كثير البكاء دائم الحزن على حال الأمة
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاكتئاب
التاريخ 7/11/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
أرجو منكم إفادتي: أنا فتاة منذ أن كان عمري 12عام وأنا أحس بكآبة، دائمة الانعزال، أحب الجلوس لوحدي، لكن كثيراً ما أفكر وأبكي على حال أمتي الضعيفة وأتقطع حسرة، وأحيانا ألوم نفسي لماذا أنت تأكلين وتنامين براحة وأمن، وإخوة لك هناك يموتون جوعاً وعيونهم لم تذق طعم النوم، فازداد غيظاً وأعزم على الجهاد من أجل تحرير، ولكن هذا الأمر يضايقني، وقد نحل جسمي من كثرة الهموم. هل هذا يعتبر مرضاً نفسياً؟ أم أنه شيء طبيعي؟.
الجواب
الأخت السائلة: -سلمها الله-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجدي منا النفع
والفائدة.
أما جواب مشكلتك فكالتالي:
أولاً- أنا أشكرك على هذا الإحساس والشعور وحمل هم المسلمين، ولا ريب أنها حالة
محمودة ومرضية في وقت انعدم فيه هذا الإحساس عند كثير من المسلمين.
ولعلك سمعت بالنصوص الشرعية التي تؤكد على أهمية هذا الواجب في حياة المسلمين
ومنها:
- قوله سبحانه: "إنما المؤمنون إخوة" [الحجرات:10] ، وقوله: "إن هذه أمتكم أمة واحدة" [الأنبياء:92] .
- وجاء في الصحيح من حديث أبي موسى - رضي الله عنه - قوله: صلى الله عليه وسلم:" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه" انظر صحيح البخاري (2446) ، وصحيح مسلم (2585) ، وفي الصحيح أيضا من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قوله: صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " انظر صحيح البخاري (6011) ، وصحيح مسلم (2586) .
وجاء في معجم الطبراني الأوسط (7473) عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ومن لم يصبح ويمس ناصحا لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه ولعامة المسلمين فليس منهم"، وغيرها من النصوص الكثيرة.
فأهنئك يا أختي الفاضلة بالأجر والثواب على هذا الهم المبارك، إلا أنه لا يكفي وحده بمعنى لا ينبغي أن يكون غاية ما يفعله المسلم لإخوانه أن يفكر فيهم ويتألم لألمهم فحسب، بل ينبغي أن يدفعه ذلك لأمور منها:
(1) أن يقف معهم فيساعدهم بما يستطيع من جهد بدني.
(2) أن ينفق من ماله مما في وسعه، ليجاهد بذلك في سبيل الله.
(3) أن يخلف إخوانه المسلمين في أهليهم وأولادهم، وفي الصحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله"، وفي لفظ: "كالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر" انظر صحيح البخاري (6007) وصحيح مسلم (2982) .
(4) أن يكثر الدعاء لهم والتبتل إلى الله أن ينصرهم ويخفف عنهم.
(5) أن يتحدث عند الآخرين عن مأساة إخوانه ليشاركوا بالواجب تجاه إخوانهم المسلمين.(20/247)
(6) أن يضاعف الجهد في الدعوة إلى الله وبث الوعي، حتى يعود الناس إلى ربهم ليسلك بهم سبحانه طريق النصر والتمكين.
إن ترجمة ذلك الهم والألم لحال الأمة بمثل هذه الأمور يجعل ذلك الهم إيجابياً نافعاً يغير من واقع الأمة من حال سيِّئ إلى حال حسن، لا سيما إذا أصبح ذلك الأمر شعوراً جماعياً وجهداً جماعياً على مستوى الأمة يشعر به كل مسلم ومسلمة، ومما أذكره من قصة وحادثة في هذا الباب:
ما جاء عن أحد الدعاة أنه تكلَّم في أحد المجامع للناس عن حال إخوانهم في ألبانيا، وذلك في الأربعينيات من القرن الماضي إبان احتلال السوفيت لأراضيهم، فأجاد وأبدع وأثر كثيراً وحاول استنهاض همة الناس لنصرة إخوانهم فبكى الناس، وكان منهم رجل بكى كثيراً وبدأ يصرخ بأعلى صوته متأثرا لحال إخوانه، وجاء لذلك الداعية وقال له: لم نحن ساكتون؟ لماذا لا نتحرك؟ لماذا لا ننصر إخواننا؟ فقال له ذلك الداعية الفطن: إذا استطعت أن تنقل هذا الشعور لإخوانك المسلمين، فأنت بذلك تشق الطريق للوصول إليهم ونجدتهم.
نعم إن جعل الأمة تعيش هذا الهم مدعاة لتحركها وبذلها جميعاً لدينها ونصرة قضاياها.
أسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا جميعاً من أنصار دينه، وأن يستعملنا فيما يرضيه ولا يشغلنا فيما يباعدنا عنه إنه جواد كريم.(20/248)
الخوف أثر على صحتي!
المجيب د. نزار بن حسين الصالح
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 29/11/1426هـ
السؤال
ينتابني خوف شديد من الآخرة ومن عذاب القبر، وعندما أرى الرهائن يذبحون والدماء وأشياء من هذا القبيل يؤدي بي ذلك -في أغلب الأحيان- إلى صعوبة كبيرة في التنفس، فلم أترك طبيباً إلا وزرته، ولكن دون جدوى، فأغلبهم يقول: إن الأعصاب هي التي تسبب لي ذلك. أرشدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الخوف المرضي يحتاج إلى عدة خطوات لعلاجه، منها:
1- البعد عن التفكير السلبي نحو الأمور، والتركيز على النواحي الإيجابية من رحمة الله وعطفه، والجنة، والثواب.
2- الحرص على الاستقامة وتأدية الشعائر الإسلامية وخصوصاً الصلاة والدعاء، والحرص على اجتناب المنكرات.
3- زيارة طبيب نفسي؛ لوصف العلاج المناسب لمثل هذا المرض، والحرص على أخذ العلاج حسب إشارة الطبيب لفترات طويلة قد تصل إلى سنة.
4- البحث عن وسائل لتغيير طبيعة حياتك، ومحاولة إدخال نوع من البهجة والفرح فيها قدر الإمكان، وذلك من خلال قراءة السيرة النبوية لمعرفة كيفية حياة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- وكذلك سيرة أصحابه، وهكذا، ولابد من ممارسة نوع من أنواع الرياضة، والانخراط في عمل تطوعي لمساعدة المحتاجين إذا أمكن، والله الموفق.(20/249)
أخاف ... وأتحمل أعباء الغير
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 6-6-1423
السؤال
أخي الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي مشكلة كبيرة وهي الخوف من كل شخص يواجهني حتى لو يأخذ حقي ويعتدي علي بغير حق..!!! وكذلك تحميل نفسي أعباء الناس الذين يطلبون مني أشياء وأنا لا أقدر عليها ولا أستطيع الاعتذار منهم..!!!
الجواب
أخي الكريم أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولا: لقد أوجزت كثيرا في سؤالك فلم تذكر لي ظروفك الأسرية وعدد إخوتك.. وترتيبك بينهم.. وهل ما تعاني منه من خوف خاص بك أم يشاركك فيه أحد من أسرتك..؟ ومنذ متى بدأت تشعر بهذا الخوف..؟! وما هي الأعراض التي تنتابك عندما تشعر بهذا الخوف؟!!! وهل يستمر.. أو يزول بنهاية الموقف المسبب له؟!! وكيف تتعامل معه..؟! وهل يشعر غيرك بهذا الخوف الذي يعتريك.. أم أنه شعور داخلي يبدأ في أعماقك وينتهي فيها.. وما هو مستواك العلمي..؟! إلى آخر هذه التفاصيل الهامة جدا لمعرفة أبعاد المشكلة وأسبابها وعمقها.. ومن ثم الآلية المناسبة للتعامل معها.
ثانيا: لتعلم يا عزيزي أن الخوف سلوك مكتسب يمكننا التعامل معه بشكل إيجابي.. واكتساب السلوك المضاد له عبر " فنيات تعديل السلوك ".. والتدرب عليها.. وقد نحتاج أحيانا إلى بعض الجلسات النفسية العلاجية (العلاج السلوكي) وربما (العلاج الدوائي) حسب الحالة..! إلا أن ما أحب أن أطمئنك عليه أن مشكلة الخوف سلوك شائع وله أكثر من طريقة للعلاج.. والنتائج دائما مشجعة.
ثالثا: تكلمت كثيرا حول مشكلة الخوف من أكثر من زاوية وستجد في (خزانة الاستشارات - استشارات نفسية - الخوف) أكثر من سؤال وجواب حول هذا الأمر وكذلك في منتدى (زوايا المشكلة) بعنوان (الخوف المرضي) آمل الإطلاع عليها.
رابعا: حاول أن تجلس مع نفسك جلسة هادئة وتكتب السؤال التالي: ماهو الشيء الذي يخيفني بكثرة؟ ثم اكتب الأشياء حسب أهميتها.. وبعد ذلك اسأل نفسك: ولماذا أخاف منها؟ ثم اكتب الإجابة بالتفصيل.. وستكتشف أن الكثير منها أمور (تافهة) بمرد أن نخرجها من أنفسنا ونضعها على الورق!!! حاول بعد ذلك التخلص منها واحدا واحدا.. ولا بأس من زيارة أحد العيادات النفسية المتخصصة.. فستجد فيها - بإذن الله - الفائدة المرجوة. المهم أن تثق أنك ستتخلص من هذه المشكلة عاجلا غير آجل.
خامسا: عليك أخي الكريم بصدق الالتجاء إلى الله بأن يعينك ويشفيك ويعافيك ويوفقك ويسدد خطاك.. فهو سبحانه وتعالى المولى وهو النصير.
وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك،،،(20/250)
خوفي عليهم.. يقتلني!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 6/11/1422
السؤال
منذ صغري.. ينتابني شعور مخيف بالخوف على الصغار والنساء والضعفاء بشكل عام. عندما أتأمل زوجتي أو طفلتي أتخيل لو أن أحداً من اللصوص أو المجرمين يذبحهما. أكاد أجن!! أتخيل طفلتي وهي تبكي إن تركتها في العراء تواجه مصيرها.. لا أخفيك أنا ممن يتحملون المصائب.. وقد مررت بأوقات عصيبة واختبارات كثيرة لشخصيتي.. مع أنني فيّ من القدرة على التخاصم قدر كبير.. لا أدري إن كنت قد استطعت أن أوصل هذه المشاعر المخيفة التي ربما تظهر على ملامح وجهي وتنعكس في استغراقي للحظات.. أجهل العالم من حولي تقريباً!
الجواب
أخي الكريم، أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:
أولاً: يا عزيزي لتعلم أن ما تعاني منه أمر مزعج جداً وخطير..!! وفي نفس الوقت يسهل العلاج منه - بعون الله وتوفيقه - أتدري لماذا..؟! لأنك أنت من يضع هذه الهواجس السلبية.. وأنت من يملك القدرة على إزالتها، واستبدالها بهواجس ومشاعر إيجابية!!
ثانياً: حياتنا النفسية من صنع أفكارنا.. هذه حقيقة واضحة ومجربة وصادقة 100%.. فالحوادث يا عزيزي لا تضيرنا، وإنما الذي يضيرنا هو موقفنا النفسي من تلك الحوادث، وتفسيرنا لها..!!
ثالثاً: هناك مثل يضرب في تقريب هذه الفكرة.. وهي قصة مسافرين على متن إحدى السفن السياحية في رحلة بحرية حول إحدى الجزر.. جلسا في مقصورة واحدة، وكل منهما ينظر إلى البحر.. أما أحدهما فكان طوال الساعات التي استغرقتها الرحلة يستمتع بمنظر البحر والطيور.. والأجواء الساحرة حوله، ويعيش معها في سعادة وهناء، ويحدث نفسه بتكرارها في مكان آخر.. وزمان آخر..! وأما المسافر الآخر، فكان ينظر إلى البحر.. ((ويتخيل)) أعماقه وآلاف الأسماك الشرسة فيه.. ثم ((يتخيل)) اصطدام السفينة بإحدى الصخور، والشعاب المرجانية، وتحطمها.. وغرقها و ((يتصور)) نفسه وهو يصارع الأمواج، وقد بُحّ صوته، وتلاشت قوته، وبدأ يغرق شيئاً فشيئاً.. وأمامه شريط سريع لأطفاله من بعده وهم يبكون.. ويتشردون بلا مأوى.. وقد قسا عليهم الزمان.. وتركهم القريب..!! ويشعر حيال هذه الخواطر بحزن عميق، ويبكي بصمت.. ثم ((يتخيل)) أسماك القرش وهي تنتهبه فيما بينها: فتقطعه إرباً، فيقشعر بدنه، وتتداعى إليه آلاف الصور..!!
وفجأة يعلن مسؤول الرحلة عن انتهائها ووصولهم إلى الهدف ويهنئهم بسلامة الوصول.. بعد هذه الرحلة الجميلة!! قارن بينهما - أخي الكريم - في نفس المكان ونفس الزمان ونفس الظرف تقريباً.. أحدهما قضى تلك الساعات بسعادة ونشوة والآخر.. قضاها تعيساً حزيناً.. محبطاً..!!! من المسؤول عن ذلك..؟!! المسؤول هو " التوجه الذهني " لكل منهما فالأول كان توجهه " إيجابياً " والآخر كان توجهه " سلبياً " فمن أيهما أنت يا ترى..؟(20/251)
أنت - أخي الكريم - الآخر.. صاحب التوجه السلبي وببساطه تستطيع أن تقلبه إلى توجه إيجابي.. وتتعامل مع الحياة بهذه الروح.. وستجد الفرق شاسعاً بينهما.
رابعاً: تفاءلوا بالخير تجدوه.. فلماذا أنت متشائم وقانط ومحبط.. ولماذا هذه المخاوف التي تملأ بها نفسك وتتألم لها..؟! أنت ولا شك مؤمن بأن المقَدَّر كائن، وبأننا مسؤولون في هذه الحياة عن فعل الأسباب ولسنا مسؤولين عن النتائج، لأنها مرتبطة بأقدارها وبمقدرها - سبحانه - فأحسن الظن فيه وتوكل عليه (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) .
خامساً: أين أنت من الأوراد فهي حصن المسلم؟ وأين أنت من أذكار الصباح والمساء؟ وقبل هذا ذكر الله (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) . والاستعاذة من الشيطان الرجيم؛ لأنه هو الذي ((ينفخ)) في مثل هذه الهواجس إن وجدت.. ليقنط المسلم.. ويعيش في صراع دائم لن يخرج منه إلا بصدق الالتجاء إلى الله.. والتوكل عليه والركون إليه.. (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا..)
سادساً: الحمد لله الذي جعلك قوياً.. وذا قدرة على التحمل ولكن مشكلتك - كما أسلفت - ليست مشكلة بدنية بل هي " مشكلة نفسية " بسيطة إن تداركتها وهي غلبة "المشاعر السلبية " عليك.. وتأثرك بها.. واستسلامك لها..!! والحل أن تستبدلها - كما أسلفت - بمشاعر إيجابية متفائلة واثقة بالله أولاً.. وملتجئة إليه.. ومتكلة عليه.. وتذكر قبل الختام المقولة التي ذكرتها في البدء [حياتنا النفسية من صنع أفكارنا]
وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(20/252)
اضطراب.. وخوف.. وشدة خفقان!!
المجيب د. سيد زكي خريبة
استشاري صحة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 8/11/1422
السؤال
مشكلتي هي أنني منذ ما يقارب الستة أشهر أعيش في حالة اضطراب وخوف شديد وأشعر بالخفقان الشديد بكل موقف يحصل أمامي سواء أكان مفرحاً أم محزناً وحتى عند صراخ أي طفل أو أي مناقشة بين أشخاص أمامي أو أي حركة قوية، حتى عند سماعي لفرملة السيارات أو أي صوت قد يكون - أحياناً - عادياً جداً إلا أنني أشعر بهذا الخفقان والاضطراب والخوف، والغريب أن ذلك الشعور يأتيني حتى من تكرار بعض الأعمال أو حتى عند مشاهدة بعض المشاهد المتكررة حتى إنني فقدت الإحساس بكل ما هو جميل حولي، ودائماً ما أشعر بالرعب والخوف والاضطراب عندما أفكر في المستقبل وبالذات في الشيخوخة وفي الكبر، وكثيراً ما تراودني الأفكار السوداء حول هذا الموضوع، وقد حاولت أن أبعد هذا التفكير من رأسي خوفاً من الله - عز وجل -، إلا أنني لم أستطيع ذلك وقد أثر ذلك على نفسيتي وشعوري بعدم الراحة والسكينة والطمأنينة.. علماً بأنني - ولله الحمد - إنسانة ملتزمة ومتمسكة بديني ومواظبة على قيام الليل للتضرع إلى الله سبحانه وتعالى لإخراجي من هذه الأزمة كما أنني مواظبة على قراءة الأذكار، وكذلك قراءة جزء كامل من القرآن في اليوم وكذا حضور مجالس الذكر والحمد لله فإنني عندما أقوم بهذه الأعمال أشعر بالراحة والسكينة والطمأنينة إلا أن هذه الحالة سرعان ما تأتيني وأصبحت تراودني بين فترة وأخرى، وهذا يؤثر على أعصابي وتفكيري وكذلك يشعرني بالإحباط واليأس وبعدم الشعور بالأمان. بقي أن أخبركم بأنني إنسانة حساسة جداً وأشعر بالإحباط واليأس ودائماً ما أبكي لأتفه الأسباب أو عند رؤيتي للظلم أو القهر.. كذلك فإنني منذ أن وعيت على هذه الدنيا وما زلت وأنا أخاف من أشياء كثيرة مثل الأماكن العالية والظلام وبعض الحشرات وقلاع الطائرات وحتى السيارات والأماكن المزدحمة مثل الحفلات والتجمعات.. وأخشى أن يكون ما أشعر به الآن بسبب ذلك.
أرجو منكم تشخيص حالتي بصورة مفصلة، وهل أنا بحاجة إلى زيارة طبيب نفسي أم أن هذه الحالة هي طبيعية أو مؤقتة، وما هو العلاج في رأيكم؟
أرجو ردكم بصورة سريعة على هذا الموضوع..
الجواب
رداً أيتها الأخت العزيزة على مشكلتك فإننا نقول لك كم كنا نود قبل إعطاء الاستشارة أن نعرف أشياء عن طفولتك، وكذلك كيف كانت تنشئتك الاجتماعية - إلا أننا سنضع لك الاستشارة من خلال خبرتنا في هذا المجال، وعسى الله أن يوفقنا فيما سنقدمه بعونه تعالى إليك ...(20/253)
الأخت العزيزة، إنك تعانين من مرض عصابي يعرف باسم "المخاوف المرضية غير المنطقية"، وهذا النوع يكثر لدى الإناث أكثر منه لدى الذكور، فمن حيث الخوف الموجود لديك مثلاً من الأماكن العالية فإن ذلك قد يرتبط بخبرة سيئة سابقة قد حدثت لك في الطفولة وعلى سبيل المثال قد تكونين قد انزلقت أو وقعت من على سلم أثناء طفولتك وأحسست بألم شديد أو قد تكونين جرحت جرحاً بالغاً - وهو ما بدا واضحاً عليك في الخوف من الأماكن المرتفعة وهكذا كل الأشياء التي ذكرتها فإنها ترمز لأشياء في الوجود سواء كانت الطائرات أو الحشرات.
فأنت مصابة بخوف غير منطقي هو رمز لخوف على المستوى اللاشعوري كما ذكرت. الأخت صاحبة المشكلة لقد ذكرت لنا في عرض المشكلة أنك ملتزمة ومتمسكة بالدين ومواظبة على قيام الليل وهذا شيء طيب وهو نوع من المحافظة - إلا أننا نقول لك: يبدو أنك منطوية على نفسك أكثر من اللازم، وهنا فإن ما يحدث لك نتيجة المزاج الفطري الولادي، وانشغالك بأفكارك الخاصة فإنك تضخمين الأفكار أكثر من اللازم (المخاوف) .
ونتيجة لتضخيمك لهذه المخاوف وتلك الأفكار تعيشين حالة من القلق والخوف من المستقبل خاصة مرحلة الشيخوخة - وهنا أسألك سؤالاً مؤداه: هل رأيت أو سمعت قصة لكائن حي قد يكون حيواناً أو إنساناً ماذا حدث له في كبره من مخاطر وآلام؟
فإذا كان الأمر كذلك فعليك بتصحيح الفكرة مقنعة نفسك بأن للإنسان دورة حياة لا بد أن يمر بها حتى يصل إلى هذه المرحلة وهي سنة الحياة وعليك أن تتقبلي الأمر. إلا أننا نقول لك بعض النصائح للتغلب على تلك المخاوف غير المنطقية:
• ضعي قائمة بمخاوفك غير المنطقية واسم تلك المخاوف ووصفها؛ لأن ذلك يساعد على وضعها تحت السيطرة الشعورية الإرادية.
• افحصي مخاوفك واسألي نفسك ما الذي ترمز إليه هذه المخاوف (الأشياء) ؟ لأنك قد تكتشفين أن بعض هذه المخاوف الظاهرة هي مجرد أشباح لها مادة حقيقية - وحاولي أن تتعاملي معها بواقعية فإن تلك الصراعات قد تكون هي جذور المخاوف.
• بالنسبة للخوف من الحفلات فهذا يعرف "بالمخاوف الاجتماعية" وللتغلب عليها فهذا يتطلب منك أن تستخدمي العلاج المعرفي السلوكي بنفسك وذلك من خلال تصور نفسك بصرياً وتخيلي أنك ستقومين بإلقاء كلمة تحيين فيها الحاضرين - صحيح سيكون فيه قلق عندما تتخيلين ذلك مع نفسك - إلا أنك مع زيادة تكرار هذه الصورة البصرية مع نفسك سينخفض القلق لديك - وستجدين بعد ذلك أن بإمكانك الذهاب للحفلات والاجتماعات ولا أخفي عليك أنه في المرة الأولى سيكون فيه كم من القلق إلا أنه ضئيل ومع تكرار الموقف بمواجهة الناس سيزول القلق وتزداد الثقة بالذات ومن ثم يزول الخوف.
وإذا كنت قد تعينت ذاتياً بوالديك (التوحد) اللذين يخافان من الأشياء في الوجود فعليك ألا تتعيني بهما أو تتوحدي بأي منهما، وعليك أن تقولي لنفسك أنا لست مثلهما - لو كان لديهما مخاوف غير منطقية فتلك مشكلتهما، ولا حاجة بي من أن أقلدهما، وأنا شخصية مختلفة عن أي منهما، وأخيراً أسأل الله أن أكون قد وفقت في تقديم ما ينفعك أيتها الأخت السائلة، وبعون الله ستتخلصين مما يؤرقك، والله الموفق.(20/254)
أرتعد وأخاف.. وأشعر بكراهية الناس!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 1/12/1422
السؤال
عندي مشكلة وهي أنني ارتعد وأرتجف عندما أؤم بالناس ويظهر ذلك في صوتي، علماً أنني صليت بهم كثيراً في المسجد ولكن دون فائدة. فما سبب ذلك؟ لديّ إحساس بعض الأيام أو دائماً بأن الناس يكرهونني؛ علما أني لا أرى ذلك في أفعالهم ولكن مجرد إحساس. فما الحل؟ جزاكم الله الجنة. إنني احبكم في الله.
الجواب
أخي الكريم، أحبك الله الذي أحببتنا فيه، وجمعنا وإياك في الفردوس الأعلى من الجنة ووالدينا وذرياتنا.. أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:
أولا: مشكلة الإمامة في الناس، وما يصاحبها أحيانا من مشاعر هي مشكلة الكثيرين بل انك أحسن من كثير منهم.. إذ يمتنع البعض مطلقاً عن تأدية الصلاة بغيره مهما كانت الأسباب..!! ولذلك فإني أعتقد أنك قطعت شوطا مهما فيها بقبولك المبدأ مع بقاء بعض الأعراض التي تظهر عليك كالارتجاف وغيره.
ثانيا: صدقني الشعور يسبق الإحساس؛ فأنت إذا شعرت أنك ستخاف وترتعد فإنك حتماً ستخاف وترتعد.. أما إن شعرت بالثقة، وطردت هاجس الخوف فستشعر بالثقة المطلقة!! وعليه فإني آمل منك التدرب على إيجاد المشاعر الإيجابية التي تمنحك الثقة بالنفس، والتدرب على الإمامة شيئا فشيئاً.. مع يقينك بأن الناس لا يشعرون بما يدور في نفسك، بل إن أغلبهم يغبطك على قدرتك على الإمامة وتقدمك لها. وربما لم يلاحظ تلك الرعدة والارتجاف في صوتك.. والذي يلحظ ذلك قد يظن أن طبيعة صوتك هكذا..!!
ثالثاً: لقد نشر في الموقع الكثير من الإجابات حول هذا الأمر.. تجدها في (خزانة الاستشارات) تحت عناوين مختلفة.. إضافة إلى الملف الرئيس في (منتدى زوايا المشكلة) في نافذة الاستشارات آمل الاطلاع عليها والاستفادة منها قدر الإمكان.
رابعا: أما إحساسك بأن الناس.. (يكرهونك)) فهو إحساس وهمي لا أصل له، والدليل ما تراه من أفعالهم كما تقول!! علماً بأن الأفعال أحيانا ما نفسرها بحسب حالتنا النفسية؛ فلو جاءنا الفعل ممن نتوقع منه مشاعر إيجابية تجاهنا فإننا نفسره تفسيراً إيجابياً.. ولو جاءنا نفس الفعل ممن نتوقع منه مشاعر سلبية فإننا نفسره تفسيراً سلبياً. وأضرب لذلك مثالا: ((الابتسام)) فلو رأينا الأول ينظر إلينا وهو يبتسم ويتكلم مع جليسه.. لفسرنا ذلك إيجابياً بأنه يثني علينا، وأن مشاعره تجاهنا رائعة.. ولو قام من ((نتوقعه)) سلبياً تجاهنا بنفس الفعل ((لظنناه)) يسخر منا ويتكلم عنا بسوء!! . إذ الفعل نفس الفعل.. ولكن مشاعرنا هي التي جعلتنا نفسر تصرف الأول تفسيراً إيجابياً، ونفسر تصرف الثاني تفسيرا سلبيا وعليه فنحن المسؤولون عن مشاعرنا وأحاسيسنا، وبالتالي ما يترتب على ذلك من سعادة أو تعاسة.(20/255)
خامسا: أما أسباب شعورك ذلك (أن الناس يكرهونك) فهو نظرتك السالبة إلى نفسك.. والواجب هنا أن تتأكد أنك لست أقل من غيرك؛ فقد يفوقك بعضهم بشيء، وتفوقهم أنت بشيء آخر..!! وعليك من الآن أن تنظر إلى نفسك نظرة إيجابية، وتتعامل على ضوئها.. شارك الآخرين في أحاديثهم وحواراتهم، وإن لم تملك ما تقول فشاركهم في إنصاتك لما يقولون وطرح بعض الأسئلة، والتعقيب على بعض المواضيع.. وشيئا فشيئا ستجد نفسك قد نسيت تلك الهواجس السلبية.
سادسا: كن إيجابياً مع زملائك وأصدقائك، وبادر بتقديم بعض الخدمات واقتراح بعض الأفكار حول بعض الأنشطة، وبقدر ما تتعامل مع الآخرين بشكل إيجابي سينعكس ذلك على رضاك عن نفسك وثقتك بها.
وفقك الله وحماك، وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(20/256)
حزني عليها.. وخوفي من الموت!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 7/12/1422
السؤال
لا أريد سوى النصيحة.. توفيت والدتي أمامي ولم أنس ذلك المنظر حتى هذه الساعة علماً بأنه مضى أربع سنوات على وفاة والدتي مشكلتي أنني دائمة التفكير بالموت، وأخاف منه مع العلم أنني ولله الحمد على قدر من الاستقامة والصلاح والحمد لله تعالى.. أريد أن أحج هذه السنة لكن يطاردني شبح الموت الذي أفسد عليّ حياتي، وتركني أعيش في أركان بيتنا أفكر فيه وأشعر الخوف.. لا أريد الإطالة ما أريده فقط النصيحة العاجلة؛ لأنني حقاً أحتاجها؟
الجواب
أختي الكريمة أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:
أولاً: يا عزيزتي الموت حق وكلنا مؤمنون بذلك ونعرفه.. وندركه.. ولو كان أحد سيخلد.. لخلد أشرف الخلق عند الله نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه.. الذي ما فجعت الأمة بمثل فجيعتها يوم مات) إنك ميت وإنهم ميتون (.
ثانياً: ما تجدينه من حزن على والدتك التي توفيت أمامك هو شعور مفهوم.. وقد وجده الآلاف قبلك وبعدك ولكن الأمر الغريب أن تستمري على هذا الحزن حتى هذا اليوم..!! بل وتخافي من الموت.. وتكثري من التفكير فيه حتى يفسد عليك حياتك.. بل وأراه قد كاد أن يفسد عليك آخرتك!!
ثالثاً: أين الإيمان بالقضاء والقدر..؟! أين الاحتساب؟!! أين اليقين؟!! صدقيني - أختي الكريمة - كل ما تجدينه هو من الشيطان الرجيم الذي يسعى أخزاه الله وأذله إلى تعكير صفو حياة المؤمن.. وجعله عرضة للوساوس والأحزان.. وربما دفعه إلى اليأس والضيق بالحياة.. حتى تتداعى لديه الأحزان فينقبض..!! وربما أنهى حياته فأصبح مآله النار وهذا ما يتمناه إبليس قاتله الله.
رابعاً: أكثري أختي الكريمة من ذكر الله) ألا بذكر الله تطمئن القلوب (. وتذكري الجنة وما فيها من النعيم واستعدي لذلك بالإكثار من الأعمال الصالحة.. وأكثري من الدعاء لوالدتك رحمها الله وجمعكما بها ووالدينا وذرياتنا في الجنة.
خامساً: ربما كان ما تعانين منه من مقدمات الاكتئاب.. وهو الحزن العميق الذي قد يسيطر على المرء فيدفعه إلى العزلة وفقدان الحماس لأي شيء.. وربما تداعى الأمر إلى أخطر من ذلك.. فبادري فوراً للخروج من ذلك واحمدي الله على نعمه الظاهرة والباطنة، وشاركي الآخرين في مناسباتهم وأفراحهم.. وكوني إيجابية في حياتك، وأكثري من الدعاء بأن يوفقك الله ويعينك ويسهل أمرك، وتذكري حديث المصطفى صلوات الله وسلامه عليه (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب) . وقوله تعالى) فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين * ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا (.
سادساً: ابدئي منذ اللحظة: اعزمي على الحج، واذهبي إلى البيت الحرام، واسألي الله القبول، وتأكدي أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. رفعت الأقلام وجفت الصحف. مصداقاً للحديث الصحيح.. وأكثري من قراءة القرآن والأذكار والأوراد اليومية.. وتفاءلي بالخير تجديه.
وفقك الله وحماك من كل سوء، وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(20/257)
أرى الموت في كل مكان..!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 21-12-1422
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أنا شاب جزائري أعاني من مشاكل أسرية عميقة كما أعاني من الخوف وعدم التكيف مع الوقائع ومسايرتها مع المجتمع وعدم مسايرتي لنمط واحد من السلوكيات كما أنني عشت اضطرابات لا مثيل لها نتيجة الأزمة الأمنية حيث أصبحت أخاف كثيراً وتتراءى لي صور الموت بمختلف أشكالها.
إضافة إلى هذا فقد أردت تكوين عائلة وهذا لتحقيق نوع من الاستقرار النفسي غير أنني لم أستطع لظروف كثيرة أهمها رفض الوالد القاطع حسب قوله أنني غير قادر على المسؤولية وأنا الحامل لشهادة جامعية، وأبلغ من العمر 28 سنة ورجاء أعينوني أعانكم الله؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
أخي الكريم أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:
أولاً: لقد أوجزت كثيراً في رسالتك فلم تذكر لي نوعية الاضطرابات العميقة التي تعيشها مع أسرتك ولم تذكر ظروفك الأسرية بدقة ومع من تسكن وهل أنت موظف أم لا.. وكم عدد إخوانك.. إلخ
وهي أمور هامة لتحديد سبب مشكلتك وكيفية التعامل معها.
ثانياً: أما مسألة الخوف وترائي صور الموت لك في كل مكان..!! فدعني أسألك سؤالاً هاماً جداً.. ما هي علاقتك بربك.. وما مدى اتكالك عليه ويقينك بأنه لن يصيبك إلا ما كتب الله عليك.. وأين أنت من قراءة القرآن الكريم وذكر الله (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) . وقراءة الأوراد اليومية وهي " حصن المسلم " كما جاء في الحديث.. إذاًَ صدقني راحتك هي في العودة إلى الله والالتجاء إليه والثقة به.. ودعاءه بصدق وتضرع وتذلل أن يوفقك الله ويحفظك ويعينك ويهديك ويهدي لك ويهدي بك والله تعالى قريب مجيب يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
ثالثاً: أما مسألة زواجك فكما أسلفت لا أعرف الكثير من التفاصيل حول ظروفك.. ولكن الزواج - أخي الكريم - يحتاج إلى قدرة مادية تستطيع من خلالها تكوين أسرة والإنفاق عليها والاستقلالية في سكنك إذا لزم الأمر.. وغير ذلك مما تدركه.. وأنت أدرى بظروفك.. فاسأل الله العون والتوفيق.
رابعاً: الله.. الله بكثرة الاستغفار فقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) وجاء في الحديث [من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب ٍ] .(20/258)
خامساً: وأما عدم مسايرتك للواقع.. فلم أفهم ما تعني بعدم مسايرتك للواقع.. ولكني أخبرك - أخي الفاضل- أن الحياة قد لا تناسبنا ولا تتماشى مع أهوائنا.. ولكنها في النهاية تسير.. ولا تتوقف فيجب أن نتعامل معها من خلال هذا الفهم.. ونكيف أنفسنا معها بأي طريقة مع إدراكنا أنها دار ممر واستعداد للآخرة.. فلا ننتظر منها الكثير.. وتذكر قوله تعالى (لقد خلقنا الانسان في كبد) واعلم أن هذه الحياة لم تصف قبلنا للأنبياء والرسل وهم صفوة الخلق عليهم السلام.. وأنها لو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء.. كما جاء في الحديث. وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(20/259)
عدم رغبة للأماكن المزدحمة!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 2/6/1422
السؤال
لماذا أحس بعدم رغبتي في الذهاب إلى الأماكن المزدحمة حتى أماكن الصلاة أو العزاء مع علمي بعدم شرعية هذا العمل؟
الجواب
أخي الكريم سؤالك مجمل إلى حد كبير.. والتفصيل هنا مهم.. حتى نستطيع أن نشخص المشكلة ودرجة عمقها وحدتها.. وأسبابها.. ومن ثم نتعاون معك في وضع البرنامج العلاجي المناسب.
فمثلاً.. ظروفك الأسرية والاجتماعية والاقتصادية لها دور كبير في تشكيل حياتك.. وكذلك نوع المهنة ومنذ متى أحسست بهذه المشكلة.. وكيف كانت البدايات لهذا الإحساس؟! أسئلة كثيرة.. وهامة جداً تحدد لنا بوضوح نوعية المشكلة.. والطريقة الملائمة للتعامل معها.
إلا أنني سأتكلم هنا بشكل عام حسب ما اتضح لي من عرضك لمشكلتك:-
أولاً يظهر لي والله أعلم أن ما تعاني منه هو نوع من الخوف المرضي.. من الأماكن المزدحمة أو ما يسمى بـ..الفوبيا.. أو.. الرهاب.. وهو مرض نفسي معروف.. يعاني منه البعض بدرجات متفاوتة.. تصل أحياناً إلى حدٍ خطيرٍ تجبر الإنسان على الانزواء في منزله وعدم الخروج إلى أي مكان مهما كانت الأسباب..!! وإن كان ما يظهر لي مما ذكرته عن واقعك.. يشير إلى أن الموضوع في بدايته.. وهذا ما يسهل إمكانية التخلص منه إلى الأبد إن شاء الله.
ثانياً: ترجع أسباب هذا الأمر.. إلى عوامل كثيرة تتعلق بالمراحل الأولى لحياة الإنسان.. وتنشئته الاجتماعية.. وظروف معيشته وتربيته وعلاقته بوالديه - حتى وهو راشد - فبعضها قد يسبب نوعاً من الخوف المرضي.. لدى الإنسان!؟
ثالثاً: تركيزي على مصطلح.. الخوف المرضي.. هو لتفريقه عن.. الخوف الفطري.. أو العادي.. وهو خوف الإنسان من أمور تسبب الخوف للجميع..مثلاً الثعابين - بعض الحيوانات المفترسة.. بعض الأحداث المرعبة.. إلخ وهي هنا أمور عادية لو لم يخف منها الإنسان بشكل يدفعه للتعامل معها بحذر!!! لحكمنا عليه بالمرض!!!؟ أما الخوف من الأماكن المرتفعة.. أو الأماكن المزدحمة.. أو المغلقة.. أو الظلام.. أو ركوب الطائرات.. أو غيرها.. فهو.. خوف مرضي.. لأنه لا يشعر به إلا البعض.
وتصل النسبة في الرجال إلى 10% و 20% عند النساء تقريباً. وهناك أيضاً.. الرهاب الاجتماعي.. حيث يخاف المصاب به خوفاً شديداً عند لقاءه بعدد من الناس فيضطرب.. ويتلعثم.. ويحمر وجهه.. ويجف ريقه.. وقد يضطر إلى الخروج مسرعاً لتجنب الإحراج.. بالتالي يتجنب هذه اللقاءات مستقبلاً.. وينقطع عن المناسبات واللقاءات الاجتماعية!!!(20/260)
رابعاً: للإنسان المصاب بهذه المشكلة دور كبير في التخلص منها.. عن طريق تغيير أفكاره السلبية تجاه نفسه إلى أفكار إيجابية.. مفادها أنه ليس أقل قدراً وقدرة من الآخرين.. وأنه ليس محوراً لاهتماماتهم.. حتى وإن توجهت أنظار بعضهم إليه.. فإنها في الغالب الأعم نظرات شاردة لا تعني أي شيء بل إن كثيراً من أصحابها لا يعون مما تقع أعينهم عليه إلا أقل القليل.. وكل منهم مشغول بنفسه وبمشاكله الخاصة.. ولذا فيجب على المرء الذي يعاني أن يكون واقعياً وعقلانياً في تفكيره.. وألا يحمل الأشياء أكثر مما تحتمل.. وأن يبادر بالهجوم على هذه المواقع التي يخشاها.. ولا يضع خيار الانسحاب دائماً في المقدمة.. فالانسحاب يعني الهزيمة والتراجع..والتراجع الأول يعني مزيداً من التراجع.. وهكذا..!!!
خامساً: لعلاج هذه المشكلة.. هناك نوعين من العلاج وهما:
أ- العلاج الدوائي.. ويعتمد على بعض العقاقير الطبية التي تخفف من بعض أعراض الخوف.. وبالتالي يمكن التعامل مع المواقف بشكل طبيعي.. حتى يتغلب الإنسان على خوفه ويواجه الواقع بشكل طبيعي.
ب- العلاج السلوكي.. المعرفي.. ويعتمد فنيات الاسترخاء والإيحاء الذاتي.. والتدرج في مواجهة المواقف المشكلة أو المزعجة!!! ويتم ذلك في البداية على شكل جلسات مع الطبيب أو الأخصائي النفسي ويلزم تعاون المريض واستجابته للتعليمات.
سادساً مشكلتك يا أخي الكريم.. في بداياتها.. فلا تردد أبداً في استشارة الطبيب النفسي.. وثق أنك قادر بإذن الله على تجاوزها.. فنسبة من يشفى من هذه الأمور عالية جداً.. والنتائج مشجعة.
سابعاً: قبل هذا وبعده.. أوصيك ونفسي.. أن تذكر الله على كل حال.. وأن تبدأ يومك بقراءة الورد الصباحي وشيء من القرآن الكريم.. ثم تأخذ نفساً عميقاً وتستمد من ثقتك بربك.. ثقة بنفسك.. وتتفاءل بيومك هذا بثقة المؤمن وعزته.. وتنطلق إلى أعمالك مطمئن البال ولا تسمح لأي كان بأن يفسد عليك صفاءك النفسي وثقتك بأنك لست أقل من غيرك.. بل ربما تفوقت على غيرك بأمور كثيرة.. وأحسن نيتك.. وأصلح سريرتك.. وأستعذ بالله - قائماً وقاعداً - من نزغات الشيطان.. ولا يزال لسانك رطباً بذكر الله والصلاة على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.. ولا تنسى وردك المسائي.. ثم أختم يومك بالوتر.. وقبل النوم.. خذ نفساً عميقاً مرة أخرى وتفاءل بغدك.. وذكر نفسك مرة أخرى.. إنك قادر بإذن الله على مواجهة الحياة بهمة عالية.. وتفاؤل كبير.
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(20/261)
الخوف من الناس
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 5/7/1422
السؤال
أرجو منكم مساعدتي في التخلص من الخوف من الناس، كيف يكون ذلك، وهل لا بد من الذهاب إلى الطبيب النفسي، علماً بأني أحب الله عز وجل وأحب رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأحبكم في الله.
الجواب
بالنسبة لمشكلتك التي ذكرتها وهي " الخوف من الناس "!! فإنك قد ذكرتها إجمالاً.. والتفصيل هنا مهم..!! حيث لم تذكر - أخي أحمد - متى بدأت تلك المشكلة معك..؟ وكيف بدأت..؟! ومدى حدتها.. وعمقها منذ بدأت..؟!! أي [التاريخ التطوري للمشكلة] كما أنك لم تحدد أي نوع من الخوف يعتريك من الناس..؟ هل هو مقابلتهم..؟ أم التحدث أمامهم..؟ أم ماذا..؟!! وما هي الأعراض المصاحبة لهذا الخوف..؟ ولم تذكر لنا هل أنت تعمل..؟ وما هي طبيعة عملك..؟!! هذه أمور هامة جداً.. يجب معرفتها لتحديد كنه المشكلة وأسبابها.. والتعاون معك على علاجها. فالخوف المرضي أنواع ودرجات.. ولكنه بشكل عام - وبتوفيق الله - ثم باستشارة أهل الاختصاص.. والالتزام بتوصياتهم تم التغلب على الكثير جداً من أنواعه.. ولذلك فاستشارة ((الطبيب النفسي)) المسؤول والمختص هامة جداً.. ولا بأس بها ولا حرج.. بل هي في مثل هذه الحال ((ضرورة ملحة)) خاصةً وأن الكثير من الأطباء النفسيين يتعاملون مع كم كبير من مثل هذه المخاوف.. ويحققون - بفضل الله - نتائج إيجابية رائعة.
وبشكل عام.. فأن الكثير من الناس لا يفرق بين " الخوف " و " القلق ".. والحقيقة أنهما مختلفان.. فالقلق يعني التوتر وتوقع الخطر بشكل عام وعائم!!
بينما يعني الخوف.. القلق والرهبة من موضوع معين ومحدد!!!
وفيما يتعلق بالخوف من الظهور أو الحديث أمام جمع من الناس فهو ما يعرف بـ"الخوف الاجتماعي" أو "الرهاب الاجتماعي" وهو واسع الانتشار في مجتمعاتنا..والعديد من الذين يراجعون العيادات النفسية يشكون من هذا الاضطراب (تصل نسبتهم تقريباً إلى 15% من المراجعين) وهذا الاضطراب له درجات من الشدة بعضها معطل للإنسان وطاقاته وقدراته..!! حيث يمتنع المريض من المشاركة في المناسبات الاجتماعية..!؟ أو انه يجلس صامتاً مرتبكاً ومتوتراً يتحين الفرصة للانسحاب.. وهو يبتعد عن الأضواء قدر الإمكان خشية أن يتكلم أو يُحرج إذا ما توجهت إليه الأنظار..!! والمعاناة هنا شديدة ومؤلمة.. خاصة وأن الكثيرين من هؤلاء لديهم إمكانات عقلية ومهارات رائعة ولكنهم لا يستطيعون التعبير عنها أمام الآخرين..!! وفي ذلك هدر للطاقات وضياع للمهارات والآراء المفيدة..؟!!
وتلعب التربية دوراً هاماً في تثبيت عدد من المخاوف واستمراريتها وأيضاً في نشوء بعضها الآخر.. حيث تساعد الاعتمادية الزائدة على الآخرين في ضعف الثقة في النفس وعدم تطوير قدرات التكيف والتعامل مع الأمور التي تبعث على القلق والخوف.!!
كما أن التخويف المستمر ووسائل العقاب الشديدة تترك آثارا عميقة ومستمرة في التكوين العصبي والنفسي للفرد حيث يستقبل معها أحداث الحياة وموضوعاتها بدرجة عالية من الترقب والتوجس وعدم الأمان!!!(20/262)
وتعتمد أساليب العلاج بشكل أساسي على التعرض التدريجي أو الكامل للموقف المثير للخوف.. وهو ما يسمى (بإزالة الحساسية) .. ويمكن للفرد نفسه أن يعالج نفسه بنفسه بأن يتبنى موقف المواجه والمهاجم بدلاً من الهروب والتجنب والدفاع.. ويبدو أن التدريب البسيط على التحكم بالتنفس.. والتنفس العميق الهادي.. أو إخراج الهواء من الصدر ثم سحب كمية كبيرة من الشهيق يساعد كثيراً على تماسك الإنسان.. وتخفيف قلقه وخوفه لأن الهواء مادة مهدئة تعاكس تأثير الخوف الذي يزيد من ضربات القلب ويجعل التنفس سطحياً غير عميق.. ويشكل ذلك سلاحاً طبيعياً فيسيولوجيا ً لمقاومة الخوف.
كما أن التفكير الإيجابي والتحكم بالأفكار التلقائية السلبية التي تظهر عند مواجهة الموقف المخيف.. له أكبر الأثر في مساعدة المريض على التخلي عن مخاوفه وتعديل أفكاره عنها.!!!
كما أن العلاج السلوكي النفسي يفيد كثيراً في مثل هذه الأمور.. ويستمر تأثيره الإيجابي أمداً طويلاً.. ويتضمن عدداً من التدريبات النفسية منها.. التدريب على الاسترخاء وتنمية القدرات الاجتماعية.. والتمرين على المواجهة العملية والتخيلية.. وغيرها.. وهي تدريبات طبقت كثيراً.. وذات نتائج إيجابية كبيرة.
أخي أحمد.. لا تجعل من نفسك محوراً للكون.. ولا تشغل نفسك عند لقاءك بالآخرين.. بمدى أهميتك عندهم وماذا يتصورونه عنك.. وأي انطباع ستتركه لديهم..!!؟ وهل تراك أحسنت التصرف كما يجب أم لا..؟!! ولا تنشغل كثيراً بنفسك..!! اخرج من دائرتك الضيقة إلى دوائر أخرى أكثر سعة ورحابة.. شارك في بعض الأحاديث والحوارات المطروحة.. حتى ولو بشكل جزئي.. ولا تعتقد أن من تلتقيهم لا يشغلهم إلا أنت.. هيئتك وطريقة حديثك..!! بل أن عند كل منهم من خصوصياته ما يشغله عما سواه..حتى وأن انشغل بغيره قليلاً..!!!
ثق بالله.. ثم بنفسك.. وتأكد أنك لست أقل قدراً من الآخرين.. وأن لديك من الإيجابيات ما يجعلك تفوق أكثرهم قيمة وقدراً ولا تتردد يا أخي أبداً في استشارة ((الطبيب النفسي)) .. وفقك الله.. وثبتك على الحق.. وزادك من اليقين والتوفيق والسداد إنه ولي ذلك والقادر عليه.(20/263)
خوفي من قريبي.. يقلقني..!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 9/4/1422
السؤال
مشكلتي هي الخوف.. أنا كثير الخوف، وهذا الخوف يؤثر على عدة نواح من حياتي. فأنا أخاف من الاختبارات فلا أؤدي فيها الأداء المطلوب مع استعدادي الجيد لها، أو أن الخوف يسبب لي ارتباكاً يمنعني من الإعداد الجيد.
وأنا أخاف من أحد الأقارب الأكبر مني سناً منذ نعومة أظفاري، ربما لأنه عصبي، ونتيجة هذا الخوف أنني أسرح كثيراً وأنا أتخيل نفسي في مواجهة معه، كلامية أو قتالية.
أنا طالب والحمد لله متوفق، وأظنني ناجح اجتماعياً، ولكن هذه المشكلة تؤرقني.
فهل من نصيحة لديكم.
الجواب
أخي الكريم.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته قرأت مشكلتك من واقع ما كتبت.. ولم أعرف منها أشياء كثيرة وهامة..!! مثلاً منذ متى بدأ معك الخوف.. وما هي أعراضه لنعرف من خلالها درجة عمقه وحدته لديك؟! وما هي ظروفك الأسرية.. ونشأتك..؟! كل هذه أمور ربما أوضحت لنا أسباب ما تعاني منه.. وإذا عرف السبب بطل العجب كما يقال.. وشخص الداء وعرف الدواء إن شاء الله.
ولكن بشكل عام يظهر.. أن مشكلتك من النوع البسيط بدليل أنها محصورة في مسألتين.. الخوف من الامتحانات.. والخوف من أحد الأقارب الأكبر منك سناً..!! أما في الأمور الأخرى فأنت ولله الحمد متفوق.. وناجح اجتماعياً.. ولذلك فتعليقي عليها ما يلي: -
أولاً: الخوف يا عزيزي.. هو شعور بالعجز عن مواجهة حالة معينة!! وهو مطلوب.. بل ضروري لأنه يدفعنا إلى الحذر والاستعداد.. ويحفز في داخلنا عوامل كثيرة تدفعنا - عادة - إلى مواجهته.. والتغلب عليه.. بشرط ألا يتعدى حدوده المعقولة والمقبولة.. فما هي الضوابط للخوف المقبول.. وغير المقبول..؟
الخوف المقبول - أخي الكريم - هو الخوف الطبيعي من الأشياء التي يخافها عامة الناس.. كالخوف من الحيوانات المفترسة.. وبعض المخلوقات السامة والأخطار بشكل عام.. فهذا شعور طبيعي ومقبول.. بل ومطلوب.. لأنه يدفعنا - كما أسلفت - إلى الحذر.. والبحث عن الطرق المناسبة للتعامل مع هذه الأخطار..!!
أما الخوف المرضي.. غير المقبول.. فهو الخوف من الأمور العادية التي لا يخافها أغلب الناس.. مثل الخوف من الأماكن المغلقة.. أو المرتفعة أو المزدحمة.. أو ركوب الطائرات....إلخ
وإجمالا هو الخوف المعطل لملكات الإنسان وقدراته.. أو الذي يدفعها إلى الانطواء أو الانزواء بعيداً عن الآخرين!!
ثانياً مما سبق.. يظهر لي والله أعلم أن خوفك يدخل ضمن الخوف الطبيعي.. بشرط ألا يتجاوز حدوده.. وأن تتفهمه وتسيطر عليه..!!(20/264)
فمثلاً - خوفك من الاختبارات هو خوف من الفشل.. وهذا الخوف إذا كان يدفعك إلى الاستعداد المبكر للاختبارات.. فهذا شيء إيجابي ومطلوب.. أما إذا كان يوصلك إلى درجة القلق والاضطراب.. ومن ثم ضياع المعلومات.. فهذا قد يتجاوز المرغوب إلى غير المرغوب.. والمطلوب هنا إعادته إلى حدوده المعقولة.. فمادمت قد بذلت جهدك بالمذاكرة الجادة والاستعداد الكامل فعلام الخوف إذاً..؟؟ خاصة إذا فهمت الآلية الذهنية للمذاكرة بمراحلها الثلاث (الاستذكار - الاستيعاب - الاسترجاع) فأعط كل مرحلة ما تستحقه من جهد.. وستسرك النتائج بإذن الله.. وكن دائماً متفائلاً بالنجاح.. لما لهذه الصورة الذهنية الإيجابية من نتائج كبيرة ولذلك قيل (تفاءلوا بالخير تجدوه)
ثالثاً: - أما بالنسبة لخوفك من أحد الأقارب الأكبر منك سناً.. فهذا مفهوم ومقدر.. خاصة وأن هذا الخوف بدأ منذ نعومة أظفارك كما تقول.. وأن هذا القريب عصبي المزاج وحاد الطباع.. فالأمر هنا عادي ومفهوم.. ولكن هل أثر ذلك على علاقاتك بالآخرين..؟ وهل أثر على طبيعتك وسلوكك..؟ بشكل مرضي بحيث تجنبت الناس.. وأصبحت وحيداً منطوياً..؟ بالتأكيد لا.. وأنا واثق من ذلك.. لأن تشخيصك لمشكلتك يدل على أنك إنسان ناجح ومتوازن من الناحية الانفعالية.. ولذلك فلا تعطي هذا الأمر اكثر مما يستحق.. ولا تسمح له أن يخرج عن دائرة علاقاتك مع هذا الشخص أو أن يؤثر عليك سلباً في حياتك.. بل افترضه أمراً طبيعياً يدخل من ضمن ظروف القدر التي كتب عليك أن تتعامل معها حتى وإن كنت غير راضٍ بها أو مقتنعاً!! وهي فعلاً أمر عادي.. كثيراً ما يحدث.. أما الأقوياء - وأظنك منهم - فلا يخرجونها عن الدائرة السابقة.. وأما الضعفاء.. فتؤثر عليهم في حياتهم.. وتصبح أمام أعينهم جبلاً لا يرون إلا هي فتكتم أنفاسهم.. وتتداعى السلبيات تبعاً لذلك.. ولذلك أقترح عليك ما يلي:-
1. تعامل مع هذا الخوف تجاه هذا الإنسان على أنه شيء طبيعي - وهو فعلاً طبيعي - ولا تكثر من التهيؤات والخيالات فيما قد يحدث بينكما من مشاكل بل حاول ألا تنشغل كثيراً فيه.. وأغلق ملفه بمجرد أن يغيب عن ناظريك.. وافتح ملفات الأشخاص الآخرين.. وكذا الاهتمامات الخاصة بك والهوايات.. وهكذا.. وبعبارة أخرى.. إن كان تواجده معك يؤثر عليك.. فلا تسمح له أيضاً أن يؤثر عليك حتى بغيابه.. وشيئاً فشيئاً ستجدك قد اعتدت حتى على التعامل بهذه الآلية.. واسترحت كثيراً.
2. إن كان قريبك هذا عاقلاً ومتعلماً.. فحاول أن تقترب منه.. وتزيل هذا الحاجز بالمعاشرة والمعروف والعتب الهادئ.. وقد تجد ما يسرك منه.. أما إن كان ذا شخصية منغلقة.. ويصعب التعامل معها.. فاحصر تعاملك معه على الأشياء الرسمية ولا تحتك به بشكل مستمر.. وواصل علاقاتك الاجتماعية بشكل عادي.. بل حاول تطويرها بكل ما تستطيع ولن يضيرك هذا القريب وما تجده في نفسك حياله..!! أبداً.. لأنه أمر يتكرر كثيراً وسينتهي لصالحك بإذن الله.(20/265)
3. لا تكثر - أخي الكريم - من السرحان.. فيما قد يحدث بينكما من مواجهات كلامية أو قتالية.. ولا تعبر الجسر قبل وصوله.. وكن واثقاً بنفسك.. متكلاً على ربك متفائلاً.. وادفع السيئة بالحسنة.. وعاشر بالمعروف وبادر بالخير ما استطعت.. وعاجلاً أو آجلاً ستتجاوز هذا الأمر.. صدقني - كن واثقاً من ذلك - خاصة وقد بلغت هذه المرحلة العمرية والعقلية.. فلا تحمل هذا الأمر أكثر مما يحتمل.
وأخيراً.. لكي تقضي على الخوف بشكل نهائي ينبغي لك وأنت تعيش هذه اللحظات ذهنياً أن ترى نفسك وقد سيطرت على عواطفك.. واستبدلت الصور الذهنية التي اختزنها عقلك عن فشلك في الماضي في السيطرة على مخاوفك.. بصورة ذهنية أخرى.. استطعت فيها أن تسيطر على مخاوفك سيطرة تامة..!!
درب نفسك يومياً.. قبل أن تنام.. وفي بداية نهارك بالاسترخاء.. ثم خذ نفساً عميقاً.. واستعرض العديد من الصور الذهنية الجريئة التي واجهت فيها مواقف الحياة بشكل رائع.. وأزل الصور السلبية من عقلك.. وبمرور الوقت ستجد أنك قد أقمت صرحاً متيناً تتحطم خارجه كل مخاوفك
وفقك الله وهداك.. وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(20/266)
خوف اجتماعي
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 4/4/1422
السؤال
معاناتي حقيقية - ولله الحمد على كل حال - وتتلخص في خوفي الشديد وسرعة ضربات القلب عند دخولي عند أناس مجتمعين!! سواء أكانوا معارف أم لم يكونوا كذلك وهذا الخوف يزول تدريجيا خلال جلوسي معهم كما أنني لا احب أبدا الدخول على المجلس لوحدي بل احب دائما أن أكون برفقة أحد فماهي مشكلتي؟ وهل أجد لديكم حلا لها؟؟ وجزاكم الله كل خير
الجواب
أخي الكريم.. ما تعاني منه هو ما يسمى بـ" الخوف الاجتماعي" أو"الخجل الاجتماعي" وهذه الإعراض التي نلاحظها من سرعة خفقان القلب.. والتعرق.. وربما جفاف الحلق.. والاضطراب وغيرها.. هي من
ضمن أعراضه..!! والخوف الاجتماعي..تصل نسبته في مجتمعاتنا إلي حدود 15%.. وتتفاوت حدته وعمقه لدى الأفراد من خوف بسيط مثل حالتك.. إلى خوف مرضي شديد يتجنب الإنسان بسببه المجتمع..وينزوي بعيداً عن أي نشاط أو مناسبة اجتماعية.. وقد يتطور الأمر إلى تراكمات نفسية ومشاكل..تزيد الأمر سوءاً..!!! أما في مثل حالتك.. فإن الأمر بحمد الله يسير.. بدليل انه يتلاشى بمجرد تجاوزك " رهبة البداية" واندماجك في المجلس.. ولذلك فإني أوصيك بمايلي:-
أولا: تأكد أن مشكلتك بسيطة وأنها ستزول..واقنع نفسك بذلك.. عن طريق الإيحاء لها.. بأنك لست أقل قدراً من سواك.. وأن ماتشعربه.. يشعربه كثيرون غيرك.. وأنك ستتغلب على هذا الإحساس وتسحقه.!! وردد ذلك في سرك واقنع نفسك فيه.
ثانيا: عندما تقابل شخص أو مجموعة أشخاص.. في موقف ما.. فلا تنشغل كثيرا في نفسك.. بل ركز على الموقف نفسه.. وتأكد أن الآخرين مشغولون بأنفسهم عنك!!!
ثالثا: حاول أن تشارك في الحديث بشكل إيجابي.. حاور.. وانصت.. وتفاعل بنشاط.. وستتفاجأ بالنتيجة.... فكما تفكر تكون!
رابعاً: أخرج من دائرتك الضيقة.. إلى دوائر أخرى اكثر سعه.. ورحابه.. وشارك الآخرين في هواياتهم ومناسباتهم.. وحواراتهم..ونم هواياتك.. وحاول أتقانها.. وستجد نفسك مع الوقت وقد ازددت ثقة بنفسك
وأطمئناناً لوضعك وواقعك.
خامساً: هناك أجابه في الموقع حول هذا الأمر ربما وجدت فيها تفصيلاً اكثر.. وهي بعنوان [خوف من الأماكن المزدحمة] تحياتي.. ودعائي بأن يوفقك الله ويسدد خطاك.(20/267)
لا أستطيع المناقشة..!!
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 21-1-1424
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
مشكلتي أنني لا أستطيع أن أجادل وأناقش الآخرين في أموري الشخصية, وعندما أناقش أحداً أبكي بسرعة
أرجو المساعدة، وجزاكم الله خيراً
الجواب
الأخت الفاضلة ...
أشكر لك تواصلك مع موقع" الإسلام اليوم" عبر البريد الإلكتروني.
إن ما تعانين منه هو الخوف الاجتماعي وهو خوف من التعرض للتحقير أو النقد في مواقف تكونين فيها موضع انتباه الآخرين وأدى بالتالي إلى تجنبك المواجهة مع الآخرين وتجنب المناسبات الاجتماعية.
وهذا ناشئ من عوامل كثيرة منها:-
-عوامل في التنشئة الاجتماعية كالتعرض للتحقير والعقاب بكثرة.
-الاستعداد الو راثي لظهور الخوف.
-الارتباط بمثيرات مشابهة في مرحلة سابقة " الأشراط الكلاسيكي "
- التعزير السلبي بتجنب موقف أو مثير الخوف.
-التشويش المعرفي للمواقف.
وللمساعدة في التخلص من مشكلة الخوف عليك باتباع النقاط التالية.
1 - الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يعينك على التخلص مما تعانين منه والإلحاح بالدعاء مع المحافظة على الصلوات والأوراد اليومية.
2- يجب أن تقنعي نفسك بأن الخوف والهلع الذي يمتلك مشاعرك عند التفكير فيما قد يحدث من أشياء سيئة هي في الحقيقة أسوأ بكثير من الأشياء التي ستحدث فعلاً.
أقنعي نفسك بأن التفكير بصعوبة الموقف سيؤدي إلى ما هو أسوأ من البكاء.
3- أقنعي نفسك بشتى الطرق أن المواجهة التي تعتقدين أنها صعبة ستتحول إلى مواجهة سهلة وممكنة بلا بكاء.
4 - اقتنعي تماماً بأن التوتر سيحدث ولكن مع تكرار الموقف سيخف إلى أن ينتهي تماماً.
أختي إن الحوار المنطقي العاقل مع النفس لدحض الأفكار الخاطئة التي تثير المخاوف والاكتئاب وتعويد النفس على التفكير في نقاط القوة كل ذلك سيؤدي دون شك في تخلصك من مخاوفك المزعومة.
5- تدربي على الاسترخاء إذ هو من الأساليب المضادة للقلق والتوتر وهو عبارة عن جملة من التمارين البسيطة تهدف إلى راحة الجسم والنفس ويعطيك قدرة عل التحكم بنفسك ومساعدتها بعد انتهاء التدريب. وللاستزادة من ذلك تجدينه في موضوع:" عدم الثقة بالنفس ... حطمني " (النقطة الرابعة)
6- التدريب على أسلوب التحصين التدريجي بتعريض نفسك لمواقف اجتماعية ولتبدأ بحلقة صغيرة ثم تكبر لمجموعة أكبر ولتكن البداية مع الأسرة باختيار موضوع معين وإعداده ذهنياً ثم التحدث عنه أمام الأسرة مع تنقل البصر لجميع الأفراد والتركيز على عناصر الموضوع وعليك تكرار تلك الطريقة عدة مرات ومن ثم توسيع الدائرة لتشمل مجموعة الصديقات وهكذا.(20/268)
7 - الحرص على اختيار قدوة في التحدث بمهارة من المعلمات ومحاولة تقليدها في طريقة كلامها وحركاتها. أو اختيار أي شخصية أخرى في ذهنك أعجبتك طريقة كلامها وإعجاب المستمعات لها وقدرتها على إيصال الموضوع بسلاسة مطلقة. عليك بمراقبتها بشكل دقيق طريقة كلامها.. حركة يديها.. نبرات صوتها.. نظرات الحاضرات لها.. حتى تصل إلى الحالة المثلي التي تريدينها!! ثم ضعي نفسك مكانها ولاحظي استجابة الحاضرات لك وإعجابهم بك ونظراتهم إليك.
كرر هذا المشهد في ذهنك حتى تتكون الحالة الذهنية المطلوبة ثم مباشرة اربط هذا المشهد بحركة بضغط إصبعك لمدة عشر ثوان هنا تستطيعين أن تعملي عملية ترسيخ لتلك الحالة الإيجابية وتستطيعين إحضارها في الوقت المناسب حال الضرورة بضغط إصبعك.
وهذه العملية تسمى " مولّد السلوك الجديد "، كرري تلك الطريقة عدة مرات ستجدين أن حالتك في تحسن بعون الله تعالى.
8- استخدمي طريقة ملاحظة الذات وهي تتطلب أن تضعي لديك كراسة تسجلي فيها عدد المرات اليومية التي حينما تكلمت تغلب عليك البكاء. وكيف تصرفت إزاء هذا الموقف.
9 - للاستزادة يمكنك الرجوع لموضوع " خوف اجتماعي "
حرسك الله وأعانك الله على مبتغاك إنه جواد كريم،،،(20/269)
مرض الخوف
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 12-5-1424
السؤال
أنا منذ حوالي سنه ونصف أصبت بمرض الخوف، أخاف من شيء لم يحدث وأظن أنه سوف يحدث، وسيطر عليّ الخوف مثل كم ساعة نمت وهل هي كافية؟ تأتيني الوساوس حتى أتخيل أني لا أستطيع أن أنام إلا بحبوب منومة وأتخيل أن حياتي سوف تنهار. أنا الآن طبيعي وبحمد الله ولا أستعمل أي نوع من المخدرات.
الرجاء المساعدة من الله أولا ثم منكم ماذا افعل؟ هل أذهب إلى شيخ لكي يرقيني؟ أم أن الوساوس لابد لها من طبيب نفسي وأنا لا أستطيع أن اذهب إلى طبيب نفساني لأن الناس ما ترحم والكلام يكثر أخاف أن يقول الناس هذا مسكين أو مجنون، وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيني ويشفي مرضى المسلمين أجمعين.
الجواب
الأخ الكريم ...
أشكر لك تواصلك الإلكتروني مع موقع " الإسلام اليوم ".
إن ما تعاني منه هو القلق وقد وصل لديك إلى مرحلة القلق الحاد " الهلع " وفيه يشعر الشخص بأعراض كثيرة منها الانزعاج والتوتر وضيق في الصدر أو الألم فيه ويشعر الشخص بأنه نهايته قريبة ويخاف خوفاً شديداً من الموت وفي حالات يشعر بفقدان السيطرة على النفس والتصرف بحكمة ورويه وقد تتكرر هذه النوبات في اليوم الواحد وقد تطول عدة ساعة أو أكثر في بعض الأحيان!!!
ولأنك أخي الفاضل لم تضع حداً قاطعاً لهذا الخوف من البداية من خلال السيطرة عليه وتغليب الثقة بالنفس وطرده بطرق سلوكية عديدة ترسخ في داخلك وأثر على حياتك وجعلك في حيرة من أمرك ولا زال القضاء عليه ممكناً جداً في متناول يدك متى ما كان لديك الإصرار والعزيمة وقوة الإرادة لغرس الثقة والأمن والقدرة على مسايرة الآخرين والتفاؤل بالمستقبل والإيمان الكامل بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطاءك لم يكن ليصيبك!!
وحتى لا تصل الأمور إلى ما هو أسوأ من ذلك كمرحلة الوسواس القهري حماك الله منه!!
أخي الكريم سأورد لك بعض الطرق التي أسأل الله الكريم أن يجعل فيها لك الخير:
أولاً:- الالتجاء إلى الله عز وجل بالدعاء والاستغفار والإكثار من ذلك وتحري أوقات الإجابة فهو الملجأ والملتجأ والمنجي سبحانه وتعالى. وكذلك المحافظة على الأوراد اليومية الصباحية والمسائية ففيها حفظ من الشيطان وشركه!! وابدأ بالذكر عند أول فكرة سلبية ونوع أذكارك لتعطيها حلاوة التنويع!!
ثانياً:- عود نفسك على الاسترخاء كالتنفس العميق بدلاً من السطحي وكذلك مارس الاسترخاء لكافة أجزاء الجسم وفي حالة الزفير العميق تخيل أنه هناك أفكار ومخاوف مؤذية لك تخرج من صدرك ولاحظ المشاعر اللطيفة التي ترافق ذلك الاسترخاء!!
كرر تلك الطريقة مع أهمية أن تركز تفكيرك وانتباهك في الهواء في الدخول والخروج للصدر ومن الأفضل حينما تصل إلى قمة المشاعر الجميلة والراحة النفسية أن تضع مرساة لربطها بالأفكار المحببة لك كأن تضغط عل إبهامك بقوة لمدة عشر ثوان حينما تكون في راحة شعورية بعد عملية الاسترخاء!!(20/270)
ثالثاً:- مارس عملية تدوين تلك المخاوف التي سببت لك قلقاً مما سيحدث مستقبلاً وحاول استبدال تلك المخاوف بأشياء إيجابية تساعدك على القضاء على السلبيات المؤثرة عليك!! وهي طريقة لتعديل الأفكار المرتبطة بالمخاطر عند حدوث أعراض جسمية!! لأن رؤيتك هي واقعك!! وكذلك كي تدرك تفاهتها وعدم استحقاقها درجة القلق العالية التي تعاني منها!! وعليك إضافة أفكار مرعبة ومخيفة حول ما يمكن أي يقع في حالة استمرار الخوف!!
رابعاً:- عليك أن تدرك أنك بشر تصيب وتخطي وأنك غير معصوم من الخطأ والنسيان فإن فاتك موعد أو لقاء أو حضور مناسبة فالأمر عادي جداً لأنك قد تعرضت لأمر ضروري حبسك عن الحضور في الموعد المناسب فالصلاة وغيرها من العبادات قد عذر الله عز وجل العبد حينما يؤخرها عن وقتها بسبب نومٍ أونسيان
قال تعالى: [لا يكلف الله نفساً إلا وسعها] .
فلتدرك أخي الفاضل إن المثالية والدقة أمر حث عليه ديننا الحنيف ولكن الإنسان معرض لأمور قد تعيق أدائه الدنيوي!!
فإياك أن تحمل نفسك ما لا طاقة لها من هم وخوف وحرص زائد عن الحد المعقول مما ينعكس على راحتك النفسية وبالتالي تعرضك لقلق مستمر يؤثر على سلوكك وتفاعلك مع الآخرين!!
وبث في نفسك روح التفاؤل والإيجاب وخالط الناجحين وجدد ما حولك وتبادل وجهات النظر مع الناس.
خامساً:- نصيحتي لك أخي المبارك مراجعة طبيب نفسي وعرض حالتك عليه في حالة استمرارها على وضعها لوجود أدوية تساعد على خفض درجة القلق وهي تستعمل لمدة ليست طويلة!!
ولا تخجل من ذلك لصحتك فليس العيب في ذهابك لطبيب نفسي ولكن العيب أن تترك وضعك على هذه الحالة فيزداد سوءاً حفظك الله!!
وأخيراً تذكر أن معظم المخاوف لا حقيقة لها وكن شجاعاً لمواجهة المصاعب لكي لا تصل للأسوأ!!
حفظك الله من كل سوء ويسر لك الأمر!!(20/271)
خائفة من الجن
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 21/10/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
قال لي بعض الأشخاص إن الجان يتلبس بالناس حتى بالصالحين منهم، وقالوا إن من يصلي لا يخاف منهم، وقد صرت أخاف بعد سماع الكلام عن الجان، وأنا أصلي لكني أخاف من كل شيء وألجأ إلى غرفة أختي. ماذا أفعل للتخلص من هذا الخوف؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
إلى الأخت السائلة: - سلمها الله تعالى- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لقد قرأت رسالتك باهتمام بالغ، وشعرت بمدى الخوف الذي يعتريك نتيجة سماعك لمثل هذا الكلام، فمجيباً على سؤالك بعد عون الله أقول:
اعلمي يا أمة الله أن الجن مخلوق أقل قدراً، وأدنى كرامة من الإنسان، يقول الشيخ أبو بكر الجزائري حفظه الله تعالى: (إن الجن حتى الصالحين منهم لأقل قدراً، وأدنى كرامة وأنقص شرفاً من الإنسان، إذ قرر الخالق عز وجل كرامة الإنسان، وأثبتها في قوله تعالى في سورة الإسراء: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا"، ولم يثبت مثل هذا التكريم للجان لا في كتاب من كتب الله ولا على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ورسله عليهم السلام، فتبين بذلك أن الإنسان أشرف قدراً وأعلى مكانة من الجان، ويدل على ذلك أيضاً شعور الجن أنفسهم بنقصانهم وضعفهم أمام الإنسان، يدل على ذلك أنهم كانوا إذا استعاذ الإنس بهم تعاظموا وترفعوا، لما في استعاذة الإنسان بهم من تعظيمهم وإكبارهم وهم ليسوا كذلك فيزيدون رهقاً أي طغياناً وكفراً ... ) ا. هـ انظر عقيدة المؤمن (228) .
علاوة على ما تقدم فالجن يخاف من الإنس، وخصوصاً الذي يكون عنده إيمان قوي بالله، فقد ثبت أن الشيطان كان يخاف من عمر - رضي الله عنه-، فإذا سلك عمر - رضي الله عنه- طريقاً سلك الشيطان طريقاً آخر، وكذلك ثبت أيضاً كما عند البخاري وغيره في قصة الجن مع أبي هريرة -رضي الله عنه- وخوف الجن منه، وهذا الأمر منتشر عند السلف، فمن ذلك ما رواه ابن أبي الدنيا عن مجاهد قال: (بينما أنا ذات ليلة أصلي إذا قام مثل الغلام - أي الجن- بين يدي، قال مجاهد: فشددت عليه لآخذه، فقام فوثب خلف الحائط حتى سمعت وقعته فما عاد إلي بعد ذلك، قال مجاهد: إنهم - أي الجن- يهابونكم كما تهابونهم، وروى أيضاً عن مجاهد قال: الشيطان أشد فرقاً - أي خوفاً- من أحدكم منه، فإن تعرض لكم فلا تفرقوا منه فيركبكم، ولكن شدوا عليه فإنه يذهب) ا. هـ نقلاً من كتاب وقاية الإنسان من الجن والشيطان ص (33) .
فإذا علم ذلك فلا تخافي منهم يا أمة الله قال تعالى: "وإنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين" [آل عمران: 175] ، وللتخلص من الخوف من الجن عليك الآتي:
(1) عليك بالاستعانة بالله وكثرة الاستعاذة به سبحانه من شر الشيطان الرجيم وأعوانه من الجن.
(2) عليك بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها.
(3) عليك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم وباقي الأذكار المعروفة.
(4) عليك بقراءة أو سماع سورة البقرة كاملة في كل ثلاثة أيام مرة على الأقل.
(5) عليك بالمحافظة على قراءة آية الكرسي يومياً وخصوصاً قبل النوم.
(6) عليك بالمحافظة على فعل الطاعات وترك المحرمات.
(7) عليك باللجوء الصادق إلى الله ودعاءه سبحانه وتعالى بأن يصرف عنك هذا الخوف، ويصرف عنك كل سوء وشر ويقدر لك خير وبر.
هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(20/272)
الخوف الاجتماعي
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 19/8/1424هـ
السؤال
هل هناك حل لمشكلة الخوف الاجتماعي، خاصة أمام مجموعة من الناس أو أمام النساء؟ وماذا عن الأبعاد الشرعية؟.
الجواب
الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، والصلاة والسلام على النبي المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:
إلى الأخ السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة، واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام المراسلة والاتصال على الموقع.
أخي الكريم: لقد قرأت رسالتك أكثر من مرة، وكل مرة أشعر بأن هذا الأمر يسيطر على تفكيرك، ويسبب لك حرجاً في حياتك إذا كنت أنت المعني بالسؤال، المهم هذه المشكلة التي ذكرتها في سؤالك هي في الحقيقة -وللأسف الشديد- يعاني منها فئات كثيرة من الناس ومنتشرة بكثرة في الرجال وبخاصة في الشباب، والنساء أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض كما ذكر ذلك في الدراسات الميدانية المعنية بهذا الشأن، ويرجع السبب في الإصابة بهذا المرض -بعد قضاء الله وقدره- إلى أمور كثيرة منها:
(1) البيئة التي نشأ فيها الإنسان المصاب بهذا المرض.
(2) أسلوب التربية الخاطئ الذي تربى عليه المصاب بهذا المرض، إما شدة وغلظة في التعامل مع الطفل في صغره، أو حنان شديد وتسيب مفرط.
(3) عدم علاج المشاكل التي تعتري الطفل أو الشاب في حياته علاجاً صحيحاً.
(4) ضعف الإيمان والفقر الديني والذي يصيب أكبر شريحة في المجتمع.
(5) عدم الثقة في النفس، وتوقع الفشل في أي وقت، مما يجعل الإنسان يحجم عن الإقدام في معظم الأمور.
(6) التأثر السلبي بما يحدث للآخرين من مصائب ونكبات.
(7) الاتكالية والكسل المفرط وحب الدعة والاستسلام للأحداث، والهروب من مواجهة المشاكل وحلها بشكل صحيح.
إلى غير ذلك من الأسباب التي تعمل بدورها في الإصابة بهذا المرض، ولعلاج هذا المرض يجب معرفة أسبابه والعمل على تجنبها بداية، وإذا حدث وأصيب الإنسان بهذا المرض الخطير فعليه معالجة النقاط سالفة الذكر، وغيرها من الأسباب، والتي تؤدي للإصابة بهذا المرض، هذا والله أعلم.
نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، ونسأله سبحانه أن يجنبنا أسباب الضلال والغواية، ويرشدنا إلى أسباب الإيمان والهداية، إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(20/273)
رهاب اجتماعي
المجيب د. عبد الحميد اليحيى
(طبيب نفسي)
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 15/08/1425هـ
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 24 عاماً، متخرجة -ولله الحمد- من الجامعة منذ سنتين، مشكلتي هي أني أعاني من عدم القدرة على التواصل مع الآخرين، متردِّدة، معدومة الثقة، خجولة ومنطوية على نفسي، حتى مع أهلي قليلة الحديث جداً، وهذا ما جعلني أترك وظيفتي (التدريس) ، فقد عملت لمدة فصل دراسي واحد فقط، أشعر بالكآبة والملل، ولا أرى في قادم الأيام ما يسعد، أتمنى أن أتزوج وأرزق بأطفال، ولكن كيف مع شخصيتي المنطوية، فكرت بمراجعة طبيبة نفسية، وبعد سيل من الترجِّي والتوُّسل لوالدي وافق، وشخصت الحالة على أنها رهاب اجتماعي، وتم صرف عدَّة أدوية، وما زلت أستخدمها منذ سنة وثلاثة أشهر دون فائدة! أحيانا أرجع سبب حالتي إلى أهلي؛ فأمي قليلة التواصل مع الأقارب، وبصريح العبارة قليلاً ما نخرج من البيت أو يزورنا أحد، أشعر أني أموت ببطء، وأني على حافة الجنون. ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لكل إنسان قدرات جيدة في جوانب من شخصيته، ولديه نقص في قدرات أخرى، وما تعانين منه - الرهاب الاجتماعي-، وما وصفتيه عن قدراتك يبين أنك تحتاجين إلى علاج بالجلسات النفسية التي تفيدك في التعرف على جوانب الضعف، وتصحيح ذلك ببرامج عملية.
أما عن العلاج الدوائي فربما يحتاج الطبيب إلى مراجعة نوعية الدواء والجرعة الدوائية؛ فالناس يختلفون في استجابتهم للعلاج باختلاف نوعية العلاج، وقد لا تحدث استجابة لعدد من الأدوية عند بعضهم، كذلك بالنسبة للجرعة الدوائية، فقد لا يستجيب بعضهم إلا عند جرعات أعلى من الجرعة المعتادة، ولا بد في مثل حالتك من الدمج بين العلاج الدوائي والجلسات.
مرة أخرى، يرجع سبب تأخر التحسن أو ضعفه إلى أسباب عديدة، منها ما ذكرته آنفاً، ومنها راجع إلى ما يشكو منه المريض، وهو جزء من صفات شخصية مكتسبة بالتربية، مثلا، أو موروثة، كأن يجد بعض من حوله لديهم هذه الصفات، وكثيراً ما تكون خليطاً بين الاثنين، أي صفات شخصية موروثة، وضعف في المهارات الاجتماعية اللازمة، ولذلك قد يحتاج التحسُّن إلى وقت أكبر من المعتاد في غيرها من الحالات، من جانب آخر في مثل عمرك ودرجتك العلمية تكون الاستجابة أفضل مع الجلسات، فأنصحك بالتوكل على الله، واستخدام العلاج بالجلسات النفسية مع العلاج الدوائي، ومحاولة إقناع أهلك بالطريقة الممكنة. نسأل الله أن يفتح لك أبواب الخير ويوفقك. ويمن عليك بالشفاء والطمأنينة.(20/274)
شيء عن الرهاب الاجتماعي
المجيب د. محمد بن عبد الخالق شحاته
استشاري الأمراض النفسية بالقصر العيني بمصر.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 01/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أعاني - عندما أقابل بعض الأشخاص - من رعشة قوية تصيبني، علماً أنهم أشخاص عاديون، حيث إنني لكثرة هذه الرعشة لا أستطيع أن أمسك كوباً أو كأساً لأقدمه لهذا الشخص؛ لكثرة هذه الرعشة في يدي بالذات، صدقوني أجد ألماً وحرجاً في نفسي من ذلك، وأطلب من الله ثم منكم مساعدتي. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله الهادي إلى سبيل الهدى، والصلاة والسلام على نبيه المجتبى وآله وصحبه وسلم، وبعد:
فما تعانيه أخي الكريم، يسمى (الرهاب الاجتماعي) أو (الفوبيا الاجتماعية) ، وهي نوع من الخجل السلبي الزائد عن الحد، وله أسباب كثيرة يعود معظمها إلى فترة الطفولة والتعود، ويظهر الرهاب الاجتماعي عندما يقوم المرء بالحديث أو عمل شيء في مجموعة من الناس، مثل المناسبات أو قاعات الدرس، أو التقدم للإمامة في الصلاة، أو نحو ذلك- من المواقف التي يشعر فيها المرء أنه تحت المجهر أو في دائرة الضوء وكأن الكل ينظر إليه. ما يحدث في مثل هذه الأحوال أنه يخاف أن يظهر عليه الخجل أو الخوف أو أن يخطئ أو يتلعثم، وذلك ما يؤدي به للارتجاف، والخفقان، وضيق التنفس، وجفاف الحلق والتعرق، وهو ما شكوت منه ـ أخي السائل ـ.
لكنها مشكلة لها حل وعلاج، وبالاستمرار والمحاولة واتباع خطوات العلاج يتحقق الشفاء منها والتغلب عليها ـ بإذن الله تعالى ـ وعليك قبل الانتظام في خطوات العلاج أن توقن بالآتي:
1.أن الناس سواسية كأسنان المشط، ولا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى.. كما في الحديث الصحيح.
2.ثق بأنك تحمل مميزات ربما لا تكون فيمن ترتجف عند لقائهم.
3.أنك ستكون أول من يلقي السلام على من تقابل وبصوت واضح مسموع.
4.أنك قادر على الإمساك بأول أطراف الحديث.
كذلك لا غنى في العلاج عن جلسات العلاج النفسي التي تعتمد على الاسترخاء والمواجهة المتدرجة، وتأكيد الذات، وبناء الثقة بالنفس، ويدعى ذلك العلاج السلوكي المعرفي.
وهناك خطوات لعلاج هذا العرض تتمثل في الآتي:
إذا كنت تعاني خوفاً كهذا, اطمئن. ثمة تمارين سهلة ترفع معنوياتك وتزيد ثقتك بنفسك. جربها يومياً طوال شهر أو أقل تحصل على نتيجة طيبة.
أبرز هذه التمارين:
1- اقتن دفتراً صغيراً للملاحظات، واجعله دوماً معك متى اعتراك خوفُ لدى الكلام، سجل ما يحدث لك, صف انفعالاتك, والأفكار التي ساورتك قبلها وخلالها وبعدها. وهذه الرقابة الذاتية أولى الخطوات التي قد تنأى بك عن دائرة القلق.
2- واجه الموقف بدلاً من الهروب. تعوّد إجراء محادثة مع غرباء، وادخل في نقاش يدور بين أشخاص لا تعرفهم. هذه طريقة تضبط خجلك وتحثك على الكلام بلا رهبة وخوف.
3- اجعل صوتك على وتيرة معينة هذا يُتيح لك التعبير بوضوح عما تفكر فيه, ويسمح تالياً للآخرين بفهمك جيداً. كرر ما تريد قوله أمام أصدقاء مقربين إليك. أو سجله على شريط، متحدثاً بصوت يعلو رويداً رويداً. ثم تنفّس عميقاً في نهاية كل جملة. كلما هدّأت إيقاع تنفسك شعرت بالهدوء أكثر فأكثر, وتبددت علامات القلق من ملامح وجهك وتصرفاتك.
4- انظر مباشرة إلى عيني مُحدثك. تفاد تجوال نظرك على المستمعين إليك. ركِّز على الرسالة التي تريد قولها، ولا تدع تفكيرك عرضة للتشتت، في أثناء الاجتماع اجلس قرب شخص ترتاح إليه.
قم بهذه التمارين جيداً، ومع الأيام ستأخذ دورك ودور غيرك في الكلام، وستتكون داخلك رغبة في مقاومة ما تعاني.. والله المستعان.(20/275)
كيفية التخلص من ضيق النفس والاضطراب والخوف
المجيب د. تركي بن حمود البطي
طبيب نفسي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 01/11/1425هـ
السؤال
كيف يتخلَّص المرء من ضيق النفس، ومن الارتباك والاضطراب، والخوف الذي يعتريه وقت الشدَّة؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أختي الكريمة: هذا سؤال عام يحتاج إلى تفصيل لكل حالة لوحدها، لكن ما يعتري الإنسان في مثل هذه الأوقات الشديدة قد يكون في حدوده الطبيعية أو في حدوده غير الطبيعيية.
فإذا كان في حدوده الطبيعية فهذا لا يؤثر على إنتاجية الشخص، وإنما يتغلب عليه بالدعاء والتوكل على الله، وكسب الثقة بالنفس، والجرأة، وإن حصل خطأ أو ارتباك فهذا يتلاشى مع الخبرة والاحتكاك.
أما لو كان هذا الخوف أو الضيقة تمنع الإنسان من إنتاج عمل، أو تنقص من كفاءته فقد تجاوزت الحد الطبيعي إلى الحد المرضي، وفي هذه الحالة أنصح بزيارة الطبيب النفسي؛ فقد ينفع في مثل هذه الحالات كثيراً، وإليك - أختي - السائلة هذا التوضيح:
الخوف أو الارتباك غير المرضي:
- يكون متناسباً مع المثير الخارجي وبالحدود الطبيعية، كالخوف من الامتحان أو مقابلة مسؤول، أو غيرها.
- هذا الخوف يكون غير مستمر وليس شديداً، بمعنى أن يكون في بداية الأمر ثم يتلاشى تدريجياً.
- أعراض الخوف والارتباك تكون قليلة، وتحت سيطرة الإنسان.
الخوف والارتباك المرضي:
- يكون غير متناسباً مع شدة المثير الخارجي، فقد يكون المثير الخارجي بسيطاً، أو قابلاً للسيطرة عند الأشخاص العاديين، لكن عند المريض يتفاعل معه بدرجة أشد، مثال الخوف من الأماكن العالية.
- يصاحب هذا الخوف والارتباك أعراض عضوية ونفسية شديدة، وخذ على سبيل المثال:
الأعراض النفسية:
- قلق في التفكير زائد عن حده.
- خوف وفزع.
- ترقُّب وتوقُّع للخوف قبل حدوثه.
- اليقظة الزائدة والحذر.
- نقص التركيز وضعف الذاكرة.
-شدة التأثير بالأصوات الخارجية البسيطة.
- الارتباك.
الأعراض العضوية:
- صعوبة التنفس (خفقان - دوخة) .
- ألم في الصدر (صداع، تشوش في النظر) .
- تنميل (التعرق، برودة الأطراف) .
- جفاف الحلق (صعوبة في البلع، ألم في البطن) .
- إمساك أو إسهال، رجفان.
- يؤدي هذا الخوف أو الاضطراب إلى اضطراب في وظيفة الشخص.
العلاج:
بالنسبة للخوف الطبيعي علاجه يكون بالمواجهة والتدرج للتغلب عليه والحرص على عدم التردد، حتى وإن حصل بسيط، فهذا يتغلب عليه بالخبرة وتكرار الموقف حتى يتعود عليه الإنسان.
أما بالنسبة للخوف المرضي: فالعلاج على شقين:
الأول: دوائي - عبارة عن حبوب تساعد على زيادة إفراز بعض المواد في الدماغ لتساعد الإنسان على التغلب على الخوف.
الثاني: نفسي: أي بالجلسات النفسية، وهذه يقوم بها الأخصائي النفسي عن طريق برنامج محدد لكل مراجع يستطيع من خلاله المريض وضع جدول أو هيكل لشدة الخوف والموقف المحدد؛ حتى يتجاوز هذه الصعوبة، وهذا يكون بالتدرج للتعرض للمثير حتى يتلاشى الخوف.
وكلا العلاجان مهمان وهما مكملان لبعضهما ولا يستغنى أحد عن الآخر.
آمل أن تكوني قد استفدت من الإجابة، ولو أردت المزيد فلا تترددي بالتواصل معنا.(20/276)
خائفة ومترددة!!!
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 23-5-1424
السؤال
مشكلتي هي إحساسي أنني فاشلة وغبية وخائفة ومترددة في كل شيء من مواجهة المشاكل وأجد صعوبة في التفاعل مع المجتمع حاولت كثيراً أن أجد حلاً لذلك وتغيير نفسي ولم أستطع.
ماذا أفعل لأعيش حياة سعيدة من غير قيود وخوف؟. وشكراً لكم.
الجواب
أختي الكريمة ...
أشكر تواصلك الإلكتروني مع موقع "الإسلام اليوم" وأسأل الله لنا ولك أن يهدينا ويرزقنا حسن القول والعمل به ويهدينا إلى سواء السبيل إنه سميع مجيب الدعاء.
إن ما تشعرين به أختي الفاضلة نوع من أنواع القلق وهذا ناتج نتيجة التفكير السلبي فإحساسك بأنك فاشلة غبية خائفة هي من تلك الأفكار المحبطة لجميع أنواع التفاعل مع الآخرين فأنت أصبحت تدورين في حلقة مفرغة وتلك الأفكار غالباً ما يترافق بأحاسيس وتغيرات وأعراض جسمية كالإحساس بالتوتر العام وارتعاش اليدين وازدياد التعرق وسرعة ضربات القلب وبالتالي يتخذ الشخص نظرة سلبية تجاه قدراته وشخصيته وحينما يترك الشخص تلك الأفكار تتنامى داخله تتطور إلى أشد أنواع القلق!!.
ولكي تواجهي تلك الأفكار التي تسببت فيما أنت عليه لا بد من اتباع الطرق التالية لعل الله أن يجعل فيها خيراً لك:
أولاً:- الالتجاء إلى الله عز وجل بأن يعينك على التخلص مما أنت فيه وكذلك المحافظة على الفروض وكذلك الأذكار اليومية.
ثانياً:- عليك بتحديد تلك الأفكار التي تجدين صعوبة في التخلص منها لكي تحققي التفاعل الطبيعي مع الآخرين " أي المواقف التي ترين أنك فاشلة وخائفة في مواجهتها"،وكتابتها على ورقة ومن ثم البحث عن فكرة صحيحة ووضعها بدلاً منها!!
ثالثاً:- إبدال التفكير السلبي الناتج من عدة مواقف سلبية بتفكير إيجابي ومن ثم تحقيقه على أرض الواقع تدريجياً وهذا ما يسمى بالتحصين التدريجي.
رابعاً:- ربّي أفكارك السلبية تجاه الموقف إلى أفكار إيجابية من خلال اتباع المراحل التالية.
1-مرحلة الترقب وهي التي تسبق حدث الموقف. حدّثي نفسك بأنك ستفكرين بالموقف فقط
"سأفكر تفكيراً إيجابياً وسأتصرف بشكل مقبول!! "
2-مرحلة ما قبل الموقف
"أتوقع أن يحدث لي قليلاً من القلق ولكن سأنجح في التغلب عليه"
"سآخذ الأمور خطوة خطوة وسأسيطر على نفسي والموقف"
3-مرحلة الموقف
"سأفكر بما هو حالي وليس فيما سيحدث"
"سيكون لدي قلق بسيط ولكن سأتركه يمر بسلام"
4-مرحلة ما بعد الموقف.
"لقد نجحت في التغلب على الموقف بدون قلق"
"إن المشكلة أصبحت أسهل وأخف من السابق"
خامساً:- مارسي عملية الاسترخاء ومن ثم وضع مرساة لذلك فهي من الطرق المفيدة جداً لحالتك لمساعدتك في مواجهة المواقف بشجاعة!(20/277)
وهو أن تستلقي على ظهرك في سريرك وتغمضي عينيك وتأخذي نفساً وتخرجيه ببطء وتحاولي إرخاء عضلات الجسم من الرأس حتى القدمين، ثم تتخيلي موقفاً أنت فيه في أفضل حالتك التفاعلية مع الآخرين وتتحدثين بطلاقة والجميع يصغي لك باهتمام لما تقولين وكذلك مشاركاتك في التداخل في المواضيع المطروحة!!، وكرري تلك العملية عدة مرات يومياً، وحينما تكونين في أوج استرخائك وسعادتك بالمشهد اضغطي على إبهامك لمدة عشر ثوان ثم اتركيه، وهكذا كلما تخيلتِ المشهد افعلي بإبهامك مثلما سبق وهنا تكونين قد وضعتِ مرساة تساعدك عل مواجهة المواقف الاجتماعية!! وحينما تكونين في موقف حقيقي تضغطين على إبهامك فمباشرة تأتيك الأفكار الإيجابية السابقة والتخيلات الجميلة فتساعدك بعون الله على مواجهة تلك المواقف والقضاء تماماً على اعتقاد الخوف!!
سادساً:- ثقي بنفسك بأن لديك قدرات وإمكانيات لا تختلف عن الآخرين وستجدينها متى ما تخلصتِ من تلك الأفكار السلبية تجاه نفسك!!
سابعاً:- لا تشغلي نفسك كثيراً بنظرات الآخرين تجاهك بأنها نظرات إحتقار أو دونية فحاولي قدر الإمكان تجاوزها وعدم إعطاءها مساحة تفكير أكبر مما تستحق وإلا سببت لك مشاكل نفسية أكبر!!
ثامناً:- حاولي تدريب نفسك بالمشاركة بالحوارات القصيرة التي تشجعك على القضاء على القلق وابدئي بدوائر صغيرة ثم وسعي الدوائر إلى تجمعات أكبر وستجدين نتيجة إيجابية بإذن الله تعالى.
حفظك الله ورعاك،،،(20/278)
خوف شديد
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 5-6-1423
السؤال
سؤالي هو: منذ فتره وقبل عشرة سنوات أصبت بحادثة نتج عنها أعراض نفسيه وبدأت هذه الأعراض تتكرر معي بين فتره وأخرى وتشتمل هذه الأعراض على ما يلي: الإحساس بالخوف الشديد ويصل إلى حد الذعر والهلع, الإحساس بألم في القلب وألام بالمعدة مع حرقان وحموضة وسرعة ضربات القلب مع الإحساس بالاختناق, وأحس بأنى سوف أموت بالحال, مع دوخه ودوار وصداع وألام في جسدي كله. المهم أني راجعت جميع الأطباء وكلهم أخبرونى بأنى سليم وهنا ذهبت إلى الأطباء النفسيين وأخبروني بأني أعاني من حالة قلق وخوف وهلع وبدؤوا معي بالعلاج وبعد مضي فتره خفت الأعراض ولكن المشكلة التي بقيت هي الخوف لقد أصبح لدي خوف من كل شئ من الذهاب إلى الطبيب, من السفر, من الأماكن العامة والمغلقة ومن الأماكن المرتفعة ومن الناس حتى من قيادة السيارة, أصبح الخوف لدى من كل شئ وأصبحت أسير المنزل لا أحب أن أغادره إلا للضرورة القصوى وأصابني بعد فتره تشنجات وأنا نائم أرجو من سيادتكم التكرم بإعطائي الحل وبأسرع ما يمكن لأنني أعيش على أحر من الجمر, ودمتم.
الجواب
أخي الكريم..
أعانك الله من يريد أن يتعلم السباحة لا بد أن يبتل بالماء. وأنت ذكرت مشكلتك وأنك استنفذت منها جميع الوسائل ولم تجد حلاً. أقول لك أنك لم تستنفذ الوسائل بعد. بقي أهم وسيلة على الإطلاق. وهي اللجوء إلى الله سبحاه وتعالى فيظهر أنك فقير بهذا الجانب قصد جانب اتصالك بالله سبحانه.
كيف أنت في أمور العبادة المفروضة. ما هو نصيبك من النوافل وما مدى قربك من الحي القيوم القادر على كل شيء. الذي يجيب المضطر إذا دعاه [أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء] أين أنت عن بحر ونهر الدعاء أين أنت عن ظلمة الليل إذا الناس هجعوا أو لهو في دنياهم. والله سبحانه ينزل في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا. ويفتح بابه سبحانه لمن يسأله [وقال ربكم ادعوني أستجب لكم] [وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان..] جرب هذه الوصفة ولكن يجب أن تمر على صيدلية العزيمة الصادقة وتأخذ منها علاج التخلص من شوائب الدنيا. وستجد ما يسرك بإذن الله
وأقول لك شيئاً آخر يقال في الأمثال خير وسيلة للدفاع هو الهجوم.. فلا يمكن أن تنقلب على ما تخاف منه حتى تواجهه وتهزمه وإلا ستبقى في دائرة الخوف ما حييت اخرج إلى الدنيا. وصارع جبال الخوف وستجد أن في داخلك قوة تفجر هذه الجبال وأنت لا تدري عنها. فقط حاول.. وحاول.. وحاول - ولا تدع اليأس يقهرك. فأنت رجل قوي ولكنك لم تفطن لذلك.
أعانك الله.(20/279)
عزلة شبه تامة.. ألم كبير..!!..
المجيب د. سيد زكي خريبة
استشاري صحة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 9/5/1422
السؤال
أعيش في عزلة شبه تامة من الأصدقاء والأقارب وأعاني من بعض الحالات المرضية مثل أحس أني كلما ذهبت إلى أي مكان أو لبست شيء جديد أو أتكلم أمام جمهور أو تكلمت أمام شخص كبير ومرموق أني....؟؟؟ مراقب والكل ينظر إلي وأنهم يدققون في كل كلمة تخرج مني، ويأتيني بعض الأفكار التي لا معنى لها مثل: أني لا أملك أي قدرات واستحقر نفسي في كل شيء حتى في فكرة الزواج، وتحمل أي مسؤولية وكلما أقوم بشيء مثل لعب الكرة أو السباحة أفكر كثيرا بأني لا اعرف السباحة وشكلي الجسمي (غلط) و..و..و..و..وحتى تنعدم الثقة بالنفس تماما ثم لا أعرف أفعل أي شيء مع أني إذا صرت إنسان عادي أكون غير ذلك الإنسان المريض هذا نادر ما يحدث لي، مع أني والله أحب الحياة الاجتماعية والأسرية ولكن أخاف من هذه الأفكار الخبيثة التي حطمت حياتي، نسأل الله العافية والسلامة من كل شر، فكم كان لي من أصدقاء ولكن بعد فترة من الزمن انقطعت عنهم فصار حالي حال وحيد لا أدري لماذا ولكن الحمد لله على كل حال وما كتبت هذا السؤال إلا لفعل السبب، وأرجو أن تكون رسالتي هذه محط اهتمام المختصين والرد علي في أقرب وقت ممكن، واعتذر على طول هذه الرسالة ولكن نرجو من الله أن يشفينا
الجواب
عزيزي صاحب السؤال: تقول أنك تعيش في عزلة شبه تامة كنا نود أن نعرف منذ متى هذه العزلة؟ ولكنك قلت عزلة من الأصدقاء والأقارب وهذا يعني أن العزلة فرضت عليك قريباً.. وكذلك كنا نود أن نعرف الكثير عن تاريخك السابق بمعنى هل أنت منعزل عن الأقارب والأصدقاء من الطفولة؟ أم حديثاً؟(20/280)
فإذا كانت العزلة حديثا فإن ذلك يعني أن هناك شيء حديث في حياتك أو موقف جعلك تبتعد عن هؤلاء.. خاصة الأصدقاء والأقارب.. أما بشأن إرتداءك ملبسا جديدا أو عندما تتحدث أمام الجمهور أو أمام شخص كبير أو مرموق تشعر أنك مراقب ويدققون إلى ما تقوله فهذا يعني شعورك بعدم ثقتك في نفسك والدليل على ذلك أنك قلت أنك تستحقر نفسك حتى من فكرة الزواج.. كيف يا عزيزي وأنت في مرحلة تبلغ من العمر كما تقول 23 عام وهو السن الذي يحاول فيه الشاب أن تكتمل هويته الإيجابية والنضج بالارتباط من شريكة الحياة وليشعر بأن له دور في المجتمع وهذا الدور من وجهة نظر الشباب يأتي بتحمل المسؤولية بالارتباط بشريكة الحياة ولقد قلت انك تشعر بان شكل جسمك خطأ فهذا يدل على أن صورة الذات مهزوزة لديك وفي أمس الحاجة إلى أن تشعر بهويتك المفقودة والتي لم تستطع إيجادها من خلال الأصدقاء، والأقارب نتيجة شعورك بعدم ثقتك في نفسك والتي فرضت عليك العزلة لذلك أقول لك.. واجه الحياة بشجاعة وحاول أن تجد الأصدقاء الذين يشعرونك بالراحة والذين ترتاح إليهم كلما واجهتهم أو جلست معهم.. كذلك اذهب وزر الأقارب بصحبة والدك أو أخوك أو والدتك وحاول أن تندمج معهم في الحديث ولا تنسحب من اجتماعاتهم وأحاديثهم لعلك تشترك معهم في الحديث مرة بعد الأخرى وتصبح عادة أصيلة في حياتك وتكتمل هويتك المفقودة وبالنسبة للناس المرموقين عندما تجلس معهم ضع في اعتبارك أنهم ناس عاديين ولا تضع في ذهنك أنك مراقب لأن الشعور بأن الشخص مراقب من الآخرين سيفرض عليك أن تغير من حقيقتك وحقيقة كلامك.. بل كن عاديا وتحدث وكأنك تتحدث مع العاديين حتى لا تهتز ثقتك بذاتك والله يرعاك..(20/281)
الخوف يحيط بي
المجيب د. أماني سعيدة
طبيبة نفسية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 29/03/1426هـ
السؤال
كنت امرأة طبيعية، أعيش مع زوجي وأولادي، وأحياناً أنام وحدي في البيت ولا أخاف، لكن بعد أن قتل اللصوص ابنة عمي صرت أشعر بالخوف المستمر حتى في ساعات النهار، ونحن نعيش في دولة أوروبية، وكل يوم نسمع الجديد من الحوادث المزعجة، حفظت سورة البقرة وسوراً أخرى، لكنني لا زلت أشعر بالخوف الشديد، ولا أريد أن أكدر صفو زوجي، لذلك هو لا يعلم مدى الخوف الذي أعيشه. فماذا أفعل؟.
الجواب
أيتها الأخت المسلمة: تذكري قول الله -تعالى- في سورة البقرة: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون" [البقرة: 155-156] ، لعل ما مر بك لم يكن مفاجأة أو حدث جاء على غرة؛ لأن الله تعالى أخبرنا بذلك مسبقاً في سورة البقرة وسور عديدة، لذلك فأنت توهمي نفسك أن هذا الحدث كان صدمة كبيرة، على الرغم من أنه يحدث على صفحات الجرائد يومياً، وبأشكال وصور أبشع، ولكن أشك أن تكوني قد خفت أو تأثرت من هذه الأحداث، غير أن الحدث الذي مررت به كان لإحدى قريباتك، وأنا أخاطب فيك الأم المسلمة القارئة للقرآن، وأذكرك بأن كل إنسان ستكون نهايته في موعد محدد، وإن اختلفت أسباب الموت، ولكن ما يدعوني لأن أتفاءل لحل هذه المشكلة هو قدرتك على الصمود فترة طويلة بعد هذا الحدث، دون إثارة خوف أو ذعر في منزلك، فإن هذا مؤشر لقوة شخصيتك، وقدرتك على التصدي لهذا الخوف، ولعلك تعلمين أن صدمة الإنسان عند الحدث تكون أكبر منها بعد أن يمضي بعض الوقت، وكل شيء يولد صغيراً ثم يكبر إلا المصيبة فهي تولد كبيرة ثم تصغر، وما أنت فيه ما هو إلا نمو طبيعي للخوف، خاصة وأنت لم تشركي فيه أحداً، ولكن هذا النمو وصل إلى ذروته، والتي يليها انحدار وانخفاض وتضاؤل له بالتأكيد.
أنصحك بألا تسيطر عليك هذه المخاوف، ولا تستسلمي لها، ويكون ذلك بمحاولة تغيير الواقع أو البيئة التي تعيشين فيها، سواء بتغيير بعض عاداتك، كأن تبدئي بالخروج أو ممارسة بعض الأنشطة الرياضية أو الاجتماعية، كما أنصحك أن تتبادلي هذه الأفكار مع صديقة لك في الغربة، لعلها تكون أقرب من هذه الكلمات المسطورة على الورقة؛ حتى تشعري بالمشاركة الوجدانية والتعاطف، كما تشعري بالحجم الطبيعي للمشكلة التي تمرين بها، والتي قمت بتصحيحها لفترة طويلة. أوصيك بذكر الله كثيراً، والتدبر في كونه وفي حكمته في تنسيق مجريات الأحداث، ولعل حكمته من هذا الموقف الذي تمرين به هو زيادة إيمانك بالله، وليس زعزعة هذا الإيمان.(20/282)
أعاني شدة الخوف
المجيب د. صالح بن علي الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الخوف والرهاب
التاريخ 14/2/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله.
مشكلتي مشكله نفسية، فقد تعالجت على أيدي أطباء نفسيين، وشيوخ دين، والآن أنا أعاني منذ سبع سنوات من الخوف والهلع الشديد، أنا أخاف من الغيوم والرياح، وكل ما يتعلق بتغيير الجو، ومن كثرة الخوف عند تغير الجو أشعر بتخدير بجسمي وألم في معدتي، واستفراغ وإسهال، والآن تخرجت من الجامعة ولا أستطيع أن أخرج من البيت من شدة الخوف، ولا أن أقدم على وظيفة أو أي شيء في حياتي، توقفت، وقد كنت في الجامعة أتغيب في أيام تغيير الجو، وأشعر بالاكتئاب الشديد، ولا أعلم ماذا أفعل. أرجو المساعدة، وأشكركم.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
القلق يمكن أن يكون استجابة طبيعية في بعض المواقف، واستجابة القلق تتراوح في مداها بين البسيطة أو الطبيعية التي يمكن السيطرة عليها إلى الهلع والخوف الشديد، القلق قد يكون دافعاً للإنسان ومساعداً له على الأداء الجيد إذا كان في مستواه الطبيعي، وقد يكون معيقاً إذا كان شديدا تصعب السيطرة عليه.
والقلق يشتمل على ثلاثة مكونات هي، المكون الانفعالي (مثل الخوف) والمكون الجسمي (مثل الارتعاش، جفاف الفم، زيادة ضربات القلب، وآلام في المعدة ... ) والمكون العقلي (مثل الأفكار السالبة، والتخيلات المرعبة) ، وكل هذه يمكن أن تؤثر على سلوكنا، مثل التوقف عن العمل، أو عدم الخروج من البيت، أو تجنب الناس، أو عدم النوم أو عدم الأكل وما شابه ذلك.
وبالنسبة لحالتك يا أختنا الكريمة فإن من المهم أولاً معرفة أننا قد نستجيب بدرجة طبيعية من القلق أو الخوف للتغير في حالة الجو ووجود غيوم أو رياح، وفي حديث عائشة -رضى الله عنها- ما معناه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اختلف الجو يتغير وجهه، ويدخل ويخرج خشية أن يحدث مكروه انظر صحيح البخاري (3206) ، وصحيح مسلم (899) .
ولكن قد نبالغ في ذلك حتى يصبح مشكلة كما هو بالنسبة لك، مصدر الخوف والهلع الذي تمرين به ليس التغير في حالة الجو وما يحدث من حولك، مصدره تفكيرك وما تقولينه لنفسك حول تلك التغيرات، أنت تفسرين الأشياء بشكل مأساوي، تفسرين التغير في حالة الجو على أن خطراً ما سوف يحدث، وبهذا تضعين نفسك في دائرة من التوتر والقلق، وفيما يلي بعض التوجيهات التي يمكن أن تساعدك:
1. أكثري من الذكر والدعاء وخصوصاً عند تغير حالة الجو، فبذكر الله تطمئن القلوب. 2. تعلمي استبدال أفكارك السلبية بأفكار إيجابية وواقعية وفيها مرونة، وضعي الأمور في نصابها الطبيعي، والهي نفسك عن الأفكار المأساوية بأشياء أخرى، مثل ترديد بعض الآيات والأدعية، أو العد التنازلي، واصرفي انتباهك عن التغيرات الداخلية التي تحدث لك إلى الأشياء الخارجية من حولك (أشكالها، ألوانها، أصواته) .
3. ذكري نفسك بأن حالة الهلع التي تمرين بها سوف تنتهي، وأن ما تمرين به ليس أكثر من تضخيم ومبالغة للموقف ولاستجابات الجسم الطبيعية فيه.(20/283)
4. ذكري نفسك بأن التغير في الجو لا يحدث دائماً، وأن حالات الجو في كثير من الأحيان ليست خطيرة.
5. تذكري المواقف السابقة المشابهة والتي استطعت أن تمرين بها دون خطر يحدث.
6. لاحظي الناس من حولك وهم يتصرفون بشكل طبيعي في مثل هذا الموقف دون أن يحدث لهم شئ.
7. تدربي على الاسترخاء والتنفس العميق. الأعراض الجسمية للخوف تحدث لأن نسبة الأدرينالين تزداد في الجسم عن حدوث الخوف وتؤثر على الأعضاء مثل القلب والمعدة والعضلات، وتمرينات الاسترخاء والتنفس يمكن أن تساعد في السيطرة على هذه الأعراض الجسمية.
8. واجهي الموقف تدريجيا، لأن استجابة الخوف أصبحت متعلمة في هذا الموقف، والمواجهة التدريجية تنقص من قدرة هذا الموقف على إحداث الخوف، وحين تدركين أنك تستطيعين السيطرة على النوبة إلى درجة ما، وليس هناك خطر يحدث سوف تشعرين بأنك قادرة على مواجهة الموقف مرة أخرى، وإذا كنت قادرة قومي ببعض التمرينات الرياضية البسيطة، وتمرينات الاسترخاء قبل خروجك من المنزل، واصطحبي معك من تثقين به وترتاحين له كمصدر تشجيع ومساندة لك عند خروجك من المنزل.
9. وإذا استمرت المشكلة في منعك من ممارسة حياتك الطبيعية فمن المهم مراجعة معالج نفسي للوصول إلى فهم أعمق للمشكلة وتعلم إستراتيجيات مناسبة للسيطرة عليها.
أسأل الله أن يعينك وأن يبعث في نفسك الأمن والطمأنينة.(20/284)
يلازمني هذا الشعور عند التلاوة، فهل بي مسٌّ؟
المجيب هاشم الأهدل
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس
التاريخ 15/05/1427هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
لدي مشكله في قراءة القرآن وهي أنني بعد القراءة بوقت قليل أشعر بتعب وإرهاق وعندما أتوقف للحظات أهدأ ثم أستمر. قال لي بعض الأصدقاء أن بي مساً من الشيطان. علماً أنني من المواظبين على الصلاة وأستمع إلى القرآن لساعات دون أن أحس بضيق بل العكس أجد فيه الراحة والخشوع وبعض الأحيان أبكي عند سماع بعض الآيات. وأنا من المواظبين على الأذكار الصباحية والمسائية. وقد حرمت على نفسي سماع الأغاني منذ زمن، ولكن سؤالي هو هل صحيح أن بي مساً من الشيطان؟ ولماذا أتعب من قراءة القرآن؟ وما هي نصيحتكم وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الأخ الفاضل سلام حفظك الله ورعاك.
اعلم رحمك الله أن الإصابة بأي مرض ما لا تثبت إلا بظهور الأعراض المصاحبة له فتجد الطبيب أحياناً يُجري الكثير من الفحوصات على المريض حتى يتيقن نوع المرض ودرجته كذلك، ولكني أوصيك أخي الحبيب بأمور: 1- إن ما تشعر به لا يزال بالنسبة لك ظناً وليس يقيناً فإن الإنسان إذا بذل مجهوداً فيه قراءة أي كتاب يشعر بالإجهاد والتعب، فالظن هذا لابد له من وسائل حتى تتبين صحته من بطلانه.
2- في بعض الأحيان قد يستسلم الإنسان للوساوس ويشعر نفسه قهراً بأنه مريض خاصةً إذا كان من حوله يشعرونه بذلك أيضاً.
3- كما ذكرتُ لك سابقاً فإن هناك مظاهر ودلائل تدل على وجود المس في الإنسان. لذلك احرص على استشارة أحد القراء الموثوقين وصف له حالتك بالتفصيل حتى يفيدك واحذر من بعض الجهلة الذين يمارسون الرقية على غير علم وهدى.
4- أوصيك أخي بعدم الاستسلام لهذا الوهم ولتعلم كذلك أن المس درجات فأنت تقول أنك تقرأ الأذكار وتخشع عند سماع الآيات فلو فرضنا أن بك مساً فهو ضعيف جداً حسبما ذكرت من حالك.
5- هناك شريط رائع للشيخ عبد الرحمن العايد بعنوان (الرقية الشرعية) سيفيدك كثيراً. آمل أن تسمعه. وفقك الله لكل خير.(20/285)
يئست من صلاحي!
المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس
التاريخ 16/07/1426هـ
السؤال
أنا شاب اهتديت منذ سنة ونصف، ولكن الحال لم يستمر، فبدأت منذ ثلاثة أشهر أقصر في بعض الجوانب، حتى جاءتني قناعة بأني لا أصلح للالتزام، وأنه لا رجاء من صلاحي، ولكني عازم خلال هذه الإجازة الصيفية على الذهاب إلى أحد المراكز لحفظ القرآن، ولكن - للأسف - أشعر أحيانا أن ما سأقوم به رياء، وأني أريد من حفظ القرآن أن أنشط ذاكرتي وأقويها وأنه ليس لله، أرجو منكم أن توضحوا لي كيف أطرد الوساوس التي تشعرني بأن ما أقوم به رياء؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد.
فالهداية إلى الخير والاستقامة على الصلاح فضل من الله يستحق الشكر، لا سيما في هذا الزمن الذي كثرت فيه المغريات والملهيات ووسائل الشر. والقابض على دينه كالقابض على الجمر، فأسأل الله أن يديم عليك الهداية ويمن عليك بالثبات على الاستقامة، وإن من دلائل توفيق الله لك -الآن- أنك تشعر بهذا الشعور، وهو خوفك من نقصان مستوى الطاعة.
أما شعورك الذي - وللأسف - تحول إلى قناعة بأنك لا تصلح للاستقامة فهو شعور خاطئ، وتفكير أعوج. واعلم أن النفوس تختلف من حيث ارتياحها للعمل الصالح، فأحياناً تكون نشيطة جداً وراغبة فيه ومقبلة عليه، وأحياناً أخرى تجد النفس مللاً وكسلاً، فيقل اهتمامها وتضعف في صلتها بالله، لكن هذا الضعف لا يدوم، فإن مؤثرات الحياة متغيرة، وقد قال أحد السلف: (إن للنفوس إقبالاً وأدباراً فإذا هي أقبلت (يعني رغبت في الخير) فألزموها بالطاعة، وإن هي أدبرت فاحجزوها عن المعصية.
وأنت كغيرك ستجد نفسك مرة مرتاحاً للطاعة وتحب المزيد منها، ثم تجد كسلاً أحياناً أخرى. فلا تيأس، ودع القناعة التي تدعيها بأنك لا تصلح للاستقامة، فهذا تثبيط من النفس الأمارة بالسوء، وتشجيع من الشيطان الحريص على ضلالك، لكن اعقد العزم الصادق على غلبة الهوى والنفس، واستعن بالله وواظب على ما تستطيع من نوافل، ولا تتأخر أو تقصر في واجبات أوجبها الله، والذي أنصحك به الآن -حتى لا تغلبك نفسك، ولا يسيطر عليك هذا الوسواس فيوحي لك بأنك لا تصلح للصلاح- أن تبحث عن صحبة صالحة وحلقة تحفيظ ولو كانت بعيدة عن بيتك، وتكثر من تلاوة القرآن، وتبكر في المجيء إلى المسجد، وتكثر من الدعاء وأنت ساجد بأن يثبتك الله على الحق، ويعينك على نفسك والشيطان، وأكثر من قول: (يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك) ، قل هذا الدعاء في السجود وقبل السلام.
أما قولك بأن حرصك على حفظ القرآن يوحي لك الشعور بأنه ليس لله، فهذا ليس صحيحاً، بل ادخل بعزيمة ونية صادقة، ولا تهمك هذه الوساوس والخيالات.(20/286)
الوسواس القهري ولا يزال السؤال مستمرا!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس
التاريخ 25-2-1423
السؤال
السؤال الأول:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أثابكم الله على جهودكم.. وسؤالي حول الوساوس التي تنتابني كثيراً.. حول نفسي.. وطهارتي.. وربما ديني.. أكرر العمل الواحد عشرات المرات..!! أعيش في كربة عظيمة.. وادرك معاناتي وأسبابها ولكني غير قادر على اتخاذ أي قرار.. فهل ما أعاني منه هو الوسواس.. أم هو مقدمة للجنون وفقدان السيطرة على النفس..؟ وما هي حقيقة الوسواس وأسبابه وعلاجه.. وفقكم الله.
السؤال الثاني:
أخي الكريم.. أشكركم على هذا الموقع واسأل الله أن يبارك في جهودكم ويثيبكم.. وأرجو المعذرة على سؤالي وموضوعي:- كما آمل منكم أن تنصحوني.. ومشكلتي أنني أعاني منذ خمسة عشر عاماً من تقطير البول.. وكان معه الوسواس القهري.. الذي زاد معاناتي بدرجة كبيرة وزاد مع الوقت.. فعندما أذهب إلى دورة المياه أجلس بالساعات.. وابلل نفسي بالماء كثيرا ً مما أوجد لدي التهاباً موضعياً اضطررت معه أحياناً لأن أتبول - أعزكم الله - ولا أغتسل.. إلا للصلاة!! (.... تفاصيل كثيرة) والآن ومع مرور الوقت أصبح عندي إحساس أن كثير من الأشياء نجسة.. وسؤالي هل أغسل الأشياء التي لمستها أو جلست عليها أو أمسكتها.. علماًَ أني كثيراً ما اغسل يدي بعد لمسي لها وأغير ملابسي.. أم أنه لا شيء بها؟ مع العلم أنني إذا اضطررت لغسلها فسأغسل كل أثاث البيت ولوازمه وغرفة.. والوسواس لدي شديد.. وقد ذهبت للعديد من المشائخ ولم أجد ما يشفي غليلي.. أفيدوني مأجورين.
السؤال الثالث:-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أختي في العشرين من عمرها وتعاني كثيراً من الوسواس.. حتى أنها تعيش وضعاً لا يمكن احتماله.. إذا ذهبت للوضوء جلست وقتاً طويلاً.. وإذا أرادت الصلاة عجزت عن التكبير وترددت كثيراً فيه.. حيث تذكر أنه يعرض لها ساعتها ألف عارض وتنتابها أفكار غريبة حول صلاتها ووضوئها ودينها ... الخ وتغسل يديها عشرات المرات بعد أي عمل.. وقد ذكر لنا بعض من سألناهم أن هذا نوع من الوساوس.. وبعضهم قال: انه نوع من تلبيس الشياطين وأنها ((مسكونة في الجن)) وقال غيرهم كلاماً كثيراً.. فما هي مشكلة أختي.. وهل لها علاج.. وجزاكم الله كل خير.
الجواب
اخوتي الكرام.. أشكر لكم ثقتكم واسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق والسداد والرشاد.. كما اسأله تعالى بمنه وكرمه وجوده واحسانه أن ينزل عليكم شفاءً لا يغادر سقما.. عاجلاً غير آجل.. وجميع مرضى المسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه:-
أما عن استشارتكم.. فقد جمعتها لتشابه موضوعها وحيثياتها إلى حد كبير.. وتعليقي عليها من وجوه:-(20/287)
أولاً: يجمع بين كل هذه الاستشارات أن أصحابها يعانون من ((الوسواس القهري)) أعاذنا الله جميعاً منه وشفا كل مبتلى.. أما التفاصيل الأخرى حول الالتهابات الموضعية وغيرها فهي أعراض لن تعدم العلاج الموضعي المناسب..وهو متوفر ولله الحمد.. ولكن الأهم هنا السبب الرئيسي لكل ذلك وهو الوسواس القهري..! فما هو الوسواس القهري..؟ !
ثانياً: يعرف الوسواس بأنه أفكار وخواطر وتهيئوات تتوالى وتتكرر على ذهن الإنسان رغماً عنه..!! مع علمه ويقينه بأنها أفكار سخيفة وغير منطقية.. إلا أنها تستمر لديه.. وتسبب له الانزعاج الكبير والألم والإحراج!!
ثالثاً: يمكننا بشكل عام تقسيم الوسواس القهري.. إلى نوعين:
•النوع الأول: الأفكار الو سواسية القهرية.. وهي الأفكار التي تتكرر على ذهن المصاب.. ولا يستطيع دفعها رغم غرابتها أحياناً..ومع ذلك فإنها تفرض نفسها عليه وعلى تفكيره رغماً عنه.. ودون إرادته..!! وترتبط كثيرا بأمور الإيمان أو الاعتقاد أو الخلق.. وكثير من المسلمات البديهية.. في حياة المرء.. وغيرها..
•النوع الثاني: الأعمال الو سواسية القهرية.
حيث يشعر المصاب برغبة ملحة للقيام ببعض الأعمال أو اللزمات السخيفة أحياناً وغير المنطقية.. بل ويكررها بشكل غريب.. وربما شعر بالرغبة الملحة في تكرار أعمال يكفيه منها إجراءها أول مرة.. كتكرار غسل اليدين أو الوجه أو الوضوء أو إغلاق الأبواب والتأكد منه أكثر من مرة.... الخ وغيرها الكثير.. وتتباين الدرجة بين المصابين بذلك بين مقل ومكثر إلا أن الجدير ذكره هنا.. هو أن هذا الأمر إن لم يعالج ويوقف عند حد معين.. فإنه يزداد مع الوقت شيئاً فشيئاً..! والغريب هنا.. أنه في كلا النوعين يكون المريض على إدراك بالوسواس.. ويعرف أن هذه الأفكار والأعمال سخيفة وربما مضحكة وغير معقولة.. ولذلك فإنه قد يحاول دفعها ومقاومتها ولكن دون جدوى.. وهذه المحاولة المتكررة والفشل فيها.. تسبب للمريض توتراً شديداً يبقى معه حتى بعد قيامه بأعماله وتصرفاته المعتادة.(20/288)
رابعاً: تختلف هذه الأعمال الو سواسية من مريض إلى آخر.. وتأخذ أشكالاً عدة.. إلا أن أكثرها انتشاراً هو ((وسواس التلوث)) حيث يشعر المصاب بأنه قد تلوث بشيء ما من أوساخ وجراثيم وربما بنجاسة.. ولذلك فإننا نراه يغسل.. ويغسل.. ويكرر ذلك كثيراً.. حتى لربما أصيب بحالة من التهابات الجلد..!! وقد يسيطر على المريض هوس النظافة للمنزل أو للمتعلقات الأخرى.. فتراه لا يهدأ حتى يبدأ بتنظيفها وترتيبها.. ولا يكاد ينتهي.. حتى يبدأ من جديد..!! وهكذا ... وقد تكون الوساوس القهرية مرتبطة بالحاجة للأمن.. والخوف من المجهول.. بشكل يتعدى المألوف.. فترى المصاب يكرر قفل الأبواب والنوافذ.. ويتأكد من ذلك مرات ومرات في الليلة الواحدة.. وينظر لمصادر الكهرباء أو الغاز أو غيرها.. ويعيد النظر عشرات المرات.. بشكل مزعج له ولمن معه وقد يكون الوسواس القهري مرتبط بالأفكار.. وربما كانت ذات طابع ديني أو فلسفي.. بحيث يتجاوز فيها كل حدود المعقول والمقبول إلى أفكار غريبة ومتناقضة أحياناً.. وربما شكك المريض بإيمانه ومعتقداته وأخلاقه.. وربما تجاوز ذلك بكثير!! وقد يصاب المريض نتيجة ذلك التناقض بين واقعه وسلوكه الاجتماعي المعتاد.. وبين تلك الأفكار والتصرفات الغريبة.. بالحزن والاكتئاب والألم والمعاناة!!
خامساً: تبدأ هذه الأفكار والوساوس القهرية - عادة - بشكل بطيء وخفي.. حتى تحتسب ضمن خصائص الشخصية.. ولذلك فقد لا يشعر المريض بأن لديه مشكلة أو مرض.. ومع الوقت تزداد.. وتشتد الأعراض.. ويدرك المريض بأنه يحتاج فعلاً إلى المساعدة.. وقد يدرك ذلك ولكنه يخفي هذا الأمر لفترة طويلة حتى يصل الأمر إلى درجة كبيرة لا تطاق.. فيطلب المساعدة في وقت تكون المشكلة قد تعقدت..!!
سادساً: أما عن أسباب هذا المرض أعاذنا الله جميعاً منه.. وشفا مرضانا ومرضى المسلمين.. .. فإنه لا يعلم سبب محدد لهذا المرض وإن كان يبدوا أن القلق يلعب دوراً رئيساً في ذلك.. وكذلك بعض الأزمات والصعوبات الحياتية.. وهناك بعض الدراسات التي ترجع الأمر إلى أسباب عضوية مختلفة إلا أن المتفق عليه أن للعوامل النفسية دوراً كبيراً في ذلك..
سابعا: لابد من التفريق هنا بين الوسواس القهري كمرض نفسي له علاجه السلوكي والدوائي المعروف.. وبين الوساوس الشيطانية التي قد تزول مع قراءة الأوراد والاستعاذة من الشيطان الرجيم، ومجاهدة النفس، حيث يخلط بينهما البعض..!!!
ثامنا: قد لا يفيد بشكل جذري في النوع الأول أن يطلب من المريض أن يعالج نفسه ويتمالك نفسه ويبعد هذه الأفكار عن مخيلته فقط.. رغم الأهمية الكبيرة لهذه الخطوة كجزء أساسي من العلاج.. بالإضافة إلى العلاج السلوكي حيث يقوم الطبيب المعالج بالتعاون مع المريض في تحديد الأفكار والأفعال القهرية التي يعاني منها المصاب ثم يقوم الطبيب بوضع خطة العلاج.. حسب مقتضى الحال ومن الطرق المستخدمة في ذلك..(20/289)
•وضع المصاب في جو يشعر فيه بالحاجة الشديدة إلى تكرار غسل اليدين مثلاً.. ولكنه يمنعه من ذلك.. أو يشغله بأمر آخر يطلب منه القيام به.. ولا شك أن المنع سيزيد من قلق المصاب.. ولكنه بعد فترة من الوقت.. وبعد تكرار هذا الأمر بأكثر من جلسة يشعر المصاب بنوع من الارتياح والاطمئنان..ويتأكد أن عدم غسل اليدين لم ينتج عنه أي مشكلة أو كارثة!!!
•ومن الطرق التي تستعمل في العلاج أحياناً.. ما يسمى بـ ((المعالجة المتناقضة)) حيث يطلب من المريض أن يحضر أفكاره القهرية ويكررها في ذهنه بدل أن يطلب منه إبعادها ومقاومتها.. ومع تكراره لها واسترساله معها تتقلص هذه الأفكار في ذهنه شيئاً فشيئاً..!!
• ومن الطرق المفيدة أحياناً أن يطلب من المصاب أن يبحث عن بعض الأعمال المفيدة ليملأ بها وقت فراغه بدل الانشغال في الأعمال والوساوس القهرية.. وقد تفيد أحياناً بعض الأدوية الخاصة.. وكذلك بعض التوجيهات الخاصة بأسرة المصاب.. حول الطريقة المثلى للتعامل معه.. وإعانته على مواجهة مشكلته!
تاسعا: قبل هذا وبعده.. صدق الالتجاء إلى الله بالدعاء وقراءة القرآن والأوراد اليومية.. والاستعاذة من كيد الشيطان وهمزه ولمزه (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) .
وفقكم الله وشفاكم.. وسدد على طريق الخير والحق خطاكم..(20/290)
والدتي تعاني من كره شديد للأكل
المجيب د. محمد الحامد
استشاري الطب النفسي بمستشفى بخش بجده.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس
التاريخ 3/11/1422
السؤال
والدتي تعاني من كره شديد للأكل، وذلك لأسباب غريبة منها أنها رأت طفلا يأكل بطريقة خاطئة.. أو إنها تعتقد أنها لم تغسل يديها جيدا، أو لأنها عملت على تنظيف الحوش فهي تحس بقشعريرة في جلدها حتى تغتسل جيدا..!! فما سبب ذلك..؟!
الجواب
يبدو أن السؤال غير واضح وبحاجة إلى تفاصيل أكثر ولكن مما ورد في السؤال يبدو أن والدتك قد تعانى من مرض (الوسواس القهري) والذي من أعراضه وجود أفكار أو سلوكيات متكررة تفرض نفسها بقوة على المريض. ويعلم المريض جيدًا أن هذه الفكرة أو السلوك سخيف ولكنه لا يستطيع مقاومته ومثال على ذلك أن تتكون لدى المريض فكرة متكررة تفرض نفسها عليه بأنه لو لامس أي أحد أو أي شيء قد يتسخ وتمتلئ يداه بالجراثيم والميكروبات (وهذا هو الوسواس) ورغم علم المريض بسخف هذه الفكرة وعدم صحتها إلا انه لا يستطيع مقاومتها ويحس بتوتر شديد لذلك ولا يزول ذلك التوتر حتى يقوم المريض بفعل (قهري) بغسل يديه كلما لامس شخصاً أو أي جسم آخر لمرات عديدة ومتكررة حتى تصاب يديه بتسلخات شديدة من جراء ذلك الفعل وقد يستخدم لهذا الغرض العديد والعديد من مواد التنظيف والتعقيم والمواد المطهرة ويصيب الوسواس القهري العديد من الناس ذكوراً أو إناثاً على حد سواء ويخلط كثير من الناس بين الوسواس القهري كمرض نفسي معروف وله علاج ووسوسة الشيطان التي قد تزول بالاستعاذة بالله من الشيطان إذ ثبت علمياً أن الوسواس القهري له خلفية عضوية على مستوى النواقل العصبية في المخ كما أنه ينتقل وراثياً ولا أعتقد أن وسوسة الشيطان تنتقل وراثياً (والله أعلم) كما أثبتت الأدوية العديدة المستخدمة في علاج هذا المرض نجاحاً كبيراً مما يؤكد كونه مرضاً نفسياً له مسبباته العضوية وليس مجرد وسوسة من الشيطان وأود أن أذكر هنا بأن الأدوية التي تستخدم في علاج هذا المرض شديدة الفاعلية ولا تسبب أي نوع من الإدمان وبإمكان المريض الاستغناء عن الدواء بعد زوال الأعراض بفترة معينة يحددها الطبيب المختص حسب الحالة.
كما أن لهذا المرض علاجاً سلوكياً قد يستخدم في نفس الوقت مع العلاج الدوائي وهذا يعطي نتائج أفضل في حالة استخدام الاثنين معاً إذا دعت الحاجة لذلك.
أرجو أن أكون قد أجبت عن استفسارك يا أخ عبد الله، وفي حالة الرغبة في معرفة تفاصيل أكثر لا تتردد في طرح ما تريد من أسئلة.
مع تمنياتي للجميع بالصحة والعافية(20/291)
مشكلة نفسية..؟ أم وسواس؟!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس
التاريخ 9/5/1422
السؤال
أنا عندي مشكلة أعتقد أنها نفسية وهذا الأكيد لأني حاولت كثيراً أن أتغلب عليها ولم أفلح وهي أنني عندما اقفل علي الغرفة لا أستطيع أن أجلس فيها أو أنام إلا إذا تأكدت أن الدواليب لا يوجد فيها أحد مختبئاً وأن الباب مقفل جيداً حيث أنني أتأكد من ذلك عدة مرات. وأحياناً أحاول أن أنام فلا أستطيع إلا إذا تتبعت هذا الوتين القاتل يعني تخيل أنني أفعل ذلك مرتين يومياً عند الظهر وعند الليل أي في كل وقت نوم، طبعاً أنا أعرف ما أسباب هذا الوسواس أو القلق من وجود أحد لكن الذي لا أعرفه هو كيف أتخلص من ذلك وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أولاً: رائع منك هذا التحليل لمشكلتك.. وهذا يدل على نضج كافي لتتفهمي مشكلتك.. وكيف يمكنك التخلص منها..
ثانياً: صدقيني لا أحد يملك القدرة على مساعدتك إلا نفسك..!! بمعنى أنك تدركين الآن أن لا أساس أو ضرورة لمثل ذلك.. فلماذا تفعلينه إذاً..!؟
ثالثاً: ذلك الشيطان - أختي الكريمة - يريد أن يفسد عليك دينك ودنياك.. فاستعيذي بالله قائمة وقاعدة من نزغات الشيطان وهمزه ولمزه وتلبيسه وتوهيمه.. واستعيني بالله سبحانه على هذا الأمر إنه نعم المولى ونعم النصير.
رابعاً: تأكدي أنك إذا لم توقفي هذا الأمر عند هذا الحد.. وتتخلصي منه.. فلن يقف الشيطان أعاذنا الله وإياك منه عند أي حد.. بل سيظل يلبس عليك.. ويخيل إليك حتى يردك عن دينك إن استطاع.. فاحذري - أختي الكريمة - كل الحذر.. ولا تستجيبي لنداءه.. وبمجرد أن تجدي رغبة في فتح الدواليب.. للتأكد منها فوراً اذكري الله.. واستعيذي من الشيطان.. واشرعي بقراءة آية الكرسي والمعوذات.. ولا تلتفتي لذلك النداء الذي يلح عليك بالتأكد منها وفتحها للاطمئنان فقط.. لأنه شيئاً فشيئاً سيستدرجك إلى أمور أخرى.. ولن يقف - كما اسفلت - عند حد.
خامساً: كوني واثقة أ، ك ستتغلبين على ذلك.. واعملي من واقع هذه الثقة.. وأنا واثق أنك بإذن الله ستتغلبين عليه.. وفقك الله وحماك من كل سوء وأعاذنا وإياك من نزغت الشيطان وتوهيمه وتلبيسه إنه ولي ذلك والقادر عليه.. قال تعالى: [وأما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه هو السميع العليم *
إنه ليس له سلطان على الذين اتقوا وعلى ربهم يتوكلون] .(20/292)
ذلك الهاجس الشيطاني
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس
التاريخ 8/5/1422
السؤال
اكتب لكم معاناتي.. لعلي أحد لديكم الحل.. أنا فتاة انطوائية إلى درجة كبيرة..!! ولعل للظروف الأسرية التي مررت بها ((نوع من التفكك الأسرى)) دور في ذلك.. إلا أنني ـ وبفضل الله ـ حفظت ديني.. وحميت نفسي وتجنبت المعاصي بقدر المستطاع..
ومع مرور الأيام.. وكثرة الضغوط.. نشأت في داخلي وساوس.. كنت في البداية أتجاهلها.. إلا أنها زادت فأرقتني ـ خاصة في أمور ديني ـ ويعلم الله أني بذلت كل ما أستطيع لمحاربتها.. وجربت كل الطرق الشرعية خوفاً على عقيدتي.. ولكن دون جدوى.
الآن يزداد الأمر سوءاً.. فلقد تدهورت حالتي.. اشعر أحيانا إنني منافقة.. اظهر غير ما أبطن.. وأتألم لذلك كثيراً!! ومهما كتبت عن معاناتي.. فلن يصلكم إلا جزءاً منها.. أفيدوني جزاكم الله خيراً فلقد بلغ بي الألم والمعاناة حداً كبيراً حتى أني تمنيت الموت.. فهل هذا بسبب الوحدة.. أم الخوف من الله.. أم هي وساوس قهرية. أم ماذا؟!!!
الجواب
أختي الكريمة.. اشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعاً الحق حقاًَ ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل إنه ولي ذلك والقادر عليه.
قرأت استشارتك.. واستشعرت معاناتك.. فأعانك الله.. وحماك من نزغات الشيطان وتوهيمه وتلبيسه وتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: الحمد لله الذي حماك من السوء والانحراف والمعاصي وحفظ لك دينك الذي هو عصمة أمرك.. وهذا يدل على أن الله هو الحافظ.. وأننا متى التجأنا إليه أعاننا وحمانا ووقانا.. مهما كانت الظروف التي تحيط بنا.. فله الحمد وعليه التكلان..
ثانياً: يظهر لي - والله أعلم - من أسلوبك وعرضك لواقعك مدى ما تتمتعين به من عقل راجح وإيمان راسخ ويقين بأن الله تعالى قادر على كل شيء.. ولذلك فإنني متفائل بإذن الله إلى حد كبير بأنك قادرة على مواجهة مشكلتك والانتصار عليها بعون الله وتوفيقه.. فالجئي إليه بصدق.. واكثري من الدعاء.. وتحري مواطن الإجابة.. كأدبار الصلوات وفي السجود.. وفي آخر الليل.. وآخر ساعة من يوم الجمعة.. وثقي بأنه - تعالى - قريب مجيب يجيب دعوة المضطر إذا دعاة ويكشف السوء.(20/293)
ثالثاً: ما تجدينه هو جزء من كيد الشيطان وتلبيسه فإنه - لعنه الله - إذا فشل في الدخول على المرء عن طريق المعصية.. دخله عن طريق الطاعة.. ملبساً عليه ومشككاً فيه.. ولا يزال به حتى يرده عن دينه إن استطاع.. فاستعيذي بالله من كيده وهمزه ولمزه.. وتوهيمه وتلبيسه [إن كيد الشيطان كان ضعيفا] وإذا حدثتك نفسك بأمر تجدينه في أحد العبادات.. إما لإعادته أو لتأكيده.. فتجاهليها ولا تنفذي ذلك الأمر.. واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم [فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم * إن ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون] وقد تجدين صعوبة في البداية.. ولكن مع الإصرار والدعاء.. وصدق الالتجاء إلى الله.. سيخف الأمر كثيراً.. بإذن الله..
رابعاً: لا تيئسي - أختي الكريمة - من روح الله ورحمته واحذري ذلك الهاجس الشيطاني بأنك [تعملين الخير في الظاهر والباطن لا يعلمه إلا الله وأنك منافقة!!!] حاشا لله.. ذاك وربي كيد الشيطان ليؤثر عليك..!!! استمري بطاعتك.. واحسني الظن بربك.. وتذكري الآخرة.. ولا تنسي نصيبك من الدنيا.. وحاولي - فعلاً - أن تخرجي من أحزانك فرحمة الله واسعة.. وشاركي في بعض المناسبات وبعض الحوارات.. وأخرجي من دائرتك الذاتية الضيقة.. إلى دوائر أخرى أكثر اتساعاً وأقرئي في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة الصحابة والصحابيات.. فذاك يدعم عزة الإيمان في قلبك.. ويعينك على نفسك..
خامساً: لا أستطيع الجزم بسبب ذلك.. وإن كنت أتوقع أنه ربما يكون خوف من الله والدار الآخرة وهذه بفضل الله.. طريقها معروف فمن استعد له وعمل لما بعد الموت.. فلم الخوف.. وعلام الحزن.؟!!! إن ذلك هو ما يدفع الشيطان للغيض ومحاولة التأثير عليك بهذه الأفكار.. ولكني استنتج من أسلوبك وطريقتك في العرض أنك بإذن الله أقوى من كيده.. فاستعيذي بالله قائمة وقاعدة منه.. واستبعدي فكرة أنها وساوس قهرية.. لأنك قادرة بإذن الله على تجاوزها مهما كانت.
سادساً: أقترح عليك.. وضع برنامج أسري ((واقعي)) للتأثير على قريباتك وزميلاتك.. عن طريق بعض المسابقات وتوزيع المطويات.. وتوسعي بهذا النشاط شيئاً فشيئاً حسب الوقت والجهد المتاح.. ولا تستعجلي النتائج أو تحزني لعدم التجاوب.. بل استمري.. فلعل الله أن يهدي بك رجلا واحداً يكون خير لك من حمر النعم.!!
وأخيراً.. اسأل الله تعالى أن يحفظك من كل سوء وأن يصلحك ويصلح بك ويهديك ويهدك بك.. وأن يعيذنا وإياك وجميع المسلمين من نزغات الشيطان وتوهيمه وتلبسه.. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك..(20/294)
أدعية الوسواس والقلق
المجيب عبد الله بن فهد السلوم
مدرس بثانوية الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس
التاريخ 05/07/1426هـ
السؤال
ما هو الذكر المناسب -غير القرآن- في حال كثرة القلق والوسواس والخوف؟ ودعواتكم أن يفرِّج الله عنا كرب الدنيا. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله ربُّ السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم". صحيح البخاري (6346) ، وصحيح مسلم (2730) ، ومثل دعاء ذي النون: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له"، أخرجه الترمذي (3505) .
ومن دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- "اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، أصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت" أخرجه أبو داود (5090) ، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما قال عبد قط إذا أصابه هم وحزن اللهم إني عبدك وابن عبدك، وابن أمتك ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله -عز وجل- همه وغمه وأبدله مكان حزنه فرحاًً"، أخرجه أحمد (1091) .
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب". أخرجه أبو داود (1518) ، وتقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، وقراءة آية الكرسي قبل النوم والمعوذتين، وآخر سورة البقرة، اللهم فرج همه ونفث كربه، ويسر أمره، واشرح صدره لطاعتك، وحبك وجودك ورجائك، اللهم ارحم الجسم العليل، والقلب الغافل، والعبد المسكين، والنفس الضعيفة، اللهم هوِّن علينا من فضلك وشفائك وجودك.(20/295)
ينتابني وساوس خطيرة
المجيب د. سلمان بن فهد العودة
المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس
التاريخ 13-10-1423
السؤال
فضيلة الشيخ، أنا فتاة مستقيمة - والحمد لله - ومنذ أكثر من عامين بدأ ينهار هذا الصرح الجميل الذي أشيده بقلبي وروحي وإيماناً بالله وطلباً للآخرة، وفجأة وبدون مقدمات بدأت أعاني من وسواس يلازمني ليلاً ونهاراً، ويجعل الدنيا سوداء بعيني فلا أحس بمباهج الحياة، ومفاد هذا الوسواس: أن جميع ما لدي من أولاد ونعمة أشعر أنها ليست من الله، بل مني أنا ومن تعبي، ولا يقف عند هذا الحد، بل تطاول ووصل إلى مسبة ذات الله، والتهجم عليه - تعالى الله علواً كبيراً سبحانه وتعالى - وكان هذا الشيطان اللعين يأتيني بشكل متصل ومتكرر يومياً، وهذا ما جعلني أتعذب كثيراً وتتغير حياتي، وتنقلب رأساً على عقب، كما لحق الأذى أيضاً ببيتي وزوجي، فقد تغيرت عليه كثيراً، وقد حاولت طلب العلاج عن طريق القراءة وكذلك الطب النفسي ووجدت تحسناً ولله الحمد.
هل يؤاخذني ربي على ما ينتابني من وسواس لعينة ليست بمحض إرادتي؟ والله أعلم بما في صدري.
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما شرحته من حالك، والأوهام التي تنتابك، هو كما شرح لك الأطباء داخل في الوسواس القهري، فلا يضيرك هذا ولا يؤاخذك الله عليه، لأنه خارج عن إرادتك، وقد قال الله تعالى:- (لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) الآية [البقرة: 286] وقال: (لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ماَ آتاَهاَ) الآية، [الطلاق 7] وقال: (فَاتَّقُوا الَله مَا اسْتَطَعْتُمْ) الآية [التغابن: 16] وقال - صلى الله عليه وسلم - كما في الحديث الذي رواه الشيخان عن أبي هريرة:" إن الله تجاوز لأمتي عما حدّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم "، أخرجه البخاري (6664) ، ومسلم (127) . وهذا في الحالات العادية، فكيف بالمبتلى بالوسواس الذي قد توسوس له نفسه أنه تكلم أو عمل فيدخل في متاهة لا قرار لها.
فعليك أولاً: بالاستمرار فيما أنت عليه من القراءة، والأذكار، والأوراد، والصلوات، والأدعية ونحوها من الأسباب الشرعية التي تحصن الإنسان من الشيطان، وتعينه على مقاومة الأمراض النفسية.
وعليك ثانياً: بمتابعة العلاجات النافعة التي يصرفها لك الأطباء الموثقون، خصوصاً ما تجدين له أثراً في حالتك.
وعليك ثالثاً: بالحرص على الانهماك والانشغال بالأعمال المختلفة، التي تستنزف طاقتك وتستفرغ جهدك، سواء كان ذلك في عمل المنزل أو الوظيفة - إن كانت - أو غير ذلك.(20/296)
وأوصيك بالعناية بأن تعيشي حياتك كأحسن ما تكون، عناية بملبسك، وتبعلاً لزوجك، واهتمامك بأطفالك، وأن تعتبري هذا قربة وزلفى إلى الله - تعالى - وستجدين لذلك أثراً طيباً. كما أوصيك بالمشاركة في المجالس الطيبة، من حلق العلم والذكر، والجلسات الخيرية، والمراكز، والمنتديات النافعة، ومثلها تجمعات الأقارب، والجيران، والأصدقاء، ولعل ذلك أن يصرف تفكيرك بعض الشيء عن هذه الأفكار، وتذكري دائماً أن ضيقك وتبرمك أكبر دليل على عدم تقبلك لهذه الوسواس، وبالتالي فهذا الضيق علامة الإيمان، وفيه رفعة لدرجاتك، وتكثير لحسناتك، ومهما خطر ببالك، فالله ليس كذلك، لا تدركه الأوهام ولا تحيط به العقول، ولا تناله الظنون - سبحانه وبحمده - كفاك الله ما أهمك ورفع بحوله وقوته عناءك وشفاك وعافاك، وأصلحك لنفسك وولدك
وأخيراً ننصحك بالإكثار من الدعاء في أن يفرج الله همك ويزيل غمك، كما ننصحك بمراجعة طبيب نفسي لتعرض عليه حالك،،،
ومرحباً بك زائرةً للنافذة.(20/297)
كيف ننسى الماضي؟
المجيب د. خالد بن سعود الحليبي
وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس
التاريخ 26/12/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
عندي مشكلة مشكلة كبيرة جداً، أنني أذكر الماضي، وماضي الذي مضى ماضٍ متعب، ماضٍ أرى الحياة فيه مظلمة، فالعين تدمع، والقلب ينجرح، والمرض يزداد والصداع يشتد، سؤالي هو: كيف ننسى الماضي؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
أخي الحبيب: دع هذه الوساوس والذكريات في مخازن الأمس تحترق بالتوبة وإن كثرت وعظمت فلقد جعل الله لها مآلاً حسناً هو أن يجعلها لك حسنات، يقول الله تعالى: "إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان: 70] ، فهنيئاً لك هذه الحسنات إذا صدقت في توبتك، وإن سؤالك لينضح بالندم والعزم على عدم العودة إلى الماضي المؤلم، استر على نفسك ولا تحدث أحداً بشيء من ذلك، أشغل نفسك بالعمل لا بالتفكير، كلما عادت الذكريات الأليمة تصورها وقد نبتت زهوراً من الأجر على قبر من الآثام، أكثر من ذكر الله ومن الصلاة، يقول الله تعالى: "واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين" [البقرة: 45] ، وأنصحك أن تدخل دورة في علم البرمجة اللغوية (NLP) ففيه مهارات رائعة لنسيان الماضي، واستئناف الحياة من جديد، واقرأ إذا شئت كتاب الشيخ محمد الغزالي: جدد حياتك. وفقك الله وأسعدك.(20/298)
مصابة بداء الشك
المجيب د. محمد المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس
التاريخ 24/2/1425هـ
السؤال
أنا مصابة بداء الشك وأصبح هذا الداء يلازمني حتى أني أصبحت أشك في الدين، أشعر بكآبة ويقين أني خسرت الدنيا والآخرة. فماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يقول الله - تعالى - في محكم التنزيل: "وإمِّا ينزغنَّك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله" [الأعراف:20] ، روى البخاري (3276) ، ومسلم (134) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته ولفظ مسلم: "فمن وجد من ذلك شيئاً، فليقل: آمنت بالله"، وروى أحمد (21393) والطبراني في الكبير (3633) بسنده عن خزيمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يأتي الشيطان الإنسان فيقول: من خلق السموات؟ فيقول: الله، فيقول: من خلق الأرض؟ فيقول: الله، حتى يقول: من خلق الله؟ فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل آمنت بالله ورسله"، وعلى ذلك فكلما شعرت بهذا الشك وداخلك الوسواس فأكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ومن قول: آمنت بالله ورسله، ولتنصرفي عن الاسترسال مع الشيطان في ذلك ولتنته عن هذا الشك وعليك بالإكثار من الذكر، فإن النفس إن لم تشغليها بالطاعة شغلتك بالمعصية. والذكر مرضاة للرحمن مطردة للشيطان، ثم اعلمي أن هذا قد وجده صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثلما تقدم في الحديثين وعلى ذلك، فلا تقلقي ولا تنزعجي، بل اعلمي أن ذلك من محض الإيمان، كما روى مسلم (132) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: "وقد وجدتموه؟ " قالوا: نعم قال: "ذاك صريح الإيمان" وعند مسلم أيضاً (133) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الوسوسة؟ قال: "تلك محض الإيمان روى أحمد (24231) بسنده عن عائشة رضي الله عنها أنهم شكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يجدون من الوسوسة، وقالوا: يا رسول الله إنّا نجد شيئاً لو أن أحدنا خرّ من السماء كان أحب إليه من أن يتكلم به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ذاك محض الإيمان".(20/299)
مريضة بالوسواس القهري
المجيب د. عبد الحميد اليحيى
(طبيب نفسي)
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس
التاريخ 25/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
أنا فتاة متفوقة في المدرسة، وفي الصف الثالث الثانوي، وحصلت على نسبة عالية -ولله الحمد- في الفصل الدراسي الأول، ولكني مريضة بمرض الوسواس القهري، وبصراحة أحيانا ينتابني قرار، وهو أني لن أتزوج إذا كبرت؛ وذلك لعدة أسباب وهي:
1- ليس عندي شهوة سوى في النظر.
2- إذا تزوجت فإن جميع أحلامي ستذهب.
3- أحس أن الزواج ذل للرجل.
4- ما عندي من الوسواس يجعلني أجد بعض الحرج في التعامل مع نجاسة الأطفال.
5- أحس بالاشمئزاز من الأشياء الجنسية أحياناً.
6- لم أر زوجاً يحب زوجته، وزوجة تحب زوجها إلا في حالة واحدة فقط، وبصراحة أتمنى أن أنبغ في العلم وخاصة اللغة العربية؛ فأنا موهوبة في الشعر والنثر ولله الحمد-، وأحلم أن أصير دكتورة في الجامعة ... ما رأيكم؟ وهذه ليست دعوة مني للبنات أن يتركن الزواج، لكن حالتي ربما استثناء، وأتمنى أن تكون الإجابة مقنعة. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الوسواس القهري يؤذي جوانب من حياة الإنسان بشكل مباشر وغير مباشر، والأسباب التي ذكرتيها هي أعراض معروفة تصاحب هذا المرض، شدة الأعراض - بلا شك- قد تجعل الإنسان يتخذ قرارات ناتجة من معاناته كقرارك بعدم الزواج، معرفة ذلك يجعل الإنسان يستنتج أن هذه مرحلة سيمر بها وسيجتازها- بإذن الله-.
الوسواس القهري يحتاج إلى علاج منتظم بجرعات دوائية أعلى من المعتاد في أمراض أخرى، كذلك أنت بحاجة إلى علاج سلوكي معرفي يساعدك في التخلص من الأفكار والأحاسيس التي ذكرتيها، وهذا شيء مهم للوصول إلى نتائج مرضية لك، فأنصحك بزيارة طبيب نفسي لمراجعة الأعراض بشمولية أكثر، والبدء ببرنامج علاجي سلوكي معرفي مع أخصائي نفسي عيادي؛ - وبإذن الله- ستحققين ما تسعين إليه من طموحات، نسأل الله لك التوفيق.(20/300)
أعاني من السلبية والتردد وعدم التركيز
المجيب أ. د. صالح إبراهيم الصنيع
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس
التاريخ 23/5/1425هـ
السؤال
أرجو مساعدتي في معرفة طبيعة هذه النفس، وإيجاد الحل المناسب، فأختصر الأمر بهذه العبارة، ثم أفصل الأمر (لا أدري أني لا أدري)
أولاً: قد تسألني 100 سؤال، وقد يكون منها 90 جواباً لا أدري، ولماذا لا أدري لأني لا أدري!، هذا بعض ما عرفته من نفسي (ضعف التركيز) ، بمعنى إن قرأت كتاباً أو شاهدت منظراً فإني قد لا أخرج منه على الأكثر بنسبه 1%إلى 2,5%.
2- كثرة النسيان وسرعته، لدرجة أنه لو قرأت صفحة واحدة من كتاب، ثم سئلت بعدها بقليل لكانت الإجابة الصحيحة هي الأقل والخطأ هو الأكثر.
3- انعدام وجود النية في 95% من الأعمال التي أقوم بها، فأنا لا أدري لماذا فعلتها.
4-عدم وجود الصراحة بيني وبين الناس حتى مع الأقربين؛ وذلك لتجنب الإحراج لي ولغيري، ووجود المجاملة في كثير من الأحيان، حتى ولو من غير رضا بها وتحسر على فعلها.
5- حب وجود العذر للتخلص من أي أمر دون اللجوء إلى الكذب.
6- سلبي ليس لي دور اجتماعي ولا فكري، ولا إنساني في الحياة غير عملي المكلف به.
7- بطيء التأقلم مع الآخرين، وضعيف في معرفة جذب الآخرين، والتعرف عليهم.
8- أناني، أشعر بحب التملك، والبخل على الآخرين بما عندي.
9- أشعر بقساوة في القلب.
10- التناقض البين في أمر واحد (الحب والكره، الرضاء والغضب، السرعة والبطء) دون معرفة سبب حقيقي وواضح لهذا التناقض وتفسيره.
11- التخبط والعشوائية في اتخاذ القرار، والسرعة أحياناً، والبطء أحياناً أخرى في غير مكانها الصحيح.
12- الخجل من إبداء الرأي، والتعلل النفسي الخفي بالخشية من الوقوع في الخطأ أو الكذب أو تعويد اللسان على السكوت الطويل، وعدم التحدث إلا بما هو مفيد.
13- الحب والبغض على مزاجية، وهواء النفس، وليس على سبب حقيقي إسلامي.
14- الضعف في كسب الأصدقاء دون معرفة السبب الحقيقي لذلك، والرغبة في تجاوز هذا الأمر.
15- التفكير في الدنيا أكثر من التفكير في الآخرة والتعلق بها.
16- الرغبة في أن يكسب الناس ودي، والسؤال عني دائماً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخ الكريم -حفظه الله-.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:(20/301)
استلمت رسالتك التي تتحدث فيها عن مجموعة كبيرة من القضايا النفسية والاجتماعية التي تقول إنك تعاني منها، وفي البداية لا بد من التأكيد أن أول درجات سلم الحل هو الاعتراف بوجود المشكلة، ولكن هذا الاعتراف يجب أن يتسم بدرجة كبيرة من التحديد لنوع المشكلة بشكل يعزلها عن غيرها؛ حتى يمكن التعامل معها بشكل يساعد على حلها، لذا أرى فيما عرضته في رسالتك سرداً لعدد متداخل من المشكلات، تبدأ من التردد في التعامل مع المشكلات، وتكرار عبارة لا أدري (وهي من عبارات الهروب من الإجابة المباشرة) على الموقف الذي يواجهه الفرد، ثم مشكلة النسيان وهي في الحقيقة من طبيعة الإنسان ما دامت في حدود معقولة خصوصاً في مجال الكتب الجادة، ثم تنتقل لمشكلة النية وهو موضوع يجب ألا ينشغل به المسلم؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" رواه البخاري (1) ومسلم (1907) من حديث عمر - رضي الله عنه-.
وعليه فلا تشغل نفسك بالتفكير بالنية؛ فأنت مسلم تسير على هدي ما جاء في الكتاب والسنة، فيكون قصدك دائماً رضا الله ولا تنشغل بالنية؛ لأن ذلك من عدوك الشيطان، ثم تنتقل للمجاملة في سلوكياتك وهي مقبولة في حدود المباح، وتنقل بعد ذلك للحديث عن عدم وجود دور لك في الحياة، مع أن عبارات رسالتك تقول غير ذلك، ثم تنقل للعلاقات مع الآخرين، ووجود المتضادات لديك، ثم تعليل التردد والمزاجية وعدم كسب الأصدقاء، وأخيراً التعلق بالدنيا. ويمكن أن نجد رابطاً بين ما ذكرته وهو ما يعرف بالوسواس، حيث يبدو أنها الرابط بين ما ذكرت من مشكلات، لذا أقترح عليك:
أولاً: الإكثار من الطاعات وخصوصاً الدعاء.
ثانياً: تعويد نفسك على الحزم في الأمور النفسية والاجتماعية بلا تردد، وعدم النظر إلى الوراء في المواقف والأحداث.
ثالثاً: البحث عن صديق صدوق تبوح له بمشكلاتك اليومية وتطلب منه النصح، وتحاول حل المشكلات اليومية في وقتها، ولا تأخرها إلى ما بعد.
أخيراً: البعد عن مصادر الضغوط النفسية في العمل والمنزل، ومحاولة البحث عن حلول للمشكلات بشكل متأنٍ. والله الموفق.(20/302)
وساوس تحاصرني
المجيب د. تركي بن حمود البطي
طبيب نفسي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس
التاريخ 18/08/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أشعر بوسوسة شديدة مصاب بها، ليست في النظافة حصراً، بل أخف حالاتها بالنظافة، وإنما الوسوسة التي أصابتني هي بالتفكير الدائم والقلق، والخوف من عواقب كثير من الأفعال، وقد تكون هذه الأفعال عادية، والتفكير كثيراً في أمور لا تستحق وقتا طويلاً للتفكير بها، فمثلاً إذا سمعت الأطباء يتكلمون عن أحد الأمراض المستعصية أو قرأت عنه، أصبح كثير الخشية من الإصابة به، وأحيانا أشك في أني مصاب به، ويصاحب هذا حالة من الاكتئاب أشعر بها، فلا أشعر براحة نفسية، علما بأني أحافظ على أذكار الصباح والمساء دائماً، إلا إذا نسيت -وغالباً ما أنسى أذكار المساء-، والكثير يلومونني؛ لأني كثير التفكير والقلق، ويقولون: عش حياتك ولا تفكر، وقد تعلمت العلوم الشرعية، وأعرف أن الوسوسة من الشيطان، فما الحل الشرعي لمثل هذه الوسوسة والتخلص منها، والحصول على الراحة النفسية في الحياة؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
أخي الكريم: أتمنى أن تكون بخير وصحة وعافية، وبعد:
فبالنسبة لسؤالك، أعتقد أنك تعاني من أعراض وسواس، وقلق عام، مشتركة مع بعض، وهذا الأمر يصيب كل الأجناس الصغار والكبار، الذكور والإناث، أصحاب الطبقة العالية والفقيرة، أصحاب الشهادات العليا والجهال.
المقصد يا - أخي الكريم- أن هذا الأمر لا يعيب الإنسان، ولا ينقص من قدره، أو يحط من معنوياته، بل هو مرض كغيره من الأمراض، كالضغط والسكري، وغيرها، والأعراض التي تشكو منها لا تقلل من إيمانك، ولا تدل على أنك ضعيف الإيمان، بل هي ابتلاء من الله ليرى أتصبر وتحتسب، وتطلب السبب في العلاج؟ أم لا؟ بل قد يكون أعلى من ذلك، وهي من درجة تكفير الذنوب، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، نصيحتي يا- أخي- لك كالتالي:
1- راجع طبيباً نفسياً، واشرح له حالتك بالتفصيل، فقد تحتاج إلى علاج دوائي، وبعض الجلسات مع الأخصائي النفسي للعلاج السلوكي والمعرفي.
2- لا تسمع لكلام الناس من حولك، ولا تلتفت للومهم.
3- حالة الاكتئاب التي لديك مرتبطة بالداء الأساسي، فإذا عالجته زال الاكتئاب - بإذن الله-.
4- حالتك ليست بالصعبة، بل هناك حالات أصعب منها بكثير وتحسنت بالعلاج.
5- لا تيأس، واصبر واحتسب، وعليك بالدعاء.
6- لا يمنع أن تجمع بين العلاج الدوائي والعلاج الروحي بالرقية على نفسك، واحرص على الطاعة والأذكار، وقراءة القرآن إذا وجدت لنفسك تقبلاً لذلك.
7- نصيحتي الأخيرة لك ألا تيأس، هناك أمل، والحياة فيها خير كثير، وتستحق أن ترى منك نظرة مشرقة ومتفائلة.
8- اجعل من قراءتك لهذه الرسالة بداية صفحة جديدة، واعزم، وتوكَّل، وإذا واجهتك أي صعوبة فلا تتردد بالتواصل معنا.
مع تمنياتي لك بحياة سعيدة وطيبة.(20/303)
علاج الوساوس
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس
التاريخ 30-1-1424
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب مررت بمرحلة من الضياع والجهل ولكن الحمد لله بدأت استيقظ وأرجع إلى ربي سبحانه وتعالى، فقد تركت كل المنكرات الظاهرة ولم يعد لي اهتمامات في الأمور المحرمة، ولكن إلى الآن لم ألتزم الالتزام المطلق، والله يا شيخ إن الوساوس ذبحتني وأكاد أجن من الوساوس، فتارة أحس بأنني منافق وتارة أحس بأنني كافر -والعياذ بالله- وتارة أحس بأنني فاشل في ديني وأن مصيري إلى النار فيضيق صدري، مع أنني ولله الحمد لا أترك الصلاة ولا أترك قيام الليل ودائماً أذكر الله ولكني أريد أن ألتزم بهذا الطريق إلى الأبد فأن أريد الجنة.
الجواب
أخي الكريم ...
أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.
أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولاً: أهنئك من الإعماق على هذا الاستيقاظ من الغفلة وأسأل الله تعالى لك الثبات على الحق حتى الممات.
ثانياً: أذكرك بقوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ... الآية) وأذكرك أيضا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: [من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه. غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر وفي رواية: وإن فر من الزحف]
ثالثاً: ما تجده - أخي الفاضل - من هذه الأفكار هو من الشيطان الرجيم ليردك عن دينك إن استطاع أو على الأقل ليفسد عليك استقامتك..!! فاستعذ بالله قائماً وقاعداً منه ومن همزه ولمزه (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً. ولا تلتفت إلى أي من هذه الهواجس أو الأفكار التي تعتريك بل استمر في طريق الهداية واسأل الله الثبات والتوفيق.
رابعاً: أكثر أخي الكريم من قراءة القرآن والأذكار الصباحية والمسائية (أذكار الصباح والمساء) واحمد الله الذي ردك إلى الحق رداً جميلاً.. وأحسن الظن بالله فهو سبحانه الحافظ والمعين والموفق والهادي إلى سواء السبيل.
خامساً: اختر أخي الكريم رفقة صالحة تدلك على الخير وتعينك عليه.. وستجد بعون الله في رفقتهم ما تبحث عنه.. فالمرء من جليسه.. ويوم القيامة يكون مع من أحب.
وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.. وحفظك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك ومن فوقك ومن تحتك إنه تعالى نعم المولى ونعم النصير.(20/304)
الوساوس والإغراق في التفكير تحاصره
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس
التاريخ 10/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا شاب في المرحلة الجامعية، أعاني منذ حوالي سنة من مشكلة نفسية تؤلمني بشكل لا يطاق، فعقلي لا يتوقف عن التفكير بصورة لا إرادية، وعلى شكل وساوس لا تتوقف ولا لحظة واحدة، رغم أنني أصلي وأقرأ القرآن والأذكار، وأحاول الخشوع، ولكنني أغرق في الخيالات والتفكير، ولا استطيع التركيز في أي شيء، وفي الليل وأنا نائم، وكأن عقلاً آخر داخل عقلي قد بدأ في العمل، أصل إلى مرحلة وكأن عقلي سينفجر من كثرة التفكير اللا إرادي، تعالجت لفترة طويلة بعقار يسمى (بروزاك) دون جدوى، كما أن أحد أصدقائي قال لي: هذا يسمى (القرين الدائم) ، وقد رقاني أحد الشيوخ. كيف الطريق إلى الراحة وصفاء البال من جديد؟. دلوني جزاكم الله كل الخير.
الجواب
الأخ الفاضل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أشكر لك تواصلك معنا في موقع (الإسلام اليوم) .
أسأل الله لنا ولك الصلاح والهداية في القول والعمل، وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.
أخي: مما يتضح لي - حفظك الله - أن حساسيتك تجاه الآخرين وتصرفاتهم وتأويلاتك السلبية تجاه نفسك سبَّبت لك مشاكل كثيرة، وجعلتك تعيش في دوامة الأفكار السلبية، وتنامي تلك الأفكار في عقلك الباطن، وأوجد ترسبات كثيرة كلما ازدادت سببت لك سوء توافق مع الآخرين.
فالعقل الباطن يتعلَّق بالذات أي لعلم الشخص الداخلي، وهو لا يفهم المنطق ولا يميز بين الخطأ والصواب، ويمكن أن يغيِّر حياة الإنسان نحو الأفضل أو نحو الأسوأ، ويعتمد ذلك على ما يستقر فيه من معلومات وخبرات، وسأقدم لك بعضاً من أفضل الطرق المناسبة لمثل حالتك، سائلاً الله - عز وجل - أن يجعل لك فيها الخير والصحة.
(1) الحرص على المحافظة على أداء الفروض الخمسة جماعة في المسجد، والمحافظة على الأذكار دبر كل صلاة، وكذلك على الأوراد الصباحية والمسائية.
(2) الابتعاد عن الحساسية الزائدة تجاه ما يقوله وما يفعله الآخرون بأن تحملها أكثر من حجمها، أي لا تبالغ في تأويل كلمة عابرة إلى تأويلات خاطئة تتنامى في عقلك لتكوّن فكرة سلبية نتيجة إعطائها أكبر من حجمها.
(3) ابتعد عن وضع نفسك بأنك محور انتباه العالم، وأن الجميع يراقب حركاتك وتصرفاتك، فأنت شخص كحال الآخرين ممن هم يعيشون معك وليسوا بأفضل منك!
(4) مارس عملية الاسترخاء، ومن ثم وضع مرساة تساعدك على التخلص من حساسيتك ومن تسربات الأفكار السلبية في عقلك الباطن، وطريقة الاسترخاء كما يلي:(20/305)
أن تستلقي على ظهرك في سريرك وتغمض عينيك، وتأخذ نفساً وتخرجه ببطء، وتحاول إرخاء عضلات الجسم من الرأس حتى القدمين، ثم تتخيل موقفاً أنت فيه في أفضل حالتك التفاعلية مع الآخرين، وتتحدث بطلاقة والجميع يصغي لك باهتمام لما تقول، وكذلك مشاركاتك في التداخل في المواضيع المطروحة، وكرر تلك العملية عدة مرات يويماً، وحينما تكون في أوج استرخائك وسعادتك بالمشهد اضغط على إبهامك لمدة عشر ثوانٍ ثم اتركه، وهكذا كلما تخيلت المشهد افعل بإبهامك مثلما سبق، وهنا تكون قد وضعت مرساة تساعدك على مواجهة المواقف الاجتماعية، وحينما تكون في موقف حقيقي تضغط على إبهامك فمباشرة تأتيك الأفكار الإيجابية السابقة والتخيلات الجميلة، فتساعدك - -بعون الله - على مواجهة تلك المواقف.
(5) يمكنك التأثير في العقل الباطن بشكل إيجابي، وذلك عن طرق التكرار، وهي من الطرق المفيدة، وهو أن تقوم بتكرار كلمات أو عبارات كثيرة في اليوم والليلة لفترة من الوقت، وليكن ذلك بالذكر والدعاء، فهي أفضل ما يزيد الإيمان ويرتقي بالنفس في مدارس الفضائل، فيتهذب السلوك، وتسمو الأعمال، قال تعالى: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [الرعد:28] ، فكرر الأذكار والأدعية ففيها العلاج الناجح لسيطرة الأفكار السلبية من العقل الباطن على الاستقرار النفسي، وتساعدك على التخلص منها، وإحلال الأذكار والأدعية مكانها.
(6) أنصحك بالحرص على الالتحاق بإحدى الدورات التي كثيراً ما تعقد حول بناء الذات، وطرق النجاح في الحياة وعلم البرمجة اللغوية العصبية، وغيرها الكثير؛ فهي ستساعدك- بعون الله - على اكتشاف الكثير حول نفسك، والرقي بها إلى معالي الأمور.(20/306)
أشعر أنني شريرة
المجيب د. خالد بن سعود الحليبي
وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الوساوس
التاريخ 07/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تنتابني أفكار أحيانا أشعر أنها شيطانية، وأستغفر الله منها، وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ولكنها متكررة، وتأتيني دون أن أشعر، مثل أن أتمنى لصديقتي التي أحبها مصيبة أو كارثة، مع أنني أحبها في الله، وأدعو الله لها دائما بالخير، أحياناً تأتيني أفكار بأن أعمل لابنتي ما يؤذيها لا قدر الله! مع أنها قرة عيني وحبيبتي، الحمد لله أنها مجرد أفكار، ولم تكن في يوم من الأيام حقيقة، وأعوذ بالله أن أجر على مسلم سوء، لكن ما يحزنني أنني أشعر أنني شريرة، أو أن بي نفس شريرة توسوس لي بما أكره، مع العلم أنني أدعو الله أن يأتي نفسي تقواها ويزكيها، فهو خير من زكاها، هو وليها ومولاها. أفيدونا وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت الكريمة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فإن الله -تعالى- قد جبل معظم النفوس على الخير، ولكن البيئة لها دور كبير في تبديل هذه الفطرة، وتغيير مجراها، ولعلك تعرضت خلال تربيتك في الصغر إلى نوع من الخلل في التربية؛ كالعسف والظلم والضرب، أو التدليل المفرط، وإتاحة الفرصة للتعدي على الآخرين دون رادع. ولم يلحظ علماء النفس سوى قليل من البشر لديهم نوازع عدوانية، قد لا يتعدون 4-7 في المليون، وذلك دليل على أن ذلك شاذ لا حكم له.
ولا يعني ذلك أنك لا تستطيعين أن تتخلصي من هذه التركة النفسية السيئة، بل احرصي على تزكية نفسك، وادعي الله كثيراً أن ينزع من تفكيرك هذا الوهم، واحرصي على نفع الآخرين والبر والصدقة والعمل الخيري بشكل عام، ففي ذلك تربية للنفس وتطهير، وما يحدث لك من الوساوس هو من الشيطان الرجيم. والله -تعالى- لا يؤاخذ العبد إلا إذا قال أو فعل، أما مجرد التفكير فهو معفو عنه، ودعي التفكير في هذا الموضوع نهائيا؛ حتى لا يسيطر على حياتك ويؤذيك. وفَّقك الله وسدَّد خطاك.(20/307)
كيف أحب رسول الله؟
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/ استشارات دعوية/أخرى
التاريخ 14/6/1425هـ
السؤال
أشعر أحياناً بأني لا أحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فهل هذا وسواس أم لا؟ وكيف أبتعد عن هذا الوسواس وأحب الرسول - صلى الله عليه وسلم-؟ وكذلك أريد وصفاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الأخ الكريم: -سلمه الله ورعاه-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة،
ونعتذر عن التأخير في إجابة سؤالك، والجواب على ما سألت كالتالي:
حب الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الإيمان، وبغضه كفر ونفاق، ولا يكتمل إيمان عبد حتى يحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر من ماله وولده ونفسه التي بين جنبيه.
قال تعالى: "قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد
في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره" [التوبة: 24] .
وفي البخاري (15) ، ومسلم (44) من حديث أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين".
وروى البخاري (6632) عن عبد الله بن هشام -رضي الله عنه-: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو آخذ بيد عمر-رضي الله عنه- فقال له عمر-رضي الله عنه-: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك"، فقال له عمر-رضي الله عنه-: فإنه الآن، والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الآن يا عمر".
وكيف لا يحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحبه تابع لحب الله -عز وجل- والله
-تعالى- اختاره وأحبه. روى مسلم (2276) عن واثلة بن الأسقع-رضي الله عنه- مرفوعاً: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم". وروى البخاري (3209) ، ومسلم (2637) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: "إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلاناً فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض".(20/308)
كيف لا يحب وهو الذي بلغ الكمال في رأفته ورحمته بأمته وحرصه على هدايتها: يقول تعالى: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم" [التوبة: 128] ، وقال سبحانه: "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون" [الأنفال: 33] ، وروى مسلم (202) عن ابن عمرو-رضي الله عنهما-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- تلا قول الله -عز وجل- في إبراهيم- عليه السلام-: "رب إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم" [إبراهيم: 36] ، وقال عيسى- عليه السلام-: "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم" [المائدة: 118] . فرفع يديه وقال: "اللهم أمتي أمتي" وبكى، فقال الله-عز وجل- يا جبريل، اذهب إلى محمد وربك أعلم، فسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل - عليه السلام- فسأله، فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بما قال: وهو أعلم، فقال الله: يا جبريل، اذهب إلى محمد - صلى الله عليه وسلم- فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك".
وروى البخاري (6304) ، ومسلم (199) ، واللفظ له عن أبي هريرة-رضي الله عنه- مرفوعاً: "لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة، فهي نائلةٌ إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً".
كيف لا يحب يا أخي الكريم وهو الذي حقق الكمال في نصحه للأمة. "لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين" [آل عمران: 164] ، وقال تعالى: "كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون" [البقرة: 151] .
كيف لا يحب وهو صاحب الأخلاق العالية. "وإنك لعلى خلق عظيم" [القلم: 4] .
فيا أخي الفاضل: ذكر نفسك بهذه النصوص في وجوب حب الرسول -صلى الله عليه وسلم-وخطورة تسرب شيء خلاف ذلك، وأحسب أنك مؤمن وأن هذه وساوس شيطانية، يريد بها إبليس أن يصدك عن الدين ويدخلك في عالم الشك والريب ليصل بك إلى الكفر، فإذا وجدت شيء من ذلك فعليك بالتالي:
1- كثرة التعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
2- الإلحاح على الله أن يثبت قلبك على الإيمان والدين، كما كان يدعو سيد الخلق
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله:"يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" رواه الترمذي (2140) ، وابن ماجة (3834) من حديث أنس -رضي الله عنه-.
3- ذكر نفسك أن إيمانك يقوم على أركان من أعظمها حب الله وحب رسوله -صلى الله عليه وسلم- فاحذر أن تتجاوزهما؛ حتى لا تفقد إيمانك.
4- اقرأ في سيرته -صلى الله عليه وسلم- وشمائله؛ حتى يقوى حبك له.
5- اجلس بين يدي العلماء وطلبة العلم مستفيداً من علمهم، راغباً في صيانة دينك وعقلك وقلبك من نزغات الشيطان.(20/309)
6- اصحب الصالحين والأخيار الذين أمرنا الله بلزومهم في قوله: "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً" [سورة الكهف: 18-28] .
7- اقنع نفسك بعمق أنه لا نجاة لك في الدنيا والآخرة إلا باتباع النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وحبه والتأسي بسيرته وأخلاقه.
8- احذرك من القراءة في كتب المفسدين للعقائد، أو السماع لمن يهمهم صرفك عن الحق وإدخالك في عالم الضلال.
9- أنصحك بقراءة كتاب الله -عز وجل- والإكثار من ذلك، وليكن لك منه نصيب يوميا كورد تلزمه فإنه شفاء لما في الصدور.
10- أشير عليك بقراءة كتاب الرحيق المختوم للمباركفوري، وكتاب الصارم المسلول لابن تيمية، وكتاب (جلاء الإفهام) لابن القيم فإنها نافعة بإذن الله.
11- أكثر من قولك: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) مع استشعارك للحاجة إلى الله في دفع هذا الضعف والوساوس.
وإليك شيء من صفات النبي -صلى الله عليه وسلم- وأخلاقه:
قال هند بن أبي هالة -رضي الله عنه- في حديثه الطويل وفيه: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معتدل الخلق، بادن متماسك، سواء البطن والصدر) ، أخرجه الطبراني في الكبير (22/155) ، والترمذي في الشمائل (ص329-344) ، والبغوي في شرح السنة (13/274) ، وابن سعد في الطبقات (1/422) وغيرهم.
قال البراء بن عازب -رضي الله عنه-: (كان رسول الله أحسن الناس وجهاً وأحسنه خَلقاً، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير) رواه البخاري (3549) ، ومسلم (2337) .
وجاء أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر -رضي الله عنه- ومولاه ودليلهما، خرجوا من مكة ومَرّوا على خيمة امرأة عجوز تُسمَّى (أم مَعْبد) ، كانت تجلس قرب الخيمة تسقي وتُطعِم، فسألوها لحماً وتمراً ليشتروا منها، فلم يجدوا عندها شيئاً. نظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى شاة في جانب الخيمة، وكان قد نَفِدَ زادهم وجاعوا.
سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- أم معبد: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ فأجابت أم معبد: شاة خلَّفها الجهد والضعف عن الغنم.(20/310)
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "هل بها من لبن؟ ". ردت أم معبد: بأبي أنت وأمي، إن رأيتَ بها حلباً فاحلبها!. فدعا النبي -عليه الصلاة والسلام- الشاة، ومسح بيده ضرعها، وسمَّى الله جلَّ ثناؤه ثم دعا لأم معبد في شاتها حتى فتحت الشاة رِجليها، ودَرَّت. فدعا بإناء كبير، فحلب فيه حتى امتلأ، ثم سقى المرأة حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رَوُوا (أي شبعوا) ، ثم شرب آخرهم، ثم حلبَ في الإناء مرة ثانية حتى ملأ الإناء، ثم تركه عندها وارتحلوا عنها ... وبعد قليل أتى زوج المرأة (أبو معبد) يسوق أعنُزاً يتمايلن من الضعف، فرأى اللبن!!. قال لزوجته: من أين لكِ هذا اللبن يا أم معبد والشاة عازب (حائل) ولا حلوب في البيت؟!!. أجابته: لا والله، إلا أنه مَرَّ بنا رجل مُبارَك من حالِه كذا وكذا. فقال لها أبو معبد: صِفيه لي يا أم معبد!!. فأخذت أم معبد تَصِفُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، أبلَجَ الوجهِ (أي مُشرِقَ الوجه) حسن الخلق، لم تَعِبه نُحلَة (أي نُحول الجسم) ولم تزريه صعلة (وهي صفر الرأس) (أنه ليس بِناحِلٍ ولا سمين) ، وسيمٌ قسيم (أي حسن وضيء) ، في عينيه دَعَج (أي سواد) ، وفي أشفاره وَطَف (طويل شعر العين) ، وفي صوته صَهَلٌ (حدة وصلابة) ، وفي عنقه سَطع (طول) ، وفي لحيته كثاثة (كثرة شعر) ، أزَجُّ أقرَن (حاجباه طويلان ومقوَّسان ومُتَّصِلان) ، إن صَمَتَ فعليه الوقار، وإن تَكلم سماه وعلاهُ البهاء، أجمل الناس وأبهاهم من بعيد، وأجلاهم وأحسنهم من قريب، حلوُ المنطق، فصل لا نزْر ولا هذَر (كلامه بَيِّن وسط ليس بالقليل ولا بالكثير) ، كأنَّ منطقه خرزات نظم يتحَدَّرن، رَبعة (ليس بالطويل البائن ولا بالقصير) ، لا تشنأه من طول، ولا تقتَحِمُه عين من قِصر، غُصن بين غصنين، فهو أنضَرُ الثلاثة منظراً، وأحسنهم قَدراً، له رُفَقاء يَحُفون به، إن قال سمعوا لقوله، وإن أمَرَ تبادروا إلى أمره، محشود محفود (أي عنده جماعة من أصحابه يطيعونه) ، لا عابس ولا مُفَنَّد (غير عابس الوجه، وكلامه خالٍ من الخُرافة) .
قال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذُكِرَ لنا من أمره ما ذُكِر بمكة، ولقد همَمتُ أن أصحبه، ولأفعَلَنَّ إن وَجدتُ إلى ذلك سبيلا. وأصبح صوت بمكة عالياً يسمعه الناس، ولا يدرون من صاحبه وهو يقول:
جزى الله رب الناس خيرَ جزائه*** رفيقين حلاّ خيمتي أم معبد
هما نزلاها بالهدى واهتدت به*** فقد فاز من أمسى رفيق محمد
حديث حسن قوي أخرجه الحاكم (4333) وصححه، ووافقه الذهبي، وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ليلة إضحيان، وعليه حُلَّة حمراء، فجعلتُ أنظر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإلى القمر، فإذا هو عندي أحسنُ من القمر". (إضحِيان هي الليلة المقمرة من أولها إلى آخرها) والحديث رواه الترمذي (2811) وغيره.
- وما أحسن ما قيل في وصف الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
وأبيض يُستَسقى الغمام بوجهه ثِمال اليتامى عِصمة للأرامل(20/311)
(ثِمال: مُطعِم، عصمة: مانع من ظُلمهم) . لقد وُصِفَ بأنه كان مشرباً بحمرة، وقد صدق من نعته بذلك، ولكن إنما كان المشرب منه حُمرة، ما ضحا للشمس والرياح، فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب حمرة، وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر لا يشك فيه أحد ممن وصفه بأنه أبيض أزهر ... يعرف رضاه وغضبه وسروره في وجهه، وكان لا يغضب إلا لله، كان إذا رضي أو سُرّ استنار وجهه فكأن وجهه المرآة، وإذا غضب تلون وجهه واحمرت عيناه.
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: " استعرت من حفصة بنت رواحة-رضي الله عنها- إبرة كنت أخيط بها ثوب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فطلبتها فلم أقدر عليها، فدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتبينت الإبرة لشعاع وجهه ... "، أخرجه ابن عساكر والأصبهاني في الدلائل (1/113) والديلمي في مسند الفردوس كما في الجامع الكبير للسيوطي.
ولا بد من الإشارة إلى أن تمام الإيمان بالنبي -صلى الله عليه وسلم- هو الإيمان بأن الله -سبحانه وتعالى- خلق بدنه الشريف في غاية الحسن والكمال على وجه لم يظهر لآدمي مثله.
ويرحم الله القائل:
فهو الذي تم معناه وصورت*** ثم اصطفاه حبيباً بارئ النسم
منزه عن شريك في محاسنه*** فجوهر الحسن فيه غير منقسم
وقيل في شأنه -صلى الله عليه وسلم- أيضاً:
بلغ العلى بكماله، كشف الدجى بجماله، حسنت جميع خصاله، صلوا عليه وآله.
ومن أخلاقه -صلى الله عليه وسلم-: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: " ما خُيِّرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين قط إلا آخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنفسه في شيء قط إلا أن تُنهَكَ حُرمة الله، فينتقم لها لله"رواه البخاري (6126) ، ومسلم (2327) . وعن عائشة -رضي الله عنها- أيضاً قالت: " ما ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً قط بيده، ولا امرأة، ولا خادماً إلاّ أن يجاهد في سبيل الله، وما نيلَ منه شيء قط، فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيءٌ من محارِم الله، فينتقم لله- عز وجل-"رواه مسلم (2328) وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أحسن الناس خُلُقاً، فأرسلني يوماً لِحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أن أذهب لِما أمرني به نبي الله -صلى الله عليه وسلم-. فخرجتُ حتى أمُرَّ على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقفاي قد قبض من ورائي، فنظرتُ إليه وهو يضحك. فقال: "يا أُنَيس أذهبتَ حيث أمرتُك"، فقلت: أنا أذهب يا رسول الله!.
قال أنس -رضي الله عنه-: والله لقد خدمته تسع سنين ما عَلِمْتُهُ قال لشيء صنعتُه: لم فعلتَ كذا وكذا؟ أو لشيء تركته: هلا فعلت كذا وكذا، رواه مسلم (2309) . قلت: فكم من مرة قلنا لوالدينا أفٍّ أما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فما قال لخادمه: أفٍّ قط!!.(20/312)
وفي حديث هند بن أبي هالة -رضي الله عنه-السابق أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان خافض الطرف (من الخفض ضد الرفع فكان إذا نظر لم ينظر إلى شيء يخفض بصره؛ لأن هذا من شأن من يكون دائم الفكرة لاشتغال قلبه بربه) ، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، وكان جل نظره الملاحظة (المراد أنه لم يكن نظره إلى الأشياء كنظر أهل الحرص والشره بل بقدر الحاجة) ، يسوق أصحابه أمامه (أي يقدمهم أمامه، ويمشي خلفهم تواضعاً، أو إشارة إلى أنه كالمربي، فينظر في أحوالهم وهيئتهم، أو رعاية للضعفاء وإغاثة للفقراء، أو تشريعاً، وتعليماً، وفي ذلك رد على أرباب الجاه وأصحاب التكبر والخيلاء) ، وكان صلى الله عليه وسلم يبدر من لقي بالسلام.
لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- من أكمل الناس شرفاً، وألطفهم طبعاً، وأعدلهم مزاجاً، وأسمحهم صلة، وأنداهم يداً؛ لأنه مستغن عن الفانيات بالباقيات الصالحات.
وأقترح عليك أن تقرأ كتاب الشمائل المحمدية للإمام الترمذي مع شرحها للإمام الباجوري، والمسمى المواهب اللدنية على الشمائل المحمدية، ويمكنك الاستفادة من هذا الرابط: (صفات الرسول صلى الله عليه وسلم الخلقية) وأرجو الله أن يجعلنا جميعاً من المحبين الصادقين لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ومن المتبعين له ومن المقربين منه يوم القيامة إنه جواد كريم.(20/313)
كيف أتقي سحرهم؟
المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس
التاريخ 26/10/1426هـ
السؤال
مشكلتي أن لي قريبًا يرغب بالزواج مني وأنا رفضت؛ لأنه غير مناسب لي، وأُخبرت بأن والدته ذهبت لإحدى العرافات لتعمل لي عملاً يبطل أي مشروع زواج لي؛ حتى أضطر للقبول بابنها، وأنا أصلي وأقرأ القرآن وأعرف أن العمل هو عمل رب العالمين، فأنا بالفعل قد تعطلت لي عدة مشاريع خطبة دون سبب، ولا أعلم هل هو مما تفعل، أم لا؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالجواب يتوقف على سبب رفضك الزواج من قريبك، فإن كان قريبك ذا خلق ودين فاستخيري الله واقبلي به زوجاً، عسى الله أن يبارك لكما، أما إن كان رفضك بسبب خلقه أو دينه فنسأل المولى - عز وجل- أن يبدلك خيراً منه.
وأما بالنسبة لما ذُكر لك من أن أمه ذهبت إلى إحدى العرافات لتعمل لك سحراً يحول دون زواجك من غيره، فلا شك أن السحر له تأثير بإذن الله - عز وجل - وقد قال الله تعالى: "فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله" [البقرة:102] ، ولكن هذا الأمر مازال في دائرة الظن، وليس هناك ما يدل على صحة هذه الدعوى، ولكن عليك بالاستمرار على ما أنت عليه من العبادة والصلاة وقراءة القرآن وخاصة سورة البقرة، ولو كانت في كل يوم فهو أفضل، ولن يضرك ذلك بإذن الله، واحرصي على المبادرة بالموافقة إذا تقدم إليك من ترضين دينه وخلقه، ودعي عنك بعض المثاليات والكماليات، أسأل المولى -عز وجل- أن يختار لك ما فيه الخير والصلاح، وأن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه.(20/314)
هل أنا مصاب بالجن؟؟
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس
التاريخ 16-7-1423
السؤال
كنت أقرأ في كتاب عن السحر اشتريته من المكتبة ولا أعلم أن كان حقيقياً وكنت طفلا ولا أعلم ما أفعل وجربت طرقاً على سبيل اللعب و (لم يحدث شيء) وبعد فترة وفي أحد الأيام كانت الساعة حوالي العاشرة عندما غلبني الشيطان وشربت نوعا من أنواع المخدرات لأول مرة وبعدها شعرت بخوف شديد وكأنني أحتضر نتيجة للكمية الزائدة بعد ذلك ذهبت إلى البيت ودخلت دورة المياه وفعلت (العادة السرية) وبعد الخروج من دورة المياه بفترة بدأت رعشة شديدة وبرودة زاد ضغط الدم عندي وتسلسلت الحالة حتى الآن، وأصبحت أعاني من حالة نفسية غريبة ولم أستجيب للعلاج إلا قليلاً. وقد قال لي البعض إنه ربما يكون هذا بسبب أذى من الجن وأنا لا أعلم مدى صحة هذا الكلام وأريد أن أعرف. أسأل الله العلي القدير أن يغفر لي هذا الذنب وأن يوفقكم على مساعدة المسلمين.
الجواب
الأخ الكريم..
شكراً: لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
أولاً: يجب أن تشكر الله أن بصرك بأن ما كنت تفعله إنما هو خطيئة وذنب يوجب التوبة والاستغفار فلا تقصر في ذلك واستمر على الاستغفار فإنه خير معين قال عليه الصلاة والسلام " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أبو داود وابن ماجة.
ثانياً: الذي تعاني منه ليس بسبب أذى الجن كلا أبداًَ بل هو مما اقترفته وعملته من التعاطي لمثل هذه المخدرات. والذي يوحي لك بأنه من الجن هو عملية المحاولة للهروب من الشعور بالمسؤولية تجاه ما تعانيه وما تواجهه من آلام نفسية أن أخطأت فيجب أن تتحمل النتيجة وتواجهها وتحاول الصمود في الخلاص منها ومن آثارها، إذ هذه هي طريقة الأقوياء والعظماء والرجال الأشداء أما الضعفاء والمتهالكون فإنهم لا يفتأون ولا يقصرون في محاولة الاختباء عن المواجهة وتعليق الفشل أو المرض بأمور خارجية ليرتاحوا بذلك من تأنيب الضمير والإحراج من الناس المحيطين.
أنت لديك مشكلة ويجب أن تواجهها بكل قوة وأن تقنع نفسك انك قادر على المواجهة ولست أضعف من غيرك وتعترف لنفسك بذلك.
وأول هذه المواجهة هو الاتصال بطبيب نفسي تكون أنت متقنعاً به وتطمئن إليه كثيراً وتعرض عليه مشكلتك وتستمر معه في الجلسات العلاجية وتحاول أن تسبر وتسجل التطورات التي تطرأ عليك أولاً بأول كي تتمكن بعد فترة من الزمن من المقارنة بين حالتك في الماضي مع ما أنت فيه في الحاضر وخلال ذلك كله لا تدع الدعاء والالتجاء إلى الله بالذكر والاستغفار والقيام بالواجبات والإيقان بقرب الفرج من عند الله.
أعانك الله وشفاك.,,,(20/315)
المس ... الأعراض والأسباب، الوقاية والعلاج
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس
التاريخ 15/10/1424هـ
السؤال
ما هو المس؟ وما هي أعراضه وعلاجه؟.
الجواب
الأخ الكريم: لقد قرأت رسالتك وفهمت مرادك، وهذا جواب سؤالك، ويكون ذلك في النقاط التالية:
أولاً: ما هو المس؟
هو عبارة عن اختلال يصيب الإنسان في عقله، بحيث لا يعي المصاب ما يقول، فلا يستطيع أن يربط بين ما قاله وما سيقوله، ويصاب صاحبه بفقدان الذاكرة حال المس، نتيجة اختلال في أعصاب المخ، ويصاحب هذا الاختلال العقلي اختلال في حركات الممسوس، فيتخبط في حركاته وتصرفاته، فلا يستطيع أن يتحكم في سيره، وقد يفقد القدرة على تقدير الخطوات المتزنة لقدميه، أو حساب المسافة الصحيحة لها، ويكون ذلك بتلبس الجن بالإنس، ولا يصدر ذلك إلا من الخبيث منهم لأسباب عدة، انظر فتح الباري لابن حجر (10/114) عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة ص (252) ، عالم الجن والملائكة ص (76) ، ووقاية الإنسان من الجن والشيطان ص (55) مع الجمع والتصرف.
ثانياً: ما هي أسباب المس الشيطاني؟.
هناك أسباب يرجع إليها مس الجن للإنس ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- في رسالته الموسومة بـ (الجن) ، ويمكن لنا أن نلخص هذه الأسباب في الآتي:
(1) عشق الجن للإنس.
(2) ظلم الإنس للجني بدون قصد من الإنس، كأن يصب عليه ماءً حاراً أو يسقط عليه من مكان عال، وغير ذلك، فيقوم الجن بإيذاء الإنسي ظناً منه أن الأنسي تعمد إيذاءه، والجن فيهم جهل عظيم، فيعاقبون الإنسي بأكثر مما يستحق.
(3) ظلم الجن للإنسي كأن يمسه دون سبب، ولكن لا يتسنى له ذلك إلا في إحدى الحالات الأربع التالية:
أولها: الغضب الشديد، ثانيها: الخوف الشديد، ثالثها: الانكباب على الشهوات وفعل المحرمات، ورابعها: الغفلة الشديدة والإعراض عن الله من عدم صلاة وذكر وتسبيح واستغفار وغير ذلك من مظاهر الغفلة والإعراض، انظر: (وقاية الإنسان من الجن والشيطان) (75-76) بتصرف وزيادة.
ثالثاً: ما هي أعراض المس الشيطاني للإنس؟.
هناك أعراض للمس الشيطاني يعرف بها إذا كان هذا الشخص ممسوساً أم لا، وهذه الأعراض تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: وهي أعراض تكون في المنام وهي:
(1) الأرق الشديد، وهو أن لا يستطيع الإنسان أن ينام إلا بعد مدة طويلة من الاسترخاء.
(2) القلق: وهو كثرة الاستيقاظ بالليل.
(3) الكوابيس: وهو أن يرى الإنسان في منامه شيئاً يضايقه أو يزعجه، وهو يريد أن يستغيث فلا يستطيع.
(4) الأحلام المفزعة المورعة.
(5) رؤية الحيوانات في المنام، كالقط والكلب والبعير والثعبان والأسد وغيرها.
(6) القرض على الأنياب في المنام.
(7) الضحك أو البكاء أو الصراخ في المنام.
(8) التأوه في المنام.
(9) أن يقوم ويمشي وهو نائم دون أن يشعر.
(10) أن يرى في منامه وكأنه سيسقط من مكان عال.
(11) أن يرى نفسه في مقبرة، أو مزبلة، أو طريق موحش.
(12) أن يرى أناساً بصفات غريبة، كأن يلاحظ عليهم طولاً مفرطاً، أو قصراً مفرطاً، أو يراهم بأشكال مرعبة سوداء.
(13) أن يرى أشباحاً في منامه.
القسم الثاني: وهي أعراض تكون في اليقظة وهي:(20/316)
(1) الصداع الدائم: بشرط أن لا يكون سببه مر ض عضوي، كأن يكون عنده مرضاً في عينيه أو أذنيه أو أنفه أو أسنانه، أو غير ذلك مما يسبب صداعاً.
(2) الصدود عن ذكر الله وعن الصلاة، وعن فعل الطاعات، بالجملة.
(3) الشرود الذهني وعدم التركيز في شيء.
(4) الخمول والكسل والفتور الجسدي والرغبة للنوم دائماً.
(5) الصرع: وهو ما يسمى بالتشنجات العصبية.
(6) آلام في الجسم أو في بعض أعضاء الجسم عجز الطب البشري عن علاجها أو تشخيصها بدقة.
انظر وقاية الإنسان من الجن والشيطان ص (77-78) مع الزيادة والتصرف.
ثالثاً: كيفية الوقاية من المس الشيطاني.
قد قيل إن الوقاية خير من العلاج، وللوقاية من المس الشيطاني عدة أشياء منها:
(1) الإخلاص لله جل وعلا في كل الأقوال والأعمال والأفعال.
(2) اتباع السنة والتمسك بها في كل شيء.
(3) تحقيق العبودية لله.
(4) الاستعانة بالله على الشيطان.
(5) المحافظة على الصلاة في جماعة.
(6) المحافظة على قراءة ورد يومي من القرآن الكريم إذا لم يتيسر الحفظ.
(7) سماع سورة البقرة أو قراءتها كل ثلاث أيام على الأقل.
(8) المحافظة على أذكار النوم والصباح والمساء، والطعام والشراب وغيرها من الأذكار وهي كثيرة.
(9) في الجملة فعل الطاعات وترك المنكرات.
(10) كثرة الدعاء وصدق اللجوء إلى الله بأن يصرف عنا شر الشيطان وحزبه، وهناك تحصينات أخرى ذكرها الشيخ/ وحيد عبد السلام بالي في كتابه القيم: وقاية الإنسان من الجن والشيطان، ص (267-401) فارجع إليها إن شئت غير مأمور.
رابعاً: العلاج: كيفية العلاج من المس الشيطاني.
بداية يجب أن يعلم بأن العلاج من المس الشيطاني لا تختص به فئة دون غيرها من الناس، كما هو منتشر اليوم في شتى بقاع العالم، ولكن الأصل في العلاج أن يعالج المرء نفسه، وذلك بالرقية الشرعية الثابتة بالأدلة من الكتاب والسنة، وإن عجز الإنسان عن معالجة نفسه فلا يمنع أن يستعين بغيره من أهل العلم والصلاح في علاجه، وهذا كله ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يحصن الحسن والحسين بالمعوذات، وكذلك كان جبريل يرقى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك ثبت كما عند البخاري وغيره رقية النبي -صلى الله عليه وسلم- لثابت بن قيس بن شماس - رضي الله عنه-، المهم العلاج لا يخرج عن الكتاب والسنة جملة وتفصيلاً، ومن وسائل العلاج أن يتحصن المريض بالأشياء التي سبق وأن قد ذكرناها في البند الثالث من هذا الجواب.
ولكني أود أن ألفت نظر القارئ الكريم إلى الشروط التي ينبغي أن يتحلى بها المعالج بالقرآن الكريم ومنها:
(1) أن يكون معتقداً عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة، تلك العقيدة الصافية البيضاء النقية.
(2) أن يكون محققاً التوحيد الخالص في قوله وعمله وفعله.
(3) أن يكون نيته في العلاج بالرقية الشرعية الشفاء، وليس مقصده تحضير الجن والكلام معه وغير ذلك مما يقع فيه كثير من المعالجين إلا من رحم ربي سواء بقصد أو بدون.
(4) أن يكون معتقداً أن لكلام الله تأثيراً على الجن والشياطين.
(5) أن يكون عالماً بأحوال الجن والشياطين.(20/317)
(6) أن يكون عالماً بمداخل الشيطان في إفساد القلوب، وإفساد الأعمال حتى يكون على حذر من ذلك ويحذر منه.
(7) يستحب أن يكون المعالج متزوجا، ً وهذا أدعى لأن يكون عفيفاً.
(8) أن يكون مجتنباً للمحرمات التي يستطيل بها الشيطان على الإنسان.
(9) أن يكون مواظباً على الطاعات والتي يرغم بها أنف الشيطان.
(10) أن يكون ملازماً للذكر والاستغفار والتكبير وغير ذلك من الأذكار والتي هي الحصن الحصين من الشيطان الرجيم.
وهذه الأذكار تجعله قريباً من الله تعالى، وكلما كان العبد قريباً من الله كان الشيطان منه أبعد والعكس صحيح، انظر وقاية الإنسان من الجن والشيطان، ص (78-79) مع التصرف والزيادة.
هذا والله أعلم، ونسأل الله للجميع العفو والعافية، والتوفيق في الدنيا والآخرة، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(20/318)
هل هذا ساحر؟!
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس
التاريخ 15/11/1424هـ
السؤال
فهنالك شاب أثق به، وإيمانياته عالية، قال لي: إنه هناك قصة عنده في البيت مع السحر، وأنه يتعاون مع شيوخ منذ فترة طويلة، المهم أن هناك مشاكل في المسجد مع بعض الشباب فبطرق ما، وبالتعاون مع أكثر من شيخ كل واحد من منطقة أجمعوا أن هناك شاباً من شباب المسجد يتعامل بالسحر ومتعمق به، ويستخدمه مع بعض الشباب والطلاب، فلذلك أنا وقعت في حيرة كبيرة والله المستعان، هل أقف مع الشباب القلة الذين يريدون متابعة القصة مع شيوخ؟ أم أعتزل الفتنة؟ مع أني لم أطلب معرفة الدلائل المادية الدالة على تورط الشاب، وأخاف - إن فعلت ذلك - أن أندم يوم القيامة أنني لم أساعد الشباب، مع العلم أن الشاب المتهم خطير وعنده معارف كثيرة.
فهل من الممكن أن يكون المتعامل بالسحر يصلي الصلوات الخمس في المسجد ويقرأ القرآن للتمويه؟ هل ممكن أن يرى نفسه على أنه شيخ أمام الناس؟ أنا طبعاً أقرأ المأثورات، ولكن السؤال هل السحر ممكن أن يحدث بكل سهولة؟ وهل قراءة الطلاسم تؤثر على الأشخاص بسهولة؟ كيف يمكن أن أعرف أن هذا الشخص يتعامل بالسحر؟ وهذا ضروري جداً. دعواتكم الصالحات وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، المبدلين لشريعة أحكم الحاكمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إلى الأخ السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لقد قرأت رسالتك مرات عدة، وعلمت بأنك أمام مشكلة ليست بالهينة، وأنك في حيرة من أمرك، فمستعيناً بالله أقول:
(1) ينبغي عليك أن تتأكد من صحة هذه الأقوال التي نسبت إلى هذا الشاب، حتى لا تسيء الظن بهذا الرجل وأنت على غير بينة، وربما ظهر لك عكس ما قيل عنه، فتصبح على ما فعلت نادماً.
(2) إذا تبين لك صدق الأقوال التي نسبت إلى هذا الشخص فينبغي عليك أن تقف بجانب هؤلاء الشباب والمشايخ الذين يحاربون هذا الشاب الساحر، ولا تهاب من شيء.
(3) عليكم بالذهاب إلى هذا الشاب، بعد التأكد التام بأنه يتعاطى السحر، وتذكيره بالله ونصحه، وبيان خطر ما هو عليه من السحر، وأن هذا الأمر من أعظم الكبائر، بل هو من الكفر، كما قال ربنا - جل وعلا - في السحرة: "وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر" [البقرة: 102] .
(4) إذا لم يستجب لنصحكم ويتوب إلى الله - تعالى - فيُهدَّد بأنكم ستفضحون أمره، وترفعون ذلك إلى الجهات المختصة.
(5) إذا لم يستجب لهذا كله فعليكم بفضحه أمام الناس وكشف خبثه، ورفع أمره إلى الجهات الشرعية المختصة، حتى يروا فيه رأيهم، ويكفيكم شره، هذا بالنسبة لما ينبغي عليك فعله حيال هذه المشكلة.
أما بالنسبة للإجابة عن أسئلتك الأخرى، فنقول بعد عون الله - تعالى -:
(1) هل من الممكن أن يكون المتعامل بالسحر يصلي الصلوات الخمس في المسجد، ويقرأ القرآن للتمويه؟ الجواب: نعم هذا كله يمكن حصوله.(20/319)
(2) هل ممكن أن يرى نفسه على أنه شيخ أمام الناس؟ الجواب: نعم، وللأسف الشديد الساحر يطلق عليه العامة من الناس كلمة شيخ، وهو بالفعل شيخ، ولكن شيخ ضلالة وفتنة وزندقة وإلحاد- نعوذ بالله من حاله-.
(3) هل السحر ممكن أن يحدث بكل سهولة؟ وهل قراءة الطلاسم تؤثر على الأشخاص بسهولة؟ الجواب: الأمر فيه بعض التفصيل، فالسحر يمكن أن يحدث وبكل سهولة وخصوصاً لمن يكون مؤهلاً لذلك، أي أنه غير محصن بالأذكار اليومية، أما إذا كان محصناً فلا سبيل للسحر عليه بإذن الله - تعالى -، وكذلك قراءة الطلاسم تؤثر على الشخص إذا لم يكن محصناً، لكن لا بد وأن تعلم أنه لا يضر ولا ينفع إلا بإذن الله - تعالى -، كما قال ربنا: "وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله" [البقرة: 102] .
(4) كيف تعرف أن هذا الشخص يتعامل بالسحر؟ هذا الأمر لا يعرفه إلا من كان عالماً بأحوال السحرة, وعلى دراية ومعرفة بالسحر وأنواعه وغير ذلك، ويكون قريباً من هذا الشخص نفسه، ولكن لكي تعرف ذلك عليك بقراءة الكتب الشرعية التي تناولت هذه القضية الخطيرة، على سبيل المثال كتاب: عالم السحر والشعوذة، للدكتور عمر الأشقر، والصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار للشيخ وحيد بالي، وغير ذلك كثير.
هذا والله أعلم، ونسأل الله أن يحفظنا وإياكم من شر السحرة والمشعوذين، ومن شر شياطين الإنس والجن إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(20/320)
هل أنا مسحور؟
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس
التاريخ 21-3-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
في البداية أشكر لكم فتح هذا المجال للاستشارات لعلي إن شاء الله أجد في مشورتكم الرد الشافي فحالي لا أجد لها تفسيًر اواضحاً هل أنا سبب مشاكلي..؟ أم حياتي الزوجية..؟! أو شيء آخر لا أعلمه..؟! ولذلك سوف أذكر لكم ما أعانيه أنا متزوج ولديّ أبناء ولكن لا أشعر بسعادة في بيتي ولا أتحمل الجلوس كثيرا في المنزل وهذا منذ أكثر من نصف مدة زواجي، وحالتي تتفاقم وأحس أحيانا باكتئاب، إضافة إلى عصبيتي السريعة والمستمرة في المنزل وفي العمل ومع الأخوان وكذلك الزملاء حتى بدأ الناس وحتى المقربين مني يبتعدون عني لعدم ارتياحهم من طباعي، وكذلك لكثرة قلقي وعدم الشعور بالسعادة وشعوري أنني بلا هدف وأغبط بعض معارفي على سعادتهم مع أبنائهم وأحس أنهم سعداء جداً أكثر مني أما أنا فالابتسامة اختفت أو كادت منذ زواجي علماً أنني متزوج منذ أكثر من عشرة أعوام، وبالسنوات الأخيرة بدأت أكره زوجتي وصراحة أكره سماع صوتها بالمنزل..!! وأكره وأتفادى النظر إلى وجهها وأكره أن تأكل معي، أكره أن تشاركني بالغرفة للنوم وأكره مجامعتها وكل ذلك من غير إرادتي المهم حالي تتفاقم وأريد الحل علماً أن زوجتي كلامها كثير وشكواها دائمة وتخالف رغباتي دائما من ناحية التربية للأبناء مثلا.. إضافة إلى كرهها لأهلي وإخوتي مع أنها في بيت مستقل، وعدم مجيء إخوتي لي إلا بالشهر مرة ومع ذلك أرى التذمر بادي من تصرفاتها ولقد تكدرت حالي من ذلك ورغبتها بعزلي عن إخوتي وعدم ترحيبها بذهاب أبنائي لأعمامهم إلا لسويعات قليلة ولقد انعكس ذلك على أبنائي وألاحظ عدم انسجامهم مع أعمامهم ولكن العكس مع أخوالهم مع ملاحظة إن أم زوجتي مسيطرة على بيت زوجها وأبنائها وزوجها وزوجتي..!! ولم أكتشف ذلك إلا متأخرا.
أخيرا أرجو مشورتكم من غير أن أحاول نصح زوجتي أو أهلها فلقد فعلت كل ذلك وزيادة ولكن دون جدوى فأسبوع وتعود الأمور كما كانت. لذا رغم استشارتي لبعض من يعزون علي فان فيهم من قال إن ما ذكرت عين أو سحر ووالدتي وأخواتي وبعض من المقربين قال سبب علتك زوجتك غير عتبة بيتك تتبدل حالك من شقاء إلى سعادة. هل هذا صحيح شاكرا لكم سعة صدوركم وآسف على الإطالة وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
أيها الأخ الكريم:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
بادئ ذي بدئ نشكر لك ثقتك واتصالك بنا في موقع الإسلام اليوم.
لقد تساءلت أنت في بداية استفسارك عن سبب ما أنت فيه من المشاكل هل هي راجعة وعائدة إليك أم إلى زوجتك.. أنت تشكو من سوء حالك في بيتك مع زوجتك ومع أولادك وفي خارج بيتك في عملك ومع زملائك وإخوانك.. عصبيتك مستمرة..السعادة مفقودة عندك.. القريبون بد ؤا بالابتعاد عنك.. الزملاء بدؤا بالنفور من الجلوس والاستماع إليك تشتكي من وضعك مع زوجتك وأنك بدأت لا تطيقها..!(20/321)
زوجتك هي أيضا لديها مشاكلها الكثيرة معك من وجهة نظرك.. هي لا تطيق أهلك وإخوتك.. لم تستطع إصلاح حالها معك..إنها أيها الأخ الكريم شبكة متراكبة ومتداخلة من المشاكل النفسية والأسرية مشاكل يجر بعضها بعضاً. وفي رأيي أنها لن تنتهي على هذا الحد بل سوف تزيد وتستمر وستتعقد أكثر فأكثر إن لم تسع جاهدا في النظر الجاد إلى حالك وحال حياتك مع أسرتك والمحيطين معك ومع نفسك قبل كل شيء..
يجب أن تعرف أولا وقبل كل شيء أن المرتبة الأولى ألمستوجبه لعنايتك بعد حق الله وحق الوالدين هم أهل بيتك من زوجة وأولاد.. والمشكلة التي يبدو لي وقوعك فيها هي اختلاط الأوراق لديك فأصبحت مشتتا بين أهل وزوجة وأولاد وزملاء وغيرهم كثير.. فأصبحت في حيص بيص.. تريد السعادة والهناء في التعامل من الجميع وأنت لا تعطي ما تطلبه من غيرك أن يقدمه لك ... يجب أن تعلم أن ما يكون مع الأصدقاء والزملاء ليس مثل ما يكون مع الأولاد وما يكون مع الزوجة ليس مثل ما يكون مع الأهل.. حتى الأهل أنفسهم ما يكون مع الوالدة ليس مثل الذي يكون مع الأخوات والإخوة فلكلٍ حق مختلف عن الآخر ومعاملتهم جميعاُ كأصحاب حق واحد ومتساوي هو أحد منابع المشاكل التي تعصف بك الآن.
هذا السوء بإدارة حياتك ومن ثم بإدارة أزماتك جعلها تستفحل وتكبر حتى بدأت في حال الضياع الذهني والتشتت الفكري فلا تدري من أين يأتيك البؤس والحزن.
أنت تغبط بعض معارفك لسعادتهم مع أبنائهم لأنهم عرفوا كيف يتغلبون على ما يواجههم من مشاكل مختلفة.. لا تظن أنهم بلا مشاكل لا.. وإنما الفرق أنهم حاولوا إدارتها والتعامل معها في نطاقها الصحيح ولم يعظموا أمرها أو ينشروها للجميع فتصبح مرتعاً لكل رأي أعوج أو نصح غير مسدّد أو مشورة كاذبة أو على الأقل غير موفقة.
أيها الأخ الكريم..
هذه بعض الأمور التي يمكن أن تبدأ العمل بها علها أن تكون عاملاً مساعداً ينتشل حالك من الوضع الذي هي فيه.
أولاً: واضح تماماً أنك تعاني مشكلة في شخصيتك وفي تعاملك مع الآخرين وصدقني أن أول خطوة في طريق التصحيح هو الاعتراف الصادق مع نفسك وعدم المكابرة أو تعليق ما يحيط بك من مشاكل بشماعة الآخرين من زوجة وأبناء أو غيرهم.. وإذا ما حصل ذلك الاعتراف واليقين بأن لديك مثل هذه المسألة أصبحت مخلصاً في طرق أبواب العلاج حتى وإن كان فيها شيء من القسوة أو الصعوبة.
ثانياً: لا أظن أنك صادقٌ بأنك فقدت الابتسامة والسعادة من حين زواجك قبل أكثر من عشرة أعوام.. صدقني أن هذا غير صحيح ولو كان ذلك حقاً لتم الانفصال بينك وبين زوجك منذ زمن طويل.. إنما هو وهم التعاسة ووهم فقدان السعادة.. أنت تتصور أنك غير سعيد.. وتتصور أن سبب ذلك هو زوجتك لا لشيء إلا لتريح ضميرك وشعورك الداخلي أنك سليم وأنك فعلت ما بوسعك ولكن لا توجد نتيجة.
ثالثاً: لا تختلط الواجبات عليك ولا تختلط الحقوق لديك فما لزوجتك وأبنائك لا يكون مماثلاً لأهلك.. وما لوالدتك لا يكون مماثلاً لأخوتك وأخواتك وسائر أقاربك، أيضاً ما يكون للزملاء في العمل ليس مماثلاً لما يكون للأصدقاء والمعارف وهكذا..(20/322)
حاول أن تفصل في هذه الدوائر من الواجبات والحقوق وليكنْ مثلك في ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم أما تراه في معاملته مع نسائه مختلفاً عنه مع أصحابه وهو أيضاً مع الصحابة أنفسهم يعاملهم معاملة تليق بقدر كل واحد منهم ومتوافقة مع طبائعهم ونفسيا تهم.
رابعاً: وهو أمر مرتبط بالسابق ولكني تألمت منك عند قولك بأن والدتك واخوتك يأمرونك بتغيير عتبة بابك أي بتطليق زوجتك ... وفي رأيي انك بذلك فتحت بابا عليك ما كان يجب عليك فتحه إذ هو مصدر القلق لديك والتعاسة عندك.
صدقني أن الأنسب لك ولكل زوج هو إبعاد الآخرين عن ما يحدث من مشاكل داخل الأسرة.. يا أخي لماذا يعلم أهلك بحالك مع أسرتك ومع زوجتك.. هي تكره أهلك لأنهم لا يجيدون نصحا غير الطلاق لها والانفصال عن زوجها يسدونها لك.. هل تلومها يا أخي إن هي أبغضتهم بعد ذلك.. أما أنا فلا ألومها..
خامساً: لا أعلم مدى ثقافتك ونوعية طباعك ومستواك التعليمي أو ألتفكيري لكن الذي أعمله أنك أب ولديك أبناء فأنا أخاطبك من خلال أُبوتك وحنانك عليهم أن لا لن تكون سبباً في تعاستهم ومصدراً لقلقهم الدائم ومنبعاً لتشتتهم الذهني والفكري.. احرص عليهم.. تودّد لهم حتى ولو كان في البداية مجاملة لهم.. حتى وإن شق عليك ذلك في بداية الأمر وصدقني انه سوف يتحول بعد ذلك إلى لذّة تسعى لها دائماً وفي كل وقت.
هذه أمور أرجو منك أن تفكر بها جيداً لتبدأ بعد ذلك بخطوات الترميم والبداية الحقيقة للسعادة الأسرية.. فالوقت ما زال يسمح بذلك ولا تظن أن الأمر متأخر أو متعذر..لا فلا تزال الفرصة قوية بإذن الله وسترى - إن كنت صادقاً في طلبك العلاج - أن النهاية ستكون جداً سعيدة.
لتكن البداية مع زوجتك.. أنا لا أطالبك بحبها أو التودّد لها.. لا ليس هذا ما أريد منك في هذا الوقت بالذات إذ الحب والمودّة هما ثمرتان ونتاج يأتيان عادة متأخران بعد العمل والجهد.. لتكن البداية بالمصارحة لزوجك والمكاشفة بأن لديكما مشكلة ويجب التصحيح.. والتصحيح من قبلك يأتي عن طريق الهدية والزيارة والسفر والنزهة إذ كلها أمور أرجو منك الحرص عليها إذ غالباً ما تتجاهلها وهي "الخلطة الإسمنتية" إن صح التعبير التي تعيد إلى الأسرة التماسك والترابط.. لا تبخل على أسرتك بمثل هذه الأعمال وخاصة السفر والنزهات ولا تنظر إلى الآخرين وكيف يمكن أن يقولوا عنك إذ كم تدمّرت الأسر وكم انهار زواج بسبب نظر الزوجين أو أحدهما إلى الآخر من خلال عيون الآخرين..إذا كنت واثقاً من صحة عملك فلا تلتفت إلى الخلف ولا يهمك الآخرون وما يقولون أو بالأصح ما يتقولون به عليك أو يرمونك به.
لا تنس الهدية لزوجتك ولأولادك فهي أيضاً المرطب والمنعش للحياة الأسرية وقد يستغرب أولادك أو زوجتك هذا العمل منك في البداية ولذا عليك إفهامهم أنك أدركت أن التغير قد حان وأنك أن ما تقوم به الآن هو بداية المشوار في مسيرة الترميم.(20/323)
والدتك وأهلك حافظ على علاقتك بهم وتودّد إليهم لكن ليس على حساب واجباتك الأخرى.. إن تكلموا في زوجتك اطلب منهم إغلاق الموضوع.. ولتعلم أنه ليس واجباً عليك إحضار زوجتك لهم كل يوم أو كل أسبوع..أنت ابنهم لكن هي ليست كذلك.. يخطئ كثير من الأزواج حينما يطلب من زوجته وضع أهله في نفس الدرجة من الحب والمودة كما لديه هو أو كما تجده هي في محبتها لأهلها.. لا هذا غير صحيح وغير متحتم.. لك عليها تجاههم الاحترام والتعامل بالحسنى وهو كذلك نحوها أما غير ذلك فإن أتى فهذا أمر حسن وخير وإلا فلا لوم على الطرفين معاً.
أختم استشارتي لك بالقول بان الطلاق أو على الأقل الزواج بامرأة أخرى أمران لم يغيبا عن ذهني إذ هما معاً أمران مشروعان بالنسبة لك كحل يمكن لك اتخاذ أحدها لكن الذي أراه وأؤمن به من خلال سؤالك أن كلا هذين الأمرين لن يكونا أمرين ناجحين إذا سوف تستمر المشاكل معك ولن تنقطع لأني موقن بأن المشاكل هي فيك أنت وليست فيمن حولك من زوجة أو أولاد أو غيرهم ويجب أن أصارحك بذلك وهذا بطبيعة الحال هو الذي أراه من خلال سؤالك الآن وقد أكون مخطأً
وفقك الله لكل خير وأصلح شأنك في حياتك الخاصة والعامة ولا تتردد في الاتصال إن احتجت إلى المزيد
والسلام عليكم(20/324)
سحروني بطريقة خفية!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس
التاريخ 9-1-1424
السؤال
إذا قام أحد من الأقارب بعمل سحر لنا بعدم الزواج فكيف نتخلص منه؟ وماذا نقول للشيخ المعالج ونحن لم نر ذلك السحر؟ ولكن أحسسنا بمفعوله عندما يتقدم الشباب للخطبة فيكون هناك شيء ما يمنعهم من إتمام الزواج؟
نحن والحمد لله ملتزمات بديننا، ولكن الناس أصبحت لها قلوب مريضة ومليئة بالحسد أرجو منكم إفادتنا ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الأخت الكريمة ...
أشكر لك تواصلك وأسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد ... وأن يرزقك كل خير ويحفظك من كل شر إنه جواد كريم.
أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولاً:- لا أدري - حقيقة - لماذا أرجعت ذلك الأمر إلى مسألة "السحر"؟!! وأن هناك من تسبب به حتى يمنع عنكن " الخطاّب " أو يبعدكن عن الزواج..؟!! رغم أن هذا الأمر كثيراً ما يحدث..!!! أي أن الناس قد يرغبون بهذه الفتاة لابنهم ولا يتقدمون لها.. وقد يتقدمون ويُرفضون.. وقد يُقبلون ولكن لسبب خفي لا يتم موضوع الزواج..!!!
ومرد ذلك ببساطة أن هذا الأمر الذي هو ارتباط هذا الشاب بهذه الفتاة.. أو وجود النسب بين هاتين الأسرتين لم يكتب في " اللوح المحفوظ " وبالتالي لن يتم هذا الأمر مهما كانت المقدمات أو الرغبات أو التهيؤات!!
ثانياً:- لتعلمي - أختي الفاضلة - أن رزقك ونصيبك وأجلك.. بل وحياتك كلها بدقها وجلّها قد كتبت لك قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما جاء في الحديث..!! وأننا مطالبون بفعل الأسباب والاتكال بعدها على رب الأرباب فهو سبحانه القادر والرازق والمحيي والمميت والموفق.. ولا أحد سواه فالتجئي إليه وتوكلي عليه وأكثري من الدعاء بأن يوفقك الله الزوج الصالح الذي يدلك على الخير ويعينك عليه.. وتحري في دعائك مواطن الإجابة كآخر ساعة من يوم الجمعة.. وفي أثناء السجود وفي ثلث الليل الآخر.. فالله تعالى قريب مجيب يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
ثالثاً:- ليكن إيمانك بالله أكبر وأقوى وأعمق.. وثقي أنه لو اجتمعت الجن والإنس على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك ما نفعوك.. ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يقدره الله عليك ما ضروك.. فلقد رفعت الأقلام وجفت الصحف كما جاء في الحديث ... وأكثري من الاستغفار فقد جاء في الحديث {من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب ... }
واسألي الله الثبات على الحق ... وفقك الله وحماك من كل سوء ورزقك الزوج الصالح وهداك وهدا بك وهدا لك.. إنه تعالى جواد كريم وهو حسبنا ونعم الوكيل.(20/325)
هل أنا مسحورة؟!
المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس
التاريخ 29/8/1424هـ
السؤال
أنا عربية متزوجة منذ ست سنوات، اكتشفت أنا وزوجي أننا مسحوران، ذهبت إلى شيخين مختلفين، وقرؤوا علي القرآن، الشيخ الأول قرأ ثلاث أو أربع مرات وأخرج الجني مني، لكن عاد إلي جني آخر، ولم أعط الشيخ أي شيء من المال؛ لأنه كان يفعل ذلك لوجه الله، وتكرر ذلك يقرأ الشيخ علي فيخرج الجني ويعود جني آخر إلى جسمي، ثم دلني الشيخ على شيخ آخر أكثر خبرة منه، لكنه يأخذ مقابل عمله، وقد دفعنا له أجرة وأخرج الحجاب المعمول من مكانه، والظاهر أنه ما زال علي تأثير من ذلك السحر، وعندما ينتابني هذا الإحساس أرى وجوههم على السجاد أمامي، وأرى كذلك وميضاً منهم أمامي، وأشعر بهم داخل جسمي مثل الرعشة تسير داخل جسمي، وأرى كوابيس مخيفة عنهم، ولا أستطيع أن أنام وحدي حيث أشد ما يكون الأمر علي في الليل، وقد ذكر لي الشيخان أن من فعل ذلك بي أناس يريدون زوجي أن يطلقني ليتزوج من ابنتهم، نظراً لوضعه المالي الممتاز، الحمد لله أنا وزوجي في وئام وليس بيننا سوى بعض المشاكل ونعامل بعضنا كما يريد الله، ماذا أفعل للتخلص من السحر الواقع علي؟ أمي تقرأ القرآن على ماء لأشربه، وعلمت أنه يجب علي أن أغسل شعري وجسمي من هذا الماء كل أسبوع، وأتلو الأذكار، وأقرأ القرآن والرقية، هل هناك ما ينقصني؟ قريباً سأنتقل مع زوجي إلى منطقة القصيم بالسعودية، فهل ترشدوني إلى أحد المشايخ هناك؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:(20/326)
فأسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية من كل داء، بالنسبة لما ذكرت من تشخيص وعلاج حول حالة السحر التي مرت بك، وأنك قد شفيت منها فأود أولاً أن أبين أن أوهام الناس في هذا الباب كثيرة جداً، ومما يزيد رسوخ هذه الأوهام ما يقوم به بعض القراء من أعمال وتشخيصات ووصفات، وأخطر من ذلك ما يقوم به الدجالون والكهنة والسحرة، حتى يصبح المريض في حالة من اللبس والشك واختلاط الأمور عليه والتحسس والارتياب، ثم ينتقل إلى درجة اليقين بأنه مريض بالسحر أو المس، وهكذا يدخل في دوامة غير متناهية من الأمراض والعلل والأوهام، ولا يعني قولي هذا أنه لا يوجد مس أو سحر أو عين، ولكن وجوده بهذه الكثرة وتلك التفصيلات، وتلك الأحوال التي يتحدث بها بعض الرقاة غير متطابق مع الشرع والعلم والعقل والواقع، وتاريخ الأمة من عهد الرسالة إلى أزمنتنا هذه التي أضحى السحر والمس مطية للتكسب عند البعض، وسبباً للتخلص من تبعات بعض التصرفات عند المخفقين في حياتهم، وعموداً يعلقون عليه اخفاقاتهم وكسلهم وضعفهم، لا يعلم كل هؤلاء أن النفس تمرض كما يمرض الجسد، وأن هناك أمراضاً عصبية، وأمراضاً جسدية لها تأثيرات نفسية، ما دمت أيتها السائلة قد شفيت من المرض بلا رقية فاحمدي الله واستمري على الأذكار والتحصينات الشرعية، وابتعدي عن الأسباب التي تؤدي إلى ضعف الدين والإيمان، ولا تكثري التفكير في المرض الذي أصابك، فإن كثرة التفكير فيه ترسخه وتقويه في نفسك، وثقي بالله وعونه وحمايته، وكوني شديدة التعلق به، عظيمة التوكل عليه، فإن ذلك من أهم أسباب الشفاء - بإذن الله-، وإذا أصابك شيء فيمكنك رقية نفسك أو يرقيك أحد ممن حولك من الأقارب، فليست الرقية مختصة بفئة أو بشخص معين. نسأل الله تعالى لنا ولك العافية.(20/327)
الاتهام بعمل السحر
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس
التاريخ 11-9-1423
السؤال
كيف يستطيع الإنسان أن يكتشف أن فلاناً قد قام بعمل سحر له؟ خاصة أن لديه علامات، ولكنها ليست يقينية، ويخاف الواحد أن يكون ظالماً. إني في حيرة، أرجو إجابتي. والله يحفظكم.
الجواب
الأخ الكريم..
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
المبتلى بالسحر، أو بما يظن أن سحر، لا طريق إلى اكتشاف الساحر الذي سحره أو دبره له السحر إلا بإقراره، أو ببينة تشهد بأن فلانا عملا سحراً لفلان، أو سعى إلى من يسحره، وأما مجرد الظنون، والقرائن الضعيفة فلا يجوز أن يعول عليها، فلا يجوز أن يعتمد على هذه الظنون والأوهام بلا برهان تؤدي إلى ظلم المتهم، كما لا يجوز الاعتماد في هذا على أخبار الجن الذين في بعض المصروعين، كما لو قال بعضهم إنه مربوط بسحر من فلان أو فلان؛ فإن الجن الذي في الملموس فاسق أو كافر، فلا يجوز تصديقه إذا قال: إن فلاناً عمل سحراً لفلان، فإن قوله ليس بحجة، فالواجب الحذر من الانسياق مع الظنون وأقوال فسقة الجن، أو السحرة، فإن من السحرة من يخبر بمحل السحر وبمن قال به وهو يعتمد في ذلك على أخبار الشياطين، أو يكون كذاباً يقول ذلك من عند نفسه، وعلى كل حال فالجزم بتعيين الساحر بأنه هو الذي قام وعمل السحر لذلك المبتلى من أصعب الأشياء.
ولا حول ولا قوة إلا بالله.(20/328)
هل مسَّ الجان ولدي؟!
المجيب يوسف صديق البدري
داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس
التاريخ 07/06/1426هـ
السؤال
كان ابني في السابعة عشرة من عمره، أيقظته صباحاًَ ليذهب إلى المدرسة، كان ذكياً وسيماً، متفوقاً ومحبوباً لدى جميع المدرسين، والمفاجأة المذهلة أني عندما أيقظته وجدت وجهه كأنه قناع قد أميل على جنب، إذا وقف على قدميه ترنَّح واختلَّ توازنه. سارعت به إلى الطبيب لكن دون فائدة، ذهبت به إلى ساحر فكتب له شيئاً وقرأ عليه، وبعد أيام عاد وجهه كما كان لكنه فقد الذاكرة, ثم بعد ذلك بأيام نام نومة طويلة (أربعة أيام متواصلة) ، ثم استيقظ بعدها يحدثنا بأشياء غريبة، حيث يقول إنه رأى كذا وكذا في بعض البلدان فكأنه طاف الدنيا, ثم أخذت حالته تزداد سوءاً، يتحدّث مع شيء حوله، وأحياناً يرمي له الطعام.
أخذناه إلى المدينة الطبية، وأجري له مخطط للدماغ، فلم تعرف العلة ولم يتبين شيء، ثم ازدادت حالته سوءاً حتى صار يصيح بأعلى صوته، وكأنه يقاتل عدداً من الناس، وتارة يكسِّر أشياء من البيت ويلقي بأشياء أخرى، وتارة يسكت، ويكره أشخاصاً معينين ويطردهم من البيت أحياناً، ولا زال يصرخ ويصيح في اليوم أربع ساعات متواصلة أو أكثر، وأحياناً يكون هادئاً.
ذهبنا به إلى مشايخ يرقون بالقرآن، ومنهم دكاترة شريعة في الجامعة، وذهبنا به إلى مشايخ يتعاملون مع الجان، ولكنه ما زال على حاله، ولم نقطع قراءة القرآن، فأنا مداومة على قراءة القرآن عند الفجر على ماء وأسقيه منه. أرشدونا حفظكم الله.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، نبينا محمد وآله وصحبه ومن والاه. وبعد:
فأهلاًُ بكِ -أيتها الأخت الكريمة- ونشكرك على مخاطبتنا عبر موقع (الإسلام اليوم) ، ونسأل الله أن يفرج كربك، وأن يشفي ولدك، وأن يجزل لك المثوبة على طول صبرك.. ولتعلمي -يا أمَةَ الله- أن الابتلاء في هذه الدنيا له أشكال وأنواع عديدة، وهو من سنن الله في خلقه، وله سبحانه في خلقه شؤون، وهو أعلم بأهل ابتلائه، قال تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [البقرة:216] ، ويقول أيضاً: "ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم" [محمد:31] .
حقاً ـ يا أختنا ـ قد يبتلى المرء في نفسه فيتحمل ويصبر، لكن أن يكون البلاء في ولده، فلذة كبده. فـ"إن هذا لهو البلاء المبين"، ولكني أذكرك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصحيحين، عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة -رضي الله عنهما- قال: "ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه".
وعن أبي يحيى صهيب بن سنان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "عجبا لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" رواه مسلم.(20/329)
وأنا أنصحك بأن تستمري في علاج ولدك ـ شفاه الله ـ على مستويين، الأول: متابعة العلاج النفسي عند طبيب حاذق ماهر، ولو حتى بالمهدئات.
الثاني: قراءة القرآن، مع اصطحابه -إن أمكن- إلى بعض المتنزهات، والتردُّد به على المسجد؛ فربما يكون أصيب بأذى من الجن، وهذا من الأمور المثبتة والمشاهدة في دنيا الناس، مع مداومة ترديد الرقية الشرعية، مع تحري أوقات الإجابة للدعاء له.
أختي الكريمة:
ما دمت بذلت الجهد في عرض ولدك على الأطباء، فقرروا بعد الفحوصات سلامة عقله، فما زال الميل إلى أنه في حاجة إلى خبير في المداواة بالأدوية الشرعية، فقد يكون هناك تشابه في الأعراض بين المرض النفسي ومس الجن، وعلماء الغرب يؤكدون على وجود تلك الظاهرة؛ ففي كتاب "عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة" يقول العالم (كارنجتون) عضو جمعية البحوث النفسية الأمريكية عن حالة المس ... "واضح أن حالة المس هي على الأقل حالة واقعية لا يستطيع العلم بعد أن يهمل أمرها ما دامت توجد حقائق كثيرة مدهشة تؤيدها، وما دام الأمر كذلك فإن دراستها أصبحت لازمة وواجبة لا من الوجهة الأكاديمية فقط، بل لأن مئات من الناس وألوفاً يعانون في الوقت الحاضر من هذه الحالة، ولأن شفاءهم يستلزم الفحص السريع والعلاج الفوري، وإذا ما نحن قررنا إمكانية المس من الوجهة النظرية انفتح أمامنا مجال فسيح للبحث والتقصي، ويتطلب كل ما يتطلبه العلم الحديث والتفكير السيكولوجي من العناية والخدمة والجَلَد" ا. هـ.
نعم. كرري ـ يا أختاه ـ محاولة العلاج النفسي والشرعي مع ولدك، مع حسن صلة بالله، فهو وحده الذي بيده النفع والضر والعفو والعافية..
ولا يفوتني ـ شفى الله ولدك ـ أن أذكرك -بل وأحذرك- من الذهاب إلى السحرة أو العرافين والدجالين ـ مهما كان الأمر ـ ففي ذلك خطورة على دين المرء وعقيدته؛ إذ يقول النبي ـ عليه الصلاة والسلام:"من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم". رواه أحمد والحاكم، وصحَّحه الألباني، كما في صحيح الجامع (5939) .(20/330)
أشك أني مسحور
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس
التاريخ 22/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي هو أنني أصبحت أشكو كأن إنسان سحرني فقد كثرت المشاكل والأمراض بشكل كثير جدًا مع أنني، والحمد لله ملتزم نسأل الله الثبات فقد كنت من أول الواصلين المسجد قبل الأذاّن أما الآن فعندما تقام الصلاة أذهب مع أني عندي مشاكل مع الصوفية في المسجد الذي أصلي فيه لأننا والحمد لله ننشر عقيدة التوحيد في المنطقة التي أسكن فيها التي مليئة بالقبوريين، فما هو توجيهكم لي حفظكم الله تعالى.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الكريم! دعني أكون صريحاً معك.
إن الإنسان عندما يصيبه فتور أو ملل من الالتزام بوضع جاد وصارم على نحو ما كنت عليه من المحافظة على الصلوات قبل الأذان ونحو ذلك، ثم يبدأ في التقاعس والفتور يبحث في نفسه عن المعاذير التي تخفف عنه لوم النفس، وكثيراً ما يلجأ إلى الأمور الغيبية التي لا يمكن التعامل معها أو السيطرة عليها كالحسد والسحر، وتلبس الجان ونحو ذلك، ويعطي لنفسه المعذرة لأنه غير ملوم في ما جرى لو ضعه من هبوط وهذا كله هروب من المشكلة ومخادعة للنفس، ولذا فنصيحتي إليك أن تتجاوز كل هذه الأفكار، وتعلم أن أمر الصلاة والالتزام عليها أمر يحتاج إلى مجاهدة، وأن السحرة لا يستهدفون هذا الجانب في حياة الإنسان، وإنما يستهدفون أموره الدنيوية التي هي مجال للتحاسد والتنافس بين الناس، أما جانب العبادة فلا يستهدفه السحرة ولا الحساد بالعين، ولا يعوق عنه تلبس الجان، فالجن لا يستطيعون الحيلولة دون الإنسان وعبادة ربه ولن يجعل الله لهم على المؤمنين سبيلاً، ولو كان هذا الباب مفتوحًا لكفر الكفرة وعصى العصاة وأجرم المجرمون وادعوا أنهم تحت تأثير سحر أو عين أو جن.
كلا يا بني احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإذا أصابك هذا النوع من الفتور فتذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- " لِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ.." أخرجه أحمد (6958) .(20/331)
فمن الطبيعي للإنسان سواء في أموره الدينية أو الدنيوية أن تأتيه حالات جدية وإبداع وتألق، ويعقبها حالات من الفتور، وهذه طبيعة النفس التي لا يدوم على حال لها حال، ولكن ينبغي أن يكون عند الإنسان قدر من المجاهدة لنفسه، والمحافظة على قدر من التوازن في عمله، وهو هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وسنته فقد سئلت عائشة عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: وأيكم يطيق ذلك؟ يعني كان عمله شيئاً شاقاً، فما هو هذا العمل الشاق الذي لا يستطيعه أكثر الناس؟ قالت رضي الله عنها:"كان عمله ديمة" أخرجه البخاري (1987) ، ومسلم (783) أي كان عمله له طابع الاستمرارية والانضباط، وليس النزوات والتقطع، وكذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ" أخرجه مسلم (2818) ، فعليك أن تجعل لنفسك البرنامج الذي تستطيع أن تستمر فيه، وتتحمل الانضباط عليه، ثم تستمر عليه بالمجاهدة، وعليك أولاً معرفة معيار نفسك، فالناس يختلفون في قدراتهم وفراغهم، وعليك عندما تعرف معيار نفسك أن تجاهدها على الاستمرار في هذا المعيار، وأحذرك مرة أخرى من الاستمرار وراء أوهام العوائق التي من هذا النوع الذي تفكر فيه.(20/332)
الجن أسقطوا حملي
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس
التاريخ 30/11/1425هـ
السؤال
في أول حمل لي سقطت داخل الحمام، ولهذا سقط الحمل، ومنذ تلك الحادثة وكل حمل أحمله يسقط، ولكن الغريب أنني أحلم بأن أحداً ينتزع مني الجنين، وعندما أصحو من نومي بالفعل يحدث السقوط، أشعر وكأن هذا مس من الجان. رجاء إفادتي بما يمليه الشرع والعلم.
الجواب
اعلمي يا بنيتي إننا حين نتصور تأثير الجن في كل ما يصيبنا، وأنهم يتحكمون فينا ويؤذوننا متى ما أرادوا، وكيفما أرادوا، فإن هذا تصور خاطئ، فالجن أضعف من أن يتحكموا بنا أو يؤذوننا كلما أرادوا.
لقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الشيطان يكفه عن الإنسان أن يعرض عوداً على إنائه، أو أن يغلق عليه بابه، ففي صحيح البخاري (3280) ، ومسلم (2012) من حديث جابر رضي الله عنه: "إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ - أَوْ أَمْسَيْتُمْ- فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا وَأَوْكُوا قِرَبَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا وَأَطْفِئُوا مَصَابِيحَكُمْ". وتمثل الشيطان لأبي هريرة فأمسكه فجعل يتضرع له ويشتكي إليه حاله حتى أطلقه أبو هريرة. صحيح البخاري (3275) .
إن الجن لا يتسلطون إلا على من يخافهم ويخشاهم، كما قال عز وجل: "وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا" [الجن:6] .
أي بنيتي إن ذكر الله حصن حصين وإن الجن لا يتسلطون على من يذكر الله، وأنت مؤمنة مصلية ذاكرة لله، فليس لهم عليك سلطان وليس لهم إليك سبيل، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يقربه شيطان، وأن من قرأ آخر آيتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه، فإذا حافظت على ذلك فأنت في حفظ الله ورعايته، أن يخلص إليك شيطان أو يصيبك بسوء.
أي ابنتي: لا يصح أيضاً أن تسيرك الأحلام وتحكم تفكيرك رؤى ترينها في منامك، فأحلامك ورؤاك في النوم قد تكون نتيجة خوفك على الجنين وحديث نفسك بذلك.
وختاماً أنصحك باتخاذ الأسباب المشروعة بمراجعة طبيبة مختصة بعلاج أمراض النساء والولادة للكشف على حالتك وتشخيصها وعلاج حالات الإسقاط المتكرر.
والله يحفظك ويتولاك، وأسأل الله عز وجل أن يقر عينك بالذرية الصالحة.(20/333)
هل بي مسٌّ من الجن؟!
المجيب جماز عبد الرحمن الجماز
مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /السحر والمس
التاريخ 29/04/1425هـ
السؤال
مشكلتي تكمن في التغيير الجذري في تصرفاتي، القلق الشديد, الصراخ لأتفه الأسباب, ترك الصلاة, الفزع والخوف الشديد أثناء الليل, كثرة ارتكاب المعاصي، عدم الرغبة لا في العمل ولا في الدراسة, سيطرة اليأس, العزلة, التفكير الدائم, القيام بأفعال لا أشعر كلياً بأنني أنا من قام بها، أحياناً أكون عادياً ولكن في لحظات يتغير كل شيء، مع العلم أنه يتكرر معي عدة مرات في اليوم، أشعر وكأنني أعيش صراعاً داخليا عنيفاً، أشعر وكأنني شخصيتان متناقضتان في جسد واحد، مخاوفي أن يكون بي مس من الجن, -أعوذ بالله-، فهل هذا صحيح؟ وإن كان كذلك فهل سأتمكن من التخلص منه أم سيتمكن مني وأعيش حياتي هكذا في هذا الصراع؟ هل الأمر يستوجب الرقية أم هنالك علاج آخر؟ وهل استطيع الرقية بنفسي وكيف يتم ذلك؟ وبماذا تنصحونني في وضعي هذا؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فعصرنا الذي نعيش فيه قد كثرت فيه مغرياته، وشغلت الناس، ونقصت كثيراً من عرى الإيمان، وقلَّت الأذكار، وانصرف فئام من الناس، عن طاعة الله - عز وجل-، فكانت العاقبة أن تسلط الشياطين، وانقضت على القلوب الفارغة من ذكر الله -تعالى-، فكثرت الأمراض، وانتشرت الوساوس وراج سوق السحرة والكهنة، وهذا بلاء كبير، وشر مستطير.
واعلم - أخي الكريم- أن ما أصابك فهو من الله، وقدرة الله فوق كل شيء، ومهما كانت الأحوال والظروف والملابسات فالله - جل وعلا- لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وكان أمر الله قدراً مقدوراً.
وما تشتكي منه قد يكون سببه تسلط الشياطين عليك، حتى أصابتك بشيء أوصلك إلى ما أوصلك إليه، واعلم أن ما يصيب الناس بسبب الأرواح الشيطانية ثلاث؛ وهي: السحر، والصرع، والعين.
فأما السحر والصرع فهما مس داخلي يؤثر في الجسم تأثيراً واضحاً، ويظهر ذلك أثره في الأقوال والأفعال والأفكار والتصورات لدى الممسوس حتى أن من يراه يظن أنه شخصية أخرى.
وأما العين فهي مس خارجي يضايق ويؤذي من الخارج، وله نفوذ جزئي داخل الجسم فتتغير معه كيمائية الجسم من برودة الأطراف وحرارة الظهر والعينين وجفاف في الفم، وانفعالات زائدة، وتحدث أموراً ظاهرة في بدن الإنسان مثل: صفرة الوجه وتغير لونه المعتاد، وصداع غير منقطع لا يعرف سببه، وتبول كثير، وضعف شهية، ورطوبة اليدين والرجلين مع تنمل، وارق بالليل، وأثر تلك الأمراض الثلاثة على الإنسان متفاوت، فبعضهم تنهار نفسه، وبعضهم يصاب باليأس من الشفاء، وبعضهم يترك كل شيء وينتظر الموت، وبعضهم الآخر يقف مستبسلاً أمامها، واثقاً بالله - عز وجل- محسناً ظنه بربه - تبارك وتعالى-مؤمناً بقضاء الله وقدره، ساعياً في علاج نفسه بكل ما يستطيع، وهذا هو الواجب؛ لا أن يسلم أمره إلى الشيطان ويقنط من حرمة الله - تبارك وتعالى- وقوة المرض على الإنسان من ضعفه، راجعة إلى أمور: ومنها:(20/334)
1- قوة الجان المتلبس بالإنسان، فقد يكون كافراً أو مسلماً فاجراً ظالماً باغياً، معينها يكون أثره كبيراً.
2- ضعف الإيمان بالله - عز وجل- بالنسبة للإنسان ويصاحب ذلك. وقوعه في حمأة الرذيلة، وإقامته على المعصية، فحينها لا سلاح معه يدافع به الجان.
3- ضعف الشخصية للإنسان وعدم قدرته على التعامل مع المواقف والناس بشيء مقبول.
4- طبيعة القبيلة أو الأسرة حيث لديها قابلية لتلك الأمراض، وغير ذلك.
وأنت أيها - الأخ الكريم- سوف تتخلص - بإذن الله- من ذلك، وتعيش عيشة هنيئة خالية من تلك الصراعات؛ فالأمر سهل ميسور - إن شاء الله- وإليك البيان:
1- الجأ إلى الله -تعالى- وتعلق به وحده، وألح في الدعاء أن يشفيك.
2- أيقن أن الله هو الشافي وحده، وما تستخدمه من أسباب كأدوية ونحوها قد ينفع الله بها لحكمة أرادها، وقد لا ينفع الله بها؛ لحكمة يريدها.
3- ما عند الله لا ينال بمعصية الله، فأتِ البيوت من أبوابها.
4- طهر بيتك من المنكرات، وخاصة مزامير الشيطان (الغناء وآلات الطرب والموسيقى، والصور الفاضحة المحرمة؛ فهي محبوبة للشيطان، جالبة له، لا تنفك عنه.
5- الأصل في التداوي أن يكون بالقرآن الكريم ثم بالأسباب الدوائية المتاحة.
6- اعلم أن المداومة على ذكر الله على كل حال قائماً وقاعداً ومضطجعاً وأدبار الصلوات وأوقات الخلوات، وإذا أصبحت وإذا أمسيت (أذكار الصباح والمساء) مطردة للشيطان، مزعجة له، لا يقر له قرار، حتى يهرب من ذلك البدن أو البيت فاحرص على ذكر الله -تعالى- واستكثر منه.
7- اعلم أن المحافظة على الصلاة المكتوبة، والحرص على صلاة النافلة ليلاً ونهاراً هي راحة للأبدان المتعبة، والأنفس المجتهدة، وكم من مريض فشلت العقاقير الطبية في علاجه فلما اتجه إلى الصلاة برأت علته، وشفي الله مرضه، فالصلاة تحصين.
8- اعلم أن: (القرآن الكريم هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق وإيمان، وتبرك تام، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه، لم يقاومه الداء أبداً، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه، والحمية منه لمن رزقه الله فهماً في كتابه، فمن لم يشفه القرآن، فلا شفاه الله، ومن لم يكفه فلا كفاه الله) ، قال ابن القيم: [فقل لي بربك كيف حالك مع كتاب ربك، قد تكون ناسياً له، مهملاً له، غير مهتم به، لا تعرف القراءة فيه إلا لضرورة أو في رمضان، فافهم ذلك جيداً] .
9- اعلم أنك لا زلت تتقلب في نعمة الله -تعالى-، والله - تبارك وتعالى- ابتلاك بهذا الأمر اختباراً لك، فما أنت صانع فيه، كن مؤمناً لا منافقاً، صابراً محتسباً لا متضجراً متأنفاً.(20/335)
10- عالج نفسك بالرقية الشرعية، وتول أمرك بنفسك، فالنائحة الثكلى ليست كالنائحة المستأجرة، وما حك جلدك مثل ظفرك، فتول أنت جميع أمرك، وفي ذلك إحياء لسنة الرقية، الأساس (رقية الإنسان نفسه) ، وشعور الناس بعظمة هذا القرآن، وأن بمقدور كل مسلم كائناً من كان الاستشفاء به دون واسطة، وفيه بروز معلم عقدي غائب، وهو التوكل على الله -تعالى-، حيث لم يلتفت قلبه إلى غير الله -تعالى-، وفيه إيجاد أناس في كل بيت يرقون بكتاب الله ويحبون ذلك، فلا يكون الأمر مقصوراً على أناس بأعيانهم هم الذين يرقون فقط.
11- إذا لم تستطع فعل ذلك بنفسك لأي سبب، فلا مانع من الذهاب إلى أناس موثوقين في دينهم وعبادتهم، وطلب الرقية منهم.
12- اعلم أنه قد تتكامل الأسباب من الرقية الشرعية وتعاطي الأسباب الدوائية، ومع ذلك لا يبرأ؛ لأنه فوق كل هذه الأسباب إرادة المسبب وهو الله - عز وجل-، فالشفاء بيد الله وحده متى ما أراد.
13- الرقية هي العزيمة، والمراد بهما قراءة الآيات والدعوات على المريض بدون نفث، ويمكن فعل الرقية ومعها نفث، وهو جمع الريق والنفخ به نفخاً لطيفاً أثناء الرقية أو بعد كل جملة أو بعدها مباشرة.
14- إذا كنت ترقي نفسك فاجمع كفيك واقرأ فيهما، وبعد الانتهاء أنفث فيهما وامسح بهما سائر جسدك.
15- إذا كنت ترقي غيرك فليكن المريض بين يديك- يعني أمامك-.
16- عندما تريد الرقية (ليكن في نيتك) إصلاح العضو المريض، والشفاء من المرض، ودعوة الجان المتلبس؛ لأن يترك ظلمه واعتدائه، ويغادر جسم المريض، ولا يعود إليه أبداً، وهذا التصور له أثر كبير على الجان فيتأثر وعلى المرض العضوي فيشفى.
17- قد يحدث لك أثناء الرقية أو بعدها وأثناء النوم، أن ترى رؤيا ويغلب على ظنك أنها لا تعني شيئاً، والحال ليس كذلك، بل اسأل أهل التعبير عنها، فقد تعرف منها ما أصابك أو من أصابك، وكيف تستطيع معالجة نفسك.
18- إذا أردت الرقية، فاحضر ماء وزيت زيتون وعسل، واقرأ فيها كلها ثم اجعلها عندك، واشرب من هذا الماء ما شئت كل يوم، وادهن من الزيت لكل بدنك كل ليلة، واخلط العسل بماء واشربه كل يوم على الريق، وإن وضعت معه وخلطته بالحبة السوداء فهو أفضل، فإن في ذلك شفاء بإذن الله.
19- احرص على الجري أو المشي كل يوم، فإذا تعرق بدنك اغتسل بالماء البارد واشرب منه قال -تعالى-: "وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ* ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ" [صّ:41-42] .
20- القرآن كله شفاء، ومن الآيات والدعوات التي يرقي بها الإنسان نفسه بعامة وهي نافعة في السحر والصرع والعين والأمراض العضوية ما يلي:
* سورة الفاتحة.
* أول سورة البقرة من الآية (1) إلى الآية (5) .
* آية الكرسي (من سورة البقرة الآية: 255) .
* آخر آيتين من البقرة (من الآية 285- 286) .
* أول سورة آل عمران (من الآية: 1-2) .
* ابدأ من سورة الأنعام (رقم 107) "وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم".
* بعض آية من سورة الأنبياء (رقم 87) " ... لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".(20/336)
* آخر سورة الحشر (الآية 22- 24) .
* آية من سورة الأنبياء (رقم 69) "قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم".
* بعض آية من سورة البقرة (رقم 137) "فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم".
* سورة الإخلاص كاملة.
* سورة الفلق كاملة.
* سورة الناس كاملة.
* باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك".
* بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم.
* حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
ومن أيقن أن به سحراً قال ما أعلاه وزاد عليه.
- آيات من سورة الأعراف "فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ" [لأعراف:118-121] .
آيتان من سورة يونس " ... قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ*وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ" [يونس:81-82] .
- بعض آية من سورة طه " ... إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى" [طه: من الآية69] .
وليحرص كل الحرص على معرفة مكان السحر وماهية السحر، ثم يقوم بإتلافه، والطريقة المثلى لإتلافه، أن يضعه في إناء وفيه ماء وملح ليذوب ما فيه، ويقرأ بعض الآيات كالفاتحة وآية الكرسي والمعوذات، والآيات الخاصة بالسحر بنية إبطاله، ثم يقوم بدفنه ويسمى الله - عز وجل- عليه.
ومن أيقن أنَّ به صرعاً مساً من الجن قال ما أعلاه، وزاد عليه.
* آيتان من سورة البقرة (163-164) "وإلهكم إله واحد ... لقوم يعقلون".
* أربع آيات من سورة المؤمنون (115-118) "أفحسبتم أنما ... وأنت خير الراحمين".
* أربع آيات من سورة الأحقاف (29-32) "وإذ صرفنا إليك نفراً.. أولئك في ضلال مبين".
* أول الصافات (1-10) "والصافات ... فأتبعه شهاب ثاقب".
* آية من الحديد (3) "هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم".
* ويدعوه بـ "اخرج عدو الله، أعوذ بالله منك".
ومن أيقن أن به عيناً (نظرة) قال ما أعلاه وزاد عليه.
- آية من النساء: (54) "أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله ... ".
- آيتان من الملك (3-4) "فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر ... وهو حسير".
- آيتان من القلم (51- 52) "وإن يكاد الذين كفروا ... وما هو إلا ذكر للعالمين".
فإذا رقى الإنسان نفسه بهذا على التفصيل كما تقدم أو رقى غيره، توقف قليلاً، ثم قرأ رقية ينوي بها إلباس الصحة والعافية وحصول تمام الشفاء.
* " ... ويشف صدور قوم مؤمنين" [التوبة من الآية: 14] .
* " ... وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين" [يونس من الآية: 57] .
* " ... فيه شفاء للناس ... " [النحل من الآية: 69] .
* " ... وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً" [الإسراء من الآية: 82] .
* "وإذا مرضت فهو يشفين" [الشعراء من الآية: 80] .
* " ... قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء.." [فصلت من الآية: 44] .(20/337)
* "وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا..وهو الولي الحميد" [الشورى من الآية: 28] .
"رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري" [طه: 25-26] .
* سورة الشرح كاملة "ألم نشرح لك صدرك ... وإلى ربك فارغب".
* ويدعو بـ "أذهب الباس، رب الناس، بيدك الشفاء لا كاشف له إلا أنت"
* واللهم رب الناس، اذهب الباس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً".
* و "أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك" (أن يشفيني) .
ثم يتوقف قليلاً، ثم يرقى بنية التعويذ والتحصين له أو لمن يقرأ عليه، وأن الأذى لا يعود إليه أبداً إن شاء الله.
* آيتان من سورة المؤمنون (97 -98) "وقل رب أعوذ بك من همزات الشيطاين وأعوذ بك رب أن يحضرون"
* بعض آية من البقرة: " [من الآية:137] ... فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم".
* ويدعو بـ "أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون".
* وبـ "أعوذ بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة".
* وبـ "أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرا، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل والنهار، إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن".
* وبـ "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق".
* وبـ "تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو، إلهي وإله كل شيء، واعتصمت بربي ورب كل شيء، وتوكلت على الحي الذي لا يموت واستدفعت الشر بلا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الرب من العباد، حسبي الخالق من المخلوق، حسبي الرازق من المرزوق، حسبي الذي هو حسبي، حسبي الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه، حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا، ليس وراء الله مولى حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
وإن كان يرقي غيره فعند التعوذات النبوية يبدل الضمير ويجعله للمخاطب "أعيذه" أو "أعيذها" أو "أعيذكم"، وعند التحصين يقول: (حصنت نفسي ومالي وأهلي وكل شيء أعطانيه ربي، بالحي القيوم الذي لا يموت أبداً، ودفعت عنهم السوء بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
وأما الأمراض العضوية والنفسية فتعالج بالقرآن أيضاً، وللسلف تجارب نافعة في هذا الباب كابن تيمية وابن القيم وغيرهما.
تنبيه:
لا يفهم مما سبق ترك الأسباب الدوائية، إذ فعل الأسباب من الأمور التي ينبغي العمل بها، فيحرص الإنسان على التداوي فهو مشروع، بل هو في منزلة مدافعة ألم الجوع والعطش، وحقيقة التوحيد لا تتم إلا بمباشرة الأسباب، وتعطليها يقدح في التوكل، فالتداوي ليس كالاسترقاء.(20/338)
الاسترقاء طلبه مباح وتركه أفضل، بخلاف التداوي فإنه مسنون وقد يكون واجباً، وهذا هو المشهور عن الشافعية، ومذهب جمهور السلف وعامة الخلف، واختاره ابن تيمية وابن القيم، وهو ما يفتي به أئمة الدعوة في الديار النجدية بعامة، ومن التداوي التداوي بالطب النبوي أو الطب الشعبي أو الطب الكيميائي الحديث، ومنه الذهاب إلى العيادات والمستشفيات والمصحات، في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لكل داءِ دواءٌ، فإذا أصيب دواءُ الداء برأ بإذن الله - عز وجل-" رواه مسلم (2204) عن جابر - رضي الله عنه -.
ولذا فلا بأس بأن تجمع مع ذلك مراجعة طبيب نفسي فربما كان ما لديك حالة نفسية مرضية تستجيب للعلاج والنفس تمرض كما يمرض البدن، ولكل داءً دواء.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، وأن يهيئ لله من أمرك رشداً، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.(20/339)
الحسد ... الأسباب/الوقاية والعلاج
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الحسد والعين
التاريخ 9/1/1425هـ
السؤال
ما هو علاج الحسد؟.
الجواب
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على الهادي البشير، والسراج المنير، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
إلى الأخ السائل: - سلمه الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخي الكريم: لقد سرني جداً سؤالك، على الرغم من إيجازه، لكنه موضوع من الأهمية بمكان، وجدير بالاعتناء، وقد كثرت الكتابة فيه؛ وذلك لأنه تفشى في المجتمع بصورة رهيبة تدعو لوقفة جادة لعلاج هذا الداء العضال.
فالحسد داء عضال، وخصلة ذميمة تفتك بالمجتمعات والأفراد، بل والشعوب على حد سواء، فالمجتمع الذي تسود فيه هذه الصفة الدنيئة مجتمع ينعدم فيه التعاون والحب، ويسري فيه الأمراض الفتاكة، كمرض الشحناء والكره، والفرقة، والتباغض، وغيرها من الأمراض التي تفتك بكيان الأمة كلها.
تعريف الحسد لغة واصطلاحاً:
فالحسد كما عرفه علماء اللغة: هو أن يرى المرء لأخيه نعمة، فيتمنى زوالها عنه، وتكون له من دونه.
وقد عرف علماء الشريعة الحسد بتعريفات عدة، كلها تدور في فلك واحد، ألا وهو تمني زوال النعمة من الغير، قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى-: الحسد هو تمني زوال النعمة عن صاحبها، سواء كانت نعمة دين أو دنيا) ا. هـ.
وقال الإمام الغزالي - رحمه الله تعالى-: (أما الحسد عند علماء الشريعة فحده كراهية النعمة، وحب زوالها عن المنعم عليه) ، ا. هـ.
وقال الإمام ابن الجوزي - رحمه الله تعالى-: (الحسد: هو تمني زوال نعمة المحسود، وإن لم يصل للحاسد مثلها) ا. هـ.
أدلة الحسد من الكتاب والسنة:
والحسد حقيقة واقعة، وأدلة وجوده قاطعة، وهي كثيرة في كتاب ربنا وسنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- فمن ذلك: قوله -تعالى-: "أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله" [النساء: 54] .
وقال -تعالى-: "ومن شر حاسد إذا حسد" [الفلق:5] ، وقال -تعالى-: "فسيقولون بل تحسدوننا" [الفتح:15] ، وكذلك قصة يوسف عليه السلام مع أخوته مشهورة في هذا الباب، عن أبي هريرة -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إياكم والحسد؛ فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب" رواه أبو داود (4903) وعن بن الزبير بن العوام -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء" رواه الترمذي (2510) .
ولذلك حذرنا النبي - صلى الله عليه وسلم- من الحسد؛ وذلك لخطره وسوء عاقبته في الدنيا والآخرة.
فعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم، أن يهجر أخاه فوق ثلاث" متفق عليه عند البخاري (6065) ، ومسلم (2559) .
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "لا يجتمعان في قلب عبد الإيمان والحسد" رواه النسائي (3109) .(20/340)
فالحسد شره عظيم، وخطره جسيم، إذا هجم فتك، وإذا ضرب قضى، وإذا صوب أصاب في مقتل، ولهذا المرض الخبيث أسباب يحسن بنا معرفتها؛ لتجنبها والوقاية منها.
أسباب الحسد:
للحسد أسباب عدة، ويمكن أن نجملها في النقاط التالية:
1- ضعف الإيمان، وعدم الرضا بما قسمه الله: فالذي حرم القناعة وعدم الرضا، فقلبه يحترق ويتمزق أسفاً كلما رأى أحداً في نعمة، وهو يرى نفسه محروماً منها، ولا يدري المسكين أن الله قدر هذه الأشياء وقسم الأرزاق، ونحن في عالم الغيب، فالرضا بما قسمه الله يريح النفس، ويطمئن القلب؛ لأن كل شيء بقضاء وقدر.
2- الجهل بعواقب الحسد، فالحاسد لا يدرك شناعة وعواقب الحسد الوخيمة، وما يترتب عليه من نتائج عظيمة على الدين، والنفس، والمجتمع، ففي الدين: الحاسد ساخط على أقدار الله، وهو بذلك يصف المولى -جل وعلا- بعدم العدل، تعالى الله عما يصفه الحاسدون علواً كبيراً، حيث إنه يرى أن الله أعطى هذا ومنعه هو، فهو ساخط لذلك، وهذا أمر خطير، أما على النفس، فالحاسد دائم التفكير بما أنعم الله على غيره، يعيش في كآبة وحزن كلما رأى غيره يتقلب في نعمة الله، وهو المحروم، فهو دائم الحزن، تعلو وجهه الكآبة، متعكر المزاج، لا يهنأ بعيش، ولا يهدأ له بال، ولا يستقر له قرار، الحسرة ملازمة له، ولا يجني من وراء ذلك إلا الندامة، وتشتت القلب، وفزع النفس، فأمر الله نافذ لا راد له، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط.
أما على المجتمع، فالحاسد شخص منبوذ من المجتمع، يبغضه الصغير والكبير، والقريب قبل البعيد، ينفر منه الناس، ولا يألفونه، فهو بذلك يشعر بالغربة في وسط أقرب الأقربين له، ويكون لذلك الآثار السيئة عليه، حيث يهبط مستواه الاجتماعي، ويتدنى مستواه في العمل والإنتاج، ويكون بذلك عضواً غير فعَّال في المجتمع الأولى بتره واستئصاله؛ خوفاً من تسرب العدوى منه لغيره.
3- الحقد والعداوة والبغضاء، وهذه الأشياء من أشد أسباب الحسد، وأخطرها، فتجد الإنسان الذي تأصلت فيه هذه الخصال السيئة ونمت، تولد عنده الحسد تلقائياً لكل صاحب نعمة فهو لا يحب أن يرى نعمة على من يبغضه، ويكن له الشحناء والكره، بل قد يدفعه الحسد والحقد، والعداوة على إلحاق الضرر بمن يبغض على تفاوت في درجاته.
4- التعجب: حيث أخبر الله - جل جلاله- في كتابه الكريم عن الأمم السابقة لما قالوا لأنبيائهم ورسلهم: "ما أنتم إلا بشر مثلنا.." [يس:15] ، وقالوا: "أنؤمن لبشرين مثلنا" [المؤمنون: 47] ، فتعجبوا من أن يفوز برتبة الرسالة والوحي، والقرب من الله -تعالى- بشر مثلهم، فحسدوهم على ذلك مما أدى إلى كفرهم -عياذاً بالله من حالهم-.
5- الكبر: ومنه كان حسد الكفار لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ قالوا: "لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم" [الزخرف: 31] ؛ ولذلك علل أبو جهل -لعنه الله- كفره برسول الله - صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (تنازعنا وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه، والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه) .(20/341)
قلت: فما حمله على الكفر برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا الحسد الذي ملأ قلبه من نعمة الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم- وتشريفه بالوحي والرسالة.
6- خبث النفس: - والعياذ بالله- وشحها بالخير لعباد الله، فمن الناس من يحزن إذا رأى أو سمع بحسن حال عبد من عباد الله، ويفرح إذا حلت بساحته المصائب والنكبات، لا لشيء، ولكن لخبث نفسه، وسوء نيته، وفساد طويته، كما قال ربنا عن مثل هؤلاء: "وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها" [آل عمران: 120] .
7- وجود القاسم المشترك بين بعض الفئات من المجتمع أو ما يسمى التنافس بين الأقران في مجال مشترك بينهم ويسميه الغزالي في الإحياء بالخوف من فوت المقاصد، فيقول: (وذلك مختص بمتزاحمين على مقصود واحد، فإن كل واحد يحسد صاحبه في كل نعمة تكون عوناً له في الانفراد بمقصوده، ومن هذا الجنس تحاسد الضرات في التزاحم على مقاصد الزوجية، ومنه أيضاً حسد إخوة يوسف - عليه السلام - له؛ لفوزه بقلب أبيهم، كمال قال -تعالى-: "إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا") [يوسف: 8] ا. هـ.
هذه بعض الأسباب التي تؤدي إلى هذا المرض الفتاك.
علاج الحسد والوقاية منه:
بعد معرفتنا للأسباب التي تؤدي للحسد يجدر بنا معرفة العلاج والوقاية من هذا الداء:
أولاً: تجنب الأسباب التي تؤدي إليه، والعمل على إزالتها بالكلية، وسد الطريق أمام أي شيء يؤدي إلى ذلك.
ثانياً: قراءة الفاتحة وآية الكرسي، فعن عمران بن حصين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "فاتحة الكتاب وآية الكرسي لا يقرؤهما عبد في دار فلا تصيبهم في ذلك اليوم عين أنس أو جن" رواه الديلمي.
ثالثاً: قول ما شاء الله لا قوة إلا بالله، عندما يخشى العائن إصابة عينه لغيره، أو لماله، أو أبنائه، فليقل: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله"؛ لما روي عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من رأى شيئاً فأعجبه فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضره".
رابعاً: قراءة المعوذتين، والتحصينات، والأدعية النبوية، للوقاية من حسد الجن، وعورات بني آدم فقد روي عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم أن يقول الرجل المسلم إذا أراد أن يطرح ثيابه بسم الله الذي لا إله إلا هو" رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة (273) وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: بسم الله" رواه الترمذي (606) وابن ماجة (297) من حديث علي - رضي الله عنه -.
وقال - صلى الله عليه وسلم-: "ستر ما يبن أعين الجن وعورات بني آدم إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول: بسم الله " رواه الطبراني في الأوسط (7066) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
خامساً: الرقية الشرعية: فقد ثبت أنْ رقى جبريل - عليه السلام - النبي -صلى الله عليه وسلم- برقية هي: "بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس، أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك" رواه مسلم (2186) من حديث أبي سعيد الخدري.(20/342)
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعوذ الحسن والحسين -رضي الله عنهما-، ويقول: "أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة"، ويقول: "إن أباكم إبراهيم كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق" رواه البخاري (3371) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
للمريض أن يقرأ على نفسه الفاتحة وقل هو الله أحد، والمعوذتين، وينفث في يديه، ويمسح بهما جسده. فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات، فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه، وأمسحه بيد نفسه؛ لأنها كانت أعظم بركة من يدي. رواه البخاري (4439) ومسلم (2192) واللفظ له.
سادساً: قول (اللهم بارك) : أي أنك إذا رأيت من أخيك ما يعجبك فادعو له بالبركة، عن أبي أمامة سهل بن حنيف قال: مر عامر بن ربيعة بسهل بن - رضي الله عنهما - وهو يغتسل، فقال: لم أر كاليوم، ولا جلد مخبأة فما لبث أن لبط به، فأتى به النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقيل: أدرك سهلاً صريعاً، قال: "من تتهمون به؟ " قالوا: عامر بن ربيعة - رضي الله عنه - قال: "علام يقتل أحدكم أخاه، إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة"، ثم دعا بماء، فأمر عامراً - رضي الله عنه - أن يتوضأ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، وركبتيه وداخلة إزاره، وأمره أن يصب عليه الحديث رواه ابن ماجة (3509) وأحمد (15550) .
سابعاً: الاغتسال بماء وضوء الحاسد أو العائن، وقد تقدم ذلك في الحديث السابق، وفي رواية أحمد تفصيل حيث قال: "ثم صب ذلك الماء عليه، يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه يكفئ القدح وراءه" ففعل به ذلك، فراح سهل - رضي الله عنه - مع الناس ليس به بأس. هذا، والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(20/343)
أرواح شريرة!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الحسد والعين
التاريخ 5/12/1422
السؤال
أخي الكريم، أود السؤال عن موضوع لم يحيّر عائلتي فقط بل عائلات الحي وهو ما يسمى " بالطب الروحي ". تعرفنا على رجل قد درس الدكتوراه في الشريعة من الأزهر ويقول: إنه يعالج الأرواح ويطردها وذلك بذكر الله عز وجل واستخدام البخور وغذاء ملكات النحل.. أنا لا أشك فيه، ولكني لست مقتنعة بهذه الأحاديث وسأعرض لكم الحالة:
لي قريبة كان نصيبها من الجمال لا يوصف، وعندما أرادت الزواج كان أهل العريس وبخاصة النساء لا يريدون حدوث ذلك، وبعد إنجاب أول طفل كانت صحتها ممتازة، ثم أصبحت تأكل بنهم كمية لا يقوى عليها أربعة رجال، لا نعلم كيف ولماذا أو حتى أين تذهب بالطعام الذي تأكله؟ ولو ترى شكلها لقلت إنها لا تأكل أبداً؛ فهي نحيفة جداً. أجرينا لها فحوصات طبية وعجز الأطباء عن تشخيص حالتها. وقال هذا الشيخ الذي كلمتكم عنه: إنه قد اكتشف أن هناك ثمانية أرواح تأكل معها وهي لا تستفيد أبداً من الطعام. قال: إن هناك أشخاصاً أسقوها شيئاً مقروءاً فيه وقد تموت بعد خمس إلى ثماني سنوات. أرجوك أيها الأخ الكريم، أرشدنا، مع العلم أنها متدينة ولا يفوتها فرض. أرجوك دلنا بأسرع وقت، وهل ما قلته صحيح؟ المستشار مؤتمن وأنا أستشيرك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
أختي الفاضلة؛ أشكر لك ثقتك، وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسّداد والرشاد وأن يرينا جميعا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ً ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل. أما عن استشارتك فتعليقي عليها مايلي:
أولا: لا أحد ينكر أو يقلل من الأهمية العظيمة للرقية الشرعية بالكتاب والسنة.. وقد ورد في ذلك الكثير من الأحاديث الصحيحة.. وكذلك العسل حيث قال تعالى} يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس.. {أما البخور فلا أدري ما علاقته بذلك..!! وليس له أصل شرعي!!
ثانيا: وأما ((تلبس الشياطين بالإنس)) فهو أمر وارد وله شواهد كثيرة..وأسبابه أيضاً كثيرة.. وللرقية الشرعية أثر كبير بإذن الله في شفاء المريض من ذلك.
ثالثا: السحر والعين أمران واقعان - نسأل الله السلامة - وقد يصاب الإنسان بهما أو بأحدهما بفعل فاعل..!! والعلاج منهما يكون كذلك بالرقية الشرعية.. إضافة إلى بعض الطرق الشرعية الواردة في بعض الأحاديث (راجعي كتاب: الطب النبوي) .(20/344)
رابعا: أما أن يقرر أحد ما.. كائناً مَنْ كان، ويحدد تاريخاً معيناً مستقبلياً لوفاة إنسان أو أي أمر يتعلق بمستقبله..!!! فهو كاذب.. كاذب.. فلا يعلم الغيب إلا الله.. وهذا مما اختصه الله تعالى بعلمه} إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم مافي الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت.. {. ولذلك فمتى ما حدثكم من أمامكم بأمر من أمور الغيب المستقبلي فاعلموا أنه كاذب ومنجم.. حتى ولو أخبركم من أمر الماضي بعض الصدق.. فالماضي قد يوحى إليه من بعض شياطين الجن..! ومن ثم يلبس على من أمامه بأنه ما دام قد أخبره بأسراره وأخباره الماضية فإنه يعلم أموره الغيبية المستقبلية.. نسأل الله العافية.
خامسا: مشكلتنا في هذا الزمن أن الأمور تشابهت وتداخلت إلى حد كبير.. وبما أن العافية ترتجى فقد ظهر المئات من المدعين بالعلاج بالرقية الشرعية.. استغلالا لمشاعر وعواطف المسلمين الدينية التي تحيط هذا الأمر بهالة من القدسية..! ومن ثم خلطوا في هذه الأمور ولبسوا على المسلمين وخلطوا الحلال بالحرام والإيمان بالكفر..!؟! والطب الشرعي بالكهانة المحرمة!!!
سادسا: وهذا لاينفي وجود بعض الرقاة الثقاة المحتسبين - هكذا نحسبهم والله حسيبهم - فانصحوا قريبتكم بمراجعة أحدهم.. وأنتم أعلم بمن عندكم؛ فكونوا على حذر.. واختاروا الأصلح.. ولن تعدموه بإذن الله.. ثم انصحي قريبتك بكثرة الدعاء وصدق الالتجاء إلى الله؛ فالله تعالى قريب مجيب يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
وفقكم الله.(20/345)
نفسي تراودني على قتلهم
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الحقد
التاريخ 14/12/1426هـ
السؤال
يوجد أشخاص أكرههم كثيراً؛ لأنهم فعلوا ما حرم الله مع أمي وأنا صغير، وكلما أراهم أود لو أقتلهم كما آلموني، حتى أني اشتريت سكيناً ذات يوم لأقتلهم به، لكنني أخاف الله. فبم ترشدوني؟ بارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أسأل الله تعالى أن يزيدك قوةً وصبراً واحتساباً لما تواجهه من مشكلة وامتحان في هذه الدنيا، وهذا دليل قوي على تحملك ما أصابك والبعد عن نزوات الشيطان، والتي سيكون حريصاً جداً على المعاودة لك باستمرار لارتكاب أمراً مخالفاً لشرع الله، وبالتالي يؤدي بك إلى أن تخسر دنياك ودينك.
أخي الحبيب إن ما ارتكبه هؤلاء لا شك أنها جريمة في حق والدتك -هداها الله وتجاوز عنها خطأها-.
ولكن أن نعالج الخطأ بخطأ آخر هنا تكون المصيبة الكبرى، فالتعرض لهؤلاء العصاة -هداهم الله- بطريقتك التي تنوي عملها مدعاة لأن تكون أنت الخاسر الأكبر بتلك النهاية التي لا يحمد عقباها.
فيا أخي أنت لا زلت في عمر صغير، ومقبل على مستقبل مزهر -بإذن الله تعالى- لذا سأورد بعض الوصايا؛ لعلها تعينك في دنياك وتحفظ لك آخرتك:
1- احرص أخي الكريم على التزود من العلم الشرعي من خلال حفظ القرآن الكريم، وقراءة الأحاديث الصحيحة، وسيرة الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم، ومجالسة الصالحين، وأكثر من الاختلاط بهم؛ فهم العون لك -بعد الله عز وجل- على مواجهة الفتن وهمزات الشيطان والتغلب عليها.
2- اهتم بمستقبلك التعليمي، وارسم أهدافاً قصيرة كتجاوز المرحلة التي تدرس بها والتفوق، وأهدافاً بعيدة كوضع هدف تسعى لأن تحققه من خلال دراستك "مهندساً، ومعلماً طبيباً، طياراً" ومن ثم مواصلة الدراسة متى ما سنحت لك الفرصة لأن تكون دكتوراً بعون الله وقوته.. وهي أهداف ضروري أن ترسمها داخل مخيلتك وتكتبها، ومن ثم تعمل على تحقيقها هادفاً من ذلك خدمة دينك أولاً ثم أمتك وبلدك.
3- احرص على الاشتراك في الجمعيات الخيرة وهي كثيرة وبقدر ما تستطيع، وإشغال نفسك عن التفكير بالماضي الأليم لك.
4- إن كانت والدتك على قيد الحياة فاحرص على المحافظة عليها ومساعدتها على تعلم العلم الشرعي، وإشعارها بأنك تحبها وتسعى إلى أن تترافقا في الجنة -بإذن الله- كما كنتم في الدنيا.. وزودها ببعض الكتيبات المناسبة بهدف تحصينها، والاستماع إلى المحاضرات والخطب الخاصة بالمرأة، فهي أمور فيها الخير الكثير لك ولها وستؤجر على ذلك.
5- إن كان باستطاعتك القدرة على تغيير البيئة التي تعيش فيها فهي من الأمور الناجحة، فلا تتردد في ذلك حينما تسنح لك فرصة الابتعاد عن ماضيك.(20/346)
6- إن غيرتك على انتهاك حرمات الله من أجل الأعمال التي حث عليها ديننا الحنيف، ولنا فيما جاء في الحديث الصحيح: "من رأى زوجته تفعل الزنا فعليه بإحضار أربعة شهود على ذلك، وقد قال أحد الصحابة وهو سعد بن معاذ والله لو وجدتهما لقتلتهما فقال الرسول الرحيم بالأمة: (أتعجبون من غيرة سعد والله إني لأغير منه والله أغير مني ومنه) أو كما جاء في الحديث الشريف.
فعليك بالحديث والتعامل الحسن مع والدتك والرحمة بها ومساعدتها بقدر استطاعتك على هدايتها إلى طريق الحق والصواب، وابعد تماماً عن تسليم نفسك إلى نزوات الشيطان لارتكاب جريمة تهدم حياتك وتفسدها.
فهذا أخي المبارك عدد من النقاط التي تيسر لي ذكرها لك؛ لعلها تكون عوناً على مواجهة مشكلتك. سائلاً الله تعالى أن يبارك فيك ويجنبك الشيطان وخطواته ومزالقه، وأن يحفظك من كل مكروه ويقيك شر نفسك، ويحفظ لك والدتك ويبارك لك في عمرك ويجعلك مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر إنه ولي ذلك والقادر عليه.(20/347)
قلبي مليء بالغل والحقد فكيف الخلاص؟!
المجيب د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الحقد
التاريخ 13/08/1426هـ
السؤال
أود أن أستشيركم في قول الله تعالى: "ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره"، وقد أخبرنا الرسول -عليه الصلاة والسلام- أن الحقد والغل في القلب يحلق الدين ويذيب الحسنات، وبصراحة أنا أود أن أتخلص من غل في قلبي على بعض الأشخاص، لكني لم أستطع، وأخاف كثيراً على الحسنات التي أعملها ليلاً ونهاراً ولله الحمد. أفيدوني بارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
أخي الفاضل: كم أعجبتني هذه الحساسية التي تعمر قلبك، فأنت في الوقت الذي تعترف فيه بأن قدراً من (الغل) يحتل مساحة من قلبك تفزع (جداً) لإدراكك أنه سيكون له تأثير على ما اجتهدت في جمعه وتحصيله من الحسنات.. ولعلك تستحضر سؤال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- أصحابه: "أتدرون ما المفلس؟! ". وسارع الصحابة بالإجابة مشيرين إلى المصطلح العام المعروف للمفلس: (المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع) . ولكنهم فوجئوا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يشير إلى تعريف غير متداول لمصطلح المفلس، ولكنه يمثل القيمة الحقيقية لـ (الإفلاس) ، فيقول: "إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار"! صحيح مسلم (2581) .
إنه أمر مفزع حقاً أن يفاجأ الإنسان -الذي كان يشعر باغتباط لمحافظته على أعمال الخير، وحرصه عليها- أن تلك الأعمال التي تعب في جمعها وتحصيلها قد انتقلت منه إلى غيره، بل وحلَّت محلها أوزار استحق بها النار، ومن أجل ماذا حدث هذا المصير المؤلم؟.. إرضاء لنزوة عاطفية، وتجاوباً مع انفعال عارض!
أخي الكريم: إن الغل والحقد له آثاره النفسية السيئة على صاحبه، وتخيل إنساناً يحمل فوق رأسه حملاً ثقيلاً أينما راح، وحيثما حل ماذا يناله من الضيق والتعب، ولتعلم أن المنطوي على الغل أشدُّ تعباً، وأكثر إجهاداً منه!.. حين يعلم بنعمة أصابت صاحبه يظل إعصار الغل يدور داخله بقوة، ينسيه طموحاته، ويشغله عن همومه وأعماله، ليظل خصمه هو (محور) اهتمامه، وكأنما هو ماثل أمامه يثيره ويستفزه!! ومن ثم فهو في عذاب دونه الكثير من العذاب، ولذا أخبر (الله -عز وجل- أنه ينقى قلوب ساكني الجنة من الغل والحقد، وذلك أن صاحب الغل معذب به، ولا عذاب في الجنة) [تفسير الثعالبي (2/191) ] .(20/348)
أخي الكريم: سيرة النبي الكريم صفحة مشرقة للفضائل، ولو رحت تلتمس موقفه - صلى الله عليه وسلم- ممن آذاه لرأيت عجباً، فهو -صلى الله عليه وسلم- يكاد يقتل نفسه من الغم حين يرى إعراضهم عن الهدى والحق، رغم خلو ساحته من المسؤولية بالتبليغ، حتى أشفق عليه ربه -عز وجل- فقال: "فلا تذهب نفسك عليهم حسرات" [فاطر:8] وحين نصره الله عليهم، بعد حروب طويلة، حرصوا في كل واحدة منها على قتله، نراهم -كما ورد في السيرة، وليس له إسناد ثابت- يقفون بِذِلَّةٍ بين يديه، وهو يسألهم: "ما تظنون أني فاعل بكم؟ "، ولأنهم يدركون تأصّل التسامح في قلبه، وتجرده من حظوظ نفسه لمبدئه ودينه، قالوا: أخ كريم، وابن أخ كريم!!، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أقول كما قال أخي يوسف: "لا تثريب عليكم اليوم"، اذهبوا فأنتم الطلقاء!! ".
وحين نتأمل في كلمة: (لا تثريب عليكم) نجدها اختيرت بعناية، لتتناسب مع النفس الكريمة الكبيرة، فهي تحمل معاني تدور حول: (أي لا تأنيب عليكم، ولا عتب عليكم اليوم، ولا أعيد عليكم ذنبكم في حقي بعد اليوم) [تفسير ابن كثير (2/642) ] !!
إنه طيٌّ كامل لصفحة، وفتح لصفحة أخرى جديدة، إنه وعد بنسيان (تام) لكل ما جرى من أمور (سلبية) تشعرهم بمجرد (الخجل) منه!.. وصفحة حياته العطرة - صلى الله عليه وسلم - مليئة بسطور العفو والصفح، خاصة وقد أكد هذا المعنى عنده ربه -عز وجل- في وصيته له: (فاصفح الصفح الجميل) [الحجر:85] ، أي: (فأعرضْ عنهم إعراضا جميلا، ولا تعجل عليهم، وعاملهم معاملة الصفوح الحليم) [فتح القدير للشوكاني (3/201) ] .
والصفح الجميل: (هو - كما قال عليٌّ وابن عباس - رضي الله عنهما-: الرضا بغير عتاب) [الدر المنثور في التفسير بالمأثور (5/94) ] .
أخي الكريم: لعل من الوسائل العملية التي يمكن أن تساعد في التخلص من الغل والحقد ما يلي:
(1) أهمية استشعار أن الإنسان لا يبلغ حقيقة الإيمان حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، كما أخبر بذلك المصطفى - صلى الله عليه وسلم-: (ولا يتم ذلك إلا بترك الحسد والغل والحقد والغش وكلها خصال مذمومة) [فتح الباري (1/58] .
(2) استشعار الإنسان أن تخلصه من الغل والحقد يمنحه راحة نفسية كبيرة؛ عاجلة وآجلة، (وقد أثنى الله تعالى على خليله إبراهيم - عليه السلام - بسلامة القلب، فقال: (وإن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم) ، وقال -حاكياً عنه- أنه قال: (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) ، والقلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر وحب الدنيا والرياسة، فسلم من كل آفة تبعده من الله، وسلم من كل شبهة تعارض خبره، ومن كل شهوة تعارض أمره، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده، وسلم من كل قاطع يقطعه عن الله. فهذا القلب السليم في جنة معجلة في الدنيا وفي جنة في البرزخ وفي جنة يوم المعاد) [الجواب الكافي (84) ] .(20/349)
(3) إن المسلم ينبغي له أن يتسامى عن الأخلاق الدنيئة، وعلى رأسها الغل والحقد، وأن يغلب عليه العفو والصفح، وقد أدَّب الله عز وجل رسوله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "ولا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" [فصلت: 34] (قال ابن عباس: أمره الله تعالى في هذا الآية بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعل الناس ذلك عصمهم الله من الشيطان وخضع لهم عدوهم) [الجامع لأحكام القرآن (15/314) ] .
وذلك الأمر ليس سهلاً أو يسيراً، فهو يحتاج إلى صدق ومجاهدة، ولذا جاء بعد الآية السابقة قوله تعالى: (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) [فصلت:35] ، أي وما يلقى (هذه الفعلة الكريمة والخصلة الشريفة "إلا الذين صبروا" بكظم الغيظ واحتمال الأذى، "وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم" أي نصيب وافر من الخير. قاله ابن عباس) [الجامع لأحكام القرآن (15/316) ] .
وقد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه للتسامي والترفع، ابتغاء ما عند الله، فقال لهم: "ألا أدلكم على مكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "صل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك" أخرجه أحمد (17334) والبيهقي في الشعب (8080) ، وأصله في صحيح مسلم (814) .
وقد ضرب أبو بكر -رضي الله عنه- نموذجاً رائعاً في العفو والصفح، فقد شقَّ عليه ما رُميتْ به ابنته عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- من الإفك، وشقَّ عليه أكثر أن يكون ممن خاض في الإفك مسطح بن أثاثة -رضي الله عنه- وكان أبو بكر -رضي الله عنه-ينفق عليه لقرابته منه وحاجته. فلما نزلت الآيات ببراءة عائشة -رضي الله عنها- قال أبو بكر -رضي الله عنه- والله لا أنفق على مسطح شيئاً أبداً، ولا أنفعه بنفع أبداً بعد الذي قال لعائشة ما قال، وأدخل عليها ما أدخل، فأنزل الله في ذلك: "ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم" [النور:22] ، فقال أبو بكر -رضي الله عنه-والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها منه أبداً [تفسير الطبري (9/288) ] .
وما أجمل تلك المشاعر التي حملتها تلك الأبيات:
إني شَكوتُ لِظالِمي ظُلمي وَغَفَرتُ ذاكَ لَهُ عَلى عِلمِ
رَأَيتُهُ أَسدى إِلي يَداً لَما أَبانَ بِجَهلِهِ حِلمي
رَجَعت إِساءَته عَلَيه وَإِحساني فَآَب مُضاعَفا تَجرُمي
وَغَدوتُ ذا أَجرٍ وَمحمَدَةٍ وَغدا بِكَسب الذَمِ وَالإِثمِ
مازالَ يَظلِمُني وَأَرحَمَهُ حَتى بَكيت لَهُ مِنَ الظُلمِ
(4) التحلي بالصفات التي يغلب على الظن أنها تسهم بقوة في إزالة الغل والحقد، ومن ذلك ما ما رُوي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم: "تصافحوا يذهب عنكم الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء" [قال ابن عبد البر في التمهيد (21/11) : وهذا يتصل من وجوه شتى، حسان كلها] .
ورُوي عنه -صلى الله عليه وسلم-: "تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر". أخرجه الترمذي (2130) .(20/350)
(5) استشعار أثر الإحن والضغائن في حجب المغفرة عن المسلم، فقد روى أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلح" أخرجه مسلم (2565) .
هذا بعض ما يساعد في التخلص من الغل والحقد، ويدفع إلى (تنظيف) القلب منهما.
أسأل الله أن يمنّ عليك بالهداية والثبات، ويعينك على التخلص من كل ما ينقص إيمانك، أو يحبط أعمالك.(20/351)
سوف أنتقم
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الحقد
التاريخ 21/06/1426هـ
السؤال
أنا شاب مسلم، ابتليت بمصيبة كبيرة جداً، واتهمت في شرفي بتهمة أنا بريء منها، كان عمري حينها 19عاماً، وأعتبر نفسي مسؤولاً مسؤولية كبيرة عمّا حصل لي، فلقلة خبرتي -آنذاك- اعتقدت أن الأمر لن يكون بهذه الخطورة، حيث كنت أعرف أن أشخاصاً معينين يثيرون الشائعات حولي، لكنني تجاهلتهم، والآن عمري 23 سنة، وقد انطويت على نفسي انطواءً شديداً، إلى درجة أنني ما عدت أرغب في الخروج من المنزل إلا لحاجة أو ضرورة، مما زاد الطين بلة وأثار الشبهة والشكوك حولي، فهل انتقامي لشرفي من أولئك الأشخاص مباح شرعاً؟ وهل قتلهم -دفاعاً عن شرفي -ليس مخالفاً للدين؟ أريد نصحكم ومشورتكم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الجواب
أخي الكريم، لقد تفهَّمتُ ما ذكرته من الشائعة التي أشيعت عنك بالباطل، ولكن دعني أكون صريحاً معك، وأقول: إنك ضخَّمت الأمر أكثر مما ينبغي، وكان عليك أن تكون قوياً أمام هذه الشائعات وألا تؤثر في مستقبلك ولا في نفسيتك وأن تصمد لها.
ألا تتذكر أن نبيك -صلى الله عليه وسلم- اتهم بالسحر واتهم بالكهانة ووصف بالكذب، ومع ذلك كان أقوى من هذه التهم كلها، وتجاوزها صلى الله عليه وسلم.
ولذلك فإن هناك جزءاً من المشكلة أنت صنعته بتضخيمك لها وتفاعلك السلبي معها، وكنت حساساً أكثر مما ينبغي، وكان عليك تجاوز هذا الأمر.
أما ما ذكرته من أنك أصبحت انطوائياً، وأنك لا ترغب في الخروج من المنزل، فإن هذا نوع من الهروب الذي كان عليك أن تتجاوزه، اخرج إلى الناس، اقتحمهم بشخصيتك ونظراتك، وستجد أنك كنت تعيش في وهم، وأن الناس مشغولون بقضاياهم وهمومهم ومشاكلهم، وليسوا منشغلين بقضيتك ومشكلتك والحديث عنك.
أما ما ذكرت عن هؤلاء الأشخاص، وأنك تريد أن تنتقم لشرفك منهم -ولو بالقتل- فهذا تصرف غير صحيح، وخطيئة كبيرة وجريمة شنيعة ترتكبها، فإنه لا يتولى أحد الانتقام وتطبيق الحدود وتنفيذ العقوبات بنفسه، وإلا لأصبحت الحياة فوضى، وكل يستطيع أن يبطش بغيره، بحجة أنه قد أساء إليه أو ظلمه، أو ارتكب جريمة في حقه.
وصيتي لك تتلخص في التالي:
أولاً: اخرج من عزلتك واقتحم المجتمع، وكن واثقاً من نفسك، ولا تكن ضعيفاً أمام ما تتوهمه من نظرة الناس إليك.
ثانياً: تحرَّر من الأوهام، وإياك أن تحبس نفسك في وهم أن الناس يتحدثون عنك أو يشكُّون فيك أو يحتقرونك، فالناس في شغل شاغل بهمومهم وقضاياهم عن التفكير فيك.(20/352)
ثالثاً: انس هذا الموضوع تماماً، سواء ما يتعلق بمن أثار هذه الزوبعة في وقتها أو تداعياتها، واجعل لك قضايا ومشاريع وهموماً جديدة، وستجد أن أعمارنا قصيرة إذا لم نستفد منها، وأن علينا ألا نقصر أعمارنا في البحث في الماضي، وجعل الماضي يحبسنا ويجرنا إليه، انطلق إلى الأمام وانظر أمامك، وتساءل ما هي مشاريعك للمستقبل؟! ما هي خططك للمستقبل؟.. ما هي أعمالك التي تعملها، ما هي المشاريع التي تنجزها؟ وستجد أن هناك من القضايا ما يستهلك جهدك ووقتك وتفكيرك وعمرك، ويجعل الماضي يتضاءل أمامك.
- خطّط لمستقبلك، اكتب رسالة تتخيل فيها أهدافك وإنجازاتك التي تتمنى تحقيقها بعد عشر سنين على مستوى شخصك (عقلياً، ومادياً، وروحياً) وأسرتك، وعملك، وكرر قراءتها وتنقيحها يومياً.
- اكتب خطة لتحقيق أهدافك وتقسيمها إلى مراحل، وتابع تنفيذ أهدافك.
- خطط أسبوعياً، وأنجز يومياً، وسترى نتيجة تراكم الإنجازات -بإذن الله- مما يجعلك في شغل شاغل بالتفكير في المستقبل واستدبار الماضي.
-التحق بدورة لدى مدرب معتمد (للعادات السبع للأشخاص ذوي الفعالية العالية) وستفيدك كثيراً بتحسين خططك، وتغيير استراتيجياتك وقدراتك الذهنية.
- اقرأ كتاب "فقه السيرة" للشيخ محمد الغزالي.
- وكتاب "جدد حياتك" لمحمد الغزالي.
- وكتاب "لا تحزن" للدكتور عائض القرني.
- وكتاب "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة" للشيخ السعدي.
- وكتاب "دع القلق وابدأ الحياة" لديل كارنجي.
- وكتاب أيقظ قواك الخفية.
- وكتاب "العادات السبع للمراهقين" لشين كوفي.
- وكتاب "ابدأ بالأهم أولاً" لستيفن كوفي.
- حافظ على أورادك العبادية من صلاة الضحى وصلاة الوتر، والسنن الرواتب، وأذكار الصباح والمساء، وجزءٍ من القرآن في كل يوم.
- حافظ على هذا كله يومياً، وأرسل رسالة بعد ستة أشهر تطمئنني فيها على حالك، وسوف أدعو لك ربي وأنتظر منك ما يطمئنني.
أسأل الله لك التوفيق والهدى والسداد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(20/353)
كيف أتخلص من الأحقاد
المجيب د. صالح بن عواد المغامسي
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالمدينة المنورة.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الحقد
التاريخ 16/7/1425هـ
السؤال
أريد الابتعاد عن الحقد والكراهية، كيف؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حسن منك - أيتها الأخت السائلة- أن تسعي إلى تزكية نفسكِ بسؤالك عن طرائق البعد عن الحقد والكراهية، ولتحقيق ذلك يحسن بنا أن نعلم أن منشأ الحقد والكراهية عادة موقف غضب، يدفع الإنسان للانتقام فيسعى لرد مكانته التي يعتقد أنها تأثرت، وحتى ندفع ذلك عن أنفسنا وقلوبنا، يجب أن ننظر إلى الأمور من حولنا نظرة واثق كبير في نفسه، تقول العرب: (وليس كبير القوم من يحمل الحقدا) .
العظماء أيتها - الأخت- لا يبالون بأقاويل السفهاء، ولا يلقون لها بالاً، بل إنهم يقولون: وأتعب من عاداك من لا تشاكله، والمعنى: أنك كلما تجاهلت عدوك، كلما كان موقفك أعلى وأفضل، هذا كله جواب تقتضيه الأعراف الأدبية، أما شرعياً فالمسلم يعفو ابتداءً، ويتغافل عما لا يعجبه، ويتأسى بالقرآن؛ "ادفع بالتي هي أحسن" [فصلت:34] ، ثم لماذا نكره بعض من حولنا؟ أليس فيهم شيء إيجابي؟ بل أليس فينا أشياء سلبية؟ فلنكن منصفين، ننظر للأمور بميزان من يعرف الدنيا، وعدم خلوها من الأكدار، فتطمئن نفوسنا، وتستريح قلوبنا، فلنجرب الإحسان إلى من يعادينا، وللننظر إلى أثر ذلك عليه، فإن تغيروا إلى الأحسن فقد كافانا الله مؤونة الكراهية، وإن بقوا على عداوتهم، وأصروا، فأمثال هؤلاء لا يستحقون أن نشغل أنفسنا بهم.
ختاماً: يا - أختاه- لا أشك أنك تطلبين الجنة، ولا تنال الجنة بشيء أعظم من سلامة القلب. "إلا من أتى الله بقلب سليم" [البقرة:89] . والله أعلم.(20/354)
فكرة الانتقام تؤرقني!!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الحقد
التاريخ 18/7/1422
السؤال
الأخ المستشار السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثيرا ما تؤرقني وتعذبني فكرة الانتقام ممن اساؤا إلي في الماضي حيث تلح علي الفكرة بشكل كبير فماذا افعل!؟؟
إني اتالم لتلك الإساءات وتلح علي هذه الأفكار 0
الجواب
أختي الكريمة.. أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.. وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.. وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل..
بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولاً: لا شك أن بعض الإساءات هي من القسوة بحيث تترك في النفس ألماً عميقاً وجرحاً لا يندمل.. ولكننا لو نظرنا إليها من زاوية أخرى.. لقلنا لأنفسنا.. ولماذا نسمح لمن أساءوا إلينا في السابق وسببوا لنا وقتها كل ذلك الألم.. أن يسيئوا إلينا الآن باستمرار معاناتنا بسببهم؟! أليس من الأولى لنا أن نتجاوز الماضي بألمه ومعاناته.. على الأقل لكي ترتاح نفوسنا وتهدأ سرائرنا.. وتشفى جراحنا؟
ثانياً: الإساءة - أختي الكريمة - أنواع.. بعضها عرضي.. وبعضها مع إصرار وترصد.. وبعضها عميق.. وبعضها سطحي.. ومن الإساءات ما نكون نحن من تسبب لأنفسنا فيه..!! بشكل أو بآخر.. ولذلك.. فاقتراحي هنا.. أن تراجعي تلك الإساءات.. وتستفيدي منها.. وتتقوى بها ولا تحمليها أكثر مما تحتمل.. فالشجرة المثمرة هي التي تقذف بالحجارة.. كما يقال.. والضربة التي لا تميتني تقويني..
ثالثاً: أتمنى أن تعيشي في الحاضر.. وتستعدي للمستقبل وتدفني الماضي.. حتى لا تعيشي كل أيامك مرتبطة بخيوطه وآلامه..!!
رابعاً: قال تعالى: [ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم] فهل وضعتي هذه الآية نصب عينيك وجعلتيها نبراساً يضيء لك الطريق..
خامساً: تأكدي - أختي الكريمة - أن الله سبحانه لا يضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى.. وأنه تعالى سيحاسب كل بعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر.. فاطمئني لذلك.. واتكلي على الله.. واكثري من ذكره.. [ألا بذكر الله تطمئن القلوب] . واستعيذي من نزغات الشيطان وتوهيمه وتلبيسه.
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك..(20/355)
كيف أتغلب على شعوري بالفشل؟!
المجيب مريم الثمالي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط
التاريخ 22/01/1427هـ
السؤال
عندي إحساس كبير بالفشل، فلا أستطيع عمل أي شيء مفيد، بالرغم من أني أعمل بجهة خيرية، ولكني أذهب وأرجع من العمل ولا أعمل شيئاً. أرشدوني مأجورين.
الجواب
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فيرتبط الإحساس بالفشل بالشعور بتدني تقدير الذات، ويرتبط تدني تقدير الذات بالبعد عن الذات وقلة المعرفة والدراية.
فالإنسان مزيج من الرغبات والدوافع والحاجات والقيم والمبادئ والمشاعر والصفات السلبية والإيجابية، والاعتقادات -أكرر والاعتقادات- السلبية والإيجابية عن نفسه وعن الآخرين، وبقدر معرفة الإنسان لكل ما سبق بقدر معرفته لذاته وفهمه إياها، الأمر الذي ينعكس على أن يحسن تقديره لذاته فيعطيها حقها من الرعاية والإكرام والمحبة.
على الإنسان أن ينطلق في تعديله وتغييره لمشاعره السلبية واعتقاداته السلبية عن ذاته أن ينطلق أولاً من حبه لذاته بلا شروط، فلا يعني وقوع الخطأ رمي اللوم على الذات، وفي المقابل لا يعني عمل الشيء المرغوب مزيداً من استحسان الذات.
ثم أنتقل إلى الجلوس مع الذات بتأمل صادق عادل لا يبخس حق الإيجابيات مقابل تحد واضح للسلبيات، فالإيجابيات أعززها وأنميها، والسلبيات أتعامل معها بلطف وجدية لأتخلص منها ولا أعطيها أكبر من حجمها.
عزيزتي: وبما أنك تعتقدين عن نفسك أنك فاشلة؛ لكثرة سماعك هذه العبارات وترددها على ذهنك منذ الصغر، سواء من نفسك أو ممن يحيط بك، ومن ثَمَّ تشرب الذهن هذا الاعتقاد مع التكرار وتوقعتِ هذا الأمر في سائر شؤون حياتك. [حتى وإن كان هذا الاعتقاد واقعياً] .
وأنا أقول لك في المقابل تعاملي مع نفسك بإيجابية، وتوقعي منها النجاح دائماً حتى وإن تعثرت كثيراً وترددت أكثر فقوّيها بالتشجيع والحب وحثها على المثابرة حتى تنجح، وكرري دائماً مع نفسك مقولة أنا ناجحة، أنا سعيدة، سأصبح اليوم أكثر إنجازاً من الأمس [خاصة وقت الصباح] ، وتحدثي عن نفسك مع الآخرين بإيجابية، وسيثمر ذلك عاجلاً عير آجل.. فقط تفاءلي خيراً في نفسك وفي إنجازاتك المستقبلية وفي الآخرين، فالرسول -عليه الصلاة والسلام- أمرنا بذلك، واستشعري الأجر في وظيفتك وفي تعاملك مع الأيتام قلّ هذا التعامل أو كثر؛ فهو باب خير عظيم..
دعواتي لك بحياة أكثر إشراقاً وإنجازاً.(20/356)
محبط بسبب عملي الجديد
المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني
مدرس بمدارس رياض الصالحين.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط
التاريخ 8/12/1426هـ
السؤال
أنا موظف عينت في أحدى مناطق بلدنا وقضيت أربع سنوات، هناك كانت أروع سنوات عمري، فقد وجدت نفسي في عملي، بل وتميزت فيه وتقلدت مناصب, وفي سنتي الرابعة هناك كنت قد تزوجت وأحضرت زوجتي لتعيش معي في هذه المنطقة علماً بأنني من أهل منطقة أخرى وأهلي فيها، وزوجتي كذلك.
بعد مرور السنة الرابعة وذلك لأنني شعرت بالغربة التي تعيشها زوجتي. وتم نقلي وكانت المشكلة. صدمت بوضعي في العمل فقد فقدت كل مميزاتي السابقة، وأصبحت مجرد موظف عادي، بل كرهت زملائي ومقر عملي، وزاد غيابي وإهمالي وتحولت من إنسان منتج مستمتع في عمله إلى إنسان كسول غير منتج وغير معروف، فأصابني الإحباط واعتراني الاكتئاب وأصبحت حياتي مملة جداً.
فهل أعود إلى المنطقة السابقة وأجمع ما ضيعت أم أبقى هنا وأتحمل عملي وزملائي والمجتمع الذي أعيش فيه؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ما أجمل أن يكون الإنسان المسلم طموحاً، مجداً، محباً للإنتاج، وهذا في الحقيقة قد لمسته من سؤالك.
فدعني أصارحك قليلاً، فهدفي وهدفك الوصول إلى حل.
في كثير من الأحيان نصيب أنفسنا بالإحباط، ونفترض العراقيل لأنفسنا ثم نجعلها حقائق.
لا شك أن بعض البيئات أعون من بعض على الإنتاج والعمل، لكن لا يعني ذلك أن البيئة الأخرى ليست مناسبة، بمعنى: ربما كانت هناك عوامل جيدة تشجع على العمل والإنتاج، وهذه العوامل تقل أو تعدم في مكان آخر، فيصاب الإنسان بالإحباط، مع أن الإنسان لو تعامل مع بيئته بواقعية وبنفسية منشرحة لما أصيب بالإحباط، أما أن نفترض أن كل بيئة نعمل فيها لابد أن تكون كسابقتها أو أفضل، فهذا أمر يصعب، فكل بيئة لها ظروفها، المهم أن نتعايش معها بانشراح، وكأنها أفضل بيئة، ونحاول إصلاح ما كان فيها من أخطاء.
فأرى يا أخي أن تبقى في بلدك، وتحاول إزالة حال الإحباط التي بك، ولا تكن مثالياً في طموحك، بل كن واقعياً، إذا ذهبت لعملك اذهب وأنت مبتسم وسعيد بعملك، إذا انتجت فيه شيئاً فاشكر نفسك وأثنِ عليها دون انتظار لشكر الناس. عندها ستحس أنك انسجمت مع عملك ومع زملائك، وستتغير نظرتك.
فائدة: إذا لبست نظارة سوداء فسترى كل شيء حولك أسود!. وفقك الله لكل خير.(20/357)
فشلت في تحقيق الهدف!!!
المجيب د. خالد بن سعود الحليبي
وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط
التاريخ 19-5-1424
السؤال
مستشاري الفاضل ...
أنا فتاة محطمة حيث كانت رغبتي هي التخصص في العلم الشرعي ولكنني عندما التحقت بالكلية ولظروف الكسل وغيره من الأسباب الواهية تركت الدراسة بعد سنة وجلست في البيت سنة كاملة ثم التحقت بعدها بكلية أخرى وبعد سنتين مع الإهمال والزواج تركت الدراسة أيضاً، وقد تكرر هذا العمل معي مرة ثالثة. وبعد أن من الله عليّ بالحمل والولد يريدني زوجي أن أتفرغ لتربية ابني وأنا الآن كلي حسرة حيث لم أستطع نيل ما كنت أتمناه وهو طلب العلم الشرعي.
أنا فعلاً أشعر بالإحباط والعجز وعدم الثقة بالنفس حيث لم أنجز شيئاً في حياتي، بل إنه يأتيني شعور وعذاب إذ كيف أربي ابني على طلب العلم وأنا قد عجزت عنه بنفسي.
أنا فعلاً أشعر بالعذاب والإحباط.. أرشدوني كيف أعمل جزاكم الله خيراً.
الجواب
أختي الكريمة ...
سلام الله عليك ورحمته وبركاته أما بعد:(20/358)
فإني مثلك إنسان يحب النجاح في الحياة، ويرى أن من أقرب أوجه النجاح إلى قلبه هو تحقيق آماله، ولكني.. أبدا لا أرى أن الحلم الذي لم يتحقق هو ناتج عن ضعف أو عدم ثقة في النفس، وإنما أنظر إليه أنه تجربة مرت بي لتعلمني شيئا جديدا في الحياة لم أكن قد عرفته.. الفشل طريق النجاح والذي لم يفشل هو إنسان خامل لم يجرب حتى يقع له الفشل.. المقدام دائما هو الذي قد يعثر.. فاتكلي على الله.. واجعلي من الماضي المتعثر دافعا قويا لغد مليء بالنجاحات.. الدراسة ليست وحدها التي تحقق وجودنا في هذه الحياة العبادة.. عبادة الله وحده لا شريك له هي وجودنا الحقيقي، ورسالتنا التي جئنا من أجل أن نعيشها ونبلغها وليست الدراسة النظامية هي سبيلها الوحيد فنصيحتي لك أن تطيعي زوجك بأن تهتمي بتربية ولدك، وحاولي أن تحققي فيه ما لم تحققيه في نفسك! لا تقولي فاقد الشيء لا يعطيه.. بل قولي سوف أدفع بابني في مراقي العلم والعمل، حتى يكون على يدي عملاقا من عمالقة الإسلام في العصر الحاضر اصنعي منه عالما ربانيا، حافظا لكتاب الله، داعيا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.. وعندما تحققين ذلك فسوف تقدمين للإسلام خدمة عظيمة جليلة، ربما تكون أعظم وأجل مما لو انشغلت عنه بالدراسة النظامية.. لتكن أمهات الصحابة والتابعين قدوات حية لك بل انظري ماذا صنعت أمهات عاميات أميات لا يقرأن ولا يكتبن حين صنعن الأجيال التي لا تعرف الموت بالموت، ولكنها خلدت عبر الزمن.. وراء كل رجل عظيم امرأة.. وأنا أقول: وراء كل رجل عظيم أم واسألي عن أم أبي الحسن الندوى كيف اصطنعت من طفل لم يكن ذا مستقبل مرجو في حينه، عالما يعد في طليعة علماء الإسلام في العصر الحديث بارك الله لك في مهمتك الجديدة.. وأرجو لك ولابنك التوفيق والنجاح.. على أني لا أريد أن أختم رسالتي إليك إلا إذا همست في أذنك.. عليك بكتاب الله وسنة رسوله، وفي كتب العلم الميسرة، وأشرطة العلماء والدعاء، لتواصلي ثقافتك الشرعية التي كنت تتمنين الاختصاص فيها، فإنك لا تدرين في أي الطريقتين في التعلم تكون البركة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(20/359)
الأمور لا تتيسر لي دائماً
المجيب د. خالد بن سعود الحليبي
وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط
التاريخ 7/2/1425هـ
السؤال
أنا متعبة جداً، كل شيء أعمله لا ينضبط معي، أو يضبط بعد تعب، منذ زمان بعيد أي شيء أريده ينقلب ضدي ويفسد، وليس ذلك في شيء واحد بل في كثير من الأشياء، أنا دائما أصلي، وأدعو، وأسبح، ورغم ذلك لا تضبط الأمور معي، أحياناً أتمنى شيئاً يأخذني ويريحني؛ لأني أتمنى أن أرتاح من كل شيء، حتى أقرب الناس إلي لاحظوا سوء حظي، أود فعل شيء حتى تتيسر أموري، وتسير الأشياء من غير صعوبة، أنصحوني بشيء أعمله مثل قراءة آيات معينة من القرآن أو - أي شيء- أتمنى التوفيق كي تنضبط أموري.
الجواب
أختي الكريمة: سلام من الله عليك ورحمة وبركة، وأمن وأمان، أما بعد:
فإن ما تذكرينه من عدم تحقق مرادك في كثير من الأمور مرده إلى أمور كثيرة، سأسرد عليك شيئا منها من أجل أن تصنفي نفسك، وتعرفي الخلل الموجود في حياتك:
1ـ ليس صحيحا أن نطمع في أن تكون الحياة من حولنا وفق مشتهياتنا نحن، فأنا أريد وأنت تريدين، والله يفعل ما يريد، وعلينا أن نوقن بأن الخير هو ما اختاره الله لنا "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" [التوبة:51] .
2ـ الذنوب والمعاصي هي أعظم ما يصيب الإنسان في حياته، والقرآن الكريم مليء بالآيات التي تدل على أن العبد قد يحرم التوفيق في حياته بسببها، وقد كان السلف الصالح
يخافونها، ويرون أن ما يصيبهم من أمر يكرهونه في أنفسهم، وأهليهم، ودوابهم، وسائر حياتهم هو من ذنوبهم فيستغفرون، والله -تعالى- امتدح أمثالهم فقال -عز وجل-: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون" [آل عمران:135] .
وقد وعد الله تعالى من يطيعه أن يحيا حياة طيبة "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [النحل 16/97] ، بينما قال لغيرهم: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" [سورة طه 20/124] .
3ـ بعض الناس لا يرضيهم أي شيء، ولا ينظرون إلا للنقص، ولا يعرفون سوى نصف الكأس الفارغ، يقول الشاعر:
إن شر النفوس في الناس نفساً تتوقى قبل الرحيل الرحيلا
وترى الشوك في الورود وتعمى أن ترى فوقها الندى إكليلا
ولذلك فإن الشاعر يقول لنا: كن جميلاً تر الوجود جميلا.
4ـ إن كثيراً من الأمور التي نطلبها ولا تتحقق هي أمور قد تكون ليس من حقنا أن نطلبها، أو أن في منع الله تحقيقها لنا خيراً لنا ولكن لسنا دائما نستطيع أن نصل إلى الحكمة منها، ولك أن تقرئي سورة الكهف ـ قصة الخضر مع موسى، فكيف يقتل طفل لم يبلغ دون جريرة، وحين انكشف الأمر لموسى وهو أن هذا الطفل سيكون بقاؤه وبالاً عليه وعلى والديه أصبح الموت خيراً له ولوالديه، فإنه لن يؤاخذ إذا مات طفلاً، ولن يصيب والديه منه سوء.(20/360)
5ـ من قال أن أمورك كلها ليست طيبة؟ ها أنت فتاة مسلمة، فأنت أفضل من ملايين من البشر لا يزالون كفاراً، وها أنت تنطقين وتسمعين، وتنظرين، وتمشين، فأنت أفضل من ألوف الناس الذين فقدوا هذه النعم....
أختي الكريمة: أنا أدعوك أن تصلحي ما بينك وبين الله أولا، وأن تقلعي عن جميع ما يسخط الله به عليك، وأن تعلمي بأن الله -تعالى- سوف يوفقك لما فيه الخير لك، وأن ما تحرمين منه ربما كان في صالحك، ولا تستبطئي إجابة الدعاء فربما كان في ذلك الخير الذي لا ترين، "وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا" [النساء:19] .
أختي: إن من موانع إجابة الدعاء أن تقولي دعوت فلم يجب لي، فقد ورد مثل ذلك في حديث رواه مسلم (2735) بسنده عن رسولنا - صلى الله عليه وسلم- قال:"لا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ" قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ قَالَ" يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ".
ولتعلمي بأن دعاءك عبادة في ذاته، فاستمري وفقك الله، وحاولي أن تطرقي كل الأبواب المباحة لما تريدين، فربما فُتح لك باب منها، وإذا لم يفتح غيري الطريقة، والأسلوب، والجهة، وإذا لم يفتح فاعلمي أن ذلك ما اختاره الله لك فارضي بما قسم الله -تعالى-. وفقك الله.(20/361)
أصبت بالقنوط مما يصيب إخواننا
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط
التاريخ 25-1-1424
السؤال
إنني أشعر باضطراب في المشاعر تجاه هذا الغزو البريطاني الأمريكي على العراق وأشعر بالقلق المتواصل حتى أنني بدأت أحس بنوع من القنوط والألم لما يصيب إخواننا المسلمين هناك.
أرجو المساعدة وفقكم الله،،،
الجواب
أيها الأخ الكريم
شكراً لثقتك واتصالك بنا في "موقع الإسلام اليوم "
الإنسان على هذه البسيطة قد حكم الله عليه عندما أنزله إليها أن لا تكون حياته حياة نعيم وهناء وسعادة بشكل مستمر وبدون انقطاع بل لابد وأن يكتنفها الكثير من الضيق في العيش والآلام الجسدية والنفسية والاجتماعية ولا بد أن يعتريها الهم والنكد والغم.. فهذه سنة قدرية قدرها الله سبحانه وتعالى وحكم بها لأنه سبحانه لم يعدها دار نعيم لبني البشر بل دار شقاء وكبد في العيش وأما الدار الخالدة المشتملة على النعيم والسعادة فهي دار الخلد، دار الجنان.
ولعلك أخي الكريم تدرك بعد ذلك أن الشقاء والأحزان التي تصيب الإنسان في هذه الحياة الدنيا إنما تكون على نوعين هما:
الأول: هو ناتج عن مصائب ذاتية وشخصية وفردية.
الثاني: ناتج عن مصائب جماعية تصيب الجماعة والأمة وقد لا تصيب الفرد الواحد بعينه وإنما تصيب الأمة بأكملها وتضايق الفرد الواحد كثيراً ويتألم لها ألماً نفسياً شديداً حتى وإن لم تقترب منه تلك المصائب وكان بمنأى عنها بذاته.
والمتفكر في هذين النوعين من المصائب يجد أن أثره وتأثيره على الفرد لا يكاد يختلف بل إن طريقة التلقي لهذين النوعين من المصائب تكاد تكون واحدة عند الكثير من الناس والذي يتمثل في أمرين هامين جداً هما:
الأول: هو عدم القدرة على امتصاص تلك المصيبة بل والاستسلام لها والذي ربما لا يقف عند حد حتى يصل إلى درجة التسخط والغضب على الله سبحانه وتعالى والاعتراض عليه لما أنزل من تلك المصائب وأحلها به والعياذ بالله.
النوع الثاني: وهم المؤمنون الصابرون الذين يحتسبون الأجر عند الله ويدركون أن ما وقع بهم لم يكن إلا وخلفه حكمة عظيمة من الله تعالى حتى وإن بدا من شكلها الظاهري أنها مسيئة وشيء مزعج ومؤلم.
أصحاب النوع الأول لا يجنون إلا غضب الله واكتساب الإثم والوزر ولم ينفعهم تسخطهم عند ربهم شيئاً بل إنها لم تؤدي إلى نتيجة إيجابية عليهم.
وأما أصحاب النوع الآخر فكان الرضى والاطمئنان حليتهم وكسب الثواب ومغفرة الرحمن نصيبهم.
أيها الأخ الكريم..
إننا في مثل هذه الأزمات مطالبون بعدة أمور يجدر بنا التنبه لها والعمل بها وهي:-(20/362)
أولاً:- أن كل ما يصيبنا سواء على المستوى الفردي أو الجماعي والذي يصيب الأمة جميعها إنما هو قد كان بقضاء الله وقدرة وأن الله قد قدره قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما ثبت ذلك عن المصطفي صلى الله عليه وسلم. الله حينما أمرنا بالإيمان بالقدر خيره وشره وجعله الركن السادس من أركان الإيمان إنما يكون هذا وقته وهذا أوان إظهاره. فإظهاره لا يكون وقت الدعة والراحة بل في وقت الأزمة والمصيبة، ولذلك فيكون التسخط منا قضاً تماماً لهذا المبدأ ومعطلاً له ومبطلاً العمل به.
إننا ونحن نرى هذه الحرب على إخواننا المسلمين في العراق يجب أن ندرك أن ذلك لم يكن ليتم لولا أن الله قد قدره وكتبه وأنها مصيبة لم تكن لتخطئنا حين أصابتنا ولم تكن لتصيبنا لو أخطئنا.
ثانياً: أن كل ما يصيب الأمة على المستوى الجماعي وما يصيب الإنسان على المستوى الشخصي إنما يأتيها وينالها بما كسبت أيدي الناس بل هو من عند أنفسهم وبسبب أفعالهم. {أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم} آل عمران.
فالأمة اليوم لا يشك أحد أنها قد تجاوزت كثيراً وقصرت في حق الله تعالى وانتشر الظلم فيما بينها فالقوي يسيطر على الضعيف ويسلبه حقه ... والفساد المالي من الرشاوي والربا قد أثقل كاهل المستضعفين الجهل وقلة التعليم وبغي الناس بعضهم على بعض هي فقط مظهر من مظاهر البؤس والظلم الذي حل بأفراد هذه الأمة حتى صار حق الفرد والمواطن في البلاد الإسلامية من أبخس الحقوق على هذه الأرض ... أليست هذه كلها مصائب نجلبها نحن على أنفسنا؟ ألسنا نستحق عقاب الله سبحانه وتعالى حينما تنزل بالأمة مثل هذه الأزمات التي لا تكاد تنفك عنها؟
ثالثاً: الأمل لا بد أن يكون موجوداً على الدوام والثقة بالله وبنصره لابد أن تكون حاضرة يستشعرها كل شخص وكل إنسان فهذا هو مقتضى الإيمان لقضاء الله وقدره كما أسلفنا. الأحاديث الواردة على النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة جداً التي تذكر بنصرة هذا الدين والتمكين له وانتشاره في أرجاء المعمورة.
المسلمون اليوم يشكلون خمس العالم وهم يتضاعفون كل ثلاثين سنة كما تشير البيانات الدولية بذلك وما ذلك إلا مصداقاً لأقوال النبي عليه الصلاة والسلام. الإسلام والمسلمون وهم في هذه الحالة المزرية والهوان الشديد إلا انه تكثر مكتسباته يوماً بعد آخر وهذا كله مما يبعث على الثقة بالله تعالى وعلى الطمأنينة وزيادة الفرحة والبهجة والسرور التي تملئ قلب الإنسان المسلم.
أيها الأخ الكريم ...
قد تتسائل عن الدور الذي يمكن أن يعمله الشخص العادي في مثل هذه الأزمات فأقول هناك أمور أساسية يجب أن لا يغفل عنها المرأ وهي:
1- الدعاء المتواصل والإلحاح على الله بأن يكفي المسلمين شر هذه المحن وأن يصلح أحوالهم ويبدلها بخير منها. الدعاء سلاح يجهله الكثيرون لقلة بصيرتهم وعجلتهم في الأمر ولا يدركون أن الأحوال يغيرها الله ربما بسبب دعوة صادقة من قلب مخلص لله سبحانه.
2- الإيمان التام أن هذه المصائب وإن بدا ظاهراً أنها شر على المسلمين إلا أنها تبقى في حقيقتها تحمل الكثير من الخير للمسلمين على المدى البعيد والتاريخ شاهد بذلك.(20/363)
3- البعد عن القيل والقال وكثرة الشائعات لأنه قد تبث أنها تسبب الكثير من الأزمات النفسية من القلق والهم والحزن والنبي عليه السلام يقول " كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع "
حاول أن تكون أخي الكريم في المجالس أقل القوم كلاماً وأكثرهم حلماً.. ولا تدخل في نقاشات عقيمة لا طائل من ورائها إلا الزيادة في الخصومات والمراء والفحش في الكلام.
أخيراً أشعر نفسك بالطمأنينة والسكنية من خلال الإيمان الجازم بأن الله أرحم بعباده منك ومن كل أحد فلست أكثر رأفة ورحمة ومحبة للمسلمين من خالقهم فهو رؤوف رحيم وقد يكون ما يصيب المسلمين من هذا البلاء العظيم إنما هو من مقتضى رحمته عز وجل لأمر غيبي لا يعلمه إلا هو سبحانه.
اسأل الله تعالى أن يقي المسلمين شر البلاء والفتن ما ظهر منها وما بطن. كما أسأله تعالى أن يصلح حالهم ويبدلها إلى أحسن حال المستوى الجماعي والفردي.(20/364)
وظيفتي.. أحبطتني وأدخلتني في دوامة نفسية..!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/أخرى
التاريخ 20/5/1422
السؤال
أخي الكريم مشرف نافذة الاستشارات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا معلم لدي ابنة تبلغ من العمر سنه وبضعة اشهر، اعمل في هذه المهنة منذ ما يقارب ن التسع سنوات المشكلة باختصار لست مقتنعاً بهذه المهنة لا أدري هل السبب أني دخلت هذا التخصص عندما اعتقدت أن الخيارات انتهت من أمامي وأن فوات فرصة الدراسة في الجامعة يعني ضياع الفرصة في الوظيفة فقد أو ربما أن بقائي في مدرسة واحدة لمدة سبع سنوات جلب لي الشعور بالإحباط أو ربما أن غلاء المعيشة ومحدودية المعاش (الراتب) زادت من تعقيد الأمور حتى أني بدأت أحس أن هذا الإحساس السيئ بدأ يؤثر في إيماني وحياتي اليومية بشكل عام مع نفسي ومع القريب قبل البعيد مع الجميع؟ ما هو الحل لإرضاء نفسي وإرضاء الآخرين حتى أن وساوس الشيطان بدأت توحي لي أني منافق كذاب متملق للآخرين.؟
ــــــــ
الجواب
أراك اجتهدت في ذكر ((بعض)) الأسباب لمشكلتك.. و ((تطرفت)) كثيراً في ذكر الأعراض..!!!؟ فقد تكون كل هذه الأسباب مجتمعة هي سبب عدم اقتناعك.. وقد يكون بعضها.. وربما غيرها.. والمهم هنا ألا نحمل الأشياء أكثر مما تحتمل.. وألا نكون ((سوداويون)) في نظرتنا للحياة بألوانها المختلفة.. وألا نكتفي بالنظر إلى الجانب الفارغ من الكأس..!!!
ولذلك - أخي الكريم - اسمح لي أن أقف معك هنا بعض الوقفات:-
أولاً - صدقني.. للحياة أكثر من زاوية.. وأكثر من وجه أراك اخترت الوجه ((السلبي)) لها..!! أو الزاوية التي تشعرك بأنك تعاني.. وبأن ظروفك صعبة ومزعجة وقد وصلت بك إلى حد التأثير على إيمانك وحياتك بشكل عام..!!! بل وعلى علاقتك مع نفسك ومع الآخرين..؟!!
وحقيقة أراك متشائماً بطريقة غريبة جداً رغم أن حيثيات حياتك كما يبدو من رسالتك.. لا أقول مستقرة.. ولكنها - على الأقل - عادية..!! لا تتوجب كل هذه النظرة التشاؤمية.. وهذا الإحباط القاتل..!! الذي سيوجد بيئة خصبة لوساوس الشيطان أعاذنا الله وإياك منه.
فأنت شاب.. يظهر أن صحتك سليمة.. وقواك سليمة.. لأنك لم تشر إلى غير ذلك.. متزوج.. ومستقر ولديك طفلة - أصلحها الله وحفظها لوالديها - ولديك مهنة شريفة ومناسبة فما الذي ينقصك..؟! يا عزيزي هذا هو الجانب المليء من الكأس..!! فلماذا لا تراه؟!!
ثانياً - مشكلتك الحقيقية تكمن في ما يسمى بـ ((قناع إدراك الواقع)) !! فقناع إدراك الواقع لديك.. ممزق.. ومهلهل..!!
ولذلك هو يعطيك صورة رمادية للحياة.. صورة بلا ألوان.. ولا طعم.. ولا رائحة..!!! وهذه مشكلة كبيرة..!! إلا أنها بفضل الله يمكن تجاوزها.. وببساطة وذلك عن طريق تغيير هذا القناع الذي ترى من خلاله واقعك. واستبداله بقناع آخر..يعطيك صورة الواقع بألوانه الحقيقية.!!
فما هو قناع إدراك الواقع.. هذا؟!!
إنه باختصار مجموعة من الأفكار والرؤى ووجهات النظر الذي نفسر من خلالها واقعنا.. أو هو نظرتنا وفلسفتنا للحياة والواقع الذي نحياه!!(20/365)
ثالثاً - ((كن جميلاً ترى الوجود جميلاً)) هذه مقولة.. تلخص كلاماً طويلاً.. أحد عناصره.. أننا نرى الواقع من خلال أنفسنا.. وأفكارنا.. فإذا رأيناه بنفس جميلة متفائلة.. منفتحة.. أصبح - بإذن الله - كما نراه.. جميلاً.. ومليئاً بالتفاؤل.. واتسع أمامنا مدى الرؤية الإيجابية بطول الأفق وعرضة..!! فلماذا نضيق على أنفسنا مجال الرؤية الإيجابية المليئة بالتفاؤل.. ونحصرها في أحد الزوايا المظلمة!!!؟
رابعاً - " أيه الشاكي وما بك داء كيف تبدوا إذا غدوت عليلا؟ "
نعم.. إن كنت.. وصلت إلى هذه الحال.. وأنت تعيش هذا الوضع.. فماذا ستصنع.. لو ساء وضعك فعلاً؟ - لا قدر الله -
أخي الكريم.. تأكد أنك بخير.. وأن ما تشكو منه مجرد عارض نفسي.. أو وسوسة شيطان صادفت منك لحظة ضعف.. فتركت أثراً..!!! وأنا واثق - بإذن الله - أنك أقوى.. منها.. وقادر - بعون الله - على تجاوزها ومحو أثارها.. وتذكر يا أخي.. من يعاني من الام عضوية أو نفسية فضيعة.. يتقلَّب من أثارها على فراشه ليل نهار.. لا يهدأ ولا يستقر..!! وتذكر من يمر بظروف أسرية واجتماعية رهيبة.. أو ضائقة مالية.. أو عليه دين أو قهر رجال..!! وتذكر من لم يجد مأوى أو طعاماً لأبناءه وأسرته..!!! وتأكد أنهم بالمئات.. بل والآلاف.. وتذكر.. وتذكر.. وتذكر.....
فذلك أجدر أن تعرف نعمة الله عليك.. فتذكرها وتشكرها.
خامساً - حاول أخي أن تكون إيجابياً.. وذلك عن طريق التكيف مع واقعك.. وأعني هنا واقعك الوظيفي.. حتى تجد البديل المناسب له.. وأعني بالإيجابية هنا.. أن تجعل لك دوراً في مدرستك.. إما بالمشاركة في بعض الأنشطة المنهجية أو غير المنهجية.. وبعض الرحلات والمسابقات.. واجعل لك هدفاً سامياً تسعى من خلاله للنهوض بهذا الجيل.. بقدر استطاعتك فلربما زرعت بذرة في عقل أو نفس أحد الطلبة قدر لها أن تثمر ولو بعد حين.. يكون لك بها عند الله منزلة عظيمة.. ولا تحقر يا أخي من المعروف شيئاً.
سادساً - أقولها لك بصدق.. لقد وفقت إلى مهنة عظيمة ورسالة سامية.. رسالة التعليم.. والتربية وإضاءة النفوس والعقول بنور العلم.. مهنة الأنبياء والرسل.. عليهم الصلاة والسلام.. فهل أنت مستعدٌ للاستفادة والإفادة..؟!! أظنك كذلك إن شاء الله ولا مانع يا أخي من تغيير مدرستك الحالية.. فربما وجدت في المدرسة الجديدة أجواء مناسبة لطبيعتك تكون دافعاً لك.. للتأقلم الإيجابي.. والانتماء للمهنة.. والعطاء الذي تتمناه..
سابعاً - منذ الآن.. إذا خرجت باكراً إلى عملك.. فخذ نفساً عميقاً.. واملأ رئتيك بالهواء.. واذكر ربك.. وأقرأ وردك.. وتفاءل بهذا اليوم.. واعقد اتفاقاً صامتاً بينك وبين نفسك بأن تعينك على تقديم كل ما تستطيعه من جهد وعطاء في عملك.. وبدورك لا تسمح لكائن من كان بأن يسيء إليها أو يخرجها عن هدوئها.. وتوكل على الله في ذلك.. وابتسم.. صدقني. مع الأيام ستفاجئك النتيجة.
وفقك الله.. ورزقنا جميعاً الصدق في القول والاحتساب في العمل.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.(20/366)
استغلوا براءتي.. لتدميري!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط
التاريخ 26/7/1422
السؤال
أخي مشرف نافذة الاستشارات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا فتاة أبلغ من العمر 22 سنة قد أنهيت دراستي الجامعية التي لم أجني منها سوى الدمار تجاه أسرتي واتجاه نفسي لأنني مررت خلالها بصداقات فاشلة وفي غفلة مني وهبتها كل معاني الحب الأخوي والإخلاص والثقة العمياء ولكنني لم أجد منهم بمرور الوقت وبعد أن اتضحت الأمور بالنسبة لي سوى الخداع والمكر والاستغلال والحقد والاحتقار فقد استغلوا براءتي وحماقتي لتدميري نفسياً، ولذلك لجأوا إلى نشر إشاعات خاطئة لا أدري حتى الآن بمحتواها أدت الى أن ينظر إلي الأساتذة وزميلاتي في السكن والجامعة نظرة احتقار وكره واضح ويتضح ذلك في صدهم عني وتعاملهم السيئ معي ولم أكن أعرف حينها سبب كل هذا مما أثر في نفسي هذه المرة وانخفض معدلي الدراسي بشكل ملحوظ وتغيرت طباعي للأسوأ، ماذا أفعل.. إني في حيرة كبيرة أخشى من أثارها علي وعلى مستقبلي.
الجواب
أختي الكريمة.. أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل.
بالنسبة لمشكلتك فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: لا شك أن الأيام تعلم من لم يتعلم.. ولكنها غالباً لا تعلمه إلا بثمن باهض يدفعه من صحته أو سمعته أو ماله أو علاقاته.. وربما كان الثمن أكبر من ذلك..!!! والمهم الآن.. هل فهمنا الدرس 00؟؟! واستفدنا من التجربة.. وقيمنا مسيرتنا السابقة وشخصنا الأخطاء واستوعبنا أسبابها وكيفية تجاوزها وتحاشيها مستقبلاً..!؟
ثانياً: ليس العيب - أختي الكريمة - أن نخطئ.. ولكن العيب كل العيب أن تستمر أخطاءنا.. وتتبلد أحاسيسنا وتتساوى لدينا كل الألوان. ونستمرئ التجاوز بحجة أن ما حصل قد حصل.. وأننا قد تجاوزنا خط الرجعة.. وشمت بنا الأعداء.. وحزن لأجلنا الأصدقاء فلماذا العودة بعد كل ذلك..؟!!! وهل تجدي مثل تلك العودة؟!! نعم تجدي.. فلكل جواد كبوة.. ومعركة الحياة طويلة.. وجهاد النفس من أعظم الجهاد.. وقد نسقط في هذه المعركة أكثر من مرة.. ولكننا يجب أن ننهض من جديد لمواصلة المسيرة.. وتحقيق أهدافنا السامية مستمدين العون من الله.. ومستفيدين من أخطائنا.. وباب التوبة مفتوح حتى تغرغر الروح أما القنوط واليأس فماذاك وربي إلا إيحاء شيطاني يريد به إبليس أعاذنا الله جميعاً منه تيئيس ابن آدم من رحمة الله.. ليستمر في طريق الهاوية وبئس المصير.
ثالثاً: أحسني الظن بالله.. والتجئي إليه.. وتوكلي عليه.. واسأليه الهداية والتوفيق والثبات.. ولا يزال لسانك رطباً من ذكر الله [ألا بذكر الله تطمئن القلوب] . وابدئي منذ اللحظة بتصحيح المسيرة.. ودفن الماضي بعد الاستفادة من تجاربه.. قال تعالى [إن الحسنات يذهبن السيئات] .(20/367)
رابعاً: لا شك أنك مسؤولة بشكل أو بأخر عما حصل منهم.. تجاهك من إساءة واستغلال لبراءتك كما تقولين.. ومع كل ذلك.. فالحياة - فعلاً - تجارب لمن أراد أن يستفيد.. وأظنك منهم إن شاء الله.. فلا تلتفتي كثيراً للوراء.. ولا تهتمي بما يقال إذا كنت واثقة أنك اخترت الطريق الصحيح.. واستفدت من تجاربك.. فمن راقب أقوال الناس مات هماً.. ولا يصح في النهاية إلا الصحيح.
خامساً: تسامي في كل شئونك.. وكوني صاحبة همة عالية.. واسعي إلى تحقيق طموحاتك.. وأنت - بإذن الله- أقوى من تلك التجربة فلا تجعليها تأسرك بخيوطها إلى الوراء.. بل أثبتي للجميع عن طريق التفوق والجدية والاستقامة.. أنك الأقوى.. وأن سقوطك في الماضي سقوط فارس سرعان ما استعاد الزمام ونهض من كبوته وواصل مسيرته غير عابئ بنظرات الحقد أو الغيرة أو الشفقة!!! مفضلاً الرد على أعدائه بالأفعال لا بالأقوال.. ومتيقناً أنه متى ما أحسن النية واتكل على ربه بصدق فإن العاقبة له. والنجاح سيكون حليفه.
سادساً: الله.. الله باختيار الرفقة الصالحة التي تدلك على الخير وتعينك عليه.. ولا أظنه يخفاك - أختي الكريمة - أثر الجليس على حياتنا.. فقد قيل (أخبرني من تصاحب وأخبرك من أنت) وكل قرين بالمقارن يقتدي..!!! ولا تنسي حديث الجليس الصالح والجليس السيئ.. فضعي هذا الأمر نصب عينيك.. في بداية مسيرتك الجديدة في تصحيح حياتك.
سابعاً: أما ما حصل من سوء فهم بينك وبين إحداهن.. فلا بأس من توضيح الصورة لها وإبداء نوع من العتب عليها لما بدر منها عبر جلسة مصارحة ومصالحة تتوسط فيها إحدى الصديقات.. ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا قال تعالى: [ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم.] .
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك..(20/368)
أنا والفساد الإداري والمالي في عملي
المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط
التاريخ 22/05/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا شاب طموح جداً، أحلم دائماً أن أكون ذا شأن في المستقبل، ولم يفارقني هذا الحلم يومًا من الأيام، كنت متفوقاً في دراستي، وتخرجت في كلية الهندسة، وكنت من العشرة الأوائل على الدفعة، وبعد التخرج بدأت رحلة البحث عن عمل، تقدمت مع بعض زملائي لشركة من الشركات الكبيرة، وكنا خمسة، وكان ترتيبي الرابع بينهم، تفاجأت أنهم قبلوا ثلاثة أعلى مني معدلاً، وعندما أرادوا أن يقبلوا الرابع اختاروا الأخير الأقل مني معدلاً، تعبت نفسياً، متسائلاً: لِمَ قبل هو واستبعدت أنا؟ بعدها -ولله الحمد- توظَّفت في شركة أخرى، كنت -ولا أزال- مثال المهندس المخلص والمتقن لعمله بشهادة زملائي، ولكن ينتابني شعور بالإحباط وخيبة الأمل، أحس وكأن أحلامي تحوَّلت إلى سراب. أحترق لما أرى كثيراً من الموظفين يُقدَّمون عليَّ في كل شيء، في الدورات، في الدرجات الوظيفية، في العطايا. ألحظ أن الواسطة عندنا منتشرة، والأمانة ضعيفة، لكن هل ذنبي أني أمين ولا واسطة لي؟ حقيقة الإحباط يحيط بي من كل جانب، والشعور بأنني سأظل رجلاً عاديًا طوال حياتي قد تملَّكني أشدّ التملك.
أنا شاب ملتزم وأخاف الله، ولا أريد أن أرتكب محرماً، فأرجو أن ترشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيراً على هذه الغيرة، وعلى ثباتك على المبادئ، وتمسُّكك بالقيم، واحترامك لأخلاقيات دينك، وما حصل من عدم قبولك مع زملائك -لا شك- دخلت فيه الواسطة البغيضة الظالمة، وهو امتحان من الله لك. والحمد لله أنك لم تيأس، ثم إن الله وفَّقك لوظيفة أخرى.
وإن ما تشاهده في هذه الشركة من فساد إداري، وتضييع للأمانة، وارتفاع الفاشلين، وحصولهم على ما لا يستحقون، بينما أنت أهل لأفضل مما هم فيه، ولكن لم تحصل عليه بسبب هذا الفساد، فهو -لا شك- هضم لحقوقك وظلم لك. فعليك بالآتي:
(1) أن تصبر وتحتسب؛ لعل الله يصلح على يديك ما فسد في الشركة، فاصبر على هذه المبادئ وأثبت جدارتك، وفي الوقت نفسه طالب -بالطرق النظامية- بما تستحقه كغيرك، ولا تتنازل عنه، لكن بالطرق السليمة، وإياك أن تتنازل عن شيء من دينك أبداً، فثباتك عليه لك فيه عز وشرف، وإن لم تحصل على ما تريده، فبسبب صمودك وثباتك سيبارك الله لك في مالك، ويعوِّضك خيراً مما ستفقده، وربما هو امتحان لفترة وجيزة، ثم يجعل الله لك من الهم فرجاً، ومن الضيق مخرجاً، وبعد العسر يسرين.
(2) اكتم أمرك، واجعل سرك في نفسك، وخطِّط للانتقال إلى وظيفة خير منها، وستجد -بإذن الله- لكن لا تبلغ أحداً حتى تنتقل إليها، ولا تترك الوظيفة الحالية، ولا تشعر المسؤولين إلا بعد ما تستوثق من العمل الجديد.
وإن وجدت واسطة خير تعينك -وليس فيها مضرة على أحد، أو ليس فيها تقديمك على من هو خير منك- فلا بأس. أعانك الله، وبارك فيك.(20/369)
طموحي يتهشم
المجيب د. نادية الكليبي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط
التاريخ 24/01/1426هـ
السؤال
مشكلتي باختصار أني أملك طاقات إبداعية عالية جداً، ومتعددة النواحي أيضاً، لكني -للأسف- لا أستمر في أي مجال أبدع فيه لأكثر من ستة أشهر تقريباً، أي أني أشعر بالملل، وفي بعض الأحيان تقل هذه الفترة عند مقابلة أي عقبة في طريق هذا الإبداع ولو كانت العقبة بسيطة؛ لأني من نوع الذين يستمرون بالتشجيع المستمر، فعند صدور تعليق ساخر على ما أفعله أجد جميع طموحاتي منهارة، لا أعلم إذا ما كان سبب هذا الشيء انعدام الثقة بالنفس أم ماذا؟ قبل أربع سنوات تقريباً بعثت بإحدى مشاركاتي الأدبية إلى إحدى الصحف، ولما لم يتم نشرها أصابني إحباط بدل الإصرار على إثبات الذات، وانقطعت عن المراسلة والكتابة فترة طويلة، حتى هذا العام تقريبا، والآن أفكر جدياً في معاودة المراسلة، حيث إن طموحي عالٍ لكنه هش سريع التهشم، وأخاف أن يعاودني الإحباط والإحساس بالهزيمة. أرشدوني إلى الحل.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الكريمة: أرجو من الله -تعالى- أن يجعلك موفقة مسددة، إياك - بارك الله فيك- من مشاعر اليأس والإحباط، فالإبداع نعمة لا تضيعيها بمشاعر سلبية، وإن كنت لا أعرف على وجه التحديد المجالات التي تتميزين بها، ولكن سأذكر لك قواعد عامة أرجو من الله -تعالى- أن تنفعك وتحقّق ما تصبو إليه نفسك:
أولاً: حدّدي طاقتك، وأعني - حجمها- لا نوعيتها.
ثانياً: ابحثي عن السبب، فلا تكفي العقبات في وقف سيل الإبداع، فتأملي الأسباب وفتشي عنها، فقد تكون في داخلك، ومن ذلك قد تكون البدايات كبيرة جداً، أو الأعمال كثيرة، مما يصيبك - كما ذكرت- بالملل، أو قد يكون المجال ضيّقاً ومحدوداً لا يسع إلا قلائل فتأتيك العقبات، أو غيرها من الفوضوية، أو عدم القدرة على التركيز ... إلخ.. المهم من الضروري أن تبحثي بجد عن السبب؛ لأنه إذا عُرف السبب استطعت - بإذن الله- أن تعالجي الموضوع.
ثالثاً: من المحزن أن تكوني مبدعة ذات طموح وتغتالينه بيدك، وحتى لا يتهشم -كما وصفت- عليك بما يلي:
1- الإخلاص، فاجعلي لك نية صالحة في إبداعك وتميزك، فلا تبالي بالشهرة أو بالعطاء في حد ذاته، بل بما يترتب عليه من ثمرات وأجور، فلا تهتمي مطلقاً (نشروا أو لم ينشروا) ، يكفي أنك كتبت كلمات صالحة تستحق البقاء، وستجد يوماً ما طريقها إلى النور ما دمت تملكين إخلاصاً لله واحتساباً لموعود الله، ولا تلتفتي للتشجيع، ولا تستندي على عصا عدا توكلك على الله والاستعانة به.
2- اجعلي التشجيع والمساندة قائمة - بعد الاستعانة بالله- على الإكثار من الدخول في التجارب العملية؛ فهي مما يصقل الإبداع ويهذبه، بل قد يكون فتيل إشعاله، وحتى لو كانت أعمالاً تطوعية، ومن ميزات التجارب العملية أنها تدرب على الانضباط والاستمرار والجدية.
3- حاولي أن تحدّدي المجال الأكثر والأقرب إلى نفسك، ومن ثم تنتظمين في عمل ثابت - ولو قليل- ولا تشاركي في أكثر من عمل في وقت واحد.
أسأل الله -تعالى- أن يسدد خطاك، وأن يجعلك مباركة حيثما كنت.(20/370)
طموحي وغلبة الإحباط
المجيب د. لطيفة المشيقح
عميدة كلية المجتمع بأبها
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط
التاريخ 3/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
مشكلتي باختصار أني أملك طاقات إبداعية عالية جداً ومتعددة النواحي أيضاً، لكني -للأسف- لا أستمر في أي مجال أبدع فيه لأكثر من 6 أشهر تقريباً، أي أني أشعر بالملل، وفي بعض الأحيان تقل هذه الفترة عند مقابلة أي عقبة في طريق هذا الإبداع ولو كانت العقبة بسيطة؛ لأني من نوع الذين يستمرون بالتشجيع المستمر، فعند صدور تعليق ساخر على ما أفعله أجد جميع طموحاتي منهارة، لا أعلم إذا ما كان سبب هذا الشيء انعدام الثقة بالنفس أم ماذا؟ قبل أربع سنوات تقريباً بعثت بإحدى مشاركاتي الأدبية إلى إحدى الصحف، ولما لم يتم نشرها أصابني إحباط بدل الإصرار على إثبات الذات، وانقطعت عن المراسلة والكتابة فترة طويلة، حتى هذا العام تقريبا، والآن أفكر جدياً في معاودة المراسلة، حيث إن طموحي عالٍ لكنه هش سريع التهشم، لكني أخاف أن يعاودني الإحباط والإحساس بالهزيمة. أرشدوني إلى الحل.
الجواب
الأخت الفاضلة- سلمها الله-: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد: تكلمت في البداية وقلت إن لديك طاقات إبداعية، فهل سبق أن دخلت برامج لقياس الإبداع؟ لأن الإبداع له محاور وصفات، مثل المرونة والطلاقة، والأصالة، وبالمقابل هل تم أن أجريت أي تدريب على مواهب الإبداع؟ إذا كانت الإجابة بلا، فأعتقد - والله أعلم- أنك فقط وحدك تعتبرين نفسك مبدعة، في حين أن هذا غير صحيح؛ لذلك أنصحك بأن تتلقي أي تدريب، وأن تمارسي أي هواية أو حتى وظيفة بسيطة لتثبتي من خلالها لنفسك قبل كل الناس أنك قادرة على الإبداع، وقبل ذلك تخلصي نيتك لله في أي عمل؛ لأن الإخلاص وتوجيه الأعمال لله تجازين عليها خير الجزاء في الدنيا والآخرة، وبالمقابل لا تعبئي بنظرة الناس لك؛ لأن رضا الناس غاية لا تدرك.
اثبتي واستعيني بالله ولا تعجزي وكرري محاولاتك، وجددي عزيمتك، وفقك الله لكل أمر خير.(20/371)
التغلب على اليأس
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط
التاريخ 30/3/1425هـ
السؤال
كيف يتغلب المسلم على اليأس؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
(اليأس) شعور نفسي يتعرَّض له الإنسان نتيجة ضغوط نفسية (ما) ، سواء كان سبب تلك الضغوط أزمات ومشكلات لم يتمكن ذلك الإنسان من التعامل معها بطريقة ناجحة، أم كان سببها تقلبات مزاجية وعاطفية، أم مغالطات في فهم الأمور وتصورها على الوجه الصحيح ... الخ.
حين تصادف الأسباب المشار إليها وغيرها نفسيةً غير سوية فلا تستطع أن تتكيف معها، ويتأثر نتيجة لذلك ـ استقرارها وهدوؤها؛ حيث إن الشخصية السوية والنفسية المعتدلة تستطيع ـ بتوفيق الله ـ تحمُّل الضغوط النفسية والأزمات والصراعات والتقلبات بأنواعها، والتعامل معها بالأسلوب الذي تتجاوز به المشكلة بثبات.
واليأس هو درجة من فقدان الأمل بحل مشكلة ما أو النجاح في أمر ما، والشعور بالإحباط، يصاحب ذلك ـ أو يسبقه ـ نوع من القلق والتوتر والاضطراب.
وقد يدفع اليأس صاحبه إلى ممارسات خاطئة يحاول بها الهروب من تلك المشاعر التي سيطرت عليه (مع أنها قد تكون مشاعر وهمية) ، فيلجأ إلى مشاعر وهمية أخرى وحيل نفسية تخالف الواقع، أو الهروب من الواقع بالانطواء والعزلة، أو إيذاء نفسه أو تناول مسكرات أو الانتحار، أو الهروب من الاهتمام الذي سبب له الأزمة كالذي تنتابه مشاعر اليأس من حال أمته فيترك الاهتمام بها جملة وتفصيلاً وربما ترك التدين وانغمس في الشهوة التي تنسيه ذلك الهم.
وتجدر الإشارة ـ قبل البدء بوسائل دفع اليأس ـ أن اليأس ليس خاصًا بفئة من الناس بعينها دون غيرها، وليس خاصًا بموقف دون موقف، بل إنه يتطرق إلى كل إنسان توفرت لديه الأسباب الداعية لذلك ولم يملك القدرة على دفعه.
ومن وسائل دفع اليأس:
1. تعميق الإيمان بالقدر خيره وشره، واليقين بأن كل ما يصيب الإنسان فهو بعلم الله وتقديره، والعبد في مشيئة الله. وتحقيق هذه الوسيلة ـ كأكثر الوسائل ـ بيد الإنسان بعد توفيق الله، فعليه أن يقرأ النصوص الشرعية الدالة على هذا المعنى بتفهم وعمق، مع الاطلاع على أقوال السلف وسلوكهم في التعامل مع الأحداث. فما معنى ترديد المسلم في الصلاة وبعدها: «اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» رواه البخاري (6330) ومسلم (593) من حديث معاوية - رضي الله عنه -، وفي آثر ضعيف رواه الطبراني: «إن من عبادي من لا يصلح له إلا الفقر ولو أغنيته لطغى، وإن من عبادي من لا يصلح له إلا الغنى ولو أفقرته لطغى ... » انظر تفسير ابن كثير (3/49) وموسوعة الأحاديث الضعيفة (4059) ، وأكثر ما يشتكى من اليأس بسبب نسيان هذه الحقيقة وضعف الإيمان؛ ولذلك كان توجيه يعقوب ـ عليه السلام ـ وهو من هو في معايشته لصنوف من الضغوط النفسية حينما فقد ابنيه يوسف وبنيامين ـ عليهما السلام ـ: "يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون" [يوسف:87] .(20/372)
2. قوة اليقين بقدرة الله، وهذا معنى زائد على مجرد الإيمان بالقدر، فالإيمان بالقدر هو استسلام لقضاء الله الكوني مع الاحتساب، ولكن اليقين بقدرة الله على تغيير الحال إلى حال أحسن هو تطلع لفضل الله وحسن الظن به والتوكل عليه؛ ولذا فإن إبراهيم ـ عليه السلام ـ كشف عن قوة يقينه بقدرة الله حين جاءته البشرى بالولد فقال: "ومن يقنط من رحمة ربه إلا القوم الضالون" [الحجر:56] أي: لم أكن لأيأس من رحمة الله، بل كان كثير الدعاء بأن يرزقه الله ذرية صالحة، ووفق المقاييس المادية لا يمكن لعجوز عقيم أن تلد من شيخ كبير، لكن حصل خلاف تلك المقاييس.
3. أن يتفهم الشخص أن المشكلة مهما كانت من التعقيد، أو أن الحال مهما كان من السوء فإن حلهما لا يكون بغير حلهما، أو الإسهام بحلهما، وكما قيل (أن تضيء شمعة، خير من أن تلعن الظلام ألف مرة) ، وهذا يقودنا إلى الوسيلة الرابعة وهي:
4. أن يركز على العمل، أما الاقتصار على مجرد الهموم وتقليب المشاعر وتهييجها فلن يغني شيئًا، وفي المثل العربي (أوسعتهم شتمًا وساقوا بالإبل) .
5. أن يعتدل في نظره للأسباب التي يتحقق من خلالها ما يطلب؛ فإن التعلق بالأسباب أو المبالغة في اعتقاد أنها الأسباب الوحيدة يولد ردّ فعل باليأس وشعورًا بالإحباط.
6. أن يعتدل في نظره للمشكلات والأزمات وسوء الأحوال، فقد لا تكون بالصورة الموجودة في ذهن الإنسان، وكم كبَّرت النفسية المتطرفة أمرًا صغيرًا أو مواقف يسيرة فجعلت منها فاجعة أو كارثة، فتصورت أن حلها من الصعوبة بمكان.
7. أن يعتدل في نظره لذاته وإمكاناتها، فقد ينشأ اليأس نتيجة احتقار النفس وبالتالي لا يفعل ما يمكنه فعله لتجاوز المشكلة أو سببِها؛ توهمًا أنه غير قادر على ذلك، فيقع أسيرًا لليأس، أو تصور النفس فوق قدراتها فيحمّلها ما لا تحتمل ثم يقاوم ثم ينهار. وأمر آخر له صلة بالاعتدال وهو تفهم أن الله لم يكلف الإنسان إلا ما يستطيع وعليه أن يفعل ما يستطيع، وبالتالي فإن ما ينتاب بعض الناس من اليأس لكونه لا يستطيع أن يصلح كل الأحوال هو نتيجة توهم أنها مسؤوليته بنفسه، دون أن يفهم أن مسؤوليته أن يسهم فقط.
8. التنفيس عن المشاعر السلبية بطريقة معتبرة شرعًا، كالاتجاه إلى الله بالدعاء والشكوى "قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله" [يوسف:86] ، أو عرض المشكلة على أهل العلم والمختصين، وطلب الرأي منهم والتحاور معهم؛ شرط أن يكون ذلك طلبًا للحل لا محاولة لإقناع الناس بالفكرة اليائسة.
ما تقدم من شأنه ـ بإذن الله ـ دفع اليأس، أما حينما يصاب شخص بهذا الداء فإن هناك علاجات نفسية تعرف في حينها من أهلها.(20/373)
أحلام اليقظة حطمتني
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط
التاريخ 22/2/1425هـ
السؤال
أنا امرأة متزوجة، ولكن أعيش عالماً مختلفاً عن الناس، وهو عالم أحلام اليقظة! عطلت هذه الأحلام حياتي، كنت أطمح لأشياء كثيرة ولكن الأحلام تكفيني دون أن أحقق شيئاً، بل وصل الأمر إلى أنني حرمت من قيام الليل بسببها، بل وحتى من أداء الصلاة في وقتها؛ ناهيكم عن الخشوع في الصلاة وقراءة الأذكار وتدبر القرآن، إنها مأساة، وأنا أعلم أن من يريد الفردوس لا تكون هذه حياته، فماذا أصنع كي أتحرر من أسر هذه الأحلام التي قيدتني منذ أن عرفت الحياة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
إلى الأخت الفاضلة: - أصلح الله حالها- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
علاج ما أنت فيه أن تطرحي هذا كله عن نفسك وتعيشي واقعك الذي تحيين فيه، وذلك بعدة أمور منها:
1- كثرة الذكر والدعاء والاستغفار.
2- كثرة قراءة القرآن بتدبر، وقراءة السيرة العطرة.
3- المحافظة على الصلاة في أوقاتها، والقراءة في الكتب التي تتكلم عن الصلاة وفضلها، والثواب المترتب عليها، وكذلك العقاب والجزاء المترتب على تركها أو تضيعها، وهذا يكون محفزاً لك على الحفاظ عليها.
4- اجعلي لنفسك هدفاً في الحياة واجتهدي في تحقيقه كأن تجعلي من أبناءك نماذج طيبة يشرف بهم المجتمع.
5- حاولي أن تترجمي أحلامك إلى واقع ملموس.
6- يمكنك الالتحاق بإحدى دور التحفيظ النسائية.
7- حاولي أن تشاركي في العمل الدعوي.
8- يمكن لك أن تأخذي دورات في اكتشاف مهاراتك والعمل على تنميتها.
9- اجتهدي في تعلم بعض الأعمال المنزلية اليدوية من النسيج وغيره.
10- يمكن لك أن تتعلمي فن الخياطة والتفصيل.
11- عليك بالقراءة في الكتب التي تكلمت عن علو الهمة، مثل كتاب علو الهمة للشيخ محمد إسماعيل المقدم، وكتاب (الهمة العالية) للشيخ محمد الحمد، وكتاب (صلاح الأمة في علو الهمة) للشيخ سيد عفانى، وكذلك القراءة في كتاب كيف تكوني ناجحة، وكتاب (حتى لا تكون كلاً) ، وكتاب (كيف تنمي مهاراتك) ، وغيرها كثير.
هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(20/374)
"ابنتي وصعوبة الكلام"
المجيب د. سيد زكي خريبة
استشاري صحة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /مشكلات النطق
التاريخ 26-10-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابنتي الوحيدة عمرها ثلاث سنوات إلا شهراً ونصفاً، انطلقت في الكلام وتكوين الجمل منذ فترة ليس بالقصيرة، ولكنني منذ أيام لاحظت عليها تأتأة وصعوبة في إخراج الحرف الأول في بداية كل جملة وبشكل ملفت، ما الحل؟
أرجو الإفادة عاجلاً أثابكم الله
الجواب
الأخ الكريم ...
شكراً لثقتك واتصالك بنافي موقع " الإسلام اليوم"
في الحقيقة أن التأتأة هي أحد أشكال الاضطرابات النفسية وهي أكثر الأنواع شيوعاً كأحد صعوبات النطق، وتنتشر بصورة واضحة في سن الثالثة أو الرابعة أثناء اكتساب الطفل الكلام، أو من سن الخامسة أو السادسة عند دخول الطفل المدرسة، وأحياناً تبدأ في سن البلوغ والمراهقة.
وعن أسباب التأتأة في الفترة ما بين الثالثة والسابعة هناك عدة احتمالات.
أولاً: إن هذه الفترة معروف عنها أن الطفل يبذل مجهوداً كبيراً ليتعلم الكلام فعندما كان في مرحلة أقل كان يتعلم جملاً قصيرة متقطعة لا يحتاج إلى تفكير لإخراجها، ولكن حينما يبلغ سناً أكبر فإنه يحاول أن يكوّن جملاً أطول للتعبير عن أفكار جديدة، عندئذ سيبدأ الطفل في ترديد جملة من ثلاث أو أربع كلامات ولن يكشف إلا عند ما يصبح غير قادر على العثور على الكلمات الصحيحة، وأن أمه لا تعيره التفاتاً كبيراً بسبب كلامه المستمر فتقول له (هيه، هيه) وهي سارحة وتكون مشغولة بأعمال المنزل.
وهكذا تزداد خيبة ذلك الطفل بسبب عدم تمكنه من استرعاء انتباه من يرعاه ويسمعه.
ثانياً: وهو احتمال كبير من أن التوتر النفسي والعناد الذي يظهر أحياناً على الطفل في المرحلة الابتدائية نتيجة الظروف البيئية التي تحيط به تؤثر في كلامه.
ثالثاً: الوراثة: فالتأتأة أحياناً تكون وراثية في الأسرة، وهي تكثر عند الذكور عنها عند الإناث، وهذا يعني أن بعض الأشخاص لديهم استعداد أكبر نحو هذه الظاهرة.
رابعاً: محاولة تغيير الطفل الأشول الذي يعتمد على يده اليسرى في كافة أعماله ... إلى أيمن فإن ذلك يسبب بدء التأتأة في بعض الإصابة، لأن ذلك الجزء من المخ هو الذي يتحكم في الكلام، ويتصل أيضاً اتصالاً مباشراً بذلك الجزء الذي يتحكم في اليد التي ينقلها الشخص.
فإذا أجبره الأب أو الأم أو المعلم على استعمال اليد الأخرى فإن
ذلك فيما يبدو يؤدي إلى إضطراب الجهاز العصبي الخاص بالكلام
أخيراً: حالة الطفل النفسية لها علاقة كبيرة بالتأتأة فمعظم الحالات (التأتأة) تظهر وتحدث لدى الأطفال المتوترين، وتظهر التأتأة عند إثارتهم فقط.
وهناك أسباب نفسية للتأتأة:-
1. عدم إحساس الطفل بالأمن والاطمئنان.
2. مبالغة الوالدين في رعاية الابن والاستحواذ عليه بدلاً من إعطائه الفرصة للاستقلال والاعتماد على النفس.
3. افتقار الطفل إلى عطف أحد الوالدين أو كليهما.
4. التعاسة والشقاء العائلي، والخلافات بين الزوجين، ومشاهدة الطفل لها.
5. تعارض التيارات وتنازع الأهواء في الأسرة.
6.الإخفاق في التحصيل الدراسي.
هناك علل جسمية تكون سبباً في التأتأة.(20/375)
1.وجود عطب وظيفي خلقي في مراكز الكلام في المخ.
2.اضطراب الجهاز التنفسي، وتضخم اللوزتين ولحمية الأنف.
ملاحظة هامة:
إن أغلب حالات التأتأة عند الأطفال في المرحة الابتدائية يكون سببها نفسياً، وتحدث حالات التأتأة أيضاً بصورة ملحوظة عندما تكون الأمهات متوترات نفسياً فإن ذلك ينعكس على أطفالهن، وتظهر التأتأة لدى أطفالهن.
مظاهرة التأتأة
تظهر التأتأة على شكلين مختلفين:
(1) حركات ارتعاشية متكررة.
(2) تشنج يكون على شكل احتباس في الكلام يعقبه انفجار.
بعد بداية التأتأة بفترة زمنية تقدر بحوالي سنة تقريباً تظهر بوضوح " التشنجات التوقيفية " إذ يبذل الطفل عن تحريك عضلاته الكلامية جهد ومحاولات، فتبدو بوادر الضغط على شفتيه، وعلى عضلات الجهاز الكلامي، وبذلك تحتبس طلاقة لسانه.
وعند ما تشتد وطأة التأتأة على المصاب تظهر بوادر جديدة على شكل حركات مصاحبة للمرض الأصلي منها:
1. تحريك الكتفين أو اليدين، الضغط باليدين على الأرض.
2. ارتعاش الرموش وجفون العين.
3. إخراج اللسان من الفم.
4. الميل بالرأس إلى الوراء أو إلى الجانب ... الخ.
ويلجأ المصاب لكل هذه الحركات أو أحدها لعلة يجد فيها معين يساعده على التخلص من احتباس الكلام.
طرق العلاج والوقاية.
(1) لا تحاول تصحيح كلام الطفل، وعدم المبالغة والضغط عليه لتعليمه الكلام قبل سن عامين.
(2) البحث عن الأسباب التي تسبب التوتر للطفل والعمل على إنهائها والقضاء عليها.
(3) عدم توجيه الحديث إليه كثيراً في سن مبكرة وعدم إرغامه والضغط عليه ليتحدث، إلا أنه يمكن ملاعبته عن طريق عمل أشياء بدلاً من التحدث عنها.
(4) إتاحة الفرصة للطفل ليقوم باللعب مع الأطفال الآخرين الذين يرتاح لهم.
(5) في المرحلة المبكرة يجب على الوالدين توفير كم من الدمى، وأدوات اللعب الكافية في المنزل حتى يتمكن من تكوين ألعابه بدون كثرة الكلام وليس معنى هذا أنه يجب أن نهجر الطفل أو تجاهله، ولكن عندما تكون معه ينبغي أن تكون هادئ الأعصاب.
(6) يجب على المحيطين به في مرحلة ما قبل المدرسة ترك الفرصة له وعدم قيادته في كل عمل يعمله بل اترك الفرصة له ليكون هو القائد.
(7) على المحيطين به إعطائه الاهتمام عندما يتحدث حتى لا يثور.
(8) إذا شعر أحد الوالدين بأن الطفل يحدث له غيره من مجيء أو قدوم أخ أصغر فعليهما بذل مجهود أكبر لمنع الغيرة وتوفير الحب والحنان والرعاية النفسية للطفل.
(9) إذا اكتشف أحد الوالدين الأسباب الحقيقة للتأتأة فعليه استشارة أحد المعالجين النفسيين أو الطبيب النفسي علماً بأن أربطة اللسان ليس لها علاقة بالتأتأة لذا ننصح بعدم قطعها.
الخلاصة:
إن التأتأة تحدث نتيجة ما سبق ذكره أي أنها ليست فطرية بصفة قاطعة إلا أن للوراثة دور والبيئة عليها دور أكبر لذا يراعى كل ما سبق الحديث عنه من مسببات.
طرق العلاج:
1- على الوالدين التأكيد من أن الطفل لا يعاني من أسباب عضوية.
2-العلاج النفسي وذلك لتقليل الأثر الانفعالي والتوتر النفسي للطفل ووضع حد لخجله وشعوره بالنقص، والانطواء في البيئة التي يعيش فيها.(20/376)
3- ينبغي أن يتعاون الآباء والأمهات وتفهمهم الهدف من العلاج النفسي مع من محاولتهم المعاونة ومساعدة الطفل على أن يعتمد على نفسه، وعلى رفع روحه المعنوية بحيث يشعر بالأمن والأمان والدفء العاطفي، البعد عن التدليل.
4- العلاج الكلامي:
ويتلخص في تدريب الطفل المريض على الكلام وذلك عند بداية النطق للحروف ويكون بهدوء وطريقة سليمة لنطق الحرف وعدم الضغط عليه.
5- العلاج البيئي:
وذلك عن طريق دمج الطفل المريض في أنشطة اجتماعية تدريجياً كي تتاح له فرصة التفاعل الاجتماعي مما يساعد على تنمية شخصيته اجتماعياً عن طريق العلاج باللعب، الاشتراك في الأنشطة الاجتماعية.
6- تعاون الوالدين مع المدرسة، وذلك لخلق الجو الصالح في البيت والمدرسة بحيث لا يشعر بالحرج سواء عن طريق أسئلة المدرس له أمام التلاميذ أو تسميع الدرس منه أو عن طريق اعتداء وسخرية تلاميذ الفصل منه.
والله الموفق،،،(20/377)
كيف أتخلص من التلعثم في الكلام؟
المجيب د. محمد بن عبد الخالق شحاته
استشاري الأمراض النفسية بالقصر العيني بمصر.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /مشكلات النطق
التاريخ 29/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا أعاني من حبسة في الكلام، ولا أعلم كيف أتخلص منها، هل ممكن الشفاء أم لا؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أرجو عرض حالتك على طبيب أمراض نفسية، فربما قد يكون ما تعانيه هو حالة قلق نفسي، يؤدي إلى نوع من أنواع اضطراب النطق والكلام، وهو صعوبة النطق، وهي حالة بسيطة، ولها علاج نفسي، وبعض العقاقير الطبية من مضادات القلق النفسي التي تؤخذ تحت إشراف الطبيب المتخصص.
وعلاج حالات التلعثم أصبح سهلاً ميسورًا، ويحقق ـ بإذن الله ـ نتائج إيجابية، وفي مدة وجيزة، وهناك طرق عديدة لعلاج هذا العرض..
ومشكلة التأتأة أو الحبسة في النطق تحتاج إلى تدريبات على النطق أساساً، ويمكنك مراجعة "اختصاصي نطق". كما يمكنك القيام بعدد من التدريبات التي تساعدك على التحكم بالتنفس والنطق بشكل أفضل من خلال الاسترخاء وتدريبات أخرى، وهناك عدد من العلاجات النفسية المساعدة يخفف من القلق والتوتر، ويعطي درجة من الجرأة..
أما الطريقة الحديثة المؤثرة والتي حازت القبول عند جمهور العلماء والمعالجين فهي علاج جسم المشكلة، وهذا يعني المشاعر والأحاسيس التي تحكم النشاط التخاطبي المصاحب للتعامل بين المصاب والشخص العادي، وذلك من خلال برنامج علاجي جيد، وهذا البرنامج العلاجي معروف لدى الأطباء المختصين، فلا داعي للقلق، فما تعانيه من التلعثم في النطق أمام الناس هو عرض يزول بزوال السبب، كما أن التلعثم أحياناً يصاب به أناس من كبار الكتاب والأدباء والساسة والمفكرين.(20/378)
طفلي.. وصعوبة النطق!!!
المجيب د. محمد الحامد
استشاري الطب النفسي بمستشفى بخش بجده.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /مشكلات النطق
التاريخ 27-1-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
لدي طفل عمره بحدود سنتان ونصف السنة.. ما زال حتى الآن لا ينطق إلا بضع كلمات غير مفهومة إطلاقاً.. هي أقرب للأصوات.. ولا أدري هل هذا وضع طبيعي أم لا..؟ وما هو العمل؟ أرجو إفادتي ولكم جزيل الشكر.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
أشكر لك ثقتك وأسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد..
عندما يبلغ الطفل سن سنة ونصف فإنه تكون لديه القدرة على نطق عدة كلمات تتراوح ما بين عشرة إلى عشرين كلمة ولكن يحدث أن يتأخر النطق قليلاً في بعض الأطفال إما لعوامل تكوينية خاصة بالتركيب الدماغي وإما لأسباب نفسية مثل بعض الأمراض والاضطرابات النفسية التي تكون فيها القدرة على النطق والتعلم محدودة. وفي مثل حالة طفلك ننصحك بعرضه على الأطباء المختصين وذلك للاطمئنان على صحته مثل طبيب الأنف والأذن والحنجرة للتأكد من سلامة السمع والطبيب النفسي للتأكد من عدم وجود مرض نفسي وأخصائي النطق للوقوف على المشكلة مبكراً. والطريقة المثلى لتعليم النطق للأطفال هي بكثرة المحادثة معهم ورواية القصص لهم وملاغاتهم ببعض الكلمات البسيطة التي يتمكن الطفل من استخدامها مع ضرورة تكرار هذه الأمور بشكل يومي.
مع تمنياتي للجميع بالصحة والعافية،،،(20/379)
أعاني من النوم أثناء الامتحان
المجيب اللجنة العلمية بموقع الإسلام اليوم
أعضاء اللجنة: * الشيخ/ د. عبد الوهاب الطريري [نائب المشرف العام على الموقع] * الشيخ/ سامي الماجد [عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام] * د. محمد الشنقيطي [باحث شرعي في المكتب العلمي] * محمود شعبان [باحث شرعي في المكتب العلمي] . * محمد عَبد الودود [ماجستير في الفقه - باحث شرعي في المكتب العلمي] .
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /مشكلات النوم
التاريخ 1/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أعاني من النوم الشديد الذي يصاحبني أثناء الامتحان فقط منذ سنتين، وبدأت قصة نومي في الامتحان كالآتي: أدخل إلى اللجنة وأمسك الورقة والقلم، وأشرع في الإجابة، وبعد عدة دقائق يسقط القلم مني، وأذهب في نوم عميق، يكون أحيانا متصلاً وأحياناً متقطعاً، وأستيقظ في أواخر الامتحان، وأحاول حل شيء منه.
الجواب
الأخ الفاضل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مشكلتك التي تعاني منها قد تكون مرضاً من أمراض النوم المعروفة عند الأطباء النفسانيين، وقد تكون مجرد عرض لمرض آخر، وهي مشكلة تحتاج إلى تقييم، بداية من طبيعة نومك ونهاية بطبيعة حياتك ككل؛ فالنوم له اضطرابات كثيرة، كأن ينام الإنسان قهرياً في غير الوقت المعتاد، إلا أن الطريقة التي ذكرتها في شكواك تبين أن شدَّة، أو بالأصح كثرة النوم وغلبته عليك تكون في أوقات محددة، وقد بدأت منذ سنتين فقط، ولم تكن موجودة قبل ذلك، وهذا قد يرجع لوجود سبب آخر غير اضطرابات النوم، كاضطراب التأقلم مثلاً (أو القلق والاكتئاب) ومن أعراضه ما ذكرت من ضعف التركيز، وغير ذلك، وسبب هذا المرض قد يكون ضغوطات في حياتك استبدت في وقت بداية شكواك أو قبلها بقليل، كأن تكلف بعمل لا تحبه أو ليس من اهتماماتك، أو ضغوط أخرى خارجة عن قدرتك. نصيحتي لك أن تزور طبيباً نفسياً؛ ليتعرف على قصتك، ويرشدك لما تستطيع. نسأل الله لك التوفيق واختيار ما ينفعك في دنياك وأخراك.(20/380)
الجاثوم يحبس أنفاسي
المجيب د. تركي بن حمود البطي
طبيب نفسي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /مشكلات النوم
التاريخ 16/7/1425هـ
السؤال
أخي في الله: سؤالي هو: كثير ما يأتيني شيء عند النوم، ومنذ سنوات شيء يسمّى بـ (الياثوم) أو الجاثوم، وقيل لي إنه شيطان أو جان، وما يقوم به هو أنّه يحبس عنّي الحركة ويضايقني في التنفس كثيراً، ويجعلني أسبح في الفضاء، ويتخيل لي أماكن وأناس وأشكال مختلفة، حتى أنّني أحياناً أرى الأشخاص حولي يتحدثون ويتحركون، ولا أستطيع أن أكلمهم أو ألمسهم، مع أنني أحاول جاهداً أن أنبّههم بحالي، فلا أستطيع ولأنهم لا يعلمون ما أنا فيه فهم لا يلتفتون إلي لأنّهم يحسبون أنني نائم، وفي بعض الأحيان تكون عيني مفتوحة وأراهم، ولا يذهب عنّي " الياثوم " إلا إذا حرّكني أحدهم بقوّة، بعدها يذهب عنّي. وأخيرا فإن (الياثوم) كان يأتيني أحياناً بقوّة وأحياناً بأقل قوّة، مع ملاحظة أنّه غالباً ما يأتيني عندما أذهب إلى النوم بعد الأكل حتّى ولو بعد ساعتين أو خمس، ويكون لدي إحساس بأن الأكل لم يحترق في معدتي بعد حتى ولو كانت الفترة طويلة، ولكن الأكل لا زال في معدتي، أفيدوني جزاكم الله كل خير عنّا وعن المسلمين أجمعين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي الكريم: ما تعاني من ظاهرة تسمى شلل النوم، وهي حالة معروفة عند الأطباء المتخصصين في اضطرابات النوم، والحالة تأتي تماماً كما وصفتها، ولعلنا في الأيام القادمة نسعى لإخراج مقال يشرح هذه الحالة بالتفصيل، ويتطرق إلى أسبابها ما أستطيع قوله وأطمئنك به أن هذه الحالة حميدة وليس منها خطورة، وغالباً ما تختفي بتقدم العمر ولم تسجل حتى الآن في الأبحاث والدراسات حالات اختناق أو موت أو مرض خطير ناتج عن هذه الحالة، ولكن هناك علاقة بين شلل النوم ومرض آخر يسمى النوم القهري، وهو عبارة عن نوم مفاجئ في غير ساعات النوم المعتادة، فهذا المرض يجب أن يعالج بواسطة طبيب متخصص في اضطرابات النوم إذا ثبت التشخيص والعلاج يتلخص في التالي:
أولاً: أن يطمئن الشخص المصاب أن هذه حالة سهلة ولا يوجد منها خطورة.
ثانياً: طرق لتقصير مدة الشلل وعودة الإنسان لحالته الطبيعية مثل حاول أن تحرك العينين إلى اليمين واليسار بشكل سريع ومتتابع إلى أن تستطيع الحركة، ركز كل تفكيرك في أحد أصابعك في يدك اليمنى أو اليسرى، وحاول تحريكه هو فقط.
غالباً ما تنتهي نوبة الشلل بلمس المصاب أو حدوث صوت خارجي بواسطة شخص آخر، وهذه بعض الإرشادات العامة لتقليل نوبة شلل النوم.
1- حاول تنظيم جدول النوم اليومي قدر المستطاع واجعله ثابتاً.
2- ابتعد عن السهر والانقطاع عن النوم لفترات طويلة.
3- القيلولة القصيرة في فترة الظهيرة قد تفيد.
4- مارس الرياضة بانتظام.
5- حاول التقليل من الضغوط النفسية والجسدية قدر الإمكان.
6- لا تنس أذكار النوم وكذلك النوم على طهارة.
7- نم على جانبك الأيمن.
أخي الكريم: إذا تكررت الحالة أو أثرت على حياتك الخاصة فعليك استشارة طبيب متخصص في اضطرابات النوم فهناك بعض العلاجات التي قد تفيد.(20/381)
غضب وأحلام مزعجة!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /مشكلات النوم
التاريخ 18/10/1422
السؤال
لدي مشكلة كبيرة وهي قلة النوم والأرق في الليل والنهار..!!
مشكلاتي الأخرى أنني كثير الكوابيس والأحلام المزعجة والمخيفة جدا!! وشديد الخصومة مع زوجتي، وقد حصلت لي هذه المشكلة بعد الزواج..!! إنني لا أستطيع النوم في الليل أو النهار أريد حلا عاجلا.. فهل أجده عندكم..؟! أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
أخي الكريم أشكر لك ثقتك، وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد الرشاد..
أما استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:
أولاً - مسألة الأرق والأحلام المخيفة.. ربما كانت نتيجة لضغوط نفسية ومشكلات اجتماعية تعايشها في حياتك العامة. وهذا ما يؤثر عليك سلباً عند نومك وأثناءه!! وأنت هنا لم تذكر أي تفاصيل حول حياتك الأسرية والاجتماعية والوظيفية، ومدى انسجامك وتوافقك معها.
ثانياً- تأكد يا أخي أننا كثيراً ما نحمل أنفسنا أكثر مما تحتمل، ونهتم لأمور قد سار بها القلم ولن يقدم فيها اهتمامنا شيئاً أو يؤخر..!! فنفكر كثيراً في الماضي رغم ذهابه وانقضائه ونقلق للمستقبل رغم أننا لا ندري ما يكون فيه.. ونتحسر على أمور لم تكتب لنا، ونجزع من أمور قد كتبت علينا..!! ولو تركنا الأمر لصاحب الأمر ومدبره، وأخذنا بالأسباب دون اتكال عليها لأرحنا واسترحنا.
ثالثاً- الاتكال على الله لا يعني بأي حال " التواكل " والسلبية واللامبالاة..!! أبداً بل يعني: فعل الأسباب المأمور بها شرعاً، والرضا بما قسم الله، وعدم الجزع (فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرًا) .
رابعاً - كل ذلك سيجعلك بمشيئة الله هادئ البال وهانئ النفس، مطمئناً في تعاملك مع من حولك.. وبالتالي ستتخلص من كثير من عوامل الغضب والتوتر اليومية، وسيتولد لديك الرضا المطلوب والمحفز لأنزيمات الهدوء والسعادة!! فتوترنا وعصبيتنا هي في الغالب الوجه الآخر لعدم رضانا عن أنفسنا.. وربما تأنيب "ضمائرنا " لسبب أو لآخر!!
خامساً- إن وجدت نفسك ستغضب لسبب أو لآخر فاستعذ بالله قائما وقاعداً من نزغات الشيطان.. (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) وبادر إلى الماء وتوضأ. واذكر الله؛ فالغضب من الشيطان.. وقد خلق - أعاذنا الله وإياك منه - من النار.. والماء يطفئ النار كما ورد، ثم اجلس إن كنت قائماً، وخذ نفساً عميقاً.. وستجد نفسك قد هدأت كثيراً، وزالت عنك غشاوة الغضب..!
سادساً - ربما وجدت ذلك ثقيلاً في البداية ولكن مع الوقت وبذل الجهد في جهاد النفس ستستسهله ويصبح جزءاً من طبيعتك.(20/382)
سابعاً - ماذا عن برنامجك اليومي..؟! أعد النظر في ترتيبه لتبدأه بذكر الله (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) مروراً بالصلوات المكتوبة وأداء الرواتب وقراءة شيء ولو يسير من القرآن الكريم مع الأوراد اليومية المعروفة، وعند ما تأوي إلى فراشك فاحرص أن تكون متوضئاً، واذكر الله، وصل على رسوله صلوات الله وسلامه عليه، واقرأ وردك والمعوذات وآية الكرسي, وشيئاً مما تحفظه من القرآن الكريم ونم على شقك الأيمن، وثق أنك في ذمة الله حتى تصبح وأنه لن يقربك شيطان في ليلتك تلك. وإن رأيت في نومك ما تكره فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وانفث عن شمالك ثلاث مرات، ونم على شقك الآخر، ولا تخبر أحداً برؤياك فإنها لا تضرك.. كما جاء في الحديث الصحيح.
ثامناً - درب نفسك على الاسترخاء وعدم التوتر، لأن الأرق نتاج للتوتر، والتوتر نتاج للقلق وأبسط حالات الاسترخاء عند النوم هو أن تشغل مخيلتك ببعض أحلام اليقظة الهادئة والجميلة، وتسترسل بها، وستجد أنك قد غفوت قبل أن تستكمل مشاهدها الأخرى.
وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(20/383)
الثقة(20/384)
الرهبة عند المقابلات الشخصية!
المجيب أ. د. صالح إبراهيم الصنيع
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 18/12/1426هـ
السؤال
أنا موظف وتستدعى الترقية إلى الدرجة التالية مقابلة شخصية من قبل لجنة مشكلة لهذا الغرض، أثناء المقابلة انتابني توتر شديد من جراء الأسئلة المطروحة، ولم أستطع لملمة أفكاري، رغم أن الأسئلة لو طرحت على شكل امتحان يكتب لقمت بحل جميع الأسئلة بنجاح. أرجو التكرم والإفادة ما هي الأسباب التي أدت إلى ذلك رغم أنني اجتماعي ومطلع أشارك الآخرين وعندي القدرة على التحدث؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فسؤالك عن التوتر والارتباك الذي أصابك عندما قابلتك لجنة الترقية في عملك، مع أنك شخص اجتماعي ومطلع وتشارك الآخرين، والسبب في ذلك يعود على ما تعودت عليه في محيط عملك، وما يتوفر لديك من معلومات عن اللجنة وأعضائها، فأحياناً تكون مصادر معلوماتنا عن مثل تلك اللجنة من أشخاص لم تكن لهم خبرة حسنة في مقابلتها لتلك اللجنة فتصورها بصورة منفرة، وأن أفرادها يعتمدون التقليل من الشخص محل المقابلة مهما كانت كفاءته، وغير ذلك من العبارات التي تجعل من يسمع هذا الكلام يتخوف من مقابلة تلك اللجنة، ويتخذ مواقف سلبية مسبقة مبنية على المعلومات التي تلقاها من ذلك الفرد، وقد يكون السبب السمعة المتدوالة بين الموظفين عن اللجنة وأفرادها بأنهم يتصفون بالشدة، وغير ذلك من المواقف المسبقة السلبية التي ننصحك وغيرك ألا يعتمد عليها عند المقابلة بل استعد ذهنياً ومعلوماتياً للمقابلة دون مواقف مسبقة حيال اللجنة وأعضائها، فذلك مما يعين على تجاوز المقابلة بشكل ميسر. فعليك الاستفادة من هذه الخبرة في المرات القادمة، بحيث تدخل إلى أي لجنة بصدر مفتوح ودون مواقف سلبية معيقة وموترة ومشتتة للذهن، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.(20/385)
أتولى المناصب.. ولا أثق بقدراتي!!
المجيب د. عبد اللطيف الحسين
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 29/09/1426هـ
السؤال
أنا موظف حكومي أحب عملي ومحافظ على الدوام، وأتقن العمل الموكل إلي، ومحبوب لدى رؤسائي وزملائي، أحس ذلك من احترامهم وتقديرهم لي.
مشكلتي أنني عديم الثقة بقدراتي، حيث أرفض رفضاً تاماً تولي المناصب التي تعرض علي، وضميري يؤنبني؛ لأنني أخاف أن يتولى هذه المناصب أشخاص غير جديرين، أرجو مساعدتكم، والله أسأل أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فشكر الله لك -أخي السائل الكريم- على تواصلك معنا عبر موقع (الإسلام اليوم) ، وما طرحته من تساؤل ينبع من إحساسك العميق بواجبك تجاه دينك ومجتمعك، وأحيِّي فيك محافظتك على الدوام ومحبتك لعملك وإتقانك لواجباتك الوظيفية، فهذه صفات المؤمن الصادق الأمين في أداء واجباته الوظيفية.
وبخصوص ما ذكرته عن شعورك بعدم الثقة في قدراتك، فأتصور أن هذا مدخلٌ شيطاني
لإبعادك عن الخير في تولية المناصب والمهام والواجبات، ومن ثم نفعك للمسلمين، لا سيما وأنت كفء في قدراتك العملية، ولم تسأل المنصب ولكن رئيسك رشَّحَك لذلك، وأنت
من المحبوبين لدى رؤسائك وزملائك.
ومن هنا فينبغي أن تقبل العمل الموكل إليك، وتخلص لله تعالى فيه، وتجدَّ وتجتهد لتنفع الناس بما تقدمه من أعمال فيها مصالح العباد والبلاد، والله تعالى خير عون لك.
واعلم أنك بتخليك عن قبول المناصب ربما تفسح المجال لغير الأَكْفَاء؛ الذين يتقلدون المهام والأعمال، وهم ليسوا أهلاً لها، فيضروا بالمصالح العامة، وذلك نتيجة تقاعس الأمناء الأَكْفَاء في قبول المناصب والوظائف التي يرجى نفعها العام. أسأل الله للجميع التوفيق والسداد.(20/386)
مشكلتي ... عدم الثقة بنفسي!
المجيب يحيى بن إبراهيم اليحيى
(عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية)
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 12/09/1426هـ
السؤال
أنا موظف حكومي، أحب عملي ومحافظ على الدوام، محبوب من رؤسائي وزملائي، أحس ذلك من احترامهم وتقديرهم لي، أتقن العمل الموكل إلي، مشكلتي أنني عديم الثقة بقدراتي، حيث أرفض رفضاً تاماً تولي المناصب التي تعرض علي، وضميري يؤنبني لأنني أخاف أن يتولى هذه المناصب أشخاص غير أكفاء، فأنا بين نارين، أرجو مساعدتكم، والله أسأل أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً: زادك الله توفيقاً، وعليك أن تحافظ على هذه الإيجابيات، وتحرص على تنميتها.
ثانياً: عليك أن تنمي ثقتك بقدراتك، وأن تبدأ بمهام صغيرة ولو خارج العمل في برامج أسرية أو اجتماعية.
ثالثاً: عليك أن تتولى بعض المهام بالنيابة، في حال غياب زميل أو إجازته لتحتكّ بالمسؤولية المباشرة، وتعتاد على ممارسة الإدارة، ثم بعد ذلك سيسهل عليك -بإذن الله- أن تتولى أي منصب مهما كان، وخاصة أنك لا ترغب في تولي المناصب، ومن تولى المناصب بدون طلب منه أعين عليه.
رابعاً: إليك هذه التوجيهات الغالية في بناء الثقة:
أهمية الثقة بالنفس:
للثقة بالنفس أهمية كبرى للإنسان من الناحية النفسية والاعتدال والتوازن الشخصي، إذ بفقدانها يحدث الاضطراب والقلق والشعور بالنقص، واتهام الآخرين، ويتصور أن كل شيء يتربص به، ويتصرف مع القضايا والأحوال التي تمر به تصرف السفيه الذي يعمل ما يضره ويقوده إلى المهالك.
والثقة بالنفس مهمة أيضاً لاكتساب الخبرات وتطوير المهارات، إذ إن من ترك خبرات الآخرين وتجاربهم يبقى في مؤخرة الركب، قال أحد السلف: من حق العاقل أن يضيف إلى رأيه آراء العلماء، ويجمع إلى عقله عقول الحكماء، فالرأي الفذ ربما زل، والعقل الفرد ربما ضل.
الرأي كالليل مسود جوانبه *** والليل لا ينجلي إلا بإصباح
فاضمم مصابيح آراء الرجال إلى *** رأيك تزدد ضوء مصباح
ومن أخفق في مهمة فأصيب بالإحباط فهذه دلالة على اهتزاز الثقة بالنفس.
محمد بن المنكدر جاهد نفسه أربعين سنة حتى استقامت، ولم ييأس في المرة الأولى ولا في السنوات العشر الأولى.
فالواثق من نفسه يطور ويجدد من عمله، ولا يخاف من النقد، وعنده الشجاعة بأن يقول: لا أعرف، لكي يعرف ويتعلم.
والثقة مهمة في مواجهة الصعاب والمصائب، والمشكلات، فهو صاحب رؤية بعيدة راشدة، يعرف السنن الإلهية، يكيف ظروفه مع المشاكل والصعاب والمصائب، قد يتأثر تأثراً موقفياً، ولكن لا تتحطم ثقته الأصلية.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(20/387)
كيف أتدبر القرآن وأثق بنفسي؟؟
المجيب ناصر الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 4-12-1423
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
كيف نتدبر القرآن الكريم؟ كيف أثق بنفسي؛ لأنه ليس عندي ثقة بنفسي البتة؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يقول تعالى:"كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب"، فالمقصود من إنزال هذا الكتاب العظيم أن يتدبره الخلق ويعملوا بما دل عليه من هداية وإرشاد، وإن مما يعين على تدبر القرآن الكريم جملة أمور منها:
*يقرأه المؤمن على أكمل حالة وأهيئها، من حيث أن يقرأه في مكان مهيأ لذلك، وأن يكون على حال حسنة من طهارة ونظافة، وأن يكون خالي الذهن من الشواغل والصوارف التي تقطع الفكر وتشتت الذهن.
*إتقان تلاوته وترتيله، فأول ما يجب على المرء ليتدبر القرآن الكريم أن يحسن تلاوته وترتيله؛ لأن ذلك من الأسباب المعينة على تدبره، يقول تعالى: (ورتل القرآن ترتيلاً) .
*ومما يعين على حسن التدبر للقرآن الكريم فهم معانيه ومراميه، وذلك بالنظر في كتب التفسير ولا سيما المختصرة منها، واستصحابها عند تلاوة القرآن الكريم.
*ومن أبلغ ما يعين على التدبر أن يعرض المؤمن نفسه على كتاب ربه وينظر كيف هو مما جاء به القرآن، فإذا قرأ آية فيها أمر أو نهي نظر في حاله كيف هو مما دلت عليه الآية فإذا كان ممتثلاً لما دلت عليه فليحمد الله وليسأله التثبيت، وإن كان مقصراً فليتدارك نفسه، ومتى ما التزم ذلك في كل حاله مع القرآن الكريم كان حقاً قد جمع بين التدبر له والعلم به والعمل بما دل عليه، وتلك كانت طريقة السلف -رضي الله عنهم- من الصحابة ومن بعدهم في فهم القرآن وتدبره، يقول أبو عبد الرحمن السلمي:"حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم، قالوا فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً"، وفي الأثر من اتقى الله فيما يعلم أورثه الله علم ما لم يعلم.
أما عن السؤال حول الثقة بالنفس وكيفية بنائها:
فهذه بعض النصائح أقدمها للسائلة الكريمة في النقاط الآتية:
*تكمن المشكلة عند كثير ممن يشكون من التردد وعدم الثقة بالنفس في عدم وضوح الأهداف عندهم فيما يواجهونه من أمور الحياة مما يتطلب اتخاذ قرار ما أو تصرف معين، وتفهمك أختي السائلة لهذا الأمر يساعدك بشكل كبير في اكتساب الثقة ونزع التردد من نفسك لأن وضوح الهدف يساعد كثيراً على اتخاذ القرار بشكل صحيح، فعندما يواجهك أي موقف في الحياة يجب قبل أن تتخذي قراراً ما أن تنظري في أهدافك من القرار الذي تريدين اتخاذه، وكثرة التدرب على هذه الطريقة يكسبك منهجية منطقية في التفكير، وهذا يساعدك على اتخاذ القرار بثقة وبغير تردد.
*كثيراً ما يواجه المرء مواقف يصعب عليه اتخاذ قرار فيها لأنها تحتمل أكثر من رأي وقرار، وفي مثل هذه المواقف على المرء أن يأخذ بمبدأ الموازنة بين خير الخيرين وشر الشرين، فيوازن بين الأمرين فيأخذ بأكثرها خيراً ويدع أكثرها شراً.(20/388)
*إذا أدركت هذين الأمرين فعليك عند اتخاذ قرار ما أن تقطعي التردد من نفسك وأن تتخذي قرارك، مهما كانت النتائج المترتبة عليه.
*أنصح السائلة أن تنظر في تجاربها السابقة - فقط - كي تستفيد مما تضمنه من صواب وخطأ، ويجب عليها ألا تقف طويلاً عندها، لأن كثرة استرجاعها لها ونظرها فيها سيجعلها حاضرة في ذهنها عندما تريد اتخاذ قرارات جديدة وهذا ربما زاد من ترددها وعدم ثقتها بنفسها.
*كثرة الاحتكاك بالناس ومخالطتهم ولا سيما من يكبرك سنا ممن لهم تجارب في الحياة والاستفادة من خبراتهم، لأن صغر سن المرء يجعله غير قادر في بعض المواقف على اتخاذ القرار لعدم وجود تجارب سابقة تساعده على اتخاذ قرار ما في الموقف الذي يمر به، ولا بد هنا -وفي مثل حالتك- ألا تكثري من سؤال الناس، كما لا تكثري من عدد الأشخاص الذين تسألينهم وتطلبين رأيهم، لأن هذا يعرضك مرة أخرى للتردد وعدم الثقة فيما تقدمين عليه.
*وقبل هذا كله على السائلة أن تأخذ بالمنهج النبوي الذي أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - والمتمثل في الاستخارة وهي طلب خير الأمرين فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يعلم صحابته -رضوان الله عليهم- الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري وغيره عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال:"كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به، قال: ويسمي حاجته".
والله المرجو أن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(20/389)
كيف أستعيد ثقتي بنفسي؟
المجيب د. تركي بن حمود البطي
طبيب نفسي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 02/09/1425هـ
السؤال
أحس بأن لي انفصاماً في الشخصية، فتارة أكون على رأي، ومرة على غيره، أقول سأذهب إلى المكتبة، فلا أذهب، وغير ذلك، أحياناً أقول إني قوي الشخصية، ومرة أخرى أقول أحتاج لتقويتها، وأريد أن أكون قوي الشخصية وأول الدفعة، هناك أسباب أخرى لعدم ثباتي النفسي واستقراري أن لي أختاً تحب دائماً الشجار معي، وأظن لأني متفوق عليها، وهي لا تحترمني، أعتقد أنه بسبب شيء في الماضي، فعندما كنا صغاراً كاد أن يحدث بيننا, أمر يغضب الله، ولكن لم يحدث شيء، فكيف لي أن أجعلها تحترمني كما كانت؟ وكيف أستعيد ثقتي بنفسي لأني أدرس في أفضل جامعات بلادي، وأريد أن أكون أول الدفعة. فبماذا ترشدوني؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي الكريم: أنت طرحت عدة مواضيع، كل واحد منها يحتاج لتفاصيل أكثر من قبلك، لكن بالنسبة لموضوع الثقة بالنفس فالحمد لله مستواك وطموحك يبشر بخير، لكن قد تحتاج لترتيب الأولويات، وتنظيم وقتك، وأن تكون جاداً مع نفسك، وتجعل لك رؤية واضحة كل يوم، بمعنى ضع جدولاً يومياً لأنشطتك، وفي نهاية اليوم راجعه وحدد النقاط السلبية التي لم تساعدك في تحقيق هدفك، وحاول تلافيها، لا تجعل اليأس يدخل إلى حياتك، وحصولك على قوة الشخصية يحتاج إلى مثابرة وعدم تردد في تطبيق الأهداف والأولويات، وجود الهمة العالية مهم لمن هم في مستواك، فهذا دافع قوي للوصول للقمة، لكن يجب أن يرتبط بوضوح الهدف.
بالنسبة لموضوع أختك - أخي الكريم- نحن لا نستطيع أن نعيد الماضي، ولكن نستطيع الاستفادة من تجاربنا لتصحيح مستقبلنا، حاول ألا تجعل لمثل هذه القضايا العائلية تأثير على مستواك ودراستك، حاول كسب أختك بالمودة والرحمة، وعدم الصدام، أوافقك الرأي أنه قد يكون لما حدث في الماضي تأثير على نظرة أختك لك، لكن هذا لا يجعلنا مكتوفي الأيدي ونلوم الماضي؛ لأن هذه حقبة من الزمن وانتهت، ولسنا مطالبين بدفع فواتير الماضي، لكن تقبل هذا الأمر ومحاولة فهم طبيعة أفكار أختك يخفف من حدة موضوع عدم احترامها لك، أقول وأكرر أنت قدوة لأختك، ولا تستطيع كسبها إلا بالاحترام والتقدير، ومراعاة نفسيتها، أتمنى لك حياة سعيدة وناجحة، واعلم أن الوصول للمجد صعب، ولكن ليس بمستحيل، اجعل ذكر الله والطاعات والدعاء زاداً لك في هذا الطريق.(20/390)
ضعيف الثقة بالنفس
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 17/10/1425هـ
السؤال
أخي مشرف النافذة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا شاب متعلم، لكن تصادفني بعض المشاكل في حياتي، بسبب تفكيري أو أفكار تنشأ من داخلي، وهي تتركز في علاقتي مع الجنس الآخر، فأنا أحس بإحراج كبير عندما أدخل أماكن تعج بالفتيات كالأسواق مثلاً، أحس بأن الكل يتحدث عني وعن شكلي، ويعلقون باستهزاء علي، فلا أستطيع أن أعمل شيئاً إلا أن أتضايق جداً، كذلك تربطني علاقة طاهرة مع إحدى الفتيات، لكني أحياناً أسبب المشاكل معها بسبب تفكيري وغيرتي المجنونة، فتتوارد علي أمور فتكبر في مخيلتي إلى درجة أني أحس أحياناً أنها تضحك علي، والحب الذي بيننا من طرفي فقط، أنا تعبت جداً من هذه الحالة، أفيدوني أفادكم الله.
الجواب
أخي الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أشكر لك ثقتك، وأسأل الله -تعالى- لنا ولك التوفيق والسداد في الدين والدنيا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه:
أولاً: لقد قمت بتشخيص جزء من مشكلتك، وسأكمل لك الباقي، فلقد ذكرت أن سبب المشكلة لديك (أفكار تنشأ من داخلك) ، وهذا صحيح، فحياتنا النفسية - يا عزيزي- من صنع أفكارنا، ولكي تنجح لا بد أن تتخيل نفسك ناجحاً، أما إن حاصرت نفسك بالخوف من الفشل، وانتظار آراء الناس فيك، فثق أنك ستستمر في دوامة من الخوف وانعدام الثقة، والتهيؤات التي تفترضها من الآخرين، وهكذا، مزيداً من التعب والقلق، والعزلة التي قد تتطور إلى ما لا تحمد عقباه.
ثانياً: السبب الحقيقي لكل ذلك، أن عالمك الداخلي (مشوش) ونظرتك إلى نفسك نظرة سلبية، فلماذا لا تغير هذه النظرة السلبية إلى نظرة إيجابية؟ فلست أقل من سواك، وما لا تستطيعه الآن بإمكانك أن تتعلمه غداً، فاستعن بالله وقوِ عزيمتك، وكن واثقاً بنفسك، ولا تنشغل كثيراً بآراء الآخرين تجاهك، ونظرتهم إليك صدقني كل مشغول بنفسه عما سواه.
ثالثاً: لا أدري لماذا حصرت المشكلة (بالجنس الآخر) رغم أن مشكلتك عامة، ولكن يظهر أنك مغرم كثيراً بنظرة (الجنس الآخر) تجاهك؟ يا عزيزي: دع الجنس الآخر لنفسه، ولا تنشغل كثيراً بما يفكر فيه، فذاك من الشيطان، واجعل همتك عالية، ولا تلتفت للصغائر، فإن الهموم بقدر الهمم، ويظهر - والله أعلم- أن جلساءك يهتمون كثيراً بهذا الأمر، فتجاريهم أنت فيه، تذكَّر - يا عزيزي- أخواتك وقريباتك، وهل تسمح لكائن من كان بمجرد التفكير في جلب استحسانهن.
رابعاً: بالنسبة (لعلاقتك الطاهرة) - كما سميتها- مع هذه الفتاة فإن تفكيرك وغيرتك، راجعة إلى (نظرتك السلبية) إلى نفسك، كما أسلفت، وستزول بمجرد أن تغيِّر هذا المنظار إلى منظار إيجابي، وثق أنك قادر على ذلك بعون الله، ولكن أنشدك بالله إن كان هدفك (سامياً) فبادر فيه فوراً، وإلا فأغلق هذا الموضوع، وانشغل بمعالي الأمور، حتى يوفقك الله وتحصن نفسك، فإني أخشى عليك من العواقب في الدنيا والدين. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(20/391)
التعامل مع الموظفين الأكبر سناً!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 1/4/1422
السؤال
لا أريد الإطالة وهذا السؤال باختصار أنا أعمل في مؤسسة حكومية وقد ترقيت إلى رتبة رئيس قسم قبل فترة قصيرة والموظفين الذين هم تحت إمرتي كانوا زملائي من قبل السنين وهم يكبرونني في السن والمشكلة أنني أخجل من أمر أحدهم بعمل ما، أيضاً عند خطأ أحدهم استحيي من التنبيه عليه فلا ادري ما هي المشكلة عندي هل عدم الثقة أم ضعف الشخصية..؟
الجواب
أخي الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لتعلم يا أخي أن إصدار أي حكم على الإنسان في الأمور النفسية حتى وهو قريب منك " يحتاج إلى وقت وإلى ملاحظة وثيقة ومتقنة.
عندها قد تصدر حكما فرضيا " يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ.. ويتم التأكد منه وفق منهجية علمية مقننة.. ثم بعد ذلك تأتي مرحلة تحديد عمق المشكلة - إن وجدت - وحدتها وأخيرا البرنامج العلاجي المقترح لها.
هذا بشكل عام.. ذكرته هنا لأبين لك أخي الكريم صعوبة القطع بأي مشكلة من وراء حجاب.. وهو هنا حجاب الإنترنت!!!
أما ما يظهر لي مما ذكرته - باختصار - عن واقعك في العمل مع مرؤسيك فإني أولا: أهنئك بهذا الترقية وأبارك لك ... وأدعو الله أن يجعلها عوناً لك على الطاعة والخير.. وأن يسدد خطاك وأن يصلح لك وأن يصلح بك وأن يجعلك وإيانا مفاتيح للخير مغاليق للشر.
وثانيا لا أعتقد - أخي الكريم - أن ما تذكره عدم ثقة أو ضعف شخصية..!! ولكن - ربما - هو نوع من عدم الاعتياد.. والتقدير لهم خاصة وهم كما ذكرت يكبرونك في السن وقد يكونوا سبقوك في الموقع ذاته!!
على أية حال.. يحسب لك هذا الشعور النبيل تجاه زملائك ومرؤسيك.. في هذه الحدود ما لم يتجاوز ذلك إلى إخلال واضح من قبلهم في وقت العمل وآلياته.. وتساهل منك وخجل عن التنبيه والتوضيح والضبط والربط..!! مما يترتب عليه تأخر عن أداء العمل.. وتسيب في إنجاز المعاملات المطلوبة..!! هنا يحتاج الأمر إلى وقفة..!! بل وقفات جادة لوضع الأمور في نصابها الصحيح.
وتذكر يا أخي الكريم.. أننا نتعامل مع أناس مختلفين في مستوياتهم العلمية.. وقدراتهم الفكرية.. وبيئاتهم الاجتماعية.. فما يناسب هذا في التعامل قد لا يناسب ذاك،..!! وما يفهمه هذا على أنه نوع من التقدير.. يفهمه الآخر على أنه نوع من الضعف والعجز..!! وهذه سنة الله في خلقه.. متفاوتون في أشياء كثيرة تصل أحيانا إلى التناقض التام.!!
ولذلك فإني أقترح عليك ما يلي:
أولا: أعتقد - جازما - أن الكثير من الناس لا يهمهم ولا يشكلهم التكليف أو الأمر. لأي عمل كان.. بقدر ما يشكلهم ويهمهم طريقته أو أسلوبه!!! ولذلك فاختيار العبارة المناسبة واللطيفة في التكليف أو التنبيه أو السؤال.. لها أبلغ الأثر في النفس البشرية.(20/392)
ثانيا: تحديد المهام بشكل واضح.. له أثر بالغ في تأدية الأدوار ومعرفة المهام.. وبالتالي مساءلة المقصر - إن وجد - عن أسباب تقصيره. فلا يتحجج حينها بأنها ليست من مهامه.. أو أنه ظنها كذلك!! ولا بأس من الاتفاق على آلية " معينة " للتكليف بالعمل " ومن ثم متابعة تنفيذه ويفضل أن تكون عبر نموذج " تحريري " متفق عليه!! وخصوصاً في بعض المهام التي تحتاج إلى إنجاز ومتابعة.
ثالثا: تذكر دائما أن الإدارة الإيجابية تعتمد على توقعاتنا لما يمكن أن يحدث.. لا على رد فعلنا عند حدوثه.!! فالمدير الناجح يحاول استباق المشاكل لمنع حدوثها.. فينظر للأمور أحيانا من زاوية مرؤسيه. لا من زاويته فقط..!! وبالتالي يضع نفسه مكانهم.. ويتوقع ردود أفعالهم.. ويحاول منع السالب منها.. وأن وقع استغله بقدر المستطاع - لمصلحة العمل.
رابعا: " المرونة " بحدودها المناسبة " مطلب ضروري " فنحن نتعامل مع بشر..!! بشرط ألا يساء فهمها من قبل الآخرين.!!!
خامسا: وضع مدد محددة لإنجاز الأعمال.. وعليك بمناقشة المقصر- إن وجد - بشكل فردي وهادي.. فذاك ابلغ واكثر جدوى " مع الكثير من الناس. وتوقع وجود الطرف " المشكل " وهيئ نفسك للتعامل معه.. ولا بأس من الاستعانة أحياناً ببعض زملاءه الثقات.. واستشارتهم في طريقة إيصال الفكرة إليه.. فأنت هنا تحقق مبدأ المشاركة في القرار عندهم..! وهي طريقة مجربة وذات نتائج إيجابية.
سادساً: وأخيراً.. استعن بالله قبل هذا وبعده.. وأحسن النية.. وحاول تطوير قدراتك الإدارية بالاستشارة لأهل الخبرة.. والاطلاع على بعض الكتب الخاصة بهذا المجال وهي بالمناسبة متوفرة عند كثير من المكتبات.. وفي بعضها الكثير من الأفكار الرائعة والعملية.. وثق بالله ثم بنفسك.. والإنسان - أخي الكريم - لم يولد عالماً.
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(20/393)
الناس..يحتقرونني!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 22/6/1422
السؤال
أخي مشرف نافذة الاستشارات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
السؤال: أني أعاني من مشكلة احتقار الآخرين لشخصي مع العلم أني لست صاحب مزاح..
الجواب
أخي الكريم أنت تشكو من احتقار الناس لك حتى وأنت كما ذكرت لست صاحب مزاح. والحقيقة أنك أجملت جداً في شكواك ولم تفصِّل، حيث لم تفصح عن ما هية هذا الاحتقار من الآخرين ولم تذكر صوراً منه كنت قد لاقيته منهم، ولعلي في إجابتي لك على هذا السؤال المجمل أن أذكر لك أن حالك لا يخلو من حالين هما:
· - إما أن هذا الاحتقار كما تسميه أنت إنما هو وهم أو توهم إن صح التعبير علق في نفسيتك وهو ليس له وجود على أرض معاملاتك مع الآخرين ولكنه شعور نفسي تجده وتتوهمه في مخيلتك وتستشعره حين تتعامل مع بعض الناس مما يُوَلِّد لديك شعور بالضيق وربما بالكره الشديد تجاه من بدر منه ذلك التصرف الذي ترى أنت أن فيه إهانة لك واحتقار.
· الحال الثانية أنه بالفعل هناك من يحتقرك أو شيئاًَ من تصرفاتك ومعاملاتك. هذا احتمال أيضا ً وارد، فهذه الإهانات واحتقار الناس أو الآخرين ممن تتعامل معهم أنت تجلب لك الشقاء والمعاناة وهذا بلا شك أمر مقدر ومعاناتك إنما هي رد فعل طبيعي إزاء مثل هذه التصرفات.
إذاً هذا الاحتقار من الآخرين لك ناشئ كما قلت لك إما عن وهم تشعر به أنت وإن لم يكن صحيحاً، أو هو فعلاً واقع تراه وتعايشه أينما ذهبت وتعاملت مع غيرك من الناس.
وفي كلا الحالتين يتمركز محور العلاج فيك أنت قبل كل شيء. فإن صدق الاحتمال الأول وكان ما تشعر به من احتقار الغير لك إنما هو وهم فأنت في هذه الحالة تعيش حالة من الحساسية الزائدة تجاه تصرفات الآخرين نحوك بحيث يكون التفسير السلبي والهجومي هو أول ما يتبادر إلى ذهنك حينما تريد وتحاول أن ترى سبباً لتصرف الناس معك.
أنت لا تحاول إمرار تلك التصرفات على ما هي وكما هي، لا، وإنما تحاول جاهداً أن تجد تفسيراً لكل تصرف لا ليس ذلك فحسب بل تبحث عن التفسير الأسوأ وتجعله دافعاً وراء ذلك التصرف من الآخرين تجاهك.
أنت في هذه الحالة توجب أن لكل تصرف دافع سلبي ولكل سلوك وحركة - قد تكون لا إرادية - سلوكاً خفياً يكمن خلف هذه الحركة وذلك التصرف من هؤلاء الآخرين تجاهك. وهذه هي الحساسية بعينها وهي مدمرة لك ولصداقاتك جميعها إن لم تتنبه لها وتعالجها في أسرع وقت.
ولم أرى قنبلة تفجر العلاقات الاجتماعية والصداقات الفردية أو الجماعية مثل الحساسية الزائدة تجاه التصرفات البادرة من الآخرين ومحاولة تفسيرها بعيداً جداً عن الإطار التي خرجت من خلاله. هي قنبلة تفسد الصداقات لأنها تفضي للشك وإذا حضرت الشكوك حضر معها أصناف التفاسير والتأويل لتصرفات الآخرين ومع الأسف لا يوجد بينها مكان للمحمل الحسن.(20/394)
أما إن لم يكن مصدر مثل هذه التصرفات الموحية بالاحتقار ناشئ عن وهم وإنما هو حقيقة واقعة وملموسة فعلاً تصدر من الآخرين فإن السؤال المتبادر للذهن والذي يجب أن توجهه إلى نفسك أنت هو لماذا هذا العمل تجاهي وليس غيرك من الناس. إنني في هذه الحالة أتسائل أليس فعلاً في بعض تصرفاتك وسلوكياتك ما يوجب احتقار الآخرين لك هل سألت نفسك وكاشفتها في هذا السؤال. إن بدر سلوك مشين من أحد الناس تجاهك مرة واحدة فربما يوجد لها سبب معين يكمن خلف هذا التصرف، ولكن إن كان هذا ديدن الناس معك باحتقار ما تفعله وتعمله من مختلف السلوكيات فإن أصابع الاتهام هنا تتجه نحوك أنت إذا لا يمكن أن يجتمع الناس على فعل شيء يكونون فيه من الظالمين لك. أليس يمكن أن يكون الظلم منك أنت أخي ألم تحاول جاهداً أن تجعل نفسك ملاحظاً دقيقاً على سلوكياتك وتحاول الحكم بنفسك فربما وجدت الإجابة الشافية.
أما إن عجزت من اكتشاف اية أخطأ عندك فلا بأس بالمكاشفة مع من يصدر منه ما تتصور أنت أنه احتقار لك، هلاّ صارحته وكاشفته وسألته عن دافع سلوكه معك فلربما بصّرك بعيبك وأرشدك إلى مكمن الخطأ الذي عجزت عن اكتشافه بنفسك وإن كان في تقديري أنه سوف يتبين لك أنه لم يكن سِوَى شعور وهمي لم يكن له أي أساس من الصحة.
وفي النهاية كما رأيت أخي أرى أنك أنت محور المشكلة التي تعاني منها فزن الأمور بعين العقل وحاول اكتشاف مكمن الخلل ولا بأس باستشارة صديق تثق منه وتستطيع بث ما في نفسك عليه علّه يعينك في الخروج من مأزقك هذا، وإن استفحلت وعظمت أو كبر هذه المشكلة فالأجدر باستشارة أخصائي نفسي أو اجتماعي فهو المعين بعد الله في معالجة مثل هذه المشاكل التي قد نواجهها في حياتنا اليومية.
ولك مني الدعاء بالتوفيق والسداد.(20/395)
عدم الثقة بالنفس..حطمني!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 29-6-1423
السؤال
إخواني الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لدي مشكلة كبيرة تسبب لي الكثير من الإحراج والإحباط والقلق والخوف من المستقبل وأتمنى أن أجد لديكم الرأي والمشورة التي تعينني بعد الله على التغلب على مشكلتي ولكم دعائي وشكري.
أنا طالب في المرحة الثانوية وملتحق في إحدى حلق القرآن الكريم ومتفوق في دراستي.. ومشكلتي التي تؤرقني هي عدم ثقتي في نفسي واهتزازي بشكل كبير.. حتى أنني كثيراً ما أتردد من السؤال أمام الآخرين.."مجرد طرح السؤال" فما بالك بالحديث!! وأخشى أن يؤثر ذلك على مستقبلي الدراسي والاجتماعي!!
ربما كان لنشأتي الاجتماعية دور في ذلك حيث تنقصني القدوة التي أتخذها نبراساً لي لوفاة والدي منذ الصغر.! وظروف سكني (....!!)
صدقني كثيرا ما أغبط أولئك الزملاء الذي يملكون " الجرأة الكبيرة" في طرح أراءهم والتعبير عن وجهة نظرهم بكل حرية دون أن يرمش لهم جفن!!!
أفكر كثيراً في نفسي وأندب حالي.. وأخشى ألا أتمكن من تحقيق طموحاتي الكبيرة جداً بسبب هذه المشكلة التي أرقتني وعذبتني..بل وحطمتني لدرجة أني أشعر أحياناً باحتقار نفسي وأني لا أستحق أن أحلم أو أطمح بأي شيء.. وأني لن أتمكن من تحقيق أي نجاح!!!
تحرجني نظرات الآخرين.. وتزعجني همساتهم والمشكلة أنني لا أستطيع المشاركة معهم في أي حديث أو النظر في عيونهم.. ولذلك تراني مملاً وهامشياً في كل مجلس.. ولا قيمة لي.. وأعتقد أن الجميع سيلفظني في النهاية!!!
أشعر بالمرارة الكبيرة.. والحزن ولا أعرف كيف أخرج من كل ذلك..!!
كيف أثق بنفسي.. كيف أكون كما أتمنى؟ كيف أحقق طموحاتي؟!!
أفيدوني ولكم دعائي وشكري
الجواب
أخي الكريم أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد..
حقيقة قرأت استشارتك أكثر من مرة محاولاً فيها قراءة السطور وما بينها.. وتعليقي عليها ما يلي:-
أولاً: مشكلتنا أننا كثيراً ما نضع العقبات "النفسية" الافتراضية أمام أنفسنا.. ونتعامل معها كمسلمات بديهية!! وكحقائق ثقيلة نحملها فوق أكتافنا وربما كتمت أنفاسنا.. أو كادت..!!! ثم نجعلها - شعرنا بذلك أم لم نشعر - نقطة تجمع الكثير من الإحباطات والقلق والتوتر.. والخوف من الفشل.. بل الفشل..!!! رغم أن الخيارات الأخرى متاحة أمامنا.. ونستطيع أن نملكها ببساطة.. وأعني بالخيارات الأخرى.. هي" خيارات النجاح والثقة.. والتوهج.. والإبداع ... إلخ ".
ثانياً: ما أريد قوله ببساطة.. أنك حكمت على نفسك الآن بأنك [لن تحقق أي من طموحاتك المستقبلية] بسبب هذه الأعراض التي ذكرتها.. وهذه مشكلة كبيرة أن تنهزم قبل أن تدخل المعركة.. إلا أننا سنتعاون سوياً أنا وأنت لبناء المقومات الذاتية التي تجعلك واثقاً من نفسك.. وقادراً بإذن الله على تحقيق طموحاتك.. ومواجهتها بل.. وعلاج مشكلتك وعلاجها سهل جداً بمشيئة الله.(20/396)
ثالثاً: لا بد لك في البداية أن تغير من قناعاتك "السلبية" ونظرتك "الدونية " إلى نفسك.. وتستبدلها بقناعات " إيجابية " ونظرة " موضوعية " وموجبة إلى نفسك.. فأنت تمتلك الكثير من القدرات والإيجابيات.. بل ربما تفوق في بعضها الكثير من أقرانك.. وهذا يتضح لي كثيراً من خلال عرضك لمشكلتك وتشخيصك لها.. فكن واثقاً من ذلك أولاً.. وأما ما تشعر به أحياناً من خوف وقلق واضطراب.. فذلك أمر عادي.. يشعر به الآلاف من الكبار والصغار.. والفرق بينهم في التعامل معه.. هو أن الإنسان الواثق من نفسه يعلم علم اليقين بأنه سيتجاوز هذه المشاعر يوماً ما.. ولا يقف عندها طويلاً أو يستسلم لها.. بل يتجاهلها.. وإنه سيتغلب على هذه الأمور.. وسيتجاوزها.. بعون الله.. وفعلاً يتجاوزها..!! لماذا..؟! لأنه تعامل معها بشكل إيجابي وأوحى إلى "عقله الباطن " بإيحاءات وإشارات إيجابية أما الإنسان القلق المتوتر المهزوز والمهزوم.. فإنه يفكر في هذا الأمر كثيراً.. ويقلق بسبب هذه المشاعر ويتخوف منها.. ويضخمها.. حتى تنتصر عليه.. والسبب ببساطة: أنه أوحى إلى عقله الباطن بإشارات " سلبية " ولا تنسى المثل الذي يقول [كما تفكر تكون..!!] فإذا فكرت بأن لك قيمة أمام الناس.. فإنك ستتصرف من وحي هذه الفكرة وبالتالي سيقدرك الناس وتكون لك قيمة عندهم.. أما إن فكرت بعكس ذلك.. فستتعامل مع الناس من وحي هذه الفكرة السلبية وستتجنبهم ولن تشاركهم في أمورهم ومناسباتهم بطريقة مناسبة.. وبالتالي ستخسرهم فعلاً ولن يكون لك بينهم قيمة ... !!! ولذلك [فلكي تنجح.. لا بد أن تتخيل نفسك ناجحاً] .
رابعاً: هناك طريقة علمية لاكتساب الشعور الإيجابي الذي يولد بدوره الإحساس الغامر بالثقة بالنفس وهي ما تسمى بطريقة " المرساة.. وهي أحد فنيات الهندسة النفسية وتتلخص فكرتها بوضع مرساة للثقة تستدعيها متى شئت وفي أي وقت.. تحتاجها..!!
ولكي تنشئ مثل هذه "المرساة" النفسية عليك باتباع الآتي:-
اجلس في مكان هادئ جلسة استرخاء.. بعيداً عن أي ضوضاء أو ضجيج.. ثم خذ نفساً عميقاً (زفير وشهيق) حتى تشعر بالهدوء التام.. وبعد ذلك حاول أن تتذكر نفسك في أحد المواقف التي مررت بها وكنت في أحسن حالاتك النفسية من حيث الثقة في النفس.. تذكر هذا الموقف بتفاصيله الدقيقة لحظة بلحظة.. وقربه إلى ذاكرتك كصورة مشاهدة تعيشها في هذه اللحظة.. وعندما تشعر أن المشهد في أوضح صوره لك.. قم بعمل "مرساة" معينة.. أي قم بأي حركة مثلاً اضغط إصبعك الإبهام بقوة وأنت تعش في ذاكرتك تفاصيل هذه اللحظة الإيجابية.. واستمر بالضغط لمدة 10- 15 ثانية ثم ابدأ بالخروج من حالة التذكر إلى الواقع كرر المحاولة مرة أخرى في نفس المشهد ونفس الحركة وتدرب عليها بضعة أيام في وقت محدد.. وليكن قبل النوم.. ومع الأيام ستجد نفسك بمجرد أن تضغط على إبهامك تلك الضغطة فإنك تستعيد لنفسك ذلك الشعور الإيجابي المليء بالثقة..!!! وبعدها استخدم هذه "المرساة" قبل أي موقف تشعر حياله بانعدام الثقة في نفسك أو تلاشيها!!! .(20/397)
خامساً: إن ما تعاني منه بشكل أو بآخر هو في مجمله " خوف من فقدان قيمتك لدى الآخر..!!! أو أن تتغير نظرته إليك إلي السلب بدل الإيجاب.. بسبب أو بآخر..!!! والأخر هذا..سواء أكان صديقاً أو قريباً.. صغيراً أو كثيراً.. فرداً أو جماعة.. ربما لا يعنيه من أمرك إلا القليل.. ولديه ما يشغله عنك.. وعما تقوم به.. حتى وأن لقيت نظرة بعض الوقت.. إلا أنه سرعان ما ينسى.. وينشغل في أموره الخاصة..!!! ولذلك فلا تنشغل كثيراً بموهبة الأثر الذي تركته لدى الآخر.. طالما أنك قمت بالتعامل كما يجب.. علماً أنك لن تنال الرضى من كل الناس وفي كل الأحوال..!!! فالناس يتباينون في عقولهم وأهدافهم وفهمهم.. ولا بد أن تقدر ما تثير إعجاب البعض.. فإنك تثير سخط البعض..!!! ثم لنفترض - جدلاً - أنك استطعت أن ترضي جميع الناس وتكسبهم.. ولكنك خسرت تقديرك لنفسك.. واحترامك لذاتك..!! فهل ستكون سعيداً..؟!!
يا عزيزي.. يجب أن تقف مع نفسك وقفة صادقة.. لتسألها بوضوح.. من يمسك بزمام نفسك؟ أنت.. أم الآخر..؟ وعليك أن تختار من هذه اللحظة.. هل ستكون الرافض..؟! أم المرفوض..؟!!
أعتقد - جازماً - أنك ستمسك أنت بزمام نفسك.. ولن ترضى أن تكون المرفوض..!!! بل ستتعامل مع الآخر بموضوعية.. وثقة.. متيقناًً من قدراتك وإمكاناتك مع ذاتك بحسناتها وسيئاتها فأنت في النهاية بشر.. لم ولن تبلغ درجة الكمال..!
سادساً لتعلم - أخي الكريم - أن الإنسان.. معرض بحياته لجوانب عديدة من النجاح والفشل.. والفرح والحزن.. والثقة والإحباط.. والتفاؤل والتشاؤم.. والأمل واليأس ... وغير ذلك.. من تجاذبات نفسية متناقضة.. وغريبة!!! والطريقة المثلى للتعامل مع لحظات الضعف البشري والاهتزاز النفسي هي الثقة المطلقة.. بأن هذه الهواجس مؤقتة وستزول سريعاً.. وعدم التوقف أمامها طويلاً أو التأثر بها على أنها واقع الحال لشخصيتنا..!!!
سابعاً: أما ما تجده عند اجتماعك بزملائك.. ومحاولتك الحديث.. وعدم قدرتك عليه.. وتوقعك لنظرتهم إليك.. فهذه " هواجس سلبية!! " أنت المسؤول عن إيجادها في نفسك.. ولا حقيقة لها في واقع الأمر..!!! ثم لا تعتقد أنك مطالب في أي جلسة بأن تكون المتحدث الرسمي بها.. وألا اعتبروك إنساناً هامشيا ً..!!! هذا يا عزيزي غير صحيح إطلاقاً.. لأن المشاركة لا تعني الحديث فقط.. بل مجرد الاستماع وإظهار ما يدل على التفاعل مع الحديث إما بعلامات الإيجاب أن الاستغراب أو التعجب.. أو السؤال عما خفي عنك هذه كلها مشاركات تحسب لك.. وتسر جليسك وتخرجك من دائرتك الضيقة إلى دوائر أكثر اتساعاً وشمولية وتفاعلاً..!!
ثامناً: لا تفكر كثيراً بما يقوله الآخرون عنك.. وتبحث عن أي تفسير لنظراتهم..!! صدقني كل مشغول بنفسه حتى الذي ينظر إليك قد يكون يفكر بأمر يخصه ذاتياً.. وحتى لو فكر بك قليلاً فسرعان ما ينشغل عنك بأموره الخاصة.. فلا يشغلك هذا الأمر كثيراً.. وانقل تفكيرك إلى طريقة "هجومية " فحواها " ماذا تفكر أنت به عن الآخرين.. وما هو تقييمك لهم.. ومدى رضاك عنهم.."(20/398)
تاسعاً: مسألة سكوتك.. وظروفك الحالية.. دورها محدود جداً.. فأنت في مرحلة عمرية وعقلية.. تستطيع فيها أن تضع لك هدفاً وتحققه بمشيئة الله.. عن طريق مخالطتك لأصدقائك ومعلميك واكتساب صفات إيجابية كثيرة.. والتخلص من صفات أخرى سلبية.. وهكذا..!!
أما وضعك الاجتماعي الحالي.. فلا تأثير له عليك.. فهو مستقر والحمد لله.. ومثلك الأعلى قد تجده في كثيرين.. وخبرتك قد تستمدها من كثيرين أيضاً إضافة إلى القراءة وما أدراك ما القراءة.. فهي نعم المعين والرافد لبناء شخصية فذة مدركة واثقة.. ولعلي أقترح عليك مجموعة كتب منها: [حتى لا تكون كلا..] و [السلسلة السيكولوجية] وهي عبارة عن كتيبات ذات مواضع مختلفة وسهلة الأسلوب.. وكتاب [دع القلق وابدأ الحياة] وجميع هذه الكتب موجودة في المكتبات.
عاشراً: أما عن جرأة بعض زملاءك.. فالجرأة ليست دائماً محمودة.. بل قد تعد أحياناً نوع من التهور وعدم إدراك للعواقب.. ثم إنك مع التدريب شيئاً فشيئاً بالتحدث والقراءة من كتاب بصوت مسموع إما إخوانك سواء الصغار أو الكبار.. أو أمام أقرانك في الحلقة سيزيل عنك هذا " حاجز الرهبة " فابدأ منذ الآن وأختر " كتيباً " صغيراً لتقرأ منه.. أو اقرأ حديثاً واحداً.. وتدرج في ذلك شيئاً فشيئاً.. وتأكد أن من يتحدث أمام الناس.. أو يسأل ليس أحسن منك بل أنه تدرب على ذلك.. ولم يضع فرصة الفشل كما وضعتها أنت!!! ولذلك نجح..!!! فابدأ منذ الآن.. وشيئاً فشيئاً ستحقق النجاح بإذن الله.
الحادي عشر: تفاءل بالخير تجده إن شاء الله.. ولا تعبر الجسر قبل وصوله.. وثق أنك بحول الله ستحقق كل طموحاتك.. فمن يملك همتك وقدراتك التي استشفها من عباراتك.. سيحقق بعون الله كل آماله.. ولن يعيقه أي هاجس مهما كان فهو أقوى من ذلك.. خاصة وأنت كما تذكر.. تملك قدرات كامنة.. ولك سابق إبداع في طفولتك.. فأخرج هذا الإبداع من مكمنه وفجر هذه الطاقات شيئاً فشيئاً.. واستغل تواجدك في الحلقة.. وتعاون معلمها جزاه الله خيراً.. بالتدريب على إلقاء الحديث وبإمكانك الإشراف على بعض الطلبة الصغار بشكل أو بآخر.. ثم التدرب على نصحهم وتوجيههم وتعليمهم والانفعال بعدها إلى مستويات أعلى.. وأنا واثق أنك بعد فترة لن تطول إذا طبقت ما اقترحته عليك في هذه الأوراق - ستقرأ مشكلتك.. وستعجب أنك عانيت منها في يوم من الأيام -
وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك،،,(20/399)
طموحي يتهشم
المجيب د. نادية الكليبي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /الاحباط
التاريخ 24/01/1426هـ
السؤال
مشكلتي باختصار أني أملك طاقات إبداعية عالية جداً، ومتعددة النواحي أيضاً، لكني -للأسف- لا أستمر في أي مجال أبدع فيه لأكثر من ستة أشهر تقريباً، أي أني أشعر بالملل، وفي بعض الأحيان تقل هذه الفترة عند مقابلة أي عقبة في طريق هذا الإبداع ولو كانت العقبة بسيطة؛ لأني من نوع الذين يستمرون بالتشجيع المستمر، فعند صدور تعليق ساخر على ما أفعله أجد جميع طموحاتي منهارة، لا أعلم إذا ما كان سبب هذا الشيء انعدام الثقة بالنفس أم ماذا؟ قبل أربع سنوات تقريباً بعثت بإحدى مشاركاتي الأدبية إلى إحدى الصحف، ولما لم يتم نشرها أصابني إحباط بدل الإصرار على إثبات الذات، وانقطعت عن المراسلة والكتابة فترة طويلة، حتى هذا العام تقريبا، والآن أفكر جدياً في معاودة المراسلة، حيث إن طموحي عالٍ لكنه هش سريع التهشم، وأخاف أن يعاودني الإحباط والإحساس بالهزيمة. أرشدوني إلى الحل.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الكريمة: أرجو من الله -تعالى- أن يجعلك موفقة مسددة، إياك - بارك الله فيك- من مشاعر اليأس والإحباط، فالإبداع نعمة لا تضيعيها بمشاعر سلبية، وإن كنت لا أعرف على وجه التحديد المجالات التي تتميزين بها، ولكن سأذكر لك قواعد عامة أرجو من الله -تعالى- أن تنفعك وتحقّق ما تصبو إليه نفسك:
أولاً: حدّدي طاقتك، وأعني - حجمها- لا نوعيتها.
ثانياً: ابحثي عن السبب، فلا تكفي العقبات في وقف سيل الإبداع، فتأملي الأسباب وفتشي عنها، فقد تكون في داخلك، ومن ذلك قد تكون البدايات كبيرة جداً، أو الأعمال كثيرة، مما يصيبك - كما ذكرت- بالملل، أو قد يكون المجال ضيّقاً ومحدوداً لا يسع إلا قلائل فتأتيك العقبات، أو غيرها من الفوضوية، أو عدم القدرة على التركيز ... إلخ.. المهم من الضروري أن تبحثي بجد عن السبب؛ لأنه إذا عُرف السبب استطعت - بإذن الله- أن تعالجي الموضوع.
ثالثاً: من المحزن أن تكوني مبدعة ذات طموح وتغتالينه بيدك، وحتى لا يتهشم -كما وصفت- عليك بما يلي:
1- الإخلاص، فاجعلي لك نية صالحة في إبداعك وتميزك، فلا تبالي بالشهرة أو بالعطاء في حد ذاته، بل بما يترتب عليه من ثمرات وأجور، فلا تهتمي مطلقاً (نشروا أو لم ينشروا) ، يكفي أنك كتبت كلمات صالحة تستحق البقاء، وستجد يوماً ما طريقها إلى النور ما دمت تملكين إخلاصاً لله واحتساباً لموعود الله، ولا تلتفتي للتشجيع، ولا تستندي على عصا عدا توكلك على الله والاستعانة به.
2- اجعلي التشجيع والمساندة قائمة - بعد الاستعانة بالله- على الإكثار من الدخول في التجارب العملية؛ فهي مما يصقل الإبداع ويهذبه، بل قد يكون فتيل إشعاله، وحتى لو كانت أعمالاً تطوعية، ومن ميزات التجارب العملية أنها تدرب على الانضباط والاستمرار والجدية.
3- حاولي أن تحدّدي المجال الأكثر والأقرب إلى نفسك، ومن ثم تنتظمين في عمل ثابت - ولو قليل- ولا تشاركي في أكثر من عمل في وقت واحد.
أسأل الله -تعالى- أن يسدد خطاك، وأن يجعلك مباركة حيثما كنت.(20/400)
أعاني من ضعف الثقة بالنفس
المجيب د. صالح بن علي الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 12/3/1425هـ
السؤال
أعاني من عدم الثقة بالنفس، وأخجل من الناس، وفي حالة اجتماعي مع الناس أرتبك وأخاف أن يقول الناس لي شيء، ودائم القلق، وسريع التأثر بأي كلمة قيلت لي، ولا أقدر على المواجهة، وعمري 24سنة، فأرجو الحل للمشكلة؛ لأني أعاني منها منذ 10سنوات.
الجواب
الشعور بعدم الثقة وهذا الخوف أو القلق الذي تعاني منه يحدث نتيجة الخوف من تقييم الآخرين السلبي، وعدم تقدير الذات، والحرص الشديد على رضا الآخرين وقبولهم، والخوف من الرفض. وهذا الخوف عند الناس يتراوح من البسيط إلى الشديد.
الشخص الذي لديه هذه المشكلة يكون مرتاح عندما يكون بمفرده أو مع أناس يعرفهم جيدا أو يثق بهم، ولكن يشعر بالتوتر عندما يكون مع أناس لا يعرفهم، أو عند مقابلة مسؤولين ذوي سلطة، أو عندما يكون في محط انتباه الآخرين، وهذه من المشكلات الشائعة، وملايين الناس في العالم يعانون من هذه المشكلة بدرجة أو بأخرى.
وعدم مواجهة المشكلة والتعامل معها تجعل الشخص يعيش وحيدا وقد تسبب له الشعور بالعزلة والاكتئاب، وتؤثر على علاقاته بالآخرين وعلى حياته بشكل عام. فلا تجعل هذه المشكلة تتفاقم وتؤثر على حياتك.
أنا واثق من أنك قادر على التغلب والسيطرة عليها. كم من أناس كانوا يعانون من هذه المشكلة فتغلبوا عليها وأصبحوا يقفون أمام الناس في الخطب والمحاضرات وفي المدارس والجامعات.
اقرأ عن أولئك الناس واقرأ عن نماذج الجراءة والمبادأة، واجعل منهم نموذج تقتدي به، انظر إلى ما لديك من جوانب القوة والجوانب الإيجابية، وانطلق منها واستحضرها في ذهنك عند مخالطة الناس، لا تقارن نفسك بالآخرين، وتجنب لوم النفس وتحقيرها.
وكن مرنا ومتسامحا مع الآخرين. تعرف على الأفكار السلبية وغير المنطقية وما تقوله لنفسك في تلك المواقف واستبدلها بأفكار إيجابية وواقعية.
واجه تلك المواقف بدلا من تجنبها، فالتجنب يجعل المشكلة أكثر صعوبة، وواجهها تدريجيا بدءا بأقلها إثارة للخوف، وردد دائما دعاء "رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي" [طه:25،28] واستعد بأن يكون لديك شيء تقوله في تلك المواقف ولو كان بسيطا، ويمكن أن تبدأ بتعليق بسيط على ما يتحدث فيه من حولك، وكن مطلعا على الأحداث المستجدة التي يتحدث فيها الناس، وأعمل على تنمية مهاراتك الاجتماعية. وفقك الله وأعانك.(20/401)
كلهم يحتقرونني..!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 20-4-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
ماذا يفعل المرء إذا شعر بان من يتعامل معهم سواء من زملاء في العمل أو أحد أقاربه ينظرون إليه بالدونية والاحتقار ولو ما يظهرون ذلك ولكن من خلال تحليله لأقوالهم وأفعالهم له..!! فما هو العمل لهذه الحالة وشكرا..؟!
الجواب
أخي الكريم أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.
أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولاً: حقيقة لا أدري كيف حكمت على من تتعامل معهم أو بعضهم بهذا الحكم..؟ خاصة وأنك تقول إنهم لا يظهرون ذلك!!! وأما التحليل للأقوال والأفعال فهي مشكلة خطيرة..!! أتدري لماذا؟ لأننا ببساطة نستطيع أن نسقط على كل كلمة أو فعل ما نشاء.. إيجاباً أو سلباً..!! بحسب حالتنا النفسية وفهمنا ونظرتنا للقائل أو لأنفسنا..!!! وبالتالي فمسألة التحليل هذه لا يعول عليها إطلاقاً.. بل هي نوع من العبث والتهيؤات التي نجلد بها ذواتنا!!!
ثانياً: صدقني أخي -الفاضل- هذا الشعور ليس على إطلاقه.. بل يتداخل فيه الوهم بالحقيقة وغالباً لا يصدق على الإطلاق..!! بل يكون بقايا من نظرة سلبية ودونية إلى الذات.. وسرعان ما يزول إذا عد لنا هذه النظرة إلى ذواتنا بشكل إيجابي..!!
ثالثاً: المشكلة من وجهة نظري..هي لديك.. وليست لدى المحيطين بك.. فأنت الذي "تشعر " وأنت الذي " تحلل" وهم غالباً غافلون عنك بمشاغلهم وظروفهم الخاصة التي بالتأكيد ليست أنت من ضمنها.
فلكل منا مشاغله الخاصة وهمومه الخاصة وحياته الخاصة.. ولا يشغلنا الآخرون إلا بالقدر الذي نكون فيه معهم بحديث مباشر أو بموضوع مشترك حتى نفترق فنغرق في التفاصيل الصغيرة لحياتنا.
رابعاً: هناك ما يسمى "قناع إدراك الواقع" وهو قناع وهمي ندرك العالم من خلاله.. فإذا كان هذا القناع إيجابياً..فإن نظرتنا للعالم ستكون إيجابية وتعاملنا معه سيكون إيجابياً وتفسيرنا له سيكون إيجابياً.. أما إن كان سلبياً فإن العكس هو ما يحدث!!! ولذلك فإني آمل منك استبدال قناعك السلبي بقناع إيجابي.. كن متفائلا مع الآخرين.. وأحسن الظن بهم.. وحطم تلك الهواجس السلبية التي توحي إليك بهذا الشعور.. واخرج من دائرتك الضيقة إلى دوائر أكثر سعة.. وكن إيجابياً.. مع الآخرين.. وشاركهم في مواضيعهم وأطروحاتهم ونقاشهم.. وانشغل بهم عن نفسك وستجد نفسك بعد فترة تستغرب هذا الشعور وكيف وجد عندك يوماً ما..!!!
خامساً: لا تجعل - أخي الكريم - من الآخرين مقياساً لدرجة رضاك عن نفسك.. فما دمت واثقا من خطواتك.. مستفيداً من أخطائك.. مستنيراً بتجاربك وتجارب غيرك..مستعيناً بربك.. محدداً لهدفك بوضوح جاداً في سعيك لتحقيقه مهما كانت العقبات.. فستجد في نفسك الطمأنينة والثقة والثبات الذي سينعكس على تعاملك مع الآ خرين. وفقك الله وأعانك وسدد على طريق الخير والحق خطاك(20/402)
زوجي مهزوز الثقة بالنفس..!!!
المجيب فاطمة الرشودي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 25-3-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أنا متزوجة من عدة سنوات مشكلتي تكمن أن زوجي مهزوز الثقة بالنفس وحذر جداً وجبان.. يخاف أن أشترك بأي نشاط ولو حتى بمظاهرة سلمية خوفاً أن يكتب أسمه!!! فضلاً عن أن يشارك هو.
هو ييأس من العمل بسرعة إذا واجهته فيه المشاكل وغير مبادر ويجب على تحفيزه..!! دائماً يحس أن الناس لا يحبونه وعندما ألمح له بذلك يبرر الجبن بالحرص والحذر والخوف من مخالطة الناس وبأن العزلة أفضل لأيمانه يواجه المشاكل بالاكتئاب وليس بالعمل.
دلوني على طرق التعامل البناء معه وكيفية تغييره لأني أريده رجل البيت وقدوة لأطفالي فأنا من داخلي لا أشعر باحترامه وتقديره فالمرأة تحب الأقوى، وأنا طموحة جداً لا أرضى بالأقل أبداً.. أعشق العمل والإنتاج وشخصيتي قوية، ومن باب العدل فهو مستقيم، نزيه لا يخادع ملتزم محب لي مثقف عادل مخلص ولقد تعرض في مراهقته لألم نفسي شديد..!! وكان يلاقي سخرية شديدة من زملائه. أفيدوني مشكورين.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
الأخت الفاضلة: حفظك الله ووفقك وزوجك لكل خير ورشاد لقد نعت زوجك بعدة صفات فقلت أنه:
1- مهزوز الثقة بالنفس 2- حذر جداً 3- جبان 4- يخاف
5- ييأس من حل أي مشكلة 6- يشعر بعدم محبة الناس له
هذه المشكلات أختي الكريمة تدخل ضمن الاضطرابات الانفعالية في مشكلات الطفولة والمراهقة.
والاضطراب الانفعالي حالة تكون فيها ردود الفعل الانفعالية غير مناسبة لمثيرها بالزيادة أو بالنقصان.
فالخوف الشديد كاستجابة لمثير مخيف فعلاً لا يعتبر اضطراباً انفعالياً بل يعتبر استجابة انفعالية عادية وضرورية للمحافظة على الحياة. أما الخوف الشديد من مثير غير مخيف فإنه يعتبر اضطراباً انفعالياً. وتلك الاضطرابات الانفعالية لها أسبابها ولعلك ذكرت شيئاً منها وهو معاناته النفسية..!! وتعرضه للسخرية الشديدة من قبل زملائه وهذا يسبب اهتزاز الثقة بالنفس، ومن الأسباب أيضاً بالنسبة للخوف الخبرات الأليمة في الطفولة والحكايات المخيفة للأطفال والإحباط والفشل إضافة إلى البيئة المنزلية المضطربة.
أما عن العلاج فهو كما يلي:
1-البحث عن الأسباب الحقيقية للاضطراب الانفعالي وإزالتها.
2-علاج البيئة المحيطة به بإزالة كل ما من شأنه أن يسبب المخاوف لزوجك ليشعر بالاطمئنان والأمن.
3-بعد ذلك تكريس الجهود على البحث في السيرة وخاصة فيما يتعلق بالشجاعة والتوكل إضافة إلى قراءة سير الصحابة والتابعين والعلماء والأبطال وجعل ذلك بجلسة أسرية يومية فهذه القصص نافعة للكبار والصغار.. ففيها تربية لأطفالك أيضاً.
4-العلاج النفسي بالتشجيع وإبراز نواحي القوة والإيجابية لدى زوجك وتنمية الثقة في النفس واعتماده على نفسه وتشجيع النجاح وتحمل المسؤولية. (يمكنك الإيحاء إليه بشكل غير مباشر لمراجعة احد العيادات النفسية لتقديم الاستشارة المناسبة) .(20/403)
5-عدم ذكر صفات زوجك السلبية السابقة أمامه وإبراز ما هو عليه من اضطرابات انفعالية فإن ذكرك لها ومصارحته بذلك يعزز من توغل تلك الصفات فيه.
أخيراً احمدي الله على صفات زوجك الإيجابية من الاستقامة والنزاهة والحب والثقافة فهذه نعمة عظيمة تفقدها كثير من الزوجات ممن ابتلين بأزواج فيهم من الغلظة والحدة والقسوة وتتمنى إحداهن الكلمة الطيبة أو الابتسامة الصادقة. فالنظر إلى الإيجابيات يزيد الألفة بين الزوجين ويقرب بعضهما لبعض وخير شاهد في ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم:" لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي آخر ". معنى " لا يفرك" أي لا يبغض.
وفقنا الله وإياك للصواب.(20/404)
الثقة بالنفس..مرة أخرى..!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 2-2-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أنا فتاة متعلمة جامعية مشكلتي أن ثقتي في نفسي مهزوزة وهذا الأمر يتعبني كثيرا ويجعلني أتردد كثيرا عند اتخاذ أي قرار سواء كان مهما أو تافها، وأي نقد يوجه إلي يشعرني بأنني فاشلة وللأسف فإن أخي الأكبر كثيرا ما يوبخني حتى على أتفه الأخطاء ويشعرني بأني لا زلت غير قادرة على تحمل المسؤولية وأنا الآن لا أحسن التصرف بالفعل في كثير من الأمور رغم محاولاتي الدائمة بأن أرفع من ثقتي بنفسي.
الجواب
أيتها الأخت الكريمة أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
الثقة بالنفس أمر يكثر الحديث عنه بين الناس عامة والمهتمين بالنفس البشرية خاصة. ولا نستطيع هنا أن نتناول هذا الموضوع على أهميته بالتفصيل ولكن سوف نشير إشارات لعلها تبرز أهم صفاتها لتجسد لنا بذلك مفهوما يسهل معه التعرف على هذه النقطة النفسية التي تهم الجميع، ولعلي أبدأ هنا بالتعريف بأشكال الثقة بالنفس وأصناف الناس فيها ثم أعرج إلى أهم مكوناتها وصفاتها.
والثقة بالنفس نوعان مثلها مثل كثير من الخصائص النفسية إذ هناك نوع فطري وهو أمر يولد مع الإنسان وتكون خاصية الثقة بالنفس مستقرة في تركيبته الشخصية مع أول يوم يهبط فيه إلى هذه الدنيا.
والنوع الثاني هو نوع مكتسب بمعنى أن الإنسان يكتسب خاصية الثقة بالنفس أثناء نموه المبكر ونتيجة لتعامل والديه والمحيطين به في مختلف السلوكيات التربوية والذهنية التي يمر بها أثناء فترة التنشئة. وعلى هذا فيمكن تقسيم الناس هنا وفي مدى ثقتهم بأنفسهم إلى أربعة أصناف هي كالتالي:
الصنف الأول: وهم الذين لديهم خاصية الثقة بالنفس بالفطرة بمعنى أنهم ولدوا وهي مجبولة في شخصياتهم وفي نفس الوقت وجدوا في محيط جيد من الناحية التربوية من خلال الأسرة والمدرسة والجيرة وغيرها حيث قامت هذه المؤسسات بالدور المطلوب وسعت إلى تنمية هذه الخاصية لدى الطفل بالتشجيع وفتح المجال أمامه بدون كوابح محبطة ومهلكة لكل عمل ناجح يقوم به. هذا الصنف أو هذا النوع من الأطفال تكون الثقة بالنفس لديهم في أبهى صورها وأجل صفاتها ولذلك فإن النجاح غالبا بإذن الله ما يكون حليفا لهم سواء في حياتهم المعيشية أو في ممارساتهم وتعاملاتهم مع الآخرين ... لا بل إنهم غالبا ما يتميزون بصفة القيادة والسعي نحو معالي الأمور والابتعاد عن سفا سفها ولا يرضون لأنفسهم إلا بالمنازل العالية في إدارتهم لجميع شئون حياتهم.(20/405)
الصنف الثاني: وهم الذين ولدوا وفيهم جبلة وخاصية الثقة بالنفس، بمعنى أنها مفطورة في نفسيا تهم، فهم هنا مثل الصنف الأول، لكن المشكلة لديهم أن المجتمع المحيط بهم على مختلف مؤسساته بدءا بالوالدين والأسرة والمدرسة والجيرة والأصدقاء وغيرها ونهاية بالمجتمع الكبير الذي يوجدون فيه. هذا المجتمع المحيط بهؤلاء الأطفال أو الأشخاص قد يكون سببا في قتل أو على الأقل بتهميش هذه الخاصية لديهم من خلال المرور بالعديد من التجارب الحياتية التي يواجهون من خلالها التحطيم والاستهزاء والسخرية وكذلك قلة أو انعدام التشجيع والتحفيز لهم فيما يمكن أن يكونوا مبدعين في عمله. مثل هذه البيئة يمكن أن تكون سببا رئيسا في انعدام الثقة لدى الإنسان فينشأ مهزوزا مترددا حتى في اتخاذ أبسط القرارات لديه وهذه نتيجة مباشرة لتلك التربية التي مر بها.
الصنف الثالث: وهم الأشخاص الذين ولدوا ولم توجد لديهم فطريا خاصية الثقة بالنفس ولكنهم ولحسن حظهم نشئوا في جو متميز في تعاملاته معهم وملاحظ لهم ويهتم في تنمية شتى الخصائص النفسية الجيدة لديهم، فلديهم والدان يحرصان على تنمية شعور الثقة بالنفس، يتقبلان منهم الأخطاء ويوجهانها لديهم، حريصان على ملاحظة مسلكهم في طريقة أدائهم لسلوكهم مع أنفسهم ومع الآخرين، والخصائص الجيدة لديهم يحاولان تنميتها أما السيئة فيسعيان إلى تهذيبها فيهم حتى يتم التخلص منها. ويساهم هذا النوع من البيئة المحيطة بالطفل بشكل كبير جدا على زرع الثقة بالنفس وغيرها من الخصائص النفسية الجيدة، حتى وإن كان الطفل قد ولد وهي غير موجودة في تركيبته العقلية والنفسية من الناحية الفطرية.
الصنف الرابع والأخير: وهم أولئك الذين لم توجد لديهم غريزة الثقة بالنفس فطريا بمعنى أنهم ولدوا وتنقصهم هذه الخصلة ولكن المشكلة الأكبر لديهم أنهم نشئوا في مجتمع كما المجتمع لدى الأشخاص من الصنف الثاني، بمعنى أن الجو المحيط والبيئة التي يعيشون في كنفها بيئة ومحيط لا يعلم كيف يتعامل مع شخصيات وأطفال من مثل حالتهم، إن انعدام الوالدين والمربين الحاذقين الذين يمكن أن يستشعروا ويكتشفوا مكامن الخلل لدى مثل هؤلاء الأطفال يميت فرص النجاح في إمكانية زرع الخصائص النفسية الجيدة لديهم فينشئون وهم آخر الركب في مسيرة الحياة ومع المحيطين بهم، كثيرة مشاكلهم النفسية والاضطرابات الحياتية لديهم. هم من فشل إلى فشل آخر، غير راضين عن حالهم في أغلب الأحوال، لا يحبون الاندماج مع الناس بل العزلة هي مكانهم المفضل، تقل نسبة نجاحاتهم في حياتهم العملية فيما بعد بشكل كبير، وقد يتطلب الأمر في بعض الأحوال إلى التعامل مع الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين إن لزم الأمر.
ومن منطلق التصنيف السابق لأنواع الناس وخصائصهم النفسية ندرك هنا مدى أهمية التنشئة التربوية والعناية الأسرية المطلوبة في تعاملها مع أطفالها. فلا يعني وجود الثقة بالنفس مفطورة لدى الإنسان أن الأمر كذلك وأنها لا يمكن أن تقل أو تنعدم بسبب نوعية التنشئة التي عاشها ذلك الإنسان في مرحلة الطفولة.(20/406)
أيضا لا يعني انعدامها فطريا في مكمن النفس البشرية أنه لا أمل في زرعها في هذه النفس فيما بعد من خلال التربية السلوكية والتنشئة الأسرية.. لا بل هذا ممكن جدا ولكنه يتطلب كما ذكرنا جوا ومحيطا يدرك تماما مدى أهمية وإمكانية زرعها وإيجاد بذرتها لدى الطفل ومن ثم رعايتها حتى ينشأ وتصبح ناضجة ونامية مع نموه.
أمر آخر يتعلق بموضوع الثقة بالنفس ويجهله كثير من الناس حينما يتناولون مثل هذا الموضوع. هذا الأمر هو أن الثقة بالنفس هي منزلة رقيقة تقع بين منازل مختلفة في النفس البشرية والإفراط في الثقة بالنفس يمكن أن ينقلها من منزلتها إلى منزلة الغرور والكبر فتنتقل هذه الخاصية من أمر محمود إلى أمر مكروه ومذموم وللأسف فإن الكثير من الناس وبالتحديد أولئك الذين توجد لديهم ثقة مفرطة بأنفسهم يفشلون في ضبط هذا الفارق الرقيق والدقيق في نفس الوقت بين هذه المنازل فتجده يتكبر ويغتر وهو يظن أنما ذلك هو عين الثقة بالنفس.
وفي الناحية المقابلة وفي سبيل الإفراط في الهروب من هذا المنزلق نجد كثيرا من الناس وبدافع الرغبة في عدم الولوج إلى منزلة الكبر والغرور يبالغ في التواضع إلى حد منزلة الذل أو حتى ممارسة التواضع الكاذب وهو في الحقيقة عملية هروب وقلة في الثقة بالنفس تجعله يتكئ على خاصية التواضع وهي منه بريئة بل ضعف في الشخصية وانعدام في الثقة بالنفس أدى به ذلك إلى ممارسة هذا النوع من السلوكيات لأن التواضع الكاذب لم يكن أبدا حلا لضعف الثقة بالنفس.. لا بل الحل هو المكاشفة الصريحة مع النفس ومعرفة مكامن الخلل ومن ثم السعي الحثيث إلى التعامل معها لانتشالها مما هي قابعة فيه.
ولعله من المفيد أن نشير هنا إلى تساؤل قد يطرحه بعض الناس وهو هل الثقة بالنفس شيء كلي أم هو متجزئ؟ بمعنى هل الإنسان الواثق من نفسه هو كذلك في جميع أموره وشئون حياته أو هو كذلك في بعضها وليس في كلها؟ وكذلك عديم الثقة بنفسه هل تلازمه هذه الخصلة في جميع شئون حياته أم هي فقط عند ممارسته نوعا من التصرفات والسلوكيات؟ وللإجابة على هذا التساؤل يجب أن نعود إلى الأصناف الأربعة من الناس السالفة الذكر وعلى ذلك فإن الواثق من نفسه هو غالبا على هذه الحال في جميع شؤونه إلا أن هذه الخصلة تختلف في قوتها وكمال هيئتها بحسب الظروف والمواقف التي يواجهها الإنسان، فقد يجد الإنسان الواثق من نفسه تزعزعا واهتزازا في شخصيته لم يعهده منها ولكنه وبسبب موقف وتجربة كان قد مر بها أثناء الفترات الأولى من التنشئة جعل خللا لديه في أعماق نفسه ينفجر حالما يمر بموقف مشابه لذلك الموقف فتخور قواه وتهتز ثقته بنفسه نتيجة لذلك فيكون السبب هنا في الحقيقة ليس الضعف في الشخصية بقدر ما هو أثر ذلك الأمر البالغ الذي تركته تلك التجربة الطفولية السابقة.(20/407)
وفي مقابل هذا النوع من الناس قد نجد إنسانا يغلب عليه انعدام الثقة بالنفس ولكنه في موقف معين نراه تبدو عليه أمارات الواثق المطمئن ولو تأملنا الأمر مليا لربما وجدنا ذلك الشخص قد مر بتجربة مماثلة سابقة وكانت آثارها طيبة جدا في نفسه من ذلك الوقت وكان قد أسترّ بها كثيرا ولذلك تركت هذه الحادثة في نفسيته ذلك الانطباع الجميل فأصبح يشعر بالسعادة والاغتباط والثقة بالنفس عند كل حادثة مشابهة حيث ينتقل معها من عالم العديم الثقة بالنفس ليتحول أثناء القيام بها وممارستها إلى إنسان مختلف تماما من الناحية النفسية.
ولذلك نكرر مرة أخرى ونحن نجد الأهمية الكبيرة التي تمثلها لنا في حياتنا وشخصياتنا وتركيبتنا النفسية تلك البيئة المحيطة بنا من أسرة ومدرسة وجيرة وغيرها من المؤسسات التربوية ضرورة التنبه إلى مدى مساهمتها في استقرار نفسياتنا وتنمية خصائصنا النفسية الجميلة.
حسنا ... وها نحن تكلمنا عن الثقة بالنفس وأصناف الناس فيها فإنه.. يتسنّى لنا الآن أن نسأل سؤالاً وهو كيف لنا أن نعرف الثقة بالنفس نفسها؟ ما علاماتها؟ وما أشكالها؟ والسؤال أيضاً مطروح للنقيض من ذلك بمعنى كيفية معرفة انعدام الثقة وما أماراتها؟ وهذه تساؤلات مهمة جداً وضرورية في نفس الوقت لأنها تسمح لنا وتساعدنا على تقييم ذواتنا لتصبح بذلك كالميزان لنا يمكن أن نعرض عليه صفاتنا وسلوكياتنا لنعرف درجة ثقتنا بأنفسنا.
وهنا يمكن أن نصف الواثق من نفسه اختصاراً بعدد من الصفات الجيدة كالإقدام وعدم التردد والقدرة على اتخاذ القرار وتحمل مسؤولية ذلك والاعتداد بالرأي وربما يصل الأمر بعض الأحيان إلى التصلب فيه، لا يخاف من النقد، ليس لديه حساسية زائدة تحسب للدقيق جداً من الأمور بل هم أهل هيبة للناس من غيرهم فلا يخشون المكاشفة والمصارحة في الأمور.
أما عديموا الثقة بالنفس فإن عملية اتخذ القرار هي من أصعب الأمور لديهم، ليس عجزاً في حقيقة ذلك وإنما في الدرجة الأولى خوفاً من النقد وخوفاً من الآخرين وخوفاً من الوقوع في الخطأ ولذلك نجدهم دائماً ما يحرصون على إسناد مثل هذه الأمور إلى الآخرين ليكونوا في مأمن من تبعات ذلك وما يمكن أن تجرهم إليه. نجدهم دائماً ما يحاولون العيش في الظل وفي كنف أناس آخرين وليس في المواجهة أو في المقدمة.
هم حساسون بدرجة مفرطة ربما تمنعهم من القيام بالكثير من الأمور. الواحد منهم يحتاج إلى مدة زمنية طويلة ليتجاوز خطأ أو مشكلة تكون قد مرت به، ويبقى أثرها عالقاً في نفسيته مدة ليست قصيرة.
التردد وضعف الشخصية واضحة في سلوكياتهم، روح الانهزامية أسبق إليهم من الإقدام والصبر والتجلد على مواجهة الآخرين، لا يستطيعون في بعض الأحيان المكاشفة مع الآخرين، نفسيا تهم كثيراً ما تكون كتابا مغلفا وموصدا لا يعرف مكنونه غيرهم بعكس الصنف الأول الذين هم عبارة عن كتابٍ مفتوح حيث ثقتهم بأنفسهم تحول بينهم والخوف من الآخرين.(20/408)
هذه بعض من الصفات لكلا الصنفين لدينا وإن كنا ندرك أن الناس متفاوتون في درجاتهم فقد لا تجتمع الخصال الحسنة جميعها في الواثق بنفسه كما أنه يمكن أن لا تجتمع الخصال السيئة جميعها في عديم الثقة بالنفس وأصابع اليد كما يقال ليست متساوية بل فيها التفاوت وكذلك النفسيات البشرية ففيها من جمع المولى له أحسن الصفات وأجودها وأكملها ومنهم من جرّده منها ولله في خلقه شؤون وحكم عز وجل.
أما كيف ننمي الثقة بالنفس لدينا فهذا موضوع يمكن أن نتعرض إليه مستقبلاً إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(20/409)
حكاية الصمت..!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 10-1-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
ما هي أسباب الصمت عند كثير من الشباب وعدم القدرة على التعبير عن رغباتهم ومطالبهم وخاصة مع من يكبرونهم في السن أو في المنصب أرجو توضيح الأسباب النفسية والاجتماعية ووسائل العلاج؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
أخي الكريم أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:
أولاً: قد تكون للصمت أسباب نفسية تتعلق بعدم ثقة الإنسان بنفسه وخوفه من الإحراج أو عدم القدرة على التحدث أمام الناس لسبب أو لآخر..
ثانياً: وقد تكون للصمت أسبابه التربوية المتعلقة بالتنشئة الأولى في حياة الإنسان..!! حيث يعمد بعض الآباء والمربون إلى التقليل من قيمة آراء الطفل ورغبته في التعبير عن نفسه وعن مشاعره فينشأ الطفل مهزوماً منكسراً غير قادر على التعبير عن مشاعره وآراءه.. وبالتالي يلزم الصمت.
ثالثاً: وقد تكون الأسباب اجتماعية تتعلق ببعض العادات والتقاليد التي تلغي حق الصغير في الحديث أمام الكبير مهما كانت الأسباب.. وقصر مشاركته على الاستماع فقط..!!! فينشأ الإنسان وقد فقد روح المبادرة في الحديث.. بل أنه يضطرب بمجرد أن يفكر أنه قد يضطر إلى الحديث عند من يكبره منصباً أو مكانة.. بل والحديث أمام الآخرين حتى لو كانوا أقراناً له.
رابعاً: أما علاج مثل هذه الحالة.. فذات شقين:
الشق الأول يتعلق بأولياء الأمور والمربون عموماً حيث يجب عليهم عدم قمع رغبة الطفل على الحديث والتعبير عن رأيه.. بل وتشجيعه على ذلك وتدريبه على الحديث أما الآخرين ولذلك طرقاً كثيرة.. لأن ذلك مما يدعم ثقته في نفسه ويوجد لديه روح المبادرة في الحديث.
أما الشق الثاني فيتعلق بالإنسان نفسه أي المراهق أو الشاب.. حيث يجب عليه المشاركة في الحديث والنقاش حتى ولو كان بشكل جزئي.. كإثارة بعض الأسئلة أو الإنصات الإيجابي.. وتدريب نفسه على ذلك شيئاً فشيئاً.. ومع الوقت سيجد نفسه وقد تجاوز حاجز الصمت السلبي.. واعتاد على المشاركة الإيجابية في الأحاديث والحوارات..! وفق الله الجميع لما فيه الخير والسداد.(20/410)
هذا الأمر.. أفقدني احترامي لذاتي!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 30-12-1422
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أنا شاب طيب ومحترم أعمل في وظيفة محترمة متزوج ولي أولاد , أصحابي كلهم ولله الحمد صالحون أستحي وأقدر الناس كثيراً ولكن عندي عقدة النقص حيث أسعى دائما " لتوكيد الذات" لكن محاولاتي تبؤ بالفشل..!! أجامل الناس حتى على حساب نفسي.. أرى أن هناك أناس أسعد وأهنأ عيشاً مني أتمنى أن أصبح مثلهم وأسعى أن تكون لي مكانة اجتماعية.. ومشكلتي الكبيرة التي حطمتني ولا زالت تقتات سعادتي هي أني أهتم كثيراً برأي الآخرين في شخصي وإنجازاتي.. أحس أن سعادتي مرتبطة بهم أو بمعنى أصح ببعضهم..!! هؤلاء الأشخاص أهتم بهم اهتمام شديد اجداًَ واعتقد أن الصواب هو الذي يقولون عليه هم صواباً لذلك أحاول استشارتهم دائماً وأغلب الأحيان أجد منهم التجاهل واللامبالاة.. بل والتعالي..!!!
أحتقر نفسي إذا جلست معهم.. صدقوني أنني أشعر بالتعاسة.. دلوني كيف النجاة من هذه الدوامة المزعجة حتى أشعر بطعم الحياة!!؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:-
أخي الكريم أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولاً: " تأكيد الذات" مطلب هام وضروري للجميع.. ولا أحد يزعم أنه لا يهتم لتأكيد ذاته أمام الآخرين.. ووضعها بالصورة التي يتمناها لنفسه.. وان اختلفت الطرق والوسائل بحسب الأشخاص والظروف والإمكانات والقدرات..! وكذلك إصابة الهدف المرجو أو مجانبته بين هؤلاء الناس.. لخلل في المرسل أو المتلقي أو الرسالة التي يراد من خلالها تحقيق هذا الهدف!!!
وهذه الرغبة بـ"توكيد الذات" مسألة إيجابية.. متى ما تعاملنا معها بالطريقة المناسبة.. لأنها تعني الطموح.. والرغبة في الارتقاء بشكل أو بآخر.
ثانياً: يجب أن نفرق بين رغبتنا بالارتقاء بأنفسنا اجتماعياً أو نفسياً أو علمياً أو مادياً.. وبين إحساسنا بالنقص!! فالأول تفكير إيجابي يدفعنا إلى الأمام لنحقق لأنفسنا المكانة التي نتمناها.. والثاني إحساس سلبي يجلب لنا التعاسة ويشدنا إلى الوراء ويقتل فينا أشياء كثيرة من بينها " روح المبادرة والإبداع ".
ثالثاً: نحن جميعاً محتاجون - فعلاً - للارتقاء بأنفسنا بشكل أو بآخر.. ولا أحد منا يدعي الكمال.. فنحن بشر!! ولا يعني ذلك أننا نشعر بالنقص.. ونرثي لحالنا.. بل نسعى لاستكمال ما ينقصنا بشكل موضوعي نركز فيه على قدراتنا وإمكاناتنا.. واثقين بأننا سنحقق ما نريد بعون الله وتوفيقه.. بالإصرار والعمل وبذل الجهد.. وبأننا لسنا أقل قدراً وقدرة من الآخرين.. وبأن لدينا الإيجابيات والسلبيات.. ودورنا هو في تنمية إيجابياتنا والتخلص من سلبياتنا.. شيئاً فشيئاً.(20/411)
رابعاً: إن إدراكنا لهذه الحقيقة يجعلنا متفائلين دائماً بالوصول إلى أهدافنا.. وواثقين من قدراتنا.. وهذا التفاؤل والثقة هو ما يسمى بـ "التفكير الإيجابي" الذي يعتبر الركيزة الأساسية لبناء الذات.
خامساً: أما عن تقديرك للآخرين.. ومجاملتك لهم وحيائك منهم فهو نوع من نبل الأخلاق.. يجب أن تعتز به وتضيفه إلى رصيدك الإيجابي.. على ألا يتحول هذا الحياء وهذا التقدير إلى انقياد كامل لا إرادي أو استجداء واضح لنيل استحسانهم وثناءهم..!! والفرق هنا واضح وشاسع..! فإذا كنت تتعامل مع الجميع بنفس الطريقة ونفس الأسلوب.. فهناك خلل ما..! لأن الناس يتباينون ويختلفون في أحقيتهم لهذا الاحترام والتقدير إن في المساحة أو الدرجة!!!
وإن كنت تهتز فرحاً لأي إطراء أو كلمة ثناء من أي كان.. وتنقبض حزناً.. لأي كلمة أو موقف سلبي من أي كان.. وتحاول دائماً إرضاء الجميع حتى ولو على حساب نفسك أو أسرتك أو عملك فهناك أيضاً خلل..!! لماذا؟! لأنه ليس من الصواب إرضاء كل الناس وليس من الخطأ إسخاط كل الناس ولكن المعول الحقيقي هو على أي نوع منهم أرضيت وأي نوع أسخطت..!!
إذاً فالمعادلة يسيرة.. وفهمها يسير.. والبدء بتطبيقها يسير أيضاً.. وإن كان إتقانها قد يحتاج إلى بعض الوقت ولكن المهم هنا أن نبدأ بمراجعة الذات..!!
سادساً: ابدأ منذ الآن واكتب جميع إيجابياتك بموضوعية وتجرد في صفحة.. وفي الصفحة الثانية اكتب جميع سلبياتك وهذه خطوة هامة جداً لنقل تلك الأفكار المتداخلة لديك من عالمك الداخلي إلى عالمك الخارجي.. ووضعها أمامك على الورق..!
ثم قارن بينهما.. واستعمل ما يسمى بقانون " ماذا ولماذا وكيف" حيث تسأل نفسك السؤال التالي:-
ماذا ينقصني؟ ثم أجب بوضوح وتجرد عن طريق الكتابة.. واجعلها على شكل نقاط..
وبعدها اطرح السؤال الثاني:
لماذا؟ وأجب عن كل نقطة مهما كانت التفاصيل من وجهة نظرك.
وأخيراً ضع السؤال الثالث: كيف أتغلب على كل ذلك؟ وستجد أنك تضع إجابات جيدة هي أقرب ما تكون إلى " التوصيات " حاول أن تلتزم بها وتطبقها.. وشيئاً فشيئاً ستجد أنك تستطيع أن تواجه الأمور بشكل أكثر إيجابية وفاعلية.. بل وأن الكثير من الصفات التي كنت تستبعد امتلاكها قد أصبحت جزءاً من شخصيتك بلا أي تكلف.
سابعاً: أما رأي الناس واهتمامك الكبير فيه..! فالوسطية هنا مطلب ضروري.. والتطرف فيه مرفوض سواء بطلبه والاهتمام فيه بشكل كبير تذوب فيه شخصية الإنسان ورأيه الخاص في أموره الخاصة..!! أو بتجاهله إلى الحد الذي ينسى معه الإنسان نفسه ويتعامل بفردية مطلقة وكأنه لا أحد معه على هذا الكون!!! فكلا الأمرين خاطئ..!!!
ثم إن الأمور تتفاوت فيما بينها من ناحية الوضوح والأثر والنوع والعلاقة بالناس.. وكل ذلك يؤثر في تقييمنا لها ولرأي الناس حولها..!!(20/412)
ثامناً: صدقني - أخي الكريم - أنت تملك الكثير من الإيجابيات وعوامل النجاح الذاتي والاجتماعي.. فلا تتعامل مع نفسك بهذا " الشكل " وتتحدث عنها بهذه " اللغة "!! وكل ما عليك هو أن تكون إيجابياً - كما أسلفت- مع نفسك أولاً.. لأن " الأفكار الإيجابية" تستدعي مواقف إيجابية.. حسب " قانون التداعي النفسي" ثم تكون إيجابياً مع من حولك.. تشاركهم في أحاديثهم ومناسباتهم.. ولا تفكر كثيراً بالأثر أو الانطباع الذي تتركه لديهم عندما تقابلهم.. أو بعد ما تغادرهم.. بل تتعامل معهم بوضوح وتقدير.. ولا تنشغل كثيراً بما تعنيه نظراتهم لك.. أو مشاعرهم تجاهك.. وثق أنك لن تستطيع أن ترضي كل الناس.. إلا بشرط واحد.. وهو أن تتحول إلا إنسان متلون متذبذب لا موقف لك ولا مبدأ.. وبالتالي ستخسر نفسك.. وستخسر بخسارتها الجميع..!! فكن واثقاً من ذلك.. واخرج يا عزيزي من دائرتك الخاصة إلى دوائر الآخرين.. ولا تفكر كثيراً بذاتك.. فأنت تملك الكثير مما يملكه غيرك بل ربما تفوقهم في أمور.. ويفوقونك في أمور.. والفرق بينكما أنك تحاملت على نفسك وتعاملت معها بحساسية كبيرة أما الآخر فتعامل في نفسه بإيجابية وثقة..!!
تاسعاً: أنت قادر على أن تبدأ منذ الآن.. وتتخذ القرار وتعامل الناس بحسب أقدارهم وفئاتهم من أصدقاء وزملاء ومعارف.. كل بحسب قدره ومكانته.. دون أن يسعدك التبسم أو يقنطك التجهم.. فأنت الذي يملك زمام نفسك.. وأنت أدرى بصحبك.. وأقدر على التعامل مع كل منهم بما يستحق.
عاشراً: قبل هذا وبعده.. صدق الالتجاء إلى الله.. وطلب العون منه والتوفيق.. والقرب منه والتذلل إليه.. والثقة فيه ستنعكس عليك ثقة في نفسك ويقيناً واطمئناناً بقدرتك على التعامل مع الحياة والناس كما تتمنى.. وفقك الله وأعانك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(20/413)
أحب المبادرة.. أكره النقد..!!
المجيب د. سيد زكي خريبة
استشاري صحة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 15/11/1422
السؤال
الحمد لله تعالى أن هيأ للشباب هذا البرنامج الاستشاري لاستيعاب مشكلاتهم ومحاولة الوصول للحلول العملية.. أخي الكريم إن المشكلة التي أود طرحها هي مشكلة نفسية، في الحقيقة أجد أنني أنزعج جداً من توجيه النقد من الآخرين أو عند شعوري بالاستنقاص منهم وإن كان على سبيل المزاح وأخشى القيام بأي تجربة معرضة للفشل أمام الآخرين خشية النظرة الشامتة مع أنني أقدر النصيحة التي في القالب المقبول ولو نوعاً ما، وأحاول ذلك تجنباً للوقوع في الكبر، وأحب الإقدام والمبادرة في أكثر جوانب الحياة مع أنني لا أقدم على عمل إلا بعد التصور ولو المبدئي عنه وكثيراً من وراء الآخرين، وأتمنى أن أصل إلى استقرار نفسي بحيث لا يمكن للآخرين أن يخرجوني عنه بنظراتهم وكلماتهم التي تحمل العتاب والتأنيب خاصة من الاخوة الذين يهمني نظرتهم من المربين المقربين، وأنا أحمل بين جنبي طموحاً كبيراً في الدعوة وتطوير الذات وأرسم أهدافاً أستطيع تحقيقها بأفضل الوسائل إلا أن من العوائق التي استمرت معي هي هذه المشكلة مع أنها تخفت كثيراً إلا أن لها ظهوراً في بعض المواقف.. أرجو مساعدتي بالحل الذي يظهر لكم جزاكم الله أحسن ما تعملون؟
الجواب
أخي العزيز صاحب المشكلة باختصار نقول لك بناءً على ما ذكرت من معلومات ومقدمات عن المشكلة فهذا ما يعرف بالاضطراب العصابي، ونمط من هزيمة الذات مع وجود قدر محدود من الفاعلية. ومشكلتك تتسم بأنها صراع الإقدام واالإحجام وهو صراع يكون له هدف - أو موضوع الرغبة فيه لها قيمة موجبة وسالبة معاً لديك - والوصول لأهدافك له فوائد - لكنه يرتبط بخسائر تخاف منها فأنت تقول أنك حين تقدم على عمل ما - فإنك تقوم بعمل تصور مبدئي له - فهذا شيء طيب وهو ما يفعله الأسوياء - إلا أنك تتردد وتخاف من القيام بالعمل خوفاً من شماتة الآخرين - أو توجيه نظرات من اللوم لمن يعنيك أمرهم من المربين والأقارب إليك - فحرصاً منك على أن تتفادى السخرية أو الضحك أو اللوم فإنك تحجم بعد أن أقدمت على العمل وقمت بعمله وهذه هي الخسارة التي تخشاها وذكرتها لك من قبل - فخوفك من الفشل هو أحد أسباب الإحجام عن القيام بعمل ما - وذكرت لنا أيها الأخ العزيز أنك تحب الإقدام والمبادرة في أكثر جوانب الحياة إلا أنك لا تستطيع الإقدام رغم أنك تعمل تصور مبدئي، وهو ما يتفق مع تشخيص مشكلتك والتي قد نوهنا لك بها في مقدمة الاستشارة - وعلى العموم أيها الأخ العزيز هذه المشكلة بسيطة يسيرة لها حلول عديدة لا تضخمها عند قراءتك إنها اضطراب عصابي - فكثير من الناس يعانون من الاضطرابات العصابية ولكي تتغلب على هذه المشكلة وما تعيشه من آلام نتيجة ما يحدث لك فعليك أن تتبع الخطوات البسيطة الآتية وعلى الله قصد السبيل:
· كن على وعي بأن جذور التردد والإحجام تؤدي إلى الاضطراب بالذات على المدى الطويل.(20/414)
· عند قيامك أو بمعنى آخر إذا أردت أن تقوم بعمل ما - كن على ثقة بذاتك ولا تقلل من شأنك واحصل على بعض الحقائق المهمة عن هذا العمل ولا تحاول أن تجمع كثير من المعلومات لأن المعلومات الكثيرة جداً تؤدي للإحجام خشية الفشل.
· تحمل مسئوليتك كرائد لأنك في النهاية تتقبلها على أية حال - إذن لماذا تهرب منها أو تدور في دوائر مغلقة - إن الأمر يا عزيزي يتطلب الشجاعة وعليك أن تتقبل بعض الأثقال التي تضعها الحياة على أكتافك وعلى أي حال طالما تجمعت لديك الشجاعة على أن تتصرف وتقوم بالعمل بلا أحجام ستشعر إنك أفضل.
· ونقول لك إن جميع القرارات مهما كانت يمكن إلغاؤها تماماً إلا القليل منها وإنك لست مضطر أن تعيش كل حياتك مع قرار خاطئ. نعم هناك ثمن لا بد أن تدفعه لاتخاذ قرار خاطئ، ولكن ماذا يمكنك أن تفعل غير ذلك.
الأخر العزيز عليك أن تستمر وتفعل كل ما في وسعك، وكما يقول أحد علماء النفس " افعل ما من وسعك ثم حاول أن تتلمس طريقك خارجاً، كلنا نفعل ذلك ".
وأخيراًُ يا عزيزي صاحب المشكلة نقول لك تحقق أن المخاوف التي تربط بينها وبين النجاح هي من معظم الحالات هي تخيلات غير واقعية. وللعلم فإن من النجاح ما تكسبه يكون أكثر بكثير مما تخسره.
إن الخوف من النجاح يقع في فئة ما يسمى أحياناً الخوف من الخوف أو الخوف من لا شيء على الإطلاق، وعلى كل حال ندعو الله لك بالتوفيق.. سائلينه سبحانه أن نكون قد وفقنا لإيجاد حل لمشكلتك إنه نعم المولى ونعم النصير،،(20/415)
ثقتي بنفسي مهزوزة!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 17/10/1422
السؤال
أقدر لكم جهودكم وأتمنى لكم مزيداً من النجاح أريد أن أعرف كيف أكون شخصية واثقة من نفسها، وما هي الخطوات لأكون كذلك؟
الجواب
أختي الكريمة، أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد. أما عن استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:
أولاً: لقد اختصرت السؤال كثيراً؛ ولا أدري كيف حكمت على نفسك بأنك "غير واثقة " من نفسك..؟! وما هي الأعراض التي حكمت على ضوئها..؟!!
بمعنى هل أنت مترددة في قراراتك؟ وهل أنت غير قادرة على المبادرة في الحديث أو إقامة العلاقات الاجتماعية مثلاً..؟ أو أنك خجولة.. أو غير ذلك من المواقف التي تشعرين حيالها بعدم الرضا وعدم القناعة وتردينها في النهاية إلى عدم الثقة في النفس..!!
ثانياً: لم تذكري أي شيء عن ظروفك الأسرية وعلاقاتك الاجتماعية لمحاولة الربط بينها وبين الأعراض السابقة، ثم محاولة استنباط الأسباب وكيفية تجاوزها والتغلب عليها.
ثالثاً: يخلط كثير من الناس في مشاعرهم وأحاسيسهم وأفكارهم، ويتسرعون في إصدار الأحكام الجائرة - ربما - على أنفسهم أو على غيرهم.. بتهم " التعقيد" و"الاضطراب " و"الفشل " و"انعدام الثقة " و"عدم الاتزان " و" ضعف الشخصية " وغير ذلك من الكلمات الكبيرة والعميقة.. دون أي إدراك لمعناها الحقيقي وأعراضها، ومتى نحكم بوجودها من عدمه..!!
رابعاً: النفس البشرية عالم واسع يمر بفصول كثيرة وظروف متغيرة ومشاعر متقلبة بين الرضا الكامل عن النفس في بعض المواقف والسخط الكامل في مواقف أخرى..!! وهذا شيء طبيعي يجب ألا نعطيه أكثر من حجمه، ونتهم أنفسنا بأننا مهزوزون وغير واثقين من أنفسنا؛ فقليل من التردد أو الخجل أو انعدام المبادرة لا يعني انعدام الثقة بقدر ما يرتبط بظروف أخرى، وقد يكون مطلوباً ومرغوباً في وقته، والاندفاع والمبادرة في بعض المواقف قد تكون سلبية وقد يصنف صاحبها على أنه متهور لا يعقل ولا يحسب حساب الأمور..!! وهكذا تتغير الأحكام والمواقف بتغير الظروف والأشخاص والأحداث.
خامساً: أما كيف تكتسبي الثقة إجمالاً وتنميها، فلا شك أن للعوامل التربوية والتنشئة الأولى في حياتنا أثراً كبيراً في ذلك..!! إلا أننا نستطيع - بتوفيق الله- اكتساب الثقة وتنميتها في أعماقنا بشكل كبير قد نستصعبه في البداية إلا أننا مع الوقت سنبنيها لبنة لبنة مستمدين من الله العون والتوفيق، وإليك بعض الاقتراحات:
أ-لا بد أن تبدأ الخطوة الأولى في عقلك وفكرك بحيث تتخذي القرار على مواجهة هذا الإحساس الداخلي بالنقص وتحطيمه وإزالة ركامه ومن ثم بناء صرح الثقة في نفسك شامخاً لا تهزه الرياح، وعندما تداهمك - أحياناً- بعض الأفكار السلبية حول ذاتك فأوقفيها مباشرة، وأزيليها من مخيلتك بتاتاً، ولا تسمحي لها بالبقاء في أعماقك إطلاقاً..!!(20/416)
ب-تأكدي أنك تملكين كل مقومات الثقة، وأنك لست أقل من الآخرين بأي حال، وما تشعرين بفقده حسياً أو معنوياً وترينه عند غيرك فإنه بالمقابل يوجد لديك ما لا يوجد لدى غيرك.. وهكذا فالكمال لله وحده.
جـ-ازرعي بذرة الثقة بالله أولاً ثم بنفسك، وابدئي بمواجهة النفس مباشرة.. واسأليها: ماذا ينقصني لأصبح واثقة من نفسي؟! (يلزم أن يكون ذلك كتابة) ثم ابدئي بسرد الأشياء التي تعتقدين أنها تنقصك واحداً واحداً. ثم اسأليها: وكيف أكتسب تلك الأشياء..؟! وأجيبي بشكل موضوعي، وستكتشفين أن أغلب هذه الأمور مكتسب، ويمكن تنميته، والبعض الآخر لا حيلة لنا فيه، ولكنه جزء من الصورة فنستطيع أن نعوضه بالتركيز على الأمور الأخرى المكتسبة.. وهكذا شيئاً فشيئاًَ ومع الوقت والتدرج والتدريب البسيط تجدين نفسك وقد قطعت شوطاً كبيراً في بناء صرح الثقة.
د-لا بأس من اكتساب صداقات جديدة وتنميتها، فللأصدقاء أثر كبير في بناء شخصياتنا سلباً أو إيجاباً. فإذا كان من صديقاتك من هي متسلطة مثلاً وتحاول التقليل من قيمة المحيطين بها بشكل أو بآخر فالأولى تركها والابتعاد عنها وبناء صداقات جديدة مبنية على الاحترام المتبادل، وتبادل الآراء بحيادية وموضوعية. فهذا مما ينمي لديك الثقة ويقوي إحساسك بذاتك.
هـ-أديري بعض الحوارات، وكوني صاحبة مبادرة في بعض المواقف - ولو بشكل متدرج في البداية - ولا تعتقدي أن أي عمل تقومين به يلزمه إرضاء كل الناس، فالناس مشارب، ولست ملزمة بتقديم تبرير أو تفسير لكل قرار تتخذينه أو خطوة تخطينها إلا لوالديك أو لوليك.
واتكلي على الله، وأحسني الظن به، واستعيني بحوله وقوته، واسأليه التوفيق والسداد والقوة؛ فالله قريب مجيب.
وفقك الله وسدد على طريق الخير خطاك.(20/417)
مشكلتي الكبرى.. التردد!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 27/9/1422
السؤال
هناك مشكلة كبيرة تؤرقني كثيرا وتفسد علي الكثير من الفرص بل وتجعلني غالبا في مواقف صعبة مما اثر على علاقاتي بل وثقتي نفسي وكثيرًا ما اضطررت لإلغاء برامجي أو قراراتي نتيجة لذلك..!! هذه المشكلة هي التردد الكبير عند محاولة اتخاذ أي قرار حتى ولو كان قرارًا بسيطا لا يترتب عليه أي شيء..!!؟ فماذا افعل وكيف أتغلب على ذلك؟؟ (أريد حلولا عملية.. جزاكم الله خيرًا)
الجواب
أخي الكريم.. اشكر لك ثقتك، واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد. وأما عن استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:
أولاً: لا شك أن التردد هو السبب الحقيقي خلف الكثير من حالات الفشل التي تواجه الإنسان في حياته.. لأن التردد يعني عدم الثقة في النفس وعدم القطع في الرأي وضياع الفرص المتاحة وتوالي حالات الفشل ومن ثم الإحباط!! ... ألخ. وهذه أمور تنعكس بدورها على حياة الإنسان بطريقة أو بأخرى.. فتنتج شخصية مشوشة، مضطربة، غير واضحة المعالم..!!
ثانياً: إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة
فإن فساد الرأي.. أن تتردداهذه هي الحقيقة، فإذا كان الاستعجال في القرارات أحياناً مذموم فإن التردد فيها غالباً مدمر!! ولذلك فعندما تكون أمام موقف يستوجب منك اتخاذ قرار ما.. فضع حداً زمنياً لاتخاذ قرار حيال هذا الموقف يعتمد على نوعية الموقف والوقت المتاح أمامك وبالتالي التزم بهذا الموعد، واتخذ القرار، بعد أن توازن أمورك بطريقة مناسبة، وتضع أسوأ الاحتمالات، وتهيئ نفسك لقبولها أو مواجهتها..!! ثم تتفاءل وتتكل على الله وتستعين به.
ثالثاً: أعتقد أنك تتفق معي - أخي الكريم - إن كثيراً من قراراتنا الحياتية هي من البساطة.. بحيث ِإنها لا تحتاج إلى كل هذا التردد الذي يحبط البعض.. فالقيام برحلة مثلاً.. أو زيارة.. أو شراء سلعة معينة تظل في أسواء الحالات أمورا لا يترتب على أدائها.. تبعات مستقبلية قد تؤثر في حياة المرء أو مستقبله، وبالتالي فالقرار فيها لا يحتاج إلى الكثير من التردد والاستشارات المتعددة.
رابعاً: هناك توجيه شرعي في هذا الأمر وهو الاستخارة الشرعية، خاصة قبل اتخاذ بعض القرارات المصيرية التي تتعلق بحياة الإنسان أو مستقبله.. ولا تنس الاستشارة.. فما خاب من استخار ولا ندم من استشار.. وإذا فعل الإنسان الأسباب الشرعية المأمور بها.. فليتكل على الله.. [ومن يتكل على الله فهو حسبه] .(20/418)
خامساً: عود نفسك على اتخاذ القرارات، وعدم التردد بها وابدأ في الأشياء البسيطة جداً.. كقرار الذهاب أو الإياب.. الدخول أو الخروج وتدرج فيها شيئاً فشيئاً، وستجد نفسك مع الوقت وقد قطعت مرحلة مهمة جداً في بناء مزية اتخاذ القرارات لديك.. وأصبحت أمراً عادياً في الكثير من شئون حياتك الخاصة. انتقل منها إلى التدريب على اتخاذ القرارات المتعلقة ببعض المحيطين بك، والمعول عليك اتخاذ قرار بشأنها.. وهكذا رويداً.. رويداً.. يتلاشى هذا التردد غير مبرر إطلاقاً، والنابع أصلاً من أعماقنا، ومن خوفنا من الفشل!!
سادساً: غالباً لا يأتي التردد إلا بسبب الخوف من الفشل -كما أسلفت - أو الإخفاق.. ولذلك فلكي تتجاوز هذه المشكلة فضع فرضية الفشل في آخر القائمة وهيئ نفسك بأن الفشل والإخفاق لا يعنيان نهاية العالم.. بل هما زيادة لرصيد الخيرة التراكمية في الشخصية.. وبالتالي النهوض والبدء من جديد بشكل آخر وطريقة جديدة..!! هنا قد تفاجأ بأن مواطن النجاح لديك قد فاقت كثيرا مواطن الإخفاق.. وبالتالي ملكت مزية القرار، ومزية النجاح.
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(20/419)
وأنا في هذه الحالة ... لا أثق بأصدقائي
المجيب عبد الله بن فهد السلوم
مدرس بثانوية الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالآخرين
التاريخ 15-6-1424
السؤال
بعد السلام والتحية، أتقدم بسؤال الآتي:
في بعض الأحيان يضيق صدري، وأنا في هذه الحالة أخاف من وسوسة الشيطان فأتجه إلى قراءة القرآن والصلاة والتسبيح والاستغفار، وأنا في هذه الحالة أصبح لا أثق بأي شخص وخاصة أصدقائي، حيث إني أصبح لا أحسن التصرف فأخاف أن أصيبهم بسوء، فأرجو منكم أن توجهوني لأجد حلاً لمشكلتي؟ لأن من صفات الإنسان المسلم حسن التصرف إلى الأصدقاء، وشكرا.
الجواب
الأخ الكريم..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
تذكر في رسالتك أنه يضيق صدرك أحياناً فتخاف من وساوس الشيطان ثم تتجه إلى قراءة القرآن والتسبيح، وتصبح لا تثق بأحد فلا تحسن التصرف فتخاف أن تصيب أصدقاءك بسوء.
أولاً: يا أخي الكريم إذا ضاق صدرك فلا تخف ولا تحزن من وساوس الشيطان، وإن الشيطان إذا خفت منه فإنه يتسلط عليك بالوساوس وضيق الصدر، لكن عليك بالاستعاذة منه وصرف الفكر إلى ما ينفعك في دنياك وأخراك بقراءة القرآن والدعاء والاستغفار وبذل الخير للناس.
ثانياً: أخي الكريم.. تقول إنك تصبح لا تثق بأحد فهذا خطأ كبير، لأن الذي لا يثق بأحد تكثر أوهامه ومخاوفه، ثم إن الناس قد يبتعدون عنه لأنه يسيء الظن فيهم، لا يا أخي اقترب من أصدقائك الصادقين الطيبين، وبادلهم المشاكل واستعن بالله ثم بهم، وكن على ثقة واحترام منهم، ولا تجعل للشيطان عليك سبيلاً ولا للأحزان فتثقل عليك الحياة، ولكن اطمئن وتفاءل فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب الفأل، وأحسن الظن بإخوانك وتعود على المرح المباح فإنه به إجمام القلب وشرح الصدر والبعد عما يحزن، وإليك هذا الحديث فاحفظه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما أصاب عبداً هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض فِيَّ حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي إلاّ أبدله الله بعد الهم فرجاً وبعد الغم فرحاً" رواه البخاري أو كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -.
أسأل الله لك شرح الصدر وقرة العين والحياة الطيبة في الدنيا والآخرة وجميع المسلمين.(20/420)
فقْدِ الثقة في الرجال، ورفض الخُطّاب
المجيب د. خالد بن سعود الحليبي
وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج /اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 14/3/1425هـ
السؤال
أشعر باليأس والإحباط؛ حيث أنني تعرضت لتجربتي خطوبة فاشلتين، الأولى لشخص مخادع عديم المروءة، والثانية لشخص على قدر من الاحترام والتدين، ولكن كنت قد فقدت الثقة في الرجال جميعاً، فلذلك لم أستطع التوافق معه، ماذا أفعل كي أثق في الرجال مرة أخرى؟ وكيف أتغلب على الحالة التي تصيبني كلما تقدم لخطبتي أي شخص أشعر بمغالبة البكاء وأشعر بمرارة الفشل.
الجواب
أختي الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله. أما بعد:
فإني استمعت إلى شكواك.. وهي متكررة لدى عدد من الفتيات بسبب فشو ظاهرة (الخطوبة) والتي تعني فترة يقضيها الشاب مع فتاة يخطبها فيخلو بها دون مساس، ويذهب ويأتي معها باسم التعرف على نفسيتها، تمثل مرحلة من الزواج كما يزعمون أو هي مقدمة له.
وهي في الواقع بدعة منكرة، ومحرمة شرعا؛ ذلك لأن الذي يحل الاختلاء بالمرأة هو عقد الزواج فقط، وليس دبلة في اليد أو عقد على الصدر.
أيتها الفتاة الكريمة.. إن الرضا بمثل هذه المنكرات هو الذي شجع أهل السوء أن يلعبوا بأعراض المسلمين، ويخدعوهم، وكما سمعت بعضهم فإنهم يعدونها فترة لعب ولهو وتسلية وتمضية للوقت فقط.
ولكن لتعلمي علم اليقين بأن الرجال ليسوا سواء، وإنما فيهم الكريم الشهم، وفيهم الطيب القلب، وفيهم عظيم الخصال، وفيهم الأمين المتحبب إلى زوجته، وليسوا كلهم على شاكلة من رأيت، فإذا تقدم إليك من يخطبك فلا تلتفتي إلى تسويل الشيطان؛ لأنه يتمنى ألا يقع زواج بين مسلمين، وإذا وقع سعى ليفسد بينهما حتى يفترقا، نعوذ بالله منه ومن أوليائه.
أخيتي.. إن الحياة كلها مبنية على الخير والشر، والنور والظلمة، ورؤية الشيء من جانب واحد خطأ جسيم، ولك أن تعرفي بأن الناجحين هم الذين لا يعرفون شيئا اسمه الفشل، بل يعدون ما يمرون به مجرد تجربة يمر بها غيرهم فيفشل، ويمرون بها هم فيتزودون منها معرفة بالحياة.
إنك إذا تزوجت بشاب آخر صاحب دين وخلق، فإنك ستنسين هذا الشاب المخادع تماما، وسوف تستمتعين أكثر لأنك جربت المر فيزداد الحلو في لسانك حلاة وطعما. وفقك الله وسدد خطاك.(20/421)
أساؤوا الظن بي
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالآخرين
التاريخ 10/6/1425هـ
السؤال
يا شيخ: أنا طالب في الحلقة، ولي صديق عمره 13 سنة، وهو وسيم المظهر، وإني والله يا شيخ لم أصحبه وفي قلبي شيء، فأنا قد رباني الوالد تربية صالحة ولله الحمد-، لكن بعض الشباب أساء الظن بي، واتهمني بما لم أكن أعرفه من الكلمات السوقية، فماذا أفعل؟ جزاك الله خيراً.
الجواب
أخي الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكر لك تواصلك الإلكتروني مع موقع "الإسلام اليوم"، سائلاً الله -تعالى- أن يدوم تواصلك، وأن يثبتنا وإياك على الطاعة، ويكفينا وإياك شر أنفسنا والشيطان، وأن يقيك الفتن، ويهدينا وإياك إلى الصراط المستقيم.
أخي: مما لا شك فيه أن كثيراً من الناس وقع بمثل هذا المرض، ألا وهو سوء الظن وتقديمه على حسنه، فقد يكون ذلك ناتجاً من عدة عوامل أثرت على الشخص، ومن أهمها الحسد، وتنامي ذلك في بيئة تساعد على نشوئه، بالإضافة إلى ضعف الوازع الديني.
ولمواجهة مشكلتك - أخي الكريم- إليك عدداً من التوجيهات، التي أسأل الله الكريم أن تكون عوناً لك:
1- أنصحك - حفظك الله- بالتقليل قدر الإمكان من لقاءات صديقك؛ لأنه كما وصفته بالوسامة، مما يدل على أن مظهره قد أثر عليك نوعاً ما، ولذلك طلبي منك التقليل من لقاءاته؛ لأن الشيطان حريص جداً مما قد يوقعك في المحظور من حب ثم عشق، وهكذا، خاصة وأنت في عمر يتطلب منك الحذر كثيراً -حفظك الله- فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.
2- "رحم الله امرأً كفَّ الغيبة عن نفسه"، عبارة اجعلها مناراً لك في علاقاتك مع الآخرين.
3- لا تلتفت لما يثار حولك؛ لأن ذلك قد يشغلك عن حفظ القرآن الكريم، وطلب العلم، وابتعد عما يثير في نفوس الآخرين، الشك والريبة في مواقف قد تحدث لك مع أصدقائك؛ لأن النفس البشرية كثيراً ما يصيبها ما قد يعلق فيها من ذلك، فالرسول - صلى الله عليه وسلم- وهو أشرف الخلق قد أزال ما قد يعلق في نفوس صحابته - رضي الله عنهم- حينما قال: " ... على رِسلِكُما إنها صفية" رواه البخاري (3281) ومسلم (2175) .
4- اجعل لقاءاتك مع صديقك ومع أصدقائك الآخرين لا تتغير، ولا تكثر بحسب صغره وحسنه، لئلا تقع في شبهات وظن من الآخرين.
وفقك الله وسدد خطاك، وحفظك الله من شر الشيطان وشركه، إنه جواد كريم.(20/422)
أشك في أسرتي
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالآخرين
التاريخ 11/6/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: كيف يتخلص الإنسان من مرض الشك المدمر للأسرة؟.
الجواب
بعيداً عن التعريفات المرتبطة باتجاهات معينة، وفي ضوء المفهوم العالمي، فإن الأسرة هي الوحدة الاجتماعية الأولى التي تهدف إلى المحافظة على النوع الإنساني، وتقوم على المقتضيات التي يرتضيها الفعل الجماعي، والقواعد التي تقررها المجتمعات المختلفة.
وتقدم الدراسات الحديثة في المجالات التربوية، والنفسية، والاجتماعية المزيد من الأدلة العلمية التي تدعم أهمية دور الأسرة بوصفه من أهم العوامل التي تحدد مستوى فاعلية الفرد في الحياة، وتبين البحوث أيضاً أن أصدق متغير للتنبؤ بالنمو المستقبلي لأي طفل هو طبيعة علاقاته مع والديه؛ ولذلك يتم التأكيد دائماً على أنه ليس من الحكمة في شيء أن تتخذ الأسرة موقفاً سلبياً من عملية تنشئة طفلها، فتكتفي بمراقبة ما يتم تقديمه له من خدمات تربوية وغيره، فالأبناء امتداد للآباء، وقدراتهم، واتجاهاتهم تعكس تأثيرات آبائهم عليهم، وقد بينت العديد من الدراسات المسحية والارتباطية بما لا يدع مجالاً للشك أن مستوى تكيف الأفراد ونموهم وتحصيلهم يتأثر بعوامل مختلفة، ومنها العوامل الأسرية، وبخاصة منها: المستوى الاقتصادي- الأسري، وأنماط التنشئة، واتجاهات الآباء وقيمهم، والسمات الشخصية للآباء، والعلاقة الزوجية، والاستقرار والترابط الأسري، وحجم الأسرة (عدد أفرادها) ، ودخل الأسرة، والخلفية الثقافية للأسرة، والأسرة ليست مركز التأثير الرئيسي على نمو الطفل فحسب، ولكنها أيضاً حلقة الوصل بين الطفل والعالم الخارجي، وعلى الرغم من أن معنى الأسرة قد تغير تماماً في بعض المجتمعات، فإن كل المجتمعات البشرية تدرك وتدعم هيمنة الأسرة على صعيد تنشئة الطفل وحمايته، والأسرة تشكل الثقافة وتتشكل بفعلها، فالثقافة لا تقوم بتعريف الأسرة، وبتحديد أنماط تفاعلاتها فقط، ولكنها أيضاً تقرر الخطوط العريضة لأساليب الرعاية الوالدية، والأنماط السلوكية، والتقاليد والقيم، واللغة، وحجم الأسرة، وطرق قيامها بوظائفها، ودورها في المجتمع الكبير.
إن الأسرة صاحبة الدور الأول والأهم في تشكيل شخصية الفرد وسلوكه وكفايته، فالبيئة الأسرية تؤثر في تحديد ملامح النمو اللغوي للأبناء.
ومن هذا المنطلق - أخي الكريم- لعلك تدرك معي الدور الكبير الذي يلعبه الاستقرار والرضا الأسري على صحة الفرد وأسلوبه في الحياة, ومدى تمتعه بها من عدمه، وأسباب الشك أو الرضا الأسري بشكل عام كثيرة، قد نعرضها عليك؛ لعلك تحدد أي الأسباب قد يكون متوافراً لديك، إذ إن المعلومات عن تاريخك الاجتماعي التطوري لا تعيننا في تحديد أسباب مشكلتك على وجه الخصوص، فمن أسباب الشك في الأسرة سواء كوحدة واحدة أو في إحدى الأسر ما يلي:
1- الفراغ الروحي وضعف الوازع الديني:(20/423)
حيث إن الإنسان البعيد عن الله وعن قيامه بأداء واجباته الدينية تكون حياته كئيبة أو ضنكا، كما وردت في القرآن الكريم، خاصة في سن الشباب الذي يتميز بازدياد أوقات الفراغ، فتخيل إنسان لا يؤدي الصلاة على الوجه المطلوب، أو يتأخر ويتكاسل بها، وهي عمود الدين، أو يكون عاقاً لوالديه، كيف هي نفسيته؟! هل تجده مطمئناً؟ هل يكون هادئ الطبع؟ الإجابة بالتأكيد لا، حتى لو تظاهر بغير ذلك، لذلك فالدراسات أشارت أن هناك علاقة وثيقة بين درجة التدين والمرض النفسي، أو بين التدين والانحراف بشكل عام.
2- البيئة المحيطة:
لا شك أن للبيئة دوراً رئيساً في إكساب الفرد القيم الإيجابية أو السلبية، وكلما كانت البيئة المحيطة -وبخاصة المسؤولة عن التنشئة الاجتماعية- متزنة، كلما كان الإنسان أقرب للصحة النفسية السليمة، فانظر - أخي الكريم- في صداقاتك وعلاقاتك الخاصة، هل تصادق أصدقاء السوء؟ هل تقيم علاقات محرمة؟ هل ترتكب الكبائر؟ لتعرف أن تأثيرهم في الهم والغم كثير.
3- التعاطي للمسكرات أو المخدرات:
فقد أشارت الدراسات إلى أن الإدمان يؤدي إلى المرض النفسي أو العقلي؛ فكثير من حالات الإدمان تحولت إلى حالات ذهنية تأتيها الهلوسات والخيالات بكثرة، ومنها الشك في أفراد الأسرة، فهناك حالات من جراء التعاطي تبدأ تشك في الزوجة أو الأخوات، أو الأم أحياناً، وهذا قد يدفعه لارتكاب الجريمة بحقهن أو الانتحار، وبخاصة الحبوب المنشطة، أو ما يسمى بـ (الكبتاكون) أو (البرشام) ، فهي تحمل مواد كيماوية متلفة للخلايا، تؤثر على مستوى ونمط الاتزان النفسي والعقلي للفرد.
4- المرض النفسي:
فقد تكون - أخي- مصاباً بمرض الشك الذي يعد مرضاً نفسياً كغيره من الأمراض النفسية الشائعة، كالقلق والرهاب الاجتماعي والوسواس القهري بأنواعه وغيره، مما يستوجب عرض حالاتك على مختص في الطب النفسي، أو الإرشاد النفسي لصياغة علاج مناسب لك، أو برنامج جلسات نفسية.
5- الأسرة:
قد تسهم الأسرة في زيادة الشك لدى أحد أفرادها، خاصة في المجتمعات المحافظة، وبخاصة فيما يتعلق بسلوك الإناث، خاصة إذا كان الشاب هو نفسه واقع في علاقات محرمة أو يمارسها، أو هي شائعة في جماعته وأصدقائه؛ لذلك تجد الصورة لديه عامة، بحيث قد يرى في النساء الانحراف حتى في محارمه هو.
لذلك - أخي الكريم- عليك بما يلي:
1- التقرب إلى الله - عز وجل-، وأداء الواجبات الدينية، والتمتع بأدائها؛ خشية من الله - عز وجل-، وطمعاً في مخافته.
2- البعد عن العلاقات المحرمة وأصدقاء السوء.
3- التأكد من عدم وصولك لمرحلة الإدمان إذا كنت من المتعاطين لأي نوع من المسكرات والمخدرات، بعرض نفسك على متخصص في الإدمان أو قياس القدرة الانفعالية والنفسية.
4- التأكد من عدم وجود الشك كمرض نفسي لديك، بعرض نفسك على استشاري أو طبيب نفسي.
أسأل الله أن يحفظ شباب المسلمين، وأن يردهم رداً جميلاً، وأن يعز بهم دينه، ويعلي شأن أمة الإسلام، وصلى الله على نبينا محمد.(20/424)
أختي خانتني، وفقدت ثقتي بالآخرين
المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس
مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالآخرين
التاريخ 05/08/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم.
أريد أن أستشيركم في موضوع يعذبني، أحس بأنني سأنفجر إذا لم أتحدث مع شخص يساعدني، أخاف أن أحكي لإحدى صديقاتي، ومن ثم أندم؛ أنا فتاة عاملة ولي أخت أصغر مني، والدي طيب جداً ومكافح، يتعب طوال اليوم ليريحنا من هموم الدنيا، والدتي طيبة جداً، وذات قلب أبيض، وعلى نياتها، المشكلة هي أختي، فقد دمرت حياتي وثقتي بالناس، أصبحت أكره كل شيء ولا أثق بأحد، كنت مخطوبة لأحد الزملاء في العمل، اعتقدته طيباً وعلى خلق ويحبني، ولكن الصدمة كانت كبرى، لم أتحملها، أصبت بانهيار ودخلت المستشفى لمدة أسبوعيين، وبعدها استقلت من العمل، ووجدت عملاً آخر، ولكن لا أستطيع نسيان ما حدث، ففي أحد الأيام أحسست بتعب في العمل، واستأذنت حتى أعود للمنزل وأرتاح، عندما دخلت لم يكن يوجد أحد، أبي في العمل وأمي عند أختها، فدخلت إلى الغرفة، وتمنيت أنني مت في تلك اللحظة، فقد وجدت أختي مع خطيبي في سريري، لم أصدق ما رأيت، تجمدت مكاني حتى أحسّا بي، فقام وخرج من المنزل، لم أعرف ماذا أفعل، أخذت أضرب أختي وسحبتها من شعرها وذهبت بها للطبيبة، وتأكدت من أنها ما زالت عذراء، خفت عليها وهي لم تهتم لمشاعري، وعندما اطمأنيت لم أحس بنفسي إلا وأنا في المستشفى، لا أحد يعلم بما حدث، الكل يعتقدون أن سبب الانهيار أنني تركت خطيبي، لا أحد يعلم بشيء، لكني منذ ذلك اليوم لم أتحدث مع أختي، واهتزت ثقتي بالناس، وأصبحت خائفة من كل شيء حولي، أحس بالخيانة في الهواء حولي، لاحظ أبي وأمي أنني لم أعد أتحدث مع أختي، حاولا أن يحلا المشكلة، ولكن لا أستطيع أن أسامح أو أغفر لها؛ فهي ليست طفلة ليلعب بعقلها، وهي تعلم كم كنت أحبه، كم غضبت عندما أراد أن يرى شعري ورفضت؛ فأنا متحجبة، كيف تفعل بي هذا وأنا أعتبرها كنفسي لا أمنع عنها شيئاً؛ فهي أختي الوحيدة التي أحببتها، لا أستطيع أن أسامحها، والآن أفكر بالسفر بعيداً عنها؛ حتى لا أراها ثانية. أرجوكم ساعدوني.. ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
الأخت الكريمة: - حفظها الله- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أسأل الله - عز وجل- أن يرزقنا وإياك العفاف والرضا والغنى، ما حصل لا شك أنه أمر خطير، ولكن يجب أن نصفه في حجمه الطبيعي؛ حتى نحسن التعامل معه، إذ المبالغة في أي شيء قد تقود إلى ضد المراد حتى في الدين، فإن دين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه؛ ولذا فإني أذكرك ببعض النقاط، ومنها:
1- الإيمان الكامل، واليقين الجازم بأن ما حصل هو من قضاء الله وقدره، ولا بد للإنسان في تغييره بعد حدوثه، والمسلم إذا وقع له من أمثال ذلك يقول: "قدَّر الله وما شاء فعل"، وهذا - أي الإيمان بالقضاء والقدر- أحد أركان الإيمان الستة.(20/425)
2- على المؤمن أن يتفاءل لما حصل، وألا يكره، فكثير من الأشياء نكرهها ونفاجأ بأن الخير العظيم فيها، وأحياناً نتمنى أشياء ونسعى لها ونفاجأ بأن فيها أحزاننا ومآسينا.
3- من أعظم فوائد هذه الحادثة أن هذا الخطيب شر صرفه الله عنك، وهذه نعمة عظيمة لو جلست طول حياتك تحمدين الله عليها، لما أديت حقها، وكما يقال: (كم وراء المحن من منح) ، بل كما قال الله - عز وجل-: "فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" [النساء:19] .
4- أختك أخطأت، وكلنا ذو خطأ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم" أخرجه مسلم (2749) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، والتصرف الصحيح هو أن تحاولي دعوة أختك للحق، وتدلينها عليه، وألا تعيني الشيطان عليها، وأن تفتحي لها طريق الخير والتوبة، لا طريق اليأس والقنوط.
5- يجب على الإنسان أن يكون عادلاً في حكمه على المجتمع، فكلما رأى مظاهر الفجور والفسق تذكر الخير والدعوة، بل إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعجبه الفأل، إن التفاؤل والنظر للمستقبل بإشراق -والثقة بنصر الله - له مردود عجيب على النفس، وخاصة عند تعاظم الشر، وهذا ما حصل للمسلمين في غزوة الخندق.
6- لعلك تأخذين العبرة من هذه التجربة، وأن تتعاملي بصبر وأناة، وعدم استعجال في حل ما يعتريك من أذى، بل المسلم سيستفيد من أخطاءٍ حصلت له في الحاضر ليسخرها في خدمة المستقبل. والله يحفظك ويرعاك.(20/426)
أشك في أختي
المجيب عبد العزيز بن محمد الضبيب
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالآخرين
التاريخ 29/07/1425هـ
السؤال
أختي الأرملة تقوم ببعض السلوكيات المشبوهة، وتخبرني أختي بممارسات غريبة نقلاً عن بنتها، من خروج من الساعة 12 منتصف الليل، وعودة في الثانية فجراً، ورفع صوت المسجل بالقرآن في منتصف الليل، وسماع أصوات غريبة في الغرفة، مع ملاحظة حملها لجهازي جوال، وخروجها عند تلقي اتصالاتها من المجلس لفناء المنزل، والتحدث لساعات طوال، لم أكن أعلم عن هذا إلا اليوم، وإني والله أفكر بمراقبة بيتها والتأكد، ولكني أخاف إن تأكدت أن أقوم بعمل تعلمونه (وهو قتلها ومن معها) ؛ لذا أرجو منكم توجيهي لما تنصحوني به، علماً أن حياتي أصبحت أشبه بجحيم بعد ما سمعت بالخبر. ساعدوني.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
بعد اطلاعي على رسالتك أقول مستعينا بالله ما يلي:
أولاً: من خلال رسالتك تبين أن ما ذهبت إليه بشأن أختك الأرملة خبر تناقلته الأفواه من أختك ومنسوب إلى ابنة أختك، وكان مثار شبهة، ولم يأخذ صفة التأكيد، ومن هنا فالخبر مبني على أساس ضعيف.
ثانياً: لا تجعل سوء الظن يهوي بك إلى مزالق السوء والجهل، مستندا بذلك إلى قول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" [الحجرات الآية6] ، ولكن ينبغي أن تتعامل مع الأمر بحكمة، فشقيقتك الأرملة قد تكون بأمس الحاجة إليك، فمد يديك لمساعدتها والوقوف بجانبها، فبدلا أن تتلمَّس الإيقاع بها بأمر قد يكون فيه سوء ظن وجهالة، فاحرص على تفقد أحوالها وأبنائها، واجعل للبيت حرمة ونظاماً، وستجد -بإذن الله - ما يسرك.
ثالثاً: أنصحك بتكرار الزيارات المنزلية لشقيقتك، ومساعدتها على تحمل أعباء الأسرة دون أن تتقمص دور الباحث الأمني لخفايا الأمور، واعمل بطريقة مقبولة على مناصحة أختك بعدم الخروج المتكرر دون حاجة ماسة، وخاصة في الأوقات المتأخرة، وأبدِ استعدادك لمرافقتها إذا لزم الأمر في الخروج، وإذا لزم الأمر امنع السائق من الخروج ليلا إلا بعد الرجوع إليك، كما يمكن أن يكون هناك دور هام لأمك في إصلاح أمر الخروج في الأوقات غير المناسبة، وبعض التصرفات غير المقبولة، والتي قد تثير الأقاويل والشبهات. والله أسأل أن يهدينا إلى سواء السبيل.(20/427)
صديقي كثير الشكوك فيمن حوله!
المجيب د. خالد بن سعود الحليبي
وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 18/5/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: لي صديق وسيم، وقعت له حادثة أول التزامه، وهي أن أحد الشباب قد تعلق به تعلقاً شديداً، فصدم بعدها، فلذلك أصبح همه الشاغل هو أمر التعلق، وأصبح يشك في كل من يحسن إليه على أنه متعلق به، لدرجة أنه في الآونة الأخيرة كاد أن يسألني صراحة: هل أنت متعلق بي أم لا؟ فضيلة الشيخ: إذا كان يعتقد صديقي أنني متعلق به، ماذا أفعل معه؟ وثانياً: كيف نعالج أمر التعلق عنده؛ لأنه أصبح يشك في كل من يحسن إليه على أنه متعلق به؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أخي العزيز: -حفظك الله- إن الحالة التي ذكرت قد تتكرر -للأسف الشديد- بين بعض الصالحين في فترة المراهقة بالذات، فإذا كان غيرهم قد وقعوا تحت التأثيرات الإعلامية التي تعرض عليهم صور النساء، فتشغل عقولهم وقلوبهم بها عمن حولهم، وتلك -ولا شك- داهية دهياء دخل بها الشيطان عليهم فصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة. فإن الشيطان قد يدخل على أحد الشباب الصالح، من باب العزلة الإيمانية التي أرادوا بها التخلص من آثار الاختلاط بعامة الناس، مما جعلهم في محيط خاص، له مشكلاته، ومنها دخول السلوك غير السوي لدى ندرة منهم، بسبب النظرة المريضة، وضعف الرقابة الربانية في النفوس أمام سلطة الشهوة.
التعلق مرض موجود في الجنسين الذكر والأنثى، وإعجاب الفتيات ببعضهن أكثر من إعجاب الشباب ببعضهم، فإذا وجد بين شاب ومن يدعوه إلى الله ـ لا قدر الله ـ فإنني أنصح من يقع في قلبه شيء من ذلك أن يعرف أحد الصالحين أو أكثر من أهل الإيمان والثقة بهذا الشاب، وينسحب هو من ميدانه، ليختار ميدانا آخر.
على أني لا أرى أن يصحب الشاب الداعية شاباً وسيماً معه دائماً، وإنما يسعى إلى التأثير عليه إيمانياً، ضمن مجموعة من الشباب؛ كمكتبة مسجد، أو نشاط مدرسة.
وقد كان السلف الصالح ينفرون من صحبة الأمرد الوسيم بالذات؛ لأنه محل تهمة، ويحذرون منها.
وأما علاج هذا الشاب فبالآتي:
1ـ أن يذكر له أن تجربته الأولى لا تعني التكرار مع الآخرين.
2ـ أن يشار إليه بأن يحفظ نفسه من كثرة التجمل والتميع والتغنج؛ حتى لا يفتتن به الآخرون، ما دام وسيما، وألا يقبل أن يركب مع أي شخص لا يثق به.
3ـ أن يصاحب من هو في سنه، ولا بأس بأن يستفيد ممن يكبره، إذا كان في مجموعة من الناس لا بمفرده بأي عذر كان.
4ـ أن يوعظ في حسن الظن وسوئه، وأن الناس ليسوا سواء.
5ـ ليتق الله من يصحبه، فلا يثق في نفسه ثقة عمياء، فيعرضها للفتنة، فإن هذا الشاب إذا اكتشف تعلقه، فقد يفقد باقي ثقته في الصالحين، فإذا انقلب على عقبيه فإن فتنته عظيمة، أسأل الله - تعالى - أن يوفقك وإياه.(20/428)
سوء الحفظ.. وكثرة النسيان!!
المجيب د. سيد زكي خريبة
استشاري صحة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/أخرى
التاريخ 27/04/1427هـ
السؤال
مشكلتي أنني سيئ الحفظ إنني أنسى بسرعة ما الطريقة لحل هذه المشكلة مع أنني أتمنى حفظ القرآن وطلب العلم؟
الجواب
الأخ العزيز صاحب المشكلة، نقول لك: إنك لست سيئ الحفظ ولا شيء من هذا القبيل فالذاكرة يمكن تدريبها وتحسينها مثلها مثل أي عضلة في الجسم. ونقول لك: إن أسباب مشكلات الذاكرة على وجه العموم تقع في فئتين:
أولها: أسباب عضوية. ثانيها: أسباب نفسية.
لذا كنا نود أن نعرف بعض الأشياء عما إذا كنت تعاني من أمراض مثل السكر - على سبيل المثال - إذ تتأثر الذاكرة بالضعف نتيجة النقص الكبير في تغذية المخ بالكمية اللازمة من السكر، وعلى هذا تتأثر خلايا المخ نتيجة لذلك وينعكس سلبا على الذاكرة؛ لأن انخفاض (الجلوكوز) في الدم إلى أقل من المستوى الطبيعي يترتب عليه جوع الخلايا العصبية، فتفتقر إلى الغذاء ولا تعمل بكفاءة كما ينبغي.
أما إذا كان السبب نفسياً فإن ذلك يوحي بأنه لا يوجد لديك إعاقة على المستوى البيولوجي (الجهاز لم يصب بشيء) ولكن يكون الأداء فيه شذوذ بسبب الصراعات الانفعالية التي تعيشها، وكذلك القلق إذا كنت تعاني منه، أيضا الاكتئاب - لا قدر الله -، أما إذا كنت سليماً عضوياً فيمكنك التغلب على النسيان باتباع الآتي:
1- حاول أيها الأخ العزيز أن تتصور المكان والجو الذي كان محيطاً بك أثناء استذكار هذه المعلومات، وإن شاء الله غالبا ما سوف تتذكر؛ لأن الرأي العلمي في ذلك يقول: إن المعلومات لا تختفي تماما من عقل الإنسان إلا في الحالات العضوية فقط، وطالما أنت سليم عضويا فسوف تتذكرها.
2- عليك إذا كنت تعاني من القلق أو التوتر أن تبعد القلق عنك؛ فلا يوجد هناك داعٍ يصل بك إلى هذه الدرجة. لأن القلق لا يساعد على التذكر.
3- عليك عند قراءة سورة مثلا أن تقرأها بتركيز وتمعن حتى تثبت جيداً وتختزن في الذاكرة دائماً، وحاول ألا تجهد نفسك في عملية الحفظ طالما هذه قدرتك، فلا تتحدَّ ذاتك لأن المعلومات عندما تدخل إلى الذاكرة تظل بعض الوقت غير مستقرة، وعندما تدخل إليها معلومات أخرى قبل أن تثبت المعلومات الأولى فإن المعلومات الجديدة تزيل تلك المعلومات التي لم تثبت بالذاكرة الدائمة لتحل محلها أو تتداخل معها خصوصا إذا كانت المعلومات من نفس الجنس أي متشابهة مثل سور القرآن الكريم أو نظرية هندسية، لذا نقول لك: ركز جيداً في الجزء الذي تحفظه، ولا تحاول إجهاد نفسك أكثر مما ينبغي من حفظ، وانتظر لفترة من الوقت حتى تشعر بالراحة ثم أعد ما حفظته وما استذكرته وستجد نفسك قادراً على استرجاع المعلومات، وكذلك يجب ألا تقرأ نظرية هندسية دون التركيز ثم تستذكر أخرى، فهنا يحدث الخلط وعدم القدرة على الاسترجاع.
الأخ صاحب الاستشارة، أسأل الله أن أكون قد وفقت فيما قدمت وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق.(20/429)
شرود ذهني.. وأرق!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 27/04/1427هـ
السؤال
أخي مشرف نافذة الاستشارات،، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، أما بعد..
انا أعاني من شرود ذهني وعدم تركيز خصوصاً عند الدراسة وأرق. ما الحل..
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. وبعد.
أخي الكريم.. أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: لقد أوجزت كثيراً في السؤال رغم أهمية التفصيل أحياناً.. فلم تذكر لي أي تفاصيل حول حياتك الأسرية والاجتماعية وظروفك المادية.. ووالديك واخوتك.. وكلها أمور هامة جداً لمعرفة أساس المشكلة وبالتالي تشخيصها ووضع العلاج المناسب لها.
ثانياً: لم تذكر منذ متى وأنت تعاني من هذا ((الشرود)) وعدم التركيز.. وما هي أعراضه.. وهل هو دائم أم وقتي..؟
ثالثاً: سأحاول أن أذكر لك إجمالاً.. بعض الأمور الهامة هنا.. فمثلاً.. هل وضعت جدولاً تنظم به وقتك لكي توائم بين مذاكرة دروسك وأداء واجباتك.. وفي نفس الوقت ممارسة هواياتك.. والقيام بمهامك الأسرية..؟! قد لا تتصور الأهمية الكبيرة لمثل هذا الجدول.. ولذلك فبادر بوضعه متكلاً على الله.. والتزم فيه بصدق وجدية.
رابعاً: حاول أن تعطي جسمك حقه من الراحة.. والتغذية المناسبة.. فذلك من دواعي النشاط وعدم تشتت الذهن.. وأختر لمذاكرتك بعض الأوقات الهادئة.. وغير مكان وطريقة المذاكرة حتى لا تتشتت وتمل.
خامساً: ابحث مع نفسك بصدق عن مشكلة معينة قد تكون هي التي تشغل بالك كثيراً.. وحاول إيجاد مخارج وحلول لها.. ولا بأس من استشارة من تثق به من أصدقائك أو أقاربك.
سادساً: حافظ على أورادك اليومية. وأداء الصلواة المكتوبة في أوقاتها..وكذلك الرواتب.. واقرأ القرآن بشكل يومي.. حتى ولو كان شيئاً يسيراً.. واكثر من ذكر الله {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وستجد أثر ذلك راحة في نفسك وانشراحاً في صدرك.. وهدوءاً وسكينة.
سابعاً: بمجرد أن تأوي إلى فراشك.. فتناول المصحف أو أحد الكتب وابدأ بالقراءة الحرة.. وستجد أن القلق أو الأرق قد زال عنك تلقائياً..!
ثامناً: أكثر من الالتجاء إلى الله بالدعاء الصادق بأن يوفقك ويعينك ويسدد خطاك..(20/430)
كيف أتخلص من الغيرة
المجيب هند بنت سالم الخنبشي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 04/12/1426هـ
السؤال
أنا أفعل الخير وأساعد الآخرين، وعندما أعلم أنهم سعداء يصيبني القهر والغيرة، وإذا علمت أن قريبة أو صاحبة لي خطبها رجل أغتم وأبكي، كما حصل لصاحبتي المقربة، فلا أريد أن تتعلق بأحد أكثر مني! لا أدري ما مشكلتي.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فاعلمي أختي أن الغيرة طبع سائر في النساء إلا من رحم الله، وشيء موجود في طبيعة المرأة، لكن على المؤمنة ألا تفتح المجال أمام هذه الطبيعة لتكون باباً من أبواب الشيطان عليها، بل لابد أن تجاهد نفسها لمنع هذه الغيرة ومنع آثارها على النفس وعلى غيرها من أخوتك المسلمات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "ما خلا جسد من حسد ولكن الكريم يخفيه واللئيم يبديه "فكل إنسان قد يجد في نفسه شيئاً من الحسد أو الغيرة، لكن المؤمن الكريم يجاهد نفسه ويدافع الإحساس بالحسد، ويحاول أن يطهر نفسه من هذا الشعور الدنيء بأن يستشعر نعمة الله عليه، ويعلم أن الأرزاق والنعم كلها مقسمة من عند الله وبحكمة من الله، فعلى المؤمن أن يرضى بما قسمه الله له، ويعلم أن المال والنعم ما هي إلا ابتلاء للعبد ليعلم الله أيشكر أم يكفر، وقد أرشدنا رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- لعلاج هذا الأمر فأمرنا -صلى الله عليه وسلم- بأن ننظر في أمور دنيانا إلى من هو أدنى منا، ولا ننظر لمن هو أعلى منا؛ حتى لا نزدري نعمة الله علينا، أما في أمور العبادة والطاعة فعلى المرء أن ينظر إلى من هو أعلى منه شأناً؛ حتى تنشط نفسه للعبادة وتزداد همته.
ثم عليك أختي أن تذكري الله سبحانه عند رؤيتك للنعم على غيرك حتى لا تضريهم بجسدك فتزول عنهم النعمة بسبب هذا الحسد، بل عليك الدعاء لهم بالبركة فيما رزقهم الله، واعلمي أن حرمانك من نعمة ما قد يكون ابتلاءً واختباراً لك هل تصبرين على البلاء وهل تلتجئين إلى ربك في هذه المحنة، أم أنك تقنطين من رحمة الله وتيأسين.
وقد يكون هذا الحرمان بسبب ذنب أصبتيه، فعليك الاستغفار والتوبة من الذنوب والرجوع إلى الله.
وأخيراً أوصيك باللجوء إلى الله بأن ينقي قلبك من الحسد "ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا".
أما ما يتعلق بخشيتك من بُعد صديقتك عنك أو من تعلقها بغيرك فهذا أمر يحصل كثيراً عند الفتيات، لكن عليك أن تفكري في الأمر بعقلك لا بعاطفتك، فأنت وهي لابد وأن تعيش كل منكما حياتها، لكن المهم هو أن تبقى العلاقة طيبة بينكما. والله أعلم.(20/431)
انتقادات مستفزَّة!
المجيب أ. د. صالح إبراهيم الصنيع
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 02/12/1426هـ
السؤال
كيف أواجه الانتقادات من الأقارب وغيرهم، فهذه الانتقادات تستنزف طاقتي؟ فأريد أن أعرف المنهج الشرعي في كيفية مواجهة الانتقادات، وتقوية النفس تجاهها أمام من ينتقدون. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً: عليك بعدم التعجل؛ (ففي التأني السلامة وفي العجلة الندامة) ، فعودي نفسك على تحمل ما يقال لك، والتفكير فيه قبل الرد عليه
ثانياً: تأملي في النقد الموجه إليك، فإن كان حقيقياً ومنطقياً فاقبليه بصدر رحب، وحاولي تصحيح ما لديك مما انتقدت فيه، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
ثالثاً: دربي نفسك على الصبر تجاه ما تسمعينه من الآخرين، (فالصبر بالتصبر، والحلم بالتحلم) .
رابعاً: حاولي تعويد نفسك على الظهور بالمظهر الحسن، والخطاب الحسن أمام الآخرين.
خامساً: تدربي على مقابلة هجوم الآخرين عليك بالابتسامة وحسن اختيار الكلمات الموجهة للآخرين المستندة للحقائق. وأخيراً احرصي على مصاحبة الرفقة الصالحة في الأماكن التي ترتادينها؛ فهي خير معين في الشدائد والأزمات، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.(20/432)
أصبحت انطوائية!
المجيب د. عائشة الشهراني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 10/11/1426هـ
السؤال
أنا أبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً، معاناتي هي أنني منذ خمس سنوات تغيرت أحوالي تماماً، لجأت إلى الوحدة والصمت الرهيب بدون سبب، ازداد كرهي للرجال كثيراً حتى أني لا أثق فيهم أبداً حتى الوالد، والأصعب أني أشعر برغبة ملحة في البكاء وخاصة في المناسبات السعيدة، ولم أعرف للعيد معنى غير الفراغ الكبير الذي يحاصرني، وعشقي الشديد للانطوائية والغربة التي أشعر فيها وأنا مع أهلي وبين أسرتي، بينما أجد راحتي مع صديقتي. أرشدوني فمعاناتي تزداد يوماً بعد يوم، وأصبحت أهرب كثيراً من كل شيء.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فما ذكرتيه -يا ابنتي- هو مظهر من مظاهر الاضطرابات العاطفية التي تصاحب فترة المراهقة؛ نتيجة التغيرات الهرمونية والنمو والتغيرات السنية، فيصبح المراهق كثير الحساسية والعزلة، مندفعاً -شديد الغيرة- يعاني من إحساس بالفزع، والرغبة في الحب، والعزلة، والخوف، والتوحد مع الأصدقاء أو صديق واحد، والإهمال في الدراسة ... الخ.
وهذه المشاعر تتحسن مع الوقت إذا أدركنا أنها مجرد مرحلة عمرية وتنتهي، ولكن إذا ضخمناها واعتبرناها مشكلة مرضية فقد تزداد سوءاً، وتصبح سمة من سمات الشخصية، لذا من الأفضل في هذه المرحلة حُسن استغلالها، وملء وقت الفراغ فيما هو نافع، والقراءة في مراحل النمو (مرحلة المراهقة) ، وكيف نستطيع أن نتجاوزها.
أنصحك بقراءة كتاب د. أكرم رضا (مراهقة بلا أزمة) وعليك كذلك بزيارة طبيبة نفسيه للتأكد من عدم إصابتك بالكآبة المرضية.(20/433)
هل أمي مصابة بمرض نفسي؟!
المجيب د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 19/10/1426هـ
السؤال
منذ طفولتي وأنا أرى أمي إنسانة اجتماعية لا ينفض مجلسها من الصديقات والجيران والأقارب، وبالرغم من كثرة انتقادها لهم في بعض تصرفاتهم إلا أنهم كانوا متمسكين بعلاقتهم بها، ولكن في السنوات القليلة الماضية العلاقات لم تستمر كما كانت في السابق، فقد أصبحت أمي عصبية جداً، بل وأصبحت تتصرف بطريقة غريبة في بعض الأحيان، مثلاً عندما نكون مجتمعين حولها يرن هاتف المنزل فترد عليه، وفي الوقت نفسه يرن هاتفها الجوال، وعندما تكرر هذا الأمر اكتشفنا أنها هي من يقوم بإجراء الاتصال من هاتفها الجوال على هاتف المنزل، ومن هاتف المنزل على هاتفها الجوال، فأدركنا حينها أنها تحتاج إلى مساعدة؟ فأرجو أن ترشدونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
بنتي الكريمة: أنت لم تشيري إطلاقاً إلى والدك، هل إن كان موجوداً أم لا؟. وهل كان يعاني من مشكلة ما، ولم تفصحي -بنتي الكريمة- إن كان لأمك أخوات، ولا إن كنت أنت متزوجة أم لا؟ والمعلومات السابقة قد تعطي بعض التصور، ربما يكون وسيلة جيدة لتفسير (وضع والدتك) .
بنتي الكريمة: تقولين في رسالتك: (إنني وإخوتي دائماً حولها لم نتركها يوماً بالرغم من أننا جميعاً متزوجون) وفرق كبير بين كونكم تدورون (حول) والدتك، وبين كونكم قد دخلتم إلى (أعماقها) .
إن هناك من يكون قربه من والده (المسن) عاملاً في (عمق) مأساة ذلك الوالد؛ حين يحاصر (شكواه) بمحاولاته الإقناعية بأنه على مختلف حالاته أفضل من غيره بكثير، وأن ما يشعر به هو مجرد (أوهام) يفترض أن يصرف (وجه) اهتمامه عنها.. أي أن ذلك الابن أو البنت قد يكون في قمة الصدق والإخلاص والاجتهاد مع والده، لكن يفوته أن من الجيد أن يترك للوالد -خاصة في مرحلة التقدم في السن- فرصة كافية للتعبير عن مشاعره، دونما مقاطعة أو رد أو حماس للنفي والإقناع، وقد يقول الابن أو البنت: إن سبب ردنا والدنا أو والدتنا هو أنه يوجه إصبع الاتهام لنا بالتقصير تجاهه، وهو ما يدفعنا إلى عدم الصبر، ومحاولة إيضاح الحقيقة له، وتبرئة الذات.
وفي ظني أن الولد أو البنت العاقلين يفترض أن يتحملا بعض الشيء، وليعطيا نفسيهما فرصة للتحليق في الخيال، وأنهما هما من يجلس مكان والدهما أو والدتهما وما مشاعرهما حينذاك، إننا حين نطمئن إلى أننا غير مقصرين في (حق) والدينا لا يهمنا -في سبيل إراحتهم -أن نترك لهم فرصة لنقدنا، ونشعرهم بالاعتراف، وأننا سنحاول تلافي ذلك التقصير، وفي المقابل نحاول تعداد (أفضالهم) علينا، مؤكدين لهم أننا لا يمكن أن ننساها.(20/434)
بنتي الكريمة: إن شعوركم بضرورة تواجدكم حول أمك، وقربكم منها هو شعور غاية في النبل، والاعتراف بالجميل.. ولكني آمل منك -خاصة وأمك اجتماعية كما هو واضح- أن يكون لك دور، وأن تحرضي من يعقل إخوتك على ممارسة مثله في إشعار أمك (العمق) أنكم لا تزالون بحاجة (ماسة) إليها، وأنكم لا تتخيلون أنفسكم دونها، وأنكم تسألون الله تعالى -دائماً- أن يمد في عمرها، ويفترض ألا ينتهي الأمر عند هذا الحد، وإنما تحاولون استشارتها، خاصة فيما تعلمون مسبقاً رأيها فيه، ثم تثنون على رأيها ذاك.
كما أنه من الجميل تذكيرها بماضيها (الجميل) ، وكيف أنها -حين كانت شابة لم تكن في مثل كسل شابات هذا (الوقت) !!، وكيف كانت (فائقة) في الكلام والتأثير، وفي جوانب كثيرة، مما كان يستدعي إعجاب الآخرين بها، والتفافهم حولها، وقربهم منها. وأن (الكثيرين) لا يزالون يحبونها، ويتمنون القرب منها، لكن ظروف الحياة، ومشاغل الناس، وتباعد الديار لا يتيح لهم فرصة التواصل.
بنتي الكريمة: لعلك تلاحظين أن كل ما ذكرته لا يحتاج إلى (تبضع) ، ولا يترتب عليه دفع (فواتير) ، وكل ما يحتاجه لون من (ترويض) النفس! وباختصار فالذي يبدو لي أن والدتك -التي كانت يوماً ما في (عين) العاصفة وبؤرة الاهتمام، ثم رأت بعينها أن (جليد) ذلك الاهتمام مستمر في الذوبان، وأن دوائر الاهتمام بدأت تضيق، لتجد نفسها (شبه) وحيدة في بيتها، ولتثور من داخلها (عاصفة) حنق على نفسها ومن حولها -هي بحاجة إلى من يعيد لها (شريط) الذكريات، ويشعرها بـ (قيمة) وجودها العائلي والاجتماعي من جهة ثانية، وأعتقد أنك بإذن الله- من خلال ما سبق التحدي أمامك- قادرة على القيام بدور (كبير) معها.. ليبقى السؤال في المستقبل: هل ستفيدين من (درس) أمك بين أولادك في المستقبل!؟ أعانك الله على بر أمك، وفقك وإياها الصراط المستقيم.(20/435)
الديون أثقلت كاهلي
المجيب د. رفعت فوزي
رئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 26/09/1426هـ
السؤال
أنا في حالة ضغط نفسي مستمر لكثرة الديون علي، مع أني -ولله الحمد- ملتزم بديني ومحافظ على صلواتي، وعازم على سداد جميع ديوني، لكن أصحاب الديون لا يصبرون، وهم معذورون فهذا حقهم. فماذا أفعل في هذه المشكلة التي تؤرق علي حياتي؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حقاً -أخي الكريم- إن "الدَّين" هو من أثقل هموم العبد، وهو سبب لكل أرق، ومما يزيده هماً وحزناً أن يقع المدين تحت إلحاح طالبي الحقوق، لذلك -يا أخي- قضى الله دينك- وردت أحاديث كثيرة في التحذير من الاستدانة إلا ما اضطر المرء إليه، لكن لا يصح أن يجاري الإنسان شهوة الاستدانة بداع أو بغير داع، وكونك مهموماً بقضاء دينك ومؤرقاً بسببه فهذا يدل على حرصك على سداده، وإلا لما اهتممت أو لماطلت، فعليك أن تعلم أن العبد إذا اتقى الله وأراد أن يأخذ مالاً ليرفع ضيقاً عن نفسه وأهله، وصدق العزم في رده عند تيسره لقي من الله الفرج بعد الشدة، واليسر بعد العسر، قال الله تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً" [الطلاق: من الآية4] .
وقال تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ" [الطلاق: من الآية2- 3] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أخذ أموال الناس يُريدُ أداءها أدّى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله" رواه البخاري في صحيحه، (5/54)
لذلك عليك -أخي الكريم- أن تجعل سداد الدين همك الأول، وتحاول ترتيب نفسك على ذلك بنية خالصة، وعزم لا يقبل التردد، مع الدعاء والاستعانة بالله تعالى من قبل ومن بعد.
وإن مما يساعد على تقليل الديون -بل القضاء عليها- التخطيط لسدادها والجدولة الشهرية لذلك، سدد بالتقسيط ولا تستقلل المدفوع، وهذا أدعى أن يُذهب عنك همها وغمها وسيجعلك تشعر ببعض الرضا، وسيقلل كثيراً عنك تأنيب الضمير.
وقد جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- "لو كان لي مثلُ أحد ذهباً ما يسرُّني أن لا يُمرَّ عليَّ ثلاثٌ وعندي منه شيءٌ إلا شيءٌ أرصدُهْ لدين" رواه البخاري في صحيحه (5 /55) .
وكذلك لا تتحرج من قبول الزكاة لتقضي بها دينك، فأنت من مصارف الزكاة "الغارمين"، فالحرج كل الحرج من قبول مذلة الدين لا من قبول الزكاة، وعلى مثل هذا أفتى الشيخ محمد العثيمين - يرحمه الله - بقوله: "إن الإنسان إذا بلغ به الحد إلى الحاجة الملحة للزواج، وليس عنده شيء، وليس له أبٌ ينفق عليه ويُزوِّجُه فإن له أن يأخذ من الزكاة، ويجوز للغني أن يُعطيه جميع زكاته حتى يتزوج بها ... ".
كما نذكِّر أصحاب الديون، أو من يستطيع قضاءها عنك تعاوناً على البر وتنفيساً للكرب، نذكرهم بقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: "من نفّس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة". والله أعلم.(20/436)
ملل من الدراسة.. وضغوط الحياة!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 2/8/1422
السؤال
أخي مشرف نافذة الاستشارات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعد..
إخواني يا من تقرأون مشكلتي أنا بحاجة شديدة إليكم وفعلاً أن محتاجكم فأفيدوني بما تستطيعون وجزاكم الله خيراً..
مشكلتي.. أنا طالب في الثانوية العامة وأعاني من (خربطه) في الدراسة ولا أستطيع التركيز على الدراسة والمتابعة مع المدرس أثناء الشرح ولا أستطيع في بعض الأوقات أن أتمالك نفسي عن الغضب..أشعر أن هناك شيئاً ما يكرهني في الدراسة.. أكرهها ولا أحبها وأشعر أني أحمل هموم كثيرة من الصعب معرفتها.. لا أعرف ما مشكلتي مع الدراسة رغم أنني في السنوات الماضية كنت أواظب على الدراسة ومن المتفوقين.. أشعر أن لا أحد يفهمني ويفهم مشكلتي أرجو المساعدة لأننا بعد فترة سندخل الامتحانات ولا أريد أن أكون هكذا.. أصف نفسي بأنني مجرد (مجنون نفسي)
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،، وبعد..
أخي الكريم.. أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما تعليقي على استشارتك..
أولاً: كثرة الغضب.. وعدم السيطرة على النفس.. ربما كان نتيجة (ضغوط نفسية) معينة.. فهل سألت نفسك بصدق ما هي هذه الضغوط؟! .. احضر ورقة وقلم.. واسأل نفسك السؤال السابق.. ثم أجب بالتفصيل.. ((كتابة)) وناقش كل فكرة لوحدها.. وستكشف أن كثيراً من هذه الضغوط لا يستحق حتى مجرد ذكره..!! ولكن لأنه تجمع مع غيره في أعماقك.. شكل لك ذلك الهاجس وأزعجك بدون أن تعرف سبباً حقيقياً لكل ذلك..!!
ثانياً: الدراسة عموماً.. ثقيلة على البعض..!!! بسبب الكثير من الالتزامات فيها مثل الحضور والانصراف وبعض الواجبات.. وغير ذلك..!! ولكن تأكد أن ذلك إحساس الآلاف مثلك سابقاً ولاحقاً.. ومع ذلك كيفوا أنفسهم.. وسارت بهم الأيام وتخرجوا وتزوجوا.. ورزقوا بالأبناء.. وهكذا.. ولذلك لا تعتقد أنك الوحيد الذي يعاني.. بل وازن أمورك.. وانظر للأشياء الإيجابية في حياتك.. وتأكد أن الحياة مليئة بالمنغصات..! ولا اعتقد أن الدراسة من ضمنها بأي حال من الأحوال فتعامل معها على هذا الأساس كرسالة واجبة التحقيق
ثالثاً: أتمنى لو وضعت لنفسك جدولاً تنظم به وقتك.. بين المذاكرة وممارسة بعض الهوايات.. والالتقاء بالأصدقاء والالتزام بهذا الجدول.. بشكل يومي.. وستجد أنك قد لحقت بالقافلة.. وأصبحت ممن يشارك داخل الصف.. وبالتالي أحسست بقيمة الدراسة وبقيمتك داخل المدرسة.. لأن الإحساس بعدم الفهم والاستيعاب وعدم مسايرة الزملاء يخلق في داخلك هذا الملل.. فتخلص من ذلك وستجد النتيجة.
رابعاً: حبذا لو كان لك داخل المدرسة دور ما.. في النشاط أو الإذاعة أو إحدى الجماعات الأخرى.. فالمشاركة إيجابية في جميع النواحي.
خامساً: حافظ أخي الكريم على أورادك اليومية.. وقراءة شيء ولو يسير من القرآن.. والمحافظة على الصلاة في أوقاتها وستجد نتيجة ذلك سعة في الرزق وانشراحاً في الصدر وتوفيقاً دائماً.
سادساً: اقترب من والديك.. وبرهما واسألهما الدعاء لك بالتوفيق والسداد.. وأكثر أنت أيضاً من الدعاء.. فالله قريب مجيب.
سابعاً: عليك باختيار ((رفقة صالحة)) تدلك على الخير وتعينك عليه.
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(20/437)
أرتبك عندما أتكلم أمام الناس!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 18/4/1422
السؤال
مشكلتي حفظكم الله هي الخوف من مواجهة الناس في حالة أن أكون متحدثاً فقط حيث أنني أتلعثم في الكلام وتزيد دقات قلبي وأشعر أن الجميع يراقبون تصرفاتي وأنهم يشعرون بما أعاني منه وقد ذهبت إلى طبيب نفسي صرف لي دواء له بعض التأثيرات الجانبية مثل كثرة النوم واحتباس البول - أكرمكم الله - استمريت في أخذه مدة ثلاثة شهور تقريباً ثم تركته علماً بأني شعرت بنوع من التحسن ثم صرف لي الدكتور دواء آخر يستعمل عند اللزوم واستمريت في أخذه فترة أطول إلى أن وجدت أن مفعوله بدأ يقل فوصف لي الدكتور علاج آخر يقول أن مفعوله أشد من الدواء الأول إلا أني لم ألحظ ذلك بعد ذلك توقفت عن زيارة الدكتور وحالتي لم تتغير وما زلت أبحث عن حل لذا كتبت إليكم راجياً من الله أن أجد لديكم ما يفيدني وجزاكم الله خيراً..
ملحوظة: أنا الآن على وشك التخرج من كلية مستلزمات التخرج فيها التطبيق العملي - التدريس - لذا أرجو منكم سرعة الرد والله يحفظكم..
الجواب
أشكر لك ثقتك.. وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد في الدين والدنيا.. بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه: -
بداية الجواب:
أولاً: أعانك الله.. على ما أنت فيه.. وإن كان ولله الحمد لم يصل إلى حدود " الرهاب الاجتماعي " أو الخوف الاجتماعي المرضي.. ولكنه أحد أعراضه..!! فالخوف الاجتماعي.. يعني الخوف من مواجهة الناس ومقابلتهم.. وقد يتطور إلى اعتزالهم كلياً.. وربما تنقطع الكثير من مصالح الإنسان وتضيع عليه الكثير من الفرص بسبب هذا الخوف..!!
أما أعراضه.. فتشمل جفاف الحلق.. وزيادة خفقان القلب.. واحمرار الوجه.. واللعثمة في الكلام.. والتعرق وزغللة النظر.. وشئ من الدوار.. واحياناً الشعور بعدم القدرة على الاستمرار واقفاً.. وربما الغثيان!!
ثانياً: صعوبة الحديث أمام الناس.. هي أحد أعراض الخوف الاجتماعي كما أسلفت.. وهي منتشرة في مجتمعنا بدرجة كبيرة.. اكثر مما تتوقع.. ربما بسبب عوامل كثيرة اجتماعية وتربوية..!! ولكنه ـ بفضل الله ـ يمكن تخفيفها أو التخلص منها إلى حدٍ كبير.. وللشخص الذي يعاني منها دور كبير وحاسم في علاجها.(20/438)
ثالثاً: للأفكار المسيطرة علينا تأثير كبير على سلوكنا.. فكما نفكر نكون.. ولذلك تأمل نفسك.. تجد انك كثيراً ما تحدثت بطلاقة أمام بعض الناس.. ولم تتوقف أو تتلعثم..!! بغض النظر عن هؤلاء الناس.. هل هم أقارب أو زملاء.. صغار أو كبار.. وهذا بسبب انك منشغل عن نفسك.. وعن تغذية عقلك الباطن بأفكار سلبية حول خوفك من الفشل والإخفاق أو الخطأ.. وبما يقولونه عنك.. ويتأملونه فيك.. وتقييمهم لك.. ورضاهم عنك..!! أقول منشغل عن كل ذلك بأفكارك وبما تطرحه وتقوله من وجهة نظر.. أو حكاية ما.. أي أن أسلوبك وطريقتك النفسية هنا " هجومية " إن جازت العبارة..!! وبمجرد أن تتراجع قليلاً إلى الأسلوب " الدفاعي " فتنشغل بنفسك.. عنهم.. وبما قد يقولونه عنك.. عما تقوله أنت لهم.. وبرضاهم عنك وتقييمهم لك.. وتحاول تفسير نظراتهم.. ولفتاتهم..!! تتشتت قواك.. ويتم اختراق خطوطك الدفاعية وتضطرب.. وتتراجع و.. تنهزم!!!
إذاً.. المسالة واضحة.. نحن الذين نتحكم إلى حد كبير في هذا الأمر.. أما أن ننطلق واثقين بأننا إن لم نكن من احسن الناس فلسنا أسوأهم وبأننا لسنا اقل قدراً وقدرة من الآخرين.. وبأن الناس مشغولون عنا بأنفسهم.. وبهمومهم.. وأما أن نحاصر أنفسنا ـ كما أسلفت ـ ونحمل الأمور والمواقف.. والكلمات اكثر مما تحتمل.. فنتراجع وننهزم حتى قبل أن ندخل المواجهة!!!
رابعاً: حاول ـ أخي الكريم ـ منذ الآن أن تتدرب على الحديث أمام الآخرين بالتدريج.. مثلاً: ابدأ بأقاربك وزملاءك.. وابدأ بأعداد قليلة حتى لو كانوا واحد أو اثنان.. ولا تجعل حديثك يتخذ طابع الرسمية.. بل اجعله حديثا ًودياً.. تناقش معهم من خلاله فكرة أو تطرح قضية ... أو تروي لهم واقعة.. وهكذا.. ولا تنشغل كثيراً بنفسك أمامهم....
بل ركز على ما تقول.. لا على ما قد يقولونه أو يفكرون فيه.. أو ما قد يضنون..!! وإياك وأن تنشغل بالخوف من الخطأ.. أو النسيان.. لأن العقل الباطن هنا يترجم هواجسك السلبية إلى واقع ينفذه عقلك الواعي.. فتخطئ فعلاً.. ولذلك قالوا.. [لكي تنجح لا بد أن تتخيل نفسك ناجحاً..] وتفسير ذلك أن التفكير الإيجابي يدفع ويحفز الداوفع الإيجابية للعطاء أو النجاح.. بعكس التفكير السلبي!! وهب أنك أخطأت في كلمة أو جملة أو نسيت عبارة!!؟ الأمر عادي جداً.. لن ينقصك.. ولن يقلل من قيمتك.... إلا بقدر ما تسمح له أنت بذلك.. فلا تعطه اكثر من حجمه.. وتعامل معه بشكل عادي وتدرج بعد ذلك.. من ناحية الكم والكيف.. وستفاجئك النتيجة.. وهي نتيجة إيجابية بإذن الله.
ولا يعني ذلك انك في يوم وليلة.. ستكون خطيباً مفوهاً يهز المنابر.. أبداً رغم أن هذا وارد..!! ولكن المهم هنا هو ألا تصبح هذه المشكلة حجر عثرة أمامك.. وقد تتطور بشكل سلبي إلى ما لا تحمد عقباه!!
خامساً: الناس يا عزيزي.. لا يعرفون ماذا يدور بخلدك..ولا يشغلهم هذا الأمر كثيراً.. وحتى لو أرادوا معرفته ما استطاعوا.. وبعضهم ينظر إليك.. وقلبه وفكره في مكان آخر..!! وبعضهم قد يجد لو وقف موقفك أضعاف أضعاف ما تجد..!! فلا تعطي هذا الأمر اكثر مما يستحق!!(20/439)
سادساً: هناك العديد من الأدوية النفسية التي تنفع في مثل هذه الأمور.. والأهم منها هو العلاج السلوكي المعرفي.. وفنيات تعديل السلوك..والاسترخاء وهي أمور يحددها.. ويساعد عليها الطبيب النفسي وكثيراً ـ بل وغالباً ـ ما تؤدي نتائج إيجابية.. شريطة التزام المراجع بتوصيات الطبيب.. وتحتاج إلى وقت لتؤتي ثمارها.
سابعاً: مسألة " الوظيفة " والتدريس.. فصدقني.. ما تجده وتشعر به من تخوف حيالها..وحيال التطبيق العملي الميداني فيها.. قد وجده عشرات الآلاف قبلك..!! ولا أبالغ هنا.. فهذا أمر طبيعي.. يتخوف منه الإنسان في البداية..وهناك مئات القصص الطريفة التي يرويها أصحابها عن تلك التجربة..!! ولكن ثق بأنك ستتجاوزها بعون الله.. وستتذكرها مع الوقت.. وتتعجب كيف أعطيتها كل هذا الاهتمام.. والترقب.. والوجل.. وهي في النهاية أمر عادي..!! فكن على ثقة كبيرة من ذلك.
ثامناً: أخيراً لا تنسى أخي الكريم.. الالتجاء إلى الله بقلب حاضر ودعاء صادق.. بأن يعينك ويوفقك ويسدد على طريق الخير والحق خطاك. فهو تعالى المستعان.. وعليه التكلان.(20/440)
أشعر بملل وأفضل الوحدة ... وعصبي!!
المجيب د. سيد زكي خريبة
استشاري صحة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 29/4/1422
السؤال
مشكلتي أنني دائماً اشعر بملل وطفش ولا أحب أحد يكلمني ولا أحب كثرة الاجتماع مع الناس وأحب أجلس كثيراً لوحدي وأحياناً أعصب على من يكلمني بدون أن أرغب في ذلك وحتى الوالدة اعصب معها رغم أنني رحيم بها ولكن غصب عني..أرجو الرد والله يرعاكم ويحفظكم من كل مكروه.
الجواب
كنا نود أن نعرف أشياء أخرى قد تساعدنا على وضع واختيار حلًّ أمثل لمشكلتك بين حلول كثيرة مثل: العمل - الدخل - الحالة الاجتماعية - عدد الأولاد لأنه قد يكون أحد هذه العوامل هو الذي يسبب لك ما يعرف بضيق الصدر واعتزال الناس ويسبب لك العصبية.
وعلى سبيل المثال قد تكون لا تعمل ولديك زوجة وأبناء ووالدتك ومسؤوليات الحياة كثيرة ولا تجد وسيلة دخل تنفق على هؤلاء وبالتالي الفراغ يسبب لك الملل والسأم ويجعلك عدوانياً نتيجة عدم وجود ما يسد احتياجات الأسرة.
وقولك حتى الوالدة تتعصب عليها رغم أنك رحيم بها - فكيف يا صديقي العزيز يكون الإنسان رحيم بأمة وفي نفس الوقت يتعصب عليها (إنها تناقضات في الوقت نفسه) .
الأخ العزيز: كن على علاقة قوية بالله واستغفر ربك واطلب من والدتك الصفح الجميل واجعلها تدعوا لك ونل رضاها - فرضا الوالدين من رضا الله.
وإذا كنت غير محافظ على الصلوات - فاستغفر لذنبك وابدأ من اللحظة في الحفاظ على الصلاة فإنها وسيلة علاجية استرضائية تجلب الأمن والاستقرار النفسي للإنسان وتزيل العنف - وإذا كنت لا تعمل فابحث عن عمل مهما كان الأجر وكان درجة الراتب فلا بد أن تعمل حتى تستثمر وقت فراغك وفي نفس الوقت تستطيع الإنفاق على أسرتك وبالتالي تخفف عليك ضغوط الحياة وستشعر بإذن الله بالرضى النفسي وستصبح شخصاً طبيعياً وستذهب عنك كل مشاعر الضيق التي كانت تدفعك للعصبية.(20/441)
تقلبات نفسية ... متعاقبة!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 6/5/1422
السؤال
هل يمر الإنسان بدورات نفسية متعاقبة ليس لها علاقة بالظروف؟
الجواب
نعم يا أخي الكريم الإنسان في هذه الحياة معرض لتقلبات ودورات نفسية وصحية واجتماعية متعاقبة..!! قد يكون لها أسباب واضحة ووجيهة.. وقد لا نجد لها تفسيراً شافياً وكافياً ومناسباً ... !!
أما تفسير الأمور الاجتماعية.. والصحية ... فهو أيسر إلى حد كبير لوضوحها ـ النسبي ـ تقريباً.. ولتأصيل دراستها.. وأسبقيتها مقارنة بالدراسات النفسية..!! ولغرابة النفس البشرية.. وعمقها.. واتساعها بشكل كبير.. لم يعرف منه حتى الآن ـ رغم الدراسات العلمية.. والبحوث الدقيقة.. التي تجري منذ عشرات السنين.. وحتى الآن ـ إلا اقل القليل..!!! وهناك فرضيات ونظريات هائلة حول النفس البشرية ... مازالت قيد الدراسة والتجريب.. تتثبت إلى أي مدى.. سعة هذا العالم الداخلي.. ودقة صنعه.. وأسراره العظيمة.. وقدراته الفذة..!! " فتبارك الله أحسن الخالقين".
ولذلك فوجود الدورات النفسية المتعاقبة ـ كما أسميتها أنت ـ شيء وارد.. وطبيعي.. فعالمنا الداخلي عالم هائل ـ كما أسلفت ـ بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى..!!؟ ومشاعرنا لها مد وجزر..!! بل ولها تقلبات تشبه أحياناً تقلبات المناخ..؟!!
فقد يصبح الجو حاراً.. (وهو هنا انزعاج وغضب صامت..؟! إما لسبب واضح أو خفي..؟!) ... أحيانا يصبح الجو عاصفاً ومزمجراً..!! (وهي هنا ثورة الغضب الظاهرة.. والمعبر عنها بشكل أو بآخر..!؟!)
وأحياناً يكون الجو بارداً حد الصقيع..!! (وهو هنا الحزن العميق.. الصامت..!! والفراغ النفسي الذي يجعلنا نلملم أطرافنا وننكمش.. بانتظار الدفء العاطفي..!!)
وربما تراكمت الغيوم.. والسحب الثقيلة.. (وهي هنا الضغوط النفسية الهائلة.. التي قد ندرك مصدرها واسبابها.. وقد لا ندرك ذلك..؟!)
وقد تمطر تلك السحب بغزارة..!! (وهي هنا الدموع..!) فتعود السماء الى الصحو مرة أخرى..!! وقد تصبح الأجواء ربيعية.. هادئة.. (وهي هنا الارتياح الكامل. . والرضى.. والثقة بالنفس.. والإقبال على الحياة..)
وهكذا..
أما لماذا هذا التقلب الغريب..؟! وكيف يحدث..؟!! ففي الظواهر الطبيعية والمناخية.. درسوا وعرفوا كثيراً من الأسباب.. واصبحوا يتوقعون بعضها.. قبل حدوثه..!!
واما في الظواهر النفسية "فما زالوا يدرسون" ويختبرون.. ولكن النفس البشرية اكثر تعقيداً من الظواهر الطبيعية..!! فلم يعرفوا بعد الا القليل.. بل والقليل جداً..!! وربما أجادوا في وصف الأعراض.. أخفقوا في معرفة الكثير من الأسباب!!(20/442)
ومن اقرب التفاسير التي ذكرت لهذا " التقلب" النفسي الغريب الذي يحدث أحياناً لدينا.. ولا نعرف له أسباباً.. ولا مصدراً..!! هو أن"العقل الباطن" للإنسان.. له إمكانات هائلة على التقاط الأشياء وتوثيقها لديه بطريقة معينه. قد تخلو من الترتيب أو التصنيف العقلاني..!! وبالتالي.. ومع الوقت تتراكم الكثير من الأشياء.. وتزدحم الرفوف بكم هائل من المواقف العابرة.. التي نسيناها " بعقولنا الواعية"!!؟ وفجأة تثقل كاهلنا.. وتضيِّق مجال الرؤية " الصافية " لدينا..فنتضايق.. وقد نحزن.. بدون أن نعرف أسبابا واضحة لكل هذا..!!
والحل:
هو بمعرفة هذه الآلية الغريبة لعلاقة " العقل الواعي " بـ " العقل الباطن" لدينا.. وتفهم هذا الأمر.. وعدم إعطاء الأمور أكثر من حجمها.. بل تتبعها بجلسة هادئة مع النفس.. وتصنيفها.. واعادة ترتيبها.. ووضع كل منها في حجمه الطبيعي.. ومكانه المناسب..!! وعدم الانشغال بها كثيراً ... لأنها ستزول في النهاية..!! والتنفيس الانفعالي بطريقه المختلفة!!
والفرق بين الناس هنا.. كبير في منهجيتهم للتعامل مع مثل هذا الأمر ... فالبعض يتعامل معه كما أسلفنا ويثق أنه زائل ولا يفقد لأجله ثقته في نفسه..!! وبالتالي ـ فعلاً ـ تتعاقب الدورات.. وتنتهي.. وهو يسير بهدوء غير آبه بها..!!
والبعض الأخر.. لا يفهمها كما يجب.. بل يتأثر بها..!! وقد يفقد ثقته بنفسه..بدعاوى أنه إنسان مهزوز.. وغير واثق من نفسه.. وربما هو " مسحور..؟! " أو غير ذلك. فيعطي الأمر اكثر من حجمه.. ويتجنب الناس.. ويحاصر نفسه بمزيد من الأوهام.. وبالتالي يتطور الأمر لديه إلى مشكلة حقيقية.. تحتاج ـ فعلاً ـ إلى علاج.
والله تعالى اعلم. وهو الهادي والمعين.(20/443)
هل أنا مريضة.. نفسياً؟؟
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 1/5/1422
السؤال
هل أنا مريضة.. نفسياً..
لا أحب الناس ولا مقابلتهم أيا كانوا أو إذا قابلتهم أشعر بضيق شديد وملل وسكوت ومجاملة. وإن أحببت أحداً أو تقربت أنا منه أشعر بعدها فوراً بنفور منه علما أني لا أحب الناس بسرعة. وأكثر الناس وخصوصاً في العمل يصفونني بالعقل ورجاحة الرأي لكني أشعر بتعب مستمر في نفسي وعدم لذة لأي شيء في الحياة مهما كان جميلاً حتى السفر لا يغير في نفسي شيئاً وكل شئ أشعر أنه عبء ثقيل علي حتى عمل المنزل أو زيارة أو نزهة أو حتى سماع فكاهة.
الجواب
اشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد..
وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
بالنسبة لاستشارتك. فتعليقي عليها من وجوه:
أولاً: هناك مرض نفسي.. وهناك اضطراب نفسي.. وهناك خلل نفسي.. منها ما هو دائم ومنها ما هو وقتي.. وبعضها عميق وبعضها سطحي.. والناس يتفاوتون في تقبلهم وتأثرهم واستجابتهم.. وعلاجهم في كل منها..!! ولذلك فإن مسألة إن كنت مريضة نفسية أم لا..؟! لا يجاب عليها ببساطة.. بل لا بد من الفحص الاكلينكي والتشخيص..وإن كنت أرى في أسلوبك ووصفك لمشكلتك اتزان ونضج واضحين.
ثانياً: يظهر لي والله أعلم.. أن مشكلتك.. تكمن في منظارك للحياة والناس.. حيث تنظرين إليهم بمنظار قاتم.. جعل الأشياء تبدو في عينيك قاتمة مملة.. سيئة..!! فحصرت نفسك في دائرة ضيقة من الرفض والنفور والملل..!!؟ ومن ثم التعب.. وانعدام اللذة.. ففقدت الحياة لديك طعمها وتشابهت ألوانها ومع مرور الأيام تزداد قتامة الألوان.. حتى تغطي نور الشمس. وهنا مكمن الخطر..!!
ثالثاً: أختي الكريمة.. الناس يتوقفون عندك للحظات وربما أيام.. فإذا لم يجدوا ترحيباً ومشاركة وجدانية غادروا إلى محطات أخرى.. ومع الوقت تبقي وحيدة. فتجتمع لديك قتامة الرؤية.. ومرارة الوحدة وهما ثنائي قاتل أعاذنا الله وإياك منه..!! ولذلك فلا بد لك.. من الخروج من تلك الدائرة الرمادية الضيقة التي حصرت نفسك فيها إلى دوائر أخرى اكثر سعة وانشراحاً.. وأنت بإذن الله قادرة على ذلك.. فشاركي الآخرين اهتماماتهم ومناسباتهم وحواراتهم.. وكوني صاحبة مبادرة إيجابية هنا أو هناك.. وقابلي الآخرين دائماً بوجه بشوش غير عابس.. وسترين كيف ينعكس ذلك كضوء في نفسك.. فتنشرح.. وتتفاءل وتقبل على الحياة غير عابئة بأحزانها..!! وفقك الله وسدد على طريق الحق والخير خطاك.(20/444)
فقدت كل شيء حتى الأمل..!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 10-5-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:-
امرأة مؤمنة بقضاء الله وقدرة ولله الحمد.. وعلى الرغم مما أصابها من مصائب ومعاناة من موت والدها رحمه الله وبعض أبناءها جعلهم الله شفعاء مقبولون في فترة وجيزة بين كل واحد والآخر.. إلا أنها صبرت واحتسبت الأجر من الله تعالى ولكن مازالت تشعر بخواء في قلبها ورغبة في ترك هذه الدنيا عاجلاً غير آجل.. وما أكثر الليالي التي بكت فيها رغبة في الموت.. ليس يأسا والعياذ بالله بل كرهاً في الحياة وحبا في لقاء الله عز وجل لأن هذه الدنيا ليس فيها خير.. قد تقول أنها على خير، نعم هذا صحيح ولكن نفسيتها هذه منعكسة على بيتها وأولادها فهي حزينة غالب الوقت دمعتها جاهزة لأدنى شيء، قوة تحملها تغيرت، أصبحت تكره عملها تريد الخلاص من كل شيء حولها تريد وبصدق الموت لتنتهي من هذه الحياة الملعونة التي لعنها الرسول صلى الله عليه وسلم. تشعر أنها متشائمة نوعا ما عندما يكلمها زوجها عن أحلامهم المستقبلية تشعر أنها لن تعيش حتى ترى تحقق هذه الأحلام..!!!
فتبكي وتبكي من حولها ليس خوفا بل رغبة وتأكيدا للقاء الله عز وجل مما جعل زوجها يخاف عليها كثيراً هي دائماً تردد لزوجها أنها تعلم أنها لن تعيش طويلاً وهذا الإحساس فعلا يراودها في جميع أوقاتها..
لا أعلم هل هي بهذا الإحساس إنسانة سوية؟ أم تعاني من مشكلة ما؟
هي تقول أن طريقها واضح أمامها وهو الموت على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله أفيدونا مأجورين؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
أختي الكريمة اشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولاً: الحمد لله على كل حال.. على نعمه الظاهرة والباطنة وأهمها نعمة الإسلام.. نسأل الله الثبات عليه حتى الممات.
ثانياً: أذكرك - أختي الكريمة - بحديث المصطفى صلوات الله وسلامه عليه حيث قال [عجبت لأمر المؤمن أن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر.. فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.... الحديث] ثم إنه جاء في الأثر أن الله تعالى قد يريد للعبد مكاناً ودرجة رفيعة في الجنة لن يبلغها بعمله فيبتليه في المصائب رفعة لدرجته.. فالله الله في الاحتساب فأنت - فعلاً - على خير عظيم.
ثالثاً: ما تذكريه من أعراض يؤكد لي أن ما تعانين منه نوع من أنواع الاكتئاب وهو الحزن العميق الدائم.. وبفضل الله فإن لهذه المشكلة علاج دوائي مجرب وفعَّال.. فلا بأس من مراجعة أحد العيادات النفسية المتخصصة.. ومثل هذه الحالة تتكرر كثيرا ًفي مثل ظروفك.. وعلاجها بفضل الله - كما أسلفت - يسير.. ولا تعارض هنا بين الصبر والاحتساب وبين طلب العلاج.(20/445)
رابعاً: لا بد أن تخرجي من دائرتك الضيقة إلى أخرى أكثر سعة.. وهذا مطلب ضروري في مثل حالتك.. فشاركي الآخرين في مناسباتهم وأفراحهم.. وتفاءلي.. بالخير والسعادة.. وستجدينها ماثلة أمامك بإذن الله.. وحاولي أن تقبلي على عملك بحماس واحتساب فهو رسالة تؤدينها وتؤجرين عليها.
خامساً: هناك ما يسمى " بقانون الجذب " ومعناه أن الأفكار الحزينة تجذب الحزن الدائم.. والأفكار السعيدة تجذب السعادة.. ولا تعارض البتة بين أن تكوني سعيدة.. ومتفائلة.. وبين شوقك إلى لقاء الله.. جمعنا الله وإياك ووالدينا في الفردوس الأعلى من الجنة.
سادساً: الله.. الله بالدعاء وكثرة الاستغفار فقد جاء في الحديث [من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب]
اسأل الله العلي القدير أن يفرج هم المهمومين ويفرج كرب المكروبين وأن ييسر لك أمرك ويعينك ويوفقك ويسدد خطاك.(20/446)
حب الانعزال عن الآخرين
المجيب د. سيد زكي خريبة
استشاري صحة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 22-9-1423
السؤال
السلام عليكم وحرمة الله وبركاته وبعد
أنا شاب ولله الحمد والمنة على دين وخلق وراتبي جيد ولله الحمد ولا ينقصني شيء إلا الزواج حيث عمري كبير ولم أتزوج وتأخرت فيه لأنني بعض الأيام يأتيني تفكير في أمور زواجي وأقول إنه ارتباط ومسؤولية كبيرة وأنا لا أحب المسؤولية، حتى في العمل أتهرب منها، وتأتيني بعض الوساوس وضيقة الصدر مما جعلني أحرص كل أسبوع في نهايته أسافر إلى خارج المدينة التي أسكن فيه ولا أجلس مع الأهل. وأنا أحب السفر وحدي بعيداً عن المشاكل من الإخوة. أريد الإجابة على هذا الموضوع.
وفقكم الله
الجواب
الأخ الكريم ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم"
أنت بحاجة إلى التفكير بوضوح في مشاعرك، وأول خطوة في التغلب على هذه المشكلة أن تدخل عنصراً من التفكير العقلاني والمنطق إلى استجابتك حين ما تأتي فكرة الزواج.
إنك بحاجة إلى أن تأخذ خطوة سيكولوجية إلى الخلق وأن تتأمل نفسك ومن أين جئت للحياة وللوجود؟ وكذلك كل الناس؟
فأنت وكل الناس أتيتم نتيجة ارتباط شرعي بين الأب والأم هدفه في المقام الأول الحفاظ على النوع، إشباع الرغبات بطرق مشروعة، والرغبة في تكوين أسرة وإنجاب أطفال والسعي على تنشئتهم تنشئة طيبة حتى تحقق ذاتك من خلال إنجازاتك في الوجود.
الأخ العزيز أما ما ذكرت بشأن عدم حبك للمسؤولية فلتعلم أنه في بعض الحالات يكون انعدام المسؤولية هو تردد والشخص المتردد قد لا يكون راغبا في تقبل المسؤوليات التي هي جزء لا يتجزأ من كل أمور حياته (الهروب من العمل) وعدم الرغبة في تحمل المسؤولية.
الأخ العزيز إن من أسباب عدم الرغبة في تحمل المسؤولية الخوف من الفشل وعدم الثقة الكافية بالنفس، والاعتقاد الخاطئ بأن القرارات نهائية ولا رجعة فيها وهو ما بدا واضحاً في قولك أنه يأتيك بعض الوساوس وضيق الصدر حينما يأتيك التفكير بشأن الزواج وتحمل المسؤولية، وهذا أكبر دليل على خوفك، ولنا أن نقرر أن الخوف من المسؤولية هو أحد أسباب ترددك وهذا بالطبع صحيح. لأنك إذا نجحت فإن النجاح سيجلب معه مجموعة كبيرة من المسؤوليات والفرص والمخاطر الجديدة.
الأخ العزيز أرجو أن تسأل نفسك هل لك شخصية قهرية:؟
هل تميل إلى التنظيم في حياتك تنظيماً زائداً؟
كن على وعي بأن جذور ترددك من الخوف من المسؤولية الخاصة بالزواج تقع في ذلك السلوك (عدم تحمل المسؤولية والخوف منها) وهذا على المدى الطويل يكون غير فعاّل ويؤدي إلى الإضرار بالذات (ذاتك) .
- تحمل مسؤولياتك كرجل تبلغ كما قلت من العمر 34 عاماً لأنك في النهاية سترتبط بها على أية حال. إذن لماذا تهرب منها أو تدور في دائرة مغلقة؟ أو تهرب من العمل خشية المسؤولية فهذا كله خوف من الفشل.
-إن أمرك يتطلب شجاعة في تقبل بعض الأثقال التي تضعها الحياة على الأكتاف وعلى أي حال طالما تجمعت لديك الشجاعة على تحمل المسؤولية وتتصرف بلا تردد ستشعر أنك أفضل. ولا تنس الحديث الشريف ("يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر ") فالزواج وقاية عن الانحراف وحصن من الحصون القوية التي تمنع الإصابة بأمراض عديدة.
والله الموفق(20/447)
أحس أنني لا أفكر!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/أخرى
التاريخ 18-11-23
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أحس في نفسي أنني لا أفكر..!! وأحس أن هذا ناتج عن الحسد.. فما هو العلاج؟
جزاكم الله خيراً،،،،
الجواب
أخي الكريم / ...
أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألاّ يجعله ملتبساً علينا فنضل.
أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولاً:- لا أدري ماذا تعني بقولك " أحس نفسي أنني لا أفكر " ولم أستوعب - حقيقة - كيف أنك لا تفكر..!! أو بأي شيء تريد أن تفكر؟ ولماذا لا تفكر..؟! ومنذ متى لا تفكر..؟!! وكيف خالجك هذا الإحساس.. وكيف بدأ معك..؟!!! وما هي الأعراض التي تصاحب هذا الإحساس..؟!!
ثانياً:- لماذا ربطت أخي الكريم ذلك بالحسد مباشرة.. وبدأت تبحث عن علاجه..!! فربما كان ذلك الإحساس وقتي وارتبط لديك بانشغال.. أو توتر.. أو خمول.. لأسباب نفسية أو اجتماعية أو جسدية " وقتية " وسيزول بزوالها..!! وهذا ما يحدث كثيراً لنا.. فإن أي تغير في كيمياء الجسم لأي سبب عارض..يؤدي غالباً إلى تغيرات وتأثيرات " فسيولوجية " (نفسية وجسدية) ولكنها ما تلبث أن تزول بزوال أسبابها..!!
ثالثاً:- الخطورة هنا -أخي الفاضل - ليست ذلك الإحساس العارض.. فهذا مما يتكرر حدوثه لبني الإنسان.. ولكن الخطورة -كل الخطورة- هي تلك الإسقاطات أو التفسيرات التي نسقطها على أنفسنا أو نفسر بها ما يعترينا من نقص أو توتر أو قلق " وقتي " وما قد يعترض طريقنا من أمور " عارضة " "قدرية " وبالتالي ندخل أنفسنا في دائرة من " الأوهام المرضية " التي تبدأ بهاجس أو سؤال.. وتنتهي بمتاهة عظيمة قد لا يخرج منها المرء إلا مثخناً بالجروح والتشوهات النفسية.. وربما لا يخرج منها أبداً..!! فالحذر.. الحذر!!!
رابعاً:- ليكن إيمانك بالله أقوى من ذلك.. ويقينك به أكبر.. وثقتك به أكثر.. وتأكد أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطاك لم يكن ليصيبك وأنه لو اجتمعت الجن والإنس على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك.. فإنهم لن يضروك.. ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك ما نفعوك.. فلقد رفعت الأقلام وجفت الصحف.. كما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي. فأحسن الظن بالله وتوكل عليه والتجئ إليه.. وعليك بقراءة الأوراد الشرعية وأذكار الصباح والمساء.. وأكثر من ذكر الله (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك،،،(20/448)
صديقي ومرض الفصام
المجيب د. محمد الحامد
استشاري الطب النفسي بمستشفى بخش بجده.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 21-7-1423
السؤال
لي زميل في السنة النهائية من الجامعة وقد حصل له تغير مفاجئ مثل الاهتمام غير الطبيعي بالأمور السياسية مما جعله يصل إلى درجة أن يترك الدراسة. .
حالته النفسية تغيرت كثيراً وأصبح يسأل عن المهدي المنتظر كثيراً.. بدأ بالتدخين بعد ما كان من أشد الناس تنفيراً منه، يحس باكتئاب مستديم ويحب العزلة ويشكو ألماً في الرأس.
أرجو المساعدة جزاكم الله خيراً.
الجواب
الأخ الكريم ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم "
يبدو أن صديقك الذي تتحدث عنه يعاني من مرض الفصام وهو أحد الأمراض العقلية والذي يصيب ما نسبته 1% من سكان العالم.
والذي يعاني من هذا المرض تكون لديه بعض الأفكار الخاطئة والتي يكون المريض متيقناً من صحتها وتسمى في لغة الطب النفسي بالضلالات وفي الحالة المذكورة فإن سؤال صديقك المتكرر عن المهدي المنتظر ما هو في الغالب إلى الاعتقاد بأنه هو المهدي المنتظر.
ومن أعراض المرض أيضاً وجود هلاوس سمعية أو بصرية أو غيرها..
والهلاوس السمعية هي عبارة عن سماع المريض لأصوات لا يسمعها غيره.. هذه الأصوات قد تعطيه بعض الأوامر أو تعليق على تصرفاته وقد يفسرها بعض المرضى على أنها وحي من السماء. كذلك فإن المريض يقوم بأفعال غير متزنة مثل ما يقوم به صاحبك من النصح بعدم التدخين ومن ثم يقوم بإشعال سيجاره.
ويصاحب هذا كله تدهور عام في حالة المريض مثل انقطاعه عن العمل أو الدراسة والميل للعزلة والانطواء وإهمال النظافة الشخصية والاعتقاد بأن المجتمع ضده وأن البعض قد يحيك ضده المؤامرات.
عليه أرجو منك يا أخي سرعة عرض صديقك على طبيب نفسي.
فهذا المرض له علاج ناجح بإذن الله.(20/449)
أعاني من أمراض نفسية
المجيب د. نزار بن حسين الصالح
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 25/06/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:
فلدي مشكلة نفسية -أسأل الله تعالى أن يفرج كربتي وكرب المسلمين أجمعين- فقد ابتدأ المرض النفسي معي باكتئاب وانتهى بالخوف والوساوس، وقد بدأ المرض بنوبة الهلع والتنميل ذهبت عند طبيب نفسي وصف لي الدواء وبدأت بتناوله وتحسنت قليلا، إلا أن الوساوس وأفكار الموت وتقلصات عضلية بالجهة اليسرى من الصدر ظهرت، وأفكار شديدة لا أستطيع السيطرة عليها مثل أن أحد أفراد العائلة سوف يموت قريبا أو أخي أو أبي ... ، ذهبت بعدها عند معالج نفسي، بدأت حالتي بالتحسن أكثر فأكثر حتى أنني أنهض في الصباح الباكر وأقوم بصلاة الصبح في موعدها، وذهبت الوساوس وانشرح صدري، والله كنت فرحة ومسرورة بديني إلا أنه كان يؤرقني شيء واحد وهو أنني لست متزوجة بعد، ولكني في الأخير صدمت من المعالج النفسي الذي بدأ يتغزل بي ويجرني إلي متاهات أنا في غنى عنها، هنا عاد المرض أكثر مما كان، وبدأت أختنق في النوم، وجاءت الوساوس، وأخاف من قراءة القرآن وخاصة عند ذكر الموت؛ لأن نفسي لا تكون مطمئنة بل إنني في خوف وانزعاج، هذه مشكلتي باختصار، أما التفاصيل فتحتاج إلى جلسات، أريد من فضلكم توجيهي ووصف العلاج المناسب لحالتي، وأطلب منكم الدعاء لي بتفريج هذه الكربة التي أعاني منها، وفقكم الله وسدد خطاكم وجعلكم في خدمة الإسلام والمسلمين، وجزاكم الله كل خير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
بداية أسأل الله الكريم، رب العرش الكريم أن يفرج كربك، وأن يمن عليك بالصحة والعافية.
في الحقيقة أن القلق والاكتئاب والوسواس من الأمراض النفسية المنتشرة في المجتمعات؛ نتيجة الضغوط اليومية التي نواجهها، وتزداد هذه الأمراض سوءاً إذا لم يقدم العلاج المناسب في الوقت المناسب.
وهي أحسنت لما ذهبت إلى المعالج النفسي الذي ساعدها على العودة لطبيعتها البشرية وحسن تعبدها لله، لكن المشكلة سوء تصرف الطبيب المعالج وقلة خوفه من الله جعل - الأخت السائلة- تنتكس حالتها، وتصبح أكثر سوءً، وكل ما تشعر به من اختناق في النوم والخوف وبرودة الأطراف وغيره هو أعراض للقلق والاكتئاب والوسواس الذي يسيطر عليها حالياً، وهي بحاجة إلى تلقي العلاج المناسب مرة أخرى من معالج - يفضل أن تكون امرأة-، وأن يتزامن العلاج النفسي الدوائي مع العلاج النفسي السلوكي والمعرفي وفق برنامج زمني محدد، ونتائجه - بإذن الله - مشجعة.
في الختام نقول: لا بأس - إن شاء الله- وبتوكلك على الله وأخذك بالأسباب سوف تشفين بمشيئته -تعالى-. والله المستعان.(20/450)
أفضل الهروب على المواجهة
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 06/04/1425هـ
السؤال
أكتب هذه المشاركة وأنا في قمة التعب النفسي، ليس بيدي هذا الشيء، أنا أعرف أنكم ستقولون عليك باللجوء إلى الله والدعاء، أنا مؤمنة بهذا الشيء، ولكن ماذا أقول؟ لا أستطيع التعبير بشكل دقيق عما في نفسي، ظروفي الاجتماعية أكثر من جيدة، لكن هذا الشيء ينبع من داخلي، ولا أستطيع التخلص منه، منذ صغري وأنا أخشى المواجهة، مواجهة أي شيء، أخطائي، مشاكلي، مشاكل الآخرين، أحاول الهروب منها، قديما وأنا صغيرة أهرب منها إلى مستقبل صنعته بنفسي، أنا فيه البطلة! والآن أهرب إلى الماضي، مع أني كنت أكره ذلك الزمن الذي عشته وأتطلع إلى ما هو أفضل، أعرف أنني سأحن فيما بعد إلى هذا الزمن؛ لأنني أشعر أننا مقبلين على ما هو أسوأ من هذا، وربما ستكون حالنا أفضل مما هي عليه الآن، أنا أتكلم عن حال المسلمين وما هم عليه اليوم، قد تقولون أنكِ من المثبطين، لكن هذا شعوري، وأتمنى أن يخيب، أكره الانهزامية التي نحن فيها الآن، وفرض السيطرة من قبل الكافرين، أنهم يريدون أن يطمسوا هويتنا، وسيتحقق لهم ذلك مع الأسف إذا استمر الوضع على ما هو عليه، أتمنى ألا أرى ذلك اليوم، أنا متعبة.
أما على الصعيد الداخلي، فأنا يضيق صدري إذا رأيت أحد من أقربائي مريضاً؛ لا أريد أن أفقد أحداً من أقربائي، قد لا تصدقوني إذا قلت لكم: أنني أخشى لحظات السعادة؛ لأني أعرف أنه سوف تعقبها لحظات تعاسة، وهنا لدي الكثير أود قوله، لكن لا أستطيع؛ أحس أنه بركان، أريد أن أخرجه، لكن شيء ما يمنعه من الخروج، أتمنى أن أجد العصا السحرية التي تنسيني كل أحزاني، قد أعاود السؤال لكم مرة أخرى؛ لأني لم أقل كل ما في نفسي.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أي خاطر أو ضيق مؤلم يمر في النفس عبر أيام حياتها، يكون عادة له سبب ذو علاقة بالاتصال بالله، -أي يكون بسبب تقصير تجاه عبادة معينة-، وأحياناً نغفل ولا نحس بهذا التقصير، ويكون نتاجه ضيق يحيط بالنفس، وقد يمتد معه فترة طويلة، تأتيه على شكل نوبات قلق لأي عارض يطرأ عليه، وأحيانا قد لا يعرف المصدر أو السبب، دائما مفتاح أي قضية، مهما تكن كبيرة أو صغيرة يجب أن تمر عبر الطريق المؤدي إلى الله، وإذا لم يكن هذا الهاجس مغروس في النفس، منذ التعرف الأولي على تفاصيل الحياة من حولنا -مثل معرفة أن السقوط من الدرج قد يؤدي إلى الإصابة بألم - بعدما نعرف بالتلقين أن الله -سبحانه وتعالى- قادر على كل شيء، وإلا ستكون الحياة أشبه بالمقبرة المظلمة.
وقد وضعت نفسك في أول نفق العتمة والغم والهم، عندما ذكرت أنكِ مؤمنة، وتقولين: أعرف أنكم ستقولون.........؟ نعم، هذا هو الطريق الصحيح لتعديل مسار الهموم، وكسح لجليد الغم. والذي أفشل التجربة لديك، باضمحلال سحب الغيوم التي ادلهمت فوق سماؤك، هو حالة التردي والتشكك من هذا المعنى، فلو كان اليقين ضاربا إطنابه في صحراء حياتك لوجدت أن أرضك ستعشب أزاهير الربيع.(20/451)
جربي مرة أخرى، ولكن من طريق آخر، وهو طريق اليقين الصادق بالله، وأنه هو القادر وحده على إزاحة هذه الكوابيس التي أحاطت بالقلب والنفس.
وما هذه الهموم التي تحيط بك من مشاهدة بعض أقاربك عندما تصيبهم بعض المصائب، إلا خوفك من أن تداهمك أنت؛ لأن نفسك صار لديها استعداد لتشرب هذه الهموم، وذلك للحساسية المفرطة، ولأنك صرت مثل الإسفنجية، التي تمتص الهم؛ لأنها خالية من كوابح الدفع اليقيني المرتبط بقبول القضاء والقدر، وقد يظهر في الأفق البعيد من صحراء النفس بوادر علامة استفهام، لماذا هذا؟ أو لماذا يحصل لي أنا بالذات؟!
كما قلت: آمل أن تعاودي مرة أخرى، ولكن بعدما تتأملي ما قلت.
أعانك الله ... والسلام عليكم ورحمة الله.(20/452)
معاناتي تتضاعف عندما أرى معاناة الآخرين!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 27/8/1422هـ
السؤال
مشكلتي هي أنني أعاني نفسياً عندما أرى مريضاً أو ميتاً , فما الحل - في نظركم -؟
الجواب
أيها الأخت الكريمة ...
لا أظن أنه من السليم أن تصفي حالتك بالمشكلة بمجرد أنك تُعانين من أتعاب نفسية حينما ترين مريضاً أو ميتاً، إذ هذا هو الأصل , والمشكلة حقيقة لو كان العكس هو الذي يحصل معك، بمعنى أنك لا تجدين أي شعور بالتعب النفسي والألم القلبي حال رؤيتك لمثل هذه المشاهد.
إن وجود مثل هذه المشاعر والأحاسيس لديك إنما هو دليل على رقّةٍ في القلب وإحساسٍ بالآخرين , وما يعانون من آلام مرضية تعصف بهم. فنحن في هذا العالم اليوم بأشد الحاجة إلى مثل هذه القلوب اللينة والمشاعر النبيلة، التي تتألم لتألم الآخرين , وتحس بهم , وتشعر بجراحهم، بل هو المصداق التطبيقي لقول الرسول:"مثلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ". رواه مسلم وأحمد.
الغالب على كثيرٍ من الناس في عالم اليوم هو التبلّد في المشاعر والقساوة في الأحاسيس حتى أصبحت القلوب كالحجارة في قسوتها وشدّتها , وانطفأ جراء ذلك نور الحنان والرأفة والرحمة من صدورهم إلا من رحم الله , وأصبح الواحد منهم يسمع ويرى غيره من إخوانه المسلمين يعاني الآلام المرضية أو غيرها ولا يهز ذلك من مشاعره بل ربما يبخل حتى بالدعاء له بالعافية والشفاء، هذه في الحقيقة هي المشكلة التي يحتاج صاحبها لحلٍ يساعده على انتشال حاله القاسية ونفسيَّته المتبلدة من براثن هذا المرض العضال.
أما حالتك - أختي السائلة - فهي حالة صحّية طبيعة تنم - كما قلت - عن قلب نابضٍ بالرقة والمحبة للآخرين وشعورٍ بالرأفة بهم وما يعانون من آلام، هذا من جانب.
الجانب الآخر - أختي الكريمة - والذي أرى وجوب التنبيه إليه هو ألاّ تطغى هذه المشاعر على قلبك وفؤادك حتى تتجاوز الحد المطلوب، وتتعدى المساحة المسموح بها في قلبك , فتنقلب بذلك إلى تطرّفٍ يعود عليك بالتعب والمرض النفسي المتواصل. التوسط في الأشياء المادية والمعنوية هو المطلوب، فلا يكن قلبك قاسياً لا يشعر بالآخرين وما يعانون، وفي الوقت نفسه لا تتجاوزي الحد المطلوب في الشعور بالآخرين حتى كأنك أنت المريضة , أو تعانين من آلام نفسية ربما تكون أعظم ألماً من آلام المريض نفسه.
أنتِ لم تُبَيْني في سؤالك - بالدقة - كيف هي معاناتك النفسية جراء مشاهدتك لمعاناة الآخرين، هل هي معاناة نفسية تدوم وتصل حد المرض النفسي المؤرّق والمتعب والمتواصل لفترة زمنية طويلة وهذا بحد ذاته يتطلب منك مراجعة أو زيارة طبيب مختص للنظر في حالك. أما إن لم يكن كذلك فهو - كما قلت - مظهر صحي , وعلامة واضحة على نبض قلبك وامتلائه بالرأفة والرحمة. والله يحفظك.(20/453)
مشكلة نفسية.. أم عقلية..؟!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 4/7/1422هـ
السؤال
أعاني من مشكلة نفسية وقد أثرت علي في دراستي الجامعية وقد ذهبت إلى أكثر من طبيب نفسي ولم تتحسن حالتي والآن أصبحت أشك في عقلي وأخاف على نفسي الجنون مما سبب لي العزلة عن الناس فبماذا ترشدونني وجزاكم الله خيراً..
الجواب
بالنسبة لمشكلتك النفسية التي تذكر.. وتعتقد أنها عقلية أيضاً.. فإنك في الحقيقة لم تذكر أي شيء عن أعراض هذه المشكلة.. لكي نحدد نوعها..بل ذكرتها بشكل عام.. وإيجاز مُخل..!! ولذلك فإننا والحال كذلك نحتاج إلى مزيد من التفصيل؟. ولكن الذي لفت نظري في رسالتك أنك تذكر فيها ذهابك إلى أكثر من طبيب نفسي.. ولم تتحسن حالتك..!!؟
وفي هذه الحالة أكاد أجزم.. أنك أنت سبب مشكلتك..!! نعم أنت..!!؟ وأعتقد كذلك أنك لم تلتزم مع أي من الأطباء النفسيين الذين ذهبت إليهم..!! بل وربما لم تواصل معهم الجلسات النفسية.. وربما أنك لم تقتنع أصلاً بهم أو بما يقولونه..!!
يا عزيزي.. تأكد أن الطبيب النفسي لا يملك علاجاً خاصاً وفورياً.. يعطيه المريض.. فيشفى من ساعته ويتعافى في لحظته..!! أبداً.. بل أن علاقة الطبيب النفسي بالمراجع.. ولا أقول المريض.. فبعض المراجعين ليسوا مرضى حقيقة.. بل هم أناس يتوهمون المرض..!!! أقول:- أنها علاقة مبنية على الصدق والالتزام.. وأن الطرف الأساسي فيها هو المراجع فهو المطالب بالتنفيذ والاستمرار مع البرنامج العلاجي الذي يضعه الطبيب..!!
أعود مرة أخرى.. لأوكد على أنك - قد - تتحمل الجزء الأكبر من مشكلتك.. أياً كانت.. ومن أي كان..!! لماذا..؟!!
لأنك يا عزيزي انهزمت أمامها.. وأظهرت نفسك ضعيفاً.. مهزوزاً على الرغم من أنك تبدوا ناضجاً من أسلوبك.. وقوياً في عرضك لواقعك.. وعلى أية حال.. أقترح عليك أخي الكريم مجموعة من الاقتراحات.. علها تجلب لك الطمأنينة.. والراحة النفسية المطلوبة.. وتخرجك بإذن الله من هذه الدائرة المغلقة التي تعيش فيها..
أولاً - كن صادقاً مع نفسك.. هل التجأت إلى الله بدعاء صادق.. وقلب خاشع.. وإلحاح في الدعاء لكي يعينك الله على ما أنت فيه.. وتحريت في ذلك مواطن الإجابة.. كالسجود وأدبار الصلوات.. والثلث الأخير من الليل حين ينزل ربنا تعالى إلى السماء الدنيا وينادي ((هل من داعٍ فأستجيب له.. هل من مستغفر فأغفر له)) !!؟!
ثانياً - هل أنت ممن يحافظ على الصلوات في وقتها والرواتب وأذكار الصباح والمساء.. ويقرأ شيئاً ولو يسيراً من القرآن الكريم في يومه وليلته..؟!
صدقني ستجد في ذلك الصفاء.. والطهر.. وراحة البال والطمأنينة.. والثقة بالله.. التي تنعكس عليك بدورها ثقة بنفسك.. ويقيناً أن هذه الدنيا متاع الغرور.. وأنها دار ممر وليست دار مقر.. وأن المؤمن فيها مبتلى.. وأنها لو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء.. وأننا فيها مسيرون لا مخيرون.. وأنها مزرعة للآخرة؟!(20/454)
عندها تسمو همتك.. وتستصغر كل ما يسيئك في هذه الدنيا.. وترنوا إلى الآخرة.. وتنفتح لك أفاقاً أخرى للحياة..!!
ثالثاً - أكثر يا أخي الكريم من ذكر الله.. قائماً وقاعداً وعلى جنبك ((ألا بذكر الله تطمئن القلوب)) واستعذ بالله من نزغات الشيطان وتوهيمه.. ((إن كيد الشيطان كان ضعيفا)) .
رابعاً - تأكد يا أخي.. أن حياتك من صنع أفكارك.. كما يقال.. فإذا اعتقدت بأنك تعاني من شيء معين.. وبأن وضعك ليس على ما يرام.. وبأنك.. وأنك.. ستجد نفسك - فعلاً - محاصر بكم هائل من ((الأوهام)) و ((التهيؤات)) التي تكاد تخنقك..!!!
ومن ثم ضَعُفَت مقاومتك النفسية الداخلية وسنحت الفرصة لألف شيطان ليرجف بك.. ويقنعك أن مشكلتك ليست نفسية فقط.. بل ربما عقلية..!! وازداد الضغط.. و.. كان الانفجار..!!!
أما أن ملئت حياتك بالتفاؤل.. وحسن الظن بالله.. ولم تتوقف أمام الصغائر أو تهتم بها.. سارت حياتك هانئة بإذن ربها.
خامساً - كما تفكر تكون هذه هي الحقيقة يا أخي.. فتفاءل واستبشر.. وحاصر هذا ((الهاجس)) النفسي المدمر في داخلك.. وثق أنك - بعون الله - أقوى منه وبأنه لن يصيبك إلا ما كتب الله لك.. وارفع رأسك عالياً.. فأنت من يملك قرار الانتصار.. على نفسك والشيطان..
وفقك الله وأعانك.. وسدد على طريق الخير والحق خطاك..(20/455)
فراغ نفسي
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 3/6/1422
السؤال
اشعر بفراغ كبير داخل صدري!! ولا أشكو من أي مرض 0 يعني فرا غ نفسي 00 ما هو الحل؟
الجواب
أشكر لك ثقتك.. وأسال الله تعالى.. أن يوفقنا وإياك إلى مافيه الخير والسداد.. أنه ولي ذلك والقادر عليه.. بالنسبة لاستشارتك.. فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاُ: لم تذكر لنا ظروفك الاجتماعية والمهنية والاقتصادية بدقه.. فربما كان في تفاصيلها بعض الجواب عما تشعر به مثلاً ما هو ترتيبك في أسرتك..!! ودورك فيها؟! وماهي مهنتك.. وهل لديك أصدقاء وما إلى ذلك …الخ. ولم تذكر لنا ايضا ما هي الأعراض التي تعايشها وشخصتها على أنها " فراغ نفسي" فربما كان التشخيص مختلفا عن الواقع 00!!
ثانيا: " الفراغ النفسي " عنوان كبير يتسع بحجم آلامه الناتجة عنة..!! فإذا عرف السبب بطل العجب كما يقال..والأسباب قد تتباين وتختلف بقدر اختلاف الأشخاص وتباينهم..!! فإذا كنت تعرف السبب أو تتوقعه فأخبرنا به وسنتعاون معاً في وضع آلية مناسبة للتعامل معه..!! وإذا كنت لا تعرف السبب.. وأنت أدري الناس بواقعك وظروفك.. فربما كنت مشتركاً في أيجاد هذا الشعور أو متسبباً به.. ولحسن الطالع فإنه غالباً- شعور طبيعيي..إذا وضع في حجمه الصحيح.. فانه يمر ولا يضر..!!
ثالثاً: منذ الآن 00 ضع لك هدفاً سامياً.. وحاول تحقيقه.. وشارك في المناسبات العائلية.. واللقاءات الاجتماعية وقدم المبادرة تلو المبادرة.. وستجد نفسك مع الوقت صاحب رسالة تريد إيصالها وتحقيقها وبالتالي لا وقت لديك للفراغ النفسي أو البدني.
رابعاً: ابحث عن الصحبة الصالحة التي تدلك على الخير وتعينك عليه.. وتيسر لك سبل ملء وقت فراعك بالمفيد.. من الهوايات والقراءات الجادة والمثمرة.. صدقني.. ستجد الوجه الآخر للحياة.. وستعرفها على حقيقتها.. دار ممر للآخرة.. وليست دار مقر.. ومجرد إدراكك لهذه الحقيقة كفيل بإشعال طاقتك 00 مما يحقق لك سعادة الدارين.
خامساً: تنتابنا جميعاً- أحيانا- بعض الهواجس الغريبة.. والإحساس القاتل - ربما- بالفراغ النفسي.. ولكننا سرعان ما نتجاوز هذه المرحلة.. وننشغل عنها بتفاصيل الحياة.. فلا تحمل ما تشعر به أكثر مما يحتمل.. واخرج من دائرته إلى الدوائر الأخرى التي اقترحتها عليك وستجد بإذن الله راحتك الأبدية.. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(20/456)
اضطراب وسخط.. على الجميع..!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 15/6/1422هـ
السؤال
أنا شاب وطبيب ممارس..مررت بطفولتي في ظروف صعبة من أقرب الناس ولكني اعتمدت على نفسي..وقررت أن ابني نفسي بناءا ًحقيقياً. لم يكن يعجبني أسلوب الشباب المراهق..!! ولا أسلوب الشباب المتشدد في الدين..لأن كليهما -من وجهة نظري - يهرب من الواقع..!!؟
بفضل الله..لم انحرف ولم أشرب الدخان ولم أعرف طريق الرذيلة مررت بتجربة عاطفية فاشلة..أثرت على نفسي وقررت بعدها أن لا اقترب من الأمور العاطفية إطلاقا.!! التزمت فترة طويلة من الزمن..ولم يهزني شيء.. حتى كانت لي سفرة خبيثة مع صديق كان قريبا إلى نفسي.. وبعد هذه السفرة قاطعته..لأنة كان سلبياً دائم الإحباطات.. واستسلم للواقع وجارى المجتمع فرفضت مصادقته.
حاولت كثيراً إصلاح من حولي" ففشلت" حاولت نصحهم "ففشلت أيضا. تألمت لذلك وحاولت أن أعيش حياة سعيدة ملتفتا إلى عبادة ربي..ولكن أيضاً لم أجد العون الكافي في ذلك.. كل من حولي من الفسقة أو الملتزمين المنافقين..!!! أنا غير راضي عن واقعي ولا يعجبني شي من أنماط الحياة التي أحياها.. ولا آرى طعما لما أفعل.. وصل الحد بي الى آني زهدت باسرتي الصغيرة وعملي..وكل من حولي..والنتيجة عزلة عن الأهل.. والمجتمع.. وفشل في علاقاتي الأسرية والزوجية..وعدم اقتناع بالجميع ... !! ولم اترك سبيلاً لطلب العلاج إلا طرقته وتبعته من الآلف إلى الياء ولكن دون جدوى..!! ومشكلتي الكبرى لم تحل.. وهي النظرة السلبية للحياة والتساؤلات الفلسفية التي لم أجد لها اجابه!!!
التزمت أخيرا مع أحد الأطباء النفسيين حتى هذه اللحظة وقد قال لي كلاماً حاداً.. حول اضطرابي وعدم توافقي و.... أمور أخرى أشعر أنة قالها ليستفزني!!! ولقد وصلت لمرحلة الجنون.. أو قريبا منها.. وفقدت ثقتي بهذا الطبيب.. وأنا حائر أتساءل دائماً
من هي المرأة..؟ وماذا تريد من الرجل..؟ ولماذا يتزوج الإنسان..؟! ولماذا المرأة دائماً هي مصدر العار..؟ ولماذا لا يكون الرجل مثلها..؟!! ولماذا لا يصلح حال الناس حتى من يدعي الالتزام..؟ لقد سئمت هذه الحياة المزيفة.. ولا اقتنع بمسلمات الأمور وهذا ما أرهقني كثيراً وعذبني كثيراً..!! ما هذا؟
هل ذهب الحياء.. هل انتكس الناس؟!! أحس أنني وحيد.. وشاذ
وغير مستمتع بالحياة الإيمانية والروحانية.. لان فيها انعزال وعدم واقعية.. وقبول لواقع ملؤه" الفسق"!!! [و00000000 تفاصيل كثيرة.....الخ]
أخي الكريم.. أنني حائر ولازلت..أريد أن اقف على ارض صلبة لعلي بعدها اعبد الله على بصيرة واخشى أن تأخذني الريح لتهوى في وادي سحيق.
الجواب(20/457)
قرأت رسالتك الطويلة أكثر من مرة.. ولقد أعجبني فيها ذلك السرد القصصي الجميل لتفاصيلها.. وهذه اللغة الواضحة فيها والتحليل الناضج لمراحلها وتفاصيلها وهذا ما يجعلني أتفاءل بأن التقي وإياك على نقاط مشتركة في تشخيص الواقع والبحث عن أسبابه..!! وفي نفس الوقت ساكون واقعيا وصادقا معك..ليقيني انك إنما كتبت بهذه اللغة وهذا النضج بحثاً عن الحقيقة المباشرة..! عزيزي أعتقد جازماً أنك قد أسرفت على نفسك.. وظلمتها كثيراً..!!
نعم..!! (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) .
أنا لست قريباً منك لأعرف بالضبط طبيعتك وشخصيتك من واقع المعايشة والاحتكاك لا الوصف..!! ولا أعرف بالضبط إلى ماذا استند الدكتور النفسي الذي راجعته في تشخيصه لمشكلتك.. ولا أعرف حقيقة نواياه..
كما تحللها أنت!!!
ولكني أعرف شيئاً واحداً من حيثيات ما ذكرته أنت عن واقعك.. وسأقف معك من خلاله عدة وقفات:-
أولاً:
أخي الكريم.. لقد أرهقت نفسك كثيراً.. وظلمتها كثيراً.. بل وظلمت كثيرين ممن حولك!!! كيف؟
أنت تحمل نفسك أكثر مما تطيق في تتبع الواقع الذي تعيشه.. وهو لاشك واقع مؤلم في بعض جوانبه..!! ولكنه واقع.. لا يعني معايشته نوع من الاستسلام له والقبول به..!! بل على العكس ربما تحاول من خلال أسرتك الصغيرة - وهي بالمناسبة خلية من خلايا المجتمع - إصلاح ما يمكن إصلاحه.. ومن خلال عملك.. وأصدقائك.. ولا يعني إخفاقك مرة أو أكثر.. كل هذا الإحباط والشعور بالهزيمة والسخط.. على من حولك..!! فهذا هو ظلمك لمن حولك.
يا عزيزي أنت تريد إصلاح أناس - ربما - لم يرد الله لهم هداية (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) (فلا تذهب نفسك حسرات عليهم) .
ثانياً:
رغبتك في إصلاح الواقع.. وعدم رضاك عن بعض السلبيات.. شعور نبيل جعله الله في ميزان حسناتك ولكن تذكر يا أخي أنك مطالب فقط بفعل الأسباب وهي هنا النصح والتوجيه ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.. وأما النتائج فلست مسؤولاً عنها.. فهي مرتبطة بأقدارها.
ثالثاً:
أراك استخدمت من الألفاظ والمصطلحات ما يوحي لمن يقرأها بان كاتبها سوداوياً متشائماً إلى درجة كبيرة فلا أعتقد أن كل من حولك إما " فسقه " أو " ملتزمين منافقين " فالحكم وبالذات " بالنفاق أمر خطير.. لأنه يتعلق بالنوايا.. التي لا يعلمها إلا الله.. ولا يشترط يا عزيزي أن يكونوا ملائكة.. فالكمال لله.
رابعاً:
هناك من الأنبياء والرسل - عليهم السلام - من يأتي يوم القيامة ومعه الرجل والرجلان.. ومنهم من يأتي وليس معه أحد كما جاء في الحديث الصحيح.. أي لم يستجب له من قومه أحد..!! فلماذا تحمل نفسك وتطالبها بما لم يحصل لبعض الأنبياء والرسل.. علماً أن الأمر يومها كان مسألة إيمان وكفر.. ومن حولك مجملهم من أهل الإسلام.
فلا تظلمهم يا أخي.. وأحسن النية فيهم.
خامساً:
لقد كلفت نفسك شططاً.. بإغراقها بتلك التساؤلات الفلسفية.. وأريد أن أسألك سؤالاً واحداً.. هب أنك وجدت إجابات على كل تساؤلاتك - ولن تجد - ولكن افترض ذلك.. وماذا بعد..!! يا عزيزي دع الخلق للخالق.. فهو أعلم بهم وأقدر عليهم.
سادساً:(20/458)
مشكلتك - مع نفسك.. ولعل ظروفك الأسرية وتنشئتك القاسية نوعاً ما.. جعلت لك تلك النظرة السوداوية.. وهذا المزاج الحاد..!! فهون عليك يا أخي والحمد لله.. أنت رجل عاقل ومدرك ومتعلم وتستطيع أن تبني لنفسك عالماً واقعياً.. وليس مثالياً.. وان لم تستطع فطريق العبادة متاح بينك وبين ربك فأكثر منها.. وأسأل الله أن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه.
سابعاً:
وأخيراً.. صدقني.. أنت من يملك القرار.. فاتخذ قراراً إيجابياً.. وانظر للحياة بتفاؤل.. ولا تجعل الماضي وما حصل لك فيه يشدك بخيوطه.. وغير نظرتك للحياة والكون والناس.. إلى الأحسن.. (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبين عداوة كأنه ولي حميمٍ) .
وفقك الله وسدد على الطريق الخير خطاك.(20/459)
خيال واسع.. ومؤلم..!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 8/6/1422هـ
السؤال
أنا أريد أن أطرح مشكلة لا أستطيع الاستغناء عنها بتاتاً وهي تتكرر معي كلما هممت بالنوم فلا أستطيع أن أنام إلا بها وهي أنني اولف قصة ودائماً تكون هذه القصص فيها أنواع الحزن والألم والمأساة لا أعلم لماذا فأنا لا أرتاح إلا بها وعندما أنسجها وأمثلها في مخيلتي وأكون معذبة فيها أبكي رغم أنني أعلم أنها قصة من مخيلتي نعم أبكي وبحرقة والدموع فيني صادقة كما لو أني في الحقيقة ويحترق قلبي لذلك وأنهم وأيضاً عندما تفرج " في القصة " أفرح كثيراً رغم أن القصة لا تنتهي الا بعد عناء من الحزن والقهر والألم أرجو إيجاد حل لذلك.
الجواب
أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل إنه ولي ذلك والقادر عليه.
قرأت استشارتك وتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: الخيال نعمة من الله نخرج به أحياناً عن واقعنا فنتصور عوالم أخرى وأشياء أخرى.. ونتصور أحداثاً ووقائع فنعايشها.. وربما استمتعنا بها..!! وبعد أن نعود إلى واقعنا ربما نسعى إلى تحقيق ما حلمنا به في يقضتنا أو تصورناه في خيالنا. وجل الاختراعات العلمية ولدت في الخيال قبل الواقع.. وكثير من الإبداعات الإنسانية إن في الأدب أو في غيره.. هي مجرد خيالات في عقول مبدعيها..!! كل ذلك والأمر عادي.. والقصة معروفة!! .
ثانياً: قد يتحول هذا الخيال إلى نقمه على صاحبها.. فيعيش بسببها في اضطراب وقلق وتعاسة.. وحزن..!!! لماذا..؟! لأنه يعيش دائماً وسط خيالات مؤذبة.. ومؤلمة - وربما - مرعبة!!! فيضيق صدره.. وتبهت ابتسامته..!! ويعايش هماً لم يقتربه.. وذنباً لم يقترفه..!! كل ذلك في خياله..!! رغم أن الدراسات النفسية أثبتت بعد تجارب كثيرة مدى تأثير الخيال على واقع الإنسان بشكل غير عادي.. ولذلك قالوا: [لكي تنجح لا بد أن تتخيل نفسك ناجحاً] وقالوا: [سعادتنا وتعاستنا من صنع أفكارنا..!!] وهو كلام صحيح.. والدليل على ذلك أنك تستطيعين أن تجلسي أنت وأختك في نفس الغرفة.. بل ونفس المقعد.. وتشغلي خيالك بأشياء سعيدة.. فتسرين لها طول جلستك التي قد تستمر ساعات.. أما هي فقد تشغل تفكيرها بأشياء تعيسة فتكتئب طوال جلستها..!! فلاحظي المكان واحد والمقعد واحد والظرف تقريباً واحد.. ولكن الخيال وتبعاته.. بين مشرق ومغرب!!! وعلى ذلك فقيسي..(20/460)
ثالثاً: أقترح عليك - جاداً - مادمت تملكين ملكة الخيال الواسع الذي تؤلفين فيه القصص.. وربما تأثرت بها.. أن تنقلي هذا الخيال إلى الورق..! بمعنى أن تبدأي بتأليف بعض القصص القصيرة.. وتستكملي تفاصيلها المؤثرة.. وأحداثها.. ومؤثراتها المختلفة.. على الورق.. هنا ستغيري أفكارك إلى أفكار بناءة.. وستنقلين عالمك الداخلي.. من غموض عقلك الباطن.. إلى بياض الورق.. فتطلعي عليه.. وتبدعي فيه.. ولا بأس من اختيار فترة ما قبل النوم للكتابة وأنا متأكد أنك ستبدعين في ذلك.. وستحققين أكثر من هدف إيجابي في بناء شخصيتك وتدعيم نفسيتك.. بخطوة واحدة.. وهي الكتابة.. فاستعيني بالله وأطلقي لخيالك العنان على الورق.. وشيئاً فشيئاً ستفاجئك النتيجة.. وهي نتيجة إيجابية بإذن الله..
رابعاً: يظهر لي أن في داخلك نوع من الحزن.. والمعاناة أثرت على نظرتك للحياة.. وصبغتها بلون قاتم..!! وهذا الأمر هو الذي يجعل جل خيالاتك ((سوداوية)) وحزينة.. تصل بك حد التأثر بها.. والبكاء..!! ولا أستطيع الجزم بذلك وتوقع أسبابه لأنك أجملت في السؤال.. ولم تذكري ظروفك الأسرية والاجتماعية..!!!
وعلى العموم - وهذه حقيقة - فإننا إذا لم نستطيع التأثير على الأحداث أو اختيارها والتحكم بها..!! فإننا نملك إلى حدٍ كبير رد فعلنا تجاهها.. ومدى ما نسمح لها من تأثير علينا..!!
ولذلك فإني آمل منك.. أن تكوني أقوى بكثير من بعض المنغصات التي تصادفك.. فهذي هي الحياة وهذا هو نصيبنا فيها [لقد خلقنا الإنسان في كبد] . د
فارضي - أختي الكريمة - بما قسم الله لك.. وتأكدي أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطئك لم يكن ليصيبك.. مصداقاً للحديث الصحيح.. واتكلي على الله والجئي إليه.. فهو المستعان وعليه التكلان.
خامساً: عندما تنتهي من كتابة ما تريدين كتابته.. وتأوين إلى فراشك.. فأشغلي نفسك بقدر المستطاع بقراءة الورد.. وبعض سور القرآن الكريم.. وإن كان لا بد من بعض الخيال.. فلتكن خيالات سعيدة ومفرحة وبعيدة كل البعد عن الحزن والألم..!!
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(20/461)
ثلاث خصال.. تمنعني من إنجاز أموري
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 4/8/1422هـ
السؤال
أخي الكريم مشرف نافذة الاستشارات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
السؤال:
ثلاثة خصال تمنعني من إنجاز أي شيء وهم الخوف من المواجهة واللامبالاة والكسل ولم أفكر يوماً أن أتخلص منهم حيث لم يكن لهم علي تأثير كبير لوجودي بين أهلي ودفعهم لي ولكن الآن وأنا بمفردي في الغربة كأن الزمن توقف حيث لم أستطع أن أتقدم خطوة واحدة في الدراسة وكل يوم يمر ألوم نفسي على عدم محاولة عمل شيء وأقرر أني سأفعل اليوم التالي ولكن..!!! الرجاء مساعدتي في أقرب وقت والسلام عليكم..
الجواب
أخي الكريم أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.
أما عن مشكلتك فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً - إلى متى وأنت تلوم نفسك..؟ هذا اللوم لن يجدي بل هو نوع من " جلد الذات" ولن يزيدك إلا ألماً ووهناً. وبدل الغرق في هذا الأمر.. كن إيجابياً.. وابدأ في التغيير.
ثانياً - ابدأ منذ الآن.. وطبق تلك المقولة الرائعة التي ذكرها أحد القادة عندما سئل يوماً: كيف تغلبت على الصعاب.. وحفزت جنودك على ذلك..؟! فقال: من قال لا أعرف قلت له: تعلم!! ومن قال: لا أستطيع.. قلت له: حاول!! ومن قال: مستحيل.. قلت له: جرب!!
ثالثاً - لتكن واثقاً أنك لست أقل من سواك.. وأن ما يعرفه غيرك.. قد تعرفه ببساطة.. بل وربما تفوقت عليه.. وكل ما في الأمر.. أنك أضعت الكثير من الأوقات على نفسك في اتكاليتك على غيرك وسلبيتك في مواجهة الحياة..!!!
فلا تضع أكثر من ذلك.. وبادر فوراً في إصلاح ما يمكن إصلاحه.
رابعاً - ابدأ من الأشياء الصغيرة.. وليس عيباً أن تسأل عما لا تعرفه وتتعلم من الإجابة.. بل العيب أن تستمر على جهلك واتكاليتك.. وثق يا عزيزي أن الأمر يسير جداً.. فأتكل على الله واستعن به.. وابدأ.. وضع لك قائمة بالأوليات التي تريد أن تتعلمها.. ونفذها حسب البرنامج.. ومع الوقت ستجد تقدماً كبيراً يدفعك إلى الأمام.
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك..(20/462)
الوسائل المفيدة للحياة السعيدة
المجيب د. عبد المهدي عبد القادر
أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 09/08/1426هـ
السؤال
أعاني من ضيق الصدر، وعدم التوفيق في حياتي اليومية, أرجو من فضيلتكم التكرم بإعطائي النصائح والإرشادات، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام النبيين، وبعد:
فلضيق الصدر وقلة التوفيق في الحياة أسباب عديدة، أبرزها ضعف الإقبال على الله -تعالى- والدار الآخرة، ومجملها التهاون باقتراف المعاصي والجرأة على ارتكابها، وقد لخصها الشيخ السعدي -رحمه الله- في رسالة سماها: "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة"، جمع فيها الشيخ أعظم أسباب علاج الأمراض النفسية وضيق الصدر باختصار، وهي كما يلي:
1- الهدى والتوحيد، كما أنَّ الضلال والشرك من أعظم أسباب ضيق الصدر، فإن الهدى وتوحيد الله تعالى من أعظم أسباب انشراح الصدر.
2- الإيمان الصادق بالله تعالى مع العمل الصالح.
3- العلم النافع، فكلَّما اتَّسع علم العبد انشرح صدره واتسع.
4- الإنابة والرُّجوع إلى الله سبحانه، ومحبَّتُه بكلِّ القلب، والإقبال عليه والتَّنعُّم بعبادته.
5- مداومة ذكر الله على كلِّ حالٍ وفي كلِّ موطنٍ، فللذِّكر تأثيرٌ عجيبٌ في انشراح الصدر، ونعيم القلب، وزوال الهم والغمِّ.
6- الإحسان إلى الخلق بأنواع الإحسان والنَّفع لهم بما يُمكن، فالكريم المحسن أشرح الناس صدراً وأطيبهم نفساً، وأنعمهم قلباً.
7- الشجاعة، فإنَّ الشجاع منُشرح الصدر، متَّسع القلب.
8- تخليص القلب من الصفِّات المذمومة التي توجب ضيقه وعذابه: كالحسد، والبغضاء، والغلِّ، والعداوة، والشَّحناء، والبغي، وقد ثبت أنَّه عليه الصلاة والسلام سُئل عن أفضل الناس، فقال: "كلُّ مخموم القلب صدوق اللسان"، فقالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: "هو التقيُّ النَّقيُّ لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غلَّ، ولا حسد".
9- ترك زيادة النظر وزيادة الكلام، وزيادة الاستماع، وزيادة المخالطة، وزيادة الأكل وزيادة النوم، فإنَّ ترك ذلك من أسباب شرح الصدر، ونعيم القلب، وزوال همه وغمِّه.
10- الاشتغال بعملٍ من الأعمال أو علمٍ من العلوم النَّافعة، فإنها تُلهي القلب عمَّا أقلقه.
11- الاهتمام بعمل اليوم الحاضر، وقطعه عن الاهتمام في الوقت المستقبل، وعن الحزن على الوقت الماضي، فالعبد يجتهد فيما ينفعه في الدين والدُّنيا، ويسأل ربَّه نجاح مقصده، ويستعينه على ذلك، فإنَّ ذلك يُسلي عن الهم والحزن، لذلك كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن "،والهم يكون على المستقبل، والحزن يكون على الماضي.
12- النظرُ إلى من هو دونك، ولا تنظر إلى من هو فوقك في العافية وتوابعها، والرِّزق وتوابعه.
13- نسيان ما مضى عليه من المكاره التي لا يُمكنه ردَّها فلا يُفكر فيه مطلقاً.
14- إذا حصلت على العبد نكبةٌ من النَّكبات فعليه السَّعي في تخفيفها؛ بأن يُقدِّر أسوأ الاحتمالات التي ينتهي إليها الأمر، ويدافعها بحسب مقدوره.(20/463)
15- قوة القلب وعدم انزعاجه وانفعاله للأوهام والخيالات التي تجلبها الأفكار السَّيِّئة، وعدم الغضب، ولا يتوقع زوال المحابِّ وحدوث المكاره، بل يكل الأمر إلى الله -عزَّ وجلَّ- مع القيام بالأسباب النافعة، وسؤال الله العفو والعافية.
16- اعتماد القلب على الله والتَّوكل عليه وحسن الظنُّ به سبحانه وتعالى، فإنَّ المتوكل على الله لا تؤثِّر فيه الأوهام.
17- العاقل يعلم أنَّ حياته الصحيحة حياة السعادة والطمأنينة وأنها قصيرةٌ جداً، فلا يُقصِّرها بالهمِّ والاسترسال مع الأكدار، فإنَّ ذلك ضد الحياة الصحية.
18- إذا أصابه مكروه قارن بين بقيَّة النعم الحاصلة له دينيَّة أو دنيويَّة، وبين ما أصابه من المكروه، فعند المقارنة يتَّضح كثرةٌ ما هو فيه من النِّعم، وكذلك يُقارن بين ما يخافه من حدوث ضرر عليه، وبين الاحتمالات الكثيرة في السلامة، فلا يدع الاحتمال الضعيف يغلب الاحتمالات الكثيرة القوية، وبذلك يزول همه وخوفه.
19- يعرف أنَّ أذيَّة الناس لا تضُرُّه خصوصاً في الأقوال الخبيثة بل تضرُّهم، فلا يضع لها بالاً ولا فكراً حتى لا تضرُّه.
20- يجعل الأفكار فيما يعود عليه بالنفع في الدين والدنيا.
21- أن لا يطلب العبد الشكر على المعروف الذي بذله وأحسن به إلا من الله، ويعلم أنَّ هذا معاملة منه مع الله فلا يُبال بشكر من أنعم عليه "إنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُريِدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً" ويتأكد هذا في معاملة الأهل والأولاد.
22- جعل الأمور النافعة نصب العينين، والعمل على تحقيقها وعدم الالتفات إلى الأمور الضارُّة، فلا يشغل بها ذهنه ولا فكره.
23- حسم الأعمال في الحال والتَّفرُّغ للمستقبل حتى يأتي للأعمال المستقبلة بقوة وعمل.
24- يتخير من الأعمال النافعة والعلوم النافعة الأهم فالأهم وخاصة ما تشتد الرغبة فيه ويستعين على ذلك بالله ثم بالمشاورة فإذا تحقَّقت المصلحة توكل على الله.
25- التحدُّث بنعم الله الظاهرة والباطنة، فإنَّ معرفتها والتحدُّث بها يدفع الله به الهمَّ والغمَّ ويحثُّ العبد على الشُّكر.
26- معاملة الزوجة والقريب والعامل وكلِّ من بينك وبينه علاقةٌ إذا وجدت به عيباً بمعرفة ما له من المحاسن ومقارنة ذلك بما فيه من عيب، فبملاحظة ذلك تدوم الصحبة وينشرح الصدر قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يفرك (لا يكره) مؤمنٌ مؤمنةٌ إن كره منها خُلقاً رضي منها آخر".
27- الدعاء بصلاح الأمور كلها، وأعظم ذلك: "اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، ودنياي التي فيها معاشي، وآخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادةً لي في كلِّ خير، والموت راحة لي من كلِّ شرٍّ"، وكذلك: "اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت".
28- الجهاد في سبيل الله، قال عليه الصلاة والسلام: "جاهدوا في سبيل الله، فإنَّ الجهاد في سبيل الله بابٌ من أبواب الجنة يُنجِّي الله به من الهمِّ والغمِّ".
خذ هذه النصائح -أخي الكريم- منهج عمل ليومك وليلتك؛ تكون -بإذن الله وفضله- من أهل السداد والتوفيق.(20/464)
حالتي.. متناقضة!!
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 9/9/1422
السؤال
مشكلتي، أنني ما عدت أحتمل زخارف الحياة هذه، ولا أولئك الحمقى الذين يلهثون وراءها والذين أكون أحدهم أحياناً مكرها!! كلما أردت أن أتوسع في الزينة، وتغيير المركب الذي لا أشعر بالراحة فيه أقول ثم ماذا؟ الآخرة قريبة وهذه فلسطين وأهلها وغيرهم من بلاد الإسلام لا يجدون ملجأ أو مغارات.. وأنا أتقلب بالزينة؟! ولكن هذا الشعور كاذب فأنا لا أتصدق إلا بالقليل على هؤلاء..
إنني بحمد الله أجيد الرسم والخط، وأحب أن أتذوق الفن، وعندما أنوي رسم لوحة يأتيني هذا الشعور ليقول لي ثم ماذا؟ إنني أشعر بقرب الزمان.. وإن لم أستعد له إنني أقف مع هذا الشعور كالمندهش المذعور للوهلة الأولى!
لا يطيب لي شيء أبداً.. وإن كنت أمتلك مشاعر فياضة من الحب ومساعدة الآخرين.. أصبحت غريبا ً عند الآخرين بل عند نفسي..
كثير ما أطلق العنان، بل هو يفك قيده ليخرج بي عن الواقع..
أصبحت كالمجنون.. كما تصور نفسي ذلك لي..
حباني الله بشيء وهو: أنني محبوب من أهل الخير- وإن كنت لست منهم - ومع ذلك فأنا مندهش مذعور من شعور النهاية، آمل منكم الرد علي، وآسف لهذا الطرح المتناقض، فأنا أكتب لكم بعفو الخاطر المنكسر.. وجزاكم الله خيرا؟
الجواب
يقال إن الذين يتعذبون في تفكيرهم هم أصحاب الحس المرهف. أو التفكير الشفاف، لأنهم يقفون عند كل نقطة ولا يتجاوزونها وقد تهلكهم من التفكير والتمحيص، لذا نجدهم يصارعون التناقض الذي يعترفون فيه (الاعتراف هنا مريح، لأنه متى ما اعترف الإنسان بعلته سهل عليه الوصول لعلاجها.
لذلك أنت تبحث عن السكينة وشاطئ الطمأنينة يجعلك تسير في اعتدال في التعامل في الحياة الدنيا. وعاقبتها من سراء وضراء لتسلك في هذا المأمن إلى الدار الآخرة بكل سكينة ويقين.
أقول لك يا أخي: يجب أولاً أن أسلط الضوء على الإيجابيات والمزايا التي خصك الله بها عن غيرك. وما هي؟
ثانياً: هذه المزايا كيف أوضفها بالشكل الصحيح الذي يعود بالنفع في الدنيا والآخرة؟ . ولا تطلب في أن أرشدك إلى توظيف قدراتك. أو حتى اكتشافها فأنت اقدر على ذلك مني. فأنا اتفق في سؤالك بأن لديك مواهب ومزايا. قد تكون هي السبب في تشتتك
إنما أحب أن أضيف إلى الهامش لديك، أن الإسلام لا يمنع أن يتقلب الإنسان بنعم الله ولكن بشرط أن يشكر ويحمد من أوجدها وحباه إياها. مهما يكن مقدار هذه النعم، مع العلم أن الزيادة تنتظرها إذا أعلن شكرها الحقيقي. (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم) الآية(20/465)
وقولك ثم ماذا؟ إذا هممت بفعل شئ ما وتنوي التساؤل الله - سبحانه وتعالى - أوجد هذه الدنيا وأوجدنا فيها لعمارتها. لغاية وحكمة يريدها منا سبحانه وتعالى. أي أن لكل مخلوق وجد على الأرض له غاية وحكمة ودور يؤديه ثم يرحل وموعده يوم القيامة. وقد نرى مخلوقاً حشرياً صغيراً قبيح المنظر كريه الرائحة يتحوم سفوح الجبال البعيدة مسكنا أو من مواطن القذورات بيتا. ثم تفكر فيه ـ هل تقنع أن لهذا دور وحكمة في الحياة.؟ فما بالك بالأشراف من أنواع المخلوقات؟ وهم البشر (ولقد كرمنا بني آدم.. الآية) فنتخيل هذا الإحساس الذي تجده لإخوانك في فلسطين. يجرك إلى أن تفعل شيئاً كهذا محرك للإنتاجية الإيجابية التي تجعل النفس في دائرة الاطمئنان فيدعو لهم، وقد يتطور مع الدعاء إلى البذل والإنفاق.
المهم لا تطلق العنان لخيالك ونفسك بالتفكير فقطـ وانتبه إلى خطورة اليأس ـ فقد تؤدي عملاً تحس أنك لم تلمس نتيجة ـ فيصيبك الإحباط في السؤال المفزع ثم ماذا.. لذلك. تأمل هذه القاعدة ختاماً إذا كان أي عمل يصدر منك تقصد فيه وجه الله. فأبشر بالعافية. حتى ولو طال الزمان عليك ـ آمل أن أكون قد أضأت لك شمعة.(20/466)
شخصية سيكوبا تيه..!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 16/5/1422
السؤال
كيف أتعامل مع شخص سيكوباتي؟
الجواب
قبل أن نعرف كيفية التعامل مع الشخص (السيكوباتي) لنعرف أولاً.. الشخصية (السيكوباتية) . حتى تتضح لنا جميعاً الصورة. ولكي تتأكد أنت أيضاً من صاحبك إن كان سيكوباتياً أم لا..؟!
يعرف بعض علماء النفس أصحاب الشخصية (السيكوباتية) أو الشخصية المضادة للمجتمع!! بأنهم هؤلاء الأشخاص الذين تكون حالات الخلل في سلوكهم ومشاعرهم.. ظاهرة في تصرفاتهم.. وفي طريقتهم في التوافق مع محيطهم الاجتماعي!!! ومعنى هذا.. أنه يمكن أن يدخل في هذه المجموعة.. أولئك الأشخاص الذين لا يحسنون التصرف ويعيشون عالة على غيرهم..! ويمكن أن يدخل فيها أيضاً طبقة المجرمين في المجتمع الذين تتكرر أخطاؤهم.. ويتكرر أيضاً توقيع العقوبة عليهم.. دون أن يكتسبوا من كل ذلك خبرة تؤثر في تغيير سلوكهم!!! وإجمالاً: يتميز أصحاب الشخصية (السيكوباتية) المضادة للمجتمع بالعدوانية - غالباً - وكثرة التشاجر مع المحيطين بهم.. ولا يعبئون بالنظم والقوانين التي يلتزم بها الآخرون..!! بل.. ولا يترددون في الخروج عن هذه القوانين.. كما انهم لا يحرصون على أي علاقة طيبة مع زملاءهم وليس لهم أي أصدقاء مقربين!!! فهم انتهازيون من الدرجة الأولى.. وصوليون لا يرون إلا أنفسهم.. ولا يسعون إلا لمصالحهم.. بأي طريقة كانت!!! والغريب أنهم حين يرتكبون هذه التصرفات المعيبة فإنهم لا يندمون على ذلك.. ولا يشعرون بأي تأنيب للضمير.. بل يكررون أفعالهم في أقرب فرصة!! دون رادع من حياء أو ضمير!!!
وهناك حقيقتان هامتان لابد أن تقريرهما عن الانحراف السيكوباتي: كما يذكر ذلك الدكتور / مصطفى فهمي في كتابه (علم النفس الإكلينيكي) .. وهما..
1 / أن هذه الحالات تستمر - غالباً - مدى الحياة.. وتبدأ عادة فيما لا يتعدى فترة المراهقة في أكثر الأحيان(20/467)
2 / أنه يبدوا أن الانحراف السيكوباتي إنما يرجع إلى أسباب عضوية جسمانية أو وجدانية..لم تتضح بعد أصولها بشكل دقيق. ويضيف.. " أنه من المستحيل أن نعطي وصفاً دقيقاً محدداً جامعاً للشخصيات السيكوباتية لأنه يدخل في هذه المجموعة كل هؤلاء الناس الذين يظهر في سلوكهم نوع من الغرابة.. لدرجة لا تسمح لهم بالحياة والنجاح في المجتمع..!! ولكنهم فيما عدا ذلك عاديين من جهة أجسامهم وعقولهم.!! ولابد أن نذكر هنا.. أننا جميعاً نختلف اختلافاً كبيراً في تقديرنا مدى النجاح والفشل.. فقد يكون الإنسان غريب الأطوار في بيئة ما.. عادياً في أخرى.. ناجحاً جداً في نظر غيرنا ممن ينظرون إليه نظرة تختلف كثيراً عن نظرتنا إلى سلوكه!!! وبعض (السيكوباتيين) لا تنقصهم إلا القدرة على الحكم الصحيح. فقد يقعون في مشاكل لا يخرجون منها إلا بصعوبة.. ثم يعاودون الكرة.. ويقعوا في نفس المشاكل!!؟ أو قد يقومون بأعمال أخرى لا تقل عن أعمالهم الأولى تفاهة وسوءاً ... !!!؟ وإجمالا.. لا ينقص (السيكوباتيين) الذكاء.. فهم عموماً أناس عاديين.. تتباين مستويات ذكائهم.. إلا أن ما ينقصهم دائماً هو الذكاء الاجتماعي!!!
أما عن علاجهم.. - أخي الكريم - فالواقع أن هؤلاء الأشخاص الذين يتصرفون على هذا النحو.. نتيجة لا ضطرابات نفسية أو بيولوجية.. لا يمكن تصنيفهم من المرضى النفسيين الذين تتطلب حالتهم العلاج.. وتستجب له.. ولا يمكن اعتبارهم أشخاص أسوياء 00!!! حيث تقاوم الشخصية (السيكوباتية) كل وسائل العلاج.. بل ولا يرى أصحاب هذه الشخصية أنهم مرضى نفسيين.. بأي حال.. ولا يستجيبون لكل محاولة علاجية في هذا الجانب.. وهذا ما يرجح الجانب الوراثي ابتداءاً في تشخيص مثل هذه الحالات.. من حيث الاستعداد الفطري للتقبل والتطبع وتزيده العوامل البيئية والاجتماعية المحيطة ظهوراً وحدة وعمقاً.. حسب الظروف المحيطة بهذه الشخصية!!!.. ويجعل إمكانية العلاج النفسي ضعيف.. واستمرارية المشكلة واردة بقوة!!!
أما عن كيفية التعامل مع أصحاب هذه الشخصية 00 فاعتقد أننا في ضوء فهمنا لابعاد هذه الشخصية وصفاتها يجب أن يكون تعاملاً حذراً ويقظاً.. وأن نضع مسافة بيننا وبينه.. ولا تنسى - أخي الكريم - الدعاء له بظهر الغيب بان يعافيه الله ويشفيه ويهديه عاجلاً غير آجل وفقك الله ورعاك.. وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(20/468)
أعيش تناقضاً في حياتي
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 18/03/1426هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: السلام عليكم.
أنا شاب، عمري 30 سنة، متزوج ولدي أبناء، متخرج من كلية شرعية بتقدير امتياز، وذو طموح كبير جدًا، وفهم وإدراك لا بأس به، ووضعي الاقتصادي جيد، أحفظ القرآن -ولله الحمد- مشكلتي أنني أعيش حياة التناقض منذ خمس عشرة سنة، تعرَّفت على صحبة خيرة -ولله الحمد- في بداية المرحلة المتوسطة، ونشأت معهم، لكن ومنذ ذلك الوقت وأنا أعيش في صراع نفسي كبير جداً، لم أحسن التعامل معه بحكم صغري وقلة الفهم والعلم والإدراك، حتى نما هذا الصراع مع كل يوم وشهر وسنة، كيف ذلك؟! إليكم خبره لعلي أجد لديكم ما يشفي فؤادي، وينقلني من تعاستي إلى رحاب السعادة، بعد تعرفي على الصحبة الصالحة، وما يحثون عليه من الإيمان والطاعة ومكارم الأخلاق، كنت أرى نقيض ذلك في البيئة القريبة مني (المنزل بالتحديد) ، فالصلاة مضيعة من غالب أفراد العائلة، والتلفاز، وبعده القنوات الفضائية حديث المجلس، والغناء معتاد سماعه بين إخواني، وكل ذلك ليس هو المشكلة! المشكلة في السبيل الذي اتخذته في التعامل مع كل ذلك، ففي أحيان كنت حريصاً على الصلاة، ممتنعاً عن مشاهدة الحرام، وخلال ذلك أنصح إخواني بالصلاة والطاعة والامتناع عن مشاهدة التلفاز، ثم يغلبني الهوى والشيطان فأعود إلى التأخر عن الصلاة والنوم عنها، ومشاهدة المحرم، مع قناعتي بقبح هذا المسلك وشؤمه علي، ومحبة الخير وكراهية المعصية، بدليل حفظي للقرآن في عمر السابعة عشرة، ولكن كنت ضعيفاً وحيداً، ليس بيدي شيء، وأجد أثناء ذلك السخرية والكلام الجارح من أفراد العائلة، ولكن الأمر كان على هذا الديدن صحوة إيمانية قصيرة تتلوها غفلة ومعصية أطول وصراع ولوم، وازداد الأمر سوءاً مع انتقالنا للمدينة، وما تختلف فيه عن مجتمع القرية، وطوال خمس عشرة سنة وحتى اليوم وأنا على هذه الحالة، وقد نتج عن ذلك: ضعف في شخصيتي، أشاهد المنكر فلا أنكره، وعدم ثقة بالنفس، اتخاذ العزلة السبيل الوحيد للهروب من الواقع الذي أعيش فيه، ترتب عليه جفاء كبير مع أهلي: والدي ووالدتي وإخواني فبالكاد أحادثهم وبالكاد يحادثوني، نظراتهم لي نظرات ازدراء واحتقار، أكتفي بالصمت عند الجلوس معهم، أحس بأنني قد جنيت عليهم ونفرتهم من الخير بسوء تصرفي، ارتياحي مع الغريب عني أكثر من أهلي، قصرت مع ذلك في بري لوالدي ولأرحامي، انطوائي بدرجة كبيرة، لا أستطيع الابتسامة والحديث الودي الحنون مع أي أحد من أهلي، بل سؤال وجواب فقط، كلما حاولت النهوض ونسيان الماضي وتنظيم حياتي لم أدم على ذلك إلا يسيراً، أحس باحتقاري لنفسي أشد من احتقار غيري لي، ففي بعض الأحيان وأنا جالس وهم يشاهدون التلفاز فأطالبهم بإغلاقه؛ لأنني في قرارة نفسي لا يليق بي -وكوني مستقيماً ولو ظاهراً- الرضا بالمنكر والجلوس إليه، ثم إذا حانت الفرصة لمشاهدته لوحدي لم أتأخر عن ذلك، ثم آتي من الغد بمسوح الكراهة للمحرم، وأنا غير متعمد لذلك، ولا لاتخاذ سبيل النفاق لي سبيلا، ولكن الشيطان ونفسي والهوى والران الذي على قلبي مع مرور السنوات، ثم يحصل الهمز واللمز والانتقاد الحاد صراحة أو تعريضاً. مع ملاحظة أن طموحي في الحياة طلب العلم، خدمة الإسلام بأي سبيل، ووالله إني صادق فيما أقول؛ لما أعلمه من نفسي من محبة للخير(20/469)
والاستبشار بازدياده، ورفعة أهله في كل مكان، وكره للشر والكفر والمعصية، وتنغص وتكدُّر لازديادهما، أعطيكم ملخصاً لحالتي:
(1) إنسان مهزوز الثقة بنفسي.
(2) محبط.
(3) انطوائي.
(4) كثير الصمت.
(5) أعيش حالة جفاء واسع جدًا مع أهلي ووالدي.
(6) لا أستطيع أن أحقق ما أتمناه.
(7) لا أستطيع تقديم شيء لأمتي ولديني.
(8) لا أستطيع أن أصبح عالماً شرعياً مع محبتي لذلك.
(9) أعتقد أن كل زملائي في العمل وغيره قد سبقوني في كل شيء، وهم أفضل مني وأسعد مني وأولى مني بالمراتب العليا؛ لأني لا أستحق ذلك، ولديهم من الإمكانيات ما هو أفضل مني.
1. ماذا أريد؟ 2. أريد السعادة 3. أريد أن أصبح إنساناً مستقيماً على طاعة الله، ورعاً، وقافاً عند حدود الله، لا أسمع خيراً إلا شاركت فيه. 4. عالماً بالشريعة، خادماً للإسلام بكل ما أستطيع. 5. باراً بوالديّ، واصلاً لرحمي، ودوداً معهم، رحيماً بهم، مجالساً لهم، إذا غبت فُقِدت، وإذا حضرت استبشروا بي، مشاركاً لهم في أفراحهم وأحزانهم. 6. كسر جدار الخوف وعدم الثقة بالنفس، والانطلاق إلى رحاب الخير والإيمان، والهمة والنشاط، والتقدم والتطور. 7. تغيير نظرة أهلي لي من إنسان متناقض إلى إنسان جاد صاحب مبدأ وثبات. 8. أريد جنة الدنيا والآخرة، فهل أستطيع ذلك؟ وهل هناك أمل لذلك؟ صفوا لي خطوات عملية لتجاوز محنتي على كل صعيد، وآسف على طول رسالتي لطول همي خلال خمس عشرة سنة مضت، فهل لي من حياة طيبة من سبيل؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الحبيب: استمتعت كثيراً بقراءة رسالتك رغم إطالتها، وأبارك لك عظم ما تحمله في جوفك من القرآن الكريم، وأهنئك على إحساسك اليقظ وغيرتك على دينك، وإصرارك الملح على الالتزام بما أمر به الله - عز وجل-، وهذه نعم من الله أنعمها عليك، فأينك منها، وكيف دخل الإحباط قلبك، وأنت الذي يحفظ قوله تعالى: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [الرعد: 28] ، تبحث عن علاج وهو في جوفك، فأيقظه - سلمك الله- فحافظ القرآن كيف يعيش الحيرة كيف يدخله الإحباط.
نعم - أخي الحبيب- ما ذكرته من سلوكيات صدقني كثيراً منها أوهام ووساوس تريد منك مزيدًا من الابتعاد عمَّا أنت فيه، تدفعك دفعاً للتخلي عن دورك الحقيقي في هذه الدنيا، فلماذا تأخرت في طلب مشورة من تثق بهم من المشايخ وطلبة العلم، وأنت تقول: إن هذا الحال تعانيه منذ خمس عشرة سنة.
أشعر في كلامك بعض التعاطف، ولكني أشعر أحياناً بأنه ربما كنت جافاً مع إخوتك وأهلك، فلم يتقبلوا منك شيئًا، قد يكون وجدوا منك التناقض في السلوك، وهذا - للأسف- أشد خطورة مما تدعو إليه من معروف، وكثيراً ما نسمع الشباب - هداهم الله- يركزون على زلات الملتزم ولا تذكر محاسنه وهذا طبعاً في البشر.
واضح من عرضك أنك مقصر في بر والديك وكأنك هجرتهم، فهل هذا بتقصير منهم أم منك؟ أكاد أجزم أنك تشعر بتقصير وتأنيب الضمير من جراء ذلك، ولكن من العيب فعل ذلك على أمثالك من طلبة العلم وحفظة القرآن.(20/470)
أخي الحبيب: أحلامك جميلة، وأمانيك لا تشعر باليأس من تحقيقها، ولكن قد ينقصك مهارة التخطيط وتحديد الأولويات، وهي مهارة عليك إدراكها، فابدأ بترتيب ما تريد تحقيقه من الأسهل للأصعب، من الأهم للمهم وفق رؤيتك أنت، وما يتوافق مع إمكاناتك.
أنت مثلاً تحمل مؤهلاً جامعياً بتقدير ممتاز، ووضعك الأسري -اجتماعياً واقتصادياً- جيد، لماذا لم تفكر بإكمال دراساتك العليا، وهي فرصة لإقناع من هم حولك بتميزك العلمي؟ فالناس اليوم يعتقدون بالمؤهلات أكثر من العلم المنقول. ولعلها فرصة أن تشغل بها وقتك، وتبعد كثيراً مما يتوجسك، فطلبة العلم عندما يتخصصون في حقول معينة تبدأ مهاراتهم البحثية بالنهوض، ويبدأ إدراكهم لماهية العلم الحقيقي تنضج، حتى نظرة الناس تتغير.
أنت - أخي الكريم- قد تكون أثقلت على نفسك بالكثير والكثير، منها كثير مما هو بعيد عن مسئولتكم: "فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" متفق عليه، البخاري (893) ، ومسلم (1829) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، فهل أدركت رعيتكم وأوصيت بهم خيراً؟.
نعم ستعيش فترة مشوبة بالحذر وأنت تراجع حساباتك، ولكن تأكد أن لديك القوة، لديك المناعة للمواجهة، فواصل مسيرتك.
أعتقد أنك بحاجة ماسة لإشغال وقتك من ذلك، لديك أسرة كيف غابت عن ذهنك وأنت تسير في طريق الإحباط؟ فكّر في ذلك جيداً، انغلاقك على أحلامك وذاتك فقط، قد يكون أحبطك، شعورك الدائم بالذنب جنبك إدراك ما أنت فيه من نعم.
إذا كان من بُد فاستشر متخصص في العلاج النفسي لوضع خطة علاجية على مدى ستة أشهر، تتضمن خطوات يتفق عليها، ويمكن قياس تطورك خلالها، ويمكن صرف بعض العقاقير الخافضة لدرجات القلق والحيرة، وتأكد أن هذا ليس عيباً ولكن باستشارة نفسية، أو يمكن الاكتفاء بالعلاج السلوكي أو التبصير المعرفي. استعذ بالله واستعن به، وسر بنظرة ثاقبة، لا تكن ممن فتر التزامه فانهار حماسه، دعائي لك - أخي الحبيب- بأن يسدِّد الله خطاك، وأن ينير قلبك أكثر وأكثر، وأن يجعل القرآن ربيع قلبك، وأن يحفظك وأسرتك، وابدأ طريقك للحياة، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(20/471)
لهذا أكره الرجال!
المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 8/03/1426هـ
السؤال
أنا أكره الرجال ونفسي أقوم بقتلهم جميعاً؛ وذلك لأسباب كثيرة وأهمها نظرتهم للمرأة على أنها كائن حقير ضعيف لا داعي لوجوده على الأرض.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
شعورك هذا يتسم بالغرابة والنظرة السوداوية القائمة المعممة دون مبرر واضح، فقد يكون من حولك من الرجال ينظر للمرأة بهذه النظرة، لكن لا يعني بالضرورة أن كل رجل في العالم المسلم وحتى غير المسلم ينظر ذات النظرة، ولعلك تلحظين أن هذه النظرة الدونية تتزايد في المجتمعات ذات الثقافة الضحلة التي ترى الثقافة فقط التقدم المادي والتكنولوجي، لكن من كان ينطلق من دين سماوي سيما ديننا - ولله الحمد والمنّة- لا يجد مطلقاً هذه النظرة بين أفراده، لقد أتى الإسلام وأعلى مكانة المرأة بعد أن كانت تُعد من سقط المتاع عند مشركي العرب ومَنْ قبلهم من الرومان والثقافات والديانات الباطلة، لقد أعلى الإسلام شأن المرأة وقال عنهن: "النساء شقائق الرجال" أخرجه الترمذي (113) ، وأبو داود (237) ، وابن ماجة (612) ، وغيرهم من حديث عائشة -رضي الله عنها-. ولولا أن العدل فريضة لازمة وأمر محكم لكان النساء أحق بالتفضيل والتكريم من الأبناء، فقد ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: "سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء" رواه البيهقي في سننه (6/177) .
أما بعض الممارسات الخاطئة والتي تعتبر نشازاً وشاذة في ديننا فلا ينبغي أن يؤبه لها؛ لأنها ناتجة عن تصور مغلوط من صاحب فكر شاذ، وما أكثر الأخطاء والتصورات المنحرفة عن جادة الصواب في صفوف الرجال أو حتى النساء في حق الرجال.
فكم من امرأة تنظر إلى الرجال بمثل نظرتك نظراً لكونها لا تستطيع أن تظفر منهم بكل ما تريد.
وحين نكون منصفين فإننا بنظرة عادلة لا نستطيع أن نحقق كل ما نتمناه من أفكار إيجابية فضلاً عن السلبية في صفوفنا نحن النساء، ولا حتى نصل إلى إقناعهن بها رغم أن الظروف واحدة والتجارب والمعاناة هي ذاتها، فكيف عند اختلافها!
إذاً، فهذه طبيعة البشر، وفي مقابل من ينظر تلك النظرات السوداوية نجد الآلاف من الرجال ينظرون للمرأة بنظرة عادلة موقرة، فليكن هؤلاء عندك الأصل؛ لأن الأمر كذلك، أما أصحاب الفكر المغلوط فهم على خلاف الأصل - وبهذا تنقلب نظرتك للتفاؤل والإيجابية، فإن هذه من سماتنا أهل الإسلام (العدل والإنصاف) .
أخيراً: آمل ألا يكون بعض النساء هن السبب في تلك النظرة لكثرة عنادها وصدودها وتصديها ومخالفتها لطبيعتها، فتريد أن تكون كالرجل، وقد جعل الله -تعالى- لها طبيعتها الخاصة ووظيفتها الملائمة بها، لكن تغفل بعض النساء فتريد أن تمارس جميع الصلاحيات دون قيود أو حدود، وحين يرفض وليها ومن حولها ترى أن هذا تحكم وتقييد عن الحرية، ولو استقبلت من أمرها ما استدبرت لما طلبت ورغبت فيما ليس لها، والذي سيثبته لها الزمان عاجلاً أو آجلاً.
وفق الله أختي وكل مسلم ومسلمة إلى خير ما يحبه ويرضاه.(20/472)
شكلي لا يعجبني
المجيب د. فاطمة الحيدر
طبيبة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 13/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد النصيحة في أمر شخصي، وهو أنني أعاني من اهتمامي الزائد في عيوب شكلي والمبالغة في ذلك، وأقول مبالغة لأني أعرف أنها كذلك، لكني لا أستطيع أن أخفف منها مثلا بشرتي غير صافية، فأصبح الموضوع يؤرقني؛ لأني أعلم أنه من المفروض أن أرضى بما قسم الله لي، ولكني ما راسلتكم إلا لكي أستطيع تجاوز الأمر؛ لأنه وبلا أدنى مبالغة كدَّر صفو حياتي، وقلّل ثقتي بنفسي، وسيطر على تفكيري، وأصبحت أراقب أشكال الناس وأقارنها بي، مع أن هذا لم يكن في السابق، بل كنت أرى نفسي جميلة، ما الطريق إلى التخلص من هذا التفكير المتعب؟ وجزاكم الله ألف خير.
الجواب
الأخت الفاضلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إن رضا الناس عن أشكالهم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنظرتهم عن أنفسهم أكثر مما يرتبط بحقيقة أشكالهم جمالاً وقبحاً، هذه النظرة ترتبط من ناحيتها باستقرار الشخص نفسياً وانفعالياً، ولذا نجد من الشباب والشابات في فترة المراهقة يقضون أوقاتاً أمام المرآة، ويشغل تفكيرهم بعض العيوب والنواقص الشكلية التي تدفعهم أحياناً للعزلة الاجتماعية، وهذا راجع في الأصل إلى فترة تشكيل الشخصية والذات التي يرضى عنها الشخص نفسه، أو لا يرضى، كما أن النظرة ترتبط بالإنسان نفسه، فكلما كان واثقاً كان أكثر رضا، وأقل اهتماماً بالشكليات، وأكثر انتباها للإنتاج والأداء، وترتبط هذه النظرة كذلك باستقرار الشخصية ونضجها، كما ترتبط بالمزاج العام، فكلما كان الإنسان سعيداً كلما كان أكثر رضا، وبالتالي أكثر تقبلاً لشكله، بغض النظر عن جماله وقبحه، وأنت الآن - يا عزيزتي- في عمر قد تجاوزت فيه فترة المراهقة بكل تداعياتها؛ ولذا أقترح عليك ما يلي:
1) إن كان هناك بعض العيوب التي يتفق على وجودها، وتحتاجين استشارة مختصة في الجلدية فافعلي ذلك، وأنصحك بالذهاب إلى شخص مؤتمن يقدر العيب بقدره، ولا يتجاوز إلى عمليات تجميل تجارية لا نهاية لها.
2) ثم انظري إلى مزاجك، هل أنت سعيدة في غالب الوقت وليس بالضرورة دائماً أم لا؟ وهل هذا المزاج المتعكر (في حال وجوده) مرتبط بأمور يمكن حلها أم لا؟.
3) وأخيراً انظري لنفسك وليس إلى شكلك، واهتمي بالأمور الكبيرة، لماذا خلقت؟ وجدي في العبادة، وما هو دورك لتحسين حالك؟ فجدي في الدراسة أو طوري عملك وشهاداتك، وما الدور الذي ينتظرك لهذا المجتمع وهذه الأمة؟ وقتها لن تجدي وقتاً للتفكير، هل بشرتي صافة أم لا؟ فالقضية أكبر من ذلك. والله الموفق.(20/473)
التبول غير الإرادي
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 27/12/1425هـ
السؤال
أنا فتاة أعاني من التبول اللا إرادي في الليل منذ الصغر، ذهبت إلى المستشفى فأخبروني أني لا أعاني من أي أسباب عضوية، وبدأت أتناول دواء (المينيرين) والآن لي -تقريبا- سنتان أتناول الدواء، ولكن عندما أحاول التوقف عن الدواء تدريجيا فإن المشكلة تعود مرة أخرى، ما هو سبب التبول اللا إرادي إذا لم يكن عضوياً، وهل العلاج الذي آخذه صحيح أم يجب تغييره؟ رجاء أجيبوني.
الجواب
الأخت الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شاكراً لك تواصلك مع موقع (الإسلام اليوم) .
إن التبول اللا إرادي من الاضطرابات النفسية الشائعة، وكثيراً ما يتحسن لدى كثير من الناس في مراحله العمرية المتقدمة، ونسبة قليلة تستمر معهم الحالة.
ومن أسبابها:-
(1) التأخر على ضبط التبول والتحكم فيه.
(2) عدم التخلص من المشكلات الانفعالية مما أوجد رابطاً بينهما.
(3) قلة الدافعية والإصرار على القضاء على تلك المشكلة.
إن أفضل الطرق لمعاجلة التبول اللا إرادي -وهي الأكثر استعمالاً - فهي تقنيات العلاج الدوائي والأشراط والعلاج النفسي السلوكي.
وهناك أفضل الأدوية استعمالاً وأثبت نجاحاً كبيراً منها " الأميبرامين " ومضادات الاكتئاب، وقد أثبتت فعالياتها في معالجة الاضطراب. وهي تصرف عن طريق الطبيب النفسي.
ومن الطرق السلوكية الشائعة:-
1- استعمال جهاز الجرس الذي طوره (مورر) وهو متوفر في الأسواق، وقد بلغت نسبة الذين تحسنت حالاتهم بعد استخدامهم الجهاز 75%
2- التدريب على الضبط والتحكم الذاتي، وقد يستحسن أن تستخدمي في النهار لتدريب المثانة على الضبط وهي أقل نجاحاً من الجهاز.
3- تعويد النفس على تجنب شرب السوائل بفترة لا تقل عن ساعتين قبل النوم.
4- عليك قبل النوم ضبط المنبه لإيقاظك بعد ساعتين للذهاب إلى الحمام، ثم ضبط المنبه مرة أخرى لإيقاظك بعد فترة زمنية أخرى للذهاب للحمام، وهي تجربة قد تفيد كثيراً متى ما كان هناك إصرار وتصميم وعدم تكاسل عن حلّ المشكلة.
ها هي طرق كثيرة جربيها ولا تيأسي، وليكن لديك قوة الإرادة والدافعية القوية لمعالجة التبول اللا إرادي.
وأخيرا أوصيك بتقوى الله، وكثرة الدعاء بأن يعينك على مبتغاك.
حفظك الله ويسر لك الأمر إنه جواد كريم.(20/474)
تنتابه أحلام اليقظة
المجيب د. محمد بن عبد الخالق شحاته
استشاري الأمراض النفسية بالقصر العيني بمصر.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 19/12/1425هـ
السؤال
تنتابني حالة غريبة أشعر من خلالها بأني في حلم، رغم أني أكون بكامل وعيي، فأحياناً عندما أجلس مع العائلة أو أكون في أي مكان تأتيني هذه الحالة الغريبة، وأشعر في أثنائها بالضيق والتوتر، وقد تشتد هذه الحالة لدرجة أني عندما أقوم بعمل ما -كالكتابة- أحس أن يدي لا تكتب، بالإضافة إلى شعوري بشيء في رأسي كالحرارة والحرقان، وقد عملت أشعة لرأسي -والحمد لله- لا يوجد فيه أي شيء. هل هذه حالة نفسية؟ أرجوكم ساعدني؛ لأني ما أستطيع أحتمل هذه الحياة.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. وبعد:
أهلا بك وسهلا -الأخت الكريمة - نشكرك على ثقتك بموقعنا، ومرورك الكريم به، الأعراض التي تعاني منها هيَ خليطٌ من علامات القلق والاكتئاب، وإن كان حظ الأعراض الاكتئابية أوفر، لكن قدرتك على مواصلة علاقتك بالله -عز وجل- وأداء الفروض، وقراءة القرآن والأذكار ستساعدك كثيرًا في الخروج من هذه الحالة -بإذن الله-وأنت في حاجة لزيارة طبيب نفسي يصف لك أحد مضادات القلق والاكتئاب تساعدك على المدى القصير في التغلب على الأعراض, أما على المدى الطويل فأنت تحتاجين إلى تعلم مهارة الاسترخاء، وتحتاجين لتعلم مهارة إقامة العلاقات الاجتماعية الحميمة وتجاوز حدود ذاتك, ويمكن أن يتحقق هذا من خلال عدد من جلسات العلاج النفسي تستعيدين فيها ثقتك بنفسك من خلال رؤية موضوعية لمواطن ضعفك وقوتك، كما تمارسين فيها تدريبات على الاسترخاء، وتكتسبين خلالها بعض المهارات الاجتماعية اللازمة، كما أنصحك بكثرة ذكر الله؛ فهو علاج نفسي لأعراض القلق والتوتر، قال تعالى:"الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [الرعد: 28] .
كما أنصحك بأن تقومي بشرب كوب حليب ساخن، عليه ربع ملعقة صغيرة من زنجبيل مطحون، مع دهن الجسم بزيت زيتون، فهو يفيد في مثل حالتك كثيرًا، مع تمنياتنا ودعائنا لك بالشفاء العاجل.(20/475)
هل أنا فتاة انطوائية وغامضة؟
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 08/12/1425هـ
السؤال
يقال لى: إنني فتاة انطوائية جداً وهادئة وغامضة ولست جريئة، حاولت مراراً أن أغير من نفسي ولكن دون جدوى، أصبحت أعيش في حنين للماضي وقلق من المستقبل، وأما الحاضر فهو تأمل وتفكير، أصبحت أكره نفسي أكثر من كرهي للآخرين، لا أجد من يساعدني أتمنى مساعدتكم.
الجواب
الأخت الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكر لك تواصلك الإلكتروني مع موقع (الإسلام اليوم)
أختي الفاضلة، لقد قرأت استشارتك عدة مرات وتعجبت مما أقنعتِ نفسك بأنك فعلاً تتصفين بتلك الصفات بمجرد أنه قيل لك ذلك، وأوهمتِ نفسك بحقيقة ذلك، وبالتالي نصبت الحواجز العالية بينك وبين تفاعلك الاجتماعي!!!
إنه لأمر غريب، وظلم للنفس أن ننزلها منزلة أقل ممّا تستحق!!
فلماذا من خلال كلمات.. أنت انطوائية، غامضة، تنقصك الجراءة، نسلم أنفسنا للقلق بشتى أنواعه، وبالتالي تنامي الأمراض النفسية، وقد تكون تلك الكلمات قيلت بلا دليل أو حقيقة يستند عليها!.
ولنفترض أنها قيلت لمجرد موقف معين اتخذه الشخص بلا قصد ومخالف لطبيعته، أو من خلال ملاحظة سلوك معين لظرف نفسي طارئ من الطبيعة أن يحدث، فليس معنى ذلك أنني أو أنت أو الآخر ... نعاني من اضطراب نفسي يجعلنا نجعل حياتنا تعيسة، عشقاً للماضي وقلقاً من المستقبل وكثرة تفكير وتأمل في حاضرنا.
لذلك عليك -أختي الكريمة- أن تغيري من قناعتك بنفسك من خلال تنمية التفكير الإيجابي وإحلاله مكان الأفكار السلبية المسببة للقلق وتناميه.
فحينما نشعر بأحاسيس القلق فمن الطبيعي أن تخطر في بالنا أفكار عديدة من أنه لدينا مشكلة، وأن الآخرين سيلاحظون ذلك، وهذا هو بداية لحلقة مفرغة مسببه للقلق.
ولمواجهة تلك الأفكار السلبية علينا بتقسيم الموقف المسبب للقلق إلى أربع مراحل:
(1) مرحلة الترقب التي تسبق القلق، وهي تتعلق بتوقع حدوث الموقف الذي يجعلك قلقة "لا للأفكار السلبية، نعم للأفكار الإيجابية ... ".
(2) الوقت الذي يسبق الموقف مباشرة " أنا مرتاحة، مسيطرة على نفسي، خذي نفساً عميقاً، وأخرجيه ببطء " " سيكون هناك قلق بسيط أستطيع السيطرة عليه.."
(3) أثناء الموقف " استمري بالتفكير الحالي وتجنبي ما يجب عمله ". دعي القلق داخل نفسك بلا محاربه..".
(4) بعد الموقف " أحس أن الوضع طبيعي ليس كما توقعت "
ملاحظة / ما وضع بين الأقواس حديث صامت مع النفس!!
ومن خلال تلك المراحل ستعودين نفسك على مواجهة، المواقف، وتغيير الأفكار السلبية تجاه نفسك.
وستجدين النتائج -بعون الله تعالى - كما تحبين، وأن ما أقنعتِ نفسك به هي أوهام وحواجز لا أساس لها!!
حفظك الله ويسر لك الأمر،،،(20/476)
عزيمتي انهزمت
المجيب سعد الرعوجي
مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 6/12/1425هـ
السؤال
شيخنا الفاضل: أنا شاب أعاني من الكسل، وعدم ترجمة الأفكار إلى عمل، وأتخوف من الإقدام إلى ما ينفعني في ديني ودنياي، وأنا أعرف أخطائي ولكن لا توجد العزيمة التي تؤهلني إلى التغلب على مشاكلي، فوجِّه لي بالنصيحة جزاك الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
الجواب
الأخ الكريم: شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع (الإسلام اليوم)
أخي الكريم أنت استطعت أن تحدد المشكلة والداء، وما بقي لك إلا الدواء والعلاج، فأنت حددت مشكلة الكسل والخوف وعدم الإقدام وضعف العزيمة، هذه أربعة أشياء تحطمك وتجعلك شاباً غير نافع لنفسك وأمتك.
إذاً ضد الكسل الهمة والنشاط، وضد الخوف الشجاعة والإقدام، وضد ضعف العزيمة العزيمة والحزم هذه أشياء أربعة مطلوبة حددها أمامك بوضوح فيتضح الهدف، ولوضوح الهدف معنى عظيم، فالأفضل أن تكون هذه الأهداف مكتوبة ولا تكتفي أن تكون في صدرك تعرفها ثم استعرضها كل يوم، وكل ما أمكن فإن في ذلك تذكيراً لك وربطاً لأهدافك حتى تعمل على تحقيقها، ثم بعد ذلك حدد الطرق التي توصلك لهذه الأهداف، واجعلها مرتبة الأهم فالأهم وهذا شيء ضروري ترتيب الأوليات. واجعل هناك تاريخاً لتنفيذها ومراجعة مدى ما قمت به وانقده، ثم اعلم أنه إذا فشلت طريقة أو عملية فلا يعني أن الحياة انتهت وأنك فشلت؛ لذا حاول وحاول ولا تتوقف.
فـ"أديسون" مخترع الكهرباء عمل آلاف المحاولات الفاشلة حتى نجح في النهاية إلى اختراع عظيم خلد اسمه في التاريخ.
كذلك -أخي الكريم- استعن بالأصدقاء المخلصين وذوي الهمة؛ فإنهم سيعينونك -بإذن الله- على تجاوز المشكلة.
كذلك اعلم أن المشكلة لن تنتهي بسرعة وتحتاج إلى وقت حتى تصبح عادة وسلوكاً طبيعياً.
كذلك اعمل على إيجاد قدوة لك، فالقدوة أحد الدوافع للعمل وشحذ الهمة واقرأ الكتب، فإن في قراءة الكتب دافعاً عظيماً وشحذاً كبيراً للهمة وابنذ الكسل والتهاون.
كذلك اقرأ الكتب التي تتحدث عن هذه المشكلة؛ فهي ستنير -بإذن الله- لك جزءاً من ظلمة الطريق.
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى،،،،(20/477)
البرمجة العصبية اللغوية مرة أخرى
المجيب د. خالد بن سعود الحليبي
وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 06/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
لا يخفى على فضيلتكم ما يطرح من أفكار جديدة، وآراء ومعلومات قد تكون مأخوذة من الغرب، وهذه الأفكار والمعلومات كثيرة جداً، ولكنا لا نجد من علمائنا من ينقِّحها أو يصحِّحها، أو يبيَّن لنا فيها رأياً، قد يكون رشداً لنا وإنارة، ومن هذه الأفكار التي تطرح ما يسمى بعلم البرمجة اللغوية العصبية، التي كثر الحديث عنها ما بين مؤيد لها ومنكر، فنريد من فضيلتكم توضيحاً من وجهة نظركم حول هذا العلم. وجزاكم الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
الجواب
أجاب عن السؤال الشيخ/ د. خالد بن سعود الحليبي (وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء) .
الجواب:
أخي الكريم: سلام الله عليكم ورحمته وبركاته. أما بعد:
فقد كثر الحديث عن علم البرمجة العصبية اللغوية، ولعل بعض من تحدث لم يدخل ولا دورة واحدة من دورات الـ "nlp"، ولذلك فإن تصوره عنه ليس تاماً، ولكني أخذت دورة في هذا العلم من ثلاثين ساعة، ومنحت دبلوما فيها، وقد قدمها لنا أحد طلبة العلم، يحفظ كتاب الله بعدة قراءات، ودرس الفقه والشريعة على عدد من المشايخ الفضلاء، وكان مبدعا في ربط برنامجه بالتصور الإسلامي، دون أية محاولة للي أعناق النصوص لتطاوع ما يقول. وما يقال عن الطقوس الدينية القديمة وتداخلها مع هذا العلم، فهو من مسؤولية المدرب، بأن يتقي الله، فلا يقدم إلا ما يتفق والتصور الإسلامي. ثم إني أوصي المدربين كذلك ألا يضخموا الجانب المادي والقدرات الفردية على الجانب الروحي، والقدرة الإلهية، فمهما كان الفرد قوي الإرادة منظما في حياته، مخططاً مبرمجاً نفسه بقدرة فائقة يبقى الأمر كله لله تعالى، ولعل حادث الهجرة أوضح من أن يفصل فيه، فقد قام الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعدد من الإجراءات الأمنية، ومع ذلك فإن المشركين وصلوا إلى فوهة الغار، وهنا قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- للصديق-رضي الله عنه-: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما" متفق عليه أخرجه البخاري (3653) ، ومسلم (2381) وغيرهما من حديث أبي بكر - رضي الله عنه-.
والخلاصة: إن أي علم إنساني يأتي من الغرب فعلينا غربلته والاستفادة منه، فالوقوف في وجهه لن يوقفه، بل سيجعل وباله أشد حين يقدمه غير الصالحين، أما الآن فإن هذا العلم غالب من يقدمه هم من المعدودين في المستقيمين، هكذا نحسبهم والله حسيبهم، ولا نزكي على الله أحداً، وهؤلاء وإن أخطأوا فعلينا النصيحة لهم، ولكن يبقون أولى من غيرهم لتقديم هذه العلوم. على أني أحذر من الفتنة بكل دخيل، من أن يكون بديلا عن منهاج حياتنا، وتأسينا برسولنا صلى الله عليه وسلم.
يقول شاعر الأحساء الشيخ عبد العزيز آل مبارك:
وخذوا من الغربي خير علومه *** وذروا قبيح خلائق وطباع
وفقك الله يا أخي الكريم لما يحب ويرضى.(20/478)
المرض النفسي وضعف الإيمان
المجيب د. تركي بن حمود البطي
طبيب نفسي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 04/08/1425هـ
السؤال
هل يوجد إنسان مسلم يعاني من مرض نفسي؟ وهل يمكن القول: إن المرضى النفسيين ضعاف الإيمان؟.
الجواب
أخي السائل الكريم: أتمنى أن تكون بخير وصحة وعافية، وأما بخصوص سؤالك فالإجابة عليه كالتالي:
المرض النفسي مثله مثل المرض العضوي، له أسباب وأعراض، وكذلك له علاجات، والمرض النفسي يمكن أن يصيب أي إنسان، بغض النظر عن ديانته أو عرقه، ولا يمكن أن نصف الإنسان المصاب بالمرض النفسي بأنه ضعيف الإيمان، هناك دراسات أثبتت أن الأشخاص الذين لديهم إيمان قوي بالله، أقل عرضة للإصابة بالأمراض النفسية، ولكن هذا لا يعني أن من أصابه مرض نفسي ضعيف الإيمان، فالشريحة التي تزور العيادات النفسية كبيرة، ومن ضمنهم يأتينا مشايخ وطلبة علم، وأئمة مساجد، ولديهم بعض الاعتلالات النفسية، فهل يعني ذلك أنهم ضعاف الإيمان، ولكن الله ابتلاهم بهذا الداء أو ذاك ليرى صبرهم واحتسابهم، كما لو أصابهم داء السكري، أو ضغط الدم، أو غيرها من الأمراض العضوية، لكن كذلك أوافقك من جهة أخرى أن من يقل الإيمان عندهم نجد أن الشيطان يتخبطهم من هنا وهناك، وبالتالي لو كان عندهم قابلية للإصابة بالمرض النفسي قد تظهر عليهم الأعراض مبكراً من غيرهم.
والأمراض النفسية كثيرة جداً، وأنواعها متفرقة، جزء منها أثبتت الدراسات أن لديها جينات محددة، وتنتقل عن طريقة الوراثة، فهذه الأمراض ليس لها ارتباط بالإيمان، ولكن تنتقل عن طريق وجود تاريخ عائلي لهذا المرض أو غيره.
نحن في الطب النفسي لا نغفل الجانب الإيماني، بل إن الطبعة الأخيرة من أحد كتب الطب النفسي الغربي غيرت طريقة العلاج في الطب النفسي من علاج دوائي نفسي اجتماعي، إلى دوائي نفسي اجتماعي روحي.
فالغرب رغم بعدهم عن الجانب الروحي الذي يعيشه الإنسان المسلم الحق، ومع ذلك هم يعترفون به كعامل مهم في نجاح العملية العلاجية، فعندما نصف للمريض العلاج الدوائي، ونحوِّله إلى الأخصائي النفسي أو الاجتماعي إذا احتاج لا نغفل جانب تذكيره بالله، وربطه بالأدعية والأذكار، والطاعات، على حسب جهده وطاقته، لكن هذا الأمر لا يكون في كل الحالات، ولا في أي وقت من العلاج، بل نتحين الوقت المناسب لزرع هذه الإيمانيات في قلب المريض.
ويجب أن تعرف -يا أخي السائل- أن الأمراض النفسية نوعان وهي:
ذهانية: كالفصام والضلالات، وغيرها، وهذه الحالات يفقد المريض البصيرة بمرضه.
عصابية: كالاكتئاب، والوسواس القهري، والقلق، وغيرها، وهذه الحالات يكون المريض مستبصراً بحالته، ويمكن تطبيق العلاج الروحي معه.
آمل يا - أخي الكريم - أن تكون خرجت بفائدة من هذه الإجابة، وإذا أردت المزيد، أو طرأ عليك استفسار فلا تتردد بالتواصل معنا. حفظك الله ورعاك.(20/479)
زوجي مريض نفسياً
المجيب عبد العزيز بن محمد الضبيب
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 09/05/1425هـ
السؤال
عقد قراني على شاب، وبعد ما بدأت الاتصالات بيني وبينه عرفت أنه مريض بمرض نفسي، ويعاني من شعور بالنقص، ولا يريد أن يتحمل مسؤولية أهله بعد الزواج إلا من الناحية المادية، علماً بأنه أكبر إخوته، وهو العائل لهم بعد وفاة والده، وهو أيضاً متعلق بي بطريقة غريبة.
وعندما يتكلم معي يخاطبني بصيغة المذكر، ولا أعرف ما السبب؟ وأشياء أخرى كثيرة جعلتني أستخير في طلب الانفصال عنه، وقد ارتحت كثيراً لهذا القرار، هل أنا محقة في اتخاذ مثل هذا القرار؟ وهل يكون علي واجبات تجاه هذا الزوج مع أنه لم يدخل علي؟ أفيدوني وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أختي العزيزة لقد تمعنت في رسالتك، وأسال الله أن أوفَّق للطرح المبارك الذي يدلك على الخير، ويساعدك على اتخاذ القرار المناسب.
بداية لقد أوضحت في رسالتك بأنه تم عقد قرانك على هذا الشاب (عقد النكاح) ، وبذلك فإن هذا الشاب يعتبر زوجاً لك على سنة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-، وله كافة الحقوق الزوجية، وليس من العدل والإنصاف والحكمة أن تتخلي عنه في هذا الظرف مع قبولك به زوجاً.
وقد أخبرنا نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم- بأن الدنيا متاع، وخير متاعها الزوجة الصالحة فيما رواه مسلم (1467) من حديث ابن عمرو - رضي الله عنهما - فكوني صالحة، وساعدي زوجك في تجاوز هذه المشكلة، وسأطرح عليك بعضاً من الرؤى التي يمكن أن تسهم بحل هذا الأمر:
أولاً: تحققي بالفعل من وضع زوجك هل لديه فعلا مرض نفسي؟ بالاعتماد على تقرير طبيب مختص.
ثانياً: إذا ثبت بأن زوجك لديه مرض نفسي فينبغي عليك مساعدته والوقوف بجانبه؛ فالمرض النفسي يمكن علاجه، فابذلي كل ما في وسعك لإقناعه بزيارة الطبيب النفسي المتمكن، واستثمري بذلك تعلقه بك دون ضغوط، ولكن بأسلوب الإقناع، وأخبريه بأن الأمر مهم في سبيل حياتكم الزوجية، وعديه بأن الأمر سيبقى سراً بينكما، واستمري في متابعة جلساته النفسية، وعززي من ثقته بنفسه وتحقيق التقدم في العلاج.
ثالثاً: تخيلي مدى الضرر النفسي الذي سيسببه تخليك وابتعادك عنه في هذه الأزمة دون أي محاولة للمساعدة، وتحلي بالصبر والعزيمة الجادة والصادقة في سبيل تحقيق النجاح في تحقيق الصحة النفسية لزوجك، الأمر الذي سينعكس على حياتك الزوجية السعيدة وتحقيق أحلامك الواقعية بعيداً عن الأحلام الخيالية.
رابعاً: أختي العزيزة تبلغين الآن 28 عاماً، الأمر الذي أثق بأنك ستتمكنين من اتخاذ القرار المناسب، ولكن تذكري بأن الفرصة مواتية بالنسبة لك بعلاج الأمر وتكوين أسرة سعيدة بعد أن تتمكنين من مساعدة زوجك على تخطي هذه المعضلة، خاصة مع كونه متحملاً لمسؤولية رعاية إخوته، وهذا مؤشر جيد على استعداده لتحمل مسؤولية تكوين أسرة ورعايتها. والله أسأل أن يوفقك لاتخاذ القرار المناسب، والقرار لك.(20/480)
تنمية التفكير
المجيب د. علي با دحدح
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 1/1/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ: أنا دائماً أفكر كثيراً، أريد أن أخرج من هذا التفكير بشيء إيجابي، لكن أحس أن تفكيري محدود جداً، فإذا فكرت مثلاً في قضية من قضايا الأمة، أو مشروع من مشاريعها لا أصل إلى المطلوب أو حتى الجزء أو النتيجة؟ فأرجو توجيهي إلى ضوابط التفكير وكيف يفكر الإنسان تفكيراً صحيحاً؟ وكيف ينتج ويكون
إيجابياً؟ -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:
فإن السائل مشكور على عنايته بأحوال أمته وتفكيره في إيجاد حلول لقضاياها أو تبني مشروعات نافعة لنهضتها، فهذا أمر محمود وله دلالات منها:
(1) الغيرة الإيمانية على الأحوال السلبية في الأمة الإسلامية.
(2) المتابعة والتعرف على أحوال وقضايا الأمة الإسلامية.
(3) النفسية الإيجابية المقاومة لأسباب الضعف.
ومن هنا فإن السائل ينبغي له أن يتفاءل، وألا يجعل لليأس طريقاً إلى نفسه، فإنه وإن لم يصل إلى نتيجة جيدة فإن مجرد تفكيره إيجابي، وإن استمرار تفكيره سيوصله إلى نتائج إيجابية - بإذن الله تعالى- وسؤاله يدل على رغبته الأكيدة في تلمس الطريق الصحيح إلى التفكير المثمر.
باختصار شديد يمكن أن نخلص عملية التفكير في ثلاثة عناصر هي: وجود المعلومات والخبرات المنظمة، ثم استخدام هذه المعلومات والخبرات في معرفة الواقع، وتشخيصه والوصول إلى الأسباب وتحليل الظواهر، ثم تحويل الدراسة والتحليل إلى حلول عملية للمشكلات، وأسس علمية للنهضة والإصلاح، ونلخص أهمية وفائدة التفكير في هذه النقاط:
التفكير ضرورة إنسانية: لأن المزية الكبرى للإنسان هي العقل المفكر، وكما هي الحاجة والمنفعة في استخدام الجوارح المختلفة من بصر وسمع ونحوها، فكذلك- من باب أولى- استخدام العقل وتشغيله.
التفكير دعوة قرآنية: فآيات القرآن مليئة بالدعوة إلى التفكر والتدبر في الآيات المسطورة، والآيات المنظورة، "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون" [النحل: 44] .
التفكير بداية عملية: فإن كل مشكلة تعرض، وكل عمل يبدأ، وكل أمل يشرق لا يمكن أن يترجم إلى عمل إلا بالبدء بالتفكير والانطلاق منه.
التفكير آلية إنتاجية: فإن حل المشكلات أو إطلاق المبادرات، قد يكون سحابة صيف عابرة مرتبطة بذوات الأشخاص، أو بتوفير ظروف معينة، لكن عندما يتحول التفكير إلى ثقافة وممارسة منهجية فإنه يصبح قاراً على التفاعل الإيجابي الدائم الذي لا يكون مجرد رد فعل، بل يؤسس للتعامل مع التوقعات قبل حدوثها.
التفكير روح إيجابية: لأن اليأس قد سرى إلى بعض النفوس، والإحباط قد أحاط بكثير من الناس، فإذا انطلقت الدعوة للتفكير، وبدأت تؤتي ثمارها، أشعلت نور الأمل من جديد، وأعادت الثقة للنفوس لتواصل مسيرتها وجهادها في الإصلاح والتطوير.
وكذلك هذه خلاصة لأنواع التفكير المنشود(20/481)
التفكير العام: وهو الذي يعنى بالشأن العام للأمة، وليس مقتصراً على التفكير في الشؤون الخاصة للأشخاص أو المؤسسات، فهذا يحظى بعناية أربابه؛ لما يحقق لهم من مصالح، وقد نجد نماذج متميزة تفكر في أمورها الخاصة بكفاءة عالية، ويهمنا كيف نستثمر تفكيرها في الأحوال العامة للأمة.
التفكير الشمولي: وهو الذي يتناول المسائل من جميع جوانبها، ويفكر في جميع ما يتصل بها، فالتداخل في عالم اليوم جعل العلاقات متشابكة، فالاقتصاد يؤثر على السياسة، والسياسة ترتبط بالإعلام، وكل من الاقتصاد والإعلام ينعكس على المجتمع وهكذا، ومن ثم لا بد أن يكون التفكير شاملاً لجميع العلاقات والتداخلات المتصلة بالموضوعات.
التفكير المتخصص: ونحن في عصر التخصص الدقيق، فإنه ينبغي أن يعطى التخصص حقه وقدره، وأن تحال كل قضية للمتخصصين؛ لئلا يتصدى لها من لا يحسنها؛ ولئلا تتكرر مآسي واقعنا في وجود مسؤولين على رأس وزارات في غير تخصصاتهم، فالصحة مسئولها متخصص في الجيولوجيا، والصناعة مسئولها متخصص في النحو، وهكذا.
التفكير الواقعي: إذ التفكير يبدأ من معلومات الواقع أساساً، والواقعية تبتعد عن الأحلام والخيالات، وعن المزايدات والمبالغات، ولكنها في الوقت نفسه لا تستسلم للواقع، بل هي تهدف إلى تغييره والتغلب على مشكلاته، وسلبياته، ومن ثم فإن الواقعية ليست قيداً يحد من التفكير، ويحول دون التغيير، كما قد يفهم بعض الناس، ويلحق بالواقعية المرونة التي لا تحمل على التصورات والحلول الآحادية، بل تضع التوقعات وتحسب حساب ردود الأفعال، ومنها إيجاد البدائل وتنويع الحلول والوسائل.
التفكير التكاملي: وهو التفكير الذي تتكامل فيه الجهود، وتتضافر فيه الطاقات، ولا يكرر فيه ما سبق التفكير فيه بل يبنى عليه، ولا يكون التكامل إلا إذا وجد مبدأ التعاون، وكان هو روح العمل وأساسه، ثم إن الجوانب التخصصية المختلفة لا بد من جمعها، والتأليف بينها؛ لأن التداخل والتأثير بين الجوانب المختلفة يوجب ذلك.(20/482)
وحتى يكون التفكير منهجياً صائباً فإنه لا بد أن يبنى على اليقين لا الظن "إن الظن لا يغني من الحق شيئاً" [يونس:36] ، وعلى التثبت لا التخرص "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" [الحجرات: 6] ، ويجب أن يقوم على الحق لا الهوى "قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين" [الأنعام: 56] ، ولا مناص أن يكون أساسه الصدق لا التلون، والصراحة لا المداراة، وبعيداً عن النفعية البراغماتية، والميكافيلية التحايلية، فالغاية لا تبرر الوسيلة "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" [التوبة: 119] ،ويلزم أن يعتمد التفكير على الدقة والتفصيل لا على الإجمال والتعميم، والمعلومات الدقيقة أساس التفكير والتخطيط، وفي قصة يوسف - عليه السلام- إشارة ودلالة "قال تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلاً مما تأكلون. ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلاً مما تحصنون. ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون" [يوسف: 47-49] ، وأخيراً لا تتحقق الجدوى الكاملة إلا بأن يكون التفكير عملاً مؤسسياً لا يعتمد كلياً على الأشخاص، وإن كان يقدر أدوارهم ويستثمر خبراتهم، فالأصل هو المنهج لا الأشخاص، والقضايا لا الأفراد، والنظام المنهجي لا المزاج الشخصي.
ولا بد من إدراك أن الطريق إلى إحياء التفكير وجدية العمل، ودقة التخطيط، وأمانة التنفيذ، وكفاءة الأداء كل ذلك طريقه ملئ بالعقبات الداخلية والخارجية، فهناك الروح الانهزامية المستسلمة لتفوق الغير، وهناك العقلية النمطية الرافضة لمبدأ التغيير والتجديد، وهناك مراكز القوى النفعية التي تقوم مصالحها على الارتباط بالأجنبي، وهناك بيروقراطية الأداء في الأجهزة الحكومية، بل والخاصة أحياناً، وهناك أرباب النفوذ السياسي في الطبقات الحاكمة التي لا ترى لغيرها حقاً أو إمكانية في الإنتاج والإنجاز، هذا فضلاً عن الإغراق في الملهيات، والاستغال بالتفاهات، ولا ينبغي نسيان استهداف الأعداء لمنع عجلة التطور من الدوران؛ لأنها أكبر خطر على مصالحهم، ويزعزع نفوذهم، ولكن كل ذلك ينبغي أن يكون - لدى العقلاء والمخلصين- زاداً للتحدي وعوامل للإصرار حتى نتحرك شيئاً فشيئاً في مقاومة تلك العوائق، ونتقدم الخطوات الأولى في مسيرة آلاف الأميال نحو اليقظة والنهضة.
وليعلم السائل أن التفكير الذي أثمر مشروعات، وأعمالاً كبرى إنما جاء من أشخاص لهم علم واسع، وخبرة عميقة، وتجارب متتابعة، وتعاون إيجابي مع الآخرين؛ ولذلك أنصح بمواصلة التفكير، والبحث عن مخارج الأزمات، وحلول المشكلات، ومشروعات الإصلاح مع الاستفادة بما سبق ذكره، وأحب أن أوصي السائل بهذه الخطوات العملية:
(1) القراءة والتدبر في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم-والصحابة عموماً والخلفاء الراشدين منهم خصوصاً -رضي الله عنهم جميعاً-، وذلك بالنظر في عبقريتهم الذهنية وقوتهم النفسية، وإبداعاتهم العملية، ويمكن التركيز على بعض الكتب التي تعتمد مبدأ التحليل ودراسة جوانب التفكير، والفوائد من سيرتهم.(20/483)
(2) القراءة في سير أعلام المسلمين في العصور المتأخرة الذين واجهوا الاستعمار، وقاوموا الانحراف، وأسسوا مشروعات، وحركات كان لها أثرها البارز، ودورها الكبير في حياة مجتمعاتهم المحلية، بل وعلى مستوى الأمة الإسلامية من أمثال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية، والشيخ عبد الحميد بن باديس في الجزائر، والشيخ حسن البنا في مصر، والشيخ أبو الأعلى المودودي في الهند وباكستان، وغيرهم، وفي سيرهم وجهودهم كتب كثيرة، وهناك كتاب حافل بسير عدد كبير من الأعلام الذين لهم إسهامات في نهضة الأمة وهو كتاب (النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين) د. محمد رجب البيومي.
(3) القراءة في كتب التفكير الصحيح والإبداع من وجهة النظر الإسلامية مثل الكتب التالية: (التفكير بداية الطريق إلى النهضة الإسلامية، د. محمود الخالدي، التفكير العلمي، د. فؤاد زكريا، حتى لا تكون كلاً، د. عوض القرني، خطوة نحو التفكير القويم، د. عبد الكريم بكار، فصول في التفكير الموضوعي، د/ عبد الكريم بكار، التفكير الإبداعي، د. عبد الله الصافي) .
(4) القراءة المتخصصة في أحوال الأمة من خلال الدراسات الموضوعية أو الجغرافية التي قد تعنى بدراسة أحوال الاقتصاد مثلاً، أو أحوال بلد معين.
(5) حضور بعض الدورات في التفكير والإبداع وطرائقهما مثل دورات التفكير الإبداعي، القبعات الست، وغيرها.
(6) مقابلة أهل العلم والدعوة وأهل الفكر، والرأي البارزين في المجتمع ممن لهم كلمة مسموعة، وآراء متميزة؛ وذلك لمجالستهم ومساءلتهم والاستفادة من تجاربهم.
(7) الاستعانة بالاستقامة والدعاء لله - عز وجل- بالتوفيق لما يحبه ويرضاه، وما ينفع البلاد والعباد، مع استحضار أهمية التجرد والإخلاص.
والله أسأل أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(20/484)
التشتت الفكري.. والضيق يقتلاني!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 11-4-1424
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي الكبرى أنني أعاني من ضيق في الصدر ووجع في الجسم وتشويش في الأفكار كلما دخلت بيتي مع أني لا أختلف مع زوجي.
الجواب
أختي الكريمة أشكر لك تواصلك مع موقع" الإسلام اليوم" وأسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.
أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:
أولاً:- جاء سؤالك مختصراً وموجزاً، حد الإخلال.. والتفصيل هنا مهم..!! فلم تذكري شيئاً عن حياتك الأسرية وأبناءك.. وهل تعيشون في منزل مستقل أم هو مشترك مع أسرة زوجك.. وهل أنت موظفة أم ربة منزل.. وما هو عمل زوجك وطبيعة علاقتكما معاً..؟! وغير ذلك من التفاصيل الهامة جداً لتشخيص الداء ووصف الدواء..!!
ثانياً: ربما كان ضيق الصدر ووجع الجسم سببا لتشوش الأفكار الذي تعانين منه. وربما كان نتيجة.. ولذلك فإن الخطوة الأهم هي معرفة أيهما السبب وأيهما النتيجة؟! وهذا ما يحدده إجراءك كشفاً طبيا لدى إحدى الجهات المختصة لمعرفة ما إذا كانت هذه الأوجاع وهذا الضيق " عضوي " أم " نفسي "!!!
ثالثاً: لتعلمي - أختي الكريمة - أن المشكلة - غالباً - ليست فيما يعترينا من صعوبات أو عقبات أو مشكلات عارضة.. فهذه سنة الحياة ونحن لن نخرج بحال عن طبيعتنا البشرية ونقصنا الإنساني..!! ولكن المشكلة - كل المشكلة - هي ما نسقطه على هذه الأمور من تفسيرات أو إسقاطات.. ومن ثم يزداد قلقنا واضطرابنا.. وقد نحمل الأمور أكثر مما تحتمل.. وبالتالي تتفاقم لدينا المشكلة ويزداد الضيق.. ويتضخم الهم ككرة الثلج المنحدرة..!! فنتقلب في فرشنا ونصطلي بلهيب الهواجس والمخاوف والأوهام.. ونعيش في دوامة قد لا نخرج منها إلا بصعوبة!!! وكل ذلك بسبب ما أسقطناه على مشكلاتنا من تفسيرات وتوقعات وهمية هي أبعد ما تكون عن الواقع.
رابعاً: يجب - تبعاً لذلك - ألا نعطي المسائل أكثر مما تستحق وأن نضعها في حجمها الحقيقي ونتعامل معها بشكل إيجابي مبني على التشخيص إما بشكل خاص.. أو باستشارة أهل الاختصاص.. ومن ثم البدء في علاج هذه المشكلة.. أو على الأقل التقليل من أعراضها ... أو التعايش معها كقدر مكتوب نؤجر عليه بقدر صبرنا واحتسابنا. وننظر إليه على أنه جزء من " معادلة الحياة " البشرية المليئة بالإيجابيات وفي نفس الوقت " بعض السلبيات..!! وهذا لا يعني توقف الحياة.. عند هذا الحد.. أو توقفنا عند حدود ندب حظوظنا ولطم خدودنا..!! فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير.. ومن معاني القوة الصبر والاحتساب ومجاهدة النفس والهوى.. والتفاعل الإيجابي مع التفاصيل اليومية لحياتنا.!.
خامساً: هناك طريقة " علمية " وعملية في نفس الوقت للتعامل مع مثل هذا " الضيق النفسي " و" ضبابية الرؤية " وتشويش الأفكار " وهي طريقة: ماذا..؟ ولماذا؟! وكيف؟!! وملخص هذه الفكرة ما يلي:(20/485)
1) اجلسي جلسة هادئة في مكان هادئ واحضري قلماً ومجموعة كبيرة من الأوراق ثم اسألي نفسك سؤالاً مكتوباً.. وهو: ماذا أعاني؟
ثم أجيبي على هذا السؤال كتابة أيضاً بكل ما تعانين منه بحسب أولوياتها لديك فعلى سبيل المثال (أولاً - مشكلتي مع زوجي.. ثانياً: مشكلتي مع قريبتي فلانة ثالثاً.. وهكذا) واكتبي كل شيء تعانين منه مهما كان صغيراً ومهما كان الوقت الذي سينقضي وأنت على هذه الحال.
وبعد ذلك.. اسألي السؤال الثاني: لماذا أعاني؟! ثم ابدئي بهذه الأمور التي كتبتِها واحدة واحدة مثال: لماذا أعاني من مشكلة مع زوجي.. وما كنه المشكلة؟ وابدئي بالكتابة بالتفاصيل المملة..!! ولا تتركي شيئاً إلا واكتبيه في هذه النقطة.. ثم انتقلي إلى النقطة التي تليها (مشكلة قريبتي فلانة) وهكذا.. حتى تستكملي كل النقاط.
وبعد ذلك.. أعيدي قراءة كل ما كتبتِه.. واستعملي بعض الأقلام الملونة للتوضيح.. ستكتشفين أن كثيراً من النقاط هي من البساطة واليسر بحيث أنها لا تستحق ذلك الحيز الذي شغلته وهذا الاهتمام الذي أعطيتِه إياها..!! وبمجرد أن تم تفكيكها ووضعها على الورق اتضح مدى بساطتها بل " و " تفاهتها!! " ولكن وجودها مع غيرها كتلة واحدة في " عالمك الداخلي " أعطاها هذا الحجم المبالغ فيه..!! أما وقد تم تجريدها عن غيرها فإنها أقل من أن يلتفت لها..!!! وستستفيدين أيضاً فائدة مهمة جداً.. وهي أن ما قمت به من كتابة وتفصيل هو نوع من " التنفيس الانفعالي " المهم جداً.. والضروري جداً لتفريغ هذه الشحنات الوجدانية السالبة..!! وهذا مكسب كبير ورائع.
وأخيراً: اسألي السؤال الثالث: كيف أتعامل مع هذه المشكلة..؟ وعودي إلى النقطة الأولى (مشكلة الزوج مثلاً) وضعي الكثير من الحلول المقترحة.. إما مثلاً جلسة مصارحة وعتاب. أو كتابة رسالة رقيقة له.. أو توسيط أحد الثقاة.. أو غير ذلك.. ثم انتقلي إلى النقطة الثانية.. ثم الثالثة.. والرابعة.. وهكذا.
وبعد ذلك ضعي التوصيات النهائية لهذا الاجتماع " الثمين جداً " مع نفسك.. وجدولاً " موضوعياً " للتنفيذ.. واستعيني بالله وتوكلي عليه وابدئي أول خطواتك..! صدقيني.. ستكتشفين أن هذا الاجتماع مهما كان وقته طويلاً وربما متعباً.. إلا أنه " أثمن اجتماع في حياتك.. وسيكون له ما بعده بعون الله.
سادساً: وهناك طريقة أخرى.. وهي ما يسمى بـ " دوائر الحياة " وفائدتها أن نحدد من خلالها مكمن المشكلة.. بدل أن يظل الألم عام والرؤية مشوشة.. مثلما يحدد طبيب الأسنان أيهما المشكل.. ثم يبدأ بعلاجه.. فتنتهي مشكلات كثيرة متداخلة ومؤرقة..!!
وتتلخص فكرة " دوائر الحياة " بوضع دائرة الذات في الوسط ونعني بها دائرتك أنت.. ثم نخرج منها بخطوط متوازية دوائر أخرى مثل " دائرة الأبناء ... الأصدقاء.. الزوج.. الأسرة.. المعارف.. المادة ... الوظيفة ... الخ ".(20/486)
ثم نبدأ بفحص هذه الدوائر شيئاً فشيئاً وواحدة فواحدة.. أيهما مصدر القلق.. وعندما نكتشف أن مصدر القلق أو الوجع هذه الدائرة أو تلك.. نبدأ بإخراج دوائر تفصيلية أخرى منها.. مثال: لو كانت دائرة العمل أو الوظيفة هي الدائرة المزعجة لدينا فإننا نقسمهما إلى دوائر " دائرة المدير العام، زملاء العمل.. مكان العمل....الخ فإذا حددنا أي هذه الدوائر الفرعية.. قسمناها أيضاً إلى دوائر أخرى أصغر.. فلو كانت الدائرة المزعجة هي دائرة زملاء العمل.. كانت دوائرها الفرعية هي " فلانة ... فلانة ... أو فلانة.. والخ.
ثم استخرجي من تلك الدوائر الفرعية..دوائر أخرى فمثلاً " فلانة ... المزعجة تكون دوائرها الفرعية.. طريقة تعاملها.. كلماتها.. تجاهلها لك.. تعاليها.. الخ وبعد ذلك.. ستكونين وضعتِ المشكلة في حجمها المناسب بدل أن كانت مشكلة عامة ومؤرقة.. أصبحت مشكلة تدور في دائرة العمل.. وليس العمل كله.. بل في دائرة زميلات العمل.. وليست كلهن.. بل دائرة " فلانة " وبشكل أدق في دائرة هذا التصرف منها أو ذاك..!!! أما بقية الدوائر فهي سليمة أو على الأقل ليست مزعجة!!!
وأخيراً: " أصلحي ما يمكنك إصلاحه " من هذه الدوائر.. واستمتعي بالأشياء الإيجابية في حياتك وتذكري " أن أعقل الناس أعذرهم للناس ".
سابعاً: وقبل هذا وبعده. أذكرك بحديث المصطفى صلوات الله وسلامه عليه الذي قال فيه (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب..)
فالله الله بكثرة الاستغفار وقراءة الأوراد اليومية (أذكار الصباح والمساء) وقراءة القرآن وذكر الله (أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ) والمحافظة على الصلوات والرواتب.. والالتجاء إلى الله بالدعاء فهذا هو الحصن الحصين للمسلم.. وهو منبع الطمأنينة والاستقرار.
ثامناً: كوني متفائلة.. واستقبلي يومك بذكر الله والاستعانة به والتوكل عليه.. والابتسامة الصادقة.. وبادري بالسلام وكوني إيجابية مع نفسك وأسرتك وصديقاتك ومبادرة بالخير لهم.. وضعي لك رسالة في هذه الحياة مفادها: إيصال الخير للجميع بكل ما تستطيعين.. وثقي أن الله سيعينك ويوفقك.
جعلنا الله جميعاً هداة مهتدين.. ووفقنا للخير وجعلنا من مفاتيحه.. ووقانا من الشر وجعلنا من مغاليقه.. إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه.(20/487)
كثرة السرحان
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/أخرى
التاريخ 18-5-1423
السؤال
أنا شاب كثير السرحان اثناء الصلاة لدرجة أنني أحياناً أنسى ما قرأت في الركعة الأولى.. هل هناك طريقة للتخلص من هذا السرحان؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أخي الكريم! من هو الذي لا يعاني من هذه المشكلة وهي الهواجس في الصلاة-؟ . اعلم يا أخي أن المسلم إذا دخل في صلاته دخل في صراع مع الشيطان وخاصة في الفريضة - لأنه - أي الشيطان - يعلم مدى خطورة الصلاة ومكانتها في الإسلام ولكن بين مقل ومستكثر ودائما من يحرص على عدم الشرود فإن الله سبحانه يوفقه - وسأذكر لك بعض الطرق لعلها تعينك على الثبات:
1- النفس دائما تفكر بآخر شيء فعلته. فإذا دخلت في صلاتك تذكر ماذا فعلت. ستجد نفسك تتعلق به وتتفكر فيه. لذلك عليك أن تحضر للصلاة بوقت كاف. فهذا يجعل الراحة والسكينة وسكون العقل والفكر يخيم على ذهنك.
2- أكثر من الاستغفار. فإذا دخلت للمسجد حاول أن تكثر من النوافل ثم تكثر قراءة القرآن.
3- إذا وقفت تصلى وكبرت تكبيرة الإحرام، انظر إلى موضع سجودك واقرأ بصوت تسمعه وتحسه أنت ولا يسمعه الذي بجوارك.
4- وأنت ذاهب إلى الصلاة تأمل هذه الصلاة وأن نجاتك مدارها على تأديتها بشكلها الصحيح. فإن ذلك يجعل قيمتها في نفسك عالية.
5- ما هي الأشياء التي تكثر التفكير بها..؟
غالبا يخزن في اللاشعور صوراً أو أحاديث تشغلنا ثم نراها في حالة السكون إما في النوم
أو داخل الصلاة ... فانتبه لما تراه أو تسمعه ...
6- وأنت ذاهب للمسجد انفث عن يسارك ثلاث مرات وتعوذ بالله من نزعات الشيطان الرجيم.
7- اسأل الله سبحانه المعونة وأن يحفظ لك صلاتك.
8- اعلم أن الله سبحانه لا يكلف نفساً إلا وسعها. فإذا حرصت وبذلت وقاومت الشيطان وعرفت أنه عدو لك، وإن بدا لك في صلاتك أثناء هواجسك أنك داعيه أو عالم - أو مصلح - أو تنفق الأموال في سبيل الله فكل ذلك من خداع الشيطان وتزينه.....
أسأل الله أن يحفظ علينا صلاتنا ويتقبل منا،،،
أعانك الله،،،،(20/488)
همومنا تشغلنا كثيراً!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 2-1-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
السؤال في مشكلة أعاني منها أنا وزوجي وهي أننا نفكر كثيراً في كل شيء ونحمل الكثير من الهم وذلك يؤثر على عباداتنا فنفكر في كل وقتنا بما يمر بنا من هموم ومشاكل فهل من حل لذلك..؟؟! ولكم جزيل الشكر.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
أختي الكريمة أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولاً: إعمال الفكر في أمورنا الحياتية وشؤوننا الخاصة والعامة مطلب ضروري وهام لكي نتعامل معها كما يجب ونستفيد منها أيضاً كما يجب!! وقد حث القرآن الكريم - وهو كلام الله تعالى - على إعمال الفكر في أكثر من آية (ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً..) (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) (أفلا تتفكرون) (أفلا تعقلون) وغيرها من الآيات التي تحثنا على إعمال الفكر في أمورنا وشؤوننا.. بل والحياة والخلق حولنا.
إذاًَ فالتفكير بحد ذاته لا يمثل مشكلة.. بل هو مطلب هام وضروري.. يأمرنا به ديننا ويحثنا عليه قرآننا.
ثانياً: قد يتحول هذا الأمر " التفكير" إلى مشكلة نفسية أو اجتماعية.. إذا أصبح عائقاً للإنسان عن تأدية دوره الطبيعي والمأمول منه في الحياة..!
كأن يحمل الأمور أكثر مما تحتمل.. ويشغل نفسه في التفكير في أمور لا يقدم فيها كثرة التفكير ولا يؤخر!! بل يصبح لصاحبه هماً مزعجاً ومعيقاً له عن التقدم والإبداع والمبادرة!!! ودافعاً له للتردد والحيرة.. والفشل في اتخاذ أي قرار!!!
وقد يصبح التفكير مشكلة شرعية إذا تجاوز فيها الإنسان حدود قدراته العقلية والاستيعابية في التفكير فيما وراء الغيب.. مما لا يمكنه الإحاطة به.. بل ويفتح من خلاله للشيطان الرجيم أبواباً كثيرة للتأثير عليه.
ثالثاً: أما ما يتعلق بتفكير كما الكثير في كل شيء.. وحملكما هماً لكل مشكلة.. فهو إلى حدٍ ما شيء طبيعي.. بشرط ألا يعيقكما عن ممارسة حياتكما بشكل طبيعي.. وأعني هنا.. هل هذا التفكير يقودكما إلى إيجاد حلول لهذه المشكلات التي تواجهكما..؟! وهل تستحق هذه المواقف الحياتية كل ما تقتطعونه لها من وقت للتفكير..؟! إذا كانت الإجابة بنعم.. فلا توجد هناك أي مشكلة..! وإن كانت الإجابة بـ لا.. فقد قطعتما بإدراككما أنها لا تستحق نصف الطريق للعلاج.. وهو تشخيص المشكلة والإقرار بها..!! لأننا متى ما عرفنا نوع المشكلة سهل علينا إيجاد الطريقة المناسبة للتعامل معها.
رابعاً: التغلب على هذه المشكلة يحتاج إلى بعض التدريب.. وبعض الوقت.. وأنتما تملكان القرار للبدء.. وتملكان - بعون الله وتوفيقه - القدرة على ذلك.. ويجب أن تثقا بأنفسكما في هذا الجانب!
خامساً: أقترح عليكما.. أن تقسما مشاغلكما ومشاكلكما إلى ثلاثة مستويات:-(20/489)
• المستوى الأول: مشاغل أو مشاكل تؤثر تأثيراً مباشراً على حياتكما الزوجية والاجتماعية بشكل كبير قد يؤدي إلى القطيعة.. فهذه يجب إعطاءها حقها من التفكير الموضوعي.. وحسمها والتفاهم حولها.. وعدم تركها لتتراكم مع الوقت حتى يصعب التعامل معها.
• المستوى الثاني: مشاغل أو مشاكل تتساوى فيها الإيجابيات والسلبيات.. وأنتما في النهاية طرف فيها.. فهذه استخيرا الله فيها ولا بأس من التشاور حولها.. ومقارنة البدائل ثم اتخاذ ما ترونه حيالها.. مراعين في ذلك المسائل الشرعية والعرفية.. دون مبالغة في التحري والاهتمام.
• المستوى الثالث: مشاغل أو مشاكل لا تعنيكما بأي حال لأنها تتعلق بالآخرين.. وهذه من الأولى عدم الخوض فيها وإشغال النفس واستهلاك الوقت حولها.. لأنها ببساطة لا تعنيكما..!! ولن يقدم فيها رأيكما أو يؤخر.
سادساً: أمورنا وقضايانا الحياتية لا تخرج عن ثلاثة أقسام:-
• أمور قد مضت وانقضت.. وهذه يجب ألا ننشغل فيها كثيراً.. إلا بالقدر الذي يجعلنا نستفيد منها من أخطاءنا وتجاربنا للمستقبل.. فالماضي لا يعود ولا داعي للانشغال بأمور قد ذهبت.
• أمور مستقبلية.. وهذه من الأولى ألا ننشغل فيها كثيراً قبل أوانها.. لأن المستقبل في علم الغيب.. وكل ما علينا هنا هو أن نضع مجموعة من الخيارات لهذا الأمر.. وعندما يحين أوانه.. نتكل على الله ونتخذ القرار.
• أمور حالية نعيشها.. وهذه هي التي نحاول أن نوازن فيها بين جميع البدائل المتاحة.. ولا بأس من التشاور حولها.. وتبادل الرأي دون مبالغة أو قلق كبير.. ففي النهاية ستسير الأمور كما نتمنى بإذن الله.. وما دمنا فعلنا الأسباب من استخارة واستشارة فإن الخيرة فيما اختاره الله.
سابعاً: تعويد النفس على هذا الأمر يحتاج إلى تدريب ويمكن أن تتفقي أنت وزوجك على أن تتعاونا في هذا الأمر ويذكر بعضكما بعض عندما يسرف على نفسه في الاهتمام بأي موضوع أكثر من اللازم وشيئاً فشيئاً ستجدان أنفسكما وقد أصبحتم تتعاملون مع الأمور الحياتية بموضوعية كبيرة.
ثامناً: هناك كتاب جميل في موضوع القلق.. وبه طرق عملية جيدة للتعامل مع هذا الموضوع أنصحكم بقراءته وهو كتاب (دع القلق وابدأ الحياة) لمؤلفه " ديل كارنجي".
تاسعاً: وقبل هذا وبعده إحضار النية والدعاء الصادق بأن يوفقكم الله ويعينكم ويسدد خطاكم.(20/490)
لأجل ذلك ... تجنبتهم!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/أخرى
التاريخ 22/11/1422
السؤال
أرجو منكم الجواب على هذا السؤال أنا بطبعي إنسانه لا أتكلم كثيراً وذلك الشيء جعلني أفضل البقاء في المنزل لكي أتفادى الإحراج من الناس وكثيراً من الأوقات أفكر بأن مشكلتي نفسية الرجاء مساعدتي لكي أعرف ما هي المشكلة وما هو الحل؟
الجواب
أختي الكريمة أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولاً: لعلك تقصدين أنك إنسانة " إنطوائية " إلى حدٍ ما.. وتفضلين العزلة أحياناً عن الاختلاط.. وهذه ليست مشكلة بذاتها.. بل ربما كانت مطلباً في بعض الأحيان..!! ولذلك قالوا " الوحدة خير من جليس السوء " ولكن المشكلة هنا إذا أفضت هذه الوحدة أو الانعزال إلى نوع من الانطواء على النفس وتجنب الناس بشكل كامل.. مع ما يترتب على ذلك - أحياناً - من هواجس وأفكار قد تفضي بالإنسان إلى نوع من الاكتئاب والوحدة!!!
ثانياً: أما الهدوء والرغبة في التأمل والهرب من الضجيج وقيل وقال.. فهذه ليست مشكلة نفسية بل هي " فلسفة " في الحياة لدى البعض أو رغبة.. وكما أسلفت لا بأس بها إذا أفضت بالمرء إلى تطوير ذاته عن طريق القراءة أو الرسم أو الكتابة.. أو الاستفادة من وقته بقدر المستطاع.
ثالثاً: جميل لو استفاد المرء من هذه الأوقات بزيادة رصيده في الآخرة.. وهو الرصيد المضمون.. والاحتياط الاستراتيجي الذي سيحتاجه يوم لا ينفع مال ولا بنون.. وذلك عن طريق استغفاره وقراءة القرآن والتسبيح والتهليل والصلاة على رسول الله وقراءة بعض الأذكار والأوراد.. وهو جهد لا يكلف شيئاً بل يستطيع المرء ممارسته على كل حال.. كما أنه استثمار مضمون الربح فالحسنة بعشر أمثالها إلى مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
رابعاً: لا بأس أحياناً من محاولة مشاركة بعض الأقارب أو الأصدقاء مناسباتهم وأفراحهم.. قدر المستطاع.. ولا يتطلب ذلك أن تكوني المتحدثة الرئيسية في المناسبة.. بل مجرد المشاركة والحضور والتفاعل الإيجابي بشكل أو بآخر هي إضافة هامة للإنسان وبناء لشخصيته.. وهي مطلب ضروري لخروج المرء من دائرته الخاصة إلى دوائر الآخرين للتأثير عليهم إيجاباً حتى ولو بشكل جزئي.
خامساً: لا تستثقلي صمتك أمام الآخرين.. ولا يدفعك ذلك لتجنبهم.. فعادة لا يلام "الصامت" بقدر ما يلام "الثرثار" وبعض الصمت حكمة.. ثم إن الإنصات الإيجابي للمتحدث عن طريق المشاركة البصرية وإظهار بعض علامات الموافقة اللفظية أو الحركية.. تعتبر نوع هام جداً من المشاركة.. وربما وجد المرء فرصة للتعليق أو الإضافة.. أو غير ذلك.. وهذا هو المطلوب..
وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك،،(20/491)
أعاني من التفكير بالمستقبل..!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 25/9/1422
السؤال
أعاني كثيرا من التفكير في المستقبل فهل هذا مرض نفسي أم لا؟ آمل الإفادة مع الشكر
الجواب
أخي الكريم أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:
أولاً: لقد أوجزت كثيراً في سؤالك، فلم تذكر لنا منذ متى وأنت تفكر في المستقبل.. وما هي أعراض هذا التفكير.. وآثاره.. ومدى حِدته..؟! وهل له أثر على مناشطك الأخرى في الحياة؟ وهل أعاقك عن القيام بدورك المأمول..؟! كل هذه أمور هامة نستطيع من خلال معرفتها وتصورها.. إدراك مدى خطورة هذا الأمر عليك، وهل دخل ضمن الأمراض أم لا..؟!!
ثانياً: لتعلم يا أخي أن هناك فرقا كبيرا بين أن تفكر بمستقبلك، وأن تقلق على مستقبلك..!! فالأول إيجابي لأنه يحفزك للتخطيط والاستعداد، ووضع التصورات لما تريده وتطمح إليه. ومن ثم تسعى - بعد الاتكال على الله - لتحقيقه.
أما الثاني.. فهو أمر سلبي، لأنه يعني الدخول في متاهات القلق السلبي المدمر نحو أمور لم تزل في علم الغيب ولا يزيدك القلق عليها إلا وهناً في دنياك ونقصاً في دينك؛ فهي معارضة لمبدأ التوكل على الله حق التوكل وحسن الظن به.
ثالثاً: "لو اتكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً " فهل أمعنا النظر في هذا الحديث وجعلناه منهاجاً لنا؟ ولا يعني ذلك _ بأي حال _ التواكل والسلبية المطلقة.. بل تطبيق المبدأ النبوي "اعقل.. واتوكل" أي افعل ما يلزمك فعله من الأسباب ثم اتكل بعد ذلك على مقدّر الأمور ومصرفها سبحانه وتعالى.
رابعاً: ما فات مات، والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها هذه هي الحقيقة، فلا تفكر كثيراً بما فات، ولا تعبر الجسر قبل وصوله، وتأكد أننا مطالبون بفعل الأسباب ولسنا مسؤولين عن النتائج.. وبالمناسبة هناك الكثير من الأفكار والأقوال التي تعبر عن هذا الأمر تجدها في " زاوية لافتات ضوئية " في نافذة الاستشارات.. آمل الاطلاع عليها والاستفادة منها.
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(20/492)
لقد كرهت مساعدة الناس..!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 26/7/1422
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أخي كنت فيما مضى أجد نفسي ولذتها في مساعدة الناس وقضى حوائجهم.. الا إنني تلقيت من صفعاتهم وجحود هم وغدرهم ما جعلني اكره مساعدة أي احد..!!! وبل ولا أفكر في تقديم أي مساعدة لأي كان.!! فهل تراني محقا!؟
الجواب
أخي الكريم.. أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.. كما اسأله أن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: قال تعالى [فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره] هل أدركت ذلك يا عزيزي وتمعنت فيه جيداً..؟! هل تيقنت أن البر لا يبلى وأن الذنب لا ينسى وأن الديان لا يموت..؟!
فلماذا تجزع من جحود الناس.. ومماطلتهم وسوء تعاملهم..؟! وأنت تقرأ قوله تعالى [وقالوا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحدا]
ثانياً: لكل ذلك.. فكن على يقين أن عملك الخير مسجل لك عند رب العباد.. بغض النظر عن امتنان العباد أو جحودهم.. فاجعل عملك الخير لأجله.. واحضر النية في ذلك.. ولا تنتظر الشكر من أحد المخلوقين..
ثالثاً: أخي الكريم.. لا تجعل نظرتك للحياة مرتبطة بجانب واحد أو بزاوية واحدة.. فإن لقيت في هذه الحياة بعض الجحود أو الكذب والمماطلة.. فذاك أمرا متوقع..!! وربما كان مؤلماً للنفس.. ولكنه جزء من المشهد الحقيقي للحياة.. ففي الحياة مشاهد أخرى إيجابية.. حاول أن تركز عليها وتكتشفها وتجعلها مداراً لعطائك.
رابعاً: أقرأ سيرة الأنبياء عليهم السلام.. والصحابة.. وكثير من المصلحين.. لتكتشف حجم الجحود والمعاناة والألم الذي واجهوه في حياتهم.. ومع ذلك استمروا في رسالتهم وعطائهم.. وكانت العاقبة لهم..
خامساً: واصل مسيرتك.. حسب جهدك وطاقتك.. وبفضل الله أبواب الخير واسعة ومتنوعة.. وتذكر قول الشاعر:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس.
وفقك الله وسدد على طريق الخير خطاك..(20/493)
ضغوط نفسية رهيبة.. وعدم توازن..!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية /اخرى
التاريخ 26/7/1422
السؤال
أخي مشرف النافذة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.. أنا فتاة في بداية العشرينات00 أعاني من ضغوط نفسية كبيرة جداً وأشعر بعدم التوازن النفسي. كيف أستطيع أن أحل هذه المشكلة؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد..
أختي الكريمة اشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأما عن استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: لقد أوجزت في السؤال كثيراً.. رغم أهمية التفاصيل أحياناً في مثل هذه الأمور.. فمثلاً ذكرتي الأعراض "إجمالاً" وهي الضغوط النفسية الكبيرة.. وعدم التوازن النفسي.. ولم تذكري لنا الأسباب.. رغم أهميتها في العلاج أو الحل.. الذي طلبتيه..!!!
ثانياً: لا أدري ما هي ظروفك الاجتماعية والأسرية.. هل الوالدين على قيد الحياة.. وكم عدد الاخوة والأخوات ومع من تعيشين.. وما هي علاقتك بوالديك وإخوانك عموماً.. وما هو وضعك المادي.. وهل مازلت طالبة.. والعديد من التفاصيل الهامة جداً في تشخيص المشكلة وبالتالي اقتراح البرنامج العلاجي لها.
ثالثا ً: لو أردنا البحث عن أسباب هذه الضغوط بصفة عامة فسنجد أنها تنشأ عادة من بعض العقبات المادية أو الاجتماعية أو الأسرية أو الشخصية.. أو الصراع بين الواقع والأمل.. أو التجاذب بين الرغبات والدوافع00 والإقدام والإحجام وغيرها من أمور تبدأ عادة صغيرة ثم تكبر شيئاً فشيئاً حتى تملأ أفق الحياة والعالم الداخلي لهذا الإنسان.. فيستسلم لها وييئس تحت وطأتها!!! بينما يتخوف البعض من فقدان مركز اجتماعي.. أو شخص عزيز عليه.. وقد يتوهم البعض أموراً لا وجود لها.. بل ويقلقون لأجلها.. وبالتالي تنعكس عليهم هذه الأوهام وهذا القلق ضغوطاً نفسية لا مبرر لها..!!
رابعا ً: هناك ما يسمى بـ" قناع إدراك الواقع " وهو قناع غير مرئي يدرك المرء من خلاله الأشياء ويفسر على ضوءه الأمور.. فإذا كان هذا القناع مهلهلاً وممزقاً ومشوهاً.. بالخوف والقلق والاضطراب.. والمفهوم الذاتي السالب.. فإن صاحبه يفسر الأشياء من خلاله تفسيراً سلبياً مشوهاً.. مما يزيد من كمية الضغوط النفسية التي يشعر بها..!! فإذا رأى إنساناً يبتسم ظنه يسخر منه..!! وإن رأى أناسًا يتحدثون فيما بينهم بهدوء ظنهم يتحدثون عنه بسوء..!! وهكذا.. تتوالى المواقف.. ويتوالى تفسيرها السالب عن طريق هذا القناع.. وبالتالي تتراكم الضغوط وينعدم التوازن.
خامساً: لكل ذلك.. فإن الخطوة الأولى للخروج من هذه الدائرة هي بإبدال هذا القناع السلبي.. بقناع إيجابي ترين من خلاله الأشياء والأشخاص والمواقف بشكل إيجابي.. منطلقة في ذلك من حقيقة رددتها طويلاً هنا.. وهي أن الحوادث لا تضيرنا.. بقدر ما يضيرنا موقفنا من هذه الحوادث ونظرتنا إليها..!!(20/494)
سادساً: من المهم جداً التعامل مع الحياة إجمالاً بواقعية توازن دائماً بين الرغبات والقدرات.. والطموحات والإمكانات.. دون أن يعني ذلك التواكل والسلبية وعدم التخطيط.. بل بذل الأسباب والاتكال على رب الأرباب.. واليقين بإن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا حتى ولو اجتمعت لذلك الجن والإنس.. كما جاء في الحديث الصحيح.. وهنا تطمئن النفس.. وتستريح..!!
سابعاً: من المهم الإشارة هنا إلى أهمية اتخاذ القرار حالاً.. بمواجهة هذه الضغوط.. وعدم الاستسلام لها والانهزام أمامها.. ولا بأس بعد التوكل على الله من اختيار صديقة موثوقة عاقلة.. لكي تبثين لها همومك وتنثرين على جالها أحزانك.. وهذا أمر مهم جداً.. وهو ما يسمى: بـ " التنفيس الانفعالي " فمن جهة قد تعينك برأي أو مشورة.. ومن جهة فمجرد حديثك أمامها.. وربما بكائك يخفف كثيراً مما تشعرين به..!!
وهناك طريقة أخرى.. وهي الكتابة.. حيث تحادثين نفسك عبر الورق.. عما تشعرين به كسؤال مطروح.. ثم تبدأي الإجابة بالتفصيل على شكل نقاط.. وبالتالي تحاولين تحليل هذه النقاط.. واحدة واحدة.. ووضع كل الاحتمالات لها والحلول.. وترسمين على ضوء ذلك برنامج مستقبلي لمسيرتك وعلاقاتك مع الآخرين..!! صدقيني ستفاجئك النتيجة بإذن الله.. وهي نتيجة إيجابية.
ثامناً: لا تبرري أخطائك.. أو مواقفك.. خاصة أمام نفسك.. بل واجهيها بصدق وعقلانية وحلليها - كما أسلفت - وكوني إيجابية في نظرتك لها.. ولنفسك.. وللحياة عموماً..!! ولا تنهزمي عند أول سقطة.. بل انهضي وواصلي المسيرة مستعينة بالله جل وعلا.
تاسعاً: لا تنسي أختي الكريمة قراءة القرآن بشكل يومي وقراءة الأوراد الصباحية والمسائية والإكثار من ذكر الله {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} . فهذه الأمور هي أكبر عون لك في انشراح الصدر وسعة البال.. والرضى بما قضى الله.
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك..(20/495)