزوج غيرها. فذلك له بالقضاء إذا علم صدقه، وإنه لتأخير الحيض، ولم يطلب ضررا بها ولا بالوالد. قال مالك: وهذا في صبي يقبل غير أمه، فأما إن خيف إن انتزع منها مات، فهذا لا ينزع منها. وكذلك فيما ذكرنا إن كانت هي الطالبة لطرحه. وكله قول مالك في طلاق الرجعة، فأما في البائن وفي الوفاة، فلا.
قال ابن المواز: [واختلف في عدة المريضة في الطلاق إذا]، لم تحض، فروى ابن القاسم، عن مالك، عدتها سنة، وقال ابن القاسم، وعبدالملك، وأشهب، وأصبغ، عدتها الأقراء وإن تباعدت. قال محمد: وهذا أحب إلينا، وعليها واحدة. قال ابن المواز: قال مالك: وذكر مثله ابن سحنون، وعن أشهب، وعبدالملك، وسحنون، قالوا: وعدة المريضة أو المرضع في الوفاة سواء، لأن عدتها الشهور، وإن كانتا ممن يحيض، ويحلان بالأربعة أشهر وعشر، إلا أن يحسا التحريك.
قال ابن القاسم، وأشهب: وإن كانت أمة، فثلاثة أشهر، لأنه أقل ما يبرأ به الرحم.
قال ابن المواز: قال ابن القاسم، عن مالك، في المريضة المثقلة تحمل، ثم وضعت ثم طلقت ولم تحض، فعدتها سنة كالمستحاضة. ومن العتبية، روى أبو زيد عن ابن القاسم في الأمة تباع وهي ترضع فاستبراؤها ثلاثة أشهر، وإن طلقت فعليها حيضتان بعد الرضاع، وفي الوفاة، عليها شهران وخمس/ ليال وإن لم تحض إلا أن تستريب. قال عبدالله: ذكر ابن المواز في كتاب الرضاع، فيمن طلق امرأته وهي مرضع، فانقضت عدتها، فتزوجت واللبنمتماد بها، ثم أرضعت [5/31]
***(1/30)
[5/32] به: أنه ابن للزوجين، فانظر حتى تنقضي عدتها مع الرضاع وتحيض لا تأتي معه في أكثر النساء، إلا أن نقول: إنه إن جاء فيه أنها تعتد به كما قال بعض أصحابنا في المستحاضة.
في المعتدة من زوجين ممن نكحت في العدة أو المنعى لها أو امرأة المفقود، والتي تعتد للطلاق ولا تعلم بالرجعة
من كتاب ابن المواز، قال في المرأة تتزوج في عدتها، فيفسخ ذلك بعد البناء، قبل تمام العدة، فائتناف ثلاث حيض تجزيها، فإن كان بها حمل، فإن كان من الأول، وذلك قبل أن تنكح قبل حيض أو تنكح بعد حيضة، فتضعه لأقل من ستة أشهر من يوم نكاح الثاني، فهذه يبرئها الوضع من الزوجين، قال مالك: وإن تزوجت في حيضة، ووضعت لستة أشهر فأكثر من يوم نكاح الثاني، فهو له. وروى أشهب عن مالك أن ذلك يبرئها من الزوجين. محمد: إن في ذلك لضعفا. قال محمد: وتأتنف ثلاث حيض بعد الوضع، قال مالك، وابن القاسم: ولو كان الحمل من زنى، لم يبرئها وضعه ولا تبرأ بوضع ما يلحق بأبيه إلا في الملاعنة فإنها تبرأ به لأنه إذا استلحقه لحق به، والمنعى لها، إذا نكحت بعد العدة ثم قدم فطلقها وهي حامل من الثاني فلا يبرئها الوضع ولتأتنف بعد وضعها ثلاث/ حيض، كالمرضع إذا طلقت، تأتنف بعد زوال الرضاع، وإن لم تحمل، إئتنفت من طلاق الأول ثلاث حيض وأبرأتها، ولو لم يطلق، ولكن مات بعد أن قدم وهي في الاستبراء من الثاني فعليها أقصر الأجلين. هذا قول مالك وابن القاسم وأصحابهما إلا أشهب، فقال: إن أتى الأول ثم مات وهي حامل من الثاني إن وضعها يبرئها منها. قال ابن القاسم: ليست هذه كالناكحة في العدة تلد فيبرئها ذلك منها.
قال أصبغ: ولو طلقها الأول في حملها من الثاني لم يكن لها بد من ائتناف العدة بعد الوضع ثلاث حيض، كان الطلاق بائنا أو غير بائن، وغير هذا خطأ [5/32]
***(1/31)
[5/33] لأن الطلاق وعدته وجبت بعد الحمل، والحمل من غير من تعتد منه ولم يختلف ابن القاسم وأشهب أن ائتناف الحيض يبرئها منها في المنعي لها، والناكحة في العدة، وإنما اختلفا في الحمل في امرأة المنعي. قال أشهب: يبين بها وضع الحمل وإن كان من الثاني، وإن كان في وفاة الأول وطلاقه. وابن القاسم يقول: تأتنف في الطلاق بعد الوضع ثلاث حيض، وفي الوفاة يحسب لها من يوم موته أربعة أشهر وعشر ويكون عليها الإحداد فيها وإن تضع انتظرت الوضع تطالب أقصى الأجلين، وتحل.
قال مالك، في امرأة المفقود تتزوج في الأربع سنين ويدخل بها ويفرق بينهما: إنها تقيم تمام الأربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا، لابد في ذلك من ثلاث حيض وليس بنكاح في عدة. قال مالك والأمة تباع في بقية عدة من طلاق [أو وفاة فعليها حيضة مع بقية العدة، وإن كانت لا تحيض فثلاثة أشهر من يوم البيع. قال والتي تعلم بطلاق ولا تعلم برجعة من مسافر أو حاضر سواء إن بنى بها الثاني فهو أحق بها وكذلك كتب محمد. قال محمد والحاضر أعظم ظلما ولو دخل بها الثاني قبل موت الأول جاز نكاحه ولم ترث الأول. ولو مات المرتجع قبل بناء الثاني بعد نكاحه فدخل الثاني في عدة الأول فهو واطئ في عدة لا تحل له وترث الأول. ويختلف أصحاب مالك في هذا. يريد أصحاب مالك القائلين أنه لا يفيتها إلا الدخول. قال محمد وتعتد هذه أقصى الأجلين أربعة أشهر وعشرا مع ثلاث حيض.
محمد قال ابن القاسم ولو بنى بها الثاني بعد موت الأول وتمام عدته فرق بينهما وورثت الأول بعد وينكحها هذا إن شاء بعد ثلاث حيض.
محمد ولو ارتجعها الأول ثم طلقها ثانية فلم تعلم برجعته ولا بطلاقه الثاني حتى بنى بها الثاني قبل تمام عدتها الثانية كان ناكحها في عدة. قاله لنا عبد الملك. قالو التي تعلم بالطلاق ولا تعلم بالرجعة حتى تتزوج [فهو أحق بها ما لم [5/33]
***(1/32)
[5/34] يبن بها الثاني فيكون الثاني أحق بها وليس] كالمفقود إذا لم يقم بينة أنه ارتجع قبل عقد الثاني حتى يصح ذلك عند الزوج الثاني أو عندها قبل البناء فإما بقوله بعد عقده النكاح إني ارتجعت قبل عقدة الثاني فلا يقبل ذلك منه.
باب في عدة من يبلغها الطلاق أو الموت بعد مدة أو يظهر حنث متقدم
والتي تبني على عدتها أو تأتنف العدة فيما يحدث/ من طلاق ثان أو موت أو عتق في الأمة وأم الولد تلد في العدة أو بعدها
من العتبية، من سماع ابن القاسم في الذي يشك في يمينه فيقف ويسأل ثم يتبين له الحنث، فإن عدتها من يوم وقف عنها، ليس من يوم تبين له الحنث. قال ابن القاسم: فإن مات قبل ذلك، نظر في يمينه، فإن كان يحنث فيها لم يرثها ولا ترثه. وفي باب طلاق المريض في كتاب الطلاق: ذكر من الميراث فيما يشبه هذا.
ومن كتاب ابن [المواز من شك في حنثه بطلاق البتة] ثم أقام أياما ثم تبين حنثه، فإن أيقن بالحنث فالعدة من يوم كان فيها حانثا، وإن ألزم ذلك نفسه للشك فالعدة من يوم ألزم ذلك نفسه أو ألزم. وقال أصبغ.
محمد: لأن ما قبل ذلك مشكوك فيه. ومن غير هذا الكتاب عن مالك في التي يبلغها موته أو طلاقها، فالعدة من يوم [يصح موته، أو يصح طلاقه، ولو قدم، فأقر بالطلاق في سفره، فالعدة من يوم] إقراره، إذا لم تقم بينة، ولا يرتجع [5/34]
***(1/33)
[5/35] إلا في بقية العدة من تاريخ طلاقه على ما أقر به، ولو قامت بذلك بينة، كانت العدة من أول ما طلق، فإن انقضت فلا رجعة له.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: ومن خالع زوجته ثم نكحها في العدة ثم طلقها قبل أن يمس، فهذه تأتنف العدة التي على عدتها الأولى ولها نصف الصداق، ولو طلقها طلاق رجعة، ثم ارتجعها في العدة ثم طلق قبل أن يمس فهذه تأتنف العدة، لأن الرجعة صدمت العدة، وكذلك قال فيها في سماع ابن القاسم في العتبية. ومن أعتق أمته/ أو أم ولده في عدة وفاة أو طلاق حلت بتمامها ولو لم يبق منها إلا يوم واحد، ولو أعتقها بعد خروجها من العدة، فأم الولد تأتنف حيضة والأمة تحل مكانها، وأم الولد إن كانت معزولة عن السيد، أو غابت عنه مدة فلا بد من حيضة في موته أو عتقه مؤتنفة، لا يجزئها إن كانت حائضا يومئذ.
كما يجزي في البيع في أول الدم، ما لم يكن الموت أو العتق في بقية عدة الزوج وحدوث العتق في العدة لا ينقلها إلى عدة الحرة، وحدوث الموت في طلاق الرجعة خاصة بوجب الانتقال إلى عدة الوفاة، وهدم العدة من الوفاة، كما تهدمها الرجعة.
قال مالك فيمن صالح امرأته ثم تزوجها في العدة ثم طلقها، يريد قبل البناء، فلتبن على عدتها الأولى، فإن مات في بقية منها وقد طلق لم تنتقل، ولو مات بعد أن نكحها ولم يطلق ثانية فعليها أقصى الأجلين تم بقية عدتها الأولى، وأربعة أشهر وعشرا من يوم مات بالإحداد. قال سحنون: فإذا تمت الأربعة أشهر وعشر، سقط الإحداد فيما بقي من تمام عدة الطلاق.
قال ابن المواز: وإذا طلقت الأمة واحدة ثم عتقت ثم مات الزوج فإنها تنتقل إلى عدة الوفاة عدة الحرة، ولو عتقت بعد موته انتقلت إلى عدة الوفاة، عدة أمة. من كتاب ابن سحنون، قال: وممن يطالب أقصى الأجلين، إن شهد [5/35]
***(1/34)
[5/36] على رجل أنه قال: إحدى نسائي طالق البتة. ثم مات وهي مجهولة، فعليهن أقصى الأجلين.
وأما الذي يقر أنه كان طلق زوجته منذ وقت تنقضي فيه العدة، فليس في هذا أقصى الأجلين]، أو مات، فتعتد عدة الوفاة، وإن عاش فعدة الطلاق، وهي ترثه ولا يرثها./
في عدة المستحاضة في الطلاق والوفاة في الحرة والأمة وأم الولد واستحاضة الحامل
من كتاب ابن المواز، قال مالك: عدة المستحاضة في الطلاق سنة كالمرتابة، تسعة أشهر استبراء وثلاثة عدة، كانت حرة أو أمة أو كتابية، والرجعة في ذلك تائمة، فإن ظهر حمل فالوضع يحلها، وإن جاءت الحيضة وزالت الاستحاضة رجعت إلى الحيض، وإن تمت سنة في الاستحاضة حلت. قال مالك: ربما عرفت إقبال الحيضة بكثرة الدم وإدبارها بقلة الدم، ولكن عدتها سنة؛ لأنها لا توقن أن ذلك كذلك.
قال مالك في التي طلقت فحاضت ثم تمادي بها الدم استحاضة ثم انقطع قبل السنة، فإن أيقنت أول أوله حيضة حسبت السنة من يوم القطع أو تحيض حيضتين، وإن شكت طالبت ثلاث حيض بعد الاستحاضة، أو سنة من يوم الطلاق. محمد: وقال بعض أصحابنا: تحسب السنة من بعد الحيضة والاستظهار إن أيقنت أنها حيضة، فإن شكت فالسنة من يوم طلقت.
قال محمد: والقياس في شكلها لن يكون السنة من بعد أيام الاستظهار، وقول مالك أولى لأنه أشبه بقول عمر. وابن المسيب: أن السنة في شك الحيضة من يوم طلق حتى توقن بالحيضة. [5/36]
***(1/35)
[5/37] قال أصبغ: وقد كان قال ابن القاسم في التي تطلق وهي مستحاضة ثم ينقطع الدم: أن السنة من يوم انقطعت الاستحاضة قبل تمام السنة ولو لم يبق منها إلا شهر. وليس هذا بشيء (وإنما) تنقطع السنة بحيضة/ مستقيمة قبل السنة، فهذه تبتدي سنة من بعد الحيضة، فأما إن انقطع مع الاستحاضة بلا حيضة فالسنة من يوم الطلاق انقطع ذلك الدم أو لم ينقطع [وإلى هذا رجع ابن القاسم. قال محمد إذا طلقت في الدم ثم انقطع لسنة من يوم الطلاق انقطع ذلك الدم أو لم ينقطع فإن كان] ذلك حيضة أو استحاضة، وهو جواب ابن القاسم، خبرني به أصبغ.
قال أصبغ: إذا طلقت وهي مستحاضة وأقامت ستة أشهر ثم انقطع عنها ستة أشهر فقد حلت. وكذلك لو لم تر دما من يوم الطلاق ستة أشهر ثم استحاضت فبتمام سنة من يوم الطلاق تحل إلا أن تحس حركة البطن فتقيم إلى أن تنفش أو تأتي حيضة أو تبلغ خمس سنين ثم تحل. قال: وإن طلق فاسترابت فانتظر سنة فرأت فيها دما يوما أو ما لا يكون حيضا انتظرت سنة من يوم الطلاق.
قال أصبغ: وإذا صلت المستحاضة صلاتين بوضوء واحد، لم تعد إذا رأت دما لا تشك أنه دم حيضة تركت صلاة فيه، وإن طلقت فيه جبر على الرجعة، وتغتسل بانقطاع هذا الدم الجديد ولا تعتد به من طلاق، وعدتها لسنة، وإن تمادى بها الدم المستنكر استطهرت بثلاثة أيام، ثم اغتسلت كغير المسحاضة، وقيل: لا تستظهر هذه ولا التي أول ما تبلغ ولا الحامل.
قال مالك: وعدة المستحاضة في الوفاة في الحرة أربعة أشهر وعشر وفي الأمة، ثلاثة أشهر إلا أن تستريب إحداهما فتقيم (إلى زوال الريبة). وقال ابن كنانة وأشهب، ورواه ابن القاسم عن مالك. وقال ابن وهب عن مالك: تقيم [5/37]
***(1/36)
[5/38] تسعة أشهر. وقال ابن وهب. [قالا واستحاضتها من أشد الريبة وإنما هريقت على] ولدها، وإذا استحيضت الحامل تركت الصلاة، واختلف فيه عن مالك؛/ فروى عنه أشهب وابن وهب – وقال به- أنها تستظهر على أيام حيضتها بثلاث. وقال أصبغ.
قال أصبغ: وتستظهر الجارية أول ما تبلغ على أيام لذاتها بثلاث، وإذا استحيضت أم ولد في وفاة السيد أو أمة قد عتقت أو بيعت فثلاثة أشهر يبرئنها، وكذلك في الريبة لتأخير الحيضة أو تأخيرها للرضاع أو مرض إلا أن تحس حركة البطن فتقيم إلى زوال ذلك، وإذا فلن النساء: لا حمل بها. وقد تمت الثلاثة أشهر، فقد حلت.
جامع من ذكر عدة الأمة وأم الولد والاستبراء في بيع أو عتق ومن اشترى زوجته وشبه ذلك
من كتاب ابن المواز، روى ابن القاسم عن مالك في تأخير حيض الأمة في البيع ترفع إلى التسعة. وروى عن أشهب: ثلاثة أشهر تبرئها إذا نظرها النساء وقلن لا حمل بها. وعلى هذا أصحاب مالك، بخلاف تأخير الحيضة في أم الولد والأمة في النكاح فهي تكون كالحرة في النكاح ويتفقن في اللواتي لم يحضن أو يئسن من المحيض أن ثلاثة أشهر براءة في ذلك كله إلا أن تحس حركة.
ومن ابتاع زوجته ثم باعها أو أعتقها قبل أن يطأها فلابد من حيضتين، عدة الفسخ. قال جميع أصحاب مالك. وكان من قول مالك: أنه تجزئها حيضة ما لم يكن طلقها قبل أن يستبرئها ثم رجع فقال: حيضتين من يوم الشراء إلا أن [5/38]
***(1/37)
[5/39] يطأها بعد الشراء فتجزئها حيضة، ولو لم يطأها حتى مضت حيضتان، أجزأها ذلك في العتق، وله أن يزوجها، وإن باعها، فلابد من الاستبراء./
محمد: وإن باعها بعد حيضة من يوم شرائه أجزائها حيضة أخرى، وإن تأخرت فلابد من السنة لأنها في عدة نكاح.
قال ابن القاسم ولو كانت تحت عبد فاشتراها وهو مأذون ثم انتزعها منه السيد مكانها قبل أن يصيبها العبد، فلا يقربها إلا بعد حيضتين، لا لبيع من غيره، ولو وطئها العبد قبل الانتزاع استبرأها سيدها بحيضة، وإن تأخرت فبثلاثة أشهر، بخلاف ريبة العدة.
ومن ابتاع زوجته ثم اعتقها قبل أن يطأها فله هو نكاحها وإن لم تحض شيئا. وكذلك لو كانت حاملا، إلا أن يأتي عليها ستة أشهر من يوم حملها فتصير كالمريضة لا تنكح. وكذلك في أم الولد يعتقها ثم يتزوجها.
ومن خالع زوجته الأمة ثم اشتراها قبل تمام العدة فله وطؤها مكانه. ومن ابتاع أمة، فخلا بها، ثم استحقت حرة فلا بد لها من عدة الحرة: ثلاثة قروء وإن تصادف أنه لم يمس. ومن أعتق أمته في أول الحيضة، أجزتها، كالبيع ولا تجزي أم الولد. ومن قال لأمته: إذا مات زوجك فأنت حرة. فعدتها من شهران وخمس ليال لأن العتق بعد الموت وقع. قال: وذهب ابن المسيب، أن على أم الولد من وفاة سيدها أربعة أشهر وعشرا. وإنما هذا عدة الزوجات وهذه مملوكة، وخالفه كثير من التابعين وقالوا: حيضة. وهو قول ابن عمر، وزيد ابن ثابت وغيرهما من الصحابة.
ومن ابتاع زوجته قبل البناء حل له وطؤها مكانه لأنها حلت له بالنكاح. قال ابن حبيب: قال مطرف، وابن الماجشون، ومن غصب أمة نفسها/، فاستبراؤها حيضتان، وإن طاوعته، فاستبراؤها حيضة. قال أصبغ: في ذلك كله حيضة. [5/39]
***(1/38)
[5/40] باب في عدة النصرانية وكيف إن أسلمت تحت كافر أو أسلم؟ وكيف إن أسلم ثم مات؟ وعدة امرأة المرتد
من كتاب ابن المواز، قال: ولا أعرض لنصرانية في عدتها من نصراني إلا أن تنكح مسلما فلا يجوز أن ينكحها إلا بعد ثلاث حيض في الوفاة والطلاق، إلا أن يكون لم يبن بها، فلا عدة عليها لوفاة أو طلاق. ومن تزوجها قبل تمام الثلاث حيض ودخل بها. قال ابن وهب: يفسخ نكاحه. وقال أصبغ: لا يحكم بذلك للاختلاف في الاستبراء، قد قيل: حيضة واحدة، ولكن الثلاث احتياط. قال مالك: وعدتها من المسلم الحر والعبد عدة الحرة في الوفاة والطلاق تجبر على ذلك وعلى الإحداد.
قال أشهب: وإن أنكحت تحت نصراني فمات في عدتها كافرا فليس عليها غير تمام ثلاثة قروء من يوم أسلمت، ولو أسلم فيها ثم مات لانتقلت إلى عدة الوفاة تأتنفها من يوم موته، ولو أسلم هو دونها فعليها ما على المسلمة من العدة والإحداد إن كانت كتابية، فإن عرض عليه الإسلام بعد إسلامه فأبت فلا عدة عليها للوفاة وعليها ثلاث حيض تجبر على ذلك، وإن لم يعرض عليها الإسلام حتى مات فقد قيل: عليها في الحرة أربعة أشهر وعشر وفي الأمة شهران وخمس ليال. وقد قال: ليس عليها إلا ثلاث حيض لأنه كان بريا من عصم الكوافر ولا كان له عليها عصمة/ ولا رجعة، وإن أسلم وتحته ستة، ثم طلقها، لم يلزمه الطلاق عند أشهب ويلزمه عند ابن القاسم يريد هذا إن أسلمت بالقرب قبل يعرض عليها الإسلام. [5/40]
***(1/39)
[5/41] باب في عدة النكاح الفاسد وذكر امرأة الصبي والخصي
من كتاب ابن المواز: وعدة النكاح الفاسد في الحرة والأمة كالنكاح الصحيح إلا في الوفاة فإنه لا يختلف فيما كان يفسخ قبل البناء، فعدتها أربعة أشهر في الحرة إذا مات قبل الفسخ بنى أو لم يبن، وما يفسخ بعد البناء، فلا عدة وفاة فيه، وإن بنى، فقيه ثلاث حيض. قاله أشهب وأصبغ. وإليه رجع ابن القاسم.
قال أصبغ وغيره: هذا خطأ. قال محمد: يعني، شيئا ذكر عن ابن القاسم، فيمن نكح في العدة، ثم مات أنها تعتد أربعة أشهر وعشرا. قال محمد: ولعله إنما تزوجها في عدة منه. وروى عيسى عن ابن القاسم في العتبية فيمن نكح في المرض،وبنى فيه، ثم مات، أن عليها أربعة أشهر وعشرا.
وقال ابن سحنون عن أبيه: قال مالك في امرأة المرتد: إنها تعتد من يوم ردته عدة المطلقة ولا ميراث بينهما في العدة، وإن حبس حتى تنقضي عدتها، فقد بانت منه.
في الدعوى في انقضاء العدة
من كتاب ابن المواز: وإذا قالت المعتدة: قد انقضت عدتي. قبل قولها فيما لا يستنكر. وإن قالت: حضت في شهر ثلاث/ حيض لم تصدق. وقد قيل: تصدق في الشهر.وليس بشيء. وروى ابن وهب عن مالك قال: يسأل النساء عن ذلك فإن صدقنها حلت. وروى عنه أشهب في امرأة قالت: قد انقضت عدتي في أربعين يوما. قال: قد أتت عظيما، وما أرى هذا يجوز لها. قيل: إن النساء يحضن إلى ذلك في هذه المدة؟ قال: لا، قد جعل الله سبحانه بدل كل قرء شهرا. قيل: فإن كان ذلك معروفا عندهن؟ قال: إن كان معروفا [5/41]
***(1/40)
[5/42] عندهن، فهو كذلك. وروى ابن وهب أن أبان بن عثمان [صدقها في خمس وأربعين ليلة] وحلفها.
قال أشهب: ولست أرى عليها يمينا إذا كن النساء يحضن في مثل ذلك ثلاث حيض. وروى أيضا عن مالك في التي قالت: حضت ثلاث حيض في شهر ونصف. لا أرى أن تمكن من ذلك، وأراها قد عجلت، وأقل حيض النساء أن يقيم خمسا، وإنما تقيم هذه عشرة أيام حتى تحيض، ما أرى أن تمكن من ذلك. قال أشهب: وتصدق في الحيضة الأولى لو قالت: حضتها يوم طلقني. وتنظر في الحيضتين وطهرها. كم قدر ذلك؟ فتصدق في مثله.
قال مالك في المطلقة واحدة تقيم سنة ثم يهلك زوجها فتقول: لم أحض إلا حيضة واحدة وتطلب الميراث، فإن كانت ترضع صدقت وإلا لم تصدق، إلا أن تكون قد تذكر من تأخير حيضتها وتظهر ذلك. وذكرها عيسى عن ابن القاسم، في العتبة قال: أما المرضع فتصدق حتى يفطم ولدها وبعد فطامه بسنة، وأما التي لا ترضع فتصدق حتى تأتي عليها سنة ذكرت ذلك أو لم تذكره وعليها اليمين، إلا أن يكون/ سمع منها أنها حضات ثلاث حيض.
ومن كتاب محمد، قال أشهب: وإذا أراد رجعتها، فقالت: أسقطت في المغتسل مضغة فهي مصدقة وإن كان بعد طلاقها بيوم.
في الإحداد للمعتدة من الوفاة
من كتاب ابن المواز قال مالك: وتجتنب الحاد الصباغ إلا السواد فلها لبسه، وإن كان حديثا، ولا تلبس الملون من الصوف ولا من غيره ولا أدكن ولا أخضر، ولا تلبس حليا وإن كان حديدا، ولا خرص فضة ولا غيره، ولا تحضر [5/42]
***(1/41)
[5/43] عمل طيب يعمل لبعض أهلها ولا تنجز به، ولا تبيعه وإن لم يكن لها كسب إلا فيه حتى تحل.
قال محمد: ولا يحل الإحداد لمن مات أبوها وولدها وأخوها وإنما ذلك في الزوج. قال مالك: وإن اكتحلت من علة وضرورة بالصبر بالليل، فلتمسحه بالنهار وإن كان فيه طيب عند الضرورة ودين الله يسر، قال مالك في المختصر الصغير: ولا تكتحل الحاد إلا أن تضطر؛ فتكتحل بالليل، وتمسحه بالنهار من غير طيب يكون فيه. قال ابن حبيب: قال مطرف وابن القاسم عن مالك: إن الإحداد على المرتابة حتى تنقضي الريبة وإن بلغت خمس سنين.
ومن العتبية قال ابن القاسم عن مالك في المتوفى عنها زوجها لا بأس أن تحضر العرس ولا تتهيأ فيه بما لا تلبسه الحاد ولا تبيت إلا في بيتها. وروى أشهب عن مالك في التي مات زوجها وقد امتشطت قال: لا تنقض مشطها، أرأيت لو اختضبت بالحناء؟ وقاله ابن نافع/.
قال سحنون: قال ابن نافع: وعلى امرأة المفقود الإحداد في عدتها. وقال ابن الماجشون، في موضع آخر: لا إحداد عليها. وروى أشهب، عن مالك في التي يموت زوجه فتحلق رأسها، هل فيه كفارة؟ قال: أما شيء مؤقت فلا "وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم".
باب في سكنى المعتدات
من كتاب ابن المواز، قال مالك: للمبتوتة السكنى على زوجها في العدة ويحبس في ذلك ويباع عليه ماله، أو يستيقن أنه لا شيء له، فيكون ذلك علما ولا تخرج. وكذلك لما فسخ من الحرام البين، فحيث يجب الصداق تجب السكنى. [5/43]
***(1/42)
[5/44] قال مالك: ومن مات وله زوجة وهي في دار هي له، أو نفد كراءها، فلها السكنى وإن أحاط به الدين فإن قام الغرماء، بيعت الدار واشترط سكنى عدتها على المشتري فإن ارتبات فهي أحق بالمقام حتى تنقضي الريبة وتحل، وأحب إلينا أن يرجع المشتري على البائع، فإن شاء فسخ بيعه وأخذ الثمن، وإن شاء تماسك بغير شيء يرجع به لأن البيع إنما وقع على استثناء العدة المعروضة أربعة أشهر وشهرا؛ ولو وقع بشرط زوال الريبة كان فاسدا.
وروى أبو زيد، عن ابن القاسم في العتبية أنه لا حجة للمبتاع، وإن تمادت الريبة إلى خمس سنين فلا حجة له؛ لأنه قد علم أن أقصى العدة خمس سنين، فكأنه دخل على علم، وإن مات وليست الدار له ولا نقد كراءها فليكرها، ويؤدي الكراء من مالها،/ إلا أن يخرجها، وبه قال مالك. وإذا أكراها مدة فمات وبقيت من المدة بقية ولم ينقد الكراء، فالكراء لازم للميت في ماله ولا تكون الزوجة أحق بذلك ثم يتحاص الورثة في ذلك، وللورثة إخراجها، إلا أن تحب أن تسكن في حصتها، وتؤدي كراء حصتهم، وإن نقد بعض الكراء، سكنت في حصة ما نقد بأسره، وكان الحكم فيما لم ينقد كما ذكرنا، وإن شاء الورثة أن يكروا منها لزمها المقام، وإن شاءوا إخراجها فذلك لهم، وكذلك صاحب الدار بعد المدة، ولو كان المنزل حبسا عليه حياته كان لها السكنى في عدتها، وإن تأخرت حتى تنقضي الريبة ولو إلى خمس سنين؛ لأن العدة من [أسباب أمر الميراث] وهذا بخلاف السنين لما يلزمه لسكنه إياها، فإذا انقضت قبل تمام عدتها، فلرب المسكن إخراجها.
وأما المطلقة واحدة أو البتة. قال في المدونة: واحدة بائنة، أو ثلاث إذا مات في العدة، فقد لزمته السكنى وهي في تركته إذا لم يكن نقد الكراء، وروى ابن نافع في المدونة أنها كالمتوفى عنها التي لم تطلق. [5/44]
***(1/43)
[5/45] ومن كتاب محمد، قال مالك: والبكر التي لم يبن بها تعتد في الوفاة في دار أبيها، ولو كان بنى بها وهي لا يوطأ مثلها، كان لها السكنى في منزل في عدة الوفاة، وأما في الطلاق فلا سكنى لها إذا كانت لا توطأ مثلها، إذ لا عدة عليها، ولو نقلها إليه لغير البناء لعلة، أو سبب لم يكن لهذه سكنى/ في وفاة ولا طلاق، كانت صغيرة أو كبيرة.
قال أصبغ في هذه الصغيرة التي لم يبن بها وهي لم تبلغ حد الوطء. إن كان أكرى لها موضعا جعلها فيه ثم مات وقد نقد كراءها أو الدار له، فلها السكنى في عدتها، وإذا مات زوج المعتكفة أو طلقها، فلا تقطع اعتكافها، ولو مات أو طلق وهي حائض قد خرجت إلى منزلها، لرجعت إذا طهرت، لتمام الاعتكاف. قال ابن القاسم، في المبتوئة تخرج من منزله وتسكن بسواه فلا حق لها بالكراء.
محمد: بخلاف النفقة. وروى عيسى في العتبية عن ابن القاسم في من أسكن أخا له منزلا فطلق امرأته وخرج فليس لرب الدار إخراجها حتى [تتم العدة]. ومن العتبية روى سحنون، عن ابن القاسم، في المبتوتة يموت زوجها، فيقسم الورثة منزله، فلا بصير لها ما يكفيها من السكنى، فعليهم أن يتوسعوا لها حتى يكفيها.
باب في انتقال المعتدة ومبيتها وعدة البدوية رحلتها وعدة المسافرة وسكناها
من كتاب ابن المواز: قال أشهب عن مالك: إذا كانت داره ذات منازل ولم يكن فيها غير الزوجين فمات الزوج فلا تبيت إلا في مسكنها منها، ولها أن تبيت في حجرة بيتها وأسطوانه وسطحه خزانته، حيث شاءت من ذلك كما [5/45]
***(1/44)
[5/46] كانت، وقال مالك، وإذا مات في دار لها بيوت/، فأرادت أن تتصيف في القاعة فلا تتصيف إلا حيث كانت تتصيف في حياته.
قال محمد: ومعنى الحديث في الزوجات لمن يتحدثن عند إحداهن ليلا، ثم يرجعن إلى بيوتهن فأبيح لهن. يعني- والله أعلم- أن يقمن إلى وقت قيام الناس. قال مالك: تقيم المعتدة في الوفاة والطلاق في الزيارة إلى قدر هدوء الناس بعد العشاء، وتخرج سحرا إن شاءت، ولها أن تخرج نهارا لشغل لها بين حرث أو زيارة، أو غير ذلك. وكره أن تكون عند أمها النهار أبدا محمد: خاف في الأم خاصة أن تكون مثل النقلة، وأما غير ذلك فجائز إذا رجعت بالليل، ولا تنتقل المعتدة إلى بيت هو لزوجها أيضا وإن كان أصلح لها.
وقال مالك: ويمنع السلطان المعتدة في الوفاة أن تنتقل إلا لخوف أو ضرورة، وما لا يقدر أن تقيم عليه كخوف منبوذة، وإنما خرجت عائشة لأختها أم كلثوم فرارا من الفتنة.قال مالك: وتنتقل إذا تهدم منزلها. قال مالك: والتي لا جار لها وتبعد عن أمها فإن انتقلت الأم إليها لم تحملها في متوضإ ومطعم ومشرب. قال: ولا تنتقل من منزلها ومن نقل امرأته بمتاعها إلى بيت أمتها أو نقلها إلى منزل وسكنها ثم طلقها قال مالك: فلترجع إلى البيت التي كانت تسكن فيه قبل يطلقها. وروى عنه ابن وهب، في من يكاري لامرأته منزلا فانتقل معها إليه أياما ثم طلقها فيه ورجع إلى منزله وتركها، قال: ترجع المرأة إلى منزله الأول إلا أن يكون حين انتقل أولا، [والانتقال من شأنه..] لأن يطلقها وتعتد فيه، ولو مات فخرجت من ليلتها إن خرجت حين أخرج نفسه، فانتقلت عند أهلها أو غيرهم، قال مالك: ترجع إلى منزلها، ولو طلقها وهي في بيت أهلها، قد نقلها إليهم ليمين عليه فلترجع، وإن حنث لتعتد في بيتها، قال: ورجع مالك عن قوله في المطلقة [5/46]
***(1/45)
[5/47] واحدة أنه يأكل معها إن كان معمها من يتحفظ منه، وقال: لا يدخل عليها بإذن ولا بغير إذن، حتى يراجعها.
محمد في الطلاق البائن أو غير البائن سواء.
ومن العتبية روى عيسى، عن ابن القاسم، في المعتدة وتكون مع أبيها في دار، وهو مريض أتبيت عنده؟ قال: لا تبيت إلا في بيتها. قال: ولا تمكث عنده إلى نصف الليل، ولتخف المقام بالليل عنده، ولا بأس أن تخرج إليه عند الفجر أو قبله بقليل.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك، في البدوية في الموت والطلاق: لها أن ترتحل إلى أهلها؛ كانوا في بادية أو قرار إلا أن يكون زوجها أخرجها من قرار، فلترجع إليه، ولا تنتوي من قرار، ولا تنتوي مع أهل الزوج وإن كانوا في قرار إلا ان يكون الزوج هو انتوى بها من القرار، فلتعد إليه إلا أن يكون انتقل رفضا له فلترجع حيث شاءت.
قال: وإذا مات الرجل، أو طلق وهي في سفر، فإن أبعدت لم ترجع إلا مع ثقة إذا كان يبقى لها بقية من العدة بعد وصولها، ولو خرج بها رافضا لقراره فلها أن تنحاز إلى موضع قريب فتعتد فيه ولها أن ترجع أو تتمادى، ولا تذهب في الوجهين فيما بعد إلا مع ثقة، وإلا أقامت فيما قرب منها. وروى ابن / عبدالحكم عن مالك في التي يخرج بها الثغور في مقام سنة فيموت بها أنها تعتد هناك وقوله الأول أحب إلينا أن ترجع.
قال مالك: وأما سفرها إلى حج، فإنها ترجع من مثل اليومين والثلاثة ما لم تحرم، فإن أبعدت نفذت بخلاف غير الحج؛ فإنها ترجع فيه وإن أبعدت إن وجدت ثقة، وكان يبقى لها بعد الرجوع بقية. [5/47]
***(1/46)
[5/48]
في سكنى الأمة في عدتها وكيف إن عتقت؟ وأم الولد يموت سيدها أو تعتق
من كتاب ابن المواز: وإذا أعتقت أم الولد ومات سيدها؛ فابن القاسم لا يرى لها السكنى ولا المقام به، ورآه أشهب لها، وعليها على تضعيف من غير إيجاب. وقال: ذلك أحب إلي.
قال ابن القاسم: وإن كانت حاملا في العتق فلها السكنى والنفقة، ولها المبيت في غير بيته، ولها ذلك في العتق والوفاة. ورأى أصبغ رأي أشهب وأسد. وأما عدتها من زوج في وفاة وطلاق فلم يختلف أصحابنا أن السكنى في الموت لها، كان الزوج حرا أو عبدا. وكذلك الأمة إن بوئت بيتا فلا تبيت إلا في بيتها.
قال مالك: وتعتد الأمة حيث كانت وكان الزوج يأتيها عند أهلها، اعتدت عندهم، وإن كانت عندهم بالنهار وتمضي إلى زوجها بالليل لتبيت عنده فلتعتد في منزله فتبيت فيه ولا يمنعونها الإحداد، ولا يبيعونها ممن يخرجها. قال ابن القاسم: إلا أن ينتقل سادتها بها عن البلد فلتنتقل/ معهم، وتتم هناك بقية عدتها، بخلاف الحرة الصغيرة ينتقل أبوها.
قال ابن القاسم: وإن كانت الأمة منقطعة إلى زوجها، وليس ممن تأتيه من ليل إلى ليل بعد ليال فانتقل أهلها، فلا تنتقل معهم حتى تتم عدتها. قال أصبغ: إذا كان انقطاع سكنى عند ومعه. قال أشهب: إن كان ينفق عليها، فعليه السكنى، وإلا فلا. [5/48]
***(1/47)
[5/49] باب في نفقة المطلقات وسكناهن ونفقة الحامل من حرة أو أمة، والمرضع
قال في كتاب ابن المواز: قال مالك، في المبتوتة: لا نفقة لها إلا أن تكون حاملا، فإن ادعت الحمل فلا يقضى لها بالنفقة حتى يتبين الحمل فتكون حاملا، فإن ادعت الحمل، فلا يقضى لها حتى يتبين الحمل، فترجع بما أنفقت قبل ذلك، وبما يستقبل. قال: ولا تمنع من السفر، ولا عليه وضع النفقة إن ادعت حملا.
محمد: قال أصبغ: إن تبين طول السفر وهي ممن يخاف عليها الحمل، فليعطها حميلا بالنفقة ويوقف لها مالا، وإن لم تكن كما وصفنا فلا شيء عليه ولا تمنع من السفر. قال مالك: وإن أنفق عليه لغير قضية وقد ادعت الحمل لم يرجع عليها إذا أنفق بدعواها أو بقول القائل، وإن أنفق بقضية رجع عليها.
محمد: لأنه انكشف أنما قضى به غير الحق. وقال عبدالملك: إن أنفق بغير قضاء فله أن يرجع، وأراه عن مالك. قال في كتاب النكاح: وإن أنق بحكم لم يرجع عليها بشيء. محمد: وأحب إلى أن يرجع عليها في الوجهين، إذا سن ذلك بإقرار منها، أو بغير إقرار/.
قال محمد: وإن طلبت الكسوة فذلك لها، وينظر إلى ما بقي من مدة الحمل، فيقضي قدر ذلك من الكسوة ثمنا. قال مالك: والكسوة الدرع والخمار والإزار وليست الجبة عندنا من الكسوة. قال ابن القاسم: ونحن نقضي ها هنا بالحق.
وهذه المسألة كلها في العتبية من سماع ابن القاسم. روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم في المبتوتة الحامل تطلب الكسوة؛ فإن طلبتها في أول الحمل [5/49]
***(1/48)
[5/50] فذلك لها، وإن كان في آخره وقد بقي منه شهران أو ثلاثة قوم لها ما تصير فيه تلك الأشهر من الكسوة لو اكتست أول الحمل، فتعطي دراهم.
ومن كتاب محمد، قال مالك: وإن مطلها بالنفقة حتى ماتت وقد تبين حملها فإن كان بينا فلتتبع بالنفقة من يوم طلق. وبيان الحمل ما يبلغ به تحريم الولد، وإذا لم يكن له شيء ثم أيس في بقية الحمل لم يتبع بما مضى وأنفق يوم عسره لغير المطلقة. وكذلك الكسوة، وإن أيسر بعد الوضع لم يتبع. وإذا طلق ثلاثا في مرضه وهي بينة الحمل فالنفقة في رأس ماله. وكذلك في الخلع والمبارأة وكذلك إن كان ذلك ثم مرض. فإذا مات انقطعت النفقة. قال مالك وإذا طلق امرأته وهي حامل ترضع فعليه نفقة الحمل ونفقة الرضاع جميعا. وكذلك في العتبية عن مالك.
قال مالك: والمطلقة إذا أخرجها أهل المنزل، فعلى الزوج أن يكري لها بقية العدة. قال مالك: وإذا مات سيد أم الولد فلا نفقة في ماله، ولا في مال الولد كالحرة، ولو أعتقها السيد كان لها النفقة عليه. قال مالك: والأمة الحامل من زوج، لا نفقة لها/عليه في الطلاق البائن، وإن أعتق ولدها في بطنها، إذ لا يتم عتقه حتى يخرج. ومن أبان امرأته الحامل على أن عليها رضاع الولد فطلبته بنفقة الحمل؛ فأما قبل المباراة فلها ذلك، ولا نفقة لها بعد المبارأة، ولم يكن يمنعها الرضاع ويعطيها هذا. وكذلك في العتبية عن مالك.
قال مالك: والغائب إذا طلق ثم أنفقت من ماله لم يرجع عليها بخلاف الموت، لأن الحي فرط، ولو قدم عليها رجل واحد يشهد بطلاقها فأعلمها أو رجل وامرأتان فليس ذلك بشيء حتى يشهد عندها من يحكم به السلطان في الطلاق، وترجع بما تسلفت عليه، ولا يرجع في ذلك بما تغيبت به. وكذلك في العتبية من [5/50]
***(1/49)
[5/51] سماع ابن القاسم من أولها، ولم يذكر ما سلفت، وذكره في رواية أشهب إلى آخرها. وقال سحنون، عن ابن نافع: لا يرجع بما تسلفت، بخلاف ما أنفقت من ماله.
ومن كتاب محمد، قال مالك: وإذا دفع نفقة أو كسوة عن سنة ثم طلقها قبل تمام- يريد طلاق بائنا- فليرجع بباقي النفقة ولا يرجع بالكسوة (عبدالله) يريد إن مضى لها مدة كبيرة. وقد أنكر هذا سحنون. محمد : ويتبعها ببقاي النفقة إن أعتقت، وإن دفع إليها نفقة من تلي من ولدها أو كسوتهم، فمات الولد، فإن كان عن قرب لم يفترق رجع عليها، وإن تطاول لم يرجع عليها. محمد: وأما كسوة المرأة، فلا تتبع بشيء، وذلك كالعطية المحازة. وأما النفقة، فلم يبتلها، إنما أعطاها من يظن أن يبلغ أمده/.
قال مالك: وما أخذت المطلقة من نفقة نفسها في حمل أو غيره، أو نفقة ولدها، ضمنته إن هلك. قال محمد: وما كان للولد فما كان بدعواها ضمنته، ولا تضمن ما قامت فيه البينة إلا في آخر الرضاع فتضمنه. قال: والنصرانية تسلم تحت النصراني فعليه النفقة في العدة، كانت حاملا أو غير حامل؛ لأنه أحق بها في العدة لو أسلم كالرجعة. وقال أصبغ. وقال في إسلام أحد الزوجين المجوسيين: لا نفقة في العدة ولها السكنى.
قال محمد في النصراني تسلم زوجته: فلا نفقة لها عندنا كالمجوسي تسلم زوجته لأنه لا رجعة له حتى يسلم. وهذا صواب عندنا. وكذلك روى عيسى، عن ابن القاسم، في العتبية، وقال: إلا أن تكون حاملا فلها النفقة. [5/51]
***(1/50)
[5/52] في النفقة على الولد ورضاعه، والأم في العصمة أو مطلقة أو مات عنها الأب وهل لها أو عليها أجر رضاعه أو حضانته؟
[قال مطرف وابن الماجشون: وكل مطلقة لا يملك زوجها رجعتها إلا بقول وفعل فلا نفقة لها عليه حتى ترجع كالتي يفرق بينهما بالإيلاء أو لعدم النفقة وهما متوارثان في العدة، ارتجع أو لم يرتجع. ولا رجعة للمقدم حتى يعسر في العدة].
من كتاب ابن المواز: قال الله سبحانه في الطلاق : "فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن".
قال مالك، في العتبية وكتاب محمد: فليس على الأم بعد الطلاق نفقةعلى الولد ولا عليها رضاعه بأجرة إن شاءت، فإن كان الأب عديما ولا مال للولد فرضاعه عليها، وإن كانت قليلة اللبن أو شريفة لا يرضع مثلها، فذلك في مالها.
قال أصبغ عن ابن القاسم في العتبية/: وكذلك إن مات الأب ولا مال للولد ولا لبن لها فعليها أن تسترضع له. قال مالك: وكذلك إن مات الأب ولا مال للولد ولا لبن لها فعليها أن تسترضع له. قال مالك: وكلك التي في العصمة إن كانت لا يرضع مثلها لمرض أو لشرف ولا مال للزوج ولا للولد وهي ملية. فذلك في مالها في رضاعهم خاصة. وكذلك الحرة في موت الزوج. ولو صالحها على رضاع ابنه حولين فانقطع لبنها فذلك في مالها، فإن لم يكن لها مال فعلى الأب، ثم له أن يتبعها، وبهذا أخذ ابن القاسم وعبدالملك وابن عبدالحكم وأصبغ، (قال وعلى الأب للمطلقة) أجر الرضاع ما يحتاج إليه الصبي من خرق وزيت وما لابد له فيه، فإذا بدأ يأكل، فذلك على أبيه غير أجر الرضاع، وإن كانت حاملا فلها نفقة الحمل مع أجر الرضاع، ولو كانت في العصمة سقط أجر الرضاع. [5/52]
***(1/51)
[5/53] وروى ابن وهب عن مالك، في الأب يجد من يرضعه بدون ما ترضعه به الأم، فذلك لها إلا أنترضعه الأم بمثله، وإن وجد باطلا، فذلك له، إلا أن ترضعه الأم باطلا. وقال ابن حبيب، عن مالك مثل رواية ابن وهب، قال إن ذلك للأولياء إن مات الأب وللولد مال ووجدوا بدون طلب الأم أو باطلا فذلك لهم، إلا أن ترضع الأم بمثل ذلك للأب في الطلاق، فإن أخذته باطلا كما وجدوا، وإلا تركته إلا أن لا يقبل غيرها، فتجبر على رضاعة باطلا أو بما وجدوا.
قال مالك: وإذا أراد الأب أخذ الولد لترضعه أمته، فإن لم يكن بالواحد فذلك له، وإلا فلها أجر مثلها وهي أحق به. محمد: ورواية ابن القاسم أقول: إذا وجد الملي من يرضعه باطلا/، أو بدون الأجر، فليس ذلك له؛ لقول الله سبحانه: "فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن" ولا بما يرضع غرها بالتراضي، لقول الله سبحانه: "إن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما ءاتيتم بالمعروف". قال مالك: وإن لم يكن للأب سعة، فله ذلك إلا أن ترضعه الأم باطلا وبما وجد الأب من الأجر. قال أشهب عنه: ولم يكن ذلك في الأب على الضرر.
قال مالك في قول الله تعالى: "وعلى الوارث مثل ذلك" يقول لا يضار. قال زيد بن أسلم لا تلقيه إليه وهو لا يجد من يرضعه، ولا ينزعه منها وهي تريد رضاعه، وعلى الوارث يريد ولي الميت مثل ذلك.
قال ابن وهب: قال ربيعة: إذا أرادت أن تتزوج وتلقي الولد إلى عمه أو وصي أيه ولا مال للولد فذلك لها. قال محمد: قول مالك أحب إلى أن ليس ذلك لها، إلا أن يكون للولد مال، ولا يقبل غيرها. وقال ابن وهب: وقد قال ربيعة. [5/53]
***(1/52)
[5/54] قال محمد: وإن كان الولد لا يقبل غيرها، فلتحبس عليه رضاعه، وكذلك إن لم يكن له مال يستأجر منه، إلا أن يؤاجر له من مالها، ويقبل غيرها. قال: وإذا انقضت عدة المطلقة فلها النكاح وتترك رضاعه إن شاءت، إلا في عدم الأب، وكذلك في الموت ولا مال للولد. يريد محمد: والرضاع عليها تزوجت أو لم تتزوج. قال: ومن طلب من الأبوين فطامه قبل الحولين فليس له ذلك، إلا عن تراض منهما وتشاور، ما لم يكن ضرارا بالولد. قال مالك: وليس على العبد في ولده الأحرار ولا المماليك نفقة ولا رضاع/، إلا أن يكونوا لسيده، ولا على الحر نفقة في ولده العبد إلا أن يعتق الولد قبل احتلام الغلام، وقبل نكاح الجارية فيلزمه ذلك. وكذلك روى ابن القاسم، عن مالك، في العتبية قال ابن القاسم: وإذا أبت المطلقة رضاع الولد فواجر له فطلبت الأم كون الظئر عندها فذلك لها إن كانت الظئر ممن تتبع الولد في أهله، وإن لم تكن كذلك فليس ذلك للأم، ولا يجبر الأب أن يستأجر ظئرا على أن يكون به عند أمه.
قال أصبغ: إلا أن يكون الأجر واحدا، فذلك للأم، وإن كان مختلفا فليس ذلك لها إلا في الأب الواجد الملئ فذلك عليه لرفق أمه به وأنه أقصد له. وإن لم يكن فيه. محمد: لم يكلف ذلك. قال محمد: ذلك للأب وإن كان مليا. قال أصبغ: وهو القياس، والأول استحسانه.
قال ابن سحنون، عن أبيه من سؤال حبيب، قال: وإن وجد الأب من يرضعه باطلا فقالت الأم: فات به أرضعه عندي ليلا ونهارا ولا يحال بيني وبين ولدي. قال: ذلك للأم. قال أشهب: قيل المالك: فمن طلق زوجته، أتطرح إليه ولدها الرضع منع من ساعتها؟ قال:لا، حتى يلتمس من يرضعه له. ومن سماع ابن القاسم: وإذا أسلم أحد الأبوين، فنفقة الولد- وهو حمل، أو بعد أن تضعه- على الأب، وهو على دين الأب.
ومن كتاب محمد: وإذا حاضت الزوجة في العصمة لزم الأب أن يستأجر لرضاع الولد إلى أن يعتق أمه ويعاودها اللبن. قال: وإذا مات الزوج ففطمت [5/54]
***(1/53)
[5/55] ولدها بعد الحولين لم يلزمها نفقته لا في غذاء ولا في/ كسوة وإن مات جوعا، وكذلك فيما يحتاج إليه من النفقة في رضاعه، وإن كانت ظاهرة الملا، قال مالك: ولا أحب لها ترك النفقة عليهم. قال مالك: وإذا كانت الأم غير محتاجة وهي تحضنهم ما لو تركت ذلك لم يكن لهم بد من حاضنة، فلينفق عليها من مالهم بقدر حضانتها وكفايتها، وإن كانت مع الأم خادم لها فإن لم يكن لها، قال: أنفق عليها، ثم رجع مالك في الملية فقال: إلا أن تكون محتاجة. وكذلك روى ابن القاسم في العتبية. وإن كانت تقوم عليهم وتلي أمرهم، فلا تأكل معهم إلا أن تكون محتاجة.
قال مالك: وإذا مات الأب وأوصى أن ينفق على الأم من مال الولد ما أقامت عليهم؛ فإن كانت فقيرة وإلا ينفق عليها، وأما ما أنفق عليها قبل الرفع فلا ترده. ولا بأس على الملية أن تخلط نفقتها معهم إذا كانت بفضل. وقال مالك في خلط اليتيم في طعامه: إن كان يفضل عليه وإلا فلا يعجبني.
قال محمد: وروى أشهب عن مالك في الأم لها خادم وهي تنفق وخادمها من مال الولد، وهي ملية، وإن كان ما للولد من الخدمة والحضانة والرفق بقدر ذلك، جعل ذلك لها، وإن كان يوجد من يخدم ويقوم قيام جارية أمه بدون ذلك لم يكن لهم أن ينفقوا من ماله. وقال أيضا مالك: ينفق على الأم من مال الابنة، إذا قامت عليهم، ثم رجع: فقال: إلا أن تكون محتاجة.
ومن العتبية عن ابن القاسم: وإذ تزوجت المطلقة يفرض لها في رضاع الولد خمسة دراهم في الشهر، فلما صار ابن سنة ونصف وأكل الطعام، طلبت النفقة [5/55]
***(1/54)
[5/56] وأبى الأب إلا الخمسة دراهم، قال: عليه النفقة للصبي مع الخمسة دراهم لرضاعه. ورأيت في كتاب عبدالله بن مسرور، أن علي بن زياد، روى عن مالك في التي توفي عنها زوجها أو طلقها وهي ترضع. (ولدها فتمادت في رضاعه حتى) فطمته، ثم طلبت الأجر، قال إن أخرت ذلك لغيبة الزوج أو لتفرق ورثته في الموت أو لغيبة وصيه أحلفت بالله ما أرضعت إلا لترجع بأجر رضاعه ثم أعطيت ذلك، وإن كان ذلك منها على وجه الإبطال والترك، فلا شيء لها ، وفي باب بعد هذا ذكر من النفقة على الولد. باب في الأب يقدم أجر رضاع الولد أو نفقته ثم يموت الأب أو الولد، أو يفلس الأب
من كتاب ابن المواز: قال مالك: وإذا قدم إلى (الأم) نفقة الولد ثم مات الولد رجع ما بقي إلى الأب، وإن مات رجع ما بقي إلى ورثته. وكذلك كل من تلزمه نفقته، ولأنها ليس بعطية ولا صلة. وقال ابن القاسم، عن مالك: وإن واجر الأب ظئرا أربع سنين وقدم إليها الأجر ثم مات الأب قبل الوقت، فبقية ذلك يرجع إلى ورثة الأب ميراثا، وما مضي نافذ للابن، ولا يحاسب به/. قال ابن القاسم لأنه لو مات الصبي لرجع الأب بما بقي فليس بعطية للابن إنما هذا نفقة طن أنها تلزمه. قال مالك: وكمن قدم نفقة امرأته ثم مات هو لردت ما بقي، أو قدم نفقة ابن السنتين والثلاث.
وروى عنه أشهب، إن لم يقدم شيئا فما أرضعتت قبل موت الأب ففي مال الأب، وما بقي فعلى الابن يحاسب به وإن قدم أجر الرضاع كله، فذلك نافذ للابن لا يرجع إلى ورثة الأب. وقاله أشهب. وكذلك لو قدم لمعلم ابنه دنانير على تعليمه فالصبي أولى من بقية ورثة الأب، قال: وإن مات الصبي قبل موت الأب [5/56]
***(1/55)
[5/57] فذلك راجع إلى الأب، وإلى ورثة إن كان ميتا. قال أشهب: وهو كمن أخدم عبدا فمات المخدم.
وقال ابن القاسم إنما للظئر والمعلم من ذلك إلى موت الأب، ويرجع ما بقي إلى ورثته لأن كنفقة قدمها. وكذلك في الواضحة، قال ابن المواز: وقاله أصبغ استحسانا. والقياس أن ينقد للصبي ويبقي للظئر والمعلم لأن الباقي عليهما تعليم ورضاع. والذي أقول به: أنه ميراث يحاسب به الصبي، ولا يرجع. وقال محمد: قول مالك وابن القاسم الصواب، ولو كان ما احتج به أصبغ يصح لكان يجب للظئر المعلم، (وإن لم ينقداه) حتى مات الأب لأنه صار حقا لهما يطلبانه وعليهما رضاع وتعليم؛ نقد أو لم ينقد، وسواء في قول ابن القاسم نقد أو لم ينقد فالأجرة ثابتة بينهم في حق الصبي إن صار ذلك في حظه.
قال محمد: والخدمة صلة لا تلزم، والرضاع ليس بصلة ولا صدقة/. وذكر ابن سحنون عن أبيه فيمن شارط رجلا على تعليم ولده سنة بأجر معلوم فمات الأب بعد سنة أو شهر وتمادى الصبي حتى أتم السنة، قال: يكون تمام الحق في مال الأب قال:وليس مثل الظئر لأن الصبي رضاعه واجب على أبيه، فلما مات سقط عنه ذلك، والتعليم لم يكن واجبا عليه، إلا أن يشاء، فلما ألزمه نفسه، لزم في حياته وبعد مماته، كمن قال لرجل: بع فلانا سلعتك والثمن علي، أو زوجه ابنتك والصداق علي. فذلك في ماله حيا وميتا، يريد: قبض أو لم يقبض، ويلزم الصبي ما عقد عليه الأب من شرط يجب، وينبغي على قول سحنون أن الرضاع كنفقة عليه، فإذا مات رجع ما بقي لورثته، وكذلك في موت الصبي يرجع إليه، والتعليم لم يكن عليه، فكأنه شيء بتله للصبي، على ما تقدم تفسيره.
قال ابن المواز: ولو شرط الأب أني إن مت قبل أجل الرضاع فالباقي عطية لابني بتلا في الآن، لم يجز له لأنها عطية لم ينفذها لوارثه إلا بعد موته ما لو عزل مالا بيد أجنبي لينفق منه على ولده، فإذا مات فما بقي لولده كان كالوصية. [5/57]
***(1/56)
[5/58] ومن العتبية روى عيسى، عن ابن القاسم، قال: إذا قدم الأب رضاع الولد سنة ثم فلس بعد ستة أشهر فإن كان فعله وهو قائم الوجه لم يكن من سرف ولا محاباة، فذلك نافذ، وما جرى على غير ذلك فيرد ما بقي منه. وقال في موضع آخر: إذا دفع إليها نفقة كثيرة ثلاثين دينارا ونحوها، وقد فارقها والولد معها، فإن كان يوم دفع ذلك عليه دين محيط أخذ ذلك كله منها وأدى فرضا له، وإن لم يكن عليه دين، لم يؤخذ منها شيء.
من كتاب محمد، قال: ويجبر الأب على دفع نفقتهم شهرا شهرا أو أقل أو أكثر على قدر ما يرى الإمام إلى من يليهم من أم أو جدة أو غيرهما، ولا أجر حضانة للأم، ولا للجدة، وإن كان الأب واجدا.
باب ما يلزم الأب في الولد من الإخدام والسكنى مع أمه المطلقة
ومن الدمياطية، قال ابن القاسم، فيمن طلق امرأته وله منها ولد، فإن كان مليا فعليه أن يخدم، والسكنى عليه وعليها. قال يحيى بن عمر: يريد: على الجماجم. وقال أيضا فيمن طلق امرأته، وله منها ولدان: إنه ليس عليه لهما إلا النفقة، وليس عليه أن يكتري لهما.
ومن كتاب ابن سحنون، وقال في المطلقة لها ولد، قال: على الأب أن يكري لها منزلا ويغرم قدر ما يصيبه من الكراء، قيل: عليه النصف؟ قال: بقدر الاجتهاد. وقال ابن وهب: لا خدمة عليه لهم ولا سكنى. وكذلك قضي أبو بكر على عمر؛ دفعه إلى الجدة، وأمره بالنفقة عليه. [5/58]
***(1/57)
[5/59] وسئل أشهب عمن طلق امرأته وله منها ولد يلزمه كراء منزل لولده؟ قال: نعم. وقال ابن القاسم. قال ابن القاسم: وإن لم يكن له ما ينفق على ولده منها إلا دارا، فإن كان فيها فضل وإلا فلا نفقة عليه.
باب ذكر الحضانة وانتزاع الولد إذا نكحت أمه وكيف إن أسلمته ثم قامت فيه؟ وغير ذلك من معنى الحضانة والانتجاع بالولد
من كتاب ابن المواز: قال مالك: وإذا نكحت الأم فالجدة للأم أحق بحضانة الولد إن كان لها منزل تضمهم فيه لا يكون بضمهم مع أمهم، فإن لم تكن جدة فالخالة وخالة الخالة كالخالة، وأم أبي الأب كأم الأب، وأم أم الأم كأم الأم، وسواء كن مسلمات أو كتابيات أو مجوسيات. وروى ابن وهب، أن لا حق للنصرانية في حضانتهم لأن المسلمة لو اثنى عليه ثناء سوء وكانت تطوف لنزعوا منها فكيف بهذه؟
قال محمد: الحضانة لها واجبة، وكذلك الجدة النصرانية. مالك ولا حق منهن من كانت متزوجة، إلا أن يكون زوجها زوج الجدة جد الصبي فلا يضرها ذلك. وقال ابن وهب: لا حق لها وإن كان زوجها جد الصبيان. وقال أصبغ، والحارث بن مسكين: العمل على ما قال مالك، ثم بعد الجدات والخالات، الأب ثم العصبة.
قال محمد: قال أصبغ: والنساء من قرابة الأب أو أخت الصبي ثم عمته ثم بنت الأخ. وهذا مطروح في كتاب محمد، قال: فإن لم يكن، فالأخ ثم الجد ثم ابن الأخ ثم العم.
قال محمد: والوصي وولي النعمة أولى من الأم إذا تزوجت. وروى عن مالك: أن الأب أولى من الخالة. قال أصبغ: وليس هذا بشيء، وقوله المعروف: أن الخالة أحق. [5/59]
***(1/58)
[5/60] ومن كتاب ابن سحنون، قال أشهب: والخالة أحق من الأخوات الشقائق، قال: وعماته أولى من بنات خالاته بالحضانة.
ومن كتاب المواز، قال مالك: ووصي الأب في أخذ الولد إذا نكحت أمه، وليس له جدة ولا خالة. قال: ومن لم تكن في حرز، أو كانت غير مأمونة، أو تضعف عنهم، أو سفيهة، أو ضعيفة، أو مسنة، فلا حضانة لها كانت جدة أو غيرها.
قال ابن حبيب: وجدة الأب إن لم يكن، أو كان لها زوج أجنبي، فأخت الصبي بعدها أولى، فإن لم يكن، وكانت متزوجة فالعمة، ثم ابن أخي الصبي، ثم الأب، وابن لبنت الخالة، ولا لبنت العمة، ولا لبنت أخت الصبي من حضانته شيء. وقاله أصبغ كله.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: وإن تزوجت الأم والجدة فلم يؤخذ منها الولد حتى فارقها الزوج، فلا ينتزعوا منها، بخلاف أن لو أخذوا منها. قال مالك: ولو ردتهم استثقالا من غير نكاح، ثم بدا لها، فليس لها أخذهم. قال مالك: إلا أن تأتي بعذر وله وجه. وقال في رواية اشبه: مثل ان تكون مرضت، أو انقطع لبنها، وإلا فليس ذلك لها.
قال مالك: وإذا بقي الولد مع أبيه، والأم منتحيه عنه، فلما مات الأب أرادت أخذه، فليس ذلك لها. قال مالك: لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سلمة، وعمار بن ياسر بالباب، فذهب عليه السلام ليدنو منها، فبكت الصبية، فقال: خذيها فأخذتها وهداتها، ثم ذهب ليدنو منها، فبكت الصبية، فقال خذيها فأخذتها وهدأتها، ثم ذهب ليدنو منها، فبكت الصبية، فقال خذيها فسمع عمار، فقال: نحن نأخذها يا رسول الله فأمر له النبي صلى الله عليه وسلم وقال: للرجل أن يعلم ولده، ويخرجهم بالنهار، ويرجعوا إلى أمهم بالليل وهي مطلقة.
قال ابن حبيب: قال ابن الماجشون: إذا كانت الأم مع الأب في بلد وهي تحضنه فلا تمنع الاختلاف إلى أبيه في تعليمه ومكتبه، ويأوي إليها، فإذا [5/60]
***(1/59)
[5/61] استغلظ /، وقارب الاحتلام، وأنبت واسود إنباته، فللأب ضمه إلى نفسه. وكان ابن القاسم يؤقت فى ذلك الاحتلام. ومن كتاب محمد، قال ابن وهب فى أم الولد تعتق: أن لا حضانة لها فى الولد، وإنما فى الحرة يطلقها الزوج. ومنه، ومن العتبية من سماع ابن القاسم: وقال مالك: أم الولد أحق بالحضانة، مثل الحرة، وكذلك الأمة يطلقها الحر. وقال مالك، في الصبية تنكح أمها فتأخذها الجدة، فيبعث إليها عمها رسولا لزيارة، فلا ينبغي أن يمنع منها تسلم وتعود، ولا لهم أن يمنعوها أن تأتي عمها في الفرض.
ومن كتاب محمد قال مالك: وللعم والجد أخذ الصبية إذا نكحت أمها. وأما الصبي فليس بينه وبينها محرم. وكونها مع زوج أمها أحب إلى لأنه محرم منها إلا أن يخاف عليها غيره، فالوصي أحق. قال: وإذا تركت الولد وهو يرضع، ثم طلبته بعد أن فطم، قال مالك: إن كان لها عذر بين من الرضاع، رد إليها. قال أصبغ: وإن كان لغير عذر لم يرد إليها. وإذا كتب أبوان في ابنتها أنها لجدتها حياتها تليها، إلا في البضع فهو لأبيها، ولا تخرج بها الجدة من البلد، فإن ماتت فهي إلى أمها. قال مالك: يلزمهم ما كتبوا.
قال مالك: ومن وهب ابنته لرجل على الكفالة وأشهد له، قال مالك: ذلك جائز إن كان محرما من الابنة، وإلا فلا وإن كان منها محرما فليس له نزعها منه إلا أن يرى وجه ضرر وإساءة وللذي وهبت له إنكاحها إن جعل ذلك إليه ما لم يمت الأب، فإذا مات لم ينكحها حتى ترضى.
ومن/العتبية، من سماع ابن القاسم، ومن كتاب محمد قال مالك: وإذا تزوجت الأم فرضي لها الأب أن يقيم الولد عندها حولين ثم يأخذه وأشهد بذلك [5/61]
***(1/60)
[5/62] في كتاب ثم طلقت قبل ذلك فحبسته وقام الأب بالكتاب، قال مالك: أرى أن يدعه عندها، فإن هي تزوجت ثانية انتزعه من غير أن أرى ذلك: وذكر نحوه في العتبية، وزاد، فقال: ثم رجع، فقال: له أن يأخذ ولده. قال مالك: يبقى عندها إلى أن تتزوج ثانية.
قال في كتاب محمد: وإن تزوجت، فأخذتهم الجدة ثم طلقت، فردتهم الجدة إليها وأبى الأب فذلك للجدة إلا أن تكون تزوجت الأم فيكون القول للأب.
قال مالك: ولا ينبغي للأولياء أن يحولوا بين الولد وبين أمه إلا أن تنكح أو ينتزعوا أو يضيع عندها ثم لا يأخذوه أيضا إلا إلى كفاية وصلاح. قال ابن القاسم: وإن كان لها وليان فنكحت الأم أحدهما، فلا ينتزع عنها إذا كان ذلك أرفق به، والزوج ولي، قال أصبغ: إلا أن يخاف عليه عندها هفوة أو ضيعة ويخلو دونه ويدعه، فيكون الولي الآخر أحق به. قال مالك: وإن تزوج امرأة ومعها بنت صغيرة قد علم بها ودخل وهي معها، ثم قال: أخرجيها عني. فليس ذلك له.
قال مالك: وإذا كان الزوج عبدا وتزوجت الأم وليس له أحد من قرابة الأم، فالأم أحق به من الأب العبد. قال مالك: كانت الأم أمة أو حرة.
قال ابن القاسم: لأنه لا قرار له ولا عليه للولد نفقة ولا حضانة وأرى في الاستحسان إن كان العبد التاجر/ له الكفاية أن يكون أحق بولده إذا تزوجت، وأما العبد المخارج والذي يسافر فلا.
قال مالك في حر طلق زوجة الأمة فيعتق واره وله جدة حرة فالأم أحق به إلا أن تباع أو تنكح أو يظعن الأب. [5/62]
***(1/61)
[5/63] قال مالك: وإذا أوصى إلى رجل وأوصى ان امرأته أولى بولده فأرادت امرأته الخروج به إلى العراق وثم أهلها وللولد هناك دين فليس ذلك لها. ثم قال: ينظر الولى؛ فإن كان ذلك أرفق بالولد تركه، وإن كان أرفق بهم المقام، أقاموا. ومن العتبية روى أصبغ عن ابن القاسم قال: الوصي كالأب في الولد إلا في إنكاح البكر قبل البلوغ. قال أصبغ: فإن تزوجت الأم فالوصي أحق بالصبيان جواري كن أو غلمانا وإن حضن الأبكار وهو أحق من الأخ والعم وابن العم وإن كان رضى. وإذا انتقل الوصي من البلد فله أن يرحل بهم جواري كن أو غلمانا وليس لإخوانهم وأعمامهم وجدودهم (منعه قال عيسى). قال ابن القاس، فيمن أعتق أم ولده على أن تركت له ولدها الصغير: إنه يرد إليها بخلا الحرة تصالحه على تسليم الولد إليه فذلك جائز ولا يرد إليها، ورواه عنه أبو زيد. وفي موضع آخر: أن الشرط لازم كالحرة.
ومن سماع أشهب عن مالك: وعن المتوفى عنها زوجها تترك أولادها خمسة أشهر أو سبعة ثم قيل لها: أنت أحق بهم. فقالت: لم أعلم. قال: لها القيام وقد تجهل ذلك. وعن الأم تدع ولدها وتلحق بأهلها فقامت مدة ثم تزوجت ثم ماتت وقامت الجدة في الحضانة؛ فإن كان لذلك/ سنة فأكثر فليس ذلك لها، وإن كان ذلك يسيرا فذلك لها. وإذا تركت الأم ولدها ثم طلبته؛ فإن كان بعذر من مرض وانقطاع لبن فذلك لها، وإلا فليس لها ذلك.
قال ابن نافع: وللجدة أخذهم إذا كان في موضع أبيها. قال عيسى، عن ابن القاسم: وإذا كانت الأم نصرانية فهي أحق بالولد في الموت والطلاق [فإن تزوجت ولها أخت مسلمة أو نصرانية فالأب أحق منهم].
قال سحنون: الجدة والخالة وإن كانت نصرانية أحق بهم. وكذلك ذكر ابن المواز نحوه في أول الباب. [5/63]
***(1/62)
[5/64] قال ابن سحنون: كتب شجرة إلى سحنون في الخالة تجب لها الحضانة فيقول الأب: يكون عندي للأدب والتعليم. ويقول: إن ما يعطيها تأكله وتجيع الصبي، وهي تكذبه وتقول: يكون طعامه عندي وإيواؤه إلى. كتب إليه: هي أولى بالحضانة إن لم يكن لها زوج وكانت حاضرة معه، وليؤدبه أبوه عندها وتبعثه إلى المعلم. وإن شكا أكلها لرزقه فليطعمه هو يكون عندها تحضنه.
وكتب إليه في صبي أو صبية في حضانة أمه فتزوجت وليس له قرابة هل يأوي إلى أمه وينفق عليه الحاكم؟ قال: نعم إن لم يجد موضعا. فلا بأس بذلك لرفقها به.
وسأله حبيب عن الود يرضى الأب والأم، على أن يكون الولد عند الأب، وقد طلق الأم ولم يتزوج، فقال: لا بأس بذلك، وهذا خفيف.
وسأله حبيب، عن المطلقة تتزوج ولها ولد أم عارية، فكانت الحضانة للجدة، فأرادت أن تسكن/ بالصبي مع أمه المتزوجة في حجرة، فأبى الأب من ذلك، إلا أن تنفرد. قال: المجدة أن تسكن به مع أمه في حجرة واحدة، وعلى أبيه نفقته.
باب الانتجاع بالولد وذكر انتجاع العبد بولده أو بزوجته وهل للولد أن يظعن عن والديه والخروج إلى بلد يخاف فيه الفتنة
من كتاب محمد، ومن العتبية من سماع ابن القاسم: وإذا هلك عن ابنته ابنة ثمان سنين، وأرادت أمها الرحلة بها إلى موض خوولة الصبية على مسيرة مرحلتين من الماء الذي كان الأب يسكن به، وأبى عمومة الجارية، قال: فذلك [5/64]
***(1/63)
[5/65] لهم دون الأم. وقال ابن القاسم في كتاب محمد: وليس لها أن ترحل بهم من الأسكندرية إلى الفسطاط، إلا مثل المرحلة والمرحلتين.
ومن العتبية، قال مالك، فمن له أخت بالأندلس خاف عليك الضيعة، فأراد أن يخرج إليها وبينه وبينها حرب وفساد يخاف فيه الهلاك على دينه، قال: لا أحب له أن يخرج إلى موضع يخاف فيه الهلاك على دينه.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: والأب إذا انتجع من البلد أخذ الولد، وإن كان يرضع؛ ذكرا أو أنثى. قال مالك: وليس له أن يخرج بالولد لطلب الفرض عند أمير المؤمنين ببلد آخر. قال مالك: ومن تزوج فولد له ثم فارقها فله الخروج بولده إلى وطنه إن كان بعيدا، وإن كانوا كبارا، ما دام الأب يليهم، ما لم يكن الموضع قريبا مما لا ينقطع عنه خبرهم إلا أن تريد أمهم اللحوق بهم، / فذلك لها، وتكون أولى بهم. وأما السفر بهم فليس ذلك للأب إلا بإذن أمهم، إلا في الانتجاع.
مالك: وإذا انتجع من المدينة إلى مصر والشام ولا يريد الرجوع فله الخروج بهم، وليس للأم أن ترحل بالولد عن أوليائهم إلى مصر من الاسكندرية، إلا مثل المرحلة أو المرحلتين (قلت) لمحمد: فأقصى ما للأب ينتجع بولده وأقربه، والذي لا ترحل إليه الأم بالولد عن عصبتهم. فقال لي: الموضع الذي لا يكاد يصل خبرهم، وأقرب ذلك ستة برد. قال مالك في المرحلتين. وقال أصبغ: إذا انتجع من الاسكندرية إلى الكربون فله الرحلة بهم. محمد: فهذا قريب قدر بريدين، ولم أسمع من قاله إلا أصبغ، ولم ير أشهب للأم أن ترحل به إلى ثلاثة برد قال أشهب: إذا مات الأب وترك صغيرًا فأراد وليه أن ينتجع من البلد، فله أخذه من أمه وإن لم تتزوج، وإن انتجع إلى أقرب ميل من الفيوم إلى الصعيد، فذلك له. وقاله مالك، فقال له السائل مرحلتين. وأجاز مالك [5/65]
***(1/64)
[5/66] للأم أن ترتحل بهم إلى مسافة يوم. وقال أيضا: ما لها أن تضر بأوليائه، ولتطلبهم هي بها، ولا تخرج إلا إلى المكان القريب.
قال مالك: وليس للعبد أن يظعن بالولد إذا طلق أمهم، وللأم أن تنتجع به حيث شاءت، وليس ذلك للعبد إلا أن يكون له ولد حر. قال مالك، في عبد تزوج حرة، وله منها ولد ابن عشر سنين، وهم بالقلزم، فركب به البحر إلى الحال، فهلك الصبي، فقامت الأم عليه في ذلك، فقال: لا شيء على الأب في ذلك، وذكر ظعن العبد بزوجته. قد كتبته في كتاب النكاح/الثاني، في باب نفقة العبد على زوجته. وهل يظعن بها؟
قال مالك، في الرجل يتزوج بغير إذن أبيه، ويريد أن يذهب مع زوجته، ويترك أباه شيخا زمنا والأب كاره لذلك، قال: إذا بلغ الغلام، وليس بسفيه، ولا ضعيف العقل، فجائز له أن يذهب حيث شاء، وإن كان سفيها لا يلي نفسه لم يكن له ذلك.
باب ما يلزم من النفقة على الولد والأبوين
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم قال مالك: وإذا كانت الأم لها [زوج معسر فعلى الابن نفقتها] ولا حجة للولد إن قال حتى يطلقها الزوج، قال: ولينفق على أبيه وعلى زوجة أبيه دون صغار بنيه.
قال في سماع أشهب في العتبية: إن كان الابن مليا وكان ذلك يسيرا وما أشبهه، وإن كان الأب نكاحا يأتي بامرأة ملية فما ذلك عليه.
قال ابن حبيب: إن مطرفا قال: إذا كانت الأم فقيرة والولد صغار يتامى، فالنفقة عليها في مال الولد، على قدر المواريث، على الذكر مثلا حظ الأنثى، لأن النفقة إنما وجبت في أموالهم؛ لصغرهم، وأما لو ولوا أنفسهم [كانت نفقتها عليهم [5/66]
***(1/65)
[5/67] بالسوية]. وقال أصبغ: بل هي عليهم بالسواء في صغرهم وكبرهم. وقال ابن حبيب يقول مطرف؛ وهي مذكورة في كتاب الوصايا.
وأعرف في كتاب أبي الفرج، في الأب يكون له بنون: أنه إن كان كل واحد تلزمه النفقة على انفراده، لزمتهم النفقة أجمعين بالسواء، وإن كان بعضهم لا يلزمه على انفراده شيء فنفقته على باقيهم، وكأن محمدا أشار إلى أن على/ كل واحد بقدر يسره. قال: قال مالك:ولا يجبر السلطان أحدا على أن يحج بابنه ولا على أن يزوجه.
وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم. محمد: قال مالك: إذا بلغ الغلام سفيها أو أعمى، أو به زمانة، أو به بلاء لا يقوى معه على الكسب، فلا تنقطع نفقته عن الأب، قال: وإذا بنى بالبكر زوجها وهي زمنة ثم فارقها فالنفقة باقية على الأب، كالصغيرة تطلق بعد البناء وقبل المحيض، واختلف في نفقة هذه بعد المحيض.
وقال ابن وهب ما في الولد يبلغ أعمى أو مبتلى أو مكسورا فلا نفقة على أبيه، وعلى كل محتلم نفقة نفسه. قال أصبغ: وذلك إذا نزلت به الزمانة بعدالحلم. قال مالك: وللرجل المعسر أن يؤاجرابنه لينفق عليه من إجازته ما لم يعقد عليه سنين يجاوزها احتلامه. قال أصبغ: فإن فعل سقط عنه بما جاوزه الاحتلام. وقال مالك: وإن كان الابن مليا، فليس له أن يؤاجره بحال، ويجبر على أن ينفق. ومن فارق زوجته وله منها صبية فقال ما عندي لها نفقة، ولكن ابعثها تأكل معي. فلينظر، فإن كان ما قال معروفا فذلك له.
ومن كتاب محمد، قال: وإذا رفع الأبوان إلى السلطان في مغيب الابن، ولا له مال حاضر، لم يأمرهما أن يتسلفا عليه بخلاف الزوجة، إذ لا يلزم نفقتها إلا بالحكم. قال ابن القاسم: وإذا ورثت البكر خادما من أمها، لم يلزم الأب أن [5/67]
***(1/66)
[5/68] ينفق على الخادم، وإما أنفق عليها أو باعها، قال أشهب: ولا يلزمه نفقة الابن/ من يوم ورثت الخادم، حتى لا يبقى من ثمنها شيء. وقال سحنون مثله، أنه لا يلزمه نفقة عليها، ولا على خادمها، لأنها ملية بالخادم.
باب في انفاق الأب على الولد من عنده ومحاسبته وكيف ان مات الأب وأوصى في ذلك أو لم يوص؟
من كتاب ابن المواز، قال مالك: وإذا أنفق الأب على الولد من عنده وللولد مال عين بيده الآن أو بيد غيره، فله الرجوع فيه، وإن مات الأب قبل أخذه، فأراد الورثة الرجوع عليه بالنفقة منذ كان مال الابن عينا، وهو عنده يمكنه أخذه فلم يفعل، لم يكن للورثة الرجوع عليه وإن كتبه الأب عليه إلا أن يوصي به، وذلك أن من شأن الآباء أن ينفقوا على الأبناء وإن كان لهم أموال، قال: وأما إن كان مال لولد عروضا، أو حيوانا، فللورثة محاسبة الابن بذلك إذا كتبه، وهذا كله في العتبية، من سماع ابن القاسم.
قال ابن القاسم: وهو أحسن ما سمعت. وروى عنه عيسى: إذا كان مال الولد عرضا فأنفق الأب عليه من عنده ثم قال في مرضه: لا تحاسبوه. فذلك نافذ جائز، ولا تكون وصية لوارث لأنه شيء فعله في صحته.
قال ابن المواز: ووجدنا لمالك أيضا أنه قال:يحاسبونه إن كان المال عروضا. ولم يذكر كتبه، ويحسب كل وقت بسعره. وقال أشهب: أرى أن يحاسب في العين؛ وإن أوصى الأب ألا يحاسب/؛ لأني كنت أنفق عليه من مال، لم يصدق. قال أصبغ: أحب إلى أن يحاسب بعد موته حتى يقول في صحته، لا تحاسبوه. أو يقول: إنما كنت أنفق عليه من مالي، لأوفر ماله. وإن كان قوله ذلك في المرض، فذلك جائز، وإن أوصى بذلك، فهو سواء. قال ابن [5/68]
***(1/67)
[5/69] القاسم: إن كان مال اليتامى ناضا لم يحاسبوه النفقة، وإن كان عرضا حاسبوه، ولعله لم يمكنه البيع حتى مات.
ومن العتبية وكتاب محمد: قال مالك، فيمن أنفق على ولده، ثم ورث الغلام، فأنفق عليه مدة ثم مات الغلام، فأراد محاسبة الأم أو الجدة: إن لم يكن أم بما أنفق عليه من يوم ورث المال، فأبت هي، قال: ذلك له،ولا يمين عليه إن كان مقلا، وإن كان مليا، فليحلف لها أنه ما أنفقه من عنده. وفي رواية سحنون، قال مالك: لا يمين عليه. ثم رجع مالك، فقال: يحلف.
ومن العتبية من سماع ابن القاسم: ومن كان يأخذ لابنه عطاء قسما، وهو في حجره، ثم هلك الأب، فإنه يحسب في ذلك نفقة الابن في سائر السنين بقدر غلائها، ورخصها، وما كان من فضل رجع به الابن في مال الأب، وفي كتاب الوصايا من معاني هذا الباب.
في نفقة الوصي أو غيره على اليتيم هل يرجع عليه؟ ومن أنفق على أهل غائب
من كتاب ابن المواز والعتبية، من كتاب التفليس، قال مالك: وما أنفق الوصي في ختان اليتيم وعرسه من أمر معروف في غير سرف ولا باطل جاز لمن دعي إليه إجابته، والأكل سنة، وما كان من/ سرف، أو في لعب أو باطل ضمنه، وحسب له العدل. وكذلك في سرف الإنفاق من كل ما يلي على مولى عليه.
من كتاب محمد: وإذا أنفق عليه الولي من مال الولي رجع عليه في ماله، وإن لم يكن كان للصبي مال لم يتبع بشيء. قال مالك: ويوسع عليهم ولا يضيق. وقال ربيعة: قال ربيعة: ويشتري لهم بعض ما يلهون به وذلك مما يشب به، وما [5/69]
***(1/68)
[5/70] أنفق الأخ على أخيه اليتيم من ماله، رجع في مال اليتيم وكذلك من أنفق على مريض وطلب له الأطباء، فهو في ماله، وإن لم يكن له مال، لم يتبع بشيء. قال ابن القاسم: ومن أنفق على صغير له مال رجع عليه في ماله، فإن تلف ذلك المال وأفاد مالا ثانيا، لم يتبعه بشيء إلا فيما كان له قبل الانفاق.
قال مالك: وسواء أشهد أنه إنما أنفق ليرجع أو لم يشهد إذا ادعى أنه أنفق عليه، كلف البينة بذلك أو بأنه كان في حوزه وحجره، يكفله ولا يعلم أحد ينفق عليه غيره، ويقول هو: أنفقت عليه لأتبعه. قال: ويحلف أنه أنفق عليه ليتبعه. وإن كان يليه غيره، كلف البينة بالدفع إلى ما كان عليه. وإذا قال الولي في اليتيم لا مال له: أن أنفق عليه، على أن أتبه إن أفاد شيئا، وإلا فهو في حل. ولا أدعه يموت. فلا ينفعه ذلك، ولا اتباع له، ولو أنفق ليتبعه في عروض له، فعجزت عن ذلك لم يتبع عاتقي. ومن أسلف يتيما في عمارة منزله، فإن كان مما يخاف انهدامه أو خرابه رجع عليه، وأما غير ذلك من مرمة أو شراء دابة أو شراء سلعة وحوالة بها يركبها فلا يلزم/ اليتيم، إلا أن يجد شيئا بعينه من ذلك، فليأخذه.
في الانفاق على أهل الغائب أو على عبد له عنده وبماذا يرجع؟ وهل تباع أمة أو صبي بعتقها؟ ونفقة العبد المخدم
من كتاب ابن المواز: ومن أنفق على أهل غائب وولده الذين يلزم نفقتهم وله بينة بذلك وحلف ما أنفق إلا على وجه السلف وصادف ملء الغائب في غيبته، فليتبعه ولو كان معسرا يومئذ لم يلزمه، يريد: وإن أيسر.
قال ابن القاسم: ومن أنفق على صبي على الحسبة، ثم ظهر أن له أبا موسرا، ولم يتبعه بشيء إلا أن يعلم أن الأب تعمد ذلك بهم. قال أشهب، في غير كتاب محمد: لا يتبع الأب وإن تعمد طرحه. قال مالك: ومن غاب وقد أوصى في أمة أنها حرة بعد موته في سفره وله أصل وولد بلا نفقة فلهم بيعها في النفقة. [5/70]
***(1/69)
[5/71] قال مالك: ومن ترك خادما عند رجل فأنقق عليها آصعا من تمر فقال: أعطيتك الملكية. وقال المنفق: آخذ بسعر يوم أنفقت، وقد رخص الآن. فله بسعر يوم أنفق. قال ابن القاسم: إن اشترى التمر، فله الثمن الذي نقد، وإن كان التمر من عنده فله الملكية. وكذلك عند العتبية. ومن كتاب محمد قال مالك: ونفقة العبد المخدم بوصية على الموصى له بالخدمة، وكذلك في الجناية على المخدم إذا قتله. قال مالك، في العتبية وكتاب محمد: ومن حبس على أم ولده خادما يخدمها فنفقتها من مال الميت. وقال ابن القاسم، وأشهب:/ على الذي له الخدمة. ولو أوصى بالنفقة على أم الولد وبخدمة الأمة لها لكان نفقتها ونفقة الخادم من الثلث. قال مالك: ولو أوصى لثلاث أمهات أولاده بالنفقة عليهن ثلاث، وأما بعد ذلك فعليهن، ولو وقت لهن في الثلاث سنين نفقة، لم يزدن عليها، وعليهن نفقة الأمة في ثلاث سنين وبعدها.
تم كتاب الاستبراء، والعدة والنفقات. [5/71]
***(1/70)
[5/72] ....... [5/72]
[5/73] بسم الله الرحمن الرحيم ... وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
كتاب الرضاع
ذكر ما تقع به الحرمة من الرضاع وذكر الوجور والسعوط ونحوه وما در من لبن أو استنزل، والرضاع بعد الحولين، ورضاع الكبير
قال أبو محمد: قال غير واحد من أصحابنا: إن حديث التوقيت في الرضاع مضطرب، وظاهر القرآن أولى بنا عن اضطراب الحديث، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: إن عمك، فيلج عليك. وهذا رضاع قديم، لا توقيت فيه ، وقد قال عقبة ابن الحارث للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد تزوج امرأة: إن امرأة ذكرت أنها أرضعتهما، وهي كاذبة. فقال عليه السلام: كيف وقد زعمت أنها أرضعتكما، دعها عنك. وهذا قد أدخله البخاري (في كتابه). وهذا من أدل دليل أنه لا توقيت في الرضاع. [5/73]
***(1/71)
[5/74] من كتاب ابن المواز، قال: ويحرم من السعوط ما وصل إلى الجوف. وروي عن ابن عباس، أنه [لايحرم بالسعوط بالبن في الحولين]. قال ابن حبيب: وكذلك لو حقن بلبن امرأة؛ لأنه إلى الجوف، وما/ وصل إلى الجوف يحرم عند مالك. قال: والوجور: ما صب في الحلق. واللدود: ما صب تحت اللسان. قال: وإذا اكتحل الصبي بكحل أميع بلبن، فإن كان كحل بعقاقير تخرق إلى الجوف مثل الصبر المر، والعتروت والحبة السوداء، فهو يحرم، لأنه يجري في عروق العين إلى الخيشوم، إلى الحلق، إلى الجوف، ولو كان مما يقيم لم يحرم، ولا أفطر به الصائم.
قال في كتاب ابن المواز، في الصبي يحقن بلبن، فإن كان يكون من ذلك غذاء حرم به وإلا فلا. محمد: يعني عندي لو لم يطعم ولم يسق إلا بالحقن لعاش به، فهذا يحرم.
ومن كتاب ابن سحنون قال: وقال أصحابنا، إنه ما وصل إلى جوف الصبي من غير مدخل الطعام والشراب مثل الحقنة وغيرها، فإن كان يكون ذلك غذاء له، حرم، وإلا لم يحرم. قال ابن حبيب: وما خلط من دواء أو طعام بلبن فأطعم صبيا بابن القاسم لا يحرم به حتى يكون اللبن هو الغالب. وقال مطرف، وابن الماجشون: يحرم به وإن كان اللبن الغالب.
ومن العتبية، روى أشهب عن مالك في امرأة تشربت شجرة فدرت لبنا أنه يحرم بذلك. وكره أن يفعل هذا، قيل له: بلغنا أن رجلا تشرها فدر له لبن.
قال: بلغك الباطل، إنما ذكر الله رضاع النساء وقاله سحنون. قال ابن المواز: وما در من بكر أو معنسة فالحرمة بلبنها واقعة، بخلاف الرجل يدر. ومن كتاب ابن سحنون، قال ابن القاسم: ولو أن امرأة در من ثدييها ماء، فأرضعت به [5/74]
***(1/72)
[5/75] صبيا، فلا يحرم، ولا يحرم إلا باللبن الذي يكون غذاء، ويغني عن الطعام، فأما ما اصفر ونحوه فلا.
قال ابن حبيب: ويحرم ما قرب من الحولين بشهر وشهرين، لتقارب الشهور من النقص والتمام. وفي المختصر عن مالك: الأيام اليسيرة ونحوها. [قال عبدالملك، عن مالك: يحرم بعد الحولين مثل الشهر ونحوه]. وقال سحنون. وفي كتاب أبي الفرج البغدادي عن مالك: مثل اليوم واليومين وما تنقصه الشهور، إذ لا يتفق أن تكون سالمة من النقصان، ولقوله الله سبحانه كاملين.
[وكذلك في المبسوط لإسماعيل القاضي، عن عبدالملك، أنه إذا جاوزت الحولين بالشيء القليل يعدو زيادة الشهور نقصانها، فكذلك الحكم]. وقال سحنون، في موضع آخر من كتابه (الحولين ثم أرضعت، ويتبع ذلك بالأمر) القليل بقدر ما يكون من حساب تقارب الشهور في النقص والتمام، فإنه يحرم.
قال ابن حبيب: وإذا فطم قبل الحولين ثم أرضعته أجنبية لم يحرم عند ابن القاسم واصبغ، وقال مطرف وابن الماجشون: يحرم إلى تمام الحولين. قال في كتاب ابن المواز: وإذا فصل قبل الحولين وتم فصاله، وتمادى على الطعام وعاش به، فهو فصال لا يحرم بعدم ما أرضع، سواء فصل بعد حول واحد أو أقل أو أكثر.
قال ابن حبيب: وقد أرى بعض العلماء الأخذ برضاعة الكبير في الحجابة خاصة، لحديث سهلة بنت سهيل من رضاع سالم، وهو كبير. قال ابن المواز: ولو أخذ به أحد في الحجابة خاصة لم أعبه كل العيب، وتركه أحب إلينا، وليس في الحديث أنه يحرم، إنما قال: أرضعيه. فذهب ما في وجه أبي حذيفة. [5/75]
***(1/73)
[5/76] وفي حديث آخر، فذهب غيرته فليس حجة لمن أطلق التحريم. وما علمت من أخذ به عاما إلا عائشة رضي الله عنها، وخالفها أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ورأين ذلك خاصا لسالم./
باب جامع ما يحرم بلبن الفحل وذكر أخت الأخ من نسب أو رضاع وما ضارع ما يوجب الرضاع من التحريم به لتحريم النسب
وقد حرم الله سبحانه بالرضاع، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. وحرم لبن الفحل، وقال لعائشة، رضي الله عنها، إنه عمك، فليلج عليك في أبي القعيس. وعرضت عليه ابنة حمزة: فقال: هي ابنة أخي من الرضاعة. ومن كتاب ابن المواز، قال: وحرم بلبن الفحل [وقال لعائشة، رضي الله عنها] فإذا أرضعتك امرأة، فقد صار زوجها أباك من الرضاعة، وأخوه من نسب أو رضاع عمك، وأبوك من النسب إن كان له أخ من رضاع فهو عمك من الرضاع، ولو كان لعمك من الرضاع أخ من نسب أو رضاع –يريد محمد- من رضاع آخر، لم يكن بينك وبينه تحريم. وأخوك من النسب إن كانت له أخت رضاع فهي لك حلال وحلال لولدك، وهي أخت عمه، وليس بعمته. وكذلك أخو العم لا يحرم، ويحرم عم العم لأنه عم لأبيها، وجدها لأبيها. وكذلك تحرم عليك خالة الخالة لأنها خالة أمك، وابنة جديك لأمك. [5/76]
***(1/74)
[5/77] قال محمد: وأخوك من الرضاعة يحل لك نكاح أخته من نسب أو رضاع ما لم ترضعك أمها، وإلا فلك نكاحها ونكاح أمها. قال: والأختان من الرضاع برضاع أجنبية إن كان لكل واحدة منهما أخ من النسب، فله نكاح التي أرضعت مع أخيه بلبن الأجنبية، وإن كانت أم الواحد أرضعتها، لم تجز له/ نكاح الصبية التي أرضعتها أمه مع أخته، ويجوز لأخي تلك الصبية الأجنبية من النسب نكاح أخت أخيه من الرضاع.
قال: وزوجة أبيك أو ابنك من الرضاع حرام عليك، وأم الأب من الرضاع. [وبناتها حرام، وبناتها عماتك ولا يجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها من الرضاع]. ومن طلق امرأته وهي ترضع ابنته فتمت العدة وتزوجت وحملت ثم أرضعت صبيا، أنه يكون ابن للزوجين، إن كان لبن الأول لم ينقطع قال ابن حبيب: وكذلك لو مات هذا، أو طلق، ثم تزوجت ثالثا قبل انقطاع لبنها فوطئها ثم أرضعت صبيا، فهو ابن الثلاثة الأزواج.
ومن كتاب محمد: ومن تزوج بكرا فبنى بها فدوت قبل أن تحمل فأرضعت صبيا فهو ابن لزوجها. قال مالك: لأن الوطء يدر اللبن ويستنزله.
ومن العتبية، روى أشهب عن مالك: ومن تزوج امرأة، وقد كانت أرضعتها امرأة أخيه في الحولين بلبن أخيه فإنه يفسخ نكاحها لأنها ابنة أخيه من الرضاع. وعن امرأة أرضعت أختها بلبن زوجها ثم مات فنكحت غيره فتلك الأخت ربيبة لهذا الزوج وبنت لامرأته وله أن يرى شعرها، وإذا أرضعت أجنبية ابنا لك فلك أن تتزوج ابنتها. وقال سحنون، في أخوين ولد لأحدهما جارية وللآخر غلام فأوضع أحد الطفلين أم الأخوين، قال:لا يتناكحان أبدا . وقال أصبغ في صبية أرضعتها جدتها لأمها فلا تحل لابن عمها إن كان ابن خالتها، لأن الصبية تصير خالة للغلام، ولو كان ابن عمها هذا ليس ابن خالتها كانت حلالا له. [5/77]
***(1/75)
[5/78] قال أصبغ: ومن بنى/ بزوجته، ثم فارقها، فتزوجت غيره، فولدت صبية، فهذه الصبية حرام على زوجها الأول، وربيبة له، وكل ما تلد أو ترضع فيما يستقبل ربائب له وحرام عليه، ويجوز لابن الأول من غيرها أن ينكح هذه الصبية وسائر بناتها من غير أمه، وكذلك لابنها من الزوج الثاني أن يتزوج ابنة الأول من غيرها.
ومن كتاب ابن حبيب، قال ابن الماجشون: وإذا أرضعت امرأة صبيا، فكل ولد تقدم لها، أو يكون لها أبدا بولادة أو رضاع، وكل ولد لفحلها- يريد الفحل الذي كان الرضاع أولا بلبنه – إخوة له، وحرام عليه، وهو حلال لإخوته، وإن أرضعت صبية، حرمت على كل ولد لها ولفحلها، أو لم تحرم الصبية على من كان أخ أو أخت لم ترضع أمهم. قال: ولا بأس أن يتزوج الرجل مع من أرضع مع ابنه لصلبه إذا أرضعتهما غير امرأته.
قال ابن المواز: وإذا أرضعتك امرأة، فأمهاتها وجداتها وبنات بناتها وبناتها نفسها يحرمن عليك، وبنات أم التي أرضعنك حرام عليك، وبناتهن حلال لك، وبنات جدة التي أرضعتك حرام، لأنهن خالات أمك، وبناتهن حلال لك وما تناسل من أولادهن. وأبوك من الرضاع يحرم عليك أمهاته وجداته؛ ومن أرضعته أم ابنك هذا فهو أخ له، أو أخت له، وعم لك، أو عمة تحرم عليك، ولا يحرم عليك بناتها، وإن كان الرضيع صبية حرمت على كل من ولدته أم التي أرضعتها، ولا يحرم على بني بني جدتها. قال: وخالة الخالة حرام لأنها بنت للجدة، وهي خالة الأم؛ وبناتها/ حلال، وعمة العمة حرام، وبناتها وجميع ولدها حلال، وأخت العم وأخت العمة، وأخت الخالة حلال.
أبو محمد، يريد محمد: من لعمك وعمتك، وخالك وخالاتك، وأخيك وأخيك من النسب، من لهم من أخت برضاع، فحلال لك وكذلك إن كان لأخيك لأبيك أخت لأمه فحلال لك، ولأخيك لأمك من أخت الأب فحلال لك، أو كان لعمك أو لعمتك أو خالتك على هذا المعنى. [5/78]
***(1/76)
[5/79] ومن العتبية، من سماع أصبغ، قال ابن القاسم، فيمن اشترى أمة، ولها بنت ترضعها، فيطؤها، وهي ترضعها، فهل يهب الصبية لابن يطؤها؟ قال: لا خير في ذلك.
باب ما يقع من التحريم بالرضاع يحدث بعد النكاح وما يدخل في ذلك من لبن الفحل
ومن كان ابن المواز:ومن نكح امرأة فمسها، أو تلذذ منها ثم فارها، فبعد عشرين سنة تزوج رضيعه أرضعتها تلك التي كانت له زوجة؛ لحرمت الرضيعة عليه، ولو أرضع زوجته المرضعة نساء أهل الأرض لحرمن عليه.
والرضيع إذا زوجه أبوه أو وصيه امرأة، ثم بارا عنه زوجته، وتزوجت رجلا فأولدها ثم أرضعت الصبي الذي كان تزوجها وهو في الحولين لحرمت على زوجها هذا لأنها من حلائل أبنائه، إذ صار هذا الصبي ابنا له من الرضاع. وكذلك في العتبية، عن ابن القاسم.
ومن كتاب محمد: ومن له أربع نسوة إحداهن رضيعة في الحولين ولم يدخل بالكبار ولا تلذذ بهن فأرضع الثلاثة الصغيرة فقد حرم الكبار وتبقى له الصغيرة، ولو سنة واحدة من الكبار، أو تلذذ منها، حرمت عليه الصغيرة أيضا وزلو تزوج كبيرة وثلاثا صغارا فأرضعتهن الكبيرة، فإن كان مس الكبيرة أو تلذذ منها حرمن أربعتهن، ولو لم يتلذذ منها حرمت هي، واختار واحدة من الأصاغر ولا مهر للكبيرة لأنه نكاح يفسخ، فعليه قبل البناء، وعليه للتين فارقهما من الصغار لكل واحدة سدس صداقها لأنه لو فارقهن في كملة فعليه نصف صداق واحدة يقسم بينهن يقع لكل واحدة سدس صداقها، لأن واحدة يصح نكاحها بالاختيار. وقال ابن القاسم: ولا شيء على التي نقدت. [5/79]
***(1/77)
[5/80] وإذا كانت له زوجة رضيعة، فأرضعتها زوجة له كبيرة قد مسها، فحرمتها على الزوج أو أرضعتها أم الزوج وأخته فلا شيء عليها، إلا أن هذه تؤدي، لأن ماءه قد وقع في لبنها. وكذلك من تزوج امرأة معها صبية ترضع فوطئها في ذلك اللبن فلا تحل الصبية لابنه لأنها أخته. ومن أصلهم أنه إذا تزوج امرأة، فأرضعت صبيا قبل دخوله بها فإن ذلك الرضيع لا يكون ابنا له، وإن كانت صبية فهي ربيبة له.
قال أصبغ، عن ابن القاسم: ومن له زوجتان فأرضعت إحداهما أخا له طفلا فلا يحل للطفل نكاح زوجة أخيه التي لم ترضعه إن فارقها أو مات عنها لأنها امرأة أبيه من لبن الفحل.
وقال ابن القاسم في ذات زوج أرضعت صبيا بلبنه، وله منها ولد/، ومن غيره ولد، ولزوجها ولد من غيرها: إن ذلك الصبي الأجنبي يحرم عليه ولدها من هذا الزوج ومن غيره؛ وتحرم عليه بنات زوجها هذا منها ومن غيرها لأن أب له.
قال أصبغ في صبي أرضعته جارية لجده، يعني: لأبيه بلبن من وطء جده: إن بنات عمه يحرمن عليه لأنه عم لهن. قال ابن حبيب، وفيمن تزوج رضيعتين ثم تزوج كبيرة فأرضعتهما قبل بيني بالكبيرة. حرمت الكبيرة، واختار واحدة من الصغيرتين وفارق الأخرى ولها نصف الصداق؛ لأنه طلاق باختياره وليس كالفسخ. وقال ابن المواز: لها ربع صداقها، ولو فارقها جميعا لم يكن لهما إلا نصف الصداق بينهما. وقال ابن القاسم في غير كتاب محمد فيما أعرف: لا شيء لمن فارق بالفسخ.
قال ابن حبيب: وكذلك المجوسي يسلم عن عشر نسوة لم بين بهن ثم يختار أربعة، أنه يعطي لكل من فارق نصف صداقها. ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن تزوج كبيرة فبنى بها ثم تزوج صبية صغيرة فأرضعتها أم الكبيرة فليختر واحدة منهما ويفارق الأخرى لأنهما صارتا أختين. وقاله أصبغ. [5/80]
***(1/78)
[5/81] ومن كتاب ابن المواز: ومن زوج عبده الرضيع أمه له كبيرة، ثم وطئ السيد الأمة فحملت منه فرضعت، أو درت في حملها فأرضعت زوجها في الحولين قبل فطامه فإنها تعتق مكانها، وتحرم على سيدها وعلى زوجها للأبد؛ لأن زوجها صار ابنا لسيدها فصارت من حلائل أبنائه، وهي أم ولد لا حرمة فيها، وهي للزوج من نساء/ الآباء لو لم يطأها، ولكن أعتقها فاختارت نفسها ونكحت فولدت أو درت وقد بنى الزوج فأرضعت العبد الذي كان زوجها لحرمت على زوجها هذا؛ لأنها ابنة وهي من حلائله.
ومن كتاب ابن حبيب: ومن له أمة يطؤها فتزوج رضيعة فأرضعتها أم أمته هذه فلا يفسخ النكاح ويبقى على صحته، وليوقف على وطء أمته هذه حتى تحرم امرأته، وإن بلغت الزوجة لم يطأها حتى تحرم الأمة.
قال ابن المواز وابن سحنون قال مالك: وإذا تزوج امرأة ودخل بها ثم وضعت عنده لأقل من ستة أشهر، فما أرضعت بلبنها فهو ابن للزوج الأول والآخر، وقد كان الثاني نكاح شبهة. قال ابن سحنون عن مالك، فيمن تزوج صبية صغيرة ترضع في الحولين فأرضعتها امرأة له: إنها لا تحل للزوج ولا تحرم عليه امرأته الكبيرة بذلك. وقال ابن نافع: أراهما يحرمان جميعا. والذي قال ابن نافع هو المعروف من قول مالك وأصحابه، وقد تقدم هذا مبينا.
باب في التحريم بلبن الكافرة والميتة ولبن الزنا والنكاح القاسد والملاعنة ولبن الملك وما در من لبن أو شبه ذلك ونكاح البنت من غيره
ومن كتاب ابن حبيب، قال: ويحرم بلبن الكوافر، ولبن الزنى. قال: ولبن الحرة والأمة في الملك والنكاح سواء ولبن المتزوجة وغيرها، من بكر أو ثيب، أو عجوز درت فذلك سواء، ويحرم لبن الميتة، ولا يحرم بلبن سائر الحيوان ولا بلبن [5/81]
***(1/79)
[5/82] رجل در له لبن، واللبن في وطء / صحيح، أو فاسد، أو حرام، أو زنى، أو سنبهة، فالولد منها لاحق، والحرمة منها ومن واطئها الذي ذلك اللبن منه سواء، وكما لا يحل له نكاح ابنته من الزنى، كذلك لا يحل له نكاح من أرضعته الموطوءة بلبن ذلك الوطء، واللبن لبنه، والولد من ذلك الوطء ولده وإن لم يلحق به. وقد كان مالك يرى أن كل وطء لا يلحق فيه الولد فلا تحرم عليه بلبنه. يريد: من قبل فحله، ثم رجع إلى أنه يحرم، وذلك أصح، وقاله أئمة من العلماء. قال المشيخة السبعة: وما حرمه الحلال، فالحرام أشد تحريما.
ومن كتاب ابن سحنون: وكل نكاح لا يثبت بحال، فاللبن فيه يحرم البنات بسبب الولد. ومن وطئ أمته وهي تحت حر أو عبد أو بعد أن يطلقها وهي حامل أو مرضع، أو كانت أمة للعبد، فإن ذلك اللبن يقع به الحرمة للزوج السيد. قال عبدالملك: والحرمة به لهما الحق الولد بالزوج أو بعبده فرجع إلى السيد.
وقد قال مالك في المتزوج يطأ المرأة ثم تأتي بولده من عبده لأل من ستة أشهر فيفسخ نكاحه: إن ذلك اللبن لهما يحرم به عليهما. قال سحنون: وإذا نكح خامسة أو أخته من الرضاعة وهو يعلم ولا يعذر بجهل وهي لا تعلم أو علم هو أن لها زوجا حيا وهي لا تعلم فإنه يحرم بلبنها ذلك من جهتها ومن جهته. وقال عبدالملك: بل يلحقه هو بذلك اللبن حرمة حين لم يلحق به الولد، ولا يحرم عليه الولد إن كانت ابنته.
وقال سحنون: وهذا خطأ صراح، ما علمت من قاله من أصحابنا معه، وقد أمر/ النبي عليه السلام سودة أن تحتجب من ولد ألحقه بأبيها لما رأى من شبهة بعتبة، قال: وكذلك من زنى بها غصبا فولدت ثم أرضعت فذلك اللبن يحرم على الوصي، ولا يحرم عليه بذلك شيء عند عبد الملك. [5/82]
***(1/80)
[5/83] ومن كتاب ابن المواز: وإذا أرضعت بلبن الصبي صبيا فهو لها ابن، ولا يكون ابنا للذي زنى بها، ولو أرضعت به صبية فتزوجها الذي كان زنى بها لم أقض بفسخه، وأحب إلي أن يجتنبه من غير تحريم، وأما ابنته من الزنى فلا يتزوجها، وإن كان أجازه ابن الماجشون، وأباه ابن عبدالحكم، وأصبغ في صبي، ومكروه، بين لقول النبي عليه السلام لسودة في الولد: احتجبي منه وقد ألحقه بأبيها، وصار لها أخا في الميراث وغيره، وحجبها عنه لشبهة بعتبة، فكيف يتزوجها عتبة لو كانت جارية؟ وأما لبن الزنى فلا يحرم، يريد محمد: من قبل الفحل.
وكل لبن من وطء بفساد نكاح مما لا حد فيه، أو وطء لا يجوز بالملك فالحرمة تقع به من قبل المرأة والرجل، واللبن في ولد الملاعنة من الرجل والمرأة، وتقع الحرمة بلبن الشرك. ومن تزوج امرأة وبنى بها ثم وضعت لأقل من ستة أشهر ففرق بينهما، ثم أرضعت صبيا، فهو من الزوج الأول ولهذا الثاني وذكر التحريم بما در من لبن لأمرأة أو رجل قد ذكرته في الباب الأول.
في الشهادة في الرضاع والإقرار به
من كتاب ابن حبيب: وإذا قال الأب قبل النكاح، [أو قال أحد الزوجين] : إن فلانا أو فلانة أرضع مع ولدي ثم زوجه إياها، لو كانت صبية فزوجها/ إياه: إنه يفسخ بذلك. وكذلك يفسخ بقول الأم قبل النكاح، أو قاله أحد الزوجين اجتمع على هذا مالك وأصحابه. وأما بعد النكاح فلا يقبل إلا أن يتنزه عنها، إلا في قول الزوج وحده، فإنه يعد على نفسه. قال ابن المواز: إذا قال الأب أو الأم للخاطب للابنة: هي أختك من الرضاعة ثم رجع، فقال: أردت اعتزاز الردة أو وهمت. أو قالت ذلك الأم، فلا يقبل منهما ولا يتزوجها ويفسخ إن فعل. ولو قالته الجارية لخاطبها أنه أخوها من الرضاعة، أو أنها أرضعته، ثم نكحته، لفسخ قبل البناء وبعده، إذا قامت بينة أنها [5/83]
***(1/81)
[5/84] قالت قبل النكاح. ولو قالت أجنبية عند الخطبة قبل العقد: أرضعتهما. قال مالك: يؤمر بالتنزة عنها [إن وثق بقولها، وإن كانتا امرأتين ثقتين، فإن كان ذلك في المعارف فاشيا وإلا لم يقض بذلك، وأمر بالتنزه عنها]، ولا يقبل بعد النكاح قول الأب والأم، وإن كانا عدلين، ولا قول الجاريتين، ولا امرأتين عدلتين من غير أمر فاش في المعارف، ويؤمر بالتنزه، وإن كان مع المرأتين أمر فاش في المعارف قضي بالفسخ. وأم الزوج وأم الزوجة بعد النكاح كالأجنبيتين، قال: والأجنبيتان قبل النكاح وبعده سواء، وقول أحد الأبوين أو أحد الزوجين قبل النكاح مقبول، ويفسخ به النكاح وإن لم يفش في المعارف.
ومن العتبية، قال أشهب عن مالك، في بينة شهدت على امرأة تحت رجل أنها كانت تقول: أخي أخي. فلا أرى هذا شيئا يحرم، ولا يضرها، وهذا شيء لا يعرفه، وقد يقول/ الرجل للرجل: أخي. على البر والتقرب له. قال ابن حبيب: وذهب مطرف، وابن الماجشون، وابن نافع، وابن وهب، أنه يفرق بين الزوجين بشهادة امرأتين، أو رجل وامرأة واحدة في الرضاع، وإن لم يكن فاشيا في الأهلين، وإذا قاموا حين علموا بالنكاح، ولم يأت عليهم حال يتهمون فيها. وقاله أصبغ، وعليه جماعة الناس، وأما شهادة المرأة الواحدة فيؤمر بالتنزه عنها، وقد روي للنبي عليه السلام، في المرأة الواحدة بالتنزه عنها.
ومن العتبية، قال عيسى ابن القاسم، فيمن خطب امرأة، وقالت له أمه: هي أختك من الرضاعة، فحلفا بطلاق أخرى لئن حلت له ليتزوجها، فليطلق التي تحته ولا يتزوجها، فإن تحرى فتزوجها لم أقض عليه بفراقها؛ لأنه لا يكون في ذلك امرأتان. [5/84]
***(1/82)
[5/85] باب جامع الرضاع فيه ذكر الصورة، وذكر الغيلة، وغير ذلك
من كتاب ابن حبيب: روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استرضاع الفاجرة، وأنه عليه السلام قال: اتقوا ارضاع الحمقاء، فإنه يعدي. وقال عمر، رضي الله عنه: أن اللبن يرع، فمن استرضع فليستحسن.
قال ابن حبيب: والرضاع تحر السنة. وكان عمر، رضي الله عنه بسبب الرضاع. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح استرضاع النصرانية.
قال مالك: لا بأس باسترضاعها إن أمنت ما تغذيه به من خمر وخنزير، وقد يكون في النصرانية طباع حسنة من عفاف وسخاء ومحاسن أخلاق؛ وليس الطباع في الدين وهي في الغرائز. وقيل للنبي عليه السلام: ما يذهب عني مذمة الرضاع؛ يعني: حقه فقال "عبدا ووليدة". وبسط عليه السلام رداءه لأمه من الرضاع، وقال "سليني ما شئت" فسألته خادما، فأعطاها.
ومن العتبية: أشهب عن مالك في المسلمة ترضع ولد النصراني، قال مالك إما أن يكون عندهم فأكرهه، وإما أن تعطيه ثديها فلا بأس بذلك. ومن كتاب ابن المواز: ويكره استرضاع اليهودية والنصرانية من غير تحريم. [5/85]
***(1/83)
[5/86] قال ابن حبيب: وإذا تزوجت المطلقة أو المتوفى عنها [ولها ولد أخت وأحبت رضاعه وكره] ذلك زوجها هذا فذلك له إن كان للصبي مال، أو وجدوا من يرضعه باطلا إن كان لا مال له، وإن لم يكن ذلك، أو كان لا يقبل غيرها فلترضعه وإن كره الزوج. وقاله مالك. والمرضع إذا واجرت نفسها في الرضاع بغير إذن زوجها فله فسخ ذلك، وإن كان بإذنه فأراد أبوه منع زوجها من الوطء للغيلة فذلك له. قال ابن القاسم. [وقال أصبغ: ليس ذلك له، إلا أن يشترط في أصل الإجارة، وإلا فلا، إلا أن يكثر ضرر ذلك بالصبي ويتبين فيمنع لذلك، وبقول ابن القاسم أقول.
قال ابن حبيب: والغيلة: وطء المرضع حملت أو لم تحمل، والعرب تتقيه أن يعود على الولد من ضرر في جسمه، أو علة وسقم، وقد هم النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عنه، أو لا ترى ان من حلف ألا يطأ زوجته حتى تفطم ابنه لا يكون موليا. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم اتقاه. وقد تقدم شيء في ذكر الغيلة.
تم كتاب الاستبراء والعدة والنفقات والرضاع من النوادر بحمد الله [5/86]
***(1/84)
[5/87] بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
كتاب طلاق السنة
ما جاء في طلاق السنة
قال الله سبحانه: "يا أيها النبي، إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن" إلى قوله: "لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا" وأمر سبحانه أن تطلق النساء للعدة، فكان ظاهر ذلك نهيا عن إيقاع الثلاث في كلمة، ودل بآخر الآية أنه إذا أوقع الثلاث المنهي عنها أنها لازمة بقوله: "لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرأ" وهي الرجعة فيما قال العلماء، فجعلها بائنة بإيقاع الثلاث في كلمة ولو لم يقع ويلزمه لم يفت الرجعة (كذا) ودلنا سبحانه أن الطلاق يقع لسنة ولغير سنة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في ابن عمر إذ طلق في الحيض مرة: فليراجعها. فدل على أنه ألزمه الطلقة، ثم قال: يمسكها، وفرق بين الكلمتين. وقد ذكرنا في كتاب العدة الحجة في هذا وفي الاقراء. والذي ينبغي أن لا يطلق إلا طلاق السنة كما أمر الله سبحانه ورسوله عليه السلام.
ومن كتاب ابن المواز، روى ابن القاسم وأشهب وابن وهب عن مالك قال: طلاق السنة أن يطلقها في طهر لم يمسها فيه طلقة ثم لا يمسها حتى تنقضي العدة. وأنكر أن يطلقها في كل طهر طلقة. وقال أشهب: لا بأس أن [5/87]
***(1/85)
[5/88] يطلقها في كل طهر طلقة، إذا لم يمسها أو يرتجع، فإن ارتجع وهو يريد أن يطلقها، فالبأس عليه في ذلك، لأنه يطول عليها/ العدة، يقول الله تعالى: ولا تمسكوهن ضرارا ولو ارتجع لغير ذلك لم يكن بذلك بأس، ويطلقها بعد ذلك.
قال مالك وأصحابه: ويطلق التي لم تبلغ، واليائسة متى شاء، لا ينتظر بها الأهلة، ويطلق الحامل متى شاء. قال: ولا يجيز ابن القاسم أن يطلق ذات الحيض في كل طهر طلقة.
قال ابن المواز: والطلقة الواحدة هي السنة، فطلقة في كل طهر أحب إلى من طلقتين في طهر، فطلقتان في مجلسين أخف عندي منه في مجلس. وقال ابن مسعود: من أراد أن يطلق ثلاثا، فليطلق في كل طهر طلقة قبل أن يمسها فيه بغير رجعة. وأجازه ابن عمر.
وأجاز ابن شهاب في التي لا تحيض أن يطلقها في كل هلال طلقة قبل الجماع. وكانوا لا يأمرون إلا بطلقة. قال مالك: وطلاق السنة في المستحاضة إذا زال عنها الدم الذي تنكره وتترك الصلاة، فإذا تطهرت منه، طلقها طلقة قبل يمسها، ثم عدتها سنة، وللزوج فيها الرجعة. وروى ابن وهب عن مالك أنه يطلق المستحاضة إذا طهرت للصلاة. قال محمد: فإن طلقها في حيضها قبل أن تستحاض، ثم استحيضت، فإنه يجبر على الرجعة إليها إلى تمام السنة. قال مالك: والطلاق للسنة في الحرة والأمة، والمسلمة والكتابية سواء.
وكره مالك الحلف بالطلاق. قال أشهب: لوجهين: لنهى النبي صلى الله عليه وسلم الحلف بغير الله، ولأنه قد يصادف بحنثه وقوع الطلاق في الحيض أو في طهر مس فيه/؛ فإن كانت ممن يئسن من المحيض كره لوجه واحد، وهو خلاف السنة. [5/88]
***(1/86)
[5/89] ومن العتبية: قال سحنون، في من قال لزوجته: أنت طالق، كما قال الله في كتابه. قال: لزمه طلاق السنة. قال ابن سحنون، عن أبيه، في من أمر رجلا أن يطلق امرأته طلاق السنة فطلقها ثلاثا، قال: لا يلزمه إلا واحدة.
في الطلاق في الحيض وهل يوقع فيه طلاق إيلاء أو خلع؟
قال مالك وأصحابه: ولا يجوز لأحد أن يطلق امرأة في دم حيض أو دم نفاس. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر حين طلق في الحيض أن يرتجع.
من كتاب ابن المواز، في سياق كلام أشهب، قال في من طلق في حيض أو نفاس، أجبر على الرجعة، سواء ابتداه أو حنث فيه، قال: فإن أبى هددته بالسجن، فإن أبى سجنته، فإن فعل وإلا ضرب بالسوط، ويكون ذلك قريبا في موضع واحد لأنه على معصية؛ فإن تمادى، ألزمه الرجعة، وكانت له الرجعة.
قال ابن القاسم وأشهب : فإن غفل عنه حتى طهرت فعل ذلك أيضا، فقال ابن القاسم: ما لم تخرج من تلك العدة. وقال أشهب: ما لم تطهر من تلك الحيضة ثم تحيض، ثم تطهر فلا يجبر ها هنا لأن الطلاق فيه سائغ له لو ارتجع، ولم يكن ينبغي له أن يطلق في الطهر الأول فيكون مطلقا في طهر طلقتين.
قال أشهب: وإذا كان في نفسه طلاقها يكره له رجعتها في الطهرالثاني، وفي الطهر الثاني أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر أن يطلق إن شاء، وقول/ ابن القاسم أحب إلينا لأنها رجعة وجبت. وقاله عبدالملك. قال ابن القاسم واشهب: ولا يصالح امرأته في الحيض، فإن فعل لزمه، ولا رجعة في ذلك. [5/89]
***(1/87)
[5/90] قال ابن القاسم: لا بأس أن يطلق التي لم يبن بها في حيضتها. وكرهه أشهب. وأما الطلاق الذي يكون بغلبة السلطان في من به جنون أو جذام أو عنين أو لعدم النفقة فلا يطلق عليهم في دم الحيض، ولا في دم النفاس. قال مالك وابن القاسم واشهب. وأما المولى، فروى أشهب مثل ذلك عن مالك، وقال: كيف أطلق عليه وأجبره على الرجعة! وقاله أشهب. وروى القاسم عنه أنه يطلق عليه.
قال محمد: وبه أقول، يطلق عليه بكتاب الله ويجبر على الرجعة بالسنة. ولم يختلف أصحاب مالك، أنه إن قال: أنا أفي أنه يهمله حتى تطهر، وليس للعنين منهم رجعة. ولا رجعة لغيره ممن ذكرنا إلا أن يزول عنه ما من أجله طلق عليه، مثل المعدم يجد النفقة في العدة، ويخف ما بالأجذم حتى يصير إلى حال لو رفع فيها لم يطلق عليه فله الرجعة، وكذلك المجنون يزول ما به، وأما المولي، فله الرجعة مطلقا، وكلهم لو طلق في الحيض مبتدئا لجبرته على الرجعة إلا العنين. وقال: ومن منعتني الحيضة أن أطلق عليه لم أحل بينه وبين أهله حتى تطهر، إلا المجنون الذي يخاف منه عليها.
قال: ولا يتلاعن الزوجان في الحيض/، والأمة تعتق تحت العبد فلا ينبغي أن تختار في الحيض، فإن فعل مضى، قال: ولا ينبغي أن يملك أحد امرأته في دم حيض أو نفاس؛ لأنه يتعرض خلاف السنة؛ وإن ملكها منعه السلطان من الفراق وذلك بيدها حتى تطهر إلا أن يرد ذلك؛ ولو سبقت بالفراق تجبر على الرجعة فيما دون الثلاث. قال: وكل نكاح يفسخ بعد البناء مما لا يحل المقام عليه، وليس لأحد إجازته، وإن احتيط في بعضه بطلقة فليفسخ في الحيض، وتأخيره أعظم، كالخامسة، ونكاح المحرم والمرأة على عمتها أو خالتها، وفي العدة وإن بنى بعدها بالموهوبة أو الأمة بغير إذن السيد أو على أن ولدها حر، وما يفسخ بعد البناء. قال: وأما ما يفسخ لفساد صداقه، فليفرق فيه قبل البناء في الحيض.
قال ابن القاسم، وأشهب. وأما ما للولي فسخه أو إجازته فلا يفرق إلا في الطهر، ويؤخر ذلك السيد في العبد، والولي في المولى عليه إلى الطهر، فيطلقها طلقة ثانية [5/90]
***(1/88)
[5/91] ذلك لها، فإن عتق العبد أو رشد السفيه في العدة، ولكن لو لم يعلم بالنكاح من إليه فسخه حتى كان العتق والرشد لم يفسخ.
وإذا أجبر المطلق في الحيض على الرجعة، قال أصبغ: يجبر ثانية ويلزمه الطلاق، وكذلك لو طلق في الحيضة الأولى بعد رجعته لجبر ثانية. قال ابن القاسم: لو أجبرته، فارتجع في الحيض ثم لما طهرت طلقها ثانية فبس/ ما صنع، ولا أجبره على الرجعة، ولو لم يجبر في الحيضة حتى طهرت، فطلها ثانية لجبر على الرجعة.
ومن العتبية روى عيسى، عن ابن القاسم في المطلق في الحيض إذا جبر على الرجعة فارتجع ثم طهرت، أيطؤها وهو يريد طلاقها في الطهر الثاني؟ قال: نعم له ذلك. وروى عنه أصبغ في من طلق امرأته، فقالت: طلقتني في الحيض. وقال هو: بل وأنت طاهر.فالقول قوله.
ومن سماع ابن القاسم قال مالك: ومن حلف ليفعلن كذا، أو لا يفعله بالطلاق واحدة، فوقع حنثه وهي حائض فليجبر على الرجعة. وروى مثله أشهب، عن مالك.
قال ابن سحنون، عن أبيه في من طلق امرأته فقالت: إني حائض: إنها مصدقة، ولا يكشف، ويجبر على الرجعة، ولا أرى أن ينظر إليها النساء. بعد هذا باب فيه القول في من قال لحائض أو حامل: أنت طالق للسنة.
في الغائب كيف يطلق؟
ومن كتب ثم بدا له، أو كتب يمنيا به لغريمه ثم بدا له غير ذلك
من كتاب ابن المواز: ومن أراد أن يكتب في غيبته إلى زوجته بطلاقها، فأما أشهب، فقال: أرى أن يكتب إليها: إذا طهرت من حيضتك فأنت طالق. [5/91]
***(1/89)
[5/92] ولم يجعل ذلك أجلا، ورآه ابن القاسم كالمطلق إلى أجل، إلا في التي تحض واليائسة من الحيض.
قال محمد: وأحب إلى أن يكتب إليها: إذا جاءك/ كتابي، فإن كنت حضت بعدي حيضة وطهرت فأنت طالق. يريد محمد: وجاءك كتابي وأنت طاهر. قال: وإن كنت وضعت وطهرت فإنت طالق. ثم لا ترد إليه جوابا حتى تنقضي العدة. وإن كانت يائسة أو لم تحض طلقها مكانها، أو كتب إليها. قال: وإذا كتب بالطلاق على غير عزم، تركه ما لم يخرج عن يده، وليحلف، ويدين.
فأما إن خرج من يده فهو كالناطق به، وكالإشاد. قال مالك. كان في الكتاب: أنت طالق. أو: إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق. قال مالك: ولا يتوارثان، وإن لم يصل إليها الكتاب واسترده. وقال أشهب، وأصبغ. قال مالك: وخروجه من يده كالإشادة فيه؛ وكذلك إذا كتب كتاب طلاق، ثم خرج من يده، فهو كالإشادة وهذه المسألة من أولها في العتبية من سماع أشهب.
قال ابن المواز وأشهب: إن طلق في كل طهر طلقة، أو كتب إليها: إذا جاءك كتابي هذا فأنت طالق، ثم إذا حضت ثم طهرت فأنت طالق، وإن كانت حاملا ولا تحيض طلقها مكانه إن كتب إليها.
وروى ابن حبيب عن إبراهيم النخعي فيمن كتب إلى زوجته: إذا جاءك كتابي هذا، فأنت طالق. فلم يأتها الكتاب فليس بشيء، وإن كتب إليها: أنت طالق. فذلك جائز. وقال عطاء. ومن كتب بطلاق امرأته، ولم يتكلم به، فليس بطلاق.
ومن كتاب ابن المواز: ومن عليه/ دين، فكتب كتابا للطالب، وكتب في على نفسه الطلاق إن لم يوفه حقه وقت كذا، فامتنع الشهود أن يكتبوا فيه [5/92] [5/93] لذكر الحق، فخرقه، وكتب كتابا بغير ذكر الطلاق، قال: يلزمه الطلاق إذا رضي بالكتاب الأول.
في طلاق العبد والمجنون والسكران والصبي والسفيه
من كتاب ابن المواز قال مالك: طلاق العبد طلقتان، فإن طلق واحدة ثم عتق فلا ينبغي له فيه إلا طلقة لأن نصف طلاقه قد ذهب فصار كحر ذهب له طلقة ونصف، فصارت طلقتان، وبقيت واحدة.
ومن كتاب ابن المواز: وكل من فيه بقية رق كالعبد في طلاقه حتى إذا عتق صار له حكم الحر من يومئذ. قال ابن القاسم: ولو طلقها طلقتين ثم ثبت أنع أعتق قبل طلاقه فله الرجعة إن لم تنقض العدة، وإن انقضت فقد بقيت له فيها طلقة إن تزوجها، وسواء علم أن جميع طلاقه طلقتان، أو لم يعلم، إذا لم ينو البتات، أو يلفظ بالبتة، كمن طلق طلقة، وظن أنها تحرم عليه فلا يلزم إلا واحدة، لا يلزمه ذلك إلا من عرف أن له الرجعة، فنرى أنها في قلبه البتة. فأما من ظن ذلك، فلا يضره. وكذلك التي تعتد/ حيضتين، ثم ثبت أنها عتقت قبل ذلك، فلتتم عدة الحرة؛ فإن نكحت قبل ذلك، فسخ النكاح ووطئها واطئ في عدة.
قال عنه عيسى في العتبية وسواء ثبتت حريتها بعتق أو بأصل حرية. قال ابن المواز: قاله كله أشهب. والمسألة من أولها رواها عيسى عن ابن القاسم، قال: وسواء علم أن طلاقه ائنتان أو لم يعلم، إلا أن ينوي البتة، أو يلفظ بها فلا [5/93]
***(1/90)
[5/94] تحل له إلا بعد زوج. قال ابن المواز قال مالك: وطلاق العبد بيده دون سيده. محمد: هو قول عمر وعلي وعثمان وعبدالرحمن بن عوف وكثير من التابعين. قال مالك: وليس بيع الأمة فسخا لنكاحها، ولو كان الزوجان لسيد واحد فليس له نزع الأمة من الزوج وإن وهبها [له وقال ابن عبدالحكم إن فعله لينزعها لم تجز الهب والنكاح قائم وإن وهبها] ليبلغن ذلك ثم بدا فانتزعها فله ذلك. وقاله أصبغ. وإن وهبها له لينزعها، فقد أساء، وذلك نافذ. وله انتزاعها وقال عبد الملك: إن كان العبد ممن لا يملك الأمة مثله في دانية وليس بمأذون له في التجارة لم تجز الهبة، وليس بانتزاع. محمد: وهذا تبع لقول مالك. وذكر عن ابن شهاب مثل ما قال أصبغ وقال: قد ظلم السيد نفسه.
وقال مالك: في المريض يهذي، فيطلق في هذيانه، قال: لا يلزمه، ولو طلق وقد ذهب عقله من المرض ثم صح فأنكر ذلك وقال: لم أعقل. حلف، ولا شيء عليه. وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم، وفي سؤاله في من طلق في مرضه ثم صح فأنكر وزعم أنه/ لم يكن يعقل.
قال ابن المواز: قال مالك في المجنون الذي لا يؤمن على زوجته، فليسجن في الحديد سنة، فإن أفاق، وإلا لها الفراق. وأما السكران، فيلزمه طلاقه وعتقه لأنه لو قتل لقتل، ويلزمه الحدود. وبذلك قضى عمر؛ ولا يلزم طلاق الصبي حتى يحتلم أو ينبت الشعر أو يبلغ سنا لا يبلغه أحد إلا احتلم. وكذلك في الحدود، وقال ابن وهب في غير كتاب ابن المواز: إذا بلغ خمس عشرة سنة، جاز طلاقه. قال في كتاب ابن المواز: وأما السفيه المحتلم الضعيف العقل، فإنه يلزمه الطلاق والعتق.
ومن العتبية قال أصبغ عن ابن القاسم، في من سقي السيكران، ثم حلف بطلاق أو بعتق فلا شيء عليه، وهو كالبرسام، وهو لم يدخله على نفسه. وقاله [5/94]
***(1/91)
[5/95] أصبغ. وقال أصبغ: ولو قصد شربه على سبيل الدواء والعلاج فأصابه ما بلغ ذلك منه فلا شيء عليه، وليس كشارب الخمر.
في طلاق المكره ويمينه وحنثه والناسي والمخطئ وأفعالهم وفيمن حنث بطلاق ثم أقام عليها ناسيا أو جاهلا
من كتاب ابن المواز، قال مالك: لا يجوز على المكره طلاق ولا نكاح ولا غيره، ولو أكره على يمين بطلاق أو بعتق أو غيره لم يلزمه، ولو كان إنما أكره على الحنث، لم يلزمه. قال: والتهديد بالضرب –وإن قل- والسجن إكراه، ولو أنه إن/ لم يحلف أخذ بعض ماله، كالإكراه في البدن. قاله مالك: في من مر بعاشر، فقال في أمة: إنها حرة. فلا شيء عليه. وقاله في لصوص أكرهوه على طلاق امرأته. وقد ذكرنا في اختصار الإكراه اختلافهم في الإكراه المؤدي إلى تلف المال.
قال ابن المواز: ومعنى ما جاء في الحديث من رفع الخطإ والنسيان، فإنما ذلك في الإثم ببنك وبين الله تبارك وتعالي. أما حقوق العباد، فلازمة لك في الخطأ والنسيان في الدماء والأموال، وسقط عنك في قتل الخطأ ما كان يجب لله عز وجل من عقوبة أو قصاص، والخطأ في المال يلزمك، فلو أكرهت على تلفه، أو حملك القوم مربوطا أو مغلوبا على نفسك بالقود على رجل فقتلته، أو على مال فأتلفته، لم يلزمك شيء، ولو وثبت أنت في موضع لم يظن فيه شيء فأتلفت بذلك مالا لزمك في حق العباد. قال مالك: ومن حلف: لا أدخل بيتا فأدخل فيه مغلوبا فلا شيء عليه إلا أن يمكن الخروج فيقيم. [5/95]
***(1/92)
[5/96] وقال ابن القاسم: ومن حلف لا فارق غريمه فهرب منه، أو لا قبل امرأته فقبلته وهو غافل فلا شيء عليه ما لم يكن على التهاون فيهما، ولو حلف: لا قبلتني أو لا فارقتين لحنث حتى يستثنى استطاعته وغلبته. وقال مالك. نحوه. قال مالك: وإن قبلته نائما فلا شيء عليه إن كانت يمينه/: إن قبلتك.
قال مالك: ولو قال لها أنت طالق إن دخلت هذا البيت. فحملت كارهة فأدخلته، لم يحنث. ومن حلف: لا يجتمع مع فلان في بيت. فدخل فلان عليه، فجلس معه حنث. ومن حلف: لا يجتمع مع فلان في بيت. فدخل فلان عليه، فجلس مع حنث. ومن العتبة روى عيسى، عن ابن القاسم، في يمين المكره إذا كان لم يحلف، فعل به ما يخافه؛ فإن كان ذلك عنده يقينا لا شك فيه من عذاب أو سجن أو قتل إن لم يحلف فلا شيء عليه.
ومن كتاب ابن المواز: ومن حنث بالطلاق ثم نسي فأقام معها ثم ذكر فليتعتزلها، وعدتها من يوم حنث، فإن انقضت فلا رجعة له؛ وإن مسها بعد الحنث فلابد من عدة أخرى استبراء من ذلك الماء، ولا رجعة له في ذلك، يريد فيما جاوز العدة الأولى ثم يخطبها إن شاء، ولو ذكر قبل تمام العدة الأولى لم يكن وطؤه رجعة له، وله أن يرتجع ها هنا بالقول، ثم لا يطأ إلا بعد ثلاث حيض من آخر وطء وقع له فيها .
ومن تزوج امرأة ثم نسي أن يكون تزوج، فقال: امرأته طالق. ولا يظن أن له امرأة فقد حنث. وبعد هذا باب فيمن طلق غلطا، وكثير من هذا الباب قد يكون في كتاب الأيمان.
قال ابن حبيب، فيمن شرط أن الداخلة على امرأته طالق، فجهل فنكح عليها، فليفرق بينهما متى ما عثر عليه، ولها نصف الصداق، وإن بنى بها فلها جميع الصداق، ولا ميراث لها إن مات قبل الفراق، وإن كان ولد، لحق به وورثه، ولو عثر عليه قبل موته، وهو/ مقر بالشرط لم يلحق به الولد ورجم. [5/96]
***(1/93)
[5/97] قال أبو محمد: انظر قوله: ويرجم. وهذا نكاح مختلف فيه. وابن القاسم يقول: يتوارثان قبل الفسخ. قال ابن حبيب: وإن أنكر، وقامت بينة بذلك، فرق بينهما، ولم يحد بالحجر كمن شهد عليه بالطلاق وهو يجحد فتقوم البينة بعد موته، فقد قال مالك ترثه وقلت أنت في المسألة الأولى لا ترثه. قال: لأن التي فيها الشرط بانت منه بالعقد، فلم يملك عصمتها إلا مع طلاق قارن العصمة، والأخرى إنما طلقها بعد عصمة مستقرة، وإنما يثبت ذلك عليه بعد موته.
قال ابن المواز: قال مالك، في الذي طلق في سفره ببينة ثم قدم قبلهم فوطئ فشهد عليه وهو ينكر: إنه لا يحد ويفرق بينهما. قال محمد: لأن الطلاق وقع يوم الحكم.
وفي باب طلاق المريض شبه من هذا، وفي باب الطلاق قبل النكاح ذكر من الميراث في مثل هذا.
في طلاق المريض أو يقر أنه كان طلق في صحته أو قامت بذلك بينة بعد موت أحد الزوجين ومن حنث في مرضه
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك في المريض يطلق زوجته إنها ترثه. فكل مرض يرقد صاحبه عن الدخول والخروج، فهو يحجب فيه عن ماله، وإن طلق فيه زوجته ورثته، وليس الريح واللقوة والرمد مثل ذلك إذا كان صحيح البدن. وأما الجذام والبرص والفالج فإن أرقده فلا يخرج ولا يدخل/، ويخاف فيه عليه، فإنها ترثه إن طلق فيه، فأما من صح فيه بدنه وهو يتصرف فهو كالصحيح حتى يعرض أو لغيره ما يرقده. ومن طلق في صحته طلقة ثم مرض فأوقعها ثانية قبل الرجعة ثم مات فلها الميراث في العدة الأولى لأنها تبني على عدتها من الطلاق [5/97]
***(1/94)
[5/98] الأول ولو لم يرد بها طلاق أو انقضت عدتها في مرضه لم ترثه، ولو ارتجع من الأولى انفسخت العدة، ثم إن طلق فهو كمريض ابتدأ الطلاق في مرضه. وإذا وقع الطلاق في المرض بنشوز منها أو بلعان أو غيره فإنها ترثه إلا الردة فلا ترثه. وإن رجع مسلما ثم مات في مرضه فلا ترثه.
قال ابن القاسم: وإن طلق نصرانية أو أمة في مرضه لورثتاه. وكذلك روى أصبغ، في العتبية عن ابن القاسم. وقال سحنون: لا ترثه، ولا يتهم في ذلك. وذلك في طلاق البتة، إلا أن يطلق واحدة ويموت في العدة بعد أن أسلمت هذه وعتقت هذه فترثانه. وكذلك في كتاب ابن سحنون. وقال: وإن مات بعد العدة ولم يرتجع لم ترثاه.
قال محمد ولم يختلف مالك وأصحابه في الزاحف في الصف أنه كالمريض في الطريق وغيره. فأما من تناله شدة هول في البحر فلم يره ابن القاسم كالمريض، وأراه رواه عن مالك. وقال أشهب: هو كالمريض في كل شيء.
ومن زعم في مرضه أنه كان طلق امرأته البتة في صحته لم يصدق إذا ردت ذلك عليه وترثه، فإن أقام بينة/ قد كتموا ذلك، ثم أظهرواه عند وفاته اتهموا، ولا تقبل شهادتهم وعوقبوا، إلا أن تصدقهم المرأة فلا ترثه، وإذا ماتت المرأة فشهدوا أن الزوج طلقها البتة فلا يرثها، وإن مات ورثته جعله ابن القاسم كالمطلق في المرض، لأن الطلاق إنما يقع يوم الحكم لا قبل ذلك ولو كان يوم القول كان فيه الحد. وقاله مالك في الذي طلق في سفره ثم قدم فوطئ وقامت البينة وهو منكر: أنه لا يعتد، ويفرق بينهما. وفي باب التي يبلغها الطلاق ذكر الميراث في مثل هذا.
قال ابن سحنون: قلت لسحنون: بلغني عن المغيرة، في من حلف ليقضين فلانا حقه فمرض الحالف ولم يقضه، فحنث في مرضه. يعني: مات، أنه إن كان بين الملك، فلم يقضه؛ فإن لم يعلم به حتى مات، فقد حنث ولا [5/98]
***(1/95)
[5/99] يرثه. قال سحنون: ولا أعلم هذا، ولا أراه، وقول أصحابنا أنها ترثه بكل حال لأنه طلاق وقع في المرض.
في الطلاق إلى أجل آت أو موت ميت والعتق إلى أجل
من كتاب ابن المواز، ومن غيره، وهو لمالك في العتبية، ولغيره من أهل المدينة، قالوا: ولما لم يكن للزوج في الزوجة غير المتعة فحرمت المتعة عليه بطلاقه إياها إلى أجل لم تجز أن تبقى في عصمته وعجلنا عليه ما أجل من الطلاق كما لم يجز أن يتزوجها إلى أجل، وليس كالعتق إلى أجل/، لأنه بقي له في الأمة الخدمة، والعتق يتبعص والعصمة لا تتبعص. وهذا قول عمر وغيره من الصحابة ومن التابعين.
ومن العتبية، من سماع ابن القاسم قال مالك: هو يشبه نكاح المتعة. وذكر له قول عطاء، فقال: لا قول لعطاء وغيره مع قول العلماء بدار الهجرة.
قال عيسى قال ابن القاسم وإن قال: أنت طالق بعد أن تموتي فلا شيء عليه. قال في موضع آخر وكذلك بعد أن أموت، ولا يوصى بالطلاق. قال عن عيسى: ومن طلق امرأته إلى مائة سنة أو مائتي سنة فلا شيء عليه، وأراه من قول مالك.
ومن المجموعة قال ابن الماجشون: وإذا طلقها إلى وقت لا يبلغه عمرها أو لا يبلغه عمره أو لا يبلغانه لم يلزمه. [قال سحنون: وإذا أعتق إلى وقت لا يبلغانه، لم يلزمه]. وإن كان يبلغه السيد ولا يبلغه العبد فكذلك؛ وإن كان [5/99]
***(1/96)
[5/100] يبلغ مثله العبد ولا يبلغه السيد فهي وصية من الثلث؛ فإن كان لوقت يشبه أن يبلغه عمراهما فهو من رأس المال.
ومن كتاب ابن المواز: ولو قال- وهو ابن أربعين سنة-: أنت طالق ثلاثا إلى ستين سنة. فلا شيء عليه، وكأنه طلاق وقع بعد الموت، وقوله: أنت طالق إن مت وإذا مت سواء. ووقف ابن القاسم في قوله: إن مت. وقال أصبغ: هما سواء. وقاله مالك، وابن القاسم: وإذا (كان) محملهما سواء، فحملها واحد إلا أن يعلم أن هذا حلف أن لا يموت مماحكة وعنادا، أو ذلك أراد بسبب يعرف أو بساط/، أو مرض يقول: لا أموت منه، فإذا عرف ذلك من يسأله عجل عليه الطلاق مكانه كما قال ابن القاسم. وإذا قال: إذا ماتت ابنتك فأنت طالق. فمات مكانه عند تمام كلامه قبل القضاء عليه من غير مرض لم يتوارثا لأن الطلاق وقع عليه عند تمام كلامه.
وقال ابن عبدالحكم ولو قال: يوم أموت فإنت طالق. فهو مطلق إلى أجل. قال عيسى عن ابن القاسم: وكذلك يوم تموت أنت. وقال أشهب: لا شيء عليه. قال أشهب في المجموعة: وكذلك لو قال: قبل موتى بشهر. وهو أصله في العتق إلى مثل هذا أنه من الثلث لأنه لا يكشفه إلا الموت.
قال ابن القاسم وابن وهب: خمسة أشهر فأنت طالق. فلا شيء عليه، كأنه قال: إن مت أنا إليها فأنت طالق بعدها، وإن كان قوله يريد: لا أموت فيها. طلقت مكانها. قال مالك: وإن قال: ما يمنعني من فراقك إلا ابني هذا إذا كفلته ثلاث سنين فأنت طالق. فهي طالق مكانها.
قال ابن سحنون عن أبيه في من قال لزوجته: أنت طالق في شهر كذا أو إلى شهر كذا. فهو سواء، وهو طلاق إلى أجل، وتطلق الساعة. ولو قال: أنت طالق إذا صليت أنت؛ وإذا صليت أنا. فهو سواء، وهو طلاق إلى أجل، ولابد من الطلاق. [5/100]
***(1/97)
[5/100] ومن المجموعة قال ابن القاسم: وإذا قال: أنت طالق إذا قدم الحاج/طلقت الساعة لأنه أجل آت.
فيمن طلق إلى قدوم غائب أو قال إن مت قبل فلان فأنت طالق أو إن مت إلى السنة
أو أنت طالق اليوم إن فعل فلان كذا وكذا أو إن مات أبي ولا دين لك علي فأنت طالق ونحو هذا وأنت طالق بمكة أو في الدار أو في يوم كذا
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن قال أنت طالق إذا قدم ثلاثة. فإن قصد أن يجعل قدومه أجلا، كقوله إذا صدر الحاج أو جاء الهلال طلقت الساعة؛ فإن نحا ناحية يعني القدوم أنه لا يقدم هذا البلد، فقدم ميتا، فلا شيء عليه، وقد تقدم ذكر الطلاق إلى قدوم الحاج.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: وإذا قال: إن قدمت أنا بلد كذا، وإذا قدمه أبي، فأنت طالق. فلا شيء عليه. قال عنه عيسى: ولا يمنع من الوطء حتى يقدم، فيطلق عليه.
ولو قال: إذا بلغته أنا، أو بلغه فلان، فأنت طالق. قال في العتبية أو بلغت معي. فإنها تطلق عليه الساعة إذا كان قد توجه سائرا أو شارف الخروج. وأما قوله: بغير قصد سفر ولا مريد له فهو كمن حلف ليسافرن، [ويلزمه الإيلاء، ويكون منه على ذم الخروج، وكاليمين ألا يخرج هو ولا فلان، فلا شيء عليه].
وقوله: إن بلغت وإذا بلغت سواء، والمعاني تختلف. [5/101]
***(1/98)
[5/102] قال ابن سحنون عن أبيه: وإن قال لها أنت طالق في ثوبك الكذا، وفي ثوب كذا. فإن كانت/ له لابسة فقد طلقت، وإن لم يكن عليها؛ فإن أراد إذا لبسته، فلا شيء عليه حتى تلبسه، وإن لم يكن له نية، هوحانث. وكذلك إن قال: أنت طالق في مكة أو بمكة؛ فإن نوى إذا دخلتها أو أبتها، فله نيته، وإلا فهو حانث ساعة تكلم بذلك. وكذلك إذا قال لها: أنت طالق في دار وهي في غيرها، أو قال: في البيت وهي في الدار، أو قال في الظل وهي في الشمس، فإن لم يكن له نية، فالطلاق لازم مكانه.
ومن العتبية روى عبدالملك قوله الحسن فيمن قال إن مت قبل فلان فأنت طالق البتة. قال: تطلق مكانها. وإن قال: امرأتي طالق إن مت إلى سنة. فهي طالق ساعتئذ. وروى عنه عيسى، في من قال: أنت طالق اليوم، إن دخل فلان غدا الحمام. فلا تطلق حتى يدخله، وله أن يمسها.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن طلبته امرأته يدينها، فقال: إن مات أبي ولا تباعة لك علي، فأنت طالق. فلا يدفعه إليه فإن صحت وطلبت حقها فليدفعه إليها، وتكون طالقا ساعتئذ، وإن قضاها ببعضه فلا شيء عليه.
وقال محمد بن عبدالحكيم، ومن قال لأمرأته أنت طالق اليوم إن كلمت فلانا اليوم فأنت طالق، وأنت إن طالق اليوم إن كلمت فلانا غدا قال: إن كلمه اليوم طلقت عليه بواحدة وإن كلمه غدا فلا شيء عليه قال أبو محمد: هذا خلاف أصل مالك، والطلاق يلزمه إذا كلمه غدا وليس لتعلق الطلاق بالأيام وجه/ [5/102]
***(1/99)
[5/103] فيمن قال: أنت طالق إن حضت أو طهرت أو حملت أو ولدت أو قال إذا جاء المطر أو إن لم يكن المطر
من كتاب ابن حبيب قال ابن الماجسون: إذا قال لزوجته، ولم تحض: إذا حضت فأنت طالق طلقت الآن، ولو كانت قعدت عن المحيض لم تطلق إلا أن تحيض، يريد: ويقول النساء إنه دم حيض، قال ولو قال إذا حملت فأنت طالق فله وطؤها في طهر.
ومن كتاب ابن المواز قال أشهب في قوله: إذا حضت، وإذا وضعت ليس بأجل، ولا شيء عليه حتى يكون ما شرط.
وقال ابن وهب في: إذا حضت وإذا وضعت، وقاله المغيرة وابن دينار، وقال أصبغ مثل قول ابن القاسم: إنه أجل آت في الأغلب.
قال ابن عبدالحكم: روى عن مالك في إذا حضت أن لا شيء عليه حتى تحيض فيلزمه الطلاق وكذلك قوله كلما حضت فتطلق إذا حاضت واحدة، ثم إن ارتجع لزمه إذا حاضت ثانية، فإن ارتجع ثم حاضت الثالثة بانت منه بثلاث وروى عنه أنها تطلق في الوجهين مكانها والأول أحب إلينا. وكذلك قوله للحامل: إذا وضعت اختلف قوله فيه، وقوله ليس بأجل حتى تضع أحب إلينا، قال: ومن قال لامرأته الحامل: إذا وضعت فأنت طالق فقال مالك مرة: لا تطلق حتى تضع، فإن وضعت ولدا، وبقي في بطنها ولد فلا/ تطلق حتى تضع الثاني.
وروي عنه أنها تطلق عليه قال ذلك واختلف فيها قول ابن القاسم، فقال: تطلق مكانها فيها، وفي قوله: إذا حضت وإن حضت فإن وإذا في الحيض والوضع وقدوم فلان سواء، ولا تطلق في قدوم الأب حتى يقدم.
ومن المجموعة قال سحنون: وإن قال: إذا حملت فأنت طالق فلا تطلق بهذا الحمل إلا بجمل مؤتنف. [5/103]
***(1/100)
[5/104] ومن كتاب ابن حبيب: ومن قال للحامل: إذا وضعت جارية فأنت طالق، فلا شيء عليه حتى تلد جارية، كقوله: إذا مطرت السماء غدا فأنت طالق فلا شيء عليه حتى يكون ذلك، لأنه قد يكون وقد لا يكون، فهو كقوله إن قدم فلان، وإنما تعجل الطلاق في قوله: أنت طالق وإن لم تلدي جارية وإن لم تكوني حاملا وإن لم تحيضي غدا، وشبه ذلك فهذا يعجل حنثه فإن لم ترفع إلى الإمام حتى ولدت وكان المطر فلا شيء عليه وكذلك يمينه إن لم يكن المطر الليلة بموضع كذا، فإن لم يقض عليه حتى صح ذلك فلا شيء عليه.
وأما إن قال: أنت طالق إذا مطرت السماء وإذا غابت الشمس فإنها تطلق الساعة لأنه أجل لا محاله، وقال ابن الماجشون، وقال كله أصبغ.
ومن كتاب ابن سحنون: وإن قال للحامل أنت طالق كلما ولدت فوضعت من حملها ذلك ثلاثة أولاد، فإنها تطلق اثنتين، لأنه بوضع الثالث انقضت عدتها، ولو وضعت ولدين، طلقت واحدة، لأن بوضع/ الثاني انقضت عدتها.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال: إن ولدت غلاما فلك مائة دينار، وإن ولدت جارية فأنت طالق، فقد وقع عليه الطلاق، ولا تلزمه المائة.
في القائل للحامل إذا وضعت فأنت طالق أو قال إن لم يكن بك حمل، أو قال لغير حامل إذا حملت فأنت طالق
ومن كتاب ابن سحنون، عن أبيه قال: ومن قولنا وهو قول مالك في القائل لزوجته الحامل: إذا وضعت فأنت طالق أنها تطلق الآن، لأن بالوضع تنقضي العدة. [5/104]
***(1/101)
[5/105] وقال بعض أصحابه، يعني أشهب، لا تطلق حتى تضع، وتأتنف العدة بالحيض بعد الوضع، قال سحنون القائل لمن تحيض أو لمن لم تحض: إذا حضت فأنت طالق: أنها تطلق الآن.
قال أبو محمد: يريد في قول ابن القاسم قال: وإن قال لمن تيأس من المحيض فلا شيء عليه، وإن رأت دما فلا شيء عليه إذ ليس بحيض، وكذلك إن قال لها: إذا حملت. قال ابن سحنون قال غيره: وهو كالقائل إن قدم أبي فلا شيء عليه حتى يقدم، وكذلك هذه لا شيء عليه حتى تحيض حيضا بينا، أو تحمل.
قال سحنون: وقال بعض اصحابنا فيمن قال لزوجته إذا حملت فأنت طالق، فليطأها في كل طهر مرة، فإذا حملت طلقت، وإذا تأخر عنها الحيض نظرها النساء، فإن اجتمعن في اليقين أن لا حمل بها، ترك ووطأها، وإن/ شككن توقف حتى لا يشككن أو تيأس من أن تحمل، وكذلك في قوله: إن لم أحبلك فأنت طالق فليرسل عليها بعد يمينه مرة ثم يمسك عنه، فإن استمرت حاملا فهي امرأته، فقال سحنون هذا ثم رجع فقال: يرد هذا فيهما قول مالك في قوله: إن كنت حاملا أو إن لم يكن بك حمل، فأنت طالق: إنها تطلق ساعتئذ من أجل الميراث، وكذلك في هاتين.
قال سحنون: واصل قوله: ينظر إليها النساء، فإن قلن إنها حامل/ طلقت بقولهن [وقال أشهب في قوله: ينظر إليها النساء، فإن قلن إنها حامل طلقت بقولهن].
وقال أشهب في قوله: إن ل أحبلك فأنت طالق: أنه يطؤها أبدا، حتى تقعد عن الحمل، أو يوأس لها منه، وكذلك إن قال في أمته: إن لم أحبلك فأنت حرة. [5/105]
***(1/102)
[5/106] فيمن قال: أنت طالق كلما حضت أو قال إلى أجل بعيد تنقضي العدة في مثله أو إلى وضع الحمل
من المجموعة وكتاب ابن سحنون، قال: وقال عبد الملك فيمن قال لزوجته يريد وهي طاهر: أنت طالق كلما حضت، طلقت ثلاثا في الحرة، وتطلق في الأمة اثنتين، في قوله يريد مكانه.
قال: انظر، فإذا وجدت غاية الطلاق في هذا أتأنى في العدة وأوقف الآن، أو ما دخل في العدة منه، فإن وجدت العدة تنقضي قبل ذلك فأسقط ما جاوز العدة منه ففي مسألتك جعل الطلقة الأولى في الحيض، وتلك الحيضة/ لا تدخل في العدة، والعدة بعدها. يريد وقد لزمته طلقة قال: والطلقة الثانية والثالثة جعلها في كل حيضة من العدة طلقة، فتتم بثلاثة قبل تتم العدة، ثم تحل بالحيضة الثالثة، وكذلك تقع الثانية في الأمة قبل مضي عدتها، فعجلنا ذلك وذكره ابن سحنون، ثم قال: وخالفه سحنون، وقال: بل تعتد بالحيضة الأولى، فتقع بذلك على الحرة اثنتان، وعلى الأمة واحدة.
قال ابن سحنون أيضا في كتابه وقاله في سؤاله إذا قال أنت طالق إذا حضت الأولى، وأنت طالق إذا حضت الثالثة، وأنت طالق إذا حضت الخامسة أنه لا تقع عليه إلا طلقة، لأن الثالثة والخامسة لا تقع إلا بعد العدة، فجعل سحنون الحيضة الأولى تدخل في العدة.
ومن المجموعة وبعض من كتاب ابن سحنون وإذا طلق الحرة بدءًا ثم قال لها: أنت طالق كلما حضت وقع عليها ثلاثا، وفي الأمة طلقتان.
ولو قال لها: أنت طالق إذا حضت ثانية بعد أولى فأنت طالق، وإذا حضت ثالثة فأنت طالق، لزمته طلقتان، الطلقة التي أوقع أولا، وطلقة عجلت [5/106]
***(1/103)
[5/107] عليه. قال أبو محمد : يريد وقعت الثالثة بعد انقضاء العده بدخولها فى الحيضة الثالثة. ولو قال لها: أنت طالق إذا حضت ثانية بعد أولى فأنت طالق، وإذا حضت ثالثة فأنت طالق، لزمته طلقتان، الطلقة التى أوقع أولا، وطلقة عجلت عليه. قال أبو محمد : يريد : وقعت الثالثة نعد انقضاء العدة بدخولها فى الحيضة الثالثة.
ومن الممجموعة وكتاب ابن سحنون، وإن قال: أنت طالق إلى شهر، وأنت طالق إلى سنة، وأنت طالق إلى خمس سنين، فأعجل التى أوقع إلى شهر، وارتقب بالتى أوقع إلى سنة، فإذا/ انتهت العدة إليها وقعت عليها، وإلا لم تقع، وأما التي أوقع إلى خمس سنين فلا تلزمه، لأنها أقصى العدة.
فإن قال: أنا أرتجع وأصيب فله الرجعة والمصاب، ويكون مرتجعا من واحدة أو اثنين فواحدة وقعت وإن لم يسترب لم يقع غيرها، وإن أصابتها ريبة إلى سنة لزمته طلقتان، وإن قال: أنت طالب واحدة الساعة وواحدة إلى سنة، وواحدة إلى أربع سنين فتلزمه الآن واحدة، ويرتقب بها على ما ذكرنا الآن هذا يلزمه الثلاث إن بلغت العدة إلى أربع سنين ويلزمه اثنتان إن بلغت إلى سنة، وله الرجعة بالقول، ولا يطأ لاحتمال وقوع الثلاث، تبقى العدة إلى الأربع سنين، فأن قامت عليه ضرب له أجل الإيلاء، فإن بلغ الأجل طلق عليه بغير فيئة يدعى إليها، إذا كانت مدة العدة لم تنقض، وله الرجعة من طلقة الإيلاء بالقول، ولا يطأ وتأخذ هي عدة مؤتنفة؛ فإن انقضت عدتها الأولى قبل السنة لم يلزمه إلا طلقة مع طلقة الإيلاء، [فتكون رجعته من طلاق الإيلاء رجعة، إن لم تنقض عدة طلاق الإيلاء].
وإن قال للحامل: أنت طالق [إذا وضعت وأنت طالق الساعة] لزمته طلقتان. [5/107]
***(1/104)
[5/108] قال ابن سحنون عن أبيه فيمن قال أنت طالق الساعة أو قال: إلى شهر، أو أنت طالق إلى خمس سنين، فلا تقع عليها إلا طلقة، لأنه أوقع عليها الثانية بعد أن صارت في عدة بطلاقه الأول فكأنه قال لها بعد ذلك، فإذا انقضت عدتك فأنت طالق/ فلا يلزمه ذلك لأنه خمس سنين أقصى العدد. وأما لو ابتدأ بالطلاق إلى أجل بعيد إلى خمس سنين أو أكثر، لعجل عليه، ولزمه الآن؛ لأنها لم تكن في عدة من طلاق فيعتبر فيه أو يكون مطلقا بعد العدة.
فيمن قال لطاهر أو حائض أو حامل أو مستحاضة أنت طالق ثلاثا أو قال للسنة أو قال للبدعة وقد بنى بها أو لم يبن وقال لك قرء طلقة
قال ابن سحنون عن أبيه: ومن قال لزوجته الحائض: أنت طالق للسنة لزمته مكانه طلقة وأجبر على الرجعة، وكأنه قال: إذا طهرت فأنت طالق.
ولو قال لها أنت طالق ثلاثا لسنة فكأنه قال لها: أنت طالق كلما طهرت، فلتزمه الآن ثلاث لأن الثلاث التي عجلت عليه تقع عليها على التنزيل قبل فراغ العدة، لأن واحدة تقع إذا طهرت، وثانية في الطهر الثاني، وثالثة في الثالث، وبانقضائه تنقضي العدة، وكذلك لو قال لها وهي طاهر: أنت طالق ثلاثا للسنة، وهذا يدخل في قول ابن القاسم . طلاق 7
قال سحنون: ولو قال لغير مدخول بها: أنت طالق واحدة للسنة لزمته مكان طلقة. ولو قال: ثلاثا للسنة لم يلزمه فيها إلا طلقة، لأنه لا عدة عليها، فكأن الطلقتين أوقعهما على غير زوجه، كما لو قال: أنت طالق اليوم، وطالق غدا، وطالق بعد غد فهي قد بانت بالأولى، ولا تقع عليها إلا اثنتان، وليس كمن سبق/ بالطلاق في مقام واحد، ولكن لم قال لمدخول بها أنت طالق اليوم، وطالق إذا حضت الحيضة الثالثة، وإذا حضت عشر سنين قلت لا نرى في غير المدخول بها [5/108]
أن تتحرى وقتا يطلقها فيه وإلا لزمت الثلاث فيها؛ إذ لا عدة عليها قال لأن إيقاع الثلاث عليها في كلمة ليس بطلاق السنة فيها وكأنه طلقها الزائد وقد بانت منه وإنما ينبغي أن يطلقها واحدة.
ولو قال لمدخول بها لا تحيض: أنت طالق ثلاثا للسنة لزمته ثلاث الساعة وكأنه قال: أنت طالق الساعة، وطالق ثانية إذا أهل الشهر، وطالق ثالثة إذا وصل الشهر الثاني، فتتم الثلاثة قبل العدة، فعجلت عليه، وإذا قال لحامل: أنت طالق ثلاثا للسنة، فإنه لم يلزمه فيها إلا واحدة كأنه قال: طالق الساعة، وطالق إذا وضعت، وهي بالوضع تتم عدتها من الطلقة الأولى، قال ابن سحنون: إلا أن يعني في الحامل طلاق السنة على رأي العراقيين أن يطلقها في كل شهر طلقة، حتى تتم الثلاث، فإن نوى هذا لزمت فيها الثلاث مكانه.
سحنون: وكذلك لو قال للمستحاضة: أنت طالق ثلاثا للسنة، لم تلزمه فيها إلا واحدة، على ما ذكرنا.
وإذا قال للمدخول بها: أنت طالق للسنة أو قال: طالق سنية وهي طاهر اعتدت بذلك الطهر وإن وطئها فيه، وإن كانت حائضا عجلت عليه الطلقة، وأجبر على الرجعة، وكذلك النفساء وإذا لم بين بزوجته، فقال لها: أنت طالق/ للسنة أو قال: للبدعة أو قال: لا لسنة، ولا لبدعة، أو قال ذلك لمدخول بها حامل، لزمته مكانه طلقة، وكذلك إن لم تكن حاملا وهي ممن لا تحيض ولو قال لها وهي حائض: أنت طالق كلما حضت لزمته الثلاث مكانه وإن قال لها وهي طاهر أو حائض: أنت طالق ثلاث عند كل قرء طلقة؛ فإن كانت لا تحيض على حملها، لم يلزمه فيها غير طلقة؛ لأن الزائد جعله بعد انقضاء عدتها بالوضع، فإن كانت ممن تحيض على حملها، عجلت عليه طلقة، ونظرنا، فإن تمادى بها الحمل حتى تطهر بثلاثة أطهار لزمته الثلاث أو قرأين، فيلزمه اثنتان يوم قال ذلك، وإن لم تحض حتى وضعت لم يلزم غير طلقة.
وكذلك في قوله: أنت طالق الساعة وطالق إذا مضى شهر، وطالق إذا مضى [5/109]
***(1/105)
[5/110] شهر ثان فإنها إن وضعت قبل مضي شهر لم يلزمه غير طلقة، وإن وضعت بعد شهر لزمه طلقتان، وإن وضعت بعد شهرين، لزمته ثلاث، وإن قال لمستحاضة: أنت طالق ثلاثا عند كل قرء طلقة فإن كانت ممن تعرف دم الحيضة من دم الاستحاضة، وتعتد بها في قول ابن القاسم، لزمته الثلاث قال ذلك لها في دم الحيض، أو في دم الاستحاضة، وإن كان دمها لا يتميز، لم يلزم فيها غير طلقة، وكان طلقتين وقعنا/ على غير زوجة.
فإن قال للحامل: أنت طالق الساعة وأنت طالق إذا وضعت لم يلزمه غير طلقة، وإن قال: أنت طالق إذا وضعت، وأنت طالق الساعة لزمته طلقتان وإن قال: كلما ولدت ولدا فأنت طالق للسنة فولدت ثلاثة أولاد في بطن، لزمه طلقتان.
فيمن قال لمن بنى بها أو لم يبن أنت طالق طلقة سنية أو قال بدعية أو لا للسنة ولا للبدعة أو طلقة للسنة وأخرى للبدعة أو ثلاثا بعضهن للبدعة وبعضهن للسنة أو قاله لحامل
من كتاب ابن سحنون: ومن قال لمدخول بها طاهر أو حائض: أنت طالق طلقة سنية أو قال: بدعية أو قال: لا للسنة ولا للبدعة، لزمته طلقة وإن قال: أنت طالق طلقة سنية، وطلقة بدعية لزمت طلقتان وأجبر في الحائض على الرجعة، والطلقة السنية في الطاهر وقعت الآن والبدعية كأنه أوقعها إذا حاضت، فعجلناها كذلك المعجلة في الحائض بدعيه والمؤخة سنية، عجلت عليه.
ولو قال ثلاثة للسنة، وثلاثة للبدعه لزمه ثلاث فيها، كان طاهرا أو حائضا، أو قال لحامل: أنت طالق طلقة للسنة، وأخرى للبدعة، وهي ممن تحيض على الحمل لزمه الآن طلقة للسنة، وعجلت عليه التي للبدعة، وإن كانت لا تحيض لزمته طلقتان، وليس فيها موضع لطلاق البدعة؛ فكأنه/ أوجب الثانية ثم [5/110]
***(1/106)
[5/111] نفاها، ولو قال: أردت بالبدعة بعد أن تضع لم ينو في القضاء، وله ذلك في الفتيا، وتلزمه طلقة، وإن قال لمدخول بها ممن تحيض: أنت طالق ثلاثا بعضهن للسنة وبعضهن للبدعة لزمه ثلاث مكانه فعلى قول من يرى طلاقه لها أكبر من واحدة بدعة، ومن قوله ترى أن طلقتين للبدعة مع طلقة للسنة وقعن الآن عليها، وعلى القول الآخر طلقها الآن طلقة للسنة، وطلقة للبدعة إذا حاضت، وثالثة إذا طهرت فعجلن عليه، وإن قال ذلك لغير مدخول بها طلقت مكانها ثلاثا، لأن طلاق السنة فيها واحدة، وطلاق البدعة ثلاث [ومن قال لزوجته أنت طالق بخلاف السنة أو على خلافها فهي طالق واحدة أو لم تكن له نية فكأنه قال لها أنت طالق إذا حضت أو قال في طهر وطئتك فيه].
وفي الباب الذي هذا بعده عقبة مسألة فيمن قال: أنت طالق للسنة أو قال: للبدعة أو قال لا للسنة ولا للبدعة.
فيمن قال للحامل إن كان في بطنك جارية فأنت طالق كذا وإن كان غلام فكذا أو قال إن كان في جوالقك كذا أو كان كذا على هذا الوجه
من كاب ابن سحنون، عن أبيه، فيمن قال لزوجته: إن كان حملك هذا جارية فأنت طالق واحدة، وإن كان غلاما فأنت طالق اثنتين فولدت غلاما وجارية فإن ولدت غلاما أولا، طلقت اثنتين، وتنقضي العدة بوضع الجارية، ولا يلزمه بوضعها طلاق، وإن وضعت الجارية أولا، لم يلزم إلا طلقة؛ لأن العدة تنقضي بوضع/ الغلام. وإن قال في جوالق إن كان ما فيها حنطة فامرأتي طالق، وإن كان ما فيها دقيق، فعبد حر. فوجد فيها قمح ودقيق، فهو حانث؛ لأنه يحنث عندنا بالأقل، ولكن لو قال: إن كان ما فيها كله دقيق، فأنت طالق، أو قال في الحمل: إن كان حملك كله غلام يريد، فأنت طالق، فولدت غلاما وجارية، وكان [5/111]
في الجوالق قمح ودقيق فلا شيء عليه، كمن قال: إن هدمت هذه البئر كلها فأنت طالق، فهدم بعضها، فلا شيء عليه هاهنا حتى يهدم جميعها لاشتراط الكل.
فيمن حلف بطلاق امرأته في زمن ليطلقها أو غيرها في زمن بعده أو قبله بطلاق مختلف أو متفق أو لم يذكر وقتا أو قال فأمرها بيدها. ومن طلق إلى أجل فعجله
ذكر ابن سحنون، عن أبيه الاختلاف في قوله: أنت طالق لأطلقنك، وإن بعض أصحابنا يقول: يضرب له أجل المولي. ومن كتاب ابن المواز؛ ومن قال أنت طالق ألبتة لأطلقنك في الهلال واحدة. ثم أراد تعجيل الحنث بالواحدة، فوقف فيها ابن القاسم، وقال: لا أرى أن يجزئه، ولو جاء الهلال ولم يطلقها، طلقت بالبتة.
وقال ابن القاسم، في العتبية، والمجموعة: له أن يعجل الطلقة، ولو لم يعجلها وقف، فإما عجلها وإلا ألزمناه ألبتة، قال ابن/المواز: إن سألته في ذلك أو أهلها فحلف بهذا، لم ينفعه التعجيل، وإن كان ابتداء منه ليغمها، فيجزئه تعجيل الطلقة.
وقال مالك وابن القاسم في القائل: أنت طالق البتة إن لم يطلق فلانة إلى سنة: أن يوقف، فإما طلق هذه أو هذه الساعة؛ لأنه يحنث في إحداهما إلى أجل، فعجل عليه وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم، وزاد فإن امتنع سجن، ولا يكون موليا، وقال في القائل: إن لم أطلق فلانة إلى سنة، فأمرها بيدها فليوقف فإما طلق هو الآن، وإلا قيل لهذه طلقي أو تركها. وهذا في العتبية قول ابن [5/112]
***(1/107)
[5/113] القاسم ومسألة مالك في الذي تزوج على امراته ثم قال للقديمة: إن حسبتهاأكثر من سنة فأمرها بيدك: قد كتبتها في التمليك.
ومن كتاب ابن المواز وإن قال أنت طالق إلى شهر ثم قال: الآن أنت طالق الطلقة التي إلى شهر، قال لا يلزمه إلا طلقة، قال محمد بن المواز: هذه جيدة. ووقف عما قبلها، ورأيي: أنها أيمان لم يجب فيها الطلاق. وقال: أرأيت إن قال أنت طالق ألبتة إن لم أطلقك إلى سنة ألبتة، أكنت أعجل عليه ألبتة، ولم أحرم عليه وطأها إلى الأجل؟ ألا ترى لو قال: أنت طالق ألبتة لأعتقن جاريتي إلى سنة ايحرم عليه وطؤها؟
قال عبدالملك، فيمن قال: أنت طالق واحدة إن لم أطلقك ثلاثة إلى الهلال/ أو بدأ بالثلاث وأخر الواحدة إلى الهلال، أو لم يذكر هلالا، أو ذكر الهلال في الطلاقين، فذلك كله واحد، لا يلزمه إلا واحدة، أقل مما حلف به أو أحلف عليه، وكذلك ذكر عنه ابن سحنون. قال ابن المواز قال عبدالملك: فإن قال: أنت طالق إلى مائة سنة، إن لم أطلقك الساعة فلا شيء عليه. فإن قال: أنت طالق الساعة إن لم أطلقك إلى مائة سنة فهي طالق الساعة، وقاله سحنون في كتاب ابنه.
في الطلاق قبل الملك أو العتق ومن عم أو حلف بطلاق من يتزوج من بلد ما
ومن كتاب ابن المواز: قال وإنما الذي لا يلزم من الطلاق قبل النكاح، والعتق قبل الملك، أن يوجب ذلك في الجمع، أو يطلق امرأة ليست تحته أو يعتق عبدا ليس في ملكه ولا شيئا منه بغير يمين يعقده، قال ابن حبيب: فهذا مجمع عليه. [5/113]
***(1/108)
[5/114] ومن العتبية، روى يحيى بن يحيى عن ابن القاسم، فيمن حلف بطلاق كل امرأة يتزوجها بمصر، ثم حلف بطلاق كل من يتزوج بغير مصر، فلا يلزم اليمين للثانية، وليتزوج بغير مصرما شاء، ولو كانت يمينه أولا على غير مصر، ثم حلف بطلاق من يتزوج من مصر، فاليمين الثانية ساقطة. ومن كتاب ابن حبيب، وإن قال كل امرأة أتزوجها من/ قرطبة طالق فذلك يلزمه، وحد ذلك إن نوى الحاضرة لزمه أيضا فيمن على ثلاثة أميال منها فأقل حدا مجمعة، وإن لم ينو الحاضرة وأشمل يمينه لزمه في مسيرة يوم منها، حتى تجاوز أربعين ميلا، فأكثر حده حد الصلاة ما تقصر فيه الصلاة. وقال ابن كنانة وابن الماجشون، وأصبغ. وإن حلف بطلاق كل امرأة يتزوجها من الأندلس، لزمه في جميعها من بلد الاسلام منها وبلد الكفر، ومن حلف عندنا بطلاق من يتزوج من الأندلس، ومن المشرق، فلا يلزمه، لأن عم المشرق والمغرب، لأن محمل ذلك عند العامة عندنا أن ما وراء بحر الاندلس مشرق.
قال ابن سحنون، عن أبيه في الحالف بطلاق من يتزوج من قرطبة، قال: لا يلزمه إلا في قرطبة وأرباضها، ولو كان من القيروان لم يلزمه إلا المدينة نفسها، ومن تزوج من منزل العلوي، لم يلزمه شيء ولم ير قول أصحابنا أنه يلزمه فيمن عليه السعي إلى الجمعة، إلا أن ينوي أعمالها فيلزمه أعمالها، إلا أن القياس أن يلزمه فيما تقصر في مثله الصلاة، فأعاب هذا كله سحنون.
قال هذا القائل: ولو تزوج هذا في أبعد مما تلزم فيه الجمعة، دون مما تقصر في مثله لم افسخه، وأنهاه قبل وقوعه. قال سحنون: وهذا من قوله صواب.
ومن كتاب ابن الموز، قال ابن القاسم فيمن حلف ألا يتزوج بالاسكندرية؛ فإن نوى عملها لزمه، وإن لم تكن له نية/ فاستحب أن ينتقل إلى حيث لا تلزمه الجمعة. قال أصبغ: والقياس أن بتباعد إلى حيث تقصر في مثله الصلاة في سفره، وفيما لا تتم فيه الصلاة إذا قدم، فالأول استحان. [5/114]
***(1/109)
[5/115] ولو تزوج في الموضع الذي إذا برز لم يقصر حتى يجاوزه، لم أفسخه لم أحبه وأحب أن لو تجاوز إلى موضع لا تجب عليه فيه جمعة ومن حلف بطلاق من يتزوج بمصر، فله أن يتزوج بغيرها مصرية مقيمة بغيرها إلا أن ينوي لا يتزوج مصرية أو يحلف لا يتزوج مصرية فيحنث قال مالك بمصر مصرية يريد في هذا.
ومن العتبية، قال عيسى، عن ابن القاسم، في الحالف لا يتزوج مقيمة بمصر، قال عن بعض أهل العلم: لا بأس أن يتزوج مصرية بغير مصر، وإن كانت مقيمة بمصر، قال ابن القاسم: [من حلف بالطلاق: لا اشترى سلعة كذا بالفسطاط، أو بحرية عبد إن اشتراه بالفسطاط فاشترى من ذلك بغير الفسطاط، وذلك الشيء بالفسطاط، فلا شيء عليه] وإن حلف بطلاق من يتزوجها بالمدينة، / فلا بأس أن يواعدها بالمدينة، ويعقد نكاحها بغيرها، وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم، وذكر ابن حبيب في الحالف لا يتزوج في الأندلس مثل ما ذكرنا في الكتابين. قال: وإن نوى كراهية نساء الأندلس لجفائهن فلا يتزوج أندلسية حيثما كانت، وله نكاح غيرهن بالأندلس وبغيرها، وإن لم تكن له نية، فلا يتزوج بالأندلس مصرية ولا غيرها، وله نكاح أندلسية بمصر والعراق، ويحنث ما جاوز بحر الاندلس، ولو كان بالأندلس، فلا ينبغي أن يعقد نكاحها بغير الأندلس مع وليها، إلا الأب في البكر، ولو أشهد عليها وليها غير الأب بالأندلس برضاها، فالحالف لم يجز عقده بغيرها لبعد ما بين أرض المرأة وأرض الزوج، وإنما يحوز ما كان بقرب ذلك وبقدره، فأرى المواعدة أيضا ببلد الحلف توجب الحنث، وقال من أرضى وسهل فيه بعض الناس، ولا يعجبني.
ومن المجموعة، قال ابن دينار، وابن ابي حازم: ومن قال كل امرأة أتزوجها من أهل مصر طالق، فتزوج امرأة أبوها مصري وأمها شامية، فإنه يحنث، قال ابن [5/115]
***(1/110)
[5/116] أبي حازم فإن كان الأب شاميا، والأم مصرية، فله أن يتزوجها، والولد للأب تبع إلا أن ينوي كل امرأة ساكنة بمصر، فيدين وإن كره نساء مصر، لأن أكثرهن قبط، فذلك له، وإن لم تكن له نية، حنث لأنه قد تزوج من سكان مصر.
قال ابن حبيب: ومن حلف بطلاق من تزوج بقرطبة فوكل رجلا بزوجه، فعقد عليه نكاح امرأة بقرطبة، فإن بنى بها، فلها نصف الصداق، ثم ينظر، فإن ذكرالوكيل يمينه فضمان نصف الصداق على الوكيل، وإن لم يذكر له ذلك، فلا يضمن الوكيل شيئا، وذلك على الحالف/.
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية ، من رواية عيسى عن ابن القاسم، وإن قال: كل امرأة أنكحها بأرض الاسلام طالق، فإن كان يقدر على دخول أرض العدو والنكاح بها وإخراجها لزمه ذلك، وإلا لم يلزم اليمين، وكذلك في الواضحة.
قال ابن المواز قال أصبغ: وإن قدم على دخولها، كمن استثنى قرية صغيرة، أو عددا قليلا، قال محمد، في أرض الحرب: ما يأتيه المسلمون/ وهي متجر لهم، فإن أراد هذه لزمه، وإن أراد مثل فرنجه ونحوها، لم يلزمه.
ومن العتبية من سماع عبدالملك بن الحسن: ذكر مسائل عن ابن القاسم، ثم مسألة عن أشهب، ثم قال: وقال فيمن قال إن كلمت فلانا، فكل امرأة من الفسطاط طالق فيتزوج منها ثم كلمه، فلا شيء عليه، إلا فيمن تزوج بعد كلامه.
قال ابن سحنون، عن أبيه: وإذا قال: كل امرأة أتزوجها من افريقية طالق، فذلك يلزمه في كل من تزوج، من أول عمل إفريقية إلى آخر طيبة، وإن قال: من العرب فله أن يتزوج من أهل الشام، ومن مصر وكورهما وأعمالهما. [5/116]
***(1/111)
[5/117] فيمن قال كل امرأة أتزوجها إلا فلانة طالق أو قال غير امرأتي أو استثنى عددا قليلا
من كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم، فيمن قال كل امرأة أتزوجها طالق إلا فلانة، يعني التي تحته لزمه ذلك، كأنه قال: سواك أو معك، بخلاف إذا لم تكن تحته.
قال ابن المواز: وليس هذا بشيء، ولا شيء عليه في الوجهين، وقد قال مالك في الحالف بكل امرأة: إنه لا تلزمه في امرأته، قال سواك أو لم يقل لأنه إنما قال ذلك/ في سواها حتى يقول: معك أو في حياتك أو ينويه. قال عيسى، عن ابن القاسم في العتبية، إن قال لامرأته: كل امرأة أنكحها غيرك، فهي طالق فهو كالقائل: كل امرأة أنكحها طالق، إلا فلانة وهي أيم أو ذات زوج فلا شيء عليه، وهو كمن قال: إن لم أتزوج فلانة، فكل امرأة أتزوجها طالق فلا شيء عليه.
ومن كتاب ابن حبيب في القائل: كل امرأة أتزوجها، إلا فلانة فهي طالق، فاختلف فيه مالك وأصحابه، فروى عنه أصحابه وقالوا به: إنه لا شيء عليه، كمن عم إذا استثنى المرأة والاثنتين والعدد اليسير كالعشرة ونحوها وكذلك قوله إلا قبيلة كذا، أو قرية كذا، وهم قليل.
روى عيسى، عن ابن القاسم: سئل إن استثنى عشرة، فقال: ليس في ذلك حد، ولكن إذا استثنى العدد القليل الذي ليس فيه سعة في النكاح، فهو كمن عم ولا شيء عليه، وإن استثنى عددا، وإن سمى نساءهن إن شاء نكاح [5/117]
***(1/112)
[5/118] بعضهن أمكنه وكان من نكاحهن في سعة لزمه ألا ينكح إلا منهن وإلا حنث، ولم يذكر ابن القاسم في روايته ما ذكر ابن حبيب، من تحديد العشرة عن مالك.
قال ابن حبيب: وروى مطرف وابن الماجشون عن مالك قوله: إلا فلانة: أنه يلزمه حتى إن ابن الماجشون قال: ولو أن المرأة التي استثنى ذات زوج، أو تزوجت بعد يمينه، لزمه ما قال لأنه يرجى له أن تخلو من الزوج ويتزوجها، وقال/ لو تزوجها ثم طلقها ألبتة، لكانت اليمين عليه باقية، إلا أن يتزوجها في عدة فهذه تحرم للأبد عليه، وتزول عنه اليمين، وكذلك لو لاعنها، أو وجدها ذات محرم زالت يمينه، قال: ولو كانت صغيرة تبلغ مبلغ النكاح قبل انقضاء يمينه لزمه اليمين.
قال مطرف: وإن كانت ذات زوج، أو تزوجها، ثم ابنتها فاليمين لا تلزمه ولو طلقها واحدة أو اثنتين، فاليمين عليه، قال ابن حبيب: فهذا استحسان، والقياس قول ابن الماجشون.
ومن العتبية، روى عيسى عن ابن القاسم قال: قال مالك فيمن قال لامراة من النساء كل امرأة أنكحها غيرك طالق فهو كالقائل: إن لم أنكحك، فكل امرأة نكحتها غيرك طالق فلا شيء عليه.
ومن كتاب ابن سحنون، عن أبيه، قال: ولو حلف بطلاق كل امرأة يتزوج، إلا قبيلة كذا، وبلد كذا، ثم حلف بطلاق من ينكح من البلد، أو القبيل المستثنى، فلا شيء عليه في اليمين الثاني، لأنه يخرج إلى تحريم النساء كلهن.
فيمن قال كل بكر أو قال كل ثيب انكحها طالق أو قال كل حرة أو قال كل امرأة أتزوجها إلا كفؤا أو إلا بتفويض طالق
من كتاب ابن المواز: ومن قال: كل ثيب أتزوجها طالق (لزمه) كما لو قال: كل بكر. ثم إن حلف على كل بكر بعد أن حلف على كل ثيب، فقيل: [5/118]
***(1/113)
[5/119] يلزمه فيها وأحب إلينا أن تلزمه اليمين/ الأولى، ولا تلزمه الثانية وكذلك قال سحنون وروى عيسى في العتبية، عن ابن القاسم، أن لا تلزمه الثانية، [وذكر عن مالك أنها تلزمه].
قال ابن حبيب : روى ابن وهب، عن مالك، وقال به هو وابن عبدالحكم، إنه يلزمه اليمينان، وقال ابن كنانة ومطرف وابن الماجشون وابن القاسم وأصبغ: لا تلزمه اليمين الثانية، وبه أقول.
ومن كتاب ابن المواز ومن العتبية، من رواية عيسى عن ابن القاسم في الحر يقول: كل حرة أنكحها طالق: أن ذلك يلزمه، وله نكاح الأماء وقاله ابن حبيب، وقال: إنه أبقى الاماء (وهو) بيمينه كمن لم يحدد، وقال ابن المواز: لا يلزمه إن كان مليئا عند من يقول بالطول، لأنه لا سبيل إلى الحرائر اللاتي حرمهن، وجواب ابن القاسم مجمل لأنه يقول بالطول.
ومن كتاب ابن المواز: وإن قال: كل امرأة أنكح، إلا كفؤا – طالق أتنكح جارية أعتقها؟ قال: قد قيل: الكفؤ في الحسب، والكفؤ في الدين واليمين تلزمه، وليس المولى الأسفل كفؤا لمولاه إلا في الدين.
من العتبية قال أشهب: فإن قال: كل امرأة أتزوجها [تفويضا فهي طالق لزمه ولو قال كل امرأة أتزوجها إلا تفويضا طالق لم يلزمه التفويض غير مبدول ولا مرجع ومن كتاب ابن المواز قال سحنون ومن قال كل امرأة أتزوجها] طالق أو قال: كل حرة، أو قال: كل بكر لزمه. [5/119]
***(1/114)
[5/120] فيمن حلف بطلاق من يتزوج إلى أجل معلوم أو قال في حياة فلان أو حتى يتزوج فلان أو ما دمت خليط فلان أو ما دمت عبدا أو حتى تحج أو بعد موت موالى /
ومن كتاب ابن حبيب، قال ابن الماجشون في حلف بطلاق من يتزوج إلى عشرين سنة أو عشر سنين، فإن كان ممن يشبه أن يعيش إلى مثل ذلك لزمه، وإن كان لا يشبه، فله أن يتزوج، والتعمير في مثل هذا سبعون سنة.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك في الحالف إلى ثلاثين سنة: لا يتزوج إلا أن يخشى العنت. قال ابن القاسم: ولا أحب مقدار ما يقدر فيه، ولا أشك أن عشرين سنة كثير، قال أصبغ: بعد تصير وتعفف قال أشهب وابن وهب: لا يتزوج وإن خاف العنت في الحالف إلى ثلاث سنين [قال ابن القاسم نكاحه أولى في الزنى، وقد اختلف في هذا النكاح، فأجازه ابن المسيب وغيره].
قال ابن القاسم: ولو حلف بعتق من يملك من الجواري في هذا الأجل، لم يعذر لخوف العنت وكذلك روى عيسى عن ابن القاسم في العتبية، قال ابن المواز قال أصبغ: وهما في القياس واحد، ولكن قوله أحب إلي، لقوة العتق، وصدقه، وسعة الناس في النكاح.
ومن العتبية، روى أبو زيد عن ابن القاسم، فيمن حلف بطلاق من يتزوج إلى ثلاثين سنة، لأقضيتك يوم كذا وكذا، فحنث، فإن قدر أن يتسرر، فلا ينكح، إلا أن يخشى العنت، فإن خشي العنت، فليتزوج، ولا شيء عليه، [5/120]
***(1/115)
[5/121] وتدخل التي حلف فيها في سائر النساء، وينكحها إن شاء وغيرها إذا خشي العنت.
قال في كتاب ابن المواز: وكذلك لو كانت يمينا بطلاق التي تحته، وبطلاقه من يتزوج إلى ثلاثين سنة، فحنث فلتزمه/ في التي تحته طلقة، فإن لم يرتجعها حتى تنقضي العدة، فلا يتزوجها هي ولا غيرها إلى ثلاثين سنة.
قال ابن المواز: وإن حلف بطلاق من يتزوج إلى ثلاثين سنة، ففارق من تحته ثم تزوجها، فإنه يلزمه فيها اليمين في الأجل، ومن قال: كل امرأة أتزوجها إلى ثلاثين سنة طالق إن كلمت فلانا فكلمه بعد سنة، قبل تمام الثلاثين، فإنه يحنث فيمن تزوج قبل تكلمه، وبعد أن كلمه قبل تمام الثلاثين قال ابن القاسم وأشهب وذكر عن مالك، قال أشهب: إلا أن ينوي من يوم، حنث، قالا: وإن قال: إن كلمت فلانا ثلاثين سنة، فكل امرأة أنكحها طالق، فلا شيء عليه محمد: لأنه لم يجعل ليمين وقتا يحنث إليه في النكاح خاصة.
قال مالك: ومن حلف بطلاق من يتزوج في حياة فلان لزمه، إلا أن يخشى العنت، قال محمد: ولو قال حياتي لم يلزمه شيء ومن قال كل امرأة أتزوجها ماعاشت فلانة لامرأة فارقها لزمه ذلك فيمن سواها، ولا ينوي أنه أراد ما كانت عندي كما ينوي لو كانت إذ حلف في عصمته ثم فارقها [ إلا أن له في الوجهين نكاحها هي، ولو شرط لها عتق من يتسرر ما عاشت، ثم فارقها] فلا يتسرر إلا أن ينوي ما كانت تحتي كالطلاق.
قال أصبغ: ومن قال كل امرأة أتزوجها حتى يتزوج فلان فهي طالق، لزمه ذلك، فإن مات فلان، فلا شيء عليه، وهي كما في العتبية برواية أصبغ عن ابن القاسم، وقال: هو كما قال: قبل أن يتزوج فلان/ قال مالك: وإن قال: ما [5/121]
***(1/116)
[5/122] دمت خليطا لفلان لزمه قال ابن القاسم: وإن قال ذلك قبل أن يشاركه، فلا شيء عليه، وهو مذهب مالك، وإن قاله بعد أنه خالطه لزمه ما دام خليطا.
ومن كتاب ابن سحنون، ومن قال: كل امرأة أتزوجها حتى تتزوج فلانة فلانا فهي طالق، فلا تلزمه إلا أن يموت الرجل، فيسقط اليمين.
ومن كتاب ابن المواز، وإن قال أن تزوجك فأنت طالق غدا، فإن تزوجها في غد، أو قبل غد، لزمه، وإن تزوجها بعد غد لم يزمه.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن طلق امرأته ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج، ثم قال: إن مات امرأتي إن تزوجت حتى أغزو أو أحج، فالتي أتزوج طالق، ثم ذكر أن نكاحها فاسد لتزويج محلل أو لغير ذلك، وكان صحيحا، فطلقها فهل يتزوج قبل الحج أوالغزو، قال: لا شيء عليه إلا أن يريد: إن خلوت منها [بموت أو غيره قال له: إنما نويت خلوتي منها ولم اذكر إلا الموت].
ومن قال لامرأته: كل امرأة أتزوجها عليك بعد موتك طالق، وكل جارية أتسررها حرة. فماتت، فليتزوج ولا يتسرر؛ لأنه من قال: كل جارية اشتريها أطؤها حرة. يلزمه؛ لأنه لا يتزوج من لا يطؤها، ويملك من لا يطؤها.
ومن كتاب ابن سحنون، ومن قال: كل امرأة أتزوجها، مادامت أمي حية طالق. لزمه. لو قال: ما دام هذا الصبي حيا. وهو ابن عشر سنين، والحالف ابن/ ثلاثين سنة، أو أربعين، قال: ذلك يلزمه، ولا يعمل فيه على الغالب من التعمير، وقد يموت صغير قبل كبير.
قال: وإن قال كل امرأة أتزوجها إلى عشر سنين طالق فتزوج قبل ذلك امرأة فطلقت ثم تزوجها فإنه يتكرر عليه ذلك كلما تزوجها وكذلك في البلد المخصوص. قال ابن القاسم يتكرر عليه الحنث في القبيل والجنس. وأما لو قال [5/122]
***(1/117)
[5/123] لامرأة معينة إن تزوجتك أبدا فأنت طالق ففعل فطلقت ثم تزوجها فلا شيء عليه ولا يحنث فيها إلا مرة لأنها معينة ولا في نساء معينات. وإن قال إن تزوجتك وأخواتك فلا يعود فيها اليمين وقد يعود في أخواتها. قال سحنون إن كن أخواتها معروفات فهن مثلها لا تعود فيهن اليمين إلا في المجهولات. قال سحنون ولا يضره في المعينة قوله أبدا لأن التأييد إنما جعله في أظهر الأمور على بداية تزويجه لا على التأييد الذي يشبه كلما تزوجتك وهو كمن قال امرأته طالق إن كلم فلانا أبدا فحنث مرة فلا يحنث بكلامه ثانية وليس مخرجه مخرج كلما. وكذلك التأجيل إذا قال إن تزوجتك عشر سنين إن أراد أن يجعل العشر سنين أجلا قبل نكاحها وإن أراد أن يجلعها طالقا كلما نكحها فيها لزمه ذلك وأما القائل إن تزوجت امرأة عشر سنين فهي طالق فيتكرر عليه الحنث لأنه منع نفسه النكاح عشر سنين بخلاف من عين امرأة. وأما إذا طلق مجهولة في أجل أو من قبيلة أو فخذ فالحنث يتكرر فيها].
فيمن قال آخر امرأة أو أول امرأة أتزوجها طالق
من كتاب ابن المواز: ومن قال: آخر امرأة أتزوجها طالق. قال ابن القاسم: لا شيء عليه. ونحن نرى أن يقف عن وطئها، حتى ينكح ثانية، فتحل له الأولى، ويقف عن الثانية حتى ينكح ثالثة، وهي التي يقف عنها، كالمولي، فإن رفعته، فالأجل من يوم ترفعه. وقال سحنون مثله في العتبية، وفي كتاب ابنه، وقال: وكذلك لو تزوج رابعة لزمه فيها الإيلاء، إلا أن تموت من عنده أو يطلق، فيتزوج.
ومن المجموعة، عن ابن الماجشون نحو، وقال: فإن تزوج امرأة، فماتت أوقف ميراثه منها حتى يتزوج ثانية، فيأخذه، أو يموت قبل يتزوج، فيرد إلى [5/123]
***(1/118)
[5/124] ورثتها، وإذا طلق عليه بالإيلاء فلا رجعة له، لأنه لم بين بها. وإن قال: آخر من أتزوجها طالق إلا واحدة. يريد تطليق التي تلي الآخرة، فإن تزوج، أوقف عنها، ثم إن تزوج ثانية، أوقف عنها وعن الأولى؛ إذ لا يدري في يلي الآخرة منهما؟ فإن مات، فالأولى. ولو قال: فالتي تلي الآخرة طالق، حتى تكون ثالثة منهما. فهذا يمسك عنها حتى يتزوج رابعة، فتحل له الأولى، إن مات في هذه الحال، فالثانية من الأولى هي المطلقة./
ومن كتاب ابن المواز، ومن قال: أول امرأة أتزوجها طالق. فتزوج، فإنها تبين منه، ولها نصف الصداق، ثم يتزوجها ثانية إن شاء، ونحو ذلك، وقد زالت يمينه فيها وفي غيرها، ولو كانت يمينه بالبنات؛ فلم تحل له إلا بعد زوج، وتحل له سواها.
فيمن حلف بطلاق امرأة إن تزوجها ففعل هل يفسخ نكاحه بالقضاء؟ وكيف إن كان قد حلف لا أتزوج حراما؟ وهل يتوارثان؟
ومن كتاب ابن المواز، ومن تزوج امرأة حلف بطلاقها إن تزوجها، قال مالك: يفرق بينهما بالقضاء. وقضى به ابن أبي حازم. وتقع عليه طلقة، إلا أن يكون حلف بأكثر منها، ولو نصف الصداق، إلا أن يبني جهلا، فعليه جميعه؛ ولا تحرم عليه بعد ذلك؛ إذا لم يقل: كلما. قال أبو محمد: يريد بعدالاستبراء من ذلك الماء، إن بنى بها.
ومن العتبية روى أبو زيد، عن ابن القاسم، أن صاحب الشرط كتب إليه في رجل تزوج امرأة حلف بطلاقها إن تزوجها، هل أفسخ نكاحه؟ فكتب [5/124]
***(1/119)
[5/125] إليه: لا يفسخه. وقد أجازه ابن المسيب. وكان المخزومي ممن حلف أبو على أمه يمثل هذا. وقال عنه عيسى فيمن حلف بطلاق من يتزوج على امرأته، ثم قال لها: إن وطئت حراما فأنت طالق. فتزوج عليها امرأة، فوطئها، قال لا تطلق عليه القديمة/. ولم يرد مثل ذلك من الحرام. وهذا مختلف فيه، وتطلق الثانية.
قال ابن حبيب، عن أصبغ: إذا حلف بطلاق امرأة إن تزوجها، أو بطلاق من يتزوج على امرأته أو من يتزوج من بلد بعينه فتزوج، ثم مات أحدهما قبل يقضي بالفراق، فإنهما لا يتوارثان. وأما الولد، فلاحق ووارث، وإن لم يبن، فلها نصف الصداق؛ عاش أو مات.
ذكر ما يتكرر فيه الحنث وتعود فيه اليمين من الطلاق قبل الملك وما لا يتكرر وكيف إن خص جنسا أو بلدا أو ضرب أجلا
قال سحنون في كتاب ابنه: اختلف اصحابنا في قول الرجل: إن تزوجت من بني فلان أو قال: من بنات فلان فهي طالق. فقيل: إن كانوا معروفين، يحصون ويعرفون، فهم كامرأة معينة، ولا يتكرر فيهم الحنث إن تزوج منهم، فطلقت، ثم تزوجها ثانية، فلا شيء عليه. وقال آخرون: إذا قال من بني فلان. فلا تكون إلا مجهولة، وإن قال: من بنات فلان. فلا يكون إلا في قليل معروف محاط به، وكالمعينات لا يتكرر فيهن الحنث. وأما إن قال: من بنات تميم. أو: من بنات عدي، أو من بنات زهرة. فذلك على المجهولات.
ومن كتاب ابن المواز، وأما من حلف على قبيلة أو صنف، فنكح منهن فالحنث يتردد عليه كلما نكحها، ما لم يضرب أجلا فيتجاوزه.
ومن العتبية قال عيسى عن ابن القاسم: إن قوله إن تزوجت/ ومتى فهما [5/125]
***(1/120)
[5/126] سواء. قال: وإذا قال: إذا تزوجت فجمع البلد، أو الفخذ، أو بنات الرجل، أو ضرب أجلا في طلاق من يتزوج، أو قال: كل أعرابية، أو من الموالي. فهذا كله يرجع عليه اليمين، وإن تزوجها عشرين مرة.
ولو قال لامرأة: إن تزوجتك أبدا فكانت طالق البتة. فتزوجها مدة، فطلقت؛ ثم تزوجها بعد زوج، فلا شيء عليه. وكذلك إن قال: إن تزوجت فلانة وفلانت. فلا يعود عليه اليمين، إن حنث فيها إذا سمى.
ولو قال: بنات فلان أو أخواته أو الفخذ إذا أبهم ولم ينص أسماءهم، فاليمين يعود عليه أبدا. ولو قال: إن تزوجتك وأخواتك. فأما هي، فلا يحنث فيها إلا مرة، وأما أخواتها، فيعود عليه اليمين فيهن أبدا.
وقال سحنون في كتاب ابنه: إن كن أخواتها معروفات، فهن مثلها لا تعود عليه فيهن يمين، إلا في المجهولات، ولا يضره في المعينة قوله أبدا؛ لأن التأييد إنما جعله في أظهر الأمور على بداية تزويجه، لا على التأييد الذي يشبه "كلما"، وكالحالف بالطلاق، وإن كلم فلانا أبدا إنما يحنث مرة، وليس مخرجه مخرج "كلما". وكذلك التأجيل إن قال: إن تزوجتك عشر سنين إن أراد أن يجعل العشر سنين أجلا قبل نكاحها، وإن أراد أن يجعلها طالقا كلما نكحها فيها، لزمه ذلك. وأما القائل: إن تزوجت امرأة عشر سنين فهي طالق. فإنه ينكر عليه الحنث. وكذلك نساء قبيلة أو قرية، بخلاف يمينه في امرأة بعينها، تلك لا يحنث فيها ، إلا مرة./ ولو قال لامرأته: كل امرأة أتزوجها عليك طالق واحدة. أو خص بلدا أو جنسا، أو ضرب أجلا، فإنه يعود عليه اليمين في كل من يحنث فيها منهن.
ولو قال: إن تزوجت عليك فلانة فهي طالق واحدة. فتزوجها عليها، فطلقت، ثم تزوجها عليها، فلا شيء عليه ولا يتكرر فيها الحنث. وهذا اختيار ابن المواز.
قال العتبي: وروى عنه يحيى بن يحيى أن اليمين تعود عليه في المرأة المعينة ما دامت المحلوف لها في عصمته، إن تزوجها مرارا كثيرة، وكذلك بعد أن يطلق [5/126]
***(1/121)
[5/127] بالبتة، ما دامت الاولى عنده. قال: وهي مثل الذي يقول: إن تزوجت فلانة بمصر فهي طالق. فهذا كلما تزوجها بمصر تطلق، ولو بعد أزواج، وإن نكحها بغير مصر، فلا شيء عليه. قال: وأما من حلف بطلاق فلانة إن تزوجها، ولم يقل: على امرأتي، فهذا إنما يحنث مرة واحدة. وأما القائل: إن تزوجتك على امرأتي. كالقائل: إن تزوجت في هذه السنة. فهو كلما تزوجها في السنة يتكرر عليه فيها الحنث، وإذا لم يقل: على امرأتي. فهو كمن قال: امرأتي طالق إن تزوجت فلانة. فتزوجها، فطلقت الأولى، ثم فارق الثانية، ونكح الأولى، ثم تزوج الثانية، فلا شيء عليه؛ لأنه حنث فيها.
ومن كتاب ابن سحنون، قال: وأما في يمينه لا يتزوج بطلاق من يتزوج على امرأته، فيلزمه، وكأنه قال: ما كانت عندي. وكذلك لو قال: إن/ تزوجت عليك فلان فهي طالق. وشرط ذلك في أصل النكاح، فهذا يتكرر فيه الحنث، وإن كانت بعينها، ومخرج هذا كأنه قال: كل امرأة أجمعها معك طالق. فصارت كغير معينة. وكذلك قال ابن القاسم: المعينة في هذا وغيرها سواء.
قال ابن سحنون: ورواه عنه أيضا يحيى بن يحيى. وروى عنه عيسى أنه لا يحنث في المعينة في هذا إلا مرة واحدة، ثم لا شيء عليه إن تزوجها عليها. وقال ابن القاسم: ومن قال تزوجت فلانة بمصر فهي طالق، فتزوجها فطلقت ثم تزوجها، قال: يلزمه الطلاق فيها كلما تزوجها. وقال ابن المواز: لا يحنث إلا مرة واحدة.
ومن كتاب ابن المواز، قال عبدالملك: وإن قال لامرأة: إن تزوجتك عشر سنين فأنت طالق. فتزوجها فيها، فطلقت وبانت، فله نكاحها في بقية العشرة؛ لأنها معينة. وكذلك قوله: إن تزوجها بمصر أبدا فهي طالق، ولو قال: إن تزوجت فلانة على امرأتي فلانة. فهذا إن فعل لزمه إن نكحها ثانية، ويتكرر ذلك. قال محمد: لا يعجبنا، ولا يحنث فيها إلا مرة، حتى ينوي "كلما" وأراه مراد عبدالملك في جوابه هذا، وهي كقوله: إن تزوجها بمصرفهي طالق. وليس عليه إلا مرة واحدة، بخلاف إذا لم يسم امرأة بعينها. [5/127]
***(1/122)
[5/128] قال مالك: وإن قال: إن تزوجتك أبدا فأنت طالق أبدا. كانت البتة. وإن قال "كلما" لم تحل له/ أبدا ووقف محمد في قوله: أنت طالق أبدا. ومن المجموعة روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك، وقال مالك، في الواضحة، في قوله: إن تزوجتك أو متى ما. فهذا لا يحنث إلا مرة، حتي يقول: "كلما".
وإن قال: كل امرأة أتزوجها إلى أجل كذا طالق، وتحته نساء فيهن منه،فلا يتزوجهن حتى يجوز الأجل، ولو طلقهن طلاق رجعة، كان له الرجعة في العدة. وكذلك لو حلف لا تزوج من الموالي وتحته امرأة منهن، على هذا الشرح.
(بياض) الأخرى: ستراجعها؟ فقال هي طالق، أبدا، فإن تزوجها بائت منه بواحدة، إلا أن ينوي البتة. قال ابن القاسم: محمل يمينه إن تزوجتها. وكذلك ما تقدمه كلام يرد فيه دليل على قصده.
جامع مسائل مختلفة
من الطلاق قبل النكاح والعتق قبل الملك
من كتاب ابن المواز بعد مسائل لمالك وابن القاسم: ومن قال كل امرأة أنكحها من البادية لا أنظر إليها فهي طالق. فعمي، فلا أحب أن يتزوج من البادية. قيل: أينكح امرأة خرجت في البادية، فسكنت بغيرها أربع عشرة سنة؟ قال أرأيت إن كان بصيرا، أينكحها قبل أن يراها؟ ولو قال: كل امرأة أتزوجها حتى انظر إليها. فعمي، رجوت ألا شيء عليه، وكذلك حتى ينظر إليها فلان. فمات فلان. قال ابن المواز: إذا مات من استثنى نظره، فلا يتزوج حتى يخشى العنت/، ولا يجد ما يبتاع به أمة. قال ابن حبيب، في الذي قال: حتى أراها. قال مطرف، وابن الماجشون وأصبغ: له أن يتزوج من كان رآها قبل أن يعمى، واليمين عليه قائمة فيمن لم يكن رأى. [5/128]
***(1/123)
[5/129] ومن كتاب ابن المواز، وإن قال: إن تزوجتك فأنت طالق. ثم حلف بطلاق من يتزوج من قريتها، فتزوجها، فإنه لا يقع عليه فيها طلقتان. وكذلك الحالف: لا كلم فلانا. ثم حلف: لا أكلم أحدا. ثم كلم فلانا، فيلزم طلقتان، قال أشهب: إن كلمه، لزمته طلقة، ثم إن كلم غيره، لزمته ثانية. قال محمد: والأول أبين، إلا أن يحاشي فلانا في العموم.
ومن حلف بطلاق من يتزوج على امرأته، ثم صالحها، ثم تزوج، ثم نكح القديمة، قال ابن القاسم: فيلزمه طلاق الأجنبية، لأن معناه: لا جمع بينهما. ولو قال: نويت أنه لا شرط فيمن نكحت بعدها. فالأمر عليه قائم حتى يطلق امرأته البتة. قال أشهب: لا يلزمه في المنكوحة بعد خلع الأولى شيء إن عاود الأولى.
محمد: وقول ابن القاسم أحب إلي، وهو قول مالك، كالحالف: لا دخلت عليها هذا البيت. فدخلت هي عليه، فإن لم يخرج حنث. ولو حلف ليتزوجن عليها وصالحها، ثم تزوج ثم فارق قبل يرتجع الأولى؛ ثم نكح الأولى فلا يبر، واليمين عليها يها قائمة في قول ابن القاسم، وأشهب. ولو نكح الأولى قبل فراقه الجديدة، قال محمد: فإن ثبت عليها، وجوت أن يكون قد بر.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم، فيمن قال/ كل امرأة أتزوجها سنة طالق. فتزوج امرأة، فقال لها: إن طلقتك إلى وقت، فكل مملوك لي حر. فلا عتق عليه؛ لأنها مطلقة من أول العقد. ومن طلق امرأته واحدة، ثم قال: إن أرجعتها فهي طالق البتة. فانقضت العدة، ثم تزوجها، أو تزوجها بعد زوج، وقال: نويت أن لا أرتجعها، حيث لي عليها الرجعة. ولم ينو شيئا، قال مالك: يحنث، ولم يذكر نية. وقال ابن القاسم: وإن لم تكن له نية حنث، وإن نوى فله نيته ويحلف.
ومن حلف لامرأته بطلاق كل من يتزوج عليها، فتزوج عليها سرا منها، ولم تعلم ثم مات، وقد علم الشهود بذلك أو لم يعلموا؛ قال: إن علموا، فلا شك أنها ترثه، وإن لم يعلموا، فاختلف فيه، وأرى أن ترثه. ومن قال لأمة رجل: إن [5/129]
***(1/124)
[5/130] تزوجتك فأنت طالق. فاشتراها، فوطئها، فلا شيء عليه. [ولو حلف إن اشتريتك فوطئتك فأنت حرة وأنت علي كظهر أمي فتزوجها فوطئها فلا شيء عليه].
ومن كتاب ابن المواز: ومن قال لأمة غيره إن وطئتك فأنت حرة. فملكها ببيع أو ميراث، فوطئها، فإن تعتق. ثم رجع فقال: إن لم تكن له نية فلا شيء عليه، وإن أراد إن ملكتك فوطئتك حنث. وقال أصبغ.
في الاستثناء في الطلاق وفي اليمين به أو بالعتق أو بمشيئة الله أو مشيئة أحد أو بغير ذلك أو استثناء من العدد أو استثناء في اليمين بالطلاق، وله باب في كتاب الأيمان
قال أشهب في المجموعة: ومن قال امرأته طالق، أو عبده/ حر، إن فعلت كذا. أو قال: ولم أفعله إن شاء الله. فإن أراد: إن شاء الله أن أطلق أو أعتق لم ينفعه، وإن أراد الفعل إن شاء الله أن أفعلن، ويمينه: أن لا أفعل. فيمينه: لأفعلن فلا شيء عليه وهو قول عبدالملك. ولم ير غير ابن القاسم في جوابه تفصيلا، قال: لا ينفعه.
قال أشهب: ولو حلف: إن دخلت هذه الدار – إلا أن يقضي الله- فلا شيء عليه. قال ابن القاسم، فيمن قال أنت طالق إلى سنة، إلا أن أشاء غير ذلك فلا ينفعه، وتطلق مكانها، وكذلك في العتق: أنت حر إلا أن اشاء غير ذلك. ومن قال. أنت طالق إن شاء هذا الحجر. فقال ابن القاسم: لا شيء عليه. وقال أيضا: إنها تطلق. وبه أخذ سحنون. وقال: ويعد نادما.
ومن كتاب ابن المواز، ومن قال: أنت طالق ثلاثا إلا واحدة لزمه اثنتان. وإن قال: إلا اثنتين: لزمته واحدة. وإن قال إلا ثلاثة لزمته الثلاثة. وإن قال أنت طالق البتة. وقاله مطرف، في كتاب ابن حبيب. ومن المجموعة، قال [5/130]
سحنون: إذا قال: أنت طالق ثلاثا إلا واحدة. لزمته طلقتان. ولو قال البتةإلا واحدة، لزمته الثلاثة؛ لأن البتة لا تتبعص. وقال أشهب: تتبعض، ولا يلزمه إلا اثنتان وكذلك عنه في العتبية رواه عنه البرقي وعبدالملك بن الحسن. وقال العتبي: وقاله سحنون. وكذلك في كتاب ابنه عنه أنها تتبعض وله ثنياه؛ لأن البتة صفة الثلاث، بنى بها أو لم يبن. قال محمد: وأنكر قول من قال لا تتبعض./ قاله بعض أصحابنا، وأنكره سحنون، وقال: يلزم من قال هذا أن لو شهد عليه شاهد بالبتة وشاهد بالثلاث، أن تكون شهادة مختلفة. وهذا خلاف قول أهل الحجاز؛ لأن معنى البتة، الثلاث، وهذا يلزمه ثلاث.
ومن قال: أنت على حرام إلا واحدة، أن له ثنياه وإن بنى بها. قال ابن سحنون، عن أبيه مثل ما تقدم في المستثنى من الثلاث واحدة أو اثنتين، أن يلزمه ثلاث.
ومن قال: أنت علي حرام إلا واحدة، أن له ثنياه وإن بنى بها. قال ابن سحنون، عن أبيه مثل ما تقدم في المستثنى من الثلاث واحدة أو اثنتين، أن يلزمه ما بقي، وكذلك اثنتين إلا واحدة. فأما إن قال: ثلاثة إلا ثلاثة. أو اثنتين إلا اثنتين. أو: واحدة إلا واحدة، فهذا يلزمه ما سمي، ويعد نادما؛ وكمن قال: طالق لا طالق، ولو قال: أنت طالق واحدة إلا واحدة لزمته طلقة، وإن قال: أنت طالق الطلاق كله، إلا نصفه. لزمته طلقتان. وكذلك ثلاثة إلا نصفها، ولو قال: أنت طالق ثلاثا إلا نص الطلاق. لزمته الثلاث، وكذلك قوله: الطلاق كله، إلا نصف الطلاق. لأن الطلاق المبهم واحدة، واستناؤه منها لا ينفعه، فإن قال: أنت طالق أربعة إلا ثلاثة، أو مائة إلا تسعة وتسعين أن ثلاثة تلزمه، وهو كمن قال: ثلاثة إلا ثلاثة،. وكذلك قوله مائة إلا واحدة، والأربعة إلا واحدة.
وكذلك ذكر العتيبي وابن عبدوس، عن سحنون، في قوله: مائة إلا تسعة وتسعين؛ أنه يلزمه ثلاث؛ لأن اللازم منها ثلاث، فكأنها هي المستثناه [قال في المجموعة ثم رجع فقال لا يلزمه إلا واحدة ولو كانت اللازم من المائةتكون في [5/131]
***(1/125)
[5/132] المستثناة] لكان لو قال: مائة إلا اثنتين أن تلزمه واحدة، فهذا تلزمه ثلاث، ويكون اللوازم فيها أبقى.
قال في كتاب ابنه: وإن قال: أن طالق، أنت طالق/، أنت طالق إلا واحدة، فإن نوى واحدة فكررها لتسمعها لزمته واحدة، كالقائل: واحدة إلا واحدة، إن لم يرد واحدة ليسمعها، أو لم تكن نية فهي ثلاث استثنى منها واحدة، ولو قال: أنت طالق، ثم أنت طالق إلا واحدة، وقال في موضع آخر: ثم وأنت فقد اختلف فيه قوله؛ فقال إن المستثنى واحدة من ثلاث وقال: إنها ثلاث، ولا استثناء في هذا المقر بمائة ومائة ومائة، إلا مائة، أو كان موضع الواو "ثم" فلا ينفعه استثناؤه، وقوله: ثم أبين من نسقه بالواو في الطلاق، وفي الاقرار بالدين وكذلك في المجموعة في قوله: وأنت طالق: أنه لا استثناء له، وذكر في قوله: أنت، وأنت: إن أراد الاسماع، فهي واحدة، وإن أراد الثلاث، ثم ذكر اليمين تأكيدا، ثم ذكر الاستثناء، لم ينفعه، لأنه جعل بين الاستثناء والطلاق يمينا.
ورأيت لأبي عبيد القاسم بن سلام مسألة في الاستثناء هي على أصولنا، فيمن قال: أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة أنها اثنتان؛ لأنه استثناء من الاستثناء؛ لقول الله تعالى: "إلا آل لوط، إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته" فاستثنى من المستثنى.
قال ابن سحنون في كتاب الاقرار: ومن قال حمدة طالق ثلاثا، وعائشة طالق ثلاثا، إلا طلقتين من طلاق حمدة بطل استثناؤه، [لأنه غير متصل حين أخذ في صفة غير طلاق حمدة ثم استثنى] وهذا الذي ثبت عليه سحنون فيما أعلم. [5/132]
***(1/126)
[5/133] في تبعيض الطلاق أو تبعيض البتة أو الثلاث أو يطلق عضوا من امرأته/ أو شعرها أو يشرك نساءه في طلقة أو أكثر منها
قال أبو محمد: قد جرى في المدونة ذكر من طلق بعض طلقة، أنها تجبر عليه، وكذلك طلقة ونصف، ومن كتاب ابن المواز، فيمن قال: أنت طالق ثلث الثلاث، أنها واحدة، وإن قال: ثلث البتة، فهي البتة روى البرقي عن أشهب، في غير كتاب ابن المواز في القائل أنت طالق ثلث البتة أنها واحدة، وقد تقدم ذكرنا لقوله ولقول سحنون أنها تتبعض، وينفعه الاستثناء منها؛ لأنها صفقة الثلاث.
ومن العتبية، قال أصبغ فيمن قال لاحدى نسائه الثلاث: أنت طالق البتة، ثم قال للثانية: وأنت شريكتها فإنهن طوالق البتة كلهن، ولا يفترق إذ ذكر البتة أن يذكر الثلاث أولا أواخرا؛ لأنها لا تتبعض. ولو قال للأولى أنت طالق ثلاثا. والمتأنية وأنت شريكتها. وللثالثة وأنت شريكتها. فإن الأولى أنت طالق ثلاثا. والمتأنية وأنت شريكتها. وللثالثة وأنت شريكتها. فإن الأولى والثالثة يقع عليهما ثلاث ثلاث، وعلى الوسطى اثنتان يريد: لأن الأولى لزمها الثلاث بأول قوله، ثم شاركتها الثالثة فيها، وشاركت الثانية في اثنتين فصار للثانية طلقتان ونصف جبرت عليها.
ومن كتاب ابن سحنون، عن أبيه: وإن قال لأربع نسوة بينكن طلقة، أو قال: طلقتان أو قال: ثلاث، أو أربع لزم كل واحدة طلقة ولو قال شركتكن في ثلاث، لزم كل واحدة ثلاث، ولو قال: شركت بينكن في طلقتين طلقت/ كل واحدة اثنتان.
ومن قال لزوجته: رأسك طالق، أو طلق عضوا منها، أو قال: نصفك، أو ثلثك، أو جزءا ذكره، فهي طالق قال سحنون: ولو قال: شعرك طالق، أو قال: حرام فلا شيء عليه، ولو قال لعبده: شعرك حر لم يلزمه عتق، وليس الشعر بشيء. [5/133]
***(1/127)
[5/134] قلت: قال بعض اصحابنا تحرم عليه إذا حرم شعرها لأنه من محاسنها، [ومن خلقها حتى يزايلها وكذلك لو قال كلامك على حرام لحرمت لأنه من محاسنها] وأشد من الشعر.
وقال سحنون: لا أرى عليه شيئا في الكلام والشعر، وكذلك ذكر ابن الموالأ، عن ابن عبدالحكم، وذكر عن أشهب أنها تحرم عليه، وقد ذكرناه في باب: من قال أنت حرامه.
في تكوين الطلاق وتكوين الحلف وتكوين البتة فيه أو طلق على ضرب الحساب
قال ابن حبيب: روي عن الحسن فيمن قال لامرأته أنت طالق واعتدى فهي واحدة. وإن قال: أنت طالق اعتدى أنها طلقتان ومن المجموعة، قال ابن القاسم: إن قال انت طالق واعتدي فهي طلقتان، ولا ينوي وإن قال: أنت طالق اعتدي أو فاعتدي لزمه اثنتان، إلا أن ينوي واحدة.
قال ابن حبيب: إن قال: أنت طالق، ثم أنت طالق: أو قال: ثم طالق، أو قال: وأنت طالق، أو قال: وطالق حتى أتم في ذلك ثلاث مرات، فهي ثلاث لا ينوي، بني أو لم يبن.
ومن كتاب ابن المواز: قال مالك: فيمن قال: أنت طالق ألبتة، أنت طالق البتة إن أذنت لك إلى موضع سألته فيه، قال هو حانث، أذن لها أو لم يأذن، وما هو بالبين، وفيه إشكال/ قال أصبغ: أرى أن يحلف ما رددها إلا إرادة الاسماع، ويبين. فإن نكل حلف وعده مالك كالنادم، ولم يره بالبين. فإن قال: أنت طالق إن فعلت كذا، ثم قال مثل ذلك في وقت آخر، ثم قال مثل ذلك وقتا آخر، فإنه ينوي، فإن لم تكن له نية فهي البتة، ولا ينوي في الطلقة الأولى يرددها ويعينها. وإن [5/134]
***(1/128)
[5/135] قال إن كلمت إنسان فأنت طالقـ ثم قال إن كلمت فلانا فأنت طالق، فكلمه، لزمته طلقتان.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه فيمن قال أنت طالق واحدة في واحدة، أو قال في اثنتين، أو اثنتين في اثنتين، أو في ثلاث أو [ثلاثا في] ثلاث، وهذا أو نحوه، فإنه يجري مجرى ضرب الحساب؛ فواحدة في واحدة واحدة، واثنتان في اثنتين أربعة، تبين من ثلاث، وكذلك بقية هذا المعنى.
وإن قال: أنت طالق الطلاق. فهي كقوله أنت طالق أنت طالق، إلا أن يريد واحدة، وإن قال: أنت الطلاق فهي واحدة. وأخبرني معن عن مالك قال: أنت الطلاق لا تحلين لي ما كنت مملوكة فعتقت، قال: هي واحدة. فيرجع.
قال سحنون: ومن قال: كلما طلقتك، فأنت طالق فطلقها واحدة [فإنها تطلق عليه ثانية لا أكثر وكذلك إذا ما طلقتك أو متى ما في هذا كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق فطلقها واحدة] فهذا يلزمه الثلاث؛ لأن هذا أوجب الطلاق بكلما وقع عليها الطلاق، يريد: والأول إنما أوجبه بكلما طلق بلفظه،لا بما تسبب عن لفظه.
قال ابن سحنون: ثم رجع سحنون، وقال: يلزمه ثلاث ثلاث في المسألتين، والأول لبعض أصحابنا. وبقية القول في هذا الباب الذي يلي هذا وإذا قال لزينب: أنت طالق إذا طلقت عمرة، ثم قال لعمرة مثل ذلك ثم طلق زينب فإن زينب تطلق طلقتين وعمرة طلقة. وقال بعض أصحابنا لا تطلق زينب إلا طلقة، ولو قال في المسألة كلما لهذه ولهذه، فإنه إن طلق زينب، طلقت كل واحدة ثلاثا ثلاثا؛ لأن ذلك كلما وقع على واحدة أوجب وقوع مثله على الأخرى. وهذا باب من معنى تكرير الطلاق. [5/135]
***(1/129)
[5/136] في القائل لاحدى نسائه إن طلقتك أو حلفت بطلاقك فصواحباتك طوالق أو إن لم أطلقك فهن طوالق أو من وضعت منكن فالبواقي طوالق وما شاكل هذا المعنى
من كتاب ابن المواز، فيمن قال يعني ابن القاسم لاحدى امرأتيه: إن طلقتك أو متى طلقتك فصاحبتك طالق، وقال لأخرى مثل ذلك، ثم طلق واحدة، فإنه يقع على المطلقة طلقتان، وعلى الأخرى واحدة؛ لأن الحنث لا يتكرر. وروى مثله في العتبية عن ابن القاسم.
ومن كتاب ابن المواز، ولو قال ذلك لواحدة، ثم طلقها، فوقع على الأخرى طلقة، ثم طلق الأولى ثانية، فلا يقع على صاحبتها شيء. ولو قال للأولى: إن طلقتك، فصاحبتك طالق [وقال للثانية كلما طلقتك فصاحبتك طالق] فطلق التي قال لها كلما طلقتك؛ فإنه يلزم كل واحدة طلقتان، ولو كان إنما طلق الأولى طلقة، لوقع عليها اثنتان، وعلى الثانية واحدة.
ولو قال لأربع نسوة: متى طلقت منكن واحدة، فصواحباتها طوالق، أو إن طلقت منكن واحدة، فسائركن، أو انتن طوالق، فإن طلق الأربعة طلقة طلقة، لزمته في كل واحدة طلقتان، وإن لم يطلق إلا/ واحدة، لزمه فيها طلقتان، وفي الباقيات، طلقة طلقة، [فإن طلق أخرى] لزمه في كل واحدة طلقتان، ولا تلحق من سواها بطلاق الثانية طلاق؛ لأن قوله: إن ومتى قد حنث، وسقطت فيه اليمين، كمن حلف بطلاقين في ثياب لا لبس منها شيئا، فلبس ثوبا واحدا فيلزمه طلقة، ثم لبس ثانيا، فلا شيء عليه، ولو قال: كلما طلقت واحدة منكن [5/136]
***(1/130)
[5/137] فصواحباتها طوالق، فطلق واحدة منهن فإنه تلزمه في كل واحدةألبتة، وفي الباب الذي هذا عقيبه مسألة من هذا.
ولو نظر إلى امرأة منهن متطلعة فطلقها ثم نسيها، لزمه الطلاق في جميعهن، ولو كان إنما قال لها: إن لم أطلقك فصواحباتك طوالق، فله أن يختار أن يطلق ثلاثا منهن ويحبس واحدة، ليس عليه أن يتوخى المطلقة، لعله يريد: فصواحباتك طوالق ألبتة، وإلا فلم لا تلزمه فيهن طلقة طلقة.
ولو قال: وهن حوامل كلما وضعت منكن واحدة فصواحباتها طوالق، فوضعن كلهن، أن التي وضعت أولا، والرابعة يطلقن ثلاث ثلاثا، والثانية تطليقة، والثالثة تطليقتين. قال سحنون في كتاب ابنه: لأن الثانية انقضت عدتها بالوضع بعد أن وقع عليها طلقة، وانقضت عدة الثالثة بالوضع بعد أن وقع عليها طلقتان.
قال في كتاب ابن المواز لو قال: إن وضعت منكن واحدة أو متى وضعت، فصواحباتها طوالق لزمه فيهن طلقة طلقة حتى يقول: كلما.
قال أبو محمد: لعله يريد في صواحبات الأولى وأما/ التي وضعت أولا، فلا يلزمه شيء بوضع من بعدها إذ لا يتكرر الحنث فيه ولا يلزمها هي بوضعها شيء، إلا أن تحمل الأولى.
ومن كتاب ابن سحنون، عن أبيه وإن قال أيتكن ولدت جارية فهي طالق وصواحباتها طوالق، فولدت ثلاث منهن جواري، وولدت الرابعة من ولادتهن غلاما، قال: تطلق الأولى ثلاثا، والثانية في الولادة طلقة، والثالثة طلقتين والرابعة ثلاثا؛ لأن بزيادة الأولى طلقن طلقة، وانقضت عدة الثانية بالوضع، ووقع بوضعها على الباقيتين طلقة طلقة، ثم انقضت عدة الثانية بوضعها، ووقع على الأولى والرابعة طلقة طلقة.
ومن العتبية قال سحنون، فيمن له أربع نسوة، فقال لواحدة: إن حلفت بطلاقك فنسائي طوالق، فطلقها: أنهن يطلقن كلهن، لأن التي أفرد، حلف [5/137]
***(1/131)
[5/138] بطلاقها قد دخلت في اليمين معهن. قال أشهب: إلا أن يريد بنسائي غير التي أفرد، فلا يحنث حتى يحلف بطلاقها، فيحنث في غيرها، ولا شيء عليه فيها.
ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه، إذ قال لواحدة منهن إن حلفت بطلاقك فصواحباتك طوالق ثم قال للثانية مثل ذلك، فإن تطلق عليه الثلاث وتسلم الأولى من الطلاق، لأنه لما حلف للثانية بطلاق الأولى التي حلف بطلاق الثلاث أن لا يحلف بطلاقها طلقن.
قال سحنون، فيمن له ثلاث نسوة، فقال إن لم أطلق فلانة، ففلانة وفلانة طوالق. ثم نسي اسم التي حلف ليطلقها، قال: يطلق اثنتين، من شاء منهن، ولا شيء عليه/ في الباقية قال: ولو قال لواحدة منهن: إن لم أطلق إحدى صاحبتيك، فأنت طالق، فلم يطلق واحدة منهن حتى نسي التي حلف لها، قال: فليطلق واحدة منهن، أيتهن شاء، ويمسك من بقي، ولا شيء عليه ولو قال: إن لم أطلق صاحبتيك فأنت طالق فنسي المحلوف لها، قال: يطلق اثنتين، أيتهما شاء، ولا شيء عليه في الباقية.
في الشك في الطلاق ومن لم يدر ما طلق أو من طلق والحالف يشك في الحنث ومن قال: أنت طالق واحدة واثنتين أو ثلاثا وما بين الواحدة إلى ثلاث
من العتبية روى عيسى عن ابن القاسم، فيمن شك في طلاق امرأته، أن لا يطلق عليه، ومن طلق امرأة من امرأتين له، ونسيها، وواحدة لم يبن بها، ثم [5/138]
***(1/132)
[5/139] ماتتا، فإن ماتت المدخول بها في العدة ورثها، وإن شاورت الاخرى، أو ترك في الاحتياط.
ومن كتاب ابن حبيب، قال مطرف وابن الماجشون وابن القاسم وابن عبدالحكم فيمن شك في طلاق امرأته: أن يؤمر بفراقها ولا يجبر.
قال أصبغ: ذلك يتصرف، أما إن قال: ما أدري أحلفت فحنثت، أو لم أحلف ولم أحنث؟ فهذا لا يومر بفراقها في القضاء ولا في الفتيا، وكذلك التي حلف بطلاقها لا خرجت أو لا كلمت فلانا، ثم يقول: ولعلها كلمته، أو خرجت، ولا أدري يشك في ذلك خبر لم يتيقنه، فليؤمر بفراقها في الاحتياط، وكذلك/ في يمينه على غيره: لا فعل كذا هو مثل الزوجة في هذين الوجهين، فأما الحالف على أمر قد كان، كالحالف إن كنت تبغضينني، أو إن كنت كتمتني، أو حلف على رجل إن كنت كتمتني، فتقول هي: إني أحبك. وتقول هي والرجل ما كتمتك، فهذا من الشك الذي يقضي عليه عندي بالفراق، لأنه أمر قد فات ومضى، وهو منه في شك وقال ابن عمر: يفرق بالشك، وكذلك من أيقن بالحنث، ولا يدري كم حلف أبواحدة أو بثلاث؟ فيلزم الثلاث.
وكذلك لو لم يدر، أحلف بطلاقه أو عتقه أو ظهار أو مشى أو بالله، فيلزم هذه الأيمان كلها بالفتيا والقضاء، إلا ما لا يشك أن لا يجري على لسانه بالشك.
وقاله ابن حبيب إلا في قوله: إن كنت تبغضينني فقالت: أن أحبك، والذي لم يدر أبواحدة أو بثلاثة مع هذين، يؤمر، ولا يقضي عليه، قال الليث وابن القاسم ومطرف وابن الماجشون.
قال ابن الماجشون: وإن قال: طلقت امرأتي طلقة وطلقتين أو قال طلقتين أو طلقة، فإن بدأ بالأكثر، لزمه وإن بدأ بالأقل، ثم شل في الأكثر، لزمه الأقل، [5/139]
***(1/133)
[5/140] وأحلف في الأكثر، وإن زعم أنه شكه قد ذهب، وإن أقام على شكه، فليطق عليه.
ومن كتابي ابن حبيب وابن سحنون، قال مالك، والمغيرة، وإن قال أنت طالق واحدة أو اثنتين أو ثلاثة فالواحدة تلزمه، وهو فيما زاد مخير. وإن قال: أنت طالق ثلاثا أو اثنتين أو واحدة لزمته الثلاث، ويصير متهما في النقصان منها/ وقال سحنون: إن قال أننت طالق واحدة أو اثنتين أو ثلاثة قال: يطلق اثنتين، وتحلف في الثالثة. من كتاب ابن المواز: ومن لم يدر ما طلق، فإن أبتها في العدة حلت له بعد زوج، وتكون عنده على طلاق مبتدأ، وإلا فهي عند أبدا على طلقة.
قال ابن حبيب قال مطرف وابن الماجشون: قال مالك يؤمر بطلاقها ألبتة، فتزول يمينه فإن لم يفعل، ثم ذكر في العدة أو بعدها أنها واحدة، فهو مصدق، قال عبدالملك، في المجموعة ويحلف، قالوا في كتاب ابن حبيب: ويرجع في العدة، ويكون خاطبا بعدها، فإن بقي على شكه، لم تحل له إلا بعد زوج، هكذا إلى ثلاث أزواج، ثم يزول شكه. وقال أشهب وأصبغ: وقال ابن القاسم وابن نافع: يرجع على الشك أبدا، ولو بعد مائة زوج، وكذلك في المجموعة، عن أشهب، كقول ابن القاسم، وزاد: فإن لم يدر وطلقها واحدة أو ثلاثة، فإن أبتها، زال شكه، وإن لم يفعل فلا يتزوجها إلا بعد زوج، ثم تكون عنده على طلقتين، فإن طلقها اثنتين، لم ينكحها الا بعد زوج، ثم تكون عنده على طلقة؛ إذ لعل الأولى ثلاثا، فهكذا أبدأ ترجع في نكاح أول على اثنتين، وفي الذي بعده على طلقة أبدا، حتى يبتها في ملك واحد، ولو لم يدر طلقها واحدة أو اثنتين وأيقن أنه لم يطلق ثلاثا، فلتكن عنده على طلقة للاحتياط، إن ارتجعها في العدة، أو أنكحها بعدها، فإن طلقها اثنتين انقضى شكه/، ولم تكن مسألة، وإن لم يطلقها اثنتين، وطلقها أيضا طلقة، لم تحل له إلا بعد زوج، ثم تكون عنده على اثنتين، هكذا تارة على طلقة، و تارة على اثنتين أبدا، إلا أن يطلقها في بعض ما يرجع إليه، فيزول شكه، وترجع بعد زوج على مالك مبتدأ، ولو طلقها في أول ملك من هذا الشك طلقتين، زال شكه، وترجع بعد زوج على ملك مبتدأ، وإن لم يدر أطلقها اثنتين، [5/140]
***(1/134)
[5/141] أم ثلاثا؟ فإن طلقها في العدة طلقة، صارت مبتوتة، وزال شكه، وإن لم يبتها حتى زالت العدة، لم تحل له إلا بعد زوج، ثم تكون عنده على طلقة، فإن طلقها طلقة، لم ينكحها إلا بعد زوج، فتكون عنده على طلقتين، ثم إن طلقها طلقتين، لم تحل له إلا بعد زوج، فتكون عنده على طلقة، هكذا أبدا، هي بعد زوج على طلقة، وبعد الثاني على طلقتين، وبعد الثالث على طلقة وبعد الرابع على طلقتين، هكذا أبدا حتى يبتها في خلال ذلك.
قال ابن نافع، عن مالك، في رجل قالت له امرأته إنك طلقتني، قال ما علمت، ثم تذكر شهودا، فلم يذكر، قال: إذا لم يعلم ذلك، فلا شيء عليه.
ومن العتبية قال أصبغ عن ابن القاسم فيمن قال إن تزوجتك فأنت طالق، ثم لم يدر ما أراد؟ فإن تزوجها، بانت منه ولها نصف الصداق، ولا ينكحها إلا بعد زوج؛ إذ لعله أراد البتة، ثم إن تزوجها بعد زوج، فطلقها واحدة، لم تحل له هكذا أبدا حتى تبين بثلاث تطليقات؛ لكل نكاح طلقة محسوبة/، فطلقها إياها، ثم ينكحها بعد زوج غيره، وقد اختلف فيها بعد هذا، هل ترجع على الطلاق كله، أو طلقة؟ قال: أحب إلي أن ترجع على طلقة وقاله أصبغ، وقاله أشهب في المدخول بها، وهما سواء.
قال ابن حبيب قال ابن القاسم وأشهب: ومن شك زمانا في طلاق امرأته، ثم قيل له لا شيء عليك فلا شيء عليه.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك في عبد قال لامرأته أنت طالق، فقيل له ما نويت؟ [قال: لا أدري. فهي ألبتة، قال محمد: لأنه لم يقل: لم أنو شيئا، إلا قال لا أدريما نويت]؟ فكأنه نوى شيئا، فنسيه، ومسألة العبد الذي لا يدري ما أراد بطلاق من أجل العمومة مذكورة، بعد هذا قال أصبغ، ومن قال لزوجته: أنت طالق إن كنت حائضا: [فقالت: إنها حائض] فليخل سبيلها، ولو [5/141]
***(1/135)
[5/142] قالت: لست بحائض، فلا يصدقها، وليفارقها، لأن على الشك، إلا أن يعلم ذلك بأسباب تقع على ثقتها. قال ابن سحنون، عن أبيه، في القائل: إن كنت حائضا فأنت طالق، فقالت: أنا حائض، فعلى مذهب ابن القاسم، تطلق، وإن قالت: لست بحائض، فلا يقبل منها وليفارها؛ لأنه لا يدري أصدقته أم كذبته؟ إلا أن ينكشف أسباب ذلك [وقال أشهب: لا شيء عليه إذا قال ذلك على النفي: إني لست بحائض وبه قال سحنون؛ لأن المرأة مدعية].
ومسألة الذي طلق المتطلعة، ثم لم يعرفها في باب من طلق إحدى نسائه. قال سحنون في كتاب الإقرار الثاني فيمن قال لزوجته أنت طالق فيما بين الواحدة إلى الثلاث، كانت طالقا اثنتين، ولو أقر لرجل عليه ما بين درهم إلى ثلاثة، أنه يلزمه درهمان، ولو قال: من درهم إلى ثلاثة/ فاختلف قوله في هذا، فقال مرة تلزمه ثلاثة، ثم قال تلزمه درهمان، وكذلك ينبغي في الطلاق، على اختلاف قول سحنون في الاقرار.
فيمن طلق إحدى نسائه أو أعتق أحد عبيده ولم يعينه أو قال أنت طالق أو أنت أو بل أنت ولا أنت وأنت طالق، أو أمتى هذه حرة
ومن كتاب ابن المواز، ومن له نسوة، فقال: امرأته طالق في يمين، فحنث، وإن قال: نويت واحدة دين. وإن لم تكن له نية، فقال أصحاب مالك المصريون أجمع، ورووه عن مالك: أنهن يطلقن كلهن وقال المدينيون من أصحابه: يختار واحدة مثل العتق، وقول المصريين أحب إلينا، لأن العتق قد يتبعض، ولا يتبعض الطلاق، وقد يعتق في مرضه جماعة، فيجمع في بعضهم بالسهم، ويقول الصحيح: بعضكم حر فيعتق بعضهم بالسهم. [5/142]
***(1/136)
[5/143] ولو قال: بعضكن طالق طلقن كلهن، والعتق مال، والطلاق حد من الحدود، وقاله ابن عباس. قال: ولو قال نويت واحدة ذكرها، صدق مع يمينه، قال ذلك في يمين أو في غير يمين، وكذلك لو كانت على يمينه بينة وقد حلف في حق، وإن قال: نسيتها طلقوا أيضا بالقضاء في هذا وفي الأول، ولو شهد عليه فأنكر، لم تقبل له نية واحدة إن عاد إلى الإقرار. ومن قال لامرأتين له: أنت طالق، وأنت طالق فله الخيار في واحدة، لأنه أفصح بالتخيير، فإن أبى أن يوقع على واحدة، طلقهما عليه الإمام، وكذلك ذكر ابن حبيب، عن أصبغ.
قال ابن المواز: وهذا/ كاليمين كقوله: أنت طالق، وإن لم أطلق هذه، وليس كمن أنفذ الطلاق في واحدة منهن، فصار لكل واحدة جزء من الطلقة، فخيرت عليه، كما قال: أنت طالق، وأنت حرة لأمته، لأوقف عنهما حتى يعتق أو يطلق، فإن طلق، فلا عتق عليها، وإن عتق، فلا طلاق عليه، فإن مات عتقت الأمة، وترثه الزوجة.
وروى عيسى عن ابن القاسم، في العتبية، فيمن قال أنت طالق أو أنت حرة، إن فعل كذا فلم يفعله حتى مات، قترثه الزوجة، وتعتق الأمة في الثلث ولو قال يزيد، أو مبارك حر إن لم يفعل كذا فمات ولم يفعله، فليعتق أحدهما بالسهم، وإن اختلفت قيمتهما، فليعتق أحدهما بالسهم، لا نصف قيمتهما. وروى يحيى بن يحيى، عن ابن القاسم في القائل أنت طالق أو أنت حرة، فحنث، أنه يوقع الحنث على من شاء منهما من طلاق أو عتق. وقال ابن حبيب: في القائل: فلانة طالق، أو فلانة. إن فعل كذا، فحنث، فإن لم ينو واحدة، طلقتا جميعا، وأما من العتق، فيختار.
قال ابن المواز وإن قال لعبديه أنت حر أو أنت. ثم قال لأحدهما ولثالث: أنت حر أو أنت فليوقف حتى يوقع العتق على أحدهم، فإن أوقعه على الأوسط، فالباقيان عبدان، وإن أوقعه على الأول أو على الآخر، فلابد أن يختار أحد الباقيين. [5/143]
***(1/137)
[5/144] ومن كتاب ابن المواز، عن أبيه، ومن قال لامرأتيه: أنت طالق، وأنت طالق. طلقت الأولى، وحلف في الثانية. فإن قال: أنت طالق. أو: أنت حر لعبده إن فعلت كذا. ثم فعله، قال: تطلق عليه المرأة، ويحلف في/ العبد، [أنه ما أراد عتقه فإن حلف رق له وإن أنكر عتق عليه ومن قال أنت طالق أو أنت حر من غير يمين قال تطلق المرأة ويحلف في العبد]، فإن مات قبل أن يحلف في العبد، قال: لا يعتق العبد. وأما إن قال: إن لم أفعل كذا، فامرأتي طالق. أو: عبدي حر. فمات ولم يفعله، قال: ترثه المرأة، ويعتق العبد في ثلثه.
فإن قال: ميمون حر أو مبارك حر إن فعل كذا. ففعله، قال: يعتق ميمون، ويحلف في مبارك. وإن قال: إن لم أفعله. فمات ولم يفعله، فليعتق ميمون ومبارك في الثلث، ويبدا في الثلث بميمون. ولو قال رجل من غير يمين: ميمون حر، أو مبارك. ثم مات، لعتق ميمون من رأس ماله، ومبارك في الثلث؛ لأنه مشكوك فيه، وعليه فيه يمين.
ومن كتاب ابن المواز، ومن نظر إلى امرأة من نسائه مطلقة، فقال لها: أنت طالق. ثم لم يعرفها، فإنهن يطلقن كلهن، قال ابن سحنون، عن أبيه: وإن قال لامرأته ولأجنبية: إحداكما طالق. فلا ينوي – كما قال غيرنا- أيهما أراد، ولكن تطلق عليه امرأته.
ومن كتاب ابن المواز، وهو في العتبية عن أصبغ، عن ابن القاسم، فيمن قال: إن جمعت بين امرأتين فإحداهما طالق. فإن نوى الأولى، أو نوى الآخرة، فهي طالق، وإن لم تكن له نية، طلقتا عليه جميعا.
ومن كتاب ابن سحنون، ومن له أربع نسوة، فقال لواحدة أنت طالق. ثم قال للثانية: لا، أنت، ثم للثالثة: أو أنت ثم للرابعة: بل أنت. وذلك نسق، قال: تطلق الأولى، ولا شيء عليه في الثانية، ويحلف في الثالثة، وتطلق الرابعة. [5/144]
***(1/138)
[5/145] وقال بعض أصحابنا: تطلق الآخرة، ولا شيء عليه في الثانية، وهو مخير في الأولى، والثانية، يطلق إحداهما. فأنكر هذا سحنون/. وإن قال: لواحدة: أنت طالق. ثم قال للأخرى: بل أنت. طلقتا جميعا. ولو قال: لا أنت. طلقت الأولى فقط. ولو قال للثانية: بل أنت، والثالثة. أو: أنت. ففي قول سحنون: تطلق الأولى والثانية، ويحلف في الثالثة. وفي القول الآخر: أن الثانية طالق، ويخير في الأولى والثانية. وهذا الذي أنكره سحنون هو قول أصبغ، وهو في كتابي ان المواز، وابن حبيب.
قال ابن حبيب قال أصبغ: وإن قال: أنت طالق. وللأخرى: لا، أنت. فإذا أراد: لا، بل أنت. طلقتا جيمعا. وإن أراد: لست أنت. لم تطلق الثانية. ولو قال للأولى: أنت طالق، وللثانية: لا أنت. وللثالثة: بل أنت. وللرابعة: أو أنت. لم تطلق الثانية على معنى ما ذكرنا، وتطلق الثلاثة بكل حال، ويخير في الأولى والرابعة؛ يطلق من يشاء منهما، وكأنه لم يقل ذلك إلا لهما.
فيمن مات عن مطلقة لم تعرف أو من خامسة لم تعرف أو عن أم وابنة
روى ابن حبيب عن علي بن أبي طالب، فيمن قال لأمرأة من نسائه الأربع البتة. ثم تزوج خامسة ثم مات، ولم تحفظ البتة المطلقة؛ فإن عرفها/ فذلك، وإلا وقف عن ميراثهن، فلم يرث منهن شيئا. ومن كتاب ابن سحنون، قال محمد: ويعني أن المطلقة مجهولة، والخامسة معلومة. قال سحنون: ومن مات عن امرأتين، واحدة مدخول بها معروفة، وقد كان طلق واحدة منهما، فحملت، وواحدة قد فرض لها، ولم تعلم، فللتي بنى بها نصف صداق المثل، ونصف المسمى؛ لاحتمال أن تكون هي المسمى لها أو [5/145]
***(1/139)
[5/146] لا تكون،وللتي لم بها ربع التسمية، ونصف ربعها؛ لأنها إن كانت المسمى لها. ونوزعت الطلاق، كان لها ثلاثة أرباع المسمى، ثم ينازعها الورثة أن تكون المسمى لها، فيقسم بينها وبينهم ثلاثة أرباع الصداق. ,إن جهلت المدخول بها أيضا، أخذ نصف التسمية، ونصف المثل، وربع المسمى أو ثمنه، فيقسم بينهما، وإن لم يبن بهما، فالمسمى بينهما نصفان بعد أيمانهما؛ وإن فرض لهما، وطلق واحدة لم تعرف، ودخل بواحدة، فللتي بنى بها نصف صداقها؛ لأنها تزول عنها تارة، وتثبت لها تارة، وإن جهلت التي لم يبن بها، فبينهن أربعة أصدقة ونصف؛ فيصير لكل واحدة أربعة أخماس صداقها ونصف خمسه، ولو كان ثلاثة مدخول بهن معروفات، فلهن صداقهن، وللتي لم يدخل بها صداق وصنف، ولكل واحدة ثلاثة أرباع صداقها، وإن/ جهل المدخول بهن، فالجواب كما في المسألة الأولى.
وإذا تزوج ثلاثة في عقدة، وثلاثة في عقدة، وواحدة في عقدة، ومات عنهن، ولم تعرف الأولى، قال أبو محمد: يريد: ولم يبن بهن. قال: فللواحدة ربع الميراث، ولها صداقها، وللستة ثلاثة أصدقة؛ فكل واحدة نصف صداقها.
وإذا كان له امرأتان دخل بإحداهما ولا تعرف، وسمى لواحدة لم تعرف؛ فإن كان حيا وقال: لا أعرف. وادعت كل واحدة أنه بنى بها بتقويض، أو تسمية حلفتا وأخذتا ما ادعتا، وإن مات والمسمى لها معروفة، فالميراث بينهما، وللمسمى لها سبعة أثمان صداقها، لأنه نصفه يثبت بكل حال، ونصفه لا يثبت في ثلاثة أحوال، ويزول في حال، فيسقط ربعه، وللتي لم يسم لها نصف صداق مثلها، لأن الصداق يثبت لها في حالين، ويزول في حالين، ولو لم يعرف المسمى لها أيضا، فإنا نقول: إن منكما مسمى لها مجهولة، وجب لها سبعة أثمان ما سمى لها، كما ذكرنا، وغير مسماة مجهولة، وجب لها سبعة أثمان ما سمى لها، كما ذكرنا، وغير مسماة مجهولة، وجب لها نصف صداق المثل، فيقسم ذلك كله بينهما، وإن كان صداق مثلها مختلفا هذا ستون وهذا أربعون، فاجمع نصف هذا، ونصف هذا، يصير خمسين، فيؤخذ نصفها يكون بينهما مع سبعة أثمان المسمى، كما ذكرنا. [5/146]
***(1/140)
[5/147] وقال بعض أصحابنا فيمن تزوج امرأتين في عقد، وواحدة في عقد، فدخل بالمنفردة، ثم قال لها: أنت طالق. أو أنتما للاثنتين ثم مات، ولم يقل من أراد/، فللمنفردة الصداق بالمسيس، والميراث تارة لها ثلثه، إن كانت [المطلقة وتارة لها جميعه إن كان غيرها] فأعطيناها ثلثيه، وثلث الميراث للاثنين؛ لأن لهما تارة ثلثاه، وتارة لا ميراث لهما إن كانتا مطلقتين، ولكل واحدة ثلاثة أرباع صداقها؛ لأن لها في حال الطلاق نصفه، وفي غير الطلاق جميعه.
ولو قال: أنت طالق ألبته. أو أنتما، فللتي بني بها نصف الميراث؛ لأنه في حال لها جميعه إن لم تكن مطلقة، وفي حال لا شيء لها إن كانت مطلقة، وللتين لم يبن بهما؛ لكل واحدة ربع الميراث.
ولو قال إحداكن طالق. ولم يقل ثلاثا. فللتي بنى بها في حال ثلث الميراث، وتارة نصفه، فالثلث لها ثابت، والسدس يزول عنها في حال، منها نصفه، فيحصل لها خمسة أجزاء من اثنى عشر من صداقها، وللتين لم يبن بهما تارة ثلثا الميراث، وتارة نصفه لواحدة مجهولة، فيصير لها سبعة أجزاء من اثنى عشر، وللتي بنى بها صداقها، ولهاتين صداقان إلا ربعا لكل واحدة سبعة أثمان صداقها؛ لأن إن كان الطلاق في إحداهما، فلهما صداق ونصف، وإن كان في غيرهما، فلهما صداقان، فأخذا منه سبعة أثمان الصداقين.
قال سحنون: أما من قوله إحدامن طالق فصواب، وأما أول المسألة في قوله أنت طالق أو أنتما فلا أقوله، وأرى أن المنفردة طلقت بقوله، ولها ثلث الميراث إن مات في العدة، ولصاحبتها ثلث الميراث، وإن مات بعد العدة، فالميراث لهاتين دون المنفردة، ولكل واحدة منهما صداقها، لأنه إنما/ كان عليه فيهما اليمين، وإن كان الطلاق ثلاثا، فلا ميراث للمنفردة، ولهاتين جميعه مع صداقيهما.
قال سحنون: ومن تزوج ثلاث نسوة في عقود متفرقة، وطلق أولاهن، ولم تعرف، ومات، ولم يبن بهن، وألفيت واحدة أم الاثنتين، فلا ميراث للأم؛ لأنها [5/147]
***(1/141)
[5/148] إن كانت الأولى فهي مطلقة، وإن كانت بعد نكاح إحداهما فسد نكاحها، ولها سدس صداقها؛ لأن لها النصف في حال إن كانت أولا مطلقة، ولا شيء لها في حالين، إذ تكون ثانية وثالثة، فأعطيت ثلث النصف، وليس لأبنتيها ميراث لأنهما إن كان بنى أولا فقد نال أولاهما الطلاق، والثانية نكحت على أختها وذلك فساد، وإن كان بنى بعد الأم، فسد أيضا ذلك عليهما، ولكل واحدة سدس صداقها؛ لأن النصف ثبت لها في حال، ويزول في حالين.
وإذا تزوج واحدة في عقد [وثلاثا في عقد] واثنتين في عقد، ولم تعلم أولاهن، فنكاح الواحدة ثابت بكل حال؛ كانت أولى، أو بعد الاثنتين، أو بعد الثلاث، وأما الاثنتان والثلاثة فيفسد عقدهن في أحوال، ويصح في أحوال، فيؤمر بفراقهن بطلقة، ويعطي لكل واحدة منهن ربع صداقها؛ لأنه لم يبن بهن، فتارة يصح لكل واحدة نصف صداقها، وتارة يبطل، فأعطيت نصف النصف، ولو مات عنهن أجمع، فللواحدة التي يصح في كل حال من المال سبعة أسهم من أربعة وعشرين سهما؛ لأنها تارة تكون مع الاثنتين، لها الثلث ثمانية، وتارة مع الثلاثة، لها الربع ستة؛ فستة لها/ لا يزول؛ سهمان ثبتا في حال، ويزولان في حال، فلها نصفهما سهم، وذلك سبعة. وأما الاثنتان فيصح لهما في حال ثمانية أسهم، وتسقط في حال، فلهما أربعة أربعة، والثلاثة تسعة أسهم بينهما، لأن لهما تارة ثمانية عشر، وتارة لا شي لهما، فأخذت نصف ذلك؛ فال: وللواحدة صداقها كامل، ولكل واحدة من الخمس نصف صداقها، لأنه تارة يزول، وتارة يثبت، فإن دخل بأربع فحملن فالميراث كما ذكرنا، وللواحدة صداقها، ولكل واحدة من الخمس أربعة أخماس صداقها، وخمس ربع صداقها، لأنه لا يشك أن ثلاثة منهن دخل بهن، لهن ثلاثة أصدقة، ونصف آخر، يزول عنهن تارة إن كانت المنفردة هي من المدخول بهن الأربعة، وتارة يثبت لهن إن كانت الرابعة من المدخول[5/148]
***(1/142)
[5/149] بهن، من الخمس اللاتي ليس فيهن المنفردة؛ فذلك أربعة أصدقة، وربع صداق بين خمسة، فيقع لكل واحدة أربعة أخماس صداقها، وخمس أربع صداقها، وعليهن عدة الوفاة والإحداد، يستكملن في ذلك ثلاث حيض، ولا حيض على المنفردة، وإن نكح امرأتين بتفويض، فدخل بواحدة معلومة، وفرض لواحدة ولم يعلم وقد مات، فالميراث بينهما، وللتي بنى بها نصف المثل ونصف المسمى؛ لأنه تارة يصح لها وتارة يزول عنها.
ومن مات عن أم وابنة، ولا يعلم الأولى، فإن بنى بهما فلا ميراث لهما، ولكل واحدة صداقها، وإن لم يبن بها، فالميراث بينهما، ولكل واحدة/ نصف صداقها، وإن بنى بواحدة مجهولة، فكل واحدة نصف صداقها، ونصف الميراث بينهما.
ولو كان قد طلق إحداهما، ولم تعرف، ولا عرفت الأولى، ولم يبن بهما، فلكل واحدة ثلاثة أثمان صداقها، ونصف الميراث بينهما؛ لأن الثانية نكاحها باطل، ولا صداق لها، ولا ميراث، وتارة تكون الأولى مطلقة لها نص الصداق؛ وتارة لا تكون مطلقة فلها جميعه، فأعطيت ثلثه إن باعها، فلما جهلت هذه الأولى التي يرد لها ثلاثة أرباع الصداق، قسم ذلك بينهما، وكذلك الميراث؛ وذلك أن الأولى تكون غير مطلقة فترث، وتارة تكون مطلقة فلا ترث، فلها نصف الميراث، فلما جهلنا الأولى لها ذلك، قسمناه بينهما.
ولو تزوجهما تفويضا وطلق الأولى، فلا صداق لهما، ونصف الميراث بينهما، ولو لم يبن بهما، وواحدة مسمى لها، وطلق واحدة لم تعرف، فنصف الميراث بينهما، لأن الأولى فقط يصح نكاحها، وقد تكون المطلقة فلا ترث، وقد لا تكون فترث، فلها نصف الميراث، وهي لا تعرف، فقسم بينهما ذلك النصف، وصداق واحد بينهما، لأن الأولى تارة لها جميع الصداق، إن كانت مسمى لها غير مطلقة، وتارة لا شيء لها إن كانت لم يسم لها، كانت مطلقة أو غير مطلقة، فأعطيت نصفه، فجعل بينهما. [5/149]
***(1/143)
[5/150] قال ابن سحنون: اصبت هذا لبعض الرواة، وأما أنا فرأيت أن الأولى ثلاثة أثمان الصداق المسمى، يكون ذلك بينهما؛ لأنها إن كانت لم يسم لها؛ فلا شيء لها؛ طلقت أو لم تطلق، فهذه حالان، وإن كانت مسمى لها مطلقة فلها النصف، وإن كانت غير مطلقة فلها الجميع، فإن الصداق يسقط أحد نصفيه في حالين، ويثبت في حالين، فأعطاها نصف النصف، وأرى النصف الآخر يثبت لها في حال؛ ويسقط في ثلاثة أحوال؛ فتأخذ أيضا ربع النصف، فذلك ثلاثة أثمان الصداق للأولى منهما، فلما لم تعلم من هي منهما، كان ذلك بينهما.
في تصرف ألفاظ الطلاق في البتة، والبائنة، والخلية، والبرية، وذكر الثلاث فيمن لم يبن بها ومن قال حبلك على غاربك
من كتاب ابن المواز روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ألزم البتة من طلق بها، وألزم الثلاث من طلق بها وإن عصى وقصى عمر في البتة أنها ثلاث. وقاله علي وعائشة وابن عباس وزيد بن ثابت.
قال ابن ابي حازم: روي عن علي بن أبي طالب، في البتة والبائنة والخلية والبرية، والحرام، ثلاث ثلاث. [5/150]
***(1/144)
[5/151] قال ابن زيد: وكل من أدركت يقول في البائنة إنها ثلاث وقاله أبو الزناد [وقال ابن عمر وابن الزبير] وأبو هريرة، في الثلاث قبل البناء وبعده سواء، ومن التابعين ممن يكثر ذكرهم.
قال ابن حبيب فيمن قال: أنت بتة أو بتة فذلك سواء، وهي ثلاث، ولا ينوي، بني أو لم يبن.
ومن المجموعة قال عبدالملك فيمن قال للتي لم يبن بها: أنت بائنة. إن أراد وصف الطلقة، فهي واحدة/، ويحلف، وإن قال: مبتوتة فهي ثلاثة، وهي وصف المرأة، وبائنة لا يكون وصفا للمرة.
ومن كتاب ابن سحنون، قال سحنون، في القائل: أنت طالق البتة، وأنت مبتوتة، أو: ابتت مني ولا نية له، فالطلاق له لازم، يلزمه عند جميع اصحابنا، بني بها أو لم يبن، قال: وكذلك قوله: أنت باتة مثل قوله مبتوتة ولكن عبدالملك قال: إن قال لها قبل البناء أنت باتة فهي واحدة ويحلف، لأنها صفة الطلقة باتة، بخلاف قوله: مبتوتة وطالق البتة، وهذه صفة للمرأة، ولا يكون قوله: مبتوتة صفة للمطلقة، ولكن للمرأة، وكذلك: ابتنت مني.
قال مالك: وإذا قال للتي لم يبن بها: أنت باتة أو خلية أو برية وقال: أردت واحدة فليحلف إذا أراد نكاحها، أنه أراد ذلك. قال سحنون: ولا يحلف حتى يريد نكاحها، قال عبدالملك: وكذلك قوله فيها: حبلك على غاربك، أو قال لأهلها: شأنكم بها أو انتقلي إلى أهلك يريد الطلاق قبل البناء، يحلف إذا أراد نكاحها، أنها أراد واحدة.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: إذا قال: برئت مني، وبرئت منك، فهي ثلاث، وإن قال: لم أرد طلاقا. لم يصدق وإذا قال- وقد بنى بها: أنت طالق واحدة بائنة أو واحدة خلية فهي ثلاث قال محمد: وأخاف أنه كقوله: واحدة بائنة لا ينوي وقاله أشهب عن مالك. [5/151ٍ]
***(1/145)
[5/152] قال عنه ابن وهب: إن قال: أنت طالق البتة، وقال: أردت احدة، قد علم الله ذلك، مني فلا ينفعه، لأنه أمر قد عرف في الناس، فلا ينفع/ فيه نية.
ومن العتبية، روى عسى، عن ابن القاسم فيمن قال برئت مني، كما برى الأقرع من المشط. قال: قد بانت منه وقال أشهب عن مالك، في قوله: حبلك على غاربك فهي ثلاث في الدخول بها، فإن لم يدخل بها، فعسى أن تكون واحدة، ولو ثبت عندي أن عمر قال هذا ما خالفته. وقال بعض أصحابنا البغداديين: يحتمل أن يكون ما جاء عن عمر أنه في التي لم يدخل بها، ولم يذكر في الحديث أنه بنى بها أو لم يبن فهو محتمل، وذكر أبو الفرج في كتاب رواية الأشهب، عن مالك في الخلية والبرية، أنه منوى فيها في التي بنى بها.
باب في قوله خليتك وسرحتك وفارقتك وخليت سبيلك، وطلاق الأعجم
من كاتب ابن المواز قال مالك فيمن قال لأهله قد فارقتك، أو قال: خليت سبيلك، فهو سواء، وقد اختلف قوله في ذلك، وصح قوله أنه ينوي في التي بنى بها؛ فإن لم تكن له نية، فهي ثلاث، وفي التي لم يبن بها واحدة، إلا أن يريد أكثر، وقاله ابن القاسم، وابن عبدالحكيم، وقال في الفراق: وإن نوى شيئا إلا فقد بانت. والأول أحب إلينا واختلف قول مالك فيها.
قال ابن المواز: في:خليت سبيلك فروى ابن القاسم ينوي ويحلف، وروى عنه ابن وهب: هي واحدةحتى يريد اكثر وبهذا أخذ ابن عبدالحكم؛ وأخذ أصبغ، ومحمد بقول ابن القاسم: أنها ثلاث، وإن لم ينو شيئا، وإن نوى دونها، فله نيته، ويحلف/ وروي عن أشهب، أنها البتة، ولا ينوي، وروي عنه أنها واحدة حتى يريد أكثر، وسرحتك مثله. محمد: ولعل القول الثاني، في التي لم يبن بها.
[5/153] قال ابن القاسم: وإن قال في خليت سبيلك أو فارقتك: لم أرد طلاقا فهو أشد، وهي ألبتة قال ابن المواز: وسرحتك وخليتك مثله، إلا أنه إن قال في هذا لم أرد طلاقا فذلك له ويحلف، ولا يقبل منه هذا في خليت سبيلك.
قال محمد: ويقبل منه في: خليتك، وسرحتك أنه لم يرد طلاقا، ويحلف مال يكن جوابا لسؤالها للطلاق فلا يقبل منه؛ ويكون كمن بدأ بالطلاق؛ فإن نوى واحدة، حلف وصدق، وإن لم تكن له نية ولم يحلف فهي ثلاث. وقال أشهب، في: سرحتك فهي واحدة، حتى يريد أكثر. قال ابن شهاب: إن قال بسراح فهي واحدة إلا أن ينوي أكثر.
ومن كتاب ابن المواز، من سماع ابن القاسم، في عبد اعجمي عاتبه سيده في أمة له تحته فقال: قد فارقتها، قال: يسأل؛ فإن عرف ما أراد وإلا فهي البتة، إذا كان لا يدري من أجل العجومة قال ابن القاسم، في العتبية: كأني رأيت محمل قوله: إذا لم يعرف الطلاق أنه إنما أراد أن يبرأ منها، فلذلك ألزمه البتة.
وروى عيسى عن ابن القاسم وذكر قوله لامرأته، في شأنك بأهلك ثم قال: وكذلك قوله فارقتك وخليت سبيلك هي ثلاث في التي بنى بها، إلا أن ينوي أقل، فله نيته، ويحلف، وهي في التي ل يبن بها واحدة حتى ينوي أكثر، وقاله مالك، وقال أيضا هي ثلاث في التي لم يبن بها حتى/ ينوي أقل.
قال ابن القاسم: سرحتك وسرحت سبيلك مثل خليت سبيلك، وقال مالك: وفارقتك وسرحتك سواء هو ثلاث في المدخول بها حتى ينوي أقل فيحلف. وقال ابن القاسم في سرحت بعض الضعف، والقياس أن ذلك كله سواء، فإن لم يبن بها فهي واحدة في ذلك كله، حتى يريد أكثر. [5/153]
***(1/146)
[5/154] فيمن قال لأهله وهبت لك نفسك أو طلاقك أو وهبتك لأهلك والحقي بهم أو رددتك إليهم أو قال لهم شأنكم بها أو وهبتها لكم أو نحو هذا
ومن كتاب ابن المواز، روى ابن وهب عن مالك فيمن قال لأهله وهبتك لنفسك: أنها ثلاث، كقوله: وهبتك لأهلك، ولا ينوي في هذا، إلا في التي لم يبن بها، ويحلف؛ فإن نكل، قال أصبغ: يلزمه الثلاث. قال ابن العزيز: وكذلك وهبتك لأبيك.
قال مالك: وكذلك لو قال لأهلها: وهبتها لكم، قال ابن القاسم: إن قال وهبتك طلاقك فهي البتة، ولا ينفعه أن يقول نويت واحدة وكذلك وهبت لك نفسك، أو فراقك ولا ينظر فيه إلى قول المرأة: قبلت، أو لم تقبل، إلا عند خلع فتقبل منه، وكذلك في العتبية من رواية أصبغ عنهم، وقال: ولا ينظر إلى قبولها، إلا أن يكون قال: إن أعطيتني كذا، وهبتك طلاقك. أو فراقك فلا شيء عليه، حتى تقبل، ويحنث بقبول أو فعل، وتنفعه/ النية إن أراد الواحدة، أو بسبب صلح، أو خلع، وإلا لزمه الثلاث.
ومن كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم ولو قالت له بلغني أنك تريد فراقي فلا تفعل، وهب لي ذلك، فقال قد وهبت لك طلاقك فلا شيء عليه، إذا كان هكذا، أو قالت له هب لي نفسي هذه المرة أو قال ذلك له أهلها، فلا شيء عليه.
قال ابن القاسم: قال مالك: ومن قال لأهل امرأته: شأنكم بها فإن لم بين بها فهي واحدة، إلا أن يريد أكثر، وإن بنى بها، فقد بانت، ولا نية له، كالموهوبة.
وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم، وذكر ابن حبيب مثله عن ابن [5/154]
***(1/147)
[5/155] القاسم، وذكر عنه في التي لم يبن بها أنها واحدة، على حديث ابن القاسم يراه في التي يبن لها، وذكر عن أصبغ انها ثلاث، بنى بها أو لم يبن، إلا أن ينوي واحدة، كالموهوبة [انظر لعله يريد في التي لم يبن بها وذكر ابن عبدالحكم وإن قال في المدخول بها نويت واحدة فذلك له] وقال ابن الماجشون، عن مالك مثل رواية ابن القاسم، وروى عن أشهب وابن وهب أنها البتة. قال وقال أشهب: إذا قال لأهلها شأنكم بها فهي ثلاث، لا ينوي إلا أن يكون قبل ذلك كلام يدل أنه لم يرد به الطلاق، وأما إن قال لها: شأنك بأهلك، إنه ينوي.
ومن العتبية قال عيسى عن ابن القاسم، قوله شأنكم بها وشأنك بأهلك سواء، وينوي في التي لم يبن بها، وهي ألبتة في التي بنى بها، وقال ابن سحنون: وكذلك قال ابن كنانة وسحنون.
ابن المواز: قال مالك: وإن قال اذهبي إلى بيت أقل. فلا شيء عليه، إذا لم يرد طلاقا، وإن أراد، فهو ما أراد منه، مثل الحقي بأهلك: ويحلف/.
قال مالك، في القائل الحقي بأهللك فليس لك عندي سعة، فإلى أهلك لا إلي فليس بالطلاق البين، ويحلف ما أراد طلاقا، ولكن أردت أن تذهب إليهم فتعيش، وكذلك انتقلي إلى أهلك أو قال لأمها: انقلي إليك ابنتك، وزاد في العتبية، من سماع ابن القاسم ثم لقيها بعد ذلك فأعطاها دنانير كانت لابنتها عنده، ثم قال انقلي إليك ابنتك، قال في الكتابين: ثم سئل فقال: لم أرد طلاقا وأردت تخويفا، حلف وصدق، وإن أراد طلاقا، فهو ما أراد منه ومن الكتابين، قال أشهب: عن مالك:وإذا قال: اذهبي إلى بيت أهلك فقالت: على ماذا؟ فقال على طلقة فقالت: لا فقال: علي طلقتين، فجلست، قال: فقد لزمه طلقتان. [5/155]
***(1/148)
[5/156] قيمن قال لأمرأته أنت علي حرام وما شاكل ذلك من مسائل تحريمها
قال ابن المواز وغيره: قال علي بن أبي طالب وزيد من ثابت في الحرام: إنها ثلاث.
ومن كتاب ابن حبيب، قال أصبغ: إذ قال: الحلال علي حرام. أو حرم علي ما أحل الله لي أو ما انقلب إليه حرام، أو: انقلبت إلى حرام، فذلك كله تحريم لازم، ما لم يحاش امرأته. وأما قوله: علي حرام فليس بشيء، وكأنه قال تقلبت في حرام، وكأنه قال: زنيت.
قال ابن المواز: إذا قال علي حرام فلا شيء عليه، حتى يقول: الحلال علي حرام فيلزمه في الزوجة ما لم يحاشها.
وفي/ كتاب الأيمان من هذا زيادة [قال عبدالعزيز بن أبي سلمة في كتاب ابن سحنون في الاملاء إذا قال الرجل لامرأته أنت حرام وقوله حرم علي ما حل لي منك فهي تطليقة واحدة إن لم ينو البتة وتكون له الرجعة].
قال ابن حبيب: وإن قال لامرأته: فرجك علي حرام أو دبرك علي حرام فقد حرمت عليه، إلا أن يريد في الدبر حكاية ما جاء في ذلك، ولم يقصد التحريم فلا شيء عليه.
ومن العتبية أشهب عن مالك، فيمن قالت له امرأته: مالي عليك حرام، فقال لها: وأنت علي حرام، فإن أراد جواب قولها في تحريم مالها، يقول: وأنت علي حرام أن أظلمك في مال أو عرض، فلا شيء عليه، وإن أراد تحريمها وفراقها، فقد بانت منه قال ابن المواز: والقائل: علي حرام، فسواء حاشى زوجته، أو خص غيرها، لا شيء عليه، ويحلف. ولو قال لغريمه ما أنقلب إليه من أهلي حرام [5/156]
***(1/149)
[5/157] لأقضينك وقال نويت من خدم ومال فليس ذلك له ويحنث؛ كانت عليه بينة أو لم تكن. وإن قال: ما أعيش في حرام ولا نية له، فلا شيء عليه.
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: ومن قال لزوجته أنت علي كالميتة أو كالدم أو كالخنزير في يمين فحنث، فهي ثلاث، ولا يقبل منه أنه لم يرد طلاقا وقال عنه أشهب، فيمن قال: رأسي من رأسك حرام، قال يلزمه الطلاق. قال عيسى عن ابن القاسم، في العتبية وجهي من وجهك حرام فهي ألبتة؛ وكذلك قوله: أنت أحرم من أمي علي فهي ألبتة.
ومن كتاب ابن المواز، قال أشهب: فيمن قال: كلامك علي حرام، فقد حرمت عليه، ولا ينوي أنه لم يرد الطلاق قال ابن عبدالحكم، وغيره: لا/ طلاق في ذلك، أرأيت من قال سعالك علي حرام أو بزاقك؟ وبهذا قال ابن المواز؛ وقال: حرم الله النظر إلى أزواج النبي صلي الله عليه وسلم، ولم يكن الكلام منهن حراما على من سمعه منهن وقال سحنون في الكلام والشعر لا شيء عليه في طلاق ولا عتق.
ومن العتبية، روى عيسى عن ابن القاسم، فيمن قال: حلفت بالطلاق حتى أن امرأتي تحتي حرام قال: يحلف ما أراد طلاقا ولا أن امرأته عليه حرام، ولا شيء عليه. قال أصبغ: من استحلف غريمه بالحلال عليه حرام، فحلف، وهو جاهل يظن أن الطلاق لا يدخل في ذلك، فيحنث، قال: يلزمه، ولا ينفعه جهله، وهو من ألفاظ الطلاق. وذكر مثله ابن حبيب عن أصبغ وزاد: ألا ترى الأعجمي يحلف بالطلاق، ولا يدري ما هو، ولا حدود فيلزمه ما يلزم العالم به: ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه: ومن حلف بالحلال عليه حرام، ونوى واحدة، وهو لم يبن بها، فحنث بعد البناء، وقامت على يمينه بينة، فلا يقبل ما نوى [5/157]
***(1/150)
[5/158] بعد البناء؛ لأنها يوم الحنث من لا ينوي فيها. قال ابن سحنون: قال بعض اصحابنا: إلا أن يعلم ذلك من البينة، فلا يلزمه إلا طلقة، وله الرجعة، وإذا لم تقم بينة، وجاء مستفتيا، فله نيته فيما وبين الله يريد: بعد البناء.
قال سحنون: إذا حلف قبل البناء بالحرام أو الخلية أو البرية ثم حنث بعد البناء، وقال: نويت واحدة، أن ذلك له، وله الرجعة. وفي الباب الذي يلي هذا/ فيمن قال حلفت بطلقة بائنة قبل البناء، ثم حنث بعد البناء.
فيمن باع امرأته لضرورة أو لغير ضرورة
من العتبية قال عيسى عن ابن القاسم فيمن أصابته مسغبة فباع امرأته واقرت له بذلك قال: يعذران بالجوع، ولا يحد، وتكون طلقة من زوجها بائنة، وبلغني ذلك عن مالك، ويرجع عليه المشتري بالثمن. وروى عبدالملك بن الحسن، عن ابن وهب، فيمن باع امرأته، قال: لا يكون طلاقا؛ فإن طاوعت، وأقرت أن المشتري أصابها طائعة فعليها الرجم.
وفي رواية أسد عن ابن القاسم، أن بيعه طلاق، وقال سحنون، عن ابن نافع: طلقة بائنة قال سحنون: غاب عليها المشتري أو لم يغب. وقال أصبغ: من باع زوجته هازلا أو زوجها هازلا، فليس بطلاق، فإن كان جادا في الوجهين، فهو البتات ومن كتاب ابن المواز: قال:ومن باع امرأته فقال ابن عبدالحكم، وأصبغ: قد حرمت عليه، كالموهوبة وهذا أحب إليى من قول ابن القاسم. [5/158]
***(1/151)
[5/158] فيمن قال أنت طالق ولا نية له أو نوى ألبتة أو قال نويت من وثاق أو شيئا يسمى به أو قال يا مطلقة أو طالق أبدا إذا طلق من جعل بالربدة
من كتاب ابن المواز، قال مالك، فيمن قال أنت طالق، ولا نية له، فهي واحدة، وإن قال: نويت واحدة. فلا شيء عليه. قال ابن القاسم/ وكذلك في قوله لها أنت الطلاق فلا يمين عليه إن نوى واحدة قال مالك: وناس يقولون هي واحدة وإن نوى البتة، وما ذلك بالبتة، وأنا أكرهه ورأى مالك إن نوى البتة أن تلزمه.
قال ابن سحنون، عن أبيه، فيمن قال: أنت طالق، ولا نية له، فهي واحدة إلا أن يكون نوى شيئا ونسيه، فلا يقيم عليها، وليفارقها ولا يرتجعها إلا أن يذكر في العدة أن ذلك أقل من الثلاث، فيحلف، وذلك له وإن قال: أنت طالق، تطلق من حمل بالربدة فهي البتة ولا ينوي وإن قال: أنت طالق أبدا فهي ألبتة، ولا ينوي وإن قال: أنت طالق أبدا، فهي ألبتة، وله نكاحها بعد زوج، ما لم يرد: كلما نكحتك.
قال محمد لمن قال أنت طالق كل يوم أبدا وإن قال: أنت طالق ثم قال أردت من وثاق، قال مالك: لا تنفعه، إلا أن يكون جوابا لكلام كان قبله.
قال ابن حبيب قال الزهري فيمن اسم امرأته مدينة، فقال: مدينة طالق، وقال: نويت مدينة من المدائن، قال: لا يطلق الجدر. قال: وقال قتادة في قوله: تعالي يا مطلقة فإن كانت قد طلقت مرة، طلقها هو أو غيره ونوى ذلك، فهي تلك، وإلا فهي واحدة.
ومن كتاب ابن المواز قال أصبغ قال ابن القاسم وإن قال: يا مطلقة يريد أنها في الكلام كالمطلقة فلا شيء عليه. قال أصبغ أو يريد كسوة لها، وعزل الطلاق، أو ينوي أنها مطلقة مرة، وكذلك في العتبية عنه. قال أصبغ: وإن لم يقر [5/159]
***(1/152)
[5/160] بها زوجها، إذا لم يعن طلاقا، أو عزل الطلاق، فلا شيء عليه. قال ابن سحنون، عن أشهب/، فيمن قال: علي الطلاق إن فعلت كذا، فحنث ثم قال: إنما نويت أن علي الطلاق كما هو على الناس لازم لهم لم ينفعه، وهي طالق واحدة، ولو نفع من قال: أردت من وثاق.
ومن كتاب ابن حبيب ومن قال أنت طالق، ثم قال: أردت شيئا فأنسيت فهي ثلاث. كذلك إن قال: ما أدري أردت شيئا، أو لم أرده؟ فإن قال لم أنو شيئا. فهي واحدة.
فيمن قال لامرأته أنت طالق طلقة بائنة أو طلاق الخلع أو الصلح أو طلاق الحرج أو طالق لا رجعة لي عليك أو اشترت منه عصمته ومن قال لا عصمة لي عليك
من العتبية وروى يحيى عن ابن القاسم، فيمن قال أنت طالق واحدة بائنة فهي ألبتة في التي بنى بها، وإن قال: هي طالق طلاق الخلع فهي واحدة بائنة، وكذلك إن قال: خالعت امرأتي أو باريتها أو افتدت مني، لزمته طلقة بائنة. قال أصبغ: وإن قال لها: أنت صلح أو: طالق طلاق الصلح، أو قد صالحتك، أو يقول: اشهدوا أني صالحت امرأتي. وهي غائبة أو حاضرة، راضية أو كارهة، أخذ منها عوضا أو لم يأخذ، فهي طلقة بائنة. وكذلك قوله: أنت مبارأة أو: طلقتك طلاق المبارأة أو: قد بارأتك رضيت أم لم ترض والقائل: أنت طالق طلقة بائنة قالوا: قوله: طالق طلقة.كأنه قال: أنت بائنة وكذلك قوله، أنت طالق طلاق الصلح فإنه ما قبله وجعله صلحا.
وقال ابن حبيب قال مطرف فيمن قال أنت طالق طلاق الصلح، أو أنت صلح فهي طلقة، وله / الرجعة، ولا يكون طلاق صلح إلا بعطية. وقال ابن [5/160]
***(1/153)
[5/161] الماجشون هي ألبتة وكذلك إن قال: أنت طالق كما طلق فلان امرأته وقد كان فلان خالع امرأته.
ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن قال أنت طالق، ولا رجعة لي عليك، فله الرجعة، قال ابن عبدالحكم: إذا قال: أنت طالق، لا رجعة لي عليك. فهي ألبتة محمد: كأنه قال طلاق لا رجعة لي عليك فيه، وإذا أدخل الواو، فقد أفرد الطلقة، ولم يجعلها طلقة لارجعة فيها.
قال ابن سحنون عن أبيه فيمن قال لامرأته قبل البناء: أنت طالق طلقة بائنة أو: أنت طالق بائن إن فعلت كذا وكذا ثم يبني بها ثم فعل ما حلف ألا يفعله: إنه حانث بالثلاث ألبتة، ولا ينفعه قوله: كنت نويت واحدة. وفي الباب الذي قبل هذا في الحرام والخلية يحلف بها قبل البناء ويحنث بعد أن له نيته وذكر ما فيه من القول والاختلاف.
ومن كتاب ابن المواز، وإذا قال أنت طالق طلاق الحرج فقيل: تلزمه طلقة، إلا أن يريدا ألبتة، قال محمد: بل تلزمه ألبتة، وقد رويت. وإن قال: أنت طالق طلاق الخلع. أو: طلاق الصلح. فقال عبدالملك: هي البتة، قال ابن عبدالحكم؛ ثم رجع: فقال: واحدة بائنة. واختلف فيها ابن القاسم واشهب؛ فقال أحدهما: هي ألبتة، وقال الآخر: هي واحدة. قال ابن سحنون، عن أبيه: هي ثلاث قال: وقال في امرأة اشترت من زوجها عصمته عليها، ورضي بذلك، فهي ثلاث، لأنها ملكت جميع ما كان يملك من عصمتها/ وقال بعض أصحابنا؛ ابن القرطي، وعبدالله بن إبراهيم، في القائل لزوجته: لا عصمة لي عليك: إنها ثلاث إلا أن يكون معها فداء فتكون واحدة، حتى يريد ثلاثا.
[قال أبو محمد: ذلك صواب؛ لأن ابن القاسم قال في المدونة] في القائل لعبده مبتدأ: لا ملك لي عليك أنه عتق. وإن قال لزوجته: لا ملك لي [5/161]
***(1/154)
[5/162] عليك فلا شيء عليه إن كان الكلام عيانا يريد ولو كان كلامه مبتدأ، لكان البتات، كما قال في العتق، وكذلك قوله: لا عصمة لي عليك.
فيمن طلق امرأته طلقة كبيرة أو عظيمة أو طويلة أو شديدة أو قبيحة أو أحسن الطلاق أو أقبحه ونحو هذا
من كتاب ابن سحنون، عن أبيه، ومن قال لامرأته: أنت طالق واحدة عظيمة. أو قال: كبيرة أو شديدة أو طويلة، أو خبيثة، أو منكرة، أو مثل الجبل. أو مثل القصر، أو انت طالق إلى الصين، أو إلى البصرة. فذلك كله سواء، وهي طلقة، وله الرجعة حتى ينوي أكثر. وإن قال: أنت طالق خير الطلاق. أو أحسنه. أو جميله، أو فضله. فهي واحدة حتى ينوي أكثر. فإن قال: أنت طالق أكثر الطلاق. قال عددا أو لم يقل، فهي ثلاث. وإن قال: أنت طالق أقبح الطلاق. أو أسمجه، أو قال أشره. أو أقذره. أو أنتنه، أو أبغضه فهي ثلاث.
قال سحنون: وأكمل الطلاق عندي مثل أكثره/، يكون ثلاثا، وإذا قال: أنت طالق بخلاف السنة. أو: على خلافها. فهي واحدة، إن لم يكن له نيه، وكأنه قال لها: أنت طالق إذا حضت، أو قال: في طهر، وطئتك فيه.
فيمن نوى الطلاق بقلبه ولم ينطق به أو أراد اللفظ به فلفظ بغيره أو تكلم به ليحلف به أو ليطلق ثم أمسك ومن توسوسه نفسه، ومن قال لامرأته أنت حرة ولأمته أنت طالق
ومن كتاب ابن المواز، قال مالك: ومن طلق بقلبه ثلاثا محجعا على ذلك، فلا شيء عليه. قال ابن عبدالحكم: وقد قيل: إنها تطلق عليه، وليي بشيء. [5/162]
***(1/155)
[5/163] قال أبو محمد: وهي رواية أشهب عن مالك في العتبية. ومن كتاب آخر: والإشارة بالطلاق طلاق، أشار بيده أو برأسه، وقال الله تعالى: "أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا". فجعله كالكلام. وقد قال مالك، في الذي أشار برأسه، أن نعم في الإقرار يدين: أنه يلزمه، وطلاق الأخرس إشارة.
ومن المجموعة قال أشهب فيمن أراد أن يطلق فلفظ بغير لفظ الطلاق فليس بشيء إلا أن يريد أنها بذلك اللفظ طالق إذا قلته. وكذلك العتق، وإن كان إنما يقول هذا اللفظ بعينه، هوعتيق، لا أراه عتقا، كما لو ظن أنه من دخل الدار طلقت امرأته، أو من قبل امرأته صائمة طلقت، فقبلها صائمة فلا شيء عليه.
روى عيسى عن ابن القاسم فيمن توسوسه نفسه بالطلاق أو يتكلم به/ يريد تيقنه، أو يتشككه، قال: فلا شيء عليه، ويقول الحبيب فعلت فلا شيء عليه. ومن كتاب آخر وقال رجل لأبي حازم: إن الشيطان يقول إنك طلقت امرأتك، فقال: كما قال لك. فقال: لا تفعل يا أبا حازم. فقال: قل هذا الشيطان.
ومن كتاب ابن المواز: ومن قال: أنت طالق. على أن يقول: ثلاثة. أو: ألبتة. ثم سكت عن ذلك في يمين أو في غير يمين، قال: لا يلزمه الثلاث حتى يريد بقوله: أنت طالق. يريد بتلك الكلمة: ألبتة.
ومن كتاب ابن حبيب، ومن قال لامرأته: أنت حرة. أو لأمته، أنت طالق. غلطا فلا شيء عليه، حتى ينوي أنها بذلك اللفظ طالق في الحرة وحرة في الأمة. وقال ابن الماجشون: إن قال لامرأته: أنت منى حرة ولأمته: أنت مني طالق. أو أنت طالق لوجه الله. فأمته حرة، وامرأته طالق. فلا اسأله عن نيته. وبعد هذا باب في تكلم بالطلاق معتذرا، فظن أنه قد لزمه. [5/163]
***(1/156)
[5/164] ومن العتبية، أراه من سماع يحي، قال ابن القاسم، عن مالك، في من حلف؛ امرأته طالق. إن كلم فلانا وكان بدء كلامه (على أن يقول:) أبدأ. فبدا له، وقال: شهرا. موصولا بيمينه، قبل يصمت، قال: ذلك له.
باب مكني الطلاق وما لم يلزمه به الطلاق من الألفاظ المحتملة للطلاق وغيره البتات في ذلك
من كتاب ان المواز قال أشهب وبيعع، فيمن قال لامرأته: لا سبيل لي إليك. فإن أراد الطلاق، لزمه ما أراد منه، وإن لم يرد الطلاق دين. قال محمد: ويحلف. قال: وإن قال: احتالي لنفسك/. فكذلك، يلزمه ما أراد من الطلاق، وإن لم يرد الطلاق دين. محمد: ويحلف في ذلك كله إن رفع أمره، وإن قال: لا حاجة لي بك. وقال: لم أرد طلاقا دين وحلف. وكذلك قوله: ليس بيني وبينك حلا، ولا حرام. ومن قال: لست مني بسبيل ألبتة. فاختلف فيها، رأي عمر بن عبدالعزيز أن يدينه ذلك. ومن قال: ما أنت لي بامرأة، أو: لم أتزوجك. أو قيل له: هل لك امرأة؟ فقال: لا. فلا شيء عليه حتى يريد الطلاق. قال أصبغ: فيكون البتات إلا ينوي أقل. وكذلك: لا نكاح بيني وبينك. أو: لا ملك لي عليك. أو: لا سبيلي لي عليك. إلا أن يكون الكلام عتابا فلا شيء عليه حتى ينوي الطلاق.
ومن كتاب ابن حبيب، قال مطرف، وابن الماجشون، وابن القاسم: ومن قال لامرأته: جمعي عليك ثيابك، ولا حاجة لي بك. أو الحقي بأهلك. أو: لا نكاح بيني وبينك. أو: لا سبيل إليك. أو: لست مني بسبيل. أو: اذهبي، لا ملك لي عليك. أو: لا تحلين لي. أو: احتالي لنفسك. أو: أنت سائبة. أو: [5/165]
مني عتيقة. أو: ليس بيني وبينك حلال ولا حرام. أو: لم أتزوجك. أو تقنعي. أو: استتري عني. أو: لست لي بامرأة. أو: لا تكوني لي بامرأة حتى تكون أمه أمرأته. أو: يا مطلقة. أو: اعتزلي. أو: تأخري عني. أو: أخرجي. أو: انتقلي عني. وشبه ذلك، فذلك كله سواء، بني أو لم يبن، لا شيء عليه، إلا أن ينوي طلاقا، فيكون ما نوى.
قال أصبغ: فإن لم ينو شيئا، أو نوى / الطلاق، فهو ثلاث حتى ينوي أقل. ومن قال لامرأته: قد أذيتني، فقد حللت عقالك. قال ابن الماجشون: تطلق بالبتة. ومن كتاب ابن المواز، وهو لمالك،
ومن قال لزوجته: أتحبين أن أفارقك؟ فقالت: ما شئت. فقال: قد شئت. وقال: إنما شئت أن أحبسك. قال: هو طلاق، كقوله: قد فعلت. ويحلف ما أراد إلا واحدة، قيل: هو يقول: لم أفارق. قال: تجعل واحدة. قال: وإن قال إن شئت أن تقيمي، وإن شئت فالحقي بأهلك. فقالت: قد لحقت بأهلي، فإن أراد الطلاق، فهو ما أراد؛ وإن قال: لم أرده، وإنما أردت تخويفا. حلف، ولا شيء عليه. وقال ابن شهاب: هي واحدة، وإن أراد الطلاق، فهو ما نوى. وإن قال لها، في منازعة: إجمعي عليك ثيابك. وقال: لم أرد طلاقا.
وإنما أراد تخويفا. حلف وصدق. وإن قال لأبيها: اقبل مني ابنتك. فقال: قد قبلتها فقال: على أن ترد علي مالي. قال: قد بانت منه ولا شيء له ما لم تكن ذلك منه نسقا. وإن قال لها: اعتدي. فهي طلقة، وله الرجعة حتى ينوي طلقة بائنة، فتكون ألبتة. وإن قال لها: اذهبي وتزوجي، فلا حاجة لي بك. أو قال لأمها: زوجيها ممن شئت فلا حاجة لي بها فلا شيء عليه ما لم يرد بلفظ ذلك الطلاق.
وكذلك روى عيسى، عن ابن القاسم في العتبية. قال ابن المواز: قال أصبغ: فإن هي زوجتها بعد تمام عدتها من يوم قال ذلك وهو حاضر عالم فقد [5/165]
***(1/157)
[5/166] بانت منه ولا يقبل قوله: إني لم أرد طلاقا، فإن قال: أردت واحدة. دين، وحلف. قال محمد: وإن عرف أن ذلك ليس بطلاق فألزم نفسه به الطلاق فألزمه ما ألزم نفسه منه، فأما إن ظن أن ذلك طلاق فتركها، فاعتدت فلا يضره ذلك حتى يتزوجها غيره، فتعتد من الاثنين، إلا أن تتزوج بعلمه وتسليمه فيلزمه الطلاق ويفسخ نكاح الثاني؛ لأني إذا لم ألزمه الطلاق إلا بتزوجها، فإنما ألزمها العدة من يوم تزوجت.
وهذا باب آخر فيما يلزم به الطلاق من القول وما لا يلزم وجامع مسائل هذا المعنى وما يشبهه ومن قال في لفظ الطلاق كنت لاعبا، أو نذر الطلاق نذرا
من كتاب ابن المواز، قال أشهب عن مالك: ومن قالت له أم زوجته: إنك معها في حرام. فقال: لا . قالت: بلى. قال: فاشدد يديك بها، فلا تزوجها إلا الخليفة. وقال: لم أرد طلاقا. فيسأل؛ فإن أراد أن يثبت أن ما قالت حق، وأنه لم يرد طلاقا حلف، ودين.
قال الشيخ أبو محمد عبدالله بن أبي زيد، رحمه الله: هكذا في الأم، وما أراه إلا إن كان ما قالت حقا، كالمكذب لها. قال في العتبية: فإن لم يحلف، طلقت بالبتة. قال في كتاب ابن حبيب: هي واحدة/. قال أصبغ وإن لم تكن له نية فلا شيء عليه إلا أن يريد تصديقها، فيحنث. ومن العتبية قال سحنون، فيمن أراد البناء بزوجته في ليلة، فامتنع أهلها، فقال لهم: لا حاجة لي بها. فإن لم
يرد طلاقا فلا شيء عليه. [5/166]
***(1/158)
[5/167] قال أبو زيد، عن ابن القاسم، فيمن دعا امرأته إلى الوطء، فأبت، فقال: إن قمت ولم تفعلي ما دعوتك إليه فما أنت لي بامرأة. يريد به الطلاق، فدق رجل الباب فقامت ولم ينو واحدة ولا أكثر، قال: هذا يقبل، وكأنه يرى أن تلزمه البتة.
ومن كتاب ابن سحنون، عن أشهب، وهو في كتاب ابن المواز لأشهب، فيمن قال لامرأته: قد شاء الله أن أطلقك. ولعبده: قد شاء الله أن أعتقك. فلا شيء عليه، إن لم يرد بذلك عتقا، ولا طلاقا وقاله سحنون قال، في كتاب ابن المواز: وهذا كاذب على الله سبحانه، ولو قال: قد شاء الله أنك طالق. فهي طالق. وقاله أصبغ. وكذلك في العتبية.
ومن كتاب ابن المواز: ومن توجه إلى سفر، فقال لزوجته: هذا فراق بيني وبينك. أراد: يفزعها، ولم يرد الطلاق؛ قال ابن القاسم: أخاف أن تكون قد بانت منه. قال أصبغ: هذا للشر الذي كان بينها. [وبه استوت المسألة، وإن (كان) فيها بعض الضعف. ولو أراد بذلك سفره] خاصة، وخروجه عنها ، لم يكن عليه شيء.
ومن العتبية روى أشهب عن مالك، فيمن قال لامرأته: إن خرجت من بيتك فهو فراق بيني وبينك، فخرجت، فقال له مالك: ما نويت؟ قال: لم أنو شيئا. قال: أحب إلي ألا يقربها، وأن يدعها.
ومن كتاب ابن المواز، وإذا/ سألها الرجوع إلى بيتها وقد عصت، فأدبر عنها، وهو يقول: طالقة البتة. لا يردد الطلاق، ولكن لتسمع فترجع، قال له ابن القاسم: أعليك بينة [؟ قال: لا . قال : ولم ترد طلاقا؟ قال: لا. قال: لا شيء عليك. قال أصبغ: ولو كانت بينة لدين] لأنه لم يقل: أنت. ولا [5/167]
***(1/159)
[5/168] سماها، ولا هو جواب لكلام لها. قال: يريد ابن القاسم: وإذا قيل له: فارقت امرأتك؟ قال: نعم. فهي واحدة، ويحلف، فإن نكل، فهي البتة. وقاله أصبغ، [ولو قال قد كان ذلك ثم قال كنت لاعبا فقد لزمه ذلك] ولو قال: أجل.
وقال: أردت واحدة. أنه يدين، ويحلف. ومن قيل له: لا تريد فراق امرأتك؟ فقال: أتأمرونني أن أقيم على حرام؟ فلا شيء عليه إلا أن يريد ذلك. ومن قالت له امرأته: قد فارقتني. فحلف أنه ما فعل، فحلفت أنك فعلت. فقال: أتحبين أن أجعل ذلك إليك؟ قال: قد فارقتك، ثم قالت: ما كان طلقني. قال: ما أراه إلا قد فارقها. ومن قال لامرأته: قد وليتك أمرك إن شاء الله. فيقول: قد فارقتك إن شاء الله. وهما لاعبان لا يريدان طلاقا فلا شيء عليهما، وليخلف، وإن أراد الطلاق على اللعب فهو طلاق. ومن قال له رجل في امرأته: من هذه؟ فقال: مولاة لي أتحب أن أزوجك إياها؟ قال: نعم. ففعل: وكان يهزل فلا طلاق عليه إلا أن ينوي ذلك.
وكذلك في العتبية من سماع ابن القاسم. وقال في السؤال، ففعل. وقال سحنون عن ابن القاسم: ويحلف ما أراد طلاقا، ولا شيء عليه، ويؤدب/. وقال ابن القاسم، في المجموعة تحرم عليه بالثلاث، بنى بها أو لم يبن.
ومن كتاب ابن المواز، ولو قال لرجل: مر امرأتي تعتد. وغاب، ثم قدم ولم يأمرها الرسول، فإن أقر الزوج، ائتنفت العدة، ولا رجعة له، إن تمت العدة من يوم القول، فإن أنكر أحلف والرسول كشاهد.
ومن العتبية روى عيسى عن ابن القاسم فيمن قال لرجل: أطلقت امرأتك؟ فقال: نعم، كما طلقت أنت. يقول ذلك لاعبا، فإذا الرجل قد طلق امرأته ولم يعلم بذلك مخاطبه، فإن لم يعلم ولم يرد طلاقا فليحلف ولا شيء عليه. [5/168]
***(1/160)
[5/169] قال ابن القاسم: إذا استوقن أنه لم يعلم. وروى عنه عيسى، فيمن قال: علي أن أطلقك. فلا شيء عليه؛ لأن نذره الطلاق ليس عليه الوفاء به. ومن سماع أشهب، وهو في المجموعة، قال مالك، فيمن كان بينه وبين امرأته محاورة واختلفا، فقال لها زوجها: احلفي بالطلاق، فقالت أنت الطلاق. وفي المجموعة: أنت طالق إن لم يكن كذا وكذا. قال: ليس للنساء طلاق.
فيمن أقر بالطلاق كاذبا أو معتذرا أو ظن أنه قد لزمه بظنه أو بلغط مفت أو تكلم به غلطا ثم تذكر مخرجا ويقول نويت امرأة ماتت، أو قال زل لساني ولفظ بالبتة ومرادي واحدة
من كتاب ابن المواز ومن قال لامرأته: قد كنت طلقتك ألبتة، ولعبده: قد كنت أعتقتك/. ولم يكن فعل، فقال أبو الزناد: أما في الفتيا، فلا شيء عليه. وقال مالك: ذلك يلزمه، كمن قال: أنت طالق. أو قال: أنت حر. لا يريد عتقا، ولا طلاقا. وقاله ربيعة، وابن شهاب. قال ربيعة: إلا أن يأتي بعذر بين له وجه. قال: ومن اعتذر في شيء، سئل فيه بأنه حلف بطلاف أو عتق ولم يحلف، قال مالك: لا شيء عليه في الفتيا. ومن حكى للناس يمين رجل بالبتة، فقال: امرأتي طالق آلبتة. وإنما أراد أن يقول: قال الرجل: فإن ذكر ذلك كلاما نسقا لم يقطعه فلا شيء عليه.
قال ابن القاسم، في كتاب ابن المواز. وفي العتبية، من رواية أبي زيد وأصبغ فيمن أفتى في يمين أن أمرأته قد بانت منه، فقال لها وللناس: قد بانت مني. ثم علم أنه لا شيء عليه، قال: لا ينفعه، وقد بانت منه. قال ابن حبيب: [5/169]
***(1/161)
[5/170] وقال ابن القاسم، وأشهب. وقيل عن مالك: لا شيء عليه. قال سحنون ما في كتاب ابنه: إن قال ذلك على وجه الخير، يخبر بما قيل له فلا شيء عليه، وإن قال ذلك يريد الطلاق، طلقت عليه.
وقال ابن القاسم، وأشهب من كتاب ابن المواز ومن العتبية من سماع أشهب، وعن امرأة كتبت إلى ابنها ليزورها، فأبى، فقالت لزوجها: اكتب إليه أنك طلقتني لعله أن يأتي. فكتب بذلك إليه ولم يرد طلاقا، قال: إن صح ذلك وجاء مستفتيا، فلا شيء عليه. قال في كتاب ابن المواز: وإن أقيم عليه بخطه، وشهد عليه لم ينفعه ما يدعي إلا أن يشهد قبل أن يكتب إليه بالذي/ أراد، فلا شيء عليه.
قال في العتبية: إن كان أشهد حين كتبه: أني إنما أكتبه لكذا فلا شيء عليه، وإن لم يكن أشهد، وصدقت هي الزوج فأرى أن يستخلف إن كان مأمونا وإن قالت: أردت خديعته. وأنكر هو ذلك، وقد علم ما ذكر من شأنهما، فلا شيء عليه، وإن لم يكن إلا قوله وقد ظهر كتابه وثبت عليه لزمه الطلاق.
قيل: كم؟ قال: ينوي: وتكون واحدة. قال أبو محمد: انظر قوله: ينوي، وأعرف لأشهب في نظرها: يحلف أنه لم يرد طلاقا، وتكون واحدة.
وروى عيسى عن ابن القاسم فيمن حلف بالطلاق: لا خرجت امرأته إلا بإذنه فخرجت، فقال لها: قد كنت حلفت، فاعتدي، ثم ذكر أنه قد كان أذن لها، قال: قوله: اعتدي، طلاق، فإن لم يرتجع حتى مضت العدة، فقد بانت منه. قيل: إنما قال اعتدي. يريد من الطلاق الذي ظن أنه حنث فيه. قال: إذا اقنضت العدة، لم أنوه، وكمن قال لامرته: أنت طالق، اعتدي. قال أبو محمد: يريد: فلو ذكر قبل العدة أنه لمن يرد ائتناف طلاق، لم يلزمه غير الطلقة الأولى. [5/170]
***(1/162)
[5/171] قال ابن حبيب: يلغني عن أشهب في الرجل يقول للقوم: طلقت امرأتي ألبتة. فيسألونه: كيف كان ذلك؟ فيخبرهم بسبب. لا يلزمه به شيء، أن الطلاق لا يلزمه، وإن كان بين قوله وبين أن أخبرهم بالسبب صمات. وقال أصبغ: يلزمه طلاقها بإقراره الأول، وهو متهم في السبب.
ومن كتاب ابن المواز، ومن حلف لسلطان، أو غيره، امرأته طالق، ينوي امرأة/كانت له، يلغز بذلك بأمر كذب فيه، وجاء مستفتيا، فلا ينفعه ذلك، وقد طلقت عليه. قال أبو محمد: يريد: ولو قال فلانا، ولم يقل امرأتي، لنفعه.
ومن غير كتاب ابن سحنون، قال سحنون، فيمن قال لزوجته: أنت طالق. فزل لسانه فلفظ بالبتة، فقال ابن القاسم: تلزمه ألبتة، ولا ينوي في الفتيا، ولا في القضاء. وقال ابن نافع: يدين فيما بينه وبين الله عز وجل. وكل ذلك من مالك.
فيمن شهد عليه بطلاق ألبتة وهو منكر فقضي عليه هل يمنعه نكاحها قبل زوج؟ وفي الحاكم يقضي في الطلاق بمذهب لا يراه المحكوم عليه
من كتاب ابن المواز، قال ابن القاسم: ومن شهد عليه رجلان بالبتة، وهو منكر، فقضي عليه، فله نكاحها قبل زوج، إن كان محقا، قال أصبغ: يريد إن خفي له، وأنا لا أرى ذلك؛ لأنه لا يلبس عليه غيره، ولعله يقتدي به، ويعرض نفسه العقوبة، فلا يسعه بينه وبين الله سبحانه، وإن خفي له، كالذي يرى هلال شوال، فلا يفطر. يريد للتغرير بنفسه.
وروي عن سحنون، فيمن طلق امرأته ألبتة، فرفعها إلى قاض يرى البتة واحدة فقضي له بالرجعة، والزوجان يريانها ثلاثة، فلا تحل له بذلك، ولا يحل لها أن تمكنه من نفسها، ولا تحل له إلا بعد زوج، ولو خيرت فاختارت نفسها وهي ممن يرى الخيار ثلاثا، والزوج يراه واحدة، فلا يحل لها أن تمكنه من نفسها. وإن حكم له القاضي، قال: ولو قال لعبده اسقني الماء يريد: عتقه. والسيد لا يرى أن/ ذلك مما يلزم، والعبد يرى أن ذلك يلزمه، فللعبد أن يذهب حيث شاء من غير قضية حاكم. [5/171]
***(1/163)
[5/172] في الدعوى في الطلاق وكيف إن مات أحدهما ثم أكذب نفسه وطلب الميراث أو طلب نكاحها قبل زوج، وكيف
من العتبية، قال سحنون عن ابن القاسم، في المرأة تدعي أن زوجها طلقها ولا بينة لها، ثم مات الزوج فطلبت ميراثها منه وقالت: كنت كاذبة فيما ادعيت. قال: لها الميراث. قال ابو بكر: قال سحنون: وكذلك إذا جحدت النكاح، ثم أقرت بعد موته فلها الميراث. كتب بذلك، ثم سئل عنها، فقال: لا أرى لها ميراثا، بخلاف المدعية للطلاق إن أكذبت نفسها بعد موت زوجها، ومدعية الطلاق، فلا ميراث لها، وإن أكذبت نفسها في حياته ثم مات، فلها الميراث. وقال سحنون، في التي تدعي طلاق زوجها البتة، ولا يثبت ذلك؛ ثم تفتدي منه، ثم تريد تزويجه قبل زوج وتزعم أنها كذبت أولا؛ قال: لا يقبل، ولا تنكحه إلا بعد زوج، وليس كالميراث.
وروى أصبغ عن ابن القاسم، في التي صالحت زوجها، وادعت أنه طلقها البتة، ثم أرادت نكاحه قبل زوج؛ فإن قامت بذلك عليها بينة، منعت من نكاحه، وإن قام بذلك شاهد واحد وهي منكرة حلفت، وإن نكلت لم يصنع به الحكم، وإن أقرت أنها كانت قالت/ ذلك كاذبة، لم تصدق ومنعت منه بالحكم.
ومن سماع ابن القاسم، وعمن قامت عليه بينة أنه طلق امرأته البتة، وقد ماتت، أيرثها؟ قال : لا يرثها، وإن مات قبلها، ورثته. قال سحنون: يعني أن الشهود كانوا معها حضورا، فلم يقوموا عليه حتى مات، ورواها عيسى عن ابن القاسم عن مالك، أن الشهود كانوا غيبا سنين، ثم أتوا بعد موته، فشهدوا، قال: [5/172]
***(1/164)
[5/173] ترثه، وما يدريك ما كان يدرا به عن نفسه؟ أرأيت لو كان حيا ولم يمت، أترثه؟ وقال يحيى ين عمر: لا ترثه.
من سماع عيسى، من ابن القاسم: وإذا ماتت امرأة، فقال أبوها لزوجها: قد كنت طلقتها ثلاثا فلا ترثها.فقال الزوج وله الميراث. وكذلك لو اختلفا في موتها في العدة أو بعدها، حلف الزوج، فإن نكل في الوجهين حلف الأب وصدق. وعن امرأة قالت في مرضها: قد كنت تركت صداقي لزوجي. ثم ماتت فقال الزوج: صدقت، وقد كنت طلقتها قبل تركها ذلك لي أو بعد، في يمين أو في غير يمين، وأكذبه الورثة، قال: فالصداق عليه ولا ميراث له، ولو ثبت الطلاق لم يقبل قولها في وضع الصداق أنها وضعته في الصحة.
قال مالك فيمن قال: كنت تصدقت على فلان في الصحة. أو كنت أعتقت في الصحة فلانا عبدي. إلا أن يقول: فانفذوه. فينفذ الآن من ثلثه، ولو صحت لزمها (ما) قالت، ولا تدخل الوصايا إذا ماتت فيما أقرت بوضعه في صحتها، فأبطلناه. وعن امرأة/ أوصت لزوجها بثلث مالها وهو غائب، فقيل لها: لا وصية لوارث. فقالت: قد كان كتب إلي بطلاقي وكتمت ذلك، ثم قدم فصدقها، ولم يصدقها ورثتها، قال: يكون له الأقل من الثلث أو الربع، والفرق بينهما أن هذه أراد الثلث، والأولى لم ترد ثلثا.
من كتاب ابن سحنون، قال: ورواه عيسى، عن ابن القاسم، فيمن قال لامرأته: كل امرأة أتزوجها عليك طالق البتة. فتزوج عليه سرا ولم تعلم ثم مات، أترثه التي تزوج عليها؟ قال: نعم ، ترثه؛ علم الشهود أو لم يعلموا، قال سحنون: لأنها طلقت حين تزوجها.
قال ابن عبدوس في المرأة تقول: طلقني زوجي في مرضه. وقال ورثته: بل في صحته. فإن علم أن زوجها قد مرض، فالقول قولها، كالقائل: طلقت امرأتي [5/173]
***(1/165)
[5/174] وأنا مجنون أو صبي. فهو مصدق إن علم منه جنون. وكذلك الأمة تحت الحر، يموت سيدها، فتقول الأمة: أعتقت وأنا تحته، وهو حي. ويقول: الورثة: أعتقتك بعد موت الزوج. فالقول قول الورثة، وأصلهما واحد، إلا ما كانت في بيع الموارثة، فهي مدعية لزوال ذلك؛ والزوجة كانت في إيجاب الموارثة في المرض، فالورثة مدعون. ومسألة المبتوتة تقول: تزوجت زوجا، وبنى بي، ثم طلقني، هل تحل بذلك للأول في كتاب الإقرار.
في القضاء في الطلاق وشهادة الأنداد فيه واختلاف البينات فيه والتداعي في غير شيء فيه
من كتاب ابن المواز، قال مالك: وإذا شهد شاهد أنه طلق/، وشهد آخر أنه طلق في وقت آخر، فقضي بذلك، ووجب الطلاق، والعدة من الوقت الثاني لا يوم الحكم؛ وليس اختلافهم في وقت القول اختلافا، بخلاف الأفعال.
ولو شهد رجلان أنه حلف: لا ركب سفينة ولا حمارا. وشهد أحدهما: أنه ركب سفينة، وشهد الآخر أنه ركب حمارا، لم يلزمه غير اليمين أنه ما ركب سفينة ولا حمارا؛ وكذلك لو كان غيرهما، حتى يجتمع شاهدان أنهما رأياه ركب هذه وهذا، أو أحد الركوبين.
قال عبدالملك: عن مالك: ولو شهد واحد بطلقتين، وآخر بالبتة؛ قال ابن سحنون، عن أبيه: دكان في مجلس واحد، وإلا حلف، وكانت طلقتين. ابن المواز: ولو شهد شاهد طلقة، ثم شاهد البتة، ونكل الزوج، فروى عبدالملك، عن مالك: تلزمه البتة؛ ثم قال:يسجن وبه أخذ ابن القاسم؛ فإن طال سجنه سنة، خلي وترك. وقال أشهب بقول مالك الأول.
وقال ابن حبيب: روى مطرف عن مالك أنه قال: إن شهد أحدهما بواحدة، وآخر بالبتة، حلف مع كل واحد منهما، أن ما شهد به باطل، لا شيء [5/174]
***(1/166)
[5/175] عليه، بخلاف الثلاث؛ لأن البتة لا تتبعض. وكذلك المملكين طلاق امرأة؛ إن طلق أحدهما واحدة، وآخر ثلاثا، لزمته واحدة؛ وإن طلق واحدة بتة، وآخر بواحدة، لم يلزم شيء، وفرق مالك بين الحكمين؛ يطلق هذا بالبتة، وهذا بواحدة، أنه تلزمه واحدة. وقال المغيرة: في ذلك كله: البتة، والثلاث سواء، ويلزمه ما اجتمعا عليه. وقال ابن الماجشون: وقال أصبغ بقول مطرف. ورواه عن ابن القاسم. وقال مطرف، وابن الماجشون: إن شهد/ واحد بالبتة، وآخر بالثلاث، مضت الشهادة. وقاله أصبغ.
وقال ابن سحنون قال عبدالملك وسحنون: ولو شهد بطلقة، وقال الآخر: طلقة بائنة. فهي واحدة، وله الرجعة ويحلف. وكذلك إن قال واحد: إنه قال: أنت طالق بائنة. وقال الآخر: أنت الطلاق. قال: وإن شهد واحد أنه قال: أنت بائنة. وشهد الآخر أنه قال: أنت الطلاق واحدة. فيلزمه واحدة في المدخول بها، ويحلف. وكذلك إن شهد واحد باثنتين، وأخر ببائنة، أو مبتوتة، لزمه اثنتان، و يحلف، واسلك بالبرية والخلية مثل ذلك، إن شهد بها واحدة، وشهد آخر بواحدة، قال سحنون: هذا قول جميع أصحابنا، إلا المغيرة، فإنه قال في شاهد بالبتة، وآخر بواحدة: إن ذلك كله يبطل، وكذلك في خلية وبرية. وإنما يرى أن يلزمه الأقل في شاهد بواحدة، وآخر بالثلاث.
ومن كتاب ابن المواز، في شاهد بطلقة، وآخر بطلقة بائنة، أنه يحلف ويملك الرجعة. قال ابن شهاب، وأبو الزناد، في شاهد بواحدة، وآخر باثنتين، وآخر بثلاث، فقضي باثنتين، ولو شهدا أنه طلق واحدة من نسائه، نسياها، لم تجز الشهادة، ويحلف، ولو كان في العتق لبطلت الشهادة في الصحة وبعد الموت؛ وإن شهد شاهدان أنه قال: أحد عبدي حر. فيفترق الصحة والموت؛ فابن القاسم يقول: هو مخير في الصحة، وأما في الموت فليعتق نصف قيمتها بالسهم. وقال أصبغ: يختار الورثة. [5/175]
***(1/167)
[5/176] وفي رواية عيسى في العتبية يعتق أحدهما بالسهم لا نصف قيمتها. قال ابن المواز قال ابن القاسم: / وإن شهد شاهدان بطلقة، وآخران بطلقة، في مجالس شتى، والزوج يقول: هي واحدة. فإنه تلزمه ثلاث، وقاسه بالسلف. قال أصبغ: يعني شهد عليه كل اثنين منهم بمائة في مجالس شتى: أنه يغرم ثلاثمائة. قال أصبغ: وأروى أنه أدينه في الطلاق فألزمه طلقة، إلا أن يجدد عند كل شاهدين الطلاق، فيقول: اشهدوا أنها طالق لفظا. وتلزمه الثلاث، ولا تقبل دعواه، وإن قال: اشهدوا أني قد طلقتها. دين، وترك، وأما الحق، فإن كان في كل إشهاد كتاب على حدة، فهي أموال مختلفة، وإن كان كتاب واحد فهو مال واحد، وإن كان لفظا بغير كتاب، فهي مائة واحدة، ويحلف، وذلك إذا تقارب التاريخ، مثل أن شهد ها هنا، ثم يقوم فيشهد موضعا آخر، وكذلك بعض الناس.
ومن كتاب ابن سحنون: وإن شهد شاهد أنه طلقها، وشاهد أنه صالحها على مال، قال: لا يلزمه شيء، ويحلف على شهادة الشاهدين. وإن شهد واحد أنه طلقها البتة، وشهد آخر أنه طلقها بائنة ولم يبن بها، قال: قد بانت منه، ولا يمين عليه، إلا أن يريد أن يتزوجها قبل زوج فيحلف أن شاهده بالبتة ناكل؛ وأنه أراد بقوله: بائنة، واحدة. وفي كتاب الإقرار ذكر المبتوتة تقول: تزوجت غيرك، وطلقني هل تحل للأول؟ أو يطلق امرأة سماها، ويقول: هي امرأة لي غائبة، أو يشهد عليه بطلاق زوجته طلقة، فيقول: كان ذلك في العصمة الأولى. وقد كان طلقها أولا ثلاثا، وتزوجها بعد زوج، ونحو هذا.
باب جامع لمسائل مختلفة في الأيمان/ بالطلاق، وقد تكرر أكثرها في كتاب عبارة الشروط وغيره
من كتاب ابن سحنون فيمن حلف بالطلاق ثلاثا لأقضينك حقك إلى كذا؛ ثم حلف عند الأجل بالثلاث أن لا يقضيه، أنها تطلق عليه بالثلاث [5/176]
***(1/168)