الإنفاق على الرهن أو مؤنة الرهن
نفقات المرهون توزع على العاقدين عند الحنفية , وهي على الراهن عند الجمهور , حتى وإن أنفق لحاجة أو بإذن القاضي أو عند غيبة الراهن , رجع على الراهن.(1/769)
اتفق الفقهاء على أن نفقة أو مؤنة الرهن على المالك الراهن لأن الشارع قد جعل الغنم والغرم للراهن لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه , له غنمه , وعليه غرمه أي لا يتملك وعلى الراهن مغارمه ونفقاته.
لكنهم اختلفوا على رأيين في نوع النفقة الواجبة على الراهن:
رأي الحنفية أن توزع النفقة على الراهن باعتباره مالك العين , وعلى المرتهن باعتباره مكلفا بحفظها على النحو التالي: كل ما يحتاج إليه من النفقات لمصلحة المرهون وتبقيته , فهو على الراهن لأنه ملكه.
وكل ما كان لحفظ المرهون , فهو على المرتهن لأن حبسه له فلزمه توابعه.
وبناء عليه: على الراهن طعام الحيوان وشرابه وأجرة الراعي , وعليه سقي الشجر ونفقة تلقيحه وجذاذه (قطعه) والقيام بمصالحه , وسقي الأرض وإصلاحها وكري أنهارها وانشاء مصارفها , وضريبة خراجها وعشر حاصلاتها , لأن كل ما ذكر من مؤونة (ما به بقاؤه) المال المملوك , ومؤونة المملوك على مالكه.
وعلى المرتهن أجرة الحفظ للحارس أو المحل الذي يحفظ فيه المرهون (أجرة التخزين) مثل أجر حظيرة الحيوان , وأجرة المخزن المحفوظ فيه , لأن الأجرة مؤنة الحفظ , وهي عليه.
وقال الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) : جميع نفقات أو مؤونات الرهن على الراهن , سواء منها ما كان لبقاء عينه , أو بقصد حفظه وعلاجه , للحديث السابق: لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه , له غنمه , وعليه غرمه وكل إنفاق من غرمه , ولأن نفقة المملوك على مالكه.
فإن لم ينفق ما الحكم؟
قال المالكية: إن لم ينفق الراهن , واحتاج الرهن إلى نفقة كعلف حيوان وإصلاح عقار , أنفق المرتهن , ويرجع بجميع ما أنفق على الراهن , وإن زاد على قيمة الرهن , وتكون النفقة دينا في ذمة الراهن , لا بمالية الرهن أو عينه , سواء انفق بإذن منه أم يغير إذن , لأنه قام بواجب على الرهن.
وقال الشافعية: يجبر القاضي الراهن على النفقة على المرهون , إذا كان حاضرا موسرا , فإن تعذر الجبر بسبب إعساره أو غيبته , ففي حال الغيبة يمونه القاضي من مال الراهن إن كان له مال.
وفي حال الإعسار يقترض القاضي أو يبيع جزءا من الرهن لإبقائه , أو يأمر المرتهن بالإنفاق عليه , على أن يكون دينا في ذمة الراهن.
وإذا أنفق , رجع على الراهن إن كان الإنفاق بإذن القاضي , أو أشهد عند الإنفاق , وعند غيبة الراهن: أشهد أنه إنما أنفق ليرجع.
وذهب الحنابلة: إلى أنه إن أنفق المرتهن بدون إذن الراهن , مع قدرته على استئذانه , كان متبرعا لا حق له في الرجوع بما أنفق.
فإن عجز عن استئذانه لغيبة أو نحوها , وأنفق يرجع بأقل المبلغين: نفقة المثل , وما أنفقه فعلا , بشرط أن ينوي الرجوع بالنفقة , ولا يشترط استئذان القاضي , ولا الإشهاد على النفقة.(1/770)
الدر المختار (5 / 346)
وأجرة بيت حفظه وحافظه ومأوى الغنم على المرتهن.
وأجر راعيه لو حيوانا , ونفقة الرهن والخراج والعشر على الراهن , والأصل فيه: أن كل ما يحتاج إليه لمصلحة الرهن بنفسه وتبقيته , فعلى الراهن , لأنه ملكه , وكل ماكان لحفظه , فعلى المرتهن , لأن حبسه له , أورد جزء منه كمداواة جريح إلى يد المرتهن فتنقسم على المضمون والأمانة.
فالمضمون على المرتهن , والأمانة مضمونة على الراهن لو قيمته أكثر من الدين وإلا فعلى المرتهن.
وكذا معالجة أمراض وقروح وفداء جناية.
المجلة (م 722)
على المرتهن أن يحفظ الرهن بنفسه , أو بمن هو أمينه كعياله وشريكه وخادمه.
المجلة (م 723)
المصارف التي تلزم لمحافظة الرهن كأجرة المحل والناظر على المرتهن.
المجلة (م 724)
الرهن إن كان حيوانا فعلفه وأجرة راعيه على الراهن , وإن كان عقارا فتعميره وسقيه وتلقيحه وتطهير خرقه وسائر مصارفه التي هي لإصلاح منافعه وبقائه عائدة إلى الراهن أيض.
الشرح الصغير (3 / 334) والشرح الكبير (3 / 251)
ورجع مرتهنه على الراهن بنفقته التي أنفقها عليه حيث احتاج لنفقة كالحيوان وكعقار احتاج لحرمة , ولو زادت النفقة على قيمة الرهن , لأن غلته له , ومن له الغلة عليه النفقة , في ذمة الراهن , لا في عين الرهن , ولو لم يأذن له الراهن في الإنفاق , لأنه قام عنه بواجب.
المهذب (1 / 314)
وما يحتاج إليه الرهن من نفقة وكسوة وعلف وغيرها , فهو على الراهن , لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا , وعلى الذي يركب ويشرب نفقته والذي يركب ويشرب هو الراهن , فوجب أن تكون النفقة عليه , ولأن الرقبة والمنفعة على ملكه , فكانت النفقة عليه.
وان احتاج إلى شرب دواء أو فتح عرق , فامتنع , لم يجبر عليه , لأن الشفاء بيد الله تعالى , وقد يجيء من غير فصد ولا دواء ويخالف النفقة فإنه لا يبقى دونها , فلزمه القيام بها.
المغني (4 / 392)
إن مؤنة الرهن من طعامه وكسوته ومسكنه وحافظه وحرزه ومخزنه وغير ذلك على الراهن.
وبهذا قال مالك والشافعي والعنبري وإسحاق.
وقال أبو حنيفة أجرة المسكن والحفاظ على المرتهن , لأنه من مؤنة إمساكه وارتهانه.(1/771)
تصرف الراهن بالرهن
تصرف الراهن في الرهن قبل التسليم جائز ونافذ بدون إذن المرتهن ويبطل الرهن , وتصرفه بالمرهون بعد التسليم بغير إذن المرتهن موقوف كتصرف الفضولي عند الحنفية والمالكية باطل عند الأئمة الآخرين.(1/772)
تصرف الراهن بالرهن إما أن يكون قبل التسليم أو بعد التسليم.
تصرف الراهن بالرهن قبل التسليم
ينفذ تصرف الراهن بالرهن قبل القبض بدون إذن المرتهن في رأي الحنفية والشافعية والحنابلة , لأنه لم يتعلق به حق المرتهن حينئذ , ولا يلزم الرهن قبل القبض.
أما المالكية القائلون بأن الرهن يلزم بالإيجاب والقبول , وبأن الراهن يجبر على تسليم الرهن للمرتهن , فيجيزون - بالرغم مما ذكر - للراهن أن يتصرف في الرهن قبل القبض , فلو باع الراهن الرهن المشترط في عقد البيع أو القرض , نفذ بيعه , إن فرط مرتهنه في طلبه حتى باعه , وصار دينه بلا رهن لتفريطه , فإن لم يفرط في الطلب وجد في المطالبة ففيه ثلاثة آراء:
الرأي الأول لابن القصار وهو أن للمرتهن رد البيع ولا ينفذ , إن كان المبيع باقيا , وإن فات (ذهب من يد البائع) كان ثمنه رهنا عنده مكانه , وينفذ البيع.
والرأي الثاني لابن أبي زيد القيرواني وهو نفاذ البيع , وجعل الثمن بدله رهنا.
والرأي الثالث لابن رشد وهو نفاذ البيع , ويصير الدين بلا رهن , ولا يكون الثمن رهنا بدله.
وأما إن كان الرهن متطوعا به بعد العقد , وباعه الراهن قبل أن يقبضه المرتهن , فينفذ بيعه , وهل يكون ثمنه رهنا أو لا يكون؟ فيه خلاف كالخلاف في بيع الهبة قبل قبض.
تصرف الراهن بالرهن بعد التسليم
لا يجوز تصرف الراهن بالرهن بعد التسليم , لأنه إذا سلم الراهن المرهون , وإن بقي على ملكه , ولكن تعلق به دين المرتهن , فاستحق حبسه وثيقة بالدين إلى أن يوفى عند الحنفية , ويصبح متعينا للبيع وثيقة بالدين عند بقية المذاهب.
وعلى كلا الرأيين: لا يجوز للراهن أن يتصرف بالرهن إلا بإذن المرتهن , لتعلق حقه به , فيتنازل عن حقه في حبس الرهن أو تعينه للبيع.
وتفصيل المذاهب يظهر فيما يأتي:
مذهب الحنفية: إذا باع الراهن المرهون بغير إذن المرتهن فالبيع موقوف , لتعلق حق الغير به فإن أجازه المرتهن أو قضاه الراهن دينه أو أبرأه المرتهن عن الدين جاز البيع ونفذ , وصار ثمنه في غير حال الوفاء بالدين رهنا مكانه في ظاهر الرواية , لأن البدل له حكم المبدل.
وإن لم يجزه , لم ينفسخ وبقي موقوفا في أصح الروايتين , وكان المشترى - في حال عدم علمه بأنه مرهون - بالخيار: إن شاء صبر إلى فك الرهن , أو رفع الأمر إلى القاضي بفسخ البيع.
ووجه ظاهر الرواية: أن حق المرتهن متعلق بمالية المرهون , فإذا بيع وأصبح الثمن بدلا عن المال المرهون , لم يتضرر المرتهن , لأن حقه لم يزل بالبيع.
مذهب المالكية: إذا تصرف الراهن بالرهن من غير إذن المرتهن , ببيع أو وإجارة أو هبة أو صدقة أو إعارة ونحوها , كان التصرف موقوفا على إجازة المرتهن , وبطل الرهن على المعتمد بمجرد الإذن (أي إذن المرتهن بالتصرف) وإن لم يتصرف الراهن , لاعتبار الإذن تنازلا عن الرهن.
مذهب الشافعية: ليس للراهن المقبض تصرف يزيل الملك كالهبة والبيع والوقف , مع غير المرتهن بغير إذنه , لأنه لو صح لفاتت الوثيقة.
كما لا يصح له رهن المرهون لغير المرتهن الأول عنده , ولا إجارة المرهون إن كان الدين حالا , أو يحل أجله قبل انقضاء مدة الإجارة , ويعد التصرف حينئذ باطلا.
فإن كان هذا التصرف مع المرتهن أو بإذنه فيصح , ويبطل الرهن , إلا في الإجارة فيستمر الرهن , ويصح للراهن كل تصرف لا يضر المرتهن , كالسكنى والركوب , كما تقدم.
ويصح له أيضا الإجارة إلى مدة لا تمتد إلى ما بعد حلول الدين , لأنه تصرف لا يمس حق المرتهن في بيع الرهن عند حلول الدين وعدم الوفاء.
مذهب الحنابلة: (كالشافعية) قالوا: إذا تصرف الراهن بالرهن تصرفا بغير إذن المرتهن , بطل التصرف , لأنه يؤدي إلى إبطال حق المرتهن بالوثيقة , سواء كان التصرف بيعا أو إجارة أو هبة أو رهنا وغيره.
وإذا أذن المرتهن بهذا التصرف صح , وبطل الرهن , إلا في الإجارة فيستمر الرهن في الأصح , كما أن الرهن يبقى بحاله مستمرا إذا كان التصرف إعارة أذن بها المرتهن.(1/773)
الدر المختار (5 / 361)
توقف بيع الراهن رهنه على إجازة مرتهنه , أو قضاء دينه.
فإن وجد أحدهما نفذ وصار ثمنه رهنا في صورة الإجارة.
وإن لم يجز المرتهن البيع , وفسخ بيعه , لا يفسخ بفسخه في الأصح.
وإذا بقي موقوفا فالمشتري بالخيار , إن شاء صبر إلى فكاك الرهن أو رفع الأمر إلى القاضي ليفسخ البيع. . الخ.
المجلة (م 744)
إذا رهن الرهن بإذن المرتهن , عند غيره , يصح الرهن الثاني , ويبطل الأول.
بداية المجتهد (2 / 274)
والجمهور على أنه لا يجوز للراهن بيع الرهن ولا هبته وأنه إن باعه , فللمرتهن الإجازة أو الفسخ.
وفي القوانين الفقهية (ص324)
ولا يجوز للراهن بيعه.
حاشية الدسوقي (3 / 248)
يخير المرتهن بين أن يرد البيع ويرجع الرهن لما كان عليه من الرهنية أو يجيزه.
المنهاج ومغني المحتاج (2 / 130)
وليس للراهن المقبص تصرف مع غير المرتهن بغير إذنه يزيل الملك , كالهبة والبيع والوقف , لأنه لو صح لفاتت الوثيقة.
وأما معه أو بإذنه فسيأتي أنه يصح.
وفي المهذب (1 / 312)
ويملك الراهن التصرف في عين الرهن بما لا ضرر فيه على المرتهن.
ولا يملك في العين بما فيه ضرر على المرتهن , لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار.
وفي المغني (4 / 363)
وإن تصرف الراهن بغير العتق , كالبيع والإجارة والهبة والوقف وغيره , فتصرفه باطل لأنه تصرف يبطل حق المرتهن من الوثيقة غير مبني على التغليب والسراية.
فلم يصح بغير إذن المرتهن , كفسخ الرهن.
فإن أذن فيه للمرتهن صح وبطل الرهن , لأنه أذن فيما ينافي حقه فيبطل بفعله كالعتق.
وفي مجلة الأحكام الشرعية (م 992)
تصرف الراهن بما ينقل الملك إلى غيره في الرهن اللازم لا يصح , لكن لو أذن له المرتهن به , صح وبطل الرهن.(1/774)
تصرف المرتهن بالرهن
لا يجوز للمرتهن أن يتصرف في الرهن ببيع أو إجارة أو هبة بغير إذن الراهن كما في تصرف الراهن , ولا يجوز له بيعه إلا إذا كان وكيلا بالبيع , لأنه تصرف فيما لا يملك ويكون تصرفا موقوفا في رأي الحنفية والمالكية كتصرف الفضولي , وباطلا عند الشافعية والحنابلة.
ويكون المرتهن وكيلا بالبيع بتوكيل الراهن أراد الوفاء بالدين أو جعل الثمن رهنا.(1/775)
عرفنا أن حق الراهن قائم في عين المرهون , فهو ملكه , وحق المرتهن ثابت في ماليته , فله حبسه لوفاء الدين.
وبناء عليه , لا يجوز للمرتهن أن يتصرف في الرهن بغير إذن الراهن , كما في تصرف الراهن , لأنه تصرف فيما لا يملك ويكون تصرفه موقوفا عند الحنفية والمالكية كتصرف الفضولي , وباطلا عند الشافعية والحنابلة.
وتفصيل آراء المذاهب فيما يأتي:
مذهب الحنفية: ليس للمرتهن أن يتصرف بالرهن بغير إذن الراهن , لأنه تصرف فيما لا يملك إذ لا حق له إلا في حبس المرهون , فإن تصرف بغير إذنه بالبيع أو الهبة أو الصدقة أو الإعارة ونحوها , كان تصرفه موقوفا على إجازة الراهن , إن أجازه نفذ , وإلا بطل , ولكن إن أجره المرتهن بلا إذن , فالأجرة له , وان كان بإذن فللمالك الراهن , وبطل الرهن.
مذهب المالكية كالحنفية: لا يجوز تصرف المرتهن في الرهن بغير إذن الراهن , لأنه تصرف فيما لا يملك.
فإن تصرف فيه بغير إذنه بيعا أو هبة أو إجارة أو إعارة , كان موقوفا على إجازة الراهن , كتصرف الفضولي عندهم.
وإن تصرف بإذن الراهن , نفذ , وبطل رهنه إذا كان التصرف بيعا أو هبة , أو إجارة لمدة تمتد إلى ما بعد حلول أجل الدين.
أما إذا كانت مدتها تنتهي قبل حلول أجل الدين , فلا يبطل الرهن , ويسترده المرتهن بعد انتهاء مدتها , كما يبطل الرهن بإعارته لمدة تمتد إلى ما بعد حلول أجل الدين , ولم يشترط رد المرهون إلى المرتهن عند حلول الدين , أو لم يكن هناك عرف يقضي برده.
فإن انتهت مدة الإعارة قبل حلول الأجل أو اشترط الرد عند الحلول , أو وجد عرف يقضي برده , فلا يبطل الرهن حينئذ.
مذهب الشافعية والحنابلة: ليس للمرتهن أن يتصرف في الرهن بغير إذن الراهن لأنه ليس ملكا له , فإن أقدم على التصرف , كان تصرفه باطلا , ولا يبطل الرهن.
أما إن تصرف بإذن الراهن فتصرفه ينفذ , ويبطل إن كان تمليكا.
ولا يبطل الرهن إن كان إجارة أو إعارة , سواء كان التصرف للراهن أو لغيره , وإنما يزول عند الحنابلة لزوم الرهن بالتصرف بالمرهون , وكأنه لم يلحقه قبض.
فإذا عاد المرهون للمرتهن , عاد رهنا كما كان.
وأما عند الشافعية الذين لا يشترطون استدامة قبض الرهن , فيظل الرهن , ولو كان بيد غير المرتهن.(1/776)
البدائع (6 / 146)
ليس للمرتهن أن يبيع بغير إذن الراهن , لأن الثابت له , ليس إلا ملك الحبس , فأما ملك العين فللراهن , والبيع تمليك العين , فلا يملكه المرتهن من غير إذن الراهن.
ولو باع من غير إذنه , وقف على أجازته , فإن أجاز جاز وكان الثمن رهنا.
المجلة (م746)
لو باع المرتهن الرهن بدون رضا الراهن , يكون مخيرا , إن شاء فسخ البيع , وإن شاء نفذه بالإجازة.
مغني المحتاج (2 / 135)
ولو باعه المرتهن بإذن الراهن , فالأصح أنه إن باع بحضرته صح , وإلا فلا.
المغني (4 / 331)
فإذا أخرجه المرتهن عن يده باختياره زال لزوم الرهن , وبقي العقد كأنه لم يوجد فيه قبض , سواء أخرجه بإجارة أو إعارة أو إيداع أو غير ذلك , فإذا عاد فرده إليه , عاد اللزوم بحكم العقد السابق.
مجلة الأحكام الشرعية (م993)
ليس للمرتهن أن يتصرف في الرهن مطلقا إلا بإذن الراهن , فلا يصح بيعه ولا وقفه ولا عتقه ولا رهنه ولا إجارته ولا إعارته إلا بالوكالة فيه.
متن خليل والدردير في الشرح الكبير (3 / 242)
وتولاه أي الإسكان والإجارة مما يمكن فيه الاستنابة المرتهن بإذن الراهن.(1/777)
صفة يد المرتهن
يذهب الجمهور إلى أن يد المرتهن على المرهون يد أمانة , فلا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير , ولا يسقط شيء من الدين بهلاك الرهن والمالكية بالرغم من قولهم بمذهب الجمهور استحسنوا تضمين المرتهن عند وجود التهمة.
أما الحنفية فهم يقولون بأن يد المرتهن يد ضمان , فإذا امتنع رد المرهون لصاحبه بسبب هلاك أو غيره كان المرتهن مستوفيا من دينه هذا المقدار واحتسب من ضمانه , وأما ما زاد من قيمة الرهن على الدين فهو أمانة , يهلك هلاك الأمانة.(1/778)
هل يد المرتهن هي يد أمانة أو يد ضمان؟ فيه اتجاهان: الأول للحنفية , والثاني للجمهور.
مذهب الحنفية:
يد المرتهن يد أمانة بالنظر لعين المال المرهون , ويد استيفاء أو ضمان بالنسبة لمالية المرهون فيما يقابل الدين من مالية الرهن.
والمعنى أن ما يساوى الدين من مالية الرهن , تعتبر يد المرتهن عليه يد ضمان أو استيفاء , فإذا امتنع رد المرهون لصاحبه بسبب هلاك أو غيره , كان المرتهن مستوفيا من دينه هذا المقدار , واحتسب من ضمانه , وأما ما زاد من قيمة الرهن على الدين فهو أمانة , يهلك هلاك الأمانة فلا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير.
وأدلتهم أنه روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن المبارك عن مصعب بن ثابت قال سمعت عطاء يحدث أن رجلا رهن عند رجل فرسا بحق له , فنفق (مات) الفرس في يد المرتهن , فاختلفا وترافعا إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للمرتهن: ذهب حقك.
وكذلك عمل الحنفية بحديث: إذا عمي الرهن فهو بما فيه وقالوا: معناه إذا اشتبهت قيمته بعد هلاكه , بأن قال كل: لا أدرى كم كانت قيمته , ضمن بما فيه من الدين.
وقالوا أيضا: وإجماع الصحابة والتابعين رضي الله عنهم على أن الرهن مضمون مع اختلافهم في كيفيته , والقول بالأمانة خرق له وروي عن ابن عمر وابن مسعود أنهما قالا: (الرهن مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين) .
مذهب الجمهور:
أن يد المرتهن على المرهون يد أمانة , فلا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير , ولا يسقط شيء من الدين بهلاك الرهن.
واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: الرهن من صاحبه الذي رهن , له غنمه وعليه غرمه أي أن للراهن زوائد الرهن ومنافعه وعليه نقصانه وهلاكه , فيد المرتهن على المرهون أمانة لا يضمنه إذا هلك في يده , فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم غرم الرهن - ومنه هلاكه - على الراهن , وإنما يكون غرمه عليه إذا هلك أمانة , لأن عليه قضاء دين المرتهن , أما إذا هلك مضمونا كان غرمه على المرتهن , حيث سقط حقه , لا على الراهن.
ثم إن وجود المرهون في يد المرتهن حدث برضا الراهن , فكان بسبب الرضا أمينا , كالوديع بالنسبة للمودع.
وقد ورد في كتاب الأم للإمام الشافعي أن الحديث الشريف الذي يستشهد به الحنفية والذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم للمرتهن ذهب حقك قد لا يصلح حجة لأن علماء الحديث قد ضعفوه.
إلا أن المالكية بالرغم من قولهم بأن يد المرتهن يد أمانة , استحسنوا تضمين المرتهن عند وجود التهمة وهي عندما يكون الرهن مما يغاب عليه (أي يمكن إخفاؤه) كالحلي والثياب والكتب والسلاح والسفينة وقت جريها , ونحوه مما يمكن إخفاؤه وكتمه , إذا كان المرهون بيد المرتهن , لا بيد أمين (عدل) ولم تقم بينه (شهادة اثنين مثلا) أو شاهد مع يمين المدعي على احتراقه أو سرقته أو تلفه , بلا تعد ولا إهمال من المرتهن.
أما إذا كان المرهون مما لا يغاب عليه (لا يمكن إخفاؤه) كالعقار والحيوان , أو كان الرهن بيد أمين , أو قامت بينة على تلفه بلا تعد ولا تقصيرا وإهمال من المرتهن , فلا يضمنه المرتهن عند هلاكه.(1/779)
كيفية ضمان المرتهن
يضمن المرهون عند الحنفية بالأقل من قيمته ومن الدين بشروط ثلاثة , ولا يضمن عند الجمهور إلا بالتعدي أو التقصير كسائر الأمانات , إلا أن المالكية قالوا بضمانه عند التهمة بأن كان مما يغاب عليه (يمكن إخفاؤه) .(1/780)
هناك اتجاهان في كيفية ضمان المرتهن:
مذهب الحنفية: المرهون مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين فإن كانت القيمة أقل من الدين , فهو مضمون بالقيمة , وسقط من الدين بقدرها , ورجع المرتهن بالفضل الزائد على الرهن.
وإن تساوى الدين وقيمة المرهون , صار المرتهن مستوفيا دينه حكما , لتعلق قيمة الرهن بذمته.
وإن كانت قيمة الرهن أكثر من الدين , فالفضل الزائد أمانة في يد المرتهن , لا يضمن ما لم يتعد عليه , أو يقصر في حفظه.
ودليلهم ما روي عن ابن عمر وابن مسعود أنهما قالا: (الرهن مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين) .
وهكذا روي عن علي رضي الله عنه في بعض الروايات.
واشترط الحنفية لضمان الرهن على النحو المذكور شروطا ثلاثة:
أ - شرط بقاء الدين:
أي وجود الدين عند هلاك المرهون , أو أن يكون موعدا به عند قبض الرهن.
فإذا سقط الدين قبل هلاك الرهن بالإبراء أو بالوفاء ونحوهما , ثم هلك الرهن , فإنه يهلك على الراهن بغير شيء ولا ضمان على المرتهن حينئذ.
ب - شرط بقاء القبض:
أي أن يكون هلاك الرهن في يد المرتهن , أو في يد العدل , وفي حال قبضه على حكم الرهن.
فإذا هلك المرهون وهو في يد الراهن أو في يد غاصبه , لم يهلك هلاك الرهن , وإنما يهلك على ضمان الراهن إذا كان في يده , أو على ضمان الغاصب إذا هلك في يده.
وإذا أذن الراهن المرتهن في الانتفاع بالرهن , فهلك حال انتفاعه به بناء على الإذن , فإنه أيضا يهلك هلاك الأمانة , ولا يسقط بهلاكه شيء من الدين , لأنه لم يهلك في قبض الرهن , وإنما هلك في قبض العارية.
أما إن هلك قبل أن يبدأ انتفاعه به أو بعد انتهائه , فإنه يهلك هلاك الرهن , لأنه هلك في قبض الرهن.
ج - شرط كون المرهون مقصودا بالرهن:
أي ألا يكون الهالك من زيادة الرهن ونمائه , مما يدخل في الرهن تباعا , كالولد واللبن والثمرة والصوف ونحوها , من كل زيادة متولدة منفصلة.
فإذا هلك النماء أو الزيادة , هلك هلاك الأمانة , لأن الزيادة لم تدخل في الرهن إلا تبعا للأصل , فكانت يد المرتهن عليها يدا تابعة ليده على أصلها.
مذهب الجمهور غير الحنفية في كيفية ضمان الرهن
لا يضمن الرهن عند جمهور الفقهاء إذا هلك بلا تعد ولا تقصير , وهو في يد المرتهن , وإنما يضمن بالتعدي أو التقصير , ولا يسقط شيء من الدين بتلف المرهون , إلا أن المالكية ضمنوا المرتهن إذا كان الرهن مما يغاب عليه , أي يمكن إخفاؤه , كالحلي والسلاح والثياب والكتب والسفينة وقت جريها , إذا كان المرهون في يده وحيازته , لا في يد أمين , ولم تقم بينة على هلاكه من غير تعد ولا تقصير.
وحينئذ يضمن قيمته بالغة ما بلغت , ويستمر الضمان إلى تسليم الرهن لصاحبه , فلا يرفعه وفاء الدين ولا سقوطه.
ويسقط عندهم دين المرتهن إن كان مساويا للرهن.
ولديهم قولان في وقت تقدير قيمة المرهون: قول بتقديرها يوم الضياع (أي التغيب) وقول بتقديرها يوم الارتهان.
وكيفية ضمانه عندهم أن العاقدين يترادان الفضل بينهما بسبب التفاوت بين قيمة الدين وقيمة الرهن , أي الضمان يكون للأقل من قيمة الرهن والدين , كالحنفية.(1/781)
الهداية وتكملة فتح القدير (8 / 198)
وهو مضمون بالأقل من قيمته ومن الدين , فإذا هلك في يد المرتهن وقيمته , والدين سواء , صار المرتهن مستوفيا لدينه , وان كانت قيمة الرهن أكثر , فالفضل أمانة في يده , لأن المضمون بقدر ما يقع به الاستيفاء وذاك بقدر الدين.
وان كانت أقل سقط من الدين بقدره , ورجع المرتهن بالفضل , لأن الاستيفاء بقدر المالية. . الخ.
مرشد الحيران (م986)
الرهن مضمون على المرتهن بهلاكه بعد قبضه بالأقل من قيمته ومن الدين.
وتعتبر قيمته يوم قبضه , لا يوم هلاكه.(1/782)
ولاية بيع الرهن
للراهن بيع المرهون بإذن المرتهن اتفاقا , لإيفاء الدين.
فإن أبي الراهن البيع أجبره القاضي على البيع عند الجمهور بدون حبس , ويحبسه القاضي عند أبي حنيفة حتى يبيعه بنفسه.(1/783)
اتفق الفقهاء على أن المرهون يظل ملكا للراهن بعد تسليمه للمرتهن كما دلت السنة النبوية لا يغلق الرهن من صاحبه فتكون ولاية بيع المرهون للراهن لا لغيره لكن تعلق حق المرتهن به , وثبوت حق حبسه إياه عند الجمهور (غير الشافعية) وكونه أولى بماليته من الراهن , يتوقف عند الحنفية والمالكية نفاذ بيعه على رضا المرتهن وإذنه , ما دام حقه قائما , فإذا انتهى هذا الحق , نفذ البيع بانتهائه.
وعليه , يكون للراهن باتفاق الفقهاء أن يبيع الرهن بإذن المرتهن , وهذا هو البيع الاختياري.
ومن المعلوم أن الرهن هو وثيقة بالدين , والهدف المقصود منه هو الحصول على الدين من ثمن المرهون إذا لم يوف الراهن المدين بالدين عند حلول أجل الدين , عن طريق بيع المرهون.
ويتم البيع في الأحوال العادية بواسطة الراهن أو وكيله , لأنه هو المالك للمرهون.
وبناء عليه , إذا حل الدين , طالب المرتهن الراهن بوفاء الدين , فإن استجاب إلى طلبه , فوفى تحقق المقصود , وإن لم يستجب لمطل أو إعسار أو لغيبة , أجبره القاضي على البيع باتفاق الفقهاء , وهذا هو البيع الجبري.
ويجبر القاضي عند الحنفية والمالكية وكيل الراهن على البيع , ولا يجبر عند الشافعية والحنابلة لأن الوكيل متفضل , له أن يتخلى عن وكالته فلا يجبر على البيع , وإنما يتم البيع بواسطة القاضي إذا كان الراهن غائبا , أو كان حاضرا وأبي البيع ويطلب القاضي أولا من الراهن الحاضر بيع المرهون , فإن امتثل تم المطلوب , وإن امتنع باعه القاضي عند (المالكية والشافعية والحنابلة وصاحبي أبي حنيفة) بدون حاجة إلى إجباره بحبس أو ضرب أو تهديد.
وقال أبو حنيفة ليس للقاضي أن يبيع الرهن بدين المرتهن , من غير رضا الراهن , لكنه يحبس الراهن حتى يبيعه بنفسه.
وإذا وجد في مال المدين الراهن مال من جنس الدين , وفي الدين منه , ولا حاجة حينئذ إلى البيع جبرا.
وإذا احتاج بيع المال المرهون إلى نفقات , كانت على الراهن لأنه هو المالك , وهو ملزم بقضاء الدين , والبيع نتيجة لعدم وفائه.(1/784)
المجلة (م756) :
ليس لكل من الراهن والمرتهن بيع الرهن بدون رضا صاحبه.
وفي (م 757) :
إذا حل وقت أداء الدين , وامتنع الراهن عن أدائه , فالحاكم يأمره ببيع الرهن وأداء الدين , فإن أبى وعاند , باعه الحاكم وأدى الدين.
وفي (م 758) :
إذا كان الراهن غائبا ولم تعلم حياته ولا مماته , فالمرتهن يراجع الحاكم على أن يبيع الرهن ويستوفي الدين.
وفي متن خليل والشرح الكبير (3 / 251)
وباع الحاكم الرهن إن امتنع الراهن من بيعه وهو معسر , أو امتنع من الوفاء وهو موسر , ولا يحبس , ولا يضرب , ولا يهدد.
وكذا يباع إذا غاب الراهن مع ثبوت الدين والرهن , ولو كان غيره أولى بالبيع.
ورجع مرتهنه على الراهن بنفقته التي أنفقها عليه حيث احتاج كالحيوان وكعقار احتاج لحرمة , ولو زادت النفقة على قيمة الرهن , لأن غلته له , ومن له الغلة عليه النفقة في الذمة , أي ذمة الراهن , لا في عين الرهن.
وفي المنهاج ومغني المحتاج (2 / 134)
ويستحق بيع المرهون عند الحاجة لوفاء الدين إن لم يوف من غيره.
وفي كشاف القناع (3 / 330)
إذا حل الدين لزم المدين الراهن الإيفاء. .
فإن امتنع من وفائه , فإن كان الراهن أذن للمرتهن في بيعه أو أذن العدل في بيعه , باعه , لأنه مأذون له فيه , ووفي الدين من ثمنه.
فإن لم يكن أذن في بيع الرهن , أو كان أذن فيه ثم عزله , رفع المرتهن الأمر إلى حاكم فيجبره (أي المدين) على وفاء الدين أو بيع الرهن للوفاء من ثمنه , لأن هذا شأن الحاكم.(1/785)
حق امتياز المرتهن
يثبت حق الامتياز للمرتهن مفضلا على بقية الدائنين الغرماء بالاتفاق إن ضاق مال الراهن عن وفائه ديونه , وإن اتسع يأخذ حقه ويوزع الباقي بين الدائنين العاديين.
وذلك إذا حل أجل الدين , وإن لم يحل يصبح الثمن رهنا بدل أصله.(1/786)
حق الامتياز أو الأفضلية أو التقدم:
معناه أن يكون المرتهن أولى أو أحق بثمن المرهون من سائر الغرماء (الدائنين) العاديين حتى يستوفي حقه , حيا كان الراهن أو ميتا , ويثبت هذا الحق للمرتهن باتفاق الفقهاء ما عدا الظاهرية , بناء على تعلق حقه أو دينه بالمال المرهون , وكون الرهن وثيقة بالدين , وثبوت حق المرتهن في حبسه عند الجمهور غير الشافعية , ومنع الراهن من التصرف بالرهن إلا بإذن المرتهن باتفاق المذاهب.
وعليه إذا ضاق مال الراهن عن وفاء ديونه , وطالب الغرماء بديونهم , أو حجر على المدين لإفلاسه عند مجيزي الحجر , خلافا لأبي حنيفة وأريد قسمة ماله بين غرمائه (دائنيه) .
فأول من يقدم هو المرتهن لاستيفاء حقه من ثمن المرهون , أو من قيمته عند ضمانه , عوضا عنه من قيمته أو مثل , أيا كان الضامن , بسبب الإتلاف.
ولا يحق الاعتراض لباقي الغرماء , ولهم أخذ ما فضل من الثمن لأن حق المرتهن متعلق بعين الرهن وذمة الراهن معا , فهو صاحب حق عيني , وأما سائر الغرماء فيتعلق حقهم بالذمة دون العين , فكان حقه أقوى وحقهم شخصي فقط.
هذا. . . إن كان ثمن المرهون كافيا لحق المرتهن , ويفضل منه شيء , فيوزع الفاضل أو الباقي على الغرماء بالتساوي , فإن فضل من دين المرتهن شيء أخذ ثمن المرهون , وساهم مع الغرماء ببقية دينه.
ويسدد دين المرتهن من ثمن المرهون إذا كان الدين حالا , فإن كان مؤجلا وبيع الرهن لسبب من الأسباب التي تستوجب بيعه قبل حلول أجل الدين , كما في بيع ما يسارع إليه الفساد , فإن الثمن يبقى رهنا بدل أصله إلى أن يحل الدين.(1/787)
جاء في البدائع (6 / 153)
إذا بيع الرهن في حال حياة الراهن , وعليه ديون أخر , فالمرتهن أحق بثمنه من بين سائر الغرماء , لأن بعقد الرهن يثبت له الاختصاص بالمرهون , فيثبت له الاختصاص ببدله , وهو الثمن. . . الخ.
وفي القوانين الفقهية (ص 324)
وإذا قبض الرهن , ثم أفلس الراهن أو مات , فالمرتهن أحق به من سائر الغرماء.
ويصح أن يقبض الرهن المرتهن أو أمين يتفقان عليه.
وفي مغني المحتاج (2 / 134)
ويقدم المرتهن بثمنه (ثمن المرهون) على سائر الغرماء , لأن ذلك فائدة الرهن.
وفي المغني (4 / 404)
والمرتهن أحق بثمن الرهن من جميع الغرماء , حتى يستوفي حقه , حيا كان الراهن أو ميتا.(1/788)
اشتراط المرتهن تملكه للرهن عند عدم الوفاء غلاق الرهن
لا يصح باتفاق الفقهاء اشتراط أن يصير المرهون مملوكا للمرتهن إذا لم يوف المدين للراهن له دينه.(1/789)
اتفق الفقهاء على أنه إذا شرط المرتهن في عقد الرهن أنه متى حل الدين ولم يوف , فالمرهون له بالدين , أو فهو مبيع له بالدين الذي على الراهن , فهو شرط فاسد لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يغلق الرهن من صاحبه قال الإمام مالك لا يغلق الرهن معناه والله أعلم: لا يمنع من فكه , والنهي عن الشيء يقتضي فساد المنهى عنه.
وقال الأزهري الغلق في الرهن: ضد الفك , فإذا فك الراهن الرهن , فقد أطلقه من وثاقه عند مرتهنه.
وروى عبد الرزاق عن معمر أنه فسر غلاق الرهن بما إذا قال الرجل: إن لم آتك بمالك , فالرهن لك.
والمراد بالحديث لا يستحق المرتهن تملك الرهن , إذا لم يفتك في الوقت المشروط , فلو هلك لم يذهب حق المرتهن , وإنما يهلك من رب الرهن , إذ له غنمه وعليه غرمه.
قال النووي في المنهاج وشراحه: ولو شرط كون المرهون مبيعا له عند الحلول , فسد , أي الرهن لتأقيته , والبيع لتعليقه.
والمرهون قبل المحل (أي وقت الحلول) أمانة , لأنه مقبوض بحكم الرهن الفاسد , وبعده مضمون بحكم الشراء الفاسد.
ولأبي الخطاب من الحنابلة وبعض الحنفية قول بأن الرهن لا يفسد بهذا الشرط , لأن الحديث: لا يغلق الرهن نفي غلقه دون أصله , فيدل على صحته , ولأن الراهن قد رضي برهنه مع هذا الشرط , فمع بطلانه أولى أن يرضى به.
ورد ابن قدامة الحنبلي بأنه رهن بشرط فاسد , فكان فاسدا , كما لو شرط توقيته , وليس في الخبر أنه شرط ذلك في ابتداء العقد , فلا يكون فيه حجة.(1/790)
المغني (4 / 383) :
وإن شرط أنه متى حل الحق , ولم يوفني , فالرهن لي بالدين , أو فهو مبيع بالدين الذي عليك , فهو شرط فاسد.
روي ذلك عن ابن عمر وشريح والنخعي ومالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي , لا نعلم أحدا خالفهم. . الخ.(1/791)
انتهاء الرهن
ينتهي الرهن بتسليم المرهون لصاحبه عند الجمهور , وبتسديد الدين كله اتفاقا , وبالبيع , والبراءة من الدين , وفسخ المرتهن الرهن , وبموت الراهن قبل قبض المرهون عند الحنفية والمالكية ,
وكذا بموت المرتهن وإفلاس الراهن عند المالكية.
وينتهي بهلاك المرهون بالاتفاق , وبالتصرف بالمرهون بالإجارة أو الهبة أو الصدقة من الراهن أو المرتهن بإذن الآخر.(1/792)
ينتهي عقد الرهن بحالات كالإبراء والهبة ووفاء الدين ونحوها , وهي ما يأتي:
أ - تسليم المرهون لصاحبه:
ينتهي الرهن بتسليم المرهون لصاحبه عند الجمهور غير الشافعية , لأنه وثيقة بالدين , فإذا سلم المرهون , لم يعد الاستيثاق قائما فينتهي الرهن , كما ينتهي عند الجمهور بإعارة المرتهن الشيء المرهون للراهن , أو لغيره بإذنه.
ب - تسديد الدين كله:
إذا وفى الراهن الدين المرهون به , انتهى الرهن.
ج - البيع الجبري:
الصادر من الراهن بأمر القاضي , أو من القاضي إذا أبى الراهن البيع , فإذا بيع المرهون وفى الدين من ثمنه , وزال الرهن.
أما البيع الاختياري الحاصل من الراهن بإذن المرتهن , فإن كان بعد حلول أجل الدين , تعلق الحق بثمنه.
وإن كان قبل حلوله , تعلق الحق أيضا عند أبي حنيفة ومحمد بالثمن , فيصبح رهنا , لأن الراهن باع الرهن بإذن المرتهن , فوجب أن يثبت حقه فيه , كما لو حل الدين.
وقال الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) : يبطل الرهن ببيع المرهون بإذن المرتهن , ولم يكن على الراهن عوضه , ويبقى الدين بلا رهن.
د - البراءة من الدين بأي وجه:
ولو بحوالة المرتهن على مدين للراهن , ولو اعتاض المرتهن عن الدين عينا أخرى غير الأولى , انفك الرهن.
هـ - فسخ الرهن من قبل المرتهن , ولو بدون قبول الراهن
لأن الحق له , والرهن جائز غير لازم من جهة المرتهن , ولا ينتهي الرهن بفسخه من الراهن , للزومه من جهته.
ويشترط الحنفية لانفساخ الرهن بقول المرتهن رد المال المرهون إلى الراهن , لأن الرهن لا يلزم إلا بالقبض , فكذا فسخه لا يتم إلا بالقبض , عن طريق رد المال المرهون إلى الراهن.
ويبطل الرهن عند المالكية بترك الرهن قبل القبض في يد الراهن حتى باعه , لأن تركه على هذا الوضع كتسليم المرتهن بالأمر , فصار في معنى الفسخ.
وكذلك ينتهي الرهن عندهم بإذن المرتهن للراهن في بيع الرهن بعد أن سلمه له , وباعه فعلا , ويبقى الدين بلا رهن.
و يبطل الرهن عند المالكية قبل قبضه بموت الراهن أو إفلاسه
أو قيام الغرماء بمطالبته بأداء الدين , أو برفع أمره إلى الحاكم يطلبون الجحر عليه , أو بمرضه أو بجنونه المتصلين بوفاته , لأن الرهن يلزم عندهم بمجرد الإيجاب والقبول.
ويبطل الرهن عند الحنفية بموت الراهن أو المرتهن قبل التسليم , ولا يبطل بإفلاس الراهن , ولا يبطل الرهن عند الشافعية والحنابلة بوفاة الراهن أو المرتهن قبل التسليم , ولا بجنون أحدهما , ولا بإفلاس الراهن.
أما بعد قبض المرهون , فلا يبطل الرهن بالاتفاق بموت الراهن أو المرتهن , أو بإفلاس الراهن.
ي - هلاك المرهون:
ينتهي عقد الرهن باتفاق الفقهاء بهلاك المال المرهون , سواء عند الجمهور القائلين بأن المرهون أمانة غير مضمونة على المرتهن إلا بالتعدي أو التقصير , أو عند الحنفية القائلين بأن المرهون بالنسبة لماليته مضمون إذا هلك بالأقل من قيمته ومن الدين , لانعدام محل العقد.
ح - التصرف بالمرهون:
بالإجارة أو بالهبة أو الصدقة: ينتهي الرهن إذا أقدم كل من الراهن والمرتهن على إجارة الرهن أو هبته أو التصدق به أو بيعه لأجنبي بإذن صاحبه , كما ينقضي باستئجار المرتهن العين المرهونة من الراهن إذا جدد القبض بناء على الإجارة.
أما البيع من المرتهن للراهن , فلا ينقضي به الرهن , لأن للمال المرهون خلفا , هو الثمن , فيحل الثمن محل أصله في الرهنية.(1/793)
الصرف(1/794)
تعريف الصرف
الصرف: هو بيع النقد بالنقد. والمراد بالنقد: ما خلق للثمنية , وهو الذهب والفضة. وكذا ما يلحق به في الحكم من الأوراق النقدية كالريال السعودي والدولار الأمريكي وغيرها.(1/795)
الصرف: هو بيع النقد بالنقد. والمراد بالنقد: ما خلق للثمنية , وهو الذهب والفضة. وكذا ما يلحق به في الحكم من الورق النقدي.
ولا فرق في ذلك عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة بين أن يباع الجنس بجنسة , كالذهب بالذهب , والفضة بالفضة , وبين أن يباع الجنس بغير جنسه كالذهب بالفضة , فكل ذلك يسمونه صرفا.
وخالفهم في ذلك الاصطلاح المالكية , حيث إنهم قسموا بيع النقد بالنقد إلى ثلاثة أقسام: مراطلة , ومبادلة , وصرف.
وعنوا بالمراطلة: بيع النقد بمثله وزنا ,
وبالمبادلة: بيع النقد المسكوك بمثله عددا ,
وبالصرف: بيع النقد بنقد من غير صنفه , كبيع الذهب بالفضة أو بيع أحدهما بالفلوس. ولا مشاحة في الاصطلاح.(1/796)
مجلة الأحكام العدلية (ص 31)
الصرف: بيع النقد بالنقد. (م 121) .
المغني لابن قدامة (6 / 112)
الصرف: بيع الأثمان بعضها ببعض.
كشاف القناع (3 / 253)
(المصارفة: وهي بيع نقد بنقد) اتحد الجنس أو اختلف. سميت بذلك لصريفهما , وهو تصويتهما في الميزان. وقيل: لانصرافهما أي المتصارفين عن مقتضى البياعات من عدم جواز التفرق قبل القبض ونحوه.
بدائع الصنائع (5 / 215)
الصرف في متعارف الشرع اسم لبيع الأثمان المطلقة بعضها ببعض , وهو بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة وأحد الجنسين بالآخر. فاحتمل تسمية هذا النوع من البيع صرفا لمعنى الرد والنقل. يقال: صرفته عن كذا إلى كذا , سمى صرفا لاختصاصه برد البدل ونقله من يد إلى يد.
ويحتمل أن تكون التسمية لمعنى الفضل , إذ الصرف يذكر بمعنى الفضل , كما روي في الحديث من فعل كذا لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا فالصرف الفضل وهو النافلة , والعدل الفرض سمي هذا العقد صرفا لطلب التاجر الفضل منه عادة لما يرغب في عين الذهب والفضة.
الدر المحتار (4 / 234)
(الصرف) شرعا (بيع الثمن بالثمن) أي ما خلق للثمنية , ومنه المصوغ (جنسا بجنس , أو بغير جنس) كذهب بفضة.
مغني المحتاج (2 / 25)
تنبيه: بيع النقد بالنقد من جنسه وغيره يسمى صرفا.
لباب اللباب لابن راشد القفصي المالكي (137)
والنقد إن بيع بغير نوعه سمي صرفا , وإن بيع بنوعه وزنا سمي مراطلة , وإن بيع بنوعه عددا سمي مبادلة.
الشرح الكبير للدردير (3 / 41)
بيع النقد بنقد غير صنفه يسمى صرفا , وبصنفه مسكوكين عددا مبادلة , وبه وزنا مراطلة.
مراجع إضافية
أنظر كفاية الطالب الرباني وحاشية العدوي عليه (2 / 130) , تبيين الحقائق (4 / 134) , شرح منتهى الإرادات (2 / 201) , الهداية مع فتح القدير والعناية والكفاية (6 / 258) بداية المجتهد (2 / 199)(1/797)
دليل مشروعية الصرف
أجمع الفقهاء على مشروعية عقد الصرف , ومستندهم في ذلك القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.(1/798)
لقد ثبتت مشروعية الصرف بالكتاب والسنة والإجماع.
الدليل من الكتاب:
تتبين مشروعية الصرف بعموم قوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} (البقرة: 275) حيث أن الصرف نوع من البيع , إذ هو بيع النقد بالنقد , أو الثمن المطلق بالثمن المطلق , وهو الدراهم والدنانير وما يجري مجراها.
الدليل من السنة:
وردت مشروعية الصرف بقوله صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب , والفضة بالفضة.. إلى أن قال: مثلا بمثل , سواء بسواء , يدا بيد. فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد. رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. ومراده عليه الصلاة والسلام بقوله (الذهب بالذهب. . . إلى آخر الحديث) أي بيعوا الذهب بالذهب والفضة بالفضة. . الخ.
الدليل من الإجماع:
فقد أجمع الفقهاء على مشروعية عقد الصرف بشروطه الشرعية.(1/799)
العناية على الهداية (6 / 259)
وقد دل على مشروعيته - أي الصرف - قوله تعالى {وأحل الله البيع} وقوله عليه الصلاة والسلام: الذهب بالذهب.. الحديث.
حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (4 / 110)
قال صاحب التحفة: البيع أربعة أنواع ,
أحدها: بيع العين بالعين كبيع السلع بأنواعها , نحو بيع الثوب بالثوب وغيره , ويسمى هذا بيع المقايضة.
والثاني: بيع العين بالدين نحو بيع السلع بالأثمان المطلقة وبيعها بالفلوس الرائجة والمكيل والموزون والمعدود المتقارب دينا.
والثالث: بيع الدين بالدين , وهو بيع الثمن المطلق بالثمن المطلق , وهو الدراهم والدنانير , وأنه يسمى عقد الصرف.
والرابع: بيع الدين بالعين وهو السلم , فإن المسلم فيه مبيع وهو دين , ورأس المال قد يكون عينا وقد يكون دينا , ولكن قبضه شرط قبل افتراق العاقدين بأنفسهما , فيصير عينا.
مغني المحتاج (2 / 25)
تنبيه: بيع النقد بالنقد من جنسه وغيره يسمى صرفا. ويصح على معنيين بالإجماع , كبعتك أو صارفتك هذا الدينار بهذه الدراهم وعلى موصوفين على المشهور: كقوله بعتك أو صارفتك دينارا صفته كذا في ذمتي بعشرين درهما من الضرب الفلاني في ذمتك. . .
مراجع إضافية
انظر فتح القدير والعناية والكفاية (6 / 259) , المبسوط (14 / 2 - 5) تكملة المجموع للسبكي (10 / 93) , الأم (3 / 25) , بداية المجتهد (2 / 195 , 196) , الإقناع لابن المنذر (1 / 256)(1/800)
الوصف الفقهي للصرف
الصرف نوع من أنواع البيوع لأنه مبادلة نقد بنقد وهو عقد لازم.(1/801)
البيع أربعة أنواع:
أحدها: بيع العين بالعين كبيع السلع بأنواعها , نحو بيع الثوب بالثوب وغيره , ويسمى هذا بيع المقايضة.
والثاني: بيع العين بالدين نحو بيع السلع بالأثمان المطلقة وبيعها بالفلوس الرائجة والمكيل والموزون والمعدود المتقارب دينا.
والثالث: بيع الدين بالعين وهو السلم , فإن المسلم فيه مبيع وهو دين , ورأس المال قد يكون عينا وقد يكون دينا , ولكن قبضه شرط قبل افتراق العاقدين بأنفسهما , فيصير عينا.
والرابع: بيع الدين بالدين , وهو بيع الثمن المطلق بالثمن المطلق , وهو الدراهم والدنانير , وأنه يسمى عقد الصرف.
والصرف كبقية أنواع البيوع هو من العقود اللازمة التي لا تفسخ إلا بإرادة الطرفين.(1/802)
الحكم التكليفي للصرف
الصرف مشروع على سبيل الإباحة كبقية المعاوضات.(1/803)
الأصل في الصرف أنه مشروع على سبيل الإباحة ولكن قد يصير محرما إذا اشترط فيه تأجيل قبض أحد البدلين , أو مندوبا لقضاء حاجة المضطر إلى الحصول على جنس آخر من النقد.(1/804)
أقسام الصرف
ينقسم الصرف إلى أنواع كثيرة أهمها:
بيع أحد النقدين (الذهب والفضة) بجنسه.
بيع أحد النقدين بالآخر.
بيع النقد بالنقد ومع أحدهما أو كليهما شيء آخر.
الصرف في الذمة.(1/805)
ينقسم الصرف إلى أنواع كثيرة تتعلق بها أحكام وأهمها ما يلي:
بيع أحد النقدين بجنسه
يجب أن يكون يدا بيد مثل بمثل في المقدار والوزن لحديث عبادة بن الصامت مرفوعا: الذهب بالذهب , والفضة بالفضة.... مثلا بمثل يدا بيد
بيع أحد النقدين بالآخر
وقد اتفق الفقهاء على جواز التفاضل بينهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ويشترط في هذا النوع أيضا التقابض في المجلس قبل الافتراق.
بيع النقد بالنقد ومع أحدهما أو كليهما شيء آخر
ويشترط فيه التقابض أيضا عند الحنفية الذين أجازوه بشرط أن يزيد الثمن (النقد المفرد) على النقد المضموم إليه أو أن يكون مع كل واحد منهما شيء من غير جنسه وذهب جمهور الفقهاء إلى عدم جوازه.
الصرف في الذمة
وهو أن يكون البدلان المختلفان في ذمة العاقدين , وقد أجازها الحنفية والمالكية خلافا للشافعية والحنابلة. والصورة الثانية أن يكون في ذمة أحدهما نقد من جنس فيتفقا على أدائه بجنس آخر , وقد أجازها الجمهور خلافا للمالكية.(1/806)
الصيغة
صيغة الصرف هي الإيجاب والقبول بأي لفظ يدل على مبادلة النقد بالنقد.(1/807)
ينعقد الصرف بصدور الإيجاب من أحد العاقدين والقبول من الآخر , واتفق الفقهاء على أن الصيغة يجب أن تكون منجزة يترتب عليها أثرها في الحال. فلا يقبل التعليق على شرط , ولا الإضافة إلى زمن مستقبل.(1/808)
صفات العاقدين
لما كانت عقود المعاوضات المالية كالبيع والسلم والاستصناع والصرف تنشأ بين متعاقدين بإرادتهما , اشترط الفقهاء في كل واحد من العاقدين أن يكون أهلا لصدور العقد عنه , وأن يكون له ولاية إذا كان يعقد لغيره.(1/809)
الصرف هو عقد معاوضة مالية ينشأ بين طرفين متعاقدين بإرادتهما الحرة , فلا بد لانعقاد الصرف ونفاذه أن يكون عاقداه من أهل العبارة المعتبرة في إنشاء العقود والالتزام بآثارها ويتحقق ذلك بتوافر شرطين فيهما:
الشرط الأول: أن يكونا أهلا للمعاملة والتصرف:
أي أن يكون عندهما أهلية أداء. وأهلية الأداء التي تعني صلاحية الشخص لصدور الأقوال منه على وجه يعتد به شرعا.
وتتحقق هذه الأهلية عند جمهور الفقهاء في الإنسان المميز العاقل الرشيد غير المحجور عليه بأي سبب من أسباب من الحجر , ولم يكتف الشافعية بالتمييز بل اشترطوا البلوغ فلا ينعقد عندهم بيع الصبي لعدم أهليته.
الشرط الثاني: أن يكون لهما ولاية على العقد:
أي أن يكون للعاقد سلطة تمكنه من تنفيذ العقد وترتيب آثاره عليه , ويكون ذلك إما بتصرف العاقد أصالة عن نفسه وإما أن يكون مخولا في ذلك بأحد طريقين:
- بالنيابة الاختيارية التي تثبت بالوكالة. ولابد فيها أن يكون كل من الوكيل والموكل أهلا لإنشاء عقود المعاوضات المالية.
- أو بالنيابة الإجبارية التي تثبت بتولية الشارع , وتكون لمن يلي مال المحجور عليهم من الأولياء والأوصياء الذي جعلت لهم سلطة شرعية على إبرام العقود وإنشاء التصرفات المالية لمصلحة من يلونهم.(1/810)
محل العقد
محل العقد هو الأثمان المتبادلة بعقد الصرف.(1/811)
محل العقد في الصرف يشمل ما يقدمه كل عاقد من الأثمان المراد مبادلتها كالذهب والفضة والعملات النقدية لأن الصرف هو بيع الثمن بالثمن.(1/812)
تقابض البدلين
يشترط لصحة الصرف التقابض في البدلين قبل التفرق. فإذا تفرق العاقدان عن المجلس قبله بطل العقد. ولو تقابضا البعض ثم افترقا صح الصرف في القدر المقبوض وبطل فيما سواه. ولو كل أحدهما وكيلا في القبض , فقبض الوكيل البدل قد تفرقهما صح الصرف , أما إذا تفرقا قبل قبضه بطل.
ولا يشترط التقابض الفوري عقب العقد , ولا يضر طول لبثهما في الجلوس ولا طول مصاحبتهما إذا وقع القبض قبل التفرق بالأبدان عند جمهور الفقهاء. وخالفهم المالكية فاشترطوا الفورية فيه.(1/813)
اتفق الفقهاء على أنه يشترط في صحة عقد الصرف تقابض البدلين من الجانبين في المجلس قبل التفرق. قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا أن الصرف فاسد.
واستدلوا على ذلك بالسنة وقول الصحابة والمعقول.
دليل شرط التقابض من السنة
فما روى عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء أخرجه البخاري ومسلم.
وما روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل , ولا تشفوا بعضها على بعض , ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل , ولا تشفوا بعضها على بعض , ولا تبيعوا منها غائبا بناجز رواه البيهقي ومالك.
وما روى عبادة بن الصامت عنه صلى الله عليه وسلم قال: الذهب بالذهب والفضة بالفضة.. إلى أن قال: مثلا بمثل , سواء بسواء , يدا بيد. فإن اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد رواه مسلم وأصحاب السنن.
وما روى روى البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الذهب بالورق دينا أخرجه النسائي والدارقطني.
فقد دلت هذه النصوص على اشتراط تقابض البدلين قبل الافتراق.
دليل شرط التقابض من قول الصحابة
فما روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل , ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تبيعوا الذهب بالورق أحدهما غائب والآخر ناجز , وإن استنظرك حتى يلج بيته فلا تنظره , إني أخاف عليكم الربا. أخرجه مالك والبيهقي.
وما روى عن ابن عباس أنه سئل عن الصرف , فقال: أيدا بيد؟ قيل: نعم. قال: فلا بأس به رواه مسلم.
دليل شرط التقابض من المعقول
فهو أنه لا بد من قبض أحد البدلين قبل الافتراق , كيلا يكون افتراقا عن دين بدين , وهو منهي عنه. ولا بد من قبض الآخر لعدم أولوية أحد العوضين في القبض - حيث استويا في الثمنية - تحقيقا للمساواة بينهما , لأن المنقود خير من النسيئة , فيتحقق الفضل في أحد العوضين - إن لم يقبض الآخر - وهو ربا , فوجب قبضهما.
المراد بالتفريق
والمراد بالتفرق في هذا المقام هو افتراق العاقدين بأبدانهما. فلو قاما عن المجلس مصطحبين ومشيا قليلا أو كثيرا , فليسا بمفترقين. وعلى ذلك نص جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة , ولا يضر طول لبثهما في المجلس ولا طول مصاحبتهما إذا وقع التقابض قبل التفرق بالأبدان.
وخالفهم المالكية في عدم اشتراط الفورية وقالوا: يشترط التقابض فور العقد , فإذا تأخر التقابض بطل الصرف إن كان التأخير طويلا , ويجوز مع الكراهة إن كان التأخير يسيرا.
التوكيل في الصرف
لا خلاف بين الفقهاء في أنه لو وكل أحدهما وكيلا في القبض , فقبض الوكيل قبل تفرقهما صح الصرف , وإن تفرقا قبل قبض الوكيل بطل , لأن التقابض قبل الافتراق شرط وقد فات , إذ القبض من حقوق العقد , وهي تتعلق بالعاقدين , فمن أجل ذلك اعتبر افتراقهما.
ولو تقابضا البعض ثم افترقا صح الصرف في المقبوض لوجود شرطه وبطل فيما لم يقبض لفواته.(1/814)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 191)
يشترط في الصرف التقابض في المجلس , فلو افترقا قبله بطل. والمعتبر في هذا التفرق ما يبطل به خيار المجلس (م 474) .
يجوز تفريق الصفقة في الصرف فلو قبض بعض العوض في المجلس وتفرقا قبل قبض الباقي , صح فيما قبض وبطل في الباقي. (م475)
إذا وكل أحد عاقدي الصرف شخصا في القبض يقوم قبض , الوكيل مقام قبضه , لكن العبرة في التفريق لحال الموكل العاقد دون الوكيل. فلو فارق الموكل قبل القبض بطل , ولا تضر مفارقة الوكيل. أما لو كانت وكالته في العقد فالعبرة لحال الوكيل دون الموكل. (م482)
بداية المجتهد (2 / 197)
اتفق العلماء على أن من شرط الصرف أن يقع ناجزا. واختلفوا في الزمان الذي يحد , هذا المعنى , فقال أبو حنيفة والشافعي الصرف يقع ناجزا ما لم يفترق المتصارفان , تعجل أو تأخر القبض. وقال مالك إن تأخر القبض في المجلس بطل الصرف , وإن لم يفترقا , حتى كره المواعدة فيه. وسبب الخلاف ترددهم في مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام إلا هاء وهاء وذلك أن هذا يختلف بالأقل والأكثر , فمن رأى أن هذا اللفظ صالح لمن لم يفترق من المجلس , أعنى أنه يطلق عليه أنه باع هاء وهاء قال: يجوز التأخير في المجلس. ومن رأى أن اللفظ لا يصح إلا إذا وقع القبض من المتصارفين على الفور , قال: إن تأخر القبض عن العقد في المجلس بطل الصرف.
لباب اللباب لابن راشد (ص 137)
والنقد إن بيع بغير نوعه سمي صرفا , وإن بيع بنوعه وزنا سمى مراطلة , وإن بيع بنوعه عددا سمي مبادلة , ويشترط في الصرف وجود المناجزة , وفي المراطلة والمبادلة المناجزة والمماثلة , والمناجزة عبارة عن سرعة التقابض.
بدائع الصنائع (5 / 215)
وأما الشرائط (فمنها) قبض البدلين قبل الافتراق لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور: والذهب بالذهب مثلا بمثل يدا بيد , والفضة بالفضة مثلا بمثل يدا بيد وروي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الورق إلا مثلا بمثل , ولا تشفوا بعضها على بعض , ولا تبيعوا منها شيئا غائبا بناجز.
وروى عن عبد الله بن عمر عن أبيه أنه قال: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل , ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل , ولا تبيعوا الذهب بالورق أحدهما غائب والآخر ناجز , وإن استنظرك حتى يلج بيته فلا تنظره , إني أخاف عليكم الرماء أي الربا.
فدلت هذه النصوص على اشتراط قبض البدلين قبل الافتراق. وتفسير الافتراق: هو أن يفترق العاقدان بأبدانهما عن مجلسهما , فيأخذ هذا في جهة وهذا في جهة , أو يذهب أحدهما ويبقى الآخر , حتى لو كانا في مجلسهما لم يبرحا عنه لم يكونا مفترقين وإن طال مجلسهما , لانعدام الافتراق بأبدانهما. . ثم المعتبر افتراق العاقدين , سواء كانا مالكين أو نائبين عنهما كالأب والوصي والوكيل , لأن القبض من حقوق العقد , وحقوق العقد تتعلق بالعاقدين , فيعتبر افتراقهما.
شرح منتهى الإرادات (2 / 201)
(ويبطل) صرف (ك) بطلان (سلم بتفرق) ببدن (يبطل خيار المجلس قبل تقابض) من الجانبين في صرف لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم يدا بيد وفي سلم قبض رأس ماله كما يأتي في بابه إن شاء الله (وإن تأخر) تقابض في صرف أو في رأس مال سلم (في بعض) من ذلك (بطلا) أي الصرف والسلم (فيه) أي المتأخر قبضه (فقط) لفوات شرطه , وصحا فيما قبض لوجود شرطه , ويقوم الاعتياض عن أحد العوضين وسقوطه عن ذمة أحدهما مقام قبضه (ويصح التوكيل) من العاقدين أو أحدهما بعد عقد (في قبض في صرف ونحوه) كربوي بربوي وسلم , ويقوم قبض وكيل مقام قبض موكله (ما دام موكله بالمجلس) أي مجلس العقد لتعلقه به , سواء بقي الوكيل بالمجلس إلى قبض أو فارقه ثم عاد وقبض , لأنه كالآلة. فإن فارق موكل قبله بطل العقد , وإن وكل في العقد اعتبر حال الوكيل.
المجموع شرح المهذب (9 / 404)
وحيث شرطنا التقابض , فمعناه التقابض قبل التفرق الذي ينقطع به خيار المجلس كما سبق تفصيله.
قال الشافعي في كتاب الصرف من الأم والأصحاب: لا بأس أن يطول مقامهما في مجلسهما , ولا بأس أيضا بطوله متماشيين وإن طال مشيهما وتباعدا عن مجلس العقد , ثم تقابضا قبل افتراقهما فيصح البيع لعدم افتراقهما.
روضة الطالبين (3 / 379)
فرع: حيث اعتبرنا التقابض فتفرقا قبله , بطل العقد. ولو تقابضا بعض كل من العوضين , ثم تفرقا , بطل فيما لم يقبض. وفي المقبوض قولا تفريق الصفقة. ولو وكل أحدهما وكيلا بالقبض , فقبض قبل مفارقة الموكل المجلس جاز , وبعده لا يجوز.
المغني (6 / 112)
الصرف بيع الأثمان بعضها ببعض , والقبض في المجلس شرط لصحته بغير خلاف. ويجزئ القبض في المجلس وإن طال , ولو تماشيا مصطحبين إلى منزل أحدهما أو إلى الصراف فتقابضا عنده جاز , وبهذا قال الشافعي. وقال مالك لا خير في ذلك , لأنهما فارقا مجلسهما.
لنا: أنهما لم يفترقا قبل التقابض , فأشبه ما لو كانا في سفينة تسير بهما , أو راكبين على دابة واحدة تمشي بهما. . . وإن تفرقا قبل التقابض بطل الصرف لفوات شرطه. وإن قبض البعض ثم افترقا , بطل فيما لم يقبض وفيما يقابله من العوض , وهل يصح في المقبوض؟ على وجهين بناء على تفرق الصفقة. ولو كل أحدهما وكيلا في القبض , فقبض الوكيل قبل تفرقهما جاز , وقام قبض وكيله مقام قبضه , سواء فارق الوكيل المجلس قبل القبض أو لم يفارقه. وإن افترقا قبل قبض الوكيل بطل , لأن القبض في المجلس شرط , وقد فات.
مراجع إضافية
انظر تبيين الحقائق وحاشية الشلبي (4 / 135) , تكملة المجموع للسبكي (10 / 14 , 69) , الأم (3 / 26) , مواهب الجليل (4 / 304) , البهجة شرح التحفة (2 / 29) , منح الجليل (2 / 508) , التاج والإكليل (4 / 302) , التاودي على التحفة (2 / 29) , فتح العزيز (8 / 166) , المجموع للنووي (9 / 404)(1/815)
الخلو عن شرط الخيار
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن شرط الخيار في الصرف مبطل للعقد والشرط معا وخالفهم الحنابلة فقالوا: العقد صحيح والشرط لاغ وذهب أبو ثور وابن سريج وابن تيمية إلى صحة ذلك الشرط والعقد معا.(1/816)
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والمالكية إلى عدم صحة الصرف إذا اشترط فيه الخيار لأحد العاقدين أو لكليهما بحجة أن خيار الشرط في الصرف يمنع ثبوت الملك أو تمامه , وذلك يخل بالقبض المشروط لصحته.
وخالفهم في ذلك أبو ثور وابن سريج وابن تيمية وقالوا بصحة خيار الشرط فيه , وتوسط الحنابلة فذهبوا إلى بطلان شرط الخيار وصحة الصرف إذا وقع التقابض قبل التفرق.(1/817)
بدائع الصنائع (5 / 219)
ومنها - أي شرائط الصرف -: أن يكون خاليا عن شرط الخيار. فإن شرط الخيار فيه لهما أو لأحدهما فسد الصرف , لأن القبض في هذا العقد شرط بقائه على الصحة , وخيار الشرط يمنع انعقاد العقد في حق الحكم , فيمنع صحة القبض.
المبسوط (14 / 3)
لا يجوز شرط الخيار في هذا العقد , لأن الخيار يعدم الملك , فيكون أكثر تأثيرا من عدم المقبض قبل الافتراق وبشرط الخيار يمتنع استحقاق ما به يحصل التعيين - وهو القبض - ما بقي الخيار.
المجموع شرح المهذب (9 / 404)
قال المصنف والأصحاب: وإذا تخايرا في المجلس قبل التقابض فهو كالتفرق , فيبطل العقد , كما ذكر المصنف. هذا هو المذهب , وبه قطع الجمهور. وقال ابن سريج لا يبطل. لظاهر الحديث , فإنه يسمى يدا بيد.
شرح منتهى الإرادات (2 / 201)
(ولا يبطل) صرف ونحوه (بتخاير) أي باشتراط خيار (فيه) كسائر الشروط الفاسدة في البيع , فيصح العقد ويلزم بالتفرق.
روضة الطالبين (ص 379)
والتخاير في المجلس قبل التقابض كالتفرق , فيبطل العقد. وقال ابن سريج لا يبطل. والصحيح الأول.
القوانين الفقهية (ص 255)
لا يجوز الصرف على الخيار في المشهور.
الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية (ص 125)
فصل: ويثبت خيار الشرط في كل العقود ولو طالت المدة.
المقدمات الممهدات (2 / 17)
فأما الخيار , فلا اختلاف أن الصرف به فاسد , كانا جميعا بالخيار أو أحدهما , لعدم المناجزة بينهما بسبب الخيار.
لباب اللباب للقفصي (ص 137)
الخيار: المشهور فيه المنع. والجواز حكاه ابن شعبان وغيره. وحكى ابن رشد اتفاق المذهب على فساده , كانا معا بالخيار أو أحدهما.
بداية المجتهد (2 / 197)
. . . ولاتفاقهم على هذا المعنى لم يجز عندهم في الصرف حوالة ولا حمالة ولا خيار , إلا ما حكي عن أبي ثور أنه أجاز فيها الخيار.
كشاف القناع (3 / 253)
ولا يبطل الصرف بتخاير فيه , وقياسه سلم وبيع , وبيع , نحو مد بر بمثله أو بشعير , فيصح العقد دون الشرط , كسائر الشروط الفاسدة.
مراجع إضافية
انظر المغني (6 / 113) , فتح القدير مع العناية والكفاية (6 / 258) الإقناع لابن المنذر (1 / 256) مواهب الجليل (4 / 308)(1/818)
الحلول
يشترط لصحة الصرف الحلول , أي خلو العقد عن اشتراط الأجل. فإن اشترطاه لأحدهما أو لكليهما فسد الصرف.(1/819)
المراد بالحلول: الخلو عن اشتراط الأجل.
وذلك أن الفقهاء اتفقوا على أنه لا يجوز في الصرف اشتراط الأجل للعاقدين أو لأحدهما. فإن اشترطاه لهما أو لأحدهما فسد الصرف , لأن قبض البدلين مستحق قبل الافتراق , والأجل يفوت القبض المستحق بالعقد شرعا , فيفسد العقد باشتراطه.(1/820)
بدائع الصنائع (5 / 219)
ومنها - أي شرائط الصرف -: أن يكون خاليا عن الأجل لهما أو لأحدهما , فإن شرطاه لهما أو لأحدهما فسد الصرف , لأن قبض البدلين مستحق قبل الافتراق , والأجل يعدم القبض , فيفسد العقد.
الدر المختار مع رد المحتار (4 / 235)
(ويفسد) الصرف (بخيار الشرط والأجل) لإخلالهما بالقبض. قال ابن عابدين لأن خيار الشرط يمتنع به استحقاق القبض ما بقي الخيار , لأن استحقاقه مبني على الملك , والخيار يمنعه , , والأجل يمنع القبض الواجب.
مغني المحتاج (2 / 24)
(والنقد بالنقد كطعام بطعام) في جميع ما سبق من الأحكام. فإن بيع بجنسه كذهب بذهب , اشتراط المماثلة والحلول والتقابض قبل التفرق والتخاير , وإن بيع بغير جنسه كذهب بفضه جاز التفاضل واشترط الحلول والتقابض قبل التفرق.
المقدمات الممهدات (2 / 15)
والنظرة , في الصرف تنقسم إلى ثلاثة أقسام أحدها: أن ينعقد الصرف بينهما على أن ينظر أحدهما صاحبه بشيء مما اصطرفا فيه وإن قل , فهذا إذا وقع فسخ جميع الصرف باتفاق , لانعقاده على فساد.
المبسوط (14 / 3)
لا يجوز شرط الخيار في هذا العقد , لأن الخيار يعدم الملك , فيكون أكثر تأثيرا من عدم القبض قبل الافتراق , وبشرط الخيار يمتنع استحقاق ما به يحصل التعيين وهو القبض ما بقي الخيار , وكذلك شرط الأجل يعدم استحقاق القبض الذي يثبت به التعيين. فلهذا كان مبطلا لهذا العقد.
مراجع إضافية
انظر بداية المجتهد (2 / 194) تحفة المحتاج (4 / 275) , كشاف القناع (3 / 253) , شرح منتهى الإرادات (2 / 201) , تكملة المجموع للسبكي (10 / 68) , المهذب (1 / 279) .(1/821)
التماثل
يشترط التماثل في بيع أحد النقدين بجنسه , كالذهب بالذهب , والفضة بالفضة , وإن اختلفا في الجودة والرداءة باتفاق أهل العلم , ولا عبرة بالصناعة والصياغة عند جمهور الفقهاء خلافا لابن تيمية وابن القيم اللذين أجازا بيع المصوغ بجنسه متفاضلا , اعتبارا لثمنية الصنعة.
أما إذا بيع أحد النقدين بغير جنسه كذهب بفضة أو ذهب بفضة ومتاع , فإنه يجوز التفاضل دون النساء.(1/822)
هذا الشرط مختص بنوع خاص من الصرف , وهو بيع أحد النقدين بجنسه.
فإذا بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة , فيجب فيه التماثل في القدر , وإن اختلفا في الجودة والرداءة ونحو ذلك.
وهذا باتفاق الفقهاء , لقوله صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب والفضة بالفضة.. إلى أن قال: مثلا بمثل , سواء بسواء , يدا بيد. فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد رواه مسلم. وقوله عليه الصلاة والسلام: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل , ولا تشفوا بعضها على بعض , ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل , ولا تشفوا بعضها على بعض , ولا تبيعوا منها غائبا بناجز رواه مالك والبيهقي.
وكذلك لا عبرة بالصناعة والصياغة في هذا النوع من الصرف عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة في المذهب.
وخالفهم في ذلك ابن تيمية وابن القيم فأجازوا بيع المصوغ بجنسه متفاضلا إذا كان يدا بيد , اعتبارا لثمنية الصياغة والصنعة.
أما إذا بيع أحد النقدين بنقد من غير جنسه كذهب بفضة , أو بنقد من غير جنسه ومع أحدهما أو كليهما متاع , كأن باع ذهبا بفضة وثوب , أو فضة بذهب وكرسي , فيجوز التفاضل باتفاق الفقهاء إذا كان يدا بيدا , لقوله صلى الله عليه وسلم: فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد.(1/823)
الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية (ص 127)
ويجوز بيع المصوغ من الذهب والفضة بجنسه من غير اشتراط التماثل , ويجعل الزائد في مقابلة الصنعة , سواء كان البيع حالا أو مؤجلا , ما لم يقصد كونها ثمنا.
الإشراف على مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب (1 / 252)
المصوغ من الذهب والفضة لا يجوز بيعه بشيء من جنسه إلا مثلا بمثل , وزنا بوزن , خلافا لمن أجاز المفاضلة بينهما قدر قيمة الصنعة.
لباب اللباب لابن راشد القفصي (ص 137)
والنقد إن بيع بغير نوعه سمي صرفا , وإن بيع بنوعه وزنا سمي مراطلة , وإن بيع بنوعه عددا سمي مبادلة , ويشترط في الصرف وجود المناجزة , وفي المراطلة والمبادلة المناجزة والمماثلة , والمناجزة عبارة عن سرعة التقابض.
الدر المختار (4 / 234 , 235)
(الصرف هو بيع الثمن بالثمن) أي ما خلق للثمنية , ومنه المصوغ (جنسا بجنس أو بغير جنس) كذهب بفضة (ويشترط التماثل والتقابض قبل الافتراق) وهو شرط بقائه صحيحا على الصحيح (إن اتحدا جنسا , وإن اختلفا جودة وصياغة وإلا) بأن لم يتجانسا (شرط التقابض) لحرمة النساء (لا يتعينان) حتى لو استقرضا فأديا قبل افتراقهما أو أمسكا ما أشارا إليه في العقد وأديا مثلهما.
القوانين الفقهية (ص 255)
يحرم التفاضل في بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة في المراطلة والمبادلة , فلا يجوز أن يكون بينهما زيادة أصلا , بل يجب أن يكونا مثلا بمثل عند الجمهور خلافا لقوم. فتلخص من هذا أن بيع أحد النقدين بجنسه تحرم فيه النسيئة والتفاضل , وبيعه بالجنس الآخر تحرم فيه النسيئة دون التفاضل.
المغني (6 / 60 , 61)
فصل: والجيد والرديء والتبر والمضروب , والصحيح والمكسور , سواء في جواز البيع مع التماثل , وتحريمه مع التفاضل. وهذا قول أكثر أهل العلم , منهم أبو حنيفة والشافعي. . .
لا خلاف في جواز التفاضل في الجنسين نعلمه , إلا ما روي عن سعيد بن جبير أنه قال ما يتقارب الانتفاع بهما لا يجوز التفاضل فيهما.
الأم (3 / 26)
قال الشافعي لا يجوز الذهب بالذهب ولا الورق بالورق ولا شيء من المأكول والمشروب بشيء من صنفه إلا سواء بسواء , يدا بيد. . فإذا اختلف الصنفان من هذا , وكان ذهبا بورق أو تمرا بزبيب , أو حنطة بشعير , فلا بأس بالفضل في بعضه على بعض يدا بيد , لا يفترقان من مقامهما الذي تبايعا فيه حتى يتقابضا. . وإذا اختلف الصنفان فلا بأس أن يشترى أحدهما بالآخر ومع الآخر شيء , ولا بأس أن يشترى بالذهب فضة منظومة بخرز , لأن اكثر ما في هذا أن يكون التفاضل بالذهب أو الورق , ولا بأس بالتفاضل فيهما , وكل واحد من المبيعين بحصته من الثمن.
تكملة المجموع للسبكي (10 / 16 , 72 , 83)
الحكم الأول: تحريم التفاضل في الجنس الواحد من أموال الربا إذا بيع بعضه ببعض , كبيع درهم بدرهمين نقدا , أو صاع قمح بصاعين , أو دينار بدينارين , ويسمى ربا الفضل , لفضل أحد العوضين على الآخر. . وربا النقد في مقابلة ربا النسيئة.
الحكم الثاني: جواز التفاضل عند اختلاف الجنس مع تحريم النساء والتفرق قبل التقابض. ولا خلاف في جواز المفاضلة عند اختلاف الجنس. .
/217 (فرع) /217 على تحريم التفاضل في الجنس الواحد.
قال أصحابنا: لا يجوز بيع الذهب بالذهب متفاضلا ولا الفضة بالفضة كذلك , سواء كانا مصوغين أو تبرين أو عينين أو أحدهما مصوغا والآخر تبرا أو عينا , أو جيدين أو رديئين , أو أحدهما جيدا والآخر رديئا أو كيف كان. وهو مذهب الأوزاعي وأبي حنيفة وأحمد وأكثر العلماء. وعلى ذلك مضى السلف والخلف.
قال الشافعي في كتاب الصرف من الأم: ولا خير في أن يصارف الرجل الصائغ الفضة بالحلي الفضة المعمولة ويعطيه أجرته , لأن هذا الورق بالورق متفاضلا , ولا نعرف في ذلك خلافا إلا ما روى عن معاوية أنه كان لا يرى الربا في بيع العين بالتبر ولا بالمصوغ , ويذهب إلى أن الربا لا يكون في التفاضل إلا في التبر بالتبر وفي المصوغ بالمصوغ وفي العين بالعين. كذلك حكاه ابن عبد البر.(1/824)
مسألة مد عجوة
ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة إلى عدم جواز بيع النقد بجنسه ومعهما أو مع أحدهما صنف آخر من غير جنسه كبيع درهمين (أو درهم وثوب) ومد عجوة.
وذهب الحنفية وأحمد في رواية عنه إلى جواز ذلك بشرط أن يزيد الثمن (النقد المفرد) على النقد المضموم إليه , أو أن يكون مع كل واحد منهما شيء من غير جنسه.(1/825)
مسألة (مد عجوة) من الفروع الفقهية المشهورة في باب الربا والصرف , وإنما سميت بذلك لأنها مثلت بمد عجوة ودرهم , ومراد الفقهاء بها: (بيع ربوي بجنسه , ومعهما أو مع أحدهما بصنف آخر من غير جنسه) . وذلك كبيع درهمين (أو درهم وثوب) بدرهم ومد عجوة , وكبيع شيء محلى بذهب أو فضة - مثل سيف أو مصحف - بجنس حليته.
وقد ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة إلى عدم جواز هذا البيع سدا لذريعة الربا , لأنه قد يتخذ حيله على الربا الصريح.
وخالفهم الحنفية وأحمد في رواية عنه فقالوا بجواز بيع نقد مع غيره بنقد من جنسه بشرط أن يزيد الثمن (أي النقد المفرد) على النقد المضموم إليه. فإن تساوى النقدان , أو كان النقد المفرد أقل بطل البيع , لتحقق التفاضل المحرم , وكذا إذا لم يدر الحال , لاحتمال المفاضلة والربا.(1/826)
الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية (ص 128)
وتجوز مسالة مد عجوة , وهو رواية عن أحمد ومذهب أبي حنيفة.
المهذب (1 / 280)
فصل: وما حرم فيه الربا لا يجوز بيع بعضه ببعض ومع أحد العوضين جنس آخر يخالفه في القيمة كبيع ثوب ودرهم أو مد عجوة ودرهم بدرهمين.
شرح منتهى الإرادات (2 / 198)
و (لا) يصح بيع (ربوي جنسه ومعهما) أي العوض (أو) مع (أحدهما من غير جنسهما كمد عجوة ودرهم بمثلهما) أي بمد عجوة ودرهم , ولو أن المدين والدرهمين من نوع واحد (أو) بيع مد عجوة ودرهم (بمدين) من عجوة (أو بدرهمين) وكبيع محلى بذهب بذهب أو محلى بفضة بفضة , وتسمى مسألة مد عجوة درهم , لأنها مثلت بذلك. ونص على عدم جوازها لحديث فضالة بن عبيد أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقلادة فيها ذهب وخرز ابتاعها رجل بتسعة دنانير أو سبعة دنانير , فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا حتى تميز بينهما. قال: فرده حتى ميز بينهما رواه أبو داود ولمسلم أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده لأنه قد يتخذ حيلة على الربا الصريح.
مجموع فتاوى ابن تيمية (9 / 457)
وأصل مسألة (مد عجوة) أن يبيع مالا ربويا بجنسه , ومعهما أو مع أحدهما من غير جنسه. فإن للعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:
أحدهما: المنع منه مطلقا. كما هو قول الشافعي ورواية عن أحمد.
والثاني: الجواز مطلقا. كقول أبي حنيفة ويذكر رواية عن أحمد.
والثالث: الفرق بين أن يكون المقصود بيع الربوي بجنسه متفاضلا أو لا يكون , وهذا هو مذهب مالك وأحمد في المشهور عنه. فإذا باع تمرا في نواه بنوى , أو بتمر منزوع النوى , أو شاة فيها لبن بشاة ليس فيها لبن أو بلبن ونحو ذلك , فإنه يجوز عندهما , بخلاف ما إذا باع ألف درهم بخمسمائة درهم في منديل , فإن هذا لا يجوز. فمن كان قصده بيع الربوي بجنسه متفاضلا لم يجز , وإن كان تباعا غير مقصود جاز , ومالك رحمة الله يقدر ذلك بالثلث.
المغني (6 / 92 / 93)
فصل: وإن باع شيئا فيه الربا , بعضه ببعض ومعهما أو مع أحدهما من غير جنسه كمد ودرهم بمد ودرهم أو بمدين أو بدرهمين , أو باع شيئا ملحى بجنس حليته , فهذه المسألة تسمى مسألة (مد عجوة) , والمذهب أنه لا يجوز ذلك. نص على ذلك أحمد في مواضع كثيرة , وذكره قدماء الأصحاب. .
وعن أحمد رواية أخرى تدل على أنه يجوز بشرط أن يكون المفرد أكثر من الذي معه غيره , أي يكون مع كل واحد منهما من غير جنسه.
وقال حماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة يجوز هذا كله إذا كان المفرد أكثر من الذي معه غيره , أو كان مع كل واحد منهما من غير جنسه. وقال الحسن لا بأس ببيع السيف المحلى بالفضة بالدراهم. وبه قال الشعبي والنخعي.
المبسوط (14 / 5)
أما بيع السيف المحلى بالفضة بالفضة , فعلى أربعة أوجه: إن كان يعلم أن فضة الحلية أكثر فهو فاسد , وكذلك إن كانت الحلية مثل النقد في الوزن , الجفن والحمائل فضل خال عن العروض , فإن مقابلة الفضة بالفضة في البيع تكون بالأجزاء. وإن يعلم أن الفضة في الحلية أقل جاز العقد على أن يجعل المثل بالمثل والباقي بإزاء الجفن والحمائل عندنا خلافا للشافعي وإن كان لا يدرى أيهما | أقل فالبيع فاسد عندنا لعدم العلم بالمساواة عند العقد وتوهم الفضل وعند زفر هذ يجوز فإن الأصل الجواز والمفسد هو الفصل الخالي عن العوض مما لم يعلم به يكون العقد محكوما بجوازه.
مراجع إضافية
انظر مغني المحتاج (2 / 28) , مختصر الفتاوى المصرية لابن تيمية (ص 329) , أسنى المطالب (2 / 25)(1/827)
صرف ما في الذمة
صرف ما في الذمة هو أن يقول الرجل لآخر: بعتك الدنانير التي لي في ذمتك بالدراهم التي لك في ذمتي حتى تبرأ ذمة كل منا.
وهو جائز مشروع عند الحنفية والمالكية والسبكي من الشافعية وابن تيمية من الحنابلة.
أما الشافعية والحنابلة فقد نصوا على عدم جوازه.(1/828)
المراد بصرف ما في الذمة أن يكون للرجل في ذمة آخر دنانير , وللآخر عليه دراهم , فيصطرفا بما في ذمتهما , بأن يقول الأول: بعتك الدنانير التي لي في ذمتك بالدراهم التي لك في ذمتي , حتى تبرأ ذمة كل منا , فيقبل الآخر. وتسمى هذه المسألة ب (تطارح الدينين صرفا) .
وقد ذهب الشافعية والحنابلة إلى عدم جواز صرف ما في الذمة , لأنه بيع دين بدين. غير أن المالكية اشترطوا أن يكون الدينان قد حلا معا , فأقاموا حلول الأجلين في ذلك مقام الناجز بالناجز.(1/829)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 193)
لا يصح تصارف المدينين بجنسين في ذمتهما. مثلا: لو كان لأحدهما على الآخر دين من الذهب , للآخر عليه دين من الفضة , فتصارفا بهما , لم يصح (م 483) .
الأم للشافعي (3 / 33)
ومن كانت عليه دراهم لرجل , وللرجل عليه دنانير , حلت أو لم تحل , فتطارحاها صرفا , فلا يجوز , لأن ذلك دين بدين.
كشاف القناع (3 / 257)
وإن كان كل النقدين في ذمتيهما , فاصطرفا من غير إحضار أحدهما , لم يصح الصرف , لأنه بيع دين بدين.
القوانين الفقهية (ص 320)
فإن كان أحدهما - أي الدينين - ذهبا , والآخر فضة , حازت المقاصة إن كانا قد حلا معا , ولم تجز إن لم يحلا أو حل أحدهما دون الآخر , لأنه صرف مستأجر.
مجموع فتاوى ابن تيمية (29 / 472)
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالئ بالكالئ وهو المؤخر بالمؤخر , ولم ينه عن بيع دين ثابت في الذمة يسقط إذا بيع بدين ثابت في الذمة يسقط , فإن هذا الثاني يقتضي تفريغ كل واحدة من الذمتين , ولهذا كان جائزا في أظهر قولي العلماء.
نظرية العقد لابن تيمية (ص 235)
مثل أن يكون لأحدهما عند الآخر دنانير , وللآخر عند الأول دراهم , فيبيع هذا بهذا. فالشافعي وأحمد نهيا عن ذلك , لأنه بيع دين بدين. وجوزه مالك وأبو حنيفة وهذا أظهر لأنه قد برئت ذمة كل منهما من غير مفسدة ولفظ النهى عن بيع الدين بالدين لم يرو عن النبي , صلى الله عليه وسلم لا بإسناد صحيح ولا ضعيف , وإنما في حديث منقطع أنه نهى عن بيع الكالئ بالكالئ. أي المؤخر , وهو بيع الدين بالدين. قال أحمد لم يصح فيه حديث , ولكن هو إجماع. وهذا مثل أن يسلف إليه شيئا مؤجلا في شيء مؤجل , فهذا الذي لا يجوز بالإجماع.
وإذا كان العمدة في هذا هو الإجماع - والإجماع إنما هو في الدين الواجب بالدين الواجب , كالسلف المؤجل من الطرفين - فهذه الصورة , وهي بيع ما هو ثابت في الذمة ليسقط بما هو في الذمة ليس في تحريمه نص ولا إجماع ولا قياس , فأن كلا منهما اشترى ما في ذمته , وهو مقبوض له بما في ذمة الآخر , فهو كما لو كان لكل منهما عند الآخر وديعة , فاشتراها بوديعته عند الآخر , وهذا أولى بالجواز من شراء ما في ذمة الغير.(1/830)
اقتضاء أحد النقدين من الآخر
يجوز اقتضاء أحد النقدين من الآخر إذا وقع القبض قبل الافتراق في قول جماهير أهل العلم واشترط الحنابلة أن يكون بسعر يومهما واشترط المالكية أن يكون الدين المبدل منه حالا.(1/831)
يجوز اقتضاء أحد النقدين من الآخر إذا وقع القبض قبل الافتراق في قول جماهير أهل العلم , وذلك كما إذا كان لك على آخر دراهم فتأخذ منه عوضها دنانير , أو كان لك عليه دنانير , فتأخذ منه بدلها دراهم من غير إحضار المبدل منه في مجلس العقد.
وهذا جائز في قول جماهير الفقهاء من الحنفية والشافعي في الجديد والمالكية والحنابلة إذا وقع القبض قبل الافتراق. واشترط الحنابلة أن يكون استبدال أحد النقدين بالآخر بسعر يومه , واشترط المالكية أن يكون المبدل منه حالا غير مؤجل.
ودليل جواز اقتضاء أحد النقدين من الآخر قبل التفرق حديث ابن عمر قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع , فأبيع بالدنانير وآخذ مكانها الدراهم , وأبيع بالدراهم وآخذ مكانها الدنانير , آخذ هذه من هذه , وأعطي هذه من هذه. فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك , فقال: لا بأس إذا تفرقتما وليس بينكما شيء رواه أبو داود والترمذي والنسائي والحاكم.
قال الشوكاني فيه دليل على جواز الاستبدال عن الثمن الذي في الذمة بغيره , ظاهرة أنهما غير حاضرين جميعا , بل الحاضر أحدهما , وهو غير اللازم , فدل على أن ما في الذمة كالحاضر.(1/832)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 193)
يصح بيع الدين بالعين , فيصح صرف دين بأمانة أو بعين مقبوضة في المجلس مثلا لو كان لأحد على آخر دراهم فأعطاه بها دنانير أو بالعكس صح.
شرح منتهى الإرادات (2 / 205)
(ويصح اقتضاء) نقد (من آخر) كذهب من فضة وعكسه (إن أحضر أحدهما) أي النقدين (أو كان) أحدهما (أمانة) أو عارية أو غصبا (والآخر مستقر في الذمة) لا رأس مال سلم (بسعر يومه) لحديث أبي داود وغيره عن ابن عمر وفيه أبيع بالدنانير وآخذ الدراهم , وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير , آخذ هذه عن هذه , وأعطي هذه عن هذه فقال صلى الله عليه وسلم: لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء. ولأنه صرف بعين وذمة , فجاز كما لو لم يسبقه اشتغال ذمة , واعتبر سعر يومها للخبر , ولجريان ذلك مجرى القضاء , فتقيد بالمثل , وهو هنا من حيث القيمة لتعذره من حيث الصورة. ذكره في المغني (ولا يشترط حلوله) أي ما في الذمة إذا قضاه بسعر يومه لظاهر الخبر , ولأنه رضي بتعجيل ما في الذمة بغير عوض. أشبه مالو قضاه من جنس الدين , فإن نقصه عن سعر المؤجل أو غيرها لم يجز للخبر.
القوانين الفقهية (ص 255)
يجوز صرف ما في الذمة إن كان حالا , وذلك بأن يكون لرجل على آخر ذهب , فيأخذ فيه فضة , أو فضة فيأخذ فيها ذهبا. ومنعه الشافعي حل أو لم يحل , وأجازه أبو حنيفة حل أو لم يحل.
المغني (6 / 107)
فصل: ويجوز اقتضاء أحد النقدين من الآخر , ويكون صرفا بعين وذمة في قول أكثر أهل العلم.
بداية المجتهد (2 / 200)
ومن هذا الباب اختلافهم في الرجل يكون له على الرجل دراهم إلى أجل , هل يأخذ فيها إذا حل الأجل ذهبا أو بالعكس؟ فذهب مالك إلى جواز ذلك إذا كان القبض قبل الافتراق. وبه قال أبو حنيفة إلا أنه أجاز ذلك وإن لم يحل الآجل. ولم يجز ذلك جماعة من العلماء , سواء كان الأجل حالا أو لم يكن. وهو قول ابن عباس وابن مسعود. وحجة من أجاز ذلك حديث ابن عمر قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع , أبيع بالدنانير , وآخذ الدراهم , وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير , فسألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا بأس بذلك إذا كان بسعر يومه. أخرجه أبو داود وحجة من لم يجزه ما جاء في حديثه أبي سعيد وغيره ولا تبيعوا منها غائبا بناجز
مغني المحتاج (2 / 70)
(والجديد جواز الاستبدال عن الثمن) الثابت في الذمة وإن لم يكن نقدا , لخبر ابن عمر أنه قال: كنت أبيع الإبل بالدنانير وآخذ مكانها الدراهم , وأبيع بالدراهم وآخذ مكانها الدنانير , فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك , فقال: لا بأس إذا تفرقتم وليس بينكما شيء. رواه الترمذي وغيره وصححه الحاكم على شرط مسلم وسواء أقبض الثمن أم لا , فقوله في الخبر (وليس بينكما شيء) أي من عقد الاستبدال , ولا من العقد الأول , بقرينة رواية أخرى تدل لذلك. والقديم: المنع لعموم النهى السابق لذلك , وللمضمونات ضمان العقود كبدل خلع وصداق وأجرة حكم الثمن لاستقرارها , بخلاف دين السلم كما مر , وفرق بينه وبين الثمن بأنه معرض بانقطاعه للانفساخ أو الفسخ , وبأن عينه تقصد بخلاف الثمن فيهما. ويجوز استبدال الحال عن المؤجل , وكأن صاحبه عجله , بخلاف عكسه لعدم لحوق الأجل.
(فإن استبدل موافقا في علة الربا كدراهم عن دنانير) أو عكسه (اشترط قبض البدل في المجلس) كما دل عليه الخبر السابق حذرا من الربا , فلا يكفي التعيين عنه.(1/833)
المواعدة على الصرف
المواعدة على الصرف جائزة عند جمهور الفقهاء , فإن تصارفا فيما بعد ترتبت على العقد آثاره الشرعية من وقت انعقاده لا من وقت المواعدة ليست عقدا في النظر الفقهي وذهب المالكية إلى كراهتها.(1/834)
المواعدة في الاصطلاح الفقهي هي عبارة عن إعلان صادر من شخصين يتضمن توافق رغبتيهما على إنشاء عقد في المستقبل تعود آثاره عليهما.
وقد نص كثير من الفقهاء منهم الإمام الشافعي وابن حزم وبعض المالكية على جواز المواعدة على الصرف. فإن تصارفا فيما بعد ترتبت على العقد آثاره الشرعية من وقت العقد لا من زمن المواعدة عليه , لأن المواعدة لا تعتبر عقدا في النظر الفقهي.
وذهب المالكية في المشهور إلى كراهة المواعدة على الصرف , فإن تم الصرف فيما بينهما بعد بناء على المواعدة صح ولزم عند ابن القاسم وقال أصبغ يفسخ.(1/835)
الأم (3 / 27)
قال الشافعي وإذا تواعد الرجلان الصرف , فلا بأس أن يشتري الرجلان الفضة ثم يقرانها عند أحدهما حتى يتبايعاها ويصنعا بها ما شاء.
المحلى (8 / 513)
والتواعد في بيع الذهب بالذهب أو بالفضة , وفي بيع الفضة بالفضة , وفي سائر الأصناف الأربعة بعضها ببعض جائز , تبايعا بعد ذلك أو لم يتبايعا , لأن التواعد ليس بيعا.
لباب اللباب (ص 137)
المواعدة: فيها ثلاثة أقوال: الجواز لابن نافع والمنع لأصبغ والكراهة لمالك وابن القاسم.
القوانين الفقهية (ص 255)
يكره الوعد في الصرف على المشهور , وقيل: يجوز , وقيل: يمنع.
التاج والإكليل (4 / 309)
قال ابن رشد لا يجوز في الصرف مواعدة ولا كفالة ولا خيار ولا حوالة. ثم قال بعد ذلك: أما الخيار فلا خلاف أن الصرف به فاسد لعدم المناجزة بينهما , واما المواعدة فتكره , فإن وقع ذلك وتم الصرف بينهما على المواعدة لم يفسخ عند ابن القاسم. وقال أصبغ يفسح. ابن عرفة كره مالك وابن القاسم المواعدة في الصرف , ومنعها أصبغ وجوزها ابن نافع. قال اللخمي والجواز أحسن.(1/836)
انتهاء الصرف
ينتهى الصرف بتسليم كل من العاقدين النقد الذي اتفقا على مبادلته.(1/837)
ينتهى الصرف بتنفيذ آثاره وهي الالتزامات المترتبة على المتعاقدين وذلك بتسليم الثمنين.
وينتهي أيضا باتفاق الطرفين على الإقالة ويترتب على ذلك التراد بإعادة الثمنين.
وينتهي أيضا بطروء سبب من أسباب الفسخ المقررة شرعا ومن ذلك ظهور العيب في الذهب أو الفضة إذا اختار المشترى الفسخ دون التعويض (الأرش) .(1/838)
السلم(1/839)
تعريف السلم
السلم في الاصطلاح الفقهي هو بيع آجل بعاجل , فالسلم نوع من البيع يتأخر فيه المبيع (ويسمى المسلم فيه) , ويتقدم فيه الثمن (ويسمى رأس مال السلم) , فهو عكس البيع بثمن مؤجل.
ويسمى البائع (المسلم إليه) , ويسمى المشتري (المسلم) .(1/840)
السلم في اللغة وفي الاصطلاح الفقهي
السلم في اللغة: السلم في لغة العرب يعني الإعطاء والترك والتسليف. يقال: أسلم الثوب إلى الخياط , أي أعطاه. ويقال: أسلم في البر , أي أسلف. من السلم.
والسلم في الاصطلاح الفقهي هو عبارة عن بيع موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلا. وقد اختلف الفقهاء في تعريفه تبعا لاختلافهم في الشروط المعتبرة فيه.
ويسمي الفقهاء المشتري في هذا العقد (رب السلم أو المسلم) والبائع (المسلم إليه) , والمبيع (المسلم فيه) , والثمن (رأس مال السلم) .
تعريف السلم عند الحنفية والحنابلة
اشترط الحنفية والحنابلة في صحة السلم قبض رأس المال في مجلس العقد , وتأجيل المسلم فيه احترازا من السلم الحال , وعرفوه بما يتضمن ذلك.
فقال ابن عابدين هو شراء آجل بعاجل.
وجاء في الإقناع أنه: عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد.
تعريف السلم عند الشافعية
اشترط الشافعية لصحة السلم قبض رأس المال في المجلس , وأجازوا كون السلم حالا ومؤجلا.
وعرفوه بأنه: عقد على موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلا فلم يقيدوا المسلم فيه الموصوف في الذمة بكونه مؤجلا , لجواز السلم الحال عندهم.
تعريف السلم عند المالكية
منع المالكية السلم الحال , لكنهم لم يشترطوا تسليم رأس المال في مجلس العقد , وأجازوا تأجيله اليومين والثلاثة لخفة الأمر.
لذلك فقد عرفوه بأنه: بيع معلوم في الذمة محصور بالصفة بعين حاضرة أو ما هو في حكمها إلى أجل معلوم.
فتعبيرهم (أو ما هو في حكمها) يشير إلى جواز تأخير رأس مال السلم تأخيرا يسيرا , حيث إنه يعتبر في حكم التعجيل بناء على أن ما قارب الشيء يعطى حكمه في النظر الفقهي. وقولهم في التعريف (إلي أجل معلوم) يبين وجوب كون المسلم فيه مؤجلا , واحترازا من السلم الحال.(1/841)
دليل المشروعية السلم
ثبتت مشروعية عقد السلم بالكتاب والسنة والإجماع.(1/842)
دليل المشروعية من الكتاب
يقول تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} (البقرة: 282)
قال ابن عباس أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في كتابه وأذن فيه , ثم قرأ هذه الآية.
ووجه الدلالة في الآية: أنها أباحت الدين , والسلم نوع منه.
قال القاضي ابن العربي (الدين هو عبارة عن كل معاملة كان أحد العوضين فيها نقدا , والآخر في الذمة نسيئة , فإن العين عند العرب ما كان حاضرا , والدين ما كان غائبا) . فدلت الآية على حل المداينات بعمومها , وشملت السلم باعتباره من أفرادها , إذ المسلم فيه ثابت في ذمة المسلم إليه إلى أجله.
دليل المشروعية من السنة
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة والناس يسلفون في التمر السنتين والثلاث , فقال عليه الصلاة والسلام: من أسلف في شيء فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم. فدل الحديث على إباحة السلم وبين الشروط المعتبرة فيه.
وروى البخاري عن محمد بن أبي المجالد قال: أرسلني أبو بردة وعبد الله بن شداد إلى عبد الرحمن بن أبزى وعبد الله بن أبي أوفى فسألتهما عن السلف؟ فقالا: كنا نصيب المغانم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , فكان يأتينا أنباط من الشام فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب , فقلت: أكان لهم زرع أم لم يكن لهم زرع؟ قال: ما كنا نسألهم عن ذلك.
دليل المشروعية من الإجماع
قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم جائز.
وقد أجمع فقهاء المذاهب على جواز السلم , ولم يخالف في مشروعيته أحد , واستدلوا له بما ورد من النصوص والإجماع.(1/843)
الوصف الفقهي للسلم
اختلف الفقهاء في كون مشروعية السلم جارية على وفق القياس ومقتضى القواعد العامة في الشريعة , أم أنها جاءت استثناء على خلاف ذلك لحاجة الناس إلى هذه المعاقدة.
فقال جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة أن السلم عقد جائز على خلاف القياس.
وقال بعض الفقهاء مثل ابن حزم وابن تيمية وابن القيم أن السلم جاء وفق القياس وليس فيه مخالفة للقواعد الشرعية.(1/844)
بعد ما ثبتت مشروعية السلم بالكتاب والسنة والإجماع اختلف الفقهاء في كون تلك المشروعية جارية على وفق القياس ومقتضى القواعد العامة في الشريعة , أم أنها جاءت استثناء على خلاف ذلك لحاجة الناس إلى هذه المعاقدة , وذلك على قولين:
القول الأول السلم عقد جائز على خلاف القياس
يرى جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة أن السلم عقد جائز على خلاف القياس لأنه مستثنى من قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تبع ما ليس عندك. فإن السلم بيع ما ليس عند الإنسان , إذ المسلم فيه (وهو المبيع) معدوم عند العقد.
والدليل على ذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان ورخص في السلم. فهذا يدل على تخصيص السلم من عموم النهي بالترخيص فيه.
وعلى ذلك قال ابن نجيم هو على خلاف القياس , إذ هو بيع المعدوم , ووجب المصير إليه بالنص والإجماع للحاجة وقال الشيخ زكريا الأنصاري (السلم عقد غرر جوز للحاجة.) . وفي منح الجليل: (صرح في المدونة بأن السلم رخصة مستثناة من بيع ما ليس عند بائعه) .
وقد بين العلامة ابن خطيب الدهشة الشافعي أن عقد السلم وإن كانت مشروعيته في الأصل على خلاف الدليل للحاجة إلى بيع المعدوم , فقد صار مستقلا , فجوز مطلقا عند الحاجة وعدمها , وفي المعدوم والموجود والحال.
القول الثاني: السلم عقد جائز على وفق القياس ذهب ابن حزم وتقي الدين ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وهو أن السلم عقد مشروع على وفق القياس , وليس فيه مخالفة للقواعد الشرعية.
قال ابن تيمية وأما قولهم (السلم على خلاف القياس) فقولهم هذا من جنس ما رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تبع ما ليس عندك وأرخص في السلم. وهذا لم يرو في الحديث , وإنما هو من كلام بعض الفقهاء , وذلك أنهم قالوا: السلم بيع الإنسان ما ليس عنده , فيكون مخالفا للقياس.
ونهي النبي صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام عن بيع ما ليس عنده:
- إما أن يراد به بيع عين معينة , فيكون قد باع مال الغير قبل أن يشتريه , وفيه نظر.
- وإما أن يراد به بيع ما لا يقدر على تسليمه , وإن كان في الذمة , وهذا أشبه. فيكون قد ضمن له شيئا لا يدرى هل يحصل أو لا يحصل؟
وهذا في السلم الحال إذا لم يكن عنده ما يوفيه , والمناسبة فيه ظاهرة.
فأما السلم المؤجل , فإنه دين من الديون , وهو كالابتياع بثمن مؤجل. فأي فرق بين كون أحد العوضين مؤجلا في الذمة , وكون العروض الآخر مؤجلا في الذمة , وقد قال تعالى: {إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} قال ابن عباس أشهد أن السلف المضمون في الذمة حلال في كتاب الله , وقرأ هذه الآية.
فإباحة هذا على وفق القياس لا على خلافه.
وقال ابن القيم والصواب أنه على وفق القياس فإنه بيع مضمون في الذمة موصوف مقدور على تسليمه غالبا , وهو كالمعاوضة على المنافع في الإجارة , وقد تقدم أنه على وفق القياس.
وقياس السلم على بيع العين المعدومة التي لا يدري أيقدر على تحصيلها أم لا؟ والبائع والمشتري منها على غرر , من أفسد القياس صورة ومعنى , وقد فطر الله العقلاء على الفرق بين بيع الإنسان ما لا يملكه ولا هو مقدور له وبين السلم إليه في مغل مضمون في ذمته مقدور في العادة على تسليمة فالجمع بينهما كالجمع بين الميتة والمذكى , الربا والبيع.
ولا يخفى ما في هذا الاحتجاج من نظر وجيه وتأويل حسن.(1/845)
الحكم التكليفي للسلم
يتفق الفقهاء على أن عقد السلم مباح شرعا لرفع الحرج عن الناس وتحقيق مصالحهم , فهو مشروع لينتفع ويرتفق به كل من البائع والمشتري.(1/846)
إن عقد السلم مما تدعو إليه الحاجة لتوفير التسهيلات الائتمانية للإنتاج الزراعي والصناعي والتجاري , ومن هنا كان في إباحته رفع للحرج عن الناس والإرفاق بطرفيه واضح:
الإرفاق بالمنتج الذي يحتاج إلى تمويل موسمي لأجل قصير أو متوسط , حيث يستفيد من تعجيل رأس المال ,
والإرفاق بالدائن الذي يحتاج إلى البضاعة التي تعاقد عليها لاستهلاكه أو لتجارته أو لصناعته , حيث يستفيد من رخص ثمنها المقدم.
وقد أشار إلى هذا المعنى ابن قدامة بقوله: (ولأن بالناس حاجة إليه , لأن أرباب الزروع والثمار والتجارات يحتاجون إلى النفقة على أنفسهم وعليها لتكمل , وقد تعوزهم النفقة , فجوز لهم السلم ليرتفقوا ويرتفق المسلم بالاسترخاص) .(1/847)
أقسام السلم
ينقسم السلم باعتبارات مختلفة:
فهو ينقسم بحسب التوقيت إلى السلم الحال والسلم المؤجل.
وينقسم بحسب المسلم فيه إلى السلم في العروض أو في الحيوان أو في النقود.
كما ينقسم بحسب نوع العقد إلى السلم العادي والسلم الموازي.(1/848)
أقسام السلم بحسب التوقيت
ينقسم السلم بحسب التوقيت عند الشافعية إلى السلم الحال والسلم المؤجل فيجوز الاتفاق على تقديم المسلم فيه في الحال دون تحديد أجل وذلك قياسا أولويا على السلم المؤجل.
وخالفهم الجمهور في ذلك فاشترطوا أن يكون السلم موجلا إلى أجل معلوم وقرروا عدم صحة السلم الحال.
أقسام السلم بحسب المسلم فيه
وينقسم السلم أيضا بحسب المسلم فيه إلى:
السلم في العروض كالزروع والمواد الخام ونحوها.
السلم في الحيوان كالإبل والبقر والغنم مع ضبط الحيوان بذكر سنه وذكورته أو أنوثته وسمنه أو هزاله وغير ذلك من الصفات.
السلم في النقود كما ذهب لذلك الجمهور خلافا للحنفية واشترطوا على أن يكون رأس المال من غيرها لئلا يفضي ذلك إلى الربا.
أقسام السلم من حيث نوع العقد
ينقسم السلم من حيث نوع العقد إلى:
السلم العادي وهو ما يبرمه العاقد مع عزمه على تنفيذه بنفسه.
السلم الموازي وهو أن يبرم العاقد صفقة شراء بالسلم ثم يبرم صفقة بيع بالسلم دون ربط بينهما ويعزم على أن ينفذ الصفقة الثانية مما يتسلمه من الصفقة الأولى.(1/849)
الصيغة
ينعقد السلم بلفظ البيع إن ذكرت باقي شروطه , لأن العبرة في العقود لمعانيها لا لصور ألفاظها. واطلاق البيع مع ذكر شروط السلم , هو سلم في المعنى , فينعقد به.
واتفق الفقهاء على أن صيغة السلم يجب أن تكون منجزة يترتب عليها أثرها في الحال.
فلا يقبل التعليق على شرط , ولا الإضافة إلى زمن مستقبل.
كما اشترط جمهور الفقهاء لصحة عقد السلم ألا يكون فيه خيار شرط لأي من العاقدين وقد خالف بهذا المالكية فأجازوا شرط الخيار لمدة ثلاثة أيام , وهي المدة التي أجازوا تأخير رأس مال السلم إليها.(1/850)
انعقاد السلم بلفظ البيع
لما كان السلم عقدا يتم بين طرفين , فإن وجوده يتوقف على صيغة تفصح عن رغبة المتعاقدين على إنشائه , وتعبر بجلاء عن اتفاقهما على تكوينه , لأن النية - أو الرغبة - أمر باطن لا يمكن الاطلاع عليه , فلا بد من تعبير يدل عليه ويكشف عنه , وهو الإيجاب والقبول المتصلان المتوافقان.
وقد اتفق الفقهاء على صحة إيقاع الإيجاب بلفظ السلم أو السلف , وكل ما اشتق منهما , كأسلمتك وأسلفتك , وأعطيتك كذا سلما أو سلفا في كذا. . . لأنهما لفظان بمعنى واحد , وكلاهما اسم لهذا العقد. وكذا على صحة القبول بكل لفظ يدل على الرضا بما أوجبه الأول , مثل: قبلت ورضيت ونحو ذلك.
غير أن الفقهاء اختلفوا في صحة انعقاد السلم بلفظ البيع على قولين:
(أحدهما) لأبي حنيفة وصاحبيه والمالكية والحنابلة والشافعية في وجه: وهو أنه ينعقد السلم بلفظ البيع إذا بين فيه إرادة السلم وتحققت شروطه , كأن يقول رب السلم: اشتريت منك خمسين رطلا زيتا صفته كذا إلى أجل كذا بعشر دنانير حالة , وقبل المسلم إليه. ونحو ذلك. وحجتهم النظر إلى المعنى والتعويل على القصد , مع كون اللفظ لا يعارضه , إذ كل سلم بيع , كما أن كل صرف بيع , فإطلاق البيع على السلم أطلاق للفظ على ما يتناوله.
(والثاني) لزفر من الحنفية والشافعية في وجه صححه الشيخان النووي والرافعي وهو أن السلم لا ينعقد بلفظ البيع. وحجة زفر (أن القياس أن لا ينعقد أصلا , لأنه بيع ما ليس عند الإنسان , وأنه منهي عنه , إلا أن الشرع ورد بجوازه بلفظ السلم بقوله: ورخص في السلم) . فوجب الاقتصار عليه , لعدم إجزاء ما سواه. أما حجة أصحاب هذا الرأي من الشافعية فهو التعويل على اللفظ واعتباره , وعلى ذلك ينعقد بيعا نظرا للفظ , ولا يشترط فيه قبض رأس المال في المجلس , لأن السلم غير البيع فلا ينعقد بلفظه.
وقد انتصر الإمام تقي الدين ابن تيمية لمذهب المعولين على القصد والمعنى دون اللفظ بحجة بليغة وبرهان ساطع فقال: (والتحقيق أن المتعاقدين إن عرفا المقصود انعقدت , فأي لفظ من الألفاظ عرف به المتعاقدان مقصودهما انعقد به العقد. وهذا عام في جميع العقود فإن الشارع لم يحد ألفاظ العقود حدا , بل ذكرها مطلقة. فكما تنعقد العقود بما يدل عليها من الألفاظ الفارسية والرومية وغيرهما من الألسن الأعجمية , فهي تنعقد بما يدل عليها من الألفاظ العربية. ولهذا وقع الطلاق والعتاق بكل لفظ يدل عليه , وكذلك البيع وغيره.
يشترط في الصيغة أن تكون منجزة
بعد هذا تجدر الإشارة إلى اتفاق الفقهاء على أن صيغة السلم يجب أن تكون منجزة يترتب عليها أثرها في الحال.
فلا يقبل التعليق على شرط , كأن يقول: إذا جاء وكيلي فقد أسلمتك مائة جنيه في أردب قمح.
ولا تقبل الإضافة إلى زمن مستقبل , كأن يقول: أسلمتك أو أسلمك مائة جنيه بعد شهر في أردب قمح.
ذلك أن من شروط صحة السلم قبض رأس ماله في مجلس العقد عند جمهور الفقهاء (خلافا للمالكية الذين أجازوا تأخيره ثلاثة أيام) , والتعليق والإضافة كلاهما ينافيان هذا الشرط.
يشترط في الصيغة أن تكون باتة لا خيار فيها
اشترط جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة أن تكون صيغة السلم باتة لا خيار فيها لأي من العاقدين , وذلك لأنه عقد لا يقبل خيار الشرط , إذ يشترط لصحته تمليك رأس المال وإقباضه للمسلم إليه قبل التفرق , ووجوب تحققهما مناف لخيار الشرط.
وخالفهم في ذلك المالكية , وقالوا بجواز خيار الشرط في السلم للعاقدين أو لأحدهما أو لأجنبي ثلاثة أيام فما دون ذلك , بشرط أن لا يتم نقد رأس المال في زمن الخيار , فإن نقد فسد العقد مع شرط الخيار , لتردد رأس المال بين السلفية والثمنية.
وهذا هو الرأي المعتمد في مذهبهم , وهو مبني على جواز تأخير قبض رأس مال السلم ثلاثة أيام فما دونها , لأن هذا التأخير اليسير في حكم التعجيل , فيكون معفوا عنه ومتسامحا فيه , إذ القاعدة الفقهية تنص على (أن ما قارب الشيء يعطى حكمه) .(1/851)
صفات العاقدين
لما كان السلم عقدا من عقود المعاوضات المالية التي تنشأ بين متعاقدين بإرادتهما , اشترط الفقهاء في كل واحد من عاقديه أن يكون أهلا لصدوره عنه , وأن يكون له ولاية إذا كان يعقد لغيره.(1/852)
السلم هو عقد معاوضة مالية ينشأ بين طرفين متعاقدين بإرادتهما الحرة , فلا بد لانعقاد السلم ونفاذه أن يكون عاقداه من أهل العبارة المعتبرة في إنشاء العقود والالتزام بآثارها , ويتحقق ذلك بتوافر شرطين فيهما:
الأول: أهلية التصرف
يشترط أن يكون المتعاقدان أهلا للمعاملة والتصرف , أي أن يكون عندهما أهلية أداء. وأهلية الأداء التي تعني صلاحية الشخص لصدور الأقوال منه على وجه يعتد به شرعا.
وتتحقق هذه الأهلية في الإنسان البالغ العاقل الرشيد غير المحجور عليه بأي سبب من أسباب الحجر.
الثاني: الولاية على العقد
يشترط أن يكون للمتعاقدين ولاية على العقد , أي أن يكون للعاقد سلطة تمكنه من تنفيذ العقد وترتيب آثاره عليه , ويكون ذلك إما بتصرف العاقد أصالة عن نفسه وإما أن يكون مخولا في ذلك بأحد طريقين:
بالنيابة الاختيارية التي تثبت بالوكالة , ولابد فيها أن يكون كل من الوكيل والموكل أهلا لإنشاء عقود المعاوضات المالية.
أو بالنيابة الإجبارية التي تثبت بتولية الشارع , وتكون لمن يلي مال المحجور عليهم من الأولياء والأوصياء الذي جعلت لهم سلطة شرعية على إبرام العقود وإنشاء التصرفات المالية لمصلحة من يلونهم.(1/853)
المعقود عليه
المعقود عليه في السلم هو رأس المال , والمسلم فيه. ولهذا الركن شروط عديدة , بعضها تعود على رأس المال وبعضها تعود على المسلم فيه وسنشير إليهما في الشروط , والبعض الآخر من الشروط يعود على البدلين معا.
وقد اتفق الفقهاء أنه يشترط أن يكون كل من رأس المال والمسلم فيه مالا متقوما مما ينتفع به شرعا , سواء أكان رأس المال نقدا والمسلم فيه عرضا أم كان كل منهما عرضا. كما يشترط ألا يتحقق بينهما ربا النسيئة.
وخلافا عن الحنفية , أجاز جمهور الفقهاء السلم في النقود على أن يكون رأس المال من غيرها , كما أجازوا أن تكون المنافع رأس مال للسلم ومسلما فيه.(1/854)
يشترط في المعقود عليه أن يكون مالا متقوما
لا خلاف بين الفقهاء أنه يشترط لصحة عقد السلم أن يكون كل من رأس المال والمسلم فيه مالا متقوما , فلا يجوز أن يكون أحدهما خمرا أو خنزيرا أو غير ذلك مما لا يعد مالا منتفعا به شرعا.
كما أنه يشترط لصحته ألا يكون البدلان مالين يتحقق في سلم أحدهما بالآخر ربا النسيئة , وذلك بألا يجمع البدلين أحد وصفي علة ربا الفضل , حيث إن المسلم فيه مؤجل في الذمة , فإذا جمعه مع رأس المال أحد وصفي علة ربا الفضل , تحقق ربا النساء فيه , وكان فاسدا باتفاق الفقهاء. وذلك لما روى البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الذهب بالذهب , والفضة بالفضة , والبر بالبر , والشعير بالشعير , والتمر بالتمر , والملح بالملح , مثلا بمثل سواء بسواء , يدا بيد. فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد.
حالة كون السلم في النقود
وعلى هذا فقد نص جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة والظاهرية على جواز السلم في النقود , على أن يكون رأس المال من غيرها لئلا يفضي ذلك إلى ربا النساء.
قال ابن قدامة (لأنها تثبت في الذمة صداقا , فتثبت سلما كالعروض. ولأنه لا ربا بينهما من حيث التفاضل ولا النساء - لكون رأس المال عرضا غير نقد - فصح إسلام أحدهما في الآخر كالعرض في العرض) .
وخالفهم في ذلك الحنفية , وقالوا بعدم جواز كون المسلم فيه نقدا , لأن المسلم فيه لا بد أن يكون مثمنا , والنقود أثمان , فلا يصح أن تكون مسلما فيها.
قال الكاساني (لأن المسلم فيه مبيع , لما روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان , ورخص في السلم. سمى السلم بيعا , فكان المسلم فيه مبيعا , والمبيع مما يتعين بالتعيين , والدراهم والدنانير لا تتعين في عقود المعاوضات , فلم تكن مبيعة , فلا يجوز السلم فيها) .
وقد رد القاضي عبد الوهاب البغدادي مذهب الإمام أبي حنيفة مستندا في تجويز السلم في النقود على قوله صلى الله عليه وسلم من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم وهي من الموزونات , وبأن كل ما جاز أن يكون في الذمة ثمنا جاز أن يكون مسلما فيه , ولأن ضبطها بالصفة ممكن بذكر نوع فضتها أو ذهبها وسكتها ووزنها , فانتفى كل مانع , وتوفر مناط الجواز. أما احتجاجهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان (ورخص في السلم فغير مسلم , لأن الحديث الوارد عن النبي عليه الصلاة والسلام إنما هو النهي عن بيع ما ليس عندك , أما تتمة) ورخص في السلم (فلم ترو في الحديث , وإنما هي من كلام بعض الفقهاء.
حالة كون أحد البدلين أو كليهما من المنافع في السلم
اتجه الحنفية إلى أنه لا يجوز كون أي من البدلين في السلم منفعة , لأن المنافع لا تعتبر أموالا في مذهبهم , إذ المال عندهم) ما يميل إليه طبع الإنسان , ويمكن ادخاره لوقت الحاجة (م126 من المجلة العدلية) , والمنافع غير قابلة للإحراز والادخار , إذ هي أعراض تحدث شيئا فشيئا وآنا فآنا , وتنتهي بانتهاء وقتها , وما يحدث منها غير الذي ينتهي.
وعلى ذلك فلا يصح جعل المنافع بدلا في عقد السلم عندهم.
وخالفهم في ذلك جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة الذي اعتبروا المنافع أموالا بحد ذاتها , وأنها تحاز أصولها ومصادرها , وهي الأعيان المنتفع بها.
ومن ثم جاز عندهم أن تكون المنفعة رأس مال , كأن يقول: أسلمت إليك سكنى داري هذه سنة , أو خدمتي شهرا , أو تعليمي سورة كذا , في كذا إلى أجل كذا , صح ذلك السلم. كما جاز أن تكون المنفعة مسلما فيه , كأن يقول: أسلمت إليك عشرين دينارا في تعليمي سورة كذا بعد شهر أو في منفعة موصوفة في ذمتك إلى أجل , صح السلم.(1/855)
أن يكون رأس مال السلم معلوما
يشترط باتفاق الفقهاء أن يكون رأس مال السلم معلوما , وذلك لأنه بدل في عقد معاوضة مالية , فلا بد من كونه معلوما , كسائر عقود المعاوضات.(1/856)
لا خلاف بين الفقهاء في أنه يشترط في رأس المال أن يكون معلوما , وذلك لأنه بدل في عقد معاوضة مالية , فلا بد من كونه معلوما , كسائر عقود المعاوضات.
ورأس المال: إما أن يوصف في الذمة , ثم يعين في مجلس العقد , وإما أن يكون معينا عند العقد , كأن يكون حاضرا مشاهدا , ثم يقع العقد على عينه.
حالة كون رأس المال موصوفا
في هذه الحالة يجب أن ينص في عقد السلم على جنسه ونوعه وقدره وصفته , كأن يقول رب السلم: أسلمت إليك ألف ريال سعودي أو ألف دولار أمريكي , أو أردب قمح أسترالي أو كندي , من نوع جيد أو وسط أو رديء , كبير الحب أو صغيره. . إلخ , وذلك لأن قبول الطرف الآخر مبني على العلم بالبدل الذي يلتزم الطرف الأول بأدائه , ولا يتم هذا العلم إلا ببيان الجنس والنوع والقدر والصفة , مما يرفع الجهالة عن رأس المال.
حالة كون رأس المال نقودا
إذا كان رأس المال نقودا , وكان في البلد نقد غالب , انصرف الإطلاق إليه , ولا يحتاج إلى التصريح بالنوع. فلو كان العقد في مصر , وقال رب السلم: أسلمتك ألف جنيه في كذا. . انصرف ذلك إلى الجنيه المصري دون السوداني أو الإسترليني , لأن التعامل الغالب والدارج إنما هو فيه , فيكون هو المراد عند الإطلاق.
وعلى هذا , فإن قبل الطرف الآخر
وجب تعيين رأس المال وتسليمه إليه وفاء بالعقد.
حالة كون رأس المال معينا مشاهدا
إذا كان رأس المال معينا مشاهدا في مجلس العقد , فهل يصح إسلامه جزافا دون بيان قدره وصفاته؟ كأن يقول رب السلم: أسلمتك هذه الدنانير في كذا إلى أجل كذا , دون أن يبين عددها. أو: أسلمتك هذه الصبرة من القمح في كذا دون بيان قدرها.
وبعبارة أخرى: هل تعتبر الإشارة إلى رأس المال الحاضر كافية في رفع الجهالة عنه , واعتباره معلوما , أم لا بد من بيان القدر والصفات بالإضافة إلى ذلك؟
اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال:
(القول الأول) : لأبي حنيفة والثوري والقاضي عبد الوهاب البغدادي من المالكية: وهو أنه لا يشترط ذكر صفات رأس مال السلم , سواء أكان مثليا أم قيميا , حيث إن المشاهدة تكفي في رفع الجهالة عن الأوصاف. أما قدره , فهناك فرق بين كون رأس المال مثليا يتعلق العقد بمقداره وبين كونه قيميا. فإن كان مثليا كالمكيلات والموزونات والزراعيات والعدديات المتقاربة , فإنه يجب بيان القدر , ولا تكفي المشاهدة. أما إذا كان قيميا , فلا يشترط بيان قدره , وتكفي الإشارة إليه.
(والقول الثاني) : للمالكية والصاحبين من الحنفية والشافعية في الأظهر وظاهر كلام الخرقي من الحنابلة: وهو أنه تكفي المعاينة إذا كان رأس مال السلم معينا , ولا يشترط ذكر قدره أو صفاته. وذلك لأنه عوض في عقد لا يقتضي رد المثل , فوجب أن تغني المشاهدة عن ذكر صفاته ومقداره , كالمهر والثمن في البيع.
(والقول الثالث) : للحنابلة على المعتمد عندهم والشافعي في قول: وهو أنه يجب ذكر مقداره وصفاته , ولا يصح السلم إلا ببيانها. وذلك لأنه لا يؤمن أن ينفسخ السلم بانقطاع المسلم فيه , فإذا لم يعرف مقداره وصفته لم يعرف ما يرده.(1/857)
أن يتم تسليم رأس مال السلم في مجلس العقد
يشترط جمهور الفقهاء تسليم رأس المال في مجلس العقد , فلو تفرقا قبله بطل العقد.
أما لو عجل رب السلم بعض رأس المال في المجلس وأجل البعض الآخر فإن السلم يبطل عند جمهور الفقهاء فيما لم يقبض ويسقط بحصته من المسلم فيه , ويصح في الباقي بقسطه.
ومنع جمهور الفقهاء جعل الدين الذي في ذمة المسلم إليه رأس مال السلم لأنه بيع دين بدين.
واختلفت أقوالهم في حالة جعل رأس مال السلم هو المال المقبوض سابقا من المسلم إليه والذي تكون يده عليه يد أمانة.(1/858)
تعجيل رأس المال
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة والظاهرية إلى أن من شروط صحة السلم تسليم رأس ماله في مجلس العقد , فلو تفرقا قبله بطل العقد.
واستدلوا على ذلك:
(أولا) بقوله صلى الله عليه وسلم: من سلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم إذ التسليف في اللغة التي خاطبنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الإعطاء , فيكون معنى كلامه عليه الصلاة والسلام (فليعط) . لأنه لا يقع اسم السلف فيه حتى يعطيه ما أسلفه قبل أن يفارق من أسلفه , فإن لم يدفع إليه رأس المال فإنه يكون غير مسلف شيئا , بل واعدا بأن يسلف. قال الرملي (ولأن السلم مشتق من استلام رأس المال , أي تعجيله , وأسماء العقود المشتقة من المعاني لا بد من تحقق تلك المعاني فيها) .
(ثانيا) بأن الافتراق قبل قبض رأس المال يكون افتراقا عن كالئ بكالئ , أي نسيئة بنسيئة , وهو منهي عنه بالإجماع.
(ثالثا) بأن في السلم غررا احتمل للحاجة , فجبر ذلك بتعجيل قبض العوض الآخر , وهو الثمن , كي لا يعظم الغرر في الطرفين.
(رابعا) بأن الغاية الشرعية المقصودة من إبرام العقود ترتب آثارها عليها بمجرد انعقادها , فإذا تأخر البدلان كان العقد عديم الفائدة للطرفين خلافا لحكمه الأصلي ومقتضاه وغايته. ومن هنا قال ابن تيمية عن تأخير رأس المال في السلم (فإن ذلك منع منه لئلا تبقى ذمة كل منهما مشغولة بغير فائدة حصلت لا له ولا للآخر , والمقصود من العقود القبض , فهو عقد لم يحصل به مقصود أصلا , بل هو التزام بلا فائدة) .
(خامسا) وبأن مطلوب الشارع صلاح ذات البين وحسم مادة الفساد والفتن , وإذا اشتملت المعاملة على شغل الذمتين , توجهت المطالبة من الجهتين , فكان ذلك سببا لكثرة الخصومات والعداوات , فمنع الشرع ما يفضي إلى ذلك باشتراط تعجيل قبض رأس المال.
ولا يخفى أن اشتراط قبض رأس مال السلم قبل التفرق عند جمهور الفقهاء إنما هو شرط لبقاء العقد على الصحة , وليس شرط صحة , لأن السلم ينعقد صحيحا بدون قبض رأس المال , ثم يفسد بالافتراق قبل القبض. وبقاء العقد صحيحا يعقب العقد ولا يتقدمه , فيصلح القبض شرطا له.
وقد جاء في المجلة العدلية م (387) : (يشترط لبقاء صحة السلم تسليم الثمن في مجلس العقد , فإذا تفرق العاقدان قبل تسليم رأس مال السلم انفسخ العقد) .
هذا وقد خالف المالكية - في المشهور عندهم - جمهور الفقهاء في اشتراط تعجيل رأس مال السلم في مجلس العقد , وقالوا: يجوز تأخيره اليومين والثلاثة بشرط وبغير شرط تعويلا على القاعدة الفقهية (ما قارب الشيء يعطى حكمه) , حيث إنهم اعتبروا هذا التأخير اليسير معفوا عنه , لأنه في حكم التعجيل.
ومن هنا قال القاضي عبد الوهاب البغدادي في كتابه (الإشراف) في تعليل جواز ذلك التأخير اليسير: (فأشبه التأخير للتشاغل بالقبض) .
وقال ابن رشد (وأما تأخيره فوق الثلاث بشرط , فذلك لا يجوز باتفاق , سواء كان رأس المال عينا أو عرضا. فإن تأخر فوق الثلاث بغير شرط لم يفسخ إن كان عرضا , واختلف فيه إن كان عينا: فعلى ما في) المدونة (من السلم: يفسد بذلك ويفسخ. وعلى ما ذهب إليه ابن حبيب: أنه لا يفسخ إلا أن يتأخر فوق الثلاث بشرط) .
على أن المالكية أنفسهم يصرحون بأن العزيمة في السلم إنما تتحقق بتعجيل رأس المال في مجلس العقد. يقول ابن عبد السلام لم أعلم خلافا في كون تعجيل رأس المال عزيمة , وأن الأصل التعجيل , وإنما الخلاف: هل يرخص في تأخيره؟ .
تعجيل رب السلم بعض رأس المال وتأجيل البعض الآخر
هناك مسألة مهمة , وهي ما لو عجل رب السلم بعض رأس المال في المجلس , وأجل البعض الآخر , فما هو الحكم في هذه الحالة؟
اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
(أحدهما) للحنفية والشافعية والحنابلة:
وهو أنه يبطل السلم فيما لم يقبض ويسقط بحصته من المسلم فيه , ويصح في الباقي بقسطه. قال ابن نجيم (وصح في حصة النقد لوجود قبض رأس المال بقدره , ولا يشيع الفساد , لأنه طارئ , إذ السلم وقع صحيحا في الكل , ولذا لو نقد الكل قبل الافتراق صح) .
(والثاني للمالكية) :
وهو أنه يفسد في الجميع وعلل المالكية قولهم بأنه (متى قبض البعض وأخر البعض فسد , لأنه دين بدين) .
واستدل الظاهرية على ذلك أيضا بأن السلم عقد واحد وصفقة واحدة , وكل عقد جمع فاسدا وجائزا , كان كله فاسدا , لأن العقد الواحد لا يتبعض , والتراضي منهما لم يقع حين العقد إلا على الجميع , لا على البعض دون البعض , فلا يحل إلزامهما بما لم يتراضيا جميعا عليه , لأنه أكل مال بالباطل لا عن تراض.
ومستند ابن أبي ليلى أن الأصل عنده في أبواب المعاملات أن العقد إذا ورد الفسخ على بعضه انفسخ كله.
جعل الدين رأس مال السلم
لو أراد رب السلم أن يجعل الدين في ذمة المسلم إليه رأس مال السلم , فإن ذلك غير جائز عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة ومالك والأوزاعي والثوري وغيرهم , وذلك لأن المسلم فيه دين , فإذا جعل الثمن دينا , كان بيع دين بدين وهو غير جائز بالإجماع.
وخالفهم في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وذلك لعدم تحقق المنهي عنه - وهو بيع الكالئ بالكالئ , أي الدين المؤخر بالدين المؤخر - في هذه المسألة إذا كان الدين المجعول رأس مال السلم غير مؤجل في ذمة المدين , لأنها تكون من قبيل بيع الدين المؤخر بالدين المعجل , ولوجود القبض الحكمي لرأس مال السلم من قبل المسلم إليه في مجلس العقد , لكونه حالا في ذمته , فكأن المسلم - إذ جعل ماله في ذمته معجلا رأس مال السلم - قبضه منه ورده إليه , فصار دينا معجلا مقبوضا حكما , فارتفع المانع الشرعي , ولأن دعوى الإجماع على هذا المنع غير مسلمة.
أما إذا كان الدين المعجل رأس مال السلم مؤجلا في ذمة المدين , فلا خلاف لأحد من الفقهاء في منع ذلك شرعا , وأنه من بيع الكالئ بالكالئ المحظور , لكونه ذريعة إلى ربا النسيئة.
جاء في إعلام الموقعين لابن القيم (وأما بيع الواجب بالساقط , فكما لو أسلم إليه في كر حنطة بعشرة دراهم في ذمته , فقد وجب له عليه دين , وسقط له عنه دين غيره. وقد حكي الإجماع على امتناع هذا , ولا إجماع فيه. قاله شيخنا , واختار جوازه , وهو الصواب. إذ لا محذور فيه , وليس بيع كالئ بكالئ , فيتناوله النهي بلفظه , ولا في معناه فيتناوله بعموم المعنى , فإن المنهي عنه قد اشتغلت فيه الذمتان بغير فائدة) .
جعل المال المقبوض على سبيل الأمانة رأس مال السلم
إذا جعل رب السلم ماله الموجود في يد المسلم إليه رأس مال السلم , فهل يصح ذلك , وينوب القبض السابق للعقد مناب القبض المستحق في مجلسه , أم لا يصح ذلك , ويحتاج إلى قبض جديد؟ .
للفقهاء في المسألة قولان:
(أحدهما) للحنابلة: وهو أن قبض المسلم إليه السابق للعين المجعولة رأس مال السلم ينوب عن القبض المستحق بالعقد , ويقوم مقامه , سواء أكانت العين في يده أمانة أم مضمونة , ولا يحتاج إلى تجديد القبض.
(والثاني) للحنفية: وهو أنه ينوب القبض السابق لرأس مال السلم عن القبض المستحق في مجلس العقد إذا كانت يد المسلم إليه عليه يد ضمان لا يد أمانة. أما إذا كان في يده أمانة - كيد الوكيل والوديع والشريك ونحوهم - فإن القبض السابق لا يقوم مقامه , ويحتاج إلى تجديد القبض في المجلس ليصح عقد السلم.
وقد أوضح الكاساني قاعدة الحنفية في نيابة القبض السابق مناب المستحق اللاحق بعبارة وجيزة جامعة حيث قال: (فالأصل فيه أن الموجود وقت العقد إن كان مثل المستحق بالعقد ينوب منابه. وإن لم يكن مثله: فإن كان أقوى من المستحق ناب عنه. وإن كان دونه لا ينوب. لأنه إذا كان مثله أمكن تحقيق التناوب , لأن المتماثلين غير أن ينوب كل واحد منهما مناب صاحبه ويسد مسده , وإن كان أقوى منه يوجد فيه المستحق وزيادة , وإن كان دونه لا يوجد فيه إلا بعض المستحق , فلا ينوب عن كله.(1/859)
أن يكون دينا موصوفا في الذمة
اتفق الفقهاء في اشتراط كون المسلم فيه دينا موصوفا في ذمة المسلم إليه , وأنه لا يصح السلم إذا جعل المسلم فيه شيئا معينا بذاته لأن تعيينه ينشأ عنه غرر عدم القدرة على تنفيذ العقد.(1/860)
لا يصح أن يكون المسلم فيه شيئا معينا بذاته
لا خلاف بين الفقهاء في اشتراط كون المسلم فيه دينا موصوفا في ذمة المسلم إليه , وأنه لا يصح السلم إذا جعل المسلم فيه شيئا معينا بذاته لأن ذلك مناقض للغرض المقصود منه , إذ هو موضوع لبيع شيء في الذمة بثمن معجل , ومقتضاه ثبوت المسلم فيه دينا في ذمة المسلم إليه , ومحله ذمة المسلم إليه.
فإذا كان المسلم فيه معينا تعلق حق رب السلم بذاته , وكان محل الالتزام ذلك الشيء المعين , لا ذمة المسلم إليه. ومن هنا كان تعيين المسلم فيه مخالفا لمقتضى العقد.
يضاف إلى ذلك أن تعيينه يجعل السلم من عقود الغرر , إذ ينشأ عنه غرر عدم القدرة على تنفيذ العقد , فلا يدرى أيتم هذا العقد أم ينفسخ , حيث إن من المحتمل أن يهلك ذلك الشيء المعين قبل حلول وقت أدائه , فيستحيل تنفيذه , والغرر مفسد لعقود المعاوضات المالية كما هو معلوم ومقرر.
وهذا بخلاف ما لو كان المسلم فيه دينا موصوفا في الذمة , إذ الوفاء يكون بأداء أية عين مثلية تتحقق فيها الأوصاف المتفق عليها , ولا يتعذر تنفيذ العقد لو تلف المسلم فيه قبل تسليمه , إذ يسعه الانتقال عنه إلى غيره من أمثاله.
وقد رتب بعض الفقهاء على تضمن السلم غررا إذا عين المسلم فيه أيلولة العقد إلى السلف الذي يجر نفعا , فقال ابن رشد (وإنما لم يجز السلم في الدور والأرضين , لأن السلم لا يجوز إلا بصفة , ولا بد في صفة الدور والأرضين من ذكر موضعها , وإذا ذكر موضعها تعينت , فصار السلم فيها كمن ابتاع من رجل دار فلان على أن يتخلصها له منه , وذلك من الغرر الذي لا يحل ولا يجوز , لأنه لا يدري بكم يتخلصها منه , وربما لم يقدر على أن يتخلصها منه , ومتى لم يقدر على أن يتخلصها منه رد إليه رأس ماله , فصار مرة بيعا ومرة سلفا , وذلك سلف جر نفعا) .
كما بنى بعض الفقهاء منع كون المسلم فيه معينا على أساس أن السلم إنما جاز شرعا على خلاف القياس للحاجة إليه , فإذا عين المسلم فيه , فيمكن عندئذ بيعه في الحال , ولا يكون هناك ثمة حاجة إلى السلم , فينسحب عليه الحكم الأصلي وهو عدم المشروعية.
دليل اشتراط أن يكون المسلم فيه موصوفا في الذمة
المستند النصي لوجوب كون المسلم فيه دينا موصوفا في الذمة , وعدم جواز السلم إذا تعين ما روى ابن ماجة عن عبد الله بن سلام قال:
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن بني فلان أسلموا (لقوم من اليهود وإنهم قد جاعوا , فأخاف أن يرتدوا.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من عنده؟
فقال رجل من اليهود عندي كذا وكذا (لشيء قد سماه) أراه قال ثلاثمائة دينار بسعر كذا وكذا من حائط بني فلان , فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بسعر كذا وكذا , إلى أجل كذا وكذا , وليس من حائط بني فلان.
ما يصح أن يكون مسلما فيه من الأموال
بناء على اشتراط كون المسلم فيه دينا في الذمة , ذكر جماهير الفقهاء أن ما يصح أن يكون مسلما فيه من الأموال: المثليات كالمكيلات والموزونات والمذروعات والعدديات المتقاربة , وكذا القيميات التي تقبل الانضباط بالوصف. قال الشيرازي (ويجوز السلم في كل مال يجوز بيعه وتضبط صفاته , كالأثمان والحبوب والثمار والثياب والدواب والعبيد والجواري والأصواف والأشعار والأخشاب والأحجار والطين والفخار والحديد والرصاص والبلور والزجاج وغير ذلك من الأموال التي تباع وتضبط بالصفات) .
أما ما لا يمكن ضبط صفاته من الأموال فلا يصح السلم فيه , لإفضاء العقد للمنازعة والمشاقة , وعدمها مطلوب شرعا.
هذا , ومع أن جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة يعدون المذروعات المتماثلة الآحاد والعدديات المتساوية أو المتقاربة من جملة المثليات التي تقبل الثبوت في الذمة دينا في عقد السلم , ويصح كونها مسلما فيه قياسا على المكيلات والموزونات التي نص الحديث على جواز السلم فيها , للعلة الجامعة بينهما وهي رفع الجهالة بالمقدار , لأن القصد من التقدير هو رفع الجهالة وإمكان التسليم بلا منازعة , وهذا حاصل بالعد والزرع فيما يقدر بالوحدات القياسية الطولية أو بالعدد كما هو حاصل بالوزن أو بالحجم فيما يقدر بالوزن أو الكيل. قال الخطيب الشربيني فإن قيل: لم خص في الحديث الكيل والوزن؟ أجيب بأن ذلك لغلبتهما وللتنبيه على غيرهما.
وقد خالف ابن حزم في ذلك , ومنع صحة السلم في غير المكيلات والموزونات فقال: (ولا يجوز السلم إلا في مكيل أو موزون فقط , ولا يجوز في حيوان ولا مزروع ولا معدود ولا في شيء غير ما ذكرنا) . واحتج على ذلك بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أسلف فلا يسلف إلا في كيل معلوم ووزن معلوم قال: (فهذا منع السلف وتحريمه البتة إلا في مكيل أو موزون) .(1/861)
أن يكون المسلم فيه معلوما
اتفق الفقهاء على أنه يشترط لصحة السلم أن يكون المسلم فيه معلوما مبينا بما يرفع الجهالة عنه ويسد الأبواب إلى المنازعة بين العاقدين عند تسليمه.(1/862)
لا خلاف بين الفقهاء في أنه يشترط لصحة السلم أن يكون المسلم فيه معلوما مبينا بما يرفع الجهالة عنه ويسد الأبواب إلى المنازعة بين العاقدين عند تسليمه , وذلك لأنه بدل في عقد معاوضة مالية , فاشترط فيه أن يكون معلوما كما هو الشأن في سائر عقود المبادلات المالية.
ولما كان المسلم فيه ثابتا في الذمة غير مشخص بذاته اشترط الفقهاء أن ينص في عقد السلم على جنس المسلم فيه , بأن يبين أنه حنطة أو شعير أو تمر أو زيت. . ونوعه إن كان للجنس الواحد أكثر من نوع , بأن يبين أن الرز مثلا من النوع الأمريكي أوالأسترالي أو البشاوري ونحو ذلك. فإن كان للجنس نوع واحد فقط , فلا يشترط ذكر النوع.
كما اشترطوا بيان قدره لقوله صلى الله عليه وسلم: من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم. وبيان القدر يتحقق بكل وسيلة ترفع الجهالة عن المقدار الواجب تسليمه , وتضبط الكمية الثابتة في الذمة بصورة لا تدع مجالا للمنازعة عند الوفاء.
ويستنتج من نصوص الفقهاء التي بينت طرق التقدير الأربعة (الكيل والوزن والزرع والعد في كل شيء بحسبه) وهي الوسائل العرفية المعلومة في عصورهم أن معلومية المقدار في أيامنا الحاضرة يمكن أن تكون بأية وحدة من الوحدات القياسية العرفية المحدودة الشائعة. . وذلك مثل التحديد بالمتر أو بالقدم أو بالميل في الطول , وبالغرام أو بالأونصة أو الباوند في الوزن , وبالليتر أو الجالون في الحجم ونحو ذلك.
وفي هذا المقام نص الفقهاء على وجوب كون أداة التقدير العرفية معلومة المعيار وإلا فسد السلم لجهالة قدر المسلم فيه وإفضاء ذلك إلى الخصومة والمنازعة.
ومما يجدر بيانه أن جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية وأحمد في رواية عنه رجحها كثير من الحنابلة لا يرون بأسا في اتفاق العاقدين على تحديد المسلم فيه بأية وحدة قياسية عرفية تضبطه , ولو كانت غير المستعملة لتحديد قدره في زمن النبوة , وذلك لأن الغرض معرفة قدره بما ينفي عنه الجهالة والغرر , وإمكان تسليمه من غير تنازع , والعلم بالقدر يمكن حصوله بأية وحدة قياسية عرفية منضبطة , وعلى هذا فلو قدراه بأي قدر جاز , ويفارق ذلك بيع الربويات , فإن التماثل فيها في المكيل كيلا وفي الموزون وزنا شرط , ولا يعلم تحقق هذا الشرط إذا قدرها بغير مقدارها الأصلي.
وخالف في ذلك الحنابلة على المعتمد في مذهبهم , وقالوا: لا يصح سلم في مكيل وزنا , ولا في موزون كيلا , لأنه مبيع يشترط معرفة قدره , فلم يجز بغير ما هو مقدر به في الأصل , كبيع الربويات بعضها ببعض , ولأنه قدره بغير ما هو مقدر به في الأصل فلم يجز , كما لو أسلم في مزروع وزنا.
وقال المالكية: العبرة بعرف أهل البلد الذي جرى فيه السلم. فلا بد أن يضبط المسلم فيه بالوحدة القياسية التي تعارف أهل البلد وقت العقد على تقديره بها , قطعا لدابر المنازعة بين العاقدين في تقديره عند الوفاء.
وبيان مقدار المسلم فيه بهذه الصورة إنما يجري في المثليات التي تخضع أنواعها للوحدات القياسية العرفية (الوزن أو الحجم أو الطول أو العد) . أما إذا كان المسلم فيه من القيميات التي تختلف آحادها وتتفاوت أفرادها بحيث لا تقبل التقدير بتلك الوحدات القياسية , وإن كانت صفاتها قابلة للانضباط , فعندئذ يجوز السلم فيها بشرط بيان صفاتها التي تتفاوت فيها الرغبات , ويختلف الثمن بتفاوتها اختلافا ظاهرا.
ولا يجب استقصاء كل الصفات , لأن ذلك يتعذر , وقد ينتهي الأمر لو طلب فيها الاستقصاء إلى حال يتعذر معها تسليم المسلم فيه , إذ يبعد وجود المسلم فيه عند المحل بتلك الصفات كلها. ولهذا يكتفي بالأوصاف الظاهرة التي يختلف الثمن بها غالبا أو تختلف الأغراض بسببها عادة.(1/863)
أن يكون مؤجلا
لا يشترط الشافعية الأجل في السلم , فهو يجوز حالا كما يجوز مؤجلا وذلك خلافا لما ذهب إليه الجمهور من كون الأجل شرط لصحة السلم فينبغي عندهم أن يكون المسلم فيه مؤجلا.(1/864)
اشتراط أن يكون المسلم فيه مؤجلا عند الجمهور
اشترط جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة والظاهرية لصحة السلم أن يكون المسلم فيه مؤجلا , وقرروا عدم صحة السلم الحال.
ودليلهم على ذلك:
- قوله صلى الله عليه وسلم: من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم. حيث أمر عليه الصلاة والسلام بالأجل في السلم , وأمره يقتضي الوجوب , فيكون الأجل من جملة شروط صحة السلم , فلا يصح بدونه.
- أن السلم جوز رخصة للرفق , ولا يحصل الرفق إلا بالأجل , فإذا انتفى الأجل انتفى الرفق , وذلك لأن المسلف يرغب في تقديم الثمن لاسترخاص المسلم فيه , والمسلم إليه يرغب فيه لموضوع النسيئة , وإذا لم يشترط الأجل زال هذا المعنى.
- قال القاضي عبد الوهاب (ولأن السلم مشتق من اسمه الذي هو السلف , وهو أن يتقدم رأس المال ويتأخر المسلم فيه , فوجب منع ما أخرجه عن ذلك.
- ولأن السلم الحال يفضي إلى المنازعة , إذ هو أصلا بيع المفاليس , فالظاهر أن يكون المسلم إليه عاجزا عن تسليم المسلم فيه حالا , ورب السلم يطالب بالتسليم , فيتنازعان على وجه تقع الحاجة إلى الفسخ. كما أنه قد يكون فيه إلحاق الضرر برب السلم , لأنه أعطى رأس المال إلى المسلم إليه وصرفه في حاجته , فلا يصل إلى المسلم فيه بخلاف الأمر عند اشتراط الأجل , حيث لا يملك المطالبة إلا بعد حل الأجل , وعند ذلك يقدر المسلم إليه على التسليم ظاهرا , فلا يؤدي إلى المنازعة المفضية إلى الفسخ والإضرار برب السلم.
جواز أن يكون المسلم فيه حالا عند الشافعية
خالف الشافعية ما ذهب إليه جمهور الفقهاء , وقالوا بجواز السلم الحال كما هو جائز مؤجلا. وحجتهم القياس الأولوي على السلم المؤجل , حيث إن في الأجل ضربا من الغرر , إذ ربما يقدر المسلم إليه على تسليمه في الحال , ويعجز عند حلول الأجل , فإذا جاز مؤجلا فهو حالا أحرى بالجواز , لأنه أبعد عن الغرر.
تحديد الأجل في عقد السلم
مع أن جمهور الفقهاء - عدا الشافعية - اتفقوا على وجوب كون المسلم فيه مؤجلا لصحة العقد , فقد اختلفوا في تحديد الأجل الأدنى الذي لا يصح السلم بأقل منه , وذلك على جملة أقوال:
- ذهب الظاهرية إلى أن الحد الأدنى للأجل أقل ما ينطبق عليه اسم الأجل لغة , ساعة فما فوقها.
- وقال الحنابلة: من شرط الأجل أن يكون مدة لها وقع في الثمن عادة , كالشهر وما قاربه. لأن الأجل إنما اعتبر لتحقيق الرفق الذي من أجله شرع السلم , ولا يحصل ذلك بالمدة التي لا أثر لها في رخص الثمن.
- واختلف فقهاء الحنفية في تحديده , فقال الكرخي إنه موكول لتراضي العاقدين , حتى لو قدرا نصف يوم جاز. وقيل: أقله ثلاثة أيام قياسا على خيار الشرط. قال الكاساني وروى عن محمد أنه قدره بالشهر , وهو الصحيح , لأن الأجل إنما شرط في السلم ترفيها وتيسيرا على المسلم إليه , ليتمكن من الاكتساب في المدة. والشهر مدة معتبرة يتمكن فيها من الاكتساب , فيتحقق معنى الترفيه. فأما ما دونه ففي حد القلة , فكان له حكم الحلول.
- وذهب المالكية في المشهور عندهم إلى أن أقله ما تختلف فيه الأسواق , كالخمسة عشر يوما ونحوها. وهو قول ابن القاسم. وروى ابن وهب عن مالك أنه يجوز اليومين والثلاثة. وقال ابن عبد الحكم لا بأس به إلى اليوم الواحد.
قال الباجي - بعد عرض تلك الأقوال -: (إذا ثبت ما قلناه , فالذي قاله القاضي أبو محمد أن تغير الأسواق في ذلك لا يختص بمدة من الزمان , وإنما هو على حسب عرف البلاد. ومن قدر ذلك بخمسة عشر يوما أو أكثر فإنما قدر على عرف بلده وتقدير ابن القاسم ذلك بخمسة عشر يوما أو عشرين أظهر , لأن هذا عرف البلاد , ومقتضى ما علم من أسواقها فإنه يغلب تغيرها في مثل هذه المدة) .(1/865)
أن يكون الأجل معلوما
اتفق الفقهاء على أن معلومية الأجل الذي يوفى فيه المسلم فيه شرط لصحة السلم , فإن كان الأجل مجهولا فالسلم فاسد.(1/866)
اتفق الفقهاء على أن معلومية الأجل الذي يوفى فيه المسلم فيه شرط لصحة السلم , لقوله صلى الله عليه وسلم من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم حيث أوجب معلومية الأجل.
وعلى ذلك نص العلماء على أنه إن كان الأجل مجهولا فالسلم فاسد , سواء أكانت الجهالة متفاحشة أو متقاربة , لأن كل ذلك يفضي إلى المنازعة , وأنها مفسدة للعقد , كجهالة القدر.
ويتم العلم بالأجل بتقدير مدته بالأهلة نحو أول شهر رجب أو أوسط محرم أو يوم معلوم منه , أو بتحديده بالشهور الشمسية المعروفة عند المسلمين والمشهورة بينهم مثل أول شباط , وآخر آذار أو يوم معلوم منه. أو بتحديد وقت محل المسلم فيه بأن يقال: بعد ستة أشهر أو شهرين أو سنة ونحو ذلك.(1/867)
أن يكون مقدور التسليم عند محله
اتفق الفقهاء على اشتراط أن يكون المسلم فيه مقدور التسليم عند محله , وذلك بأن يكون مما يغلب وجوده عند حلول الأجل.(1/868)
اتفق الفقهاء لصحة السلم أن يكون المسلم فيه مما يغلب وجوده عند حلول الأجل , واحتجوا على ذلك بأن المسلم فيه واجب التسليم عند الأجل فلا بد أن يكون تسليمه مقدورا عليه حينذاك , وإلا كان من الغرر الممنوع.
وعلى هذا , فلا يجوز أن يسلم في ثمر إلى أجل لا يعلم وجود ذلك الثمر فيه , أو لا يوجد فيه إلا نادرا , كما أنه لا يجوز أن يسلم في ثمار نخلة معينة أو ثمار بستان بعينه. وذلك لما روى ابن ماجة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسلف إليه رجل من اليهود دنانير في ثمر مسمى , فقال اليهودي: من تمر حائط بني فلان. فقال عليه الصلاة والسلام: أما من حائط بني فلان فلا , ولكن كيل مسمى إلى أجل مسمى. وذلك لأن ثمر البستان المعين أو النخل المعين لا يؤمن تلفه وانقطاعه.
أما وجود المسلم فيه عند العقد فليس شرطا لصحة السلم عند جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة والظاهرية , فيجوز السلم في المعدوم وقت العقد وفيما ينقطع من أيدي الناس قبل حلول الأجل.
وحجتهم على ذلك ما روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة والناس يسلفون في الثمر العام والعامين , فقال: من أسلف في شيء ففي كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم. فلم يشترط عليه الصلاة والسلام وجود المسلم فيه عند العقد , ولو كان شرطا لذكره ولنهاهم عن السنتين والثلاث لأن من المعلوم أن الثمر لا يبقى طوال هذه المدة. وأيضا: فإن التسليم قبل حلول الأجل غير مستحق , فلا يلزم وجود المسلم فيه بتلك الفترة , إذ لا فائدة لوجوده حينئذ.
وخالفهم في ذلك الحنفية والثوري والأوزاعي الذين قالوا بعدم صحة السلم إلا فيما هو موجود في الأسواق من وقت العقد إلى محل الأجل دون انقطاع. واستدل الحنفية على ذلك بأن الأجل يبطل بموت المسلم إليه , ويجب أخذ المسلم فيه من تركته , فاشترط لذلك دوام وجود المسلم فيه لتدوم القدرة على تسليمه , إذ لو لم يشترط هذا الشرط , ومات المسلم إليه قبل أن يحل الأجل فربما يتعذر المسلم فيه , فيؤول ذلك إلى الغرر.
وقد أجاب ابن قدامة على حجة الحنفية هذه بقوله: (ولا نسلم أن الدين يحل بالموت , وإن سلمنا فلا يلزم أن يشترط ذلك الوجود , إذ لو لزم لأفضى إلى أن تكون آجال السلم مجهولة , والمحل ما جعله العاقدان محلا , وههنا لم يجعلاه) .
وقال القاضي عبد الوهاب البغدادي (ولأن كل وقت لم يجعل وقتا لقبض المسلم فيه لم يكن وجوده شرطا في صحة العقد , أصله ما بعد المحل. ولأنه يضبط بالصفة ويوجد عند المحل , فجاز السلم فيه) .(1/869)
تعيين مكان الإيفاء
اختلف الفقهاء في مدى اشتراط تعيين مكان إيفاء المسلم فيه لصحة العقد وذلك على خمسة أقوال.(1/870)
اشتراط بيان مكان تسليم المسلم فيه عند الشافعية
ذهب الشافعية في المعتمد إلى أنه يشترط لصحة السلم بيان مكان تسليم المسلم فيه إذا كان موضع العقد لا يصلح للتسليم كالصحراء , أو كان لحمله مؤنة.
فإن كان العقد بمكان يصلح للتسليم أو لم يكن لحمله مؤنة فلا يشترط ذلك , ويتعين مكان العقد للتسليم بدلالة العرف.
وهذا إذا كان المسلم فيه مؤجلا , أما الحال فلا يشترط فيه تعيين مكان الوفاء , ويتعين موضع العقد للتسليم.
قالوا: ووجه اشتراط تعيينه في المؤجل إذا كان المكان لا يصلح للتسليم اختلاف الأغراض وتفاوتها في الأمكنة , فوجب بيانه كما هو الأمر في الأوصاف.
وأما إذا كان لحمله مؤنة فلأنه يختلف الثمن باختلاف المكان الذي سيسلم فيه , كالصفات التي يختلف الثمن باختلافها. بخلاف ما ليس لحمله مؤنة , فإنه لا يجب بيانه لأنه لا يختلف ثمنه باختلافها فلم يجب بيانه كالصفات التي لا يختلف الثمن باختلافها.
اشتراط بيان مكان تسليم المسلم فيه عند المالكية
وقال المالكية لا يشترط تعيين مكان الإيفاء , ولكنه يفضل.
قال ابن جزي (الأحسن اشتراط مكان الدفع. . فإن لم يعينا في العقد مكانا , فمكان العقد , وإن عيناه تعين , ولا يجوز أن يقبضه بغير المكان المعين ويأخذ كراء مسافة ما بين المكانين , لأنهما بمنزلة الأجلين) .
اشتراط بيان مكان تسليم المسلم فيه عند الحنابلة
وذهب الحنابلة إلى أنه لا يشترط ذكر مكان الإيفاء , لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكره , فدل على أنه لا يشترط فيه. ولأنه عقد معاوضة , فلا يشترط فيه ذكر مكان الإيفاء , كبيوع الأعيان , إلا أن يكون موضع العقد لا يمكن الوفاء فيه كصحراء وبحر وجبل ونحو ذلك , فعند ذلك يشترط بيانه لتعذر الوفاء في موضع العقد , فيكون محل التسليم مجهولا , فاشترط تعيينه بالقول كالأجل.
اشتراط بيان مكان تسليم المسلم فيه عند الحنفية
وقال الحنفية لا يشترط بيان مكان الإيفاء إذا لم يكن للمسلم فيه حمل ومؤنة , بحيث لا يحتاج نقله إلى كلفة نقل وأجرة حمال. أما إذا كان له حمل ومؤنة , فقد اختلف أبو حنيفة مع صاحبيه في اشتراط تعيين مكان الإيفاء.
فقال أبو حنيفة يشترط بيان مكان إيفاء المسلم فيه , لأن التسليم غير واجب في الحال , فلا يتعين مكان العقد موضعا للتسليم , وإذا لم يتعين بقي مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة لاختلاف القيم باختلاف الأماكن , فلا بد من البيان دفعا للمنازعة , إذ صار كجهالة الصفة.
وقال أبو يوسف ومحمد لا يحتاج إلى تعيينه , ويسلمه في موضع العقد , لأن مكانه موضع الالتزام , فيتعين لإيفاء ما التزمه في ذمته , كموضع الاستقراض والاستهلاك وكبيع الحنطة بعينها.
اشتراط بيان مكان تسليم المسلم فيه عند ابن حزم
وقال ابن حزم لا يجوز أن يشترطا في السلم دفعه في مكان بعينه , فإن فعلا فالصفقة كلها فاسدة. لكن حق المسلم قبل المسلم إليه أنه حيث ما لقيه عند محل الأجل فله أخذه بدفع حقه إليه , فإن غاب أنصفه الحاكم من ماله - أي المسلم إليه - إن وجد له , لقوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} فهو مأمور بأداء أمانته حيث وجبت عليه ويسألها.
رأي الفقهاء في حالة أداء المسلم فيه في غير المكان المعين
إذا قام المسلم إليه بتسليم الدين المسلم فيه في المكان المعين , فإنه لم يكن للمسلم الامتناع عن تسلمه فيه.
وقد اختلف الفقهاء في حالة قيام المسلم إليه بأداء المسلم فيه في غير المكان المعين , وذلك على قولين:
قال المالكية لا يلزم المسلم قبوله بغير محله , ولو خف حمله. وكذلك لا يجوز أن يقبضه بغير المكان المعين , ويأخذ كراء مسافة ما بين المكانين , لأنهما بمنزلة الأجلين.
وبمثل ذلك قال الحنابلة , وكذا الحنفية حيث جاء في البدائع: ولو سلم في غير المكان المشروط , فلرب السلم أن يأبى لقوله عليه الصلاة والسلام: المسلمون على شروطهم. فإن أعطاه على ذلك أجرا , لم يجز له أخذ الأجر عليه. لأنه لما قبض المسلم فيه فقد تعين ملكه في المقبوض , فتبين أنه أخذ الأجر على نقل ملكه , فلم يجز , فيرد الأجر. وله أن يرد المسلم فيه حتى يسلم في المكان المشروط , لأن حقه في التسليم فيه , ولم يرض ببطلان حقه إلا بعوض , ولم يسلم له , فبقي حقه التسليم في المكان المشروط.
وقال الشافعية إذا أتى المسلم إليه بالمسلم فيه في غير مكان التسليم , فامتنع المستحق من أخذه , فينظر
- فإن كان لنقله مؤنة , أو كان الموضع مخوفا , لم يجبر.
- وإلا فوجهان بناء على القولين في التعجيل قبل المحل. فلو رضي وأخذه , لم يكن له أن يكلفه مؤنة النقل. قال النووي قلت: أصحهما إجباره.(1/871)
بيع دين السلم قبل قبضه
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز بيع المسلم فيه قبل قبضه مطلقا سواء لمن هو في ذمته (أي للبائع: وهو ما يعرف بالاستبدال أو الاعتياض عن المسلم فيه) أو لغير من هو في ذمته (أي لغير البائع: وهو ما يعرف عموما ببيع دين السلم قبض قبضه) .
وخالفهم في ذلك المالكية وما جاء في رواية عن أحمد وهو كذلك ما صححه ابن تيمية وابن القيم فقد أجازوا استبدال المسلم فيه قبل قبضه بشرط أن يكون بثمن المثل أو دونه لا أكثر منه حالا حتى لا يربح رب السلم مرتين.
كما أجازوا بيع العرض المسلم فيه قبل قبضه من غير بائعه بالمثل وأقل وأكثر حالا غير مؤجل كي لا يؤول إلى بيع دين بدين
واشترط المالكية في ذلك أن لا يكون المسلم فيه من المطعومات لأن نهي البيع قبل القبض مختص عندهم بالمطعومات.(1/872)
عدم استقرار دين السلم للمشتري
لا خلاف بين الفقهاء في أن عقد السلم إذا أبرم بين عاقدين مستجمعا أركانه وشروط صحته فإنه يقتضي انتقال ملكية رأس المال إلى المسلم إليه وانتقال ملكية المسلم فيه إلى رب السلم.
وعلى ذلك , فإذا قبض المسلم إليه رأس المال كان له أن يتصرف فيه بكل التصرفات السائغة شرعا , لأنه ملكه وتحت يده.
أما المسلم فيه , فمع صيرورته ملكا للمسلم بمقتضى العقد , إلا أن ملكيته له غير مستقرة. قال السيوطي (جميع الديون التي في الذمة بعد لزومها وقبض المقابل لها مستقرة إلا دينا واحدا هو دين السلم , فإنه وإن كان لازما فهو غير مستقر. وإنما كان غير مستقر , لأنه بصدد أن يطرأ انقطاع المسلم فيه , فينفسخ العقد) .
عم جواز بيع المسلم فيه قبل قبضه عند الجمهور وبناء على كون دين السلم غير مستقر فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه:
- لا يصح بيع المسلم فيه لمن هو في ذمته , أي استبداله قبل قبضه بأن يأخذ رب السلم مكانه من غير جنسه (وهو ما يعبر عنه الفقهاء بالاعتياض عن المسلم فيه أو استبداله)
- كما لا يصح بيعه من غير من هو في ذمته , لأنه لا يؤمن من فسخ العقد بسبب انقطاع المسلم فيه , فكان كالمبيع قبل القبض.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره.
قالوا: وهذا يقتضي ألا يبيع رب السلم دين السلم لا من صاحبه ولا من غيره.
جواز بيع المسلم فيه قبل قبضه من غير من عليه الدين عند بعض الحنابلة
خلافا لقول الجمهور , أجاز شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية بيع المسلم فيه قبل قبضه من غير من عليه الدين , وهذا القول رواية عن أحمد ووجه عند الشافعية.
جاء في الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية (ويجوز بيع الدين في الذمة من الغريم وغيره , ولا فرق بين دين السلم وغيره , وهو رواية أحمد.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين: والدين في الذمة يقوم مقام العين , ولهذا تصح المعاوضة عليه من الغريم وغيره.
كذلك أجاز ابن تيمية وابن القيم الاعتياض عن المسلم فيه (أي بيعه لمن هو في ذمته) قبل قبضه بثمن المثل أو دونه لا أكثر منه حالا , وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما , ورواية عن الإمام أحمد.
قال ابن المنذر ثبت عن ابن عباس أنه قال: (إذا أسلفت في شيء إلى أجل , فإن أخذت ما أسلفت فيه , وإلا فخذ عوضا أنقص منه , ولا تربح مرتين) .
وحجتهم على جواز بيعه من المدين (أو الاعتياض عنه) إذا كان ذلك بسعر المثل أو دونه هو عدم المانع الشرعي , حيث إن حديث: من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره ضعيف لا تقوم به حجة. وحتى لو ثبت فمعنى (فلا يصرفه إلى غيره) أي لا يصرفه إلى سلم آخر , أو لا يبعه بمعين مؤجل , وذلك خارج عن محل النزاع.
قال ابن القيم (فثبت أنه لا نص في التحريم ولا إجماع ولا قياس , وأن النص والقياس يقتضيان الإباحة) .
أما دليلهم على عدم جواز الاعتياض عنه ببدل يساوي أكثر من قيمته , فلأن دين السلم مضمون على البائع , ولم ينتقل إلى ضمان المشتري , فلو باعه المشتري من المسلم إليه بزيادة , فيكون رب السلم قد ربح فيما لم يضمن وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ربح ما لم يضمن.
جواز بيع المسلم فيه قبل قبضه إذا لم يكن من المطعومات عن المالكية
نهج المالكية في المسألة مسلكا وسطا , إذ أجازوا بيع المسلم فيه لغير المسلم إليه إذا لم يكن طعاما بمثل ثمنه وبأقل وأكثر حالا غير مؤجل كي لا يؤول إلى بيع الكالئ بالكالئ.
قال ابن رشد الحفيد (وأما بيع دين السلم من غير المسلم إليه فيجوز بكل شيء يجوز به التبايع , ما لم يكن طعاما , لأنه يدخله بيع الطعام قبل قبضه) .
أما الاعتياض عنه , أي بيعه من المسلم إليه ببدل حال فقد أجازوه بشروط ثلاثة بينها الخرشي بقوله: (يجوز للمسلم إليه أن يقضي السلم من غير جنس المسلم فيه , سواء حل الأجل أم لا , بشروط ثلاثة:
الأول: أن يكون المسلم فيه مما يباع قبل قبضه (وهو ما سوى الطعام) كما لو أسلم ثوبا في حيوان , فأخذ عن ذلك الحيوان دراهم , إذ يجوز بيع الحيوان قبل قبضه.
الثاني: أن يكون المأخوذ مما يباع بالمسلم فيه يدا بيد. كما لو أسلم دراهم في ثوب مثلا , فأخذ عنه طست نحاس , إذ يجوز بيع الطست بالثوب يدا بيد.
الثالث: أن يكون المأخوذ مما يجوز أن يسلم فيه رأس المال. كما لو أسلم دراهم في حيوان , فأخذ عن ذلك الحيوان ثوبا , فإن ذلك جائز , إذ يجوز أن يسلم الدراهم في الثوب) .
وجاء في القوانين الفقهية , لابن جزي (يجوز بيع العرض المسلم فيه قبل قبضه من بائعه بمثل ثمنه أو أقل لا أكثر , لأنه يتهم في الأكثر بسلف جر منفعة ويجوز من غير بائعه بالمثل وأقل وأكثر يدا بيد , ولا يجوز بالتأخير للغرر) .(1/873)
توثيق الدين المسلم فيه
يجوز للمسلم (المشتري) عند جمهور الفقهاء أن يأخذ رهنا أو كفيلا من المسلم إليه (البائع) لأن السلم بيع كغيره من البيوع. فيكون للمسلم حق مطالبة الكفيل , وكذلك بيع الرهن واستيفاء حقه ثمنه.(1/874)
توثيق الدين بتأكيده وتقويته بالكتابة والشهادة
قد يكون توثيق الدين بتقوية وتأكيد حق رب السلم في الدين المسلم فيه بالكتابة أو الشهادة , لمنع المسلم إليه من الإنكار , وتذكيره عند النسيان , وللحيلولة دون ادعائه أقل من الدين المسلم فيه قدرا أو صفة ونحو ذلك أو ادعاء رب السلم أكثر منه.
وهذا النوع من التوثيق لا خلاف بين الفقهاء في كونه مندوبا إليه , لما فيه من حماية الحقوق , ومنع التلاعب بها , وقطع دابر الخصومات والمنازعات بين الناس فيها. وذلك لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} إلى آخر الآية (282) من سورة البقرة.
توثيق الدين برهن أو كفيل
وقد يكون توثيق الدين بتثبيت حق رب السلم في الدين المسلم فيه وإحكامه , وذلك برهن أو كفيل بحيث يتمكن عند امتناع المسلم إليه عن الوفاء - لأي سبب من الأسباب - من استيفاء دينه من شخص ثالث يكفل الدين المسلم فيه بماله , أو من عين مالية يتعلق بها حق رب السلم وتكون رهينة بدينه , وتلك محل نظر بعض الفقهاء.
وبيان ذلك أن الفقهاء اختلفوا في مشروعية توثيق الدين المسلم فيه بالكفالة أو الرهن على أربعة أقوال:
أولا: ذهب الحنابلة في المعتمد عندهم إلى أنه لا يصح أخذ رهن ولا كفيل من المسلم إليه. وذلك لأنه إن أخذ برأس مال السلم الرهن والضمين , فقد أخذ بما ليس بواجب ولا مآله إلى الوجوب , لأن ذلك قد ملكه المسلم إليه. وإن أخذ بالمسلم فيه , فالرهن إنما يجوز بشيء يمكن استيفاؤه من ثمن الرهن , والمسلم فيه لا يمكن استيفاؤه من الرهن ولا من ذمة الضامن. ولأنه لا يأمن هلاك الرهن في يده بعدوان , فيصير مستوفيا لحقه من غير المسلم فيه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره رواه أبو داود. ولأنه يقيم ما في ذمة الضامن مقام ما في ذمة المضمون عنه , فيكون في حكم أخذ العوض والبدل عنه , وهذا لا يجوز.
- ثانيا: ذهب الشافعي ومالك والحنفية وإسحاق وابن المنذر إلى جوازه. وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها ابن قدامة وجمع من الحنابلة. وهو قول عطاء ومجاهد وعمرو بن دينار والحكم وغيرهم من السلف. وعلى هذا , فإنه في حالة امتناع المسلم إليه عن الإيفاء مع وجود المسلم فيه في الأسواق , يجوز للمسلم مطالبة الكفيل , كما يجوز له بيع الرهن واستيفاء حقه من ثمنه.
وجاء في الأم للشافعي السلم: السلف. وبذلك أقول: لا بأس فيه بالرهن والحميل , لأنه بيع من البيوع , وقد أمر الله جل ثناؤه بالرهن , فأقل أمره , تبارك وتعالى , أن يكون إباحة له.
وقد علق برهان الدين ابن مفلح الحنبلي على استدلال المانعين بحديث: من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره بقوله: فيه نظر , لأن الضمير في (لا يصرفه) راجع إلى المسلم فيه , ولكن يشترى ذلك من ثمن الرهن ويسلمه , ويشتريه الضامن ويسلمه , لئلا يصرفه إلى غيره.
ثالثا: روي عن علي وابن عمر وابن عباس والحسن وسعيد بن جبير والأوزاعي كراهة ذلك.
وذهب ابن حزم الظاهري إلى أن اشتراط الكفيل في السلم يفسد به السلم , لأنه شرط ليس في كتاب الله تعالى , فهو باطل. أما اشتراط الرهن فيه فجائز.(1/875)
الاتفاق على تقسيط المسلم فيه على نجوم
يجوز عند المالكية وفي قول للشافعية أن يسلم شخص في شيء واحد على أن يقبضه بالتقسيط في أوقات متفرقة وأجزاء معلومة.
واشترط الحنابلة لذلك بيان قسط كل أجل وثمنه لأن الأجل الأبعد له زيادة وقع على الأقرب.(1/876)
إذا أسلم شخص في شيء واحد على أن يقبضه بالتقسيط في أوقات متفرقة أجزاء معلومة , كسمن يأخذ بعضه في أول رجب وبعضه في أول رمضان وبعضه في منتصف شوال مثلا. . . فقد اختلف الفقهاء في جواز ذلك على ثلاثة أقوال:
- ذهب المالكية والشافعية في الأظهر أنه يصح ذلك. لأن كل ما جاز أن يكون في الذمة إلى أجل , جاز أن يكون إلى أجلين وآجال , كالأثمان في بيوع الأعيان.
- وذهب الشافعي في قول ثان له إلى أنه لا يصح ذلك , لأن ما يقابل أبعدهما أجلا أقل مما يقابل الآخر , وذلك مجهول , فلم يجز. أي أن القيمة الحالية (وقت عقد السلم) للدفعة المؤجلة إلى الأجل القريب أعلى من القيمة الحالية للدفعة المؤجلة إلى الأجل البعيد , فحيث لم يسم في العقد لكل دفعة من المسلم فيه قدرا من الثمن (رأس المال) على حدته , فلا تعرف حصة كل قسط من الثمن , وتلك هي الجهالة المفضية إلى فساد العقد.
- وذهب الحنابلة في المعتمد عندهم إلى التفصيل , حيث قالوا: يصح أن يسلم في جنس واحد في أجلين , كسمن يأخذ بعضه في رجب , وبعضه في رمضان , لأن كل بيع جاز إلى أجل جاز إلى أجلين وآجال إن بين قسط كل أجل وثمنه , لأن الأجل الأبعد له زيادة وقع على الأقرب , فما يقابله أقل. فاعتبر معرفة قسطه وثمنه. فإن لم يبينهما لم يصح.
ويصح أن يسلم في شيء كلحم وخبز وعسل يأخذه كل يوم جزءا معلوما مطلقا , أي سواء بين ثمن كل قسط أو لا , لدعاء الحاجة إليه.
فإن قبض البعض مما أسلم فيه ليأخذ منه كل يوم قدرا معلوما , وتعذر قبض الباقي , رجع بقسطه من الثمن , ولا يجعل للباقي فضلا على المقبوض , لأنه مبيع واحد متماثل الأجزاء , فقسط الثمن على أجزائه بالسوية , كما لو اتحد أجله.(1/877)
الانتهاء بإيفاء المسلم فيه
اتفق الفقهاء على أنه ينتهى السلم بإيفاء المسلم فيه. ذلك أنه إذا حل أجل السلم المتفق عليه في العقد وجب على المسلم إليه إيفاء المسلم فيه , ووجب على المسلم قبوله إبراء لذمة المسلم إليه.(1/878)
اتفق الفقهاء على أنه إذا حل أجل السلم المتفق عليه في العقد وجب على المسلم إليه إيفاء الدين المسلم فيه فإن جاء به وفق الصفات المشروطة المبينة في العقد وجب على المسلم قبوله لأنه أتاه بحقه في محله , فلزمه قبوله , كالبيع المعين وسواء كان عليه في قبضه ضرر أو لم يكن فإن أبي قيل له إما أن تقبض حقك وإما أن تبرئ منه. فإن امتنع قبضه الحاكم من المسلم إليه للمسلم , وبرئت ذمته منه , لأن الحاكم يقوم مقام الممتنع بولايته.
أما قبل حلول الأجل فلا يخفي أنه ليس للمسلم مطالبة المسلم إليه بالدين المسلم فيه.
ولكن إذا أتى به المسلم إليه قبل الأجل , وامتنع المسلم من قبوله , فهل يجبر على أخذه أم لا؟ اختلف الفقهاء في ذلك على قولين:
فقال المالكية: إذا دفع المسلم فيه قبل الأجل , جاز قبوله , ولم يلزم. وألزم المتأخرون قبوله في اليوم واليومين.
وقال الشافعية والحنابلة: إذا أتى به المسلم إليه قبل محله , فينظر فيه: فإن كان مما في قبضه قبل محله ضرر على المسلم إما لكونه مما يتغير , كالفاكهة والأطعمة كلها , أو كان قديمه دون حديثة , كالحبوب ونحوها , لم يلزم المسلم قبوله لأن له غرضا في تأخيره , بأن يحتاج إلى أكله أو إطعامه في ذلك الوقت. وكذلك الحيوان لأنه لا يأمن تلفه , ويحتاج إلى الإنفاق عليه إلى ذلك الوقت وربما يحتاج إليه في ذلك الوقت دون ما قبله. وكذا إن كان مما يحتاج في حفظه إلى مؤونة كالقطن ونحوه , أو كان الوقت مخوفا يخشي نهب ما يقبضه , فلا يلزمه الأخذ في هذه الأحوال كلها , لأن عليه ضررا في قبضه , ولم يأت محل استحقاقه له , فجرى مجرى نقص صفة فيه.
وإن كان مما لا ضرر عليه في قبضه , بأن يكون مما لا يتغير , كالحديد والرصاص والنحاس , فإنه يستوي قديمه وحديثه , ونحو ذلك الزيت والعسل , ولا في قبضه ضرر لخوف ولا تحمل مؤنة , فعليه قبضه , لأنه غرضه حاصل مع زيادة تعجيل المنفعة , فجرى مجرى زيادة الصفة وتعجيل الدين المعجل.(1/879)
الانتهاء بتعذر إيفاء المسلم فيه
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه إذا انقطع المسلم فيه عند حلول الأجل بحيث تعذر على المسلم إليه إيفاؤه للمسلم في وقته , فإنه يخير رب السلم بين أن يصبر إلى وجوده فيطالب به عنده , وبين أن يفسخ العقد ويرجع برأس ماله إن وجد , أو عوضه إن عدم لتعذر رده.(1/880)
إذا انقطع المسلم فيه عند حول الأجل بحيث تعذر على المسلم إليه إيفاؤه للمسلم في وقته , فقد اختلف الفقهاء فيما يترتب على ذلك من أحكام على ثلاثة مذاهب:
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية في الأظهر والمالكية والحنابلة إلى أنه يخير رب السلم بين أن يصبر إلى وجوده , فيطالب به عنده , وبين أن يفسخ السلم ويرجع برأس ماله إن وجد , أو عوضه إن عدم , لتعذر رده.
وقال زفر وأشهب والشافعي في قول: ينفسخ السلم ضرورة , ويسترد رب السلم رأس المال , ولا يجوز التأخير.
وقال سحنون ليس لرب السلم فسخ السلم , وإنما له أن يصبر إلى القابل.(1/881)
الإقالة في السلم
ينتهي السلم عند الجمهور باتفاق الطرفين على الإقالة.
وتجوز الإقالة في السلم سواء قبل حلول الأجل أم بعده , وسواء أكانت قبل قبض المسلم فيه أم بعده لأنها فسخ للعقد.
ويجب على المسلم إليه أن يرد حينئذ الثمن إلى رب السلم إن كان الثمن باقيا , أو مثله إن كان مثليا , أو قيمته إن كان قيميا ولم يكن باقيا.(1/882)
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة إلى جواز الإقالة في السلم سواء قبل حلول الأجل أم بعده وسواء أكانت قبل قبض المسلم فيه أم بعده لأنه فسخ للعقد. فإذا أقاله رب السلم وجب على المسلم إليه رد الثمن إن كان باقيا أو مثله إن كان مثليا أو قيمته إن كان قيميا إذا لم يكن باقيا.
قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الإقالة في جميع ما أسلم فيه جائزة.
واستدلوا على ذلك:
أولا: بما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أقال نادما بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة حيث ندب النبي عليه الصلاة والسلام إلى الإقالة مطلقا , فيدخل فيه السلم , كما يدخل فيه البيع المطلق لأن السلم نوع من البيع. قال الكاساني (ولأن الإقالة في بيع العين إنما شرعت نظرا للعاقدين دفعا لحاجة الندم , واعتراض الندم في السلم ههنا أكثر , لأنه بيع بأوكس الأثمان فكان أدعى إلى شرع الإقالة فيه) .
ثانيا: وبأن الحق لهما فجاز لهما الرضا بإسقاطه إذا لإقالة فسح للعقد ورفع له من أصله.
وخالفهم في ذلك ابن حزم فقال: ولا تجوز الإقالة في السلم , لأن الإقالة بيع صحيح على ما بينا قبل , وقد صح نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع ما لم يقبض وعن بيع المجهول , لأنه غرر , لكن يبرئه مما شاء منه , فهو فعل خير.(1/883)
موضوع الصلح(1/884)
التعريف
الصلح عقد وضع لرفع المنازعة بين المتخاصمين بالتراضي.(1/885)
الصلح: معاقدة يرتفع بها النزاع بين الخصوم , ويتوصل بها إلى الموافقة بين المختلفين. وهو خير كما سماه الله تعالى بقوله {والصلح خير} (النساء 128) حيث إنه يزيل الخصومة بين المتنازعين بالتراضي دون حاجة إلى حكم قضائي , وبذلك تأتلف القلوب وتصفو النفوس وتطيب المشاعر. فالفصل بطريق الصلح أقرب إلى بقاء المودة والتحرز من النفرة بين المسلمين , وبه يحصل المقصود من غير ضغينة.
ويطلق الفقهاء (المصالح) على المباشر لعقد الصلح ,
و (المصالح عنه) على الشيء المتنازع فيه , إذا قطع النزاع فيه بالصلح ,
و (المصالح عليه) أو المصالح به على بدل الصلح.(1/886)
مجلة الأحكام العدلية (ص 297)
الصلح هو عقد يرفع النزاع بالتراضي , وينعقد بالإيجاب والقبول.
(م 1531) مرشد الحيران (ص 279)
الصلح عقد وضع لرفع النزاع وقطع الخصومة بين المتصالحين بتراضيهما.
(م 1026) مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 494)
الصلح: معاقدة يتوصل بها إلى موافقة بين مختلفين (م 1616) .
روضة الطالبين (4 / 193)
الصلح فسره الأئمة بالعقد الذي تنقطع به خصومة المتخاصمين. وليس هذا على سبيل الحد , بل أرادوا ضربا من التعريف , إشارة إلى أن هذه اللفظة تستعمل عند سبق المخاصمة غالبا.
مواهب الجليل (5 / 79)
قال النووي الصلح والإصلاح والمصالحة: قطع المنازعة. وهو مأخوذ من صلح الشيء بفتح اللام وضمها إذا كمل. وهو خلاف الفساد , يقال: صالحته مصالحة وصلاحا بكسر الصاد. وذكره الجوهري والصلح يذكر ويؤنث.
وقال ابن عرفة الصلح انتقال عن حق أو دعوى بعوض , لرفع نزاع , أو خوف وقوعه.
محاسن الإسلام للزاهد البخاري (ص 86)
الصلح كاسمه إصلاح , وكل إصلاح حسن , لكن اختصاصه باسم الصلح يدل على فساد يحدث لولا هذا الصلح , أو فساد توجه فدفع بالصلح. قال تعالى {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} وأكثر ما يكون الصلح عند النزاع , والنزاع سبب الفساد , والصلح يرفعه ويهدمه , فكان الصلح من أجل المحاسن.
شرح منتهى الإرادات (2 / 260)
(وهو) أي الصلح (فيه) أي المال (معاقدة يتوصل بها إلى موافقة بين مختلفين) فيه. وهذا النوع هو المبوب له.
الدر المختار (4 / 472)
الصلح (هو) لغة اسم من المصالحة , وشرعا (عقد يرفع النزاع) ويقطع الخصومة.
المغني (7 / 5)
الصلح معاقدة يتوصل بها إلى الإصلاح بين المختلفين. ويتنوع أنواعا , صلح بين المسلمين وأهل الحرب , وصلح بين أهل العدل البغي , وصلح بين الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما. . ولكل واحد منهما باب يفرد له , ويذكر فيه أحكامه. وهذا الباب للصلح بين المتخاصمين في الأموال وهو نوعان: صلح على إقرار , وصلح على إنكار.
الخرشي (6 / 2)
وحقيقته الشرعية - أي الصلح - كما قال ابن عرفة انتقال عن حق أو دعوى بعوض لرفع نزاع أو خوف وقوعه. فقوله انتقال عن حق يدخل فيه الإقرار , والثاني صلح الإنكار. وبعوض متعلق بانتقال يخرج به الانتقال بغير عوض , وقوله لرفع نزاع يخرج به بيع الدين ونحوه. وقوله أو خوف وقوعه يدخل فيه الصلح يكون عن إقرار وإنكار , لصدق الحد على كل منهما. فإن قلت: السكوت إذا وقع فيه الصلح أيكون الرسم فيه غير منعكس , لأنه صلح أم لا؟ قلت: قالوا حكمه حكم الإقرار.(1/887)
دليل المشروعية
أجمع العلماء على مشروعية عقد الصلح , ومستندهم القرآن الكريم والسنة النبوية.(1/888)
لقد ثبتت مشروعية الصلح بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول:
الدليل من الكتاب
قوله تعالى {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس} (النساء 114) حيث دل على جواز وفضل الصلح في كل شيء يقع التداعي والاختلاف فيه بين المسلمين.
وقوله تعالى {والصلح خير} حيث إنه سبحانه وصف الصلح بأنه خير , ولا يوصف بالخيرية إلا ما كان مشروعا مأذونا فيه.
الدليل من السنة
ما روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصلح جائز بين المسلمين وفي رواية إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا.
وما روى البخاري من حديث كعب بن مالك لما تنازع مع ابن أبي حدرد في دين على ابن أبي حدرد أن النبي صلى الله عليه وسلم أصلح بينهما بأن استوضع من دين كعب الشطر , وأمر غريمه بأداء الشطر
وما روى الترمذي وابن ماجة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قتل متعمدا دفع إلى أولياء المقتول , فإن شاءوا قتلوا , وإن شاءوا أخذوا الدية , وهي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة , وذلك عقل العمد , وما صالحوا عليه فهو لهم , وذلك تشديد العقل. فقد دل الحديث على جواز الصلح في الدماء بأكثر من الدية.
الدليل من الإجماع
فقد أجمع الفقهاء على مشروعية الصلح في الجملة.
الدليل من المعقول
فهو أن النزاع سبب الفساد والفشل , ورفعه وقطعه بين المسلمين مطلوب شرعا , والصلح وسيلة لذلك , والوسائل تأخذ حكم المقاصد.(1/889)
شرح منتهى الإرادات (2 / 260)
(الصلح) وهو لغة (التوفيق والسلم) بفتح السين وكسرها , وهو ثابت بالإجماع لقوله تعالى {والصلح خير} . وحديث أبي هريرة مرفوعا الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما رواة أبو داود والترمذي. وقال: حسن صحيح. وصححه الحاكم.
مغني المحتاج (2 / 177)
وصلح في المعاملة وهو مقصود الباب , والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى {والصلح خير} وخبر الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا رواه ابن حبان وصححه. والكفار كالمسلمين في ذلك , وإنما خصهم بالذكر لانقيادهم إلى الأحكام غالبا.
تبيين الحقائق (5 / 29)
(الصلح: هو عقد يرفع النزاع) هذا في الشرع , وفي اللغة هو اسم بمعنى المصالحة وهو المسالمة , خلاف المخاصمة.
وأصله من الصلاح , وهو ضد الفساد , ومعناه دال على حسنة الذاتي , وكم من فساد انقلب به إلى الصلاح بحسنه.
ولهذا أمر الله تعالى به عند حصول الفساد والفتن بقوله تعالى {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} وقال تعالى {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير} قالوا: معناه جنس الصلح خير ولا يعود إلى الصلح المذكور لأنه خرج مخرج التعليل , والعلة لا تتقيد بمحل الحكم.
فيعلم بهذا أن جميع أنواعه حسن , لأن فيه إطفاء الثائرة بين الناس ورفع المنازعات الموبقات عنهم وهي ضد المصالحة , وهي منهي عنها بقوله تعالى {ولا تنازعوا} وفي ترك الصلح ذلك , لأن طلب جميع ما يستحقه ربما يؤدي إلى الإنكار , لا سيما عند الإعسار وفيه فساد عظيم بعد الإنكار , فإن المدعي إذا أقام البينة تكثر العداوة وتهيج الفتن بين المدعي والمدعى عليه والشهود والقاضي , وإلى هذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ردوا الخصوم حتى يصطلحوا.
ميارة على التحفة (1 / 143)
الصلح جائز بالاتفاق , ولكنه ليس على الإطلاق والمراد بالجائز الأعم الشامل للواجب والمندوب والمباح والمكروه.
وقوله (لكنه ليس على الإطلاق) أي لكن الجملة , ومنه ما هو جائز. ثم بين وجه ذلك , وهو أن الصلح كالبيع , والبيع منه ما هو جائز , ومنه ما هو ممنوع , وكذلك الصلح.
مراجع إضافية /50 انظر المغني (7 / 5) البحر الرائق (7 / 255) فتح العزيز (10 / 294) بداية المجتهد (2 / 293) .(1/890)
الوصف الفقهي
عقد الصلح ليس عقد مستقلا بذاته في شروطه وأحكامه , بل هو متفرع عن غيره في ذلك , وتجري عليه أحكام العقد الذي اعتبر به , وتراعى فيه شروطه وأركانه(1/891)
يرى جماهير الفقهاء أن عقد الصلح ليس عقدا مستقلا قائما بذاته في شروطه وأحكامه , بل هو متفرع عن غيره في ذلك. بمعنى أنه تسري عليه أحكام أقرب العقود إليه شبها بحسب مضمونه. فالصلح عن مال بمال يعتبر في حكم البيع , والصلح عن مال بمنفعة يعد في حكم الإجارة , والصلح عن بعض العين المدعاة هبة لبعض المدعي لمن هو في يده , والصلح عن نقد بنقد له حكم الصرف , والصلح عن مال معين بموصوف في الذمة له حكم السلم. . . إلخ.
وثمرة ذلك أن تجري على الصلح أحكام العقد الذي اعتبر به , وتراعي فيه شروطه وأركانه.(1/892)
الفروق للقرافي (4 / 2) /50 اعلم أن الصلح في الأموال دائر بين خمسة أمور ,
البيع: إن كانت المعاوضة عن أعيان.
والصرف: إن كان فيه أحد النقدين عن الآخر.
والإجارة: إن كان عن منافع.
دفع الخصومة: إن لم يتعين شيء من ذلك.
والإحسان: وهو ما يعطاه المصالح من غير الجاني. فمتى تعين أحد هذه الأبواب روعيت فيه شروط ذلك الباب.
تبين الحقائق (5 / 31) /50 الأصل في الصلح أن يحمل على أشبه العقود به فتجرى عليه أحكامه , لأن العبرة للمعاني دون الصورة - ولهذا جعلت الهبة بشرط العوض بيعا , والكفالة بشرط براءة الأصيل حوالة , والحوالة بشرط أن لا يبرأ الأصيل كفالة - ثم إذا وقع عن مال بمال ينظر: فإن وقع على خلاف جنس المدعى , فهو بيع وشراء. وإن وقع على جنسه , فإن كان أقل من المدعى , فهو حط , إبراء , وإن كان بمثله فهو قبض واستيفاء. وإن كان بأكثر منه , فهو فضل وربا.
كشاف القناع (3 / 379 - 382) /50 (الصلح على جنس الحق) المقر به (مثل أن يقر) رشيد (له بدين , فيضع) أي يسقط (عنه بعضه) ويأخذ الباقي (أو) يقر رشيد لآخر (يعين فيهب) المقر (له) أي للمقر (بعضها , ويأخذ الباقي , فيصح) الصلح (إن كان) ما صدر من إبراء أو هبة (بغير لفظ الصلح) , لأن الأول إبراء والثاني هبة , يعتبر له شروط الهبة. . .
(أن يصالح عن الحق المقر به بغير جنسه , فهو معاوضه , فإن كان بأثمان عن أثمان فصرف , له حكمه , وإن كان بعرض عن نقد أو عن العرض بنقد أو عن العرض بعرض فبيع)
(وان كان) الصلح عن نقد أو عرض (بمنفعة , كسكنى دار وخدمة عبد) مدة معلومة (أو صالحة عن ذلك (على أن يعمل له عملا معلوما) كخياطة ثوب وبناء حائط (ف) فهو (إجارة) لأنها بيع المنافع.
(وإن صالح عما في الذمة) من نحو قرض وقيمة متلف (بشيء في الذمة , لم يجز التفرق قبل القبض , لأنه بيع دين بدين) فلا يصح كما تقدم.
روضة الطالبين (4 / 193) /50 الصلح عن العين , وهو صنفان أحدهما: صلح المعاوضة. وهو الذي يجري على غير العين المدعاة , بأن ادعى عليه دارا , فأقر له بها , وصالحه منها على عبد أو ثوب. فهذا الصنف حكمه حكم البيع , وإن عقد بلفظ الصلح , وتتعلق به جميع أحكام البيع , كالرد بالعيب والشفعة والمنع من التصرف قبل القبض , واشتراط القبض في المجلس إن كان المصالح عليه والمصالح عنه متفقين في علة الربا , واشتراط التساوي في معيار الشرع إن كان جنسا ربويا , وجريان التحالف عند التحالف عند الاختلاف , ويفسد بالغرر والجهل والشروط الفاسدة كفساد البيع. ولو صالحه منها على منفعة دار أو خدمة عبد مدة معلومة جاز , ويكون هذا الصلح إجارة فتثبت فيه أحكام الإجارة.
فرع: صالحه عن الدار المدعاة على أن يسكنها سنة , فهو إعارة للدار يرجع فيها متى شاء.
وإذا رجع لم يستحق أجرة للمدة الماضية على الصحيح , لأنها عارية.(1/893)
الحكم التكليفي
الأصل في عقد الصلح من حيث ذاته الندب , وقد يكون واجبا أو حراما أو مكروها أو مباحا بحسب ما يلابسه أو يقترن به من الأسباب والدواعي التي تصرفه إلى ذلك.(1/894)
الصلح من حيث ذاته مندوب إليه عند الفقهاء , ولكن قد يعرض وجوبه عند تعين المصلحة المترتبة عليه , وحرمته لاستلزامه مفسدة واجبة الدرء , وكراهته لاستلزامه مفسدة راجحة الدرء وإباحته عند استواء الطرفين.(1/895)
المقدمات الممهدات لابن رشد (2 / 516) /50 الإصلاح بين الناس فيما يقع بينهم من الخلاف والتداعي في الأموال وغيرها من نوافل الخير المرغب فيها المندوب إليها.
البهجة شرح التحفة (1 / 219) /50 (والصلح جائز بالاتفاق , لكنه ليس على الإطلاق) المراد بالجواز الإذن , فيشمل المستوى الطرفين والمندوب والواجب , أي فيجوز للخصمين فعله , وقد يندب لهما أو يجب وكذا يندب للقاضي أن يأمر به أو يجب.
الدر المنتقى شرح الملتقى (2 / 307) /50 (كتاب الصلح) . . وندبه بالكتاب السنة والإجماع.
مواهب الجليل (5 / 80) /50 ابن رشد لا بأس بندب القاضي الخصمين إليه ما لم يتبين له الحق لأحدهما , لقول عمر لأبي موسى احرص على الصلح ما لم يتبين لك فصل القضاء. وقيل في بعض المذكرات: لا بأس به بعد البينتين إن كان أرفق بالضعيف منهما , كالندب لصدقة عليه. ورد: بأنه يوهم ثبوت الحق على من له الحق أو سقوطه له بخلاف الصدقة.
المبسوط (20 / 136) /50 لا ينبغي للقاضي أن يعجل بالحكم , وأنه مندوب إليه أن يرد الخصوم ليصطلحوا على شيء ويدعوهم إلى ذلك , فالفصل بطريق الصلح يكون أقرب إلى بقاء المودة والتحرز من النفرة بين المسلمين , ولكن هذا قبل أن يستبين له وجه القضاء.
أما بعد استبانته , فلا يفعله إلا برضا الخصمين , ولا يفعله إلا مرة أو مرتين , لما في الإطالة من الإضرار بمن ثبت له الحق في تأخير حقه ولأن ذلك يجر إلى تهمة الميل إلى أحد الخصمين.
حاشية العدوي على الخرشي (6 / 2) /50 (وهو من حيث ذاته مندوب) قال ابن عرفة وهو أي الصلح من حيث ذاته مندوب إليه , وقد يعرض وجوبه عند تعين مصلحته , وحرمته أو كراهته لاستلزامه مفسدة واجبة الدرء أو راجحة كما في النكاح. انتهى.
وقوله (لاستلزامه مفسدة واجبة الدرء) راجع لقوله (حرمته) وقوله (أو راجحة) راجع لقوله (أو كراهته) . والمراد بالمكروه المختلف فيه كما يأتي.
بدائع الصنائع (7 / 13) /50 لا بأس بالقاضي أن يرد الخصوم إلى الصلح إن طمع منهم ذلك. قال الله تعالى {والصلح خير} فكان الرد للصلح ردا للخير.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (ردوا الخصوم حتى يصطلحوا , فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن) . فندب رضي الله عنه القضاء إلى الصلح , ونبه على المعنى , وهو حصول المقصود من غير ضغينة. وان لم يطمع منهم فلا يردهم إليه , بل ينفذ القضاء فيهم , لأنه لا فائدة في الرد.
القوانين الفقهية (ص 342) /50 الإصلاح بين الناس مندوب , ولا بأس أن يشير الحاكم بالصلح على الخصوم , ولا يجبرهم عليه , ولا يلح فيه إلحاحا يشبه الإلزام , وإنما يندبهم إلى الصلح ما لم يتبين له أن الحق لأحدهما , فإن تبين له أنفذ الحكم لصاحب الحق.(1/896)
أقسام الصلح
يتنوع الصلح بحسب أساسه ومبناه إلى نوعين:
عادل جائز , وجائز مردود.
ويتنوع بحسب موضوعه إلى خمسة أنواع:
ما يكون بين المسلمين والكفار ,
وما يكون بين أهل العدل وأهل البغي ,
وما يكون بين الزوجين عند خوف الشقاق ,
وما يكون بين المتخاصمين في غير مال ,
ثم ما يكون بين المتخاصمين في الأموال.
كما ينقسم الصلح بين المدعي والمدعى عليه إلى ثلاثة أنواع:
صلح عن الإقرار , وصلح عن الإنكار , وصلح عن السكوت.(1/897)
يتنوع الصلح بحسب مبناه وما يقوم عليه إلى نوعين
(أحدهما) صلح عادل جائز: وهو ما كان مبناه رضا الله سبحانه ورضي الخصمين وأساسه العلم والعدل.
(والثاني) صلح جائز مردود: وهو الذي يحل الحرام أو يحرم الحلال , كالصلح الذي يتضمن أكل الحرام أو إسقاط الواجب أو ظلم ثالث أو الحيف على الطرف الضعيف فيه.
ويتنوع الصلح بحسب موضوعه أنواعا خمسة
(أحداهما) الصلح بين المسلمين والكفار.
(والثاني) الصلح بين أهل العدل وأهل البغي.
(والثالث) الصلح بين الزوجين عند خوف الشقاق.
(والرابع) الصلح بين المتخاصمين في غير مال.
(والخامس) الصلح بين المتخاصمين في الأموال.
وهذا النوع هو المبوب له في كتب الفقه , وهو محل هذا البرنامج.
كما ينقسم الصلح بين المدعي والمدعى عليه في الأصل إلى ثلاثة أنواع
الأول: الصلح عن الإقرار , وهو الصلح الواقع على إقرار المدعي عليه.
الثاني: الصلح عن الإنكار , وهو الصلح الواقع على إنكار المدعي عليه.
الثالث:
الصلح عن السكوت , وهو الصلح الواقع على سكوت المدعى عليه , بأن لا يقر ولا ينكر.
وسيأتي تعريفهم في الأحكام.(1/898)
إعلام الموقعين (1 / 109)
فصل: والصلح الذي يحل الحرام ويحرم الحلال كالصلح الذي يتضمن تحريم بضع حلال , أو إحلال بضع حرام , أو إرقاق حر , أو نقل نسب أو ولاء عن محل إلى محل , أو أكل ربا , أو إسقاط واجب أو تعطيل حد , أو ظلم ثالث , وما أشبه ذلك , فكل هذا صلح جائر مردود.
فالصلح الجائز بين المسلمين هو الذي يعتمد فيه رضا الله سبحانه , ورضا الخصمين , فهذا أعدل الصلح وأحقه , وهو يعتمد على العلم والعدل , فيكون المصلح عالما بالوقائع , عارفا بالواجب , قاصدا للعدل , فدرجة هذا أفضل من درجة الصائم القائم , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصائم القائم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إصلاح ذات البين , فإن فساد ذات البين الحالقة. أما إني لا أقول تحلق الشعر , ولكن تحلق الدين.
وقد جاء في أثر: أصلحوا بين الناس , فإن الله يصلح بين المؤمنين يوم القيامة.
وقد قال تعالى {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون} .
مغني المحتاج (2 / 177) /50 والصلح الذي يحل الحرام أن يصالح على خمر ونحوه أو من دارهم على أكثر منها والصلح الذي والصلح الذي يحرم الحلال أن يصالح زوجته على أن لا يطلقها ونحو ذلك.
وهو أي الصلح - أنواع: صلح بين المسلمين والكفار , وبين الإمام والبغاة , وبين الزوجين عند الشقاق , وصلح في المعاملة , وهو مقصود الباب.
المغني (7 / 5) /50 الصلح معاقدة يتوصل بها إلى الإصلاح بين المختلفين , ويتنوع أنواعا
صلح بين المسلمين وأهل الحرب , وصلح بين أهل العدل وأهل البغي , وصلح بين الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما. .
وأجمعت الأمة على جواز الصلح في هذه الأنواع التي ذكرناها ولكل واحد منها باب يفرد له , ويذكر فيه أحكامه. وهذا الباب للصلح بين المتخاصمين في الأموال , وهو نوعان: صلح على إقرار , وصلح على إنكار.
فتح الباري (5 / 298) /50 والصلح أقسام: صلح المسلم مع الكافر , والصلح بين الزوجين , والصلح بين الفئة الباغية والعادلة , والصلح بين المتغاضبين كالزوجين , والصلح في الجراح كالعفو على مال , والصلح لقطع الخصومة إذا وقعت المزاحمة إما في الأملاك أو في المشتركات كالشوارع وهذا الأخير هو الذي يتكلم فيه أصحاب الفروع.
كشاف القناع (3 / 378) /50 (وهو) أي أصل الصلح (أنواع , ومن أنواعه: الصلح) بين متخاصمين (في الأموال , وهو المراد) بالترجمة (هنا) في هذا الباب (ولا يقع) الصلح (في الغالب إلا عن انحطاط من رتبة إلى ما دونها , على سبيل المداراة لبلوغ بعض الغرض) أي للوصول إلى بعض الحق.
(وهو) أي الصلح (من أكبر العقود فائدة) لما فيه من قطع النزاع والشقاق (ولذلك حسن) أي أبيح (فيه الكذب) .
(ويكون) الصلح (بين المسلمين وأهل حرب) بعقد الذمة أو الهدنة أو الأمان , وتقدم
(و) يكون أيضا (بين أهل بغي , و) أهل (عدل (ويأتي في الحدود
(و) يكون أيضا (بين زوجين إذا خيف الشقاق بينهما , أو خافته امرأة أعرض عنها زوجها) ويأتي في النشوز
(و) يكون أيضا (بين متخاصمين في غير مال) غير من سبق ذكرهم , وليس له باب يخصه , ويكون أيضا بين متخاصمين في المال , وهو المقصود بالباب.
بدائع الصنائع (6 / 40) /50 الصلح في الأصل أنواع ثلاثة: صلح عن إقرار المدعي عليه , وصلح عن إنكاره , وصلح عن سكوته من غير إقرار ولا إنكار.
مرشد الحيران (ص 279) /50 يصح الصلح عن الحقوق المقر بها المدعى عليه , والمنكر لها , والتي لم يبد فيها إقرار ولا إنكارا (م 1027) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 297) /50 الصلح ثلاثة أقسام ;
القسم الأول: الصلح عن الإقرار , وهو الصلح الواقع على إقرار المدعي عليه.
القسم الثاني: الصلح عن الإنكار , وهو الصلح الواقع على إنكار المدعي عليه.
القسم الثالث: الصلح عن السكوت , وهو الصلح الواقع على سكوت المدعى عليه , بأن لا يقر ولا ينكر.
الكفاية على الهداية (7 / 377) /50 وهو - أي الصلح - على ثلاثة أضرب , لأن المدعى عليه عند دعوى المدعى أجاب أولا. فإن أجاب , فلا يخلو: إما أن يقر أو لا يقر , وهو الإنكار. فإن لم يجب فهو السكوت , وإنما لم يتنوع السكوت , لأن السكوت عبارة عن عدم الجواب , والعدم لا يتنوع.(1/899)
صيغة عقد الصلح
ينعقد الصلح بكل صيغة تدل على تراضيهما على المقصود به وتنبئ عنه , وإن شروطها وتفصيلاتها لتختلف بحسب العقد الذي اعتبر به الصلح. كذلك ينعقد الصلح - عند الحنفية - بالتعاطي إذا كانت قرائن الأحوال دالة على تراضيهما به.
ويشترط التراضي بين العاقدين لصحة الصلح , وعلى ذلك لا يصح صلح المكره.(1/900)
المراد بالصيغة: الإيجاب والقبول الدالين على التراضي. مثل أن يقول المدعى عليه: صالحتك من كذا على كذا , أو من دعواك كذا على كذا. ويقول الآخر: قبلت , أو رضيت , أو ما يدل على قبوله ورضاه.
فإذا تم ذلك انعقد الصلح.
أما ما يتعلق بشروط صيغته , فذلك يختلف بحسب نوع الصلح , لأن هذا العقد في النظر الفقهي غير قائم بذاته , بل هو تابع لأقرب العقود به في الشروط والأحكام , بحيث يعد بيعا إذا كان مبادلة مال بمال , وهبة إذا كان على بعض العين المدعاة , وإبراء إذا كان على بعض الدين المدعي. . . . إلخ. وتفصيلات الكلام على صيغة كل نوع محلها العقد الذي اعتبر به.
وفي هذا المقام نص الحنفية على انعقاد الصلح بالتعاطي كما ينعقد بالإيجاب والقبول إذا كانت قرائن الأحوال دالة على تراضيهما به.
هذا ولا خلاف بين الفقهاء في اشتراط التراضي بين العاقدين لصحة الصلح , لأن المقصود من هذه المعاقدة إنهاء الخصومة وقطع دابر النزاع , فإذا انعدم التراضي فيه فات الغرض الأصلي من عقد الصلح بالكلية , وظل النزاع قائما. وعلى ذلك لم يجيزوا صلح المكره , لانتفاء الأساس الذي يقوم عليه وانعدامه بالإكراه.(1/901)
مغني المحتاج (2 / 178) /50 (أو) جرى الصلح (على بعض العين المدعاة) كربعها (فهبة لبعضها) الباقي (لصاحب اليد) عليها (فتثبت أحكامها) أي الهبة المقررة في بابها من اشتراط القبول وغيره لصدق حدها على ذلك , فتصح في البعض المتروك بلفظ الهبة والتمليك ونحوهما (ولا يصح بلفظ البيع) له لعدم الثمن (والأصح صحته بلفظ الصلح) كصالحتك من الدار على ربعها. . .
(وإن صالح من دين على بعضه) كربعه (فهو إبراء عن باقيه , ويصح بلفظ الإبراء والحط ونحوهما) كالوضع والإسقاط. . .
وإذا جرى ذلك بصيغة الإبراء كأبرأتك من خمسمائة من الألف الذي لي عليك أو نحوهما مما تقدم , كوضعتها أو أسقطتها عنك لا يشترط القبول على المذهب , سواء أقلنا الإبراء إسقاط أم تمليك (و) يصح (بلفظ الصلح في الأصح) كصالحتك عن الألف الذي لي عليك على خمسمائة , والخلاف فيه كالخلاف في الصلح من العين على بعضها بلفظ الصلح , فيؤخذ توجيهه ما تقدم.
وهل يشترط القبول في هذه الحالة؟ فيه خلاف مدركه مراعاة اللفظ أو المعنى , والأصح على ما دل عليه كلام الشيخين هنا اشتراطه , ولا يصح هذا الصلح بلفظ البيع كنظيره في الصلح عن العين.
مجموع فتاوى ابن تيمية (20 / 533) /50 والتحقيق أن المتعاقدين إن عرفا المقصود انعقدت , فأي لفظ من الألفاظ عرف به المتعاقدان مقصودهما انعقد به العقد. وهذا عام في جميع العقود , فإن الشارع لم يحد ألفاظ العقود حدا , بل ذكرها مطلقة , فكما تنعقد العقود بما يدل عليها من الألفاظ الفارسية والرومية وغيرهما من الألسن العجمية , فهي تنعقد بما يدل عليها من الألفاظ العربية , ولهذا وقع الطلاق والعتاق بكل لفظ يدل عليه , وكذلك البيع وغيره.
بدائع الصنائع (6 / 40) /50 وأما ركن الصلح فالإيجاب والقبول وهو أن يقول المدعى عليه: صالحتك من كذا على كذا. أو من دعواك كذا على كذا. ويقول الآخر: قبلت , أو رضيت , أو ما يدل على قبوله ورضاه.
فإذا وجد الإيجاب والقبول فقد تم عقد الصلح.
مجلة الأحكام العدلية (ص 297) /50 الصلح هو عقد يرفع النزاع بالتراضي , وينعقد بالإيجاب والقبول (م 1531) .
درر الحكام (4 / 4 ; 5) /50 لو قال المدعي للمدعى عليه: أنني صالحتك على الخمسين دينارا التي أدعي بها عليك بمائة ريال , وقبل المدعى عليه ينعقد الصلح , لأنه في هاتين المسألتين كان الصلح مبادلة , وفي المبادلة يجب القبول. وبما أنه لا تصح المبادلة بدون القبول , فلا يصح أيضا الصلح.
الصلح الذي ينعقد بالإيجاب فقط الصلح الذي يتضمن إسقاط بعض الحقوق , يكفي فيه الإيجاب , ولا يلزم القبول. . . لأن هذا الصلح هو عبارة عن إسقاط بعض الحقوق , ولما كان الإسقاط , أي الإبراء , غير متوقف على القبول , ويتم بمجرد المسقط , فلا يشترط قبول المدين. .
انعقاد الصلح بالتعاطي: وكما أن الصلح ينعقد بالإيجاب والقبول كما ذكرنا آنفا , ينعقد أيضا بالتعاطي , ويحصل ذلك بإعطاء المدعى عليه مالا للمدعي لا يحق له أخذه , وقبض المدعي لذلك المال.
الدر المنتقى (2 / 308 - 309) /50 الصلح بإقرار حكمه (كالبيع إن وقع عن مال بمال) فتجري فيه أحكامه. . (و) حكمه (إن وقع) الصلح (عن مال بمنفعة اعتبر إجارة) كخدمة عبد وسكنى دار فتجرى فيه أحكامها.
الفتاوى الهندية (4 / 244) /50 صلح المكره لا يجوز. كذا في السراجية. إذا كان المدعي رجلين , فأكره السلطان المدعي عليه على صلح أحدهما , فصالحهما جميعا , لم يجز صلحه مع من أكره على الصلح معه , وجاز مع الآخر. كذا في المبسوط.
قوم دخلوا على رجل بيتا ليلا أو نهارا , وشهروا عليه سلاحا وهددوه حتى صالح رجلا عن دعواه على شيء. . . . قالوا: في قياس قول أبي حنيفة يجوز الصلح. . . لأن عنده الإكراه لا يكون إلا من السلطان. وعندهما: يتحقق الإكراه من كل متغلب يقدر على تحقيق ما أوعده. والفتوى على قولهما.
مراجع إضافية /50 انظر البحر الرائق (7 / 255) مجمع الأنهر (2 / 308) درر الحكام (4 / 3 - 5) قرة عيون الأخيار (2 / 153 , 156) الفتاوى الهندية (4 / 288 , 229) .(1/902)
صفات العاقدين في الصلح
يشترط في كل واحد من العاقدين في الصلح أن يكون جائز التصرف , في كل نوع من أنواع الصلح بحسبه.
ويشترط في المصالح أن تكون له عليه ولاية , سواء أكانت تلك الولاية ثابتة بتولية صاحب الحق أم بتوليه الشارع.(1/903)
يشترط في المصالح أن يكون أهلا للتصرف وهو البالغ العاقل الرشيد غير المحجور عليه في الصلح المتضمن تبرعا , الذي يكون في معنى الهبة أو الإبراء.
وأن يكون بالغا عاقلا , أو صبيا مميزا مأذونا في الصلح الذي يكون في معنى البيع والإجارة ونحوها من المعاوضات.
كما يشترط في المصالح أن تكون له عليه ولاية وهي تثبت بطريقتين:
إما بتوليه صاحب الحق: وذلك بتوكيل غيره فيه لأن الصلح مما يقبل التفويض والإنابة. ولكن لو وكله بالخصومة فقط , فإنه لا يلي الصلح ولا يصح صدوره منه , لأن الوكالة بالخصومة لا تستلزم الوكالة بالصلح.
وإما بتوليه الشارع: كما في صلح الأب والجد في مال الصغير ومن في حكمه.
فيجوز ذلك بشرط أن يكون في مصلحة المحجور.
فإن كان فيه غبن ونقص من حقه , أو عليه فيه ضرر ظاهر , لم يجز. وعلى ذلك نص الحنفية والمالكية.(1/904)
مرشد الحيران (ص 283 - 284) /50 إذا كان للصبي المميز دين , وكان مأذونا له بالتجارة , وليس له بينة على الدين , جاز له أن يصالح غريمه على بعضه أو على شيء آخر قيمته أقل من الدين , وإن كان له بينه على الدين لا يجوز له ذلك (م 1038) .
إذا كان للصبي المأذون له التجارة دين على آخر جاز له أن يصالح بنفسه مديونه على تأجيل الدين إلى أجل معلوم (م 1041) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 298) /50 يشترط أن يكون المصالح عاقلا , ولا يشترط أن يكون بالغا , فلا يصح صلح المجنون والمعتوه والصبي غير المميز أصلا. ويصح صلح الصبي المأذون إن لم يكن فيه ضرر بين , كما إذا ادعى أحد على الصبي المأذون شيئا , وأقر به , فيصح صلحه عن إقرار.
وللصبي المأذون أن يعقد الصلح على تأجيل وإمهال طلبه , وإذا صالح على مقدار من طلبه , وكانت له بينه بتمامه , فلا يصح صلحه. وإن لم تكن له بينه , وتحقق أن خصمه سيحلف فيصح. وإن ادعى على آخر مالا , فصالح على مقدار قيمته يصح , ولكن إذا صالح على نقصان فاحش عن قيمة ذلك المال فلا يصح. (م 1539) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 501) /50 لا يصح الصلح الذي يتضمن هبة أو إبراء ممن لا يصح تبرعه. فلا يصح من القن المأذون له في التجارة ولا من المكاتب ولا من ناظر الوقف ولا من ولي المحجور عليه إلا إذا كان فيه مصلحة , كما لو أنكر من عليه الحق ولا بينة , أو ادعى على المحجور بحق به بينة , فيصح الصلح عنه. أما الصلح الذي بمعنى البيع أو الإجارة فله حكمها. . .
مجمع الأنهر (2 / 308) /50 وشرطه - أي الصلح - العقل , لا البلوغ والحرية , وصح من صبي مأذون إن عري عن ضرر بين , ومن عبد مأذون ومكاتب.
بدائع الصنائع (6 / 40) /50 أما الذي يرجع إلى المصالح فأنواع ,
منها: أن يكون عاقلا. وهذا شرط عام في جميع التصرفات كلها , فلا يصح صلح المجنون والصبي الذي لا يعقل لانعدام أهليه التصرف بانعدام العقل. فأما البلوغ فليس بشرط , حتى يصح صلح الصبي في الجملة , وهو الصبي المأذون إذا كان له فيه نفع , أو لا يكون له فيه ضرر ظاهر.
مجلة الأحكام العدلية (ص299)
إذا صالح ولي الصبي عن دعواه يصح إن لم يكن فيه ضرر بين. فإن كان فيه ضرر بين لا يصح. فلذلك لو ادعى أحد على صبي كذا دراهم , وصالح أبوه على أن يعطي كذا دراهم من مال الصبي , يصح إن كان للمدعي بينه. وإن لم تكن لديه بينة لا يصح. , إذا كان للصبي دين في ذمة آخر , وصالحه أبوه بحط مقدار منه لا يصح صلحه إن كانت له بينة. أما إذا لم تكن له بينة , وتحقق أن المدين سيحلف اليمين , فيصح الصلح حينئذ. ويصح صلح ولي الصبي على مال تساوي قيمته مقدار مطلوبه , ولكن إذا وجد غبن فاحش فلا يصح. (م 1540) .
الوكالة بالخصومة لا تستلزم الوكالة بالصلح. بناء عليه: إذا وكل أحد آخر بدعواه وصالح على تلك الدعوى بلا إذن فلا يصح صلحه. (م 1542) .
إذا وكل أحد آخر على أن يصالح عن دعواه , وصالح ذلك بالوكالة , فيلزم المصالح عليه الموكل , ولا يؤاخذ الوكيل بذلك , ولا يطالب به إلا أن يكون الوكيل قد ضمن المصالح عليه. (م 1543) .
بدائع الصنائع (6 / 41) /50 وأما شرائط الركن فأنواع ; بعضها يرجع إلى المصالح. . . وأما الذي يرجع إلى المصالح فأنواع:. . .
(منها) أن لا يكون المصالح بالصلح عن الصغير مضرا به مضرة ظاهرة. حتى إن من ادعي على صبي دينا , فصالح أب الوصي من دعواه على مال الصبي الصغير , فإن كان للمدعى بينة , وما أعطى من المال مثل الحق المدعى أو زيادة يتغابن في مثلها فالصلح جائز , لأن الصلح في هذه الصورة بمعنى المعاوضة , لإمكان الوصول إلى كل الحق بالبينة والأب يملك المعاوضة من مال الصغير بالغبن اليسير. وإن لم تكن له بينة لا يجوز , لأن عند انعدام البينة يقع الصلح تبرعا بمال الصغير , وإنه ضرر محض , فلا يملكه الأب.
ولو صالح من مال نفسه جاز , لأنه ما أضر بالصغير , بل نفعه , حيث قطع الخصومة عنه. ولو ادعى أب الصغير على إنسان دينا للصغير , فصالح على أن حط بعضه وأخذ الباقي فإن كان له عليه بينة لا يجوز , لأن الحط منه تبرع من ماله , وهو لا يملك ذلك. وإن صالحه على مثل قيمة ذلك الشيء أو أنقص منه شيئا يسيرا جاز , لأن الصلح في هذه الصورة بمعنى البيع , وهو يملك البيع فيملك الصلح.
البهجة شرح التحفة (1 / 223) /50 إن الأب يجوز له الصلح عن محجوره الصغير أو السفيه , ذكرا أو أنثى , حيث سلم من الموانع المتقدمة , ولو كان الصلح بأقل من حقه إن خشي أي الأب فوات جميع الحق الذي الأب يطلب به من خصمه , لو كان منكرا ولا بينة أصلا , أو يخشى تجريحها وسقوطها , وصلحه محمول في ذلك على النظر , وهو مصدق فيما يذكر.
ولا فرق في ذلك بين أن يصالح عنه فيما طلب له من حقه أو فيما طلب به إذا خشي أيضا أن يثبت عليه جميع الحق , فيعطي بعض ما يطلب به , كما في البرزلي أوائل البيوع.
ومفهوم الشرط أنه إن كان الحق لا خصام فيه أو فيه خصام , لكن ببينة لا يخشى عليها لا يجوز صلحه بأقل لأنه ليس بنظر. فإن فعل كان للمحجور القيام ببقية حقه على الغريم , ثم لا رجوع للغريم على الأب , إلا أن يكون ضمن له الدرك , فيرجع عليه حينئذ.
مرشد الحيران (ص 284 - 285) /50 إذا كان للصبي دين على آخر , وكان له بينة عادلة , وكان المديون مقرا بالدين أو مقضيا عليه به , فلا يجوز لوصيه أو لوليه أن يصالح على بعض الدين إلا إذا كان الدين وجب بعقده , فإنه يجوز صلحه على نفسه , ويضمن قدر الدين للصبي. وإن صالح عن الدين على مال آخر , إن كانت قيمته قدر الدين أو أقل بغبن يسير , يجوز الصلح , وإن بغبن فاحش لا يجوز.
وإن خشي الوصي أو الولي أن لا يثبت كل الدين , بأن لم تكن له بينة , والمديون منكر , ويقدم على اليمين , جاز للولي أو الوصي أن يصالح على بعضه ويأخذ الباقي (م 1039) .
فإذا ادعى على الصبي المميز بدين , وكان للمدعي بينة تثبت بها دعواه , فللوصي أو الولي أن يصالح على شيء , ويدفع الباقي , وإن لم تكن للمدعي بينة , فلا يجوز للولي أو الوصي أن يصالح على شيء ما (م1040) .
الوكيل بالخصومة لا يملك الصلح , فإن صالح عن الدعوى الموكل بالخصومة فيها بلا إذن موكله فلا يصح صلحه. (م1042) .
إذا كان المديون وكيلا بالصلح , وكان مقرا بالدين , فإن إضافة الوكيل الصلح إلى الموكل نفذ الصلح على الموكل , ووجب بدل الصلح عليه. وإن أضاف الصلح إلى نفسه نفذ الصلح على الموكل أيضا , ويطالب الوكيل ببدل الصلح , ثم يرجع به على الموكل.
وان كان المديون منكرا , فوكل وكيلا بالصلح , فإن أضاف الوكيل الصلح إلى الموكل نفذ الصلح على الموكل , ووجب بدل الصلح عليه. وان أضاف الصلح إلى نفسه نفذ الصلح على الموكل , ووجب بدل الصلح على الوكيل , ثم يرجع به على الموكل. (م 1043) .
مراجع إضافية /50 انظر التاودي على التحفة (1 / 223) ميارة على التحفة (1 / 146) المعيار للونشريسي (6 / 543) الفتاوي الهندية (4 / 229) جامع أحكام الصغار (3 / 139 - 147 , 4 / 61 , 62) درر الحكام (4 / 15) شرح المجلة للأتاسي (4 / 537 - 539) رد المحتار (4 / 412) قرة عيون الأخيار (1 / 257 - 2 / 153) . الفتاوى الهندية (4 / 229) درر الحكام (4 / 13 - 14) كشاف القناع (3 / 379) شرح منتهى الإرادات (2 / 260) .(1/905)
المصالح عنه
المصالح عنه هو الشيء المتنازع فيه , وهو نوعان:
حق الله وحق العبد.
فأما حق الله فلا يجوز الصلح عنه.
وأما حق العبد فهو الذي يجوز الصلح عنه بشروط ثلاثة:
أن يكون حقا ثابتا للمصالح في المحل , وأن يكون مما يصح الاعتياض عنه , وأن يكون معلوما وفي مدى معلوميته خلاف بين الفقهاء.(1/906)
المصالح عنه: هو الشيء المتنازع فيه. وهو نوعان:
حق الله , وحق العبد.
فأما حق الله: فلا خلاف بين الفقهاء في عدم صحة الصلح عنه. وعلى ذلك , فلا يصح الصلح عن حد الزنا والسرقة وشرب الخمر , بأن أخذ زانيا أو سارقا من غيره أو شارب خمر , فصالحه على مال على أن لا يرفعه إلى ولي الأمر , لأنه حق الله تعالى , فلا يجوز , ويقع باطلا.
وأما حق العبد: فهو الذي يصح الصلح عنه عند تحقق شروطه الشرعية , وهي ثلاثة:
الأول: أن يكون المصالح عنه حقا ثابتا للمصالح في المحل.
والثاني: أن يكون مما يصح الاعتياض عنه , سواء أكان مما يجوز بيعه أولا , وسواء أكان مالا أو غير مال.
والثالث: أن يكون معلوما , وفي تفصيلاته خلاف بين الفقهاء:
فقال الشافعية والظاهرية: لا يصح الصلح عن المجهول مطلقا.
واشترط الحنفية كونه معلوما إن كان مما يحتاج إلى التسليم , لئلا تفضي جهالته للنزاع. أما إذا كان مما لا يحتاج إلى تسليم. . كترك الدعوى مثلا فلا يشترط معلوميته.
وفرق المالكية والحنابلة بين ما يتعذر علمه وبين ما لا يتعذر فإن كان مما يتعذر علمه فقد نصوا على صحة الصلح عنه. وإن كان مما لا يتعذر علمه , فقال الحنابلة: يصح من غير علم به لقطع النزاع وقال المالكية: لا يجوز الصلح إلا بعد معرفته.(1/907)
إعلام الموقعين (1 / 108) /50 الحقوق نوعان: حق الله وحق الآدمي. فحق الله لا مدخل للصلح فيه , كالحدود والزكوات والكفارات ونحوها , وإنما الصلح بين العبد وبين ربه في إقامتها لا في إهمالها , ولهذا لا يقبل بالحدود , وإذا بلغت السلطان فلعن الله الشافع والمشفع. وأما حقوق الآدميين فهي التي تقبل الصلح والأسقاط والمعارضة عليها.
شرح منتهى الإرادات (2 / 266) /50 (ولا) يصح صلح (بعوض عن خيار أو شفعة أو حد قذف) لأنها لم تشرع لاستفادة مال , بل الخيار للنظر في الأحظ , والشفعة لإزالة ضرر الشركة , وحد القذف للزجر عن الوقوع في أعراض الناس. . .
(ولا) يصح أن يصالح (سارقا أو شاربا ليطلقه) ولا يرفعه للسلطان , لأنه لا يصح أخذ العوض في مقابلته (أو) يصالح (شاهدا ليتكم شهادته) لتحريم كتمانها إن صالحه على أن لا يشهد عليه بحق لله أو لآدمي.
بدائع الصنائع (6 / 48 - 49) /50 وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع
(أحدها) أن يكون حق العبد لا حق الله عز وجل , سواء كان مالا عينا أو دينا أو حقا ليس بمال عين ولا دين. .
(والثاني) أن يكون حق المصالح.
(والثالث) أن يكون حقا ثابتا له في المحل. فما لا يكون حقا له , أولا يكون حقا ثابتا له في المحل لا يجوز الصلح عنه , حتى لو أن امرأة طلقها زوجها ادعت عليه صبيا في يده أنه ابنه منها وجحد الرجل , فصالحت عن النسب على شيء , فالصلح باطل , لأن النسب حق الصبي لا حقها , فلا تملك الاعتياض عن حق غيرها.
الدر المختار (4 / 473) وحاشية ابن عابدين
(و) شرطه أيضا (كون المصالح عليه معلوما إن كان يحتاج إلى قبضه و) كون المصالح عنه حقا بجوز الاعتياض عنه ولو) كان (غير مال كالقصاص والتعزيز معلوما كان) المصالح عنه (أو مجهولا) .
قال ابن عابدين (قوله أو مجهولا) أي بشرط أن يكون مما لا يحتاج إلى التسليم كترك الدعوى مثلا , بخلاف ما لو كان عن تسليم المدعى.
مرشد الحيران (ص 279) /50 يشترط أن يكون المصالح عنه حقا للمصالح , ثابتا في المحل يجوز أخذ البدل في مقابلته , سواء كان مالا كالعين والدين أو غير مال كالمنفعة وحق القصاص والتعزيز , ويشترط أن يكون معلوما إن كان مما يحتاج إلى التسليم (م 1028)
مجلة الأحكام العدلية (ص 301) /50 يلزم أن يكون المصالح عليه والمصالح عنه معلومين إن كانا محتاجين إلى القبض والتسليم وإلا فلا. مثلا: لو ادعى أحد من الدار التي هي في يد الآخر حقا , وادعى هذا من الروضة التي هي في يد ذاك حقا , وتصالحا على أن يترك كلاهما دعواهما من دون أن يعينا مدعاهما يصح. كذلك لو ادعى أحد من الدار التي هي في يد الآخر حقا وصالحه على بدل معلوم ليترك الدعوى يصح , ولكن لو تصالحا على أن يعطي المدعي للمدعى عليه بدلا , وأن يسلم هذا حقه إلى ذاك لا يصح. (م 1547) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (495 - 499)
يصح الصلح عن دية خطأ وقيمة متلف وعن مثلي بعوض من غير جنسه وإن كانت قيمة العوض أكثر. (م 1622) .
لا يصح الصلح عن حق , كدية خطأ أو شبه عمد أو عمد لا قود فيه أو قيمة متلف غير مثلى بأكثر من حقه من جنسه. (م 1623) .
يصح الصلح عن كل ما يجوز أخذ العوض عنه سواء كان مما يجوز بيعه أم لا. (م1635)
يصح الصلح عن قود مع الإقرار أو الإنكار بنقد أو عرض قليل أو كثير حال أو مؤجل. لكن لو كان العرض المسمى مجهولا بطلت التسمية ووجبت الدية. أما لو كان المسمي مطلقا كعبد أو بعير صح وله الوسط. (م 1636) .
لا يصح الصلح بعوض عن خيار في بيع أو إجارة , ولا عن شفعة ولا عن حد قذف ولا يلزم العوض , ولكن تسقط هذه الحقوق به. (م 1637) .
يصح الصلح عن عيب في عوض أو معوض , كما يصح عن سكني الدار ونحوها مما يستحق بإجارة أو وصية (م 1640) .
الصلح عن المجهول بمعلوم صحيح. فلو كان له على آخر دين أو عين مجهولا له , سواء تعذر علمهما أو لم يتعذر , فصالحه بمال معلوم نقدا أو مؤجلا صح. (م 1649)
المحلى (8 / 165)
ولا يجوز الصلح عن مال مجهول القدر , لقوله تعالى {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} والرضا لا يكون في مجهول أصلا , إذ قد يظن المرء أن حقه قليل فتطيب نفسه به , فإذا علم أنه كثير لم تطب نفسه به , ولكن ما عرف قدره جاز الصلح فيه , وما جهل فهو مؤخر إلى يوم الحساب.
الأم (3 / 221) /50 أصل الصلح أنه بمنزلة البيع , فما جاز في البيع جاز في الصلح , وما لم يجز في البيع لم يجز في الصلح ثم يتشعب. . ولا يجوز الصلح عندي إلا على أمر معروف , كما لا يجوز البيع إلا على أمر معروف , وقد روي عن عمر رضي الله عنه: الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا. ومن الحرام الذي يقع في الصلح أن يقع عندي على المجهول , الذي لو كان بيعا كان حراما.
فتاوى قاضي خان (3 / 104)
إذا ادعى حقا في دار رجل ولم يسم , فاصطلحا على مال معلوم يعطيه المدعي ليسلم المدعي عليه ما ادعاه المدعي , لا يصح هذا الصلح , لأن المدعي عليه يحتاج إلى تسليم ما ادعاه المدعي , فإذا لم يعلم مقدار ذلك لا يدري ماذا يسلم إليه فلا يجوز.
مواهب الجليل (5 / 80) /50 تنبيه: يجوز الصلح على المجهول إذا جهل القدر المصالح عليه , ولم يقدرا على الوصول إلى معرفته. وأما إذا قدرا على الوصول المعرفة , فلا يجوز الصلح إلا بعد المعرفة بذلك. . .
روضة الطالبين (4 / 203) /50 أن الصلح على المجهول لا يصح قال الشافعي لو ادعى عليه شيئا مجملا , فأقر له به وصالحه عنه على عوض , صح الصلح. قال الشيخ أبو حامد وغيره: هذا إذا كان المعقود عليه معلوما لهما , فيصح وإن لم يسمياه , كما لو قال: بعتك الشيء الذي نعرفه أنا وأنت بكذا وأنت بكذا. فقال اشتريت. صح.
مراجع إضافية /50 انظر أسنى المطالب (2 \ 218) المبدع (4 / 289) التاج والإكليل (5 / 85) تبيين الحقائق (6 / 113) قرة عيون الأخيار (2 / 155) درر الحكام (4 / 24) شرح المجلة للأتاسي (4 / 547) كشاف القناع (3 / 384 - 388) حاشية البناني على الزرقاني (6 / 3) المغني (7 / 22 - 23 - 24) شرح منتهى الإرادات (2 / 261 - 263 - 265) .(1/908)
الشروط
يشترط لصحة عقد الصلح أن يكون بدله مملوكا للمصالح , وأن يكون مالا متقوما , وأن يكون معلوما إن كان مما يحتاج إلى التسليم عند الحنفية , ومطلقا عند الشافعية والحنابلة.(1/909)
بدل الصلح هو الشيء المصالح به أو المصالح عليه , وشروطه ثلاثة:
أحداهما: أن يكون مالا متقوما , فلا يصح الصلح على الخمر والخنزير والميتة والدم. . . إلخ.
والثاني: أن يكون مملوكا للمصالح.
والثالث: أن يكون معلوما , فإن وقع الصلح بمجهول لم يصح. وعلى ذلك نص الشافعية والحنابلة.
وقال الحنفية: يشترط كونه معلوما إن كان مما يحتاج إلى التسليم , لأن جهالة البدل تفضي إلى المنازعة , فتوجب فساد العقد. أما إذا كان شيئا لا يفتقر إلى القبض والتسليم , فلا يشترط معلوميته , مثل أن يدعي حقا في دار جل , ويدعي المدعى عليه حقا في أرض بيد المدعي , فاصطلحا على ترك الدعوى , جاز , وإن لم يتبين كل منهما مقدار حقه , لأن جهالة الساقط لا تفضي إلى المنازعة.(1/910)
مرشد الحيران (ص 279) /50 يصح أن يكون بدل الصلح مالا أو منفعة , ويشترط أن يكون ملكا للمصالح , وأن يكون معلوما إن كان مما يحتاج إلى القبض والتسليم , وأن يكون مقبوضا وقت الصلح إن كان الصلح عن دين بدين من جنس آخر (م 1029) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 300 - 301) /50 إن كان المصالح عليه عينا , فهو في حكم المبيع , وإن كان دينا , فهو , في حكم الثمن. فالشيء الذي يصلح لأن يكون مبيعا أو ثمنا في البيع , يصلح لأن يكون بدلا في الصلح أيضا (م 1545) .
يشترط أن يكون المصالح عليه مال المصالح وملكه. بناء عليه: لو أعطى المصالح مال غيره ليكون بدل الصلح , لا يصح صلحه. (م 1546) .
يلزم أن يكون المصالح عليه والمصالح عنه معلومين إن كان محتاجين إلى القبض والتسليم وإلا فلا (م 1547) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 501 - 502) /50 جهالة المصالح به تمنع صحة الصلح. (م 1650) .
إذا صالح عن مال بعوض صلحا عن إقرار , فبان العوض مستحقا , رجع المصالح بالمال المصالح عنه إن كان باقيا , وقيمته إن كان متقوما تالفا.
وإن كان مثليا تالفا فبمثله (م 1651) .
من صالح عن مال بعوض صلحا عن إنكار , فبان العوض مستحقا , بطل الصلح , ورجع المدعي بدعواه (م 1654) .
بدائع الصنائع (6 / 42 - 47 - 48) /50 وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع:
(منها) أن يكون مالا. فلا يصح الصلح على الخمر والميتة والدم وصيد الإحرام والحرم , وكل ما ليس بمال. لأن في الصلح معنى المعاوضة , فما لا يصح عوضا في البيعات لا يصلح بدل الصلح.
(ومنها) أن يكون متقوما. فلا يصح الصلح على الخمر والخنزير من المسلم لأنه ليس بمال متقوم في حقه. وكذا إذا صالح على دن من خل , فإذا هو خمر , لم يصح , لأنه تبين أنه لم يصادف محله.
(ومنها) أن يكون مملوكا للمصالح حتى إنه إذا صالح على مال ثم استحق من يد المدعي لم يصح الصلح لأنه تبين أنه ليس مملوكا للمصالح فتبين أن الصلح لم يصح.
(ومنها) أن يكون معلوما. لأن جهالة البدل تؤدي إلى المنازعة فتوجب فساد العقد , إلا إذا كان شيئا لا يفتقر إلى القبض والتسليم. والأصل أن كل ما يجوز بيعه وشراءه يجوز الصلح عليه وما لا فلا.
شرح منتهى الإرادات (2 / 263 - 266) /50 فإن وقع الصلح بمجهول لم يصح , لأن تسليمه واجب , والجهل به يمنعه.
(و) يصح الصلح عما تقدم (بما يثبت مهرا) في نكاح من نقد أو عرض قليل أو كثير (حلا ومؤجلا) لأنه يصح إسقاطه.
(ومن صالح) آخر (عن دار ونحوها) ككتاب وحيوان بعوض (فبان العوض مستحقا) لغير المصالح , أو بان القن حرا (رجع بها) أي الدار ونحوها المصالح عنها إن بقيت , وببدلها إن تلفت إن كان الصلح (مع إقرار) المدعي عليه , لأنه بيع حقيقة , وقد تبين فساده لفساد عوضه , فرجع فيما كان له (و) رجع (بالدعوى) إلى دعواه قبل الصلح (وفي الرعاية: أو قيمة المستحق) المصالح به (مع إنكار) لتبين فساد الصلح بخروج المصالح به غير مال. أشبه ما لو صالح بعصير فبان حمراء , فيعود الأمر إلى ما كان عليه قبله. ووجه ما في الرعاية أن المدعي رضي بالعوض , وانقطعت الخصومة , ولم يسلم له , فكان له قيمته.
المحلى (8 / 168)
مسألة: ومن صالح عن دم أو كسر سن أو جراحة أو عن شيء معين بشيء معين , فذلك جائز. فإن استحق بعضه أو كله بطلت المصالحة , وعاد على حقه في القود وغيره , لأنه إنما ترك حقه بشيء لم يصح له , وإلا فهو على حقه فإذا لم يصح له ذلك الشيء فلم يترك حقه.
وكذلك لو صالح من سلعة بعينها بسكنى دار أو خدمة عبد , فمات العبد أو انهدمت الدار أو استحقا , بطل الصلح , وعاد على حقه.
الأم (3 / 221) /50 أصل الصلح أنه بمنزلة البيع , فما جاز في البيع جاز في الصلح , وما لم يجز في البيع لم يجز في الصلح , ثم يتشعب. ولا يجوز الصلح عندي إلا على أمر معروف , كما لا يجوز البيع إلا على أمر معروف , وقد روي عن عمر رضي الله عنه: الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا.
ومن الحرام الذي يقع في الصلح أن يقع عندي على المجهول , الذي لو كان بيعا كان حراما.
مراجع إضافية /50 انظر قرة عيون الأخيار (2 / 154) كشاف القناع (3 / 384 - 388) المبدع (4 / 284) جامع الفصولين (2 / 71) المغني (7 / 25) .(1/911)
آثار عقد الصلح
الصلح من العقود اللازمة في حق العاقدين , وإنه ليعتبر بأقرب العقود إليه , وإذا تم على الوجه المطلوب , حصلت البراءة من الدعوى , ودخل بدل الصلح في ملك المدعي , ولزم في حق طرفيه.(1/912)
إذا تم الصلح على الوجه المطلوب شرعا حصلت البراءة من الدعوى , ودخل بدل الصلح في ملك المدعي , وسقطت دعواه المصالح عنها , فلا يقبل منه الادعاء بها ثانية , ولا يملك المدعي عليه استراد بدل الصلح الذي دفعه للمدعي.
وأساس ذلك أمران:
أحدهما: أن الصلح يعتبر بأقرب العقود إليه , إذ العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني. فما كان في معنى البيع أو الإجارة أو الهبة أو الصرف أو السلم أو الإبراء أخذ حكمه بحبسه.
والثاني: أن الصلح من العقود اللازمة. فلذلك لا يملك أحد العاقدين فسخه أو الرجوع عنه بعد تمامه. أما إذا لم يتم , فلا حكم له , ولا أثر يترتب عليه.(1/913)
مرشد الحيران (ص 285) /50 إذا تم الصلح على الوجه المطلوب دخل بدل الصلح في ملك المدعي , وسقطت دعواه المصالح عنها , فلا يقبل منه الادعاء بها ثانيا , ولا يملك المدعي عليه استرداد بدل الصلح الذي دفعه للمدعي (م 1045) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 303 - 304) /50 إذا تم الصلح فليس لواحد من الطرفين فقط الرجوع , ويملك المدعي بالصلح بدله , ولا يبقي له حق في الدعوى , وليس للمدعي عليه أيضا استرداد بدل الصلح منه (م 1556) .
إذا مات أحد الطرفين فليس لورثته فسخ صلحه. (م 1557) .
إذا عقد الصلح من اليمين على إعطاء بدل , فيكون المدعي قد أسقط حق خصومته , ولا يحلف المدعي عليه بعد. (م 1559) .
قرة عيون الأخيار (2 / 157) /50 (وحكمه) أي أثره الثابت له. قال في البحر: وحكمه في جانب المصالح عليه وقوع الملك فيه للمدعي , سواء كان مما يحتمل التمليك كالمال , وكان المدعي عليه مقرا به , وإن كان مما لا يحتمل التمليك كالقصاص , ووقوع البراءة كما إذا كان منكرا مطلقا (وقوع البراءة عن الدعوة) لما مر أنه عقد يرفع النزاع , أي ما لم يعرض له مبطل , كاستحقاق البدل. . (ووقوع الملك في مصالح عليه وعنه لو مقرا) .
درر الحكام (4 / 47) /50 الصلح من العقود اللازمة , فلذلك إذا تم الصلح عن إقرار أو عن إنكار أو عن سكوت فليس لواحد من الطرفين فقط الرجوع عنه. حتى أنه لو ادعى عليه بالمدعي به , فلا يلزم المدعي عليه ما أقر به. إلا أنه للطرفين أن يفسخا ويقيلا بعد الصلح بالاتفاق , وليس للطرفين في بعض الصلح أقاله الصلح.
(إذا تم الصلح فليس لواحد من الطرفين فقط الرجوع عنه) قيل إذا تم , لأنه لا حكم للصلح الذي لم يتم. مثلا: لو ادعي أحد من آخر حقا , وتصالح مع المدعى عليه على شيء ظهر بأن ذلك الحق أو ذلك المال لا يلزم ذلك الشخص , فحيث لا حكم لذلك الصلح , فللشخص المذكور استرداد بدل الصلح.
كذلك لو تصالح البائع مع المشتري عن خيار العيب , ثم ظهر عدم وجود العيب , أو زال العيب من نفسه وبدون معالجة بطل الصلح , وفي هذه الحال يجب على المشتري رد بدل الصلح الذي أخذه للبائع.
ويملك المدعي بالصلح بدله , سواء أكان المدعي عليه مقرا أو منكرا , إلا أنه إذا كان المدعي مبطلا وغير محق في دعواه فلا يحل له ديانة بدل الصلح في جميع أنواع الصلح , ولا يطيب له ما لم يسلم المدعى عليه للمدعي بدل الصلح عن طيب نفس , وفي تلك الحالة يصبح التمليك بطريق الهبة.
مراجع إضافية /50 انظر بدائع الصنائع (6 / 53) شرح المجلة للأتاسي (4 / 570) مجمع الأنهر (2 / 312) .(1/914)
الصلح عن الأعيان مع الإقرار
الصلح عن الإقرار جائز في الجملة باتفاق الفقهاء , وهو نوعان: صلح عن الأعيان , وصلح عن الديون.
والصلح عن الأعيان ضربان: صلح معاوضة , وصلح حطيطة.
فأما صلح المعاوضة فهو جائز باتفاق الفقهاء.
وأما صلح الحطيطة فإنه جائز عند جمهور الفقهاء سواء وقع بلفظ الهبة أو الصلح. ووافقهم على ذلك الحنابلة إذا وقع بلفظ الهبة دون الصلح أو المعاوضة.(1/915)
الأصل في الصلح عن الإقرار الجواز باتفاق الفقهاء , وهو ضربان: صلح عن الأعيان , وصلح عن الديون.
والصلح عن الأعيان هو مثل أن يدعى شخص على آخر دارا في يده , فيقر المدعي عليه له بها , ثم يصالحه منها على بعضها كالنصف أو الثلث أو الربع , أو على عين أخرى كثوب أو سيارة ونحو ذلك.
وهذا الضرب نوعان:
صلح الحطيطة , وصلح المعاوضة.
أما صلح الحطيطة فهو الذي يجري على بعض العين المدعاة , كمن صالح من الدار المدعاة على نصفها أو ثلثها. وقد اختلف الفقهاء في حكمه على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن هذا الصلح باطل , وبه قال بعض الحنفية.
والثاني: أن هذا الصلح صحيح سواء وقع بلفظ الهبة أو بلفظ الصلح. وهو قول الشافعية والمالكية والحنفية في ظاهر الرواية.
والثالث: أنه صحيح إن وقع بلفظ الهبة , وتسري عليه أحكامها. أما إذا وقع بلفظ الصلح , فإنه لا يصح , وهو قول الحنابلة.
أما صلح المعاوضة فهو الذي يجري على غير العين المدعاة , كأن ادعى عليه دارا , فأقر له بها , ثم صالحه منها على سيارة أو أرض أو دار أخرى. وهو جائز باتفاق الفقهاء , ويعد بيعا , وتسري عليه أحكامه , وإن عقد بلفظ الصلح , لأنه مبادلة مال بمال.(1/916)
مرشد الحيران (ص 280) /50 إذا كان المدعى به عينا معينة , دارا أو أرضا أو عرضا , وأقر المدعي عليه بها للمدعي , وصالحه عنها بنقود معلومة أو بعقار معلوم أو عرض معلوم , صح الصلح , ويكون حكمه حكم البيع , فيثبت فيه خيار العيب والرؤية والشرط للمصالح وحق الشفعة لجار العقار المصالح عنه أو المصالح عليه (م 1030) .
إذا كان المدعي به عينا معينة , دارا أو أرضا أو عرضا , وأقر المدعى عليه بها , وصالحه عنها بمنفعة كسكنى دار أو زراعة أرض مدة معلومة صح الصلح , ويعتبر إجارة , فيبطل الصلح بموت أحدهما إن عقده لنفسه أو بهلاك المحل في المدة (م 1031) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 301 - 302) /50 إن وقع الصلح عن الإقرار على مال معين عن دعوى مال معين , فهو في حكم البيع , فكما يجري فيه خيار العيب والرؤية والشرط , كذلك تجري دعوى الشفعة أيضا إن كان المصالح عليه أو المصالح عنه عقارا. (م 1548) .
إن وقع الصلح عن الإقرار على المنفعة في دعوى المال فهو في حكم الإجارة , ويجري فيه أحكام الإجارة. لو صالح أحد آخر عن دعوى روضة على أن يسكن مدة كذا في داره , يكون قد استأجر تلك الدار في مقابلة الروضة تلك المدة. (م 1549) .
لو ادعى أحد مالا معينا كالروضة مثلا , وصالح على مقدار منها , وأبرأ المدعي عليه عن دعوى باقيها , يكون قد أخذ مقدار من حقه وترك دعوى باقيها. أي أسقط حق دعواه في باقيها (م 1551) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 495 - 496) /50 الصلح عن الحق المقر به ببعض من جنسه صحيح , وهو استيفاء لبعض الحق وإبراء أو هبة في الباقي. لكن لو جرى ذلك بشرط إعطاء الباقي أو بلفظ الصلح أو بلفظ آخر مما يدل على المعاوضة لم يصح. مثلا: لو أقر له بعين أو دين , فوضع عنه بعضه مفرزا أو مشعا وأخذ الباقي جاز. لكن لو قال: وضعت عنك النصف على أن تعطيني النصف , أو صالحتك عن الحق بنصفه لم يصح (م 1620) .
الصلح عن الحق المقر به على غير جنسه معاوضة , يصح بلفظ الصلح , فالصلح عن نقد بنقد صرف , وعن نقد بعرض أو عن عرض بنقد أو عن عرض بعرض بيع أو عن عرض أو نقد بمنفعة إجارة فيشترط لصحته ما يشترط لصحة هذه العقود , وتجرى فيه أحكامها المفصلة في محلها.
المبدع (4 / 279) /50 منع الخرقي وابن أبي موسى الصلح عن الإقرار , وأباه الأكثرون , فعلى الأول: إن وفاه من جنس حقه فهو وفاء , ومن غير جنسه معاوضة , وإن أبرأه من بعضه فهو إبراء , وإن وهبه بعض العين فهو هبة , ولا يسمى صلحا , فالخلاف إذا في التسمية - قاله في المغني والشرح - وأما المعنى فمتفق عليه.
روضة الطالبين (4 / 193) /50 أحكام الصلح. وقد يجرى بين المتداعبين , وبين المدعي وأجنبي.
والقسم الأول نوعان: أحدهما ما يجري على الإقرار , وهو ضربان. أحدهما: الصلح عن العين. وهو صنفان:
أحدهما صلح المعاوضة وهو الذي يجري على غير العين المدعاة بأن ادعى عليه دارا فأقر له بها , وصالحه منها على عبد أو ثوب , فهذا الصنف حكمه حكم البيع , وإن عقد بلفظ الصلح , وتتعلق به جميع أحكام البيع , كالرد بالعيب , والشفعة , والمنع من التصرف قبل القبض , واشتراط القبض في المجلس إن كان المصلح عليه والمصالح عنه متفقين في علة الربا , واشتراط التساوي في معيار الشرع إن كان جنسا ربويا , وجريان التحالف عند الاختلاف , ويفسد بالغرر والجهل والشروط الفاسدة كفساد البيع. ولو صالحه منها على منفعة دار أو خدمة عبد مدة معلومة جاز , ويكون هذا الصلح إجارة , فيثبت فيه أحكام الإجارة.
والصنف الثاني: صلح الحطيطة. وهو الجاري على بعض العين المدعاة. كمن صالح من الدار المدعاة على نصفها أو ثلثها , أو العبدين على أحدهما , فهذا هبة بعض المدعى لمن في يده فيشترط لصحته القبول , ومضي مدة إمكان القبض.
الخرشي (6 / 2 - 3) /50 (الصلح على غير المدعى به بيع أو إجارة , وعلى بعضه هبة) يعني أن الصلح على غير المدعي فيه إما بيع , فيشترط فيه شروط أو إجارة فيشترط فيه شروطها , لأن المصالح به إما منافع أو ذوات. فالذوات كما إذا ادعى عليه بعرض أو بحيوان أو بطعام مخالف للمصالح عنه وهذا معاوضة اتفاقا , إذ هو كبيع عرض بنقد أو بعرض مخالف , فلو اختل شرط البيع كمن صالح سلعته بثوب بشرط أن لا يهبها ولا يبيعها وكمصالحته على مجهول أو لأجل مجهول فإنه غير جائز , والمنافع كما إذا صالحه على سكنى دار أو على خدمة عبد مدة معلومة. وبعبارة الصلح أي على إقرار بدليل قوله أو السكوت أو الإنكار.
(كمائة دينار ودرهم عن مائتيهما) هذا مثال لقوله وعن بعضه هبة. والمعنى أنه إذا ادعى عليه بمائة دينار ومائة درهم حالة , فأقر بذلك , فصالحه بمائة دينار ودرهم واحد , فإن ذلك جائز , لأنه أخذ بعض حقه وترك بعضه. .
وكلام المؤلف ظاهر حيث صالح بمعجل مطلقا أو بمؤجل , والصلح على الإقرار. فإن صالح على الإنكار امتنع.
شرح منتهى الإرادات (2 / 260 - 262) /50 الصلح على إقرار (نوعان: نوع) يقع (على جنس الحق , مثل أن يقر) جائز التصرف (له) أي لمن يصح تبرعه (بدين) معلوم (أو) يقر له (بعين) بيده (فيضع) المقر له عن المقر بعض الدين كنصفه أو ثلثه أو ربعه (أو يهب) له (البعض) من العين المقر بها (ويأخذ) المقر له (الباقي) من الدين أو العين (فيصح) ذلك لأن جائز التصرف لا يمنع من إسقاط بعض حقه أو هبته كما لا يمنع من استيفائه , وقد كلم عليه الصلاة والسلام غرماء جابر ليضعوا عنه (لا) يصح (بلفظ الصلح) لأنه هضم الحق.
(النوع الثاني) من قسمي الصلح على إقرار أن يصالح (على غير جنسه) بأن أقر له بعين أو دين ثم صالحه عنه بغير جنسه فهو معاوضة (ويصح بلفظ الصلح) كسائر المعاوضات بخلاف ما قبله , لأن المعاوضة عن الشيء ببيعه محظورة.
مراجع إضافية /50 انظر نهاية المحتاج (4 / 371 - 372) المهذب (1 / 340) الزرقاني على خليل (6 / 2 - 3) كشاف القناع (3 / 379) أسنى المطالب (2 / 215) مجمع الأنهر والدر المنتقي (2 / 308) المبدع (4 / 279 - 280 - 282) شرح المجلة للأتاسي (4 / 558) درر الحكام (4 / 39) تبيين الحقائق (5 / 31) البحر الرائق (7 / 256) العدوي على كفاية الطالب الرباني (2 / 324) الأم (3 / 221) .(1/917)
الصلح عن الديون مع الإقرار
الصلح عن الإقرار جائز في الجملة باتفاق الفقهاء , وهو نوعان: صلح عن الأعيان , وصلح عن الديون.
والصلح عن الديون ضربان: صلح معاوضة , وصلح إسقاط (حطيطة) . فأما صلح المعاوضة فهو جائز عند جمهور الفقهاء وتسري عليه أحكام بيع الدين.
وأما صلح الإسقاط فهو جائز عند جمهور الفقهاء سواء وقع بلفظ الصلح أو الهبة أو الإبراء أو نحوها , ووافقهم على ذلك الحنابلة إذا وقع بلفظ الإبراء دون الصلح أو المعاوضة.(1/918)
الأصل في الصلح عن الإقرار الجواز باتفاق الفقهاء , وهو ضربان: صلح عن الأعيان , وصلح عن الديون.
والصلح عن الديون هو مثل أن يدعي شخص على آخر دينا , فيقر المدعي عليه له به , ثم يصالحه على بعضه أو على مال غيره. وهو نوعان: صلح إسقاط وإبراء , وصلح معاوضة.
أما صلح الإسقاط والإبراء (الحطيطة) فهو الذي يجري على بعض الدين المدعي , مثل أن يقول المقر له: صالحتك على الألف الحال الذي لي عليك على خمسمائة. وقد اختلف الفقهاء في حكمه على قولين:
أحدهما: أن هذا الصلح جائز سواء وقع بلفظ الصلح أو الإبراء أو الهبة أو نحوها من الألفاظ , وهو قول الحنفية والشافعية والمالكية.
والثاني: أنه يصح بلفظ الإبراء , أما بلفظ الصلح فلا يصح. وهو قول قول الحنابلة.
وأما صلح المعاوضة , فهو الذي يجري على غير الدين المدعي , بأن يقر له بدين في ذمته , ثم يصالحه على تعويضه عنه. وهو جائز عند الفقهاء وإن وقع بلفظ الصلح , وحكمه حكم بيع الدين. فإن أقر له بأحد النقدين فصالحه على النقد الآخر , كان صرفا , وسرت عليه شروطه وأحكامه , وإن أقر له بعرض ثم صالحه عنه بنقد , كان بيعا , وثبتت فيه أحكامه. . إلخ.(1/919)
مرشد الحيران (ص 279 - 285) /50 يصح أن يكون بدل الصلح مالا أو منفعة , ويشترط أن يكون ملكا للمصالح , وأن يكون معلوما إن كان مما يحتاج إلى القبض والتسلم وأن يكون مقبوضا وقت الصلح إن كان الصلح عن دين بدين من جنس آخر. (م 1029) .
لرب الدين أن يصالح مديونه على بعض الدين , ويكون أخذا لبعض حقه وإبراء عن باقيه. (م 1044) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 303) /50 إذا صالح أحد عن طلبه الذي هو في ذمة الآخر على مقدار منه , فيكون قد استوفي بعض طلبه وأسقط الباقي. يعنى أبرأ ذمة المديون من الباقي (م 1552) .
إذا صالح أحد على تأجيل وإمهال كل نوع طلبه الذي هو معجل , فيكون قد أسقط حق تعجيله. (م 1553) .
إذا صالح أحد عن طلبه الذي هو سكة خالصة على أن يأخذ في بدله سكة مغشوشة فيكون قد أسقط حق طلبه سكة خالصة (م 1554) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 495) /50 الصلح عن الحق المقر به ببعض من جنسه صحيح , وهو استيفاء لبعض الحق وإبراء أو هبة في الباقي. . لكن لو جرى ذلك بشرط إعطاء الباقي أو بلفظ الصلح أو بلفظ آخر مما يدل على المعاوضة لم يصح. مثلا: لو أقر له بعين أو دين فوضع منه بعضه مفرزا أو مشاعا وأخذ الباقي جاز. لكن لو قال: وضعت عنك النصف على أن تعطيني النصف أو صالحتك عن الحق بنصفه لم يصح (1620) .
الصلح عن الحق المقر به على غير جنسه معاوضة يصح بلفظ الصلح. فالصلح عن نقد بنقد صرف , وعن نقد بعرض أو عن عرض بنقد أو عن عرض بعرض بيع , أو عن عرض أو نقد بمنفعة إجارة , فيشترط لصحته ما يشترط لصحة هذه العقود , وتجرى فيه أحكامها المفصلة في محلها. (م1626) .
يصح الصلح عن الدين بغير جنسه مطلقا وبشيء في الذمة أيضا , كأن يصالحه عن دينار في ذمته بأردب من قمح أو نحوه في الذمة , لكن يشترط القبض قبل التفرق. (م 1628) .
التاج والإكليل (5 / 82) /50 ابن الحاجب يجوز الصلح على ذهب من ورق وبالعكس إذا كانا حالين وعجل.
ومن المدونة: قال مالك من لك عليه مائة درهم حالة , وهو مقر بها , جاز أن تصالحه على خمسين منها إلى أجل , لأنك حططته وأخرته. ولا بأس أن تصالحه على دنانير أو عرض نقدا , ولا يجوز فيها تأخير , لأنه فسخ دين في دين وصرف مستأخر.
في المدونة: من لك عليه مائة دينار ومائة درهم , فصالحته على مائة دينار ودرهم , فذلك جائز , لأنك أخذت الدنانير قضاء عن دنانيرك , وأخذت درهما من دراهمك وهضمت بقيتها , بخلاف التبادل بها نقدا , وذلك صرف , فلا يجوز ذهب وفضة بمثلها يدا بيد عددا ولا مراطلة , إذ لكل صنف حصة من الصنفين. ابن يونس وسواء أخذ منه الدرهم نقدا أو أخره به أو أخذ منه المائة دينار نقدا أو أخره بها , لأنه مبايعة هنا , وإنما هو قضاء وحطيطة , فلا تهمة في ذلك.
مجمع الأنهر (2 / 315) /50 (الصلح عما استحق بعقد المداينة) مثل البيع نسيئة ومثل الإقراض (على بعض جنسه) كمن له على آخر ألف درهم فصالحه على خمسمائة (أخذ) خبر المبتدأ (لبعض حقه وإسقاط لباقيه) لأن تصحيح تصرف العاقل واجب ما أمكن , وقد أمكن ذلك فيحمل عليه (لا معاوضة) لإفضائه إلى الربا.
روضة الطالبين (4 / 195) /50 الصلح عن الدين وهو صنفان:
أحدهما: صلح المعاوضة. وهو الجاري على غير الدين المدعي. فينظر: إن صالح عن بعض أموال الربا على ما يوافقه في العلة , فلا بد من قبض العوض في المجلس , ولا يشترط تعيينه في نفس الصلح على الأصح. فإن لم يكن العوضان ربويين , فإن كان العوض عينا صح الصلح , ولا يشترط قبضه في المجلس على الأصح. وإن كان دينا صح على الأصح , ولكن يشترط التعيين في المجلس , ولا يشترط القبض بعد التعيين على الأصح.
والصنف الثاني: صلح الحطيطة. وهو الجاري على بعض الدين المدعى. فهو إبراء عن بعض الدين. فإن استعمل لفظ الإبراء أو ما في معناه , بأن قال: أبرأتك من خمسمائة من الألف الذي عليك , أو صالحتك على الباقي , بريء مما أبرأه , ولا يشترط القبول على الصحيح. وفي وجه بعيد: يشترط فيه وفي كل إبراء , ولا يشترط قبض الباقي في المجلس. وإن اقتصر على لفظ الصلح فقال: صالحتك على الألف الذي لي عليك عن خمسمائة , فوجهان , كنظيره في صلح الحطيطة عن العين , والأصح الصحة. وفي اشتراط القبول وجهان , كالوجهين فيما لو قال لمن عليه الدين: وهبته لك , والأصح الاشتراط , لأن اللفظ بوضعه يقتضيه.
شرح منتهى الإرادات (2 / 262) /50 (النوع الثاني) من قسمي الصلح على إقرار أن يصالح (على غير جنسه) بأن أقر له بعين أو بدين , ثم صالحه عنه بغير جنسه , فهو معاوضة (ويصلح بلفظ الصلح ف) الصلح (بنقد عن نقد) بأن أقر له بدينار , فصالحه عنه بعشرة دراهم أو عكسه فهو (صرف) يعتبر فيه التقابض قبل التفرق (و) الصلح عن نقد بأن أقر له بدينار فصالحه عنه (بعرض) كثوب بيع. . . .
(و) الصلح (عن دين) ونحوه غير دين سلم (يصح بغير جنسه مطلقا) أي بأقل منه أو أكثر أو مساويه و (لا) يصح صلح عن حق (بجنسه) كعن بر ببر (أقل) منه (أو أكثر) منه (على سبيل المعاوضة) لإفضائه إلى ربا الفضل , فإن كل بأقل على وجه الإبراء والهبة صح , لا بلفظ الصلح لما تقدم (و) الصلح عن دين (بشيء في الذمة) بأن صالحه عن دينار في ذمته بأردب قمح أو نحوه في الذمة يصح و (يحرم التفرق قبل القبض) لأنه يصير بيع دين بدين.
مراجع إضافية
انظر نهاية المحتاج (4 / 374) أسنى المطالب (2 / 215) تبيين الحقائق (5 / 41 - 42) البدائع (6 / 34 - 46 - 47) التاج الإكليل (5 / 81) المبدع (4 / 279 - 283 - 284) كشاف القناع (3 / 379 - 382) المهذب (1 / 340) القوانين الفقهية (ص 343) البحر الرائق (7 / 259) البهجة (1 / 221) الأم (3 / 227)(1/920)
الصلح على الوضع من الدين لتعجيله
اختلف الفقهاء فيما لو صالح الدائن مدينه عن ألف مؤجل على خمسمائة معجلة , وهو ما يسمى ب (ضع وتعجل) فمنعه أكثر الفقهاء , وأجازه بعض محققيهم.(1/921)
اختلف الفقهاء فيما إذا كان لرجل دين مؤجل على آخر , فأراد أن يضع عن المدين بعضه على أن يعجل له الباقي , وهو ما يسمى بمسألة (ضع وتعجل) . فهل يجوز لهما الصلح على ذلك؟ على ثلاثة أقوال:
(أحدها) للشافعية والمالكية: وهو عدم جواز الصلح على ذلك مطلقا , لأنه ربا.
(والثاني) للحنفية والحنابلة: وهو عدم جوازه إلا في دين الكتابة , لأن الربا لا يجري بين المكاتب ومولاه في ذلك.
(والثالث) لأحمد في رواية عنه اختارها ابن تيمية وابن القيم وهو قول ابن عباس والنخعي ورجحه الشوكاني وهو جواز ذلك.
وحجتهم على ذلك بأنه ضد الربا صورة ومعنى , فإن ذاك يتضمن الزيادة في الأجل والدين , وذلك إضرار محض بالغريم , وهذا الصلح يتضمن براءة ذمة الغريم من الدين وانتفاع صاحبه بما يتعجله , فكلاهما حصل له الانتفاع من غير ضرر بالآخر , بخلاف الربا فإن ضرره لاحق بالمدين , ونفعه مختص برب الدين.
هذا وقد قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي (بمنظمة المؤتمر الإسلامي) في دورته السابعة المنعقدة بجدة في الفترة من 7 - 12 ذو القعدة 1412 هـ الموافق 9 - 14 مايو 1992م بخصوص موضوع البيع بالتقسيط ما يلي:
الحطيطة من الدين المؤجل لأجل تعجيله , سواء كانت بطلب الدائن أو المدين (ضع وتعجل) جائزة شرعا , لا تدخل في الربا المحرم إذا لم تكن بناء على اتفاق مسبق , وما دامت العلاقة بين الدائن والمدين ثنائية , فإذا دخل بينهما طرف ثالث لم تجز , لأنها حينئذ تأخذ حكم حسم الأوراق التجارية.(1/922)
السيل الجرار للشوكاني (3 / 149) /50 (ويصح التعجيل بشرط حط البعض) أقول: إذا حصل التراضي على هذا , فليس في ذلك مانع من شرع ولا عقل , لأن صاحب الدين قد رضي ببعض ماله وطابت نفسه عن باقية وهو يجوز أن تطيب نفسه عن جميع ذلك المال وتبرأ ذمة من هو عليه , فالبعض بالأولى , وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلين يتخاصمان في المسجد وقد ارتفعت أصواتهما , وكانت تلك الخصومة في دين لأحدهما على الآخر , فأشرف عليهما النبي صلى الله عليه وسلم وأشار بيده من له الدين أن يضع الشطر فكان هذا دليلا على جواز التعجيل بشرط حط البعض.
إعلام الموقعين (3 / 371)
وإن كان الدين مؤجلا , فتارة يصالحه على بعضه مؤجلا مع الإقرار والإنكار , فحكمه ما تقدم. وتارة يصالحه ببعضه حالا مع الإقرار والإنكار , فهذا للناس فيه ثلاثة أقوال أيضا.
أحدها: أنه لا يصح مطلقا , وهو المشهور عن مالك لأنه يتضمن بيع المؤجل ببعضه حالا , وهو عين الربا. وفي الإنكار المدعي يقول: هذه المائة الحالة عوض عن مائتين مؤجلة , وذلك لا يجوز , وهذا قول ابن عمر.
والقول الثاني: أنه يجوز , وهو قول ابن عباس وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد حكاها ابن أبي موسى وغيره , واختاره شيخنا ; لأن هذا عكس الربا , فإن الربا يتضمن الزيادة في أحد العوضين في مقابلة الأجل , وهذا يتضمن براءة ذمته من بعض العوض في مقابلة سقوط الأجل , فسقط بعض العوض في مقابلة سقوط بعض الأجل , فانتفع به كل واحد منهما , ولم يكن هنا ربا لا حقيقة ولا لغة ولا عرفا , فإن الربا الزيادة , وهي منتفية ههنا , والذين حرموا ذلك إنما قاسوه على الربا , ولا يخفى الفرق الواضح بين قوله: إما أن تربي وإما أن تقضي , وبين قوله: عجل لي وأهب لك مائة , فأين أحدهما من الآخر! فلا نص في تحريم ذلك ولا إجماع ولا قياس صحيح.
والقول الثالث: يجوز ذلك في دين الكتابة , ولا يجوز في غيره , وهو قول الشافعي وأبي حنيفة. قالوا: لأن ذلك يتضمن تعجيل العتق المحبوب إلى الله , والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم , ولا ربا بين العبد وبين سيده , فالمكاتب وكسبه للسيد , فكأنه أخذ بعض كسبه وترك له بعضه.
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 496) /50 لا يصح الصلح عن دين مؤجل ببعضه حالا إلا في دين الكتابة (م 1621) .
أسنى المطالب (2 / 216) /50 صالح عن ألف مؤجل بخمسمائة حالة (يبطل) لأنه ترك بعض المقدار ليحصل الحلول في الباقي , والصفة بانفرادها لا تقابل بعوض , ولأن صفة الحلول لا يصح إلحاقها بالمؤجل , وإذا لم يحصل ما ترك من القدر لأجله لم يصح الترك.
التاودي على التحفة (1 / 221) /50 وفي الرسالة: ولا تجوز الوضعية من الدين على تعجيله ولا التأخير به على الزيادة فيه.
البهجة (1 / 221) /50 كأن يدعي عليه بعشرة دنانير أو عشرة أثواب , فأقر بذلك أو أنكره , وصالحه على ثمانية معجلة , لما فيه من وضع وتعجل , وهو ممتنع في العين وغيرها. . .
ووجه المنع أن من عجل ما أجل يعد مسلفا , فقد أسلف الآن ثمانية ليقتضي عند الأجل عشرة من نفسه.
الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية (ص 134) /50 ويصح الصلح عن المؤجل ببعضه حالا. وهو رواية عن أحمد وحكي قولا للشافعي.
الهداية (7 / 396) /50 (ولو كانت له ألف مؤجلة , فصالحه على خمسمائة حالة لم يجز) لأن المعجل خير من المؤجل , وهو حرام.
تبيين الحقائق (5 / 43) /50 وإنما كان تعجيل المؤجل كالوصف , لأن المعجل خير من المؤجل , ولهذا ينقص الثمن لأجله , فيكون الحط بمقابلة الأجل , فيكون ربا , فلا يجوز إلا إذا صالح المولي مكاتبه عن ألف مؤجلة على خمسمائة حالة , فإنه يجوز , لأن معنى الإرفاق فيما بينهما أظهر من معنى المعاوضة , فلا يكون هذا من مقابلة الأجل ببعض المال , ولكنه إرفاق من المولي بحط بعض البدل , وهو مندوب إليه في الشرع , ومساهلة من المكاتب فيما بقي قبل حلول الأجل ليتوصل به إلى شرف الحرية , وهو أيضا مندوب في الشرع.
شرح منتهى الإرادات (2 / 260) /50 (ولا يصح) الصلح (عن) دين (مؤجل ببعضه) أي المؤجل (حالا) نصا , لأن المحطوط عوض عن التعجيل ولا يجوز بيع الحلول والأجل (إلا في) مال (كتابة) إذا عجل مكاتب لسيده بعض كتابته عنها , لأن الربا لا يجري بينهما في ذلك.
مراجع إضافية /50 انظر روضة الطالبين (4 / 196) نهاية المحتاج (4 / 374) الخرشي (6 / 3) الزرقاني على خليل (6 / 3) البحر الرائق (7 / 259) البدائع (6 / 45) المبدع (4 / 279) كشاف القناع (3 / 280) العناية على الهداية (7 / 396) تبيين الحقائق وحاشية الشلبي (5 / 42) شرح المجلة للأتاسي (4 / 564) .(1/923)
الصلح مع إنكار المدعى عليه
الصلح عن الإنكار جائز مشروع عند جمهور الفقهاء إذا كان المدعي معتقدا أن ما ادعاه حق , والمدعى عليه يعتقد أنه لا حق عليه , فيتصالحان قطعا للمنازعة.
وخالفهم في ذلك الشافعية وابن حزم وقالوا: هو باطل.(1/924)
الصلح مع إنكار المدعى عليه هو كما إذا ادعى شخص على آخر شيئا , فأنكره المدعى عليه , ثم صالح عنه. وقد اختلف الفقهاء في حكمه على قولين:
أحدهما: للشافعية وابن حزم وابن أبي ليلى وهو أن الصلح على الإنكار باطل.
الثاني: لجمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة: وهو جواز الصلح على الإنكار بشرط أن يكون المدعي معتقدا أن ما ادعاه حق , والمدعى عليه يعتقد أنه لا حق عليه , فيتصالحان قطعا للخصومة والنزاع.
أما إذا كان أحدهما عالما بكذب نفسه , فالصلح باطل في حقه , وما أخذه العالم بكذب نفسه حرام عليه , لأنه من أكل المال بالباطل.(1/925)
مرشد الحيران (ص 282) /50 إذا كان المدعى به عينا معينة دارا أو أرضا أو عرضا وأنكر المدعى عليه دعوى المدعي أو سكت ولم يبد إقرار ولا إنكارا , ثم اصطلحا على شيء معين دارا أو عقارا أو عرضا أو نقدا يعتبر ذلك الصلح فداء من اليمين وقطعا للمنازعة في حق المدعى عليه وبيعا في حق المدعي , فتجرى فيه أحكامه. (م 1037)
مجلة الأحكام العدلية (ص 302)
الصلح عن الإنكار أو السكوت هو في حق المدعي معاوضة , وفي حق المدعي عليه خلاص من اليمين وقطع للمنازعة , فتجري الشفعة في العقار المصالح عليه , ولا تجري في العقار المصالح عنه. (م 1550) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 497) /50 الصلح عن الإنكار مال صحيح , وهو إبراء في حق المدعى عليه , بيع في حق المدعى ما لم يكن الصلح على بعض المدعى. لو ادعى على آخر عينا أو دينا , فأنكر المدعى عليه , ثم صالحه على نقد أو عين جاز , ولا شفعة في المصالح عنه لو كان شقصا من عقار , ولا يستحق المدعي عليه شيئا لو وجد بالمصالح عنه عيبا.
أما المصالح به فتثبت فيه الشفعة , وإذا وجد المدعي به عيبا رده وفسخ الصلح إن وقع الصلح على عينه , وإلا طالب ببدله. لكن لو وقع الصلح على بعض المدعى به , فلا يؤخذ ولا يستحق المدعي لعينه شيئا (م1629) .
المغني (7 / 6) /50 إن الصلح على الإنكار صحيح. وبه قال مالك وأبو حنيفة. وقال الشافعي لا يصح. لأنه عاوض على ما لم يثبت له , فلم تصح المعاوضة , كما لو باع مال غيره , ولأنه عقد معاوضة خلا عن العوض في أحد جانبيه فبطل , كالصلح على حد القذف.
ولنا: عموم قوله صلى الله عليه وسلم الصلح بين المسلمين جائز فيدخل هذا في عموم قوله. فإن قالوا: فقد قال: إلا صلحا أحل حراما , وهذا داخل فيه , لأنه لم يكن له أن يأخذ من مال المدعى عليه , فحل بالصلح قلنا: لا نسلم دخوله فيه , ولا يصح حمل الحديث على ما ذكروه.
مجمع الأنهر (2 / 308) /50 (ويجوز) الصلح (مع إقرار) من المدعي عليه (وسكوت) منه بأن لا يقر ولا ينكر (وإنكار) وكل ذلك جائز عندنا لقوله تعالى {والصلح خير} عرفه باللام , فالظاهر العموم ولقوله عليه الصلاة والسلام الصلح جائز فيما بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا وقال الشافعي لا يجوز مع الإنكار والسكوت , لأنهما صلح أحل حراما , لأنه أخذ المال بغير حق في زعم المدعي فكان رشوة.
أسنى المطالب وحاشية الرملي (2 / 215) /50 (فلا يصح مع الإنكار) أو السكوت من المدعى عليه (ولو في صلح الحطيطة) إذا لا يمكن تصحيح التمليك مع ذلك , لاستلزامه أن يملك المدعي مالا يملكه , ويتملك المدعى عليه ما لا يملكه.
قال الرملي لأن المدعي إن كان كاذبا فقد استحل مال المدعى عليه , وهو حرام. أو صادقا , فقد حرم عليه ماله الحلال , فدخل في قوله صلى الله عليه وسلم إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا.
الإشراف للقاضي عبد الوهاب (2 / 17) /50 الصلح جائز على الإنكار خلافا للشافعي لقوله صلى الله عليه وسلم الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا فعم. ولأنها دعوى , فجاز الصلح معها ما لم يحكم ببطلانه , أصله الإقرار. ولأن كل صلح جائز مع الإقرار جاز مع الإنكار , أصله إذا قامت به البينة. ولأن افتداء اليمين جائز لما روي عن عثمان وابن مسعود أنهما بذلا مالا في دفع اليمين عنهما.
ولأن اليمين الثابتة للمدعي حق ثابت , لسقوطه تأثير في إسقاط المال , فجاز أن يؤخذ عنه المال على وجه الصلح , أصلح القود في دم العمد.
المحلى (8 / 160) /50 مسألة: لا يحل الصلح البتة على الإنكار ولا على السكوت الذي لا إنكار معه , ولا على إسقاط يمين قد وجبت , ولا على أن يصالح مقر على غيره , وذلك الذي صولح عنه منكر , وإنما يجوز الصلح مع الإقرار بالحق فقط , وهو قول ابن أبي ليلى إلا أنه جوز الصلح على السكوت الذي لا إقرار معه ولا إنكار , وهو قول الشافعي إلا أنه جوز الصلح على إسقاط اليمين , وأن يقر إنسان عن غيره ويصالح عنه بغير أمره , وهذا نقض لأصله.
القوانين الفقهية (343) /50 ويجوز الصلح على الإقرار اتفاقا وعلى الإنكار خلافا للشافعي وهو أن يصالح من وجبت عليه اليمين على أن يفتدي منها , ويحل لمن بذل له شيء في الصلح أن يأخذه إن علم أنه مطالب بالحق , فإن علم أنه مطالب بالباطل لم يجز له أخذه.
مراجع إضافية /50 انظر الأم (3 / 221) نهاية المحتاج (4 / 375) روضة الطالبين (4 / 198) بدائع الصنائع (6 / 40) كشاف القناع (3 / 385) شرح منتهى الإرادات (2 / 263) المبدع (4 / 285) عارضة الأحوذي (6 / 104) البحر الرائق (7 / 256) تبيين الحقائق (5 / 31) إعلام الموقعين (3 / 370) درر الحكام (4 / 35) .(1/926)
الصلح مع سكوت المدعي عليه
اختلف الفقهاء في حكم الصلح مع السكوت تبعا لاختلافهم في حكم الصلح مع الإنكار , وذلك على قولين:
أحدهما لجمهور الفقهاء وهو الجواز والمشروعية
والثاني للشافعية وابن حزم وهو عدم الجواز والبطلان.(1/927)
الصلح مع سكوت المدعى عليه هو كما إذا ادعى شخص على آخر شيئا , فسكت المدعي عليه دون أن يقر أو ينكر , ثم صالح عنه.
وقد اعتبر سائر الفقهاء - عدا ابن أبي ليلى - هذا الصلح في حكم الصلح عن الإنكار , لأن الساكت منكر حكما , صحيح أن السكوت يمكن أن يحمل على الإقرار وعلى الإنكار معا. إلا أنه نظرا لكون الأصل براءة الذمة وفراغها , فقد ترجحت جهة الإنكار. ومن هنا كان اختلافهم في جوازه تباعا لاختلافهم في جواز الصلح عن الإنكار.
وعلى هذا , فللفقهاء في الصلح عن السكوت قولان:
أحدهما: للشافعية وابن حزم وهو عدم جوازه , وأنه باطل.
والثاني: للحنفية والمالكية والحنابلة وابن أبي ليلى وهو جوازه ومشروعيته.(1/928)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص497) /50 الصلح عن السكوت مع الجهل بالمدعي به في حكم الصلح عن إنكار. فلو ادعى عليه بحق فسكت , أي لم يقر ولم ينكر جاهلا صدق المدعي في دعواه , ثم صالحه عنه صح. (م 1630) .
مرشد الحيران (ص 282) /50 إذا كان المدعي به عينا معينة دارا أو أرضا , وأنكر المدعي عليه دعوى المدعي أو سكت ولم يبد إقرارا ولا إنكار , ثم اصطلحا على شيء معين دارا أو عقارا أو عرضا أو نقدا يعتبر ذلك الصلح فداء من اليمين وقطعا للمنازعة في حق المدعي عليه , وبيعا في حق المدعي , فتجرى فيه أحكامه (م 1027) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 302) /50 الصلح عن الإنكار أو السكوت هو في حق المدعي معاوضة , وفي حق المدعي عليه خلاص من اليمين وقطع للمنازعة (م 1550) .
المحلى (8 / 160) /50 مسألة: لا يصح الصلح البتة على الإنكار ولا على السكوت الذي لا إنكار معه ولا إقرار.
تبيين الحقائق (5 / 30) /50 (وهو جائز بإقرار وسكوت وإنكار) لإطلاق ما تلونا وما روينا وما بينا من المعنى , لقوله عليه الصلاة والسلام كل صلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا وقال الشافعي لا يجوز مع الإنكار والسكوت.
شرح الخرشي (6 / 4) /50 أن الصلح على السكوت جائز , مثل أن يدعى على شخص بشيء , فيسكت , فيصالحه على شيء , لأنه حكم الإقرار. وكذا يجوز الصلح على الإنكار باعتبار عقده.
وأما في باطن الأمر , فإن كان الصادق المنكر فالمأخوذ منه حرام , وإلا فحلال. لكن يشترط في جواز الصلح على السكوت أو الإنكار.
شرح منتهى الإرادات (2 / 263) /50 (القسم الثاني) من قسمي الصلح في المال: الصلح (على إنكار. بأن يدعي) شخص على آخر (عينا أو دينا فينكر) المدعى عليه (أو يسكت , وهو) أي المدعي عليه (يجهله) أي المدعي به (ثم يصالحه على نقد أو نسيئة) لأن المدعي ملجأ إلى التأخير بتأخير خصمه (فيصح) الصلح للخبر. لا يقال هذا يحل حراما , لأنه لم يكن له أخذ شيء من مال المدعي عليه , فحل بالصلح , لأن هذا يوجد في الصلح بمعنى البيع , فإنه يحل لكل منهما ما كان محرما عليه قبله , وكذا الصلح بمعنى الهبة أو الإبراء , بل معنى يحل حراما ما يتوصل به إلى تنازل المحرم مع بقاء تحريمه , كاسترقاق حر , أو إحلال بضع محرم , أو الصلح بخمر ونحوه.
مغني المحتاج (2 / 179 - 180) /50 (النوع الثاني: الصلح على الإنكار) أو السكوت من المدعي عليه , كما قاله في المطلب عن سليم الرازي وغيره , كأن ادعي عليه شيئا فأنكره أو سكت ثم صالح عنه (فيبطل إن جرى على نفس المدعى) كأن يدعي عليه دارا فيصالحه عليها , بأن يجعلها للمدعي أو للمدعي عليه كما يصدق بذلك عبارة المصنف , وكلا الصورتين باطل. وفي الروضة وأصلها: على غير المدعي , كأن يصالحه عن الدار بثوب أو دين. . . (وكذا) يبطل الصلح (إن جرى على بعضه في الأصح) أي المدعي , كما لو كان على غير المدعي.
مراجع إضافية /50 انظر أسنى المطالب (2 / 215) نهاية المحتاج (4 / 375) المبدع (4 / 285) كفاية الطالب الرباني والعدوي عليه (2 / 324) كشاف القناع (3 / 385) تكملة فتح القدير مع العناية والكفاية (7 / 379) .(1/929)
فسخ الصلح
المراد بانحلال عقد الصلح: انتهاؤه بعد وجوده بطريق الفسخ أو الإفساخ.
والفرق بينهما أن الفسخ عبارة عن نقض الصلح بفعل من العاقدين أو أحدهما , بينما الانفساخ عبارة عن انتهاء الصلح بسبب خارج عن إرادتهما.(1/930)
الفسخ هو عبارة عن نقض الصلح بفعل من العاقدين أو أحدهما.
وذهب الحنفية إلى أن موجبات فسخ الصلح أربعة:
(أحدهما) الإقالة فيما سوى القصاص. لأن الصلح فيما سوى القصاص لا يخلو عن معنى المعاوضة , فكان محتمل للفسخ بها , كالبيع ونحوه. أما الصلح في القصاص فهو إسقاط محض , فلا يحتمل الفسخ , كالطلاق ونحوه.
(والثاني) لحاق المصالح المرتد بدار الحرب أو موته على الرده عند أبي حنيفة.
(والثالث) رد بدل الصلح بخيار العيب أو الرؤية , لأنه يفسخ العقد.
(والرابع) استهلاك ما وقع الصلح على منفعته , بأن كان بدل الصلح خدمة عبد أو ركوب دابة أو منفعة بيت أو دكان ونحو ذلك.
ونص المالكية على أن للطرف المظلوم في عقد الصلح نقض الصلح في ست حالات هي:
(الأولى) أن يقر الظالم ببطلان دعواه بعد وقوع الصلح , فإن للمظلوم نقضه , لأنه كالمغلوب على الصلح.
(والثانية) أن تشهد بينة للمظلوم على الظالم لم يعملها المظلوم حين الصلح.
(والثالثة) أن يصالح من له بينة غائبة يعلمها , وهي بعيدة جدا , وأشهد أنه يقوم بها.
(والرابعة) أن يصالح لعدم وثيقة , ثم يجدها بعد الصلح على الإنكار , وقد أشهد أن يقوم بها إن وجدها.
(والخامسة) أن يدعي على شخص بشيء معلوم , فينكره , فيشهد سرا أن بينته غائبة بعيدة الغيبة , وأنه إنما يصالح لأجل بعد غيبتها , وأنه إن قدمت قام بها , ثم حضرت بينته.
(والسادسة) أن يقر المدعي عليه سرا بالحق , ويجحده علانية , فيشهد المدعي بينة على جحده علانية , ثم يصالحه على التأخير , ويشهد بينة لم يعلم بها المدعى عليه على أنه غير ملتزم للتأخير , وأنه إنما فعل ذلك الصلح ليقر له المدعى عليه علانية.(1/931)
بدائع الصنائع (6 / 54 - 55) /50 ما يبطل به الصلح أشياء: (منها) الإقالة فيما سوى القصاص. لأن ما سوى القصاص لا يخلو عن معنى معاوضة المال بالمال , فكان محتملا للفسخ , كالبيع ونحوه. فأما في القصاص , فالصلح فيه إسقاط محض , لأنه عفو , والعفو إسقاط , فلا يحتمل الفسخ كالطلاق ونحوه.
(ومنها) لحاق المرتد بدار الحرب أو موته على الردة عند أبي حنيفة بناء على أن تصرفات المرتد موقوفة عنده على الإسلام أو اللحاق بدار الحرب والموت , فإن أسلم نفذ , وإن لحق بدار الحرب وقضى القاضي به , أو قتل أو مات على الردة تبطل. وعندهما نافذة , والمرتدة إذا لحقت بدار الحرب يبطل من صلحها ما يبطل من صلح الحربية , لأن حكمها حكم الحربية.
(ومنها) الرد بخيار العيب والرؤية , لأنه يفسخ العقد لما علم.
(ومنها) الاستحقاق. وأنه ليس إبطالا حقيقة , بل هو بيان أن الصلح لم يصح أصلا , لا أنه بطل بعد الصحة , إلا أنه إبطال من حيث الظاهر , لنفاذ الصلح ظاهرا , فيجوز إلحاقه بهذا القسم , لكنه ليس بإبطال حقيقة , فكان إلحاقه بأقسام الشرائط على ما ذكرنا أولي وأقرب إلى الصناعة والفقه , فكان أولي.
(ومنها) هلاك أحد المتعاقدين في الصلح على المنافع قبل انقضاء المدة , لأنه بمعنى الإجارة , وأنها تبطل بموت أحد المتعاقدين.
وأما هلاك ما وقع الصلح على منفعته , هل يوجب بطلان الصلح , فلا يخلو: إما إن كان حيوانا كالعبد والدابة أو غير حيوان كالدار والبيت. فإن كان حيوانا لا يخلو إما أن يهلك بنفسه أو باستهلاك. فإن هلك بنفسه يبطل الصلح إجماعا , وإن هلك باستهلاك , فلا يخلو من ثلاثة أوجه: أما أن استهلكه أجنبي وأما أن استهلكه المدعى عليه وأما أن استهلكه المدعي. فإن استهلكه أجنبي بطل الصلح عند محمد وقال أبو يوسف لا يبطل. ولكن للمدعي الخيار إن شاء نقض الصلح , وإن شاء اشترى له بقيمته عبدا يخدمه إلى المدة المضروبة. . وإن استهلكه المدعى عليه بأن قتله أو كان عبدا فأعتقه يبطل الصلح أيضا. وقيل هذا قول محمد فأما على أصل أبي يوسف فلا يبطل , وتلزمه القيمة ليشترى له بها عبدا آخر يخدمه إلى المدة المشروطة. كذا لو استهلكه المدعي بطل الصلح عند محمد وعند أبي يوسف لا يبطل , وتؤخذ من المدعي قيمة العبد ويشتري عبدا آخر يخدمه , وهل يثبت الخيار للمدعي في نقض الصلح على مذهبه , فيه نظر.
هذا إذا كان الصلح على منافع الحيوان , فأما إذا كان على سكنى بين فهلك بنفسه بأن انهدم , أو باستهلاك بأن هدمه غيره لا يبطل الصلح , ولكن لصاحب السكنى وهو المدعي الخيار: إن شاء بنى له صاحب البيت بيتا آخر يسكنه إلى المدة المضروبة , وإن شاء نقض الصلح.
شرح الخرشي (6 / 5 - 6)
إن الظالم إذا أقر ببطلان دعواه بعد وقوع الصلح , فإن للمظلوم نقضه بلا خلاف لأنه كالمغلوب على الصلح بإنكار المدعى عليه , وإن شاء أمضاه , وضمان ما قبضه كل منهما من قابضه.
الثانية: أن تشهد بينة للمظلوم على الظالم , لم يعلمها المظلوم حين الصلح , فله نقضه على المشهور , وهو مذهب المدونة , ولا بد من حلفه على عدم العلم.
الثالثة: من صالح وله بينة غائبة لا يعلمها , وهي بعيدة جدا , وأشهد أنه يقوم بها , سواء أعلن بالإشهاد , بأن يكون عند الحاكم أو لم يعلن به كما يأتي في قوله بعد كمن لم يعلن. وما ذكرناه من التقييد بكونها بعيدة جدا نحوه في المواق , ومقتضاه أن البعيدة لا جدا كالقريبة في أن حكمها كالحاضرة , فلا يقوم بها ولو أشهد أنه يقوم بها , والبعد جدا كأفريقية أي من المدينة أو من مكة أو الأندلس من خراسان.
الرابعة: من صالح لعدم وثيقته , ثم وجدها بعد الصلح على الإنكار , وقد أشهد أنه يقوم بها إن وجدها , فله نقض الصلح حينئذ , كالبينة التي علمها , وأما إن نسيها حال الصلح ثم وجدها , فإنه يحلف ويقوم بها , كالبينة التي يعلمها. والضمير في قوله فله للمظلوم , أي فللمظلوم نقض الصلح , وله إمضاؤه.
الخامسة: من ادعى على شخص بشيء معلوم فأنكره , فأشهد سرا أن بينته غائبة بعيدة الغيبة , وأنه إنما يصالح لأجل بعد غيبة بينته , وأنه إن قدمت قام بها , والحال أنه لم يعلن بالإشهاد عند الحاكم , ثم صالحه , ثم قدمت بينته , فله القيام بها , وينقض الصلح , كمن أعلن وأشهد.
السادسة: أن يكون المدعي عليه يقر بالحق سرا , ويجحده علانية , فأشهد المدعي بينة على جحده علانية , ثم صالحه على التأخير , وأشهد بينة لم يعلم بها المدي عليه على أنه غير ملتزم للتأخير , وأنه إنما فعل ذلك الصلح ليقر له علانية , فإنه يعمل بذلك. فالضمير في يقر للمدعى عليه. واتفق الناصر اللقاني وشيخه برهان الدين اللقاني على أن له نقض الصلح في هذه المسائل.(1/932)
انفساخ الصلح
أسباب انفساخ عقد الصلح خمسة:
موت أحد العاقدين قبل انتهاء المدة المضروبة إذا وقع الصلح على المنافع ,
وهلاك بدل الصلح إذا كان منفعة قبل استيفائها ,
واستحقاق المصالح عنه أو عليه إذا كان معينا ,
وطروء تغير في المصالح عنه تختل معه المعاوضة ,
وهلاك العين المجعولة بدل صلح قبل قبضها.(1/933)
موجبات انفساخ الصلح عند الفقهاء خمسة:
(أحدها) موت أحد العاقدين قبل انتهاء المدة المضروبة إذا وقع الصلح على المنافع , لأنه في حكم الإجارة , وهي تبطل بذلك. وهذا قول الحنفية خلافا لسائر الفقهاء.
(الثاني) هلاك بدل الصلح إذا كان منفعة قبل استيفائها. نص على ذلك الشافعي وابن حزم والحنابلة , ووافقهم على ذلك الحنفية إذا كان محل المنفعة حيوانا.
(والثالث) الاستحقاق. كما إذا استحق المصالح عنه المعين بالبينة أو استحق بدل الصلح المعين بعد الافتراق. وعلى ذلك نص الشافعي والحنفية والظاهرية.
(والرابع) طروء تغير في المصالح عنه تختل معه المعاوضة في الصلح.
وذلك كما إذا جرح رجلا عمدا , فصالحه عن هذا الجرح , ثم بريء الجرح من غير أن يترك أثرا , أو مات الجريح من سراية جرحه. وعلى ذلك نص الحنفية.
(والخامس) هلاك العين المجعولة بدل صلح قبل قبضها. عند الحنفية والشافعية والظاهرية.(1/934)
مرشد الحيران (ص 281) /50 إذا وقع الصلح عن إقرار على مال معين عن دعوى مال معين , واستحق المصالح عنه كله أو بعضه يسترد من بدل الصلح الذي قبضه المدعي مقدار ما أخذ بالاستحقاق من المدعى عليه إن كلا فكلا , وإن بعضا فبعضا (م 1033) .
إذا وقع الصلح عن إقرار على مال معين عن دعوى مال معين , ثم استحق بدل الصلح كله أو بعضه , هو مما يتعين بالتعيين , يرجع المدعي على المدعى عليه بكل المصالح عنه أو بقدر المستحق إذا استحق بعضه , وإن كان مما لا يتعين بالعين , وهو من جنس المدعي به أو من غير جنسه ولكن استحق قبل الافتراق عن المجلس , يرجع المدعي بمثل ما استحق , وإن كان بعد الافتراق يبطل الصلح (م 1034) .
إذا وقع الصلح عن إنكار على شيء معين من دعوى عين معينة , ثم استحق المدعى به كله أو بعضه يرجع المدعى عليه بمقابله من العوض على المدعي , ويرجع المدعي بالخصومة فيه والدعوى على المستحق , وإن استحق بدل الصلح كله أو بعضه يرجع بالدعوى كلا أو بعضا على حسب القدر المستحق إذا كان بدل الصلح مما يتعين بالتعيين , وإن كان مما لا يتعين بالتعيين وهو من جنس المدعى به أو من غير جنسه , لكن استحق قبل الافتراق عن المجلس يرجع المدعي بمثل ما استحق , وإن كان بعد الافتراق يبطل الصلح كما تقدم (م 1035) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 302 - 304) /50 الصلح عن الإنكار أو السكوت هو في حق المدعي معاوضة , وفي حق المدعي عليه خلاص من اليمين وقطع للمنازعة , فتجرى الشفعة في العقر المصالح عليه ولا تجري في العقار المصالح عنه , ولو استحق كل المصالح عنه أو بعضه يرد المدعي إلى المدعي عليه هذا المقدار من بدل الصلح كلا أو بعضا , ويباشر المخاصمة بالمستحق , ولو استحق بدل الصلح كلا أو بعضا يرجع المدعي بذلك المقدار إلى دعواه (م 1550) .
إذا تلف كل بدل الصلح أو بعضه قبل أن يسلم إلى المدعي , فإن كان مما يتعين بالتعيين فهو في حكم المضبوط بالاستحقاق , فيطلب المدعي كل المصالح أو بعضه من المدعي عليه في الصلح الواقع على إقرار , ويرجع المدعي إلى دعواه في الصلح الواقع عن إنكار أو سكوت.
وإن كان بدل الصلح دينا , أي مما لا يتعين بالتعيين كذا قرشا لا يتأتى على الصلح خلل , ويلزم المدعى عليه إعطاء مثل المقدار الذي تلف للمدعي (م 1560) .
شرح منتهى الإرادات (2 / 262) /50 (و) الصلح عن نقد أو عرض مقر به (بمنفعة كسكنى) دار (وخدمة) قن (معينين: إجارة) فيعتبر له شروطها , وتبطل بتلف الدار وموت القن كباقي الإجارات , بخلاف ما لو باعهما أو أعتق العبد , فللمصالح نفعه إلى انقضاء المدة , وللمشتري الخيار إن لم يعلم. ولا يرجع العبد على سيده بشيء , لأنه اعتقه مسلوب المنفعة.
وإن تلفا قبل استيفاء شيء من المنفعة , رجع بما صولح عنه , وانفسخت الإجارة. وفي أثنائها تنفسخ فيما بقي , فيرجع بقسطه.
وإن ظهرت الدار مستحقة أو القن حرا أو مستحقا , فالصلح باطل لفساد العوض , ورجع مدع فيما أقر له به.
وإن ظهر معيبين بما تنقص به المنفعة , فله الرد وفسخ الصلح.
وإن صالحه بتزويج أمته صح بشرطه , والمصالح به صداقها , فإن فسخ نكاح قبل دخول بما يسقطه , رجع زوج بما صالح عنه , وإن طلقها ونحوه قبل دخول رجع بنصفه.
الأم (3 / 222 - 223) /50 وإن ادعى رجل حقا في دار أو أرض فأقر له المدعى عليه , وصالحه من دعواه على خدمة عبد أو ركوب دابة أو زراعة أرض أو سكنى دار أو شيء مما يكون فيه الإجارات , ثم مات المدعي والمدعي عليه أو أحدهما , فالصلح جائز , ولورثة المدعي السكنى والركوب والزارعة والخدمة وما صالحهم عليه المصالح.
قال الشافعي ولو كان الذي تلف الدابة التي صالح على ركوبها أو المسكن الذي صالح على سكنه أو الأرض التي صولح على زراعتها. فإن كان ذلك قبل أن يأخذ منه شيئا , تم من الصلح بقدر ما أخذ إن كان نصفا أو ثلثا أو ربعا , وانتقض من الصلح بقدر ما بقي , يرجع به في أصل السكن الذي صولح عليه.
قال وهكذا لو صالحه على عبد بعينه أو ثوب بعينه أو دار بعينها فلم يقبضه حتى هلك انتقض الصلح , ورجع على أصل ما أقر له به. . .
قال: لو ادعى رجل على رجل حقا في دار , فصالحه على بيت معروف سنين معلوما يسكنه كان جائزا , أو على سطح معروف يبيت عليه كان جائزا , فإن انهدم البيت أو السطح قبل السكنى رجع على أصل حقه , وإن انهدم بعد السكنى تم من الصلح بقدر ما سكن وبات , وانتقض منه بقدر ما بقي.
وقال الربيع أصل قوله أنه إذا استحق بعض المصالح به أو المبيع به بطل الصلح والبيع جميعا , لأن الصفقة جمعت شيئين حلالا وحراما فبطل ذلك كله.
روضة الطالبين (4 / 202) /50 ادعى دارا , فأقر , فصالحه على عبد , فخرج مستحقا , أو رده بعيب أو هلك قبل القبض رجعت الدار إلى الأول.
المحلى (8 / 168) /50 ومن صالح عن الدم أو كسر سن أو جراحة أو عن شيء معين بشيء معين , فذلك جائز. فإن استحق بعضه أو كله بطلت المصالحة وعاد على حقه في القود وغيره , لأنه إنما ترك حقه بشيء لم يصح له , وإلا فهو على حقه , فإذا لم يصح له ذلك الشيء فلم يترك حقه , وكذلك لو صالح عن سلعة بعينها بسكنى دار أو خدمة عبد , فمات العبد أو انهدمت الدار أو استحقا بطل الصلح , وعاد على حقه.
قرة عيون الأخيار (2 / 158 - 159 - 160) /50 (وما استحق من المدعي , أي المصالح عنه , يرد المدعي حصته من العوض , أي البدل , إن كلا فكلا , أو بعضا فبعضا , وما استحق من البدل يرجع المدعي بحصته من المدعى) أي المصالح عنه , هذا إذا كان البدل مما يتعين بالتعيين , فإن كان مما لا يتعين بالتعيين , وهو من جنس المدعى به , فحينئذ يرجع بمثل ما استحق ولا يبطل الصلح.
(وحكمه كإجارة إن وقع الصلح عن مال بمنفعة , كخدمة عبد وسكنى دار فشرط التوقيت فيه إن احتيج إليه وإلا لا كصبغ الثوب) فيشترط فيه العلم بالمدة كخدمة العبد وسكنى الدار والمسافة كركوب الدابة , بخلاف صبغ الثوب وحمل الطعام , فالشرط بيان تلك المنفعة , ويبطل الصلح بموت أحدهما في المدة إن عقده لنفسه , وكذا بفوات المحل قبل الاستيفاء , ولو كان بعد استيفاء البعض بطل فيما بقي , ويرجع المدعي بقدر ما لم يستوف من المنفعة (ويبطل بموت أحدهما وبهلاك المحل في المدة , وكذا لو وقع عن منفعة بمال أو بمنفعة من جنس آخر) . . .
(وما استحق من المدعي رد للمدعي حصته من العوض ورجع بالخصومة فيه , فيخاصم المستحق لخلو العوض عن الغرض , وما استحق من البدل رجع إلى الدعوى في كله أو بعضه) . . .
(وهلاك البدل كلا أو بعضا قبل التسليم له , أي للمدعي كاستحقاقه) أي كاستحقاق بدل الصلح كذلك , أي كلا أو بعضا.
مراجع إضافية /50 انظر بدائع الصنائع (6 / 54 - 55) المبدع (4 / 283) درر الحكام (4 / 51) شرح المجلة للأتاسي (4 / 573) الفتاوى الأنقروية (2 / 330) .(1/935)
الوديعة(1/936)
تعريف الوديعة
عقد الوديعة عبارة عن استنابة المالك غيره لحفظ ماله ,
والغرض منه أصالة إسداء النفع للمودع وتقديم العون له بحفظ أعيانه المالية مدة من الزمن.(1/937)
عقد الوديعة عبارة عن (تسليط المالك غيره على حفظ ماله)
وحقيقته: استنابة - أو توكيل - بحفظ المال لصاحبه.
ويطلق على نفس العين التي توضع عند آخر ليحفظها (وديعة) أيضا.
ويسمى مستحفظ ماله في هذا العقد (مودعا) .
ويسمى قابل الوديعة: وديعا , ومودعا , ومستودعا.
والغرض المقصود أساسا من هذا العقد هو المعونة والإرفاق والبر , ومن هنا عد نوعا من الإعارة , حيث يعير الوديع فيه منافع بدنه مجانا لحفظ مال الغير.(1/938)
الدر المختار (4 / 493)
(الإيداع) شرعا (تسليط الغير على حفظ ماله صريحا أو دلالة) , (والوديعة ما تترك عند الأمين) وهي أخص من الأمانة.
كفاية الطالب الرباني وحاشية العدوي عليه (2 / 252)
(الوديعة عرفها ابن الحاجب بأنها استنابة في حفظ المال) وهي بالمعنى الاسمي لغة الأمانة. واصطلاحا: مال وكل على حفظه. وتعريف ابن الحاجب بالمعنى المصدري.
مجلة الأحكام العدلية ص 144
الوديعة: هي المال الذي يوضع عند شخص لأجل الحفظ (م 763) .
الإيداع: هو وضع المالك ماله عند آخر لحفظه. ويسمى المستحفظ مودعا (بكسر الدال) والذي يقبل الوديعة وديعا ومستودعا (بفتح الدال) (م764) .
شرح منتهى الإرادات (2 / 449)
الوديعة شرعا (المال المدفوع إلى من يحفظه بلا عوض) لحفظه , فخرج الكلب والخمر ونحوهما , وما ألقته نحو الريح من نحو ثوب إلى دار غيره , وما تعدى بأخذه والعارية ونحوها , والأجير على حفظ مال. (والإيداع توكيل) رب مال (في حفظه) تبرعا من الحافظ (والاستيداع توكل في حفظ) أي مال غيره (كذلك) أي تبرعا (بغير تصرف) فيه.
روضة الطالبين (6 / 324)
الوديعة هي المال الموضوع عند أجنبي ليحفظه. واستودعته الوديعة: استحفظته إياها.
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد ص 414
الوديعة: هي المال المدفوع إلى من يحفظه بلا عوض. (م 1316)
الإيداع: توكيل رب المال غيره في حفظه بلا عوض. (م1317)
محاسن الإسلام للزاهد البخاري الحنفي ص 75
أما محاسن الوديعة , فالوديعة نوع من الإعارة , إلا أن الوديعة إعارة منافع بدنه من غير بدل لحفظ ماله , فلما استحق المدح ببذل منافع المال من غير بدل , فهو أحق بالمدح إذا بذل منافع البدن , إذ النفس أعز من المال. والضرورات تتوجه في الإيداع وقبول الوديعة.
مراجع إضافية
انظر التاج والإكليل (ج 5 / 250) كشاف القناع (4 / 185 , 5 / 250) , الفتاوى الهندية (4 / 338) , القوانين الفقهية (ص 379)(1/939)
دليل المشروعية
لقد ثبتت مشروعية الإيداع بالكتاب والسنة القولية والعملية والإجماع.(1/940)
دليل المشروعية من الكتاب
قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} (المائدة: 2)
قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} (النساء: 58) فقد أمر سبحانه وتعالى المؤمنين بالتعاون والتساعد على البر - وهو اسم جامع للخير كله - والتقوى , ومن ذلك الإيداع وقبول الوديعة. كما أمر بتأدية الأمانات إلى أهلها , والوديعة تندرج تحت الأمانات.
دليل المشروعية من السنة
السنة القولية:
قوله صلى الله عليه وسلم: من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة , والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه. أخرجه مسلم والترمذي وابن ماجة.
ولا شك أن من عون المسلم لأخيه قبول وديعته ليحفظها له عند احتياجه إلى ذلك.
وقوله صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك , ولا تخن من خانك. رواه أبو داود والترمذي ووجه الدلالة فيه أن رد الأمانة فرع الإيداع.
السنة العملية:
روى البيهقي عن عائشة أم المؤمنين في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة قالت: وأمر صلى الله عليه وسلم عليا أن يتخلف عنه بمكة حتى يؤدي عنه الودائع التي كانت عنده للناس.
دليل المشروعية من الإجماع
أجمع الفقهاء قاطبة على جواز عقد الوديعة , ومستندهم في ذلك القرآن الكريم والسنة القولية والعملية الصحيحة. وقد كان الصحابة ومن بعدهم يودعون ويستودعون.(1/941)
دليل المشروعية تشكيل النص
المغني 9 / 256
الأصل فيها - أي الوديعة - الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب , فقوله الله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} وقوله تعالى {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته} . وأما السنة فقول الرسول صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك , ولا تخن من خانك. وروى عنه عليه السلام أنه كانت عنده ودائع , فلما أراد الهجرة أودعها عند أم أيمن وأمر عليا أن يردها على أهلها. وأما الإجماع , فأجمع علماء كل عصر على جواز الإيداع والاستيداع. والعبرة تقتضيها , فإن بالناس إليها حاجة , فإنه يتعذر على جميعهم حفظ أموالهم بأنفسهم , ويحتاجون إلى من يحفظه لهم.
الكفاية على الهداية 7 / 452
وشرعيتها - أي الوديعة - بالكتاب , قال تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} وأداء الأمانة لا يكون إلا بعدها والسنة , فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يودع ويستودع وإجماع الأمة , فالصحابة ومن بعدهم إلى يومنا يودعون ويستودعون. ولأن قبول الوديعة من باب الإعانة , وهي مندوبة بقوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} وبقوله عليه الصلاة والسلام إن الله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه.
مراجع إضافية
انظر المهذب (1 / 366) , كفاية الطالب الرباني وحاشية العدوي عليه (2 / 253) , المبدع (5 / 233) , روضة القضاة للسمناني (2 / 608) , كشاف القناع (4 / 185) , منتهى الإرادات (2 / 449) , أسنى المطالب (3 / 74) , مجمع الأنهر (2 / 338) , حاشية الشرواني على تحفة المحتاج (7 / 98)(1/942)
الوصف الفقهي للوديعة
يرى جماهير الفقهاء أن الإيداع عقد توكيل بالحفظ من جانب المودع , وتوكل به من جانب المستودع , وعلى ذلك اعتبروا فيها ما يعتبر في الوكالة من حيث الانعقاد والانفساخ والشروط والأركان.(1/943)
ذهب جماهير العلماء إلى أن الوديعة عقد توكيل بالحفظ من جانب المودع , وتوكل به من جهة الوديع. وعلى ذلك اعتبروا فيها أركان الوكالة , وقالوا بانعقادها بما تنعقد به الوكالة وانفساخها بما تنفسخ به الوكالة.
غير أن هذه الوكالة من نوع خاص , لأنها إقامة الغير مقام النفس في الحفظ دون التصرف بخلاف الوكالة المعروفة التي هي إقامة الإنسان غيره مقام نفسه في تصرف معلوم مملوك له.
وخالفهم في ذلك بعض فقهاء الشافعية حيث ذهبوا إلى أن الوديعة مجرد إذن وترخيص من المالك لغيره بحفظ ماله , أشبه الضيافة. فكما أن الضيافة ترخيص وإذن من المالك للضيف باستهلاك الطعام المقدم له , دون أن يكون فيها عقد أو تمليك , فكذلك الوديعة مجرد إذن من المالك للمودع في حفظ ماله , وليست بعقد.(1/944)
المبدع 5 / 233
فهي - أي الوديعة - وكالة في الحفظ فتعتبر أركانها. والأحسن أنها توكيل في حفظ مملوك أو محترم مختص على وجه مخصوص.
المهذب 1 / 366
وتنعقد الوديعة بما تنعقد به الوكالة من الإيجاب بالقول والقبول بالفعل , وتنفسخ بما تنفسخ به الوكالة من العزل والجنون والإغماء والموت كما تنفسخ الوكالة , لأنه - أي الإيداع - وكالة في الحفظ , فكان كالوكالة في العقد والفسخ.
تحفة المحتاج (7 / 98)
ثم عقدها في الحقيقة توكيل من جهة المودع وتوكل من جهة الوديع في حفظ مال أو اختصاص كنجس منتفع به.
أسنى المطالب (3 / 75)
(يشترط) للإيداع (الإيجاب , ك أودعتك) هذا المال (واحفظه ونحوه , لأنها عقد) كالوكالة لا إذن مجرد في الحفظ (ولو علقها فكالوكالة و) يشترط (القبول) من الوديع (ولو بالقبض) كما في الوكالة.
روضة الطالبين (6 / 327)
لو عزل المودع نفسه , ففي انعزاله وجهان , بناء على أن الوديعة إذن أم عقد؟ إن قلنا: إذن. فالعزل لغو , كما لو أذن للضيفان في أكل طعامه , فقال بعضهم: عزلت نفسي. يلغو قوله , وله الأكل بالإذن السابق. فعلى هذا تبقى الوديعة بحالها. وإن قلنا: عقد , انفسخت , وبقي المال في يده أمانة شرعية , كالريح تطير الثوب إلى داره , فعليه الرد عند التمكن , وإن لم يطالب على الأصح. فإن لم يفعل ضمن.(1/945)
الحكم التكليفي للوديعة
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن عقد الوديعة الأصل فيه في حق الوديعة الاستحباب - لأنه من باب الإعانة وهي مندوبة - ما لم تقترن به دواع تصرف حكمه إلى الوجوب أو الكراهة أو الحرمة. وفي حق المودع الأصل فيه الإباحة ما لم تلابسه عوارض تصرفه إلى الوجوب أو الحرمة.(1/946)
اختلف الفقهاء في الحكم التكليفي لعقد الوديعة , فذهب الحنفية إلى أن قبول الوديعة مستحب مطلقا.
وقال الشافعية والحنابلة: هو مستحب في حق من علم من نفسه أنه ثقة قادر على حفظها , ولا يجوز لغيره , لأن فيه تغريرا بصاحبها.
وقال المالكية: حكم الوديعة من حيث ذاتها الإباحة في حق الفاعل والقابل على السواء , غير أنه قد يعرض وجوبها في حق الفاعل إن خشي ضياعها أو هلاكها إن لم يودعها , مع وجود قابل لها قادر على حفظها , وحرمتها إذا كان المال مغصوبا أو مسروقا لوجوب المبادرة إلى رده لمالكه. كذلك في حق القابل قد يعرض لها الوجوب , كما إذا خاف ربها عليها عنده من ظالم , ولم يجد صاحبها من يستودعها غيره , والتحريم كالمال المغصوب يحرم قبوله , لأن في إمساكه إعانة على عدم رده لمالكه والندب إذا خشي ما يوجبها دون تحققه , والكراهة إذا خشي ما يحرمها دون تحققه.(1/947)
الحكم التكليفي للوديعة تشكيل النص
المهذب (1 / 365)
يستحب لمن قدر على حفظ الوديعة وأداء الأمانة فيها أن يقبلها لقوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى} ولما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة , والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه. فإن لم يكن من يصلح لذلك غيره , وخاف إن لم يقبل أن تهلك تعين عليه قبولها , لأن حرمة المال كحرمة النفس.
والدليل عليه ما روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال حرمة مال المؤمن كحرمة دمه. ولو خاف على دمه لوجب عليه حفظه , كذلك إذا خاف على ماله.
وإن كان عاجزا عن حفظها أو لا يأمن أن يخون فيها لم يجز له قبولها , لأنه يغرر بها ويعرضها للهلاك , فلم يجز له أخذها.
شرح منتهى الإرادات (2 / 450)
ويستحب قبولها لمن علم من نفسه أنه ثقة قادر على حفظها. ويكره لغيره.
روضة القضاة للسمناني (2 / 613)
فصل: قبول الوديعة غير واجب. وعندنا: لا يجب قبول الوديعة بحال.
كفاية الطالب الرباني وحاشية العدوي (2 / 252)
(الوديعة: وحكمها الإباحة , وقد يعرض لها الوجوب , كالخوف على المال عند ربه من ظالم , والتحريم كالمال المغصوب يحرم قبوله , لأن إمساكه إعانة على عدم رده لمالكه) وقد يعرض لها الندب حيث يخشى ما يوجبها دون تحقق , وكراهتها حيث يخشى ما يحرمها دون تحقق.
المقدمات الممهدات (2 / 465)
ولا يلزم من استودع قبض الوديعة , وجد المودع من يودعه أو لم يجد. قال ذلك ابن شعبان. فأما إذا وجد من يودع غيره , فبين أنه لا يلزمه قبولها , لأن الله إنما أمره بالأداء , ولم يأمره بالقبول. وأما إذا لم يجد من يستودع سواه , فينبغي أن يلزمه القبول قياسا على من دعى إلى أن يشهد على شهادة أنه يلزمه ذلك إن لم يكن في البلد من يشهد غيره. ومن أهل العلم من يرى أن ذلك لازم له , وجد في البلد من يشهد أو لم يوجد لقول الله تعالى {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} .
الكفاية على الهداية (7 / 452)
ولأن قبول الوديعة من باب الإعانة , وهي مندوبة بقوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى} وبقوله عليه السلام إن الله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه.
روضة الطالبين (6 / 324)
ومن أودع وديعة يعجز عن حفظها , حرم عليه قبولها. وإن كان قادرا , لكن لا يثق بأمانة نفسه , فهل يحرم قبولها أم يكره؟ وجهان. وإن قدر ووثق بأمانة نفسه استحب له القبول. فإن لم يكن هناك غيره فقد أطلق مطلقون أنه يتعين عليه القبول , وهو محمول على ما بينه السرخسي في الأمالي , وهو أنه يجب أصل القبول دون أن يتلف منفعة نفسه وحرزه في الحفظ دون عوض.
مراجع إضافية
انظر مجمع الأنهر (2 / 338) , المبسوط (11 / 109) , البحر الرائق (7 / 273) , كشاف القناع (4 / 185) , المبدع (5 / 233) , مواهب الجليل (5 / 251) , التاج والإكليل (5 / 266) , البناني على شرح الزرقاني لخليل (6 / 114) , تحفة المحتاج وحواشيه (7 / 99) , أسني المطالب (3 / 74) , كفاية الأخيار (2 / 7)(1/948)
أقسام الوديعة
الأصل في عقد الوديعة أنه من عقود التبرعات التي لا تستوجب بدلا عن المنفعة المبذولة من جانب الوديع للمودع لكن لو اشترط للوديع أجر فيها مقابل الحفظ أو الحرز صح ذلك الشرط ولزم في قول جمهور الفقهاء.(1/949)
الأصل في عقد الإيداع أنه من عقود التبرعات التي تقوم على أساس الرفق والمعونة وتنفيس الكربة وقضاء الحاجة مجانا , فلا تستوجب من المودع بدلا عن حفظ أعيانه المالية.
ولكن لو اشترط فيه عوض للوديع مقابل حفظه للوديعة , فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والمالكية إلى جواز ذلك , وأن هذا الشرط صحيح ملزم. وخالفهم الحنابلة في ذلك وقالوا: إن الأجر إنما يجوز في الإجارة على الحفظ لا في عقد الوديعة.(1/950)
مرشد الحيران (ص 216)
ليس للمستودع أن يأخذ أجرة على حفظ الوديعة ما لم يشترط ذلك في العقد. (م814)
حاشية الرملي على أسنى المطالب (3 / 76)
(وأحكامها) أي الوديعة (ثلاثة. . الثاني: الأمانة) لأن الله تعالى سماها أمانة والضمان ينافيه , وسواء كانت بجعل أم بغيره كالوكالة.
تحفة المحتاج (7 / 100)
(فإن وثق) بأمانة نفسه وقدرته على حفظها (استحب له قبولها , لأنه من التعاون المأمور به.
ومحله إن لم يخف المالك من ضياعها لو تركها عنده , أي غلب على ظنه ذلك كما هو ظاهر , وإلا لزمه قبولها حيث لم يخش منه ضررا يلحقه , أخذا مما ذكروه في الأمر بالمعروف. وإن تعين لكن لا مجانا , بل بأجرة لعمله وحرزه , لأن الأصح جواز أخذ الأجرة على الواجب العيني كإنقاذ غريق وتعليم نحو الفاتحة.
الفتاوى الهندية (4 / 342)
المودع إذا شرط الأجرة للمودع على حفظ الوديعة صح , ولزم عليه. كذا في جواهر الأخلاطي.
الزرقاني على خليل (6 / 125)
(ولا) للمودع (أجر حفظها) لأن حفظها من نوع الجاه , وهو لا يؤخذ عليه أجرة كالقرض والضمان , إن لم يأخذها مثله أو يشترطها أو يجر بها عرف (بخلاف محلها) الكائنة فيه فقط من المنزل , فله أجرته إن كان مثله يأخذ , إلا أن يشترط المودع عدمه أو يجر به عرف.
كشاف القناع (4 / 185)
(الوديعة) شرعا (اسم للمال) أو المختص ككلب الصيد (المودع) أي المدفوع إلي من يحفظه بلا عوض. فخرج بقيد (المال أو المختص) الكلب الذي لا يقتنى والخمر ونحوهما مما لا يحترم , وبقيد (المدفوع) ما ألقته الريح إلى دار من نحو ثوب وما أخذه بالتعدي , وبقيد (الحفظ) العارية ونحوها , وبقيد (عدم العوض) الأجير على حفظ المال.
شرح منتهى الإرادات (2 / 449)
(الوديعة) شرعا (المال المدفوع إلى من يحفظه بلا عوض) لحفظه. . (والإيداع توكيل) رب المال (في حفظه) تبرعا من الحافظ. (والاستيداع توكل في حفظه) أي مال غيره (كذلك) أي تبرعا (بغير تصرف) فيه.
مراجع إضافية
انظر رد المحتار (4 / 494) , المقدمات الممهدات (2 / 467) , القوانين الفقهية (ص 380) , بداية المجتهد (2 / 312) , التاج والإكليل (5 / 266) , حاشية البناني على الزرقاني (6 / 125)(1/951)
الصيغة
ينعقد الإيداع بالإيجاب والقبول بكل لفظ يدل على المقصود وينبئ عنه باتفاق الفقهاء وبكل فعل يفهم منه ذلك ولو بقرائن الأحوال عند الحنفية والمالكية.(1/952)
لا خلاف بين الفقهاء في أن الأصل في صحة العقود هو التراضي وطيب النفس , وأن الوديعة لا تصح إلا بذلك وإلا كانت قسرا على الحفظ أو غصبا للمال. وقد ذكروا أن الإيداع لما كان عقدا يتم بين طرفين , فإن وجوده يتوقف على صيغة تفصح عن رغبة العاقدين في إنشائه , وتعبر بجلاء عن اتفاقهما على تكوينه , وهي الإيجاب والقبول باللفظ الدال على الإيداع أو الإنابة في الحفظ , كأن يقول الرجل لغيره: أودعتك هذا الشيء , أو احفظ لي هذه العين , وما يجرى مجراه , ويقبل الآخر.
ووسع الحنفية والمالكية مفهوم الصيغة لتشمل كل ما يفهم منه طلب الحفظ وقبوله , ولو بقرائن الأحوال , سواء أكان هناك لفظ أو لم يكن.(1/953)
البحر الرائق (7 / 273)
وركنها - أي الوديعة - الإيجاب قولا صريحا أو كناية أو فعلا , والقبول من المودع صريحا أو دلالة في حق وجوب الحفظ. وإنما قلنا (صريحا أو كناية) ليشمل ما لو قال لرجل: أعطني ألف درهم. أو قال لرجل في يده ثوب: أعطنيه. فقال: أعطيتك. فهذا محمول على الوديعة. نص عليه في المحيط , لأن الإعطاء يحتمل الهبة والوديعة والوديعة أدنى , وهو متيقن , فصار كناية. وإنما قلنا في الإيجاب (أو فعلا) ليشمل ما لو وضع ثوبه بين يدي رجل , ولم يقل شيئا , فهو إيداع. وإنما قلنا في القبول (أو دلالة) ليشمل سكوته عند وضعه بين يديه , فإنه قبول دلالة , حتى لو قال لا أقبل لا يكون مودعا , لأن الدلالة لم توجد.
مجلة الأحكام العدلية (ص 147)
ينعقد الإيداع بالإيجاب والقبول صراحة أو دلالة. مثلا: إذا قال صاحب الوديعة: أودعتك هذا الشيء , أو جعلته أمانة عندك. فقال المستودع: قبلت. انعقد الإيداع صراحة. وكذا لو دخل شخص خانا , فقال لصاحب الخان: أين أربط دابتي؟ فأراه محلا , فربط الدابة فيه , انعقد الإيداع دلالة. وكذلك إذا وضع رجل ماله في دكان , فرآه صاحب الدكان وسكت , ثم ترك الرجل ذلك المال وانصرف , صار ذلك المال عند صاحب الدكان وديعة. وأما لو رد صاحب الدكان الإيداع بأن قال: لا أقبل. فلا ينعقد الإيداع حينئذ. (م 773)
حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (2 / 253)
الصيغة هي كل ما يفهم منه طلب الحفظ , ولو بقرائن الأحوال , ولا تتوقف على إيجاب وقبول باللفظ , حتى لو وضع شخص متاعه عند جالس رشيد بصير ساكت , وذهب الواضع لحاجته , فإنه يجب على الموضوع عنده المتاع حفظه , بحيث إن فرط في حفظه حتى ضاع ضمنه , لأن سكوته رضا منه بالإيداع عنده.
أسنى المطالب (3 / 75)
لا بد من صيغة دالة على الاستحفاظ , ك أودعتك هذا المال , واحفظه , ونحوه ك استحفظتك وأنبتك في حفظه , وهو وديعة عندك , لأنها عقد وكالة , لا إذن مجرد في الحفظ.
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 415)
ينعقد الإيداع بإيجاب وقبول , بلفظ الإيداع وكل قول دال على استنابة في الحفظ , كقوله: احفظ هذا , أو أمنتك على هذا , ونحو ذلك. (م1320)
يصح قبول الإيداع بكل قول أو فعل دال عليه. (م 1321)
تحفة المحتاج (7 / 101)
والأصح أنه لا يشترط القبول من الوديع لصيغة العقد أو الأمر لفظا , ويكفي مع عدم اللفظ والرد منه القبض , ولو على التراخي , كما في الوكالة.
روضة الطالبين (6 / 324)
وفي اشتراط القبول باللفظ ثلاثة أوجه: أصحها: لا يشترط بل يكفي القبض في العقار والمنقول. والثاني: يشترط. والثالث: يشترط إن كان بصيغة عقد , ك أودعتك. ولا يشترط إن قال: احفظه , أو هو وديعة عندك.
كشاف القناع (4 / 185)
ويكفي القبض قبولا للوديعة , كالوكالة.
المهذب (1 / 366)
وتنعقد الوديعة بما تنعقد به الوكالة من الإيجاب بالقول والقبول بالفعل , وتنفسخ بما تنفسخ به الوكالة. . لأنه وكالة في الحفظ , فكان كالوكالة في العقد والفسخ.
مواهب الجليل (5 / 252)
أركانها ثلاثة: الصيغة , والمودع , والمودع. أما الصيغة: فهي لفظ أو ما يقوم مقامه يدل على الاستنابة في حفظ المال.
مراجع إضافية
انظر الدر المختار مع رد المحتار (4 / 494) , الفتاوى الهندية (4 / 338) , مجمع الأنهر (2 / 337) , درر الحكام (2 / 224) , وما بعدها , والزرقاني على خليل (6 / 114) , مرشد الحيران (م812)(1/954)
صفات العاقدين
يشترط في المودع والمستودع أن يكونا أهلا للتصرفات الشرعية.(1/955)
ما يشترط في المودع:
اتفق الفقهاء على أنه يشترط في المودع أن يكون جائز التصرف. وهو العاقل المميز عند الحنفية , والبالغ العاقل الرشيد عند غيرهم.
وعلى ذلك , فلو أودع طفل أو مجنون مالا عند إنسان , فلا يجوز له قبول وديعته. فإن أخذها منه ضمنها , ولا يبرأ من الضمان إلا بالتسليم إلى وليه الناظر في ماله.
أما الصبي المميز , فللفقهاء في صحة إيداعه قولان:
(أحدهما) للحنفية والحنابلة: وهو صحة إيداعه إذا كان مأذونا له في ذلك.
أما غير المأذون فلا يصح منه الإيداع.
(والثاني) للمالكية والشافعية: وهو عدم صحة إيداعه مطلقا حيث ألحقوا إيداعه بالعدم.
ما يشترط في المستودع:
لا خلاف بين الفقهاء في أنه يشترط في الوديع أن يكون جائز التصرف. غير أنهم اختلفوا فيمن يصدق عليه هذا الوصف , فقال الحنفية: هو العاقل المميز.
وقال الشافعية والمالكية والحنابلة: هو البالغ العاقل الرشيد.
وعلى كلا القولين لا يصح قبول الوديعة من المجنون والصبي الذي لا يعقل , لأن حكم هذا العقد لزوم الحفظ , ومن لا عقل له ليس أهلا للحفظ.
أما الصبي المميز , فقد اختلف الفقهاء في صحة استيداعه على ثلاثة أقوال:
(أحدها) لابن رشد المالكي: وهو أن الصبي المميز يصح أن يتوكل , فصح أن يكون أمينا لغيره في حفظ الوديعة.
(والثاني) للحنفية: وهو صحة قبوله للوديعة إذا كان مأذونا بالتجارة , وإلا فلا.
(والثالث) للشافعية والمالكية والحنابلة: وهو عدم صحة استيداعه مأذونا كان أو غير مأذون , لأن المقصود من الإيداع الحفظ , والصبي ليس من أهله.(1/956)
مجلة الأحكام العدلية (ص 148)
يشترط في صحة عقد الوديعة أن يكون المودع والمستودع مميزين , ولا يشترط كونهما بالغين. فبناء عليه: إيداع المجنون والصبي غير المميز وقبولهما الوديعة غير صحيح. أما إيداع الصبي المميز المأذون وقبوله الوديعة , فهو صحيح. (م776)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 415)
يشترط لصحة الإيداع أن يكون الطرفان جائزي التصرف. فلو أودع المجنون أو المحجور عليه لسفه أو الصغير مميزا كان أو لا , لم يصح العقد , ويكون المستودع ضامنا للمال , ولو تلف بلا تعد منه ولا تفريط , ولا يبرأ إلا بالرد إلى وليه , إلا إذا كان الصبي المميز مأذونا في الإيداع , صح إيداعه. (م 1322)
إذا أودع جائز التصرف ماله لدى مجنون أو معتوه أو صغير أو سفيه , فأتلفوه , أو تلف بتفريطهم لا ضمان عليهم.
كفاية الطالب الرباني وحاشية العدوي (2 / 253)
(وشرط الأولين - المودع والمودع - كالوكيل والموكل , فمن صح منه أن يوكل غيره , صح منه أن يودع غيره , وكل من صح منه أن يتوكل , صح منه أن يكون أمينا لغيره في حفظ الوديعة) الذي يصح منه أن يوكل العاقل البالغ الرشيد إلا الصغيرة في لوازم العصمة , والذي يصح منه أن يتوكل هو المميز على ما قال ابن رشد وحكى عليه الاتفاق. وخالفه اللخمي وقال: لا بد أن يكون بالغا رشيدا , ووافقه القرافي وابن الحاجب وابن عبد السلام وذكره خليل في توضيحه , وقال ابن عرفة وعليه عمل بلدنا. . . .
وأما الصبي والسفيه فلا يودعان ولا يستودعان , لكن إن أودعاك شيئا وجب عليك يا رشيد حفظه. وأما إن أودعت عندهما فأتلفا أو فرطا لم يضمنا , وإن بإذن أهلهما.
بدائع الصنائع (6 / 207)
وأما شرائط الركن فأنواع: منها عقل المودع. فلا يصح قبول الوديعة من المجنون والصبي الذي لا يعقل , لأن حكم هذا العقد هو لزوم الحفظ , ومن لا عقل له لا يكون من أهل الحفظ. وأما بلوغه , فليس بشرط حتى يصح قبول الوديعة من الصبي المأذون , لأنه من أهل الحفظ , ألا ترى أنه أذن له الولي , ولو لم يكن من أهل الحفظ لكان الإذن له سفها. وأما الصبي المحجور عليه فلا يصح قبول الوديعة منه , لأنه لا يحفظ المال عادة , ألا ترى أنه منع منه ماله.
أسنى المطالب (3 / 75)
(وديع الصبي والمجنون) والعبد (ضامن) لوديعتهم , لأن شرط موجبها إطلاق التصرف كقابلها فهو مقصر بالأخذ ممن ليس أهلا للإيداع , ولا يزول ضمانه إلا بردها إلى مالك أمرهم (فلو خشي ضياعها) في يدهم (فأخذها) منهم (حسبة) صونا لها عن الضياع (فلا ضمان) عليه , كما لو أخذ المحرم صيدا من جارحه ليتعهده فتلف , لا يضمنه كما مر في بابه.
شرح منتهى الإرادات (2 / 450)
(ويعتبر لها) أي الوديعة , أي لعقدها (أركان وكالة) أي ما يعتبر فيها من كون كل منهما جائز التصرف.
المغني (9 / 279)
ولا يصح الإيداع إلا من جائز التصرف. فإن أودع طفل أو معتوه إنسانا وديعة , ضمنها بقبضها , ولا يزول الضمان عنه بردها إليه , إنما يزول بدفعها إلى وليه الناظر في ماله أو الحاكم. فإن كان الصبي مميزا , صح إيداعه لما أذن له في التصرف فيه , لأنه كالبالغ بالنسبة إلى ذلك.
كشاف القناع (4 / 197)
(وإن أودع) جائز التصرف (الصغير) وديعة (ولو قنا , أو المجنون أو المعتوه , وهو المختل العقل) وديعة (أو) أودع جائز التصرف (السفيه وديعة أو أعارهم شيئا فأتلفوه) بأكل أو غيره (أو تلف بتفريطهم لم يضمنوا) لأن المالك سلطهم على الإتلاف بالدفع إليهم.
المهذب (1 / 366)
ولا يصح - أي الإيداع - إلا عند جائز التصرف. فإن أودع صبيا أو سفيها لم يصح الإيداع , لأن القصد من الإيداع الحفظ , والصبي والسفيه ليسا من أهل الحفظ. فإن أودع واحدا منهما فتلف عنده , لم يضمن , لأنه لا يلزمه حفظه , فلا يضمنه , كما لو تركه عند بالغ من غير إيداع فتلف.
مراجع إضافية
انظر تحفة المحتاج (7 / 103) , روضة الطالبين (6 / 325) , كشاف القناع (4 / 197) , روضة القضاة (2 / 614) , السيل الجرار (3 / 341) , المهذب (1 / 366) , مواهب الجليل (5 / 252) , البناني على الزرقاني شرح خليل (6 / 113) , الفتاوى الهندية (3 / 338) , درر الحكام (2 / 229) شرح منتهى الإرادات (2 / 450) , ميارة على التحفة (2 / 189) , تحفة المحتاج (7 / 104) , المغني 9 / 279 , أسنى المطالب (3 / 75) , التاج والإكليل (5 / 267) , الزرقاني على خليل (6 / 325)(1/957)
العين المودعة
محل عقد الإيداع هو العين المودعة وهي الشيء الذي يبرم عقد الإيداع لحفظه.(1/958)
محل عقد الإيداع هو الشيء الذي يعهد المودع إلى الوديع بحفظه وقد يكون مالا نقديا أو عينا أخرى وقد تكون العين المودعة قيمية وهي ما تختلف آحاده كما قد تكون مثلية وفي هذه الحالة ليس للوديع إبدال ذلك المثلي بغيره ولو كان مماثلا للشيء المودع , وبهذا تختلف العين المودعة إذا كانت مثلية كالنقود ونحوها عن محل القرض لأنه يقع على الاستهلاك وليس على الحفظ أما الوديعة فهي تقع على الحفظ.(1/959)
شروط الوديعة
يشترط في العين المودعة أن تكون مالا عند الحنفية والمالكية , وأن تكون مالا أو مختصا عند الشافعية والحنابلة.
ولا خلاف بين الفقهاء في صحة إيداع الصكوك والوثائق والوصايا المكتوبة بالحقوق المالية , حيث اعتبروها مالا مجازا.(1/960)
يشترط الحنفية والمالكية في العين المودعة أن تكون مالا , فما ليس بمال - كالميتة والدم ونحوهما - لا يصح ورود عقد الإيداع عليه , لأن عدم ماليته يتنافى مع تشريع حمايته لصاحبه بعقد الوديعة , واعتباره أمانة شرعية واجبة الحفظ والصون لصاحبها في يد الوديع.
ووسع الشافعية والحنابلة في المسألة , فاشترطوا لصحة العقد أن تكون العين المودعة مالا أو مختصا - كجلد ميتة لم يدبغ وزبل وكلب صيد محترم ونحو ذلك - لجواز اقتنائها. وقد جعل الفقهاء في حكم المال ههنا الصكوك والوثائق والوصايا المكتوبة بالحقوق المالية , وذلك لتضمنها المال وحفظها لأجله , فأجاز سائرهم إيداعها.(1/961)
مجلة الأحكام العدلية (ص 144 , 147)
الوديعة: هي المال الذي يوضع عند شخص لأجل الحفظ. (م763)
الإيداع: هو وضع المالك ماله عند آخر لحفظه. (م 764)
يشترط كون الوديعة قابلة لوضع اليد عليها وصالحة للقبض , فلا يصح إيداع الطير في الهواء. (م 775)
مرشد الحيران (ص 215)
الإيداع: هو تسليط المالك غيره على حفظ ماله صراحة أو دلالة , والوديعة هي المال المودع عند أمين لحفظه. (م810)
كشاف القناع (4 / 185)
(الوديعة) شرعا (اسم للمال) أو المختص ككلب الصيد (المودع) أي المدفوع إلى من يحفظه بلا عوض. فخرج بقيد (المال أو المختص) الكلب الذي لا يقتنى والخمر ونحوهما مما لا يحترم.
كفاية الطالب الرباني وحاشية العدوي (2 / 252)
(الوديعة , وعرفها ابن الحاجب بأنها استنابة في حفظ المال) وهي بالمعنى الاسمي لغة الأمانة , واصطلاحا: مال وكل على حفظه , وتعريف ابن الحاجب بالمعنى المصدري.
حاشية البناني على الزرقاني (6 / 13)
ابن عرفة الوديعة إذا كانت بمعنى الإيداع , فهي (نقل مجرد حفظ ملك ينقل) فيدخل إيداع الوثائق بذكر الحقوق.
أسنى المطالب (3 / 75)
قال في الأصل: ولا يصح إيداع الخمر ونحوها. أي الخمر غير المحترمة ونحوها مما لا اختصاص فيه. أما ما فيه اختصاص , كجلد ميتة لم يدبغ وزبل وكلب محترم فيجوز إيداعه كالمال , كما صرح به البازري وشمله قول الوسيط: الوديعة كل ما تثبت عليه اليد الحافظة.
البحر الرائق (7 / 273)
(الإيداع: تسليط الغير على حفظ ماله) وشرطها: كون المال قابلا لإثبات اليد عليه , حتى لو أودع الآبق أو الطير الذي في الهواء والمال الساقط في البحر لا يصح.
مراجع إضافية
انظر الدر المختار (4 / 493) , الفتاوى الهندية (4 / 338) , التاج والإكليل (5 / 250) , فتح القدير (7 / 451) , تحفة المحتاج (7 / 99) , الزرقاني على خليل (6 / 113) , ميارة على التحفة (2 / 188) , روضة الطالبين (6 / 353) , قرة عيون الأخيار (2 / 261 , 268)(1/962)
وجوب حفظ الوديعة على المستودع
يجب على الوديع حفظ الوديعة بما يحفظ به ماله , وذلك بوضعها في (حرز مثلها)
وهو المكان المناسب لصون الأشياء بحسب عرف الناس فيها , وضابطه (أنه لا يعد الواضع فيه مضيعا لماله) , وانه ليختلف بحسب الأزمنة والأمكنة والأحوال ونفاسة الأشياء وكثرتها وغير ذلك من الاعتبارات.(1/963)
اتفق الفقهاء على أنه يجب على الوديع حفظ الوديعة وصيانتها لصاحبها , فإن قصر في حفظها أو تعدى , فهلكت , ضمنها.
واستدلوا على ذلك بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول.
فأما الكتاب
فبقوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} (النساء: 58) إذ من المعلوم أنه لا يمكن أداء الأمانة بدون حفظها.
وأما السنة
فبقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم رواه أبو داود والترمذي وأحمد والدارقطني.
ووجه الاستدلال أن الإيداع من جانب المالك استحفاظ , ومن جانب الوديع التزام بالحفظ , وهو من أهل الالتزام , فيلزمه بنص الحديث.
وأما الإجماع
فقد أجمع أهل العلم على أن على المستودع حفظ الوديعة لصاحبها.
وأما المعقول
فهو أن المقصود من الإيداع الحفظ , والاستيداع التزام بذلك , فإن لم يحفظ المستودع الوديعة , لم يفعل ما التزمه.
أما كيفية حفظ الوديعة , فبأن يضعها في حرز مثلها على ما جرت به عادة الناس في صيانة أموالهم وحياطتها وحفظها.
وضابط حرز المثل عند جماهير الفقهاء عرفي , أي بحسب عادة الناس , وما يرونه مناسبا لحفظ الأشياء بحسب نفاستها ودناءتها , وكثرتها وقلتها , وهذه الأمور تختلف كثيرا بحسب الأقاليم والحواضر والبوادي , وباعتبار الأزمنة والأمكنة والأحوال.(1/964)
الإشراف على مذاهب أهل العلم (1 / 251)
أجمع أهل العلم على أن على المودع إحراز الوديعة وحفظها.
مجلة الأحكام العدلية (ص 148 , 149)
الوديعة يحفظها المستودع بنفسه أو يستحفظها أمينه , كمال نفسه , فإذا هلكت في يده أو عند أمينه بلا تعد ولا تقصير , فلا ضمان عليه ولا على أمينه. (م 780)
للمستودع أن يحفظ الوديعة في المحل الذي يحفظ فيه ماله. (م781)
يلزم حفظ الوديعة في حرز مثلها.
بناء عليه: وضع مثل النقود والمجوهرات في إصطبل الدواب أو التبن تقصير في الحفظ , وبهذه الحال إذا ضاعت الوديعة أو هلكت لزم الضمان. (م 782)
مرشد الحيران (ص 216)
يجب على المستودع أن يعنى بحفظ الوديعة بما يحفظ به ماله , وأن يضعها في حرز مثلها على حسب نفاستها.
وله أن يحفظها بنفسه أو بمن يأتمنه على حفظ ماله ممن في عياله. (م815)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 423)
يلزم الوديع حفظ الوديعة بنفسه أو وكيله أو من يحفظ ماله عادة كزوجته وعبده وخادمه , فله أن يدفع الدابة لسائس دوابه والأمتعة لخانه والحلي لزوجته , لقيامهم مقامه في الحفظ. (م1346)
يلزم الوديع حفظ الوديعة في حرز مثلها , والحرز في كل حالة بحسبها. (م1348) .
المقدمات الممهدات (2 / 466)
فإذا قبلها - أي الوديع - وجب عليه حفظها وصيانتها , فإن ضيعها أو تعدى أمر صاحبها فيها , فهو ضامن لها. وله أن يستدفع ما أودع عند عياله الذين يأمنهم على ماله , وهو تحت غلقه من زوج أو والد أو أمة أو والدة ومن أشبههم.
فصل: وتدفع الوديعة فيما يدفع فيه مثلها , على ما جرت به عادة الناس في حرز أموالهم وحياطتها وحفظها.
شرح منتهى الإرادات (2 / 450)
(ويلزمه) أي الوديع (حفظها) أي الوديعة (في حرز مثلها عرفا) لقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} ولا يمكن أداؤها بدون حفظها. ولأن المقصود من الإيداع الحفظ والاستيداع التزام ذلك. فإذا لم يحفظها لم يفعل ما التزمه.
المحلى (8 / 276)
فرض على من أودعت عنده وديعة حفظها وردها إلى صاحبها إذا طلبها منه , لقوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى} وقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} ومن البر حفظ مال المسلم أو الذمي , وقد صح نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال وهذا عموم لمال المرء ومال غيره.
البحر الرائق (7 / 273)
وحكمها - أي الوديعة - كون المال أمانة عنده مع وجوب الحفظ عليه والأداء عند الطلب.
روضة الطالبين (6 / 341)
المودع مأمور بحفظها في حرز مثلها بالتحرز عن أسباب التلف.
الأم (4 / 62)
وإذا استودع الرجل , الرجل الوديعة , فوضعها في موضع من داره يحرز فيه ماله , ويرى الناس مثله حرزا - وإن كان غيره أحرز منه - فهلكت , لم يضمن. وإن وضعها في موضع من داره لا يراه الناس حرزا , ولا يحرز فيه مثل الوديعة , فهلكت , ضمن.
الفتاوى الهندية (4 / 338)
وأما حكمها , فوجوب الحفظ على المودع , وصيرورة المال أمانة في يده , ووجوب أدائه عند طلب مالكه.
كشاف القناع (4 / 187)
(ويلزمه) أي الوديع (حفظها) أي الوديعة (بنفسه أو وكيله أو من يحفظ ماله , كزوجة وعبد , كما يحفظ ماله , في حرز مثلها عرفا , كحرز سرقة) لقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} ولا يمكن ذلك إلا بالحفظ كما ذكر. قال في الرعاية: من استودع شيئا حفظه في حرز مثله عاجلا مع القدرة وإلا ضمن (إن لم يعين ربها حرزا) فإن عينه تعين هو أو مثله (فإن لم يحرزها) الوديع (في حرز مثلها) مع عدم التعيين , ضمنها , لأنه مفرط.
مراجع إضافية
انظر الدر المختار (4 / 494) , كفاية الأخيار (2 / 10) , العدوي على كفاية الطالب الرباني (2 / 254) , المغني (9 / 258) , المبدع (5 / 234) , أسنى المطالب (3 / 78) المهذب (1 / 366) , بدائع الصنائع (/ 209) , بداية المجتهد (2 / 311) , الزرقاني على خليل (6 / 116) , مجمع الأنهر (2 / 343) , حاشية الحسن بن رحال على ميارة (2 / 188) , العقود الدرية لابن عابدين (2 / 76) , درر الحكام (2 / 243)(1/965)
الوديعة أمانة في يد المستودع
تكون الوديعة أمانة في يد الوديع , فلا تضمن إن هلكت بغير تعديه أو تفريطه في المحافظة عليها , حتى ولو اشترط ذلك في العقد , فإن الشرط يعتبر لاغيا.(1/966)
ذهب جماهير الفقهاء إلى أن الوديعة أمانة في يد الوديع , وعليه حفظها بما جرت به عادة الناس من حيث الكيفية والموضع , فإن تعدى أو فرط في ذلك صار ضامنا.
ومراد الفقهاء بالتفريط: (ما يعد في عرف الناس تهاونا في الحفظ والصون , لا يفعله العاقل بماله) , وبالتعدي: (ما اعتبر شرعا أو عادة تجاوزا لما ينبغي للوديع الاقتصار عليه) .
واستدل الفقهاء على كون الوديعة أمانة في يد الوديع بالسنة والإجماع والمعقول:
فأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: من أودع وديعة فلا ضمان عليه رواه ابن ماجة وابن حبان والبيهقي.
وقوله صلى الله عليه وسلم: وليس على المستعير غير المغل ضمان , ولا على المستودع غير المغل ضمان رواه الدارقطني والبيهقي.
والمغل: هو الخائن.
وأما الإجماع فقد أجمع فقهاء الأمصار على أن الوديعة أمانة في يد المستودع.
وأما المعقول فهو أن الوديع إنما يحفظها لمالكها , فتكون يده كيده. ولأنه قبض العين بإذن مالكها لا على وجه التمليك ولا الوثيقة , فلا يضمنها , لأن مال الوديع معصوم بعصمة الإسلام , وليس هناك موجب شرعي لتضمينه. ولأن الأصل في حفظ الوديعة أنه معروف وإحسان من الوديع , حيث يبذل منافع بدنه وحرزه لحفظها , فلو ضمن من غير عدوان أو تفريط لامتنع الناس عن قبول الودائع , وذلك مضر بمصالحهم , إذ كثيرا ما يحتاجون إليها أو يضطرون.
هذا ولو اشترط رب الوديعة على المستودع ضمانها , فقبل , فلا ضمان عليه , لأن اشتراط الضمان على الأمين باطل , وجعل ما أصله أمانة مضمونا بالشرط لا يصح , حيث إن هذا الشرط مناف لمقتضى العقد ومفوت لموجبه , فلا يعتبر.(1/967)
الوديعة أمانة في يد المستودع تشكيل النص
مجلة الأحكام العدلية
الوديعة أمانة في يد الوديع. بناء عليه: إذا هلكت بلا تعد من المستودع وبدون صنعه وتقصير في الحفظ فلا يلزم الضمان , إلا أنه إذا كان الإيداع بأجرة على حفظ الوديعة , فهلكت أو ضاعت بسبب يمكن التحرز منه لزم المستودع ضمانها. مثلا لو وقعت الساعة المودعة من يد الوديع بلا صنعه فانكسرت لا يلزم الضمان. أما لو وطئت الساعة بالرجل أو وقع من اليد عليها شيء فانكسرت لزم الضمان. كذلك إذا أودع رجل ماله عند آخر , وأعطاه أجرة على حفظه , فضاع المال بسبب يمكن التحرز منه كالسرقة فيلزم المستودع الضمان. (م777)
الوديعة إذا لزم ضمانها , فإن كانت من المثليات تضمن بمثلها , وإن كانت من القيميات تضمن بقيمتها يوم لزم الضمان. (م 803)
مرشد الحيران (ص 216 , 222)
الوديعة أمانة لا تضمن بالهلاك مطلقا , سواء أمكن التحرز أم لا , وإنما يضمنها المستودع بتعديه عليها أو بتقصيره في حفظها. (م 817) .
في كل موضع لزم ضمان الوديعة تضمن بمثلها إن كانت من المثليات ووجد مثلها في السوق , أو بقيمتها إن كانت من القيميات أو من المثليات ولم يوجد مثلها في السوق. (م 838)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد
الوديعة أمانة في يد الوديع , فلا يضمنها إلا بتعديه أو تفريطه في الحفظ , ولو شرط ضمانها لغا الشرط. (م 1359)
أسنى المطالب (3 / 76)
(وأحكامها) ثلاثة. . (الثاني: الأمانة) لأن الوديع يحفظها للمالك , فيده كيده , ولو ضمن لرغب الناس عن قبول الودائع (و) إنما (يضمن بالتقصير , وله أسباب) ثمانية.
الزرقاني على خليل (6 / 114)
والشريك في حصة شريكه كالمودع في أنه أمين إلا إن يتعدى.
إذا كان الإيداع ما ذكر , فهو أمانة , والأصل فيها عدم الضمان عند التلف إلا لتفريط.
المغني (9 / 257)
(وليس على مودع ضمان إذا لم يتعد) وجملته أن الوديعة أمانة , فإذا تلفت بغير تفريط من المودع , فليس عليه ضمان , سواء ذهب معها شيء من مال المودع أو لم يذهب. هذا قول أكثر أهل العلم. روى ذلك عن أبي بكر وابن مسعود وبه قال شريح والنخعي ومالك وأبو الزناد والثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي.
البحر الرائق (7 / 273)
(والوديعة ما تترك عند الأمين , وهي أمانة , فلا تضمن بالهلاك) سواء أمكن التحرز عنه أو لا , هلك معها للمودع شيء أو لا. . وعلم من كلامه أن اشتراط الضمان على الأمين باطل , ولهذا لو شرط على الحمامي الضمان إن ضاعت ثيابه , كان باطلا , ولا ضمان عليه , وهو اختيار الفقيه أبي الليث. قال في الخلاصة: وبه يفتى.
المهذب (1 / 366)
والوديعة أمانة في يد المودع , فإن تلفت من غير تفريط لم تضمن , لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أودع وديعة فلا ضمان عليه.
وروي ذلك عن أبي بكر وعمر وابن مسعود وجابر وهو إجماع فقهاء الأمصار ولأنه يحفظها للمالك , فكانت يده كيده , ولأن حفظ الوديعة معروف وإحسان , فلو ضمنت من غير عدوان زهد الناس في قبولها , فيؤدي إلى قطع المعروف.
فإن أودعه وشرط عليه الضمان , لم يصر مضمونا , لأنه أمانة , فلا يصير مضمونا بالشرط , كالمضمون لا يصير أمانة بالشرط.
المحلى (8 / 277)
فإن تلفت - أي الوديعة - من غير تعد منه ولا تضييع لها فلا ضمان عليه فيها , لأنه إذا حفظها ولم يتعد ولا ضيع فقد أحسن , والله تعالى يقول {ما على المحسنين من سبيل} ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام فمال هذا المودع حرام على غيره ما لم يوجب أخذه منه نص عليه.
السيل الجرار (3 / 342)
(وهي أمانة , فلا تضمن إلا لتعد) أقول: الأصل الشرعي هو عدم الضمان , لأن مال الوديع معصوم بعصمة الإسلام , فلا يلزم منه شيء إلا بأمر الشرع.
التفريع لابن الجلاب (2 / 269)
وليس على المودع عنده ضمان الوديعة إلا أن يتعدى , فيضمن بتعديه.
الإشراف على مذاهب أهل العلم (1 / 251)
أجمع أكثر أهل العلم على أن المودع إذا أحرز الوديعة , ثم تلفت من غير جنايته ألا ضمان عليه.
كشاف القناع (4 / 186)
(وهي) أي الوديعة (أمانة) لقوله تعالى {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته} (لاضمان عليه) أي المودع (فيها) أي الوديعة , لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أودع وديعة فلا ضمان عليه رواه ابن ماجة. ولأن المستودع يحفظها لمالكها , فلو ضمنت لامتنع الناس من الدخول فيها , وذلك مضر , لما فيه من مسيس الحاجة إليها (إلا أن يتعدى) الوديع (أو يفرط) أي يقصر في حفظ الوديعة فيضمنها , لأن المتعدي متلف لمال غيره فضمنه , كما لو أتلفه من غير إيداع , والمفرط متسبب بترك ما وجب عليه من حفظها.
درر الحكام (2 / 236)
إن التعدي غير التقصير , وهو فعل المستودع المخصوص , يعني إن التعدي فعل المستودع وهو أشياء كإتلاف الوديعة وإعطاء الوديعة لغير أمينه لأجل الحفظ وإيداع الوديعة إلى آخر أو استعمالها ووطء الساعة المودعة قضاء وإسقاط شيء قضاء على الساعة. وأما التقصير فهو مثل عدم منع السارق أثناء سرقة الوديعة مع وجود الاقتدار على ذلك , وحفظ الوديعة في محل ليس من المعتاد حفظها فيه.(1/968)
لزوم أخذ الوديعة متى ردها الوديع
الأصل في الإيداع أنه عقد جائز من الجانبين ولكل واحد من العاقدين حق فسخه متى شاء دون توقف على رضا الطرف الآخر أو قبوله. فيجب على المودع أخذ الوديعة إذا ردها الوديع لأنه متبرع بإمساكها وحفظها , فلا يلزمه التبرع في المستقبل.(1/969)
عقد الوديعة غير لازم في حق أي واحد من العاقدين , فلكل واحد منهما أن يبادر بفسخه والتحلل منه متى شاء دون توقف على رضا الطرف الآخر أو موافقته , كما هو الشأن في الوكالة التي تعتبر الوديعة نوعا منها.
وعلى ذلك: متى أراد المودع استرداد وديعته , لزم الوديع ردها إليه , لعموم قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} (النساء: 58)
ومتى أراد الوديع ردها لصاحبها , لزمه أخذها منه , لأن الأصل في المستودع أنه متبرع بإمساكها وحفظها , فلا يلزمه التبرع في المستقبل.
واستثنى الشافعية من هذا الأصل حالة لحوق الضرر بأحد الطرفين نتيجة فسخ الآخر عقد الوديعة بدون رضاه , وقالوا: العقود الجائزة إذا اقتضى فسخها ضررا على الآخر امتنع , وصارت لازمة.(1/970)
المغني (9 / 256)
وهي - أي الوديعة - عقد جائز من الطرفين , متى أراد المودع أخذ وديعته لزم المستودع ردها , لقوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} فإن أراد المستودع ردها على صاحبها لزمه قبولها , لأن المستودع متبرع بإمساكها , فلا يلزمه التبرع في المستقبل.
روضة الطالبين (6 / 326)
أحكام الوديعة هي ثلاثة: أحدها الجواز من الجانبين.
مجلة الأحكام العدلية (ص 147)
لكل من المودع والمستودع فسخ عقد الإيداع متى شاء. (م774)
مرشد الحيران (ص 220)
يجوز لكل من المودع والوديع أن يفسخ عقد الإيداع في أي وقت شاء , ويلزم المستودع أن يرد الوديعة إلى صاحبها. (م831) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 417)
الإيداع من العقود الجائزة , فلكل من العاقدين فسخه بالقول أو الفعل الدال عليه. (م 1326) .
القوانين الفقهية (ص 379)
الوديعة: وهي استنابة في حفظ مال , وهي أمانة جائزة من الجهتين , فلكل واحد منهما حلها متى شاء.
حاشية الرملي على أسنى المطالب (3 / 76)
العقود الجائزة إذا اقتضى فسخها ضررا على الآخر امتنع , وصارت لازمة. ولهذا قال النووي للوصي عزل نفسه إلا أن يتعين عليه أو يغلب على ظنه تلف المال باستيلاء ظالم من قاض أو غيره. قلت: ويجري مثله في الشريك والمضارب.
تحفة المحتاج (7 / 105)
ولهما , يعنى للمالك الاسترداد , وللوديع الرد في كل وقت , لجوازها من الجانبين. نعم , يحرم الرد حيث وجب القبول , ويكون خلاف الأولى حيث ندب , ولم يرضه المالك.
درر الحكام (2 / 228)
الإيداع ليس عقدا لازما. يعني أنه ليس لازما بحق أحد من الطرفين.
وفي هذا التقدير للمودع أن يسترد وديعته متى شاء , لأنه صاحب المال وللوديع أيضا أن يرد الوديعة متى أراد , لأنه متبرع. بخصوص حفظ الوديعة. فبناء عليه لكل من المودع والمستودع صلاحية فسخ الإيداع متى أراد , سواء أكان عقد الإيداع مؤقتا لسنة واحدة مثلا أم لم يكن.
. . إنما عقد الإيداع يكون لازما في مسألة واحدة , وهي إذا كان الحفظ في مقابلة أجرة. فحيث إن عقد الوديعة هذا حفظ , وفيه المستودع أجير مشترك , فيصير العقد المذكور عقد إجارة , وليس لأحد الطرفين أن يفسخه قبل تمام المدة كما هو مذكور في كتاب الإجارة.
مراجع إضافية
انظر كشاف القناع (4 / 185) , أسنى المطالب (3 / 76) , الزرقاني على خليل (6 / 125) , شرح المجلة للأتاسي (3 / 240) , فتاوى أبي الليث السمرقندي (ص 217) , حاشية الرملي على أسنى المطالب (3 / 84) .(1/971)
لزوم رد الوديعة متى طلبها المودع
الأصل في الإيداع أنه عقد جائز من الجانبين ولكل واحد من العاقدين حق فسخه متى شاء دون توقف على رضا الطرف الآخر أو قبوله. فيجب على الوديع رد الوديعة إلى صاحبها على الفور إذا طلبها المودع , فإن أخر ردها أو منعها بغير عذر , صار ضامنا.(1/972)
اتفق الفقهاء على أنه يجب على المستودع رد الوديعة لمالكها على الفور إذا طلبها , وذلك لقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} (النساء: 58)
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك , ولا تخن من خانك. رواه أبو داود والترمذي والدارمي.
ولأن طلب صاحب الوديعة وديعته يعني فسخ عقد الإيداع , وذلك حق ثابت له , لعدم لزوم العقد في حق كل واحد من الطرفين
فإن أخر ردها أو منعها بعد طلبها بغير عذر , فهلكت , ضمنها , لكونه متعديا بذلك.
أما إذا كان ذلك لعذر , فلا ضمان عليه إن تلفت قبل الرد , استصحابا ليد الأمانة ولانتقاء موجب تضمينه , حيث إنه لا يعد بذلك متعديا ولا مفرطا , فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها.(1/973)
المغني (9 / 269)
لا خلاف في وجوب رد الوديعة إلى مالكها إذا طلبها , فأمكن أداؤها إليه بغير ضرورة , وقد أمر الله تعالى بذلك , فقال {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} وأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أد الأمانة إلى من ائتمنك , ولا تخن من خانك يعني عند طلبها.
ولأنها حق لمالكها لم يتعلق بها حق غيره , فلزم أداؤها إليه , كالمغصوب والدين الحال. فإن امتنع من دفعها في هذه الحال , فتلفت. ضمنها , لأنه صار غاصبا , لكونه أمسك مال غيره بغير إذنه بفعل محرم , فأشبه الغاصب.
فأما إن طلبها في وقت لم يمكن دفعها لبعدها أو لمخافة في طريقها أو للعجز عن حملها أو غير ذلك , لم يكن متعديا بترك تسليمها , لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها.
وإن تلفت لم يضمنها لعدم عدوانه. وإن قال: أمهلوني حتى أقضي صلاتي أو آكل فإني جائع , أو أنام فإني ناعس أو ينهضم عني الطعام فإني ممتلئ أمهل بقدر ذلك.
الإشراف لابن المنذر (1 / 251)
أجمع أهل العلم على أن الأمانات مؤداة إلى أربابها: الأبرار منهم والفجار.
بدائع الصنائع (6 / 210)
ويتعلق بكونها - أي الوديعة - أمانة أحكام , منها: وجوب الرد عند طلب المالك , لقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} حتى لو حبسها بعد الطلب , فضاعت , ضمن.
المحلى (8 / 276)
فرض على من أودعت عنده وديعة حفظها وردها إلى صاحبها إذا طلبها.
البحر الرائق (2 / 275)
(وإن طلبها ربها فحبسها قادرا على تسليمها فمنعها أو خلطها بماله بغير الإذن حتى لا تتميز ضمنها) يعني لو منع صاحب الوديعة بعد طلبه وهو قادر على تسليمها يكون ضامنا , لأنه ظالم بالمنع حتى لو لم يكن ظالما بالمنع لا يضمن.
روضة الطالبين (6 / 343)
الثالث من أحكام الوديعة: ردها عند بقائها. فإذا كانت الوديعة باقية لزم المودع ردها إذا طلبها المالك. . فإن أخر من غير عذر , دخلت الوديعة في ضمانه.
كفاية الطالب الرباني (2 / 253)
رد الوديعة واجب مهما طلب المالك وانتفى العذر.
مجلة الأحكام العدلية (ص 152)
يلزم رد الوديعة لصاحبها إذا طلبها , ومؤنة الرد والتسليم أي مصاريفهما وكلفتهما عائدة إلى المودع. وإذا طلبها المودع , فلم يسلمها له المستودع وهلكت أو ضاعت , ضمنها المستودع. لكن إذا كان عدم تسليمها وقت الطلب ناشئا عن عذر كأن تكون حينئذ في محل بعيد , ثم هلكت أو ضاعت , فلا يلزم الضمان. (م 794) .
مرشد الحيران (ص 220)
إذا طلب صاحب الوديعة وديعته فعلى المستودع تسليمها إليه , فإن منعها منه بلا حق حال كونه قادرا على تسليمها , فهلكت , فعليه ضمانها. فإن كان عاجزا عن تسليمها فلا ضمان عليه بهلاكها. (م833)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 421 , 426)
يلزم الوديع رد الوديعة حين طلب ربها , ويمهل لعذر كطهارة وصلاة ونوم وطعام ومطر كثير وبعد عنها أو عجز عن حملها ونحو ذلك إلى زواله , ولا يعد بذلك متعديا ولا مماطلا. (م 1336)
منع الوديعة عن ربها عند طلبها بلا عذر تعد موجب للضمان. (م1363)(1/974)
كيفية رد الوديعة ومؤونته ومكانه
يحصل رد الوديعة بالتخلية بينها وبين صاحبها على وجه يجعله متمكنا من رقبتها دون مانع وذلك في نفس المكان الذي وقع فيه الإيداع , ولا يلزم الوديع عبء نقلها إلى أي مكان آخر إذا طلب ذلك منه المودع.(1/975)
يحصل رد الوديعة برفع اليد والتخلية بينها وبين مالكها , على وجه يجعله متمكنا من رقبتها دون مانع كما إذا وضعها أمامه , وقال له: اقبضها.
ومكان ردها هو نفس الموضع الذي وقع فيه الإيداع لأن الواجب على الوديع بعد الطلب أن يخلي بين الوديعة وصاحبها , لا الحمل والرد. ولا يلزم الوديع نقلها إلى دار المودع أو دكانه أو إلى أي مكان آخر إذا طلب ذلك منه المودع , سواء قلت المؤونة أو كثرت , لأن الوديع إنما قبض العين لمنفعة مالكها على الخصوص , فلم تلزمه الغرامة عليها , كما لو وكله على حفظها في ملك صاحبها وإنما عليه التمكين من أخذها لا غير.(1/976)
المحلى (8 / 278)
ونقل الوديعة بالحمل والرد على المودع لا على المودع , وإنما على المودع ألا يمنعها من صاحبها فقط , لأن بشرته وماله محرمان , وهذا بخلاف الغاصب.
وإن لقي المودع من أودعه في غير الموضع الذي أودعه فيه ما أودعه , فليس له مطالبته بالوديعة.
مجلة الأحكام العدلية (ص 152)
مؤونة الرد والتسليم , أي مصاريفهما وكلفتهما عائدة إلى المودع. (م 794)
يعتبر مكان الإيداع في تسليم الوديعة. مثلا لو أودع ماله في إستانبول يسلم في إستانبول أيضا , ولا يجبر المستودع على تسليمه في أدرنه (م 797)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 421)
مؤونة رد الوديعة وحملها على مالكها , وليس على الوديع إلا تمكينه من أخذها. (1340) .
المغني (9 / 269)
وليس على المستودع مؤنة الرد وحملها إلى ربها إذا كانت مما لحمله مؤنة , قلت المؤنة أو كثرت , لأنه قبض العين لمنفعة مالكها على الخصوص , فلم تلزمه الغرامة عليها , كما لو وكله في حفظها في ملك صاحبها وإنما عليه التمكين من أخذها.
روضة الطالبين (6 / 343)
فإذا كانت الوديعة باقية , لزم المودع ردها إذا طلبها المالك , وليس المراد أنه يجب عليه مباشرة الرد وتحمل مؤنته , بل ذلك على المالك , وإنما على المودع رفع اليد والتخلية بين المالك وماله.
درر الحكام (2 / 272)
يحصل رد الوديعة وتسليمها بتخلية المستودع الوديعة , يعنى بإفراغه إياها بحال يمكن قبضها والإذن بقبضها , كوضعها أمامه , وقوله اقبض.
إذا طلب المودع حمل الوديعة إليه , يعني نقلها إلى داره مثلا , ولم ينقلها المستودع , يعني إذا امتنع عن نقلها , وهلكت بعده بيده , لا يلزم الضمان , لأن مؤونة الرد على المالك ولا يترتب على المستودع شيء سوى التخلية.
مراجع إضافية
انظر كشاف القناع (4 / 203) , شرح منتهى الإرادات (2 / 457) , البحر الرائق (7 / 276) , تحفة المحتاج (7 / 124) , أسنى المطالب (3 / 84) , الفتاوى الكبرى لابن حجر المكي (4 / 71)(1/977)
إتلاف المستودع الوديعة
اتفق الفقهاء على أن موجب تضمين الوديعة تعدي الوديع عليها أو تفريطه في حفظها وصونها وأن الواجب في ضمان الوديعة المثل إن كانت من المثليات والقيمة إن كانت من القيميات يوم وقوع السبب الموجب للضمان , اعتبارا بالمغصوب لأن المستودع بتعديه أو تفريطه يصير غاصبا.
وقد انبنى على هذا الأساس اتفاق الفقهاء على أكثر موجبات ضمان الوديعة , لتوافقهم على كونها تعديا أو تفريطا في الحفظ , واختلافهم في بعضها الآخر لتباين أنظارهم في مدى صدق أحد هذين الوصفين عليها.(1/978)
إتلاف المستودع الوديعة بدون إذن مالكها موجب لضمانه
المراد بإتلاف المستودع للوديعة: أن يفعل ما يؤدي إلى ذهابها وضياعها , أو إخراجها عن أن تكون منتفعا بها المنفعة المطلوبة منها عادة , مثل إحراق الثوب , وقتل الحيوان , وأكل الطعام ونحو ذلك.
ولا خلاف بين الفقهاء في أن إتلاف المستودع للوديعة بدون إذن صاحبها يوجب عليه ضمانها , لكونه تعديا ينافي الموجب الأصلي لعقد الإيداع , وهو الحفظ. ولأن إتلاف مال الغير بدون إذنه سبب لضمانه شرعا.(1/979)
أسنى المطالب (3 / 82)
(السبب السابع: التضييع. فيضمنها به) أي بالتضييع (ولو ناسيا) لها , وذلك (كإتلافه) لها.
القوانين الفقهية (ص 369)
الضمان: ولا يجب إلا عند التقصير.
وله سته أسباب. . (الخامس) التضييع والإتلاف. بأن يلقيه في مضيعة أو يدل عليه سارقا.
بدائع الصنائع (6 / 213)
وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه من الأمانة إلى الضمان فأنواع: (منها) الإتلاف حقيقة أو معنى. وهو إعجاز المالك عن الانتفاع بالوديعة. لأن إتلاف مال الغير بغير إذنه سبب لوجوب الضمان , حتى لو طلب الوديعة , فمنعها المودع مع القدرة على الدفع والتسليم إليه حتى هلكت , يضمن. لأنه لما حبسها عنه عجز عن الانتفاع بها للحال , فدخلت في ضمانه , فإذا هلكت تقرر العجز , فيجب الضمان.
مجلة الأحكام العدلية (ص 150)
إذا هلكت الوديعة أو نقصت قيمتها بسبب تعدى المستودع أو تقصيره لزمه الضمان.
مثلا: إذا صرف المستودع نقود الوديعة في أمور نفسه أو استهلكها ضمنها.
وبهذه الصورة إذا صرف النقود التي هي أمانة عنده على الوجه المذكور , ثم وضع بدل تلك النقود في الكيس المعد لها , فهلكت أو ضاعت بدون تعد ولا تقصير منه ضمن. وكذا لو ركب دابة الوديعة بدون إذن المودع فهلكت وهو ذاهب بها , ضمن قيمتها , سواء كان هلاكها بسبب سرعة السير فوق الوجه المعتاد أو بسبب آخر أو بلا سبب. (م787)(1/980)
استعمال الوديعة
اتفق الفقهاء على أن موجب تضمين الوديعة تعدي الوديع عليها أو تفريطه في حفظها وصونها وأن الواجب في ضمان الوديعة المثل إن كانت من المثليات والقيمة إن كانت من القيميات يوم وقوع السبب الموجب للضمان , اعتبارا بالمغصوب لأن المستودع بتعديه أو تفريطه يصير غاصبا.
وقد انبنى على هذا الأساس اتفاق الفقهاء على أكثر موجبات ضمان الوديعة , لتوافقهم على كونها تعديا أو تفريطا في الحفظ , واختلافهم في بعضها الآخر لتباين أنظارهم في مدى صدق أحد هذين الوصفين عليها.(1/981)
استعمال المستودع الوديعة بغير إذن مالكها تعد يستوجب الضمان.
اتفق الفقهاء على أن استعمال المستودع للوديعة بغير إذن صاحبها لنفع نفسه تعد يستوجب ضمانه.(1/982)
مرشد الحيران (ص 217)
ليس للمستودع أن يستعمل الوديعة وينتفع بها بدون إذن صاحبها , وإن استعملها بلا إذنه وهلكت في حال استعمالها , فعليه ضمانها. (م 821)
مجلة الأحكام العدلية (ص 150)
إذا هلكت الوديعة أو نقصت قيمتها بسبب تعدي المستودع أو تقصيره لزمه الضمان. مثلا: لو ركب دابة الوديعة بدون إذن المودع , فهلكت وهو ذاهب بها ضمن قيمتها , سواء كان هلاكها بسبب سرعة السير فوق الوجه المعتاد أو بسبب آخر أو بلا سبب. (م 787) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 417 , 424)
يبطل العقد بتعدي الوديع , مثلا لو ركب الدابة لا لسقيها أو لبس الثوب لا لخوف عث عليه أو أخرج الدراهم من كيسها بطل العقد , ووجب رد الوديعة حالا إلى مالكها. (م 1330)
ليس للوديع تأجير الوديعة ولا إعارتها ولا قرضها ولا الانتفاع بها إلا بإذن المالك فإن فعل ذلك , كان متعديا ضامنا. (م 1358)
بدائع الصنائع (6 / 211)
وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه من الأمانة إلى الضمان فأنواع. . (منها) ترك الحفظ للمالك , بأن خالفه في الوديعة , بأن كانت الوديعة ثوبا فلبسه أو دابة فركبها أو عبدا فاستعمله.
أسنى المطالب (3 / 79)
وإنما (يضمن الوديع بالتقصير , وله أسباب) . . (السبب الخامس: الانتفاع) والانتفاع (بالركوب وغيره مضمن) لتعديه (لا لركوبها للسقي) لأنه ليس بانتفاع , وإنما فعله لمصلحة المالك. هذا (إن لم تنقد) ولم تنسق بغير الركوب , وإلا فيضمنها لتعديه حينئذ.
كشاف القناع (4 / 195)
(وإن تعدى) الوديع (فيها) أي في الوديعة (بانتفاعه) بها (فركب) الوديع (الدابة) المودعة (لغير نفعها) أي علفها وسقيها (ولبس الثوب) المودع لا لخوف عث ونحوه (أو أخرجها لا لإصلاحها ك) أن أخرجها ل (نفاقها أو) أخرجها (ليخون فيها أو) أخرجها (شهوة إلى رؤيتها ثم ردها) إلى حرزها (بنية الأمانة) بطلت , وضمن لتصرفه في مال غيره بغير إذنه.
القوانين الفقهية (ص 379)
الضمان لا يجب إلا عند التقصير , وله ستة أسباب. . (الرابع) الانتفاع. فلو لبس الثوب أو ركب الدابة فهلكت في حال الانتفاع , ضمن.
السيل الجرار (3 / 342)
أما إذا جنى الوديع على الوديعة فهو ضامن ضمان الجناية , كما لو جنى على مال الغير , وهكذا لو استعملها فتلفت بذلك , فإنه أيضا جناية.
كفاية الطالب الرباني (2 / 254)
(ومن تعدى على وديعة ضمنها) وأوجه التعدي أشياء كثيرة منها: الانتفاع بها فتهلك.
الكافي لابن عبد البر (ص 404)
وإن تعدى - أي الوديع - أو ضيع فهو ضامن. ومن التعدي: أن يودع دابة فيركبها أو جارية فيتزوجها أو عبدا فيوجهه في سفر , ثم يتلف شيء من ذلك بسبب فعله , فهو ضامن لما أدركه في ذلك من تلف أو نقص.
مراجع إضافية
انظر البحر الرائق (7 / 277) , العقود الدرية (2 / 71) , مجمع الأنهر (2 / 341) , كفاية الأخيار (2 / 9) , روضة الطالبين (6 / 334) , المهذب (1 / 368) , شرح منتهى الإرادات (2 / 454) , شرح المجلة للأتاسي (3 / 260) , المبدع (5 / 239) , مواهب الجليل والتاج والإكليل (5 / 254) , الإشراف لابن المنذر (1 / 256) , تحفة المحتاج (7 / 122)(1/983)
جحود الوديعة
اتفق الفقهاء على أن موجب تضمين الوديعة تعدي الوديع عليها أو تفريطه في حفظها وصونها وأن الواجب في ضمان الوديعة المثل إن كانت من المثليات والقيمة إن كانت من القيميات يوم وقوع السبب الموجب للضمان , اعتبارا بالمغصوب لأن المستودع بتعديه أو تفريطه يصير غاصبا.
وقد انبنى على هذا الأساس اتفاق الفقهاء على أكثر موجبات ضمان الوديعة , لتوافقهم على كونها تعديا أو تفريطا في الحفظ , واختلافهم في بعضها الآخر لتباين أنظارهم في مدى صدق أحد هذين الوصفين عليها.(1/984)
جحود المستودع الوديعة خيانة تستوجب الضمان.
اتفق الفقهاء على أن صاحب الوديعة إذا طلبها من المستودع , فجحدها , ثم أقر بها , أو أقام المودع البينة عليها , فإنه يصير بجحوده خائنا ضامنا , لخروجه به عن كونه أمينا , فتنقلب يده إلى يد غاصب.(1/985)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 426)
جحود الوديعة تعد موجب للضمان (م 1364) .
مراجع إضافية
انظر مجمع الأنهر (2 / 340) , الأم (4 / 62) , المهذب (1 / 369) , روضة الطالبين (6 / 342) , كفاية الأخيار (2 / 10) , تحفة المحتاج (7 / 126) , الفتاوى الهندية (4 / 352) , المدونة (15 / 151) , شرح منتهى الإرادات (2 / 454)(1/986)
إنفاق الوديعة
اتفق الفقهاء على أن موجب تضمين الوديعة تعدي الوديع عليها أو تفريطه في حفظها وصونها وأن الواجب في ضمان الوديعة المثل إن كانت من المثليات والقيمة إن كانت من القيميات يوم وقوع السبب الموجب للضمان , اعتبارا بالمغصوب لأن المستودع بتعديه أو تفريطه يصير غاصبا.
وقد انبنى على هذا الأساس اتفاق الفقهاء على أكثر موجبات ضمان الوديعة , لتوافقهم على كونها تعديا أو تفريطا في الحفظ , واختلافهم في بعضها الآخر لتباين أنظارهم في مدى صدق أحد هذين الوصفين عليها.(1/987)
إنفاق المستودع الوديعة لمصلحة نفسه تعد يستوجب الضمان.
لا خلاف بين الفقهاء في أن إنفاق المستودع للوديعة يستوجب ضمانها , باعتباره تعديا عليها , فوت عينها وأتلفها حكما على صاحبها لمصلحة نفسه ونفع ذاته.(1/988)
مجلة الأحكام العدلية (ص 150)
إذا هلكت الوديعة أو نقصت قيمتها بسبب تعدي المستودع أو تقصيره لزمه الضمان. مثلا: إذا صرف المستودع نقود الوديعة في أمور نفسه أو استهلكها ضمنها. (م 787)
الإشراف للقاضي عبد الوهاب (2 / 41)
مسألة: إذا أنفق الوديعة ثم رد مثلها , أو أخرجها لينفقها ثم ردها , فقد سقط الضمان عند مالك فيما له مثل.
وقال أبو حنيفة إن ردها بعينها لم يضمن , فإذا رد مثلها ضمن.
وقال عبد الملك والشافعي يضمن في الموضعين. فدليلنا أن الضمان يتعلق عليه بالإنفاق والأخذ. فإذا زال ذلك وجب أن يزول الضمان لزوال سببه الموجب له.
الإشراف لابن المنذر (1 / 255)
افترق أهل العلم في المودع يخرج الوديعة من موضعها , ثم يردها حيث كانت. فقال مالك لا ضمان عليه إن تلفت , وكذا لو أنفق بعضها , ثم رد مثل ما انفق في مكانها.
وفيه قول ثان قاله أصحاب الرأي , قالوا: إن أنفقها ثم ردها في مكانها وتلفت ضمن.
وإن لم يكن أنفقها , ولكنه أخرجها ثم ردها لم يضمن. وفي قول الشافعي يضمن في الوجهين جميعا إن تلفت. قال أبو بكر قول الشافعي صحيح.
روضة الطالبين (6 / 334)
ولو أخذ الدراهم ليصرفها في حاجته أو الثوب ليلبسه أو أخرج الدابة ليركبها ضمن.
شرح منتهى الإرادات (2 / 454)
(ويضمن) مودع (إن لم ينشرها) لتفريطه (أو أخرج الدراهم) أو الدنانير المودعة (لينفقها أو لينظر إليها , ثم ردها) إلى وعائها , ولو بنية الأمانة (أو كسر ختمها أو حل كيسها) بلا إخراج ضمنها , لهتكه الحرز بتعديه.(1/989)
تضييع الوديعة
اتفق الفقهاء على أن موجب تضمين الوديعة تعدي الوديع عليها أو تفريطه في حفظها وصونها وأن الواجب في ضمان الوديعة المثل إن كانت من المثليات والقيمة إن كانت من القيميات يوم وقوع السبب الموجب للضمان , اعتبارا بالمغصوب لأن المستودع بتعديه أو تفريطه يصير غاصبا.
وقد انبنى على هذا الأساس اتفاق الفقهاء على أكثر موجبات ضمان الوديعة , لتوافقهم على كونها تعديا أو تفريطا في الحفظ , واختلافهم في بعضها الآخر لتباين أنظارهم في مدى صدق أحد هذين الوصفين عليها.(1/990)
تضييع المستودع الوديعة تفريط يستوجب الضمان
المراد بتضييع الوديعة تعريضها للذهاب والتوى على صاحبها , كأن يلقيها الوديع في مفازة أو يجعلها في غير حرز مثلها , أو يؤخر إحرازها مع التمكن فتهلك , فإنه يكون ضامنا لها.
وذلك لأنه مأمور بحفظها في حرز مثلها بالتحرز عن أسباب التلف , وقد أتى بنقيض ما التزم به من الحفظ , فكان ذلك طريقا إلى تضمينه.
وأنواع التضييع كثيرة لا تنحصر , والمرجع عند الفقهاء في معرفة ما يعد تضييعا للوديعة إلى العرف , وإنه ليختلف بحسب الأزمنة والأمكنة ونفاسة الوديعة وأحوال الناس.(1/991)
كشاف القناع (4 / 187)
(فإن لم يحرزها) الوديع (في حرز مثلها) مع عدم التعيين ضمنها , لأنه مفرط (أو سعى) الوديع (بها إلى ظالم أو دل) الوديع (عليها لصا فأخذها) اللص (ضمنها) الوديع لتعديه أو تفريطه.
تحفة المحتاج (7 / 119)
(وأصلها الأمانة , وقد تصير مضمونة بعوارض) . . (منها: أن يضيعها) ولو لنحو نسيان. .
وأنواع الضياع كثيرة , منها: أن تقع دابة في مهلكة , وهي مع راع أو وديع , فيترك تخليصها الذي ليس عليه فيه كبير كلفة أو ذبحها بعد تعذر خليصها , فتموت فيضمنها. . ومنها: أن ينام عنها. إلا إن كانت برحله ورفقته حوله , أي مستيقظين , كما هو ظاهر , إذ لا تقصير بالنوم حينئذ.
وأن (يضعها في غير حرز مثلها) بغير إذن مالكها , وإن قصد إخفاءها , كما لو هجم عليه قطاع , فألقاها بمضيعة أو غيرها إخفاء لها , فضاعت. والتنظير فيه غير صحيح.
روضة الطالبين (ص 341)
السبب الثامن: التضييع. لأن المودع مأمور بحفظها في حرز مثلها بالتحرز عن أسباب التلف.
فلو أخر إحرازها مع التمكنة أو جعلها في مضيعة , أو في غير حرز مثلها , ضمن.
القوانين الفقهية (ص 379)
الفصل الأول في الضمان , ولا يجب إلا عند التقصير.
وله ستة أسباب. . (الخامس) التضييع والإتلاف. بأن يلقيه في مضيعة أو يدل عليه سارقا.
أسنى المطالب (3 / 82)
(السبب السابع: التضييع) لها , لأن الوديع مأمور بحفظها في حرز مثلها وبالتحرز عن أسباب التلف (فيضمنها به) أي بالتضييع (ولو ناسيا) لها وذلك (كإتلافه) لها (أو انتفاعه بها) أو وضعه لها في غير حزر مثلها ولو (خطأ أو غلطا) وإن لم يكن متعديا في الخطأ ونحوه (وإن أخذت) منه (قهرا لم يضمن) إذ لا تقصير منه.
مراجع إضافية
انظر الفتاوى الهندية (4 / 342) وما بعدها , العقود الدرية (2 / 75) , حاشية القليوبي (3 / 185) , روضة الطالبين (6 / 342) , شرح منتهى الإرادات (2 / 458)(1/992)
إيداع الوديعة عند الغير بدون عذر
اتفق الفقهاء على أن موجب تضمين الوديعة تعدي الوديع عليها أو تفريطه في حفظها وصونها وأن الواجب في ضمان الوديعة المثل إن كانت من المثليات والقيمة إن كانت من القيميات يوم وقوع السبب الموجب للضمان , اعتبارا بالمغصوب لأن المستودع بتعديه أو تفريطه يصير غاصبا.
وقد انبنى على هذا الأساس اتفاق الفقهاء على أكثر موجبات ضمان الوديعة , لتوافقهم على كونها تعديا أو تفريطا في الحفظ , واختلافهم في بعضها الآخر لتباين أنظارهم في مدى صدق أحد هذين الوصفين عليها.(1/993)
ليس للمستودع أن يودع الوديعة عند غيره - ممن ليس في عياله - دون إذن صاحبها , من غير عذر. فإن فعل ذلك صار ضامنا.
ذهب جماهير الفقهاء إلى أنه ليس للمستودع أن يودع الوديعة عند غيره - ممن ليس في عياله - بدون إذن المالك , في حضر أو سفر , من غير عذر. فإن فعل ذلك صار ضامنا , حتى ولو كان ذلك الغير أمينا.
ودليلهم أن المودع إنما أذن له في حفظها تحت يده , ولم يأذن له في وضعها تحت يد غيره , فإن فعل ذلك , كان متعديا , لخروجه في حفظها عن الوجه المأذون فيه. ولأن الناس متفاوتون في الحفظ والأمانة , والمودع إنما رضي بحفظه وأمانته دون غيره , ولم يسلطه على أن يودعها غيره , فإذا دفعها إلى أجنبي , فقد صار تاركا الحفظ الذي التزمه , وذلك تفريط موجب للضمان.
وقد استثنيت حالة العذر , لأن الدفع فيها تعين طريقا للحفظ , فكان مأذونا به من المالك دلالة فارتفع سبب الضمان.(1/994)
مجلة الأحكام العدلية (ص 151)
ليس للمستودع إيداع الوديعة عند آخر بدون إذن المودع , وإذا أودعها فهلكت , صار ضامنا. (م 790)
إذا أودع المستودع الأول الوديعة عند آخر بإذن المودع خرج المستودع الأول من العهدة وصار الثاني مستودعا. (م791)
مرشد الحيران (ص 217)
لا يجوز للمستودع أن يودع الوديعة عند أجنبي من غير عذر بدون إذن صاحبها. فإن أودعها بلا إذنه وهلكت بتعدي المستودع الثاني فلصاحب الوديعة الخيار: إن شاء ضمن المستودع الأول أو الثاني. فإن ضمن الأول فله الرجوع على الثاني , وإن ضمن الثاني فلا رجوع له على أحد. (م 820) .
مجلة الأحكام الشرعية مذهب أحمد (ص 424 , 427)
ليس للوديع أن يودع الوديعة لدى أجنبي بدون إذن ربها إلا لعذر من الأعذار السالفة في المادتين السابقتين. (م 1357)
لو أودع الوديع الوديعة لدى أجنبي بلا عذر فتلفت ضمن , وللمالك تضمين أيهما شاء , وعلى الثاني قرار الضمان إن علم بالحال , وإلا فقراره على الأول. (م1370)
القوانين الفقهية (ص 379)
الفصل الأول في الضمان , ولا يجب إلا عند التقصير , وله ستة أسباب. الأول: أن يودع عند غيره لغير عذر , فإن فعل ذلك , ثم استردها فضاعت ضمن. وإن فعله لعذر كالخوف على منزله أو لسفره لم يضمن.
روضة الطالبين (6 / 327)
الثاني: أنها أمانة , فلا تضمن إلا عند التقصير. وأسباب التقصير تسعة , أحدها: أن يودعها المودع عند غيره بلا عذر من غير إذن المالك , فيضمن.
بدائع الصنائع (6 / 208)
وليس له أن يدفع الوديعة إلى غيرهم - أي من هم في عياله - إلا لعذر , حتى لو دفع تدخل في ضمانه.
المغني (9 / 259)
إذا أودعها غيره , ولها صورتان: إحداهما , أن يودعها غيره لغير عذر , فعليه الضمان بغير خلاف في المذهب. وهو قول شريح ومالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه وإسحاق.
الصورة الثانية: إذا كان له عذر , مثل إن أراد سفرا , أو خاف عليها عند نفسه من حرق أو غرق أو غيره , فهذا إن قدر على ردها على صاحبها أو وكيله في قبضها لم يجز له دفعها إلى غيره , فإن فعل ضمنها. . وإن لم يقدر على صاحبها ولا وكيله , فله دفعها إلى الحاكم , سواء كان به ضرورة إلى السفر أو لم يكن.
مراجع إضافية
انظر رد المحتار (4 / 495) , المبسوط (11 / 113) , الفتاوى الهندية (4 / 340) , مجمع الأنهر (2 / 339) , البحر الرائق (7 / 274) , تحفة المحتاج (7 / 105) , أسنى المطالب (3 / 76) , المهذب (1 / 366) , بداية المجتهد (2 / 311) , الكافي لابن عبد البر (ص 403) , التفريع (2 / 270) , التاج والإكليل (5 / 257) , الزرقاني على خليل (6 / 117) , كشاف القناع (4 / 193) , المبدع (5 / 238) , شرح منتهى الإرادات (2 / 452)(1/995)
خلط الوديعة بغيرها
اتفق الفقهاء على أن موجب تضمين الوديعة تعدي الوديع عليها أو تفريطه في حفظها وصونها وأن الواجب في ضمان الوديعة المثل إن كانت من المثليات والقيمة إن كانت من القيميات يوم وقوع السبب الموجب للضمان , اعتبارا بالمغصوب لأن المستودع بتعديه أو تفريطه يصير غاصبا.
وقد انبنى على هذا الأساس اتفاق الفقهاء على أكثر موجبات ضمان الوديعة , لتوافقهم على كونها تعديا أو تفريطا في الحفظ , واختلافهم في بعضها الآخر لتباين أنظارهم في مدى صدق أحد هذين الوصفين عليها.(1/996)
إذا خلط الوديع الوديعة بدون إذن صاحبها بماله أو بغير ماله على وجه يتعسر معه تمييز المالين عن بعضهما فعليه ضمانها.
ذهب جهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن المستودع إذا خلط الوديعة بغيرها بدون إذن مالكها , على وجه يتعسر معه تمييز المالين عن بعضهما , فعليه ضمانها , سواء خلطها بمثلها أو دونها أو أجود منها , من جنسها أو غيره , وسواء أكان خلط مجاورة يتعسر معه التمييز كقمح بقمح أو بشعير أو خلط ممازجة كالخل بالزيت , لأنه صار مستهلكا لها حكما بالخلط , لتعذر ردها إلى مالكها بعده.(1/997)
المبسوط (11 / 110)
الخلط أنواع ثلاثة:
خلط يتعذر التمييز بعده , كخلط الشيء بجنسه , فهذا موجب للضمان , لأنه يتعذر به على المالك الوصول إلى عين ملكه.
وخلط يتيسر معه التمييز , كخلط الدراهم السود بالبيض , والدراهم بالدنانير. فهذا لا يكون موجبا للضمان , لتمكن المالك من الوصول إلى عين ملكه , فهذه مجاورة وليست بخلط.
وخلط يتعسر معه التمييز , كخلط الحنطة بالشعير , فهذا موجب للضمان , لأنه يتعذر على المالك الوصول إلى عين ملكه إلا بحرج , والمتعسر كالمتعذر.
مرشد الحيران (ص 218)
إذا خلط المستودع الوديعة بماله أو بمال غيره بلا إذن صاحبها بحيث يتعسر تمييز المالين عن بعضهما فعليه ضمانها , سواء أكان المال الذي خلطه بها من جنسها أو من غيره. وإن خلطها غيره خلطا يتعسر معه تمييزها , فضمانه على الخالط , ولو كان صغيرا. (م825)
مجلة الأحكام العدلية (ص 151)
خلط الوديعة بمال آخر بحيث لا يمكن تمييزها وتفريقها عنه بدون إذن المودع يعد تعديا. بناء عليه: لو خلط المستودع دنانير الوديعة بدنانير له أو دنانير وديعة عنده لآخر متماثلة بلا إذن فضاعت أو سرقت لزمه الضمان. (م 788)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 426)
خلط الوديعة بماله أو مال غيره , سواء كان مثلها أو دونها أو أجود منها بحيث لا تتميز عدوان موجب للضمان , أما الخلط بتميز فلا شيء فيه. (م1368)
المهذب (1 / 368)
وإن أودعه دراهم فخلطها بمثلها من ماله ضمن , لأن صاحبها لم يرض أن يخلط ماله بغيره. فإن خلطها بدراهم لصاحب الدراهم ففيه وجهان , أحدهما لا يضمن , لأن الجميع له. والثاني: أنه يضمن , وهو الأظهر لأنه لم يرض أن يكون أحدهما مختلطا بالآخر.
المغني (9 / 258)
إن المستودع إذا خلط الوديعة بما لا تتميز منه من ماله أو مال غيره ضمنها , سواء خلطها بمثلها أو دونها أو أجود , من جنسها أو من غير جنسها , مثل أن يخلط دراهم بدراهم , أو دهنا بدهن , كالزيت بالزيت , أو السمن أو بغيره. وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي.
تحفة المحتاج (7 / 258)
(ولو خلطها بماله) أو مال غيره , ولو أجود (ولم يتميز) بأن عسر تمييزها كبر بشعير (ضمن) ضمان الغصب بأقصى قيم المتقوم ومثل المثلي , لأن المالك لم يرض بذلك , ولدخولها في ملكه بمجرد الخلط الذي لا يمكن فيه التمييز.
أما لو تميزت بنحو سكه , فلا يضمنها إلا إن نقصت بالخلط (ولو خلط دراهم كيسين للمودع) ولم تتميز , وقد أودعهما غير مختومين (ضمن) تلك الدراهم بما مر (في الأصح) لتعديه.
شرح منتهى الإرادات (2 / 454)
(أو خلطها) أي الوديعة بما لا تتميز عنه ضمنها , لأنه صيرها في حكم التالف , وفوت على نفسه ردها. أشبه ما لو ألقاها في لجة بحر.
وسواء كان الخلط بماله أو بمال غيره , وسواء كان بنظيرها أو أجود أو أدنى منها و (لا) يضمنها إن خلط (بمتميز) كدراهم بدنانير , لأنه لا يعجز به عن ردها. أشبه ما لو تركها بصندوق فيه أكياس له.(1/998)
التجارة بالوديعة
اتفق الفقهاء على أن موجب تضمين الوديعة تعدي الوديع عليها أو تفريطه في حفظها وصونها , وأن الواجب في ضمان الوديعة المثل إن كانت من المثليات والقيمة إن كانت من القيميات يوم وقوع السبب الموجب للضمان , اعتبارا بالمغصوب لأن المستودع بتعديه أو تفريطه يصير غاصبا.
وقد انبنى على هذا الأساس اتفاق الفقهاء على أكثر موجبات ضمان الوديعة , لتوافقهم على كونها تعديا أو تفريطا في الحفظ , واختلافهم في بعضها الآخر لتباين أنظارهم في مدى صدق أحد هذين الوصفين عليها.(1/999)
اتجار المستودع بالوديعة بدون إذن مالكها تعد يستوجب الضمان.
اتفق الفقهاء على أن اتجار المستودع بالوديعة (بأن يتصرف بها بضروب التصرفات التي تثمر ربحا) بدون إذن صاحبها تعد يستوجب ضمانه.(1/1000)
التفريع (2 / 271)
ومن استودع مالا , فأتجر فيه , ضمنه , والربح له دون رب المال.
الإشراف لابن المنذر (1 / 257)
إن الرجل إذا تعدى في وديعة كانت عنده , أو اغتصب مالا , فاشترى من عين المال جارية بمائة دينار , وقال للبائع: قد اشتريت منك هذه الجارية بهذه المائة دينار: أن البيع باطل , لأنه اشترى جارية بمال لا يملكه. . فإن باعها بمائتي دينار , وربح فيها مائة دينار , فإن بيعه باطل , لأنه باع ما لا يملكه.
ميارة على التحفة (2 / 189)
إن من كانت عنده وديعة يتجر بها , فإنه يضمنها إن هلكت , ويكون الربح له إن حصل فيها لا لربها , لأن ضمانها عليه وقت التجر بها , والخراج بالضمان. قال في الوثائق المجموعة: وإن تجر بها , يعني بالوديعة , كان له الربح يعني بضمانه. وقال في الرسالة: ومن تجر بوديعة فذلك مكروه , والربح له , إن كانت عينا.
بداية المجتهد (2 / 312)
من أودع مالا , فتعدى فيه وأتجر به , فربح , هل ذلك الربح حلال له أم لا؟ فقال مالك والليث وأبو يوسف وجماعة: إذا رد المال طاب له الربح , وإن كان غاصبا للمال , فضلا عن أن يكون مستودعا عنده. وقال أبو حنيفة وزفر ومحمد بن الحسن يؤدي الأصل ويتصدق بالربح. وقال قوم: لرب الوديعة الأصل والربح. وقال قوم: هو مخير بين الأصل والربح. وقال قوم: البيع الواقع في تلك التجارة فاسد. هؤلاء هم الذين أوجبوا التصدق بالربح إذا مات.(1/1001)
تجهيل الوديعة
اتفق الفقهاء على أن موجب تضمين الوديعة تعدي الوديع عليها أو تفريطه في حفظها وصونها وأن الواجب في ضمان الوديعة المثل إن كانت من المثليات والقيمة إن كانت من القيميات يوم وقوع السبب الموجب للضمان , اعتبارا بالمغصوب لأن المستودع بتعديه أو تفريطه يصير غاصبا.
وقد انبنى على هذا الأساس اتفاق الفقهاء على أكثر موجبات ضمان الوديعة , لتوافقهم على كونها تعديا أو تفريطا في الحفظ , واختلافهم في بعضها الآخر لتباين أنظارهم في مدى صدق أحد هذين الوصفين عليها.(1/1002)
يضمن الوديع إذا مات مجهلا للوديعة , فلم يعلم حالها , ولم توجد في تركته , وتغرمها التركة كسائر الديون.
لا خلاف بين الفقهاء في أن الوديع إذا مات , ووجدت الوديعة قائمة بعينها في تركته , فهي أمانة في يد الوارث , ويجب عليه ردها لمالكها.
لكن لو مات الوديع مجهلا حال الوديعة , فلم يبين حالها , أو يوص بها , ولم توجد في تركته , فإنه يضمنها بالتجهيل , لأنه تعريض لها للفوات على صاحبها. وعلى ذلك تصير دينا واجب الأداء من تركته كباقي الديون , ويشارك المودع سائر غرماء الوديع فيها.(1/1003)
مجلة الأحكام العدلية (ص 153)
إذا مات المستودع بدون أن يبين حال الوديعة , يكون مجهلا , فتؤخذ الوديعة من تركته كسائر ديونه. (م 801)
الزرقاني على خليل (6 / 120)
(و) ضمن المودع (بجحدها , ثم في قبول بينة الرد خلاف , بموته ولم يوص , ولم توجد) في تركته , فإنه يضمنها. أي يؤخذ عوضها من تركته , لأنها لو ضاعت لتحدث بها فيحمل على أنه تسلفها.
مرشد الحيران (ص 221)
إذا مات المستودع , ووجدت (الوديعة) عينا في تركته , فهي أمانة في يد الوارث , واجب عليه أداؤها لصاحبها. فإن مات المستودع مجهلا حال الوديعة , ولم توجد في تركته , ولم تعرفها الورثة , تكون دينا واجبا أداؤه من تركته , ويشارك المودع سائر غرماء الوديع فيها. (م 834)
المبسوط (11 / 129)
وأصل المسألة أن الأمين إذا مات مجهلا للأمانة تصير دينا في تركته عندنا. لأنه بالتجهيل صار متملكا لها , فإن اليد المجهولة عند الموت تنقلب يد ملك , لهذا لو شهد الشهود بها , كان ذلك بمنزلة الشهادة بالملك , حتى يقضي القاضي للوارث بها , والمودع بالتملك يصير ضامنا. ولأنه بالتجهيل يصير مسلطا غرماءه وورثته على أخذها , والمودع بمثل هذا التسليط يصير ضامنا , كما لو دل سارقا على سرقتها. ولأنه التزم أداء الأمانة , ومن أداء الأمانة بيانها عند موته , وردها على المالك إذا طلب , فكما يضمن بترك الرد بعد الطلب , يضمن أيضا بترك البيان عند الموت.
بدائع الصنائع (6 / 213)
لأنه لما مات مجهلا للوديعة , فقد أتلفها معنى , لخروجها من أن تكون منتفعا بها في حق المالك بالتجهيل وهو تفسير الإتلاف.
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 425)
يضمن الوديع إذا مات مجهلا للوديعة فلم يعلم حالها , ولم توجد في تركته , وتغرمها التركة كسائر الديون من غير تفصيل. (م 1362)
أسنى المطالب وحاشية الرملي (3 / 77)
(لأن وقت الموت غير معلوم , ويده مستمرة على الوديعة مادام حيا , فإن ترك ذلك ضمن , لأنه عرضها للفوات , إذ الوارث يعتمد ظاهر اليد ويدعيها لنفسه) وإذا ترك الإيصاء أو أوصى إلى فاسق , فإذا تلفت الوديعة بعد موته وجب الضمان في تركته , من جهة أنه بإعراضه وتركه الدلالة على الوديعة مع ظهور شواهد الموت يعد مضيعا للوديعة , والتضييع من أسباب الضمان.
المغني (9 / 269)
(وإذا مات وعنده وديعة لا تتميز من ماله , فصاحبها غريم بها) وجملته أن الرجل إذا مات , وثبت أن عنده وديعة , ولم توجد بعينها , فهي دين عليه , يغرم من تركته. فإن كان عليه دين سواها , فهي والدين سواء , فإن وفت تركته بهما , وإلا اقتسماها بالحصص. وبهذا قال الشعبي والنخعي وداود بن أبي هند ومالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وإسحاق. وروي ذلك عن شريح ومسروق وعطاء وطاوس والزهري وأبي جعفر محمد بن علي.
مراجع إضافية
انظر البحر الرائق (7 / 275) , رد المحتار (4 / 495) , العقود الدرية (2 / 72) , درر الحكام (2 / 284) , شرح منتهى الإرادات (2 / 458) , كشاف القناع (4 / 198) , مواهب الجليل والتاج والإكليل (5 / 259) , المدونة (15 / 149) , تحفة المحتاج وحاشية الشرواني (7 / 109) , كفاية الأخيار (2 / 8) , روضة الطالبين (6 / 329)(1/1004)
التصرف في الوديعة
اتفق الفقهاء على أن موجب تضمين الوديعة تعدي الوديع عليها أو تفريطه في حفظها وصونها وأن الواجب في ضمان الوديعة المثل إن كانت من المثليات والقيمة إن كانت من القيميات يوم وقوع السبب الموجب للضمان , اعتبارا بالمغصوب لأن المستودع بتعديه أو تفريطه يصير غاصبا.
وقد انبنى على هذا الأساس اتفاق الفقهاء على أكثر موجبات ضمان الوديعة , لتوافقهم على كونها تعديا أو تفريطا في الحفظ , واختلافهم في بعضها الآخر لتباين أنظارهم في مدى صدق أحد هذين الوصفين عليها.(1/1005)
تصرف المستودع بالوديعة بدون إذن ربها تعد يستوجب الضمان.
المراد بالتصرف في الوديعة: كل ارتباط عقدي ينشئه المستودع , ويكون محله الوديعة , مثل بيعها وإجارتها وإعارتها ورهنها وإقراضها وإيداعها ونحو ذلك.
ولا خلاف بين الفقهاء في أنه ليس للمستودع أن يفعل شيئا من ذلك بدون إذن المودع , فإن فعله كان متعديا ضامنا.(1/1006)
مجلة الأحكام العدلية (ص 152)
كما أنه يسوغ للمستودع استعمال الوديعة بإذن صاحبها , فله أن يؤجرها أو يعيرها لآخر وأن يرهنها أيضا.
وأما لو آجرها أو أعارها لآخر أو رهنها بدون إذن صاحبها فهلكت أو نقصت قيمتها في يد المستأجر أو المستعير أو المرتهن ضمن. (م 792)
إذا أقرض المستودع دراهم الوديعة لآخر بلا إذن صاحبها ولم يجزه ضمنها المستودع (م 793) .
مرشد الحيران (ص 217)
ليس للمستودع أن يتصرف في العين المودعة عنده بإجارة أو إعارة أو رهن بلا إذن صاحبها , فإن فعل ذلك وهلكت في يد المستأجر أو المستعير أو المرتهن فلمالكها الخيار في تضمين المستودع أو في تضمين المستأجر أو المستعير أو المرتهن. (م 822)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 424)
ليس للوديع تأجير الوديعة ولا إعارتها ولا قرضها ولا الانتفاع بها إلا بإذن المالك فإن فعل ذلك كان متعديا ضامنا. (م 1358)
السيل الجرار (3 / 342) , (2 / 343)
أما إذا جنى الوديع على الوديعة فهو ضامن ضمان الجناية , كما لو جنى على مال الغير. . وهكذا لو أعارها أو آجرها أو فرط في حفظها بأن يتركها في أرض مسبعة أو نحو ذلك , فإن هذا أيضا نوع من الجناية.
الزرقاني على خليل (6 / 119)
(و) ضمن المودع (بجحدها) من أصلها إن اعترف بها بعد أو قامت عليه البينة , وإلا فلا ضمان.
كشاف القناع (4 / 195)
(أو جحدها) أي الوديعة (ثم أقر بها) ضمن , لأنه بجحدها خرج عن الاستئمان عنها , فلم يزل عنه الضمان بالإقرار بها , لأن يده صارت يد عدوان.
أسنى المطالب (3 / 83)
(وجحودها) عن مالكها (بعد الطلب) منه لها (لا قبله خيانة) فيضمنها.
السيل الجرار (3 / 343)
وأما وقوع الخيانة منه - أي الوديع - فإنه ينقلب بذلك غاصبا , ويخرج به عن كونه أمينا. وهكذا إذا جحدها , فإنه يصير بذلك غاصبا.
الإشراف لابن المنذر (1 / 260)
وإذا طلب المودع المال , فقال المودع: ما أودعتني شيئا , فأقام المودع البينة أنه أودعه مالا معلوما , ففي قول مالك والأوزاعي والشافعي وإسحاق هو ضامن له. وبه قال أصحاب الرأي.
بدائع الصنائع (6 / 212)
وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه من الأمانة إلى الضمان فأنواع. . (منها) جحود الوديعة في وجه المالك عند طلبه. حتى لو قامت البينة على الإيداع أو نكل المودع عن اليمين أو أقر به دخلت في ضمانه , لأن العقد لما ظهر بالحجة , فقد ظهر ارتفاعه بالجحود أو عنده , لأن المالك لما طلب منه الوديعة , فقد عزله عن الحفظ , والمودع لما جحد الوديعة حال حضرة المالك فقد عزل نفسه عن الحفظ , فانفسخ العقد , فبقي مال الغير في يده بغير إذنه , فيكون مضمونا عليه. فإذا هلك تقرر الضمان.
البحر الرائق (7 / 275)
وفي الخلاصة: والوديعة لا تودع ولا تعار ولا تؤجر ولا ترهن , وإن فعل شيئا منها ضمن.
الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 327)
الوديعة لا تودع ولا تعار ولا تؤجر ولا ترهن. . والرهن كالوديعة لا يودع ولا يعار ولا يؤجر.
مراجع إضافية
انظر درر الحكام (2 / 269) , شرح المجلة للأتاسي (3 / 273) , الفتاوى الهندية (4 / 338 , 361) المبسوط (11 / 126) , المدونة (15 / 157)(1/1007)
ترك تعهد الوديعة
اتفق الفقهاء على أن موجب تضمين الوديعة تعدي الوديع عليها أو تفريطه في حفظها وصونها وأن الواجب في ضمان الوديعة المثل إن كانت من المثليات والقيمة إن كانت من القيميات يوم وقوع السبب الموجب للضمان , اعتبارا بالمغصوب لأن المستودع بتعديه أو تفريطه يصير غاصبا.
وقد انبنى على هذا الأساس اتفاق الفقهاء على أكثر موجبات ضمان الوديعة , لتوافقهم على كونها تعديا أو تفريطا في الحفظ , واختلافهم في بعضها الآخر لتباين أنظارهم في مدى صدق أحد هذين الوصفين عليها.(1/1008)
ترك المستودع تعهد الوديعة تفريط يستوجب الضمان.
وذلك لأن دوام تعهد الوديعة من أصول حفظها ومقتضياته. وأصله أن الوديع التزم بالعقد حفظ الوديعة على وجه لو ترك حفظها حتى هلكت , فإنه يضمن بدلها. وقد عبر بعض الفقهاء عن هذا الموجب: بالتقصير في دفع متلفات الوديعة التي يتمكن من دفعها على العادة.
وعلى ذلك نص جماهير الفقهاء على أن من استودع دابة , فلم يأمره صاحبها بسقيها ولا علفها ولم ينهه , فتركها دون ذلك حتى ماتت , فإنه يضمنها.(1/1009)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 424)
يلزم الوديع أن ينشر الثياب التي يخشى عليها من العث. (م 1352)
كما يلزم الوديع حفظ الوديعة يلزمه أن يعلف الدابة المودعة وأن يسقيها , ولو لم يأمره المودع. فلو ترك ذلك فماتت ضمن. (م 1353)
الإشراف للقاضي عبد الوهاب (2 / 42)
مسألة: إذا أودع عنده بهيمة , ولم يأمره أن يعلفها , لزم المودع أن يعلفها أو يرفعها إلى الحاكم , فيتداين على صاحبها في علفها أو يبيعها عليه إن كان قد غاب , فإن تركها ولم يعلفها فتلفت ضمن.
قرة عيون الأخيار (2 / 261)
ولو أنفق عليها بلا أمر قاض فهو متبرع , ولو لم ينفق عليها المودع حتى هلكت يضمن.
شرح منتهى الإرادات (2 / 451)
(وإن لم يعلف) وديع (بهيمة) أو يسقها (حتى ماتت) جوعا أو عطشا (ضمنها) لأن علفها وسقيها من كمال الحفظ الذي التزمه بالاستيداع , بل هو الحفظ بعينه , إذ الحيوان لا يبقى عادة بدونهما ويلزمانه.
بدائع الصنائع (6 / 211)
وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه من الأمانة إلى الضمان فأنواع , منها ترك الحفظ , لأنه بالعقد التزم حفظ الوديعة على وجه لو ترك حفظها حتى هلكت , ضمن بدلها وذلك بطريق الكفالة , ولهذا لو رأى إنسانا يسرق الوديعة , وهو قادر على منعه ضمن لترك الحفظ الملتزم بالعقد , وهو معنى قول مشايخنا: إن المودع يؤخذ بضمان العقد.
المهذب (1 / 368)
فصل: فإن أودعه دابة , فلم يسقها ولم يعلفها حتى ماتت ضمنها , لأنها ماتت بسبب تعدى به فضمنها.
أسنى المطالب (3 / 78)
(السبب الرابع: ترك دفع الهلاك) عن الوديعة , فيجب على الوديع دفع مهلكاتها على العادة. (وإن أودعه حيوانا) ولم ينهه عن إطعامه (فلم يطعمه حتى مضت مدة يموت) مثله (فيها صار مضمونا) عليه (وإن لم يمت) لأنه التزم حفظه فعليه القيام به بما يصونه عن التلف والعيب.
العقود الدرية (2 / 79)
وفي الجامع الأصغر: ولو أخذ الوديعة أجنبي , والمودع يراه , فسكت. فقال أبو القاسم الصفار ضمن إن أمكنه دفعه. أما لو لم يمكنه منعه لخوفه من ضرره وغارته لم يضمن.
الأم (4 / 60)
واذا استودع الرجل , الرجل الدابة , فلم يأمره بسقيها ولا علفها ولم ينهه , فحبسها المستودع مدة إذا أتت على مثلها ولم تأكل ولم تشرب تلفت , فتلفت فهو ضامن. وإن كانت تلفت في مدة قد تقيم الدواب في مثلها ولا تتلف , فتلفت لم يضمن من تركها.
مراجع إضافية
انظر المغني (9 / 274) , قليوبي (3 / 183) , الفتاوى الهندية (4 / 346) , تحفة المحتاج (7 / 113) , المبدع (5 / 236) , كشاف القناع (4 / 189) , الدر المختار وحاشية ابن عابدين (4 / 501) .(1/1010)
المخالفة في كيفية حفظ الوديعة
اتفق الفقهاء على أن موجب تضمين الوديعة تعدي الوديع عليها أو تفريطه في حفظها وصونها وأن الواجب في ضمان الوديعة المثل إن كانت من المثليات والقيمة إن كانت من القيميات يوم وقوع السبب الموجب للضمان , اعتبارا بالمغصوب لأن المستودع بتعديه أو تفريطه يصير غاصبا.
وقد انبنى على هذا الأساس اتفاق الفقهاء على أكثر موجبات ضمان الوديعة , لتوافقهم على كونها تعديا أو تفريطا في الحفظ , واختلافهم في بعضها الآخر لتباين أنظارهم في مدى صدق أحد هذين الوصفين عليها.(1/1011)
مخالفة المستودع لأمر صاحب الوديعة أو شرطه المعتبر في كيفية حفظها تستوجب ضمانه
اتفق الفقهاء على أن مخالفة المستودع لأمر صاحب الوديعة المعتبر في كيفية حفظها تستوجب ضمانه غير أنهم اختلفوا فيما يعد معتبرا من أوامره وشروطه وفيما يكون هدرا لاغيا , وتباينت تفصيلاتهم فيما يصدق عليه أنه مخالفة لأمره الواجب مراعاته.(1/1012)
المحلى (8 / 277)
وصفة حفظها هو أن يفعل فيها من الحفظ ما يفعل بماله , وأن لا يخالف فيها ما حد له صاحبها إلا أن يكون فيما حد له يقين هلاكها.
القوانين الفقهية (ص 379)
الضمان لا يجب إلا عند التقصير , وله ستة أسباب. . (السادس) المخالفة في كيفية الحفظ , مثل أن يأمره أن لا يقفل عليها , فقفل , فإنه يضمن , للشهرة.
المهذب (1 / 366)
وإن عين له الحرز , فقال: احفظها في هذا البيت. فنقلها إلى ما دونه ضمن , لأن من رضي حرزا لم يرض بما دونه. وإن نقلها إلى مثله أو إلى ما هو أحرز منه لم يضمن , لأن من رضي حرزا رضي بمثله وبما هو أحرز منه.
كفاية الأخيار (2 / 9)
(ولا يضمن إلا بالتعدي) السبب السابع: المخالفة في الحفظ. فإذا أمره بالحفظ على وجه مخصوص , فعدل عنه , وتلفت بسبب العدول , ضمنها للمخالفة.
بدائع الصنائع (6 / 209 , 210)
الأصل المحفوظ في هذا الباب أن كل شرط يمكن مراعاته ويفيد , فهو معتبر. وكل شرط لا يمكن مراعاته أو لا يفيد , فهو هدر.
وبيان ذلك: إذا أمره بالحفظ , وشرط عليه أن يمسكها بيده ليلا ونهارا , ولا يضعها , فالشرط باطل , حتى لو وضعها في بيته أو فيما يحرز , فيه ماله عادة فضاعت لا ضمان عليه , لأن إمساك الوديعة بيده , بحيث لا يضعها أصلا غير مقدور له عادة , فكان شرطا لا يمكن مراعاته , فيلغو.
ولو أمره بالحفظ , ونهاه أن يدفعها إلى امرأته أو عبده أو ولده الذي هو في عياله أو من يحفظ مال نفسه بيده عادة , نظر فيه: إن كان لا يجد بدا من الدفع إليه , فله أن يدفع , لأنه إذا لم يجد بدا من الدفع إليه , كان النهي عن الدفع إليه نهيا عن الحفظ , فكان سفها , فلا يصح نهيه. وإن كان يجد بدا من الدفع إليه , فليس له أن يدفع , ولو دفع يدخل في ضمانه , لأنه إذا كان له منه بد في الدفع إليه , أمكن اعتبار الشرط , وهو مفيد , لأن الأيدي في الحفظ متفاوتة , والأصل في الشروط اعتبارها ما أمكن.
ولو قال له: لا تخرجها من الكوفة. فخرج بها , تدخل في ضمانه , لأنه شرط يمكن اعتباره , وهو مفيد , لأن الحفظ في المصر أكمل من الحفظ في السفر , إذ السفر موضع الخطر إلا إذا خاف التلف عليها , فاضطر إلى الخروج بها , فخرج , لا تدخل في ضمانه , لأن الخروج بها في هذه الحالة طريق متعين للحفظ , كما إذا وقع في داره حريق , أو كان في سفينة فخاف الغرق , فدفعها إلى غيره.
ولو قال له: احفظ الوديعة في دارك هذه. فحفظها في دار له أخرى , فإن كانت الداران في الحرز سواء , أو كانت الثانية أحرز , لا تدخل في ضمانه , لأن التقييد غير مفيد. وإن كانت الأولى أحرز من الثانية , دخلت في ضمانه , لأن التقييد به عند تفاوت الحرز مفيد.
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 423 , 425)
تعيين الحرز يقتضي الإذن في مثله وفي أقوى منه. فلو عين رب الوديعة حرزا , كهذا الصندوق , كان للوديع أن يضعها في صندوق مثله أو أقوى منه , وله نقلها بعد وضعها في الصندوق المعين إلى مثله أو أوثق منه , ولا يعد بذلك مخالفا. لكن ليس له أن يضعها أو ينقلها في صندوق دونه في القوة , ويكون مخالفا له لو فعل (م 1349) .
وضع الوديعة في حرز دون الحرز المعين تعد يوجب الضمان لو تلفت , سواء نقلها بعد ذلك إلى الحرز المعين فتلفت فيه أم لا (م 1360) .
مخالفة الوديع رب الوديعة بنقلها من محلها بلا حاجة , مع نهيه عن نقلها , تعد يوجب الضمان. أما إذا نقلها للخوف عليها , كغشيان حريق أو نهب أو ماء ونحو ذلك مما يغلب منه هلاكها , فلا تدخل في ضمانه , فلو تركها في هذه الصورة ضمن. لكن لو قال له: لا تخرجها وإن خفت عليها , فلا ضمان عليه , سواء أخرجها حالة الخوف عليها أو تركها. (م 1361) .
روضة الطالبين (6 / 337)
السبب السابع - أي لضمان الوديعة -: المخالفة في الحفظ. فإذا أمره بحفظها على وجه مخصوص , فعدل إلى وجه آخر وتلفت. فإن كان التلف بسبب الجهة المعدول إليها ضمن , وكانت المخالفة تقصيرا. وإن تلفت بسبب آخر , فلا ضمان.
مراجع إضافية
انظر الزرقاني على خليل (6 / 116) , مواهب الجليل والتاج والإكليل (5 / 255) , شرح منتهى الإرادات (2 / 450) , المبدع (5 / 234) , كشاف القناع (4 / 187) , أسنى المطالب (3 / 80) , تحفة المحتاج (7 / 116) , الأم (4 / 61) , المبسوط (11 / 121) , البحر الرائق (7 / 279) , الفتاوى الهندية (4 / 341) , المجلة العدلية (م 784) , مرشد الحيران (819)(1/1013)
السفر بالوديعة
اتفق الفقهاء على أن موجب تضمين الوديعة تعدي الوديع عليها أو تفريطه في حفظها وصونها وأن الواجب في ضمان الوديعة المثل إن كانت من المثليات والقيمة إن كانت من القيميات يوم وقوع السبب الموجب للضمان , اعتبارا بالمغصوب لأن المستودع بتعديه أو تفريطه يصير غاصبا.
وقد انبنى على هذا الأساس اتفاق الفقهاء على أكثر موجبات ضمان الوديعة , لتوافقهم على كونها تعديا أو تفريطا في الحفظ , واختلافهم في بعضها الآخر لتباين أنظارهم في مدى صدق أحد هذين الوصفين عليها.(1/1014)
سفر المستودع بالوديعة موجب لضمانه إذا دلت قرائن الأحوال على كونه متعديا فيه
اختلف الفقهاء متى يكون السفر بالوديعة تعديا موجبا لضمانها على الوديع , وذلك على أربعة أقوال:
(أحدها) للشافعية: وهو أن الوديع إذا سافر بها مع القدرة على ردها لمالكها أو وكيله أو الحاكم إن يقدر عليهما أو إلى أمين إن لم يقدر على الحاكم , فإنه يضمنها.
(الثاني) للمالكية: وهو أن سفر المستودع بالوديعة من غير عذر تعد موجب للضمان.
(الثالث) للحنفية: وهو أن للمستودع السفر بالوديعة , ولا ضمان عليه بذلك , ما لم ينهه صاحبها عن السفر بها أو يعين له مكان حفظها أو يكن الطريق مخوفا , وإلا كان ضامنا بسفره بها , فيما عدا حالة الضرورة.
(الرابع) للحنابلة: وهو أنه لا ضمان عليه إن سافر بها مع حضور مالكها , إذا لم يخف عليها من السفر أو كان أحفظ لها من إبقائها , ولم ينهه صاحبها عنه. وإلا اعتبر متعديا ضامنا , ما لم يكن له عذر بذلك أو اضطرار.(1/1015)
التاج والإكليل (5 / 254)
ابن شاس إن سافر بها مع القدرة على إيداعها عند أمين ضمن. وإن سافر بها عند العجز عن ذلك , كما لو كان في قرية مثلا , لم يضمن.
المدونة (15 / 145)
قلت: فلو أن رجلا استودعني وديعة , فحضر مسيري إلى بعض البلدان , فخفت عليها , فحملتها معي , فضاعت , أأضمن في قول مالك؟ قال: نعم. قلت وكيف أصنع بها؟ قال: تستودعها في قول مالك ولا تعرضها للتلف.
مرشد الحيران (ص 218)
يجوز للمستودع السفر بالوديعة برا وإن كان لها حمل , ما لم ينهه صاحبها عن السفر بها أو يعين مكان حفظها نصا أو يكن الطريق مخوفا. (م 823)
إذا نهى صاحب الوديعة المستودع عن السفر بها أو عين له مكان حفظها , فخالف , أو لم ينهه , وكان الطريق مخوفا , وسار بها سفرا له منه بد فهلكت , فعليه الضمان. وإن كان السفر ضروريا لا بد له منه , وسافر بالوديعة بنفسه دون عياله إن كان له عيال , فعليه ضمان هلاكها. وإن سافر بها بنفسه وعياله أو بنفسه وليس له عيال وهلكت , فلا ضمان عليه. (م 824) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 424)
ليس للوديع أن يسافر بالوديعة حال حضور مالكها أو من يقوم مقامه في حفظ ماله , أما إذا لم يجد أحدا منهم , فله أن يسافر بها إذا كان السفر بها أحفظ لها ولم ينهه ربها. أما إذا نهاه أو لم يكن السفر أحفظ أو استوى الأمران لزمه دفعها إلى الحاكم , فإن تعذر ذلك , لزمه دفعها إلى ثقة. (م 1356) .
كشاف القناع (4 / 194)
(وإن أراد) المستودع (سفرا أو خاف عليها عنده , فله) أي المستودع (ردها على مالكها الحاضر أو من يحفظ ماله عادة) كزوجته وعبده وخازنه (و) ردها إلى (وكيله) أي وكيل رب الوديعة (في قبضها إن كان) لربها وكيل في قبضها أو قبض حقوقه , لأن في ذلك تخلصا من دركها. ومقتضاه: أنه إذا دفعها إلى الحاكم إذن يضمن , لأنه لا ولاية له على الحاضر ويلزمه مؤنة الرد لتعديه. (وله) أي المستودع (السفر بها والحالة هذه) أي وربها حاضر (إن لم يخف) المستودع (عليها أو كان) السفر (أحفظ لها) من إبقائها (ولم ينهه) رب الوديعة عن السفر بها. قال في المبهج والموجز: والغالب السلامة. فعلى هذا لا يضمنها إن تلفت معه , سواء كان به ضرورة إلى السفر أو لا , لأنه نقلها إلى موضع مأمون , فلم يضمنها , كما لو نقلها في البلد.
روضة الطالبين (6 / 328)
السبب الثاني - أي من أسباب الضمان - السفر بها. فإذا أودع حاضرا , لم يحز أن يسافر بها. فإن فعل ضمن. وقيل: لا يضمن إذا كان الطريق آمنا , أو سافر في البحر , والغالب فيه السلامة , والصحيح الأول. ولو سافر بها لعذر , بأن جلا أهل البلد , أو وقع حريق أو غارة فلا ضمان بشرط أن يعجز عن ردها إلى المالك ووكيله والحاكم , وعن إيداع أمين , ويلزمه السفر بها في هذا الحالة وإلا فهو مضيع. ولو عزم على السفر في وقت السلامة , وعجز عن المالك ووكيله والحاكم والأمين فسافر بها لم يضمن على الأصح عند الجمهور , لئلا ينقطع عن مصالحه , وينفر الناس عن قبول الودائع. وشرط الجواز أن يكون الطريق آمنا , وإلا فيضمن.
مراجع إضافية
انظر بداية المجتهد (2 / 311) , الزرقاني على خليل (6 / 115) , كفاية الطالب الرباني وحاشية العدوي (2 / 254) , الكافي لابن عبد البر (ص 403) , الإشراف للقاضي عبد الوهاب 2 / 41 , تحفة المحتاج (7 / 107) , أسنى المطالب (3 / 77) , المهذب (1 / 368) , قليوبي وعميرة (3 / 41) , بدائع الصنائع (6 / 209) , البحر الرائق (7 / 278) , رد المحتار (4 / 499) , المغني (9 / 261) , المبدع (5 / 238)(1/1016)
فسخ العقد
تنتهي الوديعة بفسخ أحد العاقدين العقد(1/1017)
عرفنا أن الإيداع عقد جائز من الجانبين , أي غير لازم في حق الوديع والمودع , فلكل واحد منهما أن يبادر لفسخه متى شاء , دون توقف على رضا الطرف الآخر أو قبوله. وبذلك تنتهي الوديعة بمبادرة أحد العاقدين بفسخ العقد والتحلل منه.(1/1018)
مرشد الحيران (ص 220 , 222)
يجوز لكل من المودع والوديع أن يفسخ عقد الإيداع في أي وقت شاء , ويلزم المستودع برد الوديعة إلى صاحبها. (م 831) .
إذا مات صاحب الوديعة ترد وديعته إلى ورثته ما لم تكن التركة مستغرقة بالدين. فإن كانت كذلك فلا تسلم للوارث إذا كان يخاف عليها منه إلا بإذن الحاكم. وإن سلمت إليه بلا إذنه وهلكت أو ضاعت فعلى المستودع ضمانها. (م 836) .
إذا مات المستودع , ووجدت الوديعة عينا في تركته , فهي أمانة في يد الوارث واجب عليه أداؤها لصاحبها. (م 834) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 417 , 426)
الإيداع من العقود الجائزة , فلكل من العاقدين فسخه بالقول أو الفعل الدال عليه. (م 1326)
يبطل عقد الإيداع بموت الوديع أو المودع وكذا بجنون أحدهما. (م 1327) .
ينعزل الوديع ويبطل العقد بعزل المودع مع علم الوديع بالعزل , أما قبل علمه فلا ينعزل. (م 1328) .
يبطل العقد بعزل الوديع نفسه , والعين أمانة بيده , يجب ردها حالا إلى مالكها , كحكم ثوب أطارته الريح إلى داره. (م 1329) .
يبطل العقد بتعدي الوديع. مثلا: لو ركب الدابة لا لسقيها أو لبس الثوب لا لخوف عث عليه , أو أخرج الدراهم من كيسها , بطل العقد , ووجب رد الوديعة حالا إلى مالكها. (م 1330) .
إذا بطل عقد الإيداع بموت الوديع , فالوديعة أمانة محضة في يد الورثة , يجب عليهم ردها حالا دون طلب ربها فلو أخروا الرد بلا عذر ضمنوها لو تلفت. وكذا بطل العقد بعزل الوديع نفسه أو بتعديه ونحو ذلك , وجب عليه الرد حالا بلا طلب ربها. (م 1366) .
المهذب (1 / 366)
وتنفسخ - أي الوديعة - بما تنفسخ به الوكالة من العزل والجنون والإغماء كما تنفسخ به الوكالة , لأنه وكالة في الحفظ , فكان كالوكالة في العقد والفسخ.
تحفة المحتاج (7 / 104)
(وترتفع) الوديعة أي ينتهي حكمها بما ترتفع به الوكالة مما مر فترتفع (بموت المودع أو المودع وجنونه وإغمائه) أي بقيده السابق في الشركة كما هو ظاهر. . . وبعزل الوديع لنفسه وبعزل المالك له وبالإنكار لغير غرض , لأنها وكالة في الحفظ , وهي ترتفع بذلك وبكل فعل مضمن.
روضة القضاة (2 / 616)
وتنفسخ - أي الوديعة - بكل ما تنفسخ به الوكالة من الموت والجنون والإغماء والعزل , لأنه وكيل في الحفظ , فصار كالوكيل في التصرف.
كشاف القناع (4 / 186)
(وتنفسخ) الوديعة (بموت) أحد المتعاقدين (وجنون) هـ (و) ب (عزل مع علمه) بالعزل. فإن عزله ربها ولم يعلم المودع بذلك لم ينعزل , لعدم الفائدة فيه , إذ المال بيده أمانة لا يتصرف فيه , بخلاف الوكيل.
المغني (9 / 270)
فصل: وإن مات وعنده وديعة معلومة بعينها , فعلى ورثته تمكين صاحبها من أخذها.
المبدع (5 / 233)
وتنفسخ - أي الوديعة - بموت وجنون وعزل مع علمه , فإن بطلت بقي المال في يده أمانة يؤديه إلى مالكه , فإن تلف قبل التمكن فهدر , وإن تلف بعده فوجهان.
شرح منتهى الإرادات (2 / 454)
(ووجب ردها) أي الوديعة حيث بطلت (فورا) لأنها أمانة محضة وقد زالت بالتعدي (ولا تعود وديعة) بغير عقد متجدد.
القواعد لابن رجب (ص 64)
القاعدة الخامسة والأربعون: عقود الأمانات , هل تنفسخ بمجرد التعدي فيها أم لا؟ المذهب أن الأمانة المحضة تبطل بالتعدي , والأمانة المتضمنة لأمر آخر لا تبطل على الصحيح. ويتخرج على ذلك مسائل (منها) إذا تعدى في الوديعة بطلت , ولم يجز له الإمساك , ووجب الرد على الفور , لأنها أمانة محضة , وقد زالت بالتعدي , فلا تعود بدون عقد متجدد. هذا هو المشهور.
إيثار الإنصاف في آثار الخلاف (ص 263)
مسألة: المودع إذا خالف في الوديعة , ثم عاد إلى الوفاق , برئ من الضمان , وهو قول مالك وقال زفر لا يبرأ. وهو قول الشافعي وأحمد.
وصورة المسألة: إذا كانت الوديعة ثوبا فلبسه أو دابة فركبها. وتفسير العود إلى الوفاق: ترك اللبس والركوب , ومعاودة الحفظ للمالك. .
احتجوا بما مر من قوله صلى الله عليه وسلم على اليد ما أخذت حتى تؤديه وبالمخالفة وجب عليه الضمان. قلنا: العين دخلت في ضمانه مؤقتا إلى غاية الرد , فإذا وجد الرد إلى نائب المالك , وجدت غاية انتهاء الضمان.
طريقة الخلاف في الفقه (ص 271)
مسألة: المودع إذا خالف في الوديعة ثم عاد إلى الوفاق يبرأ عن الضمان. والوجه فيه أن ضرر الإعجاز قد ارتفع بالعود إلى الوفاق , فوجب ألا يؤاخذ بالضمان عند الهلاك. وإنما قلنا ذلك , لأن ضرر الإعجاز حصل بإثبات اليد المانعة على المحل , وبترك الخلاف والاشتغال بالحفظ للمالك إزالة اليد المانعة عن المحل , فارتفع الإعجاز , فلا يجب الضمان , لأن الدليل يأبى إيجاب الضمان إلا لإعدام الضرر الواقع بالإعجاز , لكونه ضررا.
بدائع الصنائع (6 / 212)
(ومنها) جحود الوديعة في وجه المالك عند طلبه , حتى لو قامت البينة على الإيداع , أو نكل المودع عن اليمين , أو أقر به , دخلت في ضمانه , لأن العقد لما ظهر بالحجة , فقد ظهر ارتفاعه بالجحود أو عنده , لأن المالك لما طلب منه الوديعة فقد عزله عن الحفظ , والمودع لما جحد الوديعة حال حضرة المالك فقد عزل نفسه عن الحفظ , فانفسخ العقد , فبقي مال الغير في يده بغير إذنه , فيكون مضمونا عليه.
مراجع إضافية
انظر أسنى المطالب (3 / 76) , كشاف القناع (4 / 195) , المبسوط (11 / 117) , الفنون لابن عقيل (1 / 129 , 130 , 358) , روضة الطالبين (6 / 326) , الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 289) , درر الحكام (2 / 290) , شرح المجلة للأتاسي (3 / 294) , قرة عيون الأخيار (2 / 261) , الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 331)(1/1019)
موت أحد العاقدين
تنتهي الوديعة بموت أحد العاقدين(1/1020)
تنتهي الوديعة بموت أحد العاقدين
- أما المودع , فلأن ملكية المال المودع انتقلت بموته إلى ورثته أو دائنيه.
- وأما الوديع , فلأن أهليته للحفظ قد زالت بموته.(1/1021)
مرشد الحيران (ص 220 , 222)
يجوز لكل من المودع والوديع أن يفسخ عقد الإيداع في أي وقت شاء , ويلزم المستودع برد الوديعة إلى صاحبها. (م 831) .
إذا مات صاحب الوديعة ترد وديعته إلى ورثته ما لم تكن التركة مستغرقة بالدين. فإن كانت كذلك فلا تسلم للوارث إذا كان يخاف عليها منه إلا بإذن الحاكم. وإن سلمت إليه بلا إذنه وهلكت أو ضاعت فعلى المستودع ضمانها. (م 836) .
إذا مات المستودع , ووجدت الوديعة عينا في تركته , فهي أمانة في يد الوارث واجب عليه أداؤها لصاحبها. (م 834) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 417 , 426)
الإيداع من العقود الجائزة , فلكل من العاقدين فسخه بالقول أو الفعل الدال عليه. (م 1326)
يبطل عقد الإيداع بموت الوديع أو المودع وكذا بجنون أحدهما. (م 1327) .
ينعزل الوديع ويبطل العقد بعزل المودع مع علم الوديع بالعزل , أما قبل علمه فلا ينعزل. (م 1328) .
يبطل العقد بعزل الوديع نفسه , والعين أمانة بيده , يجب ردها حالا إلى مالكها , كحكم ثوب أطارته الريح إلى داره. (م 1329) .
يبطل العقد بتعدي الوديع. مثلا: لو ركب الدابة لا لسقيها أو لبس الثوب لا لخوف عث عليه , أو أخرج الدراهم من كيسها , بطل العقد , ووجب رد الوديعة حالا إلى مالكها. (م 1330) .
إذا بطل عقد الإيداع بموت الوديع , فالوديعة أمانة محضة في يد الورثة , يجب عليهم ردها حالا دون طلب ربها فلو أخروا الرد بلا عذر ضمنوها لو تلفت. وكذا بطل العقد بعزل الوديع نفسه أو بتعديه ونحو ذلك , وجب عليه الرد حالا بلا طلب ربها. (م 1366) .
المهذب (1 / 366)
وتنفسخ - أي الوديعة - بما تنفسخ به الوكالة من العزل والجنون والإغماء كما تنفسخ به الوكالة , لأنه وكالة في الحفظ , فكان كالوكالة في العقد والفسخ.
تحفة المحتاج (7 / 104)
(وترتفع) الوديعة أي ينتهي حكمها بما ترتفع به الوكالة مما مر فترتفع (بموت المودع أو المودع وجنونه وإغمائه) أي بقيده السابق في الشركة كما هو ظاهر. . . وبعزل الوديع لنفسه وبعزل المالك له وبالإنكار لغير غرض , لأنها وكالة في الحفظ , وهي ترتفع بذلك وبكل فعل مضمن.
روضة القضاة (2 / 616)
وتنفسخ - أي الوديعة - بكل ما تنفسخ به الوكالة من الموت والجنون والإغماء والعزل , لأنه وكيل في الحفظ , فصار كالوكيل في التصرف.
كشاف القناع (4 / 186)
(وتنفسخ) الوديعة (بموت) أحد المتعاقدين (وجنون) هـ (و) ب (عزل مع علمه) بالعزل. فإن عزله ربها ولم يعلم المودع بذلك لم ينعزل , لعدم الفائدة فيه , إذ المال بيده أمانة لا يتصرف فيه , بخلاف الوكيل.
المغني (9 / 270)
فصل: وإن مات وعنده وديعة معلومة بعينها , فعلى ورثته تمكين صاحبها من أخذها.
المبدع (5 / 233)
وتنفسخ - أي الوديعة - بموت وجنون وعزل مع علمه , فإن بطلت بقي المال في يده أمانة يؤديه إلى مالكه , فإن تلف قبل التمكن فهدر , وإن تلف بعده فوجهان.
شرح منتهى الإرادات (2 / 454)
(ووجب ردها) أي الوديعة حيث بطلت (فورا) لأنها أمانة محضة وقد زالت بالتعدي (ولا تعود وديعة) بغير عقد متجدد.
القواعد لابن رجب (ص 64)
القاعدة الخامسة والأربعون: عقود الأمانات , هل تنفسخ بمجرد التعدي فيها أم لا؟ المذهب أن الأمانة المحضة تبطل بالتعدي , والأمانة المتضمنة لأمر آخر لا تبطل على الصحيح. ويتخرج على ذلك مسائل (منها) إذا تعدى في الوديعة بطلت , ولم يجز له الإمساك , ووجب الرد على الفور , لأنها أمانة محضة , وقد زالت بالتعدي , فلا تعود بدون عقد متجدد. هذا هو المشهور.
إيثار الإنصاف في آثار الخلاف (ص 263)
مسألة: المودع إذا خالف في الوديعة , ثم عاد إلى الوفاق , برئ من الضمان , وهو قول مالك وقال زفر لا يبرأ. وهو قول الشافعي وأحمد.
وصورة المسألة: إذا كانت الوديعة ثوبا فلبسه أو دابة فركبها. وتفسير العود إلى الوفاق: ترك اللبس والركوب , ومعاودة الحفظ للمالك. .
احتجوا بما مر من قوله صلى الله عليه وسلم على اليد ما أخذت حتى تؤديه وبالمخالفة وجب عليه الضمان. قلنا: العين دخلت في ضمانه مؤقتا إلى غاية الرد , فإذا وجد الرد إلى نائب المالك , وجدت غاية انتهاء الضمان.
طريقة الخلاف في الفقه (ص 271)
مسألة: المودع إذا خالف في الوديعة ثم عاد إلى الوفاق يبرأ عن الضمان. والوجه فيه أن ضرر الإعجاز قد ارتفع بالعود إلى الوفاق , فوجب ألا يؤاخذ بالضمان عند الهلاك. وإنما قلنا ذلك , لأن ضرر الإعجاز حصل بإثبات اليد المانعة على المحل , وبترك الخلاف والاشتغال بالحفظ للمالك إزالة اليد المانعة عن المحل , فارتفع الإعجاز , فلا يجب الضمان , لأن الدليل يأبى إيجاب الضمان إلا لإعدام الضرر الواقع بالإعجاز , لكونه ضررا.
بدائع الصنائع (6 / 212)
(ومنها) جحود الوديعة في وجه المالك عند طلبه , حتى لو قامت البينة على الإيداع , أو نكل المودع عن اليمين , أو أقر به , دخلت في ضمانه , لأن العقد لما ظهر بالحجة , فقد ظهر ارتفاعه بالجحود أو عنده , لأن المالك لما طلب منه الوديعة فقد عزله عن الحفظ , والمودع لما جحد الوديعة حال حضرة المالك فقد عزل نفسه عن الحفظ , فانفسخ العقد , فبقي مال الغير في يده بغير إذنه , فيكون مضمونا عليه.
مراجع إضافية
(انظر أسنى المطالب (3 / 76) , كشاف القناع (4 / 195) , المبسوط (11 / 117) , الفنون لابن عقيل (1 / 129) , 130 , 358 , روضة الطالبين (6 / 326) , الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 289) , درر الحكام (2 / 290) , شرح المجلة للأتاسي (3 / 294) , قرة عيون الأخيار (2 / 261) , الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 331)(1/1022)
زوال أهلية أحد العاقدين للتصرف
تنتهي الوديعة بزوال أهلية أحد العاقدين للتصرف(1/1023)
تنتهي الوديعة بزوال أهلية أحد العاقدين للتصرف بجنون ونحوه كإغماء من غير إفاقة
- أما الوديع , فلأنه لم يعد أهلا للحفظ.
- وأما المودع , فلأنه لم يعد ولي نفسه , بل يلي غيره ماله وشؤونه.(1/1024)
مرشد الحيران ص 220 , 222
يجوز لكل من المودع والوديع أن يفسخ عقد الإيداع في أي وقت شاء , ويلزم المستودع برد الوديعة إلى صاحبها. (م 831) .
إذا مات صاحب الوديعة ترد وديعته إلى ورثته ما لم تكن التركة مستغرقة بالدين. فإن كانت كذلك فلا تسلم للوارث إذا كان يخاف عليها منه إلا بإذن الحاكم. وإن سلمت إليه بلا إذنه وهلكت أو ضاعت فعلى المستودع ضمانها. (م 836) .
إذا مات المستودع , ووجدت الوديعة عينا في تركته , فهي أمانة في يد الوارث واجب عليه أداؤها لصاحبها. (م 834) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 417 , 426)
الإيداع من العقود الجائزة , فلكل من العاقدين فسخه بالقول أو الفعل الدال عليه. (م 1326)
يبطل عقد الإيداع بموت الوديع أو المودع وكذا بجنون أحدهما. (م 1327) .
ينعزل الوديع ويبطل العقد بعزل المودع مع علم الوديع بالعزل , أما قبل علمه فلا ينعزل. (م 1328) .
يبطل العقد بعزل الوديع نفسه , والعين أمانة بيده , يجب ردها حالا إلى مالكها , كحكم ثوب أطارته الريح إلى داره. (م 1329) .
يبطل العقد بتعدي الوديع. مثلا: لو ركب الدابة لا لسقيها أو لبس الثوب لا لخوف عث عليه , أو أخرج الدراهم من كيسها , بطل العقد , ووجب رد الوديعة حالا إلى مالكها. (م 1330) .
إذا بطل عقد الإيداع بموت الوديع , فالوديعة أمانة محضة في يد الورثة , يجب عليهم ردها حالا دون طلب ربها فلو أخروا الرد بلا عذر ضمنوها لو تلفت. وكذا بطل العقد بعزل الوديع نفسه أو بتعديه ونحو ذلك , وجب عليه الرد حالا بلا طلب ربها. (م 1366) .
المهذب (1 / 366)
وتنفسخ - أي الوديعة - بما تنفسخ به الوكالة من العزل والجنون والإغماء كما تنفسخ به الوكالة , لأنه وكالة في الحفظ , فكان كالوكالة في العقد والفسخ.
تحفة المحتاج (7 / 104)
(وترتفع) الوديعة أي ينتهي حكمها بما ترتفع به الوكالة مما مر فترتفع (بموت المودع أو المودع وجنونه وإغمائه) أي بقيده السابق في الشركة كما هو ظاهر. . . وبعزل الوديع لنفسه وبعزل المالك له وبالإنكار لغير غرض , لأنها وكالة في الحفظ , وهي ترتفع بذلك وبكل فعل مضمن.
روضة القضاة (2 / 616)
وتنفسخ - أي الوديعة - بكل ما تنفسخ به الوكالة من الموت والجنون والإغماء والعزل , لأنه وكيل في الحفظ , فصار كالوكيل في التصرف.
كشاف القناع (4 / 186)
(وتنفسخ) الوديعة (بموت) أحد المتعاقدين (وجنون) هـ (و) ب (عزل مع علمه) بالعزل. فإن عزله ربها ولم يعلم المودع بذلك لم ينعزل , لعدم الفائدة فيه , إذ المال بيده أمانة لا يتصرف فيه , بخلاف الوكيل.
المغني (9 / 270)
فصل: وإن مات وعنده وديعة معلومة بعينها , فعلى ورثته تمكين صاحبها من أخذها.
المبدع (5 / 233)
وتنفسخ - أي الوديعة - بموت وجنون وعزل مع علمه , فإن بطلت بقي المال في يده أمانة يؤديه إلى مالكه , فإن تلف قبل التمكن فهدر , وإن تلف بعده فوجهان.
شرح منتهى الإرادات (2 / 454)
(ووجب ردها) أي الوديعة حيث بطلت (فورا) لأنها أمانة محضة وقد زالت بالتعدي (ولا تعود وديعة) بغير عقد متجدد.
القواعد لابن رجب (ص 64)
القاعدة الخامسة والأربعون: عقود الأمانات , هل تنفسخ بمجرد التعدي فيها أم لا؟ المذهب أن الأمانة المحضة تبطل بالتعدي , والأمانة المتضمنة لأمر آخر لا تبطل على الصحيح. ويتخرج على ذلك مسائل (منها) إذا تعدى في الوديعة بطلت , ولم يجز له الإمساك , ووجب الرد على الفور , لأنها أمانة محضة , وقد زالت بالتعدي , فلا تعود بدون عقد متجدد. هذا هو المشهور.
إيثار الإنصاف في آثار الخلاف (ص 263)
مسألة: المودع إذا خالف في الوديعة , ثم عاد إلى الوفاق , برئ من الضمان , وهو قول مالك وقال زفر لا يبرأ. وهو قول الشافعي وأحمد.
وصورة المسألة: إذا كانت الوديعة ثوبا فلبسه أو دابة فركبها. وتفسير العود إلى الوفاق: ترك اللبس والركوب , ومعاودة الحفظ للمالك. .
احتجوا بما مر من قوله صلى الله عليه وسلم على اليد ما أخذت حتى تؤديه وبالمخالفة وجب عليه الضمان. قلنا: العين دخلت في ضمانه مؤقتا إلى غاية الرد , فإذا وجد الرد إلى نائب المالك , وجدت غاية انتهاء الضمان.
طريقة الخلاف في الفقه (ص 271)
مسألة: المودع إذا خالف في الوديعة ثم عاد إلى الوفاق يبرأ عن الضمان. والوجه فيه أن ضرر الإعجاز قد ارتفع بالعود إلى الوفاق , فوجب ألا يؤاخذ بالضمان عند الهلاك. وإنما قلنا ذلك , لأن ضرر الإعجاز حصل بإثبات اليد المانعة على المحل , وبترك الخلاف والاشتغال بالحفظ للمالك إزالة اليد المانعة عن المحل , فارتفع الإعجاز , فلا يجب الضمان , لأن الدليل يأبى إيجاب الضمان إلا لإعدام الضرر الواقع بالإعجاز , لكونه ضررا.
بدائع الصنائع (6 / 212)
(ومنها) جحود الوديعة في وجه المالك عند طلبه , حتى لو قامت البينة على الإيداع , أو نكل المودع عن اليمين , أو أقر به , دخلت في ضمانه , لأن العقد لما ظهر بالحجة , فقد ظهر ارتفاعه بالجحود أو عنده , لأن المالك لما طلب منه الوديعة فقد عزله عن الحفظ , والمودع لما جحد الوديعة حال حضرة المالك فقد عزل نفسه عن الحفظ , فانفسخ العقد , فبقي مال الغير في يده بغير إذنه , فيكون مضمونا عليه.
مراجع إضافية
(انظر أسنى المطالب (3 / 76) , كشاف القناع (4 / 195) , المبسوط (11 / 117) , الفنون لابن عقيل (1 / 129) , 130 , 358 , روضة الطالبين (6 / 326) , الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 289) , درر الحكام (2 / 290) , شرح المجلة للأتاسي (3 / 294) , قرة عيون الأخيار (2 / 261) , الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 331)(1/1025)
جحود الوديعة
تنتهي الوديعة بجحود المستودع.(1/1026)
تنتهي الوديعة بجحود المودع عند طلبها منه:
- لأن المالك لما طلب الوديعة فقد عزل المودع عن الحفظ ,
- والمودع لما جحد الوديعة حال حضرة المالك فقد عزل نفسه عن الحفظ , فيكون ذلك فسخا للعقد.(1/1027)
مرشد الحيران ص 220 , 222
يجوز لكل من المودع والوديع أن يفسخ عقد الإيداع في أي وقت شاء , ويلزم المستودع برد الوديعة إلى صاحبها. (م 831) .
إذا مات صاحب الوديعة ترد وديعته إلى ورثته ما لم تكن التركة مستغرقة بالدين. فإن كانت كذلك فلا تسلم للوارث إذا كان يخاف عليها منه إلا بإذن الحاكم. وإن سلمت إليه بلا إذنه وهلكت أو ضاعت فعلى المستودع ضمانها. (م 836) .
إذا مات المستودع , ووجدت الوديعة عينا في تركته , فهي أمانة في يد الوارث واجب عليه أداؤها لصاحبها. (م 834) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 417 , 426)
الإيداع من العقود الجائزة , فلكل من العاقدين فسخه بالقول أو الفعل الدال عليه. (م 1326)
يبطل عقد الإيداع بموت الوديع أو المودع وكذا بجنون أحدهما. (م 1327) .
ينعزل الوديع ويبطل العقد بعزل المودع مع علم الوديع بالعزل , أما قبل علمه فلا ينعزل. (م 1328) .
يبطل العقد بعزل الوديع نفسه , والعين أمانة بيده , يجب ردها حالا إلى مالكها , كحكم ثوب أطارته الريح إلى داره. (م 1329) .
يبطل العقد بتعدي الوديع. مثلا: لو ركب الدابة لا لسقيها أو لبس الثوب لا لخوف عث عليه , أو أخرج الدراهم من كيسها , بطل العقد , ووجب رد الوديعة حالا إلى مالكها. (م 1330) .
إذا بطل عقد الإيداع بموت الوديع , فالوديعة أمانة محضة في يد الورثة , يجب عليهم ردها حالا دون طلب ربها فلو أخروا الرد بلا عذر ضمنوها لو تلفت. وكذا بطل العقد بعزل الوديع نفسه أو بتعديه ونحو ذلك , وجب عليه الرد حالا بلا طلب ربها. (م 1366) .
المهذب (1 / 366)
وتنفسخ - أي الوديعة - بما تنفسخ به الوكالة من العزل والجنون والإغماء كما تنفسخ به الوكالة , لأنه وكالة في الحفظ , فكان كالوكالة في العقد والفسخ.
تحفة المحتاج (7 / 104)
(وترتفع) الوديعة أي ينتهي حكمها بما ترتفع به الوكالة مما مر فترتفع (بموت المودع أو المودع وجنونه وإغمائه) أي بقيده السابق في الشركة كما هو ظاهر. . . وبعزل الوديع لنفسه وبعزل المالك له وبالإنكار لغير غرض , لأنها وكالة في الحفظ , وهي ترتفع بذلك وبكل فعل مضمن.
روضة القضاة (2 / 616)
وتنفسخ - أي الوديعة - بكل ما تنفسخ به الوكالة من الموت والجنون والإغماء والعزل , لأنه وكيل في الحفظ , فصار كالوكيل في التصرف.
كشاف القناع (4 / 186)
(وتنفسخ) الوديعة (بموت) أحد المتعاقدين (وجنون) هـ (و) ب (عزل مع علمه) بالعزل. فإن عزله ربها ولم يعلم المودع بذلك لم ينعزل , لعدم الفائدة فيه , إذ المال بيده أمانة لا يتصرف فيه , بخلاف الوكيل.
المغني (9 / 270)
فصل: وإن مات وعنده وديعة معلومة بعينها , فعلى ورثته تمكين صاحبها من أخذها.
المبدع (5 / 233)
وتنفسخ - أي الوديعة - بموت وجنون وعزل مع علمه , فإن بطلت بقي المال في يده أمانة يؤديه إلى مالكه , فإن تلف قبل التمكن فهدر , وإن تلف بعده فوجهان.
شرح منتهى الإرادات (2 / 454)
(ووجب ردها) أي الوديعة حيث بطلت (فورا) لأنها أمانة محضة وقد زالت بالتعدي (ولا تعود وديعة) بغير عقد متجدد.
القواعد لابن رجب (ص 64)
القاعدة الخامسة والأربعون: عقود الأمانات , هل تنفسخ بمجرد التعدي فيها أم لا؟ المذهب أن الأمانة المحضة تبطل بالتعدي , والأمانة المتضمنة لأمر آخر لا تبطل على الصحيح. ويتخرج على ذلك مسائل (منها) إذا تعدى في الوديعة بطلت , ولم يجز له الإمساك , ووجب الرد على الفور , لأنها أمانة محضة , وقد زالت بالتعدي , فلا تعود بدون عقد متجدد. هذا هو المشهور.
إيثار الإنصاف في آثار الخلاف (ص 263)
مسألة: المودع إذا خالف في الوديعة , ثم عاد إلى الوفاق , برئ من الضمان , وهو قول مالك وقال زفر لا يبرأ. وهو قول الشافعي وأحمد.
وصورة المسألة: إذا كانت الوديعة ثوبا فلبسه أو دابة فركبها. وتفسير العود إلى الوفاق: ترك اللبس والركوب , ومعاودة الحفظ للمالك. .
احتجوا بما مر من قوله صلى الله عليه وسلم على اليد ما أخذت حتى تؤديه وبالمخالفة وجب عليه الضمان. قلنا: العين دخلت في ضمانه مؤقتا إلى غاية الرد , فإذا وجد الرد إلى نائب المالك , وجدت غاية انتهاء الضمان.
طريقة الخلاف في الفقه (ص 271)
مسألة: المودع إذا خالف في الوديعة ثم عاد إلى الوفاق يبرأ عن الضمان. والوجه فيه أن ضرر الإعجاز قد ارتفع بالعود إلى الوفاق , فوجب ألا يؤاخذ بالضمان عند الهلاك. وإنما قلنا ذلك , لأن ضرر الإعجاز حصل بإثبات اليد المانعة على المحل , وبترك الخلاف والاشتغال بالحفظ للمالك إزالة اليد المانعة عن المحل , فارتفع الإعجاز , فلا يجب الضمان , لأن الدليل يأبى إيجاب الضمان إلا لإعدام الضرر الواقع بالإعجاز , لكونه ضررا.
بدائع الصنائع (6 / 212)
(ومنها) جحود الوديعة في وجه المالك عند طلبه , حتى لو قامت البينة على الإيداع , أو نكل المودع عن اليمين , أو أقر به , دخلت في ضمانه , لأن العقد لما ظهر بالحجة , فقد ظهر ارتفاعه بالجحود أو عنده , لأن المالك لما طلب منه الوديعة فقد عزله عن الحفظ , والمودع لما جحد الوديعة حال حضرة المالك فقد عزل نفسه عن الحفظ , فانفسخ العقد , فبقي مال الغير في يده بغير إذنه , فيكون مضمونا عليه.
مراجع إضافية
(انظر أسنى المطالب (3 / 76) , كشاف القناع (4 / 195) , المبسوط (11 / 117) , الفنون لابن عقيل (1 / 129) , 130 , 358 , روضة الطالبين (6 / 326) , الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 289) , درر الحكام (2 / 290) , شرح المجلة للأتاسي (3 / 294) , قرة عيون الأخيار (2 / 261) , الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 331)(1/1028)
تعدي الوديع أو تفريطه
تنتهي الوديعة بتعدي الوديع أو تفريطه الموجب للضمان عند الشافعية والحنابلة خلافا للحنفية والمالكية.(1/1029)
تنتهي الوديعة بتعدي الوديع أو تفريطه الموجب للضمان
تنتهي الوديعة بتعدي الوديع أو تفريطه الموجب للضمان سواء بالإنفاق أو بالاستعمال غير المأذون به أو غير ذلك , حيث يزول بذلك الائتمان , وتنقلب يده إلى يد ضمان وينفسخ عقد الإيداع , وهذا عند الشافعية والحنابلة.
أما الحنفية والمالكية فلم يذهبوا لارتفاع عقد الوديعة بالتعدي وترك الحفظ , بحجة أن فعل ذلك موجب لضمانه فقط , فإذا عاد إلى الوفاق ومعاودة الحفظ للمالك , برئ من الضمان , وبقي العقد مستمرا.(1/1030)
مرشد الحيران ص 220 , 222
يجوز لكل من المودع والوديع أن يفسخ عقد الإيداع في أي وقت شاء , ويلزم المستودع برد الوديعة إلى صاحبها. (م 831) .
إذا مات صاحب الوديعة ترد وديعته إلى ورثته ما لم تكن التركة مستغرقة بالدين. فإن كانت كذلك فلا تسلم للوارث إذا كان يخاف عليها منه إلا بإذن الحاكم. وإن سلمت إليه بلا إذنه وهلكت أو ضاعت فعلى المستودع ضمانها. (م 836) .
إذا مات المستودع , ووجدت الوديعة عينا في تركته , فهي أمانة في يد الوارث واجب عليه أداؤها لصاحبها. (م 834) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 417 , 426)
الإيداع من العقود الجائزة , فلكل من العاقدين فسخه بالقول أو الفعل الدال عليه. (م 1326)
يبطل عقد الإيداع بموت الوديع أو المودع وكذا بجنون أحدهما. (م 1327) .
ينعزل الوديع ويبطل العقد بعزل المودع مع علم الوديع بالعزل , أما قبل علمه فلا ينعزل. (م 1328) .
يبطل العقد بعزل الوديع نفسه , والعين أمانة بيده , يجب ردها حالا إلى مالكها , كحكم ثوب أطارته الريح إلى داره. (م 1329) .
يبطل العقد بتعدي الوديع. مثلا: لو ركب الدابة لا لسقيها أو لبس الثوب لا لخوف عث عليه , أو أخرج الدراهم من كيسها , بطل العقد , ووجب رد الوديعة حالا إلى مالكها. (م 1330) .
إذا بطل عقد الإيداع بموت الوديع , فالوديعة أمانة محضة في يد الورثة , يجب عليهم ردها حالا دون طلب ربها فلو أخروا الرد بلا عذر ضمنوها لو تلفت. وكذا بطل العقد بعزل الوديع نفسه أو بتعديه ونحو ذلك , وجب عليه الرد حالا بلا طلب ربها. (م 1366) .
المهذب (1 / 366)
وتنفسخ - أي الوديعة - بما تنفسخ به الوكالة من العزل والجنون والإغماء كما تنفسخ به الوكالة , لأنه وكالة في الحفظ , فكان كالوكالة في العقد والفسخ.
تحفة المحتاج (7 / 104)
(وترتفع) الوديعة أي ينتهي حكمها بما ترتفع به الوكالة مما مر فترتفع (بموت المودع أو المودع وجنونه وإغمائه) أي بقيده السابق في الشركة كما هو ظاهر. . . وبعزل الوديع لنفسه وبعزل المالك له وبالإنكار لغير غرض , لأنها وكالة في الحفظ , وهي ترتفع بذلك وبكل فعل مضمن.
روضة القضاة (2 / 616)
وتنفسخ - أي الوديعة - بكل ما تنفسخ به الوكالة من الموت والجنون والإغماء والعزل , لأنه وكيل في الحفظ , فصار كالوكيل في التصرف.
كشاف القناع (4 / 186)
(وتنفسخ) الوديعة (بموت) أحد المتعاقدين (وجنون) هـ (و) ب (عزل مع علمه) بالعزل. فإن عزله ربها ولم يعلم المودع بذلك لم ينعزل , لعدم الفائدة فيه , إذ المال بيده أمانة لا يتصرف فيه , بخلاف الوكيل.
المغني (9 / 270)
فصل: وإن مات وعنده وديعة معلومة بعينها , فعلى ورثته تمكين صاحبها من أخذها.
المبدع (5 / 233)
وتنفسخ - أي الوديعة - بموت وجنون وعزل مع علمه , فإن بطلت بقي المال في يده أمانة يؤديه إلى مالكه , فإن تلف قبل التمكن فهدر , وإن تلف بعده فوجهان.
شرح منتهى الإرادات (2 / 454)
(ووجب ردها) أي الوديعة حيث بطلت (فورا) لأنها أمانة محضة وقد زالت بالتعدي (ولا تعود وديعة) بغير عقد متجدد.
القواعد لابن رجب (ص 64)
القاعدة الخامسة والأربعون: عقود الأمانات , هل تنفسخ بمجرد التعدي فيها أم لا؟ المذهب أن الأمانة المحضة تبطل بالتعدي , والأمانة المتضمنة لأمر آخر لا تبطل على الصحيح. ويتخرج على ذلك مسائل (منها) إذا تعدى في الوديعة بطلت , ولم يجز له الإمساك , ووجب الرد على الفور , لأنها أمانة محضة , وقد زالت بالتعدي , فلا تعود بدون عقد متجدد. هذا هو المشهور.
إيثار الإنصاف في آثار الخلاف (ص 263)
مسألة: المودع إذا خالف في الوديعة , ثم عاد إلى الوفاق , برئ من الضمان , وهو قول مالك وقال زفر لا يبرأ. وهو قول الشافعي وأحمد.
وصورة المسألة: إذا كانت الوديعة ثوبا فلبسه أو دابة فركبها. وتفسير العود إلى الوفاق: ترك اللبس والركوب , ومعاودة الحفظ للمالك. .
احتجوا بما مر من قوله صلى الله عليه وسلم على اليد ما أخذت حتى تؤديه وبالمخالفة وجب عليه الضمان. قلنا: العين دخلت في ضمانه مؤقتا إلى غاية الرد , فإذا وجد الرد إلى نائب المالك , وجدت غاية انتهاء الضمان.
طريقة الخلاف في الفقه (ص 271)
مسألة: المودع إذا خالف في الوديعة ثم عاد إلى الوفاق يبرأ عن الضمان. والوجه فيه أن ضرر الإعجاز قد ارتفع بالعود إلى الوفاق , فوجب ألا يؤاخذ بالضمان عند الهلاك. وإنما قلنا ذلك , لأن ضرر الإعجاز حصل بإثبات اليد المانعة على المحل , وبترك الخلاف والاشتغال بالحفظ للمالك إزالة اليد المانعة عن المحل , فارتفع الإعجاز , فلا يجب الضمان , لأن الدليل يأبى إيجاب الضمان إلا لإعدام الضرر الواقع بالإعجاز , لكونه ضررا.
بدائع الصنائع (6 / 212)
(ومنها) جحود الوديعة في وجه المالك عند طلبه , حتى لو قامت البينة على الإيداع , أو نكل المودع عن اليمين , أو أقر به , دخلت في ضمانه , لأن العقد لما ظهر بالحجة , فقد ظهر ارتفاعه بالجحود أو عنده , لأن المالك لما طلب منه الوديعة فقد عزله عن الحفظ , والمودع لما جحد الوديعة حال حضرة المالك فقد عزل نفسه عن الحفظ , فانفسخ العقد , فبقي مال الغير في يده بغير إذنه , فيكون مضمونا عليه.
مراجع إضافية
انظر أسنى المطالب (3 / 76) , كشاف القناع (4 / 195) , المبسوط (11 / 117) , الفنون لابن عقيل (1 / 129 , 130 , 358) , روضة الطالبين (6 / 326) , الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 289) , درر الحكام (2 / 290) , شرح المجلة للأتاسي (3 / 294) , قرة عيون الأخيار (2 / 261) , الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 331)(1/1031)
الوكالة(1/1032)
تعريف الوكالة
الوكالة هي إقامة الغير مقام النفس في تصرف معلوم تدخله النيابة ليفعله في حياته. وهي تختلف عن الرسالة التي هي تبليغ أحد كلام الآخر لغيره من دون أن يكون له دخل في التصرف.(1/1033)
الوكالة عبارة عن تفويض شخص غيره في حياته في تصرف معلوم له فعله , ويقبل النيابة , سواء أكان قوليا كعقد وفسخ , أو فعليا كقبض وإقباض , وسواء أكان من حقوق الله تعالى أو من حقوق الآدميين.
ومن حقوق الله التي تدخلها النيابة الحج , ومن حقوق العباد التي تدخلها النيابة البيع والشراء وقضاء الديون ورد الودائع والمطالبة بالحقوق والمخاصمة فيها والصلح عنها والإبراء منها والزواج والطلاق والخلع. إلخ.
ويقال للمستناب في التصرف: وكيل.
وللمستنيب: موكل.
وللتصرف المستناب فيه: الموكل به , والموكل فيه.
والوكالة تختلف عن الرسالة التي تعني تبليغ أحد كلام الآخر لغيره من دون أن يكون له دخل في التصرف. فالرسالة موضوعة لمجرد نقل العبارة وإيصال الكلام المرسل إلى المرسل إليه. وعلى ذلك فالرسالة ليست من قبيل الوكالة.
ولعل أهم الفروق بين الرسالة والوكالة أنه يلزم في الرسالة أن يضيف الرسول العقد إلى مرسله , بأن يقول: إني مرسل , وأني بعتك هذا المال بكذا. أما في الوكالة فالوكيل مخير: إن شاء أضافه إلى نفسه , وإن شاء أضافه إلى موكله. وأن حقوق العقد تعود في الوكالة للوكيل , لأنه مباشر العقد , أما في الرسالة فلا تعود حقوق العقد للرسول , لأنه مبلغ لمباشرة العقد , بل تعود جميعها للمرسل , لأنه هو المباشر له.(1/1034)
مرشد الحيران (ص 244)
التوكيل هو إقامة الغير مقام نفسه في تصرف جائز معلوم. (م 915) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 280)
الوكالة تفويض أحد أمره إلى آخر وإقامته مقامه. ويقال لذلك الشخص: موكل ولمن أقامه: وكيل ولذلك الأمر: موكل به. (م 1449) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 382)
الوكالة والتوكيل: استنابة جائز التصرف لمثله فيما تدخله النيابة. فإن قيدت بقيد فمقيدة , أو علقت على شرط فمعلقة , أو أقتت بزمن فمؤقته , وإلا فهي مطلقة. (م 1186) .
الوكيل هو من استنابه غيره. ويقال للمستنيب موكل. (م 1187)
الموكل به والموكل فيه: هو التصرف المستناب فيه , سواء كان خاصا أو عاما (م1188)
شرح منتهى الإرادات (2 / 299)
(الوكالة) شرعا (استنابة جائز التصرف) فيما وكل فيه (مثله) أي جائز التصرف (فيما تدخله النيابة) من قول كعقد وفسخ أو فعل كقبض وإقباض.
الدر المنتقى 2 / 221
(الوكالة هي) لغة الحفظ , وشرعا (إقامة الغير مقام نفسه) ترفها أو عجزا (في التصرف) الشرعي المعلوم. فأل للعهد فلا حاجة إلى زيادة أمر شرعي كما ظن , نعم يخرج عنه أنت وكيلي في كل شيء فإنه يصير وكيلا بالحفظ استحسانا. فينبغي أن يزاد الحفظ , كما في التحفة.
مغني المنتقى (2 / 217)
الوكالة شرعا: تفويض شخص ماله فعله مما يقبل النيابة إلى غيره ليفعله في حياته.
ميارة على التحفة (1 / 129)
ابن عرفة الوكالة نيابة ذي حق غير ذي إمرة ولا عبادة لغيره فيه غير مشروطة بموته. (قوله ذي حق) أخرج به من لاحق له , فإنه لا نيابة له (وقوله غير ذي إمرة) أخرج به الولاية العامة والخاصة (وقوله ولا عبادة لغيره فيه) أخرج به إمامة الصلاة (قوله لغيره) متعلق بنيابة , والضمير عائد على المضاف إليه الذي هو صاحب الحق (وقوله غير مشروطة بموته) أخرج به الموصي , لأنه لا يقال فيه عرفا وكيل , ولذا فرقوا بين فلان وكيلي ووصي.
بدائع الصنائع (6 / 19)
وفي الشريعة يستعمل في هذين المعنيين أيضا على تقرير الوضع اللغوي , وهو تفويض التصرف والحفظ إلى الوكيل. ولهذا قال أصحابنا إن من قال لآخر: وكلتك في كذا أنه يكون وكيلا في الحفظ , لأنه أدى ما يحتمله للحفظ , فيحمل عليه.
الدر المختار (4 / 400)
(التوكيل صحيح وهو إقامة الغير مقام نفسه) ترفها أو عجزا (في تصرف جائز معلوم) فلو جهل ثبت الأدنى , وهو الحفظ (ممن يملكه) أي التصرف , نظرا إلى أصل التصرف , وإن امتنع في بعض الأشياء بعارض النهي.
الفرق بين الوكالة والرسالة
رد المحتار (4 / 399)
وفي المعراج قيل الفرق بين الرسول والوكيل أن الوكيل لا يضيف العقد إلى الموكل والرسول لا يستغني عن إضافته إلى المرسل. وما في الفوائد بيان لما يصير به الوكيل وكيلا والرسول رسولا , وحاصله أنه يصير وكيلا بألفاظ الوكالة , ويصير رسولا بألفاظ الرسالة وبالأمر.
مرشد الحيران (ص 248)
تتعلق حقوق العقد في الرسالة بالمرسل لا بالرسول. (م 930) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 280 , 281 , 282)
الرسالة: هي تبليغ أحد كلام الآخر إلى غيره من دون أن يكون له دخل في التصرف. ويقال للمبلغ رسول , ولصاحب الكلام مرسل وللآخر مرسل إليه (م 1450) .
الرسالة ليست من قبيل الوكالة. مثلا: لو أراد الصيرفي إقراض أحد دراهم وأرسل خادمه للإتيان بها , يكون الخادم رسول ذلك المستقرض , لا يكون وكيله بالاستقراض (م 1454) .
تعود حقوق العقد في الرسالة إلى المرسل , ولا تتعلق بالرسول أصلا (م 1462)
يكون الأمر مرة من قبيل الوكالة ومرة من قبيل الرسالة مثلا: لو اشترى خادم من تاجر مالا بأمر سيده يكون وكيله بالشراء. وأما لو اشترى المولى المال من التاجر وأرسل خادمه ليأتيه به , فيكون رسول سيده ولا يكون وكيله (م 1455) .
درر الحكام (3 / 526)
والحاصل أن الوكيل هو من باشر العقد , والرسول هو مبلغ مباشرة العقد , وشرط الرسالة أن يضاف العقد إلى المرسل , يعني أن يقول الرسول: إني مرسل , وإني بعتك هذا المال بكذا.
مثلا: لو قال أحد لآخر: اذهب إلى فلان , وأخبره أني بعت منه مالي هذا بكذا درهما وذهب ذلك الشخص وقال له: قال فلان إنه باع منك ماله الفلاني بكذا درهما. يعني أنه قال بعت. فيقال لذلك الشخص رسول , يعني مبلغ قول المرسل هذا إلى المرسل إليه , وليس وكيلا بالبيع.
والوكيل لا يجبر على إضافة العقد , فإن شاء أضاف العقد إلى نفسه , ويجرى حكم الوكالة في هذا الحال , وإن شاء أضافه إلى موكله , وعلى هذه الصورة يراعى حكم الرسالة. وأما الرسول فيجبر على إضافة العقد إلى مرسله. وإليه الإشارة بقوله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ} وقوله {وما أنت عليهم بوكيل} حيث نفى الوكالة وأثبت الرسالة.
الفرق بين الرسالة والوكالة: يوجد بين الوكالة وبينها فرق على خمسة وجوه:
أ - الفرق من حيث الماهية. وقد ذكر في المادتين 1449 - 1450 من المجلة.
ب - تعود حقوق العقد في الوكالة للوكيل. أما في الرسالة فلا تعود للرسول حقوق العقد , بل تعود جميعها للمرسل.
ج - قد يتم عزل الوكيل بلحوق علم الوكيل بعزله , ولا يشترط في عزل الرسول لحوق علمه.
د - يلزم في الرسالة أن يضيف الرسول العقد إلى موكله الذي هو مرسله. أما في الوكالة فالوكيل مخير إن شاء أضافه إلى نفسه , وإن شاء أضافه إلى موكله.
هـ - تنعقد الوكالة على الأكثر بألفاظ الوكالة , أما الرسالة فتنعقد على الأكثر بألفاظ الرسالة.(1/1035)
دليل المشروعية
لقد ثبتت مشروعية الوكالة بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول.(1/1036)
دليل المشروعية من الكتاب
قوله تعالى: {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا} (الكهف: 19)
ووجه الاستدلال أن أهل الكهف وكلوا أحدهم في شراء الطعام لهم ومن المعلوم أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما ينسخه.
وقوله تعالى مخبرا عن سيدنا يوسف عليه السلام {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين} (يوسف 93)
فقد أناب سيدنا يوسف عليه السلام إخوته عنه في إلقاء قميصه على وجه أبيه عليه السلام , وهذا توكيل لهم منه ليقوموا نيابة عنه بما يريده.
دليل المشروعية من السنة
توكيل الرسول صلى الله عليه وسلم عروة البارقي بشراء شاة , فقد روى أبو داود والترمذي من حديث عروة البارقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا ليشتري به شاة , فاشترى له به شاتين , فباع إحداهما بدينار , وجاءه بدينار وشاة , فدعا له بالبركة في بيعه.
وما روى أحمد والنسائي وابن حبان من حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليها يخطبها , فأرسلت إليه أني امرأة مصبية , وإني غيرى , وأنه ليس أحد من أوليائي شاهدا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما أنك غيرى فسأدعو الله فتذهب غيرتك , وأما أنك مصبية فإن الله سيكفيك صبيانك , وأما أن أحدا من أوليائك ليس شاهدا فليس أحد من أوليائك لا شاهد ولا غائب إلا سيرضي بي. فقالت أم سلمة قم يا عمر فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم , فزوجه إياها.
ودلالة الحديث واضحة , لأن عمر زوجها بطريق الوكالة بمحضر من الرسول وإقرار.
كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل في القيام بأعمال الدولة كجباية الزكاة وإدارة الجيوش وولاية الأقاليم.
دليل المشروعية من الإجماع
وقد أجمع الفقهاء في كل العصور على جواز عقد الوكالة.
دليل المشروعية من المعقول
فهو أن الحاجة داعية إليه , والمصلحة قائمة به , إذ يعجز كل أحد عن تناول أموره إلا بمعونة من غيره , فكان من رفع الحرج عن الأمة جواز هذا المعاقدة.(1/1037)
تبيين الحقائق (4 / 254)
وهو أي التوكيل مشروع بإجماع الإمة. وقد وكل رسول الله صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام بشراء ضيحة وقال الله تعالى حكاية عن أصحاب الكهف {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة} وكان البعث منهم بطريق الوكالة , وشريعة من قبلنا شريعة لنا ما لم يظهر نسخه ولأن الإنسان قد يعجز عن مباشرة التصرفات وعن حفظ ماله , فيحتاج إلى الاستعانة بغيره أشد الاحتياج , فيكون مشروعا دفعا للحرج.
المغني (7 / 196)
كتاب الوكالة: وهي جائزة بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقول الله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها} فجوز العمل عليه , وذلك بحكم النيابة عن المستحقين. وأيضا قوله تعالى {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه} وهذه وكالة.
وأما السنة فروى أبو داود والأثرم وابن ماجة عن الزبير بن الخريت عن أبي لبيد لمازة بن زبار عن عروة بن الجعد قال: عرض للنبي صلى الله عليه وسلم جلب , فأعطاني دينارا , فقال: يا عروة ائت الجلب , فاشتر لنا شاة. قال: فأتيت الجلب فساومت صاحبه , فاشتريت شاتين بدينار , فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالدينار وبالشاة. فقلت: يا رسول الله , هذا ديناركم , وهذه شاتكم. قال: وصنعت كيف؟ قال: فحدثته الحديث. قال: اللهم بارك له في صفقة يمينه. هذا لفظ رواية الأثرم. وروى أبو داود بإسناده عن جابر بن عبد الله. قال: أردت الخروج إلى خيبر فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إني أردت الخروج إلى خيبر فقال: ائت وكيلي , فخذ منه خمسة عشر وسقا , فإن ابتغى منك آية , فضع يدك على ترقوته. وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه وكل عمرو بن أمية الضمري في قبول نكاح أم حبيبة وأبا رافع في قبول نكاح ميمونة.
وأجمعت الأمة على جواز الوكالة في الجملة. ولأن الحاجة داعية إلى ذلك , فإنه لا يمكن كل واحد فعل ما يحتاج إليه , فدعت الحاجة إليها.
أحكام القرآن لابن العربي (3 / 1216)
الوكالة عقد نيابة أذن الله فيه للحاجة إليه وقيام المصلحة به , إذ يعجز كل أحد عن تناول أموره إلا بمعونة من غيره , أو يترفه فيستنيب من يريحه , حتى جاز ذلك في العبادات لطفا منه سبحانه وتعالى ورفقا بضعفة الخليقة.
مراجع إضافية
انظر مغني المحتاج (2 / 217) , شرح منتهى الإرادات (2 / 300) , تكملة فتح القدير (7 / 4) , المهذب (1 / 355) .(1/1038)
الوصف الفقهي
الأصل في الوكالة أنها من عقود التبرعات التي لا تستوجب بدلا عن المنفعة المبذولة من جانب الوكيل للموكل , لكن لو اشترط فيها للوكيل أجر صح ذلك الشرط ولزم.
والوكالة من عقود الأمانة , ومال الموكل في يد الوكيل أمانة , فلا يضمنه إن هلك بدون تعديه أو تفريطه في المحافظة عليه(1/1039)
الأصل في الوكالة أنها من عقود التبرعات التي تقوم على أساس الرفق والمعونة وقضاء الحاجة مجانا فلا تستوجب من الموكل بدلا عن القيام بأعمالها أو حفظ متاعه فيها. لكن لو اشترط فيها عوض للوكيل فإن هذا الشرط صحيح ملزم باتفاق الفقهاء.
والوكالة هي من عقود الأمانات التي يكون المال المقبوض في تنفيذها أمانة في يد قابضه لحساب صاحبه فلا يكون القابض مسئولا عما يصيبه من تلف فما دونه إلا إذا تعدى أو فرط في الحفظ , كالشركة والوديعة والوكالة. إلخ.
وإنما كانت الوكالة كذلك , لأن الأصل في عقدها أنه معروف وإحسان من الوكيل , حيث يبذل منافع بدنه وحرزه للقيام بأعمالها وحفظ مال الموكل فلو ضمن من غير عدوان أو تفريط لامتنع الناس من قبول الوكالات , وذلك مضر بمصالحهم , إذ كثيرا ما يحتاجون إليها أو يضطرون.(1/1040)
مجلة الأحكام الشرعية مذهب أحمد (ص 386)
يصح التوكيل بلا جعل , وبجعل معلوم , أياما معلومة , ولو بجزء شائع من الثمن أو الأجرة أو المقبوض.
مثلا: لو وكله في بيع أمواله أو تأجير أملاكه أو قبض حقوقه على أن يكون له عشرة في كل مائة من الحاصل صح , واستحق الوكيل ذلك. أما إذا جهل الجعل لزم أجر المثل. (م 1201) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 285)
إذا اشترطت الأجرة في الوكالة وأوفاها الوكيل فيستحقها , وإن لم تشترط ولم يكن الوكيل ممن يخدم بالأجرة فيكون متبرعا , وليس له المطالبة بالأجرة (م 1467)
الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 295)
لا يجبر الوكيل إذا امتنع عن فعل ما وكل فيه لكونه متبرعا , إلا في مسائل.
القوانين الفقهية (ص 334)
تجوز الوكالة بأجرة وبغير أجرة , فإن كانت بأجرة فحكمها حكم الإجارات , وإن كانت بغير أجرة فهي معروف من الوكيل.
المغني (7 / 204)
ويجوز التوكيل بجعل وبغير جعل , فإن النبي صلى الله عليه وسلم وكل أنيسا في إقامة الحد وعروة في شراء شاة , وعمرا وأبا رافع في قبول النكاح بغير جعل , وكان يبعث عماله بقبض الصدقات ويجعل له عمالة.
فتح العزيز (11 / 70)
اعلم أن قولنا أن الجواز من أحكام الوكالة يراد به الوكالة الخالية عن الجعل , فأما إذا شرط فيها جعلا معلوما , واجتمعت شرائط الإجارة , وعقد العقد بصيغة الإجارة فهو لازم , وإن عقد بصيغة الوكالة فيمكن تخريجه على أن الاعتبار بصيغ العقود أو بمعانيها؟
المقدمات الممهدات (3 / 58)
والوكالة جائزة بعوض وعلى غير عوض , فإن كانت بعوض فهي إجارة تلزمهما جميعا , ولا تجوز إلا بأجرة مسماة وأجل مضروب وعمل معروف. وإن كانت بغير عوض فهي معروف من الوكيل يلزمه إذا قبل الوكالة ما التزمه.
الوكالة من عقود الأمانة
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 387 , 401)
الوكيل أمين , لا يضمن ما تلف بيده من غير تعد ولا تفريط , سواء كان متبرعا أو بجعل , أما إذا تعدى أو فرط فيضمنه. (م 1265) لا يصح اشتراط ضمان الوكيل بلا تفريط , والوكالة صحيحة. (م 1028)
مجلة الأحكام العدلية (ص 284 , 290)
المال الذي قبضه الوكيل بالبيع والشراء وإيفاء الدين واستيفائه وقبض العين من جهة الوكالة هو في حكم الوديعة في يده , فإذا تلف بلا تعد ولا تقصير فلا يلزم الضمان , والمال الذي في يد الرسول من جهة الرسالة هو أيضا في حكم الوديعة (م 1463) إذا تلف المال المشترى في يد الوكيل بالشراء أو ضاع قضاء , فيتلف من مال الموكل ولا يسقط من الثمن شيء. (م 1492) .
مرشد الحيران (ص 252 , 256)
المبيع في يد الوكيل بالشراء أمانة , فإذا هلك أو ضاع بدون تعديه هلك على الموكل , ولا يسقط من الثمن شيء (م 942) .
إذا قبض الوكيل بالبيع الثمن كان في يده أمانة , فلا يضمنه إلا إذا تعدى عليه أو قصر في حفظه (م 957) .
بدائع الصنائع (6 / 34)
المقبوض في يد الوكيل بجهة التوكيل بالبيع والشراء وقبض الدين والعين وقضاء الدين أمانة بمنزلة الوديعة , لأن يده يد نيابة عن الموكل بمنزلة يد المودع , فيضمن بما يضمن في الودائع , ويبرأ بما يبرأ فيها.
التفريع لابن الجلاب (2 / 316)
والوكيل مؤتمن , لا يضمن إلا أن يتعدى.
الكافي لابن عبد البر (ص 395)
الوكيل أمين لا ضمان عليه فيما دفع إليه إلا ما جنت يداه أو أتي به من قبل نفسه بتضييع أو تعمد فساد. وكذلك هو أمين لا ضمان عليه في رد ما دفع إليه ولا في ثمن ما أمر ببيعه إذا ادعى رد ذلك إلى من دفعه إليه وثمنه إلى من أمر ببيعه.
شرح منتهى الإرادات (2 / 315)
(والوكيل أمين لا يضمن ما تلف بيده بلا تفريط) لأنه نائب المالك في اليد والتصرف , فالهلاك في يده كالهلاك في يد المالك , كالمودع والوصي ونحوه وسواء أكان متبرعا أو بجعل فإن فرط أو تعدى ضمن.
المهذب (1 / 364)
والوكيل أمين فيما في يده من مال الموكل , فإن تلف في يده من غير تفريط لم يضمن , لأنه نائب عن الموكل في اليد والتصرف , فكان الهلاك في يده كالهلاك في يد الموكل فلم يضمن.
روضة الطالبين (4 / 325)
للوكالة حكم الأمانة , فيد الوكيل يد أمانة , فلا يضمن ما تلف في يده بلا تفريط , سواء كان بجعل أو متبرعا. فإن تعدى بأن ركب الدابة أو لبس الثوب ضمن قطعا.(1/1041)
الحكم التكليفي
الأصل في الوكالة الإباحة في حق الموجب (الموكل) غير أنه قد يعرض لها الوجوب أو الندب أو الحرمة أو الكراهة بحسب متعلقها , وكذا في حق القابل (الوكيل) عند المالكية.
وقال الشافعية: الأصل في قبولها الندب ما لم يلابسها عارض يصرف حكمه إلى الحرمة أو الكراهة أو الوجوب أو الإباحة , وفي إيجابها الندب كذلك إن لم يرد الموكل غرض نفسه.(1/1042)
نص المالكية على أن حكم الوكالة من حيث ذاتها الإباحة في حق الموكل والوكيل على السواء غير أنه قد يعرض وجوبها كقضاء دين لا يوصل إليه إلا بها , وحرمتها إن تعلق بفعلها شيء محرم , وكراهتها إن كانت بفعل مكروه.
وقال الشافعية: الأصل في قبول الوكالة الندب لأنها قيام بمصلحة الغير , وإسداء نفع إليه , وذلك لقوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى} (المائدة: 2) , وقول النبي عليه الصلاة والسلام والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه أخرجه مسلم. غير أنه قد يعرض له:
الحرمة , إذا كان فيها إعانة على معصية ,
والكراهة , إذا كان فيها إعانة على مكروه ,
والوجوب , إن توقف عليها دفع ضرورة الموكل , كتوكيل المضطر لدفع الهلاك عن نفسه غيره في شراء طعام قد عجز عن شرائه
والإباحة , كما إذا لم يكن للموكل حاجة للتوكيل وسأله الوكيل لا لغرض.
وكذلك الأصل في إيجابها الندب إن لم يرد به الموكل حظ نفسه.(1/1043)
مواهب الجليل (5 / 181)
قال ابن عرفة وحكمها لذاتها الجواز.
مغني المحتاج (2 / 217)
قال القاضي حسين وغيره: إن قبولها - أي الوكالة - مندوب إليه , لقوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى} ولخبر: والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.
الزرقاني على خليل (6 / 72)
(صحت الوكالة في قابل النيابة من عقد) وما عطف عليه , أي يجوز أن يوكل من يعقد عنه عقدا , معاملة أو بيعا أو نكاحا أو غير ذلك من العقود. قال التتائي ولعله إنما عبر بالصحة دون الجواز لعروض سائر الأحكام للصحة بحسب متعلقها , كقضاء دين لا يوصل إليه إلا بها والصدقة والبيع المكروه والحرام ونحو ذلك. وبهذا يندفع قول من قال: كان ينبغي له أن يأتي مكان (صحت) ب جازت , لأنه كلما جاز الشيء صح , ولا عكس. أه وفيه نظر: لأن جوازها من حيث ذاتها كغيرها من العقود الجائزة لا ينافي عروض غيره من الوجوب والمنع والكراهة ألا ترى أن ابن عرفة يقول في غير موضع: وحكمها الجواز , وقد يعرض وجوبها. إلخ. وقال الطخيخي عبر بالصحة دون الجواز ليكون مفهومه عدم الصحة صريحا فيما لم يستوف الشروط. أي لأنه يلزم من عدم الصحة البطلان , ولا يلزم من عدم الجواز البطلان.
تحفة المحتاج وحاشية الشرواني (5 / 294)
(والحاجة ماسة إليها , ومن ثم ندب قبولها , لأنها قيام بمصلحة الغير وإيجابها إن لم يرد به حظ نفسه , لتوقف القبول المندوب عليه , ولقوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى} وفي الخبر والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه) .
قال الشرواني (قوله: ومن ثم ندب قبولها) أي الأصل فيها الندب وقد تحرم إن كان فيها إعانة على حرام , وتكره إن كان فيها إعانة على مكروه , وتجب إن توقف عليها دفع ضرورة الموكل كتوكيل المضطر غيره في شراء طعام قد عجز عن شرائه , وقد تتصور فيها الإباحة أيضا , بأن لم يكن للموكل حاجة في الوكالة , وسأله والوكيل لا لغرض.
(قوله: وإيجابها) عطف على قبولها (قوله: لتوقف القبول المندوب عليه) إنما يظهر هذه التوجيه لو ندب القبول لنفسه لا لمصلحة الموجب. (قوله: ولقوله تعالى. إلخ) عطف على قوله ومن ثم إلخ , فإن المعاونة والعون ظاهران في القبول دون الإيجاب , فالآية والخبر المذكوران دليلان لندب القبول فقط , كما هو صريح (المغني) فكان الأولى تقديم ذلك على قوله وإيجابها.
حاشية القليوبي (2 / 336)
وقبولها مندوب , وكذا إيجابها إن لم يرد الموكل غرض نفسه. كذا قاله شيخنا الرملي. وقال بعضهم ينبغي ندبه مطلقا لأنه إعانة على مندوب. وفيه نظر بقولهم لا ثواب في عبادة فيها تشريك.(1/1044)
الوكالة العامة
تنقسم الوكالة إلى عامة وخاصة.
الوكالة العامة هي تفويض عام لا يخص بشيء دون شيء , وقد أجازها الحنفية والمالكية ومنعها الشافعية والحنابلة.(1/1045)
الوكالة العامة: هي تفويض عام لا يخص , بشيء دون شيء مثل أن يقول شخص لآخر: أنت وكيلي في كل شيء , أو في أموري كلها التي يجوز فيها التوكيل.
فيدخل تحته جميع ما يقبل النيابة من الأمور المالية النكاح والطلاق والمخاصمة وغير ذلك , إلا ما يستثنيه المفوض من الأشياء.
ويسمى الوكيل فيها (الوكيل العام) و (الوكيل المفوض إليه) .
وهي جائزة مشروعة عند الحنفية والمالكية.
ومنعها الشافعية والحنابلة لما فيها من كثير الغرر وعظيم الضرر , ولم يقولوا بجوازها إلا إذا لحقها من التخصيص ما ينفي ذلك , كأن يقول شخص لآخر: وكلتك في كل شيء في بيع أموالي أو إدارة مزارعي أو قبض ديوني أو المخاصمة في حقوقي.(1/1046)
الوكالة العامة والخاصة
مرشد الحيران (ص 245 , 246)
يصح تخصيص الوكالة بتخصيص الموكل به وتعميمها بتعميمه , فمن وكل غيره توكيلا مطلقا مفوضا بكل حق هو له وبالخصومة في كل حق له صحت الوكالة , ولو لم يعين المخاصم به والمخاصم (م 922) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 386 , 387)
لا تصح الوكالة فيما يعظم فيه الغرر والضرر , كما لو وكله وكالة عامة في كل قليل وكثير , أو وكله في كل تصرف يجوز له. لكن إذا قل الغرر صحت. مثلا: لو وكله في بيع ماله كله أو في بيع ما شاء منه , أو في المطالبة بحقوقه كلها أو بما شاء منها ونحو ذلك , صح (م 1200) .
البحر الرائق (7 / 141)
وهو أي التوكيل - عام وخاص. فالثاني ظاهر. والأول: نحو أن يقول: ما صنعت من شيء فهو جائز , أنت وكيلي في كل شيء جائز أمرك علي , ملك جميع أنواع التصرفات من البيع والشراء والهبة والصدقة والتقاضي وغير ذلك. ولو طلق امرأته جاز. قال الصدر الشهيد وبه يفتى حتى يتبين خلافه. واختار أبو الليث أنه لو طلق أو وقف لم يجز.
القوانين الفقهية (ص 333)
أنواع الوكالة , وهي نوعان
(الأول) : تفويض عام. فيدخل تحته جميع ما تصح فيه النيابة من الأمور المالية والنكاح والطلاق وغير ذلك إلا ما يستثنيه المفوض من الأشياء. وقال الشافعي لا يصح التفويض العام.
(الثاني) : توكيل خاص. فيختص بما جعل الموكل للوكيل من قبض أو بيع أو خصام أو غير ذلك.
بداية المجتهد (2 / 302)
وهي ضربان عند مالك عامة , وخاصة. فالعامة: هي التي تقع عنده بالتوكيل العام الذي لا يسمى فيه شيء دون شيء. وذلك أنه إن سمى عنده لم ينتفع بالتعميم والتفويض. وقال الشافعي لا تجوز الوكالة بالتعميم , وهي غرر , وإنما يجوز منها ما سمى وحدد ونص عليه. وهو الأقيس إذا كان الأصل فيها المنع إلا ما وقع عليه الإجماع.
شرح منتهى الإرادات (2 / 303)
ولا يصح التوكيل (في كل قليل وكثير) ذكره الأزجي اتفاق الأصحاب , لأنه يدخل فيه كل شيء من هبة ماله وطلاق نسائه وإعتاق رقيقه فيعظم الغرر والضرر , ولأن التوكيل شرطه أن يكون في تصرف معلوم.
المهذب (1 / 357)
ولا يجوز التوكيل إلا في تصرف معلوم. فإن قال: وكلتك في كل قليل وكثير لم يصح , لأنه يدخل فيه ما يطيق وما لا يطيق , فيعظم الغرر ويكثر الضرر. وإن قال: وكلتك في بيع جميع مالي أو قبض جميع ديوني صح , لأنه يعرف ماله ودينه.
المغني (7 / 205)
ولا تصح الوكالة إلا في تصرف معلوم , فإن قال: وكلتك في كل شيء , أو في كل قليل وكثير , أو في كل تصرف يجوز لي , أو في كل مالي التصرف فيه , لم يصح , وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي. وقال ابن أبي ليلى يصح , ويملك به كل ما تناوله لفظه , لأنه لفظ عام , فصح فيما يتناوله , كما لو قال: بع مالي كله.
ولنا: أن في هذا غررا عظيما وخطر كبيرا , لأنه تدخل فيه هبة ماله وطلاق نسائه وإعتاق رقيقه وتزوج نساء كثير , ويلزمه المهور الكثيرة والأثمان العظيمة فيعظم الضرر.(1/1047)
الوكالة الخاصة
تنقسم الوكالة إلى عامة وخاصة.
الوكالة الخاصة هي توكيل خاص ببعض ما تصح فيه النيابة , وقد ذهب جماهير الفقهاء إلى صحة الوكالة الخاصة.(1/1048)
الوكالة الخاصة: هي توكيل خاص ببعض ما تصح فيه الإنابة فيختص بما جعل الموكل للوكيل فيها من قبض أو بيع أو خصومة أو غير ذلك. ويسمى الوكيل فيها (الوكيل الخاص) و (الوكيل المخصوص) .
وقد اتفقت كلمة الفقهاء على جوازها.(1/1049)
الوكالة العامة والخاصة
مرشد الحيران (ص 245 , 246)
يصح تخصيص الوكالة بتخصيص الموكل به وتعميمها بتعميمه , فمن وكل غيره توكيلا مطلقا مفوضا بكل حق هو له وبالخصومة في كل حق له صحت الوكالة , ولو لم يعين المخاصم به والمخاصم (م 922) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 386 , 387)
لا تصح الوكالة فيما يعظم فيه الغرر والضرر , كما لو وكله وكالة عامة في كل قليل وكثير , أو وكله في كل تصرف يجوز له. لكن إذا قل الغرر صحت. مثلا: لو وكله في بيع ماله كله أو في بيع ما شاء منه , أو في المطالبة بحقوقه كلها أو بما شاء منها ونحو ذلك , صح (م 1200) .
البحر الرائق (7 / 141)
وهو أي التوكيل - عام وخاص. فالثاني ظاهر. والأول: نحو أن يقول: ما صنعت من شيء فهو جائز , أنت وكيلي في كل شيء جائز أمرك علي , ملك جميع أنواع التصرفات من البيع والشراء والهبة والصدقة والتقاضي وغير ذلك. ولو طلق امرأته جاز. قال الصدر الشهيد وبه يفتى حتى يتبين خلافه. واختار أبو الليث أنه لو طلق أو وقف لم يجز.
القوانين الفقهية (ص 333)
أنواع الوكالة , وهي نوعان
(الأول) : تفويض عام. فيدخل تحته جميع ما تصح فيه النيابة من الأمور المالية والنكاح والطلاق وغير ذلك إلا ما يستثنيه المفوض من الأشياء. وقال الشافعي لا يصح التفويض العام.
(الثاني) : توكيل خاص. فيختص بما جعل الموكل للوكيل من قبض أو بيع أو خصام أو غير ذلك.
بداية المجتهد (2 / 302)
وهي ضربان عند مالك عامة , وخاصة. فالعامة: هي التي تقع عنده بالتوكيل العام الذي لا يسمى فيه شيء دون شيء. وذلك أنه إن سمى عنده لم ينتفع بالتعميم والتفويض. وقال الشافعي لا تجوز الوكالة بالتعميم , وهي غرر , وإنما يجوز منها ما سمى وحدد ونص عليه. وهو الأقيس إذا كان الأصل فيها المنع إلا ما وقع عليه الإجماع.
شرح منتهى الإرادات (2 / 303)
ولا يصح التوكيل (في كل قليل وكثير) ذكره الأزجي اتفاق الأصحاب , لأنه يدخل فيه كل شيء من هبة ماله وطلاق نسائه وإعتاق رقيقه فيعظم الغرر والضرر , ولأن التوكيل شرطه أن يكون في تصرف معلوم.
المهذب (1 / 357)
ولا يجوز التوكيل إلا في تصرف معلوم. فإن قال: وكلتك في كل قليل وكثير لم يصح , لأنه يدخل فيه ما يطيق وما لا يطيق , فيعظم الغرر ويكثر الضرر. وإن قال: وكلتك في بيع جميع مالي أو قبض جميع ديوني صح , لأنه يعرف ماله ودينه.
مغني (7 / 205)
ولا تصح الوكالة إلا في تصرف معلوم , فإن قال: وكلتك في كل شيء , أو في كل قليل وكثير , أو في كل تصرف يجوز لي , أو في كل مالي التصرف فيه , لم يصح , وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي. وقال ابن أبي ليلى يصح , ويملك به كل ما تناوله لفظه , لأنه لفظ عام , فصح فيما يتناوله , كما لو قال: بع مالي كله.
ولنا: أن في هذا غررا عظيما وخطر كبيرا , لأنه تدخل فيه هبة ماله وطلاق نسائه وإعتاق رقيقه وتزوج نساء كثير , ويلزمه المهور الكثيرة والأثمان العظيمة فيعظم الضرر.(1/1050)
الوكالة المطلقة
تنقسم الوكالة إلى مطلقة ومقيدة.
الوكالة المطلقة هي التي لم تقيد بزمان ولا مكان ولا غيرهما مما لا يتوقف عليه أصل صحة الوكالة , وقد ذهب جماهير الفقهاء إلى صحة الوكالة المطلقة.(1/1051)
يقسم الفقهاء الوكالة باعتبار إطلاقها وتقييدها إلى قسمين: مطلقة , ومقيدة. الوكالة المطلقة هي التي لم تقيد بزمان ولا مكان ولا غيرهما مما لا يتوقف عليه أصل صحة الوكالة كتحديد ثمن البيع أو الشراء أو زمانهما أو مكانهما. إلخ. مثل ما إذا قال شخص وكلتك في بيع أرضي الفلانية أو شراء سيارة لي. ونحو ذلك.
ولا خلاف بين الفقهاء في مشروعية الوكالة المطلقة.(1/1052)
الوكالة المطلقة والمقيدة
مرشد الحيران ص 245 , 246
يصح أن يكون ركن التوكيل مطلقا , وأن يكون مقيدا بقيد أو معلقا بشرط أو مضافا إلى وقت مستقبل (م 919) .
يصح تفويض الرأي للوكيل , فيتصرف فيما وكل به كيف شاء , ويصح تقييده بتصرف مخصوص (م 923) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 282)
يكون ركن التوكيل مرة مطلقا. يعني لا يكون معلقا بشرط أو مضافا إلى وقت أو مقيدا بقيد. ومرة يكون معلقا بشرط. مثلا لو قال وكلتك على أن تبيع فرسي هذه إذا أتى فلان التاجر إلى هنا , وقبل الوكيل ذلك , تنعقد الوكالة معلقة بمجيء التاجر , وللوكيل أن يبيع الفرس إذا أتى التاجر , وإلا فلا. ومرة يكون مضافا إلى وقت. مثلا: لو قال وكلتك على أن تبيع دوابي في شهر نيسان , وقبل الوكيل ذلك , يكون وكيلا بحلول الشهر المذكور , وله أن يبيع الدواب في الشهر المذكور , وأما قبل حلوله فليس له أن يبيع. ومرة يكون مقيدا بقيد. مثلا لو قال: وكلتك على أن تبيع ساعتي هذه بألف قرش , تكون وكالة الوكيل مقيدة بعدم البيع بأقل من ألف قرش (م 1456) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 386 , 387)
يصح توقيت الوكالة , كأن يقول: وكلتك شهرا أو سنة , أو أنت وكيلي إلى الوقت الفلاني. (م 1204) .
المقدمات الممهدات (3 / 52)
إذا وكل الرجل الرجل وكالة مطلقة , لم يخصه بشيء دون شيء , فهو وكيل له على جميع الأشياء , وإن سمى بيعا أو ابتياعا أو خصاما أو شيئا من الأشياء فلا يكون وكيلا له إلا فيما سمى.(1/1053)
الوكالة المقيدة
تنقسم الوكالة إلى مطلقة ومقيدة.
الوكالة المقيدة هي التي قيدت بشيء بزمان أو مكان أو غيرهما مما لا يتوقف عليه صحة الوكالة , وقد ذهب جماهير الفقهاء إلى صحة الوكالة المقيدة.(1/1054)
يقسم الفقهاء الوكالة باعتبار إطلاقها وتقييدها إلى قسمين: مطلقة , ومقيدة.
الوكالة المقيدة: هي التي قيدت بزمان أو مكان أو مقدار ثمن ونحو ذلك مما لا يتوقف عليه أصل صحة الوكالة. كما لو قال شخص لآخر: وكلتك في بيع هذه السيارة غدا , أو في الشهر القادم , أو في القاهرة , أو بثمن كذا , أو نقدا.
وهي جائزة في قول سائر الفقهاء.(1/1055)
الوكالة المطلقة والمقيدة
مرشد الحيران (ص 245 , 246)
يصح أن يكون ركن التوكيل مطلقا , وأن يكون مقيدا بقيد أو معلقا بشرط أو مضافا إلى وقت مستقبل (م 919) .
يصح تفويض الرأي للوكيل , فيتصرف فيما وكل به كيف شاء , ويصح تقييده بتصرف مخصوص (م 923) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 282)
يكون ركن التوكيل مرة مطلقا. يعني لا يكون معلقا بشرط أو مضافا إلى وقت أو مقيدا بقيد. ومرة يكون معلقا بشرط. مثلا لو قال وكلتك على أن تبيع فرسي هذه إذا أتى فلان التاجر إلى هنا , وقبل الوكيل ذلك , تنعقد الوكالة معلقة بمجيء التاجر , وللوكيل أن يبيع الفرس إذا أتى التاجر , وإلا فلا. ومرة يكون مضافا إلى وقت. مثلا: لو قال وكلتك على أن تبيع دوابي في شهر نيسان , وقبل الوكيل ذلك , يكون وكيلا بحلول الشهر المذكور , وله أن يبيع الدواب في الشهر المذكور , وأما قبل حلوله فليس له أن يبيع. ومرة يكون مقيدا بقيد. مثلا لو قال: وكلتك على أن تبيع ساعتي هذه بألف قرش , تكون وكالة الوكيل مقيدة بعدم البيع بأقل من ألف قرش (م 1456) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 386 , 387)
يصح توقيت الوكالة , كأن يقول: وكلتك شهرا أو سنة , أو أنت وكيلي إلى الوقت الفلاني. (م 1204) .
المقدمات الممهدات (3 / 52)
إذا وكل الرجل الرجل وكالة مطلقة , لم يخصه بشيء دون شيء , فهو وكيل له على جميع الأشياء , وإن سمى بيعا أو ابتياعا أو خصاما أو شيئا من الأشياء فلا يكون وكيلا له إلا فيما سمى.(1/1056)
الوكالة بأجر وبدون أجر
كما تصح الوكالة بدون أجر , وهذا هو الأصل لأنها معروف وإحسان من الوكيل. كذلك يصح اشتراط الأجر للوكيل في الوكالة فتنقلب إلى إجارة وتسرى عليها أحكامها.(1/1057)
إذا اشترط في عقد الوكالة أجرة للوكيل مقابل قيامه بأعمالها وحفظ متاع الموكل فيها , صح الشرط ولزم , لأن الوكيل إنما يتصرف للغير , ولا يلزمه ذلك , فجاز أخذ الجعل عليه , وينقلب بذلك عقد الوكالة إلى إجارة , وتسري عليه أحكامها , لأن العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
وعلى ذلك يصير العقد لازما في حق طرفيه , ويجب فيه معلومية البدل والأجل والعمل , ويجبر الوكيل على القيام بما وكل به , ويستحق أجره على عمله كسائر الأجراء.(1/1058)
الوكالة بأجر وبدون أجر
مجلة الأحكام العدلية (ص 285 , 292)
إذا اشترطت الأجرة في الوكالة , وأوفاها الوكيل فيستحقها. وإن لم تشترط , ولم يكن الوكيل ممن يخدم بالأجرة , فيكون متبرعا , وليس له المطالبة بالأجرة (م 1467)
إذا كان الوكيل بغير أجرة فلا يكون مجبورا على استيفاء ثمن المال الذي باعه ولا على تحصيله , ولكن يلزم أن يوكل موكله بقبض وتحصيل الثمن إذا لم يحصله برضائه. وأما الوكيل بالبيع بأجرة - كالدلال والسمسار - فهو مجبور على تحصيل الثمن واستيفائه. (م 1504)
مرشد الحيران (ص 247 , 255)
إذا اشترطت الأجرة في الوكالة , وأوفي الوكيل العمل فقد استحق الأجرة المسماة إن وقت وقتا أو ذكر عملا معينا يمكن أن يأخذ في العمل فيه في الحال , وإن لم تشترط , وكان الوكيل فمن يعمل بأجر , فله أجر المثل , وإلا فلا. (م 926) .
الوكيل بالبيع المجعول له أجر على البيع كالدلال والسمسار يجبر على تقاضي الثمن من المشتري وتحصيله منه. (م9533) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 386) :
يصح التوكيل بلا جعل , وبجعل معلوم , أياما معلومة , ولو بجزء شائع من الثمن أو الأجر أو المقبوض. مثلا: لو وكله في بيع أمواله أو تأجير أملاكه أو قبض حقوقه على أن يكون له عشرة في كل مائة من الحاصل صح , واستحق الوكيل ذلك. أما إذا جهل الجعل لزم أجر المثل. (م 1201) .
مواهب الجليل (5 / 188)
قال ابن فرحون وإن كانت - أي الوكالة - بعوض , فهي إجارة تلزمهما بالعقد , ولا يكون لواحد التخلي , وتكون بعوض مسمى وإلى أجل مضروب وفي عمل معروف.
روضة الطالبين (4 / 332)
متى قلنا الوكالة جائزة , أردنا الخالية عن الجعل. فأما إذا شرط فيها جعل معلوم اجتمعت شرائط الإجارة , وعقد بلفظ الإجارة فهي لازمة , وإن عقد بلفظ الوكالة أمكن تخريجه على أن الاعتبار بصيغ العقود أم بمعانيها؟ د العقود الدرية (1 / 347)
سئل: فيما إذا وكل زيد عمرا في تقاضي دينه الذي بذمة فلان وقبضه وشرط له على ذلك أجرا معلوما في مدة معلومة وتقاضاه , فهل يستحق الأجر بالشرط؟
الجواب: حيث شرط له ذلك ووقت له وقتا , وباشر ذلك , يستحق ما ذكر.
شرح منتهى الإرادات (2 / 317)
(و) يصح التوكيل (ب) جعل (معلوم) كدرهم أو دينار أو ثوب صفته كذا (أياما معلومة) بأن يوكله عشرة أيام , كل يوم بدرهم (أو يعطيه من الألف) مثلا (شيئا معلوما) كعشرة , لأنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث عماله لقبض الصدقات ويعطيهم عليها ولأن التوكيل تصرف للغير , ولا يلزمه فعله , فجاز أخذ الجعل عليه , كرد الآبق و (لا) يصح أن يجعل له (من كل ثوب كذا , لم يصفه) أي الثوب (ولم يقدر ثمنه) لجهالة المسمى , وكذا لو سمى له جعلا مجهولا , ويصح تصرفه بعموم الإذن , وله أجرة مثله (وإن عين الثياب المعينة في بيع أو شراء من) شخص (معين) بأن قال: كل ثوب بعته من هذه الثياب لزيد , فلك على بيعه كذا , أو كل ثوب اشتريته لي من فلان من هذه الثياب , فلك على شرائه كذا وعينه (صح) ما سماه لزوال الجهالة , وكذا لو لم يعين البائع على ما يظهر.
المقدمات الممهدات (3 / 58)
الوكالة جائزة بعوض وعلى غير عوض , فإن كانت بعوض فهي إجارة تلزمهما جميعا , ولا تجوز إلا بأجرة مسماة وأجل مضروب وعمل معروف.
المغني (7 / 204)
ويجوز التوكيل بجعل وبغير جعل. فإن كانت بجعل , استحق الوكيل الجعل بتسليم ما وكل فيه إلى الموكل إن كان مما يمكن تسليمه , كثوب ينسجه أو يقصره أو يخيطه , فمتى سلمه إلى الموكل معمولا , فله الأجر. وإن كان الخياط في دار الموكل , فكلما عمل شيئا وقع مقبوضا , فيستحق الوكيل الجعل إذا فرغ من الخياطة. وإن وكل في بيع أو شراء أو حج استحق الأجر إذا عمله , وإن لم يقبض الثمن في البيع. وإن قال: إذا بعت الثوب وقبضت ثمنه وسلمته إلي فلك الأجر , لم يستحق منها شيئا حتى يسلمه إليه. فإن فاته التسليم لم يستحق شيئا لفوات الشرط.
القوانين الفقهية (ص 334)
تجوز الوكالة بأجرة وبغير أجرة , فإن كانت بأجرة فحكمها حكم الإجارات.
مراجع إضافية
انظر أسنى المطالب (2 / 278) , قليوبي (2 / 347) , المبدع (4 / 385) , كشاف القناع (3 / 478) , العقود الدرية (1 / 343) , فتح العزيز (11 / 70) , الزرقاني على خليل (6 / 91) , الخرشي (6 / 86) .(1/1059)
الصيغة
تنعقد الوكالة بالإيجاب والقبول بكل لفظ يدل على المقصود بها وينبئ عنه , وينوب مناب القبول باللفظ كل فعل - أو سكوت - يفهم منه ذلك ولو بقرائن الأحوال.(1/1060)
لا خلاف بين الفقهاء في أن الأصل في صحة العقود هو التراضي وطيب النفس , وأن الوكالة لا تصح إلا بذلك.
وقد ذكروا أن الوكالة لما كانت عقدا يتم بين طرفين , فإن وجوده يتوقف على صيغة تفصح عن رغبة العاقدين في إنشائه وتعبر بجلاء عن اتفاقهما على تكونيه , وهي الإيجاب والقبول باللفظ الدال عليه , كأن يقول شخص لآخر: وكلتك بهذا الأمر. أو أنت وكيلي بكذا. أو أن يستعمل أي لفظ يدل على الإنابة أو التفويض أو الإذن أو الأمر بالتصرف. ويقول الآخر: قبلت. أو نحو ذلك من الألفاظ التي تنبئ عن موافقته.
بل إن الفقهاء توسعوا في مفهوم القبول فجعلوه شاملا - بالإضافة إلى اللفظ المعبر عنه - لكل فعل أو سكوت يدل عليه , سواء وقع على الفور أو على التراخي.
وحيث انعقدت الوكالة بصيغة ما , فإن الحكم المترتب عليها يكون بحسب الصيغة , إطلاقا وتقييدا أو عموما وخصوصا.(1/1061)
مرشد الحيران (ص 245)
تنعقد الوكالة بإيجاب وقبول. ويشترط علم الوكيل بالوكالة , فإن ردها الوكيل بعد علمه بها ارتدت , ولا يصح تصرفه بعد رده. (م 918) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 281)
ركن التوكيل الإيجاب والقبول. وذلك بأن يقول الموكل: وكلتك بهذا الخصوص. فإذا قال الوكيل: قبلت. أو قال كلاما آخر يشعر بالقبول فتنعقد الوكالة. كذلك لو لم يقل شيئا , وتشبث بإجراء ذلك الخصوص يصح تصرفه , لأنه يكون قد قبل الوكالة دلالة (م 1451) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 383)
تنعقد الوكالة بإيجاب الموكل وقبول الوكيل. (م 119) . تنعقد الوكالة بكل قول دال على الاستنابة. كأنه يأمره بفعل شيء أو يقول له: فوضت إليك أو أذنتك أو أنبتك أو أقمتك مقامي في كذا ونحو ذلك (م 1191) .
يصح قبول الوكالة بكل قول أو فعل دال عليه. (م 1192) .
يصح تراخي القبول في الوكالة. مثلا: لو وكله في بيع شيء فباعة بعد سنة , أو بلغه أن زيدا وكله في شراء شيء بعد سنة فقبلها بقول أو فعل صح. (1193) .
مجموع فتاوى ابن تيمية (20 / 533)
والتحقيق أن المتعاقدين إن عرفا المقصود انعقدت , فأي لفظ من الألفاظ عرف به المتعاقدان مقصودهما انعقد به العقد. وهذا عام في جميع العقود , فإن الشارع لم يحد ألفاظ العقود حدا , بل ذكرها مطلقة , فكما تنعقد العقود بما يدل عليها من الألفاظ الفارسية والرومية وغيرهما من الألسن العجمية , فهي تنعقد بما يدل عليها من الألفاظ العربية , ولهذا وقع الطلاق والعتاق بكل لفظ يدل عليه , وكذا البيع وغيره.
المهذب (1 / 357)
ولا تصح الوكالة إلا بالإيجاب والقبول , لأنه عقد تعلق به حق كل واحد منهما , فافتقر إلى الإيجاب والقبول كالبيع والإجارة ويجوز القبول على الفور وعلى التراخي. وقال القاضي أبو حامد المروروذي لا يجوز إلا على الفور. لأنه عقد في حال الحياة , فكان القبول فيه على الفور كالبيع. والمذهب الأول , لأنه إذن في التصرف , والإذن قائم ما لم يرجع فيه , فجاز القبول. ويجوز القبول بالفعل , لأنه إذن في التصرف , فجاز القبول فيه بالفعل كالإذن في أكل الطعام.
مواهب الجليل (5 / 190 , 191)
إن الوكالة تصح وتنعقد بكل ما دل عليها في العرف , ولا يشترط لانعقادها لفظ مخصوص. قال في اللباب: من أركان الوكالة الصيغة أو ما يقوم مقامها مما يدل على معنى التوكيل. انتهى.
وقال ابن الحاجب المعتبر الصيغة أو ما يقوم مقامها. قال في التوضيح: أن المعتبر في صحة الوكالة الصيغة , كقوله: وكلتك , أو أنت وكيلي , أو ما يقوم مقامه من قول أو فعل , كقوله: تصرف عني في هذا , أو كإشارة الأخرس ونحوه. انتهى
(قلت) وهذا من جانب الموكل. ولا بد أن يقترن به من جانب الوكيل ما يدل على القبول , ويطلب فيه أن يكون على الفور. قال في اللباب إثر كلامه المتقدم: ولا بد من قبول التوكيل. فإن تراخي قبوله بالتوكيل الطويل فيخرج فيه قولان من الروايتين في المملكة والمخيرة في المجلس قبل الاختيار. انتهى.
وأصله للمازري ونقله في الجواهر ونقله في الذخيرة وزاد فيه عن الجواهر عن المازري قال: والتحقيق في هذا يرجع إلى العادة , هل المقصود من هذا اللفظ جوابه على الفور أم لا.
قال البساطي في شرح كلام المصنف: يعني ليس للوكالة صيغة خاصة , بل كل ما دل لغة أو عرفا , فإنها تنعقد به. فإن خالف العرف اللغة , فالمعتبر العرف.
شرح منتهى الإرادات (2 / 300)
(و) تصح وكالة (بكل قول دل على الإذن) نصا , كبع عبدي فلانا أو أعتقه ونحوه أو فوضت إليك أمره , أو جعلتك نائبا عني في كذا , أو أقمتك مقامي لأنه لفظ دل على الإذن , فصح كلفظها الصريح. قال في الفروع: ودل كلام القاضي على انعقادها بفعل دال كبيع. وهو ظاهر كلام الشيخ فيمن دفع ثوبه إلى قصار أو خياط. وهو أظهر , كالقبول (و) يصح (قبول) الوكالة (بكل قول أو فعل دل عليه) لأن وكلائه صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنهم سوى امتثال أمره ولأنه إذن في التصرف , فجاز قبوله بالفعل كأكل الطعام (ولو) كان القبول (متراخيا) عن الإذن. فلو بلغه أن زيدا وكله في بيع عبده منذ سنة فقبل , أو باعه من غير قبول صح , لأن قبول وكلائه صلى الله عليه وسلم كان بفعلهم , وكان متراخيا. قاله في شرحه. ولأن الإذن قائم ما لم يرجع عنه.
قرة عيون الأخيار (1 / 186)
الثالث: في ركنها - أي الوكالة - , وهو ما دل عليها من الإيجاب والقبول ولو حكما كالسكوت.
روضة القضاة (2 / 639)
ولا تصح الوكالة بغير قبول , لأنها عقد فافتقر إلى قبول. ويجوز عندنا القبول بالقول والفعل. ويكون التصرف فيما وكل به قبولا.
الفتاوى الهندية (3 / 560)
ولو قال - أي الموكل للوكيل -: شئت , تبيع كذا. فسكت وباع , جاز. ولو قال: لا أقبل بطل. كذا في محيط السرخسي في باب ما تقع به الوكالة.
مراجع إضافية
انظر درر الحكام (3 / 527) , المغني (7 / 203) , روضة الطالبين (4 / 300) , بدائع الصنائع (6 / 20) , فتح العزيز (11 / 19) , المبدع (4 / 355) , قليوبي على شرح المنهاج (2 / 340) .(1/1062)
صفات العاقدين
يشترط في الموكل لصحة صدور الوكالة عنه: الأهلية , والولاية , والإذن صراحة أو دلالة إن كانت طبيعة ولايته على التصرف تأبى إنابة الغير فيه بدون إذن صاحب الحق فيه.
ويشترط في الوكيل أن يكون جائز التصرف , معينا , متمكنا من مباشرة التصرف الموكل فيه لنفسه.(1/1063)
ما يشترط في الموكل
يشترط في الموكل - ثلاثة شروط:
(أحدها) الأهلية: وذلك بأن يكون جائز التصرف. وهو العاقل المميز عند الحنفية. والبالغ العاقل الرشيد عند سائر الفقهاء.
وعلى ذلك فلا يصح التوكيل من مجنون أو صبي غير مميز باتفاق الفقهاء , لانتفاء أهليتهما للتصرف. أما الصبي المميز , ففي صحة توكيله عند الحنفية تفصيل , وبيانه:
أن التصرف الذي وكل فيه إن كان ضارا به ضررا محضا كطلاق وهبة ووقف , فلا يصح توكيله فيه , وإن كان نافعا له نفعا محضا كقبول الهبة والصدقة فيصح توكيله فيه بدون توقف على إذن وليه. وإن كان مترددا بين النفع والضرر كالبيع والإجارة , فيصح توكيله فيه بإذن وليه.
(الثاني) الولاية: وذلك بأن يكون متمكنا من مباشرة التصرف الذي يوكل فيه إما بحق الملك لنفسه أو بحق الولاية على غيره , وإلا فلا. لأن التوكيل تفويض ما يملكه الشخص من التصرف إلى غيره , فما لا يملكه بنفسه لا يحتمل أن يفوضه إلى غيره , لأن النائب فرع عن المستنيب.
(الثالث) أن لا تكون طبيعة ولايته على التصرف تأبى تفويضه إلى الغير بدون إذن. فالوكيل لا يصح أن يوكل غيره فيما وكل فيه إلا بإذن موكله أو ما هو في معنى الإذن , كأن تكون الوكالة عامة أو فوض الرأي , إلى الوكيل فيها , أو دلت على إذنه قرائن أخرى.
ما يشترط في الوكيل
يشترط في الوكيل - لصحة الوكالة - ثلاثة شروط:
(أحدها) الأهلية: وذلك بأن يكون الوكيل جائز التصرف. وهو العاقل المميز عند الحنفية , والبالغ الرشيد عند الشافعية والمالكية والحنابلة.
وعلى ذلك , فلا يصح توكيل المجنون والصبي الذي لا يعقل. أما الصبي المميز , فقد اختلف الفقهاء في شأنه , فذهب الحنفية وابن رشد المالكي إلى أنه يصح جعله وكيلا. وذهب الشافعية والمالكية والحنابلة إلى عدم صحة توكيله في الجملة , لأنه لا يملك التصرف لنفسه , فلا يملكه لغيره.
(والثاني) أن يكون ممن يصح منه مباشرة ما وكل فيه لنفسه. وعلى ذلك قال الشافعية والمالكية والحنابلة: لا يصح للمرأة أن تتوكل في تزويج غيرها , لأنها لا تملك أصلا مباشرته في حق نفسها.
(والثالث) أن يكون الوكيل معلوما (معينا) . فلو قال شخص: وكلت أحد هذين , لم تصح وكالته للجهالة. نص على ذلك الحنفية والحنابلة.(1/1064)
مرشد الحيران (ص 244 - 246)
يشترط لصحة الوكالة أن يكون الموكل ممن يملك التصرف بنفسه فيما وكل به , بأن يعقل معنى العقد , وأن يكون الوكيل ممن يعقله أيضا. (م 916) .
لا يصح توكيل مجنون ولا صبي لا يعقل مطلقا , ولا توكيل صبي يعقل بتصرف ضار ضررا محضا , ولو أذن به الولي أو الوصي , ويصح توكيله بالذي ينفعه بلا إذن وليه أو وصيه وبالتصرف الدائر بين الضرر والنفع إن كان مأذونا بالتجارة , فإن كان محجورا ينعقد توكيله موقوفا على إذن وليه أو وصيه. (م 917) .
كل عقد جاز للموكل أن يعقده بنفسه جاز أن يوكل به غيره. (921) .
إذا كان الآمر مفوضا لرأي الوكيل جاز له أن يوكل به غيره , ويعتبر الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل , فلا ينعزل الوكيل الثاني بعزل الوكيل الأول ولا بوفاته. (924) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 282 , 285)
يشترط أن يكون الموكل مقتدرا على إيفاء الموكل به.
بناء عليه: لا يصح توكيل الصبي غير المميز والمجنون.
وأما في الأمور التي هي ضرر محض في حق الصبي المميز فلا يصح توكيله وإن أذنه الولي كالهبة والصدقة , وفي الأمور التي هي نفع محض يصح توكيله وإن لم يأذنه الولي كقبول الهبة والصدقة , وأما في التصرفات المتعلقة بالبيع والشراء المترددة بين النفع والضرر , فإن كان الصبي مأذونا بها , فله أن يوكل وإلا فالتوكيل ينعقد موقوفا على أجازة وليه. (م 1457) .
ليس للوكيل أن يوكل غيره في الخصوص الذي وكل به إلا أن يكون قد أذنه الموكل بذلك أو قال له اعمل برأيك , ففي هذه الحال للوكيل أن يوكل غيره , ويصير الشخص الذي وكله الوكيل بهذا الوجه وكيلا للموكل (م 1466) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 385 - 393)
يشترط لصحة الوكالة كون الوكيل والموكل جائزي التصرف بالنسبة للفعل الموكل فيه , فلا يصح توكيل العبد والصبي المميز إلا فيما لا يتعلق بالمال مقصوده (1194) .
للوكيل أن يوكل غيره فيما يعجز عنه لكثرته , وبما لا يتولاه مثله بنفسه عرفا دون إذن موكله صراحة أما إذا أذن له الموكل في التوكيل , فله أن يوكل فيما عدا ذلك أيضا. (1225)
يشترط أن يكون الموكل ممن يملك التصرف الموكل فيه بنفسه حين التوكيل , فلا يصح توكيل الشخص في بيع ما سيمتلكه أو طلاق من سيتزوجها , ولا توكيل المحجور عليه لفلس في التصرف في ماله , كما لا يصح توكيل الوصي والناظر على الوقف في التبرعات ونحوها , لكن توكيل الأعمي ونحوه في عقد لا يحتاج إلى رؤية صحيح. (1196) .
الفتاوى الهندية (3 / 561)
وأما شرطها فأنواع , منها ما يرجع إلى الموكل: وهو أن يكون ممن يملك فعل ما وكل به بنفسه , فلا يصح التوكيل من المجنون والصبي الذي لا يعقل أصلا , وكذا من الصبي العاقل بما لا يملكه بنفسه كالطلاق والعتاق والهبة والصدقة ونحوها من التصرفات الضارة المحضة. ويصح بالتصرفات النافعة كقبول الهبة والصدقة من غير إذن الولي.
وأما التصرفات الدائرة بين الضرر والنفع , كالبيع والإجارة , فإن كان مأذونا في التجارة يصح منه التوكيل , وإن كان محجورا ينعقد موقوفا على إجازة وليه أو على إذن وليه بالتجارة كما إذا فعله بنفسه.
مواهب الجليل (5 / 191)
وشرط الموكل جواز تصرفه فيما وكل عليه , فيصح من الرشيد مطلقا ومن المحجور في الخصومة.
التاج الإكليل (5 / 181)
ابن شاس الوكالة نيابة عن الموكل , فهي لا تكون إلا فيما تصح فيه النيابة مما يلزم الرجل القيام به لغيره أو يحتاجه لمنفعة نفسه. فأما الوكالة فيما يلزم الرجل القيام به لغيره فكتوكيل الأوصياء والوكلاء المفوض اليهم من ينوب عنهم , وكاستخلاف الإمام على ما يلزم القيام به من أمور المسلمين. وأما الوكالة فيما يحتاج إليه الرجل لمنفعة نفسه فكتوكيله على البيع والشراء والنكاح والحدود والخصام وما أشبه ذلك من كل أمر مباح أو مندوب إليه أو واجب تعبد الإنسان في غير عينه.
درر الحكام (3 / 543)
يشترط لجواز الوكالة أن يكون الموكل مقتدرا على عمل الموكل به بالنسبة إلى أصل التصرف , لأن الوكيل يستفيد ويأخذ ولاية التصرف من الموكل , ويملك التصرف من طرف الموكل وعليه فالذي لا يقتدر على التصرف لا يستطيع تمليك ذلك التصرف لغيره.
شرح منتهى الإرادات (2 / 299 , 301 , 304)
(الوكالة) شرعا (استنابة جائز التصرف) فيما وكل فيه (مثله) أي جائز التصرف (فيما تدخله النيابة) .
(ولا يصح توكيل في شيء إلا ممن يصح تصرفه) أي الموكل (فيه) أي في ذلك الشيء , لأن النائب فرع عن المستنيب.
(ولوكيل توكيل فيما يعجزه) فعله (لكثرته ولو في جميعه) لدلالة الحال على الإذن فيه , وحيث اقتضت الوكالة جواز التوكيل جاز في جميعه , كما لو أذن فيه لفظا (وفيما لا يتولى مثله بنفسه) كالأعمال البدنية في حق أشراف الناس المترفعين عنها عادة , لأن الإذن إنما ينصرف لما جرت به العادة و (لا) يصح أن يوكل وكيل (فيما يتولى مثله بنفسه) ويقدر عليه , لأنه لم يؤذن له في التوكيل , ولا تضمنه الإذن , فلم يجز , كما لو نهاه , لأنه استؤمن فيما يمكنه النهوض فيه , فلا يوليه غيره كالوديعة (إلا بإذن) موكله.
كشاف القناع (3 / 451)
(وتصح وكالة المميز بإذن وليه) في كل تصرف لا يعتبر له البلوغ (كتصرفه) أي المميز (بإذنه) أي الولي , فإنه صحيح , وتقدم.
المهذب (1 / 356)
ولا يصح التوكيل إلا ممن يملك التصرف الذي يوكل فيه بملك أو ولاية. فأما من لا يملك التصرف في الذي يوكل فيه كالصبي والمجنون والمحجور عليه في المال والمرأة في النكاح والفاسق في تزويج ابنته فلا يملك التوكيل فيه , لأنه لا يملكه , فلا يملك أن يملك ذلك غيره. وأما من لا يملك التصرف إلا بالإذن كالوكيل والعبد المأذون , فإنه لا يملك التوكيل إلا بالإذن , لأنه يملك التصرف بالإذن , فكان توكيله بالإذن.
فتح العزيز 11 / 15
يشترط في الموكل أن يتمكن من مباشرة ما يوكل فيه , إما بحق الملك لنفسه أو بحق الولاية على غيره. وفي هذا الضابط قيدان:
(أحدهما) التمكن من مباشرة ذلك التصرف. فمن لا يتمكن من مباشرة ذلك التصرف كالصبي والمجنون والنائم والمغمى عليه لا يصح منه التوكيل , والمرأة لا يصح منها التوكيل في النكاح , وكذا توكيل الفاسق في تزويج ابنته إذا قلنا لا يليه , وتوكيل السكران حكمه حكم سائر التصرفات.
(والثاني) كون التمكن بحق الملك أو الولاية , فيدخل فيه توكيل الأب والجد في النكاح والمال , ويخرج عنه توكيل الوكيل , فإنه ليس بمالك ولا ولي. نعم لو مكنه الموكل من التوكيل لفظا أو دلت عليه قرينة نفذ.
مجلة الأحكام العدلية ص 283
يشترط أن يكون الوكيل عاقلا ومميزا , ولا يشترط أن يكون بالغا , فيصح أن يكون الصبي المميز وكيلا وإن لم يكن مأذونا , ولكن حقوق العقد عائدة إلى موكله , وليست بعائدة إليه. (م 1458) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد ص 385
جائز التصرف: هو الحر المكلف الرشيد (م 2039) .
يشترط لصحة الوكالة تعيين الوكيل , فلا يصح توكيل المبهم كأحد هذين الشخصين (م 1195) .
يشترط أن يكون الوكيل ممن يصح منه التصرف الموكل فيه لنفسه , لكن يصح أن يتوكل في قبول نكاح من تحرم عليه لأجنبي , وأن يتوكل واجد الطول نكاح أمة لمن تباح له , وأن يتوكل الغني في قبض زكاة الفقير , وأن تتوكل المرأة في طلاق نفسها أو غيرها (م 1197) .
المغني 7 / 198
ومن لا يملك التصرف في شيء لنفسه لا يصح أن يتوكل فيه , كالمرأة في عقد النكاح وقبوله , والكافر في تزويج مسلمة , والطفل والمجنون في الحقوق كلها.
شرح منتهى الإرادات 2 / 300 , 301
(وشرط) الوكالة (تعيين وكيل) كأن يقول: وكلت فلانا في كذا , فلا يصح: وكلت أحد هذين.
(ومثله) أي التوكيل فيما تقدم (توكل) فلا يصح أن يتوكل في شيء إلا من يصح منه لنفسه (فلا يصح أن يوجب نكاحا) عن غيره (من لا يصح منه) إيجابه (لموليته) لنحو فسق , لأنه إذا لم يجز أن يتولاه أصالة لم يجز بالنيابة , كالمرأة (ولا) يصح أن (يقبله) أي النكاح لغيره (من لا يصح منه) قبوله (لنفسه) ككافر يتوكل في قبول نكاح مسلمة لمسلم.
الفتاوى الهندية 3 / 562
وأما شرطها فأنواع. (منها) ما يرجع إلى الوكيل: هو أن يكون عاقلا. فلا تصح وكالة المجنون والصبي الذي لا يعقل. وأما البلوغ والحرية فليس بشرط لصحة الوكالة , فتصح وكالة الصبي العاقل والعبد مأذونين كانا أو محجورين.
درر الحكام 3 / 546
كون الوكيل معلوما شرط. يعني أنه يشترط أن لا يكون الوكيل مجهولا جهالة فاحشة. فإذا كان الوكيل مجهولا فلا تصح الوكالة.
المهذب 1 / 356
ومن لا يملك التصرف في نفسه لنقص فيه , كالمرأة في النكاح والصبي والمجنون في جميع العقود , لم يملك أن يتوكل فيه لغيره , لأنه إذا لم يملك ذلك في حق نفسه بحق الملك لم يملكه في حق غيره بالتوكيل , ومن ملك التصرف فيما تدخله النيابة في حق نفسه جاز أن يتوكل فيه لغيره , لأنه يملك في حق نفسه بحق الملك فملك حق غيره بالإذن.
فتح العزيز 11 / 16
كما يشترط في الموكل التمكن من مباشرة التصرف الموكل فيه لنفسه يشترط في الوكيل التمكن من مباشرته لنفسه , وذلك بأن يكون صحيح العبارة فيه , فلا يصح توكيل المجنون والصبي في التصرفات. والمرأة والمحرم , مسلوبا العبارة في النكاح , فلا يتوكلان فيه كما يوكلان خلافا لأبي حنيفة.
البهجة 1 / 200
يشترط في الوكيل أيضا أن يكون ممن يصح تصرفه , فلا يجوز أن يكون الوكيل محجورا عليه , لأنه تضييع للمال , وقد نهي عنه. قاله اللخمي وابن شاس ومن تبعهما. ابن عرفة وعليه عمل بلدنا.
وظاهر كتاب المديان من المدونة وصرح به في العتبية أن المحجور يجوز كونه وكيلا عن غيره. ابن رشد وذلك مما لا خلاف فيه , لأن للرجل أن يوكل من رضي بتوكيله من رشيد أو سفيه , ويلزمه من فعل السفيه ما يلزمه من فعل الرشيد.
القوانين الفقهية ص 333
أما الوكيل , فكل من جاز له التصرف لنفسه في شيء جاز له أن ينوب فيه عن غيره , إلا أنه لا يجوز توكيل العدو على عدوه , ولا يجوز توكيل الكافر على بيع أو شراء أو سلم لئلا يفعل الحرام.
مراجع إضافية
انظر ميارة على التحفة (1 / 130) , مجمع الأنهر (2 / 222) , مغني المحتاج (2 \ 218) , تحفة المحتاج (5 / 295) , درر الحكام (3 / 545) , المقدمات الممهدات (3 / 52) , المبدع (4 / 356 , 360 , 361) الفتاوى الهندية (3 / 561) , البهجة (2 / 200) , قليوبي وعميرة (2 / 337) , كشاف القناع (3 / 450 , 454) , بدائع الصنائع (6 / 20) , مجمع الأنهر (2 / 221) , المغني (7 / 197 , 207) , تحفة المحتاج (5 / 301)(1/1065)
الموكل به
يشترط في الموكل به - لصحة الوكالة - أن يكون إتيانه سائغا شرعا , وأن يكون مما يقبل النيابة , كسائر حقوق الآدميين المتعلقة بالمال أو ما يجرى مجراه وحقوق الله تعالى التي تدخلها النيابة , أن يكون معلوما.(1/1066)
يشترط في الموكل به - لصحة الوكالة - ثلاثة شروط:
(أحدها) أن يكون إتيانه سائغا شرعا.
وعلى ذلك فلا يصح التوكيل بالعقود المحرمة والفاسدة والتصرفات المحظورة شرعا , لأن الموكل لا يملكه , فلا يصح أن يفوضه إلى غيره , ولأن التوكيل نوع من التعاون , والتعاون إنما يجوز على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان.
(والثاني) أن يكون مما يقبل النيابة.
وذلك كسائر حقوق الآدميين المتعلقة بالمال أو ما يجرى مجراه , فتصح الوكالة في جميع العقود والفسوخ من البيع والشراء والإجارة والشركة والهبة والرهن والمزارعة والمساقاة والمضاربة والإيداع والإعارة وقبض الديون وتسلم الودائع والنكاح والطلاق والخلع والحوالة والكفالة والإبراء والصلح والخصومة. إلخ
وكذا في حقوق الله التي تدخلها النيابة كالعبادات المالية أو المتعلقة بالمال كالتوكيل في إخراج الزكاة وإعطاء الصدقات وإخراج الكفارات , وكإثبات الحدود واستيفائها. . أما ما يتعلق بشخص الموكل ويختص به فلا تصح الوكالة فيه , مثل العبادات البدنية المحضة كالطهارة والصلاة والصوم وحج الفريضة لمن كان قادرا عليه , لأن المقصود منها ابتلاء المكلف بعينه , وذلك لا يتحقق بالتوكيل فيها.
(والثالث) أن يكون معلوما.
فلا يصح التوكيل إلا في تصرف معلوم. واستثني الحنفية والمالكية من ذلك الوكالة العامة التي لا تختص , بشيء دون شيء , ويفوض الأمر لرأي الوكيل فيها , فلم يشترطوا معلومية الموكل به أو صفاته فيها.(1/1067)
مجلة الأحكام العدلية (ص 283 - 285)
يصح أن يوكل أحد غيره في الخصومات التي يقدر على أجرائها بالذات , وبإيفاء واستيفاء كل حق متعلق بالمعاملات. مثلا: لو وكل أحد غيره بالبيع والشراء والإيجار والاستئجار والرهن والارتهان والإيداع والاستيداع والهبة والاتهاب والصلح والإبراء والإقرار والدعوى وطلب الشفعة والقسمة وإيفاء الديون واستيفائها وقبض المال يجوز , ولكن يلزم أن يكون الموكل به معلوما. (م 1459) .
يلزم أن يكون الموكل به معلوما , بحيث يكون إيفاء الوكالة قابلا على حكم الفقرة الأخيرة من (م 1459) , وهو أن يبين الموكل جنس الشيء الذي يريد شراءه , وإن لم يكن بيان جنسه كافيا , بأن كانت له أنواع متفاوته , يلزم أن يبين نوعه أو ثمنه , وإن لم يبين جنس الشيء أو بين , ولكن كانت له أنواع متفاوتة , ولم يعين النوع أو ثمنه لا تصح الوكالة إلا أن يكون قد وكله بوكالة عامة (م 1468) .
المهذب (1 / 357)
فصل: ولا يجوز التوكيل إلا في تصرف معلوم. فإن قال: وكلتك في كل قليل وكثير لم يصح , لأنه يدخل فيه ما يطيق وما لا يطيق , فيعظم الضرر ويكثر الغرر. وإن قال: وكلتك في بيع جميع مالي أو قبض جميع ديوني صح , لأنه يعرف ماله ودينه. وإن قال: بع ما شئت من مالي أو أقبض ما شئت من ديوني , جاز , لأنه إذا عرف ماله ودينه عرف أقصى ما يبيع ويقبض فيقل الغرر. وإن قال: اشتر لي عبدا لم يصح , لأن فيه ما يكون بمائة , وفيه ما يكون بألف فيكثر الغرر.
مرشد الحيران (ص 245 , 249)
كل عقد جاز للموكل أن يعقده بنفسه جاز أن يوكل فيه غيره. فيجوز لمن توفرت فيه شروط الأهلية أن يوكل غيره بإيفاء واستيفاء كل حق متعلق بالمعاملات وبالبيع والشراء والإيجار والاستئجار والرهن والارتهان والإيداع والاستيداع والهبة والاتهاب والصلح والإبراء والإقرار والدعوى وطلب الشفعة والقسمة ونحو ذلك من الحقوق ما عدا التوكيل باستيفاء القصاص حال غيبة الموكل , فإنه لا يجوز. (م 921) .
يشترط لصحة التوكيل بالشراء أن يكون الشيء الموكل بشرائه معلوما عينا أو جنسا مع بيان قدره أيضا إن كان المقدرات كالمكيلات والموزونات , ويكفي عن بيان قدره بيان قدر الثمن. (م 931) .
إذا لم يكن الشيء الموكل بشرائه مجهولا , وفوض الأمر في شرائه لرأي الوكيل صحت الوكالة , وله أن يشتري من أي جنس , ومن أي نوع أراد. (م 932) .
إذا لم يكن الأمر مفوضا لرأي الوكيل فيما يشتريه , وكان الشيء الموكل بشرائه مجهولا جهالة فاحشة كجهالة الجنس , فلا تصح الوكالة , وإن بين الثمن. وإن كانت الجهالة يسيرة , بأن بين الجنس المراد شراؤه ولم يبين نوعه , صحت الوكالة وإن لم يبين الثمن. وإن كانت الجهالة متوسطة بأن كان بين الجنس والنوع , فإن بين الثمن أو النوع صحت الوكالة وإلا فلا.
تحفة المحتاج (5 / 303)
وبما تقرر علم أن شرط الموكل فيه أن يملك الموكل التصرف فيه حين التوكيل أو يذكره تبعا لذلك أو يملك أصله (وأن يكون قابلا للنيابة) لأن التوكيل استنابة (فلا يصح) التوكيل (في عبادة) وإن لم تحتج لنية , لأن القصد منها امتحان عين المكلف , وليس منها نحو إزالة النجاسة , لأن القصد منها الترك (إلا الحج) والعمرة. ويندرج فيهما توابعهما كركعتي الطواف (وتفرقة زكاة) ونذر وكفارة (وذبح أضحية) وهدي وعقيقة.
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 386)
يشترط ألا يكون الموكل فيه مما يتعلق بشخص الموكل ويختص به , فلا تصح الوكالة بالعبادات البدنية المحضة , والأيمان والشهادات والالتقاط والرضاع ونحوها. وأما العبادات التي تتعلق بالمال , كالتوكيل في إخراج الزكاة وإعطاء الصدقات وإخراج الكفارات وفعل الحج والعمرة , فتصح. (م1198) .
يشترط ألا يكون الموكل فيه من المعاصي وشبهها , فلا يصح التوكيل في العقود الفاسدة ولا في الظهار. (م 1199) .
يشترط أن يكون الموكل فيه تصرفا معلوما , فلا تصح التوكيل في شراء شيء مجهول حتى يبين نوعه وقدر الثمن.
ولا تصح الوكالة فيما يعظم فيه الغرر والضرر , كما لو وكله وكالة عامة في كل قليل وكثير , أو وكله في كل تصرف يجوز له , لكن إذا قل الغرر صحت. مثلا: لو وكله في بيع ماله كله , أو بيع ما شاء منه , أو في المطالبة بحقوقه كلها أو بما شاء منها ونحو ذلك صح. (م 1200) .
يصح التوكيل في كافة حقوق الآدميين المتعلقة بالمال أو ما يجرى مجراه , فتصح في جميع العقود والفسوخ من البيوع والإجارة والقرض والرهن والكفالة والحوالة والوديعة والهبة والإعارة والصلح والوقف والوصاية والجعالة والمساقاة والمزارعة والنكاح والخلع وغيرها , وفي العتق والتدبير والكتابة والطلاق والرجعة والإبراء والإقرار والإنفاق وقبض الحقوق , وفي تملك المباحات من الموات والاصطياد والاحتطاب والاحتشاش , وفي الدعاوي والخصومات وإثبات الحقوق , وفي سماع الدعاوي والإجابة عنها , وفي طلب الأيمان الواجبة , وفي طلب القود وحد القذف واستيفائهما (1202) .
يصح التوكيل في حقوق الله التي تدخلها النيابة , كالعبادات المتعلقة بالمال وكإثبات الحدود واستيفائها. (م 1203) .
روضة القضاة للسمناني (2 / 634 - 639)
وتجوز الوكالة بالبيع والشراء والحوالة والكفالة والشركة والمضاربة والوديعة والإعارة والإجارة والمزارعة والمساقاة والقرض والهبة والوقف والصدقة , لأن الحاجة داعية إلى ذلك كله.
واختلف في الوكالة في تملك المباحات كالاصطياد والاحتشاش واستقاء الماء. فقال أصحابنا: لا تصح لأنه تملك مباح , كالاغتنام. وهو أحد قولي الشافعي. وقال: يصح في قول آخر. لأنه لا يتعين عليه كالبيع والهبة. ويجوز التوكيل بالنكاح والطلاق والخلع والعتاق والمكاتبة والتدبير. ولا يجوز في الإيلاء والظهار واللعان , لأنها أيمان فلا تحتمل التوكيل.
واختلف في الرجعة: فمنهم من قال: يجوز التوكيل بها كما يجوز بالنكاح.
وهذا قولنا. ومن أصحاب الشافعي من قال لا يجوز , كما لا يجوز في الإيلاء والظهار. وضعفوا هذا الوجه. وقال أبو حنيفة ومحمد تجوز الوكالة بإثبات سائر الحقوق كائنا ما كانت.
وتجوز الوكالة في فسخ العقود , لأنه إذا جاز في العقد فالفسخ مثله ويجوز أن يوكل في الإبراء من الديون كما يجوز في إثباتها واستيفائها.
الإشراف للقاضي عبد الوهاب (2 / 29)
مسألة: إذا وكله أن يبيع له سلعة بيعا فاسدا كالربا والغرر والخمر والخنزير لم يصح , ولم يملك الوكيل بذلك أن يبيعها بيعا صحيحا , كذلك يجيء على المذهب. وهو قول الشافعي. وقال أبو حنيفة يجوز ذلك. فدليلنا أنه توكيل لا يتضمن بيعا شرعيا , فوجب أن لا يملك به الوكيل البيع. أصله , إذا وكله في إجارة شيء فباعه , فإنه لا يملك بيعه , ولأن كل من لم يملك التصرف على الوجه الذي أذن له فيه لم يملكه على غيره. أصله إذا وكله في أن يزوجه ذات محرم , ولأن الوكيل نائب عن الموكل فيما كان له أن يفعله , وقد ثبت أن الموكل لم يكن له بيع سلعته بما وكله فيه , فكان الوكيل بأن لا يجوز له ذلك أولى.
ميارة على التحفة (1 / 131)
ابن عرفة شرط صحتها علم متعلقها خاصا أو عاما بلفظ أو قرينة أو عرف خاص أو عام. فلو أتي بلفظ التوكيل مطلقا , كأنت وكيلي , أو وكلتك , فطريقان ; فقال ابن بشير وابن شاس لغو. وهو قول ابن الحاجب لم يفد. وقال ابن رشد إنما تكون الوكالة مفوضة في كل شيء إذا لم يسم فيها شيء.
ولهذا قالوا في الوكالة: إذا طالت قصرت , وإذا قصرت طالت. وكذلك الوصية إذا قال الرجل: فلان وصيي. ولم يزد على ذلك , كان وصيا له في كل شيء , في ماله وبضع بناته وإنكاح بنيه الصغار. وهذا قوله في المدونة.
المقدمات والممهدات (3 / 49 - 52)
الوكالة نيابة عن الموكل , فهي لا تكون إلا فيما تصح فيه النيابة مما يلزم الرجل القيام به لغيره أو يحتاج إليه لمنفعة نفسه.
فأما الوكالة فيما يلزم الرجل القيام به لغيره , فكتوكيل الأوصياء والوكلاء المفوض إليهم من ينوب عنهم فيما يلزمهم لمن وكلهم أو لمن فوض إلى نظرهم , وكاستخلاف الإمام على ما يلزمه القيام به من أمر المسلمين.
وأما الوكالة فيما يحتاج إليه الرجل لمنفعة نفسه فذلك كتوكيله على البيع والشراء والنكاح والحدود والخصام وما أشبه ذلك من أمر مباح أو مندوب إليه أو واجب تعبد به الإنسان في غير عينه , لأن ما تعبد به في عينه كالوضوء والصلاة والصيام لا يصح أن ينيب عنه في ذلك غيره. فإذا وكل الرجل , الرجل وكالة مطلقة لم يخصه بشيء دون شيء , فهو وكيل له على جميع الأشياء. وإن سمى بيعا أو ابتياعا أو خصاما أو شيئا من الأشياء فلا يكون وكيلا له إلا فيما سمى. وإن قال في آخر الكلام: وكالة مفوضة تامة , أو لم يقل , فذلك سواء , لأنه إنما يرجع على ما سمي خاصة. وهذا معنى قولهم في الوكالة: إذا طالت قصرت , وإذا قصرت طالت.
الخرشي (6 / 68)
إن الوكالة تصح فيما يقبل النيابة. بمعنى أن ما يجوز النيابة فيه تصح فيه الوكالة , وما لا تجوز فيها النيابة لا تصح فيه الوكالة , بناء على مساواة النيابة للوكالة , لا على أن النيابة أعم. من عقد وفسخ وقبض حق وعقوبة وحوالة , وإبراء وإن جهله الثلاثة , وحج. .
مراجع إضافية
انظر بدائع الصنائع (6 / 21 - 24) , الفتاوى الهندية (3 / 563) , درر الحكام (3 / 547 , 595) , المبدع (4 / 357) , المغني (7 / 198 , 244) , كشاف القناع (3 / 451 - 454) شرح منتهى الإرادات (2 / 302 وما بعدها) , فتح العزيز (11 / 11) , مغني المحتاج (2 / 219 - 222) , تحفة المحتاج (5 / 304 , 305) , المحلى (8 / 244) , الخرشي (6 / 69) , الزرقاني على خليل (6 / 73) , المهذب (1 / 359) , مواهب الجليل (5 / 190) .(1/1068)
حق الموكل في فرض شروطه وقيوده
الأصل في الوكيل أنه يتصرف بولاية مستفادة من قبل الموكل , فيلي من التصرف بقدر ما ولاه , ولا يملك منه ما لا يقتضيه إذنه من جهة النطق أو العرف , فيحق للموكل أن يجعل توكيله مطلقا أو معلقا بشرط أو مضافا إلى زمن مستقبل أو مقيدا بقيد أو مؤقتا بوقت عند جمهور الفقهاء.(1/1069)
الأصل في الوكيل أنه يتصرف بولاية مستفادة من قبل الموكل فيلي من التصرف بقدر ما ولاه , ولا يملك منه إلا ما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو من جهة العرف , لأن تصرف الوكيل بالإذن , فاختص بما أذن له فيه.
ومن حق الموكل - إذن - أن يجعل توكيله منجزا أو معلقا بشرط أو مضافا إلى وقت مستقبل أو مقيد بقيد أو مؤقت بوقت.
الوكالة المنجزة
أي الخالية من كل تعليق أو إضافة إلى زمن في المستقبل أو تقييد.
ومثال ذلك قوله: وكلتك ببيع داري هذه بمليون ريال فيقول الآخر قبلت.
فإن الوكالة المنعقدة بهذه الصيغة وكالة منجزة تترتب عليها آثارها الشرعية حالا.
الوكالة المعلقة بشرط
أي التي يكون الإيجاب فيها معلقا على أمر لا وجود له في الحال ولكن ممكن الوجود في المستقبل.
ومثال ذلك أن يقول: إن قدم زيد فأنت وكيلي في بيع داري هذه , فيقول الآخر قبلت.
وهذه الوكالة المعلقة لا تنعقد في الحال ولا يثبت حكمها إلا بوجود ذلك الشرط وتحققه , فهي متوقفة على حصول ما علق به الإيجاب.
الوكالة المضافة إلى المستقبل
أي التي يكون الإيجاب فيها مضافا إلى وقت في المستقبل.
ومثال ذلك أن يقول: وكلتك في شراء كذا في أول رمضان القادم أو ابتداء من أول الشهر القادم.
وهذه الوكالة المضافة تنعقد في الحال ولا يثبت حكمها إلا بحلول الوقت المحدد.
الوكالة المقيدة بقيد أو بوقت
أي التي يكون الإيجاب فيها مقيدا بقيد أو شرط محدد.
ومثال ذلك أن يقول: وكلتك في بيع داري هذه بثمن حال قدره كذا ريالا. أو أن يقول: وكلتك في بيع بضاعتي شهرا واحدا , أو إلى الوقت الفلاني.
وخلافا لجمهور الفقهاء , منع الشافعية تعليق الوكالة بالشرط وإضافتها للمستقبل , وأجازوا عقدها في الحال مع تعليق التصرف على شرط , نحو: وكلتك في بيع متاعي بعد شهر.(1/1070)
(حق الموكل في فرض شروطه وقيوده)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 387)
يصح توقيت الوكالة بأن يقول: وكلتك شهرا أو سنة. أو: أنت وكيلي إلى الوقت الفلاني. (م 1204) .
يصح تعليق الوكالة على شرط. مثلا إذا قدم الحاج فافعل كذا. أو: إذا جاء الشتاء فاشتر لي كذا. أو: إذا طلب أهلي منك نفقة فادفع لهم كذا. أو وكلتك في الدعوى على غريمي إذا امتنع عن دفع الدين. أو: وكلتك في بيع الرهن إذا حل الأجل. صح التوكيل واعتبر الشرط. (م 1205) .
الوكالة المعلقة على الموت أو المضافة إلى ما بعده وصاية. وإذا شرط استمرارها إلى ما بعد الموت كانت وكالة في الحياة ووصاية بعدها. (م 1207) .
مرشد الحيران (ص 245)
يصح أن يكون ركن التوكيل مطلقا , وأن يكون مقيدا بقيد , أو معلقا بشرط , أو مضافا إلى وقت مستقبل (919) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 282)
يكون ركن التوكيل مرة مطلقا. ومرة يكون معلقا بشرط. ومرة يكون مضافا إلى وقت. ومرة يكون مقيد بقيد. (م 1356) .
بدائع الصنائع (6 / 20)
ركن التوكيل قد يكون مطلقا وقد يكون معلقا بشرط نحو أن يقول: إن قدم زيد فأنت وكيلي في بيع هذا العبد , وقد يكون مضافا إلى وقت بأن يقول وكلتك في بيع هذا العبد غدا. ويصير وكيلا في الغد فما بعده , ولا يكون وكيلا قبل الغد , لأن التوكيل إطلاق التصرف , والإطلاقات مما يحتمل التعليق بالشرط والإضافة إلى الوقت , كالطلاق والعتاق وإذن العبد في التجارة.
المهذب (1 / 357)
فصل: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن الموكل من جهة النطق أو من جهة العرف , لأن تصرفه بالإذن , فلا يملك إلا ما يقتضيه الإذن , والإذن يعرف بالعرف. فإن تناول الإذن تصرفين , وفي أحدهما إضرار بالموكل , لم يجز إضرار , لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. فإن تناول تصرفين , وفي أحدهما نظر للموكل , لزمه ما فيه النظر للموكل , لما روى ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وللمسلمين عامة. وليس من النصح أن يترك ما فيه الحظ والنظر للموكل.
المغني (7 / 243)
فصل: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو من جهة العرف , لأن تصرفه بالإذن , فاختص بما أذن فيه , والإذن يعرف بالنطق تارة وبالعرف أخرى.
التاج والإكليل (5 / 194)
ابن شاس أما إن قيدت الوكالة بالتصرف في بعض الأشياء دون بعض , فالرجوع في ذلك التقييد إلى مقتضى اللفظ والعادة.
المحلي على المنهاج (2 / 340)
(ولا يصح تعليقها بشرط في الأصح) نحو إذا قدم زيد أو إذا جاء رأس الشهر فقد وكلتك في كذا (فإن نجزها وشرط للتصرف شرطا جاز) قطعا , نحو: وكلتك الآن في بيع هذا العبد ولكن لا تبعه حتى يجيء رأس الشهر. فليس له أن يبيعه قبل مجيئه. وتصح الوكالة المؤقتة , كقوله: وكلتك إلى شهر رمضان.
(الوكيل بالبيع مطلقا) أي توكيلا لم يقيد (ليس له) نظرا للعرف (البيع بغير نقد البلد ولا بنسيئة ولا بغبن فاحش , وهو ما لا يحتمل غالبا) بخلاف اليسير , وهو ما يحتمل غالبا , فيغتفر فيه. فبيع ما يساوي عشرة بتسعة محتمل , وبثمانية غير محتمل.
التاج والإكليل (5 / 196)
ابن شاس مخصصات الموكل معتبرة. لو قال: بع من زيد لم يبع من غيره. ولو خصص سوقا تتفاوت فيها الأغراض تخصص.
مواهب الجليل (5 / 194)
أن الوكالة إما على سبيل التفويض في جميع الأمور , أو يعين الموكل فيه فيتعين , فليس له حينئذ أن يتعداه.
القوانين الفقهية (ص 333)
فإذا وكله على البيع وعين له ثمنا , لم يجز أن يبيع بأقل منه.
مراجع إضافية
انظر مغني المحتاج (2 / 223) , فتح العزيز (11 / 45 - 47) , المهذب (1 / 357) , شرح منتهى الإرادات (2 / 300 , 310 - 311) , كشاف القناع (3 / 450 , 465 , 469) .(1/1071)
وجوب التزام الوكيل بقيود وشروط الموكل
يجب على الوكيل مراعاة شرط الموكل , وما حد له من حدود ووضع له من قيود , فإن لم يفعل , لم يلزم تصرفه الموكل.(1/1072)
يجب على الوكيل مراعاة شرط الموكل , وما حد له من حدود ووضع له من قيود , فإذا وكل في شيء بعينه لم يجز أن يتعداه إلى غيره , ولا أن يتعدى ما حد له الموكل فيه.
فمن وكل رجلا في تصرف ما في زمن مقيد لم يملك التصرف قبله ولا بعده , لأنه لم يتناوله إذنه نطقا ولا عرفا , لأنه قد يؤثر التصرف في زمن الحاجة إليه دون غيره.
فلو قال: بع ثوبي غدا لم يجز أن يبيعه اليوم ولا بعد غد ,
وإن عين المكان وكان يتعلق به غرض مثل أن يأمره ببيع بضاعته في سوق أفضل من غيره تقيد الإذن به.
وإن عين له المشتري فقال: بعها فلانا , لم يملك بيعها لغيره , لأنه قد يكون له غرض في تمليكه إياها دون غيره.
ومن وكل ببيع سلعته إذا قدم الحجاج أو بشراء أضحية إذا جاء عيد الأضحى أو بدفع نفقة الأهل إذا طلبوا منه شيئا , لزمه مراعاة ذلك الشرط.
فإن تعدى الوكيل حدود ما وكل به شروطه أو قيوده , لم يلزم تصرفه الموكل.(1/1073)
(وجوب التزام الوكيل بشروط الوكالة وقيودها)
مجلة الأحكام العدلية (ص 282)
يكون ركن التوكيل مرة مطلقا , يعني لا يكون معلقا بشرط أو مضافا إلى وقت أو مقيدا بقيد , ومرة يكون معلقا بشرط. مثلا لو قال: وكلتك على أن تبيع فرسي هذه إذا أتى فلان التاجر إلى هنا , وقبل الوكيل ذلك , تنعقد الوكالة معلقة بمجيء التاجر , وللوكيل أن يبيع الفرس إذا أتى التاجر وإلا فلا. ومرة يكون مضافا إلى وقت. مثلا لو قال: وكلتك على أن تبيع دوابي هذه في شهر نيسان , وقبل الوكيل ذلك يكون وكيلا بحلول الشهر المذكور , وله أن يبيع الدواب في الشهر المذكور , وأما قبل حلوله فليس له أن يبيع. ومرة يكون مقيدا بقيد. مثلا لو قال: وكلتك على أن تبيع ساعتي هذه بألف قرش , تكون وكالة الوكيل مقيدة بعدم البيع بأقل من ألف قرش. (م 1456)
مرشد الحيران (ص 250)
إذا عين الموكل نوع الشيء الموكل بشرائه , فاشترى الوكيل خلافه , فلا ينفذ شراؤه إلا على الوكيل. فلو أمر بشراء جوخ , فاشترى حريرا نفذ على الوكيل , ولا يتوقف على إجازة الموكل إلا إذا لم يجد نفاذا على الوكيل بأن يكون الوكيل صبيا أو محجورا (م 934) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 387)
الوكيل بالتصرف في زمن مقيد لا يملكه قبله ولا بعده. (م 1263) .
يصح تعليق الوكالة على شرط. مثلا إذا قال: إذا قدم الحاج فافعل كذا. أو إذا جاء الشتاء فاشترى لي كذا. صح التوكيل واعتبر الشرط. (م 1205) .
الوكيل في البيع لشخص معين لا يصح بيعه لغيره إلا إذا علم الوكيل ولو بقرينة أن لا غرض للموكل في المعين. (1241) .
الوكيل في البيع بقدر معين في سوق معينة يصح بيعه بالقدر المعين في سوق أخرى. لكن لو نهاه أو كان للموكل غرض صحيح في تعيين السوق لم يصح البيع في غيرها. (1242) .
كل تصرف خالف فيه الوكيل فهو كتصرف الفضولي فاسد. وله حكم صحيحه في الضمان وعدمه. (م 1274) .
الكافي لابن عبد البر (ص 394)
فمن وكل في شيء بعينه لم يجز له أن يتعداه إلى غيره , ولا يتعدى ما حد له فيه.
التاج والإكليل (5 / 196)
وفي الموازية: من أمر بشراء جارية موصوفة ببلد , فاشتراها ببلد دونه , خير الآمر في أخذها وضمانها من المأمور.
المغني (7 / 243)
ولو وكل رجلا في التصرف في زمن مقيد لم يملك التصرف قبله ولا بعده , لأنه لم يتناوله إذنه نطقا ولا عرفا , لأنه قد يؤثر التصرف في زمن الحاجة إليه دون غيره. ولهذا لما عين الله تعالى لعبادته وقتا , لم يجز تقديمها عليه ولا تأخيرها عنه. فلو قال له: بع ثوبي غدا. لم يجز بيعه اليوم ولا بعد غد. وإن عين له المكان , وكان يتعلق به غرض , مثل أن يأمره ببيع ثوبه في سوق , وكان ذلك السوق معروفا بجودة النقد أو كثرة الثمن أو حله أو بصلاح أهله أو بمودة بين الموكل وبينهم تقيد الإذن به , لأنه قد نص على أمر له فيه غرض , فلم يجز تفويته. وإن كان هو وغيره سواء في الغرض لم يتقيد الإذن , وجاز له البيع في غيره , لمساواته المنصوص عليه في الغرض , فكان تنصيصه على أحدهما إذنا في الآخر.
فتح العزيز (11 / 46)
يجب النظر بتقييدات الموكل في الوكالة ويشترط على الوكيل رعاية المفهوم منها بحسب العرف. وفي هذا الفصل صور إحداها: إذا عين الموكل شخصا بأن قال: بع من زيد , أو وقتا بأن قال: بع في يوم كذا , لم يجز أن يبيع من غيره ولا قبل ذلك الزمان ولا بعده. أما الأول فلأن ذلك الشخص المعين قد يكون أقرب إلى الحل وأبعد عن الشبهة , وربما يريد تخصيصه بذلك المبيع وأما الثاني فلأنه ربما يحتاج إلى البيع في ذلك الوقت. ولو عين مكانا من سوق ونحوها , نظر: إن كان له في المكان المعين غرض بأن كان الراغبون فيه أكثر أو النقد فيه أجود لم يجز أن يبيع في غيره. وإن لم يكن له غرض ظاهر فوجهان.
مغني المحتاج (2 / 223)
ويصح تأقيتها , كوكلتك شهرا , فإذا مضى الشهر امتنع على الوكيل التصرف.
بدائع الصنائع (6 / 29)
وأما الوكيل بالشراء , فالوكيل بالشراء لا يخلو إما أن يكون مطلقا أو مقيدا , فإن كان مقيدا يراعي فيه القيد إجماعا لما ذكرنا , سواء كان القيد راجعا إلى المشترى أو إلى الثمن حتى أنه إذا خالف يلزم الشراء الوكيل إلا إذا كان خلافا إلى خير فيلزم الموكل.(1/1074)
ثبوت ولاية التصرف الذي تناوله التوكيل
يترتب على الوكالة الصحيحة ثبوت ولاية التصرف الذي تناوله التوكيل لفظا أو عرفا للوكيل.
وعلى ذلك ذهب أبو حنيفة وصاحباه أبو يوسف ومحمد إلى أن الوكيل بالخصومة يلي قبض الحق بعد إثباته.
وخالفهم في ذلك أكثر الفقهاء , فلم يثبتوا للوكيل بالخصومة ولاية قبض الحق , لعدم تناول التوكيل بالخصومة لذلك.(1/1075)
تثبت للوكيل ولاية التصرف المفوض إليه بحسب ما يتناول إذن موكله من جهة النطق أو من جهة العرف بمقتضى صحة عقد الوكالة.
وعلى ذلك قال أبو حنيفة وصاحباه أبو يوسف ومحمد للوكيل بالخصومة في مال أن يقبضه بعد إثباته , لأن الموكل لما وكله بالخصومة في مال , فقد ائتمنه على قبضه , لأن الخصومة فيه لا تنتهي إلا بالقبض , فكان التوكيل بها توكيلا بالقبض.
وخالفهم في ذلك جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة وزفر من الحنفية (وقوله هو المفتى به في المذهب , وبه أخذت مجلة الأحكام العدلية) , فقالوا: لا يكون الوكيل بالخصومة وكيلا بقبض المال , ولا تثبت له ولايته , لأن المطلوب منه تثبيت الحق للموكل , وليس كل من يرتضى لتثبيت حق يؤتمن عليه , فقد يوثق على الخصومة من لا يوثق على المال.(1/1076)
مجلة الأحكام العدلية (ص 295)
الوكالة بالخصومة لا تستلزم الوكالة بالقبض. بناء عليه: ليس للوكيل بالدعوى صلاحية قبض المال المحكوم به ما لم يكن وكيلا بالقبض أيضا (م 1519) .
الوكالة بالقبض لا تستلزم الوكالة بالخصومة. (م 1520) .
مرشد الحيران (ص 257)
يصح التوكيل بالخصومة في إثبات الديون والأعيان وسائر حقوق العباد , ورضا الخصم ليس بشرط في صحته , وإنما هو شرط لزومه. ولا يملك وكيل الخصومة وتقاضي الدين قبض الدين إلا إذا كان العرف بين التجار أن المتقاضي هو الذي يقبض , فله قبضه. (م 958) .
وكيل قبض الدين من قبل الدائن يملك الخصومة مع المديون. (م 959) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 3990 - 400)
الوكيل في قبض دين أو عين وكيل في الخصومة في ذلك , فله إقامة الدعوى وتثبيت الحق إذا أنكر من عنده الحق , كما أن الوكيل في قسمة شيء أو بيعه أو طلب شفعة يملك تثبيت ما وكل فيه. (م 1255) .
لا يملك الوكيل في الخصومة القبض ولا الإقرار على موكله بقبض الحق ولا غيره , كإقراره عليه بقود أو قذف , لا في مجلس الحكم ولا في غيره. (م 1256) .
الوكيل في الشراء يملك الخصومة في مطالبة البائع بالثمن عند ظهوره مستحقا إن دلت قرينة على الإذن في ذلك , كبعده عن الموكل ونحوه (م 1262) .
فتح العزيز (11 / 26)
للوكالة الصحيحة أحكام , منها: صحة تصرف الوكيل إذا وافق إذن الموكل. والموافقة والمخالفة تعرفان بالنظر إلى اللفظ تارة , وبالقرائن التي تنضم إليه أخرى. فإن القرينة قد تقوى فيكون لها إطلاق اللفظ.
المغني (7 / 211) , 243
فصل: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو من جهة العرف , لأن تصرفه بالإذن , فاختص بما أذن فيه , والإذن يعرف بالنطق تارة وبالعرف أخرى.
. وإن أذن له في تثبيت حق , لم يملك قبضه. وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة يملك قبضه , لأن المقصود من التثبيت قبضه وتحصيله. ولنا: أن القبض لا يتناوله الإذن نطقا ولا عرفا , إذ ليس كل من يرضاه لتثبيت الحق يرضاه لقبضه.
بدائع الصنائع (6 / 24)
وللوكالة أحكام: (منها) ثبوت ولاية التصرف الذي تناوله التوكيل. فيحتاج إلى بيان ما يملكه الوكيل من التصرف بموجب التوكيل بعد صحته وما لا يملكه , فنقول وبالله التوفيق: الوكيل بالخصومة يملك الإقرار على موكله في الجملة عند أصحابنا الثلاثة. وقال زفر والشافعي لا يملك. والوكيل بالخصومة في مال إذا قضى القاضي به يملك قبضه عند أصحابنا الثلاثة. وعند زفر لا يملك. وجه قوله: إن المطلوب من الوكيل بالخصومة الاهتداء , ومن الوكيل بالقبض الأمانة وليس كل من يهتدي إلى شيء يؤتمن عليه , فلا يكون التوكيل بالخصومة توكيلا بالقبض. ولنا: أنه لما وكله بالخصومة في مال فقد ائتمنه على قبضه , لأن الخصومة فيه لا تنتهي إلا بالقبض , فكان التوكيل فيها توكيلا بالقبض.
المهذب (1 / 357 , 358)
فصل: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن الموكل من جهة النطق أو من جهة العرف , لأن تصرفه بالإذن , فلا يملك إلا ما يقتضيه الإذن , والإذن يعرف بالنطق وبالعرف. وإن وكله في تثبيت حق فثبته لم يملك قبضه , لأن الإذن في التثبيت ليس بإذن في القبض من جهة النطق ولا من جهة العرف , لأنه ليس في العرف أن من يرضاه للتثبيت يرضاه للقبض.(1/1077)
وجوب إضافة ما سوى عقود المعاوضات إلى الموكل
يجب على الوكيل - بمقتضى عقد الوكالة الصحيح - أن يضيف التصرف المفوض به إلى موكله فيما سوى عقود المعاوضات المالية , كما في الاستقراض والاتهاب والاستعارة والاستيداع والإبراء والطلاق والنكاح ونحوها. فإن لم يفعل فلا يصح ذلك التصرف للموكل.(1/1078)
يجب على الوكيل إضافة العقد إلى موكله الذي سيثبت الملك فيما سوى عقود المعاوضات المالية كما في الاتهاب وقبول الصدقة والاستعارة والارتهان والإبراء والاستيداع والاستقراض والشركة والمضاربة والصلح عن إنكار وسكوت , وفي النكاح والطلاق والخلع وقبض المهر للزوجة. إلخ وذلك لأن حقوق العقد فيها عائدة لا محالة إلى الموكل , فيلزم إضافة العقد إليه , والوكيل سفير محض. فإن لم يضف الوكيل العقد إلى الموكل فلا يصح ذلك العقد لموكله بوجه. وعلى ذلك نص الحنفية.
وأساس ذلك: أن بعض هذه التصرفات من قبيل التبرعات , فإن لم يضف الوكيل العقد لموكله وقع التبرع له لا لموكله , وبعضها الآخر من قبيل الإسقاطات كالإبراء والطلاق والصلح عن إنكار والصلح عن دم العمد ونحوها. وبما أن الوكيل فيها أجنبي عن حكم تلك التصرفات , والحكم لا يقبل الفصل عن السبب , فلا بد من إضافة العقد إلى الموكل , ليكون العقد مقارنا للسبب.
وإنما لا يشترط إضافة عقود المعاوضات إلى الموكل لأن الحكم فيها يقبل الانفصال عن السبب ألا ترى أن البيع بالخيار صحيح مع أن الحكم وهو دخول المبيع في ملك المشتري لم يحصل , فحيث انفصل الحكم عن السبب فلا مانع من أن يصدر السبب من الوكيل مضافا إلى نفسه ويقع الحكم وهو الملك للموكل.(1/1079)
مجلة الأحكام العدلية (ص 283)
يلزم أن يضيف الوكيل العقد إلى موكله في الهبة والإعارة والرهن والإيداع والإقراض والشركة والمضاربة والصلح عن إنكار , وإن لم يضفه إلى موكله لا يصح (م 1460) .
البحر الرائق وحاشية منحة الخالق (7 / 151 , 152)
(والملك يثبت للموكل ابتداء , حتى لا يعتق قريب الوكيل بشرائه , وفيما يضيفه إلى الموكل كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد أو عن إنكار يتعلق بالموكل) أي والحقوق في كل عقد لا يستغني الوكيل عن إضافته إلى موكله , لأن الوكيل فيها سفير محض , ألا ترى أنه لا يستغني عن إضافة العقد إلى الموكل , ولو أضافه إلى نفسه كان النكاح له , فصار كالرسول. وهذا لأن الحكم فيها لا يقبل الفصل عن السبب , لأنه إسقاط , فيتلاشى , فلا يتصور صدوره من شخص وثبوت حكمه لغيره , فكان سفيرا.
وأشار بالكاف في قوله كالنكاح إلى بقية أفراد هذا النوع ولذا قال في الهداية: من أخواته العتق على مال والكتابة والصلح على إنكار والهبة والتصدق والإعارة والإيداع والرهن والإقراض , لأن الحكم فيها يثبت بالقبض وانه يلاقي محلا مملوكا للغير , فلا يجعل أصيلا , وكذا إذا كان الوكيل من جانب الملتمس , وكذا الشركة والمضاربة , إلا أن التوكيل بالاستقراض باطل , حتى لا يثبت الملك للموكل بخلاف الرسالة فيه. ومن هذا النوع الوكيل بالقبض , وقدمنا أحكامه.
وفي المجتبى: وكله أن يرتهن عبد فلان بدينه , أو يستعيره له أو يستقرض له ألفا , فإنه يضيف العقد إلى موكله دون نفسه , فيقول: إن زيدا يستقرض منك كذا , أو يسترهن عبدك , أو يستعير منك. ولو قال: هب لي أو أعرني أو أقرضني أو تصدق علي , فهو للوكيل.
قال ابن عابدين نقلا عن الدرر: وسره أن الحكم فيها لا يقبل الفصل عن السبب , لأنها من قبيل الإسقاطات , والوكيل أجنبي عن الحكم , فلا بد من إضافة العقد إلى الموكل , ليكون الحكم مقارنا للسبب. أما النكاح , فلأن الأصل في البضع الحرمة , فكان النكاح إسقاطا لها والساقط يتلاشى فلا يتصور صدور السبب عن الشخص على سبيل الأصالة ووقوع الحكم لغيره , فجعل سفيرا ليقارن الحكم السبب , حتى لو أضاف النكاح إلى نفسه وقع له بخلاف البيع , فإن حكمه يقبل الفصل عن السبب , كما في البيع بخيار , فجاز صدور السبب عن شخص أصالة ووقوع الحكم لغيره خلافه.
وأما الخلع , فلأنه إسقاط للنكاح , والناكح المرء , والمنكوحة المرأة , والوكيل إما منه أو منها , وعلى التقديرين يكون سفير محضا , فلا بد من الإضافة إلى الموكل. وأما الصلح عن إنكار , فإنه أيضا إسقاط لا يشوبه معاوضة , فلا بد من الإضافة إلى الموكل , وكذا الصلح عن دم العمد فإنه إسقاط محض , والوكيل أجنبي سفير , فلا بد من الإضافة إلى الموكل , وكذا الحال في البواقي. هذا ملخص ما ذكره القوم في هذا المقام.
ثم اعلم أن هذه المذكورات يفترق بعضها عن بعض من حيث أن ما كان منها إسقاطا يضيفه الوكيل إلى نفسه مع التصريح بالموكل , فيقول: زوجتك فلانة , وصالحته عما تدعيه على فلان من المال أو الدم. أما ما كان منها تمليكا لعين أو منفعة أو حفظ فلا يضيفه إلى نفسه بل إلى الموكل فقط , كقوله: هب لفلان كذا أو أودعه كذا أو أقرضه كذا , فلا بد في هذا من إخراج كلامه مخرج الرسالة , فلا يصح أن يقول: هبني كذا كما مر ولا هبني لفلان أو أودعني لفلان.
وعلى هذا فقولهم التوكيل بالاستقراض باطل معناه أنه في الحقيقة رسالة لا وكالة , فلو أخرج الكلام مخرج الوكالة لم يصح , بل لا بد من إخراجه مخرج الرسالة كما قلنا. وبه علم أن ذلك غير خاص بالاستقراض , بل كل ما كان تمليكا إذا كان الوكيل من جهة طالب التملك لا من جهة المملك , فإن التوكيل بالإقراض والإعارة صحيح , لا بالاستقراض والاستعارة , بل هو رسالة. هذا ما ظهر لي فتأمله.
مراجع إضافية
انظر درر الحكام (3 / 571) شرح المجلة للأتاسي (4 / 423 - 427) , تبيين الحقائق (4 / 257) , تكملة فتح القدير مع العناية والكفاية (7 / 15) .(1/1080)
رجوع حقوق العقد إلى الموكل
اختلف الفقهاء في رجوع حقوق العقد إلى الوكيل أو الموكل ,
فذهب الشافعية إلى أنها ترجع للوكيل.
وذهب المالكية والحنابلة إلى أنها ترجع للموكل.
وذهب الحنفية إلى أنها ترجع للموكل إن أضيف العقد إليه , وإلى الوكيل إن أضافه إلى نفسه تبعا لثبوت حكم العقد له.
وحقوق العقد هي: ما يترتب عليه لطرفيه من حقوق والتزامات ومطالبات يقتضيها تنفيذ حكمه الأصلي.(1/1081)
المراد بحقوق العقد: ما يترتب عليه لطرفيه من حقوق والتزامات ومطالبات يقتضيها تنفيذه , الغرض منها تأكيد حكمه وتقريره وتثبيته , مثل تسليم المبيع إلى المشتري في البيع , وضمان سلامته من العيوب أو من أن يكون لغير المشتري فيه حق , وكتسليم الزوج المهر في عقد النكاح وتسليم المرأة نفسها فيه. . . إلخ.
وقد اختلف الفقهاء فيمن تتعلق به حقوق العقد في تصرفات الوكيل على ثلاثة أقوال:
حقوق العقد تتعلق بالموكل:
(الرأي الأول) للحنابلة والمالكية: وهو أن حقوق العقد تتعلق بالموكل , لأن حكم العقد يثبت له ابتداء , فما يقتضيه تنفيذه من حقوق يرجع إليه أيضا.
قال المالكية: إلا أن يكون العرف رجوعها للوكيل.
حقوق العقد تتعلق بالوكيل
(الرأي الثاني) للشافعية: وهو أن حقوق العقد تتعلق بالوكيل , لأنه هو العاقد حقيقة.
حقوق العقد تتعلق بالوكيل أو الموكل بحسب كيفية إضافته
(الرأي الثالث) للحنفية: وهو أن الوكيل إذا أضاف العقد لموكله سواء أكان مما يحتاج إلى إضافته للموكل كالنكاح والإبراء والاستقراض أو مما لا يحتاج إلى ذلك كالمعاوضات المالية - فإن حقوق العقد ترجع إلى الموكل , لأن الوكيل حينئذ سفير محض.
وإن لم يضفه إلى الموكل - بل إلى نفسه - فإن حقوق العقد ترجع إليه تبعا لثبوت حكم العقد له.(1/1082)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 391)
حقوق العقد تتعلق بالموكل مطلقا , سواء كان العقد مما يصح إضافته إلى الوكيل كالبيع أو لا يصح إضافته إلا إلى الموكل كالنكاح , فيطالب الموكل بثمن ما اشتراه له وكيله , وبصداق امرأة زوجها به وكيله , وعليه ضمان الدرك , وله حق الرد بخيار عيب ونحوه , ويرد إليه ما باعه عنه وكيله بعيب ونحوه. (م 1221) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 284)
لا تشترط إضافة العقد إلى الموكل في البيع والشراء والإجارة والصلح عن إقرار , فإن لم يضفه إلى موكله , واكتفى بإضافته إلى نفسه صح أيضا. وعلى كلتا الصورتين لا تثبت الملكية إلا لموكله. ولكن إن لم يضف العقد إلى الموكل تعود حقوق العقد إلى العاقد , يعني الوكيل , وإن أضيف إلى الموكل تعود حقوق العقد إلى الموكل , ويكون الوكيل بهذه الصورة كالرسول.
مثلا: لو باع الوكيل بالبيع مال الموكل , واكتفى بإضافة العقد إلى نفسه ولم يضفه إلى موكله , يكون مجبورا على تسليم المبيع إلى المشتري , وله أن يطلب ويقبض الثمن من المشتري , وإذا خرج للمال المشترى مستحق وضبطه بعد الحكم , فيرجع المشتري على الوكيل بالبيع. يعني يطلب الثمن الذي أعطاه إياه منه. والوكيل بالشراء إذا لم يضف العقد إلى موكله على هذا الوجه يقبض المال الذي اشتراه , ويجبر على إعطاء ثمنه للبائع من ماله , وإن لم يتسلم الثمن من موكله.
وإن ظهر عيب قديم في المال المشترى , فللوكيل حق المخاصمة لأجل رده. ولكن إن كان الوكيل قد أضاف العقد إلى موكله بأن عقد البيع بقوله: بعت بالوكالة عن فلان أو اشتريت لفلان. فعلى هذا الحال تعود الحقوق المبينة آنفا كلها إلى الموكل , ويبقى الوكيل في حكم الرسول بهذه الصورة (م 1461) .
مرشد الحيران (ص 247)
كل عقد من عقود الهبة والإعارة والرهن والإيداع والقرض إذا عقده الوكيل من جهة مريد التمليك يصح العقد على الموكل مطلقا وتتعلق به حقوقه , سواء أضاف الوكيل العقد إلى نفسه أو إلى الموكل. وإن كان وكيلا في هذه القعود عن طالب التملك وأضاف العقد إلى نفسه يقع العقد له لا للموكل , وإن أضاف العقد إلى الموكل يقع للموكل وتتعلق به حقوقه. (927) .
كل عقد لا يحتاج الوكيل إلى إضافته للموكل , ويكتفى فيه بإضافته إلى نفسه كالبيع والشراء والإجارة والصلح عن إقرار يقع للموكل , سواء أضافه الوكيل إلى نفسه أو إلى الموكل. إنما إذا أضافه الوكيل إلى نفسه تعود كل حقوقه إليه ما لم يكن محجورا عليه , ولا تنتقل هذه الحقوق إلى الموكل ما دام الوكيل حيا , وإن كان غائبا وبعد موته تنتقل الحقوق إلى وصيه لا إلى الموكل. فإن أضاف العقد إلى موكله عادت كل حقوقه على الموكل , فلا يلزم الوكيل شيء مما يترتب على العقد من الحقوق والواجبات. (م 928) .
البحر الرائق (7 / 147 , 151)
(والحقوق فيما يضيفه الوكيل إلى نفسه كالبيع والإجارة والصلح عن إقرار تتعلق بالوكيل إن لم يكن محجورا) لأن الوكيل هو العاقد حقيقة لأن العقد يقوم بالكلام وصحة عبارته لكونه آدميا وكذا حكما , لأنه يستغني عن إضافة العقد إلى الموكل , ولو كان سفيرا عنه ما استغنى عن ذلك كالرسول , وإذا كان كذلك كان أصيلا في الحقوق فتتعلق به.
وفي النهاية: حتى لو حلف المشتري ما للموكل عليه شيء , كان بارا في يمينه. ولو حلف ما للوكيل عليه شيء كان حانثا. والمراد بقوله (فيما يضيفه الوكيل) في كل عقد لا بد من إضافته إليه لينفذ على الموكل , وليس المراد ظاهر العبارة من أنه قد يضيفه وقد لا يضيفه. فإن أضافه إلى نفسه تتعلق بالوكيل , وإن أضافه إلى موكله تتعلق بالموكل كما فهمه ابن الملك في شرح المجمع.
(وفيما يضيفه إلى الموكل كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد أو عن إنكار يتعلق بالموكل , فلا يطالب وكيله بالمهر ووكيلها بتسليمها) أي والحقوق في كل عقد لا يستغني الوكيل عن إضافته إلى موكله , لأن الوكيل فيها سفير محض , ألا ترى أنه لا يستغني عن إضافة العقد إلى الموكل ولو أضافه إلى نفسه , كان النكاح له.
البهجة (1 / 213)
أن من وكل على النكاح ليس له قبض الصداق , لأنه لا يسلم (المحل) , أي البضع. ولا يبرأ الزوج بالدفع إليه.
الكافي لابن عبد البر (ص 397)
ومن وكل بشراء سلعة بعينها , فوجد الموكل عيبا بها , فالقيام فيه إلى ربها , وليس على الوكيل القيام بردها. ولو باع الوكيل سلعة واستحقت , رجع المبتاع على الموكل دون الوكيل.
التاودي على التحفة (1 / 213)
(وكل من له على مبيع وكلا) أي كل من وكل على بيع شيء (كان له القبض) أي قبض ثمنه (إذا ما) زائدة (أغفلا) أي سكت عن قبض الثمن , كما له ذلك إذا نص عليه , لأنه العرف. وكذلك من وكل على الشراء له قبض المبيع , فإن لم يفعل حتى تعذر القبض ضمن فيهما. ومفهوم أغفل أنه إذا نص على عدم القبض لم يكن للوكيل أن يقبض الثمن ولا المبيع , ومثله ما جرت العادة فيه بأن الوكيل يعقد البيع فقط , والموكل هو الذي يقبض ثمنه , كما في بيع الأصول والأشياء الرفيعة الثمن , لم يكن للوكيل قبض.
حاشية المعداني على ميارة (1 / 138)
قال ابن فرحون في تبصرته: الوكيل على بيع العقار لا يقبض لأن العادة جارية بعدم قبضه للثمن إلا بتوكيل خاص على قبضه , إلا أن يكون أهل بلد جرت عادتهم بأن متولي البيع يتولى القبض. وهذا بخلاف الوكيل على بيع السلع , فإن له قبض الثمن. إلخ.
شرح منتهى الإرادات (2 / 308)
(وحقوق العقد) كتسليم الثمن وقبض المبيع وضمان الدرك والرد بالعيب ونحوه , سواء كان العقد مما تجوز إضافته إلى الوكيل كالبيع والإجارة أو لا كالنكاح (متعلقة بموكل) لوقوع العقد له.
المحلي على المنهاج (2 / 346)
(وأحكام العقد تتعلق بالوكيل دون الموكل , فيعتبر في الرؤية ولزوم العقد بمفارقة المجلس والتقابض في المجلس - حيث يشترط - الوكيل دون الموكل) لأنه العاقد حقيقة وله الفسخ بخيار المجلس , وإن أراد الموكل الإجازة قاله في التتمة.
(وإذا اشترى الوكيل طالبه البائع بالثمن إن كان دفعه إليه الموكل وإلا فلا) يطالبه (إن كان الثمن معينا) لأنه ليس في يده (وإن كان) الثمن (في الذمة) طالبه به (إن أنكر وكالته أو قال لا أعلمها , وإن اعترف بها طالبه أيضا في الأصح كما يطالب الموكل , ويكون الوكيل كضامن , والموكل كأصيل) والثاني: يطالب الموكل فقط , لأن العقد له. وفي ثالث: يطالب الوكيل فقط , لأن العقد معه. والأول لاحظ الأمرين.
مراجع إضافية
انظر بدائع الصنائع (6 / 33) , تبيين الحقائق (4 / 256) , 257 , ميارة (1 / 138) , كشاف القناع (3 / 460) , درر الحكام (3 / 574) , شرح المجلة للأتاسي (4 / 427) , مغني المحتاج (2 / 230) , 231 , فتح العزيز (11 / 33) , مواهب الجليل (5 / 194)(1/1083)
مخالفة الوكيل أمر موكله
يستثنى من أصل وجوب التزام الوكيل بقيود وشروط الموكل أمران
أحدهما: ما إذا كان خلافه إلى خير كما إذا وكله بشراء شيء بألف فاشتراه له بخمسمائة , لأنه وإن كان خلافا صورة , فهو وفاق معنى , حيث إنه مأذون به دلالة.
والثاني: ما إذا كان شرط الموكل منافيا لمقتضى عقد الوكالة , مثل اشتراط كون الوكيل ضامنا ولو لم يتعد أو يفرط حيث إن هذا الشرط باطل والعقد صحيح.(1/1084)
استثنى الفقهاء من أصل وجوب التزام الوكيل بالشروط والقيود والحدود التي رسمها له الموكل ما لو كانت مخالفته إلى خير.
كما إذا وكله ببيع سيارته بألف ريال فباعها بألفين , أو بشراء دكان بألف ريال فاشترى له دكانا بتسعمائة. فإن بيعه وشراءه صحيح نافذ في حق الموكل , لأنه وإن كان خلافا صورة , فهو وفاق معنى , لأنه مأذون به دلالة.
أما إذا باع سيارته بثمانمائة , فالبيع موقوف على إجازة الموكل عند الحنفية والمالكية , فإن أجازه نفذ , وإن رده بطل. وقال الحنابلة: هو صحيح نافذ , ويضمن الوكيل للموكل النقص عما قدره له من الثمن , وهو مائتين.
ولو اشترى له الدكان بألف وخمسمائة , فالشراء صحيح نافذ في حق الموكل عند الحنابلة , ويضمن الوكيل الزائد من الثمن عما قدر له الموكل , وهو خمسمائة.
وقال الحنفية والشافعية: هو صحيح نافذ في حق الوكيل دون الموكل , لأنه خالف أمر الموكل فصار مشتريا لنفسه.
وقال المالكية: الموكل بالخيار إن شاء أخذ الدكان بالثمن الزائد وإن شاء ردها , وفي حال ردها فإنها تلزم الوكيل.
ولو خالف الوكيل في الجنس , بأن وكله الرجل بشراء طن من القمح فاشترى له طنا من شعير , فالشراء باطل عند الحنابلة.
وقال الحنفية والشافعية: هو صحيح نافذ في حق الوكيل.
أما اشتراط الموكل ما ينافي مقتضى عقد الوكالة , كما إذا اشترط على الوكيل الضمان مطلقا , ولو لم يبدر منه تعد أو تفريط , فالشرط باطل والعقد صحيح.(1/1085)
مجلة الأحكام العدلية (ص 286 - 287 - 291)
إذا خالف الوكيل في الجنس. يعني لو قال الموكل: اشتر لي من الجنس الفلاني , فاشترى الوكيل من غيره , فلا يكون نافذا في حق الموكل , وإن كانت فائدة الشيء الذي اشتراه أزيد , يعنى: يبقى المال الذي اشتراه الوكيل عليه , ولا يكون مشترى للموكل (1470) .
إذا قيدت الوكالة بقيد , فليس للوكيل مخالفته. فإن خالف لا يكون شراؤه نافذا في حق الموكل , ويبقى المال الذي اشتري عليه. ولكن إذا خالف بصورة فائدتها أزيد في حق الموكل فلا تعد مخالفة معنى. مثلا لو قال أحد: اشتر لي الدار الفلانية بعشرة آلاف , فاشتراها الوكيل بأزيد فلا يكون شراؤه نافذا في حق الموكل , وتبقى الدار عليه. وأما إذا اشتراها بأنقص فيكون قد اشتراها للموكل. كذلك لو قال: اشتر نسيئة. واشترى الوكيل نقدا , يبقى المال على الوكيل. وأما لو قال الموكل: اشتر نقدا , واشترى الوكيل نسيئة يكون قد اشتراه للموكل. (1479) .
ليس للوكيل أن يبيع بأنقص مما عينه الموكل. يعني: إذا كان الموكل قد عين ثمنا فليس للوكيل أن يبيع بأنقص من ذلك. وإذا باع فينعقد البيع موقوفا على إجازة موكله , ولو باعه بنقصان الثمن بلا إذن الموكل وسلم المال إلى المشترى فللموكل أن يضمنه ذلك المال. (م 1495) .
مرشد الحيران (ص 250 - 252)
إذا قيدت الوكالة بقيد فليس للوكيل بالشراء مخالفته إلا إذا كان خلافا إلى خير. فإن عين الموكل الثمن واشترى الوكيل بأكثر منه , فلا ينفذ على موكله مطلقا , سواء كان وكيلا بشراء معين أو غير معين. وإن اشترى بأقل منه , فإن كان وكيلا بشراء معين نفذ على الموكل , وإن كان وكيلا بشراء غير معين فلا ينفذ على الموكل ما لم تكن قيمة ما اشتراه قدر الثمن المعين , أو يكون قد وصفه له بصفة فاشترى بتلك الصفة بأقل من ذلك الثمن المعين , فإنه ينفذ على الموكل. (م 935) .
إذا عين الموكل قدر الثمن لوكيله بشراء معين , وأمره أن يشتريه به حالا , فاشتراه به نسيئة , لزم الموكل. ولو أمره أن يشتريه به نسيئة فاشتراه به حالا لزم الوكيل. (م 936)
يصح للوكيل بالبيع عند الإطلاق أن يبيع الموكل ببيعه بنقصان لا يتغابن الناس فيه , لا بفاحش الغبن , ولا يجوز إلا بالدراهم والدنانير حالة أو إلى أجل متعارف (943) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 387 , 395 , 398)
لا يصح اشتراط ضمان الوكيل بلا تفريط , والوكالة صحيحة. (م 1208) .
بيع الوكيل بأقل مما قدره له الموكل صحيح , ويضمن كل النقص عما قدره له. مثلا: لو أمره ببيعه بمائه , فباعه بتسعة وتسعين ضمن الواحد الناقص (م 1234) .
بيع الوكيل بثمن زائد عن ثمن المثل أو عما قدره له الموكل صحيح والزائد للموكل (م 1233) .
كل تصرف خالف الوكيل موكله فيه فهو كتصرف الفضولي لا ينعقد إلا إذا كانت المخالفة إلى ما هو مأذون فيه عرفا فيصح. مثلا: لو وكله في البيع بمائة درهم فباعه بمائة دينار أو بثمانين درهما وعشرين دينارا صح البيع (م 1253) .
البحر الرائق (7 / 273)
وعلم من كلامه أن اشتراط الضمان على الأمين باطل.
المهذب (1 / 366)
. لأنه أمانة , فلا يصير مضمونا بالشرط , كالمضمون لا يصير أمانة بالشرط.
المحلي على المنهاج (2 / 341 - 344 - 345)
(فإن وكله ليبيع مؤجلا , وقدر الأجل فذاك) أي التوكيل صحيح جزما , ويتبع ما قدره , فإن نقص عنه كأن باع إلى شهر بما قال الموكل بع به إلى شهرين صح البيع في الأصح.
(قال: بع لشخص معين أو في زمن) معين (أو مكان معين) يعني بتعيينه في الجميع , نحو: لزيد في يوم الجمعة في سوق كذا (تعين) ذلك (وفي المكان وجه إذا لم يتعلق به غرض) أنه لا يتعين.
والغرض كأن يكون الراغبون فيه أكثر أو النقد فيه أجود.
(وإن قال بع بمائة , لم يبع بأقل) منها (وله أن يزيد) عليها (إلا أن يصرح بالنهي) عن الزيادة فلا يزيد.
(ومتى خالف) الوكيل (الموكل في بيع ماله أو الشراء بعينه) كأن أمره ببيع عبد فباع آخر , أو بشراء ثوب بهذا الدينار , فاشترى به آخر (فتصرفه باطل) لأن الموكل لم يأذن به (ولو اشترى) غير المأذون فيه (في الذمة , ولم يسم الموكل وقع) الشراء (للوكيل) ولغت نيته للموكل (وإن سماه فقال البائع: بعتك. فقال: اشتريت لفلان) يعني موكله (فكذا) يقع الشراء للوكيل (في الأصح) تلغو تسمية الموكل. والثاني: يبطل العقد.
بدائع الصنائع (6 / 27 , 29)
التوكيل بالبيع لا يخلو إما أن يكون مطلقا وإما أن يكون مقيدا. فإن كان مقيدا يراعى فيه القيد بالإجماع حتى إنه إذا خالف قيده لا ينفذ على الموكل ولكن يتوقف على إجازته إلا أن يكون خلافه إلى خير لما مر أن الوكيل يتصرف بولاية مستفادة من قبل الموكل , فيلي من التصرف بقدر ما ولاه. وإن كان الخلاف إلى خير , فإنما ينفذ لأنه إن كان خلافا صورة فهو وفاق معنى. لأنه آمر به دلالة فكان متصرفا بتولية الموكل فنفذ.
بيان هذه الجملة: إذا قال بع عبدي هذا بألف درهم , فباعه بأقل من الألف لا ينفذ , وكذا إذا باعه بغير الدرهم لا ينفذ وإن كانت قيمته أكثر من ألف درهم , لأنه خلاف إلى شر , لأن أغراض الناس تختلف باختلاف الأجناس فكان في معنى الخلاف إلى شر. وإن باعه بأكثر من ألف درهم نفذ , لأنه خلاف إلى خير , فلم يكن خلافا أصلا.
وأما الوكيل بالشراء , فالتوكيل بالشراء لا يخلو إما أن يكون مطلقا أو مقيدا. فإن كان مقيدا يراعى فيه القيد إجماعا لما ذكرنا , سواء كان القيد راجعا إلى المشترى أو الثمن , حتى إنه إذا خالف يلزم الشراء الوكيل إلا إذا كان خلافا إلى خير فيلزم الموكل.
مواهب الجليل (5 / 196 - 198)
(أو بيعه بأقل أو اشتراؤه بأكثر كثيرا) أي وكذا يخير الموكل إذا باع الوكيل الشيء الموكل على بيعه بأقل مما سمى له , أو اشترى ما وكل على شرائه بأكثر مما سمى له بشيء كثير. وظاهر كلامه هنا أنه يخير مطلقا , وليس كذلك , بل ذلك مقيد بأن لا يؤدي إلى فسخ الدين في الدين وإلى بيع الطعام قبل قبضه. ويقيد كلامه هنا بما إذا لم يلتزم الوكيل الزائد. (إلا كدينارين في أربعين) يعني أن الوكيل إذا خالف في الاشتراء , فإنه يخير الموكل إلا أن تكون المخالفة بزيادة في الثمن زيادة يسيرة كالدينارين في الأربعين , فإنه يلزمه ذلك. وتخصيصه اغتفار المخالفة باليسير بالاشتراء هو الذي مشى عليه عبد الحق وابن يونس واللخمي والمتيطي وصاحب الجواهر , وذكر صاحب النظائر اغتفار المخالفة باليسير في البيع أيضا. وهو ظاهر إطلاق ابن الحاجب.
(وحيث خالف في اشترائه لزمه إن لم يرضه موكله) تضمن هذا الكلام مسألتين
(إحداهما) أن الموكل مخير في الرضا بالشيء المشترى وعدم الرضا به. وهذه تقدمت.
(والثانية) أنه إذا لم يرض به الموكل , فإنه يلزم الوكيل. وهذه من هنا استفيدت , وأتى المؤلف بهذا الكلام لأجلها.
والمعنى: وحيث خالف في بيع فيخير موكله في إجازة البيع وأخذ الثمن الذي بيعت به ورده وأخذ سلعته إن كانت قائمة.
تنبيه: ولا يعد الوكيل بتعديه ملتزما لما سمى له الموكل من ثمن السلعة على المشهور.
شرح منتهى الإرادات (2 / 310)
(وكذا) يصح البيع (إن باعا) أي الوكيل والمضارب (بأنقص) عن مقدر أو ثمن (مثل , أو اشتريا بأزيد) عن مقدر أو ثمن مثل نصا. لأن من صح بيعه وشراؤه بثمن صح بأنقص منه وأزيد كالمريض (ويضمنان) أي الوكيل والمضارب (في شراء) بأزيد من مقدر أو ثمن مثل (الزائد) عنهما (و) يضمنان (في بيع) بأنقص عن مقدر (كل النقص عن مقدر , و) يضمنان في بيع إن لم يقدر لهما ثمن كل (ما لا يتغابن بمثله عادة) كعشرين من مائة , بخلاف ما يتغابن به كالدرهم من عشرة , لعسر التحرز منه , وحيث نقص ما لا يتغابن به ضمنا جميع ما نقص (عن ثمن مثل) لأنه تفريط بترك الاحتياط وطلب الحظ لإذنه وفي بقاء العقد وتضمين المفرط جمع بين المصالح.
مراجع إضافية
انظر كشاف القناع (3 / 464 - 469) , المغني (7 / 241) , فتح العزيز (11 / 45 - 52) , مغني المحتاج (2 / 227 - 229) , درر الحكام (3 / 599 , 604 , 626) , البحر الرائق (7 / 159) .(1/1086)
تولي الوكيل طرفي العقد
يجوز للوكيل تولي طرفي العقد بالنيابة عن جهتيه في مذهب الحنابلة. وخالفهم الشافعية في ذلك وقالوا بعدم صحته.(1/1087)
اختلف الفقهاء في حكم تولي الشخص طرفي العقد وكيلا عن جهتيه , كما إذا وكله رجل في بيع سيارته , ووكله آخر في شرائها , وذلك على قولين:
جواز تولي الوكيل طرفي العقد عند الحنابلة
ذهب الحنابلة إلى جواز تولي الوكيل طرفي العقد نائبا عن الجهتين. ومثله عقد النكاح إذا وكل الولي الزوج بعقده أو العكس أو إذا وكلا شخصا غيرهما بعقده. وذلك لأنه أذن له في طرفي العقد , فجاز أن يليهما , كالأب يشتري من مال ولده لنفسه.
عدم جواز تولي الوكيل طرفي العقد عند الشافعية
ذهب الشافعية إلى أنه لا يصح تولي الوكيل العقد عن الطرفين.
لأنه عقد واحد يجتمع فيه غرضان متضادان , الاسترخاص للموكل بالشراء والاستقصاء للموكل بالبيع , فلم يصح التوكيل فيه , كالبيع من نفسه.
ولأن اتحاد القابض والمقبض ممنوع , إذ لا يعقل كون المرء طالبا ومطلوبا في نفس الوقت , ومن جهة أخرى فإنه إذا كان قابضا لجهة احتاط لها , وإذا كان مقبضا وجب عليه وفاء الحق من غير زيادة , فلما تخالف الغرضان , والطباع لا تضبط , امتنع الجمع.(1/1088)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 396)
يصح أن يكون الشخص الواحد وكيلا عن البائع والمشتري ويتولى طرفي العقد حينئذ (م 1238) .
المغني (7 / 230)
وإن وكله شخص في بيع عبده , ووكله آخر في شراء عبد , فقياس المذهب أنه يجوز أن يشتريه له من نفسه , لأنه أذن له في طرفي العقد , فجاز أن يليهما إذا كان غير متهم , كالأب يشتري من مال ولده لنفسه. ولو وكله المتداعيان في الدعوى عنهما , فالقياس جوازه , لأنه يمكنه الدعوى عن أحدهما والجواب , عن الآخر , وإقامة , حجة كل واحد منهما ولأصحاب الشافعي في المسألة وجهان.
المجموع للنووي (9 / 280)
لا يكون القابض والمقبض واحدا , فلا يجوز أن يوكل البائع رجلا في الإقباض ويوكله المشتري في القبض , كما لا يجوز أن يوكله هذا في البيع وذاك في الشراء.
منتهى الإرادات (2 / 309)
(ولا يصح بيع وكيل لنفسه) بأن يشترى ما وكل في بيعه من نفسه لنفسه (ولا) يصح (شراؤه منها) أي نفسه (لموكله) بأن وكل في شراء شيء فاشتراه من نفسه لموكله , لأنه خلاف العرف في ذلك وكما لو صرح فقال له: بعه أو اشتره من غيرك , وللحوق التهمة له في ذلك (إلا إن أذن) موكل لوكيله في بيعه لنفسه أو شرائه منها (فيصح) للوكيل إذا (تولي طرفي العقد فيهما كأب الصغير) ونحوه إذا باع من ماله لولد أو اشترى منه له (و) ك (توكيله) أي جائز التصرف (في بيعه و) توكيل (آخر) لذلك (في شرائه) فيتولى طرفي عقده (ومثله) أي عقد البيع (نكاح) بأن يوكل الولي الزوج أو عكسه أو يوكلا واحدا , أو يزوج عبده الصغير بأمته ونحوه , فيتولى طرفي العقد.
المهذب (1 / 359)
وإن وكل رجلا في بيع عبده , ووكله آخر في شرائه لم يصح , لأنه عقد واحد يجتمع فيه غرضان متضادان , فلم يصح التوكيل فيه كالبيع من نفسه. وإن وكله في خصومة رجل ووكله الرجل في خصومته , ففيه وجهان ,
أحدهما: لا يصح لأنه توكيل في أمر يجتمع فيه غرضان متضادان , فلم يصح , كما لو وكله أحدهما في بيع عبده , ووكله آخر في شرائه.
والثاني: يصح. لأنه لا يتهم في إقامة الحجة لكل واحد منهما مع حضور الحاكم.
الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 281)
ضابط: اتحاد القابض والمقبض ممنوع , لأنه إذا كان قابضا لنفسه احتاط لها , وإذا كان مقبضا وجب عليه وفاء الحق من غير زيادة , فلما تخالف الغرضان , والطباع لا تنضبط , امتنع الجمع.
مراجع إضافية
انظر كشاف القناع (3 / 462) , فتح العزيز (11 / 31) , مغني المحتاج (2 / 224) , الأشباه والنظائر لابن السبكي (1 / 259) .(1/1089)
ولاية الوكيل على توكيل غيره
يلي الوكيل توكيل غيره من الأمناء فيما وكل فيه إذا كانت الوكالة مفوضة إلى رأيه , وكذا إذا أذن له الموكل بذلك صراحة أو ضمنا , أو كان التصرف مأذونا له بالتوكيل فيه بدلالة العرف , أو وكل في حقوق العقد التي ترجع إليه , لأنه أصيل فيها.(1/1090)
الأصل فيمن وكل بتصرف أن لا يلي توكيل غيره بالقيام به , لأن الموكل إنما رضي برأي وتصرف من وكله دون غيره.
واستثنى الفقهاء من هذا الأصل أربع حالات:
(الأولى) ما إذا أذن الموكل بتوكيل غيره صراحة أو دلالة كما إذا كان الشيء الموكل فيه لا يليق بالوكيل تعاطيه. وذلك لأن الوكيل لما كان لا يتصرف في ذلك لنفسه , كان ذلك قرينة على إجازة توكيله غيره فيه.
(والثانية) أن تكون الوكالة مطلقة مفوضة إلى رأي الوكيل كما إذا قال له: اعمل برأيك. أو اعمل ما شئت. أو ما صنعت من شيء فهو جائز. فعند ذلك يكون للوكيل أن يوكل غيره.
(والثالثة) أن الوكيل مأذون بذلك بدلالة العرف. كما إذا كان الشيء الموكل فيه كثيرا يعلم , بقرينة العادة أن الوكيل لا يستطيع الاستقلال بالتصرف فيه لكثرته وانتشاره. ومثل الوكيل بتفريق الزكاة له أن يوكل غيره بإعطائها إلى مستحقيها. وكذا الوكيل بقبض الدين له أن يوكل بقبضه من يأتمنه من عياله , لأن يده كيده عرفا.
(والرابعة) أن يقع التوكيل في حقوق العقد التي ترجع للوكيل لأنه عائدة إليه لا للموكل.
وحيث جاز للوكيل التوكيل عن نفسه أو عن موكله فيشترط أن يوكل أمينا , رعاية لمصلحة الموكل , إلا أن يعين الموكل غيره , فيتبع تعيينه.(1/1091)
مرشد الحيران (ص 246)
إذا كان الآمر مفوضا لرأي الوكيل جاز له أن يوكل به غيره , ويعتبر الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل , فلا ينعزل الوكيل الثاني بعزل الوكيل الأول ولا بوفاته. (م 924) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 285)
ليس للوكيل أن يوكل غيره في الخصوص الذي وكل به إلا أن يكون قد أذنه الموكل بذلك أو قال له: اعمل برأيك. ففي هذه الحال للوكيل أن يوكل غيره , ويصير الشخص الذي وكله الوكيل بهذا الوجه وكيلا للموكل , ولا يكون وكيلا لذلك الوكيل , حتى لا ينعزل الوكيل الثاني بعزل الوكيل الأول أو بوفاته. (م 1466) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 393)
للوكيل أن يوكل غيره فيما يعجز عنه لكثرته وفيما لا يتولاه مثله بنفسه عرفا دون إذن موكله صراحة , أما إذا أذن له الموكل في التوكيل , فله أن يوكل فيما عدا ذلك أيضا. (م 1225) .
ليس للوكيل أن يوكل غير أمين , فإذا وكل أمينا فخان فعليه عزله وإلا كان مفرطا , لكن إذا عين له الموكل شخصا فيجوز توكيله مطلقا , أمينا كان أو خائنا. (م 1226) .
إذا قال الموكل لوكيله: وكل عنك. أو أذن له أن يوكل لنفسه نصا أو دلالة , ككون التصرف الموكل فيه مما يعجز عنه الوكيل لكثرته أو مما لا يتولاه بنفسه عادة ففعل , فالثاني وكيل الوكيل. أما لو قال: وكل عني. أو أطلق. فهو وكيل آخر عن الموكل. (م 1228) .
بدائع الصنائع (6 / 34)
وللوكيل أن يوكل غيره في الحقوق , لأنه أصيل في الحقوق , والمالك أجنبي عنه فملك توكيل غيره فيها.
البحر الرائق (7 / 175 , 176)
(ولا يوكل إلا بإذن أو: اعمل برأيك) لأنه فوض إليه التصرف دون التوكيل. وهذا لأنه رضي برأيه , والناس مختلفون في الآراء , إلا أن يأذن له الموكل , لوجود الرضا , أو يقول له: اعمل برأيك لإطلاق التفويض إلى رأيه. وإذا وكل الوكيل بالقبض بلا إذن , فدفع له المديون , فإن وصل إلى الوكيل الأول برئ وإلا فإن كان من في عياله برئ وإلا لا. فإن هلك المال في يد الثاني كان للغريم تضمينه , والثاني الرجوع , على الوكيل الأول. وتمامه في الذخيرة من الفصل الثاني. وإذا وكل بإذن أو تفويض كان الثاني وكيلا عن الموكل , حتى لا يملك الأول عزله ولا ينعزل بموته.
والمراد لا يوكل فيما وكل فيه , فيخرج التوكيل بحقوق العقد فيما ترجع الحقوق فيه إلى الوكيل , فله التوكيل بلا إذن لكونه أصيلا فيها.
وخرج عن قوله لا يوكل إلا بإذن أو اعمل برأيك: ما لو وكل الوكيل بقبض الدين من في عياله , فدفع المديون إليه , فإنه يبرأ , لأن يده كيده.
ميارة على التحفة (1 / 132)
إن الوكيل المفوض إليه له أن يوكل على مثل ما وكل عليه أو على بعضه. وأما الوكيل المخصوص فليس له أن يوكل إلا إن جعل ذلك له.
تنبيه: استثنى ابن الحاجب من الوكيل المخصوص مسألتين:
(الأولى) أن يكون الوكيل لا يليق به تولي الموكل فيه. كمن وكل رجلا شريفا معروفا بالجلالة على بيع ثوب أو دابة , لأن الوكيل لما كان لا يتصرف في هذا لنفسه كان ذلك قرينة في إجازة توكيله غيره , فكان ذلك كالتصريح بإجازة التوكيل.
(والثانية) أن يوكله على أمور كثيرة لا يمكن الوكيل أن يستقل بها , لأنه بالعادة قد أذن له في التوكيل.
فتح العزيز (11 / 43)
الوكيل هل يوكل؟ لا يخلو: إما أن يأذن له الموكل في التوكيل صريحا أو يسكت عنه. فإن سكت فينظر: إن كان أمرا يتأتى له الإتيان به لم يوكل فيه , لأنه لم يرض بتصرف غيره. وإن لم يتأت ذلك منه إما لأنه لا يحسن أو لأن الإتيان به لا يليق بمنصبه , فله التوكيل فيه , لأن الشخص لا يقصد منه إلا الاستنابة فيه.
وفيه وجه: أنه لا يوكل لقصور قضية اللفظ. ولو كثرت التصرفات التي وكل بها , ولم يمكنه الإتيان بالكل لكثرتها , ففيه ثلاثة طرق أصحها أنه يوكل فيما يزيد على قدر الإمكان.
المحلي على المنهاج (2 / 343)
(ولو أذن في التوكيل , وقال: وكل عن نفسك ففعل , فالثاني وكيل الوكيل , والأصح أنه ينعزل بعزله) إياه (وانعزاله) بموته أو جنونه أو عزل موكله له. والثاني: لا ينعزل بذلك. بناء على أنه وكيل عن الموكل. (وإن قال) وكل (عني) ففعل (فالثاني وكيل الموكل , وكذا لو أطلق) أي قال: وكل. ففعل. فالثاني وكيل الموكل (في الأصح) .
(وحيث جوزنا للوكيل التوكيل) فيما ذكر من المسائل (يشترط أن يوكل أمينا إلا أن يعين الموكل غيره) أي من ليس بأمين في إذنه بالتوكيل , فيتبع تعيينه.
المغني (7 / 207 , 208 , 209)
(وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل فيه إلا أن يجعل ذلك إليه) لا يخلو التوكيل من ثلاثة أحوال
أحدها: أن ينهى الموكل وكيله عن التوكيل. فلا يجوز له ذلك بغير خلاف , لأن ما نهاه عنه غير داخل في إذنه , فلم يجز له , كما لو لم يوكله.
الثاني: أذن له في التوكيل , فيجوز له ذلك , لأنه عقد أذن له فيه , فكان له فعله , كالتصرف المأذون له فيه. ولا نعلم في هذين خلافا. وإن قال له: وكلتك فاصنع ما شئت. فله أن يوكل. وقال أصحاب الشافعي ليس له التوكيل في أحد الوجهين , لأن التوكيل يقتضي تصرفا يتولاه بنفسه وقوله: اصنع ما شئت. يرجع إلى ما يقتضيه التوكيل من تصرفه بنفسه.
ولنا: أن لفظه عام فيما شاء , فيدخل في عمومه التوكيل.
الثالث: أطلق الوكالة. فلا يخلو من أقسام ثلاثة.
القسم الأول: أن يكون العمل مما يترفع الوكيل عن مثله , كالأعمال الدنية في حق أشراف الناس المترفعين عن فعلها في العادة , أو يعجز عن عمله لكونه لا يحسنه , أو غير ذلك , فإنه يجوز له التوكيل فيه. لأنه إذا كان مما لا يعمله الوكيل عادة , انصرف الإذن إلى ما جرت به العادة من الاستنابة فيه.
القسم الثاني: أن يكون مما يعمله بنفسه , إلا أنه يعجز عن عمله كله , لكثرته وانتشاره , فيجوز له التوكيل في عمله أيضا , لأن الوكالة اقتضت جواز التوكيل , فجاز التوكيل في فعل جميعه , كما لو أذن في التوكيل بلفظه. وقال القاضي عندي أنه إنما جاز له التوكيل فيما زاد على ما يتمكن من عمله بنفسه , لأن التوكيل إنما جاز للحاجة , فاختص بما دعت إليه الحاجة بخلاف وجود إذنه , فإنه مطلق. ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين.
القسم الثالث: ما عدا هذين القسمين , وهو ما يمكنه عمله بنفسه ولا يترفع عنه , فهل يجوز له التوكيل فيه؟ على روايتين ,
إحداهما: لا يجوز. نقلها ابن منصور. وهو مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف والشافعي لأنه لم يأذن له في التوكيل , ولا تضمنه إذنه , فلم يجز , كما لو نهاه , ولأنه استئمان فيما يمكنه النهوض فيه , فلم يكن له أن يوليه من لم يأمنه عليه كالوديعة.
والأخرى: يجوز. نقلها حنبل. وبه قال ابن أبي ليلى إذا مرض أو غاب , لأن الوكيل له أن يتصرف بنفسه , فملكه , نيابة كالمالك. والأول أولى. ولا يشبه الوكيل المالك , فإن المالك يتصرف بنفسه في ملكه كيف شاء , بخلاف الوكيل.
فصل: وكل وكيل جاز له التوكيل , فليس له أن يوكل إلا أمينا , لأنه لا نظر للموكل في توكيل من ليس بأمين , فيقيد جواز التوكيل بما فيه الحظ والنظر , كما أن الإذن في البيع يتقيد بالبيع بثمن المثل , إلا أن يعين له الموكل من يوكله , فيجوز توكيله وإن لم يكن أمينا , لأنه قطع نظره , بتعيينه.
مراجع إضافية
انظر مواهب الجليل (5 / 201) , البهجة (1 / 206) , مغني المحتاج (2 / 226 , 227) , المقدمات الممهدات (3 / 52) , شرح المجلة للأتاسي (4 / 440 - 445) , درر الحكام (3 / 592) , 593 , التاودي على التحفة (1 / 205) , التاج والإكليل (5 / 201 , 202) .(1/1092)
الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة
إجازة العقد هي إظهار صاحب الحق موافقته على إمضاء العقد بكل قول أو فعل ينبئ عن ذلك.
والإجارة اللاحقة كالوكالة السابقة من حيث استنادها إلى وقت انعقاد العقد لا إلى وقت صدورها , وهي تلحق العقد الموقوف دون الباطل.(1/1093)
الإجازة: هي إظهار صاحب الحق موافقته على إمضاء العقد بكل قول أو فعل ينبئ عن ذلك.
وقد جاء في القواعد الفقهية (الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة) وذلك يعني أن أثر الإجازة ممن يملكها - وهو من توقف العقد مراعاة لحقه ودفعا للضرر عنه - يظهر من حين إنشاء التصرف لا من وقت إصدارها.
ومحل تطبيق هذا الأصل الفقهي العقود الموقوفة لا الباطلة وعلى ذلك جاء في القواعد الفقهية (الإجازة إنما تلحق الموقوف لا الباطل) .
والعقد الموقوف: هو الذي يتراخى حكمه إلى وقت إجازته ممن يملكها فإن أجازه إجازة معتبرة نفذ وترتبت عليه آثاره من وقت انعقاده , وإن رده بطل. وإنما يكون العقد موقوفا عند جمهور الفقهاء إذا صدر من مالك غير أهل للاستقلال بصدوره عنه , كالصبي المميز في عقود المعاوضات المالية , أو كان صادرا عن غير ذي ولاية شرعية , كالفضولي , وفي مال تعلق به حق الغير , كبيع المرهون.(1/1094)
القواعد الفقهية للمجددي (ص 53)
قاعدة: الإجازة إنما تصح ثم تستند إلى وقت العقد.
قاعدة: الإجازة إنما تلحق الموقوف لا الباطل.
قاعدة: الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة.
مجلة الأحكام العدلية (ص 281)
الإجارة اللاحقة في حكم الوكالة السابقة. مثلا: لو باع أحد مال الآخر فضولا ثم أخبر صاحبه فأجازه يكون كما لو وكله أولا. (م 1453) .
مرشد الحيران (ص 79)
إذا انعقد العقد موقوفا غير نافذ , بأن كان العاقد فضوليا تصرف في ملك غيره بلا إذنه , أو كان العاقد صبيا مميزا , فلا يظهر أثره ولا يفيد ثبوت الملك إلا إذا أجازه المالك في الصورة الأولى والولي أو الوصي في الصورة الثانية , ووقعت الإجازة مستوفية شرائط الصحة (م 310) .
تبيين الحقائق (4 / 104)
وإذا أجازه المالك - أي بيع الفضولي - كان الثمن مملوكا له , أمانة في يد الفضولي بمنزلة الوكيل , حتى لا يضمن بالهلاك في يده , سواء هلك بعد الإجازة أو قبلها , لأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة.
شرح السير الكبير للسرخسي (5 / 2048)
ولو كان أوصى له وهو حربي , ثم أسلم قبل موت الموصي أو بعده , فوصيته باطلة , لأنها وقعت لإنسان بعينه , فإنه يعتبر حاله يوم أوصى له , وقد كان ميتا عند ذلك حكما , فبطلت الوصية , والوصية الباطلة لا تنقلب صحيحة بإسلامه , وكذلك إن أجازت الورثة وصيته , لأن الإجازة إنما تلحق الموقوف لا الباطل.
التحرير شرح الجامع الكبير (2 / 360 , 4 / 907)
أصل الباب: أن الإجازة إذا لحقت العقد الموقوف كان لحالة الإجازة حكم الإنشاء , لأن العقد لم يتم قبل الإجازة , وإنما تم ونفذ بالإجازة , فكان لها حكم الإنشاء , فيكون الطارئ على العقد الموقوف يجعل كالمقارن للعقد , لأنه سبق النفاذ الذي هو المقصود بالعقد , فجعل في التقدير سابقا على ما هو وسيلة لاستتباع المقاصد.
عبد بين رجلين , باعه أحدهما , جاز بيعه في نصيبه , لأنه باع ملكه وملك شريكه فنفذ في نصيبه لمكان الولاية , وتوقف في نصيب صاحبه , لأن الإجازة اللاحقة في نفاذ التصرف كالوكالة السابقة.
المبسوط (12 / 80 , 25 / 26)
رجل وهب لرجل ثوبا لغيره , وسلمه إليه , فأجاز رب الهبة , جازت الهبة , لأن الإجازة في الانتهاء بمنزلة الإذن في الابتداء من حيث إنه يتم رضا المالك بها.
إن كل شيء لا يجوز للأب والوصي أن يفعلاه في مال الصبي , فإذا فعله أجنبي , فأجازه الصبي بعد ما كبر , فهو جائز , لأن الإجازة في الانتهاء كالإذن في الابتداء.
التيسير بمعاني الجامع الكبير (94 / أ)
الأصل أن الإجازة اللاحقة في نفاذ التصرف بمنزلة الوكالة السابقة , لكن لا يتوقف إلا إذا كان له مجيز حال وجوده. أما إذا لم يكن فلا , لأن فائدة التوقف النفاذ عند الإجازة فإذا لم يكن فلا فائدة.(1/1095)
الوكالة عقد جائز من الجانبين
الأصل في الوكالة أنه عقد جائز - غير لازم - من الجانبين , فلكل واحد منهما حق فسخه متى شاء دون توقف على رضا الطرف الآخر أو موافقته.(1/1096)
لا خلاف بين الفقهاء في أن الأصل في الوكالة أنه عقد غير لازم في حق العاقدين فلكل واحد منهما أن يفسخه ويتحلل منه متى شاء , دون توقف على رضا الطرف الآخر أو موافقته.
واستثنى الشافعية من هذا الأصل حالة لحوق الضرر بأحد الطرفين نتيجة فسخ الآخر عقد الوكالة بدون رضاه وقالوا: العقود الجائزة إذا اقتضى فسخها ضررا على الآخر , امتنع وصارت لازمة.
واستثنى الحنفية والمالكية منه حالة تعلق حق الغير بالوكالة وقالوا بعدم صحة عزل الموكل لوكيله فيها بدون رضا صاحب الحق.(1/1097)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 389)
الوكالة من العقود الجائزة , فلكل من الوكيل والموكل فسخها متى شاء (م 1209) .
شرح منتهى الإرادات (2 / 305)
(الوكالة والشركة والمضاربة والمساقاة والمزارعة والوديعة والجعالة) والمسابقة والعارية (عقود جائزة من الجانبين) لأن غايتها إذن وبذل نفع وكلاهما جائز (لكل) من المتعاقدين (فسخها) أي هذه العقود كفسخ الإذن في أكل طعامه.
المهذب (1 / 363)
ويجوز للموكل أن يعزل الوكيل إذا شاء , ويجوز للوكيل أن يعزل نفسه متى شاء , لأنه إذن في التصرف في ماله , فجاز لكل واحد منهما إبطاله , كالإذن في طعامه.
مواهب الجليل (5 / 187)
إذا وكلت وكيلا في بيع رهن ليس لك عزل الوكيل إلا برضا المرتهن , لأن القاعدة أن الوكالة عقد جائز من الجانبين ما لم يتعلق بها حق للغير.
حاشية الرملي على أسنى المطالب (3 / 76)
العقود الجائزة إذا اقتضى فسخها ضررا على الآخر امتنع , وصارت لازمة.
روضة الطالبين (4 / 330 , 332)
الحكم الرابع (للوكالة) : الجواز من الجانبين , فلكل واحد منهما العزل.
. متى قلنا: الوكالة الجائزة , أردنا الخالية عن الجعل , فأما إذا شرط فيها جعل معلوم واجتمعت شرائط الإجارة , وعقد بلفظ الإجارة فهي لازمة , وإن عقد بلفظ الوكالة أمكن تخريجه على أن الاعتبار بصيغ العقود أم بمعانيها.
بدائع الصنائع (6 / 37 , 38)
الوكيل يخرج عن الوكالة بأشياء (منها) عزل الموكل إياه ونهيه , لأن الوكالة عقد غير لازم , فكان محتملا للفسخ بالعزل والنهي. ولصحة العزل شرطان ,
أحدهما: علم الوكيل به. لأن العزل فسخ للعقد , فلا يلزم حكمه إلا بعد العلم به كالفسخ. .
والثاني: أن لا يتعلق بالوكالة حق للغير. فأما إذا تعلق بها حق الغير , فلا يصح العزل بغير رضا صاحب الحق , لأن في العزل إبطال حقه من غير رضاه ولا سبيل إليه.
مجمع الأنهر (2 / 246)
(للموكل عزل وكيله) عن الوكالة , لأنها حقه , فله أن يبطله (إلا إذا تعلق به) أي بالتوكيل (حق الغير كوكيل الخصومة بطلب الخصم) فلا يملك عزله , فيصير كالوكالة المشروطة في عقد الرهن ومال الوقف.
بداية المجهد (2 / 302)
وليست هي - أي الوكالة - من العقود اللازمة , بل الجائزة على ما نقوله في أحكام هذا العقد.
فأما هذا العقد فهو كما قلنا عقد غير لازم: للوكيل أن يدع الوكالة متى شاء عند الجميع. لكن أبو حنيفة يشترط في ذلك حضور الموكل. وللموكل أن يعزله متى شاء. قالوا: إلا أن تكون وكالة في خصومة. قال أصبغ له ذلك ما لم يشرف على تمام الحكم. وليس للوكيل أن يعزل نفسه في هذا الوضع الذي لا يجوز أن يعزله الموكل.
مواهب الجليل (5 / 188)
قال ابن فرحون وأن كانت الوكالة بغير عوض , فهي معروف من الوكيل يلزمه إذا قبل , وللموكل عزله متى شاء إلا أن تكون الوكالة في الخصام , ويجوز للوكيل في غير الخصام أن يعزل نفسه متى شاء من غير اعتبار رضا موكله إلا أن يتعلق به حق لأحد , ويكون في عزله نفسه إبطال لذلك الحق , فلا يكون له ذلك , لأنه قد تبرع بمنافعه.
. وإن كانت بعوض فهي إجارة تلزمهما بالعقد , ولا يكون لواحد التخلي.
المقدمات الممهدات (3 / 59)
وإن كانت بغير عوض معروف من الوكيل , يلزمه إذا قبل الوكالة ما التزمه , وللموكل أن يعزله من الوكالة متى شاء إلا أن تكون الوكالة في الخصام , فليس له أن يعزله عن الوكالة ويوكل غيره , ولا يخاصم عن نفسه إذا كان قد قاعد خصمه المرتين والثلاث إلا من عذر. هذا هو المشهور في المذهب. ووقع لأصبغ في الواضحة ما يدل على أن له أن يعزله عن الخصام ما لم يشرف على تمام الحكم. وفي المكان الذي لا يكون للموكل أن يعزله عن الخصام لا يكون له هو أن يتخلى عنه إذا قبل الوكالة.(1/1098)
فسخ الوكالة
تنتهى الوكالة بفسخها من قبل الوكيل أو الموكل.(1/1099)
لقد عرفنا أن الوكالة عقد جائز من الجانبين , أي غير لازم في حق الوكيل والموكل , فلكل واحد منهما أن يبادر لفسخه متى شاء بالقول أو بالفعل الدال على الرجوع عن الوكالة دون توفق على رضا الطرف الآخر أو قبوله.(1/1100)
مجلة الأحكام العدلية (ص 295 , 296)
للموكل أن يعزل وكيله من الوكالة , ولكن إن تعلق به حق الغير فليس له عزله , كما إذا رهن مديون ماله , وحين عقد الرهن أو بعده وكل آخر ببيع الرهن عند حلول أجل الدين , فليس للراهن الموكل عزل ذلك الوكيل بدون رضا المرتهن , كذلك لو وكل أحد آخر بالخصومة بطلب المدعي ليس له عزله في غياب المدعي. (م 1521) .
للوكيل أن يعزل نفسه من الوكالة , ولكن لو تعلق به حق الغير كما ذكر آنفا يكون مجبورا على إيفاء الوكالة. (1522) .
إذا عزل الموكل الوكيل , فيبقى على وكالته إلى أن يصل إليه خبر العزل , ويكون تصرفه صحيحا إلى ذلك الوقت. (م 1523) .
إذا عزل الوكيل نفسه فيلزمه أن يعلم الموكل بعزله وتبقى الوكالة في عهدته إلى أن يعلم الموكل عزله. (م 1524) .
للموكل أن يعزل وكيله بقبض الدين في غياب المديون , ولكن إن كان الدائن قد وكله في حضور المديون فلا يصح عزله بدون علم المديون. وعلى هذه الصورة: إذا أعطاه المديون الدين من دون أن يعلم عزله فيبرأ. (م 1525) .
تنتهي الوكالة بختام الموكل به , وينعزل الوكيل من الوكالة بالطبع. (م 1526) .
ينعزل الوكيل بوفاة الموكل. ولكن إذا تعلق به حق الغير فلا ينعزل. (م 1527) . ينعزل وكيل الوكيل أيضا بموت الموكل (م 1528) .
الوكالة لا تورث. يعني إذا مات الوكيل فيزول حكم الوكالة. وبهذا لا يقوم وارث الوكيل مقامه. (م 1529) .
تبطل الوكالة بجنون الموكل أو الوكيل. (م 1530) .
مرشد الحيران (ص 260 , 261)
للموكل أن يعزل وكيله عن الوكالة متى شاء شفاها وتحريرا , بشرط علم الوكيل , ما لم يتعلق به حق الغير. فإن تعلق به حق الغير , كما إذا رهن المديون ماله , وعند حلول الأجل وكل آخر ببيع الرهن فلا يعزل ولا تبطل وكالته بالعزل. (م 970) .
ينعزل الوكيل بخروجه أو بخروج الموكل عن الأهلية , وبوفاة الموكل وإن تعلق به حق الغير , إلا في الوكالة ببيع الرهن إذا وكل الراهن العدل أو المرتهن ببيع الرهن عند حلول الأجل فلا ينعزل بموت الموكل ولا بخروجه عن الأهلية. (م 971) .
للوكيل بالخصومة وشراء معين أن يعزل نفسه من الوكالة ما لم يتعلق به حق الغير , فيجبر على إبقاء الوكالة. ويشترط علم الموكل بالعزل , فيكون تصرف الوكيل جائزا إلى أن يعلم الموكل. (م 972) .
للموكل عزل وكيله بقبض الدين إن وكله بغير حضرة مديونه , وإن وكل بحضرته لا يملك عزله بدون علم المديون. فإن دفع إليه الدين من دون أن يعلم بعزله يبرأ من الدين. (م 973) .
تنتهي الوكالة بنهاية الشيء الموكل فيه. كما لو وكله بقبض دينه وقبضه بنفسه. (م 974) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 389 - 390)
الوكالة من العقود الجائزة , فلكل من الوكيل والموكل فسخها متى شاء. (م 1209) .
تبطل الوكالة بفسخ أحدهما بالقول أو الفعل الدال على الرجوع عن الوكالة. مثلا: لو وكل في بيع ماله أو رهنه أو وقف داره , ثم تصرف الموكل تصرفا ينقل الملك قبل تصرف الوكيل بطلت الوكالة , وكذا لو وكل في عتق عبده ثم دبره السيد أو كاتبه , قبل عقد الوكيل بطلت الوكالة. (م 1210) .
تبطل الوكالة بموت الوكيل أو الموكل , وكذا بجنون أحدهما جنونا مطبقا , ولكن توكيل من يتصرف لغيره كالوصي والناظر لا يبطل بموته أو جنونه (م 1211) .
تبطل الوكالة بالحجر على المتعاقدين لسفه فيما لا يصح تصرف السفيه فيه , أما ما يصح تصرفه فيه كالطلاق والرجعة فلا تبطلا الوكالة فيه (م 1212) .
تبطل الوكالة بالحجر لفلس فيما لا يصح تصرف المفلس فيه , أما ما يصح تصرف المفلس فيه كالتصرف في ذمته والطلاق ونحوه , فلا تبطل الوكالة فيه. (م 1213) .
تبطل الوكالة بفعل أحد المتعاقدين ما يخرجه عن أهلية التصرف الموكل فيه. مثلا: لو فسق أحدهما بسكر أو غيره بطلت الوكالة في إيجاب النكاح وإثبات الحد واستيفائه , وفيما تشترط فيه الأمانة كوكيل ولي اليتيم وناظر وقف على المساكين ونحوه. (م 1214) .
تبطل الوكالة بذهاب محلها. مثلا: لو تلفت العين الموكل ببيعها أو رهنها أو إجارتها أو نحو ذلك فخرجت عن ملك الموكل , أو أقر الوكيل في الخصومة أو القبض بقبض الموكل بطلب الوكالة. (م 1215) .
لا تبطل الوكالة بتعدي الوكيل في العين الموكل بالتصرف فيها. مثلا: لو وكله في بيع ثوب أو دابة فلبس الثوب أو ركب الدابة لم تبطل الوكالة , وإنما يصير ضامنا بذلك (م 1216) .
لا تبطل الوكالة بإغماء أحد المتعاقدين ولا بجحود أحدهما للوكالة (م 1217) .
لا يفتقر انعزال الوكيل بموت الموكل أو عزله إلى علمه بذلك , بل ينعزل من حينه , ولو لم يعلم الوكيل بذلك , فلا تصح تصرفاته , ويضمن إن تصرف بعده. (م 1218) .
ينعزل وكيل الوكيل بموت الموكل الأول أو الثاني أو بجنون أحدهما أو عزله (م 1220) .
ميارة على التحفة (1 / 136 , 137)
من وكل وكيلا , فمات الموكل أو الوكيل , فإن التوكيل يبطل بموت الموكل , لأن الحق انتقل لغيره من الورثة ولا إشكال في بطلانه بموت الوكيل , إذ ليست الوكالة حقا للوكيل فتورث عنه.
قال المتيطي وللوكيل عزل الوكيل ما لم يناشب الخصومة. فإن كان الوكيل قد نازع خصمه وجالسه عند الحاكم ثلاث مرات فأكثر , لم يكن له عزله. قال: وفي المكان الذي لا يكون للموكل أن يعزله عن الخصام لا يكون له هو أن ينحل عنه إذا قبل الوكالة.
القوانين الفقهية ص 334
ما يبطل الوكالة وهو شيئان: موت الموكل بخلاف في المذهب , وعزل الوكيل. واختلف هل تبطل الوكالة بنفس العزل أو الموت قبل أن يعلم الوكيل بذلك , أو لا تبطل حتى يعلم الوكيل بذلك؟ وإذا ابتدأ الوكيل الخصام في مجلس أو مجلسين لم يكن لموكله أن يعزله إلا بإذن خصمه. وتبطل الوكالة إذا طالت مدتها نحو ستة أشهر , إلا أن يجعلها على الدوام , أو تكون على أمر معين , فلا تبطل حتى ينقضي.
المحلي على المنهاج 2 / 346 , 347 , 348
(ويد الوكيل يد أمانة وان كان بجعل) فلا يضمن ما تلف في يده بلا تعد (فإن تعدى) كأن ركب الدابة أو لبس الثوب (ضمن ولا ينعزل) بالتعدي (في الأصح) والثاني: ينعزل كالمودع.
فصل: (الوكالة جائزة من الجانبين) أي غير لازمة من جانب الموكل وجانب الوكيل (فإذا عزله الموكل في حضوره) بقوله عزلتك (أو قال) في حضوره (رفعت الوكالة أو أبطلتها أو أخرجتك منها انعزل) منها (فإن عزله وهو غائب انعزل في الحال وفي قول لا) ينعزل (حتى يبلغه الخبر) بالعزل. . (ولو قال) الوكيل (عزلت نفسي أو رددت الوكالة) أو أخرجت نفسي منها (انعزل) ولا يشترط في انعزاله بذلك حصول علم الموكل (وينعزل) أيضا (بخروج أحدهما) أي الوكيل والموكل (عن أهلية التصرف بموت أو جنون) وإن زال عن قرب (وكذا إغماء في الأصح) إلحاقا له بالجنون. والثاني: لا يلحقه به (وبخروج محل التصرف عن ملك الموكل) كأن باع أو أعتق ما وكل في بيعه.
القواعد لابن رجب ص 64
الوكيل إذا تعدى فالمشهور أن وكالته لا تنفسخ بل تزول أمانته ويصير ضامنا. . وحكى ابن عقيل في نظرياته وصاحب المحرر وجها آخر , وبه جزم القاضي في خلافه أن الوكالة تبطل كالوديعة لزوال الائتمان , والإذن في التصرف كان منوطا به.
المغني (7 / 234 , 238 , 240)
(وما فعل الوكيل بعد فسخ الموكل أو موته فباطل) وجملته أن الوكالة عقد جائز من الطرفين , فللموكل عزل وكيله متى شاء , وللوكيل عزل نفسه , لأنه إذن في التصرف , فكان لكل واحد منهما إبطاله , كما لو أذن في أكل طعامه. وتبطل أيضا بموت أحدهما , أيهما كان , وجنونه المطبق. ولا خلاف في هذا كله فيما نعلم. فمتى تصرف الوكيل بعد فسخ الموكل أو موته فهو باطل إذا علم ذلك. فإن لم يعلم الوكيل بالعزل ولا موت الموكل فعن أحمد فيه روايتان , وللشافعي فيه قولان. وظاهر كلام الخرقي هذا أنه ينعزل علم أو لم يعلم.
ومتى خرج أحدهما عن كونه من أهل التصرف , مثل أن يجن أو يحجر عليه لسفه فحكمه حكم الموت , لأنه لا يملك التصرف , فلا يملكه غيره من جهته.
وإن تلفت العين التي وكل في التصرف فيها بطلت الوكالة , لأن محلها ذهب , فذهبت الوكالة.
أن الوكالة إذا وقعت مطلقة غير مؤقتة , ملك التصرف أبدا , ما لم تنفسخ الوكالة. وفسخ الوكالة أن يقول: فسخت , الوكالة أو أبطلتها أو نقضتها أو عزلتك أو صرفتك عنها أو أزلتك عنها , أو ينهاه عن فعل ما أمره به أو وكله فيه , وما أشبه ذلك من الألفاظ المقتضية عزله أو المؤدية معناه , أو يعزل الوكيل نفسه , أو يوجد ما يقتضي فسخها حكما على ما قد ذكرنا , أو يزول ملكه عما قد وكله في التصرف فيه , أو يوجد ما يدل على الرجوع عن الوكالة , فإذا وكله في طلاق امرأته ثم وطئها , انفسخت الوكالة , لأن ذلك يدل على رغبته فيها واختياره إمساكها.
بدائع الصنائع (6 / 37 - 39)
الوكيل يخرج عن الوكالة بأشياء:
(منها) عزل الموكل إياه ونهيه , لأن الوكالة عقد غير لازم , فكان محتملا للفسخ بالعزل والنهي. ولصحة العزل شرطان ;
أحدهما: علم الوكيل به.
والثاني: أن لا يتعلق بالوكالة حق الغير.
فأما إذا تعلق بها حق الغير , فلا يصح العزل بغير رضا صاحب الحق , لأن في العزل إبطال حقه من غير رضاه. ولا سبيل إليه.
(ومنها) موت الموكل.
(ومنها) جنونه جنونا مطبقا.
(ومنها) لحاقه بدار الحرب مرتدا عند أبي حنيفة.
(ومنها) عجز الموكل والحجر عليه.
(ومنها) موت الوكيل. لأن الموت مبطل لأهلية التصرف (ومنها) جنونه المطبق.
(ومنها) أن يتصرف الموكل بنفسه فيما وكل به قبل تصرف الوكيل.
(ومنها) هلاك العبد الذي وكل ببيعه أو بإعتاقه أو بهبته أو بتدبيره أو نحو ذلك , لأن التصرف في المحل لا يتصور بعد هلاكه.(1/1101)
تطبيقات البيع(2/1)
بيع الوفاء
بيع الوفاء ويسمى بيع العهدة هو بيع عقار أو منقول صالح للبقاء مدة طويلة على شرط استرداد البائع له عندما يعيد الثمن للمشتري وقد استحدث عندما تقاعس الناس عن الإقراض.(2/2)
اختلف في تكليف بيع الوفاء , بالنظر إلى واحدة أو أكثر من خصائصه
فاعتبره بعضهم رهنا لأن المشتري والبائع قد تواطآ على عودة المبيع للبائع ورد الثمن للمشتري وهذا شأن الرهن.
واعتبره بعضهم قرضا لأنه يعاد للمشتري مثل ما دفع بصرف النظر عن ارتفاع قيمة المبيع أو هبوطها وهذا شأن القرض.
واعتبره بعضهم بيعا مراعاة لصفة البيع من الإيجاب والقبول.
واختار بعض المحققين أنه مركب من بيع وقرض ورهن نظرا إلى تلك الخصائص جميعا.
حكم بيع الوفاء عند متقدمي الحنفية أنه صورة من صور الربا , لأن المشتري ينتفع بالبيع ويسترجع الثمن كما هو فيكون من قبيل القرض الذي جر منفعة , وذهب المتأخرون من الحنفية وغيرهم إلى جوازه , ورأوا فيه منجاة من الربا , وذهب جمهور الفقهاء إلى تحريم بيع الوفاء.
وقد قرر مجمع الفقه الإسلامي عدم جواز هذا البيع لأنه تحايل على ربا , وبذلك قد رجح رأي جمهور الفقهاء(2/3)
مجمع الفقه الإسلامي قرار (68 / 4 / 7)
بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (بيع الوفاء) وبعد الاستماع للمناقشات التي دارت حول بيع الوفاء وحقيقته: (بيع المال بشرط أن البائع متى رد الثمن يرد المشتري إليه المبيع)
تقرر:
أولا:
إن حقيقة هذا البيع (قرض جر نفعا) فهو تحايل على الربا وبعدم صحته قال جمهور العلماء
ثانيا:
يرى المجمع أن هذا العقد غير جائز شرعا(2/4)
بيع العربون
بيع العربون حسب الصورة المشهورة له
هو أن يشتري الرجل السلعة ويدفع للبائع مبلغا من المال على أنه إن أخذ السلعة يكون ذلك المبلغ محسوبا من الثمن وإن تركها فالمبلغ للبائع.
وهناك صورة أخرى هي أن يدفع طالب الشراء لصاحب السلعة مبلغا من المال ويقول له: لا تبعها لغيري وإن لم اشترها منك فما دفعته هو لك , ثم يشتريها منه بعد ذلك بعقد مبتدأ فيحسب المبلغ المدفوع من الثمن اتفاقا , وإذا لم يشترها منه خلال مدة يتفق عليها فإنه يفهم من كلام بعض الحنابلة أن لصاحب السلعة أخذ المبلغ المدفوع.(2/5)
(أ) منع جمهور الفقهاء بيع العربون , وأجازه الإمام أحمد , وروي الجواز عن عمر وابنه رضي الله عنهما وعن جماعة من التابعين , وذهب الشافعي إلى صحة شرط العربون إن وقع قبل العقد ولم يتلفظ به فيه.
(ب) دفع العربون في المرابحات جائز شرعا ولا علاقة له بفكرة الإلزام أو عدمها وإن كان عدم أخذه أدل على عدم الإلزام إن كان هو المتبع من البنك. والأولى أن لا يتقاضى البنك من العربون إلا بقدر ما لحقه من ضرر عدم الشراء.
(ج) العربون مدفوع من واعد بالشراء إلى المصدر يدل على علاقة قائمة بينهما , ويحول دون تعاقد البنك الإسلامي معه إلا بعد التأكد من استرداد العربون وإلغاء العلاقة بين العميل وبين المصدر سواء كانت عقدا أو مواعدة موثقة بالعربون.
(د) لا مانع من دخول العربون في بيع الذهب والفضة إذا كان المبيع موجودا ولم يتم التعاقد فإن تم التعاقد فإن دفع العربون وحده لا يتحقق به شرط التقابض لكلا البدلين مقترنا بالعقد.
(هـ) العربون شرع لتأكيد تصرف مشروع , وهو مرتبط بالتصرف مباشرة فالتحق به في المشروعية , وهو غير عمولة الارتباط عن اعتماد سقف للتمويل , لأنها عبارة مقابل للاستعداد للمداينة , وهي لمصلحة الطرفين فلا يتحمل أحدهما عبئا ماليا عنها.(2/6)
فتاوى بيت التمويل الكويتي رقم (89)
السؤال:
هل يجوز أن يتم دفع قيمة العمولة إلى الواعد بالشراء نقدا وتضاف قيمتها على ثمن البضاعة أم يتعين خصم قيمتها من إجمالي ثمن البضاعة ومحاسبته على الصافي فقط ومن ثم احتساب قيمة الأرباح على الصافي. . علما بأن بعض العملاء يصرون على دفع قيمة العمولة نقدا حيث إنها تخص نشاط أعمال الوكالات ولا تخص الاتجار في البضائع؟
الجواب:
يجوز دفع قيمة العمولة الخاصة بالوكالة التجارية للبضاعة المستوردة برسم الواعد والمرابحة. . ولو كان الواعد بالشراء هو نفسه الوكيل التجاري للسلعة فتدفع إليه بأمر من المصدر وفى جميع الأحوال يحق لبيت التمويل احتساب تلك العمولة من التكاليف وإضافتها للثمن مع ربحها وللبيت هنا عند دفع العمولة للوكيل التجاري صفة مستقلة عن عملية الوعد والمرابحة وهي أنه وكيل بالدفع عن المصدر لمال مستحق على ذلك المصدر لهذا الوكيل التجاري الذي هو أيضا الواعد بالشراء
فتوى رقم (126)
السؤال:
يجرى العمل في الأسواق العالمية للمعادن أنه إذا رغب تاجر في شراء معدن معين يتحدد له سعر معين ومدة معينة يلتزم البائع ببيع هذا المعدن خلالها بنفس السعر للمشترى ويدفع المشتري مقدما للبائع مبلغا معينا وفي مقابل ذلك يتعهد البائع تجاه المشتري في أن يحصل الأخير على هذا العرض للمدة المتفق عليها فإذا تم شراء المشترى للمعدن في خلال هذه الفترة فإنه يشترى المعدن بنفس السعر الذي تم الاتفاق عليه مسبقا أما إذا انتهت المدة المحددة ولم يشتر المشتري هذا المعدن فإنه يخسر المبلغ الذي دفعه للبائع مقدما ويصبح البائع في حل من التزامه. . فهل يجوز شرعا القيام بمثل هذا العمل؟
الجواب:
إن ما يجرى عليه العمل في الأسواق العالمية بالنسبة لبيع المعادن بصورة شاملة للذهب والفضة هو بيع المعدوم لعدم وجود محل البيع. .
فإن كان محل البيع معدنا من الذهب أو الفضة فلا يجوز دخول الأجل في الصفقة مطلقا لا من جانب المبيع ولا من جانب الثمن لأنه لا بد من التقابض عند التعاقد وإن كان محل البيع غير الذهب والفضة من المعادن فلا بد من تطبيق شروط عقد السلم بقبض جميع الثمن وتحديد أجل لتسليم البضاعة. .
فإذا حل الأجل يلزم البائع بتسليم البضاعة كلها للمشتري مما عنده أو من السوق بالسعر المبين في العقد وبالمواصفات المتفق عليها أما إذا كان المعدن المبيع موجودا بالفعل عند البائع وتم العقد فلا يجوز تأجيل البدلين (المبيع والثمن) لئلا يكون من قبيل بيع الكالئ بالكالئ وإن كان ما تم بين البائع والمشتري مجرد عرض أسعار يلتزم به البائع لمدة محددة فهذا إيجاب ملزم عند المالكية ويجوز تقديم عربون من المشترى على أنه إن أتم الصفقة احتسب من الثمن وإن لم يعقد الصفقة ترك العربون للبائع فهذا جائز بشرط وجود البضاعة التي هي محل الصفقة والأولى للبائع أن لا يتقاضى من العربون إلا بقدر ما لحقه من ضرر عدم الشراء طبقا لتوصيات المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي
بيت التمويل الكويتي فتوى رقم (37)
السؤال:
ما حكم التأمين الشامل على السيارات وغيرها المعمول به في شركات التأمين؟
الجواب:
إن القول بمنع التأمين مطلقا أو إباحته مطلقا بعيد عن الحق والذي يطمئن إليه قلبي أن عقد التأمين إذا كان في حدود الضرر الفعلي الواقع على المؤمن له من غير أن يكون هناك غرر أو تدليس فإنه يكون جائزا أما التأمين الذي لا يراعي في تقدير التعويض الضرر الفعلي أو أن يكون هناك غرر فاحش كالتأمين على الحياة وما في معناه فإنه يكون ممنوعا لأن مثل هذا التأمين لا يراعى فيه إلا مقدار القسط الذي يدفعه المؤمن وأيضا فإن الضرر الواقع على المؤمن له أو على ورثته غير منضبط فيكون فيه غرر فاحش بخلاف التأمين الشامل على السيارات فإن تقدير التعويض كما أعلم يراعى فيه مقدار الضرر فالمؤمن له لا يستحق لدى شركة التأمين إلا الأقل من قيمة الضرر أو الحد الأعلى المنصوص عليه في عقد التأمين وعليه فلا غرر(2/7)
بيع المزاد
بيع المزاد
هو بيع التزام مشتريه ثمنه على قبول الزيادة , وهو عقد معاوضة يعتمد دعوة الراغبين نداء أو كتابة للمشاركة في المزاد ويتم عند رضا البائع. ويسمى بيع الدلالة , وبيع المناداة وبيع الحراج.(2/8)
ذهب جمهور الفقهاء إلى إباحة بيع المزايدة , وقد ثبتت مشروعية بالسنة الفعلية وهو أنه صلى الله عليه وسلم باع قدحا وحلسا (بساطا) بيع من يزيد , كما وقع الإجماع على جوازه.
وهو يجري في البيع وغيره من المعاملات المالية كالإجارة والاستصناع ولا يندرج بيع المزايدة في السوم على سوم غيره , لأنه مقصود به التنافس في الزيادة ويحرم النجش الذي هو الزيادة بدون قصد الشراء ,
وهو إما اختياري كالمزادات العادية بين الأفراد , أو إجباري كالمزادات التي يوجبها القضاء.
أما تكييفه فهو نوع من أنواع البيع يتقدم فيه الإيجاب من أكثر من واحد , ثم يتلوه القبول من صاحب السلعة لأزيد سعر معروض. وقد ذهب المالكية إلى إلزام جميع المشاركين في المزايدة بالشراء ولو زيد عليهم , بل إلى إلزامهم بالشراء بعد مجلس المناداة إذا جرى العرف أو الاشتراط على ذلك.(2/9)
قرار مجمع الفقه الإسلامي (77 / ع / 82)
بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: (عقد المزايدة) وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله وحيث إن عقد المزايدة من العقود الشائعة في الوقت الحاضر وقد صاحب تنفيذه في بعض الحالات تجاوزات دعت لضبط طريقة التعامل به ضبطا يحفظ حقوق المتعاقدين طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية كما اعتمدته المؤسسات والحكومات وضبطته بتراتيب إدارية ومن أجل بيان الأحكام الشرعية لهذا العقد
تقرر ما يلي:
أولا: عقد المزايدة: عقد معاوضة يعتمد دعوة الراغبين نداء أو كتابة للمشاركة في المزاد ويتم عند رضا البائع
ثانيا: يتنوع عقد المزايدة بحسب موضوعه إلى بيع وإجارة وغير ذلك وبحسب طبيعته إلى اختياري كالمزادات العادية بين الأفراد وإلى إجباري كالمزادات التي يوجبها القضاء وتحتاج إليه المؤسسات العامة والخاصة والهيئات الحكومية والأفراد
ثالثا: إن الإجراءات المتبعة في عقود المزايدات من تحرير كتابي وتنظيم وضوابط وشروط إدارية أو قانونية يجب أن لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية
رابعا: طلب الضمان ممن يريد الدخول في المزايدة جائز شرعا ويجب أن يرد لكل مشارك لم يرس عليه العطاء ويحتسب الضمان المالي من الثمن لمن فاز بالصفقة
خامسا: لا مانع شرعا من استيفاء رسم الدخول (قيمة دفتر الشروط بما لا يزيد عن القيمة الفعلية) لكونه ثمنا له
سادسا: يجوز أن يعرض المصرف الإسلامي أو غيره مشاريع استثمارية ليحقق لنفسه نسبة أعلى من الربح سواء أكان المستثمر عاملا في عقد مضاربة مع المصرف أم لا
سابعا: النجش حرام ومن صوره:
أ - أن يزيد في ثمن السلعة من لا يريد شراءها ليغري المشتري بالزيادة ب - أن يتظاهر من لا يريد الشراء بإعجابه بالسلعة - وخبرته بها ويمدحها ليغري المشتري فيرفع ثمنها
ج - أن يدعى صاحب السلعة أو الوكيل أو السمسار ادعاء كاذبا أنه دفع فيها ثمنا معينا ليدلس على ما يسوم
د - ومن الصور الحديثة للنجش المحظورة شرعا اعتماد الوسائل السمعية والمرئية والمقروءة التي تذكر أوصافا رفيعة لا تمثل الحقيقة أو ترفع الثمن لتغري المشتري وتحمله على التعاقد(2/10)
البيع بأدوات الاتصال الحديثة
البيع بأدوات الاتصال الحديثة , من مثل البرقيات , والتلكس , والفاكس , وشبكات الكمبيوتر , هو استخدام أدوات موثوق بها للدلالة عن إرادة المتعاقدين , وهي تندرج بوجه عام في مبدأ التعاقد بالكتابة , وهي شبيهة أيضا بالتعاقد عن طريق الرسول الذي يقتصر دوره على أن تكون معبرا وسفيرا بين المتعاقدين وليس وكيلا.
أما التعاقد بواسطة الهاتف فهو أقوى من الكتابة لأنه إجهار للصوت (الإسماع عن بعد) وقد جعله الفقهاء المعاصرون كالكلام مشافهة من مستور بحجاب البعد , كالأعمى والمرأة من وراء حجاب , وهو تعاقد بالقول وإن كان يحتمل نادرا التدليس لالتباس الأصوات والنادر لا حكم له.
وفي أول ظهور البرقيات فصل الفقهاء المعاصرون لذلك الذين تكلموا بشأنها بين كونها رسمية أو غير رسمية , وحقق بعضهم عدم الفرق مع توفر الضبط والثقة وهذا هو المتجه لا سيما بعد ظهور التلكس والفاكس وغيرهما من الآلات التي تستخدم مباشرة ممن شاء.(2/11)
للفقهاء في حكم الخط المجرد عن الشهود أقوال مختلفة أحدها العمل به وإنفاذ مقتضاه إذا تيقن أنه خط الشخص وقد فصل الفقهاء قيما كتبه القاضي أو ما كتب بمعرفته - ونحوه الموثق - من حيث القوة فإنه يعمل به ولم يتذكره المتصرف المنسوب إليه , وقد عمل العلماء بالخط في رواية الحديث وغيرها.
ويقاس على الكتابة باليد مباشرة كل ما قام بدورها من البرقيات والتلكس والفاكس شبكات الكمبيوتر , لأن العمل بالقول ليس لخصوصية له بل لما فيه من الدلالة على مراد العاقد , فكل ما دل على ذلك يأخذ حكم التعاقد القولي. وهو نوع من الكتابة والقاعدة الفقهية أن الكتاب كالخطاب.
وهنالك مدخل للأعراف في هذه الوسائل , لأن أثرها منوط بحصول العلم بالطريقة التي يتواضع (يصطلح) عليها المتعاملون ومن ذلك اشتراط الاختبار أو الشفرة في التلكس أو الفاكس , باتخاذ كلمة سرية , فيراعى ذلك لدفع الاحتمال في التزوير على أن ادعاء التزوير , وإثباته له أثر في الكتابة أيضا من حيث هي , كأثر الإكراه فيها وفي القول.(2/12)
فتوى بنك دبي رقم (97) بنك دبي
السؤال:
إذا طلب البنك شراء بضائع بمواصفات محددة من أحد الوكالات أو المؤسسات عن طريق جهاز الفاكس ورد عليه البائع بالإيجاب وقبول الشروط عن طريق جهاز الفاكس أيضا فهل يعتبر هذا بيعا صحيحا تترتب عليه آثاره من ناحية تملك البنك للبضائع وبالتالي حقه في بيعها للغير والتزامه بدفع القيمة للبائع وغيرها من الآثار التي تترتب على عقود البيع؟
الجواب:
أجاز الفقهاء التعاقد بين البائع والمشترى عن طريق الكتابة وغيرها عملا بالقاعدة الفقهية الكتاب كالخطاب ويعتبر وصول رسالة بالفاكس إلى الطرف الآخر إيجابا والرد عليها بالفاكس أو بغيره يعتبر قبولا وبه ينعقد العقد صحيحا شرعا وقد أصبح التعامل عن طريق الفاكس أمرا متعارفا عليه في العصر الحاضر لما يؤدي إليه من سهولة وسرعة التعامل وبناء عليه لا ترى الهيئة بأسا من التعامل عن طريق الفاكس(2/13)
تطبيقات الإجارة(2/14)
إيجار الأراضي الزراعية
الأراضي الزراعية هي عبارة عن بيع منفعتها للزراعة فيها مع شمول البيع كل ما يتصل بالأرض اتصال قرار كالبئر وأدوات الزراعة وجميع حقوق الأرض.(2/15)
تختلف إجارة الأراضي الزراعية عن المزارعة في الوصف الفقهي , فالمزارعة مشاركة وإجارة الأرض الزراعية معاوضة بين منفعة الأرض وبين الأجرة المحددة.
ويصح إيجار الأراضي الزراعية بشرط تعيين المدة , وبيان ما يزرع فيها أو تخيير المستأجر بأن يزرع ما شاء.
إذا كان المستأجر حرا في زراعة ما شاء فله أن يزرع الزراعة الصيفية والشتوية. ولكن عليه استغلال الأراضي الزراعية بحسب المعتد أو المألوفي , وعليه أيضا إبقاء الأرض صالحة للإنتاج , وليس له إحداث تغيير في طريقة الانتفاع بها , يبقى أثره إلى ما بعد انقضاء الإيجارة.
وإذا انقضت مدة إيجار الأرض والزرع لم يدرك بعد , فإن كان السبب هو تقصير المستأجر بأن زرع زرعا لم تجر العادة بكامله في حدود المدة المتفق عليها , كان غاضبا لأرض غيره , لأنه أبقى على زرعه فيها بعد انقضاء المدة , ويكون للمالك الخيار بين أن يأخذ الزرع بقيمته ويسن أن يتركه للمستأجر , مع دفع الأجرة عن المدة التي يبقى فيها الزرع في الأرض. أما إذا كان بقاء الزرع بالأرض , بعد انتهاء المدة , قد حدث بغير تفريط من المستأجر كبرد أو قلة ماء مثلا , كان له الحق ي إبقاء زرعه بالأرض , حتى ينتهي نضجه , ويقدم للمالك اجر المثل عن المدة الزائدة.
وتطبق على هذه الإجارة أحكام الصيانة بنوعيها: ما تتوقف عليه المنفعة فهو على المؤجر. وعلى المستأجر إجراء الإصلاحات التي يقتضيها الانتفاع المعتاد بالأرض وصيانة آلات السقي والمصارف والطرق والقناطر والآبار , ما لم يوجد اتفاق أو عرف بغير ذلك.
ولا يصح إجارة منجزة (فورية) لأرض مشغولة بزرع آخر غير مدرك وكان مزروعا بحق. ويصح إجارة الأرض المشغولة بالزرع إجارة مضافة إلى وقت في المستقبل , وتكون الأرض فيه خالية من الزرع.
وتجوز إجارة الأرض المشغولة بالزرع , بشرط قلعة أو قطعة , وتختلف كيفية إزالة شغل الأرض حسب الوصف الفقهي للشغل:
(1) إذا كانت الأرض مزروعة بحق: بأن كان الزارع مالكا , والزرع مدركا حين الإيجار , بأن أصبح ناضجا قابلا للحصاد فإنه يقطع , فإذا لم يكن مدركا لم تصح الإجارة.
(2) إذا كانت الأرض مزروعة بغير حق: بأن كان الزارع غاضبا , فإنه يقطع الزرع سواء أدرك أو لم يدرك , وتكون الأولوية لصحة الإجارة.
وعلى المستأجر دفع الأجرة إذا هلك الزرع قبل حصاده بسبب لا يد له فيه كحرق وغرق ولفحة حرا وبرد شديد , وذلك بقدر ما مضى من المدة قبل هلاك الزرع , وسقط عنه الباقي. تعذر الاستفادة من الأرض للمستأجر فسخ العقد , ولا تجب عليه الأجرة , إذا غلب الماء على الأرض المؤجر , حتى تعذر زرعها , أو انقطع الماء عنها واستحال ربها , أو أصبح ذا كلفة باهظة , أو حالت قوة قاهرة دون زراعتها لأن "الغرم بالغنم" , "الضرر يدفع بقدر الإمكان".(2/16)
الأراضي الزراعية نص عليه القانون الأردني (م 711 - 277) والقانون الإماراتي (م 797 - 808)
وجاء في المذكرتين الإيضاحيتين لهما أن أحكام إيجار الأراضي الزراعية مستقاة من المذهب الحنفي.(2/17)
إيجار الوقف
: هو حبس المال على حكم ملك الله تعالى , بقطع التصرف في عينه , والتصدق بمنفعته على أعمال البر والإحسان وهو من أعمال الخير التي اختص بها الشرع الإسلامي.(2/18)
على إجارة الوقف صفة المشاركة مع ما يترتب عليها من أولوية في التملك , وهذه الصفة أحيانا تراعي جهة المستأجر وأحيانا تراعي جهة الوقف:
فيكون للمستأجر حق الأولوية إذا قام بإذن متولي الوقف بالبناء أو الغرس في العين الموقوفة , ثم انقضت مدة الإجارة يكون أولى من غيره بالإجارة لمدة مستقبلية بأجر المثل.
فإن أبى القبول بأجر المثل , وكان هدم البناء أو قلع الشجر مضرا بالشيء المؤجر , حق لجهة الوقف تملك ما أقيم عليه بقيمته مستحق القلع. ويجوز لمتولي الوقف إجارة الموقوف مع البناء والغرس بإذن مالكها على أن يعطيه مقدار ما يصب ملكه من الأجرة.
ويكون للوقف حق الأولوية إذا كان البناء أو الغرس بغير إذن المتولي , فيؤمر المستأجر بعد انتهاء مدة الإجارة بهدم ما بناه , وقلع ما غرسه إن لم يكن في ذلك ضرر على الوقف. فإن حصل من ذلك ضرر على الوقف , يجبر المستأجر على التريث , حتى يسقط البناء أو الشجر , فيأخذ أنقاضه.
وفي كلتا الحالتين يحق لجهة الوقف تمللك ما شيد أو غرس بثمن لا يتجاوز أقل القيمتين , مهدوما في البناء , ومقلوعا في الغراس , أو قائما في أي منهما. وكلما استؤذن القاضي , يؤخذ رأي ناظر الوقف (وزارة الأوقاف) قبل صدور الإذن.
ونظرا لطبيعة الوقف الخيرية , ورعاية شؤون الموقوف عليهم , لا يجوز إجارة الأوقاف بأقل من أجر المثل عملا برأي الحنفية والمالكية , ويفسخ ما كان بأقل منه عند العقد , ما لم يقبل المستأجر دفع أجر المثل , وروعيت مصلحة الوقف.
ويقدر الخبراء أجر المثل وقت إبرام العقد , ولا عبرة بالتغير الطارئ أثناء المدة المعقود عليها.
ولكن إذا طرأ على موقع عقار الوقف تحسن في ذاته , وأدى ذلك إلى زيادة في أجر المثل زيادة فاحشة , يخير المستأجر بين الفسخ (إنهاء العقد) أو قبول أجر المثل الجديد من وقت التحسن.
وأما مدة إيجار الوقف: فإذا لم يحدد الواقف مدة الإجارة فتؤجر العقارات لمدة سنة والأراضي لمدة ثلاث سنين على الأكثر , إلا إذا اقتضت مصلحة الوقف غير ذلك , وصدر به إذن من القاضي , فيجوز حينئذ للضرورة إجارة الوقف لمدة أطول.
كذلك يجوز إجارة الوقف لمدة سنة والأراضي لمدة ثلاث سنين على الأكثر , إلا إذا اقتضت مصلحة الوقف غير ذلك , غير ذلك , وصدر به إذن من القاضي , فيجوز للضرورة إجارة الوقف لمدة أطول.
كذلك يجوز إجارة الوقف لمدة أطول إذا كان بحاجة إلى التعمير , وليس له ريع يعمر به فللقاضي أن يأذن بإيجارة مدة تكفي لتعميره.
فإن لم توجد ضرورة أو حاجة , لا يجوز لمتولي الوقف أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنوات , ولو كان ذلك بعقود مترادفة , سواء كان الوقف من المباني أو الأراضي الزراعية.(2/19)
القانون الأردني (م 749 - 759) والإماراتي (م 838 - 848) على أحكام إجارة الموقوف , وجاء في مذكرتيهما الإيضاحيتين:
أن تلك الأحكام مأخوذة من فقه المذهب الحنفي.(2/20)
الإيجار المنتهي بالتمليك
المنتهي بالتمليك هو إجارة المصانع أو العقارات المبنية أو الآلات والمعدات على أساس انتهاء عقد الإجارة بتمليك الأشياء المأجورة بناء على وعد بالبيع في نهاية المدة.(2/21)
تطبق على الإيجار المنتهي بالتمليك أحكام الإجارة طيلة مدة الإيجار إلى أن يحصل التمليك سواء حصل بهبة أو بيع , وسواء وقع التمليك خلال مدة الإجارة أو في آخرها.
ومقتضى الوصف الفقهي بأنها إجارة ثبوت التزام المالك (المؤجر) بالصيانة الأساسية اللازمة لبقاء المنفعة صالحة , وكذلك تحمله ما يقع من تلف بدون تعد أو تقصير من المستأجر , وتحمله أقساط التأمين إن وجد.
وفي حالة التمليك بالبيع لا يجوز إبرامه عند عقد الإجارة لأن البيع لا يضاف إلى المستقبل , ولكنه جائز فقها على أساس إبرام عقد بيع جديد في حيته بسعر السوق للأدوات والأشياء التي كان المستأجر قد استأجرها ودفع جميع أجرتها طيلة مدة الإيجار.(2/22)
مجمع الفقه الإسلامي في جدة قراره رقم (6) في دورته الخامسة المنعقدة في الكويت عام 1409 هـ - 1988 م , ونص القرار ما يلي:
أولا- الأولي الاكتفاء عن صور الإيجار المنتهي بالتمليك ببدائل أخرى , منها البديلان التاليان:
(الأول) : البيع بالأقساط مع الحصول على الضمانات الكافية.
(الثاني) : عقد إجارة , مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر , بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية المستحقة خلال المدة في واحد من الأمور التالية:
- مد مدة الإجارة.
- إنهاء عقد الإجارة ورد العين المأجور على صاحبها.
- شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة.
ثانيا: هناك صور مختلفة للإيجار المنتهي بالتمليك تقرر تأجيل النظر فيها إلى دورة قادمة بعد تقديم نماذج لعقودها وبيان ما يحيط بها من ملابسات وقيود بالتعاون مع المصارف الإسلامية لدراستها , وإصدار القرار في شأنها. والله أعلم.(2/23)
تطبيقات الهبة(2/24)
جوائز الودائع الادخارية
تقبل المصارف الإسلامية حسابات الودائع الجارية وحسابات ودائع الادخار التي يمكن سحبها متى شاء المودع بإشعار مسبق أو بدونه , وهذه الودائع لا تستحق أية أرباح في البنوك الإسلامية.
وبما أن هذه الودائع لا تسحب عادة دفعة واحدة فإن بعضها يشمله الاستثمار في أعمال مربحة ومفيدة مما يحقق مصلحة كبيرة للبنك وللمجتمع , لذلك يقدم البنك أحيانا بعض الحوافز النقدية أو العينية لهؤلاء المودعين تشجيعا لهم على الادخار لديه , فقد يهب مثلا جزءا من الأرباح من حين لآخر ودون شرط مسبق لأصحاب هذه الودائع.(2/25)
الوديعة المصرفية أيا كانت ليست وديعة بالمعنى الكامل وإنما هي وديعة ناقصة فيها معنى القرض. ذلك أن أصحاب هذه الودائع يأذنون للبنك في التصرف فيها , كما أن البنك يضمن ردها إليهم , فهي إذن تأخذ حكم القرض فلا يسترد عينها وإنما يسترد مثلها فقط في الوقت المتفق عليه.
وعليه لا يجوز اشتراط منفعة لأصحاب هذه الودائع باعتبارهم مقرضين للبنك. ولكن لا مانع من أن يهب لهم البنك حوافز أو جوائز بدون علم سابق من جانبهم على أن يكون ذلك بصورة غير متكررة ومعلنة حتى لا تصبح هي الدافع للادخار.(2/26)
بنك الغرب الإسلامي - السودان فتوى رقم 6
منح البنك الإسلامي جوائز لأصحاب ودائع الادخار
السؤال:
كما جرت العادة يحتفظ البنك بودائع العملاء المتمثلة في حسابات الودائع الجارية وحسابات ودائع الادخار وحسابات ودائع الاستثمار وكما هو معلوم فإن ودائع الادخار لا تستحق أية أرباح أو فوائد في البنوك الإسلامية. في وقت يمكن فيه تحقيق مصلحة كبيرة للبنك والمجتمع عن طريق استغلال هذه الودائع في أعمال مربحة ومفيدة. وعليه وتشجيعا لأمثال هؤلاء المدخرين هل يجوز منح حوافز نقدية أو عينية لهم؟ ولتوضيح هذه النقطة فالمسموح انه يمكن تخصيص مبلغ لتوزيعه كجوائز أو شراء هدايا توزع على أصحاب هذه المدخرات. المطلوب هو أنه إذا خصص مثلا 100000 جنيه للتوزيع على هؤلاء فهل يجوز توزيع هذا المبلغ على عشرة جوائز تؤول عن طريق القرعة أو الاستسهام لمن يفوز بها كأن تكون الجائزة الأولى 25000 جنيه مثلا والثانية 20000 جنيه وهكذا.
الجواب:
إن ودائع الادخار تعتبر وديعة عند البنك وأجاز بعض الفقهاء الاتجار بالوديعة والربح للمودع (البنك) راجع حاشية مواهب الجليل في ج5 ص255 وإذا كان للبنك أن يتاجر بودائع الادخار وأن الربح يكون ملكا له. وله أن يتصرف فيه بجميع التصرفات الجائزة شرعا فيجوز له أن يمنح أصحاب الودائع حوافز متفاوتة من مرة إلى أخرى.
الفتاوى الشرعية لبيت التمويل الكويتي 2 / 99 - فتوى رقم 168
فيما يتعلق بالوديعة تحت الطلب بدون فائدة: الحساب الجاري هو قرض حسن قابل للسداد في أي وقت يطلبه فيه الدائن , إلا أن الإمام أجاز وضع شرط لأدائه , والقرض الحسن عند غير المالكية للمقرض طلبه في أي وقت شاء , وهذا هو المبدأ العام.
فتوى هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي السوداني رقم (18)
فيما يتعلق بالوديعة المصرفية الادخارية:
بما أن أصحاب الودائع أذنوا للبنك في التصرف في ودائعهم , وضمن البنك ردها إليهم , فإنها تأخذ حكم القرض , ولا يجوز اشتراط منفعة للمقرض.
فتوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي رقم (166)
السؤال:
نظرا للفائدة المرجوة لبيت التمويل الكويتي من استثمار أرصدة الحسابات الجارية , فهناك دراسة لتقديم بعض المزايا لأصحاب هذه الحسابات , وخصوصا الحسابات ذات الأرصدة الجيدة.
الجواب:
يجوز تخصيص أصحاب الحسابات الجارية من فئة معينة أو إطلاقا ببعض المزايا على سبيل (الجوائز أو الهدايا) على أن لا يكون ذلك مشروطا ولا ملحوظا عند فتح الحساب.
بنك فيصل الإسلامي السوداني فتوى رقم (8)
حكم منح البنك الإسلامي جوائز لأصحاب ودائع الادخار
السؤال:
تقوم مصلحة البريد والبرق بالسودان بمباشرة صورة معينة للنشاط الادخاري ذلك ببيعها لسندات ادخار ذات قيمة اسمية للجمهور بأسعار موحدة ويمكن استرداد قيمتها بإرجاعها وقت ما شاء صاحبها. . . هذا وتقوم هذه المصلحة بعمل سحب بطريقة عشوائية خلال فترات معينة بهدف اختيار عدد محدود من أصحاب السندات ومنحهم جوائز ذات قيم متفاوتة كحافز لهم على الاستمرار في عملية الادخار وحفز آخرين لشراء السندات وفي هذا الصدد فإننا نتساءل:
أ - عما إذا كانت هناك شبهة تحوم حول مثل هذا النوع من النشاط الادخاري؟ علما بأن المدخر في هذه الحالة يعمل سلفا ويتوقع الفوز بإحدى الجوائز.
ب - كذلك نتساءل عما إذا كان جائز للبنك منح جوائز للمدخرين فيه وهم لا يعلمون أو يتوقعون أية حوافز عند فتحهم حسابات الادخار؟
الجواب:
يجوز أن يمنح البنك جوائز لأصحاب ودائع الادخار دون علم سابق من جانبهم وكيف يحددها البنك بحيث تتعدد وتتباين صور هذه الجوائز في كل مرة , ولا تكون في فترات ثابتة , حتى تصبح هي الدافع للادخار ولا يجوز تقديم جوائز للمدخرين بصورة معلنة ومتكررة , وإن كانت غير مشروطة في عقد وديعة الادخار لأن ذلك سيصير بمرور الزمن عرفا وبالتالي يأخذ حم المنفعة المشروطة في عقد الوديعة , ويما أن أصحاب الودائع أذنوا البنك في التصرف في ودائعهم , وضمن البنك ردها إليهم فانها تأخذ حكم القرض , ولا يجوز اشتراط منفعة للمقرض.
ونظرا لرغبة إدارة البنك في جذب المدخرات من ناحية وفي مساعدة المدخرين في الحصول على السلع الاستهلاكية والإنتاجية التي يرغبون فيها من الناحية الأخرى , ترى الهيئة انه لا مانع من إنشاء وديعة استثمار قصيرة الأجل على أساس المضاربة المطلقة مع مراعاة ما يلي:
1 - يمكن أن يكون البيع بالأسعار العادية أو بأسعار مخفضة - وأن يكون نقدا أو بالأقساط
- كما يمكن أن تستثمر الودائع في أية أغراض استثمارية أخرى مأمونة تتمشى مع الهدف من المشروع.
2 - تكون الوديعة قصيرة الأجل (ثلاثة أشهر مثلا) ويجوز النص على أن تجدد الوديعة تلقائيا إذا لم يقم المودع بسحبها.
3 - يجوز النص على حق المودع في سحب وديعته أو أي جزء منها عند الطلب دون إخطار سابق.
4 - يجوز أن تقسم السنة إلى دورات ثابتة (ربع سنوية مثلا إذا كان أجل الوديعة ثلاثة أشهر) وان ينص على أن يقتصر استحقاق الأرباح على المبالغ التي تبقى بالرصيد دورة كاملة - أو أن يبدأ استحقاق الأرباح بعد فترة محددة من الإيداع. على أن تحسب الأرباح وتوزع في نهاية كل دورة.
5 - يكون نصيب البنك نسبة مئوية محددة من الأرباح الناتجة عن استثمار الأموال المودعة بغرض المضاربة وذلك مقابل تحمله لمصاريف الإدارة
6 - لا يجوز للبنك أن يقترض أموال المضاربة لاستثمارها لمصلحته الخاصة.
7 - يجوز أن يسمح البنك لكل من له حساب ادخار عادي أن يحدد بمحض اختياره نسبة ثابتة من رصيده تحول إلى وديعة استثمار قصيرة الأجل حسب الشروط الواردة أعلاه (بحيث لا يحتاج البنك إلى إصدار دفاتر جديدة لهذا النوع من الودائع) .
8 - يمكن أن يقرر البنك حدا أدنى أو أعلى للمبلغ الذي يوضع في وديعة الاستثمار قصيرة الأجل.
9 - يجوز أن تعطى الأسبقية في شراء السلع الاستهلاكية والإنتاجية لأصحاب ودائع الاستثمار قصيرة الأجل.
10 - يعد نموذج لاستمارة (وديعة استثمار قصيرة الأجل) ويعرض على الهيئة لمراجعته.
المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية فتوى رقم (38)
السؤال:
أولا: هل الجوائز التي يحصل عليها أصحاب شهادات الاستثمار من فئة (ج) حلال أم حرام؟
ثانيا: السائل لديه دفاتر توفير في بنك الإسكندرية باسم أولاده - وقد تنازل عن الفائدة لأنها ربا محرم , ولكن البنك يجرى على الدفاتر سحب شهري بجوائز لها - فما هو الحكم الشرعي لهذه الجوائز؟
الجواب:
إن الجوائز التي تعطى للفائزين من أصحاب شهادات الاستثمار من الفئة (ج) وللمدخرين في دفاتر التوفير تدخل في نطاق الوعد بجائزة الذي أباحه بعض الفقهاء.
أما الفائدة المحددة مقدما لبعض أنواع شهادات الاستثمار الأخرى , وعلى المبالغ المدخرة بدفاتر التوفير بواقع كذا في المائة فهي المحرمة , لأنها من باب ربا الزيادة المحرم شرعا.
لما كان ذلك: فإنه يباح للسائل أن يحصل على الجائزة عن شهادات الاستثمار فئة (ج) أو عن دفاتر التوفير. أما الفوائد فإنها محرمة.(2/27)
تبرع طرفي العقد بحصة من الربح لتكوين احتياطي
تقوم المؤسسات المالية الإسلامية عموما وكذلك مختلف صناديق الاستثمار التي تطرحها الشركات والمصارف الإسلامية على أساس عقد المضاربة , وتتضمن لوائح هذه الجهات النص على اقتطاع نسبة معينة من الأرباح في نهاية كل دورة تودع في حساب خاص مستقل , وترصد حصيلة هذه المبالغ لتكوين احتياطيات من أجل:
مواجهة مخاطر الاستثمار وتحقيق حماية رأس المال.
أو مواجهة انخفاض مستقبلي في الأرباح وتحقيق موازنة في التوزيعات.
وفي الواقع العملي قد تستفيد من هذه الاحتياطيات نفس الجهات التي استقطعت منها تلك المبالغ , وقد تستفيد منها جهات أخرى غيرها حيث تتبدل وتتنوع أشخاص المساهمين من فترة إلى أخرى , كما قد ينص في بعض الشركات أو الصناديق الاستثمارية على أن الاحتياطي لا يخص أيا من الشركاء بعد التصفية بل إنه يذهب إلى أغراض الخير أو إلى أي أغراض خدمة المجتمع.(2/28)
إن جمهور الفقهاء يشترطون أن يكون الربح مختصا بالمتعاقدين لا يعدوهما إلى غيرهما , فالأصل عندهم أن توزع الأرباح بين الطرفين ويمنع تخصيص أي جزء منها للغير , وهذا بخلاف رأي المالكية القائل بجواز اتفاق طرفي عقد المضاربة على تخصيص جزء من الربح (أو كله) إلى الغير لأن المتعاقدين يكونان قد تبرعا بذلك الجزء من الربح فكان ذلك هبة وقربة لله تعالى ولا يمنعان منها.
وأخذا بهذا الرأي الأخير , فإن نسبة الربح المقتطعة هي تبرع من المتعاقدين الذين يمثلون أصحاب الحق في الأرباح.
وأنهم قد رضوا بالتبرع سواء انتفعوا هم بالاحتياطي أو انتفع غيرهم به كما تنص على ذلك نشرة الاكتتاب أو لائحة الصندوق الاستثماري أو النظام الأساسي للشركة الذي تم الموافقة عليه.
فإذا ما خرج بعضهم من المضاربة أو من الصندوق الاستثماري فإن المشارك المتخارج يكون أمام حالتين:
إما أن يستفيد - عند تخارجه - بحصته من الأرباح المحتجزة لتكوين الاحتياطي.
ويترتب على هذا أن تقوم الجهة المصدرة للأوراق المالية بالأخذ بعين الاعتبار ذلك الاحتياطي عند إعادة شرائها للأوراق المالية , وهذا هو الأعدل للمشارك.
وإما أن لا يستفيد - عند تخارجه - بالاحتياطي وفقا لما تم الاتفاق عليه في التعاقد , فيكون ذلك من قبيل الإبراء , حيث يبرئ المتخارج المؤسسة أو إدارة الصندوق مما له في ذمتها من حصته في الاحتياطي.
أما عن كيفية اقتطاع هذه الاحتياطيات:
هل من الربح الكلي قبل توزيعه بين المضارب ورب المال؟ أم هل يشترط اقتطاعه من أحد الطرفين دون الآخر؟ فإن الحكم يختلف بحسب المستهدف من تكوين الاحتياطي:
- فإذا كانت الأرباح المقتطعة مخصصة لمواجهة مخاطر الاستثمار وتحقيق حماية رأس المال بحيث يغطى هذا الاحتياطي أي خسارة تلحق رأس المال , ففي هذه الحالة يجب أن تقتطع من حصة أرباب المال في الربح وحدهم , ولا مجال لمشاركة المضارب في هذا الاحتياطي لأنه يكون بذلك قد ضمن جزءا من خسارة رأس المال , وهذا الضمان غير جائز باتفاق الفقهاء.
- أما إذا كانت الأرباح المقتطعة مخصصة لمواجهة انخفاض محتمل في الأرباح وتحقيق موازنة في التوزيعات بحيث يتفق المتعاقدون على توزيع مستوى معين من الأرباح والاحتفاظ بالجزء المتبقى لاستخدامه مستقبلا في حالة انخفاض الأرباح عن المستوى المطلوب , فإنه يجوز هنا اقتطاع تلك الاحتياطيات من الربح الإجمالي قبل توزيعه بين أرباب المال والمضارب , إذ كلاهما له الحق في الربح ومستفيد بالاحتياطي.(2/29)
مجمع الفقه الإسلامي القرار رقم (5) الدورة الرابعة
اقتطاع نسبة معينة في نهاية كل دورة ووضعها في احتياطي خاص
8 ليس هناك ما يمنع شرعا من النص في نشرة الإصدار على اقتطاع نسبة معينة في نهاية كل دورة , أما من حصة الصكوك في الأرباح في حالة وجود تنضيض دوري وأما من حصصهم في الإيراد أو الغلة الموزعة تحت الحساب ووضعها في احتياطي خاص لمواجهة مخاطر خسارة رأس المال.
الحلقة العلمية الثانية للبركة الفتوى الثالثة
اختلاف طريقة اقتطاع المخصصات حسب الاستخدام المستهدف للمخصص
أإذا كان المخصص المقتطع من أرباح شركة المضاربة هو لضمان مستوي معين من الأرباح فانه يجوز اقتطاعه من الربح الكلي قبل توزيعه بين أرباب المال والمضارب.
(ب) أما إذا كان المخصص لوقاية رأس المال (حماية الأصول) فانه يقتطع من حصة أرباب المال في الربح وحدهم , ولا يشارك فيه المضارب لأن اقتطاعه من الربح الكلي يؤدي إلى مشاركة المضارب في تحمل خسارة رأس المال , وهي ممنوعة شرعا.
المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي: الفتوى العاشرة
مخصص لمواجهة مخاطر الاستثمار
لتغطية الحساب المخصص لمواجهة مخاطر الاستثمار يجوز أن يقتطع المصرف الإسلامي سنويا نسبة معينة من صافي أرباح الاستثمار المتحققة من مختلف العمليات الجارية خلال السنة المعينة.
وتبقى هذه المبالغ المقتطعة محفوظة في حساب مخصص لمواجهة أية خسائر تزيد عن مجموع أرباح الاستثمار في تلك السنة.
بنك دبي الإسلامي فتوى رقم 09 / 807
الاحتياطي بين توجيهه إلى أغراض الخير وحق المشارك المتخارج في نصيبه منه
المقرر شرعا هو وجوب الوفاء بالعقود وأن الشروط جائزة بين المسلمين إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما , فإذا تضمن عقد الشركة حكما خاصا بشأن الاحتياطي عند خروج أحد الشركاء تعين العمل به.
ويجوز الاتفاق على أن يذهب الاحتياطي كله إلى أغراض الخير وإذا لم ينص العقد على شيء من ذلك كان من حق الشريك الحصول على نصيبه في الاحتياطي طالما كان العقد يكفل له الخروج من الشركة في أي وقت يشاء.
المؤتمر الأول للمصرف الإسلامي الفتوى الثالثة
استقطاع الاحتياطي من حقوق المساهمين دون حصة أصحاب الودائع
يرى المؤتمر ضرورة النص على بيان نصيب كل من المودع وأصحاب رأس المال والبنك المضارب وأن يكون النصيب نسبة شائعة في الربح لكي تصح المضاربة في الحالة الأولى وفيما يتعلق بموضوع الاحتياطي المجنب يتعين أن يكون استقطاعه من حقوق المساهمين دون حصة أصحاب الودائع الاستثمارية.
مصرف قطر الإسلامي فتوى رقم 11
الاحتياطي من حق المساهمين وحدهم دون المودعين
السؤال:
سؤال حول اقتطاع الاحتياطيات من أرباح المصرف.
الفتوى:
ترى الهيئة أن احتياطيات المصرف يتم اقتطاعها من أرباح المساهمين فقط وليس من مجموع الأرباح وبالتالي يكون الاحتياطي من حق المساهمين وحدهم دون المودعين.(2/30)
تبرع أحد طرفي العقد بحصته من الربح للآخر أو لطرف ثالث
قد يتبرع أحد طرفي المضاربة بحصته من الربح لمصلحة الطرف الآخر:
كأن يهب أرباب المال , ولفترة معينة , للمضاربين حصتهم من الربح تشجيعا على الدخول في المضاربة وسعيا وراء العمل المنتج في المال , وخاصة إذا كان المضاربون أفرادا أو شركات ذات تميز.
- أو كأن يهب المصرف الإسلامي بصفته المضارب (في حدود رأس ماله ولفترة معينة) حصته من الربح لأرباب الأموال وذلك تحفيزا لهم لاستثمار أموالهم وتحريكها نحو مجالات الإنتاج.
كما قد يتفق الطرفان في المضاربة على تخصيص جزء من الأرباح لطرف ثالث كجهة خيرية مثلا أو صندوق وقفي أو صندوق مخصص لشأن من شؤون النفع العام.(2/31)
بالنسبة لتبرع أحد طرفي المضاربة بحصته من الربح لمصلحة الطرف الآخر فإن الأصل في المضاربة أن يكون الربح مشتركا بين العاقدين , ولا يجوز بالتالي اختصاص أحد الطرفين بالربح دون الآخر عند جمهور الفقهاء خلافا للمالكية الذين أجازوا ذلك وقالوا بأنه من باب الهبة , ويجرى العقد على حكم الهبة.
وعليه تكون أقوال الفقهاء في هذه المسألة على النحو التالي:
لا يجوز عند الحنفية اختصاص أحد المتعاقدين بالربح دون الآخر ومثل هذا الشرط يخرج العقد عن المضاربة رغم أنه جاء بصيغتها لأن العبرة في العقود للمعاني , ويكون العقد قرضا إذا اشترط الربح كله للمضارب , أو يكون عقد أبضاع إذا اشترط الربح كله لرب المال.
كما لا يجوز عند الحنابلة والشافعية اختصاص أحد المتعاقدين بالربح دون الآخر مع استخدام كلمة مضاربة ويكون العقد فاسدا ولا يصرف إلى عقد آخر لأن إرادتهما تنصب على المضاربة لا غير.
أما إذا لم تستخدم كلمة المضاربة صراحة فإن العقد يحول إلى عقد قرض أو أبضاع حسب اختصاص الربح لأحد الطرفين.
يجوز عند المالكية اختصاص أحد الطرفين بالربح ويجب الالتزام به لأنه من باب الهبة ويجرى العقد على حكم الهبة.
وعليه يشبه العقد القرض إذا تبرع رب المال بما يكون له من ربح ويبقى رأس المال مضمونا عليه بحكم عقد المضاربة , أما إذا تبرع المضارب بما يكون له من ربح وتطوع بالعمل مجانا فيلتقى عقد المضاربة مع الأبضاع.
أما بخصوص تبرع المتعاقدين بتخصيص جزء من الأرباح لطرف ثالث كجهة خيرية مثلا أو صندوق وقفي أو صندوق مخصص لشأن من شؤون النفع العام:
فإن المالكية وحدهم قد أجازوا ذلك أيضا فلم يمنعوا اشتراط جزء من الربح أو كله إلى الغير , ويكون الشرط صحيح والعقد صحيح لأن المتعاقدين يكونان قد تبرعا بذلك الجزء من الربح فكان هبة وقربة لله تعالى فلا يمنعان من ذلك.
بينما اشترط الجمهور أن يكون الربح مختصا بالمتعاقدين حيث أنه
- لا يستحق الغير شيئا من الربح عند الحنفية لأنه لم يقدم عملا أو مالا أو ضمانا , والربح لا يستحق إلا بأحدها. فالشرط فاسد: ويعود الجزء المشروط للغير إلى رب المال لأنه نماء ماله , والعقد صحيح: لأن ذلك لا يعود بالجهالة على الربح , فيستحق كلا المتعاقدين ما اشترطا لهما ووافقا عليه.
- لا يستحق الغير شيئا من الربح أيضا عند الشافعية والحنابلة لنفس الأسباب التي استدل بها الحنفية. فالشرط فاسد: ويعود الجزء المشروط للغير لكلا المتعاقدين لأنهما كانا متبرعين به. والعقد فاسد: لأن ذلك يعود بجهالة نصيب المتعاقدين من الربح حيث أنهما لم يتفقا على وجه قسمة الجزء المشروط للغير بينهما , فتعود الجهالة إلى الكل.(2/32)
بنك فيصل الإسلامي المصرى الفتوى رقم (6)
التنازل عن جزء من الأرباح إلى طرف ثالث
السؤال:
تقدم عميل إلى البنك بمبلغ من المال يطلب استثماره مع البنك في عملياته الاستثمارية مشاركة مع تحديد توزيع الأرباح الناتجة عن هذه الشركة بين العميل والبنك بالنسب المتفق عليها.
وطلب العميل إلى البنك أن يسدد جزءا من نصيبه في الأرباح إن وجدت إلى طرف ثالث عينه , وطلب من البنك أن يصدر تعهدا كتابيا إلى الطرف الثالث المذكور بذلك.
الفتوى:
ترى الهيئة أنه لا مانع من قيام المشاركة المنوه عنها بين البنك والعميل على أساس قواعد شركة المضاربة , كما لا ترى الهيئة مانعا من أن يتنازل عميل البنك (الشريك) عن جزء مما سيؤول إليه من أرباح هذه المشاركة إن وجدت إلى طرف ثالث , كما أنه لا مانع من أن يتعهد البنك كتابيا لهذا الطرف الثالث بسداد ذلك الجزء من الأرباح إن وجدت بشرط ألا يكون للطرف الثالث أي تدخل أو أية صفة في المشاركة وبشرط ألا يكون جزء الأرباح المتعهد بسدادها إلى الطرف الثالث فوائد ربوية.(2/33)
تبرع المضارب بضمان رأس المال
في بعض التطبيقات المعاصرة للمضاربة ولا سيما في الصناديق الاستثمارية تسعى المؤسسات المالية عموما لجلب المستثمرين وتقديم أفضل العروض إليهم من أجل إدارة أموالهم.
ويعتبر عنصر الضمان من أهم العوامل المؤثرة لدى جمهور كبير من المستثمرين , وهذا يجعل المؤسسات المالية الإسلامية مطالبة بتوضيح مسألة الضمان في عقودها ونشرات الاكتتاب واللوائح التنظيمية لأدواتها الاستثمارية.
فقد ترى بعض هذه المؤسسات أن تشترط على نفسها مختارة ضمان رأس مال المضاربة عند التعاقد مع أرباب المال.
وقد لا تشترط ذلك في العقد ولكنها ترغب أحيانا في تجنيب أي خسارة يمكن أن تلحق المشارك نتيجة رغبته في الخروج من الصندوق (ولا سيما في حالة كون القيمة السوقية المعلنة للورقة المالية أقل من القيمة المكتتب بها) فتضمن حينئذ رأس المال المشارك وتشترى الأوراق المالية التي في حوزته بالقيمة المكتتب بها وليس بالقيمة السوقية دون أن يكون ذلك مشروطا مسبقا في العقد.(2/34)
اتفق الفقهاء على أن المضارب أمين على ما بيده من مال لأن هذا المال في حكم الوديعة عنده , فلا يضمن إلا بالتفريط أو التعدي شأنه في ذلك شأن الوكيل والوديع وسائر الأمناء.
فلا يجوز اشتراط الضمان على المضارب في العقد سواء كان هذا الشرط من رب المال وقبله المضارب أو كان الاشتراط من المضارب على نفسه متبرعا لأن ذلك ينافي مقتضى العقد.
وبذلك لا يجوز أن تشتمل نشرة الاكتتاب في الصناديق الاستثمارية على شرط ضمان جهة الإصدار لرأس المال بصفتها المضارب , كما لا يجوز من باب أولى ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال , فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضمنا بطل شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل.
وعلى هذا الأساس يتبين بأن الشريعة الإسلامية تمنع ضمان المضارب خسارة رأس المال إذا لم يكن مقصرا أو متعديا وذلك لكي لا يخسر المضارب مرتين: الأولى بضياع جهده وعمله وفوات الربح الذي كان يسعى لتحقيقه , والثانية بتحمل خسارة رأس المال.
وذلك يخالف القاعدة الشرعية في المضاربة التي تنص على أن الوضيعة على رب المال , فهو وحده الذي يتحمل خسارة ماله.
أما إذا خالف المضارب حكما من أحكام المضاربة أو قيدا من القيود التي اشترطها رب المال أو أنه وقع منه تقصير في إدارة مال المضاربة ينتج عنه هلاك المال وتحقق الخسارة , فإنه في هذه الحالة يضمن باتفاق الفقهاء
ويجوز في مثل هذه الحالة أن يطلب رب المال ضمانا يضمن به تعدى أو تقصير المضارب , كما يجوز له أن يطلب كفيلا يضمن له ما يضيع من ماله بتعد أو تقصير.
هذا فيما يتعلق باشتراط ضمان رأس المال على المضارب أو تطوعه بذلك في العقد نفسه , أما بعد إتمام العقد وخارجه:
فإن جمهور الفقهاء لا يجيزون كذلك تطوع المضارب بالضمان ولو بعد الشروع في العمل لأن المضارب يكون متهما برغبته في استدراج رب المال وإبقاء رأس المال بيده.
ولكن أجاز بعض فقهاء المالكية أن يتطوع المضارب بضمان رأس المال بعد تمام عقد المضاربة وإن كان الأصل أنه أمانة بيده , وذلك قياسا على جواز تطوع الوديع والمكترى بضمان ما بيده إذا كان هذا التطوع بعد تمام العقد.
وعلى أساس هذا الرأي الأخير لبعض المالكية , فإنه يمكن القول بجواز ضمان المضارب لرأس المال إذا صدر هذا الضمان بعد الشروع في العمل ومستقلا عن عقد المضاربة بحيث لا يبنى دخول المشارك على وجود ذلك الضمان.
وهذا الرأي يعتبر مستندا للجهات المصدرة للصناديق الاستثمارية التي قد ترغب في تجنيب أي خسارة يمكن أن تلحق المشارك نتيجة رغبته في الخروج من الصندوق ولا سيما في حالة كون القيمة السوقية المعلنة للورقة المالية أقل من القيمة المكتتب بها , فيجوز حينئذ ضمان رأس المال المشارك وشراء الأوراق المالية التي في حوزته بالقيمة المكتتب بها وليس بالقيمة السوقية إذا لم يكن ذلك مشروطا مسبقا في العقد.(2/35)
قرار مجمع الفقه الإسلامي الدورة الرابعة , القرار رقم (5) يد المضارب على حصيلة الاكتتاب في الصكوك وعلى موجودات المشروع هي يد أمانة لا يضمن إلا بسبب من أسباب الضمان الشرعية
3 لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال أو ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال , فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضمنا بطل شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل.
فتوى هيئة الرقابة الشرعية بنك دبي الإسلامي:
إنه لا يجوز شرعا ضمان المال المستثمر بقصد الربح لأن الاستثمار في الإسلام يقوم على أساس الغرم بالغنم.
فتاوى ندوات البركة: ندوة البركة الخامسة , الفتوى رقم (2)
بعد استعراض البحوث المقدمة للندوة , وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت بشأنها , قررت اللجنة أن شرط ضمان العامل لرأس المال ينافي مقتضى العقد فلا يجوز.
ندوة البركة الأولى الفتوى رقم (2)
السؤال:
هل يجوز للممول أن يطلب من المقاول (المضارب) أن يدفع له نسبة مئوية معينة من قيمة عقد المقاولة علاوة على رأس المال بصرف النظر عن مقدار التمويل وعما إذا ربح المشروع أو خسر؟
الفتوى:
أن هذا العقد غير جائز لما يلي:
أولا:
لاشتماله على ضمان المقاول (المضارب) لرأس المال , والمضارب أمين لا يضمن رأس المال إلا بالتعدي أو التقصير.
ثانيا:
لاشتمال العقد على اشتراط رب المال على المقاول (المضارب) دفع مبلغ محدد وذلك الاشتراط مفسد للعقد لأنه قد يؤدي إلى عدم الاشتراك في الربح.
بنك دبي الإسلامي فتوى رقم 06 / 0501
هناك أموال أيتام يريدون استثمارها في المضاربة الشرعية وقد اشترطت الجهة القائمة على هذه الأموال ضمان هذه الأموال خوفا عليها من الخسارة.
فهل يجوز ضمان هذه الأموال عن طريق إصدار خطاب ضمان يضمن فيها أموال اليتامى.
وهل يمكن اعتبارها إذا صح المخرج عن طريق خطاب الضمان كأمانة ترد كما هي ربحت المضاربة أم خسرت؟
الفتوى:
بحثت الهيئة مسألة ضمان أموال الأيتام المستثمرة ورأت أنه لا يجوز شرعا ضمان المال المستثمر بقصد الربح لأن الاستثمار في الإسلام يقوم على أساس الغرم بالغنم , الضمان المطلوب بهذه الصورة لا أساس له شرعا.
وإنما يجب اتخاذ الحيطة والحذر لذلك باختيار المضارب الثقة الأمين المتمسك بدينه , مع الأخذ بالأساليب العلمية في الاستثمار من دراسة السوق , ودراسة الجدوى الاقتصادية , والمتابعة والتقييم لكل الخطوات التنفيذية , وغير ذلك مما تتطلبه أساليب الاستثمار السليمة.
بنك فيصل الإسلامي السوداني
استفسار رقم (7)
الشركة مبنيه على الوكالة والأمانة , فكل شريك وكيل في التصرف في مال شريكه وأمين عليه , والأمين لا يضمن الأمانة إلا إذا تعدى أو قصر في حفظها.
والضمان أو الكفالة هو ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق , فيثبت في ذمتهما جميعا , ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما , ويجوز الضمان بعد وجوب الحق باتفاق الفقهاء , ويجوز قبل وجوبه عند الحنفية والمالكية والحنابلة.
وبناء على هذا يجوز للبنك في هذه المذاهب عندما يشارك غيره أن يطلب ضامنا يضمن له ما يضيع من ماله بتعد أو تقصير منه , ولا يجوز للبنك أن يطلب ضامنا يضمن ما يضيع من غير تعد ولا تقصير من الشريك , لأن ما يضيع في هذه الحالة لا يكون مضمونا على الشريك فلا يكون مضمونا على ضامنه.
ندوة البركة الأولى الفتوى رقم (59)
السؤال:
هل يجوز أن يطلب من المضارب أو الشريك تقديم كفيل أو ضمان؟ الفتوى:
اشتراط تقديم الكفيل أو الضمان على المضارب أو الشريك جائز شرعا لضمان التعدي والتقصير.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 2 الفتوى رقم (107)
رأس المال في شركة المضاربة أمانة في يد المضارب فلا يضمن ما يحصل فيه من خسارة إلا في حالات التعدي أو التقصير أو مخالفة الشروط.
وإن تحمل المضارب ضمان رأس المال ممنوع شرعا لأنه يخالف مقتضى عقد المضاربة , الذي هو عقد على المشاركة في الربح , فإذا لم يحصل ربح ووقعت خسارة فإنها تربط بالمال طبقا للقاعدة الشرعية في المشاركات بأن الربح على ما يتفق عليه الشريكان , والخسارة بقدر الحصص في رأس المال.
وإذا كان المضارب لا حصة له في التمويل فإن خسارته منحصرة في ضياع جهده , ويتحمل رب المال خسارة ماله.
ثم إن ضمان المضارب لرأس المال مع شرط مشاركة رب المال في الربح يجعل التعامل كالمراباة التي يضمن فيها المستثمر القرض ويستحق المقرض زيادة. .
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم (44)
ح على أنه لا مانع من أن تكون هناك مبادرة من العميل بتحمل ما قد يقع من خسارة في حينها - لا عند التعاقد لأن ذلك من قبيل الهبة والتصرف من صاحب الحق في حقه , دون تغيير لمقتضى العقد شرعا.
فحين وقوع الخسارة (دون تعد أو تقصير) يطبق المبدأ الشرعي بتحميلها لرب المال (البنك هنا) إلا أن يبادر العميل لتحملها ودون مقاضاته أو إلزامه , لأنه قد يقدم على هذه المبادرة انسجاما مع اعتبار نفسه مقصرا في الواقع ولو لم تستكمل صورة التقصير في الظاهر بما يحيل الضمان عليه.
والقاعدة الشرعية (أن المرء بسبيل من التصرف في ماله) .
ولا يجوز أن يتخذ ذلك حيلة أو وسيلة للدخول في المضاربة , بل يترك للعميل بمطلق رغبته سواء بالوعد غير الملزم عند التعاقد , أو بالتنفيذ الطوعي عند وجود موجب الضمان.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 2 الفتوى رقم (107)
وهناك صيغة لم تتعرض لها الندوة لأنها لم تعرض فيها , وهي:
تبرع المضارب بالتزام الضمان بعد عقد المضاربة والشروع في العمل بالمال.
ومفاد هذه الصيغة أن يخلو عقد المضاربة عن شرط الضمان ثم يصدر من المضارب التزام مستقل ولو كان موجها للعموم بهذا الضمان , والمستند الفقهي لهذه الصيغة ما جاء عند المالكية , منقولا عن الفقهاء الثلاثة منهم , وهم: ابن زاب , وابن بشير , وتلميذه ابن عتاب: أقيل لان زاب أيجب الضمان في مال القراض إذا طاع (أي تطوع) قابضه بالتزام الضمان؟ فقال:
إذا التزم الضمان طائعا بعد الشروع في العمل فما يبعد أن يلزمه.
ب ونقلوا عن ابن بشير أنه أمضى عقدا بدفع الوصي مال السفيه قراضا إلى أجل على جزء معلوم وإن العامل طاع بالتزام ضمان المال وغرمه.
ج وقد صحح ابن عتاب مذهب شيخه ابن بشير , ونصره بحجج كثيرة وفي (رسم الجواب عن سماع ابن القاسم من المدونة) ما يفيد صحة ما ذهب إليه ابن بشير.
وفي (سماع ابن القاسم) ما يفيد صحة الاعتراض عليه وهو ما وقع من بعض الشيوخ (كتاب أعداد المهج ص 161) .
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم 42
استخدام الضمان في حال التعدي أو التقصير
أ - لا يجوز في شركة المضاربة أن يضمن المضارب (كشرط) رأس مال المضاربة , بصورة مطلقة في حالة الخسارة مثلا , ولا يجوز تقديم ضمانات من المضارب لكي تستخدم في الاستيفاء منها إلا في حال التعدي أو التقصير , أو مخالفة تعليمات رب المال.
على أنه لا مانع من تحمل المضارب للخسارة أو لجزء منها - في حينه - كمبادرة منه , دون اشتراط أو إلزام مسبق.
الاجتماع الثاني لهيئة الفتوى لهيئة الفتوى والرقابة الشرعية لشركتي التوفيق للصناديق الاستثمارية والأمين للأوراق المالية
السؤال:
هل يجوز قيام الشركة (المضارب) باسترداد الأسهم بنفس القيمة المكتتب بها وليس بالأسعار المعلنة , وذلك بهدف تجنيب أي خسارة يمكن أن تلحق العميل.
الفتوى:
يتصور في هذه الحالة أن تشترى الشركة لنفسها أو لجهة أخرى:
- فإن كان الشراء لنفسها:
فلها الخيار بأن تشترى بالقيمة السوقية المنخفضة عن القيمة المكتتب بها أو بالقيمة المكتتب بها لوقاية العميل من الخسارة على أن لا يكون ذلك مشترطا على الشركة عند الاكتتاب ولا معلنا للجمهور حتى لا يكون من قبيل ضمان المضارب لرأس المال وهو ممنوع شرعا.
وفي حالة كون القيمة السوقية أكثر من القيمة المكتتب بها فعلى الشركة أن تفي بالتزامها في الاسترداد بالقيمة السوقية المعلنة.
- وإذا كان الشراء (الاسترداد) لصالح جهة أخرى:
بمعنى أن الشركة وكيلة عن تلك الجهة , فليس لها أن تسترد بأكثر من القيمة السوقية إلا بتفويض خاص صريح بذلك من الجهة الموكلة.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم 44
ضمان البضاعة التي تحول إليها رأس مال المضاربة
ضمان البضاعة التي تحول إليها رأس مال المضاربة ممنوع أيضا كضمان المضارب لرأس المال , وكلا المبدأين مخالف لمقتضى المضاربة الشرعية.
وهما أيضا متعارضان مع ما هو مقرر شرعا من أن المضارب أمين على رأس المال وموكل للتصرف فيه. . والأمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير.(2/36)
التبرع بالإقراض من كل من الطرفين للآخر
يتفق بعض المودعين (مصارف إسلامية - شركات استثمارية إسلامية. . إلخ) في البنوك التقليدية أو الإسلامية أو المراسلة مع البنك الذي يتعاملون معه على ألا يتقاضوا أية فائدة (ربا) مقابل وديعتهم المصرفية , على أساس ألا يتقاضى ذلك البنك منهم أية فائدة إذا انكشف حسابهم (بأن سحب المودع أكثر مما لديه فيه) مقابل قدر مماثل من العملة ومدة مماثلة لمكوث حسابه لديهم بدون فائدة , وهو ما يسمى ب (بالودائع المتبادلة) أو (القروض المقابلة للودائع) أو (القروض المتبادلة بالشرط) وذلك على حساب النمر.(2/37)
إن طريقة تبادل القروض بدون فوائد (ولو كان يؤخذ فيها في الحسبان مدة القرض ومبلغه , ليحصل التكافؤ في الإقراض المتبادل) سائغة مقبولة شرعا لأن هذا التعامل لا يتصف بجر منفعة من المقترض للمقرض , حيث إن المنفعة التي فيها الربا أو شبهته - ويجب خلو القرض منها - هي الزيادة المشترطة على مبلغ القرض في القدر أو الصفة أو النفع الذي يبرز فيه معنى العلاوة المالية.
أما منفعة إقراضه نفس المبلغ ولذات المدة من العملة نفسها مقابل قرضه , فليست بزيادة في قدر أو صفة , وليست من جنس المنفعة التي فيها شبهة الربا , بل هي من قبيل النفع المشترك الذي لا يخص المقرض وحده , بل يعم المقترض والمقرض على السواء , ويحقق مصلحة عادلة للطرفين , فهذا ليس بمنصوص على حظره شرعا , ولا هو في معنى المنصوص , فوجب إبقاؤه على الإباحة.
فتبادل القروض إذن هو بعيد عن شبهة القرض الذي يجر نفعا , وقد اعتبرته بعض الهيئات الشرعية من قبيل التبرع بالإقراض من كل من الطرفين للآخر والالتزام بمدة القرض المحدد واجب في مذهب مالك ,
كما ذهب بعض المعاصرين إلى تكييفه على أساس هبة الثواب بالاستناد إلى المذهب الحنفي الذي يعتبر هبة الثواب هبة ابتداء وبيعا انتهاء على خلاف المذاهب الأخرى التي تعتبرها بيعا ابتداء وانتهاء , وذلك ما يتيح إمكانية عدم التقابض الفوري بين المصرفين اللذين يتبادلان العملات ويقتصر الأمر فقط على إجراء القيود المحاسبية.(2/38)
فتوى هيئة الرقابة لبنك فيصل الإسلامي السودان
السؤال:
جاء في الاستفسار رقم (1) حول طريقة التعامل مع البنوك الخارجية: بالنسبة لمراسلي البنك بالخارج من البنوك الأجنبية , الواضح أن هناك مشكلة تتعلق بطريقة المحاسبة في التعامل , حيث إن مثل هذه المعاملات تحكم وتحسب عن طريق سعر الفائدة - وبما أن مثل هذه المعاملات ربوي , سوف يكون محظورا على البنك , فإننا نقترح أن يتم التعامل باتفاق مسبق مع البنك الأجنبي فحواه أن يضع البنك الإسلامي مبلغا لحسابه مع البنك الأجنبي , من غير أن يتقاضى فائدة على ذلك , ويتم ذلك , ويتم السحب من ذلك المبلغ لأغراض البنك , وفي حالة تجاوز المبالغ المسحوبة للرصيد المودع لدى البنك الأجنبي , ويصبح بالتالي دائنا للبنك الإسلامي , فإنه ينبغي عدم دفع أية فائدة , بل يتم تحويل مبلغ لتغذية الحساب , بحيث يكون هناك موازنة بين المبالغ المودعة والمبالغ المسحوبة أو الحسابات المكشوفة - فهل هناك أية غضاضة على هذا الأسلوب في التعامل من وجهة النظر الشرعية؟
الجواب:
أن الهيئة ترى جواز المعاملة التي يقترحها بنك فيصل الإسلامي في استفساره , سواء شرط في اتفاقه مع البنك الأجنبي أن يقرضه من غير فائدة أو لم يشترط الإقراض واكتفى باشتراط عدم أخذ الفائدة.
(فتاوى هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي ص 51 - 53)
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (41)
السؤال:
ما مدى شرعية قيام بيت التمويل الكويتي بإيداع مبالغ لدى البنوك التجارية بدون فوائد , على أن تتبع هذه البنوك مبدأ التعامل بالمثل؟
الجواب:
بالرغم من أني أكره المعاملة مع البنوك الربوية , حتى ولو كانت المعاملة غير ربوية , ولكن لعموم البلوى , ولحاجة المجتمع إلى التعامل معها , لا بأس من إقراضها قرضا حسنا , والاقتراض منها كذلك , تشجيعا لها على المعاملة غير الربوية.
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (151)
السؤال:
بعد موافقتكم على موضوع تبادل الودائع , فقد ظهر السؤال التالي: أن موضوع تبادل الودائع تنطبق عليه القاعدة الفقهية (كل قرض جر نفعا فهو ربا) والسبب في ذلك أنه لو لم يتفق الطرفان على الاقتراض المتبادل لما حدث من جانب واحد. نرجو البت في ذلك.
الجواب:
القاعدة الفقهية لا تنطبق عليه , لأنه ليس نفعا من ذات القرض , حيث يرد مثل ما اقترض من غير زيادة مادية منه أو من جنس آخر , وإنما النفع من الإقدام على التعامل مع من يعاملك , وهذا شأن التجارة.
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (165)
السؤال:
هل يجوز شرعا أن يتفق بيت التمويل الكويتي مع أحد البنوك الأجنبية أن يسحب بيت التمويل الكويتي على المكشوف أية مبالغ من عملة بلد البنك الأجنبي على سبيل القرض الحسن , ولهذا البنك أن يوافق على ذلك , كما أن له الحق في أن يرفض , وفي مقابل ذلك يكون للبنك الأجنبي نفس هذه المزية لدى بيت التمويل في أن يسحب على المكشوف على سبيل القرض الحسن , ومن عملة بلد بيت التمويل الكويتي ولبيت التمويل أن يوافق , كما أنه له الحق في أن يرفض؟
الجواب:
أن هذا العمل جائز شرعا لا غبار عليه.
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (264)
السؤال:
هل يجوز أن اقترض منك ألف دينار لمدة سنة على أن أقرضك ثلاثة آلاف دولار لمدة سنة؟
الجواب:
يجوز ذلك.
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) الفتوى رقم (162)
السؤال:
للبنوك الإسلامية أرصدة بالعملات الأجنبية في البلاد الأجنبية وتريد هذه البنوك أن تحتفظ بهذه العملة لأصحابها الذين أودعوها في الخارج كما هي وبنفس العملة ولكنها في نفس الوقت تريد أن تستثمر هذه الأموال في مجال الاستثمار المحلي وتخشى من فروقات تحويل هذه العملة لذا ترغب البنوك الإسلامية بأن تضع العملات الأجنبية الموجودة في البلاد الأجنبية كقرض تأخذ مقابله عملة محلية وذلك ليتسنى لها استثمارها محليا وتأمن عاقبة نزول أسعار صرف تلك العملة الأجنبية فهل يجوز ذلك شرعا؟
الجواب:
أن وضع كل من البنكين ما يخصه من عملات أجنبية تحت تصرف الآخر هو عبارة عن قرض والمستقرض هو صاحب الحق في الانتفاع بريع ما تحت يديه من أموال اقترضها وعند إعادة القرض يرد بنفس العملة فليست هذه المعاملة صرفا بل هي تبرع بالإقراض من كل من الطرفين للآخر والالتزام بمدة القرض المحدد واجب في مذهب مالك وهو المختار.
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (509)
السؤال:
مقدم من شركة الجميح وهو: نفترض أننا بحاجة إلى مبلغ 10 مليون دولار مثلا لمدة شهر. وإذا طلبنا من البنك أن يعطينا المبلغ سحبا على المكشوف بدون عمولة سيوافق مكرها إلا إذا كنا في موقف يسمح لنا بأن نعطيهم قيمة مماثلة ولتكن بالريال مثلا , وعندما نعيد لهم الدولارات التي اقترضناها منهم سيعيدون لنا الريالات التي أعطيناها لهم. فهل هذا مقبول؟
الجواب:
لا مانع شرعا من تبادل القروض الحسنة بدون أخذ فائدة أو إعطائها.
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بيت التمويل الكويتي - الجزء الثالث فتوى رقم (266)
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (494)
تبادل القروض المتبع في المصارف الإسلامية عند التعامل مع البنوك الربوية جائز ولو كان القرض المقدم من المصرف الإسلامي أكثر من القرض المقابل لجواز القرض في جهة أو جهتين ولا يعتبر هذا قرضا جر نفعا.
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (511)
السؤال:
لدينا حسابات بالريال السعودي مع بعض البنوك وتتراوح أرصدة هذه الحسابات ما بين دائن ومدين بمبالغ كبيرة , علما بأن هذه البنوك لا تأخذ منا عمولات ولا تعطينا أي فوائد في كلتا الحالتين دائن (مدين) , ومع ذلك ففي حالة استمرار رصيدنا مدين لفترة طويلة فإن البنوك تطلب منا تغذية الحساب ونقوم بذلك. هل هذا النوع من العمليات البنكية مقبول؟
الجواب:
ليس هناك ما يمنع شرعا من القروض المتبادلة بدون فائدة لا أخذا ولا إعطاء.
فتوى المستشار الشرعي لمجموعة البركة
يقترض البنك دولارات مثلا , ويقرض المصرف التقليدي ريالات مثلا (على نحو متكافئ يراعى فيه المبلغ ومدة القرض) وبذلك يمول العملية بالدولار , وحين يحصل على ثمنها من العميل بالدولار , يعيد قرض المصرف بالدولار , ويسترجع قرضه بالريال , دون الدخول في شراء دولارات , ثم بيعها فيما بعد , مع احتمال حصول فرق عملة قد يذهب بربح العملية كليا أو جزئيا.
إن طريقة تبادل القروض مطبقة في بعض البنوك الإسلامية , وهي صحيحة إذا تمت دون ربط عقدي بين القرضين , وإنما تم ذلك بمذكرة تفاهم ومواعدة , ونفذت المواعدة بالإقراض المتبادل الخالي من الفائدة (ولو كان المصرف التقليدي يأخذ في الحسبان مدة قرضه ومبلغه , ليحصل التكافؤ مع ما يقرضه) .
أما قيام هذه التركيبة على الشراء , فإنه يدخلها في أسلوب الصرف بشراء عملة بعملة وتحمل مخاطر هبوط أسعار العملة , الذي قد يذهب بالربح كله أو معظمه.
(الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية لدله البركة ص 119) جوابا على سؤال بنك البركة الإسلامي للاستثمار - البحرين , وسؤال إدارة الائتمان والتسويق.
فتوى المستشار الشرعي لمجموعة البركة فتوى رقم (52)
. . . علما بأن التعامل بالفوائد محرم أخذا وعطاء , واعتبارا بأن الإيداع لدى البنوك التجارية لانعدام البديل محليا , فإن الأولى عدم ترك الفوائد الناشئة عن هذه الأموال للبنك , وقبضها شريطة إنفاقها في وجوه البر.
كذلك يجوز التفاهم مع البنك المودعة لديه لاحتسابها أرصدة دائنة يتم فيها إطفاء أي أرصدة مدينة على الشركة بسبب انكشاف حسابها بصورة عارضة , شريطة ألا يكون هناك أي التزام فعلي بين الطرفين بقبض أو تسليم أي فائض , وأن يقتصر الأمر على إجراء القيود الحسابية.
(جوابا على سؤال دله البركة القابضة - الدار البيضاء -
الفتوى العاشرة - الحلقة العلمية الثانية للقضايا المصرفية المعاصرة (البركة)
إذا اتفق بنكان على أن يوفر كل منهما للآخر المبالغ التي يطلبها أي منهما على سبيل القرض من نفس العملة أو من عملة أخرى , فإن هذا الاتفاق جائز , تفاديا للتعامل بالفائدة أخذا وإعطاء على الحسابات المدينة بين البنكين , شريطة عدم توقف تقديم أحد القرضين على الآخر.
فتاوى الحلقات العلمية للبركة
لا مانع من إجراء قروض متبادلة بعملات مختلفة لتغطية مخاطر الصرف على النحو المبين في الفتوى العاشرة للحلقة الفقهية الاقتصادية الثانية.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية قرار رقم (106)
السؤال:
ما رأي الهيئة في صيغة اتفاقية السحب على المكشوف بين شركة الراجحي المصرفية للاستثمار وبنك الخليج الدولي؟
الجواب:
وبتأمل الهيئة للاتفاقية المذكورة وجدت أنها تقوم على أسس متبادلة بين الشركة وبنك الخليج بحيث لا يدفع أي منهما للآخر فائدة ربوية على السحب المكشوف بموجب هذه الاتفاقية لذا لا ترى الهيئة ما نعا شرعيا من هذه الاتفاقية.
البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار - الفتاوى الشرعية الجزء الأول - فتوى رقم (19) الودائع المتبادلة
السؤال:
أرجو التكرم ببيان الوجه الشرعي في حالة اشتراط البنك الإسلامي الأردني على البنوك التجارية التي يودع لديها بعض الودائع لمدد معينة بدون تقاضي أية فوائد أو عمولات , أن تودع لدى البنك الإسلامي مستقبلا ودائع مماثلة بنفس القيمة الشروط دون دفع أية فوائد أو عمولات من قبل البنك عندما يحتاج إلى سيولة نقدية للقيام بمشاريعه الاستثمارية.
الجواب:
قد يتبادر إلى الذهن أن ذلك الشرط ممنوع للأسباب التالية:
1 - حديث كل قرض جر منفعة فهو ربا.
2 - الحديث الآخر: لا يحل سلف وبيع , ولا شرطان في بيع. . إلخ.
3 - ما صرح به في المغني لابن قدامة موفق الدين , والشرح الكبير لابن قدامة شمس الدين , أنه لو شرط في القرض أن يؤجره داره أو أن يبيعه شيئا أو أن يقرضه المقترض مرة أخرى لم يجز. . . إلخ وقد علل ذلك , بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف ولأنه شرط عقدا في عقد. . . إلخ.
أما الحديث الأول , فلم يثبت من طريق صحيح رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وروي موقوفا على بعض الصحابة , ومع هذا قال عمر بن زيد في المغني , لم يصح فيه شيء , ووهم إمام الحرمين والغزالي فقالا , أنه صح , ولا خبرة لهما بهذا الفن , كما ذكر ذلك الإمام الشوكاني في نيل الأوطار.
وأما الحديث الثاني , فمع أنه رواه الخمسة أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه. فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية (وجماع معنى الحديث: أنه لا يجمع بين معاوضة وتبرع , لأن ذلك التبرع إنما كان لأجل المعاوضة , فيصير جزءا من العوض , ويتحقق معنى الربا) .
لكن إذا كان العقد من أساسه مبنيا على تبرع وتطوع مثل عقد الوديعة , أو القرض , ولم يشترط فيه ما يحقق معنى الزيادة , بأي معنى من المعاني , وإنما شرط فيه أن يودعه , أو يقرضه بلا فائدة.
فهل هذا الشرط فيه معنى الزيادة؟
إن إيداع أي شخص , لآخر , بلا فائدة , أمر مباح , بل أنه يجب أن لا يؤخذ عن الوديعة أية فائدة , فذكر هذا الشرط يحقق التزام البنك الآخر أن لا يطالب البنك الإسلامي بفائدة عن أي مبلغ أودعه إياه في حدود مثل الوديعة التي أودعها لديه البنك الإسلامي , أذن فهذا الشرط يحقق مقصودا شرعا صحيحا.
أما ما ذكره كل من موفق الدين وشمس الدين , فقد علل بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف ولأنه شرط عقدا في عقد. أما حديث النهي فقد علمت مما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية أن المقصود به أن لا يجمع بين معاوضة وتبرع , لئلا يتحقق معنى الربا.
وفي صورتنا لا يتحقق معاوضة وتبرع , ولذلك فلا يتحقق أي معنى من معاني الربا , أما أنه شرط عقدا في عقد , فالذي يظهر لي أن المقصود منه مثل ما ذكره شيخ الإسلام في معنى الحديث.
وحادثتنا إنما تؤدي إلى اشتراط عدم استيفاء الفائدة , وهو أمر يقصد شرعا , ويحقق معنى صحيحا , ويضمن للبنك الإسلامي وضعا يحول دون إلزامه بدفع الفائدة , فيما إذا احتاج للسيولة النقدية , لتحقيق أهدافه الاستثمارية , وهذه حالة نتمنى على الله أن يشيع أمرها وينتشر تطبيقها , حتى تحول دون استيفاء الفوائد الربوية المحرمة.
لذلك كله فالذي يتبين لي , أن هذا الشرط لم يفض إلى محرم ولا يقتضى زيادة في القدر ولا في الوصف , وأنه يحقق للبنك مصلحة مقصودة مقبولة , حتى لا يلجئه عند الحاجة إلى الاقتراض من أية جهة لا تقرض إلا بفائدة , وذلك مخالف لمقاصد الشريعة ونصوصها كما هو مخالف لأهداف إنشاء البنك الإسلامي وعليه فإني أرى جواز الإقدام على هذا الشرط وهو معين على تحقيق حالة نتمنى على الله أن يهيئ الظروف لتعميمها وهي الإيداع أو الإقراض بلا فائدة.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار - فتاوى الهيئة الشرعية - قرار رقم (105) الودائع المتبادلة
اقتراض مبلغ من عملة أجنبية مقابل إيداع مبلغ من عملة أخرى لدى البنك المقترض منه لتجنب مخاطر تقلب أسعار العملات
السؤال:
يقوم بنك الراجحي بشراء عقار في ألمانيا لبيعه بعد سنة وتحقيق ربح (مع العلم أن شراء أو بيع أي عقار في ألمانيا يكون بالمارك الألماني) ولتجنب مخاطر العملة يقوم بنك الراجحي باقتراض المارك مقابل إيداع مبلغ من الدولارات لدى البنك المقترض منه.
بعد مرور عام وبيع العقار بربح يقوم بنك الراجحي بتسديد القرض مما حصله من الماركات نتيجة عملية البيع , أما ما تبقى من الماركات (كربح من عملية بيع العقار) يقوم الراجحي ببيعها في السوق لتحصيل دولارات لقائها. ففي هذه الحالة يكون الراجحي قد اقترض مبلغا بالمارك الألماني فحمى نفسه من المخاطر اليومية لتذبذب العملة أما في حالة الخسارة (بيع العقار بخسارة) ففي هذه الحالة يقوم الراجحي بشراء ماركات من السوق لتسديد العجز ومن ثم تسديد القرض.
الجواب:
أن غرض اجتناب هبوط أسعار النقود في المعاملات التجارية بأي أسلوب من الأساليب المقبولة شرعا هو غرض مشروع لا مانع منه. وأن أسلوب اللجوء إلى عمليتي استقراض الماركات الألمانية وإقراض دولارات أمريكية بدون فوائد ربوية في كلتا العمليتين هو أسلوب وطريق لغرض مشروع وهو اجتناب مخاطر هبوط الماركات بين شراء العقار وبيعه كيلا يبتلع هبوط السعر بسبب التضخم النقدي الربح الذي سيربحه التاجر من بيع ما اشتراه.
لذلك لم تر الهيئة الشرعية مانعا شرعيا من التجاء شركة الراجحي إلى هذا الطريق لحماية نفسها من خطر التضخم النقدي على تجارتها.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) فتوى رقم (162)
قروض متبادلة بعملات مختلفة
السؤال:
للبنوك الإسلامية أرصدة بالعملات الأجنبية في البلاد الأجنبية وتريد هذه البنوك أن تحتفظ بهذه العملة لأصحابها الذين أودعوها في الخارج كما هي وبنفس العملة ولكنها في نفس الوقت تريد أن تستثمر هذه الأموال في مجال الاستثمار المحلي وتخشى من فروقات تحويل هذه العملة لذا ترغب البنوك الإسلامية بأن تضع العملات الأجنبية الموجودة في البلاد الأجنبية كقرض تأخذ مقابله عملة محلية وذلك ليتسنى لها استثمارها محليا وتأمن عاقبة نزول أسعار صرف تلك العملة الأجنبية فهل يجوز ذلك شرعا؟
الجواب:
أن وضع كل من البنكين ما يخصه من عملات أجنبية تحت تصرف الآخر هو عبارة عن قرض والمستقرض هو صاحب الحق في الانتفاع بريع ما تحت يديه من أموال اقترضها وعند إعادة القرض يرد بنفس العملة فليست هذه المعاملة صرفا بل هي تبرع بالإقراض من كل من الطرفين للآخر والالتزام بمدة القرض المحدد واجب في مذهب مالك وهو المختار.
المصدر: بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) فتوى رقم (264)
القروض المتبادلة بعملتين مختلفتين
السؤال:
هل يجوز أن اقترض منك ألف دينار لمدة سنة على أن أقرضك ثلاثة آلاف دولار لمدة سنة؟
الجواب:
يجوز ذلك.
الفتاوى الشرعية في الاقتصاد الصادرة عن ندوات البركة للاقتصاد الإسلامي مجموعة دله البركة
ندوة البركة السادسة , الفتوى رقم 11
القروض المتبادلة
السؤال:
هل يمكن تطبيق غرامة التأخير على القرض الحسن؟
الجواب:
لا يجوز تطبيق غرامة التأخير على القرض الحسن , أما إذا كانت القروض الحسنة بين بنوك فيمكن معالجتها عن طريق تبادل الودائع بدون أرباح محددة (فوائد) .
المصدر الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية - الجزء الأول فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله - البركة الفتوى رقم (25)
الودائع المتبادلة
إن عملية الاقتراض - في أصلها - غير مقبولة شرعا , كما بينت في مذكرة جوابية على سؤال سابق نصه: " هل يجوز أن نودع مبلغا حصلنا عليه قرضا من البنوك لغرض ضريبي بقيمة أقل وندفع الفرق كعمولة للبنك المقترض؟ " وخلاصة جوابي أنه إذا كان الإقراض والإيداع لدى نفس البنك وبمبالغ ومدد معينة بحيث يحصل التقاص والتكافؤ حسابيا دون ترتب التزام دفع المقترض فائدة فعلا ولا أخذ المودع فائدة فعلا فلا مانع منه , لأنه عبارة عن قيود حسابية ليس فيها استحقاق ولا أداء. ولأنه إذا اختلف البنك المودع لديه عن البنك المقرض لم يجز شرعا , لخروج الأمر عن القيود الحسابية والدخول في إجراءات تؤدي لإعطاء الربا فعلا أو أخذه ولا أثر لكون المدفوع والمأخوذ متماثلا أو إطفاء هذا بذاك لأنه جاء بعد التزام بالإعطاء والمطالبة بالمدفوع , وهما ممنوعان شرعا ولهذا كان من الضروري التعجيل بالخروج من هذا القرض.
المصدر الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية - الجزء الأول فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله - البركة الفتوى رقم (50)
القروض المتبادلة
بالنسبة للجديد في الاستفسار الحالي هو أنه بعد تبادل القرضين (الملحوظ فيه تأمين مبلغ العملية الاستثمارية) يتم تبادل قرضين آخرين ملحوظ فيه تغطية مخاطر مبلغ الربح ثم تتم المصارفة على هذا المبلغ وهي مصارفة فورية يقترن فيها التقابض للبدلين بالتعاقد عليهما ويبقى القرض السابق لهذه المصارفة على حاله. وكذلك التبادل الأول.
ولا مانع شرعا من هذه العملية لأن فحواها تبادل قروض بدون فوائد يلتزم الطرفان بدفعها أو أخذها , بالإضافة إلى عملية صرف بشروطه الشرعية.
المصدر الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية - الجزء الأول فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله - البركة الفتوى رقم (52)
التصرف بالفوائد - القروض المتبادلة
علما بأن التعامل بالفوائد محرم أخذا وعطاء , واعتبارا بأن الإيداع لدى البنوك التجارية الربوية لانعدام البديل محليا. فإن الأولى عدم ترك الفوائد الناشئة عن هذه الأموال للبنك , وقبضها شريطة إنفاقها في وجوه البر.
كذلك يجوز التفاهم مع البنك المودعة لديه لاحتسابها أرصدة دائنة يتم فيها إطفاء أي أرصدة مدينة على الشركة بسبب انكشاف حسابها بصورة عارضة , شريطة ألا يكون هناك أي التزام فعلي بين الطرفين بقبض أو تسليم أي فائض , وأن يقتصر الأمر على إجراء القيود الحسابية.
بنك دبي الإسلامي فتاوي هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية فتوى رقم (25)
القروض المتبادلة
السؤال:
ما هو الحكم الشرعي فيما إذا أودع العميل لدى البنك مبلغا وقدره مليون درهم بدون مصروفات ولا فوائد على أن يقوم البنك بإعطاء عميله هذا كتاب ضمان في حدود مبلغ الوديعة وزيادة 15
دون فوائد.
الجواب:
لما كان الأصل في السؤال أن الإيداع في البنك لا يتضمن فائدة محرمة , فأنه يكون جائزا شرعا غير أنه يتعين على المسلم التعامل مع المصارف الإسلامية كلما أمكن ذلك توقيا من الوقوع في الحرام أو الإعانة عليه.
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بنك فيصل الإسلامي السوداني فتوى رقم (7)
الودائع والقروض المتبادلة
السؤال:
بالنسبة لمراسلي البنك بالخارج من البنوك الأجنبية الواضح أن هناك مشكلة تتعلق بطريقة المحاسبة في التعامل حيث أن مثل هذه المعاملات تحكم وتحسب عن طريق سعر الفائدة - وبما أن مثل هذه المعاملات الربوية سوف يكون محظورا على البنك , فإننا نقترح أن يتم التعامل باتفاق مسبق مع البنك الأجنبي فحواه أن يضع البنك الإسلامي مبلغا لحسابه مع البنك الأجنبي من غير أن يتقاضى فائدة على ذلك ويتم ذلك ويتم السحب من ذلك المبلغ لأغراض البنك وفي حالة تجاوز المبالغ المسحوبة للرصيد المودع لدى البنك الأجنبي ويصبح بالتالي دائنا للبنك الإسلامي فأنه ينبغي عدم دفع أية فائدة بل يتم تحويل مبلغ لتغذية الحساب بحيث تكون هناك موازنة بين المبالغ المودعة والمبالغ المسحوبة أو الحسابات المكشوفة - فهل هناك أية غضاضة على هذا الأسلوب في التعامل من وجهة النظر الشرعية؟
الجواب:
اتفق الفقهاء على أن كل قرض شرط فيه ما يجر نفعا للمقرض لا يجوز قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أي أخذ الزيادة على ذلك ربا , وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة , ولأن القرض عقد إرفاق وقربة فإذا شرط فيه منفعة خرج عن موضوعه.
ومن الصور التي يذكرها الفقهاء للقرض الذي يجر نفعا أن يشترط في القرض أن يبيعه شيئا. أو يؤجر داره أو يقرضه مرة أخرى , قال الحطاب (ولا خلاف في المنع من أن يسلف الإنسان شخصا ليسلفه بعد ذلك , هذا في حالة الاشتراط. أما إن أقرضه مطلقا من غير شرط فقضاه خيرا منه , أو أهدى له شيئا أو باعه أو أجره داره أو أقرضه فلا بأس بذلك) .
إن الاتفاق الذي يقترح بنك فيصل الإسلامي إبرامه مع البنوك الأجنبية وإن لم يكن فيه قرض بفائدة إلا أنه قد يقال أن فيه نفعا للمقرض فيشمله المنع إذا اشترط بنك فيصل على البنك الأجنبي أن يقرضه عندما ينكشف حسابه , لأن المبلغ الذي يضعه بنك فيصل الإسلامي عند البنك الأجنبي إذا اعتبرناه قرضا فإن بنك فيصل يكون قد أقرض البنك الأجنبي على أن يقرضه بعد ذلك وقد نص الفقهاء على منع هذا , وإن اعتبرناه وديعة فإن البنك الأجنبي (المقرض) ينتفع بهذه الوديعة فيكون إقراضه لبنك فيصل جر له نفعا وهو ممنوع أيضا.
والمخرج من هذا المنع هو أن يضع بنك فيصل الإسلامي المبلغ الأجنبي لحسابه من غير فائدة , ولا يشترط على البنك أن يقرضه إذا انكشف حسابه , ويكتفي الاتفاق على أن بنك فيصل الإسلامي لا يدفع فائدة للبنك الأجنبي إذا أصبح البنك الأجنبي دائنا له. هذا هو ما تراه الهيئة لحل المشكلة في حدود رأي الفقهاء الذي قررناه.
وترى الهيئة أيضا أن هناك وجها آخر لجواز هذا الاتفاق على النحو الذي يقترحه بنك فيصل الإسلامي ولو اشترط فيه على البنك الأجنبي أن يقرضه من غير فائدة عندما ينكشف حسابه وذلك لأن قصد بنك فيصل الإسلامي من هذا الاتفاق هو تجنب أخذ الفائدة الربوية وتجنب إعطائها , وليس قصده ما يجره القرض من نفع له أو للبنك الأجنبي - والشرط الذي يشترطه على البنك وإن كان منصبا على القرض وعلى كونه من غير فائدة فأن القصد الأساسي منه هو رفع الفائدة لأن البنك الأجنبي لو رفض رفع الفائدة فإن بنك فيصل الإسلامي لن يقبل قرضا منه بفائدة ويبحث عن بنك آخر يوافق على رفع الفائدة أو يعتمد على رصيده وحده ويترك شرط الإقراض , فالقصد من الشرط إذن قصد حسن متفق على مقاصد الشريعة الإسلامية ومحقق للمبدأ الإسلامي الذي تسعى البنوك الإسلامية لتحقيقه وهو عدم التعامل بالربا , والأمور بمقاصدها.
خلاصة الجواب أن الهيئة ترى جواز المعاملة التي يقترحها بنك فيصل الإسلامي في استفساره سواء شرط في اتفاقه مع البنك الأجنبي أن يقرضه من غير فائدة أو لم يشترط الإقراض واكتفى باشتراط عدم أخذ الفائدة.(2/39)
تبرع طرف ثالث بضمان رأس المال
تهدف في بعض الأحيان جهة ما إلى تشجيع الأفراد وتحفيزهم للمضاربة بأموالهم في مجالات بعينها أو مع جهات محدده , وذلك بوعدهم بالتبرع بجبر أي خسارة تلحق رءوس أموالهم.
وقد تكون هذه الجهة فردا أو شركة أو مؤسسة أو وزارة أو غيرها.
كما أن بعض المستثمرين قد يطلب ضمان طرف ثالث للدخول في عمليات مضاربة مع جهة ما.(2/40)
درست هذه المسألة في الدورة الرابعة لمجمع الفقه الإسلامي وقد أجاز المجمع ضمان رأس مال المضاربة من طرف ثالث مستقل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد , ويعتبر ذلك من قبيل التبرع وهو من أعمال الخير الجائزة شرعا إذا تمت بدون مقابل.
ويشترط أن يكون التزام الضمان هذا مستقلا عن عقد المضاربة , بمعنى أن قيام المتبرع بالضمان بالوفاء بالتزامه ليس شرطا في نفاذ العقد وترتب أحكامه عليه بين أطرافه , ومن ثم فليس لحملة الصكوك أو العامل في المضاربة الدفع ببطلان المضاربة أو الامتناع عن الوفاء بالتزاماتهم بها بسبب عدم قيام المتبرع بالوفاء بما تبرع به بحجة أن هذا الالتزام كان محل اعتبار في العقد.(2/41)
القرار الخامس لمجمع الفقه الإسلامي: الدورة الرابعة لمجمع الفقه الإسلامي , القرار رقم (5)
9 ليس هناك ما يمنع شرعا من النص في نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على وعد طرف ثالث منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع بدون مقابل بمبلغ مخصص لجبر الخسران في مشروع معين , على أن يكون التزاما مستقلا عن عقد المضاربة , بمعنى أن قيامه بالوفاء بالتزامه ليس شرطا في نفاذ العقد وترتب أحكامه عليه بين أطرافه , ومن ثم فليس لحملة الصكوك أو عامل المضاربة الدفع ببطلان المضاربة أو الامتناع عن الوفاء بالتزاماتهم بها بسبب عدم قيام المتبرع بالوفاء بما تبرع به بحجة أن هذا الالتزام كان محل اعتبار في العقد.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم (44)
ضمان الطرف الثالث
ز أن هناك بديلا لموضوع ضمان رأس مال المضاربة وهو أن يكون من طرف ثالث غير المضارب ورب المال , فيكون من قبيل الوعد بجائزة وهو من قبيل الهبة , فيبدي هذا الطرف استعداده لتكملة ما ينقص من رأس المال بالاستثمار.
فإذا أمكن تحصيل ذلك من قبل البنك المركزي مثلا أو وزارة المالية أو أي جهة مستقلة عن المضارب لا مانع من ذلك , سواء كان تأمين ذلك الطرف الثالث بجهود المضارب أو رب المال. بل حتى لو تقدم بهذا الضمان عميل لمصلحة عميل آخر. دون أن يربط هذا بعقد المضاربة تحاشيا لاشتراط عقد في عقد آخر.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم (46)
أوهو غير مرفوض من الناحية الشرعية , لأنه من ضمان الطرف الثالث , وهو ضمان لأصل المساهمة وربحها وهو وإن كان ربحا غير معلوم الآن لكنه باعتباره من قبيل الهبة لا تضره الجهالة.
لأنه يتسامح في التبرعات , وهذا الضمان من قبيل التبرعات.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 2 الفتوى رقم (107)
لكن إذا كان الضمان من طرف ثالث (أي غير المضارب ورب المال) فانه جائز لأنه من قبيل التبرع من ذلك الطرف أي الهبة ويتعلق هذا التبرع بمقدار ما يحصل من نقص , والجهالة في التبرعات مغتفرة.
وهذا الالتزام بالتبرع ليس ضمانا بمعنى الكفالة , لأنها لا تكون إلا في دين صحيح ثابت حاضرا أو مستقبلا فيكون هناك مدين أصيل وكفيل بالدين , وهنا الأصيل (المضارب) ليس مدينا لأنه بطبيعة المضاربة لا يصح مسئوليته.
فالضمان هنا يراد به التحمل للتبعة وليس الكفالة , ولا يتناول ضمان الطرف الثالث الربح المتوقع الذي فات (الكسب الفائت , أو الفرصة الضائعة) بل يقتصر على أصل المال.
لأن هناك حاجة بالنسبة لبعض الناس للمحافظة على أصل المال , ولتشجيعهم على استثماره وليست هناك حاجة تدعو إلى ضمان حصته من الربح , كما أن مثل هذا الضمان يشابه المراباة التي تقوم على أساس ضمان الأصل مع زيادة.(2/42)
تغطية النوائب بالتأمين التعاوني
يقوم التأمين التعاوني على أساس أن الأقساط المؤمن بها تبقى على ملكية المستأمن ولا تدخل ملكية المؤمن , لكن المستأمن يوقع عقدا بالمساهمة في تغطية النفقات المترتبة عن النوائب التي تصيب أحد المستأمنين وذلك على أساس الهبة من أرباح رأس ماله المدفوع , أو من رأس المال نفسه , إن لم تكن أرباح أو إن لم تكف للتغطية.(2/43)
إن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار والاشتراك في تحمل المسئولية عند نزول الكوارث وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر.
فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ولا ربحا من أموال غيرهم وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر.
ورغم أن المال الموهوب لتغطية النوائب غير محدد مسبقا وإنما يحدده مستقبلا حجم النوائب اللاحقة بأحاد المستأمنين , رغم ذلك فإن العقد لا يختل لأن الجهالة والغرر في التبرعات متسامح بهما في المذهب المالكي.(2/44)
المصدر: مجمع الفقه الإسلامي الدورة الثانية قرار رقم 9 بعد أن تابع المجمع العروض المقدمة من العلماء المشاركين في الدورة حول موضوع (التأمين وإعادة التأمين) , وبعد أن ناقش الدراسات المقدمة. وبعد تعمق البحث في سائر صوره وأنواعه , والمبادئ التي يقوم عليها والغايات التي يهدف إليها. وبعد النظر فيما صدر عن المجامع الفقهية والهيئات العلمية بهذا الشأن. قرر:
أولا: أن عقد التأمين التجاري ذا القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد. ولذا فهو حرام شرعا.
ثانيا: أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون.
وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني.
ثالثا: دعوة الدول الإسلامية للعمل على إقامة مؤسسات التأمين التعاوني وكذلك مؤسسات تعاونية لإعادة التأمين , حتى يتحرر الاقتصاد الإسلامي من الاستغلال ومن مخالفة النظام الذي يرضاه الله لهذه الأمة.
مجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي الدورة الأولى القرار الخامس
السؤال: هل التأمين التجاري حرام؟
الجواب:
بعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك قرر مجلس المجمع الفقهي بالإجماع عدا فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه سواء كان على النفس أو البضائع التجارية أو غير ذلك للأدلة الآتية:
الأول:
عقد التأمين التجاري من عقود المعارضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش , لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي أو يأخذ فقد يدفع قسطا أو قسطين ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمن , وقد لا تقع الكارثة أصلا فيدفع جميع الأقساط ولا يأخذ شيئا وكذلك المؤمن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده , وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي " النهي عن بيع الغرر ".
الثاني:
عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها ومن الغنم بلا مقابل أو مقابل غير مكافئ فإن المستأمن قد يدفع قسطا من التأمين ثم يقع الحادث فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين وقد لا يقع الخطر ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قمارا ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: [يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون] والآية بعدها.
الثالث:
عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنسيئة فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا فضل والمؤمن يدفع للمستأمن بعد مدة فيكون ربا نسأ وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نسأ فقط وكلاهما محرم بالنص والإجماع.
الرابع:
عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم لأن كلا منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصرة للإسلام وظهور وقد حصر النبي رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله " لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل " وليس التأمين من ذلك ولا شبيها به فكان محرما.
الخامس:
عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل , والأخذ بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: [يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم] .
السادس:
في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعا فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه ولم يتسبب في حدوثه وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له والمؤمن لم يبذل عملا للمستأمن فكان حراما.
وأما ما استدل به المبيحون للتأمين التجاري مطلقا أو في بعض أنواعه فالجواب عنه ما يلي:
(أ) الاستدلال بالاستصلاح غير صحيح فإن المصالح في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام قسم شهد الشرع باعتباره فهو حجة , وقسم سكت عنه الشرع فلم يشهد له بإلغاء ولا اعتبار فهو مصلحة مرسلة وهذا محل اجتهاد المجتهدين , والقسم الثالث ما شهد الشرع بإلغائه وعقود التأمين التجاري فيها جهالة وغرر وقمار وربا فكانت مما شهدت الشريعة بإلغائه لغلبة جانب المفسدة فيه على جانب المصلحة.
(ب) الإباحة الأصلية لا تصلح دليلا هنا لأن عقود التأمين التجاري قامت الأدلة على مناقضتها لأدلة الكتاب والسنة. والعمل بالإباحة الأصلية مشروط بعدم المناقل عنها وقد وجد فبطل الاستدلال بها
(ج) الضرورات تبيح المحظورات لا يصح الاستدلال بها هنا , فإن ما أباحة الله من طرق كسب الطيبات أكثر أضعافا مضاعفة مما حرمه عليهم فليس هناك ضرورة معتبرة شرعا تلجئ إلى ما حرمته الشريعة من التأمين.
(د) لا يصح الاستدلال بالعرف فإن العرف ليس من أدلة تشريع الأحكام وإنما يبني عليه في تطبيق الأحكام وفهم المراد من ألفاظ النصوص ومن عبارات الناس في إيمانهم وتداعيهم وأخبارهم وسائر ما يحتاج إلى تحديد المقصود منه من الأفعال والأقوال فلا تأثير له فيما تبين أمره وتعين المقصود منه وقد دلت الأدلة دلالة واضحة على منع التأمين فلا اعتبار به معها.
(هـ) الاستدلال بأن عقود التأمين التجاري من عقود المضاربة أو في معناه غير صحيح.
فإن رأس المال في المضاربة لم يخرج عن ملك صاحبه وما يدفعه المستأمن يخرج بعقد التأمين من ملكه إلى ملك الشركة حسبما يقضي به نظام التأمين , وإن رأس مال المضاربة يستحقه ورثة مالكه عند موته , وفي التأمين قد يستحق الورثة نظاما مبلغ التأمين ولو لم يدفع مورثهم إلا قسطا واحدا , وقد لا يستحقون شيئا إذا جعل المستفيد سوى المستأمن وورثته , وإن الربح في المضاربة يكون بين الشريكين نسبا مئوية مثلا بخلاف التأمين فربح رأس المال وخسارته للشركة وليس للمستأمن إلا مبلغ التأمين أو مبلغ غير محدد.
(و) قياس عقود التأمين على ولاء الموالاة عند من يقول به غير صحيح , فإنه قياس مع الفارق ومن الفروق بينهما أن عقود التأمين هدفها الربح المادي المشوب بالغرر والقمار وفاحش الجهالة بخلاف عقد ولاء الموالاة فالقصد الأول فيه التآخي في الإسلام والتناصر والتعاون في الشدة والرخاء وسائر الأحوال وما يكون من كسب مادي فالقصد إليه بالتبع.
(ز) قياس عقد التأمين التجاري على الوعد الملزم عند من يقول به لا يصح لأنه قياس مع الفارق ومن الفروق أن الوعد بقرض أو إعارة أو تحمل خسارة مثلا من باب المعروف المحض فكان الوفاء به واجبا أو من مكارم الأخلاق بخلاف عقود التأمين فإنها معاوضة تجارية باعثها الربح المادي فلا يغتفر فيها ما يغتفر في التبرعات من الجهالة والغرر.
(ح) قياس عقود التأمين التجاري على ضمان المجهول وضمان ما لم يجب قياس غير صحيح لأنه قياس مع الفارق أيضا , ومن الفروق أن الضمان نوع من التبرع يقصد به الإحسان المحض بخلاف التأمين فإنه عقد معاوضة تجارية يقصد منه أولا الكسب المادي فإن ترتب عليه معروف فهو تابع غير مقصود إليه والأحكام يراعى فيها الأصل لا التابع ما دام تابعا غير مقصود إليه.
(ط) قياس عقود التأمين التجاري على ضمان خطر الطريق لا يصح فإنه قياس مع الفارق كما سبق في الدليل قبله.
(ي) قياس عقود التأمين التجاري على نظام التقاعد غير صحيح فإنه قياس مع الفارق أيضا لأن ما يعطي من التقاعد حق التزم به ولي الأمر باعتباره مسئولا عن رعيته وراعى في صرفه ما قام به الموظف من خدمة الأمة ووضع له نظاما راعى فيه مصلحة أقرب الناس إلى الموظف , ونظر إلى مظنة الحاجة فيهم فليس نظام التقاعد من باب المعارضات المالية بين الدولة وموظفيها.
وعلى هذا لا شبه بينه وبين التأمين الذي هو من عقود المعاوضات المالية التجارية التي يقصد بها استغلال الشركات للمستأمنين والكسب من ورائهم بطرق غير مشروعة. لأن ما يعطى في حالة التقاعد يعتبر حقا التزم به من حكومات مسئولة عن رعيتها وتصرفها لمن قام بخدمة الأمة كفاء لمعروفه وتعاونا معه جزاء تعاونه معها ببدنه وفكره وقطع الكثير من فراغه في سبيل النهوض معها بالأمة.
(ك) قياس نظام التأمين التجاري وعقوده على نظام العاقلة لا يصح فإنه قياس مع الفارق ومن الفروق أن الأصل في تحمل العاقلة لدية الخطأ وشبه العمد ما بينها وبين القاتل خطأ أو شبه عمد من الرحم والقرابة التي تدعو إلى النصرة والتواصل والتعاون وإسداء المعروف ولو دون مقابل وعقود التأمين التجارية استغلالية تقوم على معاوضات مالية محضة لا تمت إلى عاطفة الإحسان وبواعث المعروف بصلة.
(ل) قياس عقود التأمين التجاري على عقود الحراسة غير صحيح لأنه قياس مع الفارق أيضا ومن الفروق أن الأمان ليس محلا للعقد في المسألتين وإنما محله في التأمين الأقساط ومبلغ التأمين , وفي الحراسة الأجرة وعمل الحارس , أما الأمان فغاية ونتيجة وإلا لما استحق الحارس الأجرة عند ضياع المحروس.
(م) قياس التأمين على الإيداع لا يصح لأنه قياس مع الفارق أيضا فإن الأجرة في الإيداع عوض عن قيام الأمين بحفظ شيء في حوزته يحوطه بخلاف التأمين فإن ما يدفعه المستأمن لا يقابله عمل من المؤمن ويعود إلى المستأمن بمنفعة إنما هو ضمان الأمن والطمأنينة وشرط العوض عن الضمان لا يصح بل هو مفسد للعقد وإن جعل مبلغ التأمين في مقابلة الأقساط كان معاوضة تجارية جعل فيها مبلغ التأمين أو زمنه فاختلف في عقد الإيداع بأجر.
(ن) قياس التأمين على ما عرف بقضية تجار البز مع الحاكة لا يصح والفرق بينهما أن المقيس عليه من التأمين التعاوني وهو تعاون محض والمقيس تأمين تجاري وهو معاوضات تجارية فلا يصح القياس.
كما قرر مجلس المجمع بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية من جواز التأمين التعاوني بدلا عن التأمين التجاري المحرم والمنوه عنه آنفا للأدلة الآتية:
الأول:
إن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار والاشتراك في تحمل المسئولية عند نزول الكوارث وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ولا ربحا من أموال غيرهم وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر.
الثاني:
خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النسيئة فليست عقود المساهمين ربوية ولا يستغلون ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية.
الثالث:
إنه لا يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني بتحديد ما يعود عليهم من النفع لأنهم متبرعون فلا مخاطرة ولا غرر ولا مقامرة بخلاف التأمين التجاري فإنه عقد معاوضة مالية تجارية.
الرابع:
قيام جماعة من المساهمين أو من يمثلهم باستثمار ما جمع من الأقساط لتحقيق الغرض الذي من أجله أنشئ هذا التعاون سواء أكان القيام بذلك تبرعا أم مقابل أجر معين.
ورأى المجلس أن يكون التأمين التعاوني على شكل شركة تأمين تعاونية مختلطة للأمور الآتية:
أولا:
الالتزام بالفكر الاقتصادي الإسلامي الذي يترك للأفراد مسئولية القيام بمختلف المشروعات الاقتصادية ولا يأتي دور الدولة إلا كعنصر مكمل لما عجز الأفراد عن القيام به وكدور موجه ورقيب لضمان نجاح هذه المشروعات وسلامة عملياتها.
ثانيا:
الالتزام بالفكر التعاوني التأميني الذي بمقتضاه يستقل المتعاونون بالمشروع كله من حيث تشغيله ومن حيث الجهاز التنفيذي ومسئولية إدارة المشروع.
ثالثا:
تدريب الأهالي على مباشرة التأمين التعاوني وإيجاد المبادرات الفردية والاستفادة من البواعث الشخصية فلا شك أن مشاركة الأهالي في الإدارة تجعلهم أكثر حرصا ويقظة على تجنب وقوع المخاطر التي يرفعون مجتمعين تكلفة تعويضها مما يحقق بالتالي مصلحة لهم في إنجاح التأمين التعاوني إذ إن تجنب المخاطر يعود عليهم بأقساط أقل في المستقبل , كما أن وقوعها قد يحملهم أقساطا أكبر في المستقبل.
رابعا:
إن صورة الشركة المختلطة لا يجعل التأمين كما لو كان هبة أو منحة من الدولة للمستفيدين منه بل بمشاركة منها معهم فقط لحمايتهم ومساندتهم باعتبارهم هم أصحاب المصلحة الفعلية وهذا موقف أكثر إيجابية ليشعر معه المتعاونون بدور الدولة ولا يعفيهم في نفس الوقت من المسئولية.
ويرى المجلس أن يراعى في وضع المواد التفصيلية للعمل بالتأمين التعاوني على الأسس الآتية:
الأول:
أن يكون لمنظمة التأمين التعاوني مركز له فروع في كافة المدن وأن يكون بالمنظمة أقسام تتوزع بحسب الأخطار المراد تغطيتها وبحسب مختلف فئات ومهن المتعاونين كأن يكون هناك قسم للتأمين الصحي وثان للتأمين ضد العجز والشيخوخة. . إلخ.
أو يكون هناك قسم لتأمين الباعة المتجولين وآخر للتجار وثالث للطلبة ورابع لأصحاب المهن الحرة كالمهندسين والأطباء والمحامين. . . إلخ
الثاني:
أن تكون منظمة التأمين التعاوني على درجة كبيرة من المرونة والبعد عن الأساليب المعقدة.
الثالث:
أن يكون للمنظمة مجلس أعلى يقرر خطط العمل ويقترح ما يلزمها من لوائح وقرارات تكون نافذة إذا اتفقن مع قواعد الشريعة.
الرابع:
يمثل الحكومة في هذا المجلس من تختاره من الأعضاء ويمثل المساهمين من يختارونه ليكونوا أعضاء في المجلس ليساعد ذلك على إشراف الحكومة عليها واطمئنانها على سلامة سيرها وحفظها من التلاعب والفشل.
الخامس:
إذا تجاوزت المخاطر موارد الصندوق بما قد يستلزم زيادة الأقساط فتقوم الدولة والمشتركون بتحمل هذه الزيادة. ويؤيد مجلس المجمع الفقهي ما اقترحه مجلس هيئة كبار العلماء في إقراره المذكور بأن يتولى وضع المواد التفصيلية لهذه الشركة التعاونية جماعة من الخبراء المختصين في هذا الشأن.(2/45)
تطبيقات الحوالة(2/46)
الشيك السحب على الحساب الجاري
الشيك هو أمر مكتوب من شخص يسمى (الساحب) إلى المصرف (المسحوب عليه) بأن يدفع بمقتضاه وبمجرد الاطلاع عليه من حساب الآمر لديه مبلغا معينا من النقود , لأمر أو لأذن شخص معين يسمى (المستفيد) أو لحامله.(2/47)
التكييف الفقهي للسحب على الحساب الجاري في المصرف عند وجود مقابل وفاء له أنه من قبيل تقاضي الدين أو جزء منه , وهو حق للمودع في الحساب الجاري (المقرض) يباشره بنفسه إن شاء أو بمن ينوب عنه.
وعلى هذا:
فإن كان المستفيد دائنا للساحب بالمبلغ المسطور في الشيك , فيعتبر إصدار الشيك من قبيل الحوالة بمفهومها الفقهي , والساحب فيها هو المحيل , والمسحوب عليه هو المحتال عليه , والمستفيد هو المحتال.
وإن لم يكن الساحب مدينا للمستفيد , فليس ذلك بحوالة , إذ لا يتصور حوالة دين لا وجود له , ولكن يعتبر وكالة بالقبض وهي سائغة شرعا , أو من قبيل تمليك الدين لغير من عليه الدين , وذلك جائز شرعا على الراجح من أقاويل الفقهاء إذا خلا الحال من المحظورات العارضة , وهي الإفضاء للربا , وغرر العجز عن تسليمه.(2/48)
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (154)
السؤال:
من المتعارف عليه اعتبار أن الشيك أو الحوالة تقوم مقام الدفع الحال (النقدي) في عمليات الصرف المختلفة , وأن البنك المسحوب عليه هو وكيل أو نائب عن البنك الساحب في دفع قيمة شيك الحوالة للعميل المسحوبة لصالحه.
ولقد تعارفت البنوك فيما بينها في حالات فقدان الشيكات الصادرة منها على ما يلي:
(أ) يقوم العميل بالإبلاغ عن فقدان الشيك المصرفي.
(ب) يقوم البنك المصدر على نفقة العميل بإبلاغ البنك المسحوبة عليه بإيقاف صرفها وإبلاغ البنك المصدر بذلك عند تنفيذه.
(ج) عند ورود خطاب عدم عرض الشيك وإيقاف صرفه من قبل البنك المسحوب عليه يقوم البنك المصدر بإرجاع قيمة الشيك للعميل.
(د) ولقد تعارفت البنوك فيما بينها على أن وصل الإبلاغ من البنك المسحوب عليه بإيقاف صرف الشيك عند عرضه عليه لا يعني بالضروة ضمان عدم صرفه إلا بعد مضي الفترة القانونية (ستة أشهر) على إصدار الشيك ذاته.
فهل هناك مانع شرعي من اعتماد هذا العرف فيما يصدره بيت التمويل الكويتي من حوالات مصرفية؟
الجواب: /50 لا مانع شرعا من اعتماد العرف المصرفي العام المشار إليه , حيث أنه لا يعارض نصا ولا قاعدة شرعية , ومراعاته تحقق مصلحة لاستقرار التعامل وحفظ الحقوق.
البنك الإسلامي السوداني فتاوى هيئة الرقابة الشرعية سؤال رقم (31) /50 القروض والديون
دفع البنك الإسلامي قيمة شيكات آجلة مستحقة لعملائه قبل حلول أجل تحصيلها بأقل من القيمة المحررة بها وينتظر حلول وقتها لتحصيلها
السؤال:
الرجاء إفتاؤنا فيما يلي:
يورد بعض العملاء للبند عددا من الشيكات من بعض التجار وهم يرغبون في استلام قيمتها قبل حلول وقتها ويدفع البنك عادة قيمة لها أقل من القيمة المحررة بها هذه الشيكات وينتظر حلول وقتها لتحصيلها فهل يجوز ذلك شرعا علما بأن هذه الشيكات تمثل ثمن بضائع باعها العميل إلى صاحب الشيكات المؤجلة.
الجواب:
إشارة إلى استفساركم رقم (6) (عاجل) بتاريخ 25 رمضان 1403هـ الموافق 25 / 7 / 1983م والخاص بخصم شيكات المعاملة المستفسر عنها في السؤال رقم (6) تدخل في دائرة القرض وما يتحصله البنك في مقابل حلول أجل الشيك يعتبر فائدة ربوية يحرم أخذها.
وللبنك أن يكتفي بعمولة تحصيل الشيكات حسب التعريفة المتفق عليها.
شركة الراجحي ال مصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية قرار رقم (82) /50 الشيكات السياحية
السؤال:
ما حكم الشيكات التي سألت الشركة عن جواز إصدارها وتداولها.
الجواب:
تبين للهيئة أن هذه الشيكات هي إحالة عامة من مصدرها على شركات أو بنوك عالمية تعتبرها قابلة لصرف المبلغ الذي تتضمنه حال تقديمها من حاملها , وإن الشركة التي يسمح لها بإصدارها إنما تبيعها للعملاء الذين يحملونها نيابة عن تلك الشركات أو البنوك العالمية.
وقد رأت الهيئة الشرعية أن الشركة حين تبيعها لعملائها تأخذ منهم في مقابلها نظير المبلغ الذي تتضمنه وتعطيهم إياها ليستعملوها بديلا عن النقود.
والذي تدفع إليه يقبض مضمونها من فور إبرازها الذي ينتهي إلى تلك الشركات والبنوك العالمية.
فهي مصارفة وحوالة بين العميل والشركة تم فيها التقابض بما دفعه العميل للشركة , وبما قدمته الشركة إليه من هذه الشيكات التي لها في التداول قيمة النقود.
وعندما تصل هذه الشيكات (بالاستعمال) إلى تلك الشركات أو البنوك العالمية (التي ناب عنها المصدر ببيعها للعميل الذي كان يحملها) تقوم تلك البنوك العالمية بإجراء المحاسبة عن مبلغها بينها وبين الشركة التي باعتها للعميل (الراجحي أو سواه) .
وفي هذا الواقع تأخذ هذه الشيكات حكم النقود وبيعها وتسليمها فإذا كانت بنقود مماثلة في النوع لما تضمنته فهي من قبيل السفتجة وهي جائزة.
وإن كانت بنقود أخرى كما لو كانت الشيكات بالدولار والثمن الذي دفعه العميل عنها بالريال , فإنها مصارفة وينبغي أن يتم فيها التقابض.
لذا لا ترى الهيئة في إصدارها وتداولها بأسا من الناحية الشرعية.(2/49)
الكمبيالة سند السحب
الكمبيالة (أو سند السحب أو السفتجة القانونية) هي أمر مكتوب بكيفية خاصة من شخص يسمى (الساحب) إلى شخص آخر يسمى (المسحوب عليه) بدفع مبلغ معين من النقود في تاريخ معين - أو قابل للتعيين - لأمر شخص معين يسمى (المستفيد) أو لحاملة دون تعيين.
والغالب أن يكون المسحوب عليه مدينا للساحب بما يكفي للوفاء , ويسمى (مقابل الوفاء) وأن يكون الساحب مدينا للمستفيد (أو الحامل) , ولكن لا يتحتم ذلك.
وساحب الكمبيالة بتوقيعه عليها ملتزم أن يدفع قيمتها لحاملها في ميعاد الاستحقاق هو وسائر الموقعين عليها بالتضامن إذا امتنع المسحوب عليه من الإيفاء.
والمسحوب عليه إنما يقع التزامه المصرفي بالتوقيع على الكمبيالة بالقبول , حيث يعتبر من ذلك الوقت مدينا أصليا مسئولا مع الساحب وسائر الموقعين مسئولية تضامنية.(2/50)
الكمبيالة في النظر الفقهي هي أمر أداء , وسحبها إذا كان من مصرف على آخر لمصلحة شخص ثالث هو حوالة بالمعنى الفقهي لها مدينا كان المسحوب عليه للساحب أم لا عند الحنفية , لعدم اشتراطهم مديونية المحال عليه للمحيل لصحة الحوالة , إلا أن نفاذها يتوقف عندهم على قبول المسحوب عليه.
على أن جمهور الفقهاء لا يشترطون قبول المسحوب عليه إذا كان مدينا بدين الكمبيالة لساحبها.
وهذا كله إنما يتحقق إذا كان الشخص الذي سحبت الكمبيالة لأمره دائنا للساحب , وإلا لم تكن حوالة , لأن من شرط الحوالة كون المحال - وهو هنا الشخص المسحوب لأمره - دائنا للمحيل , وهو هنا الساحب.
فإن لم يكن دائنا له كان إصدار الكمبيالة توكيلا من الساحب للشخص في قبض واستيفاء المبلغ المسطور فيها.(2/51)
تظهير الأوراق التجارية
التظهير: هو بيان يكتبه حامل الورقة التجارية (مثل الشيك والكمبيالة وسند الأمر) ويسمى (المظهر) على ظهرها , أو على وصلة مرفقة بها , لينقل بمقتضاه بعض أو كل الحقوق التي ترتبها له إلى شخص آخر يسمى (المظهر له) .
ويترتب على التظهير التام (الذي ينقل حقوق الحامل كاملة) : نقل ملكية الورقة التجارية إلى المظهر إليه , وتملك الحامل مقابل الوفاء الموجود لدى المسحوب عليه , وصيرورة المظهر ضامنا الوفاء بالورقة التجارية على وجه التضامن مع الساحب أو المحرر وسائر الموقعين والضامنين.(2/52)
تظهير الأوراق التجارية لشخص آخر هو حوالة بالمعنى الشرعي نظرا إلى أن العبرة في العقود بما يدل على معانيها , دون تقيد بعبارات خاصة.
هذا إذا كان المظهر إليه دائنا للمظهر.
فإن لم يكن دائنا , فالتظهير توكيل بقبض الدين على أن يتملكه قرضا.
أما تتابع التظهيرات , فهو من قبيل تراكب الحوالات أو الوكالات أو الكفالات الذي هو من مسلمات الفقه الإسلامي.
ونظرا لكون التضامن بين الموقعين على الورقة التجارية أصبح عرفا سائدا , فإن كل تظهير يكون ضمانا للمظهر إليه , وفي الوقت نفسه توكيلا له من المظهر في أن يضمن الدين عنه للمظهر إليه التالي بحيث يكون كل مظهر ضامنا أصيلا , ووكيلا في الضمان عن جميع الموقعين قبله على الورقة , وهكذا توقيع الساحب.(2/53)
شركة الراجحى المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية قرار رقم (66) /50 شراء الشيكات الصادرة بالعملات المسحوبة على بنوك أجنبية
السؤال:
نرجو إبداء الرأي الشرعي في السؤال الوارد من الشركة عن موضوع شراء الشركة شيكات مسحوبة من بنك أجنبي أو محلي على بعض البنوك الأجنبية.
الجواب:
وقد رأت الهيئة أن شراء هذه الشيكات في ذاته جائز لأن الشيك المسحوب من بنك على بنك بمثابة المبلغ الذي تضمنه من العملة الأجنبية فيجوز شراؤه كما يجوز بيع وشراء النقود من نوعين مختلفين بعضها ببعض.
ولكن يجب أن يلحظ في هذا المقام أن هذا الشراء أو البيع هو مصارفة بين نوعين من النقد فيجب أن تتوافر فيه شريطة الصرف الأساسية وهي التقابض.
وأن تسليم الشيك بتظهيره من حامله للشركة هو تسليم من جانبه , فعلى الشركة أن تسلمه المبلغ المقابل في مجلس الصرف نفسه أو تسجله في حسابه معها دون تأجيل , مع مراعاة التماثل في حالة اتحاد الجنس كريال بريال مثلا , فإن لم تدفع له مقابله في المجلس أو تسجله في حسابه فسد العقد وحرمت المعاملة.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية قرار رقم (65) /50 إعادة شراء الشيكات الصادرة من الشركة ومسحوبة على مراسليها في الخارج
السؤال:
نرجو إبداء الرأي الشرعي حول السؤال الوارد من الشركة عن الحوالات الصادرة منها بشيكات مسحوبة لصالح عملائها , على مراسليها الأجانب من البنوك الخارجية , ثم لا يستعملها العملاء الصادرة لمصلحتهم , ويعاد شراء مبالغها منهم بسعر صرف العملة المسحوب بها في يوم إعادة شرائها المذكور.
الجواب:
وقد تداولت الهيئة في ذلك وانتهت إلى أنها لا ترى مانعا شرعيا من أن تقوم الشركة بشراء تلك الشيكات الصادرة عنها من عملائها الذين يحملونها دون أن يصرفوها , لأن مضمونها أصبح ملكا لهم , فيجوز للشركة أن تشتريها منهم وتسترد الشيكات المذكورة بسعرها يوم الاسترداد ويتم القبض في مجلس العقد أو التسجيل في حساب العميل لدى الشركة ويراعى التساوي في حالة اتحاد الجنس كريال بريال مثلا.
البنك الإسلامي السوداني فتاوى هيئة الرقابة الشرعية سؤال رقم (33)
تظهير الأوراق التجارية
دفع قيمة الكمبيالة كاملة لصاحبها على سبيل المضاربة على أن تكون الكمبيالة مستندا ماليا كضمان أو رهن لصالح البنك الإسلامي لعدم التعدي والتقصير أو دفع قيمتها لصاحبها على سبيل القرض الحسن
السؤال:
الرجاء إفتاؤنا فيما يلي: يدفع إلينا بعض العملاء كمبيالات آجلة التحصيل ويطالبون بدفع أقل من قيمتها حالا - وهذا كما هو معلوم نوع من أنواع الربا.
فهل يجوز للبنك أن يعطي في هذه الحالة قيمة الكمبيالة لصاحب الكمبيالة كاملة على سبيل المضاربة. على أن تكون الكمبيالة مستندا ماليا لدى البنك يعود به البنك على المضارب في حالة تقصيره أو تعدية كضمان (لرأس المال) وإلا تحصل قيمة الكمبيالة في تاريخها المحدد بالعمولة المحددة دون أن تكون هناك علاقة بين المضاربة والكمبيالة.
الجواب:
يتكون السؤال من عناصر هي:
(أ) يقدم العميل الكمبيالة إلى البنك لتبقى بيده.
(ب) يدفع البنك قيمة الكمبيالة للعميل كاملة على سبيل المضاربة.
(ج) تبقى الكمبيالة لدى البنك مستندا ماليا كضمان لرأس المال في حالة هلاك المال بتعدي المضارب أو تقصيره.
(د) تحصل قيمة الكمبيالة في تاريخها المحدد بالعمولة المحددة دون أن تكون هناك علاقة بين المضارب والكمبيالة.
أنه لأمر مشروع أن يدخل البنك كرب مال مع أي عامل في المال على سبيل المضاربة دون أن تكون هناك علاقة بين المضاربة والكمبيالة وإذا افترضنا صحة ذلك فما هي إذن الصفة القانونية التي يحتفظ البنك على أساسها بالكمبيالة؟ إن الكمبيالة ضمان لرأس المال كما جاء بالسؤال في حالة ضياعه بالتعدي أو التفريط فالكمبيالة إذن على صلة وثيقة بالمضاربة لأنها هي التي توفر عادة ثقة البنك للدخول في عمليات الإقراض مع عملائه. .
وإذا لم تحدد الصفة التي يحتفظ البنك على أساسها بالكمبيالة فإن ذلك قد يؤدي إلى بطلان المضاربة.
فما هو البديل الذي تجوز معه المضاربة إذن؟ إن تظهير الكمبيالة يعتبر عرفا وقانونا قرينة على نقل ملكيتها إلى البنك ما لم يثبت العميل أن التظهير كان لأغراض أخرى غير نقل الملكية.
ومن بين أغراض التظهير أن يكون البنك وكيلا عن العميل وتحصيل قيمة الكمبيالة عند حلول أجلها وإضافتها لحسابه.
وقد يكون الغرض من التظهير هو رهن الكمبيالة نفسها لمدة معينة يستردها العميل بعدها بعد أن يرد ما اقترضه من البنك وفي هذه الحالة يمكن تظهيرها تظهيرا تأمينيا على الكمبيالة أو يمكن تظهيرها تظهيرا عاديا على أن يبين هذا الغرض في عقد المضاربة الذي يحدد بنود الاتفاق وشروطه ويكون للمضارب حق استرداد الكمبيالة بعينها عند تصفية المضاربة وبذلك وحده تكون الكمبيالة ضمانا أو رهنا في مقابل التلف المتوقع بالتعدي أو التفريط ويجرى عليها أحكام المال المرهون في الشرع والقانون لأن الرهن شرعا هو المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفى من ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه ولما كان مال المضاربة من الأمانات التي سبق القول بأنها لا تضمن بالرهن إلا أنه يمكن أن يضاف إلى التعريف بعد (إن تعذر استيفاؤه) ممن هو عليه بسبب هلاك المال بتعدي المضارب أو تفريطه.
ولما كان الرهن للكمبيالة كورقة تجارية أو مستند مالي فلم تعد هناك حاجة إلى التعرض لخلاف الفقهاء في جواز رهن النقود نفسها لأن قيمة الكمبيالة لم تعد موضوع الرهن.
وأخيرا ومع تقديرنا لرفض إدارة البنك عمليات خصم الكمبيالات بالفائدة التي تمارسها البنوك الربوية ولكي تكون المضاربة التي يدخل فيها البنك مع أصحاب الكمبيالات صحيحة من كل الوجوه وخالية من الشبهة التي قد تؤثر في سلامة التصرف وتعرض معاملات البنك الإسلامي إلى ما يثار حول هذه المعاملات من نقد فإننا نشير إلى بعض هذه الشبه بغرض تحاشيها في التعامل: -
(أ) أن يلجأ البنك إلى استغلال حاجة مقدم الكمبيالة ويعرض عليه الدخول في مضاربة ما كان يرغب في دخولها إلا مكرها تدفعه ضرورة الحصول على قيمة الكمبيالة وهذه مضاربة وإن كانت صحيحة من حيث الشكل إلا أن فيها قدرا من الإكراه وعدم الرضا قد لا يجعل عائدها من طيبات الكسب لأنه عقد لم يكن للمضارب خيار في شروطه أو الدخول فيه.
(ب) أن تكون المضاربة صورية بحتة لا وجود لها في الواقع ويتخذ منها ذريعة أو حيلة للحصول على فائدة ربوية ولما كان الربا محرما تحريما قاطعا فإن كل ما يؤدي إليه من وسائل وإن كانت مباحة في الأصل كالمضاربة فإنها تكون محرمة وباطلة وتتأتى هذه الصورة بأن يحرر عقد المضاربة ثم تقدر قيمة شراء للسلعة المعينة موضوع المضاربة ثم يقدر للسلعة نفسها القيمة التي ستباع بها ثم يحتسب الربح من الفرق بين التقديرين ويدفع المضارب حصته من الربح بعد خصمه من قيمة الكمبيالة أو سداده لحساب البنك تحت اسم المضاربة في نفس اليوم الذي يحرر فيه العقد أو بعده - وهذا العقد في معناه ومقصده قرض ربوي وإن جاء في صورة المضاربة لأن المقاصد المشروعة من العقود العبرة فيها للمعاني لا للألفاظ أو الصيغ القانونية.
(ج) لقد توسعنا في الإجابة على الاستفسار بدافع الحرص على سلامة المعاملات من الربا أو شوائبه والنأي بها عن كل شبهة يمكن أن تتخذ ذريعة لسهام النقد الموجهة من أعداء الاتجاه الإسلامي بوجه عام والبنوك الإسلامية على وجه الخصوص ولا زلنا نرى أن يفتح البنك مجال القرض الحسن لأصحاب الكمبيالات الذين يحتفظون بودائع ثابتة أو حسابات جارية في البنك تقارب القدر المطلوب للقرض وفي ذلك دعم للمبادئ الإسلامية التي قام البنك أساسا لتأصيلها والدعوة إليها.
وأخيرا نقول إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين.(2/54)
خصم الأوراق التجارية
حسم (أو خصم) الأوراق التجارية عملية مصرفية تتلخص في قيام حامل الورقة التجارية (كالكمبيالة) بنقل ملكيتها وملكية الحق الثابت فيها عن طريق التظهير إلى المصرف أو غيره قبل ميعاد الاستحقاق , مقابل حصول المظهر على قيمتها مخصوما منها مبلغ معين , وهو مجموع عمولة المصرف لقاء الاحتفاظ بالورقة وتحصيلها , مع فائدة المبلغ المدفوع إلى المظهر عن المدة الباقية من تاريخ دفعه إلى تاريخ استحقاق الورقة.
وللمصرف أن يكرر الخصم لدى مصرف آخر أو لدى المصرف المركزي.(2/55)
عملية الخصم المشار إليها باطلة محظورة في النظر الشرعي:
فهي لا تصح حوالة (من المظهر للمصرف الخاصم على المسحوب عليه ولو كان مدينا) لفوات شريطة التساوي بين الدين المحال به والدين المحال عليه , لأن الدين المحال به هو المبلغ الذي يدفعه المصرف الخاصم إلى من قام بتظهير الورقة إليه , والدين المحال عليه هو الذي تثبته الورقة , وقد علمنا فرق ما بينهما.
وكذلك لا تصح قرضا من المصرف الخاصم وتوكيلا من المظهر في استيفاء بدل القرض من المسحوب عليه , لأنه حينئذ قرض جر نفعا للمقترض , نظرا لعدم التساوي , كما أسلفنا.
ولا تصح أيضا على سبيل بيع الدين لغير من هو عليه عند من يصححه لأن العوضين ههنا من النقود , ولا يجوز بيع النقود بجنسها مع التفاضل , وعند اختلاف الجنس يجب التقابض في البدلين.(2/56)
مجمع الفقه الإسلامي الدورة السابعة قرار رقم (66 / 2 / 7) بند ثالثا (2 / 3) /50 خصم الأوراق التجارية
بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص الموضوع أعلاه وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله.
تقرر: - الأوراق التجارية (الشيكات - السندات لأمر - سندات السحب) من أنوع التوثيق المشروع للدين بالكتابة.
- إن حسم (خصم) الأوراق التجارية غير جائز شرعا , لأنه يؤول إلى ربا النسيئة المحرم.
البنك الإسلامي السوداني فتاوى هيئة الرقابة الشرعية سؤال رقم (31)
القروض والديون
دفع البنك الإسلامي قيمة شيكات آجلة مستحقة لعملائه قبل حلول أجل تحصيلها بأقل من القيمة المحررة بها وينتظر حلول وقتها لتحصيلها
السؤال:
الرجاء إفتاؤنا فيما يلي:
يورد بعض العملاء للبند عددا من الشيكات من بعض التجار وهم يرغبون في استلام قيمتها قبل حلول وقتها ويدفع البنك عادة قيمة لها أقل من القيمة المحررة بها هذه الشيكات وينتظر حلول وقتها لتحصيلها فهل يجوز ذلك شرعا علما بأن هذه الشيكات تمثل ثمن بضائع باعها العميل إلى صاحب الشيكات المؤجلة.
الجواب:
إشارة إلى استفساركم رقم (6) (عاجل) بتاريخ 25 رمضان 1403هـ الموافق 5 / 7 / 1983م والخاص بخصم شيكات المعاملة المستفسر عنها في السؤال رقم (6) تدخل في دائرة القرض وما يتحصله البنك في مقابل حلول أجل الشيك يعتبر فائدة ربوية يحرم أخذها.
وللبنك أن يكتفي بعمولة تحصيل الشيكات حسب التعريفة المتفق عليها.
البنك الإسلامي السوداني فتاوى هيئة الرقابة الشرعية سؤال رقم (7)
خصم البنك الإسلامي للكمبيالات
السؤال:
نرجو إبداء الرأي الشرعي حول المعاملة التالية:
قد يأتي تاجر باع بضاعة لتاجر آخر واستكتبه كمبيالات لتاريخ آجل ويريد البائع أن يستفيد من مبلغ هذه الكمبيالات ويعرضها للبنك لدفع قيمتها حاليا إلى أن يتم دفعها في تواريخها الآجلة فهل يحق للبنك أن يعرض للتاجر مقدم هذه الكمبيالات سعرا أقل من قيمتها فإن لم يكن ذلك جائزا فما هي الطريقة لسلوك البنك الإسلامي في هذا الصدد علما بأن هذا يدخل في صميم عمل البنوك ولا بد من إيجاد طريقة للاستفادة من هذا العمل؟ .
الجواب:
إن التعبير بلغة الأرقام يزيد في وضوح الإجابة فالتاجر في الاستفسار المطروح يعرض على البنك كمبيالات بدين على آخر يبلغ 10000 جنيه يسدد في آجال محدده ويطلب من البنك أن يشتري منه هذا المبلغ بمبلغ 8000 جنيه مثلا يتسلمه في الحال أو يطلب قرضا من البنك 8000 جنيه على أن يسدده بعد أجل محدد بزيادة قدرها 2000 جنيه.
فالزيادة في الصورتين نفع عاد على البنك من إقراض المبلغ المتفق عليه وهذه الزيادة فائدة ربوية لا وجه للقول بحلها.
وإذا كان هذا النوع من التعامل يدخل في صميم أعمال البنوك كما جاء في الاستفسار فإن تلك البنوك وهي تتعامل بالربا الصريح في كل معاملاتها فلا غرابة أن يكون بيع الكمبيالات بأقل من قيمتها من صميم أعمالها.
الفتاوى الشرعية في الاقتصاد الصادرة عن ندوات البركة للاقتصاد الإسلامي مجموعة دله البركة
ندوة البركة الأولى , الفتوى رقم 12
خصم الأوراق التجارية /50 السؤال:
ما هو الرأي فيما هو معروف بشراء وبيع أوراق القبول التجارية , حيث إن ورقة القبول التجارية هي ورقة مؤجلة الدفع ويكون المستفيد من الورقة , أي مالكها الحامل لها , راغبا في قبض قيمة هذه الورقة المؤجلة الدفع قبل حلول موعد الاستحقاق على أساس حسم نسبة مئوية من القيمة مقابل الزمن المتبقي؟
الجواب:
هذه الصورة المعروضة تتضمن بيع دين آجل بنقد عاجل أقل , وهذا البيع هو من الربا المحرم شأنه في ذلك شأن الخصم في الكمبيالات التجارية.
قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم (62 / 11 / 6)
جاء في قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي (بمنظمة المؤتمر الإسلامي) المنعقد في دورته السادسة بجدة ما يلي:
- تحرم أيضا السندات ذات الكوبون الصفري باعتبارها قروضا يجرى بيعها بأقل من قيمتها الاسمية , ويستفيد أصحابها من الفروق باعتبارها خصما لهذه السندات. /170 0
قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة /50 حول موضوع (البيع بالتقسيط)
جاء في قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورته السابعة بجدة في موضوع التقسيط ما يلي: -
- الحطيطة من الدين المؤجل لأجل تعجيله , سواء أكانت بطلب الدائن أو المدين (ضع وتعجل) جائزة شرعا , ولا تدخل في الربا المحرم إذا لم تكن بناء على اتفاق مسبق , وما دامت العلاقة بين الدائن والمدين ثنائية , فإذا دخل بينهما طرف ثالث لم تجز , لأنها حينئذ تأخذ حكم حسم الأوراق التجارية.(2/57)
التحويلات المصرفية تطبيق للحوالة
التحويلات المصرفية نوع من الخدمات التي تقوم بها المصارف في العصر الحاضر. وتتم بإحدى طريقتين.
(الأولى) أن يدفع شخص إلى المصرف مبلغا من النقود طالبا تحويله إلى من يسميه في بلد آخر وذلك بأن يقوم المصرف بتحرير سند يسمى في العرف المصرفي (حوالة) ويتضمن أمرا من ذلك المصرف المصدر إلى مصرف آخر (فرعي له أو عميل أو وكيل له) في بلد آخر , بأن يدفع إلى شخص معين (قد يكون نفس طالب التحويل أو غيره) مبلغا محددا من النقود.
ويتسلم طالب التحويل السند بيده , ثم يقدمه بنفسه - إن كان هو المستفيد منه - إلى المصرف المسحوب عليه في البلد الآخر ليقبض المبلغ المحدد به , أو يرسل السند إلى الشخص المستفيد منه (إن كان غيره) ليقبض المبلغ ,
ومن الممكن أن يقدمه المستفيد إلى مصرف ثالث يتعامل معه في البلد الآخر , ليدفع له المبلغ بعد تحصيله من المصرف المسحوب عليه.
(والثانية) أن يتولى المصرف الآمر - بناء على رغبة الطالب - الاتصال بالفاكس أو التلكس بالمصرف المغطي (المسحوب عليه) وأمره بدفع المبلغ المحدد إلى المستفيد مباشرة أو إلى حسابه في مصرف ثالث في البلد الآخر , ليتولى الأخير دفع الحوالة للمستفيد بعد أن تصل إليه القيمة قيدا بحسابه من المصرف المغطي.
وتتم هذه العملية دون أن يتسلم الطالب أو المستفيد السند بيده.
وفي كلتا الحالتين نكون أمام خمسة أطراف وربما أربعة أو ثلاثة.
(أ) طالب التحويل.
(ب) المستفيد: إن لم يكن الطالب نفسه هو المستفيد.
(ج) المصرف الآمر: وهو الذي يقبض المبلغ المطلوب تحويله , ويأمر المصرف المغطي بسداده.
(د) المصرف المنفذ: وهو المصرف الأخير الذي يدفع الحوالة للمستفيد عندما تصل إليه قيدا بحسابه.
(هـ) المصرف المغطي: هو الذي يتولى تسوية الدفع بين المصرف الآمر (متلقي الحوالة) والمصرف ال لمنفذ (دافع الحوالة) . وقد يكون المصرف المغطي هو الدافع نفسه.
وكما يقع التحويل المصرفي من بلد إلى آخر يقع في داخل البلد الواحد من شخص إلى آخر , أو من حساب الشخص لدى الم مصرف الآمر إلى حسابه نفسه في مصرف آخر في البلد ذاته.
وتتقاضى المصارف عادة أجورا على أداء هذه الخدمة تسمى باسم (العمولة) تؤخذ بنسبة مئوية من مبلغ الحوالة. وهذا التحويل تقوم كذلك إدارة البريد بين فروعها المختلفة , وتتطبق عليه جميع أحكام التحويلات المصرفية.(2/58)
التحويل المصرفي صورة مستجدة من الخدمات المصرفية التي يحتاج إليها الناس اليوم لم يعرفها الفقهاء من قبل , إذ هي معاقدة متكاملة الأجزاء , تتركب من عقدين أو أكثر , وتقوم على الإفادة من وجود شبكة متعاونة من المصارف العاملة في مختلف البلاد , توفر لعملائها خدمة إرسال النقود دون تحريك حسي لها من بلد إلى آخر , وتتم تسوية المستحقات فيها عن طريق المصرف الوسيط بين الطرفين.
تحويل مبلغ نقدي أو من الحساب إلى المستفيد بنفس العملة
إن دفع طالب التحويل إلى المصرف الآمر مبلغا معينا من المال أو اقتطاعه من حسابه الجاري لديه ليحوله بنفس العملة إلى المستفيد المعين لقاء أجر معلوم ليس حوالة بالمعنى الفقهي , بل هو توكيل بعمل معلوم لقاء أجر معلوم , ينشأ عنه توكيل آخر من قبل ذلك المصرف للمصرف المسحوب عليه في دفع المبلغ المحدد في الصك أو التلكس أو الخطاب إلى من ذكر اسمه فيه - سواء أكان هو الطالب أم الشخص الآخر الذي عينه - وهذا التوكيل مصرح في الشيك ونحوه بما يدل عليه , وإنما سلم هذا الشيك لطالب التحويل تمكينا له من استيفاء حقه.
وعلى ذلك تعتبر الحوالة المصرفية وكالة بأجر وبما أن المصرف الآمر يعمل وكيلا بأجر , فإنه يأخذ في علاقته مع طالب التحويل حكم الأجير , لأن الوكالة بأجر في النظر الفقهي تأخذ أحكام الإجارة.
نظرا لكون المصرف أجيرا يعمل لعموم الناس في تقديم خدمات التحويل المصرفي , فإنه يعتبر أجيرا مشتركا , وتسري عليه أحكامه , ومن هنا كان عمله المشار إليه مضمونا عليه لاستحقاقه عليه الأجر , ويكون ضامنا لمبلغ الحوالة الذي قبضه من طالبها حتى يتسلمه المستفيد.
إن أمر المصرف المحول المسبوق يقبض مبلغ الحوالة إلى المصرف المسحوب عليه بسداد قيمة الحوالة في البلد الآخر بنفس العملة للمستفيد مباشرة أو عبر المصرف المنفذ يعتبر سفتجة بالنظر الفقهي إذا كان المصرف الآمر بالوفاء دائنا للمصرف المأمور , والسفتجة مشروعة على الراجح من أقوال الفقهاء (ف 6) .
وإن لم يكن دائنا له , كان ذلك اقتراضا من المصرف المغطي مع توكيله بسداد مبلغ القرض المحول للمستفيد المعين وذلك مقبول شرعا أيضا.
تحويل مبلغ نقدي أو من الحساب إلى المستفيد بعملة مغايرة
إذا كان طالب التحويل راغبا في تحويل عملة أخرى غير التي عنده , فيجب عليه قبل التحويل إجراء مصارفه ناجزة مع البنك بين العملة التي يملكها والعملة التي يرغب حوالتها بسعر الصرف الحاضر يوم إجراء الحوالة ,
ويعتبر إقباضه العملة التي عنده للمصرف المحول حسيا أو حكميا (بالاقتطاع من حسابه الجاري لديه) عقب ذلك وتسلمه شيك الحوالة بالعملة الأخرى المستحقة بدلها تقابضا لبدلي الصرف , حيث إن قبض ورقة الشيك كقبض مضمونه عرفا , فيكون الصرف قد استوفى شريطته الشرعية وهي التقابض بين البدلين في المجلس.
ويعتبر في حكم تسلم شيك الحوالة من قبل طالب التحويل إبراق المصرف القابض للمصرف المسحوب عليه بسداد الحوالة فورا للمستفيد.
والخلاصة:
أن التحويل المصرفي عملية مركبة من عقدين أو أكثر , وهو معاقدة حديثة , بمعنى أنه لم يجر به العمل على هذا الوجه في العصور السابقة , ولم يدل دليل على منعه , فهو صحيح جائز شرعا من حيث أصله وينبغي التنبه إلى وجوب خلوه من ربا الديون مثل اشتراط الفائدة بأنواعها على المبلغ المحول إذا تأخر دفعه أو تقدم , كذا خلو عملية الصرف المصاحبة للحوالة من ربا البيوع إذا كان هناك مصارفة عند الابتداء أو عند الانتهاء , بتحقيق التقابض الحقيقي أو الحكمي بين البدلين في الصرف.(2/59)
فتوى هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي السوداني
جاء في الاستفسار رقم (6) حول التحاويل: التحاويل والحوالات هي وسائل تؤدي إلى سداد مبالغ نقدية مقابل أو تسديد مقابلها في جهة أخرى.
وتتم التحاويل بوسائل عدة , أهمها: الشيكات المصرفية والشيكات مقبولة الدفع وبعض الوسائل الأخرى.
وتقوم البنوك التجارية بهذه الخدمات مقابل أجر , وهذا يحدد في تعريفة البنوك على أساس النسبة في كل ألف جنيه , وتتم المحاسبة بتلك النسبة عن كل مبلغ يراد تحويله.
آخذين في الاعتبار الوقت والجهد الذي يبذل والأوراق التي تستعمل وما شابه ذلك , اتضح أن التكلفة بالتقريب حوالي جنيهين.
وبما أن هذا الأجر المقدر للخدمات قد لا يغير مع اختلاف مبلغ التحويل , فهل يجوز للبنك الإسلامي أن يرفع أجرة خدماته مع ارتفاع المبلغ المراد تحويله , مثلا أن يحدد فئة للألف الأولى وفئة للألف الثانية , وهكذا.
وإذا لم يكن جائزا , فما هي الطريقة المشروعة التي تعتمد في تحديد أجرة الخدمات , إذ لا يعقل أن يطلب البنك نفس الأجر من شخص يرغب في تحويل ألف جنيه , وآخر في تحويل مليون جنيه مثلا!
الجواب:
التحويلات من الخدمات المصرفية التي يؤديها البنك لمن يطلبها , معاملة جائزة شرعا , سواء أكان التحويل لداخل الدولة أو خارجها , لأنها معاملة حديثة , فيها مصلحة للناس , وليس في نصوص الشرعية ما يمنعها , سواء خرجناها على أنها قرض أو حوالة أو وكالة أو إجازة , أو عقد مركب من بعض العقود.
وما دامت هذه الخدمة التي يقوم بها البنك خدمة مشروعة , فإنه يجوز أن يؤديها بغير أجر , كما يجوز أن يؤديها بأجر , والأجر هو ما يجعله العاقدان بدلا عن المنفعة , ويشترط فيه أن يكون معلوما علما يرفع الجهالة التي تفضي إلى النزاع , والمنفعة التي يستحق الأجر نظيرها قد تكون منفعة عين من الأعيان , وقد تكون عمل عامل كما في الخدمة التي يقدمها البنك لطالب التحويل. ولما كان البنك يستحق الأجر نظير الخدمة التي يقدمها , فينبغي أن يكون الأجر بحسب تلك الخدمة قلة وكثرة.
وبناء على ما تقدم , فإنه يجوز للبنك أن يرفع خدماته مع ارتفاع المبلغ المراد تحويله - إذا كانت الخدمات تزيد بارتفاع المبلغ - ولا مانع في هذه الحالة من أن يكون الأجر على أساس النسبة في كل ألف جنيه , أو بنسبة في المائة , أو على أي أساس آخر يكون فيه الأجر معلوما.
أما إذا كانت الخدمات لا تختلف باختلاف المبلغ المحول , فلا يجوز للبنك أن يرفع الأجر بارتفاع المبلغ , لأنه يكون تقاضى أجرا من غير مقابل.
وهذا الحكم العام الذي لو طبقناه على الاستفسار في الصورة التي ورد فيها كان الجواب هو أنه لا يجوز للبنك أن يتقاضى أكثر من جنيهين عن أي مبلغ يقوم بتحويله , لأن هذه التكلفة التقديرية للعمل الذي يقوم به البنك في مثل هذه الحالات. ولأن هذا الأجر المقدر للخدمات قد لا يتغير مع اختلاف مبلغ التحويل كما جاء في الاستفسار.
هذا وتود الهيئة من الفنيين في البنك أن يعيدوا النظر فيما جاء في الاستفسار من أن التكلفة لا تختلف باختلاف المبلغ المحول , فإن الذي ظهر للهيئة في أثناء النقاش أن التكلفة تختلف باختلاف المبلغ , وهذا الاختلاف يظهر في أول خطوة تبدأ في التحويل , فإذا تقدم شخصان لموظف البنك أحدهما يطلب تحويل مائة جنيه فئة عشرة جنيهات , والآخر يطلب تحويل عشرة آلاف جنيه , فإن الزمن الذي يقضيه الموظف في عد المبلغ الثاني يساوي الزمن الذي يقضيه في عد المبلغ الأول مائة مرة , فكيف يقال إن التكلفة لا تختلف باختلاف المبلغ!
إذا انتهى الفنيون إلى أن التكلفة تختلف باختلاف المبلغ فلا حرج على البنك في أن يرفع الأجر مع ارتفاع المبلغ , أما إذا انتهوا إلى عدم اختلافها فلا وجه إلى زيادة الأجرة , لأن أي زيادة تكون من أكل المال بالباطل.
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (150)
السؤال:
طلب العميل تحويل مبلغ من حسابه الموجود عندنا إلى جهات خارجية فنأخذ عمولة 25 % على كل طلب تحويل بالإضافة إلى مصاريف رسالة التلكس التي نرسلها إلى مراسلنا في الخارج لتنفيذ طلب العميل. فهل يجوز لنا أخذ نسبة 25 % من قيمة الحوالة؟
الجواب
نعم يجوز أن تأخذوا نسبة معينة كعمولة للخدمة التي قمتم بها للعميل.
قرار مجلس الفقه الإسلامي بجدة: رقم (55 - 4 - 6)
ثانيا: إن من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعا وعرفا:
(أ) القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات التالية
(أ) إذا أودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية.
(ب) إذا عقد العميل عقد صرف ناجز بينه وبين المصرف في حال شراء عملة أخرى لحساب العميل.
(ج) إذا اقتطع المصرف بأمر العميل مبلغا من حساب له إلى حساب آخر بعملة أخرى , في المصرف نفسه أو غيره , لصالح العميل أو لمستفيد آخر. وعلى المصارف مراعاة قواعد عقد الصرف في الشريعة الإسلامية.
ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل. على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسليم الفعلي.
(ب) تسلم الشيك إذا كان له رصيد قابل للسحب بالعملة المكتوب بها عند استيفائه وحجزه المصرف.
(قرارات الدورة السادسة لمجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقدة في جدة بين 17 - 23 شعبان 1410 هـ الموافق 14 - 20 آذار 1990 م
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية قرار رقم (71) /50 إصدار الشركة للحوالات بمختلف العملات بالتلكس أو البريد
السؤال:
ما هو الرأي الشرعي في الحولات التي تصدرها شركة الراجحي بناء على طلب بعض عملائها لمصلحة مستفيد في بلد آخر بطريق التلكس أو بالبريد الممتاز , بعملة محلية أو أجنبية وتتقاضى الشركة من العميل قيمة التلكس أو البريد.
الجواب:
ولم تر الهيئة في هذه المعاملة أية شبهة شرعية , بل هي خدمة محمودة فيها تسهيل لأداء الحقوق وتحصيلها. فللشركة أن تقوم بهذه الخدمة لعملائها مجانا أو لقاء أجر إن شاءت علاوة على رسوم التلكس أو البريد الممتاز.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) فتوى رقم (161) /50 قيام البنك المسحوب عليه بخصم جزء من قيمة الحوالة أو الشيك مقابل الدفع نقدا
السؤال:
وفقا لما خلص إليه علماء الشريعة المعاصرون يعتبر الشيك أو الحوالة المصرفية كما لو كان دفع حال (نقدي) في عمليات الصرف المختلفة ويطلب عملاء بيت التمويل الكويتي إصدار شيكات مصرفية لهم بعملات أجنبية يقومون بصرفها نقدا في البنوك المسحوبة عليها , فهل يجوز لهذه البنوك أن تخصم جزءا من قيمة هذه الحوالات باعتباره عمولة تحصيل لقاء تسليم المستفيد قيمة الشيك أو الحوالة؟
وعلى أية حال إن كان لمثل هذا الفعل جواز أو حرمة أليس من واجب مصدر الشيك أو الحوالة (بيت التمويل الكويتي) إبلاغ عميله بذلك إن كان ذلك مدونا كشرط في الاتفاقية المبرمة مع البنك المسحوبة عليه؟
(مرفق صورة عن وصل تسليم القيمة النقدية لحوالة مصرفية مسحوبة من بيت التمويل على أحد البنوك الأسبانية تم فيها خصم مبلغ 1300 بيزيتا من أصل 125000 بيزيتا قيمة الحوالة الأصلية) .
الجواب:
إن ما يقوم به البنك المسحوب عليه هو تصرف منفصل عن مهمة بيت التمويل الكويتي في السحب وبيت التمويل غير مسئول عن تصرف الغير لذا فإن إبلاغ العميل بذلك ليس واجبا ولا سيما أن ذلك قد يتخلف أو تتغير النسبة وهذا الأسلوب معمول به في بعض البنوك دون بعض.
بنك دبي الإسلامي فتاوي هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية / فتوى رقم (100) /50 الحوالة المصرفية وطلب رد القيمة
السؤال:
إذا أصدر البنك شيكا مصرفيا بالدولار لأحد المتعاملين معه لصرفه في بلد آخر , ولكن لم يتمكن المتعامل لسبب أو لآخر من صرف الشيك وتقدم إلى البنك طالبا إلغاء الشيك واسترجاع قيمته بالدرهم.
فهل للبنك أن يرد إليه قيمة الشيك كاملة بنفس القيمة التي سبق وحرر بها الشيك أم أن يعيد شراء قيمة الشيك بالدولار ويبيعها له بسعر بيع الدرهم , وقد يتغير سعر الصرف في هذه الحالة ارتفاعا وانخفاضا , أم أن يكتفي البنك بالعمولة التي سبق أن حصلها منه ويعطيه قيمة الشيك كاملة.
وهل تنطبق إجابة هذا السؤال على الحالات التي يصدر البنك فيها لعملائه حوالة مصرفية ولم تصرف أيضا.
الجواب:
استفسرت الهيئة من بعض المسئولين في البنك عن الحالات العملية , لاسترداد قيمة الشيك المحرر بعملة أخرى غير الدرهم يصرفه في بلد آخر والإجراءات التي تتبع في هذه الحال وموقف كل من البنك والعميل , وترى الهيئة انطلاقا من جملة ما تحصل لديها من معلومات أن العملة الصادر بها الشيك إذا كانت من العملات الرائجة التي يتعامل فيها البنك دائما كالدولار والإسترليني ولم يتغير سعرها وقت استرداد القيمة , كان على البنك أن يرد القيمة التي حرر بها الشيك كاملة , أما في غير ذلك من الأحوال فللبنك أن يعيد شراء قيمة الشيك بالسعر الحالي وقت الاسترداد إذا أراد , لقول الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر (لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا) كما ترى الهيئة أن الحوالة المصرفية مثل الشيك في هذه الحالات.
بنك دبي الإسلامي فتاوى هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية فتوى رقم (34)
الحوالة المصرفية
الصرف
السؤال:
نود الرأي الشرعي في صحة عمليات الصرف التالية وهي: -
أولا: التحويلات بالدرهم والصرف عملة أجنبيه بدولة أخرى:
في هذه الحالة يدفع المتعامل القيمة بالدرهم ثم يصدر البنك الحوالة أو الشيك المصرفي بالقيمة والعملة الأجنبية كطلب المتعامل.
ثانيا: قبول العملات الأجنبية للتحويل عملة أجنبية بدولة أخرى:
يدفع المتعامل عملة أجنبيه غير الدرهم ومن ثم يتم استبدالها بالدرهم بسعر الصرف المعلن (شراء) ولا يحصل البنك عمولة اكتفاء بفرق سعر الصرف بيعا وشراء , ثم يصدر البنك قيمة معادلة طبقا لسعر الصرف المعلن (بيعا) بحوالة أو شيك مصرفي كطلب المتعامل.
ثالثا: التحويلات الواردة لصالح العملاء - مقاصة خارجية - يقدم المتعامل شيكا برسم التحصيل بعملة أجنبية وبعد تحصيله بطريق البنك يتم شراء القيمة وتحويلها إلى الدرهم بسعر الصرف المعلن سواء تم الصرف نقدا أو بشيك أو أضيفت القيمة إلى الحساب كطلب المتعامل.
رابعا: بيع / شراء الشيكات السياحية دولار أمريكي أو جنيه إسترليني , يتم البيع أو الشراء بالدرهم مع تحصيل أو خصم أتعاب البنك. . . . , وإذا قام المتعامل طالب الشراء بتوريد قيمة الشيكات المباعة له بعملة أجنبيه غير الدرهم فإن البنك يقوم بشراء تلك العملة بسعر الصرف المعلن ثم بيع الشيكات المطلوب إصدارها كطلب المتعامل.
الجواب:
بحثت الهيئة الحالات المقدمة إليها عن التعامل في النقد بنظام التحويلات المصرفية ورأت ما يلي:
أولا: الحالات الثلاثة الأولى وهي تحويل الدرهم إلى عمله أجنبية , وتحويل عملة أجنبية إلى عمله أجنبية أخرى , أو تحويل عملة أجنبية إلى الدرهم , جائزة شرعا ولا شيء فيها لأنها تتضمن بيع عملة بعلمة أخرى مختلفه وذلك بشرط أن يتم التعامل يدا بيد وما يقوم مقامه.
ثانيا: الحالة الرابعة وهي بيع وشراء الشيكات السياحية , فإذا كانت قيمة الشيكات السياحية يدفعها العميل بذات العملة أي دولار بشيكات بالدولار أو إسترليني بشيكات بالإسترليني , فلا يجوز للبنك تحويل العملة إلى دراهم ثم تحويلها إلى ذات العملة مرة أخرى , لانطوائها على بيع العملة بجنسها متفاضلة , وهو ما يدخل في باب الربا , وإنما يجوز له فقط الحصول على عمولة إصدار شيك أو عمولة تحويل مقطوعه مقابل عمله.
ثالثا: إذا كان لدى العميل عملة معينة نقدا أو بشيك ويريد تحويلها بذات العملة باسمه أو باسم غيره فلا يحل للبنك أن يشتريها منه بالدراهم ثم يبيعها له مرة أخرى وذلك لذات العلة المنصوص عليها في الحالة السابقة وللبنك أن يأخذ فقط عمولة تحويل مقطوعة.
الخلاصة:
يجوز للبنك بيع أو شراء العملات الأجنبية بالدرهم يدا بيد أو ما يقوم مقامها بالسعر المعلن ثم تحويلها إلى نقد أو شيكات أجنبية أخرى.
أما في حالة اتحاد العملات مع بعضها البعض فإنه لا يجوز التفاضل فيها عن طريق البيع والشراء , وإذا أراد العميل تحويل عملة أجنبية بنفس العملة , فإنه يحل للبنك أن يأخذ عمولة مقطوعه على التحويل.
فتاوى هيئة الرقابة الشرعية بنك فيصل الإسلامي السوداني فتوى رقم (6)
الحوالات المصرفية
السؤال:
هل يجوز للبنك الإسلامي أن يرفع أجرة خدماته مع ارتفاع المبلغ المراد تحويله مثلا أن يحدد فئة للألف الأولى وفئة للألف الثانية وهكذا.
إذا لم يكن جائزا فما هي الطريقة المشروعة التي تعتمد في تحديد أجرة الخدمات , إذ لا يعقل أن يطلب البنك نفس الأجر من شخص يرغب في تحويل الف جنيه وآخر في تحويل مليون جنيها مثلا؟
الجواب:
التحويلات من الخدمات المصرفية التي يؤديها البنك لمن يطلبها وهي معاملة جائزة شرعا سواء أكان التحويل لداخل الدولة أو خارجها , لأنها معاملة (حديثة) فيها مصلحة للناس وليس في نصوص الشريعة ما يمنعها , سواء خرجناها على أنها قرض أو حوالة أو وكالة أو إجارة , أو عقد مركب من بعض العقود.
وما دامت هذه الخدمة التي يقوم بها البنك بها خدمة مشروعة فإنه يجوز أن يؤديها بغير أجر , كما يجوز أن يؤديها بأجر , والأجر هو يجعله العاقدان بدلا من المنفعة , ويشترط فيه أن يكون معلوما علما يرفع الجهالة التي تفضي إلى النزاع , والمنفعة التي تستحق الأجر نظيرها قد تكون منفعة عين من الأعيان , وقد تكون عمل عامل كما في الخدمة التي قدمها البنك لطالب التحويل.
ولما كان البنك يستحق الأجر نظير الخدمة التي يقدمها فينبغي أن يكون الأجر بحسب تلك الخدمة قلة وكثرة.
وبناء على ما تقدم فإنه يجوز للبنك أن يرفع خدماته مع ارتفاع المبلغ المراد تحويله - إذا كانت الخدمات تزيد بارتفاع المبلغ - ولا مانع من في هذه الحالة من أن يكون الأجر على أساس النسبة في كل الف جنيه , أو نسبة في المائة , أو على أي أساس آخر يكون فيه الأجر معلوما.
أما إذا كانت الخدمات لا تختلف باختلاف المبلغ المحول فلا يجوز للبنك أن يرفع الأجر بارتفاع المبلغ , لأنه يكون تقضى أجرا من غير مقابل.
هذا الحكم العام الذي لو طبقناه على الاستفسار في الصورة التي ورد فيها كان الجواب هو أنه لا يجوز للبنك أن يتقاضى أكثر من جنيهين عن أي مبلغ يقوم بتحويله , لأن هذه هي التكلفة التقديرية للعمل الذي يقوم البنك به في مثل هذه الحالات.
ولأن هذا الأجر المقدر للخدمات قد لا يتغير مع اختلاف مبلغ التحويل كما جاء في الاستفسار.
هذا وتود الهيئة من الفنيين في البنك أن يعيدوا النظر فيما جاء في الاستفسار من أن التكلفة لا تختلف باختلاف المبلغ المحول فإن الذي ظهر للهيئة في أثناء النقاش أن التكلفة تختلف باختلاف المبلغ , وهذا الاختلاف يظهر في أول خطوة تبدأ في التحويل , فإذا تقدم شخصان لموظف البنك احدهما يطلب تحويل مائة جنيه فئة عشرة جنيهات , والآخر يطلب تحويل عشرة آلاف جنيه فإن الزمن الذي يقضيه الموظف في عد المبلغ الثاني يساوي الزمن الذي يقضيه في عد المبلغ الأول مائة مرة , فكيف يقال أن التكلفة لا تختلف باختلاف المبلغ؟
إذا انتهى الفنيون إلى أن التكلفة تختلف باختلاف المبلغ فلا حرج على البنك في أن يرفع الأجر مع ارتفاع المبلغ , أما إذا انتهوا إلى عدم اختلافها فلا وجه إلى زيادة الأجر , لأن أي زيادة تكون من اكل المال بالباطل.
البنك الإسلامي السوداني فتاوى هيئة الرقابة الشرعية سؤال رقم (4)
اقتضاء البنك الإسلامي مصاريف على تحويل مبالغ مالية داخل وخارج القطر مع اقتضاء فروقات أسعار العملات عند صرفها.
السؤال:
نرجو إبداء الرأي الشرعي حول المسألة التالية:
عندما يحول البنك الإسلامي السوداني لعملائه تحاويل داخل القطر أو خارجه فهو يتقاضى مصاريف تحويل تتناسب مع المبلغ المحول داخليا وهو يتقاضى أيضا فرق بيع العملة أي الفرق بين سعر شرائه للعملة المراد تحويلها وسعر بيع العملة حسب ما يقرره البنك المركزي وهو في هذا يتماشى مع الأسس الموضوعة والمعمول بها في تعريفة الأجور بين البنوك والتي تأخذ في الحسبان تكلفة هذه التحاويل.
الجواب:
المسألة المطروحة للرد عليها تتضمن امرين هما:
1 - تحويل مبالغ داخل القطر وهذه في الغالب تتم بين البنك وفروعه أو بنوك أخرى في الجهات المراد التحويل إليها وهذه عملية جائزة وللبنك أن يتقاضى أجور التحويل المقررة.
2 - تحويل عملة سودانية إلى خارج القطر وهذه تتطلب أو يتعين أن يسبقها تحويل العملة السودانية إلى عملة أجنبية أو تحويل عملة أجنبية يشتريها العميل بمعرفته ويوردها إلى البنك لمجرد تحويلها إلى الخارج.
وفي كلتا الحالتين للبنك أن يتقاضى الأجور المقررة لهذا التحويل ما دامت هناك تعريفة للأجور صادرة من البنك المركزي أما في حالة استبدال العملة المحلية بعملة أجنبية قبل تحويلها فهذه عملية صرف وللبنك أن يبيع العملة الأجنبية للعميل بالسعر الذي يحدده البنك المركزي وهو أمر جائز شرعا وهذه خدمات مصرفية يجوز للبنك الدخول فيها والإفادة منها.
وقد جاء في نص السؤال أن المبالغ التي يتقاضاها البنك نظير عملية التحويل تتناسب مع المبلغ المحول هذا يعني أن الأجر الذي يتقاضاه البنك يزيد بزيادة المبلغ المحول وهذا أمر جائز إذا كانت الخدمات التي يقدمها البنك كالمراجعة والرصد في الدفاتر تختلف بين مبلغ وآخر حسب القلة والكثرة فقد تقضي الدقة فعلا في المراجعة أن يعرض تحويل المبالغ الكبيرة على عدد من الموظفين من كبار المسئولين حتى يصل قرار الموافقة إلى مدير البنك أحيانا أو إلى إدارة البنك. أما إذا كان الإجراء موحدا والخدمات التي يقدمها البنك للعملاء لا تختلف باختلاف المبالغ فلا نرى سببا لارتفاع الأجر على التحاويل بين مبلغ وآخر.
البنك الإسلامي السوداني فتاوى هيئة الرقابة الشرعية سؤال رقم (10)
أخذ البنك الإسلامي مصروفات من عملائه نظير قيامه بتحصيل شيكات مسحوبة على بنوك أخرى لصالحهم وتوريد قيمتها
السؤال:
نرجو إبداء الرأي الشرعي حول المعاملة التالية:
قد يرسل البنك الإسلامي السوداني مثل هذه الشيكات التي يوردها العملاء في حساباتهم معنا إلى فروع البنوك الأخرى خارج العاصمة للتحصيل وتورد قيمتها في حساباتهم بعد التأكد من رصيدهم في مثل هذه الفروع ويأخذ البنك عادة مصاريف تحصيل عن هذه الشيكات ومصاريف بريد وهذا يتمشى مع الأجور الواردة في تعريفة الأجور المعمول بها في كل البنوك في السودان - والصادرة حسب التكلفة - ونحن محكومون بهذه التعريفة - أي بلا زيادة الأجر عما هو وارد فيها أو نقص في ذلك.
الجواب:
هذه العملية حسب ما جاء في الاستفسار هي عبارة عن تحويل المبلغ المسحوب على بنك خارج العاصمة إلى حساب العميل بالبنك الإسلامي السوداني وهي شبيهة بالحوالة المصرفية التي يصدر فيها الأمر بالتحويل من المصرف.
وإن العملية فيها خدمة واضحة للعميل الذي كان عليه أن يذهب بنفسه إلى محل فرع البنك المسحوب عليه إما لصرف المبلغ أو للحصول على تأشيرة من البنك باعتماد وجود الرصيد الذي يمكن السحب منه.
وإن تقاضي الأجر على هذه الخدمة المصرفية أمر جائز وشائع وما دامت هناك تعريفة بالأجر المستحق من الجهات المختصة فلا نرى ما يمنع العمل بها.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الأول) فتوى رقم (50)
السؤال:
جرت العادة في البنوك التجارية التي لا تلتزم بتحريم الفائدة الربوية على المعاملة التالية:
إذا أصدر البنك شيكات سياحية , أو تحويلات مصرفية بالدولار , أو الإسترليني باسم شخص معين , ثم رغب هذا الشخص في نقل قيمة الشيك بنفس العملة إلى شخص آخر , على أن يضع اسمه على الشيك أصالة , ففي مثل هذه الحال يقوم البنك بالآتي:
1 - يشتري الشيك بسعر الشراء لنفس العملة في ذلك اليوم.
2 - يصدر شيكا جديدا بالاسم الجديد , بسعر البيع لتلك العملة في ذلك اليوم.
3 - يحصل البنك على فرق السعر بين الشراء والبيع , لجميع المبلغ المعين في الشيك بالإضافة إلى عمولة إصدار الشيك الجديد.
فما حكم هذه المعاملة المصرفية في الشريعة الإسلامية , علما بأنه قد لا يوجد أي هدف مادي من التبديل , كما لو كان النقل إلى أحد أقارب المستفيد بها؟
الجواب:
بالاطلاع على هذا الاستفتاء , وعلى المعلومات المستقاة من المختصين في هذا الأمر أقول , وبالله التوفيق.
إذا كان تحويل هذا النوع من الشيكات بنقد غير النقد الذي صدر به فإنه يباع بسعر يومها على أن يكون القبض في مجلس العقد. ويكفي في القبض أن يأخذ به شيكا أو نقدا. أما إن حول بنفس النقد الذي صدر به فإنه لا يحل تحويله بنقد أزيد لأنه ربا , ولا بأقل لأنه حط من الدين لغير من عليه دين على أنه يجوز أخذ أجر للكتابة وإن كنت أكره ذلك خشية أن يتخذ حيلة للتلاعب , وأكل أموال الناس بالباطل.(2/60)
السفتجة
السفتجة: معاملة مالية يقرض فيها شخص قرضا لآخر في بلد , ليوفيه المقترض أو نائبه أو مدينه إلى المقرض نفسه أو نائبه أو دائنه في بلد آخر معين.
كذلك يطلقها الفقهاء على الرقعة أو الكتاب أو الصك الذي يكتبه المقترض لنائبه أو مدينه في بلد آخر , يلزمه فيه بدفع مثل ما اقترضه في بلده لمن أقرضه أو لنائبه أو دائنه في البلد الآخر.
وفائدة التعامل بالسفتجة أنه قد يكون للرجل مال في بلد , وهو يريد أن ينقله إلى آخر معين , لكنه يخاف عليه من أخطار الطريق , فيلجأ إلى دفعه على سبيل الإقراض إلى تاجر مثلا أو شخص له بذلك البلد المعين مال أو دين على شخص آخر , على أن يكتب القابض كتابا أو صكا موجها إلى نائبه أو مدينه في البلد الآخر , ليؤدي بمقتضاه إلى ذلك الدافع أو نائبه أو دائنه فيه نظير ما دفعه إليه , وبذلك يحصل كل منهما على المال المطلوب في المكان المرغوب دون نقل ومخاطرة.
ويختلف التكييف الفقهي للسفتجة بحسب صورها , وبالنظر في حالاتها وصورها يتبين أنها نوعان:
(أحدهما) قرض محض. وهي التي ينحصر فيها الإقراض والوفاء بين المقرض والمقترض , أو نائب عن أحدهما.
(والثاني) حوالة وهي التي يصحب عملية القرض فيها إحالة على مدين كما لو كان فيها إحالة على مدين كما لو كان هناك مقرض ومقترض في بلد , ومدين للمقترض في بلد آخر , كلفه المقترض بالأداء إلى المقرض أو نائبه هناك أو كان هناك مقرض ومقترض في بلد , ودائن للمقترض في بلد آخر بحيث يؤدي المقترض أو نائبه إليه فيها ما اقترضه من مدينه.
وبهذا تعتبر سفتجة التحويلات المصرفية التي يكون فيها المصرف الآمر بالوفاء دائنا للمصرف المأمور بحيث يأمر المصرف المحول (المسبوق بقبض مبلغ الحوالة) إلى المصرف المسحوب عليه بسداد قيمة الحوالة في البلد الآخر بنفس العملة للمستفيد مباشرة أو عبر المصرف المنفذ(2/61)
اختلف الفقهاء في حكم السفتجة على أربعة أقوال:
(أحدها) أنه لا تجوز السفتجة إذ كان الوفاء في البلد الآخر مشروطا في العقد لأنها تكون حينئذ قرضا جر نفعا , وهو محظور. أما إذا لم يكن ذلك مشروطا في العقد فتجوز , لأن التبرع بالمنفعة من المقترض للمقرض من حسن القضاء , وهو مندوب إليه وهو قول الشافعية والحنفية والظاهرية.
(والثاني) وهو أنه لا تجوز السفتجة إلا في حالة الضرورة.
حيث يكون المقرض أمام أمرين: إما اللجوء إلى السفتجة وإما تعريض ماله للضياع. فتجوز عندئذ تقديما لمصلحة حفظ المال على مفسدة القرض الذي يجر نفعا. وهو قول المالكية.
(والثالث) أنه لا تجوز السفتجة إذا شرط الوفاء في بلد آخر , وكان للمال المقرض مؤونة حمل وكلفة أما إذا لم يكن الوفاء في البلد الآخر مشروطا , أو لم يكن لحمل المال مؤونة وكلفة فتجوز. وهو قول الحنابلة في المذهب.
(والرابع) وهو أن السفتجة صحيحة مشروعة , ولو كان الوفاء في البلد الآخر مشروطا فيها لأنه ليس بزيادة قدر ولا صفة , معه مصلحة لهما , فجاز كشرط الرهن.
وهو رواية عن أحمد صححها ابن قدامة وأبو يعلى وابن تيمية من الحنابلة وابن عبد الحكم من المالكية وغيرهم.(2/62)
تطبيقات الاستصناع(2/63)
الاستصناع الموازي
تعريف الاستصناع الموازي
الاستصناع الموازي معناه أن يعقد المصرف مثلا بخصوص السلعة الواحدة عقدين:
أحدهما: مع الراغب في السلعة يكون المصرف فيه في دور الصانع ,
والآخر: مع القادر على الصناعة ليقوم بإنتاج سلعة مطابقة في المواصفات والتصاميم والشروط للمذكور في العقد الأول , ويكون البنك هنا في دور المستصنع.
فإذا تسلم المصرف السلعة من المنتج , ودخلت في حيازته , يقوم بتسلمها إلى عميله المستصنع الأول.
ويمكن أن يكون الثمن في العقد الأول مؤجلا وفي العقد الثاني معجلا , فتكون فرصة التمويل للبنك مضاعة , مما يتيح للمصرف قسطا من الربح وافرا. كما يمكن أن يعقد العقدان في نفس الوقت , أو يتقدم أي منهما.
الخطوات العملية لتنفيذ عقد الاستصناع
ونورد فيما يلي الخطوات العملية في تنفيذ البنك الإسلامي لأسلوب بيع الاستصناع وبيع الاستصناع الموازي.
عقد بيع الاستصناع
المشتري: يعبر عن رغبته لشراء سلعة , ويتقدم للبنك بطلب استصناعه بسعر معين يتفق على طريقه دفعه معجلا أو مؤجلا أو مقسطا (ويحسب البنك في هذا السعر عادة ما سوف يدفعه حقيقه في عقد الاستصناع الموازي مضافا إليه الربح الذي يراه مناسبا) .
البنك: يلتزم بتصنيع السلعة المعينة وتسليمها في أجل محدد يتفق عليه (ويراعي البنك أن يكون هذا الأجل مثل أو أبعد من الأجل الذي سيتسلم فيه السلعة بعقد الاستصناع الموازي) .
عقد الاستصناع الموازي
البنك: يعبر عن رغبته في استصناع الشيء الذي التزم به في عقد الاستصناع الأول (أي بنفس المواصفات) ويتفق مع البائع (الصانع) على الثمن والأجل المناسبين.
البائع: يلتزم بتصنيع السلعة المعينة وتسليمها في الأجل المحدد المتفق عليه.
تسليم وتسلم السلعة البائع: يسلم المبيع المستصنع إلى البنك مباشرة أو إلى جهة أو مكان يحدده البنك في العقد.
البنك: يسلم المبيع المستصنع إلى المشتري بنفسه مباشرة أو عن طريق أي جهة يفوضها بالتسليم بما في ذلك تفويض البائع لتسليم السلعة إلى المشتري الذي يكون من حقه التأكد من مطابقه المبيع للمواصفات التي طلبها في عقد الاستصناع الأول , ولكن يظل كل طرف مسئولا تجاه الطرف الذي تعاقد معه.(2/64)
مستند جواز عقد الاستصناع الموازي
يستند عقد الاستصناع الموازي على أساس أنه لا يشترط في الاستصناع أن يكون العقد مع صانع. فيصح شرعا أن يتعاقد الراغب في الاستصناع مع شخص من غير أهل الصنعة , ثم يذهب هذا الملتزم للصنعة يبحث عن شخص يصنع له المطلوب فيأخذه ويسلمه للمستصنع.
ولم تتعرض كتب الحنفية لهذا الأمر , وإن كانت في تعريف الاستصناع تذكر أنه (التعاقد مع صانع. . الخ) , وفي ذكر الأمثلة تذكر (التعامل مع صانع. .) , لكن ذلك لا ينبغي حمله على أن ذلك شرط لصحة العقد , خاصة وقد نصوا على أنه لو جاء بشيء من صنعة غيره كفى. وكذلك ذكر الفقهاء شروط الاستصناع وحصروها ولم ينصوا على اشتراط كون العقد مع الصانع.
كذلك لم تذكر كتب الفقه شيئا عن مسألة قيام الصانع باستصناع غيره. ولكن الفقهاء في باب الإجارة ذكروا أن الأجير إذا شرط عليه مستأجره أن يعمل بنفسه لزمه ذلك , لأن العامل يتعين بالشرط. فإن لم يشترط المستأجر ذلك فيجوز للأجير أن يستأجر من يعمل العمل. قالوا: لأن المستحق عمل في الذمة وهذا ما لم يكن العمل ملاحظا فيه خصوصية العامل , ومثال ذلك الاستئجار على نسخ الكتب الخطية. وكذا كل ما يختلف باختلاف العامل.
فكذلك يقال في الاستصناع إن للمستصنع أن يشترط في العقد عمل الصانع نفسه , أو عمل صانع معين , فإن قبل الطرف الآخر ذلك لزمه , ولم يكن له أن يستصنع غيره. أما إن لم يشترط في عقد الاستصناع ذلك يكون للصانع أن يستصنع غيره من أهل الصنعة والقدرة الفنية , وهذا ما لم تكن خصوصية الصانع ملاحظة في التعاقد , كما في بعض الصناعات التي تعتمد على القدرات الشخصية , وتختلف من صانع لآخر , ككتابة اللافتات الإعلانية بخط اليد , وصناعة التحف الفنية التي تميز بها الصانع المعين , والمطرزات اليدوية , ونحو ذلك.
وبمثل هذا أخذ القانون المدني الأردني في شأن المقاولة , ومنها الاستصناع. على أن ضمان العيوب للمستصنع والمسئولية تجاهه عن نقص الأوصاف المشروطة تبقى على الصانع في جميع الأحوال.
وهذا الرأي يتيح لأهل التجارات , وأرباب الأموال , وللمصارف الإسلامية , استعمال أسلوب التعاقد بالاستصناع الموازي بينهم وبين المحتاجين إلى المصنوعات من المستهلكين أو التجار.
ويجب الحذر في الاستصناع المتوازي من أمور:
أ - الربط بين العقدين , فيجب أن يكون كل من العقدين منفصلا عن الآخر وغير مبني عليه. فتكون مسئولية المصرف ثابتة قبل المستصنع. ولا شأن للمستصنع بالصانع في العقد الثاني. وإذا لم يقم الصانع بالعمل أو لم ينجزه في الموعد فعلى المصرف إنجازه.
ب - يفضل أن لا يكلف المصرف المستصنع بالتعاقد مع الصانع , أو متابعته , ولا يوكله بالإشراف على المصنوع أو قبضه , أو نحو ذلك.
وهذان الأمران لئلا يتقلص دور المصرف في العملية الصناعية , ويتحول من مستصنع حقيقة إلى مقرض بالفائدة.
ج - يفضل أن لا ينتظر المصرف الإسلامي ليأتيه شخصان قد اتفقا بينهما أحدهما صانع والآخر مشتر يريد تمويلا ليدفع المصرف للصانع مقدما , ثم ينتظر الوفاء من الآخر بالزيادة. بل على المصرف أن يكون لديه (دائرة خاصة بالعمليات الاستصناعية) يأتي إليها الراغبون في إنشاء المباني , أو الصيانة العامة , أو تعبيد الطرق , أو مد سكك الحديد , أو بناء المطارات , أو صناعة السلع الاستهلاكية , أو غير ذلك. فيطلبوا منه هذه الأعمال استصناعا , ويكون للبنك علاقات مع من يستطيع تنفيذ مثل تلك الأعمال فيساومهم عليها , أو يعلن عن مناقصات لتنفيذها. فيعقد معهم عقود الاستصناع على مسئوليته الخاصة.
د - لا يجوز أن يضرب لتسليم السلعة أجل بعيد بغرض إتاحة الفرصة له لينتفع بالتمويل المبكر , لكن يكون الأجل فقط بقدر المدة التي يحتاج إليها في التصنيع فعلا , فإن زادت عن ذلك كان العقد سلما ووجبت مراعاة شروطه وأحكامه.(2/65)
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) فتوى رقم (252)
السؤال:
تقدم إلينا أحد ملاك الأراضي بالعرض التالي:
انه يمتلك أرضا اشتراها بالأجل من بيت التمويل الكويتي وما زالت باسم بيت التمويل الكويتي (كرهن) وقد قام بالتعاقد مع شركة مقاولات لبناء عمارة على هذه الأرض بقيمة ثمانمائة ألف دينار كويتي إلا انه لم يدفع أي مبلغ للمقاول وقد قام المقاول بالبدء بتنفيذ جزء من أعمال الحفر وصب الخرسانة في السرداب , والمالك يطلب منا الآن أن نحل محله بتمويل البناء والإشراف على المقاول لتنفيذ البناء حسب المواصفات الموضوعة على أن نحدد سعرا مقطوعا لهذه العملية يدفع لنا منه عند التعاقد معه 25 % والباقي على أقساط. . فما الرأي الشرعي بذلك؟
الجواب:
بالنسبة للدخول مع مالك عجز عن متابعة عقده مع مقاول سابق يتم على النحو التالي:
أولا:
إنهاء المعاملة مع المقاول الأول حسب الوضع الراهن ويكون التزام الدفع على المالك ولا علاقة لبيت التمويل بما تم مع المقاول الأول في المرحلة المنجزة.
ثانيا:
يتم إنشاء عقد جديد على إنجاز بقية المشروع مع المالك مع عدم التزام بيت التمويل الكويتي بالاستعانة بالمقاول نفسه.
بل يلتزم بإنجاز العمل بأي وسيلة تحققه. ويحق لبيت التمويل الكويتي بعدئذ أن يتفق مع ذلك المقاول أو غيره ويكون لكل اتفاق استقلال تام عن الآخر. وتوصي اللجنة باتخاذ كافة الوسائل التي تكفل حقوق بيت التمويل الكويتي بالتثبت من ملاءة المالك ومقدرته على السداد عند الأجل وأخذ الضمانات الكافية لاستيفاء حقوق بيت التمويل الكويتي.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) فتوى رقم (267)
السؤال:
إذا كانت هناك معدات مملوكة لإحدى الشركات وتعاقدت هذه الشركة مع بيت التمويل في تركيبها بثمن متفق عليه ومن جهة أخرى يتعاقد بيت التمويل الكويتي مع أحد المقاولين في تركيب هذه المعدات بثمن معين؟
فهل يجوز القيام بمثل هذا العمل شرعا؟
الجواب:
أن القيام بمثل هذا العمل جائز شرعا لا غبار عليه ما دام أن هناك انفصالا تاما بين العقدين كما سبق.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) فتوى رقم (269)
السؤال:
هل يجوز أن يتفق بيت التمويل مع مقاول في تنفيذ عملية معينة في مشروع مملوك لإحدى الشركات ويدفع بيت التمويل أجر المقاول مقدما بالكامل , ومن جهة أخرى تتفق هذه الشركة مالكة المشروع مع بيت التمويل في تسديد أجر المقاول الذي قام بدفعه بيت التمويل مضافا إليه نسبة معينة؟
الجواب:
أن هذا العمل غير جائز شرعا لأن هذه النسبة المعينة هي مقابل الأجل ويكون أخذها عبارة عن عوض عن التمويل وهذا ربا ولكن إن كان بيت التمويل قد تعهد للشركة بالعمل باتفاق مستقل ثم عهد به إلى المقاول بمبلغ أقل باتفاق مستقل أيضا فهذا جائز ولا يتأثر العقد مع الشركة بأي تغيير في الأسعار أو تبعات يتحملها بيت التمويل من خلال اتفاقه مع المقاول.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) فتوى رقم (292)
السؤال:
رسا مشروع على أحد المقاولين بقيمة إجمالية وهذا المقاول سيقوم بنفسه ببعض الأعمال في حين سيقوم مقاولون من الباطن ببقيتها وهؤلاء المقاولون من الباطن عندما علموا بأن مستحقاتهم ستدفع من قبل بيت التمويل الكويتي وهم بذلك قد ضمنوا استلامهم بمجرد انتهاء العمل , خفضوا الأسعار المقدمة منهم بواقع 10 % عما سبق لهم أن طلبوه فهل هذا التخفيض من حق بيت التمويل الكويتي الذي هو سبب فيه أم من حق المقاول الرئيسي الذي هو ملتزم بإنهاء العمل أمام بيت التمويل الكويتي؟
الجواب:
أن علاقة بيت التمويل الكويتي تكون مع المقاول الرئيسي الذي أبرم معه عقد المقاولة الرئيسية أما الأعمال التي يعهد بها المقاول الرئيسي إلى مقاولين من الباطن فلا يعتبر بيت التمويل الكويتي طرفا فيها ومن ثم فإن التخفيضات التي يجريها المقاولون من الباطن على أسعارهم هي من حق المتعاقد معهم (المقاول الرئيسي) وليس من حق بيت التمويل الكويتي أخذ شيء منها.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية قرار رقم (48)
السؤال:
نرجو إبداء الرأي الشرعي حول السؤال المقدم من الشركة عن إمكان تعاملها بعقد الاستصناع في استثمار أموالها , وعن كيفية استفادتها من هذا العقد الذي أصبحت حاجة الاستثمار الاقتصادي تتطلبه كثيرا , وعن الوجوه والصور المقبولة شرعا في التعامل به.
الجواب:
إن عقد الاستصناع جائز عند جمهور فقهاء الشريعة وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استصنع خاتما , ولكن اختلفت المذاهب الفقهية في جوازه تبعا لاختلافها في تكييفه.
وقد اتفق المجيزون على أن الاستصناع إنما يجري فيما يصنع صنعا , ولا يجري فيما لا تدخله الصنعة , كالقمح والشعير والأثمار , كما اتفقوا على أنه لا يجرى إلا فيما يمكن انضباطه بالوصف الذي ينفي الجهالة.
وظاهر نصوص الحنفية أنه لا يشترط كون المصنوع من الأموال المثلية والتي تثبت ديونا في الذمة ولها أمثال كثيرة في السوق يمكن أن توفي بها الذمة دون فرق يعتد به , بل يجوز أن يعقد الاستصناع على صنع شيء من الأموال القيمية , مما يصنع بأوصاف خاصة لا مثيل لها بحسب ما يريده المستصنع (المشتري) , لكن لا بد أن يكون مما ينضبط بالوصف. كذلك قرروا أن للصانع أن يشتري ما صنعه غيره , ويسلمه للمستصنع إذا كان موافقا للمواصفات المشروطة , وليس ملزما بأن يصنعه بنفسه. هذا , وقد ظهرت للاستصناع في العصر الحاضر أهمية كبيرة , واتسع نطاقه وممارساته واشتدت الحاجة إليه مع تقدم الصناعات وتنوعها في هذا القرن وسابقه , ومع ازدياد الاحتياج إلى وسائل استثمارية جديدة في النشاط الاقتصادي تكون مقبولة في قواعد الشريعة الإسلامية. وبعد المداولة المستفيضة انتهت الهيئة الشرعية في هذا الموضوع إلى ما يلي:
1 يجوز عقد الاستصناع في كل شيء يصنع صنعا وينضبط بالوصف , وسواء أكان من الأموال الاستعمالية أو الاستهلاكية , إذا وصف في عقد الاستصناع وصفا كافيا نافيا للجهالة , وحدد لصنعه وتسليمه أجل. ويجوز أن يكون الثمن فيه معجلا أو مؤجلا أو مقسطا.
2 ويكون العقد في هذه الحال لازما على الطرفين وليس للمشتري (المستصنع) خيار رؤية إذا جاء المصنوع موافقا للمواصفات المشروطة.
3 الأشياء الطبيعية التي لا تدخلها صنعة الإنسان , كالمنتوجات الزراعية من الحبوب والثمار والخضروات والفواكه ونحوها , لا يجوز فيها عقد الاستصناع , وإنما يجوز بيعها سلما بشروطه الشرعية المقررة في فقه المذاهب. لكن هذه المنتوجات الطبيعية إذا دخلها التصنيع الذي يخرجها عن حالها الطبيعية , كالفواكه واللحوم المعلبة المحفوظة فإنها يجوز أن تباع وتشترى بطريق الاستصناع , بالشروط المبينة في البند الأول وهذا يعني أن للشركة أن تشتري سلما منتوجات طبيعية ثم تبيعها بعقد استصناع منتوجات مصنعة.
وبناء على ما تقدم ترى الهيئة الشرعية أن لشركة الراجحي أن تمارس عقد الاستصناع في كل ما يصنع صنعا كما في الأمثلة التالية:
أيمكن أن تشتري الشركة بطريق الاستصناع سلعا وبضائع منضبطة بالوصف المزيل للجهالة من الأشياء القيمية كسفينة أو سجاجيد لفرش مسجد أو قصر ذات مواصفات خاصة ليس لها أمثال في السوق , إلى أجل معين وتدفع ثمنها نقدا عند توقيع العقد أو مؤجلا أو مقسطا , وتبيع بعقد آخر سلعا وبضائع تتعهد بصنعها بنفس المواصفات في السلع التي اشترتها استصناعا وإلى أجل بعد الأجل الأول الذي ستتسلم فيه ما استصنعته , على أن يدفع المشتري من الشركة الثمن لها كذلك نقدا أو مؤجلا أو مقسطا. وللشركة في كلا العقدين (حيث تكون بائعة أو مشتريه) أن تأخذ وتعطي الضمانات التي تراها كافية.
وكذلك تستطيع الشركة أن تشتري وتبيع بالطريقة الآنفة الشرح نفسها سلعا وبضائع من الأشياء المثلية التي يكثر أمثالها في السوق ويحل بعض أفرادها محل بعض في الوفاء كالكراسي والأدوات ذات المواصفات العالمية الموحدة (ستاندرد) وكذا التي ليست عالمية ولكنها يصنع منها كميات كبيرة للاستعمال أو للاستهلاك بمواصفات واحدة موجودة في الأسواق كالمنسوجات المتجانسة والأواني النموذجية , والرقائق المعدنية من حديد أو ألمونيوم أو سواهما , إلى غير ذلك من الأموال والأشياء المثلية التي لا تحصى.
فكل هذه الأنواع تستطيع الشركة أن تدخل فيه بعقد استصناع بصفة (بائعة) مع من يريد شراء كميات كبيرة منه , وتعقد عقد استصناع بصفة (مشترية) مع جهة أخرى لتصنع لها المقادير التي التزمت بها في العقد الأول وبالمواصفات نفسها.
وفى كلا الحالين لها أن تتفق مع الطرف الآخر (البائع الصانع , أو المشتري المستصنع) على أن يكون الثمن معجلا أو مؤجلا أو منجما , وتجعل وقت تسليم المصنوعات في حالة كونها مشترية قبل موعد التسليم في العقد الذي هي فيه بائعة. على أنه في كل الحالات يجب أن لا تتم الإجراءات والعقود بصورة تجعل العملية حيلة على التمويل الربوي وغني عن البيان أن ما اشترته الشركة بعقد استصناع أو سلم يجوز لها بعد أن تستلم البضاعة أن تبيعه بيعا عاديا بثمن نقدي أو مقسط أو مؤجل بأجل واحد.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية قرار رقم (80)
السؤال:
ما هو الرأي الشرعي حول السؤال المقدم من الشركة حول جواز شرائها ست طائرات بوينج 737 - 400 بموجب عقد شراء بقيمة معلومة على أن تقوم شركة الراجحي بدفع جزء من الثمن عند توقيع العقد مع شركة بوينج وستقوم شركة بوينج بتسليم الطائرات على دفعات.
كما تقوم شركة الراجحي بتوقيع عقد استصناع كصانع مع شركة أولمبيك اليونانية كمستصنع لبيعها ست طائرات بنفس المواصفات التي تعاقدت شركة الراجحي مع شركة بوينج عليها وتقوم شركة أولمبيك بدفع دفعه مقدمة ويتم تسديد باقي الثمن على دفعات متوافقة مع تسليم الطائرات وفى حالة عدم رغبة شركة أولمبيك في إتمام العقد مع شركة الراجحي ورفضها لاستلام أي طائرة من الطائرات الست عند موعد تسليمها تقوم شركة الراجحي كوكيل عن شركة أولمبيك بموجب العقد ببيع الطائرات التي رفضت شركة أولمبيك استلامها وتحصل على نسبة قدرها 2. 5 في المائة من ثمن بيع هذه الطائرات وتستوفي شركة الراجحي ثمن بيع هذه الطائرات الذي تطالب به شركة أولمبيك من المشتري الجديد فإن زاد ثمن بيع هذه الطائرات على السعر الذي اشترت به أولمبيك من شركة الراجحي أعيد الزائد إلى شركة أولمبيك وان نقص ثمن بيع هذه الطائرات عما تطالب به شركة الراجحي شركة أولمبيك من الثمن تعود شركة الراجحي على شركة أولمبيك به.
الجواب:
لا ترى الهيئة مانعا أن تقوم شركة الراجحي بتنفيذ العملية المذكورة إذا كان الأمر كما تم وصفه في السؤال بشرط أن تقوم شركة الراجحي بتحمل تبعات المالك كهلاك العين ونفقات الصيانة والتأمين على العين إلى حين تسليمها للمشترى وألا يكون خلال العملية تعامل ربوي صريح أو مستور على أن تزود الشركة الهيئة بصورة موثقة من عقود ووثائق هذه العملية لمراجعتها من الناحية الشرعية.
فتاوى هيئة الرقابة الشرعية بنك قطر الإسلامي فتوى رقم (45)
السؤال:
طلب أحد العملاء من المصرف أن يقوم بتمويل جزئي لعملية إقامة مصنع بأسلوب عقد الاستصناع حيث يتفق المصرف مع مقاول على أعمال إنشائية هندسية معينة بسعر معين ويضيف على التكلفة نسبة معينة من الأرباح ويلتزم العميل بتسديد القيمة الإجمالية للعمل المنجز.
أ - هل الصورة السالفة الذكر جائزة شرعا وما هي الضوابط التي يجب أن نأخذها بعين الاعتبار؟
ب - نظرا لقلة خبرة المصرف في مثل هذه الأعمال فهل يجوز تعيين مهندس استشاري يستلم من المقاول الأعمال التي تم إنجازها وأن يوافق المقاول على إجازة المهندس بصرف المبالغ الجزئية المستحقة. وهل يجوز أن يقوم نفس المهندس بتسليم ما تم إنجازه للعميل صاحب المصنع؟
ج - هل يحق للآمر بالشراء بأن يوقع على فواتير أي مرحلة من المراحل التي أنجزت بالإضافة للمستشار قبل دفعها للمقاول من قبل المصرف وأن يخلي طرف المصرف من أية مسئولية مستقبلا؟
د - وفي هذه الحالة هل يبقى المصرف مسئولا عن العيب الخفي؟
الجواب:
أ - بالنسبة لعقد الاستصناع يجب أن يكون محددا وعليه يجوز للمصرف الإسلامي أن يدخل في عقد استصناع وتبقى مسئوليته عن العيب الخفي قائمة على أن تؤخذ الضمانات التي تضمن حق المصرف الإسلامي في الرجوع على المقاول في حالة حدوث أية أضرار.
ب - يجوز للمصرف الإسلامي أن يوكل من ينوب عنه (مهندس استشاري مثلا) في استلام الأعمال المنجزة من المقاول كما يجوز أن يقوم نفس هذا الوكيل بتسليم العمل الكلي المنجز إلى طالب الاستصناع.
ج - لا علاقة لطالب الاستصناع بالتوقيع على فواتير المقاول.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) فتوى رقم (248)
السؤال:
يتقدم إلينا بعض ملاك الأراضي طالبين منا أن نقوم ببناء بعض أراضيهم التي يمتلكونها سواء ملكا كاملا أو بالشراء بالأجل وذلك على أن نقوم نحن بتحمل كافة نفقات البناء بما في ذلك الإنفاق على تنفيذ المشروع والاتفاق مع المقاول والإشراف على تنفيذه للعمل حسب المواصفات المطلوبة ومن ثم استلام البناء بعد الانتهاء منه وتسليمه لمالك الأرض على أن نتفق نحن والمالك على قيمة مقطوعة لإنهاء البناء وتسليمه إليه جاهزا بحيث يدفع لنا 25 % من هذه القيمة مقدما وقبل البدء بالأعمال والباقي على أقساط شهرية أو سنوية قد تمتد إلى ثلاث سنوات. . فما هو الرأي الشرعي بذلك.
الجواب:
يجوز لبيت التمويل عقد مقاولة لإقامة بناء لشخص على أرض مملوكة له على نفقته بعد الاتفاق مع المالك على قيمة مقطوعة لهذا العمل وعلى تسليم عربون.
وللبيت أن يستعين بمن يشاء على سبيل المقاولة الثانية ويطبق على كل مقاولة شروط الاتفاق الخاصة بها. . وهذا يعتبر من عقود الاستصناع ولا مانع شرعا من تأجيل دفع القيمة أو تقسيطها وتوصي اللجنة باتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بحفظ حقوق بيت التمويل الكويتي سواء بالارتهان أو بالكفالة أو غيرها.
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بنك الغرب الإسلامي (السودان) فتوى رقم (5)
السؤال:
أراد أحد أصحاب المصانع من عملاء البنك بناء مخزن إضافي داخل مصنعه وحصل على عرض من مقاول لبناء المخزن المطلوب وفقا لمواصفات محدده بمبلغ قدره قل 100000 جنيه ولكن تعذر عليه توفير المبلغ المطلوب فورا.
هل يجوز للبنك الدخول في عقد مع المقاول المذكور لبناء المخزن بالمبلغ المحدد ووفقا للمواصفات المتفق عليها ثم بيع هذا المخزن مرابحة أو مساومة أو بأجل لصاحب المصنع المذكور؟
الجواب:
ترى الهيئة أن تتفق إدارة البنك مع العميل على بناء المخزن وفقا للمواصفات التي يطلبها العميل بمبلغ معين مقطوع , ثم بعد هذا الاتفاق يقوم البنك بالاتفاق مع المقاول لإقامة المخزن حسب المواصفات بالمبلغ الذي يتفق عليه وإذا رأى البنك في أن يوقع عقدا منفصلا مع العميل لينوب عنه في الإشراف على تنفيذ عقد المقاول فلا مانع من ذلك على ألا يكون لهذا أية صلة بعقد البنك معه بخصوص المخزن أو عقد البنك مع المقاول.(2/66)
الاستصناع على أساس سعر بالمرابحة
الأكثر أن يتفق المستصنع والصانع على مقدار البدل النقدي بطريق المساومة يتفق عليه الطرفان , ودائما ما يأخذ الصانع بعين الاعتبار عند تحديده الثمن التكاليف المتوقعة للصنع زائدا هامش ربح له , وهذا هو المبدأ العام في الاستصناع.
ولكن قد يرغب الطرفان في تحديد ثمن الاستصناع على أساس سعر بالمرابحة , وذلك بأن يقول: اصنع لي الشيء الفلاني على أساس سعر التكلفة مضافا إليها ربح لك بنسبة عشرة بالمائة مثلا , أو: مضافا إليها ألف دينار ربحا لك.(2/67)
يجب أن يتحدد الثمن في الاستصناع بشكل نهائي في العقد , وذلك دون ذكر التكاليف والأرباح لأن من شروطه معلومية الثمن.
وعلى هذا الأساس فإن عقد الاستصناع على أساس سعر بالمرابحة وهو أن يتفق طرفان على صنع شيء معين بسعر التكلفة مضافا إليه نسبة ربح محددة , إن ذلك غير جائز شرعا لجهالة مقدار الثمن: فالثمن يجب أن يكون معلوما عند التعاقد , وهو هنا غير معلوم , إذ لا يمكن تحديده إلا عند تمام العمل.
ولكن إذا رغب المتعاقدان في هذه الطريقة , فالصيغة لا تكون بعقد استصناع , بل يمكن عقدها على أساس الوعد غير الملزم بشراء المستصنع للشيء المصنوع مرابحة عند تمام صنعه.(2/68)
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بنك فيصل الإسلامي السوداني فتوى رقم (19)
السؤال:
بالنسبة لجواز بيع المرابحة , هل تعتبر المعاملات الموصوفة أدناه مقبولة شرعا:
(أ) شخص يمتلك قطعة أرض طلب من البنك تخويل بنائها فاتفق معه البنك على بنائها شريطة أن يربحه فيها بنسبة 25 %؟
(ب) شخص يمتلك قطعة أرض طلب من البنك تمويل بنائها فاتفق معه البنك على بنائها شريطة أن يربحه فيها بنسبة 50 % حيث أن سداد القيمة سوف يتم عن طريق أقساط تمتد إلى خمس سنوات؟
الجواب:
هذه المعاملة لا تدخل في بيع المرابحة , لأن بيع المرابحة أن يبيع المشتري السلعة برأس مالها على أن يربحه المشتري الثاني مبلغا محددا , ويشترط في بيع المرابحة بيان رأس المال والربح الذي يطلبه المشتري الأول , وفي هذه المعاملة المستفسر عنها , البنك لم يشتر شيئا حتى يبيعه مرابحة , ولكن يريد أن يتفق مع صاحب الأرض على بناء أرضه. فهذه المعاملة تدخل في عقد الاستصناع , إذا كان البنك هو الذي يتولى بناء المنزل من ابتدائه إلى أن يسلمه لمالك الأرض حسب الأوصاف المتفق عليها.
وعقد الاستصناع عقد جائز في الشريعة الإسلامية , ولكن لا يصح أن يتفق البنك مع صاحب الأرض على أن يربحه 25 % من التكاليف , لأن في هذا جهالة لمقدار الثمن , والطريقة الشرعية هي أن يقدر البنك التكاليف ويضيف إليها ربحه , ثم يتفق مع صاحب الأرض على بناء المنزل بمبلغ كذا - التكاليف زائدا الربح - يدفع عند التسليم , أو يدفع منه جزء مقدما والباقي عند التسليم , أو يدفع على أقساط يتفق عليها , ولا مانع شرعا من الزيادة في الثمن إذا كان الدفع على أقساط , ولا مانع أيضا من اختلاف الثمن باختلاف الأجل.
فتاوى هيئة الرقابة الشرعية بنك قطر الإسلامي فتوى رقم (33)
السؤال:
يرجى بيان الوجه الشرعي في قيام المصرف بالتعاقد مع أحد العملاء لبناء بيت أو مخزن على أرض يملكها هذا العميل بسعر التكلفة مضافا إليها ربح معلوم يتم التفاوض عليه مع هذا العميل. علما بأن عملية البناء ستنفذ بواسطة أحد المقاولين أو إحدى شركات المقاولات التي سيتفق معها المصرف وسيقوم المصرف بإضافة ربح معلوم فوق السعر الذي سيتقاضاه المقاول؟ .
الجواب:
الرأي أن حساب التكلفة وإضافة الربح يكون في حالة قيام المصرف بشراء متطلبات البناء ثم بيعها مرابحة. .
أما الصورة المعروضة فلا تجوز مرابحة ولكن يمكن أن تدخل تحت عقد الاستصناع فيتفق المصرف مع العميل على السعر النهائي دون ذكر التكاليف أو الأرباح وللمصرف بعد هذا أن يعقد اتفاقا مستقلا مع أحد المقاولين للقيام بالبناء.
فتاوى هيئة الرقابة الشرعية بنك الغرب الإسلامي (السودان) فتوى رقم (5)
3 السؤال:
أراد أحد أصحاب المصانع من عملاء البنك بناء مخزن إضافي داخل مصنعه وحصل على عرض من مقاول لبناء المخزن المطلوب وفقا لمواصفات محددة بمبلغ قدره 100000 جنيه مثلا ولكن تعذر عليه توفير المبلغ المطلوب فورا.
هل يجوز للبنك الدخول في عقد مع المقاول المذكور لبناء المخزن بالمبلغ المحدد ووفقا للمواصفات المتفق عليها ثم بيع هذا المخزن مرابحة أو مساومة أو بأجل لصاحب المصنع المذكور؟
الجواب:
ترى الهيئة أن تتفق إدارة البنك مع العميل على بناء المخزن وفقا للمواصفات التي يطلبها العميل بمبلغ معين مقطوع , ثم بعد هذا الاتفاق يقوم البنك بالاتفاق مع المقاول لإقامة المخزن حسب المواصفات بالمبلغ الذي يتفق عليه وإذا رأى البنك في أن يوقع عقدا منفصلا مع العميل لينوب عنه في الإشراف على تنفيذ عقد المقاول فلا مانع من ذلك على ألا يكون لهذا أية صلة بعقد البنك معه بخصوص المخزن أو عقد البنك مع المقاول.(2/69)
تطبيقات الكفالة(2/70)
خطابات الضمان
تعريف خطابات الضمان
يسود اليوم في عالم المصارف ما يسمى بخطابات الضمان التي تصدرها البنوك التجارية , وخطاب الضمان يمكن تعريفه بأنه عبارة عن تعهد كتابي , يتعهد بمقتضاه المصرف بكفالة أحد عملائه (طالب الإصدار) في حدود مبلغ معين تجاه طرف ثالث , وذلك ضمانا لوفاء هذا العميل المكفول بالتزامه تجاه الطرف الثالث خلال مدة معينة. وينص في الخطاب على أن يدفع المصرف المبلغ المضمون عند أول مطالبة من الطرف الثالث خلال سريان خطاب الضمان دون التفات لما قد يبديه العميل من المعارضة.
وللخطابات شروطها , ويخضع إصدارها لإجراءات قد تكون قصيرة أو بطيئة وطويلة بحسب مركز العميل , والتعامل السابق أو المستجد معه , وطبيعة المشروع المقدم له الضمان ودراسته , وتجميع المعلومات , ومدى الثقة ووفرة الائتمان , وتقدير الظروف الاقتصادية والأحوال الداخلية والخارجية , وكل ذلك يحتاج إلى دراسة قبل إصدار الخطاب وتكوين قناعة بمدى ملاءة العميل وقدرته على الوفاء بالتزامه.
وتتقاضى المصارف التجارية من عملائها عمولة عن إصدار هذه الخطابات , وعادة ما يراعى في تحديدها الأعمال والإجراءات التي يقوم بها المصرف , وقيمة الدين الذي يضمنه , ومدة هذا الضمان , وهي تقدر حسب العرف المصرفي للبنوك بنسبة مئوية تحسب على أساس هذا الدين ومدته.
كما تتقاضى المصارف التجارية فائدة ربوية متعارف عليها يلتزم العميل بسدادها في حالة قيام المصرف بدفع أي مبلغ ضمنه (أي دفع قيمة الخطاب للمستفيد) , حيث تعتبر تلك المبالغ دينا على العميل.
أطراف التعامل في خطابات الضمان
ويتضح مما تقدم أن هناك أطرافا ثلاثة في خطاب الضمان تنشأ بينهم العلاقات التالية:
- علاقة أولى بين المستفيد في الخطاب (مصلحة أو هيئة أو شركة) وعميل البنك , ويتولد عن هذه العلاقة الالتزام محل الضمان الذي بسببه يصدر خطاب الضمان , ويحكمها عقد المقاولة أو التوريد.
- علاقة ثانية بين العميل (المضمون) والبنك الذي يقدم الكفالة (الضامن) , ويحكمها عقد اعتماد خطابات الضمان المحرر بين البنك وعميله.
- علاقة ثالثة بين البنك الضامن والمستفيد من الضمان , وهي التي تلزم البنك بدفع المبلغ المضمون للمستفيد عند أول مطالبة , ويحكمها خطاب الضمان نفسه والتعهد الوارد به.
أنواع خطابات الضمان
وتتعدد أنواع خطابات الضمان بحسب اختلاف الغرض الذي من أجله تصدر , ومن أهم هذه الخطابات:
- خطابات الضمان الابتدائية أو المؤقتة:
وهي الخطابات الخاصة بالعطاءات التي تقدم للجهات الحكومية وما في حكمها , فهذه الجهات المستفيدة من تنفيذ العطاء تطلب عادة تأمين نقدي أو خطاب ضمان ابتدائي من الشركة التي يرسو عليها العطاء , وذلك لتكفل عدم نكولها في تنفيذ العقد وتقوم بمصادرة مبلغ الخطاب في حالة النكول. وهذا الإجراء يحمي الجهات المستفيدة من العطاء , حيث إنه تمر فترة زمنية بين تقديم العطاء وتوقيع العقد قد تتغير فيها الأسعار في غير صالح من رسا عليه العطاء أو قد يكتشف أن هناك خطأ في تقديراته فينكل عن توقيع العقد مما يلحق أضرار بتلك الجهات المستفيدة.
وينتهي مفعول خطاب الضمان الابتدائي في حالة عدم رسو العطاء على الشركة المقاولة , وأيضا عندما يرسو العطاء على مقدم الضمان وقيامه بتوقيع العقد.
- خطابات الضمان النهائية:
وهي الخطابات الخاصة بحسن تنفيذ العقود المبرمة مع الجهات المتعاقد معها سواء كانت مصلحة حكومية أو غيرها. وهي عبارة عن تعهد بدفع مبلغ من المال بنسبة 5 % مثلا من قيمة المشروع أو المناقصة مقابل حسن التنفيذ وسلامة الأداء من الشركة المقاولة , ويسري مفعول خطاب الضمان النهائي لحين إتمام تنفيذ العقد ويستحق المبلغ المتعهد بدفعه في حالة تخلف الشركة المقاولة عن الوفاء بالتزاماتها.
- خطابات ضمان التمويل عن دفعات مقدمة:
وهي الخطابات التي يصدرها المصرف لضمان مبالغ تصرف مقدما لعملائهم أو توضع في حسابهم , ذلك أنه في أغلب الحالات يشترط هؤلاء العملاء الذين رست عليهم العطاءات بأن تدفع لهم الجهة صاحبة العطاء دفعات مقدمة قبل بداية العمل لتيسر لهم تمويل العمليات الكبيرة المسندة إليهم. لذا تطلب منهم الجهة الدافعة خطاب ضمان من المصرف بقيمة المبلغ المدفوع لهم , ومن أجل ذلك سمي هذا الخطاب بخطاب ضمان الدفعات المقدمة.
هذا وقد تصدر هذه الأنواع من خطابات الضمان بالعملة المحلية ولجهات محلية (على المستوى المحلي) , كما قد تصدر بالعملة الأجنبية ولجهات أجنبية (على المستوى الخارجي) .
مسألة تغطية خطابات الضمان
بمقتضى خطاب الضمان , فإن المصرف يتحمل مخاطرة الوفاء بمبلغ الضمان للمستفيد في حالة عدم تنفيذ العميل لالتزاماته , لذلك قد يطلب المصرف من العميل تقديم ضمانات لتغطية خطاب الضمان , وتتفاوت قيمة الغطاء تبعا للدراسة الائتمانية لأوضاع العميل وما وما يتولد لدى المصرف من ثقة في مركزه المالي وفي جديته في تنفيذ ما يسند إليه من أعمال. وقد يكون خطاب الضمان غير مغطى أو مغطى كليا (100 % من قيمة الضمان) أو جزئيا.
كما أن الغطاء قد يكون نقديا وهو أبسط صور الغطاء سواء كان ذلك بدفع المبلغ اللازم لخزينة المصرف أو بخصمه من حسابه أو تجميده , أو يكون عينيا مثل رهن عقاري مسجل في محضر العقار أو رهن أسهم في شركات أو غيرها من الأوراق المالية أو التجارية أو التنازل عن بعض الحقوق.
وحيث إن أغلب ما تتعامل به المصارف هو خطابات الضمان المغطاة جزئيا , نورد الخطوات المتبعة لإصدار مثل هذه الخطابات بالمصرف.
- يقدم العميل طلبا بإصدار خطاب الضمان لحسابه.
- يدفع العميل تأمين نقدي (يطلق عليه في اللغة المصرفية العادية اسم المارج) , وهو يتراوح بين 20 % إلى 60 % من قيمة الخطاب.
- يقدم العميل بعض الضمانات كرهن عقاري أو خلافه.
- بعد موافقة المصرف يصدر خطاب الضمان.
- يأخذ المصرف عمولة على خطاب الضمان بنسبة من مبلغ الضمان تتحدد طبقا للعرف المصرفي أو ما يحدده المصرف المركزي.
هذا وتتزايد كل يوم مجالات استعمال خطاب الضمان المصرفي من المقاولات إلى الضرائب إلى الجمارك إلى التجارة الداخلية والخارجية. . . , والطرف الآمر للمصرف لإصدار الخطاب يستفيد من ذلك عدم تجميد أمواله النقدية - كتامين نقدي - لدى الجهة الطالبة للخطاب , والأخيرة تطمئن إلى ضمان تنفيذ الالتزام محل التعاقد بموجب خطاب الضمان.(2/71)
بالنظر إلى التعامل المصرفي في خطابات الضمان ولا سيما تعامل المصارف الإسلامية بهذا النوع من العمليات , فإنه يمكن ردها إلى نوعين من العقود التي طرقها الفقهاء , وهما الكفالة والوكالة.
فالعلاقة بين المصرف والجهة المستفيدة بخطاب الضمان هي علاقة كفالة في كل الأحوال , أما العلاقة بين المصرف مصدر خطاب الضمان وبين العميل طالب الخطاب فهي تارة تكون علاقة كفالة وتارة تكون علاقة وكالة:
فإن كان خطاب الضمان بدون غطاء نقدي كامل من العميل فهو يعتبر عقد كفالة ويخضع لأحكامها , لأن الكفالة ضم ذمة إلى ذمة , وفي خطاب الضمان تضم ذمة المصرف إلى ذمة طالب الإصدار لمصلحة الطرف الثالث , وعلى هذا فالكفيل هو المصرف والمكفول هو العميل والمكفول له هو الطرف الثالث.
وعليه يكون خطاب الضمان هو عقد الضمان المعروف في الفقه الإسلامي اسما ومعنى إذ أن تعريفات الفقهاء لعقد الكفالة أو الضمان متفقة مع تعريف خطاب الضمان في جوهره , وهو أنه التزام الشخص مالا واجبا على غيره لشخص ثالث , وأركان خطاب الضمان هي أركان الضمان في الفقه الإسلامي.
وأما ما ورد في تعريفات خطاب الضمان من أحكام زائدة عما ورد في تعريفات الفقهاء , فكلها لها أصل في الفقه الإسلامي ذكرها الفقهاء عند ذكرهم لأحكام الضمان.
فكون خطاب الضمان موقتا بمدة محددة ينتهى الضمان بانتهائها , كما هو واضح من التعريف له أصل في المذهب الحنفي والحنبلي.
وكون المبلغ المضمون في خطاب الضمان غير ثابت في ذمة العميل عند العقد ولكنه قد يثبت في المستقبل إذا أخل بالتزامه , فهذا أيضا جائز في عقد الضمان عند الحنفية والمالكية والحنابلة , وعند الشافعي في أحد قوليه.
وكون المبلغ المضمون في خطاب الضمان قد لا يكون معلوما عند العقد , ذلك أنه من المتصور أن يصدر الخطاب بغير تحديد مبلغ وإن كان حدوثه نادرا , وفي مثل هذه الحالة يتعهد البنك أن يضمن عميله في كل ما يسببه تصرفه من ضرر للغير أي المستفيد.
وهذا لا مانع منه شرعا لأن الضمان يصح ولو كان المال المضمون مجهولا عند أكثر الفقهاء إذ أن الضمان مبني على التوسع , وهو من إيجاب المرء المعروف على نفسه ومن أوجب المعروف على نفسه لزمه.
وكون التزام البنك بدفع المبلغ للمستفيد مشروط بعدم وفاء العميل بالتزامه مقبول في الضمان في الفقه الإسلامي , لأنه أما أن يكون تعليقا للضمان على فشل العميل في أداء التزامه , وتعليق الضمان بالشرط الملائم جائز عند الحنفية والمالكية وفي أحد قولين عند الحنابلة.
وإما أن يكون التزاما بالدفع عند فشل العميل في دفع المبلغ المستحق عليه نتيجة لإخلاله بالتزامه , وهذا جائز أيضا على رأي مالك المرجوع إليه من أنه لا تجوز مطالبة الكفيل إلا عند تعذر مطالبة الأصيل.
وأما إذا صدر خطاب الضمان بغطاء نقدي كلي أو جزئي
أي أن المصرف يطالب العميل بدفع المبلغ المضمون كله أو بعضه , فقد تحدث عنها فقهاء المذاهب الأربعة , والذي يظهر من أقوالهم أنه لا خلاف بينهم في جواز أخذ الغطاء النقدي إذا كان باتفاق الطرفين , الضامن والمضمون , عند العقد.
وهذا هو الحاصل في إصدار البنوك لخطابات الضمان , ولا مانع أيضا من أخذه بعد العقد باتفاقهما.
والخلاف الحاصل بين الفقهاء هو في مطالبة الضامن بالمبلغ المضمون - الغطاء - بعد العقد , وقبل مطالبة المضمون له به , والزام المضمون بدفعه , فقد منعه أكثرهم وأجازه الحنابلة في وجه , وهذا لا يحدث في معاملة البنوك.
وقد ذكر الفقهاء أحكاما تتعلق بهذه المسألة لها فائدة كبيرة في موضوعنا , فقالوا: إن المضمون إذا دفع المال المضمون - الغطاء - أما أن يدفعه له على وجه القضاء , أو يدفعه على وجه الرسالة أو التوكيل:
- فإن دفعه على وجه القضاء ملكه الضامن عند الحنفية وليس للمضمون أن يسترده منه , ويجوز للضامن أن يتصرف فيه بالاستثمار وغيره , وله ربحه , وإذا هلك المال ضمنه. ذلك أن الضامن يملك المال حين قبضه ويكون الربح الحاصل من ملكه طيب له لا محالة.
- أما إذا دفع المضمون المال للضامن على وجه الرسالة أو التوكيل , فإن المال يكون أمانة في يد الضامن , ولكن ليس للمضمون أن يسترده من الضامن لأنه تعلق به حق للغير هو المضمون له , ولا يجوز للضامن التصرف فيه , وإذا هلك يهلك هلاك الأمانة , وإذا استثمره خالف ما يجب فيما يعد أمانة , وأصبح كالغاصب فإن ربح فلا يطيب له هذا الربح عند أبي حنيفة ومحمد لأنه استفاده من أصل خبيث , ويطيب له في رأي أبي يوسف لأن الخراج بالضمان.
وهذا الخلاف جار في الوديعة إذا تصرف فيها الوديع وربح.
ويرى بعض الفقهاء المعاصرين ومنهم الدكتور علي السالوس والدكتور وهبة الزحيلي أنه في حال كون الغطاء النقدي من العميل , يكون الأولى أن يخير المصرف العميل طالب إصدار خطاب الضمان بين استثمار الغطاء لحسابه فيكون له ما لبقية المستثمرين في البنك من حقوق ولا ضمان على المصرف حينئذ , وبين إبقاء الغطاء في ضمان البنك فيكون حاله كحال الحسابات الجارية يحق للبنك استثماره والتمتع بربحه أو تحمل خسارته لأن الخراج بالضمان كما قال الفقهاء.
تكييف خطابات الضمان
وهذا الحكم يكشف لنا عن حقيقة هامة بالنسبة لتكييف خطاب الضمان المغطى , فقد ذهبت كثير من هيئات الفتوى والرقابة الشرعية للبنوك الإسلامية وكذلك توصيات مختلف الندوات والمؤتمرات إلى تكييف خطاب الضمان بالكفالة والوكالة معا: كفالة بالنسبة لعلاقة البنك مع المستفيد , ووكالة بالنسبة لعلاقة البنك مع العميل. وهذا التكييف يقيد خطاب الضمان بأحكام الوكالة: فالبنك يأخذ الغطاء على وجه الوكالة , وبالتالي لا يجوز له التصرف في الغطاء إلا فيما أخذ من أجله , وهذا ما يمنعه من استثماره وتحقيق ربح لحسابه ولكن يكون استثماره لفائدة العميل بنفس الشروط التي يستثمر بها البنك ودائع المودعين.
وذهب الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير إلى تكييف خطاب الضمان على أنه كفالة - ضمان - فقط في حالة خطاب الضمان المغطى وخطاب الضمان غير المغطى , فهو يرى أن الذي ينبغي أن يحمل عليه دفع العميل الغطاء للبنك في حالة إصدار خطابات الضمان هو الدفع على وجه القضاء , لأن البنوك تستثمر الغطاءات , وتربح منها , فلو حملنا الدفع على وجه الوكالة ما جاز لها التصرف في الغطاء.
وعلى هذا الأساس فإن خطابات الضمان بجميع أنواعها يجوز إصدارها , لأنها أما أن تكون كفالة فقط , أو كفالة ووكالة وبما أن كلا من الكفالة والوكالة مشروع , فإن إصدار خطابات الضمان تكون مشروعة وصحيحة , ولازمة بالنسبة للبنك ما لم يصاحبها ما يفسدها , كأن يكون محل العقد محظورا أو يكون إصدارها مقابل جعل على الضمان.
وبناء عليه , لا يجوز للبنك أخذ الأجر على خطاب الضمان في حد ذاته (والتي تراعي فيها البنوك التقليدية مبلغ الضمان ومدته) , لأنه يكون قد أخذ أجرا على الكفالة وهو ممنوع , لأن الكفالة من عقود التبرعات المقصودة للإرفاق والإحسان. فلو كفل شخص غيره بمال على أن يجعل الطالب له جعلا , فإن لم يكن مشروطا في الكفالة فالشرط باطل , وإن كان مشروطا في الكفالة فالكفالة باطلة , والكفالة عقد لازم لا يجوز للكفيل فسخه بإرادته المنفردة.
ولكن يجوز للبنك أخذ أجر مقابل الخدمات والإجراءات والمصاريف الإدارية التي يتطلبها إصدار الخطاب وهو أجر مقطوع بمبلغ محدد , مثل مئة أو ألف , أو بالنسبة مثل 1 % و 2 % لأن الأجرة بنسبة العمل , بشرط إتمام حساب الأجر على العمل قبل تحقق شرط الدفع أو المطالبة بالأداء , فالأجر مقابل الخدمة التي يقوم بها البنك , دون ارتباطه بمبلغ الكفالة أو مدتها , سواء أكان بغطاء أم بدونه. وليس في هذا ربا , لأنه ليس زيادة على عوض , وإنما هو أجر على عمل , بشرط عدم المغالاة في تقدير الأجرة , ومراعاة ما قد تتطلبه المهمة الفعلية لأداء ذلك الغطاء.
واتجه العلماء المعاصرون وهيئات الرقابة في البنوك الإسلامية إلى أنه في حال توافر الغطاء النقدي الكلي أو الجزئي , يجوز للبنك أخذ الأجر مقابل الخدمات الإجرائية , فإذا دفع البنك المبلغ للمستفيد فهو من مال المضمون عنه , وإذا لم يدفع فهو مقابل حفظه لماله وخدماته , وذلك بناء على الوكالة بأجر الجائزة اتفاقا في الفقه الإسلامي بالنسبة للعميل طالب الضمان , وأما بالنسبة للمستفيد فيعد البنك ضامنا الأداء وكفيلا في علاقته معه.(2/72)
مجمع الفقه الإسلامي قرار رقم (12) , الدورة الثانية
بعد بحث مسألة خطاب الضمان , وبعد النظر فيما أعد في ذلك من بحوث ودراسات , وبعد المداولات والمناقشات المستفيضة تبين ما يلي:
1 - إن خطاب الضمان بأنواعه الابتدائي والانتهائي , لا يخلو إما أن يكون بغطاء أو بدونه , فإن كان بدون غطاء فهو ضم ذمة الضامن إلى ذمة غيره فيما يلزم حالا أو مآلا , وهذه هي حقيقة ما يعني في الفقه الإسلامي باسم الضمان أو الكفالة.
وان كان خطاب الضمان بغطاء , فالعلاقة بين طالب خطاب الضمان وبين مصدره هي الوكالة.
والوكالة تصح بأجر أو بدونه , مع بقاء علاقة الكفيل لصالح المستفيد (المكفول له) .
2 - إن الكفالة هي عقد تبرع يقصد للإرفاق والإحسان. وقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة , لأنه في حالة أداء الكفيل مبلغ الضمان يشبه القرض الذي يجر نفعا على المقرض , وذلك ممنوع شرعا.
ولذلك فإن المجمع قرر ما يلي:
أولا: إن خطاب الضمان لا يجوز أخذ الأجر عليه لقاء عملية الضمان (والتي يراعى فيها عادة مبلغ الضمان ومدته) سواء أكان بغطاء أم بدونه.
ثانيا: أما المصاريف الإدارية لإصدار خطاب الضمان بنوعية , فجائزة شرعا , مع مراعاة عدم الزيادة على أجر المثل , وفي حالة تقديم غطاء كلي أو جزئي يجوز أن يراعى في تقدير المصاريف لإصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه المهمة الفعلية لأداء ذلك الغطاء , والله أعلم.
ندوة البركة الثانية الفتاوى الشرعية في الاقتصاد , الفتوى رقم (8)
أخذ عوض مقابل إصدار خطابات الضمان
السؤال:
هل يجوز للبنك الإسلامي أخذ عوض مقابل عمله المتمثل في إصدار خطابات الضمان المصرفي , إما على أساس الأجر باعتبار أن هذا العمل توكيل معلق لدفع مبلغ معين , أو على أساس الوجاهة نظرا لما يتمتع به البنك من ملاءة.؟
الجواب:
تبين بعد المداولة في السؤال أن موضوع خطاب الضمان المصرفي يحتاج إلى مزيد من البحث ودراسة الواقع الذي يجري عليه العمل في البنوك.
ندوة البركة الثانية الفتاوى الشرعية في الاقتصاد , الفتوى رقم (12)
استثمار غطاء خطاب الضمان مضاربة
السؤال:
هل يجوز للبنك الإسلامي الذي دفع له مبلغ نقدي غطاء لخطاب الضمان أن يستثمره بموافقة المودع مضاربة بنفس الشروط التي يستثمر بها للمودعين؟
الجواب:
يجوز للبنك الإسلامي أن يستثمر بالمضاربة المبلغ المودع لديه غطاء لخطاب الضمان الذي يصدره بنفس الشروط التي يستثمر بها للمودعين.
ندوة البركة الثانية الفتاوى الشرعية في الاقتصاد , الفتوى رقم 1
تكييف خطاب الضمان ومدى جواز أخذ الأجر عليه
السؤال:
ما الرأي في الموضوعات التالية:
1 - خطاب الضمان المصرفي ومدى جواز أخذ الأجر عليه؟
2 - هل خطاب الضمان المصرفي كفالة بمفهومها الفقهي (ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة) ؟ أم أنه توكيل بأداء مبلغ معين من النقود ضمن مدة محددة؟
3 - إذا كان خطاب الضمان المصرفي كفالة وهو من أعمال التبرع فهل تنقلب أعمال التبرع إلى أعمال تؤدى بالأجر كما أفتى المفتون بذلك في أعمال الطاعات مثل تعليم القرآن وإمامة الصلاة؟
4 - إذا كان خطابات الضمان المصرفي وكالة فهل يجوز للوكيل أخذ الأجر نسبيا بمقدار القيمة كما هو الحال في السمسار والمحامي؟
الجواب:
1 - إن جواز خطابات الضمان المصرفية مشروط بأن يكون مرتبطا بمشروعية الموضوع الذي يطلب خطاب الضمان لأجله.
2 - إن خطاب الضمان إذا كان بدون غطاء نقدي كامل فهو كفالة ويخضع لأحكامها , وإذا قدم له غطاء نقدي كامل لدى البنك فهو وكالة بالنسبة للشخص المكفول , وأما بالنسبة للجهة المكفول لها فإن خطاب الضمان حينئذ كفالة.
3 - يجوز للبنك في جميع الأحوال أن يأخذ أجرا على خطاب الضمان بمقدار ما يبذله من جهد وعمل إجرائي دون أن يربط الأجر بنسبة المبلغ الذي يصدر به خطاب الضمان.
4 - أما أخذ الأجر على خطاب الضمان غير المغطى بنسبة مبلغ الضمان , كما هو معمول به في البنوك , فقد رأت اللجنة (بالأغلبية) أنه يحتاج إلى مزيد من الدراسة والتمحيص والاطلاع على النماذج المستعملة في مختلف الحالات والتي طلب من المختصين في البنوك تقديمها للنظر فيها , وخاصة أن موضوع خطاب الضمان المصرفي مطروح للبحث لدى مجمع الفقه الإسلامي في جدة ومدرج في جدول أعماله للدورة القادمة.
بيت التمويل الكويتي فتاوي هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (93)
السؤال:
نظرا للأخذ بالمبدأ الشرعي بأنه لا اجر لضامن فإننا لا نتقاضى عمولة على إصدار خطابات الضمان إلا بمبلغ ثابت مقابل جزء من مصاريف الخدمة.
ولكن فيما يتعلق بخطابات الضمان لعملائنا لصالح جهات خارجية (خارج الدولة) فإنه لا بد من وجود بنك وسيط في العملية , وهذا البنك يستوفي عمولة تمثل نسبة من قيمة الخطاب , ونحن من جانبنا نقوم بإبلاغ هذا البنك بأننا لا نعطي ولا نتقاضى عمولة لإصدار خطاب الضمان.
ولكن المشاكل ما زالت في ازدياد بسبب عدم تفهم البنوك لذلك ورجوعها علينا في عمولة خطابات الضمان الأجنبية. فهل هناك حرج شرعي من إبلاغ البنك الأجنبي بالرجوع على المستفيد في أية مصاريف ناتجة عن القيام بهذه الخدمة؟
الجواب:
ترى الهيئة أنه لا مانع شرعا في أن يكتب في الاعتمادات أو خطابات الضمان الصادرة من بيت التمويل الكويتي العبارة التالية: (جميع المصاريف تحصل من المستفيد) , أما عمولة خطاب الضمان التي تؤخذ على العميل من قبل مصرف آخر فيجب أن يبين للعميل نفسه وللبنك (الكفيل) بأنه ليس لنا علاقة في ذلك.
بيت التمويل الكويتي فتاوى هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (96)
السؤال:
تقوم المؤسسة العربية لضمان الاستثمار بضمان عمليات التجارة بين الدول العربية فتضمن للمصدر حقه لدى المستورد وذلك من مخاطر مختلفة منها قرارات دولة المستورد بمنع إخراج العملة الأجنبية أو تأمين المستورد أو إفلاس المستورد.
هل يجوز أن نقبل خطابات الضمان هذه من المؤسسة العربية ومقابل ذلك إعطاؤها نسبة من الربح إن وجد مقابل الضمان؟
الجواب:
مدار هذه العملية على أخذ جعل في نظير الضمان وكون الجعل حصة من الربح (إن وجد) هذا لا يغير من جوهر الموضوع وأخذ جعل على الضمان لا يجوز شرعا كما ذهب إليه جمهور الفقهاء.
بنك دبي الإسلامي فتاوى هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية , فتوى رقم (13)
أخذ الأجر على خطابات الضمان
السؤال:
هل يجوز أخذ أجر على إصدار خطاب الضمان؟
الجواب:
بحثت الهيئة موضوع أخذ أجر على إصدار خطابات الضمان وناقشت المسئولين بالبنك في طبيعة هذه الخطابات والخطوات العملية التي يقوم بها البنك لإصدارها واستعرضت الهيئة الفتاوى السابق صدورها في هذا الشأن سواء من هيئات الرقابة الشرعية بالبنوك الإسلامية أو من المؤتمرات والمجامع الفقهية وخاصة ما ورد بفتوى المؤتمر الأول للمصارف الإسلامية المنعقد بدبي عام 1979 وفتوى المرحوم الدكتور / عبد الحليم محمود - شيخ الأزهر الأسبق , وفتوى المجمع الفقهي في دورته الثانية والمنعقدة بمكة المكرمة عام 1406هـ الموافق 1985م , وتبين للهيئة أن هذه الفتاوى تجيز أخذ أجر على خطابات الضمان باعتبارها تتضمن وكالة وكفالة , وترى الهيئة إلى جانب ذلك أنها تتضمن أيضا وجاهة , لأنها كما يقول البعض صنو الضمان , وكان المسلمون في العصور الأولى للإسلام لا يرون أخذ الأجر على الضمان أو الوجاهة وعلة ذلك كما يقولون لأن الشارع جعل الضمان والجاه والقرض لا تفعل إلا لله تعالى , فأخذ العوض عليها سحت وكسب لا يحل.
(كما جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج3 ص 67) .
ثم تغيرت ظروف المجتمع الإسلامي بحيث أصبح أكثر أصحاب الجاه لا يبذلون ضمانهم أو جاههم إلا بأجر , وقد راعى بعض الفقهاء هذا التغير الطارئ على المجتمع في فتاواهم فأجازوا أخذ الأجر على الجاه بشروط معينة هي (إن كان ذو الجاه يحتاج إلى نفقة وتعب وسفر وأخذ مثل أجر مثله فذلك جائز وإلا حرم) , وإضافة إلى ما تقدم فقد طرأ تطورا آخر في العصر الحديث وهو ضخامة حجم المعاملات المطلوب ضمانها مما جعل ضمان الأفراد مهما بلغ ثراؤهم وجاههم غير مقبول في التطبيق العملي , وأصبحت المؤسسات المالية وخاصة البنوك هي التي تقوم بهذا الدور الضروري لمصلحة المجتمع الإسلامي , وهذه المؤسسات يلزمها في قيامها بواجباتها , نفقات مالية لأداء أعمالها , مما يجعل من الضروري أن تتقاضى أجرا مقابل الأعمال التي تقوم بها لإصدار خطابات الضمان , وهو أمر تتوافر له شروط أخذ الأجر على الوجاهة كما جاءت في أقوال الفقهاء الذين أجازوها إلى جانب جواز أخذ الأجر عليها باعتبارها وكالة في بعض الحالات.
والهيئة تأخذ بهذا الرأي بناء على الفتاوى المشار إليها تحقيقا للمصلحة العامة وتأكيدا لفعالية البنك الإسلامي مع تطور المجتمع في العصر الحديث , ويتعين تحديد الأجر الذي يحصله البنك نظير إصدار خطابات الضمان بمبلغ محدد يقدر بمعرفة لجنة من ذوى الخبرة بالبنك , وذلك لكل نوع من أنواع الخطابات على أن يراعى في تقدير هذا الأجر الجهد الفعلي المبذول من جانب البنك لإصدار الخطابات وما تكلفه من مصاريف إدارية حقيقية مع الأخذ بعين الاعتبار تحقيق العدالة بين مصلحة البنك ومسئوليته في الحفاظ على أموال المسلمين وحاجة المتعاملين معه بالتيسير عليهم.
بنك دبي الإسلامي فتاوى هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية , فتوى رقم (25)
السؤال:
ما هو الحكم الشرعي فيما إذا أودع العميل لدى البنك مبلغا وقدره مليون درهم بدون مصروفات ولا فوائد على أن يقوم البنك بإعطاء عميله هذا كتب ضمان في حدود مبلغ الوديعة وزيادة 15 % دون فوائد.
الجواب:
لما كان الأصل في السؤال أن الإيداع في البنك لا يتضمن فائدة محرمة , فإنه يكون جائزا شرعا غير أنه يتعين على المسلم التعامل مع المصارف الإسلامية كلما أمكن ذلك توقيا من الوقوع في الحرام أو الإعانة عليه.
بنك دبي الإسلامي فتاوى هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية , فتوى رقم (73)
السؤال:
تقدم أحد العملاء إلى البنك ولديه مؤسسة لخدمات التأمين ويطلب من البنك خطاب ضمان لتقديمه إلى الجهات المختصة حتى يتمكن من الحصول على تصريح بمزاولة المهنة داخل (دبي) .
فهل يجوز للبنك الإسلامي أن يصدر خطاب ضمان لسمسار الخدمات التأمينية الذي يقوم بتوزيع بوالص تأمين لشركات إسلامية وغير إسلامية.
الجواب:
لا يجوز للبنك إصدار خطاب ضمان لسمسار خدمات تأمينية لدى شركات التأمين غير الإسلامية لما ينطوي عليه من شبهة إقرار شرعية معاملات تلك الشركات.
الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية - الجزء الأول فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله البركة , فتوى رقم (2)
عمولات فتح خطابات الضمان:
الفتوى:
إن وضع جدول عمولات لفتح الاعتماد متفاوتة المقدار تبعا لتفاوت مبلغ الاعتماد لا مانع منه شرعا إذا كانت عمليات الاعتماد المستندي تتضمن مهام تختلف تبعا لاختلاف قيمة الاعتماد لأن الأساس الشرعي للعمولة فيها هو الوكالة وهي تصح بأجر محدد مقطوع أو بنسبة من مبلغ مقطوع. ولا يخفى أن فتح الاعتمادات نفسه يستلزم الضمان لكنه يحصل تبعا ولا يخصص له مقابل بصورة مستقلة مباشرة.
وسواء أخذ مقابل فتح الاعتماد مرة واحدة , أو على دفعتين إحداهما عند فتحه , والثانية عند وصول المستندات كما في الجدول. أما بالنسبة للضمانات واعتماد نفس الطريقة وأخذ المقابل مرة واحدة في البداية بمبالغ متفاوتة حسب مبلغ العملية المضمونة , فانه يلحظ عليه أن المقابل في خطابات الضمان يصح لقاء الخدمة في إصدار الخطاب وفتح الملف وهو لا يختلف بين مبلغ وآخر إلا من خلال نوعية الضمان , لذا يصح التفاوت في المقابل تبعا لتصنيف عمليات الضمان إلى شرائح بحيث يختلف عبء الخدمة بينهما , وليس تبعا لمبلغ الضمان. . . أي خطابات الضمان للهواتف مثلا , للمقاولات العادية , للمقاولات الحكومية الخ. . . . وعليه فان جدول العمولات المتعلقة بفتح الاعتماد مقبول من الناحية الشرعية.
أما بالنسبة للضمانات فيوضع جدول آخر حسب شرائح حالات الضمان المختلفة في طبيعتها.
بنك فيصل الإسلامي المصري فتاوي هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (31)
السؤال:
هل يصح لبنك فيصل الإسلامي أن يصدر أي ورقة من شأنها أن يحصل شخص أو جمعية على مال من أحد البنوك تدفع عنه فوائد ربوية؟
الجواب:
رأت هيئة الرقابة الشرعية أن ذلك لا يجوز شرعا وقررت بإجماع الآراء عدم الموافقة على إصدار خطاب ضمان للجمعية المذكورة ولا يصح لبنك فيصل الإسلامي أن يساعد من يتعامل بالربا أو يضمنه للحصول على مال بفائدة ربوية , في الحديث النبوي (لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه) رواه احمد وأبو داود الترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه.
بنك فيصل الإسلامي المصري فتاوي هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (32)
السؤال:
الرجاء إبداء الرأي الشرعي حول المعاملة التالية:
عبارة عن تعهد كتابي يتعهد بمقتضاه البنك بكفالة أحد عملائه (طالب الإصدار) في حدود مبلغ معين تجاه طرف ثالث , بمناسبة التزام يلقى على عاتق العميل المكفول وذلك ضمانا لوفاء هذا العميل بالتزامه تجاه ذلك الطرف خلال مدة معينة على أن يدفع البنك المضمون عند أول مطالبة خلال سريان خطاب الضمان رغم معارضة المدير:
تنقسم إلى: خطابات الضمان الابتدائية أو المؤقتة , خطابات الضمان النهائية , خطابات الضمان للتمويل (عن دفعات مقدمة - سلفة) , وخطابات الضمان الأخرى.
أ - لتغطية التزامات متعهدي توزيع المنتجات.
ب - لصالح الجمارك إذا وصلت البضاعة ولم تكن المستندات لم تصل بعد.
ويلجأ العملاء إلى البنك لمنحهم تسهيلات ائتمانية تيسر لهم الحصول على خطابات الضمان التي طلبوها دون أن يدفعوا كل قيمتها نقدا وتخضع دراسة طلبات العملاء من هذا النوع من التسهيلات لكافة جوانب الدراسة التي تخضع لها الاعتمادات الشخصية وكذلك الاستعلامات مع التركيز على سمعة العميل ومقدار حرصه على الوفاء بتعهداته وبعده عن المجازفة ومدى مركزه المالي ومدى احتياجاته الفعلية حسب طبيعة عمله ونشاطه وذلك لما ينطوي عليه هذا النوع من التسهيلات الائتمانية من عرضة لأن يتحول من التزام عرفي بالنسبة للبنك إلى مديونية فعلية للعميل إذا ما أخل بالتزامه المكفول من البنك وطالبت الجهات المستفيدة بسداد قيمة الكفالة.
ولا يصدر البنك أي خطاب ضمان إلا بعد توقيع العميل (ضامنه) على عقد إصدار خطاب الضمان كما لا يجوز إصدار خطابات ضمان تخالف الشروط المتفق عليها بالعقد. ويقدم العميل للبنك تأمينا نقديا (أو يقبل على حسابه لدى البنك) ويكون بنسبة من قيمة خطابات الضمان تحددها إدارة البنك , حسب مركز العميل وقوته وسمعته وقد تصل إلى 100
من قيمة الكفالة. . ويمكن أن يكون التأمين أوراقا مالية مملوكة للعميل. ويحصل البنك من العميل على تفويض يخول البنك حق بيع هذه الأوراق في أي وقت دون الرجوع إليه في حالة مصادرة خطاب الضمان من قبل المستفيد.
كما يفوض العميل البنك بخصم باقي قيمة الضمان من حسابه في البنك من أية أموال أخرى تكون له طرف البنك وأن يتعهد في حالة عدم كفاية حسابه بأن يسدد المبلغ بمجرد مطالبة البنك له.
أي أن خطابات الضمان نوعين:
1 - خطابات الضمان التي تصدر بغطاء جزئي وهذه يفتح لها دفتر أستاذ مساعد يسمى (بأستاذ مدينين نظير ضمانات) ويفتح حساب مستقل لكل عميل يوضح به الحد الأقصى المصرح به - قيمة الغطاء - نسبة الغطاء - نوع الضمان - أسماء الضامنين إن وجدوا - مدة التصريح. وهذا النوع الذي يمثل مخاطرة بالنسبة للبنك يتمثل في باقي قيد الضمان الغير مسدد.
2 - خطابات الضمان المغطاة بالكامل.
مصادرة الضمان:
ويصبح خطاب الضمان واجب السداد إذا استخدم المستفيد حقه في تحصيل قيمة الضمان من البنك للأسباب التي يراها المستفيد إذا أخل المكفول بشروط التعاقد مع المستفيد.
ويجب عرض الأمر على الإدارة العامة في حالة مصادرة أي خطاب ضمان صادر من البنك آخذ الرأي والموافقة.
وأحيانا تتم المصادرة بجزء فقط من قيمة خطاب الضمان وليس بكامل قيمته. وفي المصادرة بالكامل يقوم البنك بقيد باقي قيمة خطاب الضمان على حساب العميل الجاري ويصدر شيكا بكامل قيمة الضمان لصالح المستفيد أو أن يتصرف البنك بالمصادرة أو البيع لأي أوراق مالية تكون قد حجزت ضمانا لخطاب الضمان الصادر.
إلغاء الضمانات:
في حالة انتهاء مدة صلاحية الضمان وتنفيذ المكفول لجميع شروط التعاقد بينه وبين المستفيد , يعيد البنك التأمين السابق حجزه عندما قام بإصدار خطاب الضمان من حساب العميل (المكفول) الجاري لديه وذلك شرط أن يعيد خطاب الضمان الأصلي إلى البنك.
العمولات التي يتقاضها البنك هي:
1 - عمولة إصدار خطاب ضمان وهذه يجب تحديدها بمعرفة إدارة البنك وتوافق عليها هيئة الرقابة الشرعية.
2 - عمولات التمديد أو التعديل.
كما يؤخذ رأي هيئة الرقابة في موضوع التأمين النقدي المحجوز عند إصدار خطاب الضمان وهل يمكن استثماره على مستوى طالبي إصدار خطابات الضمان في البنك إذا أخذنا في الحسبان أن مدة صلاحية خطابات الضمان النهائية ومقابل دفعات مقدمة تتجاوز في بعض الأحيان سنة أو سنتين أو ثلاث؟
ويؤخذ الرأي أيضا في - هل يحصل ويقيد البنك عمولاته عن مدة صلاحية خطابات الضمان عن كامل المدة أو تحصل على فترات وهل للشريعة هنا رأي؟
الجواب:
قد استعرضت الهيئة ما ورد بالمذكرة بشأن هذا الموضوع واستقر رأيها على ما يأتي:
1 - عدم موافقة الهيئة على أن يقوم بنك فيصلل الإسلامي المصري بإصدار خطابات ضمان نظير عمولة يتقاضاها.
2 - ترى الهيئة أنه يمكن للبنك حينما يطلب منه العميل إصدار خطاب أن يشارك هذا العميل في العملية المطلوب من أجلها الضمان وذلك بعد دراستها والاطمئنان إلى ظروف مباشرتها , وتجري مثل هذه المشاركة وفقا لأسس المشاركة التي سبق للهيئة أن عرضت لها وضمنتها محاضر اجتماعاتها السابقة.
3 - وعلى ذلك لا ترى الهيئة محلا لبحث موضوع استثمار الغطاء الجزئي لخطاب الضمان حيث لا يوجد في حالة المشاركة احتياج لوجود مثل هذا الغطاء.
4 - وعندما تقوم المشاركة بين البنك وعميله على النحو المتقدم , فان ما يصدره البنك في هذه الحالة من خطابات ضمان لتقديمها إلى الجهة الأخرى المتعاقدة معها (أي البنك وعميله) يعتبر إصدارا من قبله لخطابات ضمان بصدد عملية هو شريك فيها.
وطبيعي أن يتم هذا الإصدار دون عمولة لأن ما يقدمه البنك من جهد في هذه الحالة إنما يدخل ضمن مجهوداته في المشاركة , وهي مجهودات تقابلها مجهودات أخرى من قبل العميل المشارك.
وكما أن المعلوم أن ربح المشاركة ونصيب كل من البنك وشريكه العميل متفق عليه فيما بينهما ومراعى في تحديده ما يقدمه كل شريك من مال وجهد.
5 - وربما يقال أن خطاب الضمان لو غطى بالكامل فلا خوف حينئذ على أموال البنك , ويمكن لهذا الأخير في هذه الحالة أن يتقاضى عمولة من العميل نظير ما يقوم به من جهد.
غير أن هذا القول مردود لأن خطاب الضمان لو غطى نقد يودعه العميل لدى البنك فان هذا الأخير لا بد وأن يسلك أحد طريقين:
أ - فإما أن يستثمر المبلغ المودع لديه غطاء لخطاب الضمان والاستثمار بطبيعته معرض للكسب كما هو معرض للخسارة. ومن ثم فان البنك بإقدامه على استثمار هذا المبلغ يعرض الغطاء لاحتمالات الخسارة والضرر. والأولى أن يتم الاستثمار في صورة المشاركة التي سبقت الإشارة إليها بالبند الثاني بعاليه.
ب - وإما ألا يستثمر البنك المبلغ المودع لديه غطاء لخطاب الضمان. وفي عدم الاستثمار تعطيل لتداول المال واستثماره. وهذا يمثل ضررا كذلك ونفس النتائج تترتب حتى ولو لم يكن الغطاء نقديا , فإذا كان أوراقا مالية مثلا فإن هذه الأوراق بدورها معرضة إما لارتفاع أو انخفاض ثمنها.
بنك فيصل الإسلامي المصري فتاوي هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (33)
السؤال:
الرجاء إبداء الرأي الشرعي في:
خطاب ضمان يريد البنك أن يصدره بالاشتراك مع بنك خارجي لصالح مقاولين بمناسبة دخولهم في مشاريع إنشائية ومعمارية نظير تقاضي أجر وفقا لما تحدده التعريفة المصرية السائدة في البلد الأجنبي.
وقد أوضحت إدارة البنك أن المبالغ التي سوف يحصل عليها البنك مقابل إصدار خطاب الضمان المذكور تتمثل كأجر مقابل أداء المهام التالية:
1 - الأجر الذي يتقاضاه البنك هو مقابل الدراسة التي يتعين إعدادها بواسطة أجهزة البنك المختلفة عن النواحي المالية والاقتصادية والفنية الخاصة بالعميل وكذا العملية موضوع خطاب الضمان المطلوب.
2 - بعد إصدار خطاب الضمان فان البنك يقوم بناء على طلب العميل ببعض الأعمال المرتبطة بخطاب الضمان المذكور مثل تحصيل المستحقات المختلفة عن العملية موضوع الخطاب المذكور.
3 - إن البنك يقوم بالرقابة والمتابعة المستمرة لمعرفة مدى ما يقوم به من صدر لصالحه خطاب الضمان من تنفيذ الالتزامات التي صدر من أجلها خطاب الضمان.
الجواب:
جاء بكتاب فتح القدير للكمال بن الهمام في باب الكفالة ج 5 ص 403 ما نصه:
(والكفالة بمال جائزة وإن كان المال المكفول به مجهول المقدار وبه قال مالك وأحمد والشافعي في القديم وقال في الجديد هو وابن أبي ليلى والليث والمنذر لا تجوز بالمجهول لأنه التزام مال مجهول فلا يجوز فلا بد من تعيينه لوقوع المماكسات في مبادلة المال بالمال - والكفالة عقد تبرع كالنذر لا يقصد به سوى ثواب الله أو رفع الضيق عن الصديق) .
وهكذا كان القوم يقومون بالكفالة والضمان للمال كعمل أدبي لا يقصد من ورائه سوى ثواب الله ورفع الضيق عن الصديق.
وعلى هذا الأساس أصدرت الهيئة قرارها السابق بعدم الموافقة على إصدار خطابات ضمان فقط أي مجردة من العمل نظير عمولة وانه يمكن للبنك إصدار خطابات الضمان في مشاركات البنك مع العميل في العمليات المطلوب من أجلها الضمان بالمصاريف الفعلية التي تدخل ضمن مصاريف المشاركة.
ولما كانت إدارة البنك قد أوضحت ما تقوم به من أعمال من أجل الضمان الذي يريد البنك أن يصدره بالاشتراك مع بنك القاهرة السعودي (جدة) وأوضحت أن الأجر سيكون عن هذه الأعمال الموضحة.
ولما كان الأمر كذلك وكانت النصوص الفقهية على نحو ما أوضحنا فان الهيئة ترى أن إصدار خطاب الضمان فقط دون أي عمل آخر من البنك لا يستوجب أجرا على الضمان طبقا لرأي الهيئة السابق - أما إذا كان خطاب الضمان سيكبد البنك الأعمال التي أشارت إليها المذكرة التكميلية المقدمة من إدارة البنك وذلك قبل إصدار الخطاب وبعد إصداره وان البنك سيقوم بدراسة العملية المطلوب من أجلها خطاب الضمان قبل إصداره كما سيقوم بتحصيل المستحقات المستحقة للعميل عن العملية موضوع الخطاب بعد إصداره ويقوم أيضا بالرقابة والمتابعة المستمرة لمعرفة مدى ما يتم وينفذ من العملية موضوع خطاب الضمان إلى غير ذلك من الأعمال.
ولما كان ذلك وكانت إدارة البنك قد أوضحت بأن ما سيتقاضاه البنك لإصدار خطاب الضمان المذكور على النحو الموضح إنما يتمثل في أجر مقابل أداء هذه المهام التي سيقوم بها البنك - ومعنى هذا أنه لا يأخذ الأجر على الضمان بل على الأعمال.
ولما كان الأمر كذلك فانه لا مانع من أن يأخذ البنك أجرا في الحدود والضوابط الشرعية نظير ما يقوم به من عمل نيابة عن العميل الذي صدر له خطاب الضمان وليس أجرا عن الضمان - ويكون البنك في هذه الحالة بمثابة وكيل عنه في الأعمال المشار إليها يتقاضى أجرا عن عمله.
بنك فيصل الإسلامي المصري فتاوي هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (34)
السؤال:
الرجاء إبداء الرأي الشرعي في القرض الحسن المقدم من إحدى الهيئات وتطلب من البنك تعهدا بسداد قيمة هذا القرض على مدى أربعة وعشرين عاما.
الجواب:
ترى الهيئة أنه لا مانع من قبول القرض الحسن ما دام هذا القرض لا يجر أية منفعة للمقرض بأي صورة من الصور , كما لا ترى مانعا من أن يصدر البنك خطاب ضمان يتعهد فيه بسداد هذا القرض إلى المقرض خلال المدة المتفق عليها بشرط ألا يزيد مجموع الأقساط المسددة من البنك عن أصل القرض المقدم من المقرض.
بنك قطر الإسلامي فتاوي هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (38)
السؤال:
هل يجوز أن تكون المبالغ المودعة للعميل في المصرف بحسابه الجاري أو المودعة في شكل ودائع استثمارية غطاءا نقدية لخطاب الضمان؟
الجواب:
ترى الهيئة أنه إذا كان للعميل حساب جاري أو ودائع استثمارية فيمكن أن تكون غطاءا نقديا لخطاب الضمان على أن ينص على ذلك في الاتفاق مع استمرار اشتراك الودائع الاستثمارية في الأرباح.
بنك قطر الإسلامي فتاوي هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (55)
السؤال:
أثار فضيلة الدكتور علي السالوس موضوع الأجر على خطاب الضمان وطرح فتوى الهيئة لإدارة المصرف " بأن على المصرف ألا يأخذ أجرا على الضمان المجرد وإنما يكون الأجر على العمل المصاحب له وعلى إدارة المصرف أن تبحث عن أسس لتقدير هذا الأجر بحيث لا يوضع في الاعتبار المبالغ المكفولة وإنما ينظر للعمل نفسه كما قد ينظر إلى ثمراته وعلى أن يعرض هذا على هيئة الرقابة الشرعية لاعتماده وإقراره؟
الجواب:
بعد المناقشات المختلفة بين السادة أصحاب الفضيلة وإدارة المصرف أوصى المجتمعون بأن تقوم الإدارة بإعداد تعريفة جديدة تؤخذ على الكفالة والاعتمادات المستندية بحيث لا يوضع في الاعتبار المبالغ المكفولة وإنما ينظر للعمل نفسه وللثمرة المتحققة عنه.
وقد قامت إدارة المصرف بإعداد التعريفة المطلوبة كما جاء في محضر اجتماع الهيئة رقم 23 بحيث تحصل عمولة 10
من الثمرة على أساس أن الثمرة 25
من قيمة الكفالة المطلوبة وقد تم وضع تعريفة متكاملة وافقت عليها هيئة الرقابة الشرعية وأباحت للإدارة حرية التنازل عن جزء من العمولة إن رأت ذلك.
بنك قطر الإسلامي فتاوي هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (69)
السؤال:
أقرت هيئة الرقابة الشرعية بموجب محضر اجتماعها رقم (4) في 4 / 10 / 83 الموافق 28 / 12 / 1403هـ مبدأ حصول المصرف على جعل نظير إصدار خطابات الضمان مقابل ما يتحمله المصرف من جهد ومخاطر ويتم تحديد هذا الجعل على أساس نسبة من المبلغ غير المغطى من خطابات الضمان المصدرة بغض النظر عن مدة تلك الخطابات ولكن لوحظ وجود تحفظ على ذلك من قبل فضيلة الدكتور / علي السالوس.
نرجو التكرم بإبلاغنا القرار النهائي بشأن العمولة المحصلة على الكفالات مع العلم بأن المصرف يتقاضى عمولة مقدارها ثلاثة أثمان في المائة على جميع الكفالات (المحصل عليها تأمين جزئي أو بدون تأمين) وبحد أدنى مقداره 50 ريال؟
الجواب:
لا يزال هذا الموضوع يأخذ حظه من البحث لوضع الصياغة المناسبة لعملية الأتعاب وقد طلب السيد / المدير العام أن يؤجل بحث موضوع خطاب الضمان إلى جلسة قادمة.
بنك قطر الإسلامي فتاوي هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (37)
السؤال:
يرجى إفتائنا في مدى جواز حصول المصرف على أجر في حالة إصدار الكفالة المجردة؟
الجواب:
ترى الهيئة أن الكفالة المجردة لا اجر عليها وإنما الأجر على العمل المصاحب لها ويجوز أن تكون للضمان ما يقابله إذا دخل في عقد آخر.
بنك فيصل الإسلامي السوداني فتاوي هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (9)
السؤال:
يقوم البنك بضمان عملية المتقدم لفتح خطاب ضمان تجاه جهة ثالثة يقوم ذلك العميل بالالتزام بتقديم عمل لها أو يقوم بتوريد مواد أو بضاعة معينة لها وذلك في حدود زمن محدد ونسبة معينة من تكلفة العملية يتعهد البنك بالوفاء بها لتلك الجهة فور مطالبتها حالة فشل العميل بالوفاء بالتزاماته تجاهها.
ويعتبر البنك وكيلا عن العميل في تنفيذ الالتزام في مواجهة المستفيد , أو كفيلا وضامنا للعميل لدى الدائن.
وسواء تم تكييف هذه العلاقة على أنها عقد وكالة أو عقد كفالة أو أي لفظ آخر يأخذه الضمان عند إصدار خطاب الضمان يكون أجرا أو عمولة حسب ما يقرره البنك لخدماته نظير قيامه بهذه الخدمة التي تمنح العميل ميزة لدى الجهة الثالثة وضمانا أقوى.
هل يعتبر هذا النوع من العمل من وجهة النظر الشرعية حلالا أو تحول حوله أي شبهة؟
الجواب:
تعريف خطاب الضمان الوارد في هذا الاستفسار , وحالات خطابات الضمان التي أصدرها البنك تدل على أن هذه المعاملة عقد كفالة: الكفيل فيه البنك والمكفول العميل , والمكفول له الطرف الثالث المستفيد , وذلك لأن الكفالة هي ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة (بدين أو عين أو نفس) , فالذمة المضمونة في خطاب الضمان هي ذمة البنك - الكفيل - والذمة المضمون إليها هي ذمة العميل - المكفول - وهي المطالب في الأصل فالبنك يلتزم في خطاب الضمان لدى الطرف الثالث - الكفول له بتأدية ما على العميل من الحق في حالة فشله في الوفاء.
ويترتب على نفاذ الكفالة , ثبوت الحق للمكفول له مطالبة الكفيل بما يطالب به الأصلي , ولا يشترط عند جمهور الفقهاء تعذر مطالبة الأصيل بل يكون للمكفول له مطالبة من يشاء منهما أو ومطالبتهما معا , والرأي المرجوع إليه عن مالك أنه لا يجوز مطالبة الكفيل إلا عند تعذر الاستيفاء من الأصيل ورأي المالكية هذا ينطبق على خطاب الضمان تماما , لأن مطالبة البنك في خطاب الضمان لا تكون إلا في حالة فشل العميل في الوفاء بالتزاماته , وبما أن الكفالة مشروعة باتفاق الفقهاء فان خطاب الضمان يكون مشروعا أيضا , هذا بالنسبة لخطابات الضمان التي ليس لها غطاء.
أما خطابات الضمان التي لها غطاء كلي أو جزئي فانها تتضمن الوكالة والكفالة معا , إذ يمكن اعتبار البنك في هذه الحالة وكيلا بالنسبة للعميل في أداء ما أودعه للطرف الثالث عند طلبه , واعتباره - أي البنك - ضامنا بالنسبة للطرف الثالث , لأن هذا الطرف الثالث لا يطالب العميل وإنما يطالب البنك بناء على ضمانة لا بناء على وكالته , ولا يهمه أن يؤدي البنك له ما يطلبه من ماله الخاص أو مما أودعه عنده العميل.
ولا مانع شرعا من خطاب الضمان على هذا التكييف لأن الوكالة عقد مشروع باتفاق الفقهاء أيضا.
أخذ الأجر أو العمولة على خطاب الضمان:
انتهينا إلى أن خطاب الضمان جائز شرعا في حالتيه: الحالة الأولى التي يكون فيها بغير غطاء واعتبرنا العقد في هذه الحالة عقد كفالة , والحالة التي يكون فيها بغطاء - كامل أو جزئي - واعتبرنا العقد هنا عقد وكالة وكفالة معا: وكالة بالنسبة لعلاقة البنك مع العميل , وكفالة بالنسبة لعلاقة البنك مع الطرف الثالث , وبقي أن نعرف حكم أخذ البنك أجرا في كل من الحالتين.
الحالة الأولى:
لا يجوز للبنك أن يأخذ أجرا في هذه الحالة إذا كان هذا الأجر نظير خطاب الضمان , لأنه يكون قد أخذ أجرا على الكفالة وهو ممنوع لأن الكفالة من عقود التبرعات , قال الحطاب: (ولا خلاف في منع ضمان بجعل , لأن الشرع جعل الضمان والقرض والجاه لا يفعل إلا لله بغير عوض , فأخذ العوض عليه سحت وعلل ابن عابدين المنع بأن " الكفيل مقرض في حق المطلوب وإذا اشرط له الجعل مع ضمان المثل فقد شرط له الزيادة على ما أقرضه فهو باطل لأنه ربا ") .
أما إذا كان الأجر الذي يأخذه البنك نظير ما قام به من خدمة ومصاريف تتطلبها إجراءات إكمال خطاب الضمان فلا مانع شرعا.
الحالة الثانية:
يجوز أن يأخذ البنك أجرا في هذه الحالة وهي الحالة التي يصدر فيها خطاب الضمان بغطاء , لأن في هذه الحالة يكون على أساس الوكالة , والوكالة تجوز بأجر وبغير أجر.
وخلاصة الجواب أن الهيئة ترى جواز إصدار خطابات الضمان في الصورة والحالات المستفسر عنها , وترى أيضا جواز أخذ أجر على إصدار خطابات الضمان شريطة أن يكون هذا الأجر نظير ما يقوم به البنك من خدمة لعملائه بسبب إصدار هذه الخطابات , ولا يجوز بأخذ البنك أجرا لمجرد كونه ضامنا للعميل.(2/73)
الاعتمادات المستندية
تعريف الاعتمادات المستندية
تعريف الاعتماد المستندي هو تعهد كتابي صادر من المصرف بناء على طلب مستورد لصالح مورد , يتعهد فيه المصرف بدفع ثمن السلع المصدرة للمستورد طالب فتح الاعتماد , متى قدم المورد المستندات المتعلقة بالسلع والشحن , على أن تكون هذه المستندات مطابقة لشروط الاعتماد.
ويستعمل الاعتماد المستندي في تمويل التجارة الخارجية , وهو يمثل في عصرنا الحاضر الإطار الذي يحظى بالقبول من جانب سائر الأطراف الداخلين في ميدان التجارة الدولية بما يحفظ مصلحة هؤلاء الاطراف جميعا من مصدرين ومستوردين.
فبالنسبة للمصدر: يكون لديه الضمان - بواسطة الاعتماد المستندي - بأنه سوف يقبض قيمة البضائع التي يكون قد تعاقد على تصديرها وذلك فور تقديم وثائق شحن البضاعة إلى البنك الذي يكون قد أشعره بورود الاعتماد.
وبالنسبة للمستورد فإنه يضمن كذلك أن البنك الفاتح للاعتماد لن يدفع قيمة البضاعة المتعاقد على استيرادها إلا بتقديم وثائق شحن البضاعة بشكل مستكمل للشروط الواردة في الاعتماد المستندي المفتوح لديه.
أطراف التعامل في الاعتمادات المستندية
ويشترك في الاعتماد المستندي أربعة أطراف هي:
أولا: المستورد وهو الذي يطلب فتح الاعتماد , ويكون الاعتماد في شكل عقد بينه وبين المصرف فاتح الاعتماد. ويشمل جميع النقاط التي يطلبها المستورد من المصدر
ثانيا: المصرف فاتح الاعتماد وهو المصرف الذي يقدم إليه المستورد طلب فتح الاعتماد , حيث يقوم بدراسة الطلب. وفي حالة الموافقة عليه وموافقة المستورد على شروط المصرف , يقوم بفتح الاعتماد ويرسله إما إلى المستفيد مباشرة , أو إلى أحد مراسليه في بلد المصدر.
ثالثا: المصرف المراسل (مبلغ الاعتماد) وهو الذي يقوم بتبليغ الاعتماد على النحو التالي:
- أما أن يقوم بدور الوسيط بين المصرف فاتح الاعتماد والمصدر دون أي التزام عليه. وقد يقوم بدفع قيمة المستندات إلى المصدر عند تقديمها له ضمن شروط الاعتماد
- أو يقوم بتبليغ الاعتماد إلى المستفيد ويضيف عليه تعزيزه. وحينئذ يكفل دفع القيمة للمصدر بشرط أن تكون هذه المستندات مطابقة لشروط الاعتماد.
رابعا: المستفيد وهو المصدر الذي يقوم بتنفيذ شروط الاعتماد في مدة صلاحيته.
وفي حالة ما إذا كان تبليغه بالاعتماد معززا من المصرف المراسل في بلده , فإن كتاب التبليغ يكون بمثابة عقد جديد بينه وبين المصرف المراسل , وبموجب هذا العقد يتسلم المستفيد ثمن البضاعة إذا قدم المستندات وفقا لشروط الاعتماد.
أما إذا ورد إليه الاعتماد مباشرة بواسطة المصرف فاتح الاعتماد , فحينئذ يقوم ببيع (مستندات الاعتماد) إلى المصرف في بلده شريطة أن تكون مطابقة لشروط الاعتماد.
أنواع الاعتمادات المستندية
هذا وقد تكون الاعتمادات المستندية مغطاة كليا أو جزئيا. فالاعتماد المغطى كليا هو الذي يقوم طالب الاعتماد بتغطية مبلغه بالكامل للمصرف , ليقوم المصرف بتسديد ثمن البضاعة للبائع لدى وصول المستندات الخاصة بالبضاعة إليه. أما الاعتماد المغطى جزئيا فهو الذي يقوم فيه المصرف بدفع جزء من ثمن البضاعة من ماله الخاص.
وتتخذ الاعتمادات المستندية صورا مختلفة يمكن تصنيفها من حيث قوة التعهد (أي مدى التزام البنوك بها) إلى نوعين هما الاعتماد القابل للإلغاء والاعتماد القطعي (غير القابل للإلغاء) .
والنوع الأول نادر الاستعمال حيث لم يجد قبولا في التطبيق العملي من قبل المصدرين لما يسببه لهم من أضرار ومخاطرة , ذلك أن الاعتماد القابل للإلغاء يمنح ميزات كبيرة للمستورد فيمكنه من الانسحاب من التزامه , أو تغيير الشروط أو إدخال شروط جديدة في أي وقت شاء دون الحاجة إلى إعلام المستفيد , غير أن التعديل أو النقض لا يصبح نافذا إلا بعد أن يتلقى المراسل الإشعار الذي يوجهه إليه المصرف فاتح الاعتماد لهذا الغرض , بمعنى أن المصرف فاتح الاعتماد يكون مرتبطا تجاه المستفيد بدفع قيمة المستندات في حال أن هذا الدفع قد تم من قبل المصرف المراسل قبل استلام علم التعديل أو الإلغاء.
أما الاعتماد القطعي أو غير القابل للإلغاء , فهو الذي لا يمكن إلغاؤه أو تعديله إلا إذا تم الاتفاق والتراضي على ذلك من قبل جميع الأطراف ذات العلاقة , ولا سيما موافقة المستفيد , فيبقى المصرف فاتح الاعتماد ملتزما بتنفيذ الشروط المنصوص عنها في عقد فتح الاعتماد. وهذا النوع من الاعتمادات المستندية هو الغالب في الاستعمال لأنه يوفر ضمانا أكبر للمصدر لقبض قيمة المستندات عند مطابقتها لشروط وبنود الاعتماد.
ويمكن تقسيم الاعتماد القطعي إلى قسمين اعتماد معزز واعتماد غير معزز.
فبموجب الاعتماد المستندي غير المعزز يقع الالتزام بالسداد للمصدر على عاتق المصرف فاتح الاعتماد , ويكون دور المصرف المراسل في بلد المصدر مجرد القيام بوظيفة الوسيط في تنفيذ الاعتماد نظير عمولة , فلا الزام عليه إذا أخل أحد الطرفين بأي من الشروط الواردة في الاعتماد.
أما في الاعتماد القطعي المعزز فإن المصرف المراسل في بلد المصدر يضيف تعهده إلى تعهد المصرف الذي قام بفتح الاعتماد , فيلتزم بدفع القيمة في جميع الظروف ما دامت المستندات مطابقة للشروط , وبالتالي يحظى هذا النوع من الاعتمادات بوجود تعهدين من مصرفين (المصرف فاتح الاعتماد والمصرف المراسل في بلد المستفيد) فيتمتع المصدر المستفيد بمزيد من الاطمئنان وبضمانات أوفر بإمكانية قبض قيمة المستندات.
وبطبيعة الحال لا يطلب البنك فاتح الاعتماد تعزيز الاعتماد من البنك المراسل إلا عندما يكون ذلك جزءا من شروط المصدر على التاجر المستورد , فقد لا توجد حاجة لذلك إذا كان المصرف فاتح الاعتماد هو أحد البنوك العالمية المشهورة لعظم ثقة الناس بها.
كما أن البنوك المراسلة لا تقوم بتعزيز الاعتمادات إلا إذا توافرت عندها الثقة بالبنك المحلي فاتح الاعتماد , ويكون ذلك نظير عمولة متفق عليها.
كما يمكن تقسيم الاعتماد المستندي من حيث الفترة الزمنية للدفع (أي من ناحية التنفيذ) إلى اعتماد اطلاع , واعتماد قبول أو لأجل , واعتماد الدفعات المقدمة.
أما اعتمادات الاطلاع فهي التي يدفع البنك فاتح الاعتماد بموجبها كامل قيمة المستندات المقدمة فور الاطلاع عليها والتحقق من مطابقتها للاعتماد , ثم يقوم بإبلاغ عميله طالب فتح الاعتماد بوصول المستندات ويطلب منه توقيعها وتسلمها ودفع قيمتها كاملة مع العمولات المضافة (أو ما بقي من قيمتها على افتراض أنه سلم دفعة مقدمة عند فتح الاعتماد) أو يقيد ذلك فورا على حسابه. وهذا النوع هو أكثر الاعتمادات شيوعا.
وأما اعتمادات القبول أو الدفع الآجل , فهي التي ينص فيها على الدفع بموجب كمبيالات يسحبها البائع المستفيد ويقدمها ضمن مستندات الشحن , على أن يستحق تاريخها في وقت لاحق معلوم. والمسحوبات المشار إليها أما أن تكون على المشتري فاتح الاعتماد , وفي هذه الحالة لا تسلم المستندات إلا بعد توقيع المشتري بما يفيد التزامه بالسداد في التاريخ المحدد لدفعها. وأما أن تكون مسحوبة على البنك فاتح الاعتماد الذي يتولى نيابة عن المشتري توقيعها بما يفيد التزامه بالسداد في الأجل المحدد لدفعها. أو يسحبها على المشتري ويطلب توقيع البنك الفاتح بقبولها أو التصديق عليها.
وأما اعتمادات الدفعات المقدمة أو الاعتمادات ذات الشرط الأحمر , فهي اعتمادات قطعية يسمح فيها للمستفيد بسحب مبالغ معينة مقدما بمجرد إخطاره بالاعتماد , أي قبل تقديم المستندات. وتخصم هذه المبالغ من قيمة الفاتورة النهائية عند الاستعمال النهائي للاعتماد , وسميت هذه الاعتمادات بهذا الاسم لأنها تحتوي على هذا الشرط الخاص الذي يكتب عادة بالحبر الأحمر للفت النظر إليه.
هذا ويمكن أيضا تقسيم الاعتمادات من حيث الصورة والشكل إلى ثلاثة أنواع:
الأول: هو الاعتماد القابل للتحويل الذي ينص فيه على حق المستفيد في الطلب من البنك المفوض بالدفع أن يضع هذا الاعتماد كليا أو جزئيا تحت تصرف مستفيد آخر , ويستخدم هذا النوع غالبا إذا كان المستفيد الأول وسيط أو وكيل للمستورد في بلد التصدير , فيقوم بتحويل الاعتماد بدوره إلى المصدرين الفعليين للبضاعة نظير عمولة معينة أو الاستفادة من فروق الأسعار.
والثاني: هو الاعتماد الدائري أو المتجدد بحيث تتيح شروطه تجديد قيمته بصورة تلقائية مرة أو أكثر دون الحاجة إلى تعديل بقية شروطه. وهذا النوع قليل الاستخدام ولا يفتح في العادة إلا لعملاء ممتازين يثق البنك في سمعتهم , ويستعمل خصوصا لتمويل بضائع متعاقد عليها دوريا.
والثالث: هو الاعتماد مقابل لاعتماد آخر أو الاعتماد الظهير ويشبه هذا النوع الاعتماد القابل للتحويل حيث يستعمل في الحالات التي يكون فيها المستفيد من الاعتماد الأصلي وسيطا وليس منتجا للبضاعة كأن يكون مثلا وكيلا للمنتج , وفي هذه الحالة يقوم المستفيد بفتح اعتماد جديد لصالح المنتج بضمانة الاعتماد الأول المبلغ له. ويستخدم هذا الأسلوب خصوصا إذا رفض المستورد فتح اعتماد قابل للتحويل أو في حالة طلب المنتج شروطا لا تتوفر في الاعتماد الأول , وعادة ما تكون شروط الاعتماد الثاني مشابهة للاعتماد الأصلي باستثناء القيمة وتاريخ الشحن وتقديم المستندات التي تكون في الغالب أقل وأقرب ليتيسر للمستفيد الأول إتمام العملية وتحقيق الربح من الفرق بينهما.
الرسوم المستوفاة عند فتح الاعتمادات
وبعد عرض أنواع الاعتمادات , نأتي إلى الرسوم التي يستوفيها البنك عند فتح الاعتماد ,
فهناك رسوم يستوفيها البنك لنفسه مثل عمولة فتح الاعتماد وعمولة تمديد وتعديل الاعتماد عند طلب ذلك من قبل عميله المستورد.
وهناك رسوم يستوفيها البنك لغيره مثل عمولة البنك المراسل وعمولة التعزيز. وتخضع هذه الرسوم في بعض البلدان لقوى العرض والطلب في الأسواق , وفي بعض البلدان الأخرى يصدر البنك المركزي (تعرفة) لهذه الرسوم تتضمن الحد الأعلى لما يمكن للبنك أن يطالب به عملاءه الذين يفتحون الاعتمادات.
وغالبا ما تحسب رسوم فتح الاعتماد ورسوم تعديله بناء على مبلغ الاعتماد ومدته , بينما تكون رسوم التبليغ (إرسال تلكس) ورسوم التعزيز بمبلغ مقطوع.(2/74)
اتفق العلماء المعاصرون على جواز تعامل المصارف الإسلامية في الاعتمادات المستندية إذا خلت من المحظورات الشرعية. ولكن تنوعت تكييفاتهم الفقهية لهذه العمليات , ونعرض هنا أهم تلك التكييفات وفقا لنوعية الاعتماد.
الاعتماد المستندي القابل للإلغاء
في الاعتماد المستندي القابل للإلغاء , يقتصر دور المصرف فاتح الاعتماد في تنفيذ أوامر عميله المشتري (المستورد) بخصوص فحصه للمستندات وسداده الثمن , ويمكن له تعديل أو إلغاء الاعتماد القابل للنقض دونما حاجة لإخطار المستفيد مسبقا. كما يقتصر دور المصرف المراسل في تبليغ الاعتماد إلى المستفيد دون أي التزام من جانبه ما خلا الاهتمام بالتحقق من صحة ظاهر الاعتماد الذي يبلغه.
فكل من المصرف فاتح الاعتماد والمصرف المراسل لا يخرج تصرفهما عن تصرف الوكيل , فهما ينفذان أوامر الاعتماد دون أي تعهد أو التزام من جانبهم. والوكالة من الأعمال المقبولة شرعا , ويجوز أخذ الأجر عليها.
الاعتماد المستندي القطعي
في الاعتماد المستندي القطعي , يقع الالتزام بالسداد للمصدر على عاتق المصرف فاتح الاعتماد الذي يقدم تعهدا ثابتا من جانبه بالدفع عند استلام المستندات أو في التواريخ المتفق عليها طبقا لشروط الاعتماد. وفي هذه الحالة يختلف التكييف الشرعي للعلاقة بين المصرف فاتح الاعتماد وعميله بحسب الاتفاق المبرم بينهما:
- فإذا كان الاعتماد مغطى كليا: بحيث يقوم طالب الاعتماد بتغطية مبلغه بالكامل للمصرف , ليقوم المصرف بتسديد ثمن البضاعة للبائعين لدى وصول المستندات إليه. فلا شك أن العلاقة بين الطرفين تكون حينئذ على أساس الوكالة , إذ لا يتضمن الاعتماد تقديم تمويل من قبل المصرف وإنما يتم التمويل جميعه من قبل العميل نفسه , فما يؤديه المصرف من خدمات في هذا الموضوع إنما يكون بتفويض من قبل العميل وهو يقوم بها كوكيل عنه , ويجوز له أخذ نظير تلك الخدمات أجرا محددا يتفق عليه مع العميل سواء كان محددا بمبلغ مقطوع أو بنسبة من مبلغ الاعتماد.
ولكن لا يجوز شرعا احتساب ذلك الأجر (أو ما يسمى في العرف المصرفي عمولة إصدار خطاب الاعتماد المستندي) على أساس مدة الاعتماد , وإنما يتم الحساب على أساس تقدير الجهد المبذول والتكلفة التي يتحملها المصرف عند إصدار خطاب الاعتماد المستندي وما يسبق ذلك من دراسة وتقييم لأوضاع العميل المالية للتثبت من مدى ملاءته وقدرته على الوفاء بالتزاماته. ولا مانع حينئذ من وضع جدول عمولات متفاوتة المقدار تبعا لتفاوت مبلغ الاعتماد إذا كان اختلاف المبلغ يتطلب جهدا متفاوتا لاختلاف الدراسات والصلاحيات الإدارية والمتابعة , فيكون المبلغ قرينة على كمية الجهد.
وحيث يتصرف المصرف تصرف الوكيل عند قيامه بإجراءات فتح الاعتماد , فإنه يحق له أخد كامل مبلغ الاعتماد من العميل , كما يحق له أيضا الحجز على حساب الوديعة الاستثمارية الخاصة به أو على حسابه الجاري لديه. ويعتبر الحجز على الوديعة الاستثمارية منعا للشريك من حق الاسترداد الجزئي أو الكلي لحصته مع بقاء ربحها له , وذلك لضمان إمكانية المقاصة بين الالتزام الناشئ عن فتح الاعتماد وبين تلك الحصة. كما يعتبر الحجز من الحساب الجاري الخاص بالعميل اتفاق على امتناع المقرض (صاحب الحساب الجاري) من استرداد القرض خلال مدة الحجز ليظل صالحا للمقاصة فيصبح للقرض في هذه الحالة أجل محدد وهذا الأجل ملزم للمقرض أخذا بمذهب المالكية القائلين بأن الأجل في القرض ملزم.
- وإذا كان الاعتماد غير مغطى كليا بحيث يستخدم المصرف أمواله في تنفيذ الاعتماد , فإن التطبيق العملي لذلك يمكن أن يكون على حالتين:
في الحالة الأولى يتم عقد بيع البضاعة بين عميل المصرف بصفته المشتري والبائع المستفيد من الاعتماد , ويتحدد دور المصرف من ناحية في تنفيذ إجراءات الاعتماد بصفته وكيلا عن العميل , وفي ضمان العميل فاتح الاعتماد تجاه البائع المستفيد من ناحية أخرى , فيكون المصرف كفيلا بالدين الثابت في ذمة عميله , ويلتزم بدفع ثمن البضاعة حين وصول المستندات. وهنا يجمع المصرف بين صفتي الوكيل والكفيل , ولا يحق له أخذ أجر مقابل الكفالة ذاتها لأن الإجماع منعقد على عدم جواز الأجر على الضمان , ولكن يطيب له أخذ الأجر مقابل الخدمات التي يقدمها على أن يكون ذلك في حدود الجهد المبذول والتكلفة التي يتحملها عند إصدار خطاب الاعتماد وما يسبق ذلك من دراسة وتقييم لأوضاع العميل المالية للتثبت من مدى ملائمته وقدرته على الوفاء بالتزاماته.
وفي الحالة الثانية يدخل المصرف في هذه المعاملة كطرف رئيسي , فعقد البيع لا يتم بين عميل المصرف والبائع وإنما يتم بين هذا الأخير والمصرف مباشرة. ولا يطلب العميل هنا فتح اعتماد لفائدة البائع المستفيد بل يطلب من المصرف شراء المبيع من البائع مباشرة ويقدم وعدا بشراء هذا المبيع بسعر متفق عليه بعد أن يتسلمه المصرف , ويتبين أن صيغة المعاملة تتحول إلى بيع المرابحة للآمر بالشراء الذي تجريه البنوك الإسلامية. وعليه يفتح المصرف الاعتماد باسمه لفائدة البائع المستفيد , ويلتزم بدفع الثمن أصالة عن نفسه , ثم بعد استلام المبيع يتعاقد مع العميل الواعد بالشراء لبيعه له.
- وإذا كان الاعتماد مغطى جزئيا بحيث يقدم العميل جزءا من قيمة الاعتماد , ويستخدم المصرف أمواله الخاصة لتغطية الجزء غير المغطى , فإن التطبيق العملي يمكن أيضا أن يكون على من حالتين:
في الحالة الأولى يتم عقد بيع البضاعة بين عميل المصرف بصفته المشتري والبائع المستفيد من الاعتماد , ويكون المصرف وكيلا بالنسبة لتنفيذه إجراءات الاعتماد وكفيلا بالنسبة للمقدار الباقي من الالتزام أي الجزء غير المغطى. فالمصرف يجمع بين صفتي الوكيل والكفيل , وتنطبق عليه الأحكام المقررة من عدم جواز أخذ الأجر على الضمان , واقتصار العمولة على أجر الوكالة في حدود الجهد المبذول والتكلفة التي يتحملها المصرف عند إصدار خطاب الاعتماد.
وفي الحالة الثانية يدخل المصرف في هذه المعاملة كطرف رئيسي , وهذا ما تطبقه بعض البنوك الإسلامية. فيكون المصرف شريكا بالأموال لعميله , ويتحول العقد من وكالة أو كفالة مجردة إلى مشاركة في عملية استثمارية تخضع لقواعد المشاركات الشرعية , ويحصل فيها المصرف على نسبة من أرباح العملية وليس عمولة أو أجرا محددا نظير عمله.
ويترتب على هذه الصيغة مسئولية التزام البنك بالسداد في العقد المبرم بين المستفيد من الاعتماد وبين عميل المصرف فاتح الاعتماد الذي يكون حينئذ شريكا للمصرف. وفي تطبيق هذا الأسلوب عادة ما يدخل المصرف شريكا في العملية حتى إحضار البضاعة , ويكون للعميل الحق في تملكها بعد إحضارها عن طريق تقييم البضاعة وتثمينها مرة أخرى بالاتفاق مع البنك , كما يتم أيضا بيع حصة المصرف عن طريق بيع المرابحة.
الاعتماد المستندي القطعي المعزز
إذا كان الاعتماد المستندي غير معزز من قبل المصرف المراسل بحيث يقتصر دوره على مجرد القيام بوظيفة الوسيط في تنفيذ الاعتماد نظير عمولة , ولا الزام عليه بالسداد إذا توقف المصرف فاتح الاعتماد عن الدفع , فإن تصرف المصرف المراسل وتنفيذه لإجراءات الاعتماد لا يخرج عن كونه من أعمال الوكالة الجائزة , سواء قلنا بأنه وكيل عن المستفيد في قبض الثمن أو وكيلا عن المصرف فاتح الاعتماد في تبليغ الاعتماد وتنفيذه قبل المستفيد.
أما إذا كان الاعتماد معززا بحيث يضيف المصرف المراسل تعهده إلى تعهد المصرف الذي قام بفتح الاعتماد , فيلتزم بدفع القيمة في جميع الظروف ما دامت المستندات مطابقة للشروط , ويجمع في هذه الحالة بين صفتي الوكيل والكفيل , فتنطبق عليه الأحكام المقررة فيهما.(2/75)
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) , فتوى رقم (149)
السؤال:
جرى العرف في البنوك التجارية أنه في حالة فتح اعتماد عادي بعملة أجنبية مع وجود تعليمات من العميل بأن تخصم قيمة الاعتماد من حسابه الجاري بنفس عملة الاعتماد أن تستوفي البنوك في هذه الحالة عمولة تعويضية عن عدم تحصيل فرق العملة حيث أن البنوك تأخذ عمولة على بيع العملة الأجنبية وفي هذه الحالة تحرم من مثل هذه العمولة فهل يجوز لبيت التمويل الكويتي استيفاء مثل هذه العمولة؟
الجواب:
لا يجوز شرعا لأنه أكل لأموال الناس بالباطل.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثالث) , فتوى رقم (201)
السؤال:
ما هو الرأي الشرعي بالنسبة إلى طلب فتح اعتماد الذي يوجهه العميل إلى المصرف الإسلامي لفتح اعتماد نقدي دون أن يتضمن تفاصيل واضحة عن البضاعة مواصفاتها وكمياتها وأوزانها وسعرها حيث يذكر فقط نوعها مثل سكر أو أرز أو ملابس ويشار فقط إلى أن تفاصيل البضاعة هي حسب ما ورد بالعقد رقم. . . .. بتاريخ. . . .. المحرر بين المصدر والمستورد فهل يقبل البنك مثل هذا التفويض رغم ما يكتنفه من جهالة حول أهم شرط فيه وهو البضاعة؟ علما بأن هذا النص لا يتعارض مع اللائحة الدولية للاعتمادات.
الجواب:
في حالة فتح اعتماد ولحساب العميل فإن عمل بيت التمويل هو الوكالة والوكالة تقبل التخصيص والتعميم والاطلاق والتقييد وتتخصص وتتقيد أيضا بالعرف فإذا كانت الأعراف التجارية صالحة لإزالة الجهالة المفضية للنزاع فالوكالة صحيحة وعلى الوكيل أن يعمل ما يقتضيه ذلك العرف وفق الناحية الإدارية المصلحية وعلينا أن نطلب من طالب الاعتماد تسديد المبلغ كاملا إن أمكنه وإلا فعلينا أن نستوثق بكفالة أو رهن خارجي أو على البضاعة نفسها مع التثبت معادلتها لمبلغ الاعتماد.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثالث) , فتوى رقم (203)
السؤال:
الموضوع عمولة خطابات الضمان وتعزيز الاعتمادات أنه من المعلوم والمتفق عليه أن بيت التمويل لا يتقاضى عمولة على إصدار خطابات الضمان أو على تعزيز الاعتمادات المستندية حيث يأخذ بالقاعدة التي تفيد أن لا أجر على كفالة , وقد اعتبرت عمولة خطابات الضمان في حكم المعاملات المحرمة.
وعلى ذلك لم يكن بيت التمويل يتدخل بالإشارة أو باللفظ بالنسبة لطريقة تحصيل عمولة الضمان التي تتقاضاها البنوك الخارجية مقابل تقديم كفالتهم.
وقد تمت الموافقة على اجتماع الهيئة التاسع والخمسين , وأصبح بالإمكان إضافة الفقرة الآتية بخطابات الضمان أو الاعتمادات المستندات وهي: (جميع المصاريف تحصل من المستفيد) فهل مجرد تغيير اللفظ من العمولة إلى المصاريف يجعلها في حكم المعاملة الشرعية أم أن العبرة بجوهر الكلمة وليس بلفظها؟
علما بأن المفهوم بين البنوك أن الضمانات تحصل عنها البنوك التجارية عمولة وليس مصاريف.
الجواب:
قررت الهيئة كتابة نص جواب السؤال المطروح في محضر الهيئة التاسع والخمسين مع الإضافة ونصه:
1 - ترى الهيئة أنه لا مانع شرعا في أن يكتب في الاعتمادات أو خطاب الضمان الصادر عن بيت التمويل العبارة التالية (جميع المصاريف الفعلية تحصل من المستفيد) وأضيف: أما عمولة خطاب الضمان التي تؤخذ على العميل من قبل مصرف آخر فيجب أن يبين للعميل نفسه وللبنك (الكفيل) بأنه ليس لنا علاقة بتقاضي العمولة وذلك لان بيت التمويل الكويتي لا يتقاضى عمولة على خطابات الضمان ولا لخطابات التعزيز.
كما يجب إفهام المصدر والبنوك الأجنبية هذا الأمر.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثالث) , فتوى رقم (206)
السؤال:
يتقدم العميل لفتح اعتماد مرابحة وأحيانا نطلب منه ضمانات معينة قد تكون ودائع أو حسابات توفير تحجز قيمة الاعتماد من هذه الحسابات كضمان ويفتح بناء عليه الاعتماد.
ما هو الحكم الشرعي في ذلك؟ وما هو الحكم الشرعي إذا تم الحجز من الحساب الجاري الخاص بالعميل؟
الجواب:
إن الحجز الذي تم على حساب التوفير أو الوديعة الخاصين بطالب فتح الاعتماد هو عبارة عن منع للشريك من حق الاسترداد الجزئي أو الكلي لحصته في المشاركة بعد أن كان مسموحا له بذلك من شريكه (المصرف) وهذا الحجز لضمان إمكانية المقاصة بين الالتزام الناشئ عن فتح الاعتماد وبين تلك الحصة سواء كانت وديعة أو حساب توفير علما بأن ربحهما يظل لصاحب الحساب أو الوديعة.
أما الحجز من الحساب الجاري الخاص بالعميل فهو عبارة عن اتفاق على امتناع المقترض (صاحب الحساب الجاري) من استرداد القرض خلال مدة الحجز ليظل صالحا للمقاصة فيصبح للقرض في هذه الحالة أجل محدد وهذا الأجل ملزم للمقرض (صاحب الحساب) أخذا بمذهب المالكية القائلين بأن الأجل في القرض ملزم. . . والله اعلم.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثالث) , فتوى رقم (210)
السؤال:
تقوم إدارة الاعتمادات بفتح الاعتمادات النقدية لحساب عملائها وتتقاضى 0. 5 عمولة مقابل ما تقوم به من أعمال.
والسؤال هو:
في بعض الأحيان يتم فتح الاعتماد بموجب تلكس كما يتم تعديله بالتلكس أيضا وقد جرت عادة البنوك التجارية أن تحصل من العميل على عمولة بالإضافة إلى أجرة التكلس الحقيقية فهل يجوز لبيت التمويل الحصول على مثل هذه العمولة أم تعتبر عمولته من ضمن الأجر (العمولة) السابق تحصيلها وهي ال 0. 5
وطبعا ما يطبق على أجرة التلكس يطبق على أجور البريد وما شابهها.
هل يجوز أن يأخذ أجرة عن التعديل الذي يتم إرساله عن طريق التلكس , مع العلم بأن العميل يعلم شروطنا هذه وبالنسب المعلنة لجميع العملاء.
الجواب:
بما أن بيت التمويل الكويتي يقوم بفتح الاعتمادات لعملائه بصفته وكيلا عنهم يجب عليه أن يعلن لهم شروط النسب المعلنة من البداية بالنسبة للعمولات والخدمات التي تخص الاعتمادات.
وإذا جرت خدمة غير معلنة النسبة فيحكم فيه حسب العرف التجاري.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثالث) , فتوى رقم (212)
السؤال:
يطلب من بعض العملاء الذين يرغبون في فتح اعتماد مستندي أن يقدموا مبلغا من المال كشرط للسير في إجراءات فتح الاعتماد التي يقوم بدور الوكيل بأجر فضلا عن دورنا في الكفالة دون مقابل عنها , وقد يتم ذلك عن طريق حجز المبلغ المتفق عليه في حسابه الجاري. فهل يجوز هذا التصرف وما تكييفه الشرعي؟
الجواب:
أن بيت التمويل الكويتي في قيامه بإجراءات فتح الاعتماد هو وكيل ومن حق الوكيل بالتعاقد والدفع قبض المبالغ المتعلقة بتنفيذ الوكالة فالمبالغ التي يقبضها هنا - أو يحجزها - هي مال طالب فتح الاعتماد وريعه له وهو بيد الوكيل للقيام بدفعها عند الحاجة بموجب وكالة الدفع , وليس للموكل هنا حق استردادها لتعلق حق الغير بها من حين فتح الاعتماد.
أما الكفالة فهي بالنسبة للمقدار الباقي من الالتزام عدا النسبة المدفوع مبلغها وهي بدون مقابل لأن المقابل هو عن أعمال الوكالة.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثالث) , فتوى رقم (214)
السؤال:
هل يجوز إضافة العمولة التي تتقاضاها إدارة الاعتمادات من الإدارة التجارية واحتسابها من ضمن المصاريف التي يتحملها العميل في عمليات المرابحة؟
الجواب:
بعد الدراسة المستفيضة تبين أنه لا يجوز إضافة العمولة التي تتقاضاها إدارة الاعتمادات من الإدارة التجارية , بل لا يجوز للإدارة التجارية إضافة العمولة الأساسية كذلك لأن هذه العمولة حطها بيت التمويل , فلا تعتبر مصاريف إضافية على ثمن السلعة في صفقات المرابحة.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثالث) , فتوى رقم (215)
السؤال:
هل بالإمكان مقاسمة بنوكنا المراسلة فيما تحصل عليه من عمولة من المصدرين في بلدهم بسبب فتح اعتماداتنا المستندية عليهم وهي ما تسمى بعمولة مداولة مستندات الشحن. وهل يعتبر المبلغ المحصل من حق بيت التمويل أم يجب أن يرد إلى حساب عميل بيت التمويل سواء للاعتماد النقدي أو المرابحة.
الجواب:
يجب إعلام العميل بأنك سوف تحصل على عمولات من البنك الخارجي فتكون العمولات لك. أما إذا لم تعلن عنها فهي للعميل. أما اعتماد المرابحة إذا كان معلوما بأنه يعطي فيحسم من أصل المبلغ طبقا لأحكام المرابحة.
فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله البركة الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية الجزء الأول , فتوى رقم (2)
الفتوى:
إن وضع جدول عمولات لفتح الاعتماد متفاوتة المقدار تبعا لتفاوت مبلغ الاعتماد لا مانع منه شرعا إذا كانت عمليات الاعتماد المستندي تتضمن مهام تختلف تبعا لاختلاف قيمة الاعتماد لأن الأساس الشرعي للعمولة فيها هو الوكالة وهي تصح بأجر محدد مقطوع أو بنسبة من مبلغ مقطوع. ولا يخفى أن فتح الاعتمادات نفسه يستلزم الضمان لكنه يحصل تبعا ولا يخصص له مقابل بصورة مستقلة مباشرة.
وسواء أخذ مقابل فتح الاعتماد مرة واحدة , أو على دفعتين إحداهما عند فتحه , والثانية عند وصول المستندات كما في الجدول.
أما بالنسبة للضمانات واعتماد نفس الطريقة وأخذ المقابل مرة واحدة في البداية بمبالغ متفاوتة حسب مبلغ العملية المضمونة , فإنه يلحظ عليه أن المقابل في خطابات الضمان يصح لقاء الخدمة في إصدار الخطاب وفتح الملف وهو لا يختلف بين مبلغ وآخر إلا من خلال نوعية الضمان , لذا يصح التفاوت في المقابل تبعا لتصنيف عمليات الضمان إلى شرائح بحيث يختلف عبء الخدمة بينهما , وليس تبعا لمبلغ الضمان. . . أي خطابات الضمان للهواتف مثلا , للمقاولات العادية , للمقاولات الحكومية الخ. . . . وعليه فإن جدول العمولات المتعلقة بفتح الاعتماد مقبول من الناحية الشرعية.
أما بالنسبة للضمانات فيوضع جدول آخر حسب شرائح حالات الضمان المختلفة في طبيعتها.
فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله البركة الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية الجزء الأول , فتوى رقم (3)
الفتوى:
لا يجوز شرعا احتساب عمولة إصدار خطاب الاعتماد المستندي على أساس مدة الاعتماد , وإنما يتم حساب العمولة على أساس تقدير الجهد المبذول والتكلفة التي يتحملها البنك عند إصدار خطاب الاعتماد المستندي وما يسبق ذلك من دراسة وتقييم لأوضاع العميل المالية للتثبت من مدى ملاءته وقدرته على الوفاء بالتزاماته سواء تم حسابها بمبلغ مقطوع , أو تبعا لمبلغ الاعتمادات إذا كان اختلاف المبلغ يتطلب جهدا متفاوتا لاختلاف الدراسات والصلاحيات الإدارية والمتابعة , فيكون المبلغ قرينة على كمية الجهد.
فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله البركة الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية الجزء الأول , فتوى رقم (4)
الفتوى:
إن التعاملات المتعلقة بالسجاير ينبني حكمها على حكم السجاير نفسها , وان الآراء الفقهية قد اختلفت في حكم تدخين السجاير شرعا خلافا واسعا منذ ظهور التبغ , ما بين التحريم أو الكراهية أو الإباحة , وان القول المختار هو الكراهة بوجه عام , والتحريم في حق من كان للتدخين تأثير صحي خاص في الإضرار ببدنه بتقرير الاطباء , أو الإضرار بوجوه أخرى مثل تعطيل واجب ديني كعبادة أو حق لعياله أو غيرهم.
وان الموقف في الأمور المختلف في حكمها هو الإرشاد وليس الإنكار , كما أن الأصل ترك المكروه إلا حيث تفوت بتركه مصالح أهم من موضوعه , كما هو الحال في السؤال , وهو أن إحدى الشركات الراغبة في فتح اعتماد ذاتي لدى البنك لتوريد السجاير - بدون تمويل - لها نشاطات أخرى تريد تحويلها للبنك إذا أتيح لها التعامل معه في هذا المجال أي هي تريد تحويل جميع أنشطتها جملة إلى البنك , وليس بعضها.
وعليه فإن تحقيق مصلحة توجه الشركة إلى التعامل بعيدا عن الربا هو سبب مرجح على ترك ما هو مكروه , ولا سيما مع القيد المشار إليه وهو عدم التمويل للاعتماد. فضلا عن أثر الاختلاف في أصل الموضوع. وتهدر هذه المصلحة لو كان موضوع التعامل حراما. . .
أما القات فإن آراء الفقهاء المعاصرين اتجهت إلى تحريمه (إلا بعض علماء اليمن) وان الاطباء يدرجونه في المواد المخدرة وقد تأكدت آثاره الضارة في تعطيل متعاطيه عن واجباته الدينية والدنيوية (بعد فترة التأثير الأولى المنشطة) . وهذه المفسدة أرجح من المصلحة المبتغاة من تقديم خدمات مباشرة من البنك للشركة لاستيرادها له , لا سيما مع كون الخلاف في حكم القات ليس معتبرا , بل هو من قبيل المحرمات عند أغلب الفقهاء كما أشرت , وهو المختار.
أما فتح حساب تحت الطلب لشركة القات فلا مانع منه لأنها خدمة عامة غير مخصصة للتعامل في القات.
لذا لا مانع , في الحال المشار إليها في السؤال من فتح اعتماد ذاتي لتوريد السجاير , دون توريد القات , والأولى الامتناع من ذلك.
بنك قطر الإسلامي فتاوى هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (68)
السؤال:
وافقت هيئة الرقابة الشرعية بموجب محضر اجتماعها رقم (2) في 19 / 12 / 1403 الموافق 26 / 9 / 1983م , بأن يحصل البنك عمولة على الاعتمادات المستندية المغطاة بالكامل باعتبارها جعلا نظير الخدمات والجهد المبذول وكذلك بالنسبة للاعتمادات غير المغطاة بغطاء جزئي على أن تقاس هذه العمولة بقدر الجهد والخدمة التي يقدمها المصرف وكذلك المخاطر التي يتعرض لها المصرف عن الجزء غير المغطى.
نرجو التكرم بإفادتنا عما إذا كانت هذه الموافقة تشمل الاعتمادات المستندية الخاصة بعمليات المرابحات أم لا. لأنه في حالة إذا ما اشتملت اعتمادات المرابحات يكون المصرف قد احتسب عمولات على نفسه لأنه مالك للبضائع والسلع المشتراة بواسطة هذه الاعتمادات.
فما هو الرأي الشرعي؟
الجواب:
إن الاعتماد المستندي ريعه يذهب للمساهمين كخدمات مصرفية على حساب قسم الاستثمار الذي يذهب ريعه لأصحاب الودائع الاستثمارية بما فيها أموال المساهمين المستثمرة فيكون ذلك من تكلفة البضاعة وبالتالي فهذا الإجراء عادل من وجهة نظر هيئة الرقابة الشرعية.
بنك فيصل الإسلامي المصري فتاوى هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (29)
السؤال:
ما هو رأي الهيئة في أنواع الاعتمادات المستندية التالية:
1 - اعتماد مستندي قابل للإلغاء - وهو لا ينشئ أية علاقة قانونية بين البنك والمستفيد (المصدر) واستخدام هذا النوع قليل وأتعاب البنك أقل.
2 - اعتماد مستندي غير قابل للإلغاء وفيه يلتزم البنك التزاما قاطعا غير قابل للرجوع فيه بأن يدفع أو يقبل كمبيالات مسحوبة عليه أو على المستورد إذا قدمت إليه المستندات المطابقة لشروط الاعتماد.
3 - اعتماد مستندي معزز. . . أي المعزز من قبل بنك موجود في بلد المصدر الذي يرغب في أن يتأكد من الرجوع على بنك موجود في بلده أيضا. . . وعادة يكون الاعتماد غير قابل للإلغاء ومعززا في نفس الوقت.
4 - الاعتماد الدائري. . . ويتجدد مبلغه تلقائيا بنفس الشروط خلال عدد معين من الفترات بحيث إذا تم استعماله خلال فترة منها تحددت قيمته بالكامل خلال الفترة التي تليها وإذا لم يستعمل كامل المبلغ خلال نفس الفترة فيجوز حتمها إلى القيمة في الفترة التالية كما لا يجوز حتمها حسب الاتفاق.
5 - اعتماد مستندي قابل للتحويل. . . وهو الذي يمكن تحويل حق استعماله إلى شخص آخر يحدده المستفيد المذكور في الاعتماد. . . ويجوز تحويله إلى أكثر من مستفيد إذا نص الاعتماد على ذلك.
6 - اعتمادات مستندية مضادة:
وهي تماثل الاعتمادات القابلة للتحويل إلا أن الاعتماد الثاني يكون مختلفا في المبلغ والأسعار وصلاحية (أي آجلة) واختلاف اسم المستفيد الجديد والمشتري عن اسم المستفيد والمشتري في الاعتماد الأول.
وعندما يقدم المورد الفعلي مستندات الشحن عن الاعتماد الثاني ويحصل على قيمته ويطلب البنك من المستفيد الأول استبدال الفواتير بأخرى صادرة منه طبقا للأسعار الواردة في الاعتماد الأول.
فما هو رأي هيئة الرقابة في مثل هذا النوع من الاعتمادات؟
الجواب:
عمليات الاعتمادات المستندية الوارد بيانها تفصيليا بالمذكرة تباشرها البنوك الإسلامية في إطار المشاركة مع عملائها ومن ثم يصبح لكل شريك (بما في ذلك البنك) نصيبا في الناتج عن هذه العمليات.
أما إذا كان عميل البنك يقوم بنفسه بتغطية كامل قيمة الاعتماد - ومن ثم لا تقوم مشاركة بينه وبين البنك في العملية موضوع الاعتماد - فإن للبنك في هذه الحالة أن يتقاضى عمولته باعتبارها أجر عما بذله من جهد وعمل وليست فائدة ربوية.
بنك فيصل الإسلامي المصري فتاوى هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (30)
السؤال:
الرجاء إبداء الرأي الشرعي فيما يلي:
إن بعض العملاء يتقدم لبنك فيصل الإسلامي المصري يطلب فتح اعتمادات مستندية عن غير طريق المشاركات مع سداد جزء من قيمة الاعتماد المستندي وتعهدهم بسداد باقي القيمة في صورة سندات لصالح البنك مستحقة الدفع في التاريخ المتفق عليه وهو تاريخ استلام البنك المراسل لبنك فيصل مستندات الشحن المطلوبة - وعلى ذلك فإن البنك لا يستخدم أي قدر من أمواله في خلال الفترة من تاريخ فتح الاعتماد حتى تاريخ وصول إخطار البنك المراسل إليه بما يفيد تقديم مستندات الشحن وبالتالي تحميل حساب بنك فيصل لديه بقيمة المستندات.
وبنك فيصل عندما يرد إليه إخطار البنك المراسل يقوم بتحصيل باقي قيمة الاعتماد أي قيمة السندات السابق توقيع العميل عليها والموجودة تحت يد البنك.
وتطلب إدارة البنك الإفادة بالرأي الشرعي؟
الجواب:
1 - إذا كانت عملية الاعتمادات المستندية لا تتضمن تقديم تمويل من قبل البنك وإنما يتم التمويل جميعه من قبل العملاء أنفسهم وان ما يؤديه البنك من خدمات في هذا الموضوع إنما يكون بتفويض من قبل عملائه ويقوم بها البنك كوكيل عن العميل ويأخذ نظير تلك الخدمات إجراء محددا يتفق عليه مع العميل وليس نسبة مئوية من قيمة العملية - فيكون ما يأخذه البنك في هذه الحالة نظير خدماته هو أجر وكالة ولا مانع منه شرعا.
2 - إذا كان العميل قد قدم جزءا من قيمة الاعتماد فقط وان البنك سيستخدم جزءا من أوله فإنه في هذه الحالة يجب أن يحصل على نسبة من أرباح العملية وتكون العملية مشاركة بالأموال ولا يصح أن يأخذ البنك أجرا نظير مبلغه أو نسبة محددة من المبلغ المقدم لأن هذه مشاركة بالمال في عملية استثمارية تخضع لقواعد المشاركات الشرعية.
ولما كان الموضوع المعروض الآن وقد أبدت إدارة البنك بشأنه أنها لا تستخدم أي قدر من أموال البنك فيه لأن السندات المقدمة من العميل بباقي قيمة العملية مستحقة السداد في تاريخ قيام مراسل البنك في الخارج بتحميل حساب البنك بالقيمة الكلية للبضائع المصدرة - وعلى ذلك فإن بنك فيصل الإسلامي لا يستخدم أي جزء من أمواله خلال الفترة المنقضية منذ إصداره لخطاب الاعتماد وحتى التاريخ الذي يقوم فيه البنك المراسل له بتحميل حساب بنك فيصل بقيمة البضائع المصدرة وواضح أنه في هذا التاريخ يحق لبنك فيصل تحصيل قيمة سندات العميل التي سبق أن وضعها تحت يده.
ولما كان الواضح مما ذكر أن البنك لم يستخدم أمواله في هذه العملية وإنما قام بخدمات للعميل بشأن هذا الاعتماد نيابة عنه ويستحق عن هذه الخدمات أجرا.
ترى الهيئة أنه لا مانع من أن يباشر بنك فيصل الإسلامي المصري عمليات فتح الاعتمادات المستندية على الوجه المتقدم دون تحميل عميله أي أعباء سوى الأجر المستحق له عن الجهود والأعمال التي قام بها لتنظيم هذه العمليات إلى أن تتم ويكون كوكيل عن عميله يستحق أجر وكالة عن عمله في الحدود والضوابط الشرعية.
ولزيادة الاستيضاح فقد ناقشت الهيئة إدارة البنك وتبين أن البنك يحصل نظير فتح الاعتمادات المستندية على أجر يتفاوت من عملية لأخرى وذلك وفق شرائح أعدتها إدارة البنك تحدد مبالغ مقطوعة يتقاضاها البنك في كل حالة حسب الشريحة التي تتفق مع قيمة الاعتماد.
وترتكز إدارة البنك في تحديد هذه الشرائح إلى أن دراسة الاعتماد والبت في طلب العميل المتعلق به يتم على مستويات مختلفة داخل إطار إدارة البنك بدءا من مدير الإدارة المختص إلى مجلس إدارة البنك ذاته إذا تطلب الأمر , وبالتالي فإن تكلفة الدراسة المشار إليها تختلف حسب مستوى الهيئة المسئولة القائمة بالدراسة.
والهيئة ترى أنه لما كان ما يؤخذ هو أجر نظير عمل اتفق عليه مع العميل.
ولما كان الأجر يختلف من حالة لأخرى تبعا لمقدار الخبرات المتطلبة في البحث الذي يتكبده البنك في شأن ذلك , الأمر الذي يقتضي اختلاف الأجر. ولما كان العملاء قد ارتضوا ذلك فيما بينهم وبين البنك الذي يقوم بالعمل وليس في هذا الأجر أية شبهة من فائدة أو ربا إذ هو أجر نظير عمل ارتضاه الطرفان فلا ترى الهيئة لذلك ما تضامن من إجازته على أن يكون الأجر في الحدود المتعارفة في الأجور.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثالث) , فتوى رقم (199)
السؤال:
نموذج مقدم من إدارة الاعتمادات المستندية يخص توكيل شخص بشراء بضاعة باسم بيت التمويل الكويتي وشحنها باسم البيت ووعد العميل بإمكانية شرائها بعد شحنها باسم البنك.
النموذج:
السادة / بيت التمويل الكويتي المحترمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,
يرجى الإحاطة أننا قد تلقينا عرضا من السادة:. ......
لتصدير البضائع الآتية إلى الكويت:. ....
حسب الفاتورة الأولية رقم. ........ بتاريخ. ..... . .
والأسعار المذكورة تسليم: (1) . ..... الكويت (. ... ) ,
(2) . ..... الكويت (. . . ..) ,
(3) . ..... (. ... ) .
ويتم التأمين عليها بمعرفة. .... . , علما بأن الشحن سيتم حوالي تاريخ
. ....... من. ...... إلى الكويت مباشرة وذلك بدون مناقلة من سفينة
إلى أخرى.
على الباخرة:. .... . .
على الطائرة:. .. . .
على الشاحنة:. .........
وبناء عليه يرجى إعطائنا موافقتكم على أن نقوم بتمثيلكم في انتقاء واختيار البضاعة المذكورة بعد التحقق من مواصفاتها ونوعيتها وصحتها وأسعارها وشحنها لكم ونوافق أيضا على أن نشتري البضاعة المذكورة منكم بطريق المرابحة بعد شحنها إليكم إذا ما وافقتم على ذلك الهامش بربح قدره. . ...
من تكلفة البضاعة.
هذا. . . وإننا نضمن لكم المصدر المذكور فيما يتعلق بحسن تنفيذه لشحن تلك البضاعة باسمكم على أكمل وجه علما بأن مستندات الشحن سترسل إليكم برسم التحصيل (. ....) .
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام , , ,
الاسم:
رقم الحساب:
تليفون رقم:
الجواب:
تمت الموافقة على النموذج (أعلاه) وعند وصول المستندات فهي تعتبر قبولا بالبيع على الإيجاب الصادر من البيت عن طريق وكيله.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثالث) , فتوى رقم (200)
السؤال:
في بعض الأحيان يتم فتح اعتمادات استيراد بناء على وعد من العملاء بشراء البضائع موضوعها بطريق المرابحة وفي بعض الأحيان تصل البضائع قبل وصول مستندات الشحن المتعلقة بها وقبل معرفتنا بتكلفة البضائع بالدينار الكويتي في الوقت الذي يرغب فيه عملاؤنا في شراء البضائع واستلامها فهل يجوز في تلك الحالة تعديل طريقة البيع من نظام المرابحة إلى نظام البيع بالمساومة؟
وتجدون طيه مشروع عقد بيع بضائع بطريق الممارسة. . يرجى التكرم بالاطلاع على شروطه واعتمادها مع صورة الخطاب المرسل للواعد بالشراء.
الجواب:
بما أن ما تم بين العميل وبين بيت التمويل الكويتي لا يزيد عن أنه (رغبة ووعد) فلذا يمكن في أي فترة قبل توقيع العقد تعديل الرغبة المشتركة إلى صورة أخرى من التعاقد باتفاق الطرفين وفي هذه المسألة يجوز باتفاق الطرفين أن يتم إجراء العقد بطريق المساومة دون اعتبار لرأس المال في تقدير الثمن وبصرف النظر عما تضمنه التواعد السابق في أنه مرابحة.
ملاحظة: تمت الموافقة على الصيغة المقترحة للرغبة والوعد مع طلب تعديل بالفقرة المخصصة (وحتى لا تتحمل البضائع رسوم أرضية فلا مانع لدينا من بيع البضاعة موضوع تلك المستندات لكم بطريق المساومة (الممارسة) بعد الاتفاق على ثمن البيع.
وتمت الموافقة على الصيغة المقترحة لعقد البيع.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثالث) , فتوى رقم (202)
السؤال:
تقدم إلينا عميل برغبة ووعد بالشراء لبضاعة ومن ضمن شروط هذه الرغبة أن نقوم بدفع مبلغ مقدما حال فتح الاعتماد وقبل تسلم البضاعة من المصدر.
هل يجوز لنا زيادة الربح في مثل هذه الحالة بما يغطي فترة بين دفع المبلغ للمصدر والمتعاقد مع الراغب في الشراء؟
الجواب:
تحديد الربح في العقد يتم بالاتفاق بين البائع والمشتري بما يتراضيان عليه ولا أثر للاعتبارات الباطنة التي روعيت في التحديد ومن حق البائع أن يزيد في الربح سواء كان مبلغا مقطوعا أو نسبة مئوية دون ربط الأجل. وهنا ينظر إن كان قد حصل التواعد على مقدار الربح ثم ترتب على شروط فتح الاعتماد تعجيل مبلغ إلى المصدر فلا أثر لهذا على المرابحة لأن رأس المال لم يزد عما هو. أما إن كان التواعد لم يحصل وإنما هي مساومة فيمكن للطرفين تعديل نسبة الربح التي تتضمنها الرغبة والوعد بالشراء.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثالث) , فتوى رقم (204)
السؤال:
عملية مرابحة دفعت عليها رسوم أرضية بضاعة استوردت من إيطاليا ووصلت إلى ميناء الكويت ولكن المستندات تأخرت مما ترتب رسوم أرضية (رسوم تخزين في الجمارك) وسبب التأخير هو البنك الخارجي والبريد. والواعد بالشراء يرفض تحمل ذلك فما الحل الشرعي؟ وطرح السيد الرئيس السؤال التالي:
ما هي الصلة بين المصدر وبين بيت التمويل؟
الجواب:
يتحمل بيت التمويل رسوم الأرضية التي وجبت قبل العقد بينه وبين الواعد وقبل تمكين الواعد من تسلم البضاعة حتى لو كان العلم بها متأخرا بعد العقد والتمكين وهذه الرسوم التي يدفعها بيت التمويل الكويتي لا يصح إلحاقها بالثمن في بيع المرابحة لعدم التعارف على ضمها إلى الثمن كتكاليف.
أما ما يجب من رسوم أرضية بعد العقد والتمكين للواعد في تسلم البضاعة فيتحملها المشتري. ويجب شرعا أن تكون الصلة التعاقدية وآثارها والتزاماتها بين بيت التمويل الكويتي وبين المصدر. لا بين المصدر والواعد وينبغي إفهام المصدر ذلك.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثالث) , فتوى رقم (205)
السؤال:
تواعدنا مع عميل على بضاعة (سكر) وبعد فتحنا الاعتماد وصلت الأوراق إلى بيت التمويل فأخبرنا العميل بموجب الأوراق أن البضاعة شحنت ويستطيع الحضور للتعاقد واستلامها وبعد ذلك تبين أن المستندات مزورة.
وعند مطالبة العميل بالتعويض مقابل الإقرار والضمان الموقع من قبله كضمان للمصدر أبدى العميل تحفظ حول كيف يمكن مطالبته بالتعويض في الوقت الذي أرسلنا له كتاب يبين استلام البضاعة؟
الجواب:
المطالبة بالتعويض لا علاقة لها بالمواعدة ولا بإجراءات التعاقد والتسليم وإنما هي نتيجة كفالة سابقة حيث كفل الواعد المصدر في حسن أداء ما يتم التعامل به معه. وأن يتحمل (العميل) كل ما يترتب على مخالفة المصدر لأي مواصفات أو قيود يترتب على مخالفتها تبعة مالية وهو ما يعرف بضمان الدرك.
فمسئولية الواعد ناشئة عن الكفالة لا عن المواعدة وما بعدها من إجراءات ومنها إجراء مخاطبته للحضور للتعاقد.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثالث) , فتوى رقم (208)
السؤال:
عند حدوث تلف أو فقدان كلي للبضائع المؤمن عليها تحت اعتمادات مرابحة تعوض شركات التأمين بيت التمويل الكويتي بالقيمة الكلية للبضاعة زائدا 10
فما حكم التصرف في هذه الزيادة بعد حسم المصروفات علما بأنه إذا ما رغبنا في رد المبالغ إلى شركات التأمين الدافعة للتعويض فإنه ليست هناك ضمانات عملية تؤكد بأن المبالغ المسترجعة سوف تضاف إلى حسابات الشركة الحقيقية خصوصا بعد إقفال ملف التعويض منذ فترة طويلة - كما أنه في الوقت نفسه ليس هناك تأكيد بأن لا تضاف هذه المبالغ إلى الهيئات التبشيرية أو تلك التي تدعو لمحاربة الإسلام والمسلمين لأن هذه الشركات ليست شركات وطنية يمكن الاطمئنان إلى أن أوجه صرف المبالغ المستردة إليها سوف لا تكون موجهة ضد المسلمين , كما أنه أيضا لا يمكن الرجوع إليها عند حدوث مشاكل مستقبلية.
الجواب:
نظرا إلى أن تعويضات التأمين المدفوعة من شركات تأمين خارجية إذا أعيد إليها ما زاد عن الضرر الفعلي ليست هناك ضمانات لوصولها إلى شركات التأمين الخارجية نفسها لأن أنظمتها ليس فيها مثل هذا المبدأ ويخشى أن تؤخذ لغيرها كالموظفين الذين تصل إلى أيديهم ويخشى توجيهها إلى جهات معادية للإسلام ولهذا تعامل معاملة الفوائد بأن لا يتملكها من آلت إلى يده وهو بيت التمويل الكويتي بل يصرفها في وجوه الخير العامة.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثالث) , فتوى رقم (216)
السؤال:
نتقدم لكم بالاستفسار الآتي آملين أن تفيدونا بالفتوى الشرعية الخاصة.
بالنسبة لاعتمادات المرابحة يقوم بيت التمويل باحتساب تكلفة البضاعة يوم الدفع. وإضافة نسبة معينة كربح له عن عملية البيع للعميل يوم الدفع وإضافة نسبة معينة كربح له عن عملية البيع للعميل وكلما زادت المدة زادت النسبة والاستفسار للحالة الآتية:
إذا كان من شروط الاعتماد دفع دفعة مقدمة للمصدر , تصل بعدها البضاعة بعد حوالي 3 شهور ويدفع باقي القيمة عن وصول البضاعة , فهل يجوز لبيت التمويل ادخال هذه المدة عند احتساب نسبة الربح الخاصة به؟
مثال توضيحي: عند شراء بضاعة بالمرابحة بمبلغ 100 دينار مثلا , وطلب العميل السداد بعد سنة يكون احتساب الربح كالآتي: 100 دينار 10
= 10 د. ك.
في الحالة الخاصة بالسؤال:
- سيتم دفع الربع مثلا مقدما في 1 / 1 / 89 ,
- الثلاث أرباع في 1 / 4 / 89 عند وصول البضاعة ,
- وسيتم السداد بعد سنة من 1 / 4 / 89 , أي في 1 / 4 / 90 ,
الدفعة المقدمة 25 دينار 10
لمدة 15 شهرا = 3. 125 د. ك
الدفع عند وصول البضاعة 75 دينار 10
لمدة سنة = 7. 500 دينار
أي يصبح إجمالي الربح 10. 625 دينار أي تصبح النسبة 10. 625
بدلا من 10
. والفرق واضح أنه عبارة عن احتساب الربح عن مدة الثلاثة أشهر للدفعة المقدمة , فهل الحساب بهذه الطريقة جائز أم لا؟
وفي الختام أرجو الموافقة على حضوري أثناء مناقشة الاستفسار للإدلاء بأي تفاصيل تطرحونها بخصوص هذا الأمر.
الجواب:
من الواجب معرفة تكلفة البضاعة قبل الدخول في المرابحة , كما أن المرابحة يجوز فيها المساومة في الربح ولا بد عند التعاقد من معلومية التكلفة ومعلومية مقدار الربح بالمبلغ أو بالنسبة.
فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله البركة الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية الجزء الأول , فتوى رقم (6)
الفتوى:
إن التأمين النقدي المشار إليه هو في الواقع (عربون) , ولا علاقة له بفتح الاعتماد المستندي للتمويل بالمرابحة , لأن فتح الاعتماد في هذه الحال يكون على مسئولية البنك , لأنه يشتري لنفسه قبل أن يبيع للعميل , وكل ما يتعلق بفتح الاعتماد وعمولته وضمانه هو من مسئوليات البنك.
لكن يحق للبنك عند الدخول في مواعدة مع العميل على شراء البضاعة التي سيتملكها البنك , أن يأخذ عربونا لضمان الجدية وتنفيذ التزام الواعد تجاه البنك.
وقد أقر ذلك مؤتمر المصرف الإسلامي الثاني / الكويت 1983م التوصية رقم 9 ونصها:
" يرى المؤتمر أن أخذ العربون في عمليات المرابحة وغيرها جائز بشرط أن لا يستقطع من العربون المقدم إلا بمقدار الضرر الفعلي المتحقق عليه من جراء النكول ".
هذا , وإذا كان التأمين في صورة وديعة فإن ربحها يكون لصالح العميل لأن المبلغ (قبل استحقاق البنك له بالنكول) يعتبر ملكه للعميل فربحه له.
بنك قطر الإسلامي فتاوى هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (35)
السؤال:
هل يجوز قيام المصرف بفتح اعتماد مستندي بالمرابحة بموجب عرض أسعار ورد باسم الآمر بالشراء؟
الجواب:
الرأي أنه كلما أمكن أن يكون عرض الأسعار باسم المصرف فهو أفضل ولكن لا يشترط ذلك لإتمام عملية المرابحة.
بنك قطر الإسلامي فتاوى هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (53)
تحمل الواعد بالشراء المصاريف والضرر الفعلي الواقع في حالة إلغائه الاعتماد المستندي في عمليات المرابحات
السؤال:
يرجى إفادتنا بمن يتحمل مصاريف فتح الاعتماد المستندي العائد على عمليات المرابحات في حالة إلغاءه من جانب الآمر بالشراء أو عدم تنفيذ وعد الشراء لأسباب ترجع إلى المصدر؟
الجواب:
قررت الهيئة أنه إذا تعذر تنفيذ وعد الشراء لأسباب ترجع إلى الواعد بالشراء فيتحمل المصاريف والضرر الفعلي الخاص في هذه الحالة.
بنك قطر الإسلامي فتاوى هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (54)
السؤال:
هل يجوز في عمليات المرابحة الراجعة إلى اعتماد مستندي الربط بين تاريخ أو توقيت دفع الأقساط وتاريخ خصم المراسل؟
الجواب:
رأت الهيئة أنه لا يجوز تحصيل أية أقساط إلا بعد وصول البضاعة وتسليمها للعميل.
بنك قطر الإسلامي فتاوى هيئة الرقابة الشرعية , فتوى رقم (70)
السؤال:
يقوم المصرف بإصدار كفالات شحن وأذون إفراج (الإفراج عن بضائع اعتمادات عمليات المرابحات) بصيغة تفيد بأن العميل فتح الاعتماد لديه , مع العمل بأن الاعتماد مفتوح باسم المصرف. ولقد برر المصرف ذلك بأنه حتى يتمكن العميل من استلام البضاعة بنفسه. فهل في ذلك أي معارضة مع الضوابط الشرعية الخاصة بعمليات البيع بالمرابحة؟
الجواب:
لا يجوز أن يكون العميل هو الذي يفتح الاعتماد في بيع المرابحة وإنما المصرف هو الذي يفتح الاعتماد لنفسه , والبضاعة يجب أن تأتي باسم المصرف ويقوم المصرف بتظهير الأوراق بعد عقد البيع. وفي حالة عدم وصول الأوراق يجوز إصدار إذن الإفراج باسم العميل بعد إتمام عقد البيع وبالتالي فليس هناك أي معارضة إذا تمت هذه الشروط.(2/76)
تطبيقات المضاربة(2/77)
تقسيم رأس مال الصناديق إلى وحدات
تقوم الجهات المصدرة بتقسيم رأس مال الصندوق الاستثماري إلى وحدات أو حصص أو أسهم مشاركة أو صكوك متساوية القيمة الأسمية , وهي تمثل حصصا شائعة في رأس المال.
وتسلم هذه الوحدات لكل مكتتب بقدر ما دفع من أموال مشاركة في الصندوق فتنقسم جميع الحقوق والالتزامات المقررة للصندوق بين مختلف المشاركين في حدود حصة كل واحد منهم في رأس المال , ذلك أن هذه الوحدات تعتبر وثيقة تثبت وتحدد ملكية كل مشارك لحصته في رأس المال.
وتحتفظ الجهة المصدرة عادة بسجل للوحدات يتضمن معلومات عن المكتتبين نذكر منها:
اسم وجنسية المالك المسجل للوحدات القائمة , عدد الوحدات المسجلة التي يملكها كل مالك مسجل , عنوان المراسلات لكل مالك مسجل , تاريخ امتلاك الوحدات , وغيرها من المعلومات الأخرى.
كما قد تنص بعض الصناديق الاستثمارية على حق الجهة المصدرة أن تقوم بتحصيل رأس مال إضافي للصندوق من وقت لآخر كلما رغبت في ذلك ولا سيما عند احتياجها إلى مصادر مالية إضافية لدعم توسعاتها , وهذا ما يسمى بحالات الطرح اللاحقة.
فيكون للصندوق حينئذ رأس مال أولي يتم تحصيله خلال الطرح الأولي للوحدات أي خلال فترة الاكتتاب الأولى من تأسيس الصندوق , ويكون للصندوق الحق في تحصيل رأس مال إضافي من خلال طرح وحدات إضافية جديدة للاكتتاب خلال فترة أو فترات اكتتاب لاحقة تحدد جهة الإصدار أوقاتها وفتراتها.(2/78)
لا يوجد مانع شرعي من تقسيم رأس مال الصناديق الاستثمارية إلى أسهم مشاركة أو صكوك مضاربة أو وحدات أو حصص أو أي وثائق أخرى تمثل حصة شائعة في رأس المال , ذلك أن هذه الصناديق هي تطبيق جديد لعقد المضاربة , ويجوز في الفقه الإسلامي تعدد رب المال في المضاربة بحيث يساهم عدد كبير من الأفراد في تقديم رأس المال الذي يصير مملوكا لهم جميعا , وتتحدد ملكيتهم فيه بحسب الحصة المساهم بها.
فيكون هذا التقسيم عبارة عن إجراء فني وضع ليتلاءم مع تعدد رب المال في الصناديق أو من يسمون بالمشاركين أو المستثمرين في الصناديق.
ولكن يشترط أن تصدر هذه الوحدات اسمية وليس لحاملها فلا بد أن يكتب عليها اسم مالكها وبالتالي لا تنتقل ملكيتها إلا بطريقة القيد في سجل المساهمين الذي تحتفظ به الجهة المصدرة , وهذا يهدف للحفاظ على الحقوق وضمانا عدم خلط حق شخص بحق آخر.
وقد منع العديد من الفقهاء المعاصرين إصدار أسهم أو وحدات لحاملها لأن عدم كتابة اسم صاحب الوحدة يؤدي إلى عدم معرفة الشريك أو رب المال وبالتالي إلى النزاع والخصومة , كما أنه يؤدي إلى إضاعة الحقوق حيث إن أي شخص وقعت يده على هذه الوثيقة سواء كان عن طريق السرقة أو الغصب أو غير ذلك يعتبر صاحبها وأحد الشركاء أو أرباب المال المساهمين في الصندوق , ولا شك أن كل ما أفضى إلى النزاع والضرر ممنوع شرعا , إضافة إلى أنه قد يصبح فاقد الأهلية حامل أو الوحدة , مع أنه لا يصح اشتراكه بنفسه.
وقد أجاز بعض الفقهاء الآخرين إصدار الأسهم لحاملها , بل صدرت فتوى عن مجمع الفقه الإسلامي بالجواز في الدورة السابعة , فيما يلي نصها: " بما أن المبيع في السهم لحامله هو حصة شائعة في موجودات الشركة , وأن شهادة السهم هي وثيقة لإثبات هذا الاستحقاق في الحصة فلا مانع شرعا من إصدار أسهم في الشركة بهذه الطريقة وتداولها ".
أما بالنسبة لحالات الطرح اللاحقة لرأس مال الصندوق الاستثماري فإن الحكم الشرعي بخصوص جوازها أو عدم جوازها يكون بحسب كيفية تحديد سعر الوحدات في فترات الاكتتاب اللاحقة , هل تتناسب مع القيمة الحقيقية للوحدات أم لا؟
فإذا كان سعر الوحدات الجديدة المطروحة للاكتتاب مساوية على الأقل للقيمة الحقيقية (أو السوقية) أي مساوية لصافي قيمة أصول الصندوق , فهذا لا مانع منه شرعا.
ويستوي في ذلك أن تكون سعر الوحدات الجديدة المطروحة مساوية للقيمة الاسمية للوحدات السابقة أو أعلى منها أو أقل لأن العبرة ليست بالقيمة السوقية للوحدات السابقة وإنما العبرة بقيمتها الحقيقية التي تبرز الوضع المالي الفعلي للصندوق , فالقيمة الحقيقية للوحدة هي المقدار الذي تساويه من موجودات الصندوق بعد ملاحظة الأرباح والخصوم , فهي بمثابة المؤشر الحقيقي للأرباح أو الخسارة المتحققة.
أما إذا كان سعر تلك الوحدات الجديدة أقل من القيمة الحقيقية للوحدات السابقة , فهذا لا يجوز , لأن ذلك يضر بحقوق المشاركين في الصندوق حيث يؤدي إلى إنقاص قيمة وحداتهم أو حرمانهم من حقهم في هذا المال , وكل ما يؤدي إلى ضرر بين , وحرمان من حقوق فعلية لا يجوز شرعا تطبيقا للقاعدة الشرعية (لا ضرر ولا ضرار) إلا إذا عوضوا عن حقوقهم تعويضا عادلا من خلال منح وحدات جديدة بقدر حقوقهم , أو دفع لهم الفروق نقدا أو مقسطا , أو نحو ذلك.
وعلى هذا الأساس فإن طرح وحدات إضافية جديدة في فترات اكتتاب لاحقة يكون جائزا شرعا بشرط أن يكون سعرها على الأقل مساويا لصافي قيمة أصول الصندوق.(2/79)
مجمع الفقه الإسلامي القرار رقم (5) الدورة الرابعة
تمثل صكوك المضاربة ملكية حصة شائعة في المشروع
1 سندات المقارضة هي أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس مال القراض (المضاربة) بإصدار صكوك ملكية برأس مال المضاربة على أساس وحدات متساوية القيمة ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون حصصا شائعة في رأس مال المضاربة وما يتحول إليه , بنسبة ملكية كل منهم فيه.
ويفضل تسمية هذه الأداة الاستثمارية (صكوك المقارضة) 2 الصورة المقبولة شرعا لسندات المقارضة بوجه عام لا بد أن تتوافر فيها العناصر التالية:
العنصر الأول:
أن يمثل الصك ملكية حصة شائعة في المشروع الذي أصدرت الصكوك لإنشائه أو تمويله , وتستمر هذه الملكية طيلة المشروع من بدايته إلى نهايته.
وترتب عليها جميع الحقوق والتصرفات المقررة شرعا للمالك في ملكه من بيع وهبة ورهن وارث وغيرها , مع ملاحظة أن الصكوك تمثل رأس مال المضاربة.
ندوة البركة الثانية الفتوى رقم (2)
بيع أسهم الشركات مع الاحتفاظ بحق الإدارة
شركة مسجلة باسم مجموعة من الناس ولها اسم تجاري وشخصية قانونية مستقلة , وقد عرض مالكو الشركة أن يبيعوا حصصا في راس المال (أسهما) بشرط إبقاء إدارة الشركة في يد من يملكون الاسم التجاري والتسجيل القانوني , حيث يتصرف هؤلاء المالكون في موجودات الشركة الحقيقية القائمة بصفة العامل في مال المضاربة.
فهل يجوز الاتفاق على ذلك؟
الفتوى:
يجوز الاتفاق على بيع حصص أو أسهم في شركة ذات موجودات حقيقية ليست مقتصرة على الديون والنقود أو أحدهما بشرط احتفاظ البائعين باسم الشركة وإبقاء إدارتها في يد من يملكون الأسم المبيعة , ويعتبرون بهذا الشرط بمثابة رب المال في المضاربة الشرعية بشروطها.
ندوة البركة الأولى الفتوى رقم (1)
شراء حصة في عين تخول الاشتراك في الأرباح وعدم التدخل في الإدارة هل يجوز بيع حصة في عين تخول مشتري الحصة الحق في الأرباح النقدية المتحققة أو الأرباح المحققة نتيجة لارتفاع قيمة العين مع اشتراط عدم تدخله في الإدارة وعدم التصرف في العين إلا ببيع الورقة التي تمثل الحصة التي يملكها؟
الفتوى:
الأصل في مثل هذا العقد الجواز , لأن التملك في أحكام الفقه الإسلامي على أنواع , ويجوز للبائع أن يقيد المشتري باستثناء بعض المنافع أو التصرفات , وترى اللجنة أن تصاغ العقود والشروط المتعلقة بهذا البيع صياغة فقهية وافية لحماية حقوق الأطراف المتعاقدة بما يتفق مع القواعد المعتبرة في الفقه.
بنك دبي الإسلامي الفتوى رقم (06 / 0503)
مدى جواز طرح شهادات استثمار لاستثمارها في أعمال أحد الفنادق
رجل يملك فندقا ويريد أن يجعل نظام تشغيله مطابقا لأحكام الشريعة الإسلامية بمشاركة في جميع نشاطات الفندق (من تأجير مبنى , وتأجير سيارات , خدمات نقل , وتقديم طعام وغيره) ويعرض صاحب الفندق أن يطرح شهادات استثمار لمدد مختلفة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات.
ومن حق صاحب الشهادة أن يسترد قيمتها مع أرباحها في نهاية المدة وتوزيع الأرباح بينهم حسب الاتفاق فيما بينهم , وفي حالة الخسارة الناتجة عن العمل أو ما قد يتعرض له المبنى من أخطار يتحمل الجميع فيها كل بحسب رأسماله.
فهل هذه المعاملة بالصورة المعروضة جائزة شرعا؟
الفتوى:
ترى الهيئة أنه لا مانع شرعا من قيام مالك الفندق باستثمار أموال الآخرين على الوجه الوارد في السؤال بشرط أن تكون كافة أوجه النشاط في الفندق خالية من الأمور المحرمة شرعا.
مجمع الفقه الإسلامي الدورة السابعة
قرار رقم (5 / 6 / 7)
بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع أعلاه واستماعه للمناقشات التي دارت حوله.
إصدار أسهم مع رسوم إصدار:
إن إضافة نسبة معينة مع قيمة السهم , لتغطية مصاريف الإصدار , لا مانع منها شرعا ما دامت هذه النسبة مقدرة تقديرا مناسبا.
إصدار أسهم بعلاوة إصدار أو حسم (خصم) إصدار:
يجوز إصدار أسهم جديدة لزيادة رأس مال الشركة إذا أصدرت بالقيمة الحقيقية للأسهم القديمة (حسب تقويم الخبراء لأصول الشركة) أو بالقيمة السوقية.
مجمع الفقه الإسلامي الدورة السابعة قرار رقم (5 / 6 / 7)
بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع أعلاه واستماعه للمناقشات التي دارت حوله.
السهم لحامله:
بما أن المبيع في (السهم لحامله) هو حصة شائعة في موجودات الشركة وأن شهادة السهم هي وثيقة لإثبات هذا الاستحقاق في الحصة فلا مانع شرعا من إصدار أسهم في الشركة بهذه الطريقة وتداولها.(2/80)
مساهمة جهة الإصدار في رأس مال الصندوق
تنص كثير من الصناديق الاستثمارية في لوائحها التنظيمية على حق إسهام الجهة المصدرة في رأس مال الصندوق , وعلى أنه سوف تعامل وتستحق كل حقوق المشاركة فيما يتعلق بالوحدات التي تكتتب فيها.
وهذه الصيغة تحقق فائدة كبيرة لنجاح عمل الصندوق الاستثماري حيث تقوم الجهة المصدرة بشراء عدد من الأوراق المالية لدفع عملية تشغيل الصندوق في بدايته أو لتطوير وتنمية نشاطاته في حالة احتياج الصندوق لمزيد من السيولة.(2/81)
أجاز الفقهاء تقديم المضارب جزءا من رأس مال المضاربة بموافقة رب المال , فتجمع هذه الصورة بين الشركة والمضاربة.
ويكون المضارب حينئذ شريكا لرب المال فيما قدمه ومضاربا له فيما تسلمه منه.
وعلى هذا الأساس فإن الجهة المصدرة للصناديق الاستثمارية يمكن لها أن تنص في نشرة الإصدار أو في لائحة الصناديق على حقها في المشاركة في رأس مال المضاربة وحصولها على وحدات بقدر الأموال التي تقدمها.
وتكون الجهة المصدرة مالكة للصندوق الاستثماري بقدر الحصة المكتتب بها , وهي تستحق نصيبا من الأرباح بمقدار مساهمتها في رأس مال الصندوق بصفتها رب مال , ونصيبا آخر من الأرباح بصفتها مضاربا بنسبة الحصة المحددة المتفق عليها.(2/82)
مجمع الفقه الإسلامي القرار رقم (5) الدورة الرابعة
شراء المضارب بعض صكوك المضاربة
2 العنصر الرابع:
أن من يتلقى حصيلة الاكتتاب في الصكوك لاستثمارها وإقامة المشروع بها هو المضارب , أي عامل المضاربة ولا يملك من المشروع إلا بمقدار ما قد يسهم به بشراء بعض الصكوك فهو رب مال بما أسهم به بالإضافة إلى أن المضارب شريك في الربح بعد تحققه بنسبة الحصة المحددة له في نشرة الإصدار وتكون ملكيته في المشروع على هذا الأساس.
الهيئة العليا للفتوى والرقابة الشرعية فتوى الموضوع الثاني
استحقاق المضارب المشارك في رأس المال لحصة من الربح
السؤال:
ما هي الطريقة العادلة لتوزيع الأرباح بين المساهمين والمودعين؟
الفتوى:
انتهى رأي الهيئة بإجماع الآراء إلى ما يلي:
توزع الأرباح على المساهمين والمودعين (المستثمرين) بنسبة أموال المستثمرين وما استثمره البنك فعلا من أمواله , على ألا تتحمل أموال المضاربة (أموال الاستثمار) إلا مصاريفها الفعلية اللازمة لإدارتها واستثمارها.
البنك الإسلامي السوداني الفتوى رقم (35)
يتضح من هذه الأقوال أنه يجوز للبنك أن يخلط رأس مال المساهمين الذين يمثلهم بأموال المستثمرين كشريك , كما يجوز له خلطها كمضارب.(2/83)
المساهمة العينية في رأس مال الصندوق الاستثماري
الأصل في المساهمة في رأس مال الصناديق الاستثمارية أن تكون بالنقود سواء من المشاركين باعتبارهم أرباب مال أو من جهة الإصدار التي تجمع حينئذ بين صفتي المضارب والشريك.
ولكن هناك حالات تمتلك فيها الجهة المصدرة للصناديق أموالا عينية كالأراضي أو بعض أنواع من المعدات , وترغب في طرح صندوق استثماري غرضه إنشاء مجمع سكني أو بناء عمارات أو إقامة سوق تجاري أو غير ذلك مما تثبت الدراسات الجدوى الاقتصادية والمالية له.
وتشارك الجهة المصدرة في رأس مال الصندوق بحصة عينية وهي قيمة الأرض بينما يطرح بقية رأس المال المطلوب لتنفيذ المشروع للاكتتاب العام , وبطبيعة الحال تحدد نشرة الاكتتاب في هذا الصندوق جميع الشروط المتفق عليها.(2/84)
تندرج هذه المسألة تحت شروط رأس مال المضاربة وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن المضاربة تجوز بالنقود ولا تجوز بالعروض إلا أن بعضهم أجازها على كل مال (نقدا وعروضا) بشرط أن تقوم العروض وتجعل قيمتها المتفق عليها رأس مال المضاربة.
فقد منع الحنفية والمالكية والشافعية جعل العروض مثلية أو قيمية رأس مال المضاربة لأن قيمة العروض غير ثابتة وهي عرضة للزيادة والنقصان , وذلك مما يؤدي إلى عدم التمكن من تقدير رأس المال بدقة عند تصفية المضاربة , وهو ما ينتج عنه جهالة الربح وقت القسمة فقد تقوم العروض بأكثر من قيمتها الحقيقية وهو ما يؤدى إلى اختصاص رب المال بجزء من الربح زائد عما شرط له , أو بأقل من قيمتها وهو ما يؤدي إلى أخذ المضارب جزءا من رأس المال , وكلا الأمرين ممنوع في المضاربة.
أما الحنابلة فإنه يجوز عندهم المضاربة بالعروض وذلك بأن تقوم عند العقد وتجعل قيمتها المتفق عليها رأس مال للمضاربة بحيث يعيد المضارب هذه القيمة نقدا عند انتهاء المضاربة.
وبهذا القول فلن يختص رب المال بجزء من الأرباح كما لا يأخذ المضارب جزءا من رأس المال لأن اتفاق الطرفين هو رد المضارب قيمة ما أخذه من العروض عند التعاقد (وليس قيمة العروض عند التصفية) , وهذا يقطع النزاع ويقلل الغرر لأن الفرق في رأس المال (العروض) بين قيمتها وقت الدخول في المضاربة ووقت تصفيتها زيادة أو نقصا يكون هو ما حققته المضاربة ربحا أو خسارة.
ففي حالة ارتفاع قيمة العروض يوم التصفية عن قيمتها يوم العقد , فإن الطرفين يشتركان في الفرق ما بين القيمتين بالقدر المتفق عليه.
أما في حالة انخفاض قيمة العروض يوم التصفية , فانه يتم جبر رأس المال بمقدار هذا الانخفاض من الأرباح المتحققة لأن الربح وقاية لرأس المال , أو يتحمل رب المال هذه الخسارة عند عدم تحقق أرباح لأن المضارب لا يتحمل من الخسارة شيئا سوى جهده وعمله.
وعلى هذا الأساس , يجوز المشاركة بأعيان في رأس مال الصناديق الاستثمارية على رأي من أجازها من الأئمة طالما وجدت مصلحة فيها بشرط أن توضع الشروط التي تقطع النزاع بقدر الإمكان وتقلل الغرر.
وهذا ما جاء في فتوى المستشار الشرعي للبنك الإسلامي الأردني:
" أن جمهور الفقهاء ذهبوا إلى أن المضاربة تجوز بالنقود ولا تجوز بالعروض إلا أن بعضهم أجازها على كل مال (نقدا أو عروض تجارة) بشرط أن تقوم العروض , وعليه فإن هذه الصورة المذكورة في السؤال مضاربة , وهي جائزة بالعروض على رأي من أجازها من الأئمة "(2/85)
البنك الإسلامي الأردني ج1 الفتوى رقم (17)
المضاربة بعروض تجارة
السؤال:
يقوم البنك بشراء سيارات كبيرة (شاحنات , برادات. إلخ) وتسجيلها باسم البنك , على أن يقوم بتشغيل تلك السيارات شخص آخر , وذلك حسب الشروط التالية:
أيتم تأمين البرادات تأمينا شاملا.
ب يتولى العميل الإشراف على تلك السيارات وتشغيلها خلال مدة معينة (مدة ثلاثين شهرا مثلا) .
ج يقدم العميل كشفا شهريا بالإيرادات والمصروفات التي تتم , على أن يفتح حسابا لدى البنك تقيد فيه المبالغ المتجمعة من إيرادات تشغيل السيارات المذكورة والمصاريف.
د يتم توزيع صافي الأرباح بعد استيفاء رأس المال كاملا وذلك حسب نسب يتفق عليها عند توقيع الاتفاق مثلا:
(1) نسبة (60%) ستون في المائه للبنك.
(2) نسبة (40%) أربعون في المائه للعميل.
الجواب
الذي يتبادر من هذه الصورة إنها أقرب إلى المضاربة الشرعية , غير أن جمهور فقهاء الأمصار ذهبوا إلى أن المضاربة , إنما تجوز بالنقد ولا تجوز بعروض التجارة مثل السيارات والثلاجات لكن الإمام الأوزاعي فقيه أهل الشام أجاز المضاربة على كل مال , سواء كان نقدا أو عروض تجارة , بشرط أن تقوم عروض التجارة فإن كان لها مثل رد مثله , وإن لم يكن له مثل رد قيمته , ونقل ذلك ابن المنذر والقفال: وبه قال الإمام أحمد في رواية عنه.
ووجه هذا المذهب أن المقصود من الشركة جواز التصرف في المال , وكون الربح بينهما , وهذا يحصل في عروض التجارة كما يحصل في النقود , بشرط أن تقوم العروض ليرجع بمثلها أو قيمتها عند المفاضلة , وجوز المضاربة في العروض ابن أبي ليلى أيضا.
وعلى هذا فان التكييف الشرعي لهذا العقد هو مضاربة , والوجه الشرعي أن المسئولين عن البنك إذا رأوا المصلحة , في عقد مضاربة بعروض التجارة , ساغ ذلك على رأي أولئك الأئمة , الذي يجوزون تلك الحالة بشرط أن توضع الشروط التي تقطع النزاع بقدر الإمكان , وتقلل الغرر , وتؤمن مصلحة البنك , وإنه في حالة مخالفتها , من قبل الفريق الآخر أو التقصير في رعاية مصلحة البنك أو التفريط في رعاية القوانين المتعلقة بالسيارات مثلا , يتعهد برد المثل في المثليات أو القيمة في غيرها.
وبعد الاتفاق على السير في هذه المعاملة , توضع صيغة العقد وشروطه , لتدقيقها والتحقق من موافقتها للوجه الشرعي.
البنك الإسلامي السوداني الفتوى رقم (18)
المشاركة في المعاصر الزيتية
الجواب:
هذا النوع من المشاركة لا يجوز على رأي كل الفقهاء الذين يشترطون أن يكون رأس مال الشراكة من الأثمان المطلقة التي لا تتعين وهى الدراهم والدنانير أو النقود المتعارف على ثمنها فلا يجوز أن يكون رأس المال من العروض خلافا للإمام مالك الذي أجاز ذلك في العروض بقيمتها بعد بيعها ولا يجوز أن يكون رأس المال على قول عامة الفقهاء من غير النقود كالحيوانات والبضائع التجارية والعقارات ومنافع ذلك بوجه عام بالإجارة.
وبناء على هذا فان استهلاك الماكينات والمباني أو بتعبير أصح منافعها وما يقابلها من أجر هو الذي سيسهم به الشريك الثاني في الحقيقة لأن المنافع متجددة وغير موجودة حين التعاقد على الشركة وقد صحت إجارتها رغم ذلك على خلاف القياس وعلى هذا فإنها ليست نقودا حاضرة حتى يصح اعتبارها جزءا من رأس المال تنعقد به الشركة.
أن الشركاء يقتسمون الأرباح وبخاصة في شركة الأعيان حسب اتفاقهم ويتحملون الخسارة في كل أنواع الشركات المالية على حسب مساهمة كل منهم في رأس المال فكيف يكون توزيع الخسائر في مثل هذه الشراكة وهل إذا التهم حريق الماكينات ومبانيها وما بداخلها من محصول وبطلت الشراكة لأنها تبطل بهلاك مالها فكيف يكون توزيع الخسائر هل سيتحمل البنك لصاحب الماكينات نصيبا من قيمة الماكينات والمباني في الوقت الذي كانت المساهمة بمنافعها دون أن تدخل كلها في الشراكة بقيمتها إذا كانت الإجابة بالنفي فإن الموضوع في حقيقته إجارة تهلك فيها العين المستأجرة على مالكها.
وإذا حرق المحصول كله مثلا في مباني المعصرة وسلمت الماكينات فما هو التزام صاحب المعصرة من الخسارة
الجواب
أنه غير مسئول ما لم يثبت تعديه أو إهماله.
أن الفقهاء حين اشترطوا أن يكون رأس مال الشركة من النقود كان غرضهم تفادى ما يقوم بين الشركاء من نزاع حول تصفية الشراكة ونهايتها أو حين قسمة الأرباح والبديل الأمثل الذي نراه هو أن تقوم الشراكة بين البنك والشريك برأس مال من النقود يسهم فيه الشريكان كل بقدر طاقته على أن تستأجر الشركة المعاصر من صاحبها في الموسم لعصر كميات المحصول الخاصة بالشراكة وتقتسم الربح بعد استبعاد المصروفات الضرورية بنسبة حصة كل منهما في رأس المال.
فإذا كان صاحب المعاصر لا يستطيع الإسهام بحصة من رأس المال فللبنك إن رأى ذلك أن يشتري المحصول على أن يعصره في هذه المعاصر أو غيرها بطريق الإجارة الجائزة شرعا على أجر معلوم وسوف يكون للبنك فرصة اختيار أقل المعاصر أجرا في عصر المحصول.(2/86)
دفع مبلغ المشاركة في رأس مال الصناديق على دفعات
تعمل بعض صناديق الاستثمار إلى تجزئة رأس المال المكتتب به إلى دفعات متباعدة فيسمح نظام تلك الصناديق للمشاركين بدفع مبلغ مساهمتهم على أقساط.
وهذا الأسلوب يحقق في آن واحد مصلحة الجهة المصدرة ومصلحة المساهم.
فالجهة المصدرة للصناديق تتمكن من مواكبة سيولة الصندوق لإمكانات ومتطلبات التوظيف , حيث إنها تحدد حجم رأس المال المطلوب للصندوق وتقوم بدعوة المشاركين لدفع حصتهم المكتتب بها في رأس المال على أقساط وفقا للخطط الاستثمارية والاحتياجات المتوقعة , فلا تثقل كاهلها بأموال سائلة تكون غير قادرة على استثمارها على الوجه المطلوب.
وأما أرباب المال , فان عملية تقسيط رأس مال الصندوق تحقق لهم - بالإضافة لتيسير الدفع نوعا من الضمان والأمان , حيث يتمكنون من حسن متابعة وتقويم أداء المضارب فيكون استمرارهم في الصندوق مبنيا على حقائق ونتائج ملموسة.(2/87)
عالج الفقهاء هذه المسألة عند حديثهم عن شرط تسليم كامل رأس مال المضاربة إلى المضارب.
فقد اتفق الفقهاء على اشتراط إطلاق يد المضارب في التصرف في رأس مال المضاربة , وقالوا بأن أي شرط يمنع المضارب من التصرف في رأس المال ينافي مقتضى عقد المضاربة ويجعله عقدا صوريا لا فائدة له , إذ لا يستطيع المضارب العمل وتحقيق الربح الذي هو الهدف والمقصود من التعاقد.
ولكنهم اختلفوا في المراد بإطلاق يد المضارب في التصرف في رأس مال المضاربة:
فهل ذلك لا يتم إلا بتسليم كامل رأس المال للمضارب دون أن يبقى شيء منه في يد رب المال؟
أو أنه لا يشترط تسليم رأس المال ويكفى تمكين المضارب منه ودفعه له تدريجيا حسب الحاجة؟
لقد ذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنه لا يكفى إطلاق يد المضارب في التصرف بل يجب أن يستقل المضارب في حيازة رأس المال لأنه مؤتمن عليه , ولأن عدم تسليمه رأس المال يؤدى إلى التضييق عليه والحد من تصرفاته.
أما الحنابلة , فيكفي عندهم إطلاق يد المضارب في التصرف في رأس المال وتمكينه منه حسب الحاجة.
فلا يشترط عندهم تسليم كامل رأس المال للمضارب بل تصح المضاربة ولو شرط رب المال بقاء المال معه أو وضعه عند أمين دون تسليمه للمضارب لأن هذا الشرط لا يمنع المضارب من العمل الذي هو مورد ومقصد العقد , أما رأس المال فهو مجرد وسيلة يمكن دفعه تدريجيا حسب حاجة المضارب.
وعلى هذا الأساس , فإن تقسيط رأس مال الصناديق على دفعات يكون جائزا على رأي الحنابلة الذين لا يشترطوا تسليم جميع رأس المال للمضارب.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن رأس مال الصندوق يتحدد بما يتم تسليمه فعلا , فلا تعتبر جميع المبالغ التي يلتزم المكتتبون بدفعها هي رأس مال المضاربة وإنما يتمثل رأس المال في الأقساط التي وضعت في يد المضارب.
وينتج عن ذلك أن المكتتبين بصفتهم أرباب مال يتحملون المخاطر والخسائر التي يتعرض لها الصندوق في حدود حصتهم المدفوعة من رأس المال فقط وليس بالمقدار المكتتب به.(2/88)
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم (44)
دفع رأس مال المضاربة على دفعات
ب ما جاء من أن المبلغ المراد استثماره يسحب على دفعات يشكل نوعا من الضمان والأمان لرب المال (البنك) ولا مانع منه شرعا.
على أنه لا يعتبر رأسمالا للمضاربة إلا ما سحب فعلا , إذ به يتحقق شرط وضع المال في يد المضارب وتصرفه الفعلي.
ولهذا أثر شرعي وهو أن خسارة رب المال محدودة برأس المال المضاربة وهو هنا ما تم سحبه فعلا في كل مرحلة.(2/89)
اختصاص أحد طرفي العقد بالربح
قد يتبرع أحد طرفي المضاربة بحصته من الربح لمصلحة الطرف الآخر:
كأن يهب أرباب المال , ولفترة معينة , للمضاربين حصتهم من الربح تشجيعا على الدخول في المضاربة وسعيا وراء العمل المنتج في المال , وخاصة إذا كان المضاربون أفرادا أو شركات ذات تميز.
- أو كأن يهب المصرف الإسلامي بصفته المضارب (في حدود رأس ماله ولفترة معينة) حصته من الربح لأرباب الأموال وذلك تحفيزا لهم لاستثمار أموالهم وتحريكها نحو مجالات الإنتاج.
كما قد يتفق الطرفان في المضاربة على تخصيص جزء من الأرباح لطرف ثالث كجهة خيرية مثلا أو صندوق وقفي أو صندوق مخصص لشأن من شؤون النفع العام.(2/90)
بالنسبة لتبرع أحد طرفي المضاربة بحصته من الربح لمصلحة الطرف الآخر فإن الأصل في المضاربة أن يكون الربح مشتركا بين العاقدين , ولا يجوز بالتالي اختصاص أحد الطرفين بالربح دون الآخر عند جمهور الفقهاء خلافا للمالكية الذين أجازوا ذلك وقالوا بأنه من باب الهبة , ويجرى العقد على حكم الهبة.
وعليه تكون أقوال الفقهاء في هذه المسألة على النحو التالي:
لا يجوز عند الحنفية اختصاص أحد المتعاقدين بالربح دون الآخر ومثل هذا الشرط يخرج العقد عن المضاربة رغم أنه جاء بصيغتها لأن العبرة في العقود للمعاني , ويكون العقد قرضا إذا اشترط الربح كله للمضارب , أو يكون عقد أبضاع إذا اشترط الربح كله لرب المال.
كما لا يجوز عند الحنابلة والشافعية اختصاص أحد المتعاقدين بالربح دون الآخر مع استخدام كلمة مضاربة ويكون العقد فاسدا ولا يصرف إلى عقد آخر لأن إرادتهما تنصب على المضاربة لا غير.
أما إذا لم تستخدم كلمة المضاربة صراحة فإن العقد يحول إلى عقد قرض أو أبضاع حسب اختصاص الربح لأحد الطرفين.
يجوز عند المالكية اختصاص أحد الطرفين بالربح ويجب الالتزام به لأنه من باب الهبة ويجرى العقد على حكم الهبة.
وعليه يشبه العقد القرض إذا تبرع رب المال بما يكون له من ربح ويبقى رأس المال مضمونا عليه بحكم عقد المضاربة , أما إذا تبرع المضارب بما يكون له من ربح وتطوع بالعمل مجانا فيلتقى عقد المضاربة مع الأبضاع.
أما بخصوص تبرع المتعاقدين بتخصيص جزء من الأرباح لطرف ثالث كجهة خيرية مثلا أو صندوق وقفي أو صندوق مخصص لشأن من شؤون النفع العام:
فإن المالكية وحدهم قد أجازوا ذلك أيضا فلم يمنعوا اشتراط جزء من الربح أو كله إلى الغير , ويكون الشرط صحيح والعقد صحيح لأن المتعاقدين يكونان قد تبرعا بذلك الجزء من الربح فكان هبة وقربة لله تعالى فلا يمنعان من ذلك.
بينما اشترط الجمهور أن يكون الربح مختصا بالمتعاقدين حيث أنه
- لا يستحق الغير شيئا من الربح عند الحنفية لأنه لم يقدم عملا أو مالا أو ضمانا , والربح لا يستحق إلا بأحدها. فالشرط فاسد: ويعود الجزء المشروط للغير إلى رب المال لأنه نماء ماله , والعقد صحيح: لأن ذلك لا يعود بالجهالة على الربح , فيستحق كلا المتعاقدين ما اشترطا لهما ووافقا عليه.
- لا يستحق الغير شيئا من الربح أيضا عند الشافعية والحنابلة لنفس الأسباب التي استدل بها الحنفية. فالشرط فاسد: ويعود الجزء المشروط للغير لكلا المتعاقدين لأنهما كانا متبرعين به. والعقد فاسد: لأن ذلك يعود بجهالة نصيب المتعاقدين من الربح حيث أنهما لم يتفقا على وجه قسمة الجزء المشروط للغير بينهما , فتعود الجهالة إلى الكل.(2/91)
بنك فيصل الإسلامي المصرى الفتوى رقم (6)
التنازل عن جزء من الأرباح إلى طرف ثالث
السؤال:
تقدم عميل إلى البنك بمبلغ من المال يطلب استثماره مع البنك في عملياته الاستثمارية مشاركة مع تحديد توزيع الأرباح الناتجة عن هذه الشركة بين العميل والبنك بالنسب المتفق عليها.
وطلب العميل إلى البنك أن يسدد جزءا من نصيبه في الأرباح إن وجدت إلى طرف ثالث عينه , وطلب من البنك أن يصدر تعهدا كتابيا إلى الطرف الثالث المذكور بذلك.
الفتوى:
ترى الهيئة أنه لا مانع من قيام المشاركة المنوه عنها بين البنك والعميل على أساس قواعد شركة المضاربة , كما لا ترى الهيئة مانعا من أن يتنازل عميل البنك (الشريك) عن جزء مما سيؤول إليه من أرباح هذه المشاركة إن وجدت إلى طرف ثالث , كما أنه لا مانع من أن يتعهد البنك كتابيا لهذا الطرف الثالث بسداد ذلك الجزء من الأرباح إن وجدت بشرط ألا يكون للطرف الثالث أي تدخل أو أية صفة في المشاركة وبشرط ألا يكون جزء الأرباح المتعهد بسدادها إلى الطرف الثالث فوائد ربوية.(2/92)
ضمان المضارب لرأس مال المضاربة بالشرط أو بالتبرع
في بعض التطبيقات المعاصرة للمضاربة ولا سيما في الصناديق الاستثمارية تسعى المؤسسات المالية عموما لجلب المستثمرين وتقديم أفضل العروض إليهم من أجل إدارة أموالهم.
ويعتبر عنصر الضمان من أهم العوامل المؤثرة لدى جمهور كبير من المستثمرين , وهذا يجعل المؤسسات المالية الإسلامية مطالبة بتوضيح مسألة الضمان في عقودها ونشرات الاكتتاب واللوائح التنظيمية لأدواتها الاستثمارية.
فقد ترى بعض هذه المؤسسات أن تشترط على نفسها مختارة ضمان رأس مال المضاربة عند التعاقد مع أرباب المال.
وقد لا تشترط ذلك في العقد ولكنها ترغب أحيانا في تجنيب أي خسارة يمكن أن تلحق المشارك نتيجة رغبته في الخروج من الصندوق (ولا سيما في حالة كون القيمة السوقية المعلنة للورقة المالية أقل من القيمة المكتتب بها) فتضمن حينئذ رأس المال المشارك وتشترى الأوراق المالية التي في حوزته بالقيمة المكتتب بها وليس بالقيمة السوقية دون أن يكون ذلك مشروطا مسبقا في العقد.(2/93)
اتفق الفقهاء على أن المضارب أمين على ما بيده من مال لأن هذا المال في حكم الوديعة عنده , فلا يضمن إلا بالتفريط أو التعدي شأنه في ذلك شأن الوكيل والوديع وسائر الأمناء.
فلا يجوز اشتراط الضمان على المضارب في العقد سواء كان هذا الشرط من رب المال وقبله المضارب أو كان الاشتراط من المضارب على نفسه متبرعا لأن ذلك ينافي مقتضى العقد.
وبذلك لا يجوز أن تشتمل نشرة الاكتتاب في الصناديق الاستثمارية على شرط ضمان جهة الإصدار لرأس المال بصفتها المضارب , كما لا يجوز من باب أولى ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال , فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضمنا بطل شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل.
وعلى هذا الأساس يتبين بأن الشريعة الإسلامية تمنع ضمان المضارب خسارة رأس المال إذا لم يكن مقصرا أو متعديا وذلك لكي لا يخسر المضارب مرتين: الأولى بضياع جهده وعمله وفوات الربح الذي كان يسعى لتحقيقه , والثانية بتحمل خسارة رأس المال.
وذلك يخالف القاعدة الشرعية في المضاربة التي تنص على أن الوضيعة على رب المال , فهو وحده الذي يتحمل خسارة ماله.
أما إذا خالف المضارب حكما من أحكام المضاربة أو قيدا من القيود التي اشترطها رب المال أو أنه وقع منه تقصير في إدارة مال المضاربة ينتج عنه هلاك المال وتحقق الخسارة , فإنه في هذه الحالة يضمن باتفاق الفقهاء
ويجوز في مثل هذه الحالة أن يطلب رب المال ضمانا يضمن به تعدى أو تقصير المضارب , كما يجوز له أن يطلب كفيلا يضمن له ما يضيع من ماله بتعد أو تقصير.
هذا فيما يتعلق باشتراط ضمان رأس المال على المضارب أو تطوعه بذلك في العقد نفسه , أما بعد إتمام العقد وخارجه:
فإن جمهور الفقهاء لا يجيزون كذلك تطوع المضارب بالضمان ولو بعد الشروع في العمل لأن المضارب يكون متهما برغبته في استدراج رب المال وإبقاء رأس المال بيده.
ولكن أجاز بعض فقهاء المالكية أن يتطوع المضارب بضمان رأس المال بعد تمام عقد المضاربة وإن كان الأصل أنه أمانة بيده , وذلك قياسا على جواز تطوع الوديع والمكترى بضمان ما بيده إذا كان هذا التطوع بعد تمام العقد.
وعلى أساس هذا الرأي الأخير لبعض المالكية , فإنه يمكن القول بجواز ضمان المضارب لرأس المال إذا صدر هذا الضمان بعد الشروع في العمل ومستقلا عن عقد المضاربة بحيث لا يبنى دخول المشارك على وجود ذلك الضمان.
وهذا الرأي يعتبر مستندا للجهات المصدرة للصناديق الاستثمارية التي قد ترغب في تجنيب أي خسارة يمكن أن تلحق المشارك نتيجة رغبته في الخروج من الصندوق ولا سيما في حالة كون القيمة السوقية المعلنة للورقة المالية أقل من القيمة المكتتب بها , فيجوز حينئذ ضمان رأس المال المشارك وشراء الأوراق المالية التي في حوزته بالقيمة المكتتب بها وليس بالقيمة السوقية إذا لم يكن ذلك مشروطا مسبقا في العقد.(2/94)
قرار مجمع الفقه الإسلامي الدورة الرابعة , القرار رقم (5)
2 يد المضارب على حصيلة الاكتتاب في الصكوك وعلى موجودات المشروع هي يد أمانة لا يضمن إلا بسبب من أسباب الضمان الشرعية
3 لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال أو ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال , فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضمنا بطل شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل.
فتوى هيئة الرقابة الشرعية بنك دبي الإسلامي:
إنه لا يجوز شرعا ضمان المال المستثمر بقصد الربح لأن الاستثمار في الإسلام يقوم على أساس الغرم بالغنم.
فتاوى ندوات البركة: ندوة البركة الخامسة , الفتوى رقم (2)
بعد استعراض البحوث المقدمة للندوة , وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت بشأنها , قررت اللجنة أن شرط ضمان العامل لرأس المال ينافي مقتضى العقد فلا يجوز.
ندوة البركة الأولى الفتوى رقم (2)
السؤال:
هل يجوز للممول أن يطلب من المقاول (المضارب) أن يدفع له نسبة مئوية معينة من قيمة عقد المقاولة علاوة على رأس المال بصرف النظر عن مقدار التمويل وعما إذا ربح المشروع أو خسر؟
الفتوى:
أن هذا العقد غير جائز لما يلي:
أولا:
لاشتماله على ضمان المقاول (المضارب) لرأس المال , والمضارب أمين لا يضمن رأس المال إلا بالتعدي أو التقصير.
ثانيا:
لاشتمال العقد على اشتراط رب المال على المقاول (المضارب) دفع مبلغ محدد وذلك الاشتراط مفسد للعقد لأنه قد يؤدي إلى عدم الاشتراك في الربح.
بنك دبي الإسلامي فتوى رقم 06 / 0501
هناك أموال أيتام يريدون استثمارها في المضاربة الشرعية وقد اشترطت الجهة القائمة على هذه الأموال ضمان هذه الأموال خوفا عليها من الخسارة.
فهل يجوز ضمان هذه الأموال عن طريق إصدار خطاب ضمان يضمن فيها أموال اليتامى.
وهل يمكن اعتبارها إذا صح المخرج عن طريق خطاب الضمان كأمانة ترد كما هي ربحت المضاربة أم خسرت؟
الفتوى:
بحثت الهيئة مسألة ضمان أموال الأيتام المستثمرة ورأت أنه لا يجوز شرعا ضمان المال المستثمر بقصد الربح لأن الاستثمار في الإسلام يقوم على أساس الغرم بالغنم , الضمان المطلوب بهذه الصورة لا أساس له شرعا.
وإنما يجب اتخاذ الحيطة والحذر لذلك باختيار المضارب الثقة الأمين المتمسك بدينه , مع الأخذ بالأساليب العلمية في الاستثمار من دراسة السوق , ودراسة الجدوى الاقتصادية , والمتابعة والتقييم لكل الخطوات التنفيذية , وغير ذلك مما تتطلبه أساليب الاستثمار السليمة.
بنك فيصل الإسلامي السوداني
استفسار رقم (7)
الشركة مبنيه على الوكالة والأمانة , فكل شريك وكيل في التصرف في مال شريكه وأمين عليه , والأمين لا يضمن الأمانة إلا إذا تعدى أو قصر في حفظها.
والضمان أو الكفالة هو ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق , فيثبت في ذمتهما جميعا , ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما , ويجوز الضمان بعد وجوب الحق باتفاق الفقهاء , ويجوز قبل وجوبه عند الحنفية والمالكية والحنابلة.
وبناء على هذا يجوز للبنك في هذه المذاهب عندما يشارك غيره أن يطلب ضامنا يضمن له ما يضيع من ماله بتعد أو تقصير منه , ولا يجوز للبنك أن يطلب ضامنا يضمن ما يضيع من غير تعد ولا تقصير من الشريك , لأن ما يضيع في هذه الحالة لا يكون مضمونا على الشريك فلا يكون مضمونا على ضامنه.
ندوة البركة الأولى الفتوى رقم (59)
السؤال:
هل يجوز أن يطلب من المضارب أو الشريك تقديم كفيل أو ضمان؟ الفتوى:
اشتراط تقديم الكفيل أو الضمان على المضارب أو الشريك جائز شرعا لضمان التعدي والتقصير.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 2 الفتوى رقم (107)
رأس المال في شركة المضاربة أمانة في يد المضارب فلا يضمن ما يحصل فيه من خسارة إلا في حالات التعدي أو التقصير أو مخالفة الشروط.
وإن تحمل المضارب ضمان رأس المال ممنوع شرعا لأنه يخالف مقتضى عقد المضاربة , الذي هو عقد على المشاركة في الربح , فإذا لم يحصل ربح ووقعت خسارة فإنها تربط بالمال طبقا للقاعدة الشرعية في المشاركات بأن الربح على ما يتفق عليه الشريكان , والخسارة بقدر الحصص في رأس المال.
وإذا كان المضارب لا حصة له في التمويل فإن خسارته منحصرة في ضياع جهده , ويتحمل رب المال خسارة ماله.
ثم إن ضمان المضارب لرأس المال مع شرط مشاركة رب المال في الربح يجعل التعامل كالمراباة التي يضمن فيها المستثمر القرض ويستحق المقرض زيادة. .
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم (44)
ح على أنه لا مانع من أن تكون هناك مبادرة من العميل بتحمل ما قد يقع من خسارة في حينها - لا عند التعاقد لأن ذلك من قبيل الهبة والتصرف من صاحب الحق في حقه , دون تغيير لمقتضى العقد شرعا.
فحين وقوع الخسارة (دون تعد أو تقصير) يطبق المبدأ الشرعي بتحميلها لرب المال (البنك هنا) إلا أن يبادر العميل لتحملها ودون مقاضاته أو إلزامه , لأنه قد يقدم على هذه المبادرة انسجاما مع اعتبار نفسه مقصرا في الواقع ولو لم تستكمل صورة التقصير في الظاهر بما يحيل الضمان عليه.
والقاعدة الشرعية (أن المرء بسبيل من التصرف في ماله) .
ولا يجوز أن يتخذ ذلك حيلة أو وسيلة للدخول في المضاربة , بل يترك للعميل بمطلق رغبته سواء بالوعد غير الملزم عند التعاقد , أو بالتنفيذ الطوعي عند وجود موجب الضمان.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 2 الفتوى رقم (107)
وهناك صيغة لم تتعرض لها الندوة لأنها لم تعرض فيها , وهي:
تبرع المضارب بالتزام الضمان بعد عقد المضاربة والشروع في العمل بالمال.
ومفاد هذه الصيغة أن يخلو عقد المضاربة عن شرط الضمان ثم يصدر من المضارب التزام مستقل ولو كان موجها للعموم بهذا الضمان , والمستند الفقهي لهذه الصيغة ما جاء عند المالكية , منقولا عن الفقهاء الثلاثة منهم , وهم: ابن زاب , وابن بشير , وتلميذه ابن عتاب: أقيل لان زاب أيجب الضمان في مال القراض إذا طاع (أي تطوع) قابضه بالتزام الضمان؟ فقال:
إذا التزم الضمان طائعا بعد الشروع في العمل فما يبعد أن يلزمه.
ب ونقلوا عن ابن بشير أنه أمضى عقدا بدفع الوصي مال السفيه قراضا إلى أجل على جزء معلوم وإن العامل طاع بالتزام ضمان المال وغرمه.
ج وقد صحح ابن عتاب مذهب شيخه ابن بشير , ونصره بحجج كثيرة وفي (رسم الجواب عن سماع ابن القاسم من المدونة) ما يفيد صحة ما ذهب إليه ابن بشير.
وفي (سماع ابن القاسم) ما يفيد صحة الاعتراض عليه وهو ما وقع من بعض الشيوخ (كتاب أعداد المهج ص 161) .
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم 42
استخدام الضمان في حال التعدي أو التقصير
أ - لا يجوز في شركة المضاربة أن يضمن المضارب (كشرط) رأس مال المضاربة , بصورة مطلقة في حالة الخسارة مثلا , ولا يجوز تقديم ضمانات من المضارب لكي تستخدم في الاستيفاء منها إلا في حال التعدي أو التقصير , أو مخالفة تعليمات رب المال.
على أنه لا مانع من تحمل المضارب للخسارة أو لجزء منها - في حينه - كمبادرة منه , دون اشتراط أو إلزام مسبق.
الاجتماع الثاني لهيئة الفتوى لهيئة الفتوى والرقابة الشرعية لشركتي التوفيق للصناديق الاستثمارية والأمين للأوراق المالية
السؤال:
هل يجوز قيام الشركة (المضارب) باسترداد الأسهم بنفس القيمة المكتتب بها وليس بالأسعار المعلنة , وذلك بهدف تجنيب أي خسارة يمكن أن تلحق العميل.
الفتوى:
يتصور في هذه الحالة أن تشترى الشركة لنفسها أو لجهة أخرى:
- فإن كان الشراء لنفسها:
فلها الخيار بأن تشترى بالقيمة السوقية المنخفضة عن القيمة المكتتب بها أو بالقيمة المكتتب بها لوقاية العميل من الخسارة على أن لا يكون ذلك مشترطا على الشركة عند الاكتتاب ولا معلنا للجمهور حتى لا يكون من قبيل ضمان المضارب لرأس المال وهو ممنوع شرعا.
وفي حالة كون القيمة السوقية أكثر من القيمة المكتتب بها فعلى الشركة أن تفي بالتزامها في الاسترداد بالقيمة السوقية المعلنة.
- وإذا كان الشراء (الاسترداد) لصالح جهة أخرى:
بمعنى أن الشركة وكيلة عن تلك الجهة , فليس لها أن تسترد بأكثر من القيمة السوقية إلا بتفويض خاص صريح بذلك من الجهة الموكلة.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم 44
ضمان البضاعة التي تحول إليها رأس مال المضاربة
ضمان البضاعة التي تحول إليها رأس مال المضاربة ممنوع أيضا كضمان المضارب لرأس المال , وكلا المبدأين مخالف لمقتضى المضاربة الشرعية.
وهما أيضا متعارضان مع ما هو مقرر شرعا من أن المضارب أمين على رأس المال وموكل للتصرف فيه. . والأمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير.(2/95)
ضمان رأس مال المضاربة من طرف ثالث
تهدف في بعض الأحيان جهة ما إلى تشجيع الأفراد وتحفيزهم للمضاربة بأموالهم في مجالات بعينها أو مع جهات محدده , وذلك بوعدهم بالتبرع بجبر أي خسارة تلحق رءوس أموالهم.
وقد تكون هذه الجهة فردا أو شركة أو مؤسسة أو وزارة أو غيرها.
كما أن بعض المستثمرين قد يطلب ضمان طرف ثالث للدخول في عمليات مضاربة مع جهة ما.(2/96)
درست هذه المسألة في الدورة الرابعة لمجمع الفقه الإسلامي وقد أجاز المجمع ضمان رأس مال المضاربة من طرف ثالث مستقل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد , ويعتبر ذلك من قبيل التبرع وهو من أعمال الخير الجائزة شرعا إذا تمت بدون مقابل.
ويشترط أن يكون التزام الضمان هذا مستقلا عن عقد المضاربة , بمعنى أن قيام المتبرع بالضمان بالوفاء بالتزامه ليس شرطا في نفاذ العقد وترتب أحكامه عليه بين أطرافه , ومن ثم فليس لحملة الصكوك أو العامل في المضاربة الدفع ببطلان المضاربة أو الامتناع عن الوفاء بالتزاماتهم بها بسبب عدم قيام المتبرع بالوفاء بما تبرع به بحجة أن هذا الالتزام كان محل اعتبار في العقد.(2/97)
القرار الخامس لمجمع الفقه الإسلامي: الدورة الرابعة لمجمع الفقه الإسلامي , القرار رقم (5)
9 ليس هناك ما يمنع شرعا من النص في نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على وعد طرف ثالث منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع بدون مقابل بمبلغ مخصص لجبر الخسران في مشروع معين , على أن يكون التزاما مستقلا عن عقد المضاربة , بمعنى أن قيامه بالوفاء بالتزامه ليس شرطا في نفاذ العقد وترتب أحكامه عليه بين أطرافه , ومن ثم فليس لحملة الصكوك أو عامل المضاربة الدفع ببطلان المضاربة أو الامتناع عن الوفاء بالتزاماتهم بها بسبب عدم قيام المتبرع بالوفاء بما تبرع به بحجة أن هذا الالتزام كان محل اعتبار في العقد.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم (44)
ضمان الطرف الثالث
ز أن هناك بديلا لموضوع ضمان رأس مال المضاربة وهو أن يكون من طرف ثالث غير المضارب ورب المال , فيكون من قبيل الوعد بجائزة وهو من قبيل الهبة , فيبدي هذا الطرف استعداده لتكملة ما ينقص من رأس المال بالاستثمار.
فإذا أمكن تحصيل ذلك من قبل البنك المركزي مثلا أو وزارة المالية أو أي جهة مستقلة عن المضارب لا مانع من ذلك , سواء كان تأمين ذلك الطرف الثالث بجهود المضارب أو رب المال. بل حتى لو تقدم بهذا الضمان عميل لمصلحة عميل آخر. دون أن يربط هذا بعقد المضاربة تحاشيا لاشتراط عقد في عقد آخر.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم (46)
أوهو غير مرفوض من الناحية الشرعية , لأنه من ضمان الطرف الثالث , وهو ضمان لأصل المساهمة وربحها وهو وإن كان ربحا غير معلوم الآن لكنه باعتباره من قبيل الهبة لا تضره الجهالة.
لأنه يتسامح في التبرعات , وهذا الضمان من قبيل التبرعات.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 2 الفتوى رقم (107)
لكن إذا كان الضمان من طرف ثالث (أي غير المضارب ورب المال) فانه جائز لأنه من قبيل التبرع من ذلك الطرف أي الهبة ويتعلق هذا التبرع بمقدار ما يحصل من نقص , والجهالة في التبرعات مغتفرة.
وهذا الالتزام بالتبرع ليس ضمانا بمعنى الكفالة , لأنها لا تكون إلا في دين صحيح ثابت حاضرا أو مستقبلا فيكون هناك مدين أصيل وكفيل بالدين , وهنا الأصيل (المضارب) ليس مدينا لأنه بطبيعة المضاربة لا يصح مسئوليته.
فالضمان هنا يراد به التحمل للتبعة وليس الكفالة , ولا يتناول ضمان الطرف الثالث الربح المتوقع الذي فات (الكسب الفائت , أو الفرصة الضائعة) بل يقتصر على أصل المال.
لأن هناك حاجة بالنسبة لبعض الناس للمحافظة على أصل المال , ولتشجيعهم على استثماره وليست هناك حاجة تدعو إلى ضمان حصته من الربح , كما أن مثل هذا الضمان يشابه المراباة التي تقوم على أساس ضمان الأصل مع زيادة.(2/98)
أحكام التخارج في الصناديق الاستثمارية
تمثل الوحدات الاستثمارية حصة شائعة في موجودات الصندوق الاستثماري , وتعتبر حيازتها وقبضها حيازة للحصة الشائعة نفسها.
فيكون لحامل كل وحدة أو سهم أو أي ورقة مالية الحق في التصرف فيها بالبيع والهبة وغير ذلك من التصرفات المقررة شرعا للمالك.
وتنص نشرات الاكتتاب في عديد من الصناديق على هذا الحق في التصرف , ومن ذلك صناديق شركة التوفيق للصناديق الاستثمارية وشركة الأمين للأوراق المالية التي تنص نشراتها على أن " الأسهم قابلة للتداول بالبيع والشراء ويتم تسجيل التصرفات التي ترد عليها من بيع أو رهن أو تنازل أو تحويل في سجلات الشركة أو لدى مكاتب التسويق أو متعهدي الشراء , وتكون الشركة مسئولة أمام آخر مساهم مسجل لديها ".
ومن خلال تتبع نشرات مختلف صناديق الاستثمار الإسلامية , يمكن ملاحظة استخدام مصطلحات متنوعة بخصوص بيع وشراء الوحدات الاستثمارية أثناء فترة الصندوق , فهناك مصطلح التخارج , ومصطلح الاسترداد أو إعادة الشراء ومصطلح التداول.
ويمكن التفريق بين هذه المصطلحات بحسب الجهة المقتنية للوحدة الاستثمارية:
فيطلق مصطلح الاسترداد أو إعادة الشراء كلما تمت إعادة بيع الوحدات إلى الجهة المتعهدة بإعادة شراء سواء كانت الجهة المصدرة نفسها أو أي مؤسسة أخرى تعهدت بذلك على سبيل التضامن أو بشكل مستقل.
أما مصطلح التخارج أو التداول فهو يستخدم عند تحويل ملكية الوحدة من مستثمر مشارك في الصندوق إلى غير الجهة المتعهدة بالشراء , ويفضل استخدام مصطلح التخارج إذا تم نقل ملكية الوحدة من مستثمر مشارك في الصندوق إلى مستثمر آخر مشارك أيضا في نفس الصندوق , ومصطلح التداول إذا تم نقل ملكية الوحدة إلى أي مستثمر آخر جديد.
ويتم التداول عادة في أي وقت من عمر الصندوق بشرط إخطار الجهة المصدرة , بينما عملية التخارج أو إعادة الشراء لا تتم إلا في فترات تحددها جهة الإصدار.
والسبب في ذلك أن التداول يكون بأي سعر يتفق عليه الطرفان بل قد يكون بمجرد التنازل دون أي مقابل , في حين أن عملية التخارج وإعادة الشراء تتطلب تحديد لسعر الوحدة ليتم بمقتضاها البيع سواء للجهة المصدرة أو لأي مستثمر آخر.
ومن هنا كان تحديد أسعار الوحدات وطرق الإعلان عنها من المواضيع الهامة التي يجب ضبطها عند إدارة الصناديق.(2/99)
حيث تعتبر الوحدة الاستثمارية حصة شائعة في موجودات الصندوق , فلا يوجد مانع شرعي للتصرف في هذه الحصة بالبيع والشراء وغيرها من التصرفات , فالشريعة الإسلامية كما تجيز التصرف في مجموع المال تجيز التصرف في الحصة الشائعة.
وبالنسبة للأسعار التي تباع بها الوحدات الاستثمارية , فالأصل أن يتفق عليها بالتراضي بين الطرفين سواء كانت بالقيمة السوقية أو أكثر من ذلك أو أنقص لأنه من قبيل بيع حصة شائعة في موجودات الصندوق بالتراضي , وقد جاء في فتوى الحلقة العلمية الأولى للبركة أنه يجوز شرعا خروج صاحب حصة في صندوق استثماري بالقيمة التي يعرضها الصندوق ويقبلها الخارج بصرف النظر عن الطريقة المحاسبية التي يصل إليها الصندوق في تقييم هذه الحصة.
كما أجاز قرار مجمع الفقه الإسلامي تداول الأوراق المالية وفقا لظروف العرض والطلب ولإرادة المتعاقدين.
ولكن يجب عند التسعير مراعاة الأحكام الخاصة بموجودات الصندوق في كل حين فقد تشمل هذه الموجودات أحيانا خليطا من نقود وديون وأعيان ومنافع , وقد تشمل أحيانا أخرى بعضا من هذه المكونات منفردة فتختلف حينئذ أحكام التصرف في الوحدات , ويمكن حصر أربع حالات أساسية لموجودات الصندوق تؤثر في ضوابط تدول الوحدات.
أ - أن تكون أكثر موجودات الصندوق نقودا
تتجسد هذه الحالة عند بداية طرح الصندوق الاستثماري وقيام المضارب بتسلم رأس مال المضاربة أثناء فترة الاكتتاب , فتتكون موجودات الصندوق حينئذ من الأموال النقدية المجتمعة من حصيلة الاكتتابات في رأس المال.
وتمتد , فترة الاكتتاب عادة في الصناديق الاستثمارية من بضعة أيام إلى شهر أو شهرين حسب مدة الصندوق نفسه , ولا يتم خلالها احتساب الأرباح للأوراق المالية لأن رأس مال الصندوق لا يزال نقدا ولا يبدأ استثماره إلا من تاريخ غلق الاكتتاب.
كما أن موجودات الصندوق تكون نقودا في بداية تشغيل الصندوق إذا لم يتم استثمار الأموال وتحويلها من نقود إلى عمليات استثمارية (أصول ومنافع) .
وفى هذه الحالة التي تكون موجودات الصندوق نقودا سواء أثناء فترة الاكتتاب أو بعدها فإنه لا يجوز تداول الوحدات بالبيع والشراء إلا وفق أحكام الصرف لأنه مبادلة نقد بنقد.
وحيث إنه يشترط في الصرف التماثل فليس للمشارك في الصندوق في هذه المرحلة أن يطالب المضارب بأي ربح إذا رغب في بيع الوحدات التي في حوزته , ولا يجوز أن تباع إلا بقيمتها الاسمية دون زيادة أو نقص ويعتبر هذا البيع إقالة أو فسخا لعقد المضاربة أي للاكتتاب وليس عقدا جديدا.
وتنطبق ضوابط التداول المشار إليها كذلك عند نهاية مدة الصندوق إذا ما تحولت موجوداته إلى نقود.
وهذا ما يحصل غالبا قبل تاريخ التصفية فلا يجوز تداول الوحدات إلا بما يساوي حصتها من النقود التي تمثل القيمة الفعلية لموجودات الصندوق بعد تنضيضها وليس القيمة الاسمية للورقة المالية لأن النقد لا يباع بالنقد إلا متساويا.
ب - أن تكون أكثر موجودات الصندوق ديونا
تكون موجودات الصندوق ديونا في حالة استثمار أموال الصندوق في عمليات البيع الآجل (سواء بيع المساومة أوبيع المرابحة) أو في عمليات بيع السلم.
وذلك لأن قيام المضارب بشراء بضائع وأصول ثم بيعها بالأجل يجعل مكونات الصندوق تتحول مباشرة إلى ديون في ذمة المتعامل معهم.
كما أن قيام المضارب بدفع رأس مال الصندوق في عمليات بيع السلم يجعل مكونات الصندوق تتحول إلى ديون لأن المسلم فيه قبل قبضه يعد , دينا في ذمة البائع.
وفي هذه الحالة تمثل الوحدات ديونا ويخضع تداولها لأحكام التعامل بالديون , والجمهور يمنعون بيع الديون ورهنها أما المالكية فإنهم يرون جواز بيع الدين للمدين به بما يساويه من النقود بشرط أن تكون النقود مقبوضة في الحال , أما إذا بيع الدين لغير المدين به فإنه يباع بمثله وجنسه (حوالة الدين) أو يباع متفاضلا بغير جنسه , فإن كان الدين نقودا أمكن بيعه بسلعة , أو بنقد يختلف عن الدين في جنسه , وعلى ذلك فإن بيع الوحدة التي تمثل دينا في الذمة يخضع لهذه الأحكام.
ج - أن تكون موجودات الصندوق أعيانا أو منافع
تتجسد هذه الحالة بعد تشغيل الصندوق وقيام المضارب بتحويل حصيلة الاكتتابات التي تمثل رأس مال الصندوق في شكله النقدي إلى أعيان ومنافع , وذلك كأن يشتري المضارب معدات وآلات وأصولا مختلفة لتأجيرها أو أن يشترى قطعة أرض لاستصلاحها أو البناء عليها وتأجيرها.
وسواء كانت موجودات الصندوق أعيانا فقط أو منافع فقط أو أعيانا ومنافع معا , فإن الوحدات تمثل حصة في أعيان مالية ويجوز بالتالي تداولها دون أي قيد أو شرط.
د - أن تكون موجودات الصندوق مختلطة
في هذه الحالة تمثل الوحدات حصة شائعة في مجموعة موجودات الصندوق المتكونة من نقود وديون وأعيان ومنافع.
والتوجه العام هنا أن تعامل هذه الأوراق المالية مثل معاملة الأسهم في الشركات بحيث يمكن تداولها بالبيع والشراء بتراضي الطرفين وبالقيمة التي يتفق عليها سواء كانت أقل أو أكثر من القيمة الاسمية المعلنة وذلك تبعا للنتائج التي يحققها الصندوق.
ولكن هذا التعامل مشروط عند بعض الفقهاء بأن تكون الأعيان والمنافع غالبة على النقود والديون لأن الشريعة الإسلامية تجعل الحكم للغالب , وهذا ما أخذ به قرار مجمع الفقه.
بينما اكتفى البعض الآخر بوجود الخلطة وكثرة الأعيان دون اشتراط الغلبة وذلك أخذا بمبدأ التبعية لأنه يجوز تبعا ما لا يجوز استقلالا , وذهبت فتاوى مجموعة البركة إلى هذا الرأي الأخير.(2/100)
الحلقة العلمية الأولى للبركة الفتوى الخامسة
الخروج من الصناديق الاستثمارية
يجوز شرعا خروج صاحب حصة في صندوق استثماري بالقيمة التي يعرضها الصندوق ويقبلها الخارج بصرف النظر عن الطريقة المحاسبية التي يصل إليها الصندوق في تقييم هذه الحصة.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم (43)
مشروعية إنقاص ربح الوديعة عند سحبها قبل استحقاقها
أن موافقة المصرف على سحب الوديعة قبل استحقاقها هي تخارج عن حصة العميل المستثمرة في المشاركة (رأس مال المضاربة المتحول إلى بضاعة) وهذا التخارج يجوز أن يتم بمثل ما أسهم به العميل فيكون من باب التولية , أو بأقل فيكون من باب الحطيطة وهي الشراء بأنقص من رأس المال.
وهذا التخارج لا بد أن يتم برضا الطرفين (المصرف والعميل) .
وهذا التراضي يتحقق بإعلام العميل بذلك عند السحب , أو بذكر ذلك في استمارة فتح الحساب , أو في استمارة السحب , ليكون علمه بذلك رضا ولو لم يعبر عنه بالقول , جريا على بيع التعاطي.
أما إذا قام المصرف بذلك دون إعلام العميل فإنه يستلزم جهالة البدل الذي تم به استرداد العميل لوديعته إذ لا يشعر بذلك إلا عند توزيع الربح آخر السنة وقد لا يشعر , في حين أن علمه بهذا الأساس لحساب ربح وديعته التي يسحبها قبل استحقاقها هو رضا منه.
كما يمكن أن يقدم موظف البنك هذه المعلومة للعميل عند السحب والمهم أنه لا بد من ذكر هذا الأساس أو اطلاع العميل عليه ولو في استمارة فتح الحساب , أو إعلان بصالة البنك لأن الشرط المتقدم كالشرط المقارن للتصرف.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم (38)
مصاريف التخارج
أما مصاريف التخارج أن وجدت فهناك بعض الممارسات التي تقضي بتحميل الخارج من المضاربة نفقات التسهيل له لذلك التخارج.
وهذا بالرغم من وضوح باعثه وهو أن التخارج جاء من قبله ولمصلحته بالدرجة الأولى , لكن عملية التخارج هي عبارة عن عقد , وكل من الطرفين عامل لمصلحة نفسه , فلا يتحمل أحدهما ما يقع من نفقات ولا يطالب بمقابل بل أن وقعت نفقات فعلية تحملها الطرفان بالتساوي.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم (41)
حق التخارج والتعهد بالشراء
أ - المبدأ الذي تقوم عليه هذه المضاربة منسجم مع الطريقة التي تسلكها المصارف الإسلامية في حسابات أو ودائع التوفير الاستثمارية , وهناك التزام من المضارب بناء على أن المضاربة عقد غير لازم , فتنفسخ مساهمة من ينسحب من أرباب الأموال جزئيا , وذلك عن طريق مخارجة المضارب لتلك الحصص المرغوب من أرباب الأموال سحبها من وعاء المشاركة , والتخارج هنا يتم بالتولية (البيع بمثل الثمن الأول: نفس المبلغ المكتتب به في المضاربة أو حصصها) .
وكيفية التخارج تتم عن طريق التعهد الصادر من المضارب (البركة والمشاركين معها) والملزم له خلال مدة عقد المضاربة , فإذا رغب رب مال بسحب جزء كان ذلك منه قبولا لفسخ ذلك الجزء بالتولية (نفس المبلغ الذي دخل به) وقد تكون حصته أكبر قيمة من ذلك:
في حال الربح , أو أقل:
في حالة الخسارة , كما يمكن أن يتم هذا بالتعاطي , أو بالكتابة من خلال توقيع الاستثمارات من الطرفين لإتمام عملية السحب.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم (41)
شروط التداول
ب ولا بد أن تشتمل العمليات على تعامل بأعيان ومنافع إلى جانب النقود والديون , ولا يشترط في نظري.
أن تكون غالبة وإن كان الأولى ذلك , فيكفي وجود أعيان ومنافع.
ودليل ذلك حديث (من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع) فإذا اشترطه المبتاع (المشترى) كان ذلك منه شراء لعين ونقد بالنقد , وقد يكون المال الذي بحوزة العبد أكثر من قيمته بكثير , فيغتفر لكون النقد هنا تابعا , والنقود في المضاربة أو المشاركة تابعة للأعيان والمنافع التي هي الأصل بحسب طبيعة المشاركة , لكونها متاجرة بالسلع لتحقيق ربح مشترك , أما إذا كان موضوع المضاربة نقودا كما لو كان في أول إنشائها أو ديونا فقط:
في حال التصفية , أو خلال العمليات في حالة الخلو عن الأعيان والمنافع فإن الحلول غير سائغ , لأنه شراء للدين بأكثر منه أو أقل , في حال الربح أو الخسارة الكامنين وهذا ممنوع.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم (41)
ربح عملية التخارج
ج أن حصة الربح المخصصة للإدارة (البركة المشاركين معها) في مقابل تنظيم عملية التبايع , وليست مقابل الاستعداد لتغطية السحوبات لأن هذا الاستعداد له ربح مفترض في أصل عملية التخارج وهي مخاطرة وإذا كانت العمليات رابحة فلهذا التخارج ربحه الخاص به من خلال حساب النمر.
أما الاستعداد للأداء فلا يحق أخذ مقابل عنه لأنه شبيه بالكفالة , وأن مراعاة ذلك في زيادة الربح ضمنا لا مانع منه , لعدم الحرج في تفاوت نصيب الربح (خلافا للخسارة المنوطة بمقدار حصص الشركاء)
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم (46)
حالات التعهد بإعادة الشراء بالقيمة الاسمية وبالقيمة السوقية ب النموذج الثاني الذي يتعهد فيه بشراء الأسهم وفقا للسعر المعلن في تاريخ طلب البيع مع استثناء الفترتين المشار إليهما.
كما يتعهد فيه برد الأصل في حالة ثبوت الإهمال أو التعدي أو التقصير طبقا لأحكام المضاربة الشرعية.
هذه الصيغة مقبولة شرعا , لأنها مواعدة على الشراء مع تحديد سعر الشراء بالسعر المعلن في تاريخ طلب الشراء أي بما يشبه سعر السوق وهذا من قبيل بيع الأمانة لأن سعر السوق منضبط ويجب الالتزام به ولا حرية المتعاقدين في مخالفته بعدما التزما به في التعهد.
كذلك فإن التعهد برد أصل المساهمة في حال التعدي أو التقصير من المضارب جائز شرعا , وقد تقرر هذا في الندوة الأولى للبركة , الفتوى رقم (5)
ج أما النموذج الذي يتعهد فيه بشراء الأسهم بنفس سعر الشراء وفقا للقيمة الاسمية مع استثناء الفترتين والتنصيص على استحقاق العميل الأرباح الدورية واستحقاق شركة البركة لتلك الأرباح الناتجة من إعادة التقييم خلال أو في نهاية الإصدار مع التعهد فيه أيضا برد الأصل في حال ثبوت الإهمال أو التعدي أو التقصير
فإن ربط التعهد هنا بأن يكون الرد بنفس سعر شراء العميل للسهم لا مانع منه شرعا لأنه وعد بالبيع بطريقة (بيع التولية) : بمثل الثمن الأول وهو من بيوع الأمانة المعروفة , وكما تصح المواعدة على الشراء والبيع بالمساومة , أو بسعر السوق يوم البيع يصح أن يكون السعر فيها هو سعر الشراء الأصلي دون مراعاة تغير القيمة
وهذه الطريقة مقبولة هنا لأن إطفاء الأسهم يتم بين حاملها (رب المال) وبين طرف ثالث (شركة البركة) وهي غير مصدر الأسهم (المضارب) إذ ليس فيها أي شبهة.
أما إذا كان إطفاء الأسهم من قبل المضارب (شركة الأمين هنا) فلا يسوغ استخدام هذه الطريقة التي تقوم على إعادة الشراء بالقيمة الاسمية لأن فيها حينئذ شبهة من حيث استرداد رب المال رأس ماله بصورة مضمونة من خلال تعهد الإطفاء مضافا إليه الربح فتكون هناك شبهة القرض المضمون بفائدة.
وقد جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي منع إطفاء المضارب الأسهم بالقيمة الاسمية (الدورية الرابعة , القرار / 5 البند / 3) .
والخلاصة أن التعهد بالشراء بالقيمة السوقية سائغ في جميع الحالات , وأما التعهد بالشراء بالقيمة الاسمية فهو سائغ في الحالة التي يتم فيها الشراء من طرف ثالث.
والمفاضلة بينهما تعتبر من قبيل الجدوى والإرادة العقدية الملائمة , أي هي جانب إداري.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 2 الفتوى رقم 101
طرح إصدار مغلق غير قابل للتداول يتضمن عمليات مرابحة
لا مانع شرعا من المشاركة في إجراء عمليات مرابحة من خلال إصدار مغلق غير قابل للتداول أي لفقدان شرط صحة التداول وهو اشتمال الإصدار على أعيان ومنافع أكثر , أو كثيرة. . وذلك لأن هذا الإصدار عبارة عن مشاركة بين أرباب الأموال لاستثمار أموالهم بمرابحات يديرها المضارب وهو القائم بطرح الإصدار.
ولكن لا بد أن يتم تغطية الإصدار كله (بالاكتتاب ممن يرغب) قبل الدخول في أي عملية مرابحة , لأن اكتتاب أي شخص بعد الشروع في المرابحات ونشوء المديونية يكون بيعا لتلك المديونية , لأن الاكتتاب حينئذ شراء حصته من الموجودات , وهي هنا ديون.
أما إذا تم الاكتتاب (بجمع المساهمات) ثم أجريت عمليات المرابحة فإن ذلك اشتراك في ملكية الموجودات يترتب عليه استحقاق نسبي في نتائج تلك العمليات.
مصرف قطر الإسلامي الفتوى رقم 52
تغيير نسبة الربح عند سحب الوديعة الاستثمارية
عميل طلب سحب وديعته قبل أن يحل موعد استحقاقها علما بأنه قد تم صرف الأرباح المستحقة له عن الفترة المالية التي مكثتها الوديعة في عام 1405هـ بمعنى أن وديعته مربوطة لمدة سنة تبدأ من 1 / 4 / 1405هـ وتنتهى في 30 / 6 / 1406هـ والمصرف قام بدفع الأرباح عن الفترة من 1 / 4 / 1405هـ. لغاية 30 / 12 / 1405 هـ.
الإجابة:
الرأي أن تحسب المدة الفعلية التي بقيت الوديعة خلالها في المصرف للاستثمار وتقارن بمدد الودائع المحدد نسب مضاربة عليها ويعاد حساب الربح على أساس أن يؤخذ على هذه الوديعة نسبة المضاربة المطبقة على أقرب نوع من الودائع فإذا سحبت الوديعة المربوطة لمدة سنة بعد عشرة أشهر يطبق عليها نسبة المضاربة العائدة لوديعة التسعة أشهر وإذا مكثت الوديعة 11 شهرا ينطبق عليها نسبة المضاربة لودائع السنه.
هذا وفي حالة طلب العميل سحب الوديعة بعد أن تم صرف أرباحها فيتم إعادة احتساب الربح طبقا لهذه الطريقة وعلى أساس نسبة المضاربة الجديدة التي ستندرج تحتها الوديعة ويطالب العميل بالفرق بين ما تم صرفه بالفعل وما استحق للوديعة بعد هذه الحسبة في الحالات التي تستدعي ذلك ومع مراعاة ظروف العميل.
على أنه للمصرف الخيار في رفض سحب الوديعة قبل مدة استحقاقها.
بيت التمويل الكويتي الفتوى رقم 49 / ج1
احتساب نتائج الاستثمار عند تمام السنة المالية في حالة السحب فإن أقرب الآراء إلى العدالة التي تتفق مع قواعد الشريعة السمحة من غير تعقيد , ولا تحكم في عملاء البنوك الإسلامية هي أن صاحب الوديعة الاستثمارية أن اضطر إلى سحبها , أو سحب جزء منها أثناء السنة المالية , ورضي البنك بردها إليه , أن لا يحاسب على المكسب , أو الخسارة في الحال بل عند تمام السنة المالية ; فإن تبين له ربح ; أعطي له , وإن تبين خسارة أن للبنك حق الرجوع عليه , كما له حق التنازل عن هذه الخسارة.
وتحتسب الأرباح , والخسارة بنسبة المدة التي كانت فيها الوديعة مستثمرة لدى البنك طالت المدة , أو قصرت.
ومثل ذلك ما لو انتهت مدة الوديعة أثناء السنة المالية , وطلب عدم استمرار وديعته.
هذا ما اطمأن إليه قبلي واستقر عليه رأيي.
بيت التمويل الكويتي الفتوى رقم 49 / ج1
حق السحب وما يترتب عليه
إن هذه الودائع تعتبر من قبيل المضاربة وليس لرب المال وهو المودع أن يأخذ وديعته حتى يتبين أن كان هناك ربح أو خسارة , حيث أن بيت التمويل الكويتي اشترط عليه أول الأمر أنه لا يحق له سحب وديعته قبل مضي عام فلبيت التمويل الكويتي كامل الحق إلا يجيبه إلى طلبه , لأنه قد يكون مرتبطا بصفقه ويضر المساهمين والمودعين سحب هذا المبلغ.
فإن رأت إدارة البنك أن ظروف هذا المودع توجب إجابته إلى طلبه من غير أن يكون هناك ضرر على المساهمين والمودعين الآخرين فليجبه إلى طلبه على أن يتعهد البنك عند وضع الميزانية النهائية للعام أن يعطيه الربح الذي يستحقه أن كان هذا ممكنا حسابيا وكان هناك ربح , على أن يأخذ البنك تعهدا على المودع أن يرجع عليه بالخسارة أن تبين آخر العام أن هناك خسارة وأن يكون تحمله بنسبة المبلغ الذي سحبه والمدة التي كان المبلغ فيها في ذمة البنك , على أنه إن تنازل العميل مقدما عن حقه في الربح (إن وجد) وكان التنازل عن رضا وكامل الاختيار , فيكون تنازله صحيحا.
أما في حالة إثبات شرط يخول صاحب الوديع سحب جزء من وديعته متى شاء وإنه يترتب عليه اعتبار وديعته حساب توفير وليس وديعة استثمارية فهذا الشرط جائز بالاتفاق بين الطرفين.
ويكون بمثابة تنازل عن الفرق بين نسبة الربح المختلفة في الوديعة الاستثمارية المستمرة عنها في حساب التوفير.
مجمع الفقه الإسلامي القرار رقم 5 الدورة الرابعة
ضوابط تداول الأوراق المالية في الصناديق الاستثمارية
2 -. . . أن تكون صكوك المقارضة قابلة للتداول بعد انتهاء الفترة المحددة للاكتتاب باعتبار ذلك مأذونا فيه من المضارب عند نشوء السندات مع مراعاة الضوابط التالية:
أ - إذا كان مال القراض المتجمع بعد الاكتتاب وقبل المباشرة في العمل بالمال ما يزال نقودا فان تداول صكوك المقارضة يعتبر مبادلة نقد بنقد وتطبق عليه أحكام الصرف.
ب - إذا أصبح مال القراض ديونا تطبق على تداول صكوك المقارضة أحكام التعامل بالديون.
ج - إذا صار مال القراض موجودات مختلطة من النقود والديون والأعيان والمنافع فإنه يجوز تداول صكوك المقارضة وفقا للسعر المتراضى عليه , على أن يكون الغالب في هذه الحالة أعيانا ومنافع.
أما إذا كان الغالب نقودا أو ديونا فتراعى في التداول الأحكام الشرعية التي ستبينها لائحة تفسيرية توضع وتعرض على المجمع في دورة قادمة. وفى جميع الأحوال يتعين تسجيل التداول أصوليا في سجلات الجهة المصدرة. . .
3 - مع مراعاة الضوابط السابقة في التداول:
يجوز تداول صكوك المقارضة في أسواق الأوراق المالية أن وجدت بالضوابط الشرعية وذلك وفقا لظروف العرض والطلب ويخضع لإرادة العاقدين.
كما يجوز أن يتم التداول بقيام الجهة المصدرة في فترات دورية معينة بإعلان أو إيجاب يوجه إلى الجمهور تلتزم بمقتضاه خلال مدة محددة بشراء هذه الصكوك من ربح مال المضاربة بسعر معين ويحسن أن تستعين في تحديد السعر بأهل الخبرة وفقا لظروف السوق والمركز المالي للمشروع.
كما يجوز الإعلان عن الالتزام بالشراء من غير الجهة المصدرة من مالها الخاص , على النحو المشار إليه. . .
5 - لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار ولا صك المقارضة الصادر بناء عليها على نص يلزم بالبيع ولو كان معلقا أو مضافا للمستقبل.
وإنما يجوز أن يتضمن صك المقارضة وعدا بالبيع.
وفي هذه الحالة لا يتم البيع إلا بعقد بالقيمة المقدرة من الخبراء وبرضى الطرفين.
ندوة البركة الثانية الفتوى رقم (3)
إعطاء إيجاب لشراء أسهم أو حصص
السؤال:
هل يجوز للبنك الإسلامي الذي يملك نسبة عالية في رأس مال شركة ما أن يعرض إيجابا عاما بشراء حصص فيها أو أسهمها مع تحديد الثمن الذي يشتري به الحصص أو السهم في خلال فترة معينة؟ الفتوى:
يجوز للبنك الإسلامي أن يعرض إيجابا عاما بشراء هذه الحصص أو الأسهم ما لم يكن ذلك وسيلة إلى محرم.
ندوة البركة الثانية الفتوى رقم (4)
اشتراك مؤسسات أخرى في التعهد بشراء الحصص
السؤال:
هل يجوز للبنك الإسلامي الذي تعهد بشراء الحصص أو الأسهم المعروضة للبيع (كما في الفتوى السابقة) .
هل يجوز له أن يشرك معه بنوكا ومؤسسات إسلامية في شراء هذه الحصص وإعادة بيعها للراغبين؟ الفتوى:
يجوز للبنك الإسلامي الذي يعرض إيجابا عاما بشراء الحصص أو الأسهم المعروضة أن يشرك معه غيره من البنوك والمؤسسات الإسلامية في الإيجاب بنفس الشروط , شريطة أن يتم الإعلان عن اسم البنك أو المؤسسة المنضمة كلما طرأ تغيير على أسماء المشاركين بالإيجاب.(2/101)
توزيع المصروفات في الصناديق
الهدف من إنشاء وإدارة مختلف الصناديق هو استثمار المال وتحقيق الربح من أجل توزيعه على أرباب المال أي المستثمرين في الصندوق.
ومن المقرر في الفقه الإسلامي أنه لا ربح إلا بعد استرداد رأس المال وتغطية المصاريف لأن الربح كما يقول الفقهاء هو وقاية لرأس المال.
ومن هنا كان ضرورة البيان والتفريق بين المصروفات التي تخصم من الوعاء الاستثماري أي من الصندوق , وبين المصروفات التي لا تخصم منه وإنما يتحملها المدير للصندوق وهو المضارب في حالة صناديق الاستثمار الإسلامية القائمة على صيغة المضاربة.(2/102)
عالج الفقهاء القدامى مسألة توزيع المصروفات في موضعين , الموضع الأول عند حديثهم عن نفقة المضارب , والموضع الثاني عند تحديدهم لما يملكه المضارب وما لا يملكه من التصرفات ولا سيما التصرف الخاص باستئجار المضارب من يساعده في كل ما كان لمصلحة المضاربة ولا يقدر القيام به بمفرده.
كما عالج الفقهاء المعاصرون هذه المسألة على نحو مماثل , ففرقوا بين نوعين من المصروفات: أحدهما المصروفات الخاصة بأعمال المضاربة ذاتها , والثانية المصروفات المتعلقة بالمضارب نفسه.
المصروفات الخاصة بأعمال المضاربة
المصروفات الخاصة بأعمال المضاربة هي التكاليف المباشرة المتعلقة بتنفيذ وتشغيل العمليات الاستثمارية المكونة للمضاربة أي للصندوق الاستثماري , وهذه تحمل بطبيعة الحال على المضاربة نفسها ويكون عبئها على الطرفين: المشاركين بصفتهم أرباب المال والجهة المصدرة بصفتها المضارب.
وعلى هذا الأساس تخصم هذه المصاريف من الربح إن كان هناك ربح , فينتقص ربح الطرفين بتوزيع الربح الصافي المتبقي بعد خصم المصاريف.
أما إن لم يحصل ربح , فإن هذه المصاريف تخصم من رأس المال فيخسر المضارب جهده وعمله ويتحمل رب المال الخسارة كما هو معتمد في أصل المضاربة.
ولا يجوز في هذه الحالة أن تحمل هذه المصروفات على المضارب لأنها قد تكون أكبر من حصته في الربح فلا يكون له نصيب منه بينما يتمتع رب المال بحصته في ذلك , وهذا يقطع المشاركة في الربح.
ب المصروفات المتعلقة بالمضارب نفسه
أما بالنسبة للمصروفات المتعلقة بالمضارب نفسه , وهي التكاليف الإدارية اللازمة لممارسة المضارب نشاطه في إدارة ومتابعة أعمال المضاربة مثل المصروفات الخاصة بوضع الخطط ورسم السياسات واختيار مجالات الاستثمار , واتخاذ القرارات الاستثمارية ومتابعة تنفيذها وحساب الأرباح والخسائر وتوزيعها وكذلك مصروفات إدارات الاستثمار والأجهزة التي تعتمد قرارتها وإدارة المتابعة وإدارة المحاسبة.
فالأصل في هذا النوع من المصاريف أن يتحملها المضارب نفسه لأنها تخص أعمال واجبة عليه , وهو يستحق في مقابل قيامه بتلك الأعمال حصته المتفق عليها من الربح , فوجب أن تغطى هذه المصاريف بجزء من حصته في الربح.
وقد ذكر الفقهاء في مسألة استئجار المضارب من يساعده في أعمال المضاربة , أنه إذا كان العمل المطلوب خفيفا وسهلا ولا يشق على المضارب , وجرت العادة أن يتولى بنفسه تلك الأعمال فإنه لا يصح أن يؤجر من مال المضاربة أشخاصا آخرين يقومون بتلك الأعمال , لأن الربح الذي يستحقه المضارب هو في مقابل تلك الأعمال ويجب أن يتحمل عمله , فإذا ما أنفق عليها يكون الإنفاق من ماله الخاص وليس من مال المضاربة.
ولكنهم أضافوا أيضا أنه إذا كان العمل المطلوب يشق عليه وليس في طاقته وإمكاناته القيام به بنفسه , فيجوز للمضارب استئجار من يساعده للقيام به إذا كان ذلك من مصلحة المضاربة , ويكون الإنفاق هنا من مال المضاربة , وليس من ماله الخاص.
وعلى أساس هذا القول الأخير , يمكن تفسير ما ذهبت إليه الفتوى الصادرة عن الحلقة العلمية الأولى للبركة حيث تنص بأنه: " إذا اقتضت طبيعة المضاربة الاستعانة بخبرات في المجالات السابقة التي تلزم المضارب والتي لم تكن متاحة في هيكله الوظيفي وقت الدخول في المضاربة فان تكلفة هذه الخبرات تكون من مال المضاربة ".
وحيث إنه قد يحدث الاشتباه في نوع المصروفات التي يتطلب أن يتحملها المضارب أو تتحملها المضاربة , فإنه يمكن حل ذلك:
بالرجوع إلى ما يراه الخبراء ووفقا لما تقرره هيئات الرقابة الشرعية , وهذا هو الحل الوارد في فتوى ندوة البركة الرابعة التي تنص على أنه " يرجع إلى ما يراه الخبراء عند الاشتباه في نوع المصروفات التي تتطلب أن يتحملها المضارب أو تتحملها العملية الاستثمارية وفقا لما تقرره هيئة الرقابة الشرعية في المصرف الإسلامي ذي العلاقة "
أو بالنص صراحة في عقد المضاربة أو لائحة الصناديق الاستثمارية على الجهة التي تتحمل تلك المصروفات , وذلك عملا برأي الحنابلة القائل بجواز تحميل نفقة المضارب على مال المضاربة إذا تم اشتراط ذلك في العقد لحديث المسلمون على شروطهم وفي حالة عدم النص على ذلك في العقد فإن مصاريف المضارب تحسب من ماله الخاص.(2/103)
ندوة البركة الرابعة الفتوى رقم (61)
تحميل المصروفات الإدارية والمصروفات الخاصة بعمليات المضاربة
السؤال:
كيف يتم حساب مصروفات المضاربة في المصارف الإسلامية؟
الفتوى:
الأصل في المصروفات الخاصة بعمليات الاستثمار في المصارف الإسلامية أن تتحمل كل عملية التكاليف اللازمة لتنفيذها.
أما المصروفات الإدارية العامة اللازمة لممارسة المصرف الإسلامي لأنشطته المختلفة فيتحملها المصرف وحده , وذلك باعتبار أن هذه المصروفات تغطى بجزء من حصته في الربح الذي يتقاضاه كمضارب حيث يتحمل المصرف ما يجب على المضارب أن يقوم به من أعمال.
أما المصروفات عن الأعمال التي لا يجب على المضارب أن يقوم بها فتتحملها حسابات الاستثمار وفقا لما قرره الفقهاء في أحكام المضاربة.
ويرجع إلى ما يراه الخبراء عند الاشتباه في نوع المصروفات التي تتطلب أن يتحملها المضارب أو تتحملها العملية الاستثمارية وفقا لما تقرره هيئة الرقابة الشرعية في المصرف الإسلامي ذي العلاقة.
الحلقة العلمية الأولى للبركة الفتوى الثانية
تحميل المصروفات الإدارية والمصروفات الخاصة بعمليات المضاربة
أ - المصروفات التي تلزم المضارب في مقابل حصته من الربح هي المصروفات التي تلزم لوضع الخطط ورسم السياسات واختيار مجالات الاستثمار واتخاذ القرارات الاستثمارية ومتابعة تنفيذها وحساب الأرباح والخسائر وتوزيعها وتشمل مصروفات إدارات الاستثمار والأجهزة التي تعتمد قراراتها وإدارة المتابعة وإدارة المحاسبة.
على أنه إذا اقتضت طبيعة المضاربة الاستعانة بخبرات في المجالات السابقة التي تلزم المضارب والتي لم تكن متاحة في هيكله الوظيفي وقت الدخول في المضاربة فإن تكلفة هذه الخبرات تكون من مال المضاربة.
2 أما بقية المصروفات اللازمة لتنفيذ العمليات فتحسب على مال المضاربة.
وبالنسبة للبنوك أو الشركات الاستثمارية التي تقوم بنشاط آخر بجانب عملها مضاربا , فيجب أن يراعى أن المضاربة لا تتحمل إلا نسبة من المصاريف الكلية تتناسب مع ما قامت به في سبيل تنفيذ عمليات المضاربة.
بنك فيصل الإسلامي السوداني الفتوى رقم (25)
مدى جواز تحميل المصروفات الإدارية على ودائع الاستثمار
(ب) المصروفات التي تتحملها ودائع الاستثمار (مال المضاربة) هي المصروفات اللازمة لعملية المضاربة مثل نقل البضاعة وتخزينها , وأجرة العمال إلخ , أما المصروفات الإدارية التي لا تتحملها ودائع الاستثمار وبالتالي لا تخصم قبل توزيع الربح فالمراد بها ما يدفع مقابل إدارة البنك عمل المضارب لودائع الاستثمار , لان هذه الإدارة يتقاضى البنك مقابلها 25
من ربح ودائع الاستثمار , فلو خصمنا مصاريفها من الربح الإجمالي يكون البنك قد أخذ عليها أجرا مرتين.
وهذا الحكم متفق مع ما قرره الفقهاء بإجماع عندما يكون المضارب شخصا طبيعيا وتحدث الفقهاء أيضا عن نوع آخر من المصروفات وهى ما ينفقه المضارب على نفسه في الأكل والسكنى. هل تحسب على مال المضاربة أم لا تحسب , واختلفوا في هذا اختلافا كبيرا.
وقد اختلف الفقهاء المعاصرون أيضا بالنسبة للمصروفات التي تتحملها ودائع الاستثمار في البنوك الإسلامية فرأى بعضهم خصم المصروفات العمومية بما فيها مرتبات الموظفين ورأى آخرون عدم خصم المرتبات ونحوها , والاكتفاء بخصم ما يتعلق بعمل المضاربة نفسه من سجلات ومطبوعات خاصة بعمل الاستثمار.
وقد تبين للهيئة بعد اطلاعها على مفردات المصروفات الإدارية في البنك أن بعضها - مثل التبرعات - لا يصح أن تتحمله ودائع الاستثمار بأى وجه من الوجوه , وبعضها يصح أن تتحمل جزءا منه على رأي بعضهم , ولكن من الصعب جدا تحديد هذا الجزء ولهذا فهي لا ترى مانعا شرعيا من أن يتحمل البنك كل المصروفات الإدارية مقابل ال 25
التي يتقاضاها من ربح ودائع الاستثمار , وإذا وجد البنك أن هذه النسبة غير مجزية فيمكنه أن يرفعها إلى النسبة المجزية.
الهيئة العليا للفتوى والرقابة الشرعية فتوى الموضوع الثاني
تحمل أموال المضاربة مصاريفها الفعلية فقط
السؤال:
ما هي الطريقة العادلة لتوزيع الأرباح بين المساهمين والمودعين؟ الفتوى:
انتهى رأي الهيئة بإجماع الآراء إلى ما يلي:
أولا: توزع الأرباح على المساهمين والمودعين (المستثمرين) بنسبة أموال المستثمرين وما استثمره البنك فعلا من أمواله , على إلا تتحمل أموال المضاربة (أموال الاستثمار) إلا مصاريفها الفعلية اللازمة لإدارتها واستثمارها.
بيت التمويل الكويتي الجزء الثاني الفتوى (209)
تحميل المصروفات في حالة الخسارة
السؤال: من المعروف انه عند تحقق الربح يتم توزيعه بين رب المال والمضارب حسب النسب المتفق عليها وعند تحقق خسارة يتحمل رب المال خسارة المال ويفقد المضارب جهده.
ولكن المصاريف في هذه الحالة (الخسارة) من يتحملها , وما هو التخريج الفقهي لذلك؟
الجواب:
مصاريف المضاربة في حالة الخسارة تحمل على رأس المال فيخسر المضارب جهده ويتحمل رب المال الخسارة.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم (39)
الأصل أن تحمل جميع مصاريف المضاربة على المضاربة نفسها
أن الأصل في المضاربة أن تحمل جميع مصاريفها على المضاربة نفسها , أي أنها تخصم من الربح أن كان هناك ربح , أو من رأس المال أن لم تحصل أرباح.
ولا يتحمل المضارب أي شيء من المصاريف.
لأن تحمله شيئا منها معناه وقاية رأس مال المضاربة من ماله , مع أن رأس المال لا يوقى إلا من الربح.
والمضارب ليس مطلوبا منه إلا بذل جهده وخبرته وعمله بنفسه , فإن كان عمل المضاربة محدودا كما هو في السابق - كفى عمله بنفسه , وإن أصبح متسعا , كما هو الآن , فان هذه السعة مردودها على المضاربة فكذلك مصاريفها عليها.
لذا لا يتحمل المضارب شيئا من المصاريف بصورة مباشرة وإنما يلحقه أثر وجود هذه المصاريف بانتقاص الربح الإجمالي لأن المصاريف تحسم من الأرباح قبل توزيعها , بتحميلها على المضاربة , فيتأثر المضارب بذلك نسبيا بصورة لا تنقطع بها مشاركته في الربح , ومعلوم أن كل ما يقطع المشاركة في الربح ممنوع في باب الشركات عموما ومنها المضاربة , وتحميل المصاريف للمضارب قد يؤدى إلى قطع مشاركته في الربح لأنها قد تزيد عما يؤول إليه من ربح , ويسلم لرب المال ربحه ببقاء نسبته فيه في حين أن المصاريف قد تأتي على النسبة التي آلت للمضارب.
ثم أن اتخاذ القرار من المضارب وهو المطلوب منه من خلال عمله هو ما يقوم به بنفسه عادة , فإن حصل توسع في النشاط بحيث اقتضى وجود موظفين وإدارة أو إدارات فإن مردود ذلك التوسع هو على المضاربة , وتحمل مصاريف ذلك كله عليها. هذا إذا كانت تلك الإدارات يتمحض عملها للمضاربة , فإن كانت تعمل للشركة الأصلية (المساهمين) وللمضاربة وزعت مصاريفها بنسبة الأموال التي تخص كلا من الجهتين: رأس المال للشركة , رأس مال المضاربة (أي ما يستثمر من رأس مال الشركة في المضاربة مع أموال المودعين) .
هذا ولا يحفظ المضارب من خطر عدم الاشتراك في الربح أن له طلب زيادة ربحه إذا تجاوزت المصاريف المألوف. فإن هذا ينظم المستقبل لا الحالة الراهنة , وقد لا يجاب إلى طلبه.(2/104)
نفقات التأسيس في الصناديق
تعتبر مسألة كيفية تحميل وحسم مصاريف إنشاء وتأسيس الصناديق الاستثمارية من أهم المواضيع المطروحة لدى الجهات التي تتولى عمليات الإصدار , ذلك أن تأسيس أي صندوق يحتاج إلى تخطيط وتنظيم وهيكلة تمهيدا لطرح وحداته , وتقوم الجهة المصدرة بكل تلك الأعمال التمهيدية قبل ظهور الصندوق بشكله النهائي وبالتالي قبل التعاقد مع المشاركين الذين يقبلون المساهمة في الصندوق وقبل حصولها على صفة المدير أو المضارب للصندوق.
وكل تلك الأعمال تعتبر من التحضيرات اللازمة التي تظهر آثارها الإيجابية في إنشاء الصندوق وعمله وتؤثر في نفعها العائد على جميع الأطراف , لأنها تمكن في النهاية من تحديد كيفية التعاقد وإطاره ومكانه وزمانه وموضوع النشاط وتنظيم العلاقات المختلفة بين الأطراف وبينها وبين الغير.
ولما كانت أعمال التأسيس هذه تتطلب مصاريف وأموالا هامة , كان من الضروري بيان من يتحملها , هل هي الجهة المصدرة للصندوق؟ أم المشاركون في الصندوق عند طرحه؟ أم يتحملها الطرفان بانتقاص قيمتها من الوعاء الكلي للصندوق؟
وقد درجت بعض الصناديق الاستثمارية على النص على الجهة التي تتحمل مصاريف التأسيس
وتذكر بعض اللوائح التنظيمية للصناديق تفصيل ما تشمله مصروفات التأسيس ومنها:
أ - جميع الرسوم والأتعاب المدفوعة للجهات الحكومية.
ب - جميع الرسوم والنفقات المدفوعة للغير بما فيهم المحامون والمحاسبون والمستشارون الماليون والاقتصاديون والتجاريون.
ج - جميع النفقات النثرية المتعلقة بالسفر والسكن والمصروفات الأخرى المتعلقة بموظفي المضارب وجزء من رواتبهم ونفقاتهم الأخرى.
د - جميع الإمدادات وإهلاك الأجهزة والمرافق المخصصة للنشاطات سالفة الذكر.
هـ - التكاليف والمصروفات الأخرى التي دفعها المضارب فعليا وقرر أنه يجب تخصيصها بصورة عادلة للنشاطات سالفة الذكر.(2/105)
بحث هذا الموضوع الفقهاء المعاصرون وبعض هيئات الفتوى والرقابة الشرعية للبنوك والمؤسسات الإسلامية , والاتجاه العام هو أن يتحمل المضارب (الجهة المصدرة للصندوق) مصاريف التأسيس إذا لم يتم النص على غير ذلك في نشرة الاكتتاب أو لائحة الصندوق.
ويعتمد هذا الرأي على قول الحنابلة بجواز تحميل نفقة المضارب على مال المضاربة عند اشتراط ذلك في العقد لحديث المسلمون على شروطهم أما في حالة عدم النص فإن مصاريف المضارب يجب أن تحسب عندهم من ماله الخاص.
وفي حالة النص على تحمل أرباب المال مصاريف التأسيس , تبرز بعض الإشكالات التي تتطلب الحل الشرعي:
- هل تحمل تلك المصاريف على المشاركين فقط فيدفعون قيمتها عند الاكتتاب , ولا تتحمل جهة الإصدار شيئا من ذلك؟ أم إنها تحسم من الأرباح التي تتحقق بعدئذ قبل التوزيع فيتحمل أثرها كل من جهة الإصدار وأرباب المال؟
- وهل يجب أن تقابل مصاريف التأسيس مصروفات فعلية محددة بمبلغ معين تم تحملها من قبل جهة الإصدار؟ أم هل يكفي تقديرها بشكل تقريبي خصوصا إذا ما تداخلت أعمال الجهة المصدرة وتعذر التفصيل الدقيق لتكاليف إنشاء صناديق متعددة وأعمال مختلفة؟
ويبدو أن هناك منهجين مقبولين من الناحية الشرعية:
المنهج الأول: توزيع عبء مصاريف التأسيس على الطرفين
يرى هذا المنهج توزيع عبء مصاريف التأسيس على الطرفين (الجهة المصدرة وأرباب المال) لأن كل منهما مستفيد من الأعمال التحضيرية التأسيسية للصندوق , فهذه المصاريف تحسم من صافي الأرباح التي تتحقق وذلك قبل التوزيع لها بالنسب المقررة.
وبهذه الطريقة يتحمل المضارب جزءا منها بحسب نسبته من الربح , وكذلك أرباب الأموال بحسب نسبتهم , لأن حسمها من الأرباح يعود بالنقص على الطرفين بنسبة ربح كل منهما.
ويرى أصحاب هذا التوجه ربط مصاريف التأسيس بالمصاريف الفعلية , بمعنى تحديدها بما تم صرفه فعلا سواء كان لتغطية جهود الغير أو جهود المضارب نفسه بأن تقوم بأجر المثل.
وهذه الطريقة أعدل لربطها من ناحية بالمصاريف الفعلية , ولتوزيع عبئها على الطرفين بحسب نصيبهما في الربح من ناحية ثانية. وعلى هذا جاءت إحدى فتاوى الحلقة الفقهية الأولى لمجموعة دله البركة إذ نصت على أنه: " يجوز أن تحمل مصروفات إنشاء وتسويق الصناديق والأوعية الاستثمارية على مال المضاربة إذا تضمنتها نشرة الإصدار وكانت مصاريف فعلية محددة بمبلغ معين أو بحد أقصى يذكر في النشرة , فإذا لم تتضمنها نشرة الإصدار كانت هذه المصروفات على المضارب ".
كما ذهب إلى هذا التوجه هيئة الفتوى والرقابة الشرعية لشركتي التوفيق والأمين عند دراستها لمسألة دراسة مسألة تثبيت مصاريف تأسيس الصناديق بنسبة مئوية مقطوعة من رأس المال على أن تكون هذه النسبة متضمنة في نشرة الصندوق واللائحة العامة.
وقد أجابت الهيئة بما يلي: " لا مانع من تثبيت مصاريف تأسيس وإنشاء الصناديق على أساس نسبة مئوية مقطوعة من رأس مال الصندوق مع إعلام المساهمين بها في النشرة واللائحة شريطة إعادة النظر في تلك النسبة عند انتهاء مرحلة التأسيس باقتطاع المصاريف الفعلية ورد الفرق إلى حساب الاحتياطي أو الربح القابل للتوزيع ".
المنهج الثاني: تحميل مصاريف التأسيس على المشاركين
يرى تحميل مصاريف التأسيس على أرباب المال المشاركين في الصندوق , حيث ينظر إلى هذه المصاريف على أنها خدمات سابقة على المضاربة قام بها المضارب وطلب لقاءها مقابلا حسب تقديره كثمن أو أجر لتلك الخدمات , وعرض على أرباب الأموال الاستفادة منها بتحمل نصيب من هذا المقابل.
فإن قبلوا دخلوا في المشاركة , وإلا أحجموا عن الدخول أو طالبوا بإنقاصها إلى القدر الذي يرتضونه ويقبله المضارب.
وقد اقترح المستشار الشرعي لمجموعة البركة هذا المنهج كأسلوب ثان ممكن التعامل به مع ما سبق , وهو يعتبر أن هذا المنهج من قبيل المساومة لأن المصاريف تحدد هنا من خلال ما يقده المضارب من أجر للخدمات التي قدمها وليست مرتبطة بالمصاريف الفعلية , كما أن عبئها يكون على أرباب المال فقط.
وقد ذكر صاحب هذا القول بأن هذا يشبه ما يقوم به أحد الشركاء أو الجيران من عمل في المال المشترك ويمكنهم من أن يستفيدوا منه بدفع ما يحدده من ثمن لتلك المنفعة.
وكأنه من عمل الفضولي الذي يسري على من قصدهم به بإجازتهم له , (والإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة) .(2/106)
الحلقة العلمية الأولى للبركة الفتوى الأولى
تحميل مصروفات إنشاء وتسويق الصناديق الاستثمارية
يجوز أن تحمل مصروفات إنشاء وتسويق الصناديق والأوعية الاستثمارية على مال المضاربة إذا تضمنتها نشرة الإصدار وكانت مصاريف فعلية محددة بمبلغ معين أو بحد أقصى يذكر في النشرة , فإذا لم تتضمنها نشرة الإصدار كانت هذه المصروفات على المضارب.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم (38)
تحميل مصاريف التأسيس في المضاربة
الذي أراه من الناحية الشرعية في شأن مصاريف التأسيس أنها عبارة عن مقابل لأعمال ومهام بذلت لإنشاء المحفظة أي استلزمها (عقد المشاركة بين الطرفين) وهذا العقد يعود نفعه على كل من المضارب وأرباب الأموال , والمضارب أن قام بهذه الأعمال بجهود غيره فإنه يمكنه بسهولة تحديد ما صرفه فعلا , وإن قام بها بنفسه وبأعوانه فقط أو بذلك وبجهود غيره , فإنه يمكنه تقويم ما قام به بنفسه وبأعوانه باحتساب أجر المثل حسب تقدير الخبرة. . .
وبما أن هذه التحضيرات يستفيد منها المضارب وأرباب الأموال فإنه يتحملها الطرفان.
لا يقال (أن على المضارب أن يعد نفسه ليكون مؤهلا لعمل المضاربة) لأن هذا الإعداد قائم به من خلال خبراته المتراكمة التي لأجلها أقدم أرباب الأموال على التعامل معه وتسليم الأموال إليه وهذا هو الإعداد العام. أما ما يتوصل إليه من خلال التحضيرات والدراسات ونحوها فهو الإعداد الخاص لمزاولة المضاربة على النحو الأمثل , فبذلك تتحدد كيفية التعاقد وإطاره ومكانه وزمانه , وموضوع النشاط وتنظيم العلاقات المختلفة بين الأطراف , وبينها وبين الغير , وهذه كلها تظهر آثارها الإيجابية في إنشاء المضاربة وعملها وتؤثر في نفعها العائد على جميع الأطراف.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم (38)
كيفية حسم مصاريف التأسيس
وهناك منهجان مقبولان مبدئيا في تحميل تلك المصاريف وتحديدها:
(أحدهما) أن تحدد من الواقع الفعلي , سواء كانت كلها بجهود الغير أو شارك فيها المضارب وتقوم بأجر المثل , فهذه المصاريف (الفعلية) تحسم من صافي الأرباح التي تتحقق وذلك قبل التوزيع لها بالنسب المقررة وبهذه الطريقة يتحمل المضارب جزءا منها بحسب نسبته من الربح , وكذلك أرباب الأموال بحسب نسبتهم , لأن حسمها من الأرباح يعود بالنقص على الطرفين بنسبة ربح كل منهما.
وهذه الطريقة أعدل من جهتين:
(1) ربطها بالمصاريف الفعلية.
(2) توزيع عبئها على الطرفين بحسب نصيبهما في الربح.
ويلحظ في هذا المنهج أن المصاريف مراعى فيها المآل لصالح المضاربة ولأجلها , فكأنها من مصاريف المعتادة لمزاولة أنشطتها وهذا من قبيل استصحاب الحال. وينسجم هذا مع قاعدة نفقات ومصاريف المضاربة خلال قيامها.
(والمنهج الآخر) لا يلحظ فيه أنها كجزء من مصاريف المضاربة بل ينظر إليها على أنها خدمات سابقة على المضاربة قام بها المضارب وطلب لقاءها مقابلا حسب تقديره كثمن لتلك الخدمات , وعرض على أرباب الأموال الاستفادة منها بتحمل نصيب من هذا المقابل.
فإن قبلوا دخلوا في المشاركة , وإلا أحجموا عن الدخول أو طالبوا بإنقاصها إلى القدر الذي يرتضونه ويقبله المضارب.
ويشبه هذا ما يقوم به أحد الشركاء أو الجيران من عمل في المال المشترك ويمكنهم من أن يستفيدوا منه بدفع ما يحدده من ثمن لتلك المنفعة.
وكأنه من عمل الفضولي الذي يسري على من قصدهم به بإجازتهم له. (والإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة) وهذا بالنسبة للمؤسسين.
أما المنضمون للمضاربة فيما بعد فإنهم لا يدفعون شيئا , فإن دفعهم للقيمة الاسمية للشهادة معناه تحمل نصيب مما حققته أعمال التأسيس من زيادة تلك القيمة.
والمنهج الأول من قبيل التولية (والتشريك فيها بالنسبة) , أما المنهج الثاني فهو من قبيل المساومة , والأول أعدل وأدعى للقبول.(2/107)
الاقتطاع من الأرباح لتكوين الاحتياطي في الصناديق
تقوم المؤسسات المالية الإسلامية عموما وكذلك مختلف صناديق الاستثمار التي تطرحها الشركات والمصارف الإسلامية على أساس عقد المضاربة , وتتضمن لوائح هذه الجهات النص على اقتطاع نسبة معينة من الأرباح في نهاية كل دورة تودع في حساب خاص مستقل , وترصد حصيلة هذه المبالغ لتكوين احتياطيات من أجل:
مواجهة مخاطر الاستثمار وتحقيق حماية رأس المال.
أو مواجهة انخفاض مستقبلي في الأرباح وتحقيق موازنة في التوزيعات.
وفي الواقع العملي قد تستفيد من هذه الاحتياطيات نفس الجهات التي استقطعت منها تلك المبالغ , وقد تستفيد منها جهات أخرى غيرها حيث تتبدل وتتنوع أشخاص المساهمين من فترة إلى أخرى , كما قد ينص في بعض الشركات أو الصناديق الاستثمارية على أن الاحتياطي لا يخص أيا من الشركاء بعد التصفية بل إنه يذهب إلى أغراض الخير أو إلى أي أغراض خدمة المجتمع.(2/108)
إن جمهور الفقهاء يشترطون أن يكون الربح مختصا بالمتعاقدين لا يعدوهما إلى غيرهما , فالأصل عندهم أن توزع الأرباح بين الطرفين ويمنع تخصيص أي جزء منها للغير , وهذا بخلاف رأي المالكية القائل بجواز اتفاق طرفي عقد المضاربة على تخصيص جزء من الربح (أو كله) إلى الغير لأن المتعاقدين يكونان قد تبرعا بذلك الجزء من الربح فكان ذلك هبة وقربة لله تعالى ولا يمنعان منها.
وأخذا بهذا الرأي الأخير , فإن نسبة الربح المقتطعة هي تبرع من المتعاقدين الذين يمثلون أصحاب الحق في الأرباح.
وأنهم قد رضوا بالتبرع سواء انتفعوا هم بالاحتياطي أو انتفع غيرهم به كما تنص على ذلك نشرة الاكتتاب أو لائحة الصندوق الاستثماري أو النظام الأساسي للشركة الذي تم الموافقة عليه.
فإذا ما خرج بعضهم من المضاربة أو من الصندوق الاستثماري فإن المشارك المتخارج يكون أمام حالتين:
إما أن يستفيد - عند تخارجه - بحصته من الأرباح المحتجزة لتكوين الاحتياطي.
ويترتب على هذا أن تقوم الجهة المصدرة للأوراق المالية بالأخذ بعين الاعتبار ذلك الاحتياطي عند إعادة شرائها للأوراق المالية , وهذا هو الأعدل للمشارك.
وإما أن لا يستفيد - عند تخارجه - بالاحتياطي وفقا لما تم الاتفاق عليه في التعاقد , فيكون ذلك من قبيل الإبراء , حيث يبرئ المتخارج المؤسسة أو إدارة الصندوق مما له في ذمتها من حصته في الاحتياطي.
أما عن كيفية اقتطاع هذه الاحتياطيات:
هل من الربح الكلي قبل توزيعه بين المضارب ورب المال؟ أم هل يشترط اقتطاعه من أحد الطرفين دون الآخر؟ فإن الحكم يختلف بحسب المستهدف من تكوين الاحتياطي:
- فإذا كانت الأرباح المقتطعة مخصصة لمواجهة مخاطر الاستثمار وتحقيق حماية رأس المال بحيث يغطى هذا الاحتياطي أي خسارة تلحق رأس المال , ففي هذه الحالة يجب أن تقتطع من حصة أرباب المال في الربح وحدهم , ولا مجال لمشاركة المضارب في هذا الاحتياطي لأنه يكون بذلك قد ضمن جزءا من خسارة رأس المال , وهذا الضمان غير جائز باتفاق الفقهاء.
- أما إذا كانت الأرباح المقتطعة مخصصة لمواجهة انخفاض محتمل في الأرباح وتحقيق موازنة في التوزيعات بحيث يتفق المتعاقدون على توزيع مستوى معين من الأرباح والاحتفاظ بالجزء المتبقى لاستخدامه مستقبلا في حالة انخفاض الأرباح عن المستوى المطلوب , فإنه يجوز هنا اقتطاع تلك الاحتياطيات من الربح الإجمالي قبل توزيعه بين أرباب المال والمضارب , إذ كلاهما له الحق في الربح ومستفيد بالاحتياطي.(2/109)
مجمع الفقه الإسلامي القرار رقم (5) الدورة الرابعة
اقتطاع نسبة معينة في نهاية كل دورة ووضعها في احتياطي خاص
8 ليس هناك ما يمنع شرعا من النص في نشرة الإصدار على اقتطاع نسبة معينة في نهاية كل دورة , أما من حصة الصكوك في الأرباح في حالة وجود تنضيض دوري وأما من حصصهم في الإيراد أو الغلة الموزعة تحت الحساب ووضعها في احتياطي خاص لمواجهة مخاطر خسارة رأس المال.
الحلقة العلمية الثانية للبركة الفتوى الثالثة
اختلاف طريقة اقتطاع المخصصات حسب الاستخدام المستهدف للمخصص
أإذا كان المخصص المقتطع من أرباح شركة المضاربة هو لضمان مستوي معين من الأرباح فانه يجوز اقتطاعه من الربح الكلي قبل توزيعه بين أرباب المال والمضارب.
(ب) أما إذا كان المخصص لوقاية رأس المال (حماية الأصول) فانه يقتطع من حصة أرباب المال في الربح وحدهم , ولا يشارك فيه المضارب لأن اقتطاعه من الربح الكلي يؤدي إلى مشاركة المضارب في تحمل خسارة رأس المال , وهي ممنوعة شرعا.
المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي: الفتوى العاشرة
مخصص لمواجهة مخاطر الاستثمار
لتغطية الحساب المخصص لمواجهة مخاطر الاستثمار يجوز أن يقتطع المصرف الإسلامي سنويا نسبة معينة من صافي أرباح الاستثمار المتحققة من مختلف العمليات الجارية خلال السنة المعينة.
وتبقى هذه المبالغ المقتطعة محفوظة في حساب مخصص لمواجهة أية خسائر تزيد عن مجموع أرباح الاستثمار في تلك السنة.
بنك دبي الإسلامي فتوى رقم 09 / 807
الاحتياطي بين توجيهه إلى أغراض الخير وحق المشارك المتخارج في نصيبه منه
المقرر شرعا هو وجوب الوفاء بالعقود وأن الشروط جائزة بين المسلمين إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما , فإذا تضمن عقد الشركة حكما خاصا بشأن الاحتياطي عند خروج أحد الشركاء تعين العمل به.
ويجوز الاتفاق على أن يذهب الاحتياطي كله إلى أغراض الخير وإذا لم ينص العقد على شيء من ذلك كان من حق الشريك الحصول على نصيبه في الاحتياطي طالما كان العقد يكفل له الخروج من الشركة في أي وقت يشاء.
المؤتمر الأول للمصرف الإسلامي الفتوى الثالثة
استقطاع الاحتياطي من حقوق المساهمين دون حصة أصحاب الودائع
يرى المؤتمر ضرورة النص على بيان نصيب كل من المودع وأصحاب رأس المال والبنك المضارب وأن يكون النصيب نسبة شائعة في الربح لكي تصح المضاربة في الحالة الأولى وفيما يتعلق بموضوع الاحتياطي المجنب يتعين أن يكون استقطاعه من حقوق المساهمين دون حصة أصحاب الودائع الاستثمارية.
مصرف قطر الإسلامي فتوى رقم 11
الاحتياطي من حق المساهمين وحدهم دون المودعين
السؤال:
سؤال حول اقتطاع الاحتياطيات من أرباح المصرف.
الفتوى:
ترى الهيئة أن احتياطيات المصرف يتم اقتطاعها من أرباح المساهمين فقط وليس من مجموع الأرباح وبالتالي يكون الاحتياطي من حق المساهمين وحدهم دون المودعين.(2/110)
التقويم أو التنضيض الحكمي في الصناديق
نظرا للطابع الجماعي في الاستثمار في الصناديق , واستمرار النشاط فيها عادة لفترات ودورات زمنية متعددة (متوسطة وطويلة الأجل) , تقوم جهات الإصدار في أكثر الأحيان بتوزيع أرباح في فترات دورية , وتتخذ هذه التوزيعات إحدى الطريقتين:
الطريقة الأولى:
توزيع دفعات على الحساب إلى أن تتم التصفية النهائية للصندوق فتعدل التوزيعات حينئذ وفقا للنتائج الفعلية المتحققة , وهذه الطريقة تعني قسمة الربح قبل المفاصلة أي مع استمرار المضاربة.
الطريقة الثانية:
توزيع الربح بشكل نهائي في فترات دورية محددة بحيث تعتبر نتائج كل دورة من دورات توزيع الأرباح مستقلة عن نتائج الدورات اللاحقة.
فيكون لكل دورة حساباتها وأوضاعها المالية الخاصة وتوزع نتائجها في كل مرة دون اللجوء إلى التصفية الفعلية والنهائية للصندوق نفسه.(2/111)
الطريقة الأولى: توزيع دفعات على الحساب
بالنسبة للطريقة الأولى التي يتم فيها توزيع دفعات على الحساب إلى أن تتم التصفية النهائية للصندوق , فقد أجازها الشافعية والحنابلة طالما أن الربح لا يستقر بالقسمة بحيث تجبر أي خسارة لاحقة بالربح الأول الموزع لأن الربح كما ذكروا يجب أن يكون وقاية لرأس المال.
وقد عرضت في إحدى ندوات البركة مسألة التزام المضارب بدفع نسبة ثابتة من رأس المال للبنك [بصفته رب المال] على حساب الأرباح على أن تتم التسوية والسداد لاحقا؟ وصدرت الفتوى التالية:
" لا مانع شرعا من التزام المضارب بأن يدفع للبنك نسبة ثابتة من رأسمال المضاربة على حساب الأرباح على أن تتم التسوية لاحقا مع التزام البنك بتحمل الخسارة إذا وقعت ".
وفي نفس هذا الموضوع , بحثت الحلقة العلمية الأولى للبركة مسألة توزيع الدخل التشغيلي بنسبة تحت الحساب إلى حين التنضيض وأصدرت الفتوى التالية:
" إذا كان موضوع المضاربة أصولا تدر دخلا جاز الاتفاق على توزيع هذا الدخل بين المضارب ورب المال بنسبة معينة تحت الحساب , وعلى توزيع ما ينتج من ربح عند بيعها بنسبة أخرى , وإذا بيع الأصل بأقل من ثمن شرائه فإن هذا النقصان يجبر من الدخل التشغيلي ".
كما تم إقرار هذا المبدأ في الفتوى الصادرة عن مجمع الفقه الإسلامي في القرار رقم5 الذي بين المسألة بكل وضوح كالآتي:
" يستحق الربح بالظهور , ويملك بالتنضيض أو التقويم ولا يلزم إلا بالقسمة.
وبالنسبة للمشروع الذي يدر إيرادا أو غلة فانه يجوز أن توزع غلته.
وما يوزع على طرفي العقد قبل التنضيض (التصفية) يعتبر مبالغ مدفوعة تحت الحساب ".
الطريقة الثانية: توزيع الربح بشكل نهائي في فترات دورية
أما بخصوص الطريقة الثانية التي يوزع فيها الربح بشكل نهائي في فترات دورية محددة بحيث تكون كل دورة من دورات توزيع الأرباح مستقلة عن الأخرى دون اللجوء إلى التصفية الفعلية للصندوق نفسه , فإننا نواجه هنا بعض العقبات والإشكالات الشرعية حيث يشترط في الفقه الإسلامي توافر شرطين لكي يستقر ملك الطرفين في حصتهما من الربح , وهما:
- شرط تنضيض مال المضاربة (تصفية المضاربة) .
- شرط قبض رب المال لأصل ماله (استعادة رأس المال) .
ومن المعلوم أنه في الصناديق الاستثمارية متوسطة وطويلة الأجل - التي توزع فيها الأرباح دوريا - يتعذر عمليا القيام في نهاية كل دورة بالتصفية الكلية لجميع مكونات الصندوق كما يتعذر إعادة كل رأس مال الصندوق لأصحابه.
فكيف إذن عالج الفقهاء المعاصرون هذه المسألة؟
بالنسبة لشرط التنضيض الفعلي لكامل مشاريع المضاربة فقد عالج الفقهاء المعاصرون هذه المسألة باعتبار التنضيض الحكمي أو التقديري أو ما يسمى كذلك بالتقويم بديلا عن التنضيض الفعلي أو الحقيقي.
وبذلك فإنه يمكن تعويض مبدأ التنضيض الفعلي - الذي يستوجب تصفية كامل مشاريع المضاربة وتحويلها إلى نقود - بمبدأ التنضيض الحكمي الذي يتمثل في التقويم الدقيق من قبل خبراء مختصين لكامل مشروعات المضاربة بحيث يؤدى هذا التقويم إلى معرفة الربح حقيقة كما لو تم تصفية المضاربة. وقد صدر في هذا قرار من مجمع الفقه الإسلامي الذي ينص على:
" أن محل القسمة هو الربح بمعناه الشرعي , وهو الزائد عن رأس المال وليس الإيراد أو الغلة.
ويعرف مقدار الربح إما بالتنضيض أو بالتقويم للمشروع بالنقد , وما زاد عن رأس المال عند التنضيض أو التقويم فهو الربح الذي يوزع بين حملة الصكوك وعامل المضاربة , وفقا لشروط العقد ".
هذا وقد كانت الفتوى الصادرة عن الحلقة العلمية الثانية للبركة في غاية الدقة والوضوح بخصوص التنضيض الحكمي أو التقديري حيث نصت على أن:
" للتنضيض الحكمي بطريق التقويم في الفترات الدورية خلال مدة عقد المضاربة حكم التنضيض الفعلي لمال المضاربة , شريطة أن يتم التقويم وفقا للمعايير المحاسبية المتاحة ويجوز شرعا توزيع الأرباح التي يظهرها التقويم , كما يجوز تحديد أسعار تداول الوحدات بناء على هذا التقويم ".
وبما أن المشاركات في المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية أصبحت مرتبطة بدورات زمنية محددة ومستمرة نظرا للطابع الجماعي في المستثمرين والمخارجة بينهم , فقد تعين اعتبار بديل للتنضيض الفعلى في هذه الحالات وهو التنضيض التقديري (التقويم) , حيث أن الرجوع للقيمة يعتبر مبدأ شرعيا في كثير من التطبيقات الفقهية كما في الغصب , وتعذر الالتزام بالمثل فيصار للقيمة , وكذلك في جزاء محظورات الحج والصيد , وغيرها ".
أما بخصوص شرط القبض فإن فيما ذكره الإمام أحمد بن حنبل من المحاسبة التي اعتبرها كالقبض , في ذلك مخرجا للمسألة المطروحة.
ونقتطف هنا بعض ما جاء في كتاب المغني:
" قال ابن المنذر:
إذا اقتسما الربح ولم يقبض رب المال رأس ماله فأكثر أهل العلم يقولون برد العامل الربح حتى يستوفي رب المال ماله. ولنا على جواز القسمة أن المال لهما فجاز لهما أن يقتسما بعضه كالشريكين أو نقول أنهما شريكان فجاز لهما قسمة الربح قبل المفاصلة كشريكي العنان. قال أبو طالب قيل لأحمد:
رجل دفع إلى رجل عشرة آلاف درهم مضاربة فوضع , فبقيت ألف فحاسبه صاحبها ثم قال له اذهب فاعمل بها فربح؟ قال يقاسمه ما فوق الألف يعني إذا كانت الألف ناضة حاضرة إن شاء صاحبها قبضها فهذا الحساب الذي كالقبض فيكون أمره بالمضاربة بها في هذه الحال ابتداء مضاربة ثانية كما لو قبضها منه ثم ردها إليه ".
وعليه , لا يشترط إعادة كل رأس مال الصندوق لأصحابه في نهاية كل دورة من دورات توزيع الأرباح , بل يجوز الاكتفاء بإجراء محاسبة دقيقة لكافة مشروعات الصندوق تمكن من تحديد نصيب مختلف الأطراف من الأرباح , فيقوم هذا الحساب مقام القبض خاصة وأن أرباب المال يكون لهم الخيار بين سحب أموالهم والخروج من الصندوق أو تجديد التعاقد تلقائيا بالاستمرار والبقاء في الصندوق , وبذلك تعتبر كل دورة من دورات توزيع الأرباح مضاربة مستقلة ومنفصلة عن الأخرى.(2/112)
الحلقة العلمية الأولى للبركة الفتوى الرابعة
توزيع الدخل التشغيلي بنسبة تحت الحساب إلى حين التنضيض إذا كان موضوع المضاربة أصولا تدر دخلا جاز الاتفاق على توزيع هذا الدخل بين المضارب ورب المال بنسبة معينة تحت الحساب , وعلى توزيع ما ينتج من ربح عند بيعها بنسبة أخرى , وإذا بيع الأصل بأقل من ثمن شرائه فإن هذا النقصان يجبر من الدخل التشغيلي.
مجمع الفقه الإسلامي القرار رقم (5) الدورة الرابعة
يعرف الربح بالتنضيض أو بالتقويم للمشروع وما يوزع قبل التنضيض يعتبر دفعات على الحساب
6 / ب - أن محل القسمة هو الربح بمعناه الشرعي , وهو الزائد عن رأس المال وليس الإيراد أو الغلة.
ويعرف مقدار الربح , إما بالتنضيض أو بالتقويم للمشروع بالنقد , وما زاد عن رأس المال عند التنضيض أو التقويم فهو الربح الذي يوزع بين حملة الصكوك وعامل المضاربة , وفقا لشروط العقد.
ج - أن يعد حساب أرباح وخسائر للمشروع وأن يكون معلنا وتحت تصرف حملة الصكوك.
7 - يستحق الربح بالظهور , ويملك بالتنضيض أو التقويم ولا يلزم إلا بالقسمة.
وبالنسبة للمشروع الذي يدر إيرادا أو غلة فإنه يجوز أن توزع غلته.
وما يوزع على طرفي العقد قبل التنضيض (التصفية) يعتبر مبالغ مدفوعة تحت الحساب.
الحلقة العلمية الثانية للبركة الفتوى الثانية
التنضيض الحكمي بطريق التقويم الدوري بغرض توزيع الأرباح أو تحديد أسعار تداول الوحدات
أللتنضيض الحكمي بطريق التقويم في الفترات الدورية خلال مدة عقد المضاربة حكم التنضيض الفعلي لمال المضاربة , شريطة أن يتم التقويم وفقا للمعايير المحاسبية المتاحة.
ب يجوز شرعا توزيع الأرباح التي يظهرها التقويم , كما يجوز تحديد أسعار تداول الوحدات بناء على هذا التقويم.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 2 الفتوى رقم (104)
مشروعية التنضيض التقديري كبديل عن التنضيض الفعلي
المراد بالتنضيض تحويل البضائع إلى نقد أي نقود (سيولة) والتنضيض هو الأصل الشرعي لإمكانية حساب ربح المشاركة والمضاربة لأنه يتوقف عليه استرجاع القدر الفعلي لرأس مال المشاركة من النقود واحتساب ما زاد عليه ربحا إجماليا , يتحول بعد إخراج المصاريف إلى ربح صاف قابل للتوزيع.
وبما أن المشاركات في المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية أصبحت مرتبطة بدورات زمنية محددة ومستمرة , نظرا للطابع الجماعي في المستثمرين والمخارجة بينهم فقد تعين اعتبار بديل للتنضيض الفعلي في هذه الحالات وهو التنضيض التقديري (التقويم) , حيث إن الرجوع للقيمة يعتبر مبدأ شرعيا في كثير من التطبيقات الفقهية كما في الغصب وتعذر الالتزام بالمثل فيصار للقيمة وكذلك في جزاء محظورات الحج والصيد وغيرها.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 2 الفتوى رقم (106)
تقسيم فائض التقييم إلى عنصرين (قابل للتوزيع وغير قابل)
إن أصل فكرة التقييم تستند إلى اعتماد مبدأ القيمة السوقية وبما أن بعض الظروف الخارجية غير السوية قد تجعل تلك القيمة السوقية غير واقعية أي لا يتاح البيع بها , فإن إيجاد مخصص ناتج عن إعادة التقويم للتحوط في سلامته وعدمها محقق لدقة التقييم , ليكون أقرب للواقع ما أمكن وقد جرى العمل على ذلك في المصارف الإسلامية.
أما الفكرة المطروحة وهي عدم إيجاد مخصص , لكن يقسم فائض التقييم إلى عنصرين أحدهما قابل للتوزيع , أي يحسب في عمليات الخروج والدخول , والآخر غير قابل للتوزيع , أي يحسب للداخل دون الخارج فإن هذا الطريقة ينطبق عليها نفس مبدأ (المخصص) مع سهولة العمل بها.
ولا بد أيضا من تحرى الدقة في كل من استخراج الفائض وتقسيمه إلى العنصرين المشار إليهما.(2/113)
توزيع الأرباح والخسائر في الصناديق
هناك قواعد أساسية متفق عليها بين الفقهاء في خصوص توزيع الأرباح والخسائر في عقد المضاربة , وهذه القواعد يجب مراعاتها عند تحديد وتوزيع الأرباح في الصناديق الاستثمارية التي تقوم على أساس المضاربة.(2/114)
أ - أن يكون الربح معلوم القدر.
يجب تحديد حصة ونصيب المتعاقدين من الربح في العقد , لأن المعقود عليه هو الربح وجهالة المعقود عليه توجب فساد العقد , فيجب أن يكون الربح في الصناديق الاستثمارية معلوما للطرفين منذ بداية التعاقد , وأن يكون ثابتا خلال فترة المضاربة.
ولا يجوز تغيير نصيب المتعاقدين من الربح لاحقا إلا بالاتفاق والتراضي كما أشارت لذلك فتوى ندوة البركة الرابعة:
" وفي حالة تعديل نسبة الربح في المستقبل لا بد من الأشعار بالتعديل مع تحديد مدة زمنية يعتبر مضيها قرينة على موافقة المستثمر الذي لا يعترض ".
أما بالنسبة للنص في نشرات الإصدار على أن يستقطع المضارب حصة من معدل الربح الإجمالي بنسبة 20
مثلا دون ذكر حصة رب المال , فهذا لا مانع منه لأن المضاربة تكون مستوفية شرط معلومية الربح المستحق للطرفين حيث يستقطع ربح المضارب ويكون الباقي من نصيب رب المال يستحقه بماله لكونه نماءه وفرعه.
كما نلاحظ أن بعض الصناديق الاستثمارية درجت على إعلان معدل ربح متوقع , وهذا لا بأس به شرعا طالما كانت حصة الطرفين فيما يتحقق فعلا من أرباح معلومة ومحددة لأن ذلك من قبيل التقدير التقريبي حيث أنه لا يترتب عليه التزام من المضارب ولا إلزام من أصحاب الأموال , وهو نتيجة الدراسة لمكونات الإصدار وطبيعة العمليات الاستثمارية المشمولة فيه.
والعبرة بما يتحقق فعلا من أرباح سواء زادت عن المتوقع أم نقصت أم لم تتحقق أرباح أصلا , أم وقعت خسائر فيضيع على المضارب جهده ويضيع على صاحب المال ما خسره.
ولا بد من توزيع جميع الربح المتحقق فعلا بحسب النسب المئوية المتفق عليها بين الطرفين ولا عبرة بالالتزام بالربح المعلن عن توقعه إذا كان الربح أكثر من ذلك أو أقل ".
ب - أن يكون الربح بنسبة شائعة دون تحديد مبلغ مقطوع لأحدهما
يجب تحديد نصيب المتعاقدين من الربح بجزء شائع يتفقان عليه كالنصف والثلث وغيره , لأن مقتضى عقد المضاربة الاشتراك في الربح الحاصل منها , وذلك لأن اشتراط مبلغ معين من الربح لأحد المتعاقدين يؤدي إلى قطع الشركة في الربح لاحتمال أن لا يربح المضارب إلا ذلك المبلغ فينفرد به أحدهما دون الآخر مما ينافي مقتضى العقد.
ويترتب على ذلك عدم جواز اشتراط قدر محدد من المال لحملة الأوراق المالية أو للمضارب في الصناديق الاستثمارية مثل تحديد مبلغ 1000 دولار أو نسبة 10
من رأس المال لأنه يؤدى إلى عدم الاشتراك في الربح.
وخلافا لذلك يجوز كل اشتراط لا يؤدي إلى قطع الشركة في الربح مثل اشتراط مبلغ معين يستحقه أحد المتعاقدين إذا زاد الربح عن حد معين , أو اشتراط أنه إذا زاد الربح عن نسبة محددة 15% مثلا في السنة عن رأس المال فإن الزيادة تكون من نصيب أحد الطرفين , ذلك أن هذا المبلغ المحدد لأحد الطرفين لا يسري مفعوله هنا إلا بعد توزيع الربح طبقا للنسب المتفق عليها وبعد تحمل رب المال لأي خسارة متحققة.
ج - أن يكون الربح على ما اصطلح عليه المتعاقدين
يجوز بإجماع الفقهاء اتفاق الطرفين على توزيع ربح المضاربة بنسب معلومة بينهما قلت أو كثرت لأن استحقاق المضارب الربح بعمله فجاز ما يتفقان عليه من قليل أو كثير.
ويجوز في هذا الإطار إصدار صناديق استثمارية تتحدد فيها الأرباح بشكل مزدوج كأن يتفق الطرفان على نسب محددة لتوزيع الأرباح التشغيلية ونسب أخرى مختلفة عن الأولى لتوزيع الأرباح الرأسمالية , وهو ما جاء في فتوى الحلقة العلمية الأولى للبركة. " إذا كان موضوع المضاربة أصولا تدر دخلا جاز الاتفاق على توزيع هذا الدخل بين المضارب ورب المال بنسبة معينة تحت الحساب , وعلى توزيع ما ينتج من ربح عند بيعها بنسبة أخرى , وإذا بيع الأصل بأقل من ثمن شرائه فإن هذا النقصان يجبر من الدخل التشغيلي ".
كما يجوز اتفاق الطرفين على تحديد نصيبهما في الأرباح بشكل يتفاوت باختلاف المبلغ المتحقق من الأرباح , كأن يتفق على نسب محددة لتوزيع الأرباح بالنسبة للمليون الأول المتحقق من الربح , ويتفق على نسب أخرى لتوزيع الأرباح المتحقق التي تزيد عن المليون الأول.
وذهبت كذلك الحلقة العلمية الأولى للبركة إلى جواز الاتفاق على تفاوت نسب الأرباح باختلاف المدة بحيث تحدد نسبا معينة في حالة الدخول في مضاربة لمدة محددة , وتعتبر نسبا أخرى في حالة الاستثمار لمدة أقل من المدة المتفق عليها. " يجوز للمضارب أن يعلن عن مضاربة , ويشترط أن من يدخل فيها لمدة معينة (سنة مثلا) يستحق نسبة معينة من الربح. وأن من يدخل معه لمدة أطول (خمس سنوات مثلا) يستحق نسبة أكبر من الربح.
وفي حالة رغبة رب المال في استرداد ماله قبل المدة المتفق عليها فإنه يستحق الربح على أساس المدة الأقصر ".
د - أن تكون الخسارة على رب المال فقط
الخسارة في المضاربة تكون على رب المال وليس على المضارب منها شيء , لأن الخسارة - الوضيعة - عبارة عن نقصان رأس المال , ورأس المال مختص بملك صاحبه وهو رب المال فوجب أن يتحمل هو نقصان ماله وليس على المضارب شيء.
فلا يجوز إذن تحميل المضارب الخسارة لأنه ليس من العدل أن يضيع عليه جهده وعمله وحده ونطالبه بمشاركة رب المال فيما ضاع من ماله , فلا يجوز مثلا الاتفاق على أن يكون الربح مناصفة بين الطرفين وإذا كانت الخسارة تحمل رب المال ربعها والمضارب ثلاثة أرباعها.
هـ - أن يكون الربح وقاية لرأس المال
لا يستحق المضارب أخذ شيء من الربح حتى يستوفى رأس المال , ذلك أن ما يهلك من مال المضاربة (الخسارة) يصرف إلى الربح ويجبر منه لأن الربح تبع لرأس المال , , , , يقول صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمن مثل التاجر , لا يسلم له ربحه حتى يسلم له رأس ماله.
ولكن لا يوجد مانع شرعي من التزام المضارب بأن يدفع للبنك نسبة ثابتة من رأس مال المضاربة على حساب الأرباح على أن تتم التسوية لاحقا مع التزام رب المال بتحمل الخسارة إذا وقعت.(2/115)
بنك فيصل الإسلامي المصري الفتوى رقم (3)
تحمل رب المال الخسارة بالكامل
يقوم البنك بإقامة مستشفى أو مصنع أو ورشة أو غيرها وذلك بمبالغ يقدمها من طرفه , ثم يعهد بما إقامه إلى مهنيين متخصصين أو صناع لكي يتولوا كل ما يتعلق بالإدارة والتشغيل.
وتطلب إدارة البنك الوقوف على رأي الهيئة في كيفية توزيع الأرباح بين العملاء والبنك.
فتوى الهيئة:
لا يوجد ما يمنع من قيام العلاقة فيما بين البنك والمهنيين والصناع على الوجه المنوه عنه.
وتوزع الأرباح الناتجة على الوجه التالي:
أ - تحدد بالاتفاق فيما بين البنك والعميل حصة من الأرباح (نسبة شائعة من مجمل الربح) للمهنيين أو الصناع الذين يتولون الإدارة والتشغيل.
ب - يحصل البنك على باقي الربح وفي حالة الخسارة يتحملها البنك بالكامل.
بنك فيصل الإسلامي السوداني استفسار رقم (2)
فساد شرط مشاركة المضارب في تحمل الخسارة
السؤال:
أ - قاعدة الغرم بالغنم.
ب - اختلاف نسبة المشاركة في الربح عنها في حالة الخسارة.
هل يجوز عند تطبيق القاعدة الشرعية في المعاملات (الغنم بالغرم) أن تختلف نسبة المشاركة في الربح عما هي عليه في حالة الخسارة ولو بالتراضي؟
الإجابة
والظاهر أن المراد من السؤال أن يعطي البنك مبلغا لمن يستغله على أن يكون الربح بينهما مناصفة وإذا كانت الخسارة تحمل البنك ربعها والعامل المضارب ثلاثة أرباعها مثلا! إذا كان هذا هو المراد فإنه لا يجوز , لأن الخسارة في شركة المضاربة على المال خاصة وليس على العامل منها شيء فإن شرط على العامل المشاركة في الخسارة الظاهر أن الفقهاء متفقون على فساد هذا الشرط وإنما اختلافهم في كونه مفسدا للعقد أم غير مفسد
وما قرره الفقهاء من عدم جواز هذا الشرط هو العدل الذي تقوم عليه المشاركة في عقد المضاربة , لأن الربح في عقد المضاربة يستحقه صاحب المال مقابل ماله ويستحقه المضارب مقابل عمله , فإذا كانت خسارة يتحملها رب المال في ماله والمضارب في عمله , وليس من العدل أن يضيع على المضارب جهده وعمله وحده ونطالبه مع ذلك بمشاركة رب المال فيما ضاع من ماله , إلا إذا كانت الخسارة ناتجة عن إهمال أو تقصير من المضارب.
بنك فيصل الإسلامي السوداني استفسار رقم (4)
جواز تعديل شروط المضاربة برضا الطرفين في أي وقت
السؤال:
هل يجوز في أي اتفاق من اتفاقات المشاركة في الأرباح والخسائر بنسبة من النسب (25%) مثلا أن ينص على مراجعة تلك النسبة لخفضها أو رفعها بالتراضي بين الطرفين إذا وضح عند نهاية الصفقة أن تلك النسبة بدت مجحفة لأي من الطرفين؟
الإجابة عن الاستفسار
يجوز التعديل في الشروط المقترحة بعقد المضاربة في أي وقت سواء أكان التعديل في نسبة الربح أو غيرها , ما دام ذلك برضا الطرفين , وكان الشرط اللاحق جائزا شرعا , ولو لم يكن منصوصا عليه في العقد.
وإذا رأى البنك مصلحة في أن يتضمن عقد المضاربة نصا بمراجعة نسبة الربح المشروطة في العقد في نهاية الصفقة أو في نهاية عام مثلا لتعديلها بالتراضي بين الطرفين فلا مانع شرعا من هذا النص , ولا جهالة فيه , بل يجوز التعديل في نسبة الربح في شركة المضاربة قبل نهاية الصفقة برضا الطرفين كما نص على ذلك الشيخ خليل في مختصره.
بنك فيصل الإسلامي السوداني استفسار رقم (11)
اشتراط مبلغ معين من الربح لأحد المتعاقدين أن بلغ الربح أكثر من ذلك الحد
يشترط لصحة عقد الشركة الاشتراك في الربح بان يكون نصيب كل شريك مقدارا معلوما شائعا في الربح 50% مثلا من الربح لكل شريك إذا كانت الشركة بين طرفين , ولا تصح الشركة إذا حدد نصيب أحد الشريكين بقدر معين من المال كألف جنيها مثلا , أو 10% من رأس المال , لأن الربح قد لا يزيد على هذا المقدار فيستأثر من جعل له بالربح كله , وقد يكون الربح أقل من هذا المقدار فيأخذ من رأس المال جزءا وقد يكون الربح كثيرا فيتضرر من جعل له المقدار المحدد , قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة.
هذا إذا كان اشتراط المبلغ المحدد يحتمل أن يؤدى إلى عدم الاشتراك في الربح أما إذا كان لا يؤدي إلى عدم الاشتراك في الربح فإنه يجوز , وذلك كما لو اشترط أحد الشريكين للآخر ألف جنيه أن بلغ الربح خمسة آلاف ويكون الباقي بينهما مناصفة , جاء في البحر الزخار فإن قال أحدهما على أن لي عشرة أن ربحنا أكثر منها أو ما يزيد عليها صحت ولزم الشرط , إذ لا مقتضى للفساد.
وعلى هذا فإن الاتفاق الذي يستفسر عنه البنك جائز شرعا , لأن الاشتراك في الربح متحقق بين الشريكين , واشتراط ما زاد على مبلغ معين من الربح لشريك البنك لا يترتب عليه قطع الاشتراك في الربح , لأن الشريك لا يستحق ما شرط له إلا بعد أن يأخذ كل من البنك والشريك 50% من المقدار المتفق على وصول الربح إليه.
الهيئة العليا للفتوى والرقابة الشرعية فتوى الموضوع الثاني
وجوب تحديد نسب معلومة من الأرباح للطرفين عند التعاقد
السؤال:
ما هي الطريقة العادلة لتوزيع الأرباح بين المساهمين والمودعين؟ الفتوى:
لما كان من المقرر شرعا أنه يجب النص في عقد المضاربة على تحديد نسبة معلومة من الربح لكل من رب المال والمضارب وإلا بطلت المضاربة , فقد رأت الهيئة بالإجماع ضرورة النص في عقود المضاربة على تحديد نسبة ربح معلومة لكل من المضارب (البنك) ورب المال (المستثمر) .
أما أن يترك أمر توزيع الأرباح وتحديد نسبها لمجالس الإدارات في نهاية العام فهذا أمر لا يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية ويفسد المضاربة , وإذا كانت هناك نصوص في قوانين بعض البنوك الإسلامية تتعارض مع ذلك فإن الهيئة ترى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعديلها حتى تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية على نحو ما ذكرنا.
الحلقة العلمية الأولى للبركة الفتوى الثالثة
تفاوت حصة المضارب في الأرباح باختلاف مدة المضاربة
يجوز للمضارب أن يعلن عن مضاربة , ويشترط أن من يدخل فيها لمدة معينة (سنة مثلا) يستحق نسبة معينة من الربح.
وإن من يدخل معه لمدة أطول (خمس سنوات مثلا) يستحق نسبة أكبر من الربح.
وفي حالة رغبة رب المال في استرداد ماله قبل المدة المتفق عليها فإنه يستحق الربح على أساس المدة الأقصر.
ندوة البركة الرابعة الفتوى رقم (62)
معلومية حصة الطرفين في الأرباح بنسبة شائعة
السؤال:
كيف تتم معلومية حصة طرفي المضاربة في الأرباح؟
الفتوى:
يجب شرعا أن يكون ما يخصص من الربح لكل من المصرف الإسلامي والمستثمر محررا بالحصة الشائعة ومعلوما للطرفين وثابتا خلال فترة المضاربة , ويجب أن يضمن ذلك التحديد في عقد المضاربة عند الدخول فيه أو عند تجديده.
وفي حالة تعديل نسبة الربح في المستقبل لا بد من الإشعار بالتعديل مع تحديد مدة زمنية يعتبر مضيها قرينة على موافقة المستثمر الذي لا يعترض.
ندوة البركة السادسة الفتوى رقم 56
توزيع ربح على الحساب
السؤال:
هل هناك مانع شرعي من التزام المضارب بدفع نسبة ثابتة من رأس المال للبنك على حساب الأرباح على أن تتم التسوية والسداد لاحقا؟
الفتوى:
لا مانع شرعا من التزام المضارب بأن يدفع للبنك نسبة ثابتة من رأس مال المضاربة على حساب الأرباح على أن تتم التسوية لاحقا مع التزام البنك بتحمل الخسارة إذا وقعت.
الحلقة العلمية الأولى للبركة الفتوى الرابعة
تحديد الربح تبعا لكونه رأسماليا أو تشغيليا
إذا كان موضوع المضاربة أصولا تدر دخلا جاز الاتفاق على توزيع هذا الدخل بين المضارب ورب المال بنسبة معينة تحت الحساب , وعلى توزيع ما ينتج من ربح عند بيعها بنسبة أخرى , وإذا بيع الأصل بأقل من ثمن شرائه فإن هذا النقصان يجبر من الدخل التشغيلي.
المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي الفتوى الخامسة
وجوب الاتفاق ابتداء على حصص الطرفين في الأرباح
5 - يؤكد المؤتمر وجوب اتفاق المصارف أو المؤسسات والشركات الإسلامية ابتداء مع أصحاب أموال الاستثمار على نسبة الربح لكل طرف , ولا يجوز تأجيل هذا الاتفاق إلى ما بعد.
مجمع الفقه الإسلامي القرار رقم 5 الدورة الرابعة
منع اشتراط مبلغ محدد لأحد الطرفين
6 - لا يجوز أن تتضمن نشرة الإصدار ولا الصكوك المصدرة على أساسها نصا يؤدي إلى احتمال قطع الشركة في الربح فان وقع كان العقد باطلا.
ويترب على ذلك عدم جواز اشتراط مبلغ محدد لحملة الصكوك أو صاحب المشروع في نشرة الإصدار وصكوك المقارضة الصادرة بناء عليها.
بنك فيصل الإسلامي المصري الفتوى رقم 50
صرف أرباح الاستثمار كل ثلاثة أشهر
لما كانت هيئة الرقابة قد استعرضت جميع البنود الواردة بالمذكرة الخاصة بهذا النظام المقترح وما جاء بها من طلب لأرباب الأموال.
ولما كانت النصوص الفقهية تجيز قسمة الربح إذا ما ظهر بطلب الشركاء , وقد أجاز ذلك في المضاربة أيضا جمهور الفقهاء باتفاق المضارب ورب المال فقد جاء بكتاب المهذب (مذهب الشافعية) ما نصه:
وإن تقاسما جاز لأن المنع لحقهما وقد رضيا.
وفي مذهب الحنابلة جاء بكتاب المحرر ما نصه:
ويملك العامل قسطه من الربح بظهوره , وعنه - أي رواية عن الإمام أحمد - بالقسمة.
ولا يجوز قسمته مع بقاء العقد إلا باتفاقهما. كما جاء في مذهب المالكية والحنفية ما يفيد أن الربح إذا قسم لا تنتقض القسمة بعد ذلك بما يستأنف من مضاربة.
وقد أوضح السيد الدكتور محافظ البنك أن العائد الفعلي في المدة هو الذي سيتم توزيعه في محاسبة نهائية من واقع الأرقام الفعلية.
ولما كان الأمر كذلك وقد بينا نصوص الفقهاء بشأن توزيع الربح الفعلى في المشاركات والمضاربات وهي لا تمنع ذلك.
ولذا فإن هيئة الرقابة الشرعية توافق على صرف الأرباح الفعلية التي تحققت من الاستثمار كل ثلاثة أشهر بطلب الطرفين.
المصرف الإسلامي الدولي وقت استحقاق المضارب للعائد
السؤال:
مضارب بمال المصرف , قد يشترى بمال المضاربة بضاعة ثم يبيع جزءا منها بربح ويبقى الجزء الآخر , ويريد أن يحصل على نصيبه في هذا الربح المقيد دفتريا قبل تحصيل ثمن هذا الجزء المبيع كاملا وقبل بيع باقي بضاعة المضاربة.
الفتوى:
ليس للمضارب أن يطالب بحصته في الربح قبل تحصيل ثمن الجزء المبيع من البضاعة , بل ليس له أن يطالب بذلك بعد تحصيله وقبل بيع الجزء الباقي بما يحقق ربحا في كامل البضاعة.
البنك الإسلامي الأردني الفتوى رقم 36
وجوب معلومية حصص الربح بالتحديد وليس بتخصيص نسبة لا تقل عن حد معين.
وما ورد في صورة قرار المجلس في الجلسة رقم 35 من أنه يخصص للبنك حصة لا تقل عن 15% غير صحيح شرعا , ويجب تعديل الحصة بالتحديد حتى لا يكون في ذلك مجال لنزاع أو خلاف.
مصرف قطر الإسلامي الفتوى رقم 72
فترات توزيع الأرباح واختيار ذلك بين نهاية السنة المالية أو نهاية مدة الاستثمار
يتم توزيع أرباح الودائع المربوطة لأقل من سنة في نهاية السنة المالية للمصرف , حينما يكون من حق المستثمر الحصول على أرباحه (أو خسارته) في نهاية مدة الاستثمار المتفق عليها.
أما توزيع الأرباح في نهاية السنة المالية فهو يعنى ضياع فرصة استثمار أرباح المودعين من تاريخ استحقاقه للوديعة حتى تاريخ توزيع الأرباح في نهاية السنة المالية , فما رأي هيئة الرقابة الشرعية؟
الإجابة
لا شك أن الأولى توزيع الأرباح عند نهاية مدة الاستثمار (لو كان ذلك ممكنا من الناحية العملية) ولكن عمل البنك بهذه الطريقة مباح من الناحية الشرعية ما دام العميل قد قبل هذا الشرط عند بدء التعامل مع المصرف وإن كانت الهيئة تحبذ أن يتم التوزيع على فترات أقصر لو سمحت للبنك ظروفه وإمكاناته الفنية.
ندوة البركة الأولى الفتوى رقم 55
دفع نسبة مئوية من رأسمال المضاربة
السؤال:
هل يجوز للممول أن يطلب من المقاول (المضارب) أن يدفع له نسبة مئوية معينة من قيمة عقد المقاولة علاوة على رأس المال بصرف النظر عن مقدار التمويل وعما إذا ربح المشروع أو خسر؟
الفتوى:
أن هذا العقد غير جائز شرعا لما يلي:
أولا: لاشتماله على ضمان المقاول (المضارب) لرأس المال , والمضارب أمين لا يضمن رأس المال إلا بالتعدي أو التقصير.
ثانيا: لاشتمال العقد على اشتراط رب المال على المقاول (المضارب) دفع مبلغ محدد وذلك الاشتراط مفسد للعقد لأنه قد يؤدي إلى عدم الاشتراك في الربح.
المؤتمر الأول للمصرف الإسلامي: الفتوى الثالثة
بيان نصيب المتعاقدين بنسبة شائعة في الربح
يرى المؤتمر ضرورة النص على بيان نصيب كل من المودع وأصحاب رأس المال والبنك المضارب وأن يكون النصيب نسبة شائعة في الربح لكي تصح المضاربة في الحالة الأولى وفيما يتعلق بموضوع الاحتياطي المجنب يتعين أن يكون استقطاعه من حقوق المساهمين دون حصة أصحاب الودائع الاستثمارية.
مجمع الفقه الإسلامي: القرار رقم 5 الدورة الرابعة
معلومية رأس المال وتوزيع الربح
2 -. .. ولا بد أن تشتمل نشرة الإصدار على جميع البيانات المطلوبة شرعا في عقد القراض (المضاربة) من حيث بيان معلومية رأس المال وتوزيع الربح. . .
بيت التمويل الكويتي الفتوى رقم 49 ج1
جواز اشتراط تعديل نسبة الربح عند السحب
أما في حالة إثبات شرط يخول صاحب الوديع سحب جزء من وديعته متى شاء وأنه يترتب عليه اعتبار وديعته حساب توفير وليس وديعة استثمارية فهذا الشرط جائز بالاتفاق بين الطرفين.
ويكون بمثابة تنازل عن الفرق بين نسبة الربح المختلفة في الوديعة الاستثمارية المستمرة عنها في حساب التوفير.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم 42
أ - وجوب تحديد حصة ربح الطرفين عند بداية الاستثمار وعدم جواز تغييرها إلا بالاتفاق.
ب - الأصل تحديد ربح كل من المضارب (إدارة صندوق الاستثمار) ورب المال (العميل) , أو أحدهما بحيث يعرف ربح الآخر , وذلك عند بداية الاستثمار أي قبول الوديعة , ولا يجوز تأجيل ذلك لما بعد , أو إلى حين تحقق الأرباح , وقد اعتبر ذلك من أخطاء بعض البنوك وجرى التنديد به في قرارات مؤتمر المصرف الإسلامي الثاني بالكويت.
ولا يكفي بيان الربح المتوقع للعميل , أو الإشارة إلى أرباح السنة الماضية. . وقد تبين أن هذا التحديد في البداية غير معلن للعميل فيجب تداركه.
ج - فإذا حددت نسبة الربح لكل من الطرفين فإنها تعتبر سارية المفعول خلال العملية الواحدة إذا كانت مضاربة منفردة , أو خلال الفترة الزمنية في المضاربة المستمرة (حسب الدورة: سنة , ستة أشهر إلخ. . ..) وكذلك حسب السنة المالية إذا كان هناك ربط لمعادلة الأرباح بها.
والمهم مراعاة ما هو مبين في قبول الوديعة ولا يجوز تغييره إلا باتفاق الطرفين وتراضيهما.
أما الفترات اللاحقة , أي عند الدخول في عملية مضاربة منفردة جديدة , أو بدء فترة دورية جديدة في المضاربة المستمرة فلا مانع من تعديل المعادلة وللطرف الآخر القبول أو الخروج ويجب تسهيل خروجه إن شاء دون أي تبعة.
وأخيرا , تتأكد ضرورة النص على نصيب كل من الطرفين أو أحدهما من الربح بالنسبة لما يستحق من الأرباح , وأن يكون النص عند قبول الوديعة مع تحديد مدة سريان هذه المعادلة أو ردها لفترة وأنها إذا لم تعدل تعتبر محدودة.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم 47
إصدار تعهد للمودع بأن لا يقل هامش الربح عن مبلغ معين وبيان الربح المتوقع دون أي تعهد
ولا يجوز إصدار تعهد من البنك بأن لا يقل ربح الوديعة عن مبلغ معين , لأن الواجب في الودائع (وهي قائمة على عقد المضاربة الشرعية) أن يكون الربح محددا بطريقة نسبية إلى ما سينتج من الربح , ولا يجوز الاتفاق على استحقاق أحد الطرفين (البنك أو المودع) مبلغا معينا أو منسوبا إلى مبلغ الوديعة , لأن هذا الاتفاق يقطع الاشتراك في الربح وكل ما يقطع الاشتراك في الربح يفسد المضاربة , إذ ربما لا يتحقق من الأرباح إلا ذلك المبلغ فيحرم الآخر من الربح.
وهذا لا يمنع الإشارة إلى الربح المتوقع , أو بيان أرباح الفترات الماضية للاستئناس بها دون إصدار أي تعهد بأن لا يقل الربح عنها , أو عن مبلغ معين يرتضيه المودع ويرغبه.
الحلقة العلمية الأولى للبركة الفتوى الثالثة
استحقاق الربح على أساس المدة الأقصر في حالة السحب قبل الأجل
يجوز للمضارب أن يعلن عن مضاربة , ويشترط أن من يدخل فيها لمدة معينة (سنة مثلا) يستحق نسبة معينة من الربح.
وإن من يدخل معه لمدة أطول (خمس سنوات مثلا) يستحق نسبة أكبر من الربح.
وفي حالة رغبة رب المال في استرداد ماله قبل المدة المتفق عليها فإنه يستحق الربح على أساس المدة الأقصر.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم 40
تحديد حصة ربح أحد المتعاقدين فقط واعتبار الباقي للطرف الآخر
لقد تبين من نشرة الإصدار النص على أن الشركة تستقطع حصتها كمضارب من معدل الربح الإجمالي بالنسب: 50% من أرباح أول مليون دولار , 15% من أرباح المليون الثاني وما زاد على ذلك.
وعليه تكون المضاربة مستوفية شرط معلومية الربح المستحق للطرفين حيث يستقطع ربح المضارب ويكون الباقي لرب المال.
ومن الواضح أن لكل من المضارب ورب المال حصة من الربح ولا يجوز حرمان أحدهما , لأن ذلك يقطع المشاركة في الربح.
ومن شروط جميع الشركات ومنها المضاربة (التي تقوم على أساسها الإصدارات) أن لا تنقطع مشاركة الطرفين في الربح , كل بحسب النسبة المحددة له عند ابتداء المشاركة.
المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي الفتوى السادسة
اشتراط مبلغ معين للمصرف إذا زاد الربح عن حد معين
6 - يجوز الاتفاق بين المصارف الإسلامية والمستثمرين والعاملين في المال على اشتراط مبلغ معين يستحقه المصرف أو المستثمر أو العامل إذا زاد الربح عن حد معين , فإن هذا الاشتراط لا يؤدي إلى قطع الاشتراك في الربح.
ندوة البركة الأولى الفتوى رقم 58
اشتراط ما زاد عن حد معين من الربح لأحد الطرفين
السؤال:
هل يجوز أن يتفق رب المال مع المضارب على أنه إذا زاد الربح عن نسبة 15% مثلا في السنة عن رأس المال فان الزيادة تكون من نصيب المضارب؟ الفتوى:
هذا الشرط جائز شرعا طالما أن الربح مقتسم نتيجة المحاسبة طبقا للنسبة الشائعة المتفق عليها وأن رب المال يتحمل الخسارة إذا تبين وقوعها.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم 47
هامش الربح بين التحديد والتقدير في بداية العقد
ج - وأما الاستفسار عن إمكانية تحديد هامش الربح بحيث يكون مبلغا متفقا عليه من مجمل الأرباح المحققة من محفظة البنك من المرابحات؟ فالجواب أن الاستثمار بالمرابحات يتيح للبنك معرفة أرباحه عند الدخول في المرابحة أو العزم على الدخول فيها , لأن ربح المرابحة يحدد عند عقدها , وهذا يمكن البنك من إشعار العميل بما يخص حصته من ربح المرابحة وهو يؤول إلى مبلغ معين , وهذا ليس من طبيعة عقد المضاربة لكنه من حصر المضاربة في المرابحات.
لكن حتى في هذه الحالة فإن ما يتم إعلام العميل به هو على سبيل التوقع إذا لم تحدث طوارئ على المرابحة بانعدام بعض المديونية (مثلا) إذ العبرة بالنسبة المئوية المتفق عليها لكل من البنك والعميل من الربح الذي يتحقق فعلا.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 1 الفتوى رقم 40
وجوب عدم انقطاع مشاركة الطرفين في الربح
لقد تبين من نشرة الإصدار النص على أن الشركة تستقطع حصتها كمضارب من معدل الربح الإجمالي بنسبة 50% من أرباح أول مليون دولار , 15% من أرباح المليون الثاني وما زاد على ذلك.
وعليه تكون المضاربة مستوفية شرط معلومية الربح المستحق للطرفين حيث يستقطع ربح المضارب ويكون الباقي لرب المال.
ومن الواضح أن لكل من المضارب ورب المال حصة من الربح ولا يجوز حرمان أحدهما , لأن ذلك يقطع المشاركة في الربح.
ومن شروط جميع الشركات ومنها المضاربة (التي تقوم على أساسها الإصدارات) أن لا تنقطع مشاركة الطرفين في الربح , كل بحسب النسبة المحددة له عند ابتداء المشاركة.
المستشار الشرعي لمجموعة البركة الجزء 2 الفتوى رقم 103
تعديل اتفاقية مضاربة حدد فيها لرب المال ربح مقطوع
أن الاتفاقية هي عقد مشاركة (مضاربة) وهي ليست عقد ربوي بالرغم من كونها غير مشروعة لأنها اشتملت على شرط غير شرعي وهو تحديد ربح شركة البركة بمبلغ مقطوع (نسبة معينة من رأس المال تحت اسم تعويض المضاربة) لأن هذا قد يؤدى إلى حرمان المضارب من الربح.
والحكم الشرعي في هذه الحالة أن هذا التحديد لاغ شرعا ويترتب عليه اعتبار العملية (إجارة بأجر المثل) يكون الربح كله لرب المال ويستحق المضارب أجرة المثل عن عمله , تفاديا لحرمانه من الحصول على ربح.
والدليل على أنها مشاركة ليس العنوان فقط بل المضمون , لأن فيها بيانا لتوزيع العائد باقتسام الأرباح بين البركة والشركة العاملة مع أولوية البركة بربح مقطوع ثم بعده يتم التوزيع.
وتصحيح الاتفاقية شرعا يتم بإلغاء الربح المحدد لرب المال وتتحول المضاربة إلى إجارة بأجر المثل.(2/116)
تطبيقات المرابحة(2/117)
المرابحة للآمر بالشراء
المرابحة العادية /50 هي المرابحة التي يبرمها البائع والمشتري دون أن يسبقها أمر ووعد بالشراء , أما المرابحة للآمر بالشراء فهي المرابحة التي يتفاوض ويتفق فيها شخصان أو أكثر ثم يتواعدان على تنفيذ الاتفاق الذي يطلب بموجبه الآمر من المأمور , شراء سلعة معينة أو موصوفة , أو أية سلعة , ثم يعده بشراء هذه السلعة منه وتربيحه فيها على أن يعقدا على ذلك بيعا جديدا , إذا اختار الآمر إمضاء الاتفاق , بعد تملك المأمور للسلعة.
الاختلاف الكبير بين نوعي بيع المرابحة هو: أن البائع في المرابحة العادية يملك السلعة التي يبيعها وقت التفاوض وعند البيع , في حين أن المطلوب منه السلعة في بيع المرابحة للآمر بالشراء لا يملك السلعة وقت طلبها وحال التفاوض عليها.
وقد نشأت فكرة بيع المرابحة للآمر بالشراء فيما يبدو لتحقيق غرضين:
الأول: نشدان الخبرة كأن يطلب أحد المتعاقدين من الآخر أن يشترى سلعة ويعده بشرائها منه وتربيحة فيها , معتمدا في كل ذلك على خبرة المأمور. يقول الموصلي: وللناس حاجة إلى ذلك , لأن فيهم من لا يعرف قيمة الأشياء فيستعين بمن يعرفها , ويطيب قلبه بما اشتراه وزيادة.
الثاني: طلب التمويل , إذا يطلب منه شراء السلعة وبعده بشرائها وتربيحه فيها , باعتبار أن المأمور سيبيعها له بثمن مؤجل كله أو بعضه والشراء مؤجلا هو الدافع الذي يحرك جل إن لم نقل كل طالبي التعامل عن طريق بيع المرابحة للآمر بالشراء. ويمكن أن يجتمع الغرضان في حالة واحدة.
وازدياد التعامل في عالم اليوم في الشراء بالأجل أدى بدوره إلى زيادة الطلب على بيع المرابحة للآمر بالشراء لهذه الخاصية فيه ولاعتبارات أخرى.
وصورة بيع المرابحة للآمر بالشراء:
(أ) أن يطلب أحد المتعاقدين (ويسمى الآمر بالشراء) من الآخر (ويعرف بالمأمور) أن يشتري سلعة مسماة أو موصوفة أو أية سلعة.
(ب) ويعد الآمر بالشراء , أنه متى اشترى المأمور السلعة , فإنه أي الآمر سيقوم بشرائها منه , وسيربحه فيها.
(ج) إذا قبل المأمور الطلب , فعليه أن يقوم أولا بشراء السلعة المطلوبة شراء صحيحا تؤول بموجبه ملكية السلعة إليه.
(د) على المأمور بعد تمللك السلعة أن يعرضها مجددا على الآمر بالشراء وفقا لشروط الاتفاق الأول
(هـ) عند عرض السلعة على الآمر. يكون له على الصحيح الخيار في أن يعقد عليها بيعا بناء على وعده الأول , أو أن يعدل عن شرائها. هناك رأي لبعض الفقهاء المحدثين يلزم الآمر بوعده قضاء ولا يتيح له فرصة الخيار.
(ي) إذا اختيار الآمر إمضاء البيع فعندئذ ينعقد البيع على سلعة مملوكة للمأمور.
(ن) وإذا ألزم الآمر إمضاء البيع بناء على فهناك خلاف حول ملكية المأمور للسلعة ومن ثم حول صحة البيع. /50(2/118)
قد يظن البعض أن بيع المرابحة للآمر بالشراء من البيوع التي استحدثت بعد نشأة المصارف الإسلامية. والصحيح أنه من الصيغ التي عرفها الفقه الإسلامي مبكرا. وتناولتها جل المذاهب الفقهية وبينت أحكامها وشروط صحتها. ونورد فيما يلي عباراتهم عن مشروعية هذه الصيغة.
أقوال الفقهاء في بيع المرابحة /50 قال محمد بن الحسن الشيباني: (قلت أرأيت رجلا أمر رجلا أن يشتري دارا بألف درهم , ومائة درهم , فأراد المأمور شراء الدار , ثم خاف إن اشتراها أن يبدو للآمر فلا يأخذها , فتبقى في يد المأمور , كيف الحيلة في ذلك؟
قال يشتري المأمور الدار على أنه بالخيار ثلاثة أيام ويقبضها. ويجيء الآمر (ويبدأ) فيقول: قد أخذت منك هذه الدار بألف ومائة درهم. فيقول المأمور: وهي لك بذلك. فيكون ذلك الأمر لازما ويكون استيجابا مكن المأمور للمشتري. وإن لم يرغب الآمر في شرائها تمكن المأمور من ردها بشرط الخيار فيدفع عنه الضرر بذلك) .
وقال الإمام الشافعي: وإذا أرى الرجل الرجل السلعة فقال: أشتر هذه وأربحك فيها كذا , فاشتراها الرجل , فالشراء جائز. والذي قال أربحك فيها بالخيار , إن شاء أحدث فيها بيعا وإن شاء تركه. وهكذا إن قال اشتر لي متاعا ووصفه له أو متاعا أي متاع شئت وأنا أربحك فيه , فكل هذا سواء. يجوز البيع الأول , ويكون هذا فيما أعطى من نفسه بالخيار وسواء في هذا ما وصفت إن كان قال ابتاعه واشتريه منك بنقد أو دين , يجوز البيع الأول ويكونان بالخيار في البيع الآخر. فإن جدداه جاز وان تبايعا به على أن الزما أنفسهما الأمر الأول فهذا مفسوخ من قبل شيئين: أحدهما: تبايعاه قبل أن يملكه البائع , والثاني: أنه على مخاطرة أنك أن اشتريه على كذا أربحك فيها (الأم 3 / 33)
وفي الموطأ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة. وقال مالك بلغني أن رجلا قال لرجل ابتع لي هذا البعير بنقد حتى ابتاعه منك إلى أجل فسأل عن ذلك عبد الله بن عمر فكرهه ونهى عنه.
هذا وإن الذين تناولوا بيع المرابحة للآمر بالشراء من الأقدمين وبينوا أحكامه اشترطوا لصحته عدم الزام الآمر بوعده. ولذلك جعلوا له الخيار في إمضاء البيع المتواعد عليه أو رده. والمقصود من إعطاء الخيار للآمر عند هؤلاء الأئمة الأعلام هو تفادي المحظورات الشرعية التي تترتب على الإلزام وهي:
(أ) بيع الإنسان ما ليس عنده.
(ب) بيعتان في بيعة.
(ج) سلف بزيادة.
حالات تطبيق المرابحة لدى المصارف الإسلامية /50 وقد يقع التساؤل هل تطبق المصارف الإسلامية ومؤسساتها الفرعية عقود بيع المرابحة؟
والإجابة بالطبع نعم. وفيما يلي بعض الحالات التي يطبق فيها هذا البيع.
(أ) إذا اشترى المصرف سلعة تنفيذا لاتفاق بينه وبين الآمر في بيع المرابحة للآمر بالشراء. واستخدم الآمر الخيار المتاح له وعدل عن شراء السلعة بعد أن تملكها المصرف في هذه الحالة تبقى السلعة في ملكية وحيازة المصرف وله أن يتصرف فيها بكل التصرفات الجائز في الشريعة الإسلامية ومن تلك التصرفات الجائزة أن يبيعها لأي عميل آخر عن طريق بيع المرابحة.
(ب) إذا دخل المصرف في عمليه مشاركة مع أي عميل آخر , فهناك تفصيل:
(1) للشريكين أن يبيعا موجودات المشاركة عن طريق بيع المرابحة أو المساومة.
(2) إذا أراد المصرف أن يبيع نصيبه في المشاركة لشريكه أو لطرف ثالث فله أن يبيع هذا النصيب بأسلوب المرابحة أو المساومة.
(3) كذلك إذا المصرف أن يشتري نصيب شريكه قله أن يشتريه بالمرابحة.
(ج) هناك بعض مصارف لها فروع متخصصة في تمويل الحرفين والمهنيين والأسر المنتجة وتقوم هذه الفروع بتوفير المعدات التي تحتاجها هذه الفئات وعادة ما يتم البيع لهذه الفئات من هذه الفروع عن طريق بيع المرابحة.
(د) معظم المصارف الإسلامية لها شركات متخصصة تعمل في مجالات مختلفة منها شركات صناعية وزراعية وعقارية وخدمية وتقوم بتوفير عدد من السلع والخدمات.
وغالبا ما تبيعها للجمهور عن طريق بيع المرابحة وغيره من أنواع البيوع.(2/119)
جاء في توصيات وقرارات المؤتمر الأول للمصرف الإسلامي بدبي (24) ما يلي:
(يرى المؤتمر أن هذا التعامل يتضمن وعدا من عميل المصرف بالشراء في حدود الشروط المنوه عنها , ووعدا آخر من المصرف بإتمام هذا البيع بعد الشراء طبقا لذلك الشرط. إن مثل هذا الوعد ملزم للطرفين قضاء طبقا لأحكام المذهب المالكي , وملزم للطرفين ديانة طبقا لأحكام المذاهب الأخرى. وما يلزم ديانة يمكن الإلزام به قضاء , إذا اقتضت المصلحة ذلك وأمكن للقضاء التدخل فيه.
تحتاج صيغ العقود في هذا التعامل إلى دقة شرعية فنية. وقد يحتاج الإلزام القانوني بها في بعض الدول الإسلامية إلى إصدار قانون بذلك.)
المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي بالكويت
يقرر المؤتمر أن المواعدة على بيع المرابحة للآمر بالشراء , بعد تملك السلعة المشتراة وحيازتها , ثم بيعا لمن أمر بشرائها بالربح المذكور في الموعد السابق هو أمر جائز شرعا , طالما كانت تقع على المصرف الإسلامي مسئوليه الهلاك قبل التسليم , وتبعة الرد فيما يستوجب الرد بعيب خفي.
وأما بالنسبة للوعد , وكونه ملزم للآمر , أو المصرف , أو كليهما , فإن الأخذ بالإلزام هو الأحفظ لمصلحة التعامل , واستقرار , المعاملات , فيه مراعاة لمصلحة المصرف والعميل.
وأن الأخذ بالإلزام أمر مقبول شرعا , وكل مصرف مخير في الأخذ بما يراه في مسألة القول بالإلزام حسب ما تراه هيئة الرقابة الشرعية لديه.
ندوة البركة للاقتصاد الإسلامي المنعقدة في المدينة المنورة
وأما صورة المرابحة للآمر بالشراء فإن اللجنة تؤكد ما ورد في المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي المنعقدة في الكويت , مع ما تضمنت من تحفظات بالنسبة للإلزام.
مجمع الفقه الإسلامي قراره رقم 302
أولا: إن بيع المرابحة الآمر بالشراء إذا وقع على سلعة دخولها في ملك المأمور وحصول القبض شرعا , هو بيع جائز طالما كانت تقع على المأمور مسئولية التلف قبل التسليم وتبعة الرد بالعيب الخفي ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم وتوفرات شروط البيع وانتفت موانعه.
ثانيا: الوعد (وهو الذي يصدر من الآمر أو المأمور على وجه الانفراد يكون ملزما للواعد ديانة إلا لعذر , وهو ملزما قضاء إذا كان معلقا على سبب ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد. ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد. وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلا بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر.
ثالثا: المواعدة (وهي التي تصدر من الطرفين) تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين كليهما أو أحدهما. فإذا لم يكن هناك خيار فإنها لا تجوز. لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه , حيث يشترط حينئذ أن يكون البائع مالكا للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده.
ويوصي المؤتمر في ضوء ما لاحظه من أن أكثر المصارف الإسلامية اتجه في أغلب نشاطاته إلى التمويل عن طريق المرابحة للآمر بالشراء , بما يلي:
أولا: أن يتوسع نشاط جميع المصارف الإسلامية في شتى أساليب تنمية الاقتصاد ولا سيما إنشاء المشاريع الصناعية أو التجارية بجهود خاصة أو عن طريق المشاركة والمضاربة مع أطراف أخرى.
ثانيا: أن يدرس الحالات العملية لتطبيق المرابحة للآمر بالشراء لدى المصارف الإسلامية لوضع أو الخاصة ببيع المرابحة بالشراء. والله أعلم.(2/120)
تطبيقات الشركة(2/121)
الأسهم العادية
السهم هو جزء محدد من إجمالي رأس مال الشركة
يعرف السهم بأنه نصيب المساهم في شركة من شركات الأموال أو الجزء الذي ينقسم على قيمته مجموع رأس مال الشركة المثبت في صك له قيمة اسمية , حيث تمثل الأسهم في مجموعها رأس مال الشركة , وتكون متساوية القيمة.
وبناء عليه يمثل السهم وثيقة مستقلة تعطى للمساهم وتتضمن المعلومات الخاصة بالشركة , مثل اسم الشركة ومقدار رأس مالها وجنسيتها ومركزها الرئيسي ورقم السهم وقيمته واسم صاحبه أن كان سهما اسميا أو يكتب فيه انه لحامله.
ومن خصائص الأسهم ما يلي:
تتميز الأسهم بتساوي قيمتها وحقوقها
تتميز الأسهم بكونها متساوية القيمة , وذلك تسهيلا لعمل الشركة ولتوزيع الأرباح , فلا يكون هناك تفاوت في قيمة الأسهم سواء ما طرح منها للاكتتاب العام أو ما اكتتب به المؤسسون.
والأصل أن يترتب لأصحاب هذه الأسهم حقوقا والتزامات متساوية كما هو في الأسهم العادية , ولكن أجاز القانون الوضعي إصدار أسهم ممتازة تعطي لأصحابها حقوقا تتميز بها عن الأسهم العادية. وهذه الأسهم الممتازة ليست محل حديثنا هنا.
مسئولية الشركاء بحسب الأسهم
من خصائص السهم في شركات المساهمة أن مسئولية الشركاء تكون بحسب أسهمهم , فهم غير مسئولين عن ديون الشركة إلا بمقدار الأسهم التي يملكونها , فإذا أفلست الشركة ولم تستطع سداد ديونها لا يلزم الشركاء بدفع ديون الشركة من أموالهم الخاصة.
عدم قابلية السهم للتجزئة
من خصائص السهم عدم قابليته للتجزئة في مواجهة الشركة , فإذا تملك السهم أشخاص متعددون سواء بطريق الشراء أو بطريق الإرث أو الوصية أو الهبة أو بأي طريق من طرق انتقال الملك وجب على هؤلاء أن يختاروا أحدهم فيوكلونه لينوب عنهم في استعمال الحقوق المختصة بالسهم في مواجهة الشركة كحق حضور الجمعية العمومية والتصويت وغيرها.
قابلية السهم للتداول
من خصائص السهم أيضا قابليته للتداول أي إمكان انتقال ملكيته من شخص لآخر بأي طريق من طرق انتقال الملك كالبيع والهبة والإرث وغيرها.
ولكن بعض القوانين مثل النظام السعودي استثنى الأسهم المملوكة للمؤسسين حيث لا يجوز تداولها قبل نشر الميزانية إلا بعد سنتين ماليتين كاملتين كقاعدة عامة - وكذلك لا يجوز تداول أسهم الضمان التي يقدمها عضو مجلس الإدارة لضمان إدارته طوال مدة العضوية حتى تنقضي المدة المحددة لسماع دعوى المسئولية.
كما يمكن للمؤسسين وضع بعض القيود في نظام الشركة تتعلق بتداول الأسهم.
حقوق السهم
وإلى جانب تلك الخصائص يتمتع السهم بحقوق منها حق بقاء صاحبه في الشركة , وحق التصويت في الجمعية العمومية , وحق الرقابة , وحق رفع دعوى المسئولية على الإداريين , والحق في نصيب الأرباح , والاحتياطات والتنازل عن السهم والتصرف فيه , والأولوية في الاكتتاب , وحق اقتسام موجودات الشركة عند تصفيتها.(2/122)
اختلف الفقهاء المعاصرون في حكم الأسهم إلى ثلاث آراء:
الرأي الأول: المانعون للتعامل بالأسهم مطلقا
الذي قال بحرمة التعامل بالأسهم مطلقا الشيخ تقي الدين النبهاني , فهو يرى أن هذه الأسهم جزء من النظام الرأسمالي الذي لا يتفق جملة وتفصيلا مع الإسلام , بل أن الشركات الحديثة ولا سيما شركات الأموال حرام لا تجوز شرعا , لأنها تمثل وجهة نظر رأسمالية فلا يصح الأخذ بها , ولا إخضاعها لقواعد الشركات في الفقه الإسلامي.
وهذا الحكم العام لا يؤبه به , ولا يجنح إليه , فالإسلام لا يرفض شيئا لأنه جاء من النظام الفلاني , أو وجد فيه , وإنما الحكم في الإسلام موضوعي قائم على مدى موافقته لقواعد الشرع أو مخالفته , (فالحكمة ضالة المؤمن فهو أحق بها أن وجدها) .
واستدل كذلك بأن الأسهم بمثابة سندات بقيمة موجودات الشركة وهي تمثل ثمن الشركة وقت تقديرها , وليست أجزاء لا تتجزأ من الشركة ولا تمثل رأس مالها عند إنشائها.
غير أن هذا الحكم والتصور للأسهم مجاف للحقيقة , والواقع الذي عليه الشركات المعاصرة أن الأسهم ليست سندات , وإنما هي حصص الشركة , وأن كل سهم بمثابة جزء لا يتجزأ من كيان الشركة , وأن مجموع الأسهم هي رأس مال الشركة.
كما قاس الأسهم على أوراق النقد حيث يهبط سعرها ويرتفع , وتتفاوت قيمتها وتتغير , ومن هنا ينسلخ السهم بعد بدء الشركة عن كونه رأس مال , وصار ورقة مالية لها قيمة معينة.
والواقع أن هذا التكييف الفقهي للأسهم غير دقيق , وقياسها على الأوراق النقدية قياس مع الفارق , لأن الأسهم في حقيقتها هي حصص الشركة , وأجزاء تقابل أصولها وموجوداتها , وهي وان كانت صكوكا مكتوبة لكنها يعنى بها ما يقابلها.
ومسألة الهبوط والارتفاع يختلف سببها في الأسهم عن سببها في النقود , فتغير قيمة الأسهم يعود إلى نشاط الشركة نفسها , حيث ترتفع عندما تزداد أرباحها , أو تزداد معها موجودتها , وثقة الناس بها , وتنخفض عند الخسارة , ومثل ذلك كمثل شخص أو شركاء لهم سلع معينة فباعوها بأرباح جيدة فزادت نسبة مال كل واحد منهم بقدر الربح , وكذلك تنقص نسبة مال كل واحد منهم لو فقد منها بعضها أو هلك أو بيعت السلعة بخسارة , فهذا هو الأنموذج المصغر للأسهم في الشركات.
أما الورقة النقدية فيعود انخفاضها إلى التضخم , وإلى الأنظمة الدولية بهذا الخصوص , وسياسة الدولة في إصدار المزيد من الأوراق النقدية التي قد لا يوجد لها مقابل حقيقي , وغير ذلك من العوامل الاقتصادية , بينما السهم يمثل ذلك المبلغ الذي تحول إلى جزء من الشركة ممثل في أصولها وموجوداتها.
الرأي الثاني: المجيزون للتعامل بالأسهم مطلقا
ذهب عدد من الفقهاء المعاصرين إلى إباحة الأسهم في الدول الإسلامية مطلقا.
وذلك بناء على أن حصص الشركات في رأس مال الشركة في الفقه الإسلامي يجوز أن تكون متساوية أو غير متساوية , وهي في الأسهم كذلك , وهي في حقيقتها حصص المشتركين في رأس المال , وهي عرضة للربح والخسارة.
فالأسهم تتوافر فيها الشروط الشرعية وهي في واقعها ليست مخالفة للشريعة , وما شابها من بعض الشوائب والشبهات والمحرمات قليل بالنسبة للحلال , فما دام أكثرية رأس المال حلالا , وأكثر التصرفات حلالا فيأخذ القليل النادر حكم الكثير الشائع , ولا سيما يمكن إزالة هذه النسبة من المحرمات عن طريق معرفتها من خلال الميزانية المفصلة , أو السؤال عن الشركة , ثم التخلص منها.
ومن هؤلاء الفقهاء المجيزون باطلاق للأسهم العادية الشيوخ: علي الخفيف , ومحمد أبو زهرة , وعبد الوهاب خلاف , وعبد الرحمن حسن , وعبد العزيز الخياط , ووهبة الزحيلي والقاضي عبد الله سليمان بن منيع وغيرهم على تفصيل وتفريع لدى بعضهم يجب أن يراجع.
ويستدل على إجازة الأسهم بالأحكام التالية:
أن تقسيم رأس مال الشركة إلى حصص وأجزاء لا يتنافى مع المبادئ والقواعد العامة للشركة في الفقه الإسلامي , إذ ليس فيها ما يتنافى مع مقتضى عقد الشركة , بل فيها تنظيم وتيسير ورفع للحرج الذي هو من سمة الشريعة الإسلامية
فلا مانع إذن من تجزئة رأس مال الشركة إلى أجزاء متساوية يصطلح عليها الشركاء بحيث يكون كل شريك مالكا لجزء أو لأكثر من هذه الأجزاء التي سميت بالأسهم.
ويرى الفقهاء المعاصرين مثل الدكتور عبد العزيز الخياط أنه يجوز شرعا تحديد مسئولية الشركاء بحسب الأسهم , وينطبق على ذلك الأساس الفقهي لشركة المضاربة إذ لا يسأل رب المال فيها عن ديون الشركة إلا بمقدار المال الذي قدمه للشركة ولا يلزم بدفع ديونها.
كما أن مبدأ عدم قابلية السهم للتجزئة لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية وليس فيه أي محظور لأنه اتفاق عرفي فكأنه اشترط ذلك , وأي شرط متفق عليه بين الشركاء لا يبيح محرما أو يحرم مباحا جائز بين المسلمين لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما رواه الترمذي.
ولا يمنع الشرع من عرض هذه الأسهم للبيع والشراء كما لا يمنع من بيعها بأكثر أو أقل من قيمتها الاسمية , لأن السهم يمثل حصة المساهم في رأس المال المدفوع وربما تحول قسم كبير منه إلى أموال عينية تمتلكها الشركة , أو أدوات إنتاج , ويمثل أيضا رأس المال الاحتياطي والأرباح التي لم توزع. فقيمة السهم تختلف إذن بحسب مركز الشركة وموجوداتها وبحسب نجاحها في أعمالها أو عدم نجاحها والأموال العينية فيها تختلف باختلاف الأحوال.
وقد قرر الفقهاء المعاصرون ضوابط محددة لتداول الأسهم بحسب طبيعة مكونات وموجودات الشركة التي قد تكون جميعها نقودا قبل مزاولة أعمالها , وقد تكون جميعها أعيانا , وقد تكون موجوداتها مختلطة تشمل نقود وأعيان وديون.
الرأي الثالث: المجيزون للتعامل بالأسهم بالنظر إلى موضوع الشركة
ذهب كثير من الفقهاء المعاصرين إلى بناء جواز إنشاء الأسهم وبيعها من عدمه بالنظر إلى موضوع وأغراض الشركة , فيكون جواز الأسهم في الشركات حسب مشروعية نشاطها.
وقد ذهب في هذا الاتجاه مجمع الفقه الإسلامي في دورته السابعة المنعقدة سنة 1412هـ. وعلى هذا الأساس تنقسم الأسهم إلى ثلاث أنواع:
أولا: أسهم شركات ذات أغراض محرمة
لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم , كالتعامل بالربا أو إنتاج المحرمات أو المتاجرة بها.
فالأسهم التي يكون محلها الخنزير , والخمور والمخدرات والقمار ونحوها من المحرمات , وكذلك الشركات التي يكون نشاطها محصورا في الربا كالبنوك الربوية , هذه الأسهم جميعها لا يجوز إنشاؤها , ولا المساهمة في إنشائها , ولا التصرف فيها بالبيع والشراء ونحوهما.
يقول ابن القيم: بعد أن ذكر الأحاديث الخاصة بحرمة بيع بعض الأشياء: (فاشتملت هذه الكلمات الجوامع على تحريم ثلاثة أجناس: مشارب تفسد العقول كالخمر , ومطاعم تفسد الطباع وتغذى غذاء خبيثا مثل الميتة والخنزير , وأعيان كالأصنام تفسد الأديان وتدعو إلى الفتنة والشرك , فصان بتحريم النوع الأول العقول عما يزيلها ويفسدها , وبالثاني القلوب عما يفسدها من وصول آثر الغذاء الخبيث إليها. . , وبالثالث الأديان عما وضع لإفساده) .
ثانيا: أسهم شركات ذات أغراض مشروعة
يجوز إنشاء أسهم لشركات ذات أغراض وأنشطة مشروعة بمعنى أن تكون شركات قائمة على شرع الله تعالى حيث رأس مالها حلال , وتتعامل في الحلال , وينص نظامها وعقدها التأسيسي على أنها تتعامل في حدود الحلال , ولا تتعامل بالربا إقراضا واقتراضا , ولا تتضمن امتيازا خاص أو ضمانا ماليا لبعض دون آخر.
فهذا النوع من أسهم الشركات مهما كانت تجارية أو صناعية أو زراعية يجوز إنشاؤها ويجوز جميع التصرفات الشرعية فيها , لأن ذلك كله داخل في حدود التصرفات المباحة التي أجازها الشارع للمالك في ملكه , والأصل في التصرفات والعقود المالية الإباحة , ولا تتضمن هذه الأسهم أي محرم , وكل ما فيها أنها نظمت أموال الشركة حسبما تقتضيه قواعد الاقتصاد الحديث دون التصادم بأي مبدأ إسلامي.
ثالثا: أسهم شركات ذات أغراض مشروعة , ولكن تتعامل أحيانا بالمحرمات
وهي الأسهم التي ليست لشركات تزاول المحرمات كالنوع الأول , ولا لشركات قائمة على الحلال كالنوع الثاني , وإنما هي أسهم لشركات قد تدع في بعض الأحيان بعض أموالها في البنوك بفائدة , أو تقترض منها بفائدة , أو قد تكون نسبة قليلة من معاملاتها تتم من خلال عقود فاسدة كمعظم الشركات في الدول الإسلامية , والشركات في الدول غير الإسلامية مما يكون محلها أمورا مباحة كالزراعة , والصناعة والتجارة.
لقد اختلف المعاصرون على ثلاثة آراء:
الرأي الأول: هو حرمة التصرف في هذه الأسهم ما دامت لا تقوم على الحلال المحض , وقد بنى أصحاب هذا الرأي رأيهم على أن هذه الأسهم ما دام فيها حرام , أو تزاول شركاتها بعض أعمال الحرام كإيداع بعضها بعض أموالها في البنوك الربوية فتصبح هذه الأسهم محرما شراؤها , بناء على النصوص الدالة على وجوب الابتعاد عن الحرام , والشبهات , وعلى قاعدة: إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام.
الرأي الثاني: هو إباحة التصرف في هذا النوع من الأسهم وإن كان فيه نسبة بسيطة من الحرام لأنه يجوز تبعا ما لا يجوز استقلالا , فنسبة الحرام في هذه الأسهم جاءت تبعا وليست أصلا مقصودا بالتملك والتصرف.
وعليه ما دامت أغراض الشركة مباحة , وهي أنشئت لأجل مزاولة نشاطات مباحة غير أنها قد تدفعها السيولة أو نحوها إلى إيداع بعض أموالها في البنوك الربوية أو الاقتراض منها , فإن هذا العمل بلا شك عمل محرم يؤثم فاعله لكنه لا يجعل بقية الأموال والتصرفات المباحة محرمة.
والعبرة عند جمهور الفقهاء في المال المختلط بالحرام بالأغلب إذ أن للأكثر حكم الكل , وقد ذكر الفقهاء تطبيقات كثيرة في أبواب الطهارة والعبادات والمعاملات واللباس والطعام وغيرها.
الرأي الثالث: هو إباحة التصرف في هذا النوع من الأسهم بشروط , وهو رأي يرجحه كثير من المعاصرين.
هذا الرأي يتفق مع الرأي السابق ويضيف شروطا.
إذ أنهم يجيزون مشاركة المسلمين في الشركات التي يكون غرضها الأساسي مشروع ولكنها تتعامل أحيانا بالمحرمات , وبالتالي يجوز شراء أسهمها , والتصرف فيها ما دام غالب أموالها وتصرفاتها حلالا , وإن كان الأحوط الابتعاد عنها.
واشترط هؤلاء الفقهاء لجواز هذا التعامل أن يراعي صاحب هذه الأسهم نسبة الفائدة التي أخذتها الشركة على الأموال المودعة لدى البنوك , ويظهر ذلك من خلال ميزانية الشركة , أو السؤال عن مسئولي الحسابات فيها , وإذا لم يمكنه ذلك اجتهد في تقديرها , ثم يصرف هذا القدر في الجهات العامة الخيرية.
وأضاف البعض الآخر أن يقصد بشراء أسهم هذه الشركات تغييرها نحو الحلال المحض من خلال صوته في الجمعية العمومية , أو مجلس الإدارة , بل اعتبر بعضها ذلك أمر مطلوب.
كما شدد بعضهم في أسهم الشركات التي يمتلكها غير المسلمين.(2/123)
الأسهم العادية تشكيل النص
بنك دبي الإسلامي فتاوي هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية فتوى رقم (62)
السؤال:
أرسل إلينا البنك الإسلامي للتنمية يستطلع الرأي في مدى جواز استثمار 40% من حصص صندوق الاستثمار التابع له في شراء أسهم شركات أسواق المال الدولية والتي لا تتصل مجالات نشاطها بالمحرمات كالمشروبات الكحولية أو لحم الخنزير أو الميسر أو الإقراض بفائدة أو غير ذلك مما يحرم الاتجار فيه شرعا. .
الجواب: المقرر شرعا أن الأصل في الأشياء والعقود الإباحة وبالتالي , فإن الشركات التي لا تتصل مجالات نشاطها بالتعامل في شيء من المحرمات يكون شراء أسهمها جائزا شرعا عملا بالأصل العام , غير أنه لما كانت الشركات القائمة في البلاد التي لأيدين أهلها بالإسلام وإن كان نشاطها يقتصر على سلع غير محرمة , إلا أن أنظمتها تجعل من الإقراض والاقتراض بالفائدة مع البنوك الربوية وسيلة معتادة في ممارسة نشاطها واستثمار أموالها مما يجعل أرباح أسهم هذه الشركات متضمنة لربا محرم شرعا ولذا فان شراء البنك لأسهم هذه الشركات يقتضي التيقن أولا من عدم تعاملها بالمعاملات الربوية المحرمة. .
بنك دبي الإسلامي فتاوي هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية فتوى رقم (57)
السؤال:
يقوم بعض المساهمين بالبنك ببيع أسهمهم للغير , ويتم الاتفاق بين البائع والمشتري ولكن هذا البيع لا يعد صحيحا إلا بموافقة البنك وإثباته لهذا البيع في سجلاته وإلغائه لشهادات البائع وتحريره لشهادات جديدة للمشتري , فهل يجوز حصول البنك على أجر نظير هذا العمل؟
وإذا كان تحصيل الأجر جائزا فهل يحصل البنك على رسم نظير كل سهم أو يحصل على مبلغ مقطوع لجملة الأسهم المحولة.
الجواب:
يتم تحصيل أجر مقطوع مناسب مقابل ما يقوم به البنك من عمل لتحويل الأسهم إلى الحائز الجديد مع إعلام أصحاب الشأن بذلك. .
بنك دبي الإسلامي فتاوي هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية فتوى رقم (94)
السؤال:
هل يجوز أن يستثمر البنك أمواله في الشركات العالمية التي لا تتعامل في سلع محرمه ولكنها تودع فائض أموالها بفائدة بالبنوك كما أنها تحصل على المال اللازم لها من البنوك بفائدة؟
الجواب:
ترى الهيئة أنه لا يجوز شرعا للبنك الإسلامي استثمار جزء من أمواله في شراء أسهم الشركات التي تشتمل مواردها ونفقاتها على فوائد مدفوعة ومقبوطة لأن البنك الإسلامي المقررة شرعا , ولديه من الإمكانات المالية والكفاءات والأجهزة ما يمكنه من تحقيق هذه الغاية.
ومع ذلك فان البنوك الإسلامية لن تستطيع الخروج من هيمنة الاقتصاد الربوي إذا ترخصت في الاستثمار لدى الشركات التي تشتمل مواردها ونفقاتها على فوائد ربوية.
البنك الإسلامي السوداني فتاوى هيئة الرقابة الشرعية سؤال رقم (16)
السؤال:
الرجاء إفتاءنا فيما يلي:
قد يتوفر للبنك أموالا لا يستطيع استخدامها استخداما وفق الشريعة الإسلامية ويعود عليه بأرباح معقوله وقد تعرض عليه شراء أسهم في شركات ناجحة ولكنها تتعامل بالربا فهل يمكن للبنك شراء أسهمها؟
وقد جاء في تبرير هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود بالمدينة بيعا وشراء ورهنا وقرضا وهو يعلم أن اكثر معاملاتهم ربويه.
الجواب:
أن شراء أسهم في شركات تتعامل بالربا أمر غير جائز ومحظور لأنه استثمار لجانب من أموال البنك بالربا المحظور.
ولا فرق بين أن يستثمر البنك بعض أمواله بالربا بطريق مباشر وبين إسهامه بهذه الأموال في جهات تستثمرها بالتعامل بالربا.
وأن طرق الاستثمار المشروعة التي تقرها الشريعة الإسلامية متعددة وميسورة ويستطيع البنك أن يحقق عن طريقها نجاحا كبيرا وأرباحا طائلة في مجال الاستثمار.
أما عن تعامل النبي صلى الله عليه وسلم بالبيع والشراء والرهن والقرض مع اليهود وأكثر أموالهم من تعاملهم بالربا فامر ثابت ومسلم به وان فعل النبي صلى الله عليه وسلم لذلك دليل على جوازه وإباحته وقد عامل الإسلام أهل الكتاب معاملة خاصة فقد أحل الله طعامهم ورخص في الأكل من ذبائحهم واحل الزواج من نسائهم وما فيه الرسول صلى الله عليه وسلم هو بيان لما نزل من القرآن لقوله تعالى { [اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين] }
ورغم أن معظم أموالهم مستثمرة عن طريق الربا وأنهم لا يذكرون الله على ذبائحهم فقد رخص الله لنا في الأكل من طعامهم وذبائحهم وأباح لنا ثمن ما نتقاضاه منهم من أثمان ما نبيعه لهم من طعامنا وهذا ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع اليهود بالمدينة هذا في الوقت الذي حرم فيه الإسلام أكل ذبائح المجوس والتزوج من نسائهم. .
وأن الاستدلال بهذا التعامل لتبرير المساهمة في شركات تتعامل بالربا استدلال بدليل خاطئ لا علاقة له بالموضوع أن التعامل بالبيع والشراء. . إلخ. . . المعاملات المذكورة شيء والمشاركة بمعنى الإسهام في شركات تتعامل بالربا شيء آخر لأن الربا محرم بالإجماع والتعامل معهم بغير الربا جائز بالإجماع.
ولو ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع من أمواله عند يهودي أو جماعة من اليهود لاستثمارها بطريق المشاركة وهم يتعاملون بالربا لا يمكن اتخاذ ذلك دليلا على جواز المساهمة في الشركات المذكورة ولكن هذا لم يحدث على الإطلاق وأن تحريم الربا وسد كل ذريعة تفضى إليه أو تنطوى على شبهة الربا تمنع مثل هذه المشاركة. .
البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار الفتاوى الشرعية الجزء الأول فتوى رقم (1)
السؤال:
هل يجوز للبنك الإسلامي الأردني أن يستثمر جزءا من أمواله في شراء أسهم الشركات التي لا يكون هدفها التعامل بالربا وذلك رغم أن مواردها ونفقاتها تشتمل على فوائد مدفوعة وفوائد مقبوضة؟
الجواب:
أن الشركات التي لا يكون هدفها التعامل بالربا , أو أي محرم شرعا , ولا يوجد نص في قوانينها وأنظمتها يبيح شيئا من ذلك , يجوز التعامل معها , واستثمار بعض أموال البنك في شراء أسهمها. .
غير أن ما ورد في كتابكم , من أن مواردها ونفقاتها تشتمل على فوائد مدفوعة وفوائد مقبوضة , يجعل هذه النقطة سببا موجبا للبحث والتردد , لأن الفوائد محرمة وهي من الربا. . وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله , عن الذين غالب أموالهم حرام , مثل المكاسين وأكلة الربا , وأشباههم , ومثل أصحاب الحرف المحرمة كمصوري الصور , والمنجمين ومثل أعوان الولاة فهل يجوز أخذ طعامهم بالمعاملة أو لا؟
فأجاب (الحمد لله , إذا كان في أموالهم حلال وحرام , ففي معاملتهم شبهة , لا يحكم بالتحريم إلا إذا عرف انه يعطيه ما يحرم إعطاؤه , ولا يحكم بالتحليل إلا إذا عرف أنه أعطاه من الحلال , فإن كان الحلال هو الأغلب لم يحكم بتحريم المعاملة , وإن كان الحرام هو الأغلب , قيل يحل المعاملة وقيل: بل هي محرمة , فأما المتعامل بالربا فالغالب على ماله الحلال , إلا أن يعرف الكره من وجه آخر , وذلك انه إذا باع ألفا بألف ومئتين , فالزيادة هي المحرمة فقط , وإذا كان في ماله حلال وحرام واختلط لم يحرم الحلال , بل له أن يأخذ قدر الحلال , كما لو كان المال لشريكين , فاختلط مال أحدهما بماله الآخر فانه يقسم بين الشريكين) . . وكذلك من اختلط بماله الحلال والحرام , أخراج قدر الحرام والباقي حلال له. .
البنك الإسلامي الأردني الفتاوى الشرعية الجزء الثاني الفتوى رقم (39)
السؤال:
يرجى التكرم ببيان الرأي الشرعي في المسألة التالية:
قام البنك بالمباشرة بإنشاء مشروع عقاري على أساس حسابات ودائع استثمار مخصص وقد ساهم المودعون المستثمرون بحوالي (6. 2) مليون دينار , وقام البنك بالمساهمة بالمبلغ الباقي والبالغ (6. 3) مليون دينار , حيث أن تكاليف المشروع تقدر بحوالي (12. 5) مليون دينار , ويتوقع أن يتم الانتهاء من المشروع في خلال ثلاثين شهرا. .
وقد تم الطلب من المودعين دفع نسبة 40% من مساهمتهم في المشروع حالا , وسيتم طلب باقي قيمة المساهمة على دفعات حسب مراحل إنجاز العمل في المشروع وحسب شروط التعاقد. .
وحيث أن البنك قام بالمساهمة بباقي تمويل المشروع , وحيث أن بعض الأشخاص يرغبون في المشاركة في المشروع في أي وقت من الأوقات لاحقا.
لذا فإن البنك يرى أن يتم بيع هؤلاء الأشخاص الراغبين في المساهمة في المشروع على أساس أن البنك قد ساهم بمبلغ ستة ملايين دينار (أي ما يعادل ستة ملايين حصة أو سهم) مثلا (وبمعدل دينار أردني لكل حصة) وإذا ما رغب أي شخص في أي وقت من الأوقات أن يساهم في المشروع فإن البنك سيبيعه الحصة حسبما يتم عليه الاتفاق في ضوء القيمة المادية والمعنوية للحصة.
وذلك على أساس أن المساهم الجديد يعتبر شريكا في المشروع منذ بدايته بمقدار الحصص التي اشتراها من البنك.
لذا يرجى التكرم ببيان الرأي الشرعي حول قيام البنك ببيع جزء من حصصه في المساهمة في المشروع في المستقبل لأشخاص آخرين بسعر أعلى من القيمة الاسمية الحالية التي تحدد في ضوء تقدم العمل وباتفاق بين البنك والمشتري , وذلك حسب ما تم توضيحه سابقا.
الجواب:
أراد البنك الإسلامي أن يبيع في المستقبل بعض أسهمه في المشروع العقاري (ضاحية الروضة) بعد أن تم شراء الأرض وبوشر بالحفريات والإنشاءات , وبالثمن الذي يتفق عليه بين البنك والمشتري والذي يزيد عن القيمة الاسمية للسهم , بسبب تقدم العمل في المشروع والإنفاق الذي تم أو يتم إلى حين عقد البيع والشراء إلخ.
الذي يتجه لي أنه: إذا رأي المسئولون عن إدارة البنك أن من المصلحة بيع بعض أسهمه في المشروع المشار إليه بالثمن الذي يتفق عليه , حين العقد بين البنك والمشتري , والشامل ذلك لما يخص تلك الأسهم في الأرض , وما أنشئ على الأرض وللحقوق التي ترتبت أو تترتب على ما ذكر , مادية أو معنوية حسب تقدم العمل , والإنفاق عليه , وكان في ذلك حظ ومصلحة للبنك فلا مانع من هذا شرعا , ولو زاد الثمن عن القيمة الاسمية الحالية للسهم , بسبب تغير الثمن , حسب الجدوى الاقتصادية للمشروع , وتقدم العمل فيه , وما يجرى اتفاقه عليه , وكما يتصرف صاحب الملك المستقل في ملكه فكذلك يتصرف أيضا في الملك المشترك أصحابه بالاتفاق , وأيضا للشريك أن يبيع حصته أو بعض حصته المعلومة الشائعة بدون إذن شريكه , والشريك مخير أن شاء باع حصته من شريكه , وإن شاء باعها من أجنبي بدون إذن شريكه , كما يفهم من الأحكام الفقهية المصرح بها في المذهب الحنفي , وأخذت بها مجلة الأحكام العدلية في المواد 255 , 1066 , 1088. .
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الأول) فتوى رقم (31)
السؤال:
ما الرأي الشرعي في شراء أسهم شركات أجنبية مثل جنرال موتورز وفيليبس الصناعية هذه الشركات تسعر أسهمها في السنة عدة مرات بناء على ما تحققه من أرباح أو خسارة إلا أنها إذا احتاجت اقترضت بفائدة وإذا ما فاض عندها بعض الأموال السائلة لفترة قصيرة أقرضت هذه الأموال بفائدة؟
الجواب:
إن مبدأ المشاركة في أسهم شركات صناعية تجارية أو زراعية مبدأ مسلم به شرعا لأنه خاضع للربح والخسارة وهو من قبيل المضاربة المشتركة التي أيدها الشارع على شرط أن تكون هذه الشركات بعيدة عن المعاملة الربوية أخذا وعطاء ويفهم من استفتاء سيادتكم أنه ملحوظ عند الإسهام أن هذه الشركات تتعامل بالربا أخذا وعطاء وعلى هذا فإن المساهمة فيها تعتبر مساهمة في عمل ربوي وهو ما نهى عنه الشارع والله سبحانه وتعالى أعلم. .
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الأول) فتوى رقم (32)
السؤال: ما الرأي الشرعي في بيع وشراء أسهم وسندات لشركات تتعامل بالربا إقراضا واقتراضا وإذا باع صاحب الأسهم أسهمه فهل أمواله حلال ويستطيع أن يتمولها وإذا لم يبع فما العمل؟
الجواب:
فإذا كانت السندات تعبر عن قرض له فائدة مسماة مضمونة فإصدارها والتعامل بها محرم قطعا لأنها ربا صريح , أما الأسهم فإن كان نظامها الأساسي يبيح الاقتراض والإقراض بالربا فالأمر واضح وهو تحريم التعامل بهذه الأسهم على أي وجه من الوجوه ومثل ذلك إذا كان تعاملها الربوي ملحوظا. .
أما إذا اقترضت وأقرضت بالربا في بعض الحالات من غير أن يكون هذا عملا أساسيا ولا مقصودا وإنما وقع على سبيل الشذوذ فان اقتناء هذه الأسهم لا أرى فيه بأسا (وعلى من يقتنيها أن يتصدق بالقدر الذي يظن أن المعاملة الربوية قد تناولته ولا يعتبر ذلك من الزكاة)
ومما ينبغي التنبيه عليه أن معاملة الشركات أو البنوك التي تتعاطي الربا معاملة شرعية لا صلة لها بالربا. فإني أرى جواز هذه المعاملة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود بالمدينة بيعا وشراء ورهنا وقرضا.
وهو يعلم أن أكثر معاملتهم ربوية. . وفرق بين اقتناء أسهم هذه الشركات وبين التعامل معها ولو ضيقنا الخناق على الناس في معاملة هذه الشركات لوقع الناس في حرج كبير فهذا من قبيل عموم البلوى. .
أما إذا باع صاحب الأسهم أسهمه في هذه الشركات فإن كانت معاملتها ربوية فله رأس ماله فقط ويصرف ما زاد في المصالح العامة عدا المساجد: أما أن كانت شركات عملها مختلط بين الحلال والحرام فإنه يستطيع أن يتمول ما قابل رأس ماله وما يغلب على ظنه أنه يقابل الجزء الحلال من المعاملة.
وأما ما وراء ذلك فمصرفه المنافع العامة ويكفيه هنا غلبة الظن لا اليقين لأن المكلف مطالب لما يغلب على ظنه ولا سيما في هذه الأمور التي تختلف فيها الأنظار والتقديرات.
أما إذا لم يبع هذه الأسهم فانه يجب التخلص منها إذا كانت ربوية أو أكثر مكاسبها ربوية بالبيع على التفصيل السابق.
أما إذا كانت المعاملات الربوية منها شاذة فله أن يتمسك بها وينفق الفضل (الزيادة) في المنافع العامة. .
الفتاوى الشرعية في الاقتصاد الإسلامي الصادرة عن ندوات البركة للاقتصاد الإسلامي
الحلقة العلمية الأولى للقضايا المصرفية المعاصرة الفتوى (سابعا)
يجوز شراء أسهم الشركات ذات الغرض المشروع والتي تتعامل أحيانا بالفائدة إقراضا واقتراضا بقصد العمل على توجيه أنشطتها نحو التعامل الإسلامي الصحيح , وذلك إذا غلب على ظن المشتري قدرته على ذلك , وعلى هؤلاء الأفراد وتلك المؤسسات اتخاذ الخطوات اللازمة وبذل الجهد المطلوب لتحقيق تلك الغاية.
ويجب عليهم الخروج من الشركة بمجرد أن تتبين لهم - أو يغلب على ظنهم - عدم قدرتهم على التغيير , وإخراج ما يظنون أنه وصل إليهم عن طريق الربا وصرفه في أوجه البر.
الفتاوى الشرعية في الاقتصاد الإسلامي الصادرة عن ندوات البركة للاقتصاد الإسلامي
الحلقة العلمية الأولى للقضايا المصرفية المعاصرة الفتوى (ثامنا)
اختلفت آراء العلماء المشاركين في هذه المسألة على النحو التالي:
1 - يؤيد الدكتور / حسين حامد حسان والدكتور / يوسف القرضاوي ما ذهب إليه غالبية العلماء المشاركين بندوة البركة السادسة بالجزائز بجواز قيام المؤسسات المالية الإسلامية بشراء أسهم الشركات ذات الغرض المشروع والتي تتعامل أحيانا بالفائدة إقراضا واقتراضا , وذلك بقصد توظيف فائض السيولة وتسييلها عند الحاجة , وذلك لحاجتها الشديدة للقيام بهذا النشاط حتى تستمر في أداء رسالتها الهادفة إلى تخليص المسلمين من المعاملات غير الشرعية.
2 - يرى الشيخ محمد تقي عثماني والدكتور عبد الستار أبو غدة أن ذلك جائز بشرط احتساب النسبة العائدة للبنك من التعامل بالفائدة واستبعادها من أرباح البنك , وذلك بصرفها في أوجه الخير.
3 - يرى الشيخ الصديق الضرير أن شراء أسهم الشركات ذات الغرض المشروع والتي تتعامل أحيانا بالربا من اجل استثمار فائض السيولة وتسييلها عند الحاجة أمر غير جائز شرعا.
مجمع الفقه الإسلامي الدورة السابعة قرار رقم (65 / 1 / 7) بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع (تحديد أرباح التجار) واستماعه للمناقشات التي دارت حوله.
تقرر:
أ / بما أن الأصل في المعاملات الحل فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مشروعة أمر جائز.
ب / لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم , كالتعامل بالربا أو إنتاج المحرمات أو المتأخرة بها.
ج / الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحيانا بالمحرمات , كالربا ونحوه , بالرغم من أن أنشتطها الأساسية مشروعة.
مجمع الفقه الإسلامي الدورة السابعة قرار رقم (5 / 6 / 7) البند أولا فقرة (2 / 3) بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع (تحديد أرباح التجار) واستماعه للمناقشات التي دارت حوله.
تقسيط سداد قيمة السهم عند الاكتتاب:
لا مانع شرعا من أداء قسط من قيمة السهم المكتتب وتأجيل سداد بقية الأقساط , لأن ذلك يعتبر من الاشتراك بما عجل دفعه , والتواعد على زيادة رأس المال , ولا يترتب على ذلك محذور لأن هذا يشمل جميع الأسهم , وتظل مسئولية الشركة بالكامل رأس مالها المعلن بالنسبة للغير , لأنه هو القدر الذي حصل العلم والرضا به من المتعاملين مع الشركة.
مجمع الفقه الإسلامي الدورة السابعة قرار رقم (65 / 6 / 7) البند أولا فقرة (5) بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع أعلاه واستماعه للمناقشات التي دارت حوله.
تقرر:
إن المحل المتعاقد عليه في بيع السهم هو الحصة الشائعة من أصول الشركة , وشهادة السهم عبارة عن وثيقة للحق في تلك الحصة.
مجمع الفقه الإسلامي الدورة السابعة قرار رقم (65 / 6 / 7) البند أولا فقرة (8) بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع أعلاه واستماعه للمناقشات التي دارت حوله.
قرر:
يجوز بيع السهم أو رهنه مع مراعاة ما يقتضى به نظام الشركة , كما لو تضمن النظام تسويق البيع مطلقا أو مشروطا بمراعاة أولوية المساهمين القدامى في الشراء وكذلك يعتبر النص في النظام على إمكان الرهن من الشركاء برهن الحصة المشاعة.
الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية - الجزء الأول - فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله البركة الفتوى رقم (37)
الفتوى
إن مثل هذه الشركة التي غرضها الأساسي مشروع لكنها تقع في هذا التصرف المحرم , فإن الإسهام فيها جائز مع استنكار هذا الاقتراض الربوي , بالطريقة الممكنة , والمرتب إنما يستحق عن النشاط المشروع الذي هو الأصل , فهو إن شاء الله مباح.
ولكن باعتبار السائل مديرا عاما فإن الواجب بذل كل ما في الوسع لتحويل هذا التعامل إلى أسلوب مشروع من خلال الصلاحيات المنوطة بك , أو الموكولة إلى مجلس الإدارة والعلاقة الوثيقة به بالنسبة للمدير العام والله الموفق.
أما اقتناء أسهم من هذه الشركة ذات مردود سنوي فإنه جائز شريطة إخراج جزء من المردود يتناسب مع القروض الربوية التي نتج عنها مردود. . وهذا الجزء من الكسب غير المشروع ينفق على ذوي الحاجة ولكن لا تسد به نفقات تترتب على الشخص ولا ينفق منه على من تلزمه نفقته ولا يؤدي به الضرائب إلا الجزء الخاص بذلك الريع من الضريبة.
الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية - الجزء الأول - فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله البركة الفتوى رقم (28) .
الفتوى
لا مانع شرعا من التعامل في الأسهم بالأجل إذا كانت الأسهم لشركة ذات غرض مشروع ونشاط قائم فعلا بحيث إنها تملك أعيانا ومنافع , وليست في بداية تأسيسها وهي الفترة التي تكون الأسهم فيها عبارة عن مبالغ نقدية , إذ يشترط حينئذ الحلول والتماثل في بيع النقد بالنقد.
أما إذا كان للشركة أنشطة وموجودات , فإن شراء السهم بثمن مؤجل جائز شرعا , شريطة أن يتم تسليم السهم أي نقل ملكيته فورا , ولا يكون التسليم للسهم مؤجلا , لئلا يكون من بيع الدين بالدين. ولا يختلف بيع السهم بالأجل عن غيره من الأشياء (من غير النقود والذهب والفضة) إذا كان للشركة نشاط وموجودات كثيرة غير النقود والديون , وتم تسليم السهم عقب البيع , ولا مانع من أن يتضمن ثمن السهم المبيع بالأجل زيادة في الثمن بملاحظة وجود الأجل على أن تكون الزيادة مدمجة بالثمن الأصلي , كمبلغ واحد.(2/124)
الأسهم الممتازة
لا يخفى أن جميع الأسهم قيمتها متساوية , وهذا يقتضى تساويها في الحقوق والواجبات , وتكون مسئولية المساهمين بحسب قيمة السهم , ولذلك فالأصل أن تكون الأسهم عادية لا ميزة لأحدها على الآخر , ولكن بعض القوانين تبيح إصدار أسهم ممتازة جديدة أو تحويل الأسهم العادية إلى أسهم ممتازة. وهذا الامتياز يختلف نوعه , فقد يكون:
بمنح حق الأولوية في الأرباح , وذلك بأن يأخذ أصحاب الأسهم الممتازة أولا حصة في الأرباح بنسبة معينة مثل 5% ثم توزع الأرباح بعد ذلك على جميع المساهمين بالتساوي لكل سهم ومنهم أصحاب الأسهم الممتازة.
بتقدير فائدة سنوية ثابتة توزع على أصحاب هذه الأسهم الممتازة سواء ربحت الشركة أو خسرت.
بمنح حق الأولوية في استرجاع قيمة الأسهم عند تصفية الشركة , وقبل إجراء القسمة بين الشركاء.
بمنح هذه الأسهم أكثر من صوت في الجمعية العمومية.
هذا وقد تلجأ الشركة لإصدار أسهم ممتازة لتكون حافزا لإقبال الجمهور بالاكتتاب بها ويكون ذلك لا سيما عندما تحتاج الشركة لزيادة رأس مالها ولا يتوقع أن يقبل الجمهور على الاكتتاب في الأسهم الجديدة الصادرة لكون أعمالها غير مرضية.
كما قد تلجأ الشركة لإصدار هذه الأسهم الممتازة رغبة في الاحتفاظ لحملة الأسهم القديمة بامتيازات مكافأة لهم على ما بذلوه في سبيل إنجاح الشركة.(2/125)
يختلف حكم أسهم الامتياز باختلاف نوعية الامتياز فيها:
فإذا كان امتيازها بضمان توزيع حصة في الأرباح بنسبة معينة مثل 5% من قيمة السهم , ثم يوزع باقي الأرباح على جميع الأسهم بالتساوي , أو كان الامتياز استيفاء فائدة سنوية سواء ربحت الشركة أم لا , فإن هذا النوع لا يجوز البتة في الشريعة الإسلامية , لأنه يتضمن الربا المحرم شرعا , ولأن هذه الشرط مخالف لمقتضى عقد الشركة في الشريعة الغراء.
ذلك أن مبنى الشركة على المخاطرة والمشاركة الحقيقية في الغرم والغنم على قدر الحصص , وعلى ذلك إجماع الفقهاء إذ ليس لأصحاب الأسهم الممتازة مال أو عمل زائد عن مساهمة المساهمين الآخرين يستحقون به هذه الزيادة في الربح وهي إنما تستحق بالزيادة في المال أو العمل أو الضمان كما هو مقرر في قواعد الشركات الشرعية.
وإذا كان هذا الامتياز بأن يعطى لصاحب السهم حق استعادة قيمة الأسهم بكاملها عند تصفية الشركة , ثم تعطي البقية الباقية لأصحاب الأسهم العادية.
فهذا أيضا غير جائز , لأن الشركة تقوم على المخاطرة وعلى مبدأ الاشتراك في الربح والخسارة , فإذا ضمن لأصحاب هذه الأسهم حق استرجاع قيمتها كان ذلك منافيا لمعنى الشركة ,
ومن ناحية أخرى فإن الشركة إذا خسرت استرد أصحاب هذه الأسهم الممتازة وفاء أسهمهم من أسهم الآخرين , وذلك مناف للعدالة وظلم للمشاركين الآخرين الذين قد يخسرون وهو لا يخسر , فهو إذن غير جائز.
وإذا كان الامتياز في حدود الأصوات بأن يعطى للأسهم الممتازة صوتان مثلا بدلا من صوت واحد كبقية الأسهم العادية , فذهب بعض العلماء ومنهم الدكتور عبد العزيز الخياط والدكتور صالح المرزوقي البقمي إلى منع ذلك لأن المفروض تساوي الشركاء في الحقوق المستحقة لهم , كما أنهم متساوون في الواجبات الملقاة عليهم , ومن هذه الحقوق التساوي في الأصوات بحسب الأسهم.
وذهب البعض الآخر كالدكتور محيي الدين القره داغي إلى الجواز وإن كان في هذا الأمر خوف من الاستغلال لأن هذا النوع من الامتياز ليس في نطاق الحقوق المالية , وإنما يعود إلى الجوانب الإدارية والإشراف على العمل.
لذلك فهو لا يرى أيضا مانعا أن يتنازل صاحب السهم الممتاز عن صوته , بأن لا يكون له حق التصويت في الجمعية العمومية في مقابل أن يعطي له حق دفع قيمة أسهمه بالأقساط لأن كل ذلك يعود إلى القضايا الإدارية التي يتحكم فيها الاتفاق , وليس فيه أي مخالفة لنصوص الشرع , ولا لمقتضى عقد الشركة , ولا يعود هذا الامتياز إلى الجوانب المالية , وإنما أعطى له نوع من التيسير في مقابل تنازله عن صوته , وكل ذلك قد تم برضا الطرفين , ولا يتعارض هذا الرضا مع نصوص الشرع ولا مقتضى العقد , حيث يعود الأمر في ذلك إلى تنازل أحد الشركاء لأن يدير الشركة بعضهم دون الآخرين , وقد أجاز جماعة من الفقهاء استبداد أحد الشريكين بالعمل.
ولكنه يشترط أن يكون هذا الامتياز منصوصا عليه في قانون الاكتتاب , وبعيدا عن الاستغلال.
أما إذا كان الامتياز بإعطاء حق الأولوية في الاكتتاب بأسهم جديدة لأصحاب الأسهم القدامى بناء على أن الشركة قد انعقدت بالإيجاب والقبول , فاذا أرادوا توسيع أعمال الشركة فلهم أن يقرروا ذلك بأن يجعلوا حق الأولوية لهم أو لبعضهم في امتلاك الأسهم الجديدة امتيازا لهم فهو جائز شرعا.
ذلك أن حق الشفعة مقرر في الشرع وهو هنا حق المساهمين القدامى في أن يكونوا أولى من غيرهم بشراء الأسهم الجديدة.(2/126)
مجمع الفقه الإسلامي الدورة السابعة قرار رقم (5 / 6 / 7) البند أولا فقرة (4 / 6 / 9 / 10) بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع أعلاه واستماعه للمناقشات التي دارت حوله.
الأسهم الممتازة:
لا يجوز إصدار أسهم ممتازة لها خصائص مالية تؤدى إلى ضمان رأس المال أو ضمان قدر من الربح وتقديمها عند تصفية أو عند توزيع الأرباح.
ويجوز إعطاء بعض الأسهم خصائص تتعلق بأمور الإجرائية أو الإدارية.
الفتاوى الشرعية في الاقتصاد الصادرة عن ندوات البركة للاقتصاد الإسلامي مجموعة دله البركة ندوة البركة السادسة الفتوى رقم (28) السؤال:
ما رأي الفقه في الأسهم التفضيلية وهي أن تعطى بعض الأسهم امتياز الأولوية في الحصول على الأرباح , وإذا لم يتحقق ربح في تلك السنة ينقل الحق إلى السنة التالية؟
الجواب:
الامتياز غير جائز شرعا لأنه يقطع المشاركة في بعض الحالات.
الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية الجزء الأول فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله البركة الفتوى رقم (34)
الفتوى:
إن أولوية استرداد قيمة الأسهم الممتازة عند التصفية مؤداها وقاية أصحاب الأسهم الممتازة من الخسارة إذا وجدت وتحميلها لأصحاب الأسهم العادية وهذا يخالف مبدأ شرعيا هو محل اتفاق بين الفقهاء وهو أن الخسارة على قدر رأس المال حيث يناط بكل مساهم خسارة متناسبة بمقدار أسهمه.
وبهذا يتبين أن إعطاء أصحاب الأسهم الممتازة في الربح الحق بنسبة محددة أو أولوية الاسترداد ينافي القواعد الشرعية في الشركات , وقد تقرر هذا أيضا في قرارات وتوصيات عدد من المؤتمرات والندوات وآخرها الندوة الثانية للأوراق المالية بالبحرين في نوفمبر (1991م) والتي عرضت في الدورة السابعة لمجمع الفقه الإسلامي , حيث نصت قراراتها أنه لا يجوز شرعا تخصيص الأسهم الممتازة بأولوية في الربح في جميع الأحوال أو أولوية الاسترداد عند التصفية.
الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية الجزء الأول فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله البركة الفتوى رقم (35)
الفتوى:
إن إعطاء أصحاب الأسهم الممتازة الحق في الحصول على ربح منسوب. إلي قيمة الأسهم مؤداه الالتزام لهم بربح مقطوع.
ومن المقرر شرعا أنه لا يجوز الالتزام لأي من الشركاء بمبلغ مقطوع من الأرباح , لأن هذا المبلغ المقطوع قد يكون كل الربح فيؤدي إلى قطع المشاركة في الأرباح , الأمر الذي يعتبر مفسدا للعقد لأن هذا المبلغ المقطوع قد يكون كل الربح فيؤدي إلى قطع المشاركة في الأرباح , الأمر الذي يعتبر مفسدا للعقد لأن هذا المبلغ المقطوع يعتبر دينا في ذمة الشركة حيث يمنع توزيع الأرباح بصورة اعتبارية إلا بعد استيفائه فيصير أقرب للفائدة المضمونة.
ومن النصوص الفقهية في هذه المسألة ما جاء في الفقه الحنفي شرح مجلة الأحكام ج 3 ص 371: (إذا أتفق على أن يكون لأحد الشركاء كذا درهما مقطوعا فسدت الشركة) وما جاء في الفقه الحنبلي في المغني لابن قدامة (ج 5 ص 28) (أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا جعل أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة وبه قال مالك والشافعي , ولا تجوز إذا شرط لأحدهما دراهم مسماة من الربح) وما جاء في فتح القدير (ج 5 ص 402) (أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة أو جزءا من عشرة بطلت الشركة) .(2/127)
الحصص العينية للأسهم
ينص القانون الوضعي عل أن حصة رأس المال كما تكون نقدية يجوز أن تكون حصة عينية , وهي التي تتعين ويتحدد نوعها , وتكون مقومة بالمال , سواء أكانت تلك العين عقارا أو منقولا مثليا أو قيميا أو حقا معنويا.
فالحصة العينية المعينة مثل أن يشترك بعض الشركاء بتقديم عقارهم كأرض فضاء أو بناية تستفيد الشركة من بيعها أو لتقيم فيها مشروعها الصناعي أو مستودعات تجارتها ونحو ذلك. أو تكون الحصة منقولا قيميا كالسيارات أو آلات المصنع , أو مثليا وهو ما يكال أو يوزن أو يعد (غير النقود لأنها من الحصة النقدية) فيصح أن يقدم بعض الشركاء ألف أردب من القمح , أو مائة كيلو من البن.
والحصص العينية التي يقدمها الشريك قد تكون على سبيل التمليك أو لمجرد الانتفاع.
والغالب أن يقدم الشريك الحصة العينية في الشركة للتمليك , فتنتقل ملكيتها للشركة ويجب أن تتبع إجراءات الشهر في نقل الملكية. وتنتقل الحصة العينية حينئذ من ذمة الشريك إلى ذمة الشركة فلا يبقى له في حصته العينية حق , وإنما يبقى له حق كشريك في الشركة عموما إذ ينقلب نصيب ما قدمه إلى أسهم في الشركة.
ويكون عدد هذه الأسهم بمقدار قيمة حصته العينية.
وتكون تبعة هلاك الحصة المقدمة على سبيل التملك قبل تسليمها للشركة على الشريك كما في البيع , أما إذا تم الهلاك بعد التسليم فيكون على الشركة ولا يلزم الشريك بتقديم حصة أخرى.
أما إذا كانت الحصة العينية المقدمة من الشريك على سبيل الانتفاع بها لا على سبيل تمليكها , فقد فرق القانونيون بين أن تكون الحصة عينا لا تهلك بالاستعمال كالعقار والأرض الزراعية , وبين أن تكون مما يهلك بالاستعمال.
فإذا كانت مما لا يهلك بالاستعمال فإنه يسري عليها أحكام الإجارة وإن لم تعتبر إجارة , ويكون من أهم خصائصها:
احتفاظ مقدم الحصة بملكية العين وليس للشركة أن تتصرف فيها بما يؤثر على ملكيتها , كما لا يكون لدائنيها أن ينفذوا عليها.
ضمان مقدم الحصة استمرار الانتفاع بالعين طوال مدة الشركة , فإذا هلكت تهلك عليه ويطالب بتقديم حصة أخرى.
تلتزم الشركة برد العين ذاتها إلى مقدم الحصة بعد انتهاء مدة الانتفاع.
أما إذا كانت الحصة مما يهلك بالاستعمال كالبضائع والمواد الأولية فإن حق صاحبها عند تصفية الشركة ينقلب إلى موجودات الشركة وتقوم حصته بالمقدار الذي قومت به عند مشاركته , وعلى هذا الأساس تصفى الشركة وتوزع أرباحها.
ذلك أن الشركة تتملك الحصة وتتصرف فيها , وإذا هلكت فتهلك عليها ويبقى للشريك حصته من الشركة ولا يلزم بتقديم حصة أخرى.(2/128)
تقسم الأسهم من حيث ما يدفع إلى قسمين:
أسهم نقدية وهي الأسهم التي تدفع قيمتها نقدا.
وأسهم عينية , وهي التي تدفع قيمتها من الأموال العينية.
وقد اتفق الفقهاء على جواز المشاركة بالنقود , يقول ابن رشد: فاتفق المسلمون على أن الشركة تجوز في الصنف الواحد من العين , أعني الدنانير والدراهم , وإن كانت في الحقيقة بيعا لا تقع فهي مناجزة , ومن شرط البيع في الذهب وفي الدراهم المناجزة , لكن الإجماع خصص هذا المعنى في الشركة.
وأما المشاركة بالأعيان أو كما يعبر عنه الفقه الإسلامي بالعروض أي غير النقود , فمحل خلاف بين الفقهاء على ثلاثة آراء:
الرأي الأول: جواز الشركة بالعروض مطلقا
يجوز الشركة بالعروض مطلقا أي اتفقت جنسا أو اختلفت , حيث تنعقد الشركة بقيمتها يوم عقد الشركة , وهذا مذهب مالك وإحدى الروايتين عن أحمد , واختارها أبو بكر الخلال , وأبو الخطاب , وابن تيمية , وبه قال ابن أبي ليلى , وبه قال في المضاربة طاوس والأوزاعي , وحماد بن أبي سليمان.
وقد استدلوا بقياس العروض على النقود , حيث أنها عند تقويمها أصبحت بمثابة النقود يقول ابن قدامة: لأن مقصود الشركة جواز تصرفهما في المالين جميعا , وكون ربح المالين بينهما وهذا يحصل في العروض كحصوله في الأثمان.
ويرجع كل واحد منهما عند المفاصلة بقيمة ماله عند العقد , كما أننا جعلنا نصاب زكاتها قيمتها.
الرأي الثاني: تصح الشركة في المثليات من العروض كالحبوب , والأدهان , ونحوها ,
وهذا الرأي الراجح عند الشافعية , وبه قال محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة , وذلك لأن المثلي إذا اختلط بجنسه ارتفع معه التمييز فأشبه النقدين , ولذلك اشترطوا الخلط وكونها من جنس واحد.
وقالوا في الرد على من أجاز في العروض: وليس المثلي كالمتقوم لأنه لا يمكن الخلط في المتقومات , وربما يتلف مال أحدهما ويبقى مال الآخر , فلا يمكن الاعتداد بتلفه عنهما , وفي المثليات يكون التالف بعد الخلط تالفا عنهما جميعا , ولأن قيمتهما ترتفع وتنخفض , وربما تنقص قيمة مال أحدهما دون الآخر , وتزيد , فيؤدي إلى ذهاب الربح في رأس المال , أو دخول بعض رأس المال في الربح.
الرأي الثالث: عدم صحة الشركة بالعروض مطلقا , سواء كانت من الطرفين , أو من طرف بحيث يعطي الآخر النقد ,
وهذا رأى أبي حنيفة وأبي يوسف وظاهر مذهب أحمد , وكره ذلك ابن سيرين , ويحيى بن كثير والثوري
غير أن الحنفية وصلوا إلى ما وصل إليه الرأي الأول عن طريق حيلة , وهي أن يبيع كل واحد من الشريكين مثلا نصف عرضه بنصف عرض الآخر , ثم عقداها مفاوضة أو عنانا , قال الحصكفي: وهذه حيلة لصحتها بالعروض وهذا أن تساويا قيمة , وإن تفاوتا باع صاحب الأقل بقدر ما تثبت به الشركة.
وقد استدل أصحاب هذا الرأي بما يأتي:
أولا: أن العروض يمتنع وقوع الشركة على أعيانها أو قيمتها , أو أثمانها ,
أما امتناع وقوعها على أعيانها فلأن الشركة تقتضي الرجوع عند المفاصلة برأس المال أو بمثله , وهذه العروض لا مثل لها حتى يرجع إليه , وقد تزيد قيمة جنس أحدهما دون الآخر فيستوعب بذلك جميع الربح , أو جميع المال , وقد تنقص قيمته فيؤدى إلى أن يشاركه الآخر في ثمن ملكه الذي ليس بربح.
وأما امتناع وقوعها على قيمتها فلأن القيمة غير متحققة القدر فيفضي إلى التنازع , وقد يقوم الشيء بأكثر من قيمته , ولأن القيمة قد تزيد في أحدهما قبل بيعه فشاركه الآخر في العين المملوكة له.
وأما امتناع وقوع الشركة على أثمان العروض فلأنها معدومة حال العقد , ولا يملكانها , ولأنه أن أراد ثمنها الذي اشتراها به فقد خرج عن مكانه وصار للبائع , وان أراد ثمنها الذي يبيعها به فإنها تصير شركة معلقة على شرط وهو بيع الأعيان وهذا لا يجوز.
ثانيا: أن وقوع الشركة على العروض يؤدي إلى أن يشترك أحد الشركين في حصة الآخر المالك للعرض إذا ظهر ربحه قبل التصرف فيه , بمقتضى عقد الشركة , مع أن الشريك غير المالك كيف يستحق هذا الربح الذي هو زيادة فيما لا ملك له فيها ولا ضمان ولا تصرف.
المناقشة والرجيح:
ناقش بعض الفقهاء المعاصرين أدلة الرأي الثاني والثالث بشأن المشاركة في العروض ,
فقالوا بأنها جميعا تنطلق من منطلق أصحابها في النظرة إلى الشركة في العروض باعتبار ذاتها , ومن منطلق عدم تحقق الضمان إلا بعد التصرف فيها , وكلتا النظرتين تدخل في منطق المصادرة والزام الغير بمقتضيات ومسلمات لا تعتبر مسلمة عنده.
وذلك لأن القائلين بصحة الشركة في العروض مطلقا يقولون بأن الشركة فيها لا تتم إلا بعد تقويمها , والاتفاق على القيمة , ثم تصبح القيمة هي محل الشركة , وإذا لم يتم الاتفاق على القيمة لم تنعقد.
وعلى ضوء ذلك يتحقق الضمان بعد هذا التقويم , وما يحدث للعروض من زيادة أو نقصان يكون من نصيب الشركاء , وحينئذ تطبق عليهما قاعدتا: الغرم بالغنم , والخراج بالضمان.
وبذلك يتضح رجحان القول الأول , وقوة مسلكه ومناطه , ولاسميا أن المخالفين لم يجدوا لأنفسهم دليلا من الكتاب والسنة الثابتة دعم اجتهادهم , وحينئذ تبقى المسألة في دائرة المصالح المرسلة وهي تتحقق بالقول الأول الذي يفتح باب الشركة على جميع الموجودات بضوابطها الشرعية.
وعلى أساس القول الأول وهو قول المالكية وإحدى الروايتين في مذهب الحنابلة , فإنه يجوز أن تكون الحصة العينية رأس مال الشركة في حال انتقال ملكيتها إلى الشركة , وتكون قيمتها هي أسهم صاحبها أو حصته التي يعلم بموجبها مقدار نسبة نصيبه من الأرباح والخسائر إذ أنها بعد تقويمها تكون معلومة.
واختلفت آراء الفقهاء في حالة كون الحصة العينية المقدمة من الشريك على سبيل الانتفاع بها لا سبيل تمليكها أي تبقى في ملك الشريك وينتفع بها في الشركة على أساس توزيع الربح بين الشريكين حسب الاتفاق , فذهب أحمد بن حنبل والأوزاعي إلى صحة الشركة ومنعها أبو حنيفة والشافعي.
جاء في المغني: (وإن دفع رجل دابته إلى آخر ليعمل عليها , وما يرزق الله بينهما نصفين أو ثلاثا أو كيفما شرط صح , نص عليه في رواية الأثرم ومحمد بن أبي حرب وأحمد بن سعيد , ونقل عن الأوزاعي ما يدل على هذا , وكره ذلك الحسن والنخعي وقال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي: لا يصح والربح كله لرب الدابة) .
ودليل الشافعي وأبي حنيفة أن الحمل الذي يستحق به العوض من الدابة , وللعامل أجر مثله , وليس هذا من أقسام الشركة.
ودليل ابن حنبل أن الدابة عين تنمى بالعمل عليها فصح العقد عليها ببعض نمائها كالدراهم والدنانير , وكالشجر في المساقاة , والأرض في المزارعة.
فتتكون الشركة بها صحيحة ولا تسري عليها أحكام الإجارة كما ذهب إلى ذلك القانون الوضعي.
وقد مال إلى هذا الرأي الدكتور عبد العزيز الخياط من الفقهاء المعاصرين.(2/129)
العروض البنك الإسلامي السوداني فتاوى هيئة الرقابة الشرعية سؤال رقم (18)
السؤال:
الرجاء إفتاءنا فيما يلي:
قد تكون هذه إحدى النشاطات التي يمكن للبنك أن يدخل فيها على هذا النحو:
أن يأتي صاحب المعصرة ويعرض على البنك أن يشتري له محصول الفول أو السمسم أو البذرة لعصره وقد تكون المشاركة بين صاحب المعصرة وبين البنك على أساس أن البنك يشتري له الكمية اللازمة وأن تكون مشاركة صحاب المعصرة متمثلة في الآلات وأرض المصنع وأن يشارك أيضا بدفع نسبة من ثمن المحصول.
شراء الكميات اللازمة من أي من هذه الحبوب سيكون مبنيا على قدرة المصنع وتوافر المحصول المراد طحنه وتبنى المشاركة على أساس قيمة الاستهلاك السنوي لقيمة المكنات والمباني في موسم الطحن واستهلاك الآلات المعمول به هو 20% من القيمة واستهلاك المباني قد يتراوح بين 2 إلى 5% في السنة والمجموع يشكل القيمة التي يشارك بها صاحب المصنع في العملية بينما مشاركة البنك في قيمة ما دفعه في شراء الكميات اللازمة والمقدرة على حسب إمكانية المصنع.
وتعقد اتفاقية بين البنك وصاحب المعصرة على أن يقدر له نسبة من الربح لإشرافه على العمل ويقسم باقي الربح أو الخسارة بالنسبة لرأس المال الذي استهلك في العملية ممثلا في قيمة المحصول والاستهلاك السنوي للآلات والمباني.
الجواب:
المفهوم من عناصر الاتفاق المزمع عقده أن رأس مال الشركة هو ما يلي:
أقيمة المحصول المراد شراؤه للشركة من الفول والسمسم ويقوم البنك بذلك كله أو معظمه
ب استهلاك الماكينات واجرة المباني التي يحفظ فيها المحصول وتقوم عليها الماكينات وهذه خاصة بالشريك صاحب المعصرة.
ج قد يسهم صاحب المعصرة بجزء من قيمة المحصول.
هذا النوع من المشاركة لا يجوز على رأي كل الفقهاء الذين يشترطون أن يكون رأس مال الشراكة من الأثمان المطلقة التي لا تتعين وهى الدراهم والدنانير أو النقود المتعارف على ثمنيتها فلا يجوز أن يكون رأس المال من العروض خلافا للإمام مالك الذي أجاز ذلك في العروض بقيمتها بعد بيعها ولا يجوز أن يكون رأس المال على قول عامة الفقهاء من غير النقود كالحيوانات والبضائع التجارية والعقارات ومنافع ذلك بوجه عام بالإجارة.
ويشترطون أن يكون رأس المال من النقود حاضرا لا غائبا ولا دينا ويشترط بعض الفقهاء كالشافعي خلط المالين لأن الشراكة تعني خلط رأس المال ويكتفي الإمام مالك بأن يجعل رأس المال في صندوق واحد مثلا أو حانوت والخلط عنده شرط في الضمان لا في انعقاد الشركة حطاب (125) جزء خامس. .
أما الحنفية فلا يشترطون خلط ذلك ويمكن لكل شريك أن يشتري بحصته من رأس المال ويبيع وما عاد من ربح فمشترك بينه وبين شريكه لان الربح مستحق بالعقد عقد الشراكة لا بالمال وحده انظر ابن عابدين 313 رابع زيلعي 318 ثالث وبناء على هذا فإن استهلاك الماكينات والمباني أو بتعبير أصح منافعها وما يقابلها من أجر هو الذي سيسهم به الشريك الثاني في الحقيقة لأن المنافع متجددة وغير موجودة حين التعاقد على الشركة وقد صحت إجارتها رغم ذلك على خلاف القياس وعلى هذا فإنها ليست نقودا حاضرة حتى يصح اعتبارها جزءا من رأس المال تنعقد به الشركة.
أن الشركاء يقتسمون الأرباح وبخاصة في شركة الأعيان حسب اتفاقهم ويتحملون الخسارة في كل أنواع الشركات المالية على حسب مساهمة كل منهم في رأس المال فكيف يكون توزيع الخسائر في مثل هذه الشراكة وهل إذا التهم حريق الماكينات ومبانيها وما بداخلها من محصول وبطلت الشراكة لأنها تبطل بهلاك مالها فكيف يكون توزيع الخسائر هل سيتحمل البنك لصاحب الماكينات نصيبا من قيمة الماكينات والمباني في الوقت الذي كانت المساهمة بمنافعها دون أن تدخل كلها في الشراكة بقيمتها إذا كانت الإجابة بالنفي فإن الموضوع في حقيقته إجارة تهلك فيها العين المستأجرة على مالكها.
وإذا حرق المحصول كله مثلا في مباني المعصرة وسلمت الماكينات فما هو التزام صاحب المعصرة من الخسارة الجواب غير مسئول ما لم يثبت تعديه أو إهماله.
أن الفقهاء حين اشترطوا أن يكون رأس مال الشركة من النقود كان غرضهم تفادي ما يقوم بين الشركاء من نزاع حول تصفية الشراكة ونهايتها أو حين قيمة الأرباح والبديل الأمثل الذي نراه هو أن تقوم الشراكة بين البنك والشريك برأس مال من النقود يسهم فيه الشريكان كل بقدر طاقته على أن تستأجر الشركة المعاصر من صاحبها في الموسم لعصر كميات المحصول الخاصة بالشراكة وتقتسم الربح بعد استبعاد المصروفات الضرورية بنسبة حصة كل منهما في رأس المال. .
فإذا كان صاحب المعاصر لا يستطيع الإسهام بحصة من رأس المال فللبنك إن رأي ذلك أن يشتري المحصول على أن يعصره في هذه المعاصر أو غيرها بطريق الإجارة الجائزة شرعا على أجر معلوم وسوف يكون للبنك فرصة اختيار أقل المعاصرا أجرا في عصر المحصول. .(2/130)
حصص الأسهم حقوق معنوية
ينص القانون الوضعي عل أن حصة رأس المال كما تكون نقدية يجوز أن تكون حصة عينية وهي التي تتعين ويتحدد نوعها , وتكون مقومة بالمال , سواء أكانت تلك العين عقارا أو منقولا أو حقا من الحقوق المعنوية.
فقد أباح القانون الوضعي أن تكون حصة الشريك في الشركة حقا معنويا مثل الملكية الفنية أو الأدبية أو الصناعية , فيقدم الشريك مثلا براءة اختراع , أو اسما تجاريا أو علامة تجارية أو حقا من حقوق التأليف أو النشر , فتنتقل ملكية الحق المعنوي إلى الشركة ويتحدد مدى هذا الحق طبقا لما يتفق عليه.
ذلك أن المعيار المتبع في القانون الوضعي هو أن كل ما يصلح أن يكون محلا للالتزام يصلح أن يكون حصة في الشركة , والحق المعنوي يصلح أن يكون محلا للالتزام فصلح أن يكون حصة في الشركة 00 , وتقدر قيمتها وقت عقد الشركة لأن معرفة نصيب كل شريك من الربح والخسارة متوقف على معرفة قيمة الحصة.(2/131)
الأصل في حصص الشركاء أن تكون أشياء مادية , وأجاز القانون الوضعي الاشتراك بالحق المعنوي.
وهذا من الأمور المستحدثة التي لم تكن معروفة لدى فقهاء المسلمين قديما.
وقد صدرت فتوى معاصرة عن مجمع الفقه الإسلامي تنص على أن الحقوق المعنوية مثل الاسم التجاري والعنوان التجاري والعلامة التجارية والتأليف والاختراع أو الابتكار , كل هذه أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس بها , وبالتالي فإنه يعتد بها شرعا فلا يجوز الاعتداء عليها , كما يجوز التصرف فيها بعوض مالي إذا انتفى الغرر والتدليس والغش.
وعلى هذا الأساس فإنه يجوز بيع الحقوق المعنوية لأن الشريعة لا تشترط أن يكون محل الملك شيئا ماديا معينا بذاته إنما هو كل ما يدخل في معنى المال من أعيان مادية ومعنوية ومنافع على الراجح من أقوال الفقهاء. والمعيار هنا أن يكون له قيمة بين الناس ويباح الانتفاع به شرعا.
وكما يجوز بيع الحقوق المعنوية يجوز المشاركة بها إذا تم الاتفاق على جعلها حصة في الشركة.(2/132)
مجمع الفقه الإسلامي الدورة الرابعة قرار رقم (7)
بعد الاطلاع على الأبحاث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (بيع الاسم التجاري والترخيص) والتي تفاوتت في تناولها للموضوع واختلفت المصطلحات المستخدمة فيها تبعا للأصول اللغوية التي ترجمت عنها تلك الصيغ العصرية , بحيث لم تتوارد الأبحاث على موضوع واحد وتباينت وجهات النظر. .
قرر ما يلي:
أولا: تأجيل النظر في هذا الموضوع إلى الدورة الخامسة للمجلس حتى تستوفى دراسته من كل جوانبه مع مراعاة الأمور التالية:
أاتباع منهجية متقاربة في البحث تبدأ من مقدماته التي يتم فيها تحرير المسألة وتحديد نطاق البحث مع تناول جميع المصطلحات المتداولة في الأبحاث الحقوقية مع مرادفاتها.
ب الإشارة إلى السوابق التاريخية للموضوع وما طرح فيه من أنظار شرعية أو حقوقية لها أثر في إيضاح التصور وأحكام التقسيم.
ثانيا: محاولة إدراج موضوع (بيع الاسم التجاري والترخيص) تحت موضوع عام لتكون الدراسة أحكم والفائدة أعم وأوسع , وذلك تحت عنوان (الحقوق المعنوية) لكي تستوفي المفردات الأخرى مثل (حق التأليف حق الاختراع أو الابتكار حق الرسالة الرسوم والنماذج الصناعية والتجارية من علامات وبيانات. . إلخ.
ثالثا: يمكن للباحثين أن يركزوا على مفردة معينة من الحقوق المشار إليها , كما يمكنهم توسيع نطاق أبحاثهم لتشمل المفردات المتقاربة في هيكل الموضوع العام. .
مجمع الفقه الإسلامي الدورة الخامسة قرار رقم (5) بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع (الحقوق المعنوية) واستماعه للمناقشات التي دارت حوله , قرر المجلس:
أولا: الاسم التجاري , والعنوان التجاري , والعلامة التجارية , والتأليف والاختراع أو الابتكار هي حقوق خاصة لأصحابها أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها.
وهذه الحقوق يعتد بها شرعا فلا يجوز الاعتداء عليها.
ثانيا: يجوز التصرف في الاسم التجاري أو العنوان التجاري أو العلامة التجارية ونقل أي منها بعوض مالي أذا انتفى الغرر والتدليس والغش باعتبار أن ذلك أصبح حقا ماليا. .
ثالثا: حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعا , ولأصحابها حق التصرف فيها , ولا يجوز الاعتداء عليها.(2/133)
الأسهم لحاملها والأسهم للأمر
تقسم الأسهم باعتبار الشكل وطريقة التداول إلى ثلاثة أقسام:
أسهم اسمية وهي التي يكتب عليها اسم مالكها , وهذا النوع تنتقل ملكيته بطريقة القيد في سجل المساهمين الذي تحتفظ به الشركة.
أسهم لحاملها أي التي لا يذكر فيها اسم مالكها , وإنما يذكر فيها كلمة أنها للحامل , فيكون أي شخص يملك هذا السهم هو المشارك في الشركة , وتصبح حيازته دليلا على الملكية.
هذا ولا يصح في القوانين الوضعية إصدار الأسهم لحاملها إلا إذا دفعت كل قيمتها , لأن هذه الأسهم تتداول بطريق التسليم بحيث يتعذر على الشركة معرفة أصحابها وبالتالي يتعذر مطالبتهم بأداء الباقي غير المدفوع من قيمة الأسهم.
أسهم للآمر وهي التي يذكر فيها اسم مالكها الأول , ولكن يكتب عليها أيضا عبارة (لأمر أو لإذن) .
وحينئذ يكون تداولها عن طريق التظهير , ويصبح الثاني مباشرة صاحبه دون الرجوع إلى الشركة. وهذا النوع نادر الوقوع , وكذلك نادر في التشريعات الوضعية حيث لم تتناولها أكثرها.(2/134)
الأسهم الاسمية جائزة عند الفقهاء المعاصرين بل الأصل أن تكون الأسهم اسمية في الشركات وهو المطلوب حفاظا على الحقوق , وضمانا لعدم خلط حق شخص بحق آخر.
أما الأسهم لحاملها فقد اختلفت الآراء حولها فقال كثير من المعاصرين بعدم جوازها , والسبب أن عدم كتابة اسم صاحب السهم يؤدي إلى عدم معرفة الشريك وبالتالي إلى النزاع والخصومة , كما أنه يؤدي إلى إضاعة الحقوق لأن أي شخص وقعت يده عليه , سواء كان عن طريق السرقة أو الغصب أو غير ذلك , فإنه يعتبر صاحبه وأحد الشركاء في الشركة بحكم القانون , ولا شك أن كل ما أفضى إلى النزاع والضرر ممنوع شرعا , إضافة إلى أنه قد يصبح فاقد الأهلية حامل السهم مع أنه لا يصح اشتراكه بنفسه. وقالوا بأن هذا النوع ممنوع حتى في بعض القوانين الوضعية.
وقد أجاز بعض الفقهاء الآخرين إصدار الأسهم لحاملها , بل صدرت فتوى عن مجمع الفقه الإسلامي بالجواز في الدورة السابعة , فيما يلي نصها: (بما أن المبيع في السهم لحامله هو حصة شائعة في موجودات الشركة , وأن شهادة السهم هي وثيقة لإثبات هذا الاستحقاق في الحصة فلا مانع شرعا من إصدار أسهم في الشركة بهذه الطريقة وتداولها) .
ونأتي الآن إلى الأسهم نادرة الوقوع وهي الأسهم للأمر فنرى أن بعض المعاصرين لا يرى في إصدارها أي مانع شرعي من الناحية الفقهية , وذلك لأن الشريك الأول معروف للشركة وقد أجازت له حق نقل سهمه عن طريق التظهير من خلال النظام والعقد التأسيسي للشركة (والمؤمنون عند شروطهم) .
ثم أن الشريك الأول يتخلى عن حقه بنقل مالية السهم إلى الثاني , وهذا النوع من انتقال الحصة إلى شريك آخر , وهو جائز شرعا , وسواء أكان بعوض كالبيع ونحوه , أم بدونه كالهبة.(2/135)
مجمع الفقه الإسلامي الدورة السابعة قرار رقم (5 / 6 / 7) البند أولا فقرة (4 / 6 / 9 / 10) بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع أعلاه واستماعه للمناقشات التي دارت حوله.
السهم لحامله:
بما أن المبيع في (السهم لحامله) هو حصة شائعة في موجودات الشركة وأن شهادة السهم هي وثيقة لإثبات هذا الاستحقاق في الحصة فلا مانع شرعا من إصدار أسهم في الشركة بهذه الطريقة وتداولها.(2/136)
أسهم التمتع
تنقسم الأسهم من حيث إرجاع قيمتها (استهلاكها) وعدمه إلى نوعين:
أسهم رأس المال وهي التي تبقى قيمتها إلى حين التصفية النهائية , فلا تعود إلى صاحبها إلا عند فسخ الشركة أو انقضائها بأي سبب من أسباب الانقضاء.
فهذه الأسهم حكمها من حيث المبدأ الجواز مع ملاحظة ما ذكرناه وما سنذكره من حكم كل نوع , وهي الأصل والقاعدة في الشركات.
أسهم تمتع: وهي الأسهم التي ترد قيمتها تدريجيا , أو مرة واحدة قبل انقضاء الشركة فيسترد الشريك ما دفعه من أسهم من هذا النوع أثناء قيام الشركة مع بقاء استحقاقه لجزء من الأرباح أقل من أسهم رأس المال وذلك حسب نظام الشركة. وبعبارة الاقتصاديين: تستهلك قيمة هذه الأسهم في حياة الشركة دون انتظار لانتهاء أجلها وتصفية موجوداتها , ويعتبر استهلاك السهم عملية استثنائية.
وهذا النوع في الغالب يكون في الشركات التي تكون محددة بفترة زمنية محددة ثم تفنى أصولها مثل الشركات يكون موضوعها استغلال منجم أو محجر أو سفن بحرية , إذ المنجم أو المحجر يفنى والسفن تبلى بعد مدة من الزمن , وتصبح غير صالحة للاستعمال.
كما يكون هذا النوع في الشركات التي لا يتوقع أن تبقى عند انقضائها أصول توزع على المساهمين مثل شركات الامتياز للبترول أو المعادن أو الكهرباء أو سكك الحديد وكل شركات يعطى لها حق امتياز حكومي لفترة محددة تؤول بانتهائه جميع موجوداتها إلى الدولة بغير مقابل أو بمقابل ضئيل.
وهذه الأسهم لا تسمح بإنشائها كثير من القوانين الوضعية إلا إذا كان غرض الشركة يتعلق باستغلال موارد الثروة الطبيعية أو مرفق عام ممنوح لمدة محددة , أو كانت أصولها مما يستهلك بالاستعمال , أو يزول بعد مدة معينة.
وهذا النوع لصاحبه حق التصويت في الجمعية العمومية , والحصول على نصيب من الأرباح , بل وموجودات الشركة أن بقيت.
ففي هذه الحالات تعمل الشركات على تعويض المساهمين بإعادة القيمة الاسمية إليهم قبل انقضاء الشركة إضافة إلى الأرباح إن وجدت.
وقد اختلف القانونيون في تكييف هذا الاستهلاك فبعضهم يرى أنه عبارة عن توزيع الأرباح , وبعضهم يقول: أنه رد لرأس المال الذي قدمه المساهمون , وثالث يقول: أنه يعتبر وفاء معجلا لنصيب المساهم في رأس مال الشركة إلى غير ذلك مما لا يسع المجال لطرح أدلة كل فريق ومناقشته.(2/137)
أولا: إن أسهم الشركة إذا جعلت جلها على هذا الشكل (أي ما يسمى بأسهم التمتع) ونص النظام الأساسي لها على هذا التفصيل , ثم مع انقضاء كل سنة يوزع ما حصلته الشركة من النقود على جميع المساهمين بالتساوي حسب الحصص , فهذا جائز لا غبار عليه , وان ذلك يكيف شرعا على أن ما يعطى يمثل جزءا من الأصول والأرباح , أو بعبارة أخرى أن ذلك كان بمثابة تصفية جزئية مستمرة في كل سنة إلى أن تنتهي , وتنتهي معها موجودات الشركة.
لكنه إذا بقي من أصول الشركة يوزع على هؤلاء المساهمين حسب حصصهم إن كان نظامها ينص على ذلك , كما في شركات السفن ونحوها مما يبلى أو تفنى , وأما أن كانت الشركة شركة امتياز يعود ملكية ما يتبقى من المكائن للحكومة التي منحتها الامتياز فلا مانع منها أيضا ما دام الشركاء قد أخذوا حقوقهم , ووافقوا في النظام الأساسي على إعطاء ما تبقى للحكومة بناء على أن ذلك كان وعدا بالتنازل ثم يتحقق التنازل الفعلي في الأخير أو من باب الهبة للدولة.
والخلاصة: أن المساواة بين حقوق جميع المساهمين مطلوبة لا يجوز لصاحب حقه أن يأخذ أكثر من الآخر , وان الفقه الإسلامي لا ينظر إلى الاسم وإنما إلى المسمى والمقصد , ولذلك يعتبر ما سبق جائزا شرعا , سواء كان سمى بأسهم التمتع أم لا.
ثانيا: أما إذا كانت أسهم الشركة نوعين: أسهما عادية يبقى أصحابها ملتزمين بالتزامات الشركة , وأسهم تمتع يستهلكها أصحابها , ويتخلصون من خسارتها , فهذا لا يجوز , لأنه مخالف لمقتضى عقد الشركة من المساواة بين الجميع , واحتمال المخاطرة للجميع , فلا يجوز أن ينجو مساهمون من تحمل الخسارة حين يأخذون قيمة أسهمهم , ويتحمل الباقون الخسارة كلها , فهذا ظلم وإجحاف وضرر لا يجوز شرعا.
ويمكن أن يعوض عن هذه الفكرة بالمضاربة , وصكوك المضاربة لأجل محدد , أو أن تنشئ الشركة فرعا خاصا لهذا النوع من الشركات تكون جميع أسهمها أسهم تمتع.(2/138)
إصدار أسهم مع رسوم إصدار أو خصم إصدار
قيمة إصدار الأسهم هي أحد أربع قيم للأسهم وهي:
القيمة الاسمية
وهي القيمة التي تحدد للسهم عند إنشاء الشركة بمعنى أن مجموع القيم الاسمية تساوي رأس مال الشركة عند إنشائها.
فهذه في الواقع حصة الشريك في رأس مال الشركة , فالصك الذي سجلت عليه هذه القيمة بمثابة وثيقة لإثبات المشاركة بهذا القدر فيجب أن يكون مطابقا للمبلغ الذي ساهم به الشريك حقيقة في رأس المال.
القيمة الحقيقية (الدفترية) :
هي نصيب السهم من صافي أصول الشركة بعد إعادة تقديرها وفقا للأسعار الجارية , وبعد إعادة تقدير الخصوم , لإظهار الالتزامات الحقيقية للشركة.
فالقيمة الحقيقية للسهم هي المقدار الذي يساويه من موجودات الشركة بعد ملاحظة الأرباح والخصوم , فهي بمثابة المؤشر الحقيقي لأرباح الشركة أو خسارتها.
القيمة السوقية:
وهي القيمة التي يباع بها السهم , وهي ترتبط بنجاح الشركة أو فشلها وبحسب رأس مالها الاحتياطي , والظروف , والأزمات المالية والسياسية , وبحسب الرغبة , والدعاية ونحوها.
وقيمة إصدار:
بالنظر إلى هذه المصطلح نجد أنه يطلق على معنيين:
أحدهما: اطلاقه على نسبة محدودة محددة مثل 5% مما يدفع للأسهم , تتطلبها الشركة عند تأسيسها لمصاريف الإصدار الإدارية والحكومية والدعائية ونحوها , حتى تبقى قيمة الأسهم صافية لرأس مال الشركة.
الثاني: اطلاقه على أسهم الإصدار التي تصدرها الشركة لزيادة رأس مالها عندما تتوسع في المشاريع , فتحتاج إلى مصادر مالية طويلة الأجل لدعم توسعاتها , وحينئذ تصدر أسهما جديدة للاكتتاب فيها , قد تكون مساوية لقيمة الأسهم الاسمية وقد تكون أعلى , أو أقل من ذلك.(2/139)
في حالة الإصدار عند التأسيس
يجوز شرعا إصدار أسهم عند تأسيس الشركة مع إضافة رسوم إصدار , وذلك لتغطية مصاريف الإصدار الإدارية والحكومية والدعائية وغيرها ولكن يشترط أن تكون الرسوم محددة ومقدرة تقديرا مناسبا , ثم يودع ما يتبقى منها في احتياطي الشركة.
في حالة الإصدار لزيادة رأس مال الشركة
أما في حالة إصدار أسهم جديدة لزيادة رأس مال الشركة , فالحكم الشرعي بخصوص جواز أو عدم جواز فرض رسوم إصدار أو عمل خصم إصدار يكون بحسب كيفية تحديد قيمة أسهم الإصدار هل تتناسب مع القيمة الحقيقية أو السوقية أم لا؟
فإذا كانت قيمة تلك الأسهم الجديدة مساوية لقيمة الأسهم الحقيقية أو السوقية , سواء أكانت مساوية لقيمة الأسهم الاسمية , أو أعلى منها أو أقل , فهذا لا مانع منه شرعا لأن العبرة بالواقع وبسعر السوق , لأن الشركة قد تخسر وقد تربح.
وإذا كانت قيمة تلك الأسهم أقل من القيمة الحقيقية لأسهم الشركة , فهذا لا يجوز , لأن ذلك يضر بحقوق المساهمين حيث يؤدى إلى انقاص قيمة أسهمهم أو حرمانهم من حقهم في هذا المال , وكل ما يؤدي إلى ضرر بين وحرمان من حقوق فعلية لا يجوز شرعا تطبيقا للقاعدة الشرعية (لا ضرر ولا ضرار) إلا إذا عوضوا عن حقوقهم تعويضا عادلا من خلال منح أسهم جديدة بقدر حقوقهم , أو دفع لهم الفروق لهم نقدا أو مقسطا , أو نحو ذلك.
وإذا كانت قيمة تلك الأسهم أعلى من القيمة الحقيقة فحينئذ إذا كانت تعبر عن سعرها السوقي فهذا جائز ما دامت الشركة لم تستعمل أية وسيلة محرمة من الخداع والتغرير ونحوهما مما حرمه الإسلام.(2/140)
مجمع الفقه الإسلامي الدورة السابعة قرار رقم (5 / 6 / 7) البند أولا فقرة (4 / 6 / 9 / 10) بعد الاطلاع على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع أعلاه واستماعه للمناقشات التي دارت حوله.
إصدار أسهم مع رسوم إصدار:
إن إضافة نسبة معينة مع قيمة السهم , لتغطية مصاريف الإصدار , لا مانع منها شرعا ما دامت هذه النسبة مقدرة تقديرا مناسبا.
إصدار أسهم بعلاوة إصدار أو حسم (خصم) إصدار:
يجوز إصدار أسهم جديدة لزيادة رأس مال الشركة إذا أصدرت بالقيمة الحقيقية للأسهم القديمة (حسب تقويم الخبراء لأصول الشركة) أو بالقيمة السوقية.(2/141)
أسهم المنح
أسهم المنح هي الأسهم التي تمنحها الشركة للمساهمين مجانا في حالة زيادة رأس مال الشركة على شكل ترحيل جزء من الأرباح المحتجزة , أو الاحتياطي إلى رأس المال الأصلي , ويتم توزيعها حسب قدر الأسهم.
ويسمى هذا النوع بأسهم المنح في مقابلة الأسهم التي يدفع صاحبها قيمتها.(2/142)
هذا النوع من الأسهم لا غبار عليه شرعا ما دام المنح يتم بالتساوي حسب الأسهم , لأن ذلك مال المساهمين , فلهم الحق في الحصول عليه بأي طريق مشروع.(2/143)
حصص التأسيس
حصص التأسيس هي عبارة عن نصيب مقدر من أرباح الشركة ممثلا في شكل صكوك قابلة للتداول تصدرها شركات المساهمة بغير قيمة اسمية لأولئك الذي قدموا خدمات جليلة أثناء تأسيس الشركة مثل براءة اختراع , أو تحصيل التزامات من شخص اعتباري عام.
وسميت حصص تأسيس بذلك لأنها تقرر في بدء الشركة للمؤسسين مكافأة لهم على جهودهم التي بذلوها في سبيل إنشاء الشركة وهذا النظام كان معمولا به في أول ما عرف هذا النوع من الحصص , ولكن أعطت حصص التأسيس بعد ذلك لغير المؤسسين وفي غير وقت تأسيس الشركة.
فهذه الصكوك يعطى لأصحابها نصيب من أرباح الشركة وتقبل التداول , وبذلك تتفق مع الأسهم. لكنها تختلف جوهريا من حيث أنها تصدر بدون قيمة اسمية على عكس الأسهم , ولا تمثل أي حصة من رأس المال لأن أصحابها لا يساهمون في رأس المال , كما أنها لا تخول لهم أي حق لإدارة الشركة , فضلا عن أنه يمكن إلغاؤها.
ويرجع ظهور حصص التأسيس لأول مرة إلى سنة (1858م) بمناسبة تأسيس شركة قناة السويس البحرية فقد نص نظامها على إعطاء حصص تأسيس مكافأة لمؤسسي الشركة والحكومة المصرية والحكومة الفرنسية وذلك للجهود التي بذلوها لإنجاح المشروع.
ونتيجة لطبيعة الأهداف التي تسعى إليها حصص التأسيس لا سيما استخدامها كوسيلة لشراء ذمم رجال السياسة وغيرهم وكذلك نتيجة ما أدت إليه من نتائج بالغة السوء وقفت الكثير من التشريعات منها موقف العداء , فحرمها المشرع الفرنسي في قانون الشركات الصادر سنة (1966م) . كذلك فعل المشروع السوري. . وتجاهلها القانون العراقي والكويتي وأقرها قانون الشركات بمصر الصادر لسنة (1981 م) وكذلك نظام الشركات في السعودية وغيرها.
وقد ثار جدل قانوني حول تكييف حصص التأسيس فيرى البعض أن صاحبها بمثابة الدائن , لا المساهم , ويرى آخرون إلى أنه في مركز خاص حيث لا يعتبر دائنا ولا شريكا.(2/144)
إن حكم هذا النوع من الأسهم على ضوء قواعد الفقه الإسلامي هو عدم الجواز , لأن صاحب حصة التأسيس ليس شريكا حتى باتفاق القانونيين لأنه لم يقدم حصة نقدية ولا عينية , ولا عملا مستمرا مع أن العمل لا يجوز الاشتراك في شركات المساهمة , والشركات ذات المسئولية المحددة حتى عند القانونيين.
وحصة التأسيس تكيف فقها على أن صاحبها قدم للشركة خدمة غير محددة ولا مبينة , ثم تمنحه الشركة عدة صكوك في مقابلها , وهي صكوك غريبة لا هي مثل الأسهم حيث ليس لصاحبها الحق في موجودات الشركة وإنما في أرباحها , ولا هي مثل السندات , كما أن الشركة لها الحق في إلغائها وإن كان بتعويض.
ولذلك فلا يمكن تكييفها على البيع أي أن الشركة تبيع عدة صكوك في مقابل خدمات صاحبها لجهالة الثمن والمثمن معا , إذ الخدمة التي قدمها ليست محددة حتى يرد عليها عقد البيع , كما أن الصك أيضا غير محدد من حيث ما يأخذه صاحبه , لأنه مقيد بنسبة الربح الذي هو معدوم عند العقد , أو مجهول يظهر في المستقبل.
كذلك لا يمكن تكييفها على عقد الإجارة لأن مقدار الأجرة المتمثلة في الصك مجهول لا يعلم قدره , ولا على عقد الجعالة لنفس السبب السابق , ولا هبة لأن طبيعتها أنها في مقابل عمل , والهبة بعوض يشترط فيها ما يشترط في البيع كمبدأ عام.
إضافة إلى أن فتح هذا الباب سيؤدي إلى فتح أبواب المجاملات والمحاباة على مصراعيها , وحتى معظم القانونيين قد هاجموا عليها هجوما عنيفا , وكشفوا عن عوارها وعيوبها , وأخطائها وبينوا نتائجها السلبية جدا , فطالبوا بإلغائها.
ويمكن أن تستبدل بهذه الفكرة فكرة المكافأة النقدية أو العينية لهؤلاء الذين قدموا خدمات فعلية أو براءة اختراع , كما يمكن تحويل قيمة هذه المكافأة بعد تحديدها بأسهم عادية تتساوى معها في جميع الحقوق والالتزامات.(2/145)
تطبيقات المزارعة(2/146)
المزارعة في حال الأرض والعمل من المزارع ومستلزمات المزارعة من البنك
لم تتوسع المصارف الإسلامية في ممارسة النشاط الزراعي بصورة مباشرة واكتفت بتمويل النشاط الزراعي عن طريق عقد السلم الأمر الذي ضيق من نطاق استخدام عقد المزارعة في تمويل النشاط الزراعي ولقد استفادت المصارف الإسلامية السودانية من الاتجاه الحكومي نحو تشجيع القطاع الزراعي وتبنيه وتمويله وفق مختلف الصيغ الاستثمارية التي تخدم ذلك النشاط خاصة وان قانون المعاملات المدنية قد تضمن موادا تحكم صيغة المزارعة.
في هذا النوع من التطبيق المصرفي لعقد المزارعة تكون الأرض والعمل من شخص واحد ومدخلات الإنتاج من البنك وهذه بعض بنود العقد الذي يربط بين المزارع والبنك:
(1) يلتزم البنك في عقد المزارعة بتقديم أو توفير مدخلات الإنتاج الآتية:
(أ) الجرارات أو الآلات اللازمة لحراثة وتسوية الأرض مثل التراكتور والمحراث الدسك والواسوق والحاصدة والوقود وتوفير العمال الإضافيين.
(ب) التقاوي (بنوعها ومقدارها)
(ج) الأسمدة (بنوعها ومقدارها)
(د) المبيدات (بنوعها ومقدارها)
(2) يلتزم المزارع بإدارة المشروع وفلاحة الأرض في جميع مراحل الزراعة ويشمل ذلك أعداد الأرض والنظافة والزراعة والرش والحصاد وكل ما له علاقة بالزراعة وفقا للشروط المتفق عليها على أن يبذل العناية والجهد المطلوبين لتحقيق مصلحة الطرفين ويكون مسئولا عن أي تعد أو تقصير في جميع هذه المراحل
(3) يقوم المزارع بتزويد البنك ببيانات دوريه وبصورة منتظمة عن سير العمل كما للبنك حق الإشراف المباشر في أي وقت يشاء بنفسه أو بواسطة من يختاره لهذا الغرض
(4) يتم تسويق الناتج باتفاق الطرفين وبأفضل الأسعار المتاحة
(5) إذا قصر المزارع في القيام بالتزاماته الواردة في هذا العقد نتيجة للعجز أو المرض أو أي شيء آخر يحق للبنك اختيار الشخص المناسب للقيام بتلك الالتزامات على أن تخصم المصروفات المتفق عليها مع هذا الشخص مقابل قيامه بهذا العمل أو أي جزء منه من النسبة المخصصة للطرف الثاني
(6) تعتبر مدخلات الإنتاج المذكور أعلاه والتي قدمها البنك أمانة في يد المزارع إلى حين أستخدامها في عملية المزارعة ويكون ضامنا لها في حالة تعديه أو تقصيره ويجوز للبنك مطالبته في هذا الحالة بتقديم الضمان المناسب لديه
(7) يكون الناتج من عقد المزارعة هذا ملكا مشاعا بين الطرفين ويوزع الناتج بعد اخراج الزكاة على النحو التالي:
000 % للطرف الأول 000 % للطرف الثاني.
(8) يجوز التأمين على الناتج وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية ويتحمل الطرفان نفقاته بالنسبة التي يوزع بها الناتج بينهما حسب ما ورد في البند (7) من هذا العقد.
(9) إذا حدثت خسارة لا قدر الله يفوت على كل طرف ما قدمه في المزارعة بموجب هذا العقد.
(10) تصفى عملية المزارعة هذه في أو قبل 0000 من شهر عام 0000(2/147)
أن من يجيز عقد المزارعة منفردا عن المساقاة من الفقهاء اشترط ضرورة أن تكون الأرض من جانب والعمل من جانب آخر وعللوا ذلك بأن المزارعة تنعقد على منفعة الأرض أو العامل ولا تجوز على منفعة غيرهما.
وحجة أصحاب هذا التطبيق أن كل صورة في المزارعة تتحقق فيها المشاركة في الخارج على الشيوع ما دام باتفاق الأطراف وتراضيهم مراعين العدل بينهم في نسب تقسيم الخارج وما دام كل طرف قد ساهم في متطلبات المزارعة بنصيب فهي صحيحة
ولقد أول المانعون من بعض صور المزارعة أحاديث المنع على مطلق المنع لكن أصحاب هذه التطبيقات أشاروا إلى أن المنع واقع على الصور التي يكون فيها ظلم.(2/148)
المزارعة في حال الأرض مستأجرة من المزارع وباقي المستلزمات من البنك
في هذا النوع من المزارعة يتم استئجار الأرض من قبل أي من الطرفين أو منهما معا ويقوم المزارع بالعمل عليها ويوفر البنك مستلزمات الزراعة الأخرى من بذور وآلات وتقاوى وأسمدة.(2/149)
يعتمد الوصف الفقهي هنا على تحديد مساهمة أطراف العقد في عملية المزارعة فالثابت إن المزارع سوف يقدم العمل والبنك سوف يقدم البذور ومستلزمات الزراعة الأخرى وهذا لا خلاف عليه.
إلا أن المشكلة تنشأ عند النظر في الأرض من الذي قدم الأرض؟
- فإذا قام البنك باستئجار الأرض فيعتبر مالكا للأرض وتنشأ بالتالي مزارعة تقليدية صحيحة يقدم فيها المزارع عمله والبنك الأرض والبذر وباقي مستلزمات المزارعة
- أما إذا كان العامل المزارع هو الذي قام باستئجار الأرض فيجتمع هنا العمل والأرض من جانب واحد وتنشأ حالة مشابهة لما اشرنا إليه في الوصف الفقهي للتطبيق الأول.
- أما إذا كان العاقدان يشتركان في دفع قيمة الأرض فهم إذن شركاء في عنصر الأرض ثم يقدم كل طرف نصيبه في باقي العناصر فهو أمر لم يعترض عليه أحد من الفقهاء وان كانوا كذلك لم يتناولونه بعمق وتفصيل.(2/150)
المزارعة في حال الأرض من مالكها والعمل من المزارع وتمويل مستلزمات المزارعة من البنك
في هذا النوع من المزارعة تكون الأرض في ملك طرف والعمل من طرف ثاني ويدخل البنك في المزارعة بإيجاد التمويل اللازم لتوفير مستلزمات الزراعة الأخرى ويتم اقتسام الناتج بين الأطراف الثلاثة هذه حسب الاتفاق.(2/151)
منع جمهور الفقهاء من أن يشترك ثلاثة من احدهم الأرض ومن الآخر البذر ومن الثالث البقر والعمل لأن موضوع المزارعة على أن البذر من رب الأرض أو من العامل وهو ليس من أحدهم في هذه الصورة التي منعت اعتمادا على نص حديث مجاهد عن أربعة اشتركوا في زرع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهم علي الفدان وقال الآخر قبلي الأرض وقال الآخر قبلي البذر وقال الآخر قبلي العمل فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الزرع لصاحب البذر والغى صاحب الأرض وجعل لصاحب العمل كل يوم درهما ولصاحب الفدان شيئا معلوما.
ويرى أصحاب هذا التطبيق أنه (على قياس ما روى عن أبى يوسف فإن هذا النوع يجوز عنده كما يقول الكاساني والجواز في هذه الصورة يتمشى مع رأى الإمام ابن تيمية في اصح الأقوال عند الحنابلة الفتاوى (29 / 121) كما يعتبرون أن هذه المعاملة تتوافق مع الواقع الاقتصادي والمصرفي المعاصر إذ يوجد صاحب الأرض الذي لا يجيد الزراعة ولا يملك التمويل ويوجد العامل الذي لا يملك الأرض ولا المال وتوجد المصارف التي تعمل أساسا في مجال التمويل دون قدرة على العمل ولا رغبة في تملك الأراضي كما أن هذه المعاملة تعتبر مشاركة يشترك اطرافها جميعا في المغرم والمغنم والمشاركة التي لا ظلم فيها مباحة.(2/152)
تطبيقات القرض(2/153)
الوديعة تحت الطلب الوديعة الجارية
هي المبالغ النقدية التي يودعها أصحابها لدى المصرف , على أن يلتزم بدفعها لهم متى طولب بها.
وهذه الوديعة تنشئ ما يسمى ب (الحساب الجاري) .(2/154)
الودائع المصرفية ليست ودائع بالمعنى الفقهي ولا القانوني , بل هي قروض. ذلك لأن الوديعة هي العين التي توضع عند الغير لحفظها لمالكها , ثم يردها إليه بذاتها , دون أن يتملكها أو يتصرف فيها.
وفي الوديعة تحت الطلب لا يلتزم المصرف بحفظ عينها لصاحبها , بل تنتقل ملكيتها إليه على أساس أن يرد مثلها للمودع في الوقت المتفق عليه , والعبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني.
فالتكييف الفقهي للوديعة تحت الطلب هو أنها قرض حال (غير مؤجل) يأخذه المصرف من المودع , على أساس أن يتملكه , ويكون له حق التصرف فيه , مع التزامه أن يرد للمقرض (المودع) مثله عند طلبه.
وهذه الوديعة إذا كانت بفائدة , فهي قرض ربوي محرم , وإن لم تكن بفائدة , فهي قرض حسن.(2/155)
فتوى المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة
الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم , ولا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي وما يسمى بالقرض الإنتاجي , وكثير الربا في ذلك وقليله حرام.
والإقراض بالربا محرم , لا تبيحه حاجة ولا ضرورة , والاقتراض بالربا حرام كذلك , ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة , وكل امرئ متروك لدينه في تقدير ضرورته.
وأن الحسابات ذات الأجل , وفتح الاعتماد بفائدة , وسائر أنواع الإقراض نظير فائدة كلها من المعاملات الربوية , وهي محرمة.
فتوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي (رقم 168)
فيما يتعلق بالوديعة تحت الطلب بدون فائدة: الحساب الجاري هو قرض حسن قابل للسداد في أي وقت يطلبه فيه الدائن , إلا أن الإمام أجاز وضع شرط لأدائه , والقرض الحسن عند غير المالكية للمقرض طلبه في أي وقت شاء , وهذا هو المبدأ العام.
قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة - الدورة الثانية رقم (10)
إن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله , وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله , وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد. هاتان الصورتان ربا محرم شرعا.
فتوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي (رقم 166)
السؤال:
نظرا للفائدة المرجوة لبيت التمويل الكويتي من استثمار أرصدة الحسابات الجارية , فهناك دراسة لتقديم بعض المزايا لأصحاب هذه الحسابات , وخصوصا الحسابات ذات الأرصدة الجيدة.
الجواب:
يجوز تخصيص أصحاب الحسابات الجارية من فئة معينة أو إطلاقا ببعض المزايا على سبيل (الجوائز أو الهدايا) على أن لا يكون ذلك مشروطا ولا ملحوظا عند فتح الحساب.
مجمع الفقه الإسلامي الدورة الثانية قرار رقم (10)
حكم التعامل المصرفي بالفوائد التأمل فيما قدم عن التعامل المصرفي المعاصر ومناقشته مناقشة مركزة أبرزت الآثار السيئة لهذا التعامل على النظام الاقتصادي العالمي , وعلى استقراره خاصة في دول العالم الثالث.
وبعد التأمل فيما جره هذا النظام من خراب نتيجة إعراضه عما جاء في كتاب الله من تحريم الربا جزئيا وكليا تحريما واضحا بدعوته إلى التوبة منه , وإلى الاقتصار على استعادة رءوس أموال القروض دون زيادة ولا نقصان قل أو كثر , وما جاء من تهديد بحرب مدمرة من الله ورسوله للمرابين.
لذلك فإن المجمع قرر ما يلي: -
أولا: أن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله , وكذلك الزيادة (أو الفائدة) على القرض منذ بداية العقد , هاتان الصورتان ربا محرم شرعا.
ثانيا: أن البديل الذي يضمن السيولة المالية والمساعدة على النشاط الاقتصادي حسب الصورة التي يرتضيها الإسلام - هو التعامل وفقا للأحكام الشرعية.
ثالثا: قرر المجمع التأكيد على دعوة الحكومات الإسلامية إلى تشجيع المصارف التي تعمل بمقتضى الشريعة الإسلامية , والتمكين لإقامتها في كل بلد إسلامي لتغطي حاجة المسلمين كيلا يعيش المسلم في تناقض بين واقعه ومقتضيات عقيدته.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) فتوى رقم (168)
حساب جاري بالعملة الأجنبية اشتراط ألا يسحب العميل نقدا إلا بموافقة البنك
السؤال:
عند فتح حساب جار طرفنا للعميل بالعملة الأجنبية هل يجوز أن يتضمن شرطا بيننا وبين العميل بأن لا يسمح للعميل بالسحب نقدا من هذا الحساب إلا بموافقة بيت التمويل الكويتي؟ حيث لا يرغب بيت التمويل بالالتزام لمثل هؤلاء العملاء بتوفير مبالغ نقدية بخزينته (بنكنوت) بالعملات الأجنبية المختلفة تغطي احتياجات مثل هؤلاء العملاء لذلك لن يدفع لهم نقدا إلا في حدود المبالغ المتوفرة بخزينته بالعملات الأجنبية المختلفة المطلوبة.
الجواب:
الحساب الجاري هو قرض حسن قابل للسداد في أي وقت يطلبه فيه الدائن إلا أن الإمام مالكا أجاز وضع أجل وشروط لأدائه والقرض الحسن عند غير المالكية للمقرض طلبه في أي وقت شاء وهذا هو المبدأ العام غير أن الإمام مالكا يرى أنه قد تترتب على ذلك مضار كثيرة على المقترض فأجاز وضع أجل لسداده وهذا ما ينشرح الصدر للأخذ به كي تنضبط المعاملات فإذا رضى العميل أن لا يسحب من حسابه الجاري إلا وفقا لشروط وضوابط فلا بأس بذلك. والأجل في القرض الحسن ملزم في مذهب الإمام مالك.
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بيت التمويل الكويتي - الجزء الثالث فتوى رقم (270)
تقديم مساعدات عينية أو نقدية لمن لديه حسابات جاريه في البنك.
السؤال:
الجمعيات التعاونية التي لديها حسابات جارية أو استثمارية لدينا هل يجوز شرعا أن نقدم لها مساعدات نقدية أو عينية مقابل تعاملهم معنا؟ علما بأن البنوك الأخرى تقدم لهم مثل هذه المساعدات.
الجواب:
إذا كانت المساعدات النقدية والعينية مشروطة عند فتح الحساب الجاري أو استمرار بقائه فلا يجوز لأنها من باب القرض الذي جر نفعا.
وأما إذا كانت هذه المساعدات غير مشروطة وإنما هي على سبيل التبرع والجوائز فلا مانع من ذلك شرعا لأنها من قبيل الهبة أو حسن الوفاء والمتبرع أمير نفسه من حيث مقدار التبرع أو تركه.
الفتاوى الشرعية في الاقتصاد الصادرة عن ندوات البركة للاقتصاد الإسلامي مجموعة دله البركة
ندوة البركة السادسة , الفتوى رقم 1
الوديعة تحت الطلب
إن الودائع المقدمة للبنك بصورة حسابات تحت الطلب (حسابات جارية) تكون مضمونة بطبيعة المعاملة طالما أنها لا تشارك في الربح وليست في رأس مال المضاربة إنما هي قروض مأذون للبنك في استعمالها وردها عند الطلب.(2/156)
الوديعة لأجل
وهي المبالغ النقدية التي يودعها أصحابها في المصرف لأجل معين. كشهر أو ثلاثة شهور أو سنة أو سنتين. . إلخ - ولا يحق لهم سحبها أو سحب جزء منها قبل انقضاء أجلها المحدد.
وتدفع المصارف التقليدية فائدة لأصحاب هذه الودائع تتزايد كلما زادت مدة الأجل.(2/157)
الودائع المصرفية ليست ودائع بالمعنى الفقهي ولا القانوني , بل هي قروض. ذلك لأن الوديعة هي العين التي توضع عند الغير لحفظها لمالكها , ثم يردها إليه بذاتها , دون أن يتملكها أو يتصرف فيها.
وفي الوديعة لأجل لا يلتزم المصرف بحفظ عينها لصاحبها , بل تنتقل ملكيتها إليه على أساس أن يرد مثلها للمودع في الوقت المتفق عليه , والعبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني.
فالتكييف الفقهي لهذه الوديعة أنها قرض ذو أجل بفائدة وهو محرم لاشتماله على ربا النسيئة.(2/158)
فتوى المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة
الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم , ولا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي وما يسمى بالقرض الإنتاجي , وكثير الربا في ذلك وقليله حرام.
والإقراض بالربا محرم , لا تبيحه حاجة ولا ضرورة , والاقتراض بالربا حرام كذلك , ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة , وكل امرئ متروك لدينه في تقدير ضرورته.
وأن الحسابات ذات الأجل , وفتح الاعتماد بفائدة , وسائر أنواع الإقراض نظير فائدة كلها من المعاملات الربوية , وهي محرمة.
قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم (10) الدورة الثانية
إن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله , وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله , وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد. هاتان الصورتان ربا محرم شرعا.
مجمع الفقه الإسلامي الدورة الثانية قرار رقم (10)
حكم التعامل المصرفي بالفوائد التأمل فيما قدم عن التعامل المصرفي المعاصر ومناقشته مناقشة مركزة أبرزت الآثار السيئة لهذا التعامل على النظام الاقتصادي العالمي , وعلى استقراره خاصة في دول العالم الثالث.
وبعد التأمل فيما جره هذا النظام من خراب نتيجة إعراضه عما جاء في كتاب الله من تحريم الربا جزئيا وكليا تحريما واضحا بدعوته إلى التوبة منه , وإلى الاقتصار على استعادة رءوس أموال القروض دون زيادة ولا نقصان قل أو كثر , وما جاء من تهديد بحرب مدمرة من الله ورسوله للمرابين.
لذلك فإن المجمع قرر ما يلي: -
أولا: أن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله , وكذلك الزيادة (أو الفائدة) على القرض منذ بداية العقد , هاتان الصورتان ربا محرم شرعا.
ثانيا: أن البديل الذي يضمن السيولة المالية والمساعدة على النشاط الاقتصادي حسب الصورة التي يرتضيها الإسلام - هو التعامل وفقا للأحكام الشرعية.
ثالثا: قرر المجمع التأكيد على دعوة الحكومات الإسلامية إلى تشجيع المصارف التي تعمل بمقتضى الشريعة الإسلامية , والتمكين لإقامتها في كل بلد إسلامي لتغطي حاجة المسلمين كيلا يعيش المسلم في تناقض بين واقعه ومقتضيات عقيدته.(2/159)
الوديعة الادخارية حساب التوفير
وهي المبالغ النقدية التي يقتطعها الأفراد من دخولهم , ويدعونها لدى المصرف , ليفتح لهم بها حسابا ادخاريا , يحق لهم سحبه كله أو سحب أي جزء منه في أي وقت يشاء المودع , ويعطي المصرف أصحاب هذه الودائع دفاتر تقيد بها دفعات الإيداع والسحب.
والمصارف التقليدية تدفع عادة فائدة لأصحاب هذه الودائع أقل من الوديعة لأجل.(2/160)
الودائع المصرفية ليست ودائع بالمعنى الفقهي ولا القانوني , بل هي قروض. ذلك لأن الوديعة هي العين التي توضع عند الغير لحفظها لمالكها , ثم يردها إليه بذاتها , دون أن يتملكها أو يتصرف فيها.
وفي الوديعة الادخارية لا يلتزم المصرف بحفظ عينها لصاحبها , بل تنتقل ملكيتها إليه على أساس أن يرد مثلها للمودع في الوقت المتفق عليه , والعبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني.
والتكييف الفقهي لهذه الوديعة أنها قرض ربوي محرم إذا كانت بفائدة وقرض حسن إذا لم تكن بفائدة.(2/161)
فتوى المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة
الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم , ولا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي وما يسمى بالقرض الإنتاجي , وكثير الربا في ذلك وقليله حرام.
والإقراض بالربا محرم , لا تبيحه حاجة ولا ضرورة , والاقتراض بالربا حرام كذلك , ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة , وكل امرئ متروك لدينه في تقدير ضرورته.
وأن الحسابات ذات الأجل , وفتح الاعتماد بفائدة , وسائر أنواع الإقراض نظير فائدة كلها من المعاملات الربوية , وهي محرمة.
فتوى هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي السوداني رقم (18)
فيما يتعلق بالوديعة المصرفية الادخارية: بما أن أصحاب الودائع أذنوا للبنك في التصرف في ودائعهم , وضمن البنك ردها إليهم , فإنها تأخذ حكم القرض , ولا يجوز اشتراط منفعة للمقرض.
(فتاوى هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي السوداني)
قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم (10)
إن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله , وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله , وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد. هاتان الصورتان ربا محرم شرعا.
مجمع الفقه الإسلامي الدورة الثانية قرار رقم (10)
حكم التعامل المصرفي بالفوائد التأمل فيما قدم عن التعامل المصرفي المعاصر ومناقشته مناقشة مركزة أبرزت الآثار السيئة لهذا التعامل على النظام الاقتصادي العالمي , وعلى استقراره خاصة في دول العالم الثالث.
وبعد التأمل فيما جره هذا النظام من خراب نتيجة إعراضه عما جاء في كتاب الله من تحريم الربا جزئيا وكليا تحريما واضحا بدعوته إلى التوبة منه , وإلى الاقتصار على استعادة رءوس أموال القروض دون زيادة ولا نقصان قل أو كثر , وما جاء من تهديد بحرب مدمرة من الله ورسوله للمرابين.
لذلك فإن المجمع قرر ما يلي: -
أولا: أن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله , وكذلك الزيادة (أو الفائدة) على القرض منذ بداية العقد , هاتان الصورتان ربا محرم شرعا.
ثانيا: أن البديل الذي يضمن السيولة المالية والمساعدة على النشاط الاقتصادي حسب الصورة التي يرتضيها الإسلام - هو التعامل وفقا للأحكام الشرعية.
ثالثا: قرر المجمع التأكيد على دعوة الحكومات الإسلامية إلى تشجيع المصارف التي تعمل بمقتضى الشريعة الإسلامية , والتمكين لإقامتها في كل بلد إسلامي لتغطي حاجة المسلمين كيلا يعيش المسلم في تناقض بين واقعه ومقتضيات عقيدته.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية قرار رقم (83)
إيداع معادن نفيسة (ذهب وفضة) لدى الشركة تستعملها الشركة كلما احتاجت إليها وترد مقدارها لأصحابها عند الطلب دون أن تحفظها في حرز خاص بلا مساس بها
السؤال:
ما هو الرأي الشرعي حول المعادن (الذهب والفضة) التي توضع لأصحابها لدى الشركة وتسجيل كمياتها في حساب خاص , لكنها يمكن أن تستعملها الشركة كلما احتاجت في تعاملها بهذا النوع من المعادن , وترد مقدارها لأصحابها عند الطلب , دون أن تحفظها بأعيانها في حرز أمين خاص بلا مساس بها في أي حال من الأحوال.
الجواب:
أن هذه المعادن لدى الشركة تعتبر شرعا قرضا من أصحابها للشركة يسجل في حساب جار كسائر الودائع النقدية في الحسابات الجارية في المصارف لذا ينبغي تغيير مسمى الحساب على ضوء ذلك وحذف كلمة (أمانات) من المسمى.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) فتوى رقم (297)
هل تضمن الأمانة في حالة فقدانها
السؤال:
إذا أعطي البنك أمانة ما وقام باتخاذ الإجراءات الاحتياطية اللازمة لحفظها وصونها وقدر لها أن تضيع أو تسرق - هل البنك مطلوب بالتعويض؟ بمعنى آخر هل الأمانة يجب أن تضمن من الجهة المؤتمنة؟
الجواب:
الأصل في عقد الوديعة أنه أمانة وأن الوديعة غير مضمونة إلا في حال التعدي أو التقصير بأي صورة تعتبر في العرف تعديا أو تقصيرا ومن ذلك إيداعها عند غيره بدون إذن صاحبها. . .
واشتراط الضمان - ولو قبله الطرفان - لا فائدة منه إذا لم يوجد تعد أو تقصير وذلك لحديث (ليس على المستودع ضمان) على أن اشتراط الضمان يعتبر لغوا ولا يفسد العقد شرعا وينبغي الاحتياط بحذفه لئلا يقع تحت طائلة القانون المدني عند التنازع.(2/162)
الوديعة بدفتر توفير البريد
وهي وديعة ادخارية تحت الطلب توضع لدى مكاتب البريد (في بعض البلدان) نظرا لكثرتها وانتشارها وسهولة التعامل معها.
والإيداع فيها قد يكون لمجرد حفظ المال بدون فائدة , وقد يكون بفائدة.(2/163)
الإيداع في دفتر توفير البريد قد يكون لمجرد حفظ المال بدون فائدة , فيشبه الحساب الجاري والوديعة الادخارية في البنوك من حيث اعتباره قرضا حسنا حالا غير مؤجل.
وقد يكون بفائدة , فيعتبر قرضا ربويا محرما كالذي يكون بالفائدة لدى البنوك.(2/164)
فتوى المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة
الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم , ولا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي وما يسمى بالقرض الإنتاجي , وكثير الربا في ذلك وقليله حرام.
والإقراض بالربا محرم , لا تبيحه حاجة ولا ضرورة , والاقتراض بالربا حرام كذلك , ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة , وكل امرئ متروك لدينه في تقدير ضرورته.
وأن الحسابات ذات الأجل , وفتح الاعتماد بفائدة , وسائر أنواع الإقراض نظير فائدة كلها من المعاملات الربوية , وهي محرمة.
فتوى هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي السوداني رقم (18)
فيما يتعلق بالوديعة المصرفية الادخارية: بما أن أصحاب الودائع أذنوا للبنك في التصرف في ودائعهم , وضمن البنك ردها إليهم , فإنها تأخذ حكم القرض , ولا يجوز اشتراط منفعة للمقرض.
قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم (10) الدورة الثانية
إن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله , وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله , وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد. هاتان الصورتان ربا محرم شرعا.
مجمع الفقه الإسلامي الدورة الثانية قرار رقم (10)
حكم التعامل المصرفي بالفوائد التأمل فيما قدم عن التعامل المصرفي المعاصر ومناقشته مناقشة مركزة أبرزت الآثار السيئة لهذا التعامل على النظام الاقتصادي العالمي , وعلى استقراره خاصة في دول العالم الثالث.
وبعد التأمل فيما جره هذا النظام من خراب نتيجة إعراضه عما جاء في كتاب الله من تحريم الربا جزئيا وكليا تحريما واضحا بدعوته إلى التوبة منه , وإلى الاقتصار على استعادة رءوس أموال القروض دون زيادة ولا نقصان قل أو كثر , وما جاء من تهديد بحرب مدمرة من الله ورسوله للمرابين.
لذلك فإن المجمع قرر ما يلي: -
أولا: أن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله , وكذلك الزيادة (أو الفائدة) على القرض منذ بداية العقد , هاتان الصورتان ربا محرم شرعا.
ثانيا: أن البديل الذي يضمن السيولة المالية والمساعدة على النشاط الاقتصادي حسب الصورة التي يرتضيها الإسلام - هو التعامل وفقا للأحكام الشرعية.
ثالثا: قرر المجمع التأكيد على دعوة الحكومات الإسلامية إلى تشجيع المصارف التي تعمل بمقتضى الشريعة الإسلامية , والتمكين لإقامتها في كل بلد إسلامي لتغطي حاجة المسلمين كيلا يعيش المسلم في تناقض بين واقعه ومقتضيات عقيدته.(2/165)
الإيداع لدى البنوك التقليدية بدون فائدة
تعرف الوديعة المصرفية بشتى صورها بأنها إقراض من المودع للمصرف , حيث إن المصرف يتملكها بمجرد تسليمها إليه , وله حق التصرف بها كسائر أمواله في جميع وجوه الاستعمال والاستثمار السائغة قانونا , وأنه ملزم بإعادة مبلغ كل منها إلى مودعه حين الطلب أو عند حلول الأجل المحدد.
كما أن الوديعة المصرفية إذا كانت بفائدة , فهي قرض ربوي محرم , وإن كانت بدون فائدة فهي قرض حسن.
والأصل في القرض الحسن أنه مندوب إليه إذا دفع للمحتاج إرفاقا به وتنفيسا لكربته.
أما الإيداع بدون فائدة لدى البنوك التقليدية في الحسابات الجارية ونحوها , فإنه قد يكون من غير اضطرار , وقد يكون في حالة الضرورة أو الحاجة المعتبرة , فيختلف الحكم بحسب الحالة.(2/166)
الإيداع إذا كان بفائدة , فهو قرض ربوي محرم.
أما إذا كان بدون فائدة لدى البنوك التقليدية (في الحسابات الجارية ونحوها) , فإنه محظور شرعا من غير اضطرار لما فيه من إعانتها على المعصية وتقويتها على المراباة , إذ من المعلوم أن هذه المصارف توظف الودائع التي تتلقاها في الإقراض بفائدة.
أما في حالة الضرورة أو الحاجة المعتبرة فلا حرج شرعا في الإيداع لديها والضرورة - وكذا الحاجة - تقدر بقدرها.
فمتى وجدت مؤسسات مصرفية إسلامية موثوقة في البلد تغني الناس عن الإيداع في المصارف الربوية , فإنه يتوقف عندئذ ذلك الترخيص الاستثنائي , ولا يحل بعد ذلك للمسلمين إيداع وفورهم النقدية في المصارف الربوية , بل يجب عليهم توجيه إيداعها إلى المصارف الإسلامية التي تحقق المقصود من الإيداع إلى جانب صيانتها للودائع وحرصها على المعاملات المشروعة.(2/167)
قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته التاسعة
أولا: يجب على المسلمين كافة أن ينتهوا عما نهى الله تعالى عنه من التعامل بالربا , أخذا أو عطاء , والمعاونة عليه بأي صورة من الصور , حتى لا يحل بهم عذاب الله ولا يأذنوا بحرب من الله ورسوله.
ثانيا: ينظر المجلس بعين الارتياح والرضى إلى قيام المصارف الإسلامية , التي هي البديل الشرعي للمصارف الربوية , ويعني بالمصارف الإسلامية كل مصرف ينص نظامه الأساسي على وجوب الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية الغراء في جميع معاملاته , ويلزم إدارته بوجوب وجود رقابة شرعية ملزمة. ويدعو المجلس المسلمين في كل مكان إلى مساندة هذه المصارف وشد أزرها , وعدم الاستماع إلى الشائعات المغرضة التي تحاول التشويش عليها , وتشويه صورتها بغير حق.
ويرى المجلس ضرورة التوسع في إنشاء هذه المصارف في كل أقطار الإسلام , وحيثما وجد للمسلمين تجمع خارج أقطاره , حتى تتكون من هذه المصارف شبكة قوية تهيئ لاقتصاد إسلامي متكامل.
ثالثا: يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج , وإذ لا عذر له في التعامل معها بعد وجود البديل الإسلامي , ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب , ويستغني بالحلال عن الحرام.
فتوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي: رقم (42)
السؤال:
ما الرأي الشرعي في إيداع البنك الإسلامي أمواله في بنوك أجنبية واستعمال الفوائد المتحصل عليها من هذه الأموال المودعة في التدريب والبحوث؟
الجواب:
ليس لمسلم أن يودع أمواله في بنوك أجنبية , ولكن إذا ألجأته الضرورة , أو تورط فأودع ماله , وتحصل من هذا المال فوائد , فإن هذه الفوائد لا يجوز أن يتمولها المسلم فردا أو بنكا , ولا تحتسب من الزكاة , ولا يسدد بها دين , ولكن يجب ألا تترك للبنوك الأجنبية تتقوى بها على الإسلام والمسلمين , وإنما تؤخذ هذه الأموال وتنفق في مصالح المسلمين العامة , وليس منها إقامة المساجد , لأنها يجب أن تكون من مال طاهر , وذلك لأن الأموال سبب لتقوية الأعداء , كما أنه لا يجوز إتلاف هذه الأموال , لأن إتلاف المال محرم.
أما موضوع المعهد المقترح , فإنه من المصالح العامة التي يجوز الإنفاق عليها من هذه الأموال , وهذا خير من تركها للبنوك الأجنبية أو إتلافها.
فتوى ندوة البركة الأولى: رقم (7)
السؤال:
هل يجوز لمن تحققت له فوائد ربوية على أموال يملكها خارج البلاد الإسلامية أن يدفع من تلك الفوائد الضرائب التي تحققت على نشاطه في تلك الدولة؟
الفتوى:
أوصى المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي الذي انعقد بدولة الكويت بين 6 - 7 جمادى الآخرة 1403هـ الموافق 21 - 23 مارس 1983م بالآتي: -
(يوصي المؤتمر أصحاب الأموال من المسلمين بتوجيه أموالهم أولا إلى المصارف والمؤسسات والشركات الإسلامية داخل البلاد العربية والبلاد الإسلامية , ثم خارجها , وإلى أن يتم ذلك تكون الفائدة التي يحصلون عليها كسبا خبيثا , وعليهم استيفاؤها والتخلص منها بصرفها في مصالح المسلمين العامة , ويعد الاستمرار في إيداع الأموال في البنوك والمؤسسات الربوية مع إمكانية تفادي ذلك عملا محرما شرعا) .
وعلى هذا , فإن الضرائب المترتبة على تلك الفوائد المحرمة يجوز دفعها من ذلك الكسب الخبيث , أما إذا كانت الضرائب مترتبة على أي نشاط آخر , فإنه لا يجوز ذلك.
(الفتاوى الشرعية في الاقتصاد - دله البركة ص103 , 104)(2/168)
التصرف بالفوائد على الإيداعات لدى البنوك التجارية
في حالة الضرورة أو الحاجة المعتبرة , يقوم بعض المسلمين بإيداع أموالهم لدى البنوك الربوية , وعرفنا أن هذا لا حرج فيه شرعا ولكن تقدر الضرورة بقدرها.
ويحتاج المسلم إلى معرفة الحكم الشرعي في التصرف بالفوائد الربوية التي تتحقق عن تلك الأموال المودعة. .(2/169)
الإيداع بفائدة أو بدون فائدة لدى البنوك التقليدية (في الحسابات الجارية ونحوها) محظور شرعا من غير اضطرار. ولا حرج في ذلك في حالة الضرورة أو الحاجة المعتبرة , وهذه الضرورة تقدر بقدرها , ولكن الفائدة المتحصلة منه لا يجوز لآخذها الانتفاع بها كما ينتفع بأمواله , بل عليه المبادرة للتخلص منها بصرفها للفقراء وفي مصالح المسلمين العامة , دون أن يحتسبها من زكاته , ولا صدقة من حر ماله.(2/170)
قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته التاسعة
أولا: يجب على المسلمين كافة أن ينتهوا عما نهى الله تعالى عنه من التعامل بالربا , أخذا أو عطاء , والمعاونة عليه بأي صورة من الصور , حتى لا يحل بهم عذاب الله ولا يأذنوا بحرب من الله ورسوله.
ثانيا: ينظر المجلس بعين الارتياح والرضى إلى قيام المصارف الإسلامية , التي هي البديل الشرعي للمصارف الربوية , ويعني بالمصارف الإسلامية كل مصرف ينص نظامه الأساسي على وجوب الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية الغراء في جميع معاملاته , ويلزم إدارته بوجوب وجود رقابة شرعية ملزمة. ويدعو المجلس المسلمين في كل مكان إلى مساندة هذه المصارف وشد أزرها , وعدم الاستماع إلى الشائعات المغرضة التي تحاول التشويش عليها , وتشويه صورتها بغير حق.
ويرى المجلس ضرورة التوسع في إنشاء هذه المصارف في كل أقطار الإسلام , وحيثما وجد للمسلمين تجمع خارج أقطاره , حتى تتكون من هذه المصارف شبكة قوية تهيئ لاقتصاد إسلامي متكامل.
ثالثا: يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج , وإذ لا عذر له في التعامل معها بعد وجود البديل الإسلامي , ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب , ويستغني بالحلال عن الحرام.
قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثالثة المنعقدة في عمان - الأردن بشأن استفسارات البنك الإسلامي للتنمية
بخصوص التصرف في فوائد الودائع التي يضطر البنك الإسلامي للتنمية لإيداعها في المصارف الأجنبية , قرر المجمع ما يلي: -
يحرم على البنك أن يحمي القيمة الحقيقية لأمواله من آثار تذبذب العملات بواسطة الفوائد المنجرة من إيداعاته. ولذا يجب أن تصرف تلك الفوائد في أغراض النفع العام كالتدريب والبحوث وتوفير وسائل الإغاثة , وتوفير المساعدات المالية للدول الأعضاء , وتقديم المساعدة الفنية لها , وكذلك للمؤسسات العلمية والمعاهد والمدارس , ويتصل بنشر المعرفة الإسلامية.
فتوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي: رقم (42)
السؤال:
ما الرأي الشرعي في إيداع البنك الإسلامي أمواله في بنوك أجنبية واستعمال الفوائد المتحصل عليها من هذه الأموال المودعة في التدريب والبحوث؟
الجواب:
ليس لمسلم أن يودع أمواله في بنوك أجنبية , ولكن إذا ألجأته الضرورة , أو تورط فأودع ماله , وتحصل من هذا المال فوائد , فإن هذه الفوائد لا يجوز أن يتمولها المسلم فردا أو بنكا , ولا تحتسب من الزكاة , ولا يسدد بها دين , ولكن يجب ألا تترك للبنوك الأجنبية تتقوى بها على الإسلام والمسلمين , وإنما تؤخذ هذه الأموال وتنفق في مصالح المسلمين العامة , وليس منها إقامة المساجد , لأنها يجب أن تكون من مال طاهر , وذلك لأن الأموال سبب لتقوية الأعداء , كما أنه لا يجوز إتلاف هذه الأموال , لأن إتلاف المال محرم.
أما موضوع المعهد المقترح , فإنه من المصالح العامة التي يجوز الإنفاق عليها من هذه الأموال , وهذا خير من تركها للبنوك الأجنبية أو إتلافها.
فتوى ندوة البركة الأولى: رقم (7)
السؤال:
هل يجوز لمن تحققت له فوائد ربوية على أموال يملكها خارج البلاد الإسلامية أن يدفع من تلك الفوائد الضرائب التي تحققت على نشاطه في تلك الدولة؟
الفتوى:
أوصى المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي الذي انعقد بدولة الكويت بين 6 - 7 جمادى الآخرة 1403هـ الموافق 21 - 23 مارس 1983م بالآتي: -
(يوصي المؤتمر أصحاب الأموال من المسلمين بتوجيه أموالهم أولا إلى المصارف والمؤسسات والشركات الإسلامية داخل البلاد العربية والبلاد الإسلامية , ثم خارجها , وإلى أن يتم ذلك تكون الفائدة التي يحصلون عليها كسبا خبيثا , وعليهم استيفاؤها والتخلص منها بصرفها في مصالح المسلمين العامة , ويعد الاستمرار في إيداع الأموال في البنوك والمؤسسات الربوية مع إمكانية تفادي ذلك عملا محرما شرعا) .
وعلى هذا , فإن الضرائب المترتبة على تلك الفوائد المحرمة يجوز دفعها من ذلك الكسب الخبيث , أما إذا كانت الضرائب مترتبة على أي نشاط آخر , فإنه لا يجوز ذلك.
(الفتاوى الشرعية في الاقتصاد - دله البركة ص103 , 104)
فتاوى المستشار الشرعي للبركة: فتوى رقم (52)
. . . علما بأن التعامل بالفوائد محرم أخذا وعطاء , واعتبارا بأن الإيداع لدى البنوك التجارية لانعدام البديل محليا , فإن الأولى عدم ترك الفوائد الناشئة عن هذه الأموال للبنك , وقبضها شريطة إنفاقها في وجوه البر.
(جوابا على سؤال دله البركة القابضة - الدار البيضاء - الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية ص 122) .
فتوى البركة رقم (53)
بخصوص الصرف على تدريب الموظفين من الفوائد الواجب صرفها لوجوه الخير لا مانع شرعا من الصرف لتدريب الموظفين من المبالغ المتحصلة من الفوائد , الواجب التخلص منها , والتي يجب صرفها في وجوه الخير.
(جوابا على سؤال بنك البركة الإسلامي للاستثمار البحرين الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية ص 123)
مجمع الفقه الإسلامي الدورة الثالثة لمجلس المجمع قرار رقم 1 (هـ)
التصرف في فوائد الودائع التي تضطر البنوك لإيداعها في المصارف الربوية
بعد دراسة مستفيضة ومناقشات واسعة لاستفسارات البنك الإسلامي للتنمية بخصوص التصرف في فوائد الودائع التي يضطر البنك الإسلامي للتنمية لإيداعها في المصارف الأجنبية.
قرر مجلس المجمع بشأن ذلك ما يلي:
يحرم على البنك أن يحمي القيمة الحقيقية لأمواله من آثار تذبذب العملات بواسطة الفوائد المنجرة من إيداعاته. ولذا يجب أن تصرف تلك الفوائد في أغراض النفع العام كالتدريب والبحوث وتوفير وسائل الإغاثة , وتوفير المساعدات المالية للدول الأعضاء وتقديم المساعدة الفنية لها , وكذلك للمؤسسات العلمية والمعاهد والمدارس وما يتصل بنشر المعرفة الإسلامية.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية - قرار رقم (16)
الفوائد التي تدفعها الشركة للبنوك الأجنبية أو تقبضها نتيجة انكشاف حساباتها لدى هذه البنوك أو انكشاف حسابات هذه البنوك لديها
السؤال:
نرجو إبداء الرأي الشرعي حول ما يلي:
لا يخفى عليكم بأن الشركة تتعامل مع كثير من البنوك الأجنبية خارج المملكة وهذا التعامل يتطلب منا أن نودع لدى تلك البنوك بعض المال لتغطية السحوبات الخاصة بالشركة ويحدث في بعض الأحيان أن ينكشف الرصيد لسبب أو لآخر نتيجة عدم تغذية الحساب أو نتيجة السحب الزائد فعند انكشاف الحساب يفرض علينا البنك فوائد لا بد من دفعها وأيضا تدفع لنا البنوك فوائد على أرصدتنا لديهم , فهل يجوز لنا أن نأخذ الفائدة على أرصدتنا ونسدد بها الفوائد التي يطالبوننا بها في حالة انكشاف الرصيد والباقي ننفقه في الأعمال الخيرية.
الجواب:
أن فتح الحسابات للشركة لدى المصارف الأجنبية التي تتعامل بالربا إنما يجوز لها لضرورة ممارسة عملها. ويمكن للشركة أن تتعامل مع مراسليها من البنوك في خارج أو داخل المملكة بنفس الطريقة التي تتعامل بها البنوك الإسلامية مع مراسليها بحيث تطلب من تلك البنوك المعاملة بالمثل , أي أن تودع تلك البنوك ودائعها لدى الشركة بدون أن تدفع الشركة فوائد عليها والعكس صحيح وفي حالة اضطرار الشركة للتعامل مع بعض البنوك التي لا تقبل إلا التعامل بالفائدة فللشركة أن تودع لدى هذه البنوك أموالا تتفادى بها دفع فائدة ربوية لهذه البنوك وإن استحقت هذه الأموال فائدة لشركة الراجحي المصرفية فعلى الشركة أن تحصل هذه الفائدة ولا تدعها لهذه البنوك لتستفيد منها على أن لا تدخل هذه الفائدة ضمن الذمة المالية للشركة أي لا تدخل ضمن مواردها وأرباحها وإنما تجنب في حساب خاص يصرف منه على الأعمال الخيرية.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية. قرار رقم (124)
مدى جواز صرف الفوائد الربوية من حسابات المراسلين للبنوك والشركات على غير الفقراء وجهات الخير الإسلامي الأخرى.
السؤال:
نرجو إبداء الرأي الشرعي حول تقدم بعض الجهات الرسمية وغير الرسمية طالبة أن تقدم لها الشركة بعض التبرعات العينية كتشييد بعض المباني الصغيرة أو تأثيثها أو تجهيزها ببعض الأدوات المكتبية وكذلك إنشاء بعض الحدائق العامة أو بناء بعض المجسمات الجمالية وغير ذلك.
وحيث أنه لا يخفاكم بأن الشركة يتجمع لديها بعض الأموال من فوائد حسابات الشركة المفتوحة لدى البنوك الدولية علما أن هذه الحسابات ليست استثمارية ولكنها حسابات لدى البنوك المراسلة التي تمثل الشركة في الخارج لتيسير إنجاز معاملاتها.
وترغب الشركة أن تتكرموا مشكورين بعرض هذا الأمر على الهيئة الشرعية لمعرفة إمكان الإنفاق على هذه التبرعات من الأموال.
الجواب:
لا يجوز أن تصرف الأموال التي تحصل عليها الشركة من فوائد حسابات المراسلين وما شابهها لأي غرض غير فقراء المسلمين وجهات الخير الإسلامية وكذلك لا يجوز صرف هذه الفوائد على شيء يعود بالنفع المادي أو المعنوي على الشركة أو ما يوفر عليها نفقة ما.
المصدر: بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) فتوى رقم (299)
دفع الضرائب في الدول الأوروبية من الفوائد الناتجة عن الإيداع في بنوكها
السؤال:
شخص يمتلك عقارا في إحدى الدول الأوروبية ويدفع عن العقار ضرائب وعنده أموال في بنوك ربوية أوروبية تدر عليه فوائد فهل يجوز أن يأخذ هذه الفوائد ويدفعها ضريبة عن عقاره.
الجواب:
من المقرر أن الفوائد المتحصلة من الإيداعات في بنوك ربوية سبيلها التخلص منها في وجوه الخير عدا بناء المساجد وطبع المصاحف ولا يخفف بها أي عبء عمن قبضها فلا تدفع منها الضرائب أو الديون.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الأول) فتوى رقم (42)
الإيداع بالفائدة واستخدامها في التدريب والبحوث
السؤال:
ما الرأي الشرعي في إيداع البنك الإسلامي أمواله في بنوك أجنبية واستعمال الفوائد المتحصل عليها من هذه الأموال المودعة في التدريب والبحوث؟
الجواب:
ليس لمسلم أن يودع أمواله في بنوك أجنبية , ولكن إذا ألجأته الضرورة , أو تورط فأودع ماله , وتحصل من هذا المال على فوائد ; فإن هذه الفوائد لا يجوز أن يتمولها المسلم فردا , أو بنكا , ولا تحتسب من الزكاة , ولا يسدد بها دين , ولكن يجب ألا تترك للبنوك الأجنبية تتقوى بها على الإسلام والمسلمين , وإنما تؤخذ هذه الأموال وتنفق في مصالح المسلمين العامة , وليس منها إقامة المساجد , لأنها يجب أن تكون من مال طاهر , وذلك لأن ترك هذه الأموال سبب لتقوية الأعداء , كما أنه لا يجوز إتلاف هذه الأموال لأن إتلاف المال حرام.
أما موضوع المعهد المقترح فإنه من المصالح العامة التي يجوز الإنفاق عليها من هذه الأموال وهذا خير من تركها للبنوك الأجنبية أو إتلافها.
الفتاوى الشرعية في الاقتصاد الصادرة عن ندوات البركة للاقتصاد الإسلامي مجموعة دله البركة ندوة البركة الأولى , الفتوى رقم 7
دفع الضرائب من الفوائد الربوية
السؤال:
هل يجوز لمن تحققت له فوائد ربوية على أموال يملكها خارج البلاد الإسلامية أن يدفع من تلك الفوائد الضرائب التي تحققت على نشاطه في تلك الدولة؟
الجواب:
أوصى المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي والذي انعقد بدولة الكويت بتاريخ 6 - 8 جمادي الآخرة 1403 هجرية الموافق 21 - 13 مارس 1983م بالآتي:
يوصي المؤتمر أصحاب الأموال من المسلمين بتوجيه أموالهم أولا إلى المصارف والمؤسسات والشركات الإسلامية داخل البلاد العربية والبلاد الإسلامية , ثم خارجها. وإلى أن يتم ذلك تكون الفائدة التي يحصلون عليها كسبا خبيثا وعليهم استيفاؤها والتخلص منها بصرفها في مصالح المسلمين العامة , ويعد الاستمرار في إيداع الأموال في البنوك والمؤسسات الربوية مع إمكانية تفادي ذلك عملا محرما شرعا.
وعلى هذا فإن الضرائب المترتبة على تلك الفوائد المحرمة يجوز دفعها من ذلك الكسب الخبيث , أما إذا كانت الضرائب مترتبة على أي نشاط آخر فإنه لا يجوز ذلك.
المصدر الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية - الجزء الأول فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله - البركة الفتوى رقم (52) التصرف بالفوائد - القروض المتبادلة
علما بأن التعامل بالفوائد محرم أخذا وعطاء , واعتبارا بأن الإيداع لدى البنوك التجارية الربوية لانعدام البديل محليا. فإن الأولى عدم ترك الفوائد الناشئة عن هذه الأموال للبنك , وقبضها شريطة إنفاقها في وجوه البر.
كذلك يجوز التفاهم مع البنك المودعة لديه لاحتسابها أرصدة دائنة يتم فيها إطفاء أي أرصدة مدينة على الشركة بسبب انكشاف حسابها بصورة عارضة , شريطة ألا يكون هناك أي التزام فعلي بين الطرفين بقبض أو تسليم أي فائض , وأن يقتصر الأمر على إجراء القيود الحسابية.
المصدر الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية - الجزء الأول فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله - البركة الفتوى رقم (53)
التصرف بالفوائد الربوية
لا مانع شرعا من الصرف لتدريب الموظفين من المبالغ المتحصلة من الفوائد الواجب التخلص منها والتي يجب صرفها في وجوه الخير. وقد صدر في ذلك قرار لمجمع الفقه الإسلامي بجدة جوابا على استفسار للبنك الإسلامي للتنمية بذلك الموضوع وهو القرار رقم (1) في الدورة الثالثة للمجمع. ونصه:
(يحرم على البنك أن يحمي القيمة الحقيقية لأمواله من آثار تذبذب العملات بواسطة الفوائد المنجزة من إيداعاته , ولذا يجب أن تصرف تلك الفوائد في أغراض النفع العام , كالتدريب والبحوث وتوفير وسائل الإغاثة وتوفير المساعدات المالية للدول الأعضاء وتقديم المساعدة الفنية لها , وكذلك للمؤسسات العلمية والمعاهد والمدارس وما يتصل بنشر المعرفة الإسلامية) .
بنك دبي الإسلامي - فتاوى هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية - فتوى رقم (83) التصرف بالفوائد الربوية التي يعطيها البنك المركزي على احتياطيات البنوك لديه
السؤال:
جاءنا من البنك الإسلامي ببنجلاديش استفسار حول نسبة الاحتياطي التي يأخذها منهم البنك المركزي وقدرها (10%) والبنك المركزي يعطي فائدة مقابل هذا الاحتياطي للبنوك الربوية. وهم يستفسرون عن مدى إمكانية أخذ جزء من هذه الفوائد لتغطية جزء من التكلفة الإدارية للبنك.
الجواب:
بالإشارة إلى استفسار بنك بنجلاديش الإسلامي حول ما يفرضه القانون من إيداع نسبة (10%) من إجمالي الودائع لدى البنك المركزي والمضار الاقتصادية التي تلحق بالبنك والمودعين من جراء ذلك وما إذا كان يمكن للبنك الإسلامي أن يأخذ شيئا من الفائدة التي يعطي البنك المركزي على الاحتياطيات المودعة لديه لتغطية جزء من التكاليف الإدارية للبنك أو زيادة نسبة الربح للمودعين لدى البنك الإسلامي.
فأن الهيئة بعد بحث ومدارسة هذا الموضوع , ترى عدم جواز أخذ فائدة على نسبة الاحتياطي المأخوذة من جملة الودائع بحساب البنك المركزي باعتبار هذه الفائدة من الربا المحرم شرعا , فلا يجوز لصاحب رأس المال الانتفاع بها بأي وجه من وجوه الانتفاع.
ويجب على البنك الإسلامي تلافيا للأضرار التي أشار إليها أن يبذل جهده لدى البنك المركزي في استثمار هذه الاحتياطيات عن طريق عقد المضاربة المقيدة في مشروعات محددة في إطار أحكام الشريعة الإسلامية وأن يقتسم الطرفان ما يرزق الله به من ربح حلال من تلك المشروعات حسبما يتفقان عليه من شروط في هذا العقد وإذا لم يستجب البنك المركزي لهذه الجهود , فأنه لا يجوز للبنك الإسلامي ترك فوائد الاحتياطيات للبنك المركزي , لا على وجه الانتفاع بها لنفسه , وإنما لإنفاقها في المصالح العامة , كإغاثة المنكوبين واليتامى والأرامل والعجزة الذين لا يجدون الضرورات لا بنية التبرع بها ولكن بنية التخلص منها باعتباره كسبا خبيثا ولا يجوز إنفاقها في القربات كبناء المساجد.(2/171)
القروض بفائدة بين الشركات الشقيقة
هناك شركات مستقلة في شخصيتها الاعتبارية وذمتها المالية , لكنها مملوكة لشركة واحدة (الشركة الأم) وهذه الملكية قد تستغرق أسهم تلك الشركات أو تقتصر على بعضها الأكثر أو الأقل ,
وهنا يقع التساؤل عن عمليات اقتراض هذه الشركات فيما بينها , هل يجوز أن تشمل على زيادة أو يعتبر ذلك ربا؟ وهذه الزيادة تضاف للقروض حتى في حال كون الشركات الشقيقة مملوكة بالكامل (لشركة أم واحدة) , وذلك لتقويم كفاءتها وبيان تفاضلها في مستوى الأداء. . .
وكثيرا ما تكون هذه القروض عبارة عن قيود حسابية لا حقيقية لها. . وإنما يلجأ إليها لغرض ضريبي.(2/172)
إذا اقترضت شركة من شركة أخرى بفائدة لغرض الاستفادة من الإعفاءات الضريبية أو لغير ذلك من الأغراض المشروعة بعيدا عن أخذ الربا وإعطائه حقيقة , فإن هذا الاقتراض لا يعد ربا إذا كانت الشركتان مملوكتين لمالك واحد لأن هذه المعاملة صورية , لاتحاد الذمة المالية للشركتين , وهي من تعامل الشخص مع نفسه.
أما إذا كانت إحدى الشركتين مملوكة جزئيا لمالك معين , واقترضت بفائدة من الشركة الأخرى المملوكة له كليا أو جزئيا , فإن الربا يتحقق , لاختلاف الذمة المالية بين المقرض والمقترض.(2/173)
الفتوى التاسعة - الحلقة العلمية الثانية للقضايا المصرفية المعاصرة (البركة)
(1) إذا اقترضت شركة من شركة أخرى بفائدة لغرض الاستفادة من الإعفاءات الضريبية أو لغير ذلك من الأغراض المشروعة بعيدا عن أخذ الربا وإعطائه حقيقة , فإن هذا الاقتراض لا يعد ربا إذا كانت الشركتان مملوكتين لمالك واحد , لأن هذه المعاملة صورية , لاتحاد الذمة المالية للشركتين , وهي من تعامل الشخص مع نفسه
(2) إذا كانت إحدى الشركتين مملوكة جزئيا لمالك معين , واقترضت بفائدة من الشركة الأخرى المملوكة له كليا أو جزئيا , فإن الربا يتحقق , لاختلاف الذمة المالية بين المقرض والمقترض.
البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار - الفتاوى الشرعية الجزء الأول - فتوى رقم 20
دفع وأخذ فوائد من الشركات الفرعية المملوكة بالكامل للبنك بهدف تقليل الضرائب
السؤال:
أرجو التكرم ببيان الوجه الشرعي في المسألة التالية:
ينوي البنك الإسلامي الأردني القيام بعمليات استثمار في خارج المملكة الأردنية الهاشمية وحيث أن هذه الاستثمارات ترتب التزاما ضريبيا على الأرباح المتحققة من تلك العمليات , يمكن للبنك أن يقلل من قيمة الضرائب المستحقة على تلك الأرباح إذا لجأ إلى تأسيس شركات مملوكة له بالكامل في بعض الدول التي تتمتع بإعفاءات ضريبية وفقا لاتفاقيات ثنائية أو جماعية معقودة بينها وبين دول أخرى.
لذا أرجو التكرم ببيان الوجه الشرعي في حالة قيام البنك الإسلامي الأردني بتأسيس شركات في الخارج , وحصوله على فوائد وعمولات من هذه الشركات على رأس المال والقروض التي يقوم البنك المذكور بدفعها لتمويل تلك الشركات , على اعتبار أنها مملوكة بكاملها للبنك الإسلامي الأردني , وبذلك يحصل البنك على الفوائد والعمولات على رأس المال والقروض الممنوحة منه لهذه الشركة المملوكة والعائدة إليه بهدف تقليل الضرائب المترتبة على أرباح هذه الشركة العائدة للبنك , والهدف من هذه الإجراءات تخفيض الضرائب المترتبة على هذه الشركات , كما تم توضيحه.
الجواب:
واضح من السؤال أن الهدف هو الوصول إلى طريقة تخفض فيها الضرائب المترتبة على الشركات التي يؤسسها البنك الإسلامي الأردني , في خارج الأردن على الوجه الموضح في الكتاب , وهو غرض يجدر بالبنك أن يسعى إليه , بشرط أن لا يتعارض ذلك مع غاياته وقانونه ونظامه. غير أن البنك الإسلامي الأردني , قام على قاعدة معينة , وهدف واضح , وهو (تغطية الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية , في ميدان الخدمات المصرفية , وأعمال التمويل والاستثمار المنظم على غير أساس الربا) .
انظر البند الثالث من عقد التأسيس , غايات الشركة وأعمالها , والمادة السادسة من قانون البنك , والمادة الثالثة من نظام البنك الداخلي.
وقد يجول في الخاطر , أن أبا حنيفة يرى أنه لا ربا بين السيد وعبده , إلا أن أئمة الفقه الحنفي عللوا هذا بأن العبد وما يملك لسيده , وبذلك لم يتحقق البيع. انظر رد المحتار ج 5 ص 185.
وإذا نظرنا إلى نظرة فقهية تحليلية يتبين لنا أن القول , بأن البنك الإسلامي الأصلي والبنك الفرعي , الذي أنشئ في خارج الأردن , مثل حالة السيد وعبده هو قول بعيد عن الواقع , ومجاف للحقيقة , لأن لكل من البنكين ميزانية وشخصية وذمة مستقلة , عن ميزانية وشخصية وذمة البنك الآخر , وبهذا الاعتبار يتعامل كل منهما بيعا وشراء , وأخذا وعطاء , وربحا وخسارة , تعاملا مستقلا عن تعامل الآخر.
وبهذا يتضح أن العلة , التي ذكرت لمذهب أبي حنيفة , في السيد والعبد , لا تتحقق في الحالة المسئول عنها , ولا مجال لقياس إحدى الحالتين على الأخرى.
غير أن السؤال تضمن الاستيضاح عن نقطتين:
الأولى: الفائدة , والثانية: العمولة.
أما الفائدة فلا وجه لإباحتها , ولا تبرير لأخذها في هذه الحالة لأن ذلك مناف لحكم الإسلام قطعا , كما هو متعارض مع غايات وأهداف عقد التأسيس وحكم القانون والنظام.
وأما العمولة فهي مقابل خدمات يقوم بها البنك لتصريف أعمال وتسهيل معاملات , فهي أشبه بالأجرة , إن لم تكن أجرة حقيقية , وقد بين مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة , بأن أعمال البنوك من الحسابات الجارية وصرف الشيكات وحسابات الاعتماد , والكمبيالات الداخلية والخارجية , التي يقوم عليها العمل بين التجار والبنوك. في الداخل والخارج , كل ذلك من المعاملات المصرفية الجائزة شرعا , وما يؤخذ في نظير هذه الأعمال ليس من الربا.
ولذلك فكل عمولة تؤخذ من البنك الفرعي في الخارج وتعود للبنك الأصلي , في مقابل أية خدمات مماثلة أو مشابهة للخدمات المذكورة في قرار مجمع البحوث الإسلامية تعتبر سائغة شرعا ولا اعتراض عليها.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية قرار رقم (57)
إقراض الشركة مبلغا من المال بفوائد محددة لشركات تابعة مملوكة بالكامل لها في الخارج لأسباب ضريبية
السؤال:
نرجو إبداء الرأي الشرعي حول ما يلي:
نتشرف بإفادتكم أننا بصدد القيام بإحدى العمليات مع شركة جينرال موتورز وذلك في حدود مبلغ (100) مليون دولار أمريكي وحيث أن العملية ستتم داخل الولايات المتحدة الأمريكية ولأسباب ضرائبية سيتم تنفيذ هذه العملية بواسطة بعض الشركات التابعة وطبقا للخطوات التالية:
- يتم إقراض مبلغ ال 100 مليون دولار إلى شركة تابعة (مملوكة بالكامل لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار) وبفائدة محددة.
- تقوم الشركة التابعة بشراء السيارات من شركة جينرال موتورز ويتم نقل ملكية السيارات إليها.
- تقوم الشركة المشترية المالكة للسيارات بتأجيرها مع بيعها إلى شركة متخصصة نظير مبالغ محددة ولفترات زمنية معلومة على أن تقوم بدفع ثمن الشراء بعد انتهاء فترة الإيجار.
- تقوم الشركة المالكة للسيارات بدفع قيمة السيارات المبيعة ومبلغ الإيجار إلى الشركة الأم (شركة الراجحي المصرفية للاستثمار) .
برجاء إبداء وجهة نظر فضيلتكم من الناحية الشرعية فيما سبق.
الجواب:
إذا كانت هذه الطريقة لا تعتبر غشا نحو القانون في البلد الذي تتم فيه العملية , وإنما تعتبر مخرجا قانونيا واستفادة من ثغرة من ثغرات القانون وأن الشركتين اللتين ستقرضهما شركة الراجحي مملوكتان حقيقة بكاملهما لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار فلا يظهر للهيئة مانع من الأخذ بهذه الطريقة لما نص عليه الفقهاء من أن الربا لا يجرى بين العبد وسيده وكذلك الشركة بالنسبة لما تملكه من الشركات لكن لن يكون الإيجار والبيع بعقد واحد بل ينبغي أن تؤجر الشركة المالكة هذه السيارات إيجارا تشترط في عقده أن تتملك الشركة المستأجرة تلك السيارات في نهاية مدة الإيجار بثمن مثلها.
ثم أن على الشركة المالكة المؤجرة أن تتحمل مسئولية المالك المؤجر عند تأجيرها لهذه السيارات من ضمان أصل السيارة وما لا تستوفى المنفعة إلا به وصيانتها طيلة فترة الإجارة وعلى الشركة أن تزود الهيئة الشرعية بصورة موثقة باللغتين العربية والإنجليزية لأول عملية تقوم بها من هذا النوع للتأكد من سلامتها من الناحية الشرعية.
المصدر الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية - الجزء الأول فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله - البركة الفتوى رقم (51) .
القروض بفائدة بين الشركات الشقيقة
المبلغ المقدم من شركة إلى الشركة الشقيقة لصفقة عقد السلم لا مانع من تسجيله قرضا وتسجيل ربح السلم كفائدة , وذلك للأغراض الضريبية التي تأخذ الفائدة بعين الاعتبار كتكاليف تخصم من حساب الضريبة تخفف حجم الضريبة على القروض الربوية , وذلك نظرا لوحدة ذمة الشركتين الشقيقتين المملوكتين بالكامل للشركة الأم , وهذا لا يعدو أن يكون من قبيل القيود الحسابية التي لا يرافقها التزام فعلى بقبض فائدة ربوية أو إعطائها.(2/174)
تبادل القروض
يتفق بعض المودعين (مصارف إسلامية - شركات استثمارية إسلامية. . إلخ) في البنوك التقليدية أو الإسلامية أو المراسلة مع البنك الذي يتعاملون معه على ألا يتقاضوا أية فائدة (ربا) مقابل وديعتهم المصرفية , على أساس ألا يتقاضى ذلك البنك منهم أية فائدة إذا انكشف حسابهم (بأن سحب المودع أكثر مما لديه فيه) مقابل قدر مماثل من العملة ومدة مماثلة لمكوث حسابه لديهم بدون فائدة , وهو ما يسمى ب (بالودائع المتبادلة) أو (القروض المقابلة للودائع) أو (القروض المتبادلة بالشرط) وذلك على حساب النمر.(2/175)
إن طريقة تبادل القروض بدون فوائد (ولو كان يؤخذ فيها في الحسبان مدة القرض ومبلغه , ليحصل التكافؤ في الإقراض المتبادل) سائغة مقبولة شرعا لأن هذا التعامل لا يتصف بجر منفعة من المقترض للمقرض , حيث إن المنفعة التي فيها الربا أو شبهته - ويجب خلو القرض منها - هي الزيادة المشترطة على مبلغ القرض في القدر أو الصفة أو النفع الذي يبرز فيه معنى العلاوة المالية.
أما منفعة إقراضه نفس المبلغ ولذات المدة من العملة نفسها مقابل قرضه , فليست بزيادة في قدر أو صفة , وليست من جنس المنفعة التي فيها شبهة الربا , بل هي من قبيل النفع المشترك الذي لا يخص المقرض وحده , بل يعم المقترض والمقرض على السواء , ويحقق مصلحة عادلة للطرفين , فهذا ليس بمنصوص على حظره شرعا , ولا هو في معنى المنصوص , فوجب إبقاؤه على الإباحة.
فتبادل القروض إذن هو بعيد عن شبهة القرض الذي يجر نفعا , وقد اعتبرته بعض الهيئات الشرعية من قبيل التبرع بالإقراض من كل من الطرفين للآخر والالتزام بمدة القرض المحدد واجب في مذهب مالك ,
كما ذهب بعض المعاصرين إلى تكييفه على أساس هبة الثواب بالاستناد إلى المذهب الحنفي الذي يعتبر هبة الثواب هبة ابتداء وبيعا انتهاء على خلاف المذاهب الأخرى التي تعتبرها بيعا ابتداء وانتهاء , وذلك ما يتيح إمكانية عدم التقابض الفوري بين المصرفين اللذين يتبادلان العملات ويقتصر الأمر فقط على إجراء القيود المحاسبية.(2/176)
فتوى هيئة الرقابة لبنك فيصل الإسلامي السودان
السؤال:
جاء في الاستفسار رقم (1) حول طريقة التعامل مع البنوك الخارجية: بالنسبة لمراسلي البنك بالخارج من البنوك الأجنبية , الواضح أن هناك مشكلة تتعلق بطريقة المحاسبة في التعامل , حيث إن مثل هذه المعاملات تحكم وتحسب عن طريق سعر الفائدة - وبما أن مثل هذه المعاملات ربوي , سوف يكون محظورا على البنك , فإننا نقترح أن يتم التعامل باتفاق مسبق مع البنك الأجنبي فحواه أن يضع البنك الإسلامي مبلغا لحسابه مع البنك الأجنبي , من غير أن يتقاضى فائدة على ذلك , ويتم ذلك , ويتم السحب من ذلك المبلغ لأغراض البنك , وفي حالة تجاوز المبالغ المسحوبة للرصيد المودع لدى البنك الأجنبي , ويصبح بالتالي دائنا للبنك الإسلامي , فإنه ينبغي عدم دفع أية فائدة , بل يتم تحويل مبلغ لتغذية الحساب , بحيث يكون هناك موازنة بين المبالغ المودعة والمبالغ المسحوبة أو الحسابات المكشوفة - فهل هناك أية غضاضة على هذا الأسلوب في التعامل من وجهة النظر الشرعية؟
الجواب:
أن الهيئة ترى جواز المعاملة التي يقترحها بنك فيصل الإسلامي في استفساره , سواء شرط في اتفاقه مع البنك الأجنبي أن يقرضه من غير فائدة أو لم يشترط الإقراض واكتفى باشتراط عدم أخذ الفائدة.
(فتاوى هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي ص 51 - 53)
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (41)
السؤال:
ما مدى شرعية قيام بيت التمويل الكويتي بإيداع مبالغ لدى البنوك التجارية بدون فوائد , على أن تتبع هذه البنوك مبدأ التعامل بالمثل؟
الجواب:
بالرغم من أني أكره المعاملة مع البنوك الربوية , حتى ولو كانت المعاملة غير ربوية , ولكن لعموم البلوى , ولحاجة المجتمع إلى التعامل معها , لا بأس من إقراضها قرضا حسنا , والاقتراض منها كذلك , تشجيعا لها على المعاملة غير الربوية.
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (151)
السؤال:
بعد موافقتكم على موضوع تبادل الودائع , فقد ظهر السؤال التالي: أن موضوع تبادل الودائع تنطبق عليه القاعدة الفقهية (كل قرض جر نفعا فهو ربا) والسبب في ذلك أنه لو لم يتفق الطرفان على الاقتراض المتبادل لما حدث من جانب واحد. نرجو البت في ذلك.
الجواب:
القاعدة الفقهية لا تنطبق عليه , لأنه ليس نفعا من ذات القرض , حيث يرد مثل ما اقترض من غير زيادة مادية منه أو من جنس آخر , وإنما النفع من الإقدام على التعامل مع من يعاملك , وهذا شأن التجارة.
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (165)
السؤال:
هل يجوز شرعا أن يتفق بيت التمويل الكويتي مع أحد البنوك الأجنبية أن يسحب بيت التمويل الكويتي على المكشوف أية مبالغ من عملة بلد البنك الأجنبي على سبيل القرض الحسن , ولهذا البنك أن يوافق على ذلك , كما أن له الحق في أن يرفض , وفي مقابل ذلك يكون للبنك الأجنبي نفس هذه المزية لدى بيت التمويل في أن يسحب على المكشوف على سبيل القرض الحسن , ومن عملة بلد بيت التمويل الكويتي ولبيت التمويل أن يوافق , كما أنه له الحق في أن يرفض؟
الجواب:
أن هذا العمل جائز شرعا لا غبار عليه.
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (264)
السؤال:
هل يجوز أن اقترض منك ألف دينار لمدة سنة على أن أقرضك ثلاثة آلاف دولار لمدة سنة؟
الجواب:
يجوز ذلك.
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) الفتوى رقم (162)
السؤال:
للبنوك الإسلامية أرصدة بالعملات الأجنبية في البلاد الأجنبية وتريد هذه البنوك أن تحتفظ بهذه العملة لأصحابها الذين أودعوها في الخارج كما هي وبنفس العملة ولكنها في نفس الوقت تريد أن تستثمر هذه الأموال في مجال الاستثمار المحلي وتخشى من فروقات تحويل هذه العملة لذا ترغب البنوك الإسلامية بأن تضع العملات الأجنبية الموجودة في البلاد الأجنبية كقرض تأخذ مقابله عملة محلية وذلك ليتسنى لها استثمارها محليا وتأمن عاقبة نزول أسعار صرف تلك العملة الأجنبية فهل يجوز ذلك شرعا؟
الجواب:
أن وضع كل من البنكين ما يخصه من عملات أجنبية تحت تصرف الآخر هو عبارة عن قرض والمستقرض هو صاحب الحق في الانتفاع بريع ما تحت يديه من أموال اقترضها وعند إعادة القرض يرد بنفس العملة فليست هذه المعاملة صرفا بل هي تبرع بالإقراض من كل من الطرفين للآخر والالتزام بمدة القرض المحدد واجب في مذهب مالك وهو المختار.
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (509)
السؤال:
مقدم من شركة الجميح وهو: نفترض أننا بحاجة إلى مبلغ 10 مليون دولار مثلا لمدة شهر. وإذا طلبنا من البنك أن يعطينا المبلغ سحبا على المكشوف بدون عمولة سيوافق مكرها إلا إذا كنا في موقف يسمح لنا بأن نعطيهم قيمة مماثلة ولتكن بالريال مثلا , وعندما نعيد لهم الدولارات التي اقترضناها منهم سيعيدون لنا الريالات التي أعطيناها لهم. فهل هذا مقبول؟
الجواب:
لا مانع شرعا من تبادل القروض الحسنة بدون أخذ فائدة أو إعطائها.
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بيت التمويل الكويتي - الجزء الثالث فتوى رقم (266)
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (494)
تبادل القروض المتبع في المصارف الإسلامية عند التعامل مع البنوك الربوية جائز ولو كان القرض المقدم من المصرف الإسلامي أكثر من القرض المقابل لجواز القرض في جهة أو جهتين ولا يعتبر هذا قرضا جر نفعا.
فتاوى المستشار الشرعي لبيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (511)
السؤال:
لدينا حسابات بالريال السعودي مع بعض البنوك وتتراوح أرصدة هذه الحسابات ما بين دائن ومدين بمبالغ كبيرة , علما بأن هذه البنوك لا تأخذ منا عمولات ولا تعطينا أي فوائد في كلتا الحالتين دائن (مدين) , ومع ذلك ففي حالة استمرار رصيدنا مدين لفترة طويلة فإن البنوك تطلب منا تغذية الحساب ونقوم بذلك. هل هذا النوع من العمليات البنكية مقبول؟
الجواب:
ليس هناك ما يمنع شرعا من القروض المتبادلة بدون فائدة لا أخذا ولا إعطاء.
فتوى المستشار الشرعي لمجموعة البركة
يقترض البنك دولارات مثلا , ويقرض المصرف التقليدي ريالات مثلا (على نحو متكافئ يراعى فيه المبلغ ومدة القرض) وبذلك يمول العملية بالدولار , وحين يحصل على ثمنها من العميل بالدولار , يعيد قرض المصرف بالدولار , ويسترجع قرضه بالريال , دون الدخول في شراء دولارات , ثم بيعها فيما بعد , مع احتمال حصول فرق عملة قد يذهب بربح العملية كليا أو جزئيا.
إن طريقة تبادل القروض مطبقة في بعض البنوك الإسلامية , وهي صحيحة إذا تمت دون ربط عقدي بين القرضين , وإنما تم ذلك بمذكرة تفاهم ومواعدة , ونفذت المواعدة بالإقراض المتبادل الخالي من الفائدة (ولو كان المصرف التقليدي يأخذ في الحسبان مدة قرضه ومبلغه , ليحصل التكافؤ مع ما يقرضه) .
أما قيام هذه التركيبة على الشراء , فإنه يدخلها في أسلوب الصرف بشراء عملة بعملة وتحمل مخاطر هبوط أسعار العملة , الذي قد يذهب بالربح كله أو معظمه.
(الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية لدله البركة ص 119) جوابا على سؤال بنك البركة الإسلامي للاستثمار - البحرين , وسؤال إدارة الائتمان والتسويق.
فتوى المستشار الشرعي لمجموعة البركة فتوى رقم (52)
. . . علما بأن التعامل بالفوائد محرم أخذا وعطاء , واعتبارا بأن الإيداع لدى البنوك التجارية لانعدام البديل محليا , فإن الأولى عدم ترك الفوائد الناشئة عن هذه الأموال للبنك , وقبضها شريطة إنفاقها في وجوه البر.
كذلك يجوز التفاهم مع البنك المودعة لديه لاحتسابها أرصدة دائنة يتم فيها إطفاء أي أرصدة مدينة على الشركة بسبب انكشاف حسابها بصورة عارضة , شريطة ألا يكون هناك أي التزام فعلي بين الطرفين بقبض أو تسليم أي فائض , وأن يقتصر الأمر على إجراء القيود الحسابية.
(جوابا على سؤال دله البركة القابضة - الدار البيضاء -
الفتوى العاشرة - الحلقة العلمية الثانية للقضايا المصرفية المعاصرة (البركة)
إذا اتفق بنكان على أن يوفر كل منهما للآخر المبالغ التي يطلبها أي منهما على سبيل القرض من نفس العملة أو من عملة أخرى , فإن هذا الاتفاق جائز , تفاديا للتعامل بالفائدة أخذا وإعطاء على الحسابات المدينة بين البنكين , شريطة عدم توقف تقديم أحد القرضين على الآخر.
فتاوى الحلقات العلمية للبركة
لا مانع من إجراء قروض متبادلة بعملات مختلفة لتغطية مخاطر الصرف على النحو المبين في الفتوى العاشرة للحلقة الفقهية الاقتصادية الثانية.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية قرار رقم (106)
السؤال:
ما رأي الهيئة في صيغة اتفاقية السحب على المكشوف بين شركة الراجحي المصرفية للاستثمار وبنك الخليج الدولي؟
الجواب:
وبتأمل الهيئة للاتفاقية المذكورة وجدت أنها تقوم على أسس متبادلة بين الشركة وبنك الخليج بحيث لا يدفع أي منهما للآخر فائدة ربوية على السحب المكشوف بموجب هذه الاتفاقية لذا لا ترى الهيئة ما نعا شرعيا من هذه الاتفاقية.
البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار - الفتاوى الشرعية الجزء الأول - فتوى رقم (19)
الودائع المتبادلة
السؤال:
أرجو التكرم ببيان الوجه الشرعي في حالة اشتراط البنك الإسلامي الأردني على البنوك التجارية التي يودع لديها بعض الودائع لمدد معينة بدون تقاضي أية فوائد أو عمولات , أن تودع لدى البنك الإسلامي مستقبلا ودائع مماثلة بنفس القيمة الشروط دون دفع أية فوائد أو عمولات من قبل البنك عندما يحتاج إلى سيولة نقدية للقيام بمشاريعه الاستثمارية.
الجواب:
قد يتبادر إلى الذهن أن ذلك الشرط ممنوع للأسباب التالية:
(1) حديث كل قرض جر منفعة فهو ربا.
(2) الحديث الآخر: لا يحل سلف وبيع , ولا شرطان في بيع. . إلخ.
(3) ما صرح به في المغني لابن قدامة موفق الدين , والشرح الكبير لابن قدامة شمس الدين , أنه لو شرط في القرض أن يؤجره داره أو أن يبيعه شيئا أو أن يقرضه المقترض مرة أخرى لم يجز. . . إلخ وقد علل ذلك , بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف ولأنه شرط عقدا في عقد. . . إلخ.
أما الحديث الأول , فلم يثبت من طريق صحيح رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وروي موقوفا على بعض الصحابة , ومع هذا قال عمر بن زيد في المغني , لم يصح فيه شيء , ووهم إمام الحرمين والغزالي فقالا , أنه صح , ولا خبرة لهما بهذا الفن , كما ذكر ذلك الإمام الشوكاني في نيل الأوطار.
وأما الحديث الثاني , فمع أنه رواه الخمسة أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه. فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية (وجماع معنى الحديث: أنه لا يجمع بين معاوضة وتبرع , لأن ذلك التبرع إنما كان لأجل المعاوضة , فيصير جزءا من العوض , ويتحقق معنى الربا) .
لكن إذا كان العقد من أساسه مبنيا على تبرع وتطوع مثل عقد الوديعة , أو القرض , ولم يشترط فيه ما يحقق معنى الزيادة , بأي معنى من المعاني , وإنما شرط فيه أن يودعه , أو يقرضه بلا فائدة.
فهل هذا الشرط فيه معنى الزيادة؟
إن إيداع أي شخص , لآخر , بلا فائدة , أمر مباح , بل أنه يجب أن لا يؤخذ عن الوديعة أية فائدة , فذكر هذا الشرط يحقق التزام البنك الآخر أن لا يطالب البنك الإسلامي بفائدة عن أي مبلغ أودعه إياه في حدود مثل الوديعة التي أودعها لديه البنك الإسلامي , أذن فهذا الشرط يحقق مقصودا شرعا صحيحا.
أما ما ذكره كل من موفق الدين وشمس الدين , فقد علل بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف ولأنه شرط عقدا في عقد. أما حديث النهي فقد علمت مما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية أن المقصود به أن لا يجمع بين معاوضة وتبرع , لئلا يتحقق معنى الربا.
وفي صورتنا لا يتحقق معاوضة وتبرع , ولذلك فلا يتحقق أي معنى من معاني الربا , أما أنه شرط عقدا في عقد , فالذي يظهر لي أن المقصود منه مثل ما ذكره شيخ الإسلام في معنى الحديث.
وحادثتنا إنما تؤدي إلى اشتراط عدم استيفاء الفائدة , وهو أمر يقصد شرعا , ويحقق معنى صحيحا , ويضمن للبنك الإسلامي وضعا يحول دون إلزامه بدفع الفائدة , فيما إذا احتاج للسيولة النقدية , لتحقيق أهدافه الاستثمارية , وهذه حالة نتمنى على الله أن يشيع أمرها وينتشر تطبيقها , حتى تحول دون استيفاء الفوائد الربوية المحرمة.
لذلك كله فالذي يتبين لي , أن هذا الشرط لم يفض إلى محرم ولا يقتضى زيادة في القدر ولا في الوصف , وأنه يحقق للبنك مصلحة مقصودة مقبولة , حتى لا يلجئه عند الحاجة إلى الاقتراض من أية جهة لا تقرض إلا بفائدة , وذلك مخالف لمقاصد الشريعة ونصوصها كما هو مخالف لأهداف إنشاء البنك الإسلامي وعليه فإني أرى جواز الإقدام على هذا الشرط وهو معين على تحقيق حالة نتمنى على الله أن يهيئ الظروف لتعميمها وهي الإيداع أو الإقراض بلا فائدة.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار - فتاوى الهيئة الشرعية - قرار رقم (105)
الودائع المتبادلة
اقتراض مبلغ من عملة أجنبية مقابل إيداع مبلغ من عملة أخرى لدى البنك المقترض منه لتجنب مخاطر تقلب أسعار العملات
السؤال:
يقوم بنك الراجحي بشراء عقار في ألمانيا لبيعه بعد سنة وتحقيق ربح (مع العلم أن شراء أو بيع أي عقار في ألمانيا يكون بالمارك الألماني) ولتجنب مخاطر العملة يقوم بنك الراجحي باقتراض المارك مقابل إيداع مبلغ من الدولارات لدى البنك المقترض منه.
بعد مرور عام وبيع العقار بربح يقوم بنك الراجحي بتسديد القرض مما حصله من الماركات نتيجة عملية البيع , أما ما تبقى من الماركات (كربح من عملية بيع العقار) يقوم الراجحي ببيعها في السوق لتحصيل دولارات لقائها. ففي هذه الحالة يكون الراجحي قد اقترض مبلغا بالمارك الألماني فحمى نفسه من المخاطر اليومية لتذبذب العملة أما في حالة الخسارة (بيع العقار بخسارة) ففي هذه الحالة يقوم الراجحي بشراء ماركات من السوق لتسديد العجز ومن ثم تسديد القرض.
الجواب:
أن غرض اجتناب هبوط أسعار النقود في المعاملات التجارية بأي أسلوب من الأساليب المقبولة شرعا هو غرض مشروع لا مانع منه. وأن أسلوب اللجوء إلى عمليتي استقراض الماركات الألمانية وإقراض دولارات أمريكية بدون فوائد ربوية في كلتا العمليتين هو أسلوب وطريق لغرض مشروع وهو اجتناب مخاطر هبوط الماركات بين شراء العقار وبيعه كيلا يبتلع هبوط السعر بسبب التضخم النقدي الربح الذي سيربحه التاجر من بيع ما اشتراه.
لذلك لم تر الهيئة الشرعية مانعا شرعيا من التجاء شركة الراجحي إلى هذا الطريق لحماية نفسها من خطر التضخم النقدي على تجارتها.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) فتوى رقم (162)
قروض متبادلة بعملات مختلفة
السؤال:
للبنوك الإسلامية أرصدة بالعملات الأجنبية في البلاد الأجنبية وتريد هذه البنوك أن تحتفظ بهذه العملة لأصحابها الذين أودعوها في الخارج كما هي وبنفس العملة ولكنها في نفس الوقت تريد أن تستثمر هذه الأموال في مجال الاستثمار المحلي وتخشى من فروقات تحويل هذه العملة لذا ترغب البنوك الإسلامية بأن تضع العملات الأجنبية الموجودة في البلاد الأجنبية كقرض تأخذ مقابله عملة محلية وذلك ليتسنى لها استثمارها محليا وتأمن عاقبة نزول أسعار صرف تلك العملة الأجنبية فهل يجوز ذلك شرعا؟
الجواب:
أن وضع كل من البنكين ما يخصه من عملات أجنبية تحت تصرف الآخر هو عبارة عن قرض والمستقرض هو صاحب الحق في الانتفاع بريع ما تحت يديه من أموال اقترضها وعند إعادة القرض يرد بنفس العملة فليست هذه المعاملة صرفا بل هي تبرع بالإقراض من كل من الطرفين للآخر والالتزام بمدة القرض المحدد واجب في مذهب مالك وهو المختار.
المصدر: بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) فتوى رقم (264)
القروض المتبادلة بعملتين مختلفتين
السؤال:
هل يجوز أن اقترض منك ألف دينار لمدة سنة على أن أقرضك ثلاثة آلاف دولار لمدة سنة؟
الجواب:
يجوز ذلك.
الفتاوى الشرعية في الاقتصاد الصادرة عن ندوات البركة للاقتصاد الإسلامي مجموعة دله البركة
ندوة البركة السادسة , الفتوى رقم 11
القروض المتبادلة
السؤال:
هل يمكن تطبيق غرامة التأخير على القرض الحسن؟
الجواب:
لا يجوز تطبيق غرامة التأخير على القرض الحسن , أما إذا كانت القروض الحسنة بين بنوك فيمكن معالجتها عن طريق تبادل الودائع بدون أرباح محددة (فوائد) .
المصدر الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية - الجزء الأول فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله - البركة الفتوى رقم (25)
الودائع المتبادلة
إن عملية الاقتراض - في أصلها - غير مقبولة شرعا , كما بينت في مذكرة جوابية على سؤال سابق نصه: " هل يجوز أن نودع مبلغا حصلنا عليه قرضا من البنوك لغرض ضريبي بقيمة أقل وندفع الفرق كعمولة للبنك المقترض؟ " وخلاصة جوابي أنه إذا كان الإقراض والإيداع لدى نفس البنك وبمبالغ ومدد معينة بحيث يحصل التقاص والتكافؤ حسابيا دون ترتب التزام دفع المقترض فائدة فعلا ولا أخذ المودع فائدة فعلا فلا مانع منه , لأنه عبارة عن قيود حسابية ليس فيها استحقاق ولا أداء. ولأنه إذا اختلف البنك المودع لديه عن البنك المقرض لم يجز شرعا , لخروج الأمر عن القيود الحسابية والدخول في إجراءات تؤدي لإعطاء الربا فعلا أو أخذه ولا أثر لكون المدفوع والمأخوذ متماثلا أو إطفاء هذا بذاك لأنه جاء بعد التزام بالإعطاء والمطالبة بالمدفوع , وهما ممنوعان شرعا ولهذا كان من الضروري التعجيل بالخروج من هذا القرض.
المصدر الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية - الجزء الأول فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله - البركة الفتوى رقم (50)
القروض المتبادلة
بالنسبة للجديد في الاستفسار الحالي هو أنه بعد تبادل القرضين (الملحوظ فيه تأمين مبلغ العملية الاستثمارية) يتم تبادل قرضين آخرين ملحوظ فيه تغطية مخاطر مبلغ الربح ثم تتم المصارفة على هذا المبلغ وهي مصارفة فورية يقترن فيها التقابض للبدلين بالتعاقد عليهما ويبقى القرض السابق لهذه المصارفة على حاله. وكذلك التبادل الأول.
ولا مانع شرعا من هذه العملية لأن فحواها تبادل قروض بدون فوائد يلتزم الطرفان بدفعها أو أخذها , بالإضافة إلى عملية صرف بشروطه الشرعية.
المصدر الأجوبة الشرعية في التطبيقات المصرفية - الجزء الأول فتاوى المستشار الشرعي لمجموعة دله - البركة الفتوى رقم (52)
التصرف بالفوائد - القروض المتبادلة
علما بأن التعامل بالفوائد محرم أخذا وعطاء , واعتبارا بأن الإيداع لدى البنوك التجارية الربوية لانعدام البديل محليا. فإن الأولى عدم ترك الفوائد الناشئة عن هذه الأموال للبنك , وقبضها شريطة إنفاقها في وجوه البر.
كذلك يجوز التفاهم مع البنك المودعة لديه لاحتسابها أرصدة دائنة يتم فيها إطفاء أي أرصدة مدينة على الشركة بسبب انكشاف حسابها بصورة عارضة , شريطة ألا يكون هناك أي التزام فعلي بين الطرفين بقبض أو تسليم أي فائض , وأن يقتصر الأمر على إجراء القيود الحسابية.
بنك دبي الإسلامي فتاوي هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية فتوى رقم (25)
القروض المتبادلة
السؤال:
ما هو الحكم الشرعي فيما إذا أودع العميل لدى البنك مبلغا وقدره مليون درهم بدون مصروفات ولا فوائد على أن يقوم البنك بإعطاء عميله هذا كتاب ضمان في حدود مبلغ الوديعة وزيادة 15
دون فوائد.
الجواب:
لما كان الأصل في السؤال أن الإيداع في البنك لا يتضمن فائدة محرمة , فأنه يكون جائزا شرعا غير أنه يتعين على المسلم التعامل مع المصارف الإسلامية كلما أمكن ذلك توقيا من الوقوع في الحرام أو الإعانة عليه.
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بنك فيصل الإسلامي السوداني فتوى رقم (7)
الودائع والقروض المتبادلة
السؤال:
بالنسبة لمراسلي البنك بالخارج من البنوك الأجنبية الواضح أن هناك مشكلة تتعلق بطريقة المحاسبة في التعامل حيث أن مثل هذه المعاملات تحكم وتحسب عن طريق سعر الفائدة - وبما أن مثل هذه المعاملات الربوية سوف يكون محظورا على البنك , فإننا نقترح أن يتم التعامل باتفاق مسبق مع البنك الأجنبي فحواه أن يضع البنك الإسلامي مبلغا لحسابه مع البنك الأجنبي من غير أن يتقاضى فائدة على ذلك ويتم ذلك ويتم السحب من ذلك المبلغ لأغراض البنك وفي حالة تجاوز المبالغ المسحوبة للرصيد المودع لدى البنك الأجنبي ويصبح بالتالي دائنا للبنك الإسلامي فأنه ينبغي عدم دفع أية فائدة بل يتم تحويل مبلغ لتغذية الحساب بحيث تكون هناك موازنة بين المبالغ المودعة والمبالغ المسحوبة أو الحسابات المكشوفة - فهل هناك أية غضاضة على هذا الأسلوب في التعامل من وجهة النظر الشرعية؟
الجواب:
اتفق الفقهاء على أن كل قرض شرط فيه ما يجر نفعا للمقرض لا يجوز قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أي أخذ الزيادة على ذلك ربا , وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة , ولأن القرض عقد إرفاق وقربة فإذا شرط فيه منفعة خرج عن موضوعه.
ومن الصور التي يذكرها الفقهاء للقرض الذي يجر نفعا أن يشترط في القرض أن يبيعه شيئا. أو يؤجر داره أو يقرضه مرة أخرى , قال الحطاب (ولا خلاف في المنع من أن يسلف الإنسان شخصا ليسلفه بعد ذلك , هذا في حالة الاشتراط. أما إن أقرضه مطلقا من غير شرط فقضاه خيرا منه , أو أهدى له شيئا أو باعه أو أجره داره أو أقرضه فلا بأس بذلك) .
إن الاتفاق الذي يقترح بنك فيصل الإسلامي إبرامه مع البنوك الأجنبية وإن لم يكن فيه قرض بفائدة إلا أنه قد يقال أن فيه نفعا للمقرض فيشمله المنع إذا اشترط بنك فيصل على البنك الأجنبي أن يقرضه عندما ينكشف حسابه , لأن المبلغ الذي يضعه بنك فيصل الإسلامي عند البنك الأجنبي إذا اعتبرناه قرضا فإن بنك فيصل يكون قد أقرض البنك الأجنبي على أن يقرضه بعد ذلك وقد نص الفقهاء على منع هذا , وإن اعتبرناه وديعة فإن البنك الأجنبي (المقرض) ينتفع بهذه الوديعة فيكون إقراضه لبنك فيصل جر له نفعا وهو ممنوع أيضا.
والمخرج من هذا المنع هو أن يضع بنك فيصل الإسلامي المبلغ الأجنبي لحسابه من غير فائدة , ولا يشترط على البنك أن يقرضه إذا انكشف حسابه , ويكتفي الاتفاق على أن بنك فيصل الإسلامي لا يدفع فائدة للبنك الأجنبي إذا أصبح البنك الأجنبي دائنا له. هذا هو ما تراه الهيئة لحل المشكلة في حدود رأي الفقهاء الذي قررناه.
وترى الهيئة أيضا أن هناك وجها آخر لجواز هذا الاتفاق على النحو الذي يقترحه بنك فيصل الإسلامي ولو اشترط فيه على البنك الأجنبي أن يقرضه من غير فائدة عندما ينكشف حسابه وذلك لأن قصد بنك فيصل الإسلامي من هذا الاتفاق هو تجنب أخذ الفائدة الربوية وتجنب إعطائها , وليس قصده ما يجره القرض من نفع له أو للبنك الأجنبي - والشرط الذي يشترطه على البنك وإن كان منصبا على القرض وعلى كونه من غير فائدة فأن القصد الأساسي منه هو رفع الفائدة لأن البنك الأجنبي لو رفض رفع الفائدة فإن بنك فيصل الإسلامي لن يقبل قرضا منه بفائدة ويبحث عن بنك آخر يوافق على رفع الفائدة أو يعتمد على رصيده وحده ويترك شرط الإقراض , فالقصد من الشرط إذن قصد حسن متفق على مقاصد الشريعة الإسلامية ومحقق للمبدأ الإسلامي الذي تسعى البنوك الإسلامية لتحقيقه وهو عدم التعامل بالربا , والأمور بمقاصدها.
خلاصة الجواب أن الهيئة ترى جواز المعاملة التي يقترحها بنك فيصل الإسلامي في استفساره سواء شرط في اتفاقه مع البنك الأجنبي أن يقرضه من غير فائدة أو لم يشترط الإقراض واكتفى باشتراط عدم أخذ الفائدة.(2/177)
السندات بوجه عام
السندات بوجه عام هي الوثائق التي تصدرها شركة أو شخص معنوي عام , بحيث يتعهد مصدر السند بأن يدفع لحامله بعد مدة محددة القيمة الاسمية للسند , كما يتعهد بدفع فائدة سنوية محددة تمثل نسبة مئوية من القيمة الاسمية للسند.
فهذه السندات , قروض تعقدها الشركة أو الشخص المعنوي مع المقترضين , ومن اكتتب في هذه السندات , فهو مقرض للشركة أو للشخص المعنوي بقيمة ما اكتتب.(2/178)
التكييف الفقهي لهذه السندات أنها قروض ربوية يعقدها من حررها , وهو المقترض , لمصلحة من حررت له , وهو المقرض , والقيمة المدفوعة هي المال المقرض , والفائدة المقررة هي الزيادة الربوية.
السندات
بعد الاطلاع على الأبحاث والتوصيات والنتائج المقدمة في ندوة (الأسواق المالية) المنعقدة في الرباط 20 - 24 ربيع الثاني 1410هـ / 20 - 24 / 10 / 1989م بالتعاون بين هذا المجمع والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية , وباستضافة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية ,
وبعد الاطلاع على أن السند شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية عند الاستحقاق , مع دفع فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة الاسمية للسند , أو ترتيب نفع مشروط سواء أكان جوائز توزع بالقرعة أم مبلغا مقطوعا أم خصما. تقرر:
(1) أن السندات التي تمثل التزاما بدفع مبلغها مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط محرمة شرعا من حيث الإصدار أو الشراء أو التداول , لأنها قروض ربوية سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة أو عامة ترتبط بالدولة ولا أثر لتسميتها شهادات أو صكوكا استثمارية أو ادخارية أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها ربحا أو ريعا أو عمولة أو عائدا.
2 - تحرم أيضا السندات ذات الكوبون الصفري باعتبارها قروضا يجري بيعها بأقل من قيمتها الاسمية , ويستفيد أصحابها من الفروق باعتبارها خصما لهذه السندات.
3 - كما تحرم أيضا السندات ذات الجوائز باعتبارها قروضا اشترط فيها نفع أو زيادة النسبة لمجموع المقرضين , أو لبعضهم لا على التعيين , فضلا عن شبهة القمار.
4 - من البدائل للسندات المحرمة - إصدار أو شراء أو تداول - السندات أو الصكوك القائمة على أساس المضاربة لمشروع أو نشاط استثماري معين , بحيث لا يكون لمالكيها فائدة أو نفع مقطوع , وإنما تكون لهم نسبة من ربح هذا المشروع بقدر ما يملكون من هذه السندات أو الصكوك ولا ينالون هذا الربح إلا إذا تحقق فعلا.
ويمكن الاستفادة في هذا من الصيغة التي تم اعتمادها بالقرار رقم (5) للدورة الرابعة لهذا المجمع بشأن سندات المقارضة.
مجمع الفقه الإسلامي / الدورة السادسة شعبان 1410هـ / قرار رقم (62 / 11 / 6)(2/179)
سندات الخزانة شهادات الاستثمار ذوات الفوائد
من الأساليب التي تلجأ إليها الدولة الحديثة لسد العجز في ميزانية الدولة بالقروض هي إصدار سندات تسمى (سندات الخزانة) أو (أذون الخزانة) , وقد تسمى في بعض البلدان العربية والإسلامية (بشهادات الاستثمار) ولها آجال مختلفة , وهذه السندات والشهادات ليست إلا قروضا تصدرها الدولة بسندات قرض , لآجال قصيرة أو متوسطة أو طويلة.
وقد لجأت بعض الدول إلى إصدار شهادات استثمار بجوائز لتشجيع صغار المدخرين الذين قد لا يجدون إغراء في سعر الفائدة بسبب ضآلة مدخراتهم.(2/180)
تعتبر سندات الخزانة أو ما تسمى بشهادات الاستثمار ذوات الفوائد من القروض الربوية المحرمة سواء أكانت تستخدم في تمويل النفقات الحكومية الإدارية أو الخدمات العامة أو تستثمر في تنفيذ خطة الدولة للتنمية الاقتصادية.
أما شهادات الاستثمار التي تكون بجوائز , فهي تشمل حينئذ على ربا وقمار.
أما الربا , فهو موجود من ناحيتين:
(1) أن الدولة تحسب فوائد لهذا النوع من الشهادات , وبدل أن توزعه على حامليها بحسب المبلغ والمدة , فإنها توزعه على صور مختلفة في شكل جوائز , فتزيد للبعض في مقابل أن تحرم البعض الآخر.
(2) أن كل مكتتب في هذا الشهادات إنما يكتتب طمعا في الحصول على ربا على رأس ماله الذي دفعه في الاكتتاب في هذه الشهادات , فالنية الربوية ظاهرة فيها وليست بخافية.
وأما القمار فهو فيها أظهر. ولا يمكن القول بأن هذه الجائزة ههنا هبة , وذلك لأنها مقصورة على أرباب رأس المال المكتتبين في هذه الشهادة.
كما أنه لا يمكن القول أن هذه الجوائز من قبيل الربا غير المشروط , وذلك لأن الجائزة معلنة منذ عقد القرض , ولكل يطمع فيها , وما اكتتب أحد إلا بقصد الفوز بها.(2/181)
فتوى شيخ الأزهر محمود شلتوت:
(وأما السندات , وهي القرض بفائدة معينة لا تتبع الربح والخسارة , فإن الإسلام لا يبيحها إلا حيث دعت إليها الضرورة الواضحة , التي تفوق أضرار السندات التي يعرفها الناس , ويقررها الاقتصاديون)
(الفتاوى لمحمود شلتوت ص 355)
قرار مجلس المجمع الفقهي بمكة المكرمة
(القرار الأول) حول سوق الأوراق المالية والبضائع
رابعا: أن العقود العاجلة والآجلة على سندات القروض بفائدة , بمختلف أنواعها غير جائزة شرعا , لأنها معاملات تجرى بالربا المحرم.
الفتاوى والتوصيات للندوات الفقهية لبيت التمويل الكويتي (رقم 5)
تؤكد الندوة ما صدر من قرارات وفتاوى عن مجامع الفقه الإسلامي بشأن حرمة فوائد شهادات الاستثمار ذات العائد المحدد مقدما , باعتبار ذلك من الربا المحرم بالكتاب والسنة والإجماع.
(الندوة الفقهية الثانية لبيت التمويل الكويتي المنعقدة في الكويت - أعمال الندوة ص (523)
فتوى هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي السوداني:
جاء في الاستفسار رقم 18 حول جوائز الادخار ما يلي: تقوم مصلحة البريد والبرق بالسودان بمباشرة صورة معينة للنشاط الادخاري , وذلك ببيعها لسندات ادخار ذات قيمة اسمية للجمهور بأسعار موحدة , ويمكن استرداد قيمتها بإرجاعها وقت ما شاء صاحبها.
هذا وتقوم هذه المصلحة بعمل سحب بطريقة عشوائية خلال فترات معينة بهدف اختيار عدد محدود من أصحاب السندات , ومنحهم جوائز ذات قيم متفاوتة , كحافز لهم على الاستمرار في عملية الادخار , وحفز آخرين لشراء السندات
وفي هذا الصدد فإننا نتساءل:
أ - عما إذا كانت هناك شبهة تحوم حول مثل هذا النوع من النشاط الادخاري؟ علما بأن المدخر في هذه الحالة يعلم سلفا ويتوقع الفوز بإحدى الجوائز.
ب - كذلك نتساءل عما إذا كان جائزا للبنك منح جوائز للمدخرين فيه , وهم لا يعلمون أو يتوقعون أية حوافز عند فتحهم حسابات الادخار؟
الجواب:
يجوز أن يمنح البنك جوائز لأصحاب ودائع الادخار دون علم سابق من جانبهم , وبكيفية يحددها البنك , بحيث تتعدد وتتباين صور هذه الجوائز في كل مرة في فترات ثابتة , حتى لا تصبح هي الدافع للادخار , ولا يجوز تقديم جوائز للمدخرين بصورة معلنة ومتكررة , وإن كانت غير مشروطة في عقد وديعة الادخار , لأن ذلك سيصير بمرور الزمن عرفا , وبالتالي يأخذ حكم المنفعة المشروطة في عقد الوديعة , وبما أن أصحاب الودائع أذنوا للبنك في التصرف في ودائعهم , وضمن البنك ردها إليهم , فإنها تأخذ حكم القرض , ولا يجوز اشتراط منفعة للمقرض.
قرار مجمع الفقة الإسلامي بجدة: رقم (62 - 11 - 6) الدورة السادسة
أ - أن السندات التي تمثل التزاما بدفع مبلغها مع فائدة منسوبة إليه , أو نفع مشروط محرمة شرعا , من حيث الإصدار أو الشراء أو التداول , لأنها قروض ربوية , سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة , أو عامة ترتبط بالدولة , ولا أثر لتسميتها شهادات أو صكوكا استثمارية أو ادخارية أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها ربحا أو ريعا أو عمولة أو عائدا.
ب - تحرم أيضا السندات ذات الكوبون الصفري باعتبارها قروضا يجرى بيعها بأقل من قيمتها الاسمية , ويستفيد أصحابها من الفروق باعتبارها خصما لهذه السندات.
ج - كما تحرم أيضا السندات ذات الجوائز باعتبارها قروضا اشترط فيها نفع أو زيادة بالنسبة لمجموع المقرضين أو لبعضهم لا على التعيين , فضلا عن شبهة القمار.
قرار ندوة تهيئة الأجواء لاستكمال تطبيق الشريعة في المجال الاقتصادي بالكويت رقم (2)
تمويل العجز في الميزانية بطريق السندات (الأدوات المالية ذات الفائدة) أمر لا تقره الشريعة ولا تقتضيه ضرورة , ويضر باقتصاد المجتمع.
(قرارات وتوصيات الجلسة الثانية حول العجز في الميزانية)
البنك الإسلامي الأردني الفتاوى الشرعية الجزء الثاني الفتوى رقم (41)
أذونات الخزينة
السؤال:
أرجو التكرم ببيان الرأي الشرعي حول المسألة التالية:
(تصدر الحكومة أذونات خزينة تستحق الدفع بعد ثلاثة أشهر من تاريخ إصدارها , وتبيع الإذن الواحد الذي قيمته (1000) دينار مثلا بمبلغ (986) دينارا , وتدفع الحكومة مبلغ ال (1000) دينار لحامل السند في تاريخ الاستحقاق , أي بعد مضي الثلاثة أشهر من تاريخ الإصدار) .
لذا , يرجى التكرم ببيان الرأي الشرعي في شراء البنك الإسلامي الأردني لمثل هذه الأذونات (السندات) حيث طلب منا البنك المركزي الأردني شراءها.
الجواب:
بشأن الاستيضاح عن الحكم الشرعي في أذونات الخزينة المرسل مع الكتاب صورة عنها وعن شروط الإصدار.
بعد الاطلاع على صورة الإذن , وصورة شروط الإصدار تبين أن السندات المشار إليها , يشتريها المشتري بمبلغ معين , ثم بعد مدة يأخذ ثمنها أكثر مما دفع. وبما أن هذا البيع محرم شرعا لأن فيه بيع الكالئ بالكالئ وهو ربا وقد نهي عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. لذلك أرى أن الوجه الشرعي يقضي بعدم مساهمة البنك الإسلامي في هذه الأذونات.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية - قرار رقم (12)
استخدام الشركة للتأجير العادي والتمليكي والمشاركة والبيع المؤجل والمرابحة لسد العجز في موازنة الدولة وذلك باعتبارها بديلا عن سندات الخزينة الربوية.
السؤال:
نرجو إبداء الرأي الشرعي حول كيفية مشاركة الشركة في سد العجز المالي الذي طرأ على ميزانية الدولة بسبب نقص مواردها من الزيت , على أن تكون متمشية مع نظام الشركة وبخاصة ما تضمنه من قيود تمنع أي تعامل يتعارض مع الشريعة الإسلامية.
الجواب:
أن التمويل في البلاد المتقدمة اقتصاديا لا يتم دائما ولا غالبا بطريقة القروض بالفائدة كالسندات وإنما يتم بصيغ أخرى لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية ومن الصور الشائعة التأجير للمعدات والمباني أو أي سلعة رأس مالية سواء كان تأجيرا عاديا أو تأجيرا منتهيا بالتمليك فهذه الصور بديل صالح عن سندات الخزينة بالإضافة إلى هذا ترى الهيئة أن هنالك صورا أخرى للتمويل لا محذور شرعيا فيها , منها:
أ - المشاركة المتناقصة في المشروعات الحكومية أو التي تشارك فيها الحكومة كشركة سابك أو الخدمية التي تملكها الدولة مثل شركة الخطوط السعودية وسكة الحديد وذلك لتمويل مشاريع جديدة أو عمليات التوسع والتجديد لهذه المشروعات.
ب - البيع المؤجل بالتقسيط لما تحتاجه الحكومة من منشآت أو معدات أو مواد.
ج - البيع بالمرابحة لاحتياجات الحكومة ومؤسساتها من المشتريات المحلية والخارجية.
فكل هذه بدائل شرعية صالحة عن سندات الخزينة تحقق الغرض من إصدار السندات وهي سالمة من معارضتها للشريعة.
فإذا تقرر أن تقوم الشركة بأي عملية من العمليات المذكورة آنفا فإن عليها أن تقدم إلى الهيئة عقد العملية المقصودة لمراجعته والتأكد من عدم معارضته للأحكام الشرعية.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية قرار رقم (15)
شراء الشركة أسهما مملوكة للدولة وبيعها لها بقيمة أكبر وتسدد الدولة القيمة مؤجلا
السؤال:
نرجو إبداء الرأي الشرعي حول ما إذا أرادت شركة الراجحي المصرفية للاستثمار أن تساهم في سد عجز ميزانية الدولة عن طريق شرائها لأسهم مملوكة للدولة مثل أسهم شركة سابك أو غيرها ثم تبيعها عليها بثمن أكبر على أن تسدد الدولة القيمة بعد فترة من الزمن كعام مثلا , فهل هذا يجوز؟
الجواب:
أن الصورة المسئول عنها في هذا السؤال هي العينة المحرمة شرعا التي ورد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم التحذير من التعامل بها حيث قال صلى الله عليه وسلم (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه شيء حتى ترجعوا إلى دينكم) . حديث صحيح رواه الإمام أحمد وأبو داود , وقد ورد في تحريم هذه المعاملة عدة أحاديث عن عائشة وابن عباس وأنس رضي الله عنهم بناء على ذلك فإنه لا يجوز للشركة أن تتعامل بهذه المعاملة المحرمة وقد سبق أن بعثت الهيئة لكم برأيها المتضمن بدائل لسندات الخزينة عن طريق المعاملات الإسلامية المشروعة وعليكم مناقشة تطبيق هذه البدائل مع أولي الأمر الذين هم حريصون على تطبيق الأحكام الشرعية والبعد عن كل ما يخالفها جزاهم الله خيرا وسوف تتوصلون إن شاء الله إلى ما فيه خير الدنيا والآخرة والبعد عن ارتكاب المحرم.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية قرار رقم (33)
مساهمة الشركة في ترويج وبيع السندات الحكومية
السؤال:
نرجو إبداء الرأي الشرعي حول طلب بعض البنوك بمساهمة شركة الراجحي المصرفية للاستثمار في ترويج وبيع سندات التنمية الوطنية للدولة بالدولار الأمريكي.
الجواب:
وبتأمل الهيئة في نوعية السندات المذكورة تبين أنها سندات ربوية يصدرها البنك المركزي لسد العجز في ميزانية الحكومة وعلى هذا فلا يجوز التعامل بها بيعا أو شراء أو توسطا لأنها من الربا الصريح الذي ورد النهي عنه في الكتاب والسنة وأجمع المسلمون على تحريمه لذا يجب على الشركة عدم التوسط في ترويج وبيع السندات المذكورة.(2/182)
حسم خصم الكمبيالات
حسم الكمبيالات هي صورة أخرى من صور الإقراض التي تقوم بها البنوك التقليدية.
فالكمبيالة: هي ورقة ذات قيمة يتعهد مصدرها (كاتبها) بأن يدفع في تاريخ محدد مبلغا من النقود يكون متعلقا بذمته نتيجة بيع مؤجل الثمن أو قرض أو غير ذلك. ولا يحل أجل وفاء الكمبيالة إلا في التاريخ المدون عليها.
والمراد بالحسم أو الخصم أو القطع: دفع البنك قيمة الكمبيالة قبل ميعاد استحقاق وفائها , بعد خصم مبلغ معين يمثل فائدة القيمة المذكورة عن المدة بين تاريخ الخصم وميعاد الاستحقاق.(2/183)
أن عملية حسم الكمبيالات محظورة شرعا لابتنائها على قاعدة القرض الربوي ولانطوائها على أي وجه من وجوه التأويل على الربا المحرم. وذلك لأمرين:
أحدهما: أننا لو أخذنا عملية خصم الكمبيالات على ظاهرها بحسب الشكل الذي أفرغت فيه لوجدناها من قبيل بيع الدين لغير من عليه الدين حيث يبيع صاحب الكمبيالة (الدائن) دينه المؤجل المسطور فيها لغير المدين بثمن معجل من جنسه , وبيع الدين لغير من عليه الدين إذا اشتمل على الربا فهو محرم بإجماع الفقهاء.
والربا ههنا متحقق , لأن العوضين من النقود , وقد باع الدائن نقدا آجلا بنقد عاجل أقل منه , فانطوى بيعه على ربا الفضل والنساء.
والثاني: أننا لو خذنا عملية الخصم بحسب المقصود والغاية منها لوجدناها أحد أمرين:
أ - إقراض مبلغ وأخذ المقرض حوالة من المقترض بمبلغ أكثر منه يستوفي بعد مدة معينة. وهو ربا صريح لا مجال للتأويل فيه , لأن الحوالة المشروعة يشترط فيها تساوي الدينين: المحال به , والمحال عليه. وهنا تحقق بين مبلغ القرض والمبلغ المستوفي فيما بعد زيادة في مقابل الأجل , وهو من ربا النسيئة.
ب - أو قرض مضمون بالورقة التجارية المظهرة لأمر المصرف تظهيرا تاما , إذ المصرف لم يقصد أن يكون مشتريا للحق الثابت في الورقة , ولا أن يكون محالا به , وإنما قصد الإقراض , فقبل انتقال ملكية الورقة المخصومة إليه على سبيل الضمان , فإذا حل وقت استحقاقها , ولم يدفع أي من الملتزمين قيمتها , فإن المصرف يعود على الخاصم بالقيمة , دون أن يرغب أو يكلف نفسه بملاحقة الملتزمين حتى نهاية المطاف , كما هو الحاصل عمليا.(2/184)
مصاريف ونفقات القرض الحسن
من المعلوم أن عبء مصاريف ونفقات الإقراض ووفاء القرض يتحملها شرعا المقترض وحده , ولا يكلف المقرض بشيء منها , لأنه محسن وفاعل معروف , وما على المحسنين من سبيل.
وفي التطبيق العملي المعاصر للقرض الحسن في البنوك الإسلامية ظهرت مسألة (رسوم الخدمة) التي تستوفي من المقترض على أساس كونها تمثل التكاليف الإدارية الفعلية التي يتكبدها المصرف الإسلامي في تقويم المشروعات التي جرى القرض من أجلها , ومتابعة تنفيذه , حتى يتم وفاؤه , وكيف يتم حسابها بالصورة الشرعية , كيلا يتحمل المصرف نفقات لا تلزمه شرعا {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} ولا يتحمل المقترض شيئا زائدا على المصاريف الفعلية لعملية الإقراض.(2/185)
تجربة البنك الإسلامي للتنمية في مجال مصاريف ونفقات القرض كان من أبرز تطبيقات هذه العملية تجربة البنك الإسلامي للتنمية بجدة لها , وذلك على النحو التالي: -
(القروض التي يقدمها البنك الإسلامي للتنمية للدول الأعضاء لتمويل مشروعات البنية الأساسية هي قروض طويلة الأجل , إذ تتراوح مدة الوفاء بين خمسة عشر وثلاثين عاما. والتزاما بأحكام الشريعة الإسلامية فإن البنك لا يتقاضى فوائد على تلك القروض , غير أنه بناء على ما نصت عليه اتفاقية تأسيسه يتقاضى البنك رسم خدمة لتغطية نفقاته الإدارية.
وقد رأى البنك أن يتم تحديد رسم الخدمة في ضوء التكلفة الإدارية الفعلية التي سوف يتحملها البنك في تقويم المشروعات التي يمولها , وأيضا تكلفة متابعة تنفيذها. ولما كان من الصعوبة بمكان تحديد وضبط التكلفة الإدارية الفعلية التي يتحملها البنك في كل مشروع من المشروعات التي يمولها على حدة , لذا فإن البنك حتى الآن , وإلى أن يصبح من الممكن عمليا تحديد الكلفة الإدارية التي يتحملها في كل مشروع على حدة على وجه الدقة يكتفي بإجراء تقدير تقريبي لتكاليف الخدمة الإدارية , والتي رأى أنها تتراوح بين 5 , 2 , 3 في المائة حسب حالة المشروع وظروفه.
وبناء على ذلك فإن البنك - في حدود النسبة التقريبية المذكورة - يتقاضى مبلغا مقطوعا يلتزم المقترض بالوفاء به لتغطية هذا التكاليف الإدارية.
الحكم الفقهي في المسألة
تم عرضت هذه التجربة على هيئة من علماء الشريعة الإسلامية (من أعضاء مجمع الفقه الإسلامي بجدة وخبرائه) في اجتماع لهم مع إدارة البنك الإسلامي للتنمية في مقره بجدة في الفترة ما بين 14 - 17 شوال 1406هـ الموافق 21 - 14 من يوليو 1986م , وبعد أن تدارس المشاركون الموضوع انتهوا إلى الأمور التالية:
(1) بما أن اتفاقية تأسيس البنك الإسلامي للتنمية المصادق عليها من قبل الدول الأعضاء بالبنك نصت في مجال تمويل القروض على أن (يتقاضى البنك رسم خدمة مقابل مصروفاته الإدارية) , وهذا الأمر تم الاتفاق على قبوله من كافة الحاضرين كمبدأ من المبادئ , ونظرا إلى أن تقدير هذه النفقات يتعذر بكامل الدقة حسب ما قدمة البنك واقتنع به كل الحاضرين , لذلك اتفقوا على أنه لا مناص من اللجوء إلى التقدير التقريبي العادل لا يظلم فيه أي من طرفي العملية ; المقترض والبنك.
2 - إن ما جرى عليه عمل البنك من تقدير رسم الخدمات بين 2% , 5% , 3% عن جميع مدة القرض لاحظ عليه الحاضرون أنه أمر مبالغ فيه , وأنه لا بد من إعادة النظر فيه على أسس جديدة في تقدير معدل النفقات على القروض ونظرا لما لوحظ من وجود تفاوت بين مرحلتين: أولاهما: عند إنجاز القرض , حيث أن هناك نفقات كبيرة تتمثل في الدراسة ومتابعة الإنجاز. وثانيتها: المرحلة اللاحقة التي يقل فيها الجهد , وتكون نفقتها محدودة.
فقد اتفق الحاضرون على أن البنك يتقاضى تكاليف الخدمة عن مدة إنجاز المشروع فقط ويتغاضى عن المدة اللاحقة وعن المصاريف الإدارية المتعلقة بها بعد إنجاز المشروع , خلال فترة الوفاء تنزها عن الشبهات.
3 - بالنسبة لتقرير هذه النفقات عن مدة الإنجاز التي يتحملها المقترض , والتي لا بد من تقديرها التقريبي حسب الاعتبارات السابقة , واعتمادا على ما قدمه البنك من بيانات حول هذه النقطة , قرر الحاضرون أن نفقات الخدمة تقدر بالمعادلة التالية: -
قسمة الحصة التقديرية للعمليات العادية من المصاريف على الاعتمادات المقررة للعمليات العادية خلال خمس سنوات ماضية , ثم استخراج النسبة المئوية لتضرب هذه النسبة في مبلغ القرض في عدد سنوات إنجاز كل مشروع على حدة.
ويشكل الناتج مبلغا مقطوعا يدفعه المقترض منجما على سنوات الوفاء.
وعند الانتهاء من إنجاز المشروع تقارن المدة المقدرة بالمدة الفعلية للإنجاز , فإن ساوتها فبها ونعمت , وإن كانت أقل , خصم من المقدار الإجمالي للخدمة ما يتناسب مع المدة من الأقساط الباقية. وإن كانت أكثر يضاف إلى الخدمات بحسب تلك النسبة. ويلزم المقترض بالوفاء بها مع الأقساط الباقية.
كما اتفق الحاضرون على أن تقرير هذه النسبة ليس تقديرا جامدا بل يجب إعادة النظر فيها سنويا وذلك بحذف السنة الأولى من السنوات الخمس في التقدير , وإضافة السنة الأخيرة بدلا عنها.
(محضر اجتماع أصحاب الفضيلة علماء الشريعة مع البنك الإسلامي للتنمية حول استفسارات البنك المتعلقة ببعض عملياته من 14 - 17 شوال 1406هـ.(2/186)
مجمع الفقه الإسلامي الدورة الثالثة بخصوص أجور خدمات القروض في البنك الإسلامي للتنمية:
قرار مجلس المجمع اعتماد المبادئ التالية:
(1) جواز أخذ أجور عن خدمات القروض.
(2) أن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية.
(3) كل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة , لأنها من الربا المحرم شرعا.
بيت التمويل الكويتي فتوى رقم (514)
السؤال:
مذكرة مرسلة من بنك الكويت الصناعي: قرر مجلس الوزراء الموقر إنشاء محفظة مالية بمبلغ خمسين مليون دينار كويتي لتمويل المزارعين على أن تدار هذه المحفظة من قبل بنك الكويت الصناعي , وتهدف هذه المحفظة إلى دعم الإنتاج الزراعي بقطاعاته المختلفة عن طريق تقديم القروض للمزارعين لمساعدتهم في شراء الآلات والمعدات. . . وغيرها. . وسوف يقوم البنك بتقديم القروض اللازمة للمزارعين بعد إجراء دراسات خاصة بكل مشروع على حدة للتأكد من جدواه الاقتصادية والفنية. . . . وغني عن البيان أن إدارة هذه المحفظة سوف تتكبد مصروفات عمومية وإدارية كبيرة مثل رواتب الموظفين وأجرة المكاتب وغيرها من المصروفات. . . . يرجى التفضل بالإفادة عن الأسلوب الأمثل لإقراض هؤلاء المزارعين مع تغطية البنك لمصاريفه العمومية والإدارية في دراسة تلك المشاريع ومتابعتها. وأن يحق للبنك تقدير مصاريف الدراسة والمتابعة لكل مشروع على حدة , فإنه يرجى التكرم بالإفادة أيضا عما لو كان البنك يستطيع تحصيل هذه المصاريف من العميل قبل إعطائه القرض أو خصم هذه المصاريف من القرض مباشرة أو تحميلها على القرض وتسديدها مع القرض على أقساط شهرية. . . .
الجواب:
رأت هيئة الفتوى والرقابة الشرعية ما يلي:
لا مانع شرعا من تحميل المقترضين من المحفظة النسبة التي تخصهم من مصاريفها شريطة احتساب هذه النسبة بصورة مطابقة للواقع دون تحقيق أية زيادة على المصاريف وذلك بتوزيع المصاريف الخاصة بالمحفظة على جميع المبالغ المقدمة قروضا وربط كل مبلغ بنسبته وذلك عن المدة الفعلية التي تحتاج فيها.
بنك فيصل الإسلامي المصري فتوى رقم 34
السؤال:
الرجاء إبداء الرأي الشرعي في القرض الحسن المقدم من إحدى الهيئات وتطلب من البنك تعهدا بسداد قيمة هذا القرض على مدى أربعة وعشرين عاما؟
الجواب:
ترى الهيئة أنه لا مانع من قبول القرض الحسن ما دام هذا القرض لا يجر أية منفعة للمقرض بأي صورة من الصور , كما لا ترى مانعا من أن يصدر البنك خطاب ضمان يتعهد فيه بسداد هذا القرض إلى المقرض خلال المدة المتفق عليها بشرط ألا يزيد مجموع الأقساط المسددة من البنك عن أصل القرض المقدم من المقرض.
جواز أخذ مصاريف عن كل عملية سحب من الحساب الجاري
السؤال:
بالنسبة للحسابات المفتوحة بالعملات الأجنبية المشار إليها في السؤال السابق هل يجوز تحديد مبلغ ثابت يؤخذ من العميل عن كل عملية سحب كمصاريف لبيت التمويل؟
الجواب:
إذا كان هناك مصاريف فعلية فلا بأس في ذلك ولكن ليس هناك داع لذلك حفاظا على سمعة بيت التمويل ويصبح البنك متبرعا بذلك على أن لا يكون ذلك شرطا وإلا دخل من باب الربا باعتبار أن (كل قرض جر منفعة فهو ربا) وليكن من باب حسن المعاملة , وحين يتكلف البنك أية أجور أو مصاريف فيحق له أخذ المصاريف مقدرة تقديرا فعليا مع التحرز والحرص في تقدير هذه المصاريف بقدر الاستطاعة.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) فتوى رقم (169)(2/187)
تطبيقات الرهن(2/188)
الرهن التأميني أو الرسمي
تكلم علماء القانون على ما أسموه بالرهن التأميني وهو يعرف بأنه عقد يكسب به الدائن على عقار مخصص لوفاء دينه حقا عينيا , يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التالين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد يكون.
ويظهر من التعريف خصائص الرهن التأميني: وهي كونه عقدا واردا على عقار يمنح صاحبه حق التقدم أو الأولوية على بقية الدائنين العاديين في استيفاء حقه من ثمن العقار عند بيعه.
ومن أهم خصائصه: أن يقع على عقار , أو حق عيني على عقار , وهو الأهم في الحياة العملية.
ولا بد لانعقاد هذا الرهن من تسجيله في صحيفة العقار المخصصة له في السجلات العقارية , فالتسجيل ركن فيه , ويتحمل الراهن نفقات العقد من كتابة ونفقات تسجيل إلا إذا اتفق مع المرتهن على غير ذلك.
والرهن التأميني حق لا يتجزأ , فكل جزء من أجزاء العقار المرهون ضامن لكل الدين , وكل جزء من الدين مضمون بالعقار المرهون.
أثر الرهن التأميني بالنسبة إلى الراهن:
التصرف بالمرهون:
للراهن أن يتصرف في عقاره المرهون رهنا تأمينيا تصرفا محتملا للفسخ , كالبيع والإجارة والهبة والصدقة ونحو ذلك , إذا فعله الراهن قبل سقوط الدين لكن يكون تصرفه موقوفا نفاذه على رضا المرتهن أو قبوله , لأن الراهن لا يفقد ملكية العقار ولا حيازته ولا حقه في التصرف فيه , غير أن الملكية تنتقل مثقلة بالرهن إذا كان الرهن قد سجل في دائرة التسجيل العقاري قبل تسجيل التصرف.
فإذا أجاز المرتهن البيع يتحول حقه إلى الثمن , بخلاف بدل الإجارة.
إدارة المرهون:
كما أن للراهن حق التصرف في العقار المرهون , فإن له أيضا لصاحبه حق إدارته , فله استعمال العقار المرهون بنفسه , واستغلاله بواسطة غيره , وله أن يحصل على غلته , حتى تاريخ نزع ملكيته جبرا عند عدم الوفاء بالدين , لأن الغلة تلحق بعد هذا التاريخ بالعقار , وتصبح من عناصر الوفاء بالدين.
ضمان سلامة المرهون حتى تاريخ الوفاء بالدين:
يضمن الراهن سلامة المرهون حتى تاريخ الوفاء بالدين , ولا يجوز له أن يقوم بأي عمل من شأنه ضياع ضمان الدائن أو إنقاصه بتخريب أو تعيب.
وللدائن أن يتخذ من الوسائل ما يحفظ حقه , كأن يطلب من المحكمة تعيين حارس على العقار أو منع الراهن أو غيره من تخريب المرهون ومن أي عمل من شأنه إنقاص قيمة الضمان.
وله أن يرجع على الراهن بجميع النفقات التي ينفقها من أجل حفظ العين , كمصروفات الحراسة , والتقاضي وإعادة العين إلى أصلها عند نشوء الضمان.
وإذا هلك العقار المرهون أو تعيب قضاء وقدرا , كان على الراهن إما الوفاء بالدين قبل حلول الأجل , أو تقديم ضمان جديد للمرتهن.
وكذلك إذا هلك المرهون أو تعيب بخطأ من الراهن , كان على الراهن إما وفاء الدين فورا , أو تقديم ضمان جديد لمدينه.
أما إذا طرأت أعمال تعرض المرهون للهلاك أو التعيب أو تجعله غير كاف للضمان , كالحفر قرب العقار , فللمرتهن الطلب من المحكمة وقف هذه الأعمال التي تمنع وقوع الضرر.
وفي حال هلاك العقار المرهون ينتقل الرهن التأميني إلى بدله , كالتعويض , أو مبلغ التأمين أو مقابل نزع الملكية للمنفعة العامة , من ثمن أنقاض أو عقار آخر , وللمرتهن استيفاء حقه من هذه الأموال طبقا لمرتبته بين الدائنين.
أثر الرهن بالنسبة إلى الدائن المرتهن:
تنازل المرتهن عن حقه لغيره:
للمرتهن رهنا تأمينيا أن يتنازل عن حقه في المرهون لآخر لأن له حقا عينيا فيه , ولكن بشرط موافقة المدين الراهن.
ويسجل حينئذ سند التنازل في دائرة التسجيل حفظا لحق المتنازل له.
استيفاء المرتهن حقه من المرهون عند الأجل:
للمرتهن بماله حق الأولوية أن يستوفي دينه من العقار المرهون عند حلول أجل الدين , طبقا لمرتبته بين الدائنين , مع مراعاة الإجراءات القانونية المقررة.
فإذا لم يف العقار بدينه , كان له الرجوع بباقي دينه على أموال المدين كدائن عادي.
وإذا وجدت زيادة ردت على الراهن.
3 شرط تملك المرهون:
هذا شرط باطل مناف لما تقرر في الحديث السابق: لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه.
فإذا اشترط المرتهن في العقد تملك المرهون في مقابل دينه إن لم يؤده الراهن في الأجل المعين , أو إذا اشترط بيعه دون مراعاة الإجراءات القانونية , فالرهن صحيح والشرط باطل.
أثر الرهن التأميني بالنسبة إلى غير العاقدين:
حق التقدم:
يترتب على الرهن التأميني كالرهن الحيازي حق الدائن المرتهن بالأولوية أو التقدم أو الامتياز على بقية الدائنين العاديين في اقتضاء دينه , طبقا لمرتبة قيده في دائرة التسجيل.
وأما الدائنون الشخصيون العاديون فلا امتياز لأحدهم في التقدم على سواه , بل توزع عليهم أموال المدين بنسبة ديونهم.
ويستوفي الدائن المرتهن حقه من ثمن العقار المرهون أو من المال الذي حل محله , كمقابل ضمان الهلاك أو التأمين بنفس المرتبة , وذلك بعد حسم ما أنفق على الإجراءات.
ويعتبر ثمن العقار هو الضامن لسداد الدين , وإذا دفع تعويض عن العقار المرهون , فإن ذلك التعويض يحل محله في الضمان للدائن الواحد أو أكثر.
وتحدد مرتبة كل دائن بالرقم التتابعي للتسجيل في صحيفة العقار في السجل العقاري , فإذا تعدد الدائنون المرتهنون ضد مدين واحد وتقدموا في وقت واحد لتسجيل رهونهم سجلوا برقم واحد وكانوا في مرتبة واحدة.
أما إذا لم يسجلوا رهونهم في وقت واحد , فيكون للدائن السابق في التسجيل حق الرجحان على من يليه في المرتبة أو الدرجة.
ويجوز للدائن المرتهن أن يتنازل عن مرتبته لدائن آخر له رهن على ذات العقار , على أن هذا التنازل مقيد بمقدار دين المتنازل فحسب , ويجوز الاحتجاج ضد الدائن الآخر المتنازل له بجميع الدفوع , وبكل ما كان يجوز الاحتجاج به ضد المتنازل الذي هو الدائن.
ومرتبة الرهن التأميني تعتبر من تاريخ التسجيل في دائرة التسجيل.
ويظل الرهن التأميني محتفظا بمرتبته حتى يقيد بدائرة التسجيل ما يدل على انقضائه بأي وسيلة من وسائل الانقضاء والمنصوص عليها في القانون.
حق التتبع:
يثبت للدائن المرتهن أيضا بالنسبة للغير ما يسمى بحق التتبع , أي تتبع العقار المرهون في يد أي حائز له , لاستيفاء دينه عند حلول أجل الوفاء به طبقا لمرتبته , فهو من الآثار المهمة لعقد الرهن التأميني.
وهذا الحق كحق التقدم يثبت لصاحب الحق العيني , فله أن يتتبع الشيء المتعلق به حقه في أي يد انتقل إليها , أي إن حق التتبع ينتقل بانتقال العين مهما كان سبب انتقالها من يد إلي يد , لأن للراهن حق بيع عقاره المرهون والتصرف فيه على أن يبقى مثقلا بالرهن.
ومن مقتضيات هذا الحق: أن للدائن المرتهن أن يستوفي دينه منه عند حلول الأجل وعدم سداده , واستيفاء الدين يتم باتخاذ إجراءات نزع ملكيه العقار المرهون , والتي تبدأ بإنذار كل من المدين الراهن وحائز العقار (الذي انتقلت إليه ملكية المرهون بعد الرهن أو ثبت له أي حق عيني فيه) بالسداد , وإلا اتبعت الإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات أمام المحاكم المدنية وفي القوانين الخاصة(2/189)
الرهن عند الجمهور يتعلق بجملة الحق المرهون فيه وببعضه , فإذا رهن العقار في عدد ما , فأدي الراهن منه بعضه , فإن الرهن بأسره يبقى بيد المرتهن حتى يستوفي كامل حقه لأن الرهن محبوس بحق , فوجب أن يكون محبوسا بكل جزء منه , كحبس التركة على الورثة حتى يؤدوا ديون الميت.
ويلاحظ أن الرهن التأميني يرتب للدائن حقا عينيا على المال المرهون دون أن تنتقل حيازة هذا المال إلى يد الدائن بل تبقى حيازته في يد المدين الراهن , وهو لا يرد إلا على العقار. فالعقار وحده دون المنقول هو الذي يمكن رهنه رهنا رسميا وذلك فيما عدا بعض الاستثناءات الواردة في القانون على سبيل الحصر رهن السفن البحرية (الرهن البحري) , ورهن الطائرات (الرهن الجوي) , ورهن المحل التجاري (الرهن التجاري) .
وقد منع بعض الفقهاء المعاصرين الرهن التأميني الذي جاء به القانون المعاصر لأنه لا يشترط فيه القبض الذي نطقت به الآية الكريمة , ولكن أقره فقهاء آخرون إذ أن القبض في رأي بعض الأئمة لا يعد ركنا من أركان العقد , ويرى هؤلاء أن قيد الرهن بالسجل يجعله في حكم القبض.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يجوز اقتضاء الدين من غير العقار المرهون , وليس له أن يدفع بضرورة الرجوع على المدين قبل التنفيذ على عقاره , وهو ما يسمى في القوانين الحديثة بالدفع بتجريد المدين , لأن العبرة بالعين محل الضمان ومحل الوفاء أيضا.
ويجوز أن يستوفي الدائن المرتهن حقه من ثمن العقار المرهون أو من المال الذي حل محله , كمقابل ضمان الهلاك أو التأمين بنفس المرتبة , وذلك بعد حسم ما أنفق على الإجراءات.
ويعتبر ثمن العقار هو الضامن لسداد الدين , وإذا دفع تعويض عن العقار المرهون , فإن ذلك التعويض يحل محله في الضمان للدائن الواحد أو أكثر عملا بالقاعدة الشرعية: (إذا بطل الأصل يصار إلى البدل) .(2/190)
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بنك فيصل الإسلامي السوداني فتوى رقم (22)
السؤال:
هل يجوز أن يطلب البنك الإسلامي تأمينات عينية أو شخصية من شريكه؟
الجواب:
الشراكة مبنية على الوكالة والأمانة , فكل شريك وكيل في التصرف بمال شريكه وأمين عليه , والأمين لا يضمن الأمانة إلا إذا تعدي أو قصر في حفظها.
والضمان أو الكفالة هو ضم ذمة الضمان إلى ضمة المضمون عنه في التزام الحق , فيثبت في ذمتهما جميعا ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما , ويجوز الضمان بعد وجوب الحق باتفاق الفقهاء , ويجوز قبل وجوبه عند الحنفية والمالكية والحنابلة.
وبناء على هذا يجوز للبنك في هذه المذاهب عندما يشارك غيره أن يطلب ضامنا يضمن له ما يضيع من ماله بتعد أو تقصير منه , ولا يجوز للبنك أن يطلب ضامنا يضمن ما يضيع من غير تعد ولا تقصير من الشريك , لان ما يضيع في هذه الحالة لا يكون مضمونا على الشريك لان ما يضيع في هذه الحالة لا يكون مضمونا على الشريك فلا يكون مضمونا على ضامنه.
هذا بالنسبة للضمان - أما الرهن ويراد به في الفقه الإسلامي - الرهن الحيازي - فهو حبس شيء مالي بحق يمكن استيفاؤه منه والفرق بينه وبين الرهن العقاري - الائتماني أو الرسمي - هو أن الرهن الحيازي فيه المرهون في يد المرتهن إلى أن يستوفي حقه أما الرهن العقاري فان المرهون يبقى في يد الراهن يتصرف به , ولكنه يجعل للمرتهن الحق في أن يتقدم على الدائنين في استيفاء حقه من ثمن العقار المرهون ولو انتقل إلى شخص آخر.
والغرض من الضمان والرهن بنوعيه واحد هو توثيق الحق والاطمئنان إلى استيفاءه.
وقد جوز المالكية أخذ الرهن من الشريك إذا كان الغرض منه أن يستوفي منه ما يضيع من مال الشركة بتعد أو تقصير من الشريك , فقال الخرشي: (ويشترط في المرهون فيه أن يكون دينا احترازا من الأمانة فلا يجوز أن يدفع فرضا - مضاربة - ويأخذ رهنا. وقال الشيخ العدوى تعليقا على قول الخرشي (ويأخذ رهنا أي لان الأمانة إذا ضاعت أ6وتلفت لا يلزم المؤتمن عليها شيء , والمراد ضاعت بغير تفريط , وأما لو أخذ منه رهنا على أنها إذا ضاعت بتفريط يكون ضمنا لها , ولا رهن لأجل ذلك فيصح فلا فرق عند المالكية بين الرهن والضمان - الكفالة.
وفرق الحنابلة بين الرهن والضمان فمنعوا أخذ الرهن بما لم يجب ضمانه وعللوا ذلك بأن في أخذ الرهن ضررا بالرهن لان المرهون يبقى في يد المرتهن فيمنع الراهن من التصرف فيه خلاف الضمان.
هذا بالنسبة للرهن الحيازي , أما الرهن العقاري الائتماني - فان أخذه من الشريك جائز تخريجا على مذهب المالكية , لأنهم إذا جاز عندهم أخذ الرهن الحيازي مع ما فيه من حبس المرهون , فانه يجوز عندهم أخذ الرهن العقاري الذي ليس في حبس المرهون من باب أولى , وهو جائز أيضا عند الحنابلة قياسا على الضمان لأنهم عللوا التفرقة بين الضمان والرهن ببقاء المرهون في يد المرتهن وهذا متحقق في الرهن الحيازي أما الرهن الائتماني فلا يكون فيه المرهون في يد المرتهن فلا فرق بينه وبين الضامن.
وخلاصة الجواب هو أنه يجوز للبنك أن يطلب من شريكه ضامنا يضمن ما يضيع من مال الشركة بتعد أو تقصير من الشريك عملا بمذهب الحنفية والمالكية والحنابلة , كما يجوز له أن يأخذ من شريكه رهنا عقاريا - ائتمانيا - عملا بمذهب المالكية والحنابلة , ورهنا حيازيا عملا بمذهب المالكية.
بنك دبى الإسلامي فتاوي هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية فتوى رقم (22)
السؤال:
هل يجوز للمصرف الإسلامي ادخال السعلة المباعة بالمرابحة كضمان؟
الجواب:
العقد شريعة المتعاقدين , فإذا اشترط البائع أن يحبس المبيع حتى أداء جميع الثمن فهو شرط يقتضيه العقد , وانما يحبس البائع المبيع إذا كان الثمن حالا , أما إذا كان مؤجلا فلا يجوز الحبس لأنه رضى بتأخير الثمن , لكن يجوز له أن يرهن المبيع رهنا ائتمانيا أي رسميا ينص عليه في العقد حتى يستوفي الثمن ضمانا لحق البنك , لان الرهن الائتماني لا يمنع المالك من التصرف في ملكه.(2/191)
رهن الغاروقة
يعرف في بعض البلدان العربية ولا سيما في مصر ما يسمى برهن الغاروقة: وهو أن يدفع أحدهم إلى الآخر مبلغا من المال , ويأخذ منه أرضا رهنا في ذلك المبلغ , على أن يزرعها المرتهن لنفسه , ما دام المال الذي دفعه في ذمة الراهن.(2/192)
أجاز المالكية أن يأذن الراهن للمرتهن بالانتفاع بالرهن إذا كان الدين ناشئا من عقد بيع , لا من عقد قرض حتى لا يؤدي إلى قرض جر نفعا.
فقد جاء في التقنين المالكي (م132) :
(يجوز للمرتهن أن يشترط منفعة الرهن لنفسه أن عينت مدتها بزمن أو عمل , وحسبت من الدين , سواء كان دينا من بيع أو من قرض , فإن لم تحسب من الدين منع إشراطها له إن كان الدين من قرض , وجاز إن كان من بيع) .
ويتبين من هذا النص المتقدم أن شرط المنفعة للمرتهن في الرهن المسمي بين الناس برهن الغاروقة إنما هو شرط فاسد لا يوجب جواز المنفعة للمرتهن , لأنه رهن في دين من قرض , لا من بيع , فهو من قبيل الصورة الممنوعة المتقدمة في النص , ولا ينفع المرتهن قول الراهن له: وهبتك منفعة الرهن ما دام دينك في ذمتي , لأنه من الحيل الباطلة.
وإذا وقع هذا الرهن , وزرع المرتهن الأرض , فإن الزرع له لأنه من عمله , وكان عليه لصاحب الأرض - وهو الراهن - أجرة مثلها , ويحاسبه بها من أصل الدين الذي في ذمته.(2/193)
رهن الكمبيالة وسندات الدين
الكمبيالة هي ورقة تجارية ثلاثية الأطراف تتضمن أمرا صادرا من شخص يسمى الساحب إلى شخص آخر يسمى المسحوب عليه , بأن يدفع لإذن شخص ثالث هو المستفيد أو الحامل مبلغا معينا من النقود بمجرد الاطلاع أو في ميعاد معين أو قابل للتعيين.
ويتم تداول الكمبيالة عن طريق التظهير سواء بالكتابة على الكمبيالة ذاتها أو على ورقة أخرى متصلة بها ويوقعها المظهر.
ويأخذ هذا التظهير أحد الأنواع الثلاثة التالية:
التظهير التام ,
وهو التظهير الناقل للملكية.
التظهير التوكيلي ,
وهو الذي لا ينقل ملكية الكمبيالة للمظهر إليه , وإنما ينقل إليه حق مباشرة جميع الحقوق الناشئة عن الكمبيالة باستثناء التظهير , إذ لا يجوز له تظهيرها إلا على سبيل التوكيل.
التظهير التأميني
وهو عبارة عن رهن الحق الثابت في الكمبيالة للمظهر إليه ضمانا لدين على المظهر , ويشتمل التظهير في هذه الحالة على عبارة (القيمة للضمان) أو (القيمة رهن) .
وهذا النوع من التظهير التأميني لا يترتب عليه نقل ملكية الكمبيالة إلى المظهر إليه وإنما يحوزها بصفته دائنا مرتهنا وتحكم العلاقة بين المظهر والمظهر إليه قواعد الرهن.
وعلى ذلك , يلتزم المظهر إليه بالمحافظة على الكمبيالة , فإذا حل ميعاد استحقاق الكمبيالة قبل حلول أجل الدين المضمون بالرهن , فإنه يقوم بتحصيل قيمتها ويستوفي منه قيمة دينه ويرد الباقي إلى المظهر.
أما إذا حل أجل الدين المضمون بالرهن قبل حلول ميعاد استحقاق الكمبيالة ولم يقم المدي المظهر بالسداد , فإن المظهر إليه يتخذ إجراءات التنفيذ على الكمبيالة المرهونة , فيحصل على إذن من القاضي بتملكها أو بيعها عن طريق خصمها لدى أحد البنوك.
وهناك بعض الأنواع الأخرى من الرهن , حيث يتقدم بعض عملاء المصارف بطلب تسهيلات ائتمانية ويعرضون رهن ما يمتلكونه من سندات دين أو أسهم شركات وبنوك أخرى , أو رهن ودائعهم.(2/194)
إن رهن الكمبيالة أو سندات الدين أو غيرها مما يندرج ضمن رهن الدين عموما هو غير جائز بالنظر لقول جمهور الفقهاء الذين يشترطون أن يكون المرهون عينا , فلا يصح رهن الدين , ولو لمن هو عليه لأنه غير مقدور على تسليمه , ولأن القبض شرط للزوم الرهن لقوله تعالى {فرهان مقبوضة} ولا يرد ذلك على الدين.
أما عند المالكية , فإنه يجوز رهن كل ما يباع ومنه الدين لجواز بيعه عندهم , فيجوز رهنه من المدين ومن غيره.
ومثال الرهن من غير المدين: أن يكون لخالد دين عند عمر , ولعمر دين على أحمد , فيرهن عمر دينه الثابت له في ذمة أحمد لدى خالد بدينه الثابت له في ذمته (أي ذمة عمر) والطريقة: هي أن يدفع له وثيقة الدين الذي على أحمد , حتى يوفيه دينه.
أما مثال رهن الدين عند المدين: لو كان خالد دائنا لعمر بمئة دينار , وعمر دائن لخالد بمئة رطل حديد , جاز لعمر أن يجعل دينه من الحديد رهنا عند خالد بدينه الذي يستحقه قبل عمر , حيث جعل الدين الذي للدائن رهنا في الدين الذي عليه لآخر , والمرهون: دينه عند مدين له.
ويقع رهن الدين باعتباره منقولا , وتتغير أحكامه بما يتفق وطبيعة الدين , فيتم باتفاق الراهن والمرتهن , وقبض الأخير لسند الدين , على أن يثبت الاتفاق بسند موثق , ولا يعتبر نافذا إلا بإعلان المدين أو بقبوله سندا ثابت التاريخ , كما هو الأمر في حوالة الدين , على أن تحسب مرتبة الرهن من تاريخ الإعلان أو تاريخ قبول المدين.
ولا يكون نافذا في حق الغير إلا بحيازة المرتهن سند الدين شأن رهن المنقول حيازيا.
أما في السندات الرسمية أو الإذنية , فإن الرهن يتم بالطريقة القانونية لحوالتها على أن يذكر أن الحوالة تمت على سبيل الرهن , وتعتبر السندات لحاملها كالمنقولات المادية , وتجري عليها أحكامها , ويشترط في الدين حتى يمكن رهنه أن يكون قابلا للحوالة أو الحجز , فلا يجوز رهن دين النفقة , أو معاش التقاعد أو الديون التي لا يجوز الحجز عليها.
وجاء في مواهب الجليل للحطاب (5 / 4) : وذكر في التوضيح وغيره أن رهن الدين يصح ولو على غائب , ويكفي في حوزه الإشهاد , والظاهر هنا الصحة أيضا , والله أعلم.
يتبين من هذا أنه في صورة رهن الدين من غير المدين لا بد فقها من قبض وثيقة الحق , والإشهاد على حيازتها.
أما صورة رهن الدين من المدين فيشترط لصحتها , سواء أكان الدينان من قرض أو بيع , أن يكون أجل الدين المرهون هو أجل الدين المرهون به أو أبعد منه , بأن يحل الدينان في وقت واحد , أو يحل دين الرهن بعد حلول الدين المرهون به.
أما إذا كان أجل حلول الدين المرهون أقرب , أو كان الدين المرهون حالا , فرهنه لا يصح , لأنه يؤدى إلى إقراض نظير إقراض , إن كان الدينان من قرض , وإلى اجتماع بيع وسلف إن كانا من بيع , لأن بقاء الدين المرهون بعد أجله عند المدين به , يعد سلفا في نظير سلف الدين المرهون به.
وإذا كان الدينان من بيع , فبقاء الدين المرهون يعد سلفا مصاحبا للبيع , وهو ممنوع عند المالكية.
والتزامات المرتهن والراهن في رهن الدين هي ذات التزاماتهما في رهن المنقول حيازيا فيجب على الراهن أن يسلم سند الدين , وأن يرتب حق الرهن , وأن يضمنه , ويلتزم المرتهن بصيانة الدين المرهون , فيحول دون أمر الزمان ويقطع المدة , حتى لا يسقط الدين بالتقادم , ويقتضى الاستحقاقات الدورية والتكاليف في مواعيدها , على أن يقوم بإخطار الراهن , وله أن يحسم ذلك من النفقات , ثم من أصل الدين , كما أوضحت.
وعلى الدائن المحافظة على الدين المرهون. وإذا كان له أن يقضي شيئا من المدين , دون تدخل الراهن , فعليه أن يقوم به في الزمان والمكان المعينين للاستيفاء , وأن يعلم الراهن بذلك , وهذا معتمد على المصلحة المتوفرة.
على أنه يجوز للمدين في الدين المرهون أن يعترض على صحة الحق المضمون بالرهن , فلو كان العقد الذي نشأ عنه الحق باطلا , كان الرهن باطلا كذلك.
وللمدين أن يتمسك بالبطلان قبل الدائن المرتهن. وله أن يتمسك بأن الحق قد انقضي بأي سبب من أسباب انقضاء الحقوق , أو أن الحق المضمون بالرهن نفسه قبل الدائن المرتهن قد انقضى تبعا لانقضاء الحق , وذلك قياسا على أن المدين في الحوالة له أن يحتج بما يجوز له أن يدفع به دين الدائن الأصلي , كأن يكون عقد الدين المرهون باطلا , أو أن الدين قد انقضي.
ويجب على المدين في الدين المرهون: أن يؤدي الدين إلى الراهن والمرتهن معا إذا استحق قبل استحقاق الدين المضمون بالرهن. وللراهن والمرتهن أن يتفقا على إيداع ما يؤديه المدين في يد عدل , حتى يستحق الدين المضمون , وينتقل حق الرهن إلى ما تم إيداعه.
وإذا اصبح كل من الدين المرهون والدين المضمون بالرهن مستحق الأداء , ولم يستوف المرتهن حقه , جاز له أن يقبض من الدين ما يكون مستحقا له , ويرد الباقي إلى الراهن إذا كان كل من الدين المستحق والدين المرهون من جنس واحد , وإلا جاز له أن يطلب بيع الدين المرهون أو تملكه بقيمته لاستيفاء حقه.
هذا ويجوز أخذ الوديعة رهنا ولكن يشترط أن يستمر ريعها لصاحبها لأنها تبقى على ملكه لكن تحبس للاستيفاء منها في حال عدم سداد الدين.
أما بالنسبة لقبول رهن عبارة عن اسهم بنوك ربوية فلا يجوز ذلك كما ذهبت إليه فتاوى بعض الهيئات الشرعية للبنوك الإسلامية.(2/195)
البنك الإسلامي السوداني فتاوى هيئة الرقابة الشرعية سؤال رقم (33)
السؤال:
الرجاء إفتاءنا فيما يلي: يدفع إلينا بعض العملاء كمبيالات آجلة التحصيل ويطالبون بدفع أقل من قيمتها حالا وهذا كما هو معلوم نوع من أنواع الربا.
فهل يجوز للبنك أن يعطى في هذه الحالة قيمة الكمبيالة لصاحب الكمبيالة كاملة على سبيل المضاربة.
على أن تكون الكمبيالة مستندا ماليا لدى البنك يعود به البنك على المضارب في حالة تقصيرة أو تعدية كضمان (لرأس المال) وإلا تحصل قيمة الكمبيالة في تاريخها المحدد بالعمولة المحددة دون أن تكون هناك علاقة بين المضاربة والكمبيالة.
الجواب:
يتكون السؤال من عناصر هي:
أ - يقدم العميل الكمبيالة إلى البنك لتبقى بيده.
ب - يدفع البنك قيمة الكمبيالة للعميل كاملة على سبيل المضاربة.
ج - تبقى الكمبيالة لدى البنك مستندا ماليا كضمان لرأس المال في حالة هلاك المال بتعدي المضارب أو تقصيره.
د - تحصل قيمة الكمبيالة في تاريخها المحدد بالعمولة المحددة دون أن تكون هناك علاقة بين المضارب والكمبيالة.
إنه لأمر مشروع أن يدخل البنك كرب مال مع أي عامل في المال على سبيل المضاربة دون أن تكون هناك علاقة بين المضاربة والكمبيالة وإذا افترضنا صحة ذلك فما هي إذن الصفة القانونية التي يحتفظ البنك على أساسها بالكمبيالة؟
إن الكمبيالة ضمان لرأس المال كما جاء بالسؤال في حالة ضياعه بالتعدي أو التفريط فالكمبيالة إذن على صلة وثيقة بالمضاربة لأنها هي التي توفر عادة ثقة البنك للدخول في عمليات الإقراض مع عملائه.
وإذا لم تحدد الصفة التي يحتفظ البنك على أساسها بالكمبيالة فإن ذلك قد يؤدى إلى بطلان المضاربة.
فما هو البديل الذي تجوز معه المضاربة إذن؟ إن تظهير الكمبيالة يعتبر عرفا وقانونا قرينة على نقل ملكيتها إلى البنك ما لم يثبت العميل أن التظهير كان لأغراض أخرى غير نقل الملكية.
ومن بين أغراض التظهير أن يكون البنك وكيلا عن العميل وتحصيل قيمة الكمبيالة عند حلول أجلها وإضافتها لحسابه.
وقد يكون الغرض من التظهير هو رهن الكمبيالة نفسها لمدة معينة يستردها العميل بعدها بعد أن يرد ما اقترضه من البنك وفى هذه الحالة يمكن تظهيرها تظهيرا تأمينيا على الكمبيالة أو يمكن تظهيرها تظهيرا عاديا على أن يبين هذا الغرض في عقد المضاربة الذي يحدد بنود الاتفاق وشروطه ويكون للمضارب حق استرداد الكمبيالة بعينها عند تصفية المضاربة وبذلك وحده تكون الكمبيالة ضمانا أو رهنا في مقابل التلف المتوقع بالتعدي أو التفريط ويجرى عليها أحكام المال المرهون في الشرع والقانون لان الرهن شرعا هو المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفى من ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه (ولما كان مال المضاربة من الأمانات التي سبق القول بأنها لا تضمن بالرهن إلا أنه يمكن أن يضاف إلى التعريف بعد أن تعذر استيفاؤه) ممن هو عليه بسبب هلاك المال بتعدي المضارب أو تفريطه.
ولما كان الرهن للكمبيالة كورقة تجارية أو مستند مالي فلم تعد هناك حاجة إلى التعرض لخلاف الفقهاء في جواز رهن النقود نفسها لان قيمة الكمبيالة لم تعد موضوع الرهن.
وأخيرا ومع تقديرنا لرفض إدارة البنك عمليات خصم الكمبيالات بالفائدة التي تمارسها البنوك الربوية ولكي تكون المضاربة التي يدخل فيها البنك مع أصحاب الكمبيالات صحيحة من كل الوجوه وخالية من الشبهة التي قد تؤثر في سلامة التصرف وتعرض معاملات البنك الإسلامي إلى ما يثار حول هذه المعاملات من نقد فاننا نشير إلى بعض هذه الشبه بغرض تحاشيها في التعامل:
أ - أن يلجأ البنك إلى استغلال حاجة مقدم الكمبيالة ويعرض عليه الدخول في مضاربة ما كان يرغب في دخولها إلا مكرها تدفعه ضرورة الحصول على قيمة الكمبيالة وهذه مضاربة وان كانت صحيحة من حيث الشكل إلا أن فيها قدرا من الإكراه وعدم الرضا قد لا يجعل عائدها من طيبات الكسب لأنه عقد لم يكن للمضارب خيار في شروطه أو الدخول فيه.
ب - أن تكون المضاربة صورية بحتة لا وجود لها في الواقع ويتخذ منها ذريعة أو حيلة للحصول على فائدة ربوية ولما كان الربا محرما تحريما قاطعا فإن كل ما يؤدي إليه من وسائل وان كانت مباحة في الأصل كالمضاربة فانها تكون محرمة وباطلة وتتأتى هذه الصورة بأن يحرر عقد المضاربة ثم تقدر قيمة شراء للسلعة المعينة موضوع المضاربة ثم يقدر للسلعة نفسها القيمة التي ستباع بها ثم يحتسب الربح من الفرق بين التقديرين ويدفع المضارب حصته من الربح بعد خصمه من قيمة الكمبيالة أو سداده لحساب البنك تحت اسم المضاربة في نفس اليوم الذي يحرر فيه العقد أو بعده وهذا العقد في معناه ومقصده قرض ربوي وان جاء في صورة المضاربة لان المقاصد المشروعة من العقود العبرة فيها للمعانى لا للألفاظ أو الصيغ القانونية.
ج - لقد توسعنا في الإجابة على الاستفسار بدافع الحرص على سلامة المعاملات من الربا أو شوائبه والنأي بها عن كل شبهة يمكن أن تتخذ ذريعة لسهام النقد الموجهة من أعداء الاتجاه الإسلامي بوجه عام والبنوك الإسلامية على وجه الخصوص ولا زلنا نرى أن يفتح البنك مجال القرض الحسن لأصحاب الكمبيالات الذين يحتفظون بودائع ثابتة أو حسابات جارية في البنك تقارب القدر المطلوب للقرض وفى ذلك دعم للمبادئ الإسلامية التي قام البنك أساسا لتأصيلها والدعوة إليها.
وأخيرا نقول أن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقني.
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بيت التمويل الكويتي الجزء الثالث فتوى رقم (217)
السؤال:
حيث أن بعض عملائنا في بيت التمويل ممن يطلبون تسهيلات ائتمانية يعرضون رهن اسهم بنوك ربوية أو ودائع أو خطابات ضمان صادرة عن البنوك الربوية لصالح بيت التمويل كضمان مقابل منحهم تسهيلات ائتمانية.
لذا يرجى إفادتنا إن كان ذلك جائزا من الناحية الشرعية أم لا؟
الجواب:
بالنسبة لقبول رهن عبارة عن اسهم بنوك ربوية لا يجوز وأما بالنسبة لقبول خطابات الضمان الصادرة عن البنوك الربوية فهو جائز , لأنها كفالة ممن هو أهل للكفالة , ولا علاقة لنا بتعامل الكفيل تعاملا غير مشروع , لان الكفالة تتعلق بذمته , وأما الودائع فان رهن اصلها (رأس المال) جائز.
أما رهن فوائدها فلا يجوز (ويرى فضيلة الشيخ رد عدم الفرق بين اسهم البنوك الربوية وبين الودائع المستثمرة فيها) .
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بيت التمويل الكويتي الجزء الثالث فتوى رقم (219)
السؤال:
هل نستطيع أن نأخذ الوديعة كرهن لتسديد الدين أو اعتبار الدين مقدما بسبب وجود ارتباط مصرفي بين الدينين طبقا للقانون.
الجواب:
في حال أخذ الوديعة رهنا يستمر ريعها لصاحبها لأنها تبقى على ملكه لكن تحبس للاستيفاء منها في حال عدم سداد الدين.
أما الاستفادة من التقديم الذي يمنحه القانون للديون المصرفية التي يجري ارتباط بينها فهو امر يحتاج إلى بحث شرعي. لأنه في حال الإفلاس لا يستحق التقديم حسب المقرر فقها إلا حساب الرهن أو البائع الذي لم يستوف الثمن وسلعته قائمة لدى المشتري حين الإفلاس فالأمر يحتاج لنظر شرعي.
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بيت التمويل الكويتي الجزء الثالث فتوى رقم (220)
السؤال:
هل يجوز لإدارة الائتمان أن تشترط في العقد حجز مستحقات الشركة على القطاع التجاري ضمانا لديون آجالها تجاه الائتمان.
الجواب:
يجوز لإدارة الائتمان حجز مستحقات الشركة على القطاع التجاري ضمانا لديونها تجاه الائتمان وذلك قبل أن تستحق هذه الالتزامات بشرط أن يكون هذا مشترطا عند التعاقد مع العميل.(2/196)
تطبيقات الصرف(2/197)
العملات الورقية من أموال ربا البيوع
انحسر التعامل بالنقود الذهبية والفضية في العالم كله وحل محلها النقود الورقية المختلفة الأجناس كالريال السعودي والدولار الأمريكي والفرنك الفرنسي. . . الخ.
وقامت هذه الأوراق مقام الذهب والفضة في التعامل بيعا وشراء وإبراء وإصداقا وبها تقدر الثروات في هذا العصر , وتدفع المرتبات , وتطمئن النفوس بتمولها وادخارها , ويحصل الوفاء والإبراء العام بها , رغم أن قيمتها ليست في ذاتها , وإنما في أمر خارج عنها , وهو حصول الثقة بها كوسيط في التداول والتبادل.
ونتيجة لذلك كان لا بد على الفقهاء من إبداء الرأي الشرعي في خصوص التعامل بهذه الأوراق وخصوصا توضيح ضوابط بيع بعضها ببعض وبيعها بالذهب والفضة؟ وهل هي تأخذ كل أحكام الذهب والفضة , أم لا؟(2/198)
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة.. مثلا بمثل , سواء بسواء يدا بيد , فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد)
ولا خلاف بين الفقهاء في أن المراد بالذهب والفضة في هذا الحديث هو ذات هذين المعدنين (المخلوقين للثمنية) سواء أكانا مسكوكين كالدراهم والدنانير أو على شكل سبائك متماثلة القدر أو مصوغين أو غير ذلك.
ولكن الآن بعد أن انحسرت في العالم كله النقود الذهبية والفضية , وحل محلها في التعامل النقود الورقية المختلفة الأجناس كالريال السعودي والدولار الأمريكي والفرنك الفرنسي. . . الخ , فإن الفقهاء المعاصرون يرون أن كل نقد رائج لا بد من اعتباره ربويا كالنقدين لأنه قابل للقرض , فإذا لم يدخل في أموال ربا البيوع لجأ الناس إلى بيعه بنقد آخر رائج نسيئة مع التفاضل , مما يؤدي إلى أكل ربا القروض من طريق التفاضل الجائز بينهما. .
ومعلوم أن ربا البيوع لا سيما النساء إنما حرم لكونه ذريعة إلى ربا القروض. ومن هنا كان بيع ريالات سعودية معجلة بدولارات أمريكية مؤجلة , أو ذهب معجل بجنيهات إسترلينية مؤجلة لا يختلف عن بيع الذهب بالفضة نساء.
يبين هذا قول الإمام مالك (لو أن الناس أجازوا بينهم الجلود , حتى تكون لها سكة وعين لكرهتها أن تباع بالذهب والورق نظرة) (المدونة 3 / 90) أي إن الناس لو اتخذوا نقدهم من الجلود وأمثالها لما جاز عنده أن يباع هذا النقد المستحدث بالذهب أو بالفضة نساء.
وبناء على ذلك: يمتنع شرعا في بيع النقود الورقية بجنسها التفاضل والنساء , كما يمتنع في بيعها بغير جنسها أو بالذهب أو بالفضة النساء دون التفاضل , حيث إن كل عملة من العملات الورقية جنس قائم بذاته.(2/199)
العملات الورقية نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة , ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامهما.
توصيات وفتاوى الندوة الفقهية الأولى لبيت التمويل الكويتي
أ - تأكيد ما انتهى إليه مجمع الفقه الإسلام بجدة من أن هذه الأوراق قامت مقام الذهب والفضة في التعامل بيعا وشراء وإبراء وإصداقا , وبها تقدر الثروات وتدفع المرتبات ولذا تأخذ كل أحكام الذهب والفضة ولا سيما وجوب التناجز في مبادلة بعضها ببعض وتحريم النساء (التأخير) فيها.
ب - كل عملة من العملات جنس قائم بذاته. فلا يجوز ربا الفضل فيها عند العقد أو في نهايته , سواء كانت معدنا أو ورقا إذا بيعت بمثلها , أما إذا بيعت عملة بعملة أخرى فلا يشترط في ذلك إلا التقابض.
ج - لا يجوز بيع الذهب بالعملات الورقية ولا شراء الذهب بها إلا يدا بيد.
فتوى هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية: القرار رقم (10)
بناء على أن النقد هو كل شيء يجري اعتباره في العادة أو الاصطلاح , بحيث يلقى قبولا عاما كوسيط للتبادل , كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: وأما الدرهم والدينار فما يعرف له حد طبعي ولا شرعي , بل مرجعه إلى العادة والاصطلاح , وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق المقصود به , بل الغرض أن يكون معيارا لما يتعاملون به , والدراهم والدنانير لا قصد لنفسها , بل هي وسيلة إلى التعامل بها , ولهذا كانت أثمانا. . إلى أن قال: والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض لا بمادتها ولا بصورتها , يحصل , المقصود بها كيفما كانت. (مجموع الفتاوى 29 / 251) .
وذكر نحو ذلك الإمام مالك في المدونة من كتاب الصرف حيث قال: ولو أن الناس أجازوا بينهم الجلود حتى يكون لها سكة وعين لكرهتها أن تباع بالذهب والورق نسيئة.
(الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية 1 / 49) بيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (27)
أما عن مبادلة الذهب والفضة سواء كانا مضروبين أو غير مضروبين بالأوراق النقدية (البنكنوت) فإن الذي أدين الله عليه أن الأوراق البنكنوت تأخذ حكم النقدين في جميع الأحكام , سواء كان في وجوب الزكاة أو في مبادلة بعضها ببعض.
(الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية 2 / 96) بيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (164)
السؤال:
إن الدولار يعتبر بنكنوت والدينار بنكنوت , فعند التبادل فماذا اعتبارهما , فهل تعتبر من مبادلة ذهب بذهب أم فضة بفضة؟
الجواب:
النقود الورقية ليست ذهبا ولا فضة , وإنما حلت محلهما وأخذت حكمهما , وبين العملات المختلفة تفاوت , فتفاوت العملات كتفاوت الذهب والفضة , فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا , على أن يكون هناك تقابض فوري في المجلس.
مجلس المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة الدورة الخامسة قرار رقم (6) .
أولا: إنه بناء على أن الأصل في النقد هو الذهب والفضة , وبناء على أن علة الربا فيهما هي مطلق الثمنية في أصح الأقوال عند فقهاء الشريعة.
وبما أن الثمنية لا تقتصر عند الفقهاء على الذهب والفضة , وإن كان معدنهما هو الأصل.
وبما أن العملة الورقية قد أصبحت ثمنا , وقامت مقام الذهب والفضة في التعامل بها , وبها تقوم الأشياء في هذا العصر , لاختفاء التعامل بالذهب والفضة , وتطمئن , النفوس بتمولها وادخارها , ويحصل الوفاء والإبراء العام بها , رغم أن قيمتها ليست في ذاتها , وإنما في أمر خارج عنها , وهو حصول الثقة بها كوسيط في التداول والتبادل , وذلك هو سر مناطها بالثمنية.
وحيث إن التحقيق في علة جريان الربا في الذهب والفضة هو مطلق الثمنية , وهي متحققة في العملة الورقية , لذلك كله فإن مجلس المجمع الفقهي يقرر أن العملة الورقية نقد قائم بذاته , له حكم النقدين من الذهب والفضة , فتجب الزكاة فيها , ويجري الربا عليها بنوعيه فضلا ونسيئة , كما يجرى ذلك في النقدين من الذهب والفضة تماما , باعتبار الثمنية في العملة الورقية قياسا عليهما. وبذلك تأخذ العملة الورقية أحكام النقود في كل الالتزامات التي تفرضها الشريعة فيها.
ثانيا - يعتبر الورق النقدي نقدا قائما بذاته كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان , كما يعتبر الورق النقدي أجناسا مختلفة تتعدد بتعدد جهات الإصدار في البلدان المختلفة. بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس , وأن الورق النقدي الأمريكي جنس , وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته , وبذلك يجري فيها الربا بنوعيه فضلا ونسيئة , كما يجري الربا بنوعية في النقدين الذهب والفضة وفي غيرهما من الأثمان.(2/200)
صرف العملات والمتاجرة فيها
حيث أصبحت العملات الورقية في عصرنا الحاضر ثمنا , وبها تقوم الأشياء , ويحصل الوفاء والإبراء العام بها , كما أصبح تبادل العملات المختلفة من الأمور الضرورية التي لا يستغنى عنها نتيجة ازدياد الحركة التجارية بين مختلف الأقطار.
لذلك تطورت أساليب التعامل بالعملات:
فهناك التعامل الفوري والتعامل المؤجل في صرف العملات كأن يتضمن العقد اتفاق على تأخير أحد النقدين أو كليهما.
كما يكون هذا التعامل أحيانا بتبادل العملات محل عملية الصرف وأحيانا أخرى يكتفى بالقيد المصرفي أو تسليم أوراق تجارية فتقوم مقام التسليم.
وكذلك يستخدم عادة أسعار الصرف السائدة عند تبادل العملات , ولكن قد يتم الصرف بأسعار أقل منها أو أكثر حسب اتفاق المتصارفين.
فهذه التعاملات تحتاج إلى معرفة الرأي الشرعي فيها وهي تتعلق بشروط عملية الصرف , والطرق المشروعة لتقابض البدلين , وضوابط تحديد أسعار الصرف.(2/201)
عرفنا أن العملة الورقية تعد بالنظر الفقهي نقدا قائما بذاته (بالاصطلاح) بمثابة النقدين (بالخلقة) الذهب والفضة في كونها من أموال ربا بالبيوع , وأنها تعتبر أجناسا مختلفة تتعدد بتعدد جهات الإصدار في البلدان المختلفة , فكل عملة ورقية جنس مستقل بذاته وبذلك يجري فيها ربا البيوع بنوعية: ربا الفضل وربا النساء كما يجري في الذهب والفضة.
وعلى هذا لا يجوز شرعا بيع الورق النقدي بعضه ببعض أو بذهب أو فضة نسيئة مطلقا فلا يجوز مثلا بيع ريال سعودي بدولار أمريكي نسيئة بدون تقابض.
كذلك لا يجوز بيع الجنس الواحد من العملة الورقية بعضه ببعض متفاضلا سواء كان ذلك نسيئة أو يدا بيد , فلا يجوز مثلا بيع عشرة ريالات سعودية بأحد عشر ريالا سعوديا نسيئة أو يدا بيد.
ولكن يجوز بيع الورق النقدي بعضه ببعض من غير جنسه متفاضلا إذا كان يدا بيد فيجوز بيع الدولار الأمريكي مثلا بثلاثة ريالات سعودية أو أقل أو أكثر يدا بيد , والعبرة هنا في تحديد سعر تبادل العملات هو ما يتفق عليه الطرفان إن لم يكن هناك تحديد من ولي الأمر ولكن يشترط أن يتم التبادل فوريا يدا بيد.
كذلك يقوم مقام تسليم العملة الورقية في عملية الصرف الناجز القيد المصرفي في حساب المستفيد , وكذا تسليم شيك واجب الدفع غير مؤجل (لاعتباره في حكم النقود الرسمية وتداوله كتداولها بالتظهير) وكذا الأمر بالدفع الفوري عن طريق التلكس أو الفاكس أو نحوها من وسائل الاتصالات الحديثة , فكل ذلك يعتبر قبضا حكميا يقوم مقام القبض الحقيقي في صرف العملات , مع اغتفار تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل (حيث يحتاج إتمام القيد الحسابي لكل واحد من المتصارفين بالعملات الدولية عبر البنوك المراسلة إلى 48 ساعة عمل بحسب المتعارف عليه دوليا) .
ويجوز أيضا قضاء الدين أو أي قسط منه بعملة مغايرة لعملة الدين إذا كان ذلك بسعر السوق يوم السداد (أي بسعر صرف يومها) , وهذا يعتبر صرفا في الذمة ولا بد فيه من قبض البدل النقدي في الحال , أما البدل الآخر (الدين) فهو مقبوض حكما لأنه ثابت في الذمة والثابت في الذمة كالمقبوض.(2/202)
قرارات المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة: القرار (6) (الدورة الخامسة)
أ - لا يجوز بيع الورق النقدي بعضه ببعض أو بغيره من الأجناس النقدية الأخرى من ذهب أو فضة أو غيرهما نسيئة مطلقا , فلا يجوز مثلا بيع ريال سعودي بعملة أخرى متفاضلا نسيئة بدون تقابض.
ب - لا يجوز بيع الجنس الواحد من العملة الورقية بعضه ببعض متفاضلا , سواء كان ذلك نسيئة أو يدا بيد , فلا يجوز بيع عشرة ريالات سعودية ورقا بأحد عشر ريالات سعودية ورقا , نسيئة أو يد بيد.
ج - يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلقا إذا كان ذلك يدا بيد , فيجوز بيع الليرة السورية أو اللبنانية بريال سعودي ورقا كان أو فضة أو أقل من ذلك أو أكثر , وبيع الدولار الأمريكي بثلاثة ريالات سعودية أو أقل من ذلك أو أكثر إذا كان ذلك يدا بيد. ومثل ذلك في الجواز بيع الريال السعودي الفضة بثلاثة ريالات سعودية ورق أو أقل من ذلك أو أكثر يدا بيد , لأن ذلك يعتبر بيع جنس بغير جنسه , ولا أثر لمجرد الاشتراك في الاسم مع الاختلاف في الحقيقة.
قرارات المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة: القرار (6) (الدورة الحادية عشرة)
إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد نظر في موضوع:
1 - صرف النقود في المصارف: هل يستغنى فيه عن القبض بالشيك الذي يتسلمه مريد التحويل؟
2 - هل يكتفى بالقيد في دفاتر المصرف عن القبض لمن يريد استبدال عملة بعملة أخرى مودعة في المصرف؟
وبعد البحث والدراسة قرر المجلس ما يلي:
أولا: يقوم تسلم الشيك مقام القبض عند توفر شروطه في مسألة صرف النقود بالتحويل في المصارف؟
ثانيا: يعتبر القيد في دفاتر المصرف في حكم القبض لمن يريد استبدال عملة بعملة أخرى , سواء كان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف أو بعملة مودعة فيه.
(ب) قرار مجمع الإسلامي بجدة رقم (55 / 4 / 6) الدورة السادسة
إن من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعا وعرفا:
(أولا) القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات التالية:
أ - إذا أودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية.
ب - إذا عقد العميل عقد صرف ناجز بينه وبين المصرف في حال شراء عملة بعملة أخرى لحساب العميل.
ج - إذا اقتطع المصرف - بأمر العميل - مبلغا من حساب له إلى حساب آخر بعملة أخرى , في المصرف نفسه أو غيره , لصالح العميل أو لمستفيد آخر , وعلى المصارف مراعاة قواعد عقد الصرف في الشريعة الإسلامية.
ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل. على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلى.
(ثانيا) تسلم الشيك إذا كان له رصيد قابل للسحب بالعملة المكتوب بها عند استيفائه وحجزه , المصرف.
(الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية 2 / 96) بيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (164)
السؤال:
إن الدولار يعتبر بنكنوت والدينار بنكنوت , فعند التبادل فماذا اعتبارهما , فهل تعتبر من مبادلة ذهب بذهب أم فضة بفضة؟
الجواب:
النقود الورقية ليست ذهبا ولا فضة , وإنما حلت محلهما وأخذت حكمهما , وبين العملات المختلفة تفاوت , فتفاوت العملات كتفاوت الذهب والفضة , فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا , على أن يكون هناك تقابض فوري في المجلس.
(الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية 2 / 84) بيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (148)
شراء عملة مع إبقائها في يد البائع
السؤال:
يستورد شخص بضائع ويعطى تسهيلا بالدفع من المصدر فبدل أن يدفع مباشرة يدفع المبلغ بعد 180 يوما من شحن البضائع , فيقوم بفتح اعتماد استيراد هذه البضائع وينص الاعتماد بالدفع بعد 180 يوما من تاريخ الشحن , ويقوم العميل بشراء العملة المطلوبة لسداد قيمة الاعتماد من البنك ويبقى المبلغ مع البنك حتى تاريخ استحقاق الدفع حيث يقوم البنك بالدفع نيابة عنه.
وكون البنك يحتفظ بالمبلغ لديه حتى موعد السداد يعرض على العميل سعرا أفضل للعملة من السعر العادي. . هل يجوز ذلك.
الجواب:
لا يجوز تأجيل قبض العملة في الصرف بشرط أو بغير شرط , ولكن يجوز بعد الصرف الفوري إيداعها لدى البنك لحين الطلب أو الأمر بالدفع.
(الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية 2 / 105) بيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (176)
السؤال:
ما حكم شراء عملة , ويكون استلام العملة وتسليم المقابل في يومين مختلفين؟ مثال ذلك: شراء ريال سعودي مقبل الدولار من أحد البنوك في السعودية , فيدفع الريال لحسابنا يوم الأحد ونسلمه مقابل ذلك دولارا يوم الاثنين , وذلك لوجود عطلة في أمريكا يوم الأحد؟
الجواب:
إعطاء شيك واجب الدفع وغير مؤجل , والأمر بالدفع غير المؤجل أو عن طريق التليفون , كل ذلك يعتبر قبضا , ولا بأس من تخلل العطل المتعارف عليها.
(الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية 1 / 35) بيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (21)
السؤال:
هل يعتبر تقابضا في صرف العملات ما تعارفت عليه البنوك من قيود دفترية في المديونية والدائنية , أو كتب اعتماد للسحب على المكشوف بدون فوائد ربوية؟
الجواب:
نعم يعتبر تقابضا ما جرى عليه عرف المصارفة في مبادلة النقد بالنقد.
(الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية 1 / 45) بيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (26)
السؤال:
1 - ما مدى شرعية شراء عملة أجنبية من البنوك التجارية وخصم قيمة هذه العملة من حسابنا الدائن لديهم؟
2 - ما مدى شرعية المعاملة الممتازة في أسعار العملات بين بيت التمويل الكويتي والبنوك التجارية مع الأخذ بعين الاعتبار أن معاملة الصرف تتم بالنقد والتسليم الفوري عن طريق إجراءات قيود المديونية والدائنية في نفس الوقت؟
الجواب:
إن هذه المعاملة صحيحة , لأن شراء العملة فيها يكون من قبيل سداد ما عليها من ديون , إما كلها أو بعضها عن طريق المقاصة.
أما عن السؤال الثاني , فإن هذه المعاملة متى روعي فيها القبض في مجلس العقد صحيحة , وتكون المعاملة الممتازة بين البنوك بعضها البعض من قبيل حسن المعاملة , وهي ممدوحة شرعا على أن لا يشترط في عقود القرض بين بيت التمويل وغيره من البنوك أن يعامله معاملة خاصة.
(الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية 2 / 98) بيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (167)
السؤال:
في بعض الأحيان يتقدم أحد العملاء بشيكات مسحوبة على بنوك بالخارج بعملات أجنبية , ويكون العميل في حاجة ماسة إلى قيمة تلك الشيكات قبل تحصيلها , ولذلك يعرض بيعها للبنك , فإذا اشتراها البنك منه ودفع له قيمتها بالدينار الكويتي وأرسلها لمراسله في الخارج لتحصيلها , الأمر الذي يستغرق أسبوعين لحين التحصيل وقيده بحسابات بيت التمويل بالخارج. فما هو سعر العملة الذي يجب تطبيقه في مثل هذه الحالة , هل هو سعر يوم دفع قيمة الشيكات للعميل , أم سعر يوم قيد قيمة الشيكات بحسابنا بالخارج؟
الجواب:
انه لا بد من شراء الشيك بقيمته الحقيقية يوم المعاملة باعتبار الشيك نقدا حالا , إذ لا بد أن يكون بيع النقد بالنقد يدا بيد.
(الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية 2 / 105) بيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (175)
السؤال:
هل يجوز أن يبيع بيت التمويل العملة الأجنبية بسعرين مختلفين (سعر تحويل وسعر نقدي) ؟ .
الجواب:
لا مانع شرعا من إجراء هذه البيع ما لم يكن هناك مانع قانوني بين الدولتين أو من إحداهما على أن يكون التبادل فوريا.
(الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية 1 / 45) بيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (25)
السؤال:
هل هناك ما يمنع شرعا من شراء العملات نقدا أو بسعر أقل من السعر السائد إذا كان الشراء من أحد البنوك التي نتعامل معها على نطاق واسع؟
الجواب:
إن لم يكن هناك تحديد من ولي الأمر لسعر هذه العملات , فالعبرة بما اتفق عليه الطرفان على أن يكون النقد بالنقد يدا بيد أو ما يقوم مقام ذلك من تقييد الحساب من خلال الطرفين فورا.
(الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية - الجزء 2) بيت التمويل الكويتي الفتوى رقم (170)
هل يجوز بيع العملة بسعرين مختلفين حسب الغرض من استعمال العملة
السؤال:
هل يجوز أن يبيع بيت التمويل العملة الأجنبية بسعرين مختلفين حسب الغرض من استعمال
العملة (أي سعر عند التحويل وسعر عند الاستعمال لدفع قيمة الاعتماد المستندي) ؟
الجواب:
على كل حال الأصل أن لك حق بيع العملة الأجنبية بالسعر الذي تتفق عليه مع المشترى على أن لا تكون من نفس النوع وأن يكون التقابض حالا.
البنك الإسلامي السوداني فتاوى هيئة الرقابة الشرعية سؤال رقم (9)
بيع البنك الإسلامي لما لديه من عملات أجنبية إلى بنوك أجنبية بيعا آجلا بهدف الحصول على الربح
السؤال:
نرجو إبداء الرأي الشرعي حول المعاملة التالية:
قد يترتب على عملية الصادر التي توكل إلينا من بعض عملاء البنك أن يتوفر لنا نصيب كاف من العملات الأجنبية لم يحن بعد وقت الاستفادة منها في الاستيراد وعليه فقد درجت البنوك الربوية في مثل هذه الحالات على الاستفادة من مثل هذه المواقف بالكتابة إلى البنك الذي تتعامل معه ببيع آجل لهذه العملة وشراء عملة أخرى يكون سعرها متدنيا في ذلك الوقت وإعادة شرائها في تاريخ لاحق وقد يترتب على ذلك بعض الربح وقد يترتب أيضا خسارة فما حكم الشريعة في ذلك؟ .
الجواب:
العملات على اختلاف أنواعها وقيمتها هي النقود المتداولة التي جرى عرف التعامل بها كالذهب والفضة بل قد انتقلت الثمنية التي اقتصرت في يوم من الأيام على الذهب والفضة إلى العملات الورقية المتداولة اليوم ولهذه العلة علة الثمنية فان أوراق العملة تصبح أموالا ربوية يسرى عليها ما يسرى على الذهب والفضة من حكم في البيع والتعامل.
ويقول صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد , فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كانت يدا بيد - رواه أحمد ومسلم.
ومن هذا الحديث استنبط الفقهاء القواعد التي تحدد المعاملات الربوية , يقول العلامة خليل المالكي في مختصره: وحرم في نقد وطعام ربا فضل ونسيئة ويتفق الفقهاء جميعهم على ذلك.
ولا بد لصحة بيع هذه الأشياء المنصوص عليها من النقود ومواد الطعام من التماثل في القدر واتحاد مجلس العقد والقبض في المجلس أما إذا بيع الذهب بالفضة فيجوز التفاضل بينهما حسب تفاوتهما في الثمنية ولكن لا بد أن يتم التقابض في المجلس , ولما كانت بعض العملات الأجنبية تتفاوت في ثمنيتها أو قيمتها إذا بيعت بعملات أجنبية أخرى ويتعذر بذلك المساواة في القدر المعروض كالدولار مثلا أو الين الياباني أو المارك الألماني مع ما يقابله من عملة أخرى فان التفاوت في القدر ضرورة كالتفاوت بين الذهب إذا بيع بالفضة ولكن لا بد من اتحاد المجلس والقبض في المجلس وما يحرم هنا هو الأجل.
وما جاء في الاستفسار من بيع العملات الأجنبية المتوافرة لدى البنك إلى بنوك أخرى بيعا آجلا بعملات أخرى فبيع غير صحيح ولا بد لصحة البيع من أن يكون تبادل العملتين يدا بيد أو ما يقوم مقام ذلك مما يعتبر تقابضا في العرف المصرفي , أما عن الربح والخسارة فمسألة واردة ما دام التفاوت في أسعار هذه العملات أمرا متعارفا ومتأرجحا بين الزيادة والنقصان.
بنك دبى الإسلامي فتاوي هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية , فتوى رقم (78)
السؤال:
هل يقوم قبض الشيك مقام قبض العملات؟
الجواب:
استقر العرف التجاري الحديث على أن الشيك ورقة تجارية تقوم مقام النقود وتعتبر أداة وفاء كالنقود , وجميع القوانين في العصر الحاضر تقر هذا العرف وتسبغ عليه الحماية القانونية بسلطة الدولة , ولما كان المتفق عليه عند جميع الفقهاء أن القبض مرجعه إلى عرف الناس حيث لا حد له في اللغة ولا في الشرع , فان استلام الشيك بمقتضى عقد صرف يعتبر بمثابة قبض النقود في مجلس العقد.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية , قرار رقم (110)
السؤال:
تسأل الشركة عن جواز بيعها عملات أجنبية لبعض عملائها بأقل من سعرها السائد في سوق العملات تشجيعا لهم على التعامل مع الشركة.
الجواب:
تلاحظ الهيئة أن هذا الأسلوب تلجأ إليه بعض البنوك الربوية مع عملائها الذين يتورعون عن أخذ فوائد على ودائعهم النقدية لديها , وذلك لتعويضهم عن الفوائد الربوية التي تركوها لتلك البنوك وتورعوا عن قبضها , ولإغرائهم باستمرار إيداعاتهم لديها.
وبما أن هذا الطريق يفتح بابا لأكل الربا تحت ستار البيع للمودعين عملات بأقل من سعرها , أي أنه يكون ذريعة إلى المراباة بطريق آخر , ويشجع على زيادة إيداعات هؤلاء العملاء لدى البنوك الربوية , لذلك لا ترى الهيئة أن تسلك شركة الراجحي المصرفية للاستثمار هذا الأسلوب المريب.
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بيت التمويل الكويتي , فتوى رقم (104)
السؤال:
في تبادل السندات أو استردادها على النحو التالي:
أ - هل يجوز تبادل السندات المؤجلة الدفع على عدة سنوات بعملات أجنبية غير العملة المصدر بها السند؟
ب - هل يجوز لمصدر السندات استرداده بعملة غير العملة التي اصدر بها مع العلم أنه هناك أجل للسند لكن مصدره سيتخلى عنه حين الاسترداد؟
الجواب:
أ - لا يجوز تبادل السندات المؤجلة الدفع سواء بنفس عملتها أو بعملة أخرى لأن هذا التبادل إن تم بالعملة نفسها فهو بيع الدين بالدين مع الأجل ولا بد من التقابض والتماثل في بيع العملة بمثلها.
ووجود الأجل يمنع التقابض لأنه يبقى مع تبادل السند.
ب - استرداد مصدر السند له مع إلغاء الأجل عبارة عن موافقة على صرف عملة السند بعملة أخرى 00 وحينئذ يجوز التفاضل لاختلاف العملتين لكن لا يجوز وجود الأجل لتحقيق التقابض 00 وفي هذه الصورة فان مصدر السند باسترداده له يكون قد ألغى الأجل الذي فيه لأنه لصالحه هو.
والتقابض هنا يتم بدفع القيمة المتفق عليها من العملة الأخرى.
أما عملة السند فهي مدفوعة في الذمة وهذا هو الصرف في الذمة يسقط فيه قبض البدل الحاصل بالاستدانة ولا بد من قبض البدل المقدم بالعملة المختلفة على سبيل الصرف على أن لا تستخدم هذه الصورة حيلة لادخال فرق لقاء إسقاط الأجل.
فتاوي هيئة الرقابة الشرعية بيت التمويل الكويتي , فتوى رقم (109)
السؤال:
هل يجوز وفاء الذهب الثابت في الذمة غير مؤجل بنقد حال وكيف يتم التقاص؟
الجواب:
يجوز قضاء الذهب المقترض بنقد حال من أي عملة وذلك بسعر السوق يوم الوفاء ويعتبر ذلك صرفا في الذمة ولا بد من قبض البدل النقدي في الحال 0
أما البدل الآخر (الذهب) فهو مقبوض حكما لأنه ثابت في الذمة والثابت في الذمة كالمقبوض.
مجمع الفقه الإسلامي الدورة الثامنة , قرار رقم (79 / 6 / د 8) , بنود (2 - 6) (تصارف الديون في الذمة)
بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: (قضايا العملة) وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله ,
أ - يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد - لا قبله - على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد. وكذلك يجوز في الدين على أقساط بعملة معينة الاتفاق يوم سداد أي قسط أيضا على أدائه كاملا بعملة معينة الاتفاق يوم سداد أي قسط أيضا على أدائه كاملا بعملة مغايرة بسعر صرفها في ذلك اليوم.
ويشترط في جميع الأحوال أن لا يبقى في ذمة المدين شيء مما تمت عليه المصارفة في الذمة , مع مراعاة القرار الصادر عن المجمع برقم 55 \ 1 \ د6 بشأن القبض.
ب - يجوز أن يتفق المتعاقدان عند العقد على تعيين الثمن الآجل أو الأجرة المؤجلة بعملة تدفع مرة واحدة أو على أقساط محددة من عملات متعددة أو بكمية من الذهب وأن يتم السداد حسب الاتفاق.
كما يجوز أن يتم حسب ما جاء في البند السابق.
ج - الدين الحاصل بعملة معينة لا يجوز الاتفاق على تسجيله في ذمة المدين بما يعادل قيمة تلك العملة من الذهب أو من عملة أخرى , على معنى أن يلتزم المدين بأداء الدين بالذهب أو العملة الأخرى المتفق على الأداء بها.
مجمع الفقه الإسلامي الدورة السادسة , قرار رقم (55 / 4 / 6) بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع (القبض: صوره وبخاصة المستجدة منها وأحكامها) واستماعه للمناقشات التي دارت حوله ,
تقرر:
أولا: قبض الأموال كما يكون حسيا في حالة الأخذ باليد أو الكيل أو الوزن في الطعام , أو النقل والتحويل إلى حوزة القابض , يتحقق اعتبارا وحكما بالتخلية مع التمكين من التصرف ولو لم يوجد القبض حسا , وتختلف كيفية قبض الأشياء بحسب حالها واختلاف الأعراف فيما يكون قبضا لها.
ثانيا: إن من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعا وعرفا التالي:
1 - القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات التالية:
أ - إذا أودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية.
ب - إذا عقد العميل عقد صرف ناجز بينه وبين المصرف في حال شراء عملة بعملة أخرى لحساب العميل.
ج - إذا اقتطع المصرف - بأمر العميل - مبلغا من حساب له إلى حساب آخر بعملة أخرى , في المصرف نفسه أو غيره , لصالح العميل أو مستفيد آخر وعلى المصارف مراعاة قواعد عقد الصرف في الشريعة الإسلامية.
ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلى , للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل. على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي.
2 - تسلم الشيك إذا كان له رصيد قابل للسحب بالعملة المكتوب بها عند استيفائه وحجزه المصرف.
بنك دبى الإسلامي فتاوي هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية , فتوى رقم (43)
السؤالين:
ورد للهيئة استفسار أن أحدهما من فرنسا والآخر من الجزائر حول تجارة العملة ونص السؤالين كما يلي:
السؤال الأول من فرنسا:
إن تهافت الناس على الصرافة - كما يحدث في لبنان - بقصد المضاربة بالعملات لجني أي أرباح ممكنة يؤدى إلى بلبلة الأسواق وارتفاع أسعار العملات الأجنبية بدون مبرر فعلي ارتفاعا غير مبني على أي منطق , ويؤدى هذا إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني والناس العاديون في النهاية يدفعون هذا الثمن الباهظ ليعود في جيوب الجشعين والمبتزين.
- هل هذا مسموح شرعا؟ علما بأنه حسب معرفتي فالصرافة مسموحة على أن تتم يدا بيد وبدون ربا.
- إذا كان ذلك شرعا غير جائز - ما حكم العامل أو الموظف أو صاحب الدخل المحدود الذي قد يضطر إلى صرف ما لديه من نقود محلية وإبدالها بعملات أجنبية حفاظا على مدخوله ومدخراته ورأس ماله على أن يعود لصرفها إذا أضطر للدفع بالعملة الوطنية , ولكن في الفترة التي يناسبه فيها سعر الصرف علما بأن هذا الصنف من الناس الذين يحفظون مدخراتهم من الذوبان السريع لقيمتها يساهم - غالبا بحسن نية - مع أولئك الجشعين الذين لا يخافون الله بتدهور قيمة العملة الوطنية , بسبب زيادة الطلب على العملات الأجنبية.
السؤال الثاني من الجزائر:
هناك مسألة من مسائل المال ثار حولها الكثير من الكلام والجدل فمنهم من ذهب إلى الحل ومنهم من ذهب إلى الحرمة ولم نعثر علي الدليل الشافي في كلا الطرفين , والمسألة أثارت قلق أهل هذه القرية الباحثة عن الحق إن شاء الله.
وتتلخص المسألة في: حكم الشرع في المتاجرة بالعملة الصعبة في مقابل العملة المحلية.
هذا وإذا علمنا أن الوضع عندنا وصل إلى درجة من الخطورة علي الاقتصاد الوطني بشكل كلي وعلى العملة المحلية (الدينار الجزائري) بشكل خاص حيث نجد أن قيمة الدينار قد انهارت في السنوات الأخيرة هذه - بسبب تأثير الأزمة الاقتصادية وبعض الإجراءات الحكومية - في السوق الموازية (السوداء) إلى درجة تنذر بالخطر حيث وصل إلى هذه المساواة: (1) دينار جزائري = 965. 6 فرنكات فرنسية مع العلم أن سعر الحكومة الرسمي هو اد ج = 1. 18 ف ف.
والشيء الذي دعا إلى القلق هو أن الكثير من أبناء هذه القرية لديهم حسابات في البنك الفرنسي وهذا إما بحكم حصولهم على التقاعد من هناك أو بحكم عملهم هناك هؤلاء الذين اتخذوا منها تجارة رابحة واستغلال هذا الوضع (عدم وجود المنحة السياحية في طرف الدولة)
فما هو الرأي الشرعي في ذلك؟
الجواب:
وقد تدارست الهيئة موضوع تجارة العملة والملابسات المحيطة بها من نواحيها الشرعية والاقتصادية والقانونية ,
وقد توصلت بعد الدراسة والبحث إلى الجواب التالي:
الأصل أن الاتجار بالعملة مباح شرعا ولا شيء فيه , بشرط أن يتم التعامل في حدود العرض والطلب المعتاد للناس , وإذا تعدى التعامل هذه الحدود إلى درجة الاحتكار والاستغلال , كان ضارا بالمجتمع وأصبح غير جائز شرعا.
ويجوز لولي الأمر تغيير المباح بما يمنع الضرر عن المسلمين ويحقق مصلحتهم عملا بقاعدة (لا ضرر ولا ضرار) وعلى الأفراد الامتثال لما يحقق مصلحة الجماعة.
وترى اللجنة بعد إمعان النظر في واقع الأحوال أن مشكلة انخفاض عملة بعض البلاد ترجع أساسا إلى الخلل الاقتصادي العام وإلى فرض النظام الربوي غير الإسلامي في بلاد المسلمين وإلى الشطط في التغيير والتسعير دون مراعاة للواقع الاقتصادي.
واستئناسا بما تقدم فان الاتجار بالعملة إذا كان متسما بالاحتكار والاستغلال كان غير جائز شرعا.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية , قرار رقم (8)
السؤال:
إذا قامت الشركة لنفسها أو لعملائها بشراء أو بيع دولار أو عملات أخرى من ذمتها (أوت رايت) على أن يتم القبض والاستلام في وقت لاحق , أو تدفع الشركة جزءا من المبلغ في حالة الشراء أو تستلم جزءا من المبلغ في حالة البيع لتجنب نزول أو ارتفاع سعر العملة المراد شراؤها أو بيعها. ويمكن أن يطلب العميل بعد ذلك أن يبيع هذه العملة على الرغم أنه لم يستلمها. فهل هذا يجوز؟ .
الجواب:
هذه المعاملة المسئول عنها مصارفة ولا بد أن تتحقق فيها شروط الصرف الشرعية ومنها قبض العملات المصروفة في مجلس العقد الذي هو شرط لتمام صحة عقد الصرف , وعدم قبض أحد النقدين أو كليهما يفسد عقد الصرف لقوله صلى الله عليه وسلم بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدا بيد ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا ونهى صلى الله عليه وسلم أن يباع غائب منها بناجز. وكلها أحاديث صحاح , ولقد أجمع أهل العلم على أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا أن الصرف لا يصح.
ومعلوم أن الأوراق النقدية , بجميع أجناسها قد صارت كالذهب والفضة في كونها أثمانا للسلع والخدمات وقيما للمتلفات ومقياسا للقيم , وعلى ذلك فانه لا يجوز لشركة تأخير استلام أو تسليم العملات التي تقوم بشرائها أو بيعها وينطبق هذا على جميع أجناس العملات كما ينطبق هذا من باب الأولى على الذهب والفضة عند بيعهما أو شرائهما.
ومهما كان الاسم الذي يطلق على عقد صرف العملات بعضها ببعض أو الذهب والفضة , إذا كان يتضمن تأخير أحد النقدين أو كليهما , فلا يجوز للشركة أن تدخل فيها بحال , وذلك مثل عقود الصرف المسماة عقد الصرف الآجل أو عقد الصرف العاجل وهو في الاصطلاح التجاري ينفذ فيما بين ثلاثة أيام إلى ثلاثة أشهر.
والقبض المقصود في عقد الصرف الذي لا يصح الصرف بدونه , هو أن يكون بقبض عين ما جرت المصارفة عليه من عملة ورقية أو ذهب أو فضة أو بشيك مقبول الدفع لأنه أصبح أداة للوفاء كالأوراق النقدية أو بقيد في حساب مصرفي مغطى.
وبذلك يتضح أن المعاملة المسئول عنها لم يتوفر فيها شرط القبض ولذلك لا تصح شرعا.
كما أنه يفهم من السؤال أن الشركة تبيع من ذمتها ما لا تملكه حال عقد المصارفة وهذا لا يجوز شرعا لانتفاء شرط صحة المصارفة.
وبهذا يتبين عدم جواز المعاملة المسئول عنها وعلى الشركة الالتزام الفوري بعدم إجراء مثل هذه المعاملة إذا كانت تقوم بها وعدم الدخول فيها إذا كانت تنوي القيام بها.
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار فتاوى الهيئة الشرعية , قرار رقم (21)
السؤال:
نرجو التكرم بالإحاطة أن أحد عملائنا بفرع شارع الأمير فيصل بن تركي بالرياض
وله حساب جار بالريال السعودي قد تقدم لمدير الفرع في 8 \1 \ 1409هـ طالبا شراء مبلغ خمسين ألف دينار عراقي بسعر 55 , 5 ريال للدينار , ولما كان هذا المبلغ (الدينار العراقي) غير متوافر في الفرع في حينه , فقد وافق العميل على أن يتم التسليم بعد أربعة أيام أي بتاريخ 12 \ 1 \ 1409 هـ حتى يتسنى جلب المبلغ المطلوب من الصندوق العام بإدارة الشركة بجدة.
وقد تم إحضار المبلغ بتاريخ 10 \ 1 \ 1409هـ , إلا أن العميل حضر إلى الفرع بتاريخ 11 \ 1 \ 1409هـ بعد هبوط سعر الدينار العراقي مقررا عدوله عن الشراء طالبا فسخ البيع بحجة أنه راجع بعض أهل العلم فأفادوه بأن هذه المعاملة غير جائزة شرعا وحرر إقرارا بتوقيعه بذلك , ولم يقدم ما يفيد حصوله على مثل هذه الفتوى , وما زال العميل مصرا على أن تتم عملية الإلغاء لطلبه السابق الذي لم توافق عليه الشركة محتجا بحرمة أساس العملية.
وحيث أن العميل تقدم إلى لجنة تسوية المنازعات البنكية.
عليه نرجو أفادتنا برأيكم في ذلك , وما هو حكم إلغاء مثل هذه المبايعات سواء صدر حكم اللجنة في صالح العميل أو ضده.
الجواب:
هذه المعاملة مصارفة وشرطها القبض في مجلس العقد وحيث أن المعاملة المسئول عنها لم يتم فيها استيفاء هذا الشرط فانها لا تجوز شرعا لأنها مصارفة باطلة وبذلك فانه لا يجوز للشركة التمسك بالزام العميل بهذه المعاملة وعليها إعادة ما استلمته منه إن كانت استلمته سواء حكم لها بذلك من قبل لجنة تسوية المنازعات البنكية أم لم يحكم لها , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب , والفضة بالفضة , والبر بالبر , والشعير بالشعير , والتمر بالتمر , والملح بالملح , مثلا بمثل , سواء بسواء , يدا بيد , فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد رواه مسلم. والعملات الورقية حلت محل النقدين لاشتراكها معهما في الثمنية , ولقوله صلى الله عليه وسلم: انكم تختصمون إلي , ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو مما أسمع منه , فمن قطعت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه , فإنما أقطع له به قطعة من النار متفق عليه.(2/203)
التواعد على الصرف والصرف المستقبلي
درجت بعض المعاملات المعاصرة على عدم إتمام عقد الصرف في الحال , وإنما يتم الاتفاق على تبادل عملات مختلفة الجنس في المستقبل تحدد كمياتها ويتفق على سعر تبادلها عند التعاقد , ويكون تسليم كل من البدلين مؤجلا.
وهذا يعنى أن الاتفاق يبرم في زمن محدد , ويؤخر تنفيذه لزمن لاحق متفق عليه , ويتم تسليم واستلام البدلين في وقت واحد يدا بيد عند موعد التنفيذ المقرر , وقد يكون الاتفاق المبرم على سبيل التعاقد النهائي بين الطرفين , كما قد يكون في صورة مواعدة ملزمة للطرفين أو غير ملزمة لهما.
ويعرف هذا بالبيع المستقبلي للعملات.
وهناك أسلوب آخر للتعامل المستقبلي في العملات وهو ما يسمى (عقد حق الخيار) حيث تتم عملية الشراء على النحو الآتي:
- يقوم المشتري بالاتفاق مع مصرف ما على حق خيار عملة معينة بكمية معينة وبسعر معين وخلال فترة معينة
- مقابل إتاحة حق الخيار الذي منحه المصرف للمشتري (المستفيد) يدفع المستفيد رسما أو علاوة للبائع (المصرف) يسدد وقت الدخول في عقد حق الخيار لشراء العملة.
- وخلال المدة المتفق عليها يمكن للمشتري (المستفيد) أن يدفع السعر المتفق عليه ويشتري العملة بغض النظر عن السعر السائد في السوق في وقت الشراء الفعلي.
كما أن المشتري ليس ملزما بأن يشتري العملة وهي طبيعة هذا العقد ويقتصر التزامه في حالة عدم رغبته في إتمام عملية الشراء على دفع العلاوة التي سددها في بداية العقد مقابل إتاحة حق الخيار له , والتي لن يتم استرداد قيمتها سواء تمت الصفقة أم لا.
وهذه الأساليب في التعامل المستقبلي للعملات تحتاج إلى توضيح الرأي الشرعي فيها.(2/204)
لقد ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز التواعد على الصرف فإن تصادفا بعد ذلك في الموعد وبالسعر الذي حدداه , وتقابضا البدلين في مجلس العقد حقيقة أو حكما , ترتبت على عقد الصرف آثاره الشرعية من وقت انعقاده لا من وقت التواعد عليه , لأن المواعدة على الصرف لا تعتبر صرفا في النظر الفقهي , ومن هنا لم تكن ملزمة للطرفين أو لأحدهما.
وعلى هذا الأساس , إذا كان تنفيذ الوعد أو الاتفاق يتم بإنشاء الطرفين عقد بيع من جديد بتراضيهما عند الأجل ويتم تسليم واستلام البدلين في مجلس العقد , فإن هذه المعاملة تكون صحيحة.
وفي حالة اتفاق الطرفين على أن تكون المواعدة ملزمة لهما أي أن كلا من الطرفين يكون ملزما بتنفيذ الوعد عند حلول الأجل ولا يحتاج لذلك إنشاء عقد جديد , فإن هذه المعاملة تكون غير صحيحة لأن اتفاقهما على ذلك بمثابة عقد صرف تأخر فيه تقابض البدلين , وتقابض البدلين قبل التفرق هو شرط لصحة عقد الصرف. ولا عبرة بتسمية اتفاقهم الأول مواعدة , إذ العبرة في العقود للمقاصد والمعانى لا للألفاظ والمباني.
ولنفس الأسباب المذكورة سابقا لا يجوز بيع العملات بالخيار ولو كانت بتراضي الطرفين , لأنه بيع غير بات , ويشترط في عقد الصرف الفورية في تقابض البدلين.(2/205)
(الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية 1 / 50) بيت التمويل الكويتي , الفتوى رقم (28) و (98)
السؤال:
ما الرأي الشرعي في مدى جواز الاتفاق على بيع أو شراء العملة , وبسعر يتفق عليه مقدما , على أن تنفذ العملية في زمن لاحق , ويكون التسليم والاستلام بالنقد في وقت واحد؟
الجواب:
مثل هذه المعاملة تعتبر وعدا بالبيع , فإن أنفذاه على الصورة الواردة في السؤال فلا مانع شرعا. والله أعلم.
وزيادة لإيضاح هذه المسألة: إن تنفيذ هذا الوعد على الصورة الواردة يكون مشروعا ولكنه إذا اقترن الوعد بما يدل على أنه عقد بيع , بأن دفع بعض الثمن دون بعض , فيكون من قبيل بيع الكالئ بالكالئ (المؤجل بالمؤجل) وهو ممنوع مطلقا , ولا سيما في عقد الصرف الذي يشترط لصحته تقابض كلا البدلين في مجلس العقد , ويعتبر اشتراط التأجيل مفسدا له عند جميع الأئمة.
(الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية 1 / 51) بيت التمويل الكويتي , الفتوى رقم (29)
السؤال:
ما الرأي الشرعي في الوعد ببيع وشراء الذهب أو الفضة في المستقبل؟
الجواب:
أما الوعد بالبيع والشراء للذهب أو الفضة في المستقبل , فإنه فتح باب للتحايل على بيع الكالئ بالكالئ , وهو ممنوع في كل شيء فضلا عن الذهب والفضة اللذين شددا الشارع بوجوب التقابض فيهما في مجلس العقد.
ندوة البركة الأولى (فتوى رقم 13) (الفتاوى الشرعية في الاقتصاد / دله البركة ص 83)
السؤال:
ما هو الرأي في المواعدة بشراء العملات مختلفة الجنس بسعر يوم الاتفاق (يوم المواعدة) على أن يكون تسليم كل من البدلين مؤجلا , لكي يتم التبادل في المستقبل يدا بيد , وذلك في حالة كون مثل هذه المواعدة ملزمة , وحالة كونها غير ملزمة؟
الفتوى:
إن هذه المواعدة إذا كانت ملزمة للطرفين فإنها تدخل في عموم النهي عن بيع الكالئ بالكالئ (بيع الدين بالدين) فلا تكون جائزة , وإذا كانت غير ملزمة للطرفين فإنها جائزة.
ندوة البركة السادسة (فتوى رقم 23) (الفتاوى الشرعية في الاقتصاد / دله البركة ص 84)
السؤال:
ما حكم المواعد في صرف العملات؟
الفتوى:
يؤكد على ما جاء في قرارات المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي بالكويت في مارس 1983م من أن المواعدة في بيع العملات مع تأجيل الثمن جائزة إذا كانت المواعدة غير ملزمة (هذا رأي الأغلبية) . أما المواعدة إذا كانت ملزمة , فهذه المعاملة غير جائزة شرعا.
ندوة البركة السادسة (فتوى رقم 12) (الفتاوى الشرعية في الاقتصاد / دله البركة ص 85)
السؤال:
هل يجوز للبنك الإسلامي ترتيب عمليات شراء مستقبلي للعملات لحساب عملائه؟
الفتوى:
لا يجوز للبنك أصالة مباشرة هذا النوع من التعامل , وكذلك لا يجوز له التوسط فيه خدمة لعملائه ولحسابهم , لأنه ممنوع شرعا.
بيت التمويل الكويتي الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية (الجزء الثاني) , فتوى رقم (96)
السؤال:
مواعدة بشراء عملة محددة بكمية محددة وبسعر محدد خلال فترة محددة مع التزام البائع بتسليم المبلغ عند الطلب خلال هذه الفترة المحددة على أساس أن يدفع المشتري مبلغا معينا يسمى حق الشراء ويخسر هذا الحق إذا لم يكمل عملية الشراء.
الجواب:
هذه المعاملة غير جائزة شرعا لأنها وعد بشراء عملة والصورة التي يجيزها الشرع هي البيع البات مع القبض الفوري في بيوع الصرف (بيع النقد بالنقد) .
البنك الإسلامي الأردني الفتاوى الشرعية الجزء الثاني , الفتوى رقم (40)
السؤال:
نرجو بيان الرأي الشرعي في المسألة التالية:
تسهيلا لحجاج بيت الله الحرام , ترغب وزارة الأوقاف بأن يتفق البنك الإسلامي الأردني معها لبيعها ريالات سعودية بسعر يحدد مسبقا - اليوم مثلا - خلال فترة مستقبلية محددة (ستين يوما من تاريخه مثلا) على أن تقوم وزارة الأوقاف بتسليم البنك خلال أي يوم من الستين يوما ثمن الريالات السعودية بالدنانير الأردنية وأن يقوم البنك في ذات اليوم بتسليمها شيكا بالريالات السعودية محسوبا على أساس السعر المحدد سابقا لهذه الغاية (والذي قد يزيد أو يقل عن سعر صرف الريال في ذلك اليوم) .
فهل يجوز شرعا السير في هذه المعاملة؟
الجواب: إن الاتفاق على تبادل العملات مختلفة الأجناس , بسعر يحدد حين الاتفاق على أن يتم التسليم والتسلم من قبل البنك والوزارة في وقت واحد على أساس السعر المتفق عليه سابقا , بغض النظر عن سعر العملة يوم التنفيذ , يشمله ما جاء في نيل الأوطار من أن مذهب الحنفية والشافعية أنه يجوز التبادل بسعر يومها وأغلى وأرخص , وان هذا الاتجاه وان كان يخالف ما جاء في حديث ابن عمر الذي يتضمن الإجازة بسعر يومها , إلا أنه يظهر أن الإمامين أخذا بالحديث العام وهو قوله صلى الله عليه وسلم: إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد.
وعليه فاني أوافق على السير في معاملة الاتفاق على الوجه المشروح , عملا برأي الحنفية والشافعية المشار إليه.
(الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية) بيت التمويل الكويتي , الفتوى رقم (107)
السؤال:
هل يجوز شراء العملات الأجنبية بما يسمى (عقد حق الخيار) حيث تتم عملية الشراء على النحو الآتي:
يقوم المشتري بالاتفاق مع مصرف ما على حق خيار عملة معينة بكمية معينة وبسعر معين وخلال فترة معينة - ومقابل إتاحة حق الخيار الذي منحه المصرف للمشتري (المستفيد) يدفع المستفيد رسما أو علاوة للبائع (المصرف) يسدد وقت الدخول في عقد حق الخيار لشراء العملة.
وخلال المدة المتفق عليها يمكن للمشتري (المستفيد) أن يدفع السعر المتفق عليه ويشتري العملة بغض النظر عن السعر السائد في السوق في وقت الشراء الفعلي.
كما أن المشتري ليس ملزما بأن يشتري العملة وهي طبيعة هذا العقد ويقتصر التزامه في حالة عدم رغبته في إتمام عملية الشراء على دفع العلاوة التي سددها في بداية العقد مقابل إتاحة حق الخيار له , والتي لن يتم استرداد قيمتها سواء تمت الصفقة أم لا؟
الجواب:
لا يجوز بيع العملات بالخيار لأنه بيع غير بات. ويجوز اشتراط الخيار فيما عدا ذلك من الأسهم أو السلع مع مراعاة شروط بيع الخيار في الفتوى رقم 87 من كتاب الفتاوي الشرعية في بيت التمويل ونصها:
إجراء عقد بيع مقترن بخيار شرط لبيت التمويل (الطرف الأول) وهو بيع تنتقل فيه الملكية ويكون المبيع على ضمان المشتري (الطرف الثاني) ومن حق الطرف الأول البت في العقد أو فسخه خلال مدة الخيار المحددة ويوم أن يؤجل دفع الثمن المتفق عليه لما بعد البت بمدة يتفق عليها. ولا بد من التثبت من حقيقة الشراء ووجود البضاعة وقابليتها للتسليم في أي لحظة عقب الشراء.
بنك فيصل الإسلامي المصري , فتوى رقم (47)
السؤال:
عرض على الهيئة الموضوع الخاص بتجارة الذهب بالخارج وما يقوم به البنك. وقد تضمن كتاب البنك المرسل إلى هيئة الرقابة الشرعية الخطوات التالية:
1 - يتم شراء الذهب والفضة مع دفع كامل القيمة.
2 - يتم تسلم الذهب ويودع في مخازن المراسل باسم البنك.
3 - في حالة تواجد مشتر لهذه الكمية بسعر حال مقبول للبنك , يقوم البنك بالبيع يدا بيد أي بتسليم الذهب للمشتري واستلام الثمن في الحال ما دام قد تحقق بعض الربح.
4 - وفي بعض الأحيان يقوم البنك بإجراء وعد ببيع الذهب الموجود عنده في وقت لاحق وبسعر أعلى من ثمن الشراء على أن يتم تسليم السلعة واستلام الثمن يدا بيد وقت الاستحقاق دون دفع عربون.
5 - كما انه من الممكن في بعض الحالات أن يتم الوعد ببيع الذهب آجلا وتغطية هذا البيع بعقد وعد بالشراء في تاريخ الاستحقاق على أن يتسلم البنك السلعة في الوقت المحدد للبيع الذي سبق الوعد ببيعها وبسعر مناسب.
6 - كما أن البنك يقوم بالتعامل في عمليات شراء وبيع العملات الأجنبية على أن يسوي المركز يوميا.
وطلبت إدارة البنك الإفادة بالرأي الشرعي فيما يقوم به من عمليات على النحو الموضح.
الجواب:
بعد أن استعرضت الهيئة موضوع المتاجرة في الذهب على النحو المبين بمذكرة الإدارة الخارجية للبنك , رأت أن تبين:
أولا: النصوص وآراء الفقهاء في بيع الأصناف الربوية عند اختلاف الأصناف.
ثانيا: النصوص وآراء الفقهاء في الوعد وفي الالتزام به من عدمه.
عن الموضوع الأول:
ما أخرجه عبد الرزاق وأحمد وابن ماجة عن ابن عمر أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اشتر الذهب بالفضة فإذا أخذت واحدا منهما فلا تفارق صاحبك وبينكما لبس (نيل الأوطار ج 5) والمعنى أنه يشترط في بيع الذهب بالفضة أن يكون يدا بيد.
وقد أخرج البخاري في كتاب البيوع (باب بيع الورق بالذهب نسيئة) حديث البراء بن عازب وزيد بن ارقم عن أبي المنهال قال سألت البراء بن عازب وزيد بن ارقم عن الصرف فكل واحد منهما يقول هذا خير مني فكلاهما يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا.
عن الموضوع الثاني: آراء الفقهاء في الوعد والالتزام به
جاء في فتح العلي المالك في الفقه على مذهب الإمام مالك إشارة إلى ما قرره الحطاب في
موضوع الوعد ما نصه: (وأما العدة فليس فيها الزام الشخص نفسه شيئا الآن وإنما هي إخبار عن إنشاء المخبر معروفا في المستقبل ولا خلاف في استحباب الوفاء بالوعد) .
واختلف في وجوب القضاء بالعدة (الوعد) على أربعة أقوال:
1 - فقيل يقضى بها مطلقا.
2 - وقيل لا يقضى بها مطلقا.
3 - وقيل يقضى بها إن كانت على سبب وإن لم يدخل الموعود بسبب العدة في شيء كقولك أريد أن أتزوج أو اشتري كذا أو أن أقضي غرمائي فأسلفني كذا أو أريد غدا أن أركب إلى مكان كذا فأعرني دابتك أو أريد أن أحرث أرض فأعرني بقرك , فقال نعم ثم بدا له أن يتزوج أو أن يشتري أو أن يسافر فان ذلك يلزمه ويقضي عليه.
ولا يقضي بها أي بالعدة إن كانت على غير سبب كما إذا قلت أسلفني كذا ولم تذكر سببا فقال نعم ثم بدا له أو قال هو من نفسه أسلفك كذا أو أهب لك كذا ولم يذكر سببا ثم بدا له.
4 - القول الرابع يقضي بالعدة (الوعد) إن كانت على سبب ودخل الموعود بسبب العدة في شيء وهذا هو المشهور من الأقوال (ج 1 ص 254 , 255 من فتح العلي المالك في الفقه على مذهب الإمام مالك للعلامة الشيخ عليش) .
وقال ابن شبرمة الوعد كله لازم ويقضي به على الواعد ويجبر ومن ذهب إلى قول ابن شبرمة احتج بقول الله جل شأنه: {كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} وبالخبر الصحيح عن طريق عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر. والحديث المروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من علامة المنافق ثلاثة وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان (راجع موضوع الوعد عند الفقهاء بالمحلى ج 8 لابن حزم) .
وبناء على ما أوضحناه من آراء لبعض الفقهاء في جواز القضاء بالوعد والإلزام به , ومع مراعاة هذا ومراعاة عدم بيع ما لم يقبض - وان القبض قد يكون بالتخلية في بعض الأحيان كما يتم القبض أحيانا باستلام مستندات السلعة التي تمكن المشتري من استلامها من مخازنها أو غير ذلك إذا ما اتفق الطرفان على هذا ولم يكن بينهما أي خلاف في نوع السلعة أو أوصافها.
فانه طبقا لما أوضحناه , لا مانع من الوعد حينئذ على أن يتم بعده البيع أو الصرف طبق النصوص يدا بيد على الوجه المدون والله سبحانه وتعالى أعلم.
بنك فيصل الإسلامي السوداني فتوى رقم (18)
السؤال:
الذهب وبعض المعادن الأخرى لها أسواق عالمية منتظمة (بورصات) والتعامل يكون في الذهب تبرا في شكل قضبان أو سبائك - أي غير مضروب - ويتم التعامل بواسطة متخصصين. وهناك عديد من أساليب التعامل في الذهب يهمنا فقط منها نوعان:
النوع الأول:
الشراء والاستلام والتخزين عند تدني الأسعار ثم البيع والتسليم عند ارتفاع الأسعار.
النوع الثاني:
وهو عبارة عن وعد بالشراء ووعد بالبيع في آن واحد وهو ما يعرف بالشراء والبيع المتوازيين , يتفق فيه على السلعة بمواصفاتها المحددة بدقة والكمية وتاريخ الاستلام في حالة الشراء وتاريخ التسليم في حالة البيع وعند حلول الأجل المقرر يتم تنفيذ الوعد.
ما رأي فضيلتكم في تلك المعاملات , هل هي جائزة أم غير جائزة , وما الدليل الشرعي؟
الإجابة:
التجارة في الذهب جائزة إذا التزم فيها المتعاملان الشرائط الشرعية , وهذه الشرائط تختلف باختلاف نوع التعامل. وقد ذكر المستفسر نوعين من التعامل في الذهب وطلب الحكم الشرعي فيهما.
النوع الأول:
الشراء والاستلام والتخزين عند تدني الأسعار , ثم البيع والتسليم عند ارتفاع الأسعار.
هذا هو الاستفسار , ويتضح منه أن المشتري يشتري الذهب ويتسلمه ويخزنه إلى أن يرتفع سعره فيبيعه ويسلمه إلى المشتري الثاني , ولكن المستفسر لم يذكر شيئا عن البدل (الثمن) ما نوعه؟ وهل يتسلمه البائع عند تسلم المشتري الذهب أم يتأخر التسليم؟
الظاهر أن الثمن يكون من الأوراق النقدية - الدولار مثلا - كما هو المتعارف والأوراق النقدية من الأموال الربوية قياسا على الذهب والفضة لعلة الثمنية , وبناء على هذا فانه لا يكفي أن يتسلم المشتري الذهب , بل لا بد من أن يتسلم البائع الثمن أيضا في مجلس العقد لما رواه عبادة بن الصامت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب , والفضة بالفضة , والبر بالبر , والشعير بالشعير , والتمر بالتمر , والملح بالملح , مثلا بمثل سواء بسواء , يدا بيد , فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كانت يدا بيد رواه أحمد ومسلم
(انظر منتقى الأخبار مع نيل الأوطار: 204) .
فإذا تم تسلم المشتري الذهب وتسليمه البائع الثمن في مجلس العقد فالشراء صحيح , ولا حرج على المشتري أن يبيع ما اشتراه من الذهب عندما يرتفع سعره بشرط أن يسلم الذهب ويتسلم الثمن في مجلس العقد أيضا وألا يؤدي ذلك إلى الاحتكار. والله اعلم.
النوع الثاني:
وعد بالشراء ووعد بالبيع في آن واحد , وهو ما يعرف بالشراء والبيع المتوازية يتفق فيه على السلعة بمواصفاتها المحددة بدقة والكمية وتاريخ الاستلام في حالة الشراء وتاريخ التسليم في حالة البيع , وعند حلول الأجل المقرر يتم تنفيذ الوعد.
الإجابة عن هذا الاستفسار تتوقف على معرفة الكيفية التي يتم بها تنفيذ الوعد , والوقت الذي يتم فيه تسليم كل من المبيع والثمن وهذا غير واضح في الاستفسار.
1 - فإذا كان التنفيذ يتم بإنشاء الطرفين عقد بيع من جديد بتراضيهما عند الأجل ويتسلم المشتري الذهب ويتسلم البائع الثمن في مجلس العقد , فإن هذه المعاملة تكون صحيحة.
أما إذا كان تسليم أحد البدلين يتأخر عن الآخر فانها تكون معاملة غير صحيحة , ولو كانت بتراضي الطرفين , لأن البدلين من الأموال الربوية التي يشترط فيها التقابض في المجلس , للحديث الذي ذكرناه في الإجابة عن النوع الأول.
2 - وإذا كان تنفيذ الوعد يتم بناء على الاتفاق السابق من غير إنشاء عقد جديد , أي أن كلا من الطرفين يكون ملزما بتنفيذ الوعد عند حلول الأجل , فإن هذه المعاملة تكون غير صحيحة , لأنه لا يكون هناك فرق بين المعاملة وبيع الذهب بالأوراق النقدية على أن يتم تسليم البدلين في وقت. ويستحق البحث ثانيا من حيث فهم حديث عبادة بن الصامت المتقدم الوارد فيه فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كانت يدا بيد فان ظاهر هذا انه لا يجوز بيع صنف ربوي بصنف آخر نسيئة وكان مقتضى هذا ألا يجوز بيع البر والتمر بالذهب نسيئة ولكن العلماء أجمعوا على الجواز , فهل يحق لفقيه اليوم أن يقول بجواز الذهب بالدولارات نسيئة , لأن الدولار حل محل الذهب في الثمنية , والذهب أصبح سلعة كالبر والتمر وإن كان مالا ربويا. .؟
إن هذا الموضوع يحتاج إلى كثير من التروي في البحث ونرى أن تبحثه هيئات الرقابة الشرعية للبنوك والشركات الإسلامية , ثم تبحثه الهيئة الشرعية العليا للوصول إلى رأي جماعي. وإلى أن يتم هذا فان الهيئة ترى الأخذ بظاهر الحديث , وهذا هو ما بنت عليه الهيئة إجابتها في السؤال.(2/206)
المتاجرة في المعادن عامة وفي الذهب والفضة خاصة
الذهب وبعض المعادن الأخرى لها أسواق عالمية منتظمة (بورصات) , وبما أن المصرف الإسلامي لا يتعامل في سوق النقد أسوة بالبنوك التجارية , فان هناك مجال للمتاجرة في المعادن الثمينة بصفة عامة مثل البلاتين والأحجار الكريمة وغيرها وفي الذهب بصفة خاصة نتيجة لأن الاستثمار في المتاجرة بالذهب يحقق قدرا كبيرا من العناصر الأساسية الجيدة للاستثمار , وقد أصبحت تجارتها رائجة ومجالها خصيبا.
وهنا يحتاج المستثمر في هذا المجال معرفة الحكم الشرعي في المتاجرة في هذه المعادن؟ وهل ضوابط المتاجرة في الذهب والفضة تسري أيضا على المتاجرة في بقية المعادن أم أن حكمها مختلف؟
ومن ناحية أخرى يكون التعامل في الذهب تبرا في شكل قضبان أو سبائك , أي غير مضروب. فهل الحكم يختلف في حالة كون الذهب مضروبا أو تبرا أو مصوغا؟
وقد يباع الذهب بذهب أو بنقد آخر مثل الفضة أو الورق النقدي ,
- فإذا تمت مبادلة الذهب بالذهب فهل يشترط تماثل مقدار البدلين في حالة كون أحدها مشغولا أي فيه صنعة وصياغة , وكذلك في حالة انضمام جنس آخر لأحد البدلين مثل الألماس أو غيرها؟
- أما إذا تمت مبادلة الذهب بنقد آخر ولا سيما بالورق النقدي أو ما يقوم مقامه , فهل تتحقق فورية التقابض في حالة شراء الفرد الذهب بالشيك أو ببطاقة الائتمان بحيث يعتبر ذلك قبضا للثمن أم لا؟(2/207)
يعتب الذهب والفضة في الشريعة الإسلامية أثمانا , لا فرق في ذلك بين مضروبهما أو تبرهما أو مصاغهما.
وقد اصطلح الفقهاء على تسمية بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة مراطلة , وعلى تسمية بيع الذهب بالفضة أو بأي ثمن آخر أو العكس صرفا. واشترطوا في المراطلة المماثلة في الوزن والحلول والتقابض في مجلس العقد , واشترطوا في الصرف التقابض في مجلس العقد فقط.
وأصل ذلك ما رواه الإمام أحمد ومسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد , فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد.
ولكن لا يفرق عامة الفقهاء في الأحكام بين أن يكون الذهب مضروب ومنقوش وجيد وردئ وصحيح ومكسر وحلي وتبر وخاص ومغشوش , وقالوا بأنه يدخل في الذهب جميع أنواعه وقد نقل النووي وغيره الإجماع على ذلك.
وعلى هذا الأساس لا بد عند مبادلة الذهب بعضه ببعض من مراعاة شرطي الحلول (الفورية) والتماثل فلا يجوز مبادلة الذهب المصوغ بذهب مصوغ أكثر مقدارا منه لأنه لا عبرة في مبادلة الذهب بالذهب بالجودة أو الصياغة.
وخلافا لذلك ذهب ابن القيم إلى جواز بيع الذهب المصوغ بالذهب غير المصوغ بزيادة وهو يشترط في ذلك فقط الحلول والتقابض في مجلس العقد ولا يشترط التماثل في القدر , واستدل على ذلك بأن الخاتم أو حلية النساء صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسلع لا من جنس الأثمان , وقال بأن العاقل لا يبيع هذه بوزنها من جنسها فإنه سفه وإضاعة للصنعة.
ودرس مجمع الفقه الإسلامي هذه المسألة ورأى عدم الحاجة للنظر فيها مراعاة لكونه لم يبق لها مجال في التطبيق العملي , لعدم التعامل بالعملات الذهبية بعد حلول العملات الورقية محلها , والعملات الورقية إذا قوبلت بالذهب تعتبر جنسا آخر فلا يشترط التماثل فيها وإنما يشترط فقط الفورية في تقابض البدلين.
أما المبادلة بين مقدار من الذهب ومقدار آخر أقل منه مضموم إليه جنس آخر (كالألماس وغيرها) , فقد أجاز مجمع الفقه الإسلامي هذه المعاملة على اعتبار أن الزيادة في أحد العوضين مقابلة بالجنس الآخر في العوض الثاني.
وكذلك يجوز البيع بالأجل في جميع الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة من غير الذهب والفضة ولا مانع شرعا من ذلك. فلا يشترط فيها التقابض في مجلس العقد , ويجوز بيعها بالنقود إلى أجل , وعلى العموم لا يلحق حكمها بالذهب والفضة.
أما مبادلة الذهب بالورق النقدي فهي تعتبر في المصطلح الفقهي صرفا وهي مثلها مثل مبادلة الأوراق النقدية المختلفة بعضها ببعض , لا يشترط فيها التماثل فيصح التبادل بأي سعر يتم الاتفاق عليه بين الطرفين , ولكن تشترط الفورية في التقابض فلا يجوز التأخير في تسليم واستلام البدلين.
واتفق العلماء على أن القبض أمر مرده إلى العرف والعادة فأي طريقة يتم فيها الاستيلاء الكامل على العين محل العقد تعتبر قبضا.
وقد بحث العلماء وضع الشيك وهل يعتبر قبضه قبضا لمشموله مبرئا فأصدر مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي قرارا باعتبار قبض الشيك المعتبر قبضا لمحتواه. وقد وجد الخلاف بين فقهاء العصر في تفسير معنى الشيك المعتبر فذهب بعضهم إلى أن الاعتبار في الشيك أن يكون مصدقا من البنك المسحوب عليه لأن تصديقه يعني حمايته من الساحب أن يعود فيه كما يعني وجود رصيد كامل للساحب لتغطية سداد الشيك وهذا المعنى يعطي القناعة الكاملة بالقدرة على التصرف في مشمول الشيك في أي وقت يريده المستفيد منه وهذا معنى القبض.
وذهب آخرون إلى أن المراد بالشيك المعتبر هو أن يكون له رصيد في البنك المسحوب عليه لتغطيته.
ولكن هذا المعنى لا يعطي القناعة بالقدرة على تصرف المستفيد منه بمشموله. فلئن كان للساحب رصيد لتغطيته فقد يرجع الساحب في الشيك قبل قبضه وهذا الاحتمال الوارد ينفي عن هذا الشيك الثقة في القدرة على التصرف فيه وبالتالي فينتفي عن هذا الشيك معنى القبض وهو القدرة على قبض محتواه أو الأمر بقيده في حسابه.
والذي يظهر من قرار مجمع الفقه الإسلامي الصادر في الدورة التاسعة أن الشيك المعتبر والذي هو في معنى القبض هو الشيك المصدق. وتأسيسا على هذا فإذا اشترى الفرد ذهبا أو فضة بثمن آخر وبموجب شيك بذلك الثمن فإن كان مصدقا فقبضه قبض لمحتواه والمصارفة بذلك صحيحة. وإن كان غير مصدق فقبضه ليس قبضا لمشموله وبالتالي فقبضه ليس في حكم القبض المبرئ للذمة والمصارفة بموجبه غير صحيحة لأن التقابض في مجلس العقد غير محقق.
فمثل هذا الشيك غير المصدق - كما يقول الشيخ عبد الله المنيع - آفاته كثيرة منها احتمال سحبه على غير رصيد أو على رصيد لا يكفي لتغطيته أو لاحتمال رجوع ساحبه في سحبه قبل تقديمه للبنك المسحوب عليه فهذه العيوب تجعله غير أهل للاعتبار في القول بأن قبضه قبض لمحتواه.
وأما شراء الذهب ببطاقة الائتمان فنظرا إلى أن بطاقة الائتمان تعتبر مبرئة للذمة براءة كاملة بين المتصارفين وحق بائع الذهب بموجب بطاقة الائتمان ثابت كثبوت حقه في الشيك المصدق من حيث إن صاحب البطاقة حينما يوقع بموجبها على فاتورة الدفع لا يستطيع الرجوع في توقيعه ولا يستطيع مصدر البطاقة أن يتأخر عن سداد القيمة عند الطلب مهما كانت حال صاحب البطاقة. ونظرا لهذا فإن القول بصحة المصارفة ببطاقة الائتمان قول وجيه يؤيده أن معنى القبض متوفر فيها حيث يتفرق المتصارفان بموجبها وليس بينهما شيء.(2/208)