إهداء
أهدي هذا الجهد المتواضع لمن نذروا أنفسهم لنفع إخوانهم المسلمين في مجال العلاج بالرقية الشرعية وأخص منهم الشيخ/ عبد العزيز بن محمد المغيصيب الذي قضى جل عمره في ذلك، وكان سبباً في خدمة إخوانه المسلمين فقد فتّح لي أبوابًا كثيرة من التساؤلات والاستفسارات التي كان ثمرتها أسئلة أجاب عنها العلماء حفظهم الله.
أسأل الله تعالى أن يجعل ذلك في موازين أعمال كل من ساهم في هذا العمل إنه سميعٌ مجيب.
خالد الجريسي(1/1)
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..
لقد باتت الحاجة ماسة إلى توسيع دائرة الانتفاع والعلاج بالرقى الشرعية، لما ثبت لها من أثر جلي في شفاء كثيرٍ من الأمراض النفسية وغيرها تلك التي استعصت على الطب الحديث كالصرع والمس والعين والسحر.
وفي ظل هذه الحاجة استغل بعض النفعيين تعلق المرضى بأسباب العلاج فراحوا يتخبطون في تسمية أمراض ووصف أدوية بلا دليل يؤيدها من النقل أو العقل أو الاستقراء والتتبع.
على أن الميدان ما خلا من المحتسبين الصادقين الذين نفع الله برقيتهم وبارك في أدويتهم بمنِّه وكرمه.. لكن اختلط الحابل بالنابل وظهر مشعوذون يدّعون زورًا أنهم يعالجون بالرقى وظلم صالحون؛ اتّهِمُوا بهتانًا بأنهم يشعوذون حتى أصبح المحتاجون في حيرةٍ مدلهمّة لا يميزون بين الخبيث والطيب، ووقع بعض المرضى ضحية هذا الخلط والغموض فقصدوا المشعوذين ظنًا أنهم من أهل الرقى الشرعية، وآخرون أعرضوا عن الرقى خوفًا من أولئك المشعوذين.
ولذا فإني أرى من المناسب أن أؤكد على اقتراح سبق به ثلة من الأفاضل موجزه أن يفتتح مركز للرقية الشرعية والعلاج بالقرآن وما يتعلق به من الأدوية النبوية يكون هذا المركز تحت إشراف لجان من وزارة الصحة والداخلية ورئاسة هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ليضمن انضباط هذا المركز من جميع الجوانب المهمة ذات العلاقة به، ومن ثم فلا يؤذن لأحدٍ أن يمارس العلاج بالرقى والأدوية النبوية إلا من خلال هذا المركز وبإذن هذه اللجان لينظر ويميز بين المتطبب والطبيب، وليقطع الطريق أمام كل مشعوذ أو ساحر أوكاهن يتستر بالرقى والأدوية النبوية.. وبذا نحقق المصالح من الرقى وتدرأ المفاسد المتسترة بها ويعمم هذا على سائر المناطق والمدن.(2/1)
وبين يدي هذا السفر القيم الذي يعد دليلاً للسائرين ومرشدًا للحائرين في باب العلاج لا أظن مطلعًا أو قارئًا لهذا المجموع وهذه المقدمة يخالجه أدنى شك أن هذه الأسطر لا تعد تقييمًا لمضمون هذا الكتاب من الفتاوى والأجوبة؛ إذ المقلدون لا يحكمون على فتاوى المجتهدين، بل غاية ما عند المقلد في هذا الأمر أن يتبع قول المجتهد ثقة بعلمه وتقواه.
لكن هذا لا يمنع أن أقول: إن العناية بهذه المسائل وجمعها بالاستقراء والتتبع وتحصيل الإجابة عنها أمر مطلوب وجهد مشكور يحتاج إليه الكثير من المرضى والمعالجين بالرقية، سيما وأن هذه المسائل كانت مشتتة في كتب ورسائل عدة وأقطع أن جلها ظل كامنًا زمنًا في نفوس أصحابها لم يجد إلى البيان سبيلاً؛ إمّا حرجًا في النفوس أوخجلاً من السؤال.
حتى يسر الله هذا المجموع الثمين الذي قرأته فألفيته قد تتبع الشوارد وجمع الفوائد والفرائد وسيجد المطلع أن عددًا من المسائل يُعول في جوابها على ما جرت به العادة وحصل به النفع والسعادة بما لا يتعارض مع حكم شرعي أو قاعدة عامة.
وربما يرى القارئ أو يسمع أجوبة تخالف ما وردت به الإجابة على بعض هذه المسائل وحينئذٍ أوصيه بالتريث والرفق وأحذره من ضرب الفتاوى وكلام العلماء بعضه ببعض، فالأمر اجتهاد والعصمة للأنبياء فيما يبلغون عن الله، وأحوال المستفتين متباينة.. وربما يكون الأمر واسعًا والخلاف فيه سائغًا فلا يُثَرِّب أحد على أحد.
وبالجملة فهذا المجموع أراه قيمًا في بابه، ثمينًا في موضوعه، جديدًا في فكرته، ولقد اعتنى به جامعه الأخ الكريم / خالد الجريسي عناية دفعه إليها الاحتساب واجتهد في تحصيل الصواب مع أثر المعاناة في صناعة إعداد هذا المجموع (وليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة).(2/2)
وأحسبه كعادته قد أجاد وأفاد، أسأل الله أن يجعل جهده في موازين أعماله الصالحة، وأن يثبت الجميع على طاعته حتى نلقاه، إنه سميع مجيب. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
قاله العبد الفقير إلى الله
المشرف العام على المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد
بالبديعة والصناعية الجديدة
سعد بن عبد الله البريك(2/3)
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا وإمامنا وسيدنا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:
فإنه كثر الحديث في عصرنا حول موضوع العلاج بالرقى الشرعية؛ بسبب كثرة الأمراض بالعين والسحر أو مس الجن وعجز الطب الحديث عن معالجتها من جهة، وظهور بعض مستعملي الرقى الشرعية، وفي المقابل بروز كثير من السحرة والمشعوذين من جهة أخرى، ومما لاشك فيه أنه كما أنّ من يستعمل الرقى الشرعية ينبغي أن يُعان ويناصر فكذلك من يستعمل الرقى بالسحر والشعوذة يجب أن يُهان ويُعاقب.
إلا إنه حدث خلط عند بعض الناس بين الأول والثاني إمّا بسبب عدم العلم بأحكام الشرع عامة، أو عدم المعرفة بضوابط الرقى الشرعية خاصة، فأخذ الصالح بالطالح والمصلح بالمفسد، ومع هذا الخلط في المفهوم توجه بعض الشباب المتحمس للقضاء على ظاهرة السحر والشعوذة فوضعوا أنفسهم موضع أهل الفتيا، وأقحموها في دقائق الأحكام.
فأخذوا بالأمر والنهيفليفعل)).تهادية، ولم يعتدوا بآراء أهل الفتوى من العلماء الذين قال الله فيهم: [ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ] [1] وتسرعوا فوقعوا في أعراض بعض ((القراء)) من أهل العلم والتقى والصلاح وحفظة كتاب الله ممن نذروا أنفسهم لنفع إخوانهم عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم - :((من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)) [2].
والوقوع في الأعراض من الكبائر ففي الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق))[3]، وقال أيضاً:((إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق)) [4]، وقال: ((كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه))[5].(3/1)
وهذا الحماس الزائد الذي ربما أفضى ـ كما ذكرت ـ إلى إنكار المعروف أو المسائل الاجتهادية التي فيها سعة قد يجرِّئ العلمانيين الذين يصفون هذا الدين وأهله بالرجعية والتخلف ويعدون العلاج بالرقى الشرعية من الخرافات التي ينبغي التخلص منها، كما إنه يتيح الفرصة للمنافقين والحاسدين المندسين في صفوف المتحمسين للمكر والكيد لأهل الخير والصلاح والإصلاح.
لأجل ذلك كلّه ولمّا رأيت أن الموضوع لم يُعط حقه من البيان رأيت أن أعدّ كتابًا أجمع فيه ما تناثر من فتاوى كبار العلماء والفضلاء وإضافة كثير من الأسئلة والاستفسارات المستجدة لدى كثير ممن يرقون بالرقى الشرعية من المشهود لهم بالتقى والصلاح حيث عرضت أسئلتهم على العلماء للإجابة عنها ومن ثم نشرها لتتضح الأمور وتعمّ الفائدة.
وختامًا أسأل الله أن يمنّ على مرضى المسلمين بالشفاء العاجل وأن يهدينا إلى سواء السبيل، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
خالد الجريسي
---
[1] سورة النحل الآية: 43.
[2] أخرجه مسلم رقم (2199)، كتاب السلام.
[3] أخرجه أبو داود رقم (4877)، كتاب الأدب.
[4] أخرجه أبو داود رقم (4876)، كتاب الأدب، وأحمد في المسند (1/190).
[5] أخرجه مسلم رقم (2564)، كتاب البر والصلة.(3/2)
إهداء
تقديم
مقدمة
فتاوى في الرقى
فتاوى في العين والحسد
فتاوى في إتيان السحرة والمشعوذين
فتاوى في الجن
فتاوى في التمائم
فتاوى في الرقى
لمس موضع الألم عند القراءة. 3
تكرار بعض الآيات لأمراض معينة دون اعتقاد فيها 3
تشخيص مرض المريض بأنه مس أو غيره. 4
صفات وآداب الراقي بالرقى الشرعية. 4
القراءة على الجمع في مكان واحد بالمكرفون.. 5
استخدام الألفاظ العامية في الرقى الشرعية. 5
تخصيص آيات معينة بأعداد محددة لأمراض معينة. 6
حكم من يستكثر ما يعطيه للراقي ويستحل بذلك أذيته. 6
ليس من الخلوة جمع النساء في مكان واحد للقراءة. 7
حكم من لا يؤمن بأن القرآن فيه شفاء 7
الرقى الشرعية الواردة عن الرسول.. 8
حكم تعليق أخذ الأجرة بشرط البراءة من المرض... 9
الأعضاء التي يدخل من خلالها الجني في بدن الممسوس وأثر ذلك.. 9
حكم الاستحمام والشرب بالماء المقري عليه ورقية الحائض.... 11
موقف الإسلام من الأطباء الشعبيين.. 11
جواز الرقية على المريض والجنب والحائض.... 11
الأسباب والوسائل التي تعصم من الوساوس والأوهام الشيطانية. 11
حكم من يرقي وهو ليس من أهل العلم. 12
تكرار الرقية مائة مرة وهل هي بدعة أم لا؟. 12
حكم أخذ الأجرة دون اشتراط مقدارها والاستعانة بها في الخير. 12
القراءة على الماء والزيت والمراهم وكتابة الأذكار بالزعفران.. 13
الرقية بالأدعية غير الواردة عن الرسول.. 14
حكم عصب العينين عند الرقية على المرأة. 14
كيفية النفث عند التعرض لوساوس الشيطان في الصلاة. 15
جواز الرقية على الغير وكراهة طلبها للنفس.... 15
يمكن العلاج بالرقى الشرعية إذا لم يجد الطب.. 16
العلاج هو: ذكر الله والصبر وغيره. 16
حكم القراءة على خزانات المياه. 17
حكم الرقية بأي أنواع الرقى ما لم تكن شركًا 17
حكم حمل آيات القرآن ووضعها في السيارة للمساعدة في النجاح. 17
حكم أخذ الأجرة على الرقية للاستغناء عما في أيدي الناس... 20
حكم الرقية. 20(4/1)
حكم رقية العقرب التي تتداولها البوادي.. 21
حكم القراءة على ماء زمزم من شخص معين للاستشفاء 22
علاج الضيق والاكتئاب النفسي... 23
حكم وضع الآيات القرآنية المكتوبة في ماء وشربها 24
حكم العلاج عند الكهنة. 25
حكم كتابة الآيات ووضعها تحت الوسادة أو تحت الباب.. 26
حكم تلاوة سورة الإخلاص والمعوذتين للاستشفاء 26
حكم الحرق بالنار. 27
حكم الذهاب للسيد للعلاج مع الاعتقاد أن الله هو الشافي... 27
حكم الذهاب للكنيسة لعلاج الصرع. 27
نزول جبريل عند معالجة بعض حالات المس ليس له أصل.. 28
حكم رقية العقرب المنتشرة بين كثير من الناس... 28
حكم وضع المصحف على الوجه عند الخوف من الشياطين.. 28
حكم الرقية بالقرآن وبالأذكار والدعوات الثابتة. 29
الطرق التي يدخل منها الشيطان على الإنسان.. 29
حكم الرقى والتمائم. 29
حكم قراءة القرآن لمريض لوجه الله تعالى.. 30
حكم الضرب والخنق للذي يرقي بالرقى الشرعية. 30
علاج من أصيب بمرض النسيان أو أي مرض آخر. 30
حكم كتابة المحاية للناس في حالة السحر والمرض... 31
علاج المربوط عن جماع أهله. 32
حكم الاستحضار وحجب المريض.... 32
التحذير من الرقى المخالفة للشرع. 33
العلاج بالرقى للأمراض النفسية. 34
حكم النفث في الماء 35
حكم من يرقي بالرقى الشرعية وهو ليس من أهل العلم. 36
حكم كشف مواضع الألم للراقي عند القراءة. 36
حكم كتابة بعض الآيات القرآنية على الأواني بغرض التداوي.. 36
هل الرقية تنافي التوكل.. 37
حكم التشاؤم من الدور. 37
التوفيق بين كون التبرك بغير ريقه حرام وبين حديث ((بسم الله تربة أرضنا... الحديث)) 38
حكم من يذهب لمن يعالج بالرقى الشرعية. 38
حكم كتابة آيات قرآنية على ورق وشربها ومسح موضع المرض بها 38
الطرق الشرعية للوقاية من السحر وعلاج ذلك.. 39
حكم الرقية بالقرآن وأخذ الأجرة عليه. 39
حكم طلب الحجاب للأمراض... 40
النفث في الماء من الرقى الجائزة. 40(4/2)
جواز كتابة آيات قرآنية في إناء يغسله ثم يشربه المريض.... 41
يجوز نقل ماء زمزم إلى بلد آخر لغرض التداوي.. 41
علاج المسلم نفسه بنفسه بالقراءة والنفث في الماء 41
يجوز كتابة القرآن على طاهر وغسله بالماء ليشربه المريض.... 42
لا يجوز فتح عيادات متخصصة للقراءة. 42
الوسواس وكيفية الوقاية منه. 42
في القرآن والسنة أذكار وتعوذات لعلاج جميع الأمراض... 43
هذا الدعاء... شرك.. 44
حكم بيع الرقى والعزائم. 45
علاج الأمراض العضوية بالقرآن.. 46
القول هذا عن سورة الزلزلة باطل.. 46
كيف تقي نفسك من السحر والحسد؟. 47
الدواء الشرعي للسحر. 47
هل يجوز الكشف على النساء للقراءة عند الضرورة. 49
طرق إبطال السحر الشرعية. 49
كيف ينجو المؤمن من السحر فلا يضره. 49
لمس موضع الألم عند القراءة
سؤال: شخص يقوم برقية من يأتيه بالرقى الشرعية الواردة عنه ? وبما جاء في صحيح الكلم الطيب لابن تيمية والوابل الصيب لابن القيم، ويأتيه بعض الناس ممن بهم أمراض عضوية كالسرطان والتقرحات وغيرها فيقوم بقراءة القرآن وبعض الرقى الثابتة عنه ? وبعض الرقى المجربة الخالية من الشرك، ثم يقوم بعد التأكد من موضع الألم بالقراءة والنفث على يده اليمنى ومسح موضع الألم اقتداءً بعمله ? عندما كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: ((اللهم رب الناس أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا)) [1]، وبأمره لعثمان بن أبي العاص رضي الله عنه عندما شكى له وجعًا يجده في جسده منذ أسلم فقال له ? :((ضع يدك على الذي يألم من جسدك)) وقل: ((بسم الله، ثلاث مرات)) وقل سبع مرات: ((أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر))[2]، فهل عمله هذا وهو وضع اليد على مكان الوجع جائز؟ وهل يفهم من قوله ? للصحابي: ((ضع يدك)) أن وضع اليد من أسباب الشفاء، علمًا بأنه قد جرب ذلك كثيرًا وشفى الله الكثير من الرجال والنساء؟(4/3)
الجواب: لا بأس بالرقية على هذه الصفة فإن القرآن شفاء كما وصفه الله تعالى: [ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء ] [3]، ولا بأس أيضًا بوضع اليد على موضع الألم ومسحه بعد النفث عليه، كما إنه يجوز القراءة ثم النفث بعدها على البدن كله وعلى موضع الألم للأحاديث المذكورة، والمسح هو أن ينفث على الجسد المتألم بعد الدعاء أو القراءة ثم يمر بيده على ذلك الموضع مرارًا؛ ففي ذلك شفاء وتأثير بإذن الله تعالى[4].
تكرار بعض الآيات لأمراض معينة دون اعتقاد فيها
سؤال:هناك من القراء من يخصص بعض الآيات لأمراض معينة مع تكرارها بأعداد معينة مع عدم اعتقادهم بأن العدد هو السبب في الشفاء، فما حكم هذا التخصيص؟ وما حكم التكرار؟
الجواب: لاشك أن القرآن شفاء كما أخبر الله تعالى بقوله تعالى: [ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء ] [5]، وقوله: [ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ][6]، فأما قوله تعالى: [ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ] [7]، فقال كثير من العلماء: إن [مِنَ] ليست للتبعيض وإنما هي لبيان الجنس أي جنس القرآن ومع ذلك فإن في القرآن آيات لها خاصية في العلاج بها ولها تأثير في المرقى بها ومن ذلك فاتحة الكتاب ففي حديث أبي سعيد أن النبي ? قال للذي رقى بها: ((وما أدراك أنها رقية)) [8].
وقد ورد فضل آيات خاصة كآية الكرسي ونحوها وسورتي المعوذتين فقد قال النبي ? : ((ما تعوذ الناس بمثلهما)) [9]، وكذا سورة الإخلاص والآيتان من آخر سورة البقرة، فأما تكرارها ثلاثًا أو نحو ذلك فلا بأس؛ فإن القراءة مفيدة سواء تكررت أو افردت لكن التكرار والإكثار أقوى تأثيراً [10].
تشخيص مرض المريض بأنه مس أو غيره
سؤال:هل يستطيع الراقي تشخيص مرض المريض بأنه مس أو غير ذلك؟(4/4)
الجواب: معلوم أن الراقي الذي تتكرر عليه الأحوال ويراجعه المصابون بالمس والسحر والعين ويعالج كل مرض بما يناسبه أنه مع كثرة الممارسة يعرف أنواع الأمراض النفسية أو أكثرها وذلك بالعلامات التي تتجلى مع التجارب فيعرف المصروع بتغير عينيه أو صفرة أو حمرة في جسده أو نحو ذلك، ولا تحصل هذه المعرفة لكل القراء وقد يدعي المعرفة ولا يوافق ذلك ما يقوله؛ لأنه يبني على الظن الغالب لا على اليقين، و الله أعلم [11].
صفات وآداب الراقي بالرقى الشرعية
سؤال: ما هي الصفات والآداب التي ينبغي للراقي أن يتحلى بها؟
الجواب: لا تفيد القراءة على المريض إلا بشروط:
الشرط الأول: أهلية الراقي: بأن يكون من أهل الخير والصلاح والاستقامة والمحافظة على الصلوات والعبادات والأذكار والقراءة والأعمال الصالحة وكثرة الحسنات، والبعد عن المعاصي والبدع والمحدثات والمنكرات وكبائر الذنوب وصغائرها، والحرص على الأكل الحلال والحذر من المال الحرام أو المشتبه لقول النبي ? : ((أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة)) [12]، ((وذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام فأنى يستجاب له))[13]؛ فطيب المطعم من أسباب قبول الدعاء ومن ذلك عدم فرض الأجرة على المرضى والتنزه عن أخذ ما زاد على نفقته فذلك أقرب إلى الانتفاع برقيته.
الشرط الثاني: معرفة الرقى الجائزة من الآيات القرآنية: كالفاتحة، والمعوذتين، وسورة الإخلاص، وآخر سورة البقرة، وأول سورة آل عمران وآخرها، وآية الكرسي، وآخر سورة التوبة، وأول سورة يونس، وأول سورة النحل، وآخر سورة الإسراء، وأول سورة طه، وآخر سورة المؤمنون، وأول سورة الصافات، وأول سورة غافر، وآخر سورة الجاثية، وآخر سورة الحشر، ومن الأدعية القرآنية المذكورة في الكلم الطيب ونحوه، مع النفث بعد كل قراءة، وتكرار الآية مثلاً ثلاثًا أو أكثر من ذلك.(4/5)
الشرط الثالث: أن يكون المريض من أهل الإيمان والصلاح والخير والتقوى والاستقامة على الدين، والبعد عن المحرمات والمعاصي والمظالم لقوله تعالى: [ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا ] [14]، وقوله: [ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ] [15]؛ فلا تؤثر غالبًا في أهل المعاصي وترك الطاعات وأهل التكبر والخيلاء والإسبال وحلق اللحى والتخلف عن الصلاة وتأخيرها والتهاون بالعبادات ونحو ذلك.
الشرط الرابع: أن يجزم المريض بأن القرآن شفاء ورحمة وعلاج نافع، فلا يفيد إذا كان مترددًا يقول: افعل الرقية كتجربة إن نفعت وإلا لم تضر، بل يجزم بأنها نافعة حقًا وأنها هي الشفاء الصحيح كما أخبر الله تعالى. فمتى تمت هذه الشروط نفعت بإذن الله تعالى، و الله أعلم[16].
القراءة على الجمع في مكان واحد بالمكرفون
سؤال: هناك بعض من يرقون بالرقى الشرعية يقومون بجمع من سيقرؤون عليهم في مكان واحد ويقرؤون عليهم بالمكرفون وذلك لكثرتهم، فما حكم القراءة عليهم مجتمعين؟ وما حكم استخدام المكرفون؟(4/6)
الجواب: ذكر بعض القراء أن ذلك جرب فأفاد وحصل الشفاء لكثير من المصابين، وذلك أن سماع المصروع لتلك الآيات والأدعية والأوراد يؤثر في الجان الذي يلابسه فيحدث أنه يتضرر ويفارق الإنسي، أو أن هذا القرآن هو شفاء كما وصفه الله تعالى فيؤثر في السامع ولو لم يحصل من القارئ نفث على المريض، ومع ذلك فإن الرقية الشرعية هي أن الراقي يقرب من المريض ويقرأ عنده الآيات وينفث عليه ويمسح أثر الريق على جسده بيده، ويسمعه الآيات والأدعية حتى يتأثر بسماعها، فعلى هذا متى تيسر أن يرقى كل واحد منفردًا فهو أفضل وإن شق عليه فعل ما ذكر من القراءة قرأ في المكبر مع العلم بأن تأثيرها أقل من تأثير القراءة الفردية، و الله أعلم[17].
استخدام الألفاظ العامية في الرقى الشرعية
سؤال: يوجد من يرقي بالرقى الشرعية من كبار السن من أهل الصلاح يستخدمون ألفاظًا عامية مثل:
أنه ينفث على (مجامع العروق) ويقصد بذلك ملتقى العروق في العنق.
وأنه إذا زاد في القراءة على من به مس (يتفرقع) ويقصد بذلك أنه يصرع ويتخبط بسبب مس الجن الذي به.
وأنه يقول عندما يطلب من الجني الخروج من الممسوس (من العظم إلى اللحم إلى الشحم إلى الجلد إلى الهواء).
فهل هذه الألفاظ قادحة في الرقية والراقي؟
الجواب: متى كان هذا الراقي من أهل الصلاح وأهل المعرفة والتجربة؛ فإن تصرفه جائز حيث إنه لا محذور في هذه الألفاظ ولا في هذا العمل فربما يكون الجان يتأثر بالنفث عليه في مجامع العروق أكثر؛ لأنه يلابس الإنسي ويتغلب على روحه، أما كلمة يتفرقع فلعلهم يخاطبون الجني بهذه الكلمة فتؤثر فيهم، وهكذا قولهم: من العظم إلى اللحم إلخ، المعنى اخرج من هذا إلى الآخر، وأرى أن هذه الألفاظ ولو كانت عامية لا تؤثر في الرقية، ومع ذلك فالأولى استعمال الأدعية الواردة والأذكار المأثورة، و الله أعلم[18].
تخصيص آيات معينة بأعداد محددة لأمراض معينة(4/7)
سؤال: ما حكم تخصيص آيات معينة وتكرارها بأعداد محددة لعلاج أمراض معينة؛ مثال أن يقرأ آيات معينة من سورة معينة ويكررها بأعداد محددة لمرض السرطان مثلاً، وغيرها لمرض آخر إلى غير ذلك؟
الجواب: قال الله تعالى: [ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ] [19]، فظاهر الآية أن من القرآن آيات تكون قراءتها سببًا للشفاء والرحمة، وقيل: إن ]مِنَ[ لبيان الجنس أي إن جنس القرآن شفاء ورحمة، ولاشك أن هناك آيات ورد فيها ما يدل على الاستشفاء بها، وقد ثبت في حديث أبي سعيد قراءة سورة الفاتحة كعلاج للديغ فأقر ذلك النبي ? وقال: ((وما أدراك أنها رقية)) [20]، وفي حديث آخر: ((فاتحة الكتاب شفاء من كل داء)) [21].
وثبت أن آية الكرسي سبب للحفظ من وسوسة الشيطان[22]، ورويت آثار عن السلف من الصحابة والتابعين في العلاج ببعض الآيات القرآنية والأدعية النبوية وجربت آيات السحر الثلاث في سورة الأعراف ويونس وطه؛ فوجدت مؤثرة في حل السحر وفي علاج المحبوس عن أهله، وكذا قراءة المعوذتين، ولا بأس بتكرار القراءة والاستعاذة كما ورد أن النبي ? عند النوم ((كان ينفث في يديه بعد جمعهما ويقرأ آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين ويمسح بهما ما أقبل من جسده)) [23]، فلا إنكار على من فعل ذلك أو نحوه، و الله أعلم[24].
حكم من يستكثر ما يعطيه للراقي ويستحل بذلك أذيته
سؤال: تلقى أحدهم علاجاً بالرقى الشرعية من أحد المشهود لهم بالصلاح والخير وأعطاه أجراً على رقيته، ولكنه بعد ذلك استكثر ما أعطاه للراقي فادعى على الراقي أموراً غير صحيحة حسداً منه لذلك الراقي فما حكم مثل هذا العمل؟(4/8)
الجواب: يفضل أن الراقي يتبرع برقيته لنفع المسلمين واحتساب الأجر من الله في شفاء مرضى المسلمين وإزالة الضرر عنهم وأن لا يطلب أجرة على رقيته بل يترك الأمر إلى المرضى فإن دفعوا له أكثر من تعبه زهد فيها وردها وإن كانت دون حقه تغاضى عن الباقي وهذا من أكبر الأسباب لتأثير الرقية أما إذا دفع إليه شيئاً من المال عن طيب نفس فليس له الرجوع فيما أعطاه وذلك لأنه قد سمح بها ودفعها كعطية أو هدية أو أجرة طيبة بها نفسه فرجوعه فيها كالرجوع في الهبة وقد قال النبي ? : ((العائد في هبته كالعائد في قيئه)) [25]، وفي حديث آخر: ((ليس لنا مثل السوء العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه فيأكله)) [26]، قال الراوي: ولا أعلم القيء إلا حرامًا.
ثم إن دعواه على الراقي أمورًا أخرى يعتبر ظلمًا وإفكًا وكذبًا يعاقب عليه وهكذا الحسد الذي حصل منه للراقي وقد قال تعالى عن اليهود: [ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ][27]، فالحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب فعليه أن يتوب ويترك الظلم والحسد ويقنع بما قسم الله تعالى، و الله أعلم[28].
ليس من الخلوة جمع النساء في مكان واحد للقراءة
سؤال: هل يعتبر من الخلوة جمع النساء في مكان واحد للقراءة عليهن فإذا انصرعت المرأة حضر محرمها؟(4/9)
الجواب: لا يعد خلوة وجود نساء مع رجل واحد للقراءة عليهن جميعًا حيث إن الخلوة المحظورة كون المرأة وحدها مع رجل أجنبي لقوله ? : ((ألا لا يَخْلُونَّ رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان)) [29]، ففي حال وجود مجموعة من النساء اثنتين فأكثر مع رجل من القراء الموثوقين من أهل الدين والإيمان والخير والصلاح والاستقامة لمعالجة صرع أو صرف أو عين أو مرض نفساني لا يكون ذلك محظورًا لكن يقتصر القارئ على الرقية وراء الستر ولا يمس شيئًا من بدن المرأة الأجنبية بدون حائل وحيث إن الأولياء حاضرون فيفضل حضور من يخاف على موليته من الإغماء ونحوه ليتولى مباشرة جسمها وتغطية بدنها، و الله أعلم[30].
حكم من لا يؤمن بأن القرآن فيه شفاء
سؤال: ما حكم من لا يؤمن بأن القرآن فيه شفاء للناس ويعتبر ذلك من الخرافات وأن العلاج يجب أن يكون بالأمور المادية أي عن طريق الأطباء فقط؟
الجواب: هذا اعتقاد باطل مصادم للنصوص القرآنية والأحاديث النبوية كقوله تعالى: [وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ][31]، وقوله تعالى: [قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء ] [32]، وكذا ما ورد من رقية الصحابي لذلك اللديغ بأم القرآن فقام يمشي وما به قلبة[33] وغير ذلك كثير، وبالتجربة إن هناك أمراضًا تستعصي على الأطباء الحذاق الذين يعالجون بالأمور المادية من الإبر والحبوب والعمليات ثم يعالجها القراء الناصحون المخلصون فتبرأ بإذن الله تعالى.
فإن الغالب على الأطباء إنكار مس الجن وملابسته للإنسي وإنكار عمل السحر وتأثيره في المسحور وإنكار الإصابة بالعين؛ حيث إن هذه الأمراض تخفى أسبابها ولا يكشفها الطبيب بسماعته أو مجهره أو إشاعته؛ فيحكم بأن الإنسان سليم الجسم، مع مشاهدته يصرع ويغمى عليه، ومع إحساس المريض بآلام خفية تقلقه وتقض مضجعه وتمنعه لذيذ المنام وراحة الأجسام.(4/10)
ثم إذا عولج بالرقية الشرعية زال الألم بإذن الله تعالى ولكن القراء يختلفون في معرفة الأدعية والأوراد والآيات التي تقرأ في الرقية وكذا سلامة المعتقد من الراقي وإخلاصه وصفاء نيته وبعده عن المشتبهات
وكذا كون المرقي عليه من أهل التوحيد والعمل الصالح والدين القيم والسلامة من المعاصي والمحرمات فإنه يؤثر بإذن الله تعالى تأثيرًا عجيبًا، والله أعلم[34].
الرقى الشرعية الواردة عن الرسول
سؤال: ما هي الرقى الشرعية الواردة عن النبي ? ؟
الجواب: ورد إنه ? كان عندما يريد النوم يجمع يديه وينفث فيهما ويقرأ آية الكرسي والمعوذتين والكافرون والإخلاص ثلاث مرات، ثم يمسح بهما ما أقبل من جسده يبدأ بوجهه وعنقه وصدره وبطنه ورجليه، فلما مرض كانت عائشة تقرأ بها وتنفث وتمسح بيديه رجاء بركتها[35].
وورد أن بعض الصحابة رقى لديغًا بالفاتحة فبرئ، فقال النبي ? : ((وما يدريك أنها رقية)) [36]، وكان أيضًا يتعوذ ويقول: ((أعوذ بالله من الجان، ومن عين الإنسان ثم استعمل المعوذتين)) [37]، وكان يرقي بقوله: ((بسم الله أرقيك عن كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك)) [38].
ونهى عن الرقية الشركية وعلم بدلها: ((اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاءك شفاء لا يغادر سقمًا)) [39]، ومن ذلك أن يقول: ((أعوذ بكلمات الله التامة من شر كل ما خلق[40]، ومن شر شيطان وهامة، ومن شر عين لامة[41]، ومن شر مخلوقات الله كلها عامة، وقال: ((إذا اشتكى أحدكم فليضع يده على موضع الألم وليقل: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر)) [42]، ونحو ذلك[43].
حكم تعليق أخذ الأجرة بشرط البراءة من المرض(4/11)
سؤال: ورد في فتواكم حول أخذ الأجرة على الرقى الشرعية قولكم: ((لا مانع من أخذ الأجرة على الرقية الشرعية بشرط البراءة من المرض)) فهل ينطبق ذلك على الطبيب وهل يجوز أخذ الأجرة على العزائم التي يكتب عليها شيء من القرآن والزيت وماء الصحة المقروء عليهما قياساً على جواز أخذ الأجرة على القراءة؟
الجواب: ورد في حديث أبي سعيد أن صاحبهم رقى سيد ذلك الحي بعد أن صالحوهم على قطيع من الغنم فوفوا لهم فقال النبي ? : ((اقتسموا واضربوا لي معكم بسهم)) [44]، وقال: ((إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)) [45].
ونقول: إن الطبيب المعالج إذا شرط أجرة معينة فلابد من شرط البراءة والسلامة من المرض الذي يعالجه إلا إذا اتفقوا على دفع قيمة العلاج والأدوية، فأما العزائم فالأصل إنها الرقى أي القراءة على المريض مع النفث بقليل من الريق وكذا كتابة الآيات في أوراق ونحوها بماء الزعفران يجوز أخذ أجرة على ذلك مقابل الأدوية وكذا ماء الصحة والزيت إذا قرأ فيه فله أخذ قيمته المعتادة دون مبالغة في الأثمان بما لا مقابل له، والله أعلم[46].
الأعضاء التي يدخل من خلالها الجني في بدن الممسوس وأثر ذلك
سؤال: بعض من يرقون بالرقى الشرعية يطلبون من الجني المتلبس في بدن الممسوس الخروج وفي بعض الأحيان يطلب هذا الجني الخروج من بعض الأعضاء مثل العين أو الأذن فيرفض الراقي ذلك - اعتقادًا منه أن ذلك قد يؤذي الممسوس - ويطلب منه الخروج من الفم أو أصبع القدم حتى لا يؤذي عين أو أذن الممسوس، فهل هذا الاعتقاد صحيح؟
الجواب: معروف أن الجني يلابس الإنسي ويغلب على جميع بدنه والظاهر أنه يدخل من جميع البدن ويمكن أن يدخل من بعض الأعضاء كالأصابع أو الحواس أو الفرجين أو غيرها وهكذا يقال في خروجه فيمكن أنه يخرج من أحد الجانبين كما دخل منه أو من أحد أصابع اليدين أو أصابع الرجلين والفم والأنف والأذنين ونحو ذلك.(4/12)
وقد حدثني من أثق به أنه حضر جنيًا ملابسًا لفتاة وبعد التضييق عليه طلب الخروج من أصبعها السبابة في اليد اليمنى فخرج وهم ينظرون إلى الأصبع عندما انغمس في التراب ولم يتأثر الأصبع، فالظاهر إنه لا يتأثر العضو الذي يخرج منه سواء عينًا أو أذنًا، والله أعلم[47].
حكم الاستحمام والشرب بالماء المقري عليه ورقية الحائض
سؤال: ما حكم الشرب أو الاستحمام بالماء المقروء عليه بالقرآن؟ وما حكم الرقية الشرعية على المرأة إذا كانت حائضًا أو نفساء، وعلى الرجل إذا كان جنباً؟
الجواب: على الجنب أن يبادر بالاغتسال قبل استعمال القراءة ليكون أقرب إلى التأثير، ولو كان ذلك شرباً للماء المقروء فيه، أو غسلاً به.
فأمّا الحائض والنفساء فلها استعمال الماء المقروء فيه زمن العادة، حيث إنها قد تتضرر بتأخير الاستعمال[48].
موقف الإسلام من الأطباء الشعبيين
سؤال: ما موقف الإسلام من الأطباء الشعبيين؟
الجواب: ورد في الحديث: ((ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء عَلمَه من عَلمَه، وجهله من جهله)) [49].
فهؤلاء الأطباء الشعبيون قد عملوا بالتجربة على هذه الأدوية، ورجعوا فيها إلى كتب الطب التي جمعها علماء عارفون بذلك، وهذا فن من فنون العلم الكثيرة، قد تخصص فيه أقوام من عهد النبوة، وقبلها وبعدها، وعرفوا تراكيب الأدوية وخواص كل دواء، وكيفية استعماله، مع اعتقادهم أنها أسباب للشفاء، وأن الله تعالى هو مسبب الأسباب.
فعلى هذا لا بأس بتعلم ذلك والعلاج به، وعلى السائل أن يقرأ كتاب: (الطب النبوي) لابن القيم، وللذهبي، و(الآداب الشرعية) لابن مفلح، وكتاب (تسهيل المنافع)، وغيرها[50].
جواز الرقية على المريض والجنب والحائض
سؤال: هل تجوز القراءة والرقية الشرعية على المرأة المريضة بالمس والعين وغيره، وهي حائض، وعلى الرجل المريض وهو جنب؟(4/13)
الجواب: يشترط لقارئ القرآن الطهارة من الحدث الأكبر، الذي يوجب الغسل، كالجنابة والحيض، وأما المريض فالأكمل أن يكون طاهرًا أيضًا، لكن إذا مرضت الحائض وتضررت جازت القراءة عليها زمن الحيض للحاجة، سواء كان المرض بالمس أو السحر أو العين[51].
الأسباب والوسائل التي تعصم من الوساوس والأوهام الشيطانية
سؤال: ما الأسباب والوسائل التي تعصم الإنسان وتحصنه من الوساوس والأوهام الشيطانية، وتجعله سليمًا مستقيمًا في عقيدته وسلوكه؟
الجواب: عليه أولاً: أن يكثر من الاستعاذة بالله من شر الشياطين وأوهامها ووساوسها، ويعتقد أن ربه هو الذي يعيذه ويعصمه ويحميه، ويَحُولُ بينه وبين تلك الأوهام والتخيلات.
كما أن عليه ثانياً: أن يذهب من نفسه تلك التخيلات والواردات، التي تشككه في عقيدته ودينه وطهارته وصلاته سواء في صحتها أو في أصلها، بل يعتقد جازماً أنها عين الصواب والحق، وأن ما يجول في نفسه من الشك والريب في صحتها أو موافقتها كله من أوهام الشيطان، ليوقعه في الحيرة وليكلفه ما لا يطيق، حتى يملّ العبادة أو يعتقد بطلانها، وهذا ما يريده إبليس من المسلمين، و الله أعلم[52].
حكم من يرقي وهو ليس من أهل العلم
سؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد دار جدل حول من يقرؤون القرآن ليرقوا به الناس فقال البعض: لا يجوز لأحد أن يرقي بالقرآن لجمهور الناس إلا أن يكون من أهل العلم الشرعي، وقال البعض الآخر: إنه يكفي أن يكون من حفظة كتاب الله سليم المعتقد ومن أهل الصلاح والتقوى. أرجو بيان اللبس في هذه المسألة والحكم الشرعي في ذلك. أفيدونا جزاكم الله ألف خير.(4/14)
الجواب: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الصواب إنه يجوز استعمال الرقية من كل قارئ يحسن القرآن ويفهم معناه ويكون حسن المعتقد صحيح العمل مستقيمًا في سلوكه ولا يشترط إحاطته بالفروع ولا دراسته للفنون العلمية وذلك لقصة أبي سعيد في الذي رقى اللديغ قال: وما كنا نعرف منه الرقية أو كما قال، وعلى الراقي أن يحسن النية وأن يقصد نفع المسلم ولا يجعل همه المال والأجرة ليكون ذلك أقرب إلى الانتفاع بقراءته، و الله أعلم[53].
تكرار الرقية مائة مرة وهل هي بدعة أم لا؟
سؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... وبعد: أرجو التكرم بالإجابة على السؤال التالي وفقكم الله لكل خير. ما رأيكم في حكم الشرع فيمن كان يقرأ الرقى وهو حافظ لكتاب الله معروف بالتقى والصلاح، ولم يقرأ إلا بالقرآن أو ما جاء عن
النبي ? ويكرر بعض الرقى من السور والآيات أو ما ورد عن النبي ? ، فمثلاً يقرأ الفاتحة مائة مرة أو أكثر دون اعتقاده بأن العدد إذا قل أو كثر سيكون منه الشفاء، فما حكم هذا التكرار وهل هو بدعة أم لا؟
الجواب: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أرى إنه لا مانع من التكرار سواء بعدد أو بدون إحصاء، وذلك لأن القرآن شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارًا فعليه استعمال القراءة بكتاب الله أو الدعاء بالأدعية النبوية ويكون ذلك علاجًا نافعًا بإذن الله مع إخلاص القارئ ومع استقامة المريض ومع استحضار معاني الآيات والأدعية التي يقرؤها ومع صلاح كل من الراقي والمرقى، و الله الشافي، وصل الله على محمد وآله وصحبه وسلم[54].
حكم أخذ الأجرة دون اشتراط مقدارها والاستعانة بها في الخير(4/15)
سؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: أرجو التكرم بالإجابة على السؤال التالي وفقكم الله لكل خير. هل يجوز لمن هو من أهل التقوى والصلاح وليس متهمًا في دينه وخلقه أن يأخذ أجرة على الرقى الشرعية من الكتاب والسنة مع عدم طلبه أو اشتراطه أي أجر وإنما يعطيه المريض أي مبلغ كان برضىً منه علمًا بأنه ليس همه جمع المال والأجرة وإنما يستعين به على نفقته وفعل الخيرات فما حكم أخذه لهذا المال؟ وما الدليل؟ وإن كان الحكم جائزًا فهل يُنقص ذلك من قدر آخذ المال في حال اشتراطه أو عدمه؟
الجواب: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا مانع من أخذ الأجرة على الرقية الشرعية بشرط البراءة من المرض وزوال أثره والدليل على ذلك حديث أبي سعيد أن بعض الصحابة نزلوا بقوم فلم يقروهم فلدغ سيد القوم فسعوا له بكل شيء لا يغني عنه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء النازلين، فأتوهم، فقال بعضهم: و الله إني لأرقي ولكن قد نزلنا بكم فلم تقرونا فما أنا بقارئ إلا بشيء، فصالحوهم على قطيع من الغنم فجعل يتفل عليه ويقرأ: [ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ] [55]، فقام وكأنما نشط من عقال، فأوفوا لهم جعلهم، فقال النبي ? : ((اقسموا واضربوا لي معكم سهمًا)) [56].
فأقرهم على الاشتراط وأسهموا له ليدل على إباحته ولكن بشرط أن يرقي رقية شرعية فإن كانت غير شرعية فلا تجوز ولا يشترط إلا بعد السلامة من المرض وزواله.
والأولى بالقراء عدم الاشتراط وأن تكون الرقية لنفع المسلمين وإزالة الضرر والمرض، فإن دفعوا له شيئًا بدون اشتراط أخذه دون أن يكون هو قصده وإن دفعوا له شيئًا أكثر مما يستحق رد الزائد إليهم، وإن اشترط فلا يشدد في الاشتراط بل بقدر الحاجة الضرورية، و الله أعلم[57].
القراءة على الماء والزيت والمراهم وكتابة الأذكار بالزعفران(4/16)
سؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: بعض من يرقي بالرقى الشرعية يقومون بالقراءة على الماء أو الزيت أو بعض المراهم والكريمات أو كتابة بعض الأذكار بالزعفران على بعض الأوراق ثم نقع هذه الأوراق في الماء ومن ثم شربها أو الاغتسال بها ويسمونها عزائم، فما حكم عمل هذه العزائم وتعاطيها؟
الجواب: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته. قال النبي ? : ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)) [58]، وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد: الرقى هي التي تسمى العزائم وخص منه الدليل ما خلا من الشرك، فقد رخص فيه النبي ? من العين والحمة. انتهى.
وقد ثبت أن النبي ? قال: ((اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا)) [59]، وقال: ((من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل)) [60]، وثبت أنه ? رقا بعض أصحابه ورقاه جبريل لما سحره اليهودي، وكان يرقي نفسه فينفث في يديه ويقرأ آية الكرسي والمعوذتين وسورة الإخلاص ثم يمسح ما استطاع من جسده يبدأ بوجهه وصدره وما أقبل من بدنه.
وثبت عن السلف القراءة في ماء ونحوه ثم شربه أو الاغتسال به مما يخفف الألم أو يزيله؛ لأن كلام الله تعالى شفاء كما في قوله تعالى: [ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء] [61]، وهكذا القراءة في زيت أو دهن أو طعام ثم شربه أو الادهان به أو الاغتسال به فإن ذلك كله استعمال لهذه القراءة المباحة التي هي كلام الله وكلام رسوله ? .
ولا مانع أيضاً من كتابتها في أوراق ونحوها ثم تغسل ويشرب ماؤها وسواء كتبت بماء أو زعفران أوحبر فإن ذلك داخل في قوله ? : ((لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا))، أي إذا كانت بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، و الله أعلم[62].
الرقية بالأدعية غير الواردة عن الرسول(4/17)
سؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: هل يعد من الرقى الشرعية قراءة بعض الأدعية غير الواردة عن النبي ? مع تقييدها بدعاء الله وحده وسلامتها من ذرائع الشرك وكذلك قراءة بعض السور والآيات التي لم يرد في السنة بخصوصها شيء وإنما يستحسنها الراقي ويرقي بها مكرراً لها بأعداد معلومة دون الاعتقاد بأن العدد له أثر في الشفاء، فهل هذا جائز؟
الجواب: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لم تحدد الرقية الشرعية في سور مخصوصة ولا آيات معدودة ولا أدعية معينة بل أطلقت كما في قوله ? : ((لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا)) [63].
فمتى كانت القراءة سالمة من دعاء الجن أو الشياطين أو الذبح لغير الله ولو ذبابًا أو العمل المخالف للشريعة كأكل النجاسات أو ترك الصلوات. إذا سلمت من ذلك فهي جائزة بلا كراهة فإن الله وصف القرآن كله بأنه شفاء ورحمة للمؤمنين ولم يحدد آيات خاصة وهكذا أمر بالدعاء في قوله: [ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ] [64]، [ ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ] [65]، ولم يخصص لهم لفظًا معينًا يقتصرون عليه في الدعاء ولا بأس بتكرار الآيات والأدعية ولو عشرات المرات فإن كلام الله تعالى شفاء كالفاتحة ونحوها وكذا تكرار الأدعية المأثورة ونحوها[66].
حكم عصب العينين عند الرقية على المرأة
سؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:(4/18)
أرجو التكرم بالإجابة على السؤال التالي وفقكم الله لكل خير. نعرف رجلاً من أهل التقى والصلاح ليس متهماً في دينه وخلقه حافظاً لكتاب الله، يعالج الناس بالرقى الشرعية من الكتاب والسنة ويحضر إليه بعض المرضى من النساء والبعض منهن قد يكون بها مس أو جنون فتتكشف عورتها أثناء القراءة بغير إرادتها وقد ينتقل الألم إلى أماكن مختلفة في الجسم فيقوم الشيخ قبل القراءة بعصب عينيه حتى لا يرى شيئًا من عورة المرأة ويتابع الألم بالقراءة بوجود محرم للمرأة معها أثناء القراءة دون خلوة فما رأيكم في حكم الشرع في عمله هذا، أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: يحسن اختيار امرأة قارئة للنساء تعالج مثل هذه الحالات أو أن يتولى علاجها والرقية عليها أحد محارمها أهل التقى والصلاح من حملة القرآن الكريم فإن لم يوجد شيء من ذلك ففعل هذا الرجل الذي يعصب عينيه جائز إذا أمن الفتنة ولم يمس شيئًا من بشرتها فإن لم يحصل هذا اقتصر على قراءته في ماء أو زيت وأعطاه لأهلها لتدهن به وتشرب منه ولعله يكفي لعلاجها، و الله أعلم[67].
كيفية النفث عند التعرض لوساوس الشيطان في الصلاة
سؤال: شكا بعض أصحاب رسول الله ? تعرض الشيطان وإشغاله لهم في الصلاة، فأمرهم ? بالتعوذ منه، والنفث ثلاثًا، نرجو بيان كيفية النفث عند التعرض لمثل هذا الموقف في الصلاة ولو تكرر ذلك كثيرًا؟
الجواب:
أولاً: على الإنسان أن يستعيذ من الشيطان عند ابتداء الصلاة والقراءة.
ثانيًا: عليه أن يحرص على إحضار قلبه لما يقوله في صلاته، فإذا قرأ تأمل ما يقرأ، وإذا دعا تأمل ما يدعو به، وإذا ذكر الله تأمل معاني الأذكار التي يدعو بها، حتى ينشغل بتأمل ذلك عن وساوس الشيطان.
ثالثًا: إذا ابتلي ووقعت منه هذه الوسوسة، فإن عليه أن يجدد الاستعاذة ولو بقلبه، وينفث عن يساره ثلاثًا.(4/19)
والنفث هو: النفخ مع قليل من الريق، أي: نفخ مختلط بشيء أو قليل من الريق، هذا هو النفث، وهو الذي يستعمل في القراءة على المريض، بأن ينفث عليه، لعل ذلك يكون مانعًا من الشيطان[68].
جواز الرقية على الغير وكراهة طلبها للنفس
سؤال: قرأنا في كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب في حديث السبعين إنهم (لا يرقون)، وقرأنا في زاد المعاد لابن القيم أن الرسول ? رقى بعض أصحابه، وقال في ذلك بعض الأدعية؛ فهل فعله ? نسخٌ لما ورد في الحديث، أم أنها من الأفعال الخاصة به؟
الجواب: أنا قرأت كتاب التوحيد، ولم أجد فيه هذه الكلمة وهي كلمة: ((لا يرقون))، وهذا السائل إذا كان قد وجدها فيمكن أنها بنسخة غير معتمدة، والرواية التي قرأناها في كتاب التوحيد فيها: ((هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون)) [69]، فإذا كان في بعض النسخ: ((لا يرقون)) [70] فيمكن أنها أخذت من رواية ضعيفة، وذلك لأن الحديث موجود في الصحيحين في بعض رواياته: ((لا يرقون ولا يسترقون)).
ولكن صحح العلماء أن كلمة: ((لا يرقون)) خطأ من بعض الرواة، وأن الصواب: ((لا يسترقون)).
فكونك ترقي غيرك وتنفعه مما تثاب عليه ولا ضرر عليك في ذلك فقد نفعت غيرك كما في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه وفيه أن النبي ? قال: ((من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)) [71].
وأما كونك تطلب غيرك فإن ذلك دليل على ضعف التوحيد ودليل على أنك ما وثقت بالتوكل على الله، فالراقي يجوز أن يرقي غيره، ولكن يكره له أن يطلب من يرقيه[72].
يمكن العلاج بالرقى الشرعية إذا لم يجد الطب
سؤال: توجد امرأة أصيبت بمرض لا تعلم ما هو، ولم يجد الطب لها علاجًا، فأتت بشيخ يقرأ عليها، فلما رآها قال: إن الخادمة التي في المنزل وضعت لها إبرة في الفراش، وطلب هذا الشيخ الدخول إلى الغرفة، وتبخيرها وبإذن الله تشفى.(4/20)
فهل قوله هذا صحيح؟ وكيف علم بهذا؟ وهل له اتصال بالعالم الآخر؟ وهل تأذن له بالدخول إلى الغرفة؟
الجواب: هذا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، لكن ينظر في حال هذا الشيخ، فإذا كانت أحواله مستقيمة، يعني محافظًا على العبادات، ومن حملة كتاب الله، ومن العاملين به، ومن أهل العلم الصحيح، وأهل العقيدة السلفية السليمة، فقد يكون من باب خوارق العادات، أو من المكاشفات، أو يمكن أنه رأى لذلك علامات، فلا مانع والحال هذه من تمكينه مما طلب.
أما إذا كان قليل العبادة، ومتهمًا في ديانته، أو في عقيدته، أو مبتدعًا، أو من أهل المعاصي، أو منحرفًا أو ما أشبه ذلك، أو من أهل الشعوذة والكهانة والسحر، وتعاطي الأمور السحرية ونحوها.. فلا يجوز والحال هذه.. لا سؤاله، ولا تمكينه.
ولا مانع من فعل العلاجات ومن جملتها التبخير، فإن التبخير بالبخور العادي قد يكون له تأثير، إما تأثير في الجن ومردة الشياطين ونحوهم، وإما تأثير في الجو، فيحدث بإذن الله شيئًا من الصحوة ومن النشاط[73].
العلاج هو: ذكر الله والصبر وغيره
سؤال: عن رجل أصيب بداء، فذهب إلى الأطباء ولم يستفد شيئًا، ثم ذهب إلى المشايخ والقراء فإذا قرؤوا عليه هدأت نفسه، وبعد فترة تعود حالته إلى ما كانت عليه، ثم هو يقول: ما العلاج في ذلك؟
الجواب: العلاج يكون بأمور:
الأول: الطمأنينة إلى الخير، ومحبته.
ثانيًا: الصبر على ما تلاقيه نفسك من القلق، واحتساب أن هذا من المصائب التي يبتلي الله بها العباد، ويختبرهم، أيصبر العبد أم لا؟ فإذا صبر فإن الله تعالى يثبته، قال تعالى: [ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ] [74]، هذا من حيث العموم.
أما من حيث الخصوص: فنوصيه بأمور:
أولاً: كثرة الأعمال الخيرة والصالحة، كالصلوات والعبادات، والأذكار وقراءة القرآن ونحوها.(4/21)
ثانيًا: ونوصيه أيضاً بحضور مجالس الذكر، ومجالس العلم، فإن فيها ما يطمئن نفسه، وبها يشغل نفسه عن تلك الأفكار.
ثالثًا: ثم نوصيه بأن يشغل نفسه بأي شيء مفيد، فمثلاً يشتري الأشرطة والكتب المفيدة والتي فيها المواعظ والإرشادات والعلم النافع والأحكام والقصص والعبر، التي يشغل بها وقته وتطمئن بها نفسه.
فإذا اشتغل بذلك كله، ووطن نفسه على ذلك، وأكثر من ذكر الله، ومن قراءة القرآن، وعلاج نفسه بالأدعية الواردة في الكتاب والسنة، بعد ذلك نرجو من الله أن يخفف عنه ما يجده[75].
حكم القراءة على خزانات المياه
سؤال: هناك بعض من يرقي بالرقى الشرعية يقومون بالقراءة لمرة واحدة والنفث على عدة أوعية وجوالين للمياه أو الزيت والبعض منهم يقرأ على خزان مياه المنزل أو ما يسمى بالوايت ويقدمه للمرضى بعد ذلك فهل هذا العمل جائز شرعًا وما مدى تأثيره؟
الجواب: لا صحة لهذا العمل ولا يقرون على مثل هذا العمل، ولا تفيد هذه الرقية عادة إلا أن تكون قليلة كإناء أو اثنين يقرأ الآية ثم ينفث في هذا ثم هذا ويقرأ الآية الأخرى وينفث في هذا ثم هذا.
فأما قراءته في عدة جوالين أو أوعية فلا أظنه يفيد، وبطريق الأولى قراءته في خزان الماء أو الوايت، والغالب أن هؤلاء قصدهم كسب المال والاحتيال على تحصيله بهذه الظواهر وهو محرم عليهم، و الله أعلم[76].
حكم الرقية بأي أنواع الرقى ما لم تكن شركًا
سؤال: هل يجوز للمسلم أن يرقي بأي نوع من الرقى؟
الجواب: تجوز الرقية بما ليس فيه شرك كسور القرآن وآياته، وكالأذكار الثابتة عن النبي ? ، وتحرم بما فيه شرك كتعويذ المريض بذكر أسماء الجن والصالحين، وبما لا يفهم معناه، خشية أن يكون شركًا، لما ثبت من قول النبي ? : ((لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا)) [77].
سؤال: هل يجوز للمسلم أن يدعو بأسماء الله تعالى لشفاء الأمراض؟(4/22)
الجواب: يجوز ذلك لعموم قوله تعالى: [ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ] [78]، ولثبوت ذلك عن النبي ? كما رقى النبي ? بعض الناس بقوله: ((أذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك)) [79]، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[80].
حكم حمل آيات القرآن ووضعها في السيارة للمساعدة في النجاح
سؤال: ما حكم حمل آيات قرآنية في الجيب كالمصاحف الصغيرة بقصد الحماية من الحسد والعين أو أي شر باعتبار أنها آيات الله الكريمة، على اعتبار أن الاعتقاد في حمايتها للإنسان هو الاعتقاد الصادق بالله وكذلك وضعها في السيارة أو أي أداة أخرى لنفس الغرض؟
وكذلك السؤال الثاني الذي هذا نصه: حكم حمل الحجاب المكتوب من آيات الله بقصد الحماية من العين أو الحسد أو لأي سبب آخر من الأسباب كالمساعدة على النجاح أو الشفاء من المرض أو السحر إلى غير ذلك من الأسباب.
وكذلك السؤال الذي هذا نصه: حكم تعليق آيات قرآنية بالرقية في سلاسل ذهبية أو خلافه للوقاية من السوء.
الجواب: أنزل الله سبحانه القرآن ليتعبد الناس بتلاوته ويتدبروا معانيه فيعرفوا أحكامه ويأخذوا أنفسهم بالعمل بها وبذلك يكون لهم موعظة وذكرى تلين به قلوبهم وتقشعر منه جلودهم وشفاء لما في الصدور من الجهل والضلال، وزكاة للنفوس وطهارة لها من أدران الشرك وما ارتكبته من المعاصي والذنوب، وجعله سبحانه هدى ورحمة لمن فتح له قلبه أو ألقى السمع وهو شهيد.(4/23)
قال الله تعالى: [ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ] [81]، وقال تعالى: [ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء ] [82]. وقال تعالى: [ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ] [83].
وجعل سبحانه القرآن معجزة لرسوله محمد ? وآية باهرة على أنه رسول من عند الله إلى الناس كافة ليبلغ شريعته إليهم، ورحمة بهم، وإقامة للحجة عليهم قال تعالى: [ وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ <50> أَو َلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ][84]، وقال تعالى: [ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ] [85]، وقال: [ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ] [86]، إلى غير ذلك من الآيات.
فالأصل في القرآن أنه تشريع وبيان للأحكام، وأنه آية بالغة ومعجزة باهرة وحجة دامغة أيد الله بها رسوله محمدًا ? ومع ذلك ثبت أن رسول الله ? كان يرقي نفسه بالقرآن فكان يقرأ على نفسه المعوذات الثلاث: [قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ] [قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ] [قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ].(4/24)
وثبت أنه أذن في الرقية بما ليس فيه شرك من القرآن والأدعية المشروعة وأقر أصحابه على الرقية بالقرآن، وأباح لهم ما أخذوا على ذلك من الأجر، فعن عوف بن مالك أنه قال: ((كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يارسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا))[87].
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: ((انطلق نفر من أصحاب النبي في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم و الله إني لأرقي ولكنا والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ: [ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ] [88] فكأنما نشط من عقال فانطلق يمشي وما به قلبة، قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي ? فذكروا له، فقال: ((وما يدريك أنها رقية))، ثم قال: ((قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهمًا))، فضحك النبي [89].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله ? إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بـ: قل هو الله أحد والمعوذتين جميعًا ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده، قالت عائشة: فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به)) [90]، وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي ? كان يعوذ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: ((اللهم رب الناس أذهب البأس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا)) [91].(4/25)
إلى غير ذلك من الأحاديث التي ثبت منها أنه رقى بالقرآن وغيره وأنه أذن في الرقية وأقرها ما لم تكن شركًا، ولم يثبت عن النبي ? وهو الذي نزل عليه القرآن، وهو بأحكامه أعرف وبمنزلته أعلم أنه علق على نفسه أو غيره تميمة من القرآن أو غيره، أو اتخذه أو آيات منه حجابًا يقيه الحسد أو غيره من الشر، أو حمله أو شيئًا منه في ملابسه أو في متاعه على راحلته لينال العصمة من شر الأعداء أو الفوز والنصر عليهم أو لييسر له الطريق ويذهب عنه وعثاء السفر أو غير ذلك من جلب نفع أو دفع ضر.
فلو كان مشروعًا لحرص عليه وفعله، وبلغه أمته، وبينه لهم، عملاً بقوله تعالى: [ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ] [92]، ولو فعل شيئًا من ذلك أو بينه لأصحابه لنقلوه إلينا، ولعملوا به، فإنهم أحرص الأمة على البلاغ والبيان، وأحفظها للشريعة قولاً وعملاً، وأتبعها لرسول الله ? ، ولكن لم يثبت شيء من ذلك عن أحد منهم؛ فدل ذلك على أن حمل المصحف أو وضعه في السيارة أو متاع البيت أو خزينة المال لمجرد دفع الحسد أو الحفظ أو غيرهما من جلب نفع أو دفع ضر لا يجوز.
وكذا اتخاذه حجابًا أو كتابته أو آيات منه في سلسلة ذهبية أو فضية مثلاً ليعلق في الرقبة ونحوها لا يجوز لمخالفة ذلك لهدي رسول الله ? ، وهدي أصحابه رضوان الله عليهم ولدخوله في عموم حديث: ((من تعلق تميمة فلا أتم الله له...))[93]، وفي رواية:((من تعلق تميمة فقد أشرك)) [94]، وفي عموم قوله ? : ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)) [95].
إلا أن النبي ? استثنى من الرقى ما لم يكن فيه شرك فأباحه كما تقدم ولم يستثن شيئًا من التمائم، فبقيت كلها على المنع، وبهذا يقول عبد الله ابن مسعود وعبد الله بن عباس وجماعة من الصحابة وجماعة من التابعين منهم أصحاب عبد الله بن مسعود كإبراهيم بن يزيد النخعي.(4/26)
وذهب جماعة من العلماء إلى الترخيص بتعليق تمائم من القرآن ومن أسماء الله وصفاته لقصد الحفظ ونحوه واستثنوا ذلك من حديث النبي ? عن التمائم كما استثنيت الرقى التي لا شرك فيها؛ لأن القرآن كلام الله وهو صفة من صفاته ليس بشرك فلا يمنع اتخاذ التمائم منها أو عمل شيء منها أو اصطحابه أو تعليقه رجاء بركته ونفعه ونسب هذا القول إلى جماعة منهم عبد الله بن عمرو بن العاص لكنه لم تثبت روايته عنه؛ لأن في سندها محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن.
على إنها إن ثبتت لم تدل على جواز تعليق التمائم من ذلك؛ لأن الذي فيها أنه كان يحفظ القرآن للأولاد الكبار ويكتبه للصغار في ألواح ويعلقها في أعناقهم والظاهر أنه فعل ذلك معهم ليكرروا قراءة ما كتب حتى يحفظوه لا أنه فعل ذلك معهم حفظاً لهم من الحسد أو غيره من أنواع الضر فليس هذا من التمائم في شيء.
وقد اختار الشيخ عبد الرحمن بن حسن في كتابه فتح المجيد ما ذهب إليه عبد الله بن مسعود وأصحابه من المنع من التمائم من القرآن وغيره وقال: إنه هو الصحيح لثلاثة وجوه: الأول: عموم النهي ولا مخصص للعموم، والثاني: سد الذريعة؛ فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك، الثالث: أنه إذا علق فلابد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك، و الله أعلم[96].
حكم أخذ الأجرة على الرقية للاستغناء عما في أيدي الناس(4/27)
سؤال: إنني أقوم بالوعظ والإرشاد وأقوم بالإمامة جمعة جماعة في أحد الجوامع وأسست مكتبة فيها كمية من الكتب القيمة من كتب السنة وأدرس بنفس المسجد في الحديث والفقه والتوحيد والتفسير وأعالج المرضى بالرقية الشرعية الثابتة عن رسول الله ? في الأحاديث الصحيحة كرقيته لأهله وأصحابه وكرقية جبريل عليه السلام ولا أخرج عن الأحاديث وأنت تعلم أن الرقية ثابتة في كتب السنة وأكثر ما أرقي به ما ورد في كتب شيخ الإسلام كإيضاح الدلالة في عموم الرسالة وغيرها من كتبه المعروفة وكتب ابن القيم منها زاد المعاد.
ولا يخفاك أنني آخذ أجرة على ذلك مستدلاً بما ورد في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري[97] الدال على جواز الرقية وأخذ الأجرة عليها والحديث معروف لدى سماحتكم والذي يحملني على أخذ الأجرة هو الاستغناء عما في أيدي الناس وحيث إنني مكفوف البصر ولي ظروف عائلية ولم يحالفني الحظ بوظيفة ولعلمي أن ذلك جائز وحلال، وقد اعترض عليّ بعض الجهال بدون دليل.
لذا أرجو من الله ثم من سماحتكم إصدار فتوى من قبل سماحتكم لبيان ما ينبغي أن يبين لأكون على بصيرة وإقناعًا لمن يعترض جهلاً منه وإن كنت ترى أنني على باطل في عملي هذا، فأرجو الإفتاء بما يقنعني وأنا لا أخالف لكم رأيًا؟
الجواب: إذا كان الواقع منك كما ذكرت من أنك تعالج المرضى بالرقية الشرعية وأنك لم ترق أحداً إلا بما ثبت عن النبي ? ، وأنك تتحرى الرجوع في ذلك إلى ما ذكره العلامة ابن تيمية رحمه الله في كتبه المعروفة وما كتبه العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله في زاد المعاد وأمثالهما من كتب أهل السنة والجماعة فعملك جائز، وسعيك مشكور ومأجور عليه إن شاء الله، ولا بأس بأخذك أجرًا عليه، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الذي أشرت إليه في سؤالك.(4/28)
ونسأل الله أن يثيبك على ما ذكرت من أنك قمت بوعظ الناس وإرشادهم والتدريس لهم والصلاة بهم في المسجد وعلى إنشائك مكتبة فيها كتب قيمة من تأليف أهل السنة والجماعة وأن يجزيك عن إخوانك خير الجزاء ونرجو الله أن يزيدك توفيقًا إلى الخير وعمل المعروف وأن يغنيك من فضله عما في أيدي الناس إنه سبحانه قريب مجيب الدعاء وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[98].
حكم الرقية
سؤال: ما حكم الرقية في الدين وقد سمعت أن صحابيًا رقى لآخر فأعطاه غنمًا وأقره النبي ? وقال: ((اضربوا لي معكم بسهم)) [99]، وأيضًا يقال: إن النبي ? كان يرقي ويضع يده على مكان الأذى ويقول: ((أذهب البأس رب الناس))[100]، وسمعت أيضًا أن النبي ? عندما وصف السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب قال: ((هم الذين لا يرقون ولا يسترقون)) [101]، وأيضًا يقال: إن الرقى شرك، أرجو أن يبين لي الموضوع حتى أكون على بينة.
الجواب: الرقية بالآيات القرآنية والأدعية الشرعية جائزة لقوله ? : ((لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا)) [102]، وما جاء في معناه من الأحاديث[103].
حكم رقية العقرب التي تتداولها البوادي(4/29)
سؤال: رقية يتداولها بعض البوادي للاستشفاء بها من لدغات الهوام وغيرها، وهذا نص الرقية: [ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مالِكِ يَوْمِ الدِّين * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيم * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ] [104]، سلف جميل الدين لساعات الحيات شلع عن الشلعات صاح صيحة تشق العرض وحاها الرب ولباله وأرسل قراءة سليمان بن داود الرفاعي مسلمة مرسلة مصحيها رب المسلمة علوها في العرش مرتز وأسفلها في الأرض مهتز لا ينقضها لا سيل ولا مطر ولا شمس ولا قمر ولا من شهد أن الإبل تأكل العشر ولا تنقل أنثى بدون ذكر ومن عصى ربه كفر عزمت عليك بالله يا هذه الأذية بعزائم الله القوية عزيمة أولها بالله وثانيها بالله وثالثها بالله ورابعها بالله وخامسها بالله وسادسها بالله وسابعها بالله وثامنها بالله وتاسعها بالله وعاشرها بالله وما يكف الكتاب من أسامي الله عزمت عليك بصور من صور الأحد ولا غير الله أحد عزمت عليك بصور من صور الاثنين وقال من الله زين وعزمت عليك بصور من صور الثلاثاء والملائكة والأنبياء وعزمت عليك بصور من صور الربوع والله جيد نضوع عزمت عليك بصور الخميس وأعوذ بالله من إبليس عزمت عليك بصور من صور الجامعة والملائكة السامعة وعزمت عليك بصور من صور السبت والله جويد ثبت اظهري من المخ في العظام واظهري من العظام في العصب واظهري من العصب في الإيهاب واظهري من الإيهاب في التراب عزمت بالله على تسعة وتسعين هامة أمها العنكبوت وأبوها الثعبان عزمت بالله على أبو عمامة كبيرة الهامة مقيلة السمرة ومباته الثمامة. عزمت بالله على الصل والصلوان عزمت بالله على بربر عزمت بالله على قرقر عزمت بالله على الأفقم عزمت بالله على الأزتم عزمت بالله على الباخز الدفان عزمت بالله على الذر والذبان عزمت بالله(4/30)
على جري علوان عزمت بالله على الفروس عزمت بالله على الفروس عزمت بالله على القروص عزمت بالله على حارس الطريق عزمت بالله على هاظل الطريق عزمت بالله على اللي مقيله الصخر وطعامه المدر سلعات بالأنياب لسابات بالأذناب اظهرها بالله أكبر عزمت بالله على حوى عزمت بالله على حويان وسقى وسقيان اللي ما اسميه واللي ذاكره واللي ناسيه بالله على حمده عزمت بالله على حميدة عزمت بالله على سعدي عزمت بالله على سعيدة عزمت بالله على موزة عزمت بالله على مويزة عزمت بالله على أحمرها وأسمرها وأنثاها وذكرها وأبو نقطتين من أعبرها عزمت بالله على البيضاء اللي مثل الشحمة عزمت بالله على الحمراء اللي مثل اللحمة وعزمت بالله على السوداء اللي مثل الفحمة عقرب بنت عقار، واقهرها بالله القهار قاهر الليل عن النهار اللي لا قهر به على السم سار كوز ماء ومعها كوز نار وكتيت كوز الماء على كوز النار وكوز الماء أطفى كوز النار عزمت بالله على فمها اللي مثل المنشار وعزمت بالله على بطنها اللي مثل الزقرار وعزمت بالله على ذنبها أبو سبع فقر عزيمة تكلل السيوف المسلقات وعزيمة تكلل الرمحة المذلقات سلف موسى مسافر وأصبح في بران ومنازل وأكلته هائشة من هوائش الإسلام قلت كفى واستكفى من طرق إلى طرق وكفيت من طرق إلى طرق ومن شرفن إلى شرف بقرأت سليمان بن داود الرفاعي قاهر أسمام الأفاعي وقلت يا حفظي عقائل الله قدم ينقطع الرجاء والنصيب وقدم صوابًا بمصيب.
ملحوظة: إن هذه الأسماء المذكورة كلها أسماء هوام وأسماء جن حسب قول مملي هذه الرقية.
الجواب: لا يجوز استعمال هذه الرقية لما فيها من الأسماء المجهولة والكلام الذي لا يعقل معناه فقد جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ? يقول: ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)) [105]، رواه أحمد وأبو داود، وبالله التوفيق [106].
حكم القراءة على ماء زمزم من شخص معين للاستشفاء(4/31)
سؤال: ما حكم القراءة على ماء زمزم من قبل أشخاص معينين لإعطائه شخصًا ما لتحقيق غرض منه أو لشفائه؟
الجواب: روي عن النبي ? أنه شرب من ماء زمزم وأنه كان يحمله وأنه حث على الشرب منه وقال: ((ماء زمزم لما شرب له)) [107]، فعن ابن عباس أن رسول الله ? جاء إلى الساقية فاستسقى فقال العباس: ((يا فضل اذهب إلى أمك فأت رسول الله ? بشراب من عندها فقال: ((اسقني))، فقال: يارسول الله إنهم يجعلون أيديهم فيه، قال: ((اسقني)) فشرب ثم أتى زمزم وهم يستقون ويعملون فيه فقال: ((اعملوا فإنكم على عمل صالح)) ثم قال: ((لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل، يعني على عاتقه وأشار إلى عاتقه))[108]، رواه البخاري.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله ? : ((ماء زمزم لما شرب له، إن شربته تستشفي به شفاك الله وإن شربته يشبعك أشبعك الله به وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله وهي هزمة جبريل وسقيا إسماعيل)) [109]، رواه الدار قطني وأخرجه الحاكم.
وعن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تحمل من ماء زمزم وتخبر أن النبي ? يحمله[110]، رواه الترمذي، إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في فضل ماء زمزم وخواصه.
وهذه الأحاديث وإن كان في بعضها مقال؛ إلا أن بعض العلماء صححها وعمل بها الصحابة واستمر العمل بمقتضاها إلى يومنا، ويؤيد ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي ? قال في زمزم: ((إنها مباركة وإنها طعام طعم)) [111]، وزاد أبو داود[112] بإسناد صحيح ((وشفاء سقم)) [113].(4/32)
ولم يثبت عن النبي ? أنه كان يقرأ في ماء زمزم لأحد من أصحابه ليشربه أو يتمسح به تحقيقًا لغرض أو رجاء الشفاء من مرض مع عظم بركته وعلو درجته وعميم نفعه وحرصه على الخير لأمته ومع كثرة تردده على زمزم قبل الهجرة وفي اعتماره مرات وحجه للبيت الحرام بعد الهجرة ولم يثبت أيضًا أنه أرشد أصحابه إلى القراءة عليه مع وجوب البلاغ عليه والبيان للأمة، فلو كان ذلك مشروعًا لفعله وبينه لأمته فإنه لا خير إلا دلهم عليه ولا شر إلا حذرهم منه.
لكن لا مانع من القراءة فيه للاستشفاء به كغيره من المياه بل من باب أولى لما فيه من البركة والشفاء للأحاديث المذكورة.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[114].
علاج الضيق والاكتئاب النفسي
سؤال: أنا فتاة في العشرين من العمر مسلمة وملتزمة ومتزوجة من حوالي عام ونصف وبحمد الله رزقت من حوالي ستة أشهر بمولود وكانت الولادة طبيعية بحمد الله وبعد الولادة بحوالي أسبوع أصبت بحالة ضيق شديد ولم يحدث لي هذه الحالة ولم يبق لي قابلية للاهتمام بأي شيء حتى المولود وقد عرضت على أخصائي نفساني وأخذت العلاج إلى فترة قريبة ولم يحدث من هذا العلاج عودتي إلى طبيعتي كما كنت قبل الولادة وقد زهقت من طول فترة العلاج. وأسأل الله أن توفقوا في معرفة علاج شرعي لهذا الضيق واكتئاب النفس أو العلاج الأمثل لكي أعود إلى طبيعتي ورعاية زوجي وابني وخدمة البيت وإني قد سمعت من فترة ماضية من الحديث الذي يقول: ((ماء زمزم لما شرب له)) [115]، فإني أرجو من الله توضيح هذا الحديث وهل هو ينطبق على حالتي النفسية أم هو للحالات العضوية. وإذا كان ماء زمزم يفيد بإذن الله في شفاء حالتي هذه فكيف يمكن نقله إليّ؟(4/33)
الجواب: ثقي بالله تعالى وحسني الظن به وفوضي أمرك إليه ولا تيأسي من رحمته وفضله وإحسانه فإنه سبحانه ما أنزل داء إلا أنزل له شفاء، وعليك الأخذ بالأسباب فاستمري في مراجعة الأطباء المتخصصين في معرفة الأمراض وعلاجها، واقرئي على نفسك سورة الإخلاص وسورة الفلق وسورة الناس ثلاث مرات وانفثي في يديك عقب كل مرة، وامسحي بهما وجهك وما استطعت من جسمك وكرري ذلك مرات ليلاً ونهاراً وعند النوم واقرئي على نفسك أيضًا سورة الفاتحة في أي ساعة من ليل أو نهار واقرئي آية الكرسي عندما تضطجعين في فراشك للنوم فذلك من خير ما يرقي الإنسان به نفسه ويحصنها من الشر.
وادعي الله تعالى بدعاء الكرب، فقولي: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم)) [116]، وارقي نفسك أيضًا برقية رسول الله ? فقولي:
((اللهم رب الناس، مذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقمًا)) [117]، إلى غير ذلك من الأذكار والرقى والأدعية التي ذكرت في دواوين الحديث وذكرها النووي في كتاب رياض الصالحين وكتاب الأذكار.
أما ما ذكرت عن ماء زمزم من أن النبي ? قال: ((ماء زمزم لما شرب له)) فقد رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن جابر بن عبد الله عن النبي ? وهو حديث حسن وهو أيضًا عام، وأصح منه قول النبي ? في ماء زمزم: ((إنها مباركة وإنها طعام طعم وشفاء سقم)) [118]، رواه مسلم وأبو داود وهذا لفظ أبي داود، فإذا أردت منه شيئًا أمكنك أن توصي من يحج من بلدك ليأتي بشيء منه في عودته من حجه.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[119].
حكم وضع الآيات القرآنية المكتوبة في ماء وشربها
سؤال: إذا طلب رجل به ألم رقى، وكتب له بعض آيات قرآنية وقال الراقي: ضعها في ماء واشربها فهل يجوز أم لا؟(4/34)
الجواب: سبق أن صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء جواب عن سؤال مماثل لهذا السؤال هذا نصه: كتابة شيء من القرآن في جام أو ورقة وغسله وشربه يجوز لعموم قوله تعالى: [ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ] [120].
فالقرآن شفاء للقلوب والأبدان ولما رواه الحاكم في المستدرك وابن ماجه في السنن عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي ? قال: ((عليكم بالشفاءين: العسل والقرآن)) [121]، وما رواه ابن ماجه عن علي رضي الله عنه عن النبي ? أنه قال: ((خير الدواء القرآن)) [122].
وروى ابن السني[123] عن ابن عباس رضي الله عنهما: إذا عسر على المرأة ولادتها خُذ إناءً نظيفًا فاكتب عليه [ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ]...الآية[124]، و [كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا ]...الآية[125]، و [لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ ]... الآية[126]، ثم يغسله وتسقى المرأة منه وتنضح على بطنها وفي وجهها.
وقال ابن القيم في زاد المعاد جـ3 ص 183: قال الخلال: حدثني عبد الله بن أحمد قال: رأيت أبي يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام أبيض أو شيء نظيف يكتب حديث ابن عباس رضي الله عنهما: لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين [ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ ] [127]، [ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ] [128]، قال الخلال: أنبأنا أبوبكر المروذي أن أبا عبد الله جاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله، تكتب لامرأة عسرت عليها ولادتها منذ يومين، فقال: قل له يجيء بجام واسع وزعفران، ورأيته يكتب لغير واحد.(4/35)
وقال ابن القيم أيضًا: ورأى جماعة من السلف أن يكتب له الآيات من القرآن ثم يشربها قال مجاهد: لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض ومثله عن أبي قلابة، انتهى كلام ابن القيم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه[129].
حكم العلاج عند الكهنة
سؤال: تزوجت بفتاة يتيمة الأم غير متعلمة وذلك في عيد الفطر من عام 1403هـ وفي بداية شهر ذي الحجة أصابها مرض نفسي عبارة عن بكاء ونحيب ويرتفع أحيانًا إلى صراخ وعويل، فأخذها والدها إلى منزله وأحضر لها كاهناً لمعالجتها فعالجها بالدخائن المنتنة وأمر بحبسها طوال شهر محرم في غرفة مظلمة ويسمون هذا العلاج الحجبة، وقد حدث هذا دون أخذ موافقتي، فشفيت وبقيت في بيت أهلها شهري صفر وربيع الأول فعادت إلى منزلي في بداية شهر ربيع الثاني فعاد إليها المرض نفسه، والآن أقوم بمعالجتها عند طبيب أخصائي نفسي يعالجها بالقرآن والأدعية المأثورة بالإضافة إلى العلاجات الأخرى ولكن أهلها غير مقتنعين ويريدون علاجها لدى أحد الكهنة، وقد منعني أهلها من قراءة القرآن عليها إذا أصابتها النوبة لأن الكاهن أخبرهم بأنني أنا السبب في زيادة مرضها لأنني قرأت عليها المعوذتين وآية الكرسي، فما هو الموقف الذي يجب أن أتخذه إذا عرضها والدها على كاهن آخر؟ أرجو مساعدتي بالرد في أسرع وقت.
الجواب: أحسنت بعلاجها بقراءة القرآن عليها ورقيتها بالأدعية النبوية المأثورة، لكن يحرم خلوة الأجنبي الذي يرقيها بها ويحرم عليها أن تكشف شيئًا من عورتها أمامه أو يضع يده عليها، ولو توليت علاجها بذلك أو تولاه أحد محارمها كان أحوط، ونرى أن تعالجها أيضاً بالمستشفى ونحوه عند دكتور الأمراض النفسية فإنه متخصص في علاج هذا المرض.(4/36)
أما عرضها على الكهان والذهاب بها إليهم للعلاج فممنوع لقول النبي ? :((من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) [130] رواه مسلم في صحيحه، ولقوله ? : ((من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) [131].
وفق الله الجميع لاتباع الحق والتمسك به وترك المخالفة، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[132].
حكم كتابة الآيات ووضعها تحت الوسادة أو تحت الباب
سؤال: هل يجوز للمسلم أن يكتب شيئًا من آيات القرآن الكريم ويشربها أو يجعلها تحت وسادته أو لدى الباب إلى غير ذلك من المواضع؟
الجواب: أما قراءة القرآن في الماء للمريض وشربه إياه فلا بأس وقد ورد في سنن أبي داود في كتاب الطب عن النبي ? ما يدل على ذلك، وأما تعليق التمائم من القرآن وغيره فلا يجوز مع العلم بأن التمائم التي يعلقها الشخص قسمان:
أحدهما: أن تكون من القرآن.
والثاني: أن تكون من غير القرآن.
فإن كانت من القرآن فقد اختلف فيها السلف على قولين:
الأول: لا يجوز تعليقها وقال به ابن مسعود وابن عباس وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وقال ذلك أحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه وجزم بها المتأخرون وهذا القول مبني على ما رواه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ? يقول: ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)) [133]، قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله في فتح المجيد: قلت: هذا هو الصحيح لوجوه ثلاثة تظهر للمتأمل:
الأول: عموم النهي ولا مخصص له.
الثاني: سد الذريعة فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك.
الثالث: أنه إذا علق فلابد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حالة قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك.(4/37)
القول الثاني: جواز ذلك وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص وهو ظاهر ما روي عن عائشة وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية وحملوا الحديث على التمائم التي فيها شرك.
وأما إذا كانت التمائم من غير القرآن وأسماء الله وصفاته فإنها شرك لعموم حديث ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)).
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[134].
حكم تلاوة سورة الإخلاص والمعوذتين للاستشفاء
سؤال: هل تلاوة سورة الإخلاص والمعوذتين والفاتحة للاستشفاء حرام أو حلال؟ وهل فعل ذلك الرسول ? أو أحد من السلف الصالح..؟ أفيدونا.
الجواب: إن تلاوة سورة الإخلاص والمعوذتين والفاتحة وغير هذه السور من القرآن على المريض من الرقية الجائزة التي شرعها رسول الله ? بفعله وبإقراره لأصحابه.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من طريق معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ? ((كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات (سورة الإخلاص والمعوذتين) فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها، قال معمر: فسألت الزهري كيف ينفث؟ قال: كان ينفث على يديه ثم يمسح بهما وجهه))[135].
وروى البخاري عن طريق أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن أناسًا من أصحاب النبي ? أتوا على حي من أحياء العرب فلم يقروهم فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك، فقال: هل معكم من دواء أو راق، فقالوا: إنكم لم تقرونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلاً، فجعلوا لهم قطيعاً من الشاء فجعل يقرأ بأم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل فبرأ فأتوا بالشاء، فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي ? فسألوه فضحك، وقال: ((وما أدراك أنها رقية، خذوها واضربوا لي بسهم)) [136].
ففي الحديث الأول قراءة النبي ? على نفسه بالمعوذات في مرضه، وفي الثاني إقراره للصحابة على الرقية بالفاتحة. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[137].
حكم الحرق بالنار(4/38)
سؤال: يوجد امرأة مصروعة وعليها امرأة من الجن وعندما تضرب امرأة الجن لا تستجيب للخروج من المرأة المسلمة فهل يجوز في هذه الحالة حرقها بالنار حتى تخرج من المرأة المسلمة؟
الجواب: يحرم إحراقها بالنار مطلقًا؛ لأن النار لا يعذب بها إلا الله. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[138].
حكم الذهاب للسيد للعلاج مع الاعتقاد أن الله هو الشافي
سؤال: ما حكم الذهاب إلى السيد في حالات المرض القصوى مع إنه لا يوجد علاج للمريض ولكن السيد عالج كثيرين من نفس المرض وشفوا بأمر الله مع اعتقادنا أن الله هو الشافي، وقد اعترض البعض على ذلك ونحن نقول: بأن السيد وسيلة مثله مثل الطبيب، فما رأي فضيلتكم في ذلك؟
الجواب: يباح للمريض أن يتعالج من مرضه بالأدوية المباحة وبالرقية الشرعية وبالأدعية المشروعة، ويحرم الذهاب إلى الكهان والمشعوذين الذين يدعون علم المغيبات ويعملون الطلاسم والرقى الشركية ولو كانوا ممن يسمى سيدًا، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[139].
حكم الذهاب للكنيسة لعلاج الصرع
سؤال: علاج الصرع هو الذهاب إلى الكنيسة خاصة كنيسة ماري جرجس أو الذهاب إلى السحرة والدجالين الذين ينتشرون في القرى وأحيانًا يأتي بفائدة، فهل هذا يجوز فعله مع العلم بأن الشخص المصروع إذا لم يسرعوا بعلاجه فإنه يهلك ويموت.
الجواب: لا يجوز الذهاب إلى الكنيسة لعلاج الصرع ولا إلى السحرة ولا إلى الدجالين.
أما طرق العلاج المباح فيعالج بالرقى المشروعة مثل قراءة القرآن كسورة الفاتحة وقل هو الله أحد والمعوذتين وآية الكرسي وما ورد من الأذكار والأدعية الثابتة عن الرسول ? ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[140].
نزول جبريل عند معالجة بعض حالات المس ليس له أصل(4/39)
سؤال: يقوم بعض الإخوة عندنا باستخراج الجن من المريض عن طريق تلاوة آيات من القرآن وزعم هؤلاء الإخوة أثناء تعرضهم لمعالجة حالة أن جبريل عليه السلام قد نزل من السماء وساعدهم على استخراج الجن مما أحدث الشقاق والخلاف بسبب ذلك بين الناس. فنرجو أن تبسطوا لنا الأمر في المسألة والرد. وهل ينزل جبريل عليه السلام بعد رسول الله ? سواء لمعاونة أحد ـ كما زعموا ـ أم لغير ذلك؟
الجواب: يجوز علاج المريض بمس الجن بقراءة آيات من القرآن عليه أو سورة أو سور منه عليه لثبوت الرقية بالقرآن شرعًا.
أما نزول جبريل لذلك فلا نعلم له أصلاً، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[141].
حكم رقية العقرب المنتشرة بين كثير من الناس
سؤال: يوجد أدعية يقال إنها ضد العقرب ولقد جربت فأصابت ونصه:
(اللهم إن هذه عزيمة العقرب والداب مرت على اليهود والنصارى قال وش (ماذا) بكاك يا رسول الله، قال: دابة من دواب أهل النار ذنيبة كالمنشار نحيرة كالدينار نزل جبريل على دمها نزل جبرائيل على سمها شهق الله ثلاث شهقات قال: اسكني في عزة الله وكتبك في لوح محفوظ). فما حكمها جزاكم الله خيرًا؟
الجواب: الرقية المذكورة ليست صحيحة والصحيح هو ما كان بالقرآن والأدعية الثابتة في الأحاديث الصحيحة كرقية أبي سعيد الخدري للكافر بسورة الفاتحة[142]، ولا يجوز استعمال هذه الرقية بل يجب تركها والتحذير منها. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[143].
حكم وضع المصحف على الوجه عند الخوف من الشياطين
سؤال: شخص يقول: أنا رجل كفيف البصر وساكن في بيت وهذا البيت كل ليلة يجيئني جن وأتخوف منهم والآن عندي مصحف إذا جعلته على وجهه ذهبوا عني وقال بعض الناس: ما يصح أن تجعل المصحف على وجهه. آمل منكم إفادتي؟(4/40)
الجواب: ينبغي لك أن تكثر من ذكر الله عند النوم وأن تقرأ آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين وأن تستعيذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات صباحًا ومساءً وتقول: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات صباحًا ومساءً، وتسلم إن شاء الله من شر الجن وغيرهم ولا ينبغي لك استعمال المصحف في هذا الأمر على الوجه المذكور لما في ذلك من الإهانة لكتاب الله وإرضاء الشياطين بذلك. ونسأل الله أن يعافيك وأن يعيذنا جميعًا من الشياطين. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[144].
حكم الرقية بالقرآن وبالأذكار والدعوات الثابتة
سؤال: ما حكم الرقية بالقرآن وبالأذكار والدعوات الثابتة عن النبي ? ؟
الجواب: تجوز الرقية بالقرآن وبالأذكار والدعوات الثابتة عن النبي ? للحفظ والوقاية ولدفع ما أصيب به الإنسان من الأمراض مثل (تلاوة آية الكرسي وسورة الفاتحة وقل هو الله أحد والمعوذتين)، ومثل (أذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقمًا) [145] ومثل (أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة) [146] ونحو ذلك. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[147].
الطرق التي يدخل منها الشيطان على الإنسان
سؤال: ما الطرق التي يدخل بها الشيطان على الإنسان؟
الجواب: الطرق التي يدخل فيها الشيطان على الإنسان كثيرة، منها أن يأتيه من جهة شهوة فرجه فيغريه بالزنا ويسول له من الخلوة بالنساء الأجنبيات، والنظر إليهن، ومخالطتهن، وسماع غنائهن، ونحو ذلك، ولا يزال يفتنه حتى يقع في الفاحشة.
ومنها أن يأتيه من جهة شهوة بطنه، فيغريه بأكل الحرام وشرب الخمر وتناول المخدرات ونحو ذلك.(4/41)
ومنها أن يأتيه عن طريق غريزة حب التملك، والميل إلى الغنى والثراء فيغريه بالتوسع في أسباب الكسب حلاله وحرامه، فلا يبالي بأكل أموال الناس بالباطل من ربا وسرقة وغصب واختلاس وغش ونحو ذلك.
ومنها أن يأتيه من جهة غريزة حب التسلط والتعالي والتعاظم فيستكبر ويتجبر على الناس ويحقرهم ويسخر منهم إلى غير ذلك من المداخل الكثيرة. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[148].
حكم الرقى والتمائم
سؤال: ما هو حكم الرقى والتمائم؟
الجواب: الرقية مشروعة إذا كانت بالقرآن أو بأسماء الله الحسنى وبالأدعية المشروعة وما في معناها مع اعتقاد أنها أسباب وأن مالك الضرر والنفع والشفاء هو الله سبحانه، لقول النبي ? :((لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا)) [149]، وقد رقى ورقي عليه ? ، أما الرقى المنهي عنها فهي الرقى المخالفة لما ذكرنا كما صرح بذلك أهل العلم.
أما تعليق التمائم فلا يجوز سواء كانت من القرآن أو من غيره لعموم الأحاديث الواردة في ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه[150].
حكم قراءة القرآن لمريض لوجه الله تعالى
سؤال: هل تجوز قراءة القرآن لمريض لوجه الله تعالى أو بأجرة؟
الجواب: إذا كان المقصود أن يرقى المريض بالقرآن فذلك جائز بل مستحب لقول النبي ? : ((من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه)) [151]، ولفعله ذلك وأصحابه رضي الله عنهم والأولى أن يكون بغير أجرة وإن كان بأجرة جاز لثبوت السنة بجواز ذلك.
وإن كان المقصود أن يجعل ثوابه للمريض فذلك لاينبغي فعله لعدم وروده في الشرع المطهر وقد قال ? : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) [152] متفق على صحته.
وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه[153].
حكم الضرب والخنق للذي يرقي بالرقى الشرعية
سؤال: هل يجوز للذي يعالج المرضى بقراءة القرآن الكريم أن يضرب ويخنق ويتحدث مع الجن؟ جزاكم الله خيرًا.(4/42)
الجواب: هذا قد وقع شيء منه من بعض العلماء السابقين، مثل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقد كان يخاطب الجني ويخنقه ويضربه حتى يخرج، أما المبالغة في هذه الأمور مما نسمعه عن بعض القراء فلا وجه لها[154].
علاج من أصيب بمرض النسيان أو أي مرض آخر
الجواب: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد: فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم 2610 وتاريخ 4/7/1407هـ الذي تذكر فيه ما أصاب والدتك من النسيان بعد إجرائها لعملية المرارة، وطلبك أن ندلك على علاج شرعي لما أصابها. وأفيدك بأن ما حصل على والدتك إنما هو بقضاء الله وقدره، وعلى المسلم أن يصبر ويحتسب ما عند الله من الأجر عملاً بقول الله سبحانه: [ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ] [155]، وقوله سبحانه: [ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ] [156].
وقال النبي ? : ((إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط)) [157] حسنه الترمذي.
ونوصيك بأن تقرأ عليها بفاتحة الكتاب وآية الكرسي و [قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ] و [قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ] و [قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ] وغير ذلك من آيات القرآن العزيز، وتكرر ذلك في كل صباح ومساء؛ لأن الله سبحانه أنزل كتابه شفاء من كل سوء، كما قال سبحانه:[ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء ][158].(4/43)
كما نوصيك بالدعاء الصحيح المشهور مثل: ((اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقمًا))، و((باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك)) [159]، تكرر هذين الدعاءين ثلاث مرات وتدعو لها أيضًا بما أحببت من الدعاء سوى ذلك، وكونه مما ورد عن النبي ? أفضل.
كما نوصيك بعرضها على الأطباء المختصين ولاسيما الذين أجروا لها العملية لعلهم يجدون لها علاجًا.
وفق الله الجميع لما فيه رضاه وشفاء والدتك مما أصابها ومتع الجميع بالصحة والعافية إنه سميع مجيب[160].
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
حكم كتابة المحاية للناس في حالة السحر والمرض
سؤال: عندنا في السودان بعض من الناس يعرفون بالمشايخ يكتبون المحاية للناس إذا مرض الشخص أو أصابه سحر أو غير ذلك من الأمور الخرافية ما حكم من يتعامل معهم وما حكم عملهم هذا؟
الجواب: إن الرقية على المريض المصاب بسحر أو بغيره من المرض لا بأس بها إن كانت من القرآن أو من الأدعية المباحة، فقد ثبت أن النبي ? كان يرقي أصحابه ومن جملة ما يرقيهم به: ((ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض، أنزل رحمة من رحمتك واشف من شفائك على هذا الوجع فيبرأ)) [161].
ومن الأدعية المشروعة: ((بسم الله أرقيك من كل داءٍ يؤذيك من شر كل نفسٍ أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك)) [162].
ومنها: أن يضع الإنسان يده على الألم الذي يؤلمه من بدنه فيقول:((أعوذ بالله وعزته من شرّ ما أجد وأحاذر)) [163]، إلى غير ذلك مما ذكره أهل العلم من الأحاديث الواردة عن الرسول ? .(4/44)
وأما كتابة الآيات والأذكار وتعليقها فقد اختلف أهل العلم في ذلك فمنهم من أجازه ومنهم من منعه والأقرب المنع من ذلك لأن هذا لم يرد عن النبي ? وإنما الوارد أن يقرأ على المريض، أما أن تعلق الآيات أو الأدعية على المريض في عنقه أو يده أو تحت وسادته وما أشبه ذلك فإن ذلك من الأمور الممنوعة على القول الراجح لعدم ورودها.
وكل إنسان يجعل من الأمور سببًا لأمرٍ آخر بغير إذن من الشرع فإن عمله هذا يعد نوعًا من الشرك، لأنه إثبات سبب لم يجعله الله سببًا.
هذا بقطع النظر عن حال هؤلاء المشايخ فلا ندري فلعل هؤلاء المشايخ من المشعوذين الذين يكتبون أشياء منكرة وأشياء محرمة فإن ذلك لاشك في تحريمه ولهذا قال أهل العلم: لا بأس بالرقى بشرط أن تكون معلومة مفهومة خالية من الشرك[164].
علاج المربوط عن جماع أهله
وهو أقسى أنواع السحر - والعياذ بالله - وأشدها إيلامًا وأكثر تعذيبًا.
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - حفظه الله -:
يأخذ سبع ورقات من السدر (النبق) الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه، ويجعلها في إناء ويصب عليها من الماء مايكفيه للغسل، ويقرأ فيها ((آية الكرسي)) [قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ] و [قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ] و [قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ] و [قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ] وآيات السحر التي في سورة الأعراف وهي قوله تعالى: [ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُون * َفَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِين *َ قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ] [165].(4/45)
والآيات التي في سورة يونس وهي قوله سبحانه: [ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَل الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ] [166]. والآيات التي في سورة طه وهي قوله سبحانه وتعالى: [ قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى * قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ] [167].
وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب بعض الشيء ويغتسل بالباقي وبذلك يزول الداء إن شاء الله، وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول الداء[168].
حكم الاستحضار وحجب المريض
سؤال: القارئ: حمود جابر مبارك من الرياض بعث إلينا سؤالاً يقول فيه: بعض الناس إذا أصيب له مريض بالصرع يذهب به إلى بعض الأطباء العرب وهؤلاء يستحضرون وتصدر منهم حركات غريبة، ويحجبون المريض فترة من الزمن ويقولون: إنه مصاب بالجن أو مسحور ونحو ذلك ويعالج هؤلاء المريض ويشفى وتدفع لهم الأموال مقابل ذلك فما الحكم في ذلك؟ وما الحكم أيضًا في العلاج بالعزائم، التي تكتب فيها الآيات القرآنية ثم توضع في الماء وتشرب؟
الجواب: علاج المصروع والمسحور بالآيات القرآنية والأدوية المباحة لا حرج فيه إذا كان ذلك ممن يعرف بالعقيدة الطيبة والالتزام بالأمور الشرعية.(4/46)
أما العلاج عند الذين يدعون علم الغيب أو يستحضرون الجن أو أشباههم من المشعوذين أو المجهولين الذين لا تعرف حالهم ولا تعرف كيفية علاجهم فلا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم ولا العلاج عندهم لقول النبي ? : ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا)) [169] أخرجه مسلم في صحيحه، وقوله ? : ((من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) < على أنزل بما كفر فقد يقول> [170]أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد
ولأحاديث أخرى في هذا الباب كلها تدل على تحريم سؤال العرافين والكهنة وتصديقهم وهم الذين يدعون علم الغيب أو يستعينون بالجن ويوجد من أعمالهم وتصرفاتهم ما يدل على ذلك وفيهم وأشباههم ورد الحديث المشهور الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد جيد عن جابر رضي الله عنه قال: سئل النبي ? عن النشرة فقال: ((هي من عمل الشيطان)) [171]، وفسر العلماء هذه النشرة بأنها ما كان يعمل في الجاهلية من حل السحر بمثله ويلتحق بذلك كل علاج يستعان فيه بالكهنة والعرافين وأصحاب الكذب والشعوذة.
وبذلك يعلم أن العلاج لجميع الأمراض وأنواع الصرع وغيره إنما يجوز بالطرق الشرعية والوسائل المباحة ومنها القراءة على المريض والنفث عليه بالآيات والدعوات الشرعية لقوله ? : ((لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا)) [172]، وقوله ? : ((عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام)) [173].
أما كتابة الآيات والأدعية الشرعية بالزعفران في صحن نظيف أو أوراق نظيفة ثم يغسل فيشربه المريض فلا حرج في ذلك وقد فعله كثير من سلف الأمة كما أوضح ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد وغيره، إذا كان القائم بذلك من المعروفين بالخير والاستقامة، والله ولي التوفيق[174].
التحذير من الرقى المخالفة للشرع(4/47)
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه من المسلمين في منطقة الفرع وغيرها من ضواحي المدينة المنورة، وفقهم الله للفقه في الدين آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: فقد بلغني أنه يوجد بجهتكم رقية (للعقرب) وغيرها من ذوات السم، مشتملة على أنواع من الشرك فوجب علي تنبيهكم عليها، وتحذيركم منها.
وهذا نص بعض ما بلغني من الرقية المشار إليها: بسم الله يا قراءة الله، بالسبع السموات، وبالآيات المرسلات، التي تحكم ولا يحكم عليها، يا سليمان الرفاعي، ويا كاظم سم الأفاعي، ناد الأفاعي، باسم الرفاعي، أنثاها وذكرها، طويلها وأبترها، وأصفرها وأسودها، وأحمرها وأبيضها، صغيرها وأكبرها، ومن شر ساري الليل وماشي النهار، استعنت عليها بالله وآيات الله وتسعة وتسعين نبيًا، وفاطمة بنت النبي، ومن جاء بعدها من ذريتها، انتهى.
هذا بعض ما بلغني ولها صور كثيرة، لا تخلو من الشرك وهذه الرقية فيها أنواع من الشرك، مثل قوله: بالسبع السموات، ومثل قوله: يا سليمان الرفاعي يا كاظم سم الأفاعي ناد الأفاعي باسم الرفاعي، ومثل قوله: استعنت عليها بالله وآيات الله وتسعة وتسعين نبيًا، وفاطمة بنت النبي ومن جاء بعدها من ذريتها.
وقد دل القرآن الكريم والسنة المطهرة على أن العبادة حق لله وحده، وأنه لا يدعى إلا الله، ولا يستعان إلا به، كما قال تعالى: [ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ] [175]، وقال تعالى: [وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ] [176].
وقال النبي ? : ((الدعاء هو العبادة))، وقال ? : ((إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله)) [177]، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.(4/48)
وقد أجمع العلماء على أنه لا يجوز الاستعانة بالجمادات، كالسماوات والكواكب والأصنام والأشجار ونحو ذلك، بل ذلك من الشرك، كما أجمعوا أنه لا يجوز دعاء الأموات والاستعانة بهم، أو الاستغاثة أو نحو ذلك، سواء كانوا أنبياء أو أولياء أو غيرهم؛ لأن الإنسان ((إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)) [178] كما صح بذلك الحديث عن رسول الله ? .
وهذه الرقية فيها الاستعانة بالسموات والاستعانة بكثير من الأموات، من الأنبياء وغيرهم، وفيها الاستعانة بالرفاعي، وهذا كله من الشرك، فالواجب على جميع المسلمين الحذر من هذه الرقية، وأشباهها من الرقى المشتملة على الشرك، والتواصي بترك ذلك، والتحذير منه، والاكتفاء بالرقى، وبالتعوذات الشرعية ففيها الغنية والكفاية، مثل: آية الكرسي وسورة [قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ]، و [قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ]، و [قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ] وغير ذلك من الآيات القرآنية.
وهكذا التعوذات والدعوات الشرعية كالاستعاذة بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وقول المسلم في الصباح والمساء: (باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات ومثل قوله في رقية المريض واللديغ: (اللهم رب الناس أذهب الباس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقمًا)، (باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك باسم الله أرقيك) ثلاث مرات وهكذا قراءة الفاتحة على المريض واللديغ، من أعظم أسباب الشفاء، ولاسيما مع التكرار لذلك بصدق وإخلاص لله سبحانه في طلب الشفاء منه، والإيمان الصادق بأنه سبحانه هو الشافي لا يقدر على الشفاء من جميع الأمراض غيره، عز وجل.(4/49)
وأسأل الله أن يوفقنا والمسلمين جميعًا للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يعيذنا جميعًا من كل ما يخالف شرعه، إنه جواد كريم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[179].
العلاج بالرقى للأمراض النفسية
سؤال: هل المؤمن يمرض نفسيًا؟ وما هو علاجه في الشرع؟ علمًا بأن الطب الحديث يعالج هذه الأمراض بالأدوية العصرية فقط؟
الجواب: لاشك أن الإنسان يصاب بالأمراض النفسية بالهم للمستقبل والحزن على الماضي، وتفعل الأمراض النفسية بالبدن أكثر مما تفعله الأمراض الحسية البدنية، ودواء هذه الأمراض بالأمور الشرعية ـ أي الرقية ـ أنجح من علاجها بالأدوية الحسية كما هو معروف.
ومن أدويتها الحديث الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه: ((إنه ما من مؤمن يصيبه هم أو غم أو حزن فيقول: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماضٍ في حكمك عدل في قضاؤك أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي، إلا فرج الله عنه)) [180]، فهذا من الأدوية الشرعية، وكذلك أيضًا أن يقول الإنسان: ((لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين))، ومن أراد مزيدًا من ذلك فليرجع إلى ما كتبه العلماء في باب الأذكار كالوابل الصيب لابن القيم، والكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية، والأذكار للنووي، وكذلك زاد المعاد لابن القيم.(4/50)
لكن لما ضعف الإيمان ضعف قبول النفس للأدوية الشرعية، وصار الناس الآن يعتمدون على الأدوية الحسية أكثر من اعتمادهم على الأدوية الشرعية، ولما كان الإيمان قويًا كانت الأدوية الشرعية مؤثرة تمامًا بل إن تأثيرها أسرع من تأثير الأدوية الحسية، ولا يخفى علينا جميعًا قصة الرجل الذي بعثه النبي ? في سرية فنزلوا على قوم من العرب، ولكن هؤلاء القوم الذين نزلوا لم يضيفوهم فشاء الله عز وجل أن لدغ سيد القوم - لدغته حية - فقال بعضهم لبعض: اذهبوا إلى هؤلاء القوم الذين نزلوا لعلكم تجدون عندهم راقيًا، فقال الصحابة لهم: لا نرقي على سيدكم إلا إذا أعطيتمونا كذا وكذا من الغنم، فقالوا: لا بأس، فذهب أحد الصحابة يقرأ على هذا الذي لدغ، فقرأ سورة الفاتحة فقط، فقام هذا اللديغ كأنما نشط من عقال، وهكذا أثرت قراءة الفاتحة على هذا الرجل لأنها صدرت من قلب مملوء إيمانًا فقال النبي ? بعد أن رجعوا إليه: ((وما يدريك أنها رقية)) [181].
لكن في زماننا هذا ضعف الدين والإيمان، وصار الناس يعتمدون على الأمور الحسية الظاهرة، وابتلوا فيها في الواقع. ولكن ظهر في مقابل هؤلاء القوم أهل شعوذة ولعب بعقول الناس ومقدراتهم وأموالهم يزعمون أنهم قراء بررة، ولكنهم أكلة مال بالباطل، والناس بين طرفي نقيض منهم من تطرف ولم ير للقراءة أثرًا إطلاقًا، ومنهم من تطرف ولعب بعقول الناس بالقراءة الكاذبة الخادعة، ومنهم الوسط[182].
حكم النفث في الماء
سؤال: ما حكم النفث في الماء؟(4/51)
الجواب: النفث في الماء على قسمين: القسم الأول: أن يراد بهذا النفث التبرك بريق النافث فهذا لاشك أنه حرام ونوع من الشرك لأن ريق الإنسان ليس سببًا للبركة والشفاء ولا أحد يتبرك بآثاره إلا محمد ? ، أما غيره فلا يتبرك بآثاره فالنبي ? يتبرك بآثاره في حياته وكذلك بعد مماته إذا بقيت تلك الآثار كما كان عند أم سلمة رضي الله عنها جلجل من فضة فيه شعرات من شعر النبي ? يستشفي بها المرضى فإذا جاء مريض صبّت على هذه الشعرات ماء ثم حركته ثم أعطته الماء.
لكن غير النبي ? لا يجوز لأحد أن يتبرك بريقه، أو بعرقه، أو بثوبه، أو بغير ذلك، بل هذا حرام ونوع من الشرك، فإذا كان النفث في الماء من أجل التبرك بريق النافث فإنه حرام ونوع من الشرك وذلك لأن كل من أثبت لشيء سببًا غير شرعي ولا حسي فإنه قد أتى نوعًا من الشرك، لأنه جعل نفسه مسببًا مع الله وثبوت الأسباب لمسبباتها إنما يتلقى من قبل الشرع فلذلك كل من تمسك بسبب لم يجعله الله سببًا لا حسًا ولا شرعًا فإنه قد أتى نوعًا من الشرك.
القسم الثاني: أن ينفث الإنسان بريق تلا فيه القرآن الكريم مثل أن يقرأ بالفاتحة - والفاتحة رقية وهي من أعظم ما يرقى به المريض - فيقرأ الفاتحة وينفث في الماء فإن هذا لا بأس به وقد فعله بعض السلف وهو مجرب ونافع بإذن الله وقد كان النبي ? ينفث في يديه عند نومه بـ [قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ] [قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق] [ِقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ] فيمسح بهما وجهه وما استطاع من جسده صلوات الله وسلامه عليه، والله الموفق[183].
حكم من يرقي بالرقى الشرعية وهو ليس من أهل العلم(4/52)
سؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد دار جدل حول من يقرؤون القرآن ليرقوا به الناس فقال البعض: لا يجوز لأحد أن يرقي بالقرآن لجمهور الناس إلا أن يكون من أهل العلم الشرعي، وقال البعض الآخر: إنه يكفي أن يكون من حفظة كتاب الله سليم المعتقد من أهل الصلاح والتقوى. أرجو بيان الصواب في هذه المسألة والحكم الشرعي في ذلك؟
الجواب: الذي أرى أنه لا يشترط أن يكون من أهل العلم إذا كان حافظًا لكتاب الله معروفًا بالتقى والصلاح ولم يقرأ إلا بالقرآن أو ما جاء عن النبي ? فلا بأس، وليس من شرط أن يكون عالمًا، وبعض العلماء يكون عالمًا لكن في القراءة يكون أقل من بعض الآخرين أي من بعض الناس[184].
حكم كشف مواضع الألم للراقي عند القراءة
سؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كما تعلمون فإن كثيرًا من الناس يعانون من بعض الأمراض التي لا يجدون لها علاجًا طبيًا فيلجؤون إلى بعض أهل العلم وبعض حملة كتاب الله من أهل التقوى والصلاح ليرقوهم بالرقى الشرعية، وقد يكون المرضى من النساء ويكون مكان الوجع عندهن في رؤوسهن أو صدورهن أو أيديهن أو أرجلهن، فهل يجوز كشف هذه الأماكن للقراءة عند الضرورة وما هي حدود الكشف - إن كان جائزًا - عند القراءة؟
الجواب: إذا كان الأمر كما قلت في السؤال، أن الرجل من أصحاب التقى والصلاح وليس متهمًا في دينه وأخلاقه وقال لابد من كشف موضع الألم حتى أقرأ عليه مباشرة فلا بأس بالكشف ولكن لابد أن يكون هناك محرم حاضر بحيث لا يخلو بها القارئ لأنه لا يجوز الخلوة إلا مع ذي محرم[185].
حكم كتابة بعض الآيات القرآنية على الأواني بغرض التداوي
سؤال: هل تجوز كتابة بعض آيات القرآن الكريم ((مثل آية الكرسي)) على أواني الطعام والشراب لغرض التداوي بها؟(4/53)
الجواب: أولاً: يجب أن نعلم أن كتاب الله عز وجل أعز وأجل من أن يمتهن إلى هذا الحد ويبتذل إلى هذا الحد، كيف تطيب نفس مؤمن أن يجعل كتاب الله عز وجل وأعظم آية في كتاب الله وهي آية الكرسي أن يجعلها في إناء يشرب فيه ويمتهن ويرمى في البيت ويلعب به الصبيان؟!
هذا العمل لاشك أنه حرام وأنه يجب على من عنده شيء من هذه الأواني أن يطمس هذه الآيات التي فيها بأن يذهب إلى الصانع فيطمسها، فإن لم يتمكن من ذلك فالواجب عليه أن يحفر لها في مكان طاهر ويدفنها، وأما أن يبقيها مبتذلة ممتهنة يشرب بها الصبيان ويلعبون بها فإن هذا لا يجوز، حتى وإن قصد بذلك الاستشفاء فإن الاستشفاء بالقرآن على هذا الوجه لم يرد عن السلف الصالح رضي الله عنهم[186].
هل الرقية تنافي التوكل
سؤال: هل الرقية تنافي التوكل؟
الجواب: التوكل هو صدق الاعتماد على الله عز وجل في جلب المنافع ودفع المضار، مع فعل الأسباب التي أمر الله بها، وليس التوكل أن تعتمد على الله بدون فعل الأسباب، فإن الاعتماد على الله بدون فعل الأسباب طعن في الله عز وجل وفي حكمته تبارك وتعالى، لأن الله تعالى ربط المسببات بأسبابها، وهنا سؤال: من أعظم الناس توكلاً على الله؟ الجواب: هو الرسول ? وهل كان يعمل الأسباب التي يتقي بها الضرر؟ الجواب: نعم، كان إذا خرج إلى الحرب يلبس الدروع ليتوقى السهام وفي غزوة أحد ظاهر بين درعين أي لبس درعين كل ذلك استعدادًا لما قد يحدث.
ففعل الأسباب لا ينافي التوكل إذا اعتقد الإنسان أن هذه الأسباب مجرد أسباب فقط لا تأثير لها إلا بإذن الله تعالى، وعلى هذا فالقراءة قراءة الإنسان على نفسه، وقراءته على إخوانه المرضى لا تنافي التوكل وقد ثبت عن النبي ? أنه كان يرقي نفسه بالمعوذات وثبت أنه كان يقرأ على أصحابه إذا مرضوا، والله أعلم[187].
حكم التشاؤم من الدور(4/54)
سؤال: شخص سكن في دار فأصابته الأمراض وكثير من المصائب مما جعله يتشاءم هو وأهله من هذه الدار فهل يجوز له تركها لهذا السبب؟
الجواب: ربما يكون بعض المنازل أو بعض المركوبات أو بعض الزوجات مشئومًا يجعل الله بحكمته مع مصاحبته إما ضررًا أو فوات منفعة أو نحو ذلك، وعلى هذا فلا بأس ببيع هذا البيت والانتقال إلى بيت غيره ولعل الله أن يجعل الخير فيما ينتقل إليه وقد ورد عن النبي ? أنه قال: ((الشؤم في ثلاث: الدار والمرأة والفرس)) [188].
فبعض المركوبات يكون فيها شؤم، وبعض الزوجات يكون فيهن شؤم، وبعض البيوت يكون فيها شؤم فإذا رأى الإنسان ذلك فليعلم أنه بتقدير الله عز وجل وأن الله سبحانه وتعالى بحكمته قدر ذلك لينتقل الإنسان إلى محل آخر. والله أعلم[189].
التوفيق بين كون التبرك بغير ريقه حرام وبين حديث ((بسم الله تربة أرضنا... الحديث))
سؤال:جاء في الفتوى السابقة رقم (64) أن التبرك بريق أحد غير النبي ? حرام ونوع من الشرك باستثناء الرقية بالقرآن حيث إن هذا يشكل مع ما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ? كان يقول في الرقية: ((بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يُشفى سقيمنا بإذن ربنا)). فنرجو من فضيلتكم التكرم بالتوضيح؟
الجواب: ذكر بعض العلماء أن هذا مخصوص برسول الله ? وبأرض المدينة فقط وعلى هذا فلا إشكال.
ولكن رأى الجمهور أن هذا ليس خاصًا برسول الله ? ، ولا بأرض المدينة بل هو عام في كل راق وفي كل أرض ولكنه ليس من باب التبرك بالريق المجردة بل هو ريق مصحوب برقية وتربة للاستشفاء وليس لمجرد التبرك.
وجوابنا في الفتوى السابقة هو التبرك المحض بالريق وعليه فلا إشكال لاختلاف الصورتين[190].
حكم من يذهب لمن يعالج بالرقى الشرعية(4/55)
سؤال: نسمع في هذه الأيام عن أناس يعالجون بالقرآن مرضى الصرع والمس والعين وغير ذلك وقد وجد بعض الناس نتيجة مرضية عند هؤلاء فهل في عمل هؤلاء محذور شرعي؟ وهل يأثم من ذهب إليهم؟ وما الشروط التي ترون أنها ينبغي أن تكون موجودة فيمن يعالج بالقرآن؟ وهل أثر عن بعض السلف علاج المسحورين والمصروعين وغيرهم بالقرآن؟
الجواب: لا بأس بعلاج مرضى الصرع والعين والسحر بالقرآن وذلك ما يسمى بالرقية بأن يقرأ القارئ وينفث على المصاب فإن الرقية بالقرآن وبالأدعية المشروعة جائزة، وإنما الممنوع الرقية الشركية وهي التي فيها دعاء لغير الله واستعانة بالجن والشياطين كعمل المشعوذين والدجالين أو بأسماء مجهولة.
أما الرقية بالقرآن والأدعية الواردة فهي مشروعة وقد جعل الله القرآن شفاء للأمراض الحسية والمعنوية من أمراض القلوب وأمراض الأبدان لكن بشرط إخلاص النية من الراقي والمرقي وأن يعتقد كل منهما أن الشفاء من عند الله وأن الرقية بكلام الله سبب من الأسباب النافعة.
ولا بأس بالذهاب إلى الذين يعالجون بالقرآن إذا عرفوا بالاستقامة وسلامة العقيدة وعرف عنهم أنهم لا يعملون الرقى الشركية ولا يستعينون بالجن والشياطين وإنما يعالجون بالرقية الشرعية.
والعلاج بالرقية القرآنية من سنة الرسول ? وعمل السلف فقد كانوا يعالجون بها المصاب بالعين والصرع والسحر وسائر الأمراض ويعتقدون أنها من الأسباب النافعة المباحة وأن الشافي هو الله وحده.
ولابد من التنبيه على أن بعض المشعوذين والسحرة وقد يذكرون شيئًا من القرآن أو الأدعية لكنهم يخلطون ذلك بالشرك والاستعانة بالجن والشياطين، فيسمعهم بعض الجهال ويظن أنهم يعالجون بالقرآن وهذا من الخداع الذي يجب التنبه له والحذر منه[191].
حكم كتابة آيات قرآنية على ورق وشربها ومسح موضع المرض بها(4/56)
سؤال: ما رأيكم فيمن يأخذ من أحد الرجال الصالحين بعض الكتابات القرآنية للشفاء من مرض حيث يقوم هذا الرجل بكتابة الآيات على ورقة ويقول: اجعلها في ماء حتى تذوب الكتابة ثم يشرب المريض ثلاث مرات والباقي يمسح به الجزء المراد شفاؤه كأن يكون المرض في صدره أو ظهره أو أحد أعضائه فما حكم ذلك؟
الجواب: الأولى أن يقرأ المسلم على أخيه بأن ينفث على جسمه بعدما يقرأ الآيات أوعلى موضع الألم منه وهذه هي الرقية الشرعية وإن قرأ له في ماء وشربه فكذلك أيضًا لأن هذا ورد به الحديث.
أما كتابة الآيات في ورقة ثم تمحى هذه الورقة في ماء ويشربها المريض فهذا رخص فيه كثير من العلماء قياسًا على ما ورد وأخذ العموم الاستشفاء بالقرآن الكريم لأن الله أخبر أنه شفاء فلا بأس به إن شاء الله ولكن الأولى هو ما ذكرناه وهو الوارد عن الرسول ? وهو القراءة على المريض مباشرة أو القراءة في ماء ويشربه[192].
الطرق الشرعية للوقاية من السحر وعلاج ذلك
سؤال: ما الطرق الشرعية التي ينصح بها للوقاية من السحر وما علاج من ابتلي بشيء من ذلك؟
الجواب: الطرق الشرعية للعلاج من السحر ما ذكره العلامة ابن القيم رحمه الله قال: وقد روي عنه - يعني النبي ? - فيه نوعان:
أحدهما: وهو أبلغهما استخراج السحر وإبطاله كما صح عن النبي ? أنه سأل ربه سبحانه في ذلك فدله عليه فاستخرجه من بئر فلما استخرجه ذهب ما به حتى كأنما نشط من عقال[193].
إلى أن قال: ومن أنفع علاجات السحر الأدوية الإلهية وذلك بالأذكار والآيات والدعوات.. انتهى.
وهذا النوع الثاني لعلاج السحر وذلك بالدعوات الشرعية وقراءة القرآن على المسحور بأن يقرأ القارئ الفاتحة وقل هو الله أحد والمعوذتين وغير ذلك من القرآن وينفث على المصاب فيشفى بإذن الله[194].
حكم الرقية بالقرآن وأخذ الأجرة عليه(4/57)
سؤال: هل ورد في الشرع المطهر ما يمنع من رقية المريض بالقرآن الكريم؟ وهل يجوز للراقي أن يأخذ أجراً على عمله أو هدية؟
الجواب: رقية المريض بالقرآن الكريم إذا كانت على الطريقة الواردة بأن يقرأ وينفث على المريض أو على موضع الألم أو في ماء يشربه المريض فهذا العمل جائز ومشروع؛ لأن النبي ? رقى ورُقي وأمر بالرقية وأجازها.
قال السيوطي: وقد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط: أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته، وباللسان العربي وما يعرف معناه. وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى.
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: والرقى هي التي تسمى بالعزائم وخص منها الدليل ما خلا من الشرك فقد رخص فيها رسول الله ? من العين والحمة - يعني سم العقرب إذا لسعت الإنسان - وكذا لدغ الحية. فإن الرقية من ذلك تنفع بإذن الله، ولا بأس أن يأخذ الراقي أجرة أو هدية على عمله؛ لأن رسول الله ? أقر الصحابة الذين أخذوا الأجرة على رقية اللديغ وقال: ((إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله)) [195] [196].
حكم طلب الحجاب للأمراض
سؤال: عندما يصيبنا مرض نذهب إلى إمام الجامع نطلب منه حجاباً فهل عملنا هذا جائز أم لا؟
الجواب: لا يجوز إذا أصابكم مرض أن تذهبوا إلى إمام الجامع وتطلبوا منه عمل حجاب. ولو ذهبتم إلى الإمام وطلبتم منه الرقية بالقرآن يقرأ على المريض إذا كان هذا الإمام موثوقًا في عقيدته ويقرأ على المريض من كتاب الله فهذا شيء طيب، فالرقية من كتاب الله عز وجل على المريض صحت بها السنة عن رسول الله ? .
أما أن يكتب حجاباً يعلق على المريض فهذا لا يجوز؛ لأنه إن كانت هذه الحجب من غير القرآن بأن كانت بأدعية شركية أو فيها أسماء شياطين أو جن أو فيها أشياء مجهولة المعنى ولا تعرف فهذه هي التمائم الشركية التي لا تجوز بإجماع أهل العلم.(4/58)
أما إذا كانت هذه الحجب مكتوبة من القرآن فإنه لا يجوز تعليقها على الصحيح من قولي العلماء لأن ذلك وسيلة إلى الشرك، ولأنه لم يرد دليل بجواز مثل ذلك وإنما ورد الدليل بالرقية وهي القراءة على المصاب. والله أعلم[197].
النفث في الماء من الرقى الجائزة
سؤال: وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله: عن النفث في الماء ثم يسقاه المريض استشفاء بريق ذلك النافث وما على لسانه حينئذ من ذكر الله تعالى أو شيء من الذكر كآية من القرآن أو نحو ذلك؟
الجواب: لا بأس بذلك فهو جائز، بل قد صرح العلماء باستحبابه، وبيان حكم هذه المسألة مداول عليه بالنصوص النبوية، وكلام محققي الأئمة، وهذا نصها:
قال البخاري في صحيحه: (باب النفث في الرقية) ثم ساق حديث أبي قتادة أن النبي ? قال: ((إذا رأى أحدكم شيئًا يكرهه فلينفث حين يستيقظ ثلاثًا ويتعوذ من شرها فإنها لا تضره)) [198]، وساق حديث عائشة
((أن النبي ? كان إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بقل هو الله أحد والمعوذتين جميعًا ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده)) [199].
وروى حديث أبي سعيد في الرقية بالفاتحة ـ ونص رواية مسلم:
((فجعل يقرأ أم القرآن ويجمع بزاقة ويتفل فبرأ الرجل)) [200]، وذكر البخاري حديث عائشة أن النبي ? كان يقول في الرقية: ((بسم الله تربة أرضنا وريقة بعضنا، يشفى سقيمنا بإذن ربنا)) [201].
وقال النووي: فيه استحباب النفث في الرقية، وقد أجمعوا على جوازه، واستحبه الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
وقال البيضاوي: قد شهدت المباحث الطبية على أن للريق مدخلاً في النضج وتعديل المزاج، وتراب الوطن له تأثير في حفظ المزاج ودفع الضرر - إلى أن قال -: ثم إن الرقى والعزائم لها آثار عجيبة تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها.(4/59)
وتكلم ابن القيم في ((الهدي)) في حكمة النفث وأسراره بكلام طويل قال في آخره: وبالجملة فنفس الراقي تقابل تلك النفوس الخبيثة وتزيد بكيفية نفسه وتستعين بالرقية والنفث على إزالة ذلك الأثر، واستعانته بنفثه كاستعانة تلك النفوس الرديئة بلسعها، وفي النفث سر آخر فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبيثة ولهذا تفعله السحرة كما يفعله أهل الإيمان. ا.هـ.
وفي رواية مهنا عن أحمد: في الرجل يكتب القرآن في إناء ثم يسقيه المريض، قال: لا بأس به، وقال صالح: ربما اعتللت فيأخذ أبي ماء فيقرأ عليه ويقول لي: اشرب منه واغسل وجهك ويديك.
وفيما ذكرناه كفاية إن شاء الله في زوال الإشكال الذي حصل لكم فيما يتعاطى في بلدكم من النفث في الإناء الذي فيه الماء ثم يسقاه المريض. وصلى الله على محمد[202].
جواز كتابة آيات قرآنية في إناء يغسله ثم يشربه المريض
سؤال: هل يجوز أن يكتب للمريض بعض آيات قرآنية في إناء يغسله ثم يشربه؟
الجواب: لا يظهر في جواز ذلك بأس. وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن جماعة من السلف رأوا أن يكتب للمريض الآيات من القرآن ثم يشربها، قال مجاهد: لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض ومثله عن أبي قلابة، ويذكر عن ابن عباس أنه أمر أن يكتب لامرأة تعسرت عليها ولادتها أثر من القرآن ثم يغسل وتسقى[203].
وبالله التوفيق وصلى الله على محمد[204].
يجوز نقل ماء زمزم إلى بلد آخر لغرض التداوي
سؤال: هل يجوز نقل ماء زمزم إلى بلد آخر لغرض التداوي؟ وهل يحتفظ الماء بخصوصيته؟
الجواب: نعم يجوز للإنسان أن يحمل ماء زمزم إلى بلاد أخرى، والخصوصيات التي تكون له هنا تبقى فيه هناك. [205]
علاج المسلم نفسه بنفسه بالقراءة والنفث في الماء
سؤال: هل يمكن للمسلم أن يعالج نفسه بنفسه بالقراءة والنفث في الماء؟(4/60)
الجواب: كان النبي ? إذا أحس بمرض ينفث في يديه (ثلاث مرات) بـ (قل هو الله أحد) و(المعوذتين)، ويمسح بهما في كل مرة مااستطاع من جسده عند النوم عليه الصلاة والسلام، بادئاً برأسه ووجهه وصدره، كما أخبرت بذلك عائشة رضي الله عنها في الحديث الصحيح، ورقاه جبرائيل لما مرض في الماء بقوله: ((بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك)) [206] (ثلاث مرات)، وهذه الرقية مشروعة ونافعة.
وقد قرأ ? في ماء لثابت بن قيس رضي الله عنه , وأمر بصبه عليه، كما روى ذلك أبو داود في الطب بإسناد حسن... وإلى غير هذا من أنواع الرقية التي وقعت في عهده عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك أنه ? رقى بعض المرضى بقوله: ((اللهم رب الناس، أذهب البأس واشف أنت الشافي، لاشفاء إلا شفاؤك، شفاءً لايغادر سقماً))[207] [208].
يجوز كتابة القرآن على طاهر وغسله بالماء ليشربه المريض
سؤال: هل يجوز التداوي من مرض بكتابة آيات من القرآن على لوح خشبي ثم تمحى بماء يسقى به المريض؟ وهل يجوز أخذ الأجرة عن هذا العمل؟
الجواب: يرى بعض العلماء أنه لابأس بكتابة القرآن على شيء طاهر، ويغسل هذا المكتوب، ويشربه المريض للإستشفاء بمثل هذا، لأنه داخل في الرقية كما ذكر هذا عنهم العلماء في كتبهم وفتاويهم كشيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتاوى) [209] وكذلك العلامة ابن القيم في (زاد المعاد) [210] وغيرهم من أهل العلم،ولكن الأولى أن تكون الرقية بالقراءة على المريض مباشرة بأن يقرأ القرآن وينفث على المريض أو على محل الإصابة هذا هو الأفضل والأكمل.
وأما أخذ الأجرة على كتابة العزائم من القرآن على الصفة المذكورة فلابأس بذلك أيضاً، لأن أخذ الأجرة على الرقية جائز، لأن النبي ? أقر الصحابة الذين أخذوا الجعل على الرقية... كما جاء ذلك في الحديث الصحيح في قصة اللديغ [211] [212].
لا يجوز فتح عيادات متخصصة للقراءة(4/61)
سؤال: ما رأيكم بفتح عيادات متخصصة للقراءة؟
الجواب: هذا لايجوز أن يفعل؛ لأنه يفتح باب فتنة، ويفتح باب احتيال للمحتالين، وما كان هذا من عمل السلف أنهم يفتحون دوراً أو يفتحون محلات للقراءة. والتوسع في هذا يحدث شراً , ويدخل فيه فساد، ويدخل فيه من لايحسن، لأن الناس يجرون وراء الطمع، ويريدون أن يجلبوا الناس إليهم ولو بعمل أشياء محرمة، ولايقال: هذا رجل صالح؛ لأن الإنسان يفتن والعياذ بالله، ولو كان صالحاً ففتح هذا الباب لا يجوز[213].
الوسواس وكيفية الوقاية منه
سؤال: أنا فتاة في العشرين من العمر مؤمنة ولله الحمد. أعاني من مشكلة الوسواس وعلى وشك الجنون من هذا المرض النفسي الذي عانيت منه ثلاث أو أربع سنوات ولم أفلح أن أدفعه عني.أريد أن أعرف هل يسلط الله على عباده هذا الشيطان الرجيم امتحاناً لهم أم ماذا؟.. والذي لايستطيع دفعه ماذا عليه أن يفعل...نرجو النصيحة؟
الجواب: في الحقيقة أن الوسوسة مرض خطير وهي من كيد الشيطان لبني آدم , يريد بذلك مضايقتهم وتضليلهم وإشغالهم عن طاعة ربهم. ولهذا أمر الله نبيه ? أن يستعيذ من هذه الوسوسة وأنزل في ذلك سورة كاملة قال تعالى: [ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ ] [214].
فهذا الشيطان له وسوسة مع بني آدم ويشتد ذلك في حق المؤمنين، ولكن يعالج بأمرين:
أن المؤمن لا يلتفت لهذه الوسوسة بل يرفضها رفضاً تاماً لأنها من الشيطان ولا تضره.
أن يشتغل بذكر الله سبحانه وتعالى لأن المؤمن إذا اشتغل بذكر الله ابتعد عنه الشيطان ولهذا قال سبحانه وتعالى في حقه: [ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ]، أي أنه يوسوس للعبد مع غفلته عن ذكر الله. ويخنس أي يبتعد عنه عندما يذكر العبد ربه عز وجل ولهذا وصفه أنه وسواس خناس.(4/62)
والذي أنصح به للسائلة ولأمثالها أن تعمل بهاتين الخصلتين وهما:
أولاً: عدم الإلتفات لهذه الوسوسة وعدم الإكتراث بها والإنفعال معها. ثم تزول بإذن الله لأن الإنسان إذا أعطاها اهتماماً والتفت إليها زادت وتمكن منه الشيطان.
ثانياً: الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى وتلاوة القرآن والإستعاذة بالله من الشيطان وقراءة آية الكرسي والمعوذتين وتكرار ذلك وبهذا يزول بإذن الله[215].
في القرآن والسنة أذكار وتعوذات لعلاج جميع الأمراض
سؤال: زوجتي أصيبت بمرض معين وأصبحت تخاف من كل شيء ولاتستطيع البقاء وحدها،وآخر يقول: أنه يشكو نفس الحالة وذلك أنه لايستطيع الذهاب إلى المسجد للصلاة مع الجماعة، ويسأل عن العلاج حتى لايلجأ إلى الكهان والمشعوذين؟
الجواب: بين سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء أن الله جل وعلا ماأنزل داءً إلا وأنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله،وقال سماحته إن الله سبحانه وتعالى جعل فيما أنزل على نبيه ? من الكتاب والسنة العلاج لجميع مايشكو منه الناس من أمراض حسية ومعنوية وقد نفع الله بذلك العباد وحصل به من الخير مالا يحصيه إلا الله عز وجل.
وأوضح سماحته أن الإنسان قد تعرض له أمور لها أسباب فيحصل من الخوف والذعر مالايعرف له سبباً بيناً.
وأكد سماحته أن الله جعل فيما شرعه على لسان نبيه ? من الخير والأمن والشفاء مالا يحصيه إلا الله سبحانه وتعالى.(4/63)
ونصح سماحته السائلين وغيرهم أن يستعملوا ماشرعه الله تعالى من الأوراد الشرعية التي يحصل بها الأمن والطمأنينة وراحة النفوس والسلامة من مكائد الشيطان، ومن ذلك قراءة آية الكرسي، وهي قوله تعالى: [ اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ] [216] إلى آخر الآية. ووصف سماحة الشيخ ابن باز آية الكرسي: بأنها أعظم وأفضل آية في كتاب الله عز وجل لما اشتملت عليه من التوحيد والإخلاص لله تعالى وبيان عظمته،وأنه الحي القيوم المالك لكل شيء ولايعجزه شيء سبحانه وبحمده.
واسترسل سماحته يقول: فإذا قرأ هذه الآية خلف كل صلاة كانت له حرزاً من كل شر، وهكذا قراءتها عند النوم.
واستشهد بما جاء في الحديث الصحيح عن النبي: ((أن من قرأها عند النوم لايزال عليه من الله حافظ، ولايقربه شيطان حتى يصبح)) [217].
ودعا سماحته الشخص الخائف إلى قراءة آية الكرسي عند النوم وبعد كل صلاة، وقال: ليطمئن قلبه وسوف لايرى مايسوؤه إن شاء الله إذا صدَّق الرسول عليه الصلاة والسلام فيما قال واطمأن قلبه لذلك أيقن أن ماقاله الرسول ? هو الحق والصدق الذي لاريب فيه.
وأكد سماحته أن الله سبحانه وتعالى شرع أن يقرأ المسلم والمسلمة بعد كل صلاة قل هو الله أحد والمعوذتين وقال سماحته: إن هذا أيضاً من أسباب العافية والأمن والشفاء من كل سوء، وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن.(4/64)
وأشار سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز إلى أن السنة أن يقرأ الإنسان هذه السور الثلاث بعد صلاة الفجر وبعد صلاة المغرب ثلاث مرات، وهكذا إذا أوى إلى فراشه يقرؤهن ثلاث مرات،لصحة الأحاديث عن رسول الله ? بذلك.
ودل سماحته على أن مما يحصل به الأمن والعافية والطمأنينة والسلامة من كل شر أن يستعيذ الإنسان بكلمات الله التامات من شر ماخلق ثلاث مرات صباحاً ومساءً (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ماخلق) [218] موضحاً سماحته: أن الأحاديث جاءت دالة على أنها من أسباب العافية.
ودعا سماحته إلى قراءة (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) [219] ثلاث مرات صباحاً ومساءً، وقال: لقد أخبر النبي ? أن من قالها ثلاث مرات صباحاً لم يضره شيء حتى يمسي، ومن قالها مساءً لم يضره شيء حتى يصبح.
وأفاد سماحته في إجابته: أن هذه الأذكار والتعوذات من القرآن والسنة كلها من أسباب الحفظ والأمن والسلامة من كل سوء.
ودعا سماحته كل مؤمن ومؤمنة الإتيان بها في أوقاتها والمحافظة عليها , وهما مطمئنان وواثقان بربهما سبحانه وتعالى القائم على كل شيء والعالم بكل شيء، والقادر على كل شيء، لا إله غيره ولارب سواه، وبيده التصرف والمنع والضر والنفع، وهو المالك لكل شيء عز وجل[220].
هذا الدعاء... شرك
سؤال: هناك أناس يدعون بدعاء يعتقدون أنه يشفي من مرض السكر وهو كما يلي: (الصلاة والسلام عليكم وعلى آلك ياسيدي يارسول الله، أنت وسيلتي، خذ بيدي، قلّت حيلتي فأدركني) ويقول هذا القول: (يارسول الله اشفع لي). وبمعنى آخر ادع الله يارسول الله لي بالشفاء، فهل يجوز أن يُردّد هذا الدعاء؟ وهل فيه فائدة كما يزعمون، أرشدونا بارك الله فيكم.(4/65)
الجواب: هذا الدعاء من الشرك الأكبر، لأنه دعاء للرسول ? وهذا لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى فطلبه من غير الله شرك أكبر، وكذلك طلب الشفاعة منه ? بعد موته هذا من الشرك الأكبر، لأن المشركين الأولين كانوا يعبدون الأولياء. ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فالله سبحانه وتعالى عاب ذلك عليهم، ونهاهم عن ذلك! [ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ ] [221]و [ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى][222].
وكل هذا من الشرك الأكبر، والذنب الذي لايُغفر إلا بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى منه والتزام التوحيد وعقيدة الإسلام فهو دعاء شركي، لايجوز للمسلم أن يتلفظ به، ولاأن يدعو به ولا أن يستعمله، ويجب على المسلم أن ينهي عنه وأن يحذر منه،والأدعية الشرعية التي يدعى بها للمريض ويرقى بها المريض أدعية ثابتة ومعلومة يرجع إليها في مظانها من دواوين الإسلام الصحيحة، كصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وكذلك قراءة القرآن الكريم على المريض مرض السكر أو غير مرض السكر قراءة القرآن الكريم، وبالذات قراءة سورة الفاتحة على المريض فيها شفاء وأجر وخير كثير، والله سبحانه وتعالى أغنانا بذلك عن الأمور الشركية، والمسلم لايجوز له أن يتعاطى شيئاً من الشركيات،ولاأن يقدم على عمل من الأعمال أو على دعاء من الأدعية إلا إذا ثبت لديه وتحقق أنه من شريعة الله وشريعة رسوله ? وذلك بسؤال أهل العلم وبالرجوع إلى أصول الإسلام الصحيحة فالذي أنصحك به ترك هذا الدعاء والإبتعاد عنه، والنهي عنه والتحذير منه[223].
حكم بيع الرقى والعزائم
سؤال: ما حكم بيع الرقى والعزائم؟(4/66)
الجواب: سبق أن صدرت فتوى في منع كتابة قرآن أو أذكار نبوية أو نحوها في ورق أو طبق مثلاً ثم محوها بماء ونحوه ليشربه المريض أملاً في الشفاء من مرضه وإنه لم يثبت عن النبي ? ولا عن الخلفاء الراشيدين ولا الصحابة رضي الله عنهم فيما نعلم أنهم فعلوا ذلك، والخير كل الخير في إتباع هديه ? وهدي خلفائه وما كان عليه سائر أصحابه رضي الله عنهم وفيما يلي نص الفتوى:
أذن النبي ? في الرقية بالقرآن والأذكار والأدعية ما لم تكن شركاً أو كلاماً لا يفهم معناه لما روى مسلم في صحيحه عن عوف بن مالك قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يارسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: ((أعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً)) [224].
وقد أجمع العلماء على جواز الرقي إذا كانت على الوجه المذكور آنفاً مع اعتقاد أنها سبب لا تأثير له إلا بتقدير الله تعالى أما تعليق شيء بالعنق أو ربطه بأي عضو من أعضاء الشخص فإن كان من غير القرآن فهو محرم بل شرك لما رواه الإمام أحمد في مسنده عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي ? رأى رجلاً في يده حلقة من سفر، فقال: ((انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً)) [225]. وما رواه عن عقبة بن عامر عنه ? قال: ((من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)) [226]. وفي رواية لأحمد أيضاً: ((من تعلق تميمة فقد أشرك)) [227]. وما وراه أحمد وأبو داود عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ? يقول:((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)) [228]، وإن كان ما علقه من آيات القرآن فالصحيح أنه ممنوع أيضاً لثلاثة أمور: الأول: من أحاديث النبي ? بالنهي عن تعليق التمائم ولا مخصص لها، الثاني: سد الذريعة فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك، الثالث: إن ما علق من ذلك يكون عرضه للامتهان بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء والجماع ونحو ذلك.(4/67)
وأما كتابة سورة أو آيات من القرآن في لوح أو طبق أو قرطاس وغسله بماء أو زعفران وغيرهما وشرب تلك الغسالة رجاء البركة أو استفادة علم أو كسب مال أو صحة أو عافية ونحو ذلك فلم يثبت عن النبي ? إنه فعله لنفسه أو غيره ولا أنه إذن فيه لأحد من أصحابه أو رخص فيه لأمته، مع وجود الدواعي التي تدعو إلى ذلك ولم يثبت في أثر صحيح في ما علمنا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أنه فعل ذلك أو رخص فيه، وعلى هذا فالأولى تركه وأن يستغني عنه بما ثبت في الشريعة من الرقية بالقرآن وأسماء الله الحسنى وما صح من الأذكار والأدعية النبوية ونحوها مما يعرف معناه ولا شائبة للشرك فيه وليتقرب إلى الله تعالى بما شرع رجاء المثوبة وأن يفرج الله كربته ويكشف غمته ويرزقه العلم النافع ففي ذلك الكفاية ومن استغنى بما شرع الله أغناه الله عما سواه والله الموفق.
وعلى هذا ينبغي ألا يعطى هذا الرجل تصريحاً ببيع ما ذكر من الرقى والعزائم بل يمنع من بيعها. [229].
علاج الأمراض العضوية بالقرآن[230]
سؤال: من: م. ب – من الرياض: هل التداوي والعلاج بالقرآن يشفي من الأمراض العضوية كالسرطان كما هو يشفي من الأمراض الروحية كالعين والمس وغيرهما؟ وهل لذلك دليل؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب: القرآن والدعاء فيهما شفاء من كل سوء بإذن الله، والأدلة على ذلك كثيرة، منها قوله تعالى: [ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء] [231]، وقوله سبحانه: [ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ][232].(وكان النبي ? إذا اشتكى شيئاً قرأ في كفيه عند النوم سورة: [ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ] و(المعوذتين) (ثلاث مرات)، ثم يمسح في كل مرة على ما استطاع من جسده فيبدأ برأسه ووجهه وصدره في كل مرة عند النوم، كما صح الحديث بذلك عن عائشة رضي الله عنها[233] .
القول هذا عن سورة الزلزلة باطل(4/68)
سؤال: توجد امرأة مريضة بمرض نفسي، وقال لها الناس إن المريض إذا أصابه مرض صعب تقرأ سورة الزلزلة في قراية إما شفي أو مات. وطلبت من يقرأ لها وشربت من القراءة، وبعد فترة حملت وشربت من القراءة فولد الطفل سليماً، وبعد فطامه حملت بآخر، وفي الشهر التاسع جاءها المرض مرة أخرى وشربت من القراءة ولكن في نفس اليوم ولدت طفلاً ميتاً. وبعد فترة حملت بآخر؛ وعاودها المرض وشربت من نفس القراءة، وفي الشهر الثامن شربت من القراءة وولد الولد ميتاً. وبعد فترة حملت، في شهرها السابع أحست بمرض وشربت منها وفي الليلة التي بعدها ولدت طفلة حية. وقد سمعت من الناس أن سورة الزلزلة تسقط الأطفال وفي القراءة حبة سوداء أو الحبة السوداء تسقط الطفل وهي لا تعلم هذا. فهل يلحقها شيء من الأطفال الذين ماتوا؟
الجواب:
أولاً: ما يقول الناس عن سورة الزلزلة أنها تشفي المريض أو يموت وما قالوه أنها تسقط الولد، كله لا أصل له بل هو من خرافات العامة الباطلة.
ثانياً: ليس على المرأة المذكورة فدية ولا كفارة؛ لأن عملها ليس سبباً لموتهما[234].
كيف تقي نفسك من السحر والحسد؟
سؤال: هل يوجد دعاء إذا ذكرته يمنع عني الحسد؟ وهل يوجد دعاء إذا ذكرته لا يصيبني السحر؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب: بسم الله والحمد لله. من أسباب العافية من جميع الشرور قراءة آية والمعوذتين بعد صلاة الفجر والمغرب ثلاث مرات، والتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات صباحاً ومساءً، وأن تقول: ((بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم)) [235] ثلاث مرات صباحاً ومساءً، كما صحت الأحاديث بذلك عن النبي ? . وفق الله الجميع[236].
الدواء الشرعي للسحر(4/69)
سؤال: سمعت من أحد العلماء قوله: إن من يظن أنه عُمل له سحر عليه أن يأخذ سبع ورقات من السدر ثم يضعها في إناء به ماء ويقرأ عليها المعوذتين وآية الكرسي وسورة [قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ] [237]وقوله تعالى: [ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ] [238]وسور الفاتحة، فما صحة هذا؟ وماذا يفعل من يظن أنه قد سحر؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: لا شك أن السحر موجود، وبعضه تخييل، وأنه يقع ويؤثر بإذن الله عز وجل، كما قال الله سبحانه وتعالى في حق السحرة: [وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ][239].
فالسحر له تأثير، ولكنه بإذن الله الكوني القدري، إذ ما في الوجود من شيء إلا بقضاء الله وقدرة سبحانه وتعالى، ولكن هذا السحر له علاج وله دواء، وقد وقع على النبي ? فخلصه الله منه وأنجاه من شره ووجدوا ما فعله الساحر، فأخذ وأتلف، فأبرأ الله نبيه من ذلك عليه الصلاة والسلام، وهكذا إذا وجد ما فعله الساحر من تعقيد الخيوط أو ربط المسامير بعضها ببعض أو غير ذلك فإن ذلك يتلف؛ لأن السحرة من شأنهم أن ينفثوا في العقد ويضربوا عليها لمقاصدهم الخبيثة، فقد يتم ما أرادوا بإذن الله، وقد يبطل، فربنا على كل شيء قدير سبحانه وتعالى.(4/70)
وتاره يعالج السحر بالقراءة سواء كان ذلك بقراءة المسحور نفسه إذا كان عقله سليماً، وتاره بقراءة غيره عليه، فينفث عليه في صدره أو في أي عضو من أعضائه ويقرأ عليه الفاتحة، وآية الكرسي، و [ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ]، والمعوذتين وآيات السحر المعروفة من سورة الأعراف، وسورة يونس، وسورة طه.
فمن سورة الأعراف قوله تعالى: [ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ* فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ* فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ ] [240].
ومن سورة يونس قوله سبحانه: [ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ* فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ* فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ* وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ] [241].
ومن سورة طه قوله سبحانه: [ قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى* قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى* فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى* قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى* وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى] [242].(4/71)
ويقرأ أيضاً سورة [ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ] إلى آخرها، وسورة [ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ]، و [ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ]، و [ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ]، والأولى أن يكرر سورة [ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ] والمعوذتين ثلاث مرات، ثم يدعو له بالشفاء: ((اللهم رب الناس، أذهب البأس واشف أنت الشافي لاشفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقماً)) [243] ويكرر هذا ثلاثاً، وهكذا يرقيه بقوله: ((بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك)) [244] ويكررها ثلاثاً ويدعو له بالشفاء والعافية وإن قال في رقيته: ((أعيذك بكلمات الله التامات من شر ما خلق)) [245] وكررها ثلاث فحسن.
كل هذا من الدواء المفيد، وإن قرأ هذه الرقية والدعاء في ماء ثم شرب منه المسحور واغتسل بباقيه كان هذا من أسباب الشفاء والعافية بإذن الله، وإن جعل في الماء سبع ورقات من السدر الأخضر بعد دقها كان هذا أيضاً من أسباب الشفاء، وقد جرب هذا كثيراً ونفع الله به، وقد فعلناه مع كثير من الناس فنفعهم الله بذلك. فهذا دواء مفيد ونافع للمسحورين وهكذا ينفع هذا الدواء لمن حبس عن زوجته؛ لأن بعض الناس قد يحبس عن زوجته فلا يستطيع جماعها، فإذا استعمل هذا الرقية وهذا الدعاء نفعه بإذن الله، سواء قرأه على نفسه أو قرأه عليه غيره أو قرأه في ماء ثم شرب منه واغتسل بالباقي. كل هذا نافع بإذن الله للمسحور والمحبوس عن زوجته، وهذا من الأسباب، والله سبحانه وتعالى هو الشافي وحده، وهو على كل شيء قدير، بيده جل وعلا الدواء والداء، وكل شيء بقضائه وقدره سبحانه، وقد صح عن رسول الله ? أنه قال: ((ما أنزل داء إلا وأنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله)) [246] وهذا فضل منه سبحانه وتعالى. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل[247].
هل يجوز الكشف على النساء للقراءة عند الضرورة(4/72)
سؤال: كما تعلمون فإن كثيراً من الناس يعانون من أمراض لا يجدون لها علاجاً طبياً، فيلجؤون إلى كتاب الله، وإلى أهل العلم، وبعض حملة كتاب الله من أهل التقوى والصلاح ليرقوهم بالرقى الشرعية لعلاجهم، وقد يكون مكان الوجع للنساء في رؤوسهن أو صدورهن أو أيديهن أو أرجلهن فهل يجوز كشف هذه الأماكن للقراءة عليها عند الضرورة، وما هي حدود الكشف للمرأة عند القراءة.
الجواب: يسن تعلم الرقية الشرعية، رجاء نفع المسلمين، وعلاج هذه الأمراض المستعصية، ولأن كتاب الله هو الشفاء النافع المفيد، ولكن لا يجوز للرجل الأجنبي أن يمس شيئاً من جسد المرأة عند الرقية، ولا يجوز لها إبداء شيء من بشرتها كالصدر والعنق ونحوهما، بل يقرأ عليها ولو كانت محتجبة، وذلك يفيد حيث كان، ويسن أن تتعلم الأخوات القارئات الرقية، رجاء أن يعالجن بها النساء المحتشمات، والله أعلم[248].
طرق إبطال السحر الشرعية
سؤال: كيف يمكن ابطال السحر بالقرآن والسنة والأذكار والأدعية؟
الجواب: يختار من هو من أفضل القراء وأتقاهم، وأشدهم تمسكاً بالسنة، وعملاً بالشريعة، وبعداً عن المحرمات والمعاصي، فإن قراءته تؤثر بإذن الله في إبطال الأعمال السحرية، كما أنه لابد أن يكون المقروء عليه من أهل التقوى والخير والصلاح والاستقامة، قال تعالى: [ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا][249]كما أنه لابد من اعتقاد أن القرآن هو الشفاء والعلاج النافع، ولا يجعل القراءة تجربة، بل يجزم بأنه يزيل المرض بإذن الله تعالى، ثم إن القارىء يستحضر الآيات التي خصت بقراءتها على المريض، ويكررها، ثم إن المسلم عليه أن يتحصن دائماً بالأدعية النبوية والأوراد المأثورة من الكتاب والسنة، ويحافظ على أذكار الصباح والمساء فبذلك يحفظه الله من كيد الكائدين، والله أعلم[250] [251].
كيف ينجو المؤمن من السحر فلا يضره(4/73)
سؤال: ما العلاج لمن به صرف أو عطف أو سحر؟ وكيف يكن للمؤمن أن ينجو من ذلك ولا يضره فعله؟ وهل هناك أدعية أو ذكر من القرآن والسنة لذلك الشيء؟
الجواب: هناك أنواع من العلاج:
أولاً: ينظر فيما فعله الساحر إذا عرف أنه مثلاً جعل شيئاً من الشعر في مكان، أو جمله في أمشاط، أو في غير ذلك، إذا عرف أنه وضعه في المكان الفلاني أزيل هذا الشيء وأحرق وأتلف فيبطل مفعوله ويزول ما أراده الساحر.
ثانياً: أن يلزم الساحر إذا عُرف أن يزيل ما فعل، فيقال له: إما أن تزيل ما فعلت أو تضرب عنقك، ثم إذا أزال ذلك الشيء يقتله ولي الأمر، لأن الساحر يقتل على الصحيح بدون استتابة، كما فعل ذلك عمر رضي الله تعالى عنه، وقد روي عن الرسول ? أنه قال: ((حد الساحر ضربة بالسيف)) [252] ولما علمت حفصة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أن جارية لها تتعاطى السحر قتلتها.
ثالثاً: القراءة، فإن لها أثراً عظيماً في إزالة السحر: وهو أن يقرأ على المسحور أو في إناء آية الكرسي وآيات السحر التي في سورة الأعراف، وفي سورة يونس وفي سورة طه، ومعها سورة الكافرون، وسورة الإخلاص، والمعوذتين، ويدعو له بالشفاء والعافية، ولا سيما بالدعاء الثابت عن النبي ? وهو: ((اللهم رب الناس، أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً)) [253]، ومن ذلك ما رقى به جبرائيل النبي ? وهو: ((بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك)) [254]، ويكرر هذه الرقية ثلاثاً، ويكرر قراءة: [ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ] , و(المعوذتين) ثلاثاً، ومن ذلك أن يقرأ ما ذكرناه في ماء ويشرب منه المسحور، ويغتسل بباقيه مرة أو أكثر حسب الحاجة، فإنه يزول بإذن الله تعالى، وقد ذكر هذا العلماء رحمهم الله، كما ذكر ذلك الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في كتاب: (فتح المجيد شرح كتاب التوحيد) في باب (ما جاء في النشرة) وذكره غيره.(4/74)
رابعاً: أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر ويدقها ويجعلها في ماء ويقرأ فيه ما تقدم من الآيات والسور السابقة والدعوات فيشرب منه ويغتسل، كما أن ذلك ينفع في علاج الرجل إذا حبس عن زوجته فتوضع السبع الورقات من السدر الأخضر في ماء فيقرأ فيه ما سبق ثم يشرب منه ويغتسل، فإنه نافع بإذن الله جل وعلا.
والآيات التي تقرأ في الماء وورق السدر الأخضر بالنسبة للمسحورين، ومن حبس عن زوجته ولم يجامعها هي كما يلي:
قراءة الفاتحة.
قراءة آية الكرسي من سورة البقرة، وهي قوله تعالى: [ اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ] [255].(4/75)
قراءة آيات الأعراف، وهي قوله تعالى: [ قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ* فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ* وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ* قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ* يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ* قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ* يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ* وَجَاء السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالْواْ إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ* قَالَ نَعَمْ وَإَنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ* قَالُواْ يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ* قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ* وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ* فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ* فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ* وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ* قَالُواْ آمَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ* رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ] [256].
قراءة آيات في سورة يونس، وهي قوله تعالى: [ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ* فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ* فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ* وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ] [257].(4/76)
قراءة آيات في سورة طه، وهي قوله عز وجل: [ قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى* قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى* فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى* قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى* وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ] [258].
قراءة سورة الكافرون.
قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين: وهما سورة الفلق والناس (ثلاث مرات).
قراءة بعض الأدعية الشرعية مثل: ((اللهم رب الناس، أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً)) [259](ثلاث مرات) فهذا طيب، وإذا قرأ مع ذلك ((باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك)) [260] (ثلاث مرات) فهذا طيب. وإن قرأ ما سبق على المسحور مباشرة ونفث على رأسه أو على صدره فهذا من أسباب الشفاء بإذن الله أيضاً كما تقدم[261].
---
[1] أخرجه البخاري رقم (5675)، كتاب المرضى، ومسلم رقم (2191)، كتاب السلام.
[2] أخرجه مسلم رقم (2202)، كتاب السلام.
[3] سورة فصلت الآية: 44.
[4] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[5] سورة فصلت الآية: 44.
[6] سورة يونس الآية: 57.
[7] سورة الإسراء الآية: 82.
[8] أخرجه البخاري رقم (5736)، كتاب الطب، ومسلم رقم (2201)، كتاب السلام.
[9] أخرجه النسائي (8/251) رقم (5429، 5430، 5431)، كتاب الاستعاذة.
[10] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[11] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[12] خرجه الطبراني في الأوسط كما في مجمع البحرين رقم (5026).
[13] أخرجه مسلم رقم (1015)، كتاب الزكاة.
[14] سورة الإسراء الآية: 82.
[15] سورة فصلت الآية: 44.(4/77)
[16] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[17] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[18] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[19] سورة الإسراء الآية: 82.
[20] أخرجه البخاري رقم (5736)، كتاب الطب، ومسلم رقم (2201)، كتاب السلام.
[21] أخرجه الدارمي رقم (3370)، كتاب فضائل القرآن، وعزاه صاحب المشكاة للبيهقي في (( شعب الإيمان )).
[22] يشير إلى حديث أبي هريرة وفيه: (( قال له الجنيحتى تختمعلمك كلمات ينفعك الله بها، قال أبو هريرة: وما هي ؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي آية حتى تختم الآية، فإنك لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح )). أخرجه البخاري رقم (2311)، كتاب الوكالة.
[23] أخرجه البخاري رقم (5017)، كتاب فضائل القرآن.
[24] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[25] أخرجه البخاري رقم (2621)، كتاب الهبة، ومسلم رقم (1622) [17]، كتاب الهبات.
[26] أخرجه البخاري رقم (2622)، كتاب الهبة.
[27] سورة النساء الآية: 54.
[28] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[29] أخرجه الترمذي رقم (2165)، كتاب الفتن، وأحمد في المسند (1/18، 26 )، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني، وهو في صحيح الجامع رقم (2546).
[30] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[31] سورة الإسراء الآية: 82.
[32] سورة فصلت الآية: 44.
[33] قلبة، أي ألم يتقلب على الف(5749)،ل: أصله من القُلاب بضم القاف، وهو داء يأخذ البعير، فيمسك على قلبه فيموت من يومه، انتهى من الفتح (10/221).والحديث أخرجه البخاري رقم (5749)، كتاب الطب، ومسلم رقم (2201)، كتاب السلام.
[34] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[35] أخرجه البخاري رقم (5748)، كتاب الطب.
[36] أخرجه البخاري رقم (5749)، كتاب الطب، ومسلم رقم (2201)، كتاب السلام.(4/78)
[37] أخرجه الترمذي رقم (2058)، كتاب الطب وابن ماجه رقم (3511)، كتاب الطب، وقال الترمذي: حسن غريب.
[38] أخرجه مسلم رقم (2186)، كتاب السلام.
[39] أخرجه البخاري رقم (5675)، كتاب المرضى، ومسلم رقم (2191)، كتاب السلام.
[40] خرجه مسلم رقم (2708)، كتاب الذكر والدعاء، عن خولة بنت حكيم السلمية رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله e يقول: (( من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك )).
[41] أخرجه البخاري رقم (3371)، كتاب أحاديث الأنبياء، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي e يعوذ الحسن والحسين ويقول: (( إن أباكما كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق، أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة)).
[42] أخرجه مسلم رقم (2202)، كتاب السلام.
[43] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[44] أخرجه البخاري رقم (5749)، كتاب الطب، ومسلم رقم (2201)، كتاب السلام.
[45] أخرجه البخاري رقم (5737)، كتاب الطب.
[46] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[47] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[48] عبد الله الجبرين: الكنز الثمين، ص 194.
[49] أخرجه البخاري رقم (5678)، كتاب الطب، دون قوله: (( علمه من علمه وجهله من جهله )) وأخرجه بهذه الزيادة كما قال الحافظ في الفتح (10/141): النسائي، وابن ماجه، وصححه ابن حبان والحاكم.
[50] عبد الله الجبرين: الكنز الثمين، ص 209.
[51] عبد الله الجبرين: الكنز الثمين، ج1 ص 195.
[52] عبد الله الجبرين: الكنز الثمين، ج1 ص 212.
[53] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[54] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[55] سورة الفاتحة الآية: 2.
[56] أخرجه البخاري رقم (5749)، كتاب الطب، ومسلم رقم (2201)، كتاب السلام.
[57] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.(4/79)
[58] أخرجه أبو داود رقم (3883)، كتاب الطب، وأحمد في المسند (1/381)، وصححه الألباني، وهو في صحيح الجامع رقم (1632)، والسلسلة الصحيحة رقم (331).
[59] أخرجه مسلم رقم (2200)، كتاب السلام.
[60] أخرجه مسلم رقم (2199)، كتاب السلام.
[61] سورة فصلت الآية: 44.
[62] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[63] أخرجه مسلم رقم (2200)، كتاب السلام.
[64] سورة غافر الآية: 60.
[65] سورة الأعراف الآية: 55.
[66] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[67] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[68] عبد الله الجبرين: الكنز الثمين، ج1 ص 213، 214.
[69] أخرجه البخاري رقم (5752)، كتاب الطب، ومسلم رقم (220)، كتاب الإيمان.
[70] هذا اللفظ في رواية مسلم.
[71] أخرجه مسلم رقم (2199)، كتاب السلام.
[72] عبد الله الجبرين: الكنز الثمين، ج1 ص 192 – 194.
[73] عبد الله الجبرين: الكنز الثمين، ج1 ص 207 – 208.
[74] سورة الزمر الآية: 10.
[75] عبد الله الجبرين: الكنز الثمين، ج1 ص 210 – 211.
[76] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[77] أخرجه مسلم رقم (2200)، كتاب السلام.
[78] سورة الأعراف الآية: 180.
[79] أخرجه البخاري رقم (5675)، كتاب المرضى، ومسلم رقم (2191)، كتاب السلام.
[80] مجلة البحوث الإسلامية عدد 27، ص 63، 64، اللجنة الدائمة.
[81] سورة يونس الآية: 57.
[82] سورة الزمر الآية: 23.
[83] سورة ق الآية: 37.
[84] سورة العنكبوت الآيات: 50، 51.
[85] سورة يوسف الآية: 1.
[86] سورة يونس الآية: 1.
[87] أخرجه مسلم رقم (2200)، كتاب السلام.
[88] سورة الفاتحة الآية: 2.
[89] أخرجه البخاري رقم (5749)، كتاب الطب، ومسلم رقم (2201)، كتاب السلام.
[90] أخرجه البخاري رقم (5017)، كتاب الطب فضائل القرآن.
[91] أخرجه البخاري رقم (5675)، كتاب المرضى، ومسلم رقم (2191)، كتاب السلام.
[92] سورة المائدة الآية: 67.(4/80)
[93] أخرجه أحمد في المسند (4/154).
[94] أخرجه أحمد في المسند (4/156).
[95] أخرجه أبو داود رقم (3883)، كتاب الطب، وأحمد في المسند (1/381)، وهو في صحيح الجامع رقم (1632).
[96] فتاوى اللجنة الدائمة: ج1 ص 197 – 210.
[97] تقدم تخريجه ص 52.
[98] مجلة البحوث الإسلامية عدد 27، ص 57، 58، اللجنة الدائمة.
[99] تقدم تخريجه ص 52.
[100] تقدم تخريجه ص 52.
[101] تقدم تخريجه ص 44.
[102] تقدم تخريجه ص 41.
[103] مجلة البحوث الإسلامية عدد 20، ص 176، اللجنة الدائمة.
[104] سورة الفاتحة الآيات: 2 – 7.
[105] تقدم تخريجه ص 53، وهو حديث صحيح.
[106] فتاوى اللجنة الدائمة ج1 ص 168 – 170.
[107] أخرجه أحمد في المسند (3/357، 372 )، وابن ماجه رقم (3062)، كتاب المناسك، وصححه السيوطي والألباني وهو في الإرواء رقم (1123).
[108] أخرجه البخاري رقم (1635)، كتاب الحج.
[109] أخرجه الدار قطني (2/289)، رقم (238)، والحاكم في المستدرك (1/473).وقوله: وهي هزمة جبريل: أي ضربها برجله فنبع الماء، والهزمة النقرة في الصدر، وهزمت البئر إذا حفرتها.
[110] أخرجه الترمذي رقم (963)، كتاب الحج، وقال الترمذي: حسن غريب.
[111] أخرجه مسلم رقم (2473)، كتاب فضائل الصحابة.
[112] الطيالسي وليس صاحب السنن.
[113] أخرجه أبو داود الطيالسي في المسند، ص 81، رقم (457).
[114] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 17 – 19.
[115] تقدم تخريجه ص 61.
[116] أخرجه البخاري رقم (6345، 6346)، كتاب الدعوات، ومسلم رقم (2730)، كتاب الذكر والدعاء.
[117] تقدم تخريجه ص 52.
[118] تقدم تخريجه ص 61.
[119] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 25 – 27.
[120] سورة الإسراء الآية: 82.(4/81)
[121] أخرجه ابن ماجه رقم (3452)، كتاب الطب، والحاكم في المستدرك (4/200، 403).
[122] خرجه ابن ماجه رقم (3501)، كتاب الطب.
[123] أخرجه ابن السني في (( اليوم والليلة )) رقم (619).
[124] سورة الأحقاف الآية: 35.
[125] سورة النازعات الآية: 46.
[126] سورة يوسف الآية: 111.
[127] سورة الأحقاف الآية: 35.
[128] سورة النازعات الآية: 46.
[129] مجلة البحوث الإسلامية عدد 27، ص 51 – 52، والفتوى للجنة الدائمة.
[130] أخرجه مسلم رقم (2230)، كتاب السلام.
[131] أخرجه الترمذي رقم (135)، كتاب الطهارة، وابن ماجه رقم (639)، كتاب الطهارة، وأحمد في المسند (2/408، 476).
[132] مجلة البحوث الإسلامية عدد رقم 26 ص 118، 119، والفتوى للّجنة الدائمة.
[133] تقدم تخريجه ص 53، وهو حديث صحيح.
[134] فتاوى اللجنة الدائمة ج1 ص 205، 206.
[135] أخرجه البخاري رقم (5735)، كتاب الطب، ومسلم رقم (2192) [ 50، 51 ]، كتاب السلام.
[136] تقدم تخريجه ص 52.
[137] مجلة البحوث الإسلامية عدد 27 ص 52، 53، والفتوى للجنة الدائمة.
[138] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 72، والفتوى للجنة الدائمة.
[139] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 30، والفتوى للجنة الدائمة.
[140] مجلة البحوث الإسلامية عدد 27 ص 80، والفتوى للجنة الدائمة.
[141] مجلة البحوث الإسلامية عدد 27 ص 65 - 66، والفتوى للجنة الدائمة.
[142] تقدم تخريجه ص 52.
[143] مجلة البحوث الإسلامية عدد 27 ص 62، والفتوى للجنة الدائمة.
[144] مجلة البحوث الإسلامية عدد 26 ص 122 - 123، والفتوى للجنة الدائمة.
[145] تقدم تخريجه ص 110.
[146] تقدم تخريجه ص 30.
[147] مجلة البحوث الإسلامية عدد 26 ص 122، والفتوى للجنة الدائمة.(4/82)
[148] مجلة البحوث الإسلامية عدد 20 ص 182، 183، والفتوى للجنة الدائمة.
[149] تقدم تخريجه ص 51، وهو في صحيح مسلم.
[150] فتاوى اللجنة الدائمة ج1 ص 207.
[151] تقدم تخريجه ص 44، وهو في صحيح مسلم.
[152] أخرجه البخاري رقم (2697)، كتاب الصلح، ومسلم رقم (1718)، كتاب الأقضية.
[153] مجلة البحوث الإسلامية عدد 27 ص 58، والفتوى للجنة الدائمة.
[154] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة ص 69، والفتوى للشيخ ابن باز.
[155] سورة البقرة الآيات: 155 – 157.
[156] سورة التغابن الآية: 11.
[157] أخرجه الترمذي رقم (2896)، كتاب الزهد، وقال: حسن غريب، وابن ماجه رقم (4031)، كتاب الفتن، وحسنه الألباني وهو في صحيح الجامع رقم (2110).
[158] سورة فصلت الآية: 44.
[159] تقدم تخريجه ص 29.
[160] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز، ج4 ص 389.
[161] أخرجه أبو داود رقم (3892)، كتاب الطب.
[162] أخرجه مسلم رقم (2186)، كتاب السلام.
[163] أخرجه مسلم رقم (2202)، كتاب السلام.
[164] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 11، 12، والفتوى للشيخ محمد بن عثيمين.
[165] سورة الأعراف الآيات: 117 – 122.
[166] سورة يونس الآيات: 79 – 82.
[167] سورة طه الآيات: 65 – 69.
[168] علاج الأمراض بالقرآن والسنة، ص 24 – 26، ابن باز.
[169] تقدم تخريجه ص 67.
[170] تقدم تخريجه ص 67.
[171] أخرجه أبو داود رقم (3868)، كتاب الطب، بإسناد صحيح.
[172] تقدم تخريجه ص 51.
[173] أخرجه أبو داود رقم (3874)، كتاب الطب.
[174] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 31 – 33، والفتوى للشيخ عبد العزيز بن باز.
[175] سورة الفاتحة الآية: 5.
[176] سورة الجن الآية: 18.(4/83)
[177] أخرجه الترمذي رقم (2516)، كتاب صفة القيامة، وأحمد في المسند (1/293، 303، 307)، وقال الترمذي: حسن صحيح.
[178] خرجه مسلم رقم (1631)، كتاب الوصية.
[179] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، ابن باز ج1 ص 213 – 215.
[180] أخرجه أحمد في المسند ( 1/391، 452).
[181] تقدم تخريجه ص 52.
[182] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة ص 22 – 24، والفتوى للشيخ محمد بن عثيمين.
[183] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، ص 9 – 10، والفتوى للشيخ محمد بن عثيمين.
[184] فتوى للشيخ محمد بن عثيمين عليها توقيعه.
[185] فتوى للشيخ محمد بن عثيمين عليها توقيعه.
[186] ابن عثيمين: المجموع الثمين، ج2 ص 243.
[187] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة ص 15، والفتوى للشيخ محمد بن عثيمين.
[188] أخرجه البخاري رقم (5753)، كتاب الطب، ومسلم رقم (2225)، كتاب السلام.
[189] المجموع الثمين من فتاوى الشيخ ابن عثيمين: ج1 ص 70، 71.
[190] مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين، ج1 ص 108، 109.
[191] المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان، ج1 ص 54 – 56.
[192] المنتقى من فتاوى الشيخ صالح بن فوزان، ج1 ص 72.
[193] حديث سحر النبي r أخرجه البخاري رقم (6391)، كتاب الدعاء وأخرجه أيضاً في كتاب الطب وبدء الخلق والأدب، ومسلم رقم (2189)، كتاب السلام.
[194] المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان، ج2 ص 58.
[195] تقدم تخريجه ص 30.
[196] كتاب الدعوة، الفتاوى للشيخ صالح الفوزان، ج1 ص 65.
[197] نور على الدرب، فتاوى الشيخ صالح الفوزان، ج3 ص 29، 30.
[198] أخرجه البخاري رقم (5747)، كتاب الطب، ومسلم رقم (2261)، كتاب الرؤيا.
[199] تقدم تخريجه ص 25.
[200] تقدم تخريجه ص 52.(4/84)
[201] أخرجه البخاري رقم (5745)، كتاب الطب، ومسلم رقم (2194)، كتاب السلام.
[202] فتاوى المرأة المسلمة – محمد بن إبراهيم آل الشيخ – ج1 ص 158، 159.
[203] أخرجه ابن السني في اليوم والليلة رقم (619).
[204] فتاوى المرأة المسلمة، للشيخ محمد بن إبراهيم، ج1 ص 169.
[205] دروس وفتاوى في الحرم المكي، ابن عثيمين، ص 423.
[206] أخرجه مسلم رقم (2186)، كتاب السلام.
[207] أخرجه البخاري رقم (5675)، كتاب المرضى، ومسلم رقم (2191)، كتاب السلام.
[208] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، ج8 ص94.
[209] انظر: مجموع الفتاوى، ابن تيمية (19/64، 65).
[210] انظر: زاد المعاد، ابن القيم (4/170، 171).
[211] أخرجه البخاري رقم (5749)، كتاب الطب، ومسلم رقم (2201)، كتاب السلام.
[212] المنتقى من فتاوى الفوزان، ج2 ص 145.
[213] المنتقى من فتاوى الفوزان، ج2 ص 148.
[214] سورة الناس الآيات: 1 – 6.
[215] فتاوى نور على الدرب، ج3، ص 33.
[216] سورة البقرة الآية: 255.
[217] أخرجه البخاري في الوكالة، باب (إذا وكل رجلاً)، وفي كتاب بدء الخلق برقم (3033).
[218] أخرجه مسلم رقم (2708)، كتاب الذكر والدعاء.
[219] أخرجه الترمذي رقم (3388)، كتاب الدعوات، وابن ماجه رقم (3869)، كتاب الدعاء.
[220] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، ابن باز، ج9، ص 411.
[221] سورة يونس الآية: 18.
[222] سورة الزمر الآية: 3.
[223] المنتقى من فتاوى الفوزان، ج2، ص 39.
[224] أخرجه مسلم، رقم (2200)، كتاب السلام.
[225] أخرجه ابن ماجه رقم (3531)، كتاب الطب، وأحمد في المسند (4/445) وحسنه البوصيري في الزوائد.
[226] تم تخريجه ص 53.
[227] تم تخريجه ص 53.
[228] أخرجه أبو داود، رقم (3883) كتاب الطب، وأحمد في المسند (1/381).
[229] فتاوى معاصرة، الجهني، ص 12.
[230] نشرة في مجلة الدعوة، العدد (1497) تاريخ 1/2/1416هـ.
[231] سورة فصلت الآية: 44.
[232] سورة الإسراء الآية: 82.(4/85)
[233] مجموع مقالات وفتاوى متنوعة، ج8 ص 364.
[234] مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز، ج2 ص 924.
[235] سبق تخريجه ص 116.
[236] مجموع فتاوى ابن باز، ج2 ص 687.
[237] سورة الكافرون الآية: 1.
[238] سورة البقرة الآية: 102.
[239] سورة البقرة الآية: 102.
[240] سورة الأعراف الآيات 117 – 119.
[241] سورة يونس الآيات 79 - 82.
[242] سورة طه الآيات 65 - 69.
[243] تقدم تخريجه ص 110.
[244] تقدم تخريجه ص 110.
[245] تقدم تخريجه ص 29.
[246] تقدم تخريجه ص 33.
[247] مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز، ج2 ص 688.
[248] اللؤلؤ المكين من فتاوى ابن جبرين، ص 22.
[249] سورة الإسراء الآية 82.
[250] انظر للفائدة فوائد الذكر في الوابل الصيب لابن القيم رحمه الله تعالى.
[251] اللؤلؤ المكين من فتاوى ابن جبرين، ص 10.
[252] أخرجه الترمذي، رقم (1460)، كتاب الحدود.
[253] تقدم تخريجه ص 110.
[254] تقدم تخريجه ص 110.
[255] سورة البقرة الآية: 255.
[256] سورة الأعراف، الآيات 106 – 122.
[257] سورة يونس، الآيات 79 – 82.
[258] سورة طه، الآيات 65 – 69.
[259] تقدم تخريجه ص 110.
[260] تقدم تخريجه ص 110.
[261] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، ج8 ص 144.(4/86)
إهداء
تقديم
مقدمة
فتاوى في الرقى
فتاوى في العين والحسد
فتاوى في إتيان السحرة والمشعوذين
فتاوى في الجن
فتاوى في التمائم
فتاوى في العين والحسد
حكم استخدام رقية العين في السيارة
حكم طلب غسول العائن والتوجيه لمن يطلب منه ذلك
أسباب الإصابة بالسحر والعين
الإصابة بالعين دون قصد
حب التميز عن الغير في الملبس وعلاقته بالحسد
الاحتياط من العين وعلاقة ذلك بالتوكل
الكافر كغيره يصيب بالعين
من الناس من يقدر أن يصيب من أراد بالعين ومتى أرادوا
هل العين تؤثر في المعاين وهل هذا يخالف القرآن
كيفية العلاج من العين وهل التحرز منها يخالف التوكل
من يموت بسبب العين ليس له زيادة فضل
حكم من يرمي قطعة أكل إذا نظر إليه أحد حال أكله
حقيقة العين
حكم التبخر بالشب والأعشاب من إصابة العين
حكم الغيرة من الغير
الفرق بين السحر والعين وما العلاج للعاين والمعيون
علاج الحسد وكيفية الوقاية منه شرعًا
كيفية تلافي الحسد ودرئه عن النفس والأهل
هل الجن تصيب الإنس بالعين؟
حكم النقر على الخشب خوفاً من عين الحاسد بقوله: (دق الخشب)
الدواء الشرعي للحاسد والمحسود
حكم استخدام رقية العين في السيارة
سؤال: أخبرنا أحد القراء أن أحد الأشخاص عاين سيارته فطلب القارئ من العائن أن يتوضأ وبعد ذلك قام هو بأخذ هذا الماء ووضعه في رديتير السيارة فتحركت السيارة وكأنها لم يكن بها شيء.
فما حكم عمله هذا؟ وذلك لأن الذي أعرفه في السنة هو أخذ غسول العائن في حالة إصابته لشخص آخر.
الجواب: لا بأس بذلك فإن العين كما تصيب الحيوان فقد تصيب المصانع والدور والأشجار والصنيعات والسيارات والوحوش ونحوها.(5/1)
وعلاج الإصابة أن يتوضأ العائن أو يغتسل ويصب ماء وضوئه أو غسله أو غسل أحد أعضائه على الدابة ومثلها على السيارة ونحوها ووضعه في الرديتير مفيد بإذن الله فهذا علاج مثل هذه الإصابة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((وإذا استغسلتم فاغسلوا))[1]، والقصص والوقائع في ذلك مشهورة، والله أعلم[2].
حكم طلب غسول العائن والتوجيه لمن يطلب منه ذلك
سؤال: جاء في الحديث الذي رواه مسلم ((العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقت العين وإذا استغسلتم فاغسلوا)) فهل معنى هذا أنه لا حرج في طلب غسول العائن لما ورد في الحديث وما هي نصيحتكم لمن يطلب منه ذلك حيث إن البعض يغضب إذا طُلب منه ذلك؟
الجواب: إذا عرف العائن وتحقق أنه هو الذي أصاب المعين فإنه يطلب منه غسل يديه أو شيء من بدنه ليصب على المعين أو يشرب منه وهكذا إذا عرف العائن نفسه أنه يصيب من عانه فعليه أن يبرك على المعين بقوله: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وعليه بعد الإصابة بالعين أن ينفث عليه أو يغسل بعض جسده ويصبه عليه.
ولا يجوز له الامتناع عن الغسل إذا طلب منه ذلك سواء كان متهمًا لكلمة قالها أو متيقنًا أن نفسه الذي أصاب المعين.
ولا يجوز أن يغضب من ذلك ولو عرف من نفسه أنه لا يعين فإن العين قد تسبق صاحبها وكثيرًا ما تقع الإصابة بدون إرادة العائن حتى قد يصيب بعض أولاده أو بعض ماله ثم يندم على كلمة صدرت منه، والله أعلم[3].
أسباب الإصابة بالسحر والعين
سؤال: ما هي أسباب الإصابة بالسحر والعين والمس؟
الجواب: اعلم أن عمل السحر محرم وكفر بالله تعالى لأن الساحر يستعين بالشياطين ويتقرب إلى الجن حتى يساعدوه في الإصابة بالسحر ومنه الصرف والعطف، فالساحر إذا أراد إضرار إنسان من رجل أو امرأة دعا شياطينه والمردة الذين يطيعونه وذبح لهم أو خدمهم وطلب منهم أن يلابسوا فلانًا أو فلانة فيحصل المس بإذن الله تعالى.(5/2)
وعلاج ذلك أولاً التحصن بذكر الله وعبادته وطاعته والبعد عن المعاصي وعن مخالطة أهلها والإكثار من قراءة القرآن وتدبره وقراءة الأوراد والأدعية والأذكار فمع ذلك يحفظ الله تعالى عبده عن الإصابة بالمس والسحر.
أما العين فهي أن بعض الناس يعرف بالحسد والحقد على الناس فمتى رأى منهم ما يغبطون به وجه إليهم قلبه وحاول أن يتكلم بكلام حاد فيتوجه من نظره مواد سامة تؤثر في المعين بإذن الله.
وعلاج ذلك الحرص على البعد عن هؤلاء المعروفين بالحسد وعلى عدم إظهار الزينة قدامهم ونصحهم عن الإضرار بالناس بغير حق وطلبهم التبريك على المسلم وقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله ونحو ذلك[4].
الإصابة بالعين دون قصد
سؤال: هل صحيح أن الإنسان ممكن أن يعاين دون قصد منه وما علاج ذلك؟
الجواب: العين حق كما ورد في الحديث وذلك أن العائن يعجبه الشيء الذي يراه من إنسان أو حيوان أو متاع فتتمثل نفسه الشريرة الحاسدة بشيء من الضرر فتنطلق منها ذرات سامة تؤثر في المعين بإذن الله الكوني لا الشرعي.
وقد تحصل منه الإصابة دون قصد فقد يعين ولده أو زوجته أو دابته ونحو ذلك.
وعلاج ذلك هو التبريك عليه بأن يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله وكذا أن يغسل شيئًا من جسده ويصب على المعين، والله أعلم[5].
حب التميز عن الغير في الملبس وعلاقته بالحسد
سؤال: وسئل فضيلة الشيخ: عن امرأة تحب أن تكون متميزة عن غيرها في لباسها، ولا تريد أحدًا مثلها؛ بل ولا تريد أحدًا أفضل منها، ولكنها لا تتمنى زوال نعمة أحد من الناس؛ فهل هذا حسد أم كبر؟ علمًا بأنها تكره هاتين الصفتين، الحسد والكبر؟
الجواب: لا ندري ماذا يقوم بقلب هذه المرأة مما يجعلها على هذه الصفات. فإن كان ذلك حسدًا فهو محرم.(5/3)
وإن كان تكبرًا أو استنكافًا عن مشاركة الغير في ذلك الوصف؛ فهو محرم أيضًا، ولكن الكبر المذموم هو بطر الحق وغمط الناس، أي: احتقارهم، وليس من الكبر من يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا، فإن الله جميل يحب الجمال.
وإن كان فعلها هذا حبًا للتميز والشهرة، بسمة خاصة، فينظر إلى سبب ذلك، ويمكن أن يكون هذا من الأخلاق التي تتمكن من قلوب بعض الناس دون أن يكون لها دوافع ممنوعة، والله أعلم[6].
الاحتياط من العين وعلاقة ذلك بالتوكل
سؤال: هل للمسلم أن يحتاط من العين، مع ثبوتها في السنة؟ وهل يخالف ذلك التوكل على الله؟
الجواب: ورد في الحديث: ((أن العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا)) [7].
والعين هي: عين الإنسان التي تصيب الأشياء فتتلفها، ولا تفسد إلا بإذن الله، وبَقَدرِه.
أما كيفيتها: فالله أعلم بها، إلا أن بعض الناس تكون نفسه شريرة، وتنبعث منها عند تسممها مواد سامة ضارة، تصل إلى ذلك المعين، فتحدث فيه أحداث بإذن الله كأن يتألم ونحو ذلك.
ولك أن تحتاط، ولك أن تبذل الأسباب التي تقيك من شره.
ومن هذه الأسباب: الاستعاذة: فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوذ الحسن والحسين[8]، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ من الجان، وعين الإنسان[9]، وكان جبريل عليه السلام يرقي النبي - صلى الله عليه وسلم - من العين فكان يقول: ((باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس، أو عين حاسد، الله يشفيك، باسم الله أرقيك))[10]. فعلى الإنسان أن يأتي بهذه الأدعية، والأسباب التي تقيه، مع معالجة ذلك إذا وقع، فإنه إذا اتهم إنسان بأنه أصابه بالعين، فيطلب منه أن يغسل له ثوبه أو نحو ذلك، لقوله في الحديث: ((وإذا استغسلتم فاغسلوا)) [11] [12].
الكافر كغيره يصيب بالعين
سؤال: هل صحيح أن الكافر لا يصيب المسلم بالعين - أي بالحسد-؟ وما هو الدليل؟(5/4)
الجواب: ليس بصحيح؛ بل الكافر كغيره قد يصيب بالعين[13].
من الناس من يقدر أن يصيب من أراد بالعين ومتى أرادوا
سؤال: سمعنا أن هناك بعض الأشخاص لهم قدرة الإصابة بالعين لمن أرادوا ومتى أرادوا فهل هذا صحيح؟
الجواب: لاشك أن العين حق كما هو الواقع وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين)) [14]، وفي حديث آخر: ((إن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر)) [15]، أي يحصل بها الموت أما حقيقتها فالله أعلم بذلك.
ولاشك أنها تكون في بعض الناس دون بعض، وأن العائن قد يتعمد الإصابة فيحصل الضرر، وقد لا يتعمد الإصابة فتقع منه بغير قصد ضرر، وهناك من يحاول الإصابة ولا يقدر عليها.
وقد أمر الله بالاستعاذة من العائن، فهو داخل في قوله تعالى: [ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ][16]، وبالاستعاذة من شره يحصل الحفظ والحماية، والله أعلم[17].
هل العين تؤثر في المعاين وهل هذا يخالف القرآن
سؤال: اختلف بعض الناس في العين فقال بعضهم: لا تؤثر لمخالفتها للقرآن الكريم. فما القول الحق في هذه المسألة؟
الجواب: القول الحق ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي: ((إن العين حق)) [18]، وهذا أمر قد شهد له الواقع ولا أعلم آيات تعارض هذا الحديث حتى يقول هؤلاء إنه يعارض القرآن الكريم بل إن الله سبحانه وتعالى قد جعل لكل شيء سببًا، حتى إن بعض المفسرين قالوا في قوله تعالى: [ وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ][19]، قالوا:إن المراد هنا العين.
ولكن على كل حال سواء كان هذا هو المراد بالآية أم غيره فإن العين ثابتة وهي حق لا ريب فيها والواقع يشهد لذلك منذ عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى اليوم.
ولكن من أصيب بالعين فماذا يصنع؟(5/5)
الجواب: يعامل بالقراءة وإذا علم عائنه فإنه يطلب منه أن يتوضأ ويؤخذ ما يتساقط من ماء وضوئه ثم يعطى للمعائن يصب على رأسه وعلى ظهره ويسقى منه وبهذا يشفى بإذن الله، وقد جرت العادة عندنا أنهم يأخذون من العائن ما يباشر جسمه من اللباس مثل الطاقية وما أشبه ذلك ويربصونها بالماء ثم يسقونها المصاب ورأينا ذلك يفيده حسبما تواتر عندنا من النقول فإذا كان هذا هو الواقع فلا بأس باستعماله لأن السبب إذا ثبت كونه سببًا شرعًا أو حسًا فإنه يعتبر صحيحًا، أما ما ليس بسبب شرعي ولا حسي فإنه لا يجوز اعتماده؛ مثل أولئك الذين يعتمدون على التمائم ونحوها يعلقونها على أنفسهم ليدفعوا بها العين فإن هذا لا أصل له سواء كانت هذه من القرآن الكريم أو من غير القرآن الكريم، وقد رخص بعض السلف في تعليق التمائم إذا كانت من القرآن الكريم ودعت الحاجة إليها[20].
كيفية العلاج من العين وهل التحرز منها يخالف التوكل
سؤال: هل العين تصيب الإنسان؟ وكيف تعالج؟ وهل التحرز منها ينافي التوكل؟
الجواب: رأينا في العين أنها حق ثابت شرعًا وحسًا قال الله تعالى: [ وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ ] [21]، قال ابن عباس وغيره في تفسيرها: أي يعينوك بأبصارهم، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقت العين وإذا استغسلتم فاغسلوا)) [22] رواه مسلم.(5/6)
ومن ذلك ما رواه النسائي وابن ماجه أن عامر بن ربيعة مر بسهل بن حنيف وهو يغتسل فقال: لم أر كاليوم ولا جلد مخبأة فما لبث أن لبط به، فأتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقيل له: أدرك سهلاً صريعًا، فقال: ((من تتهمون؟)) قالوا: عامر بن ربيعة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((علام يقتل أحدكم أخاه إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ثم دعا بماء فأمر عامرًا أن يتوضأ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين وركبتيه وداخلة إزاره وأمره أن يصب عليه، وفي لفظ: يكفأ الإناء من خلفه)) [23]، والواقع شاهد بذلك ولا يمكن إنكاره.
وفي حالة وقوعها تستعمل العلاجات الشرعية وهي:
القراءة: فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((لا رقية إلا من عين أو حمة)) [24]، وقد كان جبريل يرقي النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول: ((باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك باسم الله أرقيك)) [25].
الاستغسال: كما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - عامر بن ربيعة في الحديث السابق ثم يصب على المصاب.
أما الأخذ من فضلاته العائدة من بوله أو غائطه فليس له أصل، وكذلك الأخذ من أثره، وإنما الوارد ما سبق من غسل أعضائه وداخلة إزاره ولعل مثلها داخلة غترته وطاقيته وثوبه والله أعلم.
والتحرز من العين مقدمًا لا بأس به ولا ينافي التوكل بل هو التوكل لأن التوكل الاعتماد على الله سبحانه مع فعل الأسباب التي أباحها أو أمر بها وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوذ الحسن والحسين ويقول: ((أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ويقول: هكذا كان إبراهيم يعوذ إسحق وإسماعيل عليهما السلام)) [26] رواه البخاري[27].
من يموت بسبب العين ليس له زيادة فضل
سؤال: هل لمن يموت بسبب إصابته بعين فضل أو زيادة أجر؟(5/7)
الجواب: لا أعلم أنه له زيادة أجر أو فضل لأن هذا من الأمور التي يبتلي الله بها العبد، اللهم إلا أن يقال هذا يشبه من مات بغرق أو حرق، وعلى كل يرجى له الخير، أما الجزم في ذلك فلا نستطيع الجزم به[28].
حكم من يرمي قطعة أكل إذا نظر إليه أحد حال أكله
سؤال: بعض الناس عندما يرى مَنْ ينظر إليه وهو يأكل يرمي قطعة على الأرض خوفًا من العين، فما حُكم هذا العمل؟
الجواب: هذا اعتقاد فاسد، ومخالف لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط ما بها من الأذى وليأكلها)) [29] [30].
حقيقة العين
سؤال: ما حقيقة العين - النضل - قال تعالى: [ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ] [31]، وهل حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - صحيح والذي ما معناه قوله: ((ثلث ما في القبور من العين)) وإذا شك الإنسان في حسد أحدهم فماذا يجب على المسلم فعله وقوله وهل في أخذ غسال الناضل للمنضول ما يشفي وهل يشربه أويغتسل به؟
الجواب: العين مأخوذة من عان يعين إذا أصابه بعينه، وأصلها من إعجاب العائن بالشيء ثم تتبعه كيفية نفسه الخبيثة ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرها إلى المعين وقد أمر الله نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالاستعاذة من الحاسد فقال تعالى: [ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ] [32].
فكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائنًا فلما كان الحاسد أعم من العائن كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة، فإن صادفته مكشوفًا لا وقاية عليه أثرت فيه وإن صادفته حذرًا شاكي السلاح لا منفذ فيه للسهام لم تؤثر فيه وربما ردت السهام على صاحبها، ((من زاد المعاد بتصرف)).(5/8)
وقد ثبتت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الإصابة بالعين فمن ذلك ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرني أن أسترقي من العين)) [33]، وأخرج مسلم وأحمد والترمذي وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا)) [34]، وأخرج الإمام أحمد والترمذي وصححه عن أسماء بنت عميس أنها قالت: ((يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين، أفنسترقي لهم؟ قال: ((نعم، فلو كان شيء سابق القدر لسبقته العين))[35]، وروى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغسل منه المعين)) [36].
وأخرج الإمام أحمد ومالك والنسائي وابن حبان وصححه عن سهل بن حنيف: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج وسار معه نحو مكة حتى إذا كانوا بشعب الخرار من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف وكان رجلاً أبيض حسن الجسم والجلد فنظر إليه عامر بن ربيعة أحد بني عدي بن كعب وهو يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة، فلبط سهل.
فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقيل: يا رسول الله، هل لك في سهل والله ما يرفع رأسه، قال: ((هل تتهمون فيه من أحد؟)) قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامرًا فتغيظ عليه، وقال: ((علام يقتل أحدكم أخاه، هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت)).
ثم قال له: ((اغتسل له)) فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صب ذلك الماء عليه يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه ثم يكفأ القدح وراءه، ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس)) [37].(5/9)
فالجمهور من العلماء على إثبات الإصابة بالعين للأحاديث المذكورة وغيرها ولما هو مشاهد وواقع، وأما الحديث الذي ذكرته ((ثلث ما في القبور من العين)) فلا نعلم صحته ولكن ذكر صاحب نيل الأوطار أن البزار أخرج بسند حسن عن جابر رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس)) [38]؛ يعني بالعين.
ويجب على المسلم أن يحصن نفسه من الشياطين من مردة الجن والإنس بقوة الإيمان بالله واعتماده وتوكله عليه ولجئه وضراعته إليه، والتعوذات النبوية وكثرة قراءة المعوذتين وسورة الإخلاص وفاتحة الكتاب وآية الكرسي، ومن التعوذات: ((أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)) و((أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون)) وقوله تعالى: [ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ] [39]، ونحو ذلك من الأدعية الشرعية وهذا هو معنى كلام ابن القيم المذكور في أول الجواب.
وإذا علم أن إنسانًا أصابه بعينه أو شك في إصابته بعين أحد فإنه يؤمر العائن أن يغتسل لأخيه فيحضر له إناء به ماء فيدخل كفه فيه فيتمضمض ثم يمجه في القدح ويغسل وجهه في القدح ثم يدخل يده اليسرى فيصب على ركبته اليمنى في القدح ثم يدخل يده اليمنى فيصب على ركبته اليسرى ثم يغسل إزاره ثم يصب على رأس الذي تصيبه العين من خلفه صبة واحدة فيبرأ بإذن الله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[40].
حكم التبخر بالشب والأعشاب من إصابة العين
سؤال: هل يجوز التبخر بالشب أو الأعشاب أو الأوراق وذلك من إصابة بالعين؟
الجواب: لا يجوز علاج الإصابة بالعين بما ذكر؛ لأنها ليست من الأسباب العادية لعلاجها وقد يكون المقصود بهذا التبخر استرضاء شياطين الجن والاستعانة بهم على الشفاء.(5/10)
وإنما يعالج ذلك بالرقى الشرعية ونحوها مما ثبت في الأحاديث الصحيحة. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[41].
حكم الغيرة من الغير
سؤال: إذا كنت في بعض الأحيان أشعر بقسوة في قلبي وأحياناً أحس بداء مثل الشرك الخفي أو الغيرة من بعض الناس، فما هو العلاج خصوصًا وأنا أكثر من دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ((اللهم أعوذ بك من أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم)) [42]، ومن الدعاء لهؤلاء الذين أغير منهم أكفر عن خطئي تجاههم فهل هناك علاج آخر يشفيني من هذا الداء الخطير؟
الجواب: ينبغي لك الإكثار من ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن الكريم وعمل ما تستطيعين من نوافل العبادات ومجالسة أهل الدين والصلاح، مع إخلاص العمل لله جل وعلا والابتعاد بالعبادات عن مواطن الرياء ودفعه عند حصوله بابتغاء مرضاة الله والدار الآخرة.
وأما دفع الغيرة فيكون باعتقاد أن النعم جميعًا هبة من الله جل وعلا وأنه هو الذي قسمها على عباده قال تعالى: [ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ][43]، وأن يحب الإنسان لأخيه ما يحب لنفسه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) [44]، وأن يشغل نفسه عن الغيرة والحسد، بما ينفعه من الأقوال والأعمال الصالحة. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[45].
الفرق بين السحر والعين وما العلاج للعاين والمعيون
سؤال: ما الفرق بين السحر والعين وهل العين تقع في الدين ولها حكم؟ وما هو العلاج للطرفين العاين والمعيون إن كان ذلك صحيحًا؟(5/11)
الجواب: السحر في اللغة: عبارة عما خفي ولطف سببه. وفي الاصطلاح: السحر عزائم ورقى ومنه ما يؤثر في القلوب والأبدان فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه قال تعالى: [ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ ] [46].
وأما العين فهي مأخوذة من عان يعين إذا أصابه بعينه، والعين حق كما ورد في الحديث الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا)) [47]، وحكمها أنها محرمة كالسحر.
وأما العلاج للعائن فإذا رأى ما يعجبه فليذكر الله وليبرك كما جاء في الحديث ((هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت)) [48] فيقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله ويدعو للشخص بالبركة.
وأما المعيون فيحصن نفسه بالإيمان بالله والتوكل عليه وقراءة ورد من القرآن والأدعية المأثورة.
وإذا علم المعيون من أصابه بعينه فإنه يشرع له أن يطلب منه أن يغسل وجهه ويديه وداخلة إزاره في إناء ثم يغتسل المعين بذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((وإذا استغسلتم فاغسلوا)).
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[49].
علاج الحسد وكيفية الوقاية منه شرعًا
سؤال: ما علاج الحسد وكيفية الوقاية منه شرعًا...؟
الجواب: الحسد داء خطير ونقص عظيم وهو تمني زوال نعمة الله عمن أنعم عليه من خلقه وهو اعتراض على الله وهو من صفات اليهود والكفار قال تعالى: [ مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ ] [50]، وقال تعالى: [ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ] [51].(5/12)
وقال تعالى عن اليهود الذين حسدوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - : [ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ ][52].
وعلاج الحسد ليذهب عن الإنسان أن يستعيذ بالله منه ويسأله أن يعافيه منه ويكثر من ذكر الله عندما يرى ما يعجبه.
وأما علاجه بالنسبة للمحسود فهو أن يستعيذ بالله من شر الحاسد ويقرأ المعوذتين ويدعو الله سبحانه وتعالى ويتوكل عليه.
كيفية تلافي الحسد ودرئه عن النفس والأهل
سؤال: كيف يمكن للإنسان أن يتلافى الحسد ويدرأه عن نفسه وأهله؟
الجواب: الحسد هو تمني زوال النعمة عن المحسود، وهو صفة ذميمة لأنه من صفات إبليس ومن صفات اليهود ومن صفات شرار الخلق قديمًا وحديثًا؛ ولأنه اعتراض على الله في قدره وعدم رضا بقسمته.
ويدفع المسلم عن نفسه الاتصاف بالحسد بأن يرضى بقضاء الله وقدره وأن يحب لأخيه من الخير ما يحبه لنفسه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) [53]، ويدفع الاتصاف بالحسد عن نفسه أيضًا بالسعي في الأسباب التي تجلب له الخير وتدفع عنه الشر بحسن الظن بالله ورجاء ما عنده .
ويدفع عن نفسه وعن أهله شر حسد الحاسدين بالاستعاذة بالله من شرهم فقد أمر الله نبيه في سورة الفلق بالاستعاذة من شر حاسد إذا حسد.. وكذلك يدفع شر الحاسدين بالصدقة والبر والإحسان إلى الفقراء والمحتاجين خصوصًا عندما يحصل على مال وعنده من ينظر إليه أحد من المحتاجين فإنه يتصدق عليهم ويدفع تطلعهم ونظرهم إلى ما بيده، والله أعلم[54].
هل الجن تصيب الإنس بالعين؟
سؤال: هل صحيح أن الجن تصيب الإنس بالعين؟ وإذا كان كذلك فهل يصبح مسح الأرض والأماكن التي يشك أنها مكان لارتياد الجن بقطعة قماش والانتفاع منها بعد غسلها للتمسح بها عن العين؟ جزاكم الله خيراً.(5/13)
الجواب: بسم الله والحمد لله.. العين حق كما قال ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي تقع من الإنس والجن، والمشروع علاجها بالقرآن والدعوات الطيبة، وباستغسال من ظن أنه هو العائن لقوله النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((العين حق وإذا استغسلتم فاغسلوا)) [55] وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ((لا رقية إلا من عين أو حمة)) [56]، والحمة سم ذوات السموم كالحية والعقرب، أما مسح الأرض لأجل علاج العين، أو أخذ البول فلا يجوز[57].
حكم النقر على الخشب خوفاً من عين الحاسد بقوله: (دق الخشب)
سؤال: الأخ الذي رمز لاسمه بـ: أبي عمر – من دمشق يقول في رسالته: عند ذكر نعمة أنعم الله بها على أخ أو صديق يقوم البعض بالنقر على الخشب؛ تعبيراً عن الخوف من عين الحاسد، وبعضهم قد يطلب من الآخر النقر على الخشب بقوله: (دق الخشب)، فما حكم الشرع في هذا الفعل؟ أفتونا مأجورين إن شاء الله.
الجواب: هذا العمل منكر واعتقاد فاسد لا يجوز فعله.
وإنما المشروع عند حصول النعمة أو السلامة من ضدها شكر الله، والثناء عليه، وسؤاله سبحانه تمام النعمة والعون على شكرها كما قال عز وجل في كتابه العظيم: [ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ] [58]، وقال سبحانه: [ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ ] [59]. وفق الله الجميع. [60]
الدواء الشرعي للحاسد والمحسود
سؤال: عين الحاسد إذا أصابت شيئاً لأحد وأتلفته أو أضرت به، فهل عليه شيء، وإن لم يكن ذلك عن قصد منه أو حسد فعلاً، ولكن ذلك خارج عن إرادته؟ وهل هناك دواء شرعي لذلك للحاسد والمحسود يخفف من أثرها أو يقطع أثرها بالكلية؟
الجواب: العين حق كما في الحديث، وهذا من عجيب صنع الله سبحانه وتعالى أن يجعل في نظر بعض الأشخاص إصابة تضر بما تقع عليه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((العين حق)) [61].(5/14)
وهناك علاج شرعي للعائن وللمصابين، أما العائن فإذا كان يخشى ضرر عينه وإصابتها للمعين؛ فليدفع شرها بقوله: اللهم بارك عليه؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حنيف: ((ألا بَّركت؟)) أي: قلت: اللهم بارك عليه[62].
فإذا خشي العائن أن يضر المنظور؛ فإنه يقول: اللهم! بارك عليه. وكذلك يستحب له أن يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله؛ لأنه روي عن هشام بن عروة عن أبيه؛ أنه كان إذا رأى شيئاً يعجبه، أو دخل حائطاً من حيطانه؛ قال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
فإذا لازم العائن هذا الذكر؛ فإنه يدفع ضرره بإذن الله.
أما إذا تعمد إصابة الشخص؛ فإنه يأثم بذلك؛ لأنه يكون معتدياً بهذا، حتى إن الفقهاء رحمهم الله قالوا: إذا تعمد قتل شخص بعينه، وأقر بذلك يقتص منه؛ لأن هذا يعتبر من قتل العمد.
وأما نفس المصاب؛ فإنه يستعمل الرقية التي رقى بها جبريل النبي عليه الصلاة والسلام، وهي أن يقول: ((بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك ، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك)) [63]. يقول هذا الدعاء بنفسه أو يقوله أحد من إخوانه وينفث عليه، هذا مما تدفع به العين بإذن الله. والله أعلم.
وكذلك تعالج إصابة العين بالاستغسال؛ بأن يغتسل العائن بماء ويغسل داخلة سراويله، ثم تصب الغسالة على المصاب بالعين؛ كما أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك.[64] [65].
---
[1] أخرجه مسلم رقم (2188)، كتاب السلام.
[2] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين الجبرين، يعه.
[3] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[4] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[5] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[6] الكنز الثمين للشيخ عبد الله الجبرين، ج1 ص 231.
[7] أخرجه مسلم رقم (21(3371)، ب السلام.
[8] أخرجه البخاري رقم (3371)، كتاب أحاديث الأنبياء.(5/15)
[9] أخرجه الترمذي رقم (2058)، كتالجبرين، وابن ماجه رقم (3511)، كتاب الطب، وقال الترمذي: حسن غريب.
[10] تقدم تخريجه ص 29.
[11] تقدم تخريجه ص 137.
[12] الكنز الثمين للشيخ عبد الله الجبرين ، ج1 ص 232، 233.
[13] الكنز الثمين للشيخ الله الجبرين، ج1 ص 234.
[14] أخرجه مسلم رقم (2188)، كتاب السلام.
[15] أخرجه أبو نعيم في الحلية (7/90)، وهو في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (1249).
[16] سورة الفلق الآية: 5.
[17] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[18] تقدم تخريجه ص 143.
[19] سورة القلم الآية: 51.
[20] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ: ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 43، 44، والفتوى للشيخ محمد بن عثيمين.
[21] سورة القلم الآية: 51.
[22] تقدم تخريجه ص 143.
[23] أخرجه ابن ماجه رقم (3889)، كتاب الطب، ومالك في الموطأ (2/938، 939 )، وأحمد في المسند (3/486).
[24] أخرجه أبو داود رقم (3889) ، كتاب الطب.
[25] تقدم تخريجه ص 29.
[26] تقدم تخريجه ص 142.
[27] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ: ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 41، 42، والفتوى للشيخ محمد بن عثيمين.
[28] كتاب الدعوة، الفتاوى ، للشيخ ابن عثيمين، ج2 ص 184.
[29] أخرجه مسلم رقم (2033) [135]، ورقم (2034) [136]، كتاب الأشربة.
[30] فتاوى العقيدة ابن عثيمين، ص 322.
[31] سورة الفلق الآية: 5.
[32] سورة الفلق الآية: 5.
[33] أخرجه البخاري رقم (5738)، كتاب الطب ، ومسلم رقم (2195) ، كتاب السلام.
[34] تقدم تخريجه
http://islamiyatonline.com/Arabic/books/Display.asp?chp=5&bookid=6 - _ftnref35#_ftnref35 ص 143.
أخرجه(الترمذي رقم (2059)، كتاب الطب، وأحمد في المسند (6/438)، وابن ماجه رقم (3510)، كتاب الطب، وقال الترمذي: حسن صحيح.
[36] أخرجه أبو داود رقم (3880)، كتاب الطب.(5/16)
[37] تقدم تخريجه ص 146.
[38] أخرجه الطيالسي في مسنده رقم (1760)، والطحاوي في المشكل والبزار وحسنه الحافظ في الفتح (10/167)، وهو في السلسلة الصحيحة رقم (747).
[39] سورة التوبة الآية: 129.
[40] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ: ابن باز، ابن عثيمين ، اللجنة الدائمة ، ص 46، 49، والفتوى للجنة الدائمة.
[41] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ: ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 45، والفتوى للجنة الدائمة.
[42] أخرجه أحمد في المسند (4/403)، وذكره الهيثمي في المجمع (10/226، 227 ).
[43] سورة الزخرف الآية: 32.
[44] أخرجه البخاري رقم (13)، كتاب الإيمان، ومسلم رقم (45)، كتاب الإيمان.
[45] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ: ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 28، 29، والفتوى للجنة الدائمة.
[46] سورة البقرة الآية: 102.
[47] تقدم تخريجه ص 143.
[48] تقدم تخريجه ص 146.
[49] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ: ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 58، 59، والفتوى للجنة الدائمة.
[50] سورة البقرة الآية: 105.
[51] سورة البقرة الآية: 109.
[52] سورة النساء الآية: 54.
[53] أخرجه البخاري، رقم (13)، كتاب الإيمان.
[54] كتاب الدعوة – الفتاوى – للشيخ صالح الفوزان، ج1 ص 68، 69.
[55] أخرجه مسلم رقم (2188)، كتاب السلام.
[56] أخرجه أبو داود رقم (3889)، كتاب الطب.
[57] مجموع فتاوى ابن باز، ج1 ص351.
[58] سورة إبراهيم الآية: 7.
[59] سورة البقرة الآية: 152.
[60] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، ابن باز، ج8 ص 424.
[61] رواه الإمام مسلم في صحيحه، ج4 ص 1719 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.(5/17)
[62] رواه الإمام مالك في موطئه، ج2 ص 938، 939، ورواه الإمام أحمد في مسنده، ج3 ص 486، 487، ورواه ابن ماجه في سننه، ج2 ص 1160 عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، وانظر الذهبي في سير أعلام النبلاء، ج2 ص 326.
[63] رواه الإمام مسلم في صحيحه، ج4 ص 1718، 1719 من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.
[64] انظر: موطأ الإمام مالك، ج2 ص 938، 939، ومسند الإمام أحمد، ج3 ص 486، 487، وسنن ابن ماجه، ج2 ص 1160، و سير أعلام النبلاء للذهبي، ج2 ص326.
[65] المنتقى من فتاوى الفوزان، ج1 ص 157.(5/18)
إهداء
تقديم
مقدمة
فتاوى في الرقى
فتاوى في العين والحسد
فتاوى في إتيان السحرة والمشعوذين
فتاوى في الجن
فتاوى في التمائم
فتاوى في إتيان السحرة والمشعوذين
حكم الاستعانة بالجن في معرفة المغيبات كضرب المندل وغيره. 2
حكم من يذهب للكاهن والعراف لتلقي العلاج. 4
حكم حل السحر بسحر مثله. 4
حكم الذبح للمريض أو وضع حلق الفضة أو قطعة قماش في يد المريض.... 4
حكم الذبح لعلاج الزار. 5
حكم كتابة أسماء الشياطين وأسماء الله الحسنى لحفظ البدن.. 5
حكم ذبح حيوانات معينة بأوصاف محددة لعلاج الأمراض... 6
مس الجن للإنس وربط الزوج عن جماع زوجته أمر وارد. 6
حكم استحضار الشياطين لأخذ تعهدهم بعدم التعرض للإنسان.. 6
يحرم الذهاب لمن يستغيث بغير الله للعلاج حتى وإن شفي على يده أحد. 7
((تعلموا السحر ولا تعملوا به)) ليس حديثًا صحيحًا ولا ضعيفًا 7
حكم التداوي بالذبح لغير الله أو بالأشياء المحرمة. 7
حكم السؤال عن زوجة الابن في المستقبل وهل ستكون عدوة أم لا؟. 9
أقسام السحر وحكم الساحر. 9
قتل الساحر قد يكون ردة وقد يكون حدًا 10
ثبوت أنه سُحِر. 10
للسحر حقيقة. 10
حكم حلّ السحر بسحر مثله (النشرة). 11
حكم تعلم السحر. 11
حكم الكهانة وإتيان الكهان.. 12
حكم سؤال السحرة والمشعوذين.. 13
حكم إتيان الكهان ونحوهم وسؤالهم وتصديقهم. 14
من يطلب اسم المريض واسم والدته فهو ممن يستخدم الجن.. 16
حكم الذهاب للكهان ونحوهم لتلقي العلاج وتصديقهم. 17
حكم السحر والكهانة وما يتعلق بها 17
حكم تعلم الحساب والفلك وهل هو من التنجيم. 21
حكم الذبح لغير الله بقصد الشفاء 22
الفرق بين السحر والكهانة والتنجيم والعرافة وحكم كل منها 22
الطريقة التي سحر بها وتصرفه حيال ذلك.. 23
حقيقة السحر وأنه لا يباح منه شيء 24
حكم الذهاب للكهنة لعمل السحر وقتل الحيوانات بالتعذيب.. 24
شرح قول ابن كثير عن السحر في تفسيره. 25(6/1)
حكم من سأل العراف دون أن يعلم أنه عراف.. 25
السحر من عمل الشيطان ومن يتعامل به مشرك.. 25
هل السحر حق.. 26
الصرع والجن.. 26
هذه ليست طريقة سيدنا يونس.... 27
هذا العمل منكر. 28
طاسة السم. 28
بئر أيوب غير صحيحة. 29
لا يجوز علاج السحر إلا بالرقى الشرعية. 29
لا يجوز الذهاب إلى الكاهن مهما كان السبب.. 29
عقدة الحج.. 30
سحر الزوجة على الزوج. 30
حُجُب المحبة أو الشقاق بين الزوجين.. سحر. 31
العطف والصرف كلاهما حرام. 32
حكم الاستعانة بالجن في معرفة المغيبات كضرب المندل وغيره
سؤال: ما حكم الإسلام في الذي يستعين بالجن في معرفة المغيبات كضرب المندل؟ وما حكم الإسلام في التنويم المغناطيسي وبه تقوى قدرة المنوم على الإيحاء بالمنوم وبالتالي السيطرة عليه وجعله يترك محرمًا أو يشفى من مرض عصبي أو يقوم بالعمل الذي يطلب المنوم؟ ما حكم الإسلام في قول فلان: (بحق فلان) أهو حلف أم لا أفيدونا؟
الجواب:
أولاً: علم المغيبات من اختصاص الله تعالى فلا يعلمها أحد من خلقه لا جني ولاغيره إلا ما أوحى الله به إلى من شاء من ملائكته أو رسله قال الله تعالى: [ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ] [1]، وقال تعالى في شأن نبيه سليمان عليه السلام ومن سخره له من الجن: [ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ] [2]، وقال تعالى: [ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىغَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ] [3].
وثبت عن النواس بن سمعان رضي الله عنه أنه قال: قال رسول(6/2)
الله ? : ((إذا أراد الله تعالى أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي أخذت السموات منه رجفة أو قال: رعدة شديدة خوفًا من الله عز وجل فإذا سمع ذلك أهل السموات صعقوا وخروا لله سجدًا فيكون أول من يرفع رأسه جبريل فيكلمه الله من وحيه بما أراد، ثم يمر جبريل بالملائكة كلما مر بسماء قال ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول جبريل: قال الحق وهو العلي الكبير، فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل فينتهي جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل)) [4].
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ? قال: ((إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله كأنه سلسلة على صفوان فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض ووصف سفيان بكفيه فحرفها وبدد بين أصابعه، فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدرك فيكذب معها مائة كذبة فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا؟ فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء)) [5].
وعلى هذا لا يجوز الاستعانة بالجن وغيرهم من المخلوقات في معرفة المغيبات لا بدعائهم والتزلف إليهم ولا بضرب مندل أو غيره بل ذلك شرك؛ لأنه نوع من العبادة، وقد أعلم الله عباده أن يخصوه بها فيقولوا: [إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ] [6]، وثبت عن النبي ? أنه قال لابن عباس: ((إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله)) [7] الحديث.(6/3)
ثانياً: التنويم المغناطيسي ضرب من ضروب الكهانة باستخدام جني حتى يسلطه المنوم على المنوم فيتكلم بلسانه ويكسبه قوة على بعض الأعمال بالسيطرة عليه إن صدق مع المنوم وكان طوعًا له مقابل ما يتقرب به المنوم إليه ويجعل ذلك الجني المنوم طوع إرادة المنوم بما يطلبه منه من الأعمال أو الأخبار بمساعدة الجني له إن صدق ذلك الجني مع المنوم وعلى ذلك يكون استغلال التنويم المغناطيسي واتخاذه طريقًا أو وسيلة للدلالة على مكانة سرقة أو ضالة أو علاج مريض أو القيام بأي عمل آخر بواسطة المنوم غير جائز بل هو شرك لما تقدم ولأنه التجاء إلى غير الله فيما هو من وراء الأسباب العادية التي جعلها سبحانه إلى المخلوقات وأباحها لهم.
ثالثًا: قول الإنسان: (بحق فلان) يحتمل أن يكون قسمًا - حلفًا - بمعنى أقسم عليك بحق فلان فالباء باء القسم ويحتمل أن يكون من باب التوسل والاستعانة بذات فلان أو بجاهه فالباء للاستعانة وعلى كلا الحالتين لا يجوز هذا القول.
أما الأول: فلأن القسم بالمخلوق على المخلوق لا يجوز فالإقسام به على الله تعالى أشد منعًا بل حكم النبي ? بأن الإقسام بغير الله شرك فقال: ((من حلف بغير الله فقد أشرك)) [8] رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وصححه.
وأما الثاني: فلأن الصحابة رضي الله عنهم لم يتوسلوا بذات
النبي ? ولا بجاهه لا في حياته ولا بعد مماته وهم أعلم الناس بمقامه عند الله وبجاهه عنده وأعرفهم بالشريعة وقد نزلت بهم الشدائد في حياة النبي ? وبعد وفاته ولجؤوا إلى الله ودعوه لكشفها ولو كان التوسل بذاته أو بجاهه ? مشروعًا لعلمهم إياه ? لأنه لم يترك أمرًا يقرب إلى الله إلا أمر به وأرشد إليه، ولعملوا به رضوان الله عليهم حرصًا على العمل بما شرع لهم وخاصة وقت الشدة، فعدم ثبوت الإذن فيه منه ? والإرشاد إليه وعدم عملهم به دليل على أنه لا يجوز.(6/4)
والذي ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يتوسلون إلى الله بدعاء النبي ? ربه استجابة لطلبهم ذلك في حياته كما في الاستسقاء وغيره فلما مات ? قال عمر رضي الله عنه لما خرج للاستسقاء: ((اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون))[9]، يريد دعاء العباس ربه وسؤاله إياه وليس المراد التوسل بجاه العباس، لأن جاه النبي ? أعظم منه وأعلى وهو ثابت له بعد وفاته كما كان في حياته، فلو كان ذلك التوسل مرادًا لتوسلوا بجاه النبي ? بدلاً من توسلهم بالعباس لكنهم لم يفعلوا، ثم إن التوسل بجاه الأنبياء وسائر الصالحين وسيلة من وسائل الشرك القريبة كما أرشد إلى ذلك الواقع والتجارب فكان ذلك ممنوعًا سدًا للذريعة وحماية لجناب التوحيد. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[10].
حكم من يذهب للكاهن والعراف لتلقي العلاج
سؤال: ما حكم من أتى كاهنًا أو عرافًا أو ساحرًا لأجل العلاج أيًا كان نوعه؟
الجواب: الذهاب إلى الكاهن والعراف لا يجوز وإن صدقهم كان أعظم إثمًا لقوله ? : ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا))[11] رواه مسلم، ولما ثبت عنه ? في مسلم أيضًا من حديث معاوية بن الحكم السلمي من النهي عن إتيان الكهان، ولما روى أصحاب السنن والحاكم عن النبي ? أنه قال: ((من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) [12]، ولأحاديث أخرى في هذا الباب.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[13].
حكم حل السحر بسحر مثله
سؤال: من كان به سحر، هل يجوز أن يذهب إلى ساحر ليزيل السحر عنه؟
الجواب: لا يجوز ذلك، والأصل فيه ما رواه الإمام أحمد، وأبو داود بسنده عن جابر رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله ? عن النشرة فقال: ((هي من عمل الشيطان))[14].(6/5)
وفي الأدوية الطبيعية، والأدعية الشرعية، ما فيه كفاية فإن الله ما أنزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله، وقد أمر رسول الله ? بالتداوي، ونهى عن التداوي بالمحرم، فقال ? : ((تداووا ولا تتداووا بحرام)) [15]، وروي عنه ? أنه قال: ((إن الله لم يجعل شفاءكم في حرام)) [16].
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[17].
حكم الذبح للمريض أو وضع حلق الفضة أو قطعة قماش في يد المريض
سؤال: أشخاص من ضمن أدويتهم التي يعالجون بها الناس هو ذبح شيء من الغنم أو الدجاج على صدر الإنسان أو رأسه أو بعض حلق الفضة التي توضع في يد المريض أو قطعة قماش صغيرة أو حفنة من تراب أظنهم يقولون إنها من ثوب وتراب قبر قريب لهم صالح، فما حكم التداوي بهذا كله وهل يجوز تصديقهم إذا أخبروا عن شيء؟
الجواب: يحرم الذبح لغير الله وقد لعن النبي ? من ذبح لغير الله، وهو من أنواع الشرك، قال تعالى: [ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ<162> لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ] [18]، وصح عن رسول الله ? أنه قال: ((لعن الله من ذبح لغير الله))[19].
أما التداوي بالطريقة المذكورة في السؤال فهو منكر لا يجوز ولو كان الذبح لله سبحانه وتعالى، ولا يجوز التصديق فيما يخبرون به لكونهم من المشعوذين والدجالين، وقد صح عن رسول الله ? : ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) [20]، وقال ? : ((من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول كفر بما أنزل على محمد)) [21]، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[22].
حكم الذبح لعلاج الزار(6/6)
سؤال: زوجتي مريضة بمرض يقال له الزار وهو نوع من الصرع وهو نتيجة مصادقتنا لأناس موجود لديهم هذا المرض وإذا أحبوا شخصًا أو صادقوه أعطوه معهم فإذا أتاها فلا تشفى حتى تقوم إحدى هؤلاء الصديقات بعلاجه، والسؤال هو أن زوجتي تريدني أن أذبح لها خروفًا لله تعالى من هذا المرض ولا أعلم هل هو لله تعالى أم لهذا الشخص وهي إحدى الصديقات فرفضت ذلك وقد رهنت بعض حليها حتى تقوم بعملية الذبح فهل هذا جائز أم ماذا علي أن أعمله أفيدونا جزاكم الله خيرًا؟
الجواب: الذبح لغير الله تعالى شرك أكبر، وقد لعن النبي ? من ذبح لغير الله فلا يجوز لك الذبح المذكور لعلاج مرض زوجتك، والعلاج المشروع يكون بالأدوية المباحة والرقية الشرعية وقراءة القرآن والأدعية المشروعة. وعليك مناصحة زوجتك ودعوتها إلى ترك الذبح لغير الله وأن تسلك في علاجها من مرضها ما هو مشروع، يسر الله لها الشفاء والهداية. وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم[23].
حكم كتابة أسماء الشياطين وأسماء الله الحسنى لحفظ البدن
سؤال: هل يجوز لمسلم أن يكتب الأسماء الروحانية ((الجن أو الملائكة)) أو أسماء الله الحسنى أو غير ذلك من الحرز والعزيمة المشهورة عند العلماء الروحانيين بإرادة حفظ البدن من شر الجن والشيطان والسحر؟
الجواب: الاستعانة بالجن أو الملائكة والاستغاثة بهم لدفع ضر أو جلب نفع أو للتحصن من شر الجن شرك أكبر يخرج عن ملة الإسلام والعياذ بالله سواء كان ذلك بطريق ندائهم أو كتابة أسمائهم وتعليقها تميمة أو غسلها وشرب الغسول أو نحو ذلك. إذا كان يعتقد أن التميمة أو الغسل تجلب له النفع أو تدفع عنه الضر دون الله.(6/7)
وأما كتابة أسماء الله تعالى وتعليقها تميمة فقد أجازه بعض السلف وكرهه بعضهم لعموم النهي عن التمائم واعتبار تعليقها ذريعة إلى تعليق غيرها من التمائم الشركية ولأن تعليقها يعرضها للأوساخ والأقذار وفي ذلك امتهان لها وهذا هو الصواب، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[24].
حكم ذبح حيوانات معينة بأوصاف محددة لعلاج الأمراض
سؤال: يقال لبعض الناس طبيب عربي وقد يؤتى بالمريض إليه مثل مريض من جان أو غيره فيأمرهم الطبيب بذبح نوع من الدجاج كأن يقول: لون الديك أسود أو أبيض ويوضع دمه على الإنسان وقد لا يذكر اسم الله عليه، فما حكم الإسلام فيه؟
الجواب: الذبح لغير الله شرك أكبر قال تعالى: [ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ] [25]، وقد لعن النبي ? من ذبح لغير الله[26]. ويحرم إتيان مثل هذا من المشعوذين والكهنة ونحوهم ممن يفعل الشركيات، كما يحرم سؤالهم وتصديقهم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[27].
مس الجن للإنس وربط الزوج عن جماع زوجته أمر وارد
سؤال: يمرض الإنسان فيصبح يتكلم بكلام غير عادي فيقول الناس: إنه ممسوس بجن، هل هذا صحيح أم لا، ويأتون بحافظ القرآن فيقرأ عليه حتى يرجع إلى حالته العادية وكذلك في الزفاف يربطون العريس بقراءة خاصة لا يستطيع أن يجامع زوجته أثناء دخوله هل هذا صحيح أم لا؟
الجواب:
أولاً: الجن صنف من مخلوقات الله ورد ذكرهم في القرآن والسنة وهم مكلفون، مؤمنهم في الجنة وكافرهم في النار، ومس الجن للإنس أمر معلوم من الواقع وتستعمل للعلاج من مسه الأدوية الشرعية من الدعاء والقراءة عليه بشيء من القرآن.(6/8)
ثانياً: أما قراءة شيء في ليلة الزواج بحيث يكون العريس مربوطًا عن زوجته ليلة الزفاف أو عند العقد فلا يجامعها فهذا نوع من السحر، والسحر محرم لا يجوز تعاطيه وقد ثبت النهي عن تعاطيه في القرآن والسنة، وأن حد الساحر القتل. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[28].
حكم استحضار الشياطين لأخذ تعهدهم بعدم التعرض للإنسان
سؤال: ما حكم الدين في الذين يقرؤون على الناس بآيات الله الكريمة وبعضهم يحضرون ويشهدون الجن ويتعهدونهم بعدم التعرض للشخص الذي يقرأ عليه هؤلاء؟
الجواب: رقية المسلم أخاه بقراءة القرآن عليه مشروعة، وقد أذن النبي ? في الرقية ما لم تكن شركًا.
أما من يستخدم الجن ويشهدهم ويأخذ عليهم العهد ألا يمسوا هذا الشخص الذي قرئ عليه القرآن ولا يتعرضوا له بسوء فلا يجوز.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[29].
يحرم الذهاب لمن يستغيث بغير الله للعلاج حتى وإن شفي على يده أحد
سؤال: مرض رجل مرضًا شديدًا واشتد به المرض وذهب إلى كل الأطباء فلم يكتب الله الشفاء لهذا الرجل على أيدي هؤلاء الأطباء وذهب إلى رجل يتوسل ويستغيث ويتبرك بأصحاب القبور فكتب الله له الشفاء على يد هذا المتوثن المتوسل!! فهل الذهاب إلى هذا الرجل يجوز؟ وهذه الفعلة تكررت عدة مرات واتخذها الناس عبرة واستقر في أذهانهم أنه يشفي الناس بما يفعل من أفعال الإشراك بالله والعياذ بالله. فما حكم الدين في ذلك؟
الجواب: يحرم الذهاب إلى من يفعل أعمال الشرك من دعاء أصحاب القبور والاستغاثة بهم لطلب الشفاء بدعائه ورقيته ونحو ذلك، ولو انتفع بعض الناس بذلك لأن ذلك قد يوافق القدر فيظن أنه بسبب هذا الشخص، وقد يكون مرضه من أعمال الشياطين فيغروه بسؤال هؤلاء المشركين والذهاب إليهم فإذا سألهم تركوا إيذاءه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[30].
((تعلموا السحر ولا تعملوا به)) ليس حديثًا صحيحًا ولا ضعيفًا(6/9)
سؤال: ما المقصود بقوله: ((تعلموا السحر ولا تعملوا به)) لأن بعض الناس يقول: إنه حديث ضعيف؟
الجواب: يحرم تعلم السحر سواء تعلمه للعمل به أو ليتقيه وقد نص الله سبحانه في كتابه الكريم على أن تعلمه كفر فقال تعالى: [ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ][31].
وقد نص النبي ? على أن السحر أحد الكبائر وأمر باجتنابه فقال: ((اجتنبوا السبع الموبقات)) [32]، فذكر منها السحر، وفي السنن عند النسائي: ((من عقد عقدة ونفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك)) [33].
وأما ما ذكرت من قول ((تعلموا السحر ولا تعملوا به)) فليس بحديث لا صحيح ولا ضعيف فيما نعلم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[34].
حكم التداوي بالذبح لغير الله أو بالأشياء المحرمة
سؤال: أنا مسلم كنت مريضًا وذهبت عند رجل ساحر وشرح لي أسباب المرض وقال لي: أنا أداوي من هذه العلة بشرط أن تذبح أو تخلط الخمر بغصن شجرة وإلا تموت، وأنا مريض قد اشتد عليّ فماذا أفعل؟
الجواب:
أولاً: إذا كان الأمر كما ذكر؛ يحرم الذهاب إلى السحرة والمشعوذين ممن يدعي معرفة الأمراض وأسبابها بطرق غير عادية لأن ما أمرك به من الذبح لغير الله شرك أكبر، والعلاج بالخمر محرم لأن الله لم يجعل شفاء الأمة فيما حرم عليها.
ثانياً: يشرع لك العلاج بالأدعية الشرعية والأدوية المباحة التي لا محذور فيها، شفاك الله من مرضك ووقاك كل مكروه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[35].
حكم السؤال عن زوجة الابن في المستقبل وهل ستكون عدوة أم لا؟(6/10)
سؤال: هل يجوز للمسلم أن يذهب لأحد من الناس فيسأله عن مرضه فيخبره الآخر بأنه مسحور ثم يطلب المريض منه أن يحل السحر عنه فيقوم بصب الرصاص على رأس المريض في إناء فيه ماء ثم يخبره أن فلانًا قد سحره؟ وهل يجوز أن تسأل الأم عن ابنها من سيتزوج وتسأل عن ابنها المتزوج هل تحبنا زوجته أو تُكِن لنا العداوة؟
الجواب: يجوز للمسلم أن يذهب إلى دكتور أمراض باطنية أو جراحية أو عصبية أو نحو ذلك ليشخص له مرضه ويعالجه بما يناسبه من الأدوية غير المحرمة شرعًا حسب ما يعلمه في علم الطب لأن ذلك من باب الأخذ بالأسباب العادية وقد أنزل الله تعالى الداء وأنزل الدواء عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله.
ولا يجوز أن يذهب إلى الكهنة الذين يزعمون معرفة الغيب ليعرف منهم مرضه، ولا يجوز له أن يصدقهم فيما يخبرونه به فإنهم يتكلمون رجمًا بالغيب أو يستحضرون الجن ليستعينوا بهم على ما يريدون وهؤلاء شأنهم الكفر والاستعانة بهم شرك وقد قال النبي ? : ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل صلاته أربعين)) [36] رواه مسلم، وفي السنن أن النبي ? قال: ((من أتى كاهنًا فصدقه فقد كفر بما أنزل الله على محمد)) [37] رواه البزار بإسناد جيد.
ولا يجوز له أن يخضع لما يزعمون علاجًا من صب رصاصًا ونحوه على رأسه فإن هذا من الكهانة ورضاه بذلك مساعدة لهم على الكهانة والاستعانة بشياطين الجن، كما لا يجوز لأحد أن يذهب إلى من يسأله من الكهان من سيتزوجه ابنه أو عما يكون من الزوجين أو أسرتيهما من المحبة والعداوة والوفاق أو الفراق فإن ذلك من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[38].
أقسام السحر وحكم الساحر
سؤال: عن أقسام السحر؟ وهل الساحر كافر؟
الجواب: السحر ينقسم إلى قسمين:(6/11)
الأول: عقد ورقى، أي قراءات وطلاسم يتوصل بها الساحر إلى الإشراك بالشياطين فيما يريد لضرر المسحور، قال الله تعالى: [ وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ] [39]الآية.
الثاني: أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور، وعقله، وإرادته، وميله وهو ما يسمى عندهم بالعطف والصرف، فيجعلون الإنسان ينعطف على زوجته أو امرأة أخرى حتى يكون كالبهيمة تقوده كما تشاء، والصرف بالعكس من ذلك، فيؤثر في بدن المسحور بإضعافه شيئًا فشيئًا حتى يهلك، وفي تصوره بأن يتخيل الأشياء على خلاف ما هي عليه.
وكفر الساحر اختلف فيه أهل العلم: فمنهم من قال: يكفر، ومنهم من قال: لا يكفر.
ولكن التقسيم السابق الذي ذكرناه يتبين به حكم هذه المسألة: فمن كان سحره بواسطة الشياطين فإنه يكفر، ومن كان سحره بالأدوية والعقاقير فإنه لا يكفر ولكنه يعتبر عاصيًا [40].
قتل الساحر قد يكون ردة وقد يكون حدًا
سؤال: هل قتل الساحر ردة أو حد؟
الجواب: قتل الساحر قد يكون حدًا، وقد يكون ردة بناءً على التفصيل السابق في كفر الساحر فمتى حكمنا بكفره فقتله ردة، وإذا لم نحكم بكفره فقتله حد، والسحرة يجب قتلهم سواءً قلنا بكفرهم أم لا، لعظم ضررهم وفظاعة أمرهم، فهم يفرقون بين المرء وزوجه، وكذلك العكس فهم قد يعطفون فيؤلفون بين الأعداء ويتوصلون بذلك إلى أغراضهم كما لو سحر امرأة ليزني بها، فيجب على ولي الأمر قتلهم بدون استتابة ما دام أنه حد؛ لأن الحد إذا بلغ الإمام لا يستتاب صاحبه بل يقام بكل حال، أما الكفر فإنه يستتاب صاحبه، وبهذا نعرف خطأ من أدخل حكم المرتد في الحدود، وذكروا من الحدود حد الردة؛ لأن قتل المرتد ليس من الحدود لأنه إذا تاب انتفى عنه القتل، ثم إن الحدود كفارة لصاحبها وليس بكافر.(6/12)
والقتل بالردة ليس بكفارة وصاحبه كافر لا يصلى عليه، ولا يغسل، ولا يدفن في مقابر المسلمين.
فالقول بقتل السحرة موافق للقواعد الشرعية؛ لأنهم يسعون في الأرض فسادًا وفسادهم من أعظم الفساد، وإذا قتلوا سلم الناس من شرهم، وارتدع الناس عن تعاطي السحر[41].
ثبوت أنه سُحِر
سؤال: هل ثبت أن النبي ? سحر؟
الجواب: نعم ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي ? سحر، لكن لم يؤثر عليه من الناحية التشريعية أو الوحي، إنما غاية ما هنالك أنه وصل إلى درجة يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن فعله، وهذا السحر الذي وضع كان من يهودي يقال له لبيد بن الأعصم وضعه له[42]، ولكن الله تعالى أنجاه منه حتى جاءه الوحي بذلك وعوذ بالمعوذتين ? [43]، ولا يؤثر هذا السحر على مقام النبوة لأنه لم يؤثر في تصرف النبي ? فيما يتعلق بالوحي والعبادات. وقد أنكر بعض الناس أن يكون ? سحر، بحجة أن هذا القول يستلزم تصديق الظالمين الذين قالوا: [ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجلاً مَّسْحُورًا] [44]، ولكن هذا لاشك أنه لا يستلزم موافقة هؤلاء الظالمين بما وصفوا به النبي ? لأن أولئك يدعون أن الرسول ? مسحور فيما يتكلم به من الوحي وأن ما جاء به هذيان كهذيان المسحور، وأما السحر الذي وقع للرسول ? فلم يؤثر عليه في شيء من الوحي ولا في شيء من العبادات، ولا يجوز لنا أن نكذب الأخبار الصحيحة بمجرد فهم سيئ فهمه من فهمه[45].
للسحر حقيقة
سؤال: هل للسحر حقيقة؟
الجواب: للسحر حقيقة ولاشك وهو مؤثر حقيقة، لكن كونه يقلب الشيء أو يحرك الساكن أو يسكن المتحرك هذا خيال وليس حقيقة، انظر إلى قول الله تعالى في قصة السحرة من آل فرعون يقول الله تعالى: [ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ]، قال: [ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ ] [46].(6/13)
كيف سحروا أعين الناس؟ سحروا أعين الناس حين صار الناس ينظرون إلى حبال السحرة وعصيهم كأنها ثعابين تمشي كما قال الله تعالى: [ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ] [47] فالسحر في قلب الأشياء، وتحريك الساكن، أو تسكين المتحرك ليس له أثر، لكن في كونه يسحر أو يؤثر على المسحور حتى يرى الساكن متحركًا والمتحرك ساكنًا، أثره ظاهر جدًا، إذن فله حقيقة ويؤثر على بدن المسحور وحواسه وربما يهلكه[48].
حكم حلّ السحر بسحر مثله (النشرة)
سؤال: ما حكم حل السحر عن المسحور ((النشرة))؟
الجواب: حل السحر عن المسحور ((النشرة)) الأصح فيها أنها تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن تكون بالقرآن الكريم والأدعية الشرعية والأدوية المباحة فهذه لا بأس بها لما فيها من المصلحة وعدم المفسدة بل ربما تكون مطلوبة لأنها مصلحة بلا مضرة.
القسم الثاني: إذا كانت النشرة بشيء محرم كنقض السحر بسحر مثله فهذا موضع خلاف بين أهل العلم. فمن العلماء من أجازه للضرورة.
ومنهم من منعه لأن النبي ? سئل عن النشرة فقال: ((هي من عمل الشيطان)) [49]، وإسناده جيد رواه أبو داود، وعلى هذا يكون حلّ السحر بالسحر محرمًا وعلى المرء أن يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والتضرع لإزالة ضرره والله سبحانه وتعالى يقول: [ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ][50]، ويقول الله تعالى: [ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ] [51]. والله الموفق[52].
حكم تعلم السحر
سؤال: عن السحر وحكم تعلمه؟(6/14)
الجواب: السحر قال العلماء هو في اللغة: (عبارة عن كل ما لطف وخفي سببه) بحيث يكون له تأثير خفي لا يطلع عليه الناس، وهو بهذا المعنى يشمل التنجيم، والكهانة، بل إنه يشمل التأثير بالبيان والفصاحة كما قال ? : ((إن من البيان لسحرًا)) فكل شيء له أثر بطريق خفي فهو من السحر، وأما في الاصطلاح فعرفه بعضهم بأنه: (عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب والعقول والأبدان فتسلب العقل، وتوجد الحب والبغض فتفرق بين المرء وزوجه وتمرض البدن وتسلب تفكيره).
وتعلم السحر محرم، بل هو كفر إذا كانت وسيلته الإشراك بالشياطين قال الله تبارك وتعالى: [ وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ] [53].
فتعلم هذا النوع من السحر وهو الذي يكون بواسطة الإشراك بالشياطين كفر، واستعماله أيضًا كفر وظلم وعدوان على الخلق، ولهذا يقتل الساحر إما ردة وإما حدًا فإن كان سحره على وجه يكفر به فإنه يقتل ردة وكفرًا، وإن كان سحره لا يصل إلى درجة الكفر فإنه يقتل حدًا دفعًا لشره وأذاه عن المسلمين[54].
حكم الكهانة وإتيان الكهان
سؤال: عن الكهانة؟ وحكم إتيان الكهان؟(6/15)
الجواب: الكهانة فعالة مأخوذة من التكهن، وهو التخرص والتماس الحقيقة بأمور لا أساس لها، وكانت في الجاهلية صنعة لأقوام تتصل بهم الشياطين وتسترق السمع من السماء وتحدثهم به، ثم يأخذون الكلمة التي نقلت إليهم من السماء بواسطة هؤلاء الشياطين ويضيفون إليها ما يضيفون من القول، ثم يحدثون بها الناس فإذا وقع الشيء مطابقًا لما قالوا اغتر بهم الناس واتخذوهم مرجعًا في الحكم بينهم، وفي استنتاج ما يكون في المستقبل، ولهذا نقول: الكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل. والذي يأتي إلى الكاهن ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يأتي إلى الكاهن فيسأله من غير أن يصدقه، فهذا محرم، وعقوبة فاعله أن لاتقبل له صلاة أربعين يومًا، كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي ? قال: ((من أتى عرافًا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يومًا أو أربعين ليلة)) [55].
القسم الثاني: أن يأتي إلى الكاهن فيسأله ويصدقه بما أخبر به، فهذا كفر بالله عز وجل؛ لأنه صدقه في دعوى علمه الغيب، وتصديق البشر في دعوى علم الغيب تكذيب لقول الله تعالى: [ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ] [56]، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: ((من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما نزل على محمد)) [57].
القسم الثالث: أن يأتي إلى الكاهن فيسأله ليبين حاله للناس، وأنها كهانة وتمويه وتضليل، فهذا لا بأس به، ودليل ذلك أن النبي ? أتاه ابن صياد، فأضمر له النبي ? شيئًا في نفسه فسأله النبي ? ماذا خبأ له؟ فقال: الدخ يريد الدخان، فقال النبي ? : ((اخسأ فلن تعدو قدرك)) [58].
هذه أحوال من يأتي إلى الكاهن ثلاثة:
الأول: أن يأتي فيسأله بدون أن يصدقه، وبدون أن يقصد بيان حاله فهذا محرم، وعقوبة فاعله أن لا تقبل له صلاة أربعين ليلة.(6/16)
الثانية: أن يسأله فيصدقه وهذا كفر بالله عز وجل يجب على الإنسان أن يتوب منه ويرجع إلى الله عز وجل وإلا مات على الكفر.
الثالثة: أن يأتيه فيسأله ليمتحنه ويبين حاله للناس فهذا لا بأس به[59].
حكم سؤال السحرة والمشعوذين
سؤال: يوجد في بعض جهات اليمن أناس يسمون (السادة) وهؤلاء يأتون بأشياء منافية للدين مثل الشعوذة وغيرها، ويدّعون أنهم يقدرون على شفاء الناس من الأمراض المستعصية ويبرهنون على ذلك بطعن أنفسهم بالخناجر أو قطع ألسنتهم ثم إعادتها دون ضرر يلحق بهم، وهؤلاء منهم من يصلي ومنهم من لا يصلي. وكذلك يحلون لأنفسهم الزواج من غير فصيلتهم ولا يحلون لأحد الزواج من فصيلتهم وعند دعائهم للمرضى يقولون: (يا الله يا فلان) أحد أجدادهم.
وفي القديم كان الناس يكبرونهم ويعتبرونهم أناسًا غير عاديين وأنهم مقربون إلى الله، بل يسمونهم رجال الله، والآن انقسم الناس فيهم: فمنهم من يعارضهم وهم فئة الشباب وبعض المتعلمين، ومنهم من لا يزال متمسكًا بهم وهم كبار السن وغير المتعلمين، نرجو من فضيلتكم بيان الحقيقة في الموضوع؟
الجواب: هؤلاء وأشباههم من جملة المتصوفة الذين لهم أعمال منكرة وتصرفات باطلة وهم أيضًا من جملة العرافين الذين قال فيهم النبي ? : ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا)) [60]، وذلك بدعواهم علم الغيب وخدمتهم للجن وعبادتهم إياهم وتلبيسهم على الناس بما يفعلون من أنواع السحر الذي قال الله فيه في قصة موسى وفرعون: قال تعالى: [ قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ] [61]، فلا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم لهذا الحديث الشريف ولقوله ? : ((من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد))، وفي لفظ آخر: ((من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) [62].(6/17)
وأما دعاؤهم غير الله واستغاثتهم بغير الله أو زعمهم أن آباءهم وأسلافهم يتصرفون في الكون أو يشفون المرضى أو يجيبون الدعاء مع موتهم أو غيبتهم فهذا كله من الكفر بالله عز وجل ومن الشرك الأكبر، فالواجب الإنكار عليهم وعدم إتيانهم وعدم سؤالهم وعدم تصديقهم؛ لأنهم قد جمعوا في هذه الأعمال بين عمل الكهنة والعرافين وبين عمل المشركين عباد غير الله والمستغيثين بغير الله والمستعينين بغير الله من الجن والأموات وغيرهم ممن ينتسبون إليهم ويزعمون أنهم آباؤهم وأسلافهم أو من أناس آخرين يزعمون أن لهم ولاية أو لهم كرامة؛ بل كل هذا من أعمال الشعوذة ومن أعمال الكهانة والعرافة المنكرة في الشرع المطهر.
وأما ما يقع منهم من التصرفات المنكرة من طعنهم أنفسهم بالخناجر أو قطعهم ألسنتهم فكل هذا تمويه على الناس وكله من أنواع السحر المحرم الذي جاءت النصوص من الكتاب والسنة بتحريمه والتحذير منه كما تقدم، فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بذلك وهذا من جنس ما قاله الله سبحانه وتعالى عن سحرة فرعون: [ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ] [63].
فهؤلاء قد جمعوا بين السحر وبين الشعوذة والكهانة والعرافة وبين الشرك الأكبر والاستعانة بغير الله والاستغاثة بغير الله وبين دعوى علم الغيب والتصرف في علم الكون، وهذه أنواع كثيرة من الشرك الأكبر والكفر البواح ومن أعمال الشعوذة التي حرمها الله عز وجل ومن دعوى علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله كما قال سبحانه: [ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ] [64] فالواجب على جميع المسلمين العارفين بحالهم الإنكار عليهم وبيان سوء تصرفاتهم وأنها منكرة ورفع أمرهم إلى ولاة الأمور إذا كانوا في بلاد إسلامية حتى يعاقبوهم بما يستحقون شرعًا حسمًا لشرهم وحماية للمسلمين من أباطيلهم وتلبيسهم، والله ولي التوفيق[65].
حكم إتيان الكهان ونحوهم وسؤالهم وتصديقهم(6/18)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد شاع بين كثير من الناس أن هناك من يتعلق بالكهان والمنجمين والسحرة والعرافين وأشباههم؛ لمعرفة المستقبل والحظ وطلب الزواج والنجاح في الامتحان وغير ذلك من الأمور التي اختص الله سبحانه وتعالى بعلمها كما قال تعالى: [ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا] [66]، وقال سبحانه: [ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ][67].(6/19)
فالكهان والعرافون والسحرة وأمثالهم قد بين الله سبحانه وتعالى ورسوله ? ضلالهم وسوء عاقبتهم في الآخرة وأنهم لا يعلمون الغيب، وإنما يكذبون على الناس ويقولون على الله غير الحق وهم يعلمون، قال تعالى: [ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ] [68]، وقال سبحانه: [ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ][69]، وقال تعالى: [ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُون * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ] [70].
فهذه الآيات وأمثالها تبين خسارة الساحر وما له في الدنيا والآخرة وأنه لا يأتي بخير وأن ما يتعلمه أو يعلمه غيره يضر صاحبه ولا ينفعه، كما نبه سبحانه أن عملهم باطل، وصح عن رسول الله ? أنه قال: ((اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)) [71] متفق على صحته.(6/20)
وهذا يدل على عظم جريمة السحر لأن الله قرنه بالشرك، وأخبر أنه من الموبقات وهي المهلكات، والسحر كفر لأنه لا يتوصل إليه إلا بالكفر، كما قال تعالى: [ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ ] [72]، وقد روي عن النبي ? أنه قال: ((حد الساحر ضربة بالسيف)) [73].
وصح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أمر بقتل بعض السحرة من الرجال والنساء، وهكذا صح عن جندب الخير الأزدي رضي الله عنه أحد أصحاب النبي ? أنه قتل بعض السحرة، وصح عن حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها فقتلت، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سأل أناس النبي ? عن الكهان، فقال: ((ليسوا بشيء، فقالوا: يا رسول الله إنهم يحدثونا أحيانًا بشيء فيكون حقًا، فقال رسول الله ? : تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقرقرها في أذن وليه فيخلطوا معها مائة كذبة)) [74] رواه البخاري.
وقال ? فيما رواه عنه ابن عباس رضي الله عنهما: ((من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد)) [75]، رواه أبو داود وإسناده صحيح، وللنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ? أنه قال: ((من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئًا وكل إليه)) [76]، وهذا يدل على أن السحر شرك بالله تعالى كما تقدم؛ وذلك لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن والتقرب إليهم بما يطلبون من ذبح وغيره من أنواع العبادة، وعبادتهم شرك بالله عز وجل.(6/21)
فالكاهن من يزعم أنه يعلم بعض المغيبات وأكثر ما يكون ذلك ممن ينظرون في النجوم لمعرفة الحوادث أو يستخدمون من يسترقون السمع من شياطين الجن، كما ورد بالحديث الذي مر ذكره ومثل هؤلاء من يخط في الرمل أو ينظر في الفنجان أو في الكف ونحو ذلك، وكذا من يفتح الكتاب زعمًا منهم أنهم يعرفون بذلك علم الغيب وهم كفار بهذا الاعتقاد، لأنهم بهذا الزعم يدعون مشاركة الله في صفة من صفاته الخاصة وهي علم الغيب، ولتكذيبهم بقوله تعالى: [ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ] [77]، وقوله: [ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ ] [78]، وقوله تعالى لنبيه ? : [ قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ ] [79]الآية.
ومن أتاهم وصدقهم بما يقولون من علم الغيب فهو كافر، لما رواه أحمد وأهل السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ? قال: ((من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) [80]، وروى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي ? عن النبي ? أنه قال: ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) [81]، وعن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي ? أنه قال: ((ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) [82] رواه البزار بإسناد جيد.(6/22)
وبما ذكرنا من الأحاديث يتبين لطالب الحق أن علم النجوم وما يسمى بالطالع وقراءة الكف وقراءة الفنجان ومعرفة الخط وما أشبه ذلك مما يدعيه الكهنة والعرافون والسحرة كلها من علوم الجاهلية التي حرمها الله ورسوله ? ، ومن أعمالهم التي جاء الإسلام بإبطالها والتحذير من فعلها أو إتيان من يتعاطاها وسؤاله عن شيء منها أو تصديقه فيما يخبر به من ذلك لأنه من علم الغيب الذي استأثر الله به.
ونصيحتي لكل من يتعلق بهذه الأمور أن يتوب إلى الله ويستغفره وأن يعتمد على الله وحده ويتوكل عليه في كل الأمور مع أخذه بالأسباب الشرعية والحسية المباحة، وأن يدع هذه الأمور الجاهلية ويبتعد عنها ويحذر سؤال أهلها أو تصديقهم، طاعة لله ولرسوله ? وحفاظاً على دينه وعقيدته، وحذرًا من غضب الله عليه، وابتعادًا عن أسباب الشرك والكفر التي من مات عليها خسر الدنيا والآخرة.
نسأل الله العافية من ذلك ونعوذ به سبحانه من كل ما يخالف شرعه أو يوقع في غضبه، كمانسأله سبحانه أن يوفقنا وجميع المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يعيذنا جميعًا من مضلات الفتن ومن شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه[83].
من يطلب اسم المريض واسم والدته فهو ممن يستخدم الجن
سؤال: هناك فئة من الناس يعالجون بالطب الشعبي على حسب كلامهم وحينما أتيت إلى أحدهم قال لي: اكتب اسمك واسم والدتك ثم راجعنا غدًا، وحينما يراجعهم الشخص يقولون له: إنك مصاب بكذا وكذا وعلاجك كذا وكذا.. ويقول أحدهم إنه يستعمل كلام الله في العلاج فما رأيكم في مثل هؤلاء وما حكم الذهاب إليهم؟(6/23)
الجواب: من كان يعمل هذا الأمر في علاجه فهو دليل على أنه يستخدم الجن ويدعي علم المغيبات فلا يجوز العلاج عنده كما لا يجوز المجيء إليه ولا سؤاله لقول النبي ? في هذا الجنس من الناس: ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) [84] أخرجه مسلم في صحيحه.
وثبت عنه ? في عدة أحاديث النهي عن إتيان الكهان والعرافين والسحرة والنهي عن سؤالهم وتصديقهم وقال ? : ((من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) [85]، وكل من يدعي علم الغيب باستعمال ضرب الحصى أو الودع أو التخطيط في الأرض أو سؤال المريض عن اسمه واسم أمه أو اسم أقاربه فكل ذلك دليل على أنه من العرافين والكهان الذين نهى النبي ? عن سؤالهم وتصديقهم.
فالواجب الحذر منهم ومن سؤالهم ومن العلاج عندهم وإن زعموا أنهم يعالجون بالقرآن لأن من عادة أهل الباطل التدليس والخداع فلا يجوز تصديقهم فيما يقولون والواجب على من عرف أحدًا منهم أن يرفع أمره إلى ولاة الأمر من القضاة والأمراء ومراكز الهيئات في كل بلد حتى يحكم عليهم بحكم الله وحتى يسلم المسلمون من شرهم وفسادهم وأكلهم أموال الناس بالباطل.
والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله[86].
حكم الذهاب للكهان ونحوهم لتلقي العلاج وتصديقهم
سؤال: القارئ: ف. ع. ع. من الرياض بعث إلينا سؤالاً يقول فيه: كان والدي مريضًا مرضًا نفسيًا وطالت معه مدة المرض وتخلل ذلك مراجعة للمستشفى لكن أشار علينا بعض الأقرباء بأن نذهب إلى امرأة قالوا: إنها تعرف علاجًا لمثل هذه الأمراض وقالوا أيضًا: اعطوها الاسم فقط وهي تخبركم بما فيه وتصف له الدواء، فهل يجوز لنا أن نذهب لهذه المرأة أفيدونا جزاكم الله خيرًا؟
الجواب: هذه المرأة وأشباهها لا يجوز سؤالها ولا تصديقها لأنها من جملة العرافين والكهنة الذين يدعون علم الغيب ويستعينون بالجن في علاجهم وأخبارهم.(6/24)
وقد صح عن رسول الله ? أنه قال: ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا)) [87] أخرجه مسلم في صحيحه وصح عنه ? أنه قال: ((من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) [88]، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
فالواجب الإنكار على هؤلاء ومن يأتيهم وعدم سؤالهم وتصديقهم والرفع عنهم إلى ولاة الأمور حتى يعاقبوا بما يستحقون لأن تركهم وعدم الرفع عنهم يضر المجتمع ويساعد على اغترار الجهال بهم وسؤالهم وتصديقهم.
وقال النبي ? : ((من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) [89] رواه مسلم في صحيحه.
ولا شك أن الرفع عنهم إلى ولاة الأمر كأمير البلد وهيئة الأمر بالمعروف والمحكمة من جملة الإنكار عليهم باللسان ومن التعاون على البر والتقوى، وفق الله المسلمين جميعًا لما فيه صلاحهم وسلامتهم من كل سوء[90].
حكم السحر والكهانة وما يتعلق بها
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فنظرًا لكثرة المشعوذين في الآونة الآخيرة ممن يدعون الطب ويعالجون عن طريق السحر أو الكهانة وانتشارهم في بعض البلاد واستغلالهم للسذج من الناس ممن يغلب عليهم الجهل - رأيت من باب النصيحة لله ولعباده أن أبين ما في ذلك من خطر عظيم على الإسلام والمسلمين لما فيه من التعلق بغير الله تعالى ومخالفة أمره وأمر رسوله ? .
فأقول مستعينًا بالله تعالى: يجوز التداوي اتفاقًا، وللمسلم أن يذهب إلى دكتور أمراض باطنية أو جراحية أو عصبية أو نحو ذلك ليشخص له مرضه ويعالجه بما يناسبه من الأدوية المباحة شرعًا حسبما يعرفه في علم الطب، لأن ذلك من باب الأخذ بالأسباب العادية ولا ينافي التوكل على الله، وقد أنزل الله سبحانه وتعالى الداء وأنزل معه الدواء عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله، ولكنه سبحانه لم يجعل شفاء عباده فيما حرمه عليهم.(6/25)
فلا يجوز للمريض أن يذهب إلى الكهنة الذين يدعون معرفة المغيبات ليعرف منهم مرضه، كما لا يجوز له أن يصدقهم فيما يخبرونه به فإنهم يتكلمون رجمًا بالغيب أو يستحضرون الجن ليستعينوا بهم على ما يريدون، وهؤلاء حكمهم الكفر والضلال إذا ادعوا علم الغيب، وقد روى مسلم في صحيحه أن النبي ? قال: ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا)) [91]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ? قال: ((من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) رواه أبو داود وخرجه أهل السنن الأربع وصححه الحاكم عن النبي ? بلفظ: ((من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) [92]، وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله ? : ((ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) [93] رواه البزار بإسناد جيد.
ففي هذه الأحاديث الشريفة النهي عن إتيان العرافين، والكهنة والسحرة وأمثالهم وسؤالهم وتصديقهم والوعيد على ذلك، فالواجب على ولاة الأمور وأهل الحسبة وغيرهم ممن لهم قدرة وسلطان إنكار إتيان الكهان والعرافين ونحوهم ومنع من يتعاطى شيئًا من ذلك في الأسواق وغيرها والإنكار عليهم أشد الإنكار، والإنكار على من يجيء إليهم، ولا يجوز أن يغتر بصدقهم في بعض الأمور ولا بكثرة من يأتي إليهم من الناس فإنهم جهال لا يجوز التأسي بهم؛ لأن الرسول ? قد نهى عن إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم لما في ذلك من المنكر العظيم والخطر الجسيم والعواقب الوخيمة ولأنهم كذبة فجرة.(6/26)
كما أن في هذه الأحاديث دليلاً على كفر الكاهن والساحر لأنهما يدعيان علم الغيب وذلك كفر، ولأنهما لا يتوصلان إلى مقصدهما إلا بخدمة الجن وعبادتهم من دون الله وذلك كفر بالله وشرك به سبحانه والمصدق لهم في دعواهم على الغيب يكون مثلهم، وكل من تلقى هذه الأمور عمن يتعاطاها فقد برئ منه رسول الله ? ، ولا يجوز للمسلم أن يخضع لما يزعمونه علاجًا كنمنمتهم بالطلاسم أو صب الرصاص ونحو ذلك من الخرافات التي يعملونها، فإن هذا من الكهانة والتلبيس على الناس ومن رضي بذلك فقد ساعدهم على باطلهم وكفرهم.
كما لا يجوز أيضًا لأحد من المسلمين أن يذهب إليهم ليسألهم عمن سيتزوج ابنه أو قريبه أو عما يكون بين الزوجين وأسرتيهما من المحبة والوفاء أو العداوة والفراق ونحو ذلك لأن هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، والسحر من المحرمات الكفرية كما قال الله عز وجل في شأن الملكين في سورة البقرة: [ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ] [94].
فدلت هذه الآية الكريمة على أن السحر كفر وأن السحرة يفرقون بين المرء وزوجه كما دلت على أن السحر ليس بمؤثر لذاته نفعًا ولا ضرًا وإنما يؤثر بإذن الله الكوني القدري لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الخير والشر، ولقد عظم الضرر واشتد الخطب بهؤلاء المفترين الذين ورثوا هذه العلوم عن المشركين ولبسوا بها على ضعفاء العقول فإنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل.(6/27)
كما دلت الآية الكريمة على أن الذين يتعلمون السحر إنما يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم وأنه ليس لهم عند الله من خلاق أي (من حظ ونصيب) وهذا وعيد عظيم يدل على شدة خسارتهم في الدنيا والآخرة وأنهم باعوا أنفسهم بأبخس الأثمان، ولهذا ذمهم الله سبحانه وتعالى على ذلك بقوله: [ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ]، والشراء هنا بمعنى البيع.
نسأل الله العافية والسلامة من شر السحرة والكهنة وسائر المشعوذين كما نسأله سبحانه أن يقي المسلمين شرهم وأن يوفق حكام المسلمين للحذر منهم وتنفيذ حكم الله فيهم حتى يستريح العباد من ضررهم وأعمالهم الخبيثة إنه جواد كريم.
وقد شرع الله سبحانه لعباده ما يتقون به شر السحر قبل وقوعه وأوضح لهم سبحانه ما يعالج به بعد وقوعه رحمة منه لهم وإحسانًا منه إليهم وإتمامًا لنعمته عليهم، وفيما يلي بيان للأشياء التي يتقى بها خطر السحر قبل وقوعه والأشياء التي يعالج بها بعد وقوعه من الأمور المباحة شرعًا.
أما ما يتقى به خطر السحر قبل وقوعه فأهم ذلك وأنفعه هو التحصن بالأذكار الشرعية والدعوات والتعوذات المأثورة ومن ذلك قراءة آية الكرسي خلف كل صلاة مكتوبة بعد الأذكار المشروعة بعد السلام ومن ذلك قراءتها عند النوم، وآية الكرسي هي أعظم آية في القرآن الكريم وهي قوله سبحانه: [ اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ] [95].(6/28)
ومن ذلك قراءة [قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ]، و [قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ]، و [قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ]، خلف كل صلاة مكتوبة وقراءة السور الثلاث ثلاث مرات في أول النهار بعد صلاة الفجر وفي أول الليل بعد صلاة المغرب، ومن ذلك قراءة الآيتين من آخر سورة البقرة في أول الليل وهما قوله تعالى: [ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ] [96] إلى آخر السورة.
وقد صح عن رسول الله ? أنه قال: ((من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح)) [97]، وصح عنه أيضًا ? أنه قال: ((من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه)) [98]، والمعنى والله أعلم كفتاه من كل سوء.
ومن ذلك الإكثار من التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، في الليل والنهار وعند نزول أي منزل في البناء أو الصحراء أو الجو أو البحر لقول النبي ? : ((من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك)) [99]، ومن ذلك أن يقول المسلم في أول النهار وأول الليل ثلاث مرات: ((بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم)) لصحة الترغيب في ذلك عن رسول الله ? وأن ذلك سبب للسلامة من كل سوء.
وهذه الأذكار والتعوذات من أعظم الأسباب في اتقاء شر السحر وغيره من الشرور لمن حافظ عليها بصدق وإيمان وثقة بالله واعتماد عليه وانشراح صدر لما دلت عليه، وهي أيضًا من أعظم السلاح لإزالة السحر بعد وقوعه مع الإكثار من الضراعة إلى الله وسؤاله سبحانه أن يكشف الضرر ويزيل البأس.(6/29)
ومن الأدعية الثابتة عنه ? في علاج الأمراض من السحر وغيره - وكان ? يرقي بها أصحابه ـ: ((اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقمًا)) [100] يقولها ثلاثًا ومن ذلك الرقية التي رقى بها جبرائيل النبي ? وهي قوله: ((بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك)) [101] وليكرر ذلك ثلاث مرات.
ومن علاج السحر بعد وقوعه أيضًا وهو علاج نافع للرجل إذا حبس من جماع أهله أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه ويجعلها في إناء ويصب عليه من الماء ما يكفيه للغسل ويقرأ فيها آية الكرسي و [ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ]، و [قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ]، و [قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ]، و [قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ]، وآيات السحر التي في سورة الأعراف وهي قوله سبحانه: [ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُون * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ][102]، والآيات التي في سورة يونس وهي قوله سبحانه: [وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيم * فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِين * وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ] [103]، والآيات التي في سورة طه: [قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى * قُلْنَا(6/30)
لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ] [104].
وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب منه ثلاث مرات ويغتسل بالباقي وبذلك يزول الداء إن شاء الله وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر فلا بأس حتى يزول الداء، ومن علاج السحر أيضًا وهو من أنفع علاجه بذل الجهود في معرفة موضع السحر في أرض أو جبل أو غير ذلك، فإذا عرف واستخرج وأتلف بطل السحر، هذا ما تيسر بيانه من الأمور التي يتقى بها السحر ويعالج بها والله ولي التوفيق.
وأما علاجه بعمل السحرة الذي هو التقرب إلى الجن بالذبح أو غيره من القربات فهذا لا يجوز لأنه من عمل الشيطان بل من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر من ذلك، كما لا يجوز علاجه بسؤال الكهنة والعرافين والمشعوذين واستعمال ما يقولون لأنهم لا يؤمنون ولأنهم كذبة فجرة يدعون علم الغيب ويلبسون على الناس، وقد حذر الرسول ? من إتيانهم وسؤالهم وتصديقهم كما سبق بيان ذلك في أول هذه الرسالة.
وقد صح عن رسول الله ? أنه سئل عن النشرة فقال: ((هي من عمل الشيطان)) [105] رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد جيد، والنشرة هي حل السحر عن المسحور، ومراده ? بكلامه هذا النشرة التي يتعاطاها أهل الجاهلية وهي سؤال الساحر ليحل السحر أو حله بسحر مثله من ساحر آخر.
أما حله بالرقية والمتعوذات الشرعية والأدوية المباحة فلا بأس بذلك كما تقدم، وقد نص على ذلك العلامة ابن القيم والشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد رحمة الله عليهما، ونص على ذلك أيضًا غيرهما من أهل العلم.
والله المسئول أن يوفق المسلمين للعافية من كل سوء وأن يحفظ عليهم دينهم ويرزقهم الفقه فيه والعافية من كل ما يخالف شرعه وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه[106].
حكم تعلم الحساب والفلك وهل هو من التنجيم(6/31)
سؤال: هل يعتبر من التنجيم معرفة أمور حساب السنين والشهور والأيام ومعرفة توقيت المطر والزرع ونحو ذلك؟
الجواب: ليس هذا من التنجيم وإنما هو من العلم المباح، وقد خلق الله الشمس والقمر لمعرفة الحساب، قال تعالى: [ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ] [107]، وهذا ما يُسمى بعلم التسيير.
قال الخطابي: أما علم النجوم الذي يدرك من طريق المشاهدة والخبر الذي يعرف به الزوال وتعلم جهة القبلة فإنه غير داخل فيما نُهِي عنه.. والله أعلم.
وكذلك الاستدلال بالنجوم على معرفة الجهات لا بأس به، قال تعالى: [ وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ] [108]، قال ابن رجب: وأما علم التسيير فتعلم ما يحتاج إليه للاهتداء ومعرفة القبلة والطرق جائز عند الجمهور وما زاد عليه لاحاجة إليه لشغله عما هو أهم منه.
قال البخاري في صحيحه: قال قتادة: خلق الله هذه النجوم لثلاث: زينة للسماء، ورجومًا للشياطين، وعلامات يُهتدى بها، فمن تأول فيها غير ذلك أخطأ وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله: هذا مأخوذ من القرآن في قوله تعالى: [ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ ] [109]، وقوله تعالى: [ وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ]، وقوله: [ وَعَلامَاتٍ] أي دلالات على الجهات والبلدان.
وأما معرفة توقيت المطر فهذا لا يمكن لأن معرفة وقت نزول المطر من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله وربط نزول المطر بأحوال النجوم هذا هو الاستسقاء بالأنواء وهو من أمور الجاهلية.
وأما معرفة وقت بذار الزروع فهذا يرجع إلى معرفة الفصول وهو علم يدرك بالحساب.. والله أعلم[110].
حكم الذبح لغير الله بقصد الشفاء(6/32)
سؤال: بعض الناس حينما يصاب لهم قريب أو عزيز يذهبون به إلى شخص يسمونه ((الطبيب الشعبي)) وحينما يؤتى بالمريض إلى هذا الطبيب يسرد لولي المريض جملة من الأمراض ويؤكد بأن هذا المريض لن يشفى إلا إذا ذبح له حيوان معين لا يذكر اسم الله عليه ويدفن بعد ذلك في مكان يحدده.
هل إذا فعل الإنسان ذلك طلبًا للشفاء غير قاصد الشرك يكون آثمًا، وهل يعتبر ذلك من الشرك الأكبر ثم ما تأثير الذبح لغير الله عمومًا على عقيدة المسلم؟
الجواب: الذبح لغير الله من أجل شفاء المريض أو لغير ذلك من الأغراض شرك أكبر لأن الذبح عبادة قال تعالى: [ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ] [111]، وقال تعالى: [ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ] [112].
فأمر سبحانه بأن يكون الذبح لله وحده وقرنه مع الصلاة كما أمر سبحانه بالأكل مما يذكر اسم الله عليه من الذبائح ونهى عن الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه، قال تعالى: [ فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ ] [113]، إلى قوله تعالى: [ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ] [114] فالذبح لغير الله شرك أكبر لأي غرض من الأغراض سواء كان لأجل شفاء المريض كما يزعمون أو لغير ذلك من الأغراض، وهذا الذي يأمر أقارب المريض بأن يذبحوا ذبيحة لا يذكرون اسم الله عليها مُشعوذ يأمر بالشرك فيجب إبلاغ ولاة الأمور عنه ليأخذوا على يديه ويريحوا المسلمين من شره.
والله سبحانه وتعالى جعل لنا أدوية مباحة يعالج بها المرضى وذلك بأن نذهب إلى الأطباء والمستشفيات ونعالج بالعلاج النافع المباح. وكذلك شرع الله سبحانه لنا الرقية بكتابه بأن نقرأ على المريض من كتاب الله وندعو الله له بالشفاء بالأدعية الواردة.(6/33)
وفي هذا كفاية للمؤمن [ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ] [115]، أما هؤلاء المشعوذون فإنهم كذابون دجالون يريدون إفساد عقائد المسلمين وأكل أموال الناس بالباطل فلا يجوز تركهم يعبثون بالناس ويضلونهم بل يجب ردعهم وكف شرهم.
أما تركهم فإنه من أعظم المنكر والفساد في الأرض، ويجب على المسلم المحافظة على عقيدته فلا يعالج جسمه بما يفسد دينه وعقيدته ولا يذهب إلى هؤلاء المشبوهين والدجالين، وإذا كانوا يخبرون الناس عن الأشياء الغائبة فهم كهان وقد قال النبي ? : ((من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي[116].
الفرق بين السحر والكهانة والتنجيم والعرافة وحكم كل منها
سؤال: السحر والكهانة والتنجيم والعرافة هل بينهما اختلاف في المعنى وهل هي سواء في الحكم؟
الجواب: السحر: عبارة عن عزائم ورقى وعقد يعملها السحرة بقصد التأثير على الناس بالقتل أو الأمراض أو التفريق بين الزوجين وهو كفر وعمل خبيث ومرض اجتماعي شنيع يجب استئصاله وإزالته وإراحة المسلمين من شره.
والكهانة: ادعاء علم الغيب بواسطة استخدام الجن، قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد: وأكثر ما يقع في هذا ما يخبر به الجن أولياءهم من الإنس عن الأشياء الغائبة بما يقع في الأرض من الأخبار فيظنه الجاهل كشفًا وكرامة. وقد اغتر بذلك كثير من الناس يظنون المخبر بذلك عن الجن وليًا لله وهو من أولياء الشيطان. انتهى.(6/34)
ولا يجوز الذهاب إلى الكهان، روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي ? : ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء فصدقه بما يقول لم تقبل صلاته أربعين يومًا)) [117]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ? قال: ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يومًا)) [118]،وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي لله قال: ((من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) [119]، رواه أبو داود، ورواه أحمد والترمذي، وروى الأربعة والحاكم وقال: صحيح على شرطهما: ((من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد))[120].
قال البغوي: والعراف هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة، وقيل هو الكاهن.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: العراف اسم للكاهن والمنجم والرحال ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق. انتهى.
والتنجيم:هو الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية وهو من أعمال الجاهلية وهو شرك أكبر إذا اعتقد أن النجوم تتصرف في الكون[121].
الطريقة التي سحر بها وتصرفه حيال ذلك
سؤال: هل ثبت أن النبي ? سُحر وإذا ثبت ذلك فكيف كان تعامله ? مع السحر ومع من سحره؟
الجواب: نعم ثبت أن النبي ? سحر فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي ? سحر حتى ليخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله وأنه قال لها ذات يوم: ((أتاني ملكان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال: ما وجع الرجل، قال: مطبوب، قال: ومن طبه، قال: لبيد بن الأعصم في مشط ومشاطة جُف طلعة ذكر في بئر ذروان))، صحيح البخاري 7/28 - 30.
قال الإمام ابن القيم: وقد أنكر هذا طائفة من الناس وقالوا: لا يجوز هذا عليه وظنوه نقصًا وعيبًا. وليس الأمر كما زعموا بل هو من جنس ما كان يؤثر فيه ? من الأسقام والأوجاع وهو مرض من الأمراض وإصابته به كإصابته بالسم لا فرق بينهما.(6/35)
وذكر رحمه الله عن القاضي عياض أنه قال: ولا يقدح في نبوته وأما كونه يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله فليس في هذا ما يدخل عليه داخلة في شيء من صدقه لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا، وإنما هو مما يجوز طروؤه عليه في أمور دنياه التي لم يبعث لسببها ولا فضل من أجلها وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر فغير بعيد أن يخيل إليه من أمورها ما لا حقيقة له ثم ينجلي عنه كما كان. انتهى.
ولما علم ? أنه قد سحر سأل الله تعالى فدله على مكان السحر فاستخرجه وأبطله فذهب ما به حتى كأنما نشط من عقال ولم يعاقب ? من سحره بل لما قالوا له: يا رسول الله: أفلا نأخذ الخبيث نقتله، قال ? : ((أما أنا فقد شفاني الله وأكره أن يثير على الناس شرًا)) [122] صحيح البخاري 7/ 30.
حقيقة السحر وأنه لا يباح منه شيء
سؤال: نرجو إيضاح حقيقة السحر وهل يباح شيء منه وهل يعتبر عمل السحر مخرجًا عن دين الإسلام؟
الجواب: السحر في اللغة عبارة عما لطف وخفي سببه، وحقيقة السحر كما بينها الموفق في الكافي عبارة عن عزائم ورقى وعقد يؤثر في القلوب والأبدان فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه. والسحر كله حرام لا يباح شيء منه قال الله تعالى: [وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ ] [123]، أي ليس له نصيب.
وقال الحسن: ليس له دين وهذا يدل على تحريم السحر وكفر متعاطيه وقد عده النبي ? من السبع الموبقات، ويجب قتل الساحر، قال الإمام أحمد رحمه الله: قتل الساحر عن ثلاثة من أصحاب النبي ? أي صح قتل الساحر عن ثلاثة من الصحابة وهم عمر وحفصة وجندب رضي الله عنهم، فعمل السحر تعلمًا وتعليمًا واحترافًا؛ كفر بالله يخرج من الملة ويجب قتل الساحر لإراحة الناس من شره إذا ثبت أنه ساحر؛ لأنه كافر ولأن شره يتعدى إلى المجتمع [124].
حكم الذهاب للكهنة لعمل السحر وقتل الحيوانات بالتعذيب(6/36)
سؤال: قبل أن أهتدي وأداوم على الصلوات في أوقاتها وقراءة القرآن الكريم ذهبت إلى إحدى الساحرات وطلبت مني أن أخنق دجاجة لكي تعمل لي حجابًا تربطني بزوجي لأنه كان يوجد دائمًا مشكلات بيني وبينه وقد خنقت الدجاجة فعلاً بيدي فهل علي في فعل هذا إثم وماذا أفعل حتى أخلص من هذا الخوف الذي يراودني والقلق؟
الجواب:
أولاً: الذهاب إلى الساحرات حرام شديد التحريم لأن السحر كفر وإضرار بعباد الله عز وجل فالذهاب إليهم جريمة كبيرة وما ذكرت أنك خنقت الدجاجة جريمة أخرى لأن هذا فيه تعذيب للحيوان وقتل للحيوان بغير حق وتقرب إلى غير الله بهذا العمل فيكون شركًا ولكن ما دمت قد تبت إلى الله سبحانه وتعالى توبة صحيحة فما سبق منك يغفره الله سبحانه وتعالى ولا تعودي إليه في المستقبل والله تعالى يغفر لمن تاب.
ولا يجوز للمسلمين أن يتركوا السحرة يزاولون سحرهم بين المسلمين بل يجب الإنكار عليهم ويجب على ولاة أمور المسلمين قتلهم وإراحة المسلمين من شرهم [125].
شرح قول ابن كثير عن السحر في تفسيره
سؤال: جاء في تفسير ابن كثير (ج1، ص 147) ما يلي: وأما أهل السنة فقد جوزوا أن يقدر الساحر أن يطير في الهواء ويقلب الإنسان حمارًا والحمار إنسانًا، إلا أنهم قالوا: إن الله يخلق الأشياء عندما يقول الساحر تلك الرقى والكلمات المعينة فأما أن يكون المؤثر في ذلك هو الفلك والنجوم فلا، خلافًا للفلاسفة والمنجمين. فهل معنى هذا أنه يمكن أن يتسلط الساحر على إنسان فيقلبه إلى حيوان أو العكس وهل حصل مثل ذلك من قبل؟(6/37)
الجواب: هكذا ذكر ابن كثير رحمه الله وكذا ذكره قبله ابن جرير فأما الطيران في الهواء والمشي على الماء فقد ذكره بعض السلف قبلهما وهو دليل على أنه يمكن ذلك حيث إن الشياطين ومردة الجن يخدمون الساحر وقد يتلبسون به ومعلوم أن الجن لهم القدرة على التشكل بأشكال متنوعة فلا يستبعد أن يتلبسوا بإنسان ويصوره بصورة حمار أو طير أو وحش ونحو ذلك وفي حكايات العامة الشيء الكثير من قلب الإنسان حيوانًا وطيرًا أو نحو ذلك ولكنه لا يكون إلا بقدرة الله تعالى وإرادته الكونية القدرية كما قال تعالى: [ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ ] [126]، وهذا خلافًا لما تزعمه الفلاسفة والمعتزلة من إنكار ذلك وادعائهم أن الساحر يقدر على التخييل والشعوذة والصحيح الأول والله على كل شيء قدير، والله أعلم [127].
حكم من سأل العراف دون أن يعلم أنه عراف
سؤال: جاء في الحديث عنه ? ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا)) رواه مسلم، فهل هذا يشمل من سأله دون أن يعلم أنه عراف؟
الجواب: إذا سأله وهو لا يعرف أنه عراف فلا يدخل في الحديث لكن إذا سأله عن شيء من الأمور المغيبة التي لا يعلمها إلا الله مثل مكان السحر وعن الساحر وعن المسروق والسارق ومكان الضالة ونحوه فهو لابد أنه يعتقد فيه علم الغيب فيدل على أنه يعرف أنه ساحر أو كاهن أو عراف فيدخل في الحديث ويعمه الوعيد.
أما إن سأله يظن جواز سؤاله ولم يعرف أنه حرام فهذا معذور لجهله وكذلك من لم يعرف أنه كاهن فسأله عن أمر عادي كمنزل فلان وسعر هذه السلعة ومالك هذه الدار فلا يدخل في الوعيد، والله أعلم [128].
السحر من عمل الشيطان ومن يتعامل به مشرك
سؤال: عن امرأة ساحرة تعمل السحر، وقد تضرر منها أناس كثير، فما الواجب نحو هذه المرأة الساحرة؟ وعن كيفية التخلص من هذا السحر؟(6/38)
الجواب: السحر هو عمل شيطاني، حيث يتقرب الساحر إلى الجن بالذبح لهم، أو دعائهم من دون الله، أو ترك الصلاة، أو أكل النجاسات ونحو ذلك، حتى تخدمه الشياطين ومردة الجن، فيلابسون من يريده، ويقتلون ويعوقون ويعقدون الرجل عن امرأته، ويصرفون أحدهما عن الآخر ونحو ذلك.
وعلى هذا فالساحر مشرك كافر، لأجل تقربه إلى غير الله بهذه الأعمال الكفرية، فلذلك ورد الأمر بقتله، وثبت ذلك عن عمر بن الخطاب، وابنته حفصة، وجندب رضي الله عنهم.
وعلى ما ذكرنا فلا يجوز ترك هذه المرأة التي اشتهرت بعمل السحر، فإن كان لديكم بينات وقرائن، فارفعوا أمرها وبما حصل منها من الأضرار، حتى تقتل ويستريح الناس من شرها، وعلى رب الأسرة السعي في إزالة ضرر هذه المرأة، ولو كانت والدته، حيث إن هذا العمل كفر بالله، وضرر على عباد الله، ومتى قتلت انزجر غيرها، وامتنعوا عن مثل هذا العمل الشيطاني.
فإن امتنعوا كلهم من تغيير الحال، ورضوا عن هذه العجوز، وتركوها على هذا الأمر، فإنك أنت مسؤول عما تعرف عنها، فاحرص على إثبات الوقائع التي حَصَلت منها، واثبت ما تقدر عليه من القرائن والبينات وما يعرفه عنها الجيران والأهلون، ومتى حصلت على المعلومات الكافية فارفعها إلى المحكمة الشرعية، ليجري فيها حكم الله تعالى، وهو العمل بحديث: ((حد الساحر ضربة بالسيف)) [129].
ولا يحق لك أن تقيم على هذه الحال التي تعاني فيها هذه الأضرار، وبعد ذلك نوصيك:
أولاً: بالتحصن بكثرة ذكر الله وقراءة القرآن، واستعمال الأوراد في الصباح والمساء، وذلك مما يحفظك الله من الجن والسحرة.
ثم نوصيك ثانياً: بعلاج ما أصابك بالرقية الشرعية، عن القراء المعروفين، باستعمال كلام الله وكلام رسوله ? ، والأدوية الشرعية، وهم كثيرون في البلاد، وقد نفع الله بهم من أراد الله به خيرًا، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم [130].
هل السحر حق
سؤال: هل السحر حق؟(6/39)
الجواب: نعم له حقيقة، وحقيقته أن السحرة يعبدون الشياطين ويطيعونهم وهم يساعدونهم على ما يريدون والله تعالى قد أعطى الشياطين من القدرة ما يزاولون به أعمالاً غريب [131].
الصرع والجن
سؤال: شاء الله عز وجل أن أخط لك هذه الرسالة والتي أردت فيها أن أطلب منكم بعض الإرشادات والتوضيحات فيما يخص مرضاً يسمى الصرع أصيبت به والدتي. في أول الأمر أصيبت بالجنون فأتيناها بإمام مسجد , فاستطاع هذا الأخير أن يُخرج مابداخلها فبقيت تصاب بنفس الشيء لمدة أسبوع , وكلما أتيناها بالإمام شفيت بإذن الله , وإذا ذهب عادت على ما كانت عليه , فشفيت بعد ذلك وبقيت مدة من الزمن , ولم تلبث كثيراً فتسكنها جنية (أي أنثى الجن) وبقيت تقريباً نفس المدة أو أكثر وهي تعاني , فأتينا بالإمام مرة أخرى , فأخرجها وعادت , ثم أتينا بآخر فأخرجها ثم بقيت على هذه الحالة وكلما أصابها شيء من هذا أتينا بمن يخرجه منها , وأشير إلى أنه في المرة ماقبل الأخيرة، طلبت مني والدتي وهي مصابة بالجنون أن آتيها بالإمام الذي أخرج ذلك منها لأول مرة فأتيتها به فأخرجها منها , وهنا أشار لي إلى أن الجنية أخبرته أن تلك الحجرة مليئة بالجنون (أي الجن) فحولناها إلى حجرة أخرى،ولكن بقيت وللأسف على نفس الحالة حينئذٍ طلبت مني أن أحملها إلى أحد الأضرحة فاستجبت لطلبها فلم تجد على ذلك شفاء , فأخذناها إلى أحد تجار مهنة فأعطاها بعض التمائم والعقاقير،أما التمائم فأمرها بتعليق البعض وغسل جسمها بالبعض الآخر بعد أن تضعهم بالماء , أما العقاقير فطلب منها أن تأكلها وأشير إلى حضرتكم أن البيت (الحجرة) مازال فيها جنون. والآن أريد منكم:
معرفة إن كان فعلي صحيحاً أو مخالفاً للشرع.
الطلب منكم إرشادي إلى مافيه الخير.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وبعد:(6/40)
أولاً: يحرم الذهاب إلى العرافين والكهنة لسؤالهم؛ لقول النبي ? ((من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) [132] خرجه الإمام مسلم في صحيحه، ولقول النبي ? : ((من تعلق تميمة فلا أتم الله عليه ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)) [133] وفي رواية ((من تعلق تميمة فقد أشرك))[134].
ثانياً: الصحيح أنه لايجوز تعليق التمائم.
ثالثاً: الذهاب إلى الأضرحة طلباً لبركة أهلها محرم واعتقاد أن أهلها يملكون نفعاً أو دفع ضر أو شفاء مريض أو مجنون أو نحو ذلك كفر أكبر.
وننصحك بمعالجة والدتك بالرقى الشرعية والأدوية المباحة.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [135]
هذه ليست طريقة سيدنا يونس
سؤال: ماحكم من يستخرج السحر بطريقة الأرقام مثل: 21، 31، 137، 121، 25 وينظر في هذه الأرقام بطريقة يدعي أنها طريقة سيدنا يونس عليه السلام وأنه كان يستعملها –علماً بأن هذا الرجل لايعرف كيف يخرج السحر ويدعي أنه يجلب الأرواح ويستدل بهذه الطريقة على نجم الشخص وإن كان غير مسحور يقول نجمك صفر بعد أن يأخذ اسم والدة المسحور، واسم المسحور فهل هذا العمل مشروع ومأثور عن سيدنا يونس عليه السلام أم أنه غير موافق لكتاب الله وسنة رسوله ولم يؤثر عن السلف والخلف، وماحكم من يذهب إلى هؤلاء الذين يخرجون السحر بهذه الطريقة ويعتقد صحة هذا العمل مع الدليل.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه..وبعد:
إذا كان الواقع من حال ذلك الشخص ماذكر، فهو كاهن، وليس هناك دليل على أن هذه الطريقة طريقة سيدنا يونس عليه الصلاة والسلام، وليس ذلك العمل مشروعاً، ولايجوز الإتيان إليه بل يجب الإنكار عليه، لقول النبي ? ((من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) [136] رواه مسلم في صحيحه.
وقوله ? ((من أتى عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) [137] رواه الإمام أحمد والأربعة بإسناد صحيح.(6/41)
وقوله ? ((من اقتبس شعبةً من النجوم اقتبس شعبةً من السحر زاد مازاد)) [138] رواه أبو داود من حديث ابن عباس بإسناد صحيح [139].
هذا العمل منكر
سؤال: ظاهرة منتشرة عند بعض الناس تتمثل في أن الأم تقوم بجرح أعلى ركبة ابنتها بموسى الحلاقة ثلاثة خطوط متجاورة وتضع على الدم النازف قطعة سكر وتأمر ابنتها بأكلها وقول بعض الكلمات مدعية هذه الأم أن هذه الفعلة تحفظ لابنتها بكارتها وتمنع وصول أي معتدٍ إليها (وهناك طرق أخرى لهذه الفعلة) فماحكم الشريعة الإسلامية في هذا العمل؟
الجواب: هذا العمل منكر، وهو خرافة لا أصل لها، ولايجوز فعلها، بل يجب تركها والحذر منها، والقول بأنها تحفظ على البنت بكارتها أمر باطل من وحي الشيطان لاأساس له في الشرع المطهر، فيجب التواصي بتركه والحذر من فعله، ويجب على أهل العلم بيان ذلك والتحذير منه، لأنهم المبلغون عن الله سبحانه وعن رسوله ? , والله المستعان [140].
طاسة السم
سؤال: يوجد عند بعض الناس إناء مصنوع من النحاس ويسمونه (طاسة السم) وعندما يمرض إنسان فإنه يذهب إلى من توجد عنده هذه الطاسة ويملؤها بالماء ويشرب ذلك الماء معتقداً أنه يوجد به الشفاء، ولاسيما إذا كان المرض في المعدة. وقد لاحظت وجود صورة محفورة على الإناء وهي للعقرب والحصان والقط والغزال والحمير والحية والثعلب والفيل والأسد وللرجال وبعض صور أخرى لاأعرفها وهي جميعها منقوشة نقشاً على هذا الإناء. كما توجد أسماء وكتابات مثل (الشهيد) وهكذا... أرجو توجيه الناس حول هذا الأمر.(6/42)
الجواب: هذه الطاسة التي أشار إليها السائل طاسة منكرة وفيها منكرات عظيمة وهي الصور التي ذكرها السائل، ولانعلم أن أي طاسة من حديد أو نحاس أو ذهب أو فضة أو غير ذلك يحصل بها شفاء أمراض المعدة أو غيرها، وإنما هي دعوى يدعيها صاحب الطاسة كذباً وزوراً أو يكون له اتصال بفسقة الجن وكفارهم ليستعين بهم في هذه الشعوذة بواسطة هذه الطاسة، ويزعم بها أنه يعالج بها حتى يأخذ أموال الناس بالباطل، ويغرهم بأنه يعالجهم بهذه الطاسة.
فالواجب أن تُصادر هذه الطاسة بواسطة ولاة الأمر في البلد وتتلف مع تأديب صاحبها حتى لايعود إلى مثل هذا العمل، وهذا هو الواجب على المسؤولين في البلد: الأمير والقاضي والهيئة، ويجب على من علم هذه الشعوذة أن يرفع الأمر إلى هذه المحكمة والهيئة والإمارة حتى يقوموا بما يجب في هذا الموضوع، ولايجوز السكوت عن صاحب هذه الطاسة؛ لأن عمله منكر لاوجه له من الشرع، وعليك أيها السائل أن تقوم بهذا الأمر أنت واخوانك العارفون بهذا الأمر حتى تخلصوا بلدكم من هذا المنكر، وحتى يُقضى على هذه المفسدة وهذا الشر بأسبابكم إن شاء الله [141].
بئر أيوب غير صحيحة
سؤال: عندنا في مصر بئر بسيناء يقال إن نبي الله أيوب قد أمره الله أن يركض برجله فيها حينما كان مبتلى فشفاه الله تعالى، وأصيبت عندنا امرأة بمرض فأرادت أن تذهب إلى البئر لتركض فيها كما صنع نبي الله أيوب ? ، فهل يجوز لها أن تغتسل من هذه البئر طلباً للإستشفاء أم يصير هذا شركاً واستعانة بغير الله؟
الجواب: لا صحة لذلك، ولم يعلم المحل الذي اغتسل فيه أيوب فلا يجوز لها أن تذهب إلى ما زعم أنه بئر أيوب [142].
لا يجوز علاج السحر إلا بالرقى الشرعية(6/43)
سؤال: ما هو علاج السحر الذي يبيحه الشرع وهل يجوز أن تستعمل الأدوية المهدئة للأعصاب علماً أن فيها مادة مخدرة وهي شائعة في علاج الأمراض النفسية وما موقفنا منها بعد نصحنا لها بأن ما نفعله شرك بالله وبعد أن نقرأ عليها جوابكم إن شاء الله وهل تعتبر مشركة علماً بأنها في حالتها هذه تصاب بنوع من الوسواس ولو رأيت حالتها لقلت إنها مجنونة حال اشتداد المرض عليها ولكن إذا خفت عنها الحالة النفسية المرضية تكون من أعقل النساء.
الجواب:
أولاً: لا يجوز أن يعالج السحر بالسحر ولكن يعالج بالرقية بقراءة القرآن والأذكار النبوية الواردة في الرقية وبالدعاء وطلب الشفاء من الله وفي الكلم الطيب لابن تيمية والوابل الصيب لابن القيم ورياض الصالحين والأذكار النووية للنووي رحمهم الله، كثير من الأذكار والأدعية النافعة في ذلك فاقرأ في هذه الكتب وأمثالها لتسترشد بها في نفسك وأهلك ومن تحب.
ثانياً: استمر في نصح والدتك والإنكار عليها مع مراعاة الأدب وصاحبها في الدنيا بالمعروف لعموم قوله تعالى: [ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ][143]...
ثالثاً: إذا كانت حالتها حين اشتداد المرض كما ذكرت من أنها كالمجنونة فقد تعتبر ذلك عذراً فيرجى أن يعفو الله عما وقع منها في تلك الحالة والله الشافي والهادي إلى سواء السبيل.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم [144].
لا يجوز الذهاب إلى الكاهن مهما كان السبب(6/44)
سؤال: كنت قد تزوجت في الثامن من ذي الحجة 1403هـ والتي تزوجتها ابنة خالتي وفي أول يوم من شهر رمضان المبارك 1405هـ رزقني الله بمولود سميته (موسى) وفي شهر شعبان 1406هـ أسقطت زوجتي جنينها بعد شهره الثالث.
وفي ربيع الأول 1407هـ توفى الله ولدي (موسى) وكما قلت لكم إن زوجتي ابنة خالتي وبعد وفاة ابني موسى جاءتني خالتي والتي هي أم زوجتي وقالت لي إنها ذهبت إلى رجل عالم بالكتاب وقالت إن هذا الرجل قال لها إن مع زوجتي تابعة (أو تبيعة) من الجن تقتل أولادها حسداً وحقداً من عندها. وأن هذا الرجل يمكنه أن يقطع دابر تلك التبيعة أو التابعة من الجن.فرفضت ذلك. وفي ثالث يوم من شهر شعبان الماضي 1407هـ رزقني الله بطفلة سميتها مستورة ولكن توفاها الله ثاني يوم ولادتها. وأصرت أن نذهب إليه وكذلك أصر معها والدي على أن نذهب إلى ذلك الرجل الذي يقوم بإنهاء تلك التابعة أو التبيعة، فطلبت منهم مهلة عسى الله سبحانه وتعالى أن يلهمني، والحمد الله الذي هداني إلى أن أقوم بكتابة هذه الرسالة إليكم راجياً من الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم في إفتائنا في هذا الموضوع – علماً بأن هذا الموضوع يسبب لي أرقاً دائماً.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وأله وصحبه.. وبعد.(6/45)
لقد أحسنت بامتناعك من الذهاب مع خالتك (أم زوجتك) إلى الرجل الذي يدعي علم الكتاب، لأنه كاهن، وأحسنت أيضاً بسؤالك أهل العلم للتحقق من الصواب، وعليك أن ترقي نفسك وزوجتك ومن ترزق من الأولاد بالرقية الشرعية فتقرأ على كل منهم فاتحة الكتاب والمعوذات الثلاث (قل هو الله أحد، وسورة الفلق وسورة الناس) تكرر المعوذات ثلاث مرات وتنفث عقب كل مرة في كفيك وتمسح بهما الوجه وما أقبل من البدن. وتدعو بهذا الدعاء (أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة) [145] وننصحك بشراء كتاب (الأذكار النووية) للإمام النووي وكتاب (الكلم الطيب) لابن تيمية، وكتاب (الوابل الصيب) لابن القيم فإن فيها كثيراً من الأذكار النافعة والرقى الشرعية.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم [146] .
عقدة الحج
سؤال: حجت أخت لي مع أبي ومعهم بعض الجماعة من بلدتنا وفي يوم عرفة أتتهم أمرأة جنسيتها إيرانية ومعها خيط من حرير وقالت لها وللنسوة اللواتي معها من حج منكن أول حجة هذه فليعقد لي عقدة بهذا الخيط فقالت أكبرهن وهي قد حجت قبل ذلك اعقدنه فعقدنه والسؤال هل تصح حجة من عقد هذا الخيط والمرأة الإيرانية تقول إن عندها رجلاً مريضاً ويشفى من هذا المرض وأختي ومن معها لم تبلغ أبي كي يمنعها أولا يمنعها لأنها خجلت ومن معها.
الجواب: هذا العمل لا يجوز والتي فعلته إذا كانت جاهلة فهي معذورة بجهلها وإذا كانت عالمة أنه لا يجوز فإنها تكون آثمة وعليها التوبة والاستغفار ولا تعود إلى مثله وأما حجها فصحيح إن شاء الله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم [147].
سحر الزوجة على الزوج
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز، حضرة الأخ المكرم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:(6/46)
سؤال: وصلني كتابكم المؤرخ (بدون) وصلكم الله بهداه وما تضمنه من الإفادة عما أصابكم عندما أردت جماع زوجتك الجديدة وعن ذهابك للشيخ وما أفتاك به وعما عملته الزوجة القديمة من العمل الذي كان سبباً لمنعك من جماع زوجتك الجديدة وسؤالك عن الحكم في ذلك كان معلوماً.
الجواب: إذا كانت الزوجة القديمة قد أقرت بهذا العمل أو ثبت عليها ذلك بالبينة فقد فعلت منكراً عظيماً بل كفراً وضلالاً؛ لأن عملها هذا هو السحر المحرم، والساحر كافر كما قال الله سبحانه: [ وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ] [148] فهذه الآية الكريمة تدل على أن السحر كفر وأن الساحر كافر، والسحرة يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم وأن من مقاصدهم التفريق بين المرء وزوجه وأنه لا خلق لهم عند الله يوم القيامة يعني لا حظ لهم في النجاة. وفي الحديث الصحيح عن رسول الله ? أنه قال: ((اجتنبوا السبع الموبقات، قيل: وما هن يارسول الله؟ قال: ((الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)) [149].(6/47)
أما الشيخ الذي أعطاك الدواء فالظاهر أنه ساحر كالمرأة؛ لأنه لا يطلع على أعمال السحر إلا السحرة وهو أيضاً من العرافين والكهنة المعروفين بادعاء الغيب في كثير من الأمور، والواجب على المسلم أن يحذرهم وألا يصدقهم فيما يدعون من الغيب لقول النبي ? : ((من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) [150] أخرجه مسلم في صحيحه وقال ? أيضاً: ((من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)). [151]
فالواجب عليك التوبة والندم على ما قد حصل منك وإخبار رئيس الهيئة ورئيس المحكمة بالشيخ المذكور وزوجتك القديمة حتى تعمل المحكمة والهيئة ما يردعهم، وإذا عرض لك مثل هذا الحادث فاسأل علماء الشرع حتى يخبروك بالعلاج الشرعي، وإذا كان الذي أصابك قد زال فالحمد لله وإلا فأخبرنا حتى نخبرك بالعلاج الشرعي، رزقنا الله وإياك الفقه في الدين والثبات عليه والسلامة مما يخالفه إنه جواد كريم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته [152].
حُجُب المحبة أو الشقاق بين الزوجين.. سحر
سؤال: إمام يكتب حُجُباً فيها المحبة وسيطرة الزوجة على الزوج والتفريق بينهما؛ فهل هذا هو السحر؟ أفيدونا مأجورين.
الجواب: الذي يكتب هذا النوع من الكتابة يكتب كتابة ليحبّب بها الزوجين بعضهما ببعض أو يفرق بين الزوجين المتحابين، هذا ساحر؛ كما قال الله تعالى في السحرة الذين يعلمون السحر وفي الذين يتعلمون منهم؛ قال تعالى: [ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ] [153]، وهذا ما يسمى بالصرف والعطف؛ فهذا سحر.(6/48)
والسحر كفر بالله عز وجل، والساحر كافر؛ لأن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابة أن السحر كفر في قوله تعالى: [ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ]. [154] فالأدلة دلت على أن السحر كفر، وأن تعلمه كفر، وأن الساحر كافر؛ في مواضع من هذه الآية الكريمة.
وجاء في الحديث أن حد الساحر ضربة بالسيف؛ أي: إنه يُقتل مرتداً عن دين الإسلام على الصحيح.
فمثل هذا لا يصلح أن يكون إماماً في الصلاة؛ لأنه ليس على دين المسلمين، ولا يجوز الاقتداء بكافر، ولا تصح الصلاة خلفه.
ويجب على ولاة أمور المسلمين الأخذ على يد هذا الساحر، وإجراء الحكم اللازم عليه؛ لئلاً يضرّ بهم وبمجتمعهم؛ لأن السحر إذا فشا بمجتمع؛ فإن هذا المجتمع ينهار، وتدخله الذلة، وتسيطر عليه الخرافة، ويسيطر عليه هؤلاء الخرافيون، والعياذ بالله.[155]
العطف والصرف كلاهما حرام
سؤال: عن حكم التوفيق بين الزوجين بالسحر؟(6/49)
الجواب: هذا محرم ولا يجوز وهذا يسمى بالعطف، وما يحصل به التفريق يسمى بالصرف وهو أيضاً محرم وقد يكون كفراً وشركاً قال الله تعالى: [ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ] [156] [157].
---
[1] سورة النمل الآية: 65.
[2] سورة سبأ الآية: 14.
[3] سورة الجن الآيتان: 26، 27.
[4] أخرجه ابن أبي عاصم في السنة رقم (515)، وابن خزيمة في التوحيد، والبيهقي في الأسماء والصفات.
[5] أخرجه البخاري رقم (4800)، كتاب التفسير [ سورة سبأ ].
[6] سورة الفاتحة الآية: 5.
[7] أخرجه الترمذي رقم (2516)، كتاب صفة القيامة، وقال: حسن صحيح.
[8] أخرجه الترمذي رقم (1535)، كتاب الأيمان والنذور، وأبو داود رقم (3251)، كتاب الأيمان والنذور، وقال الترمذي: حديث حسن.
[9] أخرجه البخاري رقم (1010)، كتاب الاستسقاء.
[10] مجلة البحوث الإسلامية عدد رقم 30 ص 78 – 81، اللجنة الدائمة.
[11] تقدم تخريجه ص 67.
[12] تقدم تخريجه ص 67.
[13] مجلة البحوث الإسلامية عدد رقم 21 ص 51، اللجنة الدائمة.
[14] تقدم تخريجه ص 88.
[15] تقدم تخريجه ص 88.
[16] أخرجه أبو يعلى في مسنده (12/402)، رقم (6966)، بإسناد جيد وابن حبان رقم (1397)، موارد، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (5/89).
[17] فتاوى مهمة لعموم الأمة ص 106، 107، اللجنة الدائمة.
[18] سورة الأنعام الآيتان: 162، 163.
[19] أخرجه مسلم رقم (1978)، كتاب الأضاحي.
[20] تقدم تخريجه ص 67.
[21] تقدم تخريجه ص 67.
[22] مجلة البحوث عدد رقم 28 ص 85، 86، اللجنة الدائمة.(6/50)
[23] مجلة البحوث الإسلامية عدد رقم 28 ص 86، اللجنة الدائمة.
[24] مجلة البحوث الإسلامية عدد رقم 28 ص 57، اللجنة الدائمة.
[25] سورة الأنعام الآيتان: 162، 163.
[26] أخرجه مسلم رقم (1978)، كتاب الأضاحي.
[27] مجلة البحوث الإسلامية عدد رقم 28 ص 91 - 92، اللجنة الدائمة.
[28] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ: ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 73، والفتوى للجنة الدائمة.
[29] مجلة البحوث الإسلامية عدد رقم 27 ص 61، اللجنة الدائمة.
[30] مجلة البحوث الإسلامية عدد رقم 27 ص 65، اللجنة الدائمة.
[31] سورة البقرة الآية: 102.
[32] أخرجه البخاري رقم (2766)، كتاب الوصايا، ومسلم رقم (89)، كتاب الإيمان.
[33] أخرجه النسائي (7/112)، كتاب التحريم.
[34] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ: ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 57، والفتوى للجنة الدائمة.
[35] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 60، والفتوى للجنة الدائمة.
[36] تقدم تخريجه 67.
[37] أخرجه البزار من حديث عمران بن حصين، وذكره الهيثمي في المجمع (5/120).
[38] مجلة البحوث الإسلامية عدد رقم 19 ص 162، 163، اللجنة الدائمة.
[39] سورة البقرة الآية: 102.
[40] المجموع الثمين من فتاوى الشيخ ابن عثيمين، ج2 ص 132 – 133.
[41] المجموع الثمين من فتاوى الشيخ ابن عثيمين، ج2 ص 133 - 134.
[42] تقدم تخريج حديث سحر النبي ص 103.
[43] تقدم تخريج حديث تعويذة بالمعوذتين ص 71.
[44] سورة الفرقان الآية: 8..
[45] المجموع الثمين من فتاوى الشيخ ابن عثيمين، ج2 ص 134، 135.
[46] سورة الأعراف الآية: 116.
[47] سورة طه الآية: 66.
[48] المجموع الثمين من فتاوى الشيخ ابن عثيمين، ج2 ص 131، 132.
[49] تقدم تخريجه ص 88.
[50] سورة البقرة الآية: 186.
[51] سورة النمل الآية: 62.(6/51)
[52] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ: ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 55، والفتوى للشيخ محمد بن عثيمين.
[53] سورة البقرة الآية: 102.
[54] المجموع الثمين من فتاوى الشيخ ابن عثيمين، ج2 ص 130، 131.
[55] تقدم تخريجه ص 67.
[56] سورة النمل الآية: 65.
[57] تقدم تخريجه ص 67.
[58] أخرجه البخاري رقم (6172، 6173)، كتاب الأدب، ومسلم رقم (2930)، كتاب الفتن.
[59] المجموع الثمين من فتاوى الشيخ ابن عثيمين، ج2 ص 136، 137.
[60] تقدم تخريجه ص 67.
[61] سورة الأعراف الآية: 116.
[62] تقدم تخريجه ص 67.
[63] سورة طه الآية: 66.
[64] سورة النمل الآية: 65.
[65] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز، ج5 ص 276 – 278.
[66] سورة الجن الآية: 26، 27.
[67] سورة النمل الآية: 65.
[68] سورة البقرة الآية: 102.
[69] سورة طه الآية: 69.
[70] سورة الأعراف الآيتان: 117، 118.
[71] تقدم تخريجه ص 178.
[72] سورة البقرة الآية: 102.
[73] أخرجه الترمذي رقم (1460)، كتاب الحدود.
[74] أخرجه البخاري رقم (7561)، كتاب التوحيد.
[75] أخرجه أبو داود رقم (3905)، كتاب الطب.
[76] تقدم تخريجه ص 178.
[77] سورة النمل الآية: 65.
[78] سورة الأنعام الآية: 59
[79] سورة الأنعام الآية: 50
[80] تقدم تخريجه ص 67.
[81] تقدم تخريجه ص 67.
[82] تقدم تخريجه ص 67.
[83] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز، ج2 ص 118 – 122.
[84] تقدم تخريجه ص 67.
[85] تقدم تخريجه ص 67.
[86] كتاب الدعوى – الفتاوى – الشيخ عبد العزيز بن باز، ج2 ص 22، 23.
[87] تقدم تخريجه ص 67.
[88] تقدم تخريجه ص 67.
[89] أخرجه مسلم رقم (49)، كتاب الإيمان.
[90] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 36، 37، والفتوى للشيخ عبد العزيز بن باز.
[91] تقدم تخريجه ص 67.
[92] تقدم تخريجه ص 67.(6/52)
[93] تقدم تخريجه ص 181.
[94] سورة البقرة الآية: 102.
[95] سورة البقرة الآية: 255.
[96] سورة البقرة الآية: 285.
[97] تقدم تخريجه ص 115.
[98] أخرجه البخاري رقم (5009)، كتاب فضائل القرآن، ومسلم رقم (808)، كتاب صلاة المسافرين.
[99] أخرجه مسلم رقم (2708)، كتاب الذكر والدعاء.
[100] تقدم تخريجه ص 29.
[101] تقدم تخريجه ص 29.
[102] سورة الأعراف الآيات: 117، 119.
[103] سورة يونس الآيات: 89، 82.
[104] سورة طه الآيات: 65، 69.
[105] تقدم تخريجه ص 88.
[106] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة: ابن باز، ج3 ص 274 – 281.
[107] سورة يونس الآية: 5.
[108] سورة النحل الآية: 16.
[109] سورة الملك الآية: 5.
[110] كتاب الدعوة – الفتاوى – الشيخ صالح الفوزان: ج1 ص 47، 48.
[111] سورة الكوثر الآية: 2.
[112] سورة الأنعام الآية: 162، 163.
[113] سورة الأنعام الآية: 118.
[114] سورة الأنعام الآية: 121.
[115] سورة الطلاق الآية: 3.
[116] كتاب الدعوة – الفتاوى – للشيخ صالح الفوزان، ج1 ص 28 – 30.
[117] تقدم تخريجه ص 67.
[118] تقدم تخريجه ص 67.
[119] تقدم تخريجه ص 67.
[120] تقدم تخريجه ص 67.
[121] المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان، ج2 ص 56، 57.
[122] تقدم تخريجه ص 103.
[123] سورة البقرة الآية: 102.
[124] المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان، ج2 ص 59.
[125] كتاب المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان، ج1 ص 72، 73.
[126] سورة البقرة الآية: 102.
[127] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[128] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[129] أخرجه الترمذي رقم (1460)، كتاب الحدود.
[130] الكنز الثمين للشيخ عبد الله الجبرين، ج1 ص 224 – 227.
[131] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة ص 56.
[132] أخرجه مسلم رقم (2230)، كتاب السلام.
[133] أخرجه أحمد في المسند (4/154).(6/53)
[134] أخرجه أحمد في المسند (4/156).
[135] فتاوى اللجنة الدائمة، ج1 ص 415.
[136] تم تخريجه ص 67.
[137] أخرجه الترمذي رقم (135)، كتاب الطهارة، وابن ماجه رقم (639)، كتاب الطهارة، وأحمد في المسند (2/408، 476).
[138] أخرجه أبو داود رقم (3905)، كتاب الطب.
[139] فتاوى اللجنة الدائمة، ج1 ص 416.
[140] مجموع فتاوى ابن باز، ج2 ص925.
[141] مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز ج2، ص 697.
[142] فتاوى اللجنة الدائمة، ج3 ص 66.
[143] سورة لقمان الآيتان: 14، 15.
[144] فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ص 374.
[145] تقدم تخريجه ص 30.
[146] فتاوى اللجنة الدائمة، ج1 ص 418.
[147] فتاوى اللجنة الدائمة، ج1 ص 379.
[148] سورة البقرة الآية: 102.
[149] أخرجه البخاري رقم (2766)، كتاب الوصايا، ومسلم رقم (89)، كتاب الإيمان.
[150] تقدم تخريجه ص 67.
[151] تقدم تخريجه ص 67.
[152] مجموع فتاوى ابن باز، ج2 ص 693.
[153] سورة البقرة الآية 102.
[154] سورة البقرة الآية 102.
[155] المنتقى من فتاوى الفوزان، ج1 ص129.
[156] سورة البقرة الآية: 102.
[157] المجموع الثمين من فتاوى ابن عثيمين، ج1 ص 156.(6/54)
إهداء
تقديم
مقدمة
فتاوى في الرقى
فتاوى في العين والحسد
فتاوى في إتيان السحرة والمشعوذين
فتاوى في الجن
فتاوى في التمائم
فتاوى في الجن
وساوس الشيطان وما ينبغي فعله حيال ذلك.. 1
الجن وعدم مقدرتهم على التمثل بالذئب.. 2
إمكانية دخول الجني في الإنسي ومجامعته له. 3
تسخير الجن للدخول في بدن الإنسان وعدم الخروج إلا بشروط أمر وارد. 3
ليس للمعالج استخدام جني مسلم في معرفة المرض... 4
إذا شعر الإنسان أنه يجامع دون أن يكون ذلك حقيقة فقد يكون ذلك من الجن.. 4
للجن دواب تخصهم كما للإنسان.. 4
تحضير الأرواح ما هو إلا تحضير للشياطين.. 5
هذا القول غير صحيح.. 5
اختطاف الجن للإنس.... 6
محاكمة الجني للإنسي... 6
إمكانية تهديد الجني للراقي عن طريق الهاتف أو غيره. 6
لا يمكن للبشر العادي رؤية الجني... 6
بعض السحرة والمشعوذين يستطيعون رؤية الجن لأنهم خدموا الجن.. 7
حكم من يحضر الجن لاستخراج كنوز مدفونة. 7
حقيقة الجن وتأثيرهم وعلاج ذلك.. 7
الطرق التي يؤذي بها الجني الإنسي وكيفية الوقاية منها 8
حكم دخول الجني الإنسي... 9
مس الجن وعلاجه. 10
تأثير الإنس على الجن.. 12
الجن تتسلط على الإنس وتأمرهم بأمور منافية للشرع. 12
اعتداء الجن على الإنس وطرق الحماية منهم. 13
بعض أشكال العبث الذي يتعرض له الإنسان من الجن.. 14
الجني والإنسي كل منهم قد يؤذي الآخر ويقتله عمدًا وخطأ 15
حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح. 17
مسألة دخول الجني في الإنسي وجواز مخاطبته للإنسي... 20
حكم من ينكر وجود الجن ومدى تأثير ذلك على العقيدة. 25
وضع المصحف بجوار الطفل إهانة له. 26
وساوس الشيطان وما ينبغي فعله حيال ذلك
سؤال: في بعض الأحيان يأتي الشيطان للإنسان، ويوسوس في نفسه في ذات الله، وفي آياته الكونية، فما الذي ينبغي على الإنسان حيال ذلك؟(7/1)
الجواب: سئل النبي r عن هذا، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: ((جاء ناس من أصحاب النبي r فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به!، قال: وقد وجدتموه؟! قالوا: نعم! قال: ذلك صريح الإيمان))[1].
وفيه أيضًا عن عبد الله بن مسعود قال: ((سئل النبي r عن الوسوسة، قال: تلك محض الإيمان)) [2].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r : ((لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله، فمن خلق الله؟! فمن وجد من ذلك شيئًا فليقل: آمنت بالله)) [3].
وعنه أيضًا قال: قال رسول الله r : ((يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟حتى يقول له:من خلق ربك؟! فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته)) [4].
وعنه أيضًا قال: قال رسول الله r : ((يأتي الشيطان أحدكم، فيقول: من خلق الأرض؟ فيقول الله، فيقول: من خلق الخلق؟ فإذا أحس أحدكم بشيء من ذلك، فليقل: آمنت بالله ورسله)) [5].
وفي سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((جاء رجل إلى النبي r فقال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة)) [6].
ففي هذه الأحاديث وغيرها بيان أن هذه الأفكار التي قد تطرأ على الإنسان في الأمور الغيبية، أنها وسوسة من الشيطان ليوقعه في الشك والحيرة والعياذ بالله.
ثم إن الإنسان إذا وقع في مثل ذلك فعليه أمور، كما أرشدنا إليها النبي r من ذلك؟
الاستعاذة بالله.
الانتهاء عن ذلك، والانتهاء معناه قطع هذه الوسوسة.
أن يقول: آمنت بالله، وفي رواية: آمنت بالله ورسله.(7/2)
فإذا خطرت لك وسوسة في ذات الله، أو في قدم العالم، أو في عدم نهايته، أو في أمور البعث، واستحالة ذلك، أو في بيان الثواب والعقاب أو ما أشبه ذلك..فعليك أن تؤمن إيمانًا مجملاً، فالنصوص تقول: آمنت بالله، وبما جاء عن الله، وعلى مراد الله.. آمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله، وعلى مراد رسول الله، وما علمت منه أقول به، وماجهلت أتوقف فيه وأكل علمه إلى الله.
ولاشك أن هذه الوساوس متى تمادى فيها العبد جرّت إلى الحيرة، أو إلى الشك، وهذا مقصد الشيطان.
أما الذي يتمادى مع هذه الوسوسة يقع في الشك، ثم في الحيرة، ثم يتخلى في النهاية عن أمور العبادة، أما إذا قطعها منذ المرة الأولى، فإنها تنقطع إن شاء الله، مع كثرة الاستعاذة من الشيطان، وكثرة دحر الشيطان، لأن هذا من كيده ليوسوس به الإنسان حتى يشككه في إيمانه ودينه [7].
الجن وعدم مقدرتهم على التمثل بالذئب
سؤال: يعتقد كثير من الناس أن الجن لا يستطيعون التمثل بالذئب ويخافون من رائحته وأنه مسلط عليهم فيفترسهم في حالة مواجهتهم، ولذا يعمد كثير من الناس إلى الحصول على شيء من أثر الذئب كجلده أو نابه أو شعره والاحتفاظ به لإبعاد الجن فهل هذا الاعتقاد صحيح وما حكم من يفعلون هذه الأمور؟(7/3)
الجواب: هكذا سمعنا من كثير من الناس وذلك ممكن فقد ذكر لي من أثق به أن امرأة كانت مصابة بالمس وأن الجني الذي يلابسها كان يخرج أحيانًا ويحادثها وهي لا تراه ويجلس في حجرها وهي تحس به ففي إحدى المرات كانت في البرية عند غنمها ففجأة خرج ذئب عابر فوثب الجني من حجرها ورأت الذئب يطارده ورأته وقف في مكان فبعد ذهاب الذئب جاءت إلى موضعه فرأت قطرة من دم وبعد ذلك فقدت ذلك الجني وتحققت أنه أكله الذئب وهناك قصص أخرى، فلا مانع من أن الله أعطى الذئب قوة الشم لجنس الجن أو قوة النظر فيبصرهم وإن كان البشر لا يبصرهم فلعلهم بذلك لا يتمثلون بالذئب ويخافون من رائحته فليس ذلك ببعيد وأما الاحتفاظ بجلد الذئب أو نابه أو شعره واعتقاد أن ذلك ينفر الجن من ذلك المكان فلا أعرف ذلك ولا أظنه صحيحًا وأخاف أن يحمل ذلك عامة الجهلة على الاعتقاد في ذلك الناب ونحوه وأنه يحرس ويحفظ كما يعتقدون في التمائم والحروز، والله أعلم [8].
إمكانية دخول الجني في الإنسي ومجامعته له
سؤال: هل صحيح أن الجني يدخل في بدن الإنسان؟ وهل يمكن أن يجامع الجني الإنسي؟(7/4)
الجواب: تقدم في السؤال الحادي عشر أن بعض الجن يتصور للإنسي في صورة امرأة ثم يجامعها الإنسي وكذا يتصور الجني بصورة رجل ويجامع المرأة من الإنس كجماع الرجل للمرأة وعلاج ذلك التحفظ منهم ذكورًا وإناثًا بالأدعية والأوراد المأثورة وقراءة الآيات التي تشتمل على الحفظ والحراسة منهم بإذن الله ومن المشاهد أن الجني يلابس المرأة من الإنس وتغلب روحه على روحها وأن الجنية تلابس الرجل من الإنس وتغلب روحها على روحه بحيث إذا ضرب لا يحس بالضرب إلا الجني الملابس ومتى خرج وسئل الإنسي لم يتذكر ما مر به ولا ما قاله أو قيل له ولا يحس بالضرب ولا الألم وهناك من القراء من يقتل الجني وهو ملابس للإنسي بنوع من القرآن أو الأدوية ويعرفون الموضع الذي يتحجر فيه وهذا معروف عند أهل الرقى الذين اشتهروا بالعلاج من المس ونحوه[9].
تسخير الجن للدخول في بدن الإنسان وعدم الخروج إلا بشروط أمر وارد
سؤال: هل يمكن تسخير الجن وإدخاله بدن الإنسِ وأن لا يخرج إلا بالإجابة على الشروط التي يمليها الساحر؟
الجواب: اشتهر أن الساحر يعمل أعمالاً شيطانية يسخر بها عددًا من الجن يطيعونه ويسلطهم على من يريد الإضرار به والدليل على ذلك أن الكثير منهم ينطقون عند القراءة والتعذيب ويعترفون بأنهم مسخرون من الساحر الفلاني وأنهم لا يستطيعون الخروج إلا إذا أذن لهم وكثير منهم يبقون في الإنسي حتى يموتوا من الرقية أو يقتلهم الراقي بالضرب أو الأدوية ولا يخرجون بطواعية.
ويتعللون بأن هذا الساحر سخرهم وألجأهم إلى ملابسة هذا الإنسان وأن تحت تسخيره مئات من الجن فكلما مات أحدهم سلط آخر مكانه وعلى هذا فإن الساحر يتقرب إليهم ويذبح لهم أو يعمل أعمالاً شيطانية حتى يذلوا له ويطيعوه فمتى مات ذلك الساحر بطل عمله فإذا عرف الساحر وثبت سحره فإنه يقتل لقوله r : ((حد الساحر ضربة بالسيف)) [10]، والله أعلم.
ليس للمعالج استخدام جني مسلم في معرفة المرض(7/5)
سؤال: هل للمعالج أن يستخدم جنيًا مسلمًا في معرفة إذا ما كان الشخص به مس أو غير ذلك؟
الجواب: لا أرى ذلك فإن المعتاد أن الجن إنما تخدم الإنس إذا أطاعوها ولابد أن تكون الطاعة مشتملة على فعل محرم أو اقتراف ذنب فإن الجن غالبًا لا يتعرضون للإنس إلا إذا تعرضوا لهم أو كانوا من الشياطين، ثم إن بعض الإخوان الصالحين ذكروا أن الجن المسلمين قد يخاطبونهم ويجيبون على أسئلة يلقونها ولا نتهم بعض أولئك الإخوان بأنهم يعملون شركًا أو سحرًا، فإذا ثبت هذا فلا مانع من سؤالهم ولا يلزم تصديقهم في كل ما يقولون، والله أعلم[11].
إذا شعر الإنسان أنه يجامع دون أن يكون ذلك حقيقة فقد يكون ذلك من الجن
سؤال: أعرف شخصًا يشكو أمرًا وهو أنه إذا جاء للنوم يشعر وهو على فراشه بأن امرأة تجامعه، ويتكرر ذلك معه كثيرًا ويحصل منه الإنزال لذلك، وقد سأل عن ذلك فأخبره البعض أنه ربما كانت تجامعه جنية.
فهل هذا صحيح؟ وهل يمكن أن يجامع الإنس الجن أو يتزوج منهم؟ وما حكم ذلك؟
الجواب: هذا ممكن في الرجال والنساء، وذلك الجني قد يتشكل بصورة إنسان كامل الأعضاء ولا مانع يمنعه من وطء الإنسية إلا بالتحصن بالذكر والدعاء والأوراد المأثورة، وقد يغلب على بعض النساء ولو استعاذت منه حيث يلابسها ويخالطها، ولا مانع أيضًا أن الجنية تظهر بصورة امرأة كاملة الأعضاء وتلابس الرجل حتى تثور شهوته ويحس بأنه يجامعها وينزل منه المني ويحس بالإنزال، وطريقة التحصن من شرها التحفظ والدعاء والذكر واستعمال الأوراد المأثورة والمحافظة على الأعمال الصالحة والبعد عن المحرمات، والله أعلم[12].
للجن دواب تخصهم كما للإنسان
سؤال: جاء في الحديث عن طعام الجن قوله r : ((لكم كل عظم ذُكر اسم الله عليه يقع في أيديهم أوفر ما يكون لحمًا، وكل بعرة علف لدوابكم فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم)) فهل يعني هذا أن للجن دوابًا تخصهم وما هي حقيقة تلك الدواب؟(7/6)
الجواب: نعم هذا يدل على أن للجن دوابًا كما أن للإنس دوابًا وقد تكون مركوبة كالإبل والخيل أو محلوبة كالغنم والبقر، وقد تتمثل بصور دواب الإنس أو الوحش كالظباء والوعول والمركوبات ونحوها، وكثيرًا ما تختفي عن أبصار الإنس حيث إنها من جنس الجن الذين هم أجسام خفيفة يروننا ولا نراهم، ودل الحديث أنهم كالإنس يأكلون ويشربون وكذا دوابهم تأكل وتشرب وتتغذى، فمن غذائها بعر دواب الإنس وروثها تكون علفًا لدواب الجن لذلك نهينا عن الاستنجاء بها، والله أعلم[13].
تحضير الأرواح ما هو إلا تحضير للشياطين
سؤال: يشتغل أناس بتحضير الأرواح ويسلكون طرقًا مختلفة فيعتمد بعضهم على كوب صغير أو فنجان أو حروف قد رسمت فوق منضدة وتتكون إجابات الأرواح المستحضرة على الأسئلة الموجهة لهم من مجموع الحروف بحسب ترتيب تنقل الكوب أو الفنجان فيها ومنهم من يعتمد على طريقة السلة، يوضع في طرفها قلم يكتب الإجابات على أسئلة السائلين، فهل الذي يُحضِّر الروح ـ كما يزعمون ـ أم القرين أم شيطان؟ وما حكم الشرع في ذلك؟
الجواب: يقصد بالأرواح جنس الجن الذين خلقهم الله من النار فهم أرواح بلا أجساد ويقصد بتحضيرها نداؤها وطلب حضورها حتى تتكلم ويسمع كلامها البشر، ومعلوم أن الله قد حجبهم عنا وأن أبصارنا تخرقهم كما قال تعالى عن إبليس: قال تعالى: [ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ ] [14]، والمراد بقبيله جنسه وما كان على مثل خلقته كالملائكة والجن وقد أعطاهم القدرة على التشكل بأجساد متنوعة فيظهرون في صور حيوانات وحشرات وهوام متعددة، ولهم قدرة على ملابسة الإنسان كما قال تعالى: [ لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ] [15]، وقال r : ((إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)) [16].(7/7)
فالمسلم متى تحصن بذكر الله ودعائه وتلاوة كتابه والعمل الصالح والبعد عن الحرام فإن الله يحرسه ولا تقدر الجن على ملابسته ولا التسلط عليه إلا ما شاء الله، وأما التحضير المذكور في السؤال فلا شك أن المحضر إما أن يكون من خدام الشيطان الذين يتقربون إليهم بما يحبون أو يكتب حروفًا غير مفهومة تحتوي على شرك أو دعاء لغير الله فتجيبه الجن ويسمع كلامها الحاضرون والغالب أنه يحضر شخصًا ضعيف العقل والدين قليل الاهتمام بالذكر والدعاء حتى يلابسه الجني ويتكلم على لسانه ولا يفعل ذلك إلا السحرة والكهنة ونحوهم ولا يمتنع أن يسمع الإنسان كلام الجن المسلمين كما يشاهد أنهم يوقظونه للصلاة أو للتهجد وهو لا يراهم، والله أعلم[17].
هذا القول غير صحيح
سؤال: هناك قول مشهور بين الناس عن بعض القبائل التي لديها فراسة وقدرة على تقصي الآثار ومعرفة أصحابها وقيل ذلك لأن أحد أجدادهم قد تزوج من الجن وهذا هو سبب اكتسابهم هذه القدرة، فما مدى صحة ذلك؟
الجواب: هذا غير صحيح ولا أعرف أن الإنسان يتولد بين إنسي وجني حيث إن الجن ليس لهم أجسام وإنما هم أرواح هوائية وإن كانوا يقدرون على التشكل بأشكال منوعة، فأما هؤلاء الذين يعرفون الآثار والأشباه فهم من أهل الفراسة وقوة الذكاء والمعرفة والفطنة والتجربة وقد جعل الله تعالى فروقًا بين الآثار ومواطئ الأقدام كما جعل فروقًا ظاهرة بين الناس في الطول والقصر والسواد والبياض والصغر والكبر، فأنت ترى مائة ألف من البشر لا تجد فيهم اثنين متشابهين في كل الصفات، فهذا هو السبب الذي به يميز هؤلاء بين الناس ويعرفون الآثار والأشباه، والله أعلم[18].
اختطاف الجن للإنس
سؤال: لقد سمعت قصصًا كثيرة عن اختطاف الجن للإنس وقد قرأت قصة مفادها أن رجلاً من الأنصار رضي الله عنهم خرج يصلي العشاء فسبته الجن وفُقد أعوامًا، فهل هذا الأمر ممكن أعني اختطاف الجن للإنس؟(7/8)
الجواب: يمكن ذلك فقد اشتهر أن سعد بن عبادة قتلته الجن لما بال في جحر فيه منزلهم فقالوا: نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة ورميناه بسهم فلم نخطئ فؤاده، ووقع في خلافة عمر أن رجلاً اختطفته الجن وبقي أربع سنين ثم جاء وأخبر أن جنًا من المشركين اختطفوه فبقي عندهم أسيرًا فغزاهم جن مسلمون فهزموهم وردوه إلى أهله. ذكر ذلك في منار السبيل وغيره، والله أعلم[19].
محاكمة الجني للإنسي
سؤال: سمعنا من أحد الثقات ممن يقرؤون بالرقى الشرعية أنه أثناء قراءته على مريض به مس مات الجني المتلبس به، فرأى نفسه يحاكم بسبب ذلك من الجن وأنه تخلص من ذلك بشهادة أحد الجن له بأنه كان يذكر اسم الله عند علاجه وأنذر الجني قبل أن يشد عليه بالقراءة فخُلي سبيله، فهل هذا الأمر ممكن؟
الجواب: يمكن ذلك فإن أهالي ذلك الجني قد يحاكمونه إذا قتل أخاهم أو قريبهم كما لو أضر أحدهم ولم يذكر اسم الله عليه فإذا تحاكموا عند قضاتهم المسلمين وكان الجني هو المتسلط المعتدي والإنسي عالجه بالرقية وذكر اسم الله أو بأية علاج يخرج به، فإنهم يحكمون ببراءة الإنسي ويهدرون دم الجني لاعتدائه وظلمه، والله أعلم[20].
إمكانية تهديد الجني للراقي عن طريق الهاتف أو غيره
سؤال: يذكر أحد القراء أنه بعد معالجته لإحدى حالات المس وخروج الجني من جسد الإنسي، اتصل به مساء ذلك اليوم نفس الجني الذي أخرجه بقصد إزعاجه، فهل هذا الأمر ممكن؟
الجواب: نعم يمكن ذلك فإن الجن لهم تسلط على الإنس ومتى تمكنوا من الإزعاج فعلوه، ويكثر تأثر الذين يعالجون الجن بتهديدهم وإضرارهم أو إضرار أقاربهم لكن متى تحصنوا بالقرآن والأوراد والأدعية والعلاجات الواقية لم يقدروا عليهم ولم يضروهم بإذن الله، وهناك أدعية معروفة تحصن من شرهم كما يعرف ذلك من يشتغل بالرقية وعلاج المس. والله أعلم[21].
لا يمكن للبشر العادي رؤية الجني
سؤال: هل يمكن أن يظهر الجني للإنسان بصورته التي خلقه الله عليها؟(7/9)
الجواب: لا يمكن ذلك للبشر العادي فإن الجن أرواح بلا أجساد فأرواحهم خفيفة يخرقها البصر قال الله تعالى: [إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ] [22]، كما أنا لا نرى الملائكة الذين هم معنا يكتبون الأعمال ولا نرى الشيطان الذي يجري في جسد ابن آدم مجرى الدم، لكن إذا خص الله تعالى بعض البشر بخاصية النبوة فإنه يرى الملك كما كان النبي r يرى جبريل إذا نزل عليه ولا يراه من حوله من الناس، وأما الكهنة ونحوهم فإن الجني قد يلابس أحدهم ثم يريه بعض أفراد الجن بحيث يقول: جاء الجن إلى فلان فليس الإنسان هو الذي يراه وإنما الجني الملابس له هو الذي يراه ويخبر من حوله، والله أعلم [23].
بعض السحرة والمشعوذين يستطيعون رؤية الجن لأنهم خدموا الجن
سؤال: هل صحيح أن هناك أشخاصًا يستطيعون أن يعاينوا من أرادوا ومتى أرادوا؟
الجواب: أما جنس الإنسان فإنه لا يستطيع أن يرى جنس الجن رؤية حقيقية على هيئتهم التي خلقوا عليها، ولكن بعض السحرة والكهنة تلابسهم الشياطين وتتكلم على ألسنتهم وترى الجن كما هم وعند ذلك يخبر ذلك الإنسي الذي لابسه الجني بأنه يرى الجن وأنهم حضروا وذهبوا وجاءوا وهم أولئك ومن حوله من الإنس لا يرون شيئًا، ولابد أنهم قد خدموا الجن أو الشياطين حتى أظهرت لهم ما لا يراه غيرهم ويمكن أن يكون بعض الأتقياء والصالحين يكشف لهم عند الوفاة عن الملائكة الذين ينزلون لقبض روحه، وقد حكي عن كثير من أهل التقى والصلاح في ذلك حكايات كثيرة، والله على كل شيء قدير[24].
حكم من يحضر الجن لاستخراج كنوز مدفونة
سؤال: هناك من يحضر الجن بطلاسم يقولها ويجعلهم يخرجون له كنوزًا مدفونة في أرض القرية منذ زمن بعيد فما حكم هذا العمل؟(7/10)
الجواب: هذا العمل ليس بجائز فإن هذه الطلاسم التي يحضرون بها الجن ويستخدمونهم بها لا تخلو من شرك في الغالب والشرك أمره خطير قال الله تعالى: [ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ] [25]، والذي يذهب إليهم يغريهم ويغرهم، يغريهم بأنفسهم وأنهم على حق، ويغرهم بما يعطيهم من الأموال فالواجب مقاطعة هؤلاء وأن يدع الإنسان الذهاب إليهم وأن يحذر إخوانه المسلمين من الذهاب إليهم، والغالب في أمثال هؤلاء أنهم يحتالون على الناس ويبتزون أموالهم بغير حق ويقولون القول تخرصًا ثم إن وافق القدر أخذوا ينشرونه بين الناس ويقولون نحن قلنا وصار كذا ونحن قلنا وصار كذا، وإن لم يوافق ادعوا دعاوى باطلة أنها هي التي منعت هذا الشيء، وإني أوجه النصيحة إلى من ابتلي بهذا الأمر وأقول لهم: احذروا أن تمتطوا الكذب على الناس والشرك بالله عز وجل وأخذ أموال الناس بالباطل، فإن أمد الدنيا قريب والحساب يوم القيامة عسير، وعليكم أن تتوبوا إلى الله تعالى من هذا العمل وأن تصححوا أعمالكم وتطيبوا أموالكم، والله الموفق[26].
حقيقة الجن وتأثيرهم وعلاج ذلك
سؤال: هل للجن حقيقة؟ وهل لهم تأثير؟ وما علاج ذلك؟(7/11)
الجواب: أما حقيقة حياة الجن فالله أعلم بها ولكننا نعلم أن الجن أجسام حقيقية وأنهم خلقوا من النار وأنهم يأكلون ويشربون ويتزاوجون ولهم ذرية كما قال الله تعالى في الشيطان: [ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ] [27]، وأنهم مكلفون بالعبادات فقد أرسل إليهم النبي عليه الصلاة والسلام وحضروا واستمعوا القرآن الكريم كما قال الله تعالى: [ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًاعَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا] [28]، وكما قال تعالى: [ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ ] [29]، إلى آخر الآيات.
وثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال للجن الذين وفدوا إليه وسألوه الزاد قال: ((لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه تجدونه أوفر ما يكون لحمًا)) [30]، وهم - أعني الجن - يشاركون الإنسان إذا أكل ولم يذكر اسم الله على أكله ولهذا كانت التسمية على الأكل واجبة وكذلك على الشرب كما أمر بذلك النبي[31].(7/12)
وعليه فإن الجن حقيقة واقعة وإنكارهم تكذيب للقرآن الكريم وكفر بالله عز وجل وهم يؤمرون وينهون ويدخل كفارهم النار كما قال الله تعالى: [ قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا ] [32]، ومؤمنهم يدخل الجنة أيضًا لقوله تعالى: [ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَان * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * ذَوَاتَا أَفْنَانٍ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ] [33]، والخطاب للجن والإنس، ولقوله تعالى: [ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ ] [34]، إلى غير ذلك من الآيات والنصوص الدالة على أنهم مكلفون يدخلون الجنة إذا آمنوا ويدخلون النار إذا لم يؤمنوا.
أما تأثيرهم على الإنس فإنه واقع أيضًا فإنهم يؤثرون على الإنس إما أن يدخلوا في جسد الإنسان فيصرع ويتألم وإما أن يؤثروا عليه بالترويع والإيحاش وما أشبه ذلك.
والعلاج من تأثيرهم بالأوراد الشرعية مثل (قراءة آية الكرسي) [البقرة: 255] فإن من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح[35] [36].
الطرق التي يؤذي بها الجني الإنسي وكيفية الوقاية منها
سؤال: هل للجن تأثير على الإنس وما طريق الوقاية منهم؟(7/13)
الجواب: لاشك أن الجن لهم تأثير على الإنس بالأذية التي قد تصل إلى القتل وربما يؤذونه برمي الحجارة وربما يروعون الإنسان إلى غير ذلك من الأشياء التي ثبتت بها السنة ودل عليها الواقع، فقد ثبت أن الرسول r أذن لبعض أصحابه أن يذهب إلى أهله في إحدى الغزوات - وأظنها غزوة الخندق - وكان شابًا حديث عهد بعرس، فلما وصل إلى بيته وإذا امرأته على الباب فأنكر عليها ذلك فقالت له: ادخل فدخل فإذا حية ملتوية على الفراش وكان معه رمح فوخزها بالرمح حتى ماتت وفي الحال - أي الزمن الذي ماتت فيه الحية - مات الرجل فلا يدري أيهما أسبق موتًا الحية أم الرجل فلما بلغ ذلك النبي r نهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت إلا الأبتر وذا الطفتين وقال: ((إن بالمدينة جنًا قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئًا فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان))[37].
وهذا دليل على أن الجن قد يعتدون على الإنس وأنهم يؤذونهم كما أن الواقع شاهد بذلك، فإنه قد تواترت الأخبار واستفاضت بأن الإنسان قد يأتي إلى الخربة فيرمى بالحجارة وهو لا يرى أحدًا من الإنس في هذه الخربة وقد يسمع أصواتًا وقد يسمع حفيفًا كحفيف الأشجار، وما أشبه ذلك مما يستوحش به ويتأذى به.(7/14)
وكذلك أيضًا قد يدخل الجني إلى جسد الآدمي إما بعشق أو لقصد الإيذاء أو لسبب آخر من الأسباب، ويشير إلى هذا قوله تعالى: [ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ] [38]، وفي هذا النوع قد يتحدث الجني من باطن الإنسي نفسه ويخاطب من يقرأ عليه آيات من القرآن الكريم وربما يأخذ القارئ عليه عهدًا ألا يعود، إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة التي استفاضت بها الأخبار وانتشرت بين الناس وعلى هذا فإن الوقاية المانعة من شر الجن أن يقرأ الإنسان ما جاءت به السنة مما يتحصن به منهم مثل آية الكرسي، فإن آية الكرسي إذا قرأها الإنسان في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح، والله الحافظ[39].
حكم دخول الجني الإنسي
سؤال: هل هناك دليل على أن الجن يدخلون الإنس؟
الجواب: نعم هناك دليل من الكتاب والسنة، على أن الجن يدخلون الإنس، فمن القرآن الكريم قوله تعالى: [ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ] [40].
قال ابن كثير رحمه الله لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه، وتخبط الشيطان له. ومن السنة قوله r : ((إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)) [41].
وقال الأشعري في مقالات أهل السنة والجماعة: إنهم - أي أهل السنة - يقولون: إن الجني يدخل في بدن المصروع، واستدل بالآية السابقة.
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد: قلت لأبي: إن قومًا يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنسي، قال: يا بني، يكذبون هو ذا يتكلّم على لسانه.
وقد جاءت أحاديث عن رسول الله r رواها الإمام أحمد والبيهقي، أنه أتي بصبي مجنون فجعل النبي r يقول: ((اخرج عدو الله، أنا رسول الله)) [42]، فبرأ الصبي.(7/15)
فأنت ترى أن في هذه المسألة دليلاً من القرآن الكريم ودليلين من السنة، وأنه قول أهل السنة والجماعة وقول أئمة السلف، والواقع يشهد به ومع هذا لا ننكر أن يكون للجنون سبب آخر من توتر الأعصاب واختلال المخ وغير ذلك[43].
مس الجن وعلاجه
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي خلق الجنّ والإنس ليعبدوه، وشرع لهم ما تقتضيه حكمته ليجازيهم بما عملوه، وأشد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وكان الله على كل شيء قديرًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، المبعوث إلى الإنس والجن بشيرًا ونذيرًا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فقد قال الله تعالى: [ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُون * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ] [44].(7/16)
والجن عالم غيبي خلقوا من نار، وكان خلقهم قبل خلق الإنس، كما قال الله تعالى: [ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُون * وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ ] [45]، وهم مكلفون، يوجه إليهم أمر الله تعالى ونهيه، فمنهم المؤمن، ومنهم الكافر، ومنهم المطيع ومنهم العاصي، قال الله تعالى عنهم: [ وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ] [46]، وقال: [ وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا ] [47]، أي جماعات متفرقة وأهواء، كما يكون ذلك في الإنس، فالكافر منهم يدخل النار بالإجماع، والمؤمن يدخل كالإنس، قال الله تعالى: [ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَان * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ] [48]، والظلم بينهم وبين الإنس مُحرم، كما هو بين الآدميين، لقوله تعالى في الحديث القدسي: ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا)) [49] رواه مسلم.
ومع هذا فهم يعتدون على الإنس أحيانًا، كما يعتدي الإنس عليهم أحيانًا، فمن عدوان الإنس عليهم أن يستجمر الإنسان بعظم أو روث، ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن الجن سألوا النبي r الزاد فقال: ((لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه، يقع في أيديكم، أوفر ما يكون لحمًا، وكل بعرةٍ علف لدوابكم))، قال النبي r : ((فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم)) [50].(7/17)
ومن عدوان الجن على الإنس أنهم يتسلطون عليهم بالوسوسة التي يلقونها في قلوبهم، ولهذا أمر الله تعالى بالتعوذ من ذلك فقال: [ قُل ْأَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاس * مِن شَرِّالْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِالنَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ ] [51]، وتأمل كيف قال الله تعالى: [ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ] فبدأ بذكر الجن، لأن وسوستهم أعظم، ووصولهم إلى الإنس أخفى.
فإن قلت: كيف يصلون إلى صدور الناس فيوسوسون فيها؟ فاستمع الجواب من محمد رسول الله r حين قال لرجلين من الأنصار: ((إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرًا - أو قال: شيئًا)) [52]، وفي رواية: ((يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم)) [53].
ومن عدوان الجن على الإنس أنهم يخيفونهم، ويلقون في قلوبهم الرعب، ولاسيما حين يلتجئ الإنس إليهم، ويستجيرون بهم، قال الله تعالى: [ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ] [54]، أي خوفًا وإرهابًا وذعرًا.
ومن عدوان الجن على الإنس أن الجني يصرع الإنسي فيطرحه، ويدعه يضطرب حتى يغمى عليه، وربما قاده إلى ما فيه هلاكه من إلقائه في حفرة أو ماء يغرقه، أو نارتحرقه، وقد شبه الله تعالى آكلي الربا عند قيامهم من قبورهم بالمصروع الذي يتخبطه الشيطان، قال الله تعالى: [ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ] [55]، قال ابن جرير: وهو الذي يتخبطه فيصرعه، وقال ابن كثير: إلا كما يقوم المصروع حال صرعه، وتخبط الشيطان له، وقال البغوي: يتخبطه الشيطان أي يصرعه، ومعناه أن آكل الربا يبعث يوم القيامة كمثل المصروع.(7/18)
وروى الإمام أحمد في مسنده (4/ 171 ـ 172)، عن يعلى بن مرة رضي الله عنه أن امرأة أتت النبي r بابن لها قد أصابه لمم، فقال النبي r : ((اخرج عدو الله، أنا رسول الله))، قال: فبرأ الصبي، فأهدت أمه إلى النبي r كبشين وشيئًا من أقط وسمن، فأخذ النبي r الأقط والسمن وأحد الكبشين، ورد عليها الآخر[56]، وإسناده ثقات، وله طرق قال عنها ابن كثير في تاريخه (البداية والنهاية): فهذه طرق جيدة متعددة، تفيد غلبة الظن أو القطع عند المتبحرين أن يعلى بن مرة حدث بهذه القصة في الجملة.
قال ابن القيم يرحمه الله تعالى - وهو أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية البارزين - في كتابه (زاد المعاد) (4/66): الصرع صرعان: صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية، وصرع من الأخلاط الرديئة، والثاني هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعلاجه، وأما صرع الأرواح فأئمتهم (أي الأطباء) وعقلاؤهم يعترفون به، ولا يدفعونه، وأما جهلة الأطباء وسقطهم وسفلتهم ومن يعتقد الزندقة فضيلة، فأولئك ينكرون صرع الأرواح، ولا يقرون بأنها تؤثر في بدن المصروع، وليس معهم إلا الجهل! وإلا فليس في الصناعة الطبية ما يدفع ذلك، والحسّ والوجود شاهدان به، ومن له عقل ومعرفة بهذه الأرواح وتأثيراتها يضحك من جهل هؤلاء وضعف عقولهم. أيها الناس إن للتخلص من هذا النوع من الصرع أمرين: وقاية وعلاج:
فأما الوقاية فتكون بقراءة الأوراد الشرعية من كتاب الله تعالى، وصحيح سنة رسول الله r وبقوة النفس وعدم الجريان وراء الوساوس والتخيلات التي لا حقيقة لها، فإن جريان الإنسان وراء الوساوس والأوهام يؤدي إلى أن تتعاظم هذه الأوهام والوساوس حتى تكون حقيقة.(7/19)
وأما العلاج أعني علاج صرع الأرواح، فقد اعترف كبار الأطباء أن الأدوية الطبيعية لاتؤثر فيه، وعلاجه بالدعاء والقراءة والموعظة، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يعالج بقراءة آية الكرسي والمعوذتين، وكثيرًا ما يقرأ في أذن المصروع: [ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ] [57]، قال تلميذه ابن القيم: حدثني أنه قرأ مرة هذه الآية في أذن المصروع فقالت الروح: نعم ومد بها صوته: قال: فأخذت له عصًا وضربته بها في عروق عنقه حتى كلت يدي من الضرب، وفي أثناء ذلك قالت: أنا أحبه فقلت لها: هو لا يُحبك، قالت: أنا أريد أن أحج به، فقلت لها: هو لا يريد أن يحج معك، قالت: أنا أدعه كرامة لك، قلت: لا ولكن طاعة لله ولرسوله r ، قالت: فأنا أخرج، فقعد المصروع يلتفت يمينًا وشمالاً، وقال: ما جاء بي إلى حضرة الشيخ. هذا كلام ابن القيم يرحمه الله عن شيخه.
وقال ابن مفلح في كتاب: (الفروع)، وهو من تلاميذ شيخ الإسلام أيضًا: كان شيخنا إذا أتي بالمصروع وعظ من صرعه، وأمره ونهاه، فإن انتهى وفارق المصروع أخذ عليه العهد أن لا يعود، وإن لم يأتمر ولم ينته ولم يفارق ضربه حتى يفارقه، والضرب في الظاهر على المصروع، إنما يقع في الحقيقة على من صرعه.
وأرسل الإمام أحمد إلى مصروع ففارقه الصارع، فلما مات أحمد عاد إليه.(7/20)
وبهذا تبين أن صرع الجن للإنس ثابت بمقتضى دلالة الكتاب والسنة والواقع، وأنكر ذلك المعتزلة! ولولا ما أثير حول هذه المسألة من بلبلة وجدال أدى إلى جعل كتاب الله تعالى دالاً على معانٍ تخيلية لا حقيقة لها، ولولا أن إنكار هذا يستلزم تسفيه أئمتنا وعلمائنا من أهل السنة، أو تكذيبهم ـ أقول: لولا هذا وهذا ما تكلمت في هذه المسألة لأنها من الأمور المعلومة بالحس والمشاهدة، وما كان معلومًا بالحس والمشاهدة لا يحتاج إلى دليل، لأن الأمور الحسية دليل بنفسها وإنكارها مكابرة أو سفسطة، فلا تخدعوا أنفسكم، ولا تتعجلوا، واستعيذوا بالله من شرور خلقه من الجن والإنس، واستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور التواب الرحيم[58].
تأثير الإنس على الجن
سؤال: شخص يسأل عن تأثير الجن على الإنس أو الإنس على الجن وعن تأثير عين الحاسد في المحسود؟
الجواب: تأثير الجن على الإنس والإنس على الجن وتأثير عين الحاسد في المحسود كل ذلك واقع ومعروف، لكن ذلك كله بإذن الله سبحانه وتعالى الكوني القدري لا إذنه الشرعي، أما ما يتعلق بتأثير عين الحاسد في المحسود فهو ثابت فعلاً وواقع في الناس وقد صح عن النبي r أنه قال: ((العين حق ولو أن شيئًا سبق القدر سبقته العين)) [59]، وقال r : ((لا رقية إلا من عين أو حمة أو دمٍ يرقأ))[60]، والأحاديث في هذا كثيرة نسأل الله العافية والثبات على الحق، وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه[61].
الجن تتسلط على الإنس وتأمرهم بأمور منافية للشرع
سؤال:من الناس من تلبس بهم الجن فيقال عليه أسياد أو عليه شيخ ويكون من الجان، وقد يكون كافرًا أو نصرانيًا فيأمر المتلبس بأشياء مخالفة للشرع مثل عدم الصلاة أو بعمل أشياء لا يطيقها وإن لم يفعل فإنهم يعذبونه، ما هي الطريقة الشرعية للتخلص من هؤلاء؟(7/21)
الجواب: مس الجن الإنسان أمر واقع وإذا أمر الجني من مسه بمحرم وجب على المصاب أن يتمسك بشرع الله وأن يعصي الجني في أمره بمعصيته الله وإن آذاه الجني، وعليه أن يتعوذ بالله من شره ويحصن نفسه بقراءة القرآن وبالتعوذات الشرعية وبالأذكار الثابتة عن النبي[62]، منها الرقية بقراءة سورة الفاتحة ومنها قراءة سورة قال تعالى: [ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ] والمعوذتين، ثم ينفث في يديه ويمسح بهما وجهه وما استطاع من بدنه ثم يقرأ هذه السور الثلاث مرة ثانية وينفث في يديه ويمسح بهما وجهه وما استطاع من بدنه ثم يقرؤها مرة ثالثة وينفث في يديه ويمسح بهما وجهه وما استطاع من بدنه، إلى غير ذلك من الرقية بسور القرآن وآياته وبالأذكار الثابتة مع اللجوء إلى الله في طلب الشفاء والحفظ من شياطين الجن والإنس، وارجع إلى كتاب الكلم الطيب لابن تيمية وكتاب الوابل الصيب لابن القيم والأذكار للنووي ففيها بيان كثير من أنواع الرقية، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[63].
اعتداء الجن على الإنس وطرق الحماية منهم(7/22)
سؤال:سائل يقول: في ليلة من الليالي ذهب أخي البالغ من العمر (15سنة) يمشي على أقدامه في وادٍ من بوادي الجنوب فقال إنه وجد جسمًا تمثل له بأنه قطة ويقول إن هذا الجسم مشى معه مسافة ما يقارب كيلو، وقد حصل له اشتداد في الأعصاب وتلاصقت فكاه قال: وصار هذا الحيوان يمشي معي مرة عن يميني وتارة عن شمالي ومرة خلفي وأخرى أمامي، وقال: إنه حاول مرات كثيرة أن يذكر الله ولم يستطع ثم قال: إنه حاول أن يتحرك بعمل يبعد هذا الجسم عنه ولكنه كذلك لم يستطع، ثم اختفت فجأة حسب قوله ثم واصل سيره حتى وصل البيت وبقي مدة تقدر بأسبوعين مصابًا باضطراب في الأعصاب والفكر، ثم جاء له بعدها صرعة وقد نقلته إلى الدمام وذهبت به إلى المستشفى ولكن بعض الأصدقاء قالوا لي: إن أخاك مصاب بمرض جنون وهو فعلاً قد رأى الجن - هذا كلامهم لي - ولا ينفع فيه علاج المستشفى وإنما يلزمك الذهاب إلى طبيب عربي. وعلى أثر ذلك أجبرت من مرض أخي وذهبت به إلى شخص في الدمام قال إنه يعالج أمراض الجن، وعندما وصلنا إليه أجلس الولد أمامه وصار يهلل ويصلي على النبي بصوت مرتفع، ثم يقول كلمات بصوت منخفض لا ندري ماذا يقول، ثم وضع ماء في فنجان وقرأ على الماء الفاتحة وبعض الكلمات لم أسمعها وأسقاه الولد ثم أعطانا لبانًا وقال - يقصد الولد - تبخر بهذا اللبان، بإشرافنا ثم عدنا له مرة أخرى وقرأ على الولد مثل ما قرأ المرة السابقة وقال مثل ما قال ثم قال: استمروا عندي ست جلسات كل أسبوع جلسة وبعدها نكتب اسمه لدينا ونشوف هل له علاج عندنا أم لا؟ ثم قال: إننا نطالع الولد وهو يتبخر ثم إننا نطالع الذي في نجران وأبها وعدد مناطق كثيرة وقال إنه يعلم المريض الذي في الكويت، هذا ومن جهة أخرى فهو لا يأخذ فلوسًا سوى الذي يعطيه الفرد دون أن يطلب، هذا ومن ناحية صحة الولد فقد تحسنت بإذن الله سبحانه وتعالى، كذلك أنا ولله الحمد عقيدتي راسخة بإذن الله رسوخ الجبال وليس لدي أدنى شك(7/23)
بأن النافع والضار هو الله وحده دون سواه، وإنما ذهابي إلى هذا الشخص ليس اعتقادًا مني في أنه سيشفي أخي، بل اعتقادي في ذلك الوقت وفي كل وقت بأنه لن يشفي أخي إلا الله سبحانه وتعالى، آمل من سماحتكم إرشادي أولاً: ماذا أعمل هل أداوم بمراجعة أخي لهذا الشخص أم تنصحونني بغير ذلك؟ ثانياً: ما صحة علاج هذا الشخص للناس بهذه الطريقة من الناحية الشرعية؟
الجواب: إذا كان الواقع كما ذكر فالذي بأخيك مس من الجن، وعلاجه بالرقى الشرعية من تلاوة القرآن كسورة الفاتحة و [ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ] و [ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ] و [ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ] وآية الكرسي، وغيرها من سور القرآن وآياته، والأذكار والأدعية النبوية الثابتة عن
النبي r مثل: ((أعيذك بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة)) [64]، ومثل: ((أذهب البأس، رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقمًا)) [65]، وارجع إلى كتاب الكلم الطيب لابن تيمية، والوابل الصيب لابن القيم، والأذكار النووية للنووي لتعلم منها الأذكار والأدعية التي تناسب مرض أخيك لتقرأ بها عليه أو يقرأها على نفسه، وننصحك ألا تعود إلى ذلك الرجل أو مثله لعلاج أخيك أو غيره، فإنه وإن أصاب في قراءة الفاتحة إلا أنه تكلم معها بكلمات أسرها، إخفاءٍ لها على ماء في الفنجان وسقاه الماء فقد يكون ما تكلم به سرًا تعويذات شيطانية واستعانة بالجن وهذا من الكهانة، وقد نهى النبي r عن الإتيان إلى الكهان، وفي الرقية الشرعية غنى عن الإتيان إلى الكهان شفى الله أخاك وثبتنا وإياكم على الحق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[66].
بعض أشكال العبث الذي يتعرض له الإنسان من الجن(7/24)
سؤال:سائل يقول: إنه يسكن في منزل في البادية ورثه من آبائه وأجداده السالفين والآن في المدة الأخيرة وبالذات في (2 رمضان) حدثت له فيه كارثة ومن هذه الليلة وأنا أرمى بالحجارة من داخل المنزل ومن خارجه ويطفأ عليّ المصباح بدون أن أرى من يفعل بي هذا ومكثت على ذلك مدة 4 أيام وأنا أعاني من هذه المصيبة فجئت إلى عشيرتي لعلهم يدلوني على شيء فأخبرتهم بهذا الخبر المفجع لكنهم ردوا عليّ بقولهم إن أعداءك هم الذين يفعلون بك هذه الصنيعة الشنعاء وراحوا معي فلما جاء الليل وأظلم شاهدوا الذي قلت لهم وصدقوني على ما قلت لهم. بعد هذا كله ألح عليّ أهلي بالخروج من هذا المسكن ومبارحته، كيف يكون تفسيركم لهذه الكارثة والمصيبة، ثم ما علاجها وما هو حكم الشريعة في ذلك؟
الجواب: قد يكون هؤلاء نفرًا من شياطين الجن اعتدوا عليك وعبثوا بك لتخرج من البيت أو لمجرد العبث بك واللعب عليك وقد يكون منهم انتقامًا منك لإيذائك إياهم من حيث لا تعلم، وعلى كل حال الجأ إلى الله وتحصن بتلاوة كتاب الله في البيت وقراءة آية الكرسي عندما تضطجع في فراشك للنوم أو الراحة، وتستعيذ بالله من شر ما خلق وتقول: ((أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات))[67]، وتقول كلما دخلت البيت: ((اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج باسم الله ولجنا وباسم الله خرجنا وعلى الله ربنا توكلنا)) [68]، وتقول عند كل صباح ومساء ثلاث مرات: ((بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم)) [69].
وبالجملة تحافظ على تلاوة القرآن في البيت وغيره، وعلى الأذكار النبوية الثابتة عن النبي r فتذكر الله بها في أوقاتها ليلاً ونهارًا في البيت وغيره وتجدها في كتاب الكلم الطيب لابن تيمية، وكتاب الوابل الصيب لابن القيم وكتاب الأذكار للنووي وغير ذلك من كتب الحديث، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[70].(7/25)
الجني والإنسي كل منهم قد يؤذي الآخر ويقتله عمدًا وخطأ
سؤال:هل الحديث التالي ليس بحجة على تمليك الجن سلطانًا على البشر؟ عن أبي السائب قال: دخلنا على أبي سعيد الخدري فبينما نحن جلوس إذ سمعنا تحت سريره حركة فنظرنا فإذا فيه حية فوثبت لأقتلها وأبو سعيد يصلي فأشار إليّ أن أجلس فجلست فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار فقال: أترى هذا البيت؟ فقلت: نعم، فقال: كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس قال: فخرجنا مع رسول الله r إلى الخندق فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله r بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله فاستأذنه يومًا فقال له رسول الله r : ((خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك قريظة))، فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع فإذا امرأته بين البابين قائمة فأهوى إليها بالرمح ليطعنها وأصابته غيرة، فقالت له: اكفف عليك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به ثم خرج فركزه في الدار فاضطربت عليه فما يدري أيهما كان أسرع موتًا الحية أم الفتى إلخ.. رواه مسلم في الصحيح[71] مشكاة المصابيح باب ما يحل أكله وما يُحرم.
الجواب:
أولاً: الحديث صحيح من جهة سنده ومتنه.
ثانيًا: الناس خلق أبوهم آدم من طين ثم صار بشرًا سويًا وتناسل منه أولاده والجن خلقوا من نار، ثم صاروا أحياء منهم الذكور ومنهم الإناث وكل من الجن والإنس قد أرسل إليهم النبي r فمنهم من آمن ومنهم من كفر والإنسي قد يؤذي الجني وهو يعلم أو لا يعلم والجني قد يؤذي الإنسي ويصرعه أو يقتله كما أن الإنسي قد يؤذي الإنسي ويضره والجني قد يؤذي الجني.
ومن نفى ذلك عن الجن وهو لم يحط علمًا بأحوالهم فقد نفى ما ليس له به علم وخالف ما ورد فيهم من آيات القرآن فقد قال تعالى: [ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ] [72]، وقال: [وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ] [73].(7/26)
وخاطبهم الله تعالى كالإنس في قوله: [ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّار ] [74]، وبقوله: [ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ] [75].
وسخر سبحانه الجن على اختلاف حالهم لنبيه سليمان عليه السلام، قال تعالى: [ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاص * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ] [76]، وقال تعالى: [ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ] [77]الآيات، وقال: [ وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ ] [78].(7/27)
وقال تعالى: [ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْاإِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىطَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيم * وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ] [79]، وقال: [ وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليم * وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ][80].(7/28)
واقرأ الآيات من سورة الجن في تفصيل أحوالهم وأعمالهم وجزاء من آمن منهم ومن كفر فلا عجب أن يتمكن جني من إنسي وأن يصيبه بأذى كما يتمكن الإنسي من الجني ويصيبه بما يضره إذا تمثل الجني بصورة حيوان مثلاً كما في الحديث المذكور في السؤال وكما في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي r قال: ((إن عفريتًا من الجن تفلت علي البارحة ليقطع علي الصلاة فأمكنني الله منه فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم فذكرت قول أخي سليمان: [ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ] [81]، فرده خائبًا)) [82].
وبالجملة فكل من الجن والإنس إما مؤمن وإما كافر وطيب أو خبيث ونافع لغيره أو مؤذ له ضار به كل بإذن الله عز وجل كما تقدم.
وأخيرًا فعالم الجن وأحوالهم غيبي بالنسبة للإنس لا يعلمون منها إلا ما جاء في كتاب الله تعالى أو صح من سنة رسول الله r فيجب الإيمان بما ثبت في ذلك بالكتاب والسنة دون استغراب أو استنكار والسكوت عما عداه لأن الخوض نفيًا أو إثباتًا قول بغير علم وقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله سبحانه: [ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ] [83].
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[84].
حكم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد:(7/29)
فلقد شاع بين كثير من الناس من الكتاب وغيرهم ما يسمى بعلم تحضير الأرواح وزعموا أنهم يستحضرون أرواح الموتى بطريقة اخترعها المشتغلون بهذه الشعوذة يسألونها عن أخبار الموتى من نعيم وعذاب وغير ذلك من الشئون التي يظن أن عند الموتى علمًا بها في حياتهم، ولقد تأملت هذا الموضوع كثيرًا فاتضح لي أنه علم باطل وأنه شعوذة شيطانية يراد منها إفساد العقائد والأخلاق والتلبيس على المسلمين والتوصل إلى دعوى علم الغيب في أشياء كثيرة ولهذا رأيت أن أكتب في ذلك كلمة موجزة لإيضاح الحق والنصح للأمة وكشف التلبيس عن الناس.
فأقول: لا ريب إن هذه المسألة مثل جميع المسائل يجب ردها إلى كتاب الله وسنة رسوله r فما أثبتاه أو أحدهما أثبتناه، وما نفياه أو أحدهما نفيناه كما قال الله عز وجل: [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ] [85]ومسألة ((الروح)) من الأمور الغيبية التي اختص الله سبحانه وتعالى بعلمها ومعرفة كنهها فلا يصح الخوض فيها إلا بدليل شرعي قال الله تعالى: [ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ] [86]، وقال سبحانه في سورة النمل: [ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ][87]الآية.(7/30)
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في المراد بالروح في قوله تعالى في سورة الإسراء: [ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ] [88]، فقال بعضهم: إنه الروح الذي في الأبدان وعلى هذا فالآية دليل على أن الروح أمر من أمر الله لا يعلم الناس عنه شيئًا إلا ما علمهم الله إياه لأن ذلك أمر من الأمور التي اختص الله سبحانه بعلمها وحجب ذلك عن الخلق.
قد دل القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة عن رسول الله r على أن أرواح الموتى تبقى بعد موت الأبدان ومما يدل على ذلك قوله تعالى: [ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ] [89]الآية، وثبت أن نبي الله r أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش فقذفوا في طوى من أطواء بدر خبيث مخبث وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه وقالوا: ما نراه انطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: ((يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًا قال: فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ فقال رسول الله r : والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا)) [90]، وثبت عنه r أن الميت يسمع قرع نعال المشيعين له إذا انصرفوا عنه[91].(7/31)
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: والسلف مجمعون على هذا وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به ونقل ابن القيم أن ابن عباس رضي الله عنهما قال في تفسير قوله تعالى: [ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ] [92]، بلغني أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فيتساءلون بينهم فيمسك الله أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها.
ثم قال ابن القيم رحمه الله: وقد دل على التقاء أرواح الأحياء والأموات أن الحي يرى الميت في منامه فيستخبره ويخبره الميت بما لا يعلم الحي فيصادف خبره كما أخبره فهذا هو الذي عليه السلف من أن أرواح الأموات باقية إلى ما شاء الله وتسمع ولكن لم يثبت أنها تتصل بالأحياء في غير المنام.(7/32)
كما أنه لا صحة لما يدعيه المشعوذون من قدرتهم على تحضير أرواح من يشاءون من الأموات ويكلمونها ويسألونها فهذه ادعاءات باطلة ليس لها ما يؤيدها من النقل ولا من العقل، بل إن الله سبحانه وتعالى هو العالم بهذه الأرواح والمتصرف فيها وهو القادر على ردها إلى أجسامها متى شاء ذلك فهو المتصرف وحده في ملكه وخلقه لا ينازعه منازع، أما من يدعي غير ذلك فهو يدعي ما ليس له به علم ويكذب على الناس فيما يروجه من أخبار الأرواح، إما لكسب مال أو لإثبات قدرته على ما لا يقدر عليه غيره أو للتلبيس على الناس لإفساد الدين والعقيدة، وما يدعيه هؤلاء الدجالون من تحضير الأرواح إنما هي أرواح شياطين يخدمها بعبادتها وتحقيق مطالبها وتخدمه بما يطلب منها كذبًا وزورًا في انتحالها أسماء من يدعونه من الأموات كما قال الله تعالى: [ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَايَفْتَرُون * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ ] [93]، وقال تعالى: [ وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ ] [94].(7/33)
وذكر علماء التفسير أن استمتاع الجن بالإنس بعبادتهم إياهم بالذبائح والنذور والدعاء وأن استمتاع الإنس بالجن قضاء حوائجهم التي يطلبونها منهم وإخبارهم ببعض المغيبات التي يطلع عليها الجن في بعض الجهات النائية أو يسترقونها من السمع أو يكذبونه وهو الأكثر ولو فرضنا أن هؤلاء الإنس لا يتقربون إلى الأرواح التي يستحضرونها بشيء من العبادة فإن ذلك لا يوجب حل ذلك وإباحته لأن سؤال الشياطين والعرافين والكهنة والمنجمين ممنوع شرعًا وتصديقهم فيما يخبرون به أعظم تحريمًا وأكبر إثمًا بل هو من شعب الكفر لقول النبي r : ((من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) [95]، وفي مسند أحمد والسنن عن النبي r أنه قال: ((من أتى كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)) [96].
وقد جاء في هذا المعنى أحاديث وآثار كثيرة ولاشك أن هذه الأرواح التي يستحضرونها بزعمهم داخلة فيما منع منه النبي r لأنها من جنس الأرواح التي تقترن بالكهان والعرافين من أصناف الشياطين فيكون لها حكمها فلا يجوز سؤالها ولا استحضارها ولا تصديقها بل كل ذلك محرم ومنكر بل وباطل لما سمعت من الأحاديث والآثار في ذلك ولأن ما ينقلونه عن هذه الأرواح يعتبر من علم الغيب وقد قال الله سبحانه: [ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ] [97].
وقد تكون هذه الأرواح هي الشياطين المقترنة بالأموات الذين طلبوا أرواحهم فتخبر بما تعلمه من حال الميت في حياته مدعية أنها روح الميت الذي كانت مقترنة به فلا يجوز تصديقها ولا استحضارها ولا سؤالها كما تقدم الدليل على ذلك، وما يحضره ليس إلا الشياطين والجن يستخدمهم مقابل ما يتقرب به إليهم من العبادة التي لا يجوز صرفها لغير الله فيصل بذلك إلى حد الشرك الأكبر الذي يخرج صاحبه من الملة - نعوذ بالله من ذلك - .(7/34)
ولقد أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في دار الإفتاء السعودية فتوى عن التنويم المغناطيسي الذي هو أحد أنواع تحضير الأرواح هذا نصها: ((التنويم المغناطيسي ضرب من ضروب الكهانة باستخدام جني يسلطه المنوِّم على المنوم فيتكلم بلسانه ويكسبه قوة على بعض الأعمال بسيطرته عليه إن صدق مع المنوم وكان طوعًا له مقابل ما يتقرب به المنوم إليه ويجعل ذلك الجني المنوم طوع إرادة المنوم يقوم بما يطلبه منه من الأعمال بمساعدة الجني له إن صدق ذلك الجني مع المنوم وعلى ذلك يكون استغلال التنويم المغناطيسي واتخاذه طريقًا أو وسيلة للدلالة على مكان سرقة أو ضالة أو علاج مريض أو القيام بأي عمل آخر بواسطة المنوم غير جائز بل هو شرك لما تقدم ولأنه التجاء إلى غير الله فيما هو من وراء الأسباب العادية التي جعلها الله سبحانه إلى المخلوقات وأباحها لهم)) انتهى كلام اللجنة.
وممن كشف حقيقة هذه الدعوى الباطلة الدكتور محمد محمد حسين في كتابه ((الروحية الحديثة حقيقتها وأهدافها)) وكان ممن خدع بهذه الشعوذة زمنًا طويلاً ثم هداه الله إلى الحق وكشف زيف تلك الدعوى بعد أن توغل فيها ولم يجد فيها سوى الخرافات والدجل، وقد ذكر أن المشتغلين بتحضير الأرواح يسلكون طرقًا مختلفة منهم المبتدئون الذين يعتمدون على كوب صغير أو فنجان ينتقل بين حروف قد رسمت فوق منضدة وتتكون إجابات الأرواح المستحضرة حسب زعمهم - من مجموع الحروف بحسب ترتيب تنقله فيها، ومنهم من يعتمد على طريقة السلة يوضع في طرفها قلم يكتب الإجابات على أسئلة السائلين ومنهم من يعتمد على وسيط كوسيط التنويم المغناطيسي.(7/35)
وذكر أنه يشك في مدعي تحضير الأرواح وأن وراءهم من يدفعهم بدليل الدعاية التي عملت لهم فتسابقت إلى تتبع أخبارهم ونشر ادعاءاتهم صحف ومجلات لم تكن من قبل تنشط لشيء يمس الروح أو الحياة الآخرة ولم تكن في يوم من الأيام داعية إلى الدين أو الإيمان بالله، وذكر أنهم يهتمون بإحياء الدعوة الفرعونية وغيرها من الدعوات الجاهلية كما ذكر أن الذين روجوا لأصل هذه الفكرة هم أناس فقدوا عزيزًا عليهم فيغرون أنفسهم بالأوهام وأن أشهر من روج لهذه البدعة السيد أوليفر لودج الذي فقد ابنه في الحرب العالمية الأولى ومثله مؤسس الروحية في مصر أحمد فهمي أبو الخير الذي مات ابنه عام 1937م وكان رزق به بعد طول انتظار.
وذكر الدكتور محمد محمد حسين أنه مارس هذه البدعة فبدأ بطريقة الفنجان والمنضدة فلم يجد فيها ما يبعث على الاقتناع، وانتهى إلى مرحلة الوسيط وحاول مشاهدة ما يدعونه من تجسيد الروح أو الصوت المباشر ويرونه دليل دعواهم فلم ينجح هو ولا غيره لأنه لا وجود لذلك في حقيقة الأمر وإنما هي ألاعيب محكمة تقوم على حيل خفية بارعة ترمي إلى هدم الأديان، وأصبحت الصهيونية العالمية الهدامة ليست بعيدة عنها، ولما لم يقتنع بتلك الأفكار الفاسدة وكشف حقيقتها انسحب منها وعزم على توضيح الحقيقة للناس ويقول إن هؤلاء المنحرفين لا يزالون بالناس حتى يستلوا من صدورهم الإيمان وما استقر في نفوسهم من عقيدة ويسلمونهم إلى خليط مضطرب من الظنون والأوهام، ومدعو تحضير الأرواح لا يثبتون للرسل صلوات الله وسلامه عليهم إلا صفة الوساطة الروحية كما قال زعيمهم آرثر فندلاي في كتابه على حافة العالم الأثيري عن الأنبياء: هم وسطاء في درجة عالية من درجات الوساطة، والمعجزات التي جرت على أيديهم ليست إلا ظواهر روحية كالظواهر التي تحدث في حجرة تحضير الأرواح.(7/36)
ويقول الدكتور حسين: إنهم إذا فشلوا في تحضير الأرواح قالوا: الوسيط غير ناجح أو مجهد أو إن شهود الجلسة غير متوافقين أو إن بينهم من حضر إلى الاجتماع شاكًا أو متحديًا.
ومن بين مزاعمهم الباطلة أنهم زعموا أن جبريل عليه السلام يحضر جلساتهم ويباركها. قبحهم الله، انتهى المقصود من كلام الدكتور محمد محمد حسين.
ومما ذكرناه في أول الجواب وما ذكرته اللجنة والدكتور محمد محمد حسين في التنويم المغناطيسي يتضح بطلان ما يدعيه محادثو الأرواح من كونهم يحضرون أرواح الموتى ويسألونهم عما أرادوه ويعلم أن هذه كلها أعمال شيطانية وشعوذة باطلة داخلة فيما حذر منه النبي r من سؤال الكهنة والعرافين وأصحاب التنجيم ونحوهم والواجب على المسئولين في الدول الإسلامية منع هذا الباطل والقضاء عليه وعقوبة من يتعاطاه حتى يكف عنه، كما أن الواجب على رؤساء تحرير الصحف الإسلامية أن لا ينقلوا هذا الباطل وأن لا يدنسوا به صحفهم وإذا كان لابد من نقل فليكن نقل الرد والتزييف والإبطال والتحذير من ألاعيب الشياطين من الإنس والجن ومكرهم وخداعهم وتلبيسهم على الناس، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل وهو المسئول سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين ويمنحهم الفقه في الدين ويعيذهم من خداع المجرمين وتلبيس أولياء الشياطين إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد[98].
مسألة دخول الجني في الإنسي وجواز مخاطبته للإنسي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:(7/37)
فقد نشرت بعض الصحف المحلية وغيرها في شعبان عام 1407هـ أحاديث مختصرة ومطولة عما حصل من إعلان بعض الجن الذي تلبس ببعض المسلمات في الرياض إسلامه عندي بعد أن أعلنه عند الأخ عبد الله بن مشرف العمري المقيم في الرياض بعدما قرأ المذكور على المصابة وخاطب الجني وذكره بالله ووعظه وأخبره أن الظلم حرام وكبيرة عظيمة ودعاه إلى الخروج منها واقتنع الجني بالدعوة وأعلن إسلامه عند عبد الله المذكور، ثم رغب عبد الله المذكور وأولياء المرأة أن يحضروا عندي بالمرأة حتى أسمع إعلان إسلام الجني فحضروا عندي فسألته عن أسباب دخوله فيها فأخبرني بالأسباب ونطق بلسان المرأة لكنه كلام رجل وليس كلام امرأة وهي في الكرسي الذي بجواري وأخوها وأختها وعبد الله بن مشرف المذكور وبعض المشايخ يشهدون ذلك ويسمعون كلام الجني وقد أعلن إسلامه صريحًا وأخبر أنه هندي بوذي الديانة فنصحته وأوصيته بتقوى الله وأن يخرج من هذه المرأة ويبتعد عن ظلمها فأجابني إلى ذلك وقال: أنا مقتنع بالإسلام، وأوصيته أن يدعو قومه للإسلام بعدما هداه الله له فوعد خيرًا وغادر المرأة وكان آخر كلمة قالها: السلام عليكم، ثم تكلمت المرأة بلسانها المعتاد وشعرت بسلامتها وراحتها من تعبه.
ثم عادت إلي بعد شهر أو أكثر مع أخويها وخالها وأختها وأخبرتني أنها في خير وعافية وأنه لم يعد إليها والحمد لله وسألتها عما كانت تشعر به حين وجوده بها فأجابت بأنها كانت تشعر بأفكار رديئة مخالفة للشرع وتشعر بميول إلى الدين البوذي والاطلاع على الكتب المؤلفة فيه ثم بعد ما سلمها الله منه زالت عنها هذه الأفكار المنحرفة.(7/38)
وقد بلغني عن فضيلة الشيخ الطنطاوي أنه أنكر مثل حدوث هذا الأمر وذكر أنه تدجيل وكذب وأنه يمكن أن يكون كلامًا مسجلاً مع المرأة ولم تكن نطقت بذلك وقد طلبت الشريط الذي سجل فيه كلامه وعلمت منه ما ذكر وقد عجبت كثيرًا من تجويزه أن يكون ذلك مسجلاً مع أني سألت الجني عدة أسئلة وأجاب عنها فكيف يظن عاقل أن المسجل يسأل ويجيب هذا من أقبح الغلط ومن تجويز الباطل وزعم أيضًا في كلمته أن إسلام الجني على يد الإنسي يخالف قول الله تعالى في قصة سليمان: [ وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي ] [99].
ولاشك أن هذا غلط منه أيضًا - هداه الله - وفهم باطل فليس في إسلام الجني على يد الإنسي ما يخالف دعوة سليمان، فقد أسلم جمع غفير من الجن على يد النبي r .
وقد أوضح الله ذلك في سورة الأحقاف وسورة الجن وثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r أنه قال: ((إن الشيطان عرض لي فشد علي ليقطع الصلاة علي فأمكنني الله منه فذعته ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه فذكرت قول أخي سليمان عليه السلام: [ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي] [100] فرده الله خاسئًا)) هذا لفظ البخاري[101]، ولفظ مسلم[102]: ((إن عفريتًا من الجن جعل يفتك عليّ البارحة ليقطع عليّ الصلاة وأن الله أمكنني منه فذعته فلقد هممت أن أربطه إلى جانب سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا تنظرون إليه أجمعون أو كلكم ثم ذكرت قول أخي سليمان: [ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي] [103] فرده الله خاسئًا)).(7/39)
وروى النسائي على شرط البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي r كان يصلي فأتاه الشيطان فأخذه فصرعه فخنقه، قال رسول الله r : ((حتى وجدت برد لسانه على يدي لولا دعوة سليمان لأصبح موثقًا حتى يراه الناس)) ورواه أحمد وأبو داود من حديث أبي سعيد وفيه: ((فأهويت بيدي فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين إصبعي هاتين الإبهام والتي تليها)) [104].
وخرج البخاري في صحيحه تعليقًا مجزومًا به ج4 ص 486 من الفتح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: وكلني رسول الله r بحفظ زكاة رمضان فأتاني آتٍ فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله r فقال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة قال: فخليت عنه فأصبحت فقال رسول الله r : ((يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟)) قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً فرحمته فخليت سبيله، قال: ((أما إنه قد كذبك وسيعود)) فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله r ، فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله r ، قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال ولا أعود فرحمته فخليت سبيله فأصبحت، فقال لي رسول الله r : ((يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟)) قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً فرحمته وخليت سبيله، قال: ((أما إنه قد كذبك وسيعود)) فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله r هذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم لا تعود ثم تعود.. قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت: ما هي؟ قال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: [ اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ] [105]، حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربنك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله فأصبحت، فقال لي رسول الله r : ((ما فعل أسيرك البارحة؟)) قلت: يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله، قال: ((ما هي؟)) قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك(7/40)
فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية [ اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ]، وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح وكانوا أحرص شيء على الخير فقال النبي r : ((أما إنه قد صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟ قلت: لا، قال: ذاك شيطان))[106].
وقد أخبر النبي r في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان عن صفية رضي الله عنها أن النبي r قال: ((إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)) [107].
وروى الإمام أحمد رحمه الله في المسند بإسناد صحيح أن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال: يا رسول الله حال الشيطان بيني وبين صلاتي وبين قراءتي، قال: ((ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أنت حسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثًا))، قال: ففعلت ذاك فأذهبه الله عز وجل عني)) [108]، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبي r أن كل إنسان معه قرين من الملائكة وقرين من الشياطين حتى النبي r إلا أن الله أعانه عليه فأسلم فلا يأمره إلا بخير[109].
وقد دل كتاب الله عز وجل وسنة رسوله r وإجماع الأمة على جواز دخول الجني بالإنسي وصرعه إياه فكيف يجوز لمن ينتسب إلى العلم أن ينكر ذلك بغير علم ولا هدى بل تقليدًا لبعض أهل البدع المخالفين لأهل السنة والجماعة فالله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله وأنا أذكر لك أيها القارئ ما تيسر من كلام أهل العلم في ذلك إن شاء الله.
بيان كلام المفسرين رحمهم الله في قوله تعالى: [ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ] [110]:(7/41)
قال أبو جعفر بن جرير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: [ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ] [111]، ما نصه: يعني بذلك يخبله الشيطان في الدنيا وهو الذي يخلقه فيصرعه {من المس} يعني من الجنون، وقال البغوي رحمه الله في تفسير الآية المذكورة ما نصه: [ لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ] [112]: أي الجنون، يقال: مس الرجل فهو ممسوس إذا كان مجنونًا. ا.هـ.
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية المذكورة ما نصه: [ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ]: أي لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط الشيطان له وذلك أنه يقوم قيامًا منكرًا، وقال ابن عباس رضي الله عنه: آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونًا يخنق، رواه ابن أبي حاتم، قال وروي عن عوف بن مالك وسعيد بن جبير والسدي والربيع بن أنس وقتادة ومقاتل بن حيان نحو ذلك، انتهى المقصود من كلامه رحمه الله.
وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره على قوله تعالى: [ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ] في هذه الآية دليل على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن وزعم أنه من فعل الطبائع وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مس. ا.هـ.(7/42)
وكلام المفسرين في هذا المعنى كثير، من أراده وجده، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه (إيضاح الدلالة في عموم الرسالة للثقلين) الموجود في مجموع الفتاوى ج19 ص 9 - 65، ما نصه بعد كلام سبق: ولهذا أنكر طائفة من المعتزلة كالجبائي وأبي بكر الرازي وغيرهما دخول الجن في بدن المصروع ولم ينكروا وجود الجن إذ لم يكن ظهوره هذا في المنقول عن الرسول كظهورات هذا وإن كانوا مخطئين في ذلك، ولهذا ذكر الأشعري في مقالات أهل السنة والجماعة أنهم يقولون إن الجني يدخل في بدن المصروع كما قال تعالى: [ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ] [113].(7/43)
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: إن قومًا يزعمون أن الجني لا يدخل في بدن الإنسي فقال يا بني يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه، وهذا مبسوط في موضعه، وقال أيضًا رحمه الله في ج24 من الفتاوى ص 276 - 277 ما نصه:((وجود الجن ثابت بكتاب الله وسنة رسوله r واتفاق سلف الأمة وأئمتها وكذلك دخول الجني في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة)) قال الله تعالى: [ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ]، وفي الصحيح عن النبي r :((إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم))، وقال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل: قلت لأبي: إن أقوامًا يقولون إن الجني لا يدخل بدن المصروع فقال: يا بني يكذبون، هو ذا يتكلم على لسانه وهذا الذي قاله أمر مشهور، فإنه يصرع الرجل فيتكلم بلسان لا يعرف معناه، ويضرب على بدنه ضربًا عظيمًا لو ضرب به جمل لأثر به أثرًا عظيمًا والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقوله، وقد يجر المصروع غير المصروع ويجر البساط الذي يجلس عليه ويحول الآلات وينقل من مكان ويجري غير ذلك من الأمور من شاهدها أفادته علمًا ضروريًا بأن الناطق على لسان الإنسي والمحرك لهذه الأجسام جنس آخر غير الإنسان.
وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن المصروع ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذب ذلك فقد كذب على الشرع وليس في الأدلة الشرعية ما ينفي ذلك. ا. هـ.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه زاد المعاد في هدي خير العباد ج4 ص 66 ـ 69 ما نصه: الصرع صرعان: صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية وصرع من الأخلاط الرديئة والثاني هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعلاجه.(7/44)
وأما صرع الأرواح: فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به، ولا يدفعونه، ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة، فتدافع آثارها، وتعارض أفعالها وتبطلها، وقد نص على ذلك بقراط في بعض كتبه، فذكر بعض علاج الصرع، وقال: هذا إنما ينفع من الصرع الذي سببه الأخلاط والمادة، وأما الصرع الذي يكون من الأرواح فلا ينفع فيه هذا العلاج.
وأما جهلة الأطباء وسقطهم وسفلتهم ومن يعتقد بالزندقة فضيلة فأولئك ينكرون صرع الأرواح، ولا يقرون بأنها تؤثر في بدن المصروع وليس معهم إلا الجهل، وإلا فليس في الصناعة الطبية ما يدفع ذلك والحس والوجود شاهد به، وإحالتهم ذلك على غلبة بعض الأخلاط هو صادق في بعض أقسامه لا في كلها.
إلى أن قال: وجاءت زنادقة الأطباء فلم يثبتوا إلا صرع الأخلاط وحده ومن له عقل ومعرفة بهذه الأرواح وتأثيراتها يضحك من جهل هؤلاء وضعف عقولهم.
وعلاج هذا النوع يكون بأمرين: أمر من جهة المصروع وأمر من جهة المعالج فمن جهة المصروع يكون بقوة نفسية، وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها، والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان، فإن هذا نوع محاربة، والمحارب لا يتم له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين: أن يكون السلاح صحيحًا في نفسه جيدًا، وأن يكون الساعد قويًا فمتى تخلف أحدهما لم يعن السلاح كثير طائل، فكيف إذا عدم الأمران جميعًا، يكون القلب خرابًا من التوحيد والتوكل والتقوى والتوجه، ولا سلاح له.
والثاني من جهة المعالج: بأن يكون فيه هذان الأمران أيضًا، حتى إن من المعالجين من يكتفي بقوله: اخرج منه، أو يقول: (بسم الله) أو يقول: (لا حول ولا قوة إلا بالله) والنبي r كان يقول: ((اخرج عدو الله أنا رسول الله)).(7/45)
وشاهدت شيخنا يرسل إلى المصروع من يخاطب الروح التي فيه، ويقول: قال لك الشيخ: اخرجي فإن هذا لا يحل لك، فيفيق المصروع وربما خاطبها بنفسه وربما كانت الروح ماردة فيخرجها بالضرب فيفيق المصروع ولا يحس بألم. وقد شاهدنا نحن وغيرنا منه ذلك مرارًا إلى أن قال: وبالجملة فهذا النوع من الصرع وعلاجه لا ينكره إلا قليل الحظ من العلم والعقل والمعرفة، وأكثر تسلط الأرواح الخبيثة على أهله تكون من جهة قلة دينهم وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذكر والتعاويذ والتحصنات النبوية والإيمانية، فتلقى الروح الخبيثة الرجل أعزل لا سلاح معه وربما كان عريانًا فيؤثر فيه هذا.. انتهى المقصود من كلامه رحمه الله.
وبما ذكرناه من الأدلة الشرعية وإجماع أهل العلم من أهل السنة والجماعة على جواز دخول الجني بالإنسي يتبين للقراء بطلان قول من أنكر ذلك وخطأ فضيلة الشيخ علي الطنطاوي في إنكاره ذلك.
وقد وعد في كلمته أن يرجع إلى الحق متى أرشد إليه فعليه أن يرجع إلى الصواب بعد قراءته ما ذكرناه نسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق(7/46)
ومما ذكرنا أيضًا يعلم أن ما نقلته صحيفة الندوة في عددها الصادر في 14/10/1407هـ ص 8 عن الدكتور محمد عرفان من أن كلمة جنون اختفت من القاموس الطبي، وزعمه أن دخول الجني في الإنسي ونطقه على لسانه أنه مفهوم علمي خاطئ مائة في المائة، كل ذلك باطل نشأ عن قلة العلم بالأمور الشرعية وبما قرره أهل العلم من أهل السنة والجماعة وإذا خفي هذا الأمر على كثير من الأطباء لم يكن ذلك حجة على عدم وجوده بل يدل ذلك على جهلهم العظيم بما علمه غيرهم من العلماء المعروفين بالصدق والأمانة والبصيرة بأمر الدين بل هو إجماع من أهل السنة والجماعة كما نقل ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية عن جميع أهل العلم ونقل عن أبي الحسن الأشعري أنه نقل ذلك عن أهل السنة والجماعة ونقل ذلك أيضًا عن أبي الحسن العلامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشبلي الحنفي المتوفى سنة 799هـ في كتابه آكام المرجان في غرائب الأخبار وأحكام الجان في الباب الحادي والخمسين من كتابه المذكور.
وقد سبق في كلام ابن القيم رحمه الله أن أئمة الأطباء وعقلاءهم يعترفون به ولا يدفعونه وإنما أنكر ذلك جهلة الأطباء وسقطهم وسفلتهم وزنادقتهم، فاعلم ذلك أيها القارئ وتمسك بما ذكرناه من الحق ولا تغتر بجهلة الأطباء وغيرهم ولا بمن يتكلم في هذا الأمر بغير علم ولا بصيرة بل بالتقليد لجهلة الأطباء وبعض أهل البدع من المعتزلة وغيرهم، والله المستعان.
تنبيه: قد دل ما ذكرناه من الأحاديث الصحيحة عن رسول الله r ومن كلام أهل العلم على أن مخاطبة الجني ووعظه وتذكيره ودعوته للإسلام وإجابته إلى ذلك ليس مخالفًا لما دل عليه قوله تعالى عن سليمان عليه الصلاة والسلام في سورة ص أنه قال: [ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ] [114].(7/47)
وهكذا أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وضربه إذا امتنع من الخروج كل ذلك لا يخالف الآية المذكورة بل ذلك واجب من باب دفع الصائل ونصر المظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما يفعل ذلك مع الإنسي، وقد سبق في الحديث الصحيح أن النبي r ذعت الشيطان حتى سال لعابه على يده الشريفة r وقال: ((لولا دعوة أخي سليمان لأصبح موثقًا حتى يراه الناس)) [115]، وفي رواية لمسلم من حديث أبي الدرداء عن النبي r أنه قال: ((إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت: أعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأجر ثلاث مرات ثم أردت أخذه والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقًا يلعب به ولدان أهل المدينة)) [116]، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهكذا كلام أهل العلم.
وأرجو أن يكون فيما ذكرناه كفاية ومقنع لطالب الحق وأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه وأن يمن علينا جميعًا بإصابة الحق في الأقوال والأعمال وأن يعيذنا وجميع المسلمين من القول عليه بغير علم ومن إنكار ما لم نحط به علمًا إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان[117].
حكم من ينكر وجود الجن ومدى تأثير ذلك على العقيدة
سؤال:في عصرنا الحاضر كثر حديث الناس عن تلبس الجن بالإنس ودخولهم فيهم ومن الناس من ينكر ذلك بل إن البعض ينكر الجن إطلاقاً، فهل لهذا تأثير على عقيدة المسلم؟ وهل ورد ما يلزم بالإيمان بالجن؟ ثم ما الفرق بينهم وبين الملائكة؟(7/48)
الجواب: إنكار وجود الجن كفر وردة عن الإسلام لأنه إنكار لما تواتر في الكتاب والسنة من الأخبار عن وجودهم فالإيمان بوجودهم من الإيمان بالغيب لأننا لا نراهم وإنما نعتمد في إثبات وجودهم على الخبر الصادق، قال تعالى في إبليس وجنوده: [ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ ] [118].
أما إنكار دخولهم في الإنس فلا يقتضي الكفر لكنه خطأ وتكذيب لما ثبت في الأدلة الشرعية والواقع المتكرر وجوده لكن لخفاء هذه المسألة لا يكفر المخالف فيها ولكن يخطأ لأنه لا يعتمد في إنكار ذلك على دليل وإنما يعتمد على عقله وإدراكه والعقل لا يتخذ مقياسًا في الأمور الغيبية وكذلك لا يكون العقل مقدمًا على أدلة الشرع إلا عند أهل الضلال، والفرق بين الجن والملائكة من وجوه:
الوجه الأول: من وجهة أصل الخلقة فالجن خلقوا من نار السموم والملائكة خلقوا من نور.
الوجه الثاني: أن الملائكة عباد مطيعون لله مقربون مكرمون كما قال تعالى: [ بَلْ عِبَادٌمُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ] [119]، وقال تعالى: [ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ] [120].
أما الجن فمنهم المؤمن ومنهم الكافر كما قال تعالى إخبارًا عنهم، قال تعالى: [ وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ ] [121]، ومنهم المطيع
ومنهم العاصي، قال تعالى: [ وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا ] [122]، إلى غير ذلك من الآيات[123].
وضع المصحف بجوار الطفل إهانة له
سؤال: ما رأي فضيلتكم في امرأة تضع المصحف بجانب طفلها الصغير بقصد حمايته من الجن، عند انشغالها وتركه وحده؟
الجواب: هذا لا يجوز لأن فيه إهانة للمصحف الشريف ولأنه عمل غير مشروع. [124]
---
[1] أخرجه مسلم رقم (132) [209]، كتاب الإيمان.(7/49)
[2] أخرجه مسلم رقم (133) [211]، كتاب الإيمان.
[3] أخرجه مسلم رقم (134) [212]، كتاب الإيمان.
[4] أخرجه البخاري رقم (3276)، كتاب بدء الخلق، ومسلم رقم (134) [214]، كتاب الإيمان.
[5] أخرجه مسلم رقم (134) [213]، كتاب الإيمان.
[6] أخرجه أبو داود رقم (4722)، كتاب السنة.
[7] الكنز الثمين للشيخ عبد الله الجبرين، ج1 ص 199 – 201.
[8] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[9] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[10] تقدم تخريجه ص 221، والفتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[11] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[12] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[13] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[14] سورة الأعراف الأية: 27.
[15] سورة البقرة الآية: 275.
[16] أخرجه البخاري رقم (2038)، كتاب الاعتكاف، ومسلم رقم (2175)، كتاب السلام.
[17] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[18] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[19] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[20] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[21] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[22] سورة الأعراف الآية: 27.
[23] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[24] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[25] سورة المائدة الآية: 72.
[26] فتوى للشيخ عبد الله الجبرين عليها توقيعه.
[27] سورة الكهف الآية: 50.
[28] سورة الجن الآيتان: 1، 2.
[29] سورة الأحقاف الآيتان: 29، 30.
[30] أخرجه مسلم رقم (450)، كتاب الصلاة.
[31] حيث قال r لعمر بن أبي سلمة: (( ياغلام، سم الله.. )) الحديث. أخرجه البخاري رقم (5376)، كتاب الأطعمة، ومسلم رقم (2022)، كتاب الأشربة.
[32] سورة الأعراف الآية: 38.
[33] سورة الرحمن الآيات: 46، 49.
[34] سورة الأنعام الآية: 130.
[35] تقدم تخريجه ص 115.(7/50)
[36] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة ص 67 - 69، والفتوى للشيخ محمد بن عثيمين.
[37] أخرجه مسلم رقم (2236)، كتاب السلام.
[38] سورة البقرة الآية: 275.
[39] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة ص 65، 66، والفتوى للشيخ محمد بن عثيمين.
[40] سورة البقرة الأية: 275.
[41] تقدم تخريجه ص 250.
[42] أخرجه أحمد في المسند (4/171، 172 )، والحاكم في المستدرك (2/617، 618)، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي وجوده المنذري.
[43] الفتاوى الاجتماعية، ابن عثيمين، ج4 ص 67، 68.
[44] سورة الذاريات الآية: 56 - 58.
[45] سورة الحجر الآية: 26- 27.
[46] سورة الجن الآيتان: 14، 15.
[47] سورة الجن الآية: 11.
[48] سورة الرحمن الأية: 46، 47.
[49] أخرجه مسلم رقم (2577)، كتاب البر والصلة.
[50] أخرجه مسلم رقم (450)، كتاب الصلاة.
[51] سورة الناس الآيات: 1 – 6.
[52] تقدم تخريجه ص 250.
[53] أخرجة البخاري رقم (2035)، كتاب الاعتكاف، مسلم رقم (2175) [25]، كتاب السلام.
[54] سورة الجن الآية: 6.
[55] سورة البقرة الآية: 275.
[56] تقدم تخريجه ص 262.
[57] سورة المؤمنون الآية: 115.
[58] فتاوى العقيدة، ابن عثيمين، ص 323 – 328.
[59] أخرجه مسلم رقم (2188)، كتاب السلام.
[60] أخرجه أبو داود رقم (3889)، كتاب الطب، والحمة: بالتخفيف: سم العقرب ونحوها كالزنبور وغيرها.
فائدة: قال ابن الأثير في جامع الأصول (7/556): تخصيصه العين والحمه لا يمنع جواز الرقية في غيرهما من الأمراض، لأنه قد ثبت أنه رقى بعض أصحابه من غيرهما، وإنما معناه: لا رقية أولى وأنفع من رقية العين والسم، كما قيل في المثل: لا فتى إلا علي، ولا سيف إلا ذو الفقار أ. هـ.
[61] مجلة البحوث الإسلامية عدد 27 ص 66، 67، اللجنة الدائمة.(7/51)
[62] تقدم شيء منها في باب: ما جاء في الرقى.
[63] مجلة البحوث الإسلامية عدد 27 ص 75، اللجنة الدائمة.
[64] تقدم تخريجه ص 30.
[65] تقدم تخريجه ص 30.
[66] مجلة البحوث الإسلامية عدد 27 ص 77 – 79، اللجنة الدائمة.
[67] أخرجه الترمذي رقم (3675)، تحفة الأحوذي، وهذا الحديث ساقط من طبعة الشيخ أحمد شاكر وآخرين.
[68] أخرجه أبو داود رقم (5096)، كتاب الأدب.
[69] أخرجه الترمذي رقم (3388)، كتاب الدعوات، وابن ماجه رقم (3869)، كتاب الدعاء، وصححه الحاكم في المستدرك (1/514)، وقال الترمذي: حسن صحيح.
[70] مجلة البحوث الإسلامية عدد 27 ص 76، 77، اللجنة الدائمة.
[71] تقدم تخريجه ص 261.
[72] سورة الرحمن الآية: 14.
[73] سورة المؤمنون الآية: 12.
[74] سورة الرحمن الآية: 15.
[75] سورة الرحمن الآية: 33.
[76] سورة ص الآيات: 36 – 38.
[77] سورة سبأ الآية: 12
[78] سورة الأنبياء الآية: 82.
[79] سورة الأحقاف الآيات: 29 – 32.
[80] سورة الأنعام الأيتان: 128، 129.
[81] سورة ص الآيات: 35.
[82] أخرجه البخاري رقم (3423)، كتاب أحاديث الأنبياء، ومسلم رقم (541)، كتاب المساجد.
[83] سورة الإسراء الآية: 36.
[84] مجلة البحوث الإسلامية عدد 27 ص 71 – 74، اللجنة الدائمة.
[85] سورة النساء الآية: 59.
[86] سورة الجن الآيتان: 26، 27.
[87] سورة النمل الآية: 65.
[88] سورة الإسراء الآية: 85.
[89] سورة الزمر الآية: 42.
[90] أخرجه البخاري رقم (3976)، كتاب المغازي.
[91] أخرجه البخاري رقم (1374)، كتاب الجنائز، ومسلم رقم (2870)، كتاب الجنة.
[92] سورة الزمر الآية: 42.
[93] سورة الأنعام الآيتان: 112، 113.
[94] سورة الأنعام الآية: 128.
[95] تقدم تخريجه ص 67.
[96] تقدم تخريجه ص 67.
[97] سورة النمل الآية: 65.
[98] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة؛ ابن باز، ج3 ص 309 – 316.
[99] سورة ص الآية: 35.
[100] سورة ص الآية: 35.(7/52)
[101] أخرجه البخاري رقم (1210)، كتاب العمل في الصلاة وهو أحد ألفاظ البخاري.
[102] أخرجه مسلم رقم (541)، كتاب الصلاة.
[103] سورة ص الآية: 35.
[104] أخرجه أحمد في المسند (3/82).
[105] سورة البقرة الآية: 255.
[106] أخرجه البخاري رقما (5010)، كتاب فضائل القرآن.
[107] تقدم تخريجه ص 250.
[108] أخرجه أحمد في المسند (4/216).
[109] أخرجه مسلم رقم (2814)، كتاب صفات المنافقين.
[110] سورة البقرة الآية: 275.
[111] سورة البقرة الآية: 275.
[112] سورة البقرة الآية: 275.
[113] سورة البقرة الآية: 275.
[114] سورة ص الآية: 35.
[115] تقديم تخريجه ص 288.
[116] أخرجه مسلم رقم (542)، كتاب المساجد.
[117] رسالتان للشيخ ابن باز: مسألة دخول الجني في بدن المصروع، والعلاج عن طريق السحر، ص 4 – 26.
[118] سورة الأعراف الآية: 27.
[119] سورة الأنبياء الآيتان: 26، 27.
[120] سورة التحريم الآية: 6.
[121] سورة الجن الآية: 14.
[122] سورة الجن الآية: 11.
[123] المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان، ج2 ص 59، 60.
[124] المنتقى من فتاوى الفوزان، ج2 ص 150.(7/53)
إهداء
تقديم
مقدمة
فتاوى في الرقى
فتاوى في العين والحسد
فتاوى في إتيان السحرة والمشعوذين
فتاوى في الجن
فتاوى في التمائم
فتاوى في التمائم
حكم التميمة والحجاب بآيات قرآنية. 1
حكم تعليق أوراق مكتوب بها آيات وغيرها على عنق المولود. 2
حكم تعليق الأوراق المكتوب عليها آيات قرآنية على جدار المنزل.. 2
حكم تعليق الحروز التي فيها أدعية وآيات قرآنية. 3
حكم حمل كتاب الحصن الحصين وحرز الجوشن.. 3
حكم وضع خرقة أو قطعة جلد على بطن الطفل بعد الولادة. 4
حكم تعليق التمائم من القرآن.. 4
حكم كتابة التمائم وأخذ الأجرة عليها 4
حكم من يكتب آيات من القرآن ويأمر الناس بتعليقها 5
حكم الصلاة خلف من يكتب التمائم للناس... 5
حكم الصلاة بالتمائم. 5
حكم كتابة التعاويذ من الآيات وغيرها 5
الجمع بين حديثي ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)) و((من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)) 6
معنى حديث ((إن الرقى والتمائم شرك)). 7
حكم التميمة من القرآن وغيره. 8
كلمة في المعضد. 8
الأسورة النحاسية. 11
حكم لبس السوار لعلاج الروماتيزم. 12
حكم الصلاة خلف من يتعامل بالتمائم والسحر. 12
حكم تعليق الخيوط المصنوعة من شعر بعض الحيوانات على الرقبة. 13
حكم تعليق التمائم التي من القرآن في أعناق الصبيان.. 14
الاضطرابات النفسية لا تعالج بالتمائم. 14
حكم بيع الأشكال المعدنية التي عليها آيات قرآنية لتعلق في عنق الأطفال.. 14
إخراج الحجب من مكانها 16
حكم كتابة أوراق لطرد الطيور وحماية المزارع. 16
حكم التميمة والحجاب بآيات قرآنية
سؤال:ما رأيكم في أمر التميمة والحجاب بآيات قرآنية بمعنى هل يجوز للمسلم أن يحمل حجابًا به آيات قرآنية أم لا؟(8/1)
الجواب: كتابة آية من القرآن وتعليقها أو تعليق القرآن كله على العضد ونحوه، تحصنًا من ضر يخشى منه أو رغبة في كشف ضر نزل؛ من المسائل التي اختلف السلف في حكمها، فمنهم من منع ذلك وجعله من التمائم المنهي عن تعليقها لدخوله في عموم قوله r : ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)) [1] رواه أحمد وأبو داود، وقالوا: لا مخصص يخرج تعليق التميمة إذا كان من القرآن، وقالوا أيضًا: إن تعليق تميمة من القرآن يفضي إلى تعليق ما ليس من القرآن. فمنع تعليقه سدًا لذريعة ما ليس منه، وقالوا ثالثًا: إنه يفضي إلى امتهان ما يعلق على الإنسان، لأنه يحمله حين قضاء حاجته واستنجائه وجماعه ونحو ذلك، وممن قال هذا القول: عبد الله بن مسعود وتلاميذه، وأحمد بن حنبل في رواية عنه اختارها كثير من أصحابه وجزم بها المتأخرون.
ومن العلماء من أجاز تعليق التمائم التي من القرآن وأسماء الله وصفاته ورخص في ذلك كعبد الله بن عمرو بن العاص وبه قال: أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية أخرى عنه، وحملوا حديث المنع على التمائم التي فيها شرك.
والقول الأول أقوى حجة وأحفظ للعقيدة لما فيه من حماية حمى التوحيد والاحتياط، وأما ما روي عن ابن عمرو فإنما هو في تحفيظ أولاده القرآن وكتابته في الألواح وتعليق هذه الألواح في رقاب الأولاد لا يقصد أن تكون تميمة يستدفع بها الضرر أو يجلب بها النفع.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[2].
حكم تعليق أوراق مكتوب بها آيات وغيرها على عنق المولود
سؤال:ما حكم الذين يفعلون السحر؟ أي الذين يكتبون الآيات من القرآن الكريم ومن أسماء الله سبحانه وتعالى ويبيعونها للناس ويقولون: هذا الذي يحفظك، أو عندما يولد أو يمرض يكتبون على الورقة ويعلقون في عنقه أو يدفعون إلى الطلبة هذا الذي يجعلك ذكيًا عاقلاً خاصة في أوطاننا وأفريقيا وبعض العرب.(8/2)
الجواب: يحرم كتابة شيء من غير القرآن وأسماء الله تعالى على أوراق أو غيرها ليعلق على المرضى من الأولاد والبهائم ونحوهما رجاء الشفاء أو ليعلق عليهم رجاء الحفظ من الأمراض أو من كيد الأعداء أو الإصابة بالعين والحسد أو ليعلق على طلاب العلم رجاء الذكاء وسرعة الحفظ والفهم وغير ذلك وقد سماه النبي r شركًا بقوله: ((من تعلق تميمة فقد أشرك)) [3]، ويحرم شراؤه وتعليقه، والثمن الذي يدفع عوضًا لهذه الأوراق سحت، وعلى ولاة الأمور أن يمنعوه وأن يؤدبوا من يفعله ومن يذهب إليهم وأن يبينوا أن هذا من التمائم التي حرمها رسول الله r ليهتدوا إلى الصواب ويرتدعوا عن المحرمات.
أما كتابة آيات من القرآن وأسماء الله تعالى ونحو ذلك من الأذكار والأدعية الصحيحة ففيه خلاف بين العلماء منهم من حرمه من علماء السلف ومنهم من رخص فيه والصحيح أنه لا يجوز لعموم أحاديث النهي عن تعليق التمائم، وسدًا لذريعة تعليق التمائم من غير القرآن وصيانة القرآن وأسماء الله عما لا يليق.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[4] .
حكم تعليق الأوراق المكتوب عليها آيات قرآنية على جدار المنزل
سؤال:إنسان مريض وذهب إلى فقيه وكتب له في الورقة قرآنًا لا شيء آخر ثم قال له: إذا رجعت إلى البيت فاضرب على كل كلمة من هذه الكلمات المكتوبة من القرآن مسمارًا مثلاً - الم ذلك الكتاب لا ريب فيه (ألف) يقرأ عليه كلمات ثم يعمل مسمارًا ثم (ل) كذلك ثم (م) كذلك إلى آخر هذا ثم هذه الورقة يخبئها لمدة عشرة أو خمسة عشر يومًا، هل يجوز تعليق هذا؟ وهل يعتبر شركًا بالله؟ وهل هذه التمائم؟
الجواب: لا يجوز هذا العمل لأنه من التمائم التي نهى عنها النبي r لقوله r : ((من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له))[5]، وفي رواية: ((من تعلق تميمة فقد أشرك)) [6].
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[7].(8/3)
حكم تعليق الحروز التي فيها أدعية وآيات قرآنية
سؤال:هل يجوز تعليق الحجاب (الحرز) على المريض وقد كتب فيه أدعية نبوية شريفة مع شيء من القرآن الكريم وكتب معه توسل بالأولياء من الصحابة والصالحين وكتب فيه أيضًا كلام غير مفهوم بغير لغة العرب ورسم فيه بعض النجوم أو تعليق أسماء النبي r لدفع الضر أو لجلب منفعة واعلم يا شيخ أن والدتنا تذهب لهؤلاء ويخبرونها بأنها مسحورة وأهل البيت كله ولكننا لا نطيعها ولا نصدقها في ذلك ولكن ربما وضعت لنا الأدوية في الأكل والشراب والحجبة التي تأتي بها ربما وضعتها في ثيابنا عندها أو في فرشنا من حيث لا نعلم لأننا وجدنا عندها أحجبة بأسمائنا وأنكرنا عليها ذلك ولكن لم تأبه بنا؟
الجواب:
أولاً: لا يجوز تعليق ذلك الحجاب على شخص أو وضعه في ثياب أو فراش أو بيت؛ جلبًا لمنفعة أو دفعًا لضرر وهو من جنس التمائم واتخاذها شرك لعموم قوله r : ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)) [8]، وقوله r : ((من تعلق تميمة فقد أشرك)) [9].
ثانيًا: تشكرون على النصح لوالدتكم وإنكاركم عليها ما فعلت من اتخاذ الحجب ووضعها في الفرش والثياب وذهابها إلى السحرة والكهان وعليكم متابعة النصح لها وتعليمها وإنكار المنكر عليها مع رعاية الأدب معها، عسى الله أن يوفقها للتوبة مما تصنع من المنكرات ولا إثم عليكم فيما فعلت من المنكر إذا قمتم بما وجب عليكم من النصح والإنكار عليها فيما علمتم ولا حرج عليكم أيضًا فيما لم تعلموا به مما وقع منها من المنكر. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[10].
حكم حمل كتاب الحصن الحصين وحرز الجوشن(8/4)
سؤال:بالنسبة للرقى والتميمة إذا كان من القرآن ما حكمه، وما الحكم لو حملت معي كتاب ((الحصن الحصين)) أو كتاب ((حرز الجوشن)) أو ((السبع العقود السليمانية)) فهل صحيح ما ذكر في هذه الكتب من أنها تنفع في دفع العين والحسد.. إلخ، يقولون: إن بها آيات قرآنية فقط مثل المعوذات وآية الكرسي فهل قراءتها تنفع فقط دون حمل هذه الكتب؟
الجواب: تجوز الرقى بالقرآن وبالأذكار وكل ما لا شرك فيه ولا محظور من الأدعية.
أما كتاب ((الحصن الحصين)) و((حرز الجوشن)) و((السبعة العقود)) فاتخاذها حروزًا لا يجوز.
وأما قراءة آية الكرسي عند النوم فنافعة، وقراءة قل هو الله أحد والمعوذتين فنافعة أيضًا.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[11].
حكم وضع خرقة أو قطعة جلد على بطن الطفل بعد الولادة
سؤال:هل يجوز وضع خرقة أو قطعة جلد أو ما يشبه ذلك على بطن الولد أو البنت وهي في سن الرضاعة والكبير أيضًا نحن في الجنوب نضع خرقة أو جلدًا على بطن البنت أو الولد الصغير وأيضًا الكبار فأرجو الإفادة عن ذلك؟
الجواب: إن كان وضع هذه الخرقة أو الجلد يقصد بها ما يقصد من التمائم من جلب نفع أو دفع ضر فهذا محرم بل قد يكون شركًا، وإن كان لغرض صحيح كمسك السرة للطفل عن الارتفاع أو شد الظهر فلا شيء في ذلك، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[12].
حكم تعليق التمائم من القرآن
سؤال:شخص يقول: لي أستاذ - هو الذي علمني القرآن - وجد والد والدتي - قد توفيا- كانا يكتبان آيات القرآن مع الخواتم ثم يعطيانه للناس ثم إنهما أمراني بالتزام قراءة القرآن وأنا لزمت تلاوة القرآن حتى أفهمني ربي التوحيد ثم بان لي أنهما فعلا شيئًا غير صحيح.. فهل يمكن أن أدعو لهما وأستغفر لهما.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(8/5)
الجواب: كتابة آيات من القرآن لتعلق تمائم لا تجوز وكذا تعليقها رجاء الحفظ أو الشفاء أودفع البلاء لا يجوز على الصحيح. ولكن مع ذلك يجوز لك أن تدعو لمعلمك ولجدك بالرحمة والمغفرة وإن كانا يفعلان ذلك في حياتهما لأنه ليس بشرك وإن كان لا يجوز إلا أن تكون علمت منهما غير ذلك مما يوجب كفرهما كدعاء الأموات والاستغاثة بالجن ونحو ذلك من أنواع الشرك الأكبر فلا تدع لهما ولا تستغفر لهما، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[13].
حكم كتابة التمائم وأخذ الأجرة عليها
سؤال:شخص كتب لشخص آخر تمائم بأجرة وعرف
المكتوب له فيما بعد أن تعليق التمائم لا يجوز في الإسلام فهل يعطي الكاتب له تلك التمائم أجرة أم لا؟
الجواب: الصواب تحريم تعليق التمائم سواء كانت من القرآن أو غيره وإذا حرم تعليقها لم يجز أخذ أجرة كتابتها ولا دفعها لمن كتبها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم[14].
حكم من يكتب آيات من القرآن ويأمر الناس بتعليقها
سؤال:ما الحكم في الذين يكتبون آيات الله البينات ويأمرون المريض بتعليقها في رأسه أو في أي جهة من جسده ويقولون له: هذه سبب الشفاء ويأخذون منه شيئًا، ومنهم من لا يأخذ شيئًا؟
الجواب: الصحيح أن كتابة آيات من القرآن أو غيرها من الأدعية المأثورة وتعليقها على المريض رجاء الشفاء ممنوع لثلاثة أمور:
الأول: عموم أحاديث النهي عن تعليق التمائم ولا مخصص لها.
الثاني: سد الذريعة، فإن تعليق ما يكتب من آيات القرآن يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك.
الثالث: أن ما علق من ذلك يكون عرضة للامتهان بحمله في محال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك.
وإذا كان ذلك ممنوعًا فأخذ الأجرة على كتابته ليعلق على المريض لرجاء الشفاء ممنوع أيضًا. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[15].
حكم الصلاة خلف من يكتب التمائم للناس
سؤال:إنسان يكتب التمائم وهو إمام المسجد هل تجوز الصلاة وراءه؟(8/6)
البيان: إن هذا الإنسان يكتب هذه التمائم لا للسحر وإنما لأغراض صغيرة ومنها صداع الرأس وللصبي حين نزوله من أمه للرضاع وهناك مسائل أخرى مثل هذه أرجو أن تبين لي هذه المسألة فهناك علماء يقولون: إنه مشرك لا تجوز الصلاة خلفه؟
الجواب: تجوز الصلاة خلف الذي يكتب التمائم من القرآن والأدعية المشروعة ولا ينبغي له أن يكتبها لأنه لا يجوز تعليقها.
وأما إذا كانت التمائم تشتمل على أمور شركية فلا يصلى خلف الذي يكتبها ويجب أن يبين له أن هذا شرك والذي يجب عليه البيان هو الذي يعلمها. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[16].
حكم الصلاة بالتمائم
سؤال:هل يجوز الصلاة بالتمائم أم لا؟
الجواب: اتفق العلماء على تحريم لبس التمائم إذا كانت من غير القرآن واختلفوا إذا كانت من القرآن فمنهم من أجاز لبسها ومنهم من منعها والقول بالنهي أرجح لعموم الأحاديث ولسد الذريعة، وبناء عليه فلا يجوز لبسها في الصلاة من باب أولى.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم[17].
حكم كتابة التعاويذ من الآيات وغيرها
سؤال:هل كتابة التعاويذ من الآيات القرآنية وغيرها وتعليقها في الرقبة شرك أو لا؟
الجواب: قد ثبت عن النبي r أنه قال:((إن الرقى والتمائم والتولة شرك))[18] خرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه، وخرج أحمد أيضًا وأبو يعلى والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي r قال: ((من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له))[19] وأخرجه أحمد من وجه آخر عن عقبة بن عامر بلفظ: ((من تعلق تميمة فقد أشرك)) [20]، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
((والتميمة)) ما يعلق على الأولاد أو غيرهم من الناس لدفع العين أو الجن أو المرض ونحو ذلك ويسميها بعض الناس حرزًا ويسميها بعضهم الجامعة وهي نوعان:(8/7)
أحدهما: ما يكون من أسماء الشياطين أو العظام أو الخرز أو المسامير أو الطلاسم وهي الحروف المقطعة أو أشباه ذلك، وهذا النوع محرم بلاشك لكثرة الأدلة الدالة على تحريمه، وهو من أنواع الشرك الأصغر لهذه الأحاديث وما جاء في معناها، وقد يكون شركًا أكبر إذا اعتقد معلق التميمة أنها تحفظه أوتكشف عنه المرض أوتدفع عنه الضرر من دون إذن الله ومشيئته.
والنوع الثاني: ما يعلق من الآيات القرآنية والأدعية النبوية وأشباه ذلك من الدعوات الطيبة فهذا النوع اختلف فيه العلماء، فبعضهم أجازه وقال إنه من جنس الرقية الجائزة، وبعض أهل العلم منع ذلك وقال إنه محرم واحتج على ذلك بحجتين:
إحداهما: عموم الأحاديث في النهي عن التمائم والزجر عنها والحكم عليها بأنها شرك فلا يجوز أن يخص شيء من التمائم بالجواز إلا بدليل شرعي يدل على ذلك وليس هناك ما يدل على التخصيص.
أما الرقى: فقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن ما كان منها بالآيات القرآنية والأدعية الجائزة فإنه لا بأس به إذا كان ذلك بلسان معروف المعنى، ولم يعتمد المرقى عليها، بل اعتقد أنه سبب من الأسباب لقول النبي r : ((لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا)) [21]، وقد رقي النبي r ورقى بعض أصحابه وقال: ((لا رقية إلا من عين أو حمة)) [22]، والأحاديث في ذلك كثيرة.
أما التمائم فلم يرد في شيء من الأحاديث استثناء شيء منها فوجب تحريم الجميع عملاً بالأدلة العامة.
الحجة الثانية: سد ذرائع الشرك، وهذا أصل عظيم في الشريعة، ومعلوم أنا إذا جوزنا التمائم من الآيات القرآنية والأحاديث المباحة انفتح باب الشرك واشتبهت التميمة الجائزة بالممنوعة، وتعذر التمييز بينهما إلا بمشقة عظيمة، فوجب سد الباب، وقفل هذا الطريق المفضي إلى الشرك، وهذا القول هو الصواب لظهور دليله. والله الموفق[23].
الجمع بين حديثي ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)) و((من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل))(8/8)
سؤال:عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله r يقول: ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)).
وعن جابر رضي الله عنه قال: ((كان لي خال يرقي من العقرب فنهى رسول الله r عن الرقى، قال: فأتاه فقال: يا رسول الله إنك نهيت عن الرقى وأنا أرقي من العقرب فقال:((من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل)). ما هو الجمع بين أحاديث المنع والجواز في موضوع الرقى وما حكم تعليق الرقى من القرآن على صدر المبتلى؟
عبد الرحمن س. ف. الرياض
الجواب: الرقى المنهي عنها هي الرقى التي فيها شرك أو توسل بغير الله أو ألفاظ مجهولة لا يعرف معناها.
أما الرقى السليمة من ذلك فهي مشروعة ومن أعظم أسباب الشفاء لقول النبي r : ((لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا)) [24]، وقوله r : ((من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه)) [25]، خرجهما مسلم في صحيحه، وقال r : ((لا رقية إلا من عين أو حمة)) [26] ومعناه لا رقية أولى وأشفى من الرقية من هذين الأمرين وقد رقى النبي r ورُقي.
أما تعليق الرقى على المرضى أو الأطفال فذلك لا يجوز وتسمى الرقى المعلقة [التمائم] وتسمى الحروز والجوامع، والصواب فيها أنها محرمة ومن أنواع الشرك لقول النبي r : ((من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له))، وقوله r : ((من تعلق تميمة فقد أشرك))، وقوله r : ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)) [27].
واختلف العلماء في التمائم إذا كانت من القرآن أو من الدعوات المباحة هل هي محرمة أم لا؟ والصواب تحريمها لوجهين:
أحدهما: عموم الأحاديث المذكورة فإنها تعم التمائم من القرآن وغير القرآن.
والوجه الثاني: سد ذريعة الشرك فإنها إذا أبيحت التمائم من القرآن اختلطت بالتمائم الأخرى واشتبه الأمر وانفتح باب الشرك بتعليق التمائم كلها ومعلوم أن سد الذرائع المفضية إلى الشرك والمعاصي من أعظم القواعد الشرعية، والله ولي التوفيق[28].
معنى حديث ((إن الرقى والتمائم شرك))(8/9)
سؤال:ما معنى الحديث: ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)) [29]؟
الجواب: الحديث لا بأس بإسناده رواه أحمد وأبو داود من حديث ابن مسعود ومعناه عند أهل العلم: إن الرقى التي تكون بألفاظ لا يعرف معناها أو بأسماء الشياطين أو ما أشبه ذلك ممنوعة، والتولة نوع من السحر يسمونه الصرف والعطف، والتمائم ما يعلق على الأولاد عن العين أو الجن، وقد تعلق على المرضى والكبار وقد تعلق على الإبل ونحو ذلك، ويسمى ما يعلق على الدواب الأوتار، وهي من الشرك الأصغر وحكمها حكم التمائم وقد صح عن رسول الله r : أنه أرسل في بعض مغازيه إلى الجيش رسولاً يقول لهم: ((لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر إلا قطعت))، وهذا من الحجة على تحريم التمائم كلها سواء كانت من القرآن أو غيره.
وهكذا الرقى تحرم إذا كانت مجهولة، أما إذا كانت الرقى معروفة، ليس فيها شرك ولا ما يخالف الشرع فلا بأس بها، لأن النبي r رقا ورقي، قال: ((لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا)) [30] رواه مسلم.
وكذلك الرقية في الماء لا بأس بها، وذلك بأن يُقرأ في الماء ويشربه المريض، أو يصب عليه، فقد فعل ذلك النبي r فإنه ثبت في سنن أبي داود في كتاب الطب أنه r قرأ في ماء لثابت بن قيس بن شمّاس ثم صبه عليه. وكان السلف يفعلون ذلك، فلا بأس به[31].
حكم التميمة من القرآن وغيره
سؤال:ما حكم التميمة من القرآن ومن غيره؟
الجواب: أما التميمة من غير القرآن كالعظام والطلاسم والودع وشعر الذئب وما أشبه ذلك فهذه منكرة محرمة بالنص لا يجوز تعليقها على الطفل ولا على غير الطفل لقوله r : ((من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له))[32]، وفي رواية:((من تعلق تميمة فقد أشرك)) [33].
أما إذا كانت من القرآن أو من دعوات معروفة طيبة، فهذه اختلف فيها العلماء فقال بعضهم: يجوز تعليقها، ويروى هذا عن جماعة من السلف جعلوها كالقراءة على المريض.(8/10)
والقول الثاني: أنها لا تجوز وهذا هو المعروف عن عبد الله بن مسعود وحذيفة رضي الله عنهما وجماعة من السلف والخلف، قالوا: لا يجوز تعليقها ولو كانت من القرآن سدًا للذريعة وحسمًا لمادة الشرك وعملاً بالعموم لأن الأحاديث المانعة من التمائم أحاديث عامة، لم تستثن شيئًا، والواجب الأخذ بالعموم فلا يجوز شيء من التمائم أصلاً لأن ذلك يفضي إلى تعليق غيرها والتباس الأمر.
فوجب منع الجميع. وهذا هو الصواب لظهور دليله.
فلو أجزنا التميمة من القرآن ومن الدعوات الطيبة لانفتح الباب وصار كل واحد يعلق ما شاء فإذا أنكر عليه قال: هذا من القرآن، أو هذه من الدعوات الطيبة، فينفتح الباب، ويتسع الخرق وتلبس التمائم كلها.
وهناك علة ثالثة وهي أنها قد يدخل بها الخلاء ومواضع القذر ومعلوم أن كلام الله ينزه عن ذلك، ولا يليق أن يدخل به الخلاء[34].
كلمة في المعضد
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم.. زاده الله من الفهم والإيمان، آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ـ وبعد:
كتابكم المؤرخ 14/1/1385هـ وصل وصلكم الله بهداه وقد سرني علم صحتكم الحمد لله على ذلك كما سرني أيضًا ما أبديتموه من الملاحظة على جوابي في المعضد ووعدتكم في بحث الموضوع من جميع النواحي إلى آخره.
وأفيدكم أن الأسباب تختلف وتتنوع كثيرًا مع قطع النظر عن الاعتقاد، فمنها ما هو جائز ومنها ما هو مكروه ويجوز عند الحاجة، ومنها ما هو محرم، وإن كان الفاعل يعتقد أنها أسباب وأن الشافي هو الله وحده.
فمن الأول: ما يتعاطاه الناس اليوم من الأدوية المباحة، كتناول الحبوب والإبر والضمادات، والأدهان ضد الأمراض التي يقرر الأطباء علاجها بذلك، وكالأشعة الكهربائية فهذه وأشباهها من الأسباب الجائزة، التي جربت وعرف نفعها من دون مضرة، إذا اعتقد متعاطيها أنها أسباب وأن الشفاء من الله وحده.(8/11)
ومن الأسباب المكروهة الكي، لما ثبت عن النبي r أنه قال: ((الشفاء في ثلاث: كية نار وشرطة محجم، وشربة عسل وما أحب أن أكتوي)) [35]، وفي لفظ آخر ((وأنا أنهى أمتي عن الكي)) [36]، أخذ العلماء من هذا الحديث الشريف كراهة الكي، وأنه إنما يستعمل عند الحاجة، وينبغي أن يكون آخر الطب، عند تعذر أو تعسر غيره.
ومن النوع الثالث وهو التداوي بالأسباب المحرمة، التداوي بالخمر ولحوم السباع، وأشباه ذلك من الأطعمة والأشربة المحرمة فهذه الأشياء لا يجوز التداوي بها، ولو زعم بعض الناس أن فيها نفعًا، ولو اعتقد أن الله هو الشافي وأنها أسباب، وما ذلك إلا للأدلة الدالة على تحريم التداوي بالنجاسات والمحرمات، ولو قدر أن فيها بعض النفع، لأن ضرره أكبر، ولأنه ليس كل ما فيه نفع يباح استعماله، بل لابد من أمرين: أحدهما: أن لا يرد فيه نهي خاص عن الشارع r ، والأمر الثاني: أن لا تكون مضرته أكبر من نفعه، فإن كانت مضرته أكبر، لم يجز استعماله، وإن لم يرد فيه نهي، لأن الشرع الكامل ورد بتحريم ما يغلب ضرره كالخمر ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله r قال: ((عباد الله تداووا ولا تتداووا بحرام)) [37]، وفي لفظ آخر: ((إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم)) [38]، وصح عنه r أن رجلاً سأله عن الخمر يصنعها للدواء فقال له النبي r : ((ليست بدواء ولكنها داء)) [39].(8/12)
ومما تقدم تعلمون أن المعيار في التحليل والتحريم ليس هو اعتقاد الإنسان، وإنما المعيار هو الأدلة الشرعية، لأن الإنسان قد يعتقد أن الشفاء من الله، ويتعاطى أسبابًا محرمة كأهل الشرك فإنهم يتعلقون بآلهتهم ويعبدونها من دون الله، ويقولون: إنها تقربهم إلى الله زلفى، وتشفع لهم لديه، ولا يعتقدون أنها تتصرف بذاتها في شفائهم، أو رد غائبهم أو الدفاع عنهم، كما قال الله سبحانه: [ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ ] [40]الآية، وقال تعالى: [ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ] [41].
والأدلة في هذا المعنى كثيرة وقد يتعاطى الإنسان أسبابًا هي في نفسها جائزة، كالرقية الشرعية، وتناول الحبوب، والإبر المشتملة على المواد المباحة، فيحرم عليه تناولها إذا اعتقد أنها هي الشافية وليس ربه، وخالقه وأنه هو الذي بيده الشفاء.(8/13)
إذا عرف هذا فمسألة المعضد، هل تلحق بالأسباب الجائزة كالإبر والحبوب، أو المكروهة كالكي ونحوه؟ أو تلحق بالأسباب المحرمة، كتعليق التمائم والحلقات والخيوط والودع، على الأولاد عن العين أو الجن أو بعض الأمراض؟ وكتعليق الأوتار على الدواب كما كان أهل الجاهلية يفعلون ذلك، وقد زجرهم النبي r عن ذلك وأخبر أنه من الشرك، مع أنهم يعتقدون أن الله سبحانه هو النافع الضار، وهو الذي يدبر الأمر وهو الذي يكشف الضر ويجلب النفع، والدليل على ذلك قوله تعالى: [ قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ] [42]، فهذه الآية الكريمة أمر الله فيها نبيه r أن يسأل المشركين عن هذه الأشياء، وأخبر أنهم سيقولون: إن فاعلها هو الله وحده ولهذا قال تعالى: [ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ]، المعنى أفلا تتقون الله في ترك الشرك به وأنتم تعلمون أنه سبحانه هو المتصرف في هذه الأمور والمدبر لها، وقال تعالى: [ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ] [43].(8/14)
والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهي دالة على أن المشركين يؤمنون بأن الله سبحانه هو النافع الضار، وهو الكاشف للضر، الجالب للنفع، وهو الذي يحيي ويميت، ويدبر الأمر، ولكنهم يعبدون آلهتهم من الأصنام والأشجار والأنبياء والأولياء والملائكة، بقصد الوساطة والشفاعة، وهكذا ما يتعاطونه من تعليق التمائم والأوتار والحلقات والخيوط على الأولاد والدواب هو من باب الأسباب عندهم لا أنها شافية بنفسها، ولكنها لما كانت أسبابًا محرمة تقتضي تعلق قلوبهم بها، والتفاتهم إليها، وغفلتهم عن الله سبحانه، أنكرها عليهم النبي r وزجرهم عنها، ولأنها قد تجرهم إلى شرك أكبر، وفساد أعظم.
ومن أجل ذلك اختلفت وجهة نظر المشائخ الذين بحثت معهم موضوع المعضد، هل يلحق بالأسباب الأخيرة، وقد بينت في الجواب الذي أرسلت صورته لكم، أن الأقرب إلحاقه بالأسباب الأخيرة المحرمة، لأنه من جنس الحلقات والتمائم والأوتار التي جاء فيها النهي، لأن الذين تعاطوها من أهل الجاهلية، ومن سلك سبيلهم، إنما استعملوها لظنهم أن فيها نفعًا، جعله الله فيها وخصها به، وإن كان الله هو النافع الضار، لكنه سبحانه خلق في مخلوقاته أنواع النفع، وأنواع الضرر، وفاوت بين ذلك على مقادير مختلفة، فمن أجل ذلك وقع الناس فيما وقعوا فيه، من تعاطي الأسباب الجائزة والمحرمة، ولا سبيل إلى التمييز بين هذا وهذا، إلا من طريق الشرع المطهر، فما عرف أنه من جنس الأسباب المحرمة فهو محرم، وإن قدر فيه بعض النفع، وما عرف أنه من جنس الأسباب الجائزة فهو جائز وإن كان فيه بعض الضرر، إذا كانت منفعته أكثر، وما عرف أن الشرع نهى عنه ومنع منه فالواجب تركه مطلقًا، كالخمر ولحوم السباع.(8/15)
ومعلوم أن لبس المعضد يبقى على الإنسان كما تبقى الحروز والتمائم، الأيام والليالي والسنوات، بخلاف الحبة التي يأكلها، ويفرغ منها، وبخلاف الإبرة التي يستعملها وينتهي منها، فليس المعضد من جنس هذه الأشياء، بل هو أشبه بلبس الحلقة التي ورد فيها حديث عمران بن حصين المذكور في الجواب الذي أشرفتم عليه، وهو أشبه أيضًا بلبس التمائم والودع والأوتار، ومما تقدم تعلمون وجهة نظري ونظر المشائخ الذين قالوا بمنع لبسه والله سبحانه وتعالى أعلم.
ومما يؤيد ذلك أن تعاطي لبسه قد يفضي بالناس إلى لبس كل ما جاء من الغرب، مما يدعى فيه النفع، حتى تعظم المصيبة ويكبر الخطر، ويغفل الناس عما جاء به الشرع المطهر، في تنويع الأسباب وتفصيلها، ووجوب التحرز مما حرم الله منها، وأسأل الله سبحانه أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين لما فيه رضاه، وأن يمنحنا جميعًا الفقه في دينه والثبات عليه، وأن يعيذنا وإياكم وسائر المسلمين من مضلات الفتن إنه على كل شيء قدير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[44].
الأسورة النحاسية
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ... سلمه الله وتولاه
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:(8/16)
فقد وصلني كتابكم الكريم وصلكم الله برضاه، وأشرفت على الأوراق المرفقة المتضمنة بيان خصائص الأسورة النحاسية التي حدثت أخيرًا لمكافحة الروماتيزم، وأفيدكم أني درست موضوعها كثيرًا، وعرضت ذلك على جماعة كثيرة من أساتذة الجامعة ومدرسيها، وتبادلنا جميعًا وجهات النظر في حكمها، فاختلف الرأي، فمنهم من رأى جوازها لما اشتملت عليه من الخصائص المضادة لمرض الروماتيزم، ومنهم من رأى تركها لأن تعليقها يشبه ما كان عليه أهل الجاهلية، من اعتيادهم تعليق الودع والتمائم والحلقات من الصفر، وغير ذلك من التعليقات التي يتعاطونها، ويعتقدون أنها علاج لكثير من الأمراض، وأنها من أسباب سلامة المعلق عليه من العين، ومن ذلك ما ورد عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله r : ((من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)) [45]، وفي رواية: ((من تعلق تميمة فقد أشرك)) [46]، وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن النبي r رأى رجلاً في يده حلقة من صفر فقال: ((ما هذا؟)) قال: (من الواهنة) فقال النبي r : ((انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنًا فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا)) [47]، وفي حديث آخر عن النبي r أنه في بعض أسفاره أرسل رسولاً يتفقد إبل الركب ويقطع كل ما علق عليها من قلائد الأوتار[48]، التي كان يظن أهل الجاهلية أنها تنفع إبلهم وتصونها، فهذه الأحاديث وأشباهها يؤخذ منها أنه لا ينبغي أن يعلق شيئًا من التمائم أو الودع أو الحلقات، أو الأوتار أو أشباه ذلك من الحروز كالعظام والخرز ونحو ذلك لدفع البلاء أو رفعه.(8/17)
والذي أرى في هذه المسألة هو ترك الأسورة المذكورة، وعدم استعمالها سدًا لذريعة الشرك، وحسمًا لمادة الفتنة بها والميل إليها، وتعلق النفوس بها، ورغبة في توجيه المسلم بقلبه إلى الله سبحانه ثقة به، واعتمادًا عليه واكتفاءً بالأسباب المشروعة المعلومة إباحتها بلاشك، وفيما أباح الله ويسر لعباده غنية عما حرم عليهم، وعما اشتبه أمره وقد ثبت عن النبي r أنه قال: ((من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه)) [49]، وقال r : ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) [50].
ولا ريب أن تعليق الأسورة المذكورة يشبه ما تفعله الجاهلية في سابق الزمان، فهو إما من الأمور المحرمة الشركية، أو من وسائلها، وأقل ما يقال فيه إنه من المشتبهات، فالأولى بالمسلم والأحوط له أن يترفع بنفسه عن ذلك، وأن يكتفي بالعلاج الواضح الإباحة، البعيد عن الشبهة، هذا ما ظهر لي ولجماعة من المشايخ والمدرسين، وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه، وأن يمن علينا جميعًا بالفقه في دينه والسلامة مما يخالف شرعه، إنه على كل شيء قدير والله يحفظكم والسلام[51].
حكم لبس السوار لعلاج الروماتيزم
سؤال: ما حكم لبس السوار لعلاج الروماتيزم؟
الجواب: اعلم أن الدواء سبب للشفاء والمسبب هو الله تعالى فلا سبب إلا ما جعله الله تعالى سببًا والأسباب التي جعلها الله تعالى أسبابًا نوعان:
أولاً: أسباب شرعية كالقرآن الكريم والدعاء كما قال النبي r في سورة الفاتحة: ((وما يدريك أنها رقية)) [52]، وكما كان r يرقي المرضى بالدعاء لهم فيشفي الله تعالى بدعائه من أراد شفاءه به.(8/18)
النوع الثاني: أسباب حسية كالأدوية المادية المعلومة عن طريق الشرع كالعسل أو عن طريق التجارب مثل كثير من الأدوية وهذا النوع لابد أن يكون تأثيره عن طريق المباشرة لا عن طريق الوهم والخيال فإذا ثبت تأثيره بطريق مباشر محسوس صحّ أن يتخذ دواء يحصل به الشفاء بإذن الله تعالى.
أما إذا كان مجرد أوهام وخيالات يتوهمها المريض فتحصل له الراحة النفسية بناءً على ذلك الوهم والخيال ويهون عليه المرض وربما ينبسط السرور النفسي على المرض فيزول فهذا لا يجوز الاعتماد عليه ولا إثبات كونه دواء لا ينساب الإنسان وراء الأوهام والخيالات ولهذا نهي عن لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع المرض أو دفعه لأن ذلك ليس سببًا صريحًا حسيًا، وما لم يثبت كونه سببًا شرعيًا ولا حسيًا لم يجز أن يجعل سببًا، فإن جعله سببًا نوع من منازعة الله تعالى في ملكه وإشراك حيث شارك الله تعالى في وضع الأسباب لمسبباتها وقد ترجم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لهذه المسألة في كتاب التوحيد وهو باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لدفع البلاء وغيره.
وما أظن السوار الذي أعطاه الصيدلي لصاحب الروماتيزم الذي ذكر في السؤال إلا من هذا النوع، إذ ليس ذلك السوار شرعيًا ولا حسيًا تعلم مباشرته لمرض الروماتيزم حتى يبرزه فعلاً فلا يجوز للمصاب أن يستعمل ذلك السوار حتى يعلم وجه كونه، والله الموفق[53].
حكم الصلاة خلف من يتعامل بالتمائم والسحر
سؤال:يوجد أناس يحملون القرآن ولكنهم يتعاملون بالتمائم والسحر هل تجوز الصلاة خلفهم أم لا؟(8/19)
الجواب: الذين يعملون بالتمائم يُنظر في تمائمهم هذه فإن كانت التمائم تتضمن شركًا ودعاء لغير الله واستغاثة بغير الله واستنجادًا بغير الله فإن هذا شرك أكبر مُخرج من الملة لأن دعاء غير الله والاستغاثة به لا يقدر عليه إلا الله وهو شرك أكبر وهو من السفه والضلال، أما كونه من السفه فلأنه خروج عن ملة التوحيد التي هي ملة إبراهيم وقد قال الله تعالى: [ وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ] [54]، وأما كونه من الضلال فقد قال الله تعالى: [ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَندُعَائِهِمْغَافِلُون<5>َ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ] [55].
وبين الله عز وجل أن من دعا غير الله فقد عبده ولكن هذا لا ينفعه لأن هذا المدعو لا يمكن أن يستجيب له ولو دعاه إلى يوم القيامة، فلا أحد أضل ممن يدعو من هذه حاله.
وأما إذا كانت التمائم من القرآن أو من أدعية مباحة فقد اختلف العلماء في تعليقها سواء علقها في الرقية أو على العضد أو على الفخذ أو جعلها تحت وسادته أو ما أشبه ذلك والراجح من أقوال العلم عندي أنها لا تجوز لأن ذلك لم يرد عن النبي r وليس من حقنا أن نثبت سببًا لم ترد به الشريعة فإن إثبات الأسباب التي ترد بها الشريعة كإثبات الأحكام التي لم ترد بها الشريعة بل إن إثبات السبب هو في الحقيقة حكم بأن هذا السبب نافع فلابد من أن يثبت ذلك عن صاحب الشرع وإلا كان لغوًا وعبثًا لا يليق بالمؤمن.(8/20)
وأما كونه يتعاطى السحر فإن كان السحر بالاستعانة بالأرواح الشيطانية ودعائها وما أشبه ذلك فهو شرك أكبر مخرج عن الملة لأنه كفر، وإن كان بما سوى ذلك فمحل خلاف بين أهل العلم مثل أن يكون بأدوية ونحوها وقد قال الله تبارك وتعالى: [ وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ] [56]، والساحر حتى ولو لم يصل إلى حد الكفر فإن الواجب قتله إذا لم يتب من سحره لأن قتله فيه مصلحة له ومصلحة لغيره.
أما كونه مصلحة له فلأنه يسلم من التمادي في ذلك العمل المحرم أو العمل الذي يصل إلى الكفر، وهذا خير له فإن الله تعالى إذا أملى للكافر والمعتدي الظالم فإن ذلك ليس من مصلحته بل هو من مضرته كما قال الله تعالى: [ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ] [57] [58].
حكم تعليق الخيوط المصنوعة من شعر بعض الحيوانات على الرقبة(8/21)
سؤال:نلاحظ أن بعض الناس يعلقون في رقابهم أو أيديهم أساور مطلية ببعض الأصباغ المعينة أو خيوطًا مصنوعة من شعر بعض الحيوانات أو غيرها ويزعم هؤلاء أنها سبب في دفع ضرر قد يأتي من الجان أو غيرهم فهل هذا عمل جائز وما نصيحتكم لهؤلاء؟
الجواب: تعليق الأساور أو لبسها وربط الخيوط من الشعر أو غيره من يفعل ذلك يعتقد أن هذه الأشياء تمنع الضرر أو ترفع بذاتها عمن لبسها فهذا شرك أكبر يخرج من الملة لأنه اعتقد في هذه الأشياء أنها تنفع وتدفع الضرر وهذا لا يقدر عليه أحد إلا الله سبحانه، وإن كان يعتقد أن الله هو النافع وهو الذي يدفع الضرر إنما هذه الأشياء أسباب فقط فهذا محرم وشرك أصغر يجر إلى الشرك الأكبر لأنه اعتقد السببية فيما لم يجعله الله سببًا للشفاء لأن هذه الأشياء ليست أسبابًا والله جعل أسباب الشفاء في الأدوية النافعة المباحة والرقى الشرعية وهذه ليست منها.
وقد عقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بابًا في كتاب التوحيد في هذا الموضوع فقال: ((باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه)) أورد فيه أدلة منها حديث عمران بن حصين رضي الله عنه ((أن النبي r رأى رجلاً في يده حلقة من صفر فقال: ما هذه؟ قال: من الواهنة، قال: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنًا فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا))[59]، رواه أحمد بسند لا بأس به وصححه ابن حبان والحاكم وأقره الذهبي، ولابن حاتم عن حذيفة أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحمى أي لدفع الحمى فقطعه وتلا قوله تعالى: [ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ ] [60]، وإن كان يعتقد أن هذا يدفع شر الجن فالجن لا يدفع شرهم إلا الله سبحانه قال تعالى: [ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ] [61] [62].
حكم تعليق التمائم التي من القرآن في أعناق الصبيان(8/22)
سؤال:ما حكم التمائم التي تعلق في أعناق الصبيان وغيرهم والتي تكون من الآيات القرآنية والأدعية النبوية وأشباه ذلك من الدعوات المشروعة؟
الجواب: الصحيح من قولي العلماء أنه لا يجوز تعليق مثل هذه التمائم لعدة أمور:
أنه ليس هناك دليل على جواز ذلك والأصل المنع لعموم النهي عن تعليق التمائم كقوله r : ((من تعلق تميمة فلا أتم الله له)) [63]، ونحوه.
أن السماح بتعليق هذه التمائم يكون وسيلة لتعليق التمائم المشتملة على الشرك والألفاظ المحرمة.
أن السماح بتعليق هذه التمائم وسيلة لامتهان القرآن وتعريضه للدخول في المواطن غير المناسبة، وقد يعلق على أطفال لا يحترزون من النجاسة إلى غير ذلك من المحاذير.
وفي رقية المريض مباشرة وقراءة القرآن على المصاب غنية عن تعليق التمائم والحمد لله [64].
الاضطرابات النفسية لا تعالج بالتمائم
سؤال:هل يجوز لي أن أعلق تميمة، حيث إنني أعاني من اضطرابات نفسية؟
الجواب: لا يجوز تعليق التمائم، لورود النهي عن ذلك وتجوز الرقية بالقرآن، والأدعية، والأوردة المأثورة وكثرة الذكر، والأعمال الصالحة، والاستعاذة من الشيطان، والبعد عن المعاصي وأهلها، فكل ذلك يجلب الراحة والطمأنينة والحياة السعيدة[65].
حكم بيع الأشكال المعدنية التي عليها آيات قرآنية لتعلق في عنق الأطفال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد جرى إطلاعنا على خطابكم الموجه إلينا بخصوص ذكركم أن هيئة الأمر بالمعروف بجيزان وجدت في الأسواق قطعًا معدنية على شكل أهلة ونحوها مكتوبًا فيها آيات قرآنية تباع لتعلق على الأطفال وغيرهم كتمائم يتقى بها العين والوحشة وغيرهما، وتسألون عن الحكم الشرعي فيها.(8/23)
والجواب: الحمد لله، روى الإمام أحمد رحمه الله في مسنده عن عقبة بن عامر عن النبي r أنه قال: ((من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)) وفي رواية له ((أن رسول الله r أقبل إليه رهط فبايع تسعة وأمسك عن واحد، فقالوا: يا رسول الله بايعت تسعة، وأمسكت عن هذا، فقال: إن عليه تميمة، فأدخل يده فقطعها فبايعه، وقال: من تعلق تميمة فقد أشرك)). والتمائم شيء يعلق على الأولاد يتقى به العين، وهذا المعلق إما أن يكون من القرآن، أو من أسماء الله وصفاته، أو لا يكون، فإن لم يكن من القرآن ولا من أسماء الله وصفاته فلا نعلم خلافًا بين أهل العلم في منعه وتحريمه واعتباره شركًا بالله.
وإن كانت من القرآن أو من أسماء الله وصفاته فقد اختلف علماء السلف في حكم تعليقها، فرخص فيها بعض السلف وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص، وظاهر ما روي عن عائشة رضي الله عنها، وأحد قولي الإمام أحمد، وحملوا الأحاديث الواردة في النهي عنها على التمائم الشركية، وقاسوا جواز تعليقها إذا كانت من القرآن أو من أسماء الله وصفاته بالرقية، وبعضهم لم يرخص فيه وجعله من المنهي عنه، منهم ابن مسعود، وابن عباس، وظاهر قول حذيفة، وبه قال عقبة بن عامر وابن عكيم.
قال إبراهيم النخعي: كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن.
والمراد بالكراهة في قول إبراهيم وغيره من السلف الصالح التحريم، وهذا القول - أعني تحريم تعليقها - هو قول الإمام أحمد اختاره جمع من أصحابه وجزم به المتأخرون منهم، وهذا هو الصحيح من وجوه:(8/24)
الأول: عموم قوله r : ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)) [66]، وقوله: ((من تعلق شيئًا وكل إليه)) [67]، وقوله: ((من تعلق تميمة فقد أشرك)) [68]، وما روى أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال صحيح وأقره الذهبي ولفظ أبي داود عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود أن عبد الله بن مسعود رأى في عنقي خيطًا فقال: ما هذا؟ قلت: خيط رقي لي فيه، قالت: فأخذه وقطعه ثم قال: أنتم آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله r يقول: ((إن الرقى والتمائم والتولة شرك)) فقلت: لم تقول هكذا؟ لقد كانت عيني تقذف وكنت أختلف إلى فلان اليهودي فإذا رقاها سكنت، فقال عبد الله: إنما ذلك عمل الشيطان ينخسها بيده فإذا رقى كف عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله r يقول: ((أذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافي، لاشفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا))[69].
وما روى أبو داود عن عيسى بن حمزة قال: دخلت على عبد الله بن عكيم وبه حمرة فقلت: ألا تعلق تميمة؟ فقال: نعوذ بالله من ذلك، قال رسول الله r : ((من تعلق شيئًا وكل إليه)) [70]، وما روى وكيع عن ابن عباس قال: اتفل بالمعوذتين ولا تعلق، ولعدم وجود مخصص يخصص شيئًا منها بالجواز.
الثاني: أن تعليقها ذريعة لتعليق غيرها وسد الذرائع من مقاصد الشرع الحنيف.
الثالث: أن معلقها يدخل بها في الغالب مواضع قضاء الحاجة، وهذا غير جائز شرعًا لما فيها من كتاب الله وأسمائه وصفاته.
الرابع: أن التميمة اسم لما يدركه البصر على معلقها من جلود ورقاع ونحوهما لا ما كتب فيها.
وأما قياس جوازها على الرقية فقياس غير ظاهر لوجود الفرق بينهما، قال الشيخ سليمان رحمه الله في كتابه ((تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد)) في معرض كلامه على التمائم وخلاف العلماء فيها:(8/25)
وأما القياس على الرقية بذلك فقد يقال بالفرق، فكيف يقاس بالتعليق الذي لابد فيه من أوراق أو جلود أو نحوهما على ما لا يوجد ذلك فيه، فهذا إلى الرقى المركبة من حق وباطل أقرب، انتهى المقصود من كلامه.
فعليه يلزم منع بيعها، واستعمال الناس لها، ومصادرة ما يعرض منها في الأسواق . والسلام عليكم[71].
إخراج الحجب من مكانها
سؤال: أسأل عن الحجب هل يجوز إخراجها من مكانها؟ علماً بأن أهلي قاموا في العام الماضي بالذهاب إلى إحدى النساء التي تعمل ذلك، وتقول: إنها أخرجته من مكانه، وتقوم هذه المرأة بإحضار ما يوضع في وسط هذه الحجب، ولكن المرأة تأخذ مبالغ كثيرة مقابل ذلك، هل ينالنا عقاب جراء ذهابنا إلى هذه المرأة وتعاملنا معها؟ وما حكم الشرع في هذا؟جزاكم الله خيراً.
الجواب: الواقع ما عرفت معنى الحجب، لأن المعروف أن الحجب هي عبارة عن أوراق يكتب فيه أدعية وتعوذات وآيات قرآنية، يحملها الإنسان على صدره مربوطةً في عنقه، يرى أنها تحجبه من الشر، ومن الشياطين، وبعضهم إذا مرض يصنع مثل ذلك ويرى أن الله يشفيه بها، هذا معنى الحجب الذي نعرف.
وإنما يفيد ظاهر كلامها أنها تريد بذلك نقض السحر، ونقض السحر بالسحر ممنوع وحرام لا يجوز؛ لأن النبي r سئل عن النشرة قال: ((هي من عمل الشيطان)) [72] لكن قد يكون هناك حالات خاصة ينظر فيها بعينها. [73]
حكم كتابة أوراق لطرد الطيور وحماية المزارع
سؤال: بعض أهل المزارع يذهبون إلى رجل ليكتب لهم ورقة تطرد الطيور وتحمي مزارعهم فماحكم هذا العمل؟(8/26)
الجواب: هذا العمل ليس بجائز شرعاً وذلك لأنه لا يمكن أن تكون هذه الورقة تطرد الطيور عن المزارع فإن هذا ليس معلوماً بالحس ولا معلوماً بالشرع وكل سبب ليس معلوماً بالحس ولا بالشرع فإن اتخاذه محرماً فلا يجوز أن يعملوا هذا العمل. وإنما عليهم أن يكافحوا هذه الطيور التي تنقص محاصيلهم بالوسائل المعتادة التي يعرفها الناس دون هذه الأمور التي لا يعلم لها سبب حسي ولاشرعي. [74]
---
[1] أخرجه أبو داود رقم (3883)، كتاب الطب، وأحمد في المسند (1/381)، وصححه الألباني، وهو في صحيح الجامع رقم (1632)، والسلسلة الصحيحة رقم (331).
[2] فتاوى اللجنة الدائمة ج1 ص 204، 205.
[3] أخرجه أحمد في المسند (4/156).
[4] فتاوى اللجنة الدائمة ج1 ص 207، 208.
[5] أخرجه أحمد في المسند (4/154).
[6] أخرجه أحمد في المسند (4/156).
[7] فتاوى اللجنة الدائمة ج1 ص 210، 211.
[8] تقدم تخريجه ص 39 - 303.
[9] تقدم تخريجه ص 53 - 306.
[10] فتاوى اللجنة الدائمة ج1 ص 208، 209.
[11] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 94، والفتوى للجنة الدائمة.
[12] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، ص 93، والفتوى للجنة الدائمة.
[13] مجلة البحوث الإسلامية عدد 26 ص 99، 100، اللجنة الدائمة.
[14] مجلة البحوث الإسلامية عدد 26 ص 97، اللجنة الدائمة.
[15] فتاوى اللجنة الدائمة ج1 ص203.
[16] فتاوى اللجنة الدائمة ج1 ص 211 – 212.
[17] فتاوى اللجنة الدائمة ج1 ص 212.
[18] تقدم تخريجه ص 39 – 303.
[19] تقدم تخريجه ص 53.
[20] تقدم تخريجه ص 53 - 306.
[21] أخرجه مسلم رقم (2200)، كتاب السلام.
[22] أخرجه أبو داود رقم (3889)، كتاب الطب.
[23] فتاوى المرأة المسلمة، ابن باز ج1 ص 162، 163.
[24] تقدم تخريجه ص 51 - 316.(8/27)
[25] أخرجه مسلم رقم (2199)، كتاب السلام.
[26] تقدم تخريجه ص 316.
[27] تقدم تخريجه ص 53.
[28] كتاب الدعوة – الفتاوى – للشيخ عبد العزيز بن باز، ج2 ص 20 – 21.
[29] تقدم تخريجه ص 53.
[30] تقدم تخريجه ص 41.
[31] مجلة البحوث الإسلامية: عدد 4 ص 161، 162، والفتوى للشيخ ابن باز.
[32] تقدم تخريجه ص 53.
[33] تقدم تخريجه ص 53.
[34] مجلة البحوث الإسلامية عدد 4 ص 160-161، والفتوى للشيخ ابن باز.
[35] أخرجه البخاري رقم (5704)، كتاب الطب، ومسلم رقم (2205) [71]، كتاب السلام بلفظ: (( إن كان في شيء من أدويتكم خير، ففي شرطه محجم، أو شربه من عسل أو لذعة بنار، وما أحب أن أكتوي )).
[36] أخرجه البخاري رقم (5680، 5681)، كتاب الطب.
[37] تقدم تخريجه ص 88.
[38] أخرجه البخاري موقوفاً على ابن مسعود في كتاب الأشربة، باب شراب: الحلواء والعسل.
[39] أخرجه مسلم رقم (1984)، كتاب الأشربة.
[40] سورة يونس الآية: 18.
[41] سورة الزمر الآيتان: 2، 3.
[42] سورة يونس الآية: 31.
[43] سورة الزمر الآية: 38.
[44] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، ابن باز ج1 ص 206 – 210.
[45] تقدم تخريجه ص 53..
[46] تقدم تخريجه ص 53.
[47] أخرجه ابن ماجه رقم (3531) ، كتاب الطب ، وأحمد في المسند (4/445) ، وحسنه البوصيري في الزوائد.
[48] أخرجه البخاري رقم (3005)، كتاب الجهاد.
[49] أخرجه البخاري رقم (52)، كتاب الإيمان، ومسلم رقم (1599)، كتاب المساقاة.
[50] أخرجه الترمذي رقم (2518)، كتاب صفة القيامة، والنسائي (8/327، 328)، كتاب الأشربة وقال الترمذي: حسن صحيح.
[51] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ابن باز ج1 ص 211، 212.
[52] تقدم تخريجه ص 24 - 52.
[53] فتاوى العلاج بالقرآن والسنة – الرقى وما يتعلق بها للشيخ ابن باز، ابن عثيمين، اللجنة الدائمة، والفتوى للشيخ محمد بن عثيمين.
[54] سورة البقرة الآية: 130.
[55] سورة الأحقاف الآيتان: 5، 6.(8/28)
[56] سورة البقرة الآية: 102.
[57] سورة آل عمران الآية: 178.
[58] فتاوى العقيدة: ابن عثيمين، ص 316 – 318.
[59] تقدم تخريجه ص 328.
[60] سورة يوسف الآية: 106.
[61] سورة فصلت الآية: 36.
[62] المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان، ج2 ص 29، 30.
[63] تقدم تخريجه ص 53.
[64] المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان، ج2 ص 37، 38.
[65] الكنز الثمين، الشيخ عبد الله الجبرين، ج1 ص 191، 192.
[66] تقدم تخريجه ص 53
[67] أخرجه النسائي (7/112)، كتاب التحريم.
[68] تقدم تخريجه ص 53
[69] أخرجه أبو داود رقم (3883)، كتاب الطب، والترمذي رقم (2072)، كتاب الطب.
[70] أخرجه الترمذي رقم (2072)، كتاب الطب.
[71] فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم، ج1 ص 95 – 98.
[72] أخرجه أبو داود رقم (3868)، كتاب الطب، بإسناد صحيح.
[73] فتاوى نور على الدرب – العثيمين، ج2 ص 503.
[74] فتاوى ابن عثيمين، ج1 ص 146.(8/29)