المدخل
إلى مذهب الإمام الشافعي
بقلم
فهد عبد الله الحبيشي
alfhdabd@maktoob.com
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.
فإن من نعمة الله على المرء أن يحبب العلم الشرعي إلي قلبه، وييسر له سبل طلبه، ويوفقه إلى ذلك، وإنه لعلامة على إرادة الله الخير للمرء أن يجد نفسه في حلقات العلم حاضرا بروحه وجسده مستمعا ومنصتا بقلبه ووجدانه لمسألة شرعية أو استنباط فقهي، سائلا عما لم يفهمه، وأن يجد نفسه بين طلبة للعلم يتبادلون المعلومات ويتفاكرون حولها ويسهم كل بدلوه، وقد ثبت في السنة قوله(: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين".
هذا وإن ومن مظاهرة عظمة هذا الدين أن جعل الله له أئمة يبينون للناس أمور دينهم ويستنبطون لهم الأحكام المتعلقة بشؤون دنياهم فكانوا مشاعل هداية، يرجع إليهم كل من حزبه أمر، أو نزلت به نازلة أو حيرته مشكلة، وهم من أمر الله بسؤالهم فقال: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" وأهل الذكر هم أهل العلم.
وقد تميزت الأمة المسلمة بثراء فقهي لا يوجد له نظير في سائر الديانات والمعتقدات والمجتمعات، ونبغ فيه نوابغ قل أن يوجد لهم نظير حتى إنه ليتضاءل أمامهم من يوصفون بعباقرة العالم -جهلا أو عصبية- ، ذلك لأنهم لم يقولوا يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين فتاه كثير منهم في معمعات كلامية وفلسفية لو قيل بعضها اليوم لطفل في السادسة لما صدقها أو استساغها.
إن الأئمة الذين نفاخر بهم كثر ولكن اشهرهم في المجال الفقهي أربعة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد.
لقد شكل هؤلاء الأئمة أربع مدارس فقهية، سميت بالمذاهب،واستقرت من أيام أصحابها إلى يوم الناس هذا.(1/1)
والمذاهب الفقهية هي اجتهادات في فهم النصوص الشرعية قد تصيب وقد تخطيء، ولهذا فالحق ليس محصورا في أحدها لا يخرج عنه بل الحق موزع عليها جميعا بل وعلى بقية الأئمة ممن كان لهم أتباع ثم انقرضوا كالإسحاقية أتباع أسحق بن راهوية والظاهرية أتباع داود، وغيرهم أو ممن ليس لهم أتباع يتبنون أفكارهم ويدافعون عنها كفقهاء المدينة السبعة وغيرهم.
هذا وقد حظيت المذاهب الأربعة بقبول واسع لدى المسلمين وجاء فترات للأمة لا تكاد تجد فيها أحدا إلا وهو ينتسب لمذهب منها، بل استحوذ كل مذاهب في غالب الأحيان على مناطق ومواضع شاسعة، فيقال مثلا بلاد كذا جميعها شافعية أو حنفية، وذلك له عدة عوامل لسنا بصدد التطرق لها، لكن يكفي أن نذكر هنا أن من أهم هذه العوامل نبوغ جماعات من العلماء الذين تبنوا نشر هذه المذاهب والتأصيل لها والإفتاء بموجبها، والاستنباط تبعا لقواعدها، وبسبب كثرة العلماء في المدرسة الواحدة وتتابع السنين وتباعد الأقطار، نشأت مجموعة بعض القضايا التي من خلالها يمكن أن يميز الراجح في المذهب وهو المعبر عنه بالمعتمد من غيره، وبين مراتب العلماء، واصطلاحاتهم، ووضع منهج دراسي يسير عليه الطالب كي يتمكن من معرفة المذهب وغيرها.
وتلبية لطلب بعض الأخوة الأفاضل الذين طلبوا من الفقير إليه سبحانه أن يكتب لهم أوراقا تبين بعض هذه الجوانب كي يستفيدوا منها في حياتهم العلمية، فيما يتعلق بالمذهب الشافعي نظرا لأن أهل منطقته يتبعون هذا المذهب، فلبيت هذه الرغبة مستعينا بالله فكتبت هذه الأوراق رغم كثرة الأشغال وضيق الوقت فأسأله سبحانه التوفيق والسداد، وأرجو ممن استفاد من هذه الرسالة أن يدعو لي بظهر الغيب والله المستعان.
المبحث الأول: لمحات من حياة الإمام الشافعي.(1/2)
من المعلوم أن إمام المذهب الشافعي ومؤسسه هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الشافعي وينتهي نسبه إلى عبد مناف جد النبي( وشافع بن السائب هو الذي ينسب إليه الشافعي.
ولد بغزة وقيل بعسقلان وقيل بمنى وقيل باليمن سنة 150هـ وهي السنة التي توفي فيها الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت، وقيل في اليوم الذي مات فيه.
حمل إلى مكة وهو ابن سنتين ونشأ بها وحفظ القرآن وهو بن سمع سنين والموطأ وهو ابن عشر، وتتلمذ على جماعة من أهل العلم منهم مسلم بن خالد الزنجي المكي وأجازه بالإفتاء وعمره خمسة عشر عاما، ثم رحل إلى الإمام مالك بالمدينة ولازمه مدة ثم قدم بغداد سنة 195هـ فأقام بها سنتين واجتمع عليه علماؤها، ورجع كثيرون منهم عن مذاهب كانوا عليها إلى مذهبه،وصنف بها كتبه القديمة ثم عاد إلى مكة فأقام بها مدة ثم عاد إلى بغداد سنة 198هـ فأقام بها شهرا ثم خرج إلى مصر فلم يزل بها ناشرا للعلم ملازما للاشتغال بجامعها العتيق إلى أن أصابته ضربة شديدة فمرض بسببها أياما وقيل مات بسبب البواسير ثم انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الجمعة آخر رجب من عام 204هـ ودفن بالقرافة بعد العصر من يومه.
هذا وقد تميزت شخصية الإمام بعدة مميزات وتحلى بمجموعة من المواهب والذكاء الفطري مما ساهم في تأهيله للمرتبة التي وصل إليها، وأشير هنا إلى شذرات من جوانب شخصيته الفذة:
أ - قامع البدعة:(1/3)
لقد اشتهر الشافعي بفقهه وذكائه الوقاد ونصرته للكتاب والسنة ولذلك ارتعدت فرائص أهل البدع منه، وتذكر لنا كتب التاريخ والتراجم بعضا من مناظراته والتي لم يسبق إليها مع بعض المبتدعة منذ أن كان يافعا يطلب العلم بمكة، ومما تذكره كتب التراجم أنه "قد حج بشر المريسي فرجع، فقال لأصحابه: رأيت شابا من قريش بمكة، ما أخاف على مذهبي إلا منه" وناظر إبراهيم بن عليه والذي كان من كبار الجهمية كما يقول الذهبي(1)، وحفص الفرد في مسألة خلق القرآن وزيادة الإيمان ونقصانه(2)، فقد كان رضي الله عنه مناظرا من الطراز الأول، ويظهر هذا في كتبه خاصة كتاب الرسالة.
كما كان رضي الله عنه -كغيره من الأئمة- شديد التحذير من البدع والأهواء،ومن عباراته الشهيرة: " لأن يلقى الله المرء بكل ذنب ما خلا الشرك بالله خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء"(3).(1/4)
ولأن علم الكلام كان سببا رئيسيا وطريقا سهلة للبدعة وأهلها حذر منه أشد التحذير فكان يقول : "ما شيء أبغض إلي من الكلام وأهله"(4) ولهذا لقب الإمام حينما قدم بغداد بناصر السنة(5)، لأنه نصر السنة في معركتها ضد البدعة والذي شهد عصره انتشارا واسعا لها في بعض الأقاليم خاصة العراق والتي كانت تعج بالكثير الكثير من الأهواء والبدع المفارقة للإسلام وهدية، كما أنه نصر السنة في مواجهة الرأي المناقض والرافض للسنة أو لبعضها والذي جعل لنفسه منهجا جانب الصواب في بعض قواعده ومفرداته في تعامله مع السنة، إذ إن بعض فقهاء العراق رد بعض السنة بحجة مخالفتها إما للقرآن أو لما اجتمع لديه من أصول، أو لسنة أخرى رأى تقديمها، أو لكونها مما ينبغي أن تنقل تواترا لكون مضمونها مما تعم به البلوى أو غيره من وجهات النظر التي لم ترض المحدثين فشنوا حملة على أصحاب الرأي إلا أن غالبهم لم يكن لديه من الحجج القوية التي يستطيع من خلالها دحض هذا الاتجاه حتى جاء الشافعي فأصلح بين الفريقين بحيث أنه هدأ سورة غضب الجميع ووضح لكل فريق وجهة نظره كما أنه بين الحق ونصر السنة على الرأي الذي يخالفها ويناقضها، فرجع كثيرون عن مذاهبهم المخالفة للسنة والمبنية على تقديم الرأي إلى مذهب الشافعي والذي كان مرتكزه تقديم السنة على كافة أشكال الرأي.
ولهذا لا عجب أن نجد الكثير من المحدثين الشافعية كابن خزيمة والدراقطني والمزي والذهبي وابن حجر وغيرهم.
ب - الشخصية الجذابة:(1/5)
لقد تمتع الشافعي بشخصية جذابة، فاستطاع أن يؤثر في قطاعات واسعة ومتنوعة من الفقهاء والمحدثين وطلبة العلم والعامة، فاستطاع أن يجذب إلى حلقته جماعة من جهابذة عصره أمثال الإمام أحمد وأبي ثور وغيرهما، وقد تأثر التلاميذ بشخصيته تأثرا بالغا فأحبوه شيخهم حبا عظيما وحملوا له في نفوسهم كل التقدير والاحترام،وكنموذج لهذا أن أبا ثور سئل: أيهما أفقه الشافعي أو محمد بن الحسن؟ فأجاب: الشافعي أفقه من محمد وأبي يوسف وأبي حنيفة وحماد (شيخ أبي حنيفة) وإبراهيم (شيخ حماد) وعلقمة (شيخ إبراهيم) والأسود (شيخ علقمة) رغم أن أبا ثور كان على مذهب أهل الرأي قبل قدوم الشافعي العراق وهذا يرينا مقدار تأثير الشافعي في نفوس الناس وخاصة طلابه الذين انبهروا به انبهارا عظيما، ومع هذا لم يخل الحال من معارضين لإمامة الشافعي، وأناس لم يقدروه قدره، فهذا ابن معين يعتب على الإمام أحمد كيف أن الشافعي راكب وهو آخذ بركابه، فيجيب أحمد قائلا: إن أراد التفقه فاليأت وليمسك بركابه من الجانب الأخر.
ولهذا كان الأمام أحمد كثيرا ما يدعو للشافعي مما دفع ابنه عبدالله لسؤاله عن سبب دعائه له، فأجابه: لقد كان الشافعي كالشمس للدنيا وكالعافية للبدن فانظر هل لهذين من خلف.
لقد رزق الله سبحانه الإمام قبولا واسعا قل نظيره، ولهذا عندما ذهب إلى العراق ثم مصر استطاع أن يكون له أتباعا واستطاع أن يجذب الكثيرين، مما أغضب بعض المتعصبة لأنهم رأوا أن كثيرا من أتباعهم يتركونهم شيئا فشيئا ملتحقين بحلقة الشافعي ودروسه، فنقم عليه بعض المتعصبة وحاولوا الكيد له فلم يفلحوا، وكان بعض المالكية يدعو على الإمام في سجوده بالموت من شدة غيظه وكرهه له، لا لشيء إلا مخالفة المذهب، فيحكى أن أشهب وهو من أئمة المالكية في مصر كان يدو في سجوده: اللهم أمت الشافعي وإلا ذهب علم مالك، فبلغ ذلك الشافعي فأنشد متمثلا:(1/6)
تمنّى رجالٌ أن أموت وإن أمُتْ ... فتلك سبيلٌ لستُ فيها بأوْحدِ
فقُلْ للذي يبغي خلافَ الذي مضى ... تزوَّدْ لأخرى غيرها فكأنْ قدِ
قال محمد بن عبد الحكم: فمات الشافعي فاشترى أشهب من تركته عبداً ثم مات أشهب فاشتريت أنا ذلك العبد من تركة أشهب وكانت وفاة أشهب في شهر رجب سنة أربع ومائتين بعد الشافعي بثمانية عشر يوماً وقيل : بشهر واحد (6)
بل يحكى أن الإمام الشافعي دفع حياته ثمنا لانتشار مذهبه وقبول الناس له.
ج- التصنيف:
أتى عهد الشافعي وقد بدأت بوادر التصنيف والتأليف وخاصة في مجال الحديث، أما الفقه فقد كان التصنيف فيه قليلا، والمصنفات الفقهية السابقة على الشافعي كانت تعد بالأصابع، بله أصول الفقه الذي لم يصنف فيه أحد حتى جاء الشافعي وصنف الرسالة وغيرها.
فالإمام مالك صنف الموطأ وهو كتاب فقهي حديثي، وأبو يوسف ألف مجموعة من الكتب فقد الكثير منها، والإمام أحمد صنف مجموعة من الكتب حتى جاء الإمام الشافعي ووضع كتابه الحجة في مذهبه القديم، ولكنه أبدع في كتبه الجديدة وخاصة الأم والذي ألفه وهو بمصر، وقد اشتمل على معظم أبواب الفقه، ولهذا قيل إن كتاب الأم هو أول كتاب يصنف في الفقه، ولم يقتصر الأمر على هذا بل كان للإمام السبق في تأليف وتبويب كتب لم تعرف قبله مثل: كتاب المسابقة والمناضلة.
كما أن الإمام جاء والعلماء يتجادلون ويتناظرون ولم تكن هناك قواعد أو قوانين مدونة يتحاكمون إليها ويدرسونها لتلاميذهم كي يجعلوها قواعد وضوابط يقيسون بها استنباطاتهم واجتهاداتهم فصنف الإمام كتاب الرسالة في علم أصول الفقه، فكان أول واضع لهذا العلم ومرتب ومبوب ومخرج له إلى النور، فلم يسبق لأحد أن كتب في هذا العلم قبل الشافعي، فالإمام أحمد يقول: "ما كنا ندري ما العام ولا الخاص ولا الناسخ من المنسوخ حتى جاء الشافعي"(1/7)
أقول هذا لأن بعض الأحناف زعم أن أبا يوسف قد سبق غيره وصنف كتابا في أصول الفقه، فإذا ما طولبوا به أجابوا بضياعه، والحق ما قدمناه، لأنه لو كان كما قيل لاشتهر الأمر أولا، وثانيا: لم يكن أحمد أن يقول مقالته السابقة.
هذا ويعتبر كتاب الرسالة خطوة جبارة في مجال التأليف عامة في العصر الإسلامي، وفي مجال علم أصول الفقه خاصة، إذ من المعلوم أن التأليف في الحديث لا يستدعي سوى استحضار الحديث بسنده، أضف إلى أنه مر بمراحل حتى انتهى إلى ما انتهى إليه، لكن الرسالة لم تبن على كتابات سابقة، ولم تجمع فيها المادة كيفما اتفق.
وأصل كتاب الرسالة أن عبد الرحمن بن مهدي كتب إلى الشافعي وهو شاب أن يضع له كتابا فيه معاني القرآن ويجمع فنون الأخبار فيه وحجة الإجماع وبيان الناسخ والمنسوخ من القران والسنة فوضع له كتاب الرسالة قال عبد الرحمن بن مهدي: "ما أصلي صلاة إلا وانا أدعو للشافعي فيها".
ونفهم من هذه القصة أن كتاب الرسالة من كتب الشافعي القديمة وأنه كتاب واحد استمر في تنقيحه وتهذيبه طوال مسيرته العلمية، فليس للشافعي رسالتان قديمة وجديدة كما ظن البعض، بدليل أن القديمة مفقودة، وكون بعضهم نقل جملا منها لايعني بقائها استقلالها بل نقول أن ما نقل منها وهو غير موجود في الجديدة مما تراجع عنه الشافعي وغير رأيه فيه.
د- الشافعي واللغة:
لقد كان لاختلاط الشافعي بالهذليين وحفظه لقصائدهم ودواوينهم أثر فعال في نمو ملكة ومعرفة الشافعي اللغوية، فألم بلغة العرب نحوا وصرفا، وكان عالما بلهجات العرب وتصاريف كلامها، ولهذا لم يعثر له على خطأ نحوي أو لغوي كما عثر لغيره، وما كان يظن أنه خطأ فهو من قلة معرفة الناقد أو تحامله.(1/8)
وبدهي أن يكون الشافعي إماما وحجة في اللغة كما قال أحمد وابن هشام -صاحب السيرة-: الشافعي حجة في اللغة"(7) لأن من شروط المجتهد المطلق أن يكون كذلك،وإن خالف في هذا بعض الأصوليين كالشاطبي وغيره،بيد أن هذا الشرط قد تحقق في الشافعي، ولهذا فاعتراض بعضهم على بعض أقوال وتفسيرات الشافعي غير صحيحة،ونضر مثالين على ذلك
الأول: مسألة حرف الجر هل يفيد التبعيض أو لا، فنقل عن الشافعي إلى أنه يفيد التبعيض، فشنع عليه بعض الأحناف والمالكية وغيرهم وقالوا: إن هذا المعنى مما لا تعرفه العرب في حرف الباء بدليل أن علماء اللغة لم يذكروه من معانيه، بل ادعوا إجماع النحاة على ذلك، وهذا ما أخذ به ابن مالك في الألفية كما يظهر منها إذ لم يعد في ألفيته هذا المعنى.
والجواب على ذلك أن يقال إن كون النحاة لم يثبتوا هذا المعنى للباء مقابل بإثبات الشافعي له وهو حجة في اللغة، والمثبت مقدم على النافي كما هو معلوم، وكون الشافعي إماما في الفقه لا يعنى جهله باللغة، بل معرفة اللغة من شروط الاجتهاد، فالاحتجاج بقول الفقيه النحوي مقدم على قول النحوي فقط، لأن للفقهاء تدقيقات لا يدركها النحاة، وهذه لفتة مهمة ينبغي التنبه لها، ولهذا نجد تقسيمات وتدقيقات من الأصوليين في مسائل نحوية لم يذكرها النحاة والسبب كما قال الزركشي في مقدمة كتابه الماتع البحر المحيط: " فإن الأصوليين دققوا النظر في فهم أشياء من كلام العرب لم تصل إليها النحاة ولا اللغويون , فإن كلام العرب متسع , والنظر فيه متشعب , فكتب اللغة تضبط الألفاظ ومعانيها الظاهرة دون المعاني الدقيقة التي تحتاج إلى نظر الأصولي باستقراء زائد على استقراء اللغوي"(8).(1/9)
وأنبه هنا إلى نقطة مهمة وهي أن كون الرجل يشتهر بعلم ما لا يعني هذا بالضرورة جهله ببقية العلوم، بل قد يكون إماما فيها أيضا مساويا أو متفوقا على الأئمة المتخصصين فيها، ولكنه -فضلا من الله- أشد معرفة وعمقا في بعضها،فلا يعني هذا أن نلغي معرفته وإمامته في جوانب وعلوم لشهرته في علم معين، فإن هذا لمن الغمط البين، وكمثال آخر لهذا أن الإمام أحمد اشتهر عند القاصي والداني أنه محدث إمام في الحديث وعلله ورجاله...الخ فظن البعض جهله بالفقه والاستنباط،وهذه جناية على الإمام أحمد وكونه كان إماما في الحديث لا يعني أن يكون جاهلا في غيره، وهذه كتبه وفتاواه تشهد بغزارة علمه وفقهه.
وهكذا بدلا من أن يصبح التبحر في علم ما منقبة أصبع على يد هؤلاء مذمة ولو بوجه من الوجوه.
نعود ونقول إن الزعم بأن الباء لا تأتي للتبعيض لغة بإجماع النحاة فمنقوض بإثبات الأصمعي ونحاة الكوفة له(9).
المثال الثاني: فسر الشافعي العول في قوله تعالى: }ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ }النساء3(1/10)
بكثرة العيال، هكذا فسره الإمام الشافعي المتفق على إمامته واجتهادا اجتهادا مطلقا(10)، فجاء ابن العربي المقلد لمذهب مالك وشنع على الشافعي وتهكم به وبكبار أتباعه،واحتج بأن "عال" لا تأتي إلا لسبعة معان فقط وليس منها ما قاله الشافعي، وأنه لم يقل أحد بقول الشافعي(11)، والصحيح أن حصره للمعاني السبعة غير سديد بل ذكر العلماء لها معاني أخر، وكون الشافعي لم يسبق بهذا التفسير فيجاب بأن الشافعي إمام في اللغة وعدم الذكر لا يدل على عدم الوجود، والمثبت مقدم على النافي إضافة إلى أنه "قد سبق الشافعي إلى القول به زيد بن أسلم وجابر بن زيد وهما إمامان من أئمة المسلمين لا يفسران القرآن هما والإمام الشافعي بما لا وجه له في العربية وقد أخرج ذلك عنهما الدارقطني في سننه وقد حكاه القرطبي عن الكسائي وأبي عمر الدوري وابن الأعرابي وقال أبو حاتم : كان الشافعي أعلم بلغة العرب منا ولعله لغة وقال الثعلبي : قال أستاذنا أبو القاسم بن حبيب : سألت أبا عمر الدوري عن هذا وكان إماما في اللغة غير مدافع فقال : هي لغة حمير"(12)، ولست أدري لماذا يتعجل البعض في الإنكار على أولي العلم ممن هم أعلى منه عصرا ورتبة دون أن يتروى ويتأمل فيما يقوله ويبحث في المسألة من جوانبها، ويرجع إلى أهل الاختصاص، فالتعجل قد يودي بصاحبه خاصة إذا كان من عالم، ثم أين حفظ أقدار علماء الأمة ومجتهديها؟ إنه إذا لم يتبدى هذا في احترام أقوالهم وإن كان الصواب في غيرها من وجهة نظر الناقد لكن لا يعني هذا التشنيع على الإمام وإطلاق العبارات الموهمة والتي تفهم أتهامه له بالجهل ونحوه.(1/11)
ثم إن ابن العربي وأمثاله بالنسبة للشافعي بمثابة طلبة علم يل لا يرتقون لمرتبة تلاميذه، وطالب العلم ليس له إلا أن يستفتي أولي العلم ويقلدهم أو يبحث في المسألة بنفسه حتى يترجح له شيئ مع حفظ مقام المجتهدين وكونه رجح قولا ما لا يعني هذا بلوغه مرتبة الاجتهاد، فلا يظنن أحد بنفسه ذلك إلا إن بلغها حقا وتوفرت شروطها.
إننا عندما نطالب العامي باحترام العالم وتوقيره لا نقصد العالم لذاته وإنما للعلم الذي يحمله، فحري بأهل العلم أن يتمثلوا هذا الأدب قبل غيرهم.
لقد كان لبروز الشافعي في اللغة واختلاطه بالعرب الأقحاح أن تفتقت قريحته الشعرية فأثر عنه بعض الأبيات، والتي تميزت بالحكمة والوعظ، والزهد، فكانت أشعار عالم يريد أن يوجه همم الناس لما هو أرقى وأنفع لهم في دينه ودنياهم، ولم يعر باله موضوعات الشعر الأخرى، أضف إلى أنه لم يكن يعتني بسبك الشعر على منوال الشعراء الذين يهتمون بوجوه البلاغة وهذا وإن كان طيبا إلا أن الشافعي بصفته فقيها لم يكن يولي هذا جانبا كبيرا في شعره بل كان أكثر ما يهمه هو إيصال الفكرة وتجليتها بأوضح عبارة بحيث لا تحتاج إلى تأمل فيصعب فهمها على من ليس له اهتمام شعري وهذا ما عليه غالب العامة، ولهذا سارت بعض أبياته مسار الأمثال التي يحفظها الكثيرون، وكانت كلماته الشعرية الجامعات مثار إعجاب وتأثير في نفوس الناس، رغم أن من القصائد العربية ما تفوق شعر الشافعي صناعة بمفاوز ولكنها لم تحظ بما حظيت به أبيات هذا الإمام.
وهذه نماذج من شعره:
أمت مطامعي فأرحت نفسي** فإن النفس ما طمعت تهون
وأحييت القنوع وكان ميتا ** ففي إحيائها عرضي مصون
إذا طمع يحل بقلب عبد ** علته مهانة وعلاه هون(13)
وقال:
أخي لن تنال العلم إلا بستة ** سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة ** وصحبة أستاذ وطول زمان(14)
ومن حكمة الشعرية:
لا خير في حشو الكلا ** م إذا اهتديت إلى عيونه(1/12)
والصمت أجمل بالفتى ** من منطق في غير حينه
وعلى الفتى لطباعه ** سنة تلوح على جبينه
ولم يكن الشافعي يكثر من قول الشعر بل هي أبيات قليلة يقولها في مناسبة ما أو موقف ما، وقد قال عن نفسه وإقلاله منه:
ولولا الشعر بالعلماء يزري لكنت اليوم أشعر من لبيد
ولا يعني هذا كراهة الشعر مطلقا وأنه يزري بالعلماء مطلقا فهذا لا يقوله مثل الشافعي خاصة وأنه قد قال الشعر وأنشده، وهو يعلم أن الشعر ديوان العرب،وبه كان حسان يدافع عن رسول الله( وقد قال (: "إن من الشعر لحكمة"(15) وإنما يريد -كما قال العلماء- من صرف همته إلى الشعر بحيث صار شأنه وديدنه وهو المعني بقوله ( "لأن يملأ أحدكم جوفه قيحا يريه -أي يصيب رئته- خير من أن يملأه شعرا"(16)أي أراد صرف همته إليه حتى يملأ جوفه منه فالمراد أن يكون الشعر غالبا عليه مستوليا بحيث يشغله عن القرآن والعلوم الشرعية وذكر الله(17).
ولكون الشافعي كان مقلا من الشعر فقد كان كثيرا ما يتمثل بقول غيره، وهذا ما أوقع البعض في الظن بأنها من قصائده في حين أنها لآخرين.
جدول الشافعي اليومي:
تميز كل إمام بطريقة معينة في التدريس فكان أبو حنيفة يلقي الأسئلة الفقهية على تلاميذه ويناقشهم، وكان مالك يحب أسلوب العرض ويفضله على غيره فكان تلاميذه يقرؤون عليه الموطأ، كما غلب على أبي حنيفة تدريس الفقه وغلب على مالك الحديث.
أما الإمام الشافعي فكان إماما موسوعيا، ورجالا في رجل، وكان جدوله اليومي أن يصلي الفجر في المسجد ثم يبدأ حلقته بأهل القرآن تفسيرا وبيانا حتى تطلع الشمس ثم يجيئه المحدثون ثم أهل العربية حتى ينصرف النهار ثم ينصرف.
وقد كان رضي الله عنه صبورا على التعليم والإفتاء فربما يقف في الطريق ويجيب المستفتين حتى ينزل الدم على ساقيه بسبب البواسير الذي أصابه.(1/13)
وإضافة لعلوم الشرع التي ألم بها كن آية في علوم ومعارف أخرى كمعرفته بأيام الناس أي تاريخ العرب في الجاهلية من حروب وملاحم وغيرها، كما أخذ من علم الأنساب بحظ وافر، وتعرف على علم الطب عن كثب واعتنى به وحض على تعلمه.
المبحث الثاني: مميزات المذهب الشافعي
لقد تميز المذهب الشافعي بجملة مميزات فارق بها كثيرا من المذاهب التي سبقته أهمها ما يلي:
1- الجمع بين الفقه والحديث: كانت هناك مدرستان رئيسيتان غلبتا على أقطار العالم الإسلامي،هما مدرسة الرأي والتي تمركزت في العراق، ومدرسة الحديث والتي تمركزت في الحجاز، وكان يدور بينهما الجدال والنقاش الدائم، وربما المفاصلة والهجر،ولم تخل كل مدرسة من متعصبين لها يتبع ويقلد اجتهاداتها ويذم مخالفيها هذا وسميت مدرسة العراق بالإرتيائة نظرا لإيغالها في الرأي والقياس والافتراضات دون الاعتماد الكامل على السنة، وهم بهذا يخالفون مدرسة الحجاز التي تعتمد على الأثر مطلقا، ولهذا انحرف عنهم الحجازيون وذموهم، ووصفوهم بأنهم يتبعون الهوى، فجاء الإمام الشافعي فتلقى علومه على يد الحجازيين -مالك، ومسلم بن خالد، وابن عيينة- وعلى علماء العراق -محمد بن الحسن- فاجتمع له علم أهل الأثر وعلم أهل الرأي، فرأى أن في كلا المدرستين حقا وخطأ فحاول تنقيح تلك العلوم وسبرها حتى أخرج مذهبه الجديد والذي يعتبر خلاصة لعلم المدرستين، إضافة إلى اطلاعه ومعرفته بالمذاهب الأخرى الموجودة على الساحة والتي كان لها أتباع كمذهبي الأوزاعي والليث ونتيجة لمسيرة طويلة من النظر والتأمل.
2- يتميز المذهب الشافعي بقوة الخدمة، إذ توارد علماء المذهب على الاعتناء به نقلا وتحريرا وضبطا وتبويبا، وكان للبيهقي اليد الطولى في ذلك، حتى قال الإمام الجويني: "للشافعي فضل على كل شافعي إلا البيهقي فإن له فضلا على الشافعي".(1/14)
ومن مظاهر هذا التميز أن تجد كتب الشافعية سهلة الترتيب واضحة التبويب تسطيع الحصول على المعلومة في مظانها بسهولة ويسر، مع وضوح العبارة، وبيان المعتمد، وهذا مما لانجده في المذاهب الأخرى، إذ يصعب على الباحث أحيانا أن يجد المسألة في مظانها بل يجدها بعد البحث الطويل في أبواب لا علاقة لها بما يريده، وقد يصعب هذا وجود أبواب غير معروفة المعالم وغير واضحة المحتوى مثل باب الحظر والإباحة في كتب الأحناف، ولذا كان هذا الغموض وتداخل المسائل ووضعها في غير مظانها في كتب فقه الحنفية من أهم وأكبر الأسباب الداعية لوضع مجلة الأحكام العدلية.
وذات الشيء يقال في كتب المالكية ويضاف عليه بأن الضعف في عنونة وتبويب المسائل وضبط المعتمد، يظهر هذا بجلاء في كتب مثل الرسالة حيث يجمع أبوابا عدة في باب واحد، ويذكر دقاق المسائل ويغفل أهمها، وكذا مختصر خليل حيث يصعب على الباحث التعرف على الأبواب أو الفصول الفرعية، إضافة إلى تعقيد العبارة مما يضطرك إلى مراجعة الشروح، وهذا كله مما لانجده في كتب الشافعية إلا على سبيل الندور، ولهذا شكى بعض المالكية أيضا -كالحجوي في الفكر السامي_ من الوضعية التي أضرت بالعلم والمذهب.
3- كثرة المجتهدين الذين خرجوا من رحم المذهب الشافعي سواء المستقلين كابن المنذر وابن جرير، أو المنتسبين كما كان المزني في فترة أخير من حياته، بل كثر هؤلاء في طبقة أصحاب الوجوه كما سيأتي بيانها، ويحكى عن بعضهم أنه لم يقلد الشافعي وإنما وافقه قولُه قولَه.
وأكتفي بهذه الكلمات في بيان شيء من ميزات المذهب رغم كثرة ما يمكن طرحه في هذا المضمار.
المبحث الثالث: أدوار المذهب الشافعي
مر المذهب الشافعي بعدة أدوار حتى انتهى إلى ما انتهى إليه، ولمعرفة هذه الأدوار لا بد من معرفة طبقات علماء المذهب إذ من خلالها سيتميز لنا تبعا الأطوار التي مر بها حتى وصل إلى الضبط.
مراتب علماء المذهب الشافعي:(1/15)
قسم العلماء على عدة مراتب وهي:
الأولى: مجتهد مستقل.
الثانية: مجتهد منتسب.
الثالثة: أصحاب الوجوه.
الرابعة:مجتهد الفتوى.
الخامسة: نظار في ترجيح ما اختلف فيه الشيخان النووي والرافعي.
السادسة: حملة فقه ومراتبهم مختلفة.
هذا وقد تنوعت تقسيمات الباحثين لتطور المذهب الشافعي، فمن مكثر ومن مقل والذي أراه -مسترشدا بالتقسيم السابق لطبقات العلماء- أن المذهب الشافعي مر بأربعة أدوار.
الدور الأول: تأسيس المذهب:
لقد تميز المذهب الشافعي بأن مؤسسه قد وضع لبناته الأساسية: المنهجية والتأصيلية والاستنباطية الأولى في كتبه التي تنوعت على هذا المجالات، فنجد في الأصول كتاب الرسالة، وإبطال الاستحسان وغيرهما، وفي الفروع كتاب الأم كما وضع كتبا في الخلاف مثل كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى وغيره.(1/16)
وهذا بخلاف المذاهب الفقهية الأخرى، فأبو حنيفة لم يترك كتبا تبين منهجه الاستنباطي بشكل واضح ولهذا اختلف أصحابه في كثير من القضايا التأصيلية وضوابط الاستدلال عنده ونجد هذا جليا في مسائل مثل تخصيص القرآن بالسنة الآحادية، والعمل بالحديث الضعيف، ومخالفة الحديث للأصول، بل إن الاستحسان والذي يعتبر من أدلة الفقه عنده لم يخل من إشكالات عند فقهاء الحنفية، مما جعل بعضهم يرد على بعض، ولم يظهر لهم تعريف سوي لهذا الدليل إلا بعد عدة قرون وبعد جهود مظنية من التأمل والتناظر والجدل وغيرها، والسبب في هذا كله أن الإمام أبا حنيفة لم يدون أصوله الاستنباطية وفروعه الفقهية حتى ترسم الطريق واضحة لمن خلفه، بل كان يجمع تلاميذه ويضع عليهم الأسئلة ويتناقش هو وإياهم فيها، وهو أسلوب ماتع للتدريس ولا شك، ورغم وجود بعض العيوب فيه فقد تفقه على هذه الطريقة فقهاء كبار كأبي يوسف ومحمد بن الحسن، وهذا الأسلوب لم يعتمده الشافعي في تدريسه بل كان يقرأ عليه تلاميذه كتبه الفقهية والأصولية تماما كما يفعل المشايخ وطلبة العلم بعد ذلك على اليوم، ولهذا عانى الأحناف معاناة شديدة في تبين ومعرفة بعض أصول وقواعد الإمام أبي حنيفة، وكان هذا هو السبب في ابتكار الطريقة الحنفية في الأصول وهي الانطلاق من الفروع إلى الأصول مخالفين بهذا طريقة المتكلمين أو الشافعية كما هو معروف.(1/17)
كما أن الإمام الشافعي بفضل من الله كان الإمام الوحيد الذي أسس لمدرسة فقهية، وهذا مالا نجده عند غيره من الأئمة، ففي حين كان غيره من الأئمة منهم من يكتفي بأن يفتي الناس في المسائل الحادثة أو أن يفترض المسائل ثم يناقشها مع تلاميذه، ومنهم من اكتفى بالتصنيف في السنة، بل كان بعضهم ينهى أصحابه عن تدوين أقواله وآرائه، أما الإمام الشافعي فلم يكن كذلك بل كتب في الأصول والتي تمثل المنهج العلمي الذي يحدد مسار وكيفية والتعامل مع المنبع الصافي قرآناً وسنة وكيفية تنزيله والاستدلال به، ثم كتب في الفروع ليطبق نظراته ومنهجه الأصولي، فكانت مصنفاته غاية في الإبداع شهد له بذلك الموالف والمخالف.
ربما كان سبب هذا التأصيل أنه وجد شيئاً من الفوضى عند البعض في طرق الاستدلال، ورأى جهلاً واضحاً في هذا المجال عند كثيرين من المحدثين الذين اقتصروا على الجانب الحديثي فقط، ولم يعيروا جانب الفقه اهتماماً كافيا، واكتفوا بالعمل بما يصل إليهم من أحاديث فيعملون بها دون نظر لمعناها أو لمخالفة بعضها بعضاً ظاهرياً، وهذا ما تظهره العديد من القصص التي حدثت لبعض المحدثين، والتي كشفت عن جهل مطبق بالغوص في معاني النص واستلهام فقهه ومقاصده، وعدم المعرفة في كيفية التعامل معه عند تعارضه واختلافه.
ويوضح هذا أن سبب تأليف الإمام لكتابه (الرسالة) في الأصول كان بسبب رسالة من الإمام عبد الرحمن بن مهدي المحدث الشهير والذي طلب من الإمام بيان بعض الضوابط والقواعد لفهم النصوص.
كما أن الإمام الشافعي ( سمع وتلقى أراء لها تعلق بكيفية الاستدلال وشروطه وطرقه، فكان ولا بد -وهو الفقيه اللغوي المحنك- أن يكون له رأي فيما سمعه مستنداً لمعرفته الواسعة بالقرآن وتفسيره، ولغته، واختلاف الناس علماً وعادة.(1/18)
لقد رأى الإمام وسمع تلكم المناقشات والمجادلات بين مدرسة المدينة ومدرسة العراق، بل وتلقى وجهات نظرهم من أقطابها: مالك بن أنس ومحمد بن الحسن الشيباني، ووجد أن مع كل فريق حقاً يجب أخذه، وخطأً يجب تركه، فشق لنفسه طريقاً وسطاً، واستطاع أن يؤثر على قطاعات واسعة من الناس، بل على كبار فقهائهم ومحدثيهم كالإمام أحمد بن حنبل والذي قال: "كل مسألة ليس عندي فيها دليل فأنا أقول فيها بقول الشافعي"(18) وأبي ثور والذي كان "يتفقه بالرأي ويذهب إلى قول أهل العراق حتى قدم الشافعي بغداد فاختلف إليه ورجع عن الرأي إلى الحديث"(19).
كما أن الإمام رأى وناظر بعض كبار المبتدعة، والذي وجد آراءهم واستنباطاتهم واستدلالاتهم لا تتفق وقواعد المنهج السوي الذي يستند إلى القرآن والسنة واللغة.
في نظري أن هذه الأسباب وغيرها هي ما جعل الشافعي يؤصل ويقعد ويصنف ويؤسس لمدرسة فقهية رائدة ملأت سمع الدنيا وبصرها من ذلك الوقت إلى يوم الناس هذا.
لقد مر الإمام الشافعي ( في مسيرته العلمية -بعد أن صار إماماً- بمرحلتين:-
الأولى: المرحلة العراقية: فبعد خروجه من المدينة وذهابه إلى العراق نشر أراءه وأقواله وفتاواه، والتي عرفت فيما بعد بالمذهب القديم، وفي هذه المرحلة غالباً ما كانت فتاواه موافقة لمذهب أهل المدينة؛ إذ كان يعد نفسه من أصحاب مالك، وكان يجله أكثر من غيره .
فمما روته لنا كتب الطبقات والتراجم مناظرة بين الإمامين الإمام الشافعي والإمام محمد بن الحسن:-
" قال الشافعي رحمه الله تعالى قال لي محمد بن الحسن: أيهما أعلم صاحبكم أو صاحبنا -يعني أبا حنيفة ومالكاً رضي الله عنهما-؟
قال: قلت: على الإنصاف .
قال: نعم، قلت: فأنشدك الله من أعلم بالقرآن صاحبنا أو صاحبكم ؟
قال: اللهم صاحبكم، قلت: فأنشدك الله من أعلم بالسنة صاحبنا أو صاحبكم؟(1/19)
قال: اللهم صاحبكم، قلت فأنشدك الله من أعلم بأقاويل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المتقدمين صاحبنا أو صاحبكم؟
قال: اللهم صاحبكم، قال الشافعي رضي الله عنه: فلم يبق إلا القياس والقياس لا يكون إلا على هذه الأشياء فعلى أي شيء تقيس".
تعرف هذه المرحلة بالمذهب القديم، والتي كان الإمام ما زال متأثراً فيها بمذهب مالك ولكنه لم يكن تأثر الذوبان فقد كان يخالفه أحياناً، وقد رويت عنه أقوال مختلفة في بعض المسائل تظهر اجتهاده وعدم تقليده لغيره، ومما ساعد على موافقة الشافعي لمالك استفادته من محمد بن الحسن والذي كان كثيراً ما يوافق مالكاً أيضاً لأنه من تلاميذ مالك أيضا وقد أقام عنده ثلاث سنين(20).
المرحلة الثانية: وهي المرحلة المصرية:-
وفي هذه المرحلة اعتصرت وتمحصت في ذهن الإمام الكثير من القضايا، فراجع أصوله الأولى، فرجع عن بعضها كالاحتجاج بعمل الصحابي، وراجع فتاواه وأقواله فتراجع عن معظمها، وضرب عليها، وشدد على من روى عنه فتاواه الأولى، وهذه المرحلة هي ما تعرف بالمذهب الجديد للإمام الشافعي.
وهنا يعزو بعض الكتبة سبب تغير اجتهاد الإمام الشافعي، وتوزع مذهبه على مذهبين قديم وجديد إلى تغير عوائد الناس، واختلاف تعاملاتهم، واختلاف أساليب الري في البلدين مصر والعراق التي تفضي إلى اختلاف في الخراج وما إلي ذلك(21).
وظني أن هذا غير صحيح لما يلي:-
1. لو كان الأمر كذلك لما شطب الإمام كتاباته الأولى، ولما أنكر على من يروي آراءه القديمة، بل كان سيبين سبب تغير فتواه في البلدين بأن معطياتها وأسسها مختلفة .
2. يؤيد هذا أن الإمام أبقى على مواضع من الصداق، ولو كان كما قيل لما أبقاه أيضاً، أو كان رفضه لفتاوى متفرقة من كتب مختلفة، لا أن يشطب جميعها عدا مواضع.
3. يدعم هذا أيضاً أن مذهب الإمام القديم كان مبنياً على أصول لم يرتضها الشافعي بعد ذلك كحجية مذهب الصحابي .(1/20)
4. ليست مسافة العادات، والناس، والمكان، والزمان كبيراً بين مصر والعراق بحيث يؤدي هذا إلى التراجع الكبير عن مسائل القديم.
5. أن الإمام كان يرد بعض الأقوال بالأدلة ومنها ما كان رأيه قديماً.
6. أن الشافعية والذين هم أدرى بإمامهم ومذهبه لم يذكروا هذا السبب، وعندما اختار بعضهم شيئاً من آرائه القديمة ذكروا عدم نسبة هذه الآراء لمذهب الإمام، وأن الأصحاب إنما اختاروها لرجحانها بالأدلة من وجهة نظرهم.
7. تصرح الأصحاب بأنه لا يجوز تقليد القديم إلا إذا قال به إمام من أئمة المذهب أو قلد فيه مجتهداً.
فالذي يظهر أن الإمام غيّر آراءه واجتهاداته لما ترجح لديه من ضعفها وصوابية آرائه الجديدة لا لشيء آخر.
وإن مما أخذه بعضهم على الإمام أن له في كثير من المسائل قولين أو أكثر، بيد أن المطالع لكتب الأئمة يجد هذا جلياً عندهم أيضاً من لدن الصحابة فمن بعدهم .
ومثل هذا صدور قولين في وقت واحد(22) فقد ذكر العلماء أن هذا بسبب تكافؤ نظريه، وأنه دليل على سعة العلم ودقة الورع، وأن فيه حذراً من ورطة الهجوم على ترجيح من غير اتضاح دليل، وهذا أيضا واقع من لدن الصحابة فمن بعدهم(23).
لقد كان لتأسيس المذهب على يدي إمامه دور فعال في ثباته وانضباطه ووضوحه ويسر الطري لمن بعده ليس لأتباعه فقط بل لكل من يريد الاستنباط والنظر، بيد أن أصحابه كانوا أكثر استفادة إذ لم يعانوا كثيرا في تبين أصول الإمام وقواعده وضوابط استنباطه، وهذه مرحلة ليست بالهينة إذ إنها أخذت م بعض أتباع المذاهب الأخرى قرونا في حين أنها لم تأخذ ذلك مع الشافعية.
ولقد رزق الإمام الشافعي ( تلاميذ نجباء، سواء في قوله القديم أم الجديد، رووا عنه آراءه وأقواله وفتاواه وكتبه، وكان منهم عشرة اشتهروا بنقل مذهبه وأقواله: أربعة رووا عنه المذهب القديم وهم:-(1/21)
1- الحسن الزعفراني، وهو: الحسن بن محمد أبو علي البغدادي الزعفراني، قال ابن حبان في الثقات: كان راوياً للشافعي، وكان يحضر أحمد وأبو ثور عند الشافعي وهو الذي يتولى القراءة عليه، وقال الماوردي: هو أثبت رواة القديم توفي، في رمضان سنة ستين ومائتين (24) .
2- الإمام أحمد بن حنبل وهو: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني رضي الله عنه، ولد سنة أربع وستين ومائة، ومات في رجب يوم الجمعة سنة إحدى وأربعين ومائتين، قال قتيبة بن سعيد: لو أدرك أحمد بن حنبل عصر مالك والثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد لكان هو المقدم، فقيل لقتيبة: تضم أحمد إلى التابعين؟ فقال: إلى كبار التابعين وقال أبو ثور أحمد بن حنبل أعلم وافقه من الثوري (25) .
3- وأبو ثور الكلبي وهو: إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان، أبو ثور، وقيل: كنيته أبو عبد الله، الفقيه العلامة، أخذ الفقه عن الشافعي وغيره، قال أبو بكر الأعين: سألت أحمد بن حنبل عنه، فقال: اعرفه بالسنة منذ خمسين سنة، وهو عندي في مسلاخ سفيان الثوري، قال الخطيب البغدادي: كان أحد الثقات المأمونين ومن الأئمة الأعلام في الدين، وله كتب مصنفة في الأحكام جمع فيها بين الحديث والفقه، قال: وكان أولاً يتفقه بالرأي ويذهب إلى قول أهل العراق، حتى قدم الشافعي بغداد فاختلف إليه ورجع عن الرأي إلى الحديث، توفي سنة أربعين ومائتين وهو أحد رواة القديم وقال الرافعي في باب الغضب أبو ثور وإن كان معدودا وداخلا في طبقة أصحاب الشافعي فله مذهب مستقل ولا يعد تفرده وجها (26) .(1/22)
4- وأبو علي الكرابيسي، وهو: الحسين بن علي بن يزيد أبو علي البغدادي الكرابيسي، أخذ الفقه عن الشافعي، وكان أولاً على مذهب أهل الرأي، قال ابن عدي: وله كتب مصنفة ذكر فيها اختلاف الناس في المسائل، وكان حافظاً له، وذكر في كتبه أخباراً كثيرة، قال العبادي: لم يتخرج على يدي الشافعي بالعراق مثل الحسين، قال الإسنوي: وكتاب القديم الذي رواه الكرابيسي عن الشافعي مجلد ضخم، توفي سنة خمس وأربعين ومائتين (27) .
وستة رووا عنه المذهب الجديد وهم:-
1. أبو يعقوب البويطي وهو: يوسف بن يحيى القرشي أبو يعقوب البويطي المصري الفقيه، أحد الأعلام من أصحاب الشافعي وأئمة الإسلام، قال الربيع: وكان له من الشافعي منزلة، وكان الرجل ربما يسأله عن المسألة فيقول: سل أبا يعقوب فإذا أجاب اخبره فيقول: هو كما قال، وربما جاء إلى الشافعي رسول صاحب الشرطة فيوجه الشافعي أبا يعقوب البويطي ويقول هذا لساني، وخلف الشافعي في حلقته بعده، قال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلسي من أبي يعقوب، وليس أحد من أصحابي أعلم منه، وقال النووي في مقدمة شرح المجموع: إن أبا يعقوب البويطي أجل من المزني والربيع المرادي، مات ببغداد في السجن والقيد في المحنة في رجب سنة إحدى وثلاثين ومائتين (28) .
2. وحرملة وهو:حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران التجيبي أبو حفص المصري، أحد الحفاظ المشاهير من أصحاب الشافعي وكبار رواة مذهبه الجديد، قال الشيخ أبو إسحاق: كان حافظاً للحديث، وصنف المبسوط والمختصر، وقال ابن يونس: كان أعلم الناس بحديث ابن وهب، ونظر إليه أشهب فقال: هذا خير أهل المسجد ولد سنة ست وستين ومائة، ومات في شوال سنة ثلاث وقيل أربع وأربعين ومائتين (29).
3. والربيع الجيزي وهو: الربيع بن سليمان بن داود الجيزي أبو محمد الأزدي مولاهم المصري الأعرج، أحد أصحاب الشافعي والرواة عنه، مات في ذي الحجة سنة ست وخمسين ومائتين (30) .(1/23)
4. والمزني: إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن عمرو بن إسحاق أبو إبراهيم المزني المصري الفقيه الإمام صاحب التصانيف، أخذ عن الشافعي وكان يقول: أنا خلق من أخلاق الشافعي، ذكره الشيخ أبو إسحاق أول أصحاب الشافعي وقال: كان زاهداً عالماً مجتهداً مناظراً محجاجاً غواصاً على المعاني الدقيقة، صنف كتباً كثيرة، قال الشافعي: المزني ناصر مذهبي، ولد سنة خمس وسبعين ومائة، وتوفي في رمضان، وقيل في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائتين،وكان مجاب الدعوة (31) .
5. ويونس بن عبد الأعلى وهو: يونس بن عبد الأعلى بن ميسرة بن حفص بن حيان الصدفي أبو موسى المصري، أحد أصحاب الشافعي وأئمة الحديث روى عنه مسلم في صحيحه والنسائي وابن ماجه، قال الطحاوي: كان ذا عقل، روى عن الشافعي أقوالاً غريبة، قال الذهبي: وانتهت إليه رئاسة العلم بديار مصر لعلمه وفضله وورعه ونسكه ومعرفته بالفقه وأيام الناس، مولده في ذي الحجة سنة سبعين ومائة، ومات في ربيع الآخر سنة أربع وستين ومائتين السنة التي مات فيها المزني (32) .
6. والربيع المرادي وهو: الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادي مولاهم أبو محمد المصري المؤذن، صاحب الشافعي وخادمه وراوية كتبه الجديدة، قال الشيخ أبو إسحاق: وهو الذي يروي كتب الشافعي، قال الشافعي: الربيع راويتي، قال الذهبي: كان الربيع أعرف من المزني بالحديث وكان المزني أعرف بالفقه منه بكثير حتى كأن هذا لا يعرف إلا الحديث وهذا لا يعرف إلا الفقه، ولد سنة ثلاث أو أربع وسبعين ومائة، وتوفي في شوال سنة سبعة ومائتين وقد قال الشافعي فيه أنه أحفظ أصحابي (33).
وقد نصر هؤلاء التلاميذ مذهب الشافعي خاصة المصاروة منهم، وعنهم نقل مذهب الشافعي الجديد فقد نشروه وحافظوا عليه، وألفوا فيه الكتب.(1/24)
بيد أن المزني كان كثيراً ما يخرج على المذهب ويجتهد لنفسه، ولهذا اختلف الأصحاب في اختياراته في عدها وجهاً في المذهب أم لا، قولان، وفصل بعضهم بأن قال إن كان قول المزني مخرجا أومبنياً على قواعد المذهب فإن قوله والحالة هذه يعد وجهاً في المذهب، وإن كان غير ذلك فلا يعد بل يكون مذهباً له، وهذا هو الذي يظهر رجحانه.
وأحسب أن مخالفات المزني الكثيرة للمذهب تعود لقراءات ته المتكررة لكتب الأحناف كما حكى هذا الطحاوي مما انعكس على الأخير أن ينتقل إلى المذهب الحنفي بعد شافعيته، ولهذا لا يبعد أن المزني تأثر كثيرا بآراء الأحناف مما جعله يخرج أحيانا على المذهب، وأحسب أيضا أن المزني كان فيه ميل لطريقة أهل الرأي في الجملة، وإن كان لا يذهب مذهبهم ويعتمد قواعدهم، وعلى كل لقد انتهى الأمر بالمزني أن يكون مجتهدا وهذا الظن به وع هذا ظل وفيا لشيخه ومذهبه حتى وفاته.
لقد كانت فترة التلاميذ فترة حرجة فوفاة الإمام تركت فراغاً كبيراً، وكان على تلاميذه أن يملئوا هذا الفراغ، كما أن الإمام قد بدأ مشواراً قطع فيه شوطاً واسعاً وكان عليهم أيضاً أن يواصلوا هذا المشوار، وقد كانوا كذلك.
الدور الثاني: نشوء المذهب وانتشاره (أصحاب الوجوه)
ظهر بعد ذلك ما اصطلح على تسميتهم بأصحاب الوجوه، وهم الآخذون عنه بالوساطة، كما أنهم يخرجون على المذهب ما لم ينص عليه الإمام.
ومعنى تخريج الوجوه: استنباطها من كلام الإمام، كأن يقيس ما سكت عنه على ما نص عليه لوجود معنى ما نص عليه فيما سكت عنه، سواء نص إمامه على ذلك المعنى أو استنبطه من كلامه .
أو يستخرج حكم المسكوت عنه بعد دخوله بعد عمومٍ ذكره، أو قاعدة قررها كذا في الآيات البينات لابن قاسم .(1/25)
وقد تكون الأوجه باجتهاد من الأصحاب أن يستنبطوا الأحكام من نصوص الشارع، لكن يتقيدون في استنباطهم منها بالجري على طريقة إمامهم في الاستدلال ومراعاة قواعده وشروطه فيه، وبهذا يفارقون المجتهد المطلق، فإنه لا يتقيد بطريق غيره، ولا بمراعاة قواعده وشروطه .
والوجهان قد يكونان لشخصين أو لشخص، فإن كان لواحد فالراجح منهما ما عليه المعظم ترجيحاً، أو ما اتضح دليله، أو من أكثر فبترجيح مجتهد آخر اجتهاداً نسبياً (34).
وأصحاب الوجوه هم المراد بقولهم الأصحاب المتقدمون،ففي فتاوى ابن حجر ما لفظه: "وفي الاصطلاح أن المراد بالأصحاب المتقدمون وهم أصحاب الأوجه غالباً، وضبطوه بالزمن، وهم من الأربعمائة، ومن عداهم لا يسمون بالمتقدمين ولا بالمتأخرين .
ويوجه هذا الإصطلاح بأن بقية هذا القرن الثالث من جملتهم السلف المشهود لهم على لسانه ( بأنهم خير القرون أي ممن بعدهم، فما قربوا من عصر المجتهدين خصوا تمييزاً لهم على من بعدهم باسم المتقدمين" اهـ(35)(36).
وأصحاب الوجوه كثيرون لا يحصون، لكن اشتهر منهم جماعة في استنباط الأحكام من نصوصه، وتوجيهها والتفريع عليها، ويسمون بأصحاب الوجوه منهم:-
الطبقة الثانية:
1. أحمد بن يسار(37)
هو: أحمد بن سيار بن أيوب أبو الحسن المروزي الحافظ الفقيه أحد الأعلام، توفي في ربيع الآخر سنة ثمان وستين ومائتين عن سبعين سنة
2. ومحمد بن نصر المروزي
محمد بن نصر الإمام أبو عبد المروزي، أحد الأئمة الأعلام، تفقه على أصحاب الشافعي بمصر وعلى إسحاق بن راهويه، قال الخطيب: كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم، ولد ببغداد سنة اثنتين ومائتين، ونشأ بنيسابور، وسكن سمرقند وغيرها، توفي في المحرم سنة أربع وتسعين ومائتين بسمرقند، ومن تصانيفه: كتاب تعظيم قدر الصلاة، مشتمل على أحاديث كثيرة وأحكام يسيرة مجلد ضخم، وكتاب قيام الليل مجلدين ضخمين، وكتاب رفع اليدين (38)
الطبقة الثالثة ومنهم:-(1/26)
1. أبو الطيب بن سلمة
محمد بن المفضل بن سلمة بن عاصم أبو الطيب بن سلمة الضبي البغدادي، تفقه على ابن سريج، وكان موصوفاً بفرط الذكاء، وله وجه في المذهب، وقد صنف كتباً عديدة، قال الخطيب: كان من كبار الفقهاء ومتقدميهم، ويقال: إنه درس على ابن سريج، وقال الشيخ أبو إسحاق: كان عالماً جليلاً، مات وهو شاب في المحرم سنة ثمان وثلاثمائة (39) .
2. وأبو عبد الله الزبيري
الزبير بن أحمد بن سليمان بن عبد الله بن عاصم بن المنذر بن الزبير بن العوام الأسدي، أبو عبد الله الزبيري البصري أحد أئمة الشافعية، وكان أعمى، وله مصنفات كثيرة مليحة منها: الكافي وقال المارودي: كان شيخ أصحابنا في آلاف، قال الشيخ أبو إسحاق: مات قبل العشرين وثلاثمائة، وورخ الذهبي وفاته سنة سبع عشرة (40) .
3. وابن حربويه
علي بن الحسين بن حرب بن عيسى البغدادي القاضي أبو عبيد بن حربويه، قاضي مصر، أحد أصحاب الوجوه المشهورين، ولي قضاء واسط، ثم ولي قضاء مصر من سنة ثلاث وتسعين إلى أن استعفى سنة إحدى عشرة ورجع إلى أحكامه بمصر باختياراته، وكان أولاً يذهب إلى قول أبي ثور، توفي في سنة تسع عشرة وثلاثمائة وصلى عليه الإصطخري (41) .
4. وأبو حفص البابشامي
عمر بن عبد الله بن موسى أبو حفص ابن الوكيل الباب شامي، مات بعد العشر وثلاثمائة، وهذه النسبة إلى باب الشام، وهي إحدى المحال المشهورة من الجانب الغربي من بغداد (42) .
5. وأبو علي بن خيران
الحسين بن صالح بن خيران أبوعلي البغدادي، أحد أئمة المذهب، كان من أفاضل الشيوخ وأماثل الفقهاء مع حسن المذهب وقوة الورع، وأراد السلطان أن يوليه القضاء فامتنع واستتر وسمر بابه لامتناعه، مات في ذي الحجة سنة عشرين وثلاثمائة (43) .
6. وأبو بكر النيسابوري(1/27)
أحمد بن إسحاق بن أيوب بن يزيد أبو بكر النيسابوري المعروف بالصبغي، أحد أئمة الشافعية رحل وسمع الكثير، له الكتب المطولة مثل: كتاب المبسوط، وكتاب الأسماء، والصفات، وكتاب الإيمان والقدر وكتاب فضائل الخلفاء الأربعة، مولده سنة ثمان وخمسين، ومائتين ومات في شعبان سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة (44) .
7. وأبو سعيد الأصطخري
الحسن بن أحمد بن يزيد بن عيسى أبو سعيد الإصطخري، شيخ الشافعية ببغداد ومحتسبها، ومن أكابر أصحاب الوجوه في المذهب، وكان ورعاً زاهداً، له مصنفات مفيدة، توفي في ربيع الآخر وقيل في جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وقد جاوز الثمانين (45) .
8. وأبو بكر الصيرفي
محمد بن عبد الله أبو بكر الصيرفي الفقيه الأصولي، أحد أصحاب الوجوه في الفروع والمقالات في الأصول، تفقه على ابن سريج، قال القفال الشاشي: كان أعلم الناس بالأصول بعد الشافعي، توفي سنة ثلاثين وثلاثمائة (46) .
9. وابن القاص
أحمد بن أبي أحمد الطبري أبو العباس ابن القاص، أحد أئمة المذهب، أخذ الفقه عن ابن سريج، وتفقه عليه أهل طبرستان، قال الشيخ أبو إسحاق: كان من أئمة أصحابنا، صنف التصانيف الكثيرة، توفي بطرسوس سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة (47) .
10. وأبو اسحق المروزي
إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق المروزي، أحد أئمة المذهب، أخذ الفقه عن عبدان المروزي ثم عن ابن سريج والإصطخري وانتهت إليه رئاسة المذهب في زمانه، وصنف كتباً كثيرة، وأقام ببغداد مدة طويلة يفتي ويدرس وانتفع به أهلها، وصاروا أئمة كابن أبي هريرة، وأبي زيد المروزي، وأبي حامد المروزي، شرح المختصر، وصنف الأصول، وأخذ عنه الأئمة وانتشر الفقه عن أصحابه في البلاد، وخرج إلى مصر ومات بها في رجب سنة أربعين وثلاثمائة (48) .
11. وأبو بكر الصبغي(1/28)
أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب النيسابوري المعروف بالصبغي بكسر الصاد ، كان واسع العلم إماماً في الفقه والحديث والأصول، ذا تصانيف، ولد في رجب سنة ثمان وخمسين ومائتين، وتوفي في شعبان سنة ست وأربعين وثلاثمائة (49) .
12. وأبو علي بن أبي هريرة
الحسن بن الحسين القاضي أبو علي بن أبي هريرة البغدادي، أحد أئمة الشافعية من أصحاب الوجوه، تفقه على ابن سريج وأبي إسحاق المروزي، ودرس ببغداد ومات بها في رجب سنة خمس وأربعين وثلاثمائة وصنف التعليق الكبير على مختصر المزني (50) .
13. وابن الحداد
محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر أبو بكر ابن الحداد الكناني المصري، شيخ الشافعية بالديار المصرية ولد يوم موت المزني في رمضان سنة أربع وستين، توفي في المحرم سنة أربع وقيل خمس وأربعين وثلاثمائة (51) .
14. وأبو علي الطبري
الحسن بن محمد بن العباس القاضي أبو علي الطبري الزجاجي -بضم الزاي وتخفيف الجيم- أخذ عن ابن القاص (52) .
15. وأبو بكر المحمودي
محمد بن محمود أبو بكر المحمودي المروزي، أخذ هو وابن خزيمة وأبو إسحاق المروزي عن عبدان (53) .
16. وأبو الحسن الصابوني
أحمد بن محمد أبو الحسن الصابوني، من أصحابنا أصحاب الوجوه، قال النووي في تهذيبه: ومن غرائبه ما حكيته عنه في الروضة أن أم الزوجة لا تحرم إلا بالدخول كعكسه، وهذا شاذ مردود والصواب المشهور تحريمها بنفس العقد (54) .
17. وابن القطان
أحمد بن محمد بن أحمد أبو الحسين ابن القطان البغدادي، آخر أصحاب ابن سريج وفاة على ما قاله الشيخ أبو إسحاق، قال: ودرس ببغداد وأخذ عنه العلماء، وقال الخطيب البغدادي: هو من كبراء الشافعيين، وله مصنفات في أصول الفقه وفروعه، مات في جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، قال الذهبي عمر وشاخ وكتابه الفروع مجلد متوسط فيه غرائب كثيرة (55) .
18. والقفال الشاشي(1/29)
محمد بن علي بن إسماعيل أبو بكر الشاشي القفال الكبير، أحد أعلام المذهب وأئمة المسلمين، مولده سنة إحدى وتسعين ومائتين، وسمع من أبي بكر ابن خزيمة ومحمد بن جرير وأبي القاسم البغوي وغيرهم، وكان إماماً، وله مصنفات كثيرة ليس لأحد مثلها، وهو أول من صنف الجدل الحسن من الفقهاء، وله كتاب حسن في أصول الفقه، وله شرح الرسالة، وعنه انتشر فقه الشافعي في ما وراء النهر، وقال الحاكم: كان أعلم أهل ما وراء النهر يعني في آلاف بالأصول وأكثرهم رحلة في طلب الحديث، وقال الحليمي: كان شيخنا القفال أعلم من لقيته من علماء آلاف، قال النووي في تهذيبه: إذا ذكر القفال الشاشي فالمراد هذا، وإذا ورد القفال المروزي فهو الصغير، ثم إن الشاشي يتكرر ذكره في التفسير والحديث والأصول والكلام، والمروزي يتكرر ذكره في الفقيهات ومن تصانيف الشاشي: دلائل النبوة، ومحاسن الشريعة، وأدب القضاء جزء كبير، وتفسير كبير، مات في ذي الحجة سنة خمس وستين وثلاثمائة (56) .
19. وابن العفريس
أحمد بن محمد بن محمد الزوزني أبو سهل، ويعرف بابن العفريس بالعين، صاحب جمع الجوامع ذكره أبو عاصم العبادي في طبقة القفال الشاشي وأبي زيد ونحوهما (57) .
20. وابن سهل الصعلوكي
سهل بن محمد بن سليمان بن محمد الإمام شمس الإسلام أبو الطيب، ابن الإمام أبي سهل العجلي الحنفي الصعلوكي النيسابوري، أحد أئمة الشافعية ومفتي نيسابور، تفقه على أبيه، قال الحاكم: وهو أنظر من رأيناه كان في مجلسه أكثر من خمسمائة محبرة، وقال الشيخ أبو إسحاق: كان فقيهاً أديباً، جمع رئاسة الدين والدنيا وأخذ عنه فقهاء نيسابور، توفي سنة أربع وأربعمائة(58).
21. وابوزيد المروزي(1/30)
محمد بن أحمد بن عبد الله الشيخ لصاحب أبو زيد الفاشاني -بفاء وشين معجمة ونون- المروزي، ولد سنة إحدى وثلاثمائة، أخذ عن أبي إسحاق المروزي، وجاور بمكة سبع سنين، قال الحاكم: كان أحد أئمة المسلمين ومن أحفظ الناس لمذهب الشافعي وأحسنهم نظراً وأزهدهم في الدنيا، توفي في رجب سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة (59) .
22. وأبو أحمد الجرجاني
محمد بن أحمد بن إبراهيم أبو أحمد الجرجاني، قال حمزة السهمي في تأريخ جرجان: الصباغ الفقيه صاحب أبي إسحاق المروزي، درس ببغداد، ومات بها، وقال غيره فيه: البغدادي، ويكنى أبا الطيب، وكان من أعلم الناس بمذهب الشافعي، مات سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة عن نيف وسبعين سنة (60) .
23. والماسرجسي
محمد بن علي بن سهل بن مصلح الفقيه أبو الحسن الماسرجسي النيسابوري، شيخ الشافعية في آلاف وأحد أصحاب الوجوه، قال الحاكم: كان أعرف الأصحاب بالمذهب وترتيبه، توفي في جمادى الآخرة سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وهو ابن ست وسبعين سنة (61) .
24. وأبو القاسم الصيمري
عبد الواحد بن الحسين أبو القاسم الصيمري البصري، أحد أئمة الشافعية وأصحاب الوجوه، كان حافظاً للمذهب، حسن التصانيف، ومن تصانيفه: الإيضاح في نحو خمس مجلدات والكفاية وهو مختصر والإرشاد شرح الكفاية وكانت وفاته بعد سنة ست وثمانين وثلاثمائة (62) .
25. وزاهر السرخسي
زاهر بن أحمد بن محمد بن عيسى أبو علي السرخسي، أخذ الفقه عن أبي إسحاق المروزي، توفي في ربيع الآخر سنة تسع وثمانين وثلاثمائة وله ست وتسعون سنة (63) .
26. وابن لال
أبو بكر احمد بن علي بن أحمد ابن لال الهمداني، ولد سنة سبع وثلاثمائة، ومات سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة، أخذ الفقه عن أبي إسحاق، وأبي علي بن أبي هريرة، وكان فقيهاً متعبداً أخذ الفقه بهمذان (64) .
27. والخضري(1/31)
محمد بن أحمد أبو عبد الله الخضري المروزي، كان هو وأبو زيد شيخي عصرهما بمرو، وكثيراً ما يقول القفال: سألت أبا زيد والخضري، أقام بمرو ناشراً لفقه الشافعي رضي الله عنه مرغباً فيه، وكان يضرب به المثل في قوة الحفظ وقلة النسيان، توفي في عشر الثمانين وثلاثمائة (65) .
28. وأبو الحسن الجوري
علي بن الحسين القاضي أبو الحسين الجوري، قال ابن الصلاح: كان من أجلاء الشافعية، لقي أبا بكر النيسابوري، وروى عنه وصنف المرشد في عشرة أجزاء، والموجز على ترتيب المختصر، ولم يؤرخوا وفاته (66) .
29. وأبو عبد الله الحناطي
الحسين بن محمد بن الحسين أبو عبد الله بن أبي جعفر الطبري الحناطي، أخذ الفقه فيما أظن عن أبيه عن ابن القاص وأبي إسحاق المروزي، كان حافظاً لكتب الشافعي وكتب أبي العباس، ذكره الشيخ أبو إسحاق وقال: من أئمة طبرستان ولم تؤرخ وفاته (67).
الطبقة الرابعة
ومنهم:-
1. أبو طاهر الزيادي
محمد بن محمد بن محمش -بميم مفتوحة وحاء مهملة ساكنة بعدها ميم مكسورة ثم شين معجمة- بن علي بن داود بن أيوب الأستاذ أبو طاهر الزيادي، كان إمام أصحاب الحديث وفقيههم ومفتيهم بنيسابور بلا مدافعة وكان إماماً في علم الشروط، وصنف فيه كتاباً، وله معرفة جيدة قوية بالعربية، روى عنه الحاكم وأثنى عليه ومات قبله، ولد سنة سبع عشرة وقيل سنة ثلاث عشرة ومات في شعبان سنة عشر وأربعمائة (68) .
2. وأبو إسحق الإسفراييني
إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الإمام ركن الدين أبو إسحاق الإسفراييني المتكلم الأصولي الفقيه شيخ أهل خراسان، يقال: إنه بلغ رتبة الاجتهاد، وله المصنفات الكثيرة منها: جامع الحلى في أصول الدين والرد على الملحدين في خمس مجلدات، وتعليقه في أصول الفقه، توفي يوم عاشوراء سنة ثمان عشرة وأربعمائة بنيسابور (69) .
3. وأبو بكر البرقاني(1/32)
أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب أبو بكر البرقاني الخوارزمي نزيل بغداد، رحل وطوف وسمع ببلاد شتى، أخذ عنه الخطيب وقال: كان ثقةً ثبتاً لم نر في شيوخنا أثبت منه، عارفاً بالفقه، له حظ في علم العربية صنف مسنداً ضمنه ما اشتمل عليه صحيحا البخاري ومسلم، ولم يترك التصنيف حتى مات، وقال الشيخ أبو إسحاق: تفقه في حداثته وصنف في الفقه ثم اشتغل بعلم الحديث فصار فيه إماماً، ولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة وتوفي في رجب سنة خمس وعشرين وأربعمائة (70) .
4. وأبو حاتم القزويني
محمود بن الحسن بن محمد بن يوسف بن الحسين بن محمد بن عكرمة الأنصاري أبو حاتم القزويني أصله من آمل طبرستان، قدم بغداد وأخذ عن الشيخ أبي حامد الإسفراييني، ثم رجع إلى وطنه وصار شيخ تلك البلاد في العلم والفقه، كان حافظاً للمذهب والخلاف، وصنف كتباً كثيرة في المذهب والخلاف والأصول والجدل، توفي سنة أربعين وأربعمائة (71) .
5. والشريف ناصر العمري
ناصر بن الحسين بن محمد بن علي القرشي العمري أبو الفتح المروزي، من ولد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، تفقه به خلق كثير منهم الحافظ أبو بكر البيهقي، وصار عليه مدار الفتوى والتدريس والمناظرة وصنف كتباً كثيرة، وكان فقيراً قانعاً باليسير، متواضعاً خيراً، قال الذهبي: كان من أفراد الأئمة، وقد أملى مدة سنتين توفي بنيسابور في ذي القعدة سنة أربع وأربعين وأربعمائة (72) .
6. وأبو عبد الله القطان
الحسين بن محمد أبو عبد الله القطان، قال النووي: من أصحابنا أصحاب الوجوه (73) .
7. وأبو عبدالرحمن القزازي
أبو عبد الرحمن القزاز -بقاف وزايين معجمتين- السمرقندي (74) .
8. وأبو عاصم العبادي(1/33)
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن عباد القاضي أبو عاصم العبادي الهروي، أحد أعيان الأصحاب، أخذ الفقه عن القاضي أبي منصور الأزدي بهراة، وعن القاضي أبي عمر البسطامي والأستاذ أبي إسحاق الاسفراييني والأستاذ أبي طاهر الزيادي بنيسابور ثم صار إماما دقيق النظر تنقل في النواحي وصنف كتاب المبسوط، وكتاب الهادي ،وكتاب المياه، وكتاب الأطعمة، وكتاب الزيادات، وزيادات الزيادات، وكتاب طبقات الفقهاء، مات في شوال سنة ثمان وخمسين وأربعمائة عن ثلاث وثمانين سنة (75) .
9. والشالوسي
عبد الكريم بن احمد بن الحسين أبو بكر، وقيل أبو عبد الله الطبري الشالوسي، قال ابن السمعاني: كان فقيه آلاف بآمل، ومدرسها ومفتيها، وكان واعظاً زاهداً من بيت الزهد والعلم، وسمع بالعراق والحجاز ومصر وغيرها، توفي سنة خمس وستين وأربعمائة، والشالوسي نسبة إلى شالوس شينها الأولى معجمة والثانية مهملة قرية بنواحي آمل طبرستان، كذا ضبطها ابن السمعاني في الأنساب (76) .
10. وأبو خلف الطبري
محمد بن عبد الملك بن خلف أبو خلف السلمي الطبري،أخذ عن القفال والأستاذ أبي منصور البغدادي وشرح المفتاح لابن القاص في مجلدة،وكتاب المعين له، يشتمل على الفقه والأصول،وقد أفرد النوع الفقهي منه، وكتاب سلوة العارفين وأنس المشتاقين في التصوف وهو كتاب جليل في بابه، توفي في حدود سنة سبعين وأربعمائة (77)
الشيخ أبو حامد وطريقة العراقيين
ثم جاء بعدهم بقية أصحاب الوجوه طبقة بعد طبقة.
حتى جاء الشيخ أبو حامد أحمد الفقيه، المعروف بالإسفراييني(78)، الذي انتهت إليه الرئاسة في فقه الشافعي ببغداد، قيل كان يحضر درسه سبعمائة فقيه، وتبعه جماعة لا يحصون عدداً أخصهم به:-
1. القاضي أبو الحسن الماوردي، صاحب الحاوي البصري، المتوفى سنة أربعمائة وخمسين للهجرة(79) .(1/34)
2. والقاضي أبو الطيب الطبري، صاحب الكتاب المسمى بالتعليقة في نحو عشر مجلدات، كثير الاستدلال والأقيسة، المتوفى سنة أربعمائه وخمسين للهجرة(80).
3. والقاضي أبو علي البندنيجي(81) .
4. وأبو الحسن أحمد بن محمد المحاملي، المتوفى سنة اربعمائة وخمس، صاحب كتاب المقنع (82).
5. وسليم الرازي(83) .
وسلكوا طريقه في تدوين الفروع، واشتهرت طريقتهم في ذلك بطريقة العراقيين .
الشيخ القفال وطريقة الخراسانيين
وجاء القفال المروزي(84) وسلك طريقه أيضا في تدوين الفروع، وتبعه جماعة أخصهم :-
1. الشيخ أبو محمد عبد الله بن يوسف النيسابوري المعروف بالجويني، المتوفى سنة أربعمائة وثمانية وثلاثين(85) .
2. وصاحب كتاب الإبانة أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الفوراني المروزي المتوفى سنة أربعمائة وإحدى وستين(86) .
3. والقاضي حسين بن محمد المروزي، المتوفى سنة اربعمائة واثنين وستين(87)، وله كتاب سماه التعليقة أيضاً في الفروع .
4. وأبو علي السنجي(88) .
5. والمسعودي(89) .
واشتهرت طريقة هؤلاء ومن تبعهم بطريقة الخراسانيين، ويقال لهم: المراوزة أيضاً؛ لأن شيخهم ومعظم أتباعهم مراوزة، فتارة يقولون: قال الخراسانيون، وتارة يقولون: قال المراوزة كذا، فهما عبارتان عن معبر واحد.
ناقلوا الطريقين
ثم من بعد أصحاب الطريقين جماعة من أصحاب الشافعي ينقلون الطريقين:-
1. كأبي عبدالله الحليمي(90) .
2. والروياني صاحب البحر، واسمه عبد الواحد بن اسماعيل بن أحمد الروياني -المتوفى سنة خمسمائة واثنين(91)- .
3. والقاضي أبي المعالي مجلي صاحب الذخائر -المتوفى سنة خمسمائة وخمس-(92) .
4. والشيخ أبي إسحاق إبراهيم الشيرازي صاحب المهذب والتنبيه -المتوفى سنة اربعمائة وستة وسبعين-(93) .
5. وإمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجويني -المتوفى سنة أربعمائة وثمانية وسبعين- صاحب نهاية المطلب في رواية المذهب(94) .(1/35)
6. وعبد الرحمن بن المأمون، المعروف بالمتولي النيسابوري -المتوفى سنة أربعمائة وثمانية وسبعين(95)- صاحب تتمة الإبانة .
7. والإمام حجة الإسلام الغزالي وغيرهم(96) .
وربما يعتمد كلٌ ما ظهر له وإن خالف من نقل عنه في بعض الفروع(97) .
وقد كان لهؤلاء الأفذاذ الدور الكبير في نشر وتثبيت دعائم المذهب الشافعي فانتشر المذهب في بلاد الشام، وقضى على المذهب الأوزاعي الذي كان معروفاً فيه، ثم امتد وتوسع حتى نافس المذهب الحنفي في بلده العراق، واستمر توسعه حتى وصل إلى الهند.
وانتشر المذهب في بلاد الجزيرة العربية فشمل أقاليمها: نجد والحجاز واليمن ولاقى قبولاً واسعاً، رغم أنه جاء متأخراً وبعد أن تقاسمت المنطقة مذاهب أخرى فاليمن مثلاً كان قد انتشرت فيه عدة مذاهب وهي المالكي والحنفي ومذهب سفيان وإسحاق وغيرها، ولم يدخل المذهب الشافعي إلى اليمن إلا في القرن الرابع، ومع هذا فقد كتب له الانتشار السريع بحيث غطى اليمن -كما هو اليوم- بكاملها، ولم يبق إلا المذهب الحنفي في منطقة صغيرة من تهامة، والمذهب الزيدي في مناطق قليلة ومحدودة في حين اندثرت المذاهب الأخرى.
وفي ظني أن سبب الانتشار السريع والواسع للمذهب الشافعي يعود إلى أمور هامة منها:-
1- وضع الإمام الشافعي الأسس والقواعد لمذهبه بالتأليف والتدريس مما جعل مذهبه ينافس من أول وهلة دون انتظار لطور التلاميذ.
2- ما تمتع به الشافعي من شخصية فذة جمعت حوله كبار العلماء والمحدثين، وما تمتع به من علم واسع في العلوم الشرعية.
3- توفيق المذهب الشافعي بين مدرستي الرأي و الحديث، فقد أخذ من كلٍ ما رآه صائباً وترك ما عداه.
4- لقد رزق المذهب بعلماء أفذاذ كابن سريج وأبو حامد والقفالان والجويني والماوردي وغيرهم كثير، مما ساهم بشكل جلي في استقطاب الكثيرين إلى المذهب.(1/36)
5- قلة أصول المذهب التي يستنبط منها الأحكام، إضافة إلى كونه قعد قواعد تجعل التعامل مع كثير من الواقعات سهلاً ميسوراً.
6- ربما كان لنسب الإمام الشافعي دور في ذلك، وقد جعل السبكي في طبقاته نسب الإمام من أسباب تفضيله على غيره من الأئمة.
الدور الثالث: استقرار المذهب:
تلت فترة أصحاب الوجوه فترة أخرى، وهم ما اصطلح على تسميتهم بمجتهدي الفتوى، وهم المتبحرون في مذهب إمامهم، والقادرون على الترجيح دون الاستنباط، وأبرز هؤلاء الإمامان الشهيران عبد الكريم الرافعي ويحيى النووي .
1- الإمام الرافعي:
هو عبد الكريم بن محمد القزويني الرافعي، نسبة إلى رافع بن خديج الصحابي، كما وجد بخطه.
توفي في قزوين أواخر سنة ثلاث،أو أوائل سنة أربع وعشرين وستمائة،وعمره نحو خمس وستين سنة، فعلى هذا يكون مولده في سنة سبع أو ثمان وخمسين وخمسمائة.
كان -رحمه الله- إماماً في غالب العلوم، شديد الاحتراز في ترجيحها وفي نقلها وعزوها لأهلها إذا شك في أصلها، وكان العلم في أبيه وجده وجد جده كما في كتاب الأمالي، وكتابه المحرر من أجل كتب الشافعية وأحكمها كما قال الإمام النووي رحمه الله تعالى(98).
شروح المحرر:
وقد اعتنى بشرح المحرر واختصاره مجموعة كبيرة من الأئمة الأعلام .
فشرحه القاضي شهاب الدين أحمد بن يوسف السندي(99) المتوفى سنة ثمانمائة وخمس وتسعين في أربعة مجلدات سماه (كشف الدرر في شرح المحرر) التزم فيه ذكر الخلاف بين الأئمة الثلاثة مع تنقية مذهبه، وبيان خلاف الترجيح بين الرافعي والنووي وما عليه الفتوى.
ثم شرحه شرف الدين الشيرازي رحمه الله تعالى(100).
مختصرات المحرر:
والذي اختصره من العلماء تاج محمود بن محمد الأصفهيدني الكرماني(101) المتوفى سنة سبع وثمانمائة وسماه (الإيجاز) وهو كثير الفوائد مشتمل على ما حواه المحرر مع زيادات لطيفة، ونكات شريفة.(1/37)
واختصره أيضاً علاء الدين علي بن محمد الناجي(102) المتوفى سنة أربع عشرة وسبعمائة.
واختصره أيضاً الإمام النووي في المنهاج(103).
فتح العزيز:
ومن مؤلفات الرافعي الرائعة كتاب فتح العزيز شرح فيه الوجيز للغزالي،
وفتح العزيز المذكور اختصره الإمام النووي رحمه الله تعالى وسماه (الروضة) في أربعة مجلدات.
واختصر الروضة الشيخ اسماعيل بن المقري الزبيدي(104) إلى الروض
واختصر الروض شيخ الإسلام أحمد بن حجر الهيتمي إلى النعيم(105).
ثم اختصر الروضة الإمام العلامة صفي الدين أحمد بن عمر المزجد(106) إلى العباب، فشرحه الإمام ابن حجر وسمى هذا الشرح بالإيعاب.
واختصر الروضة أيضاً الإمام العلامة الحجة عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي إلى الغنية.
حواشي الروضة
وقد اعتنى الإمام الأذرعي بتحشية الروضة بالحواشي الجليلة، ومثله الإمام الأسنوي(107)، وابن العماد، والبلقيني، كل منهم اعتنى بالحواشي عليها وأتى بالعجب العجاب، وبكل ما استعذب لأولي الألباب .
ثم جمع حواشي الأربعة المذكورين شيخ الإسلام بدر الدين محمد بن بهادر الزركشي -المتوفى سنة أربع وتسعين وسبعمائة- وهذا المجموع أربعة عشر مجلداً، كل مجلد يضم خمساً وعشرين كراسة وسماه بـ(الخادم للروضة).
وممن اختصر فتح العزيز الإمام العلامة عبد الغفار القزويني(108) وسماه (الحاوي الصغير) ونظمه ابن الوردي(109) وسمى ذلك النظم بالبهجة، فشرحها شيخ مشايخ الإسلام أبو يحيى زكريا الأنصاري بشرحين.
ثم الحاوي الصغير المذكور اختصره الإمام العلامة إسماعيل بن المقري إلى الإرشاد، فشرحه ابن حجر بشرحين.
2- الإمام النووي:
هو يحيى بن شرف بن مرة بن حسن بن حسين بن حزام ابن محمد بن جمعة النووي
ولد الإمام النووي -رحمه الله تعالى- بعد وفاة الإمام الرافعي بسبع سنين لأنه ولد في المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة وعمره نحو خمس وأربعين سنة.(1/38)
وقد كان غزير التأليف وكتب لكثير من كتبه الانتشار والقبول، وصار عمدة المتأخرين.
وقد قام هذان الإمامان بعمل جليل للمذهب، إذ إن المذهب لم يكن قبلهما مضبوطاً بحيث يعرف القول أو الوجه المعتمد من غيره، بل كان الأصحاب كثيراً ما يختلفون في حكاية الراجح أو المعتمد، فجاء الإمام الرافعي واطلع على كتابات من سبقه من الأصحاب، وتتبع أقوالهم ومصادرها، ورجح ما رآه راجحاً، وضعف ما رآه ضعيفاً ليس اجتهاداً من عند نفسه، وإنما كما وجده منقولاً عمن سبقه من فقهاء المذهب، معتمداً في تمييز الراجح من غيره على ضوابط للترجيح والتي تتلخص في التالي:-
1- وضوح الدليل.
2- أن يكون عليه المعظم.
3- النص على أرجحيته.
ثم جاء الإمام النووي فتتبع ترجيحات الرافعي، واطلع على ما لم يطلع عليه وقام باختصار بعض كتب الرافعي، واستدرك على بعض ترجيحاته وزاد في المسائل، ومن أبرز مختصراته كتاب منهاج الطالبين، والذي اختصره من كتاب المحرر .
وقد حاز كتاب المنهاج منزلة عالية بين كتب المذهب، وأصبح المعتمد للدرس والفتوى، واعتنى به الأصحاب أيما اعتناء، فربت شروحه على ألف شرح بين مطول ومقلل وما أكمل وما لم يكمل.
أما بالنسبة للمصطلحات فليس الرافعي والنووي هما أول من أخذ بها لبيان الأقوال والأوجه، بل قد استعملها علماء أقدمون مثل عبد الرحمن بن محمد الفوراني.
وتكمن أهمية المصطلحات في كونها تختصر الكثير من الجمل بالقليل منها ،وتجمع المعاني الكثيرة في ألفاظ وجيزة، ولهذا كان استخدامها مفيداً للمصنف والقارئ خاصة في صناعة المتون ونحوها.
كتب النووي:
لقد كان الإمام النووي غزير الانتاج ولكن ما يهمنا هنا هو إنتاجه الفقهي وهو:
1. التحقيق شرح التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي.
2. والمجموع شرح المهذب للإمام أبي إسحاق الشيرازي أيضاً.
3. والتنقيح شرح وسيط الإمام الغزالي رحمه الله تعالى.
4. والروضة مختصر فتح العزيز للإمام الرافعي رحمه الله تعالى .(1/39)
5. والمنهاج مختصر المحرر للإمام الرافعي أيضاً رحمه الله تعالى .
6. وفتاواه .
7. وشرح مسلم.
8. وتصحيح التنبيه.
9. ونكته أي التنبيه
لقد كان لهذين الإمامين دور كبير في استقرار المذهب الشافعي إذ لم يكن قبل الشيخين منضبطا، إذ إن أصحاب الوجوه كثيرون، كما وجدت المدرستان الشهيرتان: العراقية والخراسانية، وكان كل يحكي المذهب وكانوا كثيرا ما يختلفون فيحكى في المسألة الوجهان والثلاثة والأربعة وأكثر من ذلك مما يوقع طالب العلم في ارتباك فلا يدري ما هو المذهب، وإن كان كل شيخ يتبع حكاية أصحابه، ولكن هذا لم ينف وجود الخلاف، كما أن كل وجه معارض بآخر، كما أنه قد تكثر الكتب المعتمدة لوجه ما فيظن الظان أنها هي المذهب في حين أنها تعود لإمام واحد توارد على متابعته جماعات من علماء المذهب، ولهذا كان لزاما على علماء الشافعية تبيين معتمد المذهب وما هو الراجح كي لا يضيع في خلافات أصحابه، ولكي ينضبط درسا وتعليما وإفتاء وقضاء، كل هذا دعا الرافعي لأن يشمر عن ساعد الجد فيطالع كتب المتقدمين من المؤسس وتلاميذه حتى عصره، فألف كتبه السابقة الذكر وبين فيها معتمد المذهب.
وبما أن جهد الإنسان يعتريه القصور فقد ووجدت هذه الجوانب في عمل الرافعي منها، فوته لبعض كتب الأصحاب والتي لم يتيسر له مطالعتها، كما أنه صحح تبعا لهذا السبب ولغيره خلاف المذهب، فجاء النووي مستدركا على الرافعي مستقرئا كتب الأصحاب بيد أن استقراءه كان أكمل، إضافة إلى معرفة النووي بالحديث أكثر من الرافعي، وجل هذه الاستدراكات مذكورة في مختصرات النووي لكتب الرافعي، كما لم تخل كتبه الأخرى كالتحقيق والمجموع من هذه الاستدراكات.
ونتيجة لهذه الجهود استقر مذهب الشافعي، ووصل إلى بر الأمان، ودخل في طور آخر.
الدور الرابع: التحرير الثاني للمذهب(1/40)
لقد استقر المذهب بعد الإمام النووي بحيث انضبط وعرف المعتمد من غيره، وجاءت كل الأعمال بعده دائرة في فلكه، ولكن كانت هناك جملة إشكالات هي
1- اختلاف الترجيح والتصحيح في مصنفات الإمام النووي فقد يصحح لمذهب في بعض الكتب خلاف ما يصححه في أخرى.
2- أن النووي مثله مثل بقية البشر يرد عليه الخطأ فقد يصحح ما ليس صحيحا، ويرجح ما ليس راجحا.
3- وجود مسائل خلافية في المذهب يحكيها النووي أوجها دون أن يصحح فيها شيئا.
4- وجود مسائل تكلم عليها المتقدمون وليس للإمامين تصحيح فيها.
5- ظهور مسائل جديدة لم يتعرض لها الشيخان ويتحتم معرفة حكمها الشرعي من وجهة نظر المذهب.
6- تعارض كتب الشيخين وخاصة النووي في التصحيح، فقد يصحح الجواز مثلا في كتاب ويصحح الحرمة في كتاب آخر.
لهذا كله انتدب بعضهم نفسه للرد على ما ظن النووي خالف فيه المذهب وكان من أشهرهم عبد الرحيم الإسنوي والذي وضع كتابه المهمات في الرد على الشيخين، وتعقبه الأذرعي، وأفرد ابن شهبة كتابا مستقلا في الاعتراض على المهمات، ويحكى أن الأسنوي كان يفتي بما في الروضة وإن ضعفه في مهماته.
وأكثر اعتراضات الأسنوي من جهة أنه يرى أن ما قاله الأكثرون أو نص عليه الشافعي لا عدول عنه، والأمر ليس كذلك.
وهكذا غيره ممن اصطلح على تسميتهم بالنظار، حتى جاء الرملي والهيتمي، فكانت مؤلفاتهما عمدة المتأخرين وكان عملهما مقتصرا على الجوانب السابقة، فعملهم بمثابة ردم الفجوات التي حدثت في جدار المذهب، وليس لهما انتقاد الشيخين أو الخروج عما اجتمعا عليه أو تخطئة النووي حتى يجمع المتأخرون على سهوه وهذا مما لم يحدث.(1/41)
وينبه ابن حجر لنقطة مهمة في معرفة المذهب فيما يتعلق بالمسائل التي تكلم عليها المتقدون ولم يتعرض لها الشيخان فقال: "أن الكتب المتقدمة على الشيخين لا يعتمد شيء منها إلا بعد مزيد الفحص والتحري حتى يغلب على الظن أنه المذهب ولا يغتر بتتابع كتب متعددة على حكم واحد فإن هذه الكثرة قد تنتهي إلى واحد ألا ترى أن أصحاب القفال أو الشيخ أبي حامد مع كثرتهم لا يفرعون ويؤصلون إلا على طريقته غالبا , وإن خالفت سائر الأصحاب فتعين سبر كتبهم هذا كله في حكم لم يتعرض له الشيخان أو أحدهما"(110).
مما يعني أن الأمر كان يتطلب من الشارحين مر،حج جهدا عظيما لتحرير المذهب.
ثم تلت مؤلفات الشارحين كتب وحواشي أخرى كلها تدور في فلكهما، وأصبح ما قاله مر و حج هو معتمد علماء الشافعية إلى يومنا هذا ، فرغم كثرة شروح المنهاج -والتي سأتي ذكرها- إلا أن هناك أربعة شروح معتمدة هي من آخر شروحه وهي الشروح الأربعة التي يعول عليها الشافعية:-
1- (تحفة المحتاج) للشهاب أحمد بن محمد بن محمد بن علي ابن حجر الهيتمي السعدي، الأنصاري ولد في محلة أبي الهيتم بمصر وتوفي بمكة (909هـ-973هـ) وهو فقيه مشارك في أنواع من العلوم، له الكثير من المؤلفات منها: تحفة المحتاج والصواعق، ومبلغ الإرب(111) "وكان له تعصب على شيخ الإسلام : ابن تيمية شديد - عفا الله عنه ما جناه"(112).
2- (نهاية المحتاج) لمحمد بن أحمد بن حمزة الرملي الأنصاري الشهير بالشافعي الصغير، وذهب جماعة إلى أنه مجدد القرن العاشر، اشتغل على أبيه في الفقه والتفسير والنحو والصرف والمعاني والبيان والتاريخ، توفي في جمادى الأولى1004هـ، من مصنفاته: نهاية المحتاج وشرح الزبد (113).
3- (مغني المحتاج) لمحمد بن أحمد الشربيني القاهري الشافعي المعروف بالخطيب (شمس الدين) فقيه، مفسر، متكلم، نحوي صرفي توفي 977هـ من تصانيف: السراج المنير، وفتح الخالق المالك شرح ألفية ابن مالك والمناسك الكبرى (114).(1/42)
4- وشرح جلال الدين المحلي .
ثم جاء المتأخرون علن الشيخين حج ومر ووضعوا على هذه الشروح وغيرها حواشي جليلة بينت مغلق الألفاظ ومبهمها ومشكل المسائل وجمعت شوارد وفوائد وضوابط شتى وهي على درجات فليست جميعها في مقام واحد، فمن حيث الكم اختلفت كبرا وصغرا، ومن حيث المضمون اختلفت فبعضها حواشي جامعة وأخرى ليست كذلك وما بينهما ومن هذه الحواشي ما يلي:
1- حواشي قليوبي وعميرة على شرح المحلي.
2- حاشية علي بن علي الشبراملسي (997هـ-1087هـ) على نهاية المحتاج.
3- حاشية عبد الحميد الشرواني على تحفة المحتاج.
4- حاشية سليمان الجمل (ت926هـ) على شرح المنهج لزكريا.
5- حاشية إبراهيم البيجوري (ت1277هـ) على شرح متن أبي شجاع لابن قاسم.
6- حاشية شطا البكري المسماة فتح المعين على قرة العين للمليباري.
وغيرها كثير، ذلك أننا يمكننا تقسيم مراحل التصنيف التي مر بها المؤلفون الشافعية وهي تشمل غيرهم كذلك إلى مراحل كما يلي:
المرحلة الأولى:وضع الكتب وتأليفها دون حاجة إلى شروح ونحوها بل لربما لم يخطر ببالهم فكرة المتن والحاشية، وهذه المرحلة هي التي كانت سائدة على تأليفات السلف عامة بما فيهم الإمام الشافعي ومن تلاه من فقهاء المذهب.
المرحلة الثانية: وتقارب الأولى وهي ظهور ما يسمى بالتعليقات وهي ما يكتبه التلميذ عن شيخه.
المرحلة الثالثة: ظهور فكرة المختصرات فالغزالي يختصر كتابه البسيط إلى الوسيط ثم إلى الوجيز، والارفعي يختصر الوجيز في المحرر والنووي يختصر المحرر في المنهاج وهكذا ولكن كانت اختصارات هؤلاء متميزة عن غيرها إذ كانت واضحة مفهومة لا يعتريها تعقيد وهذه السمة -بحمد الله- استمرت في مختصرات الشافعية.
المرحلة الرابعة: تحويل المختصرات بل والشروح إلى متون تحتاج إلى شرح وبيان وهذا ما حدث مثلا مع النووي في شرحه للمهذب، ثم طغت هذه الطريقة وأصبح الغالب في التأليف هو وضع المتن ثم يأتي آخر ليشرحه.(1/43)
المرحلة الخامسة مرحلة الحواشي إذ كثرت المتون والشروح وتنوعت إضافة إلى استقرار المذهب واعتماد كتب بعينها مما لم يدع مجالا واسعا للتأليف المستقل، زد على ذلك ما كان يشاع من أنه إذا ألف أحد كتابا يناهض الكتب المعتمدة ككتاب المنهاج فإنه يخشى على نفسه الهلاك ويضربون مثلا بصاحب المقدمة الحضرمية حيث مات قبل أن يكمل مقدمته والتي لو كملت لنافست المنهاج وربما قضت عليه ولكن كرامة للإمام النووي عاجل القدر بمؤلف المقدمة فمات قبل أن يكملها(115)، هذه المقولات وغيرها وطابع العصر الذي أصبح التقليد الجامد هو السمة الغالبة لم يجعل أمام العلماء أسلوبا للتأليف إلا أسلوب الحواشي والتي كان لها ما يبررها أحيانا، بيد أنها كثرت حتى أن كل من أراد ثوابا أو أجرا من أهل العلم ألف حاشية.
ونحن في تذكرنا لهذا المراحل لا نستطيع تحديد أزمنتها بدقة إذ هي تتداخل مع بعضها البعض لكنها جملة مرت بما سبق.
المبحث الرابع: من يفتى بقوله
المطلب الأول: النووي والرافعي:
قد حصل الاتفاق بين الأئمة الأعلام من الشافعية على أن المعتمد ما اتفق عليه الشيخان، الووي والرافعي.
فإن اختلفا فالمعتمد ما قاله النووي رحمه الله تعالى.
فإن وجد للرافعي ترجيح دون النووي فهو المعتمد.
ومحل هذا ما لم يجمع المتأخرون على أن ما قالاه سهو، وإلا فالمعتمد حينئذٍ ما قاله المتأخرون .
فإن لم يتعرض الشيخان لذلك الحكم فالكتب المتقدمة على الشيخين لا يعتمد على شيء منها إلا بعد الفحص والتحري حتى يغلب على الظن أنه المذهب(116).
قال في التحفة: "هذا كله في حكم لم يتعرض له الشيخان أو أحدهما وإلا فالذي أطبق عليه محققوا المتأخرين ولم تزل مشايخنا يوصون به وينقلونه عن مشايخهم وهم عمن قبلهم وهكذا أن المعتمد ما اتفقا عليه أي ما لم يجمع متعقبوا كلامهما على أنه سهو وأنى به ... فإن اختلفا فالمصنف فإن وجد للرافعي ترجيح دونه فهو"(117).(1/44)
وفي فتح المعين: "المعتمد في المذهب للحكم والفتوى ما اتفق عليه الشيخان فما جزم به النووي فالرافعي فما رجحه الأكثر فالأعلم والأورع" (118).
أما "الكتب المتقدمة على الشيخين لا يعتمد شيء منها إلا بعد مزيد الفحص والتحري حتى يغلب على الظن أنه المذهب، ولا يغتر بتتابع كتب متعددة على حكم واحد فإن هذه الكثرة قد تنتهي إلى واحد، ألا ترى أن أصحاب القفال أو الشيخ أبي حامد مع كثرتهم لا يفرعون ويؤصلون إلا على طريقته غالباً وإن خالفت سائر الأصحاب، فتعين سبر كتبهم"(119).
وفي المجموع: " لا يجوز لمفت على مذهب الشافعي إذا اعتمد النقل أن يكتفي بمصنف ومصنفين ونحوهما من كتب المتقدمين وأكثر المتأخرين لكثرة الاختلاف بينهم في الجزم والترجيح ; لأن هذا المفتي المذكور إنما ينقل مذهب الشافعي , ولا يحصل له وثوق بأن ما في المصنفين المذكورين ونحوهما هو مذهب الشافعي , أو الراجح منه ; لما فيهما من الاختلاف , وهذا مما لا يتشكك فيه من له أدنى أنس بالمذهب , بل قد يجزم نحو عشرة من المصنفين بشيء وهو شاذ بالنسبة إلى الراجح في المذهب , ومخالف لما عليه الجمهور , وربما خالف نص الشافعي أو نصوصا له"(120).
- مراتب كتب النووي:
سبق أن ذكرنا كتب الإمام النووي ونحن وإن قلنا بأن قول النووي هو المعتمد إلا أنه تواجهنا مشكلة تعارض كتبه قال العلماء: هذه الكتب إذا اختلف بعضها عن بعض قدم:
1. كلام التحقيق.
2. ثم المجموع.
3. ثم التنقيح ، وهذا الثلاثة لم يكملها الإمام النووي.
4. ثم يليها ما هو مختصر من كلام غيره كالروضة.
5. ثم المنهاج.
6. ثم فتاواه.
7. ثم شرح مسلم.
8. ثم تصحيح التنبيه.
9. ثم نكته (121).
قال في التحفة:"الغالب تقديم ما هو متتبع فيه كالتحقيق، فالمجموع فالتنقيح، ثم ما هو مختصر فيه كالروضة، فالمنهاج، ونحو فتاواه، فشرح مسلم، فتصحيح التنبيه، ونكته من أوائل تأليفه فهي مؤخرة عما ذكر" (122).(1/45)
ولا يظن بأن هذا الترتيب قاعدة كلية فيسعى لتطبيقها دوما في حكاية المذهب، بل هي قاعدة أغلبية ومع هذا فلا يصح اعتمادها بهذه الصورة، بل لا بد من الرجوع إلى كلام معتمدي المتأخرين، قال في التحفة: "وهذا -أي الترتيب السابق- تقريب وإلا فالواجب في الحقيقة عند تعارض هذه الكتب مراجعة كلام معتمدي المتأخرين واتباع ما رجحوه منها" (123).
وفي حاشية الإيضاح لحج "الحق أنه لا بد من نوع تفتيش فإن كتب المصنف نفسه كثيرة الاختلاف فيما بينها، فلا يجوز لأحد أن يعتمد ما يراه في بعضها حتى ينظر في بقية كتبه أو أكثرها أو يعلم أن ذلك المحل قد أقره عليه شارحه أو المتكلم عليه الذي عادته حكاية الاختلاف بين كتبه وبيان المعتمد من غيره"(124).
وزاد في حاشية الإيضاح:"...وما اتفق عليه الأكثر من كتبه مقدم على ما اتفق عليه الأقل منها غالباً، وما كان في بابه مقدم على ما في غيره غالباً أيضاً"(125).
وإن مما ينبغي أن يعلم أن ما سبق إنما هو للعالم من مثل أصحاب الشروح والحواشي أما الآن فالمقدم ما في المنهاج إلا ما نص المتأخرون على ضعفه، فليس معنى ما سبق أن يقرأ الطالب كتاب التحقيق ثم المجموع وهكذا فهذا مما قد تجاوزته السنون؛ إذ قد استقر المذهب على تقديم المنهاج على سائر كتبه ويستثنى من هذا ضعاف المسائل ثم إذا لم توجد مسألة ما في المنهاج فينظر كلام المتأخرين من أصحاب الشروح والحواشي فإذا كان لهم كلام فهو المعتمد حسب ما سنبينه لاحقا لأنهم قد قاموا باستقراء هذه المسائل من كتب النووي وغيره.
اختيارات الإمام النووي:
سبق وأن قلنا بأن النووي يعتبر مجتهدا في الفتوى أي يصحح ما هو المذهب وهو في تصحيحه لا يذكر رأيه الخاص بل قد يرجح للمذهب خلاف ما يعتقد رجحانه، والسبب أن المذهب نقل، بمعنى أنه عندما يرجح للمذهب أنه يخبر عن المعتمد فيه وهذا بخلاف النظر في الأقوال والترجيح بالدليل.(1/46)
قال العلماء: اختيارات الإمام النووي رحمه الله كلها ضعيفة من حيث المذهب وإن كانت قوية من حيث الدليل إلا اختياراته في الروضة، فإنها بمعنى الصحيح أو الراجح(126) إلا في اختياره عدم كراهة المشمس في الروضة، فهو ضعيف من جهة المذهب(127).
وللإمام النووي اختيارات كثيرة منها:
1. الوضوء من لحم الجزور كما هو مذهب أحمد.
2. وعدم كراهة الاستياك في رمضان مطلقاً كما هو مذهب المزني وأكثر العلماء.
3. وأن ابتداء مدة مسح الخف من حين يمسح بعد الحدث وهو رواية عن أحمد وداود قال النووي: وهو المختار الراجح دليلاً.
4. وذهب فيمن خلع خفيه أو انقضت مدته وهو على طهارة المسح أنه لا شيء عليه، لا غسل القدمين ولا غيره بل طهارته صحيحة يصلي بها ما لم يحدث كما لو لم يخلع وهذا المذهب محكي عن الحسن البصري وقتادة وسليمان بن حرب واختاره ابن المنذر قال النووي: وهو المختار الأقوى.
5. جواز الجمع بين الصلاتين بعذر المرض.
6. وحرمة الوطء للحائض فقط دون المباشرة لما تحت السرة وأعلى من الركبة.
7. الاكتفاء بالمقارن العرفية للنية في الصلاة تبعا للغزالي.
8. جواز تطويل الاعتدال بذكر غير ركن.
9. وجواز بيع المعاطاة في كل ما يعده الناس بيعا.
10. صحة المساقاة على الأشجار المثمرة وهو قديم قول الشافعي.
11. حرمة النظر للأمرد.(1/47)
وغيرها من الاختيارات بيد أنه ينبغي التنبيه هنا على مسألة مهمة يخطئ فيها بعض الطلبة وهي أن اختيارات بعض علماء المذهب لأقوال خارجة عن المذهب لا يعني بالضرورة خروجهم أو عدم انتسابهم للمذهب بل هم مع اختيارهم لتلك الأقوال باقون ضمن إطاره يقلدون أو يرجحون أو يخرجون -كأصحاب الوجوه- وفق قواعد وأصول المذهب، وهم إذا خالفوا المذهب في مسائل فقد اعتمدوا عليه في غيرها من الأصول والفروع ولا شك أن الأخيرة هي الكثيرة الغالبة، فاختيارات القفال الشاشي والقاضي الحسين والبغوي وابن خزيمة والنووي وغيرهم لا تخرجهم عن المذهب البتة، وتكون اختياراتهم أو من هو دونهم سببه قوة دليل أو طلب للتيسير على العامة والمستفتين، خاصة عندما يكون في المذهب تشديد ليس عليه دليل يصح، والمسألة طويلة أكتفي منها بهذه الإلماحة.
المطلب الثاني: ابن حجر والرملي:
اختلف المتأخرون في أيهما المعتمد شرح ابن حجر أو الرملي على المنهاج:-
- فذهب علماء مصر إلى اعتماد ما قاله الشيخ محمد الرملي في كتبه، خصوصاً في نهايته؛ حتى اشتهر عنهم أنهم أخذت عليهم العهود ألا يقولوا إلا بقول الرملي! والسبب في اعتمادها تحري مؤلفها في النقل، أنها قرأت عليه إلى آخرها في أربعمائة من العلماء، فنقدوها وصححوها، فبلغ صحتها إلى حد التواتر.
هذا وقد تابع الرملي في أكثر ما يخالف فيه ابن حجر والده الشهاب الرملي(128).
- وذهب علماء: حضرموت، والشام، والأكراد، وداغستان، وأكثر اليمن والحجاز إلى أن المعتمد ما قاله ابن حجر في كتبه، قال في الفوائد المدنية :" وإنما قيدت بأكثر أهل اليمن، لأني وجدت في كلام بعضهم ترجيح مقالة الرملي في مواضع كثيرة "(129)، بيد أنه يمكن أن يقال بأن هذا ترجيح بسبب قوة المدرك وهذا ما فعله بعض اليمانين، بل استنكر بعضهم هذا القول من أن أهل اليمن يعتمدون قول الرملي، كما انتقد الترتيب الآتي لأصحاب الحواشي وقال العبرة بقوة المدرك.(1/48)
وقال في الفوائد -أيضاً-:"وأما أهل الحرمين فكان في الأزمنة السابقة القول عندهم ما قاله ابن حجر، ثم صار السادة المصريون يردون إلى الحرمين في مجاوراتهم بهما، ويقررون لهم في دروسهم معتمد الجمال الرملي إلى أن فشا قوله فيهما، حتى صار من له إحاطة بقولي الجمال الرملي وابن حجر من أهل الحرمين يقرر قولهما من غير ترجيح بينهما"(130).
وقد سبق أن ذكرنا أن كتب النووي قد تتعارض وأنه رغم الترتيب السابق الذكر لهذه الكتب إلا أنه لاصح الاعتماد على ذلك الترتيب في حكاية المذهب بل المرجع إلى كلام معتمدي المتأخرين من أمثال الشارحين، ولكن تنشأ مشكلة أخرى هي ذاتها المشكلة التي واجهتنا مع كتب النووي ويقال فيها ما يقال هنا، وهي أن كتب ابن حجر تتعارض كذلك، قال المتأخرون: إن اختلفت كتب حج فعلى الترتيب:
أولا: التحفة:وقد اعتمدها المتأخرون ممن سبق ذكرهم لجملة أسباب هي:
5- ما فيها من إحاطة بنصوص الإمام .
6- تشبع المؤلف فيها.
7- لقراءة المحققين لها عليه الذين لا يحصون كثرة.
8- معرفته بالمدرك.
9- اعتماده ما عليه الشيخان.
بيد أن مما يؤخذ على التحفة ما ذكره الكردي في الفوائد المدنية حيث قال:" رأيت في كتاب الصلاة من فتاوى السيد عمر البصري ما نصه : الشيخ ابن حجر بالغ في اختصار هذا الكتاب -يعني التحفة- إيثاراً للحرص على إفادة الطلبة بجميع الشوارد، وتكثير الفوائد والفرائد إلا أنه بلغ من الاختصار إلى حالة بحيث لايمكن الخروج عن عهدة مطالعته إلا بعد تقدم الإحاطة بمنقول المتقدمين ومناقشات المتأخرين"(131).
وقارن بعضهم بين الشرحين فقال: "الشيخ ابن حجر كثيراً ما يرتبك في عبارته في الأبحاث التي تختلف فيها أنظار من قبله؛ لقوة نظره، وتجد عبارة النهاية غالباً -كالإمداد وفتح الجواد- رشيقة سهلة قريبة التناول" (132) .
ثانيا: فتح الجواد .
ثالثا: الإمداد .
رابعا: شرح العباب المسمى بالإيعاب .
خامسا: فتاواه(133).(1/49)
وعزا بعضهم لعلي بن عبد الرحيم باكثير(134) في منظومته في التقليد وما يتعلق به قوله:
وشاع ترجيح مقال ابن حجر
وفي اختلاف كتبه في الرجح
فأصله فشرحه العبابا
في يمن وفي الحجاز فاشتهر
الأخذ بالتحفة ثم الفتح
إذ رام فيه الجمع والإيعابا
هذا وقد عزا الكردي في الفوائد هذه الأبيات إلى (بعضهم) وعزا لعلي بن عبد الرحيم باكثير هذه الأبيات:-
وشاع ترجيح مقال ابن حجر
وفي اختلاف كتب ابن حجر
فأصله لا شرحه العبابا
وحيث كان الشيخ زكريا
أو الخطيب قدم الشيخ أبو
محمد الرملي يكافي ابن حجر
وإن يك الشيخ إذ الخطيب
ولا ترجح بابن قاسم أحد
في قطرنا على سواه فاستقر
الأخذ بالتحفة فالفتح حري
لزومه الجمع به إيجابا
خالف ذا أو خالف الرمليا
يحيى لفضل فيه يوجب
فاختر إذا تخالفا بلا حذر
مع واحد فكلهم مصيب
كما سبره أكابر عمد
واختلف من جاء بعد الهيتمي والرملي فيمن يعتمد قوله هل يقتصر الأمر على الشيخين الهيتمي والرملي أم يتعداهما إلى غيرهما؟
فذهب البعض إلى عدم جواز الفتوى بما يخالف ابن حجر والرملي بل بما يخالف التحفة والنهاية قال في الفوائد المدنية: "... صار شيخنا المرحوم الشيخ سعيد سنبل المكي، ومن نحا نحوه يقررون أنه لا يجوز للمفتي أن يفتي بما يخالفهما، بل بما يخالف التحفة والنهاية وإن وافق بقية كتبهما، وفي ظني أني سمعته يقول: إن بعض الأئمة من الزمازمة تتبع كلام التحفة والنهاية فوجد ما فيهما عمدة مذهب الشافعي وزبدته".
وفي المسائل التي لم يتعرضا لها يفتى بكلام غيرهما على الترتيب التالي:
* بكلام شيخ الإسلام زكريا
* ثم بكلام الخطيب
* ثم بكلام حاشية الزيادي(135)
* ثم بكلام حاشية ابن قاسم(136)
* ثم بكلام عميرة(137)
* ثم بكلام الشبراملسي(138)
* ثم بكلام حاشية الحلبي(139)
* ثم بكلام حاشية الشوبري(140)
* ثم بكلام حاشية العناني(141)(1/50)
هذا ما لم يخالفوا أصل المذهب، كقول بعضهم: لو نقلت صخرة من أرض عرفات إلى غيرها صح الوقوف عليها(142)(143)
جاء في فتاوى الشيخ أحمد الدمياطي ما نصه: فإن قلت ما الذي يفتي به من الكتب وما المقدم منها، ومن الشراح والحواشي ككتب ابن حجر والرمليين وشيخ الإسلام والخطيب وابن قاسم والمحلى والزيادي والشبراملسي وابن زياد اليمني وغيرهم، فهل كتبهم معتمدة أو لا؟ وهل يجوز الأخذ بقول كل من المذكورين إذا اختلفوا أو لا؟ وإذا اختلفت كتب ابن حجر فما الذي يقدم منها؟
الجواب كما يؤخذ من أجوبة العلامة الشيخ سعيد بن محمد سنبل المكي والعمدة عليه كل هذه الكتب معتمدة ومعول عليها لكن مع مراعاة تقديم بعضها على بعض، والأخذ في العمل للنفس يجوز بالكل، وأما الإفتاء فيقدم منها عند الاختلاف التحفة والنهاية، فإن اختلفا فيخير المفتي بينهما إن لم يكن أهلاً للترجيح، فإن كان أهلاً له ففتى بالراجح، ثم بعد ذلك شيخ الإسلام في شرحه الصغير على البهجة، ثم شرح المنهج له، لكن فيه مسائل ضعاف.
فإن اختلفت كتب ابن حجر مع بعضها فالمقدم أولا التحفة، ثم فتح الجواد، ثم الإمداد، ثم الفتاوي وشرح العباب سواء لكن يقدم عليهما شرح بافضل .
وحواشي المتأخرين غالباً موافقة للرملي فالفتوى بها معتبرة، فإن خالفت التحفة والنهاية فلا يعول عليها وأعمد أهل الحواشي: الزيادي ثم ابن قاسم ثم عميرة ثم بقيتهم، لكن لا يؤخذ بما خالفوا فيه أصول المذهب كقول بعضهم: ولو نقلت صخرة من أرض عرفات إلى غيرها صح الوقوف عليها وليس كما قال" (144).
هذا ما قرره العلماء المتقدمون .
وقال المتأخرون: والذي يتعين اعتماده أن هؤلاء الأئمة المذكورين من أرباب الشروح والحواشي، كلهم إمام في المذهب يستمد بعضهم من بعض، فيجوز العمل والإفتاء والقضاء بقول كل منهم وإن خالف من سواه، ما لم يكن سهواً، أو غلطاً، أو ضعيفاً ظاهر الضعف(1/51)
قال السيد عمر في فتاويه: "والحاصل أن ما تقرر من التخيير لا محيد عنه في عصرنا هذا بالنسبة إلى أمثالنا القاصرين عن رتبة الترجيح؛ لأنا إذا بحثنا عن الأعلم بين الحيين لعسر علينا الوقوف فكيف بين الميتين فهذا هو الأحوط الأورع الذي درج عليه السلف الصالحون المشهود لهم بأنهم خير القرون".
وفي المسلك العدل حاشية شرح بافضل: ورفع للعلامة السيد عمر البصري سؤال من الإحساء فيما يختلف فيه ابن حجر والجمال الرملي فما المعول عليه من الترجيحين؟
فأجاب: إن كان المفتي من أهل الترجيح أفتى بما ترجح عنده، قال: وإن لم يكن كذلك -كما هو الغالب في هذه الأعصار المتأخرة- فهو راو لا غير، فيتخير في رواية أيهما شاء أو جميعاً أو بأيها من ترجيحات أجلاء المتأخرين" (145).
واعلم أن صاحب النهاية في الربع الأول من النهاية يماشي الشيخ الخطيب الشربيني ويوشح من التحفة ومن فوائد والده -ولهذا فأكثر مخالفات م ر لحج بسبب متابعته لوالده الشهاب الرملي- (146)، ولذا تجد توافق عبارات المغني والنهاية والتحفة، وليس ذلك من باب وضع الحافر على الحافر كما قد يتوهم، وفي الثلاثة الأرباع يماشي التحفة ويوشح من غيرها.
وأما شرح الخطيب على المنهاج المسمى بـ(مغني المحتاج) فهو مجموع من شروح المنهاج مع توشيحه من فوائد من تصانيف شيخ الإسلام زكريا، ويستمد كثيراً من كلام شيخه الشهاب الرملي ومن شرح ابن شهبة الكبير على المنهاج.
قال في الفوائد المدنية:"والخطيب الشربيني لا يكاد يخرج عن كلام شيخه شيخ الإسلام والشهاب الرملي لكن موافقته للشهاب أكثر من موافقته لشيخ الإسلام" وقال: "وقد رزق الخطيب -رحمه الله تعالى -في كتبه الحلاوة في التعبير وإيضاح العبارة كما هو مشاهد محسوس في كلامه في كتبه" (147).
والخطيب متقدم على ابن حجر فهو في مرتبة مشايخه لأنه أقدم منه طبقة .(1/52)
والإمام ابن حجر يستمد كثيراً في التحفة من حاشية شيخه ابن عبد الحق على شرح المنهج للجلال المحلي(148).
وقد شرع حج في شرحه ثاني عشر محرم سنة ثمان وخمسين وتسعمائة، ونقل عنه أنه فرغ من تسويد التحفة عشية خميس ليلة السابع والعشرين من ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وتسعمائة .
وقال الخطيب الشربيني إنه شرع في شرح المنهاج عام تسعمائة وتسعة وخمسين، ونقل عنه أنه فرغ منه سابع عشر جمادى الآخرة عام ثلاثة وستين وتسعمائة .
وقال الجمال الرملي إنه شرع في شرح المنهاج في شهر ذي القعدة سنة ثلاث وستين وتسعمائة، ونقل عنه أنه فرغ منه ليلة الجمعة تاسع عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وتسعمائة.
وعلم من ذلك أن تأليف النهاية متأخر عن تأليف التحفة والمغني كما نص عليه ع ش وأن تأليف المغني متأخر عن تأليف التحفة(149).
وعلم أيضا أن فترة تصنيف التحفة كانت أقل الفترات إذ كتبت فيما يزيد على العشرة أشهر، ويليها المغني إذ استمر تأليفة لأزيد من أربع سنوات، ثم النهاية والتي كانت فترة تأليفها طويلة وصلت إلى حوالي عشر سنوات.
ومن هنا ندرك أمرين:
الأول: سببا آخر لاعتماد المصريين على النهاية كونها ألفت في فترة طويلة مكنت مؤلفها من التأني والتروي في التأليف ومراجعة ما يكتب إذ دام هذا عشر سنوات، في حين نجد أن التحفة لم تأخذ من مؤلفها سوى عشرة أشهر.(1/53)
والثاني: نعلم سببا آخر من أسباب تعقيد ألفاظ التحفة إذ كتبها حج بسيلان ذهنه الفقهي، دون مراعاة كبيرة لمن بعده، إضافة إلى وقوعه في بعض الأوهام والأخطاء، واعتماده لبعض المسائل التي حقها التضعيف، سواءا مما في المنهاج أم خارجه، كما نبه على بعضها الكردي في الفوائد، إضافة إلى أنه بسبب سرعة التصنيف يبدوا أنه لم يراجعه مراجعة دقيقة -وإن ذكروا قراءة المحققين عليه، وإن مراجعة لحواشي التحفة تظهر ذلك بجلاء- مما أربك القارئ بمن فيهم أصحاب الحواشي في مواضع ألتبس فيها عود الضمائر، ومعنى بعض الجمل التي اختل التركيب فيها نوعا ما، ومع هذا كله يبقى للتحفة قيمتها وقدرها.
المبحث الخامس: منهج التفقه على مذهب الإمام الشافعي
من الملاحظ أن كثيرا ممن يريدون طلب العلم والتفقه على مذهب الإمام الشافعي أنهم يجهلون منهجية وسلم التعلم الذي يوصلهم إلى مبتغاهم فيجهلون بماذا وكيف يبدؤون، فتضيع الأوقات على كثيرين وهم بعد لما يشموا رائحة الفقه، ومن العجائب أني رأيت كتيبا لأحدهم يضع فيه منهجا لطلب العلم ويذكر في المذهب الشافعي أن يبدأ الطالب بقراءة متن أبي شجاع، ثم شرح الحصني عليه! ثم حاشية البيجوري!! ثم مغني المحتاج!!!
إن هذا الكاتب بفعلته هذه يجني على العلم وأهله جناية عظمى إذا ما حمل ما قاله هذا المسكين محمل الجد، كما لا يدري هذا الكاتب أنه أعرب عن جهله وإن تعجب فعجب أن يلقب أصحابه بالشيخ، ولكن إذا لم تستح فاصنع ما شئت.
ولهذا رأيت لزاما أن أبين -بعون الله- المنهج الذي ينبغي السير والالتزام به لمريد التفقه على مذهب الإمام الشافعي، وأشدد على ضرورة المضي وفقه وعدم تجاوزه وهو كما يلي:
أ - الفقه:
1- متن سفينة النجا.
2- متن أبي شجاع والمسمى بمتن الغاية والتقريب.
3- شرح ابن قاسم على متن أبي شجاع.
4- تحرير تنقيح اللباب لزكريا الأنصاري.
5- تحفة الطلاب شرح تنقيح اللباب لزكريا الأنصاري.
6- عمدة السالك وعدة الناسك.(1/54)
7- منهاج الطالبين.
8- شروح المنهاج، ويبدأ بأحد الشرحين النهاية أو التحفة، بيد أني أفضل النهاية لسهولة عبارته مقارنة مع التحفة، ثم يثني بالتحفة، ثم المغني، ثم ليطالع حواشي المتأخرين فإن فيها علما جما، وأشهر هذه الحواشي وأروعها:
* حاشية البيجوري على ابن قاسم.
* حاشية الشرقاوي على التحفة لزكريا.
* حاشية تحفة الحبيب للبجيرمي على الإقناع.
* حاشية البجيرمي على شرح المنهج.
* حاشية الجمل على شرح المنهج.
ب - الأصول:
2- الورقات بشرح المحلي.
3- لب الأصول لزكريا
4- غاية الوصول شرح لب الأصول لزكريا.
5- متن جمع الجوامع.
6- شرح المحلي على جمع الجوامع.
ج - قواعد فقهية:
1- القواعد الفقهية لعبدالله بن سعيد
2- شرح منظومة القواعد الفقهية للجرهزي
3- شرح المنظومة ذاتها للأهدل
4- الأشباه والنظائر للسيوطي.
ثم ليطالع كتب تخريج الفروع على الأصول وهما كتابان: أحدهما للزنجاني، والآخر للأسنوي والذي سماه التمهيد(150).
وأذكر هنا بأن هذه الكتب قد اختارها وسار عليها فقهاء الشافعية وجعلوها منهجا مقررا لطالب العلم، والمطالع لها يجدها واضحة سهلة الترتيب والتبويب والحفظ، بل إن بعضها مما لا نظير له في كتب المذهب بل ولا خارجه كمتني أبي شجاع والتحرير.
ولو تعرضت لميزات كل كتاب لطال المقام ولهذا أكتفي بالكلام على كتاب المنهاج والذي أفردت له المبحث التالي.
ولكن أريد أن أنبه هنا على أمور:
الأول: هناك بعض الكتب التي يمكن أن تزاد في المنهج السابق إن اتسع وقت المتفقه وكان في فسحة من الزمن وهي:
كفاية الأخيار، والزبد بشرح مواهب الصمد، ويمكن أن يدرسا بعد شرح التحرير.
فتح الوهاب ويدرس بعد المنهاج وقبل الشروح.(1/55)
الثاني: يظن البعض أن كل ما في الكتب السابقة هو المعتمد في المذهب، وأسارع بالقول بأن هذا ظن مخطئ؛ لأنه ما من كتاب إلا ويحتوي على مسائل ضعيفة بما في ذلك المنهاج والتي سيأتي الكلام عليه، وكذلك شروحه كالتحفة والنهاية، ولهذا يجب التنبه إلى ما يقوله المشايخ والشراح والمحشون.
الثالث: لا يظن أن من قرأ هذه الكتب أنه قد تبحر في المذهب وبلغ رتبة الإمامة فيه، وكل من ظن في نفسه ذلك علمنا أنه لم يعرف بعد الدراسة المذهبية وأخطأ في دعواه نبه على هذا النووي وغيره.
المبحث السادس: المنهاج وشروحه
يعتبر المنهاج أهم كتب الشافعي في العصور المتأخرة فعليه مدار التدريس والفتوى، وتكمن أهمية الكتاب مما يلي:
1- أن مؤلفه هو الإمام النووي.
2- أنه اختصار لجهود فقهاء الشافعية طول ستة قرون.
3- لما حواه من كثرة المسائل إذ بلغت حوالي سبعين ألف مسألة منطوقا.
4- سهولة عبارته ووضوحها فهو لم يعقد كتابه تعقيد المتأخرين بل إنه من الجلاء بحيث يستطيع العالم قراءته وفهمه دون شروح.
5- لكونه حوى المعتمد في المذهب.
ورغم أنه مختصر في المذهب الشافعي إلا أنه من الكتب التي لا ينبغي أن تخلو مكتبة طالب علم منه.
قال أحدهم:
حوى في الشرح منهاج النواوي
كتاب لا يعادله كتاب
روى سبعين ألفاً باختصار
فحسبك درسه في كل حين
بتصحيح الشريعة والفتاوي
يزيد على رواية كل راوي
وكم من كامنات في الفحاوي(151)
فهو يكفيك عن بحر وحاوي(152)
هذا وقد اعتنى بهذا المختصر الماتع جمع من علماء الشافعية، فشرحه تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي(153) ولم يكمله، بل وصل إلى الطلاق، وسماه (الابتهاج) توفي سنة ست وخمسين وسبعمائه، وكمله ابنه بهاء الدين احمد، المتوفى سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة(154) .
وشرحه محمد بن علي العلياني، المتوفى سنة خمسين وسبعمائة .
والشيخ جمال الدين محمد بن أحمد المحلي(155)، المتوفى سنة أربعة وستين وثمانمائة .(1/56)
وشهاب الدين أحمد بن حمدان الأذرعي شرحين: أحدهما: القوت، وقد اختصره شمس الدين محمد بن محمد بن محمد الغزي، المتوفى سنة ثمانمائة وثمانية(156).
وشرحه مجد الدين أبو بكر بن اسماعيل الزنكلوني -المتوفى سنة أربعين وسبعمائة(157)- ولم يطوله .
وسراج الدين عمر بن علي بن الملقن الشافعي -المتوفى سنة أربع وثمانمائة(158)- شرحه وسماه (الإشارات) وله (تحفة المنهاج) و(البلغة) على أبوابه في جزء، وله (جامع الجوامع) نحو ثلاثين مجلداً احترق غالبه، وله (عمدة المحتاج) في نحو ثلاث مجلدات، وكذلك (العجالة) في مجلد، وله لغاته في مجلد، وهو المسمى بـ(الإشارات) وتصحيحه في مجلد أيضاً، كذا في ضوء السخاوي .
وأفرد الشيخ سراج الدين عمر بن محمد اليمني -المتوفى سنة سبعة وثمانين وثمانمائة(159)- زوائد العمدة، والعجالة لابن الملقن(160)، وسمي الأول (تقريب المحتاج إلى زوائد شرح ابن الملقن على المنهاج) والثاني (الصفادة في فوائد العجالة) .
وأحمد بن العماد الأفقهسي -وقد مر تاريخ وفاته- له عليه عدة شروح، بعضها لم يكمل.
وشرحه جمال الدين الأسنوي، بلغ فيه إلى المساقاة سماه (الفروق) وصنف (زيادات على المنهاج) .
وأكمل الشيخ بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي -المتوفى سنة أربعة وسبعين وسبعمائة(161)- ذلك الشرح .
وشرحه سراج الدين عمر بن رسلان البلقيني(162)، وسماه (تصحيح المنهاج) أكمل من الربع الأخير، ووصل إلى ربع النكاح وتوفي سنة خمس وثمانمائة .
وشرحه الشيخ شرف الدين بن عثمان المقري شرحاً مبسوطاً في نحو عشر مجلدات، ومتوسطاً، وصغيراً في نحو مجلدين(163)، وتوفي سنة سبعمائة وتسعة وتسعين .
والشيخ بدر الدين محمد بن محمد، المعروف بابن رضي الدين الغزي(164)، شرحين: أحدهما سماه (ابتهاج المحتاج) .(1/57)
وشرحه الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، وسماه (درة التاج في إعراب مشكل المنهاج) وتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائه، ونظمه أيضا وسماه (الابتهاج) .
وشرحه الشيخ زكريا الأنصاري.
وشرحه تقي الدين أبو بكر بن محمد الحصني، المتوفى سنة تسعة وثمانين وثمانمائه .
وشرحه الشيخ إبراهيم المأموني المكي، وهو من المتأخرين(165) .
وممن شرحه الشيخ كمال الدين بن موسى الدميري -المتوفى سنة ثمان وثمانمائة(166)- سماه (النجم الوهاج) لخصه من شرح السبكي والأسنوي وغيرهما(167).
ولكاتب هذه الرسالة شرح مختصر على المنهاج بين فيه معانيه بشكل عصري مع بيان الضوابط والقواعد والقيود والشروط المهمة والضرورية، والتنبيه على المسائل الضعيفة، إضافة إلى ذكر بعض النوازل العصرية وتنزيلها على قواعد المذهب وتخريجها على فروعه يسر الله إتمامه.
والشروح الأربعة السابق ذكرها (التحفة-النهاية-المغني-المحلي) هي معتمد المتأخرين.
أمهات المنهاج:
لقد اختصر النووي كتابه الماتع المنهاج من كتاب المحرر للرافعي، ثم اختلف علماء الشافعية في المحرر هل هو كتاب برأسه أم مختصر من غيره فذهب البعض كابن حجر في التحفة إلى أنه كتاب مستقل حيث قال ما لفظه:"وتسميته -أي المحرر- مختصراً لقلة لفظه، لا لكونه ملخصاً من كتاب بعينه"(168) .
ومثله في شرح البكري(169) على المنهاج.
في حين ذهب آخرون كالبجيرمي إلى أنه مختصر من غيره حيث قال في حاشيته الماتعة على شرح المنهج: "إن المحرر مختصر من الوجيز"(170) وهو كتاب للغزالي مطبوع.
وهذا الرأي هو الصحيح لأنك لو قارنت بينهما لوجدتها متشابهين بدرجة كبيرة ترتيبا وعبارة ومساقا مما يجعلك تقطع بان الوجيز أصل للمنهاج.
ثم إن المحرر مختصر من الوسيط، المختصر من البسيط المختصر من نهاية المطلب لإمام الحرمين، وكل من الوجيز والوسيط والبسيط للغزالي(171).
مصطلحات النووي في كتبه(1/58)
وأما اصطلاحاته في هذه الكتب في الرموز التي رمز بها في المنهاج فهي كاصطلاحاته التي سنذكرها في رموز المنهاج .
فذكر في المنهاج عبارات يعلم منها أن الخلاف أقوال للشافعي، أو أوجه لأصحابه، أو مركب منهما، وهي سبعة عشر.
فالأظهر، والمشهور، والقديم، والجديد، وفي قول، وفي قول قديم، وفي قول كذا، والقولان، والأقوال، هذه يعبر بها عن أقوال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه.
والأصح، والصحيح، وقيل، وفي وجه، والوجهان، والأوجه، لأوجه الأصحاب والنص للمركب منهما يقينا.
والمذهب حين يعبر به محتمل لأن يكون من أقوال الشافعي أو من أوجه الأصحاب أو من المركب منهما، وقد يعبر في بعض المسائل بالمنصوص وفي بعضها بفي قول أو وجه، وقد يعبر لما فيه خلاف بقوله وكذا.
التعبير بالأظهر
إذا عرفت هذا فاعلم أن تعبيره بـ(الأظهر) يستفاد منه أربع مسائل:-
الأولى: الخلافية، يعني أن المسألة ذات خلاف.
والثانية: الأرجحية، يعني أن في المسالة قولاً راجحاً وقولاً مرجوحاً، والراجح هو المذكور، والمرجوح هو المقابل.
والثالثة: كون الخلاف فيه قولياً، أي من قول الإمام الشافعي ( أو من أقواله لا من الأوجه التي ذكرها أصحابه .
والرابعة: ظهور المقابل، يعني أن المقابل ظاهر في نفسه وإن كان المعتمد في الفتوى والحكم على الأظهر.
وجملة ما في المنهاج من التعبير بالأظهر أربعمائة إلا خمسة:
منها: التعبير بأظهرها في موضعين: أحدهما في الرهن، والآخر في الوصايا.
ومنها: التعبير بأظهرهما في كتاب العتق في فصل أعتق في مرض موته .
التعبير بالمشهور
وتعبيره بـ(المشهور) يستفاد منه أربع مسائل :-
الأولى: الخلافية وقد مر معنى ذلك.
الثانية: الأرجحية وقد مر معنى ذلك أيضاً.
والثالثة: غرابة المقابل، أي كونه خفياً غير مشهور، فهو ضعيف .
والرابعة: كون الخلاف قولياً، أي من قولي الإمام الشافعي ( أو من أقواله لا من الأوجه التي لأصحابه رضي الله عنهم .(1/59)
وجملة ما في المنهاج من التعبير بالمشهور ثلاث وعشرون عبارة، منها التعبير بالأشهر في الشهادات في فصل لا يحكم...الخ.
التعبير بالأصح
وتعبيره بـ(الأصح) يستفاد منه أربع مسائل: الخلافية، والأرجحية، وقد مر معناهما.
والثالثة صحة المقابل، لقوة الخلاف بقوة دليل المقابل.
والرابعة كون الخلاف وجهاً لأصحاب الإمام الشافعي، يستخرجونه من قواعده ونصوصه، ويجتهدون في بعضها، فالخلاف لأصحابه في المسألة.
وقد يشذون" أي يخرجون عن قواعد الشافعي ونصوصه ويجتهدون في مسألة من غير أخذ منهما بل على خلافهما" (172)عنها كالمزني وأبو ثور، فلا تعد أقوالهم وجوهاً في المذهب(173).
وجملة ما في المنهاج من التعبير بالأصح ألف وثمانية وثلاثون عبارة تقريباً:
منها ما لفظة (صحح) في الضمان(174).
ومنها تعبيره بـ(أصحها) في أربعة مواضع: في قوله: " وفي وجوب أجرة المثل مدة النقل أوجه أصحها تجب أن نقل بعد القبض لا قبله" وقوله: " وفي استحباب الصدقة بما فضل عن حاجة أوجه أصحها إن عليه الصبر استحب وإلا فلا"(175)، وفي الجراح(176)، وفي العدد(177).
ومنها أصحهما الثاني في الصلح(178) .
ومنها واحد ضعيف في باب زكاة الفطر.
التعبير بالصحيح
وتعبيره بـ(الصحيح) يستفاد منه أربع مسائل: الخلافية، والأرجحية، وقد مر معناهما .
والثالثة: فساد المقابل، أي كونه ضعيفاً لا يعمل به، والعمل بالصحيح.
والرابعة: كون الخلاف وجهاً للأصحاب، يستخرجونه من كلام الإمام الشافعي فإن قوي الخلاف لقوة دليل المقابل عبر بالأصح المشعر بذلك، وإن لم يقو الخلاف بأن ضعف عبر بالصحيح .
طريق علمنا بالراجح من أقوال الإمام
والمراد بقوة الخلاف علمنا بالدليل الذي استند إليه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، وقد لا نعلمه لكن نعلم الراجح، وطريق علمنا به يحصل بأمور:
1. إما بالنص على أرجحيته .
2. وإما بالعلم بتأخيره.
3. وإما بالتفريع عليه.
4. وإما بالنص على فساد مقابله .(1/60)
5. وإما بموافقته لمذهب مجتهد(179) .
فإن لم يظهر مرجح فللمقلد أن يعمل بأي القولين شاء .
حكم العمل بالمرجوح
ويجوز العمل بالمرجوح في حق نفسه.
قال العلامة محمد بن أحمد عبد الباري الأهدل رحمه الله تعالى: مما وجدته بخط صحيح عن الشيخ سعيد هلال مفتي مكة المكرمة في الكلام على المنهاج: أنه يجوز تقليد مقابل الأظهر والأصح، دون مقابل المشهور والصحيح اهـ ثم قال: ولا يناقضه قولهم: يجوز تقليد غير الأربعة في عمل النفس دون القضاء والإفتاء كما قالوا:
وجاز تقليد لغير الأربعة
لا في قضاءٍ مع إفتاءٍ ذكر
في حق نفسه ففي هذا سعة
هذا عن السبكي الإمام المشتهر
قال في التحفة: "وتبعوه -أي السبكي- في العمل بخلاف المذاهب الأربعة، أي مما علمت نسبته لمن يجوز تقليده وجميع شروطه عنده، وحمل على ذلك قول ابن الصلاح: لا يجوز تقليد غير الأئمة الأربعة أي في قضاءٍ أو إفتاء، ومحل ذلك وغيره من سائر صور التقليد ما لم يتتبع الرخص بحيث تنحل ربقة التكليف من عنقه وإلا أثم به، بل قيل فسق وهو وجيه"(180).
ونقل صاحب فتح المعين عن الشيخ أحمد الدمياطي نقله عن الشيخ سنبل في هذه المسألة ما لفظه: "وأما الأقوال الضعيفة فيجوز العمل بها في حق النفس لا في حق الغير ما لم يشتد ضعفها، ولا يجوز الإفتاء ولا الحكم بها، والقول الضعيف شامل لخلاف الأصح وخلاف المعتمد وخلاف الأوجه وخلاف المتجه، وأما خلاف الصحيح فالغالب أنه يكون فاسداً لا يجوز الأخذ به"(181)
وجملة ما في المنهاج من التعبير بالصحيح مائة وستة وسبعون.
التعبير بالجديد
1. وتعبيره بـ(الجديد) يعني من قول الإمام الشافعي ( وهو ما قاله بعد دخوله مصر، فإذا عبر الإمام النووي بالجديد فيستفاد منه أربع مسائل:
الأولى: الخلافية، والمعنى أن قوله في الجديد بحكم في مسألة يخالف قوله القديم فيها.(1/61)
والثانية: الأرجحية، والمعنى أن في المسألة قولين: قولاً راحجاً: وهو القول الجديد، وقولاً مرجوحاً: وهو القديم، والمراد القول الجديد الذي عبر به.
والثالثة: كون الخلاف من قول الإمام الشافعي .
والرابعة: كون المقابل قديماً، أي قولاً قديماً للشافعي.
وجملة ما في المنهاج من التعبير بالجديد خمس وسبعون عبارة تقريباً .
التعبير بالقديم
1. وتعبيره بـ(القديم) -أي من قولي الإمام الشافعي ( وهو ما قاله قبل دخوله مصر يستفاد منه أربع مسائل:
الأولى: الخلافية، وهي أن قوله في الجديد في مسألة يخالف قوله القديم منها.
والثانية: المرجوحية، وهي كون القديم مرجوحاً، والجديد راجحاً.
والثالثة: كون الخلاف قولياً.
والرابعة: كون المقابل هو الجديد، والعمل عليه، وجملة ما في المنهاج من التعبير بالقديم ثمانية وعشرون لفظة.
المذهب القديم ليس مذهباً للشافعي
المذهب القديم ليس مذهباً للشافعي؛ لأن المقلد مع المجتهد كالمجتهد مع الرسول ( فكما أن الحادث من أدلة الشرع ناسخ للمتقدم منها إجماعاً حتى يجب على المجتهد الأخذ به كذلك المقلد مع المجتهد(182) .
المسائل المفتى بها على القديم
وأما المسائل التي عدوها وجعلوها مما يفتى به على القديم فسببه أن جماعة من المجتهدين في مذهبه لاح لهم في بعض المسائل أن القديم أظهر دليلاً، فأفتوا به غير ناسبين ذلك إلى الشافعي، فمن بلغ رتبة الترجيح ولاح له الدليل أفتى بها وإلا فلا وجه لعلمه وفتواه، على أن المسائل التي عدوها أكثرها فيه قول جديد فتكون الفتوى به وهي ثمانية عشرة مسئلة :-
الأولى: عدم وجوب التباعد عن النجاسة في الماء الكثير بقدر القلتين
قال في الروضة: "فرع إذا وقع في الماء الكثير الراكد نجاسة جامدة فقولان أظهرهما وهو القديم أنه يجوز الاغتراف من أي موضع شاء ولا يجب التباعد لأنه طاهر كله والثاني الجديد يجب أن يبعد عن النجاسة بقدر قلتين" (183).(1/62)
وحكى ابن الصلاح عن أبي على السنجي أن القول بعدم التباعد قاله الشافعي في اختلاف الحديث وهو من الكتب الجديدة. (184).
الثانية: عدم تنجس الماء الجاري إلا بالتغير(185).
الثالثة: عدم النقض بلمس المحرم(186).
الرابعة: تحريم أكل الجلد المدبوغ(187).
الخامسة: استحباب التثويب في أذان الصبح
قال في الروضة " هو سنة على المذهب الذي قطع به الأكثرون، وقيل قولان القديم الذي يفتى به أنه سنة، والجديد ليس سنة" ونقل التثويب عن نص الشافعي في البويطي فيكون منصوصاً في القديم والجديد . (188).
السادسة: مقدار وقت المغرب إلى مغيب الشفق الأحمر
قال في الروضة: " في المغرب وجهان: أصحهما يجوز مدها إلى مغيب الشفق والثاني منعه كغيرها، ثم الأظهر من القولين الجديد، واختار طائفة من الأصحاب القديم ورجحوه وعندهم المسألة مما يفتى فيه على القديم، قلت الأحاديث الصحيحة مصرحة بما قاله في القديم وتأويل بعضها متعذر فهو الصواب"(189) قال في المجموع : " فإذا عرفت الأحاديث الصحيحة تعين القول به جزماً لأن الشافعي نص عليه في القديم كما نقله أبو ثور وعلق الشافعي القول به في "الإملاء" على ثبوت الحديث، وقد ثبت الحديث بل أحاديث، الإملاء من كتب الشافعي الجديدة، فيكون منصوصاً عليه في القديم والجديد". (190).
السابعة: استحباب تعجيل العشاء
وأما العشاء ففيها قولان قال في القديم والإملاء تقديمها أفضل، وهو الأصح كما في سائر الصلاة وقال في الجديد تأخيرها أفضل والإملاء من الكتب الجديدة (191).
الثامنة: عدم ندب قراءة السورة في الأخيرتين
قال في الروضة : " وهل تسن السورة في الركعة الثالثة والرابعة قولان القديم وبه أفتى الأكثرون لا تسن، والجديد تسن لكنها تكون أقصر"(192)(1/63)
وقال في المجموع: "وصححت طائفة عدم الاستحباب وهو الأصح، وبه أفتى الأكثرون وجعلوا المسألة من المسائل التي يفتى فيها على القديم، قلت: وليس هو قديماً فقط، بل معه نصان في الجديد"(193).
التاسعة: الجهر بالتأمين للمأموم في الجهرية
قال في المجموع: "وأما المأموم فقد قال المصنف وجمهور الأصحاب قال الشافعي في "الجديد" لا يجهر، وفي "القديم" يجهر، وهذا أيضاً غلط من محمود أو من المصنف بلا شك، لأن الشافعي قال في المختصر وهو من الجديد: يرفع الإمام صوته بالتأمين ويسمع من خلفه أنفسهم، وقال في الأم: يرفع الإمام بها صوته فإذا قالها قالوها وأسمعوا أنفسهم، ولا أحب أن يجهروا، فإن فعلوا فلا شيء عليهم، ... ثم للأصحاب في المسألة طرق أصحها وأشهرها والتي قالها الجمهور أن المسألة على قولين أحدهما يجهر والثاني يسر" (194) قال في الروضة: والمذهب أنه يجهر وقيل قولان. (195).
العاشرة: ندب الخط عند عدم الشاخص(196).
الحادية عشرة: جواز اقتداء المنفرد في أثناء صلاته(197) .
الثانية عشرة: كراهة تقليم أظافر الميت(198).
الثالثة عشرة: عدم اعتبار الحول في الركاز(199).
الرابعة عشرة: صيام الولي عن الميت الذي عليه صوم
قال ابن الصلاح في فتاويه: "من مات وعليه صيام فعلى القديم يصوم عنه وليه وهو الصحيح للأحاديث الصحاح في كتاب مسلم وغيره أن من مات وعليه صيام صام عنه وليه ولا تأويل له يفرح به" (200)(1/64)
وقال في المجموع: "الحال الثاني أن يتمكن من قضائه سواء فاته بعذر أم بغيره، ولا يقضيه حتى يموت، ففيه قولان مشهوران أشهرهما وأصحهما عند المصنف والجمهور وهو المنصوص في الجديد أنه يجب في تركه لكل يوم مد من طعام، ولا يصح صيام وليه عنه، قال القاضي أبو الطيب: هذا هو المنصوص للشافعي في كتبه الجديدة، وأكثر القديمة والثاني وهو القديم -وهو الصحيح عند جماعة من محققي أصحابنا وهو المختار- أنه يجوز لوليه أن يصوم عنه، ويصح ذلك ويجزئه عن الإطعام وتبرأ به ذمة الميت" (201).
الخامسة عشرة: جواز اشتراط التحلل من الحج بالمرض
قال ابن الصلاح في فتاويه: "وشرط التحلل في الحج عند المرض ونحوه والقديم أنه يجوز الشرط ويتحلل به" (202).
وقال في الروضة: " فإن شرط أنه إذا مرض تحلل فطريقان: قال الجمهور يصح الشرط في القديم، وفي الجديد قولان: أظهرهما الصحة، والثاني المنع، والطريق الثاني قاله الشيخ أبو حامد وغيره القطع بالصحة لصحة الحديث فيه". (203).
السادسة عشرة: إجبار الشريك على العمارة
قال في الروضة " ولو انهدم الجدار بنفسه أو هدماه معا لاستهدامه أو غيره وامتنع، القديم إجباره عليها دفعا للضرر وصيانة للأملاك المشتركة عن التعطيل، والجديد لا إجبار كما لا يجبر على زرع الأرض المشتركة، ولأن الممتنع يتضرر أيضا بتكليفه العمارة ... قلت: لم يبين الإمام الرافعي الأظهر من القولين وهو من المهمات، والأظهر عند جمهور الأصحاب هو الجديد، ممن صرح بتصحيحه المحاملي والجرجاني وصاحب التنبيه وغيرهم، وصحح صاحب الشامل القديم وأفتى به الشاشي، وقال الغزالي في الفتاوى: الأقيس أن يجبر، وقال: والاختيار إن ظهر للقاضي أن امتناعه مضارة أجبره، وإن كان لإعسار أو غرض صحيح أو شك فيه لم يجبر، وهذا التفصيل الذي قاله وإن كان أرجح من إطلاق القول بالإجبار فالمختار الجاري على القواعد أن لا إجبار مطلقا والله أعلم" (204)(1/65)
قال صاحب الفرائد: "وليس ذلك بمسلم له بل الجاري على القواعد عدم الأجبار"(205).
السابعة عشرة جعل الصداق في يد الزوج مضموناً
اختلف الأصحاب في الصداق إذا تلف في يد الزوج هل يضمنه ضمان عقد أو ضمان يد بناء على اختلاف قول الإمام الشافعي والمصحح في المنهاج(206)والروضة(207)وهو المعتمد أنه مضون ضمان عقد "والفرق بين ضماني العقد واليد في الصداق أنه على الأول يضمن بمهر المثل وعلى الثاني بالبدل الشرعي وهو المثل إن كان مثليا والقيمة إن كان متقوماً" (208)
الثامنة عشرة: وجوب الحد بوطء المملوكة المحرم في دبرها، ذكره في حواشي شرح الروض
قال ابن الصلاح في فتاويه: " وإذا ملك محرما من نسب أو رضاع ووطئها مع العلم بتحريمها القديم أنه لا يلزمه الحد"(209) وهو المصحح في المنهاج(210)والروضة(211).
نظم بعضهم هذه المسائل فقال:-
مسائل الفتوى بقول الأقدم
لا ينجس الجاري ومنع تباعد
واستجمرن بمجاوز عن مخرج
والوقت مد إلى مغيب المغرب
لا تاتين في الأخريين بسورة
والجهر بالتأمين سن لمقتد
والظفر يكره أخذه من ميت
ويصح عن ميت صيام وليه
ويجوز إجبار الشريك على البنا
والزوج إن يكن الصداق بيده
والجلد بعد الدبغ يحرم أكله
هي للإمام الشافعي الأعظم
والطهر لم ينقض بلمس المحرم
للصفحتين ولو تلوث بالدم
ثوب بصبح والعشاء فقدم
والاقتداء يجوز بعد تحرم
والخط بين يدي مصل علم
وكذا الركاز نصابه لم يلزم
ويجوز شرط تحلل للمحرم
وعلى عمارة كل ما لا يقسم
فضمان يد حكمه في المغرم
والحد في وطىء الرقيق المحرم
هذا وقد زاد بعضهم مسائل أخر وهي:-
1- عدم الاكتفاء بالحجر إذا انتشر البول.
2- قبول شهادة فرعين على كل من الأصلين.
3- غرامة شهود المال إذا رجعوا.
4- تساقط البينتين عند التعارض.
5- إذا كانت إحدى البينتين شاهدين وعارضها شاهد ويمين يرجح الشاهدان على القديم.
6- عدم تحليف الداخل مع بينته إذا عارضها بينة الخارج .(1/66)
7- إذا تعارضت البينتان وأرخت أحداهما قدمت على القديم.
8- إذا علقت الأمة من وطء شبهة ثم ملكها الواطئ صارت أم ولد على أحد القولين في القديم، واختلف في الصحيح.
9- تزويج أم الولد فيها قولان واختلف في الصحيح.
هذا ولمريد التوسع فاليراجع مقدمة المجموع، والفرائد للسلمي، والأشباه للسيوطي، وحواشي البجيرمي على الإقناع ، والفوائد المدنية والذي بين كالسلمي أن ما عد من القديم هو في حقيقته منصوص عليه في الجديد وأن الأخذ به أخذ بالجديد، وذكر أن المسائل التي قيل بأن العمل فيها على القديم تزيد على الثلاثين مسألة.
التعبير بالمذهب
وتعبيره بـ(المذهب) يستفاد منه أربع مسائل:-
الأولى الخلافية: يعني أن في المسألة خلافاً.
والثانية: الأرجحية، يعني أن ما عبر فيه بالمذهب هوالراجح.
والثالثة: كون الخلاف بين الأصحاب أي في حكاية المذهب، فبعضهم يحكي الخلاف في المذهب، وبعضهم يحكي عدمه، وبعضهم يحكي القطع بالمذكور وبعضهم يحكي الخلاف أقوالاً، وبعضهم يحكي وجوهاً، وغير ذلك، فيعبر النووي عن ذلك بالمذهب.
والرابعة: مرجوحية المقابل، أي أن مقابل المذهب مرجوح لا يعمل به .
وجملة ما في المنهاج من التعبير بالمذهب مائة وسبعة وثمانون عبارة.
التعبير بقيل
وتعبيره بـ(قيل) يستفاد منه أربع مسائل :
الأولى: الخلافية، يعني أن في المسألة خلافاً بين الأصحاب .
والثانية: كون الخلاف وجهاً من أوجه الأصحاب لا قولاً من أقوال الشافعي رحمه الله .
والثالثة: ضعف المذكور بقيل.
والرابعة: كون مقابله الاصح أو الصحيح الذين يعبر بهما في أوجه الأصحاب لا أن مقابله الأظهر أو المشهور؛ لأنه إنما يعبر بهما عن أقوال الشافعي لا غير وجملة ما في المنهاج من التعبير بقيل اربعمائة وتسعة وثلاثون عبارة.
التعبير بفي قول
وتعبيره بـ(في قول كذا) يستفاد منه أربع مسائل:
الأولى: الخلافية في المسالة.
والثانية: كون الخلاف أقوالاً للشافعي ( .
والثالثة: ضعف القول المذكور .(1/67)
والرابعة: كون مقابله الأظهر أو المشهور، والعمل به.
وجملة ما في المنهاج من التعبير بفي قول كذا اثنتا ومائة عبارة فهي مع جملة التعبير بقيل ستمائة وواحدة وأربعون قولاً كلها ضعيفة ما عدا خمسة عشر موضعاً رجح المتأخرون اعتمادها، اثنا عشر منها التعبير فيها بـ:قيل، و ثلاثة التعبير فيها بقوله: وفي قول .
القيلات المعتمده
وإليك مواضع القيلات المعتمدة الإثنى عشر:-
أحدها: في فصل شرط زكاة التجارة الحول، وهي: "وقيل يتخير المالك" أي فيقوم بما شاء من الأغبط للفقراء أولا، قال الجلال المحلي: "وهو الذي صححه الرافعي في فتح العزيز عن العراقيين والروياني، وعبر عنه في المحرر بأولى الوجهين"(212) .
وقال القليوبي(213): "وهو المعتمد"(214)، واعتمده شيخنا -عافاه الله- كوالده تبعاً لمحمد بن أحمد عبدالباري الأهدل.
ثانيها: في كتاب العارية بعد الفصل الثاني في فصل: "لكل منهما رد العارية" وهو: "قيل أو يتملكه بقيمته"(215) اعتمده شيخنا عافاه الله كشيخ الإسلام السيد محمد بن أحمد عبدالباري الأهدل تبعاً للقليوبي(216).
ثالثها: في كتاب الطلاق، وهو قوله: "وقيل يكفي بأوله"(217) اعتمده شيخنا عافاه الله كشيخ الإسلام السيد محمد بن أحمد عبد الباري الأهدل رحمه الله تعالى، وقال في التحفة: "ورجحه كثيرون واعتمده الأسنوي وغيره"(218) .
رابعها: في كتاب الطلاق -أيضاً- في أول الفصل الرابع وهو: "وقيل المنوي"(219) اعتمده شيخنا -عافاه الله تعالى- كشيخ الإسلام السيد محمد بن أحمد عبد الباري الأهدل، وصححه الرافعي في فتح العزيز تبعاً للبغوي، وغيره وعبر عنه في المحرر برجح قال القليوبي: "وهو المعتمد"(220).
خامسها: في باب كيفية القصاص، في أول الفصل الثاني، وهو: "وقيل: لا يدخل"(221) "وهو الذي في الروضة وأصلها، وعليه الأكثرون، ونص عليه"(222).
قال ابن حجر:" فهو المعتمد"(223) ومثله القليوبي (224)(1/68)
سادسها: في كتاب دعوى الدم والقسامة، في فصل "إنما يثبت موجب القصاص بإقرار" إلى أن قال: "وقيل: يكفي فأوضح رأسه" قال في التحفة: وهو المعتمد"(225) .
وقيد القليوبي عن قول شيخه اعتماده في العامي الذي لا يعرف مدلول الإيضاح الشرعي وإلا فلا(226).
سابعها: في كتاب الردة، وهو: "وقيل: يجب التفصيل"(227) قال شيخنا -عافاه الله-: اعتمده شيخ الإسلام زكريا(228)، قال في التحفة: "وهو القياس، وأطال كثيرون في الانتصار له نقلاً ومعنى، وجرى عليه الرافعي والقاضي في الدعاوى"(229) .
واعتمد القليوبي عدم التفصيل(230).
ثامنها: في آخر كتاب السير قبيل الجزية، وهو: "وقيل: قيمتها"(231) قال شيخنا -عافاه الله-: هو أحد القيلات المعتمدة، وقال القليوبي: "وهو المعتمد"(232) .
تاسعها: في كتاب الصيد والذبائح، وهو: "قيل: يحرم العضو"(233) قال القليوبي: "وهو المعتمد، أخذاً من تصحيحه في الروضة كأصلها"(234).
عاشرها: في كتاب المسابقة والمناضلة قبيل كتاب الأيمان، وهو: "وقيل: بالسوية"(235) قال القليوبي: "وهو المعتمد كما ذكره في الروضة"(236) .
حادي عشرها: في كتاب الدعوى والبينات آخر الفصل الثاني، وهو: "وقيل: إن ادعى مباشرة سببه حلف"(237) قال في التحفة: "هذا هو المعتمد"(238) .
وسكت القليوبي عن اعتماده(239) .
ثاني عشرها: في كتاب العتق في فصل "إذا ملك أهل تبرع أصله" إلى أن قال: "وقيل: من رأس المال"(240) قال القليوبي -كالتحفة-: "هو المعتمد"(241).
وقد نظم الشيخ عبد الله بن سعيد اللحجي هذه القيلات فقال:
الحمدلله العظيم الهادي
ثم الصلاة والسلام الدائم
محمد من نطقه الفصيح
سواه في أقواله السخيف
وآله وصحبه وعترته
وبعد ذا فعن لي أن أنظما
في سفرنا المعروف بالمنهاج
قصدي بها تيسيرها لحفظها
وربما ضاق مجال النظم
وها أنا أشرع في المراد
فأول منه حواه فصل
وهاك نصه بلفظ: "قيلا
والثاني في الفصل الذي في العارية
ولفظه الصريح فيه "قيل: أو(1/69)
وفي كتاب الخلع ثالث يلي
مشهور لفظه: "وفي قول يقع
وفي الطلاق ألحقوا برابع
أوله وقبل قلت منطوي
كذاك في كيفية القصاص جا
خامسها ونصه "وقيل: لا
ذا الفصل فيه سادس ولفظه:
وفيه أيضاً سابع تراه في
وثامن قد جاء في القسامة
إليك نصه "وقيل: يكفي
وتاسع جاء قبيل الجزية
مسألة العلج وهاك "قيلا
وفي كتاب الصيد والذبائح
صريح لفظه: "وقيل: يحرم
وفي المسابقات والمناضله
قبيل أيمان بغير مرية
والثاني بعد العشر يامن قد حوى
بفصله الثاني أتاك آخره
سببه حَلَفَ" ثم لَقطُه
في العتق قد جاءك في الفصل الذي
وهاكه بلفظه: "وقيلا:
وصاحب المنهج زاد آخرا
صريح لفضه: "وقيل: يجب
هذا وتم ما قصدت نظمه
ثم الصلاة على النبي وآله
إلى بيان مهيع الرشاد
على نبي شأنه المراحم
وقوله المقبول والصحيح
والشاذ والصحيح والضعيف
وتابع لنهجه من أمته
معتمد القيلات نظماً محكما
من أشرقت بنوره الدياجي
وقد تحريت صريح لفظها
فجئت بالممكن في ذا القسم
بعون ربي راحم العباد
شرط الزكاة في التجار الحول
تخير المالكُ" يا نبيلا
بعد الكتاب يا أخي كن دارية
يملكه بقيمةٍ" كذا رووا
بثلثين قبل فصل أول
بمهر مثلٍ" صاح شمر ترتفع
محله منه بفصل رابع
إليك لفظه "وقيل المنوي"
بفصله الثاني أتى مندرجا
يدخل" فافهم واحذر التغافلا
"في قولٍ السيفُ" مهم حفظه
"قولٍ كفعله" فحاذر يختفي
في الفصل بعده أيا من رامه
أوضح رأسه" فخذ ما تلفي
لفصله قد جاء آخر جملة
قيمتها" فادر تكن نبيلا
في نصفه العاشر جا بواضح
العضو" إن ذا لأمر مبرم
حادي عشر جاء بلا مجادلة
ولفظه "وقيل بالسوية"
للعلم خذه بكتاب الدعوى
وهو "وقيل: إن ادعى مباشرة
وثالث العشر أتاك بعده
بعد الكتاب فادر هذا واحتذي
من رأَس المال" تم ما قد قيلا
وهي به تكون أربع عشرا
التفصيل" فاحفظ ما ذكرت تنجب
حمداً لمن يسر على ختمه
وصحبه ومن على منواله
والثلاثة المعبر عنها بـ في قول :-(1/70)
أحدها: في كتاب الخلع قبل الفصل الاول، وهو: "وفي قول يقع بمهر مثل"(242) اعتمده شيخنا -عافاه الله- كوالده، تبعاً لمحمد بن أحمد عبدالباري الأهدل، واعتمده القليوبي(243).
ثانيها، في باب كيفية القصاص في الفصل الثاني، وهو قوله: "وفي قول السيف"(244) اعتمده شيخنا كوالده تبعاً لشيخ الإسلام السيد محمد بن أحمد عبدالباري الأهدل، واعتمده القليوبي(245).
ثالثها: في هذا الفصل أيضاً، وهو: "وفي قول كفعله"(246) اعتمده شيخنا-عافاه الله- والسيد محمد بن أحمد عبد الباري والقليوبي(247) رحمهما الله تعالى.
التعبير بالقولين
وتعبيره بـ(القولين) يستفاد منه ثلاث مسائل: الخلافية في المسألة، وكون الخلاف أقوالاً للشافعي أكثر من اثنين، وأرجحية أحدهما بترجيح الأصحاب له، أو بالنص وجملة ما في المنهاج من التعبير بالأقوال ستة عشر عبارة :-
أحدها: في باب: من تلزمه الزكاة.
ثانيها، وثالثها: في فصل: شرط المرهون به ...الخ.
ورابعها في اختلاف المتبايعين.
وخامسها: في كتاب الوصايا في فصل: إذا ظننا..الخ
وسادسها: في كتاب الإجارة، في فصل: يصح عقد الإجارة.
سابعها: في كتاب الجراح.
ثامنها: في كتاب الكفارة.
تاسعها: في كتاب العدد.
وعاشرها، وحادي عشرها: في كتاب النفقات، في فصل: أعسر بنفقتها.
ثاني عشرها، وثالث عشرها، ورابع عشرها: في كتاب الردة.
وخامس عشرها: في كتاب العتق.
وسادس عشرها: في فصل الكتابة الفاسدة.
التعبير بالنص والمنصوص
وتعبيره بـ(النص، والمنصوص) يختلف مقصودة بكل منهما، فإنه تارةً يعبر بالنص، ويعني به نص الشافعي فقط .
وتارةً يعبر بالمنصوص، ويعني به الراجح عنده من نص الشافعي.
وقوله: أو وجه للإصحاب، فيستفاد من تعبيره بالنص أربع مسائل:-
الأولى، الخلافية، بمعنى أن مقابل النص يخالفه .
الثانية: الأرجحية، يعني أن ما عبر فيه بالنص هو الراجح في المذهب .
والثالثة: كون النص من أقوال الشافعي فقط.
والرابعة: أن مقابله ضعيف لا يعمل به.(1/71)
ويستفاد من تعبيره بالمنصوص أربع مسائل:-
الأولى: الخلافية، يعني أن في المسالة خلافاً مذكوراً .
والثانية: الأرجحية، بمعنى أن ما عبر فيه بالمنصوص هو الراجح.
والثالثة: كون المنصوص عليه هو إمّا قول الشافعي، أو نص له، أو وجه للأصحاب.
والرابعة: كون مقابله ضعيفاً لا يعمل به.
وجملة ما في المنهاج من ذكر النص ستة عشر:-
الأول: في كتاب الطهارة .
والثاني: في باب أسباب الحدث .
والثالث: في باب صفة الصلاة .
والرابع، والخامس، والسادس: في باب سجود السهو .
والسابع في الكسوفين .
والثامن: في باب صلاة الجماعة .
والتاسع، والعاشر: في كتاب الجنائز .
والحادي عشر: في الفصل بعد كتاب الإقرار .
والثاني عشر: في فصل تجب سكنى .
والثالث عشر في كتاب الزنا .
والرابع عشر: في كتاب السرقة .
والخامس عشر: في فصل حلف لا يأكل هذه التمرة .
والسادس عشر: في الفصل الثاني بعد كتاب التدبير.
وجملة ما عبر فيه بلفظ المنصوص ثلاثة عشر:-
الأول: في التيمم .
والثاني، والثالث: في باب صفة الصلاة .
والرابع، والخامس: في باب صلاة الجماعة .
والسادس: في كتاب الجنائز .
والسابع: في الفصل الثالث من الجنائز .
والثامن: في باب زكاة الفطر .والتاسع: في كتاب الوقف .
والعاشر: في باب قسم الصدقات .
والحادي عشر: في باب النكاح .
والثاني عشر: في كتاب الاضحية .
والثالث عشر: في فصل من عتق عليه.
التعبير بـ(في وجه كذا)
وتعبيره بـ(في وجه كذا) يستفاد منه أربع مسائل:-
الخلافية في المسألة بين الأصحاب .
والثانية: كون الخلاف أوجهاً ثلاثة فأكثر للأصحاب .
والثالثة: ضعف الوجه المذكور .
والرابعة: كون مقابله هو الأصح أو الصحيح، والعمل بالمقابل .
وقد يصف الوجه بالشذوذ، فيفيد قوة ضعفه، أو يصفه بواهٍ، والمراد ضعيف جداً.(1/72)
وجملة ما في المنهاج من الرمز بـ(في وجه كذا) سبعة وعشرون موضعاً منها وجه موصوف بالشذوذ في الفصل الثالث بعد كتاب الإقرار، ومنها وجه موصوف بواهٍ في كتاب الغصب.
التعبير بالوجهين
وتعبيره بـ(الوجهين) يستفاد منه الخلافية وانحصارها في وجهين، وكون الخلاف للأصحاب، وكون مقابل الضعيف منهما الأصح أو الصحيح.
وجملة ما في المنهاج من ذكر الوجهين سبعة مواضع:-
الأول: في كتاب صلاة الجماعة، وفيه التعبير بالطريقين، ولا ثاني له .
والثاني: في الوكالة .
والثالث: في باب الصلح .
والرابع: في فصل الطريق النافذ .
والخامس: في الفصل الثالث بعد كتاب الطلاق .
والسادس: في النفقات في فصل: يلزمه .
والسابع: في باب صفة الصلاة، وكلها مرجحة إلا في موضعين:-
أحدهما: في كتاب صلاة الجماعة .
والثاني: في كتاب النفقات فتركهما الإمام النووي بلا ترجيح فرجحهما الأئمة الأعلام رضي الله عنهم.
التعبير بالأوجه
وتعبيره بـ(الأوجه) يستفاد منه أربع مسائل:-
الخلافية، وانحصارها في أكثر من وجهين .
وكون الخلاف للأصحاب .
وكون مقابل الضعيف منها الأصح والصحيح.
وجملة ما في المنهاج من المسائل المذكورة بـ(في قول أو وجه) ثلاث مسائل:-
إحداها: في قسم الصدقات .
وثانيها: في فصل: عاشرها كزوج .
وثالثها: في كتاب الجراح، في فصل: قتل مسلماً.
التعبير بـ(في قول أو وجه)
وتعبيره بـ(في قول أو وجه) يستفاد منه:-
الخلافية، والتردد في كونها من أقوال الشافعي أو من أوجه الأصحاب .
وكون الوجه أو القول ضعيفاً .
وكون مقابله في القول: الأظهر أو المشهور، وفي الوجه: الأصح أو الصحيح.
وجملة ما في المنهاج من المسائل المذكورة بـ(في قول أو وجه) ثلاث:-
إحداها: في كتاب الخلع، في الفصل الثاني .
وثانيها: في العدد، في فصل: عاشرها كزوج .
وثالثها: في كتاب الرضاع.
التعبير بـ(كذا أو وكذا)
وتعبيره بـ(كذا أو وكذا) يستفاد منه: الخلافية فيما بعدها، فإن عبر بعدها بـ:-(1/73)
الأصح فمقابله الصحيح.
أو بالصحيح فمقابله الضعيف .
أو بالأظهر فمقابله الظاهر.
أو بالمشهور فمقابله الخفي، وقد علمت الاصطلاح فيها مما مر.
وجملة ما في المنهاج من التعبير بـ(كذا) ثلاثمائة وثلاثة وتسعون .
هذا ولم يقع للمصنف التعبير بقوله: (وكذا في قول قديم) ولعله ظن صدور ذلك منه فذكره .
قال في التحفة: "لا ينافيه عدم وقوع هذه في كلامه؛ لأنه لم يذكر أنه قالها، بل إن صدرت فهي كسابقها). (248).
زيادات النووي على المحرر
جملة ما زاده النووي على ما في المحرر مائة واثنتان وثمانون مسألة مميزة عن قول المحرر بقوله في أولها: "قلت" وفي آخرها "والله اعلم" منها نحو خمسين رد منه على صاحب المحرر، لأن صاحب المحرر ذكرها على خلاف المختار في المذهب.
والثاني: مائة واثنتان وثلاثون مسألة زيادة منه، وقد يزيد لفظة أو لفظتين بدون ذكر (قلت) كقوله في فصل الخلاء: "ولا يتكلم"(249)، وكـ(ظاهر) و(كثير) في قوله في التيمم: "في عضو ظاهر"(250)، "وبجرحه دم كثير"(251) وكالهمزة في: "أحق ما قال العبد"(252) وهي جزء كلمة(253).
جملة كتب وأبواب وفصول وفروع المنهاج:
(فائدة) جملة كتب المنهاج: أربعة وستون كتاباً.
وأبوابه: اثنان وخمسون باباً.
وفصوله: مائتا فصل وأحد عشر فصلاً.
وفروعه: أحد عشر فرعاً.
المسائل الضعيفة في المنهاج بدون صيغة (قيل) و(في قول)
وجملة المسائل الضعيفة في المنهاج بدون صيغة (قيل) و(في قول) سبع عشرة مسالة(254):-
أولها: في التيمم، وهي قوله: "واستدامتها" يعني النية، والأصح أن الاستدامة غير واجبة.
وثانيهما: في الجماعة، وهي "أصحهما" والمعتمد أنه يشترط القرب، وهي ثلاثمائة ذراع.
وثالثها: في النفل، وهي "اثنا عشر في الضحى" والمعتمد أنه ثمان .
ورابعها: في باب صلاة الخوف، وهي قوله: "ولا قضاء في الأظهر" والمعتمد القضاء.
وخامسها: في الجنائز، في فصل (أقل القبر) وهي قوله: "ويكره المعصفر" والمعتمد الحرمة .(1/74)
وسادسها: في باب زكاة الفطر، وهي قوله: "قلت الأصح المنصوص لا يلزم الحرة" والمعتمد خلافه .
وسابعها: في كتاب الحج، في فصل (ينوي ويلبي) وهي قوله: "وكذا ثوبه في الأصح" فهو مكروه عند ابن حجر، ومباح عند الرملي.
وثامنها: في باب محرمات الإحرام، وهي "دم ترتيب" والمعتمد عند الأكثرين أن الدم في ترك المأمورات دم تخيير وتعديل، كما في دم الحلق.
وتاسعها: في باب الخيار، وهي قوله: "وكذا ذات الثواب" لأن الهبة بثواب في معنى البيع.
وعاشرها: في باب حكم المبيع قبل قبضه وهي قوله: "وبيع الدين لغير من عليه باطل" والمعتمد أنه يصح؛ لاستقراره، كبيعه ممن هو عليه، وهو الاستبدال.
الحادية عشرة: في كتاب الهبة، وهي قوله: "ولغيره باطله" ضعفه ابن حجر واعتمد القليوبي والمغني بطلان هبة الدين فلم يضعفا كلام المنهاج.
والثانية عشرة: في الوصايا في الفصل الثالث، وهي قوله: "ولا تدخل قرابة أم في وصية العرب في الأصح" والمعتمد أنها تدخل كالعجم .
والثالثة عشرة: في كتاب النكاح وهي قوله: "قلت وكذا بغيرها على الأصح المنصوص" والمعتمد عدم الحرمة هنا، قاله القليوبي.
والرابعة عشرة: في كتاب الصداق، وهي قوله: "إن قلنا إنه يجبر".
والخامسة عشرة: في كتاب السير في الفصل الثاني، وهي قوله: "وزوجته الحربية على المذهب" "والمعتمد فيها الجواز، كزوجة حربيٍ أسلم" كما في التحفة.
والسادسة عشرة: في كتاب الشهادات آخر الفصل الثاني، وهي قوله: "أو مختلف فيه لم يجب" والأصح الوجوب، قال القليوبي: "هو المعتمد؛ لأن للشاهد أن يتحمل شهادة على ما يخالف معتقده ويوءدي عند حاكمٍ يراها".
السابعة عشرة: في كتاب العتق آخر الفصل الأول، وهي قوله: "عتق وسرى وعلى سيده قيمة باقيه" وهو مرجوح، والمعتمد عدم السراية، كما في القليوبي(255).
القوة والضعيف من المصطلحات
المشهور أقوى من الأظهر من جهة أن المشهور قريب من المقطوع به، لأنه يقابله الخفي، وهو لا يجوز العمل به .(1/75)
وأما من جهة التصحيح، فتصحيح الأظهر أقوى من تصحيح المشهور، لأنه يقابله الظاهر، وهو يجوز العمل به كما عرفت مما مر، لأن قوة مقابله تشعر بصرف العناية للتصحيح صرفاً كلياً بخلاف المشهور بضعف مقابله المغني عن تمام صرف العناية للتصحيح، وكذا يقال في الأصح والصحيح(256) .
اختلاف عبارات النووي التصحيحية
وقد يوجد منه التعبير في الروضة بـ(الأصح) وفي المنهاج بـ(الصحيح) في حكم واحد، وهذا منشأ اختلاف الاجتهاد في الأرجحية، فعند التعارض يرجع إلى تأمل المدرك .
ويوجد له في بعض كتبه التعبير بـ(الأظهر)، وفي بعضها التعبير عن ذلك بـ(الأصح)، فإن عرف أن الخلاف أقوال أو أوجه فواضح، والأرجح الدال على أنه أقوال؛ لأن مع قائله زيادة علم بنقله عن الشافعي رضي الله تعالى عنه بخلاف نافيه عنه(257).
المبحث السابع: اصطلاحات في الفقه الشافعي
اعلم أن الاصطلاح هو: اتفاق طائفة مخصوصة على أمر مخصوص بينهم فحيث قالوا:(الإمام) يريدون به إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن محمد الجويني.
و(القاضي) عند الإطلاق يريدون به القاضي حسين(258).
أو (القاضيان) يريدون بهما الروياني(259) والماوردي(260).
أو (الشارح) أو (الشارح المحقق) يريدون به الجلال المحلي، شارح المنهاج.
أو (شارح) يريدون به واحداً من الشراح لأي كتاب كان.
أو (قال بعضهم) فهو أعم من شارح .
أو (الشيخان) يريدون بهما الرافعي والنووي.
أو (الشيوخ) يريدون بهم الرافعي والنووي والسبكي.
وحيث قال في التحفة: (شيخنا) فيريد به شيخ الإسلام زكريا الأنصاري وكذلك الخطيب، وهو مراد صاحب النهاية بقوله:(الشيخ).
وإن قال الخطيب (شيخي) فيريد به الشهاب أحمد الرملي(261)، وهو مراد الجمال بقوله: (أفتى به الوالد)أو (لا يبعد كذا) فهو احتمال.
أو (على ما شمله كلامهم) فهو إشارة إلى التبري منه، أو أنه مشكل.
أو (كذا قالوه) فهو تبرٍ، أو مشكل ومثله (كذا قاله فلان)(وإن صح هذا فكذا) فهو عدم ارتضائه.(1/76)
أو (كما أو لكن) فهو المعتمد.
قاعدة كما ولكن في التحفة
واعلم "أن ما بعد كما معتمد في التحفة، وأن ما اشتهر من أن المعتمد ما بعد لكن محله إذا لم يسبقه كما، وإلا فهو حينئذٍ المعتمد عنده"(262) إلا إن قال: لكن المعتمد كذا والأوجه كذا، فهو حينئذٍ المعتمد(263) .
وقول ابن حجر: (على المعتمد) يعني به الأظهر من القولين أو الأقوال للشافعي.
وقوله: (على الأوجه) يعني به: الأصح من الوجهين أو الأوجه للأصحاب.
أو (على ما اقتضاه كلامهم) فصيغة بتر كقولهم: (على ما قاله فلان) بذكر (على) أو (هذا كلام فلان) كله بتر، والمعتمد مقابله.
(والذي يظهر) بحث، وهو: ما يفهم فهماً واضحاً من الكلام العام للأصحاب المنقول عن صاحب المذهب بنقلٍ عام.
أو (لم نر فيه نقلاً) يريدون نقلاً خاصاً.
أو (هو محتمل) فإن ضبطوه بفتح الميم الثانية فهو راجح، أو بالكسر فالمعنى ذو احتمال مرجوح، فإن لم يضبطوه بشيء يلزم مراجعة كتب المتأخرين، فإن وقع بعد أسباب التوجيه فهو بالفتح راجح، أو بعد أسباب التضعيف فهو بالكسر مرجوح.
أو (على المختار) إن كان لغير النووي فهو خارج عن صاحب المذهب، فلا يعول عليه، وإن وقع للنووي في الروضة فهو بمعنى الأصح في المذهب لا بمعناه المصطلح عليه إلا في اختياره عدم كراهة المشمس فهو بمعنى الضعيف.
أو (وقع لفلان كذا) فهو ضعيف إلا أن يلحقوه بترجيح فيكون راجحاً .
أو (في أصل الروضة) فالمراد عبارة النووي في الروضة التي لخصها واختصرها من لفظ العزيز.
أو (في زوائد الروضة) فالمراد الزائد فيها عن لفظ العزيز.
أو (نقله فلان عن فلان) أو (حكاه فلان عن فلان) فالمعنى واحد.
أو (سكت عليه) أي ارتضاه.
أو (أقره فلان) فهو كالجازم به(264).
أو (نبه عليه الأذرعي) معناه أنه معلوم من كلام الأصحاب، وإنما للأذرعي التنبيه عليه لا غير.
أو (كما ذكره الأذرعي) فالمراد أن ذلك من عند نفسه.
أو (الظاهر كذا) فهو من بحث القائل.(1/77)
و (الفحوى) هو ما فهم من الأحكام بطريق القطع.
و (المقتضى) و (القضية) هو الحكم بالشيء لا على وجه الصراحة.
أو (زعم فلان) فهو بمعنى قال إلا أنه أكثر ما يقال فيما شك فيه.
ومن اصطلاحهم أنهم إذا نقلوا عن الإمام الحي فلا يصرحون باسمه لأنه ربما رجع عن قوله وإنما يقال: (قال بعض العلماء) فإن مات صرحوا باسمه .
والمقرر الناقل متى قال (وعبارته) تعين عليه سوق العبارة المنقولة بلفظها ولم يجز له تغيير شيء منها وإلا كان كاذباً.
ومتى قال: (قال فلان) كان بالخيار بين أن يسوق عبارته بلفظها أو بمعناها من غير نقلها، لكن لا يجوز له تغيير شيء من معاني ألفاظها.
وقولهم: (ملخصاً) فالمراد أن يأتي من ألفاظه بما هو المقصود .
وقولهم: (المعنى كذا) المراد به التعبير عن لفظه بما هو المفهوم منه.
وقولهم: (فيرد عليه كذا) وما اشتق من الورود يقال لما لا يندفع بزعم المعترض .
وقولهم: (ويتوجه) وما اشتق منه أعم منه من غيره.
وقولهم: (مع ضعف فيه)قد يقال لما فيه ضعف شديد أيضاً.
وقولهم: (ولقائل) لما فيه ضعف ضعيف.
أو (وفيه بحث) ونحوه لما فيه قوة سواءٌ تحقق الجواب أم لا.
و (قيل) و(يقال) و(لا يبعد) و(يمكن) صيغ تمريض تدل على ضعف مدلولها بحثاً كان أو جواباً.
أو (أقول) أو (قلت) لما هو خاصٌ بالقائل أو (حاصله) أو (محصله) أو (تحريره) أو( تنقيحه) أو نحو ذلك فإشارة إلى قصور في الأصل أو اشتماله على حشو.
(تأمل) إشارة إلى دقة المقام مرة، وإلى خدشٍ فيه أخرى، فهو إشارة إلى الجواب القوي.
(فتأمل) بالفاء إشارة إلى الضعيف.
(فليتأمل) إشارة إلى الأضعف.
(وفيه نظر) يستعمل في لزوم الفساد.
(ولقائل) إذا كان بسؤال قوي فجوابه أقول أو نقول بإعانة سائر العلماء.
(فإن قيل) إذا كان السؤال ضعيفاَ فجوابه أجيب ويقال .
(لا يقال) لما كان أضعف وجوابه لأنا نقول .
(فإن قلت) للسؤال إذا كان قوياً وجوابه قلنا أو قلت.
(قيل) يقال لما فيه اختلاف وضعف ما قالوه.(1/78)
(محصل الكلام)يقال للإجمال بعد التفصيل.
(وحاصل الكلام) يقال للتفصيل بعد الإجمال.
(والتعسف) ارتكاب ما لا يجوز عند المحققين وقد يطلق على ارتكاب ما لا ضرورة فيه.
(وفيه تساهل) يستعمل في كلامٍ لا خطأ فيه.
(التسامح) هو استعمال اللفظ في غير موضعه الأصلي كالمجاز.
(التأمل) هو إعمال الفكر.
(التدبر) تصرف القلب بالنظر في الدلائل.
(تدبر) للسؤال في المقام.
(فتدبر) بمعنى التقرير والتحقيق لما بعده.
(وفي الجملة) يستعمل في الجزئي والإجمالي.
(وبالجملة) في الكليات والتفصيل.
(اللهم إلا أن يكون كذا) قد يجيء حشواً أو بعد عموم حثاً للسامع، وتنبيهاً للمقيد المذكور قبلها.
(وقد يفرق) و(إلا أن يفرق) و(يمكن الفرق) صيغ فرق.
(وقد يجاب) و(إلا أن يجاب) و(لك أن تجيب) كلها جواب من قائله.
(ولك رده) و(يمكن رده) صيغ رد.
(لو قيل كذا) صيغة ترجيح.
ومثله (لم يبعد) ومثله (ليس ببعيد) ومثله (لكان قريباً) ومثله (أو أقرب).
وإذا اختلف المصنف والفتوى فالعمدة ما في المصنف، وإن وجدنا كلاماً في الباب وكلاماً في غير الباب فالعمدة ما في الباب.
وإن قالوا: (وإن) أو (ولو) فهو إشارة إلى الخلاف، فإن لم يوجد خلاف فإن لم يوجد خلاف فهو لتعميم الحكم، وأن البحث والإشكال والاستحسان والنظر لا يرد المنقول والمفهوم لا يرد الصريح.
(الأشهر كذا والعمل على خلافه) تعارض الترجيح من حيث دليل المذهب والترجيح من حيث العمل فساغ العمل بما عليه العمل.
وقول الشيخين (وعليه العمل) صيغة ترجيح.
(اتفقوا) و(هذا المجزوم به) و(هذا لاخلاف فيه) يقال فيما يتعلق بأهل المذهب لاغير.
(هذا مجمع عليه) يقال فيما اجتمعت عليه الأئمة.
(وفي صحته نظر) دليلٌ على أنهم لم يرو فيه نقلاً.
(ينبغي) الأغلب استعمالها في المندوب تارةً والوجوب أخرى، ويحمل على أحدهما بالقرينة وقد يستعمل للجواب والترجيح .
(لا ينبغي) قد تكون للتحريم أو الكراهة.
(وانتحله) ادعاه لنفسه وهو لغيره.(1/79)
(وليس بشيء) تأكيد للضعيف.
(وفي النفس منه شيء) صيغة رد.
(وزعم كذا ممنوع) صيغة توجيه.
(لم أعثر عليه) صيغة استغراب(265).
المبحث الثامن: علاقة المذهب الشافعي بالتصوف
يظن الكثيرون أن هناك ارتباطا والتصاقا قويا بين المذهب الشافعي والتصوف مما دفعهم للتساؤل عن السبب الكامن وراء ذلك.
والحقيقة أن هذه نظرة قاصرة فالتصوف وإن كان منتشرا بين كثير من الشافعية إلا أنه لا يعنى أقتصار التصوف على أتباع هذا المذهب، إذ من المعلوم أن التصوف لم يعرف بالصورة التي هو عليها الآن إلا متأخرا عن الإمام الشافعي وتلاميذه وردحا من عصر أصحاب الوجوه، وفي هذه المرحلة لم يكن أحد يتبع هذا المنهج بل على العكس كان كثيرون من فقهاء المذهب يشنعون على من يحكى عنه شيئ من مخاريق الصوفية والتي كانت ما زالت في بداياتها، ولم يكن الفقهاء يلقون لهم بالا البتة، إلا أنه بدأ هذا الفكر يدب في صدور بعض المتفقهه في أواخر القرن الخامس إلا أنه كان ضعيفا لم يتبوء بعد مكانا في الفكر الفقهي والعلمي ولم يصبح ظاهرة تعم كثيرين، لكنه أنه زاد مع الزمن زاد انتشارا وزاد مؤيدوه وأسهم بعض المتفقهة بشكل كبير وفعال في انتشار التصوف بين طائفة الفقهاء وزادوا في الغلو أشياء، فانتشر التصوف بكافة أشكاله في المذاهب الفقهية جميعا: الحنفية، والمالكية والشافعية وحتى الحنبلية كذلك إلا أنه فيهم أقل من غيرهم.
بل يمكن أن نقول إن الفرق الصوفية المنتسبة للحنفية والمالكية كان يكثر فيها البدع الكفرية نظرا لبعدها عن مركز العالم الإسلامي، إذ إن الأحناف غلبوا على بلاد العجم في المشرق والمالكية كذلك في المغرب مما أفسح المجال لنمو الخرافات والبدع الكفرية والتي يكاد يصبح بسببها بعض الطرق الصوفية أديانا قائمة بذاتها.
وهذا بخلاف الشافعية والذين كان أكثر حضورهم في قلب العالم الإسلامي إلى ما قبل قرون قليلة حيث انتشر في المشرق أيضا في ماليزيا وأندونيسيا وغيرهما.(1/80)
كما أنه اشتهر بين فقهاء الشافعية المتاخرين محاربة خرافات الصوفية وخاصة أصحاب ابن عربي، منهم: إبراهيم البقاعي (ت885) والعلامة عمر بن رسلان البلقيني (ت805) وعبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت806) والحافظ ابن حجر له كتاب (القول المنبي عن ترجمة ابن عربي) وغيرهم كثير.
وفي اليمن نهض الكثير من الفقهاء بالرد على هذا التوجه البدعي فيؤلف الفقيه محمد بن موسى الذوالي (ت790) كتاب (نصيحة المتكلفين) وهو في الرد على الصوفية وبيان تكلفهم في أمور العبادة، وكان هذا الكتاب فاتحة ردود عديدة وضعها بعده مجموعة من العلماء الشافعية، فجاء بعده العلامة أحمد بن أبي بكر الناشري (ت815هـ) فكتب كتابا بعنوان (بيان فساد مذهب ابن عربي)، ثم تلاه أبو بكر بن محمد الخياط (ت811هـ) وقد اشتهر كتابه في الرد على الصوفية فأقامهم وأقعدهم، ثم جاء الفقيه محمد بن علي نور الدين الموزعي (ت825هـ) وله في الرد عليهم كتاب (كشف الظلمة عن هذه الأمة) وقد آذوه اشد المؤاذة، ثم كان ظهور ابن المقري واشتهار أمره في مقالته بتكفير الصوفية من أتباع بن عربي، حتى كادت هذه الناحية أن تطغى على شخصية ابن المقري الفقيه الأديب فلا أحد يذكر ابن المقري إلا برده على الصوفية ومع أنه ترك في نقد الصوفية مؤلفا مستقلا بعنوان (الرد على الطائفة الصوفية الغوية) إلا أن هذا الكتاب لا يكاد يعرف بجانب قصائده السارة في تكفير الصوفية التي حفل بها ديوانه، كما صرح في كتابه روض الطالب وهو اختصار للروضة ويعتبر من أروع كتب الفقه الإسلامي عامة والشافعي خاصة صرح في كتاب الردة منه بتكفير طائفة ابن عربي.
كما ألف العلامة الحسين بن عبد الرحمن الأهدل كتاب (كشف الغطا) منتقدا الصوفية بعد أن درس أقوالهم وأحوالهم حيث قال: "لم أزل في شبيبتي وشيبتي أتصفح مذهبهم من كتبهم وكتب أهل السنة حتى أطلعني الله على حقيقة مذهبهم وأنه أخبث النحل وأكفر الملل"(266) ويعني بهذا مذهب ابن عربي.(1/81)
المبحث التاسع: المذهبية
انقسم الناس في المذهبية على قسمين: مغالين فيها وجعلها الوسيلة الوحيدة للتفقه والقول بضرورة ووجوب التقليد وتبع هذا الحط من مقام علماء كبار دعوا إلى العودة إلى القرآن والسنة ولمزهم بشتى أنواع اللمز والازدراء وتحس من كلام بعض المقلدة المتعصبين أنه يتكلم عن حيوان أو ميتة جربة لا يمكن مسها، بل أدى الأمر ببعضهم إلى الثناء على المبتدعة على حساب أهل العلم، ويكفي أن أضرب مثالا على ذلك بما في مقالات محمد زاهد والتي أطرى فيها رجلا شيعيا مبتدعا ونقل عنه تكفيرة للإمام الشوكاني على الرغم من أن هذا الرجل حكم عليه بالقتل ردة متهما بتعاطيه السحر، وأما الشوكاني فمقامه معلوم لكن عندما دعا إلى نبذ التعصب شغب عليه المتعصبة.
والقسم الثاني مغالين في الجهة الاخرى حيث رفضوا المذاهب وعدوها بدعة لايجوز اتباع آرائها وأن الواجب هو العودة إلى القرآن والسنة، ويبدوا أن هذا التوجه كان ردة فعل لغلو المقلدة في تقليد الإئمة والتعصب لهم ولو كان على حساب القرآن والسنة.
والصواب الذي لا يصح سواه هو أن الأمر وسط بين هؤلاء وهؤلاء، فيقال:
أولا: إن المذاهب الفقهية هي حصيلة نظرات واجتهادات العلماء من لدن الصحابة إلى الآن وفيها من العلم الجم ما بفوق الوصف فشطبها بجرة قلم أو كلمة عابرة خطأ فادح لا يمكن التجرؤ عليه.
ثانيا: وجهة نظري أن الدراسة المذهبية على أي مذهب كان هي أفضل وسيلة للتفقه والتمرس في مجال العلم الشرعي الفقهي والأصولي، إذ إن الطالب يتمكن من مدرسة فقهية قد كفي خدمتها إذ ضبطت أقوال إمام المذهب وفقه وفروع المذهب، ويتناسق هذا مع منهجها الأصولي والتقعيدي فيستطيع الطالب من قياس المسائل وتخريجها على الأدلة والفروع التي ذكرها الفقهاء.(1/82)
ولكن لا يعني هذا البته أن الدراسة غير المذهبية لا تجدي نفعا بل هي وسيلة سديدة أيضا للتفقه، ولكنها من وجهة نظري تبقى قاصرة عن سابقتها وهذا ما رأيته جليا في كثير من طلاب العلم ممن لم يدرسوا الفقه المذهبي.
مع أن دراسة كتب الشوكاني مثلا كالدراري والنيل وغيرهما هو في الحقيقة دراسة مذهبية لفقه هذا الإمام.
ثالثا: أننا عندما نحبذ دراسة الفقه المذهبي نحبذ أن يدرس طالب العلم المذهب المنتشر في بلده، لكي يعرف الخلفية الفقهية لأعمال وعوائد الناس لأنها كثيرا ما تستند إلى إفتاء علماء المذهب، في حين أن من لم يتعلم ذلك قد يسارع إلى الإنكار والاستغراب.
رابعا: أنه ينبغي أن يستقر في ذهن الطالب وهو يدرس الفقه المذهبي أنه إنما يدرسه من أجل التفقه والتمرس فيه ومعرفة طرق استدلال واستنباط الفقهاء، وكوننا نحبذ الدراسة المذهبية فإننا نشدد على الحذر مما قد يعتري الطالب في بداية طلبه من عيوب علمية قاتلة مثل التعصب المذهبي، ونقول إياك إياك إياك يا طالب العلم من هذا الداء العضال الذي أودى بالأمة المسلمة دينيا وثقافيا واجتماعيا وكان من الأسباب العظمى في تخلف المسلمين، وأنت تلاحظ أن شر فترات المسلمين وانتشار للبدع هو فترة التعصب المذهبي ولهذا حاول بعض العلماء أن يكسروا هذا الطوق لما رأوا فيه من الجناية العظمى على الدين والتدين.
ويكفي أنه من مساوئ هذا المرض أنه امتد إلى الصلاة في المسجد وتفريق كلمة المسلمين في أطهر البقاع وهي المساجد وعلى رأسها المسجد الحرام، فقبل فترة وجيزة من الزمن كانت تقام أربع جماعات في آن واحد للمذاهب الأربعة هكذا ودون حياء من الله أن يقابلوة بهذا التشرذم والتفرق والبدعة، إن الدراسة المذهبية التي توصل إلى هذه المآسي لا نعنيها ولا تعنينا في شيء بل يجب محاربتها ونبذها والتحذير منها.(1/83)
كما أن من مظاهر هذا التعصب أن تزيد كل أتباع مذهب على غيره، وأخذت هذه المزايدات أمرا عجبا، فبعض الأحناف يقولون إن المهدي سيحكم بمذهب أبي حنيفة، وبعضهم يقول متى كان الحكم في الشام ومصر والحجاز لغير شافعي خربت، ونفس الكلام يقال في مذهب مالك في المغرب، ومذهب أبي حنيفة في بلاد ما وراء النهر، وكأن هذه الأراضي صارت أوقافا للمذاهب الأربعة، وهذا كلام خاطئ بلا شك، إذ فيه تألي على الله، كما أنه من أخبرهم أن المهدي يحكم بمذهب أبي حنيفة وأن ديارا بعينها ستخرب إن وافقت أئمة آخرين، إنه كلام لا دليل عليه وما هو إلا نتيجة للصراع المذهبي الذي دارت رحاه في فترة من فترات الأمة الأمة التي غفلت فيها عن هدي ربها.
ما نريده هو أن يدرس الطالب مذهبا وأن يصاحب هذا قراءة كتب السنة مبتدءا بالصحيحين ثم السنن فإن لم يتيسر فليقرأ في كتب أحاديث الأحكام وشروحها والتي من أروعها نيل الأوطار، وهو في كل هذا غير متقيد بالمذهب إذا ما خالف النص الصحيح الصريح، لأن الله تعبدنا بشرعه لا بشرع غيره، وإن مما اتفق عليه فقهاء الإسلام مقولة شهيرة يقرأها الكثيرون وخاصة المتعصبون ولا يطبقونها وهي:"إذا صح الحديث فهو مذهبي" وقديما قال مالك بن أنس: "كل يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر" ومقولات الأئمة كثيرة في الحث على اتباع السنة وترك الاجتهادات المخالفة لها.
كما أن على طالب العلم أن يتنبه لمرض خطير كثيرا ما يصيب المبتدئين إذ قد تجرهم الدارسة المذهبية للتعصب لإمام على آخر مما قد يجعله يقدح فيه او يتنقص منه، فلا يجوز له أن يفضل أحدا من الأئمة تفضيلا يؤدي إلى تنقيص غيره، وقديما قال ابن عساكر: "لحوم العلماء مسمومة وعادة الله من منتقصهم معلومة".
وليس من التنقيص المذموم اعتراض بعض العلماء على بعض وتغليطهم في بعض مقالاتهم فإن ذلك أمر ممدوح في الشرع لإظهار الصواب فلا يدل على تنقيص ولا ازدراء ولا غض من منصب المعترض عليه(267).(1/84)
وليعلم طالب العلم أن الحق غير محصور في مذهب دون مذهب، فلا يستطيع أحد أن يقول بان مذهب الشافعي أو أبا حنيفة أو غيرهما قد حازا الحق وأنه لا يخرج عنهما كما يزعمه بعض المتعصبة، والمتيقن والذي يدركه كل من شم العلم أنه ما من مذهب إلا وله وعليه، وأن ما من مذهب إلا وتجد فيها من غريب المسائل والفتاوى والأقضية ما ينفر منها ويستغربها أهل العلم.
قد يقال بأن حيازة مذهب ما للحق غير ممكن ولكن يمكن أن يقال إنه بالإمكان تحديد أقرب المذاهب إلى الحق، وهذا كلام لا غبار عليه ولكن ترد عليه إشكالية تعيين الجهة المخول لها هذا التحديد، ذلك أن كل متأثر بمذهب أو منهج فقهي معين سينظر إلى المذاهب الفقهية الأخرى من وجهة نظره وقواعده مما يفضي الأمر به في النهاية إلى ترجيح ما رسخ وثبت في ذهنه.
وعلى كل نقول الأصل في العامي أن يسأل العالم ويعمل بما أفتاه به، وعلى العالم أن يتحرى الدليل في فتواه وليتق الله ما استطاع.
الخاتمة
عندما يقرأ الإنسان في تراجم العلماء السابقين وكيف حان طلبهم للعلم ومثابترهم وحرصهم عليه وكيف أنهم بذلوا كامل جهدهم في تحصيله حتى بلغوا المراتب العليا وصاروا علماء بحق يتسائل الإنسان هل بالإمكان أن يبلغ درجتهم خاصة أننا نعيش في عصر قل فيه أهل العلم وأهله، وكثر فيه الصحفيون والمتفيهقون والمستهزؤون؟
إننا نغفل عن حقيقة مهمة وهي أن هذا الدين محفوظ بحفظ الله وأن أهل الذكر سيبقون إلى ما شاء الله وأن فضل الله واسع وليس محجورا على أحد، والأمر لن يحتاج إلا الإخلاص ثم الجد والاجتهاد في السير على هذه الطريق مسترشدا بهدي الله القرآن والسنة متبعا علماء الأمة وتجاربهم الغنية.(1/85)
يذكر البعض ما يسمى باستنساخ النجاح والذي يعني أن لكل ناجح طريقة ما أدت به إلى نجاحه وأنه لو جيء بآخرين ومشوا على نفس منهاج هذا الناجح لنجحوا مثله، وأننا يمكن أن نستنسخ الكثير من الناجحين ونحقق نفس النتائج الناجحة إذا اتبعنا نفس الطرق التي يتبعها الناجحون.
وهذا كلام صحيح إلى حد كبير، وعليه نقول: من يريد أن يبلغ درجات العلماء الأوائل فليفعل مثل ما فعلوا، وأن يمضي في منهاج طلب العلم مثلما رسموا حينها بإذن الله سيصل إلى مثل ما وصلوا.
الفهرس
المقدمة
المبحث الأول لمحات من حياة الإمام الشافعي..............................
المبحث الثاني: مميزات المذهب الشافعي..................................
المبحث الثالث:أدوار المذهب الشافعي....................................
الدور الأول: تأسيس المذهب...........................................
الدور الثاني: نشوء وانتشار المذهب......................................
الدور الثالث: التحرير الأول للمذهب..................................
الدور الرابع التحرير الثاني للمذهب.....................................
المبحث الرابع: من يفتى بقوله..........................................
المطلب الأول: النووي والرافعي........................................
المطلب الثاني: ابن حجر والرملي....................................
المبحث الخامس: منهج التفقه على مذهب الإمام الشافعي..................
المبحث السادس: المنهاج وشروحه.....................................
المبحث السابع: اصطلاحات في المذهب...................................
المبحث الثامن: علاقة المذهب الشافعي بالتصوف..........................
المبحث التاسع: المذهبية.................................................
الخاتمة.................................................................
1)) تاريخ الإسلام1/2083(1/86)
2)) المرجع السابق 1/1567
3)) المرجع السابق
4)) المرجع السابق
5)) البداية والنهاية 10/253
(6) تاريخ بغداد 1/1263
(7) الوافي في الوفيات 1/2762
(8) البحر المحيط 1/23
(9) البحر المحيط3/160
(10) أحكام القرآن للشافعي 1/261
(11) أحكام القرآن لابن العربي 1/411
(12) فتح القدير 1/631
(13) مجمع الأمثال
(14) لقد جمع الشافعي في البيت الثاني الركائز المهمة والواجب توفرها في طالب العلم، فلا بد أن يكون ذكيا، حريصا على الطلب مجتهدا فيه لا يضيع جزءا من وقته في ما لا يحقق له مأربه، وقصص السلف حافلة بنماذج من الاهتمام بالوقت والحرص عليه، ولكن الأهم من هذه الصفات والتي أرى قلتها أو انعدامها هو تلقي العلم على أهله وأشدد على قولي أهله، لما عانينا ولا زلنا نعاني ممن تزبب وهو حصرم، واكتفي بتلقيه على من ليس من أهله فزاغ وأزاغ وضل وأضل، أو يكتفي بقراءة عابرة أو قراءات متفرقة هنا وهناك لا يجمعها جامع ولا يربطها رابط، وهذا لن يصل إلى مقصوده ولو قرا كتب العالم أجمع وقديما قال علماونا: لا تأخذوا العلم من صحفي، أي من يقرأ في الكتب دون التتلمذ والطلب على أيدي المشايخ، ومثل هذا طول الزمان فقراءة سنوات معدودات بله بضعة أشهر لا يعني أن يكون المرء عالما مفتيا بل لا بد من مرور زمن يكفي في مثله لمثله أن يفقه شرع الله وامتلاك ناصية علوم الآلة التي بها يكون الترجيح والنظر. انظر كتاب المنهج المتكامل لطالب العلم الكامل للمؤلف.
(15) سنن ابن ماجه 2/1252
(16) البخاري5/2279 ومسلم 4/1769
(17) انظر فتح الباري 10/549وشرح السيوطي على مسلم 5/274
(18) طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/56)
(19) المصدر السابق.
(20) انظر العرف الشذي للكشميري (1/154) وعبارته: "ربما يوافق محمد بن حسن مالك بن أنس فإنه تلميذه وأقام عنده ثلاث سنين وسمع محمد خمسمائة حديث من مالك وهذا من خصوصية محمد".
(21) انظر ضحى الإسلام (2/221)(1/87)
(22) قال الإمام وقع ذلك للشافعي ( في ثمانية عشر موضعاً (تحفة المحتاج 1/46) وأما بالنسبة لمسالة المعمول به منهما ففي مغني المحتاج (1/22) "وإن كان في المسألة قولان جديدان فالعمل بآخرهما، فإن لم يعلم فيما رجحه الشافعي فإن قالهما في وقت واحد ثم عمل بأحدهما كان إبطالاً للآخر عند المزني، وقال غيره: لا يكون إبطالاً بل ترجيحاً، وهذا أولى، واتفق ذلك للشافعي في نحو ست عشرة مسألة، وإن لم يعلم هل قالهما معا أو مرتبا لزم البحث عن أرجحهما بشرط الأهلية فإن أشكل توقف فيه".
(23) انظر تحفة المحتاج (1/46)
(24) (انظر طبقات الشافعية2/62وطبقات الفقهاء112)
(25) (طبقات الفقهاء101)
(26) (طبقات الشافعية2/55)
(27) (سابق63)
(28) ( طبقات الشافعية2/70)
(29)(سابق2/61)
(30) (سابق 2/64)
(31) (سابق 2/58)
(32) (سابق 2/72)
(33) (سابق 2/65)
(34) انظر التحفة (1/50) والابتهاج.
(35) الفتاوى الفقهية الكبرى (4/63)
(36) أما الآن وقبله فيراد بالمتأخرين من بعد الشيخين (انظر الفوائد المكية145) وقليلاً ما يراد بهم النووي والرافعي (انظر حواشي الشرواني1/43)
(37) (طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/75)
(38) (طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/85)
(39) (الطبقات 2/102)
(40) (الطبقات 2/94)
(41) (الطبقات 2/97)
(42) (سابق 2/98)
(43) (الطبقات 2/93)
(44) (الطبقات 2/122)
(45) (الطبقات 2/109)
(46) (الطبقات2/116)
(47) (الطبقات2/106)
(48) (المرجع السابق 2/105)
(49) (طبقات الفقهاء 204)
(50) (الطبقات 2/126)
(51) (الطبقات 2/130)
(52) (سابق 2/140)
(53) (سابق2/119)
(54) (سابق2/91)
(55) (سابق2/124)
(56) (سابق2/148)
(57) (سابق2/139)
(58) (سابق2/181)
(59) (سابق2/144)
(60) (سابق3/143)
(61) (سابق2/166)
(62) (سابق2/184)
(63) (سابق2/157)
(64) (طبقات الفقهاء126)
(65) (سابق2/146)
(66) (سابق2/129)
(67) (سابق2/179)
(68) (سابق(2/196)
(69) (سابق2/170)(1/88)
(70) (سابق2/204)
(71) (سابق2/218)
(72) (سابق2/236)
(73) (سابق2/225)
(74) (سابق2/219)
(75) (سابق2/232)
(76) (سابق2/253)
(77) (سابق2/258)
(78) أحمد بن محمد بن أحمد الشيخ الإمام أبو حامد بن أبي طاهر الإسفراييني، شيخ الشافعية بالعراق، ولد سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، واشتغل بالعلم، قال سليم: وكان يحرس في درب، وكان يطالع الدرس على زيت الحرس، وأفتى وهو ابن سبع عشرة سنة، وقدم ببغداد سنة أربع وستين فتفقه على ابن المرزبان والداركي، وروى الحديث عن الدارقطني، وأبي بكر الإسماعيلي، وأبي أحمد بن عدي وجماعة، وأخذ عنه الفقهاء والأئمة ببغداد، وشرح المختصر في تعليقه التي هي في خمسين مجلداً ذكر فيها خلاف العلماء وأقوالهم ومآخذهم ومناظراتهم حتى كان يقال له الشافعي الثاني، وله كتاب في أصول الفقه، قال الشيخ أبو إسحاق: انتهت إليه رئاسة الدين والدنيا ببغداد، وعلق عنه تعاليق في شرح مختصر المزني، وطبق الأرض بالأصحاب، وجمع مجلسه ثلاثمائة متفقه، واتفق الموافق والمخالف على تفضيله وتقديمه في جودة الفقه وحسن النظر ونظافة العلم، وقال الخطيب: أبو بكر حدثونا عنه، وكان ثقة وقد رأيته وحضرت تدريسه وسمعت من مذكراته، كان يحضر درسه سبعمائة فقيه، وكان الناس يقولون لو رآه الشافعي لفرح به، توفي في شوال سنة ست وأربعمائة (سابق2/172)
(79) علي بن محمد بن حبيب القاضي أبو الحسن الماوردي البصري، أحد أئمة أصحاب الوجوه، قال الخطيب كان ثقة من وجوه الفقهاء الشافعين، وله تصانيف عدة في أصول الفقه وفروعه، توفي في ربيع الأول سنة خمسين وأربعمائة (سابق2/230)
(80) طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر القاضي العلامة أبو الطيب الطبري من آمل طبرستان، أحد أئمة المذهب وشيوخه والمشاهير الكبار، توفي ببغداد في ربيع الأول سنة خمسين وأربعمائة، ودفن بباب حرب ومن تصانيفه: التعليق نحو عشر مجلدات (سابق2/226)(1/89)
(81) الحسن بن عبيد الله مصغر بن يحيى الشيخ أبو علي البندنيجي، أحد الأئمة من أصحاب الوجوه درس الفقه ببغداد على الشيخ أبي حامد الأسفراييني، وعلق عنه التعليق، وكان ديناً صالحاً ورعاً، وعاد إلى بلده البندنيجين وتوفي به سنة خمس وعشرين وأربعمائة في جمادى الأولى، وله: التعليقة المسماة بالجامع في أربع مجلدات، وكتاب الذخيرة وهو دون التعليقة، وكتابه الجامع (سابق2/206)
(82) احمد بن محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل الضبي أبو الحسن المحاملي البغدادي، أحد أئمة الشافعية ولد سنة ثمان وستين وثلاثمائة، درس الفقه على الشيخ أبي حامد الإسفراييني، وكان غاية في الذكاء والفهم وبرع في المذهب، له مصنفات كثيرة في الخلاف والمذهب، توفي في ربيع الآخر سنة خمس عشرة وأربعمائة، ومن تصانيفه: المجموع قريب من حجم الروضة، يشتمل على نصوص كثيرة، وكتاب المقنع مجلد وكتاب رؤوس المسائل وهو مجلدان (2/147)
(83) سليم بن أيوب بن سليم الفقيه أبو الفتح الرازي الأديب المفسر، تفقه وهو كبير، لأنه كان اشتغل في صدر عمره باللغة والنحو والتفسير والمعاني، ثم لازم الشيخ أبا حامد وعلق عنه التعليق، ولما توفي الشيخ أبو حامد جلس مكانه، ثم إنه سافر إلى الشام وأقام بثغر صور مرابطاً ينشر العلم، وكان ورعاً زاهداً يحاسب نفسه على الأوقات لا يدع وقتاً يمضي بغير فائدة، قال الشيخ أبو إسحاق: إنه كان فقيهاً أصولياً، وقال أبو القاسم ابن عساكر: بلغني أن سليماً تفقه بعد أن جاوز الأربعين، غرق في بحر القلزم عند ساحل جدة بعد الحج في سنة سبع وأربعين وأربعمائة، وقد نيف على الثمانين، ومن تصانيفه: كتاب التفسير سماه ضياء القلوب والمجرد أربع مجلدات (سابق 2/225)(1/90)
(84) عبد الله بن أحمد بن عبد الله المروزي الإمام الجليل أبو بكر القفال الصغير، شيخ طريقة خراسان وإنما قيل له القفال لأنه كان يعمل الأقفال في ابتداء أمره، وبرع في صناعتها حتى صنع قفلاً بآلاته ومفتاحه وزن أربع حبات، فلما كان ابن ثلاثين سنة أحس من نفسه ذكاء فأقبل على الفقه فاشتغل به، قال الحافظ أبو بكر السمعاني في أماليه: أبو بكر القفال وحيد زمانه فقهاً وحفظاً وورعاً وزهداً، وله في المذهب من الآثار ما ليس لغيره من أهل آلاف، وطريقته المهذبة في مذهب الشافعي التي حملها عنه أصحابه أمتن طريقة وأكثرها تحقيقاً، رحل إليه الفقهاء من البلاد وتخرج به أئمة، توفي بمرو في جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وأربعمائة وعمره تسعون سنة، ومن تصانيفه: شرح التلخيص وهو مجلدان، وشرح الفروع في مجلدة، وكتاب الفتاوى له في مجلدة ضخمة كثيرة الفائدة (سابق2/182)
(85) عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه أبو محمد الجويني، وكان يلقب بركن الإسلام، أصله من قبيلة من العرب، قرأ الأدب بناحية جوين على والده، والفقه على أبي يعقوب الأبيوردي ثم خرج إلى نيسابور فلازم أبا الطيب الصعلوكي، ثم رحل إلى مرو لقصد القفال، فلازمه حتى برع عليه مذهباً وخلافاً، وعاد إلى نيسابور سنة سبع وأربعمائة وقعد للتدريس والفتوى، وكان إماماً في التفسير والفقه والأدب مجتهداً في العبادة ورعاً مهيباً صاحب جد ووقار، توفي بنيسابور في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة (2/209)(1/91)
(86) عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن فوران -بضم الفاء- الفوراني أبو القاسم المروزي، أحد الأعيان من أصحاب القفال، له المصنفات الكثيرة في المذهب، والأصول، والجدل، والملل، والنحل، وطبق الأرض بالتلامذة، وله وجوه جيدة في المذهب، وكان مقدم الشافعية بمرو، صنف الإبانة في مجلدين والعمد دون الإبانة، وذكر في خطبة الإبانة أنه يبين الأصح من الأقوال والوجوه، وهو من أقدم المبتدئين بهذا الأمر توفي في شهر رمضان سنة إحدى وستين وأربعمائة، عن ثلاث وسبعين سنة (2/248)
(87) الحسين بن محمد بن أحمد القاضي أبو علي المروذي، صاحب التعليقة المشهورة في المذهب، توفي في المحرم سنة اثنتين وستين وأربعمائة (2/245)
(88) الحسين بن شعيب بن محمد بن الحسين أبو علي السنجي المروزي، عالم تلك البلاد في زمانه، تفقه بأبي القفال وبالشيخ أبي حامد الإسفراييني ببغداد، وله تعليقة جمع فيها مذهبي العراقيين والخراسانيين، وهو أول من فعل ذلك، قال الإسنوي: وشرح المختصر شرحاً مطولاً، توفي سنة سبع وعشرين وأربعمائة (2/207)
(89) محمد بن عبد الملك بن مسعود بن أحمد الإمام أبو عبد الله المسعودي المروزي صاحب أبي بكر القفال المروزي، أحد أصحاب الوجوه، قال ابن السمعاني: كان إماماً مبرزاً عالماً زاهداً ورعاً حسن السيرة، شرح مختصر المزني فأحسن فيه، توفي سنة نيف وعشرين وأربعمائة بمرو (2/216)
(90) الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم القاضي أبو عبد الله الحليمي البخاري، قال الحاكم: أوحد الشافعيين بما وراء النهر وأنظرهم وآدبهم، ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، ومات في جمادى وقيل في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعمائة، ومن تصانيفه: شعب الإيمان كتاب جليل في نحو ثلاث مجلدات، يشتمل على مسائل فقهية وغيرها تتعلق بأصول الإيمان وآيات الساعة وأحوال القيامة (2/178)(1/92)
(91) عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد بن أحمد قاضي القضاة فخر الإسلام أبو المحاسن الروياني الطبري صاحب البحر وغيره، كانت له الوجاهة والرئاسة والقبول التام، برع في المذهب حتى كان يقول لو احترقت كتب الشافعي لأمليتها من حفظي، ولهذا كان يقال له شافعي زمانه، وولي قضاء طبرستان وبنى مدرسة بآمل، وكان فيه إيثار للقاصدين إليه، ولد في ذي الحجة سنة خمس عشرة وأربعمائة، واستشهد بجامع آمل عند ارتفاع النهار بعد فراغه من الإملاء يوم الجمعة حادي عشر المحرم سنة اثنتين، وقيل سنة أحدى وخمسمائة قتله الباطنية لعنهم الله تعالى، ومن تصانيفه: البحر وهو بحر كاسمه، والكافي شرح مختصر على المختصر، والحلية مجلد متوسط فيه اختيارات كثيرة وكثير منها يوافق مذهب مالك وكتاب المبتدي بكسر الدال وهو دون الحلية بقليل وكتاب القولين والوجهين مجلدان (2/287)
(92) مجلى بن جميع -بضم الجيم- بن نجا بالنون والجيم القاضي أبو المعالي المخزومي الأرسوفي الأصل المصري، توفي في ذي القعدة سنة خمسين وخمسمائة، من تصانيفه: أدب القضاء سماه العمدة، ومصنف في الجهر بالبسملة، وله مصنف في المسألة السريجية اختار فيه عدم الوقوع، وله مصنف في جواز اقتداء بعض المخالفين في الفروع ببعض (2/321)
(93) إبراهيم بن علي بن يوسف بن عبد الله الشيخ إسحاق الشيرازي، شيخ الإسلام علماً وعملاً وورعاً وزهداً وتصنيفاً واشتغالاً وتلامذةً، توفي في جمادى الآخرة، وقيل الأولى سنة ست وسبعين وأربعمائة (2/240)(1/93)
(94) عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد العلامة إمام الحرمين ضياء الدبن أبو المعالي بن الشيخ أبي محمد الجويني، رئيس الشافعية بنيسابور، مولده في المحرم سنة عشرة وأربعمائة توفي في ربيع الآخر سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، ودفن بداره ثم نقل بعد سنين فدفن إلى جانب والده ومن تصانيفه: النهاية جمعها بمكة وحررها بنيسابور ومختصرها له، وكتاب الأساليب في الخلاف، وكتاب الغياثي مجلد متوسط يسلك به غالب مسالك الأحكام السلطانية، والرسالة النظامية، وكتاب غياث الخلق في اتباع الحق يحث فيه على الأخذ بمذهب الشافعي دون غيره وغيرها (2/255)
(95) عبد الرحمن بن مأمون بن علي بن إبراهيم النيسابوري الشيخ أبو سعد المتولي، وكان فقيهاً محققاً وحبراً مدققاً، قال ابن كثير: أحد أصحاب الوجوه في المذهب، وصنف التتمة ولم يكمله، وصنف كتاباً في أصول الدين، وكتاباً في الخلاف، ومختصراً في الفرائض، ودرس بالنظامية ثم عزل بابن الصباغ، ثم أعيد إليها توفي في شوال سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ببغداد (2/248)
(96) محمد بن محمد بن محمد الإمام حجة الإسلام زين الدين أبو حامد الطوسي الغزالي، ولد بطوس سنة خمسين وأربعمائة، أخذ عن الإمام ولازمه حتى صار أنظر أهل زمانه، وجلس للإقراء في حياة إمامه وصنف توفي في جمادى الآخرة سنة خمس وخمسمائة، ومن تصانيفه: البسيط وهو كالمختصر للنهاية والوسيط ملخص منه وزاد فيه أمورا من الإبانة للفوراني ومنها أخذ هذا الترتيب الحسن الواقع في كتبه وتعليق القاضي الحسين والمهذب واستمداده منه كثير كما نبه عليه في المطلب ومن تصانيفه أيضا الوجيز (2/293)
(97) الابتهاج لابن سميط.
(98) انظر طبقات الشافعية (2/77) وطبقات الفقهاء (264).(1/94)
(99) أحمد بن يوسف الحصكفي السندي الحلبي الشافعي، عالم مشارك في بعض العلوم، تولى القضاء، من مصنفاته: كشف الدرر في شرح المحرر، وشرح طوالع الأنوار للبيضاوي (معجم المؤلفين1/328) .
(100) كشف الظنون (2/1612)
(101)تاج بن محمود الأصفهيدي، نزيل حلب قدم من بلاد العجم حاجاً، ثم رجع فسكن بحلب، وتصدى للاشتغال بها، وأقام بالمدرسة الرواحية، وأقرأ العربية وغيرها، وتكاثر عليه الطلبة، مات في شهر ربيع الأول سنة(807هـ) من آثاره: شرح المحرر في الفقه وشرح على ألفية ابن مالك (طبقات الشافعية 4/22)
(102)علي بن محمد بن عبد الرحمن بن خطاب، الشيخ الإمام العلامة علاء الدين أبو الحسن الباجي المصري الإمام المشهور، ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة سنة مولد النووي، وتفقه بالشام على ابن عبد السلام، وكان أعلم أهل الأرض بمذهب الأشعري، وكان هو بالقاهرة والصفي الهندي بالشام القائمين بنصرة مذهب الأشعري، وكان ابن دقيق العيد كثير التعظيم له (طبقات الشافعية2/223)
(103) كشف الظنون (2/1612)
(104) إسماعيل بن أبي بكر بن عبد الله الشرجي الشاوري (نسبة إلى قبيلة شاور) اليماني، درس في تعز وزبيد وبها توفي سنة 837هـ، تولى إمرة بعض البلاد في دولة الأشرف، من مصنفاته: عنوان الشرف الوافي، والإرشاد وغيرهما (الأعلام 1/188).
(105) ولكنه ضاع عليه، انظر الفوائد المدنية (9).
(106) أحمد بن عمر المزجد السيفي المرادي المذحجي الزبيدي، من فقهاء الشافعية الكبار، مولده ووفاته بزبيد (847هـ-930هـ) ولي قضاء عدن ثم قضاء بلده، من مصنفاته: العباب المحيط وتجريد الزوائد (النور السافر137) وكتاب العباب مطبوع.(1/95)
(107)عبد الرحيم بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن إبراهيم، الإمام العلامة، منقح الألفاظ، محقق المعاني ذو التصانيف المشهورة المفيدة، جمال الدين أبو محمد القرشي الأموي الإسنوي المصري، ولد بإسنا في رجب سنة أربع وسبعمائة، وقدم القاهرة سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، وسمع الحديث، واشتغل في أنواع من العلوم من تصانيفه: التمهيد والمهمات وغيرها (طبقات الشافعية3/98)
(108)عبد الغفار بن عبد الكريم بن عبد الغفار القرويني الشيخ نجم الدين صاحب الحاوي الصغير، واللباب والعجاب، وكان أحد الأئمة الأعلام له اليد الطولى في الفقه والحساب وحسن الاختصار (سابق2/137)
(109)عمر بن المظفر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس بن علي الإمام، العلامة، الأديب، المؤرخ، زين الدين أبو حفص المعري الشهير بابن الوردي، فقيه حلب ومؤرخها وأديبها، تفقه على الشيخ شرف الدين البارزي، له مصنفات جليلة نظماً ونثراً من ذلك: البهجة نظم الحاوي الصغير في خمسة آلاف بيت، ومقدمة في النحو اختصر فيها الملحة سماها النفحة، وشرحها، وله تأريخ حسن مفيد، وأرجوزة في تعبير المنامات، وديوان شعر لطيف، ومقامات مستظرفة، توفي بحلب في آخر سنة تسع وأربعين وسبعمائة (سابق3/45)
(110) التحفة 1/38
(111) (معجم المؤلفين1/293)
(112) أبجد العلوم3/164
(113) خلاصة الأثر 3/342)
(114) معجم المؤلفين3/69).
(115) أخرج بعضهم تكملة للمقدمة ذكر أنها للمؤلف وفي المسألة غرابة.
(116) سلم المتعلم
(117) التحفة (1/39)
(118) فتح المعين (1/19)
(119) التحفة (1/39)
(120) المجموع 81
(121) سلم المتعلم
(122) التحفة (1/39)
(123) التحفة (1/39)
(124) الفوائد المدنية 34
(125) الفوائد المدنية (34)
(126) وقد وردت كلمة المختار في الروضة (81)مرة .
(127) سلم المتعلم.
128)) الفوائد المدنية 40
(129) انظر الفوائد المدنية للكردي (37)
(130) المرجع السابق (41)
(131) الفوائد المدنية 38(1/96)
(132) (عمدة المفتي والمستفتي للجمال الأهدل 1/177).
(133) انظر الفوائد المدنية (38)
(134)علي بن عبد الرحيم بن محمد الكندي باكثير، كان أديباً وفقيهاً، وانتهت إليه رئاسة الفقه في حضرموت من مصنفاته: حاشية على تحفة المحتاج، والدليل القويم وغيرهما توفي سنة1145هـ (الأعلام 5/113) .
(135) هو: علي بن يحيى الزيادي نور الدين المصري الشافعي، رئيس العلماء بمصر من أجل مشايخه الشهاب الرملي وولده الشمس، له حاشية على شرح المنهج، ت:1024هـ (خلاصة الأثر 3/195).
(136) هو: شهاب الدين أحمد بن قاسم الصباغ العبادي ثم المصري الشافعي الأزهري، أخذ عن ابن حجر والجمال الرملي، ت:994هـ (الأعلام1/198).
(137) هو: شهاب الدين أحمد البرلسي المصري، له حاشية على جمع الجوامع، وحاشية على شرح المنهج، ت:987هـ(انظر شذرات الذهب 8/316).
(138) علي بن علي الشبراملسي الشافعي القاهري (997هـ-1087هـ) فقيه أصولي مؤرخ مشارك في بعض العلوم تعلم بالجامع الأزهر، كان دقيق النظر جيد الفهم، من تصانيفه: حاشية على نهاية المحتاج وحاشية على شرح الشمائل لحج، وحاشية على المواهب (حلية البشر3/174)
(139) علي بن إبراهيم بن أحمد بن علي الحلبي القاهري الشافعي (975هـ-1044هـ) صاحب السيرة النبوية لازم الشمس الرملي سنين عديدة، من مصنفاته: حاشية على شرح المنهج حاشية على شرح الورقات للمحلي وإنسان العيون في سيرة الأمين المأمون ( (خلاصة الأثر3/122)
(140) هو: محمد بن أحمد الخطيب الشوبري الشافعي (977هـ-1069هـ) كان يلقب بشافعي الزمان حضر الشمس الرملي ثمان سنين، من مصنفاته: حاشية على المواهب اللدنية، وحاشية على شرح الأربعين النووية، وحاشية على تحرير اللباب وغيرها (خلاصة الأثر 3/385)(1/97)
(141) محمد بن داود العناني القاهري، نزل الجنبلاطية بالقاهرة، وأخذ عن علي الحلبي صاحب السيرة وآخرين من آثاره:حاشية على عمدة الرابح في معرفة الطريق الواضح وشرح البردة (معجم المؤلفين3/285) .
(142) نقل هذا عن الزيادي وابن شرف ونقله قليوبي عن شيخه (انظر حاشية البجيرمي على فتح الوهاب(2/130) وإثمد العينين (5).
(143)انظر الفوائد المدنية (44)
(144)فتح المعين (1/19) .
(145)الفوائد المكية(120) والمدنية(218).
(146) (انظر المدنية40).
(147) الفوائد المدنية (221)
(148) انظر الفوائد المدنية (222،221)
(149) الشرواني على التحفة 1/2
(150) لمريد المزيد حول المنهجية الصحيحة لطلب العلم فليراجع كتاب (المنهج المتكامل لطالب العلم الكامل) للمؤلف.
(151)المقصود بالكامنات المسائل المفهومة من المتن.
(152)(البحر) كتاب للروياني جمع فيه (الحاوي) للماوردي وفوائد وفتاوى والده.
(153) علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام الأنصاري الخزرجي الشيخ الإمام الفقيه المحدث، الحافظ، المفسر، المقرىء، الأصولي، المتكلم، النحوي، اللغوي، الأديب، الحكيم، المنطقي الجدلي الخلافي النظار شيخ الإسلام قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن بن القاضي زين الدين أبي محمد السبكي، ولد بسبك من أعمال الشرقية في مستهل سنة ثلاث وثمانين وستمائة، توفي في جمادى الأخرة سنة ست وخمسين وسبعمائة ودفن بمقابر الصوفية، ومن تصانيفه: الدر النظيم في تفسير القرآن العظيم في ثلاث مجلدات لم يكمل الابتهاج في شرح المنهاج وصل فيه إلى الطلاق في ثمانية أجزاء تكملة شرح المجموع كتب من ذلك أبوابا في ثلاث مجلدات وغيرها (3/37)(1/98)
(154) أحمد بن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام الإمام العلامة قاضي القضاة بهاء الدين أبو حامد بن الشيخ الإمام شيخ الإسلام تقي الدين أبي الحسن السبكي المصري، ولد في جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وسبعمائة، توفي بمكة مجاوراً في شهر رجب سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة (3/78)
(155) جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (791هـ-884هـ) كان عالماً في الفقه والأصول والتفسير وغيره لقبه بعضهم بتفتازاني العرب، كان مهيباً صداعاً بالحق، من مصنفاته: شرح المنهاج، وشرح جمع الجوامع شرح الورقات (الأعلام 5/333).
(156)أحمد بن حمدان بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد الغني بن محمد بن أحمد بن سالم بن داود بن يوسف بن جابر، الإمام العلامة المطلع صاحب التصانيف المشهورة، شهاب الدين أبو العباس الأذرعي شيخ البلاد الشامية، وفقيه تلك الناحية ومفتيها، والمشار إليه بالعلم فيها، مولده في إحدى الجماديين سنة ثمان توفي في جمادي الأخرة سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بحلب (طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة3/143)
(157) أبو بكر بن إسماعيل بن عبد العزيز الشيخ العلامة الصالح مجد الدين السنكلومي المصري، مولده سنة سبع وسبعين وستمائة، تفقه على مشايخ آلاف، توفي في ربيع الأول سنة أربعين وسبعمائة، ودفن بالقرافة وزنكلون قرية من بلاد الشرقية من أعمال الديار المصرية، وأصلها سنكلوم بالسين المهملة في أولها والميم في أخرها إلا أن الناس لا ينطقون به إلا الزنكلوني، وكذلك كان الشيخ يكتب بخطه غالباً، ومن تصانيفه: شرح التنبيه، والمنتخب مختصر الكفاية، وشرح المنهاج نحو شرح التنبيه، وشرح التعجيز، ومختصر التبريزي ومزج التنبيه بالتصحيح وسماه التحبير (طبقات الشافعية 2 /246)(1/99)
(158) عمر بن علي بن أحمد بنِ محمد بن عبد الله الشيخ الإمام العالم العلامة عمدة المصنفين سراج الدين أبو حفص الأنصاري الأندلسي الأصل المصري المعروف بابن الملقن، كان أبوه نحوياً معروفاً، اعتنى بالتصنيف فشرح كثيراً من الكتب المشهورة كالمنهاج، والتنبيه، والحاوي، فله على كل واحد منها عدة تصانيف يشرح الكتاب شرحاً كبيراً ووسطاً وصغيراً، ويفرد لغاته وأدلته وتصحيحه ونحو ذلك، ومن محاسن تصانيفه: شرح الحاوي، وشرح البخاري في عشرين مجلدة، وعمله في نصفه الأول أقوى من عمله في نصف الآخر، وقد ذكر أن بينهما مدة عشرين سنة، ثم شرح زوائد مسلم، ثم زوائد أبي داود، ثم زوائد الترمذي، ثم زوائد النسائي، ثم زوائد ابن ماجة، كذا رأيت بخطه، ولكن لم يوجد ذلك بعده، لأن كتبه احترقت قبل موته بقليل وزاح فيها من الكتب النفيسة الموقوفة وغير الموقوفة شيء كثير، وصنف في كل فن فشرح الألفية في العربية ومنهاج البيضاوي ومختصر ابن الحاجب وعمل الأشباه والنظائر، وجمع في الفقه كتاباً سماه الكافي أكثر فيه من النقول الغربية، واشتهر اسمه وطار صيته ورغب الناس في تصانيفه؛ لكثرة فوائدها وبسطها وجودة ترتيبها وكانت كتابته أكثر من استحضاره فلما دخل الشام فاتحوه في كثير من مشكلات تصانيفه، فلم يكن له بذلك شعور ولا أجاب عن شيء منه، فقالوا في حقه ناسخ كثير الغلط، وقد تغير قبل موته فحجبه ولده إلى أن مات، قال بعضهم بلغت مصنفاته نحو ثلاثمائة مصنف (طبقات الشافعية 4 /43)
(159) عمر بن محمد بن عبيد الأشعري الزبيدي اليمني المعروف بالفتى ولد بزبيد (801هـ) ونشأ بها وتوفي في صفر(887هـ) من آثاره: مختصر مهمات المهمات تلخيص جواهر القمولي (كشف الظنون2/675)(1/100)
(160) عمر بن علي بن أحمد بن محمد الأنصاري فقيه، أصولي، محدث، مؤرخ، مشارك في بعض العلوم، ولد بالقاهرة (723هـ) وتوفي بها (804هـ) من مصنفاته: عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج، وشرح منهاج الوصول شرح عمدة الأحكام وغيرها كثير (معجم المؤلفين 2/566) .
(161) محمد بن بهادر بن عبد الله العالم العلامة المصنف المحرر بدر الدين أبو عبد الله المصري الزركشي مولده سنة خمس وأربعين، كان فقيهاً أصولياً أديباً فاضلاً في جميع ذلك، ودرس وأفتى، كان منقطعاً إلى الاشتغال بالعلم لا يشتغل عنه بشيء، وله أقارب يكفونه أمر دنياه، توفي في رجب سنة أربع وتسعين وسبعمائة، ودفن بالقرافة الصغرى، ومن تصانيفه: تكملة شرح المنهاج الإسنوي، واعتمد فيه على النكت لابن النقيب، وأخذ من كلام الأذرعي والبلقيني وفيه فوائد وأبحاث تتعلق بكلام المنهاج حسنة، لكنه يهم في النقل والبحث كثيراً ثم أكمله لنفسه، ولكن الربع الأول منه عدم وهو مسودة، وخادم الشرح والروضة وهو كتاب كبير فيه فوائد جليلة كتبه على أسلوب التوسط للأذرعي، والنكت على البخاري، والبحر في الأصول في ثلاثة أجزاء جمع فيه جمعاً كثيراً لم يسبق إليه، وشرح جمع الجوامع للسبكي في مجلدين، وتخريج أحاديث الرافعي وله مصنفات أخر منها مصنف في الأدب سماه ربيع الغزلان خطه ضعيف جدا قل من يحسن استخراجه (طبقات الشافعية 3/167)(1/101)
(162) عمر بن رسلان بن نصير بن صالح بن شهاب بن عبد الخالق بن عبد الحق، الشيخ الفقيه المحدث الحافظ المفسر الأصولي المتكلم النحوي اللغوي المنطقي الجدلي الخلافي النظار شيخ الإسلام سراج الدين أبو حفص الكناني العسقلاني الأصل البلقيني المولد المصري، مولده في شعبان سنة أربع وعشرين وسبعمائة ببلقينة من قرى مصر الغربية، له تصانيف كثيرة لم تتم يصنف قطعاً ثم يتركها، وقلمه لا يشبه لسانه، توفي في ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة، من تصانيفه: كتاب محاسن الاصطلاح، وتضمين كتاب ابن الصلاح في علوم الحديث، وكتاب تصحيح المنهاج أكمل منه الربع الأخير في خمسة أجزاء وكتب من ربع النكاح تقدير جزء ونصف الكشاف على الكشاف وصل فيه إلى اثناء سورة البقرة في ثلاث مجلدات ضخمة، وشرح البخاري كتب منه نحو خمسين كراساً على أحاديث يسيرة إلى أثناء الإيمان ومواضع مفرقة سماه بالفيض الباري على صحيح البخاري (طبقات الشافعية 4/36)
(163) وقد "ذكر فيه فوائد غريبة من كتاب الأنوار" (كشف الظنون2/1874)
(164) محمد بن محمد بن محمد الغزي العامري القرشي الشافعي فقيه أصولي مفسر مقرئ محدث أديب ناظم ناثر مشارك في عدة علوم ولد بدمشق (904هـ) ورحل على القاهرة وأخذ عن القاضي زكريا وغيره وانتفع به خلق ورحل إليه، توفي بدمشق (984هـ) من مصنفاته: شرح المنهاج الكبير في ست مجلدات، وشرح المنهاج الصغير في مجلدين وخصائص النبي( وشرح جمع الجوامع ( معجم المؤلفين3/675)
(165) إبراهيم بن محمد المأموني المكي عالم مشارك كان حياً سنة (1079هـ) له شرح للمنهاج، وحاشية على شرح الكافية في النحو (معجم المؤلفين1/69) .(1/102)
(166) محمد بن موسى بن عيسى الدميري المصري كمال الدين، ولد في حدود الخمسين، وتكسب بالخياطة ثم خدم الشيخ بهاء الدين السبكي، وأخذ عنه وعن الشيخ جمال الدين الإسنوي، كان ذا حظ في العبادة والتلاوة لا يفتر لسانه غالباً عنهما، وله شرح المنهاج في أربع مجلدات ضمنه فوائد كثيرة خارجة عن الفقه، والديباجة في شرح سنن ابن ماجة في أربع مجلدات، وجمع كتاباً سماه حياة الحيوان أجاد فيه، ذكر فيه جملاً من الفوائد الطبية، والخواص والأدبية، والحديثية وغير ذلك، وله خطب مدونة جمعية وعظية (طبقات الشافعية 4/61)
(167) انظر كشف الظنون 2/1875، وسلم المتعلم.
(168) تحفة المحتاج (1/35) مع حواشي الشرواني وابن قاسم.
(169) علي بن جلال الدين محمد بن عبد الرحمن بن أحمد البكري الصديقي، أبو الحسن المصري، فقيه ناظم مشارك في بعض العلوم، توفى 952هـ، من تصانيفه: شرح العباب، وحاشية على شرح المحلي وغيرها (معجم المؤلفين 2/510).
(170) (حاشية بج على فتح الوهاب 4/133)
(171) المرجع السابق
(172) (حواشي الشرواني1/48) .
(173) انظر التحفة (1/48).
(174) انظر المنهاج(241) مع السراج، وعبارته: " وصحح القديم ضمان ما سيجب".
(175)ص (50),(95)
(176) (1223)
(177) (116) وبقي عليه موضعان في الصفحتين
(178) (61)
(179) انظر التحفة (1/45)
(180)التحفة (1/47) وانظر بغية المسترشدين (8).
(181)فتح المعين (1/19).
(182) انظر في هذا الموضوع مقدمة المجموع، وفرائد الفوائد، والفوائد المدنية.
(183)(1/23)
(184)فرائد الفوائد (134)
(185) انظر المجموع (1/66)
(186) انظر المصدر السابق (1/27) وعزي إلى رواية حرملة.
(187)انظر المصدر السابق (1/230)
(188)(1/310)
(189)(1/291)
(190)(3/29)
(191) (انظر المجموع3/59)
(192) الروضة (1/353)
(193) المجموع (3/387)
(194) المجموع (3/371)
(195) الروضة (1/352)(1/103)
(196) قال في المجموع (3/218): "فإن لم يجد شيئاً شاخصاً فهل يستحب أن يخط بين يديه؟ نص الشافعي في القديم وسنن حرملة أنه يستحب، وفي البويطي لا يستحب، وللأصحاب طرق: أحدها -وبه قطع أبو حامد والأكثرون- يستحب قولاً واحداً، ونقل في البيان اتفاق الأصحاب عليه، ونقله الرافعي عن الجمهور، والطريق الثاني لا يستحب، وبه قطع إمام الحرمين والغزالي وغيرهما والثالث فيه قولان"
(197) انظر فرائد الفوائد (137)
(198) انظر الروضة (1/621) والمجموع (5/179)
(199) المسألة التي يذكروها ليس اشتراط الحول بل النصاب، انظر المجموع (1/67) والفرائد (141)، وحاشية البجيرمي على الإقناع (1/66)
(200)(1/227)
(201)(6/386)
(202)(1/226)
(203)(2/445)
(204)(3/450)
(205)(145)
(206)(3/221) مع المغني
(207)(5/567)
(208) (مغني المحتاج 3/221)
(209)(1/226)
(210)(4/144 مع المغني)
(211)(7/311)
(212)شرح المحلي على المنهاج (2/31)
(213)أحمد بن أحمد بن سلامة المصري الشافعي، الإمام العالم الفقيه المحدث، أخذ الفقه والحديث عن الشمس الرملي، ولازمه ثلاث سنين، ولازم غيره من الشيوخ، توفي أواخر شوال 1099هـ، من مصنفاته: حاشية على شرح المنهاج للمحلي، وحاشية على شرح التحرير لزكريا الأنصاري (خلاصة الأثر1/175)
(214)حاشية قليوبي على المحلي (2/31) وانظر التحفة (3/302) والنهاية (3/106)
(215) المسألة في المنهاج كما يلي: "وإذا أعار للبناء أو للغراس ولم يذكر مدة ثم رجع إن كان شرط القلع مجانا لزمه وإلا فإن اختار المستعير القلع قلع ولا تلزمه تسوية الأرض في الأصح قلت الأصح يلزمه والله أعلم وإن لم يختر لم يقلع مجانا بل للمعير الخيار بين أن يبقيه بأجرة أو يقلع ويضمن أرش النقص , قيل أو يتملكه بقيمته" .
(216)قال القليوبي(3/23): "هو المعتمد كما في المنهج وغيره" وانظر التحفة (5/431) والنهاية (5/138) والمغني (3/327).(1/104)
(217)قال في المنهاج: "وشرط نية الكناية اقترانها بكل اللفظ , وقيل يكفي بأوله" .
(218)تحفة المحتاج (8/18) ومثله في النهاية (6/435) وانظر مغني المحتاج (3/362) وذكر الرملي والخطيب أن المعتمد تبعا لابن المقري وهو المرجح في أصل الروضة الاكتفاء باقترانها ببعض اللفظ سواء كان أوله أم وسطه أم آخره، في حين اعتمد حج ما في المتن.
(219)قال في المنهاج: "ولو قال : أنت طالق واحدة ونوى عددا فواحدة , وقيل المنوي".
(220)حاشية قليوبي (3/337) وانظر التحفة (8/49) والنهاية (6/457) والمغني (4/479)
(221) قال في المنهاج: "وليتفقوا على مستوف وإلا فقرعة يدخلها العاجز ويستنيب وقيل لا يدخل".
(222)التحفة (8/435) ونحوه في النهاية (7/300)
(223) سابق (8/435) ومثله في النهاية (7/300)
(224)حاشية قليوبي (4/123)
(225) (9/61)
(226)حاشية قليوبي (4/169) وعبارته: "هو المعتمد في عامي لا يعرف مدلول الإيضاح الشرعي وإلا فلا كذا قاله شيخنا الرملي" والذي في النهاية: "ويتجه تقييده بما إذا لم يكن عاميا بحيث لا يعرف مدلول نحو الإيضاح شرعا" ثم رد قول بعضهم أن الإيضاح يشمل إيضاح العظم واللحم فلا ننزل كلام غير الفقيه على اصطلاحات الفقهاء بأن الشارع أناط الأحكام بألفاظ معينة كما في ألفاظ الطلاق، فكأن الرملي جعل الشهود هنا ثلاثة أنواع: عامي غير فقيه ولا يعلم المدلول الشرعي فلا يكتفى بقوله: أوضح رأسه، وعامي غير فقيه ويعرف المدلول الشرعي أو كان عرفه كالاصطلاح الشرعي، فيقبل قوله كالفقيه. انظر النهاية (7/399)
واستوجه حج في التحفة في الشاهد العامي الذي لا يعرف مدلول الإيضاح شرعا أنه لا بد من الاستفصال فإن تعذر وقف الأمر إلي البيان أو الصلح. انظر التحفة (9/61)
(227) قال في المنهاج: "وتقبل الشهادة بالردة مطلقا , وقيل يجب التفصيل".(1/105)
(228) قال في منهج الطلاب وشرحه فتح الوهاب (5/125 مع الجمل): "(ويجب تفصيل شهادة بردة) لاختلاف الناس فيما يوجبها"وتبعه الخطيب. انظر المغني (4/169)
(229) (9/94)
(230) أي اعتمد ما في المنهاج انظر حاشيته (4/177) كما اعتمده الرملي (7/418) أما ابن حجر فذكر تعين التفصيل في الخارجي، والذي يظهر من كلامه أنه يقول به مطلقا "لأن الألفاظ والأفعال المكفرة كثر الاختلاف فيها لا سيما بين أهل المذهب الواحد"، وذكر أن "اللفظ المسموع قابل للاختلاف فيه فيجب بيانه مطلقا" انظر التحفة (9/94).
(231) قال في المنهاج: "ولو عاقد الإمام علجا يدل على قلعة وله منها جارية جاز فإن فتحت بدلالته أعطيها , أو بغيرها فلا في الأصح , فإن لم تفتح فلا شيء له , وقيل إن لم يعلق الجعل بالفتح فله أجرة مثل , فإن لم يكن فيها جارية أو ماتت قبل العقد فلا شيء , أو بعد الظفر قبل التسليم وجب بدل , أو قبل ظفر فلا في الأظهر , وإن أسلمت فالمذهب وجوب بدل , وهو أجرة مثل , وقيل قيمتها" .
(232)حاشية قليوبي (4/227) واعتمده ابن حجر (9/274) والرملي (8/85) والخطيب (4/302).
(233)قال في المنهاج: "ولو رماه فقده نصفين حلا , ولو أبان منه عضوا بجرح مذفف حل العضو والبدن , أو بغير مذفف ثم ذبحه أو جرحه جرحا آخر مذففا حرم العضو وحل الباقي , فإن لم يتمكن من ذبحه ومات بالجرح حل الجميع , وقيل يحرم العضو".
(234)حاشية قليوبي (4/242) وانظر التحفة (9/321) والنهاية (8/116).
(235) قال في المنهاج: "وإذا نضل حزب قسم المال بحسب الإصابة , وقيل بالسوية".
(236) (4/269) وانظر المنهج مع شرحه5/286) خلافا للتحفة (9/408) والنهاية (8/172) والمغني (4/402).(1/106)
(237) جاء في المنهاج مع شرح المحلي (4/344): "( ولو ادعى ولي صبي دينا له ) على شخص ( فأنكر ونكل ) عن الحلف ( لم يحلف الولي ) ; لأن إثبات الحق لغير الحالف بعيد ( وقيل يحلف ) لأنه المستوفي ( وقيل إن ادعى مباشرة سببه حلف ) وإلا فلا يحلف".
(238) (10/325) خلافا للنهاية (8/360) والمغني (4/607) والمنهج (5/426)
(239) (4/343)
(240) قال في المنهاج: "ولو ملك في مرض موته قريبه بلا عوض عتق من ثلثه , وقيل من رأس المال".
(241) حاشية قليوبي (4/354) والتحفة (10/368) وفاقا للمنهج (5/446مع الجمل) للنهاية (10/389) والمغني (4/634)
(242) قال في المنهاج: "فلو قال لوكيله خالعها بمائة لم ينقص منها , وإن أطلق لم ينقص عن مهر مثل , فإن نقص فيهما لم تطلق , وفي قول يقع بمهر مثل".
(243) (3/310) وفاقا للتحفة (7/473) والنهاية (6/402) والمغني (3/337)
(244) قال في المنهاج: "ولو جوع كتجويعه فلم يمت زيد , وفي قول السيف".
(245) (4/124) وفاقا للنهاية (7/306) والمغني (4/56)
(246) قال في المنهاج: "ولو مات بجائفة أو كسر عضد فالحز , وفي قول كفعله".
(247) (4/125) واعتمده الرملي (7/306) والخطيب (4/57) خلافا للتحفة (8/442)
(248)(1/54)
(249)المنهاج (4)
(250)سابق (7)
(251)سابق.
(252)سابق (11).
(253) انظر المغني (1/24) والتحفة(1/56) وسلم المتعلم
(254) ليست المسائل الآتية ضعيفة باتفاق علماء المذهب خاصة المتأخرين منهم كابن حجر والرملي، بل من هذه المسائل ما هو معتمد عند بعضهم ضعيف عند آخرين، هذا وقد أفردت رسالة مستقلة لبيان وشرح هذه المسائل سميتها بالضوء الوهاج في بيان المسائل الضعيفة في المنهاج.
(255)سلم المتعلم
(256) السابق
(257) السابق
(258)الحسين بن محمد بن أحمد القاضي أبو علي المروذي، صاحب التعليقة المشهورة في المذهب، توفي في المحرم سنة اثنتين وستين وأربعمائة (طبقات الشافعية2/245)(1/107)
(259)عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد بن محمد بن أحمد، قاضي القضاة، فخر الإسلام، أبو المحاسن الروياني الطبري صاحب البحر وغيره، كانت له الوجاهة والرئاسة والقبول التام، برع في المذهب حتى كان يقول: لو احترقت كتب الشافعي لأمليتها من حفظي، ولهذا كان يقال له: شافعي زمانه، وولي قضاء طبرستان وبنى مدرسة بآمل، وكان فيه إيثار للقاصدين إليه، ولد في ذي الحجة سنة خمس عشرة وأربعمائة، واستشهد بجامع آمل عند ارتفاع النهار، بعد فراغه من الإملاء يوم الجمعة حادي عشر المحرم سنة اثنتين، وقيل سنة أحدى وخمسمائة، قتله الباطنية لعنهم الله تعالى، ومن تصانيفه: البحر وهو بحر كاسمه، والكافي شرح مختصر على المختصر، والحلية مجلد متوسط فيه اختيارات كثيرة وكثير منها يوافق مذهب مالك وكتاب المبتدي بكسر الدال وهو دون الحلية بقليل وكتاب القولين والوجهين مجلدان (سابق2/287)
(260)علي بن محمد بن حبيب القاضي أبو الحسن الماوردي البصري، أحد أئمة أصحاب الوجوه، قال الخطيب: كان ثقة من وجوه الفقهاء الشافعين، وله تصانيف عدة: في أصول الفقه وفروعه، توفي في ربيع الأول سنة خمسين وأربعمائة (سابق2/230)
(261) أحمد بن أحمد بن حمزة الرملي الأنصاري الشافعي، تتلمذ على القاضي زكريا توفي سنة(971هـ) من مصنفاته: شرح منظومة البيضاوي في النكاح، ورسالة في شروط الإمامة (معجم المؤلفين1/94)
(262) هذا منقول الشيخ سعيد سنبل عن شيخه عبد المصري عن شيخه الشوبري (الفوائد المكية 133)(1/108)
(263) جاء بعد هذا في الفوائد المكية (133) نقلاً عن المسلك العدل للكردي: "وعندي أن ذلك لا يتقيد بهاتين الصورتين بل سائر صيغ الترجيح كهما ورأيت عن الشارح أن ما فيه (لكن)إن كان تقييداً لمسألة بلفظ (كما)فما قبل (لكن) هو المعتمد وإن ل يكن لفظ (كما) فما بعد لكن هو المعتمد ...لكن رأيت نقلاً عن تقرير البشبيشي في درسه أن ما بعد (لكن) في التحفة هو المعتمد سواء كان قبلها (كما) أو غيره ".
(264)"لأن نقله منه وسكوته عليه مع عدم التبري منه ظاهر في تقريره" (الفوائد المكية 138) نقلاً عن كشف اللثام للعلامة الكردي .
(265) سلم المتعلم، ومطلب الإيقاظ.
(266) انظر الصوفية والفقهاء في اليمن 100
(267) انظر الفوائد المدنية 12
??
??
??
??
- 15 -(1/109)