زوجتي متبرجة
المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 18/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لي زوجة عاصية، متبرجة ولا تريد لبس العباءة، وحاولت معها شتى الطرق وإن كنت شديداً قالت طلقني، ولدي منها ثلاثة أولاد، وقد مضى على زواجنا عشر سنوات، ولا تحب الخوض في الدين ولا النصيحة. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الزوجة هي شريكة الرجل في الحياة، والرجل هو الذي بيده القوامة على النساء قال تعالى: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض" [النساء: 34] ، لذا عليك النصح لهذه الزوجة بأن الدين يأمر بالحجاب والستر؛ وبيان الأدلة الدالة على ذلك، وأن عمر الإنسان مهما طال فقصير، ثم يوضع الإنسان في حفرة ويحثى عليه التراب؛ لذا على الإنسان أن يسعى للعمل الصالح، فالتذكير بمثل هذه الأمور قد يجدي، فإذا لم تستجب فلا بد من الأمر بذلك والحزم على مثل هذه الأمور الواجبة شرعاً؛ لأن "الرجل راع على أهل بيته ومسؤول عن رعيته" كما في الحديث الذي رواه البخاري (893) ومسلم (1829) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، وإذا لم تستجب اعتبرت امرأة ناشزة، تعامل كما تعامل المرأة الناشزة، فبعد النصح الهجر ثم الضرب "ضرب غير مبرح"، من المجدي أن تجعلها مع صديقات أو جارات صالحات يؤثرن عليها، فالصديق له دوره الإيجابي في ذلك. كذلك جلب الأشرطة والكتيبات الدالة على فرضية الحجاب، وأنه ملزم ولا يرجع فيه لهوى النفس، أيضاً منعها من بعض الأشياء التي تحبها في مقابل عدم الاستجابة للبس الحجاب، وقبل هذا كله عليك بالدعاء لها بالهداية، وأن تكون زوجة صالحة ومربية ناجحة لأولادك؛ فقد قال تعالى: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة:186] فهو خير مسؤول، فما يدريك قد يستجيب الله لك فتتغير الحال. أسأل الله ذلك.(18/282)
زوجتي ليست ملتزمة!
المجيب د. عبد العزيز الصمعاني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 18-2-1423
السؤال
الإخوة الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زوجتي ليست ملتزمة بينما أنا ملتزم، هي تستمع إلى الأغاني.. وتنظر إلى الرجال الأجانب بكثرة..!!! خصوصا الذين لهم حظ من الجمال..!! ولكني لم أرد التسرع في معاقبتها، فما هي الطريقة المثلى للتعامل في تلك الحالة؟
الجواب
أخي الفاضل.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد..أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
إن التوافق بين الزوجين في الفكر والالتزام ولو لم يكن بنسبة كبيرة ضروري جدا لاستمرارية الحياة الزوجية دون خلافات مؤثرة، ولعل ما واجهته يكون خبرة لك تفيد بها مستقبلا من يريد الزواج ويكفي قول النبي صلى الله عليه وسلم.. (فاظفر بذات الدين تربت يداك.)
أما حب استماع الأغاني ومتابعة المطربين فهي مشكلة ليست بسيطة حيث أن مثل هذا العمل قد يؤدي إلى عمل منكر آخر مثل نظر المرأة إلى الرجال الأجانب لذلك أعتقد أن استماع زوجتك للأغاني قد يكون سبب نظرها إلى الرجال الأجانب فلو حاولت تربية زوجتك وإقناعها على عدم الاستماع إلى الأغاني لانتهت المشكلة الأخرى وهي النظر إلى الرجال الأجانب. إذا دورك الآن هو مساعدة زوجتك، بالتربية، لتصل إلى فكرك والتزامك وهو تجنب الحرام، والاستماع إلى الأغاني حرام كما ذكر علماؤنا، وأنا ذكرت كلمة التربية قصدا لأشير أن العلاج يحتاج إلى وقت وعوامل تساعد على ذلك.
ومن أسباب الاستماع إلى الأغاني عدم معرفة الحكم الشرعي الصحيح وضعف الوازع الديني والفراغ ووجود مسوغ للاستماع إلى الأغاني مثل وجودها بكثرة في بيئة الشخص وهكذا. نصيحتي لك أن تأخذ بالاعتبار أولا أن كل شخص فيه نقص أو سلبية معينة، ولكن النقص يختلف بحجمه وسوءه من شخص لآخر ثانيا وهي مهمة أن ملاحظة استماع الأغاني عند زوجتك قد لا تلام فيه كل اللوم لأنها قد تربت على ذلك قبل الزواج ولم تجد فرصة كافية لمعرفة الخطأ وحجمه.
لذا أنصحك أن تبحث عن العوامل أو الأسباب التي دفعت زوجتك إلى الاستماع إلى الأغاني أو النظر إلى الرجال الأجانب لإزالتها أو تجنبها مع محاولة النصح والإقناع أن هذا العمل بالإضافة إلى أنه لا يجوز شرعا فهو لا يساعد كذلك على تقوية العلاقة والحب بينكما لأنك لا ترضاه لزوجتك والتي بالمقابل لا ترضى لك أن تفعل شيئا تكرهه هي أو يثير غيرتها مثلا. ولا أنسى أن أذكرك دائما بالدعاء الذي ينبغي أن يسبق أي عمل تجاه هذه المشكلة أو غيرها.
ملخص ما ذكر:
1-التوافق بين الزوجين في الفكر أو الالتزام أمر ضروري.
2-حب استماع الأغاني ومتابعة المطربين قد يؤدي إلى عمل منكر آخر.
3- العلاج تربوي وبالتالي يحتاج إلى وقت كافي.
4- أسباب الاستماع إلى الأغاني..!!!
5-أن كل شخص لا يخلو من نقص أو سلبية معينة
6- قد لا يلام الشخص وحده في بعض الملاحظات.
7-البحث عن العوامل أو أسباب ذلك الخطأ.
8-الحجة والإقناع.
9- الدعاء.
وفقك الله ورزقك الذرية الصالحة.(18/283)
أنا بين خيارين مُرَّين: نزع الحجاب أو الطلاق!
المجيب د. نذير بن محمد أوهاب
باحث في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 21/05/1426هـ
السؤال
أنا متزوجة منذ سبع عشرة سنة، ولدي بنت، وزوجي يعتني بي وببنتي، يعاملنا بلطف -والحمد لله-. والآن يقول: إنه سيطلقني؛ والسبب في ذلك أنني ألبس الحجاب. صحيح أنني لم أكن ألبس ذلك عندما تزوجني، ولكن -الحمد لله- الآن أرتدي الحجاب بدون أي إشكال، إلا أن زوجي يقول: إن الحجاب ليس بواجب في الإسلام، وعليَّ نزع الحجاب إذا كنت أرغب في البقاء معه، وإلا سيطلقني، فهل أطيع زوجي وأنزع الحجاب، أم أستمر في لبس الحجاب ويطلقني؟ هو لا يصلي منذ عدة سنوات، وأنا سئمت نصحه والتغاضي عنه، فهناك انقطاع بيننا على جميع المستويات، لكنه لم يغادر البيت بعد. يشرب الخمر والدخان ويرجع إلى البيت في ساعات متأخرة، مع أن عمره يزيد عن الخمسين سنة. وقبل أيام قال لي: إننا سنذهب إلى القاضي، أو عليَّ أن أنزع الحجاب. أحبه جيداً، وأحب الاحتفاظ على أسرتي كما كانت، لكني أحب الله أكثر. أرشدوني ماذا أفعل، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
يعتقد الإنسان أحياناً أن فراقه لشخص يحبه، أو تحوّله عن مكان ألفه، أو فقدانه لشيء اقتناه لمصلحته، واغتبط به ... أن ذلك نهاية سعادته، وبداية مأساة لا يعرف عواقبها، وقد أثبتت التجارب أن مثل هذا الشعور الذي يسيطر على المرء، والناتج عن طبيعة بشرية مليئة بالعواطف والمشاعر الحساسة، هو إحساس سرعان ما يزول ويتلاشى متى ما دخل الإنسان تجربة أخرى، وقد يجد نفسه في وضع أفضل من ذلك الذي كان يعيشه متى كانت المنغصات في الأول لا تفارقه، والضغوط النفسية متحكِّمة في حياته، والخوف على مستقبله، ومستقبل أولاده -من سوء العواقب- مسيطر على تفكيره، وأي خوف أشد على دين الإنسان، وتعريض فلذة كبده لما لا تحمد عواقبه في الدنيا والآخرة.
أختي المؤمنة.. إن الحال التي وصفت بها زوجك -إن لم يكن منها سوى تركه للصلاة، وتعاطيه المسكر (الخمر) بالصورة التي ذكرت في السؤال، والتي يفهم منها تضييعه لزوجته، وإهماله تربية ابنته، والحال أنكم تعيشون في الغرب، حيث الغربة غربتان - جدير بالانفصال عنه، وطلب الطلاق منه، لا خوفك أنت من مبادرته هو بالطلاق؛ ذلك أن تركه للصلاة بالكلية -مع نصحك له- قد كفر به عند طائفة من العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" أخرجه الترمذي (2621) ، والنسائي (463) ، وابن ماجة (1079) . وقوله صلى الله عليه وسلم:" بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" أخرجه مسلم (82) . ومن لم يكفر بها فهي كبيرة من كبائر الذنوب التي يستتاب منها، فإن تاب ورجع وإلا قتل، وقد قال عمر -رضي الله عنه- في من ضيَّع الصلاة لا في من تركها:"إنه لما سواها أضيع"، وهل هناك أضيع من تعاطي المسكر، ودخول البيت مع الفجر مع انسلاخ عن تربية الأولاد، وعدم الاكتراث لمصيرهم ومستقبلهم؟!(18/284)
وأمر زوجك لم يتوقف عند هذا الحد، بل تعداه إلى مصادرة حريتك في تدينك المكفول حتى من الكفار، حين يطلب نزع الحجاب، فهو يأمر من تحت يده بمعصية الله تعالى، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"إنما الطاعة في المعروف" أخرجه البخاري (7257) ، ومسلم (1840) ، وفي رواية أخرى:"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (1095) ، وتبجحه بعدم وجوبه في الإسلام، كلام تافه صادر من جاهل بأحكام الإسلام، وقد يكون مقلداً لبعض من زلَّت بهم الأقدام في هذا الباب، قال تعالى:"يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين" [الأحزاب: 59] ، وقوله تعالى:"وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ... "الآية [النور: 31] ، قالت عائشة رضي الله عنها:"لما نزلت هذه الآية شققن مروطهن فاختمرن بها". رواه البخاري (4758) .
والظاهر من سؤالك أنك تدركين ذلك؛ بدليل تمسُّكك بالحجاب، وحبك لله -تعالى- وطاعته، وخوفك من مخالفة أمره. ثبتك الله على الحق، وفرّج عليك، ورزقك من يملأ حياتك سعادة وفرحاً. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.(18/285)
زوجي يأمرني بالنقاب وعملي يهددني بالإقالة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 30/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرجاء المساعدة فأنا في مشكله كبيرة، حيث إني أعمل كمحاسبة بمؤسسة دولية لتشغيل اللاجئين، وأنا متزوجة بشاب ملتزم، ويريد مني أن ألبس النقاب، وأنا مقتنعة بذلك، ولكن إن ارتديته سيتم إقالتي من العمل، مع العلم أن زوجي عاطل عن العمل.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الواجب ستر الوجه عند الأجانب، ورضا الله لا يعدله شيء، والتفريط في مرضاته واستعراض غضبه ومقته لا تعدلها خسارة، والرزق بيده سبحانه، ولا ينبغي من مثلك -في إيمانها وعفتها وديانتها والتزامها بدينها- أن تفرط في شيء من شعائر الإسلام الواجبة خشية فقر أو حرمان رزق؛ فالرازق في السماء، وهو الواهب الواسع المتفضل، ومن يتّقه ويصبر يعوّضه خيراً، ويرزقه من حيث لا يحتسب، فالتزمي الحجاب الشرعي الصحيح، ولا يستهوينك الشيطان ويخوفك حرمان رزق أو فقدان وظيفة، وما يدريك لعل ما تحسبينه من حرمانك الوظيفة بارتداء النقاب اليوم مجرد أوهام وظنون خاطئة، فأطيعي في الله زوجك الذي لم يأمرك إلا بمعروف وطاعة واجبة. وفقك الله.(18/286)
كيف أتعامل مع كذب زوجي؟
المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 17/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
كيف أتصرف عندما أكتشف أن زوجي يكذب، لقد اكتشفت ذلك في عدة مواقف ومن ثم صرت أشك في كلامه ولا آخذه كله على محمل الجد، بل أتساءل بيني وبين نفسي يا ترى أين الجزء الصحيح وأين غير الصحيح في كلامه؟ تعبت من شكي في صدقه، مع العلم أنني كنت أثق بكلامه إلى أن اكتشفت وصدمت أول مرة بأنه سافر إلى مكان آخر غير الذي أخبرني به، وعندما واجهته لأعرف سبب خداعه لي برر موقفه بأنه يريد أن يرضيني، وكان يعلم أنني لم أكن أريد له أن يسافر، إذا اختار طريق الكذب تجنباً لأي خلاف معي، المشكلة أن يستسهل الكذب (الأبيض) لحل العديد من الأمور، لذلك صرت أشك في أنه يخدعني في بعض الأمور، ولكن لا أملك الأدلة، تعبت أعصابي من التفكير والتحليل بأسلوب بوليسي لأكشف الغموض والتكتم الذي يحيط نفسه به، فهل المشكلة عندي بأنني شكاكة؟ أم عنده بأنه يكذب؟ والمهم هو كيف أتعامل مع أسلوبه؟ هل أمر حكيم أن أواجهه دوما، أم الأفضل أن أتجاهل الأمر؟ ولكنني لا أريد أن يستغفلني ويشعر أنه تمكن من خداعي، ما هي أفضل وسيلة للتعامل مع شخص يكذب؟ وذلك قبل أن أفقد احترامي له، أتمنى معرفة طريقة عملية بإعطائي أمثلة لو أمكن، مثلا: عندما طلبت منه إحضار شيء معين، وادعى أنه لم يجده، ثم اكتشفت أنه موجود في ذلك المكان الذي ذهب إليه، فكيف أواجهه؟ طبعاً هذا قد يبدو مثلا سخيفا بعض الشيء ولكنه أمر يتكرر، فأرجوكم ساعدوني وانصحوني قبل أن تنهار أعصابي، وقبل أن تتغير نظرتي له وأفقد احترامي له. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أختي الكريمة- وفقها الله لكل خير- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الذي أراه ألا تكوني واضحة تماماً أمام أسلوب تعامله، بل أظهري له بأنه على حق في غالب أموره، فلا تواجهينه بالمكاشفة والمتابعة حتى تضطرينه إلى التحدي ثم إعلان قراره النهائي، فربما يقول بصراحة: نعم كذبت ونعم فعلت، فماذا ستفعلين معي؟ وربما يلجأ إلى شيء أشد وأعظم فيضرك وتكونين أنت السبب؛ لأنك جعلت من نفسك رقيباً ومحاسباً دقيقاً على أعماله وتصرفاته.
فاقبلي منه قوله ولا تحرجينه، لكن كوني على حذر إذا كان الخبر فيه مضرة مباشرة عليك، أما إذا لم يكن فيه ضرر عليك فلا تهتمي كثيراً، والذي يظهر أنك أنت فعلاً شديدة الحساسية وكثيرة الشكوك، فلا تتعبي نفسك، ولا تكوني سبباً لفقد ثقة زوجك بك، فإن ظهر لك شيء من كذبه دون متابعة منك، وملاحقة فلا تظهري الشماتة به إنما اعذريه ومع ذلك انصحيه بلطف ورفق، ولا تكثري اللوم له، وإن كان الشيء الذي حصل منه وكذب فيه من الأمور المحرمة فخوفيه بالله وفي نفس الوقت حبِّبي له التوبة والرجوع إلى الله، وإذا طلبت منه - مثلاً- شيئاً معيناً ثم أخبرك بأنه لم يجده قولي له لا بأس سأبذل جهدي أنا لإحضاره فلعلك لم تعرف مكانه، عندها سيضطر إلى التخلص من أسلوبه هذا. والله أعلم.(18/287)
زوجتي تريد أن أحلق لحيتي
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 24/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
جزاكم الله خيراً على مجهودكم في نشر الخير بين الناس، وجعله في ميزان حسناتكم.
فضيلة الشيخ سؤالي: أنا حديث عهد بالزواج، وقد فتح الله علي بإعفاء لحيتي؛ وذلك أسوة بالرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن هذا أدَّى إلى نفور زوجتي مني، وأنا في حيرة من أمري، هل أستمر بإطلاق لحيتي أم أخفف منها؟ وذلك بناءً على رغبة زوجتي التي بدأت تتأذى من هذا الموضوع، وهل حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم - بقوله (امش وراء الأسد ولا تمش وراء المرأة) يُعمل به في ركوب السيارة، أي هل من الأولى أن تركب المرأة من الأمام إلى جانب زوجها وخلفها رجل آخر، أم تركب في الخلف والشخص الغريب يركب أمامها؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على الهادي البشير، والسراج المنير نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
إلى الأخ السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع (الإسلام اليوم) ، ومرحباً بك أخاً في الله على طريق الحق والدعوة إلى الله، ونتمنى منك دوام المراسلة والاتصال بالموقع.
ثانياً: أشكر لك الدعاء للقائمين على الموقع، ونقول لك وجزاك الله خير الجزاء.
لقد قرأت رسالتك وسرني جداً التزامك وإعفاءك للحيتك اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم- نسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يجنبنا وإياك مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، كما نقدم لك التهنئة على زواجك، والله أسأل أن يكون زواجاً مباركاً طيباً بإذن الله.
لكن بالنسبة لسؤالك بأن زوجتك تنفر منك بسبب إعفاء لحيتك، فيجب عليها أن تتقي الله في نفسها، وتعلم أن إعفاء اللحية واجب على كل مسلم، وهذه هي سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم- وكذلك سنة الأنبياء صلوات الله عليهم جميعاً من قبله، ونحن قد أمرنا بالاقتداء والتأسي برسول الله - صلى الله عليه وسلم-، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة، منها قوله تعالى: "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر: 7] ، وقوله تعالى: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" [الأحزاب: 21] .
فيجب عليك -أخي الكريم- ألاَّ تلتفت إلى كلامها، وتذكِّرها بالله، وأن هذا الأمر لا يجوز، فلا يحل لك بحال من الأحوال أن تأخذ من لحيتك فضلاً عن حلقها إرضاءً لزوجتك، فرضا الله مقدَّم على رضا من سواه من البشر كائناً من كان، وحب الله وحب ما يحبه الله مقدَّم على حب زوجتك قال تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم" [آل عمران: 31] ، وكذلك لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم-.(18/288)
فعليك أخي الكريم أن تقدِّم حكم الله وأمره، وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم-وسنته على كل شيء حتى لو كانت زوجتك، نسأل الله لنا ولك ولها ولسائر المسلمين حسن الاتباع والاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ولا يمنع كذلك أخي الكريم أن تحضر لزوجتك بعض الكتب والأشرطة الإسلامية، والتي تتحدث عن وجوب التمسُّك بالسنة واتباع النبي - صلى الله عليه وسلم- بكل ما أمر به، وكذلك الكتب التي توضح لها حكم إعفاء اللحية؛ حتى تكون على بيِّنة من أمرها، وكذلك عليك بالدعاء لها بأن يهديها الله للحق، هذا والله أعلم.
أما بالنسبة للحديث الذي ذكرته ونسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو "امش وراء الأسد ولا تمش وراء امرأة" فهذا ليس بحديث، ولكنه روي من قول سليمان بن داود -عليهما السلام-، كما في الزهد للإمام أحمد (ص40) . وعلى ذلك فيكون سؤالك عن ركوب المرأة بجوار زوجها في السيارة، وركوب رجل آخر خلفهم أو العكس، فالذي أراه - والعلم عند الله- أن الرجل يركب في الأمام والمرأة في الخلف، لنصوص عامة، منها قوامة الرجل على المرأة، والثاني هذا أستر للمرأة حتى لا ينظر إليها الرجل الأجنبي عنها، الثالث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- جعل صفوف النساء في الصلاة خلف الرجال، وعلى هذا يقاس ذلك، الرابع: قد ورد في كتب التفسير أن سيدنا موسى عليه السلام لما أتته إحدى المرأتين تمشي على استحياء، وطلبت منه أن يذهب معها إلى أبيها، طلب منها عليه السلام أن يمشي أمامها ثم ترشده إلى الطريق؛ حتى لا ينظر إليها، هذا ما يظهر لي في ذلك والله أعلم.
وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/289)
يقسو عليها ويصدها عن الاستقامة
المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 17/11/1425هـ
السؤال
مررت بحياة قاسية، فقدت والديَّ في لحظة واحدة في حادث سير، ومررت بظروف نفسية صعبة، وأشدّ ما عذَّبني أنني لم أكن بارة بوالديَّ، كما ينبغي، لجهلي، وأمور أخرى كثيرة، ولم أكن أرتدي الحجاب، إنما كنت سافرة متبرجة، وكنت على قدر كبير من الجمال، تزوجت على أمل أن الشخص الذي سأتزوجه سأشعر معه بالأمان والحب والحنان، فجاء الأمر أقسى وأمر، فعشت معه ذليلة، مكسورة، حتى عندما فقدت والديّ، وكان قد مضى على زواجي سنة واحدة، ازداد معي ظلمًا وقسوة، وأصبحت حياتي مملوءة بالمرارة والضيق والألم، وحيدة أعاني همي، إلى أن هداني الله تعالى، وأردت التوبة والإصلاح، وعزمت، وتوكلت على الله، ولم أجد لنفسي مخرجًا غير أن أقرأ القرآن وأحفظه، وأتعلم أمور الدين، التحقت بمعاهد شرعية على الإنترنت، وبدأت رحلة حفظ القرآن- والحمد لله. أنا اليوم أدعو الله تعالى- أن يسامحني والديَّ، وأدعو لهما في كل وقت، وارتديت الحجاب، وحاولت التدين، وسألت الله الصبر والتيسير، ودعوت زوجي للإصلاح بيني وبينه وبين جميع الناس، لكنه كان قاسيًا، يضطهدني وينهرني، ويقلِّل من هذا الأمر- الالتزام والتدين- ولا أجد حتى كلمة طيبة منه تطيب خاطري، واليوم أبكي حسرة وندامة على الماضي، وعلى عمر مضى، مشكلتي اليوم تتحدد في علاقتي بزوجي، فهو يقف ضد التزامي، ورغم أنه يدرك أمورًا كثيرة من الدين إلا أنه غير ملتزم كما ينبغي، ماذا أفعل؟ تعبت كثيرًا ولم أعد قادرة على تحمل جبروته وإهانته، وأدعو الله أن ييسر لي، لكن بلاء الله يشتد، والامتحان صعب، وأنا مجهدة ولا أجد من يعينني على التزامي وتوبتي، فبلادنا يسودها الجهل، وينعدم فيها الوازع الديني، دلني على الطريق، هل أنزوي بنفسي وأعيش ملتزمة متدينة، أم أجامل في أمور في غاية الفجور والفسوق، أحتاج منكم النصيحة والدعاء. وجزاكم الله خيرًا، أنقذوني قبل أن أغرق.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم(18/290)
أبارك لكِ- يا أخية- هذا التمسك بدين الله، رغم الظروف القاسية التي تعيشينها، وأذكرك بما حدث للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد امتُحن وابتُلي من أقرب الناس إليه، من عمه وقومه، ومن ذلك ما حدث من قبل أهل الطائف، حيث ذهب إليهم يدعوهم، فرموه بالحجارة حتى أدميت قدماه، ويسأله جبريل عليه السلام: هل أطبق عليهم الأخشبين (الجبلين؟) . فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا؛ لَعَلَّ اللهَ أنْ يُخْرِجَ مِن أَصْلابِهِم مَن يَعْبُدُ اللهَ". صحيح البخاري (3231) ومسلم (1795) . وفعلًا، مع مرور الزمن أسلم أهل الطائف، وأخرج الله من أصلابهم من يعبد الله، لذا أقول لك: ِ عليك- يا أختي- التمسك بدين الله وأوامره، وشرائعه، وإن كنت في هذا المجتمع الفاسق، وأيضًا الدعوة إليه، وكما ورد في الحديث: "مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا". أخرجه مسلم (2674) . فإذا استمررتِ أنت في الدعوة إلى الله، فلعل الله أن يهدي على يديك أحدًا منهم، ثم يكون لك أجره وأجر من اهتدى بعده على يديه إلى يوم القيامة، وهذا فضل عظيم من الله، فيكون لك الأجر، وأيضًا يكون عونًا لك في هذا الطريق، واحذري من مشاركتهم في الفجور والفسوق المحرم، والمجاملة على حساب أمور الدين، وعليك اللجوء إلى الله والدعاء، وتحري أوقات الإجابة، كثلث الليل الأخير، وما بين الأذان والإقامة، وفي السجود، وعند فطر الصائم؛ أن يهدي الله زوجك، وأن يرده إليك ردًّا جميلًا، فيكون عونًا لك على الطاعة، وأن يجعل قلبه يميل إليك ويحبك، ويحنو عليك، وما حصل لك فهو من الابتلاء، ويحتاج إلى صبر وتحمل، كما حدث للرسول صلى الله عليه وسلم.
أما بالنسبة لوالديك- رحمهما الله تعالى- فعليك أولًا التوبة إلى الله من عدم برهما، والتوبة تَجُبُّ ما قبلها، ثم عليك الدعاء لهما دائمًا في كل وقت؛ لأنه كما ورد في الحديث: "إذَا مَاتَ الإنسان ُانقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلاثٍ". وذكر: "أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ". أخرجه مسلم (1631) . فادعي الله دائمًا أن يغفر لهما، وأن يرفعهما في عليين، وأن يتقبل توبتك في عدم برهما، وأيضًا من الأمور التي تعمل لهما بعد موتهما: الصدقة عنهما؛ فإخراج المال منك عنهما مما يعوِّض ما حصل منك من قبل، وإخراجه في وجوه الخير، وقد ورد في الحديث: "إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ". أخرجه ابن ماجه (3660) . أعانك الله، وبارك فيك، ونفعك بعلمك.(18/291)
المشاكل مع الزوجة بسبب عدم الإنجاب..
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب
التاريخ 3/8/1422
السؤال
أخي المستشار السلام عليكم ورحمة الله: مشكلتي إنني
متزوج من فترة أربعة أعوام ولم يرزقني الله بالخلفة لعدم إرادة الله حتى الآن أولاً 00 وبعض العوارض الصحية لزوجتي هذا من جانب آخر رغم حبي لزوجتي وحبها لي غير العادي إلا أننا دائما الخلاف والمشاكل التي يصعب وصفها والتي لا ننتهي مما تسبب في انفصالي عنها ثم إعادتها مرة أخرى والآن أنا في خلاف كبير معها للمشاكل السابق التنويه عنها ولدي ضيق نفسي إلى جانب المشاكل من عدم الإنجاب فما الرأي أدام الله فضلكم وجزيتم عنا خير الجزاء..
الجواب
أخي الكريم.. أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأن يرينا جميعاً الحق حقا ويرزقنا إتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.. وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل.. أما بالنسبة لمشكلتك فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: فيما يتعلق بتأخر الإنجاب.. فالحمد لله أولاً وأخيراً ولكل أجل كتاب.. وهذا أمر مقدر ومكتوب.. في وقته وأوانه.. وما دمتم قد فعلتم الأسباب.. فاتكلوا على رب الأرباب.. وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً.. ثم عليك بالدعاء وكثرة الاستغفار.. قال تعالى: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا..) وتحر في دعائك مواطن الإجابة وألح بالدعاء ولا تستبطئ الإجابة.. وسيجعل الله بعد عسر يسراً.
ثانياً: أما عن المشاكل التي تكون بينك وبين زوجتك.. فالحياة إجمالاً لا تخلو من ذلك.. ولكن إذا تجاوز الأمر حده فإن ذلك يعني وجود خلل ما..!! فما هو هذا الخلل يا ترى 00؟ هل هو يتعلق بتباين الآراء تجاه تفاصيل الحياة وأولويات المهام بالنسبة لأسرتكما الصغيرة..؟! أم يتعلق ببعض المحيطين بكما.. وتدخلهما في حياتكما مثلاً..؟!! أم أن الأمر يتعلق بحساسية أحد الأطراف أو كليهما تجاه الأخر..؟! أم ماذا؟!! (لقد أجملت في السؤال) .
ثالثاً: اقترح عليك عقد أكثر من جلسة حوار ومصارحة مع زوجتك لبيان وجهة نظر كل طرف..ومعرفة ما يريد وما لا يريد.. مع حفظ المقامات.. وعدم تجاوز الضوابط والأعراف الشرعية والعرفية والقيمية.. وما سوى ذلك قابل للأخذ والعطاء..!! ولا بأس من الإعداد لهذا اللقاء أو هذه الجلسة بكتابة كل طرف ما يريد.. وما يتمنى.. وما يعتب عليه أو يرفضه.. ثم نقاشها نقطة نقطة ومحاولة الالتقاء في المنتصف.. وتقديم بعض التنازلات ربما الشكلية.. والرضى بالحد الأدنى من الكمال.. والتغاضي عن بعض الهفوات.. والاتفاق على منهج واضح في التعامل.. وتقسيم الأدوار والواقعية هنا مهمة جداً وأنت كرجل مطالب بالكثير من التحمل والعقلانية.. في حدود المتغيرات دون الثوابت.!! خاصة وأن الحب موجود بينكما كما تقول.. مما يسهل الكثير من الأمور.. ويكون مدعاة للتفاهم بشكل أسرع وأبلغ.(18/292)
رابعاً: لا تنسى أخي الكريم أن المرأة خلقت من ضلع أعوج وأن النساء إجمالاً ضعيفات والشيطان أعاذنا الله جميعاً منه.. لا يألو جهدا ً في إثارة المشاكل بين الزوجين.. وشحن النفوس.. أملاً في التفريق بينهما.. ولذلك كله وازن بين هذه الأمور.. واستعن بالله.
خامساً: إن لم تثمر هذه الخطوات.. فهل بالإمكان الاستعانة بأحد الأقارب أو الأصدقاء الثقات.. لمعرفة نقاط الاختلاف وتقريب وجهات النظر والسعي للإصلاح.. فهي طريقة مجربة ولها نتائج إيجابية غالباً.
سادساً: قد تغلق جميع الطرق.. وتصبح الحياة الزوجية جحيماً لا يطاق.. بل ربما أثر على صحة الإنسان ودينه ودنياه وانتهى مفعول المسكنات والمهدئات.. وحانت ساعة الحقيقة.. فاستخر الله.. واستشر من تثق به.. فما خاب من استخار ولا ندم من استشار.. وبعد ذلك ستجد الخيارات كلها متاحة لك.. فأنت الرجل وأنت من يملك القوامة.. وفقك الله وأصلح لك وأصلح بك.. وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(18/293)
هل مِنْ دعاء للإنجاب؟
المجيب د. فيصل بن سعود الحليبي
أستاذ مساعد بكلية الشريعة بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب
التاريخ 22/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا شاب أبلغ من العمر 32 عاماً، متزوج وقد مضى على زواجي أربع سنوات، ولم أرزق بمولود حتى الآن، عملت الفحوصات اللازمة وتبين أن النتائج طبيعية، ولا يوجد سبب عضوي رئيسي في سبب تأخر الإنجاب، أعلم علم اليقين أن هذا الأمر بيد الخالق -عز وجل-، فتوجهت لله أدعوه ليل نهار وأخص أوقات الإجابة، وأستغفر الله كثيراً وأذكره بالغدو والآصال، لله الحمد والمنَّة، فهذا التوجه قد أصلح من حالي الكثير، فقد تبت إلى الله من أمور وآثام شتى كنت أتساهل بها، سؤالي إلى فضيلتكم: هل هناك عمل معين يقرّب إلى الله بالدعاء فيما يخص الإنجاب؟ وهل هناك عمل قد أكون مقصِّراً فيه منع -إلى الآن- الإنجاب؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فيا أخي الكريم: أضع جوابي لك على عدد من النقاط، فتيقظ لها:
أولاً: أن الله أخبر في كتابه أنه قسم الأرزاق على عباده بما يقدره لهم من أموال وأولاد لحكمة يعلمها سبحانه، فقال في شأن الذرية: "لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ" [الشورى: 49-50] ،فتأمل هذه الآية الكريمة، واملأ قلبك إيمانًا بربك، واشرح صدرك بما قدره عليك، فهذا من أرفع الإيمان.
ثانيًا: لا تيأس، بل تفاءل برزق الله لك، ولا مانع من بذل السبب لذلك من البحث عن العلاج والصبر عليه، فإن الله قد فتح لخلقه من العلم اليوم ما نرى منه فك المعضلات، وانكشاف الكربات، والله عليم حكيم.
ثالثًا: عليك بالدعاء بكل لفظ تراه يسهل عليك، ويلبي حاجتك، فأنت تخاطب من لا تختلف عليه اللغات، ومن يعلم السر وأخفى سبحانه، وادع بدعاء زكريا عليه الصلاة والسلام، حيث حكى الله عنه ذلك فقال: "وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ" [الأنبياء: 89] ، فرزقه الله رزقًا حسنا، وعليك بأوقات الإجابة، كالثلث الأخير من الليل، وفي أدبار الصوات، وبين الأذان والإقامة، وعند الإفطار من الصيام.
رابعًا: أهنئك على أول خطوة لحل مشكلتك وانفراج كربتك، وهي التوبة، فإنها طريق السعادة الحقيقية، وسبيل التوبة: الاستغفار، والاستغفار طريق إلى إنجاب الذرية بنص كلام رب العالمين، حيث قال: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا" [نوح: 10-12] ، وليس فقط بنين بل وأموالاً ونعماً أخرى معها، فأكثر من الاستغفار.
خامسًا: لتعلم أن الإنسان لم يخلق لإنجاب الأولاد وإن كانت هذه نعمة يشتاق إليها، وإنما خلق لأمر أعظم وهو العبادة "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات:56] فانشغل بمهمتك الأصلية عن غيرها ذهنًا وعملاً، ولا تنس نصيبك من الدنيا، ولا مانع أن تبحث عن متعك ولذتك المشروعة، ولكن لا تجعلها مسيطرة على فكرك أو مقللة من خدمتك لدينك، فانشغل بما يفيدك لعل هذا يخفف عليك من وطأة الهم، فرج الله عنك همك، ورزقك الذرية الصالحة التي تسعدك، وجعل الجنة مأوانا ومأواك. اللهم أمين.(18/294)
زوجي لا يريد الإنجاب
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب
التاريخ 22/2/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
المسألة أن زوجي لا يريد الإنجاب، لا يريد أطفالاً، متزوجة قبل عشرة أشهر، ومن أول شهر لزواجي وزوجي لا يريد الإنجاب، مع أنه يحب الأطفال، لكن حجته أن أهلي وإخوتي لهم بعض التصرفات التي لا تعجبه وتجعله يرفض الإنجاب بالعزل، أما أنا فإني ألح عليه بأن يرغب بهذا الأمر، ويقوم بالاتصال المباشر والطبيعي لأي زوجين، وأنا أرغب رغبة شديدة في هذا الأمر لدرجة أني أبكي كثيرا وأقول له رغبتي، وأشعر أنه بدأ يلين للتقبل لكنه إلى الآن رافض الأمر تماماً، ماذا أفعل؟ وما حكم الدين في هذا الأمر؟ هل يجوز فعله؟ وأرجو توجيه كلمة له من قبلكم..وأرجو إرشادي ماذا أعمل..وجزاكم الله كل الخير أفيدوني.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إن الواجب على الرجال إنصاف النساء وإعطاؤهن حقوقهن، ومن ذلك إنجاب الأطفال فإن كان قصد الزوج من عزله عن زوجته مدة معينة أو بسبب يزول بعد مدة، فإن هذا من الأمور التي قد يرخص فيها، وخاصة في بداية الزواج ولمدة قصيرة يتفق عليها كلاً من الزوجين، حيث إن كلاً من الزوجين لا يعرف الآخر ولا يدري هل تستمر هذه العلاقة أم لا؟ فإنه قد يكون من المناسب عدم التعجل في الإنجاب، أما أن يستمر الرجل أو المرأة في عدم الرغبة في الذرية فإن هذا مما يخالف الشرع والفطرة.
وأوصيك أيتها الأخت المباركة بما يأتي:
(1) الصبر وكثرة الدعاء بأن يرزقك الله ذرية صالحة، تسعدين بهم في الدنيا وتدعو لك بعد الموت.
(2) مناقشة الزوج ومصارحته في صدق محبته لك، وأنه راغب فيك وليس عنده نية الطلاق.
(3) أن الخطأ الذي يقع فيه الأهل والإخوة ليس مبرراً له في بغضك ومنعك من الذرية، وأنه ينبغي عليه أن يطبق هذا الأمر على نفسه وهو الذي اختارك ورضي بك وأهلك.
(4) يذكر الزوج بنصوص الشرع الكثيرة، والتي تحث على كثرة الذرية وترغب فيه، وأن الميت ينقطع عمله إلا من ثلاث وذكر - صلى الله عليه وسلم- ولد صالح يدعو له انظر ما رواه مسلم (1631) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(5) قد ذكر الفقهاء - رحمهم الله - أن العزل عن الحرة لا بد فيه من رضاها؛ لأنها لا تقضي حاجتها الفطرية، ولا بد من بيان ذلك للزوج، وأن الواجب عليه ألا يكون إنساناً همه نفسه فقط.
(6) وكذلك ينبغي على الزوج بأن يعلم بأن للمرأة الحق الشرعي في الولد مثله تماماً، وهذا حق ثابت للزوجين بمجرد الزواج وليس لأحد الطرفين أن يمنع الأخر من حصوله على هذا الحق الشرعي وهل يسقط هذا الحق بالاشتراط قبل الزواج؟ فيه نظر المهم أن الزوجة لها الحق في الولد.(18/295)
(7) أما الزوج فأوصيه بتقوى الله والخوف منه، فإن الزوجة كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنهن عوان عندكم" يعني أسيرات انظر ما رواه الترمذي (1163) وابن ماجة (18751) من حديث عمر بن الأحوص، وأن هذه الزوجة عزيزة عند أهلها، ولولا قدر الزوج ما زوجوها له، وأن الواجب عليه تلبية رغبة زوجته الفطرية، وقد يسبب تقصير الرجل في ذلك إلى مفاسد لا يعلمها إلا الله، وكذلك فإن الإنجاب بين الزوجين أدوم لبقاء العشرة بينهما، وقد أثبتت الإحصائيات أنه كلما زاد عدد الأولاد قلَّت نسبة الطلاق وحصل الاستقرار النفسي للأسرة، وزالت كثير من المشكلات.
(8) وأخيراً أوصيك أيتها الأخت المباركة بحسن العشرة لزوجك ومراقبة ربك في ذلك، وأن ذلك جزء من الحل، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(18/296)
زوجي لا يريد أطفالاً مني
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب
التاريخ 8/2/1425هـ
السؤال
عشت حياة صعبة جداً، فقد تزوجتُ وأنا في سن صغيرة، واكتشفت بعد ذلك أن زوجي يشرب، ويعاشر النساء، وصبرت، وتحملت، واكتشفت أيضاً أنه عقيم، ولم يخبرنا بذلك، فصبرت أيضاً، وانشغلت بدراستي حتى وصلت للمرحلة الجامعية، فطلبت الطلاق، وحصلت عليه، ولكن بعد تعب.
وقبل أن أتم السنة تزوجت برجل ذو منصبٍ كبير جداً، وذو خلقٍ بشهادة الجميع، ولكنه يكبرني بعشر سنوات، وكنت الزوجة الثانية له، وسبب زواجه مني هو انشغال زوجته بأطفالها الأربعة ووظيفتها، ومن هنا بدأت رحلة معاناتي الثانية، فقد اكتشفت أنه يريدني للمتعة فقط، ولا يريد أن ينجب مني أطفالاً، مع العلم بأن قلبي يتقطع شوقاً في اليوم ألف مرة على طفل ألاعبه، حاولت معه مراراً وتكراراً، وبجميع الوسائل، ولكن دون جدوى، (يقول لي: فيما بعد إن شاء لله) ، مع العلم بأن لي مبيضاً واحداً فقط، أي أن فرصتي بالإنجاب تقل كلما تقدم بي العمر،
صبرت ثم صبرت، وأخيراً التجأت إلى الدعاء، فحَملتُ بتوفيق الله، إذ أنه يعزل وأنا ليس لدي بويضات كبيرة ولكنها قدرة الله، فرحت، بل كدت أطير من الفرح، وازداد تعلقي بزوجي، واهتمامي به أكثر من ذي قبل بأضعاف مضاعفة؛ حتى لا يشعر بالغيرة.
ولكن والحمد لله على كل حال، لم تكتمل فرحتي فبعد عشر أيام من فرحتي أسقطت، حمدت الله كثيراً، ولازلت أحمده، لكنني أشك أن زوجي هو الفاعل؛ لأنه سبق وأن فعلها مع طليقته، قاومت شكوكي، وحاولت أن أنتصر عليها، فقد وعدني بأنه سوف يعوضني بأحسن منه، ولكنه أخلف وعده كالعادة، وبدأ يعزل مرة أخرى، ولكن بحرص أكبر لدرجة تثير جنوني، فماذا أفعل؟ أنا أحبه ولكنني خائفة جداً من أن يطلقني بعد أن يمر بي الزمن، فهل ألحق نفسي وأطلب الطلاق؟ أم أصبر؟ أم ماذا؟ مع العلم بأن عمري الآن يقترب من الثلاثين، أنقذني، الله ينقذك من حر جهنم.
الجواب
مشكلتك تتلخص في أنك تحبين زوجك، وترغبين جدًا في حصول الولد، في مقابل عدم رغبة الزوج في ذلك.
حصول الولد حق شرعي لكلا الزوجين، وهو ثابت لهما بمجرد الزواج، وليس لأحدهما منع الآخر منه، وهل يسقط الحق بالاشتراط قبل الزواج؟ فيه نظر.
ولإعانتك على حل المشكلة افترضي زوجك عقيمًا لا ينجب ماذا عساك تفعلين مع محبتك له ورغبتك في الولد؟ هذه مثل هذه، إلا أن في حالتك أملاً بأنك يمكن أن تحملي منه أو أن يغير رأيه.
لا يترك الإنسان محبوبًا إلا لمحبوب أعظم منه، ولعلك تراعين اختيار أحدهما بنفسك، فإذا اخترت الولد فاتبعي الخطوات التالية حسب ترتيبها:
- راجعي زوجك بجدية وصراحة أكثر.
- أدخلي في موضوعك بعض أهلك أو أهله لإقناعه بالولد أو الانفصال "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" [البقرة:229] .
- ارفعي دعوى قضائية ضده، وتوقعي أن تكون نهاية العلاقة بينكما مع صدور حكم القضاء.
أما إذا اخترت زوجك، فاغتنمي حالات صفائه معك، وإقباله عليك، وتدللي عليه للحصول على موافقته في المولود، مثل ما أتوقع أن تلحي عليه فيما ترغبين فيه، حاولي الحمل منه، واحذري أن يتسبب في إسقاطه (إذا صح اتهامك له) ولو لجأت إلى الذهاب إلى أهلك لأي عذر مدة حملك أو فترتها الأولى حسبما ترشد إليه الطبيبة المختصة.
المهم تأكدي أن لك حقًا في الولد، لا يسقطه عدم رغبة الزوج فيه إلا أن يكون قد اشترط قبل الزواج؛ فإن هذه تفصل عند القضاء.(18/297)
أنجبتُ البنات فهددني بالطلاق
المجيب د. الجوهرة بنت حمد المبارك
مديرة عام نشاط الطالبات بكليات البنات.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب
التاريخ 19/08/1425هـ
السؤال
زوجي بين الحين والآخر يهددني بالزواج بأخرى أو الطلاق؛ وذلك بسبب إنجابي ست بنات، ماذا أفعل؟ وأين أذهب؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة: إذا كان زوجك يهددك بالزواج أو بالطلاق بسبب إنجابك ست بنات، فعليك- حفظك الله- مصارحة زوجك والحديث معه، بكل هدوء وحنان، وأثناء مصارحتك خوفيه بالله، وذكريه أنك لست السبب في ذلك، وأن هذه إرادة الله - عز وجل-، وقدره، ولعل الله أراد به خيراً، فكم من فتاة أفضل من كثير من البنين رحمة ومودة، وشعور بأهلها وبر وخدمة....، بيني له فضل تربية البنات، وذكريه بالأحاديث التي تدل على ذلك، ويكفيك أن كثيراً من الأنبياء كانوا آباء للبنات، اشتري العديد من الكتيبات التي تذكر برعاية البنات وفضل تربيتهن، واهدي له هذه الكتيبات، واكتبي مع هذا الإهداء كلمات جميلة تلمسين فيها أحاسيس ودعوات له، مثل أن تقولي: "أسأل الله أن تكون هذه البنيات ستراً لك من النار إن أحسنت تربيتهن"، انصحي زوجك بسماع شريط "نساء" للشيخ العودة، ويمكنك أن تخوفي زوجك من أن يأتيه ابن مشوه أو مريض يشغله في حياته كلها، أو عاق سيئ يتمنى موته ويفرح به والعياذ بالله، وفي المجتمع حالات كثيرة مثل ذلك، احرصي ألا يكون هناك طلاق، وإن أراد أن يتزوج فلا تمانعي ما دام أن الشرع أباح له ذلك، ولكن أوصيه بالعدل، وإن لم يعدل فاعلمي أن لك الأجر وعليه الإثم، كوني حكيمة في حل مشاكلك، ولا تكوني متسرعة، فربما يكتب له ابن من امرأة أخرى يكون محرماً لبناتك وراعياً لهن، وابناً باراً لك، فلا تكرهي ذلك ولا تكثري لومه وعتابه، واعلمي أن أجرك عند ربك محفوظ، فعليك بالصبر والتصبر، وكظم الغيظ، ولن تجدي - بإذن الله تعالى- إلا سعادة الدارين، واشغلي نفسك بما ينفعك، ولا تجعلي همك تزوج أو لم يتزوج، والله - عز وجل- لا يضيع أجر من أحسن عملا. وفقك الله إلى كل خير، وأعانك على إيجاد حلول لمشاكلك، والله يحفظك ويجعل لك من كل هماً فرجاً.(18/298)
زوجي غير قادر على الإنجاب
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب
التاريخ 8/8/1424هـ
السؤال
تزوجت منذ أربع سنوات، وكل سنة أنتظر أن يرزقني الله مولوداً، إلا أنني في هذه الأيام الأخيرة عملت تحاليل أنا وزوجي، لكنني فوجئت بأن تحاليل الزوج سيئة جداً، وأنه غير قادر على الإنجاب، فوضت أمري لله، عائلتي ترى أن أطلب الطلاق وألا أستمر في الحياة معه، والله محتارة هل أفوِّض أمري لله وأعيش معه بدون أولاد، أم أطلب الطلاق؟ الزوج عمره 40 سنة، ساعدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مسبِّب الأسباب، وخالق الناس من تراب "يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير" [الشورى: 49-50] ، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً وبعد:
إلى الأخت السائلة حفظها الله ورعاها.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام المراسلة والاتصال على الموقع.
أختي المسلمة: لقد قرأت رسالتك أكثر من مرة، وشعرت بمدى الحيرة التي تسيطر عليك، فقد ساءني ما أساءك، وأحزنني ما أحزنك، لكن لا نقول إلا ما يرضي الرب - جل وعلا-: "إنا لله وإنا إليه راجعون".
اعلمي - وفقني الله وإياك- أن كل شيء بقضاء الله وقدره، فيجب علينا أن نستسلم لقضاء الله ونرضى بقدره سبحانه وتعالى، ويجب علينا أن نصبر على ما ابتلانا الله به، فإن الصبر على البلاء أجره عظيم، وفضله كبير، قال تعالى: "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" [الزمر: 10] ،وقال تعالى: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون" [البقرة: 155-157] .
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من يرد الله به خيراً يصب منه" أخرجه البخاري (5645) .
وعن أنس - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط" أخرجه الترمذي (2398) ، وقال: حديث حسن.
فيا أختي المسلمة: إنما أنت في جملة هذا البلاء الذي وعد الله عباده الصابرين بحسن الجزاء وعظيمه في الدنيا والآخرة.
مما لا شك فيه أن الأولاد نعمة من نعم الله العظيمة على عباده، وهم زينة الحياة الدنيا كما أخبر ربنا بذلك في محكم كتابه العزيز، لكن كما قال سبحانه: "ولله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثاً ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير" [الشورى: 49-50] .(18/299)
فالله سبحانه وتعالى هو الذي يعطي ويمنع، والإنسان ليس عليه إلا التسليم لقضاء الله وقدره، الإنسان كذلك لا يعلم أين الخير، فلعل الخير لك ولزوجك عدم الإنجاب "والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [البقرة: 216] .
ولكن أختي المسلمة: لو طلبت الطلاق من زوجك لهذا السبب فهذا حق شرعي لك، وليس عليك إثم في ذلك، ولكن إذا صبرت واحتسبت العشرة مع زوجك، وذلك من باب قوله تعالى: "ولا تنسوا الفضل بينكم" [البقرة: 237] . فنسأل الله أن يجزيك خير الجزاء على ذلك.
ولا يمنع كذلك من الأخذ بالأسباب من علاج ونحوه، وخصوصاً مع تقدم الطب في هذه الآونة تقدماً كبيراً، فلعل الله أن ييسِّر أمرك وأمر زوجك، وعليكما كذلك بكثرة الدعاء والاستغفار، والإلحاح في الدعاء، وأبشرا بخير، قال تعالى: "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا" [نوح: 10-12] ، وأكثرا من قوله تعالى: "رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين" [الأنبياء: 89] .
أما إذا خشيت على نفسك الضرر والعنت، ونفسك لم تطق الصبر على هذا الوضع فكما قال الله تعالى: "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" [البقرة: 229] وقال تعالى: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً" [النساء:130] ، وفي هذه الحالة يكون طلبك الطلاق أولى.
وفي الحقيقة لقد شاهدت أناساً كثيرين مثلك، وصبروا على ما ابتلاهم الله به، وكانت العاقبة خير، فهناك أناس قد رزقهم الله الولد بعد عمر طويل، وهناك آخرون لم يرزقوا بأولاد، لكن حياتهم من أحسن ما يكون، وهم نفس حالتك تماماً، أي أن أزواجهم غير قادرين على الإنجاب، ومع ذلك فهم في أهنأ عيش وأهدأ بال.
هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/300)
تأديب الزوجة بمنعها من الإنجاب؟
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب
التاريخ 5/3/1425هـ
السؤال
هل يجوز لي أن أمنع زوجتي الثانية من الإنجاب حتى أؤدبها؟ مع العلم بأنني متزوج من ثلاثة أعوام، وأريد أن أؤدبها من طول اللسان، فهي مطيعة، وتنفذ أوامري، ولا تعصي لي أمراً، ولكنها إذا غضبت تفقد السيطرة على نفسها، وتتلفظ بألفاظ بذيئة، فهل يجوز أن أمنع الإنجاب حتى أرى إذا كنتُ سوف أستمر معها أم لا؟ علماً بأنها تتحرق شوقاً لإنجاب الأطفال. أفيدوني، فأنا محتار جدا ً، -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلا يجوز العزل بأي صور من صوره إلا برضى الزوجة، وإذا أنت رغبت في تأخير الإنجاب فليس السبيل أن تفرض رغبتك عليها وتحرمها حق الأمومة بالإكراه، وخير من ذلك أن تقنعها بالحجة، وتحسِّن لها رأيك الذي تراه صواباً بذكر محاسنه وإيجابياته وبيان مساوئ العجلة في الإنجاب في حالتكم الخاصة، قل لها مثلاً: ألا تشعرين أن حياتنا غير مستقرة، وفيها كثير من المشكلات والخلافات؟ ألا ترين أن الإنجاب في هذا الظرف الراهن يعقد المسألة، ويضاعف المأساة، وأن الطلاق بعد الإنجاب -لو حصل - سيكون له ضرره البالغ على الأطفال؟
أخي الفاضل: هل ضاقت بك السبل في تهذيب أخلاق زوجك وإصلاح منطقها ومعاملتها، فلم تجد طريقاً لذلك إلا تعزيرها بحرمانها من الإنجاب حتى تتأدب؟! وهل سيؤدبها هذا فعلاً؟
أظن أن استطالة لسانها عليك بالكلام البذيء ناتج عما تراه منك من استفزاز وإغضاب وتعنيف في معاملتها، وتقصير في حقها.
المرأة -أخي الحبيب - عاطفية، يؤثر فيها من الكلام المعسول، والتعامل الرقيق، والحس المرهف، واللمسة الحانية ما لا يؤثر على الرجل.
فتلطّف معها في معاملتك ومخاطبتك، وأشعرها بحبك لها بالكلام الحسن، امتدح ما فيها من الأخلاق الحسنة والصفات الجميلة، اجعل لك يوماً في الأسبوع تتفرغ فيه للجلوس واللعب معها، هل جربت أن تضيِّفَها في أحد المطاعم التي يتهيئ فيها جو الرومانسية في خصوصية تامة، تُراعى فيها الحرمة والقيود الشرعية؟
ربما تستسخف هذه الأمور ولا تراها تؤثر شيئاً، وهذا صحيح لو أن المرأة مطبوعة على خلق الرجال وطباعهم، ولكنها جنس لطيف، ناعم، عاطفي، رومانسي، تؤثر فيه الكلمة واللمسة والإشارة والبسمة أكثر مما تؤثر في جنس الرجال.
هل فكّرت يوماً أن تفاجئها بهدية ثمينة؟ أو سفرٍ تستريحان فيه من رتابة الحياة المملّة، وتخلو لها من كل أشغالك وهمومك؟
هلاّ انتهزت لحظةَ رضاها عنك؛ لتبث إليها رجاءك منها: وهو أن تحترمك وألا تكلِّمك بالكلام البذيء الذي لا يليق بمثلها.
أرى أن تراجع نفسك ومعاملتك معها؛ فقد يكون السبب فيك أنت لا فيها هي. -وفقك الله لكل خير-، والسلام عليك.(18/301)
لم أنجب فنصحوني بالذهاب للسحرة
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب
التاريخ 8/04/1426هـ
السؤال
تزوجت منذ عدت شهور ولم يتم الحمل، وبعد الذهاب إلى بعض الأطباء لم أجد أي مانع للحمل، وأوصاني البعض بالذهاب إلى بعض الذين يفكُّون السحر، وقال لي ذلك الرجل: إنه قد عُمِل لكم عمل بعدم الخلفة، فهل هذا صحيح؟ وما هو الحل بالقرآن لأنني أخاف الله؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
إلى الأخ السائل -سلمه الله تعالى-.
بداية أهنئك على الزواج المبارك، والله أسأل أن يوفقك في حياتك الزوجية والعملية، وباقي نواحي الحياة.
أما بخصوص ما سألت عنه من تأخر الحمل فهذا أمر طبيعي جداً، وخصوصاً أنك حديث عهد بزواج، فلا داعي للقلق، ويجب أن تعلم - أخي الكريم- أن مسألة الإنجاب هذه -وغيرها مما هو مقدَّر على الإنسان- كلها بتقدير الله - سبحانه وتعالى-، فقال الله -تعالى- في قضية الإنجاب: "لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير" [الشورى: 49-50] ، فتأمل معي - أخي الكريم- قوله تعالى: "لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور" الآية ...
فهذا الكون كله ملك لله - سبحانه وتعالى- يتصرف فيه بحكمته البالغة، ومشيئته المطلقة، وقدرته العظيمة، فهو سبحانه يعطي هذا ويمنع ذاك؛ لحكمة بالغة وغاية عظيمة، ربما لا تدركها العقول في أحيان كثيرة، فهو سبحانه يتفضل على من يشاء من عباده بالذرية، سواء كانوا إناثاً فقط أو ذكوراً فقط، أو يجمع بين الأمرين، أو يمنع بالكلية، فهذا كله من عطائه وكرمه، فيجود به على من يشاء، ويمنعه على من يشاء؛ وذلك لأنه سبحانه على ما يشاء قادر، وعليم بما يصلح شئون العباد، فكن مطمئناً لهذا الأمر ولا تقلق.
علاوة على ذلك فقد قرر أهل الطب أن الذين هم حديثو عهد بالزواج تعد الفترة من سنة إلى سنتين بدون إنجاب مدة طبيعية جداً، بعد هذه المدة ينبغي البحث عن العلاج، فأنت ما زلت في المدة الطبيعة المقررة طبياً.
أما ذهابك للسحرة والمشعوذين فلا يجوز لك ذلك بحال من الأحوال؛ لأن هذا كفر بالله، والعياذ بالله من ذلك، ولكني أنصحك بأمور منها.
(1) كثرة الدعاء والتضرع إلى الله أن يرزقك الذرية الصالحة، وتحري أوقات الإجابة.
(2) كثرة الاستغفار؛ فالاستغفار له شأن عظيم.
(3) المتابعة مع طبيب مسلم أمين مختص.
(4) أما إذا كان هناك سحر فعلاً صنع لكما بعدم الإنجاب، فإننا سوف نرسل لك الطريقة الشرعية الصحيحة لفك هذا السحر.
هذا والله أعلم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.(18/302)
يعيروني بعدم الإنجاب
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/عدم الإنجاب
التاريخ 26/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي -أخي الكريم- هي أنني متزوجة من قريب لي، ولم يرزقنا الله بطفل إلى الآن، وأهل زوجي يعيرونني بذلك، وأن أمه تدعو عليه بالسوء، مع العلم -والله شاهد- أنه لا يعاملها إلا بالإحسان، فهل دعاؤها مستجاب، وهي من غير سبب تعمل ذلك؟ ماذا أفعل؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الجواب كما يأتي:
1- الذرية هبة من الله يهبها لمن يشاء من عباده، وهي لا تعني السعادة أو عدمها، وإنما هي من أسباب دوام العلاقة الزوجية.
2- الإيمان بقضاء الله وقدره بعد الأخذ بالأسباب التي شرعها الله - عز وجل- والاتكال على الله في النتيجة.
3- تعيير الإنسان أو تنقصه في أمر لا يقدر عليه، وليس من صنعه يدل على ضعف العقل وقلة الدين.
4- الاعتداء في الدعاء مما نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وكذلك الإثم وقطيعة الرحم، وليس كل دعاء مستجاب، بل قد يأثم الداعي، ويعاقب من الله سبحانه وتعالى. والله أعلم.(18/303)
زوجتي تتذمر من عملي
المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني
مدرس بمدارس رياض الصالحين.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الوظيفة
التاريخ 08/11/1426هـ
السؤال
أعمل طبيباً، وعملي يستمر من 13 إلى 19 ساعة في اليوم، وأقيم في نفس المستشفى، ولا يمكنني الذهاب إلى زوجتي إلا مرة كل أسبوعين، وأبقى عندها يومين فقط.
وقبل الزواج أفهمت زوجتي ما سيكون عليه عملي وارتباطي بالمستشفى، وأنني يجب أن أكون رهن الإشارة عندما يحتاجون إلي في العمل.
في البداية كان زواجنا سعيداً، وكانت زوجتي راضية بعملي، وتقابلني بشوق عندما أزورها، لكن الآن تغير الوضع، وأصبحت تتذمر من عملي، ولا تكن لي نفس المحبة. أرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإني أسأل الله لك حياة سعيدة مع زوجك، تكون معينة على طاعة الله.
أخي الكريم: إن المرأة حساسة بطبعها، رقيقة المشاعر، جياشة العواطف، تحب أن يكون زوجها -الذي يمثل لها كل شيء في حياتها إذا كانت تحبه- بقربها أكبر قدر ممكن، وهذه فطرة وضعها الله فيها.
غيابك الطويل عنها لا شك أنه سبب لزيادة الضغوط النفسية عليها، فهي تعيش بين لوعة الحب وألم الفراق. وأظن أن ما يصدر منها نابع من شدة حبها لك، ولذا أرى في موضوعك أموراً:
1- حاول الانتقال إلى عمل قريب من زوجتك، أو اجلب زوجتك إليك.
2- إذا لم يمكن فعليك بتعويضها -قدر المستطاع- وذلك بإشباع عاطفتها من خلال الهاتف والرسائل والهدايا ...
3- عند قدومك عليها أشعرها بأنك لم تقدم إلا من شدة شوقك لها، وحاول أن تفرغ وقتاً كافياً للجلوس معها.
4- كن متهيئًا نفسيًا لما ستقوله لك زوجتك من عبارات العتب، وتقبل ذلك منها بصدر رحب، وأشعرها بأنك تعيش نفس المشاعر، وأن الظروف أقوى من إرادتكما.
وفقك الله لكل خير.(18/304)
البيت أم الوظيفة؟
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الوظيفة
التاريخ 12/1/1424هـ
السؤال
أنا زوجة وأم لثلاثة أولاد أكبرهم عمره 4 سنوات وأصغرهم عمره 4 شهور. مشكلتي أنني لا اعرف ما أريد. فبعد أن أنهيت دراستي الجامعية جلست في البيت بانتظار التوظيف. غير أنني لا أجد في نفسي الرغبة بترك أولادي الصغار وحدهم مع الخادمة طوال فترة الدوام صباحاً، والآن بعد أن تم قبولي في وظيفة وجدت دوامها طويلاً، وزوجي يتهمني بالكسل وقلة الطموح وحب النوم، صحيح أنني لم أكن الزوجة المثالية له، وأنني لم أكن قادرة على تحمل أعباء المنزل والأولاد دون وجود خادمة تساعدني في أعمال المنزل، إلا أن وجود الخادمة في المنزل يغيضني، فأنا أغار على أولادي منها ولا حتى أن تلاطفهم أو تلعب معهم.
ماذا أفعل إن أصرّ زوجي على خروجي للعمل بعد أن يكمل صغيري عامه الأول؟ أفيدوني. ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الأخت الكريمة ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع" الإسلام اليوم"
إن ما تحتاجين إليه هنا هو فقط إعادة ترتيب الأوراق لديك فيبدو لي أنك تعانين من العشوائية في الحياة وإيقاعها عليك.
الوظيفة إذا لم تكوني مقتنعة منها وحالتك المادية جيدة من دونها فلماذا الغلبة ولماذا الشقاء؟ ألا تدركين أن وظيفة الأم لا تقتصر فقط على العام الأول للأطفال؟ بل هي عملية مستمرة حتى نضوجهم وبلوغهم سناً متقدمة، لماذا تظنين أن وظيفتك هي فقط ترضيع الطفل وتلبيسه أو التغيير له أو تلعيبه في السنة الأولى من العمر؟
الابن والبنت يصبح أكثر نضجاً وأسعد حياة أو أوفر خطاً بالنجاح الدراسي والعملي إذا كانت أمه ملازمة له ومشاركة له جميع همومه: هي تداعبه وتدارسه وتلاعبه وتحادثه، يجد عندها الحنان والقلب المفتوح، مشغولة من كل شيء إلا من رعايته والوقوف إلى جانبه، أنا لا أتحدث عن الطفل في السنة الأولى بل الابن والبنت في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعية وحتى بعد ذلك. إنها فعلاً أعمال مكثفة على الأم فهل تظنين أن جلوسك لرعايتهم هو فراغ؟ وهل يظن زوجك أن مكانتك لا يمكن أن تتحقق إلا في مكتب وعلى كرسي الوظيفة؟ إنه بلا شك اعتقاد خاطئ.
على كل حال أنت لا زالت الفرصة أمامك مفتوحة لفعل الكثير وإقناع الزوج بما ترغبين فيه ليس بالقول فقط وإنما كذلك بالفعل ... فأنت أمامك على الأقل ثمانية أشهر وهي فرصة كافية جداً لأن تغيري من أسلوب حياتكِ مع زوجكِ وأيضاً مع أطفالكِ وأهل بيتكِ، زوجكِ يريد لكِ العمل لأنه يرى منك كسلاً واضحاً يتجلى في كثرة نومك وإهمالك بعض الشيء لأمور بيتك ولذلك هو يظن أن الوظيفة ستكون علاجاً ناجحاً لتغيير مسار حياتك وإنعاشها وبث روح النشاط والحيوية التي قتلتِها أنتِ بكسلكِ المتواصل.
إذن ما عليك فعله الآن هو أن تعيدي النظر في حالك وإعادة ترتيب أولوياتك.
أما من ناحية الخادمة فلا شك أن غيرتك منها أمر زائد عن حدّه وإن كان مظهراً صحّياً أن لا تدعي أولادك في رعاية امرأة غريبة عنهم ترعى شئونهم، إلا أنها تبقى إنسانة قد ألجأتها الحاجة إلى العمل في بيتك واذكري أن الذي ألجأها قادر على أن يسلب نعمته منك فاحذري غضب الله فيها وحاولي أن تكوني معتدلة في هذا الأمر وابذلي جهدك في القيام بوظيفتك على أتم وجه.
وفقك الله،،،(18/305)
صدمة انتهاء العلاقة
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/مشكلات الطلاق
التاريخ 17/08/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا مطلقة حديثاً، فكيف أتخلص من الحقد على مطلقي حيث كان مجرد عقد النكاح، واستمر لمدة أربعة أشهر فقط، في بداية الأمر كان جيداً، كان يعاملني معاملة جيدة، وكان يقول: سيحقق لي كل ما أتمناه، وعلى الرغم من أنني لم أطلب منه أي شيء، بحيث إنني أعمل وأعتمد على نفسي، ولكن بعد مدة بدأت معاملته لي تتغير، بعد أن طلب مني أن أتكفل بتكاليف الزواج؛ لأنه لا يستطيع بسبب ديونه، على الرغم من أنه من عائلة غنية جداً، وأنا علي ديون، وعندما شرحت له ذلك قال بأنه لا يستطيع تكاليف الزواج وتم الطلاق، المشكلة هي أنني لا أستطيع أن أنساه، فأفكر فيه دائماً؛ لأنه كان أول شخص في حياتي، لقد بدأت أشك في نفسي بأنني أنا المخطئة، وإلا لما عاملني بتلك المعاملة، وأنه أظهر هذا العذر؛ لأنه لا يريدني لشخصي على الرغم من أنني هادئة جداً وأحب الخير لكل الناس، وأنا أبكي طول الليل، ولا أستطيع أن أصرح لأحد من أهلي بالحزن الذي يعتريني؛ لأنني في نظرهم القوية، وأن ذلك لن يؤثر علي. إنني حقاً لا أستطيع أن أنساه لكلامه المعسول في البداية، لقد تعلقت به كثيراً رغم الوقت القليل، أصبحت إنسانة ثانية دائمًا حزينة وأجلس لوحدي، ودائما أشعر بالحزن عندما أرى أخواتي سعيدات مع أزواجهن، ودائما أدعو لهن بالتوفيق، لكن الحزن لا يفارقني، وأنا تقربت من الله كثيراً، ولكن لا أستطيع أن أنسى، فماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ابنتي الكريمة!
أولاً: إن الشيء الطبيعي في حياة الفتاة أن يكون تعلقها بأول شخص تعلقاً قوياً؛ لأنه هو أول من اقتحم عليها حياتها، وحرك مشاعرها، ودغدغ عواطفها، وأثار مكامن الثورة في جسدها، ولذلك فما شعرت به من انجذاب لا يدل إطلاقاً على أن هذا الشاب متميز، وأنه يستحق هذه العواطف، ولكن يدل على أنك كنت مندفعة، وبحاجة إلى أن تفرغي مشاعرك مع الشخص الذي ارتبطت به هذا الارتباط الشريف، وهو عقد الزواج.
فطريقة تعلقك أمر طبيعي، لأنك أنت متهيئة لذلك، لا لأن هذا الشاب متميز، أو عنده ما ليس عند غيره.(18/306)
ثانياً: أما انسحاب الشاب من حياتك بهذه الطريقة فإني أصارحك وأقول: ينبغي ألا تأسفي عليه، فإن الشاب المحب للمرأة، المقتنع بها يبذل المستحيل ليحصل عليها، وطبيعة الرجل تحول بينه وبين أن يظهر أمام المرأة بمظهر الإنسان الضعيف أو العاجز، فيقول لها: إنه فقير ومديون ولا يملك شيئاً، وإنما طبيعة الرجل أن يتظاهر أنه قادر ويملك وعنده وعنده، ونحو ذلك، وإذا تعذَّر بهذه الأعذار دل على أن رغبته أصلاً غير حقيقية، وأنه قد غير رأيه، فيبدو أن الله أنقذك من شاب ملول وعاجز، وبمجرد أن ارتبط معك هذه المدة تغيرت مشاعره، فالحمد لله - بنيتي- أن هذا الأمر لم يقع بعد إعلان الزواج، وبعد الدخول، وبعد الحمل، وإنما حصل في فترة مبكرة، بحيث إنك خرجت من هذه العلاقة بأقل خسائر ممكنة.
ثالثاً: عليك ألا تلومي نفسك، وتفترضي أنك أنت وقعت في خطأ، وأنه لم يصارحك بهذا الخطأ، وأنك ملومة ونحو ذلك، كلا يا بنيتي فهو المخطئ، فهو إنسان ملول تغيرت نفسيته معك بمجرد أنه ملكك واحتواك، والحمد لله أن هذا التغير وقع في فترة مبكرة، أما أنت فلا لوم عليك، أنت بذلت مشاعرك، وبذلت حبك وكل ما عندك، وواضح من رسالتك أنك لم تكوني بخيلة عليه، لا بمشاعرك ولا بعواطفك، ولكنك وجهت هذه المشاعر إلى من لا يستحقها، إلى إنسان متغير متقلب، فأهنئك من قلبي بأن الله -عز وجل- قد خلصك منه، وأنك لم ترتبطي به ارتباطاً كاملاً.
رابعاً: أرى أنه يفيدك أن تفضي إلى من يتفهم مشاعرك، كصديقة قريبة أو زميلة، ولا حرج عليكِ في ذلك، فإن هذا يريحك، ولا تكتمي هذه المشاعر وتتظاهري بضدها، وإنما ابحثي عن صديقة صدوقة تبثين لها مشاعرك، وتفضين إليها بها، وتنفسين عما في نفسك.
خامساً وختاماً: أحذرك من التفكير فيه والعودة إليه، فإن الله قد أنقذك منه، فهذا الشخص لا يناسبك ولا تناسبينه، وانظري إلى الأمام، ولا تنظري إلى الخلف، وفكري جدياً بأي خيار جديد، وادرسي أحوال كل خاطب يتقدم لك، فإن التفكير في المستقبل خير علاج لآلام الماضي، وأسأل الله -عز وجل- أن يرزقك الزوج الصالح، وأن يعوضك خيراً مما فقدت، وأكثري من هذا الدعاء النبوي الكريم: اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، فإن الله -جل وعز- سيعوضك خيراً مما فقدت. والله يوفقك ويسددك.(18/307)
أخشى أن يطلقني..!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/مشكلات الطلاق
التاريخ 28/7/1422
السؤال
أخي مشرف الاستشارات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... أعيش في هم وغم كبيرين ولا ادري كيف اخرج من مشكلتي فلقد حصل بيني وبين زوجي مشكلة وأخطأت بحقه أخطاء اعرف انه لايمكن أن يسامحني عليه ولا أمل في ذلك، حيث ثرت عليه وأسأت اليه.. وأخشى أن يطلقني بسببه!!! علما أنني أحبه ولا يمكن أن أتخيل فراقه
أتمنى منك الحل السريع.. ولك الشكر.
الجواب
أختي الكريمة اشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. كما اسأله تعالى أن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل.
بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً - لا أدري لماذا جزمت بأنه لا أمل بأن يسامحك على هذا الخطأ ولا أدري ما نوعيته.. وهل انتهى عند مجرد الثورة فقط.. ثم ما هي أسبابها.. وهل كانت أمام أحد أم لا..؟! كل هذه أمور تؤثر كثيراً في درجة غضبه.. وإمكانية عودة الأمور إلى مجاريها.
ثانياً - اقترح عليك أن توسطي أحد الأقارب أو الأصدقاء الذين يثق زوجك فيهم.. ويحترمهم.. ليمهد لجلسة عتاب ومصارحة تعتذرين فيها عما بدر منك بقوة وتعدين زوجك بإصلاح أي خلل نتج عن هذا الموقف.. بمعنى أن كانت ((ثورة الغضب)) تمت أمام الآخرين.. فيكون الاعتذار أمامهم.. وإن كان سوء الفهم نتج عن خطأ أو تصرف ما.. فتبادرين في إصلاح هذا الخلل دون تردد.
ثالثاً - اسمحي لي أختي الكريمة.. إذا قلت أننا كثيراً ما نفسد على أنفسنا.. ونحطم قلوبنا بأيدينا.. ونغرق في جزئيات تافهة.. ينفخ فيها الشيطان حتى يفسد فيها بين الزوجين فينفصلا.. وهذا ما يتمناه قاتله الله.
رابعاً - مرة أخرى.. أصلحي ما يمكنك إصلاحه.. واستفيدي من هذه التجربة.. ورب ضارة نافعة.. والجئي إلى الله بالدعاء الصادق بأن يصلح لك ما بينك وبين زوجك.. وأن يهديكما.. ويبعد عنكما كيد الشيطان.
خامساً - بعد ذلك.. تكوني قد فعلت الأسباب.. فاتكلي بعدها على الله.. ولن يصيبك إلا ما كتبه الله لك.. فعلينا فعل الأسباب.. أما النتائج فمرتبطة بأقدارها وفقك الله.. وحماك من كل سوء..(18/308)
تزوجتُ.. واستعجلتُ!!
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/مشكلات الطلاق
التاريخ 5-1-1424
السؤال
أردت الزواج قبل سنوات وبعد عقد النكاح وإعلان المأذون له وكتابته دخلت بزوجتي دون علم أهلها وبعد سفري أخبرتني أنها حامل، فحاولت استقدامها بالطرق النظامية وغيرها.. دون جدوى ... فحدثت مشاكل واتصلت بها وقلت لها أنها طالق ... وذهبت إلى قاضي محكمة وشرحت له ما حدث فانتهرني وأمرني باستفتاء المشايخ في بلدي، وأنا لا أريد الطلاق، فهل ما قلته طلاق؟ أم يمين تكفر؟
ثم ولدت زوجتي طفلة ولما زرت بلدي مُنعت من رؤيتها فهل العقد صحيح أم باطل؟ وإذا كان باطلاً فما الحل؟
وهل دخولي بها شرعي أم باطل؟ وإن كان باطلاً فما الحل؟ هل يمين الطلاق طلاق؟ وإن كانت طلاقاً فما الحل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
أولاً: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وشكر الله لكم حرصكم على معرفة أحكام دينكم، وما يحل ويحرم.
وأما ثانياً: فقبل تناول مشكلتك بالبحث والمناقشة، ومحاولة حلها بما تيسر من أحكام شرعية سليمة، أودُّ أن ألفت نظرك، وأوجه عنايتك إلى أن من شأن المؤمن أن يُبتلى بما يعكّر صفو حياته، ويضيق صدره، ويشغل باله، ويكون ذلك من خلال أزماتٍ مادية، أو خلافاتٍ زوجيةٍ، أو صداماتٍ ونزاعاتٍ مع رؤسائه في العمل أو غير ذلك مما جرت به الأقدار بأمر الله ومشيئته -سبحانه-، وذلك الابتلاء الرباني إنما هو تمحيص للذنوب، وتخفيف منها، ورفعة للدرجات وزيادة لها، متى قُوبل ذلك الابتلاء بالصبر والاحتساب والرضا والتسليم، فعّود نفسك -يا أخي- على الصبر والاحتساب، وتأكد بأن الفرج قريب، وأن الشدة ذاهبة، وأن العسر سيعقبه يسر وتنفيس -بإذن اللطيف الخبير-.
وأما ثالثاً: فمشكلتك في الحقيقة هي من قبيل الخصومات ذات الأطراف المتعددة، ولا يمكن وضع حلٍ لها عن طريق الفتوى إذ الأصل في مثل هذه القضايا أن تتولاها المحاكم الشرعية، ويفصل فيها القضاة الشرعيون بعد سماع أقوال الأطراف المتنازعة جميعاً، وهذا في نظري هو السبب الذي جعل القاضي يوجهك إلى مراجعة المحكمة الشرعية في بلدك.
ومع ذلك أجيب على بعض ما ورد في رسالتك من سؤالات ويبقى فصل القضية بينك وبين زوجتك للمحكمة الشرعية -كما أسلفت-.
1- أما دخولك بزوجتك بعد عقد النكاح عليها بحضور وليها، بدون علم أهلها وأهلك فهو دخول شرعي مباح لا يشترط فيه علم أحد من الناس بعد إتمام العقد، إذ بإتمام العقد وإبرامه أصبحت زوجةً شرعية، لك معاشرتها معاشرة الأزواج للزوجات، وكان الأولى أن تصبر حتى يدخلك وليُها عليها، حسماً للمشاكل، ولكن قدر الله وما شاء فعل.(18/309)
2- ظهر لي من خلال رسالتك أنك تلفظت بالطلاق، وكانت زوجتك وقتها حاملاً، وهذا يعني أنه طلاق صحيح تترتب عليه آثاره شرعاً، ومنها: وقوع الطلاق، وانتهاء العدة بوضع الحمل، ولذا فلم تعد زوجة لك الآن، إلا بخطبة جديدة وعقد جديد بموافقة الزوجة ووليها وبمهر جديد، ولذا أنصحك بإنهاء العلاقة معها أو محاولة الاتصال بها هاتفياً أو بريدياً ريثما ينظر القاضي الشرعي في قضيتكما أو تحل ودياً عبر وسطاء مرضيين عدالة وعدلاً.
3- أؤكد لك، وأطمئنك أن المشكلة في نظري سهلة وميسورة الحل، فالنكاح صحيح، والدخول شرعي، والمولودة ابنة شرعية لك، والرجعة إلى الزوجة ممكنة، ولكن الأمر يتطلب أن تتعامل معه بحكمة ورويّة، وتبحث عن أسهل السبل لإرضاء الزوجة وأهلها بالمعروف، وأرجو أن يتحقق ذلك عبر الاعتذار المهذب، والكلام اللطيف، وإشراك الوسطاء الخيريين، وكن دائماً رابط الجأش واثقاً بالفرج، طارداً لليأس، والله معك والسلام.
تنبيه:
ورد في كلامك أنك لجأت إلى طرق غير شرعية في محاولة استقدام زوجتك، وهذا حرام فتب إلى الله واستغفره، واعلم أن في المشروع من الأسباب والوسائل غنية عن غير المشروع، وأن كل شيء بقضاء وقدر، وها أنت قد رأيت أن اللجوء إلى طرق غير مشروعة لم يغن عنك شيئاً، فاستعن بالله وحده ولا تعجز.(18/310)
هل الخلع يحقق لي السعادة؟
المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/مشكلات الطلاق
التاريخ 12/02/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت موظفة بسيطة، قابلت رجلاً يكبرني في السن بأكثر من عشرين سنة، وأقمنا علاقة جنسية ولمدة طويلة، ثم تزوجنا، هو متزوج من زوجة أخرى، ومع ذلك وافقت، علاوة على أنني كانت لي علاقات سيئة مع رجال أجانب، وقد تزوجت زواجاً عرفياً أكثر من مرة، وقمت بأربع عمليات إجهاض، وغير ذلك من الذنوب والمعاصي والآثام والمنكرات، وطبعاً أهلي لا يعرفون شيئاً عن هذا، وقد حججت أنا وزوجي، لكني لا أصلي ولا ألتزم بالحجاب الشرعي، ومنذ حوالي ثلاث سنوات وأنا أفكر في الطلاق، رغم أنني مازلت أحبه وهو يحبني جداً، أنا أحس أنه يكذب علي كثيراً، أنا متأكدة أنه لا يخونني، ولكن إحساسي يقول لي يوجد شيء خطأ، وهو رافض الطلاق ويحاول أن يجعلني أُصلِّي، ولكني عنيدة، وكلما يسألني صليتِ؟ أقول: لا، هذا أمر بيني وبين ربنا، وأنا لا أحب أي شخص يفرض علي شيئاً، وحتى أجبره ليطلقني أقوم بالخروج من البيت كل يوم لوحدي، أذهب عند أهلي، ونروح سينما، أو أجلس على مقهى، وألبس لبساً ضيقاً، وأعمل مكياجاً جميلاً، وأرجع منتصف الليل، وأذهب إلى المصيف مع البنات لوحدنا، وألبس (المايوه) ، وحتى الآن هو رافض موضوع الطلاق، ويقول غداً ربنا يهديني، والآن أنا أفكر في الخلع، ولكن ليس عندي سبب غير أنني غير مرتاحة، وأنا متأكدة أن مستقبلي سوف يكون أحسن بدون زوجي هذا، صديقة لي قالت: إذا طلبت الخلع سوف يأخذ منك كل شيء مثل الشقة، والسيارة، والذهب، وحتى الملابس من حقه أن يطلبها، وصديقة أخرى قالت: طالما كتب هذه الأشياء باسمك فلا يستطيع، أريد أن أعرف هذه الأشياء حتى أعرف ما أفعل، زوجي لم يضربني مرة واحدة، ولم يسبني أيضاً، ولم يعايرني بالماضي، ولكن أنا لا أريده، علماً أن ظروفه المالية الآن تعتبر حرجة، ولكن ليس هذا هو السبب. ماذا أفعل؟ والسلام عليكم.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخت السائلة: لقد قرأت كلامك في هذا السؤال أكثر من مرة، ووجدت أنك تكلمت بكل صراحة ووضوح، ولذا فإني أطلب منك أن تفتحي لي قلبك وترعي لي سمعك، وتقرئي ما سأكتبه لك؛ لأني سأتكلم بكل صراحة ووضوح، فأقول:(18/311)
واضح أنك تبحثين عن الراحة والسعادة، ولكنك والله أخطأت طريقها، واضح أنك غافلة عما خلقت لأجله، قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" [الذاريات: 56] إنك - يا أختي - في أمسّ الحاجة إلى شيء واحد، هو التوبة النصوح مما اقترفتيه من الذنوب، أنت تعلمين أن الصلاة واجبة، بل هي ركن من أركان الإسلام الخمسة، وفي الحديث قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله" أخرجه الترمذي (2616) ، وغيره من حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، وأنت تعلمين أن ترك الصلاة حرام، بل هو كفر، قال صلى الله عليه وسلم: "بين الرجل والكفر أو الشرك ترك الصلاة" أخرجه مسلم (82) من حديث جابر -رضي الله عنه-، وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-: (لا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة) أخرجه مالك (84) في الموطأ، وقال ابن مسعود - رضي الله عنه-: (من ترك الصلاة فلا دين له) . فكيف تريدين السعادة والراحة وأنت لا تغتسلين من الجنابة ولا تصلين؟!
إنه يجب عليك أن تتوبي إلى الله -تعالى- من الفواحش التي اقترفتيها بأي اسم سميتيها، فهي الزنا بعينه الذي قال الله - عز وجل- عنه: "ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً" [الإسراء: 32] ، لقد وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- حال الزناة والزواني في قبورهم أنهم في تنّور أسفله واسع، وأعلاه ضيق، وهم عراة يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا - أي صاحوا من شدة حرّه-. انظر ما أخرجه البخاري (1386) من حديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه- نسأل الله العافية.
عند قوله تعالى: "لها سبعة أبواب" أي لجهنم، قال بعض السلف: (أشد الأبواب غمًّا وحرًّا وكرباً وأنتنها ريحاً للزناة الذين ارتكبوا الزنا بعد العلم) .(18/312)
أنت تعلمين أنه يجب عليك أن تتحجبي، وقد ذكرت أنك حاولت ولم تفعلي كيف لا تفعلين ذلك، وقد أمرك ربك وخالقك والذي شق سمعك وبصرك، وأصحّ بدنك، ورزقك العافية بقوله سبحانه وتعالى: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن" [النور: 31] ، فيأمر الله -تعالى- المؤمنات -أسأل الله أن يجعلك منهن- ألا ينظرن بأبصارهن إلى ما حرم الله، ويحفظن فروجهن من الزنا والفواحش، ولا يظهرن زينتهن إلا ما ظهر منها، ولا يمكين سترة من الثياب والعباءة ونحوها، وليرخين بخمرهن -أي حجابهن- على جيوبهن أي أعلا صدورهن، ولا يظهرن زينة إلا للمحارم ثم ذكرهم وهم: (الزوج، والأب، والابن ... إلخ..) ، وقال تعالى: "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب" [الأحزاب: 53] ، وقال تعالى: "وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" [الأحزاب: 33] ، أتدرين ما هو تبرج الجاهلية الأولى الذي نهى الله -عز وجل- عنه؟ إنه خروج المرأة ومشيها بين الرجال متكشفة -كما هو حالك الذي ذكرتيه في السؤال-، وقال تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً" [الأحزاب: 59] ، فهذا أمر الله -تعالى- لنبيه- صلى الله عليه وسلم- أن يأمر النساء بإدناء أي تقريب جلابيبهن، والمراد بها العباءة أن تقربها من رأسها وبدنها حتى تسترها وتتميز المرأة الحرّة بذلك.
يا أختي الكريمة: إن الحجاب للنساء عبادة وفطرة وحياء، وطهارة، وعفة، وكرامة، وسعادة، فإذا كنت تريدينها فدعي عنك التبرج والتهتك والتفسخ، ولا عذر لك في ذلك. إنني أنصحك بالبقاء مع زوجك هذا ما دام يحبك وتحبينه، وتتوبي إلى الله أنت وإياه مما اقترفتموه سابقاً، وتنجبون الأولاد، وتعيشون حياة هانئة سعيدة، إنه زوج فيه خير كثير، يأمر بالصلاة، ولا يعيرك، ولا يسبك، ويحبك، وأنت متأكدة أنه لا يخونك، فكيف تفرطين فيه؟ إن سبب ذلك هو ما تعيشينه من غفلة عما خلقت له حتى ظننتي أن السعادة في الحرية من كل شيء، لا تريدين أحداً يفرض عليك شيئاً، كأنك تريدين أن تعودي لما كنت عليه سابقاً من علاقات كثيرة، وزواج عرفي، وفساد، وهذا والله هو الضياع والتعاسة؛ ولذا أنت تقولين: (إن إحساسي بيقول فيه حاجة غلط، (إنني غير مرتاحة) ، (وأنا متأكدة أن مستقبلي سوف يكون أحسن بدون زوجي هذا) ، وأنا والله الذي لا إله غيره ولا رب سواه - سبحانه وتعالى- متأكد أن حالك سيكون أشد تعاسة إذا طلقك زوجك وبقيت على حالة الغفلة التي أنت فيها.(18/313)
إنه لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها بدون سبب مقنع -كما هو حالك-، قال صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غيرما بأس فحرام عليها رائحة الجنة" أخرجه الترمذي (1187) ، وأبو داود (2226) ، وابن ماجة (2055) من حديث ثوبان -رضي الله عنه-، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن المختلعات هنّ المنافقات" أخرجه الترمذي (1186) ، وأبو داود (2226) ، وابن ماجة (2055) من حديث ثوبان -رضي الله عنه-، إنني أكرر عليك مرة أخرى بأن تتوبي إلى الله -تعالى- وتعودي إليه، فإنه يحب التوابين ويفرح بهم، ويغفر ذنوبهم، ويستر عيوبهم، ويسعدهم مهما كانت الذنوب عظيمة، فإن الله يغفرها لمن تاب. قال عز وجل: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر: 53] . احمدي الله -تعالى- أنه أمهلك إلى الآن ولم يقبضك وأنت على تلك الفواحش والعظائم، واستدركي حالك قبل أن يفاجئك الموت فتندمي ولا ينفع الندم، إنك مع الإيمان والتوبة النصوح والعمل الصالح، وتلاوة القرآن الكريم وتدبره، تسعدين وينشرح صدرك، وستقولين أين أنا من هذه السعادة، وعند الموت تعودين إلى ربك الذي وعد المؤمنين بالروح والريحان، ودخول الجنان، والنجاة من النيران، كم ستعيشين؟ مائة سنة؟ ثمانين سنة؟ سبعين سنة؟ أقل؟ أكثر؟ وكلها مليئة بالمنكرات والمنغصات، ثم تنتقلين إلى الآخرة، وهناك السعادة الأبدية أو التعاسة والشقاوة السرمدية. إن تلك السنوات المعدودة لا تساوي شيئاً عند حياة أبدية لا تنقطع، فلا تضيعيها بشهوة عابرة وضحكة ساخرة، وضياع وغفلة، قال تعالى: "يا قومي إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار" [غافر: 39] .
أسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، واسمه الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب أن يشرح صدرك، ويتوب عليك، ويمن عليك بالسعادة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، والحمد لله رب العالمين.(18/314)
استغلني ثم طلقني!
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/مشكلات الطلاق
التاريخ 07/11/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ الجليل- حفظكم الله: لقد تزوجت قبل سنوات، وذهبت إليه في بلدنا، حيث كان هناك، وتم الزواج ورجعت إلى محل إقامتي؛ لكي أعمل له الأوراق، وأخذت مني مدة سنة وأربعة أشهر، وطيلة هذه الفترة كان أهلي يبعثون له مصروفه في بلدنا، من مسكن ومأكل ومشرب، حيث كانت التكاليف كثيرة- كما تعلمون كم تكلف مثل هذه الأمور- أكملت المعاملة وبعثت له أجور التذكرة، وجاء إلى البلد الذي أقيم فيه وفرحنا بقدومه كثيرًا بعد صبر طويل، وحمدت الله على سلامته. لقد فوجئت بعدم شوقه لي، وعدم تحدثه بكلام الحب الذي أسمعني إياه عندما كنت في بلدنا، بعد أسبوعين من وجوده معي وإذا بي أفاجأ بأنه يتصل بي ويخبرني بأنه ترك البيت، لم أصدق، ذهبت إلى غرفتي، وفعلًا رأيت أنه قد أخذ معه حقيبته، كانت صدمتي كبيرة لدرجة؛ ولا زلت إلى هذا الحين تحت العلاج طيلة هذه السنين وحتى الآن وأنا معلقة لم يسأل عني، ولم يبعث لي أي مصروف، وأذكر أنه قبل يومين من تركه البيت قال لي: طالق. وكنت أتصوره يعاني من مشكلة نفسية، وقد تأكدت عندما قالت لي والدتي بأنه قد قال لها بأنه قد طلقني، وفي نفس اليوم ترك البيت بعد أن وجد صديقه ليسكن معه، حيث إنه استغلني وأهلي في سبيل الحصول على تسهيلات السفر والهجرة! وعدم مخافة الله في أنه قد ظلمني وحطمني وأساء إلى سمعتي، وبقيت أخاف أن أخرج من البيت لكي لا أواجه الناس؛ لأن زوجي تركني بعد أسبوعين من مجيئه، ولا زال الناس تأتي لكي تبارك لي زواجي الفاشل مع الأسف. شيخنا الفاضل: إنني ضحية البساطة والطيبة في هذا الزمن الذي كثر فيه الغدر والكذب والخداع، فضيلة الشيخ الجليل: ما الحكم الشرعي لحالتي هذه؟ هل أعتبر طالقًا؟ حيث إنني أريد أن أخرج من أزمتي هذه وأرى مستقبلي؛ لأنني أشعر أنني مكبلة بالهموم والخوف، وعدم الثقة بالبشر- مع الأسف الشديد- حيث كنت بكامل ثقتي بنفسي وبالناس. شيخنا الفاضل: إنني بانتظار رأيكم السديد، الرجاء عدم وضع رسالتي هذه في الصفحة. أثابكم الله.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أختي السائلة: لا تحزني ولا تقلقي على ما جرى لك، وأوصيك بالصبر والاحتساب، وإني على يقين تام بأن الله تعالى- قد رحمك بأن صرف عنك هذا الرجل الاستغلالي اللئيم، وقد اختار الله تعالى- لك ما هو خير لك في دينك ودنياك، وأحب- يا أختي- أن أذكرك بأمور:(18/315)
1- أن المؤمن في هذه الحياة مبتلى، فدار الدنيا دار ابتلاء وامتحان، والله سبحانه وتعالى- يبتلي عباده المؤمنين، وكلما زاد إيمان الشخص زاد بلاؤه، فنوحٌ عليه السلام، ابتلي بابنه وزوجته، وإبراهيم عليه السلام، أمر بترك زوجته وابنه الرضيع في وادٍ غير زرعٍ، ولما بلغ ابنه معه السعي أمر بذبحه، فامتثل لأمر ربه، ورُمي به في النار، فصبر، وأيوب عليه السلام، مرض سنين عددًا، وموسى عليه السلام، خرج من مدينته خائفًا يترقب، وأمر بإعلان الدعوة فلحقه من الأذى من قومه عنادًا واستكبارًا ما بسط بآيات من القرآن الكريم، ويوسف عليه السلام، رُمي في الجُبِّ مِن قِبَل أقرب الناس إليه (إخوانه) ، ويباع رقيقًا بثمن بخس، وهو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، ثم تعرض عليه الفتنة فيرفضها حتى أودع في السجن بضع سنين، ها هو ذا والده يعقوب عليه السلام، تبيضُّ عيناه من الحزن على ابنه يوسف عليه السلام، وهو كظيم، فدعا بدعائه المشهور: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) [يوسف: 86] . وقال عندما وصله نبأ ابنيه: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) [يوسف: 83] . ونبينا وحبيبنا محمد صلى الله وعليه وسلم، خليل الرحمن المبعوث رحمة للعالمين، ينشأ يتيم الأبوين، ويُرمَى عليه سَلَا الجَزُورِ، وهو ساجد لربه تعالى عند الكعبة، وتتوالى عليه الأحزان في عام الحزن، فتموت أحب الناس إليه زوجته خديجة، رضي الله عنها، وعمه أبو طالب، ويخرج من أحب البلاد إليه، ويقاتله قومه حتى يُشجَّ جبينه الشريف، وتُكسر رَبَاعِيَتُه، وهو صابر لله تعالى، ومحتسب، وتتوالى المصائب والابتلاءات عليه حتى آخر لحظة من حياته، فتتوالى عليه سكرات الموت حتى يغمى عليه، صلى الله عليه وسلم، ويدخل عليه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، ويلاحظ شدة الألم عليه، صلى الله عليه وسلم، فيقول له: يا رسول الله، إنك توعك وعكًا شديدًا. قال صلى الله عليه وسلم: "أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ". أخرجه البخاري (5648) ومسلم (2571) . ويسأله، صلى الله عليه وسلم، سعدُ بن أبي وقاص، رضي الله عنه- عن أشد الناس بلاء؟ فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم: "الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ؛ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ". أخرجه ابن ماجه (4023) والترمذي (2398) وقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وصححه الألباني.
2- أن المصائب التي تصيب الإنسان، وإن كانت في الظاهر شرًّا له إلا أنها في الحقيقة تحمل معها خيرًا للمؤمن إذا صبر واحتسب، ولم يجزع ويسخط؛ فعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ مُصِيبَةٍ يُصَابُ بِهَا الْمُسْلِمُ إِلَّا كُفِّرَ بِهَا عَنْهُ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا". أخرجه البخاري (5640) ومسلم (2572) .(18/316)
واسمعي هذه البشرى العظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم، والتي يزفها لنا الصحابيان الجليلان أبو هريرة وأبو سعيد الخدري، رضي الله عنهما؛ إذ يرويان لنا حديثًا هو سلوى لكل مسلم؛ إذ يقول صلى الله عليه وسلم: "مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ ". أخرجه البخاري (5642) ومسلم (2573) . ويقول أيضًا، صلى الله عليه وسلم: "مَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ". أخرجه الترمذي (2399) وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وحسنه الألباني.
وكلنا ذو خطأ ومعصية، وتقصير، وكلنا بحاجة إلى تطهير من الذنوب والمعاصي.
3- أن على المسلم الصبر والاحتساب إذا أصابته مصيبة، والشكر والحمد عند حصول السراء، وهذا من خصائص المؤمن فهو بين الصبر والشكر، هكذا يسير في حياته، ويروي لنا صهيب، رضي الله عنه، تعجب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم- من حال المؤمن، فيقول صلى الله عليه وسلم: "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ". أخرجه مسلم (2999) . فهذا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم- يخبر بأن الصبر عند الضراء هو خير للمؤمن.
4- أن الصبر خير عطاء يمنحه الله تعالى- لعبده المؤمن؛ فعن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَصْبِرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِنْ عَطَاءٍ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنْ الصَّبْرِ". أخرجه البخاري (1469) ومسلم (1053) .(18/317)
5- تذكري- يا أختي- أن على العبد ألا يستسلم لمثل هذه الأحزان، وأن عليه أن يواجهها بقوة وشجاعة وإيمان؛ فالمصيبة الكبرى هي مصيبة الدين، وكل ما سواها هين وسهل، وعليه أن يتجاوزها؛ فهي فترة زمنية يعقبها فرج الله تعالى، فليس من الصواب أبدًا استمرار هذا الحزن معك سنتين كاملتين، واسمعي إلى هذه التوجيهات العظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم- لابن عمه عبد الله بن عباس، رضي الله تعالى عنهما، وهو غلام، وكان رديف النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: "يَا غُلَامُ، أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِنَّ؟ ". فَقُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ: "احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ؛ فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا". أخرجه أحمد (2803) والترمذي (2516) وقال: حسن صحيح. وصححه أحمد شاكر.
6- أن المشروع للمؤمن في مثل هذه الحالات الإكثار من الدعاء والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى- يسأله تفريج الكرب، وإزالة الهم، ويلح على الله تعالى بالدعاء؛ فالدعاء هو العبادة، والله سبحانه وتعالى- يحب الملحِّين في الدعاء، وهناك أدعية مأثورة يستحب للمسلم الإكثار منها، من ذلك قول العبد عند المصيبة: (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) [البقرة: 156] . قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 155-157] . وعن أم سلمة، رضي الله تعالى عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا. إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا ". أخرجه مسلم (918) . ولقد كانت أم سلمة، رضي الله عنها، تدعو بهذا الدعاء عندما فقدت زوجها أبا سلمة، رضي الله عنه، فأبدلها الله تعالى- خيرًا من أبي سلمة، رضي الله عنه، حيث تزوجت بعده رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ونالت شرف أم المؤمنين.(18/318)
7- تذكري أن الصابر يوفَّى أجرَه بغير حساب؛ قال تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر: 10] . والصبر من صفات البر؛ قال تعالى: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ والضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [البقرة: 177] .
فلا تكبلي نفسك بالهموم واتركي عنك الخوف، وسيري على توجيهات ربك، ونبيك صلى الله عليه وسلم، وعاهدي نفسك بفتح صفحة جديدة من حياتك، ولا تسمحي لمثل هذا المخادع أن يدمر حياتك، واحمدي الله تعالى- أن صرفه عنك في أول حياتك قبل أن تتورطي معه بأطفال، وتذكري دومًا قول الله تعالى: (فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء: 19] .
وأما سؤالك: هل يعتبر ما صدر من زوجك طلاقًا؟ أقول: إذا صدر هذا اللفظ منه صريحًا، كما تذكرين فهذا طلاق، إلا أني أنصحك أن تقومي بتوثيق هذا الطلاق بصفة رسمية لدى أقرب محكمة.
وأسأل الله تعالى- لك التوفيق والرشاد في الدنيا والآخرة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(18/319)
هل تصبر أم تسأله الطلاق؟!
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/مشكلات الطلاق
التاريخ 4/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أنا متزوجة منذ ثمانية أشهر، والآن حامل في شهري الثالث، هذا الحمل الذي منذ بدأ بدأت المشاكل، طلب مني زوجي مساعدته في مصاريف البيت، ففعلت، ولكن أصبح مؤخراً يطالبني بمرتبي كله، أقوم بجميع الأشغال المنزلية لوحدي؛ لأنه لا يريد أن آتي بخادمة لمساعدتي، ولا يريد هو مساعدتي، بل يريد فقط إعطائي الأوامر، وإذا أجبته بكلمة يقوم بضربي؛ مدعياً أنه الرجل، أفكر أحياناً في طلب الطلاق، ولكن أفكر في الجنين الذي في أحشائي، فمادياً لن ينقصه شيء، ولكن لا أريد أن يكبر بدون أب. أرشدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ما ذكرتِه من تصرفات زوجك تصرفات خاطئة محرمة لا يقرها الإسلام ولا يجيزها، والإسلام أمر الرجل بالإنفاق على المرأة والقوامة عليها، لا أن يقتات من عملها وكدها وجهدها.
وليست الرجولة في ضرب المرأة، وإنما الرجولة في القوامة عليها، وإكرامها وإعزازها، وتوفير ما تحتاج إليه، فما يفعله زوجك -حسب ما ذكرته- خطأ كبير.
تبقى القضية: هل الأولى الاستمرار معه، أو المفارقة؟ أقول هذا أمر لا يستطيع أحد تقديره أكثر منك، فإن كنت ترين أن أمامك فرصة بالزواج ممن هو أفضل منه إذا تركتِه فإنني أرى أن تتركيه، لعل الله يبدلك خيراً منه، وكونك حملت بجنين فهذا الجنين لن يضيع -بإذن الله-، ولا يصح أن تكون حياتك كلها مرتهنة لهذا الطفل، فالذي جاء بالطفل سيأتي بأطفال آخرين، وأبوه هو الملزم به أن يتولى رعايته والقيام عليه وليس أنت، وأنت الآن في مستقبل حياتك والمستقبل أمامك، فإن كنت ترين أن لديك فرصة في الزواج من رجل أفضل من هذا الرجل، فلا تلامي في البحث عن خيار أفضل، خاصة أن سلوك زوجك معك بهذه الطريقة في أول سنة الزواج، بل في أشهُره الأولى يدل بوضوح على ضعف عاطفته تجاهك، وأن محبته لك قليلة أو معدومة، وسوء عشرته في هذا الوقت الباكر لا يبشر بخير في المستقبل. وأما إذا كنت ترين أن الفرص أمامك ستكون معدومة، وأنك أن تعيشي مع هذا الرجل أولى من أن تعيشي بدون رجل، فهذا أمر آخر يرجع لك أنت، ولكن أرى مع ذلك أن تطالبي بحقوقك، وألا تخضعي لطلباته؛ فراتبك حق لك، وضربه لك -بغير حق- لا يجوز ولا يحق له، والمحاكم لم تقم إلا لرفع الظلم عن المظلومين، وحماية حقوق المستضعفين، وهناك صنف من الرجال لا يعطي الحق من نفسه إلا أن يؤخذ منه. والله يعينك ويتولاك.(18/320)
ثانياً: العلاقات الأسرية(18/321)
رسالة إلى عاق
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 11/03/1427هـ
السؤال
ما حكم الابن الذي يشتم والدته، ويقول لها كلامًا بذيئًا وغير لائق أخلاقيًّا، ويهددها بإدخالها السجن، وإخراجها من المنزل، ويتمنى لها الموت، وقد سبق أنْ رفع دعوى قضائية في المحكمة علينا وعلى والدته التي هي والدتنا جميعًا، فهل من نصيحة لأمثال هذا؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن صح ما ذكره السائل من شتم أخيه لوالدته وتهديدها بالسجن ... الخ فإن هذا العمل من كبائر الذنوب، قال تعالى: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" [العنكبوت:8] . وقال تعالى: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" [الأحقاف:15] . وقال تعالى: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" [النساء:36] . وقال تعالى: "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" [الأنعام:151] . وقال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا" [الإسراء:23] . وقال تعالى: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ" [لقمان:14] .(18/322)
ففي هذه الآيات يبين الله تعالى عظم حق الوالدين، حيث قرنه بعبادته سبحانه مما يظهر المنزلة العالية التي جعلها الله تعالى لهما، قال القرطبي -رحمه الله- تعالى: "وبالوالدين إحساناً" أي وأمرناهم بالوالدين إحساناً، وقرن الله -عز وجل- في هذه الآية حق الوالدين بالتوحيد؛ لأن النشأة الأولى من الله، والنشء الثاني وهو التربية من جهة الوالدين، ولهذا قرن تعالى الشكر لهما بشكره، فقال (أن أشكر لي ولوالديك) والإحسان إلى الوالدين معاشرتهما بالمعروف والتواضع لهما وامتثال أمرهما" ا. هـ تفسير القرطبي (2/13) وقال -رحمه الله تعالى-: "قوله تعالى وبالوالدين إحساناً إلى الوالدين برهما وحفظهما وصيانتهما وامتثال أمرهما وإزالة الرق عنهما وترك السلطنة عليهما" ا. هـ التفسير (7/132) .
وتوعد المقصرين في حقوقهم، فقال تعالى: "وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ" [الأحقاف:117-18] .
وحق الأم أعظم من حق الأب؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رجل: يا رسول الله من أحق بحسن الصحبة؟ قال -صلى الله عليه وسلم- "أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك ثم أدناك أدناك" رواه مسلم (2548) .
والأم إن كانت كبيرة في السن فهي في عمر تكون أحوج ما تكون لبر أولادها ويتأكد البر في هذا السن جداً، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف) قيل: من يا رسول الله؟ قال (من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة) رواه مسلم (2551) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وعن معاوية بن جاهمة السلمي -رضي الله عنه- قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة قال: (ويحك أحية أمك) ؟ قلت: نعم قال: (ارجع فبرها) ، أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة قال (ويحك أحية أمك) قلت: نعم يا رسول الله قال (فارجع إليها فبرها) ، ثم أتيته من أمامه فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة قال: (ويحك أحية أمك) قلت: نعم يا رسول الله قال: (ويحك ألزم رجلها فثم الجنة) رواه عبد الرزاق (9290) ، وأحمد (3/429) ، وابن أبي عاصم (3/59) ، وابن ماجه (2781) ، واللفظ له.(18/323)
وعن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إني أذنبت ذنباً عظيماً فهل لي من توبة؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ألك والدة) ، وفي رواية ابن قتادة (أما لك والدة) قال: لا. قال: (ألك خالة) قال: نعم قال: (فبرها) . رواه الترمذي (1904) وابن حبان (435) والحاكم (4/171) وصححه. والبيهقي في الشعب (7864) واللفظ له. وروي عن عمر -رضي الله عنه- أن رجلاً قال له: قتلت نفساً؟ قال: أمك حية؟ قال: لا. قال: فأبوك؟ قال نعم. قال فبره وأحسن إليه، ثم قال عمر: لو كانت أمه حية فبرهما وأحسن إليها رجوت أن لا تطعمه النار أبدا. (جامع العلوم والحكم/173) ، وقال رجل لعبد الله: إني قتلت نفساً فهل لي من توبة؟ قال: ألك أبوان؟ قال: أمي حية. قال: ألزمها وبرها واجعل التراب على رأسك وابك على نفسك، وإياك أن تيأس من رحمة الله فإنك إن أيست من رحمة الله كان أعظم عليك من هذا الذنب الذي ركبته. رواه محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة (702) ونحوه عند ابن أبي شيبة (5/434) .
ومع الأسف أن قضايا عقوق الوالدين قد كثرت في هذا الزمان؛ لضعف الديانة وقلة الرادع، لذا فإني أهيب بالمسئولين في كل دولة بإيجاد مؤسسة مختصة بقضايا الوالدين المرفوعة ضد أولادهم بسبب العقوق أو الاعتداء والاستعجال في البت فيها مما سيحد كثيراً من قضايا العقوق، فالله تعالى يزع بالسلطان من ما لا يزع بالقرآن.(18/324)
لا أستطيع برّه ... فهل يعد عقوقاً؟!
المجيب سعد بن عبد الله الماجد
عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 13/02/1427هـ
السؤال
والدي -هداه الله- هجرني وتركني بعد طلاقه لوالدتي، ولكنه كان راضياً عني. وأنا الآن لا أستطيع الوصول إليه، أو حتى بره، فهل يعتبر ذلك عقوقاً مني، وهل عليّ ذنب؟ علماً أنه كان قبل طلاقه لأمي يعاملني معاملة سيِّئة، وما كان مني إلا الصبر عليه واحترامه.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالله تعالى أمرنا ببر الوالدين، حتى وإن كانا مشركين، فقال: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا" [لقمان:15] . ولكن لا يطاعان في معصية الخالق جل وعلا، إذ إن بر الوالدين أوأحدهما واجب عليكِ. وأما قولك: لا أستطيع الوصول إليه، فالحمد لله أسباب الاتصال أصبحت الآن متوفرة، إما عن طريق المواصلات أو المراسلة أو التليفون، فإن لم تستطيعي -على حد قولك- فادعي له بالهداية والصلاح والمغفرة، وعليك تذكر الأجر المترتب للبر وصلة الرحم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ". أخرجه أحمد (8513) ، والترمذي (1979) ، وهو في البخاري (5985) بلفظ مختلف دون أوله. وَمَعْنَى قَوْلِهِ مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ يَعْنِي بِهِ الزِّيَادَةَ فِي الْعُمُرِ، ومن وصل رحمه وصله الله، وكم سمعنا من قصص ممن عقوا والديهم وقطعوا أرحامهم، وكيف كانت عقوبتهم في الدنيا قبل الآخرة. قال تعالى "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم" [محمد:22] وأما ما حصل من أبيك فعفا الله عما سلف، وحقه عليكِ أعظم من حقكِ عليه، لذلك أمر الله تعالى الأبناء ببر الآباء، ولم يأمر الآباء ببر الأبناء، فقال تعالى: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا" [النساء:36] فقرن الإحسان إليهما مع عبادته في موضع واحد، وقال سبحانه: "قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا" [الأنعام:151] وقال: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما" [الإسراء:23] "ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون" [العنكبوت:8] . وفي الحديث الذي أخرجه البخاري (527) ، ومسلم (85) عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها"قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين". قال: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله؟ قال: حدثني بهن ولو استزدته لزادني.
فجاهدي نفسك على بر والدك والاعتذار عنه فيما سلف والدعاء له، والله يعينك على ذلك، وبالله التوفيق والسداد.(18/325)
استدراك ما فات من بر الوالد بعد وفاته
المجيب هند بنت سالم الخنبشي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 05/02/1427هـ
السؤال
ماذا يفعل الإنسان إذا توفي والداه وهما غضبانان عليه؟ هل من سبيل لبرهما؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأشكرك -يا أختي- على اهتمامك، وسؤالك عن أمر مهم من أمور دينك، أمر قرنه الله بتوحيده وعبادته، وها أنا أبشرك يا أختي بأن أبواب البر تظل مفتوحة أمام العبد حتى بعد وفاة والديه. نعم قد يخطئ الإنسان أو يُغضِب والديه في لحظة سيطر الشيطان فيها عليه، لكن باب التوبة مفتوح، وسبل البر متوفرة ولله الحمد، وهذا من عظمة هذا الدين. فمن أبواب البر:
1- الدعاء للوالدين، وهذا قبل وبعد الممات، وقد ذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" فلا يزال الوالد يصله من الأجر ما دام ولده يدعو له.
2- الاستغفار للوالدين: وهذا دأب الأنبياء والصالحين، قال نوح -عليه السلام- "رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً" والاستغفار يرفع درجة الوالد في الجنة، فقد ورد في الحديث أن الرجل يبلغ درجة في الجنة لم يبلغها بعمله، فيسأل عن ذلك فيقال له باستغفار ولدك لك.
3- الصدقة عن الوالدين.
4- أداء العمرة أو الحج عنهما.
5- صلة أقارب الوالدين وأحبابهما، قال ابن عمر: "إن من البر أن يصل الرجل أهلُ أبيه".
وقبل ذلك كله عليك بالتوبة من ذنبك والاستغفار؛ علَّ الله أن يقبل توبتك ويغسل حوبتك. كما أحب التنبيه أن الواجب هو بر الوالدين في الحياة وبعد الممات، نسأل الله أن يهدينا ويرزقنا بر آبائنا وأمهاتنا إنه على كل شيء قدير.(18/326)
المرض النفسي لوالدنا ... أحرجنا!
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 21/01/1427هـ
السؤال
يعاني والدي من حالة نفسية، وأعراض هذه الحالة خطيرة جداً، وسأشرح لك جزءًا قليلاً من تلك الأعراض. هذا المرض أصاب والدي منذ سنوات، حيث يقل نومه ويقل أكله ويتصرف تصرفات غير سوية وجنونية، فيقوم بالتوهم بأنه تاجر أحياناً، وأحياناً شاعر وأحياناً قوي لا يقهر، وأحياناً شيخ ورجل مهم في الدولة، ويقوم بقضاء معظم وقته في المقاهي، ويصرف أمواله في أمور لا ترضي الله ولا رسوله، ويستغل من قبل أناس كثيرين لا يخافون الله، ويكون عدوانياً بشكل كبير لمن نصحه أو عارضه في بعض الأمور، ويقوم أيضاً بالقيادة بشكل جنوني.
وقبل سنوات قام بإطلاق النار على عدة قرى، وعرَّض حياته للخطر، وجرح الكثير من الناس هناك، حتى وصل به الأمر إلى التهجم على أعراض الناس. ولقد حاولت أن أنصحه وأثنيه لكن دون جدوى، نصحني البعض بالحجر عليه ولكني لم أستطع فعل ذلك، كما أفيدكم بأنه لا يصلي ولا يصوم، ويجاهر بالمعصية، ويشهر بأهل بيته وبنات أخيه، أفيدوني ما العمل في مثل هذا الموقف؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ملأ الله قلبك رضى، وكان الله في عونك.
رسالتك تنطوي على ثلاثة أبعاد بشكل رئيس:
1. بُعد صحي.
بُعد شرعي.
بُعد اجتماعي.
البُعد الأول (الصحي) أقترح استمرارك في السعي لعلاج والدك -جمع الله له بين الأجر والعافية- وتحرى المراكز التي تعتني بهذه الحالات وأمثالها، وبخاصة ذلك النوع الذي يجعله تحت العناية الداخلية، أقترح أن تتحرى بشكل جيد في دولتك؛ فهم أقدر منا على إرشادك، وربما استفدت من الإنترنت في هذا الغرض.
البُعد الثاني: يعد والدك معذوراً شرعًا في الفترة التي يغشاه فيها المرض مما قد يتلفظ به أو يعمله أو يتركه، لكنه - وإن كان معذورًا فيما بينه وبين الله - فإنه يتحمل قيمة ما يتلف (لو حصل شيء من ذلك) ، ولا يلحقك إثم فيما يتلفظ به هو، وعليك بعرض حاله على المحكمة الشرعية، فربما رأى القاضي الحجر على ماله مطلقًا أو مؤقتًا، ونقل الولاية على أسرتك منه إليك، فهذا الأمر لا تكفي فيه الفتوى أو الاستشارة، بل لا بد من حكم قضائي.
البُعد الثالث: وهو ما يتعلق بعلاقة والدك بأسرته وعلاقته بالناس، وما تشعر به من الحرج الشديد، لا أتوقع أن أحدًا يلومك فيما تشعر به، بل هو أمر يبعث على التعاطف معك من وجهين: أنه والدك الذي جعل الله له حقوقًا شرعية فضلاً عن العاطفة الفطرية المشتركة، والثاني من الناس الذين تقرأ في وجوههم ونظراتهم معاتبتك ولومك، ولذا فأكرر جعل والدك في العناية الداخلية للمراكز النفسية، حتى يتماثل للشفاء، أو أن يقترح عليك القاضي إمساكه في البيت وتحمل ما يتلفظ به، ومن المهم في هذه الحالة أن يكون بعيدًا عن مرأى الصغار خاصة، وأن يبدو منك -بشكل واضح- تضايقك أن تمارس مع والدك هذا الحبس.
وفي كل الحالات حافظ على ما أبديته سابقًا من الشفقة عليه والمحبة له مهما كان من حاله، والله يأخذ بأيديكم للفرج، فـ (سيجعل الله من بعد عسر يسرًا) .(18/327)
لم أوفَّق بسبب دعاء والدتي
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 20/01/1427هـ
السؤال
أنا فتاة متخرجة منذ أكثر من سنتين، لم أجد وظيفة، ولم أتزوج، وأشعر بغربة رغم كثرة من حولي. والدتي أكبر مشكلة في حياتي، فهي دائماً تدعو عليَّ بعدم التوفيق، وهذا ما أحس به، فأنا لا أوفق في أي طريق أسلكها، فلا وظيفة ولا زواج، وأصبحت أكره نفسي بالرغم من أنني أملك طاقة هائلة بداخلي، ولكن لا أستطيع إثبات ذلك، وكأنني عصفور داخل قفص لا يريدون له الخروج. أفيدوني مأجورين.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
الجواب -أختي الكريمة- كما يأتي:
1- قرأت رسالتك أكثر من مرة، وقد عشت مع سطور رسالتك شيئاً من معاناتك، أسأل الله لك الفرج.
2- القلق وكثرة الهم لا تحل المشكلة، بل هي مشكلة أخرى ينبغي التنبه لها، فبدلاً من أنك كنتِ تعيشين مشكلة تحولت إلى مشكلتين، وهكذا كلما زاد القلق وقلَّ الصبر. ولذا قيل: وجدت خير عيشنا بالصبر.
3- العمل الإيجابي وكذلك التفكير هو الذي يحل المشكلة أو يخفف منها، بل يجد الإنسان في ذلك الوسيلة الصحيحة لحل مشكلته.
4- الاشتغال بما يفيد وينفع من أمر الدين والدنيا سبب من أسباب السعادة في الدنيا وراحة البال، وطمأنينة النفس، هذا حسب مشاهدتي للواقع.
5- نحن المسلمين نؤمن بالقدر خيره وشره وأنه من الله، وهذا الإيمان النظري يحتاج إلى تطبيقه على الواقع العملي، وأن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن ما قدِّر عليك سوف يقع، وهذا لا يعني ترك الأسباب وعدم الأخذ بها.
6- معاناتك قد يكون سببها طموحك وذكاؤك وقدرتك على تحقيق الكثير، إلا أنك ترين أن المجال لم يفتح لك، وما تفكرين فيه لم تستطيعي تحقيقه، فعليك فعل ما تستطيعين وتقدرين عليه.
7- كثرة الدعاء والذكر والعبادة سبب من أسباب زوال ما تعانينه. وفقك الله وأعانك.(18/328)
هل يستحق أبي البِر؟!
المجيب مصطفى محمد الأزهري
داعية وباحث إسلامي بوزارة الأوقاف المصرية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 15/01/1427هـ
السؤال
اكتشفت أن والدي على علاقة بامرأة متزوجة منذ زمن بعيد، وذلك قبل أن تتوفى أمي، وكعادة جميع الأمهات، فقد كانت أمي -رحمها الله- تعلم ذلك، ولكنها لا تريد أن تفسد حياتها. فوالدي لا يخجل حتى من أن يتحدث مع هذه المرأة على التلفون مع وجودي في البيت، أو حتى أن يتركني وحدي في البيت ليقابلها ويقضي معها اليوم، بينما كانت أمي تجلس مريضة في الغرفة المجاورة له.
وكل ما أتمناه من الله أن يوفقني في إيجاد عمل؛ لكي أستطيع الاعتماد على نفسي ماديًّا، خاصة بعدما فقدت الإحساس بالأمان، فأبي هو المصدر الوحيد لرزقي، وأنا لا أعلم ما يضمره لي. أرجو أن ترشدوني.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأسأل الله تعالى أن يرحم أمك برحمته التي وسعت كل شيء، وأن يجعل ما عانته في حياتها من مرض ونشوز الزوج في ميزان حسناتها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
هناك -للأسف- صنف من الناس تمتد بهم فترة المراهقة امتداداً مزرياً يجعلهم سخرية الزمان؛ فرجل ذو مال وعيال وأسرة مستقرة، ما الذي يدفعه إلى ما ذكرت من انحراف سوى نفس ضعيفة وهوى جامح، لم يردعه رادع من تقوى الله أو حتى كبر سن.. وماذا يملك المرء لمن فقد الحياء وانعدم منه الاستحياء، فرسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة: إذا لم تستحي فاصنع ماشئت". صحيح البخاري (3484) .
وأمام هذا السلوك الشاذ من والدك -هداه الله- لا أملك لك إلا بعض الوصايا التالية:
* التحلي بالصبر على هذا البلاء.
*النصيحة المباشرة لأبيك، أو عن طريق أحد أفراد العائلة الراشدين، عم أو خال..إلخ.
*بري أباك وأحسني معاملته، فلا يجوز معاملته بالمثل؛ يقول عليه الصلاة والسلام: "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك". أخرجه الترمذي (1264) ، وغيره.
*اقبلي من أبيك إنفاقه عليكم ولو كان قليلاً، ولا بأس أن تبحثي عن عمل مناسب يكفيك حاجتك.
* لو تقدم لخطبتك شاب صالح فلا تترددي من القبول منه، فقد يخرجك الزواج من كنف أبيك ومن ذكريات محزنة وكئيبة.
* احذري من اليأس من رحمة الله، فليست الدنيا كلها هي "أبوك"، ففي الحياة خير وشر، وتعاسة وسعادة، وحزن وأفراح.
* اشغلي نفسك بأعمال طيبة، ولا تستسلمي لتلك المشكلة، فأكثري من تلاوة القرآن الكريم، وقراءة قصص الأنبياء، وسير الصحابة وحكايات الصالحين؛ ففي كل ذلك سلوى وبشرى وتخفيف من آلامك وجراحاتك.
* أكثري من الدعاء لأبيك بالهداية والتوبة؛ عسى الله أن يتوب عليه وأن يبدل حاله إلى أحسن الأحوال.
* كوني على يقين أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا. أسال الله تعالى أن يهدي أباك، ويرحم أمك، وأن يبدل حزنك فرحاً..(18/329)
بيني وبين بِرِّ والدي ضرَّة والدتي!
المجيب عبد الله بن فهد السلوم
مدرس بثانوية الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 08/01/1427هـ
السؤال
تزوج والدي بزوجة ثانية، وقد أصبح تابعاً لها في كل شيء، ويأخذ رأيها في كل شيء حتى ولو كان خطأً، وأصبح إرضاؤه لا يتحقق إلا بإرضائها هي، وبما أنها ليست راضية عني وعن أختي فأصبحت تكيل لنا التهم لتغضب علينا الوالد، مع أننا نحاول إرضاءهُ بكل الوسائل، علماً أن هذه الزوجة لا يرضيها إلا أن نتبعها في كل شيء، حتى ولو كان حراماً، فكيف أتعامل مع هذه المرأة وأرضي أبي؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً: رضا الوالد فرض لازم لا خيار لك فيه، فاتبع مراضيه بكل سبيل إلا فيما حرم الله تعالى، فحسن العلاقة مع زوجته وإرضاؤها واجب عليك؛ لأن والدك يريد ذلك، فاجتهد غاية الاجتهاد في هذا.
ثانياً: زوجة والدك عاملها باللين وقضاء الحاجة لها وخدمتها، وأحسن العلاقة فيها حتى ترى أنك صادق في ذلك، فربما تُبدل عادتها معكم.
إن أصرت على مثل ما ذكرت فواجبك الصبر والدعاء، والحذر الحذر من مبادلتها السيئة بمثلها، فإن هذا عقوق للوالد، وسبب في ازدياد المشكلة، وإذا اجتهدت مع أختك في بناء العلاقة الطيبة فسوف يرضي الله عنك الوالد، ويعرف أنك رجل بار ووفي. وإذا علم الله منك الصدق فسيعينك ويوفقك.(18/330)
رفضت العلاج لتوفر تكلفته لأولادها!
المجيب محمد بن إبراهيم الحمد
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 04/11/1426هـ
السؤال
والدتي مصابة بالتهاب الكبد الوبائي، ويحتاج علاجه إلى تكلفة باهظة -والحمد لله- نملكها، ولكن التكلفة هي معظم ما نملك، وأمي ترفض الخوض في هذه التجربة، وتكتفي بالعلاج المجاني من التأمين الصحي، ولكنه ليس علاجاً بل هو منشطات للكبد؛ معللة أننا -أنا وأختي- أحق بتلك الأموال، وأن الشفاء يأتي من الله -عز وجل- وهذا صحيح، ولكن ألا يجب أن يبذل المؤمن كل ما في وسعه طلباً للشفاء من الله -عز وجل-؟
ثم ما هي الأدعية الشرعية الموجبة للشفاء من الأمراض المستعصية؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فجزاكم الله خير الجزاء على هذا البر، وأبشروا فإن البر لا يضيع لا في الدنيا، ولا في الآخرة.
أما بالنسبة للعلاج فحاولوا إقناع الوالدة بالأخذ به، والسعي إليه، وإذا رفضت فلا شيء عليكما ولا عليها.
ومع السعي في العلاج الحسي عند المستشفيات خذوا بالعلاج المعنوي الروحاني، وهو العلاج بالرقية الشرعية بالقرآن الكريم، والأدعية النبوية؛ فإن أثرها عظيم لا يستهان به.
وكم من الناس من أيس الأطباء من علاجه، فشفاه الله بالرقية الشرعية.
فلو واصلتم القراءة عليها، وأكثرتم من الدعاء لها لرأيتم أثر ذلك -إن شاء الله- ولو لم يأتكما من ذلك إلا انشراح الصدر، والرضا بالقدر.
والرقية تكون بالقراءة مع النفث، وتكون بمسح الجسد باليد، وتكون بالنفث بالماء، ثم تشربه الوالدة أو تغتسل به.
والرقية تكون -كما مر- بآيات القرآن الكريم والأدعية الشرعية، كقراءة الفاتحة، وأوائل سورة البقرة، إلى قوله تعالى: "ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير"، وكذلك أواخر سورة البقرة، وكذلك أواخر سورة الحشر، وكذلك سورة الشرح، وألهاكم التكاثر، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، وغيرها من آيات القرآن الكريم.
ومن الأدعية النبوية ما يلي:
1- (بسم الله أرقيك، من كل شيءٍ يؤذيك، من شر كل نفس، أو عين حاسد الله يشفيك، باسم الله أرقيك) .
2- (امسح الباس، رب الناس، بيدك الشفاء، لا كاشف له إلا أنت) .
3- (أذهب الباس، رب الناس، اشف وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقما) .
4- (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) .
إلى غير ذلك من الأدعية النبوية.
وأخيراً ... أسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يشفي والدتكم، وأن ينزل عليها الرضا والسكينة.(18/331)
دعوات أمي تلاحقني
المجيب عبد العزيز بن عبد الله الحسين
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 17/10/1426هـ
السؤال
أنا فتاه أرفض الزواج؛ لأنني أخاف أن أفشل في حياتي الزوجية بسبب أمي؛ لأنها دائما تدعو علي بعدم التوفيق، فهل أستمر على الرفض، أم أوافق على الزواج؟ لأني أخاف أن تستجاب دعوتها، فدعوة الأم مستجابة؟ أفيدوني مأجورين. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نشكرك -أختنا الفاضلة- على تواصلك معنا، ونسأل الله لنا ولك حياة سعيدة.
إن هذا الشعور الذي يتملكك نحو والدتك، وهذا الإحساس الذي ينتابك هو أول الطريق الصحيح لكي تسعدي في حياتك الزوجية بإذن الله تعالى.
تعلمين -يا أخية- عظم حق الأم في الإسلام، وأنها سبب في دخول الجنة كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في وصيته بها، حيث قال: "الزم قدميها فثم الجنة".
إن كل أم تتمنى كل السعادة والراحة والطمأنينة لفلذة كبدها وقرة عينها لابنتها وابنها، فهي ترعاهم وتحفظهم منذ الصغر، فتفرح لفرحهم وتحزن لحزنهم، ولا تغمض لها عين حال مرضهم.. وأما لحظات الغضب فهذه لا يسلم منها أحد، ودائماً ما تندم الأم على تفريطها وتقصيرها في حق أولادها.
حتى تسعدي -يا أخية- في حياتك الزوجية من الآن فاسعي وقبلي رأس والدتك، واستدري عطفها وحنانها ولترفع يديها لك بالدعاء أن يوفقك الله في حياتك الدنيوية والأخروية، وإذا جاءك من ترضين دينه وخلقه فأقدمي غير خائفة ولا وجلة؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا هداة مهتدين.(18/332)
أرشدوني فقد هجرني والدي
المجيب سعد بن عبد الله الماجد
عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 07/09/1426هـ
السؤال
أريد حلاً لمشكلتي مع والدي فهو لا يريد أن يكلمني ولا أن يراني مع أني ملتزم، والمشكلة بدأت منذ صغري، وفي كل مرة يزعل ويرضى، أرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي الكريم: -وفقك الله لكل الخير-.
ما ذكرته عن معاملة والدك لك، وعدم حديثه معك له أسباب لم تذكرها وأمور أغفلتها في سؤالك.
ولتعلم بأن أرحم الناس بك -بعد الله- والداك، وقد أمر الله -عز وجل- بالبر بالوالدين والإحسان إليهما، وحذَر من عقوقهما، ولا تخفى عليك الآيات في ذلك والأحاديث.
والوالد بشر من الناس يصيب ويخطئ؛ ومع ذلك فلابد من البر والإحسان به والتواضع له، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، وهل جزاء من ضحى بجهده وكده، ومن أخذت من قلبه الحنان والعطف والاهتمام إلا الشكر والعرفان ومحاولة رد جزء يسير من ذلك.
أما بالنسبة لموقف والدك منك، وعدم كلامه معك، فابحث عن السبب مستعيناً بالله ثم بمن حولك: والدتك، إخوانك، واعمل على استرضائه؛ فحقه عليك أعظم من حقك عليه، كما أنبهك على أمور تنفعك في بر والديك ومنها:
- تجنب عقوقهما قولاً وفعلاً، والزمْ القيام بخدمتهما مع التواضع وخفض الجناح لهما والصبر عليه، وأن يقوم بنفسك أن ما تعمله لا يقارب ولا يداني شيئاً وفّراه لك أو عاملاك به من حنان ورحمة وعطف واهتمام في حال صغرك أو كبرك.
- الصبر على أخطائهما والاعتذار عنهما، وأنهما لم يتعمدا الخطأ، وأن خطأهما كان عن جهل أو اجتهاد؛ والله يغفر لهما بمنه وكرمه.
- التعامل بالحكمة معهما في تصحيح الأخطاء، سواء كانت معاصي وذنوباً في حق الله، أو كانت في حق الآدميين.
- اصرف شيئاً من وقتك ومالك في بر والديك، ولا تبخل عليهما؛ فقد أعطياك أكثر.
- استمع لوالديك ولا تقاطعهما، اسمع لشكواهما وما يطلبانه، وحاول القيام به وتنفيذه ما لم يكن معصية للخالق، (فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) .
- ليس هناك فجوة -كما يتخيلها بعض الناس- بين جيل الآباء والأبناء؛ ولكن هناك تجارب من علمته الحياة، وهناك من غررت به الحياة وبهرته بزخرفها، فتخبط فيها وعادى من نصحه وكان أكثر منه علماً.
أخي الكريم: أحمد لله أن بلغك هذا السن ووالدك على قيد الحياة، وكم من الناس من لم ير والده؛ حيث توفي والده وهو صغير؛ بل لا وجود لصورته في ذاكرته، ولا يشعر بضمه له وحنانه!؟
أخي الكريم: كم من الأجور نجنيها في حياة والدينا؟ البر والإحسان له أجر عظيم لا يعلم مقداره إلا الله، كما أن البر بهما باب عظيم لرضا الله -عز وجل- ودخول جنته.
دعاء الوالدين مستجاب، فكم من الخير والتوفيق والحفظ إنما بلغته بدعائهما. وفقك الله لبر والدك، وجعلك من عباده الصالحين.(18/333)
والداي يكرهان تديُّني فهل أُضَيِّفهما؟
المجيب د. أحمد بن محمد صالح الخضيري
عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بالرياض - قسم الفقه
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 30/07/1426هـ
السؤال
أنا حديثة عهد بالإسلام، وأعيش في إحدى دول الغرب وأهلي في دولة أخرى، ووالداي رافضان دخولي الإسلام، وسيقومان بزيارة لي بعد أيام، وسيقيمان عندي لمدة أسبوع واحد، وأمي تكره بشدة كوني مسلمة. فقد أجد مشقة في أداء الصلوات، خاصة صلاة الفجر؛ لأنهما سيتضجران من صوت المنبه. أنا أرغب في حضور والديَّ لزيارتي، لكنني أتضايق من منعي أداء شعائر ديني. فماذا أفعل؟ علماً أن والديَّ من أشد الناس إلحاداً.
جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الذي أراه ألا تتضجرّي من زيارة والديك لك، بل ينبغي أن تظهري لهما السرور والانشراح بزيارتهما، وهذا من البرّ بهما، ولو كانا مشركين، فالله تعالى يقول: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً"-[لقمان:15] ، وقال تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقطسين". [الممتحنة:8] .
والواجب عليك أن تستثمري وجودهما عندك في إظهار الصورة الحسنة للإسلام، وذلك بإكرامهما والتلطف معهما، وإدخال السرور على نفسيهما، فلعل إحسان معاملتك لهما تتسبب في دخولهما في الإسلام أو القرب من ذلك، وعليك -إذا وجدت فرصة سانحة- أن تعطيهما بعض الكتب أو الأشرطة التي تشرح الإسلام، وتوضح مبادئه بطريقة سهلة مباشرة، وتستطيعين إحضار هذه الكتب أو الأشرطة من المركز الإسلامي في منطقتكم، ويمكنك أن تعرضي عليهما زيارة المركز الإسلامي والالتقاء ببعض الدعاة هناك، أو تقومي بدعوة بعض الدعاة للالتقاء بهما عندك، أو في أي مكان مناسب إذا وجدت أنهما لا يمانعان في ذلك، وأن صدورهما مفتوحة لهذا، وهذا يحتاج منك إلى تمهيد وحسن تعامل إلى أن تصلي إلى هذه المرحلة، وأنت أعرف من غيرك بالطريقة المناسبة للدخول إلى قلبي والديك.
وأما ما ذكرتيه من خشيتك من الإخلال بأداء الصلاة في حال وجودهما عندك، فهذا مجرد احتمال، ولا أظنه يقع إذا أحسنت التدبير وتنظيم الوقت، بأن تجعلي مثلاً وقت خروجك إلى الأسواق في الأوقات التي لا تصادفك الصلاة فيها، أو يمكنك أن تصلي في أي مكان مناسب ولو كان في السوق وليس في هذا حرج.
وأما صلاة الفجر فتستطعين إيجاد وسيلة للاستيقاظ لا يترتب عليها إزعاج والديك، وذلك بخفض صوت المنبه مثلاً، أو النوم في غرفة أخرى، ونحو ذلك من الوسائل.
مع أني أظن أنك إذا أحسنت معاملة والديك، وكنت صريحة معهما، وأخبرتيهما منذ البداية بأنك ملتزمة شرعاً بأداء الصلوات في أوقاتها، ولا تستطعين التفريط فيها، فإنهما على أقل تقدير سيحترمان رأيك وإرادتك، ولن يبديا شيئاً تكرهينه في مقابل ما يجدانه منك من لطف وحسن تعامل.
وعليك في كل ذلك أن تتحلي بالصبر، ولا تبدي التضجر والاستياء أمامهما، وبخاصة أن مدة إقامتهما قصيرة، فيحسن احتمالهما واحتساب هذا من تأليفهما ودعوتهما إلى الإسلام.
ولا تيأسي من واقع حالهما الآن، فهما وإن كانا الآن من أشد الناس إلحاداً، فقد يتغير ذلك إلى العكس تماماً، فكثير من الصحابة كانوا قبل الإسلام من أشد الأعداء للإسلام والمسلمين، ثم بعد أن هداهم الله تعالى إلى الإسلام انقلب حالهم تماماً، وأصبحوا من أقوى أنصار الإسلام، ولا تنسي الدعاء لهما بأن يكتب الله تعالى لهما الهداية، وأن يبصرهما بالدين الحنيف.(18/334)
أحب الخصوصية في مشاعري
المجيب نهى نبيل عاصم
داعية ومستشارة تربوية بالإسكندرية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 24/07/1426هـ
السؤال
وجدتْ أمي مفكرتي الخاصة، وقرأتْ فيها عن شعوري نحو شخص أحبه كثيراً، وعرفتْ كل شيء. ولكنها لم تقل شيئاً.
فكيف أخبر أمي أن مفكرتي خاصة بي؟ فأنا لا أريد إخفاء شيء عنها، لكنني أحبّ الخصوصية في أعمق مشاعري الخاصة. أريد أن أكون واضحة مع أمي وأواجهها بأنني انزعجتُ من اطلاعها على دفتري، مع علمها بالخصوصية.
فكيف أفهّمها أن عليها أن تبتعد قليلاً عن خصوصياتي، مثل غرفة نومي ومفكرتي، حفاظاً على نفسيتي؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً أرحب بك وأشكرك على تواصلك معنا على موقع (الإسلام اليوم) ، كما أشكر لك صراحتك ووضوح ملامح شخصيتك، وأتمنى لك أن تمر هذه المرحلة "المراهقة" في حياتك بهدوء ودون عواصف، فهي فترة معروفة في حياة الشباب بهواجسها وتخيلاتها وأحلامها، كما أتمنى لك أن تتسم تصرفاتك في خلال هذه المرحلة بالاتزان، وبما يحب الله -سبحانه وتعالى- ويرضاه.
عزيزتي: أسعدني كثيراً أن تكوني على علاقة طيبة بأمك التي هي -بلا شك- تحب لك الخير من أعماقها، وهي إن حاصرتك وفتشت في أوراقك الخاصة، فهي أيضاً تريد أن تتابع تصرفاتك؛ حتى لا تقعي في خطأ يصعب تداركه إن فات الأوان.
ونصيحتي لك أن تنقلي مشاعرك هذه لأمك؛ فإذا كنتِ صارحتِها بمشاعرك نحو هذا الرجل، وتفهمت الأمر بطريقة هادئة، فلتصارحيها بالأمر الآخر، وهو ضيقك بتفتيشها في خصوصياتك؛ وليكن كل هذا في إطار الحب والأدب الجم، والبر بأمك التي تحبك وترجو لك الخير، وإياك -يا بنيتي- أن تغرك هذه المشاعر مهما كانت شديدة التوهج، فتندفعي نحوها بعيداً عن الأصول التي يجب مراعاتها؛ فأحلام المراهقة ينبغي ضبطها والتعامل معها بالإقبال الأكثر على طاعة الله تعالى، وشغل الوقت بما يفيد، حتى لا يسحبك تيار العاطفة الجياشة والخيال الجامح وأحلام فترة المراهقة إلى قاع ليس له من قرار.. وفقك الله لكل خير.(18/335)
والدي يستطيل في أعراض المحصنات!
المجيب يوسف صديق البدري
داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 23/07/1426هـ
السؤال
أريد أن أسأل عن عقوبة قذف المحصنات في الدنيا والآخرة، حيث إن والدي -للأسف الشديد- لا يثق أبداً في أي امرأة؛ نظراً لمغامراته العديدة قبل الزواج، والتي يفتخر بها أمامنا، فيتهمني دائما بأني على علاقات مريبة وغيرها من الاتهامات التي أخجل من ذكرها، ولم تسلم أمي ولا زوجة أخي منه، فاتهمهما في شرفهما حتى حوَّل حياتنا جميعاً إلى جحيم وخوف دائم من الفضائح، وأعترف بأني لا أكن له أي شعور بالحب أو الاحترام، ولكني أتعامل معه بما لا يغضب الله، وأخشى أن أنفجر في يوم ما ولا أستطيع أن أعامله بما ينبغي، أما أمي فقد طفح بها الكيل، وتفكر دائماً في اعتزاله في الفراش، بعد أن أصبحت غير قادرة على مجرد النظر إليه، مع أنها أيضاً تراعي الله في تصرفاتها معه إلى الآن.
فما حكم الشرع في مثل هذا الرجل؟ وما الحكم إذا لم أستطع البر به كما ينبغي؟ وهل على أمي شيء لو اعتزلته؟ علماً أنها ترفض الطلاق؛ حتى لا تفضحنا، فنحن في مراكز محترمة؟ أفيدوني أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله، وأصلي وأسلم على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فمن صور الابتلاء التي تجري في حياة الناس، أن يكون بعضهم فتنة لبعض، ولعلها إحدى سنن الله تعالى في خلقه، إذ يقول جل وعلا: "وجعلنا بعضكم لبعض فتنة.." [الفرقان: 20] ، ومن هذه الفتن أن تكون في أحد أفراد الأسرة، وأشدها ـ دون شك ـ ما يكون في قيّم الأسرة وراعيها والمسئول عن حمايتها ودرء السوء عنها كالأب والأم وغيرهما؛ وفي الحديث الصحيح: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.." أخرجه البخاري (893) ، ومسلم (1829) . ولم يكثر القرآن الكريم في الوصية بالأولاد؛ لأن رعايتهم وحسن كفالتهم وتربيتهم على القيم الرفيعة والآداب السامية هو من مكونات الفطرة التي خلق الله الناس عليها، ومع هذا فقد ضرب الله مثلاً بلقمان -عليه السلام- وأفرد له سورة باسمه تحمل بعض آياتها أسس التربية التي يجب على الوالدين غرسها في نفوس أبنائهم.. أما أن يكون الأب (راعي الأسرة) وسترها وغطاؤها -كما يقال- هو معول هدمها، وهو من يعمل على تخريبها وتفككها، فهذا أمر عجيب، بل هو من البلاء المرّ.. وأنا أعجب -كذلك-؛ فكيف لرجل يحمل بين ضلوعه شيئاً من الغيرة أو بعضاً من النخوة أن يطلق لسانه زاهياً ومفتخراً بمغامراته ومعاصيه التي سترها الله عليه؛ فإذا به يكشفها -كما ذكرتِ- أمام أسرته زوجته وابنته وغيرهم، ألم يسمع قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كل الناس معافى إلا المجاهرين ... " أخرجه البخاري (6069) ، ومسلم (2990) . هذه أولى المصائب.(18/336)
أما الجريمة الثانية فهي قذفه لنساء أسرته وسبهن وطعنهن في أعراضهن (وهن عرضه) ، وهي جريمة لا تقل عن سابقتها؛ قال تعالى: "إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون" [النور: 23- 24] ، وقال تعالى: "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً ... " إلى أن قال: " ... إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا.." [النور: 4-5] .
وأخرج الشيخان البخاري (2766) ، ومسلم (89) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اجتنبوا السبع الموبقات ... " وذكر منها: وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات".
وما كان هذا الوعيد الشديد إلا لما في هذا العمل من تشويه لحرمات المسلمين، وطعن في أعراضهم، وحب لإشاعة الفاحشة في وسط المجتمع المسلم. قال تعالى: "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [النور: 19] .
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن شر الرعاء الحطمة، فإياك أن تكون منهم". أخرجه مسلم (1830) .
ومعنى الحطمة: العنيف برعاية الإبل، فقد ضربه النبي -صلى الله عليه وسلم- مثلاً لوالي السوء، الذي يظلم من هو تحت ولايته من أهل وغيرهم، وما فيه من قسوة وخلافه، وعنف وعدم رحمة، وبعده عن الرفق والشفقة. وقال صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيراً" أخرجه البخاري (5186) ، ومسلم (1468) .
فلا أوصيك -بنيتي- بأكثر من الصبر على هذا الوالد والدعاء له، وتجنب إساءته قدر الاستطاعة، أما أمك -ثبتها الله- فكوني أكثر براً بها، والأقرب لها تحناناً، فأنتم شركاء في البلاء، وربما لو اعتزلته أمك في الفراش زاد فسقاً واشتد غيًّا وأطلق لسانه عنها بالسوء، وذكريها بقول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك" أخرجه أبو داود (3535) ، والترمذي (1264) . وأكثري من دعائك بأن تقولي: (اللهم اكفنيه بما شئت وكيف شئت) صرف الله شره، ورده إلى الحق والهدى رداً جميلاً.. والله أعلم.(18/337)
بين حفظ القرآن وشواغل البيت
المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 05/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة، همي الأكبر هو حفظ القرآن الكريم، ولكن المشكلة أن والدتي ترفض أن أنظم وقتي، وتريدني دائماً بجوارها، حاولت أن أشرح لها اهتماماتي, أنني أتمنى أن أكون من الحفظة، وأن هذا يتطلب تنظيم الوقت وتقسيمه، وأنه لا بد أن يكون هناك وقت لهم ووقت للحفظ، ووقت للنوم، لكنها -حفظها الله- لا تريد، وتحملني مسؤوليات كثيرة وخاصة بعد التخرج! أنا أتمنى أن أخدمهم؛ ولكن لا بد من التنظيم حتى أستطيع الإنتاج ونفع نفسي أولاً، ثم نفع الأمة الإسلامية ثانياً, في الآونة الآخيرة بدأت أشعر أنني لا يمكنني الإنتاج بالمستوى الذي أطمح إليه؛ نظراً لهذا التعنت المستمر. أنا لست الوحيدة بالمنزل ولكنني الأفضل خدمة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إلى الأخت السائلة - حفظها الله ورعاها-: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أشكرك على حرصك وعلو همتك، وأسأل الله - عز وجل- أن يحقق لك ما تتمنين عاجلاً غير آجل، وأن يجعله عوناً على طاعته، وسبباً موصلاً لجنته ومرضاته. اللهم آمين.
أختي المباركة: حماس طيب تتسمين به، لكن - للأسف- أدى نتيجة لعدم الشمولية في فقه الأحكام والتكاليف إلى الوقوع في الزلل والخطأ، وعدم فقه الأولويات.
آلمني كثيراً ما ختمت به كلامك، حيث قلت: (في الآونة الأخيرة بدأت أشعر أنني لا يمكنني الإنتاج بالمستوى الذي أطمح إليه نظراً لهذا التعنت المستمر) .
هل يليق بك أن تصفي محبة والدتك وقربك منها ونفعك لها بالتعنت؟! قد تخون العبارة صاحبها فانتبهي - رعاك الله-.
عزيزتي: كثير ممن هن في سنك يشكين ذات الشكوى، وحقيقة الأمر أن المشكلة لا تكمن في رفض الأسرة تنظيم البنت وقتها، وإنما لأن الفتاة لا تحسن كيف تنظم وقتها بالطريقة التي تحقق آمالها وترضي ربها، ومن له حق عليها.
تأملي لِمَ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة" بعدما قال: "إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا" أخرجه البخاري (39) .
مشاغل الناس تختلف، ومتطلبات الأسر كثيرة، وما يناسب فلانة من الأوقات لأعمال الخير والبر قد لا يناسب غيرها لاختلاف المسؤوليات، ولذا ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أوقات: "الغدوة" وهي أول النهار، "والروحة" وهي وسط النهار، و"الدلجة" وهي الليل، فيستغل المرء شيئاً منها، فانظري ما يناسبك منها.
في تصوري أن الإشكال وقع لأنك تريدين التضرع بشكل كافٍ، أو لأنك رسمت لنفسك برنامجاً قد يكون مريحاً نوعاً ما، وأقول: إن كنت جادة فعلاً، وذات طموح، فبإمكانك إيجاد الوقت المناسب لنيل هدفك وتحقيقه، فبإمكانك مثلاً أن تستيقظي قبل الأهل بساعة وتنامي بعدهم بساعة، وتستغلي قبيل الفجر أو بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، أو قبيل الفريضة أو بعدها بخمس دقائق.(18/338)
كل هذه أوقات خالية من المزاحمة، فهلا حرصتِ عليها!
لا أخفيك أن فتى قد ختم حفظ كتاب الله في أيام الاختبارات الفصلية للفصل الثاني من المرحلة التوجيهية.. فهل هناك شغل أشد على الطلاب من أيام كهذه؟! لكن الحاجة والعزيمة تفتت الحيلة.
أخيراً: أنصحك بقراءة كتاب الأدب من فتح الباري لابن حجر - رحمه الله- شرح صحيح البخاري؛ ففيه مسائل عظيمة ولطيفة تتعلق ببر الوالدين، وأود أن أهمس في أذنك: إن بر الوالدين والقيام بحاجتهما عند احتياجهما للخدمة مقدم على النوافل وفروض الكفايات، وللوالدين أن يمنعا ولدهما من صيام التطوع أو الذهاب لمجالس الذكر إذا كان ذلك يعيق الولد عن القيام بحقهما، ويأثم الولد إن خالف؛ لما فيه من إلحاق المشقة بالوالدين.
ثم وجود غيرك لا يعفيك عن الامتثال إذا عُيِّنت لغرض صحيح - ككونك الأفضل خدمة-، ويكفيك من شرف وفضل طاعة والدتك، أن الوالد أوسط أبواب الجنة كما في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- انظر جامع الترمذي (1900) ، وسنن ابن ماجة (2089) . فرب عمل يحتقره العبد - وللأسف- يكون هو سبيله لمرضاة ربه والفوز بجناته.
أكرر سروري بحرصك، وأسأل الله -تعالى- أن ينفع بك الأمة، ويجعلك من خير القدوات، بارك الله فيك، وحقق لك خيراً مما تتمنين.(18/339)
كيف أرغب الأب في الصلاة؟
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 25/08/1425هـ
السؤال
كيف يمكن ترغيب الأب بالصلاة؟ وكيف يمكن ترغيب طفلة بالصلاة إذا لم يكن الأب يصلي؟
الجواب
الأخت الكريمة: -سلمها الله ورعاها- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع [الإسلام اليوم] ، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة.
ونعتذر عن التأخير في إجابة سؤالك، والجواب على ما سألت كالتالي:
أولاً: تذكيره دائماً وأبداً بالنصوص الشرعية المرغبة في الصلاة وبيان فضلها؛ لأن ذلك مما يعطي النفس دفعة قوية لأدائها، والنصوص في ذلك كثيرة جداً، وأنصح بمراجعة كتاب الترغيب والترهيب للإمام المنذري؛ فإنه مفيد جداً في هذا الأمر.
ثانياً: وفي المقابل أيضاً يذكر بالنصوص المرهبة من ترك الصلاة، وأن بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة، وما يدخل ضمن هذا اللون من النصوص التي تخيف العبد من التهاون في أمر الصلاة.
ثالثاً: يزود ببعض الكتب والأشرطة التي تتحدث عن هذا الموضوع.
رابعاً: يخبر إمام المسجد وبعض الجيران المصلين بضرورة زيارته للنصح والتذكير.
خامساً: يزار به المقبرة؛ ليتذكَّر الموت والقبر، ووجوب الاستعداد لذلك.
سادساً: يمكن أن يناصحه من عرف من الأقارب بالتأثير عليه؛ ليكون نصحه أوقع في نفسه، ويراعى في ذلك الأسلوب المناسب.
سابعاً: على أبنائه أن يظهروا الصلاة النافلة أمامه في البيت؛ لتذكيره بطريق غير مباشر بالفريضة.
ثامناً: لو أمكن ذكَّر بعض القصص أمامه بطريق غير مباشر عن عاقبة من مات وهو لا يصلي، وكذلك قصص عن حسن خاتمة المصلين يكون حسناً.
تاسعاً: كذلك يذكر بعظيم فوائد الصلاة على الإنسان في الدنيا من تيسير أمره وتفريج كربه، ودفع البلاء، وشفاء المرض، وفي الآخرة من تحقيق الأجر ورضا الرب سبحانه، ودخول الجنة والنجاة من النار.
عاشراً: يدعى له بظهر الغيب أن يهديه الله ويشرح صدره للصلاة، ويلح على الله بذلك؛ فإن الله -سبحانه- يحب من عبده أن يلح عليه في الدعاء.
وأما بالنسبة للطفل أو الطفلة فيمكن إضافة إلى ذكر فضل الصلاة، وما يجنيه الإنسان من المحافظة على الصلاة، يذكر بأنها واجبة على المسلم، بصرف النظر عن غيره فعلها أم لم يفعلها.
وبالإمكان ترغيبه ببعض الهدايا والعطايا، إذا هو حافظ على الصلاة في أوقاتها.
وما أجمل أن يربط بحلقة قرآن في المسجد؛ ليتعلَّق بالمسجد وبمن فيه من الطيبين، ليكون له ذلك دافعاً على المحافظة، وجيد لو تيسَّر وضع جدول في غرفته ليؤشر على الصلاة التي يؤديها؛ حتى تحسب في نهاية الأسبوع فيكافأ عليها، وقد جُرِّب هذا فنفع كثيراً.
ويمكن الإيعاز لمدرسه في المدرسة أو مدرستها ليقوم أيضاً بدوره في ذلك. ولا يُنس الدعاء له بالهداية والرشاد. والله الموفق.(18/340)
والدتي.. هي المشكلة..!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 8/5/1422
السؤال
أعاني من والدتي منذ عشر سنوات من أول يوم في زواجي فهي تريد أن تتدخل بيني وبين زوجتي وأولادي في غير طاعة الله وأنا وهي في نقاش حار جداً بعدم التدخل علماً أنني حاولت بكل الوسائل أن أرغبها في الدين والتمسك بكتاب الله بشدة دون جدوى علماً أنني لا أريد أن أغضبها ولكن ما في فائدة معها علماً أنها تصلي ولها بعض الأعمال الطيبة 00 ولكنها في الأمور الأخرى مثل الزواجات تذهب وتسمع الأغاني وتريد أن تفرض عليّ أن تأخذ زوجتي إلى هذه المنكرات هي وأولادي أو إلى الحدائق المختلطة أو إلى الملاهي وأنا لا أريد ذلك وأبقى أنا وهي في نقاش حاد معها أرجو من الله ثم منكم إفادتي في موضوعي هذا..
الجواب
أخي الكريم اشكر لك ثقتك أسال الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد وان يرينا جميعا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه والايجعله ملتبسا علينا فنظل
أما بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه..
أولاً - لست بحاجة أخي الكريم لا ذكرك بحق الوالدين عموماً.. والأم خصوصاً وهو حق عظيم قرنه الله تعالى بحقه حيث قال: [وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا * إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا] .
ثانياً - تذكر يا عزيزي دائما هذه الحقيقة وحاول بكل ما تستطيع أن تدعوا لوالدتك بالهداية وحسن الخاتمة وأن تتعامل معها بهدوء ورفق ولا يعني ذلك موافقتها في مسائل تتعلق ببعض المخالفات الشرعية وخاصة في زوجتك وأبنائك فلك حق القوامة الشرعية ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ثالثاً - أتمنى لو أنك أٌقنعت زوجتك وأبنائك بوجهة نظرك وحاولت التأثير عليهم فيما يتعلق بأمور مثل استماع الغناء أو الذهاب إلى الملاهي أو الحدائق المختلطة وعوضتهم أنت عن ذلك بالذهاب بهم إلى أماكن مناسبة للترفيه البري وهي متوفرة والحمد لله، فإذا أشبعته أنت لديهم بطريقة صحيحة ومعتدلة فلن يشتاقوا إليه بنفس الدرجة فيما لو كانوا محرومين منه.!!
رابعاً - لا تيأس يا عزيزي وحاول بوالدتك مرة أخرى بل ومرات أخرى لعل الله أن يهديها للخير على يديك فتنال بذلك سعادة الدارين، ولكن الله.. الله بالهدوء والصبر والرفق وكثرة الدعاء والالتجاء إلى الله، وتحري مواطن الإجابة بأن يصلح الله لك ويصلح بك ويهديك ويهدي لك ويهدي بك إنه ولي ذلك والقادر عليه.
خامساً - لم تذكر لي أخي الكريم ظروفك في المنزل وهل لديك اخوة وأخوات كبار وهل والدك موجود في المنزل وهل بالإمكان استغنى الأهل عنك لوجود البديل، فإن كان كذلك ففكر في مسألة الاستقلال عن الأهل وإن لم يكن فاصبر واحتسب وعليك بصدق الالتجاء إلى الله وتطبيق الخطوات السابقة، وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(18/341)
لقد كبرت فمتى يدركون؟!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 8/4/1422
السؤال
أرجو منكم مساعدتي بأسرع وقت.
أنا فتاة كنت دوما المدللة لدي أبي لأني الصغرى بين أخواتي والمشكلة كيف اقنع من حولي أنني كبرت خاصة والدي.
الجواب
أختي الكريمة.. اشكر لك ثقتك.. وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.. بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه:
أولاً: صدقيني ذلك الشعور كثيراً ما يعتري الشباب في هذا العمر.. ويشغلهم كثيراً.. فهم فعلاً قد كبروا في عيون أنفسهم.. وحساب أيامهم.. ولكن أمام والديهم مازالوا أطفالا صغاراً. يخافون عليهم ويوجهونهم في كل صغيرة وكبيرة..!! فيحدث هنا التقاطع بين وجهات نظر الطرفين..!! والمعول هنا على الأبناء بأن يفهموا ويقدروا مشاعر الوالدين تجاههم.. وإنها لا تعني الاحتقار والتقليل من شأنهم.. بقدر ما تعني الخوف عليهم.. وعدم أدراك حقيقة أن الأيام تمر وأن الصغير يكبر..!!
ثانياً: حاولي ـ أختي الكريمة ـ أن تتفهمي وجهة نظر والديك ولا تحمليها اكثر مما تحتمل.. ومهما كبرنا.. فنظل أمام والدينا صغاراً نلتمس منهم العطف والتوجيه والحماية ونشعرهم بأننا كبار إلا عليهم..!! وهذه أول خطوة لا قناعهم بأنك فعلاً كبرت.. وأدركت مالك وما عليك تجاههم.
ثالثاً: حاولي أن تكوني إيجابية وعملية داخل المنزل.. وذلك بتولي بعض المهام وإتمامها من غير من ولا أذى.. والالتزام بذلك.. بشكل مستمر. وشاركي في إبداء وجهة نظرك " المتزنة " في بعض ما يطرح من قضايا الأسرة والمنزل.. ولا يشترط أن يؤخذ بها..! بل يكفي أن تطرحيها.. وتشعريهم بوجهة نظرك..ومع الوقت سيتضح لمن حولك..أن تلك الطفلة السابقة قد كبرت واصبح لها رأياً ووجهة نظر.. وشيئاً فشيئاً. . تحققين ما تريدين.
رابعاً: لا بأس من مكاشفة والدتك أو والدك بشكل مباشر.. أو عن طريق وسيط.. بهذا الشعور.. ولا تتوقعي تغيراً سريعاً.. ولكن يكفي أن تصل الفكرة إليهم.
خامساً: هذا الشعور غالباً يتلاشى بعد فترة.. وتتضح الأمور للجميع.. فلا يشغلك كثيراً.. وحاولي أن تشغلي نفسك ـ أختي الكريمة ـ بمكارم الأخلاق.. وأحسنها.. فيعزك الله ويرفع قدرك أمام الجميع. وفقك الله وحماك من كل سوء. وحفظك وحفظ لك.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.(18/342)
حياتي معهم لا تطاق..!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 5/11/1422
السؤال
أنا فتاة في السادسة عشرة من عمري مستواي المادي متوسط، غير متزوجة، مشكلتي هي أنني أشعر بضيق في نفسي وملل يكاد يقضي علي - حقاً - وأنا في المدرسة، والسبب هو أنني لا أكاد أطيق أمي، أحس أنها تغيرت علي وباتت تشك فيّ كل شيء، وتشك أيضا في باقي أخواتي، ولكني لا أحتمل أن يشك فيني أحد، وخاصة وأنها قد وضعتني في موقف محرج مع إحدى قريباتي..!! ووضعتني في مشاكل كثيرة، لا أعرف.. أصبحت بصراحة أكرهها، لا تقل إني أبالغ بل فعلاً أنا أكرهها؛ لأنها حولت حياتي إلى جحيم، وأخشى أن أنتحر، ولماذا أخشى ما دمت أفكر بهذا الشيء؛ لأنني فعلا لا أستطيع الاحتمال، فكرت بمصارحتها بأني أريد أن أعيش مع خالتي في بيتها للتخلص من المشاكل التي سوف تؤدي بي إلى الموت قريباً، ولكنها صرخت في وجهي وقالت لي: من تظنين نفسك؟ فقلت لها: وإذا كنت أريد أن أنتحر، ولا أريد العيش معك؟ فقالت لي: افعلي ما تشائين فأنا لا أهتم.. لذلك لا أريد العيش في وسط هذا العالم القذر، لا تقل: إن أمي تحرص على مصلحتي إنها تريد لي أن أموت ولا تريدني كفرد في الأسرة. حاولت أن أصارح خالتي بأني أريد أن أعيش معها؛ لأني بصراحة أشعر معها بارتياح؛ لأن حياتهم مبنية على أسس محبة وتراحم، في بيتنا لدي عادة حاولت التخلص منها وهي تأخير الصلاة عن وقتها، أما في بيت خالتي فإني أصلي جميع الصلوات في أوقاتها، فأرجو أن تلحقني بحل وإلا انتحرت، وأعرف أن هذا الشيء حرام ولكن ماذا أفعل مادمت لست مرتاحة بحياتي وأخشى أن يضيع مستقبلي بسبب هذا الضيق، فأريد حلاً (عاجلاً جداً) وجزاك الله خيرا.
الجواب
الأخت الكريمة، أشكر لك ثقتك، وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.
أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:
ثلاثة أمور اجتمعت فيك من خلال أسئلتك السابقة هي دلالات وعلامات واضحة وجلية تدل على ضعف إيمانك وضعف ارتباطك بالله - عز وجل - وطريقه المستقيم.
هذه الأمور الثلاثة التي فيك والتي لا أقول: إنها من الذنوب بل هي من كبائر الذنوب هي أولاً نظرتك الموغلة السلبية تجاه والدتك، والنظرة السلبية تجاه الوالدين هو ضرب من العقوق المحرم في الإسلام، ثانياً تفكيرك في الانتحار وقتل نفسك بغير ما ذنب أو إثم، والأمر الثالث هو تأخيرك للصلوات عن أدائها في وقتها في حياتك اليومية. وهذه الأمور الثلاثة كما تلاحظين هي أمور جد عظيمة في نظر الإسلام بل الإخلال بواحدة منها يعد كما أسلفت وقوعاً في كبيرة من كبائر الذنوب التي تخدش وتنقص من إيمان الفرد المسلم فكيف وقد اجتمعت فيك ثلاثة منها عظام؟!
إذاً المسألة لديك من وجهة نظري ليست في علاقتك مع والدتك، وإن كان لها قدر كبير من الأهمية إذ إنها قد حولت حياتك إلى جحيم، ولكن المسألة متعلقة بك وبعلاقتك بربك قبل والدتك.
وإن كان لي من نصيحة لك يمكن أن أسديها في هذا المجال فأوجزها في الأمور التالية:(18/343)
أولاً: وقبل كل شيء، العمل الجاد من قبلك على تقوية صلتك بالله بالمحافظة على الصلاة في وقتها والعمل على تهيئة نفسك على ذلك بالمناخ المناسب عن طريق الرفقة الصالحة وكثرة الذكر والإكثار من عمل النوافل والتطوع وقراءة القرآن والكتب الدينية وسماع الأشرطة النافعة التي تذكر الإنسان بخالقه، وأعيد وأكرر على الالتزام بالرفقة الصالحة؛ فهي - بالتجربة - خير معين على تقوية الإيمان والارتباط بالله عز وجل.
ثانياً: لا شك انه قد تعترض العلاقة بين الآباء والأبناء بعض المناوشات والخلافات في كثير من البيوت، ولكن لم يكن أبداً الانتحار هو الحل الأمثل في علاج مثل هذه المشاكل. ووجود بعض الآباء أو الأمهات غير المتفهمين لمشاكل أبنائهم أو غير العابئين بها - وربما الازدراء والتحقير لهم - لا يعني بأي حال من الأحوال أن الأمل قد فقد، وأنه لا مجال للإصلاح أو إعادة الثقة المتبادلة بين الطرفين، لا بل يوجد أمل، ولكل مشكلة عشرات الحلول، ولكن يجب التحري والبحث عنها في مكامنها وستجدين عندئذ أنك كنت جدّ مخطئة حينما فكرت بالانتحار كحل سريع لمشكلتك. خالتك على سبيل المثال أرى أنها فرصة سانحة أمامك حيث ذكرت أنك ترتاحين معها، حاولي مفاتحتها بموضوع مشكلتك فربما تتقبل أمك منها أكثر منك بحكم الأخوة وقرب السن. اجعليها واسطتك مع والدتك بل حاولي إعادة بناء العلاقة شبه المعدومة مع والدتك من خلالها.
أمرٌ أخير قد يساعدك كثيراً في مدّ جسور الألفة والمحبة الطيبة مع والدتك من جديد هو معرفة نفسيتها بصورة جيدة، فأنت من أقرب الناس إليها وتعيشين معها في بيت واحد فأنت تعرفين ما تحبه هي وما تبغضه وما يرضيها وما يسخطها وغير ذلك كثير. فمعرفتك نفسية والدتك وطبيعتها السلوكية تساعدك كثيراً في امتلاك قلبها وعقلها معاً ومن ثم تكونين أنت المؤثرة فيها وأنت القريبة إليها أكثر من الأفراد الآخرين.
حاولي التزام الهدوء في مناقشاتك ومحاوراتك مع الكل وأمك من أولى الناس بذلك لا تكوني سريعة الغضب؛ فهو يعمي القلب والبصر عن رؤية الإيجابيات ومحاسن الأمور.
توكلي على الله في شأنك كله واعلمي أن كل كدرٍ وغم يصيب الإنسان إنما هو جزاء ما يصنعه من ذنوب. حفظك الله ورعاك.(18/344)
أدب الحوار مع الأم..
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 20-8-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أسأل عن أمي التي أخاف أن أكون عاقاً لها بسبب كثرة المناقشات التي تحدث بيننا علماً أن الوالدة تعاني من مشاكل نفسية والدي توفي قبل فترة ثم بعدها أصابتها مشكلة مادية بعد ذلك أحست أن الناس كلهم لا يحبونها وابتعدوا عنها ولهذا السبب صارت كثيرة العصبية وهي أصلاً غير متعلمة ولذلك تفهم هي الأمور على غير مرادها، ونحن نحبها كثيراً ولا نود أن نجعلها تغضب علينا ولكن عندما نبدأ بالكلام يرتفع الصوت أكثر فأكثر ولا أحد يريد أن يتنازل عن رأيه. أرجوكم أن تشيروا عليّ بما هو أنسب علماً أنني أعلم أن هذا قد يكون من عقوق الوالدين؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ما أجمل أن يعرف الإنسان ما يشكو منه.. فهذا يريح من سيعالجه.. وأنت أخي السائل عرفت داءك.. ويظهر أن لديك استعداداً إن شاء الله لتقبل ما تجاب عليه..
لو حدثتك عن حق الوالدين لطال بنا المقام.. إذ حقهما مقدم على رغبات النفس وسطوتها.. هذا في حالات الوالدين الطبيعية.. أي يكون الوالد والوالدة في وضع نفسي مستقر يمارسان حياتهما بشكل طبيعي أما إن كانا في وضع غير طبيعي.. كحالة والدتك.. فالأمر يزداد مسؤولية - خاصة الأم - إذن إن كنت تريد الأجر العظيم وترضي الله سبحانه فعليك باتباع الآتي مع والدتك التي هي بأمس الحاجة إلى برك وعطفك..
1- الإذعان لأمرها مهما يكون ثقيلاً على النفس حتى ولو أمرتك أن تحملها على ظهرك في ليلة باردة مطيرة وتسير بها في الصحراء.
2- الإنصات لها وسماع حديثها حتى ولو لم تستفد منه أو لم يكن كلاماً مهماً.. المهم أن يدخل على نفسها الراحة..
3- تجنب الأمور التي تغضبها أو تثير أعصابها.
4- تحين الفرص المناسبة لمناقشتها تجنبا ًلإثارتها.
5- التعامل معها على تقدير أنها مريضة.. فماذا يريد المريض من أقرب الناس إليه..
6- تهيئة الجو الملائم لها لإعادة التوازن لنفسها بسبب ما أصابها.
7- الإكثار من زيارة الأقارب لها وحثهم على ذلك.. حتى ولو اصطنعت أنت مناسبة لإشعارها أن الناس لا زالوا يحبونها.
ثق بأن الله سبحانه وتعالى سيعينك على برها إن احتسبت الأجر وأن عملك هذا ما هو ألا تعبد وانقياد له سبحانه.
وتأمل قوله تعالى (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً) .
لا تنس ما هي الحالات التي تصيب كبار السن.. وتذكر إذا كنت كبيراً ماذا تريد من أبناءك.
وللمعلومية.. الأبناء يضلون أبناءاً صغاراً في نظر آبائهم وأمهاتهم مهما تقدمت بهم السن..
أعانك الله على برها..(18/345)
أبي لا يعطيني مالاً!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 29-9-1423
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله
عندي مشكلة في البيت وهي أن أبى لا يريد أن يعطني نقودا لأذهب إلى العمرة فهل يجوز أن آخد النقود لأّهب؟ مع العلم أنه يملك النقود وهذه الحالة متكررة دائماً في أى شيء أطلبه منه
وشكرا
مع العلم أنني لا أملك عملاً.
الجواب
الأخ الكريم
شكراً لثقتك واتصالك بنا في "موقع الإسلام اليوم"
المسألة في نظري ليست مسألة سفرك للعمرة أم لا ... وإنما هي أنك كيف تطلب من أبيك المال دائماً لقضاء حاجاتك وأنت في هذا السن. إنها مسألة أكبر من سفر للعمرة إذ أنك وفي هذا السن لا تزال دون عمل ولا تزال تطلب المال من أبيك لقضاء حاجاتك فمتى إذاً تعتمد على نفسك؟. ومتى إذا تعمل وتصرف على حالك بنفسك إن لم تكن كذلك الآن؟ اسمح لي أن ألومك على تقصيرك في هذا المجال فأنت رجل وأفترض أن من العيب على الرجل أن يسأل والده أو أهله أن يصرفوا عليه إذا كان هو صحيح ولا مشاكل أو أمراض لديه.
فقم يا رجل وكن شجاعاً وابحث عن عمل وواجه هذه الحياة بنفس قوية وهمة عالية وطموح كبير، حتى لو اقتضى الأمر أن تسافر وترتحل فطلب العيش والمعاش فخر الرجال ولم يذكر في التاريخ أن رجلاً لامه الناس لأنه بحث عن عمل إلا إذا كان ذلك العمل دنيئاً أو محرماً أما غير ذلك فإنه شرف وعزة ورفعة وتعفف عن الخلق وتعلق بالخالق سبحانه.
فقم وانهض واستعن بالله ولا تعجز واسأل الله العون وسترى كيف تنفتح عليك الدنيا بأرزاقها وكنوزها وعندها لن تحتاج إلى أن يتفضل عليك أحد أو أن تمد يدك وأنت في هذا السن لأي أحد حتى لو كان والدك.
أعانك الله ووفقك،،،(18/346)
معاناتي مع أمي!!
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 11-7-1424
السؤال
خلال ال23 سنة الماضية وأنا أواجه إساءة نفسية وبدنية من أمي الحبيبة، خلال كل هذه الفترة وأنا أحاول أن أبتلع ألمي وأتحمل، فقط لأنها أمي مهما يكن، ولكن مع الأسف وبعد أن أصبح عمري 23 سنة ليس لدي الاستطاعة أن أتحمل أكثر من ذلك. ضربها المستمر وسبها لي جعلني مريضة جدا، ماذا فعلت لأجازى بكل هذا؟ مؤخرا أخبرني والدي بأنها مريضة نفسيا ولكن هذا لا يحل مشكلتي. لأن تعاملها مع باقي إخوتي عكس تعاملها معي. والذي يحزنني فعلا أنها تسبني كثيرا وتدعو علي بأدعية سيئة، يا ترى هل سيستجيب الله من هذا الدعاء؟ وبسبب تعاملها بهذه الطريقة تعرفت على شاب لطيف، يخاف الله ومشهود بذلك عند الناس الذين حوله، وهو متعلم ومن عائلة محترمة، وجدت عنده الحب والحنان الذي أحتاجه منذ زمن، وعندما تقدم إلينا ليطلب يدي، رفضت أمي بشدة، لأنها علمت أنه كان بيني وبينه علاقة حب قبل أن يتقدم إلينا، خوفا من كلام الناس أن فلانة زوجت بنتها من شخص من الشارع. أرجو أن تساعدني وتخبرني بحقوقي وواجباتي كابنة مسلمة، هل للأمهات أن يفعلوا ذلك فقط لأنهم أمهات؟ والجنة تحت أقدامهم؟ وماذا عن الأطفال؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أختي في الله، سلام الله عليك ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهنئك على نعمة الهداية، وبرك والدتك، وحلمك وصبرك على معاملتها إياك، وما أجمل أن تلتمسي لها المعاذير، وتغفري لها زلاتها تجاهك وما يدريك لعلها كما قال أبوك تعاني من حالة نفسية وليس ثمة مانع - عقلاً - أن تكون كذلك تجاهك أنت بالذات دون سائر إخوتك، وهذا من الابتلاء الذي قدره الله عليك رفعة لدرجاتك وتكفيراً لسيئاتك فاحمديه على كل حال، واصبري واحتسبي فإن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم ثم الأمثل فالأمثل.
إن أمك عافاها الله لا يمكن أن تضمر لك سوءً أو تحقد عليك أو تسيء معاملتك إلا لأمر خارج عن إرادتها وهو فيما أرى عقدة نفسية أو اضطراب فكري لا قدرة لها في السيطرة عليه أو تجاوزه فسلي الله لها الشفاء، وداومي الصبر عليها، والإحسان إليها فهي بأمس الحاجة إليك بالذات لصلاحك واستقامتك.
وأما دعاؤها عليك فلا يضرك بحال، لأنه لا ذنب لك، ولا عقوق منك تجاهها فإن حصل شيء مما دعت به عليك فذاك قدر مقدور، ولوح مسطور ابتلاءً منه سبحانه وامتحاناً لك ثوابه وأجره، لا لاستحقاقك العقوبة، وأما موقف الله منك فأجزم بأن الله لن يضيع لك أجراً متى صبرت واحتسبت وأحسنت إلى والدتك.
وأما موقف الله من والدتك فاغفري لها وسامحيها حتى يتجاوز الله عنها، وأما تعرفك على شاب لطيف يخاف الله إلى آخر ما ذكرتيه فليس لك ممارسة هذه التصرفات ولنا أن نتساءل من أين تعرفت عليه؟ وما الذي أدراك بأنه لطيف وما إلى ذلك!.
إنك يا أختاه مأمورة بالحذر من كل أجنبي عنك مهما أظهر لك من دماثة الخلق ولين الجانب.
إن الرجل العفيف المراقب لربه تعالى لا يرضى أن يقيم علاقات عاطفية مع امرأة لا تحل له، وإن زعم رغبته بالزواج، ذلك أن البيوت إنما تؤتى من أبوابها وأبواب النكاح هي عن طريق الأولياء لا عن طريق المحادثات والمهاتفات وغيرها.
وأحسبك الآن قد عرفت واجباتك وحقوقك كابنة مسلمة وملخصها: لزوم برك والدتك وإحسانك إليها ولك على والديك حسن المعاملة والعدل بينك وبين إخوتك
وفقك الله وأعانك والسلام عليكم.(18/347)
أشعر بجفوة بيني وبين أبي!
المجيب د. سلمان بن فهد العودة
المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 15/9/1424هـ
السؤال
مشكلتي في العلاقة بيني وبين أبي، حيث إنه منذ صغري عانيت كثيراً من معاملته السيئة لي ولأمي، فهو لا يحترمها ودائم الصياح عليها وعلينا، وهو دائماً صوته عالي وأنا الآن اصطدم به كثيراً، حيث أني عرفت كثيراً عن أمور الحياة، ودائماً أراه يخطئ أمامي وقد قطع كل رحمنا، فهو يقاطع جميع أهل أمي ويمنعها ويمنعنا من زيارتهم، فنحن لا نستطيع أن نرى جدتنا وهي في بلدة بعيدة عنا، وإذا حاول أحدهم المجيء يعاملهم معاملة سيئة، ولسان حاله يقول أخرجوا من بيتي. كما أنه قطع علاقته بأخيه الأكبر، وهو دائم الإهانة لي أمام الناس، وهكذا فأنا تعودت منذ صغري على حب أمي وتضحيتها من أجلنا، وعلى تجنب أبي تماماً، فنشأت جفوة بيني وبينه، أخذت تزداد بمرور السنين، والمشكلة الآن أني لا أستطيع أن أغفر له ما حدث طوال حياتي، وأخاف من ربي وأعلم أنه وصانا ببر الوالدين ولكنه رغماً عني، علماً بأني أبر أمي وأقبل يدها دائماً، ولكني لا أستطيع فعل المثل معه، فأنا لم أتعود على احترامه أو حبه، فأرجو أن ترد علي سريعاً، مع العلم أنه لا يسمع كلام أحد ولا يوقر أحداً، وهو يصر على عمل أمي خارج البيت، ويرفض تركها له، وهي الآن تقدمت في السن ولا تستطيع العمل، وأنا الآن أشك في كل الرجال، وأرتاب منهم وأخاف الارتباط بأحدهم، فأرجو الرد سريعاً.
الجواب
إلى الأخت السائلة بعد حمد الله تعالى أقول:
اعلمي أن بر الوالدين واجب حتى ولو كانا سيئين، ويحرم العقوق حتى ولو كان الأب شديداً أو سيئ المعاملة، وقد أمر الله بحسن المصاحبة بالمعروف حتى وإن جاهدا على كفر ولدهما "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً ... " [العنكبوت:8] وأمر بصلتهما والإحسان إليهما حتى ولو كانا كافرين كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأسماء وقد وفدت إليها أمها وهي كافرة لحاجة فقال:"صلي أمك" متفق عليه البخاري (2620) ومسلم (1003) ووالدك ليس إلى هذا الحد، فينبغي الابتسامة في وجهه والإحسان إليه، وتعمد الرضى بخدمته، واللجوء إلى الله بهدايته، وأراك بصدودك آثمة ينبغي الإقلاع والتوبة إلى الله تعالى وتحملي فهو جهاد، بل من أعظمه الاجتهاد في خدمة الوالدين.
ولا داعي للشك في جميع الرجال، وارتبطي حلالاً بالصالح منهم، وتزوجي ذا الدين المستقيم فمع مثله تكون السعادة بإذن الله حتى ولو كان فقيراً "إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله" [النور:32] فقد ذكر الله هذه البشارة عند تزويج الصالحين من عبادكم، واحذري من الارتباط بالفاسد غير الصالح حتى ولو كان غنياً، أو ابن عم ونحوه.
توبي إلى الله وبري والديك، واضرعي بالدعاء، وأحسني يحسن الله إليك.
وفقك الله، وتاب علينا جميعاً وسامحنا بعفوه آمين.(18/348)
أبي شاكٌ في الإسلام، فكيف أعامله وأدعوه!
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 15/10/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
انفصلت أمي عن أبي لأنه لا يصلي أو أنه لا يصلي الصلوات كلها "شاكه في أحد الأمرين"، المهم وبعد محاولات عدة من أمي في مناصحة أبي انفصلت عنه بعد زواج دام ثلاثة عشر سنة، وبعد أن كبرت وزادت معلوماتي أناقش أحيانا أبي فأشعر أنه لا يدري أي الأديان الموجودة على الأرض هو الصحيح؟ ذات مرة قلت النصارى واليهود كفار, فقال: أكفار هم؟ لا أعرف كيف أتعامل مع هذه الأزمة الفكرية، وأظنها نتاج دراسته في بريطانيا مدة عشر سنين، فهم لم يستطيعوا إدخاله النصرانية ولكنهم استطاعوا أن يشككوه في الإسلام، حتى الشيعة يقول: لهم أدلتهم , ليش كل شي أنتم اللي صح، مع أن فيه من الإعراض عن تعلم الإسلام شكل فظيع، هل أبي كافر؟ وإذا كان كذلك كيف أعامله؟ هل أؤاكاله وأشاربه؟ هل أضحك معه؟ هل لأحد العلماء مناقشته؟ ما السبيل إلى ذلك؟ مع العلم أنه يميل جدا إلى الردود العقلية، أتمنى أن أكون على اتصال مع العالم الذي سيرد عليه لنتوصل إلى طريقة يمكن فيها أن يصل إلى محاورة أبي. أتمنى أن ينقذ الله بكم أبي.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فما أجمل أن نجد منك هذا الحرص على هداية أبيك، واستياءك لحاله، إن هذا الشعور الذي تبدينه تجاه أبيك هو شعور إيجابي متى أحسنت تصريفه وترجمته إلى عمل مؤثر يصلح من حاله ويغير من فكره ونظرته للإسلام.
غير أنه قد يتحول هذا الشعور - وهو حزنك على حال أبيك - من حالته الإيجابية إلىحالته السلبية من الهم والقلق والتوتر، ونفرتك من والدك واستيحاشك منه وسوء علاقتك به حين يظل هذا الحزن منك واستياؤك لحاله حبيس صدرك، لا تبدينه إلا في صورة التشكي والتبرم والضجر.
فاحذري أن ينقلب شعورك هذا إلى جانبه السلبي، إلى مجرد الهم والقلق فإن بدا لم يزد على عبارات التشكي.
فجسِّدي هذا الشعور في واقع عملي إيجابي مؤثر يهدف إلى تغيير فكر والدك وإزالة كل شبهة كانت سبباً في صرفه عن الصراط المستقيم، ولا بد لك في هذا السبيل من سعة الصدر والحلم وطول النفس والصبر الجميل، واستعيني بالله واصبري، وخذي بهذه الأسباب عسى أن يهدي الله أباك ويشرح صدره لدينه:
(1) اجتهدي في الدعاء، وتضرعي إلى الله، وتحيني المواطن التي هي مظنة الاستجابة، كالثلث الأخير من الليل، وآخر ساعة من عصر يوم الجمعة، وبين الأذان والإقامة، وغير ذلك مما ورد من مواطن إجابة الدعاء.
(2) أطلعي أباك على كتب المشهورين من المفكرين الإسلاميين، والتي تناقش قضايا عصرية وفكرية وإيمانية بأسلوب عقلي منطقي يناسب طبيعة أبيك.(18/349)
(3) كثير من القضايا التي تتعلق بها بعض الشبه لدى أبيك لن يجدي فيها نقاشك معه، لقلة بضاعتك في العلم، والذي أراه أن تستعيني بعد الله بأحد الدعاة المفكرين المشهورين، ولك أن تستعيني بموقع الإسلام اليوم للاتصال بهم؛ والتفاهم معهم لإيجاد طريقة مناسبة لمناقشة أبيك وإزالة ما لديه من شُبهٍ، عسى أن يكون ذلك سبباً ناجعاً في إصلاحه.
كذلك أرى من الأصلح لرد والدك إلى الطريق القويم: أن تمضي في معاملتك له على ما كنت عليه من حسن الأدب والتلطف في الخطاب، ويستدعيك هذا أن تؤاكليه وتشاربيه وتجالسيه، وهذا داخل في المصاحبة بالمعروف التي أذن الله بها لمن كان والداه يدعوانه للشرك بالله، فكيف بمن هو أقل شراً من ذلك، ممن هو في حيرة لم يتمكن الإيمان من قلبه، لكنه لم يدع غيره ليعيش معه حيرته ويشككه في دينه ولم يصده عن سبيل الله "ووصينا الإنسان بوالديه ... وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً" [لقمان:14 -15] ، ولا بأس بمضاحكته، فأظهري حسن المصاحبة حتى يشعر بأنك تحبين الخير له، وأنك لم تنسي حقه عليك ومعروفه الواصل إليك.
أعانك الله، وفرج همك، وأصلح بالك، وثبتك على دينه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/350)
طاعة الأم في قطع الرحم
المجيب د. عادل العبد القادر
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 14/10/1424هـ
السؤال
ما حكم قطع صلة الرحم بسبب خلافات الأم مع الأقارب؟ فهي لا تريدني أن أذهب إليهم، ولا آخذ المال منهم، ولا أتودد إليهم، فهل أعصي الله في عدم طاعة أمي وأصل رحمي؟ أم أعصي الله في قطع رحمي وأطيع أمي؟ خاصة أن الإصلاح بين الطرفين ليس خياراً، فماذا أفعل؟
الجواب
أولاً: أسأل الله لك الإعانة والثبات وزيادة الحرص على ما ينفعك أبداً.
ثانياً: من المعلوم أن صلة الرحم واجبة وقطعها محرم، وطاعة الأم واجبة وعقوقها محرم، وعليه: فإنه ينبغي عليك أن تمتلك قلب أمك، وتكسب ودها، وذلك بحسن التعامل، وجميل الأخلاق وساميها، وأن تتوجه بصدق إلى الله تعالى بالضراعة والإلحاح في الدعاء بأن يصلح أحوال الجميع.
أخي السائل: لا بد من مفاتحة الأم في الإصلاح، فالصلح خير، فلا تقطع رحمك، ولا تنو القطع كلاً، ولكن "سددوا وقاربوا"، فتأخر في زيارتهم مثلاً، وليكن قصدك الإصلاح، وليس قطع الرحم، وهناك فرق بين القطع ونيته، وبين التأخر بالزيارة، والتواني في الوصل بنية الإصلاح، فتنبه لهذا.
ثالثاً: السرائر يعلمها الله، فإن أخلصت وصدقت لن تعدم وسيلة للإصلاح فقلوب العباد بيده وسيصلهم ويقرب بين متباعديهم إن علم في ذلك خيراً.
رابعاً: أما إذا بذلت كل هذا وصدقت وأخلصت، ولم تتمكن من جمع المتباعدين وإصلاح بين متخالفين، فلا شك أن حاجة أمك لبرها، أولى من حاجة أقاربك في وصلهم، وقد يصلهم غيرك، ولا يوجد من يبر أمك سواك فقم ببرها، دون القطع أو نية القطع، ولك ألا تشعرها بالوصل إن أمكن وصلهم، - وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه-.(18/351)
والدته تريد نفس أعطياته لزوجته
المجيب فهد السنيد
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 5/12/1424هـ
السؤال
أنا أحب أن أكون باراً بوالدتي، إلا أنها تطالبني بأن أعطيها مثل ما أعطي زوجتي، سواءً بعلمها أو بغير علمها أي: (تقول بأنها لا تحللني ولا تبيحني إن أنا أعطيت زوجتي شيئاً ولم أعطها مثله) ، فما رأي فضيلتكم؟ علماً أن لي إخوة ثلاثة متزوجين وتطالبهم بما تطالبني به، فهل أكون عاقاً لها إذا أنا اشتريت لزوجتي بدون علمها أو بما لم أعطها مثله أو قيمته؟. ولكم خالص تحياتي.
الجواب
نعم نقول: لا يجب العدل بين الزوجة والأم، الزوجة لها نفقة خاصة بعقد النكاح؛ لأن فيه استمتاع.
أما أن المرء كلما أنفق على زوجته أنفق على أمه هذا لا يجب إلا إن كانت الأم بحاجة إلى النفقة، وابنها غني ينفق عليها نفقة الأمومة، أما أنه كلما اشترى كسوة لامرأته اشترى كسوة لأمه، وكلما سافر بامرأته سافر بأمه، فالأم ليست بضرة حتى يعدل بين زوجته وبينها في الكسوة والسفر، والمبيت، ونحو ذلك.
الأم لها نفقة خاصة بشرط أن تكون محتاجة ويكون الابن غنياً، أما الزوجة فلها نفقة واجبة بكل حال، ولو كانت غنية والزوج فقير، ولكن في مثل هذه الحالة لا شك أن الأحسن أن يداري أمه، ولا يظهر لها أنه أنفق على زوجته، وإذا جعل ذلك سراً ولم تعلم به فهذا طيب، ومع ذلك لا ينسى أمه من الهدايا ونحو ذلك، وإذا كانت محتاجة فيجب عليه أن ينفق عليها.
والنفقة على جميع الإخوان، إذا كان عنده إخوان متزوجون وكلهم أغنياء وهي محتاجة، فالنفقة عليهم جميعاً كل على حسب حاله.
فخلاصة الجواب نقول: لا يجب عليه أن يعدل بين أمه وزوجته؛ بل ينفق على زوجته، إذ يجب ذلك لها بعقد النكاح، ولو كانت غنية وهو فقير، وأما الأم فالنفقة عليها غير واجبة إلا بشرط أن تكون فقيرة وهو غني.(18/352)
هل هذا من العقوق؟
المجيب عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 25/11/1424هـ
السؤال
أنا فتاة أبواي منفصلان، وأعيش وحدي مع أخي الذي يصغرني بعدة سنوات، أرتدي الحجاب كاملاً مع تغطية الوجه والكفين، ولكن مشكلتي أن والدي ليس ملتزماً، فتسبَّب لي سابقاً في مشاكل كثيرة عند ارتدائي الحجاب، ومنذ ذلك الحين وبعد أن ثبتُّ على قراري في ارتداء الحجاب وهو يعاملني على أني متشددة وغير سوية، والآن أريد أن أغير دراستي وهي الطب؛ وذلك لما يلي:
أولا: لأني غير محبة لها، وأضطررت لإعادة السنة.
ثانياً: لأن الاختلاط شديد جداً، ولا أجد وقتاً إلا فقط لأداء الصلاة المفروضة مع كثرة المذاكرة وضيق الوقت، وبدأت أشعر بالضيق والنفور.
وثالثاً: أني متحملة مسؤولية البيت كاملة، فبعد التزامي بدأت أشعر أني بلا هدف، وأني أدرس الذي يريده مَنْ حولي ليس ما أحب، وأنا الآن أريد أن أدرس دراسات إسلامية في الجامعة، وسؤالي هو: هل بهذا التصرف أكون قد عققت والديَّ إذا أرادا مني الاستمرار في الطب، وأنا صممت على الدراسات الإسلامية؟ آسفة على الإطالة لكني أعاني شديداً بسبب هذا الموضوع، وأنا كارهة لدراستي للطب مُحِبَّةٌ لوالدي، وقد أصبت بحالات اكتئاب كثيرة، وقد استخرت الله، ثم ها أنا ذا أستشيركم وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أختي السائلة: - نوَّر الله قلبك بالطاعة- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فأشكر لك ثقتك بموقع (الإسلام اليوم) ، وعرضك مشكلتك على القائمين عليه، راجياً من الله - تعالى - أن يجعل في ما تقرئينه مخرجاً وحلاً لمشكلتك.
أختي الكريمة: أهنئك في البداية على اختيارك ارتداء الحجاب، والتشبه بأفضل من تقتدي بهن المرأة المسلمة، ألا وهن أمهات المؤمنين - رضي الله عنهن أجمعين-، فأسأل الله - تعالى - لك الثبات على الحق.
أما ما ذكرتيه من الأذى الذي لحقك من والدك بسبب ارتداء الحجاب الشرعي، فهذا نوع من الابتلاء الذي يعرض للمتمسك بالسنة، خاصة في زمان غربة الدين، وغربة المكان - كحالك التي أنت فيها- وهو- أي الابتلاء- سنة ماضية لكل من اختار طريق الجنة، ولذا قال الله - جل وعلا- لمن هم خير منا - من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله" [البقرة:214] فيأتي الجواب من الرب الرحيم- الذي يعلم ما يلاقيه عباده من شدة وضنك وعناء-: "ألا إن نصر الله قريب" [البقرة: 214] ، ولقد قال الله - تعالى - مسلياً لنبيه - صلى الله عليه وسلم-: "ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون" [الأنعام:10] .(18/353)
أمي سريعة الغضب
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 5/1/1425هـ
السؤال
أنا إنسان ملتزم -ولله الحمد- منذ فترة ليست ببعيدة من 6 أو 7 أشهر، المهم أنا مشكلتي في أمي عدم توافقي معها، فهي عصبية، وتمر بظروف نفسية كثيرة جداً، وأنا عصبي، وحار بمعنى أصح، وهي لا تقدر أبدا رغم أنها متعلمة، لكن صدقني حاولت جاهداً إرضاءها، ولكن دون جدوى، كثيرة الشكوى، رغم أننا في الحياة اليومية جدا متوافقان، ومتفاهمان، لكن تحدث المشاكل وقت الطلبات، تحدث المشكلة رغم أني لا أخرج كثيراً طول الأسبوع، فقط في عطلة الأسبوع، أخرج قليلاً أيضاً، ولكن تحدث مشاكل، ولا أستطيع أن أمسك نفسي، فأغضب، تعبت يا شيخ، لكن مع العلم لي أخ أكبر مني، لا يهتم بها كثيراً، في الشهر مرة أو مرتين، ومع ذلك ينفذ له كل أمر، وهو يسبها، ويشتمها، وأنا عكس ذلك، أهتم أن ترضى علي، لكن تعبت.
الجواب
أحمد الله الذي منَّ عليك بالهداية يا أخي، وأسأله أن يتم نعمته عليك بالثبات على طاعته.
مشكلتك أخي العزيز هي مشكلة الكثير ممن يمرون بنفس المرحلة التي تمر بها الآن، فلست الوحيد الذي يعاني منها، وسببها -غالباً- عدم تفهم الوالدين بطبيعة مرحلة المراهقة، وحاجة الابن أو البنت خلالها إلى إبراز نفسه، وتحقيق ذاته، وإثبات استقلاليته، بل ربما تفهم هذه المشاعر على أنها تمرد وعصيان على سلطة العائلة، ومن هنا تنطلق المشاكل. يضاف أمر آخر لوالدتك، وهو أنها تمر (بظروف نفسية) ، ومعنى ذلك أنها قد تتصرف تصرفات هي ليست مقتنعة بصحتها، ولكن تحت ضغط هذه الظروف قد يصدر عنها ما لا تحب من الانفعالات؛ ولذلك أجزم أنها - في نفسها - تشعر بتأنيب الضمير؛ لأنها تعاملك بهذا الأسلوب؛ لأنها أولاً: أم، وثانياً: لأنها تعرف ظروفها التي تمر بها، ولكن قد لا تصرح لك بذلك، بل تترجمه بتعويضك بالحنان الزائد وقت الهدوء أو منحكم بعض المال أو غيره، والذي عليك أن تفهم أن هذا نوع من الاعتذار لك بطريقة غير مباشرة.
جانب آخر لا بد أن تتفهمه وهو أن تصرفها معك بهذا الأسلوب-وإن كان خطأ لا أؤيدها عليه - إلا أنه دلالة على مكانتك المتميزة في قلبها، فهي تخاف عليك من الخروج- ولا ألومها على ذلك- لأننا نعيش في زمن مخيف حقاً، فتحت أبواب الانحراف فيه على مصارعها، وهي تخاف أن يخطفك إحداها، فتخسر فلذة كبدها.
وهي لا تعامل أخاك بنفس الاهتمام؛ لأن منزلته أقل من منزلتك بكثير في قلبها، وكيف لا يكون ذلك، وهو (يسبها ويشتمها) ،أعوذ بالله من سخطه وعقابه، وهي تخاف أن تخسرك أنت كما خسرت أخاك، والذي أريده منك يا عزيزي ما يلي:
1- أن تتفهم مشاعر والدتك، فهي أم، وقد لا تعرف -الآن- دلالة هذه الكلمة، ولكن إذا كبرت - بإذن الله- وتزوجت، ورزقك الله الذرية سوف تدرك هذه المشاعر تماماً، فكل تصرف منها لا يعني أنها تكرهك أو تقلل من شأنك، بل تخاف عليك.(18/354)
2- أعجبتني جداً حينما تفهمت أن والدتك تمر بظروف نفسية كثيرة جداً، ومعنى ذلك أنك تملك عقلاً راجحاً، وهذه الصفة يقل وجودها فيمن هم في مثل سنك؛ يدل عليها أيضاً أنك تحاول جاهداً إرضاءها برغم أنها تعاملك بهذا الأسلوب، وأنك تهتم بها بخلاف أخيك، وبما أنك شاب عاقل فيجب أن تعلم أن أسلوب المواجهة، والصدام قد لا يجدي، بل ربما زاد المشاكل اشتعالاً!.
هل مر بك يوم، ورأيت كيف تقبل مياه السيول على الأودية؟ تقبل بقوة، وعنف، وهدير مخيف، فلو كنت في وسط الوادي لجرفتك ورمت بك في مكان سحيق، ولكن لو ملت يميناً أو شمالاً عن وجهها حتى تهدأ لخضت فيها بكل هدوء واستمتاع.
وأريدك أن تعامل والدتك بنفس الأسلوب، وتستخدم في ذلك عقلك، ففي وقت غضبها وهيجانها كن هادئاً، وألجم أعصابك، أو أخرج من المكان الذي أنت فيه إلى مكان آخر في البيت، أو توضأ وصل ركعتين، وتعوذ بالله كثيراً من الشيطان الرجيم، فإذا ذهب غضبها وهدأت نفسها فبإمكانك أن تنال منها ما تريد.
قد لا ينجح هذا الأسلوب في البداية، ولكن إذا تعودت أنت عليه، وتعودت منك أمك عليه، فسوف يتغير أسلوبها معك بشكل قد لا تصدقه الآن وهذا واضح مجرب.
3- أن تقرأ كثيراً في الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة التي وردت في فضل بر الوالدين، وخاصة الأم؛ لكي تعلم أنك وإن حرمت نفسك مما تحب طاعةً لها فسوف تنال رضا الله وأجره، وثوابه، وهو خير وأبقى.
4- أن تحاول مناقشتها بهدوء، في وقت توافقكما، وتفاهمكما في أسلوبها الذي تتعامل به معك، وأن تشعرها أن هذا الأسلوب يفتح عليك باب الشيطان؛ ليزين لك عصيانها، وعقوقها، وتطلب منها أن تعينك هي على برها والإحسان إليها بأن تتعامل معك بأسلوب أفضل.
5- أن تجعلها تثق بك وتطمئن إليك، فكما قلت دافعها لمنعك من الخروج هو خوفها عليك، خاصة وأنك قريب عهد بالهداية، فإذا استطعت إقناعها بأنك أهل للثقة، وأن لك أصدقاء صالحين مهتدين، وأشعرتها بالاطمئنان لخروجك بأن تلتزم بالوقت المحدد لرجوعك إلى البيت، وخلال خروجك تتصل عليها؛ لتطمئنها على نفسك، وتسألها إن كانت محتاجة لشيء تحضره لها من احتياجات للبيت، وإذا طلبت منك قطع خروجك والعودة حالاً أن تفعل سوف تجدها بعد فترة لا تمانع أبداً من خروجك، والتجربة خير برهان.
أخي: سوف يأتيك يوم تلهج فيه بهذا الدعاء: "رب ارحمهما كما ربياني صغيرا" [الإسراء: 24] حينما ترزق بالأولاد وتحس بمعاناة الأبوين في التربية، وثقل هذه المسؤولية العظيمة. وفقك الله، وثبتك على طاعته، وهداك لما يحب ويرضى وشفى والدتك.(18/355)
كيف أتعامل مع والدي الظلوم؟!
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 28/2/1425هـ
السؤال
أنا غضب المزاج، سريع الانفعال، عشت مظلوماً، وكابدتُ وحدي، وطُلقت أمي وطُردتُ من البيت لأشهر كثيرة، ووالدي يكرهني ويتلفظ علي بأقوال، بينما يحب إخواني من عماتي من غير أمي المطلقة، وأنا الآن بعد عمر 24 عاماً لا أطيقه، وكثيراً مايردِّد كلاماً يزعجني فيه قذف لأمي وسب لأخوالي، وزواره قليل جدًّا، ويقوم بطرد ضيوفي، فهم يأتون في بيتنا (أنا وأخواتي من أمي) ، ما كيفية التعامل معه؟ حيث إنه يردد كلاماً جارحًا، ويذكرنا بأخطائنا ونحن صغار، وكلنا لا نرغب عندما يأتي إلينا، فهو يأتي في اليوم أكثر من 10 مرات، لكنه يذهب بعد أن يغضبنا ويتكلم أمام أبنائه من عماتنا، ما كيفية التعامل معه رغم أننا ضافرنا جهودنا، وحاولنا معه، لكنه كما هو.
الجواب
كنت أرغب الاستفصال أكثر عن بعض الفقرات الواردة في الاستشارة، وخاصة أسباب انفعال الأب ونوعية الكلام والأخطاء التي يقرّعكم بها، وحيث مضى زمن لم يرد أي اتصال وحتى لا يتأخر الرد عليك إليك هذه الإجابة التي أرجو الله أن يوفقني فيها ويوفقكم لتجاوز المشكلة.
من الواضح أن مشكلتك التي ترغب الاستفسار عنها هي حال والدك معكم وموقفك منه وكيفية التعامل معه، ولكنك أشرت في السياق نفسه إلى مزاجك الغضبي على حد وصفك.
ولذلك أقترح عليك أن تتعرف على وسائل وأسباب ضبط النفس، وأن تعود نفسك على ملك غضبك وتتيح لنفسك شيئًا من سعة الصدر وتحمل الضغوط؛ فإنك بهذه الحال تستحق الأجر من الله، وتسلم من مغبة الاسترسال في الغضب الذي لا تقتصر نتيجته على الآثار السلبية المتعدية بسبب الغضب، بل من المتوقع أن يفتك بك ويسبب لك أزمات عضوية كقرحة المعدة أو القولون العصبي، فضلاً عن الإنهاك العام الذي يعم سائر الجسد والنفس.
وأما عن والدك فلا أعرف لأي شيء يقف هذا الموقف أو يتصرف بذلك التصرف، ولا أكاد أتبين شيئًا من ذلك، وبخاصة أن وصفك للأمر جاء في سياق انفعالي من نفسية عصبية، وربما كتبت السؤال بعد موقف من هذا النوع، ومع ذلك فالذي يمكنني اقتراحه ما يلي:
- أن تطلب تدخل بعض الأقارب الذين يحظون بقبول لدى والدك، إما بأن يصارحوه بخطأ تصرفاته معكم، أو على الأقل يقنعوه بأن يراجع جهة استشارية للحد من العصبية والانفعال اللذين أتوقع أن يكون والدك متصفًا بهما.
- إذا كان من الممكن أن تنتقلوا عن البلد الذي يقيم فيه والدكما ولو لفترة وجيزة؛ لأي مبرر، فربما كان هذا نافعًا حتى تبدو أمامه أكثر نضجًا فيتفهم شأنكم.
- إذا لم يمكن السفر فقد ترون الابتعاد في السكن شيئًا ما، على الأقل يقل عدد زياراته لكم، وهذا ممكن في البلد الذي ذكرت أنك تسكن فيه.
- من المتوقع أن موقفه منكم نتيجة لموقفه من أمكم - مثلاً -، وبالتالي فلا بد من تحري السبب والتعامل معه بإنصاف.
- ربما كانت المشكلة موقفكم من إخوانكم لأبيكم، ومن حق إخوانكم تقبلهم والإحسان إليهم، ولعل في التعامل معهم ما يكون سببًا في تخفيف حدة والدكم.(18/356)
- لماذا يتشاجر معكم في كل مرة يزوركم؟ ألا يستحق هذا منكم البحث والتحري والتعامل مع الموقف بقدر من التروي والتشاور فيما بينكم للخروج بحل مشترك تتوقعون أنه الأنفع لكم.
- هل تبادلونه النقاش مما يجعله يحتد أكثر؟ وهل هناك أسباب مالية تجعله يتصرف بهذا الشكل، أو أنه في بيئة تعوده على القسوة ... وكما ترى؛ فهي أسئلة لا أجد إجابة عنها، وأنتم من يعرف الإجابة أو يتوقعها.
- ولا أنسى أن أوصيكم بالاحتساب على البلاء؛ فإن مجرد التجلد (ولو بدا كأنه صبر) لا يحقق الأجر الذي وعد الله به المبتلين. كما أن من المهم تقبل والدكم ومحاولة الإحسان إليه؛ فلعل بعض الإحسان يكون سببًا في كسب مودته وأبوته. والله أعلم.(18/357)
أمي مدمنة أسواق
المجيب محمد العبد الكريم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 28/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
مشكلتي ببساطة: أمي تكثر الذهاب إلى الأسواق، وأنا أعلم خطورة كثرة الخروج من المنزل، لكن أمي لا تأخذ برأيي، وأنا لا أستطيع عصيان أمي، فمتى ما طلبتْ مني الذهاب بها إلى السوق ألبي ندائها لكي لا تغضب علي ويحصل العقوق، ما الحل لهذه المشكلة، علمًا أن والدتي متعلمة وتعلم الأحكام الشرعية، لكن تعلمون حب المرأة للسوق. جزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ الكريم: استنكارك لكثرة ذهاب أمك للسوق، دليل حبك وتقديرك لوالدتك العزيزة، وخشيتك من عقوقها دفعك للاستجابة لرغباتها المتكررة للتسوق، وعدم اعتبارها لرأيك جعلك لا تدري ماذا تفعل؟! وما دام أن أمك متعلمة فتأكد أنها لن تكترث برأيك كثيراً، فمن الواجب عليك أن ترتفع بمستواك العلمي أثناء حديثك مع أمك، وأن تمارس معها شيئاً من الهندسة النفسية وعلى سبيل المثال: يُفضل أن يكون حديثك مع أمك عاماً قبل أن ترسل لها الرسائل المباشرة عن ذهابها للسوق. وفي هذا الحديث العام كن مستمعاً جيداً ومنصتاً مهتماً لما تقول ومثنياً على ما يستحق المدح.
فهذه مداخل لما بعدها. إذا كانت أمك عنيدة ولا تقنع إلا برأيها، ولا يصلح معها كثير من الأساليب السلوكية الجيدة، فدع الأشرطة تتحدث أثناء ذهابك بها في السيارة وحاول أن تنتقي أفضل المحاضرات من خلال سؤالك لأصحاب التسجيلات ولا يلزم أن
تكون المحاضرة مباشرة.
وأخيراً: شارك أمك دائماً كلما ذهبت وكن بجانبها ومعها في السوق وحاول أن تصل إلى مرحلة تعتمد فيها عليك حتى ترسلك في المرات القادمة نيابة عنها لتشتري أنت بدلاً عنها. وذلك لا يتم إلا إذا وثقت برأيك؛ ولذلك حاول أن تقترح عليها بعض الأذواق الجيدة فيما تريد أن تشتريه أو تختاره. وبالله التوفيق.(18/358)
نصائحي تصدم بتعنت أخواتي
المجيب د. سلمان بن فهد العودة
المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 23/06/1425هـ
السؤال
والدي من النوع السلبي في المنزل بعكسي حيث أحاول قدر الإمكان إصلاح وتعديل ما أراه يستحق الإصلاح من شأن أمي وأخواتي حيث إنه لا إخوة ذكور غيري، ولكن نصحي لهم يصطدم بتعنت أمي وأخواتي حيث لا يتقبلن مني أي نصح، فهن تعودن على إدارة أمورهن بأنفسهن، ويحاولن الاستقلال بكل الأشكال، وعندما تصل الأمور لدرجة يجب استخدام القوة معهن لمنعهن من القيام بمنكر أفاجأ بتدخلها لصالحهن بدون أي تردد أو تحكيم للعقل، مع أن والدتي متعلمة وتدعي الالتزام. آسف على الإطالة ولكنها معاناة سنوات.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
أخي الفاضل: هذا قدرك فالحمد لله على قضاء الله وقدره.
معاناتك مع أقرب الناس لك والديك وأخواتك فلا مناص من العمل والدعوة بالصبر والحكمة، فأنت على أجر، وعلى خير، وكل عمل تعمله احتسب عند الله ذلك ولو لم يتحقق لك ما تريد.
من أعظم وسائل تغير الأسرة لطريق الخير والهدى هو الدعوة بالحكمة والأخلاق الفاضلة من ابتسامة، هدية، تقديم الحاجات التي يطلبونها، الجلوس معهم، تحريك عواطفهم للخير وعمله من خلال عرض نماذج من أعمال الخير التي تحتاج إلى مساعدة، أدخل مع الهدايا بعض الأشرطة النافعة الجذابة.
ينبغي أن يكون لك حضور في حياتهم بالاتصال بهم والسؤال عنهم وقضاء حوائجهم، وألا تكون علاقتك بهم مجرد تقديم النصائح وإصدار الأوامر، وتذكر "فبما رحمة من الله لنت لهم"، ودعني أعتب عليك ذكرك لاستخدام القوة، فهل تستطيع بناء القناعة بالقوة أم بالإقناع.
تذكر أن الله رفيق يحب الرفق، وأن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وأن الله يعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف.
التأكيد على الهدايا لأن لها أثر عظيم في تغير النفوس وتوجه القلوب؛ كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تهادوا تحابوا" رواه البخاري في الأدب المفرد (594) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وحسنه الألباني- رحمه الله-.
نحن متأكدون - بإذن الله- سترى الآثار التي تحبها على أهلك، ولكن لا تعجل وأبشر بخير. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.(18/359)
أمي.. ورسائل الجوال..!!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 7-4-1423
السؤال
أنا شاب من أسرة كريمة والدي متوفى وأسرتي تتكون من خمسة أشخاص: أمي، وإخوتي.
وفقني الله لطريق الهداية.. واهتدى على يدي بعض الأحبة ولله الحمد، وأنا الآن واقع في مشكلة كبيرة جداً..!!!
مشكلتي أنني اكتشفت بمحض الصدفة أن هناك رجل غريب يتصل بوالدتي عن طريق الجوال ويرسل لها بعض الرسائل.. التي استشفيت منها رغبته في الارتباط بها..!! مع العلم أن والدتي امرأة فاضلة متعلقة بربها إلى حد كبير..أنا الآن في حيرة شديدة ولا أعرف ماذا أصنع فأنا مشتت الفكر كلياً أرجو إفادتي بأسرع وقت ممكن.
الجواب
الأخ الكريم
شكرا لثقتك واتصالك بنا في موقع الإسلام اليوم
الحمد لله الذي وفقك للهداية وللرفقة الصالحة التي تدل على الخير وتعين عليه.
لا أدري هل اكتشافك بمحض الصدفة وجود رسائل لوالدتك عن طريق الجوال هي في حقيقتها تمثل مشكلة؟؟ لا بد أن تضع الأمور في حجمها الطبيعي وتتعامل معها من خلال ذلك الحجم. ويمكنك وضع هذه المسألة في حجمها الطبيعي من خلال معرفتك أن هناك أموراً يجب الوقوف معها ومنها:
أولا: هل وجود مثل هذه الرسائل والاتصالات يعني بالضرورة رضى والدتك بها رغم ما تقوله في صفاتها من فضل وعلم وتعلق بالله عز وجل. فكم أزعج كثير من الشباب العديد من البيوت باتصالاتهم الغير أخلاقية وربما الوقحة في بعض الأحيان ولم يكن لأهل هذه البيوت من حل إلا الدعاء بالتخلص ممن يزعجهم بمثل هذه الأعمال هذا من جانب..
ثانياً: من الجانب الآخر.. يجب أن تشعر أن والدتك ليست صغيرة وفيها من العقل ما يمنحها التحكم والتصرف المناسب في مثل هذه الأمر بل أن الشرع أعطاها الحق المطلق بقبول الخاطب من رفضه ونزعه من وليها تماماً بخلاف المرأة البكر.
ثالثاً: كذلك يجب أن تشعر أن المرأة مثلها مثل الرجل - إن لم تكن أكثر في احتياجها إلى الأنس والعطف الزوجي الذي لا يمكن أن يوفره لها غيره من الناس حتى البنين والبنات. فلماذا لا تريد أن تتصور أنه يمكن لوالدتك أن تتزوج مرة أخرى بعد وفاة والدك فهذا حق مشروع لها، خاصة إذا كانت لا زالت في سنٍ مبكر ولم تواجه تشنجاً سيِّئاً بالرفض من قبلك أنت وأخواتك.
رابعاً: من خلال ما سبق يمكن أن أفيدك أن هذه الحال مع والدتك لا تخلو من حالين من وجهة نظري.
الحال الأولى: أن لا تكون لدى والدتك الرغبة في الزواج البتة ولا ترى الخوض في هذه المسألة نهائياً وفي هذه الحال يجب أن تعلم أن ما اكتشفته إنما هو عملية إزعاج من طرف آخر سيِّئ ووالدتك غير راضية تماماً ولم تسعى إليه مطلقاً ولن تخدع به.(18/360)
الحال الثانية: هي أن يكون لدى والدتك شوق ورغبة في الزواج وملء عاطفتها وأحاسيسها بالدفء الزوجي الذي افتقدته بعد وفاة والدك وهنا يجب عليك التدخل في الموضوع وإشعارها أنك وإخوانك تشعرون بالسعادة والرضى في حال زواج والدتك، إذ هذه اللفتة منك ستعطيها الدفعة القوية التي تحتاجها هي في مصارحتك وكشف ما تكنّه في نفسها إليك، فأنت في سن العشرين وأهل لكسب ثقة والدتك وسندها بعد الله.
حاول التحدث معها في مثل هذه القضايا " أقصد قضايا الزواج " ولو عن طريق المزاح والتلميح وحاول التبصر بردة الفعل لديها وكن ليّنا هيناً معها واعلم أنك ستعذرها كثيرا وستقدر مشاعرها إذا ما مررت بتجربة الزواج لاحقاً بمشيئة الله وسترى كيف يعز على الإنسان فقدانه لمشاعر الحنان الزوجي والعاطفة الفياضة والأحاسيس الزوجية الجميلة، وستعلم حينئذ كم هي أنانية مفرطة أن يرفض الأبناء والبنات أو يغضبوا حين يعلمون بتقدم عريس لوالدتهم الأرملة.
وفقك الله لبر والدتك بالحسنى.(18/361)
معاناتي مع أبي
المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار
إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 04/04/1425هـ
السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر الـ20 عاماً، ومشكلتي مع والدي الذي يبلغ تقريبا من العمر 45 عاماً، ولكنه لا يصلي، لا يذكر الله، فظ غليظ، لا أذكر مرة أنه تحدت معي في مشاكلي، أو حدثني، أو آنسني، أو جالسني، أو قبلني، أو عانقني، لا بل كان جليسه الجهاز المرئي، والأفلام الأجنبية، فقد كنت أشعر كأنهم أبناؤه ولست أنا.
والدي رجل مقتدر ويمنع عني المصروف، والأنكى من هذا يمنعني من العمل! لا أشعر اتجاهه بالمشاعر، بل بالعكس، أحس أني بدأت أكرهه!
شيخنا الفاضل! ذات مرة تأخرت عن البيت، ولا أنكر أني أخطأت بعض الشيء، حيث تأخرت عن البيت حوالي الـ 3ساعات، من الساعة 4:30 إلى 7:20 مساءً، وفي هذه الفترة كان أحد اخوتي ينتظرني لإيصاله لعمله، وقد ظننت أن زميلا له سيوصله، وعندما دخلت للبيت قام أبي بضربي بالسوط أمام إخوتي صغاراً وكباراً، وأمام عمتي التي كانت في زيارة لنا، شعرت كأني طفل، والله أني أهنت، ومنعني من الذهاب وصلاة العشاء في المسجد!
فيا شيخي: ارشدني كيف يكون التصرف مع مثل هذا الأب -هداه الله-، هل يجوز لي ترك البيت بنية الفرار بالدين؟ وهل يوجد حل آخر؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
فعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
وصلتني رسالتك التي تذكر فيها حال أبيك - حفظه الله -، وعلاقته معك، وقد تعاطفت كثيراً معك، ودعوت الله لك وأنا في بيت من بيوت الله أن يفرج كربتك.
ابني الحبيب: أهنئك على الهداية والاستقامة، وأسأل الله لك الثبات حتى تلقى الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة؛ فتشرب من حوضه الشريف شربة هنيئة. ابني العزيز: أوصيك بالوصايا التالية لحل مشكلتك -إن شاء الله-:
الوصية الأولى: الصبر الجميل، اصبر على معاملة والدك لك، وتذكر أن الصابر له الجزاء الذي لم يخطر على بال أحد؛ قال تعالى: "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"، "وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً"، وتذكر دائماً أن الصبر سبب في تفريج الكرب، وتحقيق الأهداف؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "واعلم أن النصر مع الصبر"، فاصبر وإن طال الأمر العسير، واصبر وإن عظم الكرب، واشتد العسر؛ قال تعالى: "فإن مع العسر يسرا* إن مع العسر يسرا"، فاصبر صبراً جميلاً، وتذكر قول القائل:
سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري*** وأصبر حتى يأذن الله في أمري
وأصبر حتى يعلم الصبر أني*** صابر على أَمرَّ من الصَّبِرِ.
الوصية الثانية: أشغل نفسك داخل البيت وخارجه؛ اشتغل بتخصصك الدراسي وبالقراءة النافعة، وبأنواع العبادات، وبغير ذلك من النافع من الأمور، وهذا الانشغال يحقق لك ما يلي:
1- تخفيف أثر المشكلة على نفسيتك.
2- استفادتك من وقتك في شيء نافع.
3- زيادة هدايتك واستقامتك.
4- انظر الوصية القادمة (الثالثة) .(18/362)
الوصية الثالثة: الابتعاد عن أسباب الاصطدام بالوالد - حفظه الله-، ابتعد عن كل ما قد يسبب غضبه، ويسبب التوتر بينكما حتى لو كان على حساب بعض آرائك أو رغباتك؛ وهذا سيخفف سخونة الموقف بينكما، وبالتالي ستشعر براحة أكبر.
الوصية الرابعة: حاول أن تكون سبباً في تغيير والدك - رعاه الله- ولكن دون أن تكون أنت في الواجهة أمامه، ولكن بطرق غير مباشرة؛ كما يقال - من وراء الكواليس-، وهناك وسائل كثيرة: أذكر لك منها ما يلي:
1- توفير بعض المواد الإعلامية الدعوية، وتوصيلها إلى الوالد - وفقه الله- بطريقة مناسبة عن طريق شخص كبير؛ مثل: الوالدة - حفظها الله-، أو بعض الأقرباء، أو إمام المسجد، واحرص على اختيار المادة المناسبة واستشعر بعض الدعاة الموجودين حولك، وقد اخترت لك - على عجل- بعض المواد التي تجمع بين المتعة والطرافة والفائدة:
أ- الشريط الإسلامي النافع المؤثر مثل أشرطة السيرة النبوية للدكتور/ طارق السويدان أو غيره، أشرطة التاريخ الإسلامي للدكتور/ أحمد الدعيج، إضافة إلى بعض أشرطة التربية.
ب- الكتيبات الصغيرة.
ج - أشرطة الفيديو: مثل أشرطة بعض حفلات الجوالة الطريفة، وكذلك أشرطة التربية، وكذلك أشرطة فلسطين مثل (أبطال الانتفاضة) ، (أطفال سطروا التاريخ بدمائهم) .
د - المجلات الهادفة: مثل: (مجلة الأسرة - مجلة مساء) ، ومجلة (ولدي) .
2- طلب المساعدة من بعض الكبار ليكونوا عوناً في حصول الخير- للوالد الكريم حفظه الله - مثل الوالدة، إمام المسجد، بعض الأقرباء، أو أي شخص آخر يكون مناسباً, واحرص على السرية التامة حتى لا يعرف الوالد- سدده الله- ذلك الأمر.
3- الدعاء له بكثرة وإلحاح وصدق في أوقات الإجابة؛ لعل الله أن يجعل ذلك سبباً في حصول الخير لوالدك الكريم- رعاه الله- وأذكر لك هنا قصة صغيرة واقعية:
كان أحد الشباب الصغار يعاني من بعد والده عن الله، فجعل يجتهد في الدعاء لأبيه، وظل على ذلك وقتاً طويلاً حتى أنه كان يقوم الليل ويدعو لوالده، وفي إحدى الليالي قام الأب من نومه في آخر الليل ليقضي بعض حاجته، فسمع صوتاً يصدر من غرفة ابنه، فلما اقترب، وإذا بالابن قائم يصلي ويدعو الله لأبيه، ويبكي مع دعائه، فتأثر الأب، وكان ذلك سبباً في هداية الأب.
الوصية الخامسة: يجب عليك- حفظك الله - أن تعرف أن كل الوسائل ستنفع أباك أكثر وأكثر إذا كان معها أداؤك الحقوق الواجبة عليك؛ مثل طاعة الأوامر وتنفيذ المطلوب منك، ومثل عرض الخدمة عليه، وإن لم يطلب منك شيئاً معيناً ومثل معاملته بأدب واحترام وإجلال بأن تجمع بين الأدب القولي والأدب العملي.
الوصية السادسة: تذكر دائماً أن والدك - حفظه الله - هو جنتك أو نارك، فلا تفقده مهما حصل.
الوصية السابعة: احذرك من الخروج والفرار من البيت؛ لأن ذلك سيزيد المشكلة، ويعقدها، وسيخسر الجميع الراحة والأمان، وربما تكون أنت الخاسر الأكبر.
وختاماً: أسأل الله - عز وجل- أن يعينك ويحفظك ويثبتك، وأن يجعل أباك من خير الناس مع الله ثم معكم جميعاً، تحيتي العطرة لشخصك الكريم، وأنا معك بقلبي ودعائي.(18/363)
أداء الشهادة إذا كانت تغضب الوالدين
المجيب جماز عبد الرحمن الجماز
مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 29/3/1425هـ
السؤال
طلبني شخص للشهادة معه، ولكن هذا الشخص على خلاف مع أهلي، المهم سمع أهلي بهذا الموضوع، فخيروني بين البقاء معهم في البيت أنا وزوجتي وأولادي أو الخروج إن شهدت مع الشخص المقصود، ولقد ذهبت إلى المعني لأخذ منه شهادتي، ولكنه لم يوافق بالرغم من أني شرحت له الموقف وأنه سيسبب لي مقاطعة الأهل والتي تجر إلى عقوق الوالدين، فماذا أعمل؟ أنا في حيرة من أمري ولا أريد أن أخسر أبى وأمي بالذات، مع العلم بأن أبي من النوع الصعب والذي لا يتراجع في كلامه.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن كانت الشهادة لصاحبك يترتب عليها إحقاقاً لحق أو إبطالاً لباطل، فواجب عليك إبقاء شهادتك - إذا لم يقم غيرك بالواجب-؛ لأنه هذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ قال تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ... " [المائدة:2] ، وقال تعالى: "ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ... " [البقرة:283] ، وغضب والديك عليك، بسبب تلك المشكلة، لا يضيرك، وليس عقوقاً لهما، وفي حديث علي - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف" خرجه مسلم (1840) ، ولو أنهم أخرجوك من البيت، فأخرج وابدأ حياة جديدة، كلها طاعة وإيمان، وعش عيشة هنيئة، مليئة بالصالحات، فقد وعدك الله بالجنات، وفر بدينك خشية أن يدنس، وحافظ على استقامتك خشية أن تخدش، ومتى لم تجد المال للسكنى استقلالاً، وليس لك إلا بيت أبيك، كما لو تعذر بيت لأخيك أو أختك، أو ... أو.. تسكن معهم، مع كونه بيتاً أفضل من بيت أبيك أو مثله من حيث الديانة والاستقامة، وخلوه من المنكرات، فحافظ على رأس مالك، واقعد عند أهلك، واترك الشهادة اضطراراً، وعالج مشكلة والديك حيث أصرا على إرغامك لارتكاب المنكر، ولم يجعلا لك الخيار، وفق الآتي:
1- الزم خدمتهما، وقم على شؤونهما، وعاملهما برفق، ولا تكدر خاطرهما.
2- لا تتردد في التضحية لأجلهما بمالك أو نفسك أو ولدك.
3- اهتم دائماً بمحادثتهما في الأمور الشرعية، وعلمهما الأساسيات في الدين.
4- حاول التأثير عليهما في العلاقات الاجتماعية والجوانب الأسرية.
5- كن أنت المسؤول عن البيت، وكأنه بيتك، اصرف عليه وأصلح ما تعطل فيه.
6- وفر من مالك الخاص لجلب بعض الهدايا لأبويك، أو الأطعمة والأشربة للبيت.(18/364)
فإذا ما وقع شيء ما، وأظهرت رأيك لوالديك أنه حرام أو واجب، فسوف يسمعان لك، وكأنك الآمر الناهي، وأما إن كانت الشهادة تتعلق بأمور خاصة من أملاك أو أراضي أو محلات تجارية، أو إثبات لشيء أو نفي لشيء من أمور الحياة، وليس فيها ظلم لأحد وصادف كما ذكرت أن هذا الشخص على خلاف مع أهلك، أو حتى ليس على خلاف معهم، وإنما منعوك من الشهادة لشيء يرونه أو يتوقعونه، أو يخشون من عواقب وخيمة في العلاقات الاجتماعية أو نحو ذلك، فواجب ترك الشهادة معه؛ لأن ذلك من البر الواجب بالوالدين، حيث فيه إرضائهما، ولا مضرة على أحد، واعلم أن صاحبك سوف يجد غيرك، وعليك بذل الجهد في سحب شهادتك، وعليك إخبار والديك بتراجعك، ولئن تخسر صديقك، خير من أن تخسر والديك، فالصديق بدله ألف صديق، بينما الوالدين لا بديل عنهما، ولو ألف ألف أبوين.
أسأل الله -تعالى- لك التوفيق والسداد، وأن يهئ لك من أمرك رشدا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.(18/365)
العلاقة بين الآباء والأبناء
المجيب جماز عبد الرحمن الجماز
مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 13/3/1425هـ
السؤال
ما حكم المعاملة السيئة التي يعاملها الآباء للأبناء؟ وما حكم التفضيل بين الأبناء؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وبعد:
فالمعاملة التي يعاملها الوالدان لأولادهم ذكوراً وإناثاً، يجب أن تكون طيبة، وهذا هو هدي الإسلام دون غيره من الأديان؛ حفظاً لكرامتهم، وصيانة لحقوقهم؛ قال تبارك وتعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً" [الإسراء:70] .
والمعاملة السيئة للأولاد بلاء كبير، وشر مستطير، لن يجني منه الوالدان أو أحدهما إلا المعيشة النكدة، والفرقة المقيتة، والعقوق المتبادل، والسباب المتلاطم، والإثم الكبير، قال أبو مسعود البدري - رضي الله عنه -: كنت أضرب غلاماً لي بالسوط، فسمعت صوتاً من خلفي، اعلم أبا مسعود، فلم أفهم الصوت من الغضب، قال: فلما دنا مني إذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فإذا هو يقول: "اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود، قال: فألقيت السوط من يدي، فقال اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام، قال: فقلت: لا أضرب مملوكاً بعده أبداً"، وفي لفظ: "فالتفت فإذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله: هو حر لوجه الله، فقال: "أما لو لم تفعل للفحتك النار أو لمستك النار" وكلا اللفظين عند مسلم (1659) ، وهذا في ضرب المملوك، فكيف بضرب الولد؟!.
وفرق بين الإساءة إلى الأولاد بالضرب وإيقاع الأذية بهم، أو منعهم حقوقهم، أو التنكيل بهم بالألفاظ، وبين تأديبهم، فالتأديب مجاله غير ذلك، بل هو من الرحمة لهم، والتربية الحسنة، ويكون ذلك برفق ولين وتلطف، فالولد المعوج، لا ينبغي أن يترك، بل تأديبه رحمة له.
عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبعة سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" خرجه أبو داود (495) وغيره وهو صحيح.
والعرب تقول: الضرب للولد مثل السماد للزرع.
وأما العدل بين الأولاد ذكوراً أو إناثاً في العطية فواجب، عن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما- قال: أعطاني أبي عطية.. فقال صلى الله عليه وسلم: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا، قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ... " رواه البخاري، ومسلم (1623) وفي لفظ: قال- صلى الله عليه وسلم -: أله إخوة؟ " قال: نعم، قال: "أفكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟ " قال: لا، قال "فليس يصلح هذا وإني لا أشهد إلا على حق" رواه مسلم (1624) من حديث جابر - رضي الله عنه -.(18/366)
ومتى فرق الوالدان أو أحدهما في العطية بين الأولاد وقعوا في الإثم؛ لأن تفضيل بعضهم على بعض في العطية، يوغر صدور بعضهم على بعض، ويزرع بينهم العداوة والبغضاء، وليس الذكر كالأنثى، فما صلح للبنات، وأعطي كل واحدة منهن شيئاً، لا يجب إعطاء مثله أو عوضه للذكور، كالذهب واللباس الخاص بالمرأة وتوابعها مما لا يصلح للذكور، وهكذا ما صلح للذكور كالكرة أو الدراجة أو السيارة، وأعطي كل واحد منهم شيء، لا يجب إعطاء مثله أو عوضه للإناث.
ويستثنى من ذلك المعوق أو المريض أو الفقير، أو من قام على خدمة والديه، أو أحدهما، والبقية تركوه واشتغلوا بأمورهم، أو من تفرغ لعلم ولم يعمل، ونحو ذلك من أصحاب الحاجات الضرورية، فيجوز للوالدين أو أحدهما تخصيصه بشيء دون البقية لسد حاجته تلك، ويجوز للوالدين أو أحدهما أن يصرف عطيته عن بعض أولاده إذا كان مبتدعاً، أو لكونه يعصي الله فيما يأخذه كما لو أنفقها في المحرمات، كالدخان والمخدرات، والمسكرات، أو ما يعين على أعمال الخنا والحرام والفواحش.
ومتى أراد أن يعطيهم مالاً أو لباساًٍ أو مشروبات أو مأكولات أو كماليات من ضرورات وخلافها، هدية أو تشجيعاً، أعطاهم بالسوية، الذكر والأنثى سواء، الذكر له مائة، الأنثى لها مائة، وهكذا.
وأما العدل بين الأولاد ذكوراً أو إناثاً في المحبة والميل بالقلب، فلا يجب، ويجوز للوالدين أو أحدهما محبة بعض الأولاد أكثر من بعض، ما لم يصاحبها ظلم وتجاوز، أو بخس لحقوق الأخوة أو الأخوات؛ لأن المحبة شيء جبلي يقذفه الله في قلوب عباده لمن يشاء، وليس من مقدور الإنسان أن يعدل بينهم في ذلك، فالله لا يكلف نفساً إلا وسعها، غير أن العدل بينهم في ذلك مشروع ومنقول عن السلف، وليس للوالدين أو أحدهما المبالغة في أظهار هذه المحبة؛ خشية ملئ صدور الآخرين هماً إلا لعلة، كما لو كان أحدهم صاحب طاعة، أو محافظاً على الصلاة، أو باراً بوالديه، أو صاحب أدب فلهما أن يثنيا عليه خيراً؛ تشجيعاً له، وقد رخص بعض السلف تفضيل الصغير والمريض ونحوهما عند استقبالهما بالبشاشة والترحيب، شفقة عليهما، ومواساة لهما.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.(18/367)
هذا ما جناه علي أبي من تفضيل أخي!
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 10/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ: أنا شاب، أبلغ من العمر ما يقارب 40 عاماً، متزوج ولي عدد من الأبناء، أعيش مع والدي أنا وإخواني، ولي شقيق يتَّصف أبناؤه بالمكر، والجحود، والحقد، والحسد، ونكران الجميل لي ولأبنائي، والله يعلم أني لا أتقول عليهم، وسببوا لنا المشاكل والتعب، وأصبحت علاقتي بوالدهم (شقيقي الأكبر) يشوبها الكدر والتوتر.
والأمر الثاني أن شقيقي محبوب للوالدة أكثر منا، وتتغاضى عنه كثيراً، خاصة وأنه يسهر في الليل وينام في الصبح، مع أن عمره تجاوز الخمسين عاماً، وتشفق على حاله، ولكنها لا تقر بخطئه، وجميع من في البيت يعلم ذلك، ويعلم ما تفعله زوجة أخي ولكنهم يتغاضون، وبعض الأحيان يبررون خطأها، وتفاجأت في الآونة الأخيرة أنهم أصبحوا كتلة واحدة، والدي وإخواني علي وعلى أبنائي، فأصبحوا يأكلون سوياً ويذهبون سوياً، وزوجتي وأبنائي كأنهم ليسوا في البيت، حتى أنهم يطلبون مني أن أسكن لوحدي حتى أغاظني ذلك، فأصبحت أدعو على أبناء أخي بالموت ليلاً ونهاراً؛ لأنهم سبب المشاكل، وسيفرقون بيني وبين والدي وإخواني، وأنا والله في حيرة، فإن خرجت وسكنت لوحدي فستكون مقاطعة بيني وبين أخي وأبنائه، فلن أسامحهم ما حييت؛ لأنهم هم السبب في الفرقة بيني وبين والدي، وهم الذين أثاروا والدي علي؛ لأنني أتمنى أن أعيش تحت أقدام والديَّ وأخدمهم، خاصة أن أموري المادية جيدة جداً، وليس عندي مشكلة في المال، فلدي سكن أؤجره، ودخلي جيد جداً، وما ينقصني وما أبحث عنه هو طاعة الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- ثم رضا الوالدين، وإن بقيت في منزل والدي فسوف تبقى المشكلات كما هي.
أرجو نصيحتك، وهل دعائي على أبناء أخي ظلم؟ مع أنني أعلم أن الله -سبحانه- رخَّص للمظلوم الدعاء ووعد بالإجابة.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الحبيب: حتى يرتاح بالك، ثق أنه مثل هذه المشكلات شائعة في الأسر الممتدة أي التي يعيش فيها عدة أجيال في مسكن واحد، وسلوك زوجة أخيك مع أبنائها ومع أبنائك هو سلوك متوقَّع إلا من هدى الله.
ثانياً: كنت أتمنى أن أعرف الخصائص التعليمية والاجتماعية لزوجتك وزوجة أخيك؛ حتى يمكن تقييم سلوكهم من واقع تلك الخصائص.
ثالثاً: أخوك عمره فوق الخمسين عاماً، وهو يعمل بالليل ويشعر بالتعب، ألا يكفي أن تعرف أنه خدم والديك أكثر منك، وإذا كان هو أول الأبناء، ألا تعرف الرضا الذي يشعر به أول الأبناء رغم وجود أخطاء عليه، فقد يكون حبهم مرده مواقف عاشاها سوياً، ولا يعني نقصاناً في تقديرهم لك، ولكن حبهم قد يطغى، وهذا لا يعد قضية أبداً، وواضح أن سلوك أخيك طيب، ولم يبدر منه سلوك سيئ اتجاه أبنائك، ولكن يبدو أن زوجته قوية الشخصية، لها التأثير الأكبر على قراره وعلى أبنائه أكثر منه، ويبدو أن ظروف عمله وإرهاقه جعله يوكل لها تلك المهمات.(18/368)
رابعاً: لا أدري ماذا نقول لك، ولماذا أصبحت تفكر بالانسحاب وشخصيتك - كما تقول- ناجحة في العمل، ولديك قدرة مالية، وكيف هزمك الشيطان في تغيير نظرتك لوالديك، وهل البر شيء بسيط؟ لا والله أمك ثم أمك ثم أمك، فهل بعدها شيء آخر؟ كثير منا يريد تفصيل الآخرين على مزاجه، كثيراً قد يحمل الآخرين تقصيراً ما، لماذا أخوك مقرب لوالديك، هل عرفت السبب وأدركته؟ فقد تكون ابتسامته لهما، كلمته معهما، خدمته لهما، فيها من الإذلال والشفقة والعطف الكثير والكثير.
أخي الحبيب: إن الآباء يدركون فطرياً بر أبنائهم، فلا تعتقد أنك بتقبيلهم بريت بهم، أو بسؤالك عنهم، أو شراء الدواء لهم، لا والله، فإذا كنت وصلت أن تفكِّر في حماية أبنائك وتعزف عن والديك فأعتقد أن في قلبك خصال جفاء.
أخي الحبيب: هناك كثير من السبل التي قد تجعل البيت سعيداً، تتوقف على موقف الأسرة ذاتها، فأنت جزء من الأسرة وليس منفرداً عنها، رغم أنك - كما تقول- تشعر بعزلتهم لك، فهم يذهبون سوياً ويأكلون سوياً، بل وصارحوك في رغبتهم في خروجك، وما من شخص يتفق عليه اثنان إلا عليه بمراجعة حساباته قبل أن يسقط ما يشعر به على الآخرين.
اجتمع مع أخيك وابحثا الموضوع بكل شفافية، لماذا بينكما الجفاء، أكثرا من الرحلات والنزهات المشتركة بين الأبناء، أكثرا من البرامج الثقافية داخل المنزل بين الأبناء، اجعلوهم يخرجون سوياً للمسجد.
بادر بإقامة مناسبة لوالديك أو أحدهما، ولو من ابتكار أفكارك، ادعُ أخيك وعائلته، انتهز فرص الأعياد والمناسبات للمبادرة ببرامج أسرية مشتركة.
مشكلتك - أخي الكريم- قد تكون في شخصيتكم، أنت قد تخجل من مواجهة أخيك، من إيضاح موقفك من بعض السلوكيات، فتراكمت في قلبك، وزادها الزمن قسوة، وهذا ما نحذّر منه، فالتفريغ الوجداني ونقل ما في الجوف لشخص آخر يسهم في تخفيف تراكم المشكلة.
صارح والديك بما يخالجك بكل أدب واحترام، ادع لهما بالمغفرة أن يرضيا عنك، قل لهما أنك تبحث عنهما قبل أن يأتيا إليك، أشعرهما أنك محتار في تقصيرك معهما، لا تخجل من مصارحة والديك.
دع عنك كلمة مظلوم، التي قد تثير مشاعرك كرجل أمام زوجتك، أمام أبنائك، واحرص على السلوك القويم أمام والديك، حتى لا تندم على ذلك، اعتبر واحفظ قوله تعالى: "وتلك الأيام نداولها بين الناس" [آل عمران: 140] ، ومن عفا وصفح فهو الرابح وأجره على الله، فافتح قلبك ولا تجعل للشيطان مدخلاً للتنفير بينك وبين إخوتك، وخذ من سورة يوسف في كتاب الله -عز وجل- العبرة والعظة.
فاستعن بالله وابدأ بتعديل بعض سماتك الشخصية التي تقلق، وبخاصة قدرتك على المواجهة الشفافة، عندها قيم التحسن، وإن لم تشعر به لا مانع من أن تأخذ شقة مؤقتة وتقيس التقدم، وهكذا بالتدريج قد نصل للحل، ولكن تأكد أن كلنا ندافع عن أنفسنا، ونبالغ في الثناء على الذات دون إدراك لرؤية الآخرين نحونا، فقد يكون بها كثير من الصحة.
دعائي لك بالتوفيق، وأن يجمع بينك وبين والديك، وزوجك وإخوتك بالحب والسعادة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.(18/369)
معاناتي مع أمي
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 03/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة، وعلاقتي مع والدتي جميلة لكوني ابنتها الوحيدة، وأنا أحاول وأجاهد نفسي على رضاها، ولكن والدتي كثيًرا ما تثيرني وأنا عصبية بطبعي، ودائما تردد على مسامعي كلام التجريح..ونادرًا ما أسمع منها كلام التدليل والحب، وأنا أعلم أنك تقول: ما هذا التناقض؟ ولكن لا يوجد تناقض؛ لأن والدتي -هداها الله- تفضل إخوتي الذكور علي، ولا تجعل لي حرية التعبير أمامهم، حيث إذا قال لي أحد إخوتي أن أفعل أمراً ولست مقتنعة تقول: إنني أكرههم، وأني أعصيها، ولقد قلت لها أكثر من مرة، وتوعدني أن تغير معاملتها معي، ولكن ترجع إلى ما كانت عليه، وهناك أمر آخر سبَّب لي الإزعاج الكثير والضعف في شخصيتي، وهو ذمها لي وللبسي، ومدحها للغير، وكأنها لا ترى إلا عيوبي، فماذا أفعل معها؟ أعانك الله.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أختي الكريمة: طهَّر الله قلبك مما فيه من بعض الانزعاج من والدتك، وتفضيل الأبناء الذكور - للأسف- ظاهرة قديمة، ولا زالت في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وهذا لا شك لا يقرها ديننا الإسلامي الحنيف، لكن الناس تقبلوا هذا السلوك، وقد وردت آيات قرآنية تنهى عن مثل هذه السلوكيات، بل - للأسف- الحملات التي توجه لأمتنا أخذت من هذا الموضوع مطية لها لصب النقد السام علينا، والمطالبة بتحرير المرأة من سيطرة الذكور وغيرها من الرؤى الخبيثة.
لعل طبيعة التركيبة الأسرية لديكم أسهمت في مثل هذه السلوكيات، فالأسر التي يكثر بها الذكور لا شك أنها تكون أسرًا جافة في سلوكها وعباراتها؛ مما ينعكس هذا على سلوك أعضائها، وأنا أتفق معك أنك قد تعانين من ذلك ولكن بالقناعة بأن هذا السلوك غير متعمد، ولكنه لطبيعة التركيب الأسري ونقنع بذلك إلى حد كبير، إضافة إلى أن البنت داخل الذكور هي ذاتها يصبح سلوكها غير متزن، فهي قد تأخذ من سلوك إخوتها الذكور، فأنت مثلاً عصبية سريعة الغضب، وهذه طبيعة شائعة في الشباب الذكور، بينما البنت تكون عاطفية سهلة حالمة هادئة، وهذا تأثر بالتنشئة الاجتماعية، والدتك صدقيني لا تقصد إيذائك النفسي أو المعنوي، فهي قد تكون فطرية لم تتعلم كيف تمازح أو تداعب، بينما قد يكون الأمر لديك مختلفًا، فقد تكون الثقة في سلوكك، بينما تصرفات أمك مثيرات لها، أي أصل المشكلة لديك، خاصة وأنك البنت الوحيدة تتوقعين أو تسمعين أنك يجب أن تحظي بالدلال كونك الوحيدة، كنت أتمنى أن أتعرف على الوضع الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي لأسرتك وإخوتك؛ حتى يمكن تفسير بعض التأثيرات على السلوك. بشكل عام تذكري أن الأهل كثيراً ما يحاولون استشارتك وقد يرونها غروراً فيك ولا يدركون أنها عصبية، قد تكون مناقشتك لإخوتك وإحساسك الذاتي بالحاجة للحنان المفقود بحكم التربية مع الذكور، كل هذه قد تكون مجموعة أسباب تعينك في إدراك نوعية السلوك الموجه لك.
إذا كان لديك خالة فاجعليها وسيطاً، وحاولي أن تعرفي رأي من هم خارج الأسرة في ما ترينه من نقد أسرتك لك، قارني ثم تدركين أين موقفك مما يقوله إخوتك من نقد، هل يخرج عن الصحيح، أم هو مجرد مناكفة إخوة فيما بينهم.
تذكري أن لوالدتك حقوقًا في برها والعطف عليها مقدمة على حقك أنت، فاحرصي - وفقك الله- على التلطف مع أمك وأخذها باللين والنزول لها رحمة وشفقة.
دعائي لك - أختي الكريمة- بأن يسدد الله خطاك، وأن يحفظك وأسرتك، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(18/370)
لماذا يقاطعوني وزوجتي؟
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 06/02/1426هـ
السؤال
بعد التحية.
زوجان متزوجان حديثاً جداً، والمشكلة هي أن الزوجة قررت ارتداء النقاب والزوج أيضا ملتح, والعائلتان ترفضان ذلك، وقاطعوا الزوجين مقاطعة تامة، وطلباتهم أن يحلق الزوج لحيته، وتخلع الزوجة النقاب، وتكتفي بارتداء الخمار أو الحجاب، أي ستر الشعر فقط مع كشف الوجه, والزوجة لا تريد إغضاب أمها، وحريصة على علاقاتها معها، كما أن الزوج لا يريد إغضاب أبيه أيضاً، كما أنه يعمل معه، وقد اشترط والده لاستمراره في العمل أن يحلق لحيته، وإن لم يحلقها فلا عمل له، وهو زوج حديث ومحتاج للعمل لإعالة زوجته، فبماذا تنصح هذين الزوجين؟ وماذا ترى فضيلتكم أن يتعين عليهما أن يقوما به.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على إمام الهدى نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
إلى الأخ الفاضل: - سلمه الله تعالى-، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد قرأت رسالتك الطيبة المباركة، وكم شعرت بالسعادة والسرور وأنا أرى شاباً حديث عهد بعرس يسلك طريق الاستقامة والخير هو وعروسه، فبداية أقول: بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير، والله أسأل أن يجعل لكما من كل بلاء عافية، ومن كل ضيق سعة، ومن كل هم فرجاً، ومن كل حزن فرحاً، ومن كل كرب نجاة.(18/371)
أخي الحبيب: إن ما تعاني منه يعاني منه فئام كثيرة من البشر، بل لقد عانى منه الأنبياء والرسل - صلوات ربي وتسليماته عليهم جميعاً- وكذلك من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، قال تعالى: "الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ*وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ" [العنكبوت1 -3] ، فإن ما أنت فيه بلاء عظيم، واختبار من الله لك ولزوجك؛ لينظر مدى صدقكما في الاستقامة على شرع الله، وهذا البلاء سنة الله في خلقه، قال تعالى: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" [البقرة:155] ، إذاً يجب عليكما الصبر على هذا البلاء، والتمسك بدين الله، وأبشرا بالعاقبة الحسنة في الدنيا والآخرة، فهذا وعد الله للصابرين بالبشرى، ولن يخلف الله وعده أبداً، يقول صلى الله عليه وسلم: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم؛ حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها خطاياه" متفق عليه من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري: البخاري (5642) ، ومسلم (2573) - رضي الله عنهما-، ويقول صلى الله عليه وسلم: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط" أخرجه الترمذي (2396) ، وابن ماجه (4031) من حديث أنس -رضي الله عنه- وقال الترمذي: حديث حسن. وقد ثبت عَنْ سَعْدٍ أَنهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ.." الحديث ... أخرجه الترمذي (2398) ، وابن ماجه (4023)
فيا - أخي الكريم- اثبت على ما أنت عليه، وتذكر أنبياء الله ورسله، وفي مقدمتهم نبينا محمد - صلى الله عليه وعليهم جميعاً- كم لاقوا من الأذى والتعب، والنصب من قومهم وذويهم، بل من أقرب الأقربين، ولكنهم ما ضعفوا ولا استكانوا، وتمسكوا بالدين، فكانت العاقبة الطيبة لهم ولمن تبعهم إلى يوم الدين، فاحرص على أن تكون أنت وزوجك مع هذا الركب المبارك.
فإن أصر والدك على موقفه فلا تضعف، وسيعوضك الله خيراً مما فقدته من أبيك، قال صلى الله عليه وسلم: "إنك لن تدع شيئاً اتقاء الله إلا أعطاك الله خيراً منه" أخرجه أحمد (20739) .
وكذلك زوجتك لا يضرها موقف أهلها وأمها، فيجب عليكما أن تقدما ما يحبه الله ويرضاه على ما يحبه أهلوكم، ومع الأيام سترون النتيجة الطيبة والتي تكون في صالحكما، قال صلى الله عليه وسلم: "من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس" أخرجه ابن حبان (276) .
وإني أقدم لك ولزوجك بعض النصائح فاتبعاها:(18/372)
(1) عليكما بتقوى الله في السر والعلن، فتقوى الله أساس كل خير، وفلاح في الدنيا والآخرة، قال تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ... " [الطلاق: 2-3] .
(2) عليكما بكثرة الاستغفار والذكر؛ قال تعالى: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً *وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً" [نوح:10-12] .
(3) عليكما بحسن الظن بالله والثقة فيما عنده؛ فإن الله عند حسن ظن عبده به، فليظن العبد بربه ما شاء.
(4) عليكما بالصبر على هذا البلاء، يقول ابن القيم - رحمه الله تعالى-: (إن للرب على العبد عبوديتان: عبودية في الرخاء وهي الشكر، وعبودية في الشدة والبلاء وهي الصبر) أ. هـ، وقد تعبدنا الله بالصبر في أكثر من آية من كتابه العزيز.
(5) عليكما بكثرة الدعاء والتضرع إلى الله بصدق أن يكشف الله عنكما هذا البلاء، وأبشرا بالخير؛ فهو سبحانه تكفل بإجابة الدعاء، قال تعالى:"وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة:186] ، وقال تعالى: "أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ... " [النمل: من الآية62] ، فأنتما المضطران، وهو سبحانه المجيب.
(6) عليكما بتحري أوقات الإجابة، مثل ما بين الأذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل؛ حيث النزول الإلهي، ودبر كل صلاة، وفي الساعة الأخيرة من يوم الجمعة، وعند نزول المطر، وعند الإفطار، وأثناء السفر، إلى غير ذلك من الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء.
(7) عليكما بالإكثار من قراءة القرآن وتدبر معانيه، وكذلك قراءة سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم-، وصحابته الكرام - رضي الله عنهم-، وغيرهم من علماء السلف، ففي قصصهم عبرة لأولي الأبصار.
(8) عليكما بتوسيط أحد الدعاة أو الأقارب ممن يكون له تقدير عند أهليكم؛ حتى يوضح لهم خطأ ما هم عليه، وصواب ما أنتما عليه.
(9) إذا بارت الحيل ونفدت السبل فلا تخافا الضيعة -يا أخي-.
والزم يديك بحبل الله معتصماً، فإنه الركن إن خانتك أركان.
ولا تظن بأن الله سيتخلى عنكما، بل سيفتح لكما من أبواب الرزق ما لم يكن في الحسبان ولم يخطر لكما على بال؛ فهو سبحانه القائل: " وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ" [الطلاق: من الآية3] .
وأخيراً أقول لك:
يا صاحب الهم إن الهم منفرج ... أبشر بخير فإن الفارج الله
وإذا بُليت فثق بالله وارض به.... إن الذي يكشف البلوى هو الله
الله يحدث بعد العسر ميسرة ... لا تجزعن فإن الصانع الله
والله ما لك غير الله من أحد ... فحسبك الله في كل لك الله
هذا والله أعلم، ونحن في انتظار رسالتك للاطمئنان عليك، وصلِّ الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/373)
أنا عصبية ولكن على أمي وحدها!
المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 03/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
أنا امرأة في الثلاثين من عمري، أغلب من يتعامل معي يحبني ويثني علي، لكني حسَّاسة وعاطفية بعض الشيء إلا أن علاقتي مع أمي ليست جيدة، أنا عاقة لها رغما عني، فكثيراً ما أغضب منها وأرفع صوتي عليها وأجرحها بكلمات نابية، وهي كذلك، أنا وهي عصبيتان ومتشابهتان في أغلب الصفات، حاولت كثيراً معاملتها بلطف ولين، ولكن سرعان ما أثور عند أتفه الأمور، دعوت الله كثيراً أن أكون بارة بها حتى من قبل زواجي إلى الآن، وأنا أدعو وسأظل أدعو، فهي -هداها الله- عصبية، ولا تزن كلامها ولا تبدي عاطفتها إلا عند مرضي، وهي كذلك مع إخواني أيضاً يعانون مثل ما أعاني منه. سؤالي: لماذا معاملتي مع الناس تختلف عن أمي، رغم أن هناك من يعاملني من الناس بقساوة، ولكن أخلاقي جيدة ولينة وحكيمة معهم، لماذا هذا التناقض؟ هل الله غاضب علي؟ هل أنا شقية؟ هل الخير الذي أنا فيه استدراج؟ هل أنا منافقة؟ هل أنا شقية وهذه صفات أهل الشقاوة؟ ساعدني أرجوك، لقد تعبت نفسيتي من هذا الموضوع سنين طويلة، نصف عمري ذهب وأنا أعاني من هذه المشكلة مع العلم أني أبرها من الناحية المادية فقط، أما العاطفية فلا. أرجوك ساعدني أرجوك.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أسأل الله تعالى أن تكوني خيراً مما ذكرتيه في الرسالة، من حرصك على الخير ورغبتك في نشره، وكراهيتك للغيبة والنميمة، وحماستك في نشر فضائل الإسلام، فهذه لا شك صفات حميدة، وأرجو أن يزيدك الله منها الكثير، وأن تكون واقعاً ملموساً في سيرتك وتعاملك، وأن يرزقك الإخلاص في كل ما تقومين به من خير.(18/374)
ولكن يا أخت (ضائعة) ربما هذا الوصف منك (ضائعة) صحيح على ما تذكرينه من علاقتك مع والدتك، فأنت فعلاً ضائعة، وأي ضياع أكثر ممن عقَّ والديه، فأنت حريصة على الناس في كسب ودهم، ونشر الخير فيهم ونصحهم، وتَسْعين جادة لتحسين علاقتك أكثر بهم، وأنت في الوقت نفسه على النقيض تماماً فيما بينك وبين والدتك، وإن كنت تقولين بأنك متضايقة من تصرفاتك الخشنة والقاسية مع أمك، وتتمنين أن تكوني هينة وأكثر رقة وتسامحاً ولطفاً ومودة، فالقول شيء، وكل يستطيع أن يقول مثل قولك هذا، بل وأكثر، لكن ما رصيد هذا القول من الواقع عندك، إنه مخالف تماماً، فلماذا لا يكون نصيب أمك أعظم وأفضل وأسمى من رصيد عامة الناس؟! فالعاطفة قولاً لا تفيد بمثل البر واقعاً ملموساً، فأنت على هذه الحال مع أمك مثل النخلة التي جذعها في البيت وتمرتها عند الجيران؛ لأنها مائلة، فأمك لا تستفيد منك سوى العاطفة غير ذات الأثر في الواقع، ومن الخطأ أن تقارني حالتك بحالة أمك، فتقولين: إنها هي أيضاً عصبية، فما دامت أمك عصبية وأنت وإخوانك تعانون منها في هذه الحال، فليس هذا بعذر لكم عند الله، بل يلزمكم جميعاً -وأنت خاصة- أن تراعوا حالتها وتدارونها وتصبرون على حالتها؛ حتى يكتب الله لكم الأجر مرتين، مرة لأنكم ستبرون بها، والثانية لأنكم صبرتم واحتسبتم عليها، ولا يجوز لكم أبداً أن تعاملوها بمثل ما تعاملكم به، وإن الإثم لعظيم جداً على كل من فرط في واجب البر بوالديه، وخاصة فيما يخص الأم؛ لأن حقها أعظم وألزم. فاتقي الله -أيتها الأخت- وانتقلي بتصرفاتك مع أمك من (ضائعة) ومن (ضارة) إلى (بارة) ومن (عصبية) إلى (حبيبة) ، واستعيني بالله، واصدقي اللهجة معه بالدعاء، واستغفري الله، وتوبي إليه، وأكثري من طلب السماح من أمك وأشعريها بتبدل حالك، واسألي الله لك ولها المعونة، فإذا هي غضبت يوماً منك وتحولت إلى عصبية فاكتمي أنفاسك كأنك أنت المخطئة، وسترين من الله التوفيق لكل خير، وأوصيك بأن تكثري من قراءة كتب المواعظ والرقائق، وسماع أشرطة النصح، وخاصة فيما يتعلّق بالجنة والنار وبر الوالدين، فأنت -حسب ما فهمت من كلامك - بحاجة ماسة إلى مزيد من الوقود الإيماني ليلين قلبك وتتذكري نفسك، وتتعظين لتنفذي نفسك من حلول العقوبة وفوات الوقت واحذري أن يفعل معك أبناؤك مثل ما تفعلينه مع أمك، فالجزاء من جنس العمل وكما تدين تدان. أعانك الله ورفعك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(18/375)
لا أستطيع أن أحب أمي
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 27/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أعاني من أنني لا أستطيع أن أحب أمي، فطريقة تفكيرها مختلفة عن طريقة تفكيري، وهي دائمة الانتقاد لي ودائماً تحبطني وتشعرني بالفشل مع أنني مهندس ناجح. دائماً ما تحدِّث الآخرين عني بأنني شخص غير سوي. ودائماً ما تحس بأنني مضطهدها ولا أرد عليها وأعاملها معاملة سيئة، مع أنني لو عاملتها بنفس الطريقة التي تعاملني بها فلن أكلمها بقية حياتي؛ لما تضعني فيه من مواقف وأزمات نفسية، فكلما يحل بالأسرة مشكلة أو مصيبة تنسبها لي، وأنا أعاني من التهابات عصبية في المعدة بسبب هذا الموضوع. وأحياناً أتعصب عليها. فهل هذا حرام؟ علماً بأنني استشرت طبيباً نفسانياً، وقال لي: إن من أسباب حالتي عدم التعبير عما بداخلي من غضب، وسببه ضغط نفسي معين في حياتي، وهو لا يعرف هذا الموضوع. وأنا لا أدري ماذا أفعل. علماً بأنني لا أستطيع أن أرضيها؛ لأنها تريد التحكَّم بي فقط. أحس بفقدان حنان الأم التي تدافع عن أولادها في كل المواقف، والتي توفر لأبنائها الجو الهادئ بالمنزل حتى يبدعوا في أعمالهم، باختصار (أنا أعيش في جحيم) خصوصاً عندما أسمعها تدعو علي، وتهددني بعدم رضاها عني ومسامحتي، وذلك لعلمها أني أخاف الله جداً، آسف؛ لأنني قد أطلت عليكم. أرجو إفادتي جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
أيها الابن الكريم:
لا شك أن معاناتك مع والدتك معاناة صعبة، وذلك أنك تواجه هذه الشدة من المخلوق الذي هو مصدر الحنان والرحمة والشفقة، وبدلاً من أن تنعم بحنان الأمومة أصبحت تعاني هذه المصاعب والله يعينك ويعظم أجرك.
أذكرك أولاً بأن بر الوالدين من أعظم القربات إلى الله -عز وجل- ومن أعظم الأسباب لدخول الجنة، كما في الحديث الصحيح أن جبرائيل قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- "رغم أنف عبد أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة" أخرجه مسلم (2551) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، يعني أنه لو برهما دخل الجنة، واعلم أن من أسباب مضاعفة أجر بر الوالدين أن يكون الأب أو الأم لا يعينان الابن على برهما، فإن الأب والأم إذا كان يعين كل منهما ابنه على بره، فلا فضل للابن في هذا البر، بينما إذا بر الابن أباه أو أمه مع أن حاله لا تعينه على البر، كأن يكون أحدهما -أو كلاهما- سيئ الخلق أو مضطرب النفسية، كما في حال أمك أو نحو ذلك فإن ذلك أعظم للأجر، وتكون نتيجته أن يوفى هذا الابن جزاءه موفوراً كاملاً، وهو أعظم أجراً ممن يبر أباً حنوناً وأماً حنونة.
وتذكَّر أن الله قد أمر ببر الأبوين اللذين يجاهدان ولدهما على الكفر، ومع ذلك أمر أن يقابل هذا كله بالقول المعروف (وإن جاهداك على أن تشرك بما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا) [لقمان:15] .(18/376)
فإذا كان الأب المشرك الذي يأمر الولد بالشرك ويجاهده على ذلك يصاحب بالمعروف، فكيف بالأب والأم المسلمين، مهما كان سوء أخلاقهما؟
ثانياً: الذي يظهر لي أن والدتك تعاني من اضطراب نفسي، وهي التي كانت بحاجة إلى الذهاب للطبيب النفسي وليس أنت، ولذلك كان عليك أن تذهب إلى طبيب نفسي تشرح له معاناتك مع أمك، وتطلب منه أن يشخِّص لك طريقة العلاج والتعامل معها. فهذا التصرف من أمك ليس تصرفًا سويًا؛ لأن كل الأمهات جبلت على رحمة الأبناء والشفقة عليهم، فإذا خالفت الأم هذه الطبيعة فإن ذلك يدل على أنها مصابة باضطراب نفسي يحتاج إلى علاج.
ثالثاً: أطمئنك بأن هذا الدعاء الذي تدعو به أمك عليك ليس مما يخيفك، فإذا دعت الأم أو الأب دعاءً بغير حق فهو لا يجاب ولا يقبل عند الله -عز وجل- وليس كل دعاء من الوالدين مقبولاً، وإنما الدعاء الذي ينبغي أن يخشى منه هو الدعاء الذي سببه العقوق وسببه التقصير في حق الوالدين، أما إذا دعا الوالد أو الوالدة على ابنهما لأنهما في حالة غضب واضطراب نفسي، من غير أن يكون من الابن تقصير فإن الله -عز وجل- حكيم عدل لا يضع الأمور في غير مواضعها (إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون) [يونس:44] فأحسن علاقتك بالله، وثق بأن الله -عز وجل- أحكم وأعلم من أن يعاقبك باستجابة دعوة دعيت عليك بغير وجه حق، ولو كان الداعي أمك.
رابعاً: أنصحك بأن يكون لك صديق تفضي إليه بمعاناتك، وتبثه شجونك فقد قالت العرب قديماً:
ولابد من شكوى إلى ذي حفيظة *** يواسيك أو يسليك أو يتوجع.
فليكن لك صديق تبثه شجونك وتفضي إليه بمعاناتك، وليس هذا من العقوق، ولا يعتبر هذا من إفشاء الأسرار، فإن الإنسان بطبعه يميل إلى التنفيس عن معاناته وفضفضة همومه، لعل ذلك يكون من أسباب التنفيس عنك.
أسأل الله أن يثيبك على صبرك ومصابرتك، وأن يجعل لك من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا، وأن يعظم لك الأجر والمثوبة، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.(18/377)
أمه متبرجة
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 19/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
إخوتي في الله: أريد أن ترشدوني إلى الطريق جزاكم الله خيراً، أمي متبرجة، وعندما أتكلم معها على الحجاب تصرخ علي وتشتمني، فقد تكلمت معها عدة مرات على الحجاب، فلا جدوى، فلقد يئست منها وصرت أكره تصرفاتها، وصارت تخاصمني وتقول لي لا تتكلم معي، وبعض الأحيان تقول لي أنت يهودي، وأنا في بعض الأحيان أحقد عليها، وأصبحت لا أطيعها. فأرشدوني، جزاكم الله خيراً.
الجواب
الأخ الكريم:- سلمه الله ورعاه- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو من الله أن تجد منا النفع والفائدة.
والجواب على ما سألت كالتالي:
أشكرك مرة أخرى على حرصك على دعوة أمك للالتزام بالحجاب الشرعي، ولا ريب أن ذلك واجب عليك، وهذا أقل ما تقدمه لها لتحميها من النار، لكن اعلم -بارك الله فيك- أن اللطف والكلمة الطيبة أوجب ما تكون مع الوالدين، وليس دعوتهم إلى أمر واجب شرعا مبررا للعنف معهم أو الغلظة في دعوتهم، وتذكَّر أن الله قال لنبييه موسى وهارون -عليهما السلام- حين بعثهما لأشقى وأطغى من في الأرض، من زعم أنه الإله والرب فرعون قال لهما: "فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى" [طه 20/44] ، فما بالك بالأسلوب مع المسلم، بل ومع الوالدين، وخاصة الأم، لا شك أنه أولى باللطف والصبر، ثم انظر توجيه الرب -سبحانه- لنا عندما يجتهد الوالدان علينا في دعوتنا إلى الشرك الذي هو أعظم ذنب عصي الله به، ومع ذلك يقول لنا ربنا في محكم تنزيله: "وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا في الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إلي ثُمَّ إلي مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" [لقمان 31/15] .
فواجب عليك أن ترفق بأمك وتنصحها بأدب ولطف وخضوع، ثم حاول أن تزودها بكتب وأشرطة تتحدث عن خطورة التبرج والسفور، وإن استعطت أن توسط امرأة صالحة داعية فاهمة لتنصحها عنك، وتصحبها معها في الخير يكون حسناً، ولا تنس أن تدعو لها في ظهر الغيب بصدق وإخلاص، وخاصة في أوقات الإجابة كالسجود وآخر الليل، وبين الأذان والإقامة، وما شابه ... والله معك وهو ولي التوفيق. والسلام عليكم.(18/378)
والدي والربا
المجيب سعد الرعوجي
مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 18/01/1426هـ
السؤال
والدي رجل محافظ على الصلوات، وحريص على فعل الخير كثيراً -والحمد لله- إلا أنه يتعامل بالربا منذ سنوات، وقمت بنصحه عدة مرات، وبيّنت له عظم هذه المعصية، إلا أنه لا يزال عليها ولا يستطيع التخلُّص منها لكثرة ديونه، والآن بدت صحته ليست كالسابق. فما نصيحتكم له، وكيف أتعامل معه لحل هذه المشكلة؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
أخي الكريم: لا شك أن هذه المشكلة وهي الربا خطيرة في حق والدك، فهو أمر لا بد أن تنقذ والدك منه بأسرع وقت؛ ففيه حرب على الله ورسوله، وعليك ببعض الأمور الآتية:
1) دائماً وأبداً استخدم سياسة الأدب واللطف واللين مع والدك حتى لو فعل هذا الأمر الشنيع واستمر فيه، ولعلك قرأت قول الله تعالى "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً" [لقمان: 15] . إذاً الله سبحانه وتعالى أمرنا بالإحسان إلى الوالدين حتى لو كانا مشركين يدعوننا إلى الشرك، ووالدك -والحمد لله- مسلم يصلي وحريص على فعل الخير كما تقول، ولم يَدْعُك إلى معصية، فالأولى الرفق به.
2) لا تمل ولا تقف في دعوة والدك والنصح له وبيان خطورة عمله وتذكيره كلما منحت الفرصة، ويكون ذلك بآيات الله وأحاديث نبيه حول هذا الإثم العظيم، ولكن كما قلنا سابقاً تغلف ذلك باللطف واللين.
3) حاول أن تستفيد من العقلاء والفضلاء في أسرتك والتعاون معهم، فإذا سمعت من والدك ثناء على أحد هؤلاء الأقارب فاطلب منه أن يتعاون معك لتوجيه والدك ونصيحته بدون أن يشعر والدك بدورك.
4) كذلك ابحث في تأنٍ عن شخص يُعجب به والدك من المشايخ أو طلبة العلم، ثم اعرض عليه أن يتعاون معك لتوجيهك في أفضل الطرق لدعوة والدك أو قيامه هو بتوجيه مباشر وغير مباشر لوالدك ونصيحته وتذكيره بالله سبحانه وتعالى، ولعل من أفضل هؤلاء إمام المسجد الذي يصلي فيه والدك، خاصة إن كانت علاقتهما جيدة.
5) الدعاء ... الدعاء ... فهو أعظم سلاح أعطانا الله إياه، وقد وعدنا الله بالاستجابة وجعل هناك أوقاتاً تتعاظم فيها الفرص بالاستجابة، فعليك بها ولا تكسل أو تتهاون في الاستفادة من هذا السلاح.
6) إن استطعت أخي تسديد ديون والدك ليتجنب الربا فإنه أمر عظيم وجليل، ويساعد -بإذن الله- على تقبل والدك لمحاولاتك والانتهاء عن الربا.
وفقك الله لما يحب ويرضى،،،،(18/379)
والدي سيئ الخلق معنا
المجيب يوسف صديق البدري
داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 12/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته.
لا أدري كيف أتكلَّم في هذا الموضوع، وهو أنني لا أحب التعامل مع والدي؛ لأن فيه صفات كثيرة لا أحبها فيه، منها أنه بخيل يهين أمي كثيراً ويضربها ضرباً مبرحاً، لدرجة أنه في مرة تأثرت من الضرب، وجلست شهراً لا تتحرك، وأهم شيء عنده نفسه فقط، وتزوَّج على أمي عدة مرات، بصراحة كلما أحاول أن أتقرب إليه من أجل صلة الرحم أجده يبعدني عنه بكل الطرق، أنا لا أدري كيف أتعامل معه، كثيراً ما يسبِّب لنا مشاكل على أي شيء، لا يحب أن نفعل أي شيء فيه خير أنا وأخي وأمي، وإذا حدث شيء من ذلك تقوم المشاكل بيننا وبينه، وهو لا ينفق عليَّ، أنا الذي أنفق على نفسي منذ أيام الكلية، أنا لا أريد منه شيئاً سوى أن أشعر أن لي أباً مثل باقي الناس، وكذلك هو لا يصلي إلا إذا كان يريد شيئاً من الله يقضيه له، ولا يشجِّع إخواني الشباب على الصلاة، بل العكس إذا وجد أمي تشجعهم على الصلاة تقوم المشاكل بينهما، بالإضافة إلى ذلك فهو يكذب ومنافق، ولا أجد صفة جميلة يتصف بها أبداً. الحمد لله على كل حال، أكيد هذا ابتلاء واختبار من الله لنا، ونسأل الله أن يرزقنا الصبر على هذا البلاء، وأن يصرفه عنَّا، وكل ما أريده من فضيلتكم نصيحة في كيفية التعامل مع هذا الوالد. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبي الرحمة وآله وصحبة أجمعين، وبعد:(18/380)
فأسأل الله تعالى لك ولأمك ولإخوتك أن يحفظكم من كل سوء، وأن يرزقكم القرب منه ـ سبحانه ـ وأن يعوضكم خيرًا عن هذا الأب الظالم لنفسه المفرط في حق الله وحق من يعول، وهو ـ كما جاء في رسالتك الكريمة ـ اختبار من الله تعالى، حيث قال ـ عز وجل ـ:"ونبلوكم بالشر والخير فتنة"، وكما قال أيضًا:"وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك قديرا"، لكن على كل حال هذا أب - للأسف- سيئ ولا يؤدي للأبوة حقها؛ لأن الأبوة ليست مجرد أن الإنسان ينجب الأولاد ويصرف عليهم وينفق عليهم ـ هذا إن كان ينفق ـ، الأبوة رعاية "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الأب راع في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته"، "قوا أنفسكم وأهليكم ناراً"، يقول سيدنا علي في هذه الآية: (علِّموهم الخير) ، فالأب عليه مسؤولية.. وتربية الأولاد لا بد أن تكون بإظهار المحبة للأولاد وإظهار العاطفة، وفي عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل رجل، وجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبِّل الحسن أو الحسين، قال: (أوتقبِّلون أولادكم والله إن لي عشرة من الولد ما قبَّلت واحداً منهم) ، قال: "أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك"، فالإنسان لا بد أن يظهر لأولاده منه هذه العاطفة.. الرحمة والحنان والإشفاق والمحبة وإلا يكون إنساناً ناقصاً، هذا قصور في الإنسان وقصور في عاطفة الأبوة، وفي الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود، وغيره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت"، فعلى الوالد أن يرعى أولاده، ولا يوردهم موارد التهلكة، وأن يقوم عليهم بالمعروف، وأن يحوطهم بنصحه، وأن يدلهم على الخير حيث كان، وأن يتخيّر لهم من الحال أحسنه، وهو أمين على ذلك، ومسؤول من الله تعالى على هذا، وموقوف بين يديه تعالى، وفي الأمثال الراشدة (الرائد لا يكذب أهله) أي يدلهم على ما يعتقد أنه الصواب دون أن يخونهم، وعموماً -عليك يا أخت ـ أن تصبري أنت وأمك وإخوتك على سوء معاملة والدك وأن تحسنوا إن أساء، وأن تجتنبوا إساءته ما استطعتم، وأن تكونوا أكثر التصاقًا بوالدتكم الصابرة، وألا تيأسوا من صلاح حاله بكثرة الدعاء له بالهداية؛ فعسى الله أن يتقبل منكم الدعاء، ونسأل الله أن يغيّر الحال إلى أحسنه. والله أعلم.(18/381)
والدي يبدد مالي
المجيب يوسف صديق البدري
داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 10/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا يا شيخي لي أب متزوج بغير أمي، وله منها أولاد، أنا وإخوتي نعمل سوياًَ ونصرف على أبي وزوجته وأولاده، ولكن أبي وزوجته دائما يحاولون أن يجعلونا في صورة غير لائقة أمام الجميع، أنا لي شركة -والحمد لله- ولكن أبي لا يراعي هذه المسألة، ودائماً مديون، ودائما يطلب من الناس على أساس أني أدفع لهم، وأنا والله العظيم ما بخلت عليه بشيء، وبالعكس أدفع ديونه وأدفع له مصاريف شخصية، زوجته تقول له خذ أموالاً من الناس وابنك غصباً عنه سيردها لأصحابها خوفاً من سمعته والفضائح، وأنا أشتري الأرض وهو يبيع ويمضي شيكات وأنا أدفع خوفاً من الفضيحة على نفسي لو دخل السجن، وأنا عندي المال، المهم في هذه الأيام أنا ظروفي في النازل، وهو لا يراعي لهذه الظروف أي شعور، يذهب ويبيع ما عندي من بهائم في مزرعتي، وعندما رفضت دعا علي، وأنا أخاف من دعائه، مع العلم أنني قلت له يا أبي (خذ ما تريده من مال ولا تبع البهائم أمام الناس) ، رفض وقال: (أنت تتحكم فيَّ أنا حر أنا سآخذ ما أريد وأنت لا تتكلم) وفعلا أخذ البهائم وأنا غير راض؛ لأنها بآلاف الأموال، وأنا تعبان في جمع هذه الأموال أنا وأخواتي والله يعلم، السؤال هنا هل دعوة والدي تجوز ويتقبلها الله منه؟ مع العلم أنني والله رب السماوات والأرض لم أحوجه لشيء لكن زوجته سبب كل شيء، مع العلم أن من يعطيه أموالاً منا أنا وأخواتي يكون ابنه الوحيد، وابنه البار، والذي لا يعطيه يدعو عليه ويقاطعه. فماذا أفعل؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الهادي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد
فأشكر لك ـ أخي الكريم ـ مرورك على موقع (الإسلام اليوم) ، ومراسلتنا عليه، ونرجو أن نكون عند حسن ظنك بنا، كما أشكر لك حرصك على برك بوالدك، وكذلك خوفك الشديد من دعائه عليك، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على خلق نبيل، وحسن أدب مع من أوصى الله تعالى ببرهما، وهذا ما نؤكد عليه، فقد قال تعالى في كتابه: "وقضى ربك إلاَّ تعبدوا إلاّ إياه وبالوالدين إحساناً" [الإسراء:23] ، فللحق ـ يا أخي ـ فإن للوالدين مقاماً وشأناً يعجز الإنسان عن إدراكه، ومهما جهد القلم في إحصاء فضلهما فإنَّه يبقى قاصراً منحسراً عن تصوير جلالهما وحقّهما على الأبناء، وكيف لا يكون ذلك وهما سبب وجودهم، وعماد حياتهم وركن البقاء لهم. لقد بذل الوالدان كل ما أمكنهما على المستويين المادي والمعنوي لرعاية أبنائهما وتربيتهم، وتحمّلا في سبيل ذلك أشد المتاعب والصعاب والإرهاق النفسي والجسدي، وهذا البذل لا يمكن لشخص أن يعطيه بالمستوى الذي يعطيه الوالدان.(18/382)
ولهذا فقط اعتبر الإسلام عطاءهما عملاً جليلاً مقدساً استوجبا عليه الشكر وعرفان الجميل، وأوجب لهما حقوقاً على الأبناء لم يوجبها لأحد على أحد إطلاقاً، حتى أن الله تعالى قرن طاعتهما والإحسان إليهما بعبادته وتوحيده بشكل مباشر، فقال: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً" [النساء:36] .
لأن الفضل على الإنسان بعد الله هو للوالدين، والشكر على الرعاية والعطاء يكون لهما بعد شكر الله وحمده، "ووصينا الإنسان بوالديه ... أن أشكر لي ولوالديك إليَّ المصير" [لقمان:14] .
وقد اعتبر القرآن العقوق للوالدين والخروج عن طاعتهما ومرضاتهما معصية وتجبراً، حيث جاء ذكر يحيى بن زكريا بالقول: "وبراً بوالديه ولم يكن جباراً عصيا" [مريم:14] .
ولا يقل حق الأب أهمية وجلالاً عن حق الأم، فهو يمثل الأصل والابن هو الفرع، وقد أمضى حياته وشبابه وأفنى عمره بكد واجتهاد للحفاظ على أسرته وتأمين الحياة الهانئة لأولاده، فتعب وخاطر واقتحم المشقات والصعاب في هذا السبيل، وفي ذلك يقول الإمام زين العابدين: "وأمَّا حق أبيك فتعلم أنَّه أصلك وإنَّك فرعه، وإنَّك لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مِمَّا يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، واحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلا بالله".
ولذلك حذّر الإسلام من عقوق الوالدين لما له من دلالات ونتائج، وقد حدّد تعالى المستوى الأدنى لعقوق الوالدين في كتابه المجيد، حيث يقول جلّ وعلا: "إمَّا يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أُفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما" [الإسراء:23] .
وعن هذا الحد فقد رُوي: "لو علِمَ الله عز وجل شيئاً من العقوق أدنى من أُفّ لحرمه ". أخرجه الديلمي (5063) .
لكن هل هناك حدود لطاعة الوالدين، نعم ـ يا أخي ـ لقد رسم الله تعالى للإنسان حدود الطاعة لوالديه عندما قرن عبادته وتوحيده وتنزيهه عن الشرك بالإحسان إليهما والطاعة لهما، وقد جعل رضاه من رضاهما، ووصل طاعته بطاعتهما، فقال عزَّ من قائل: "واخفض لهما جناح الذلّ من الرحمة" [الإسراء:24] .
فعندما يصل الأمر إلى معصية الله والشرك به يتوقف الإنسان عند هذا الحد، فلا يطيعهما فيما أمرا لأنَّه بحسب الحديث المعصوم: " لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ" أخرجه البخاري (7257) ، ومسلم (1840) .
فالواجب على الولد تجاه أبويه أمران: (الأول) الإحسان إليهما، بالإنفاق عليهما إن كانا محتاجين وتأمين حوائجهما المعيشية وتلبية طلباتهما فيما يرجع إلى شؤون حياتهما في حدود المتعارف والمعمول حسبما تقتضيه الفطرة السليمة، ويعدّ تركها تنكراً لجميلهما عليه، وهو أمر يختلف سعة وضيقاً بحسب اختلاف حالهما في القوة والضعف. (الثاني) مصاحبتهما بالمعروف، بعدم الإساءة إليهما قولاً أو فعلاً وإن كانا ظالمين له، فيما يرجع إلى شؤونهما، وأما فيما يرجع إلى شؤون الولد نفسه مما يترتب عليه تأذي أحد أبويه فهو على قسمين:
1 ـ أن يكون تأذيه ناشئاً من شفقته على ولده، فيحرم التصرف المؤدي إليه سواء نهاه عنه أم لا.(18/383)
2 ـ أن يكون تأذيه ناشئاً من اتصافه ببعض الخصال الذميمة كعدم حبّه الخير لولده دنيوياً كان أم أخروياً، ولا أثر لتأذي الوالدين إذا كان من هذا القبيل، ولا يجب على الولد التسليم لرغباتهما من هذا النوع. وبذلك يظهر أن طاعة الوالدين في أوامرهما ونواهيهما الشخصية غير واجبة في حد ذاتها.
وعليه؛ فلا يجب عليك ـ شرعا ـ أن تطيع والدك فيما يأخذه من مالك ليتصرف فيه بالطريقة التي أشرت لها، وعليك أن تبين له أنك ستمتنع عن إعطائه هذا المال إذا أقدم على هذا التصرف، وأنك لن تسدد عنه دينه إن لجأ إلى الاستدانة بغير حاجة، ما دمت ـ حسب قولك ـ تنفق عليه وتعطيه من مالك ما يحتاجه، كل ذلك بحسن أدب، أما دعاؤه عليك بغير حق فلا أثر له لأنه دعاء بغير حق، فعن جابر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجيب لكم". رواه مسلم (3009) ، وأبو داود (1532) . والله أعلم.(18/384)
والدي لا يغفر لي زلة
المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 01/12/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
والدي قاسي القلب معي ولا يغفر لي أي خطأ، وأحاول أن أصطلح معه وهو يصدني ويردني ولا يقبل، ماذا أفعل؟ علماً بأن أخطائي بسيطة لا فيها كبائر ولا سرقه، ولا زنا، أمور عادية من الحياة، ولكن يسامح غيري من إخواني، أما أنا فلا، ودائماً أسلم عليه وأتقرب وهو يردني ولا يريد الصلح معي، ويميز بيني وبين إخواني، هل أنا آثم؟ هل علي حرام؟ ماذا أفعل؟ إنه حصن منيع ضدي, في السنة لا نصطلح إلا شهراً أو أكثر. أفيدوني هل أنا عاق لوالدي، أم ماذا؟ هل الله يغضب علي؟.
الجواب
أخي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
لا شك أن رضا الوالدين وبرهما من الأمور المهمة، وأن رضا الله في رضا الوالدين، وقد اهتم الإسلام وشدّد في أمر الوالدين، حتى إن الله -تعالى- قرن برهما بأمره الناس بعبادته وحده، فقال سبحانه: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً" [النساء:36] ، ونهى عن أذيتهما حتى ولو بكلمة يسيرة من الأذية "ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً" [الإسراء:23] ، والرسول - صلى الله عليه وسلم- أوصى باحترام الوالدين وحذّر من عقوقهما.
أخي الكريم: يظهر لي من رسالتك ما دامت علاقة والدك بإخوانك حسنة إنك أنت السبب في مضايقة أبيك لك -إن كان فعلاً يضايقك-، ولو سألت أنت نفسك لماذا ينصف إخوانك ويعاملهم معاملة حسنة لتبين لك السبب، فلماذا لا تصارح أباك وتسأله أنت؟ لماذا أنت غاضب عليّ ولا ترضى عني؟ وإذا أردت أن يجيبك بصدق فاختر الوقت المناسب لتسأله فيه، بحيث يكون في وقت مرتاح فيه نفسياً وغير مشغول بشيء، وإن لم تستطع سؤاله فاطلب من والدتك أن تسأله، أو اطلب من أحد إخوانك المقربين إليه حسب وجهة نظرك، فإن تبين لك السبب وأنه سبب وجيه، ويلزمك طاعته فيك فعليك بالاستجابة والاعتذار منه، وإن تبيّن أشياء لك فيها وجهة نظر، وأنت ترى نفسك محقا فيها شرعاً وعقلاً فناقشه بهدوء واحترام، فإن قبل فالحمد لله، وإن لم يقبل فحقق رغبته ما لم يضرك ذلك بشيء في دينك واستجب لطلبه، وسترى الخير والتوفيق من الله. وفقك الله وأرشدك للخيرات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(18/385)
والدي شحيح
المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 28/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
والدي شحيح على والدتي وإخوتي، على الرغم من يسر حاله، فهو يمتلك شركة ومصنعًا، ويعطيهم مصروفًا أقل بكثير مما يحتاجون، بل ويعامل من ينفعونه ماديًّا بسخاء كبير، غير سوء المعاملة والإهانة منه لوالدتي وحتى لأصغر إخوتي، رغم عدم استقرار حالتهم الصحية، فكيف يتصرفون؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت السائلة- حفظها الله- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أولًا: إن من أعظم الأبواب المفتوحة للمسلم (باب الدعاء) ، فعليكم الالتجاء إلى الله، بأن يفرج عنكم هذه الغمة من سوء المعاملة وعدم الإنفاق بما يكفي مع أنه غير معذور؛ لأن حالته المادية ميسورة، فما يدريك لعل الله يغير الحال.
ثانيًا: إن كان والدكِ لا يتقبل منكم، فحبذا أن تبحثوا عن أحد يثق فيه والدكم، ويسمع منه، ويتقبل منه، فينصحه ويبين له وجوب النفقة عليه على زوجته وأولاده، وكذا وجوب حسن المعاملة للزوجة وللأولاد، وأن الإنسان سيحاسب على ذلك، ثم يبين له بعد ذلك أنه قد يموت ويترك جميع المال لهم، فكونه ينفق عليهم ويؤجر على ذلك في حياته أولى وخير له، وحبذا لو أعطي بعض الكتيبات والفتاوى التي تدل على ذلك.
ثالثًا: إذا كان بالإمكان أن تأخذوا منه، ولو بدون علمه، فإذا كان لا ينفق فيجوز ذلك، ويكون بالمعروف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم- لهند بنت عتبة - رضي الله عنها-، لما اشتكت أبا سفيان بأنه رجل شحيح لا ينفق، فقال لها صلى الله عليه وسلم: "خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بالمَعْرُوفِ". أخرجه البخاري (5364) ومسلم (1714) . وإذا كان لا يمكن ذلك، ولم يمكن حله إلا بالرجوع إلى القضاء فلكم ذلك، ولكن حبذا أن يكون آخر الأمور. بارك الله فيكم.(18/386)
هل هذا من البر بالأم؟
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات أسرية
التاريخ 24/12/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد تم عقد قران ابنتي بدون موافقتي، حيث إنني ربيت أبنائي الأحد عشر ولداً وبنتاً منفردة دون مساعدة أحد حتى كبروا بعد أن تخلى الأب عن الانفاق عليهم منذ حوالي 18 سنة، وبعدها طلب الطلاق وحدث، المهم تعذبت في حياتي أشد العذاب، وشاء الله أن يسجن الأب بعد سنوات بتهمة بيع الخمور، وحُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات، وخلال هذه السنوات تقدم شاب لخطبة ابنتي الكبيرة، فرفضت، وبعد تكرار المحاولة في خطبتها طلبت من المتقدم لخطبتها أن يأخذ الرجال من أهله ويذهبوا إلى السجن؛ حتى يأخذوا موافقة الأب في خطبة ابنته، وهذا حقه الشرعي بغض النظر عن المكان الموجود فيه، وبعد سنوات خرج الأب من السجن، ومرت ثلاث سنوات، وانقلبت حياة الأسرة إلى جحيم؛ بسبب أكاذيب ألفها الأب، وصدقه الأبناء رغم أن الأبناء يعيشون معي، يعرفون الحقيقة لكنهم يكابرون؛ لأن الذي يروي القصص والدهم، صادف يوماً من الأيام أن خرج الأخ مع أخته إلى المكتبة الإسلامية لشراء بعض الأغراض، فأعجب بها صاحب المكتبة من أخلاقها، وهو رجل متدين إلى أبعد الحدود، المهم أخذ رقم هاتف أخيها واتصل به، وحددا موعداً في مطعم، وجلسا وفاتحه بالأمر (الخطبة) ، ولما عاد الأخ إلى المنزل أخبرنا، فحددنا موعداً مع الرجل، فأبى أن يأتي إلا بموعد هو يحدده، فأخذنا نجاريه، وقبلنا، وجاء إلى المنزل، وأخبرنا بأنه متزوج ولديه من الأبناء أربعة أطفال، وأخذ يمدح نفسه، ويقول إنه عصبي، وهو على خلاف مع زوجته، وهي الآن عند أخيها، ويقوم بإجراءات الطلاق،
اتصل الرجل بوالد الفتاة، وحددا موعداً في المطعم، وأخذ يتكلم عن المهر والشروط في المطعم، واتفق علي الملكة (عقد القران) في المطعم مع الأب، وأخذ الأب والأخوان والفتاة ببعض الكلام، وأخذهم بسرعة إلى المحكمة دون علم واستئذان الأم، وعقد القران) واتصل بعدها بالفتاة، وقال لها: رأي والدتك غير مهم، والنساء قاصرات عقل ودين، وإن أتت والدتك إلى المحكمة لعرقلت الأمور، وقال لها: هل سمعت القاضي يسألك هل أمك موافقة؟ أي أن رأيها غير مهم، وبعد هذا كله تأتي البنت وتقول: لماذا يا أمي أنت زعلانة؟ أنا لم أفعل شيئاً؟، أين رضا الأم؟! وأين كلام الرجل المتدين من كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ "أمك ثم أمك ثم أمك، ثم أبوك"، وأنا آسفة جداً لطول رسالتي، وأريد استشارة موضحة بدلالات إسلامية
الجواب
ما يمكن الإجابة به هنا (بالذات) لا يعدو أن يكون جوابًا للاستشارة التي طلبتها، وإلا فالسؤال ينبئ عن نوع من المخاصمة، وبالتالي فلا بد من الاستماع إلى الطرفين والبحث في الأقوال المدلى بها عن الحكم الصواب أو الأصوب.
أهم شيء أن يتحرى الإنسان الحق، ويجاهد نفسه في التخلي عن رغباته الذاتية، وبخاصة إذا كانت تتعارض مع الحق، ويحذر نزغات الشيطان؛ فإنه يغتنم فرط الشهوة وفرط الغضب.(18/387)
إذا كان الرجل الذي خطب البنت متدينًا (إلى أبعد الحدود) على حد وصفك، فلأي شيء موقفك من الزواج، قد أُدْرِكُ أنه من الصعوبة البالغة أن تتقبلي تهميشك وإبعادك عن موضوع زواج ابنتك، ولا يلتفت إلى رأيك، لكن إذا كان في زواجها مشكلة تتوقعينها فلا بأس بموقفك، لكن إذا كان اعتراضك على الزواج لكونك طالبتِ بأشياء فلم تحقق ولا تخدش في الزواج نفسه فلا أرى أن هذا لائق.
وإذا كانت اعتراضاتك على أشياء لها تأثير حقيقي في زواج ابنتك هذه أو غيرها ممن سيلحق بها -إن شاء الله- فإن أول شيء تحتاجين إليه السعي لإسقاط ولاية الأب على البنات، وهذه تتم من خلال رفع دعوى للمحكمة تذكرين فيها جوانب الفسق التي لحقت بالزوج، ومن جرائها أُدخل السجن، وحرمانك وأبناءك النفقة طيلة 18 عامًا على حد قولك، ومن هنا نرجو أن يسقط القاضي حق ولايته على أبنائه وبخاصة مسألة تزويج البنات، وتنتقل الولاية إلى غيره.
أسأل الله أن يصلح أحوالك، ويفرج همك، ويشرح صدرك، ويرزق بنتك الرجل الصالح الذي يكون لها قرة عين في الدنيا والآخرة.(18/388)
أكره أمي وأحتقرها
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 28/11/1424هـ
السؤال
علاقتي بأمي مضطربة، بل وأكثر من ذلك! أنا أكرهها، وأحتقرها كثيراً؛ تعاملني أنا وجميع إخوتي بقسوة، وجفاف، دائماً تحاول أن تكرهني في عماتي، وبنات عمي، منذ فترة بسيطة بدأت أشعر بصداع لا يحتمل، وعندما أستيقظ من النوم أرى بأنني جرحت نفسي، وقطعت يديَّ في أثنائه، دائماً أحلم بالكوابيس، وإذا جلست في مكان وكانت أمي موجودة فيه أحس بضيق في التنفس، فأرجو إرشادي إلى الحل، علماً بأنني جربت وحاولت بجميع الطرق أن أكسبها إلا أنني لم أستطع، ويئست منها!!.
الجواب
أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد بن حسين بن عبد الرحمن
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على ما لا نبي بعده، أما بعد:
إلى الأخت السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كم آلمني هذا الكلام السيئ الذي وصفتي به حالك مع أمك، أتدرين عمَّن تتكلمين؟ تتكلمين عمن حملت بك تسعة أشهر، وكلما زاد الحمل زاد الضعف، والتعب، ورغم ذلك يزداد مع هذا التعب، والضعف الفرحة بقدومك إلى هذه الحياة، وعندما اقترب موعد الولادة وبلغ بها الضعف مبلغاً عظيماً، تدعو الله من أعماق نفسها أن يسلمك من كل شر، واقتربت ساعة قدومك إلى هذه الحياة، وازداد الأمر سوءاً، وهي مع ذلك متحملة ومتصبرة؛ لأنها في أشد الشوق إلى لقائك، وعندما قدمت إلى هذه الحياة، ورأتك بجوارها تبكين تارة، وتلعبين أخرى، نسيت جميع الآلام التي أصابتها عندما نظرت إلى محياك الجميل، كم كانت سعيدة بك، كم أزالت عنك الأذى، وأنت ضعيفة لا حول لك ولا قوة، كم مرة سهرت من أجل راحتك! كم مرة بكت عندما أصابك مكروه! كم مرة فرحت عندما تراك في سعادة! كم كانت فرحتها وهي تنظر إليك تكبرين أمام ناظريها يوماً بعد يوم! كم ضحت من أجلك! كم حرمت نفسها من أمور كثيرة وبذلت لك كل شيء! كم..وكم..! وبعد هذا كله تأتين يا مسكينة وتقولين بأنك تكرهين أمك وتحتقرينها!! - سبحانك- ربي هذا ظلم عظيم، لماذا تحملين لأمك كل هذا الكره؟ وتقولين: لأنها تعاملك بقسوة، ما هي الأسباب التي تدفعها لهذا المعاملة؟ لا بد وأنه يصدر منك ما يستدعي ذلك، لعلك تقولين: يا شيخ أنا لم أفعل شيئاً، ولكنها تعاملني بهذه القسوة دون أي خطأ مني، أقول: لعلها مريضة، أو مصابة بحالة نفسية، أو لأي سبب آخر، فكان ينبغي عليك أنت وإخوانك أن تسعوا في علاجها، وبذل قصارى جهدكم في ذلك، وكان ينبغي عليكم دعاء الله لها بالشفاء إذا كانت مريضة، أو دعاء الله بأن يفتح على قلبها وتعاملكم معاملة طيبة، ولكنك لم تجدي حرجاً في أن تشتكي منها، وزين الشيطان لك كرهها واحتقارها، والله ثم والله ثم والله، إن لم يكن معروف أسدته إليك أمك سوى حملها بك، وتحمل المشاق من أجلك حتى جئت إلى هذا الوجود لكفى، مهما أساءت لك باقي الحياة.(18/389)
يا بنيتي: أنا أشفق عليك من غضب الله عليك؛ لأني أخشى عليك عاقبة العقوق، فقد توعد الله عاق والديه بحرمانه من دخول الجنة؛ فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ثلاث لا يدخلون الجنة، ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه...." الحديث أخرجه أحمد في المسند (6145) ، وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل الجنة منَّان، ولا عاق لوالديه، ولا مدمن خمر" أخرجه أحمد (6843) .
فيا بنيتي: عليك ببر أمك، والإحسان إليها، فقد أمرنا ربنا بذلك في محكم التنزيل، فقال -تعالى-: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغنك عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهم أُفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً وخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي أرحمهما كما ربياني صغيراً" [الإسراء: 23-24] ، وقال -تعالى-: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً" [لقمان: 15] ، فهذا أمر الله ينطق بالحق، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟ فربنا يأمر الأبناء ببر آبائهم حتى وإن أمر الوالدين أو أحدهما الابن بالكفر أو الشرك، - والعياذ بالله- ليس بعد الكفر ذنب، فما بالك بما دون ذلك؟ ولا أظن أن أمك وصلت معك إلى هذا الحد، وحتى إذا وصلت جدلاً فعليك بالإحسان إليها، والبر بها، فهذا حكم الله - جل جلاله-،وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم- السيدة أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما- بأن تبر أمها على رغم من أن أمها مشركة، فقال لها - صلى الله عليه وسلم-: "صِلي أمك" متفق عليه، فلا يسعك بعد ذلك أن تستجيبي لأمر الله وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم- ببر أمك، والإحسان إليها، وأن ما يعتريك من هذه الكوابيس أثناء النوم فهذه أضغاث أحلام، وينبغي عليك معرفة السنة، والهدى النبوي في مسألة النوم، فينبغي عليك إذا أويت إلى فراشك أن تكوني على وضوء، وتنامي على شقك الأيمن، واضعة يدك اليمنى على خدك الأيمن، وبعد ذلك تقولي أذكار النوم، فعند ذلك ستنامين نوماً هادئاً بدون كوابيس - بإذن الله تعالى- وما ينتابك من ضيق في النفس عندما تتواجدين أنت وأمك في مكان واحد، فهذا كله من الرواسب التي أوغل بها الشيطان صدرك تجاه أمك، فعليك بتقوى الله في أمك، وأكثري من الدعاء لها، ولك بأن يصلح الله شأنكما، ويزيل هذا البغض من قلبك لها، ويحل محله الحب والود، والرحمة لها، والشفقة عليها.
ولكن كون أمك تحاول أن تكرهك في عماتك، وبنات عمك، فلا يحق لها إلا إذا كانت هناك أسباب شرعية لذلك، بأن تحذرك منهن لأمور شرعية أيضاً، أما غير ذلك فلا، ولكن هذا كله لا يسوغ لك أن تكرهي أمك إلى هذه الدرجة، وتحتقريها.
يا بنيتي: تذكري بأنه إذا طال بك العمر ستصبحين أُماً - إن شاء الله تعالى- فاتقي الله في أمك، بريها حتى يبرك أبناؤك بعد ذلك، والجزاء من جنس العمل، واعملي ما شئت كما تدينين تدانين، اللهم قد بلغت فاللهم فاشهد. هذا، والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/390)
والدي يرفض زواجي
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 9/11/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب، أبلغ من العمر 21 عاماً، أحببت فتاة، وأريدها أن تكون زوجة لي، ولكن أبي رفض ذلك، وذهب يقول: أتمم دراستك أولاً، وأنا لا أريد أن أتزوج أريد أن أخطبها فقط، وتحدثتُ مع والدتي، وقالت لي: إنها فتاه ذات أخلاق، وجميلة، ووالدتي موافقة، لكن أبي يقول: لا أريدك أن تتزوج هذه الفتاة، هذه الفتاة هي التي أحببتها، ولن أتزوج غيرها، وما رأيكم في الموضوع؟ -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد بن حسين بن عبد الرحمن.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، والصلاة والسلام على النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم-، وبعد:
إلى الأخ محمد: - سلمه الله تعالى- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الكريم: لقد قرأت رسالتك، وعلمت مرادك، وهذا جواب ما سألت عنه، فمستعيناً بالله أقول:
لا شك أن حرصك على الزواج من فتاة صاحبة دين وخلق قويم، وسيرة طيبة- إلى غير ذلك من الصفات- أمر طيب، وتحمد عليه، لكنك كما ذكرت ما زلت طالباً تدرس، والزواج له تبعيات ومسؤوليات، لعلك تجهل الكثير منها، والذي يجب عليك طاعة والدك فيما أمرك بأن تهتم بالدراسة أولاً، ثم بعد ذلك فكِّر في مسألة الزواج؛ لأن الزواج أو على الأقل الخطوبة ستشغلك عن الدارسة، وربما تعوقها إلى حد ما، فالأولى أن تجتهد في إتمام الدراسة، وتطيع والدك، واحذر من العقوق، وكم من أناس تركوا أشياء محبوبة لهم من أجل البر بأبائهم وأمهاتهم، وعوضهم الله خيراً مما تركوا، وقد جاء في الحديث: "من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه".
هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/391)
هل الخروج من بيت الوالدين بعد الزواج من العقوق
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ البر والصلة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 27/10/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا متزوج ولدي أربعة أطفال، أكبرهم عمره تسع سنوات، وأسكن مع والدي في شقة صغيرة، في الحقيقة البيت صغير وأردنا أن نستقل في منزل جديد، استأجرت بيتاً في نفس البلد بعد أن استأذنت والدي ووالدتي، وبعد ذلك ساءت حالة والدتي حتى إنها حلفت أنها لن تدخل بيتي، مع العلم أني أحضر إليهما في الصباح الباكر وأتناول معهما القهوة وأحضر لهما إفطارهما، وأحضر قبل صلاة الظهر وفي المساء، ولكن والدتي كلما حضرت إليها بكت وقالت أنت هربت عنا، وأنا الآن لا أعرف ماذا أفعل؟ هل أرجع وأسكن معهما من جديد؟ أماذا أفعل؟ وهل أنا آثم أو تسببت في عقوقهما؟ مع العلم أن والدتي في البداية وافقت على خروجي من المنزل. أفتوني مأجورين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الأخ السائل: - سلمه الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة، والجواب على ما سألت كالتالي:
لا أرى أنك آثم فيما فعلت، لا سيما وأنك استأذنتهما قبل الخروج، وتقوم كما تقول بوصلهما باستمرار، لكني أتصور أنها مرحلة طبيعية بعد العشرة الطويلة أن تشعر أمك بذلك، فأنت جزاك الله خيراً اصبر على سماع تلك الشكوى، وحاول الإطالة عندها وعند والدك قدر المستطاع في بداية الشهور الأولى، ثم سترى الأمور تخف رويداً رويداً، واجتهد في كسب رضاهما قدر استطاعتك، وإن استطعت أن لا تدخل البيت إلا بهدية أو شيء من الأغراض البيتية أو شيء تحبه أمك أو أبوك فافعل، فإن هذا له تأثير على تخفيف حدة الفراق وكرهها له، واسأل الله لها دائماً انشراح الصدر لخروجك، وأن يرضيها عنك والله معك ولن يترك عملك. إن شاء الله.(18/392)
أرضي مَنْ وأغضب مَنْ أمي أو زوجي؟
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 8/8/1424هـ
السؤال
أنا من عائلة معروفة بتحكُّم النساء فيها على الرجال، يعني الكلمة الأولى والأخيرة للزوجة وتربَّيت على ذلك، هذا غير التفضيل بين الأبناء، فأمي كانت ولازالت تفضل أختي الكبيرة، وأبي حماه الله قال لي في يوم من الأيام: رضاي عليك برضا أختك عليك، وأختي هذه مستبدة تريد أن تكون مثل أمي الكل في الكل، مرت سنوات وأنا على هذا الحال إلى أن طرق بابنا الزوج السعيد إن شاء الله، وتزوجت وعقدت النية أن أعيش حياة زوجية تعوضني الحرمان الذي رأيته في منزل أهلي، وفعلاً وجدت زوجاً رائعاً بكل ما تحمله هذه الكلمة، عوضني الكثير، وهو رجل بمعنى الرجولة يعني لا يحب أن تمشي المرأة كلامها عليه، وأنا بطبيعتي ضعيفة الشخصية، ولما رأيت الخير منه اشتريته بالطاعة العمياء، وبنيت حياتي على كل ما يحبه زوجي، وأبغضت كل ما يبغضه زوجي، ولكن بقيت لي المشكلة الأزلية، لم تتعود أمي وأختي على أن تكون لي حياة خاصة بي لا يعلمون شيئاً عنها، وأنا في بداية حياتي كنت أخبر أمي بأشياء وتفاجأت أنها تخبر أختي الكبيرة بكل شيء، ولما واجهت أمي لم تنكر، وقالت هذه أختك الكبيرة ولا بد أن تعرف عنك كل شيء، بعدها قطعت أخباري الخاصة عن أمي واكتفيت بالحياة العادية، لم تروق حياتي لأمي وأخواتي، على فكرة أراد الله أن تتزوج أختي الكبيرة، لم تستطع أمي أن تغير شيء من نظام حياتي، فبدأت من طريق آخر وهي الأمور الاعتيادية فمثلاً الخروج من المنزل يغضب أمي كثيراً لو علمت أني ذهبت لزيارة إحدى صديقاتي أو جاراتي؛ لأنها تريد أن يكون كل هذا بأمرها، وباستئذان منها شخصياً، تحملت على نفسي فترة من الزمن فأخبرها عند خروجي، ووجدت أن من يروق لها أذنت لي بزيارته، وأما من لا يروق لها حتى لو كانت أعز صديقاتي لا تأذن لي، تضايق زوجي كثيراً من تصرفات أمي؛ لأنني كنت أتأثر كثيراً وأبكي بحرقة، خصوصا لما أرى إخوتي وهن يذهبن حيث أردن، وذلك بمباركة أمي لهن؛ لأنهن سلمن حياتهن وأزواجهن لأمي، وقف زوجي لأمي في السر دون أن تشعر، وصرت أزور صديقاتي بالسر، ثم بدأت أمي حماها الله تتحكَّم في حياتنا وقراراتنا أنا وزوجي، لدرجة أنها منعتني من الحج في إحدى السنوات؛ لأنها ترى أبنائي صغاراً وزوجي يقول أنا أعلم من أمك بأولادي، وزوجي حنون جداً على أبنائنا، ولما لم أستمع إليها وذهبت مع زوجي إلى الحج غضبت ولم تزرني، وغير ذلك، واستمرت حياتي على هذا المنوال طوال الـ 13سنة، هي عمر زواجي، ازداد الأمر سوءاً بتدخل أخواتي مع أمي في حياتي، وكذلك تشكيلهن جبهة موحدة كي يشعر أبي أني منعزلة عن أخواتي، وحتى يذهبن إليه طوال الوقت: انظر يا أبي كلنا مع بعض ونأخذ من بعض، ونهدي الناس مع بعض إلا هي إنها وإنها، وإنها فكانت الطامة الكبرى أن أعلن أبي تبرؤه مني ومقاطعتي، وصارت مشكلة طويلة عريضة، حاول كبار العائلة التدخل، ولكن كما ذكرت سابقاً هناك جبهة قوية تسيطر على أبى وتقنعه بقوة، وأنا في هذه الفترة لازمت الدعاء ولا زلت انتظر فرج رب العالمين، تصالحنا بواسطة رجل كبير وقدير في العائلة لا ترد كلمته تولَّى زمام الأمر وكلمني وحقق معي في ادعاءات أخواتي، فقال لي بالكلمة: يا بنتي هذه غيرة وحسد من أخواتك جعلتهن يتصرفن كذلك، كانت رجعتي(18/393)
بشروط أن لا أذهب ولا أخرج من بيتي وكل صغيرة وكبيرة في حياتي أخبر بها أمي وأخواتي، رأيت الفرحة العارمة بالانتصار في وجه أخواتي فأبيت على نفسي أن لا أهدم عش الزوجية، وقررت أن أستمر على نفس نظامي وهو: زيارة أسبوعية لأبي وأمي، إهداء أمي وأبي في العيد وبعض المناسبات، أن تكون علاقتي بأخواتي في إطار الرسميات حتى أتجنب المشاكل، لم يرق هذا الحال لأمي طبعا، وعادت لعادتها القديمة، والوضع الجديد الآن هو أن المصادمات انتقلت من أخواتي إلى أمي، وأصبحت معها في صراع مستمر لدرجة أنها تغضب لأتفه الأسباب وتتوعدني في أولادي، وأنت عاقة لوالديك، والله تعبت وأنا أحاول أن أكسب رضاها، ولكن رضاها لا يأتي إلا بشيء واحد فقط، وهو ما تأكدت منه طوال الأعوام الماضية وهو: أن تكون حياتي أنا وزوجي كلها تحت تصرفها المطلق، وأن لا نعمل شيئاً إلا بعد مشورتها مع الأسف، أنا أحمِّل أبي الذنب؛ لأنه ترك لأمي التحكٌّم فيه فأصبحت لا تريد أحد يخرج من سيطرتها، وأمي إنسانة مزاجية، يعني مثلاً علاقاتها بأخواتها وإخوانها ليست على ما يرام، وأنا على عكسها فأخوالي وخالاتي يعزوني جداً، لذا تمنعني من الذهاب لهم إلا معها، ولقد كانت لها محاولات في فرض السيطرة على إخوانها، ولكن بعد ما كبروا وتزوجوا لم يستمعوا لها، علماً أن أخوالي وخالتي يشتكون نفس شكواي في أمي، حيث إن جدتي هداها الله لا تأتمر إلا بأمر أمي ودائما تغضب على من يغضب أمي، علما أن أحد أخوالي علاقة زوجته مع أمي ليست على ما يرام، لذا تجد جدتي دائمة الغضب عليه، اعذروني على الإطالة ولكن قلبي يحترق، فأنا أعيش بين نارين إما طاعة زوجي وغضب أمي، أو طاعة أمي وغضب زوجي ومعناه طلاقي، ما هو الحل في رأيكم؟ وهل تصرفي في حياتي واختياري لزوجي صحيح أم لا؟. بارك الله فيكم، وجزاكم خير الجزاء.
ملاحظة: الرجاء عدم عرض سؤالي في الموقع بأي حال من الأحوال.
الجواب
أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد حسين عبد الرحمن
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على إمام المتقين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إلى الأخت السائلة: أزال الله عنا وعنها الحيرة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوم الاتصال والمراسلة عبر الموقع.
لقد قرأت رسالتك وسرني جداً ثناؤك على زوجك، نسأل الله أن يديم بينكما الحب والود والرحمة والوفاق، إنه على ذلك قدير.(18/394)
ولقد ساءني جداً موقف أمك المتسلّط هداها الله، وكذلك أخواتك. والذي زاد الطين بلاً هو الموقف السلبي والسيئ في نفس الوقت وهو موقف والدك المحترم - هدانا الله - وإياه للحق، وبكل صراحة أمك وأبوك واقعان في مخالفات شرعية كثيرة، منها التفريق بين الأولاد وتمييز البعض على الآخر، وهذا الأمر قد حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم- ونهى عنه، لأن هذه الأشياء تولِّد الحقد والضغينة والكره بين الإخوان، بدلاً من المحبة والمودة والرحمة فيما بينهم، ومن قرأ قصة سيدنا يوسف عليه السلام مع إخوته عليهم السلام علم ذلك، فالذي حملهم على ما فعلوا مع أخيهم هو تمييز أبيهم -وهو سيدنا يعقوب- ليوسف على إخوته عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام، فماذا كانت النتيجة؟ حقد وحسد وبغض وكره، أدى بهم أن يفعلوا بأخيهم ما أخبر به ربنا في كتابه العزيز في سورة يوسف، ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم- لمن أعطى أحد أبنائه عطية أو هدية، ولم يعط باقي أولاده: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم" متفق عليه من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما- البخاري (2586) ، ومسلم (1623) .
فاحذري أختي المسلمة أن يحدث ذلك لأولادك حتى لا تتكرر هذه المأساة التي أنت تعانين مرارتها وتعيشين قسوتها مع أهلك.
وقبل أن أشرع في تناول حل المشكلة أود أن أهمس في أذنك ببعض الكلمات أخاطب بها قلبك الطيب، فأرعني سمعك يا رعاك الله، واستمعي إليّ بأذن قلبك لا بأذن رأسك فمستعيناً بالله أقول:
اعلمي وفقني الله وإياك لكل خير وبر، وصرف عنا وعنك كل سوء وشر أن لوالديك فضلاً عظيماً عليك وبرهما واجب عليك، والإحسان بهما والعطف عليهما، والتودد إليهما مهما حدث منهما، فهذا الحق أوجبه الله عليك ورسوله - صلى الله عليه وسلم- كما جاء ذلك مستفيضاً في كتاب ربنا وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم-، والسمع والطاعة لهما ما لم يكن ذلك معصية، أو يترتب عليه معصية أو إحداث خلل في حياتك مع زوجك، ففي هذه الحالة لا سمع ولا طاعة لهما في معصية الله، وهذا لا يعد من العقوق إن شاء الله تعالى.
أما بالنسبة لحل مشكلتك فأقول:
(1) عليك بالبر بهما والإحسان إليهما بقدر استطاعتك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
(2) ما أنت عليه من الزيارة الأسبوعية والإهداء لهما في المناسبات، إلى غير ذلك لا شيء فيه، بل هو عين الصواب بالنسبة لحالتك هذه، ولكن يمكن أن تكثري من الاتصال عليهما إن لم يترتب على ذلك مشاكل.
(3) عليك بطاعة زوجك وعدم إغضابه؛ لأن في ذلك عرضة لأن تتعرض لغضب الله وملائكته الكرام، كما جاء ذلك في الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه فزوجك حقه عظيم عليك، فكما أن والديك باب لك إلى الجنة فكذلك زوجك هو الآخر باب لك إلى الجنة، وذلك بإرضائه، والقيام بحقوقه الشرعية التي أوجبها الله عليك ما لم يكن في ذلك أيضاً معصية لله ورسوله، وهنا لا سمع ولا طاعة في معصية الله؛ لأن الطاعة في المعروف كما ثبت الحديث بذلك.
(4) لا تهتمي بما يحدثه أخواتك من تكوين جبهة عليك عند والديك، وكذلك لا تهتمي بتوعُّد أمك في أولادك، وأن هذا عقوق وسيحدث لك من أبنائك مثل ما يحدث منك لأمك على حد زعمها، فهذا ليس بعقوق فلا تلتفتي لذلك.(18/395)
(5) لا تغفلي عن الدعاء والاستغفار واكثري من ذلك وتحري ساعات الإجابة وأبشري بالخير، قال تعالى: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة: 186] .
وقال تعالى: "أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء" [النمل: 62] ، هذا والله أعلم.
والله أسأل أن يكشف همك وينفس كربك، ويزيل غمك، ويصلح شأنك في الدنيا والآخرة، ويهدي والديك وأخواتك إلى الحق والعمل به.
(6) لا يمنع أن تحضري بعض الرسائل الدعوية والأشرطة الإسلامية، والتي تتناول مثل هذه المواضيع وتعطيها إياهم لعل الله يفتح على قلوبهم.
(7) لا يمنع أن يتدخل أحد المشايخ أو الدعاة وطلبة العلم لفض هذا النزاع وتوضيح الأمر الشرعي لأهلك، وأن ما هم عليه من هذا التسلُّط لا يجوز لهم بحال من الأحوال.(18/396)
أمي لا تحبني
المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 15/10/1423
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
حالتي المادية جيدة والحمد لله، وأنا أقوم بواجبي تجاه والدي إن شاء الله على أكمل وجه، أقوم بإعطاء أبي وأمي كل شهر تقريباً ما يعادل 100 دولار أمريكي، وكل ما طلب مني أبي زيادة عن ذلك أعطيه وأمي كذلك، وطلبت مني العام الماضي مبلغاً من المال كي تذهب إلى العمرة، فلم أتردد في إعطائها، وطلب مني أيضاً أبي مبلغاً من المال لكي يجري عملية جراحية في عينه، أيضاً فلم أتردد، ولم أجلب أي شيء إلى البيت إلا وأجلب لأبي وأمي، من طعام وملبس، مع العلم أن لي أخوين أعزبين يعملان بوظيفة محترمة، ويبغضاني كثيراً، وحالتهما المادية وسط، يقيمان مع والدي ووالدتي، وهذا العام أيضاً طلبت مني والدتي مبلغاً من المال من أجل العمرة أيضاً فلم أتردد في ذلك.
السؤال: إن والدتي لا تظهر لي أي حنان أو محبة تجاهي وتقول كل مرة بأن أخوتي هم من قاموا بتأمين المبالغ التي ستذهب بها إلى العمرة، وأن هذا يحز في نفسي، مع العلم أنها تهينني حتى أمام أولادي، وأمام الجيران، ولكنني لم أفكر يوماً أن أزعجها أو أقول لها أي كلمة، وحتى بعض الأصدقاء يقولون لي إن أمك تطمع بك كثيراً خفف المبلغ قليلاً عنها سوف تقدرك، أما أبي فإنه حنون جداً ويحضن أولادي ويرضى علي كثيراً، أما والدتي فتطرد أولادي إذا أتوا إلى بيت جدهم، أفيدوني ماذا أفعل، لأنني دائماً أفكر بأبي وأمي لأنهما طاعنان في السن؟ علماً أنني أحب بل أعشق والدي ووالدتي كثيراً، لأنني في غربة ولا أشاهدهم إلا قليلاً، جزاكم الله عنا كل خير.
الجواب
أجاب عن السؤال الشيخ/د0 عبد الرحمن بن علوش المدخلي ()
الجواب:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فيا أخي الكريم، أولاً: احمد الله تعالى حمداً غير منقطع أن أمك ما زالت على قيد الحياة وأنك تستطيع أن تبرها وتحسن إليها فهذه نعمة كبرى لا يعرف قيمتها إلا من فقدها، والأمر الآخر لا ينبغي لك أن تمنَّ على والديك بما تنفقه عليهما فلو أنفقت كل ما تملك إلى أن تلق الله تعالى ما جازيتهما، وقد شاهد ابن عمر -رضي الله عنهما- رجلاً يمانياً يطوف بالبيت وهو يحمل أمه على ظهره فقال له: يا ابن عمر أتراني جازيتها؟ قال: لا، ولا بزفرة واحدة (أي: مما يعرض للمرأة عند الوضع) .
وقال علي -رضي الله عنه- أيضاً لطيسلة بن ميَّاس: أتفرق من النار -أي: تخاف- وتحب أن تدخل الجنة؟ قلت: أي والله! قال: أحي والداك؟ قلت: عندي أمي، قال: فوالله لو ألنت لها الكلام، وأطعمتها الطعام لتدخلن الجنة ما اجتنبت الكبائر.(18/397)
وأما أنك تظن أن أمك لا تظهر لك أي حنان فلا تلفت لهذا الظن فلعله من وساوس إبليس لما رآك باراً بوالديك، بل إن المسلم مطالب ببر والديه وإن ظلماه يقيناً فقد قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: ما من مسلم له والدان مسلمان يصبح إليهما محتسباً، إلا فتح له الله بابين -يعني من الجنة- وإن كان واحد فواحد، وإن أغضب أحدهما لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه، قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه" الآثار أخرجها البخاري في الأدب المفرد، فلا ينبغي أن يعامل المسلم والديه معاملة المثل والند فليس الواصل بالمكافئ.
وإياك يا أخي حمزة أن تصغي أو تستمع لما يقوله لك بعض الأصدقاء بل أوصيك بزيادة البر بهما والإكثار من الهدايا لهما فإن الهدية تبعد وغر الصدر، كما أوصيك بتوثيق العلاقة الأخوية بأخويك الأعزبين وأن تهدي لهما وتحسن إليهما فلعل ما تظنه من عدم إظهار أمك المحبة لك مما تسمعه من أخويك.
كما أوصيك بالإكثار من الدعاء لوالديك وأخويك وأن تكثر من الجلوس معهم فلا يدري الإنسان كم بقي من عمر والديه أو من عمره هو سيما وأنك تذكر أنك في غربة، أسأل الله لك التوفيق والسداد وأن يؤلف بين قلوبكم والله يحفظك ويرعاك.(18/398)
ضرب الأب أبناءه
المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/معاملة الوالدين
التاريخ 24/3/1423
السؤال
أرجو منكم أن تساعدوني وتجاوبوني بسرعة، والدي عندما يغضب من شيء خارج البيت فإنه يزجرنا وأحياناً يضربنا، في يوم كان غاضباً ومريضاً وكان يتجادل مع أختي وأنا جالسة على الأرض آكل التوت ولا دخل لي بهذا الجدال، وفجأة يركلني على رأسي، ثم على يدي، ثم على رأسي، علماً أني كبيرة وعمري عشرين، ولست صغيرة حتى ينفس غضبه فيني، فهل هذا يجوز أم أنه ربما يكون ذلك مرضاً نفسياً؟ وأيضاً دكتاتوري وشكراً لكم.
الجواب
أجاب عن السؤال الشيخ/ عبد الرحمن المجيدل (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام)
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله، أختي الكريمة قرأت رسالتك، وتألمت لما ذكرت، وإليك الجواب، أسأل الله أن يصلح حاله وحالكم:
1- الأبناء والبنات نعمة من نعم الله -سبحانه- في هذه الحياة، والآباء يحلمون أن أولادهم يكونون مصدر عون وشفقة ورحمة لهم، فمهمة الزوجة والأبناء مشاركة الأب همومه، وتخفيف معاناته، وتأجيل الطلبات إن كانت تقبل التأجيل، وجعل البيت أنساً وسكناً مريحاً تعود فيه للأب روحه وطمأنينته، فالحل لما ذكرت ترك الاحتجاج بما يجب عليه إلى ما يجب عليكم تجاهه، وعدم إثارته وذكر ما يكره مطلقاً، وتحين الفرص لذكر الطلبات والرغبات إذا ارتاح وهدأت نفسه، ومساعدته وخاصة في الأمور المالية.
2- محاولة أن يكون لكم سلوك طيب داخل المنزل من الحرص على الواجبات الشرعية والنوافل، فهي مما يسكن النفس، وينشر الطمأنينة، فعسى ما تفعلون يكون دافعاً لأبيكم على فعله فتنعمون بالهدوء والطمأنينة، فإن التقصير بالواجبات وارتكاب المحرمات مما يحزن النفس، ويفسد المزاج، ويفقد الصبر تجاه ما يلقاه في هذه الحياة من آلام، فمشاكل الحياة عامة لجميع الناس وهم يختلفون في المواقف بناء على اختلاف نفسياتهم وأخلاقهم وأهليتهم، فكونوا نعم الأبناء والبنات عله أن يكون نعم الأب، وعسى الله أن يقر عينه بكم وأعينكم به، ويجمع القلوب على الخير، والسلام عليكم ورحمة الله.(18/399)
كيف التعامل مع القريب الفَتَّان؟!
المجيب محمد محمود الأمين
باحث بموقع الإسلام اليوم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 25/05/1427هـ
السؤال
لي قريب يتسبب لي في كثير من المشاكل والأذى بسبب نقله للكذب والإشاعات والسعي في ذلك بين الناس، كما أنه يعمل على إفساد زوجات أقربائه، فكيف يمكن التعامل معه؟
الجواب
أخي الكريم/ الواجب عليك حيال هذا القريب هو النصح وكثرة الدعاء، والصبر على الأذى الصادر منه.
- ولعل العلاج الناجع لهذا وأمثاله يكمن في الإحسان إليهم، وعدم الالتفات إلى ما يصدر منهم من تصرفات -غير محمودة-.
- وسأجعل نصيحتي لك في شكل نقاط:
1- عليك بكثرة الدعاء له بالهداية والتوفيق.
2- يجب عليك عدم معاملته بالمثل، وإن نُبِّهَ على زلاته فَلْيكن ذلك في شكل إيحاء وتلميح، دون تصريح أو تجريح.. فلعل ذلك يدفعه للخجل من هذه السلوكيات الممقوته.
3- يجب أن يوجه وينصح من قبل واحد من أهل النصح ويبين له حرمة هذه الممارسات -ولكن على انفراد-.
4- عدم المبالغة في التأثر بهذه السلوكيات، وإنما نقدر الأمور بقدرها.
أسأل الله العلي العظيم أن يوفقنا وإياكم لطاعته. والله أعلم.(18/400)
هل أجازي قطيعته بقطيعة!
المجيب محمد محمود الأمين
باحث بموقع الإسلام اليوم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 24/04/1427هـ
السؤال
لي عم قطع صلته بوالدي طول حياته، حتى في مرضه الذي مات فيه والدي لم يزره، هل لي أن أقطع صلتي بهذا العم؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي الكريم/ ما قام به عمك من قطع صلة رحم أبيك لا يجوز -وإن كنت لم تبين ملابسات الموضوع- ولكن سنفترض أسوأ الأحوال، وهو أن يكون عمك هو الظالم لأبيك في هذه القضية.
فعليك أن تعلم أخي الكريم أن الواجب عليك هو صلة رحم عمك، وترميم ما تصدع من بنيان الأسرة، فعمك في منزلة أبيك، والخطأ يحصل من كل أحد، ولكن التمادي في الباطل أمر مذموم شرعاً ممقوت طبعاً، فعليك بالمبادرة بزيارته، ومحاولة رأب الصَّدْعِ بأسرع وقت ممكن، فالمشاحنات لا تزيد المسلم إلا بعدا من الله تعالى، وليس الواصل بالمكافئ، فإن من أحب الأمور إلى النفس الإحسان إلى من أحسن إليك، لكن الإحسان إلى من أساء منزلة رفيعة لا ترنو إليها إلا النفوس العالية التي تطمع في جزاء الله -عز وجل- والتي تُصَنِّفُ إساءات الآخرين في ميزان الحسنات والمدخرات ليوم الفزع الأكبر.
فنصيحتي لك أخي الكريم هي أن تصل عمك -بل ذلك هو الواجب عليك شرعاً- ومن أسباب فتح القنوات التي سدها الشيطان على مر الأيام، ما يلي:
1- إخلاص الأعمال كلها لله سبحانه وتعالى، وقصد القرب منه.
2- الدعاء لعمك بأن يهدي الله قلبه، ويوفقه لما يحبه ويرضاه.
3- قدم له هدية مناسبة -دون تكلف-، فالهدايا لها أثر عجيب في النفوس.
4- قم بزيارته باستمرار، حتى ولو لم تجد منه الاستقبال اللائق.
5- لا تذكر له ما كان بينه وبين أبيك من أمور.
6- عامل أولاده معاملة حسنة وبش في وجوههم، وأظهر السرور عند اللقاء بهم.
7- تعمد الاتصال به في كل مناسبة، واسأله عن أحواله، واقترح عليه بعض الحلول لبعض القضايا الخاصة به.
8- حاول عودته إلى بيتك، وبالغ في إكرامه، وعامله معاملة الوالد.
- وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يوفقني وإياك لطاعته، ويبعدنا جميعاً عن سخطه. والله أعلم.(18/401)
تغيَّرت للأحسن ولكن علاقتي بأقاربي فترتْ!
المجيب مريم الثمالي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 05/03/1427هـ
السؤال
أنا فتاة ذات قلب رحيم، أحب الصغار والكبار، وأحب الحيوانات وأرحمها. أتذكر نفسي في الماضي وأتذكر براءتي وقلبي الكبير الذي يحب الجميع، لم أكره أحدًا من أقاربي، لكن (دوام الحال من المحال) كبرنا وكبرت عقولنا، وأصبحنا ندرك ما لم نكن ندركه في السابق، بدأت أبعد عن أقاربي؛ لأنه بالفعل كان يجب أن أبتعد.
ما حصل معي أنه كنت أشعر بالضيق بعد كل اجتماع لنا، مع أنني أحبهم وكنا نضحك إلا أنني أشعر بالضيق، مررت بظروف جعلتني أعتزل الجميع، وبقيت مع نفسي كثيراً، وتجلَّت لي أمور ما أروعها والحمد لله. عرفت الله، اقتربت منه، ووجدت السعادة التي لم أذقها في حياتي إلا في عزلتي ورجوعي إلى الله، فلم تعد علاقتي بهم مثل السابق، أنا تغيرتُ ولكن أشعر بتأنيب الضمير.
فهل أعود معهم مثل السابق؟ لا أستطيع وجدت فارقاً كبيراً بين تفكيري وتفكيرهم، شخصيتي تغيرت، لم أعد تلك التي أعرفها، أنا لا أدعي أنني أحسن منهم، لكني لا أستطيع أن أرجع معهم مثل السابق أصبحت أقرأ كثيراً لعلماء الماضي مثل ابن قيم الجوزية. وعلماء الحاضر، وكتب تطوير الذات، ووجدت فيها سلوتي، وعشت نعيمًا لا يعلم به إلا الله، وما يؤلمني حقاً أنني تغيرت ولم أعد أعرف كيف أتعامل مع الآخرين مع شخصيتي الجديدة، فهل يعاقبني الله إذا ابتعدت عنهم؟ علمًا أني لم أقطعهم بل أعاملهم بالحسنى وأقابلهم بوجه طلق. أسألكم بالله أن ترشدوني للصواب.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأسأل الله أن يهديك إلى سواء السبيل، ويثبتك على الحق والهدى.
* أنت تسيرين في خط التغيير، لكن إلى أين؟ هذا هو المهم، والجميل أنك لم ترضي بوضعك، وتحركتِ وتغيرتِ لكن عليك أن تقودي هذا التغيير لا أن يقودك هو.
* واضح جداً أنك تعيشين في حالة تخبط داخلي وعدم استقرار، وهو ما ظهر من عباراتك وتعبيرك بكلمة صراع، وهذا أمر طبيعي بالنظر لوضع التغيير الذي تعيشيه. فما بقي من ترسبات الماضي مع تجديدات الحاضر أمر يسبب لك نوعًا من التلف، ثقي أنها مسألة وقت وهدوء واستعانة بالله، وتتضح بعدها لك الصورة.
* في بدايات طريق الاستقامة يحاضر الإنسان خليط من المشاعر بين خوف وتأنيب ضمير وشعور بالحزن العميق قد يصل إلى شعور باليأس في حالة عدم الثبات والاستسلام، أو فهم الاستقامة فهماً خاطئاً.. أنتِ تحتاجين -يا أخية- أن تخففي من مشاعر الخوف وتأنيب الضمير بحسن الظن بالله أنه سيعينك ويوفقك لما يحبه ويرضاه، اسأليه ذلك بإلحاح.
تحتاجين كذلك أن تتدرجي في هذا الطريق، وأن تدركي أن الأمر فيه سعة، فلا يعني أن حالك مسبقاً وحال أهلك أنه عالم منفصل تماماً، وما تطمحين الوصول إليه عالم آخر، كلاهما واقع تعيشينه لكن الاختلاف في شخصيتك وإدراكك الآن، الاستقامة -يا أخية- تعني أن نتقبل الآخرين ونعاملهم بأخلاقنا التي تسمو باستقامتنا واتباعنا لهدي نبينا -عليه الصلاة والسلام- في ذلك، قد تحتاجين بعد أن يستقر وضعك أن تجتهدي وتكثفي من عطائك لكسب من حولك والتأثير فيهم.(18/402)
* اعكسي استقامتك بصورة حسنة، فالاستقامة ليست انطواء وعزلة وحزن، الاستقامة نور وراحة وبهجة وحسن خلق، ولا أرى تعارضاً بين أن تجدي سلوتك في العزلة، وبين أن تخالطي أهلك وأقاربك، فكلاهما بابان عظيمان للأجر، وبإمكانك أن تخصصي لعزلتك وقتاً مناسباً تغذين فيها روحك، ووقتاً آخر لأقاربك وأهلك تحتسبين فيه الأجر، فلا يخلو الحديث من وجود فرصة أن تذكري فائدة أو تأمري بمعروف أو تنهي عن منكر، كذلك نية جلوسك صلة رحم أو إدخال سرور على قلب مسلم وكلها من أعظم القربات.
* الإيمان حياة -يا أخية- والحياة في الإيمان، ولا استقرار في العيش ولا حلاوة إلا بذلك، فقط عليك -لآن- بأن تدعمي نفسك بصحبة صالحة لها نصيب من وقتك؛ حتى تساعدك على السير برشد ودراية وتستقر بها مشاعرك.
ونصيحتي: عليك بالعلم الشرعي؛ فهو نور لك وللآخرين من حولك بإذن الله.(18/403)
هل من حقي هجران أختي؟!
المجيب سعد بن عبد الله الماجد
عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 11/2/1427هـ
السؤال
حصلت بيني وبين أختي مشكلة بسبب تقدم الخطَّاب لي، علماً أنها غير متزوجة، وأزعجها هذا الأمر كثيراً؛ فهي لا تريدني أن أتزوج قبلها، وأنا لست صغيرة في العمر، لقد آذتني كثيراً، وفضحتني أمام أقاربي، وخلقت لنا مشكلات كثيرة، وجرحتني بتصرفاتها وكلامها السيئ، وقد سبَّب لي هذا الأمر أزمة نفسية كبيرة.
مشكلتي أنني غير قادرة على مسامحتها أو على الكلام معها، فهي لم تندم على ما فعلت كما أشعر، وأخاف أن يعاقبني الله على قطيعتي للرحم. أرشدوني ماذا أفعل.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأختكِ تعاني من العنوسة، وتأخرها عن الزواج، فوقع منها شيء من الحسد والبغض لكِ، وقد تكونين سبباَ في ذلك؛ حيث تجاهلتِ مشاعرها ونسيتها في غمرة الفرح. لذا عليكِ بمسامحتها، وأعلنيها صريحة لها؛ وفي هذه الحالة لن تملك نفسها من الندم والبكاء، وتواضعي لها، فإنه سوف تطلب منكِ مسامحتها.
اذكري لها حبكِ لها، وحزنكِ على مفارقتها، وأن باب الأمل مفتوح، وأنها ستتزوج بأفضل من زوجكِ، بزوج يملأ عليها الدنيا حباً وحناناً.
أختي الكريمة: الدنيا أهون وأحقر من أن تجعلنا نحمل في قلوبنا غلاً وبغضاً لمن نحبه من إخواننا وأخواتنا! وإياكِ وقطيعة الرحم؛ فقد جاء التحذير منها:
1-قطيعة الرحم من الإفساد في الأرض، قال الله تعالى: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ" [سورة محمد:22-23]
وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال له مه قالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت بلى يا رب.. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرءوا إن شئتم فهل عسيتم ... ) [رواه البخاري: 4455] .
عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله) [رواه مسلم: 4634] .
2- قاطع الرحم لا يدخل الجنة، فعن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يدخل الجنة قاطع قال ابن أبي عمر قال سفيان: يعني قاطع رحم) [رواه مسلم: 4636] .
3-قاطع الرحم كالقاتل المتعمد، فعن أبي خراش السلمي أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه) [رواه أبو داود:4269] .
4- قاطع الرحم لا يرفع له عمل صالح من صلاة وصوم وغيرها، وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا انظروا هذين حتى يصطلحا انظروا هذين حتى يصطلحا) [مسلم: 4956] .
وعن ابن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال) [رواه البخاري:5611] .
وعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) [رواه البخاري:5613] والرجل والمرأة في ذلك سواء مخاطبون بأوامر الشرع. وفقكِ الله لكل خير، ولا حرمكِ الأجر.(18/404)
لا أريد الكسب الخبيث.. وأخشى من أخي
المجيب د. عبد المهدي عبد القادر
أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 26/11/1426هـ
السؤال
لي أخ أكبر مني يمتلك (مقهى إنترنت) ، وما من أحد يأتيه إلا ويشغل الأغاني أو يحادث البنات على الشات، أو يشاهد الصور الرديئة، وأخي ذهب إلى عمله وألزمني أن أحل مكانه في هذا العمل، علماً أني لا أقدر على منع أحد من تشغيل هذه الأشياء، ولا أقدر على إغلاق المحل أثناء الصلاة؛ لأن أخي له شريك، ولا يوافق على آرائي، ولو تركت هذا المكان وعصيت أخي سيكون هناك مشاحنات بيني وبينه، فما حكم عملي في هذا المكان؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فبشراك -أخي الكريم- بهداية الله لك والتزامك بالحق، وزادك الله ورعاً وحرصاً على سلامة دينك؛ فإن من أعظم المصائب مصيبة المرء في دينه؛ وإن من دعاء نبينا صلى الله عليه وسلم قوله: "ربنا لا تجعل مصيبتنا في ديننا.." رواه الترمذي (3502) أما عن عملك -بعد التزامك- في هذا المكان الذي لا يخلو من معصية ترتكب، أو إثماً يقترف، فإن على صاحب المكان -إن لم ينصح ويحذر- وزر الإعانة والمساعدة، وسكوته عن النهي عن هذه المنكرات دليل إقرار ومشاركة في المعصية؛ وعليه:
فقد بحث الفقهاء والعلماء هذه القضية وخلصوا إلى الآراء الآتية:
•وجوب تجنب العمل في تلك الأماكن، حيث إن في ذلك إعانة مباشرة لأهل المنكر، والواجب النهي عن ذلك، والدليل هو قول الله تبارك وتعالى: "وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [آل عمران: 104] ، كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" رواه مسلم (49) .
•يجب على من يعمل الآن في هذه الأماكن سرعة البحث عن عمل آخر، حتى لو كان أقل راتباً ومنصباً، وأن يكون مخلصا في سعيه، وأن يستشعر قول الله سبحانه وتعالى: ".....وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" [التوبة: 28] ، وقوله عز وجل: " ... وَمَن يَّتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَّتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" [الطلاق: 32](18/405)
*-يجب عليك- أخي- أن تبحث عن عمل، وأن تتجنب مجالات الشبهات مهما كانت مغرية، وربما قد يجد هذا الشخص ميلا في ذاته للعمل فيها بسبب ضغوط الحاجة أو لهوى النفس، أو غير ذلك؛ فعليك أن تستفتي قلبك، فعن وابصة بن معبد -رضي الله عنه- قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "جئت تسأل عن البر؟ ". قلت: نعم، قال: " استفت نفسك، استفت قلبك، يا وابصة ثلاثا- البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك". رواه أحمد (17538) ، والدارمي (2533) . وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".رواه الترمذي (2518) ، والنسائي (5711) ، وغيرهما. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
•أجاز فريق من الفقهاء العمل في هذه المجالات، أو استمرار العمل فيها عند الضرورة المعتبرة شرعا والتي تقدر بقدرها دون تعد أو تنزه أو ترف، وكل أعلم بضرورته، ودليل ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى: "فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" [البقرة: 173] ، ويجب استشعار مراقبة الله عز وجل، ولا تحايل على شرعه.
*يرى فريق من الفقهاء أنه عند الضرورة، وجوب تطهير الأرزاق بأن يجتهد العامل في مثل هذه الأماكن، ويقدر نسبة المال المكتسب من حرام في حالة اختلاط المعاملات الحلال بالحرام، ويتم التخلص منه في وجوه الخير وليس بنية التصدق، ولا تنفق في مجال العبادات.
• وفي كافة الأحوال السابقة يجب الحذر وتجنب المشتبهات، ولقد كان صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتركون تسعا وتسعين بابا من الحلال خشية أن يقعوا في باب واحد من الحرام، وهذا من الورع والخشية من الله سبحانه وتعالى، فعن أبي عبد الله النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الحلال بين وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب". رواه البخاري (53) ومسلم (1599) .
• أخيراً.. سواء اضطررت للتواجد في هذا المكان أو فارقته فإن عليك واجب النصيحة بالمعروف لأخيك بالحرص والحب واللين والكلمة الطيبة والمعلومة النافعة، عسى الله -تعالى- أن يشرح صدره لما شرح صدرك له.. والله الموفق والمستعان.(18/406)
أختي خانتني، وفقدت ثقتي بالآخرين
المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس
مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالآخرين
التاريخ 05/08/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم.
أريد أن أستشيركم في موضوع يعذبني، أحس بأنني سأنفجر إذا لم أتحدث مع شخص يساعدني، أخاف أن أحكي لإحدى صديقاتي، ومن ثم أندم؛ أنا فتاة عاملة ولي أخت أصغر مني، والدي طيب جداً ومكافح، يتعب طوال اليوم ليريحنا من هموم الدنيا، والدتي طيبة جداً، وذات قلب أبيض، وعلى نياتها، المشكلة هي أختي، فقد دمرت حياتي وثقتي بالناس، أصبحت أكره كل شيء ولا أثق بأحد، كنت مخطوبة لأحد الزملاء في العمل، اعتقدته طيباً وعلى خلق ويحبني، ولكن الصدمة كانت كبرى، لم أتحملها، أصبت بانهيار ودخلت المستشفى لمدة أسبوعيين، وبعدها استقلت من العمل، ووجدت عملاً آخر، ولكن لا أستطيع نسيان ما حدث، ففي أحد الأيام أحسست بتعب في العمل، واستأذنت حتى أعود للمنزل وأرتاح، عندما دخلت لم يكن يوجد أحد، أبي في العمل وأمي عند أختها، فدخلت إلى الغرفة، وتمنيت أنني مت في تلك اللحظة، فقد وجدت أختي مع خطيبي في سريري، لم أصدق ما رأيت، تجمدت مكاني حتى أحسّا بي، فقام وخرج من المنزل، لم أعرف ماذا أفعل، أخذت أضرب أختي وسحبتها من شعرها وذهبت بها للطبيبة، وتأكدت من أنها ما زالت عذراء، خفت عليها وهي لم تهتم لمشاعري، وعندما اطمأنيت لم أحس بنفسي إلا وأنا في المستشفى، لا أحد يعلم بما حدث، الكل يعتقدون أن سبب الانهيار أنني تركت خطيبي، لا أحد يعلم بشيء، لكني منذ ذلك اليوم لم أتحدث مع أختي، واهتزت ثقتي بالناس، وأصبحت خائفة من كل شيء حولي، أحس بالخيانة في الهواء حولي، لاحظ أبي وأمي أنني لم أعد أتحدث مع أختي، حاولا أن يحلا المشكلة، ولكن لا أستطيع أن أسامح أو أغفر لها؛ فهي ليست طفلة ليلعب بعقلها، وهي تعلم كم كنت أحبه، كم غضبت عندما أراد أن يرى شعري ورفضت؛ فأنا متحجبة، كيف تفعل بي هذا وأنا أعتبرها كنفسي لا أمنع عنها شيئاً؛ فهي أختي الوحيدة التي أحببتها، لا أستطيع أن أسامحها، والآن أفكر بالسفر بعيداً عنها؛ حتى لا أراها ثانية. أرجوكم ساعدوني.. ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
الأخت الكريمة: - حفظها الله- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أسأل الله - عز وجل- أن يرزقنا وإياك العفاف والرضا والغنى، ما حصل لا شك أنه أمر خطير، ولكن يجب أن نصفه في حجمه الطبيعي؛ حتى نحسن التعامل معه، إذ المبالغة في أي شيء قد تقود إلى ضد المراد حتى في الدين، فإن دين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه؛ ولذا فإني أذكرك ببعض النقاط، ومنها:
1- الإيمان الكامل، واليقين الجازم بأن ما حصل هو من قضاء الله وقدره، ولا بد للإنسان في تغييره بعد حدوثه، والمسلم إذا وقع له من أمثال ذلك يقول: "قدَّر الله وما شاء فعل"، وهذا - أي الإيمان بالقضاء والقدر- أحد أركان الإيمان الستة.(18/407)
2- على المؤمن أن يتفاءل لما حصل، وألا يكره، فكثير من الأشياء نكرهها ونفاجأ بأن الخير العظيم فيها، وأحياناً نتمنى أشياء ونسعى لها ونفاجأ بأن فيها أحزاننا ومآسينا.
3- من أعظم فوائد هذه الحادثة أن هذا الخطيب شر صرفه الله عنك، وهذه نعمة عظيمة لو جلست طول حياتك تحمدين الله عليها، لما أديت حقها، وكما يقال: (كم وراء المحن من منح) ، بل كما قال الله - عز وجل-: "فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" [النساء:19] .
4- أختك أخطأت، وكلنا ذو خطأ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم" أخرجه مسلم (2749) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، والتصرف الصحيح هو أن تحاولي دعوة أختك للحق، وتدلينها عليه، وألا تعيني الشيطان عليها، وأن تفتحي لها طريق الخير والتوبة، لا طريق اليأس والقنوط.
5- يجب على الإنسان أن يكون عادلاً في حكمه على المجتمع، فكلما رأى مظاهر الفجور والفسق تذكر الخير والدعوة، بل إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعجبه الفأل، إن التفاؤل والنظر للمستقبل بإشراق -والثقة بنصر الله - له مردود عجيب على النفس، وخاصة عند تعاظم الشر، وهذا ما حصل للمسلمين في غزوة الخندق.
6- لعلك تأخذين العبرة من هذه التجربة، وأن تتعاملي بصبر وأناة، وعدم استعجال في حل ما يعتريك من أذى، بل المسلم سيستفيد من أخطاءٍ حصلت له في الحاضر ليسخرها في خدمة المستقبل. والله يحفظك ويرعاك.(18/408)
أختي همازة لمازة
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/السخرية والاحتقار
التاريخ 19/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
لدي أخت تبلغ من العمر 32 سنة، وهي إنسانة تتبع أسلوب إيذاء الغير بلسانها والاستهزاء والسخرية، وعدم احترام الآخرين، وعمل مشاكل بين جميع أفراد العائلة، الرجاء أن توضح لي هل هي تشكو من أي حالة نفسية، وما هو الحل معها؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الأخت الفاضلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أشكر لك تواصلك مع موقع (الإسلام اليوم) .
أختي الكريمة: إن هناك معلومات ناقصة حول أختك، وهي مهمة للتعرف بشكل أوسع عن سبب ظهور المشكلة السلوكية التي تعاني منها أختك، كتاريخ ظهور المشكلة والظروف الأسرية التي عاشتها وتعيشها، وهل هي متزوجة أم لا؟ ومدى استقرارها الأسري، ومستوى تعليمها.
لذلك ستكون الإجابة بشكل عام، لعل الله أن يجعل فيها الخير.
أولاً: إن التنشيئة الاجتماعية من حيث السلب والإيجاب لها تأثير كبير جداً على سلوك البنت أو الابن.
ثانياً: القسوة في التعامل والحرمان والدلال الزائد والتمييز بين الأبناء من أسباب ظهور المشاكل السلوكية اللفظية والحركية.
ثالثاً: معاناة أحد الوالدين من مشكلة الاستهزاء بالآخرين واحتقارهم والتقليل منهم، وزرع المشاكل لها تأثير على سلوك الابناء من حيث المحاكاة لذلك السلوك.
رابعاً: التعرض لمشاكل مع الأقرباء بسبب سوء تعاملهم ينشئ السلوك العدواني لدى الشخص.
وهناك أمور أخرى مسببة لتلك المشكلة، وما ذكرته سابقاً ليس للحصر، ولكن المتوقع أنها أكثر الأسباب المنشئة للسلوك غير السوي، وما تعاني منه أختك لا شك أنها مشكلة نفسية تحتاج لتعامل خاص، ومن أهم الطرق التي أرى أنها الأفضل في التعامل معها:
1- تقوية الوازع الديني لديها، بتخويفها من خطورة ما تفعله تجاه الآخرين على دنياها وآخرتها، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون" [الحجرات: 11] .
2- تبصيرها بخطورة فعلها أسرياً واجتماعياً من حيث زرع الحقد والكراهية تجاهها، وتخلي الأقرباء عن مجالستها وتنامي سوء عملها بينهن.
3- أن تستشعر أنه لا أحد كامل إلا وجهه الكريم، وأنه كما للآخرين عيوب تراها فيهم، فللآخرين كذلك عيون، ولها عيوب يرونها فيها.
لسانك لا تذكر به عيب امرئ ... فإن لك عيباً وللناس أعين
4- الامتناع عن مصاحبتها في الزيارات العائلية والمناسبات، وتعليل ذلك باستمرار سلوكها، ومحاولة إقناعها بالامتناع عن ذلك السلوك مقابل مرافقتها، وتكرار تلك المحاولات بهدف تعديل سلوكها للأفضل.
5- استخدام أسلوب العلاج العقلاني بتصوير موقعها مع الآخرين، (الأقرباء) حينما تبتعد عند إيذاء الآخرين وتتعامل معهم بالمثل، ويكرر ذلك معها عدة مرات لما لذلك من أثر في السلوك.(18/409)
6- تكليف إحدى الأخوات الفاضلات من القريبات بكثرة مجالستها ومكالمتها، وتوجيهها الوجهة السليمة في الطرق المثلى للتعامل مع الآخرين، والمحاسن التي يجب أن تلتزم تجاههم، مقابل أن تجد منهم الاحترام والتقدير، وتكرار ذلك، والتحلي بالصبر معها.
7- تشجيعها بالالتحاق بإحدى الدور النسائية الخيرية لمجالسة الخيرات، وما له من أثر على سلوكها بعون الله.
8- إهدائها بعض الكتيبات والأشرطة النافعة التي تتحدث عن خطورة الاستهزاء بالآخرين وطرق الوقاية منها، ومن الأفضل أن تكون بشكل مسابقة يتطلب حلها السماع أو القراءة، وتكون موجهة لها بطريقة غير مباشرة.
9- الصبر معها واحتساب الأجر من الله في تبصيرها، وتعديل سلوكها وحمايتها من شر نفسها والشيطان.
هذا ما تيسر لي، سائلاً الله الكريم أن يمن عليها بالهداية والصلاح، وأن يجعلها من الصالحات المصلحات، إنه جواد كريم.(18/410)
عمه لا يكترث للدين، فكيف يعامله؟ وهل يصله؟
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 20/11/1424هـ
السؤال
عندي عم لا يكترث للدِّين بتاتاً يفعل المحرمات ويبيعها، إلخ ... وفوق كل هذا فإنه يتفوه بعبارات الكفر كثيراً، كأن يقول: إنه أفضل من الملتزمين بالدين، وأن الله لا بد قد أعد له جنة خاصة به؛ لأنه لا يغش الناس في تجارته، ولا يأكل أموال الناس بالباطل، وأحياناً يتهجم على الرسول صلى الله عليه وسلم، فمثلا إذا أراد أن يقول: إن كل من يجلس على الصندوق لمحاسبة الزبائن يصبح لصاً، فإنه يقول "لو أن محمداً عمل بهذا العمل لصار لصا" والعياذ بالله من هذا الكفر، وإذا ملَّ من حديث شخص قال له: "حل عن ربي"والعياذ بالله، وغير ذلك من كفريات كثيرة لا مجال لحصرها ولا لذكرها، يندى الجبين لسماعها أو لكتابتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله، والصحيح أن هذا الموضوع يؤرقني ويحزنني جداً.
سؤالي من شقين: الأول كيف أتعامل مع عمي؟ علماً أن والدي المتوفى كان يحسن معاملته، ويصبر على أذاه؛ لأنه أخوه، وأنه لا يقصر في مساعدة الأقارب سواء من نصيحة أو مساعدة مالية، وهو يدعونا إلى بيته كثيراً للطعام، وكثيراً ما يتفوه بالكفر أمامنا عندما نكون في بيته، فهل نجيب دعوته؟ وهل أصله براً بوالدي؟ هل أزوره؟ فإذا قال عبارات الكفر أنصحه ثم أتركه؟ هل أنصحه فترة فإذا لم يتعظ أتركه؟ هل نهجره؟ علماً أن هجره سيعني بالضرورة شرخاً في العائلة؛ لأن أولاده سوف يهجروننا إذا هجرناه. بماذا تنصحني؟.
الشق الثاني، أهل بيت عمي لا يقرونه على ما يفعل، ولكن لا يقدرون عليه، وأنا أعلم أن الكافر أو المرتد لا يورث، فماذا يحصل بالنسبة لهم إذا مات؟ هل يرثونه أم لا؟ وإن كان لا فماذا يحصل لأموال المرتد إذا ارتد؟ هل يأخذها الورثة فوراً؟
جزاكم الله خيراً.
الجواب
أما الشق الأول فأقول: يجب عليك السعي في إنقاذ عمك من هذه المصيبة العظيمة التي يقع فيها، وذلك باتخاذ كافة الأسباب والوسائل لإصلاحه، ومن ذلك ضبط ما يقول، وما يصدر عنه، والبحث في فتاوى العلماء وفي أدلة الشريعة عن حكم ذلك، ثم تنبيهه بطريقة ملائمة على خطر تصرفاته، وتحذيره من الخاتمة السيئة والمصير المظلم، مع ضرب الأمثلة له بمن صاروا عبرة لغيرهم، وتذكيره بنعمة الله عليه بالعافية والمال والولد، وتحذيره مكر الله وأن الله يمهل ولا يهمل، ويكون ذلك بالكتابة له حتى لا يعرف الكاتب، وحتى تكون النصيحة على بصيرة.
ومن أسباب استصلاحه مناصحة أولاده بأن عليهم لوالدهم واجب النصيحة والتحذير والحث على التوبة وحفظ اللسان، فإذا كثر الإنكار عليه تأثر، وأنت ذكرت أن أهل بيته لا يقرونه على ما يفعل، ولكن لا يقدرون عليه، فإذا كانوا لا يقرونه فواجب عليهم أن ينكروا عليه، وإذا لم يرتدع هجروه فإن ذلك يحمله على الأقل على عدم المجاهرة.(18/411)
وأما إجابة دعوته وحضور مجالسه فإذا علمت أنه يصدر فيها ما ذكرت من المنكر والزور فلا يجوز لك حضورها، وإن حضرتها فلابد أن تنكر وتبادر بالقيام عند حصولها قال الله - تعالى -: "والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً" [الفرقان:73] ، وتذكر أن من ابتغى رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس انظر ما رواه الترمذي (2414) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، لكن لا تقسو على عمك بل خاطبه باللين وبالتي هي أحسن، وإذا ثار وقسا فلا تقابل قسوته بمثلها، بل عليك بالسكوت وعدم الاسترسال والانصراف، واسلك معه هذا الأسلوب مع الدعاء له بالهداية والتوبة.
وأما الشق الثاني: فإنه إن صدر منه ما يوجب الكفر والخروج من الملة واستمر على ذلك وثبت عليه إلى أن مات ولم يتب فلا يجوز إرثه، وماله ليس بميراث لأولاده المسلمين، وإن تاب فالأصل إرثه، وهذا من الأمور التي يُحث بها أولاده على السعي في هدايته ليكون ماله إرثاً حلالاً لهم. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وجنبنا جميعاً الفتن، والله أعلم.(18/412)
صلة أقارب الزوجة
المجيب د. علي با دحدح
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 1-9-1423
السؤال
أنا رجل متزوج، وأَفهم أن لي أرحاماً تجب عليَّ صلتُهم وزيارتهم. لكن الذي أريد الاستفسار عنه هو: ما مدى وجوب صلة رحم زوجتي عليَّ أنا؟ بمعنى هل يجب علي زيارة أهلها وإخوتها وأخواتها وأعمامها وأخوالها؟ أو بصورة أخرى هل تجب علَى الأنثى صلةُ رحمها من الذكور؟ أم أنه واجب عليهم هم زيارتها مثلا؟
الجواب
الأخ الكريم..
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
أَوْلىَ الإسلامُ صلةَ الرحم أهميةً كبيرةً، لأن البعد الإنساني والعلاقات الاجتماعية ذات أثر كبير في حياة البشر، والإسلام دين شامل، عني بكل ما يحتاجه الإنسان من حوائج حياته ومعاشه، ومن متطلبات فطرته وغريزته، وقد جعل الله عز وجل لصلة الرحم أهمية كبرى، ورعاها رعاية عظمى، وكما جاء في قول الله عز وجل (وَاتَّقُوا الله َالَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحاَمْ) وهذه الآية قرن فيها الله عز وجل بين صلة الرحم والتقوى ومراعاة أمر الله سبحانه وتعالى.
ومعلوم أن من النصوص التي وردت في صلة الرحم قول الله سبحانه وتعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَاَمَكُمْ) ، وهذا على سبيل الذم، فيكون سمة الإسلام المدح في صلة الرحم لا في قطيعتها.
وكذلك نجد أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم تدل على ذلك، كما في حديثه في الحديث القدسي "إن الله عز وجل قال خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي وجعلت لها أن أصل من وصلها وأقطع من قطعها".
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم عظيم أثر صلة الرحم كما في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام قال: "من أراد أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه" وغير ذلك من الأحاديث.
والسائل يسأل عن علاقته بأهل زوجته ويوصفهم كذلك من أهل رحمه، ولا شك أن صلته وبره وإحسانه وحسن معاملته لوالد زوجته ووالدتها وذوي قرابتها في الجملة، لا شك أنه من إكرام زوجته ومن حسن عشرتها لأن ذلك يدخل السرور على قلب الزوجة.
ومن جهة أخرى إن كانوا مسلمين فينبغي صلتهم كذلك باعتبار الإسلام وباعتبار قرابة الزوجة، أما الوجوب بمعنى الفرض اللازم، فهذا ليس عليه دليل بحد وقدر معين، كأن يجب أن يزورهم في الأسبوع مرة أو نحو ذلك، فلا دليل يوجبها بالجملة، والحاجة في مثل هذه الأمور غالباً لا ينظر إليها بهذه النظرة الضيقة التي ربما تعتمد على المكافأة، أو بمعنى أن يزورهم مرة في كل كذا ليزوره في كل كذا! كلا هذه قائمة على حسن الصلة والمودة والسماحة "وما لم يدرك كله لا يترك جله"، فإن تعذرت الزيارة لأمر أو لآخر فهناك وسائل الاتصال الهاتفي أو الكتابة مما يحقق الغرض المنشود، من وجود التقدير والاحترام والعناية والاهتمام ونحو ذلك.(18/413)
أما الزوجة فالذي يجب عليها من البر بر أبويها وبر محارمها وصلة محارمها من أعمامها وأخوالها، لكن دون أن يكون ذلك مؤثراً على طاعة زوجها، ودون أن يكون ذلك مؤثراً على واجبها اتجاه أسرتها، أو معارضا لها في طاعة زوجها، والأصل العناية بالأهم فالمهم، فالوالدان هما الأهم وهو واجب عليها، وعلى زوجها واجب أن يعينها على بر والديها، لأنه إعانة على واجب شرعي.
وأما ما وراء ذلك فإن هذه الأمور بحسب العرف، فإن كان لهذه الأسر لقاء أسري جامع في المناسبات مثل الأعياد وغيرها، فحسن أن تتاح للزوجة الفرصة، للزيارة لترى جميع محارمها من الرجال وقرابتها من النساء، وتكون على صلة بهم.
أما إذا كانت زيارة الزوجة لأهلها - ضمن قياس الشرع وليس بالمقياس الشخصي للزوج كأن تترتب عليها مفاسد في دينها، حيث يكون أهلها مثلاً ليسوا حريصين على التزام الإسلام، وقد يحثونها على ارتكاب المعاصي ونحو ذلك، فهذا له أن يمنعها إذا كان هناك سبب شرعي حقيقي، وله أثر غالب في الفساد، وإن كانت صلة الرحم في الأصل ينبغي أن يحرص عليها، حتى مع وجود ذلك؛ بما يعمل على تغيير ذلك الفساد، فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بصلة الأم مع كفرها، وهذا هو الواقع في آيات القرآن الكريم كما نعلمه: (وصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْياَ مَعْرُوفاً)
والله أعلم.(18/414)
الصمت ليس من ذهب..دائما..!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 5/8/1422
السؤال
أخي الكريم مشرف نافذة الاستشارات الموقر:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
لا أصل رحمي.. لسبب تكمن صعوبته بالنسبة لي في تفاهته، وهو أني أستحي كثيراً أن أثقل على من أصلهم بصمتي وذلك كوني أجلس ساكتاً لا أجد ما أقول بعد السلام والسؤال عن الحال إلا إذا سألني فيكون ردي مختصراً بقدر السؤال.
وأن أجد من ذلك حرج شديد.. لا أدري.. قد تكون تلك مشكلة نفسية أو مشكلة متعلقة بشخصيتي؟! الله أعلم.. كل ما أعرفه أني لا أحب الكلام بقدر الاستماع.. وهذا ما يمنعني من زيارة أقربائي رغم ما أعرفه من فضل صلة الرحم المذكور في الكتاب والسنة.
برأيكم السديد.. هل أنا في مشكلة؟ وما حلها؟؟ وقبل هذا.. هل أنا آثم؟؟
الجواب
أخي الكريم أشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.. أما عن مشكلتك فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: لا شك أنك تعرف - أخي الكريم - فضل صلة الرحم وثوابها العظيم.. بل وعظم قطعها أو عدم وصلها.. وهو كلام يطول.. وشواهده من الشرع كثيرة جداً لا أظنها تخفاك.
ثانياً: الصمت غالباً ما يكون حكمة.. فلا تجزع من صمتك إلى هذه الدرجة.. التي تدفعك إلى تجنب أمر واجب كصلة الرحم..!!
ثالثاً: تستطيع أن تحقق الكثير من المشاركة مع الآخرين بدون أن تتكلم كثيراً..!! أي عن طريق الاستماع والإنصات ولا بأس من طرح بعض الأسئلة على جليسك حول طبيعة عمله - مثلاً - أو هواياته.. أو تفسيره وتحليله لبعض شئون الساعة.. أو استشارته في أمر يهمك مهما بدا لك بسيطاً.. فهدفك الحقيقي هنا إيجاد نوع من المشاركة بشكل أو بآخر.. والإنصات إليه.. ومتابعته وهو يتحدث باهتمام واضح.. مع بعض الإيحاءات الدالة على الاستفادة مما يقول.. وبعض التعليقات الإيجابية.. والاستفسارات البسيطة عما خفي عليك.. صدقني ستصبح لديهم من أخلص الجلساء..!! لماذا؟ لأن الناس غالباً يبحثون عمن يستمع إليهم أكثر بكثير مما يبحثون عمن يحدثهم..!! هذا أمر.. والأمر الآخر.. أنك بهذه الطريقة ستكسر حاجز الصمت الثقيل.. وستجد نفسك تندمج مع جليسك ببساطة متناهية!!! .
رابعاً: الزيارات - أخي الكريم - ليست مرتبطة بوقت معين لا يمكنك تجاوزه أو نقصه..!! فإذا قدر أنك قمت بزيارة ما.. وران الصمت عليك وعلى جليسك لسبب أو لآخر.. ولم تستطع إيجاد مفاتيح لطرح أي موضوع والسؤال عنه.. فلا بأس من الاستئذان والانصراف تحت أي عذر.. وتكون بذلك قد حققت المعادلة.. صلة الرحم.. وعدم استثقال الجلسة..!!
خامساً: تعامل مع هذا الأمر ببساطة.. ولا تحمله أكثر مما يحتمل.. فالناس لا ينظرون إليه بهذا المنظار الذي تنظره.. ولا يستثقلونه كما تتصور إلى هذه الدرجة..! وتأكد.. أنك لست مطالباً دائما ً بأن تتكلم مع الجميع وتثير النقاش.. فالأمر يسير جداً..!! ومع ذلك تستطيع كما أسلفت أن تدرب نفسك على إيجاد بعض المواضيع كمفاتيح للحديث.. والكلام يجر بعضه كما يقال.(18/415)
سادساً: لا أعتقد أن ما تعاني هو مشكلة.. بقدر ما هي سمة أو صفة شخصية.. وليست سيئة إلى الحد الذي يقلقك ويزعجك.. وبإمكانك أن تنمي لديك هواية الإطلاع والقراءة.. ومتابعة أحداث الساعة.. فكل ذلك يثري لديك جوانب معينة تخدمك كثيراً في إيجاد لغة مشتركة مع الآخر.
سابعاً: بقي هنا أمر هام.. وهو انك لم تشر إلى علاقاتك مع أصدقائك.. هل هي بنفس الطريقة.. وهل لديك أصدقاء..؟! فإن كانت بنفس الطريقة.. فحاول من خلالهم.. تجاوزها عن طريق مشاركتهم في نقاشهم.. مهما كانت مشاركتك رمزية.. والاستماع إليهم.. وإن لم يكن لك أصدقاء فبادر منذ الآن بإيجاد رفقة صالحة.. تعينك بعد الله.. على الخروج من دائرتك الضيقة إلى دوائر أخرى أكثر سعة.
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(18/416)
التجارة مع الأقارب!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 1-2-1423
السؤال
ما رأيكم بإقامة علاقة مادية بين الأقارب كالاشتراك في صفقة تجارية أو الدخول في شراكه في شراء عمارة ونحو ذلك؟؟؟
الجواب
أخي الكريم ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
أما عن رأيي في إقامة علاقات تجارية مع الأقارب فإني أصارحك وأقول أن الأمر يتعلق بشكل كبير فيك أنت وفي خصالك النفسية والاجتماعية، ولا أعلم شيئا عن أقاربك وعن صفاتهم ومدى التزامهم بعهودهم ومعاملاتهم مع الآخرين. ولكني سوف أركز حديثي إليك أنت ومن ثم تستطيع أن تحكم على نفسك من خلال ذلك.
وقبل الدخول في معاملات تجارية مع الناس وبالأخص مع الأقارب يجب عليك الوقوف مليا مع نفسك لأن المال وللأسف الشديد يعمل أشد فتكا في العلاقات مما تعمله أشد الأسلحة الفتاكة في قطع التواصل بين الناس بل ساهم بشكل كبير على مر التاريخ في قطيعة الأرحام بل كان سببا في قتال ومخاصمة الأب مع أبنائه والأخ مع اخوته ولعلك ربما كنت قد سمعت من القصص في هذا الشأن الشيء الكثير.
وكلامي هذا لا يعني حرمة التواصل مع الأقارب وإقامة العلاقات التجارية معهم ولكن يجب كما قلت لك اختبار نفسيتك ومدى استعدادها وتقبلها لمثل هذا الأمر، حاول مكاشفة نفسك حول عدد من الأمور من مثل ...
* هل أنت شديد التحمل والصبر والحلم أم لا؟
*هل أنت كثير الغضب وسريعه أم لا؟
* هل تغتم كثيرا وقد تخرج من طورك إذا فقدت شيئا معينا؟
* هل تصف نفسك بأنك شديد الحب للمال وللكسب حتى ولو عن طريق غير مشروع؟
* هل تغيضك مظاهر الترف والرفاهية عند الآخرين وخاصة عند الأقارب أم أنك لا تكترث كثيرا بذلك؟
* هل تحسد غيرك على ما حباهم الله من المال؟ وكن صريحا مع نفسك في إجابتك لهذا السؤال.
* هل تبذل وتنفق كثيرا في سبيل الله وفي أوجه الخير في الخفاء أم أنك تحرص على معرفة الآخرين بأعمالك الطيبة وفي نفقاتك؟
* هل تصنف نفسك بالنفس الأريحية الحالمة أم بالنفس سريعة الغضب خصوصا عند الاستثارة من قبل الآخرين والاستهزاء منهم؟
* هل تعتبر نفسك محبوبا من الآخرين؟ أم أنت من الذين يتعوذ الإنسان من لقياهم؟
* أم أنك لست من هؤلاء ولا أولئك ولكنك بينهما؟
* هل تعتقد من نفسك استعدادا قويا لتقبل الظلم الواضح والظاهر أو الجلي من أقاربك فيما لو عمدوا إلى ظلمك وأنك سوف تؤثر القرابة وصلة الرحم على قطعها بسبب تجنيهم عليك وعلى مالك؟
هذه مجموعة من الأسئلة صارح فيها نفسك ولا تغشها فلا أحد يمكنه معرفة مكنونها غيرك ومن خلال مصارحتك في إجابتك على هذه الأسئلة مع نفسك سوف تدرك جليا مدى إمكانية إقامة علاقات تجارية مع أقاربك أم لا..
وفقك الله لصلة الرحم وحب الناس وسدد خطاك،،،(18/417)
لا أشعر بالأخوة معهم
المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار
إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 15/08/1425هـ
السؤال
توفيت والدتي، وأوصتني أن أسكن مع أبي ولا أخرج، ويسكن مع أبي زوجته وأولادها الذين هم إخوتي من الأب، ولكن لم أجد طعم الحياة معهم، فأنا أجامل في ابتسامتي، ولا أحس بقربهم إلا أخت واحدة فقط، أعيش في غرفة مستقلة لوحدي، لست صغيراً ولا فقيراً، ولا قبيحاً، ولا مريضاً، ولا كئيباً، أتعامل معهم بكل أدب واحترام، ولكن لأني أخ لهم من أب، فجزائي أن يكون التعامل معي تعاملاً روتينياً بارداً، لا يوجد به طعم للإخوة، لست معبّساً للوجه، بل أفرح عندما يطلب مني أحد شيئاً؛ لأني أحس بطعم الإخوة المفقود في حياتي كلها! لا أخ شقيق، ولا أخت شقيقة، حين يطلبوني إخوتي من أبي ترتسم عندي الإخوة بكل ألوان الطيف، ولا أفكر بأن هذا الطلب كان لمصلحة! والآن قررت الخروج من البيت هذه الأيام والعودة لمنزل والدتي، منزلها رائع، كل شيء متوفر فيه، ولكني ترددت، أخشى أن أعود وأشاهد بصمات والدتي، وأماكن جلوسها ونومها وأكلها، بل أماكن طهي الطعام! وأخشى من الوحدة التي ربّما تجعلني أتجرأ على نفسي بشيء محرم! ها أنا اليوم أستشيركم، فما الحل بالله عليكم؟.
الجواب
الأخ الكريم - حفظه الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قرأت الرسالة منذ وصلتني، فتأثرت بها كثيراً، حتى دمعت عيناي تأثراً بما قرأته، تركت الرسالة عدة أيام، وكنت أفكر فيها أحياناً، ثم عدت إليها وقرأتها عدة مرات، وبدأت أبحث عن إساءات أو اعتداءات قامت بها الأسرة نحوك، فلم أجد شيئاً يذكر، وأكثر شيء وجدته هو أن تعاملهم معك روتيني لا يوجد به طعم للأخوة، ووجدت أنك تفعل معهم نفس الشيء تقريباً (لم أجد طعماً للحياة معهم، أجامل في ابتساماتي) ، لذلك أدعوك - أخي الكريم- إلى مراجعة موقفك منهم، فأنا أخشى أن تكون مبالغاً في فهم بعض الأمور بسبب حساسية الموقف بينك وبينهم.
أخي الكريم: بعض تصرفاتهم معك فسرتها أنت بتفسير خاص بك، مع أنها قد تفسر بتفسيرات أخرى، وأنا أرى أن تحاول فهم الأمور بحسن ظن، فمثلاً تقول إنك تفرح إذا طلب أحد منهم شيئاً منك، وأنا أقول: تفسير هذا أنهم لا يحبون أن يكلفوك ما لا تطيقه، وربما يخشون أن يشعروك بما يجرح مشاعرك، كأن تفهم أنهم يمارسون لغة الأمر والنهي عليك، ومثلاً: كونك تعيش في غرفة مستقلة، أقول: حاول أن تفهم هذا الأمر فهماً حسناً، اعتبره نوعاً من التكريم لك، اعتبره نوعاً من الحرص على راحتك؛ حتى لا يزعجك مشارك في الغرفة، وأنا أعلم أن كثيراً من الشباب يطالب بغرفة مستقلة حتى يعشر بالاستقلال والراحة؛ وحتى لا يعبث أحد بممتلكاته.
أخي الكريم: قد لا يكون الأمر كما فهمته أنا، وتكون الإساءة إليك موجودة حقيقة، فإذا كان الأمر كذلك فأنصحك بما يلي:
1- اكسر حاجز الجفوة بينك وبينهم، فابدأهم بالسلام وبالهدية، ولو كانت (حلاوة) (بسكويت) (عصير) ، وحاول أن تلعب معهم بعض ألعاب التسالي الشبابية.
2- عبر لهم عن حبك بكلمة منطوقة أو كلمة مكتوبة.(18/418)
3- اقرأ أو اسمع بعض الإصدارات المتعلقة بهذا الجانب (كيف تكون محبوباً) ، وهذا سينمي قدراتك، ويكسبك مهارات في هذا الجانب.
4- إذا شعرت أن أحداً منهم سلبي أكثر من الآخرين استوص به أكثر، ولا تنس قول الله - عز وجل-: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" [فصلت: 34] .
5- عامل خالتك معاملة الوالدة (السلام، المصافحة، الطاعة، عرض الخدمة، مباشرة القيام بالخدمة دون طلب منها ودون عرض منك، الثناء على أعمالها الحسنة مثل الطبخ) .
أخيراً: أسأل الله العلي العظيم أن يهدي المقصرين، وأن يرزقك السعادة مع إخوانك. ملاحظة: إياك أن تعود إلى بيت والدتك - رحمها الله-؛ لأن ذلك يعتبر مخالفة لأمرها، ولأن الوحدة أشد كآبة من الغرفة المستقلة في بيت خالتك. وأوافقك على الخوف من الوحدة.(18/419)
هل يقبل عمل المتقاطعين؟
المجيب عبد الله بن فهد السلوم
مدرس بثانوية الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 1/8/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا عندي سؤالان: الأول: هو أنني لا أتكلم مع أخي؛ فنحن متقاطعان منذ فترة ليست بالقصيرة، وأكلمه كلاماً مختصراً مثل الوالد يبغاك، الوالدة تبغاك، وهذه المقاطعة ليس فيها كره ولا غيره، حيث إن كلامي معه ليس به جدوى، والكلام كما تعلمون يجلب السيئات وغيره.
الثاني: هل يقبل عملي الصالح؟ وهل يغفر لي ربي ذنوبي يوم الاثنين؟ علماً أني خجول من الرجعة.
الجواب
إلى السائل الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تذكر أنك مع أخيك متقاطعان إلا كلاماً مختصراً، وأنك لا تكرهه، وأن الحديث معه لا يفيد؛ لأن الكلام يجلب السيئات.
أخي الفاضل قطيعتك لأخيك محرَّمة لا تجوز، وكفى إثماً أنك مقيم على معصية الله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" متفق عليه البخاري (6077، 6237) من حديث أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه، وأما قولك إن المقاطعة ليس فيها كره، فهذا غير صحيح؛ لأن القطيعة تولد الكره وتضخم المشكلة، وتجلب العداوة ويفرح بها الشيطان، والأعمال ترفع يوم الإثنين والخميس إلا ما كان بين المتشاحنين فلا يرفع لهما عمل صالح حتى يصطلحا انظر مسلم (4652) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
أخي الكريم لماذا ترضي الشيطان ونفسك، وتغضب الرحمن وتقاطع أخاك ابن أمك وأبيك؟! ولو كان أبعد الناس عنك فإنه يحرم عليك هجره، فكيف بأخيك الشقيق، تذكر أنك تخجل من الرجوع معه إلى الإلف، والحديث يقول إن المؤمن الصادق هو الذي لا يجد بنفسه أي حرج لإرضاء ربه وصلة رحمه، لو أن الناس كلهم سخروا منه أو غضبوا عليه فإنه يقدم محبوب الله ورضاه على هوى نفسه والشيطان والناس، فارجع إلى أخيك واصطلح معه وكن أنت صاحب الخيرية يقول النبي: "وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" انظر الحديث السابق، وكن المسامح الذي يعفو، والصابر والمغالب لنفسه، وجاهد هذه النفس فإنها هي سبب العلل. وفور قراءتك لهذه الرسالة صالح أخاك، واكتب لي لتبشرني بهذا، شكر الله سعيك وأصلح حالك والله يغفر لنا ولك.(18/420)
الهداية وسط بيئة فاسدة
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 23-4-1424هـ
السؤال
أريد التقرب من الله، وأن أصبح متدينة، لم أكن محجبة في سفري في الماضي حتى أصبت بمرض وشفاني الله بقدرته، بعدها تحجبت عن قناعة وراحة نفسية وشكرت رب العالمين، وأريد المزيد من الهداية، ولكن لديّ مجتمع لا يساعد (هو مجتمع مسلم يصلي ويصوم ويتصدق) ، ولكن من نواحي أخرى النميمة شائعة، تعطر المرأة بعطور فواحة، مصافحة الرجال، الغرور في كل عائلة على الأخرى (الكبر والتعالي) الخروج مع السائق من غير محرم، حفلات الزواج الضخمة المصحوبة بالطرب والموسيقى، فإما أن أجاريهم فيما يفعلون وإلا أقطع رحمي؟ أنا في حيرة من أمري، دلوني على الطريق الصواب قبل أن يأتي هادم اللذات.
الجواب
الأخت الكريمة ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم "
أحمد الله تعالى أن مَنَّ عليك بالهداية والعودة إلى رحابه الكريم، إلى السعادة الحقيقية التي لا تشترى بمال، ولا تنال بجاه. إلى الراحة التامة التي يلهث للوصول إليها هذا العالم البائس المنهك بالضلالات.
ثم أود أن أنبه إلى أمر مهم جداً، أعتبرك أنت أحد النماذج الواقعية عليه، وهو أن ما يصيب المسلم من الابتلاء في حياته خير له، فمهما بلغت شدة المصيبة ووقعها في نفسه فلله فيها رحمات ربما لا يدركها المصاب ولكن سوف يجني عاقبتها حلوة نضرة في الدنيا والآخرة إذا صبر.
فها أنت قد ابتلاك الله بالمرض وعانيت ألمه وقاسيت شدته، ولكنه كان مفتاحاً لقلبك لتدخله أنوار الإيمان والهداية، فالحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وسراً وجهراً.
أختي الكريمة:
لا شك أن البيئة التي يعيش الإنسان فيها لها أثر كبير في تثبيته وتقوية إيمانه؛ ولكن هذا لا يعني أن يلغي قدراته الذاتية على المقاومة والإصرار والتمسك بمبادئه ومسلماته!!
حفظ لنا التاريخ نماذج مشرقة للثبات على الإيمان رغم العنت والمشقة وقلة المعين منها ما قصه الله علينا في كتابه العزيز في سورة التحريم (ضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذا قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين) آية 11.
امرأة فرعون هي آسية - رضي الله عنها- عاشت في كنف ملك مصر، ولك أن تتخيلي عيشة امرأة في بيت الملك كيف ستكون؟! لا شك أنها ستكون مليئة بالمتع تطلب فيحقق وتأمر فتطاع، لكنها استعلت على هذه المتع الدنيوية، وشخصت ببصرها إلى الملكوت الحقيقي إلى الجنة، بل واعتبرت هذه المعيشة التي تتمناها أغلب النساء شراً ودفعاً وبلاء تستعيذ بالله منه، وتطلب منه النجاة!! ولم يرهبها أيضاً بطش فرعون وتسلطه وجبروته وطغيانه، ولم تستجب لضغوط بيئتها ومجتمعها، بل وقفت وحدها في هذا الزخم الضال ورفعت رأسها إلى السماء قائلة (رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة) .(18/421)
فعلاً هي نموذج عالٍ للتجرد لله تعالى والتخلص من المؤثرات والأواصر والتغلب على كل المعوقات والمغريات، ولذلك استحقت أن يخلد ذكرها في هذا الكتاب العزيز، واستحقت وصف النبي - صلى الله عليه وسلم- وثناءه عليها حين قال: "كَمَلَ من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران وآسية امرأة فرعون وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" رواه البخاري (3411) ، ومسلم (2431) فما أحوجنا إلى مثل هذا النموذج الراقي!!
إذاً أختي الكريمة ليس معنى فقد البيئة المعينة النهاية؛ بل بداية طريق مليء بالصبر والمصابرة والمقاومة وتحقيق الذات، وأنت - ولله الحمد- بالرغم من كل ما ذكرتيه من انحرافات في مجتمعك إلا أنه (مجتمع مسلم يصلي ويصوم ويتصدق) كما أشرت في معرض كلامك، وهذا جانب إيجابي يمكن أن يوفر عليك عناءً كبيراً من الاحتمال، كما يمكن أن تستغليه لإيصال الهداية إلى من حولك.
والانعزال عن هذا المجتمع هو أحد الحلول ولا شك، ولكنه يجب أن يكون آخرها، لأنك بانعزالك عنه تفوتين فرصة النصح والتوجيه لأهلك وأقاربك، فهو أسهل الحلول على الإنسان وأشدها راحة، بينما مخالطة الناس، والصبر على أذاهم، والحرص على هدايتهم؛ يكلف الإنسان الكثير من الجهد والعناء ولذلك استحق الخيرية التي قال عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) .
ولذلك - أختي- الذي أتمناه منك أن تتحولي من السلبية إلى الإيجابية، ومن التأثر إلى التأثير.
قلت: "إما أن أجاريهم فيما يفعلون وإلا أقطع رحمي" وأنا أقول لك هناك خيار ثالث!! أن تخالطيهم وتتوجهي إليهم بالنصح والموعظة الحسنة بالرفق واللين، وأن تهدي إليهم بعض الكتب والأشرطة، وأن تبني معهم علاقات مودة تفتح قلوبهم لك ولنصحك، وصدقيني مهما قلت عن المنكرات التي يمارسونها فسوف تجدين لكلماتك وقعاً ولنصحك تأثيراً ولغرسك أرضاً خصبة، ولكن كلامي هذا لا يعني أن تريهم على منكر وتجالسيهم!! لا بل تناصحيهم فإن لم يستجيبوا فاتركي ذلك المجلس الذي يعمل فيه المنكر مع إبقاء صلتك بهم طيبة. ربما تقومين بذلك كله وتصبرين ولكن لا تجدين استجابة بل تجدين إصرار على المعصية!! ربما!! فهنا قد تفكرين في قطع المجالس التي تتوقعين أن يكون فيها المنكر وهجر من يفعله ولكنه كما قلت آخر الحلول.
أرأيت أنك تستطيعين أن تكوني إيجابية مؤثرة مع احتفاظك بمبادئك!!.
بقي أن أوجه لك هذه النصائح:
01- اعلمي أن الإيمان شجرة إذا لم تجد ما يغذيها في القلب ذبلت وهزلت حتى تموت والعياذ بالله، وتغذيتها بقراءة القرآن وحفظه وتدبر آياته والعمل بها، حضور مجالس الذكر، طلب العلم وتعلم الأمور التي لا يستغني عنها مسلم في عبادته لربه.
02- الصحبة الصالحة عنصر منهم جداً فابحثي عن أخوات صالحات في حيك أو في مدرستك أو جامعتك في أي مكان وتواصي معهم بالحق والصبر.
03- لا تنظري إلى من حولك بعين المقت والاحتقار لأنهم عصاة بل بعين الشفقة والرحمة أن تمسهم النار.
04- كرري هذا الدعاء في سجودك وفي كل وقت (يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على طاعتك)
أسأل الله أن يثبت قلبك ويعمره بالإيمان ويرد أهلك إليك رداً جميلاً.(18/422)
يسخر مني لأني ملتزم
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 13/10/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد منَّ الله علي بالالتزام والتوبة من المعاصي منذ خمس سنوات، ومازلت ولله الحمد والمنَّة، وحيث إني أطلقت اللحية وقصرت ثيابي واجهت صعوبة في البداية كعدم رضا الكثيرين من الأهل والزملاء سواء بالتلميح، أو الكلام، وبالاستهزاء أحيانا، وبالرغم من ذلك فقد أعانني الله على التحمُّل والدفاع عن الالتزام والسنة، إلا أنه وحتى اللحظة الحالية هناك شخص هو أخ الزوجة من الأب وهو يكبرني في السن بحوالي ثماني سنوات كلما رآني استغبلني بالسلام، وقول: أهلاً بالشيخ، أهلا مولانا (أسلوب سخرية) ، وقد تكرر منه ذلك مرات عديدة، وكنت أرد عليه في كل مرة بابتسامة: أنا لست بمولاك وفي المرة الأخيرة لم أتحمل هذه السخرية، وخصوصاً أنها كانت في المجلس وبحضور والد الزوجة وإخوانها وزوج أخت الزوجة، حيث دخلت المجلس بعد عودتي من صلاة المغرب في شهر رمضان، وتوجهت إليه للسلام فكان الاستقبال من هذا الشخص بالأسلوب المعتاد (أهلاً بالشيخ، أهلا مولانا) ، فردت عليه: إذا لم يعجبك أضرب رأسك بالجدار، ثم مسكت لحيتي، وقلت له: إذا لم تعجبك هذه فهي سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقلت له: لو كنت أنا من الفسقة أو أهل الفن لما سخرت مني، ثم خرجت من المجلس، ولقد اتصل بي والد الزوجة بعد صلاة التراويح؛ ليعتذر وأنه غير راضٍ عن تصرفات ابنه وأسلوبه، وبالرغم من ذلك فقد دعيت له بالغيب بالهداية، وأن ينتبه من الغفلة، فضيلة الشيخ: هل تصرفي هذا مناسب؟ وخصوصاً مع هذا الشخص الذي لم يسلم منه الكثير من الناس حسب قول والده وزوجتي. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي امتن علينا بالهداية والإيمان، وعلمنا الحكمة والقرآن، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، إن ربي لغفور رحيم، والصلاة والسلام على إمام المتقين وقدوة الناس أجمعين، نبينا محمد الهادي البشير - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين - وبعد:
إلى الأخ السائل: - سلمه الله تعالى- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، فمرحباً بك أخاً في الله على طريق الحق والدعوة إلى الله، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع.
أخي الكريم: لقد قرأت رسالتك، ويعلم الله أنه قد سرني جداً توبتك إلى الله، والتزامك بشرع الله، وتمسكك بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نسأل الله لنا ولك الثبات في الدنيا والآخرة.
أما كونك لاقيت مضايقات من بعض الأقارب والأصدقاء إما بالتلميح أو التصريح، فهذا أمر طبيعي لمن سلك هذا الطريق القويم، طريق الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.(18/423)
فابشر بخير؛ فأنت تسير في نفس الطريق الذي سار فيه هذا الجمع المبارك سالف الذكر، ومن الطبيعي جداً أن تجد من المضايقات والمحاربة والاستهزاء، لأنك سلكت طريق الرحمن وتركت طريق الشيطان، سلكت درب الهداية وتركت سبيل الضلال والغواية، فمن سار في هذا الطريق لا بد وأن يناله الأذى والاضطهاد، وليكن لك في رسل الله، صلوات ربي وتسليماته عليهم جميعاً القدوة الحسنة والأسوة الطيبة، فما من نبي ولا رسول إلا وقد آذاه قومه بأنواع شتى من الإيذاء وصنوف متفرقة من العذاب، ولعلك إذا قرأت سيرة سيد البشر - صلى الله عليه وسلم- تجد مصداق ما أقول، وليس الأنبياء فحسب هم الذين يُعذبون ويُضطهدون بل وأتباعهم كذلك، فهذا بلال بن رباح، وعمار بن ياسر، وأبوه، وأمه سمية، وابن مسعود، وصهيب الرومي، وخباب بن الأرت، وعثمان بن عفان وهشام بن الحكم، وعياش بن ربيعة، وأبو بكر الصديق، وغيرهم الكثير من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ماذا فعل بهم قومهم لما آمنوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم- أذاقوهم أشد العذاب، وصبوا عليهم من ألوان التعذيب وصنوف الهوان ما لا يعلمه إلا الله - سبحانه وتعالى - وبعد ذلك لمن كانت العاقبة؟ كانت العاقبة لأولئك المستضعفين، أصبحوا هم سادة الدنيا وعلماءها ودعاتها مع علو منزلتهم في الدار الآخرة.
فيا أخي الكريم: هوِّن على نفسك، فإنَّ ما يفعله صهرك معك لا يعد شيئاً بالنسبة لغيرك، فهناك من يسامون سوء العذاب لماذا؟ لأنهم قالوا ربنا الله "وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد" [البروج: 8] .
أخي: أود أن تقرأ معي قوله - تعالى -: "إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين" [المطففين: 29-31] إلى نهاية السورة، فأنت يا أخي الكريم، يا من استُهزئ بك، لأنك على الحق المبين شهد الله لك بالإيمان وكفى بها شهادة، وشهد على من يستهزئ بك بالإجرام وبئست الشهادة، فلا تغضب ولا تحزن؛ إن الله معك ومؤيدك بنصره، ويريد أن يرفع منزلتك، ويعلي قدرك، وأن تنال شرف الإيذاء في سبيل الله، فكن صابراً متصبراً؛ فإن العاقبة للمتقين، وأود منك أنْ توطن نفسك على ذلك، وإن كان هذا الشخص السفيه يسخر منك فالله يسخر منه ويستهزئ به، قال - تعالى -: "وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون. الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون" [البقرة: 14-15]
أضف إلى ذلك كم إنسان يحبك، ويحترمك، ويقدمك على غيرك! أظن أن هناك كثيراً ممن يكنون لك الحب والاحترام والتقدير، وهذا الشخص نفسه الذي يستهزئ بك هو في داخله يعلم أنك أفضل منه، وهو يريد أن يكون مثلك، لكن الشيطان مسيطر عليه ومزين له الباطل فأضله عن السبيل القويم الطريق المستقيم، نسأل الله لنا العافية وله الهداية.
وأريد منك أيضاً أن تكون من عباد الرحمن "الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً" [الفرقان: 63] .(18/424)
فيا أخي الكريم: إن مثل هذا الشخص مسكين؛ لأن الشيطان قد استخف به واستهواه، فارفق به، وألن له القول، وتلطف معه، فقد أمر ربنا موسى وهارون - عليهما السلام - أن يتلطفا مع فرعون الطاغية في القول؛ لعله يفيء إلى أمر الله، ويرجع عن غيه وكفره، قال - تعالى -: "اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا ليناً لعله يتذكر أو يخشى" [طه: 43-44] ، ولكن لا يعني ذلك أنك تعرض نفسك للإهانة والذل من قبل هؤلاء السفهاء أمثال صهرك، ففي بعض الأحيان يستلزم الأمر الشدة مع مثل هؤلاء الجهلة، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما ذكرت كتب السير أنه -صلى الله عليه وسلم - كان يطوف بالكعبة، وكان الملأ من قريش جلوساً عند الكعبة، فما أن رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يطوف، إلا وأخذوا في غمزه ولمزه والسفه عليه بأسوأ العبارات، وأقبح الألفاظ، فما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلا أن وقف عليهم وقال لهم بكل قوة وشجاعة وإقدام: "يا معشر قريش، لقد جئتكم بالذبح" فوقعت هذه الكلمات على صناديد الكفر والإلحاد والصد عن سبيل الله كوقع الصاعقة على عاد وثمود، فما كان من أهل الكفر إلا أن تلطفوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حتى يقول راوي الحديث: فقام إليه عتبة بن ربيعة وكان أشدهم قولاً عليه: قام يتلطفه ويستميحه ويلين له القول ويقول له: انصرف راشداً يا أبا القاسم، والله ما عهدناك جهولا" الشاهد أن الشدة مطلوبة في بعض الأحيان مع مثل هؤلاء الجهلة، وعلى ذلك فإن تصرفك مع هذا الرجل تصرف سليم وسديد بإذن الله - تعالى - ولكن يجب عليك تجاهه أيضاً الآتي:
(1) دعوته بالتي هي أحسن إذا سمحت الفرصة بذلك.
(2) إهداؤه بعض الهدايا والتي بدورها تذهب ما في النفوس من شحناء وضغينة.
(3) لا يمنع بأن تدعوه إلى بيتك لوليمة، وأشعره بأن هذه الوليمة من أجله.
(4) إهداؤه بعض الكتب الإسلامية والأشرطة الدعوية النافعة والتي تعالج هذا الموضوع الذي هو واقع فيه، وأيضاً الأشياء التي ترقق القلب وتقوي الإيمان، والتي تتحدث عن الموت وشدته والقبر وظلمته، والقيامة وأهوالها، والصراط وحدته، والجنة ونعيمها، والنار وجحيمها.
(5) استمر في الدعاء له بظهر الغيب أن يهديه الله، وأبشر بالخير فهو - سبحانه - القائل: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي ... " [البقرة: 186] .
(6) إذا أمكن أن تصحبه ذات مرة إلى بعض المحاضرات الدينية والتي تقام عندكم لعل الله أن يجعل ذلك سبباً في هدايته، هذا والله أعلم.
والله أسأل أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يهدي ضال المسلمين، إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/425)
إقامة البدعة أم قطيعة الرحم؟
المجيب د. عبد الله بركات
وكيل كلية الدعوة بجامعة الأزهر.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 08/07/1425هـ
السؤال
لدينا في مجتمعنا عادة إقامة وليمة كل سنة القصد منها الترحم على الميت بجمع القراء لقراءة القرآن وإطعامهم الطعام، وأنا مقتنع بأنها بدعة ولكني أخشى إن رفضت إقامتها في منزلي أن أقطع صلتي ببعض أقاربي؛ لأنه رغم محاولاتي معهم لم يستسيغوا بدعية هذا العمل، فأيهما أختار قطع الرحم أم إقامة هذه البدعة؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أخي الكريم: زادك الله حرصًا على إقامة السنة، والنفور من البدعة، كما يحمد لك حرصك على صلة أرحامك وبرك بأقاربك أحياء وأمواتًا؛ لكن -أخي الحبيب - عليك -فيما يخص سؤالك- أن تجرد نيتك، وتصحح مقصدك وأن تجعله اجتماعًا على الطعام، فهو - إن صحت النية - باب من أبواب الخير الذي حث عليه الكتاب والسنة؛ فضلاً عن أن أضيافك هم أرحامك وأقاربك مَن أوصى الله -تعالى- بهم في قوله تعالى: "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ... " [النساء: من الآية: 1] ، كما أنصحك أن تجعل اجتماعهم على القرآن نوعًا من الاجتماع على الخير، وبابًا من أبواب التعاون على البر والتقوى، ودعوة طيبة للاستماع بتدبر لآي الذكر الحكيم، كل ذلك بشرط ألا تعتقد مشروعية أو سنية أو وجوب هذا العمل على الأحياء بالنسبة لموتاهم. ولتجعل ذلك فرصة لمحاورتهم بالتي هي أحسن في بيان يدعيه هذا الأمر، وأن الفوز والفلاح فيما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، ولا تمل من ذلك، بل قد تبحث عن بعض العلماء الذين يأخذون برأيك في هذه المسألة، ولهم قبول عند قومك، فيحضرون معكم تلك الجلسة وتطرح أنت المسألة في شكل سؤال ويجيبون هم، فيبينون الصواب في المسألة بالحكمة والموعظة الحسنة.(18/426)
ذلك الحاجز الوهمي..!!!
المجيب د. عبد العزيز الصمعاني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 29-3-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
سؤال ارقني وأتمنى عرضه على الأخصائي.. أنا شاب في مقتبل العمر أصغر أخوتي وعندي مشكلة هي أن أخي الذي يكبرني ببضع سنوات كافح وكون نفسه مادياً والمشكلة يا أخي أنه لم يقصر على بعد أن أنعم الله عليه ولكن أجده بعيدا عني..!! أي ليس مثل أصحابي بالنسبة لتعاملي معه وأيضا ليس كباقي إخوتي الذين أكبر منه وأنا دائما أتساءل: لماذا هذا؟!
هو يحبني وأنا أيضا ولكن ليس هناك ذاك المزاح الذي يحدث بين الإخوة كما نرى وأنا دائماً أحاول التقرب بالكلام اللطيف ولكن لا أقدر وحتى هو كلمني قال إني أريد أن أكون لطيفا معك وتكون أنت أيضا وأن لا يكون بيننا ذلك الحاجز..!! ولكن أنا وهو كأننا من طينة واحدة أنا عن نفسي أهابه لأنه كان في طفولتي شديد ومتزمت وأيضا دائما يطالبني بالاعتماد على النفس وأنا صغير لأنه كان عليه عبء ويريدني أن أكبر بسرعة وأيضا كان متدينا وله مواقف معي بأن كان كالمخبر علي في المنزل أي خطأ كان يخبر به رئيس المكتبة وكنت من الناس الذين يستحون ولا أريد أحد يتدخل في أموري وحتى لو كان الدافع مصلحتي فمن الخطأ أن يخبر أحدا كرئيس المكتبة نضرته عني جيدة بل يكتفي بنصحي، وهناك تراكم من المواقف في الطفولة أتوقع أنها تحول بيني وبينه والحقيقة هو الآن ليس كالسابق بل أن شخصيته الدينية قلت بكثير.
والله العظيم الذي لا إله إلا هو أنه لم يقصر علي بالنسبة لما أطلبه منه وهو دائما يطلب مني أشياء وأنا لم أقصر ولكن المشكلة هي أن علاقتنا ليست علاقة ضحكات وسوا ليف طويلة وإنما علاقتنا جادة أنا أسعى لبر والدي وهو أيضا، وكلنا متعاونين بهذا الخصوص وأيضا، هو من النوع الحساس والذي يقول كلاما قاسيا ولا يجامل في كلامه وأنا أيضا عندي نقطة الحساسية، وما أريده أن تنصحني بفك عقده أنه إذا جلسنا يكون الكلام سؤال وجواب وإذا كان هناك مشكلة أو أي مناسبة يكون الكلام عنها فقط وأنا ولله الحمد من الذين يؤمنون أنه لا يخلو إنسان من مشكلة نفسية وأيضا لست من الذين يدعون أنهم أعقل الناس وإنما إذا حصل لي أي مشكلة أرجع للكتب وأقرأ وأتثقف لأعالج نفسي ... أعلم أن الكلام متداخل بعضه ببعض ويحتاج إلى قاموس لفك طلاسمه..!! أتمنى أن أكون صديقاً لكم ... وعلى فكرة ما اعنيه بقولي أن أخي كان تدينه أقل ليس هذا سبب اعتدال علاقته معي.. وإنما لوصف الواقع وشكرا.
الجواب
أهلا بك صديقا وأخا لنا وسؤالك واضح لا لبس فيه ومن سؤالك يتضح أنه ليس عندك مشكلة وإذا كان ثم مشكلة فهي عند أخيك ولكن أحتاج أن أعلق على بعض النقاط من سؤالك.(18/427)
أحيانا العلاقة بين الزملاء تختلف عنها بين الإخوة فمثلا ما تشارك فيه زميلك من أسرار أو هموم قد لا تجد لها مجالا مع أخيك ولذلك هناك عاملان أساسيان خلقا مثل هذا الشعور عندك وهو وجود مشكلة بينك وبين أخيك وهذا غير صحيح. العامل الأول تركيب الشخصية والمفاهيم والاهتمامات عند أخيك تختلف عنك وبالطبع عن زملائك. الثاني فارق السن بينك وبينه وأنك الأصغر. فهذه الفوارق كفيلة بخلق حاجز أو غموض بينك وبينه وزادت هذا الفوارق بصفة الحساسية عندك كما وصفت نفسك. فمن سؤالك يبدو أن أخاك جاد في شخصيته محافظ على وقته ويحاول أن يعتمد على نفسه ونجح. أما كلمة متزمت لا أعرف ماذا تقصد بها وهل معناها مثلا انه شديد ودقيق في تعامله فهذا يؤكد سبب الفجوة بينك وبينه ولست أوافق بأن الجدية في الشخص أو فارق السن ينبغي أن تكون سببا في بعد الأخ عن أخيه فإذا كان الأب متوقع منه أن يصادق ابنه الراشد فمن باب أولى أن يفعل الأخ الأكبر الذي هو مهتم في تربية أخيه الأصغر، ولكن مفاهيم واهتمامات الشخص هي التي تحدد الطريق له لتحقيقها. وليس معنى هذا أنها تحدد حبه وكرهه للأشخاص وخاصة الأقرباء منهم ويؤكد هذا أخوك الذي تشتكي من موقفه نحوك وفي نفس الوقت تؤكد لنا أنه لم يقصر عليك وأنه في تصرفاته معك، والتي لم تعجبك، أنه يبحث عن مصلحتك.
والناس يختلفون في تعبيرهم في حبهم وكرههم للآخرين. فأنت مثلا ربطت حب أخيك لك أو عمق العلاقة معه في ابتساماته وانفتاحه بالكلام معك فقط ولكن قد يكون مفهوم أخيك يختلف في طريقة إظهار حبه وهي البحث عن مصلحتك وأن تعتمد على نفسك كما فعل هو ونجح.
وملخص ما أقول هو أن الأسلوب أو طريقة التعامل ليست دائما تعكس عمق العلاقة بين شخصين.
صحيح أن الغاية لا تبرر الوسيلة ولكن أحيانا حسن التعامل مع الآخرين مواهب وما كل يجيدها.
وفقك الله لما فيه الخير(18/428)
الحياء يمنعنا من قسمة التركة!
المجيب د. أميرة علي الصاعدي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 15/06/1426هـ
السؤال
توفي والدي -رحمه الله- وترك لنا إرثاً، وبيني وبين إخوتي وأخواتي من الحب والتقدير الشيء الكثير -والحمد لله- والمشكلة أننا نستحي من بعض حيال تقسيم التركة، ولا نرغب في تقسيمها حفاظاً على بقاء الألفة بيننا، إضافة إلى أن شقيقاتنا رفضن أخذ نصيبهن من التركة؛ بحجة أنهن لا يرغبن أن يعيرهنّ أحد أنهن اقتسمن مع إخوتهن، أرجو التوجيه، والله يحفظكم.
الجواب
أولاً: أسأل الله -تعالى- أن يديم بينكم المحبة والاجتماع.
وثانياً: تأخير تقسيم التركة بينكم هو الذي قد يسبِّب الخلاف بينكم، لذلك أرى المبادرة إلى تقسيم الإرث، ويمكن أن توكِّلوا شخصاً تثقون به ليقوم بتقسيم الإرث بينكم.
أما رفض شقيقاتكم أخذ نصيبهن حتى لا يعيرن فهذا خطأ؛ لأن هذا الأمر ليس فيه عيب - بحمد الله- بل هو حق قسمه الله لها وهو أعدل العادلين، وما زال المسلمون يقتسمون الإرث للذكر نصيبه وللأنثى نصيبها حسب شرع الله تعالى، ولم ير أحد أن أخذ الأنثى نصيبها فيه عيب أو خطأ، وإذا كان من العادة عندكم أن تُعيَّر المرأة بأخذها الإرث مع إخوتها فيجب عليكم المبادرة إلى تقسيم الإرث، وإعطاء الأخوات حقهن؛ لإبطال هذه العادة الجاهلية.(18/429)
خالاتي يسئن إليَّ وإلى زوجي
المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس
مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 3/1/1425هـ
السؤال
أنا متزوجة من ابن خالي، عندما حدثت الخطبة حصلت مشاكل بيننا وبين خالاتي، فهن خمس خالات، حاولنا اجتناب المشاكل معهن، ولكن بلا فائدة، فهن دائما يتحدثن عني، ويقلن كلاماً سيئاً، لا يسيء إلى خلقي، ولكن يسيء إلى زوجي، فمثلا أن زوجي لم يكن لديه شقة عندما خطبني -والحمد لله- بعد الخطوبة وفقنا الله، وهكذا، يعيبوننا من ورائنا،، لا ندرى ماذا نفعل؟ غير أننا اجتنبناهن فلا نزورهنّ، ولا يزرننا، حتى تزوجت أنا وزوجي، فتوقف الكلام، وذهبت أمي إليهن، وصالحتهن جميعا، ً ولكنهن لم يأتين أيضاً، فهل علي أنا الأخرى أن أذهب إليهن علماً بأنني أحلم بهن، وأنا مشتاقة إليهن، ولكن أخشى بعد الرجوع إليهن حدوث مشاكل بيني وبين زوجي، فهن أبكوني سنتين كاملتين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
الأخت السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أذكرك - أختي الكريمة - ببعض الجوانب الهامة لمثل هذه القضية، أسأل الله - عز وجل- أن يفرج عنا وعنك، فأقول:
1- إياك أن تتداخل الأمور لديك، فحياتك مع الزوج شيء، كما أن البيئة المحيطة بكما شيء آخر، ومن الخطأ الجسيم أن نخلط بين الأمرين، أو أن نترك أحدهما يؤثر على الآخر، لذا فأوصيك ألا تدعي مجالاً لسوء خلق خالاتك أن تؤثر على علاقتك بزوجك، وألا تضعي عليه اللوم في شيء هو لا يملكه أصلاً.
2- على المرء أن يتقي الله قدر ما يستيطع، هذا في حق الله، فكيف في حق الناس، قال -تعالى-: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] ، فإذا كنت تتعرضين للأذى منهن، فعليك أن تقومي بزيارتهن، وصلتهن، قدرما تستطيعين، فإذا كنت لا تقدرين على زيارتهن إلا ثلاث أو أربع مرات شهرياً فلا تكلفي نفسك أكثر من ذلك.
3- سأل أحد الصحابة - رضوان الله عليهم- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أن له قرابة يصلهم، ويقطعونه، فقال له الرسول - عليه الصلاة والسلام-: "لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المَلُّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمت على ذلك" رواه مسلم (2558) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- والمَلُّ هو: يعني الرمل الحار.
وهذه الحالة هي أكمل الحالات، وأعظمها أجراً، وهي التي يتضح فيها الإخلاص لله -تعالى- لا رياءً ولا سمعة؛ لأنه يقوم بصلة الرحم، قربة لله، صبراً على أذى أرحامه.
4- عليك أن تسألي الله الصبر والإعانة، وأن تصبري على ذلك، قال - سبحانه-: "إن الله مع الصابرين" [البقرة: 153] ، وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "ما وجدنا طيب عيشنا إلا بالصبر"، فالصبر يحصل الخير العظيم، والمعية الربانية، ثم الظفر والفوز، في الدنيا والآخرة، وضد الصبر التذمر، والتسخط، والاستعجال، وهذا لا يغير من الأمر شيئاً، بل ربما زاد الطين بلَّة.(18/430)
5- عليك بالدعاء في مواطن الإجابة كالسجود، وبين الأذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل، فالدعاء هو عدة الصابرين، وذخيرة الشاكرين، وأكثري من قول الله - عز وجل-: "ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً" [الفرقان:74] ، فهذا هو والله مفتاح الفرج، وهو المنحة الربانية من رب البرية، أن هدى عباده للتضرع إليه، والتوسل إلى جنابه.
6- راجعي نفسك - يا أختي- إن كنت فرطت في شيء من الواجبات، أو سقطت في بعض المحرمات، فالمعاصي ومخالفة أمر الله هي رأس كل شر وبلية، ولها أثر كبير في حصول الوحشة والنفرة بين الناس بعضهم بعض، وما يدريك لعل الله ابتلاك بذلك حتى ترجعي إليه وتتوبي إليه، قال -تعالى-: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم" [البقرة: 216] .
وقال الشاعر:
وربما صحت الأجساد بالعلل.
ففتشي في نفسك، واستعيني بربك. والله-تعالى- أعلم.(18/431)
أقاربي سحرة فهل أصِلُهم
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 21/03/1426هـ
السؤال
ما حكم صلة رحم من يقوم بعمل سحر لأقاربه؟ وهذا السحر يكون في كنيسة، فهل إذا قاطعنا هذا الخال أو الخالة يكون ذلك قطيعة للرحم؟.
الجواب
الأخت الكريمة: شكراً على سؤالك، وحرصك على تعلُّم أمور دينك.
أما الجواب على سؤالك، فنقول بارك الله فيك: لقد عظَّم الله شأن الرحم في كتابه، فقال سبحانه: "وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً" [سورة النساء:1] ، وقال جل وعز: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" [النحل:90] .
وحذّر سبحانه من قطيعة الرحم، وتوعَّد القاطع باللعن والصمم والعمى، فقال سبحانه: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [سورة محمد 22-23] .
ورغّب نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في صلة الرحم، ووعد على ذلك من الله بثواب عظيم وعطاء جزيل في الدنيا والآخرة، ومما جاء عنه في ذلك: ما ثبت في الصحيحين البخاري (5986) ، ومسلم (2555) من حديث عائشة -رضي الله عنها- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الرحم معلقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله".
وجاء في الصحيحين البخاري (2067) ، ومسلم (2557) كذلك من حديث أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه"، وجاء في الصحيحين البخاري (6138) ، ومسلم (47) . من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه"، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل بمجموعها على عظم الرحم، ووجوب الصلة لها، وفي المقابل خطورة القطيعة وعظيم الإثم فيها، ويكفي من ذلك أن القاطع محروم من دخول الجنة، ففي الصحيحين البخاري (5984) ، ومسلم (2556) من حديث جبير بن مطعم -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يدخل الجنة قاطع"، قال سفيان: يعني قاطع رحم.(18/432)
ولا يجوز شرعاً أن يكون وقوع القريب في ذنب مبرراً لقطيعته، بل الواجب استمرار وصله، وتقديم النصح له، وبذل المستطاع في هدايته إلى الحق، وعدوله عن الباطل، ولنا فيما جاء عن رسولنا -صلى الله عليه وسلم- سلوى تصبر المؤمن على الصلة، ولو تأذى بصلته، ففي صحيح مسلم (2558) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً قال:"يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال:"لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل (وهو الرماد الحار) ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك"، فلم يجز له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقطعهم مع ما يجد من أذاهم له، فكيف والأذى الصادر منهم على أنفسهم أو على غيرنا، فهذا من باب أولى أن يحتم علينا الصلة مع نصحهم وتذكيرهم بخطورة هذا الذنب، وبخاصة السحر، وقد رأينا أن من قطع رحمه لبعدهم عن الحق ما ازدادوا بقطيعته لهم من الله إلا بعداً واستمراراً في الباطل والغي.
فالواجب عليك -يا أختي- الاستمرار في وصلهم، مع تقديم المناصحة بجميع أشكالها وألوانها التي تجعلهم يتركون ذلك الذنب العظيم، مع الدعاء لهم في ظهر الغيب بالصلاح والاستقامة، واعلمي أن عدم صلتك لخالك أو خالتك بسبب ذلك الذنب هو من القطيعة الواجب تركها.
والله نرجو لكم التوفيق والسداد، والله أعلم.(18/433)
هل تصل أقاربها وقد قذفوها؟
المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 23/12/1425هـ
السؤال
بسم الله
أستاذي الفاضل: أنا أعلم أن من وصل رحمه وصله الرحمن، ولكن إذا كان لدي أقارب قذفوني في عرضي، وأقسم لك أنني إذا وجدتهم أبدأ عليهم بالسلام؛ خشية من الله فقط، ولكن لا أعتقد أنني في يوم سوف أدخل بيتهم، ولذلك أخاف من غضب الله وألا يستجيب دعائي في الدنيا، وألا يدخلني الجنة، فهل يكفي أنني عندما أتصادف معهم أحييهم أم ماذا أفعل؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً: من صفات المسلم "العفو عند المقدرة"، فإذا قدرت على العفو عنهم مع ما حصل منهم، فهذا أفضل عند الله؛ لقوله تعالى في صفات المؤمنين: "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس" [آل عمران:134] ، ومعلوم قصة الرجل الذي أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم- أنه من أهل الجنة فبات عنده أحد الصحابة - رضي الله عنهم- ولم ير منه كثير صلاة وقيام، فسأله في الليلة الثالثة فأخبره أنه إذا أراد أن ينام عفا عن كل مظلمة لإنسان له، وهذا هو السبب في دخوله الجنة انظر مسند أحمد (12697) ، وسنن النسائي الكبرى (10699) .
ثانياً: إذا سلمتِ على هؤلاء إذا لقيتهم فهذا هو الذي يقطع الهجران، لقوله صلى الله عليه وسلم: " لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ " أخرجه البخاري (6077) ، ومسلم (2560) ، فإذا لقيتهم فابدئي بالسلام؛ حتى لا تعتبري هاجرة لهم.
ثالثاً: عليكِ اللجوء إلى الله بالدعاء أن يزيل ما في قلبك عليهم؛ حتى تستطيعي أن تصليهم، ويكون في ذلك ذخر لك عند الله.
أسأل الله لي ولكِ التوفيق في الدارين.(18/434)
صلة الرحم مع الساحر
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/العلاقات مع الأقارب
التاريخ 28-4-1424iهـ
السؤال
ما حكم صلة رحم من يقوم بعمل سحر لأقاربه؟ وهذا السحر يكون في كنيسة، فهل إذا قاطعنا هذا الخال أو الخالة يكون فيه قطيعة للرحم؟.
وجزاكم الله خيراً
الجواب
الأخت الكريمة:
شكرا على سؤالك وحرصك على تعلم أمور دينك.(18/435)
أما الجواب على سؤالك فنقول بارك الله فيك: لقد عظم الله شأن الرحم في كتابه فقال سبحانه: "وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً" [سورة النساء:1] ، وقال جل وعز: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" [سورة النحل:90] ، وحذّر سبحانه من قطيعة الرحم، وتوعد القاطع باللعن والصمم والعمى، فقال سبحانه: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [سورة محمد 22-23] ، ورغب نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في صلة الرحم، ووعد على ذلك من الله بثواب عظيم وعطاء جزيل في الدنيا والآخرة، ومما جاء عنه في ذلك: ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله عنها- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله". وجاء في الصحيحين كذلك من حديث أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه"، وجاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه"، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل بمجموعها على عظم الرحم، ووجوب الصلة لها، وفي المقابل خطورة القطيعة وعظيم الإثم فيها، ويكفي من ذلك أن القاطع محروم من دخول الجنة، ففي الصحيحين من حديث جبير بن مطعم -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يدخل الجنة قاطع"، قال سفيان: يعني قاطع رحم. ولا يجوز شرعا أن يكون وقوع القريب في ذنب مبرراً لقطيعته، بل الواجب استمرار وصله، وتقديم النصح له، وبذل المستطاع في هدايته إلى الحق، وعدوله عن الباطل، ولنا فيما جاء عن رسولنا -صلى الله عليه وسلم- سلوى تصبر المؤمن على الصلة، ولو تأذى بصلته، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال:"يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال:"لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل (وهو الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك"، فلم يجز له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقطعهم مع ما يجد من آذاهم له، فكيف والأذى الصادر منهم على أنفسهم أو على غيرنا، فهذا من باب أولى أن يحتم علينا الصلة مع نصحهم وتذكيرهم بخطورة هذا الذنب، وبخاصة السحر، وقد رأينا أن من قطع رحمه لبعدهم عن الحق ما ازدادوا بقطيعته لهم من الله إلا بعداً واستمراراً في الباطل والغي. فالواجب عليك يا أختي الاستمرار في وصلهم مع تقديم المناصحة بجميع أشكالها وألوانها التي تجعلهم يتركون ذلك الذنب العظيم، مع الدعاء لهم في ظهر الغيب بالصلاح والاستقامة، واعلمي أن عدم صلتك لخالك أو خالتك بسبب ذلك الذنب هو من القطيعة الواجب تركها، والله نرجو لكم التوفيق والسداد والله أعلم.(18/436)
زوجة أبي تقسو علي
المجيب فوزية بنت إبراهيم الغربي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 18/03/1427هـ
السؤال
أعيش مع خالتي التي هي زوجة أبي. وذلك لانفصال والدي عن والدتي، وهي متكفلة بي، ولكني أحياناً أشعر بالألم لمعاملتها القاسية لي، وشكها الزائد عن الحد، ولكني أحبها في الله، فهل يجب عليّ أن أقوم بوأجبي نحوها كواجبي نحو أمي؟ وبارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد:
فأقول لكِ إن نبيك الكريم محمداً -صلى الله عليه وسلم- قد ذكر لنا أن حسن الخلق مع الأبعدين عند الله تعالى بمكان. وقد أوصى أن نتعامل مع الناس بالحسنى، وأن ندفع بالتي هي أحسن، فإذا كانت هذه وصيته مع الأبعدين، فما بالك -أخية- بحق الأقربين من الناس، وذوي الفضل وأصحاب الحق، مثل الوالدين والخالات والأخوال والأعمام والعمات والإخوان والأخوات وغيرهم.
فإن معاملتهم بالحسنى أحرى، والصبر على أذاهم من محاسن الأخلاق.
واعلمي أن لخالتك فضلاً عظيماً عليك مهما صدر منها من قسوة وشك. ركزي النظر على ما فيها من خير، وما قدمته لك من فضل وجميل، واصرفي نظرك عن سلبياتها. فما من أحدٍ يبلغ الكمال من الخلق إلا الأنبياء الذين عصمهم ربهم تعالى.
لذا عليك أن تعامليها بالحسنى، وأن تتحملي ما يصدر منها، وعليك بالكلمة الطيبة والابتسامة والهدية وتقبيل الرأس وطلب المشورة منها، وأشعريها دوماً أنك تحبينها جداً، وأنها هي صاحبة الفضل، وأنها بمقام أمك.
فإذا فعلت ذلك فتأكدي أنك قد سلكتِ الصواب، وتذكري قول حبيبك -صلى الله عليه وسلم-: "اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلقٍ حسن" أخرجه الترمذي (1987) ، وغيره.
وفقك الله لخيري الدنيا والآخرة، وألف بين قلوبكم.(18/437)
أخشى أن أَصِلَها فيقاطعني إخوتها!
المجيب سعد بن عبد الله الماجد
عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 27/01/1427هـ
السؤال
لي عمة أخطأتْ في حق أخواتها، وهنّ الآن قاطعات لصلتها، وأنا محتارة لو كلمتها سوف تقاطعني جميع عماتي، فما الحل في ذلك؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فعمتكِ من أرحامكِ الذين عليكِ صلتهم، والعمل على برهم:
1-قطيعة الرحم من الإفساد في الأرض، قال الله تعالى: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ" [سورة محمد:22-23] .
وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال له مه قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب.. ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اقرأوا إن شئتم فهل عسيتم ... ) [رواه البخاري: 4455] .
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله) . [رواه مسلم:4634]
2- قاطع الرحم لا يدخل الجنة، فعن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يدخل الجنة قاطع قال ابن أبي عمر قال سفيان يعني قاطع رحم) . [رواه مسلم:4636] .
3-قاطع الرحم كالقاتل المتعمد، فعن أبي خراش السلمي أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه) . [رواه أبو داود:4269] .
4- قاطع الرحم لا يرفع له عمل صالح من صلاة وصوم وغيرها.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا أنظروا هذين حتى يصطلحا أنظروا هذين حتى يصطلحا) . [مسلم: 4956] .
أختي الكريمة، هل تريدين أن تكوني ممن حلَّت عليه عقوبة قاطع الرحم؟
إن المدة التي سمح الشرع في الهجر هي ثلاث ليال فأقل كما جاء في الحديث، وعن ابن الزبير أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال) . [رواه البخاري:5611] .
وعن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) . [رواه البخاري5613] .
والرجل والمرأة في ذلك سواء مخاطبون بأوامر الشرع.
فعليك بالتوبة وصلة رحمك، ولا تلتفتي إلى من يأمرك بمعصية الله؛ لأنه لا طاعة له. في الحديث عن علي -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف". [النسائي: 3145] .
وعليك برضا الله عز وجل، ففي الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس) . [الترمذي: 2338] .
فعليك بالتوبة والمبادرة إلى الاتصال بعمتك وإصلاح ما بينكما، ومن ثم العمل على التوفيق بينها وبين أخواتها اللاتي هن عماتك! والصبر في ذلك واحتساب الأجر، فها أنتِ علمتِ وبلغكِ حكم الشرع، فليس لك بعد ذلك حجة بالجهل وعدم العلم، أو أنّ عمتكِ أو عماتكِ هنّ السبب. فكوني مفتاح خير، وأفسدي مخطط الشيطان الذي يحب إفساد وقطيعة الرحم. وفقكِ الله وجنبك قطيعة الرحم.(18/438)
طاعة الأم في قطع الرحم
المجيب د. عادل العبد القادر
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 13-4-1424
السؤال
ما حكم قطع الرحم بسبب خلافات الأم مع الأقارب؟ فهي لا تريدني أن أذهب إليهم، ولا آخذ المال منهم، ولا أتودد إليهم، فهل أعصي الله في عدم طاعة أمي وأصل رحمي؟ أم أعصي الله في قطع رحمي وأطيع أمي؟ خاصة أن الإصلاح بين الطرفين ليس خيارا، فماذا أفعل؟
الجواب
الأخ الكريم ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
أولاً: أسأل الله لك الإعانة والثبات وزيادة الحرص على ما ينفعك أبداً.
ثانياً: من المعلوم أن صلة الرحم واجبة وقطعها محرم، وطاعة الأم واجبة وعقوقها محرم، وعليه: فإنه ينبغي عليك أن تمتلك قلب أمك، وتكسب ودها، وذلك بحسن التعامل، وجميل الأخلاق وساميها، وأن تتوجه بصدق إلى الله تعالى بالضراعة والإلحاح في الدعاء بأن يصلح أحوال الجميع.
أخي الكريم.. لا بد من مفاتحة الأم في الإصلاح، ولكن بعدما تقدم فالصلح خير، فلا تقطع رحمك، ولا تنو القطع كلاً، ولكن "سددوا وقاربوا" رواه البخاري، ومسلم
(2816) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فتأخر في زيارتهم مثلاً، وليكن قصدك الإصلاح، وليس قطع الرحم، وهناك فرق بين القطع ونيته، وبين التأخر بالزيارة، والتواني في الوصل بنية الإصلاح، فتنبه لهذا.
ثالثاً: السرائر يعلمها الله، فإن أخلصت وصدقت لن تعدم وسيلة للإصلاح فقلوب العباد بيده وسيصلهم ويقرب بين متباعديهم إن علم في ذلك خيراً.
رابعاً: أما إذا بذلت كل هذا وصدقت وأخلصت، ولم تتمكن من جمع المتباعدين وإصلاح بين متخالفين، فلا شك أن حاجة أمك لبرها، أولى من حاجة أقاربك في وصلهم، وقد يصلهم غيرك، ولا يوجد من يبر أمك سواك فقم ببرها، دون القطع أو نية القطع، ولك ألا تشعرها بالوصل إن أمكن فوصلتهم.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه.(18/439)
في بيتنا فتنة، فهل أهجره؟!
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 06/08/1426هـ
السؤال
أعيش في بيت مليء بالدشوش والخادمات المتبرجات، وللأسف يا شيخ فأنا أعاني كثيراً من بقائي في البيت؛ نظراً لوجود الخادمات، خصوصاً أن بيتنا ذو التصميم المفتوح، مما يجعلني أواجه الخادمات كثيراً، مع العلم أني شاب، وأخشى على نفسي الفتنة، فهل أخرج من البيت أم أنعزل في غرفتي؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
كان الله في عونك، وأسأل الله أن يثبتك ويسددك، قلت: هل أخرج من البيت؟ ولكن أين تخرج وأنت في هذا العمر ولا عائل لك؟! قد يكون في خروجك من المفاسد ما هو أشد من مفسدة ما ذكرتّ، ولا أعني بالمفاسد في الخروج ما هو من جنس المفسدة التي تعاني منها في البيت، ولكن أعني ما هو أوسع من ذلك من قطع الرحم ومغاضبة الوالدين بما قد يحملهما إلى بغض ما أفضى بك إلى الخروج من البيت (وهو تدينك) وغير ذلك من المفاسد المحسوبة وغير المحسوبة ولا المتوقعة.
ولذا فأنصحك بالبقاء في بيت والديك، مع مناصحتهما وغض البصر والاجتهاد ما استطعت في مجانبة ملاقاة الخادمات، ولا يعني هذا اعتزال أهل البيت وملازمة غرفتك، فلا بد لك من الجلوس مع والديك والإحسان إليهما، وتحبيبهما إلى ما أنت عليه من التدين، وهذا لا يكون إلا بمصاحبتهما بالمعروف وبرهما، ومن أحسن إلى الناس استعبد قلوبهم، فاجعل من حسن خلقك ودماثته وبشاشتك طريقاً تصل من خلاله إلى قلبي والديك، وأقترح عليك أن تشكو إليهما ما تعانيه في البيت جرّاء تبرج الخادمات وسفورهن وتجملهن، واسألهما أن يُلزماهن لباساً محتشماً، هذا في أول خطوة، ثم تأتي الخطوة التالية وهي إلزامهن بالحجاب ولو مع كشف الوجه، فالتدرج منهج شرعي لا شك فيه. وعليك بإشغال نفسك بالأعمال الجادة المثمرة، حتى إذا خرجت كان خروجك إلى مصلحة تقتضي الخروج، وإذا لازمت غرفتك وكنت ملازمتك لها في عمل مثمر تخرج عن مشابهة ملازمة السجين لسجنه، ولا تنس الاستعانة بالله أولاً وأخيراً، فأكثر الدعاء واستعن بالله ولا تعجز به.
وفقك الله وثبتك.(18/440)
قد نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي..!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 29/5/1422
السؤال
الأخ الكريم مشرف نافذة الاستشارات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ...
مشكلتي التي أرقتني أن والدي يفرقون بيني وبين أخوتي في المعاملة المادية والمعنوية، علماً أننا متقاربون في كل النواحي من حيث الحالة الاجتماعية والدخل وعدد الأولاد.
الأمر الآخر هو ما أجده بيني وبين أخوتي من وحشة غريبة وجفاء حاولت إصلاحه ولم أستطيع.
وسؤالي: مع كل هذا نحن نسكن متجاورين وكل واحد في بيت مستقل ولكن الأمور لا تخلوا من كثير من المنغصات وفي مثل هذه الأجواء ومعاناتي النفسية وكذلك زوجتي وحتى أطفالي لم يسلموا، أفكر بالانتقال إلى حي آخر لتأكدي أن هذا الأمر سيعود علينا جميعاً بالخير والراحة أريد النصيحة مأجورين إنشاء الله
الجواب
أخي الكريم.. مشكلتك بشكل عام تحدث في بعض الأسر لأسباب كثيرة ومتباينة، إما لأسباب مادية أو اجتماعية أو تربوية وغالباً ما تكون نتيجة لسوء فهم أو نميمة نفخ بها أحد شياطين الجن أو الأنس أعاذنا الله منها وهي ذات شقين الشق الأول: ما يتعلق منها بنوعية العلاقة مع الأهل والاخوة، والشق الثاني: ما يتعلق بالجوار وتبعاته، وإن كان الشقين مرتبطين ببعضهما ويمثل أحدهما سبباً للآخر أو نتيجة له، إلا أنني سأتكلم عنهما بشكل منفصل إلى حدٍ ما..
أولاً: بالنسبة يا أخي الكريم لعلاقتك مع والديك واخوتك، فهل سألت نفسك يوماً عن الأسباب، وحاولت أن تكون موضوعياً في البحث عن الإجابة، بمعنى ألا يمكن أن تكون أنت السبب في ذلك أو أحد أبناءك أو زوجتك مثلاً، بقصد أو بدون قصد، تأكد من هذه النقطة حتى تنصف من نفسك وتعرف الأسباب، ومن ثم تستطيع أن تتعامل معها.
والأسباب أخي الكريم قد تكون أحياناً تافهة من وجهة نظرك ولكنها تراكمت عند الآخر حتى أحدثت عنده هذه الجفوة الغريبة.
ثانياً: أقترح عليك أن تجلس مع والديك كل على حدة وتسأله عما يجد في نفسه تجاهك، وتخبره بما تجد وهذه نقطة هامة جداً قد تزيل كثيراً من سوء الفهم، وتوضح الصورة، وتزيل ما علق في الأنفس، وفي نفس الوقت تراجع فيها أنت نفسك فربما كنت السبب، كما أسلفت، وربما أنت من النوع ((الحساس)) أكثر من اللازم، فتحمل الأمور أكثر مما تتحمل، وفي كل الحالات ((كن هادئاً)) أثناء نقاشك مع والديك مهما كان إحساسك بالغبن فللوالدين حق عظيم قرنه الله تعالى بحقه قال تعالى: [وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا] وقال تعالى: [ولا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما] والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة ومعلومة.(18/441)
ثالثاً: بالنسبة لإخوانك، وهذه الوحشة التي تشعر بها بينك وبينهم، فيا عزيزي كن صاحب المبادرة واجلس مع كل واحد منهم منفرداً، وعاتبه واسمح له بعتابك واعتذر إن بدأ لك خطأ من قبلك تجاهه، واسمح للأخر بأن يصلح خطأه ويعتذر، صدقني هذا لن ينقصك بل سيزيدك رفعة، وستزيل من خلال هذه الجلسات وهذا العتب الكثير من سوء الفهم، قال تعالى: [ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم] . ثم اكمل مبادرتك بوضع وليمة تدعوا فيها والديك وإخوانك لترميم هذه الشروخ، وعلاج هذه الأوجاع متمثلاً قول الشاعر:
وإن الذي بيني وبين بني أبي وبين بني عمي لمختلف جدا
إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
ولا أحمل الحقد الذي يحملونه وليس كبير القوم من يحمل الحقدا
رابعاً: بعد كل هذه الخطوات وقبلها، أكثر أخي الكريم من الدعاء بأن يصلح الله شأنك وأن يهديك ويهدي لك ويهدي بك وأن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه والباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه ولا يجعله ملتبساً عليك فتظل وإن يعيذك الله من نزغات الشيطان وتوهيمه وتلبيسه وكيده ,فهو المستفيد الوحيد من تقاطع الأرحام.
خامساً: موضوع السكن بجوار بعضكما البعض له وعليه والعقلاء - وأراك منهم - يوازنون المصالح والمفاسد في هذا الأمر، ففي الأمر فسحة والحمد لله وما دمت قادراً على الانتقال وبناء البيت، فهذا بفضل الله أمر رائع، فاستخر أولاً، واسأل الله أن يلهمك الصواب، ولا تتردد، فربما كان في هذا الأمر الخير الكثير، ولكن!! أوصيك أن عزمت على الانتقال أن يكون بعد الخطوات السابقة حتى لا يظهر انتقالك وكأنه فرقة لا لقاء بعدها!! ثم أوصيك بالوالدين مهما بدأ منهما من حيف وجور، من وجهة نظرك، فأحسن لهما وبرهما وادع لهما بالرحمة ولن تندم ستجد ذلك إنشاء الله راحة في نفسك وبركة في رزقك وصلاحاً في أبناءك وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(18/442)
هذه الأم، هل تستحق البر؟!
المجيب يوسف صديق البدري
داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 04/07/1426هـ
السؤال
أنا فتاه والحمد لله متدينة، ولكن مشكلتي هي أمي، فهي غريبة الطباع فلا أشعر منها بأي حنان، فهي قاسية للغاية، دائماً ما تدعو علي أنا وإخوتي، وهي بجانب كل ذلك تسيء معاملة والدي جداً، ولا تحترم مشاعره أبداً، فأنا لا أتذكر لها أي ذكرى جميلة، وأنا -والله- أحاول كثيراً أن أمسك نفسي من الوقوع معها في مشاكل، ولكن أحيانا لا أستطيع أن أتحمل، وبالتالي أقول أشياء دون رغبتي. أحوالها غريبة جداً معنا ومع أهلها -وبالأخص والدتها- ومع كل الناس، فهي لا تحب أحداً، أرجو منكم أن ترشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبي الهدى رسول الله، وبعد:
فمرحباً بك ـ فتاتنا الكريمة ـ على موقع " الإسلام اليوم" ونرجو أن يكون فيه ما يسرك..نعم.. هناك ـ للأسف ـ من الأمهات من لا تعرف "فقه الأمومة"، ولا تقدر خطورة المسئولية الملقاة على عاتقها، ولا ترعاها حق رعايتها، فتدفع أبناءها بسوء تصرفاتها وعنفها وقسوتها معهم إلى عقوقها والتمرد عليها، فينهدم صرح الأمومة في البيت، ويتصدع جدار البر الواجب على الأبناء، فتعيش أسرة هذا حالها في جو مشحون بالعنف والغضب والكراهية والتربص وسوء الظن. وفي الحديث "والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها" صحيح البخاري (893) صحيح مسلم (1829) .
ومشكلة أمك ـ يا بنيتي ـ أنها ربما تعاني من آثار قسوة ذاقت مرارتها في طفولتها أو صباها ـ والله أعلم ـ، أو أنها لم تتشبع بمفهوم الأمومة السوية، فالأم في البيت هي الراعية، والحانية، والحادية، والحادبة، والبانية.. وقد تكون (الجانية) إن هي فقدت المكونات النفسية والاجتماعية للأمومة. ولذا فإن علماء الاجتماع يحللون نفسية الأم العنيفة القاسية على أولادها، فيرجعون قسوتها تلك إلى عدة أسباب فيقولون:" والأسباب ذات الجذور القديمة تكون نابعة من مشكلات سابقة أو عنف سابق، سواء من قبل الآباء أو أحد أفراد العائلة، أما الأثر الحاضر فتكون جذوره مشكلة حالية، على سبيل المثال خلاف الأم مع زوجها، قد يدفعها إلى ممارسة العنف على أولادها، وبالتالي فإن الشخص الذي ينحدر من أسرة مارس أحد أفرادها العنف عليه، ففي أغلب الأحيان أنه سيمارس الدور نفسه، لذا من الضروري معرفة شكل علاقة الأم المعتدية على أولادها بوالدتها في صغرها، وفي الغالب تكون تعرضت هي نفسها للعنف، لذا فبالنسبة لها تعتقد أن ما تقوم به من عنف تجاه أولادها هو أمر عادي كونه مورس عليها، ومن حقها اليوم أن تفعل الشيء نفسه رغم معاناتها منه سابقاً.
إن الوالدين الفاقدين للحنان والحب منذ الصغر غير قادرين على إمداد الحنان والرعاية لأطفالهما.(18/443)
وفي بعض الحالات ينصب عنف الأم على ابنة محددة؛ نتيجة تدليل الأب أو الحماة لها أو تشبيهها بهم، وهذا يكون مع تردي العلاقة مع الزوج أو الحماة، ومن جهة أخرى تحفز غيرة الأم من ابنتها ممارسة العنف ضدها، فهناك أم تغار من نجاح ابنتها وتفوقها بالدراسة، لذا تلجأ إلى أساليب كثيرة كي تعيق تفوقها، أو تغار من جمال ابنتها، فتفتعل معها المشكلات وتضربها لدرجة الأذى كي تشوّه جمالها.
كما يرى البعض أن المشكلة تكمن في عدم وعي الأمهات لمتطلبات المراحل العمرية للأبناء والتي تتغير باستمرار، وبمدى أهمية توفير العاطفة قبل المادة للأولاد. وهذه الحالة تدفع الفتيات خاصة إلى البحث عن بديل يمدها بالعاطفة والحنان الذي تحتاجه، مما يؤدي إلى غيرة الأم، من هنا يبدأ الشرخ في العلاقة بين الأم وابنتها"
ولعل من آثار هذا الشرخ النفسي لدى الأم تفضيل بعض الأولاد على بعض، أو تفضيل الولد على البنت ـ كما في حالتكِ أنتِ ـ وهي مخالَفة شرعية يقع فيها بعض الآباء أو الأمهات دون أن يدروا، وفي هذا ورد في صحيح البخاري (2586) ، وصحيح مسلم
(1623) عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- أن أمه سألت أباه بعض الموهوبة من ماله لابنها، فالتوى بها سنة، ثم بدا له، فقالت: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ما وهبت لابني، فأخذ أبي بيدي، وأنا غلام فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله إن أم هذا -بنت رواحة- أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ ". قال: نعم، فقال: " أكلهم وهبت له مثل هذا؟ ". قال: لا، قال: " فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور"
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً: " سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء" أخرجه البيهقي في السنن (6/177) وحسن إسناده الحافظ ابن حجر.
لكن ـ يا بنيتي ـ عليك أن تذكري بأن غداً ـ بإذن الله ـ ستكونين أمًّا، فإياك ثم إياك أن تعقي أمك، بل برّيها على ما فيها من قسوة، وذكريها بالله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأحسني صحبتها ولا تيأسي من روح الله فبيده قلوب الخلق ونفوسهم يقلبها كيف يشاء، ومهما يكن من أمرها معكم فعليك حسن صحبتها؛ ففي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-:يا رسول الله أي الناس أحق مني بحسن الصحبة؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمك". قال: ثم من؟ قال صلى الله عليه وسلم:"ثم أمك" قال: ثم من؟ قال صلى الله عليه وسلم: "ثم أمك" قال: ثم من؟ قال صلى الله عليه وسلم:"ثم أبوك" صحيح البخاري (5971) وصحيح مسلم (2548) .
وما كنت أود منك ـ غفر الله لك ـ أن تقولي عن أمك ـ رغم قسوتها عليك ـ! "لا أذكر لها أي ذكرى جميلة"!!
لماذا.. ألم تذكري أنها كانت سبباً في وجودك، وأن بطنها كانت لك وعاء، وثديها كان لك سقاء؟
ألم تسهر على رعايتك وتربيتك حتى صرتِ شابة تملئين السمع والبصر؟ مهما قلتِ.. فتلك منزلتها التي منحها الله إياها ووصى الأبناء ببرها، من أجل هذا قال تعالى:" ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن" [لقمان:14] .
هوني على نفسك، واعلمي أن البر لا يبلى، وأن الصبر ضياء، وكوني قريبة من أبيك، وعوضيه بتدينك وحسن خلقك ما قصرت فيه أمك، وأكثري من الدعاء لوالديك بصلاح الحال والمآل.. وأسأل الله لك صلاح الحال وهدوء النفس وراحة البال.. والله أعلم(18/444)
أهمله أبوه فكرهه
المجيب عبد الله بن فهد السلوم
مدرس بثانوية الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 5/12/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
سماحة الشيخ: أنا شاب مسلم نشأت في رحاب القرآن والسنة، لكن والدي أهمل تربيتي والإنفاق علي، مكتفياً بالجلوس وكفى، كما أنه لا يعطيني مالاً، ويعطى كل شيء لأخي، كما أنه ترك صلاة الجمعة تهاونا، كما أن إخوتي لا يعطوني نصيبي من مال أمي، فأصبحت أكره الجميع وأسبهم، وأتمنى موت أبي الذي أهملني صغيراً فعانيت كثيراً. ما الحل؟.
الجواب
إلى الأخ العزيز: - وفقك الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أولاً: الواجب عليك البر بأبيك وحسن المعاشرة ولين الجانب، والشفقة عليه والخوف من أن يموت وهو لا يصلي، فعليك بالدعاء له ودعوته إلى الله بالتي هي أحسن، وأن توجه إليه من يدعوه ويخوفه.
ثانياً: أخي الكريم تذكر أنك نشأت في رحاب القرآن والسنة، من كان كذلك فهو جدير بأن لا يجازي على السيئة بمثلها؛ بل إن ديننا يأمرنا بالعفو مع الأبعدين فكيف بالأقربين، وأنت عاديت أباك وإخوتك من أجل أنهم حرموك حقك من المال، ولأن أباك أهملك صغيرا، ً فلا تنس أخي أن الله أوجب عليك بر الوالدين ولو كانا مشركين، ومن البر العفو والصفح ونسيان الإساءة، ولا تنتظر من أبيك أن يصلحك وهو لا يصلي، فما أجمل أن تدفع بالتي هي أحسن، فيرفع الله قدرك ويشرح صدرك ويثيبك، وربما كانت هداية الوالد على يديك إذا علم الله منك الصدق وطهارة القلب، ومحبة الخير لمن عاداك وظلمك.
ثالثاً: إخوتك لم تذكر سبب منعهم حقك من والدتك، ولكن عليك بالدعاء لهم، والله الله في المعاملة الحسنة، وجميل الصبر، وأن لا يروا منك إلا خيراً، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، راجياً لك التوفيق.(18/445)
أخي وزوجته ونحن!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 18/9/1422
السؤال
أخي رجل فيه غيرة، ولكن فقط على أخواته، وأما زوجته فقد تخرج بملابس عارية كاسية ولا يقول لها شيئا كما يحضنا ويطالبنا بالذهاب مع أمي لأداء المناسبات الاجتماعية. زوجته لا تعرف عائلتنا إطلاقا منذ خمس سنوات.
منذ تزوج وهو لا يطيق جلستنا، وإن جلس بقي ساكتاً عكس أفعاله تماماً قبل الزواج. حتى بعد أن خرج إلى منزل وحده بجوارنا لم يتغير حاله.
والكثير مما استحي من كتابته..!! .
أخي الفاضل، نخاف من الله ونخاف أن تدخل علينا هذه المرأة ابناً ليس لنا، وأجزم أنها سحرته بعمل!!
وهو لا يمكن أن يرضى بشيخ يقرأ عليه، ولا يمكن أن يقبل بهذه الفكرة، وسبق أن لمحت إليه، ولكنه رفض أن يكون به شيء!!
فهل يجوز لنا أن نبحث عمّن يفك سحر أخي بساحر مثله؟! وجزاكم الله خيراً.؟
الجواب
لقد تعجبت كثيراً لهذا الاستفسار منك بشأن أخيك الذي ذكرت أنه مغرم بزوجته حتى الثمالة، حتى إنه رضي معها بالكثير من التنازلات الشرعية الواجبة لا لشيء إلا سعياً في كسب وِدّها ورضاها مما جعلك تستنتج استنتاجات عجيبة في نظري لعل أخفها أنها ربما تكون قد سحرته بسحر قد لا ينفك إلا بسحر مثله كما تقول!!
وبجانب الحكم الشرعي الذي لا يخفى عليك بحرمة التداوي بحرام وهو السحر والبقاء على العلاج المشروع كالرقية والإكثار من قراءة القرآن وغير ذلك من وجهة نظري هو طريقة رؤيتك لهذا الشأن من أخيك.
لقد جمعت في استفسارك هذا وطريقتك في عرضك لهذا الموضوع الأعاجيب من سوء الظن والتهم الباطلة. بل والأنكى من ذلك تساهلك بالتعريض بالقذف لزوجة أخيك وهو وأيم الله لشأن عظيم.
كل هذه التبريرات التي قمت بعرضها كشواهد على سحر أخيك لم أرها أنا بنفس المنظور الذي رأيته أنت بل هي أمورٌ توجد عند غيره من الأزواج بل وأكثر من ذلك بكثير ولم نرَ أحداً رماهم بالسحر أو عرض بأزواجهم ولمح بالقذف كما فعلت أنت!!
نعم قد توجد تجاوزات من أخيك أو زوجة أخيك، وقد يوجد تقصير منهما - وكلنا نقصر - ولكن الحل ليس بالاعتقاد بالسحر أو الذهاب إلى الكهنة والسحرة بل بالتأمل والنظر في أصل المشكلة والتعامل معها بالطرق المشروعة، وما أكثرها!!
أنت كأخ لهذا الزوج ليس دورك هو الدخول في النوايا وإطلاق التهم جزافاً أو تأجيج المشاكل بين الزوجين بحجة المصلحة لأخيك وحمايته من المشاكل الشرعية والاجتماعية جراء الارتباط بهذه الزوجة. دورك الصحيح والأساسي هو النصح لأخيك ولزوجته بالحسنى وتوضيح الخطأ الشرعي إن وجد- ومجادلتهم بالتي هي أحسن، ومعاملتهم بالرفق واللين والكلام الطيب وإفشاء المحبة والمودة معهما، وليس بالظن السيئ، والمبادرة بإطلاق التهم المشينة جزافاً، فالناس لهم حرمة وحذار من كشفها أو انتهاكها.
أخيراً همسة أهمسها في أذنك أن تجعل الظن الحسن والنية الطيبة هي أساس التعامل منك مع الآخرين، اجعل قلبك محباً للآخرين، تعاهده بالخير دائماً، لا تجعل للشك إلى قلبك طريقاً سهلاً يمكن من خلاله أن يسيطر عليك وعلى أفكارك، فإنه مؤذٍ ومحبط للعمل الصالح، وأكثر من الدعاء بسلامة القلب والجوارح من لحوم المسلمين واتل دائماً هذه الآية:
(ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) ..(18/446)
أبي لا يهتم بالبيت!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 4/12/1422
السؤال
إن أبي لا يعير اهتماماً للبيت؛ لا حب ولا حنان بل أبسط الأشياء التي يوفرها ويسعى لها أي أب من الآباء لأبنائه (المأوى، والمسكن) لا يستطيع أن يوفرها، فالحمد لله أنا أعمل وأعين إخوتي كلهم.. وأنا صابر وراضٍ ولكن المشكلة هي أنه بدأ يمد يده على أمي بالضرب مرة وبالشتم مرة أخرى.. لكن والدتي دوماً تنصحه وتقول له: ابحث عن عمل، وعُلْ أبناءك وبناتك من لهم غيرك؟! افعل أي شيء ولكن لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لما تنادي.. لا يهتم بأبنائه من مريض وماذا ينقصهم؟! صراحة حاولت معه ببعض التلميحات مرة وبالتصريحات مرة أخرى.. حتى أصبح الجميع لا يحبه، ومحبتهم له فقط كاحترام وطاعة له دون إيذاء لا بالقول أو بالفعل، وحتى أنا أصبحت في حيرة إن الوالدة جمعت كبار السن (المقربين) في الأسرة لنصحه لكن دون جدوى إن إخوتي من كثرة الضغوط والمشاكل أصبحوا في حالة لا يعلم بها إلا الله علماً أنهم في سن حساسة جداً. فأعطيك صورة عن والدي: لا يسأل أين نحن، ولا كيف نعيش وهل نحن سعداء أم مرضى؟! مع هذا كله والحمد لله لم يردعني إلا ديني والإحسان له مهما أساء، وكذلك إقناع الوالدة والإخوان بذلك، لكن إلى متى؟! أصبحت حياتنا جحيماً. فماذا نفعل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أخي الكريم، أشكر لك ثقتك.. وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأما استشارتك فلا أعلم هل كان والدك من الأصل عاطلاً عن العمل مُذْ كنتم صغاراً أم أنه أمرٌ طارئ عليه وعلى سلوكه، ولم تلمسوا هذا التغيّر إلا من زمن قريب؟
أما إن كان هذا الأمر قديماً عنده (بمعنى أنه كان من الأصل عاطلاً عن العمل أي من زمن بعيد) فلا أقول: إنه يستحيل عليك وأنت ابنه أو والدتك وهي أقرب الناس إليه وزوجته تعديل سلوكه بل أقول إن أمره صعب وفيه شيء من المشقة؛ لأن الإنسان إذا اعتاد أمراً ولمدة طويلة فإنه يصعب عليه تغييره إلا بجهد جهيد.
لكن إن كان أمر والدك حالة حادثة، ومن مدة ليست بالطويلة فإن العمل على إصلاح شأنه لن يكون عسيراً كالأمر السابق إن شاء الله تعالى. والوقوف على حالته بالتفصيل والنظر في مسببات الحالة التي وصل إليها سوف يساعد بلا شك في علاج حالة والدك. والذي عليك هو التواصل مع أهل هذا الشأن وأخذ مشورتهم، وعرض حالة والدك عليهم تفصيلاً وذهابه هو نفسه إليهم سوف يساعد في هذه القضية كثيراً، خصوصاً وأن الأمر بدأ يستفحل وذلك من خلال مدّ يده على والدتك وإخوانك بالضرب والعنف.(18/447)
أمر آخر، حاول الاتصال بأقرب الناس إليه من الناحية النفسية أي الذين يرتاح والدك إليهم كثيراً ويأنس بالقرب منهم؛ فهم الطريق الأقصر لقلب والدك وإقناعه بضرورة علاج وإصلاح الظروف التي يمر هو بها لأن العلاج ومحاولة التعديل من سلوكه لن تنجح إذا فقدت العزيمة والشعور والاعتراف بالمشكلة. لابد أن يعي والدك أنه في مشكلة وأنه محتاج إلى حلٍ وعلاجٍ لهذا الوضع الذي هو فيه ويعايشه في الوقت الحاضر فإذا فهم ذلك كان هذا هو النقطة التي منها يبدأ العلاج.
الأمر الثاني: هو دورك أنت وإخوتك ووالدتك في التعامل معه، فهو في النهاية والدكم ومحتاج لوقوفكم بجانبه وتفهم مشكلته وعليك أن تحمد الله عز وجل أن هيأ لك أسباب الاستقامة والشعور بالمسؤولية تجاه أهلك وإخوانك، والمطلوب منك عدم اليأس بل الاستمرار بهذه الهمة القوية تحمّل مسؤوليتك على أتم وجه، وستجد أن الله معك، وسوف يوفقك في النهاية، وسترى عاقبته بعد حين.
أمر أخير: حاول ألا يشغلك أمر والدك عن النظر في إصلاح حالك وحال إخوانك معنوياً ونفسياً وسلوكياً كن معهم وقريباً منهم؛ فهم وإن فقدوا اهتمام والدهم مؤقتاً فقد رزقهم الله بك عوضاً، علَّ الله أن يكشف ويصلح حال والدك. والله يرعاك ويحفظك.(18/448)
هل أقاطعهم..؟
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 26/11/1422
السؤال
الوالد متوفى، أنا أوسط إخوتي، الوالدة لديها مشاكل كثيرة مع إخوتي وزوجاتهم. أحد اخوتي الذي يكبرني يتجرأ على الوالدة كثيراً وأحيانا أمام الناس، ويستطيع أن يفرض عليها ما يريد سواء كان شيئاً طيباً أو غير ذلك. في الفترة الأخيرة أجبرها على أن نجتمع عندها نحن الإخوان والأخوات يوماً كل أسبوع، وهي لا تريد ذلك لكنها استجابت إما خوفا منه أو لأنها تحبه. لا أعلم، وفي هذا اليوم يكون التلفاز بالقنوات الفضائية يعمل وبشكل أساسي أي لابد منه وبصوت مرتفع سواء كانت قناة إخبارية أو سواها، ودائما كنت أحاول أن أتحكم لتكون القناة إخبارية إضافة إلى بعض المعاصي الأخرى.
السؤال: هل أقاطع هذا الاجتماع؟ مع العلم أني أزور والدتي يومياً تقريباً أما إخوتي فنادراً، وإذا كان الجواب بمقاطعة الاجتماع هل أخبرهم بالسبب؟ مع العلم أنهم لا يتقبلون نصحي ويرون أني معقد، ربما أسلوبي هو السبب. أرجو إفادتي وجزاكم الله خيراً.
الجواب
يا أخي الكريم، مشكلتك ذات شقين: الأول: تعامل أخيك مع الوالدة وسلبيتها، والثاني: موقفك معهم.
أما من ناحية الوالدة فأنت أدرى بها. هل شخصيتها ضعيفة؟ وهل هي متعلمة..؟ هل هي من النوع الذي يمكن تقويته..؟ فإن كانت كذلك فعليك تقوية الجانب النفسي فيها وبث الثقة في نفسها. وإيضاح مالها من الحقوق الشرعية عليهم؛ من أجل أن تجابه الأخ المشاكس. ثم حاول تقوية الوازع الديني لديها لعلها تقاطع هذا الاجتماع الذي فيه بعض المعاصي. فإن استطعت ذلك فاعلم أنك قد انتصرت عليهم. وما أجمل الإقناع بالحسنى خاصة مع الوالدة. ولا تنس أن تؤثر عليها من ناحية ضجرها من أخيك. أما من جهة مقاطعتك لهذا الاجتماع فإن كان وجودك سيؤثر عليهم وقد يستجيبون لك أو قد تغير منكراً فإن جلوسك؛ له أهمية فقد ينفع الله بك، أما إن حاولت معهم ولم تصل إلى نتيجة فقد تكون مقاطعتك زاجراً لهم وأخبرهم عن سبب مقاطعتك أنه بسبب وجود هذا المنكر، وكن على استمرار في التواصل مع والدتك خارج هذا الاجتماع.
أخيراً قضية عدم تقبل النصح.. المسلم يا أخي مأمور بالنصيحة على قدر الاستطاعة} فاتقوا الله ما استطعتم {ونتائج النصح ليست بأيدينا فأمرها إلى الله. وما يدريك فقد تلقي البذرة ويأتي بعدك من يسقيها أو قد يستيقظ ضمير المنصوح وتأكد أنك لا تهدي من أحببت ولكن ما أجمل الصدق في هذا المجال.. واثبت على ما أنت فيه حتى ولو كنت وحدك.
أسأل الله لنا ولك الإعانة والقبول؛ فأنت على خير عظيم.(18/449)
افتراق الأخوة
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 15-11-1423
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
شكراً للقائمين على هذا الموقع المميز
فضيلة الشيخ لي الكثير من الإخوة والأخوات غير الأشقاء والحمد لله لكن المشاكل دبت بينهم منذ فترة ليست بالقصيرة وأصبحت التراكمات النفسية الناتجة عن هذه المشاكل كبيرةً جداً لدرجة أنه أصبح التوفيق معها شبه مستحيل ولا حول ولا قوه إلا بالله. وهم الآن متقاطعون، لا يرى بعضهم البعض حتى في الأعياد والمناسبات ولعدة سنوات طويلة، حتى
أصبحت القلوب مرتعاً خصباً لشياطين الأنس والجن. والله المستعان
ما هو توجيهكم لهم؟ وما هو الأسلوب الأمثل للإصلاح بينهم؟
وجزاكم الله خيراً
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
الأخ الكريم ...
شكراًلثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم"
ما أبشع أن يفترق الإخوة والأقارب بسبب أمر تافه. والشيطان يعتبر هذا الأمر مرتعاً خصباً إذا وجد مثل هؤلاء.
ولا شك أن العوامل الدنيوية هي التي تجعل أنفس الأقارب تتباعد. إما حسداً على نعمه أو بسبب بعض النساء. أو مشاكل الأبناء. أو غير ذلك
ولكن السؤال الملح كيف العلاج؟.
مثل هذه المشاكل قد نجد صعوبة في حلها إلا إذا كانت في أولها ولكن لا يوجد مشكلة إلا ولها حل بشرط توفر الأجواء الملائمة لها. وصدق النية والاستعداد لتقبل مراحل الإصلاح من الأطراف جميعها
أما التوجيه لهؤلاء فلا أدري هل سيطلعون على هذا الجواب حتى يناصحون أم لا؟ ولكن سأفترض ذلك. أو لعلك أنت توصل لهم هذا الحديث.. إن من لوازم ديننا الترابط والإسلام قد جعل الرابطة القوية بين أفراد الجماعة المسلمة من مقوماته، وهذا بالنسبة لمن نسميهم الأقرباء الأباعد. فكيف بالأقارب؟
قال تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) والخطاب هنا عام فإذا كان هذا نداء رب العالمين لنا، فلماذا لا نستجيب لندائه سبحانه حتى ولو كنا لا نريد هذا الشخص فإذا سعينا في أمر يرضي الله. فهو سبحانه سيوفقنا للأصلح.
ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم قال:"مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد".. الحديث. هذا بالنسبة للعموم فكيف بالأخوة الذين ولدوا من أبوين -سبحان الله - كيف نغفل عن هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم..؟ لذلك لو استطعت أن يجعل كل واحد من إخوانك يفكر بهذا لتغيرت نظرتهم.
أما طريقة الإصلاح، فأقترح عليك أن تبدأ بهم واحداً واحداً وتبدأ بالأسهل منهم وتحاول أن تقنعه بضرورة الإلفة وإزالة الحواجز بينكم.
وسأذكر لك قصة جميلة عن ابنين من الإخوة تقاطعا زمناً مثلكم:(18/450)
فاتفق أبناؤهم على حبك مسرحية للجمع بينهما دون أن يشعرا بذلك. وعملوا وليمة في استراحة ثم ألبسوا الصغار جميعهم ملابس كتب عليها أسماء الأخوين جميعاً في ذلك ثم اتصلوا على أحدهم لوحده. وقالوا إنك اليوم مدعو في الاستراحة الفلانية. وقالوا للأخ الآخر كذلك. فلما وصل الأول أخروا سيارته وأبعدوها من أجل أن لا يراها الأخ إذا حضر. فلما حضر الأخ الآخر أوقف سيارته ودخل فلما شاهد المنظر العجيب والصغار قد استقبلوهم جميعاً بهذه الصور أقبل على أخيه يقبله وهو يبكي والصغار من حولهم.
هلا جربت مثل هذه الحيلة وجمعتهم، وعقدتم مؤتمر مصالحة. جرب وسترى.
أعانك الله،،،(18/451)
حينما تغيب الحكمة
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 4-7-1424
السؤال
مشكلتي باختصار أنه في يوم من الأيام وفي وقت متأخر من الليل رفعت سماعة الهاتف بالصدفة فوجدت أختي تتكلم مع ابن عمتي كلاماً غير لائق فجن جنوني ولفرط الغيرة قمت على الفور ولم أتركها حتى سقطت على الأرض وكنت أحسبها ماتت وإلا ما تركتها، وفعلت الشيء ذاته للآخر وقد حملت مسدسا لأضربه في صدره بعد أن أثقلتني طعنته من الخلف ولكنه فر هاربا وتمت المقاطعة النهائية بين العائلتين، وبعد مرور سنة أتتني أختي تعتذر فطردتها وأرسل لي هو رسول وأبيت الصلح والله يعلم أن أبغض شي عندي رؤيتهما أو سماع أصواتهما، سؤالي هل علي إثم في هذه المقاطعة والسبب هو الخيانة والغدر وانتهاك الحرمات؟
أرجوكم أفيدوني لأنه مضى الآن سنتان على الحادثة والمقاطعة مستمرة وأنا لا أحب حتى أن أعرف أخبارهم سواء أختي أو ابن عمتي.
الجواب
الأخ الكريم ... حفظه الله.
شكرا لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم".
في البداية أقدر فيك غيرتك على محارمك وغضبك من وجود مثل هذه السلوكيات ومثل هذه الأحاديث، ومن ناحية أخرى أوافقك الرؤية أن الكلام الهابط بين المرأة والرجل لأجنبي عنها وما يندرج ضمن ذلك من معاكسات وكلمات غزل ولهو أنه من الأمور التي تغضب الله سبحانه وتعالى ولا يرضاها لعباده المؤمنين.
وأنا وإذ كنت أرى خطأ الفعل مثلك تماما، إلا أنني أرى أيضا أن العملية العلاجية التي قمت بها كان يشوبها الخطأ أيضا والاندفاع والعجلة والبعد عن التروي والحكمة ... والتمادي في طاعة الشيطان والهوى وتغليب الجاهلية المقيتة على الشرع الحكيم، وإلا فمن الذي يسوِّغ لك أخي الكريم من الناحية الشرعية قتل نفس معصومة لم ترتكب جرما يستحق ذلك العقاب؟ إنها الغيرة الجاهلية والحمقاء البعيدة كل البعد عن الهداية والصلاح والحكمة ومراقبة الله سبحانه وشرعه الحكيم.
إذا كان ذلك الغضب منك إنما كان لله تعالى فكيف تفسر عصيانك له بفعل جريمة القتل؟
أخي الكريم الذي يحزن لحرمات الله تعالى عندما تنتهك لا يعمل على انتهاكها هو أيضا ... هذا ما يجب أن تدركه عاجلا وأن تتضح لك الصورة فيها من دون أن يكتفها أية شائبة.
قطيعة الرحم محرمة، وحرامها شديد عند الله تعالى، بل إنني أقولها لك بكل صراحة أن عملك في هذه القطيعة هو أشد جرما وحرمة عند الله تعالى مما فعله ذلك الرجل وأختك.. هذا هو شرع الله حتى لو غضبت من ذلك ... التقاليد ليست هي الشريعة يا أخي، وليست هي أوامر الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ... يجب أن تدرك ذلك جيدا.(18/452)
ومن ناحية أخرى.. فإنه يأسفني أن أقول لك أنك جانبت الحكمة بتلك التصرفات الهوجاء بغض النظر عن الجانب الشرعي إذ نحن نعيش في مجتمع تعتبر القضايا الشرفية من أهم عرى المجتمع وأصوله، ولذلك فإن الواجب على من يقع عليه شيء من هذه المشاكل أن يستر عليها ويعالجها بأكبر قدر من المسئولية والحكمة.. وأنت ما الذي استفدته حينما علم القاصي والداني بهذا الأمر غير فضيحة أختك وذلك الشاب؟ ألم يكن أفضل حالا لو تمت الأمور بكل هدوء ولم يعرف بها أحد غيركم؟ ألم يرشدك عقلك أن تبحث عن سبب وجود مثل هذه العلاقة؟ فإن كانت طيبة محترمة حاولت إنجازها بالعمل الشرعي الحكيم، وغلفته بعلاقة شرعية تقوم بينهما عن طريق الزواج بالحلال وطبقا لشرع الله.
لماذا هذه العجلة والاستعجال؟ وهذا الغضب والتشنج وفقدان الروية وغياب العقل والحكمة عند حدوث مثل هذه الأمور؟ بل التصرف الأهوج والغاشم والمدمر هو المسيطر على المرء في مثل هذه الأجواء. وإجابة على ذلك أقول أن مصدر مثل هذه الأفعال والتصرفات وسببه يعود بشكل رئيسي إلى أمرين، هما في نظري في غاية الأهمية:
أولا: الغيرة الشديدة والمفرطة والبعيدة عن الانضباط بضابط الشرع والخلق والحلم والعقل السليم.
ثانيا: وهو مع الأسف الشديد الأكثر وقوعا هو الخشية من الناس ومن أقوالهم ومن نظراتهم والخوف الشديد من ذلك إلى أن يصبح مسيطرا على سلوكياتنا وتصرفاتنا وكأن الناس هم الفيصل في ذلك وعبارة "ماذا سيقول الناس؟ " تصبح بعبعا يدمر جميع قدراتنا العقلية لتساعدنا على الخروج من ذلك المأزق، وتنشل تلك القدرات ولا يصيح بمقدور الإنسان إلا الطيش والحمق ليسودا في ذلك الموقف، فما تكون النتيجة إلا مزيدا من الأسى وتمادياً في إغضاب الرب جل وعلا واستمراراً في ترضية إبليس اللعين وإسعاده بتلك الشقاوات التي تتوالى جراء فعلٍ كان في الأصل بسيطاً أو على الأقل كان يمكن احتوائه بصورة أفضل وأكثر هدوءا وعقلية.
" وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمْ".(18/453)
تفكر في الانتحار لمشكلات أسرية
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 23/2/1425هـ
السؤال
هذه هي المرة الأولى التي أستشير فيها العلماء في أمر يخصني، لكنني لم أستطع سؤال أي شخص من عائلتنا؛ لأنني أخاف أن تصيبني مشاكل ولا أستطيع السكوت؛ لأنني أريد معرفة وضع أخي في المجتمع، فهناك مشاكل كثيرة بين أمي وأبي، وهم دائماً يتشاجرون على أتفه الأسباب، وقبل شهر اكتشفت أن أبي يقيم علاقة مع امرأة أخرى، فأخبرت أمي، وتشاجرا بعنف، وبعدها أخبرتني أمي كيف وافقت على الزواج منه
ولقد أخبرتني بأنه كان يقص عليها كلام الحب والغزل، إلى أن وقعت في شباكه وأقاموا الفاحشة، ولم يعلم أحد بالأمر، وبعدما حملت أمي في أشهرها الأولى تزوجوا. في الحقيقة لم أصدق ما سمعته ذلك اليوم، وأنا أعيش في كوابيس وأوهام؛ لأن أمي هي مثلي الأعلى، وآخر ما توقعته منها هذا الشيء؛ لأنها تعرف الله وتصلي وتصوم، وحريصة على طاعة الله -عز وجل-، لكن بعد ما سمعته أحس أن محبتي لها قلَّت، وأنني أكره أبي كرهاً جماً، وأنني أشفق على أخي الأكبر الذي كان قبل أن يتزوجا، ولا أعرف إن كان ولد حلال أم حرام، فأنا أعيش في حالة يرثى لها، لا أستطيع التوقف عن البكاء، ولا عن التفكير، وامتحاناتنا قريبة، ولكنني لا أستطيع التركيز، فكل تفكيري: هل أخي ابن حلال أم حرام؟
كانت أمي مثلي وقدوتي، والآن تغيرت وجهة نظرتي لها، فلا أود أن أكون مثلها، ولا أريد عمل أي شيء مثلها. ومع الأسف فأمي حرمتني من الخروج مع أصدقائي، والآن لا يوجد عندي أصدقاء، فأمي كانت صديقتي، والآن فقدتها وفقدت كل شيء، فأنا وحيدة، وحتى إنني كنت أكلم شاباً أحببته فكان صديقي وأخي وكل شيء بالنسبة لي، فقد منعوني من الكلام معه، مع أنه والله شاب جيد، حتى إنه يخاف علي أكثر من نفسه، لا أريد أن أطيل عليكم، لكنني محتارة وأريد الحل في أسرع ما يمكن؛ لأنني تعبت وأنا أفكر.
ومع الأسف الشديد أنا فتاة لا أذكر الله، وكل وقتي أضيعه في اللهو واللعب؛ لكي أشغل نفسي عن مشاكل الوالدين، وفي بعض الأحيان أفكر في الانتحار أو الهروب من المنزل فإنني أرى بعيني أبي يضرب أمي ويهينها أمامنا، ويطردها من المنزل، ويخرب حاجاتها، ولا حتى يصرف عليها، ويلعنها،
فماذا أفعل؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فسؤالك أختي الكريمة- اشتمل على عدة مسائل، وكل مسألة منها بحاجة لبسط القول فيها، ولكن سأوجز الجواب فأقول مستعيناً بالله تعالى:(18/454)
أولاً: ذكرت - حفظك الله- أن والدك يقيم علاقة مع امرأة أخرى، ولا أدري ممن استفدت هذه المعلومة؟ هل أقر بذلك والدك؟ أو من أحد الناس؟ وأنت على كل حال وقعت في خطأين: الأول: قذفك لوالدك بأنه يقيم علاقة محرمة مع امرأة لا تحل له، فإن صح ذلك فقد تكون زوجة ثانية له، وإن لم تكن زوجة له فلا يحل لك قذفه بذلك؛ لأن القذف محرم شرعاً، ولا يتثبت صحته إلا بإقرار المقذوف، أو بأربعة شهود يشهدون على أنهم رأوه يواقع امرأة لا تحل له، قال تعالى: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"
[النور:4] ، ولو رأيت ذلك بعينيك فالجواب عليك مناصحته وستره، لا التشهير به وفضحه، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- لهزال الأسلمي - رضي الله عنه- لما أقر عنده ماعز - رضي الله عنه- بالزنا فأمره أن يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم- ليقر بذلك قال له: "يا هزال لو سترته بثوبك كان خيراً لك مما صنعت" رواه ابن أبي شيبة (5/540) ، وأحمد (5/216) ، وأبو داود (4377) ، والنسائي في الكبرى (4/305) .
الثاني: إخبارك لوالدتك بذلك مما تسبب في وقوع المشاجرة بينهما بسبب معلومة لا يدرى أصحيحة هي أم لا؟.
ثانياً: قولك عن والدك إنه غير مؤدب ومفترس!، ومثل هذا الكلام لا يجوز للولد أن يقوله عن والده، ولو كان الأب كذلك؛ لأن حق الوالد عند الله تعالى عظيم، قال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً" [الإسراء:23] ، فالأدب مع الوالدين واجب شرعاً لعظم حقهما علينا، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: "لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك"، رواه مسلم (2558) ، فانظري كيف أمرنا أن نتعامل مع الأقارب المسيئين فكيف بالوالدين؟.
ثالثاً: ما ذكرتيه عن والدتك من أنها تعرف الله وتصلي وتصوم، وحريصة على طاعة الله ... فهذا من توفيق الله تعالى لها، وعليك أن تحمدي الله تعالى على أن جعل أمك كذلك.
رابعاً: ما ذكرتيه أن والدتك قد أقامت علاقة مع والدك قبل الزواج، وحملت منه ثم تزوجته ... فهذا الكلام قد تكون أمك قالته ساعة غضب، فلا يؤبه به، وهو من الأمور التي ينبغي أن لا تشغلي بالك بها، فإن صح فقد تابت من ذلك حسب ما ذكرتيه من استقامتها، وهو أمر يخص والديك وهم أعلم بالحال، أما إن كان الأخ الأكبر ولد زنا- والأمر ليس كذلك بإذن الله- فلا عليك، فهو أخ لك ومحرمٌ لك؛ لكونه منسوباً لأمك شرعاً، وأنصحك بعدم الخوض في ذلك.
خامساً: ذكرت - وفقك الله- أنك تكرهين والدك، وهذا خطأ كبير، بل الواجب عليك الرجوع عن ذلك، فمحبة الوالد -خاصة المسلم- عبادة يتقرب بها المرء إلى الله تعالى لأدلة كثيرة ذكرنا طرفاً منها أعلاه.(18/455)
سادساً: ذكرت أنك لا تحبين أن تعترفي به كأب ... وهذا ظلم لك وله، فلو انتسبت لغير والدك لوقعت في كبيرة من كبائر الذنوب، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر" رواه البخاري (3508) ومسلم (61) من حديث أبي ذر - رضي الله عنه-، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: "من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلا" رواه أحمد (1/81) ، ومسلم (1370) من حديث علي -رضي الله عنه-.
سابعاً: ذكرت - وفقك الله- أن والدتك منعتك من الخروج مع أصدقائك، ومنعتك من الحديث مع شاب أحببتيه، أقول: قد أحسنت والدتك إليك كل الإحسان بمنعك من الخروج مع الأصدقاء، ومنعك من الحديث مع ذلك الشاب؛ لأنه يحرم عليك شرعاً الخروج مع رجال أجانب عنك وليسوا من محارمك، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" متفق عليه عند البخاري (5233) ، ومسلم (1341) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-، وما ذكرتيه عن ذلك الشاب لا يشفع له في الخلوة والخروج معه، فقد كان والدك حسب ما ذكرتيه كذلك مع والدتك يكلمها بالكلام المعسول حتى وقع ما وقع بينهما ... لذا المؤمن دائماً يتعظ بغيره ولا يكون عظة لغيره، وهذا الشاب إن كان صادقاً فعليه التقدم لخطبتك والزواج بك.
ثامناً: ذكرت أنك لا تذكرين الله، وكل وقتك تضيعينه في اللهو واللعب.. أقول: قال الله تعالى: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى"
[طه:124] ، فلعل ما ذكرتيه من مشاكل سببها بعدك عن الله تعالى فبذكر الله تعالى ولزوم طاعته كل خير وفلاح دنيوي وأخروي، قال تعالى: "إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً" [الأحزاب:35] ، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل همٍ فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب" رواه أحمد (1/248) ، وأبو داود (1518) ، والنسائي (10290) ، وابن ماجة (3819) ، والحاكم (4/291) ، وصححه من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.(18/456)
تاسعاً: ما ذكرتيه - حرسك الله- من تفكيرك بالانتحار للتخلص مما أنت فيه ... أقول لا شك أن الانتحار من كبائر الذنوب، فلو انتحرت لفررت من مشاكل يسيرة إلى نار عظيمة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا" رواه البخاري (5778) ، ومسلم (109) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وعن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة" رواه البخاري (3463) ومسلم (113) .
عاشراً: ذكرت أن والدتك مشغولة بأختك المريضة ولا تهتم بكم، أقول: أنت الآن امرأة بالغة، والواجب عليك مساعدة أمك في أعمال البيت والقيام بشئونه، وكذا مساعدتها في تمريض أختكم لا أن تكثري الطلبات على أمك؛ بل الواجب عليكم خدمتها وتطييب خاطرها، وطلب رضاها، أسأل الله تعالى أن يمن علينا بطاعته، وأن يعيننا على بر والدينا إنه جواد كريم، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(18/457)
أختي تسيء معاملتي
المجيب عبد العزيز بن محمد الضبيب
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 18/5/1425هـ
السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 28 سنة، ولدي أخت تصغرني بأربع سنوات، وهي معتدلة الالتزام، وطيبة، وخلوقة، ولكنها -للأسف ـ تعاملني بخلاف ذلك، حيث إنها لا تستجيب لنصحي، ولا تحترمني إلا قليلا، وأيضا تعامل أهل البيت بجفاف نوعاً ما، بخلاف معاملاتها مع صديقاتها، وهي في نفس الوقت لا تشعر أنها تعاملنا بجفاء.
أرجو توجيهي لسبب هذه المشكلة، وللطريقة المثلى للتعامل معها.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أخي الكريم: لقد اطلعت على رسالتك، وأسأل الله أن يوفقني إلى الطرح المفيد في حل موضوعها, وأقول مستعينا بالله وتوفيقه ما يلي:
أقدر لك -أخي الكريم- اهتمامك بأمر شقيقتك، وهذا ينم عن وعيك وإحساسك بالمسؤولية، مما يجعلني أثق كثيرا بأن المسألة التي ذكرت بشأن أختك أمر علاجها ميسر بإذن الله، وقبل أن أخوض في غمار حل المشكلة ينبغي علينا دائماً أن ننظر إلى مسبباتها ولا نتطلع دائماً إلى العلاج السطحي، وعلى سبيل المثال عندما يتعرض شخص ما إلى وعكة صحية، وتظهر عليه أعراض المرض كارتفاع درجة الحرارة، فإن الغالبية يسعون إلى البحث عن المسكنات والأدوية الخافضة للحرارة، بينما الطبيب البارع يسعى من خلال التشخيص إلى التعرف على أسباب تلك الأعراض المرضية وعلاجها.
ومن هنا يجدر بنا أن ننظر إلى جذور المشكلة بهدف علاجها أو التخفيف من آثارها قدر الإمكان، وبصفتنا نتحدث عن مشكلة خاصة بفتاة، فقبل أن نتحدث عنها أحب أن أشير إلى أمرين نراهما كثيراً في مجتمعنا ولهما آثار لا تحمد عقباها على الفتاة، وهما أمران نقيضان:
الأمر الأول يتمثل بمعاملة الفتاة -منذ سن مبكر جداً- بمعاملة تسلطية وقهرية، وتحميلها أعباء ومسؤوليات كبيرة جداً، فهي التي تتحمل أعباء المنزل ومسؤولياته، وخدمة إخوتها، والعمل على تلبية كافة مستلزماتهم وتهيئتها ... الخ.
والأمر الآخر: ما شاع مؤخراً من الدلال الزائد، والاعتماد الكبير على الخادمات في تدبير المنزل دون أدنى مسؤولية على الفتاة, وهذا التوجه قد يلقى -للأسف- الدعم الكامل من بعض الأمهات، اللاتي لا يدركن خطورة هذا التصرف على مستقبل بناتهن (أمهات المستقبل) .
أخي العزيز: لن أذهب بعيداً، فسأعود إلى مشكلتك مع شقيقتك، فسأطرح عليك بعض الاقتراحات التي ستساعدك -بعون الله- على حل تلك المشكلة:
1- بداية لا تتوقع أن تتعامل شقيقتك معك مثل تعاملها مع صديقاتها، فهذا شيء طبيعي لعدة اعتبارات، من أهمها صديقاتها من بنات جنسها وفي سنها، وبالتأكيد تجمعهن اهتمامات معينة ... الخ، بالإضافة إلى أن أسرتها تتحمل (زعلها) وعنادها، بينما صديقاتها قد لا يتحملن ذلك.
2- شقيقتك لا تتعمد عدم احترام أسرتها كما أوضحت، وإنما قد يكون هذا السلوك اعتادت عليه باكراً، وقد يرجع ذلك إلى الدلال الزائد منذ سن مبكر.
3- لقد ذكرت عدم تقبل شقيقتك إلى النصائح، لذا آمل أن تستخدم السلوك العملي في التعامل مع شقيقتك فجرب أحد الأمرين التاليين:
أ- حاول أن تتعرف عن قرب عن اهتمامات شقيقتك وشاركها في الحديث عن تلك الاهتمامات، وأسعدها بإحضار بعض الهدايا محل اهتمامها، وإذا أصبحت قريباً منها أشعرها بأهمية تغيير سلوكها معك وباقي الأسرة.
ب- إذا لم يفد الأمر الأول عالج الأمر بعدم الاكتراث، وتجاهل المواقف محل الخلاف، وقلل من اهتمامك بها؛ حتى تشعر بذلك وتبحث عن الأسباب التي ستكون فرصة مواتية لك وأسرتك لمصارحتها بأن تصرفاتها لا تروق لكم، وهي سبب جفائكم لها ... وبالله التوفيق.(18/458)
المشكلات تسكن في بيتنا
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 28/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا فتاة أعاني من مشكلات كثيرة في البيت، وكذلكً أمي وأبي، وأحياناً أخي وزوجاته، وأحياناً تأتي لنا المشكلات والمصائب من كل مكان، ولا أعرف ماذا أفعل، هل هي العين الحاسدة أم ماذا؟ لقد سئمت أمي هذه العيشة، حتى إن أبي لا يسمح بدخول أهل أمي لبيتنا، وقال لها: إذا تريدين الذهاب إليهم فاذهبي، ولكن لا أريد أن يأتوا في بيتي؛ وذلك لحدوث مشكلة وشجار مع أبي وأهل أمي، والخصام هذا لم تنحل عقدته بعد، ولم يلتق الأحبة حتى الآن، ماذا نفعل الكل يسب الثاني ويشتمه، الكل يكره الثاني، لا سعادة لا حب في هذا البيت، لا توجد بسمة مشرقة في الصباح، ولا كلمة طيبة تسعد النفس في المساء، الكل مشغول في عمله، وعندما يكتمل العمل يبدأون في اختلاق المشاكل، والمتسبِّب في أكثر المشاكل هو أبي وأخي الأكبر، لا يوجد تفاهم في البيت، أتمنى أن تفيدوني بآيات قرآنية أو شيء من هذا القبيل؛ حتى أقرأها وتهدأ الأوضاع، أو أي حل آخر ترونه مناسباً لنا.
الجواب
الأخت الكريمة/ سلمها الله ورعاها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة.
والجواب على ما سألت كالتالي: لا أشك أن البعد عن الله، وعن طاعته، وعن التقرُّب إليه بما شرع من أسباب المشاكل في البيوت، وخلوها من الخير والاطمئنان، وحضور الملائكة وتمكن الشياطين الذين يزرعون الشقاق والخلاف وسوء الأخلاق بين الناس، وصدق الله إذ يقول: "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا" [طه:124] وقال: "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون" [الزخرف:36] ؛ ولذلك بقدر ما تحاولين بث الطاعة والخير في بيتكم بقدر ما تقل تلك المشاكل، ثم لا بد من النظر إلى أسباب المشاكل؛ ليتم تلافيها حتى تخف أو تزول، وأقترح عليك بعض الاقتراحات ومنها:
1- إيجاد بعض الكتب والأشرطة التي تتحدث عن حسن الخلق وطيب العشرة مع الأهل
والأقارب، وما لهم من حقوق على الإنسان.
2- التحدث مع بعض أهل الخير من أهل العلم والصلاح من الأقارب، أو غيرهم لزيارة الوالد والأخ الأكبر لنصحهما، وتذكيرهما بالله دون ذكر التفاصيل في ذلك؛ حتى لا تقع بسبب ذلك مشاكل.
3- محاولة الحوار والنقاش مع الوالد عن سبب العنف والشدة في التعامل، وتلك النفرة الواقعة بينكم، والحرص أثناء ذلك على الرفق معه، والرقة والتأدب والبعد عن الإساءة.
4- أن يكون لك جهد وبدء في إشاعة الرفق وحسن الخلق، والتحبُّب مع أهلك وإخوانك.
5- أن تلحي على الله بالدعاء أن يصلح أهلك، وأن يمن عليهم بالهداية والصلاح وحسن الخلق.
6- أن يكون لك ورد من القرآن تقرئينه في البيت، وفي أماكن مختلفة منه؛ حتى تحضر الملائكة وتطرد الشياطين وخاصة سورة البقرة.
7- حاولي أن تقدمي هدايا رمزية لوالدك ولأخيك؛ حتى تكسبيهم إليك، فيكون هناك قبول لحديثك معهم.
8- اعملي للبيت كله وليمة أو (عزومة) مصغرة تحتفلين فيها بهم، وتدخلي السرور على الجميع بذلك.
9- تحلي بالصبر ما استطعت إلى ذلك سبيلا، فإن المشكلة تكمن في سوء الخلق ورداءة الطباع، وهذه تحتاج إلى وقت لإصلاحها، أو التخفيف من حدتها.
والله أسأل أن يصلح أهلي وأهلك جميعاً، وأن يمن عليهم بالخلق الكريم، والطباع الحسنة، وأن يصلح لهم قلوبهم، ويملأها بالخير والإيمان إنه جواد كريم.(18/459)
أهلي قاطعوني
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 20/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي الوحيدة هي مع أهلي الذين كنت أنفق عليهم، وأقوم بشؤونهم بمعاونة أخي حتى كبروا وتوظفوا، ثم تزوجت وسكنت مع أهلي فترة، وبعد سنة من زواجي أنجبت زوجتي طفلة، وقمت بالسكن خارج المنزل في بيت مستقل، ومن يومها وأنا في حال لا يعلمها إلا الله، حيث إن هناك من قام بالدسائس على والدتي، والتفريق بيني وبينها، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل وصل إلى مقاطعتي، ويشهد الله أنني لا زلت -حتى تاريخ كتابة هذه الرسالة- أصرف على بيت أهلي، ولكن لا زالت المشاكل تأتي من الأهل، بل إنهم قاطعوني ولم يقوموا بزيارتي، مما أجبرني على مبادلتهم الشعور، ويعلم الله أنني أتألم لذلك، ولكن كلما أردت التقرب لهم وجدت منهم البعد والتكبر - بل إن مما زاد الطين بلة أن إحدى أخواتي والتي تكبرني بسنة هي التي تطلب من الوالدة مقاطعتي، مع أنه قد قمت بتجهيزها للزواج، ويعلم الله أنني صادق في ذلك لوجود القرائن، والآن يا شيخي هل من حل لهذه المشكلة - لا تقل عليك بالصبر؛ فإن هذا الموضوع له تقريباً 8 سنوات، ولا زالت المشاكل بدون حل، علماً بأن إخوتي جميعهم قد تزوجوا وخرجوا ليسكنوا في بيوت مستقلة، فهل سبب مشاكلي هي خروجي من البيت، أم أن أمي هداها الله تسمع القيل والقال؟! علماً -ويشهد الله على ذلك- أني لم أقصر معها في شيء، ولكن إذا كان هذا الحال فإنني أفكر في تركها وترك زيارتها وقطع المصروف عنها - نسيت أن أخبرك بأن الوالد موجود، ولكن لا عمل له ومتزوج من أخرى، ونحن من يقوم بالصرف عليه، وقد ظهر عليه البعد عنا بسبب تصرفات زوجته معنا، والتي لا تشكر المعروف، ومن ذلك أن بنتها والتي هي أختي من أبي عندما أرادت الزواج يعلم الله أننا علمنا بموعد زواجها من الناس، وأقسم على ذلك. فهل في هذه العائلة عيب لا شفاء منه أم ماذا؟. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ما أسعد الإنسان الذي يعمل الخير مع أقرب الناس إليه، وما أعظم الأجر إذا كان من يعمل المعروف يؤذى وهو يصبر!
أحسبك يا - أخي منهم- بإذن الله-، فما أجمل أن تتمسك بحبائل الصبر، إذا كنت تنوي بعملك هذا وجه الله، فلا تتضجر، أما إذا كان غير ذلك فالأمر يختلف. هذا أولاً.
أما من ناحية حيثيات المشكلة فهي متشعبة وفيها عدة أطراف: أمك وأختك وأبوك وأنت..
نصيحتي لك أن تستمر في الإحسان إلى والدتك مهما تكن الصعاب التي تواجهك، فهو خير لك، ولكن فقط غير الطريقة والوجهة والأسلوب، حاول استمالة قلبها بالهدية، أما زيارتها فاجعلها بالاتصال الهاتفي، ومن ثم حدِّد يوماً معيناً في الأسبوع تزورها فيه حتى تتجلى الأمور، وإذا أتيت لا تكن يدك خالية؛ لأن والدتك يظهر أنها متأثرة نفسياً وعاطفياً بسبب موقف والدك الذي أهملها كثيراً.(18/460)
أما أختك فهي من النوع الغيور، وعلاجها بالهدية أيضاً، وإذا لم ينفع معها يمكن تجاهلها مع الإحسان إليها، ولكن قبل ذلك ليتك تجلس معها جلسة مصارحة، وتسألها عن سبب تصرفها هذا معك، وضع في ذهنك أنك تعاملها بعقلك لا بعقلها، فيظهر أن عقلك راجح، وقضية أن الاستشارة في مواضيع الأسرة، فهذا أمر سهل فلا تهتم لذلك، وأحسن لك على أقل تقدير تريح أعصابك من مشكلات الأسرة، وموضوع الوالد وزوجته فلا تعره أي اهتمام، فقط أحسن إلى والدك بالدعاء له وزيارته، وتفقد أحواله المادية ولك الأجر من الله على فعلك، ثم اهتم بنفسك وأسرتك، واجعل شعارك في التعامل معهم بالود والاحترام والزيارات المرتبة، وإذا رأيت أنه سيأتيك ضرر فاقصر الزيارة عليك أنت فقط، ثم تذكر أن البر أجره عظيم عند الله، كذلك الإحسان إلى الأقارب، وقد ثبت في السنة أن رجلاً قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ... " الحديث أخرجه مسلم (2558) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-. أعانك الله وسدد خطاك.(18/461)
شقيقتي تقيم مع كافر!
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
(عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) .
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 11/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
أرجو أن ترشدوني كيف أتصرف مع شقيقتي البالغة من العمر 25 سنة؟ شقيقتي عندها ولدان وحامل الآن، وهي غير متزوجة، وتعيش مع رجل غير مسلم بلا زواج، لقد آذت شقيقتي عائلتنا كثيراً خلال الأربع سنوات الماضية، وهي ترفض العودة إلينا؛ لأنها تريد العناية بأطفالها، وهي تخاف من والدنا؛ لأنه لا يقبلها ولا يقبل عائلتها. كيف يمكنني معالجة الوضع؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
يظهر لي من خلال عرضك أن أختك قد انعزلت عنكم واتخذت لها حياة خاصة، وانقطعت علاقتكم بها بسبب عيشها مع رجل غير مسلم، وعملها هذا لا شك أنه محرم ولا يجوز أن يقع من امرأة مسلمة، ولكن مادام أن الأمر قد وقع وأنت الآن تسأل عن كيفية تلافي الضرر، فالذي أراه أن تحرص على الاتصال بأختك، والحوار معها حول المشكلة التي وقعت فيها بالأسلوب الذي تراه يمكن أن يستميل قلبها، وناقش معها الأسباب التي تجعلها تستمر في علاقتها المحرمة، واحرص على أن تقنعها بضرر ذلك عليها من الناحية الدينية والاجتماعية، وذكرها بما سيؤول إليه حالها في المستقبل إذا لفظها الناس، واستعن في القيام بهذه المهمة بكل الوسائل التي تعتقد أنها تؤثر في نفسية أختك وتحملها على التوبة، وترك ما هي مقيمة عليه، وأخبرها أن التوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، قال الله تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر: 53] .
وإذا كنت لا تملك المقدرة على شرح هذا فاستخدم الوسائل الدعوية الأخرى كإهداء شريط أو كتيب واصطحبها معك إلى محاضرة أو درس ديني أو أي برنامج نافع يقام في المركز الإسلامي، وحبذا لو رتبت مع بعض الأخوات الداعيات للقيام بزيارتها بصفة مستمرة، وكرر هذا ولا تيأس، وقبل هذا وأثناءه وبعده عليك أن تكثر من الدعاء لها بالهداية، والتمس أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل وبين الأذان والإقامة وآخر ساعة من يوم الجمعة.
وأما مشكلة الأطفال فتستطيع أن توجد لهم حلا يكفل العناية بهم، سواء قمت بذلك بنفسك احتسابا، أو أقنعت أباك للقيام به.
فإذا استجابت لك ووجدت منها تقبلا لما تقول ورغبة في الرجوع إلى الله فإنك تحاول أن تصلح بينها وبين أبيك، ولا أظن أن أباك إذا رأى هذا التحول الإيجابي فيها سيمانع -إن شاء الله- في إيوائها ورعايتها مع الأطفال، وإذا استعصى عليك أمر أبيك فيمكنك أن توسط ذوي العلم والمكانة من الذين يثق بهم أبوك ممن هم في بلدك, وهم سيقومون بهذا الأمر نيابة عنك مع الحرص على أن يتم ذلك بستر تام، وعليك بعد ذلك أن تحرص على جعلها تستمر في حضور مناشط المركز الإسلامي، وترافق أخوات صالحات من المعروفات بالعفاف والالتزام.
ولو قدر أن الرجل الذي تعيش معه دعي إلى الإسلام فاعتنقه عن قناعة وحسن إسلامه فلا بأس أن يتزوجها وتعيش معه، وعليهما أن يستقيما على أحكام الإسلام.
أسأل الله تعالى أن يعينك، وأن يمن على أختك بالهداية ويعفو عنها، وأن يصلح شأنها إنه سميع مجيب.(18/462)
أخت زوجها متبرجة فكيف تنصحها؟
المجيب د. منيرة القاسم
عضو هيئة التدريس بكليات البنات بالرياض.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات أسرية
التاريخ 6/12/1425هـ
السؤال
أخت زوجي مطلقة ولديها أولاد، وهي أصغر مني سناً، مع هذا فهي لا تلاطفني، ولا تكن لي وداً؛ لأني أرتدي النقاب وأخاف الله، ولكنها تظهر شعرها وزينتها، ناهيك عن المكياج الذي تضعه، فقد عجز زوجي -الذي هو أخوها- عن تجنب ذلك، حتى إنه لجأ إلى الضرب ولكن دون جدوى، أشار علي بعض الأصدقاء، فقالوا لي: الدين النصيحة، وبعضهم أمرني أن أصادقها؛ ربما تكتسب وتعي الدين وأوامره. فبماذا تشيرون علي؟ أفادكم الله.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أدعو الله - سبحانه وتعالى- أن يثبتك على دينه ويزيدك تقى، موضوع أخت زوجك يحتاج منكما إلى صبر وحلم، فأسلوب الضرب غير مناسب لعلاج حالتها، هي بحاجة إلى الملاطفة والإشعار بالحب والعطف، وهذا يتطلب منكما التودد إليها والإحسان لها، ولأولادها، خاصة وأنها بدون زوج، كما أن التدين والاستقامة لا يكون بالقوة، وإنما تنبع من ذات الشخص وقناعاته وحبه لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم- ولشريعته؛ لذا أوصيك وزوجك أن تغيرا معاملتها، وتعاملاها بالمعروف والإحسان والدعوة بالحسنى واللين، وأن تكونا قدوة في ذلك، حتى وإن أظهرت عناداً وتكبراً، فلا تتعجلا النتائج، ولا تنسيا الدعاء لها وإظهار ذلك أمامها وفي ظهر الغيب، فزوجك لن يحاسب على أفعال أخته في الوقت الذي هو مسؤول فيه عن إحسان معاملتها والإنفاق عليها إذا كان هو وليها، والنصح والموعظة الحسنة؛ لأن إساءة معاملتها ستزيد من المشكلة، وستولد الكراهية لكما، وللمتدينين، وقد تأخذها العزة بالإثم وترتكب المزيد من المعاصي.
احتسبا الأجر واصبرا، وعليكما بحسن الظن بالله، وستجدان أفضل النتائج بإذن الله، تقربا إليها بالابتسامة والهدايا؛ فهي مفتاح عجيب للقلوب، دعواتي لكما بالثبات ولها بالهداية والسداد.(18/463)
ابني والخادمة: علاقة آثمة!
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات الخدم
التاريخ 17/9/1424هـ
السؤال
لدي ولد عمره 19 عاماً، اكتشفت أن له علاقة جنسية مع الخادمة، واجهته بالأمر وأغلظت له في القول والزجر، ولكنه أنكر أن له علاقة معها، مع أنني متأكدة من ذلك تماماً، استغرب أن يفعل ذلك فهو من الشباب الهادئ الخلوق، ليس له مشاكل في المدرسة أو الحي، محبوب من الجميع، ولكنه من المقصرين في أداء الصلاة، ومن يومها أصبحت علاقتي معه سطحية، أخبرت والده بالأمر، ولكنه لم يحرك ساكناً، طلبت منه أن يسفِّر الخادمة، ولكنه لم يفعل، فما هو الحل برأيك؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على معلم الناس الخير نبينا محمد الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لقد قرأت رسالتك أكثر من مرة وساءني جداً ما أساءك، وأحزنني ما أحزنك، ولكن قبل الشروع في حل هذه المشكلة، أود أن ألقي على مسامعك بعض الأسئلة والرجاء أن تتحملي:
أولاً: كيف سمحتم لأنفسكم أن تهيئوا الجو المناسب لابنكم حتى يخلو بالخادمة الآثمة؟ وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما" أخرجه الترمذي (2165) من حديث عمر_ رضي الله عنه_ وقال: حديث حسن صحيح غريب. وصححه الألباني فما ظنك باثنين الشيطان ثالثهما؟!
ثانياً: هل بيتكم قائم على الطاعة والذكر، خالياً من المنكرات سواء المسموعة أو المشاهدة أو المقروءة، والتي بدورها تثير الشهوة وتأجج لهيبها في نفوس المراهقين أمثال ولدك.
ثالثاً: هل قمتم بتربية أولادك التربية الإسلامية الصحيحة، وتتابعونهم وتتفقدون أحوالهم، وتقوِّمون انحرافهم، وهل عرفتم من يصاحب ابنكم؟.
هل تظنين أن ابنك انحرف بين عشية وضحاها؟ الأمر ليس كذلك، ولكن وراء انحراف ابنك أسباب كثيرة أنتم عنها غافلون أو متغافلون.
رابعاً: هل لزوجك الدور الفعال في تربية الأولاد لا أظن، كيف أن زوجك لا يحرك ساكناً عندما أخبرتيه بما فعله ابنك مع هذه الخادمة الآثمة؟ إن زوجك وللأسف لم يراع الله في الرعية التي استرعاه الله عليها، فأين هو من قوله -صلى الله عليه وسلم-:"كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" متفق عليه البخاري (2554) ، (5188، 5200) ومسلم (1829) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
وأين أنت من هذا الحديث كذلك؟
إن تصرف زوجك حيال هذه المشكلة تصرف خاطئ بجميع المقاييس، فهو بذلك يكون غاشاً لله في تلك الرعية، فهو الذي يعين ابنك على هذا الفجور والمجون وسيسأله الله عن هذا كله إذا لم يتدارك الموقف، إن زوجك آثم بتصرفه ذلك من عدم تأديب ولده وعدم إبعاده لهذه الخادمة الفاجرة.(18/464)
خامساً: هل زرعتم في ابنكم الإيمان وحب الخير وفعل الطاعات أم ماذا؟ تقولين بأن ابنك محبوب من الآخرين وليس عنده مشاكل في المدرسة وغيرها، وهو شاب هادئ وخلوق، ولكنه متهاون في أداء الصلاة، الله أكبر متهاون في أداء الصلاة، وكأن تهاونه في أداء الصلاة أمر عادي أو سهل عندك، وتزعمين أنه هادئ وخلوق، أي أخلاق وأي هدوء تقصدين؟.
يا أمة الله من تهاون في أداء الصلاة وضيَّعها كان لغيرها أضيع، فالصلاة عماد الدين والفارق بين أهل الكفر والإيمان قال -صلى الله عليه وسلم-:"إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" أخرجه مسلم (82) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- وعن بريدة بن الحصيب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" أخرجه الترمذي (2623) وقال حديث حسن صحيح، والنسائي (1/231-232) وابن ماجة (1079) وابن حبان في صحيحه (255) وغيرهم.
فالتهاون في أداء الصلاة ليس بالأمر الهين، بل هو عنوان الاستقامة على شرع الله، فالصلاة في حد ذاتها تنهى عن الفحشاء والمنكر كما قال ربنا جل وعلا:"إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون" [العنكبوت:45] .
سادساً: أود أن ألفت نظرك إلى خطورة الزنا، فالزنا جريمة منكرة، وكبيرة مهلكة، وعدوان على الشرف والعرض وهتك للستر، وقتل للعفاف والحشمة والفضيلة، ونشر للرذيلة، فلا يميل إليه ولا يرضى به إلا كل فاسد وفاسدة وفاجر وفاجرة؛ لذلك قال ربنا:"الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" [النور: 3] . والأدلة في كتاب ربنا وسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم- كثيرة على تحريم هذه الجريمة البشعة، وبيان خطرها وأضرارها على الفرد والمجتمع، والمآل المهين لصاحبها يوم القيامة.
قال تعالى:"والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان:68-70] ، فهذه الفاحشة البغيضة أدرجت في سلك الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وارتقت عقوبتها إلى حيز الخلود في نار جهنم والعياذ بالله، وما ذلك إلا لبشاعتها وقبحها وخطرها المدمِّر للفرد والمجتمع والأمة.
ومع ما تقدم فإن هذه الجريمة المنكرة تنافي الإيمان، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" متفق عليه البخاري (2475) ومسلم (57) .
وقد أعد الله للزناة يوم القيامة عذاباً مهيناً يتناسب على ما كانوا عليه من الدناءة في الدنيا، وذلك إن لم يتوبوا إلى الله من هذه القاذورات النتنة.(18/465)
عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى الأرض المقدسة فذكر الحديث إلى أن قال:"فانطلقنا إلى ثقب مثل التنور، فإذا فيه لغط وأصوات، قال: فاطلعنا فيه، فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا" وفي آخر الحديث قال:"وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل التنور فإنهم الزناة والزواني" أخرجه البخاري (1386) .
والأحاديث في بيان عقاب وعذاب الزناة يوم القيامة كثيرة جداً.
سابعاً: ها أنت قد وقفت على خطورة الأمر، وعظيم شأنه فما عساك أن تفعلي أنت وزوجك حيال ولدك؟ هل تحبين أن يكون مصير ولدك يوم القيامة هذا المصير الأليم والهوان الشديد والعذاب العظيم؟.
هل فكرت أنت وزوجك - ولو مرة- أن يكون ابنكم من حملة كتاب الله، فقمتم بتشجيعه على ذلك، وحرصتم على أن تسجلوه في إحدى حلقات التحفيظ، والتي هي منتشرة هنا ولله الحمد بكثرة.
فهل فكرتم أن يكون ابنكم من الشباب الذين نشأوا في طاعة الله، حتى يكون من الذين قال فيهم النبي -صلى الله عليه وسلم-:"سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله ... " منهم "وشاب نشأ في طاعة الله" متفق عليه البخاري (660، 1423، 6479، 6809) ومسلم (1031) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
أما بالنسبة لحل هذه المشكلة فعليك بالآتي:
(1) أولاً وقبل كل شيء يجب عليكم أن تسفِّروا هذه الخادمة الآثمة من غير رجعة.
(2) عليكم أن تهتموا بتقوية الإيمان في قلب ابنكم، وذلك بتشجيعه على حضور مجالس العلم ومصاحبة العلماء والدعاة وطلبة العلم والاهتمام الكبير بأمر الصلاة والحرص على أدائها في أوقاتها، ولتكونوا الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة له ولباقي أبنائكم.
(3) عليكم بإتلاف أي مظاهر للفساد عندكم من دش وأغان وغيرها من الأشياء المحرمة، والتي تثير الشهوات وتلهب نارها.
(4) عليكم بمتابعة ابنكم متى يخرج ومتى يأتي، ومع من يخرج ومن هم أصحابه، فلا بد من إبعاده عن قرناء السوء.
(5) إحضار الأشرطة الدعوية والكتب الإسلامية والتي تركِّز على تقوية الإيمان، وتحض على فعل الطاعات وتحذِّر من فعل المنكرات، وخصوصاً التي تتكلم عن الموت وشدته، والقبر وظلمته، والقيامة وأهوالها، والصراط وحدّته والحساب ورهبته، والجنة ونعيمها والنار وعذابها.
(6) عليكم أن تأمروا ابنكم بغض البصر عن كل ما حرم الله، امتثالاً لقوله تعالى:"وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم" [النور:30] .
(7) عليكم بالإسراع والمبادرة بتزويج ابنكم؛ حتى لا يتورَّط أكثر في الحرام، قال -صلى الله عليه وسلم-:"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه له أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق عليه البخاري (5065) ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-، ومعنى قوله:"وجاء" أي وقاية وحماية من الوقوع في الحرام. فإن لم يتيسر لكم ذلك في الوقت الراهن فعليكم إرشاده للصوم، فإن الصوم يهذب النفس ويحد من ثوران الشهوة كما تقدم في الحديث السالف الذكر.(18/466)
(8) عليكم باللجوء إلى الله والدعاء بصدق وإلحاح أن يهدي ابنكم، وأن يعصمه الله من الشيطان، وأن يبعد عنه الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأبشروا بخير فإن الله هو القائل:"وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة:186] وقال تعالى:"أمن يجيب المضطر إذا دعاه" [النحل:62] .
(9) عليكم أن تحثوا ابنكم على التوبة والإقلاع عن هذا الذنب وغيره، والعزم الأكيد على عدم العودة إلى المعاصي مرة أخرى، وأخبروه بأن رحمة الله واسعة، وأن الله يفرح بتوبة العبد إذا تاب ورجع إليه كما ثبت ذلك في الحديث المتفق عليه عند البخاري (6309) ومسلم (2747) من حديث أنس -رضي الله عنه-.
(10) عليكم أن تظهروا له الضيق والضجر والغضب لما فعله حتى يتضح له قبح فعله، ويكون كلامكم معه على قدر الحاجة، حتى يكون ذلك رادعاً له، ولكن لا يدوم هذا الحال مدة طويلة، حتى لا يأتي بنتائج عكسية.
(11) عليكم أن تشغلوا وقته بما هو نافع ومفيد، من حفظ قرآن وطلب علم، وممارسة رياضة، إلى غير ذلك من الأمور النافعة.
(12) عليكم بتشجيعه إذا وجدتم منه إقبال على الطاعة، وشعرتم منه بحسن التوبة وصدقها، وهنا يجب عليكم أن تتناسوا الماضي بكل قبحه، ولا تحاولوا أن تذكروه به إذا صدر منه شيء خطأ، فهو على كل حال إنسان وشاب في سن المراهقة وغير معصوم، فالرفق به مطلوب، هذا ما تيسَّر والله أعلم بالصواب، ونسأل الله أن يهدي ابنكم وأبناءنا وأبناء المسلمين إلى طريق الحق والهدى والاستقامة على دين الله اللهم آمين، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/467)
حتى لا يقع في شَرَك الخادمة
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الأسرية/مشكلات الخدم
التاريخ 20/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كيف النجاة من شراك الخادمات، حيث تقف خادمتنا إلي بالمرصاد لكي أقع بها، حتى بدأت أفكر بها كثيراً، وربما لا أنام الليل من التفكير بها، فكيف أبتعد عنها قبل أن يقع الفأس بالرأس؟. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الحبيب: أنت تسأل عن تأثير وجود الخادمة لديكم في المنزل، ومحاولتها التحرش بك، مما جعلها تحتل مكانة عالية في تفكيرك، ولا تنام الليل من التفكير فيها.
لا شك أن موضوع الخادمات أخذ حيزاً كبيراً من الدراسات والبحوث في مجتمعنا السعودي، ومثيله من المجتمعات الخليجية، وكلها أكدت على خطورة الاعتماد الكلي على الخادمات، وانعكاس ذلك على القيم الاجتماعية والوضع الأسري بعامة، وبخاصة تأثيرهن على الأطفال في ظل اعتماد الأسر عليهن في التربية، مما جعل الأطفال يتأثرون بثقافة الخادمات!.
لذلك لعلي أمارس معك دور المبصر لك، فأقول: إن قضايا الخادمات والغرباء في المنزل كثيرة جداً، وتأخذ الجانب المهم عندما تستشعر الخادمة مثلاً الاعتماد الكلي عليها، فتبدأ تمارس دور السيادة داخل المنازل، إضافة إلى السحر الذي نشرته بعض الخادمات، وما سببه من هدم للبيوت والأسر، هذا بخلاف الجوانب الأخلاقية والسرقات والتغرير بالصغار، وغيرها، وهي كثيرة جداً، ففي البدء تذكر أن كثيرين يعانون من وجود الخادمات، ولكن كما يقول المثل (أصبحت شراً لا بد منه) في ظل التغيرات الاجتماعية، والثقافية التي نعيشها مع الأسف الشديد.
أخي الكريم: أمرك عجيب، فالدراسات دلت على وجود تحرش من بعض المراهقين والأزواج بالخادمات، فحالتك معكوسة هنا، والغريب أن سنك كبير، فهل الخادمة في منزلك أنت؟ أي مع زوجتك وأبنائك، أم في منزل أسرة والدك؟ فإذا كانت في منزلك فلا تتردد في التخلص منها ومغادرتها لمنزلك وبسرعة، مع تزويدها ببعض الكتيبات بلغتها؛ علها تعيد حساباتها إذا كانت من المسلمات، أما إذا كانت في منزل أسرتك فالخطر عظيم، فعليك إبلاغ ولي أمرك في المنزل لضرورة التخلص منها.
أخي الكريم: إن زيارة واحدة لدور الحضانة الخاصة بالصغار اللقطاء والأيتام تعطيك مؤشراً عن آخرين أخطؤوا الطريق، واستمروا فيما أنت حائر فيه، فوقع الفأس بالرأس -كما تقول- فالخادمات وللأسف الشديد- نحن نراهن من غير غرائز، بل بعضنا لا يراهن بشراً فتكون الثقة كبيرة، وبالتالي تكون النتائج عظيمة مخيفة. أسأل الله - عز وجل- لك الشفاء، وأن يمتعك بالصحة والعافية.(18/468)
هكذا تعارفا، فهل نزوِّجهما؟
المجيب عبد الإله بن سعد الصالح
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 03/03/1427هـ
السؤال
تقدم لخطبة أختي شخص، وقد رفضتُ للأسباب التالية:
لقد تم تعارفهما عن طريق الإنترنت، ولا يمكن التعرف عليه مباشرة؛ لأنه يقطن بمدينة أخرى كما أن الفارق بين عمر أختي وعمره كبير (عشرون عامًا) ، وقد سبق له أن تزوج. سألت أختي عن سبب موافقتها فأجابت بأنه مادام قد قطع تلك المسافة فإنه يحبها، علما أن أختي ليست محجبة، ولا أعرف كيف يمكن التعرف على الجانب الديني بالنسبة له، فهل يحق لي الرفض؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فنشكر لك حرصك على معرفة الطريقة الصحيحة في قبول الشاب المتقدم لأختك، نسأل الله أن ييسر أمرك وأمرها.
أخي الكريم:
لا شك أنكم ترغبون بأن يكون زواجاً ناجحاً ملؤه المودة والرحمة والمحبة، لكن لابد من توفير أسبابه، والعمل على ذلك من جوانب نذكرها.
- الحرص على أن من يأتيكم أن يكون صاحب دين وخُلُق، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: الذي يقول "إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ". أخرجه الترمذي (1084) وابن ماجه (1967) والحاكم (2742) . وهذا هو سبيل النجاح في اختيار الزوج. ولتعلم الأخت ذلك..
- الرجل الديِّن وصاحب الخلق أيضاً لا يقبل إلا بالمرأة الصالحة التي يأمل أن تعينه على العيش بحياة سعيدة.
- طريقة التعارف بهذه الصورة غير صحيحة وغير مناسبة؛ لقلة فرص التعارف على الرجل، وبُعْد المسافة، والتعارف الذي يتم بينهما غير مكتمل، ويميل للجانب العاطفي ولا يعطي الحقيقة التامة.
- مع ذلك إن كان الرجل الذي تقدم لكم كفئاً وعلى درجة من الدين، بعد التأكد من ذلك، فما يعيب الرجل عمره إن كانت الفتاة قد رضيت به.
- إن كانت الحياة التي تعيشونها في بلدكم ملؤها الفتن، ولا تستطيع أن تسيطر على ضبط أختك من واقع المجتمع الذي تعيشونه، فالزواج سيحصنها ويحفظها فلا تتردد.
نسأل الله أن يوفقها ويسعدها دنيا وآخرة.(18/469)
حقوق المرأة في الإسلام.. وهم أم حقيقة؟!
المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 06/01/1427هـ
السؤال
لقد تعبت كثيراً من التفكير بهذا الأمر، وأخشى أن يلحقني ذنب بما أفكر فيه، لكنني أريد المصارحة؛ لعل أحداً يرشدني إلى الفعل الصحيح.
أرى الكثيرين يتشدقون بحقوق المرأة في الإسلام، وهم أصلا في حياتهم لا يقيمون وزناً للمرأة وكأنها في مرتبة ثانية؟
هل حقاً عدها الإسلام كذلك؟ أريد أجوبة واضحة ومحددة، لا أريد لعباً بالألفاظ كعادة من أسألهم، ولماذا الإسلام عدَّ حقوق الرجل أهم من حقوق المرأة؟
ولماذا الرجل يفعل أي شيء ولا أحد يسأله، بينما المرأة لا يحق لها الحديث عن حقوقها، وإلا أصبحت من (قليلات الأدب) ؟
أريد أن أسأل سؤالا مهماً:
ما هي حقوق الزوجة على زوجها؟! وكيف تطالبه بها إن كان أحمق، ويتكبر عند محاولتها المطالبة بحقوقها، وكأنه يقول: تريدينني هكذا أو اذهبي!!؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أختي السائلة الكريمة:
سأجيب عن فقرات سؤالك فقرة فقرة، وإن لم تكتفي بالإجابة فيمكنك أن تعيدي الإشكال الذي بقي لديك بطرحه في سؤال آخر. فقد قلتِ:
(أرى الكثيرين يتشدقون بحقوق المرأة بالإسلام، وهم أصلاً في حياتهم لا يقيمون وزناً للمرأة وكأنها في مرتبة ثانية) .
(لقد تعبت كثيراً من التفكير بهذا الأمر وأخشى أن يلحقني ذنب. بما أفكر فيه، لكنني أريد المصارحة لعل أحدا يرشدني إلى الفعل الصحيح) !!
فهذا التساؤل لا يرد في حق المرأة فحسب، بل هو واقع الرجال والنساء في كثير من علاقاتهم، فالكثير مثلاً يدعي محبة الله -عز وجل- ثم يعصيه ويبارزه بالقبائح. ولو سألت أي رجل مسلم: هل تحب النبي محمداً -صلى الله عليه وسلم-؟ لقال: نعم. ثم ترينه يكره سنته في اللحية وغيرها وقد يستهزئ بمن يعفيها وهو بحلق لحيته يقلد من نهى النبي -صلى الله عن تقليدهم.
وترين من يزعم أنه مسلم -رجلاً أو امرأة- وهو تارك لأعظم أركان الدين وهي الصلاة التي قال فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من تركها فقد كفر". أخرجه الترمذي (2621) ، وغيره.
وقد ترين من يتشدق بحقوق الوالدين، وهو مقصر كل التقصير في حق والديه!.
وترين من يتشدق بأخلاق العمل وهو مقصر في عمله فلا يلتزم بالدوام، ولا يحافظ على أدوات العمل.
وبهذا ترين أن الأمر لا يقتصر على التشدق بحقوق المرأة ثم التقصير فيها، فهذا الأمر واقع في حقوق الله، وحقوق نبيه، وحقوق الوالدين، وحقوق العمل والعمال، وكثير من الحقوق الأخرى. فهوني عليك، واعلمي أن الناس قد ضعف فيهم وازع الإيمان، فإذا لم يخافوا من وازع السلطان ارتكبوا كل مخالفة تهواها نفوسهم.
ولعل هذا الإيضاح لا يجعلك تشغلين نفسك كثيراً بهذا الأمر.
وأنت تعلمين أن من الناس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام، ويأتي وقد ظلم الناس، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته فإن لم تكف حسناته أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار. كما صح بذلك الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم (2581) ، وغيره.(18/470)
وظلم النساء موجود في البلاد الإسلامية والكافرة، حتى تلك التي تتشدق بحقوق المرأة، بل إن سهولة الحصول على المرأة في تلك البلاد جعلها تتعرض لمظالم أكثر مما يتصور.
أما تساؤلك حول هل يلحقك ذنب بسبب التفكير بهذا الأمر؟ فجوابه في في قول الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم". رواه البخاري (5269) ، ومسلم (127) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-
فالله عز وجل حكيم عليم، لا يشرع شيئاً إلا لحكمة بالغة قد ندرك بعض جوانبها وقد لا ندركها. ثم تساءلتِ:
(هل حقاً هي في مرتبة ثانية، هل الإسلام عدها كذلك؟ أريد أجوبة واضحة ومحددة، لا أريد لعباً بالألفاظ كعادة من أسألهم، ولماذا الإسلام عد حقوق الرجل أهم من حقوق المرأة) ؟
مسألة المرتبة هل الرجل هو الأول أم المرأة؟ فلو قلنا المرأة أولاً لثار تساؤل آخر: ولماذا لم يكن الرجل أولاً؟
ولا يمكن القطع بأن الرجل مقدم في كل شيء على المرأة فهناك تقديم للمرأة على الرجل في عدد ليس بالقليل من أحكام الشرع وسأذكر لك موضعين فقط كمثال:
حق المرأة باعتبارها أماً مقدم على حق الرجل الأب، وذلك في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟. قال: "أمك". قال: ثم من؟ قال: "أمك". قال: ثم من؟ قال: "أمك". قال: ثم من؟ قال: "أبوك". صحيح البخاري (5971) ، وصحيح مسلم (2548) .
فهنا المرأة مقدمة على الرجل.
والموضع الآخر: تربية البنات فهو في الفضل أعظم وأعلى منزلة من الأبناء حيث جاء في فضل تربية البنات من الأجر والفضل ما لم يأت في تربية الأبناء، روى مسلم (2631) وغيره عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو" وضم أصابعه.
وفي بعض مواضع الإرث ترث المرأة أحياناً أكثر من الرجل، كما لو توفي رجل عن زوجة وابنتين وعم، فللبنتين الثلثان وللزوجة الثمن وللعم الباقي.
ولكن في الجملة فإن الرجل مقدم على المرأة في رعاية الأسرة ورعايتها والقوامة عليها، قال تعالى: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم" [النساء:34] .
فالله عز وجل أحكم منا وأعلم حين جعل حق الزواج أعظم، ونحن البشر خرجنا إلى الوجود لا نعلم شيئاً فكيف نخاصم ربنا جل وعلا في تشريعه بسبب أخطاء بعضنا؟ قال تعالى: "أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين" [يس:77] .
فالمسلم الموقن بأن الله هو الخالق المدبر الحكيم العليم يؤمن بأن ما شرعه الله هو الحق والهدى، ويستعيذ بالله من شر وساوس شياطين الجن والإنس. ولا تكون أخطاء البشر في حقه سبباً في اعتراضه على حكم ربه.
ثم تساءلتِ: (ما هي حقوق الزوجة على زوجها؟ وكيف تطالبه بها إن كان أحمق ويتكبر عند محاولتها المطالبة بحقوقها، وكأنه يقول: تريدينني هكذا أو اذهبي) !(18/471)
الحياة الزوجية ليست مبنية على المحاسبة على الحقوق بل على المودة والرحمة والتسامح والعفو، ولهذا أمر الله -عز وجل- ونبيه -صلى الله عليه وسلم- الرجال بحسن معاشرة نسائهم قال تعالى: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء:19] . وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر". صحيح مسلم (1469) .
وأمر النساء بحسن التبعل لأزواجهن والقيام بحقوقهم.
لكن بعض الرجال -من قليلي المروءات- يسيؤون عشرة المرأة؛ لعدم خوفهم من الله، وأحياناً بسبب عدم قدرة المرأة على استجلاب محبة الزوج بحسن العشرة والصبر.
ويمكن للمرأة أن تحصل على حقوقها من الزوج -إن كان عاقلاً- بحسن المعاشرة والصبر، أما إن كان سفيها عاصياً فمن الصعب أن تحصل على حقوقها منه إذا لم يكن راغباً في بقائها معه ومحبا لها فهو -كما قلت في سؤالك- يقول: تريدينني كذلك أو اذهبي.
وهي كذلك إن لم تكن راغبة فيه لعدم قيامه بحقوقها يمكنها أن تطلب الطلاق منه، وتبين الأسباب المسوغة لهذا الطلب أو الخلع، بأن ترد عليه ما دفعه من مهر لها. والله أعلم.(18/472)
يعيّروني بأني لقيطة!
المجيب عبد الإله بن سعد الصالح
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 24/12/1426هـ
السؤال
أعيش في أسرة عادية، يكسوها طاعة الله ورضوانه، وبين أب وأم وإخوة، وفي السنوات الأخيرة من عمري اكتشفت أني لست ابنتهم، بل أنا لقيطة، وأصبحت الأفكار ونظرات الناس والمجتمع لا ترحمني، فكل مكان أذهب إليه أشعر بأني صغيرة بين الناس، وحتى الناس يعاملوني وكأني إنسانة غير سوية خلقيا، أنا لا أدري كيف أتيت إلى هذه الدنيا، هل بطريقة شرعية أم أني بنت زنا؟! كل الأقارب وحتى زوجات إخوتي أصبحن يعيِّرنني بأني لقيطة. تدمرت حياتي، تركت الدراسة، انعزلت عن الناس، حاولت مراراً وتكراراً التكيف معهم بشتى الطرق، ولكن بين الحين والآخر تتزاحم علي الأفكار، وكلمات الناس الذين يقذفونني بأني أتيت بطريقة غير شرعية.
تقدم أحد الإخوة لخطبتي، واتفقنا، وعندما صارحته صارحت والدته بأني لقيطة انصرفوا عن الموضوع.
وعرفت أن والدتي على قيد الحياة، ولكن لا أعرف لها طريقاً.
فهل لي حق بالرجوع إليها بعد هذا العمر الذي تركتني فيه، أم أبتعد عنها لأنها هي سبب حياتي القدسية؟ أرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أسأل الله بمنه ورحمته أن يشرح لكِ صدركِ، وأن ييسر لك أمركِ، وأن يجعلك من الهداة المهتدين.
أختي الفاضلة:
لنتأمل سوياً، خلق البشر فمنهم مؤمن ومنهم كافر، وقد منّ الله عليك وعلينا أن هدانا للإسلام، وجعلنا مؤمنين به، والإيمان له أصول منها الإيمان بقضاء الله وأقداره، فهي علامة على صدق وإحسان ظنه بربه، كما قال -صلى الله عليه وسلم- "لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه" ومن آمن بما قدر الله وقضى عاش مطمئناً مستقراً، ثابتاً مرابطاً، لا تزعزعه ولا تعرضه للمحن والمصائب، ولابد أننا نعتقد أنه لا يحدث شيء بدون إرادته سبحانه، قال تعالى: "إن ربك فعال لما يريد".
وقال سبحانه وتعالى: "وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له" إذا عُلم هذا فإذا نزلت النازلة وحلت المصيبة تذكر أنه بإرادة الله ومشيئته، فلا يجزع الإنسان فإنه يأوي إلى ركن شديد. ونؤمن أيضاً أن الله سبحانه لا يقدر شراً محضاً ليس فيه خير، بل كل ما قدر وإن ظهر لنا أنه شر كله فإن من ورائه من الخير ما لا يعلمه إلا الله، كتكفير السيئات ورفعة الدرجات ونحو ذلك من المصالح التي لا تخطر على بال.
وتؤمن بأن الله سبحانه رحيم بالمؤمنين، بل هو أرحم بهم من أمهاتهم، لذا كان على العبد إيماناً بالله أن يصبر على أقدار الله ويرضى بها وهو سر الهداية والفلاح في الدنيا والآخرة، فإن ألمت بنا المحن نستعين بالصبر قال تعالى: "واستعينوا بالصبر والصلاة" فهي الحياة لا تقوم إلا على الصبر والمصائب، وعلاجها لا يكون إلا بالصبر فكان أجر الصابرين عظيم.(18/473)
قال تعالى: "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم وأولئك هم المهتدون" ألا أحدثكم بحديث لا يحدثكم به أحد غيري يقولها أنس بن مالك -رضي الله عنه- قالوا بلى، قال: كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- جلوساً، ثم قال أتدرون مما أضحك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال -عليه الصلاة والسلام- عجبت للمؤمن أن الله -عز وجل- لا يقضي عليه قضاء إلا كان خيراً له".
وتذكري أن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، وقدر الابتلاء وشدته على قدر محبة الله لعبده، وفيها من الحكم العظيمة التي لا تخفى.
أختي الكريمة:
- نخاطبك لأنك مسلمة -مؤمنة بفضل الله- ونلمس من حديثك اتزانك وحكمتك وقوة إرادتك.
- لا لوم عليك أمام الله وأمام خلقه، فأنت عزيزة بشرفك وإيمانك.
- ونعلم أن الله جعل الكرامة والمنزلة الرفيعة عنده لما كان أقرب بالتقوى، قال تعالى: "إن أكركم عند الله أتقاكم".
- مما ذكر سابقاً كافياً للمؤمن إذا احتسب وعمل صالحاً كان في مصاف السعداء في هذه الدنيا، وشرح الله صدره.
- ومع تأملنا للناس فمتهم بين والديه، وزوجه، وأبنائه، لكنهم لا يجدون للحياة طعماً ولا راحة ولا للإيمان في قلوبهم سبيل، فهم في حسرة وندامة وضيق من العيش.
- وابتلاءات الله للعبيد كثيرة، فمنهم من عاش مريضاً معاقاً، أو مريضاً نفسياً، أو ابتلي أو زوجه..الخ.
أختي الكريمة:
- عليك أن تقلعي جذور الإحباط واليأس من نفسك، وأن تكوني متفائلة إيجابية ثقة بالله وعونه وفضله عليك.
- اعلمي أنك إذا دفعت هذه الهموم واختلطت مع الناس ورجعت لما كنت عليه سابقاً أو أكثر فإنك قادرة -بإذن الله- على تجاوز هذه المرحلة تدريجياً إلى أن تستقر في نفسك الثقة والطمأنينة، بل حتى من حولك يتأثرون بتصرفاتك وثقتك بنفسك وبإيمانك ما تجدينه منهم، ثم تجدين كل احترام وتقدير.
- استغلي أوقاتك فيما ينفع نفسك وينفع غيرك كالأعمال التطوعية والمجالات الخيرية، أو في الأعمال الأخرى النافعة فهي سبيل لإشغال النفس بما يفيد، ومجال لتقديم الخير للآخرين، ووسيلة كبيرة لتقديرهم واحترامهم لك، وأجر وثواب من الله.
-كوني فاعلة في أسرتك، وأظهري عدم تأثرك، وتعاملي بنفس ما كنت سابقاً. وكوني إيجابية، يعينك ربك بإذنه على تجاوز ما في نفسك. وطبيعة البشر أن المصائب تذهب تدريجياً من النفس.
- المبدعون والناجحون كثيرون ممن كانوا على شاكلتك، ونعرف منهم مشهورين دعاة صادقين نفع الله بعلمهم ودعوتهم، والله لهم مكانة عظيمة في النفوس.
ارتبطي بمن ترين أنها مؤثرة في حياتك من الخيرات.
- وأما سؤالك عن والدتك فإذا رأيت أن ذلك سيكون شراً ووبالاً عليها فارحميها، وتجنبيها، واكملي حياتك بدونها، فاللوم عليها لا عليك، واحرصي على الدعاء لها ولك ولمن كان له إحسان عليك. والله يحفظك ويرعاك.(18/474)
أنا والتهميش الوظيفي
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 16/12/1426هـ
السؤال
ما أفضل ما يفعله الإنسان في فترة الابتلاء والتهميش والتجميد الوظيفي والعملي والاجتماعي؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقضية التهميش الوظيفي تختلف عن التجسيد الوظيفي؛ فالتهميش الوظيفي إجراء تقوم به جهة العمل لموظف قد يكون غير كفء أو صدرت منه مخالفة، أو لا يتوافق مع السياسة الجديدة لجهة العمل وغيرها من الأسباب، أما التجميد الوظيفي يعني تأخير الموظف في الترقي أو تقليد مناصب عليا، وطول فترة بقائه على نفس وظيفته، وبالتالي الأمر مختلف، ولا أدري حقيقة أيهما يطبق عليك، فلو أنك تقصد روتين الحياة ككل عملياً واجتماعياً، فعادة الشعور بالملل يدخل إلى بعض النفوس المضطربة التي لا تجد ما تشغل به وقتها بشكل إيجابي. أما إذا كنت تعاني من التهميش الوظيفي في عملك، فأعتقد أنه يجب أن يكون لديك أولاً قناعة بأسباب التهميش بشكل دقيق ولا تغالط فيه نفسك، وعادة ما يكون التهميش فرصة للموظف كي يعيد حساباته وينظر لنفسه من جديد.
أما إذا كان ما تعانيه التجميد الوظيفي -وهو ظاهرة موجودة في القطاع الحكومي بشكل عام- فأعتقد أن طبيعة الأعمال حالياً تؤيد ضرورة زيادة الجرعات التدريبية التي يتلقاها الموظف حتى يطور من نفسه ومن قدراته، لحين انتهاز فرصة مناسبة، فالموظف عليه أن لا يكتفي بما لديه من خبرات أو مهارات، فمن المعروف أن المهارات في تغير في ظل تطور استخدام التقنية في العمل. فالموظف عليه تطوير قدراته حتى يقلل من التجميد الوظيفي الذي قد يقع عليه.
لذلك أخي الحبيب بادر في تطوير قدراتك، وانفتح أكثر على مؤسسات العمل، وعالم العمل بحد ذاته قد يجد فيه الموظف الكثير مما يحقق من مكانة أو دور اجتماعي معين.
ولكن البعض -مع الأسف- قد يرى أن العمل هو دخل أو راتب فقط، بينما الحقيقة العملية هي عكس ذلك، فالعمل -أخي الكريم- هو الدور في الحياة الاجتماعية والذي من خلاله يستطيع الفرد ضبط إيقاع أدواره الاجتماعية الأخرى. وبفقدان دور العمل أو تأثره تضطرب بقية الأدوار، ويحدث الصراع النفسي والاجتماعي للفرد، وحالات التهميش الوظيفي أو التجميد هي مواقف لما يفتقده الفرد في عمله، لذلك يشعر بالملل أو الكبت أو القتل البطيء، كما ذكرت في رسالتك. وأعتقد أن عمرك صغير جداً، فلا تركن لليأس ففي العمر فسحة من أمل، فاستعن بالله وتقدم خطوة للأمام، ويتلوها خطوات بإذن الله، وانظر للعمل وفق ما ذكرت لك، لجعله محور الاهتمام، وستجد نفسك في تناغم كبير في ممارستك لحياتك الاجتماعية.
أسأل الله العلي القدير لك التوفيق والسداد، وأن يوفقك في عملك وفي حياتك.(18/475)
ما زال يلاحقني بعد توبتي!
المجيب نورة الرشيد
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 25/10/1426هـ
السؤال
أنا فتاة تعرفت على شاب عن طريق الإنترنت، وتطورت علاقتي به حتى أصبحت أكلمه هاتفياً ثم قطعت علاقتي به، وتبت إلى الله -تعالى- وتركته ولم أعد أكلمه، لكنه لم يتركني، فاستمر يتصل بي بعد فترة من قطع علاقتي به، وعندما أصريت على رفض علاقتي به هددني بأن يتصل بأهلي، ويخبرهم بأنني لا زلت على علاقة به، وأنني خرجت معه قبل ذلك، فرفضت أن أعود إلى علاقتي به، فاتصل بأخي، وقال له ما هددني به، وبعد ذلك ظننت أنه لن يعود للاتصال بي، ولكنه عاد مرة أخرى يزعجني باتصالاته، رغم أنني غيرت رقم جوالي، ولا أعلم من أين عرفه؟ أرجوكم أرشدوني ماذا أفعل مع هذا الشاب؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد قرأت رسالتك، وأسأل الله أن يتوب عليك، ويغفر لك ذنوبك، ويثبتك على الحق، وأقول رداً على رسالتك:
1- الإنترنت سلاح ذو حدين، فاستغني عنه بقراءة ما ينفعك، والانشغال بالعبادة والدعوة.... والانضمام إلى دور تحفيظ القرآن الكريم، والارتباط بالصحبة الصالحة.
2- استمري على تجاهل هذا الذئب، ولا تردي على أي رقم لا تعرفينه في جوالك، وبإمكانك أن تقفلي الجوال ولا تفتحيه إلا إذا أردت الاتصال الضروري، ولا بأس أن تقطعيه مؤقتاً حتى ينقطع ذلك الشاب وييأس منك.
3- ادعي الله أن يكفيك شره، وقولي: "اللهم اكفنيه بما شئت"، (حسبي الله ونعم الوكيل) ، (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) ، (لا حول ولا قوة إلا بالله) .
فالاستغفار، والحسبلة، والحوقلة ... تدفع عنك الشرور، ويكفيك الله ما أهمك.
4- إذا كان لديك في البيت أخ عاقل، حكيم، يحسن التفاهم، والتصرف، وغير متهور، فأبلغيه بمضايقة الشاب لك، وأعطيه رقمه؛ حتى يتعاون مع الهيئة في القبض عليه ومعاقبته.
5- إذا لم يكن لديك رجل عاقل من أقاربك، فعليك بالاتصال بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقتكم، أعطيهم الرقم وهم سيتعرفون عليه، ويراقبونه، ليسلِّموه إلى من يعاقبه.
وختاماً: أطمئنك أن الله -سبحانه -سيصرف عنك شره مادمت قد صدقت التوبة مع الله، ولكن حاولي تجنب الذنوب والمعاصي، لأنه ربما سُلِّط عليك بسبب ذنوبك، فحافظي على أورادك، وعلى الخشوع في الصلاة، وعلقي قلبك بالله، وثقي أن هذا الشاب سييأس ويملّ ويتركك، ولكن لا بد أن يوقف عند حدِّه ويؤدب -إذا طالت مضايقته-. أسأل الله لك التوفيق.(18/476)
في أسرتنا منحرفة!
المجيب يوسف صديق البدري
داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 14/10/1426هـ
السؤال
لدي أخت تزوجت وهي صغيرة من شخص غير سوي، وبدأت تنحرف أخلاقياً وهي عند زوجها، اكتشف زوجها أنها تخونه مع شخص فقام بطلاقها، وبعد مدة قام بإرجاعها، ولكنها لم ترجع إلى الله وتتوب إليه، بل استمرت في انحرافها.
ومشكلتي التي أعيشها الآن هي أن زوجها اكتشف أنها على علاقة مع صديقه، ونزلت علينا المصائب والفضائح والأمراض من هذه الأخت، وبعد هذه الفضائح فكرت كثيراً في قتلها؛ لأنها دمرت حياتي وحياة أمي وأبي وأولادها.
وقد اقترح علي أحد الأقارب أن أودعها مستشفى الأمراض النفسية، وعلى الفور قمت بذلك، ولكنها هربت من المستشفى، وقامت بالإبلاغ عني لدى مركز الشرطة بحجة أنني تهجمت عليها في بيتها، وآخر ما توصلنا إليه هو أن نتبرأ منها أمام الله والقانون وقد قمنا بذلك.
أفيدونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإني أسأل الله -تعالى- أن يفرج كربك، ويزيل همك، وألا يحمِّلك ما لا طاقة لك به، فمعاناتك مع شقيقتك -حقاً- مؤلمة موجعة، وللدنيا مع أهلها ابتلاءات وتقلبات، وما على أهل الإيمان إلا الصبر والاحتساب وحسن التوكل على الله تعالى، لكني أرى -يا أخي- أنكم بذلتم مع تلك الشقيقة كل حيلة، وسلكتم معها سعياً لهدايتها ولكبح جماحها كل وسيلة، لكني بعد كل هذا أنصحك بالآتي:
1- الصبر والاحتساب.
فقد قال صلى الله عليه وسلم، فيما رواه الإمام البخاري (5642) ومسلم (2573) : "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه".
وفي الحديث الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا". رواه أحمد (3712) وصححه الألباني
2- تذكر ابتلاء الله لنبيه نوح -عليه السلام- في ولده، ومع ذلك لم يقصر في نصحه ووعظه إلى ساعة الطوفان، وإلى أن حال بينهما الموج فكان من المغرقين، فلا تيأس ولا تمل من نصح شقيقتك مهما بلغت من تمرد وعصيان، وأرسل لها من النساء الصالحات من يعظها وينصحها ويأخذ بيدها إلى سواء السبيل.
3- لا تملكها أي مال فربما كان في تصرفها سفاهة مع ما ذكرت من تمرد.
4- خذ أبناءها وارعهم وعلمهم الدين، وربهم على الخير والفضيلة بعيداً عن أمهم فليست هي أمينة عليهم.
5- إياك ثم إياك أن تفكر في قتلها حتى لا تخسر دينك ودنياك مهما بلغت من معصية؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً". أخرجه البخاري (6862) .(18/477)
6- لا تحمِّل نفسك ما لا تطيق، فوراءك مسئوليات أخرى -كما تقول - وعلى رأس ذلك والداك ثم أخواتك، وربما أبناء تلك الشقيقة- هداها الله للصواب، فإن الله تعالى يقول: "ولا تقتلوا أنفسكم" [النساء: 29] ، وقوله سبحانه: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" [البقرة: 195] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه". قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: "يتعرض من البلاء لما لا يطيق" رواه الترمذي (2254) وابن ماجة (4016) ، عن حذيفة -رضي الله عنه-، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
7- اعتزل هذه المرأة، ولا تجعلها تحطم عائلة بأكملها فـ"كل امرئ بما كسب رهين" "ولا تزر وازرة وزر أخرى".
8- جدد طلبك لها بالرجوع لتعيش في بيت والدك؛ لتكون بذلك تحت نظرك، فإن أبت فتبرأ منها مع متابعة أخبارها ولو من بعد.
9. إن تابت أختك هذه وعادت إلى الحق والتزمت وتركت ما هي فيه فاقبلوا منها ذلك وشجعوها على ممارسة حياة جديدة ولو في سكن جديد.
وأخيراً أرجو أن تراسلني على الموقع؛ لنعلم ماذا فعل الله بكم ولعله خير "واصبر وما صبرك إلا بالله".. فرج الله كربك وهدى أختك..(18/478)
حبها استولى على عقلي!
المجيب د. إبراهيم الزامل
(عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام)
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 12/10/1426هـ
السؤال
أنا طالب في إحدى الكليات، ومشكلتي أني أحب فتاة، وهي عالقة بذهني ومسيطرة على تفكيري، فلا أستطيع أن أنام ولا أدرس إلا وأنا أفكر فيها، أرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي الحبيب: إن كانت تلك المرأة التي تتردد صورتها على ذهنك ممن يُرضى دينها وخلقها، وما ترغب أنت فيه، فلا مانع من الزواج بها، وأما إن كان ثمة موانع، فأوصيك بأمور:
(1) أكثر من الدعاء واللجوء إلى الله بأن يصرفها عنك، فما خاب من
رجا ربه.
(2) تذكّر أن هذا لا يأتي إلا من الشيطان؛ ليشغلك عن دنياك وآخرتك وما يهمك،
فاستعذ بالله منه، وتجنب كل ما يقربه منك، واحرص على كل ما يبعده عنك.
(3) اعلم أن أعظم سبب لمثل تلك الأمور هو الفراغ، فاشغل نفسك ما استطعت، فمن
قراءة قرآن إلى سماع شريط، إلى قراءة كتاب، إلى حضور محاضرة.. وإذا حزبك الأمر
فافزع إلى الصلاة.
(4) تجنب الوحدة، وحاول الالتفاف حول صحبة خير تذكِّرك بالله والدار الآخرة.
(5) تذكّر أن من فرغ قلبه من حب الله تخبط في حب عباده، فابحث عما يملأ قلبك بحب
الله، وأكثر من القراءة حول آياته وقدرته ونعمه ورحمته، وما أعد لعباده في الآخرة.
(6) أما إن كنت لا تستطيع نسيانها بسبب اضطرارك إلى الالتقاء بها أو سماع صوتها
فتجنب كل طريق يقربها منك، واسع إلى غرس اليأس منها في نفسك، واصدق مع الله
يصدقك ويعينك "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا".
وفقك الله للصالحات، وأشغلك في الطاعات، ومنَّ عليك وأكرمك بحبه.(18/479)
جدتي لا تصلي، فكيف ننصحها
المجيب أمل الجليل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 21/08/1426هـ
السؤال
سؤالي بخصوص جدتي لأمي، فحالتها الصحية سيئة فهي لا تغادر السرير، ونحن نقوم بخدمتها والمشكلة أنها أصبحت تتحسس من أي كلام وتغضب بسرعة على أتفه الأسباب، وهي لا تتكلم معنا إلا إذا طلبت شيئاً، تظل معظم النهار مستلقية ومغمضة العينين، والشيء الذي يضايقنا هو أننا لا نراها تصلي مع أنها عندما كانت صحيحة كانت تصلي كل صلاة في وقتها، أما الآن فهي تقول: إنها لا تستطيع؛ لأنها مريضه وغير قادرة على الطهارة في كل وقت للصلاة، وهي تقول: إن الله يعلم بنيتها وبحالها، ولو ألححنا عليها في أمر الصلاة تغضب، وتقول: ألا ترون حالي؟ فأحياناً تقول للذي ينصحها بالصلاة لا أريد أن أرى وجهك، الله يعلم بمرضي. مع العلم أن عقلها سليم. فأرجو منكم أن تدلوني وتنصحوني بكيفية التعامل معها، سواء بإخراجها من الغضب الذي هي فيه، وكيفية نصحها للصلاة بالطريقة التي تريحها ولا تغضبها. وجزاكم الله عني وعن المسلمين خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:(18/480)
فقد ذكرت في خطابك الحالة الصحية لجدتك الكبيرة في السن، وشدة غضبها لأتفه الأسباب، وأردفت بقضية تركها للصلاة مع كامل وعيها وقدرتها عليها ولو على جنب، وتسأل عن كيفية التعامل معها، وإخراجها من حالة الغضب الدائمة، وكيفية حثها على إقامة الصلاة دون إغضابها، فأود أن أوضح -والله المستعان- عدة نقاط مهمة، نحتاج التعرف عليها للتعامل مع المسن، أولاً يا أخي -رزقك الله البر والأجر- لابد من معرفة نفسية المسن، وكيف يفكر وماذا يريد؟ فالمسن يشعر بأنه أصبح غير قادر على العطاء، وأنه بعد أن كان المعيل والمنفق، أصبح اليوم يحتاج إلى من يعوله، ويحتاج إلى من يخدمه، وهذا يجعل لديه حساسية شديدة لأي نقد أو إرشاد أو توجيه مباشر، فهو يشعر أنه عالة على المجتمع، وأنه ثقيل على من حوله، وأنهم يرتقبون اليوم الذي يتخلصون منه فيه. ولذلك ركز الله في وصيته بالوالدين على هذه المرحلة العمرية، قال تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما.....الآية" [الإسراء:23] فركز على هذه المرحلة العمرية، وهي حين يبلغ الوالدان الكبر؛ لأن الوالدين يكون لديهما حساسية شديدة، وملاحظة شديدة لأي عبارة أو حركة أو إشارة تدل على التضجر أو الضيق أو التأفف، فنهى عن كلمة بسيطة صغيرة في حجمها، كبيرة في معناها، وهي كلمة أف، للدلالة على ما هو أكبر منها، فتأمل معي -يا أخي- فلابد من ملاحظة ما يصدر من الأبناء والأحفاد من تصرفات بدقة أكثر والانتباه للغة، فالمسن يلاحظ ما لا يلاحظه الآخرون، من تعابير الوجه والعينين كعلامات الضيق، والضجر، والتقرف، والسخرية والاستعجال، وكل هذه الإشارات لها الأثر البالغ في نفسية المسن، فهو يشعر بالمهانة وعدم الاهتمام، ويفسر بعض التصرفات بقلة الاحترام، والتطاول. فلا بد من مراعاة حسن التصرف بإلانة القول واختيار العبارات وإظهار الاحترام والتوقير، وعدم الاستغناء عن الدعاء، والرضا منهما ومشاورتهما، وإظهار الفرح بنصيحتهما حتى وإن كانت شيئاً معروفاً، ومطروقاً بالنسبة للولد، وإظهار الاهتمام بسماع ما يقصان من حكايات قديمة قد تكون مكررة ومسموعة، وكأنها تسمع لأول مرة!! فهذه بضاعتهم! لا يملكون إلا اجترار الذكريات ومداومة الاعتراف بالجميل للوالدين، وتذكيرهم بالمواقف الرائعة، والتضحيات التي قدموها في تربيتهم، وعطائهم، وكأننا نقول لهم: إننا ما نسينا ما قدمتم من أجلنا وما جحدنا فضلكم علينا، وأيضاً الاهتمام بالعلاقة الجسدية التي لها الأثر الكبير في إيصال معانٍ كبيرة قد لا يستطيع اللسان التعبير عنها، مثل تقبيل الأيدي والرأس والقدمين، أيضاً اهتمام البنات بمباشرة عملية الإطعام، والتنظيف وتمشيط الشعر برفق ولطف، وعدم ترك هذه الأمور للخادمة، وتبادل الجلوس معها، وإن تيسر (دون الإضرار بها) إخراجها للتنزه والعمرة ورؤية الناس، وإحضار ما تشتهي من الطعام والتنويع في ذلك، ونقل الأخبار السارة لها، وكل هذا مع استعمال العبارات الرقيقة اللطيفة، مثل يا أمي يا حبيتي، يا تاج رأسي، الله لا يحرمني منك، الله يطول في عمرك، الله يديمك خيمة على روؤسنا يا ست الحبايب يا أغلى الحبايب. قال(18/481)
تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً" [الإسراء 23-24] .
ثانياً: بالنسبة لقضية الصلاة فهي داخلة تحت موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال -صلى الله عليه وسلم- " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" أخرجه مسلم (49) .
فالواجب على المسلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما يقدر عليه بحسب قدرته بحسب التدرج المذكور في الحديث، ولكن في موضوع الوالدين فالأمر مختلف، فمقام الوالد مختلف عن غيره من الناس، حيث قرر علماؤنا أنه لا يجوز الإنكار على الوالدين بغير الرفق واللين، وفي مثل حالة الجدة هذه قد يكون الأجدى معها التعريض وليس النصح المباشر، وذلك بإدارة الحديث عندها عن فضل الصلاة وحسن الخاتمة وسرد القصص المشوقة في ذلك، وليس بتوجيه الكلام لها مباشرة، بحيث تستمع لحديثكم دون أن تشعر أن هناك نقداً مباشراً لسلوكها، ثم بعد هذا لا تملكون لها غير ذلك، والدعاء لها بظهر الغيب، فالهداية بيد الله، والله أعلم بخفايا النفوس. و" ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء" وقوله تعالى: "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء". وفقك الله لكل خير، فهو الهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين.(18/482)
لماذا لا يشرع التعدد للمرأة؟!
المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 15/07/1426هـ
السؤال
أود أن أعرف لماذا لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتخذ أكثر من زوج بخلاف الرجل؟ فإذا كان الرجل له أن يعدد إلى أربع نسوة، فلِم لا يجوز ذلك للمرأة؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هناك حكمة إلهية عظيمة في منع تعدد الأزواج، لأننا نعلم أن معظم الأمراض التي تنتج عن الممارسات الجنسية المحرمة (الزنا) سببها تعدد اتصال المرأة برجال في وقت متقارب دون أن يزول أثر الاتصال السابق، وهذا ما سيحدث في حال إباحة تعدد الأزواج.
الحقيقة العلمية ناطقة من خلال الإحصائيات التي تؤكد أن نسبة عالية من سرطان الرحم تحدث بين النسوة اللائي يمارسن البغاء، لتعدد مصادر الماء في المكان الواحد (فرج المرأة) ، وكان هذا عقوبة للزناة في الدنيا قبل الآخرة، ولهذا حرم الله على المرأة أن تتزوج فور وفاة زوجها؛ لأن ذلك يؤدي إلى تقارب فترة جماعها لرجلين مما يؤدي إلى أمراض ومخاطر صحية تحصل للنساء اللواتي يتصلن بأكثر من رجل في وقت واحد. ولهذا كان من أسرار العدة أن يتنقى الرحم من أثر الزوج. وفي حالة الحمل فقط يجوز للمرأة أن تتزوج فور وضع حملها وتنتهي عدتها بوضع الحمل؛ لأن وضع الحمل ينهي كل أثر لما قبله من اتصال، نظراً لما يخرج مع الحمل من ماء وإفرازات تنتهي معها كل الآثار السابقة.
وتعدد الزوجات للرجل الواحد لا يترتب عليه شيء من هذه الآثار، ولهذا أبيح للرجل أن يعدد، كما أن تعدد الأزواج للمرأة يؤدي إلى اختلاط الأنساب، فلا يعود أبٌ يعرف ابنه، وفي هذا تفكيك للأسرة وتعارض مع بداهة العائلة. فالإنسان -سواء أكان رجلاً أم امرأة- مفطور على معرفة ولده.
وحرم تعدد الأزواج لأنه ينافي الفطرة السليمة، ويعادي الطبيعة المستقيمة، ويؤدي إلى فساد النسل، ويجر إلى اختلاط الأنساب.
ومن جهة أخرى فإن الإحصاءات تدل على أن عدد الرجال أقل من عدد النساء، وفي كل إناث الحيوانات العدد أكبر، والرجال دائماً عرضة للإصابات في أحداث الحياة التي يتعرضون لها في مجالات أعمالهم بالإضافة للحروب، فكان من مصلحة المجتمع البشري أن يشرع التعدد للرجل. فضلاً عن حكم كثيرة يمكن مراجعتها في الكتب التي تتحدث عن أسرار التشريع الإسلامي.(18/483)
تتمنى الزواج بالنبي صلى الله عليه وسلم في الجنة
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 11/07/1426هـ
السؤال
أنا فتاة معجبة كثيراً بشخصية النبي -صلى الله عليه وسلم-. فهل يجوز لي أن أحبه، وأتمنى أن يكون زوجاً لي في الجنة؟ هل يحرم علي مثل هذا التفكير؟
الجواب
الحمد لله، لا شك أن من الإيمان محبة النبي -صلى الله عليه وسلم -بل تجب محبته فوق محبة النفس والوالد والولد والناس أجمعين، كما ثبت في الصحيح عن النبي- صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين" صحيح مسلم (ح: 44) وقال سبحانه وتعالى: "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم" [الأحزاب: 6] كما تجب طاعته في كل أمر ونهي، وتصديقه في كل ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، والتسليم لحكمه والرضا بحكمه، قال تعالى: " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر: 7] وقال: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما" [النساء: 65] .
وهذا تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله.
والإعجاب بالنبي - صلى الله عليه وسلم- بمعنى محبته؛ لأنه رسول الله، ولأنه على خلق عظيم كما وصفه الله، فهذا الإعجاب وهذه المحبة حق، وأعظم ثمراتها اتباعه - صلى الله عليه وسلم- وذلك برهان على محبة العبد لربه، وسبب لنيل محبة الله، قال تعالى: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم" [آل عمران: 31] .
ولم يرد عن واحدة من المؤمنات الصحابيات الدعاء بأن تكون زوجة للنبي - صلى الله عليه وسلم- في الجنة، وهن أعظم حبّاً للنبي -صلى الله عليه وسلم - من غيرهن، ولم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه تكون له زوجات من المؤمنات سوى أمهات المؤمنين، فإنه قد اتفق أهل السنة على أنهن زوجاته في الجنة، وخيرهن وأفضلهن خديجة وعائشة، رضي الله عنهن جميعاً.
وعلى هذا فلا يجوز لك أن تتمني، أو أن تدعي أن تكوني زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجنة؛ فإن سؤال ما لا يمكن من التعدي في الدعاء، بل سلي الله الجنة، وسليه الفردوس الأعلى؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا سألتم الله تعالى الجنة فاسألوه الفردوس الأعلى فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة" رواه البخاري (ح: 2790) ، ولابد أن يُتْبع هذا الدعاء بالجد والاجتهاد في طاعة الله، والاستقامة؛ فإن ذلك هو السبب للفوز بالجنة. قال تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم" [التوبة: 71-72] .
وقال تعالى: "يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم" [الحديد: 12] .
فهذا هو الطريق لنيل السعادة الأبدية، نسأل الله أن يوفقك - أيتها السائلة - للفوز بجنات النعيم. والله أعلم.(18/484)
زوجتي والمواقع النسائية
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 20/06/1426هـ
السؤال
نحن أسرة محافظة -ولله الحمد- وزوجتي تتصفح بعض المواقع النسائية على الإنترنت. فما رأيكم، هل أفتح لها المجال, أم أمنعها بالكلية, أم هناك ضوابط يمكن السير على ضوئها؟ علماً أني أخاف على زوجتي من المواقع الهدّامة.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
أنصحك بعدم منعها من دخول المواقع النسائية المحافظة الموثوقة، لأن منعها من كل شيء قد يؤدي إلى استباحتها لكل شيء، ولأن في انشغالها في تصفح تلك المنتديات والمواقع النسائية المحافظة صرفاً لها عن شغل الوقت بكثرة الخروج إلى الأسواق، أو كثرة المحادثات الهاتفية التي لا تخلو -غالباً- من آفات اللسان، على أن تحدِّد لها وقتاً لتصفح تلك المواقع لا يمتد إلى ساعة متأخرة من الليل، وأن تكون عالماً باسمها الذي تشارك به في تلك المواقع، وأن تحذرها من مغبة التساهل والتعرف على الأسماء المجهولة، أو استضافتها على الماسنجر؛ فربما يكون رجلاً له مآرب أخرى.
واجتهد أن تنظما وقتكما؛ بحيث لا يطغى عمل على آخر، ولا يشغل مفضول عن فاضل، وحبذا لو تعاهدتما على حفظ أجزاء من القرآن كل مدة، والله الموفق.(18/485)
متاعب الحياة تشغلها عن الطاعات
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 19/06/1426هـ
السؤال
في ظل هذه الحياة العصيبة من الناحية المادية، فإن الواحد منا لا يستطيع فعل الكثير من الطاعات. فما الحل؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
أخي الكريم: نشكر لك تواصلك مع موقعك (الإسلام اليوم) . وجواباً عن سؤالك أقول:
دائماً عندما تلم بالمسلم حالة طارئة تخرجه عن مسار حياته المعتاد، لأي سبب، فإنه بلا شك يبحث عن منفذ ومخرج لهذه الحالة، وتختلف حالات الناس تبعاً لاختلاف عقولهم، وتحمل قلوبهم، ودرجات التحمل المغروسة أصلاً في نفوسهم، فعنصر الصبر موجود عند الناس، لكن يختلفون في تطبيقه عند الأحداث الطارئة، وتجد بعضهم تعصف به الأحداث بينما تجد غيره يقف كالطود الشامخ، والريح تعصف به وهو لا يتحرك، ويسير في مساره لا يحيد عنه.
فلو تأملت صفحات التراث الإسلامي المجيدة، تجد أمثلة تشدك لتأمل سيرها، فقد يقدم أحدهم لقطع رأسه في سبيل الله وهو صابر محتسب، بل يتلذذ بذلك، على سبيل المثال الصحابي الجليل خبيب بن عدي، ما الذي جعله يقف تلك الوقفة، ويعلنها مدوية للعالم؟ إذاً ما هو الشيء الذي أهم من الحياة؟
والصحابي الآخر حرام بن ملحان، يعلنها صرخة قوية، بعدما طعن وهو يلفظ أنفاسه ودمه يتقلب، وهو يقول: فزت ورب الكعبة، ترى بماذا فاز؟ وعروة بن الزبير -رضي الله عنه-، يصاب برجله، فلا علاج لها إلا القطع، ويتجاوز المحنة، فقط بدخوله في الصلاة.
إذاً هناك سر عظيم -يا صاحبي- هو الذي جعل هؤلاء يصمدون عند المحن، فالنفس تحيط بها الهموم العواصف، بدرجات متفاوتة، حسب الأشخاص أنفسهم، ويشكو كثير من الناس ما تشكو منه، نتيجة الأحداث العاصفة التي تمر بالأمة اليوم، وأهمها فقدان الهوية الذي جعل أفراد الأمة كقطعان تسير في ليلة مطيرة، حيث تجد كثيراً منهم بدأ يتوارى الأنظار مخافة أن يوصم بالتدين، وبعضهم بدأ يتنازل عن بعض الشعائر التعبدية، من أجل أن يقال هو متفتح وعصري.
أما السؤال الذي يبحث عن إجابة، فهو كيف الخروج من هذا المأزق؟ وهو فكرة سؤالك. ولا أكتمك سراً إذ أقول لك إن سؤالك هيج مشاعري، وكوامن نفسي، فجاءت هذه الخواطر عبر إجابة سؤالك، فالواحد منا قد تمر عليه هذه الخواطر التي تجعل سحائب الفتور تخيم على نفسه، فإذا عرفنا أن حياتنا أصلاً -منذ بلوغ سن التكليف إلى الممات- هي عبادة لله سبحانه وتعالى، فأنت إذا عرفت هذا وأيقنت به تغير مسار حياتك، فهذا الهم الذي تحس به هو عبادة تقربك إلى الله؛ لأنك ستلجأ إليه تطلب منه المعونة، والدعاء عبادة، فأنت تثاب مرتين للدعاء واللجوء إليه.(18/486)
ثم إنك إذا تأملت منطوق التكاليف الشرعية تجدها بنيت على الاستطاعة والمقدرة، فالله -سبحانه وتعالى- لا يطلب منك إلا ما تستطيع تأديته، على حسب الحالة التي أنت فيها (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) [البقرة: 286] ، (فاتقوا الله ما استطعتم) [التغابن: 16] تعطيك هذه النصوص مساحة من الطمأنينة تجعلك تمشي الهوينا، ولا تضطرب وتتأثر في ممارسة الشعائر التعبدية بسبب موقف ألم بك؛ لأن حياتك كلها أصلاً عبادة، والغاية من إيجادنا في هذه الحياة أصلاً هو العبادة، (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) [الذاريات: 56] إذاً ما تحصل عليه من إمكانات وغيرها إنما هي عوامل مساعدة لك لتأدية هذه العبادة بيسر وسهولة، فإذا أقبلت عليك النعم تسلك طريق الشكر والثناء والحمد، وإذا أحاطت بك النقم وأسرتك الهموم والأوجاع سلكت طريق الصبر، والشكر والصبر هما من أروع العبادات.
فإذا أصابتك الهموم وجعلتك قلقاً حائراً، ولا تدري ماذا تفعل، فعليك بالفرائض تمسك بها بأنيابك وأسنانك، لأنها هي الأصل، والمحاسبة معولة على إتمام الفرائض، نقصاً أو إتماماً، أما النوافل فإنك تثاب على فعلها الأجر العظيم، ولا تحاسب على تركها، فإذا هبت عليك نسائم الربيع فعليك بها، أي النوافل أدها وأكثر منها، حسب ما تطيق منها، أو تجد نفسك فيه ولو كان قليلاً، لكن تفطن للمداومة، كما قال عليه الصلاة والسلام: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل". أخرجه البخاري (5983) ، ومسلم (1302) ، هذه وصيتي لك على حالتك التي أنت فيها، تشبث وتمسك بفرائض الله، وعض عليها بأسنانك، وانشب أظفارك فيها، فهي المخرج والنجاة، وعليها مدار الفلاح. أعانك الله، وفرج الله همك.(18/487)
معاناتي بين الرياء وترك العمل
المجيب عبد الله بن فهد السلوم
مدرس بثانوية الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 13/06/1426هـ
السؤال
كيف أفرق بين منع نفسي من الرياء، وبين منعها من أداء عمل خوفاً من أن يخالجه رياء، فقد سمعت: أن الخوف من الرياء رياء، فخفت من ذلك خصوصاً في مجال التعامل مع الآخرين، أو النصح في الملتقيات. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
قال الحسن -رحمه الله-: (العمل من أجل الناس رياء، وترك العمل من أجل الناس شرك) ، وعلى العبد أن يصحح نيته قبل العمل، وأثناء العمل، وبعد العمل، وأن يكون دائماً طلب الإخلاص منه على بال، وأن يجاهد نفسه على الإخلاص؛ لأن النفس تحب المدح واطلاع الناس على الأعمال، فلا تدع عبادة الله والتقرب إليه من أجل مراعاة الناس وخوف الرياء، مع الحرص التام على إخفاء الأعمال إلا ما ليس منه بُد، كالدعوة إلى الله وصلاة الجماعة، وسؤال الله الإعانة والتوفيق، ومما يعين على الإخلاص أربعة أمور:
(1) الاعتصام بالله، وسؤاله الإعانة والتوفيق والقبول.
(2) الحذر من الشيطان.
(3) الحذر من النفس.
(4) الانصراف بالقلب عن المخلوقين، قال الله تعالى: "الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية" [البقرة: 274] .
ويقول تعالى في الحديث القدسي: "من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" رواه مسلم (2985) .(18/488)
كيف أحافظ على هذه الحياة الأسرية السعيدة؟
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 29/04/1426هـ
السؤال
سؤالي يختلف نوعاً ما عن الأسئلة التي تطرح في هذا الموقع، حيث إن الغالب عليها طلب المساعدة لحل المشاكل الأسرية والخلافات العائلية، أما أنا فملخص قضيتي ما يأتي: وهي أن إحدى الأسر حصل لها حادث سيارة، فمات في هذا الحادث الأب والأم لهذه الأسرة، وتركوا وراءهم تسع بنات وولداً واحداً هو أصغرهم، وعمره حوالي خمس سنوات، في تلك الفترة كنت في الدراسة الجامعية، وعلى وشك التخرج، وقد أضمرت في نفسي حينها الزواج من إحدى هذه البنات؛ شفقة عليها وبراً وإحساناً بها، ويبدو أن هذه النية كانت لدى كثير من أصحابي، ففي السنة الأولى من هذا الحادث تزوجت ثلاث من هذه البنات في ليلة واحدة، وفي السنة التالية تزوجت اثنتان في ليلة واحدة، تخرجت من الجامعة ولا زالت فكرة الزواج من هذه الأسرة تراودني، وفعلا تقدمت لخطبة إحداهن وكان عمرها ثلاث عشرة سنة، ولي معها حوالي ست سنوات، وهي إنسانة متدينة، أمينة، عفيفة، وجميلة الخَلق والخُلق، وقد رزقني الله منها ولدين، وأقولها بكل صدق: إنني أعيش معها حباً عظيماً، وحياة طيبة، وكوّنت معها أسرة سعيدة، ووجدت فيها كل الصفات التي يتمناها الزوج في زوجته، وقد أصبحت بالنسبة لي مصدر سعادة وأنس وطمأنينة وهناء، وراحة نفسية أجد حلاوتها وأنا أكتب هذه الكلمات، سؤالي هو كيف أحافظ على هذه الحياة وهذه الأسرة، خاصة وأنني لا أصنف نفسي من أهل الصلاح، لكنني -بحمد الله- من المحافظين على جميع الصلوات في المسجد، ومحافظ على قيام الليل، وعلى وشك حفظ القرآن الكريم، ومطهر بيتي من القنوات والغناء وصور النساء، سؤالي كيف أحافظ على زوجتي؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
إلى الأخ السائل الكريم: سلام الله عليك ورحمته وبركاته.
بداية أسأل المولى جلت قدرته أن يحفظ علينا وعليك نعمه الظاهرة والباطنة، وأن يديم علينا وعليك الأمن والاستقرار الأسري والعاطفي، وأن يجعل لنا ولك من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
بكل صراحة وأنا أقرأ رسالتك الطيبة المباركة، وكلما أقترب إلى نهايتها أتوقع أنها ستنتهي بمشكلة، وأن ما أقرأه هو عبارة عن مقدمة لمعرفة الحال؛ وذلك لأن معظم -إن لم يكن الكل فيما ندر- تنتهي رسائلهم بمشاكل، ويريدون منا الحل والنصح والإرشاد، حتى وصلت إلى نهاية الرسالة، وجدت نفسي أدعو لك ولأهلك بدعوات كثيرة، وإذا بي أجد نفسي أمام مشكلة، ولكنها من نوع خاص، وهي سؤالك: كيف تحافظ على أهلك، وأن يدوم عليك هذا الجو الأسري الطيب المبارك؟ فقلت في نفسي: يا ليت رجال ونساء المسلمين يقرؤون هذه الرسالة مثلما قرأتها أنا.
في الحقيقة انتابني شعور جميل جداً وأنا أقرأ هذه الرسالة الجميلة الرقيقة، شعور تلاشت عنده الهموم والأحزان التي تنتابني، وأنا أقرأ يومياً عشرات المشاكل الأسرية، والتي بعضها يدمي القلب قبل العين.
أخي الحبيب: إن جوابي لك عما سألت عنه كالتالي:(18/489)
(1) قال تعالى: "وإذا تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم"، فعليك بمزيد الشكر لله على تلك النعم العظيمة التي تحاط بك، من استقامتك على شرع الله، صلاح زوجتك وأبنائك الصحة والعافية، وطيب العيش، وغيرها من النعم الكثيرة التي تعيش في ظلها.
(2) استقم كما أمرت، عليك بمزيد من الاستقامة على شرع الله، فصلاح البيت يكون من استقامة أهله على شرع الله تعالى.
(3) احذر من المعاصي والذنوب؛ لأنها سبب في زوال النعم ونزول النقم، وصدق من قال:
إذا كنت في نعمة فارعها ... فإن المعاصي تزيل النعم
(4) كثرة الاستغفار، قال تعالى: "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً".
(5) وأد كل مشكلة تطل برأسها في بيتكم السعيد، فلا تجعل للمشاكل سبيلاً إلى حياتكم، وهذا لا يكون إلا بتجنب سبل الشيطان الرجيم.
(6) ابذل كل ما في وسعك في إسعاد أهلك وأولادك في حدود الشرع - من غير إفراط ولا تفريط-.
(7) عزّز وقوِّ العوامل الإيجابية في حياتكم الزوجية، والعمل على محو وإماتة العوامل السلبية.
(8) أشعر زوجتك بمزيد من الحب والحنان والعطف والاحترام، واجعلها دائماً في تلهف وشوق للحديث إليك والجلوس معك.
(9) ومسك الختام أكثر من الدعاء، بأن يديم الله عليك هذا الخير.
هذا والله أعلم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/490)
تخلّصت من جنينها من أجل حبيبها
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقاً-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 21/04/1426هـ
السؤال
عندي مشكلة ولا أنام الليل منها، وهي أن جارتي تتكلم بالهاتف من عندي مع حبيبها، وهي متزوجة وحامل، وأنا أسمع حديثها، وبعد أن تخلّصت من الجنين من أجل صاحبها أخبرتُ زوجها بالقصة كاملة، ويريد أن يطلقها.
فهل أنا ظالمة لهذه المرأة؟ وإذا قالت لي: ربنا لن يرضى عنك؛ لأنني سبب طلاقها، هل يكون كلامها صحيحاً؟
الجواب
كان الأولى بك أن تناصحي جارتك، وتخوفيها بالله من عاقبة فعلها في الدنيا والآخرة، فإن لم ترتدع فلا عليك شيء من إبلاغ زوجها بذلك.
ولا أظنك -إن شاء الله- إلا قد فعلتِ هذا معها قبل أن تخبريه، أما دعاؤها عليك (بأن الله لن يرضى عنك) فلا يضرك هذا؛ لأنها ظالمة لك وأنت لم تظلميها حسب قولك - والله يقول "والله لا يهدي القوم الظالمين" [البقرة: 258] .
وعسى أن يكون طلاقها من زوجها هذا بداية هداية واستقامة لها في بقية عمرها، وقد أهديت لها ولنفسك من حيث تدرين أولا تدرين "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [البقرة: 216] . والله أعلم.(18/491)
كيف تتخلص من مشاعر حبها له؟
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 20/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود النصح من فضيلتكم، حيث إنني وقعت في مشكلة عاطفية مع رجل، تعرفت عليه من إحدى المنتديات، وبدأت العلاقة قبل سنتين تقريباً، بدأت بالرسائل الخاصة، ثم الماسنجر، ثم الجوال.. أنا أشعر أني السبب في ذلك؛ لأني قلت له: أحبك في الله في رسائل الهوتميل، أنا مستعدة للزواج منه، ولكن لا يوجد أي توافق من الناحية الاجتماعية والعمرية، أنا واثقة جداً أن أهلي سيرفضونه؛ لأن عمره يقارب الأربعين ومتزوج، حاولت أن أقطع علاقتي به، وصرت طريحة الفراش، فقلبي لا يحتمل؛ لأني أحبه كثيراً، أخلاقه كريمة، وشخصيته تعجبني كثيراً، ماذا أفعل؟ أرجوكم وجهوني بالنصائح، كيف أتصرف؟ علماً أنه لا يحتمل فراقي، فإذا غبت يومين اتصل يسأل عن حالي، أنا خائفة كثيراً من أهلي، لو عرفوا أني أكلمه وأحادثه بالجوال سوف يقتلوني، كيف أتخلص من مشاعر الحب تجاه هذا الشخص، ومن مشاعر الخوف تجاه أهلي؟ كما أنني أشعر دائماً بتأنيب الضمير، أرجوكم ساعدوني.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا أعلم لكِ حلاً إلا أن تسارعي في قطع علاقتك بهذا الرجل؛ فما دمت تعلمين أن توثيق العلاقة بينكما بالزواج غير ممكن، فما الذي يجعلك تصرِّين على بقاء العلاقة بينكما؟
إن ما تحسينه من الوجد والشوق والميل والتعلّق تجاه هذا الرجل سببه تساهل منك في البداية بقبوله صديقاً لك إلى أن تقوَّت بينكما الصلة، وزاد بينكما التعلّق، فسدّي هذا الباب تريحي نفسك من عناء وعذاب، ومن ورائه عذاب شديد، فالعين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع…" الحديث… وفقك الله.(18/492)
هل أرجع لبلدي أم أواصل دراستي في بلد الكفر؟
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 13/04/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أنا شاب ملتزم -ولله الحمد- أبلغ من العمر 19 عاماً، ومشكلتي كالآتي: تخرجت العام الماضي من الثانوية العامة، وحصلت على المركز الأول على مستوى منطقتي، فحصلت على جائزة، وهي عبارة عن بعثة للدراسة في أمريكا في التخصص الذي أرغبه، فاحترت حيرة لا يعلم بها إلا الله، واستخرت مرات عديدة، وشاورت الكثيرين، واختلفت الآراء، في العطلة قمت بالتقديم لإحدى الجامعات في بلدي، فتم قبولي ولله الحمد والمنة، وطبعاً وافقت على البعثة استجابة لرغبة الأهل وغيرهم- وهي لم تكن رغبتي-، وقبل نهاية العطلة قمت بالتقديم لتأشيرة طالب في السفارة الأمريكية ببلدي، وتم قبول طلبي، وخرجت التأشيرة بعد أسبوع، وقد أخذت موافقة من الكلية في بلدي بأني ربما أعود السنة القادمة إذا حصل لي أي ظرف أو عدم ارتياح للدراسة بالخارج أو غيره، سافرت لأمريكا وأنا أكتب مشكلتي منها الآن، سافرت وليس لدي رغبة في السفر، وأنا الآن أدرس اللغة الإنجليزية في مركز متخصص لذلك، وبرنامج البعثة هو أن أكمل دورة اللغة ثم التحق بالجامعة التي أريد، افتقدت صلاة الجماعة، فقليل ما نصلي جماعة؛ حيث إني أسكن بعيداً عن المساجد، وافتقدت حلقات القرآن، وافتقدت الجو الروحاني، والإخوة الذين كانوا معي في الجامعة في بلدي، فهنا كل من حولي كفرة، والمسلمون الذين معنا لم أجدهم كما توقعت - أعني من هم في سني-، بدأت أقصر كثيراً في ديني والله المستعان، لست كما سبق، افتقدت كل شيء، لحسن الحظ وجدت أن تأشيرتي مدتها 8 أشهر، حيث تنتهي قبل عطلة الصيف في بلدي بأسابيع، وبالتحديد في اليوم الذي أكمل فيه الدراسة في مركز اللغة الإنجليزية، أتمنى أن تنصحوني وترشدونني إلى الصواب، هل أكمل الدراسة في أمريكا وأصبر برغم كل ما سبق؟ أم أعود لأكمل الدراسة في بلدي، حيث إن ذلك أصلح لديني وأسعد لنفسي؟ أرجو نصحي جزاكم الله عني خير الجزاء؛ فأنا في حيرة.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الفاضل: أنت بعقل الرجل الراشد ذي الأربعين، وإن كنت في سن التاسعة عشرة، أنت رجل بحق، وقليل من يكون في مثل عقلك وهو في مثل سنك، أُكْبِر هذا العقل، كم من شاب في مثل سنك يحلم أن يقيم حيث تقيم، حيث لا رقيب ولا تقييد لحرية ... يختار ما يشاء ويفعل ما يريد، فالشهوات مباحة، والعلاقات المحرمة متيسرة، والمحظورات مرفوعة.
أما أنت ففي قلبك البذرة الصالحة التي تكوَّنت في ذلك المجتمع الطيب مع الصحبة الأبرار في جامعتك السابقة، وحسن تربية أبيك لك ودعاء أمك، هذه البذرة ليست إلا الإيمان والخوف من الرحمن، وهي التي دفعتك إلى أن ترسل هذه الرسالة تطلب المشورة.(18/493)
أخي: أحسب أن ما أمضيته من الوقت هنالك كافٍ لتعلّم الكثير من هذه اللغة الضرورية في تخصصك، فعُد أدراجك إلى وطنك، وانتظم في الجامعة التي قبلتك؛ ففيها الصحبة الصالحة، والبيئة الإيمانية، حيث لا اختلاط ولا فتن، ولا شهوات، تحوطك فيه صحبة صالحة، يذكرونك إذا نسيت، وينشطونك إذا فترت، ويعينونك على طاعة الله، ولا أرى ما يوجب بقاءك فيما أنت فيه الآن، فأنت مقبول في جامعة ناجحة قوية وفي وطنك، وينتظرك - إن شاء الله- مستقبل زاهر، وأنت بذلك تحفظ نفسك أن تستهويها نزوة الفاحشة، أو يصيبها فتور عن الطاعة، والقلب كما يقوى إيمانه بالطاعة واجتناب الكبائر، فإنه كذلك يضعف إيمانه بما يألفه من الكبائر، وإصلاح دنياك لا يكون بإفساد آخرتك، فأصلح دنياك بما لا تفسد معه آخرتك.
أما التعويل على الصبر والمصابرة طيلة بقائك هنالك فمغامرة، قد لا تنجح في غالب الظن، فالمدة طويلة، وأنت شاب عزب، غريب في بلدٍ الحرية فيه مطلقة، والشهوات فيه ضاربة بأطنابها، ونصيحتنا إليك أن تعود إلينا حيث أهلك وصحبتك الصالحة، وبلدك الذي تسمع فيه ذكر الله، وتُعان فيه على الصلاة والصيام. أسأله سبحانه أن يجعلك مباركاً أينما كنت، وأن يصلح لك شأنك كله.(18/494)
كيف أزور مريضاً؟
المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 9/04/1426هـ
السؤال
ما هو أجر المريض المحتسب للأجر؟ وما هو أجر زيارة هذا المريض؟ وما يقال عند زيارته؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فلا شك أن الاحتساب من أفضل القربات؛ قال تعالى: "الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون".
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مؤمن يشاك شوكة في الدنيا فما فوقها فيحتسبها إلا قضى بها من خطاياه يوم القيامة"، رواه ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات، وإسناده حسن.
وفي صحيح البخاري من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال لعطاء: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إني أصرع وأني أتكشف، فادع الله لي، قال صلى الله عليه وسلم: "إن شئت صبرتِ ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك" قالت: أصبر، قالت: فإني أتكشف فادع الله ألا أتكشف، فدعا لها.
والاحتساب يضاعف الأجر، ويزيد من ثقة العبد بربه، ويدفع الحزن، ويجلب السرور، وهو دليل الرضا بقضاء الله وقدره، ودليل على حسن الظن بالله تعالى.
وأما عيادة المريض فقد حث عليها النبي- صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة، فعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني".
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنائز"، ولزيارة المريض فضل عظيم، فقد ورد في صحيح مسلم من حديث ثوبان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من عاد مريضاً لم يزل في خرفة الجنة"، قيل يا رسول الله: وما خرفة الجنة؟ قال: "جناها".
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من عاد مريضاً نادى مناد من السماء: طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلا" رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعود أصحابه - رضي الله عنهم- إذا مرضوا، وإذا عاد المسلم مريضاً دعا له، ولا يطيل عنده المكث؛ حتى لا يملّه، فعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أتى مريضاً، أو أُتي به إليه قال عليه الصلاة والسلام: "أذهب البأس، رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً" متفق عليه.
قال الإمام الغزالي: وأدب العائد - أي للمريض- خفة الجلسة، وقلة السؤال، وإظهار الرقة، والدعاء بالعافية، وغض البصر عن عورات الموضع، وعد إلى كتاب الأذكار للنووي لمعرفة ما يقال عند زيارة المريض غير ما ذكر. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(18/495)
طريقة مكشوفة لعلاقة مشبوهة
المجيب د. أماني سعيدة
طبيبة نفسية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 9/04/1426هـ
السؤال
كنت على برنامج (البال توك) ، فإذا بشخص يحدثني على (البرايفت) ويزعم أنه يحبني، وأخبرته إذا كان يحبني فعليه الحضور لبلدي، - فهو ببلد آخر- على أن يرى كل منا الآخر؛ لأن الحب بغرض الزواج عن بعد لا يصلح، فلا بد أن نتعرف على بعض، وأجابني بعزمه على ذلك، واعترضت عليه؛ لأنه يصغرني بثلاث سنوات، فردّ علي بأن فارق السن لا يضر، ثم اتخذت قراراً أن أقطع علاقتي به؛ لأنه غلب على ظني أنه كذاب ومخادع، ولو كانت نيته صادقة لأتى إلى بلدي، وخطبني من أهلي. فهل أنا مخطئة؟ أرجو إفادتي، ولكم جزيل الشكر، وبارك الله فيكم.
الجواب
أيتها الأخت الفاضلة: هل تعتقدين أن شخصية هذا الشاب من البساطة والوضوح لدرجة أنه يمكنه أن يعرفك من خلال صوتك، ويعرف خصائصك ومميزاتك وعيوبك؟
إذا كانت إجابتك بلا، فإنه بالفعل لن تستطيعي أن تثقي في شخص كل ما يظهر من شخصيته هو صوته، أو طريقته في المحادثة من خلال النت، وهذا يدلك على أن ما تفعلينه هو بالفعل شيء بعيد عن المنطق والمعقولية، وقد يرجع ذلك إلى وجود وقت فراغ لديك، أو وجود فراغ عاطفي جعلك تتجهين نحو أول إشارة لك بإشباع هذا الجانب، لذلك أنصحك - أيتها الأخت الفاضلة- التي تشعر بأنها تقوم بشيء خاطئ، لكنها لا تقوى على الاعتراف بهذا الخطأ بصوت عالٍ أمام نفسها، أنصحك أن توطدي علاقتك بالله - سبحانه وتعالى- أولاً، ثم تبحثي عن صداقة من بني جنسك؛ لتكون صداقة حقيقية تقومين من خلالها بإشباع فراغك وتبادل الآراء والمشاعر، فجميعنا يجد نفسه في بعض الأحيان أحوج ما يكون إلى التقدير من الآخرين، لكن المهم من هم الآخرون الذين نترجى منهم هذا التقدير؟.
كما أنصحك بممارسة هوايات مثل الرياضة حتى لو كانت المشي؛ لأنها من أفضل الأنشطة التي تساعد على وجود توازن نفسي داخلي، وتبدد الملل والإحباط والكبت والمشاعر السوداء.(18/496)
تحاصرني ديوني
المجيب يوسف السيف
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية /اجتماعية أخرى
التاريخ 14/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
منذ عشر سنوات وأنا مبتلى بهم الدَّين، مهموم بالليل مذلول بالنهار، أخشى أن أموت قبل أن أسدد ديني، أنا في ورطة والله. ما العمل؟. لا تنسوني من دعائكم الصادق.
الجواب
الأخ السائل حفظه الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
نشكر لك تواصلك معنا في موقع (الإسلام اليوم) ، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
أما جوابي على مشكلتك فأقول:
حرصت تعاليم الإسلام الخالدة وتوجيهاته السامية على حقوق العباد حفظاً وصيانة وتقديراً واحتراماً حتى قرر أهل العلم قاعدتهم المشهورة: حقوق الله مبنية على التيسير والمسامحة، وإلى جانب من جوانب تعظيم حقوق العباد ينبه المولى جل وعلا في كتابه فيقول: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" [النساء: 29] ، ويشير إلى ذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم- حيث يقول: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه منه" أخرجه أحمد في المسند (20172) ، ويقول صلى الله عليه وسلم في قاعدة التشريع: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا" متفق عليه، أخرجه البخاري (1741) ، ومسلم (1679) من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه-.
* الإسلام حذر من التهاون في أداء الدين أو المطل والتأخير فيه أو التساهل في أدائه.
* إن دَين الآدمي في نظر الإسلام أمانة عظمى ومسئولية كبرى، يقول تعالى: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" [النساء: 58] .
* فأنت أخي، لا بد لك أن تؤدي حقوق الناس، وأن تضع في بالك أن تسدد حقوقهم، وفي هذا الحال فإن الله سوف يعينك فعليك بما يلي:
1- تضرع إلى الله تعالى في كل وقت وكل لحظة بأن ييسر لك قضاء هذه الديون التي عليك. فإن الله خير معين للعبد على قضاء ديونه.
2- لا بد أن تكلم أصحاب الخير من تجار ومؤسسات وجمعيات فربما يساعدونك ولو بجزء بسيط مما تعانيه من هذه الديون.
3- لا بد أن تخبر من عليك حقوق لهم بأن أموالهم سوف تدفع لهم، واطلب منهم الصبر والتسامح فربما يراعوا ظروفك.
4- حاول أن تعمل عملاً آخر إضافياً من أجل أن يساعدك في توفير المال لسداد هذه الديون.
5- احذر من معالجة المشكلة بمشكلة أخرى، وذلك بالاستدانة لسداد الدين؛ فإن هذا يجعلك في دوامة لا تستطيع الخروج منها.
تذكر أخي ... أن هذه الهموم والغموم التي تصيبك من جراء هذه الديون هي سبب في تكفير ذنوبك وسيئاتك إن شاء الله. ولكن عليك الصبر والاحتساب.
وأخيراً أسأل الله تعالى أن يفرج همك ويقضي عنك دينك.
إنه سميع مجيب الدعاء.(18/497)
استشارات تربوية وتعليمية(18/498)
أولًا: تربية الأولاد(18/499)
كيف اغرس في ولدي ثقته بنفسه؟!
المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 09/04/1427هـ
السؤال
ماذا أفعل لتصحيح الأخطاء التي ارتكبتها في حق ابني؟
ابني الكبير يدرس في الصف الرابع الابتدائي وبفضل الله وتوفيقه مستواه الدراسي ممتاز ولكنه للأسف الشديد وقع ضحية أم قاسية وأب أشد قسوة منها، فأصبح بذلك يخاف أن يبوح لنا بما يحدث له من مشكلات في المدرسة وفي نفس الوقت لا يستطيع الدفاع عن نفسه، فضلاً عن أن الولد أصبح واضحاً عليه علامات الارتباك والخوف منا، علماً بأنني اكتشفت أنه يكذب حتى لا يتعرض للضرب.
ما إن يقول له أحد المدرسين سأتصل بوالدك إلا وترتعد فرائصه ويبكي ويتوسل حتى
لا يتصل بي المدرس ليخبرني عن أي مشكلة حدثت له.
قبل أيام اشتكى لي من بعض الطلاب في المدرسة وأخبرني بأنهم يضربونه وطلب مني أن أكلم مدير المدرسة بما حدث له.
فاتصلت بأحد المدرسين وطلبت منه حل هذه المشكلة وبالصدفة اكتشف المعلم أن القضية ليست قضية ضرب كما يدّعي، بل هي قضية أخلاقية كان فيها هو الضحية وبإصرار من ذلك المدرس اعترف بما حدث له من أولئك الطلاب.
وقد أدى ذلك الفعل إلى إصابته باكتئاب نفسي! أفيدوني:
كيف أعالج هذا الوضع الذي حدث له علماً بأنني نقلته من المدرسة؟
كيف أصحح الخطأ الذي ارتكبناه أنا ووالدته في حقه؟
كيف أتمكن من غرس الثقة في نفسه؟
كيف أتمكن من القضاء على مشكلة الكذب؟
أفيدوني فأنا والله أعيش في دوامة، ولكم مني جزيل الشكر والتقدير، ومن الله الأجر والثواب.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أيها الأب المبارك أحمد لك هذا الاستيقاظ والانتباه بعد مرور بعض الوقت، والتجاوز في حق فلذة كبدك، ابنك، وإليك الرأي عبر هذه الوقفات.
الأولى: النهوض من العثرات النفسية، والاجتماعية في تقويم النفس يحتاج إلى بعض الوقت، فلابد أن يكون الزاد الصبر مع الإصرار، والثقة بالتغيير، وكمال الانتباه.
الثانية: زرع الثقة بالنفس بترك جميع وسائل التقليل من الذات، من التحقير والنقد، ودفعه للاعتماد على نفسه فيما يصغر من الأعمال، ومساعدته فيما كان زائداً على قدرته، مع ترك الإتمام له، وإسماعه عبارات التكريم والفخر، وتستحسن القراءة حول هذا الموضوع في الكتب التي تعنى بالثقة بالنفس عامة، وبالأطفال خاصة، مع مطالعة لبعض المواقع في الإنترنت حول هذا الموضوع.
الثالثة: الابن في السنة العاشرة، فلابد من مفاتحته حول نموه الجسدي، والغريزي، وضرورة تحليه بالآداب الخاصة بالستر، وإعطائه بعض ما يهم في هذا الباب، فقد أوصى الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- بالتفريق بين الأبناء في المضاجع وهم أبناء عشر، ويحسن تعليمه بعض وسائل الدفاع عن النفس، ولن يدافع عن نفسه مسحوق الكرامة ذليلاً، يقتله الخوف من أعز الناس إليه "والداه".
الرابعة: ثقتكما أنت ووالدته بتجاوز هذه الغلطة، وأن لا تكون محبطة لكما مخلة بتوازنكما فتنقلانه من غلطة إلى أخرى، فليس البديل للقسوة إعطاؤه ما لا يستحق، وجعله لا يسمع كلمة "لا" منكما، فهذا خطأ آخر.
والخاتمة أن يشعر أنكما مصدر الحب ومورده فضمه وتقبيله ومشاركته في ألعابه وحل لمشاكله مما يقوي الرابطة بينكما وبينه، ويشبع غريزة فطرية لديه.
جعله الله ذخراً، وذكراً، وعزاً، ومجداً، وأجراً.(18/500)
طفل ... وهمة عالية!
المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني
مدرس بمدارس رياض الصالحين.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 25/03/1427هـ
السؤال
لقد سمعنا في الآونة الأخيرة عن انتشار الأمراض النفسية الحديثة مثل: (الخوف المرضي-الرعب الداخلي-نوبات الذعر -القلق المرضي-الخفقان وزيادة ضربات القلب عند التحدث أمام الآخرين) ، فهل كان الصحابة الكرام -كخالد بن الوليد وعمر وحمزة وأسامة وسلمان وغيرهم- مصابين بأحد منها، وهل كانوا يعرقون أو يرجفون عندما يحدثهم أحد؟ وهل كانت ضربات قلوبهم تزداد عندما يواجهون هذه المواقف؟ وهل كانوا يتدربون للقتال بروح قتالية عالية وحماس، ويستخدمون عقولهم في التدريب مثل الجيوش اليوم؟ وهل كانت لديهم شجاعة الإرادة (القدرة على ضبط شهوات النفس، ومنع جنوحها إلى مهاوي الردى والمهالك- التغلب على مخاوف النفس وهواجسها وقهر أوهامها - ألا ينقاد المرء للجلساء وأصحاب المنافع أو الشهوات التي تخل برجولته أو كرامته أو مروءته) .
أرجو الإفادة، فأنا طفل، وأريد أن أبني شخصية قوية لأخدم الإسلام.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أيها الابن المبارك، لقد سررت -والله- عندما قرأت رسالتك المباركة التي شدتني إليها شداً لم أجد له تفسيراً إلا أن تكون صادرة من شاب صغير السن كبير الهمة.
نعم قرأت الرسالة ملياً فشدني فيها أمور، منها:
1- ذكرت شخصيات وأمراضاً ومواقف قلما يعرفها شاب في مثل سنك، فقلت في نفسي: بارك الله في والدَي هذا الشاب اللذين فتحا له باب الاطلاع على النافع والمفيد، وأصلح الله ابنهما، وجعله قرة عين لهما ولأمته.
2- دخولك لموقع إلكتروني جاد كموقع (الإسلام اليوم) ، مع أن أمثالك من الشباب ربما بحثوا عن مواقع مسلية إن لم تضرهم في دينهم وديناهم لم تنفعهم، وهذا دليل على جديتك وحرصك.
3- لمست في رسالتك همة عالية تشبه همم الرجال الذين ذكرتهم في سؤالك، وولاءً كبيراً لدينك وأمتك.
لا أريد ذكر ما شدني في سؤالك، فهو ليس مطلوبك، ولعل فيما ذكرت لك كفاية.
أما عن سؤالك فأقول:
1- هؤلاء الرجال الذين ذكرت هم ليسوا ملائكة، أو خلقاً غيرنا، بل هم بشر لهم مشاعر وأحاسيس وآمال، وغير ذلك مما يشترك فيه كل بني آدم.
ولكن هؤلاء الرجال تربوا على قوة التعلق بالله، والارتباط به من خلال أمور:
أ- الحرص التام على الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.
ب- كثرة العبادة، لا سيما ما كان خفياً منها.
ج- علو همتهم التي لا تقف إلا عند بلوغ الفردوس الأعلى من الجنة.
د- حسن الخلق والتواضع للخلق.
هـ- طلبهم للعلم، خاصة فيما يخص عباداتهم وقلوبهم.
وتوكل لا محدود على الله وحده.
ز- الوقوف عند آيات الكتاب العزيز، وأحاديث السنة النبوية، والعمل المباشر بما فيهما.
م- ملازمتهم للعلماء الربانيين، وذلك كونهم ورثة الأنبياء.
وغير ذلك كثير مما لا يتسع المقام لذكره.
2- استخدم هؤلاء الرجال كل ما هو متاح لهم في زمنهم لاستثماره في تدريب أنفسهم على القتال والصبر والجلد والشجاعة، وغيرها من الصفات.(18/501)
3- هؤلاء الرجال قد تعتريهم بعض الأمور النفسية الطارئة، فهم بشر، لكنهم بقوة تعلقهم بالله، ثم بقوة عقولهم وقلوبهم يتغلبون عليها.
4- لعل من أقوى ما تميز به هؤلاء الرجال وغيرهم من عظماء الأمة:
أ- علو الهمة.
ب- الصبر واليقين، قال تعالى: "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون" [السجدة:24] . وقد قيل: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين.
هذا بعض ما تيسر فيما يتعلق بجزء رسالتك الأول.
وبالنسبة للجزء الآخر من رسالتك، وهو ما يخصك أنت، فأوصيك بالآتي:
1- احرص بارك الله فيك على طلب العلم مبكراً، وابدأ بالقرآن، حفظاً وفهماً وعملاً.
2- احرص على العبادة، لا سيما الخفية منها، وأخص مها قيام الليل وصيام النهار، بما تقدر، ولا تثقل على نفسك فالقصد القصد.
3- احرص على القراءة فيما يتعلق بعبادة القلب، وفي أمراض القلوب، وأحسن من أعلم قد تكلم في ذلك العلامة ابن القيم.
4- لازم رفقة من الصالحين الجادين، واحرص على مواصلة العلماء الربانيين، وإياك إياك من أخذ الأمور بالعاطفة المجردة عن العلم الأصيل، وأحسن سبيل لذلك أخذ المشورة من العلماء الربانيين.
5- وسع ثقافتك المعرفية -دينياً ودنيوياً-.
6- ربِّ نفسك على الصبر والجلد والشجاعة والتعقل، وغيرها من الصفات التي يحسن بالمسلم أن يتحلى بها.
7- لا تنم ليلة حتى تطمئن على رضا والديك عنك.
8- وهو أهم ما أقول، الجأ إلى الله بالدعاء، بل عليك بالإلحاح، وتحرَّ ساعات الإجابة.
اللهم وفقه وثبته، وانصره بالإسلام، وانصر أمته به يا رب العالمين.(18/502)
توجيهات في تربية الأولاد
المجيب د. إبراهيم الزامل
(عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام)
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 01/11/1426هـ
السؤال
أنا أم لطفلة عمرها سنة واحدة، أريد النصائح والتوجيهات لتربية هذه الطفلة تربية إسلامية صحيحة -بإذن الله تعالى- وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الطفل منذ لحظة خروجه إلى الدنيا تبدأ بذور التربية تغرس معه، مثل التحنيك والأذان والتسمية والختان وما إلى ذلك، وحيث إن ابنتك قد بلغت السنة فقد فاتك شيء من ذلك، ولكن بقيت لك أشياء أخرى عظيمة، ومنها:
1- نشأتها على الآداب الشرعية، ولا تظني أنها لن تعيها، بل إنها ستنفذها مثلك، وإن لم تدرك معانيها وأسبابها وتأويلاتها، وذلك مثل التيامن، فإذا أردت أن تلبسيها فابدئي باليمين، حتى لو قرب لك اليسار فرديها وقربي الأخرى، وإذا أرادت أن تأكل وتناولت باليسار فرديها وقدمي اليمين ... وهكذا في بقية الأمور.
وإني أكرر لك أخية أن ثمة أموراً لا يدركها الطفل، لكن هذا لا يعني أن نتغافلها ونتساهل بها، بل نطبقها على أنفسنا وعليه حتى يعتادها تقليداً واحتذاءً، وأكبر شاهد على ذلك ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الحسن ابن ابنته فاطمة، عندما أكل تمرة من تمر الصدقة، ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم بذلك، فلما حمله سقط من لعابه على يد النبي -صلى الله عليه وسلم- فرآه ممزوجاً بالتمر، فعلم أنه أكل منه، فقال: كخ كخ ألم تعلم أنا لا نأكل الصدقة؟ فقوله كخ يدل على أن الطفل مازال صغيراً، ومع ذلك لم يمنعه ذلك من توجيهه، ثم إنه قال: "أنا لا نأكل" فأشرك نفسه معه؛ ليفهمه أنه ليس وحده الممنوع منه، بل النبي -صلى الله عليه وسلم- ممنوع معه، وقولي مثل ذلك في الاستئذان وإلقاء التحية وآداب النوم والأكل.
2- احذري الأخلاق السيئة والألفاظ النابية، فإن ابنتك في فترة تلقٍ ومحاكاة لك حتى لو لم تري أنت ذلك فإنها تحفظ في ذاكرتها التصرفات والكلمات، وتصدرها في حينها. احذري الكذب عليها؛ فإنه كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها تكتب عليك كذبة، وتفقدي بذلك مصداقيتها عندك.
3- الزمي الحكمة في ردات فعلك عند صدور كلمات نابية أو أخلاق سيئة منها فإن ردة الفعل لها دور إيجابي أو سلبي في العلاج، فمثلا إذا سمعت منها كلمة نابية لأول مرة فاحذري الغضب والانفعال اللذين يجعلانها تعلم أنها سبب لغضبك فيدفعه إلى تكرارها، ولكن أنسيها تلك الكلمة، إما بإشغالها عنها أو تحويرها إلى كلمة طيبة مشابهة لها، فتظن أنها أخطأت في لفظ الكلمة، وتنتقل منها إلى الجديدة.
وإذا رأيت منها خلقاً سيئاً، مثل إذا أغضبها أحد ثار غضبه ورمى بما في يده وما إلى ذلك فلا تعنفيه، بل امتصي غضبه وجاهدي نفسك، وامسكي أعصابك، وهدئي الموقف ما استطعت، بل مهما عانيت وتأذيت؛ حتى تجديها بدأت تهدأ رويداً رويداً، أما لو ثارت ثائرتك بسبب غضبها وما رمته أو كسرته فستستمر على هذا المنهج رغبة فيما يثيرك.(18/503)
4- وبالمقابل عوديها الأخلاق الحميدة والألفاظ الطيبة، مثل الحلم والهدوء وحب الخير للناس، واحترام الآخرين، وبرك وأبيها، واحرصي أن تكرري أمامها الألفاظ الطيبة وتجنبي القبيح منها؛ فهي -كما ذكرنا- في مرحلة تلقٍ.
5- تذكري دوماً في كل تصرفاتك أنه ثمة من يطلع عليك ويحاكي كل تصرفاتك، فكوني له قدوة، وجاهدي نفسك تصلح حالك وحال ابنتك.
6- لا تغفلي أمرين هامين هما أساس وسلاح كل عامل:
الأول: الإخلاص، فمن أخلص بلغ مراده، ولم يندم على ما حصل ولا على ما فات.
الثاني: الدعاء، وعليك بسهام الليل التي لاتخطئ، فكم من نعمة ظاهرة وباطنة استجلبت بالدعاء، وكم من كرب كشفه الله بالدعاء، وكم من ذنب غفره الله بالدعاء.. فأكثري من التضرع بين يدي الله أن يعينك ويسددك ويصلح ذريتك.
واستصحبي معك دوماً قوة العزيمة وصدق النية، فكلما فترت زودي نفسك بما يقويها ويرفع همتها لتواصل مسيرتها في طريق التربية الصحيحة، وأكثري من الاطلاع على كتب التربويين في هذا المجال، وأخص الإسلامية منها، مثل: تربية الأولاد في الإسلام، لعبد الله ناصح علوان.(18/504)
طفل مشاكس!!..
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 29/5/1422
السؤال
آمل منكم مساعدتي في حل مشكلة ابني.. الذي يبلغ الثامنة من عمره ويدرس في الصف الثاني الابتدائي.. متفوق إلى حدٍ ما في دراسته وهادي في المدرسة كما أفادوني
..!!! وترتيبه الثاني بين إخوانه وأخواته حيث تكبره أخته في الصف الخامس.. ويوجد أخ وأخت أصغر منه (5 سنوات و3 سنوات) ومشكلة ابني الذي أرهقنا جميعا أنهً يعاند في كل صغيرة وكبيرة.. كثير الصراخ بسبب وبدون سبب.. ولا يلتزم بأوامري.. بل يحاول أن يثير غضبي بأي طريقة وبشكل مستمر.. رغم أني أحاول إرضاءه بكل السبل.. وانهض إليه مسرعة عندما ينادي أو يصرخ.. محاولة تهدئته ولكن دون جدوى..!! حيث تزداد حالته سوءاً وازداد معها حيرة.. وفي الفترة الأخيرة بدأت حالتي النفسية تتأثر لذلك.. وتزداد سوءاً..!!! فماذا أفعل أفيدوني.. وجزاكم الله خيراً
الجواب
بالنسبة لمشكلة ابنك..ووضعه المتناقض في المدرسة (هدوء تام) وفي البيت (إزعاج كبير) !!! وبالنظر إلى مستواه الدراسي المتميز إلى حد ما كما أفدتِ..وقدراته العقلية المناسبة لعمره كما يظهر ...
أفيدك بالآتي
أولاً: لم تذكري أي معلومة عن والده..ودوره في الأسرة..وعلاقته بها بشكل عام..وبابنه بشكل خاص..!! فدور الوالد الطبيعي في أي أسرة يمثل الرمز..والقدوة..والسلطة بشقيها "الثواب والعقاب"
ثانياً: مما يظهر والله أعلم..أن ما يقوم به ابنك نوع من المشاكسة والعناد يقصد لفت النظر وجلب الاهتمام فهناك بعض الأطفال الذين يطالبون آبائهم ومربيهم بهذا الانتباه في أوقات غير مناسبة وربما طرق غير مناسبة!!! وهؤلاء الأطفال يكونون في العادة غير قادرين على فهم الموقف وعلى إدراك حاجات الآخرين..فهم يتصورون أنهم لا يمكن أن يكونوا مهمين للآخرين إلا عندما يكونون محور انتباههم بأي طريقة كانت!!!
ثالثاً: لعلاج مثل هذا التصرف من قبل الطفل..يجب علينا اتباع العلاج السلوكي أو ما يسمى بـ "فنيّات تعديل السلوك "وتتلخص الخطوات المطلوبة في مثل هذه الحالة بـ
أ-الإطفاء والتجاهل:
ونعني به إشعار الطفل بشكل غير مباشر..بأن حركاته وإثارته للفوضى لا تلفت انتباهنا ولا تعنينا بأي حال..ويجب هنا أن تكون ملامحنا "محايدة"عند وقوع أي مشاكسة أو عناد منه..ولا يظهر علينا أي آثار للغضب أو الإنزعاج. بل تجاهل تام وانصراف عن الموضوع برمته..كنوع من الإطفاء. وبالتالي فإن قيامك له..ومحاولتك الاستجابة لطلباته وإرضائه كما ذكرتِ..يحقق له الهدف الحقيقي الذي يتمناه وهو لفت الانتباه..وبقاءه تحت دائرة الضوء والاهتمام..!!!
ب-إذا تجاوزت تصرفاته حدود المعقول..إلى تصرفات "عدوانية"وذات أثر خطير على نفسه أو على اخوته..فيأتي موضوع آخر من فنيات تعديل السلوك..وهو " الإقصاء " حيث يبعد الطفل فور حدوث الموقف عن المكان المحبب له داخل المنزل..ويقف في زاوية أو ركن من أركان البيت لوحده..ولمدة محددة تزيد بازدياد حدة الموقف السلبي..ويبلّغ بأسباب إقصائه!!(18/505)
ج -أخيراً..يستخدم معه"التعزيز الإيجابي"وذلك عن طريق [لوحة النجوم] ..وتتلخص هذه اللوحة..بتقسيم اللوحة حسب أيام الأسبوع..ويوضع في كل يوم نجمة أو أكثر لكل استجابة إيجابية من الطفل.. [الهدوء..تنفيذ الأوامر..ترتيب غرفة نومه..الخ] فإذا وصلت إلى عدد معين اتفق مع الطفل عليه سلفاً [5،6 أو أقل أو أكثر] يمنح الطفل هدية أو مبلغ مادي..أو أي معزز يرغيه الطفل..ويُبلغ الطفل أن هذه النجوم مثلما تزيد بالعمل الإيجابي..فإنها تنقص بالعمل السلبي وهو ما يسمى بـ"تكلفة الاستجابة"
د- وأخيراً..مع ذلك..اظهري الاهتمام المناسب لطفلك..في لحظات هدوءه واسندي له بعض المهام البسيطة التي تشعره بقيمته واشكريه بصدق عند إتمامها..ووازني بكل ما تستطيعين في توزيع اهتمامك بينه وبين اخوته..فالأطفال حساسون جداً في هذه النقطة..وان كانوا لا يستطيعون التعبير بوضوح وعقلانية عن مشاعرهم.
هـ-لا تَرْكَني إلى ذلك فقط..بل اسألي الله لهم الهداية والصلاح وألحي بالدعاء. أقر الله عيوننا جميعاً بصلاح أبنائنا،،،(18/506)
ابني خجول بشكل ملفت!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 1/6/1422
السؤال
بعد شكري الكبير لكم ودعائي الخالص بمزيد من التوفيق أسألكم عن حل لمشكلة فاجأتني..وحيرتني معاً..وهى مشكلة ابني..
طالب يدرس في الصف الأول الابتدائي وهو بالمناسبة أكبر أبنائي..يذهب كل يوم ويعود..ولم ألحظ عليه شيء غير عادي داخل المنزل..رغم انشغالي إلا أن والدته كذلك لم تلحظ عليه أي شيء في علاقته معها أو مع اخوته الأصغر منه.
والذي حدث.. أنني تفاجأت في نهاية العام الدراسي عندما أفادني المسؤولين في مدرسته.. بأنه " في الفترة الأخيرة " أصبح خجولاً إلى درجة كبيرة وصلت إلى حد أنه لم يعد يكلم أياً من مدرسيه أو زملائه..بأي شيء..!! بل يلزم الصمت في كل الأحيان رغم المحاولات الكثيرة والملحة من مدرسيه له ولكن دون جدوى! مما اثر على دراسته سلباً! والغريب أنني لم الحظ هذا التغيير داخل المنزل هو يتكلم ويلعب كما عهدناه..!! وعندما أخبرتهم بذلك لم يصدقوني..ونظروا إلي باستغراب وقد لاحظت " أخيراً أنه أيضاً يخجل أمام الغرباء بنفس الطريقة تقريباً..ويلتزم أمامهم الصمت المطبق..!! والآن أنا محتار فعلاً..كيف أخرج ابني من هذا الخجل الكبير..؟ وماهي الحلول التي تقترحونها أثابكم الله وحماكم من كل سوء.
الجواب
ما تذكره يا أخي عن إبنك: ليس خجلاً كما تتوقع ... وكما أفادك بعض مسؤولي مدرسته.. بل هو نوع من الاضطرابات النفسية يسمى (البكم الاختياري) وهو نوع من الاضطراب النفسي الذي يصيب الأطفال عادة كرد فعل مبدئي لدخول المدرسة.. ولكنه نادر كمشكلة طويلة المدى.. ويتساوى حدوثها في البنين مع البنات.. وقد وجد الباحثين أن معدل حدوثها كمشكلة دائمة 0.8% في كل ألف ويعتقد بشكل كبير أن مشكلة البكم الاختياري يصعب علاجها بعد العاشرة من العمر.!!
ومن المتابعة لكثير من الحالات التي أصيبت بـ (البكم الاختياري) اتضح أن معظم الأطفال الذين أصيبوا بهذا (البكم) تعرضوا في تاريخهم المرضي إلى إساءة معاملة جسدية أو نفسية أو حماية زائدة!!!
ولتتذكر يا أخي الكريم أن الأولوية والاهتمام في مثل هذه الحالة يكون بشخصية الطفل وليس بتحصيله الدراسي.. وإنه يجب التعامل مع الطفل بشكل عادي.. وعدم إشعاره بوجود مشكلة معينة لديه.. إما بالحديث أمامه.. أو بكثرة السؤال من قبل الآخرين عنها ... وماذا تم بشأنها؟! أمام الطفل.. أو بكثرة التنقل به بين العيادات المتخصصة ... !!! إضافة إلى الحذر الكبير من الاستهزاء بالطفل بسبب وضعه..!! أو التهديد بأي نوع من العقاب البدني أو اللفظي له!!!(18/507)
والتحلي قدر الإمكان بالصبر.. والرضاء بالتحسن الجزئي لحالته وتحميل الطفل بعض المسئوليات والأدوار داخل البيت وخارجه.. تدعم ثقته بنفسه وتشجيعه بعد أدائها. كل ما سبق يعتبر أرضية ومقدمة ضرورية للتعامل مع الطفل الذي يعاني من ((البكم الاختياري)) أما العلاج فيتم عن طريق ((فنيات تعديل السلوك)) وقد يلجأ أحياناً إلى بعض الأدوية في الحالات المتقدمة منه. ولكن كلا الحالتين يحتاج إلى مقابلة الطفل من قبل المختص " ومعرفة درجة الاضطراب وعمقه عن طريق بعض الجلسات النفسية.
عموماً ((بادر أخي الكريم بمراجعة إحدى العيادات النفسية المتخصصة ولا تتردد أبداً.. خاصةً وأن تأخير مثل هذه الحالة قد يزيدها سوءاً..!!!
أما المبادرة فيها فقد حققت - بفضل الله - نتائج إيجابية لكثير من الحالات.. وخصوصاً إذا التزمت الأسرة التزاما كاملاً بتوصيات الطبيب المعالج.
وفقك الله.. وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(18/508)
ما العمل..؟ طفلي يحيرني ... ؟!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 8/7/1422
السؤال
عندي ابن في الحادية عشرة من عمره.. لا أعلم ما به.. أحاول أن اجعله يحفظ القرآن فيتهرب.. ويبكي ويقول أنه لم يلعب بعد.. مع أنه دائم اللعب ولا يمل.. ولديه طاقات هائلة.. فلا يبقي كرسي لا ينط عليه.. ولا يبقي شئ ما لأيعبث به.. فتراه ينكش وينبش كل شئ.. ويخرب.. كل ما يضع يديه عليه.. وكثير الكذب، مع أنني دائماً أوضح له حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب يهدي إلى الفجور.. والصدق يهدي إلى الجنة.. كنت أضربه عندما يخطئ وبعض الأحيان أوبخه فقط.. أنا أعلم أنني كنت قاسية أحياناً عليه ولكن الله يصلحه دائم الأخطاء ودائم ما يضرب أخته التي تصغره بست سنين.. ولكن الآن أحاول أن أضبط نفسي معه.. ولا أضربه حتى لو أخطأ وأحاول أن أوجهه ولكن دون جدوى فهو على طول يبكي.. إذا حاولت أن أوبخه ويقول أننا (نوبخه لوحده ونترك أخته مع أنها لا تخطئ) ولكنه يكذب فأخته أكثر منه هدوء ولا تخطئ مثله.. مع أننا لا نحاول التفريق بينهما.. ولا نشتري لواحد دون الأخر.. ودائمي التشجيع له.. حتى لو عمل شئ بسيط.. أفيدونا جزاكم الله خيراً ...
الجواب
اطلعت على استشارتك.. المرسلة إلينا.. فنشكر لك ثقتك ونسأل الله تعالى أن يلهمنا جميعا طريق الخير والصواب.. وأما تعليقي فمن وجوه:
أولاً: لم تذكري شيئاً عن والده.. وهذه مسألة مهمة جداً في تشخيص المشكلة ووضع البرنامج العلاجي.. ومتابعته..!! فالطفل يحتاج إلى وجود الرمز ليقتدي به.. (والسلطة) لكي يهابها أيضاً.. ولذلك.. إن لم يكن والده موجود لسبب أو لآخر فيحبذ إيجاد رمز بديل (خاله مثلاً) لكي يعرف الطفل أن هناك سقف أعلى وضابط لكل شئ.. وأن هناك ثمن لبعض التجاوزات يجب عليه أن يدفعه.!!!
ثانياً: أخشى أن يكون الطفل يعامل معاملة خاصة كونه الابن الأكبر.. ولذلك اعتاد على هذا النمط.. ويرفض تغييره.. وأن أساليبكم في التغيير جاءت متأخرة بعض الشيء.. فخانكم فيهما التوقيت.. ودقة المتابعة!!! وقد يكون.. إ حساس الطفل بالغيرة من أخته التي جاءته بعد كل هذه السنين لتشاركه اهتمام والديه ولتسحب من تحت أقدامه امتيازات الطفل الوحيد كونت لديه ردة الفعل تلك.. وتطورت مع الوقت لتظهر بهذا الشكل.. مشاكسة مستمرة.. وحركة دائمة والسبب الحقيقي (رغبته بلفت الأنظار إليه حتى يكون مثار الاهتمام.. والطفل بحكم تكوينه النفسي والعقلي قد لا يميز بين العناصر الإيجابية في إثارة الاهتمام والعناصر السلبية.. وربما أدرك بعض الجوانب.. ولكنها تحقق له متعة إثارة اهتمام من حوله!!
ثالثاً: لكل ذلك.. فإن أول الخطوات.. للتعامل مع طفلك أن تغمريه باهتمام واضح.. وتسندي إليه بعض المهام البسيطة التي تشعره بقيمته.. وتشجعيه بعد إنهائها وترددي على مسامعه أنه (رجل البيت) بعد والده وأنك تعتمدين عليه كثيراً.(18/509)
رابعاً: مسألة تكليفه بحفظ القرآن الكريم.. مسألة رائعة جعلها الله في ميزان حسناتك.. ولكن أهم مافي هذا العمر عنصرين (الوقت) و (الحوافز) فحاولي أن تختاري له الوقت المناسب لهذه المسألة وذلك بترتيب وقته.. بحيث لا يتعارض وقت الترفيه مع وقت الحفظ مثلاً.. وإعطاؤه بعض الحوافز لاتمام كل مرحلة من الحفظ.. وحاولي ألا تكثري عليه.. حتى لا يمل.
وأما (الكذب) فجميل منك مسألة تنبيهه إلى خطورته بشكل هادئ.. ولكن مشكلة الأطفال معنا غالباً أننا قد ننهاهم عن أمور.. ويلاحظون أن الكبار يمارسونها بشكل أو بآخر.. والأمثلة هنا كثيرة!! والطفل لا يميز - عادة - بين الدوافع.. ولا تعنيه الأسباب بقدر ما يعنيه الفعل الذي أمامه..!! وعلى أية حال.. استمري في توجيهه بهدوء.. وإياك ووصمه (بالكذاب) فهذا قد يؤثر عليه.. ويجعله يستمرئ هذا الفعل وتتساوى عنده الأشياء!!!
وجميل لو تم إلحاقه.. بإحدى حلق تحفيظ القرآن الكريم داخل الحي.. ومتابعته من قبلكم.
وحاولي - أختي الكريمة - أن تقتربي منه في لحظات هدوئه.. وتتكلمي معه.. وتشجعيه على الحديث معك عما مر به في المدرسة والشارع من أحداث.. حتى ولو كانت أحداث بسيطة وتروي له بعض الحكايات المسلية والهادفة.. وخاصة قبل النوم.. وأما بكاؤه المستمر - أحياناً - فيظهر والله أعلم.. أنها وسيلة منه للتخلص من بعض المواقف.. واستجلاب العطف.. فلا تتوقفي عندها طويلاً.
خامساً: قد يكون ما يعاني منه الطفل هو ما يسمى في علم النفس (النشاط الحركي الزائد) .. ولكننا لا نستطيع الجزم بذلك إلا بعد التأكد وملاحظة سلوكه.. فإذا كان يتصرف بهذا الشكل في أماكن أخرى غير المنزل.. مثل الشارع والمدرسة وعند الأقارب.. وغيرها.. رجحنا هذا الخيار.. وعموماً.. حتى النشاط الحركي الزائد تجدي معه كثيرا ما تسمى بـ (فنيات تعديل السلوك) .
سادساً: أجبت على مشكلة (حركة الأطفال الزائدة) في المواقع تحت ما عنوان (طفلي عنيف!!) واقترحت مجموعة من فنيات تعديل السلوك.. ستجدين فيها بإذن الله بعض الأفكار المفيدة.. آمل الاطلاع عليها في الاستشارات النفسية.
سابعاً: وأخيراً لا تنسي - أختي الكريمة - الدعاء الصادق والمستمر.. أن يصلح الله لك أبناءك ويحفظهم من كل سوء.. وأن يقر عينيك بصلاحهم وهدايتهم وتوفيقهم.(18/510)
طفلي عنيف..؟!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 12/4/1422
السؤال
لدي طفل عمره 5 سنوات ويقوم ببعض التصرفات السيئة من ضرب للكبار أو الضيوف أو تكسير للأواني ويتلفظ بألفاظ سيئة من لعن وسب للكبار والصغار فما هو التصرف المناسب مع مثل هذه الحالة التي تكثر في الأطفال علماً أننا جربنا معه التوجيه واللوم والتخويف والتهديد والضرب المبرح وغير المبرح ويزداد مع ذلك سوءاً.
الجواب
أخي الكريم..بالنسبة لمشكلة ابنك.. فلا ادري هل هو الطفل الوحيد لكم..أم لا..؟ أو ما هو ترتيبه بين اخوته وأخواته.. فلوا اتضحت هذه الأمور لكان تشخيص هذه المشكلة اكثر دقة. وبشكل عام تعليقي عليها من وجوه:
أولاً: يظهر والله اعلم أن ما يعاني منه ابنك هو ما يسمى علمياً بـ " النشاط الحركي الزائد " ويعرف بأنه عدم الاستقرار في مكان واحد لاكثر من لحظات والجري بسرعة من مكان إلى آخر بشكل ـ ربما ـ فوضوي وخطر على الطفل..! وكثرة الكلام.. وإثارة الضجيج.. وعدم الالتزام بالأوامر والنواهي.. أو بالنظام.. وما إلى ذلك من أعراض المشاكسة المستمرة.
ثانياً: ثبت علمياً أنه للوراثة ـ أحياناً ـ دور في ظهور هذا " النشاط الحركي الزائد " إضافة إلى العوامل البيئية والاجتماعية والأسرية..!! والذي أريد التأكيد عليه هنا.. هو أن لا يتم القطع بأن ما يعاني منه الطفل هو " النشاط الحركي الزائد " إلا إذا تكرر مع الطفل هذا النشاط في اكثر من مكان.. مثلاً في المنزل وعند الأقارب وفي الشارع وفي المدرسة.. إلخ وكذلك يجب مراعاة البداية الحقيقة لهذه الأعراض.. أو بعضها على الأقل.
ثالثاً: قد يكون ما يعاني منه الطفل.. نوع من التدليل الزائد.. وربما الرغبة في لفت الانتباه إليه وهي من الأشياء الواردة بقوة لدى بعض الأطفال..!!
رابعاً: التوجيه واللوم والتخويف والتهديد والضرب المبرح.. كلها مراحل وخطوات لتقويم السلوك 00 وأمور قد نضطر إليها أحياناً.. ولكن أهم ما فيها هو عنصر التوقيت والمتابعة!! بمعنى ألا استخدم التهديد في وقت التوجيه.. أو الضرب في وقت التخويف..إلخ.
وبالتالي قد لا التزم بوعدي (ووعيدي..!!) فالأطفال عامة أذكياء.. ويعرفون مالدى والديهم.. ومدى جديتهم في تنفيذ ما يقولون.
خامساً: لعلاج مثل هذه الحالات تستخدم عادة أساليب وفنيات تعديل السلوك.. بنجاح كبير.. واقترح عليك من هذه الفنيات في مثل موضوع طفلك مايلي:(18/511)
1- الإطفاء أو التجاهل.. أي تجاهل السلوك غير المرغوب فيه وعدم الوقوف عنده.. أو الالتفات إليه.. خاصة إذا كان هذا السلوك غير ضار بشكل مباشر ويفيد هذا التجاهل.. بإطفاء السلوك غير المرغوب فيه والذي يقصد الطفل من وراءه إلى لفت الانتباه!! ويفضل عند تجاهل السلوك السلبي.. تعزيز السلوك الإيجابي المضاد للسلوك السلبي كأن يجد الطفل التشجيع عند الانضباط. ويجب التنبيه هنا لأمر هام جداً.. وهو عدم التراجع عن سياسة التجاهل لأن الطفل قد يزيد من سلوكه السيئ بفترة الاختبار والتي قد تمتد لأيام وربما أسابيع.. وقد يتزايد فيها السلوك السلبي اكثر مما كان.. والمهم هنا هو عدم التراجع مع تجنب الاحتكاك البصري بالطفل حتى لا يرى تعير اتك.
2- تكلفة الاستجابة.. ونعني بها فقدان الطفل لجزء من المعززات التي لديه. كالمكافآت مثلاً.. واصطحابه لنزهة.. أو بعض الألعاب والبرامج الترفيهية التي يحبها فنحرمه منها أو من بعضها لفترة مؤقتة " حسب ما يصدر من سلوكيات غير مرغوبة " أو مزعجة " ونخبره بذلك.. بأن هذا الإجراء في مقابل ذاك السلوك.. وقد يوعد الطفل بالحصول على كمية من المعززات بمجرد حصوله على عدد من النقاط.. وبخسارة عدد منها عند حصوله على نقاط سلبية.. ويقترح لذلك عادة.. ما يسمى بلوحة النجوم والدوائر.. فتوضع في مكان بارز في المنزل.. ويكتب فيها أيام الأسبوع.. وأمام كل يوم يوضع خانات لتعبئتها.. فالنجوم ترمز للسلوك الإيجابي.. والدوائر ترمز للسلوك السلبي وتحسب المحصلة في النهاية.. فإذا حصل على عدد من النجوم كانت له مكافأة رمزية متفق عليها " تعزيز موجب " وإن طغت الدوائر حرم من أمر مرغوب لديه.. والمهم هنا هو الالتزام والدقة والمبادرة في التنفيذ مع شرح هذه الطريقة للطفل.. ومع الوقت تخفف شيئا فشيئاً. وتتباعد فترات التقييم حتى تتلاشى.. ويتجاوز الطفل هذه المرحلة.
3- التصحيح الزائد ووالتصحيح البسيط.. وهو تدريب الطفل على السلوك الملائم من خلال تصحيح الطفل لأخطائه والطلب منه إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي.. وعادة ما يشتمل هذا الأسلوب على توبيخ الفرد بعد قيامه بالسلوك غير المقبول مباشرة.. وتذكيره بما هو مقبول.. والطلب منه إزالة الأضرار التي نتجت عن سلوكه.. وإعادة الأمر إلى ما كان عليه.. بل ربما تكليفه بأعمال أخرى إضافية!! مثلاًِ.. طفل كثير الحركة.. اعتاد على بعثرة الأشياء في المنزل " سلوك سيئ " والتصحيح هنا.. توبيخه والطلب منه بإعادة كل شيء إلى مكانه.
4- الإقصاء: ونعني به إبعاد الطفل.. فور ظهور السلوك الغير مرغوب فيه.. عن المكان لفترات قصيرة.. وتحديد مكان معين في المنزل كأحد الزوايا.. أو الغرف.. التي لا تحتوي على ما يشد انتباه الطفل أو يثيره ويسره.. ليكون مكان الإقصاء.. وبمجرد ظهور أي سلوك مزعج من الطفل..يبعد إلى مكان الإقصاء لمدة عشر دقائق مثلاً.. ويبلغ بسبب إقصائه وإن عاد لسلوكه.. أعادوه للإقصاء.. وزادوا المدة.(19/1)
سادساً: لتكن ـ أخي الكريم ـ لغتك واضحة مع طفلك سواء في الأوامر أو النواهي.. وتجنب قدر المستطاع مزج الجد بالهزل في توبيخك وتهديدك.. فالطفل لا يميز بينهم 00!! .. وسيأخذ الأمور على أنها هزل دائماً.. وربما استغرب تناقض والديه!! ولذلك فالوضوح مطلب ضروري وهام جداً.. في الوعد والوعيد.. والصدق أساس كل ذلك.
سابعاً: في حالات قليلة جداً.. يحتاج " النشاط الحركي الزائد " إلى بعض الأدوية المهدئة.. التي يراها الطبيب النفسي مناسبة.. وتقلل تدريجياً مع الوقت.
ثامناً: يجب على الأهل.. تجنب المنبهات الشديدة.. والإثارة الزائدة للطفل.. والحرص على الهدوء قبل موعد النوم بمدة كافية.. ولا تنسى ـ آخي الفاضل ـ قبل هذا وبعده الدعاء الصادق بأن يصلح لك ويصلح بك وان يقر عينك بصلاح أبناءك انه ولي ذلك والقادر عليه.(19/2)
التربية بالضرب والتخويف
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 27/06/1426هـ
السؤال
هل من الممكن ضرب الطفل أو تخويفه بالكبريت أو الشمعة لو كان لا يرتدع بالعصا؟ وهل يجوز ضرب الأطفال على حفظ القرآن؟.
الجواب
أخي الكريم حفظك الله ورعاك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
"يا غلام سمِّ الله وكُل بيمينك، وكُل مما يليك"، هكذا قال المربي الأول، نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- حينما كانت يد عمر بن أم سلمة تطيش في الصحفة. صحيح البخاري (5376) ، صحيح مسلم (2022) .فلم يستخدم معه الضرب أو التأنيب، ولكن وجَّهَه إلى الآداب الصحيحة عند الأكل. علينا أن ندرك أن هناك حقيقة مرتبطة بطبيعة البشر وهي أننا جميعاً خطاؤون، فالكل مفطور على صدور الخطأ منه صغيراً كان أو كبيراً، ومن الخطأ يتعلم الرجال.
وحينما يكون تعاملنا مع أبنائنا قائماً على المحاسبة فقط دون التوجيه، فإننا نرتكب خطأً تربوياً سيكون له تأثير سلبي على الأبناء سواءً كانت المحاسبة لفظية: (.. أنت لا تفهم، أنت غبي..) ، أو كان بدنياً كالضرب باليد أو بأي أداة أخرى..
فإننا نكون جعلنا من الخطأ سبباً ودافعاً لتحطيم معنويات أطفالنا والتنقيص من قدراتهم وسلب الثقة منهم، وبالتالي الوقوع في مشاكل نفسية كثيرة كالخوف والانطواء، والتبوّل اللا إرادي، واضطرابات النطق، إلخ ...
فالطفل سينشأ وفي ذهنه تلك الصور العقابية المحبطة، كارهاً من كان يمارس معه تلك السلوكيات الخاطئة، وقد يكبر ويتقمص تلك السلوكيات مع الآخرين.
لذلك - أخي الكريم- لا بد أن نقف ونتساءل قبل أن نحاسب أبناءنا عن أخطائهم.
* هل علّمنا أطفالنا الطريقة الصحيحة للسلوك المرغوب؟
* هل الضرب واستخدام الألفاظ المحبطة هو الحل الناجح لإطفاء تلك السلوكيات وتعلمهم سلوكيات مرغوبة؟
ولكي نجعل من أخطاء أطفالنا وسيلة للتعلم والإبداع، علينا الآتي:
(1) أعد الثقة للطفل بعد الخطأ؛ فالثقة دائماً هي العلاج الذي يبني حاجزاً متيناً بينه وبين تكرار الخطأ.
(2) علّمه الطريقة الصحيحة للتعامل مع الموقف.
(3) علّمه تحمُّل مسؤوليته عن أخطائه ليكتسب مهارة التحكم في ذاته، فالطفل الذي يحدث منه كسر كوب الماء لا تنفعل عليه، بل كن هادئاً واطلب منه أن يقوم بتنظيف المكان وكافئه لفظياً، ومن ثم وجهه للطريقة الصحيحة لحمل الأكواب.
(4) ابتسم وأنت تقنعه بخطئه وتشعره به.
(5) افصل الخطأ عن شخصية الطفل.
(6) كوّن عند الطفل المعايير السليمة التي من خلالها يتعرّف على الخطأ.
(7) أنصت إليه بتمعّن واهتمام؛ لتفهم أصل الخطأ.
(8) لا تجعله يقع فريسة للخوف من الفشل.
(9) لا تيأس من طفلك مهما تكرر خطؤه.
تأكد - أخي الفاضل- أن الحب والتسامح مع الأطفال أقوى وأنفع من الغضب والانفعال، ولنكن قدوةً لأطفالنا بكل أمور الحياة.
فحاول بقدر ما تستطيع أن تنشئ علاقة ود وصداقة مع أطفالك؛ كي يتعلموا منك الصواب ويساعدهم على تكراره.
حفظ الله لنا ولك النية والذرية.(19/3)
الغيرة بين الأطفال
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 14/10/1424هـ
السؤال
عندي من الأولاد اثنان، بنت عمرها سنتان ونصف، وولد عمره سنة، والمشكلة التي نعاني منها هي شدة الغيرة من البنت الكبيرة، فكلما أعطينا شيئاً للولد تأخذه منه وتضربه، ونحاول بكل الجهد أنا وأمها أن نحببها فيه، لكنها كلما رأته سعيداً تنكِّد عليه، ولا أدري ما أفعل؟ الولد مظلوم والبنت كذلك لتقارب السن ورغبة كل واحد في أخذ أكبر قسط من الدلع، هل من نصائح مفيدة تقلل من هذه الغيرة؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
في الحقيقة أن هذه المشكلة التي أنت تعاني منها مع أولادك هي مشكلة يعاني منها الكثير من البيوت، وخصوصاً إذا كان سن الأولاد في مثل سن أولادك، وهذه المشكلة تنتهي بمرور الأيام، وتقدم سن الطفل، ولكن هناك بعض النصائح ننصح بها حيال هذه المشكلة فمستعيناً بالله أقول:
(1) لا بد من إشعار هذه البنت بالاهتمام والرعاية والحب، وخصوصاً إذا اجتمعت هي وأخيها في مكان واحد.
(2) في حالة لعب الابن الأصغر ينبغي أن يتواجد أحدكم أو كلاكما مع الأولاد؛ حتى لا يحدث ما يحدث من البنت تجاه أخيها.
(3) إحضار بعض اللعب خاصة للبنت ووضعها عند أخيها، ثم إعطاء هذه اللعب للبنت وإقناعها بأن أخاها هو الذي أحضر لها هذه اللعب حتى تحبه.
(4) كرروا دائماً على لسان ابنتكم حبي أخيك، قبلي أخيك، وجعلها تحمله على رجلها بمساعدتكم طبعاً.
(5) إحضار بعض الألعاب الخاصة بالطفل وإعطاؤها للبنت، وجعل البنت تعطي هذه الألعاب لأخيها، وبذلك تسود روح المحبة بينهما.
(6) احذروا من إنزال العقاب الشديد على البنت إذا قامت بضرب أخيها مثلاً، ولكن أشعروها بأن هذا خطأ وأن أخاك يحبك فلا تؤذيه.
(7) وخاتمة القول عليكم بالدعاء واللجوء إلى الله بصدق أن ينهي هذه المشكلة على خير. هذا والله أعلم، ونسأل الله التوفيق للجميع، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/4)
كيف أجيب على أسئلة ابني؟
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 21/7/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:
عندي ولد في السنة الخامسة من عمره، وفي الآونة الأخيرة بدأ يكتشف عضوه التناسلي، ويأتي إلى أمه ويسألها عن سبب انتصابه، ولا يسألني ربما لخوفه، وسؤالي - بارك الله فيكم - كيف نتعامل معه في هذه القضية؟ أسأل الله أن يكتب أجركم وأن ينفع بكم.
الجواب
الأخ الكريم:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أسأل الله العظيم أن يحفظ لك ذريتك وبيتك، ويهدينا وإياك طريق الحق ويرزقنا اتباعه إنه جواد كريم.
أخي الفاضل: إن الطفل يستطيع أن يتعرَّف على أجزاء جسمه منذ العام الثاني، سيتعرف على أن العين للرؤيا، والأذن للسمع، والفم للأكل والشرب، والأرجل للمشي، ولكن معرفته عن أعضائه التناسلية أنها للإخراج البولي، وحينما يحدث أمراً جديداً وطارئاً لها قد تكشف أن هناك أموراً جديدةً تتأثر بها كالإحساس بالنشوة حين لمسها، وقد يكون هذا الأمر الطارئ قد حدث بفعل فاعل، وعمر الطفل يجعله لا يميز بين المسموح والممنوع!! أو من خلال رؤيته لمشاهد رسخت في ذهنه وفتحت لهُ أموراً لا تتوافق مع عمره الزمني، ولذلك -أخي الكريم- تلمس ما يحدث حول ابنك من بواعث تساعده على أن يلفت اهتمامه لعضوه التناسلي، فقد تكشف ما كان غائباً عن ذهنك، اعتقاداً منك بأنه أمر عاديٌ لا يؤثر على الأطفال لضعف مداركهم..
ورؤيتي حول مواجهة تلك المشكلة هي كالتالي:
أولاً: الحرص على إعطاء الابن العطف والحنان، وعدم الانشغال الطويل عن ملاعبته وملاطفته، وعدم تركه للغوص في اكتشاف أعضاء جسمه، وليكن هناك ألعاب توافق عمره تشغله دائماً معها باللعب والتعلُّم.
ثانياً: أن تتحدث الأم مع الابن حول أعضاء في الجسم مسموح لمسها من الغير، وهناك أعضاء لا يسمح للغير -وللشخص نفسه- لمسها؛ لأنها معرضة لأن تتعرض للجراثيم التي تسبب الأمراض، ومحاولة استخدام لغة توافق عمره وبطريقة مشوقة ولينة.
ثالثاً: إن كان الطفل تحت رعاية خادمة يفضل التأكد من تعاملها مع الطفل، والحرص على التقليل من الاختلاط بها ما استطعت، وإن اهتمت الأم برعايته بشكلٍ دائمٍ فهو أفضل!
رابعاً: لا تجعل بينك وبين ابنك حاجز الخوف، بل قدِّم له العطف والحنان ولاطفه، وحاول أن تشركه في بعض مشاويرك القصيرة، كالذهاب للأماكن العامة لكي يعتاد الاختلاط مع الآخرين، ويتعلم من خلال المشاهدة والممارسة كيف يتصرف مع الآخرين!
خامساً: لا تعط الأمر أكبر من حجمه؛ فقد يكون طارئاً، ومع التجاهل التام لتصرفاته تختفي تدريجياً بإذن الله تعالى.
حفظ الله لك الذرية، وأقرَّ عينك بصلاحهم جميعاً. والله ولي التوفيق.(19/5)
ماهي الطريقة المثلى في تربية الطفل؟
المجيب د. أسماء الحسين
الأستاذ المشارك في الصحة النفسية والعلاج النفسي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 13/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
لدي طفل يبلغ من العمر سنة وتسعة أشهر، وأحب أن أسأل عن الطريقة الصحيحة في التربية، حيث لاحظت أني عندما أخاصمه يذهب إلى أمه، وعندما تخاصمه أمه يأتي إلي. فهل هذه الطريقة صحيحة؟. أرشدوني حفظكم الله.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أولاً: اسمح لي أن أقدِّر لك حرصك على السؤال عن الطرق السليمة في التعامل مع الطفل، ومما ذكرته في رسالتك يبدو أن طفلك من النوع الحسَّاس أو الغيور، الأمر الذي يجعله يبحث عمن يحميه ويرد إليه اعتباره، ويحبه ويعطف عليه كذلك، ولكن نصيحتي لكما - أنت ووالدته- الثبات في تطبيق الأنظمة، وقوانين الثواب والعقاب مع هذا الطفل؛ لأن ازدواجية التعامل، أو الذبذبة فيه قد يسبِّب الإرباك لطفلكما، ويجعله غير قادر على تحديد ما هو مقبول منه وما هو مرفوض، بل إن اختلاف الوالدين في الحكم على سلوك ما سلبي ارتكبه الطفل من شأنه أن يجعل الطفل يقع تحت ضغط نفسي، فينبغي احترام الطفل وتشجيعه على السلوك الحسن، ولا بد من توجيه الطفل التوجيه السليم، والاتفاق على أخذ موقف منه، مع إغفال بعض المواقف التافهة التي تصدر منه، ودراسة ما إذا كان الطفل يريد لفت انتباهكما لأمر ما.(19/6)
مشكلتها: عدم الصبر على أولادها
المجيب عبد الرحمن بن عبد المحسن البعيمي
مشرف تربوي بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 28/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي هي عدم الصبر على الأولاد، وهم: بنت عمرها أربع سنوات، وولد عمره ثلاث سنين، والثالث قادم -بإذن الله-.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أختي: إن عدم الصبر على الأولاد وتربيتهم ومتابعتهم أمر طبيعي لدى الوالدين بشكل عام؛ لأن تربيتهم مسؤولية عظيمة تقع على عاتق الوالدين، وأمانة يجب الالتزام بها، ومع ذلك قد تكون المشكلة أكبر بتقارب أعمار أطفالك، ولكن تذكري شيئاً مهماً وهو الأجر العظيم من الله - سبحانه وتعالى- عند تربية الأولاد تربية حسنة واحتساب الأجر في ذلك، والاستعانة بالله، والدعاء لهم بالصلاح، والصبر منهك، ولكن عواقبه جميلة - إن شاء الله-، ولا أعرف حقيقة أسباب عدم صبرك تجاه أبنائك، ولكن:
(1) يمكن أن تغيري من روتين حياتك اليومية؛ حتى يخفف عنك عناء المنزل والأولاد، والزوج.
(2) إذا كنت حريصة جداً على الأولاد فغيري من طريقتك، فأعطيهم حريتهم، ولا تقيديهم أو تخافي عليهم من كل شيء، حتى في لعبهم، فالحرص الزائد يزيد الضغط النفسي لديك، فتشعرين بعدم الصبر.
(3) حاولي أن تجربي تمارين الاسترخاء، أو تمارين رياضية خفيفة داخل المنزل.
(4) أيضاً ابتعدي عن مقارنة أطفالك بأطفال آخرين، وارضي بما قسم الله لك.
(5) عوديهم على الخروج مع والدهم من دونك؛ حتى يكتسبوا بعض الخبرات، وتشتاقي أنت إليهم.
(6) كلفيهم ببعض الأشغال المنزلية البسيطة.
(7) ضعي برنامجاً يومياً لهم، وهذا مهم، وهم في هذا العمر؛ لترتاحي مستقبلاً.
وفقك الله.(19/7)
الأنسب في تعليم اللغة للناشئين
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 05/05/1425هـ
السؤال
ما الأنسب لتعليم الناشئة: هل البدء معهم باللغة العربية أو اللغة المحلية؟ فاللغة المحلية فيما يبدو لا تفي بالمقصود والله أعلم، أما تعليم اللغة العربية فيأخذ وقتاً غير قليل.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فلا شك أن تعلُّم اللغة العربية وتعليمها من أهم المهمات وأولى الواجبات على من أراد تعليم نفسه أو غيره، لا سيما من كان في مقتبل العمر، وما ذاك إلا لأن اللغة العربية هي لغة هذا الدين الخالد، فالقرآن الكريم نزل بلغة العرب، قال تعالى: "إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون" [الزخرف:3] ، وكما أن القرآن الكريم عربي فالسنة النبوية عربية كذلك، فكلاهما عربي الألفاظ والمقاصد والمعاني، ولأجل هذا قرر أهل العلم أن فهم النصوص الواردة في الكتاب والسنة إنما يكون حسبما تقتضيه اللغة العربية، وحسب ما كان يفهمه العرب الأوائل.
وإذا كان الإنسان الذي يريد طلب العلم ليس من أهل اللسان العربي، فإنه يجب عليه تعلُّم هذه اللغة وفهمها؛ ليتمكن من فهم الأدلة الشرعية الواردة في الكتاب والسنة، ومن ثم يستطيع امتثال أوامرهما واجتناب نواهيهما ونحو ذلك، إلا أن فهم اللغة العربية على وجهها ليس أمراً هيناً ولا مطلباً سهلاً-خصوصاً لمن لم يكن من أهل اللسان العربي-، ولو أراد الطالب إتقانها أولاً ثم يبدأ بطلب العلوم الشرعية لما اتسع وقته لذلك؛ لأن تعلم اللغة العربية يحتاج إلى وقت طويل كما هو مشاهد وواقع، ولذلك فإن الأنسب أن يجمع الطالب بين الطريقتين، فيتعلم اللغة العربية ويحاول فهمها والإحاطة بعلومها وما إلى ذلك، وفي الوقت نفسه يطلب العلم من الكتاب والسنة، ومما ألفه العلماء في العقيدة والتفسير والحديث والفقه وسائر علوم الشريعة باللغة المحلية التي يفهمها ويستطيع تطبيق ما درسه عن طريقها، وذلك عن طريق الكتب المؤلفة باللغة المحلية، أو عن طريق الترجمة؛ حيث يقوم العالمون باللغة العربية والمحلية بترجمة ما جاء في تلك الكتب.
وإذا جمع الطالب بين هاتين الطريقتين فإنه سيحصّل خيراً كثيراً إن شاء الله، وسيرى بعد مرور الوقت أنه حصّل من العلم طرفاً لا يستهان به، وإذا أتقن اللغة العربية استطاع الاستمرار في طلب العلم من منابعه الأصيلة التي كتبها مؤلفوها باللغة العربية ولا يجد في ذلك صعوبةً؛ لأنه فهم اللغة التي كُتِبَتْ بها هذه الكتب.
ومن المناسب للسائل أن يستفيد من الطرق التي سلكتها الأقليات الإسلامية في عدد من دول العالم، حيث وضع القائمون على تعليم الأجيال الناشئة هناك برنامجاً مناسباً للجمع بين تعليم اللغة العربية، وتعليم الأحكام الدينية المهمة باللغة المحلية، ويمكن الحصول على هذه البرامج عن طريق الجمعيات الخيرية المهتمة بهذا الجانب.
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/8)
الحيرة مع الأولاد..!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 29/4/1422
السؤال
أنا امرأة متزوجة وعندي أطفال ألان نقيم في إحدى دول الغرب والمشكلة هي أن زوجي يريد أن أضع الأطفال عند مربية وأنا أخرج للدراسة وأنا لست مرتاحة لهذا الوضع وأقول له دائما سيضيع الأطفال هكذا ولن نستطيع السيطرة عليهم في المستقبل 00وأيضاً الدين مختلف وأخاف عليهم كثيراً من هذا المجتمع. هل أنا على حق أم اسمع كلام زوجي وأنهم لن يتغيروا بسرعة ماذا أفعل؟ أرشدوني ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الذي يبدو من استفسارك أنك زوجة أحد المبتعثين للدراسة في الغرب، وبحسب تجربتي فإن الوضع السائد والمنتشر بين المبتعثين في العادة هو أن الزوجة هي التي عادة ما تلح وتناشد زوجها بالسماح لها في الدراسة ونيل درجة علمية عالية أو على الأقل دبلوم لغة إنجليزية أما في وضعك أنت أيتها الأخت الكريمة فالأمر يبدو معاكساً إذ الزوج هو الذي يرغب منك بالالتحاق بالدراسة حتى ولو كان في ذلك بعض المحاذير.
يمكن تناول موضوعك من جانبين الأول هو الوضع الدراسي والبيئة الدراسية والأمر الثاني أو الجانب الثاني هو وضع الأطفال ووجودهم تحت رعاية مربيه غريبة عنهم، أما الجانب الدراسي فالمعروف هناك أن الدراسة تتوجب عليك الاختلاط بالرجال ومحادثتهم والنقاش معهم وهذه أمور فيها محذورات شرعية كما لا يخفى عليك وأنت لم توضحي ما نوعية تلك الدراسة والحاجة إليها من قبلك وأيضاً حاجة المسلمين لمثل دراستك فنستطيع أن نجعلها في خانة الضرورة التي تستوجب علينا كمسلمين وجود امرأة مسلمة تشغل هذا الثغر وهذا الجانب بدلاً من رجل أو امرأة غير مسلمة.
أما إن كانت هذه الدراسة غير ضرورية ولا حاجة إليها ولم يضرك تركها أو لم تخسري شيئاً بالابتعاد عنها فإنك والحالة هذه تدخلين تحت دائرة لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فلا طاعة لزوجك والحالة هذه في أمر يحتوي ويتضمن معصية الله.
ومن هذا المنطلق فإنك في ضوء ما سبق أنت التي تحكمين في حالتك وترين الأمر المناسب لوضعك ووضع أسرتك.
أما الجانب الآخر وهو وضع الأطفال فلا يشك المربون بأن الاستقرار النفسي والعاطفي لدى الأطفال يكون في أكمل صورة وأحسن حالاته حينما تملاء أوقاتهم وحياتهم بالحنان والعطف المتدفق من الأبوين لكن هذا في نفس الوقت لا يعني بالضرورة أن وجود الأطفال تحت رعاية امرأة غير أمهم أو أجنبية عنهم يستوجب ويستلزم منه انحراف أو ضياع الأطفال نفسياً أو عاطفياً ولكن احتمال التعرض لمثل هذه المشاكل لدى الأطفال واردة عندهم أكثر من غيرهم.
وفي حالتك أيتها الأخت الكريمة فإن وجود الأطفال بين يدي المربية أو الحاضنة فإنه إن كان لمدة وجيزة ويسيرة وهذا ما يبدوا لي والله أعلم يقلل الضرر الديني عليهم خصوصاً في مثل سنهم وكذلك إقامتكم ليست دائمة وإنما هي مدة زمنية معينة ومن ثم تعودون إلى بلادكم وقد يكون الأطفال لم يبلغوا سن التمييز بعد.
وفي الأخير أحب أن أهمس في أذنك آيتها الأخت أنك أنت كما ترين الأعرف بشأنك وشأن دراستك وأولادك حاولي أن تزني كل هذه الأمور في ميزان الشرع أولاً ثم العقل والمصلحة الراجحة ثانياً.
وفقك الله وأسرتك لكل خير ونجاح وأعادكم إلى دياركم وأهليكم سالمين غانمين، وصلى الله على محمد.(19/9)
أريد لها الصلاح.. ولكن..!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 24-1-1423
السؤال
لدي فتاة في الصف الرابع الابتدائي وأحاول جاهدا أن تكون من الصالحات وذلك من خلال الحرص على صلاتها وأدائها في أوقاتها ولكن يبدو أن الضغط عليها أدى إلى تهربها والإدعاء بأداء الصلاة وهي الآن تقوم بأداء الصلاة في الدور العلوي مع حرصي أن تؤديها أمام أمها وأمام الجميع في الدور السفلي، ولذلك فقد حاولت تغيير منهجي معها والتشديد في مراقبتها من خلال الحوافز المادية التي تحبها كثيرا فقد اتفقت معها على أي صلاة أشهدها أو تشاهدها أمها سوف تحصل على ذلك الحافز، كما طلبت من أخيها الصغير بمراقبتها لمعرفة هل أدت الصلاة أم لا، أرجو توجيهي حول هذا الموضوع وتزويدي بوسائل علمية لذلك.
الجواب
أخي الكريم أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أكاد أجزم أن ابنتك هي أكبر أولادك من خلال تعاملك معها وحرصك عليها هذا الحرص الشديد لتكون من الصالحات. يتحمس الآباء كثيرا في تربيتهم لأولادهم وخاصة في الطفل الأول فتجدهم يمارسون أساليب شتى في تطبيقات طرق التربية سواء من الناحية السلوكية أو من الناحية التعليمية أو الدينية ... ولو نظرنا إليهم بعين المتفحص والمتجرد لوجدناهم في الحقيقة إنما يلبون حاجات نفسية لديهم هم قبل أولادهم.. ولسان حالهم يقول أريد أولادي رجالا صالحين متميزين ومنضبطين وناجحين في جميع شؤونهم الدنيوية والأخروية.. فتجد أحدهم يحاول ويجتهد حتى ولو كان يمارس طريقة خاطئة ولكنه وبسبب ذلك الدافع القوي تجده يعمى عن سلبيات مثل هذه الأساليب والطرق التي يعمل بها ولا يفيق إلا بصدمة قوية يفاجأ من خلالها أن ابنه أو ابنته هما أبعد ما يكون عن الهدف والسلوك الذي طالما حلم به.
أيها الأخ الكريم..
ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.. أنت بدت لك بعض من نتائج أسلوبك مع ابنتك ولكن للأسف لم تتعلم من هذا الدرس بل جنحت إلى أمر أسوأ من خلال مراقبتها والتشديد في ذلك.
يا أخي لا تجعلها تصلي من أجلك أو أجل أمها.. ازرع فيها المراقبة الذاتية.. ذكرها بأمر الصلاة وعظم شأنها في الإسلام وأنها سبب في التوفيق في الدنيا والآخرة، حاول ربط ما يحدث لها من منغصات في العيش بالابتعاد عن الله واتركها.. ليكن عملك التذكير والنصح بالحسنى ولا تراقبها بهذه الطريقة السيئة وصدقني أنه سوف ينشأ لديها حب الصلاة والخير في ضميرها مع الوقت وليس مع الشدة والمراقبة والحزم الزائد أو توصية إخوانها بالقيام بمهمة الرقيب، وصدقني أن النتائج بهذه الطريقة ستكون عكسية راجيا ألا تكتشف خطأ أسلوبك من خلال سلوك أبنائك فيما بعد، حيث في ذلك الحين يكون الوقت متأخرا جدا للإصلاح أو للعودة لتجريب أسلوب آخر يكون أكثر ليونة وأكثر حكمة.
زادك الله حرصا وروية ووفقنا للسلوك القويم مع أنفسنا ومع أبنائنا.
والله يحفظك ويرعاك،،،(19/10)
السنة الدراسية الأولى: هم الوالدين وآمال الطفل
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 5-7-1423
السؤال
ها قد بلغ ابننا السنة النظامية للالتحاق بالمدرسة وبدأ الخوف يأخذ مكانه في قلبينا نحن والده ووالدته والرهبة من مشكلة التعب ومصاعب التكيف لدى ابننا مع العملية التعليمية أنها مشاعر مختلطة فهي آمال بالنجاح العلمي وهو شعور يخالج قلب كل والدين يحب لولده الاستفادة العلمية قدر الإمكان وفي نفس الوقت خوف من الفشل وهو ما نشاهده عند أطفال صغار لم يستطيعوا المواصلة في الدراسة فكانت معاناتهم مستمرة حتى عند الكبر.
فهل لنا أن نستمع منكم شيئاً يفيدنا في هذا الموضوع؟.
الجواب
الأخ الكريم ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في "موقع الإسلام اليوم"
لا شك أن تجربة الطفل في سنته المدرسية الأولى ستكون مزيجاً من الفرح والسعادة إذ طالما جلس بفكر فيها بل ويلج على والديه إرساله لها ... وإذا ما كان له أخوة كبار فإن الشوق لها أكبر بكثير كيف لا وهو يشاهد إخوانه يذهبون صباحاً ويعودون ظهراً كل يوم وهم على الدوام مشغولون إما بالدراسة أو عمل الواجب أو على الأقل في الحديث عن المدرسة وما يدور فيها من أحداث مع المعلمين وزملاء الفصل هذا التكرار اليومي الملقى على مسامعه بطريقة غير مباشرة ولا متعمدة ولدت لديه الحب الكبير في الخضوع لهذه التجربة نتيجة ما يراه من أخوة بشكل يومي.
وقد وقفت على كتابة جميلة في هذا الصدد كتبها أخصائي في علم النفسي هو الدكتور كمال الدسوقي وضمنها في كتابة الجميل " النمو التربوي للطفل والمراهق " وأنا أنشرها هنا مع بعض التصرف لما فيها من الفائدة في هذا الموضوع إذ يقول:
"يعتبر الذهاب إلى المدرسة زمنياً وسيكولوجياً نهاية عهد وبداية عهد آخر بالنسبة للصغير، فحتى سن الخامسة الصغير يتفاعل مع والديه وأشقائه أكثر مما يتعامل مع أي أحد آخر. الحقّ أنه قد يكون له في جيرته رفاق لعب، لكن الوالدين هما من يعرف من الكبار معرفة وثيقة: هما اللذان يرسمان نمط حياته اليومية، موافقتهما هي ما يهمّه. وإرضاؤهما هو ما يسعى إليه، لكن مع بداية المدرسة يتسع عالم الطفل ويصبح أكثر تعقيداً. فهو يقضي وقتاً أطول بعيداً عن البيت في صحبة أناس آخرين غير أعضاء أسرته. وتصبح آراء وأحكام وأوامر هؤلاء ذات أهمية متزايدة.. وإن كان ليشعر نحوهم باحتياج أكبر - لكنهم هم الذين أرادوا له هذا.(19/11)
إن دخول ما نسميه الصف الأول بالمدرسة هو علامة تغير مفاجئ في خبرات الصغير. فلأول مرة في حياة أغلب الصغار يتوقع منهم أن يتمشوا مع نمط جماعي فرضه أحد الكبار وفي عهدته صغار كثيرون ليكون واعياً طوال الوقت بكل واحد منهم كفرد. اللوحات تعرض على المجموعة كلها مرة واحدة وبسرعة البرق، القصص تحكى وعلى كل واحد أن يصغي أراد أو لم يرد، ورق الرسم والأقلام توزع سواء تصادف الإحساس بالرغبة في الرسم بتلك اللحظة أم لا. إن أحد هؤلاء الصغار - وقد وجد هذا التحول فرق ما يحتمل - ليبدي ملاحظته بعد أول يوم له في المدرسة بقوله: " هذا شنيع، كل ما تفعله هو أن تنصاع (للأوامر وتنتبه للتعليمات) طوال اليوم " وقوله في يوم آخر: إنها شناعة حقاً، كل ما تفعله هو " أن تجلس، وتجلس، وتجلس ".
وسواء أكانت أوّل مدرسة يذهب إليها الطفل هي الحضانة أو رياض الأطفال أو المدرسة الابتدائية التي بحكم النظام لا ينبغي أن يتخلف عن اللحاق بها الأطفال عند سن السادسة، فالذهاب إلى المدرسة في نظر الصغار جميعاً معناه أنهم قد كبروا وقد كانوا يتطلعون بشوق إلى اليوم الذي يكبرون فيه ويصحبون إخوتهم وأخواتهم الكبار إلى المدرسة ويشاركون في هذه الخبرات التي يسمعون عنها من هؤلاء عما يسمى المعلم أو المعلمة والفصل والحصة ... بدلاً من أن يتعلقوا بهم عند خروجهم في الصباح باكين متوسلين ليأخذوهم معهم فيتركوا لأنهم "صغار" لكنّ دراسات اتجاهات الصغار نحو المدرسة قد كشفت عن أنه " بينما أغلب الصغار يدخلون المدرسة بآمال عريضة وتوقعات كبرى فالكثير جداً منهم يشعرون أنهم قد خدعوا في المدرسة قبل أن يتموا عامهم الأول بالصف الأول.
وقد يكره بعض الأطفال الحضانة أو رياض الأطفال بعد انتظامهم فيها، لكن ذلك أقل بكثير مما يحدث للصغار في كراهيتهم للمدرسة الابتدائية. والسبب في هذا واضح: فالتغير المفاجئ في الحضانة وروضة الأطفال ليس أكبر بكثير مما هو في البيت والأسرة - رغم أن الصغار يلحقون بهما في سن أكثر تبكيراً. أما بالنسبة للمدرسة وفي السنة الأولى منها فالفرق كبير بين جو الأسرة (الوالد والوالدة والاخوة) وجو المدرسة (المعلم أو المعلمة والزملاء ... ) الرسمي الغريب.
ويتوقف حب الصغير للمدرسة وكراهيته لها على أولى خبراته بها. إن تشوقه للذهاب إلى المدرسة ليتبدّد لو أنه - عندما يدخل المدرسة - يجد نفسه غير أهل لما تتوقع منه المدرسة. إذ تطغي حينئذ بسرعة المخاوف ومشاعر النقص وعدم الاستعداد على السرور والابتهاج اللذين طالما حلم بهما الطفل.
ولا يقل خطراً عن عدم الاستعداد للذهاب للمدرسة الإعداد لها بالطريقة الخاطئة. فبعض الآباء - رغبة منهم في تحبيب المدرسة إلى صغارهم، يزينون لهم صورة المدرسة ولو على غير الحقيقة الواقع. فحين يقال للصغير الذي تركه الجميع وحيداً بالبيت إنه حين يذهب للمدرسة سوف يجد زملاء كثيرين يلعب معهم. ثم يتصادف حين يذهب ألا يحب الآخرون اللعب معه. والصغير الذي تؤكد له أمه أنها ستكون عند باب المدرسة للعودة به إلى البيت قبل موعد الانصراف، ثم يتكرر تأخرها في الحضور وهو في انتظارها جائعاً تعباً ... كيف يحب هؤلاء المدرسة؟(19/12)
إن البداية الحسنة أو براعة استهلال ذهاب الصغير للمدرسة تأتي أهميتها من أن أول خبرة بالمدرسة - سواء سبقها الإعداد السليم أو الخاطئ أو عدم الاستعداد أصلاً - تشكل كل اتجاه الصغير نحو المدرسة لسنوات قادمة. والخبرة المريرة بالمدرسة تتطور إلى خشية تتزايد عاماً بعد آخر، حتى يجيء الوقت الذي يثور فيه الشاب على والديه طالباً عدم الذهاب لهذه المدرسة ويضطر هؤلاء لإخراجه منها.
من ناحية أخرى، يتوقف تكيف الصغار بالمدرسة على الطريقة التي تستقبلهم بها أول أيام التحاقهم بالصف الأول منها، فنظام المدرسة، وشخصية المدرسين، بصرف النظر عن المعدات المادية لحجرات الدراسة والمواد الدراسية أو جداول الحصص والكتب المقررة ... الخ هي التي ستهيئ الجو النفسي الاجتماعي اللازم لتوافق الصغير بالمدرسة وحبه لها، وبالتالي نمو شخصيته في المدى البعيد، ونجاحه التحصيلي في المدى القريب. والعلاقات التي تخلق هذا الجو الصحيّ العقلي أو المرضي اللاتوافقي فيما بين المعلم والتلميذ الصغير وزملاء الدراسة هي التي ستحدد للمستقبل ما إذا كانت المدرسة تخرج المواطن الصالح أم الحدث المنحرف.
مؤشرات الأهبة للتكيف المدرسي:
إن خبرة الذهاب إلى المدرسة نقلة كبرى من بيئة البيت إلى بيئة غريبة مختلفة تماماً، ومعنى هذا ضرورة التوافق مع أناس ومواقف وأحوال سلوك جديدة على الصغير ولا عهد له بها بعد. فهل من سبيل لمعرفة متطلبات هذا التوافق قبل سن الدخول للمدرسة للإعداد لها حتى يمر الطفل بخبرتها أكثر سهولة ويسراً؟ وما هي الخبرات قبل المدرسية الأولية؟
أثبتت البحوث أن التلاميذ الذين يرسبون بالصف الأول أقل نضجاً جسمياً من جماعة الناجحين بالصف كما سبق القول فالنضج الجسمي يبدو أنه يتصل بالأهبة للمدرسة.
إن القدرة على إيجاد توافقات بمواقف جديدة يتوقف - في جزء منها - على الذكاء لكن أهم من ذلك خبرات الصغير السابقة في توافقاته. فإلى أن تكون قد استقرت عادات سلوكه الأساسية فيزيولوجياً، وحركياً، واجتماعياً، ينبغي لبيئة الصغير أن تظل من الثبات وعدم التغير قدر الإمكان، وأي تغير ولو طفيف عرضةً لأن يقلب رأساً على عقب الطفل دون الثالثة، أما منذ تلك السن فإن تنويعات الروتين - إن لم تكن كبيرة جداً مفيدة أكثر منها ضارة، لأنها تساعد الصغير على القيام بتوافقات بالظروف المتغيرة التي سوف يتعلم عاجلاً أو آجلاً التعود عليها.
كذلك فكل توافق بأشخاص ومواقف جديدة يصبحه قدر معين من التوتر الانفعالي. والكبار أنفسهم في مواجهة المواقف الجديدة أو القيام بأدوار لم يتدربوا عليها كتسليم الوظيفة، والانتقال لبلد آخر أو السكن بحي جديد مع جيران جدد، والزواج كعشرة شريك الحياة ... يعانون الشد الانفعالي ويلزمهم الوقت للتوافق - هذا الذي هو أصعب في حالة الطفل بالنظر لقلة خبراته، حيث يتبدّي توتره الانفعالي الحاد بمختلف الطرق التي أكثرها شيوعاً قابلية الإثارة عموماً، الميل للصرّاخ من غير سبب ظاهر، فقدان الشهية، صعوبات النوم، القيئ، نقصان الوزن، اضطرابات الكلام: مضغاً وتهتهة وتمتمة.(19/13)
ابني يكره الصلاة
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 15/2/1425هـ
السؤال
لدي ابن عمره عشر سنوات ومشكلته أنه يكره الصلاة، إذا كان والده موجود فهو يذهب معه إلى المسجد بكل طواعية، المشكلة إذا لم يكن والده موجود فهو يتأفف كثيرا من أداء الصلاة في المنزل، مع العلم أنه لا يوجد مسجد قريب من المنزل وإلا أرسلته إلى المسجد، لكن لبعد المسجد فأنا أخشى عليه، وإذا طلبت منه أداء الصلاة في المنزل يتأفف، وإذا ألححت عليه يصلى أحياناً بلا وضوء ويقول أنا طاهر وهو على غير طهارة، أو يصلى بسرعة ويكثر الحركة فيها ينظر يميناً وشمالاً، ويلاعب أخوه الصغير وهو في الصلاة، حاولت معه بالترغيب مرة والترهيب مرة أخرى ولكن دون فائدة. أرجو مساعدتي وجزاكم الله خيراً.
الجواب
إلى الأخت الكريمة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
أشكر لك تواصلك مع موقع الإسلام اليوم عبر البريد الإلكتروني سائلاً الله - تعالى - أن يحفظ لك ذريتك ويجعلهم ذخراً للإسلام والمسلمين ويعينك ووالدهم على تربيتهم التربية الإسلامية.
أختي الفاضلة إن اهتمامك بابنك بالمحافظة على الصلاة لهو شعور طيب وحرص كبير تجاه الأبناء وهذا أمر غفل عنه كثير من الآباء والأمهات أسأل الله -تعالى- أن يكلل جهودك بالخير والبركة.
من خلال قراءتي لاستشارتك فإنك بحاجة ماسة إلى الطريقة التربوية المناسبة للتعامل مع الأطفال؛ لأنه ما يعمله ابنك تجاهك من خلال إهمال الصلاة واللعب فيها إنما هو محاولة جذب الاهتمام والسعي لامتلاك السلطة والسيطرة، واهتمامك بتلك السلوكيات الخاطئة من خلال الصراخ والتهديد قد حققت أمرا خاطئا وهو تشجيعه عل تكرار هذا السلوك في حين يختفي هذا السلوك مع والده؛ لأنه لديه من وسائل الترغيب الكثير التي يحتاجها الطفل فلذلك يستجيب بشكل إيجابي معه.
لذلك سأورد لك بعض الطرق التي أسأل الله أن تكون عونا لتعاملك مع ابنك
أولا: الحرص على الدعاء لابنك بالهداية والصلاح وتحري ذلك في موطن الإجابة كسجود وصلاة الليل وأوقات الإجابة والبعد تماما عن الدعاء عليهم حال الغضب فقد نجد بابا مفتوحا وتكون سببا في شقائهم.
ثانيا: الانتباه إلى كل سلوك إيجابي يحدث من ابنك وتشجيعه لفظيا وماديا" أحسنت بارك الله فيك"، "أنت ممتاز"، "تستاهل هدية" فذلك من شأنه أن يجعل أبنائنا يحرصون على تكرار تلك السلوكيات طالما يجدون الاهتمام والرعاية.
ثالثاً: الحرص على تكليفه بمهام تتناسب مع عمره كتكليفه بشراء حاجات للمنزل لبناء ثقته بنفسه وإشعاره بالمسؤولية.
وهو بحاجة لتلك المهام خاصة وهو مقبل على مرحلة مهمة في حياته.."مرحلة المراهقة" وتغيراتها المختلفة.
رابعاً: وضع استمارة النجوم وهو أسلوب ناجح مع كثير من الأطفال وهي عبارة عن استمارة فيها أيام الأسبوع وكل يوم أمامه خمس خانات مربعة يوضع فيها نجوم. وتكون النجمة مقابل أن يتوضأ ويصلى الصلاة في وقتها سواء كان مع والده في المسجد أو في المنزل.
خامساً: تجاهل أي سلوك سلبي يحدثه ابنك بهدف إثارتك فذلك مدعى لأن ينطفئ هذا السلوك، وفي المقابل احرصي على تشجيع السلوك الإيجابي ولو كان بسيطاً في نظرك فتكراره سيزيد من حجمه شيئاً فشيئاً.
سادساً: التحلي بالصبر وعدم الاستعجال في ظهور النتائج فقد تحتاجين إلى عدة أسابيع لتعديل سلوكه.
حفظ الله لك الذرية والنية إنه جواد كريم.(19/15)
كيف أعلم ابني آداب قضاء الحاجة؟
المجيب د. فؤاد العبد الكريم العبد الكريم
عضو هيئة التدريس بكلية الملك فيصل الجوية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 21/06/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي ثلاثة أبناء، وهم ابنان وبنت، وأكبرهم ابن يبلغ من العمر تسع سنوات، وهو هادئ الطباع، ذكي، محب للخير، ولكن مشكلتي معه في طريقة تبوله -أكرمكم الله-، فهو يتبول وهو واقف، ولا يتنزه من البول، وقد نصحته عدة مرات ووبخته، ولكنه يصر على الإنكار، ويقول إنه يقعد ويتنزه، ولكني أعلم يقيناً كذبه؛ لرؤيتي بقايا بول في الحمام في وضع يدل على أنه واقف، وأرى آثار بول في ملابسه الداخلية، وكلما وبخته أنا أو والده أنكر بشدة، وقد دخلت عليه الحمام وأنا لا أعلم بوجوده، ورأيته واقفاً، وعندما خرج وبخته، فقال إنه كان يهم بالجلوس، ولا أعلم كيف سأجعله يتعلم آداب قضاء الحاجة. وأشكركم على سعة صدوركم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لقد أوجب الإسلام على الآباء والأمهات، والمعلمين والمربيين، تعليم الأبناء الأحكام الشرعية بما يتناسب مع أعمارهم.
ومن تلك الأحكام: أحكام الطهارة، والتنزه من البول، وهذه الأحكام ينبغي تعليمها وتربية الطفل عليها منذ أن يبدأ الطفل باستخدام دورة المياه دون مساعدة من أحد والديه؛ حتى يشب، وقد أتقن هذا الأمر، وأصبح من السمات بالنسبة له.
وأما ما يتعلق بموضوع السائلة، فإن عمر ابنها (التاسعة) يعتبر عمراً متقدماً نسبياً، وهي لم تذكر منذ متى وهي تعلم ابنها آداب قضاء الحاجة، وعلى العموم فإن أسلوب التوبيخ والنهر بشدة قد يأتيا بآثار عكسية، والذي أنصح السائلة به، هو استخدام أسلوب الإقناع مع الابن، وأن صلاته لا تقبل إذا كانت ملابسه أو جسده نجساً، وأن المسلم لا بد أن يكون متطهراً على الدوام، ومع الصبر والمصابرة والدعاء، والإيعاز إلى مدرسيه الذين يدرسونه بهذه المشكلة؛ حتى يساهموا في حل هذه المشكلة بطريقة غير مباشرة، والأطفال يستجيبون لمدرسيهم، أكثر من استجابتهم لوالديهم. والله أعلم.(19/16)
ابنتي الصغيرة عنادها وبكاؤها
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 07/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
ابنتي الوحيدة عمرها الآن قرابة السنتين -حفظها الله - يستغرب الكثير من الناس من إصرارها على تنفيذ ما تريد وترغب بصورة مزعجة، حتى إن والدتها في بعض الأحيان تعطيها ما تريد ولو كان الأولى حرمانها؛ وذلك خوفاً عليها من كثرة البكاء، وكما هو معلوم فإن هذه عادة غير محببة، وأخشى أن تنمو بنموها، آمل التكرم بإفادتي عن أفضل السبل للتخفيف من ذلك لديها، شاكراً لكم سلفاً حسن تعاونكم. والسلام عليكم.
الجواب
الأخ الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يحفظ لك ابنتك، ويجعلها قرة عين لك ولوالدتها إنه جواد كريم.
إن ما ذكرته في استشارتك حول سلوك ابنتك من بكاء للحصول على ما تريد -وبالفعل تحصل على مبتغاها -أمرٌ يبدو طبيعياً لكل طفل يماثلها في عمرها.
أخي الكريم.. إن الطفل في بداية عمره لا يملك أي وسيلة اتصال مع الآخرين للتعبير عن مشاعره تجاه أي شيء أمامه سوى البكاء، حين يكون الرفض أو الرغبة في الحصول عليه، وهناك الضحك للتعبير عن الرضا بالشيء.
لذلك -أخي الفاضل- إن ما يحدث من ابنتك حين الرغبة في تنفيذ ما تريد من بكاء مزعج للأقربين ناتج من تعلُّم خاطئ عزَّز عندها هذا السلوك المرفوض من قبلك ومن والدتها، وقد يكون عزَّز بصورة مباشرة أو غير مباشرة بحكم أنها هي باكورتكما حفظها الله، وكما تعلم كيف يكون تعامل الأب والأم مع المولودة الأولى من عطف وحنان تجاهه، ويصل إلى تحقيق كل شيء للطفل بالاستجابة الفورية لأي حالة بكاء من الطفلة، مماّ جعلها تربط بين تحقيق الأشياء وبين البكاء، وتنامى هذا السلوك، وإن كان في بدايته، وبالاستطاعة -بحول الله وقوته - تدريب الطفلة على ما لها وما عليها، خاصةً وهي في عمر مناسب جداً لذلك.
وإليك الطرق التربوية المناسبة التي ستكون لك عوناً على تعديل سلوكها:
أولاًَ: الدعاء لها بأن يصلحها الله ويهديها ويجعلها قرة عين لك ولوالدتها، وتحرى ذلك في مواطن الإجابة كالسجود وصلاة الليل.
ثانياً: الطفلة لا زالت في مراحل سنوات عمرها الأولى، وفي بداية التعرُّف على القيم والعادات التي يجب أن تتعلمها من خلال الممارسة والمشاهدة للسلوكيات التي تحدث من حولها من الوالدين والأقرباء والأقران.
ثالثاً: يجب أن تتفق مع والدتها أن يكون تعاملكما واستجابتكما لسلوكياتها واحدة، بحيث تعطى الاهتمام والتشجيع للسلوكيات الإيجابية التي تحدث منها، وتكون إماّ لفظية أو الاحتضان والتقبيل؛ مماّ يعزِّز هذا السلوك ويجعلها تكرره.
وفي المقابل يجب أن يكون العقاب والحرمان من الإثابة له دور في إطفاء السلوك غير المرغوب فيه، واقصد بالعقاب العقاب غير البدني، كنظرة عدم الرضا وحركة الرفض باليد أو الإصبع، أو تقطيب الوجه أو الزجر والنهي بالكلام.
ولا شك أن تلك الأساليب لها دور كبير في تشكيل أو إطفاء أي سلوك نريد أن تتمثله الطفلة.(19/17)
رابعاً: حينما يصدر من ابنتك البكاء رغبةً في تحقيق أمرً تراه ليس لها، فأفضل الطرق المناسبة لذلك هو الإهمال والتجاهل التام لسلوكها، حتى ولو طال وقت بُكائها حينما لا يكون هناك خطر عليها، فإن التجاهل والإهمال رسالة لها بأن هذا السلوك غير مجدٍ تماماً، مماّ سيساعد على تقليله في المرات القادمة بعون الله.
وأهمية أن يكون التجاهل للسلوك لا للطفلة، أي حينما تكف عن البكاء نعاود مع الحنان والعطف اللفظي والحركي.
خامساً: أخي المبارك ... ابنتك صغيرة، وعمرها الحالي هو بداية تعليمها وتدريبها على السلوك السوي من خلال تطبيق ما سبق من حيث الثواب والعقاب، مع أهمية البعد عن التناقض والتباين في أسلوب المعاملة بينك وبين والدتها، وهنا ستجد أنك استطعت ترسيخ الجوانب المفيدة في سلوكها وتخفيف الجوانب السلبية، بل في إزالتها تماماً بعد توفيق الله.
سادساً: التحلي بالصبر في ظهور النتائج؛ لأن التعامل مع النفس البشرية يحتاج إلى وقت، ويختلف من شخص لآخر. حفظ الله لك أسرتك ورزقك الذرية الصالحة.(19/18)
عناد الطفل
المجيب عبد الرحمن بن عبد المحسن البعيمي
مشرف تربوي بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 27/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا أم لطفلين، طفلي الأول وهو صبي عنيد جداً لدرجة أني لا أستطيع السيطرة عليه ولا على عصبيته الزائدة، وهو يبلغ من العمر خمس سنوات ونصف، أما أخته فهي ليست كذلك، فمثلاً مرة وهو ينتظر حافلة المدرسة قالت له الخادمة بعد أن وقفت الحافلة تماماً "اركب" فما كان منه إلا أن بكى وقال: "لن أركب"، والسبب أنه لماذا طلبت منه الخادمة أن يركب ولقد كان سيقوم بذلك لوحده، وبسبب عناده وإصراره على عدم الركوب لم يذهب في ذلك اليوم إلى المدرسة. وكذلك الحال بالنسبة لبعض الطلبات التي أطلبها منه مثل أدخل الحمام، وأذكر مرة وخلال تعليمي له الأحرف الهجائية طلبت منه كتابة حرف القاف فما كان منه إلا أن كتب الحرف والنقاط بداخله لا على رأس الحرف، وعندما قلت له ليس كذلك يكتب الحرف قام بالصراخ وقال إنه يريد كتابة الحرف بتلك الطريقة وقال "بكيفي"، وهو لا يقوم بتلك الحركات أمامي فقط بل حتى مع عماته أو أي شخص في محيط العائلة. أرشدوني كيف التعامل معه علماً بأن الضرب كذلك لا يجدي. وجزاكم الله خيرا.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
العناد سلوك قد يهدد الأسرة أحيانا ويقودها نحو طريق مسدود، فالآباء والأمهات يبذلون ما بوسعهم لتنشئة ورعاية أطفالهم، إلا أن الإخفاق في إيجاد الحلول المناسبة قد يسبب مشاكل عديدة. ويتضح العناد في عدم قبول الطفل الوضع القائم ويرى أن الوضع الآخر أكثر مناسبة وراحة له.
ويرى بعض علماء النفس على أهمية التعامل مع الطفل العنيد بطريقة الاستجابة لتصرفه بمعنى ألاّ تقوم بالصراخ، ولا توجه له عبارات جارحة إذا استخدم عبارات عنيفة. بل الذي يجب هو الكلام والحديث الذي يناسب موقف وعقلية الطفل، وبذلك نجعله ينتقل من حالة الهجوم إلى الدفاع فتخف حدة انفعاله. وفي حالة الأخت السائلة قد يكون للدلال الزائد دوره في وجود العناد إضافة إلى أنه قد يرغب الطفل في لفت الانتباه لوالديه خاصة مع وجود طفل آخر في الأسرة وهي أخته التي قد تكون سحبت منه بعض الحنان والحب من والديه.
وقد يكون فقدان الأم في مسألة أن الخادمة هي التي توصل الطفل إلى السيارة التي تنقله إلى المدرسة لها دور في مسألة العناد الذي يحتاج فيه الطفل إلى الحوار والحب والحنان.
وقد يكون لمقارنة الأم بين الطفل وأخته له دور في تضخيم العناد، بحكم أن الأخت قد تكون مسالمة ومطيعة؛ ولذا يجب الانتباه أن لكل طفل شخصيته الخاصة به. والله الموفق.(19/19)
تربية الأطفال والعلاقات الأسرية
المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 9/3/1425هـ
السؤال
أنا امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات، لدي طفلة، وأنا متخرجة من كلية الاقتصاد والتجارة تخصص إدارة أعمال، ولا أعمل حالياً، وأرغب في أن يكون لدي خبرة في مجال تربية الأطفال والعلاقات الأسرية حتى أستطيع العمل في هذا المجال؛ وذلك لأن مجتمعنا أحوج ما يكون إليه الآن, فكيف السبيل إلى ذلك وخاصة أنني لا أستطيع ترك زوجي وأطفالي والالتزام بالجامعات، فإمكانياتي هي:
1 - الدراسة في البيت عن طريق التعلم عن بعد (من غير التكلف بمبالغ طائلة بل تكون متوسطة) .
2 - الالتزام بشكل فصلي بالجامعات أي مرتين في السنة.
3- أو إعلامي بمناهج أستطيع دراستها والاستفادة منها دون الحصول على شهادة. وجزاكم الله عنا كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت المباركة: - حفظها الله ورعاها-.
أعجبني فيك هذا الحرص، وأسأل الله -تعالى- أن ييسر لك ما تمنيت وأكثر، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم.
يمكنك اكتساب الخبرة في مجال تربية الأطفال والعلاقات الأسرية عن طريق:
أ- القراءة في المواقع التربوية عن طريق الإنترنت، ومنها: موقع المربي للشيخ محمد الدويش - حفظه الله-، وكذا المواقع الإسلامية الأخرى التي تعتني بالأمور التربوية كموقع "لها أون لاين"؛ فقد سبق طرح موضوعات عديدة عن تربية الأبناء والعلاقات الناجحة.
ب- يمكنك القراءة في الكتب التربوية الهادفة، ومنها:
1- مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة لعدنان باحارث.
2- الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة المسلمة في مرحلة الطفولة (والكتاب من إصدار المنتدى الإسلامي) .
3- التقصير في تربية الأولاد لمحمد إبراهيم الحمد.
4- فنون الحوار العائلي د. عمر المديفر.
5- المراهقون: د. عبد العزيز النغيمشي.
6- المراهقون (الوجه الآخر) شريط للشيخ محمد الدويش.
7- فهم النفسيات (شريط) ، وكذا أشرطة الدكتور طارق الحبيب.
8- كتيبات د. عبد الله الخاطر - رحمه الله-، ومنها:
أ- فن التعامل مع الناس.
ب- الطب النفسي والدعوة إلى الله.
ج- الالتزام عقبات ومراحل، وكلها من إصدار المنتدى الإسلامي.
جـ يمكنك متابعة ما ينقل من دورات تربوية ودروس علمية عبر الإنترنت.
د- أنصحك بالالتحاق بالدورات التربوية الرائعة في فنون العلاقات الناجحة (من التعامل مع الناس، فنون الحياة الزوجية فن التعامل مع المراهق ... إلخ) التي تعقد في المؤسسات الخيرية التطوعية، ويعقدها كوكبة من الداعيات المدربات في الرياض وجدة برسوم رمزية أو مجانية، أو المحاولة على الحصول على المذكرات التي تسجل فيها المادة العلمية المطروحة، ومن ثم تكونين بعد مدة من المراس مدربة وناجحة في بلدك إن شاء الله.(19/20)
هـ- يمكن التنسيق مع طالبات العلم الشرعي في الجامعات الإسلامية؛ كالجامعة الإسلامية بالمدينة، وأم القرى بمكة، وجامعة الإمام بالرياض، لتزويدك بمذكرات الطالبات المنتظمات للقراءة والاستفادة منها سيما في مجال أصول التربية الإسلامية ومقومات الفكر الإسلامي. ويمكن التنسيق لك من خلال الموقع في حال رغبتك في ذلك.
أخيراً: أود تنبيهك إلى عدم الاستعجال في الالتحاق بأي جامعة أو دورة تدريبية إلا بعد استشارة أهل العلم سيما في هذا الموقع، وموقع المسلم، وكذلك موقع لها أون لاين، إذ لا يخفاك أنه ليس كل ما يطرح في الساحة يكون سليم القالب والمحتوى، فاحرصي على صون فكرك وجعله في النافع فقط. وفقك الله وأعانك.(19/21)
تربية الأولاد في بلاد الكفر
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 23/5/1425هـ
السؤال
صديقتي تسأل، لها أخت تعيش في بريطانيا لإكمال دراستها الجامعية، (طب) ومعها زوجها وبناتها وأولادها، وهم يدرسون السبت والأحد في السفارة السعودية، وبقية الأيام في مدارس بريطانية، ولديها أصغر بنت أدخلتها روضة بريطانية؛ لعدم وجود روضة سعودية، في أيام عيد الميلاد عندهم أمرتهم الروضة أن يزينوا شجرة (الكريسماس) في ليلة العيد! وأنهم إذا زينوها سيأتيهم بابا (نويل) ويعطيهم هدايا!
طبعا البنت صغيرة وتأثرت بالموضوع، لكن أمها أفهمتها أن هذا عيد الكفار، وغيبتها في يوم العيد عن الروضة، ومنعتها أن تزين الشجرة، اليوم التالي راحت البنت الروضة ورجعت بهدية كبيرة، وتقول: تخيلي (يا ماما إن بابا نويل جا اليوم عشاني وجاب لي هدية) ، شوفي لأي درجة الكفار طيبين، يا رب نصير كفاراً! عشان أزين مع صاحباتي شجرة العيد) !
طبعا أمها فجعت لما وجدت بنتها منحازة ومعجبة بهم، وأيضا تدعو على نفسها بالكفر، فيا شيخ: ما هو الحل؟ وكيف التصرف مع البنت؟ علماً بأنها متعلقة بالروضة لدرجة أنها أيام مرضها لا تتغيب، فما الحل؟ وما هو العمل؟ هل يتركونها اعتباراً بأنها مرحلة وتمضي؟ أم يخرجونها؟ وما هي نصائحكم لمثل الأسر التي تسافر إلى هناك؟، نأمل أن تضعوا لنا حلولاً، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت الكريمة -سلمها الله ورعاها-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة.
ونعتذر عن التأخير في إجابة سؤالك، والجواب على ما سألت كالتالي:
أولا: يجب التذكير بأن مرحلة الطفولة مرحلة مهمة في حياة الإنسان؛ فهي مرحلة تأسيس لكثير من أخلاقه وطباعه وتفكيره، وبالتالي أرى وجوب إخراج هذه الطفلة من هذه الروضة، وإلحاقها بأي روضة مسلمة؛ لتعالج الخلل الذي حدث جرّاء هذه الحادثة المذكورة، وإن تعذر وجودها في منطقتكم فبتعجيل إدخالها إلى المدرسة أو تكثيف الجهد عليها من قبل والديها لتحبيب الله والإسلام في قلبها من خلال القصص والروايات وغيرها.
ثانياً: أنصح كل مسلم لا يقدر على الحفاظ على دينه ودين أبنائه في بلاد الكفر أن يعجل بالهجرة إلى بلاد المسلمين وجوباً، وسيعوضهم الله خيراً مما تركوه، ولتذهب الدنيا وليسلم الدين والإيمان، فليس هناك أغلى على المرء المسلم من دينه يحافظ عليه ويصونه من الضعف أو الاضمحلال.
ثالثاً: يجب الاستعانة بالله دائما وأبداً في تثبيت الدين في القلوب، ثم الاستعانة بالأخوة الكرام في المراكز الإسلامية هناك لتزويدهم بما يعين على الحفاظ على الأبناء ودينهم من التغريب في بلاد الكفر والذوبان في معتقدات القوم.(19/22)
رابعاً: إن الحوار الهادئ مع الأبناء لإقناعهم بمسلمات العقيدة الإسلامية من الضروري بمكان، ولا بأس من التفنن في الأساليب والوسائل والاستعانة بالخبراء في ذلك لتعميق الإيمان بالله وبالرسول - صلى الله عليه وسلم- وبغيره من متطلبات الدين والإيمان، فإن ذلك من الأمانة الملقاة على عاتق الأولياء وهم مسئولون عن ذلك غداً أمام الله -عز وجل-، وليتذكرا قول الله -عز وجل-: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة" [التحريم:6] ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" رواه البخاري (893) ومسلم (1829) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-.
خامساً: ينبغي كسب قلوب الأبناء واحتوائهم وشمولهم بالرعاية، والحنان، والحب، والعطف، والهدايا، والحفلات؛ لينهلوا مع ذلك حب الدين الذي أنتم عليه ووجوب التمسك به.
سادساً: لا بد أن يكون بين المسلمين هناك تواصل وتزاور يهدف لإيجاد البيئة المسلمة للأطفال؛ حتى يزدادوا قناعة بدينهم لما يجدوا غيرهم من إخوانهم متمسكين به وبمبادئه.
سابعاً: يجب أن يكون الآباء والأمهات قدوة صالحة لأبنائهم، من خلال التمسك بالدين والفرح به والاعتزاز بمبادئه وتعاليمه.
ثامناً: لا تنسوا كثرة الدعاء إلى الله وحده أن يثبتكم على الدين، وأن يربط على قلوبكم بالحق فإنه لا يضيع عباده ولا يخذلهم إذا ما لجأوا إليه وتوكلوا عليه واعتصموا بأمره. والله معكم ولن يتركم أعمالكم.(19/23)
كيف نعالج أخطاء الأبناء؟
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 03/03/1426هـ
السؤال
هل الصواب عندما نرى أخطاء الأبناء أن نقرهم بالخطأ ثم نخبرهم بالصواب، أم نعالج الخطأ دون إخبارهم أنهم أخطأوا؟
الجواب
الأخ السائل الكريم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخي الحبيب: إن السلوكيات التي تصدر من أطفالنا إنما هي سلوكيات متعلمة، يكتسبها الطفل من والديه وإخوته، ومن البيئة التي يعيش داخلها، فإن كان الجو الأسري قائماً على التربية الإيمانية الحقة التي وجهنا إليها ديننا الحنيف، فبلا شك أن الطفل سينشأ طفلاً صالحاً ورجلاً نافعاً لدينه ومجتمعه، ونبتة صالحة حتى يكون شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين.
وحينما تكون الأسرة مهملة لأبنائها، مساعدة على تنشئتهم بشكل عشوائي يصطادون من السلوكيات صائبها وخاطئها، فإن ذلك مدعاة لأن ينشأ الطفل نشأة خاطئة، ويصبح مزعجاً لأسرته ومجتمعه، وذكري للمقدمة السابقة إنما لتوضيح أثر الأسرة الصغيرة والكبيرة في سلوكيات الأبناء، فهم الركيزة الأولى في رسم شخصية الابن، وحينما يكون لدى الوالدين معرفة كاملة بخصائص مرحلة الطفولة المبكرة والوسطى، فإن المشاكل التي تحدث لكثير من الأطفال ستقل بشكل كبير، بل قد لا يحتاج الابن سوى التدعيم والتشجيع والتدريب على السلوكيات التي لا توجد في ذخيرته.
ولكن حينما تظهر لدى أطفالنا سلوكيات خاطئة كـ الألفاظ البذيئة والسرقة، والكذب والعدوانية..... إلخ.
فإننا بهذه الحالة نحتاج إلى تعامل خاص باستخدام فنيات تربوية تساعدنا على تخليص أطفالنا من السلوكيات غير المرغوبة، وإحلال مكانها سلوكيات مرغوبة، أي أن المسألة تكون وفق التالي:
تعلم خاطئ محو تعلم تعلم جديد مرغوب.
وما يحتاجه الطفل هو أن يدرك أن سلوكه غير المرغوب لا يحقق له اهتمامًا وتدعيمًا، ويتم إيضاح ذلك له بأن السلوك الذي تفعله لن يجدي في أن تحصل على ما تريد! وفق قدراته العقلية والمعرفية.
ثم نقدم له الطريقة المثلى (السلوك المرغوب، إما لفظياً أو مشاهدة أقرانه كيف يتصرفون سلوكياً) "القدوة" مع تبصيره بالنتائج التي يحصل عليها حينما يتصرف بشكل خاطئ بالنتائج التي يحصل عليها بعد أن يتصرف بشكل صحيح. هنا يستطيع أن يدرك الصواب من الخطأ. وتستخدم تلك الطريقة بحسب المرحلة العمرية للطفل، أي لا تكون عامة لجميع الأعمار والأطفال، فالبعض قد يفيد معه طريقة إيضاح الصواب مع التدعيم الإيجابي لفظياً ومادياً، ويدرك السلوك ويساعده على تكراره كحال ابن أم سلمة مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك" الحديث متفق عليه أخرجه البخاري (5376) ، ومسلم (2022) من حديث عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنهما-. وهناك عينة من الأطفال يحتاجون إلى توضيح أخطائهم، وأنها سبب في عدم حصولهم على نتائج مرضية لهم، ثم تبصيرهم بالسلوك الأفضل والصحيح، وبالتالي الحصول على نتائج مرضية. سائلاً الله لنا ولك التوفيق والسداد.(19/24)
الطفل والسؤال المحرج
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 17/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لي أخت في العاشرة من عمرها، سألت أمي سؤالا محرجاً، وهو: لماذا لا تنجب المرأة غير المتزوجة؟ وما الذي يجعل المتزوجة فقط هي التي تحمل وتلد؟ لماذا يجب أن يكون هناك رجل وامرأة؟ فاحتارت أمي ووعدتها بالإجابة لاحقاً، فجاءت أمي تطلب مشورتي، وأنا بدوري أنقلها إليكم؛ لأنكم خير من يقوم بذلك.. فكيف نجيب عليها بالضبط؟ وجزيتم خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
إلى الأخت السائلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إنّ الأطفال في هذا السن الحرج يبدأون بمحاولة التعرف على بعض المصطلحات الغريبة، ومن ثم يبدأون بطرح بعض الأسئلة المحرجة، ولاسيما إذا أحسَّ الطفل أن هذه الأشياء تفتح له باباً إلى عالم لم يكن يعلم عنه شيئاً من ذي قبل-وهذا السؤال الذي طرحته أختك على أمك من هذا القبيل-، ومن شدة الحرج الذي يقع فيه الآباء والأمهات يحدث عندهم ردة فعل تتفاوت من إنسان لآخر، فأحياناً يلجأ الأب أو الأم إلى الإجابات الكاذبة؛ لكي ينهي هذا الموقف الذي تعرض له، وهذه الإجابات الكاذبة في العادة لا تقنع الطفل، مما تجعله يبحث عن الحقيقة بأي شكل كان، مما يجر الطفل أن يكون فريسة للوقوع مع رفقة سيئة يجد عندهم إجابات لكثير من تساؤلاته التي تدور في رأسه، ولا يجد لها إجابة صادقة مقنعة عند أهله، وهذا له من السلبيات الشيء الكثير ما لا يخفى على أحد.
وفريق آخر من الآباء والأمهات يلجأ إلى نهر الطفل ومحاولة صرفه، على ألا يسأل مثل هذه الأسئلة مرة أخرى، فيتظاهر الطفل بالتغافل عن ذلك، وهو في حقيقة الأمر قد صمَّم وعزم وعقد النية على بذل ما في وسعه حتى يتعرف على هذا الشيء الممنوع والمحجوب عنه، وهذه طبيعة البشر الفضولية وحب الاستطلاع، وقد قيل: "الممنوع مرغوب" ومن السلبيات المترتبة على ذلك شعور الطفل بالنقص والإهانة، وهذا بدوره يدفع الطفل لسلوك أفعال غير سوية.(19/25)
والحل الأمثل لمثل هذه الحالات أن يجاب على الطفل عن هذه الأسئلة بأسلوب مبسط مهذب بعيد عن اللف والدوران، فمثلاً للإجابة على مثل هذا السؤال المطروح أن تقول أمك لأختك: يا بنيتي: المرأة بمفردها لا تستطيع أن تنجب أطفالاً، فلا بد من رجل تتزوجه حتى تستطيع أن تنجب أطفالاً؛ لأن الله هو الذي أمر بذلك، ولا بد لنا أن نطيع الله، فمثلاً -ولله المثل الأعلى- والدك قال لك: لا تفعلي كذا، أو لا تستطيعي أن تحملي هذا الشيء بمفردك، أو غير ذلك، فلا بد وأن تسمعي كلام والدك؛ فالمولى - جل وعلا- أمر الرجال أن يتزوجوا النساء حتى ينجبن أطفالاً صغاراً، ويجب علينا أن نسمع كلام الله، وأن الذي لا يتزوج لا يستطيع أن ينجب أولاداً؛ لأن هذا كله من الله، والله هو القادر على ذلك وحده، فلا بد للمرأة حتى تنجب أولاداً أن تتزوج برجل، أما المرأة التي لم تتزوج فلا تستطيع أن تنجب أطفالاً، وهكذا؛ بذلك تكون أمك قد أجابت أختك بأسلوب مبسط ومهذب، ونجت من الكذب أو أن تنهرها، وبذلك تقتنع أختك بالجواب، وهذا له الآثار الطيبة في مستقبل الناشئة.
هذا والله أعلم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/26)
طفلتي وحب التملك
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 06/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود استشارتكم في مشكلة حب التملك الزائد لدى الأطفال، لدي بنت عمرها ثلاث سنوات لا تحب مشاركة أحد في ألعابها إلا إذا كان طفلاً أكبر منها بـ (ست سنوات وأكثر) ، فابن خالتها الذي في نفس عمرها وتراه بشكل دائم لا تعطيه أو تسمح له بأخذ أي شيء من أشيائها إلا نادراً، مع أنهما دائما يلعبان سويا، وهو يعطيها ألعابه وحاجياته ويشاركها في كل شيء، بينما هي تصرخ وتحاول إيذاءه إذا أخذ أي شيء يخصها، وحتى إن لم يكن يخصها وهي تريده تصرخ وتبكي وكأنها صاحبة حق، وهذا يحدث بشكل يومي، كما أنها إذا رأت شيئا في السوق أو عند غيرها من الأطفال تنسبه إلى نفسها (لعبتي..سيارتي ... الخ) ، وأنا لا أعلم هل تفهم معنى هذا أم أنها تقصد أنها تريده؟ مع العلم أنها عصبية وحادة الطبع، ولا يمكن التفاهم معها بسهولة..أرشدوني إلى منهج أتعامل معها به. جزاكم الله خيراً.
الجواب
الأخت الكريمة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إن الأبناء يبدأون باللعب مع الآخرين بداية من السنة الثالثة، ويكون لديهم رغبة في ذلك، وهذا ما يسمى باللعب الاجتماعي، فتبدأ مرحلة التفاعل مع أقرانه بطرق خاطئة كمراقبة لعبهم، ومن ثم محاولة الاستيلاء عليها واستخدام (نا) الملكية.
وهذا نابع من عدم فهم كثير من الأمور التي يجب أن تكون في العلاقات بين الأطفال؛ لأن الطفلة ترى العالم من زاويتها وموقعها ومشاعرها ورغباتها، ولم تتعلم كيفية أن اللعب والاشتراك مع الآخرين يتطلب منها أن تعطي كما تأخذ، وقد تكون هناك أسباب أخرى مرادفة، وتعمق السلوك مقارنة بأقرانها نتيجة نوعية التنشئة الحياتية للعامين الماضيين من توفير اللعب بكافة أشكالها وتحقيق رغباتها بشراء ما تريد.
لذلك - أختي الكريمة- لا تنزعجي كثيراً من سلوك ابنتك؛ فهي الآن في عمر مناسب جداً لكي تساعدينها على نهج سلوك يساعدها على الاندماج مع الآخرين وإقامة علاقات طيبة والتخلص من العناد والصراخ بهدف الحصول على مبتغاها.
لذا عليك بما يلي:
1) راقبي سلوك ابنتك حينما تكونين في لقاء أسري وتعاملها مع أقرانها، وشجعيها على التعاون مع مثيلاتها عمرياً.
2) قدمي لها مجموعة من الحلوى، واطلبي منها توزيعها على الأطفال لتغرسي داخلها سلوكاً مثالياً لكيفية مساعدة الآخرين.
3) استخدمي أسلوب التعزيز الإيجابي اللفظي والمادي لأي سلوك إيجابي يحدث منها.
4) أهمية أن يكون تصرفك ووالدها بمعيار واحد لا تضاد بينكما؛ حتى لا يخلق سلوكاً مضطرباً لدى ابنتكما، ومن ذلك تشعر البنت بالطمأنينة والأمن ويتعدل سلوكها. فالطفلة التي تنشأ على الثقة بوالديها وبأسلوبهما مهما كان طبعها ومزاجها فيكون لديها فرصة جيدة لتبدأ درب الحياة بشكل واثق وهادئ.(19/27)
5) الأطفال عموماً يتعلمون بعض السلوكيات نتيجة تعليم خاطئ من الأسرة، فالصراخ والعويل ناتج من عدم تجاوبنا السابق حينما تطلب أشياءها أو تريد تحقيق رغباتها بصوت منخفض، ولعدم تدريبنا لها بأن تتحدث بصوت هادئ لكي نحقّق لها ما تريد، مع أهمية تعليمها التعبير بالكلمات عن غضبها بدلاً من الصراخ.
6) الحرص على أن يكون تجاهلنا للطفلة حينما تصرخ وهي تبتعد عنا أن نتجاهل سلوكها، وحينما تهدأ نقربها ونقدم لها العطف والحنان، حيث إننا في تلك الطريقة نكون أوصلنا رسالة للطفلة أن سلوكها مرض وهي ليست كذلك ... !
7) طفلتك تحتاج إلى صبر وعدم استعجال النتائج، وستتعدل سلوكياتها مع مرور الوقت بعون الله.
حفظ الله ابنتك ويسر لك أمرك، وجعلها قرة عين لك ولوالدها.(19/28)
طفلي كثير الحركة
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 2/02/1426هـ
السؤال
طفلي الآن قد بلغ من العمر سنة وعشرة أشهر، وألاحظ عليه أنه كثير الحركة منذ أن يستيقظ إلى أن ينام وهو في حركة مستمرة، يلعب ويزعج في البيت، والعجيب أن أهل بيتي من إخواني وأخواتي كلهم يحبون حركته الكثيرة؛ لأنها ممزوجة بالمرح والفكاهية. وسؤالي يا شيخ: ما هو السبيل الأمثل في التعامل مع هذا النوع من الأطفال؟ وهل من توجيهات عامة تنصحني بها في تعاملي مع طفلي؟ بارك الله فيكم وسدد على طريق الحق خطاكم.
الجواب
الأخ الكريم حفظه الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخي الحبيب إن اللعب المقرون بحركة نشطة من الأمور الهامة في حياة الإنسان، فالطفل من خلال مراحل تكوينه تختلف درجة حركته داخل المنزل، وعن طريق اللعب يستمتع الطفل بذلك ويتعلم أشياء كثيرة وتعطيه فرصة لأن يعبِّر عن مشاعره وأحاسيسه فيما يتعلّق بعلاقته مع الآخرين، خاصة وأن ابنك - كما تذكر- يعيش داخل أسرة متعددة الأفراد مما يساعده على تطوير مداركه وتعزيز سلوكياته، ومنها الحركة الدؤوبة التي تختلف من طفل لآخر بحسب البيئة الأسرية التي يعيش فيها.
والطفل لا يدرك أن اللعب للتعلّم ولكنه يلعب من أجل المتعة والتسلية، ومن خلالهما يتعرف كذلك على نفسه وعلى قدراته ومهاراته، خاصة وابنك في مرحلة عمرية مبكرة تتسم بالطاقة الهائلة من النشاط وتحتاج إلى تفريغ، ولا يكون ذلك إلا عن طريق اللعب والمرح وكثرة الحركة، وهو لن يتوقف عن ذلك حتى يشعر بالتعب، وبالتالي الخلود إلى النوم، وهو أمر طبيعي لمثل عمره.
لذلك أريد أن أؤكد بأن تحرص على متابعة ابنك في لعبه ومرحه لتتعرف كيف يحاول اكتشاف بيئته وتعلَّم المهارات، وكيف يتصرف حينما تعترضه مشكلة أو عقبة، وتتعرف على طبيعة شخصيته التي بدأت تتبلور، هل هو عنيد أو مسالم، هل هو سلبي مخرب أو إيجابي يحب مساعدة الآخرين، وهل هو على مراده أم يلزم السكوت والقناعة، هل هو اجتماعي يحب مشاركة أقرانه؟ فمن خلال متابعتك تستطيع أن تأخذ فكرة جيدة عن شخصية ابنك وتساعده على اجتياز مشاكله متى ما تأكدت من وجودها وتأثيرها عليه. لذا عليك الاهتمام بأن ترى العالم بعيون ولدك؛ ليساعدك ذلك على تفهم حركته الدؤوبة واستمتاعه بها، وكذلك اهتم بتوفير اللعب المتوافقة مع عمره لتساعده على تسخير حركته ليتعلم أشياء جديدة.
حفظ الله لك ابنك وجعله قرة عين لك ولوالدته.(19/29)
طفلي يرفض التعلُّم
المجيب د. فاطمة الحيدر
طبيبة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 24/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي طفل في الخامسة من عمره، لديه درجة من الذكاء لا بأس بها، ولكنه يرفض استعمالها، ويرفض الاستماع إلى المعلمة، كما أنه -دائماً- مشتَّت الذهن، نرجو التفضل ومساعدتنا في التعامل معه.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
رفض الأطفال الصغار (مرحلة ما قبل المدرسة) الاستماع للمعلم، أو عدم التجاوب مع الوالدة عند محاولة تعليمهم أمر معتاد، ولا يعكس أي مشكلة نفسية أو تعليمية في غالب الأحوال، ولكنه يتطلب الصبر والحكمة وسعة البال من قبل المعلم، لكن هناك حالات استثنائية تحتاج للتقييم والدراسة، وذلك حين يصاحب المشكلة تشتت في التركيز أو علامات تدل على انخفاض الذكاء، أو مشاكل مرتبطة بالمدرسة، ونحو ذلك.
بالنسبة لابن السائلة الفاضلة أقترح عليك وضع جدول زمني ثابت للطفل، وتكون فترة التعليم قصيرة لشعوره بالملل، وبالتالي تشتت تركيزه - كما ينبغي ألا تكون حوله مثيرات ومشتتات للتركيز، مثل وسائل الترفيه وكثرة الداخلين والخارجين من المكان، فأسلوب التعليم لهذا الطفل ينبغي أن يكون تحبيباً ممتعاً وليس جاداً مملاً.
كما أن القائمة على تعليم هذه الفئة -سواء من الأمهات أو المعلمات- لا بد أن تكون على قدر من الصبر والحلم والتروي، كما يفضل أن يدعم أساليب التعليم التشجيع وليس الشدة والقسوة.
النقطة الأخيرة: لا بد من الانتباه لقدرة الطفل على إنجاز ما يطلب منه، ويكون متناسباً مع قدراته ومرحلته العمرية، وليس كما يريد الأهل ويرغبون، أو كما يرون في إخوته الآخرين وأقرانه. والله الموفق.(19/30)
ابنتها عصبية المزاج ...
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 06/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
أرجو منكم مساعدتي في حل مشكلتي مع ابنتي الوحيدة التي عمرها سنتان ونصف، فهي عصبية المزاج، وعنيدة لدرجة كبيرة، ولا تطلب شيئاً إلا بالبكاء والأنين ولو كانت تضحك أو تلعب، وعندما أكلمها أو أناديها أو أنبهها لأي شيء لا تلتفت إلي، حتى شككت في سمعها، ولكني تأكدت من سلامتها، وما زلت لا أعلم سبب عدم ردّها علي، سواء كنت ألاعبها أو أعاتبها! وفي كثيرٍ من الأحيان أحس أنها تعيش في عالمٍ آخر، وتنسى ما حولها عندما تلعب أو تلهو بأي شيء، وفي الآونة الأخيرة أصبحت تضربني بكثرة، فعندما أضربها أو أوبّخها أو أنظر إليها نظرة عتاب تتوجه نحوي بعصبية وتضربني وتشتمني، جربت معها أساليب كثيرة لكنها لم تنفع، مع العلم أن والدها يعاملها معاملةً سيئة في كثير من الأحيان، وقد كان يضربها منذ الشهور الأولى، ولم يفرح لا بحملها ولا بولادتها، ماذا أفعل معها؟ لقد تعبت، وأخاف أن يتطور الأمر. ساعدوني، بارك الله فيكم وفرّج همومكم.
الجواب
الأخت الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أختي الكريمة: إن الطريقة التي يتربى بها الطفل في سنواته الأولى لها دور مهم في تكوينه النفسي، فأسلوب التربية الذي يثير مشاعر الخوف وانعدام الأمن في مواقف التفاعل يترتب عليه تعرض الطفل لمشكلات نفسية قد تؤثر بشكل مباشر في حياته داخل محيط أسرته، وما يحدث من ابنتك من تصرفات سلوكية غير مرغوبة تجاهك، إنما هو انعكاس طبيعي لما يحدث لها من تعامل قاسٍ من والدها - هداه الله-، وقد تكون تمارس نفس الدور بحركاته وألفاظه معك، وتزداد ترسيخاً حينما تجد اهتماما منك تجاه تصرفاتها، فرغبتها إثارتك ومشاكستك، بالإضافة إلى إحساسها بالتخلص من القيود التي قد تحول دون تحقيق رغباتها، تزيد من استمرارها في سلوكها. ولمواجهة مشكلة ابنتك رؤيتي للتغلب عليها الآتي:
1) تأكدي - أختي الكريمة- أن ابنتك لا زالت صغيرة، وقد تكون تصرفاتها طبيعية لا تستدعي القلق، وما تحتاجه بعضاً من المهارات التي ستساعدك على تعديل سلوكها بطريقة تربوية بعيدة عن العنف أو وسائل العقاب المختلفة.
2) تحدثي مع والدها بصدق حول تعامله القاسي معها وخطورته على مستقبلها، وشعورها بعدم أهليتها للثقة بذاتها، وبالتالي انعكاسها على سلوكها مستقبلاً.
3) عززي عندها النواحي الإيجابية وامتدحيها، وقدمي لها المعززات اللفظية والمادية والمعنوية لتدرك أهميتها وتبادر إلى تكرارها رغبة في المعززات، وهذه المهارة تسمى "التعزيز الإيجابي".(19/31)
4) من الممكن أن سلوكها معك من خلال ضربها لك تعزز بشكل سلبي، حيث إنها ربطت لفت اهتمامك لها بتلك السلوكيات فأدركت أنها الوسيلة الوحيدة لتحقيق مطالبها. لذلك عليك بتجاهل تصرفاتها حينما تبدأ بضربك وتغيير مكان جلوسك بطريقة تدرك بأنك غير مهتمة بما تفعله، وهذا يساعدك كثيراً على إطفاء سلوكها معك، وهذه مهارة رائعة مع الأطفال تسمى (الإطفاء أو التجاهل) ، مع أهمية عدم الاحتكاك البصري لكي لا ترى تعبيرات الضيق عليك. وحينما ترى توقف السلوك بادري باحتضانها وتقبيلها ومكافأتها مادياً بإعطائها قطعة حلوى وغيرها، كرسالة بأن سلوكها الإيجابي وهو الكف عن ضربك حقق لها تلك المعززات.
5) أشركي ابنتك معك في بعض الأعمال البسيطة داخل المنزل التي تتوافق مع عمرها، وستلاحظين تغيراً حقيقياً في سلوكها بعون الله.
6) ابتعدي عن مقاطعة ابنتك حينما تكون منهمكة في لعبها وتخيلاتها الواسعة، فالطفل يدافع بشدة حينما يقطع أحد عنه خلوته، رغبة في تمتعه في خياله الواسع.
7) بدأت ابنتك مرحلة مهمة في حياتها، وهي مرحلة بناء الشخصية، فساعديها بتعزيز سلوكياتها الإيجابية وشاركيها ألعابها، فهي مساعد مهم لذلك، وتجنبي وسائل العقاب المحبطة كالضرب والإقصاء، وكذلك الألفاظ لأنها وسائل سلبية محبطة.
8) تحلي بالصبر ولا تستعجلي النتائج، وستجدين تغييرا إيجابياً في سلوكها تجاهك حينما تتغير الظروف المحيطة بها داخل الأسرة وتتبدى وتكون ثابتة وواضحة.
ولا تنسي الدعاء، ثم الدعاء لها بالصلاح والهداية، حفظ الله لك ابنتك وجعلها قرة عين لك ولزوجك.(19/32)
بعد ولادتي لأخيه تغيرت طباعه
المجيب سلوى بنت صالح بابقي
مساعد إدارة النشاط الثقافي بتعليم البنات.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة الطفولة
التاريخ 4/01/1426هـ
السؤال
سؤالي عن ابني البالغ أربع سنوات ونصف، وهو الطفل الرابع من ترتيب خمسة أطفال، ثلاث بنات أكبر، وطفل عمره أربعة أشهر، فمنذ ولادتي تغير ابني تغيراً كاملاً في تصرفاته، فأصبح عنيفاً وعنيداً جدا، ومشكلتي مع الروضة، فلا يريد الذهاب، فمن أول يوم ظل يصرخ بعنف ولا يريد البقاء في المدرسة، وظل هذا حاله مدة شهرين، واتبعت معه كل الوسائل بالهدايا والحلوى مرة، وبالتشجيع والمديح مرة، وبالترهيب مرة، وكل يوم أسوأ من الذي قبله. أرشدوني ماذا أفعل، وهل سيظل ابني هكذا إلى أن يصل إلى سن المدرسة، أنا أعرف أن الغيرة هي السبب، لكنني أحاول أنا ووالده بأقصى جهودنا أن نعوِّضه الحنان، أرجو الرد السريع، فأنا محتارة في أمره، لعلي أجد عندكم الطريقة الصحيحة للتعامل معه.
الجواب
المكرمة الأخت وفقها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فإن ابنك هو ابن السنوات الأربع التي عاشها، لا ينافسه منافس، ولا ينازعه أحد اهتمام العائلة من تودد، وترحم، وغيره، خاصة الأم، وفجأة يظهر مولود منافس له يقاسمه عدة أمور، خاصة ارتباطه بأمه مباشرة، والرعاية المستمرة منها، لذا فإن إدخال ابنك الروضة في وجود طفل آخر في حضن أمه يعتبر في مفهومه أن الهدف هو إبعاده عن أمه أحب الناس إليه وحرمانه منها في الوقت الذي يحظى بذلك أخوه العنيد.
من هنا فالرأي ألا يجبر ابنك على دخول الروضة وهو بهذا الحال، فإن دخول الروضة ليس إلزاماً في هذه السن المبكرة خاصة مع رفضه الشديد لذلك، لبّي رغبته في البقاء معك في البيت، وأشبعي عواطفه بحنانك وقربك، بحيث لا يشعر بتغير منك في وجود الضيف الجديد، واستغلي وجوده معك بأن تقربيه من الصغير وتحببيه إليه، وتربطيه بأن تجعلي له شيئاً من المشاركة والاهتمام والمحافظة على أشياء خاصة بالصغير، وفي حدود ما يقدر عليه وتحت إشرافك وملاحظتك، وهذا يتطلب منك حكمة وصبراً وحسن تصرف، فأنت أدرى الناس بمفتاح قلب هذا الابن، ومداخل رضاه وسروره أو غضبه وتمرده، وهذه أمور ليست جديدة عليك، ولست حديثة الخبرة في الأمومة، والجديد هو الاعتدال، فلا إفراط ولا تفريط؛ حتى لا تكون النتائج عكسية، ولا تجعلي هاجسك دخوله الروضة فليست قضية، أما مستقبله الدراسي فهو أمر سيحل - إن شاء الله- تلقائياً متى وجهت اهتمامك وتفكيرك إلى غرس الاطمئنان في نفسه على مكانته عندك، ووثقت علاقته بأخيه الصغير، على أنه بإمكانك أن تشغلي بعض وقته بما كان سيشغل في الروضة من تربية وتعليم، والوسائل لذلك متعددة ومتوفرة، ويكفي أنه سيمارس ذلك في المكان الذي يراك فيه، ويستقي من حنانك واهتمامك، وإن سياج كل ذلك هو صدق اللجوء إلى الله بأن يعينك وييسر أمرك، ويصلح حال صغيرك ويلهمك الرشد والصواب.(19/33)
العلاقات الأسرية لدى المراهقين
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 25/10/1422
السؤال
لدي أخ يصغرني عمره سبع عشرة سنة المشكلة أنه دائم الخروج من المنزل عديم الإحساس بالمسؤولية إذا اجتمع مع أعمامي - وهذا نادرا-، يلزم الصمت وإذا سأله أحد عن أحواله يجيب بصوت منخفض، وهو من النوع الذي يخجل من الصحيح ولا يخجل من الخطأ، وفي البيت دائما يرد على أمي وأبي، ولا يبالي، ولا أنسى أنه قد فعل منكرا ورآه أبي، وأبي - هداه الله - لم يترك أحدا إلا وأبلغه، وهذا أثر في نفسه، أرجو منكم أفيدونا كيف نكسبه ونعطيه الثقة بنفسه ثم بنا؛ لأنه يثق بأصدقائه ولا يثق بنا. ولكم مني جزيل الشكر.
الجواب
أختي الكريمة أشكر لك ثقتك، وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق السداد.. أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:
أولاً- لا شك أن أخاك يعيش مرحلة المراهقة بكل ما يعنيه ذلك - أحياناً - من توتر وقلق وتقلب وتمرد واندفاع وتهور.. وبحث لا يتوقف عن هوية أو شخصية يعتمدها لنفسه ويلتزم بها..!! وأحاسيس ومشاعر داخلية متباينة تختلج في نفسه وتتصارع في أعماقه.. وإن اختلف التعبير عنها بين مراهق وآخر.. وبين بيئة وأخرى!!
ثانياً - فهمنا لواقع المراهق ونفسيته يجعلنا نتعامل معه على هذا الأساس، ولا نستغرب منه بعض التصرفات التي- ربما - بدت لنا غريبة بعض الشيء..!!! ونتغاضى عن بعض هفواته البسيطة، ونشعره بذاته التي قد تتضخم لدى بعض المراهقين بصورة كبيرة ربما أساء التعبير عنها بتمرده ورفضه للتوجيهات وملاسنته لمن هم أكبر منه سناً وقدراً!!
ثالثا- لا يعني ذلك أن جميع المراهقين يتصرفون كذلك.. ولكنهم غالباً يشعرون بمثل ذلك بشكل أو بآخر.. وإن تباينت منهم درجة الإحساس حسب سماتهم الخلقية والخلقية.. وكذلك تباينوا بطرق التعبير عن هذه الأحاسيس حسب بيئاتهم ومحيطهم وسماتهم أيضاً!! إلا أنهم ينطلقون إجمالاً من نفس الأحاسيس والمشاعر بصورة أو بأخرى!!
رابعاً- لقد جانب الوالد - غفر الله له - في هذه النقطة الصواب بإبلاغ الجميع عن الخطأ الذي وقع فيه ابنه؛ لأن هذا أصاب الابن بمقتل إذ أفقده احترامه لذاته أمام الآخرين، وإحساسه بأن نظرات الآخرين تعني فيما تعني تذكيره بما حصل منه في يوم ما..!! ولعل هذا ما يفسر محاولته تجنب أقاربه وعدم التفاعل معهم كما يجب!!
خامساً -أما علاقته القوية بأقرانه وزملائه فهي مفهومة ومعروفة إلى حد كبير.. وهي جزء من طبيعة المراهق ورغبته في البحث عن هويته وإثبات ذاته كما أسلفت ولكن.. ما نوعية هؤلاء الأصدقاء..؟! هذا سؤال هام جداً.. يجب أن تهتموا به كثيراً.. فالمرء من جليسه.. والواجب عليك أو على أحد أقاربه القريبين منه نفسياً الاهتمام بهذا الأمر وتذكيره بأهمية اختيار الرفقة الصالحة ومتابعته بشكل ودي في ذلك؛ لأنكم بذلك تقطعون مسافة كبيرة نحو إصلاحه وحمايته من مواطن الزلل بعد حفظ الله وتوفيقه(19/34)
سادساً - يلزم على والده أو أحد أقاربه الثقات أن يقوم برد الاعتبار النفسي له عن طريق جلسة خاصة معه، ويذكره بأننا جميعاً قد نخطئ.. وليست هذه هي المشكلة، بل إن المشكلة هي الاستمرار على الخطأ..!! وإن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، وجل من لا يخطئ، والحسنات يذهبن السيئات، وإن مجرد الاستقامة تزيل من أذهان الجميع ما علق فيها من الماضي.. وإن الناس -عالباً- مشغولون بأنفسهم ومشاكلهم عما سوى ذلك فتراهم قد نسوا كل ما سبق.. ومثل ذلك من الكلمات والأحاديث التي تلملم نفسية هذا المراهق وتعيد له احترامه لذاته وثقته بنفسه أمام الآخرين.
سابعاً - لم تذكري لي أي تفاصيل حول الأسرة بشكل عام، وهل لهذا الشاب أخوة كبار ذكور أم لا؟ وعموماً أقول: حاولوا جميعاً الاقتراب منه وإشعاره بالمسؤولية وبثقتكم الكبيرة فيه، وأسندوا له بعض المسؤوليات داخل الأسرة، وشاركوه في همومه وآماله وآلامه قدر المستطاع واستشيروه في بعض الأمور.. وتجاوزوا الماضي بكل تفاصيله.
ثامناً - وقبل هذا وبعده صدق الالتجاء إلى الله العلي القدير بالدعاء بأن يهديه ويصلحه ويحفظه من كل سوء، ويقر عيون والديه بصلاحه وتوفيقه وهدايته. ومواصلة الدعاء وتحري مواطن الإجابة.
وفقكما الله وحماكما وسدد على طريق الخير والحق خطا الجميع.(19/35)
حتى لا تخسر ولدك!
المجيب د. سيد زكي خريبة
استشاري صحة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 18/9/1422
السؤال
أنا رجل رزقني الله بولد عمره الآن تسع عشرة سنة تخرج من الثانوية العامة هذا العام، ولكن لارتفاع النسب المطلوبة للتسجيل في هذه الجامعة الموجودة ببلدتنا اضطررت إلى تسجيله في جامعة تقع في مدينة أخرى.
ومع ذهابنا للصيف في المدينة التي يدرس فيها رأيت حاله تغير، وأصبح مدمنا للسهر مع أبناء أخواله والمنتسبين للجامعة نفسها، الآن أنا في مشكلة كبيرة مع ولدي أصبحت أشك في كل شيء، أجرى معه اتصالات تصل إلى مرتين أو ثلاث مرات في اليوم الواحد أصبحت في قلق شديد على سلوكياته ومستقبله، وأصبحت أكره أبناء خاله رغم أنه لم يظهر لي أي شيء جلي، مجرد عدم رضا عن سلوكياتهم.
ومن كثرة تعقبي له بالتلفون أحسست أنه بدأ يتذمر مني وأصبحت في قلق شديد. أرشدوني: ماذا أفعل حتى يرتاح بالي؟ أخشى أن أفقد وده، وهو كان في البيت ابني وصديقي في نفس الوقت، لكنه طيب وهين ممكن التأثير عليه وجزاكم الله خيرا.
الجواب
في البداية أقول لك لا تجعل الوساوس تتملكك وتسيطر عليك لدرجة أنك تشك في سلوك الابن لمجرد أنك ذهبت في زيارة في وقت الصيف إليه عند أخواله ولاحظت أن هناك تغيراً قد طرأ على أحواله - فكنا نود أن نعرف ما هي هذه التغيرات التي قد طرأت عليه؟ وليس لمجرد السهر مع من هم في نفس سنه من أبناء أخواله وقت الصيف ذلك الوقت الذي يعتبره المراهق الشاب هو وقت الاستمتاع بإجازة صيفية أتت بعد عام دراسي، ولا تنس أن الابن في هذا الوقت يختلف عما كان عليه قبل ذلك خاصة وأنه قد استقل بعيداً عنك أي أصبح تفكيره مختلفاً عما كان عليه قبل ذلك في طفولته، وبداية مراهقته، ومن طبيعة هذه المرحلة: الاستقلالية، والتفرد، وتأكيد الذات - والذي يهمنا هنا هو هل أنت رأيت -لا قدر الله -شيئاً غريباً يشكل خطورة على الابن من خلال سلوكياته ولاحظت على أبناء الخال سلوكيات شاذة لا يقبلها الوالد ولا المجتمع - ولا العادات أو التقاليد؟ بحكم أن الابن مقيم معهم وهم من نفس عمره وفي نفس الجامعة؟
ولكن من خلال عرضك للمشكلة لم تفصح بالقول بأنك لاحظت شيئاً سيئاً من كل ذلك بل لمجرد أن الابن أصبح محباً للسهر وقت الصيف مع أبناء الخال.
لا يا عزيزي الأب -يمكنك أن تعرف كل شيء بطريقة ذكية دون أن يشعر الابن لأن هذا الشيء يثير في قلبه وفي نفسه التذمر تجاهك.
أولا ً: أنت وافقت على التحاقه بتلك الجامعة بعيدا عنك، وكان الاطمئنان يملأ قلبك لوجود أحد أقاربك بها، ولولا أنك تثق بهم وفيهم على ابنك وإقامته بجوارهم لما أرسلته للجامعة هناك - فهم لهم أبناء ويخشون عليهم، كما تخشى أنت على ابنك أن يسلك سلوكاً مخالفاً أو سلوكاً شاذاً فهم مثلك تماماً.(19/36)
وكان يمكنك بطريق غير مباشر من خلال هذا القريب الذي يعمل بالجامعة أن يراقب الابن دون أن يشعر، ويمكنك أن تعلم منه ما الجديد الذي طرأ على سلوك ابنك، أو تكلف أحد الأخوال بطريقة طيبة، تقول له: أرجو مراقبة سلوك الابن وأبنائك لأنني أخشى أن يكونوا - لا قدر الله - قد وقعوا في مشكلة لأنك بصراحة قد لاحظت تغيراً في كذا، وكذا على ابنك، والأولاد جميعهم أبناء لي، وبالتأكيد سيتعاون الأخوال في متابعة سلوكيات ابنك وأبنائهم وستعلم بكل شيء قبل أن تجعل الابن يحس بالشك تجاهه وفي تصرفاته.
أضف إلى ذلك - يا عزيزي الأب - أن الالتزام منك ومن أمه بالحدود الدينية في تنشئته الاجتماعية في طفولته الأولى وعدم تخطيكم لأي سلوك غير مقبول هو أساس سياسة أسرية سليمة. كما أن ذلك يجعل ابنك ملتزماً بما شب عليه، وهذا ليس نابعا من سلطتك كأب ولكن من الله الخالق العليم، والتزام الآباء يجعل التزام الأبناء مبدأ لا مناص منه، وهو أحسن دفاع يمكن إعطاؤه للأبناء لوقايتهم في مثل هذه المرحلة من الضغوط التي تواجههم، ولن يستطيع أقران السوء التأثير عليهم.
بالإضافة إلى أنك قلت: إن الابن نشأ على طاعة الله والصلاة في المسجد، وهو كما تقول ابن وصديق في نفس الوقت، فهذا يدل على حسن التنشئة السوية في صغره مما يجعله قوياً في مثل هذه المرحلة ولن يكون فريسة سهلة للتأثير عليه ليسلك سلوكا تخشاه، علما بأنك تقول: لم يظهر لك أي شيء جلي تستطيع أن تحكم على أبناء الخال بالانحراف سوى السهر في وقت الصيف، وهذا ليس دليلا ً قاطعاً للحكم على الابن بأنه قد تغير سلوكه وأقول لك: يمكنك خلال الإجازة عندما يعود الابن إليك لقضائها معك ومع أمه وإخوته أو خلال إجازات الأعياد، في هذه المدة يمكنك أن تراقب الابن دون أن يشعر، لتحكم عليه بمدى التغيير الذي طرأ على سلوكه - أي يجب عليك أن تتبين قبل أن تجعل للشك الشديد مكانة في نفسك فتندم مستقبلاً - فإذا كنت تخشى أن يقع الابن في مشكلة مثل التدخين -لا قدر الله - يمكنك خلال جلسة أسرية جميلة أو في وقت الاسترخاء والراحة وقد يكون من المناسب الحديث عن ذلك عندما يكون هناك مشكلة منشورة في الصحف أو في التلفزيون عن مأساة شخص معين، وتوضيح الآيات والأحاديث القرآنية والدينية عامة التي تتحدث عن خطورة المخدرات سيجعل الحديث أكثر قبولاً وأسرع تأثيراً في نفس الابن.
عزيزي الأب!
أقول لك من خلال تحليك أنت وأمه بالخلق والتدين السليم فإنكما تحفظان أبناءكم من السلوك المنحرف فأنتما العامل الأساسي في وقاية أبنائكم. قال الله تعالى) وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا (.
إن قبول ابنك لك كأب وعدم وجود أي انحراف في النموذج الأبوي يؤدي إلى تأثر ابنك بشخصيتك وثبات معتقداته وقدرته على اختيار أصدقائه.
أخيرا يا عزيزي الأب نرجو أنه نكون قد وفقنا في الوصول لحل لمشكلتك،
والله الموفق(19/37)
مراهق يغير صداقاته ... ويحب المال
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 15/4/1422
السؤال
لي ابن أخت أكبر الذكور بعد ثلاث فتيات ويليه فتاتين.. الأب متعلم.. ولكن إنسان بسيط متدين عامي.. والأم.. مجتهدة إلا أنها تظل امرأة وتفتقد إلى دور الزوج الحازم مع الأولاد..
كثيراً ما تئن وتشتكي أختي من وضع ابنها فهو غير مستقر أبداً (عمره 17 سنة تقريباً) كثيراً ما يبدل صداقاته فهي كثيرة ومتقلبة رغباته قد جعل المال نصب عينيه ويظن ذلك مفرحاً لأبويه - كما يبديه لهم..
سؤالي ما الذي يجب أن أقوم به بخاصة وأن أبويه يطلبان مني التدخل ومناصحته ولا أشك أنه سيقع في محاذير كثيرة لعل أقلها الدخان - ولا يوجد في العائلتين من يدخن بحمد الله , والذي يعتبر صاعقة عندنا.. كما أنه ينجرف مع أي رأي خارج المنزل.. أرجو تنويري وإرشادي في هذه الحالة ومع أي مراهق..
الجواب
أخي الكريم اشكر لك ثقتك أسال الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد وان يرينا جميعا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبسا علينا فنضل انه ولي ذلك والقادر عليه
أما عن استشارتك فتعيقي عليها مايلي:
أولاً: ما تذكره عن ابن أختك شئ متوقع في هذا العمر وهذه المرحلة (وهي مرحلة المراهقة) مرحلة حرجة متقلبة.. يحاول فيها المراهق التمرد على كثير من الأشياء.. والتعرف على الكثير أيضا..!!؟ خاصة وأنني اعتقد أن هذا الشاب كان مثار إعجاب وحب والديه بشكل ـ ربما ـ مبالغ فيه بعد مجيئه إلى الدنيا عقب ثلاث أخوات..!! وهو ما يحدث عند كثير من الأسر.. فيصبح هذا الطفل هو الآمر الناهي ... لا يرد له طلب ولا يناقش في أمر، تحيطه الرعاية والمداراة من الجميع..!! وتمر الأيام ويكبر الصغير وتتضخم لديه ((الذات)) بشكل غير عادي فيشب على الطوق ويتمرد على الجميع..!! وتجتمع لديه حساسية المرحلة العمرية.. وهشاشة التربية الأسرية.. وهنا مكمن الخطر..!!
ثانياً: لا بد للمراهق أن يعلم أن هناك خطوطاً حمر لن يسمح له بتجاوزها.. مهما كان.. ويترك هذا التحذير في آخر القائمة.. وتحاول أنت بمكانتك ومنزلتك أن تقترب منه كصديق.. شاركه في اهتماماته.. واستمع إليه.. واستشره في بعض الأشياء الخاصة بك.. واشعره بأنك تثق به.. وبأنه ـ فعلاً ـ رجل ناضج.. واوعز إلى أهله بأن يسندوا إليه بعض المهام.. ويشكروه على إنجازها.. ولا يستغربوا منه تقلبه في الصداقات وفي الرغبات.. فهذه سمة المرحلة كما أسلفت.. لانه مازال يبحث عن ذاته.. ولم يحدد بعد ماذا يريد..!!! فأعنه على ذلك.. من غير إفراط ولا تفريط.. وحبذا لو بدأت معه " بهديه " ترى أنها مناسبة لاهتماماته.. ثم شجعه مع الوقت على تنمية هوايات معينه وشاركه في بحثها والنقاش حولها وحاول أن تعينه على اختيار رفقه صالحة ... أو على الأقل ليست سيئة.. ليدلوه على الخير ويعينوه عليه.. والمهم هنا الاتنقطع شعرة معاوية بينك وبينه بقدر المستطاع.. ولا تنتظروا منه الكمال!!
ثالثاً: الله.. الله ... بالدعاء الصادق بأن يصلحه الله ويحفظه من كل سوء.. وان يريه الحق حقاً ويرزقه اتباعه.. والباطل باطلاً ويرزقه اجتنابه.. واكثروا من الدعاء ولا تستبطئوا الإجابة.
رابعاً: أعانك الله وحفظك وجعل ما تقوم به ف ميزان حسناتك.. انه جواد كريم.. ووفقك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(19/38)
أبناؤنا ومزالق المراهقة
المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 01/07/1426هـ
السؤال
ما هي الطرق الشرعية والأمثل لوقاية الأب والأم لابنهما المراهق من الوقوع في الخطأ، وخاصة الناحية الجنسية؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الطرق الشرعية حسب وجهة نظري:
أن تكون صلتهما به صلة قوية، فيها تقدير لمشاعره، واعتبار لإنسانيته، وأن يكونا على بيِّنة ودراية في كيفية التعامل معه، وذلك من خلال معرفة خصائص المرحلة، فمتى ما وجد منهما حسن الصحبة وعدم العنف معه، وسمع منهما ذكر محاسن أخلاقه والثناء عليه لتعزيزها، وعدم الإكثار من اللوم والتعنيف، واختيار الوقت والحال التي يلزم توجيه النصح له فيهما. فإنه -والحالة هذه- سيبادلهما الاحترام، وتتهيأ نفسه لقبول ما يسمعه منهما.
وعلى الأب أن يكون لابنه بمثابة الصديق ويكلفه بمهام تناسب سنه وحالته لشراء أغراض المنزل، وأن يشعره بالاهتمام بآرائه فيستشيره ببعض الأمور، ويأخذ برأيه في بعضها، وإن كانت أقل في مستواها مما يرجوه ليشعر بالاعتزاز والتقدير.
وأن يهتم الأب بالتعرف على زملاء ابنه ويرفق بهم، ويشعر ابنه باحترامهم؛ حتى يطمئن الابن لأسلوب أبيه، ويمكن للأب بعد فترة أن يرشده إلى من يلزم الاعتذار من العلاقة به من الزملاء.
على الوالدين الدعاء إلى الله كثيراً بأن يهدي ابنهما، وأن يعينهما على معرفة وسائل وطرق التعامل معه، والتوفيق للنجاح فيها.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(19/39)
الاستقلالية والذات
المجيب د. أبو بكر مرسي محمد مرسي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 15-9-1423
السؤال
أنا إنسانة ناجحة في حياتي الدراسية فأنا أدرس الهندسة الآن لكن مشكلتي أنني رغم وصولي إلى هذا السن إلا أنني لا زلت أتصرف بشكل طفولي. فسلوكياتي لا توحي ولا تعكس الفترة العمرية التي أعيشها.
لا أستطيع اتخاذ القرارات مهما كانت صغيرة ووالدتي تقوم بذلك بدلاً عني في كل شيء.. في اختيار الملابس وطريقة الكلام وفي كل شيء ...
تعبت من تدخل الوالدين في جميع شئوني وقلت حيلتي واستطاعتي في اتخاذ القرارات مهما كانت صغيرة فهل من حل؟
ساعدوني مشكورين ...
الجواب
إن الفترة العمرية التي تمرين بها يكون فيها الفرد لا هو بالطفل ولا هو بالراشد ومن ثم يعيش الصراع بين طفولة تمضى ورشد تلوح تباشير شروقه ويصاب الفرد بالحيرة والارتباك والقلق من جراء عدم نضجه الكامل للتحرر من أفعال الطفولة والرغبة في القيام بأفعال الراشدين ولكنه يفشل لعدم اكتمال دعائم النضج نفسياً واجتماعياً.
واعلمي أيتها الابنة العزيزة أنك تحتاجين لبعض الوقت فقط للتحرر من أجل تجاوز تلك السلوكيات الطفلية والدخول إلى عالم الراشدين ولهذا كثيراً ما نجد تدخل الوالدين في اختيارات الأبناء كما يحدث لك وهو تدخل من باب الحرص على الأبناء وعليك أن تقدري هذا الأمر منهم كما أن طاعتهم واجبة بل أن ذلك من سبيل سعادة الأبناء فيما بعد إن شاء الله.
ونصيحتي تتلخص في:
* الثقة في اختيارات الآباء ومناقشتهم بكل هدوء واحترام ما يرفضونه من اختيارات، مع طرح البديل الذي يصطبغ بالقيم والأخلاقيات المستمدة من الشريعة الإسلامية.
* سرعة تجاوز التصرف بشكل طفلي من خلال اتخاذ قرارات ناضجة ومسئولة تعطى الثقة للوالدين.
* المزيد من النجاح الدراسي الذي يدعم الإحساس بالهوية الذاتية ويؤدى إلى ثقة الآباء في فترات الأبناء.
* البحث عن مزيد من الإنجازات التي تقوى دعائم الشخصية أمام الآخرين خاصة من ذوى الأهمية في حياتنا.
وأنصح الآباء بمراعاة ما يلي:
* إذا كانت المراهَقة يصاحبها كثير من المشكلات النفسية والاجتماعية فإن ثقة الفرد تزداد إذا ما واجه تحديات هذه المرحلة بنجاح لذا يجب مساعدة الأبناء على كيفية المواجهة وطرح الحلول.
* الاستمرار في إعدادهم وتربيتهم في ظل معطيات الشريعة الإسلامية إبان المراحل النمائية الأولى لمواجهة تحديات ومشكلات المراهقة وتغيراتها، وهذا يؤهلهم لمزيد من النضج والقدرة على الاختيار السليم في المستقبل وتتضح إسهامات الدين الحنيف الإسلام فيما ذهب إليه من ضرورة حسن التربية بحيث تنشأ الشخصية وتنتظم في ظل القيم الإيمانية فتكون الصلابة والقوة والاستقامة وتصبح السلوكيات متوافقة وأحكام الإسلام وآدابه السامية تلك الآداب التي تمثل حصناً لمقاومة التوتر والمعاناة والمشكلات التي تعد المراهقة أرضا خصبة لرواحها.(19/40)
* التساؤل الرئيسي الذي يواجه به المراهق (من أكون؟) يثير القلق والتوتر إذ يتحتم على المراهق أن يحدد إجابة لسؤاله وهي إجابة يتحدد على غرارها هويته لذا يجب العمل على توجيه الابن إلى كل ما من شأنه أن يدعم لديه بناء هوية إيجابية قادرة على العمل والتواصل الخلاق.
* إن الحاجات التي تحقق للمراهق إحساسه بالهوية هي: الاستقلالية والتفرد والاضطلاع بدور اجتماعي وإقامة علاقات ناضجة.
* يجب ألا تتسم وسائل الضبط بالقسوة وأن توضع حدود ولا تصادر حرية الابن في الاختيار " فالحرية لا تعنى إلغاء الحدود" كما يجب ألا تمارس الحدود بشكل تلغى فيه الحرية.(19/41)
لا أعترف بالمراهقة
المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 25/06/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
أفيدونا في موضوع المراهقة، فقد كنت أناقش أحد الأشخاص، وقلت له: إني شخص مقتنع بأنه لا يوجد شيء اسمه سن المراهقة في الإسلام.. فأغلب الناس يتحججون بتصرفات الشباب الخاطئة بأنهم في سن المراهقة، ولذلك يتركونهم على خطئهم..فهل ذكر الإسلام شيئاً عن المراهقة أم هو مصطلح غربي سائد ... ؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المراهقة: معناها في اللغة. راهق الغلام فهو مراهق إذا قارب الاحتلام (كما جاء في كتب اللغة) . إذن المراهقة معترف بها، ومعلومة أصلاً.
المراهقة في مصطلح علماء النفس هي الاقتراب المتدرج نحو النضج والكمال الجسمي وليس الكمال الجنسي.
فالكمال الجنسي هو البلوغ المعلوم في مصطلح الفقهاء، وسن المراهق تكون ما بين انتهائه من مرحلة الطفولة، وبدايته مرحلة الشباب والفتوة، أي ما بين 13سنة إلى 20أو 22سنة, وهي للبنين والبنات على حد سواء، ولهذه المرحلة التي هي مرحلة المراهقه خصائص وحالات خاصة بها، -فالمراهق ذكراً أو أنثى- له خصائص وحالات مثل:
(1) يميل إلى النقد ويرغب في الإصلاح.
(2) يسرع في مساعدة الآخرين يما يمكنه.
(3) يختار أصدقاء بنفسه، ويرفض تدخل والديه في ذلك.
(4) قد يسهل تغيير الأصدقاء أحياناً.
(5) يميل إلى تولي المسؤوليات والزعامة.
(6) يميل برغبة إلى تأكيد ذاته وفرض شخصيته.
ومما يلزم الوالدين الاهتمام به لحماية المراهق -ذكراً أو أنثى- من الانتكاسة في سيرته وأخلاقه:
(1) التعامل برفق وصبر.
(2) محاولة تفهم خصائص وطبيعة تصرفاته حتى يسهل التعامل معه.
(3) حمايته من الميوعة والانحلال بالوسائل والطرق السليمة.
(4) عدم العنف والعتاب الكثير.
(5) اتخاذ وسائل مناسبة للتعرف على أصدقائه، مع إظهار الاحترام لهم أمام ابنهم.
هذا مختصر شديد. فالمراهقة حالة عُمْرية وفترة زمنية يمر بها كل شاب وشابة، وتستدعي من الأبوين إحسان التعامل مع هذه الحالة.(19/42)
مشكلة أبنائي الثلاثة
المجيب د. خالد بن سعود الحليبي
وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 10/1/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
شيخي الكريم: لدي ثلاثة أبناء، أكبرهم في الصف الثالث الثانوي، يميل للبدانة، كسول، انطوائي منذ الصغر، لا يذاكر إلا بعد إلحاح وبدون تركيز، كثير السرحان، يحب يتكلم مع من هم أكبر منه، متفوق في دراسته مع تراجعه قليلاً، والأوسط كثير الحركة، يحب الاختلاط بمن هم في سنه، يحب المزاح كثيراً إلى حد الاستهزاء، فيه نوع من الغرور والتعالي، يساعد في المنزل بدون طلب، متسلط، أناني، يدرس في الصف الثالث المتوسط، يذاكر من نفسه، متفوق في دراسته، أما الأصغر في الصف الثالث ابتدائي، خجول، يحب اللعب كثيراً إلى حد إهمال واجباته، يقلد أخاه الأوسط في كل شيء مع أنه يتعرض منه للأذية، الثلاثة يحفظون جزءاً كبيراً من القرآن، وأمهم شديدة عليهم، وهم صريحون معها، المشكلة أن الابن الأكبر لا يتقبل من أخيه الأوسط أية كلمة، والأوسط يستهزئ به دائماً، مع أننا نؤنبه كثيراً، ولا يعترف بخطئه، وإذا اعترف يقول: إنني أمزح، ويعتقد أننا نظلمه مقارنة بإخوانه، مع أننا نشرح له أخطاءه، ولا نؤنبه من أول مرة، أما الأصغر فهو يقلد أخاه الأوسط في كل شيء، أرجو منكم المساعدة-مع محاولتي بقراءة القصص، وجلسات الذكر، وعدم حرماني لهم من وسائل الترفيه، حيث نخرج أسبوعياً للنزهة-.
الجواب
أخي الكريم: الاستشارة تركزت في سؤال جاء في نهايتها، ولكنها حملت مشكلات عديدة لا بد من الحديث عنها ولو إجمالاً:
الكبير: مشكلاته البدانة والكسل والإنطوائية والسرحان.
فالبدانة تحل بالتالي:
1- إقناعه بأنها تمثل مشكلة بالنسبة له شخصياً في المستقبل، في العمل والعلاقات العامة، والزواج، والصحة، والحركة بشكل عام.
2ـ مساعدته على تركها؛ بتذكيره بين آونة وأخرى، وتشجيعه على الاستمرار على حمية يكون وضعها طبيعياً جدا؛ وذلك بوضع إناء محدود السعة أمامه في الأكل معكم، ويختار فيه ما يملؤه من الأطعمة المفيدة بعيداً عن النشويات، والسكريات، والغازيات، ثم لا يزيد عليه إذا أكله، ولا يأكل بين الوجبات أبدا.
3ـ عليه بالرياضة اليومية، ولا سيما المشي.
وصفة الكسل تحل مشكلتها بالتالي:
1ـ ربما كان منشؤها بسبب كونه الولد الأول، فيحظى بكثير من الدلال والإطعام والراحة، والكسل ناشيء عنها، فلا بد أن يبدأ الحل من هنا، أي بمعاملته كغيره في هذه الناحية، ثم تشجيعه على القيام بمهام مفيدة له ولبيته، وربما لو كلفته بأمور لا تعرف إلا منه لكان أفضل؛ كتنظيف المجالس الرجالية، ومكتبتك، وشراء بعض المستلزمات إضافة إلى غرفته الشخصية.
2ـ تشجيعه على قراءة كتب الرجال العظماء أصحاب الهمم العالية في القديم والحديث.
3ـ إيقاد روح المنافسة بينه وبين أقرانه في المدرسة، والجامعة في المستقبل -إن شاء الله-. ولا أعني المقارنة بينه وبين إخوانه في المنزل فتلك القاصمة التربوية.
والانطوائية تحل مشكلتها بالتالي:(19/43)
قد توجد هذه المشكلة عند من يرى أن في شكله ما يوحي للناس بالاستهزاء منه، فربما وجدت عند البدين جدا، وعند النحيف جداً أو عند ذوي العاهات، أو حتى عند غيرهم بسبب نفسي آخر.
وما أراه هنا أن الأب يمكنه أن يقضي على هذه الظاهرة -بإذن الله- لو أنه قرر أن يجعل من ابنه صديقاً له في كل مهامه، دون إشعاره بالدونية، بل يشعره بأنه في حاجة إلى مساعدته.
ومشكلة السرحان تعالج بالتالي:
معرفة سبب ذلك السرحان، الذي يمكن أن يكون بسبب علاقة ما مع صديق أو نحو ذلك، فهذا السن سن خطير النفسية، فربما كان يطوي بين جنحيه مشكلة لم يكشف عنها، وخاصة إذا كان الأب بعيداً عنه بأعماله، والأم شديدة التصرفات إزاء أولادها، وهنا يهرب الولد إلى مسربين، الأول الأحلام في المنام واليقظة، والثاني الأصدقاء، وهنا تباح الأسرار لعامة الناس وربما كان هناك مكمن الخطورة، فلابد إذن من التقرب إلى الولد، ومعاملته معاملة حسنة رقيقة، والخروج معه بمفرده، وفتح الحديث معه بكل هدوء وطمأنينية؛ حتى يتحدث بأريحية، هذا التنفيس هو الدواء.
أما الأوسط فكل الصفات التي ذكرتها فيه تعني أنه (مبدع) ، وعليك ألا تكبت إبداعه، بل وفر له من الأدوات ما يتيح له مجال تنمية إبداعه، وإذا لم تفعل فسوف يصرف طاقته هذه في الشجار، والسخرية من الآخرين؛ إذ يرى أنها فرصة إبراز تفوقه على الآخرين، على أنه لا بد من علاج التعالي على الآخرين بقصص المتواضعين وأحاديث الرسول الأمين -صلى الله عليه وسلم-.
وأما الصغير فربما كان مثل أخيه الأوسط، ولذلك يحب أن يدركه ويتشبه به وإن آذاه.
وأما المشكلة فواضح منها أنكم لا تزالون تعاملون الكبير بما يرسخ عنده عاداته السيئة، فأنت لم تذكر علاجاً وسطياً رغم أن المشكلة التي ذكرت هي ذات طرفين، بل جعلت العلاج كله موجها للأوسط، ولذلك هو يحس بالظلم، أرجوك اتركهما يحلان المشكلات بينهما إلا إذا خشيت من أن يؤذي أحدهما الآخر إيذاء شديداً.
إنَّ تدخلنا في شجار أولادنا هو الذي ينزع من الشجار خصائصه التربوية العالية، ويوجهه إلى مساوئه.
إن الأسرة التي يتشاجر أولادها في حدود معقولة هي أسرة ممتازة، والتفصيل في هذا الأمر في دورات أقدمها، من بينها دورة الذكاء العاطفي، وأفكار طريفة في تربية الأولاد، ولا أستطيع هنا أن أزيد.
ولكني أوصيك أن تتفق مع زوجتك على أساليب التربية، ولا تختلفا أو تتلاوما أمام الأولاد، ولا تكثرا من اللوم أو مدة الحديث عن الأخطاء، وفقكم الله وسدد خطاكم.(19/44)
كيف نتعامل مع هذا المراهق؟
المجيب د. صالح بن علي الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 19/3/1425هـ
السؤال
لدي أخ يبلغ من العمر 16 سنة، وهو طيب الخلق، ومحافظ على الصلاة، وكل شيء فيه جيد؛ إلا أنه في الفترة الأخيرة أصبح يجلب أفلام أجنبية ويخفيها عنا، وبحكم مراقبتي له طبعا من غير أن يشعر رأيت أحد الأشرطة، وكان عبارة عن مطاردات فقط، لكن لم أستطع رؤية باقي الأشرطة بحكم أنني متزوجة ولا أعيش مع أهلي، كيف نتعامل معه؟ مع العلم أنه يعتقد أننا لا نعلم شيئاً عنها. كيف ننصحه؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت السائلة: أخوك يعيش مرحلة المراهقة، وفي هذه المرحلة يمر الفرد بتغيرات مختلفة، تغيرات جسمية، ونفسية، وعقلية، هذا التحول في جسد المراهق، وفكره، وعواطفه، وانفعالاته، يصحبه حاجات ملحة ينبغي أن تستثمر وتوجه بالأسلوب المفيد؛ لأنه من الصعب تجاهلها أو الاصطدام بها، كما أنه قد يكون من غير المناسب ترك العنان لها وتلبيتها دون قيود أو شروط، ومن حاجات المراهق الحاجة إلى الاستطلاع والاستكشاف، وهي حاجة موجودة لدى كل فرد، ولكنها تكون ملحة في هذه المرحلة بالذات نتيجة التغيرات العقلية والعاطفية، وهذه الحاجة هي ما تدعو المراهق إلى اقتناء بعض الكتب والمجلات، والقصص، والأفلام، وخصوصاً في ظل وجود وقت فراغ كبير، وعدم تكليفه بما يناسب من الأعمال والمسؤوليات، والمراهق مع هذه الحاجة الملحة ولقوة غرائزه وقلة خبرته قد يتعرض للاستهواء، وقد تؤدي به تلك المناشط إلى الانحراف الفكري والسلوكي، وللتعامل مع هذه الحاجة يمكن القيام بما يلي: فينبغي على الأسرة حماية المراهق من الأفكار المنحرفة والمواد الإعلامية المنحرفة التي تدعو إلى الرذيلة وسوء الخلق؛ وذلك بضبط كل الوسائل التي توفر ذلك، وعلى وجه الخصوص القنوات الفضائية، فالتلفزيون، والفيديو، والكمبيوتر ينبغي أن تكون في مكان يشترك فيه كل أفراد الأسرة، ولا تكون خاصة بالمراهق في غرفته.
- توفير القدوة الحسنة، والمراقبة غير المباشرة، والتوجيه، والنصح غير المباشر.
- الحوار مع المراهق، ومناقشته، والاتصال المفتوح معه، واستثارة تفكيره، واستطلاعه بقضايا جذّابة ومفيدة له.
- ربط المراهق بالرفقة الصالحة التي تدعوه إلى الخير، فالرفقة وخصوصاً في هذه المرحلة لها تأثير كبير على سلوك المراهق وتفكيره، فالمراهق يقضي كثير من الوقت مع رفاقه فهو يتأثر بهم ويؤثر فيهم، والرفقة السيئة قد تكون هي التي تعرض على المراهق هذه الأفلام والأشياء السيئة، وقد تدعوه إلى تجريب بعض الممارسات والسلوكيات المخلّة والضَّارة.
- توجيهه إلى استشعار عظمة الله -سبحانه وتعالى- واطلاعه علينا ومراقبته لنا، واتباع ما أمر به من غض للبصر وحفظ للسمع، فالله - سبحانه وتعالى- وهبنا هذه الحواس لتعيينا على طاعته وليس لاستخدامها في معصيته.
- تزويد البيت بكل ما هو مفيد من الكتب والآلات والأدوات، التي يمكن له أن يقضي وقته فيها، وتلبي حاجته، وتنمي قدراته ومواهبه، وتعود بالنفع والفائدة عليه. والله أعلم.(19/45)
إخوتي والرفقة السيئة
المجيب د. عبد اللطيف الحسين
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 10/04/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
عندي أخوة مراهقون ولهم أصحاب فاسدون، وقد بذلت ما أستطيع لإبعادهم عنهم ولكنهم ازدادوا تعلقاً بهم؛ فكيف يمكنني إبعادهم عنهم، وما هي الوسائل الجيدة لذلك؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.
شكر الله للأخ السائل على جهوده الطيبة في مناصحة إخوته المراهقين، وأوصيه بعدم التضجر أو اليأس من دعوتهم، وأذكِّره بالتحلي بالصبر الجميل والمصابرة، وبكثرة الدعاء بصلاحهم، وأنوِّه على مراعاة الحكمة والموعظة الحسنة من أجل إقناع إخوانه المراهقين بمخاطر الأصحاب الفاسدين.
وليعلم أن مرحلة (المراهقة) من أخطر المراحل التي يجب الانتباه لها، ذلك أن المراهقين لديهم قابلية خاصة (للاستهواء) بمعنى التقليد والمحاكاة، فربما أعجب بعض الشباب بأناس فاسدين ومغنين ماجنين أو ممثلين وغيرهم. وكما قال ابن شوذب:"إن الشاب لينشأ؛ فإن آثر أن يجالس أهل العلم كاد أن يسلم، وإن مال إلى غيرهم كاد أن يعطب".
ومن هنا فإننا أمام نمط جديد من فترات العمر تحتاج إلى مداراة وترفق وتأليف القلوب، وإلى بذل جهود مضنية ووسائل جديدة وهادفة في احتواء المراهقين من خلال إيجاد الجو الملائم لأعمارهم، والملبي لإشباع هواياتهم واستنفاذ طاقتهم، فيما هو مباح ونافع، فهناك الرياضة والسباحة وبعض الهوايات كالصيد والرحلات والتعرف على المناطق والمدن والمعالم، وحبذا تقديم الهدايا لهم، من الأشرطة المفيدة والمجلات وغير ذلك.
وأوصيه بالإكثار من الجلوس معهم، والنزول معهم في الحديث على قدر مستواهم، ومشاركتهم في اهتماماتهم من أجل إزالة الحواجز النفسية والاجتماعية فيما بينه وبينهم، فيعقد لهم المساجلات الشعرية، والمسابقات الخفيفة، ويذكر لهم القصص والطرائف ونحو ذلك.
وجميل أن يقتني لهم قناة إعلامية هادفة؛ كقناة "المجد" الفضائية حتى يشغل وقت فراغهم فيما هو خير. كما لا ينسى الأخ السائل أن إيجاد الصحبة الطيبة أعظم سبب - بعد الله- في التأثير عليهم في سلوك الخير والهدى.
وأخيرًا أقترح عليه التشاور مع بعض الأخيار من الأساتذة والمربين في علاج مشكلة إخوته المراهقين، فعن طريق الشورى والتعاون يتم التغلب على كثير من المشكلات لا سيما فيما يتعلق بالشباب.
كما أُذكّر بأهمية الاتصال بأولئك الغافلين من أصحاب إخوته، ومناصحتهم، ودعوهتم إلى الخير.
أسأل الله العلي القدير أن يهدي شباب الإسلام ويحفظهم من الفتن.(19/46)
أعايش وضعاً صعباً..
المجيب د. سيد زكي خريبة
استشاري صحة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 26/5/1422
السؤال
أعايش وضعاً صعباً أحاول التعامل بحذر وحرص شديد مستعينا بالتضرع إلى الله بالدعاء ثم مشورة من أظن فيهم الخير والمعرفة أمثالكم - ولا نزكي على الله أحد - فلدي الولد الأكبر يدرس في المرحلة الأخيرة من المتوسطة وقد بدت عليه منذ فترة سلوكيات أقلقتني مثل سوء الخلق وشدة في التعامل معي ومع والدته وانفعال سريع وعدوانية مع إخوانه وأصبح لا يرتاح لمجالسنا ويرفض مشاركتنا في نزهاتنا وأسفارنا، وأضحى التفاهم معه صعبا للغاية، وتدني مستواه العلمي بعد أن كان من المتفوقين خلال سني دراسته السابقة والأعظم أنه بدأ لا يحرص على أداء الصلاة خاصة صلاتي الفجر والعصر وبمشقة وجهد كبيرين ابذلهما معه يؤديهما، وأخذ يعلن بصراحة معارضته الانضمام لمجالس الذكر وحلق تحفيظ القرآن بعد أن كان في العام الماضي أحد طلبتها ولكنه انقطع لسفرنا للخارج للدراسة , ويرفض طلبي له برفقتي لحضور المحاضرات والدروس العلمية أو المشاركة في إحدى المراكز الصيفية، وبعد أن أنهى امتحاناته الآن يقول إن من حقه أن يستمتع بإجازته بالسهر حتى صلاة الفجر مع أبناء خالاته وعماته علما أن مجالسهم داخل البيوت ولا يخالطهم غيرهم، وبصعوبة بالغة وتحت ضغط شديد اقتنع 00 بالعموم هذه مشكلتي أضعها بين يديكم مؤملا مساعدتكم شاكرا ومقدرا سلفا حسن الاستجابة وجميل التعامل والتعاون للمصلحة العامة فابني جزء ولبنة في هذا المجتمع نسعى جميعا لتأهيلهم لتحمل المسؤولية العظيمة المنتظر أداؤها منهم.
الجواب
الأخ الكريم صاحب السؤال: يبدو أنك دللت الولد في تنشئته الاجتماعية الأولى (في مراحل النمو السابقة على المراهقة) ونتيجة طبيعية أن تتغير سلوكياته والتي منها ما ذكر (سوء الخلق.. الانفعال السريع.. العدوانية وشدة في التعامل معك ومع أمه) وبحكم طبيعة المراهقة والتي منها الاستقلالية والتأثر بالأقران فكان لازما عليكم أن تعرفون من هم أصدقاء الدراسة وكذلك مستوياتهم العلمية) وكان لازما عليكم متابعة مستواه العلمي بالذهاب للمدرسة والسؤال عليه والاطمئنان عليه.. لكن يبدو أن هناك ما يشغلكم عن الأبناء في مثل هذه المرحلة العلمية.. أما معارضته للانضمام لمجالس الذكر فلا بد أنه قد تأثر بأفكار أقرانه ممن يتصفون بنفس هذه الصفة.. فعليكم أيها الأب الكريم من تصحيح الوضع مع الابن في الأسرة بالأتي:
(1) - كن محددا وواضحا في قضية الأمر بالصلاة والالتزام الأخلاقي في مبادئ الدين والانتظام في هذه القواعد.
(2) - يجب أن تعطيه من الوقت وأن تستمع إليه وتتحدث معه فهذا بداية تعلم الاحترام المتبادل وهو عنصر هام في بناء الثقة بالنفس.
(3) - يجب أن يعلم الابن أن هناك حدود للسلوك يجب عدم السماح بتخطي هذه الحدود.
(4) - يجب أن تعلم كل شيء يثير الضيق في نفس ابنك وهنا يجب أن تكون العلاقة طيبة وذلك بعدم إهانته إذا كان مرتكبا لذنب والتقليل من شأنه بل يجب أن توضح له أنك لم ولن تقبل هذا السلوك.(19/47)
(5) - عزيزي الأب حاول تستقطب الابن في هذه المرحلة حتى يكون صريحا معك حتى لا يتحول إلى الإنكار والدفاع عن نفسه ويرفض المساعدة، حيث إن غضبك سوف يشغلك عن عزمك واهتمامك بصلاحه.
وحاول أن تبتعد أثناء حديثك معه عن الآتي:
(أ) - الأحاديث الساخرة التي تلحق به العار.
(ب) - أحاديث لوم النفس (هذه غلطتي عندما لم احسن تربيتك)
وبالنسبة لقضاء الابن وقت مع أبناء خالته وابناء عمته فإن ذلك شيء طيب طالما أنك تجد أنهم أناس مناسبين ولكن يجب أن يعرف أنه له حدود من الوقت يجب ألا يتجاوزها معهم ولا بد أن يعلم أن عليه واجبات وله حقوق وأن السهر إلى وقت متأخر من الليل شيء غير طيب مهما كان أنه في إجازة صيفية لأن السهر لوقت متأخر يحول بينه وأداء صلاة الفجر.
وأخيراً أقول لك أيها الأب وكل الآباء أنه يجب أن نراعي أبنائنا ونشرف على تنشئتهم اجتماعيا منذ اللحظة الأولى.. ولا نترك لهم الحبل على الغارب بتلبية كل متطلباتهم في الصغر حتى لا يصبحون اعتما ديون ويتحولون لعدوا نيون في مراحل مثل المراهقة.. نتيجة عدم تحقيق كل الرغبات كما علمناهم من قبل بتحقيق كل رغباتهم.(19/48)
كيف أربي أخوتي!!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 23/9/1422
السؤال
ما أود السؤال عنه هو أني أنا الأخ الأكبر لإخواني ووالدتي توفيت عليها رحمة الله قبل عام وإخوتي فيهم الأولاد والبنات والأطفال والمراهقون، تزوج والدي من خالتي التي تسعى جاهدة في العناية بأمورنا لكنها كثيرا ما تخطئ في كيفية التعامل مع الأولاد الصغار خصوصة مع العلم أن أحدهم يميل إلى الإنطوائية والسكوت المحزن. سؤالي يا شيخنا كيف لي كشاب عليه التزامات دراسية أن يصنع من هؤلاء الأطفال رجالا يخدمون الدين، ويربيهم على الالتزام بالشرع مع وجود عقبات منها تعامل الخالة الخاطئ وفقدان الوالدة؟ وما السبيل الصحيح إلى التعامل مع الأطفال الذين وصفت لك حالتهم يا شيخ؟ والله يحفظك ويرعاك؟
الجواب
أيها الأخ الكريم. أوافقك الرأي وبكل تأكيد أن غياب الأم عن المنزل يترك فراغا كبيرا يصعب ملئه بأي شخص كان مهما كان ذلك الشخص متفانيا ومخلصا في محاولة سد ذلك الفراغ الذي نشأ بوفاة الأم. إذ هي تاج البيت الذي يزينه ونوره الساطع الذي يملؤه بأشعة الحب والحنان والتربية الدافئة. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى فإني أحيي فيك هذا الشعور المملوء بالعطف على إخوانك وأخواتك الذين فقدوا حنان أمهم، كما أحيي فيك هذا الحرص عليهم كي يكونوا صالحين يتربون على المعاني والآداب الشرعية الصالحة وحتى يترعرعوا متمسكين بدينهم حريصين على أخلاقهم وسلوكياتهم. هذا الشعور منك بهذا الواجب الملقى على عاتقك هو في الحقيقة إشارة وبداية النجاح في تعاملك مع هذه القضية. وإن كان لي من مجال للنصح فإنني أذكرك بما يلي:
أولا: عليك الاقتراب قدر الإمكان من والدك، حدثه بهمومك، اجعله في الصورة دائما، استشره فيما يشكل عليك، أشعره أنك قادر على القيام بالمسئولية تجاه نفسك ودراستك واخوتك وذلك في محاولة لبناء جسر ثقة كبير بينكما إذ بذلك سيخف العبء عليك بل وسوف تتشاركان معا في مواجهة كل ما يمكن أن يعصف ببيتكم من مشاكل تحيط بكما أو بأخوتك.
ثانيا: جميل منك لطفك ومراعاتك لخالتك ((زوج أبيك)) ، واستمر معها بهذا اللطف واللين فبها ستصلح كثيرا من الأخطاء بل هي سوف تتقبل منك نقدك وما تراه أنت مناسبا في كيفية التعامل مع إخوتك الصغار والمراهقين.
نعم هي يمكن أن تخطئ وهذا ليس عيبا ولكنك بلطفك معها وتأدبك واحترامك لها ستجد أنها ستكون أذنا صاغية لكل آرائك ومناقشاتك معها. وكما تفعل مع والدك، افعل معها من بناء جسور الثقة بينكما لتشعرها أنك قادر على حمل المسئولية تجاه إخوانك، وأنك سند لها معين لها على تحمل هذا العبء.
ثالثا: أما عملك تجاه إخوتك المراهقين والصغار فلا أرى أفضل لك من الاقتراب الشديد منهم نفسيا ووجدانيا وروحيا وجسديا. كن معهم ولاطفهم ولا عب صغيرهم وأصغ إلى الكبير منهم واستمع لشكواهم وبادلهم الهموم والأفراح.
لا تلهك أمورك الشخصية عنهم أو الابتعاد عن أنظارهم فلا يرونك إلا قليلا.
أعطهم شيئا وفسحة من وقتك ووقت خروجك وتحمل منهم أخطاءهم تجاهك ففي النهاية وعند كبرهم سيثمنون لك وقفتك معهم وتعليمك إياهم السلوك المتزن والالتزام بالدين والقيام بالواجبات والتي لن تتأنى لهم إلا بصبرك معهم وإرشادك لهم ومسك ذلك كله هو كونك قدوة صالحة لهم. إذ ستكون أنت المرآة التي سوف يرون أنفسهم من خلالها.
وأخيرا تذكر وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم ((احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك)) إذ بحفظك لنفسك سيحفظك الله ويحفظ اخوتك وبيتك وسائر أسرتك. أعانك المولى ورفع من قدرك.
والسلام.(19/49)
هذا ما يفعله ابني.. فماذا اصنع؟!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 28-12-1422
السؤال
أعاني من حركات ابني المحافظ على الصلاة وعمره 19 سنة حيث أنه يستمع إلى الغناء ويحمل أشرطتها في سيارته وإذا أردت الذهاب بسيارته ذهب إليها قبلي ونظفها من تلك الأشرطة أو أخفاها، وأنا ألاحظ عليه تلك الحركات ولكني لا أريد أن استخدم معه العنف والقوة (وباستطاعتي فعل ذلك لو أردت) كيف أتعامل معه حيث أنه لا يمكن أن يكذب علي في أي موضوع أرجو إفادتي؟
الجواب
أخي الكريم أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبسا علينا فنضل..أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولا: أعتقد -أخي الكريم - أن ابنك يتصرف معك كرجل يحفظ لك قدرك ويبحث عن رضاك ولا يريد إغضابك بأي حال بدليل أنه يحاول أن يسبقك إلى السيارة لإزالة ما بها من أشرطة حتى لا تراها فتغضب..! وهذا تصرف ناضج من شاب في هذا العمر وفي هذا الزمن!!!
ثانيا: مادام يحاول مداراتك فاحفظ له ذلك واسأل الله له الهداية.. وألح على الله بالدعاء بأن يصلحه ويحفظه من كل سوء.. وأن يقر عينك بصلاحه وتوفيقه.. وضع له مساحة يتحرك من خلالها..فهو شاب ويرى أقرانه.. وأخشى أن يصل إلى مرحلة يعلن فيها تمرده ومجاهرته أمامك بما يداريك به احتراما لك.. ولو أراد إعلانه فإنه لن يعدم الوسيلة التي يجده فيها مهما حاولت منعه..!! وتذكر قول الشاعر:-
ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومهالمتغابي
ثالثا: هب أنك أعلنت له أنك تعرف حركاته.. وأنك اكتشفتها..!! ثم ماذا..؟! هل تضمن امتناعه..؟ وهل تضمن عدم تهوره وتحدي قرارك؟! وهل..؟ وهل..؟
رابعا: مادام محافظا على الصلاة.. ولا يكذب عليك.. فإنها بإذن الله علامة خير ودليل حسن تربية.. ومرجعه إلى الطيب كما يقال..فاقترب منه.. وصادقه وامنحه الثقة وكن موضوعيا وواقعيا في تعاملك مع شاب في مثل هذا العمر..وتعامل معه كصديق..وشاركه في همومه.. وأحلامه..!
خامسا: مرة أخرى..الله الله بصدق الالتجاء إلى الله بأن يهديه ويوفقه ويصلح شأنه كله..ولا بأس من إحضار بعض المطويات والكتيبات التي تدور حول حرمة الغناء وحكمه الشرعي.. وجعلها متوفرة في المنزل ليستفيد منها الجميع بمن فيهم هذا الابن.. وقد ينفتح بسببها بعض المواضيع فتدلي برأيك بشكل غير مباشر.. وتوصل من خلالها بعض الرسائل..وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير خطاك.(19/50)
تربية الفتيات.. فن له أصوله
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 16/11/1422
السؤال
أريد منهجًا تربويًا علميًا لتعليم الفتيات في سن الثالثة عشرة فأكثر.
الجواب
أيها الأخ المبارك، هل لديك ُبَنيّات؟ أم أنك معلم؟
ما أجمل التنظير في أمور التربية ولكن ما أصعب التطبيق. والفتاة التي تصل إلى سن الثالثة عشرة تكون قد انغرس في ذهنها أشياء يصعب اقتلاعها منها. خاصة في بعض المجتمعات المنفتحة!! فالأولى أن تكون التربية قبل ذلك وهي في سن التلقي والبحث عن المجهول والتقليد.. فأول مقومات التربية هي:
1- القدوة الحسنة المحبوبة؛ فالبنت أو الولد يقلد من يحب فانظر أنت ماذا تصنع فستجد أبناءك يقلدونك في كل أمورك الإيجابية منها والسلبية..!!
2- التطبيق لما تأمرهم به، فلا تأمرهم بالصدق وهم يرون فيك غير ذلك، ولا تحدثهم بفضل الصدقة وهم يرون أنك تعرض إذا رأيت سائلا محتاجا.
3-الحوار الهادئ معهم، ومحاولة الإقناع إذا ارتكبوا الخطأ، وإذا أردت أن تأمرهم بأمر نافع فإن الصغار عادة ما يجادلون ويكثرون الأسئلة.
4-محاولة فهم نفسيّاتهم وميولهم.
5- لا تلق بسلاحك دفعة واحدة إذا أردت أن تعاقبهم، اجعل لك خط رجعة.
6- إذا وعدت فأنجز وعدك، وإلا فقدوا الثقة بك خاصة فيما يتعلق بالعقاب، فإذا قلت: إن حصل منك كذا فسأفعل كذا، فإن فعلت فعاقبها بما قلت وإلا فستكون تهديداتك مثل الرياح.
7- إثراء خيالهم بقصص ذات مدلول إسلامي تربوي وخاصة قصص شباب الصحابة والسلف؛ فأنت تستفيد مرتين: تثري عقلياتهم بقصص رائعة وتنمي فيهم سلوكيات مأمونة.
8- الثناء على ما يقومون به من أعمال حسنة وتشجيعها مثل: تأدية الفرائض.
9- زرع حب القراءة المفيدة فيهم بجلب الكتب النافعة المبسطة وإعطائهم فرصة لاستخراج الفوائد أو استكشاف الأخطاء خاصة فيما يتعلق بالدين والسلوك والآداب.
10- غرس روح الإعتزاز بالإسلام من خلال التمسك بتعاليمه الظاهرة مثل: التستر عن الرجال الأجانب وصيانة النفس، والحياء مما يستحيا منه، مع الإقناع: لماذا يكون التحجب بالنسبة للمرأة والفتاة؟ فإذا فهمت الحكمة سهل التطبيق.
11- حث الأبناء ـ على قدر الاستطاعة ـ على التزود من النوافل مع تحفيظهم الأوراد اليومية وتنظيم مسابقة في ذلك.
12- إعطاؤهم مساحة مناسبة من اللعب والترفيه المباح.
13- وضع مسابقة لحفظ القرآن وتلاوته ووضع حوافز تشجيعية.
14- زرع الثقة في نفوسهم بإعطائهم مبالغ من المال لشراء احتياجات خاصة بالمنزل أو تكون أمانة عنده أو إعطائه نصيبه من المصروف لمدة أسبوع دفعة واحدة لتعويده على ضبط الإنفاق والأمانة.
15- لا تصرخ.. لا تصرخ؛ فكثرة الصراخ أو الزجر تفقد الهيبة.
هذه هي بعض النقاط لعلها تفيدك وهي اجتهادية.
أعانك الله(19/51)
ابني سيئ الخلق
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 28-7-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ لدي ابن في السابعة عشر من عمره يتصرف بوقاحة وحماقة وقلة أدب مع والدته وأخواته. في كثير من الأحيان عندما لا أكون موجوداً في البيت، يضرب أخواته بشكل جنوني ويكسر بعض الأغراض , ويتطاول في كلامه وفي رده على والدته وعلى أخواله وفي بعض الأحيان علي أنا ويعاندنا بشكل وقح وبالمقابل يتعامل مع أقرانه بأدب جم ورفقته رفقة جيدة. ولدي هذا أصبح كالكابوس لنا وتأتيني أفكار في بعض الأحيان لطرده ولكني أخاف أن أفقده وأكون سبباً في ضياعه في الدنيا والآخرة، شددت العزم وبشكل يومي تقريباً أن أدعو له ولله الحمد أصبح هادئاً بعض الشيء مع أنه يحاول التمرد والتطاول ولكني أحاول تهدئته أرجو من الله أن تبعثوا لي بنصائح في التعامل مع هذا الابن.
آملاً من الله أن ينفعنا وينفع جميع المسلمين بنصائحكم، أدعو الله أن يتقبل جميع أعمالكم الحسنة وأن يجمعنا وإياكم في الفردوس الأعلى وجزاكم الله عنا كل خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجواب
الأخ الكريم....
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم"
أحسن ما أعجبني في سؤالك أيها الأخ العزيز هو ذكرك بأنك التجأت إلى الله بالدعاء والإلحاح عليه بطلب الصلاح لأبنائك ومن هم تحت يدك، فهي بحق خطوة جيدة بل هي أولى الخطوات التي يحتاج الإنسان إليها عند طلب العلاج.
إن ما يمر به ابنك ذو السبعة عشر ربيعاً هي فترة شبه طبيعية عند الكثير ممن هم في مثل سنه، إنها فترة المراهقة، فترة التخلص من القيود والانعتاق منها، فترة إثبات الذات وإثبات الرجولة ولو كان هذا بالطريقة الخاطئة كالضرب للإخوة والأخوات أو الأفراد الآخرين خارج البيت، فترة التجربة لأمور طالما نهي عنها، فترة المغامرة في الولوج إلى أمور طالما سمع القصص عنها كالسرقة والاجتماع مع الأصحاب على أمور سيئة مثل شرب الدخان وربما الحشيش والمخدرات أو غير ذلك من الأمور.
ولو دققت النظر أيها الأخ الكريم في الذين مالوا عن الطريق الصحيح وابتعدوا عن الهداية بل هم أقرب إلى الغواية بارتكاب أنواع الجرائم والآثام لوجدت أن بداية الشرارة التي انطلق منها هذا التوجه إنما كان في الغالب عند سن المراهقة والإحساس بوجوب إثبات الذات خاصة إذا صاحب ذلك قلة الرقيب من الأهل والعنف السلطوي من قبل الولدين وانعدام روح التفاهم المفترض أن يسود داخل أسوار البيت وزيادة الثقة بالنفس ووجود صحبة نائهة وسيئة تزين له الوقوع في شرك هذه الأوحال وتبسطها وتسهلها في عينيه.(19/52)
إذا علمت ذلك فالدور الكبير سوف يبقى مربوطاً في عنقك وقد تسألني عن كيفية الخلاص فأقول إن أحسن جرعة دوائية سوف تجني ثمارها بإذن الله هو البعد كل البعد عن العنف مع هذا الابن بل على العكس يجب أن يقوم التعامل بينك وبينه ليس على أساس أنك أب وهو ابن، تأمر ويطيع، تتكلم ويصمت كلا بل علاقة ودية جداً وعلاقة صداقة وزمالة وأحذرك كل الحذر من عملية العنف والضرب أو الطرد فهذه لم تكن أبداً علاجاً وكل الذين عمدوا إلى فعلها ندموا أشد الندم فيما بعد لأنهم باختصار اختزلوا المراحل العلاجية وأتوها من النهاية بأن ابتدأوا بالضرب وتركوا الوسائل السابقة فما كانت النتيجة إلا خسارة الابن والعلاقات الطيبة معه وفي نفس الوقت لم يجن هؤلاء الآباء الأمنيات التي ظنوا أنهم سيحصلون عليها باتباعهم ذلك الأسلوب القاسي.
والذي يظهر لي أن عملية العقاب والضرب أو الطرد حينما يلجأ الأب إليه ما هي إلا عملية تنفيس وعملية بث للغيظ والحنق الذي أدركه وأتت على كامل جوارحه جراء عصيان ذلك الابن له وعدم امتثاله لأوامره ولم يدرك ذلك الأب المسكين أنه بهذا التصرف وإن انتصر لنفسه على ذلك الابن بهذا الضرب أو الطرد أنه إنما سكب الوقود على النار فلم يزدها إلى اشتعالاً وإلا فإن الحكمة لو كانت حاضرة لديه والتعقل والصبر كانا موجودين معه في سلوكياته لأدرك أن الحكمة لا تقتضي أبداً الضرب لإنسان قد بلغ من السن هذا المبلغ حتى ولو كان هذا الإنسان هو ابناً شخصياً.
نعم نحن ندرك أن بعض الأبناء أو الكثير منهم ممن هم في مثل هذا السن يجلبون فعلاً الهم والنكد بتصرفاتهم الحمقاء وسلوكياتهم الرعناء وأخلاقياتهم الهوجاء ولكن هذا لا يعني مطلقاً أن تقابل مثل هذه السلوكيات السيئة بسلوكيات مماثلة لها في الحماقة أو السوء فالابن قد يلتمس له العذر بحكم الصبابة والمراهقة ولكن المشكلة حينما تأتي من الأب نفسه والذي يفترض فيه وصوله إلى سن الرشد والحكمة ويبتعد كل البعد عن التصرفات الناتجة من لا شيء سوى الغضب والانتصار للنفس من الابن والبعد عن الحكمة والأناة.
وعلى هذا فالواجب الذي أوصيك به هو اتباع ثلاث خطوات هي في نظري من أهم الأمور التي تحتاج إليها في الوقت الحاضر:
أولاً: الابتعاد كلياً عن العنف مع هذا الولد وابحث عن وسيلة أخرى تعبر فيها عن غضبك عليه كالمصارحة مثلاً بأن مثل هذا الأمر يغيظك ولا يعجبك وأنك مستاء جداً من هذا الفعل.
ثانياً: وهي خطوة مقابلة تماماً للنقطة السابقة ومتممة لها في نفس الوقت وهي أن تبني علاقة صداقة وزمالة مع ابنك.. كن صريحاً معه استمع إليه واجلس كثيراً معه وبث إليه مشاكلك وهمومك واجعله في كامل الصورة في ما يتعلق بأمور دنياك وحتى أعمالك ونشاطاتك. واستمع إلى رأيه فيما يعرض عليك من أمور مختلفة.
ثالثاً: الشاب في مثل هذا السن يحب أن تناط به المسؤوليات ليثبت لنفسه أولاً ولمن حوله ثانياً بأنه قادر على حمل المسؤولية فلماذا لا تشركه في حمل عناء الاهتمام بالأسرة، ادفع إليه مسؤولية بعض الأمور التي تحتاج إليها الأسرة وثق به ولا تقلل من شأنه فيها خاصة في الأمور التي لا يحصل من جراء الفشل من القيام بها أي ضرر.
أعانك الله وأصلح ولدك وأولاد المسلمين.(19/53)
ابن أختي مراهق..
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 22-11-1423
السؤال
لدي ابن أخت عمره 16 سنة المشكلة لديه أنه كثير الكذب ويصاحب شباباً ليسوا على خلق حسن ولا يمكن تغييرهم لأنهم الوحيدون الموجودون بجوار منزلنا، والمشكلة الأعظم أنه يسرق المال من أقاربه الموجودين في نفس البيت ليصرفه على ملابسه وسيارته بالرغم من أن أمه تعطيه مصروفاً شهرياً. كيف نتعامل مع مثل هذا الإبن؟
أفيدوني حفظكم الله.
الجواب
الأخت الفاضلة ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أشكر لك تواصلك عبر البريد الإلكتروني لموقع" الإسلام اليوم" سائلاً الله أن يعيننا في اتباع الحق واجتناب الباطل.
أختي الفاضلة إن المعلومات التي أوردتيها عن ابن أختك تعتبر ناقصة لكي يكون التشخيص والعلاج مناسباً للحالة!! حيث أن المعلومات الأسرية ناقصة " أين والده - هل والدته مطلقة؟ هل له أخوة أو أخوات؟ " وكذلك المعلومات الدِّراسية " مستواه الدراسي والصف الذي يدرس فيه وعلاقته بالمدرسة ... " مع أني أستغرب أن يكون بهذا العمر ويملك سيارة مع كثرة المحاذير في هذا الأمر!!! لذا ستكون إجابتي عامة نوعاً ما لعلها تجدين فيها ما يعينكم على مواجهة تلك المشكلة بعون الله تعالى:
أولاً: إن ابن أختك يعيش مرحلة حرجة في حياة كل إنسان إنها " مرحلة المراهقة " هي تمتد من عمر 11 سنة حتى 18 سنة تقريباً ويختلف المراهقون عن بعضهم في اجتياز تلك المرحلة فمنهم من تمر عليه دون أن يحدث ما يكدر حياة الأسرة وتسير حياتهم بشكل هادئ ومريح.
وبعضهم يشعر أهله كأنهم أمام إنسان غريب لم يعرفوه من قبل بطباعه وانفعالاته ورغباته، ويجعل بيتهم كأنه محطة ومعبر لحياته الخاصة بما فيها من ضوضاء وإزعاج للأهل والآخرين من خلال تصرفاته السيئة!!! والاختلاف الذي حدث للمراهق ما بين متزن وغير متزن إنما يعود إلى الحياة التي عاشها في الطفولة فإن كانت حياة الطفولة قد وجدت علاقة طيبة وتعامل مثالي مع الأهل فإن المرحلة تمر بشكل منسجم ومريح وطبيعي!!
أما عكس ذلك فالمشاكل والسلوكيات الخاطئة ستتفجر وتزداد تعقيداً كلما وجدت تعاملاً خاطئاً.
ثانياً: إن حرص ابن أختك على مظهره وعلى سيارته أمر طبيعي حدوثه في هذه المرحلة لأن الاعتناء بالملبس والشكل الخارجي وتزيين السيارة له أثركبير على الهوية الذاتية له، لذلك يجب أن نحذر من أن نوجه له كلمات تقلل من عمله لأن ذلك مدعاة لثوران غضبه وانفعاله وقد يؤدي إلى ضعف الثقة بنفسه!! وزيادة تمرده على الأوامر.
ثالثاً: إن الظاهرة السيئة التي ظهرت على سلوكه وهي السرقة لا شك أنها سلوك غير سوي يحتاج إلى علاج وطرق العلاج تعتمد بشكل أساسي على معرفة الظروف الأسرية الغير واضحة في تلك المشكلة لذا أقترح ما يلي:
1-البحث عن أحد أفراد الأسرة الذين يتمتعون بتأثير قوي على الشاب للمساعدة في تغيير سلوكه الغير سوي إلى سلوك سوي، والتركيز على سلوكه الخاطئ " السرقة ".(19/54)
2- إبعاد الشاب قدر الإمكان عن الرفقة الحالية بكافة السبل لان وجودها في حياته معناه صعوبة تقويمه!!
3- البحث عن رفقة صالحة وإلحاق الشاب معها وتكرار المحاولة بشكل غير مباشر والحرص على ذلك قدر الإمكان.
4-عرض المشكلة على المرشد الطلابي في المدرسة أو أحد المعلمين القادرين على التعامل مع المراهق والتأثير عليه.
5-البعد عن توبيخ الشاب وتوجيه التهم المدان بها أمام أفراد الأسرة لان ذلك يزيد من سلوكه السيئ وحدوث سلوكيات سيئة أخرى لذلك يجب الحرص على النقاش الهادئ المنفرد لبحث ما يريده في مقابل ما سيعمله تجاه نفسه وأسرته وهذا الدور لا بد من قيام كما أسلفت شخص ذو تأثير عليه في إقناع الشاب والتعرف على رغباته ومتطلباته، " العلاج العقلاني "
6-زرع الثقة في نفسه بإشعاره بأهمية وجوده في الأسرة وتكليفه بمسؤوليات تتطلب اختلاطه برجال أكبر منه سناً وأكثر اتزاناً لإكسابه تعاملات مثالية وهذا أسلوب " النمذجة" يستخدم لبناء سلوكيات مرغوبة جديدة وتعديل سلوكيات غير مرغوبة.
7-في حالة الوصول إلى طريق مسدود لعدم وجود أي تحسن في سلوكه بعد عدة محاولات، فيتم اللجوء على أسلوب العقاب السلبي كحرمانه من قيادة السيارة وقطع المصروف عنه!! ومن ثم تهديده بإلحاقه في دار التوجيه الاجتماعي لمحاولة تقويم سلوكه!! وليكن أخر العلاج بعد التحلي بالصبر وبذل الجهد من كافة الأقرباء!!
8- الالتجاء إلى الله الكريم من قبل والديه بالدعاء له بالهداية والصلاح والإلحاح في ذلك وخاصةً في الثلث الأخير من الليل لعل الله أن يصلحه ويهديه إلى الصواب ويجعله قرة عين لوالديه إنه القادر على ذلك!
وبالله التوفيق.(19/55)
والدي يحقرني ولا يرى فيَّ إلا العيوب
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 13/10/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
لولا محبتكم لما راسلتكم، كان لي أخ يصغرني بسنة، وكان مضرب المثل في الخلق ومحبة الناس له والاحترام، وكنت من أقرب الناس له (أسراره - مساعدته -تفكيره-..الخ) والكل يقول أنتم مثل بعض، وكان أبي يرى فيه كل حسن، وكان لا يرى فيَّ غير العيوب، ويهملني ويعنفني أمام الناس ويظهرني بمظهر الغبي في كل تصرف، (أبي غير ملتزم وقالوا له: ولدك هذا يصلي الفجر وأخذ يستهزأ بي) ..قس على ذلك، أخي توفي قبل أربع سنوات، وحزن الجميع وعلى رأس القائمة أبي، أما أنا أكلتها (أقولها بحرقة) ! ولازلت أعاني من ذكريات أخي حتى الآن -رحمه الله-، المشكلة أن أبي يريدني (سوبر مان) . فهو دائم التركيز علي, في كلامي، في نظراتي, في مشيتي, دائم الملاحظة لي بشكل غير طبيعي، حتى في زرار رقبة ثوبي ويقول: (أنت هذا عمرك ما تعرف تزر أزرارك) إذا بداله أمر مهم فإنه لا يعتمد علي؛ لأنني غير جدير بالثقة حسب رأيه،
ولا يعرف كيف يبدأ معي حوار بعكس إخوتي الصغار فالوضع عادي معهم، لا تقل لي ابدأ أنت؛ لأنني لا أتجرأ أصلاً، يستعمل قاعدة: (أنت مذنب حتى تثبت براءتك)
لقد تعبت من هذه الأوضاع كلها، وفضلت عدم الاحتكاك مع أبي كثيراً (مع العلم أنني أدرس بالرياض وهو خارجها) . ماذا أفعل لكي أخفف من هذه الأوضاع الشائكة؟.
الجواب
كم أتمنى أن يردني هذا السؤال من الأب نفسه؛ لأن المشكلة منه هو، والمشكلة التي عرضتها يتعرَّض لها عدد من الشباب، ولا يوجد تبرير منطقي لكثير من الآباء لتصرفهم ذلك، وهم في واقع الأمر يمارسون ما يعرف بـ (الحب المشروط) ، أي عدم تقبل الأب لابنه كما هو، وقد يكون حدث موقف، قد لا يتذكره الابن أو لا يعرفه، تسبب في إيقاد شرارة هذه النظرة.
أجد في عمرك ما يشجعني على تقديم بعض النصائح التي ستجد إن شاء الله أثرها في تقدير والدك لك:
(1) ثمة أشياء تحظى بتقدير واهتمام بالِغَين، من لدن والدك، احرص على أن تتقنها.
(2) اجعل من مشروعاتك القادمة أن تطور نفسك، ليس من أجل والدك، بل من أجلك أنت، وستجد والدك، فيما بعد، مشدوهاً من المستوى الذي وصلت إليه، ويأتي في مقدمة وسائل تطوير الذات التعرف على (أسس النجاح) و (الإلقاء الجيد) الذي يمنحك مهارات في التحدث قد لا تتوقع أثرها الآن.
(3) ألمس في استشارتك نوعاً من (ضعف الثقة) في نفسك، وقد لا تلام على ذلك في ظل الظروف التي مرَّت بك، لكن هذا لا يعني الاستسلام، بل يستدعي تقوية الثقة والشجاعة، وأن تعرف أن لديك إمكانات وقدرات تؤهلك لفعل أشياء مذهلة، وتذكر أن الناس (ومنهم والدك) يثقون في الشخص بقدر ثقته في نفسه.
(4) قد يسيطر على بعض الشباب نوع من الإحباط واليأس، فتذكر أن اليأس لا يصنع شيئاً، ومشكلة المحبط أنه يضخم المشكلة ولا يغتنم الفرصة، ولذلك أقترح أن تجعل من نفسك في حال تحد مع والدك، بأن تقنعه بأن تصوراته عنك غير دقيقة.
(5) أرجو أن يكون في ابتعادك عن والدك سبب في وضوح نموك وتطورك، فإن بعض الناس يستمر في نظرته لابنه أنه ما يزال طفلاً، بحكم المعايشة وعدم ملاحظة فرق النمو، ولكن إذا وجدت فترة غياب فغالباً تكون لصالح وضوح النمو والتغير.
(6) ومع ما تقدم هناك احتمال يغلب على من يشكو من ضعف الثقة، وهو زيادة الحساسية، وبالتالي فليس بالضرورة كل انتقاد أو توجيه هو لون من الازدراء والانتقاص، بل ربما كان في محله، أقول هذا مع قناعتي بصحة توصيفك لحالتك مع والدك على سبيل الاحتياط والاحتمال.
وفقك الله لفعل الخير، ورزقك البر بوالديك، وجعلك قرة عين لهما.(19/56)
كيف نتعامل مع هذا المراهق؟
المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني
مدرس بمدارس رياض الصالحين.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 20/11/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فأنا عندي مشكلة أقلقتني وأقلقت أسرتي كلها هي: أننا في بيتنا منذ فترة بدأنا نفقد بعض النقود وبعض الجوالات وأشياء ثمينة، وبعدها شككنا في أحد إخواني (مع العلم لا يوجد لدينا خادمة) ، وأخذنا منه الأيمان بأنه لم يفعلها واستجاب لذلك، مع العلم أنه توأم مع أخيه الذي يدرس في المعهد ويستلم مكافآت، بينما هو فاشل في الدراسة، وتأخر كثيراً، وحاول أن يدخل المعهد ولم تسعفه معدلاته، وكلاهما في حلقة تحفيظ القرآن، وبعد فترة وجدنا عنده أكثر من مرة نقوداً في جيبه، وعندما نسأله عن مصدرها يقول إنها لصديقه أو من صديقه، مع أن الوالدة لم تقصر معه على حسب الموجود عندها، والوالد أكثر أوقاته مسافر، وأنا الكبير أدرس بعيداً عنهم، أرجو من الشيخ أن يدلنا عن كيفية التعامل مع أخي، وكيف نمنعه من السرقة (إن كان هو السارق؟) مع عدم فقد الثقة فيه وعن الروابط الأسرية، أرجو الرد سريعاً وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
أخي السائل الكريم: عليك أن تعلم أن أخاك يعيش في مرحلة حرجة من العمر، وهي كما يسميها التربويون (مرحلة المراهقة) ، ولذلك لا بد أن تتعامل مع هذه المرحلة بشيء من الحذر الشديد.
إن إنكار أخيك للسرقة - مع عدم وجود دليل قاطع على سرقته - تجعل من الشك فيه أمراً غير مناسب، لأنكم بذلك تجعلونه يفقد الثقة بكم، وأنتم تفقدون الثقة به، وهذا أمر له من التبعات الشيء الكثير، والذي ليس هذا مقام بسطه، والذي أراه في هذا المقام أن تقوموا بأمور:
(1) إخفاء المال والأشياء الثمينة فترة من الزمن، تكون كفيلة بإظهار السارق الحقيقي.
(2) عدم تحسيسه أنه أقل من أخيه التوأم، الذي هو أفضل منه دراسياً.
(3) إشعاره بأن ثقتكم به لم تهتز، حتى ولو ثبت أنه هو السارق.
(4) إعطاؤه ما يحتاج من مصاريف - حسب قدرتكم - بحيث لا يضطر للسرقة.
(5) توفير عمل أو تجارة له إن أمكن - تكون سبباً في بعده عن أكل الحرام، وهو أهم ما يذكر تأصيل وغرس الخوف من الله في نفسه، فهي رأس الخير.
(6) التأكد من سلامة الرفقة التي يصاحبها، وأنهم على مستوى جيد من التدين.
هذه بعض اللمحات الشرعية التي أرى - والعلم عند الله- أنها ضرورية للعمل بها في مثل هذه المواقف. أسأل الله أن يصلح لنا النية والذرية.(19/57)
ابنتي لا تحترمني
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 15/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي ابنة، تبلغ من العمر 15 عاماً، كثيرة المشاكل، وهي تسكن معي في منزل والدي، حيث إنني منفصلة عن والدها، وهو لا يسأل عنها إلا نادراً، وكلما أتناقش معها تبدأ برفع صوتها، وتثور، ثم أقول لها: والله سوف أرسلك إلى منزل والدك؛ كي تقيمي، معه وأنا كثيرة الحلف. فبماذا ترشدوني؟.
الجواب
الأخت الكريمة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إن هناك عدداً من الاستفهامات التي تحتاج إلى إيضاحات حول هل تقصدين بيت والدك أم ولدك؟! ومدى الثقة المتبادلة بينك وبينها، ودرجة علاقتك وتعاملك في ظل ظروف المرحلة التي تعيشها؟ وكذلك ظروف انفصالك عن والدها، وعمرها حين الانفصال؟ ومن يعيش معكم في المنزل؟ لأن التعرف على تلك التساؤلات يساعد على وضع العلاج المناسب لمثل حالة ابنتك، وتعاملها السلبي تجاهك.
أختي الفاضلة: إن علاقة الأم بابنتها تحتاج إلى تفهُّم من الأم لكل مرحلة عمرية تمر فيها الفتاة، وهي علاقة تراكمية يؤثر بعضها ببعض، فمتى ما كانت مرحلة الطفولة مرحلة مساعدة لبناء الشخصية من خلال زرع الثقة بالنفس، والمساعدة على الاعتماد الشخصي، ومواجهة المشكلات وطرق حلها، ويسودها احترام متبادل، وخاصة احترام وجهة نظر الفتاة، وتوجيهها الوجهة السليمة الخالية من التعنت والصراخ، فلا شك أن تلك السلوكيات ستنعكس بشكل إيجابي على سلوك الفتاة، وستخلو مرحلة المراهقة من أي منغصات تؤثر على العلاقة بين الأم والبنت، حينما تشعر البنت بأنها أصبحت في مرحلة تعتقد اعتقاداً جازماً بأنها مسؤولة مسؤولية كاملة عن تصرفاتها، لا ترغب بأي إملاءات، كما كانت تتقبلها في مرحلة طفولتها.
لذلك - أختي الكريمة- إن المشكلة التي تعانين منها من خلال سلوكيات ابنتك هي تبعات لظروف حياتية عاشتها ابنتك في مرحلة طفولتها، وكانت فيها تستجيب للأوامر بالرغم من حالات الإحباط الداخلية من حرمان، وعدم الشعور بالمشاركة الوجدانية، والوحدة وانعدام الصديقات، وغيرها، أدت فجأة إلى الخروج على شكل تمرد وعصيان، والبحث عن إثارة المشاكل بأي وسيلة ترى أنها تسبب الإزعاج لك ولمن حولها!، وكذلك يجب - أختي الكريمة- أن تتفهمي أن التوتر والغضب من الفتاة قد يكون ناتجاً من تجاهلك التام للمتغيرات التي حدثت لها مع دخولها مرحلة مهمة في حياتها، وعدم إلمامك للحاجات الأساسية لمثل عمرها!.(19/58)
هناك مشكلة تعانين منها، ويتطلب منك التخلص من تلك المشكلة، والتي يتضح لي أنك سريعة الغضب، وبالتالي يؤدي بك ذلك إلى كثرة الحلف، مما يساعد على إغلاق لغة الحوار الهادئة إلى لغة الصراخ، وبالتالي التلفظ بكلمات تتعدى لغة العقل، لذلك من المهم - أختي الفاضلة- تدريب نفسك على تمالك أعصابك، والابتعاد -فوراً- عن مكان المشكلة مع ابنتك أو غيرها؛ حتى تهدأ أعصابك، وبالتالي تتصرفين بحكمة مع المقابل مع أهمية السلوكيات التي حثنا عليها المصطفى - صلى الله عليه وسلم- من تغيير الهيئة، والوضوء، وتغيير المكان، وكذلك احرصي على تعويد نفسك على التأني في أمور حياتك الأخرى، كأداء الصلوات، وكذلك في الأكل والتعامل مع الآخرين في الحالات الطبيعية لك؛ لأن الاهتمام بتلك السلوكيات تساعد على تعويد النفس على الضبط في حالة الغضب، وبالنسبة للتعامل الأمثل مع ابنتك، فهناك عدد من الطرق التربوية المناسبة للتعامل مع ابنتك عليك تنفيذها؛ لعل الله أن يجعل فيها الخير لك، ولابنتك، ولأسرتك عموماً:
1- الدعاء لابنتك بالهداية والصلاح، والحرص على ذلك في أوقات الإجابة والإلحاح في ذلك.
2- البعد التام عن الصراخ والغضب لأي تصرف يحدث خطأ كبيراً، بل عليك بالحلم والأناة، والتعامل بحكمة تجاه الخطأ بعدة طرق منها:
أ- تجاهل الخطأ تماماً، وأشعريها بأنك لم تري خطأها، خاصة الأخطاء الصغيرة.
ب- عدم اللوم المباشر للخطأ إن كان كبيراً، وتحري أوقات مناسبة للنقاش حول خطئها بعد أن تشعري أنها في وضع نفسي جيد، كوقت قبل النوم، ويكون بجلسة انفرادية.
ج- تجنب اللوم تجاه الخطأ أمام أحد أفراد الأسرة؛ لأن ذلك مدعاة لثوران البنت والدفاع بأي وسيلة كالصراخ وخلافه؛ تعبيراً عن رفض الأسلوب. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه" رواه مسلم (2594) من حديث عائشة-رضي الله عنها-.
3- المراهقة تحرص كثيراً على مظهرها الخارجي بشكل غير عادي، ولهذا المظهر والاهتمام أهمية كبيرة على شخصيتها، لذلك عليك عدم تأنيبها العلني لتصرفاتها، وهذا قد يكون من أسباب ثوران وغضب المراهقة.
4- أكثري من الجلوس مع ابنتك ومدح الإيجابيات التي تمتلكها، حتى ولو كانت صغيرة، والحرص على مدحها أمام الأسرة؛ فتلك من الطرق المناسبة للتقرب إليها أكثر، ولإشعارها بأهميتها عندك.
5- أشركيها في بعض الأمور الخاصة بك، وكذلك في أمور الأسرة، واطلبي رأيها حتى ولو لم تأخذي به، وتعاملي معها كصديقة، لا كبنت تمارسين معها دائماً دور الموجِّه والمصوب لأخطائها دائماً.
6- أهمية أن تشعري بحاجة ابنتك للقبول؛ لأنه مطلب نفسي واجتماعي، ولا يمكن أن يستغني عنه أي إنسان، فمن ذلك تأتي أهمية تقديرها واحترامها، ومساعدتها على فتح صفحة صداقة معها تنفذي فيها ما يحدث بين الصديقة وصديقتها.
7- تجنبي مقارنتها بقريباتها، وبأنها أقل منهن اهتماماً واحتراماً لوالدتها، أو في سائر الأمور الحياتية.
8- ابتعدي تماماً عن التهديد والوعيد، كإرسالها لمنزل والدها؛ لكي لا تغرسي داخلها كره والدها من خلال ربط العقوبة بذلك.(19/59)
9- ساعديها في إشغال وقتها بما ينفعها في دنياها وآخرتها، من خلال تشجيعها على دراستها، وزيارتها في مدرستها، والالتقاء بمعلماتها ومدحها أمامهن، وبسلوكها في المنزل، وكذلك شاركيها بالالتحاق بأحد الدور النسائية المنتشرة ولله الحمد- في هذه البلاد الطاهرة، وكوِّني معها صداقة حميمة تزول فيها حواجز وهمية قد أوجدتيها من خلال تعاملك الجاف معها.
10- احرصي على أن تكون صديقاتها من النوعية الطيبة، واللائي يساعدنها على السمو بأخلاقها، واهتمي بدعوتهن لزيارتها في المنزل والتواصل معهن دائماً.
11- تعرفي على صديقاتها في الفترة الحالية من خلال مصادر، بحيث لا تشعر بذلك؛ فإن كن طيبات فعززي تلك الصداقة، وإن لم يكن فحاولي بطريقة غير مباشرة قطع علاقتها معهن بالتدرج عن طريق التقليل من الزيارة والالتقاء والتوجيه من قبلك، أو من قريبات لهن تأثير قوي عليها بطريقة تربوية مناسبة.
12- لا ترسمي داخلها صورة سيئة لوالدها وأخواتها من الأب إن وجد؛ فالخلاف بينك وبين والدها لا يجب أن ينتقل للأبناء؛ فهي في حاجة لوالدها، كما هي في حاجة ماسة إليك، لذلك نمي في داخلها الحب والتقدير لوالدها، ووجهيها للقيام بزيارته أسبوعياً، وأشعريها بأهمية صلة الرحم وعظمه في الإسلام.
أسأل الله العظيم أن يحفظ لك النية والذرية، وأن يعينك على تربيتها، ويقر عينك بصلاحها، وأن يجعلنا وإياك هداة مهتدين صالحين مصلحين، إنه جواد كريم. والله أعلم.(19/60)
حائرة مع بناتي..!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 25-4-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته:
فضيلة الشيخ أنا أم أقوم بتربية بناتي وهن الآن في سن المراهقة لكني أواجه معهن صعوبات كبيره في التعامل حيث أن إحداهن ذات شخصيه جريئة جدا ولا اشعر أن لديها الحياء المطلوب وكثيرا ما ترد على باسلوب قوي واكتشفت أيضا أنها تتحدث مع بنات في مثل سنها تقريبا عن أمور لا يجب الخوض فيها مثل أمور الزواج وعن الشباب وهكذا 00
وأنا خائفة عليها جدا وقلقه كثيرا لاني لا ادري كيف أتعامل معها وماهو الأسلوب الصحيح لإيقافها عند حدها هل يكون بالمصارحة والشدة مثل الضرب أم بالتفاهم والحوار..؟! مع اني أخشى إن فاتحتها وتحاورت معها بهدوء أن توهمني بأنها مقتنعة وهي غير ذلك وان تأخذ الموضوع بعد ذلك بصورة عادية وتتمادى اكثر على اعتبار اني على علم بالموضوع فهي ذكيه جدا وتفكر بطريقه تجعلها تأخذ الأمور دائما في صالحها..!!
واما أختها الأخرى فهي على العكس فلقد كانت خجولة ولا تتكلم باسلوب غير مهذب وكتومه أيضا ولاتعطي أسرارها الا لأخواتها لكنها بدأت تتشرب من أختها بعض الصفات فبدا حيائها يقل وخاصة في الملابس والخوض في الكلام في بعض المواضيع التي ذكرتها سابقا 0فارجو منكم مساعدتي بنصائح عاجله لأنني أخاف من تطور الأمر إلى ما لا تحمد عقباه.
الجواب
أختي الكريمة أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبسا علينا فنضل..أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولا: لم تذكري لي شيئا عن والدهما..! وهل هو موجود في المنزل أم لا..فدور الوالد مهم جدا في مثل هذه الأمور.
ثانيا: أما بالنسبة للتعامل مع ابنتك الأولى وتجاوزاتها التي ذكرت.. فلا شك أن التفاهم والحوار مطلب وضروري في البداية ويمكن أن يكون بشكل عام تعتمدين فيه على التلميح بدل التصريح..وتنتقدين بعض التصرفات والكلمات التي تمارسها دون أن تعرف بأنك قد اطلعت عليها..!!
ويمكنك كذلك انتقاد بعض الفتيات ((التافهات)) ..!! وتذكري بعضا من سلوكياتها..مع إشعارها بنوع من الثقة واستشارتها ببعض الأمور لإشباع ذاتها فهي في سن تبحث فيه عن ذاتها وتحاول أن تلفت الانتباه إليها وتبني شخصيتها..ولذلك فمتى ما شعرت بذاتها فإن كثيرا من هذه التصرفات سيخف شيئا فشيئا.
ثالثا: من المهم جدا عدم التساهل في بعض أنواع الملابس وبيان أنك لن تقبلي بها تحت أي مبرر لأن ذلك يعني إغلاق هذا الباب..! الذي لو تركتيه مفتوحا فسيدخل من خلاله الكثير..الكثير من الأمور المؤسفة!! والحزم هنا إذا لزم الأمر مطلب ضروري.. ويمكنك الاستعانة بوالدها مثلا أو بأحد أعمامها أو أخوالها.. لأن شعورها بأنها ((حرة)) تفعل ما يحلو لها.. سيجلب لها ولكم الكثير من المشكلات وربما الفضائح لا قدر الله!! ومن تساهل بالصغيرة جاءته الكبيرة..!! كما يقال.(19/61)
رابعا: أقترح عليك توفير بعض المجلات الهادفة كمجلة (الأسرة) ومجلة (حياة) ومجلة (الشقائق) في المنزل لكي يطلعن عليها.. وعدم توفير بعض المجلات الساقطة التي تركز على الإثارة الرخيصة.. وتلمع أصحاب الفن الهابط..!! لآن المراهقين والمراهقات لن يفرقوا بين الغث والسمين.. وقد يتأثرون ببعض ما يطرح ويقلدون بعض هؤلاء ((المأزومين)) !!! وجميل لو ناقشتي وإياهن بعض ما تذكره تلك المجلات الهادفة وتبادلت معهن الرأي حوله..وشجعيها هي وأخواتها على القراءة الحرة.. والفتي انتباههن إلى الأهمية الكبيرة في اختيار الجليس.
خامسا: هناك كتيبات وأشرطة تتحدث عن نعيم الجنة وعذاب النار..فتوفير مثل ذلك سيجعلها هي وأخواتها يستشعران هذه الحياة على حقيقتها وأهمية الاستعداد للآخرة وعدم الانخداع بالدنيا.. ولا يعني ذلك الزهد بكل ما في هذه الدنيا.. بل الاستمتاع بجميع المباحات من مأكولات ومشروبات وملابس وإكسسوارات..ولكن ((التحفظ الكبير)) هو عن الانسياق في الإثم.
سادسا: لو جعلت لهن برنامجا يوميا أو أسبوعيا لدخول المطبخ والتدرب على بعض الأطباق وتجهيزها..وما إلى ذلك لزرعت لديهن الثقة في النفس..وتحمل المسؤولية..والجدية والبعد عن التفاهة!!
سابعا: وقبل هذا وبعده.. عليك بصدق الالتجاء إلى الله بالدعاء بأن يصلحهن الله ويحفظهن من كل سوء.. وأن يقر عينك بصلاحهن وتوفيقهن.
وفقك الله وحماك من كل سوء وسدد على طريق الخير والحق خطاك،،،(19/62)
ابني والإنترنت
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 16/3/1425هـ
السؤال
عندي ولدي الأكبر يبلغ من العمر سبعة عشر سنة، ويخرج من المنزل ليلا، ويرفض إخباري إلى أين يذهب، وبعد مدة اكتشفت أنه يذهب إلى مقهى الإنترنت, علماً أن البيت ولله الحمد لا يوجد فيه تلفزيون ولا غيره، فماذا أفعل له؟ (تعاملت معه بعدة طرق ولكن دون فائدة معه) ، هل أمكنه من التعامل مع الإنترنت، وهو يريد المواقع المحرمة (غير الإباحية طبعا) الله يهديه، أم يخرج إلى المقهى (غصباً عني؟) دلوني على الطرق في التعامل معه. جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخ الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكر لك ثقتك وتواصلك الإلكتروني مع موقع الإسلام اليوم، سائلاً الله -تعالى- أن يصلح لنا ولك النية والذرية، وأن يرينا وإياك الحق حقاً، ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً، ويرزقنا اجتنابه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أخي الكريم: من خلال قراءتي لاستشارتك وإشارتك أنك استخدمت عدة طرق، لا أدري ما هي تلك الطرق ولم توضحها، ولكن سأجيب عليك بقدر ما ورد في استشارتك، وسأبين لك بعض النقاط المهمة؛ لعل الله -تعالى- أن تجد فيها ما يعينك على فتح صفحات جديدة مع ابنك حفظه الله لك ورزقك برّه.
أخي: إن المرحلة التي يعيشها ابنك هي مرحلة المراهقة، فهي مما لا شك فيه مرحلة تتميز بالقلق وعدم الاستقرار والمعاناة الذاتية، وتبرز خلالها محاولات من المراهق لإثبات الشخصية وقدراتها، وتأكيد الهوية الفردية، والصفات الخاصة التي يملكها المراهق أو يتمنى امتلاكها.
وما تمرّد الأبناء المراهقين على من حولهم هو نتاج وانعكاس لنوع المعاملة تجاههم، فالتعامل المثالي معهم واحترام شخصياتهم واستشارتهم، وتحميلهم مسؤوليات تجعل العلاقة رائعة مع من حولهم خالية من الصراع المتبادل؛ بعكس التعامل بطريقة أفعل لا تفعل، فهي طريقة لا يحبذها المراهقون من الأقربين، فهي تجعل العلاقة يشوبها الشد والرفض والتمرد، وهو أمر طبيعي لا يلام فيه المراهق نتيجة قلة الخبرة والتجربة، وحاجتهم إلى فهم شخصياتهم واحترامها.
ما سبق مقدمة مختصرة جداً لحال المراهقة، وسأورد لك بعض النقاط التي أتمنى أن تعينك، ولا أدعي فيها الكمال:
أولاً: الدعاء الصادق دائماً وتحرّي ذلك في أوقات الإجابة بأن يهديه، ويصلحه، ويقيه الشر، وأهله، وهي لا شك أنها نقطة لم تغفل عنها، ولكن ذكرها من باب الذكرى.
ثانياً: إن اهتمام ابنك بالإنترنت وهو اهتمام يحتاج إلى التوجيه والتشجيع، وأنت تريد حرمانه منها بقصد حفظ وقته وفكره من الانحراف، مما أوجد صراع بينكما مما تسبب بأن يخرج في أوقات غفلتك لإشباع رغباته، لذلك أسألك ما المانع من اقتناء جهاز حاسب آلي ووضعه في مكان عام داخل المنزل وتقديم اشتراك سواء بالساعة أو الشهر كهدية لابنك ليمارس هوايته أمام ناظريك ومع التشجيع له بتكوين مكتبة لعدد من العلوم والمعارف تكون مأخوذة من الإنترنت.(19/63)
ثالثا: اطلب المساعدة من المدرسة من خلال المرشد الطلابي أو أحد المعلمين المحببين لابنك لكي يكون هناك متابعة لنوعية زملائه الطلاب وكذلك تكليفه ببحث الكثير من الموضوعات النافعة من الإنترنت وكذلك بتكليفه بأعمال خاصة يكتبها الابن في المنزل.
رابعاً: تقرب أكثر لابنك من خلال المشورة في شؤون المنزل وتكليفه بترتيب زيارات ورحلات خاصة للعائلة.
خامساً: ساعد ابنك على تكوين رفقة حسنة واطلب منه استقبالهم بالمنزل وابتعد عن الرقابة المركزة؛ لأن المراهق شخصية حساسة جداً لكل تصرف يحدث من الأقربين له.
سادساً: تجنب تعنيفه أو الاستهزاء بأي تصرف قد يحدث منه، وتعامل مع ذلك التصرف بتجاهل تام في البداية على أن تقدم له النصح والتوجيه في وقت آخر، وقدم له رأيك حوله: لو كان تصرفك تجاه هذا الموقف هكذا أليس ذلك أفضل؟.
سابعاً: يجب أن تدرك أن ابنك لا يعيش في عالم معزول عن الآخرين فهو يرى ويدرك ما يتمتع به أقرانه، فهو في حاجة ماسة لإشباع رغباته، تتنازل عن بعض قناعاتك بحيث لا تكون ذات تأثير كبير على سلوكه وعن طريقها تتقرب إليه أكثر لتكوِّن صداقة معه، يتحدث معك بكل أريحية لا خوف ولا رهبة!، وحتى لا يلجأ إلى غيرك قد يكون سيئاً فيسوء معه، لذلك ابتعد عن تأويل أخاف إن فعلت كذا حصل له من ذلك انحراف عقدي وفكري.
ثامناً: تحدث معه بصدق عن مخاطر النظر إلى الصور المحرمة وسماع الأغاني وشرب الدخان وتناول المخدرات واللواط، واجعله في صورة واضحة، فتلك الطريقة من أفضل الطرق التربوية للتحاور مع الأبناء وتبصيرهم بالطرق السيئة لكي يرسم في داخله خطوطاً حمراء يجعلها نبراساً له في حياته.
ووضح له سبب تقديمك جهاز الحاسب والاشتراك في الشبكة العنكبوتية وإنها بهدف تنمية ثقافته وإطلاعه على كل جديد ومفيد، وشاركه الإطلاع وشجّع قدراته، وتعاقد معه على وقت محدد للإنترنت ووقت للمذاكرة ووقت لقضاء حوائج المنزل، واحرص على تحديد وقت إغلاق الجهاز ليلاً بالاتفاق معه، وتدرج معه في ذلك. حفظ الله لك أبناءك وجعلهم قرة عين لك ولوالدتهم.(19/64)
ابني انخفض مستواه
المجيب جماز عبد الرحمن الجماز
مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 19/04/1425هـ
السؤال
عندي ولد يبلغ من العمر 15 سنة، وكان متفوقاً دراسياً، ويحصل على المراكز الأولى، ولكن الآن انقلبت الموازين وبدأت درجاته تتدنى شيئاً فشيئاً، ولا أدري لماذا؟! مع العلم كان ينافس المتفوقين سابقاً على المراكز الأولى، وأيضاً أن أمه مدرسة، وتطبق عليه اختبارات ذكاء، وكانت تهتم به لدرجة كبيرة، وتتابعه كصديق له، وأنا ضابط في الجيش، وكنا نوفر له كل شيء ونحفزه للتعليم بمحفزات، حتى صعقنا بدرجاته ومستواه المتدني جداً، والآن أطلب خطوات علاجية لحل هذه الظاهرة في أسرع وقت. وشكراً جزيلاً لكم.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وبعد:
فهذه المشكلة يجب تشخيصها، هل هي بسبب واضح يمكن تلافيه وعلاجه، مثل عدم المذاكرة أو انشغاله بصوارف معينة (رحلات - تنزهات- إمضاء الأوقات في مشاهدة أو قراءة أو سماع أشياء أخرى - رفقة دائمة - خروج من المنزل - أعباء وتكاليف اجتماعية - أذى وتحرشات من آخرين- وقوعه في معصية معينة ... ) ، أو بسبب غير واضح مع وجود مؤشرات، تدل على أنه قد يكون مصاباً بعين نظراً لتميزه وتفوقه دراسياً على أقرانه، وما يصاحب ذلك من كثرة الكلام حوله من معلمين أو طلاب أو أقارب أو نحوهم، ومن هذه المؤشرات التي يستدل بها ما يلي:
1- عدم رغبته في مذاكرة الدروس وحل الواجبات أو لا يستطيعها.
2- عدم رغبته في الذهاب إلى المدرسة.
3- حزنه وتخييم ضيق الصدر عليه إذا ذكر المدرسة أو ذكرت عنده.
4- كرهه المفاجئ لبعض الطلاب أو المعلمين أو الأقارب أو حتى الهروب من مجالستهم وافتعال الأسباب لعدم الرغبة في الحديث معهم.
5- سروره وفرحه إذا انتهت فترة الاختبارات مثلاً أو إذا انقضت الدراسة وبدأت الإجازة مثلا أو حتى في جو المدرسة وتبعاتها.
6- التغير المفاجئ في السلوك والتصرفات مع والديه أو أحدهما أو إخوانه.
7- حُبُه للعزلة والانفراد وعدم الاجتماع مع ما يصاحب ذلك من تفكير طويل وشرود ذهن، وهذه المؤشرات قد تكون كلها أو بعضها أو واحداً منها بدرجة قوية أو ضعيفة، وفي هذه الحالة تستخدم له الرقية الشرعية.
وهناك أمران:
الأول: ينبغي أن تقوم والدته بالحوار مع الولد؛ لأنها أقرب منك إليه، وتعرف أسباب ما هو فيه، وتستدرجه حتى تصل إلى الحقيقة، - بداية المشكلة ووقتها وطبيعتها-.
الثاني: ينبغي لك أن تقوم بزيارة مَدرسته ومحاورة المرشد الطلابي أو الأخصائي الاجتماعي عن سبب تدني مستوى الولد، فقد تكون المشكلة من معلم أو طالب تعرض أحدهما له بتهديد أو أذية، أو مشاركته في بعض البرامج والأنشطة، وهو لا يستطيع معهما موازنة أموره ومتابعة دروسه.
وهذه لا شك كفيلة في إشغاله عن تفوقه الدراسي والاستمرار فيه، وفي مثل هذه المشكلة ينبغي توفير الحماية له؛ وذلك بربطه برفقة صالحة طيبة تعينه على أمر دينه ودنياه، وتحفظ له أمره وحتى نقله إلى مدرسة أخرى قد يفيده ذلك، وأما إذا تبين لكم غير ذلك وأنه قد يكون مصاباً بعين، فاستخدموا له الرقية الشرعية إذا لم تعرفوا من عانه؛ لأنه إذا عرف من عانه فالأفضل أن يؤخذ منه سبب، وإلا يرقى (يُقرأ) عليه بعض الآيات والدعوات من قبلك أو من أمه أو من أحد أقاربه، فإذا لم تعرفوا فعليكم بأهل العلم والفضل والصلاح تذهب إليهم، وبرفقته جواب عن سؤال في الرقية، للاستفادة منه.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.(19/65)
أختي والمرَاهَقَة
المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 2/05/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا شاب ملتزم والحمد لله. لكن أختي -وهي مراهقة في الرابعة عشرة من عمرها-تقوم بالعديد من المعاصي، فهي لا تطيع والديَّ، وتكره الصلاة، كما أنها تحب التبرج، وكلما حاولت نصحها لا تعيرني اهتماماً، بل إنها صارت تكرهني، وتتهرب مني. كما أن والديَّ لا يحاولان إرشادها إلى الطريق السوي، بل يكتفيان بضربها أحيانا وزجرها أحياناً أخرى، وكلما حادثت والدتي في هذه المسألة تقول لي: إن أختي لا زالت صغيرة السن، لكني أخاف عليها أن تتعود على المعاصي، حيث يصعب أن تعود إلى الجادة، كما أني مقتنع أن العقيدة الصحيحة يجب أن تغرس منذ الصغر، أرجو أن ترشدوني إلى الصواب.
وجزاكم الله عني خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولاً: لا تقل أنا شاب ملتزم، بل شاب مستقيم (ولا تقل ملتزم) ؛ لأن الله قال: "فاستقم كما أمرت"، والنبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "قل آمنت بالله ثم استقم"، فأهنئك على الاستقامة، وأسأل الله أن يثبتك على الخير ويحفظك.
ثانياً: أن للمراهقة تعاملاً خاصاً؛ فالمراهق يعيش فترة حرجة تحتاج ممن يعيش معه أن يراعي مشاعر المراهق ويعتني بها، فهو بحاجة إلى الرفق والتشجيع على الأمور الإيجابية، وعدم العقاب الكثير والمستمر على الأمور السلبية.
فإن العتاب يولِّد لديه كراهية المعاتب، والسعي لمعاندته، ولا يساعد على تهذيب سلوكياته. فالذي أوصي به -لإصلاح حال أختك- ما يلي:
(1) تشجيعها والثناء عليها كلما نفَّذت عملاً طيباً، والإكثار من الثناء عليها أمام الآخرين.
(2) غض الطرف عن هفواتها ومخالفاتها، وعدم تصيُّد أخطائها بل الصبر عليها.
(3) إحضار الهدايا لها.
(4) إشراكها في المناقشات، وأخذ رأيها في بعض الأمور.
(5) ذكر أخبار المستقيمات أمامها بطريقة غير مباشرة؛ حتى لا تفهم أنها موجهة إليها.
(6) لا تحاول نصحها أمام أهلها أو أحد منهم، وإن حصل النصح ممن هو أكبر منك؛ فهو أفضل وأكثر تأثيراً، ولكن على ألا يكون دائماً ولا مباشراً باستمرار.
(7) يكلفها الأب والأم بأعمال منزلية، كإصلاح بعض الأطعمة تشجيعاً لها وزرعاً للثقة بها.
وسترون -بإذن الله- تحسناً في أخلاقها، واستفادة من وسائل العلاج هذه، حتى تتخطى هذه المرحلة. والله الموفق.(19/66)
التربية الجنسية للأبناء
المجيب د. عبد اللطيف الحسين
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 7/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
ما هي الطرق المثلى لتربية الأبناء تربية جنسية صحيحة؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
التربية الجنسية هي تعليم الأولاد وتوعيتهم بقضايا البلوغ والغريزة والزواج، حتى إذا شبوا وكبروا عرفوا ما يحل لهم، وعرفوا ما يحرم عليهم، وأصبحوا متمثلين الأخلاق الإسلامية في سلوكياتهم.
إن علماء التربية والأخلاق يعدون مرحلة المراهقة هي أخطر المراحل في حياة الإنسان، فإذا عرف المربي كيف يربي الولد، ويحسن توجيهه وملاطفته كان ذلك توفيقاً وسداداً بإذن الله - تعالى -.
ولا شك أن الأولاد إذا بلغوا وشبوا عُلِّموا آداب الاستعفاف إذا لم يقدروا على الزواج، ويجب على الآباء والأمهات أن يتخذوا الأسباب والوسائل التي تجنب الهياج الغريزي، والإثارة الجنسية، حتى ينشأوا صالحين وفضلاء، ولمزيد من الإفادة وبعدا عن التطويل في جانب التربية الجنسية وأثرها على الأبناء في مرحلة البلوغ آمل الرجوع إلى كتاب: (يا بني لقد أصبحت رجلاً) لمحمد بن عبد الله الدويش، من صفحة 27 إلى صفحة 42، ففيه تنبيهات قيمة لمعالجة قضية الشهوة لدى الأبناء بأسلوب سهل وميسَّر.
أسأل الله العلي القدير أن يحفظ أولاد المسلمين من شر الفتن والشهوات المضلات.(19/67)
تعلق الفتاة بمهاتفة الشباب
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/مشكلات المراهقين
التاريخ 23/8/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز للفتاة التحدث مع شاب عبر الهاتف ولكن في حدود الأدب والاحترام سواء أكان قريباً أو غريباً؟
لأنني بطبعي أحب التحدث معهم، ولكن مع الذي فعلاً أحس أنه محتاج لمساعدة في حل مشكلة ما، أو للذي يريد التحدث وإخراج الهم أو الكلام من داخله، فعادة عندما أتحدث مع شاب فإما أن يكون الكلام بيننا هو كيف الحال؟ والصحة والأخبار؟ أو مثلاً يقول لي إنني تعبان وأريد التحدث معك لأنني فعلاً أحب الاستماع لمشاكل الناس ومشاركتهم فيها وتقديم الحل لهم إن استطعت، سواء كانوا شباباً أم شابات، ولكن الشابات أكيد تجوز محادثتهن، ولكنني محتارة فيما إذا كان يجوز ذلك مع الشباب أم لا؟ ونحن نعلم أن البنت إذا كانت تحب شخصاً (علاقة حب) فإنها تكلمه عبر الهاتف، فهل يجوز لها ذلك (حتى وإن كان الأهل يعلمون بذلك) ؟ أرجو التفصيل في الرد أيضاً على هذا السؤال.
الجواب
أولاً أريد أن تعلمي أن الإسلام حصر العلاقة التي تكون بين الرجل والمرأة، فهي إما أن تكون إحدى محارمه، أو تكون زوجته بالعقد الشرعي، أو أن تكون غريبة عنه؛ - أقصد غريبة أي ليست من محارمه، حتى لو كانت بينهما قرابة، فهنا لا بد أن تكون العلاقة في حدود الأمور الضرورية، وأن تحاط بالأدب والحشمة والحياء، وعدم تليين الكلام أو التباسط غير المقبول فيه، وعدم الخلوة، وحينما وضع الإسلام هذه الضوابط راعى الجوانب الفطرية في النفس البشرية، والمتمثلة في ميل الذكر للأنثى والأنثى للذكر، وأن هذا الميل في ظل غياب الضوابط ربما ساق إلى علاقة محرمة، ولو كانت بدايته بريئة كما يقال!.
ولذلك يقول الله جل وعلا "فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً" [الأحزاب: من الآية32] ، ويقول عليه الصلاة والسلام "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما" أخرجه الترمذي (2165) من حديث عمر - رضي الله عنه - وقال حديث حسن غريب وصححه الألباني.
إذن فحديثك مع الشباب في الحالة التي ذكرت - حتى وإن كان محاطاً بالأدب والاحترام لا يحل أبداً، فنحن إذا اطمأننا من جانبك وأنك ولله الحمد نقية القلب بعيدة عن التفكير في الحرام، فليس معنى ذلك أن الشاب في مثل حالتك، بل ربما كان حديثه معك باباً من أبواب الشيطان عليه فتكوني قد ساهمت في انحرافه.
كما أن المؤمن مهما بلغت قوة إيمانه فلا يصح أن يأمن الشيطان على نفسه، وأن يثق بنفسه ثقة زائدة تجعله يغفل عن هذا العدو، والذي أقسم على إضلاله وغوايته منذ أن خلق الله عز وجل أبانا آدم عليه السلام، وكم سمعنا وقرأنا عن قصص بعض الصالحين الذين استطاع الشيطان أن يضلهم.(19/68)
ولذلك أنصحك بالحذر من التمادي في مثل هذه المكالمات، وأن تقطعيها مباشرة، وإذا كنت تشعرين أنك تملكين القدرة على تفهم المشكلات وحلها فمن الممكن أن يكون ذلك عبر المواقع المأمونة على الإنترنت التي تضع زوايا خاصة للاستشارات، بحيث تشاركين في الإجابة عما يعرض من المشكلات، وأن تقصري المكالمات الهاتفية على بنات جنسك فقط.
بقي أن أشير إلى قولك (ونحن نعلم أن البنت إذا كانت تحب شخصاً (علاقة حب) فإنها تكلمه عبر الهاتف فهل يجوز ذلك) ؟
الجواب: بالطبع لا يجوز، لأن خطر هذه الحالة أعظم، ولكن أود أن أوضح لك أن الكثير من الشباب - ذكوراً وإناثاً - قد اختلط عليهم مفهوم هذه الكلمة (الحب) ، وذلك بسبب وسائل الإعلام الهادمة، إذ أصبحوا يبررون نزواتهم وانحرافاتهم بها، بينما الحب الحقيقي الذي يقوم على العطاء والبذل وبناء المستقبل، ومواجهة أعباء الحياة بعيد كل البعد عن واقعهم.
أسأل الله أن يعصم قلبك وأن يوفقك لطاعته.(19/69)
أخي المراهق ... أرهقنا!
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 02/05/1427هـ
السؤال
مشكلتي مع أخي الصغير فهو مهمل وغير مبالٍ بمستقبله، ويحب أن يقلد الفاشلين يتظاهر بالبراءة أمامي وهو إنسان كذوب، أنا في الحقيقة أخوه الأكبر وأنا أستمع للغناء ولكن لا أستمع إليه أمامه، ولا أمام إخوتي وأهلي، مع أنهم يعلمون ذلك لكن أفعل هذا احترامًا لهم، قال لي أحد الأصدقاء: كن صديقاً ديمقراطيا مع أخيك، دعه يفعل ما يشاء أمامك أفضل من أن يفعله من خلفك، وأنكر عليه ولكن لا تكن مزعجاً فينفر منك، هو يعصيني ويمشي مع أولاد أخلاقهم سيئة، وأتاني خبر بأنه يدخن، وينظر للأفلام الإباحية في الجوالات! علماً أن إخوتي -ولله الحمد- يهتمون بالحلال والحرام، ويحرصون على الابتعاد عن المنكرات، ما العمل؟ علماً أن عمر أخي 16 سنة.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً بارك الله في فيك رغم صغر سنك على استشعارك لمسئولية الأخوة، وحرصك على مستقبل أخيك وتقويم سلوكه.
أخي الحبيب أنت تدرك أن أخاك في سن المراهقة، وهذا السن هو أول أزمة يمر بها الإنسان في دورة الحياة الاجتماعية والأسرية بل أخطر تلك الأزمات، وتتميز هذه المرحلة بكثير من الخصائص والممارسات، لاعتبارات كثيرة لعل من أهمها عدم اكتمال النمو والنضج النفسي والعقلي والاجتماعي والانفعالي لمن هو في هذه المرحلة، مما يجعل المراهق شخصية لا تطاق في كثير من بيوتنا لصعوبة التعامل معه إذ هو يتصف بالعناد، والتمرد، وصعوبة الإقناع، والرغبة في الانفراد بالرأي، والتسرع، والمجازفة، وغيرها الكثير والكثير من السلوكيات والخصائص فكثير مما يمارسه المراهق في ظل غياب الرقيب الأسري تحز في النفس كثيراً، بل إن ما انتشر الآن من ممارسات من بعض المراهقين -هداهم الله- ليعطي مؤشراً خطيراً على أبنائنا ممن يمرون بهذه المرحلة، والدراسات التربوية والنفسية والاجتماعية كثيرة جداً في هذا المجال، بل أصبحت المراهقة حقيقة علمية في مختلف المجتمعات لا يمكن تجاهلها، بل تكاد تتفق خصائصها في كل مجتمع.
وتعاملنا مع المراهقة لا يعني إطلاقاً القضاء على كل سماتها وسلبياتها، بل نحن دائماً ومن خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية نسعى للتقليل من تأثيرها وأن يتجاوزها الابن بسلام، في ظل توافق كبير بين الوسائل التربوية والإجتماعية التي تقوم بها كل مؤسسة من مؤسسات التنشئة الاجتماعية.
لذلك أقول لا تعطي الموضوع حجماً كبيراً فيصعب حله، ولا تهمله فيستفحل خطره، فأخوك في هذه المرحلة لا تستطيع أن تعرض عليه كل ما تريد، فمثل هذا الطلب قد يكون متعذر جداً، ومنعه من أصدقائه وزملائه دون تعويض أيضاً صعب، فأنت لا تستطيع سجنه في المنزل وعزله، خاصة وأن وسائل الاختلاط بين الأصدقاء تطورت كثيراً من خلال التقنية الحديثة، فقد يجتمعان في غرفة واحدة، بينما كل منهم في منزله. لذلك عليك القيام بعدة إجراءات تعيد تنظيم علاقتك بأخيك وتعويضه ببرامج إيجابية لما يمكن أن يفقده من جراء ابتعاده عن زملائه.(19/70)
عليك بمتابعته في المدرسة بطريقة لا يشاهدها ولا يشعر بها، مثل مشاركتك مع مرشده الطلابي في المدرسة.
اسع في نقله من المدرسة إذا كان معظم أصدقائه يدرسون فيها. ثم أين دور والدك؟ فإذا كان قد توفي، فأين دور أخيك الأكبر؟ لأن فقدان القيادة الأسرية قد يكون أسهم في انفراط سلوكه. فالأسر السوية هي التي يكون لديها قائد له وضعه واحترامه لدى جميع أعضاء الأسرة، كذلك يجب مشاركة أخيك في برامج لشغل وقت الفراغ، فمن الممكن أن يلحق بدورات تدريبية، أو أنشطة طلابية منضبطة، وللأسف كثيراً ما نضع آمالاً وأحلاماً لأبنائنا إلا أننا لا نبذل الجهد الكافي لتحقيقها. فكم من مراهق وأسرته طيبة إلا أنه لم يكن كذلك، فأمور التربية والتوجيه لا يجب أن تعتمد على الجانب الوراثي، فالإنسان كثيراً ما تكون شخصيته البيئة المحيطة.
أنصحك بالإسهام في إعادة الرقيب الذاتي لأخيك، وهذا يحتاج منك بذل الجهد لبناء علاقة وثيقة بينكما، خاصة وأن الفرق العمري بينكما ليس كبيراً، وقد يكون لأسلوبك في فرض رؤيتك أو قرارك على أخيك دورٌ في تمرده عليك، انزل لمستواه بطريقة حكيمة، حتى تعرف الكثير عن عالمه، أعد شريط ذكرياتك إلى ما كنت تمارسه من سلوكيات عندما كنت في نفس سنه حتى تقيم الضغط الذي كان يدفعك لممارسة سلوك سرعان ما تندم عليه، وأنت أخي الحبيب كما تقول لا زلت تجني ثمرة غياب التوجيه في استمرارك لسماع الأغاني وفي الخفاء، وهذا أيضاً خلل، فأين الرقيب الذاتي لديك، وهل من حرم الغناء هم البشر أم أسرتك.
لا أريد منك أن تيأس، اركب الطريق وابدأ الخطوة الأولى وركز في البدء على مرحلته الدراسية، لأنه الآن على ما يبدو في بداية المرحلة الثانوية، وهذه قمة ضغط المراهقة خاصة وأنه في بداية النمو والتغير البيلوجي لدى المراهق، والتي يحتاج فيها لمن يكون قريباً منه لتوجيهه التوجيه السليم، بدلاً من أن يبدأ في استشارة المراهقين أمثاله، وأنت بالتأكيد تعرف ما أقصده.
أسأل الله العلي القدير أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يعيد أخاك لطريق الحق، وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله عز وجل أن يشفيك، وأن يوفقك لعلم الخير، وأن يعود الوئام والصفاء لحياتك.(19/71)
ابنتي الصغيرة تسرق!
المجيب د. أمين صبري نور الدين
(علم النفس/ كلية العلوم جامعة الإمام)
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 24/03/1427هـ
السؤال
لدي طفلة عمرها أربع سنوات، سافرتُ وتركتها مع أمها، فأخبرتني أمها بتصرفات غريبة تصدر عنها، فبينما أمها كانت عند الطبيب للكشف على الطفلة فقد شاهدتها تأخذ آلة تخص الطبيب وتخبئها؛ فأخشى أن يستمر هذا الأمر معها. فماذا نفعل معها حتى نقوِّم هذا السلوك؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن سلوك طفلتك هذا سلوك طبيعي وعادي، فأخذ الأشياء أو تخبئته عن صاحبه لا يعد عند الطفل سرقة، بل له دوافع كثيرة غير ذلك، منها لفت الأنظار إليها، أو حب التملك، أو محاولة اقتناء شيء بعينه، أو مجرد اللعب واستثارة الكبار، وهو سلوك منتشر عند أطفال كثيرين في هذا السن.
ولا يصح أن تضرب ابنتك على السلوك، ولكن عليك أن تنبهها إذا كان الأمر متعلقاً بأغراض الآخرين، ومن الممكن أن تلعبا معاً هذه اللعبة، بأن تخبرها بأنك ستخبئ عنها شيئا ما، وعليها أن تبحث عنه في الغرفة، وكلما اقتربت هي منه يصدر عنك صوت محدد، وهكذا تشبع حاجاتها، وتلعب هي وتستنج وتخمن وهكذا، فلا تخف من استمرار هذا السلوك؛ فالطفل يتعرض لتغيرات كثيرة في فترات طفولته.(19/72)
ابني تغيَّر!
المجيب هند بنت سالم الخنبشي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 20/03/1427هـ
السؤال
لي ابن في الثالثة عشرة من عمره، توفي والده قبل ثلاثة أعوام، وقد كان ابني مثالاً في الأدب والطاعة، ثم تبدل به الحال كلية، وبدأ في العصيان والتعامل معي بمنتهى القسوة، وأحياناً يسبني، علمًا أني لم أقصر معه في شيء، ولكنه لا يريد أن يسمع مني أي نصيحة، حتى الصلاة أهملها، فماذا أفعل معه؟ أرشدوني جزيتم خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً: أقول لك أعانك الله وثبت قلبك، ثم إني أود أن أشير إلى أمور مهمة:
1- اعلمي أن خصائص هذا السن حب إثبات الشخصية، ويعبر بعض المراهقين عن ذلك برفضه لكل الأوامر الموجهة إليه، وتمرده على كل التوجيهات الصادرة من الآخرين.
2- كون والد ابنك قد توفي -رحمه الله- فهذا يساعد ابنك كثيراً في التمرد والعصيان؛ لأن الأب هو الطرف الحازم في العائلة، وفقده يسبب للطفل معاناة قد يحاول دفعها بتمرده وعصيانه.
3- عليك أن تراقبي وتتبعي لتعرفي من هم أصحاب وأقران ابنك، فلربما كان لهم الأثر في كثير من تصرفات ابنك التي تستنكرينها، فقد يكون أقرانه من أقران السوء الذين يؤيدون مثل هذه التصرفات، بل ويحرضونه عليها.
4- إذا كانت لديك وسيلة ضغط، كأن يكون لديك مال تستطيعين حرمان ابنك منه فلا بأس من استخدام هذه الوسيلة عند صدور هذه التصرفات منه، أو إن كانت مقاطعتك له في الكلام تؤثر فيه فلا بأس من استخدام هذه الوسيلة، بشرط أن لا تجعل ديدناً لك بل تستخدم بين الفينة والأخرى؛ حتى لا يصبح ابنك مادياً لا يعمل إلا لمصلحته فقط، بل اجعلي هذه الوسائل طرق تأديب.
5- إن كان هناك من أقارب ابنك من له سلطة عليه وتثقين أنت به فلا بأس من الاستعانة به على تربيته، كأن يعاقبه عند تركه للصلاة، أو يعنفه إذا سبك أو عصاك.
6- استعيني بربك وألحي عليه بالدعاء فهو القادر -سبحانه- أن يصلح حال ابنك، ويعيده إلى رشده ويبدل إلى الأفضل.
أسأل الله لك العون والتوفيق.(19/73)
أبي لم يعد يثق بي!
المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني
مدرس بمدارس رياض الصالحين.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 15/02/1427هـ
السؤال
مشكلتي أن والدي لم يعد يثق بي؛ وذلك بسب غلطة ارتكبتها، وهي أن الشيطان وسوس لي بأن أدخل الشات، وفي البداية كنت أقرأ ما يكتبون، ثم بعد ذلك انجرفت وأخذت أكتب ولم أصل إلى درجة الإدمان، ولم أتجاوز حدودي، وفي يوم اكتشف والدي أمري، في البداية اكتفى بالسكوت، ثم قال: لقد فقدت ثقتي بك، وهذه العبارة هي التي هزتني بقوة، ثم اعترفت بغلطتي، وأعلنت توبتي، وحلفت له بأني لن أعيدها مرة أخرى، وأنا نادمة أشد الندم على ما فعلت، ولكن المشكلة الكبرى أن والدي لم ينس ذلك، رغم مرور فترة على هذا الموضوع، بل أخذ يوصي أختي الصغرى بأن لا أقترب من الإنترنت، رغم أنها كانت تشاركني في غلطتي، بدأت أشعر بالحزن والضيق، أرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أختي الكريمة: أحمدي الله أن وفقك للتوبة النصوح، واسأليه القبول، نعم، ما تعيشينه أزمة ليست باليسيرة، لا سيما إن كانت متعلقة باستعادة ثقة والدك بك. ولذا أوجز مشورتي بأمور:
1- لا تلومي أباك، فهو حريص عليك، وما غضبه منك إلا بسبب حرصه عليك، فإنه ربما أمَّل عليك آمالاً كثيرة رأى أنك حطمتيها، وربما أراد أن يلقنك درساً قاسياً حتى لا تعودي لما فعلت، وربما غير ذلك من المبررات التي يرى أنها صحيحة.
2- لا شك أن رضا والدك مهم للغاية، ولكن الأهم منه رضا الله، فلا يأتيك الشيطان ويوهمك أنك قد خسرت كل شيء، فيقنِّطك من رحمة الله، واعلمي أن الله إذا رضي عنك سيرضي عنك والدك.
3- من الطبيعي أن تكون استعادة ثقة الناس بك أصعب من بناء الثقة ابتداءً، فامضي على ما أنت عليه من الخير، وستعود المياه لمجاريها مع الوقت بإذن الله.
4- حاولي التقرب من والدك قدر المستطاع، ولا تملي، فمآله -إن شاء الله- أن يرضى عنك ولو بعد حين.
أسأل الله لك الثبات.(19/74)
طفلتي خجولة وعنيدة
المجيب عبد الرحمن بن عبد المحسن البعيمي
مشرف تربوي بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 26/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابنتي تبلغ من العمر 5 سنوات، تبكي كثيراً، وخجولة في نفس الوقت.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وددت من الأخ السائل، لو ذكر درجة الخجل لدى الطفلة، ومم تخجل؛ لأن الخجل طبيعي في بعض المراحل وليس دائماً سيِّئاً، فعلينا أن نميز بين الخجل السوي والخجل الشديد الذي يعيق الثقة عند الفرد.
والخجل خاصية شائعة لدى الإنسان، ففي كثير من الدراسات الحديثة بينت أن غالبية من طبقت عليهم الدراسة قد مروا بالخجل في إحدى مراحل حياتهم، وخاصة الخجل والخوف عند معظم الناس هو التحدث عند مجموعة، وللوراثة دور أيضاً في الخجل، ويختلف الخجل عند الأطفال عنه عند الراشد، حيث يظهر لدى الطفل بينما يستطيع الراشد إخفاءه، ولعلاج الخجل يجب أولاً تدعيم الثقة بالنفس عن طريق حب الفرد النفسية وشعوره بقيمته، وتقبله لنفسه مهما كان، وتطلعه للمستقبل.
والطفل في سن الرابعة والخامسة تقريباً كثير المقارنة مع من هم في سنه، فمتى رأى من يفوقه في أي شيء بدأت ثقته في نفسه تقل. وللتعامل مع الطفل الخجول يمكن اتباع بعض الإرشادات الآتية:
1- تدعيم ثقته بنفسه عن طريق الاستقلالية، وتشجيعه على الأعمال التي يقوم بها.
2- الابتعاد عن النقد للطفل كانتقاد الملبس أو المظهر، أو العادة، وعدم وصفهم بصفات غير لائقة مثل الغباء وغيره من الصفات السيئة.
3- تشجيعه على التعبير عن نفسه.
4- تنمية بعض المهارات والجوانب الإيجابية لديه.
5- عدم المغالاة والحرص في الحماية الزائدة للطفل.
6- عدم وصف الطفل بالخجل أمامه، أو أمام الآخرين.(19/75)
طفلي.. والبديل!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 9-1-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
لي طفل يبلغ من العمر 3 سنوات وكثير الشقاوة ويضرب أخوه الصغير وعمره سنة وأنا أقترح على أبيه أن يحضر له فيديو وأشرطة علمية ومسلية لكن أبوه يرفض وبشدة أن يدخل الفيديو أو الشاشة في البيت بحجة أن الولد سيكبر ويأتي بأشرطة فاسدة تفسده وأنا حامل بابني الثالث ولا أستطيع التوفيق بين أعمال المنزل والأطفال بكاؤهم وإزعاجهم وأنا في ضيق من أمري لا أشكوه إلا الله ثم إليكم لعل في أيديكم طريقة تستطيعون بها إقناع زوجي وجزيتم خيراً!!
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
أختي الكريمة اشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.. وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولاً: بالنسبة لكثرة حركة طفلك وشقاوته كما تذكرين.. فإنني قد نشرت في الموقع في " منتدى: زوايا المشكلة" ملفاً حول " النشاط الحركي الزائد " للأطفال وتستطيعين الدخول إليه من خلال نافذة الاستشارات.
آمل الاطلاع عليه لكي يتسنى لك الاستفادة من الكيفية التي يتم بها التعامل مع الطفل كثير الحركة.
ثانياً: وأما اقتراحك على زوجك بإحضار بعض الأشرطة والأفلام الكرتونية ذات الطابع التربوي المفيد فهو اقتراح وجيه جداً.. بل ومهم.. لأن توفير البديل للأطفال في هذا الزمن ضرورة ملحة خاصة وأنه يتوفر بالأسواق مجموعة كبيرة من أفلام الفيديو الكرتونية ذات الطابع التربوي والتعليمي ويجد فيها الأطفال المتعة والتسلية.
ثالثاً: وأما وجهة نظر الوالد حول خشيته من أن يحضر الابن أشرطة غير مناسبة عندما يكبر.. فأسأل الله العلي القدير أن يصلح لنا ولكم أبناءنا وأن يجعلهم قرة عين لنا في الدنيا والآخرة.. والوالد معذور في تخوفه ذلك..! إلا أن المشكلة أننا في هذا الزمن الذي تنوعت فيه وسائل الإعلام وتوسعت من بث مباشر وإنترنت حتى وصلت إلى غرف نومنا لن نستطيع أن نمنع أبناءنا من كل شيء.. وحتى لو منعناهم صغاراً فلن يعدموا ألف طريقة عندما يكبروا للوصول إلى ما يريدون..!! بل ربما كانت ردة فعلهم على المنع مزيد من التهور والاندفاع في البحث عن تلك الأمور!!! ولذلك فالموضوعية هنا مطلوبة.. ويجب أن يكون التركيز الحقيقي في التربية على التحصين الداخلي للأبناء مع صدق الالتجاء إلى الله بأن يصلحهم ويهديهم إلى الخير وأن يحميهم من كل شر إنه ولي ذلك والقادر عليه.(19/76)
طفلي.. يخاف ويكذب!!
المجيب د. سيد زكي خريبة
استشاري صحة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 27/9/1422
السؤال
مشكلتي أن طفلي الذي عمره ست سنوات يخاف ويكذب.؟
الجواب
عزيزي الأب:
تقول إن لديك طفلا عمره ست سنوات يخاف، ويكذب.
تلك هي مشكلتك والتي قمت بسردها في خمس كلمات، وكم كنا نود أن نعرف الكثير عن طبيعة المشكلة مثل:
1-علاقتك الزواجية هل هي علاقة متوافقة أم يغلب عليها عدم التوافق؟
2-مدى المعاملة الوالدية التي يتلقاها طفلك من خلالك ومن خلال أمه: هل يشعر الطفل بقبوله في الأسرة؟ أم يشعر بأنه مرفوض؟
3-كنا نود أن نعرف ترتيب الطفل بين إخوته بمعنى: هل ترتيبه الأول أم الثاني أم الثالث.. إلخ..
4-كنا نود أن نعرف: هل الطفل تعرض لحادث أو شاهد موقفاً مخيفاً من قبل؟
5-كنا نود أن نعرف: هل يسمع الطفل ممن يكبرونه حكايات مخيفة (مثل الجنية - الوحش -أو العفاريت، وغيرها مما يتحاكى به الكبار أمام الأطفال.
عموماً عزيزي السائل، سنسعى جاهدين ونرد على سؤالك ببعض الأسطر وأنت تعلم من خلال النقاط السابقة الرد: ما هو، والسبب الحقيقي لخوف الطفل، وكيف يمكنك القضاء على هذا الخوف، وكذلك مشكلة الكذب.
أولاً: لو تناولنا النقطة الأولى والتي تخص العلاقة الزوجية فيما بينك وبين زوجتك فإذا كانت العلاقة مضطربة أي لا يوجد انسجام بينك وبين زوجتك وكان العداء مزمنا أي أن جو البيت مليء بالمشاحنات المستمرة، فإن الطفل يتأثر سلبياً، فالشجار يضع أمام الطفل، ويتيح له الفرصة ليشعر بعدم الأمان والرفض، ويصبح الطفل أكثر قلقاً ومن ثم الخوف من عالمه الحاضر والمستقبل نتيجة انهيار القاعدة الآمنة.
ثانياً: من حيث المعاملة من قبل الأب والأم للطفل فمهما كنت تحبه وهو وأقصد "الطفل" لا يشعر بهذا الحب - فالحب هنا ليس ذا قيمة - لأن المهم هو شعور الطفل بالحب من الأب والأم بصرف النظر عن الحقيقة التي بداخلك - فقد يكره أبًٌ طفله - إلا أن الطفل لا يشعر بتلك الكراهية، ومن ثم فلن يكون لها أي تأثير سلبي عليه، وكذلك العكس فإذا كنت تحب طفلك وهو لا يستشعر هذا الحب - فحبك لطفلك ليس له أي قيمة، فلا بد إذاً من أن يحس ويستشعر الطفل حب الوالدين وقبولهما له - لأن ذلك ينعكس عليه بالأمن وعدم الخوف.(19/77)
ثالثاً: إذا كان الطفل هو الأول، ويليه طفل آخر أو طفلة أو الثاني ويليه طفل ثالث بفارق زمني عام أو اثنين - فمن المعروف أن الطفل يغار ممن يليه خاصة وأنه قد تربع على عرش والديه ونال حبهما - فشيء طبيعي أن يغار ممن أتى وجاء ليشاركه ويتقاسم معه هذا الحب - وهنا وجب عليك أن تراعي ذلك، فقبل أن تقوم بتقبيل الأصغر يجب عليك أن تقبله وتضع في ذهنه أن أخاك أو أختك أحبه كما أحبك، وأن الحب متساوٍ، وإذا اشتريت شيئا للصغير وجب عليك أن تأتي بمثله لأخيه الأكبر - خاصة وأن الأطفال دائماً يحبون تملك الأشياء (الألعاب - الملابس الجديدة) وهنا يجب أن توضح للطفل أن لكل منهم أشياء خاصة به، ولا يوجد تمييز بين الصغير والكبير، ودائماً عليك أن تدفعه وتحفزه بحب إخوته وتعلمه على العطاء وعدم الأنانية - لأنك إذا فعلت غير ذلك فتكون قد أشعرت الطفل بالرفض والقسوة عليه - ويكون التعبير عن كل ذلك العدوانية، الخوف، والكذب وذلك للفت انتباه الكبار إليه - لتغيير المعاملة معه.
رابعاً: وإذا كان الطفل قد تعرض لموقف مخيف في وقت أو مرحلة سابقة من عمره فإنه يعمم الخوف من كل المواقف المتشابهة - وهنا يجب عليك أن تعرضه تدريجياً لتلك المواقف التي خاف منها من قبل، وتكون ملاصقاً له، ثم تتركه رويداً رويدا حتى يتأكد بنفسه أن لا شيء يخيف.
خامساً: إذا كانت الأم قد قامت بسرد حكايات مخيفة، وتحدثت أمام الطفل عن العفاريت - أو الجن -.. إلخ - من الأساطير التي تخلق الخوف في نفوس الأطفال - فهنا أقول: إنه يجب عليكم تصحيح هذه المفاهيم لديه، فقد كانت أم الطفل كلما أرادت أن ينام طفلها وهو في الثالثة من عمره فكانت تخيفه وتقول له: نم الآن قبل أن يأتي أبو رجل مسلوخة ويأكلك! فكان الطفل يمسك بشدة في رقبتها ويصرخ قائلاً: لا تتركيني يا أمي فتحتضنه وينام. وهو ما انعكس عليه في مراحله المستقبلية - وكان يتخيل صورة شيء "لأبو رجل مسلوخة" ويخشى البقاء في المنزل بمفرده رغم أنه يبلغ من العمر اثنى عشر عاماً.
فهكذا استطاع الطفل أن يستجيب انفعالياً ويتأثر بخبرته السيئة من خلال أساليب تنشئته الاجتماعية غير السويّة.
أما الكذب:-
فأسبابه عديدة، فقد يكذب نتيجة التفرقة في المعاملة بين من يصغره أو يكبره وهو هنا يقول لكم بطريق غير مباشر: إنه موجود، وهنا أقول: إنه نفس السبب والذي يؤدي للخوف وذكر في النقطة الثالثة عند الحديث عن الخوف.
-وكذلك المعاملة الوالدية أيضاً لا بد وأن تقسم بالقبول والحب وشعور الطفل بالأمن والأمان والاستقرار بمعنى: لو ارتكب خطأً فيجب على الوالدين أن يقوما بتعريف الطفل بهذا الخطأ مرة، مرتين وعدم تعريض الطفل للعقاب على الخطأ الصغير والكبير - وليس معنى ذلك ألا نعاقبه - فالعقاب مطلوب ولكن يراعى أن يعطى الطفل الفرصة لمعرفة الصواب - أما إذا أصر على الخطأ - فلا مانع من عقابه بحيث يتساوى العقاب مع ما ارتكبه من خطأ سبق وأن تم إيضاحه له - ويجب أن يكون العقاب عقب الخطأ مباشرة، من حيث الوقت ولا يجب تأجيله أسبوعاً أو شهراً ثم يعاقب.(19/78)
-وكلما كان الأب متسامحاً في تنشئته للطفل كلما انعكس ذلك إيجابياً على نفسية الطفل، وأعني بالتسامح أي عدم التمسك الشديد بالتأديب أي لا تكن صلباً فتكسر ولا ليناً فتُعْصر فالتساهل الشديد الزائد يضر بنمو الطفل الانفعالي، ويجعله في حالة من "الاعتماد الطفلي".
فالقسوة في المعاملة وعدم التسامح من شأنهما أن يدفعا الطفل للكذب خشية العقاب من الوالدين.
وقد يقع بعض الآباء في خطأ فادح بطريق غير مباشر، فحينما يأتي أحد للسؤال عن الأب أو الأم فقد يدفع الأب الطفل ليقول له إنهما غير موجودين، وكذلك عندما يتصل أحد تليفونياً ويسأل عن الأب أو الأم - فيقول أحدهما لطفله: قل له: إن أبي أو أمي غير موجودين وفي ذهنهما أن هذا شيء بسيط - لكن على العكس تماماً فهما هنا قد قاما بتنشئة الطفل بطريقة خاصة، واكتسب الطفل الكذب، والمراوغة، من خلال والديه.
عزيزي الأب، أسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون قد وضعنا نقاطاً على أحرف صامته لتستطيع أن تتبين السبب الحقيقي لمشكلة طفلك وتستطيع معالجتها، والله الموفق.(19/79)
وعليكم.. حركته الزائدة.. تخيفيني..!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 25/6/1422
السؤال
أخي الكريم مشرف نافذة الاستشارات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
احد أبنائي يتمتع بطاقة كبيرة جدا!! لدرجة انه لاستطيع أن يلبث في مكانه أكثر من خمس دقائق وهو حساس جدا ويبلغ من العمر خمس سنوات تقريبا.. ويدرس الآن في الروضة وخوفي عليه من معاملة مدرسيه. فقد يهملونه أو يضعونه في آخر الصف دون العناية به بسبب كثرة حركته!!! كما إن هذه الحركة تقلقني جدا ... فماهي مشكلته الحقيقية!؟؟
أرجو منكم المساعدة في كيفية التعامل معها.. ولكم جزيل الشكر
الجواب
أخي الكريم أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. بالنسبة لاستشارتك.. فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: الذي يظهر لدى ابنك من طاقة كبيرة -كما تسميها- هو ما يسمى علمياً بـ" النشاط الحركي الزائد " أو " فرط النشاط " وتتمثل أعراضه كثرة الحركة وعدم الاستقرار في مكان واحد لأكثر من دقائق.. وكثرة التململ حتى أثناء الجلوس.. والجري هنا وهناك والتعلق بالأشياء.. وربما تسلق بعض الأشياء الخطرة..!! وعدم التركيز على ما يقال أو استكمال الشيء حتى نهايته.. والشرود وكثرة النسيان.. وكثرة الكلام.. وعدم القدرة على الالتزام بالنظام.. والتحول من نشاط إلى آخر بسرعة وعدم الاستماع لما يقال.. ومقاطعة المتكلم والإجابة دون تفكير..!؟! وغيرها من أمور تؤكد للمتابع والملاحظ أن ما يعاني منه هذا الطفل مزيج من الفوضى والنشاط الحركي الزائد عن الحد.!!!
ثانياً: يعتقد البعض أن ما يسمى " بـ النشاط الحركي الزائد " هو مرض مستقل قائم بذاته. .وهذا اعتقاد خاطئ..!! فالنشاط الحركي الزائد يعتبر عرض لكثير من الاضطرابات المختلفة أو بعضها.. فقد يكون الطفل زائد النشاط بسبب تلف مخي أو اضطراب انفعالي أو ضعف عقلي.. أو خلل سمعي.. كما أن للوراثة أحياناً دور في ذلك.
ثالثاً: أثبتت العديد من الدراسات أن فرط النشاط كثيراً ما يزول أو يتحسن مع التقدم في السن.. وأن تبقى منه بعض الأعراض البسيطة التي لا تكاد تلحظ.. كما أن النشاط الحركي الزائد يصيب الأطفال العاديين.. وقد يصيب الأطفال شديدي الذكاء.. وقد يصيب الأطفال المتخلفين عقلياً.. إلا أنه في هذه الفئة يكون غير هادف وربما مؤذي بشكل أو بآخر!!!
رابعاً: من المهم هنا أن نشير إلى أنه يجب عدم الجزم بالتشخيص بشكل قاطع ما لم يكن ظهور هذه الأعراض أو بعضها في أكثر من مكان.. كالبيت والشارع والمدرسة وعند الأقارب وأن يكون ظهورها تم قبل سن السابعة.(19/80)
خامساً: يمكن التعامل مع الطفل في مثل هذه الحالة عن طريق وضع برنامج يومي واضح يجب أن يطبقه بدقة.. والإصرار على ذلك عن طريق ما يسمى بـ" تكلفة الاستجابة " وهي إحدى فنيات تعديل السلوك وتعني هذه الطريقة [فقدان الطفل لجزء من المعززات التي لديه نتيجة سلوكه غير المقبول.. مما سيؤدي إلى تقليل أو إيقاف ذلك السلوك] ومثال ذلك إلغاء بعض الألعاب..بل وسحبها مقابل كل تجاوز يقوم به الطفل خارج حدود التعليمات.. وفي نفس الوقت يمكننا استخدام أحد الفنيات الأخرى وهي " الإقصاء " أي إبعاد الطفل إلى زاوية من زوايا المنزل تكون منعزلة إلى حدٍ ما وغير مرغوبة وإبقاءه لفترة من الوقت [خمس دقائق أو عشر دقائق] نتيجة لقيامه بتجاوز الحدود والتعليمات بشكل مزعج على أن يكون الأقصاء مباشرة بعد إتيانه لهذا التجاوز الملفت.. وفي نفس الوقت نستخدم أحد الفنيات الأخرى لتعديل السلوك وهي " التعزيز الموجب " وذلك يمنح الطفل مجموعة من النقاط عند التزامه بالتعليمات تكون محصلتها النهائية الوصول إلى عدد من النقاط تؤهله للحصول على مكافأة أو هدية أو مشاركة في رحلة أو غيرها وهذه الأساليب لتعديل السلوك ناجحة ومجربة في كثير من السلوكيات السلبية ومن ضمنها " النشاط الحركي الزائد" ولكن يجب التعامل معها بجدية ووضوح حتى لا تفقد معناها وقيمتها عند الطفل.. مع الأخذ في الاعتبار طبيعة الطفل وأنه لا يمكنه الاستمرار والهدوء لفترة طويلة.. ولذلك فتستخدم في الأمور التي تجاوز حد القبول إما لضررها أو لخطرها..!! مع توضيح ذلك للطفل وذكر الحدود التي لا يمكنه تجاوزها.. وسيتخذ بحقه الإجراء المتفق عليه حيالها.. ويمكن أيضاً تكليف الطفل بإزالة الضرر الناتج عن سلوكه " التصحيح الزائد أو البسيط " كترتيب المكان.. أو تجفيف الماء المنسكب.. أو غيره.. ومع الوقت سيجد الطفل نفسه إمام مجموعة من الإجراءات التي تلزمه بالتفكير قبل الإقدام.. وهذه بداية التصحيح لسلوكه.
سادساً: إن لم تثمر هذه الطريقة.. فيجب زيارة الطبيب النفسي المختص لتشخيص الحالة بدقة.. ووضع البرنامج المناسب لها.. والذي قد يتظمن إعطاء الطفل بعض الأدوية لمدة وجيزة تساعده على تجاوز هذا الأمر.. والاستفادة من برنامجه للعلاج النفسي.
سابعاً: بالنسبة لمعلميه فالواجب زيارتهم وشرح مشكلة الطالب لهم.. والاستنارة بآرائهم.. وأخبارهم أن هناك برنامجاً علاجياً تطبقه مع الطالب.. وأنك تحبذ إشراكهم فيه بما يخصهم.. ولا اعتقد أبداً أن يمانعوا في ذلك.. متى ما تفهموه بل على العكس ستكون النتائج أسرع وأشمل بإذن الله.
ثامناً: لا تنسى أخي الكريم.. قبل ذلك وبعده.. صدق الالتجاء إلى الله بالدعاء بأن يصلح الله لك أبناءك ويحفظهم من كل سوء.. وتحر في ذلك مواطن الإجابة.. وألح في الدعاء.. فالله سبحانه قريب مجيب.(19/81)
كذب الأطفال..!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 12/7/1422
السؤال
أخي مشرف نافذة الاستشارات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعد..
أخي الكريم: لدي ابن في السابعة من عمره تقريباً لديه عادة الكذب علماً أنني لست من الآباء الذين يضربون إلا في حدود الضرورة القصوى أو لعمل عظيم ويكون ذلك بعد المناقشة وبيان أنه أخطأ ويستحق الضرب.؟
الجواب
وعليكم والسلام ورحمة الله وبركاته.. أما بعد..
أخي الكريم.. أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأن يصلح الله لنا ويصلح بنا ويدلنا إلى الخير ويوفقنا إليه إنه ولي ذلك والقادر عليه..
فما يتعلق باستشارتك فتعليقي عليها من وجوه..
أولاً: هناك أسباب كثيرة ومتباينة قد يفسر من خلالها كذب الأطفال.. فبعض الأطفال قد يكذب لكي يضفي على نفسه نوع من الأهمية التي - ربما - شعر بفقدانها.. ولذلك تراه يذكر الكثير من القصص الوهمية التي يثبت من خلالها مدى قدرته وسيطرته على أقرانه وقيمته عنهم..! وبعض الأطفال قد يكذب رغبة منه في تحقيق غرض شخصي أو مطلب خاص يشعر حياله بالنقص بين أقرانه.. ويشعر في قراره نفسه أنه لا يمكن أن يحقق هذا الشيء إلا بهذه الوسيلة.. أما لعدم ثقته بوالديه أو أخوته الكبار.. أو ليقينه - الخاطئ غالباً - بأن هؤلاء يقفون في طريقه وأنهم لن يحققوا أهدافه.. بل وربما عاقبوه عليها..!! فيضطر حينها للكذب!!!
وقد يكذب الطفل من باب العناد.. وتحدي السلطة.. كسلطة الأبوين أو المعلم.. وهذا الكذب يشعره باللذة والسعادة.. لمجرد استطاعته الكذب عليهما.. خاصة إذا كانت هذه السلطة شديدة الرقابة والضغط.. ولا تتيح المجال للحوار الإيجابي..!!
وبعض الأطفال يكذب انتقاماً.. حيث يتهم غيره بأمور معينة انتقاماً منه.. وذلك لشعوره بالغيرة تجاهه.. وغير ذلك من الأسباب التي تنشأ عموماً من إحساس غامض بالدونية.. وأن اختلفت أسباب هذا الإحساس أو إعراضه!
ثانياً: هناك من الأطفال من يكذب لخصوبة الخيال لديه..!! ولأنه في مرحلته العمرية القريبة من عمر طفلك.. لا يفرق عادة بين ما يتصوره في خياله.. وما يراه حقيقة أمامه فيتداخل لديه الخيال والواقع.. ويذكرهما جميعاً على أنهما قصة واحدة!!
ثالثاً: من الأسباب الهامة التي يغفل عنها كثير من الناس.. أن الأطفال يقلدون ويحاكون الكبار.. ويتأثرون بهم إلى حد كبير فترى الطفل يرى والديه أو أحدهما.. وربما أحد أقاربه أو مدرسيه يكذب لسبب أو لأخر.. أما لكي يعتذر عن مناسبة أو موقف معين ... أو غير ذلك..
فيكتسب هذا الطفل هذا الأمر..!! وهو لا يفرق عادة بين الأسباب والدوافع والمواقف..بل يتأثر بها وربما أصابته الحيرة الشديدة والاضطراب من هذا التناقض الذي يراه أمامه.. أناس ينهونه عن الكذب ويعاقبونه عليه.. ومع ذلك هم يكذبون؟!!(19/82)
رابعاً: من المهم جداً توضيح الأمور للطفل يشكل واضح وإنه حتى ولو رأى كبارً يكذبون.. فإن هذا السلوك خاطئ.. ولا يجوز.. وذكر بعض القصص والأحاديث النبوية والآيات القرآنية التي تتناول مثل هذا الموضوع بأسلوب مبسط يتناسب مع مستوى الطفل ومرحلته العمرية.
خامساً: محاولة فتح حوار مباشر وبسيط مع الطفل لمعرفة آماله وأحلامه.. ورؤيته للأشياء لتحقيق بعض هذه الأحلام.. وإشعاره من خلال هذا الحوار بقيمته.. وتدعيم ثقته بنفسه.. وبأن عدم وجود هذا الأمر أو غيره من وسائل ترفيه أو كماليات لا يضيره ولا ينقصه.. بل إن الله تعالى خلق الناس ومايز بينهم في القدرات والإمكانات.. وغير ذلك من أمور تشعر الطفل بقيمته الذاتية.. وأهميته.. وتزيل منه أي إحساس بالنقص قد يستشعره لسبب أو لآخر.. وذلك بأسلوب يسير مبسط.. مطعم بالقصص الهادفة وبعض الطرائف المناسبة.
سادساً: المحاولة الجادة وغير المباشرة لمعرفة الأسباب التي قد تدفع الطفل لهذا المسلك.. وبالتالي المحاولة الجادة لإزالتها وعلاجها.
سابعاً: وأخيراً.. الدعاء.. بأن يصلح الله لك ويصلح بك وأن يذيقك حلاوة بر أبناءك وهدايتهم أنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير، وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(19/83)
عند غضبه يضرب رأسه بقوة، وعنيد أيضًا
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 30-1-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
طفلي عمره سنتين وعند غضبه أو عدم تلبية حاجته يضرب برأسه الأرض أو الجدار بقوة ولعدة مرات مع البكاء الشديد وإذا نهيناه بلطف ازداد.. وإذا أغلظنا عليه انتهى وعاد يطالبنا بتنفيذ ما يقع أما ناظره!!!
سؤالي: كيف أستطيع أن أخلص طفلي من هذا؟
كما أن طفلي يرفض ترديد بعض الكلمات التي نريدها مثل: ماما فيرفض ويقول بابا عناداً وإلى الآن لا يستطيع النطق ببعض الكلمات السهلة؟
الجواب
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
أخي الكريم أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولاً: لم تذكر لي ترتيب هذا الطفل بين اخوته وأخواته.. وهل هو الطفل الأول أم لا.. وهل يوجد له أخ أصغر منه..؟! وما هو ترتيبه بين إخوته..؟ وأهمية مثل هذا الأمر هو لمعرفة الدافع لهذا العمل ومعرفة أسبابه.. فقد يكون الرغبة في لفت الانتباه إليه وإثارة الاهتمام به..!! وهو سلوك مفهوم لدى الأطفال..!! وقد تكون لذلك أسباب أخرى..!!
ثانياً: لمعالجة مثل هذا الأمر يجب التعامل مع سلوك هذا الطفل بطريقة "الإطفاء" أو التجاهل..؟! فإذا ما قام الطفل بضرب رأسه بالحائط والبكاء.. فلا تلتفت إليه أنت أو والدته ولا تعيراه أي اهتمام مهما كانت عواطفكم تجاهه.. وهو في النهاية سيتألم وسيبكي ويبكي.. وفي النهاية سيصمت..!! .. وربما حاول إيذاء نفسه بشكل أو بآخر.. وهنا يلزم أيضاً التجاهل وتصنع اللامبالاة والحيادية في الملامح.. مع إبعاد ما قد يشكل خطورة على الطفل كبعض الآلات الحادة وغيرها.
ثالثاً: إذا عرفنا السبب بطل العجب كما يقال.. فإذا فهمنا أن الهدف لفت الانتباه والضغط العاطفي على الوالدين و " ابتزازهم ".. فيجب ألا أحقق ذلك للطفل في هذا الموقف بالذات.. بل أحققه في مكان آخر وسلوك آخر.. مهما بدا على الطفل من تأثر وبكاء.. بل أرقبه من بعيد.. وأتجاهل سلوكه وكأنه لا يعنيني. وهنا سيتوقف الطفل عن ذلك.
رابعا: إذا استمرت الحالة لدى الطفل ولم تثمر هذه الطريقة معه.. فيجب هنا عرضه على احد العيادات النفسية المتخصصة لفحصه بشكل مباشر ومعرفة أبعاد هذا الأمر عن قرب.
خامسا: أما عن رفضه ترديد بعض الكلمات واستبدالها بأخرى فلا تتوقف طويلاً أمام ذلك.. ولا تشعر الطفل بغضبك لذلك.. بل أظهر له سرورك مهما كنت " حانقاً " ولاطفه.. ولا تلح كثيراً على نطق كلمة بعينها فالأمر يسير.. وربما كان نوعاً من العناد.. علاجه - كما أسلفت - التجاهل!!! وأما عن عدم نطق بعض الكلمات البسيطة فلا تستعجل كثيراً على الطفل في هذه المرحلة وثق أنه سيتجاوز كل ذلك بإذن الله.. لأن هذا الأمر يتكرر كثيرا ًفي هذه المرحلة وإن كان بصور مختلفة!!!
سادسا: من الممكن إحضار بعض.. الأفلام الكرتونية التعليمية والترفيهية والتربوية.. ليستفيد منها لطفل.. ويمكن أن تكون وسيلة تستخدم كتعزيز إيجابي للطفل عندما يتصرف بشكل إيجابي مقبول.
وفقك الله لكل خير.. وأقر عينك بصلاح أبناءك وهدايتهم وتوفيقهم..(19/84)
ابني يكذب!!
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 25-4-1424
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابني عمره 12 سنة، طيب القلب، مطيع، هادئ الطبع، إلا أنه كثير الكذب بعكس إخوانه الذين تم تربيتهم على الصدق والصدق فقط حتى ولو على أنفسهم.
أرجو الإفادة عن أسباب ذلك والحل للتخلص من هذا الطبع الذي يقلقنا كثيراً
وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
أخي الكريم ...
أشكر لك تواصلك الإلكتروني مع موقع "الإسلام اليوم"
أخي! أسال الله الكريم أن يحفظ لك أبنائك ويجعلهم قرة عين لك ولوالدتهم وأن يصلحهم ويهديهم إلى سواء السبيل وأن يرزقك برهم وإحسانهم.
أخي الكريم إن الأطفال هم زهرة الحياة ومتعتها متى ما تفهمنا طريقة التعامل معهم وتربيتَهم التربية الإسلامية لكي تعدهم كرجال المستقبل محصنين من المشاكل بكافة أشكالها!!
ولا شك أن الطفل يأتي للحياة كصفحة بيضاء نضع فيها ما نشاء من السلوكيات والعادات سواءً السلبية أو الإيجابية!!
ما أريد أن أصل إليه أن خصلة الكذب التي يعاني منها ابنك لم تأته من أثر الوراثة ولكنه سلوك مكتسب اكتسبه من البيئة التي يعيش فيها سواء من الأسرة أو الأقرباء أو المدرسة أو الرفقة وتنامت لديه تلك الخصلة طوال فترة الطفولة ولم تجد رادعاً وموجهاً لها!! وللكذب لدى الأطفال أسباب كثيرة سأورد لك ما تيسر لي:-
1-ممارسة القسوة معه منذ الصغر بدون مناقشة عن أسباب خطئه مما يجعله يلجأ للكذب كي يتجنب العقاب!!!
2-قد يستخدم الطفل الكذب تقليداً ومحاكاةً للكبار المحيطين به.
3-ويلجأ الطفل للكذب للتفوق على أقرانه دراسياً أو مهارياً!!
4-ويلجأ الطفل للكذب لحماية نفسه من اعتداء أقرانه عليه
5-ويلجأ الطفل للكذب لرفض الذكريات المؤلمة التي لا يعرف كيف يتصرف معها!!
6-التشجيع والضحك لحيلة الكذب في صغره قد تكون سبباً لترسيخ تلك الخصلة!!
7-التخيل النفسي حيث أن كثرة ترديد كلمة كاذب على مسامعه يؤثر في نفسيته ما يجعله يصدق ذلك.
8-عدم الثقة بكلام الطفل من الآباء حتى ولو كانت الحقيقة فيلجأ للكذب!!
9-الاكتساب لكي يحصل على شيء لذاته يلجأ للكذب لعدم وجود طريق آخر للحصول عليه!!
أما طريق العلاج التي أرى أنها مناسبة مع ابنك بعون الله تعالى فهي:
1-ساعد ابنك على التعلم بواسطة التجربة وبيِّن له أن الصدق أفضل من الكذب وعقوبة الكاذب في الدنيا والآخرة.
2-شجعه على الصدق ولو كان قد أخطأ في المنزل أو أخفق في امتحان وأخبره أن صدقه يقابله ثناء وتشجيع وتحفيز مادي لأنه قد ذكر الحقيقة وإن اعترافه أفضل بكثير من إخفاء الحقيقة!!
مارس معه تلك الطريقة وكررها عدة مرات وتجنب بتاتاً إظهار الغضب لأي خطأ يعترف فيه!! فالنتيجة ستكون إيجابية بإذن الله.
3-تجنب مقارنته بإخوانه أو أصدقاءه فقد تزيد المشكلة إلى تنامي الكذب والعدوانية في نفسه تجاه من تقارنهم معه!!
4-اسرد له ولإخوته بعض القصص المفيدة مبيناً فيها فضل الصدق ونتيجة الكذب السلبية بدون إشعاره بأنه هو المعني بذلك!(19/85)
5-وفر له بعض الأفلام الكرتونية الهادفة ليتعلم قيمة الصدق وما يؤول بصاحبه!!
6-تفقد وضعية زملائه في المدرسة والحارة فقد يكونوا من أسباب تنامي تلك الخصلة وحاول إبعاده أو إصلاحهم بالتأثير المباشر وغير المباشر!
7-قم بزيارة المدرسة والالتقاء بمعلمه وبالمرشد الطلابي للمساعدة في القضاء على تلك الخصلة لئلا تتنامى في داخله خاصةً وهو مقبل على مرحلة مهمة في حياته تحتاج رعاية خاصة!!
8-ليكن العقاب آخر المراحل بعد أن تعمل ما سبق وتصبر على تحقيق النتائج ويكون العقاب بعدة صيغ! مثل:
أ - الحرمان: بحيث يتم حرمانه من الخروج من المنزل أو اللعب في ألعابه المفضلة بمقدار عدد أكاذيبه!!
ب- العزل ويتم عزله في غرفة لمدة ربع ساعة تزيد أو تنقص بمقدار الكذب!!
أسأل الله لنا ولك صلاح النية والذرية،،،(19/86)
ابني كثير المشاجرة
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 17-2-1424هـ
السؤال
ابني عمره ست سنوات ونصف ومشكلته هي أنه:
يتشاجر مع زملائه سواء في المدرسة أو الشارع ويبصق عليهم أحيانا وهو سريع البكاء عندما يتضايق من مواقف تواجه. وهو يحب العزلة عن الأطفال في معظم الأوقات ويلجأ إلى تسلية نفسه بعيداً عنهم في منزلنا حيث يلجأ إلى الكتابة والرسم ولعب بعض الألعاب على الكمبيوتر. ورغم ذلك، فهو متفوق دراسياً.
كيف أعالج سولكياته المذكورة أعلاه حيث أنها كثيرا ما تسبب لنا الإحراج الاجتماعي.
هو الكبير بين أخوته حيث يوجد لديه أخوين أحدهما عمره 4 سنوات ونصف الصغير عمره 8 شهور. برجاء الإفادة سريعاً لو تكرمتم وشكراً.
الجواب
الأخت الفاضلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر لك تواصلك مع "موقع الإسلام اليوم" عبر البريد الإلكتروني
أختي الكريمة:
إن البيئة التي يعيش فيها الطفل لها تأثير كبير على نفسية الطفل وسلوكياته إماّ سلباً أو إيجاباً، لذلك فإن الجو المشحون بالخصومة والخلاف بين الأبوين وتكرار ارتفاع الصوت والغضب بينهما!! يجعل الطفل عرضة للمخاوف والاضطرابات!!
وقد يكون الطفل من النوع المزاجي فيسقط انزعاجه وقلقه عل الآخرين من زملائه في المدرسة أو الحارة أو أقربائه إماّ بالشجار أو الألفاظ بهدف جذب انتباه والديه له بعيداً عن مشكلاتهم الخاصة.
وهو يصبح عاجزاً عن تمييز هذا القلق الداخلي مماّ يضعف قدرته على الحديث عماّ في نفسه!!
وقد يكون أسباب عدوانيته ملاحظته لأحد أفراد الأسرة وهو يتصرف بتلك الطريقة فيقوم بتقليد واتخاذه قدوة في تصرفاته.!!
ومن الأسباب كذلك الحماية الزائدة التي افتقدها الطفل بعد مجيء أطفال جدد فيستخدم تلك الطريقة لجذب الانتباه.!
أو تكون القسوة في التعامل فيتبلور السلوك في داخله فأصبح يتعامل مع الآخرين بنفس الطريقة.
لذلك أختي الكريمة أفضل الطرق المناسبة لمواجهة المشكلة هي:-
1- الدعاء لهم أوقات الإجابة بأن يهديهم ويصلحهم ويجعلهم قرة عين لك ولوالده.
2- التجاهل لكل ما يصدر من الطفل من ألفاظ وعدم إعطاءها أي انتباه لأن معرفته لأهمية لفت انتباهك حينما تصدر منه يجعله يكررها ويستحسن إثارتها لكسب انتباهك.
لذا عليك تجاهل الألفاظ التي تصدر منه تماماً وعدم إعطائها أي أهمية فإن ذلك مدعاة لانطفائها لعدم وجود صدى لها من قبلك!!
3- تظاهري بعدم فهم الكلمات الصادرة منه!! بسؤالك له ما هي الكلمات التي استعملتها؟ لأفهم معناها!!
4- استخدام أسلوب " التعزيز الموجب " ويتطلب مكافئة أي سلوك إيجابي يصدر من الطفل تجاهك أو تجاه إخوته أو أقرانه مادياً أو لفظياً ليربط بين السلوك الإيجابي وبين التعزيز فيساعده على تكرارها.
5- إن استمر الطفل على العدوان مع أقرانه واستخدام الألفاظ السيئة يستخدم معه العقاب بالأوجه التالية:
أ - حرمانه من الذهاب مع والده لأي مشوار يرغب الذهاب إليه ويحبه! كالذهاب لمدينة الألعاب أو زيارة الأقارب والحرص على تطبيقه مهما حدث منه من بكاء.(19/87)
ب - استخدام العزل في غرفة لمدة خمس دقائق تزداد بتكرار السلوك السلبي مع إفهامه سبب هذا العقاب.
6- ساعدي طفلك لدعوة أصدقائه للمنزل ومشاركتهم ألعابه فإن ذلك يساعده على فهم الصداقة مع الأقران وشجعي أسلوبه وتعامله معهم وحثيه على تكرار ذلك وقدمي له الكلمات التشجيعية وكافئيه.
7- جنبي الطفل المواقف التي قد تساعده على تنامي العداوة كرؤية أفلام عنف أو مشاهدة تصرفات داخل الأسرة لأن المعالجة يجب أن تكون أولاً القضاء على الأسباب.
8- اطلبي من المدرسة " المرشد الطلابي + معلم الصف " المساعدة في القضاء على سلوك الطفل العدواني واستبداله بسلوك إيجابي. وليكن بينكم تعاون تجاه القضاء على سلوك العدوانية لدى الطفل!!
9- أخيراً تجنبي مقارنة ابنك بأحد أقربائه كأن يقال له إن ابن فلان أفضل منك أو أخوك أهدأ منك فإن ذلك قد ينشئ الغيرة في داخله فتنعكس على سلوكه عداوة لأقرانه!
10- تحلي بالصبر وعدم استعجال النتائج!
أسأل الله الكريم أن يحفظ لك الذرية ويصلح النية،،،(19/88)
ابني متعلق بالقنوات
المجيب د. عبد العزيز الشهوان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 03/04/1425هـ
السؤال
عندي أحد أبنائي مصرٌّ على الإطلاع على القنوات الفضائية إلى درجة أننا أبعدنا الأجهزة عن المنزل، فقام بجلب غيرها، وأنا ووالدته دائماً في جدال بهذه المسألة، فهي مصرّة وملحة على إخراج هذا الجهاز من غرفة نومه، وأنا لست راض على تصرفه هذا، ولكني متبع سياسة (سددوا وقاربوا) ، خوفا من خروج الولد عن المنزل لوقت طويل بحثاً عما تطلبه نفسه من مشاهدة هذه القنوات، وقد تفضي به إلى شيء أعظم من هذا، مع العلم أنني حريص على متابعتهم في الصلاة، خاصةً صلاة الفجر مع الجماعة، ولكن الشباب والسن الذي هو فيه يجعلني أغض الطرف عن بعض التصرفات حتى يكون قريب مني ومن المنزل، وأراقب تصرفاته وسلوكه عن قرب، لكن والدته دائما تحاول استشارتهم إلى درجة أنه يحصل على أجهزة بدلاً عن ما سلب منه بطريقة لا نعرفها، إضافةً أن الولد -هداه الله- فيه خجل عجيب مني مع أني أنا الذي بصفِّه دون والدته، ويرتاح مع والدته في طلباته والحديث معها أكثر مني، مع أني معه بالذات دون إخوته لين الجانب، أرجو التوجيه فيما ترونه. علما أن ابني في السابعة عشر من عمره.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
وفقك الله أخي الكريم وزادك ثباتاً على الحق، وأشكر غيرتك، والله أسأل أن يقر عينك بصلاح أبنائك وأبناء المسلمين جميعاً.
أما ما طرحته من تساؤل حول إيجاد حلول لهذه التيارات الفكرية والأخلاقية التي قد تعصف بأخلاق وعقائد الشباب فهي معاناة كثير من المسلمين اليوم، ويمكن إيجاد بعض الحلول التي تعين المسلم على ثباته على دينه، منها:
(1) دعاء الله - سبحانه وتعالى- بأن يصلح نيته وذريته.
(2) الحرص على التربية الصالحة منذ الصغر وإلحاقهم بحلق تحفيظ القرآن الكريم، وهذا كفيل بشغل أوقاتهم فيما ينفع في الدنيا، والآخرة مع حثهم على المشاركة في الرحلات والمخيمات التي تقيمها هذه الحلق.
(3) إلحاقهم في وقت الصيف بالمراكز الصيفية التي تقوم على الترفيه المباح، وتعليم السباحة وركوب الخيل.
(4) ارتياد الأماكن المسلية التي ليس فيها منكرات كالمنتزهات التي تهتم بإيجاد برامج خاصة للشباب، واحرص على أن تكون بصحبتهم.
(5) اعتزال مواطن الفتنة؛ وذلك بإزالة القنوات الفضائية الإباحية التي تفسد على الشباب دينهم وأخلاقهم، والحمد لله توجد بدائل لهذه القنوات بقنوات تحمل هم الإسلام والدعوة إليه.
(6) محاولة دمجهم مع رفقة صالحة في سنهم، وتبادل الزيارات فيما بينهم، ويمكن التعرف عليهم عن طريق المناشط الصيفية وحلق التحفيظ وأبناء زملائك الذين تثق بهم، ومحاولة المباعدة في الزيارات للأقارب الذين لديهم بعض المنكرات أو شباب قد انغمس بها. فتزورهم وأبناؤك تحت ملاحظتك دون تفردهم بهم.
(7) شارك أبناءك في الاستماع إليهم وتفهم مشكلاتهم، واجعل من نفسك صديق لهم حتى يحبوك ويقتدوا بك، ويطلعوك على مشاكلهم.(19/89)
أما ما ذكرته من خجل ابنك منك، فحاول استغلاله بالتوجيه اللين ومؤاخاته حتى يكون أدعى للاستماع إليك والتأثر بتوجيهاتك لاسيما وأن هذه الفترة من العمر تعتبر من فترات المراهقة الحرجة التي تحتاج إلى معاملة خاصة مع هؤلاء الشباب فراقبه ووجهه دون شعوره بأنك تملي عليه توصياتك، فهو في هذا العمر يحاول أن يثبت شخصيته ووجوده، ولا يتحمل سيطرة الوالدين المباشرة.
وحاول أن توجد بدائل كالقنوات الصالحة وأشرطة الفيديو الهادفة؛ حتى تملأ فراغه بشيء مفيد، فمنعه دون إيجاد بدائل قد يفضي به إلى البحث عنها في أماكن أخرى.
ثم انصح أمه بعدم استثارته والضغط عليه حتى يتقبل منها ما تود توجيهه نحوه، بل ينبغي أن تكون قريبة منه، يفضي إليها بأسراره ومشاكله الشخصية؛ لأنه إذا شعر ببعدها عنه فسيخفي عنها كل شيء، وقد يشير رفقة سوء فيؤدي به ذلك إلى عواقب وخيمة، والحمد لله أن أخلاقه وتعامله مع والدته لا يزال في مرحلة جيدة - كما ذكرت- فلتحاول أن تكون قريبة منه. أسأل الله أن يصلح شباب المسلمين لما فيه خيرهم في الدنيا والآخرة، والله الموفق، والهادي إلى سواء السبيل.(19/90)
ابنتنا مدمنة أغانٍ
المجيب محمد العبد الكريم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 08/05/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: أود أن أطرح عليك هذه المشكلة، والتي تتعلق بابنة أخي البالغة من العمر 12 سنة، فهي مدمنة على قنوات الأغاني والفيديو كليب، ولا تتقبل النصيحة، وهذا الاهتمام بقنوات الأغاني يؤثر على دراستها، أمها تشكوها لي، وتطالبني بنصحها، لكنني أجدني عاجزة عن التواصل معها وإيجاد السبيل لإقناعها بالاهتمام بأمور أخرى غير التلفزيون، أتمنى أن تساعدوني، ولكم منا وافر الشكر. جزاكم الله كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخت الكريمة: جزاك الله خيراً على اهتمامك بابنة أختك، فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.
أختي الكريمة: عندما يدمن الشخص على شيء ما فإنه في الغالب يربط السعادة والراحة بهذا الذي أدمن عليه، ويربط التعاسة والألم بالبعد عنه؛ ولذلك فإنك بالقدر الذي تستطيعين فيه فك الرابط بين هذه الأشياء ستنجحين في إقناعها - بإذن الله تعالى-.
حاولي - أختي الكريمة- أن تتعرفي على اهتماماتها الأخرى والأشياء التي تجذبها وتستطيعين توفيرها وإشغالها بها، فإن هذه المرحلة؛ مرحلة مراهقة وفيها يهتم الشاب أو الشابة بالأشياء المثيرة التي يود من خلالها أن يحقق ذاته، فابنة أختك أدمنت على تلك الأغاني وهي في هذا السن؛ لأنها رأت في تلك الأغاني الإثارة والمتعة والتسلية، وربما تحقيق شيء من ذاتها لا سيما إذا كانت تحفظ الكلمات والرقصات، فلا شك أنها تريد أن تثير اهتمام من حولها مما جعلها تدمن، وما لم تكوني قادرة على ملئ هذا الفراغ النفسي لديها، وتحقيق شخصيتها من خلال معرفة الاهتمامات الأخرى لديها فإنها لن تقتنع، وربما تزيد في إصرارها على الإدمان.
في البداية ليحاول أهلها تحديد أوقات محددة لمشاهدة التلفاز حتى لا تتمكن من المشاهدة في كل وقت، ثم ليحاول أهلها إشغالها أيضاً في الوقت المسموح به لمشاهدة التلفاز بأن تشغل هذه الفتاة بأشياء تحبها كالزيارات، وما إلى ذلك.
أخيراً: شجعيها مثلاً إذا كان صوتها جميلاً أن تحفظ القرآن الكريم، وأن تقرأه أمامك وعطريها بالثناء وعندما ذكرت لك القرآن لأني لا أجد ألذ، ولا أطعم، ولا أفضل لها، ولنا جميعاً من بديل آخر عن كتاب الله -تعالى-.
حاولي، واصبري، وابدئي معها شيئاً فشيئاً؛ وستجدين النتيجة إن في الدنيا وإن في الآخرة. وصلى الله على نبينا محمد.(19/91)
ابنتها المراهقة والمحادثات الغرامية
المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 26/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
أنا لي ابنة عمرها 14سنة، فاجأتني قبل أيام أنها تحب شاباً عمره 16سنة تقريباً، ولم تتجاوز العلاقة بينهما المحادثات الهاتفية، يوهمها أنه يحبها ويريد الزواج بعدما ينتهي من دراسته، وفترة العلاقة 3 أشهر تقريباً، ماذا أفعل معها؟ هل أضربها وأحبسها أو ماذا أفعل معها؟، أفيدونا أفادكم الله، وأسأل الله العظيم أن يجعله في موازين أعمالكم.
ملاحظة: عندما علم أبوها أراد أن يضربها، فهدأته، وقلت دعنا نسأل أهل العلم، فأرجو أن تردوا بأسرع وقت. ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت الفاضلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا شك أن ما حصل من البنت مشكلة خطيرة، وهي ليست بمستغرب أن تحصل من بعض البنات والشباب وهم في مثل هذه الفترة العمرية (14-16 سنة) ، وهي جزء من فترة متعبة جداً للشاب وللفتاة، ولمن لم يحسن معرفة التعامل معهما من الآباء أو الأمهات، وهذه الفترة تسمى فترة المراهقة.
وهذه الفترة تحتاج من الوالدين الاستعداد لها والاهتمام بأمرها في وقت مبكر قبل أن يبدأ الابن أو البنت بها، ويتم الاستعداد لها بالتربية السليمة وتعويدهم على الفضائل، وتعريفهم وهم صغار بالحرام، وتخويفهم بالعقوبة يوم القيامة وبأمرهم بالطاعات، والحرص على الصلوات، وأن يكون البيت خالياً من وسائل تسهيل المنكر، مثل الأغاني والموسيقى، والأفلام، والمسلسلات التلفزيونية، والبرامج غير المنضبطة بضوابط شرعية صحيحة، ويلزم حرص الأب والأم على حسن العلاقة بالأبناء التي تساعدهم على سماع النصيحة والثقة بالأبوين؛ حتى لا يحتاج الوالدان إلى استخدام وسائل خاطئة كالقسوة في المعاملة والحرمان، والأساليب، والألفاظ غير المناسبة، مما يزيد في نفور وعقوق الأبناء للآباء والأمهات، وأن يحرص الأب على مساعدة الابن، وتحرص الأم على مساعدة البنت، قبل أن يصل الابن وتصل البنت إلى هذه الفترة التي تبدأ من (14-18 أو 20 سنة) فيحسن الأب اختيار الأصدقاء لابنه، والأم تحسن اختيار الصديقات لابنتها، أو على الأقل مراقبتهما مع أصدقائهما بطريقة صحيحة.
ومتى فرَّط الأب وتخلت الأم عن كل ما سبق ذكره فربما تحصل المشكلات بسببهما، ثم يندمان ولا ينفع حينئذ الندم.
أما مشكلة البنت التي ذكرتها هنا فهي -بحمد الله- لا تزال في بدايتها، ويمكن لك ولأبيها تدارك الأمر، وقطع الشر قبل أن تتطور المشكلة، فتحصل أمور لا تحمد عقباها من هذه العلاقة بين مراهقين لا قدَّر الله.
فالشاب المراهق الذي تعرَّفت عليه البنت لا يزال صغيراً وهي أصغر، ولن يحدث - إن شاء الله- شر إذا سارعت أنت وأبوها إلى تنفيذ التوصيات والنصائح؛ لذا أنصح بما يلي:(19/92)
(1) اجلسي مع البنت في وقت مناسب وعلى انفراد بينك وبينها لتوضحي لها خطورة هذه الصداقة وشرها العظيم إذا تمت بسبب مكالمات هاتفية وليست بأمور شرعية، وتوضحي لها أن الشاب يزعم أنه سيتزوجك بعد التخرج، فإن كان صادقاً فلماذا العلاقة غير الصحيحة من الآن، ولماذا تتم بدون ترتيب مع الوالدين لكل من البنت والولد، وقولي لها لا تنخدعي بكلامه، فكم من علاقة تمت مثل هذه، وانتهت بالسجن والمخدرات والفاحشة، ثم بعدها لم ينفع الندم، وقولي لها: سننظر في حال هذا الشاب إن كان عاقلاً ونيته سليمة وهو من أسرة متدينة، فلا مانع من الزواج، ولكن ليس الآن ولا بهذه العلاقة غير الشرعية، وخوفيها بالله وأكثري من مدحها بالأعمال الطيبة.
(2) من الأفضل أن يتصل الأب بالشاب ويجلس معه لمناقشته وتخويفه بالله أن هذه طريقة خاطئة، ويوضح له الطريق الصحيح إن كان صادقاً في نيته، فإن وجده شاباً عاقلاً ومتديناً لكنه متعجل ومخطئ ينصحه أن ينتظر، وبعد التخرج يتقدم لكم عن طريق والديه، فإن وافقتم يتم كل شيء بأسلوب صحيح، وإلا تعتذرون أو ربما هو يتغير رأيه فيما بعد، وعلى الأب أن يحذِّر الشاب من أي اتصال بالبنت بعد اليوم.
(3) : فكري وتفحصي، ما هي أسباب بدء هذه العلاقة بين البنت وهذا الشاب، هل تربية البنت عندكم قد تمت على أصول حسنة وسليمة؟ فلا أغاني ولا أفلام، ولا قنوات فضائية غير منضبطة؟! وهل أهل البيت كلهم محافظون على الطاعات وأهمها أداء الصلوات والحشمة؟! وهل وصول البنت إلى المدرسة وعودتها منها يتم بضوابط شرعية صحيحة؟ وهل البنت لا تخرج للسوق إلا للضرورات، وإذا خرجت تخرج محتشمة ومعها من يرعاها؟ فهي في سن المراهقة، ومثل هذه الفترة تحتاج من الوالدين عناية واحترازاً شديدين، فإن كانت أسرتكم مهتمة وحريصة على هذا بفضل الله، فما حصل لا شك أمر خطير، ويلزمكم الحرص الشديد والعاجل على معالجته بالحكمة، سواء مع البنت أو مع الشاب الذي ابتليتم به، وإن كان الإهمال من البيت بسبب المخالفات الشرعية فإن هذه المشكلة واحدة من النتائج الحتمية لهذا التسبب، فاتقوا الله وسارعوا للتوبة حتى لا تتطور هذه المشكلة، وقد يحصل مثلها أو أشد وأعظم.
أما حل المشكلة هذه: فنوصيك ونوصي والدها بالحكمة والتعقل، وعدم العجلة، ما حصل أمر يمكن تداركه - بإذن الله- والخلاص منه بسهولة، إن وجهتموه الوجهة الصحيحة. وفقكم الله.(19/93)
التعلق بالرضاعة بعد الفطام
المجيب د. فاطمة الحيدر
طبيبة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 10/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
مشكلتي مع طفلي البالغ من العمر ثلاثة أعوام ونصف، فمنذ فطامه منذ سنتين وأنا ألاحظ تعلقه بالرضاعة، فهو يطلب مني أنه عندما يرجع طفلاً أن أعود أرضعه، ويحب النظر لصدر المرأة عموماً كلما تذكَّر، الأمر الذي يسبب لي الإحراج مع القريبات من جهة، وأخاف أن يستمر هذا معه من جهة أخرى فيتحول لسلوك غير سوي، كيف أتصرف؟ أفيدوني، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ما ذكرتيه - يا عزيزتي- لا يعد مشكلة، بل إنه تعلق طبيعي في هذه المرحلة العمرية- فبعد التوقف عن الرضاعة والتي لا تمنح الحليب فقط، بل تعطي أكثر من ذلك من خلال الشعور بالحنان والإحسان والاطمئنان، وبعض الأطفال يستمر في البحث عن ذلك عن طريق المطالبة بمزيد من الرضاعة، والبعض الآخر يستبدله بالالتصاق المبالغ فيه بالوالدة والإمساك بيدها خاصة عند النوم، هذه التغيرات وغيرها قد تلاحظ زيادة فيها بعد ولادة مولود جديد، وكأن الطفل الأول يقول: إنني لا زلت بحاجة لنفس الرعاية والاهتمام، كل ما عليك - يا عزيزتي- هو إشباع الحاجة الطبيعية للحنان لديه بتقبيله واحتضانه، وملاطفته، وإشعاره بأنك قريبة منه، خاصة في فترة ما قبل المنام، والتي تدعها كثير من الأمهات من مهام العاملة المنزلية، وحينما يطلب منك الرضاعة أو ملامسة الصدر بيده كوني لطيفة، ولكن حازمة في رفض ذلك، وتذكيره بأنه قد كبر، ثم اشغليه بشيء محبب، وداعبيه بطريقة أخرى. والله الموفق.(19/94)
كيف يرغب ابنه الصغير في الطاعات؟
المجيب عبد الرحمن بن عبد المحسن البعيمي
مشرف تربوي بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 10/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابني يبلغ من العمر ست سنوات وعشرة أشهر، وهو يدرس بالصف الأول الابتدائي، وأرغب في عدة أمور:
1- تسجيله في حلقة تحفيظ قرآن، لكنه يرفض بقوة، فهل أجبره؟.
2- المحافظة على الصلاة: أحياناً يرفض الصلاة في المسجد والبيت، فهل ألزمه وأعطيه الهدايا لترغيبه فيها، أو أحرمه من بعض الأشياء؛ بسبب عدم أدائه للصلاة.
3- المحافظة على أذكار الصباح والمساء، فابني يحفظ بعض السور القصيرة وبعض الأذكار، لكن أحياناً كثيرة يرفض قراءتها. أرشدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الكريم: - حفظه الله-
إن ممارسة الكثير من الضغوطات على الطفل ليتعلَّم ويحقِّق نتائج جيدة ليست مفيدة، وإن تعَّلم أشياء مثل القراءة والكتابة والأرقام في عمر مبكر جداً، فهي أشبه ما تكون بمحاولة بناء السقف قبل الأساس.
فقدرات الطفل وطاقاته تنمو على مراحل تراكمية تتلاحق، وتفيد بعضها البعض، وتعتمد كل منها على سابقتها، والطفل يتعلَّم بطريقة أفضل إذا ما هيأ له الأبوان والمعلمون فرصة لتعلُّم الأشياء المناسبة لعمره.
لذا - أخي- ينبغي أن يكون لديك جزء كبير من المهارة والصبر، فمراقبة الطفل عن قرب، ومعرفة الوقت الذي يصبح معه الطفل محبطاً أو ضجراً مهم جداً؛ لأنه يجب أن نضع الطفل أمام فرص جديدة، وتحديات مناسبة لعمره، وبعث الاهتمام لديه لكي يطبق ما يريده الأبوان، لذا - أخي- ينبغي عليك أن تسعى إلى تطبيق الآتي:
1- مراقبة الطفل بشكل جيد؛ لكي يمكن أن تطلب ما تريد في أوقات مناسبة.
2- احترام رغباته وتوجهاته؛ حتى تستطيع أن تصل إلى ما تريد.
3- الامتناع عن العقوبة المسبقة، واتباع مبدأ التعزيز الإيجابي (الثواب) ، ومبدأ العقاب، والذي يكون بالحرمان مثلاً وليس بالضرب.
4- التشجيع المستمر للطفل إذا تعلَّم أشياء جديدة خارج المدرسة وداخلها.
5- الصبر وعدم استعجال النتائج، فما يرفضه الطفل اليوم قد يقبله في الغد.
6- الدعاء له بالهداية والصلاح.
ولا تنس - أخي- أن تعبر لطفلك عن سرورك الكبير لأي شيء يتعلَّمه حتى لو كان صغيراً. والله يحفظك.
أما مسألة العناد فهو سلوك إنساني سوي، فالإنسان قد يرفض موقفاً ما، ويتخذ موقف الرفض منه، فيكون الشخص في صراع بين سلوكيه، والتمسك الشديد بأحدهما يطلق عليه العناد.
والأطفال عندما يتمسكون بموقفهم فهم يرونه أكثر مناسبة وراحة لهم، ولذلك يجب عدم مواجهة الطفل في إصراره، فلا تصرخ إذا كان يصرخ، ولا توجه له عبارات جارحة، بل يجب اللجوء إلى الحديث الذي يناسب الحوار، بحيث ننقل الطفل من حالة الهجوم إلى الدفاع، فيكون هناك قنوات للحوار أكثر إيجابية.
فقد يكون الطفل محقاً بعناده، وهذا ما يجب أن يعرفه الوالدان، فالحوار هو الوسيلة الرائعة لفهم ما يريده الطفل، وهو وسيلة ناجحة لعلاج حالات العناد.(19/95)
وعادة يتخذ الطفل العناد جزءاً من تعلمه واستكشافه، ومحاولة التعبير عن ذاته واستقلاليته أو لتحقيق ما يريد، أو لفت الانتباه، أو قدوم طفل جديد.
ومن الأساليب التربوية التي على الوالدين اتباعها مع طفلهم ما يلي:
1 -يجب معرفة طبيعة الطفل وحاجاته والفروق الفردية بين الأطفال.
2- التغاضي عن بعض المواقف الصغيرة والبسيطة.
3- توجيه الطفل بطريقة غير مباشرة.
4- عدم إرغام الطفل على إيقاف سلوكه الخاطئ أو عناده، وخاصة بالضرب أو الألفاظ الدالة على التحقير؛ لأن ذلك لا يزيده إلا عناداً.
5- الحوار الهادئ مع الطفل، والصبر في التعامل من دون استعجال النتائج.
أما ما يخص البكاء الكثير فهو عادة يكون ملازماً للعناد، فهو من الأساليب المرغوبة لدى الكثير من الأطفال في سن الثالثة إلى الخامسة؛ لتحقيق ما يريدون، ولعل الدلال الزائد من أهم مسبباته. والله يحفظكم.(19/96)
طفلة لا تنام وتشعر بالخوف
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 19/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المشكلة عند ابنة شقيقتي، وهي طفلة في السابعة تقريباً، انطوائية كثيراً, ذكية, حساسة جداً، بدأت المشكلة قبل أشهر بأنها أصبحت لا تنام في الليل، وتشعر بالخوف، تطرح أسئلة غريبة مثل: إذا جاء اليهود وقتلوك يا ماما، وقتلوا أبي أين نذهب؟ وأسئلة أخرى غريبة، طبعًا يحاول والداها تطمينها، لكن المشكلة الكبرى أنها لا تنام في الليل، هم يعيشون في منطقة ريفية، بيت مستقل يشاركها إخوة أصغر منها، وجدتها لأبيها، آمل أن ترشدونا لكيفية معالجة المشكلة والتعامل معها. وجزاكم الله خيراً ونفع بكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي الفاضل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الكريم: إن الخوف حالة شعورية وجدانية يصاحبها انفعال نفسي وبدني ينتاب الطفل عندما يتسبَّب مؤثر خارجي في إحساسه بالخطر، وقد ينبعث من داخل الطفل، وهو حالة طبعية تشعر بها كل الكائنات الحية، ويظهر في أشكال كثيرة متفاوتة بين الحذر والحيطة إلى الهلع والفزع والرعب، وكلما كانت درجة الخوف في الحدود المعقولة كان الإنسان طبعياً، ويمكنه التحكم في انفعاله، ولكن حينما يشعر الطفل -وخاصة بعد سن السادسة- بخوف من أشياء لا تمثل خطراً حقيقياً، فإن هذا الخوف يعد خوفاً مرضياً، ويحتاج إلى علاج نفسي ... ما تقدم نبذة مختصرة عن الخوف، وما تعيشه بنت شقيقتك إنما هو خوف نشأ من مصدر، أو مؤثر خارجي ساعد على زرع الخوف المرضي داخلها، وأرسل لها صوراً مؤثرة رسخت في العقل الباطن لديها، مما جعلها تعيش في خوف مستمر، وقد تكون تلك الرسائل أرسلت بقصد أو بدون قصد من خلال القصص حول وضع فلسطين وأطفالها ونسائها ورجالها مع اليهود المغتصبين، وما يتعرضون له من قتل وتشريد. نسأل الله -تعالى- لهم النصر القريب، وبما أن ابنة أختك ذكية وحساسة جداً فإن تلك الصفات ساعدت على أن يكون إدراكها للواقع أفضل وأسرع من الأطفال الأقل ذكاءً؛ لأن الطفل الذكي أكثر حذراً لقدرته وإمكاناته التي تؤهله لتوقع الأخطار وسرعته في الوعي بها، وقدرته على التمييز بين الأخطار الحقيقية والوهمية.
وإليك أفضل الطرق المناسبة التي قد تكون عوناً لمواجهة مشكلتها، آملاً من الله - عز وجل- أن تجد فيها الخير:
أولاً: مساعدة الطفلة للاندماج مع غيرها من الأطفال، وعدم تركها تعيش داخل ذاتها، أي أنها تستقبل ولا ترسل، لأن ذلك مدعاة لأن تترسخ داخلها صوراً سلبية، وتظهر على سلوكياتها كطفلة هادئة توضع كنموذجاً لغيرها مما يرسخ لديها الانطوائية، فأهمية إشراكها مع الأطفال وتنمية روح الجماعة داخلها مهم جداً، فضروري جداً مساعدتها على الذهاب للمناسبات الاجتماعية ومدن الترفيه- ولو كان شهرياً-.(19/97)
ثانياً: توفير وسائل ترفيه ذات القيمة المادية القليلة من خلال شرائها من المكتبات؛ لاستثمار قدراتها العالية، ولإشغالها عن التفكير المستمر عن الأحداث الراهنة داخلياً وخارجياً.
ثالثاً: البحث عن المصدر الذي ينبعث منه رسائل التخويف من اليهود والموت وفقدان الأقرباء، وإيقافه عن بث تلك الرسائل، وقد يكون المصدر الجدة لحرصها على إشراك الأطفال بهموم الأمة، أو لحرصها على تخويفهم من الخروج من المنزل وخلافه، وقد يكون المصدر متابعة التلفاز، ومشاهدة صور تحكي واقع فلسطين ما غرس داخلها الخوف المرضي؛ لذلك يجب الحرص على إبعاد الطفلة من استقبال أي مصدر تسبَّب في نشوء تلك المشكلة.
رابعاً: أسلوب المحاورة.. يجب التحاور مع الطفلة حول ما تختزله من مخاوف، وتطمئنها بأن تلك الأحداث سنة إلهية، وأن مكانهم بعيد جداً لن يستطيعوا وصولنا ... ويكون الحديث معها بقدر إدراكها، والهدف هو المساعدة على اطمئنانها بإخراجها من الأفكار السلبية التي سيطرت عليها.
خامساً: الطفلة تحتاج إلى مساعدة من قبل المدرسة، من خلال إيصال وضعها للأخصائية في المدرسة، أو إحدى معلماتها المفضلات لها؛ لتكون مصدر عون لإخراج الطفلة من عزلتها وتصحيح أفكارها؛ لكي يكون هناك توافق بين ما يقال في المنزل وما يقال في المدرسة. حفظ الله ابنة شقيقتك، وحرسها من شر الشيطان وشركه، سائلاً الله لنا ولك التوفيق والسداد.(19/98)
ابنتي الصغيرة والعناد
المجيب د. أسماء الحسين
الأستاذ المشارك في الصحة النفسية والعلاج النفسي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 01/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أرجو منكم مساعدتي في حل مشكلتي مع ابنتي وعمرها سنتان ونصف، فهي عصبية المزاج، وعنيدة لدرجة كبيرة، ولا تطلب شيئا إلا بالبكاء والأنين، ولو كانت تضحك أو تلعب، وعندما أكلمها أو أناديها أو أنبهها لأي شيء لا تلتفت إلي، حتى شككت في سمعها، ولكني تأكدت من سلامتها، وما زلت لا أعلم سبب عدم ردّها علي، سواء كنت ألاعبها أو أعاتبها! وفي كثير من الأحيان أحس أنها تعيش في عالم آخر، وتنسى ما حولها عندما تلعب أو تلتهي في أي شيء، وفي الآونة الأخيرة أصبحت تضربني بكثرة، فعندما أضربها أو أوبّخها أو أنظر إليها نظرة عتاب تتوجه نحوي بعصبية وتضربني، وقد جربت معها كل ما أستطيع، فكنت أتجاهلها ولا أنظر إليها، ثم غضبت منها وأبعدتها عني، وأخبرتها بأنني لا أكلمها، وأخرجتها من الغرفة وأغلقت الباب، ثم جربت أن أضربها، وبعض الأحيان أمسك يديها حتى تهدأ، وفي كل مرة ترجع وتضربني في الحال، مع العلم أن والدها يعاملها معاملة سيئة في كثير من الأحيان، وقد كان يضربها منذ الشهور الأولى، ولم يفرح لا بحملها ولا ولادتها، وكثيراً ما يثور عليها بسبب أو دون سبب، ويعاندها وكأنها تفهم، حتى إنه في بعض الأحيان يرمي عليها كل ما حوله، أو يضربها بشدة، ويرميها على الأرض ويرفسها، ثم يتندم بعد لحظات على ما فعل، وكأنه فعله دون إرادته، مع أنه قبل الزواج كان معروفاً بحبه الشديد للأطفال، لدرجة أن الجميع كانوا يعتقدون أن البنت تعيش في دلال وفرح مع والدها، ولم يصدقوا الحقيقة، فهل يكون سببا في حالتها العصبية؟ وماذا أفعل معهما؟ لقد تعبت وأخاف أن يتطور الأمر، ساعدوني؛ فأنا ليس لي خبرة، مع أن والدتي حفظها الله لاحظت قبلي كل شيء، وحاولت مساعدتي فاحتارت ولم تستطع. بارك الله فيكم وفرّج همومكم.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عزيزتي: من أكثر المشكلات التي تواجه الوالدين عملية التشخيص الصحيح لما أصاب أبناءهم من تغيرات أو اضطرابات، أو تصرفات غير طبيعية، والتشخيص هنا ليس سهلاً؛ لأنه مشابه لاضطرابات كثيرة، منها اضطراب المزاج، والعصبية أو العناد، وصعوبة التواصل، والتعلم، وكذلك مرض التوحد الذي يظهر في مثل هذا العمر، ولو تأملنا مرض التوحد، وبعض الصفات المصاحبة له، فأبرزها التالي:
1- أن الطفل يتصرف كأصم أو لا يسمع.
2- أن الطفل يضحك أو يصرخ بشكل غير مناسب، ولديه نوبات من الصراخ والبكاء والاكتئاب لأسباب غير واضحة.
3- لا يظهر عواطفه، ولا يحب أن يحضنه أحد.
4- لا ينظر في عيون الآخرين.
5- إما يظهر نشاط جسدي زائد أو خمول مبالغ فيه.
6- لا يخاف من الخطر.
7- اهتمام غير مناسب لبعض الأشياء.
8- يظهر وكأنه لا يحس بالخطر.
9- يقاوم التغيير في الروتين.
10- يجد صعوبة في الاختلاط بالآخرين.
11- يحب لف الأشياء.
12- الاستمرار في اللعب بأشياء غيره من الأطفال.
13- طاقة جسمانية زائدة وواضحة.
14- يعبر عن حاجته بالإشارة.(19/99)
فإذا ما حاز الطفل على سبع أو ثمان من الصفات المشار إليها فإنه يشخص بمرض التوحد، وهنا يتدخل العلاج النفسي والطبي الدوائي، وعلاج التصرفات والسلوك من خلال التعليم الخاص، وقبل ذلك لا بد من عرضها على طبيب مختص لتشخيص حالتها بدقة، وليس بالضرورة أن ما لدى طفلتك - حفظها الله- هو التوحد، بل ربما لما ذكرت من سوء معاملة من قبل والدها دور في ظهور الحالة لديها، فالطفل إذا لم يجد التفهم والاحتواء الكافي، والمشاركة الحانية في مثل هذه السن المبكرة بالذات، فإنه إما أن ينعزل ويكتئب أو يتمرد على السلطة بدءاً بالوالدين، وكما قيل في المثل: (إذا كان الكلام حلواً، كان الصدى حلواً) ، فكيف نتوقع من طفلة تعامل المعاملة السيئة في كثير من الأحيان، وتُضرب منذ الشهور الأولى أن تكون علاقتها مع أبويها دافئة حميمة وسوية؟! من أهم احتياجات الأطفال التقبل والتفهم، وإظهار الحب لهم، وهنا المعالجة واضحة بعد إرادة الله، وهي التقرب إلى الطفلة، وتقديم الحب والاهتمام لها من قبل الوالدين، والصبر في ذلك وإشعارها بالاحترام الذي يشعرها بالانتماء للأسرة والحب لها. وفقك الله.(19/100)
ابني جهوري الصوت!!
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 25-6-1424
السؤال
لي ابن عمره ثمان سنوات ومشكلته أنه جهوري الصوت بشكل غير طبيعي، وقد عملت كل جهدي كي يغير من هذه العادة السيئة ويخفض من صوته ولكن دون فائدة..كما أن المدرسة تشكو من هذا الأمر إلينا حيث أنه يناقش المعلمين بصوت مرتفع مما يجعل المقابل يظن أنه يسيء الأدب معه. أرجو الإفادة.
وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الأخت الكريمة ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكر لك تواصلك الإلكتروني مع موقع "الإسلام اليوم".
إن حدوث سلوكيات غير مرغوبة للآباء من الأطفال نتيجة لبحث الأطفال عن وسائل يجدوا فيها الطريقة المثلى لجلب انتباههم، وكذلك لتأثير التنشئة الاجتماعية على سلوكياتهم. ومن أهم الأسباب التي أرى أنها قد تكون سبباً لسلوك ابنك " رفع الصوت " ما يلي:-
أولاً:- أسباب صحية فقد يكون ابنك يعاني من ضعف في السمع فلذلك يرفع صوته اعتقاداً بأن الآخرين يماثلونه بالمشكلة السمعية!!
ثانياً:- قيام ابنك برفع صوته رغبة في جلب انتباهك أو والده أو معلميه لشعوره الداخلي بأنه مهم ويستحق الانتباه وقد يكون هناك تشجيع لهذا السلوك من قبلكم فأصبح عادة لأنه وجد معززات في السابق!!
ثالثاً:- قد تكون محاكاته لأحد الأقرباء أو الأصدقاء سبباً لذلك السلوك!!
رابعاً:- ومن الأسباب صرف انتباه الآخرين عن سلوكيات أخرى يحاول أن يبعد الآخرين عن ملاحظتها!!
ما سبق بعضاً من الأسباب التي قد تكون مما ساعد على تنامي السلوك لدى ابنك!!.
وسأورد لك أفضل الطرق المناسبة التي أسأل الله تعالى أن يجعل فيها الخير لك ولابنك:-
أولاً:- عرض الابن على أخصائي قياس السمع ليتعرف على درجة السمع فقد يكون حاسة السمع ثقيلة!!
ثانياً:- الحرص على خلق جو أسري مناسب للطفل يتصف بالهدوء والاستلطاف مما يساعد على تقليل سلوك ابنك!!
ثالثاً:- تجاهلي تماماً سلوك ابنك وهذا أسلوب ناجح جداً لتقليل أي سلوك صادر غير مرغوب فيه من الأبناء وهذا الأسلوب يجعل الطفل يقتنع بأن الطريقة غير ذات تأثير على الكبار لجلب انتباههم!!
رابعاً:- تعزيز المواقف التي يصدر فيها سلوك مرغوب مادياً ومعنوياً مما يساعد على تنامي السلوك الإيجابي " خفض الصوت " وربط ذلك بالمعززات الإيجابية!!
خامساً:- الصبر على ما يحدث من ابنك من خلال الاستمرار بوسائل العلاج وعدم الاستعجال بظهور النتائج!!
سادساً:- تشجيع الطفل على قراءة بعض الكتيبات المصورة التي فيها قصص قصيرة والطلب منه بسرد القصة بصوت عادي وتقديم الحافز المعنوي مباشرةً في حالة نجاحه بذلك!!
سابعاً:- التعاون مع معلميه في المدرسة وإحداث توافق بينكم لتقويم سلوكه وفق خطة موحدة وتعامل مشابه!!
هذا ما تيسر لي ذكره حول مشكلة ابنك سائلاً الله تعالى أن يحفظه ويجعله قرة عين لك ولوالده إنه جواد كريم!!(19/101)
كيف نتعامل مع أبنائنا الذين لا يصلون؟
المجيب د. عبد اللطيف الحسين
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 04/05/1425هـ
السؤال
ما أفضل طريقة للتعامل مع الأولاد الذين لا يصلون؟ وإذا صلوا يصلون بدون وضوء؟.
الجواب
شكر الله للأخ السائل لطرحه هذا السؤال؟ فإن موضوعه مهم، ولا بأس لو تحدثنا بعض الشيء عن أمر الصلاة:
جدير بأولياء الأمور والأساتذة، والمربين أن يعنوا أيما عناية بأمر الصلاة، فالنبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء، قال الرب - عز وجل-: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فيكمَّلُ بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك" رواه النسائي (465) وابن ماجة (1425) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
ومن هنا فقد حثَّ النبي - صلى الله عليه وسلم- على أداء الصلاة للصبيان في قوله: "مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها" رواه
أبو داود (494) من حديث سبرة بن معبد -رضي الله عنه-، وقوله: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أبو داود (495) من حديث ابن عمرو -رضي الله عنهما-.
فحري بالأبوين أن يأمرا أولادهم بالصلاة منذ السابعة، والحكمة في أمر الأطفال بالصلاة في هذا السن الصغير كي يستأنسوا بها، ويعتادوها، فيسهل عليهم إقامتها إذا كبروا، ولنتصور حث الوالدين في كل يوم خمس مرات، لمدة ثلاث سنوات، لوجدنا أكثر من خمسة آلاف مرة، يحث فيها الأبناء على الصلاة، ولا شك أن ذلك خير عون على أداء الصلاة، ومما ينبه عليه في هذا المقام، التأكيد على الأب بمرافقة ابنه معه إلى المسجد، وتشجيعه دوماً، وقل مثل ذلك بالنسبة للأم بمتابعة صلاة ابنتها في البيت، وبهذا فمن اعتاد الصلاة، ونشأ عليها لم يكد يتركها - إن شاء الله- فيما بعد، وكما عبَّر الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيات منَّا *** على ما كان عوَّده أبوه.
وإذا بلغ الأولاد العاشرة وقصروا في الصلاة فيضربون حتى ينزجروا، ولا يكون بالضرب الشديد، إنما ضرباً غير مبرح، وأن يُتقى الوجه في الضرب، فلا يضرب الصبي بعصا غليظة تكسر العظم، ولا رقيقة تؤلم الجسم، بل تكون وسطاً، مع ملاحظة أن المقصود من الضرب هو تأديبهم وتوجيههم إلى الحق وأداء الصلاة، مع اتخاذ وسائل الترغيب والتحبيب دوماً.
ونشيرُ إلى أنه ربما كان التقصير في أداء الصلاة بالنسبة للصغار، نتيجة الإهمال من قبل الوالدين في أداء الصلاة والتوجيه والمتابعة لأبنائهما، يقول ابن القيم - رحمه الله-: "فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سُدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوها صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم كباراً".
وأما عن الصلاة بلا وضوء، فيجدر تنبيه الصغار على أهمية الطهارة، والوضوء وترغيبهم في ذلك، وتحذيرهم من الصلاة بلا طهارة البتة، وعدم قبول الصلاة، ولا سيما إخواننا الأساتذة في المدارس لصلاة الظهر للطلاب.
كما أنصح الآباء والمربين والأساتذة: أن يعرفوا الأبناء بالتوحيد، ويعرضوه عليهم بأسلوب مبسط يناسب عقولهم، ويبعثوا روح المراقبة لله والخوف منه: بيان توحيد الأسماء والصفات، كالسميع، والبصير، والرحمن، وتأثيرها في سلوكهم، وأداء الصلاة. والله الهادي إلى سواء السبيل.(19/102)
ابني والدراسة متنافران..!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 29/10/1422
السؤال
سؤالي حول ابني المراهق. الذي يبلغ من العمر ست عشرة سنة، فهو ميت القلب أي لا يبالي بمستقبله. لا يذاكر دروسه ولا يحل واجباته، ولا يحفظ شيئاً من المواد التي تحتاج إلى حفظ، وكثير الكذب.
في ليلة الاختبارات ينام قرير العين بدون أن يفكر في فتح كتاب أو مذاكرة درس. حاولت كثيراً معرفة السبب ولم استطع تعاونت مع المشرف الاجتماعي بالمدرسة وبعض المدرسين ولم تخرج بنتيجة، أخذته لطبيب نفسي، ولم أحصل على نتيجة مرضية..ما زال غير مكترث بالحياة العلمية لا يشعر بالخوف من المستقبل ولا يهتم بدراسته.. كلمته على انفراد عدة مرات، وحاولت إقناعه بأهمية الدراسة وأنها هي الأمان للمستقبل، وللحصول على عمل أفضل ومنصب أفضل ولم أجد أي استجابة. علماً أنه لا يعاني من نقص بالذكاء ولا الحافظة. ولا أعتقد أنه يواجه مشاكل مع زملائه بالمدرسة، إذ تم متابعته بشكل مكثف من قبل مدير ومشرف المدرسة للقضاء على مشاكله مع زملائه.
آسف للإطالة.. أخيراً هذه السلوكيات مصاحبة له منذ بداية دراسته بالابتدائية وهو الآن في المرحلة الثانوية. ولا تقولوا كيف وصلها؛ فقد أراني وأرى والدته نجوم الليل في عز النهار حتى تمكنا من اجتيازه للامتحانات بدرجات مقبول وجيد فقط.. فهل من طريقة لحل هذه المشكلة؟؟!!
الجواب
أخي الكريم، أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد، أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:
أولاً - لتعلم -يا عزيزي- إن مرحلة المراهقة -إجمالاً- مرحلة "مزعجة " للمراهق وللمحيطين به ... فهي بالنسبة للمراهق مرحلة انعدام وزن وبحث عن هوية.. أي أن المراهق لم يستقر بعد على الشخصية التي يريدها لنفسه ويرضى بها.. فهو متذبذب بين نظرته لنفسه ونظرة المحيطين به!! يرى نفسه كبيراً لا يحتاج إلى التوجيه، وقد فهم الحياة وأدرك أسرارها.. ويرونه صغيراً.. يحتاج إلى التوجيه في كل صغيرة وكبيرة..!! هو يبحث عن ذاته.. فيراها أحياناً في اكثر من شخصية فيتقلب بينها ويقلدها إن بطريقة الحديث.. أو اللباس أو التعامل ... !! الخ وقد تصل هذه الشخصيات إلى حد التناقض في صفاتها وأمزجتها ويصل تقليد المراهق لها إلى حد الاستفزاز لمن حوله لسرعة تقلبه وتأثره..!!! إضافة إلى ما يعتلج في نفس المراهق وأعماقه من تيارات وعواصف رهيبة وأسئلة كثيرة عن ذاته ومجتمعه وأسرته.. وأهوائه ورغباته.. والمرغوب والممنوع والإقدام والإحجام.. وما إلى ذلك من أمور قد تصرفه عما يريده الوالد له ولو بشكل جزئي!!
ثانياً- فهمنا لواقع المراهق يجعلنا نتعامل معه بواقعية وهدوء بعيداً عن الفعل ورد الفعل.. مع التغاضي عن بعض الهفوات، وتجاهلها، ومحاولة الاقتراب منه، وتحميله بعض المسؤولية في شؤون المنزل واستشارته في بعض الأمور، والأخذ برأيه أحياناً، ومحاولة النظر للأمور من زاويته كمراهق!!(19/103)
ثالثاً- ما يتعلق بالدراسة: كثيرون هم أولئك الذين يعانون مما تعاني - صدقني- والأسباب كثيرة جداً لا تتحمل الأسرة أو الطالب إلا جزءاً منها.. وما دمت قد بذلت الأسباب فاستمر في بذلها "بهدوء"، واترك الأمر لمسبب الأسباب ورب الأرباب فهو الهادي والمعين. ثم هناك أمر آخر وهو أن فشل الإنسان في دراسته لا يعني فشله في حياته.. بل ربما تفوق الإنسان في مجال آخر وأبدع فيه رغم فشله في دراسته وما أعنيه هنا هو ألا يكون تقييمنا لهذا الإنسان أو ذاك نجاحه أو فشله في دراسته المنهجية؛ فالحياة مدرسة كبيرة والأسرة مدرسة أخرى وأصدقاؤه مدرسة ثالثة.. وهكذا.. فمقاييس النجاح والفشل تتعدد.
رابعاً- في هذا الزمن أصبحت المغريات كثيرة جداً وعوامل اللهو تتغلب على عوامل الجد.. وأنت في سؤالك لم تذكر لي شيئاً عن الظروف والتفاصيل الأسرية.. مثل عدد أخوته وترتيبه بينهم ووسائل الترفيه المتاحة له داخل المنزل.. وغير ذلك، لأن الخلل قد يكون فيها..!! وعلى أي حال هب أن هذا الابن تفوق في دراسته حد الامتياز.. واخفق في تربيته أو تعامله أو أخلاقه حد الفجيعة - لا قدر الله - فأيهما تريد..؟! وأيهما يسرك كثيرا..؟!
خامساً- لذلك كله فإنني أقول: ليكن همك الأول أخلاقه وتربيته وحسن تعامله.. ونوعية أصدقائه؛ فهي الاستثمار الأساس، وأما دراسته فيمكنك تجربة ما يسمى بـ" التعاقد الشرطي" معه أي أنه إن جد في دراسته واجتهد فستحقق له بعضاً من مطالبه، مع حثه كما أسلفت وتشجيعه، ومساعدته في تنظيم وقته ومشاركته في همومه وآلامه وآماله قدر المستطاع.
سادساً - وقبل هذا وبعده.. الدعاء. الدعاء.. وصدق الالتجاء إلى الله بأن يوفقه ويهديه ويحفظه من كل سوء.. وأن يقر عيونكما بصلاحه وبره وتوفيقه.. وتكرار الدعاء وتحري مواطن الإجابة فالله تعالى قريب مجيب.
وفقك الله وهداك وهدى ابنك وأصلح لك ذريتك إنه ولي ذلك والقادر عليه.(19/104)
أفعال وسلوكيات.. مخلة!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 15-3-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
مشكلتي مع ابني البالغ من العمر ثلاث سنوات ونصف حيث أنني احترت ولم أجد أي حل وأنا الآن أرغب وأتمنى ممن يعرف الحل أن يدلني عليه وله جزيل الشكر والدعاء في ظهر الغيب.
عندما نقوم بزيارة أحد الأقارب أو الإخوان في الله ويكون عندهم أبناء في نفس سن ابني فإنه يقوم بالدخول مع أحدهم في إحدى الغرف ويغلق عليه الباب ويقوم بخلع سرواله وإظهار ذكره ويطلب من الابن الآخر فعل الشيء نفسه ثم يقومان بالمداعبة..!!! قد تستغربون مثل هذا الفعل فلقد جننت من هذا المشهد ولم استطع فعل أي شيء تجاهه، وقد يتبادر للذهن أنه رأى أباه عندما يجامع أمه أو شاهد فلم أو مسرحية أو أو.... فهذا من المستحيلات..! ولم يحصل أي شيء من ذلك حتى إن هذه الحركة التي يفعلها لم يفعلها أبوه حتى لا يظن البعض أنه رأى والده.
هذه المشكلة حصلت أكثر من مرة..!! وأنا الآن أبحث عن الحل فهل من مغيث..؟!!
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
أخي الكريم....
أشكر لك ثقتك وتواصلك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:
أولاً: لتعلم - أخي الكريم - أن ما حدث مع ابنك ذي الثلاثة أعوام نوع من العبث الطفولي البريء!! لأن الطفل في هذا العمر لا يدرك أو يستوعب أبعاد هذا الفعل وما وراءه.. بل حتى لا يجد الدافع إليه وربما استقذره واشمئز منه.. وهو يمارسه أو يمارس معه!!! فالبراءة والطهر والنقاء والعفوية هي ما يصبغ مرحلة الطفولة بوجه عام.. وهذه المرحلة بوجه خاص.
ثانياً: ولذلك فإن تنبيه الطفل لخطأ هذا الأمر وقذارته بما يناسب عمره وتفكيره يعتبر خطوة هامة وكافية في هذا الجانب الخاص بالطفل.. مع الأخذ في الاعتبار أن العقاب قد يأتي لاحقاً إذا تكرر الفعل وبعد أن ينبه الطفل كما أسلفت لتجنب هذا الموضوع وما قد يترتب عليه من العقاب سواء المادي أو المعنوي المتناسب مع عمر الطفل ثم المبادرة فوراً باتخاذ الإجراء المناسب وشرح أسبابه.. ثم تناسيه وعدم تعيير الطفل بما بدر منه بين فترة وأخرى بل مساعدته على تجاوزه ونسيانه!
ثالثاً: الخطورة هنا يا عزيزي تكمن في أن الطفل لا يمكن أن ينشئ أو يبتكر هذه الطريقة وبهذا الشكل.. فعفوية الطفل وبراءته تجعله أحياناً يعبث بأعضائه التناسلية بشكل أو بآخر.. ولكنه سرعان ما ينشغل بأي أمر آخر..! أما ما يحدث من طفلك فإنه والله أعلم نوع من المحاكاة أو التقليد أو التعويد..!!! ولذلك فهو يحتاج إلى وقفة..! بل وقفات جادة لبحث هذا الأمر ومعرفة أسبابه وعلاجه من جذوره..!! حتى لا تغرق السفينة كما يقال.(19/105)
رابعاً: هناك العديد من التساؤلات والفرضيات التي يجب أن نضعها في الاعتبار ونوسع من خلالها دوائر البحث الهادئ المتزن.. والجاد في نفس الوقت.. حتى نتدارك ما فات ونصلح ما يمكننا إصلاحه..!!
فمثلاً: مع من يحتك ويختلط الطفل داخل المنزل وخارج المنزل؟! هل هناك عمالة منزلية لديكم من خدم أو سائقين أو لدى أحد أقاربكم ممن تختلطون معه؟
وسع الدائرة قليلاً.. وتتبع برنامج الأسرة الأسبوعي أو الشهري.. وحاول أن تفترض بعض الفرضيات ولا بأس من سؤال الطفل بهدوء وتروي عمن أغواه في هذا العمل..؟! وتأكد أنه قد يؤتى الحذر من مأمنه!!! والمهم لديك هنا علاج هذه المشكلة من جذورها حتى لا تتطور لما هو أسوء ضرراً وأشد خطراً..!!! والعاقل من وعظ بغيره!
وقد تكتشف أن البداية انتقلت إلى طفلك عن طريق طفل آخر ... وهكذا.. والهدف من كل ذلك
كما أسلفت معرفة الأسباب وعلاجها والعمل على متابعة أبناءنا وإرشادهم وتبصيرهم.. والوضوح معهم في ذلك بما يتناسب مع إدراكهم وفهمهم وعدم التهاون مع أنفسنا لأننا نحن المسؤولون بغفلتنا وتساهلنا وربما بحسن نوايانا!!! وسوء فهمنا بأن هؤلاء الأطفال لا يجب أن يبصروا بأمور لا يفهمونها حتى لا ينتبهوا لها..!!!
وهذا خطأ ولا شك..!! فطفولتهم وبراءتهم وجهلهم تجعلهم عرضة للاستغلال أو التغرير من قبل بعض أصحاب النفوس المريضة أو المنحرفة!!! وتبصيرهم بشكل واضح بما قد يتعرضون له.. والطريقة المثلى للتعامل مع ذلك..وتسمية الأشياء بأسمائها بشكل وأضح مطلب ضروري وهام.
خامساً: اقترب أخي الفاضل من أطفالك.. ولاعبهم.. ومازحهم وحدثهم واقصص القصص الهادفة عليهم واستمع إليهم وأوصل لهم العديد من الأفكار والقيم الإسلامية والمعاني التربوية العظيمة عن طريق القصص والحكايات البسيطة.. وعلمهم بعض الأذكار اليومية والأوراد الشرعية ولاحظ استجابتهم لك وانسجامهم معك وهذب سلوكهم وقوم أخلاقهم من خلال مثل هذه الجلسات القصيرة والقصص البسيطة..!! وستزيل بطريقتك تلك الكثير من الحواجز الوهمية والنفسية التي قد تحول بين طفلك ومصارحته لك ببعض الأمور التي قد لا يدرك خطورتها أو يفهم أبعادها.. فتستطيع أنت بفطنتك تداركها وعلاجها.
سادساً: ولا أنسى قبل الختام أن أوصيك ونفسي بصدق الالتجاء إلى الله بطلب العون والسداد والرشاد في تربية أبناءنا وأن يقر عيوننا بصلاحهم وهدايتهم وتوفيقهم كما اسأله تعالى أن يحفظهم وجميع أبناء المسلمين من شياطين الجن والإنس إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه.. وهو حسبنا ونعم الوكيل.(19/106)
ابني يضرب عن الطعام
المجيب د. سلمان بن فهد العودة
المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 14/6/1425هـ
السؤال
ابني يتأثر عندما أقوم بتأنيبه على خطأ وقع فيه، وقد يمتنع عن الطعام بسبب تأثره فما الحل؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يجب أن ألفت انتباهك إلى أن الاستشارة قصيرة، ولم يتضح فيها عدة استفسارات، كنوع التأنيب، والألفاظ المستخدمة فيه، ومتى تستخدم التأنيب، وهل لديك أبناء غيره؟ وترتيب الابن بينهم، وعمر هذا الابن.
ومما تجدر الإشارة إليه، إن تربية الأبناء والسمو بأخلاقياتهم إلى أعلى مستوى هو مراد كل الآباء والأمهات، ولكن كثيراً من الآباء والأمهات قد يفشلون في اتباع الأساليب التربوية، سواء الفكرية منها أو النفسية في التعامل مع أبنائهم، والتي قد تؤثر في شخصية الابن، وعلى هذا الأساس فلا بد من أن تدار عملية التأديب إدارة دقيقة جداً، باعتبار أن المسألة قد تؤثر في شخصية الابن، وقد تسبب لهذا الابن عقدة، فيفقد ثقته في نفسه، أو يتعقد من الناس الذين من حوله؛ بسبب الأسلوب الذي انطلق منهم، لذا يجب علينا ألا نتكلم مع الأبناء بالكلمات القاسية، كالسباب، والشتائم، والإهانة؛ إذ إن ذلك يؤثر سلباً على نفسياتهم وسلوكهم، وهناك بعض النقاط التي يستعان بها في تعديل السلوكيات الخاطئة لدى الأبناء:
1- تجنب الصراخ أثناء التأنيب؛ فالصراخ يعلم الصراخ، والحديث بالصوت الهادئ يعلم الهدوء واللباقة.
2- وضح للابن السلوك الحسن والمقبول عند تأنيبه على السلوك الخاطئ.
3- تجاهل الأخطاء الهامشية وغير المهمة في السلوك.
4- لا تؤنب الابن على السلوك الطبيعي الذي يصدر في مثل سنه.
5- الثبات والانتظام في تطبيق القواعد التأديبية.
6- وجِّه الطفل بعطف ومودة، خاطبه كما تحب أن يخاطبك الناس، وتجنب التعنيف والاحتقار؛ فالطفل يتعلم من أسلوبك وألفاظك.
7- يجب وقوع التأنيب حال وقوع الخطأ؛ فإن تأخير العقاب يقلل من فاعليته.
8- ذكِّر الطفل في جملة واحدة بالقاعدة السلوكية التي تعاقبه على خرقها، وذكِّره بالسلوك المرغوب فيه.
9- عامل الطفل بعد تأنيبه (بفترة كافية) بمحبة وثقة، ولا تعود للتعليق على الخطأ، وتذكيره بخطئه كل مرة.
10- وجِّه العقاب للسلوك الخاطئ لا للابن نفسه، وتجنب الإهانات والتعميم كـ (أنت لا تعمل صواباً أبداً، أو غيرها) .
11- تعزيز السلوك الحسن، ابذل جهداً خاصاً في تتبع السلوك الحسن، وكافئه بنظرة حانية، وتربيتة على الكتف وكلمة طيبة.
12- من الأفضل استخدام أساليب عقابية تربوية لا تترك آثاراً نفسية في الطفل، كالحرمان والإقصاء.
أما بالنسبة لامتناع الابن عن الأكل فنرى أن تتجاهل هذا السلوك، وألا تشعره بأن ذلك يقلقك، وألا تحاول إقناعه واستعطافه للقيام بالأكل؛ لأن ذلك سوف يعزز من إصراره على ذلك، لاعتقاده بأن ذلك العمل وسيلة ضغط واحتجاج على تأنيبك له، ولكن لو أن هذه التوجيهات طبقت مع الابن تطبيقاً صحيحاً فإنه - بإذن الله- سوف يكف عن السلوك السيئ، ولن تكون له ردود أفعال سيئة كـ (الامتناع عن الأكل وغيره) ، وعليك بالتحلي بالصبر، وعدم استعجال النتائج، مع التذكير بأهمية التخاطب معه بطريقة عاطفية تستطيع توجيه سلوكه مع المحافظة على محبته وتقديره لك، حفظ الله لك النية والذرية.(19/107)
ابني يتحرش جنسياً
المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 12/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي ابن عمره 17 سنة، بيتنا -ولله الحمد- محافظ، لا دش، ولا تلفزيون، ولا ذهاب للأسواق إلى آخر هذه القائمة، زوجتي -ولله الحمد- نعم الزوجة، صوَّامة قوَّامة، ابني الأكبر حافظ لكتاب الله، ومدرس حلقات، هو بحق قرة عين، لم أر منه إلا كل خير، مشكلتي أن ابني ذا السبعة عشر عاماً سبق وأن قام باستراق النظر إلى أخته، وهي في دورات المياه قبل سنتين، وقد تمت مراسلتكم بهذا الشأن، وتفضلتم مشكورين بالرد، المصيبة أن هذا الابن قام بتكرار الأمر في شهر محرم الماضي، بأخذ إحدى قريباته (عمرها 9سنوات) ، وتلمس المناطق الحساسة من جسدها، والتصق بها، لم أعلم بالمشكلة -وكذلك زوجتي- إلا قبل أسبوعين عن طريق أمها، الحقيقة جُنَّ جنوني، وقمت بضربه ضرباً مبرحاً، بل إنني هممت بذبحه، لولا تدخل ابني الأكبر، وقمنا بهجره أنا وأمه، وجلس معه أخوه الأكبر وذكره بوعوده السابقة بأنه لن يكرر ما أقدم عليه مع أخته، جلست معه أنا أيضاً، إلا أنني أعتقد أن عدم ضربه في المرة السابقة والاكتفاء بالتهديد هو ما جعله يقدم على هذه الفعلة، كلما تذكرت الموضوع أحسست بأن جبال الدنيا كلها على صدري، لا أحس للحياة بطعم، زوجتي دائمة البكاء من هذا الفعل، شيء لم نكن نتصوره، نحن الآن خائفون لئلا يقدم على فعل أشنع، أرجوكم ساعدوني، ما هو الرأي؟ -حفظكم الله- والسلام عليكم.
الجواب
أيها المبارك: فهمت سؤالك، وأسأل الله الإعانة، وإليك الجواب:
(1) بالرغم من بشاعة ما جرى من ابنك، إلا أني لا أراه سبباً صحيحاً لهذا الضيق والكرب الذي أصابك؛ فنحن مطالبون بالحفاظ على أبنائنا والحرص على هدايتهم، وليس بأيدينا عصمتهم، فهذا نوح - عليه السلام- لم يمنع ابنه من الكفر، فكيف بنا فيما دونه؟! فضع الأمر في حجمه الطبيعي، وأدِ ما عليك، واسأل الله المعونة.
(2) ابنك في سن الثورة والفوران الجنسي، وليس كل الفتيان يسيطرون على شهواتهم، ولذا يجدون أقرب هدف وأيسره قريباتهم؛ ولذا فلا بد من تشديد الرقابة، وتكثيف الحماية على البنات في هذا السن، وحماية الأبناء من أن تكون الأهداف السهلة في متناولهم.
(3) يجب أن تولي هذا الابن عناية خاصة، ويسأل عنه طبيب نفسي واجتماعي.
(4) لا يكن كل الجهد منصباً على علاج المشكلة فقط، ولكن لا بد من معرفة الأسباب والدوافع، فهل هو يشاهد أفلاماً أو يتعرض لإثارة جنسية؟ أو يجالس رفقة غير سوية؟.
(5) لا بد من إشغاله بأمور جادة تستهلك طاقته وتشغل فكره، وتكفه عن الانسياق وراء شهوته الجنسية.
(6) لا بد أن يشارك الرجال في ذهابهم وجلوسهم؛ فيصحب والده ليرقى بمشاعره واهتماماته إلى منزلة الرجال.
(7) الحرص على أن تكون أخواته بعيدات عنه وقت المبيت، فيتحقق قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أبو داود (495) وغيره، فلا بد من إدراك هذه الحقيقة التي لفت إليها الشارع الحكيم في سن مبكرة.
(8) المبادرة إلى تزويجه متى ما ناسب وضعه لذلك.(19/108)
تشعر أن ولدها لا يحبها
المجيب عبد الرحمن بن عبد المحسن البعيمي
مشرف تربوي بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 11/09/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
إن ابني لا يحبني، ولا يرتاح لي أبداً، عمره 13عاماً، وهو ولد طيب، لكن لم أستطع أن أحببه فيَّ، رغم أنه ولدي البكر، وعندي ولد آخر عمره ثماني سنوات، وابنة عمرها أربع سنوات، لكن ماذا أفعل؟ فولدي مثقف وذكي جداً، طموح، لكن لا يتنازل عن مبدأ لو أحرمه من كل شيء في سبيل إجابة طلباتي، لم يتنازل أبداً، لكن يحب والده بجنون، وهذا يفرحني، سؤالي: أنا خائفة على ولدي من العقوق فيّ، وأنا أحبه.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
في الواقع - أختي- أرغب في أن أخبرك أنك تتوهمين أن ابنك لا يحبك من خلال بعض التصرفات والسلوكيات التي ينتهجها معك، فلا يوجد - إن شاء الله تعالى- من المسلمين من يكره أباه أو أمه، ولكن يتبادر لك ذلك مع وساوس شيطانية تصور لك هذا الشيء.
أختي: ابنك البالغ من العمر 13 سنة، ليس طفلاً حتى تتعاملي معه بالحرمان، فهو الآن في بداية المراهقة، والتي يحتاج معها إلى تعامل من نوع خاص، فهو يريد أن يثبت أنه بات رجلاً، ويجب أن نحترمه ونقدره، ونسمع كلامه، لذا فإن التعامل مع سن المراهقة هو الحوار والتفاهم في إطار من الصداقة، وهو يريد أن يقول: أنا موجود، ويريد أن يعبر عن نفسه، وبعصيان والدته بالذات، ورفع صوته عليها، ومن هنا يجب أن تقدم له الطريق الطبيعي لإثبات ذاته، من غير أن نضطره لمهاجمة الآخرين، فنحترمه ونأخذ برأيه في كل ما يخصه، ونجعله يشعر من خلال الحوار أنه صاحب القرار، ونقدم رأيه على رأينا أحياناً، وبذلك يشعر أولاً بالحب من والديه، ثم يشعره ذلك أيضاً بالثقة في نفسه، وكذلك يمكن تكليفه ببعض المهام الخاصة له شخصياً أو بإخوته، أو بالمنزل، ونثني دائماً على جهوده، فيشعر عندها بالراحة والرغبة في إرضاء والديه.
وأخيراً: - أختي- فلا تقلقي؛ لأن كثيراً من المراهقين يتعاملون مع والدتهم بالذات بتصرفات غير لائقة، كعدم تنفيذ الأوامر، أو رفع الصوت بوجه أمه بسبب تعاملها معه، على أنه لا يزال طفلاً، بعكس أبيه الذي يعامله على أنه رجل، ولذا يجب الاعتماد على مبدأ الحوار والتفاهم والحكمة، وفهم طبيعة المراهق، ولن يكون هناك عقوق - بإذن الله تعالى-.(19/109)
ابني يكرهني!
المجيب حمد بن محمد الرسيني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 08/08/1425هـ
السؤال
لي ابن يبلغ من العمر 12سنة، يعتقد أنني لا أحبه، ويقول بأنه يكرهني، ويتكرر منه هذا السلوك بصفة مستمرة، ويشك بتصرفاتي، ويتأكد من الأرقام التي تصلني على الجوال، أفيدوني جزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وددت أن يكون هناك توضيح أكثر في استشارتك حول الكثير من الأمور الخاصة في الأسرة، (وجود الأب، ظروف التنشئة الاجتماعية للأسرة، وجود إخوة آخرين) .. لذلك - أختي الفاضلة- سأجيبك بقدر ما اتضح لي من استشارتك - لعل الله أن يجعل فيها الخير لك ولأسرتك-.
أختي الكريمة: إن الشخصية (الشكَّاكة) إحدى اضطرابات الشخصية الهامة؛ نظراً للآثار الخطيرة التي تترتب على سلوكيات هذه الشخصية بالنسبة للأهل والآخرين والمجتمع.... وهي تتميز وتشخّص من خلال مجموعة من الصفات والتصرفات والسلوكيات المتكررة والمميزة في عدد من النواحي، مثل طرق التفكير وأساليب التعبير الانفعالي ونمط العلاقات الاجتماعية، وغير ذلك.
وهذه السلوكيات والصفات تنشأ مبكرة منذ مرحلة الطفولة والمراهقة وتستمر طويلاً، والشخصية (الشكَّاكة) تتميز صفاتها وسلوكياتها بشكل أساسي باعتداء الفرد على حقوق الآخرين، وانتهاك حرمتها، وأيضاً باستعمال كافة الأساليب والطرق غير المشروعة، مثل الكذب والاحتيال والغش للحصول على فوائد مادية أو معنوية، مخالفاً بذلك القوانين الاجتماعية السائدة.
ومن العوامل المهيئة والمسببة لظهور الشخصية (الشكَّاكة) :
1- النبذ والإهمال من قبل الوالدين في مراحل الطفولة الأولى.
2- عدم ثبات أساليب التربية والعقاب من قبل الوالدين مع القسوة الزائدة.
3- الإيذاء الجسمي أو الجنسي للطفل.
4- تغيير مستمر في الأشخاص الذين يقومون برعاية الطفل في حالة انفصال الوالدين، وبالتالي اختلاف طريقة التربية.
5- مصاحبة الطفل لمجموعات ذات سلوكيات غير سوية تساعد على تنامي الشك.
6- وجود أب أو أم أو أخ لديه شخصية (شكَّاكة) ، وبالتالي انعكاسه على سلوك الأبناء.
7- الحرمان العاطفي للطفل، كأن يكون الطفل قليل الجاذبية، أو غير مرغوب فيه، مما يؤدي إلى فقدانه لمشاعر الحب والقبول والرعاية الإيجابية.
8- العلاقة المضطربة بين الأب والأم، ووجود الصراع المستمر حول علاقة أحدهما بالآخر، والنقاش الحاد والاتهامات المتبادلة بوجود الأبناء.
9- قد تكون الأم من العاملات خارج المنزل، ولها اتصالات متعلِّقة في العمل، وقد تكون مع فئة الرجال.
10- ومن الأسباب كثرة الاتصالات، ومحاولة الابتعاد عن الجالسين حال وجود اتصال، مما ينمي مشكلة الشك في نفوس الآخرين.
11- كثرة مشاهدة الأفلام والمسلسلات التي تحكي مثل تلك القصص، والتي قد ترسخ في عقل الابن، ومن ثم ظهور ذلك كسلوك لفظي وفعلي تجاه الوالدين والأقرباء.
12- كثرة خروج الأم من المنزل للسوق أو لزيارة الصديقات، وقد تكون مع السائق وحدها، وترفض مرافقة الابن معها، مما يولد الشك والريبة تجاه ذلك في نفس الابن.(19/110)
والحلول المقترحة لمواجهة المشكلة:
1- فهم طبيعة المرحلة التي بدأ فيها الابن (مرحلة المراهقة) ، وأنها مرحلة تتميز بالحساسية المفرطة، والحاجة إلى القبول من الآخرين، وضعف الخبرة تجاه الحياة.
2- أهمية تقدير شخصية الابن، وتغيير طريق التعامل خلاف السابق، بحيث يتم التعامل معه بالمشورة والحوار، واحترام وجهة النظر.
3- إبعاد الابن عن أي مواطن تثير في داخله الشك من خلال التعامل الواضح، والبعد عن أي تصرفات تحدث في نفسه الريبة والشك، كالتحدث بعيداً عنه حينما يكون هناك اتصالات هاتفية أو تبادل رسائل يشعر بأنها تخفى عنه، والحرص على مرافقة حال الخروج من المنزل للسوق أو للزيارة.
4- الابتعاد عن المحاسبة الزائدة تجاه تصرفاته، فقد تكون طبيعية، ولكنها قد تحمل على أنها شكوك.
5- الحرص على إشغال وقت الابن بما يعود عليه بالنفع، كإلحاقه بمراكز صيفية أو إلحاقه بإحدى الدورات في إحدى الصالات الرياضية، وكذلك إلحاقه بحلق القرآن الكريم المنتشرة في هذه البلاد الطيبة، حيث يكوِّن له صداقات طيبة تقوّم سلوكه، وتساعده على نبذ الشك من نفسه.
6- إبعاد الابن -بطريقة غير مباشرة- عن مشاهدة ما ينمي الشك داخله، وكذلك الحرص على تلمس من يرسخ داخله هذا الداء، والتقليل من الاحتكاك منه تدريجياً.
7- زرع الثقة في نفس الابن، وإثبات حب الأم له بطريقة مباشرة، وبأشياء فعلية حسية ...
8- تقديم الهدايا المناسبة لمثل عمر الابن؛ للتقرب والتودد إليه أكثر.. "تهادوا تحابوا".
9- الحرص على الدعاء له بالصلاح والهداية، وتحري ذلك في مواطن الإجابة، كمواضع السجود وصلاة الوتر.(19/111)
انحراف أبنائي
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 27-6-1423
السؤال
لي عدد من الأبناء وقد حرصت على تربيتهم التربية الإسلامية وتحفيظهم القرآن إلا أنهم عندما كبروا وصاروا يتعلمون العادات السيئة من الأصدقاء والأقارب مثل سماع الأغاني وحلق اللحى والكذب ومشاهدة القنوات وكل هذا يحدث خارج المنزل وفي السر وقد أكتشفه أحياناً فأرجو توجيهي بطريقة ترد علي أبنائي إلى طريق الخير والهداية.
الجواب
الأخ الكريم ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
أما قولي في استشارتك في أمر أبنائك فهو كما يلي:
أولا يجب أن تدرك أن الهداية من الله سبحانه وتعالى ومهما حرص الوالدان على التربية الصحيحة فليس بالضرورة أن يخرج الأبناء صالحين كما يتمنى كل والد ولعلك تعلم أن ابن النبي نوح عليه السلام كان من العاصين الكافرين وغرق مع الغارقين فهل نشك لحظة أن نوحاً عليه السلام لم يقم بواجب التربية الصالحة مع ابنه؟ أبداً ولكنها إرادة الله حيث قال: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)
ثانياً: "وهذا مبني على ما سبق في النقطة الأولى وهو أنه يجب أن ندرك جميعاً أن وجود بعض التقصير والمآخذ لدى الأبناء مثل ارتكاب بعض الذنوب والآثام لا يعني بتاتاً انحرافهم الكلي وبعدهم التام عن الله، فإن كانوا محافظين على الفرائض مثل الصلاة ومبتعدين عن الجرائم العظام مثل السرقة والفواحش والعقوق وغيرها فإن الرجاء لهم كبير والأمل بهم واسع فلا تستعجل في الحكم عليهم بالفساد أو الانحراف أو اليأس من صلاحهم.
ثالثاً: قد يكون الأمر متأخراً في استعراض طريقة التربية التي سلكتها معهم أو لومك في المسلك الذي انتهجته في تربيتهم وفي تعاملك معهم ولكن الذي يرجح سبب تقصيرك هو انتهاج جميع أبنائك هذا المنهج الذي ذكرت وولوجهم هذا الطريق وسلوكهم هذا المسلك، فلو كان أحدهم أو اثنان منهم أو البعض منهم على الطريقة المذكورة والآخرون على أحسن حال لكان من الممكن أن نرجع الأسباب إلى أمور غير التربية كالصحبة أو المدرسة أو الجيرة أما أن يسلك جميع الأبناء هذا المسلك الذي لم يعجبك فإني لا أبرئ ساحتك البتة في الطريقة المستخدمة من قبلك في توجيههم.
رابعاً: حال أبنائك تشابه إلى حد كبير الكثير من الحالات التي ينشأ فيها الابن في بيت وعند والدين شديدين يحرمانه من الكثير مما يراه في الخارج وليس له من الحق في التصرف إلا الامتثال والطاعة لقلة الحيلة لديه ولصغر السن الذي هو فيه وإن كان في قرارة نفسه غير راضٍ عن الوضع الذي يعيشه من أسلوب الترهيب والأوامر الصارمة من قبل والديه التي يتلقاها صباح مساء.. وما يكاد يبلغ سن المراهقة والنشوة بالرجولة حتى يتمرد على تلك المراسيم السائدة في البيت ولا يجد مفراً من القيام بثورة عارمة على والديه وأهل بيته فلا يريد منهم المزيد من الأوامر ولا يريد هو المزيد من الامتثال والطاعة، بل على العكس فهو يريد ممارسة كل أمر كان ممنوعاً عنه في السابق وكان يراه عند أصدقائه وخلاّنه.(19/112)
هذه القسوة وهذه الشدة من الوالدين وهذا الإلزام العجيب منهما والإصرار المتكرر على الأبناء في الامتثال ووجوب الطاعة ووجوب التدين والصلاة والالتزام بالطرق القاسية أو على الأقل المفتقدة للمرونة والليونة والتي تصور الصلاح أنه متأتي وحاصل مع الأمر والنهي، وينسى الوالدان أن الصلاح إنما هو قناعة وإيمان قلبي قبل أن يكون حسي أو ممارسة ظاهرية فقط.
الأبناء هنا أمام الوالدين صالحون وملتزمون ولكنهم في السر يرتكبون الأخطاء.. هذه الازدواجية ما كان لها أن توجد لو كان الوالدان لينين سهلين رفيقين بأبنائهم..
خامساً: على كل حال.. الشيء الجميل الذي يجب أن تدركه أيها الأخ العزيز أن البذرة الطيبة تبقى طيبة.. وما بذرته أنت من حرص كبير مع أبنائك في تحفيظهم القرآن وتربيتهم التربية الإسلامية لن يذهب سداءً، وستجد عودتهم إن عاجلا أو آجلاً بإذن الله إذ العادة وهو الحاصل مع عدد كبير من الأبناء الذين في مثل حالة أولادك هو عودتهم بعد أن يمارسوا ويملوا من الأمور التي كانوا يظنون بأنفسهم الحرمان منها..
ويبقى دورك هو الدعاء المستمر لهم بالهداية والصلاح.
سادساً: الأمر الأخير الذي يجب أن أذكرك بضرورة التركيز عليه وعدم إغفاله أو إهماله هو بقاء العلاقة مع أبنائك قوية فلا تجعل هذه الممارسات التي يرتكبونها سببا في مخاصمة مستمرة معهم أو نكدٍ دائم بينك وبينهم ...
أنت مهما كنت فلم تعد سيطرتك عليهم قائمة كما كانت في السابق ولذلك فإن الأمر الحسن والجيد في حقك هو بقاء شعرة معاوية قائمة بينك وبينهم ... عاملهم كالأخوة أو كالأصدقاء فإن لك دور الإرشاد والتنبيه والتخوّل بالنصيحة بين الفينة والأخرى وليس أكثر من ذلك. تقبلهم كما هم وما هم عليه من السلوكيات ولا تفترض أنهم صحابة أو يجب أن يكونوا كذلك نعم هي أمنية ولكن متى كانت كل الأماني متحققة؟؟
صدقني يا عزيزي انك بالملاطفة والممازحة والمصادقة معهم سوف ترى تغيراً كبيراً ونتيجة مثمرة بإذن الله.
وفقك الله وأصلح ولدك.(19/113)
أختي الصغيرة تطالبنا بجوال!
المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 6/06/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أختي طالبة في المرحلة المتوسطة، تريد منّا أن نشتري لها جوالاً خاصاً بها، ومما جعل والديَّ يرضخان لطلباتها زعلها، وبكاؤها المتواصل، ويرى والداي أنه لا خوف عليها من شراء الجوال؛ وذلك لأنهما قد قاما بتربيتها تربية سليمة. والله إني في حالة نفسية سيئة، خاصة وأنه يطلب مني أن أشتري لها طلباتها؛ فأنا أخوها الأكبر. الأمر نفسه يتكرَّر مع أخي الذي يصغرها سناً.. فما الحل برأيكم؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
المشكلة الحقيقية ليست في مجرد الطلب وتحقيق الرغبة؛ لأنها نتيجة حتمية في غالب الأحوال للمشكلة الأم، وهي التقصير في ضوابط التربية المسبقة. فلو أن البنت والابن تلقيا منذ الصغر تربية متزنة ومنضبطة بضوابط تربوية صحيحة لكان بالإمكان- بعد توفيق الله- الوصول منكم إلى إقناعها بخطورة تحقيق هذه الرغبة، فشرها -لاشك- أعظم بكثير من الخير الذي يمكن أن تستفيده البنت، خاصة في مثل هذه السن، وهذه الظروف المخيفة من الحصول على جهاز الجوال، ولكن حينما يقع (الفأس بالرأس) -أو يكاد- نسعى حثيثاً للخلاص من الشر المحدق في تحقيق الرغبة.
والذي أراه لحل المشكلة ما يلي:
عدم العنف في رفض طلبها، وفي الوقت نفسه عدم تلبية الرغبة، لا سيما وأنها تعد صغيرة ومراهقة، وقد حصل من الكوارث والشرور لأمثالها ما يكفي للرفض التام الآن، ولكن بأسلوب ليس فيه مصادمة لعاطفتها ومشاعرها، بل بأسلوب لين فيه حكمة وإقناع ووعد بتراخ شديد جداً حتى تهدأ. فلهذه السن خصائص وسمات يلزم إدراك الأبوين لها جيداً حتى يمكنهما التعامل مع البنت والابن من خلالها. ويمكن الوصول إلى مسألة الإقناع بالطرق التالية:
(1) تتصل الأم بمن تعرف من البنات المستقيمات ممن هن في مثل سنها من قريباتها عن طريق أمهاتهن - خاصة ممن ليس معهن أجهزة جوال ولم يطلبنها.
(2) توجد أشرطه صوتيه لبعض الدعاة والمشايخ ممن أشبعوا الموضوع بحثاً واستقصاء، وسردوا مثله من ضياع العفة وذهاب الكرامة على أيدي ذئاب بشرية نالت مرادها وتركت فريستها تشقى بنفسها، فيقال للبنت أولاً اسمعيها، وبعدها يناقش الموضوع من جديد.
(3) إقناع البنت بأن تحقيق رغبتها -حالياً- مستحيل؛ لما تعلمونه من الشرور المتربصة بها وبغيرها مما لا تدركه هي بسبب تسلط عاطفتها، ووجود الجوالات مع بعض زميلاتها. ويتم الإقناع بدون قسوة ولا شدة، ولكن بإغرائها ببدائل مفيدة، مثل جهاز حاسب، أو أدوات زينة نسائية معقولة، ويمكن أن تحدِّد هي ما تريده مما هو ممكن ومعقول ولا محاذير فيه. أما الابن فإن نجحتم معه، وإلا فإن الخطورة في تحقيق رغبته أقل بكثير من الخطر بالنسبة للفتاة. أعانكم الله ووفقكم.(19/114)
الأولاد وكثرة الشجار
المجيب د. نادية الكليبي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 04/04/1425هـ
السؤال
أنا أم لثلاثة أطفال؛ الكبرى عمرها تسع سنوات، والثانية ست سنوات، والصغير عمره ثلاث سنوات، أطفالي هادئون ولله الحمد، ولكن بدأت ألاحظ أنهم أصبحوا كثيرو الشجار على أي سبب، والأمر الآخر هو أنني عندما أنهاهم عن خطأ يعيدوا فعله مرات ومرات، حتى الطفلة الكبرى، ولا أدري كيفية التعامل الصحيح معهم. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عزيزتي: الحديث عن التربية طويل جداً لا يكفي في هذه العجالة، ولكن سوف أذكر لك بعض القواعد؛ لعلها تساهم في حل بعض مشكلتك:
أولاً: ليس الخطأ في عالم الصغار تكرار الخطأ؛ وإنما الخطأ - أختي - تصور أطفال بدون أخطاء، ولو كانت متكررة.
ثانياً: - عزيزتي- كوني مثالية جداً جداً في أهدافك وطموحك فيما تريدين من أطفالك، ولكن كوني واقعية جداً في النتائج، فقد تكون النتيجة تشعر باليأس، ولكن لا تستعجلي؛ فلربما ترين ما يسرك ويثلج صدرك بعد حين، والمطلوب أن تستمري في العمل والتربية والتوجيه، ودعي أمر النتائج إلى الله -تعالى- فأنت مأمورة بالعمل، ولست مأمورة بثمرات ذلك العمل.
ثالثاً: كون أطفالك أصبحوا كثيرو الشجار، - هذا طبيعي-؛ لأنهم كبروا وبدأت المشاكسات، وقد يكون الآتي أكثر، فوطني نفسك بذلك، واستعيني بالصبر والدعاء والاستمرارية في التربية، وسوف ترين ثماره - بإذن الله تعالى-.
رابعاً: ومن الحلول العملية المفتوحة التي تساهم في التخفيف من مشكلة الشجار:
أ- ابحثي عن السبب؛ فأرجو ألا تكوني ممن صوته يعلو ويثور لأتفه الأسباب، فهذا يساهم في زيادة المشاكل.
ب- حاولي تفريغ الطاقات في نشاطات مفيدة سواء كانت عملية كالأعمال الفنية أو المواهب، أو اللعب الحركي مثل لعبة الحياة أو ما عداها، أو كانت نشطات ذهنية كالقراءة.
ج- تجنب الألعاب التي من شأنها إثارة أعصاب الأطفال وتزيد من حدة طباعهم كألعاب الكمبيوتر، أو ما يسمى ألعاب السوني، فهذا أحد ثمراتها النكدة عدا ما تحمله من فكر دخيل وبصمة غربية واضحة، وكذلك المرئيات التي تحمل طابع العنف أو الرعب.
د- أوجدي نوع من التآلف والتوافق بين الأختين من جهة، ومن جهة أخرى بين الأخ الصغير وبين الكبرى، في جو حماية ورعاية، ومع الصغرى تدريب ولعب وانسجام.(19/115)
أما بالنسبة لتكرار الأخطاء فعليك بتنويع الأساليب في معالجة الخطأ، وتجنبي المباشرة في التوجيه ما أمكن، واجعليها كالملح في الطعام إن زادت أفسدت الطعم وإن نقصت ذهبت لذة الطعام، ومن الأساليب القصة فلها أثر بالغ على الناشئة، بل حتى الكبار، ويكفي أن تعرفي أن ثلث كتاب الله -تعالى- قصص، وعليك باستخدام الثواب والعقاب تارة، وأكثري من التشجيع تارة أخرى؛ فقد دلت الدراسات أنه من أفضل الطرق لتقديم الناشئة، وقبل ذلك سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم-، فقد كان مصدر التشجيع والإقبال على الكمالات لجميع أصحابه صغاراً وكباراً - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين- وكوني قدوة لهم في ترك الخطأ فعيونهم معلقة بك وبوالدهم، فاتقي الله فيهم.
وكما قلت الحديث في التربية طويل ومتشعب؛ لذا أنصحك بكثرة القراءة في مجال التربية والسماع للأشرطة التي تتحدث عن هذا الجانب فإنها تزيدك معرفة وخبرة، ومن ثم قدرة في التعامل مع المواقف، ولعل الموقع يساهم في توفير عناوين من الكتب والأشرطة المتخصصة الهادفة تنير لك الدرب وتعينك. أسأل الله -تعالى- أن يقر عينك بتربيتك؛ إنه مولى ذلك والقادر عليه.(19/116)
أخي الصغير والإنترنت
المجيب جماز عبد الرحمن الجماز
مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 12/05/1426هـ
السؤال
لي أخ يبلغ من العمر 13 سنة، ولديه جهاز كمبيوتر غير خاص، وبدأ في الآونة الأخيرة باستخدام الإنترنت، وصدفة - ومن غير قصد- أردتُ أن أفتح الجهاز، فوجدت أن في صفحة الإنترنت عنوان موقع إباحي، رغم أن الطريقة التي كتب بها عنوان الموقع كانت بدائية، مما يدل على أنه مبتدئ بهذا الموضوع، علماً أن البيت -ولله الحمد- بيت محافظ لا توجد فيه ملهيات، فهل أفاتحه بالموضوع، أم ماذا أفعل؟ ولكم جزيل شكري.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وبعد:
فالواجب مناقشة أخيك الأصغر في هذه المشكلة، وليس لك ترك محاورته، لأي سبب من الأسباب؛ لأن ذلك يؤدي إلى تفاقم الأمر، واسترسال الأخ في مثل هذه الأمور.
وليكن حوارك معه بالحكمة والموعظة الحسنة، فبيِّن له -مثلاً- أن استخدام الشبكة العالمية [الإنترنت] ليس للتسلية، وإنما للتزود من المعلومات والخبرات العلمية، ومعرفة أخبار العالم والمسلمين.
ووضِّح له أن هذه المواقع الإلكترونية، أول من أنشأها هم الكفار، ومهما أرادوا بها، فقد استخدمها بعضهم لتشويه الإسلام وضربه، وإفساد المسلمين وإخراجهم من دينهم، واذكرْ له بعض الأمثلة لبعض المواقع الفاسدة المفسدة، ومنها المواقع الإباحية.
ثم اجتهد في إقناعه بفسادها وضلالها، وعاقبتها الوخيمة، وأنها توقع الإنسان من حيث لا يشعر في الرذيلة، وتصده بذلك عن الفضيلة، علاوة على ذلك، تجعله عبداً لها، فيمكث طوال نهاره وليلة أمامها لا يردّه في ذلك إلا النوم، بل يتسبَّب في بعض الأحيان إلى ترك الدراسة أو الوظيفة، والبحث عن مزاولة الفاحشة، وبيِّن له أنه وجد بعض الشباب قد أصابه المرض من جراء ذلك، ولا يعلم أحد السبب الحقيقي في ذلك، منهم من يقول: إن السبب جنّ، ومنهم من يقول: إنه عين، ومنهم من يقول: إنه بسبب العشق أو الغرام الذي سبّبه مشاهدة المواقع الضالة المُضِّلة، وحقيقة الأمر - مهما كان السبب- أنها عقوبة معجِّلة في الدنيا قبل الآخرة، أو قد تكون عظة وموقظة، وقد تكون تمحيصاً وتطهيراً.
ثم اختم حديثك معه، وقل له: ألا تتفق معي، أن الواجب إغلاقها وعدم الدخول إليها؟ وإذا كنت لا تستطيع ذلك، فاترك الشبكة كلها. قل له: إن الشبكة [الإنترنت] أفقدت كثيراً من الشباب عقولهم في بعض المواقع الفاسدة، هل تتصّور أنها ذهبت بالعفة والشرف والمروءة؟ هل تعلم أنها سلخت بعض الشباب من دينهم؟ هل تعلم أنها أفقدت أهل الفضل فضلهم؟ وهكذا، قرِّر له فساد مثل هذه المواقع وضررها وآثارها الفجة.
اذكر له حال إخوانه وأخواته، وعامة أهل البيت، وما هم عليه من خير وصلاح، أو حتى ذكِّره بالأسرة والأعمام والأخوال، وما هم عليه من سيرة طيبة، وسمعة حسنة، وأنه يسيء إلى أهل البيت أو الأسرة، حينما يذكر عنه كذا وكذا، هل يرضى بذلك.
وبعد هذا أيها الأخ الكريم ...(19/117)
إن كان فيه استجابة فالحمد لله، وعليك متابعة ومعرفة سلوكه، دون أن يشعر بأنك تراقبه، وهكذا، لا تتركه فترة طويلة، وإن لم يكن فيه قناعة ولا استجابة قوية، فدونك هي، الشبكة الإلكترونية العالمية [الإنترنت] امنعها من البيت منعاً باتاً، حتى تحافظ على سلامة من في البيت من الإخوان والأخوات.
ومن أرادها لحاجة صحيحة فيستطيع قضاءها من أي مكان فيه الشبكة العالمية [الإنترنت] والخير كل الخير، تجده في الكتب والأشرطة في مجالس الصالحين والعلماء، وليس العلم ولا المعرفة، وقفاً على الشبكة [الإنترنت] .
وهنا ألفت نظرك إلى شيء مهم: ما السبب الذي جعل أخاك، يفعل ما ذكرت؟
إن كان هو الفراغ، فاحرص على ملء فراغه، وتوجيهاته إلى كل ما يفيده وينفعه، اجتهد أن يصحب أناساً أخياراً في سنِّه.
وأين أنت من نفسك وبقية أهل البيت، حصِّن نفسك وأهلك من ذلك، والله أسال، لك التوفيق والسداد، ولأخيك ولأهل بيتك الهداية والصلاح، وأن يهيئ لكم من أمركم رشداً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(19/118)
أنا غريبة في أسرتي
المجيب أ. شرف النعمي
عضو هيئة التدريس في كلية المجتمع بأبها
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 8/04/1426هـ
السؤال
لدي صديقة تشتكي من سوء معاملة أختها الصغرى لها، صديقتي هذه كانت تعيش عند خالتها، وعندما بلغت سن الثانية عشرة ذهبت إلى أهلها؛ لأن خالتها طلبت من أم صديقتي أن تأخذها كابنة لها؛ لأنها لا تنجب، فأم صديقتي وافقت على ذلك لحبها الشديد لأختها، وعندما بلغت صديقتي سن الثانية عشرة ذهبت إلى أهلها، فهم لم يتقبلوها، فاندهشت لذلك، وأصبحت يتيمة بين أسرتها لا تشعر باهتمام وحب والديها وإخوانها وأخواتها، وزيادة على ذلك أختها الصغرى معاملتها مع الناس جميلة جداً، لكن مع أختها عكس ذلك، لدرجة أنها تضربها، وتبصق عليها وتحقرها، وتسخر منها دائما ولا تحترمها، حتى إنها لا تسمح لها بدخول المطبخ؛ لكي تكون فاشلة في فنون الطبخ. اشتكت إلى أهلها من سوء معاملة أختها، لكنهم لم يساندوها؛ لأن شخصيتهم ضعيفة أمام أختها الصغرى، صديقتي تعيش في منزل أهلها، وهم متشددون في الدين، وكل شيء ممنوع، قناة المجد ممنوعة، الصحف، الكمبيوتر ممنوع، البنت ما لها إلا البيت، فصديقتي الآن أصيبت بحالة اكتئاب حادة جداً، انطوائية، معظم وقتها في غرفتها لوحدها بين أربعة جدران، فلا أحد يسأل عنها، المهم إرضاء أختها الصغرى، فإذا لم ترض أختها الصغرى ستقلب البيت رأساً على عقب، فهم لا يريدون المشاكل، عمر صديقتي 26 عاماً، وعمر أختها 22 فماذا أفعل لها؟ أريد حلاً لمشكلتها.
الجواب
أولاً: أحب أن أشكر لك -أيتها الصديقة الصدوقة- مشاعرك النبيلة تجاه صديقتك.
ثانياً: بالنسبة لصاحبة المشكلة، والتي هي ليست بفتاة صغيرة طبعاً، فأنا أنصحها أن تحاول اللجوء إلى خالتها لتساعدها في هذا التوجه المضاد لها، لأنه لا يوجد شيء بدون سبب، فقد يكون السبب هو غيرة الأخت الصغرى من جمال أختها، أو خوفها أن تأخذ جزءاً من حنان الأم والأب إذا ما ظهرت بصورة حسنة، لذلك فإن نقطة البدء في علاج هذه المشكلة هي:
أ- الخالة ومحاولتها فهم سلوك الأخت الصغرى، والوقوف على سبب ذلك.
ب- على صاحبة الرسالة التفحص في أدائها؛ لأنه يمكن أن تكون ذات عادات أو سلوكيات خاصة أو غربية من حيث النظافة - التحدث ... إلخ، ولكن يضيق ويضجر منها الآخرون، خاصة وأن الرسالة المرسلة إلى موقع "الإسلام اليوم" لم يتضح من خلالها هل استمر العداء قرابة 14 سنة منذ كان عمرها 12 عاماً، أم ماذا كان موقف الأسرة في بداية استقبال ابنتهم إليهم؟.
ج- أنت -أيتها الصديقة- لا بد وأن يكون لك دور في كشف النقاب عن حياة صديقتك وما يحدث فيها؛ لأن المعلومات التي سردتيها عنها كانت منقولة منها، وليس إحساسك بالظلم الذي يقع عليها، لذلك فعليك الاقتراب أكثر من حياتها؛ لتعلمي المواقف الحرجة التي مرت بالفعل في حياة صديقتك عقب ذهابها إلى أسرتها الأصلية.
كل ما أنصح به هو أنه لا يوجد في الدنيا شيء يحدث بدون سبب، فإذا رغبت في العلاج لا بد وأن تحددي السبب الحقيقي وراء ما يحدث.
وأخيراً: أدعوك لأن تحسني إلى أختك الصغرى بأخلاق تفوق أخلاقها؛ حتى يتسنى لها الاقتناع بأنك لست عدوة ولا منافسة لها في المنزل، بل قد تكوني مشاركة لها ومعاونة، وتذكري قول الله -تعالى- في سورة فصلت: "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم".(19/119)
ابنتي تعيش في عزلة
المجيب د. أسماء الحسين
الأستاذ المشارك في الصحة النفسية والعلاج النفسي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 7/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
لدي ابنة عمرها 6سنوات، عندما كانت في الروضة لمدة سنتين لا تتكلم أبداً مع المدرسات ولا الأطفال، وهي عموماً هكذا مع الأشخاص الذين لا تراهم كثيراً، ولقد استعملوا معها جميع الوسائل للكلام ولكن دون فائدة، إلا أن هددتها المديرة بالحبس في الروضة، فتكلمت وكانت على وشك التخرج، تقريباً كان باقي لها شهران على التخرج، وقلنا: إن المشكلة انتهت والحمد لله، ولكن الآن هي في الصف الأول، ونفس الشيء لا تتكلم في الصف لا مع المُدرسة ولا مع الطالبات، وإنما تتكلم مع الطالبات في الفسحة فقط، مع العلم أنها في البيت غير ذلك، ومن كثرة كلامها نشعر بصداع ونطلب منها السكوت، وهي تقرأ وتكتب والحمد لله، ومستواها الدراسي ممتاز، ولا نعرف ما سر عدم كلامها في الصف، مجرد تحريك الشفايف دون صوت.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يطلق على حالة ابنتك سلوك الخجل أو التجنب، وهي التي لا يميل فيها الطفل إلى المشاركة الاجتماعية، أو يفضل الصمت فيها على الكلام، بالرغم من أنه طبيعي جداً بين ذويه داخل المنزل.
فابنتك لديها هيبة مفرطة ووجل أو خجل، وتحتاج إلى الثقة في مجابهة الموقف، وهذا السلوك نجده يظهر بين بعض الأطفال في الروضة وبدايات المدرسة الابتدائية، ولاسيما لدى الإناث، والخجل في حد ذاته ليس خطراً، ولكن المشكلة فيما قد يترتب عليه من عدم اندماج الطفل أو مشاركته مع غيره، والشعور بالنقص المصاحب، أو الغيرة الداخلية من الاقتران، ونقص الخبرات والتفاعل، وربما ظهور الحساسية الانفعالية على الطفل، والحذر أو العصبية لأتفه الأسباب، أو الارتباك، والقلق والتوتر، أو التلعثم في الكلام.(19/120)
يجب البحث - في معالجة هذه المشكلة- عن السبب الحقيقي، فقد يكون عدم الشعور بالأمان والطمأنينة، أو كثرة السخرية من الطفلة، أو كثرة الانتقادات لها، أو مستوى الذكاء والتأخر في الاستيعاب، أو إشعار الطفلة بالتبعية، وكثرة مراقبة سلوكيات الطفلة، أو تدعيم فكرة أن الطفلة خجولة، وتريد ذلك أمام الطفلة أو أمام الناس مما يثبت هذا السلوك، وهناك سبب آخر لكن أظنه ينطبق على حالة طفلتك، وهو اضطراب في النمو الجسمي، مثل اضطراب اللغة، أو بعض الأمراض الأخرى التي تؤدي بالطفل إلى التجنب، ولعلاج مثل هذه الحالة يجب الأخذ في الاعتبار أن الطفلة حساسة بإفراط، وهي بحاجة إلى إعادة بناء للثقة بالنفس، وتدعيم مفهوم الذات لديها، أعطيها مسؤولية أو حمليها أدواراً قيادية، وتقبلي نقاط الضعف فيها، وعليك بجعل الموقف أو غرفة الصف مشوقة وليست غريبة أو مفاجئة، وتشجيع التعبير عن النفس وإبداء الرأي بالتعاون مع المعلمة داخل الصف، كأن تطلب المعلمة من جميع الأطفال وصف مشهد جميل أو الحديث عن قصة ممتعة، أو الحديث عن رحلة جميلة، أو إدخال سلوك اللعب أو العمل مع الوصف والحديث، ويمكن الاستفادة من نموذج شجاع وجريء من الأطفال وتشجيعه وتشجيع الطفلة على الخطابة والتعبير، واستخدام عبارات فيها، أو توجيه أسئلة تستلزم إجاباتها، البدء بكلمة: (أنا) واستخدام مسابقات أو إكمال جمل ناقصة تمتدح الفصل أو المعلم، وتقديم مكافأة لها إذا نجحت في ذلك، وتحاشي توجيه النقد، بل امتداح الطفلة، والحديث عن الأطفال الجريئين، وبعد ذلك أصبحوا أبطالاً من خلال القصص والحكايات، وهام جداً التركيز على ردة فعل الآخرين الجميلة نتيجة هذه الجرأة. وهام جداً تعديل أسلوب معاملة الطفلة المتبع من قبل المعلمة، فقد تكون تميل إلى التهديد أو العنف، أو الاستعجال بتنفيذ الطلب، أو أن نبرة صوتها عالية ... إلخ، والطفلة بحاجة إلى تشجيع ومكافأة، وأطمئنك عموماً بأن كثيراً من الحالات تتحسن بعد ذلك، أي في المرحلة الابتدائية، ولكن لا بد من التفهم والصبر والتشجيع وعدم الانتقاد المستمر. وفقك الله.(19/121)
علاقة جنسية بين الأطفال..!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 19/7/1422
السؤال
: هل العلاقة الجنسية بين الأطفال (5 - 9 سنوات تقريباً) أمراً عادي.. أم أن هناك خلل ما؟؟ أرجو إفادتي..
الجواب
أخي الكريم.. أشكر لك تواصلك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.. وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل..
وأما عن استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: العلاقة الجنسية بين الأطفال يا عزيزي ليست أمراً عادياً.. بل هي نذير سوء.. وبداية انحراف..!!! كيف ... ؟! ربما لا يجد الأطفال في هذا العمر المتعة الحقيقية لهذه العلاقة.. ولا يدركان أبعادها..!!! ولكن السؤال.. كيف عرف الأطفال هذا السلوك واستدلوا عليه.؟!! ومارسوه..؟!!!
ثانياً: هناك خلل ولا شك - بل خلل خطير..!!! ربما تجاوز الأطفال إلى غيرهم..!! فهم إما قد رأوا ذلك.. وهذه مشكلة.. فمن رأوا..؟ وكيف رأوا..!! وإما قد سمعوا..؟! وإما قد غرر بأحدهم واستدرج.. فإعتاد على ذلك.. ومارسه.. دون إدراك لعواقبه..!!! والافتراضات هنا كثيرة جداً.
ثالثاً: يلزم تدارك الأمر عاجلاً.. عن طريق سؤال هؤلاء الأطفال متفرقين عن هذا الأمر.. وممن عرفوه.. واكتسبوه..؟ وكيف رأوه..!! وليكن السؤال بهدوء.. وسعة بال.. لوضع اليد على مكمن الداء.. والتأكد من ذلك.. وعدم الاستعجال ثم علاج الأسباب بطريقة ((عقلانية)) وحازمة وعدم التهاون في هذا الأمر.. والتوضيح لهؤلاء الأطفال عن خطورة هذا الأمر.. وشدة عقوبته عند الله.. ومساعدتهم على تجاوزه ونسيانه.
رابعاً: المتابعة - أخي الكريم - والحذر.. هما من أهم الأشياء - بعد توفيق الله وحفظه - في الحفاظ على أخلاق وأعراض المحارم من الأطفال وغيرهم وقد يؤتى الحذر من مأمنه!!! كما يقال.. فالله.. الله.. بالدعاء.. وقراءة الأوراد الشرعية فهي الحصن الحصين.. مع تعويد الأطفال على مصارحة والديهم بما يعتريهم ويعترضهم من عقبات وإخبار الأطفال بهذا السن بحيل بعض ((السفلة)) للإيقاع بهم.. والتغرير بهم ... ويلزم هنا الوضوح وتسمية الأشياء بأسمائها.. وإخبار الطفل بما يجب عليه هنا من تصرفات لمواجهة مثل ذلك ليكتسب الحصانة الداخلية.. وحتى لا يصبح صيداً سهل المنال.. وفقكما الله وحماكما من كل مكروه وجميع شباب وأطفال المسلمين.(19/122)
ثانيًا: العلاقات العاطفية(19/123)
أرجوكم.. فرِّقوا بيننا!
المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 14/01/1427هـ
السؤال
أرجوكم ساعدوني، لا تتركوني حائرة معذبة، فقد اكتفيت من هذا العذاب، إنه عذاب أنا من جلبته لنفسي، أنا فتاه ملتزمة، لكني وقعت -بمكالمة هاتفية- مع شخص كان هدفه التسلية فقط، لا أدري ما الذي حصل لي وجعلني أقبل تلك المكالمة؟ ولكني قبلتها هي بالذات، أحس أحياناً بأن ربي يستر علي كثيراً -فلله الحمد- فهذا الشخص ليس لئيماً، فهو لم يحاول إيذائي أبداً، بالرغم من أني أرفض له طلبات كثيرة!!!
وأستطيع أن أقول: إننا أحببنا بعض إلى حد الجنون، اعترف لي بذلك وطلب مني الزواج، وافقت، لكنه لا يستطيع الآن؛ لأنه طالب بالكلية، تأثر مستواه الدراسي وحاول تركي مرات كثيرة وأنا أشجعه على ذلك، ولكنه ما إن يبدأ بذلك إلا ويرجع بعد يوم أو يومين، وأنا أحبه ولا أريد أن يصيبه شيء بسببي.
قررنا أن نشجع بعضنا ونتكلم عن عظم ذنبنا أمام الله، لعل ذلك يردعنا لكن مع ذلك لا نستطيع أن نتخيل الحياة بدون أن نتصل ببعض.
لا أجد أمامي غير دموع الآلام والحسرة والحب والعذاب؟ أرجوكم ساعدوني.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد تألمت لما أصابك ورثيت لحالك، وقلت في نفسي: متى تدرك بناتنا وأخواتنا الحال والواقع، متى تنتهي معاناة الفتيات من المزعجات؟ وإليك خطة الخلاص -بإذن الله- وهي تأملات وخطوات:
أولها: أن ميل المرأة للذكر ميل فطري تدفعه غريزة ركبها الله سبحانه -وتعالى- في الجنسين، وكل شيء فطري فله حل لدى الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
والثانية: أن الاتصال من الرجل بالمرأة أو العكس يحكمه في جميع فصوله عاطفة جياشة غامرة مغرقة، وأن العقل يغيب في جميع فصول العرض، والعاطفة لا يمكن أن تسير الحياة أبداً، ولذا اشتطرت الشريعة في النكاح أن يكون ثمة ولي للمرأة، ولا يمكن أن تزوج نفسها مع أنها تستطيع أن تجري أعظم الصفقات المالية بدون الرجوع إلى رجل، فهي في باب تدبير المال لا ينقصها شيء فطري في أصل الخلقة والمتحكم إليه العقل، وأما باب النكاح فتقع في الفخ فقد يستدرجها من ليس لها بكفء؛ لأن العاطفة الغريزية -الميل للذكر- حاضرة في نفسها تغطي العقل أو تحجب أفضل أشعته.
الثالثة: أن الخلاص من [العذاب، الحيرة، الذنب، المرارة]-كما وصفت حالك- يكون بالاتجاه المعاكس وبالتدريج.
المرحلة الأولى: مخاطبة العقل في طرح هذا السؤال: شاب يتصل بفتاة قصده التسلية، فهل يكون أميناً من يأتي البيوت من غير أبوابها؟ وهل يرغب أن يُتَّصل على أخواته أو قريباته؟ ثم كم اتصل بعدك وقبلك وأثناء الاتصال بك على بنات وغرر بهن؟!!
والمرحلة الثانية: يطلب طلبات كثيرة وترفضين، ومع ذلك تصفينه بعدم اللؤم، حيث إنه لم يؤذك، هذا ضرب من تغييب العقل قريب من الجنون، يطلب ما لا يحل كم هو أمين وصالح؟! وحيث إنه لم يبتزك فهو غير لئيم، وأما تعلقك به وهو سبب طلباته غير الملباة من قبلك فهو حسن وجميل.. قاتل الله الحب الأعمى كيف يجعل السيئات حسنات؟!(19/124)
المرحلة الثالثة: الذئب يحاول الكف عن الافتراس بالمواعظ، والعرب تقول في أمثالها: "إذا سبح القيطوم سرق القط" فالتجاوز وانتهاك الحرمات وحرق الفضيلة وتعذب نفس مؤمنة لبس لبوس الدين والوعظ "خوش قرار" قررتموه.
المرحلة الرابعة: بعد أن يقتنع العقل بأن هذا المتصل لص سارق لا أمانة لديه يتلذذ بإيذاء المؤمنات وتعذيبهن، ويطلب مالا يحل فكيف يقبل زوجاً؟ واعلمي أن جل الزيجات في الخليج التي كانت مسبوقة بلقاءات أو اتصالات -ولو بريئة- انتهت بالطلاق ومن بقي فهي تحترق بنار الشك والريبة، فالرجل يقول في نفسه: خانت هذه المبادئ وقبلت الاتصال بي فهي سوف تتصل بغيري ومثله المرأة.
وأخيراً: ضعي على معصمك مطاطاً، فإذا وردت على خاطرك ذكراه فشري المطاط والسعي معصمك، وقولي بصوت مسموع لنفسك: كفي كفي، ثم أوردي على نفسك عيوبه ومساوئه، ثم انشغلي بأمر دين أو دنيا من قراءة وذكر واستعاذة وحديث وعمل في البيت يشتت هذا الوارد، فبعد أسبوعين أو ثلاثة يخف جداً وهذا مجرب.
واحذري أن يعبث الشيطان أو صاحبك فيقول تنقطع العلاقة بيننا بالتدريج، بل مباشرة وبكل قوة، احرقي شريحة الجوال، وكفي عن الرد على التلفون الثابت هذه المدة على الأقل، وكما كنت قوية في الاتصال به فكوني قوية في المفارقة.
أعانك الله وزرع في نفسك القوة والثقة والحرص على ما ينفعك.(19/125)
ضعيف الثقة بالنفس
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات نفسية / الثقة/بالنفس
التاريخ 17/10/1425هـ
السؤال
أخي مشرف النافذة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا شاب متعلم، لكن تصادفني بعض المشاكل في حياتي، بسبب تفكيري أو أفكار تنشأ من داخلي، وهي تتركز في علاقتي مع الجنس الآخر، فأنا أحس بإحراج كبير عندما أدخل أماكن تعج بالفتيات كالأسواق مثلاً، أحس بأن الكل يتحدث عني وعن شكلي، ويعلقون باستهزاء علي، فلا أستطيع أن أعمل شيئاً إلا أن أتضايق جداً، كذلك تربطني علاقة طاهرة مع إحدى الفتيات، لكني أحياناً أسبب المشاكل معها بسبب تفكيري وغيرتي المجنونة، فتتوارد علي أمور فتكبر في مخيلتي إلى درجة أني أحس أحياناً أنها تضحك علي، والحب الذي بيننا من طرفي فقط، أنا تعبت جداً من هذه الحالة، أفيدوني أفادكم الله.
الجواب
أخي الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أشكر لك ثقتك، وأسأل الله -تعالى- لنا ولك التوفيق والسداد في الدين والدنيا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه:
أولاً: لقد قمت بتشخيص جزء من مشكلتك، وسأكمل لك الباقي، فلقد ذكرت أن سبب المشكلة لديك (أفكار تنشأ من داخلك) ، وهذا صحيح، فحياتنا النفسية - يا عزيزي- من صنع أفكارنا، ولكي تنجح لا بد أن تتخيل نفسك ناجحاً، أما إن حاصرت نفسك بالخوف من الفشل، وانتظار آراء الناس فيك، فثق أنك ستستمر في دوامة من الخوف وانعدام الثقة، والتهيؤات التي تفترضها من الآخرين، وهكذا، مزيداً من التعب والقلق، والعزلة التي قد تتطور إلى ما لا تحمد عقباه.
ثانياً: السبب الحقيقي لكل ذلك، أن عالمك الداخلي (مشوش) ونظرتك إلى نفسك نظرة سلبية، فلماذا لا تغير هذه النظرة السلبية إلى نظرة إيجابية؟ فلست أقل من سواك، وما لا تستطيعه الآن بإمكانك أن تتعلمه غداً، فاستعن بالله وقوِ عزيمتك، وكن واثقاً بنفسك، ولا تنشغل كثيراً بآراء الآخرين تجاهك، ونظرتهم إليك صدقني كل مشغول بنفسه عما سواه.
ثالثاً: لا أدري لماذا حصرت المشكلة (بالجنس الآخر) رغم أن مشكلتك عامة، ولكن يظهر أنك مغرم كثيراً بنظرة (الجنس الآخر) تجاهك؟ يا عزيزي: دع الجنس الآخر لنفسه، ولا تنشغل كثيراً بما يفكر فيه، فذاك من الشيطان، واجعل همتك عالية، ولا تلتفت للصغائر، فإن الهموم بقدر الهمم، ويظهر - والله أعلم- أن جلساءك يهتمون كثيراً بهذا الأمر، فتجاريهم أنت فيه، تذكَّر - يا عزيزي- أخواتك وقريباتك، وهل تسمح لكائن من كان بمجرد التفكير في جلب استحسانهن.
رابعاً: بالنسبة (لعلاقتك الطاهرة) - كما سميتها- مع هذه الفتاة فإن تفكيرك وغيرتك، راجعة إلى (نظرتك السلبية) إلى نفسك، كما أسلفت، وستزول بمجرد أن تغيِّر هذا المنظار إلى منظار إيجابي، وثق أنك قادر على ذلك بعون الله، ولكن أنشدك بالله إن كان هدفك (سامياً) فبادر فيه فوراً، وإلا فأغلق هذا الموضوع، وانشغل بمعالي الأمور، حتى يوفقك الله وتحصن نفسك، فإني أخشى عليك من العواقب في الدنيا والدين. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(19/126)
كان قراراً حازماً..!! والآن..؟!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 13/12/1422
السؤال
أسأل الله تعالى لي ولكم ولجميع المسلمين الصحة والهداية والثبات على الحق إنه ولي ذلك والقادر عليه......أما بعد: أبعث إليكم بهم طالما أرقني. لعلي أجد من يشير علي ويوجهني. قبل سنتين تقريبا تعرفت على شاب من أهل بلدي واستمرت علاقتي الهاتفية معه مدة شهر واحد فقط لا غير..بعد ذلك حصل بيننا نقاش بسيط فخيرني بين البقاء معه أو العكس فاخترت الانفصال بكامل إرادتي وقناعتي في ذلك الوقت لعدة أسباب أولا: إنني طوال ما كنت أحدثه كنت أشعر بذنب. كنت أحتقر نفسي وأنني سأبلغ العشرين وتصرفاتي كأني مراهقة. أيضا كنت أشعر بالخوف لا أدري قد يكون منه أو من كثرة القصص التي أسمعها عن الفتيات اللاتي سلكن هذا الطريق. وأيضا هو رجل فيه شيء من الغرور، هذا الإحساس كنت أشعر به من خلال مكالمتي له؛ لذلك أردت أن أريه أنني قوية وأستطيع أخذ قرار ... المهم في آخر مكالمة وبعد أن أخبرته قراري وجه لي عدة نصائح في حياتي المستقبلية وفي دراستي.. كل هذا وأنا لم أندم بل العكس كنت أقول: إنني عملت الصحيح، وإنه بالتأكيد كذاب ولعاب....!! وقد مضت - الآن- ثلاث سنوات على هذا الأمر ومن الله علي بالحج. كنت وأنا حاجة أدعو له، وأقول: اللهم اعف عني، اجتمعت معه على معصية ومع ذلك أدعو له، أنا لا أريد أن أعود إلى الضلال مرة أخرى، ولكنني لا أكف عن التفكير فيه دائماً، أشعر أن هناك ارتباطاً بيني وبينه، أو هكذا أتخيل لا أعلم، لا أخفيكم سراً أنني ما صليت أو دعوت إلا ودعوت له والله إنني أخصه بالاسم وأدعو له كما أدعو لأمي وأبي..حاليا عندي أمل كبير في أنه سيأتي ويخطبني. لا أدري لماذا لكنه لا يفارق خيالي دائماً، أفكر به أصبحت أرفض أي خاطب يتقدم لي بحجة أنني أكمل دراستي لكن الواقع أنني على أمل انه سيأت يوماً..أرشدوني أرجوكم هذا الشعور يعذبني لا أعلم هل أنا على حق أم على باطل، لا أدري هل شعوري هذا حقيقي أم الشيطان يوسوس لي أنا حاليا أشعر بفراغ كبير خصوصاً أنني على الانترنت حقيقة أخشى من الفتنة، أخشى أن أنزلق في هذا التيار في الدردشة والحوار..أرجو أن تطلعوا على رسالتي، وأتمنى الرد علي وإرشادي. هل شعوري هذا حقيقي هل هو كان صادقاً معي ... وجزاكم الله عني وعن المسلمين كل خير؟
الجواب
أختي الكريمة أشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-أولاً: لقد كان هاجسك وقتها وخوفك وقلقك.. هو صوت الضمير الحي في داخلك.. وصوت الدين.. وصوت التربية الحقة.. صوت الخوف من الله والخشية من عقابه التي تكمن في نفسك النقية.. التي ترفض الخطأ والتجاوز والخيانة..!!(19/127)
ثانياً: احمدي الله تبارك وتعالى إذ رحمك.. ودلك على الخير وهداك إليه باختيارك إنهاء هذا الأمر " وهو المكالمات الهاتفية " مع هذا الشخص.. لأنك لا تدرين إلى ماذا ستنتهي لولم تنهيها..؟! ربما انتهت إلى فضيحة أو كارثة أو غير ذلك مما يتكرر حدوثه في مثل هذه الأمور.. والضحية دائماً هي الفتاة وعائلتها..!!
ثالثاً: تأكدي أن هذه العلاقة لو استمرت.. فإنها قد تنتهي إلى أي شيء.. إلا شيئاً واحداً لا يمكن أن تحققه مهما علت الوعود وتكررت العهود وهو " الزواج "..!! لماذا؟! لأن من يريد أن يختار زوجته لن يختارها بهذا الشكل ويقبلها بهذه الطريقة!! وحتى لو قبلها وهي نسبة ضئيلة لا تكاد تذكر.. فإن البدايات لن تختفي من ذاكرة الرجل وستكون هماً يؤرقه.. وهاجساً يسقط عليه الكثير من المواقف الحياتية العابرة..!! وبالتالي يتحول إلى ورم خبيث في جسد الحياة الزوجية ينتهي غالباً إلى إنهائها..؟!
رابعاً: كثيرات هن المخدوعات اللاتي مررن بمثل تجربتك ولكنهن صدقن الوهم واسترسلن بالحديث.. وسرن بهذا الطريق الشائك..!! وفي النهاية.. حسرات.. وزفرات.. ودموع وآهات..!!! بل وعار وشنار!!! فانظري لهذا الأمر من هذه الزاوية.. والعاقل من وعظ بغيره لا من وعظ بنفسه!!
خامساً: دعينا نتجاهل كل الاعتبارات الأخرى.. ونفترض أن هذا الإنسان كان - فعلاً - سيخطبك ويتزوجك فمن قال لك إن سيرته وأخلاقه كانت ستعجبك وستقبلينه لو تقدم لك..؟!! ربما كان شخصاً تافهاً.. مغروراً.. منحرفاً..؟! وربما.. وربما..!! علماً أن بعض الاعتبارات لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها.. لأنها تدخل ضمن الثوابت الشرعية والأخلاقية.
سادساً: بغض النظر عن كل شيء فلقد تصرفت كما يجب - بعد أن كدت أن تتردي إلى طريق الهاوية.. فاحمدي الله واسأليه الثبات حتى الممات.. واحذري من كيد الشيطان ونزغاته وتلبيسه فهو الذي يسعى - أخزاه الله - إلى أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.. فالحذر.. الحذر!! سابعاً: الله.. الله باختيار الرفقة الصالحة التي تدلك على الخير وتعينك عليه.. وعليك - أختي الكريمة - بصدق الالتجاء إلى الله بأن يحفظك ويوفقك ويعيذك من الشيطان.. وعليك بقراءة الأوراد اليومية.. والاستغفار.. وإحسان الظن بالله.. والانشغال بالطاعة قدر الجهد.. ووضع الجنة نصب عينيك.. والاحتياط لنفسك ودينك.. وأما ما تشعرين به من الفراغ.. فاغتنمي فيه خمساً قبل خمس كما جاء في الحديث (فراغك قبل شغلك.. وغناك قبل فقرك وشبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وحياتك قبل مماتك.. الحديث) . وفقك الله وحماك، وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(19/128)
هل استمر في هذا الطريق؟!!
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 13/6/1422
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لن أطيل عليكم.. أنا فتاة غير متزوجة وقد تعرفت على شاب مسلم وهو من أحد البلاد الأجنبية.. وكانت علاقتنا مجرد حديثا بالكتابة دون الصوت.. نتحدث عن الإسلام وما شابه ذلك بدأت العلاقة تتطور فلم تعد نتحدث عن الإسلام بل عن بعض الأمور الشخصية بدأت أتضايق من هذا التطور فهل أستمر على علاقتي به علما بأنه حديث عهد بالإسلام.. ويريد معرفته بشكل أوسع.. وجزاكم الله خيرا..
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
الله سبحانه وتعالى أودع في خلقه غريزة الانجذاب بين الكائنات وهو انجذاب الذكر للأنثى لحكمة يريدها سبحانه وتعالى والبشر بذكورهم وإناثهم الانجذاب بينهم ظاهر والذي يؤطر هذا الانجذاب هو الشكل الجنسي أو الغريزة الجنسية، أي أنها القوة الدافعة لذلك، لذلك جعل الله سبحانه التزاوج بين الذكور والإناث، وجميع المخلوقات تمارس هذا التزاوج على سجيتها، أما بنو البشر فقد ضبط هذا التزاوج بالحدود الشرعية المعروفة، فإذا انفلت وتعدى هذا الانجذاب إلى ساحات أخرى غير ساحة الزواج الشرعي تحولت الحياة إلى الدرك البهيمي الذي بعده تعم الفوضى وتنتشر الأمراض.
مسألتك من هذا النوع فالذي بينكما هو انجذاب ذكر لأنثى مر بمراحل مساعدة لإيجاد الأرضية المنطقية له فلا حظي قولك كان الحديث أول الأمر عن الدعوة وأمور الإسلام وهذا أمر طبيعي أن يحدث فلا يعقل أن يتم الانجذاب المؤدب بشكل عنيف أو سخيف مع العلم أنه في بعض الحالات قد يحدث!! فأنت وهو عندما يكون الحديث بينكما يؤطر ذلك لذة مشتركة بينكما تجعل الحديث يستمر لأطول فترة ممكنة (صح) والدليل هذا التحول في المسار الحديثي من الدعوة إلى أمور شخصية تسيطر عليك وعليه مما جعلك تحسين بدبيب الخوف منه، فقد يكون الحديث اتجه إلى الساحل العميق، وجيد أنك تصارعين من أجل التوقف ولكن الحيل النفسية والشيطانية، تقول لك إنه بحاجة إليك لتفقهيه في الإسلام بينما الأمر غير ذلك، والمراد هو استمرار الحديث لاطول فترة ممكنة وربما تطور الأمر إلى مالا تحمد عقباه!! عندها قل على العفة السلام.
أخيراً نصيحتي لك يا بنيتي الهرب، الهرب، الهرب، وسيجد من يعلمه الإسلام غير الغزال الضعيفة.
ثم احذري من هذا المنزلق والنفق وهو الانخداع بهذه الحوارات المعسولة في ظاهرها وفي باطنها السم الزعاف خاصة أنك لا زلت صغيرة فإذا وقعت فريسة لهذه الحوارات فستجدين نفسك في بحر آسن، وإن كان ولا بد منها فلتكن مع بنات مثلك.. وإياك أن يخدعك الرجل. هذه نصيحتي لك.. رعاك الله.(19/129)
علاقة غير متزنة!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 22/4/1422
السؤال
في البداية أشكر القائمين على هذا الموقع على كل ما يبذلونه من جهد لخدمة أبناء الأمة الإسلامية السؤال هو: أنا شاب متعلم لكن تصادفني بعض المشاكل في حياتي بسبب تفكيري أو أفكار تنشأ من داخلي وهي تتركز في علاقتي مع الجنس الآخر فأنا أحس بإحراج كبير عندما أدخل أماكن تعج بالفتيات كالأسواق مثلاً أحس بأن الكل يتحدث عني وعن شكلي ويعلقون باستهزاء علي فلا أستطيع أن أعمل شيء إلا أن أتضايق جداً كذلك تربطني علاقة طاهرة مع أحد الفتيات. لكني أحياناً اسبب المشاكل معها بسبب تفكيري وغيرتي المجنونة تتوارد علي أمور فتكبر في مخيلتي إلى درجة أني أحس أحياناً أنها تضحك علي والحب الذي بيننا من طرفي فقط أنا تعبت جداً من هذه الحالة أفيدوني أفادكم الله.. ولكم جزيل الشكر..
الجواب
أشكر لك ثقتك.. وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد في الدين والدنيا.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه: -
أولاً: لقد قمت بتشخيص جزء من مشكلتك.. وسأكمل لك الباقي..!! فلقد ذكرت أن سبب المشكلة لديك (أفكار تنشأ من داخلك..) !!! وهذا صحيح فحياتنا النفسية يا عزيزي من صنع أفكارنا..!! ولكي تنجح لابد أن تتخيل نفسك ناجح! أما إن حاصرت نفسك بالخوف من الفشل.. وانتظار آراء الناس فيك.. فثق أنك ستستمر في دوامة من الخوف وانعدام الثقة.. والتهيؤات التي تفترضها من الآخرين.. وهكذا.. مزيداً من التعب والقلق.. والعزلة.. التي قد تتطور إلى مالا تحمد عقباه.
ثانياً: السبب الحقيقي لكل ذلك.. أن عالمك الداخلي (مشوش) ونظرتك إلى نفسك نظرة سلبية!!! فلماذا لا تغير هذه النظرة السلبية إلى نظرة إيجابية.. فلست أقل من سواك.. ومالا تستطيعه الآن.. بإمكانك أن تتعلمه فاستعن بالله وقوي عزيمتك.. وكن واثقاً بنفسك.. ولا تنشغل كثيراً بآراء الآخرين تجاهك.. ونظرتهم إليك صدقني.. كل مشغول بنفسه عما سواه!!
ثالثاً: لا أدري لماذا حصرت المشكلة (بالجنس الآخر!!!) رغم أن مشكلتك عامة!! ولكن يظهر أنك مغرم كثيراً بنظرة (الجنس الآخر) تجاهك!!!؟ يا عزيزي.. دع الجنس الآخر.. لنفسه.. ولا تنشغل كثيراً بما يفكر فيه.. فذاك من الشيطان.. واجعل همتك عالية.. ولا تلتفت للصغائر.. فإن الهموم بقدر الهمم!!! ويظهر والله أعلم أن جلساؤك يهتمون كثيراً بهذا الأمر.. فتجاريهم أنت فيه..!! تذكر يا عزيزي أخواتك وقريباتك وهل تسمح لكائن من كان بمجرد التفكير في جلب استحسانهن.
رابعاً: بالنسبة (لعلاقتك الطاهرة) كما سميتها مع هذه الفتاة فإن تفكيرك وغيرتك.. راجعة إلى (نظرتك السلبية) إلى نفسك.. كما أسلفت وستزول.. بمجرد أن تغير هذا المنظار إلى منظار إيجابي..!! وثق أنك قادر على ذلك بعون الله 0 ولكن.. أنشدك بالله إن كان هدفك (سامياً) فبادر فيه فوراً.. وإلا فأغلق هذا الموضوع.. وانشغل بمعالي الأمور.. حتى يوفقك الله وتحصن نفسك.. فإني أخشى عليك من العواقب في الدنيا والدين.
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(19/130)
لم يخطبها أحد، فهل تعذر لو تعرّفت على شاب!
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 29/10/1424هـ
السؤال
أنا بنت يشهد كل من عرفني بأنني على خلق ودين، وأسأل الله أن يهديني إلى سواء السبيل، ولكن مشكلتي هي أنني كنت منغلقة على نفسي، ومتمسكة بشكل واضح بالدين حتى بعد عني الجميع، المشكلة هي أني لم يتقدم للخطبة إلي سوى شخص واحد، وهو غير مناسب من جميع الجوانب، وسمعت عن قصص الحب العديدة على النت فتعرفت على شاب من النت وحدثني في التلفون، ولكني غير سعيدة بما أفعل، أشعر أنه حرام، مع العلم أني في منتهى الاحترام في كل كلامي معه، أنا في حيرة شديدة، ماذا أفعل؟ أنا أريد أن أقطع هذا الكلام مع الشاب، وأن أعود إلى الله، ولكن كيف وأنا لم يتقدم لي أحد؟ مع العلم أني والحمد لله جميلة. أفيدونا جزاكم الله خيراً، وأرجو الدعاء لي ولأمثالي.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بيده الملك، يعطي من يشاء بمنِّه وفضله وكرمه، ويمنع من يشاء بحكمته وعدله، فلا معقِّب لأمره، ولا راد لقضائه وفضله، وهو على كل شيء قدير، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إلى الأخت السائلة - حفظها الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، سائلين المولى - جل وعلا- أن تجدي عندنا كل ما ينفعك ويفيدك في دنياك وآخرتك، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع.
أختي الفاضلة: لقد قرأت رسالتك مرات عديدة، وسرني جداً التزامك بشرع الله، ولكن ساءني جداً تلاعب الشيطان بك، وانخراطك في طريق التحدث مع الشباب على النت، فهذه بداية النهاية المؤسفة لهذا الطريق، فاربئي بنفسك يا أمة الله أن تتلوثي وتقعي في هذا المستنقع الآسن، فمن الآن اقطعي علاقتك مع هذا الشاب، ولا تعودي لمثل هذا العمل السيئ، فأنت بنفسك غير راضية عن هذا العمل، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس" أخرجه مسلم (2553) من حديث النواس بن سمعان - رضي الله عنه -.
واعلمي يا أمة الله أن كل شيء بقضاء الله وقدره، فيجب علينا أن نرضى بقضاء الله، ونؤمن إيماناً جازماً، لا يعتريه أدنى شك بأن الله يقدر لنا كل خير، فعلينا الرضا والتسليم لقضاء الله وقدره، ونفوض أمرنا لله سبحانه وتعالى، ولا نجعل للشيطان علينا سبيلا.
كما أود أن أوضح لك أمراً ألا وهو أن عمرك ليس بالكبير، فأنت بالمقارنة بغيرك من الفتيات سنك صغير جداً، وما دمت أنت بهذا الالتزام والتدين والخلق الجميل، والجمال الخلقي فتأكدي بأن هناك الكثير ممن يرغب في مثلك؛ لأن جميع صفاتك مؤهلة بأن يرغب فيك الرجال بإذن الله تعالى، ولكن عليك باختيار صاحب الدين والخلق القويم؛ حتى تكون حياتكما على تقوى من الله من أول يوم، وهناك بعض النصائح أود أن أزفها إليك عسى الله أن ينفعك بها ويقر عينك بالزوج الصالح والذرية الصالحة، والحياة السعيدة والعيشة الرضية اللهم آمين.(19/131)
إذا كانت نفسك تواقة للزواج فعليك بالآتي:
(1) صدق اللجوء إلى الله والتضرع إليه بأن ييسر أمر زواجك، وكوني على يقين باستجابة الله لك قال تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ" [البقرة: من الآية186] ، وقال تعالى: "أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ" [النمل: من الآية62] .
(2) عليك بكثرة الذكر والاستغفار، فالاستغفار مفتاح من مفاتيح الرزق، قال تعالى: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ" [نوح: 10-12] .
(3) عليك بالحشمة والعفة، والالتزام بشرع الله قال تعالى: "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ" [النور: من الآية33] .
(4) عليك بتقوى الله في السر والعلن، فتقوى الله أساس كل خير، ومفتاح كل بر، وإغلاق كل شر قال تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً"
[الطلاق:2-3] ، وقال تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً"
[الطلاق: من الآية4] ، وقال تعالى: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً" [الطلاق: من الآية5] .
(5) ينبغي على ولي أمرك إذا تقدِّم لك شاب صاحب دين وخلق أن يبادر بتزويجك ولا يضع العقبات، قال - صلى الله عليه وسلم- "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" أخرجه الترمذي (1084) من حديث أبي حاتم المزني - رضي الله عنه- وقال: حديث حسن غريب.
(6) عليك بالبعد عن كل ما يثير شهوتك سواء المسموع أو المشاهد أو المقروء.
(7) إذا زاد فوران الشهوة عندك فعليك بالصيام، كما أرشد إلى ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق عليه أخرجه البخاري (5066) ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه-، أي وقاية من الوقوع في الحرام، والنساء في ذلك الأمر سواء بسواء مع الرجال، لقوله - صلى الله عليه وسلم- "النساء شقائق الرجال" أخرجه الترمذي (113) وأبو داود (236) وأحمد (25663) من حديث عائشة - رضي الله عنها - وعند أحمد (26577) والدارمي (764) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها-.(19/132)
(8) إذا خفت على نفسك العنت والوقوع في الحرام، فلا يمنع أن تخبري أحد إخوانك أو محارمك العقلاء أو ولي أمرك بأن يعرضك على أحد الصالحين ليتزوج بك، وهذا الأمر ليس فيه غضاضة، ولا عيب، ولا أدنى إحراج لك ولا لأهلك، وقد فعل ذلك خير الناس بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم- وهم صحابته الكرام - رضوان الله عليهم- جميعاً، فقد ثبت أن عمر - رضي الله عنه- قد عرض ابنته حفصة -رضي الله عنها- على أبي بكر ليتزوج منها، ومن بعده عثمان -رضي الله عن الجميع- ثم تزوجها بعد ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
(9) لا يمنع كذلك أن تخبري أحد النساء الثقات الصالحات العفيفات بأن تبحث لك عن زوج صالح يعفك عن الحرام.
(10) لا يمنع إذا تقدَّم لك أحد الصالحين -وهو قد سبق له الزواج- بأن تكوني زوجة ثانية لا ضير في ذلك وهذا من السنة. هذا والله أعلم.
(11) عليك بالبعد كل البعد عن التحدث مع هذا الشاب وغيره عبر النت أو أي وسيلة أخرى، واحذري مع مغبة هذا الأمر الخطير، فكم سمعنا ورأينا عن أمور يندى لها الجبين ويحترق لها كل مسلم غيور من جراء هذه المكالمات بين الشباب والفتيات غبر هذه الوسائل.
(12) عليك بالتوبة إلى الله من كل معصية، واحرصي على فعل الطاعات؛ حتى يرضى عنك رب الأرض والسماوات وييسر لك كل أمر عسير فهو سبحانه تيسير العسير عليه يسير.
نسأل الله أن ييسِّر أمرك، ويكشف كربك، ويذهب غمك، ويقر عينك بالزوج الصالح، والذرية الصالحة اللهم آمين. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/133)
أحبته فتركها دون مبرر
المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 27/11/1425هـ
السؤال
أنا فتاة، كنت مخطوبة لشخص وأحببته جداً حتى ملك كل كياني، ولكنه تركني فجأة دون أي مبرر، وأنا في حالة نفسية سيئة جداً، وأحاول التقرب من الله ليخفف عني، ولكني لا أتحسن، هل توجد أدعية تخفف من حبي له؟ وكيف أتصرف ليعود لي هدوئي النفسي؟.
الجواب
ابنتي: - وفقها الله لقوة الإيمان والاعتصام بالرحمن- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فاعلمي أن قضاء الله وقدره ماض كما أراده سبحانه، وأن الله إذا أراد لعبده الخير أمضاه وأنفذه، وإذا علم سبحانه أن الخير لعبده في خلافه أو تأخيره منع حصوله وتحققه رحمة بعبده وإرادة منه الخير له، وأن العبد المؤمن -ذكراً كان أو أنثى- مطلوب منه الاستسلام لأمر الله والرضا بقضائه وقدره، بعدما يفعل الأسباب، فإن حيل بينه وبين ما يشتهي ويرغب فإنما لأمر أراده الله وعليه التسليم والرضا، ويسأل الله الخلف والعوض بما هو خير، قال تعالى: "وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [البقرة:216] ، فأنتِ وإن أحببتِ ذلك الخاطب هذا الحب الشديد، ثم انصرف عنكِ بدون مبرر كما تقولين، فلعله استخار الله، فتبيّن له صرف النظر عن إتمام العلاقة بالزواج، ولم ير من المناسب أن يبلغك بهذا.... والمسلم العاقل إذا لم يتحقق له ما يريد عليه أن يحسن الظن بالله، ويكثر من الحمد والثناء له سبحانه، وأن يكثر من قول: "إنا لله وإنا إليه راجعون" كما قال تعالى: "الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون" [البقرة:156] "اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها".
فقد توفى أبو سلمة - رضي الله عنه- وهو من الصحابة - رضي الله عنهم- وكانت أم سلمة - رضي الله عنها- تحبه حباً عظيماً وهو زوجها، فلما مات حزنت حزناً شديداً جداً، فتذكرت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قد أوصى كل من أصيب بمصيبة أن يقول: "اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها"، فلما تذكرت ذلك رفضت أول الأمر أن تقوله؛ لأنها كانت تعتقد أنه لا يوجد أحد خير من أبي سلمة لها، لكنها سلمَّت أمرها لله ونفذت وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالتها. فما مضت مدة يسيرة حتى خطبها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتزوجها، فصارت أم المؤمنين بدلاً من أم سلمة - رضي الله عنها-، فقد أبدلها الله بهذا الدعاء، وصدق الإيمان، وقوة اليقين زوجاً ليس خيراً من أبي سلمة - رضي الله عنه- فقط، بل هو خير خلق الله أجمعين. صحيح مسلم (918) .(19/134)
تعرّفت على شاب نصراني فأحبته
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 23/10/1424هـ
السؤال
تعرّفت على شاب مسيحي غير عربي من خلال الإنترنت، ومعنى ذلك أني لن أقابله على الحقيقة وأمشي معه، وأحببته جداً جداً، ولكن هو لا يعرف، فبالتالي نحن لا نتكلم أبداً فيما يغضب الله، وأنا أحاول هدايته إلى الإسلام، ونحن الآن نراسل بعض عبر البريد الإلكتروني، فهل هذا حرام؟ مع العلم أنني الحمد لله محجبة وأصلي وأطيع الله في كل شيء، ولقد حاولت ألا أراسله لكني لم أستطع.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ابنتي الفاضلة: لقد قرأت رسالتك وساءني جداً معرفتك بهذا الشاب الكافر، وقد آلمني جداً تعلقك به، وهذه بداية النهاية المؤلمة.
ابنتي يجب أن تعلمي أن الوصف الصحيح لهؤلاء الناس أنهم نصارى؛ كما سماهم الله جل وعلا في محكم التنزيل، والآيات في ذلك كثيرة، فيجب علينا أن نسميهم ونصفهم كما وصفهم الله، أما كلمة مسيحي فلا ينبغي، لأن كلمة مسيحي في اللغة هي الصديق والأمين والمسلم، وغير ذلك، وهم يعتزون بهذه التسمية؛ لأنهم يعرفون معناها الحقيقي، وللأسف معظم المسلمين لا يعلمون ذلك، علاوة على ذلك، هذه النسبة إلى المسيح عليه السلام، والمسيح عليه السلام نبي من أنبياء الله ومن أولي العزم، فنسبتهم إليه تعني أنهم على الحق؛ لأن المسيح على حق، ومن نسب إلى الحق فهو على حق، وهذا خلاف الواقع فالنصارى كفار بنص كتاب الله قال تعالى "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المائدة:73] ، ومن هم الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة؟ إنهم النصارى قاتلهم الله أنى يوفكون، فالنصارى علاوة على كونهم كفار فهم قتلة الأنبياء، قال تعالى: "فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً" [النساء:155-156] ، والآيات في ذلك كثيرة، أتدري ماذا قالوا عن مريم عليها السلام؟ قالوا: إنها زانية! تعالى الله عما يقول النصارى الظالمون علواً كبيراً.(19/135)
وعلاوة على ما تقدَّم فإن النصارى ملعونون بنص كتاب الله، قال تعالى"لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ" [المائدة:78] ، أتدرين يا بنيتي أن النصارى -قبحهم الله- ينسبون إلى الله الصاحبة أي الزوجة والولد، ويقولون بأن زوجته هي مريم عليها السلام وابنه هو عيسى عليه السلام تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، قال تعالى: "وقالوا اتخذ الرحمن ولداً" [مريم:88] ، هذه لمحة يسيرة من كتاب ربنا عن النصارى ومعتقدهم، وإذا أردت المزيد فعليك بالرجوع إلى قراءة كتاب ربنا وسنة نبينا، ومصنفات أهل العلم قديماً وحديثاً لكي تتعرفي عن قرب عن كفر وفسق وضلال هؤلاء الناس، وهذا الشاب الذي أنت تعلقت به يدين بهذا الدين، الدين الباطل، ويعتقد هذه العقيدة الفاسدة الضالة، فلا يحل لك بحال من الأحوال أن تكوِّني علاقة مثل هذه مع مسلم مثلك، فكيف إذا كان كافراً؟ الله المستعان!
ابنتي العزيزة، كيف بك وأنت تتعلقين بشاب كافر وإخوانه من النصارى يذبحون ويقتلون إخوانك وأخواتك من المسلمين والمسلمات في كل مكان، في العراق، والشيشان، وفلسطين، والفليبين، وكشمير، وغيرها كثير من بلاد الإسلام، ألا حياء من الله!
ابنتي ألا يوجد من شباب المسلمين الملتزم بدين الله والمتمسك بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَنْ تحبين أن ترتبطي به، ويكون لك زوجاً صالحاً.
هل تعتقدين بأن مثل هذا الشاب إذا مات على ذلك سيدخل الجنة؟ بل هو في النار إذا مات على ذلك، ألم تعلمي أن الله حرم على المسلمات نكاح المشركين والكفار أمثال النصارى واليهود.
فهل بعد هذا تحبين مثل هذا الكافر؟ وإلى أي مدى سينتهي هذا الحب؟ طبعاً إلى الزواج، ولكنه كافر لا يحل لك الزواج به بنص القرآن الكريم، وكذلك قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" أخرجه الترمذي (1084) من حديث أبي حاتم المزني - رضي الله عنه - وقال حديث حسن غريب، فهل ارتضيت دين وخلق هذا الكافر؟ وهل إذا ارتضيتيه هل يرتضيه أهلك لك؟ الأمر خطير جداً الأمر يتعلق بالإيمان والكفر، الهدى الضلال، الأمر أمر العقيدة أفيقي يا أمة الله.
ستقولين بأنك تدعينه إلى الإسلام؟! أقول لك أنت لست مؤهلة بأن تدعيه إلى الإسلام، ليس عندك أي مؤهلات لذلك، فأنت لست طالبة علم شرعي، وليس عندك ثقافة إسلامية وافية، ولو كان عندك جزء يسير من معرفة الإسلام لما قدمت على هذا الأمر الخطير.
كيف بك يا أمة الله تجعلي هذا الكافر يتكلَّم معك، ويصل بكما الأمر إلى هذا الحد، فأنت مسلمة موحدة تقولين بأن الله واحد لا شريك له، وهو كافر مشرك يقول بأن الله ثالث ثلاثة.
من قال لك بأن هذا الشاب الكافر الفاجر ليس له علاقات بفتيات مغفلات من أمثالك؟
أفيقي يا بنيتي ولا تغضبي مني، فأنت مثل ابنتي تماماً أحب لك الخير والصلاح والفلاح في الدنيا والآخرة، والذي أراه وأنصح به وأدين لله به في مثل حالتك الآتي:
(1) عليك بالتوبة إلى الله من هذا الذنب العظيم.
(2) عليك ومن الآن أن تقطعي كل صلة بهذا الشاب الكافر.(19/136)
(3) عليك بغض بصرك عن الحرام وصيانة لسانك عن الحرام، والبعد عن كل ما يغضب الله تعالى.
(4) عليك بكثرة الاستغفار والانشغال بما ينفعك في الدنيا والآخرة.
(5) عليك بالتفكير في الزواج من مسلم يخاف الله ويتقيه؛ حتى تكوِّنا بيتاً مسلماً.
(6) عليك بالابتعاد عن الإنترنت بالكلية.
(7) عليك بتقوى الله في السر والعلن، واعلمي بأن الله مطَّلع عليك ويراك، فاستحي أن يراك وأنت في معصية.
(8) احذري من الاستمرار في هذه العلاقة الآثمة؛ فخطرها عليك عظيم في الدنيا والآخرة.
(9) عليك بالانشغال بطلب العلم الشرعي.
(10) إذا كانت نفسك تواقة للزواج، لا يمنع أن يعرضك وليك على بعض الشباب الصالحين للزواج منك، وهذا لا شيء فيه، فلقد كان السلف الصالح يعرضون بناتهم للصالحين من أجل الزواج منهم، كما عرض عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ابنته حفصة - رضي الله عنها - على كل من أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان - رضي الله عنهما - لكي يتزوج بها أحدهما، ولكن تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(11) عليك بكثرة الدعاء بأن يصرف الله عنك هذا الشيطان، هذا والله أعلم.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/137)
تعرفَتْ على شاب وأبوها لا يبالي
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 6/10/1424هـ
السؤال
صديقي اكتشف أن أخته تقابل شاباً تعرَّفت عليه من خلال الإنترنت، ولا يعرف أحد في البيت إلا هي وأخوها صديقي، فاتورة جوالها زادت عن 2000 ريال (ألفين) البيت يعاني من بعض المشاكل، كون الأب منشغلاً بالعمل وزوجة أخرى، والأخ الثاني (غير ملتزم) ، عندما واجه صديقي أباه بفاتورة جوال أخته وصفه الأب بـ"المعقد"، صديقي الآن لا يعرف ماذا يفعل مع أخته؟، الفتاة في مقتبل العمر ولا يوجد أكبر منها إلا أخواها، العائلة نوعاً ما غنية، الأخ الكبير صديقي يعيش في مدينة أخرى غير التي يعيش بها أهله. فما هو الحل لهذه المشكلة.
الجواب
الأخ السائل: - سلمه الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة.
أما جواب مشكلة صاحبك فكالتالي:
أولاً: لا بد من زيادة التثبت من قبل أخي الفتاة المذكورة، وألا يكون قد بنى ذلك على ظنون أو شكوك، فإن التثبت منهج شرعي واجب حتى لا يصيب قوما بجهالة فيصبح بعد ذلك من النادمين.
ثانياً: فإن تثبت وتيقن من صحة هذه العلاقة توجه بالتذكير والوعظ والنصح لأخته بأسلوب لطيف يكسب فيه قلبها، ويحاول أن يتحسس دوافع هذا الأمر، ويبذل قصارى جهده لإقناعها أنه يريد مساعدتها وحمايتها من الأشرار والذئاب، ويورد عليها النصوص الشرعية المحرمة للخلوة وللعلاقة المحرمة، مع ذكر قصص من الواقع التي انتهت بذهاب الشرف وبقاء العار والشنار، كل ذلك بأسلوب هين لين لطيف حبيب حتى يقطع على الشيطان لعبته في إبقائها معرضة مستكبرة عن الرجوع أو الإقلاع، لأننا وجدنا إن من أعظم أسباب تلفت الفتيات للشباب وإقامة العلاقات معهم أنهن يفقدن الحب والحنان والاهتمام من أهلهن، ثم يجدنه عند أولئك الشباب الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف وكيف يصطادون في الماء العكر.
ثالثا: يهديها شريطاً إسلامياً مؤثراً وكتاباً عن هذا الموضوع، مع هدية كقلم أو ساعة ليكسب قلبها وتطمئن له أكثر.
رابعاً: نتيجة لبعده عنها وأنه يسكن خارج مدينة أهله يوصي بها أمه أو أحد قريباته أو من يعرف من عائلته ممن يجيدون الإقناع ويملأون عليها وقتها في ذلك.
خامساً: يتابعها بالاتصال المستمر، ويشعرها باهتمامه في ذلك، ويحاول توطيد علاقته بأخته حتى يكون صديقاً لها.
سادساً: إذا كان عرف الشاب الذي يخرج مع أخته وجب عليه التوجه إليه ونصحه ثم تهديده بالسلطات إذا عاد واتصل أو التقى بها.
سابعاً: الدعاء لها في ظهر الغيب بإلحاح على الله أن يهديها ويمن عليها بالرشاد.
ثامناً- إذا كنت تعرف أحداً من أصحابك أو أقاربك يناسبها في الزواج منها فاعرض عليه التقدم لأختك؛ ليكون ذلك قطعاً لباب الفتنة دون - طبعا - ذكر الحادثة له، وذلك من باب التأسي بالسلف الصالح في ذلك، حيث كانوا يعرضون بناتهم ومولياتهم على الصالحين للزواج منهم.(19/138)
تاسعاً: إذا نفع أسلوب اللين والستر فالحمد لله - وهو المؤمل مع عدم العجلة في رؤية النتيجة كاملة - وإذا لم يأت بنتيجة انتقل إلى التهديد والوعيد، وأشرك غيرك من أهلها كأبيك - وأيقظ فيه الغيرة على عرضه - وغيره ليكونوا على علم تام بالحادثة ليكون ذلك أدعى لردعها.
عاشراً: ومن أساليب الردع قطع الوسائل التي يتم بها الاتصال واللقيا، مع أني أميل إلى أسلوب اللين وملء الفراغ والإكثار من جرعات الحب والحنان لها، مع إدخال من تعرف من الصالحات من أهلها أو صحيباتها ليكون لهم دور في التوجيه وسد الفراغ.
وإني أجدها فرصة لأشير هنا إلى خطورة توفير أسباب الشر والفساد للبنات وتركهن يفعلن ما يشأن دون رقيب ولا حسيب، وكيف تكون بسبب ذلك النتائج وخيمة وسيئة، ألا فلنتق الله في أهلنا وبناتنا ونسائنا، ولنحمهن من أسباب الفتنة، ولنعمق الإيمان في قلوبهن ليكون لهن حصنا حصينا من الشر وأهله.
والله أسال لها الهداية والرشاد والستر والعفاف، وللجميع التوفيق والرعاية. والسلام عليكم.(19/139)
لماذا لا تجوز ممارسة الحب قبل الزواج؟!
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 21/9/1424هـ
السؤال
أنا نشأت كمسلمة متدينة، عندي صديق منذ أربع سنوات، ونحن غير متزوجين لكننا ننوي الزواج قريباً إن شاء الله، وبيننا علاقات حميمة من معانقة وتقبيل وتلامس، ونفعل أشياء بدنية كثيرة، لكننا لا نمارس الجماع بعد؛ لأننا نعرف أن الجماع حرام، أنا أرى أن الجماع ما هو إلا تطبيق وممارسة الحب، فكيف يغضب الله من ممارسة الحب بين شخصين متحابين؟ لماذا لا أستطيع التعبير عن حبي للشخص الذي أحبه؟.
وثانياً: الإسلام أباح للرجل الاستمتاع بالسبايا والإماء بدون زواج، فإذا كنت أعتبر نفسي سبية أو أمة لصديقي (وهذا حقيقة ما أشعر به فعلاً) ، فهل يحق لنا الجماع قبل الزواج؟. أرجو توضيح الأمور لي لأنني أحتاج مساعدتكم بسرعة.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن الله العليم الحكيم لا يغضب من ممارسة الحب بن الحبيبين، ولا يحرمه عليهما، ولا يريد بهما العنت والحرج؛ لكنه سبحانه اشترط لذلك شرطاً، وهو أن يكون ذلك في نطاق بيت الزوجية، بعد أن تأخذ المرأة من الرجل ميثاقاً غليظاً - وهو عقد النكاح-؛ الذي يقتضي التزام كل طرف بمسؤولياته تجاه الطرف الثاني، فيتحمل كل منهما ما يطاله من تبعات ممارسة هذا الحب في ظل الزواج - حتى لا يظل الحب دعوى مجرّدة ـ، فمثلاً إذا نشأ من هذه العلاقة الزوجية حملٌ، فالحمل منسوب للزوج، تلزمه نفقته، كما لزمته نفقة أمّه.
أما ممارسة الحب بلا نكاح، فهو مدعاة إلى الفوضى والتنصل من المسؤولية، فتكون المسألة مجردَ إشباعِ رغبةٍ، وتلذذٍ بالأجساد، وربما داخله خداعٌ وكذب وتصنعٌ، فيستغل أحدهما الآخر لأجل إرضاء ذاته وشهوته.
فإذا كنتما تعيشان حبّاً صادقاً ـ كما تذكرين ـ فمالذي يمنعكما أن تمارساه في ظل الحياة الزوجية المبنية على عقد نكاحٍ شرعي؟
إن عقد النكاح عقد ميسور واضح، لا لبس فيه ولا غموض ولا تعقيد؟!.فلا يشترط فيه سوى: رضا الزوجين، وحضور شاهدين، ومهر، وولي، وإيجاب وقبول؛ بأن يقول ولي المرأة للزوج: زوَّجتك ابنتي أو ولِّيتي فلانة بمهر كذا وكذا، فيقول الزوج: قبلت.
فإذا تحقق ذلك فقد حلَّت له، وحلَّ لها، ولهما أن يمارسا الحب على الطريقة التي يرغبانها بشرط ألا تكون فيه مخالفة لشيء من شرع الله.
أما تشبيهك نفسك بالأمة بين يديه، وأنه لا فرق بينك وبينها، فإذا جاز له أن يستمتع بأمته من غير زواج، فكذلك له أن يستمتع بك بلا زواج ـ كما تزعمين ـ، فهذا قياس فاسد؛ لأنه في مقابل نصٍ بل إجماع، وهو أن الحرة ليست كالأمة في جواز الاستمتاع، فالحرة لا يجوز الاستمتاع بها إلا بالنكاح بحيث تصبح زوجةً لها حقوق وعليها واجبات، أما الأمة فيجوز الاستمتاع بها بعد تملكها، (والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكتْ أيمانهم فإنهم غير ملومين) [المعارج:29 -30] .(19/140)
والله يقول: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً" [الأحزاب:36] .
فعلاقة الرجل بالمرأة الحرة الأجنبية عنه ليست مثل علاقته بأمة يشتريها وتصبح ملك يمينه، تُورث كما يُورث ماله، فهي لا تملِك، إنما هي مسخرة في خدمة سيدها.
وكونك تعتبرين نفسك أمةً بين يدي صديقك فهذا لا يغيّر من الأحكام الشرعية شيئاً، فلا زلتِ في حكم الشرع حرّة أجنبية عنه، لا يحل لك ولا تحلي له حتى ولو كان يحبك وتحبينه، ما لم ينكحك نكاحاً شرعياً مستوفياً لشروطه.
وأحيلُ الأخت السائلة إلى الكتب التالية:
1. (الإسلام ومشكلات الحضارة) للداعية: سيد قطب - رحمه الله- وبالتحديد فصل: المرأة وعلاقة الجنسين.
2. (الحجاب) للمودودي.
3. (الإنسان بين المادية والإسلام) وتحديداً فصل (المشكلة الجنسية) للداعية محمد قطب.
والمقصود: أنه لا يجوز له أن يقربك ولا أن يخلو بك ما دام لم يتزوجك بعد، فاتقي الله، وتوبي مما كنت فيه، فهو لا يُرضي اللهَ سبحانه، بل هو موجبٌ لسخطه ومقته وعقوبته. نسأل الله أن يهديكما ويعفكما، ويوفقكما للتوبة النصوح، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/141)
العلاقة عبر الهاتف والإيميل
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 4/1/1425هـ
السؤال
أنا طالب جامعي على علاقة فقط عبر الهاتف مع فتاة، لم تتطور العلاقة أكثر من ذلك؛ لخوفنا من الله، الآن لقد التزمت أكثر والحمد لله، لا أستطيع أن أخطبها حالياً، أنا في حيرة: هل أقطع علاقتي بها، أو ألتزم وإياها ونبقى على علاقة أخف كالإيميل مثلاً؟ أو هذا أيضاً حرام؟ أفتونا جزاكم الله عنا كل خير، هل نستطيع أن نبقى معاً، ولكن ضمن إطار إسلامي يثبت بعضنا الآخر؟. جزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أحلَّ لنا الحلال ورغَّبنا فيه، وحرَّم علينا الحرام وحذَّرنا منه، والصلاة والسلام على معلِّم الناس الخير، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
إلى الأخ السائل: - حفظه الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد قرأت رسالتك وسرني جداً التزامك بشرع الله، أسأل الله لنا ولك الثبات.
أخي الكريم: إن الالتزام بشرع الله ليس مجرد كلام، لكن هذا الكلام لا بد وأن يترجم إلى فعل، وأن ما أنت عليه من العلاقة مع هذه الفتاة من محادثات ورسائل أمر لا يقره دين ولا شرع، حتى ولا عرف، فكل علاقة بين رجل وامرأة أجنبية عنه خارج نطاق الحياة الزوجية حرام شرعاً.
أخي الكريم: أنا أعلم أنك تريد الزواج من هذه الفتاة، وأنا أقول لك إن هذا الطريق ليس بطريق شرعي، ما دمت أنك لا تستطيع الزواج بها في الوقت الحالي، فيجب عليك أن تقطع العلاقة معها وعلى الفور، وإني سائلك سؤالاً فأجب علي وبكل صراحة: هل تحب هذا الأمر لأختك؟ حتى ولو كان هذا الشاب الذي يراسلها ملتزماً مثلك ويريد الزواج بها؟ الإجابة معروفة وهي الرفض، فما دمت لا ترضى بهذا الأمر لأختك فلماذا ترضاه لبنات المسلمين، فكما أنك لا ترضاه لنفسك، فكذلك الناس لا يرضونه لأنفسهم، فاتق الله أخي الكريم، واقلع عن هذا الذنب، واقطع هذه العلاقة على الفور، وتذكر دائماً قوله -تعالى-: "ولا تتبعوا خطوات الشيطان" [البقرة: 168] ، ولم يقل - سبحانه- ولا تتبعوا الشيطان، ولكن حذَّرنا من اتباع الخطوات بداية؛ حتى لا نتبع الشيطان نهاية، وأن ما تفعله مع هذه الفتاة هو من خطوات الشيطان الذي نهانا ربنا عن اتباعها، وتذكر قوله -تعالى-: "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا" [الإسراء: 32] ، ولم يقل سبحانه: ولا تزنوا، ولكن حذَّرنا من الأشياء التي توصلنا إلى هذه الجريمة، وأن ما تقوم به من مراسلة هذه الفتاة وسيلة من وسائل الوصول إلى هذه الفاحشة عياذاً بالله من ذلك. وتذكر قوله - صلى الله عليه وسلم-: "ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما" فما ظنك باثنين الشيطان ثالثهما؟ انظر ما رواه الترمذي (2165) ، وغيره من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، فأنت عندما تراسل هذه الفتاة أو تحادثها عبر الإيميل فهي كالخلوة قياساً، والشيطان هو ثالثكما، ولا تقل لي إننا ندعو بعضنا بعضاً، ونثبت بعضنا بعضاً، هذا كله من تلبيس إبليس عليك وعليها حتى تضلا عن السبيل، وعندما تقع المصيبة وتحدث الكارثة وعندها تعض أصابع الندم، ولات حين مندم.(19/142)
فمن الآن أخي الكريم أقلع عن هذا وتب إلى الله، وليس هناك إطار إسلامي يجمع بينكما إلا الزواج الشرعي بشروطه المعتبرة، وعليك بفعل الآتي:
(1) عليك بالندم والتوبة إلى الله وقطع الاتصال والمراسلة بهذه الفتاة.
(2) عليك بالصوم، قال - صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق عليه عند البخاري (5065) ، ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه-.
(3) عليك بغض البصر عن الحرام؛ امتثالاً لأمر الله - جل وعلا- حيث يقول: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون" [النور: 30] .
(4) عليك بالاستعفاف حتى يغنيك الله من فضله، قال -تعالى-: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله" [النور: 33] .
(5) عليك بالإكثار من قراءة القرآن والسيرة العطرة، وسير السلف الصالح، وكتب التاريخ والتراجم.
(6) عليك بمصاحبة أهل الخير من أهل العلم والدعاة، واحذر مصاحبة أهل الشر.
(7) عليك بطلب العلم الشرعي، واجتهد بأن تكون داعية إلى الله.
(8) عليك بتقوى الله في السر والعلن، فتقوى الله أساس كل خير ومغلاق لكل شر.
(9) عليك بأن تشغل نفسك بما ينفعك في دنياك وآخرتك.
(10) إذا دعتك نفسك لفعل الحرام تذكَّر بأن الله مطلع عليك ويراك، فاستح أن يراك وأنت على معصية.
(11) عليك بسماع الأشرطة التي ترقِّق القلب وتدمع العين.
(12) عليك بتكوين مكتبة متواضعة عندك في البيت، تقضي فيها أوقات فراغك.
(13) عليك بأن تهتم بدراستك وتحصل على تقرير امتياز؛ حتى تستطيع أن تدخل الحياة العملية بقوة، حتى إذا تقدمت لهذه الفتاة أو غيرها تكون مؤهلاً لذلك.
(14) اجعل لنفسك هدفاً في الحياة، واسعى جاهداً لتحقيقه.
(15) وخاتمة القول: عليك بالدعاء، وصدق اللجوء إلى الله أن يصرف عنك الشيطان، وأن يجنبك مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلك من عباده المخلصين.
والله أسأل أن يوفقنا وإياك لكل خير، ويصرف عنا وعنك كل سوء وشر، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/143)
أحبه حتى بعد زواجه
المجيب د. خالد بن حمد الجابر
مستشار طب الأسرة.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 29/3/1425هـ
السؤال
أنا فتاة، تعلق قلبي بشاب من قريتي فألهب حبه قلبي دون أن يعلم، مع العلم أنه ملتزم، وعندما صارحته بذلك قال إنه قد خطب أخرى، ولكني لم أقتنع فظللت أتقرب منه حتى أوقعته في حبي، ولكنه تزوج وما زال يحبني، وأنا لم أقدر على نسيانه، فنصحني بحفظ القرآن، ولكن دون جدوى، فقد زدت شوقاً إليه وحباً له، وحاصرني حبه من كل مكان، وقد تقدم إلي أكثر من خاطب ولكن قلبي ما هدأ ولا قبل بأحد والشاب يتعذب معي! فأغيثوني بنصيحة تطفي لواعج قلبي وقلبه! جزاكم الله ألف خير.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أصدقك القول يا أختي لقد دمعت عيني وأنا أقرأ خطابك الرقيق المتقطر عشقاً وولها.. كان الله في عونك وعون قلبك وقلب صاحبك.
وقد طلبت منا نصيحة (تطفئ لواعج قلبك وقلبه) ، لأنك (لم تقدري على نسيانه) ، وأن (حبه حاصرك من كل مكان!) ، وأن (قلبك ما هدا) ، (ولم تقبلي بأحد مع كثرة الخطاب) ، ودعوت لنا بمليون خير، فأنا إن شاء الله مغيثك ليس بما يطفئ قلبك وحسب وإنما إن شاء الله بما يملؤه راحة وطمأنينة وهدوءا، والتوفيق والسداد والعون من واحد أحد جربناه مراراً فما خيب لنا سبحانه ظنا ولا رجاء!، كم تعالى وتقدس!!.
غير أني أشترط عليك شرطاً واحداً إن أنت وفيت لي به، فلك بعون الله ما طلبتِ، فهل أنت على الشرط قادرة؟
وشرطي هو: هل أنت تريدين مني جواباً يرضي عشقك وولهك وهيامك وحبك؟ ، أم تريدين حلا يخلصك من "الورطة" وإن لم يرض العشق والوله والهيام؟؟
هل فهمت الشرط؟
حسناً، فلنبدأ على بركة الله.. وسيكون حديثي مفصلاً بعض الشيء وربما يطول، لكثرة الحالات المشابهة.
أولاً: دراسة الحالة..
1) يا رقة الأنثى!!
قد علمت من سؤالك أنك أنثى!! ، وأنك ذات 17 ربيعاً، وهذه هي مشكلتك!! ، لأن عاطفة الفتاة تهيج في هذه السن، بصورة قوية عنيفة، فتصبح أكثر حديثاً عن الحب والمحبة، والوله والعشق. والمرأة خلقت للرجل، والرجل خلق لها، وميل أحدهما للآخر جزء من فطرة الله وناموسه في هذا الكون. لكنه في الإسلام ليس له إلا طريق واحد هو الزواج.
وقد يحصل من بعض الفتيات علاقة عاطفية مع رجل آخر قبل الزواج، إما عن طريق المكالمات الهاتفية، أو اللقاء في السوق، أو كونه أحد المعارف أو الجيران، وأشباه ذلك. قد يحصل هذا، وبعضه مرفوض عرفاً وشرعاً، وبعضه قد يكون مقبولاً، كما لو أحبت الفتاة قريبها أو ابن جيرانها، كانت تعرفه أيام الطفولة والصبا، وكبرا وكبر الحب معهما، وهذا الحب لا سلطان عليه.
صغيرين نرعى البهم يا ليت أننا*** إلى الآن لم نكبر ولم تكبر البهم
إنه لابد أن تعرفي أن توقد عاطفتك سببه المرحلة العمرية التي تمرين بها، وستعجبين حين يمتد بك العمر بإذن الله، ثم تتذكرين ما حصل منك أيام المراهقة فتستلقين على ظهرك من كثرة الضحك!!، هكذا حصل مع كثيرين وكثيرات! .
2) كيف دخلت المها في الشبكة؟!(19/144)
عذراً يا أختي، لكن كيف دخلت في شبكة العشق والهيام؟ ، حتى صرت تردّين عنك الخُطّاب وتعزفين عن الزواج! .
لقد فهمت أنك كلمتيه وكلمك، وأخبرتيه بحبك له وأخبرك بحبه لك!، وأنك جعلت تلاحقين المسكين وتتقربين منه حتى أوقعته في شباكك!!، وأن الكلام بينكما اتسع حتى ناصحك بقراءة القرآن.. ثم جئت بعد هذا كله تستنجدين بمن يخلصك من لواعج الحب!!.
ألا توافقينني أنك لم تقفي عند حد الحب والتفكير، بل تعديت إلى العمل والمكالمة والمواعدة، بل ومحاولة التقرب من المعشوق، والتمادي في ذلك حتى وقع معك في الشبكة وهو لا يريد ذلك. اعذريني يا أختي، فإني وإن قلت في مطلع كلامي إن الحب لا سلطان عليه، وإن بعضه مقبول، لكني لا يمكن أن أقول إن التمادي فيه والسعي للإيقاع بالمعشوق، والتخبيب على زوجته مقبول مباح!.
لقد كان سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- يحب عائشة الصديقة - رضي الله عنها - أكثر من بقية زوجاته، وكان يصرح بهذا فيما رواه البخاري (4358) ومسلم (2384) من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه- ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يتجاوز حب القلب إلى سلوكيات مرفوضة، من الجور بين الزوجات أو تفضيل عائشة - رضي الله عنها - على غيرها من أمهات المؤمنين.
وهذا هو شعارنا ومذهبنا في "العشق العذري"، من وقع فيه كان الله في عونه، لكن لا يحل له أن يتعدى إلى سلوكيات غير مقبولة. واعذريني إن قلت لك يا أخية إن هذا قد وقع منك.
فالمكالمة والحديث..
والمواعدة..
والتقرب والتودد..
كله سلوكيات تكتب على صاحبها، وهي مما يملك السيطرة عليه.
اسألي نفسك: من يقود الآخر..
هل أنت التي تقودين عاطفتك، أم تركتي لعاطفتك الزمام؟ .
3) من أي قوافل العشاق أنتِ؟
يا أختي الكريمة! لست العاشقة الأولى ولن تكوني الأخيرة، وقافلة العاشقين طويلة وما أنت إلا واحدة في هذه القافلة. وهي في الحقيقة ليست قافلة واحدة بل قوافل:
- فقافلة جسدية خسيسة.
- وقافلة عذرية عفيفة.
ولم تذكري لنا من أي القافلتين أنتما؟ وعذراً للسؤال!، لكني أذكر هنا إن كثيراً ممن يدّعون العشق في زماننا غير صادقين، فعشقهم عشق أجساد ورسوم وصور، وليس عشق أرواح وقلوبٌ. ولهذا يكثر من عشاق زماننا اللقاءات والمواعدات واللمس والجس وما هو أكثر من ذلك وأشنع من الفسق والفجور. وربنا سبحانه رب الليل والنجوم والظلمة هو وحده العليم بما يدور بين العشاق في مخبوء الأستار، وظلمات الليالي!!.
والحب العذري النظيف، لا يكدره شيء من أوساخ الحب المعاصر، من لقاء أو مواعدة أو مهاتفة أو مراسلة مريبة، وإنما هي مشاعر في القلب جيّاشة، يحبسها الحياء أن تظهر، ويمنعها العفاف والدين أن تدنس بلقاء أو كلام. وانظري الجواب الكافي، ص (250-253) .
إن العاطفة كالبئر إذا استنزفتِ ماءها؛ ثم جعلتِ تصبينها هنا وهناك لم تفلحي بشيء، وإذا استخرجتيها بقدر، وسقيت منها بستانك الذي تعرفينه، وتعرفين شجره، أثمر شجرك وأورق. وإنما بستانك أهلك وزوجك وأسرتك.
ألا توافقينني أن ما تصنعه بعض الفتيات ليس إلا "إهدار عاطفي"، حيث تهدر عواطفها وتنفقها في غير طائل. وهو "تهييج عاطفي" دون تنفيس صحيح، يضر بالفتاة ومشاعرها أيما ضرر.
ثانياً: الحلول الممكنة..(19/145)
لمشكلتك حلول كثيرة، بعضها مقبول وبعضها مرفوض، منها:
1. الزواج من معشوقك.
2. الاستمرار في ملاحقته ومطاردته.
3. الاستسلام للعشق والانتظار في البيت، وترك الزواج نهائيا!.
4. الرضا بالقضاء والزواج بغيره ونسيانه.
وعليك أن تختاري من بين هذه الحلول ما ترين فيه المصلحة!، وإن أحببتِ ساعدتك بذكر تفاصيل أكثر عن هذه الحلول قد تفيدك في اتخاذ القرار.
الزواج منه قد يكون حلاً مناسباً، وقد يكون أسوأ الحلول!!. فهو حل مناسب إذا قبل بك زوجة له، ونسي كل واحد منكما ما مضى، وسارت الأمور على ما تحبون، وحسنت علاقتك مع أم أولاده، وقدر على العدل بينكما.
واعذريني وسامحيني إن قلت إنه ربما لن يقبل!، لأننا معاشر الرجال "خوافون" من مثل هذا النوع من الزواج، وتضعف عندنا "الثقة" بمثل هذا النوع من الفتيات، ونحن نقول من أحبتني قد تحب غيري!! .
وقد يكون زواجك بداية لمرحلة جديدة من المعاناة والشك والجحيم الذي لا يطاق، لأني لاحظت أن العاطفة التي تنشأ بين فتاة وفتى قبل الزواج لن ينسى أصحابها تفاصيلها المؤلمة في الغالب ولو تجاوزتها أعمارهم وتزوجوا فيما بعد، فستظل ذكرى تلك العلاقات العاطفية الآثمة عالقة في الأذهان، تؤرقهم وتقلق ضمائرهم، وتنغص عليهم عش الزوجية. وربما حصل ما هو أخطر من ذلك حينما تستهويهم تلك الذكريات للعودة إليها مرة أخرى، لكن مع طرف آخر!!.
· أما الاستمرار في ملاحقته ومطاردته فهو أسوأ الحلول، ولا أظن أحداً سينصحك به، إلا العدو إبليس! . لكن ألا يتملكك العجب حين تلاحظين أن هذا فعلاً ما تقومين به الآن!، لأنك لا زلت تلاحقين الرجل حتى بعدما تزوج!!. انتبهي لنفسك يا أختي! , واتقي الله أن تكوني سبباً في فساد قلب صاحبك.
هل تحبينه فعلاً؟، إذن اسعي لنجاته وسعادته في الدنيا والآخرة، ولا تلوعي قلبه وتفسدي عليه زوجته وتنكدي عليه حياته. وكل المتحابين ينقلبون إلى أعداء في الآخرة إلا المتقين، جعلنا الله وإياك منهم، آمين!.
· أما الاستسلام للعشق والانتظار في البيت، وترك الزواج نهائيا!، فهذا حل مناسب جداً، لمن تحب أن تبقى أسيرة الأزمات، ولمن تريد ألا تتجاوز الشدائد!، ولمن يستهويها أن تعلك نفسها وتجتر ماضيها!!!.
أما الفتاة الناضجة الواقعية، التي تعرف أن الحياة لا تتوقف عجلتها عند حب متعثر، ولا ينقطع سيرها لأجل أمنية لم تتحقق، فهي سرعان ما تنعتق من قيد الأزمة، لتصبح أكثر خبرة ونضجاً واستقراراً.
· بقي الحل الرابع: الرضا بالقضاء والزواج بغيره ونسيان القديم.
هل تريدين مني يا أختي أن أحلف لك بالله العظيم أن هذا الحل هو الذي دعوت الله لك أن ينشرح له صدرك، وتقبلي به وتسعي مباشرة لتطبيقه. لكني لا أجبرك عليه فالخيار لك، والله يحفظك ويعينك.
· وهناك وسائل كثيرة تعين البنت التي تورطت في مثل هذا النوع من العلاقات وترغب في التخلص منها، منها:
1) صدق اللجأ إلى الله -تعالى-، ودعاؤه بـ (تضرع) و (إلحاح) و (صدق) ، والاستمرار على ذلك حتى يصرف الله عن قلبك حبه، ويدلك على ما هو خير لك.(19/146)
2) استقباح العلاقة، والتفكر في عاقبتها: وقد أشرت إلى شيء من هذا، وأعيده هنا لأن "التفكر في عاقبة السلوك" منهج إسلامي أصيل في سياسة النفس أحب له أن ينتشر. تأملي يا أختي الكريمة في السلوك الذي تمارسينه الآن، واسألي نفسك الأسئلة التالية:
- هل هو سلوك يرضاه الله -تعالى-؟
- هل هو سلوك يرضاه أبي وأمي وإخوتي لو اطلعوا عليه؟
- هل هو سلوك أرضاه لابنتي؟
- هل هذه العلاقة علاقة نظيفة 100%؟
- ماذا سأستفيد من هذه العلاقة؟ بل ماذا استفدت حتى الآن؟
- لماذا يصد عني معشوقي مع حبه لي؟ هل لأن العلاقة غير نظيفة؟
- هل المعاناة التي أعيش فيها الآن وهي ثمن غالي، هل سأجني من ورائها شيئاً؟
3) رسم صورة المستقبل.
لو تحقق لك الأمر كما تحبين، وتزوجت معشوقك، هل ستضمنين أن حياتك ستكون سعيدة؟ بالطبع لا. لكن اقرئي معي هذا المقطع من مقال لي نشر في مكان آخر:
(.. مسكينات هن فتياتنا يبلغ الظن بهن أن الحب قبل الزواج بحلاوته وطلاوته سيستمر بعد الزواج، قوياً كما هو، ليت شعري كيف لو عرفوا عن الدراسة الأمريكية العجيبة، التي أثبتت أن الغالبية العظمى من الزيجات التي تنشأ عن قصة حب كبيرة، أنها تنتهي بالفشل والطلاق، والسبب ظاهر؛ فحرارة الحب قبل الزواج حرارة خداعة، سرعان ما تطفئها أمواج الواقع، وهذا معنى قول عمر - رضي الله عنه-: "وهل تبنى البيوت بالحب وحده"، خاصة أن هذا النوع من الحب يكون عادة متركزاً على جانب واحد من شخصية المحبوب، كالشكل والمظهر، أو الكلام المعسول، دون إلتفات إلى بقية صفات الشخصية، التي ستبقى فعلاً بعد الزواج. وأنا أتساءل: لو تزوج قيس بليلى أو كثير بعزة أو جميل بثينة أو عروة بعفراء، فهل سيبقى حبهم بعد الزواج كما هو؟!.) ..
4) الإشباع المحمود للعواطف: عاطفتك يا أخية جيّاشة حية متدفقة، إني أراها كموج بحر هادر يضرب في صخور الشاطئ!. الفتاة كالزهرة الندية، في صباح لطيف باسم، رقيقة المشاعر مرهفة الحس ناعمة الوجدان، تطربها الكلمة الودودة، وتنعشها الابتسامة الحانية، ويغرس الاهتمام بها في قلبها البهجة والسرور.
إن الفتاة الناضجة تسعى لإشباع عواطفها وكفاية مشاعرها، بجهدها الذاتي وطرائقها الخاصة. وكما أن هناك طرقاً للإشباع العاطفي غير متزنة ولا محمودة، فإن ثمت طرقاً كثيرة محمودة مرغوبة، منها:
-الإشباع في الجو العائلي: لابد للعائلة من أن تشبع عواطف الفتاة، فإذا لم تشبع في الجو العائلي تعلقت بصديقة أو معلمة، وربما ذهبت الفتاة لما هو أبعد من هذا، فأشبعت عواطفها مع أفراد الجنس الآخر من الرجال. وهذا التوجيه موجه للأسرة بالدرجة الأولى، لتحرص فيما تحرص عليه أن تلبي الحاجة العاطفية لأولادها، فالخبز واللحم لا يعرفان طريق القلب والمشاعر. ولكن الخطاب موجه أيضاً للفتاة نفسها، ذلك أن على الفتاة أن تسعى لتكون هي زهرة بيتها، وحديقة أسرتها، التي يجتمع حولها أبواها وإخوانها. البنت اللبقة المحبوبة تقترح على أهلها تعميق العلاقات فيما بينهم، وتسعى لتحقيق ذلك بما أوتيت من ذكاء نفسي ولباقة اجتماعية.(19/147)
-وعلى رأس طرق الإشباع "الإشباع الروحي الوجداني". إذ ليس أقوى من العاطفة الروحية في ملء الفراغ العاطفي الذي تعيشه الفتاة. إذا امتلأ قلب الفتاة بعاطفة دينية متوهجة دافئة دائمة التوقد، فلا تسل بعد ذلك عن قلق تعانيه، فقلبها هانئ ونفسها ساكنة، والعاطفة الدينية إذا توقدت في القلب فلا تنطفئ إلا في الجنة بإذن الله.
غير أني لاحظت أن بعض من نرشده إلى هذا يقول: "جربت وما فيه فايدة!! ". وكلامه قد يكون صحيحاً، لأن حلاوة القرآن والدين ليست حلوة على كل لسان، بل من لم يعتد عليها، أو قال "أجرب وأشوف" أو جربها وهو متردد، أو قلبه لا زال معلقاً بالماضي فهذا كما قال الإمام أحمد لا ينفعه شيء ولو تناطحت الجبال بين يديه!.
إن تحقيق اللذة والسعادة والهناءة والهدوء والسكينة من العاطفة الدينية ممكنة ومتيسرة، إذا أقبلت عليها موقنة بفائدتها، مقتنعة بها، واستمررت على ذلك وجاهدت نفسك زمناً، فلا شك ولا ريب ستجدين من اللذة ما وجدها الواجدون. تأمليها بستاناً وارفاً في رأس جبل، لابد أن تصعدي الجبل أولاً. وفقك الله وأعانك، وأذاقك من حلاوة الإيمان ما ذاق الصالحون، آمين.
-ومن طرق الإشباع العاطفي التعلق بالرموز والقدوات الصالحة، وعلى رأسهم التعلق بمن سلف من الأنبياء والصالحين..
-ومن الطرق الحب في الله لأخوات صالحات "تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه" جزء من حديث رواه البخاري (660) ومسلم (1031) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ولكن احذري مما يسمى بالإعجاب.
-ومن طرق الإشباع العاطفي إشغال القلب عن طريق اللسان، بترداد ألفاظ وعبارات لها قدرة على تسكين القلب وإرضاء النفس. وهذا تماماً ما يحصل لدى القراءة الخاشعة للقرآن الكريم، والترداد المتدبر للأذكار النبوية. وهذا هو أحد معاني الأثر "من استكفى بالقرآن كفاه". ولاحظي معي يا أختي كلمة "استكفى" فصيغة الفعل تدل على المحاولة والبذل، وهذا يعني أيضاً أن القرآن لا يكفي من جاءه يريد منه أن يحل جميع مشاكله دون أن يكون منه بذل، أليس كذلك!!.
- ومن طرق الإشباع "التسلي"، أي إشغال النفس والذهن بأعمال أخرى نافعة، مثل القراءة والزيارات والمشاركة في الأعمال الخيرية من رعاية الأيتام والدعوة وجمعيات حفظ القرآن وغيرها. والتسلي مهم جدا؛ ً بل وضروري، لأن النفس والقلب كالإناء لابد من ملئه بشيء.
اللهم يا من قلوب العباد بين أصابعك، أطفئ لواعج قلب أختنا، واصرفه إلى طاعتك ومحبتك، واختر لها يا رب ما تكون به سعيدة هانئة في الدنيا والآخرة.. آمين.(19/148)
متعلقة به وهو متزوج
المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 24/06/1425هـ
السؤال
ابتليت بعلاقة ودية مع زميل منذ ثمان سنوات، تزوج من ابنة جيرانه وما زلت ألتقي به، وأشعر أني لا يمكنني أن أرتبط بغيره، وهو يحاول أن يظهر لي وده ومحبته ولكن دون وعد بالارتباط، علما أن علاقته بزوجته غير جيدة، وهو على خلق عظيم، ولكني أشعر خاصة بعد وفاة والدي ولا يوجد لدي إخوة ذكور، فقط أمي وأخواتي اثنتين في البيت، وعلما بأن أهلي يعاملوني معاملة جيدة، لكن تعلقي بهذا الشخص تعلق مرضي، أعينوني بالنصيحة أعانكم الله أنا في حيرة من أمري، وأضيف أني أصلي الاستخارة إذا خطبني غيره، ولم أستطع الموافقة عليهم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
الأخت السائلة: - حفظها الله-:
1- إن التعلق بهذا الشخص أمر محرم لا يجوز؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان" رواه الترمذي (2165) من حديث عمر -رضي الله عنه-، فهذه الخلوة التي تتم ببينك وبينه محرمة شرعاً أدت إلى هذا التعلق، كما أن المكالمات الهاتفية إذا كان فيها فتنة وتعلق بشخص أجنبي لا تجوز قطعاً.
2- إن هذا الشعور الذي تشعرين به يزينه لك الشيطان، بحيث تشعرين بأنك لا تستطيعين العيش بدونه أو مع أحد غيره؛ وكما قال صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ... " رواه البخاري (7171) ، ومسلم (2175) من حديث صفية بنت حيي -رضي الله عنها-، وأنا على يقين أن هذا الشخص لو تزوجتيه لخدعك ولم يثق بك؛ لأنه خادع زوجته الأولى الآن، وكيف يثق بامرأة كانت تفعل ذلك، ومن الممكن أن تفعل هذا مع غيره؛ ولذا أقول لك: توبي إلى الله من هذا الفعل، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وإذا تم ذلك بتوبتك فلو أتى لك أحد بعد ذلك ثم استخرت ستكون النتيجة في صالحك - إن شاء الله-.
3 - إعلمي أن حياتك أثمن من أن تكون تسلية للآخرين، وهذا الشخص لا يتعامل معك إلا على أنك تسلية له وإلا فما معنى إظهار الحب، وعدم الوعد بالارتباط.
4 - تداركي أمرك قبل تلوث سمعتك وفقدان رصيدك من ثقة الناس واحترامهم.
5 - عند ما يتقدم إليك أحد فلا تجعلي نفسك في حال مقارنة بينه وبين هذا الشخص، ولكن فكري واستخيري وأنت تنظرين نظرة متجردة فهذا ادعى لاتخاذ القرار الصحيح.
أسأل الله لي ولك العون والسداد، ونعوذ بالله من غمزات الشيطان.(19/149)
كيف الخلاص من حبها؟!
المجيب عبد العزيز بن محمد الضبيب
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 15/6/1425هـ
السؤال
فتاة تحب شخصاً بجنون، وهو لا يبادلها هذه المشاعر، بل يكره ذلك، ويريد حلاً، وألا يكون من ضمن الحلول الابتعاد عن الفتاة؛ لأنه لا يستطيع ذلك؛ لأن عمله يحتِّم عليه أن يلتقيها -على الأقل- مرتين في الأسبوع؛ لطبيعة عمله، وهو حائر في الموضوع، ويريد النصيحة لمثل هذه الحالة، وهي إلى الآن لم تصارحه بذلك، وإنما علم به من شخص موثوق، وهو يريد قطع الطريق عليها قبل أن تبادر إلى مصارحته، أو أن تتمادى في هذه المعصية، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
الأخ الفاضل: سعدت كثيراً وأنا أقرأ رسالتك، وسر ذلك بأني التمست فيك من خلال رسالتك نبل أخلاقك، وكريم خصالك النابعة من الوازع الديني لديك، ولو وقعت هذه الفتاة في شراك أحد ذئاب البشر لأكلها لحماً ورماها عظماً كما يقال. إذا ما مكنته من نفسها.
أخي العزيز: لقد تعاملت مع الموقف بكل نبل وأخلاق نبيلة، وبوعي كبير منك، وحل هذه المسألة ميسور جداً مع من يتحلَّى بهذا الخلق، وعليه، سأضع بين يديك الاستشارة التالية، والله أسأل أن ينفع بها:
أولاً: يجب عليك يا -أخي الكريم- أن تتجاهل الموقف تماماً، وتبتعد عن الخلوة بهذه الفتاة سواء في العمل أو غيره؛ لأن الخلوة منهي عنها شرعاً, فذلك قد يؤدي إلى مزالق السوء.
ثانيا: تجنب الحديث مع هذه الفتاة، وإياك أن تلين لها بالقول، أو يصدر منك أي سلوك قد تفسره برسالة مودة لها.
ثالثاً: لا تتح الفرصة للآخرين في الحديث لك عن مدى حبها لك، وموقفك من ذلك، وابتر الحديث من أوله.
رابعاً: إذا تمادت هذه الفتاة بذلك، فأنصحك بعدم الحديث معها، والابتعاد عن المواقف التي قد تتيح لها الفرصة بذلك، خاصة وأنك لا تراها إلا مرتين في الأسبوع، وهنا قد يتيسر لك تحقيق ذلك. والله أسأل أن يحفظنا وإياكم من كل مكروه.(19/150)
يمنعني من زواجها العلم وصغر السن
المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني
مدرس بمدارس رياض الصالحين.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 10/04/1425هـ
السؤال
أنا شاب، أبلغ من العمر 19 سنة، ومنذ الصغر وأنا مفارقٌ لبيتي؛ ابتغاءَ العلم، والآن أعيش في الغربة في بلد اعتاد الناس فيه على فعل المنكرات وفرصها كثيرة جداً؛ بحيث لا تعد ولا تحصى، إلا أنني وقفت صامداً أمام كل هذه المنكرات, حتى فكرت في مستقبلي، فاخترت لنفسي شريكة عمري، ولكن ما يحول بين زواجي هو العلم وصغر السن، وقد تعلق قلبي بحبها، ولكن ليس بالقدر الذي يحول دون دراستي.
فهل يجوز هذه العلاقة؟ فأنا أتكلم معها في بعض الأحيان على "النت"، لكن الكلام لا يتجاوز حدود الأدب، هل من حل أو مشورة؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير الأنبياء والمرسلين.. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. نسأل الله لك الثبات ولجميع المسلمين.
إن في رسالتك يا أخي أموراً سرتني، وأموراً أخرى أحزنتني، ولعلي أبين ذلك من خلال النقاط التالية:
1- ذهابك بقصد طلب العلم مقصد طيب، لكنه يحتاج إلى شيء من التوضيح، فلو كنت في بلد يقل فيها العلم الشرعي وذهبت إلى بلد يكثر فيها العلماء فهذا أمر طيب، أما إن كان العلم دنيوياً، فإن ذهابك لطلبه في غير بلدك - إن كان البلد كافراً أو تكثر فيه المعاصي - يحتاج إلى استفتاء لأحد العلماء الثقات؛ لأن المسألة فيها شروط وضوابط لابد من توفرها قبل وأثناء السفر.
2- إن المسلم إذا خشي على نفسه الفتنة بسبب وجوده في بلد ما فإنه يجب عليه ترك ذلك البلد إذا قدر على ذلك.
3- من الجميل أن يرسم الإنسان لنفسه خطة مستقبلية، يبني فيها أسرته، ويختار فيها شريكة حياته، ولكني أخذت على السائل أموراً، أتمنى أن لا يقع فيها ومنها:
أ - من قال أن صغر السن أو طلب العلم مانع من الزواج؟ بل على العكس، الزواج المبكر أفضل من تأخيره إلا بمانع شرعي. ثم الزواج الموفق يكون عوناً للإنسان في طلب العلم وفي طلب الرزق، فإن كنت قادراً على الزواج جسمياً ومادياً فلا تتأخر، لا سيما أنك في بلد تكثر فيه المنكرات.
ب _ أفهم من سؤالك أنك تعلقت بفتاة أجنبية، وهذا ولا ريب أمر محرم، فلا يجوز للإنسان ذكراً أو أنثى أن يتعلق بقرين أو قرينة ممن ليست من محارمه. فإما أن تتزوجها إن كانت مناسبة لك، أو تتركها وتنساها، وإلا فإنك ستقع في الحرام.
ج - الشيطان له خططه وطرائقه الكثيرة لإغواء بني آدم دون أن يشعروا. كثير من الشباب الذين يبدؤون علاقات محرمة بمهاتفات أو مراسلات يسمونها (بالبريئة) ، استدراجاً من الشيطان لهم حتى يتمادوا - وهم لا يشعرون - ويقعوا في الحرام ـ نسأل الله العافية ـ. فإما أن تتزوج هذه الفتاة بالطرق الشرعية، أو تتركها بلا رجعة.
4- عليك أخي بمراجعة كتب وأشرطة تتحدث عن الثبات على الطاعة، فإني والله أخشى
على نفسي وعليك الانزلاق في مهاوي الردى، والحور بعد الكور.
أسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه.(19/151)
يمرض إذا لم تراسله
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 21/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أرجو أن تفهموا قصدي من كلامي، أنا شاب، أبلغ من العمر 25 عاماً، قضيتها في حياة بسيطة والتزام ضعيف، بالرغم من أني أصلي منذ الصغر، وأقوم ببعض العبادات، ويمنعني من المحرمات المحافظة والأخلاق والحياء، إلى أن تعرَّفت على فتاة ملتزمة جداً، وتخشى الله، ولا أعلم كيف أصبحنا نراسل بعضاً على الجوال فقط، دون حديث أو أي شيء يغضب الله، وأصبحت النور في حياتي، وعرَّفتني على الله، وأعادت رغبتي في الحياة، وأصبحت أغلى شيء في حياتي، ولا أستطيع تركها، ولقد أفهمتني أن هذا حرام، وقد يكون سبباً في غضب الله علينا، ولكن حاجتي إليها جعلتها تساعدني، ويشهد الله أني كنت الاستثناء في حياتها، وحاولنا أن ننهي ما بيننا، ولكن ما يجمعنا حب طاهر لا يدنسه شيء، نسير به إلى الله، ولكن أنا أخاف عليها من الله؛ لأني أنا السبب، وخوفها علي جعلها تستمر معي؛ لأني أمرض عندما لا تراسلني. ماذا أفعل؟. أرجوكم ساعدوني.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
إلى الأخ السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لقد قرأت رسالتك الرقيقة أكثر من مرة، وجعلت أتأمل فيها عدة أيام، ليس لأني لم أواجه حالة تشبهها من قبل، كلا، فالحالات المشابهة لحالتك كثيرة، لا تعد ولا تحصى، لكن كان سبب تأملي هو ما لمسته من معاناتك وتألمك، فأنت عاشق، ولا يعرف نار العشق إلا من اكتوى بها، وذاق حرارتها، فلقد وصفت حالتك بأنك لا تستطيع أن تفارق محبوبتك، فهي أصبحت النور في حياتك، وهي أغلى شيء عندك، وأن الذي يجمعكما هو حب طاهر لا يدنسه شيء، تسيرا به إلى الله - هكذا قلت-، ولكن تخاف عليها من الله لأنك تعلم بأن هذا الطريق غير صحيح، ومن شدة كلفك وهيامك أنك تمرض إذا لم تراسلك، الله أكبر، لقد بلغ منك الحب مبلغاً عظيماً، وحالك كما قال القائل:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى***فصادف قلباً خالياً فتمكنا
مسكين والله - يا أخي الكريم-، وبعد ذلك طلبت منا المساعدة والعون في حالتك هذه. حسناً، ما دمت أنت الذي طرقت علينا الباب، وطلبت منا المساعدة، فدعنا نبدأ على بركة الله، سائلين المولى - جل وعلا- أن يوفقنا في إسداء الرأي، وتقديم النصح المنشود، ولكن أود منك أن تنتبه لأمر هام - يا أخي الكريم- ألا وهو أننا لا نعطي حلولاً سحرية؛ لأننا -وببساطة- لا نملكها، ولكن كل ما نفعله أن نجعل الصورة أمامك أكثر وضوحاً وشفافية، والحلول المتاحة أكثر بياناً؛ بحيث لا تسيطر العاطفة ويزيغ العقل، ومن ثم تختار أنت من بين هذه الحلول ما يناسبك، وعلى حسب ظروفك، وكعادتنا في حل مثل هذه المشاكل نتناولها في جزئيتين: الأولى: دراسة الحالة بشكل أفضل. الثانية: طرح الحلول المتاحة لاختيار أفضلها، فمستعيناً بالله أقول:
أولاً: دراسة الحالة بشكل أفضل:
لقد لخصت مشكلتك في النقاط التالية:
(1) لقد قضيت حياة بسيطة والتزاماً ضعيفاً.
(2) تصلي وتقوم ببعض العبادات.(19/152)
(3) يمنعك من فعل الحرام المحافظة على الأخلاق والحياء.
(4) فجأة وبدون مقدمات تعرَّفت على فتاة ملتزمة جداً وتخشى الله، واصبحتما تراسلان بعضكما على الجوال فقط.
(5) لم تفعلا شيئاً يغضب الله.
(6) أصبحت هذه الفتاة هي النور في حياتك، وعرّفتك على الله، وأعادت رغبتك في الحياة.
(7) أرادت منك قطع هذه العلاقة؛ لأنها حرام.
(8) الحب الذي يجمعكما هو حب طاهر لا يدنسه شيء.
(9) لا تستطيع فراقها.
(10) تمرض إذا لم تراسلها وتراسلك.
هذا ما عرضته لنا في رسالتك، ومن خلال تأملي في هذه النقاط أرى أنك في الجملة أعطيت الموضوع أكثر من حقه، فمثلاً قولك: بأنكما لا تفعلان شيئاً يغضب الله، من قال لك بأن مراسلتك لها -وهي كذلك- أن هذا لم يغضب الله؟! بل هذا لا يجوز لك ولا لها، والفتاة تعلم ذلك؛ بدليل أنها قالت لك: لا بد من قطع العلاقة؛ لأن هذا حرام، وقولك بأن هذه الفتاة أصبحت هي النور في حياتك، فهل كانت حياتك قبل معرفة هذه الفتاة ظلاماً حالِكاً؟! ويبدو أنك لم تقابلها ولم ترها، حيث إنك لم تشر لنا بذلك، فبمجرد أن عبثت في جوالك، واتصلت على رقم عشوائي، وسمعت صوتاً تجاوب معك، أصبح صاحب هذا الصوت النور في حياتك! ألم أقل لك بأنك مبالغ في كلامك، لقد ذكرتني بقول بشار بن برد:
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة*** والأذن تعشق قبل العين أحياناً
فبشار بن برد هذا أعمى البصر والبصيرة، ومع ذلك كان يقول من الشعر أعذبه.
قولك بأن الحب الذي يجمعكما هو حب طاهر لا يدنسه شيء، ما هو الحب في نظرك - يا عزيزي-؟ هل هذا الحب الذي بينكما حب نفس لنفس وروح لروح؟ أم هو حب صور وأشكال وأصوات وجسوم؟ هل هي محبة عرضية أو ذاتية؟ وهل هو استحسان روحي وامتزاج نفسي، أم هو استحسان مادي جسدي؟.
إن إجابتك على هذه الأسئلة بنفسك وبكل صراحة سيعينك -بفضل الله كثيراً- على اتخاذ القرار المناسب.
قولك: يشهد الله أني كنت الاستثناء في حياتها، من أدراك بذلك - يا أخي الحبيب-؟!.
أرى أنك أدخلت نفسك دائرة مغلقة، وأحكمت غلقها بنفسك، ولا تريد أن تخرج منها، حتى ظننت أنك لا تستطيع الخروج منها، مع أن مفتاح هذه الدائرة معك أنت- وهذا ظهر لي من كلامك عندما تقول: أمرض عندما لا تراسلني-، إلى هذا الحد بلغ بك الهيام والعشق، وهل هي بهذا الشعور؟ لا أظن؛ بدليل أنها تريد أن تقطع العلاقة معك.
ثانياً: الحلول المتاحة:
بعد عرض مشكلتك على النحو الذي سبق، والوقوف مع بعض عناصرها، أقدم لك الحلول المتاحة، وأنت الحكم، فاختر أنسبها وأمثلها طريقة:
(1) الزواج من هذه الفتاة:
وهذا هو الأمر الطبيعي لأي علاقة سوية تقوم بين رجل وامرأة أجنبية عنه، فهل أنت قادر على الزواج من هذه الفتاة؟ قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أحصن للفرج، وأغض للبصر، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء" متفق عليه أخرجه البخاري (5065) ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-، فهل أنت مستطيع لأمر الزواج، سواء من الناحية المادية، أو النفسية، أو الجسدية، أو غير ذلك، فإن كنت مستطيعاً فأسرع في إتمام أمر الزواج، وإلا فعليك أن تعد العدة لذلك، وبعدها خض غمار هذا الأمر.(19/153)
(2) الاستمرار في العلاقة مع هذه الفتاة دون زواج:
قد تقول: أنا يا شيخ لا أستطيع الزواج من هذه الفتاة، والأسباب في ذلك كثيرة، وأريد أن أستمر معها في هذه العلاقة الحميمة؛ لأن حبنا طاهر لا يدنسه شيء - كما ذكرت لك سابقاً-، أقول: إلى متى تستمر هذه العلاقة، سنة، سنتين، ثلاث، غير ذلك، ثم ماذا بعد؟ أنت تقول بأنك تسير بهذا الحب إلى الله، فهل هذا هو الطريق إلى الله؟ كلا والله، بل إنه طريق يوصل إلى غضب الله وسخطه.
الأمر الآخر: هل ترضى هذا لأختك، أو لأحدٍ من أقاربك، حتى ولو كان حبهما طاهراً مثل حبكما تماماً - كما زعمت-؟ أنا متأكد أنك لا ترضى هذا لأحد من أقاربك، فلماذا ترضاه لغيرك من بنات المسلمين؟. إذاً ما الحل يا شيخ؟ أقول: الحل هو:
(3) البعد عن الفتاة وقطع هذه العلاقة:
هذا هو الحل الأفضل والأمثل إذا تعذَّر الحل الأول، ولا يصلح الحل الثاني، فالحل الثالث هو البعد عن هذه الفتاة، وقطع العلاقة معها، والتوبة مما حدث سلفاً، والله يتوب على من تاب، فإن وفقك الله، وأخذت بنصحي فعليك بالخطوات التالية:
1- الاجتهاد في العبادة وعمل الخيرات، والبعد عن المنكرات؛ حتى ييسِّر الله أمرك، ويفرج كربك، وينفس همك، ويبدلك من ضيق إلى سعة، ومن حزن إلى فرح وسرور.
2- العمل على تأمين متطلبات الحياة الزوجية، وما يلزمها من أمور لا يستغني عنها من أراد الزواج.
3- إذا ازدادت جذوة الشهوة عندك فعليك بالصوم، كما أرشد لذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المذكور آنفاً.
4- أكثر من الاستغفار؛ فالاستغفار شأنه عظيم، وهو من أهم أسباب الرزق، قال تعالى: "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً" [نوح: 10-12] .
5- الجأ إلى الله بصدق، وتضرع إليه بالدعاء الخالص أن يفرِّج الله كربك وينفس همّك، ويزيل غمّك، وييسر أمرك، فهو -سبحانه- يجيب دعاء المضطر إذا دعاه، قال تعالى: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء" [النمل:62] .
هذا والله أسأل أن يوفقنا وإياك لكل خير، ويصرف عنا وعنك كل سوء وشر، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/154)
ومرة أخرى أحببت
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 13/08/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أحببت شاباً حباً شديداً وهو أيضاً يحبني، واستمر هذا الحب عدة سنوات، وبعدها تقدم لي وطلبني من الوالد، ولكن الوالد رفضه، وتقدم بعد ذلك مرات عديدة، ولكن واجه نفس القرار، تعبت نفسيتي وتعب كل شيء فيّ، علماً بأن الشاب طيب ومهذب وخلوق ويصلي ويعرف ربه، ودائماً يذكرني بالصلاة وأوقاتها، وهذا ما علقني به أكثر، المهم تزوج هو بعد إلحاح وإصرار من والده، وقد التحقت بالدراسة بالمعهد لكي أشغل وقت فراغي، ولكن ظهر لي شخص ثان بعد مكالمة واحدة، لا أعرفه ولا يعرفني، ترجاني أفهمه وأسمعه، وأنا من طبعي طيبة وحساسة جداً، قلت: آمر، فقال لي أنا واحد مهموم وأريد إنسانة تفهمني وتعطف علي، وقتها ضاق صدري عليه، ووافقت أبقى معه، وأنا معاهدة نفسي ألا أعمل أي علاقات أخرى، ولكن لا أدري لقد وقعت في حب هذا الشخص، وأنا لا أريد العذاب مرة ثانية، ولا أدري كيف أترك هذا الشخص يا شيخ أرجوك ترشدني للطريق الصحيح جزاك الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ابنتي الكريمة! واضح من سياقك مشكلتك أنك فتاة حساسة وعاطفية، شديدة التأثر والانسياق مع عاطفتك، ولذلك فإنك تحبين بعنف، دون أن يكون لهذا الحب ما يبرره، كان تصرف الشاب الأول الذي تعلقت به تصرفاً صحيحاً، حيث تقدم إلى والدك، وأتى البيوت من أبوابها، وهذا تصرف صحيح، ولكن لم يقدر الله -عز وجل- بينكما صلة، ولا تدرين لعل الخيرة فيما اختاره الله -عز وجل- لكما جميعاً.
أما الشخص الثاني فهو -يا ابنتي- شاب عابث، وذئب يعض ولا يأكل، يريد أن يعبث بك ويتسلى ويستمتع ما شاء الله أن يستمتع بك، ويستغل طيبتك ورقة مشاعرك، ثم يذهب ويتركك ليبدأ المشوار الجديد مع فريسة أخرى.
كلا -يا بنيتي- لا تكوني على هذا المستوى من السذاجة والطيبة، واعلمي أن الإنسان المهموم يبحث عن رجل مثله يسري عنه الهموم ويساعده في حل مشاكله، ولا يتلصص على بيوت الناس وعورات الناس وحرمات الناس بهذه الطريقة التي يقتنص بها فرائسه، إن كل ما يتشكى لك ليست معاناة حقيقية، ولكنها شبكة يريد أن يصيدك بها، ولو كان صادقاً لفعل كما فعل الشاب الأول، وأتى البيوت من أبوابها، وتقدم إلى والدك؛ ولذا أحذرك مرة أخرى من الرد عليه أو الاتصال به، أو وجود أي علاقة معه، وعليك أن تتخلصي من شريحة جوالك، وأن تتلفيها، وتخرجي شريحة جديدة حتى لا يبقى بينك وبينه أي اتصال.(19/155)
بل أقول حتى لو تقدم إليك فإني لا أنصحك بقبوله خاطباً؛ فتصرفه يدل على أنه إنسان صاحب سوابق، وهذا الأسلوب نعرفه عند الشباب الذين يتصيدون الفرائس السهلة من الفتيات ذوات العاطفة الجياشة والقلوب الطيبة، فاحذري منه ثم احذري منه ثم احذري منه، واقطعي كل طريق للتواصل معه، واستأنفي حياتك، وأسأل الله -عز وجل- أن يرزقك الزوج الصالح، الذي يستحق -فعلاً- طيبة قلبك، ونبل مشاعرك، ورقة عواطفك.
ثم إني أنصحك أن تملئي حياتك بالأمور المهمة، فتدخلين داراً لتحفيظ القرآن، وتربطين علاقتك بفتيات صالحات، وتندمجين مع مجتمع الفتيات الجادات، فإن هذا يبعدك عن منطقة الخطر التي أنت الآن تقفين على مشارفها، استمعي إلى أشرطة نافعة، اقرئي الكتب المفيدة، فذلك يملأ حياتك، واجعلي عندك مشاريع جادة مثل حفظ القرآن، قراءة الكتب الدينية ونحو ذلك، المشاركة في الجمعيات والأنشطة الخيرية، فإن ذلك يجعل لحياتك مذاقاً ومتعة، واجعلي لنفسك ورداً من قيام الليل، وحافظي على أذكار الصباح والمساء، فيحفظك الله -عز وجل- من السيئين والسيئات، قوي علاقتك مع والديك، ومع أخواتك، وبادليهم حباً بحب ومودة بمودة فإن ذلك يلبي حاجتك إلى المشاعر والحب والحنان والله يوفقك ويعينك ويحفظك ويرعاك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(19/156)
أحبه وهو لا يدري
المجيب عبد الله السهلي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 05/08/1425هـ
السؤال
أحببت شخصاً منذ سنوات فهل الحب والتفكير فيه حرام؟ مع العلم أني لا أعرف هل الشخص الذي أحبه يعرف بهذا الحب أم لا، فأنا لم أخبره بذلك، ولا أحاول أن أخبره؛ لأن هذا حتى لو لم يكن حراماً فأنا لم أستطع التخلي عن حيائي وكرامتي، ولكني في بعض الأحيان أشعر أنه يعرف؛ لأني بمجرد أن أراه يحمر وجهي، وهذا ما لا يحدث مع أي شخص آخر، ولكني لم أستطع التخلي عن التفكير فيه، فهو يجبرني على حبه؛ لما أراه من تدينه وحسن أخلاقه، ومدى احترامه لوالديه وحبهما له؛ لأنه باستمرار متفوق حتى في تعاملاته مع الآخرين، لا يختلف في احترامه وحبه اثنان، وأنا منذ 7 سنوات -أي سن مراهقتي- أفكر فيه، ولا أعرف ماذا أفعل لإيقاف هذا التفكير، فأنا سئمت من هذا الأمر، أرشدوني ماذا أفعل؟ .
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت الكريمة المستشيرة: يتضح من كلامك استشعار المشكلة، وهذه خطوة أولى في حلها، والمؤمن كما ورد في الأثر تسره حسنته وتسوؤه سيئته؛ جزء من حديث أخرجه أحمد (178) من حديث عمر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولذا فإني أشير عليك بعدم التسليم لهذه المشاعر، ومحاولة مناقشتها مناقشة علمية ذاتية بعيدة عن العواطف؛ لأن الغالب أن المشاعر والأحاسيس تكون في فترة الشباب جياشة، خاصة فترة المراهقة، ثم ما تلبث أن تزول ويبقى العقل والاتزان، والنظر في الأمور وعواقبها، أما مسألة هل الحب حرام؟ فالحب كلمة تحتاج تحديداً، فإن كان يقصد بها الحب الذي تُسوق له المسلسلات والأفلام العربية فهو -لا شك- محرم، وأما إن كان الحب المقصود به المشاعر القلبية التي لا يملكها الإنسان، ولا يبوح بها، إلا ما أحل الله له؛ كحب الزوج زوجته، أو الزوجة، أو الوالدين والأولاد فهذا مباح، ومن الأمور المهمة التي تعينك على التخلص من هذه المشكلة:
1- تذكر محبة الله بمعرفة أسبابها، كالتفكير في آلائه ونعمه، وهذا سيشغلك عن محبة غيره.
2- الحرص على عدم اللقاء به والجلوس معه والنظر إليه.
3- التخلص من التفكير فيه، بإشغال النفس بالتفكير في الأمور المفيدة في الدين والدنيا.
4- إذا كنت تستطيعين الزواج منه - إذا كان مستقيماً- فهذا حل لهذه المشكلة.
وعليك بالدعاء فالله سبحانه يجيب من يدعوه وهو صادق في دعائه، في مثل: "اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي، ولو قلت: اللهم طهِّر قلبي، أو قلت: يا مقلب القلوب ثبِّت قلبي على طاعتك، أو قلت: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.(19/157)
أحببتُه ولكن خطب غيري
المجيب سعد الرعوجي
مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 06/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منذ فترة أعجبت بزميل لي بالكلية (أصبح معيدًا الآن، وأنا ما زلت طالبة) لحسن خلقه واستقامته وتفوقه، وشيئًا فشيئًا تأكدت أنني أحبه، وأتمنى أن يقدِّر لي الله الارتباط به، ودعوت الله كثيرًا بذلك خاصة في رمضان، حيث كنت أدعو الله بذلك يوميًّا في صلاة التراويح، وأنا موقنة بالإجابة، خاصة وأنني كنت أراعي في تعاملي معه حدود الله تعالى، وكنت أتحاشى الحديث معه إلا لضرورة. وبعد رمضان بفترة قصيرة وجدته قد خطب فتاة أخرى، فحمدت ربي وشكرته على كل حال، ولكن مشكلتي الآن تكمن في شيئين:
1- أحسب أنني قد دعوت الله في ليلة القدر (فقد دعوته في كل ليالي رمضان، والحمد لله) ، وأخشى أن يكون في نسياني لهذا الأمر عدم يقين بالإجابة فأكون آثمة.
2- أشعر الآن بعدم الاستعداد النفسي وعدم الرغبة مطلقًا في الشروع في أي ارتباط الآن، مما دفعني لرفض عدة خطاب، فهل آثم لذلك؟ وهل من حق الفتاة- شرعًا- أن ترفض الزواج لأي سبب خاص بها، كعدم الرغبة أو عدم الاستعداد النفسي له؟ وشكرًا لكم، وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
أختي الكريمة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
شكرًا لثقتك واتصالك بنا في موقع (الإسلام اليوم) .
أختي الكريمة:
أولًا: أسال الله لك التوفيق والسداد، وأن يرزقك زوجًا صالحًا يكون لك عونًا على طاعة الله، وتبنين معه أسرة مسلمة صالحة، بإذن الله.
ثانيًا: لي ملاحظات أردت هنا إيرادها، ومن ثم الإجابة عليها، وهي:
1- تعرَّفتِ على هذا الرجل من خلال الكلية، وهذه مشكلة نعانيها، يا أختي الكريمة، في عالمنا الإسلامي والعربي، وهي مشكلة الاختلاط بين الرجال والنساء، هذه المشكلة التي قادت إلى كثير من المشاكل والبلايا والمصائب، فأنت- يا أختي- رزقك الله دينًا منعك من الاحتكاك معه إلا لضرورة، على رغم ما تكنينه له، ولكن- يا أختي- كم امرأة غيرك متى ما أحسَّت بهذا الشعور استسلمت له حتى غلبها وسلمت نفسها لهذا الرجل أو غيره يفعل ما يشاء، وأنت تعلمين العاطفة الجياشة والقوية عند النساء؛ ولذلك- يا أختي- تعلمين مدى انتشار هذه العلاقات المحرمة في محيط الجامعة، فاحمدي الله سبحانه وتعالى- على ما رزقك من دين، ولعل هذا خير لك، فانظري للأمر من هذه الزاوية الجيدة.
2- تقولين إنك دعوت الله سبحانه وتعالى- كثيرًا، وخاصة في شهر رمضان، ولم يستجب لك، فاعلمي- يا أختي- أن الله سبحانه وتعالى لا يخلف وعده بالاستجابة، ولكن كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم- بحال الداعي إذا دعا أن الله إما أن يستجيب له، وإما أن دعوته هذه يدفع بها الله سبحانه وتعالى- عن الداعي ضررًا كتب عليه، أو أن الله سبحانه وتعالى يؤخرها إلى يوم القيامة. انظر مسند أحمد (11133) والأدب المفرد (710) . والله لا يسأل عما يفعل وهو أحكم الحاكمين.(19/158)
فهذه- يا أختي الكريمة- هي أحوال الدعاء والاستجابة، وأنت لا تعلمين أين الخير، فقد يكون هو أن الله لم يرد لك زواجًا من الرجل، قال تعالى: (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 216] . فربما لو كتب الله لك الزواج من الرجل لانقلبت حياتك تعاسة وشقاء، أو حدث لك من الأشياء المحزنة ما ينغص حياتك، وهكذا. . . فاتركي الأمر له، وقولي رضينا بقضاء الله وقدره، وهكذا- ولله الحمد- نحن المسلمين ميزنا الله عن غيرنا بهذه الصفة الجميلة، فأخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ! إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ". أخرجه مسلم (2999) . وهذا هو أعظم منهاج في التعامل مع أقدار الحياة.
3- أما بالنسبة للزواج فأقول لك، أيضًا، ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ". أخرجه البخاري (5066) ومسلم (1400) . والرسول صلى الله عليه وسلم يقصد الشباب من الرجال والنساء.
كذلك- يا أختي الكريمة- فإن الزواج فطرة للإنسان يحتاجها ولا يستغني عنها، وأنت بذلك ستكوِّنين أسرة مسلمة متدينة صالحة- بإذن الله- ولا تنسي أن الله سبحانه وتعالى لن ينساك بدعائك له، وبإذنه سيرزقك زوجًا صالحًا محبًّا لك ومشفقًا عليك يكون به سعادتك، فلا تيأسي، والحب- يا أختي الكريمة- دائمًا يأتي بعد الزواج، وهو الحب الراسخ الثابت، بإذن الله. أما الحب السابق للزواج فكثير منه كفقاعة الصابون. وفقك الله لما يحب ويرضى.(19/159)
هل الحب حرام؟
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 17/8/1424هـ
السؤال
أنا فتاة أحببت شاباً في السادسة عشرة من عمره، وهو لا يعرف بأنني أحبه، وهو لا يحبني، هل هذا الحب حرام؟ وجزاك الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:
إلى ابنتي السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع (الإسلام اليوم) .
بنيتي العزيزة: لقد قرأت رسالتك مرة تلو أخرى، وبكل صراحة وقفت أمام هذه الرسالة طويلاً أتساءل وأقول:
ما الذي دفع هذه الزهرة الجميلة إلى أن تنساق وراء هذا التيار الجارف الذي لا يحافظ على مبادئ، ولا قيم، ولا عرض، ولا شرف، باسم (الحب) ؟
بنيتي: إنك ما زلتِ في بداية الصبا، وريعان الشباب، فالحياة ما زالت أمامك مفتوحة، وهي تريد منك أن تدخليها بكل ما تتمتعين به من براءة الطفولة، والتي ما زالت فيك، فلا تلوثي حياتك الطاهرة بهذا الرجس النتن الذي يسمونه (الحب) .
صغيرتي: أود أن أسألك سؤالاً وأريد أن تجاوبيني بكل صراحة وصدق. إذا علم أهلك بهذا الحب لهذا الشاب ماذا سيكون موقفهم معك؟
الإجابة معروفة، إنهم سينهالون عليك ضرباً وسباً، وشتماً، وحبساً إلى غير ذلك من ألوان التعذيب، لماذا؟ أهم يكرهونك؟ لا، أهم لا يحبون لك الخير؟ لا، أهم أعداؤك؟ لا، إذاً لماذا فعلوا معك هذا الفعل عندما علموا بحبك لهذا الشاب؟؛لأن هذا الطريق طريق الشيطان، وهل طريق الشيطان حرام أو حلال؟ الإجابة: طريق الشيطان حرام.
إذاً هذا الحب الذي تتوهمينه أنت حرام، ولا يرضى الله سبحانه.
سؤال آخر: لماذا أنت قمت بإرسال هذا السؤال لنا؟ لأنك عندك شك فيه، ولو كان الأمر حلالاً لم ترسلي إلينا؟ هل أنت تسألين أحداً هل تصلين أم لا؟ أو هل تأكلين أو لا؟ أو هل تشربين أو لا؟ أو أو أو ... إلخ، لكنك لا تسألي إلا عن شيء تعلمين أنه حرام أو فيه شك عندك. هل تستطيعين أن تبوحي لأحد بأنك تحبين هذا الشاب؟ لماذا؟ لأنه حرام، قال - صلى الله عليه وسلم-: "الإثم ما حال في صدرك وكرهت أن يطَّلع عليه الناس" أخرجه مسلم (2553) من حديث النواس بن سمعان -رضي الله عنه-.
فيا صغيرتي هذا الحب الذي أنت واقعة فيه حرام، فابتعدي عن هذا الطريق، والحياة أمامك مفتوحة، ومستقبلك إن شاء الله طيب، والعمر أمامك طويل، وإني أقدم لك بعض النصائح فاقبليها من أب لك ناصح، وعليك مشفق، فأقول:
(1) عليك بالالتحاق بإحدى حلقات التحفيظ النسائية، وهي متوفرة بكثرة ولله الحمد.
(2) عليك بالقراءة في السيرة النبوية وسيرة سلفنا الصالح، وخصوصاً سيرة الصحابيات رضوان الله عليهن جميعاً.
(3) عليك بسماع الأشرطة الإسلامية النافعة.
(4) عليك بغض البصر، وعدم مشاهدة الدش وسماع الأغاني.
(5) عليك بكثرة الاستغفار، والتسبيح، والتهليل، والذكر.
(6) عليك بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها.
(7) عليك بمصاحبة أهل الخير من الفتيات الملتزمات، وإذا استطعتِ أن تتعرفي على أخت داعية من الداعيات، وتطلبي على يديها العلم أفضل وأحسن لك في الدنيا والآخرة.(19/160)
(8) اجتهدي بأن تكوني متفوقة في الدراسة، ولا تجعلي أي شيء يشغلك عنها.
(9) احرصي على حضور المحاضرات والندوات الإسلامية النافعة.
(10) عليك بكثرة الدعاء بأن يهديك الله إلى طريق الخير، ويبعدك عن طريق الشر.
(11) ابتعدي عن الأماكن التي يتواجد فيها هذا الشاب وغيره.
(12) املئي قلبك بحب الله وحب رسوله - صلى الله عليه وسلم-، وحب صحابته الكرام - رضي الله عنهم- فهذا هو الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة. هذا والله أعلم.
وتقبلي مني يا صغيرتي وافر التقدير والاحترام، وأتمنى من الله أن يحفظنا وإياك وجميع المسلمين من كل شر، وأن ييسِّر لنا كل خير وبر. وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/161)
زواجي قريب..وبكاؤها يحزنني!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 9/10/1422
السؤال
أنا شاب مقدم على الزواج قريبا جداً، وأعترف أنه كان لي بعض العلاقات قبل الزواج مع بعض البنات، ولكن هذه العلاقات لم تصل إلى أكثر من الهاتف أو النظرة من بعيد، كانت هناك لي علاقة مميزة جداً من هذه العلاقات واستمرت أكثرمن السنة. هذه العلاقة كانت مجرد صداقة وتحولت إلى شبه حب وكان شرط هذه العلاقة هو: إذا وفق أي منا بزواج من شخص آخر أن نقطع هذه العلاقة فورا وإلى الأبد. وكانت الدهشة أنه تقدم لها شخص وخطبت وكذلك أنا بعد أسبوع تقدمت وخطبت فتاة أخرى. حاولت أن أخفف من الاتصالات وكذلك هي وقد صبرت ولم أتصل بها أكثر من أسبوعين وهي كذلك، لكن بعد الأسبوع الثاني اتصلت وأخذت تبكي كأنها فقدت أمها أو أباها وقالت كلاماً يصعب أن أتحمله، وقد حاولت أن أهدئ من الوضع لكن كان بكاؤها مؤلما، والله لقد أحسست بالذنب العظيم الذي اقترفته وهو هذه العلاقة غير الشرعية. أستاذي، ما الحل؟ أنا أنوي أن أقطع العلاقة إلى الأبد، ومصمم على أن أبدأ حياة زوجية نظيفة إلى الأبد - إن شاء الله - لكن والله إني خائف على هذه الفتاة من التهور أو أن يحصل لها مكروه.. صدقني أرجو منكم الحل السريع، وجزاكم الله كل خير.
الجواب
أخي الفاضل.. اشكر لك ثقتك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.. أما استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:
أولاً: مشكلتنا يا عزيزي أننا كثيراً ما ننساق وراء رغباتنا وأهوائنا، وننسى أن البر لا يبلى وأن الذنب لا ينسى، وأن الديان لا يموت، وأن من نعبث أو نلهو معهن هن من بنات المسلمين ومحارمهم وعوراتهم..!!!!!! فكيف نسمح لأنفسنا بتجاوز تلك المحرمات، وتحطيم تلك الممنوعات بدعاوى فارغة إلا من بقايا زيف، وتجاوزات وعبارات نجترها ونرددها على أسماع تلك المخدوعات بمنظر السراب الكاذب.. الهائمات على وجوههن بانتظار مالا يأتي؟! ولا تسأل هنا عن الثمن الذي يدفع.. وعن الوقت الذي يضيع وعن.. وعن..!! وعند الله تجتمع الخصوم.
فهل كنت ترضاه لأحد محارمك؟! أو قريباتك..؟! وماذا لو علمت أن من تنوي الزواج منها ـ لا قدر الله ـ كان لها مثل هذه التجارب.. ما موقفك الآن، أو في المستقبل؟!! فلماذا نرضى للناس مالا نرضاه لأنفسنا؟!!
اعرف أخي الكريم أنني وضعت مدخلاً في إجابتي عن سؤالك أكثر مما تريد أن تقرأ.. ولكني أشعر بمرارة كبيرة تجاه هذه المآسي التي تكرر نفسها، وتخلف ضحاياها في مشهد عبثي " حزين " يعرض أمام جمهور صامت في مجمله، وكأن الأمر لا يعنيه.. لثقته "العمياء" بأنه لن يكتوي بناره..!! وما علم أن الجميع يحملون نفس القنا عات.. ونفس الثقة ومع ذلك تتكرر المآسي، وتقع الضحايا في المصائد، ويستمر المشهد، ويظل السؤال الحائر..!!!(19/162)
ثانياً: اعتقد ـ أخي الكريم ـ أنك _ إن شاء الله - قد تجاوزت هذه المرحلة.. وندمت عليها.. وتبت منها.. واستغفرت الله عليها.. وأردت البدء في حياة جديدة كما ينبغي وهي الزواج وبناء الأسرة المسلمة، وتقدمت في ذلك خطوات إلى الإمام، إذ خطبت وتنتظر الوقت المحدد للزواج.. ولكن ما يربطك بالماضي هو " بكاء ونحيب " هذه الفتاة التي "عشمتها" أنت أو "تعشمت" هي بإنهاء " العبث الهاتفي " المغلف زيفاً بغلاف الصداقة..!! بالزواج.
ثالثاً: لتعلم يا عزيزي أن الكثير من هذه التجارب التي بدأت عن طريق " العبث الهاتفي " وانتهت بالزواج (على ندرتها) غير مشجعة..!! بل إنها تحمل في طياتها ونسيجها عوامل فشلها.. فمن البديهي أن المدخلات الخاطئة ينتج عنها مخرجات خاطئة.. والأمثلة هنا لا تعد..!! ومع إدراكي ومعرفتي بما يعنيه ألم المشاعر وجراحها.. إلا أننا نحن المسؤولون غالباً عنها؛ باندفاعنا وتهورنا، وجموحنا وعدم إدراكنا بل.. وعبثنا!! كمن يسير في حقل مليء بالأشواك وجحور الأفاعي والعقارب.. مستعجلاً الوصول إلى هدفه.. فإن لدغ أو تألم أو تعطل مسيره بين الأشواك بكى وانتحب ولام غيره..!! رغم أنه هو الملوم.. فهو الذي يملك قرار نفسه إلى حد كبير.. وهو الذي اختار هذا الطريق طمعاً في سرعة الوصول رغم تحذيرات العقلاء والصادقين ونصح الناصحين؛ بأن هذه الطريق شائكة وغير مأمونة وأنها لن تؤدي إلى الهدف..وخسائرها أكبر بكثير من أرباحها..!! ولذلك كله.. فليرض من الغنيمة بالإياب.. وليحمد الله ـ كما أسلفت ـ على كل حال.. وأن الخسائر لم تتعد المشاعر إلى الجسد.. وهنا تكون الكارثة!!
رابعاً: دعك من بكائها، واستغفر الله لك ولها، وادع الله لها بالتوفيق والسداد والرشاد، وأن يرينا وإياك وإياها الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.. متمنياً لها أن تستفيد من هذه التجربة، وتفيق من هذه الغفلة، وتحمد الله أنها لم تتورط في أمر قد يترتب عليه تبعات كبيرة.. وخطيرة!! ولتحسن الظن بالله، وتتوب إليه، وتستغفره، وتستهديه، وتسأل الله أن يوفقها إلى ما فيه صلاحها في دينها ودنياها إنه سبحانه على ذلك قدير وبالإجابة جدير. وتأكد أن الأيام مليئة بالعبر لمن أراد أن يعتبر، والله سبحانه الهادي إلى سواء السبيل.
خامساً: اسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يجعلنا الله وإياك مفاتيح للخير مغاليق للشر، وأن يهدينا لصالح الأعمال ويصلحنا ويصلح بنا ويصلح لنا.. كما اسأله تبارك وتعالى أن يهدي شباب المسلمين وفتياتهم، وأن يردهم إلى الحق رداً جميلا وأن يحفظهم من كل سوء ويقيهم كل مكروه إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/163)
ماذا أفعل مع أختي..؟
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 10/11/1422
السؤال
أنا فتاة في السابعة عشرة من عمري الكبرى في أسرتي.. ملتزمة دينياً.. فوالديّ ملتزمان ولله الحمد نعيش في بلد عربي إسلامي لا يوجد لدينا أي قريب فيها.. والمشكلة أن لدي أخت في السادسة عشر من عمرها على علاقة مع شاب في التاسعة عشر من عمره، وقد بدأت هذه العلاقة منذ سنة وشهرين تقريباً. ولم تخبر أحداً عن هذه العلاقة إلا صديقاتها المقربات جداً.. وأنا أختها لم تخبرني بأي شيئ خوفاً من أن أمنعها أو أصدها أو أخبر والدي.. إلا أن تصرفاتها واضحة جداً جدا..ثم تكلمت مع إحدى صديقاتها وعرفت منها ما عرفت!! فقد خلعت حجابها أمامه، كما أن لديها صورة، وهو يتملك صورها بدون حجاب طبعاً.. وأنها تثق فيه ثقة عمياء.. وهما متفقان على الزواج ولديهما الخطة للوصول إلى ذلك. وقد نست - أو بالأصح تجاهلت - جميع مبادئها الإسلامية السامية التي كانت جزءاً من حياتها في سبيل ما تسميه الحب، وقد كانت ترفض هذه الفكرة وتستنكر من يخالل الشباب من صديقاتها.. وحاولت بعض الصديقات التحدث معها ونصحها لكن بدون جدوى فمن طباعها العناد وعدم السماع لأحد إذا كانت مقتنعة بما تفعل.. وهي تعترف أمامهن بأنها على خطأ وأنها ستنهي العلاقة تدريجياً وقد أكدت لهن هذا الشيء منذ فترة ولكنها نسيت أنني (أختها) في البيت أراقب ما تفعل. وما لاحظته أن العلاقة قويت والمكالمات ازدادت!! ويجب إنهاء هذه العلاقة لأني أنا وأختي نعلم أن والديّ لن يقبلا بذلك؛ فصفات الشاب الدينية لا تؤهله بأن يتقبله والداي لابنتهما التي يريدان لها كل الخير، كما أن والده سيئ الخلق جداً..!!
حاولت عندما أحسست بأن الوضع أصبح معقداً للغاية أن أخبر أخواتي في الله لكي يساعدنني، ولكننا وقفنا مكتوفي الأيدي دون جدوى.. علماً بأننا نريد حلاً لهذه المشكلة دون الوصول لوالديّ؛ لأنهما لو علما فسيذبحونها أو تنهار أسرتنا بالكامل.. مع أنني وقفت للحظات يائسة من القدرة على حل هذه المشكلة ولكن قال تعالى (لا تقنطوا من رحمة الله) ، والآن غير الدعاء لا أدري ماذا أفعل، وإني الآن بدأت أشعر بالنفور منها ومن تصرفاتها ولم أعد أطيق الكلام معها.. أفيدوني جزاكم الله خيراً..؟
الجواب
أختي الكريمة أشكر لك ثقتك، واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. كما اسأله تعالى أن يحفظك من كل سوء ويسدد خطاك..
أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:
أولاً: أهنئك على هذا العقل وهذه الهمة زادك الله صلاحاً وتوفيقاً وتقوى وثباتاً.. وجعلنا وإياك مفاتيح للخير، ومغاليق للشر إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه.
ثانياً: بادري - أختي الكريمة - ولا تترددي لحظة واحدة في إبلاغ والدك بما تعرفينه.. لإيقاف هذا الأمر عند حده قبل أن يقع الفأس في الرأس كما يقال.. وعندها ستكون المصيبة كبيرة وعظيمة وعلاجها أصعب بكثير.(19/164)
ثالثاً: لا تفكري بمسألة ردود فعل والدك.. وخشيتك من أن " يذبحها " أو أن " تنهار" أسرتكم.. فهذا - بإذن الله - لن يحصل؛ لأن ما قامت به أختك أمر متوقع في هذا الزمن.. ويمكن تداركه وعلاجه، وهي -بإذن الله- ستتوب منه وتقلع عنه ولا دخل للأسرة في ذلك..!! ثم مهما كانت ردود الفعل الحالية لوالدك تجاهها.. فماذا تتوقعين له أو لأسرتك -لا قدر الله - لو أنها اكتشفت في يوم من الأيام هروب ابنتها وعدم عودتها للبيت..؟! أعتقد أن المصيبة هنا ستكون عظيمة جداً.. ولن يمكننا عندها تدارك الأمر؟!!
رابعاً: أنت لم تقصري وقد نصحتها.. وأوعزت إلى من ينصحها ولكنها - هداها الله- لم تزل في سفهها..!! إذا ًَ أنت معذورة أمام نفسك وأمامها.. وستعرف مدى حرصك عليها عندما تبلغ سن الرشد ويكتمل عقلها.
خامساً: هذا الشاب - صدقيني - لا ينوي الارتباط بها إطلاقاً ولو أراد لتصرف بشكل آخر..!! بل إنه يتلاعب بعواطفها حتى ينال " مراده السيئ " وربما ابتزها وجعلها ألعوبة له أو لغيره.. فالأمر خطير..!!
سادساً: مرة أخرى.. لا تترددي ... وأبلغي والدك فوراًَ بالموضوع، واتركي له معرفة التفاصيل الدقيقة وحدود العلاقة وغير ذلك، وثقي أنك تتصرفين كما يمليه عليك واجب الأخوة والعقل والدين.
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(19/165)
انحراف أخواتي.... ما العلاج؟؟
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 24-8-1423
السؤال
أنا شاب مستقيم ولله الحمد لي في الاستقامة أربع سنوات وقد كانت لي اتصالات سابقة مع الفتيات ولكن الحمد لله أنعم الله عليه بالتوبة وأنا الآن أعاني من مشكلة بعض أخواتي حيث أني اشك في بعض الأحيان أنهن يكلمن أشخاصاً من غير محارمهن وأنا الآن محتار لا أدري ماذا افعل حتى أزيل هذا الشك عني وأدلهن على الطريق الصحيح؟ وما البرامج التي تنصحون بها حتى يبتعدن عن مثل هذه الأمور.
الجواب
الأخ الكريم
شكراً لثقتك واتصالك بنا في " موقع الإسلام اليوم "
أولاً:- يجب أن تحمد الله تعالى أن هيأ لك أسباب الهداية والصلاح بعد أن كانت لك علاقات نسائية محرمة. ومن صور حمد الله تعالى على هذه النعمة هو الدعوة إلى الله باللين والهدوء والخلق الحسن.
ثانياً:- الحقيقة أنني أنا أشك في شكك بأخواتك بأنهن يقمن بما كنت تقوم به في السابق من كلام مع أناس هم من غير محارمهن ولا من قراباتهن.
الذي أتصوره أن من آثار خبراتك السابقة هو تفريغ ذلك المرض وإسقاطه على أخواتك وما هو إلا حركة شيطانية للوقيعة بينك وبين أهلك حتى يتضايقوا من التزامك لأنهم سوف يوقنون أن ما جرهم إلى هذا العذاب إلا يوم أن صلحت واستقمت بل أصبحت استقامتك وبالاً عليهم وسوءاً جرك إلى التشكيك فيهم ولهذا فإني أرجوك رجاءاً في الإقلاع عن مثل هذه التصورات والتهيؤات خاصة أنك لم تطلع يقيناً على شيء مريب يقع منهن بل هي مجرد شكوك والإنسان مطلوب منه التثبت وعدم الخوض في هذه الأمور ما دامت واقعة في دائرة الشك والظن ولم تصل بعد إلى دائرة اليقين.
ثالثاً:- وجود أختين لديك ملتزمتين ومتدينتين هو فرصة عظيمة يمكن لك من خلالهما أن يكونا معبراً تعبر به إلى إيصال رسالتك السامية إلى بقية أخواتك.
لقد أثبتت التجارب الكثيرة في مجتمعنا أن أفضل وسيلة إلى إرشاد الأهل ودعوتهم إلى الخير هي طرق باب المحبة والمودة معهم. حينما يحبك أخواتك ويودون الجلوس معك والتحدث إليك اعلم أنها بداية النجاح بالنسبة إلى مشروعك الدعوي.
ابتعد عن الدكتاتورية والسلطوية والعنف والأمر والنهي في التعامل معهن. كن ليناً ودوداً وعطوفاً ورحيماً واسع في قضاء حاجاتهن واخرج معهن وأكثر من ذلك في السوق والزيارات ونظم لهن حلقات ترويحية ليلية مستمرة كيما تملئ فراغهن العاطفي والنفسي والجسدي ولتعلم أن أي بنت تحاول الوقوع في مستنقع الاتصالات بالشباب إنما هو نتيجة لحبها في ملئ فراغها العاطفي والنفسي لديها إذ والداها مشغولان عنها وإخوانها لا يأبهون بها بل هم في سياراتهم وخروجهم ودخولهم واستراحاتهم ورياضاتهم ولا مكان إطلاقاً لأخواتهم والترويح عنهن وأخذهن بنزهات دورية فأصبحت الفتاة المسكينة وبتشجيع من بنات السوء لا تمانع من الخوض في مثل هذه المسائل وذلك من باب التجربة والتعرف.(19/166)
يخطئ كثير من الناس حينما يرجعون أسباب مثل هذه المشاكل إلى قلة الرقيب وقلة صرامتها على الفتيات من قبل الآباء والأخوة والحقيقة أن منع مثل هذه التصرفات لا يأتي بالتخويف والإرهاب بقدر ما يأتي من خلال زيادة الجرعات بالاهتمام بهؤلاء الأخوات أو البنات.
ما الذي يمنعك يا أخي من أخذ أخواتك في نزهة برية في أحد ليالي الصيف وتكرار مثل هذه العملية مع التنوع بالطبع فمرة في البر ومرة يكون عشاء في أحد المطاعم المحتشمة ومرة تذهبون سوية إلى السوق وهكذا بحيث تقتطع من نفسك لهن نصيباً أسبوعياً مثلاً تحاول الالتقاء بهن بشكل أريحي وتستمع إليهن وتمازحهن وتتجاذب أطراف الحديث معهن وغير ذلك من الأمور المحببة للنساء في العادة. كما أنك من خلال هذه اللقاءات الودية المتكررة معهن تستطيع أن توصل لهن رسائل مفيدة ينتفعن بها كعمل حلقة ذكر أو تثقيف شرعي بأمور نسائية مهمة ووضع برنامج تسيرون عليه جميعاً في ذلك وستجد في النهاية التغير الإيجابي الكبير الذي طرأ عليهن بإذن الله تعالى.
أعانك الله وسدد خطاك،،،(19/167)
علاقة عن طريق النت
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 22-8-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أنا طالبة في الكلية مشكلتي أنني تعرفت على شاب من طريق النت (الشات) كانت العلاقة في بادئ الأمر علاقة احترام وتبادل معلومات إلى أن انقلبت إلى حب وغرام.
والدتي رافضة فكرة الزواج منه وتهددني بإخبار والدي بهذه العلاقة وأنا لا أستطيع الصبر عنه وهو كذلك إذ أخبرني أنه سوف ينتحر إذا لم يتم الزواج بيننا أرجو إرشادي فأنا لا أستطيع الابتعاد عنه ولا أريد الزواج من غيره فهل من حلٍّ أرجوكم؟
الجواب
الحمد لله وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أختي في الله، اعلمي - وفقك الله - أنَّ ديننا العظيم قد حذرنا أشد تحذير من إقامة العلاقات بين الجنسين خارج نطاق الزواج، وأوصد الباب بشدة أمام مصيبة برامج التعارف التي ذاعت وانتشرت عبر الصحف والمجلات وشبكة الإنترنت، وما ذلك إلا درءاً للفتنة، ومنعاً لحوادث العشق والغرام التي تؤول بأصحابها غالباً إلى الفواحش الخطيرة، وانتهاك حرمات الله، والعياذ بالله. أو تؤدي بهم إلى زيجات فاشلة محفوفة بالشك وفقدان الثقة.
وأنت - وفقك الله - أخطأت بادئ الأمر حين دخلت غرفة المحادثة (الشات) قبل أن تعرفي حكمها الشرعي، ثم وقعتِ في خطأ آخر، حين أقمت علاقة تعارف وصداقة محرمة مع شاب لا يمت لك بصلة.
فاحذري أن تقعي في خطأ ثالث حين تصرين على إبرام عقد الزواج معه بحجة إخلاصه لك في الحب وخوفاً عليه من الانتحار!!!
فالزواج الذي قام على غير أسس شرعية سليمة مصيرُه الفشل الذريع، وعضُ أصابع الندم، كما أنَّ الشاب الذي ظل طوال هذه المدة الطويلة يقيم علاقة مع فتاة أجنبية عبر الشات والهاتف، هو في الواقع شابٌّ يفتقد الوازع الديني والحياء والأدب، ولا يؤتمن على أعراض المسلمين، كما أنَّ تهديده بالانتحار هو أحد أمرين:
أولهما: إما أن يكون صادقاً في تهديده، وهذا يعني ضعفاً شديداً في الإيمان إذ إنَّ قتل النفس من أكبر الكبائر نسأل الله العافية.
وثانيها: أن يكون كاذبا ً، وهذا يعني انتهازية مقيتة وابتزازاً سخيفاً تنمُّ عن أنانية فجة، وتقديساً للمصالح الشخصية، ولو قُدّر لكِ الزواج بهذا الإنسان، فلن يمضي كبير وقت إلا وتبدأ مرحلة الشكوك، وسيظل فاقداً الثقةَ بكِ، أو الاطمئنان لحياته معك، فالفتاة التي حصل عليها عبر المحادثة أو الهاتف وغرف الإنترنت، غير مأمونة في نظره أن تسعى ثانية لإقامة علاقات مشابهة مع الآخرين، هذا ما سيشغل تفكيره ويثير قلقه كل حين.(19/168)
وأخيراً: اعلمي - أختي في الله - أنَّ هذا الكلام الذي نصحتك به إنّما دافعه الحرص عليك وإخلاص المشورة لك، واتعظي بغيرك ممّن وقعن ضحايا العلاقات الغرامية فخسرن الكرامة والمروءة والشرف، وتخلصي - حالاً - من هذا الشاب وأمثاله، وتوبي إلى الله واستغفريه واحمديه أن حفظك من الوقوع في الفاحشة مع توافر أسبابها، واحمديه ثانية أن أوجد العقبات في طريق هذا الزواج من رفض الأهل، وبعد الديار، وابدئي - حرسك الله - حياة جديدة ملأى بالطهر والعفة، والندم والاستغفار، والبعد عن أسباب الفتن والفواحش، وأكثري من العمل الصالح وقراءة القرآن، ومجالسة الصالحات، ومع الوقت ستذوب علاقتك بذاك الإنسان؛ لأنها قائمة على العواطف غير المنضبطة بضوابط الشرع، أو زمام العقل الرشيد، واحذري أن يستخفنك الشيطان، ويصور لك استحالة النسيان أو قطع العلاقة للأبد، فما ذلك إلاَّ وساوس كيدية، ومحاولات إبليسية لإبقائك في جحيم العشق والغرام، ومن ثم صرفك عن معالي الأمور من صدق العبودية لله، ودوام العمل في مرضاته سبحانه، هذا والله أسأل أن يجعل لك من همك فرجاً، ومن ضيقك مخرجاً ونأمل أن تظلي معنا على صلة، فتسألين عن كل ما تحتاجين إليه أو يشكل عليك فهمه.(19/169)
الحب من خلال الإنترنت
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 7-8-1423
السؤال
كنت أعاني مشاكل نفسية وتغلبت عليها بحمد الله ومنها مشكلة التأتأة. تعرفت على فتاة عن طريق الإنترنت وقويت هذه العلاقة إلى حد الحب.. هي مريضة في القلب ويتيمة الأب وتعاني قسوة الأم وزاد تعلقها بي إلى درجة خوفي عليها من الانهيار، أنا لا أريد الزواج منها فهو شيء مستحيل لأنها من بلد وأنا من بلد آخر ولكني أريد مخرجاً أخرج من حياة هذه الفتاة من غير أن أضرها.
أعينوني أعانكم الله.
الجواب
بداية أحيي فيك أخي الكريم هذه النخوة والرجولة التي جعلتك تفكر في الابتعاد عن هذه الفتاة، بعد أن تملكت قلبها بما تذكر - في حين أننا نرى بعض شبابنا - هداهم الله - يتبعون عورات المسلمين ويتصيدون أعراضهم، ويسعون للإيقاع بفتياتهم، ناسين أنهم يستدينون ديونا سوف يكون وفاؤها من أعراضهم عاجلاً أو آجلاً.
وأريد أن تعي أخي الكريم أمراً مهماً، وهو أن هناك نوع من العلاقة التي تتكون بين الشباب من الجنسين دافعها ظروف معينة يعيشها أحدهما - وغالباً ما تكون الفتاة - فيشعر أنه يهرب من هذه الظروف التي يمر بها في الواقع الذي يعيشه ببناء علاقة مع الآخر، ولذلك تجده يتعلق به كما يتعلق المريض بالدواء الذي سيجد فيه الشفاء، ولكن هذه العلاقة في حقيقتها أوهى من بيت العنكبوت، فلا تلبث أن تزول بزوال الظروف التي يمر بها الإنسان، أو حين يفقد الأمل في أن يجد سلوته ومهربه في صاحبه.
وهذه الفتاة التي تتحدث عنها هي من هذا الصنف، فأنت قد ذكرت في رسالتك أنها (يتيمة توفي والدها وهي صغيرة) ، وأن أمها قاسية عليها، وتميز بينها وبين أختها، كما أنها تعاني من ظروف صحية غير سوية، ولذلك أطمئنك على صحتها وحياتها، فلن تتأثر، حتى لو فارقتها هذه اللحظة، فلست بالنسبة لها قيساً ولا روميور إنما هو طوق نجاة موهوم.
والمشكلة في نظري ليس فيها وإنما فيك أنت!! نعم أنت!! فالذي يظهر لي أنك ركنت إلى هذه العلاقة، وتمكنت نوعاً ما من قلبك!! فها أنت - بالرغم من أنك يائس من ارتباطك بها - تسميها (حبيبتي) ، وأصبح نومك خفيفاً، ورسالة منها تطير النوم من عينيك!! فالذي يظهر أن تعلقك بها أكبر من تعلقها بك.
قد أجد لك عذرا فأنت - فيما يظهر - جديد على عالم الجنس اللطيف، وقد جاءت هذه العلاقة في وقت كنت تعاني فيه من عدم الثقة بالنفس، وكثرة التلعثم والتأتأة، الذي هو عرض من أعراضه، فوجدت مجالاً رحباً للانطلاق، كما قال الشاعر:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى *** فوافق قلباً خاليا فتمكنا(19/170)
والذي أخشاه أن تكون الرغبة الحقيقية في عدم قطع العلاقة صادرة من أعماق قلبك، وإن كنت تحاول أن تظهر غير ذلك، ولهذا أرى - أخي الكريم - أن أفضل علاج هو قطع هذه العلاقة بدون مقدمات وبدون تأخير، فلا ترد على إيملاتها ولا على رسائلها واتصالاتها، وسوف تجد أن هذه العلاقة ذابت كما يذوب الملح في الماء، ولا تلتفت إلى ما تقوله هي، والأهم ألا تستجيب لنداءات قلبك، وستنتهي هذه العلاقة كما ينتهي الحلم المزعج بالاستيقاظ.
وإياك أن تتمادى في هذه العلاقة وأن تتهاون بقطعها، فقد تتحول إلى عشق يكلفك الكثير من المعاناة والألم:
تولع بالعشق حتى عشق *** فلما استقل به لم يطق
رأى لجة ظنها موجة *** فلما تمكن منها غرق
ولما رأى أدمعا تستمد *** وأبصر أحشاءه تحترق
تمنى الإفاقة من سكره *** فلم يستطعها ولم يستفق
أسأل الله أن يحفظ قلبك وسمعك وبصرك، وأن يفتح قلبك لطاعته، وأن يوفقك لمرضاته.(19/171)
علاقة خاطئة
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 23-3-1424
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أتوجه إليكم وأنا في حيرة من أمري فأنا طالبة في الكلية ومشكلتي أني تعرفت على شاب عن طريق الشات، وبدأ الشاب يتقرب مني ويصارحني بإعجابه وحبه لي، وهو من بلد آخر، المهم بادلته الحب، وتمت علاقتنا مع بعض على الهاتف، مضى عام وهو يحبني جداً وأنا كذلك، ويريد أن يتقدم لخطبتي ويتزوجني وقال: إن قصده شريف وهو جاد في كلامه، وقال إذا لم يتزوجني سوف ينتحر وأنا أحبه أيضاً، والمشكلة الأهل فأمي قد أعلنت رفضها لذلك الحب، وأنا رفضت كل من يتقدم لي؛ لأني أحبه، أرجوك لا تقل لي اتركيه لأن ذلك مستحيل، أرجوك أنا لا أنام الليل وفي حيرة من أمري، أرجو أن تساعدني وتقدم لي الحل المناسب، وأكون شاكرة لك وآسفة على الإطالة
الجواب
الحمد لله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أختي في الله، اعلمي - وفقك الله - أنَّ ديننا العظيم قد حذرنا أشد تحذير من إقامة العلاقات بين الجنسين خارج نطاق الزواج، وأوصد الباب بشدة أمام مصيبة برامج التعارف التي ذاعت وانتشرت عبر الصحف والمجلات وشبكة الإنترنت، وما ذلك إلا درءاً للفتنة، ومنعاً لحوادث العشق والغرام التي تؤول بأصحابها غالباً إلى الفواحش الخطيرة، وانتهاك حرمات الله، والعياذ بالله.
أو تؤدي بهم إلى زيجات فاشلة محفوفة بالشك وفقدان الثقة.
وأنت - وفقك الله - أخطأت بادئ الأمر حين دخلت غرفة المحادثة (الشات) قبل أن تعرفي حكمها الشرعي، ثم وقعتِ في خطأ آخر، حين أقمت علاقة تعارف وصداقة محرمة مع شاب لا يمت لك بصلة.
فاحذري أن تقعي في خطأ ثالث حين تصرين على إبرام عقد الزواج معه بحجة إخلاصه لك في الحب وخوفاً عليه من الانتحار!!!
فالزواج الذي قام على غير أسس شرعية سليمه مصيره الفشل الذريع، وعض أصابع الندم، كما أنَّ الشاب الذي ظل طوال هذه المدة الطويلة يقيم علاقة مع فتاة أجنبية عبر الشات والهاتف، هو في الواقع شاب يفتقد الوازع الديني والحياء والأدب، ولا يؤتمن على أعراض المسلمين، كما أنَّ تهديده بالانتحار هو أحد أمرين:
أولهما: إما أن يكون صادقاً في تهديده، وهذا يعني ضعفاً شديداً في الإيمان إذ إنَّ قتل النفس من أكبر الكبائر نسأل الله العافية.
وثانيها: أن يكون كاذباً، وهذا يعني انتهازية مقيتة وابتزازاً سخيفاً تنمُّ عن أنانية فجة، وتقديساً للمصالح الشخصية، ولو قُدّر لكِ الزواج بهذا الإنسان، فلن يمضي كبير وقت إلا وتبدأ مرحلة الشكوك، وسيظل فاقداً الثقة بك، أو الاطمئنان لحياته معك، فالفتاة التي حصل عليها عبر المحادثة أو الهاتف وغرف الإنترنت، غير مأمونة في نظره أن تسعى ثانية لإقامة علاقات مشابهة مع الآخرين، هذا ما سيشغل تفكيره ويثير قلقه كل حين.(19/172)
وأخيراً اعلمي - أختي في الله - أنَّ هذا الكلام الذي نصحتك به إنّما دافعه الحرص عليك وإخلاص المشورة لك، واتعظي بغيرك ممّن وقعن ضحايا العلاقات الغرامية فخسرن الكرامة والمروءة والشرف، وتخلصي - حالاً - من هذا الشاب وأمثاله، وتوبي إلى الله واستغفريه واحمديه أن حفظك من الوقوع في الفاحشة مع توافر أسبابها، واحمديه ثانية أن أوجد العقبات في طريق هذا الزواج من رفض الأهل، وبعد الديار، وابدئي - حرسك الله - حياة جديدة ملأى بالطهر والعفة، والندم والاستغفار، والبعد عن أسباب الفتن والفواحش، وأكثري من العمل الصالح وقراءة القرآن، ومجالسة الصالحات، ومع الوقت ستذوب علاقتك بذاك الإنسان؛ لأنها قائمة على العواطف غير المنضبطة بضوابط الشرع، أو زمام العقل الرشيد، واحذري أن يستخفنك الشيطان، ويصور لك استحالة النسيان أو قطع العلاقة للأبد، فما ذلك إلاَّ وساوس كيدية، ومحاولات إبليسية لإبقائك في جحيم العشق والغرام، ومن ثم صرفك عن معالي الأمور من صدق العبودية لله، ودوام العمل في مرضاته سبحانه، هذا والله أسأل أن يجعل لك من همك فرجاً، ومن ضيقك مخرجاً ونأمل أن تظلي معنا على صلة، فتسألين عن كل ما تحتاجين إليه أو يشكل عليك فهمه.(19/173)
أريد التعرف عليه!!
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 3-2-1424
السؤال
أنا فتاة جامعية وعلى خلق ودين بشهادة الجميع ولله الحمد وأخاف الله في الخفاء والعلانية، مشكلتي تكمن في حيرتي والخوف من عصيان الله، فلقد أحببت شاباً عن طريق الإنترنت، وكنا نتناصح كثيراً وأحببته حباً صادقاً وهو كذلك وهو يخاف علي من كل سوء، ففي يوم طلب مني أن يحادثني فلم أقبل وقلت إني أخاف الله ففرح لردي وقال نعم الفتاه أنت، وهاهي علاقتنا مستمرة وقد مرت عليها سنة كاملة وعدة شهور وقد تعلق بي أكثر عندما رفضت أن أحادثه هاتفياً ولم يطلب مني ذلك مرة أخرى. ولكن سؤالي وسؤاله كيف نستطيع أن نصل إلي بعضنا من غير أن نغضب الله عز وجل فأنا غير مقتنعة تماماً بمسألة المحادثة الهاتفية أو المقابلات الشخصية لأني لا أقبلها على نفسي كفتاة مسلمة. ولكن كيف لي أن أتعرف عليه عن قرب لأنكم كما تعلمون أن الإنترنت يخفي الكثير والكثير وراءه وأنا أتمنى أن أعرف صفاته أكثر رغم تعلقه بي.
الجواب
أختي في الله..
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم".
لقد حدد الشارع الكريم حدوداً وضوابط تنظم علاقة الذكور بالإناث، وبين المجال الوحيد الذي يباح من خلاله التقاء الجنسين، وتبادل الحب بينهما، وهو الزواج الشرعي فقط، وكل علاقة تنشأ بين الطرفين خارج حدود الزواج فهي علاقة محرمة مهما زعم أحد الطرفين أو كلاهما نظافة العلاقة أو مصداقيتها أو بقاءها في حيز النصيحة، وتبادل المواعظ والفوائد، فتلك لعمري حيلة إبليسية لإيقاع الطرفين في وحل الفاحشة ولو بعد حين.
وها أنت قد رأيت كيف تجرأ هذا (الصديق!!) فطلب رقم هاتفك فلما عصمك الله ادعى إعجابه بك، وحبه لك لاحتواء الموقف بالضرب على الوتر الحساس!!
ولست أفهم كيف تسمحين لنفسك وأنت - والحمد لله - على خلق ودين وسمعة طيبة بالتعرف على الشباب عبر الإنترنت وغيره؟ فاتق الله أختي الكريمة، واحمدي ربك أن حفظك وسترك إلى اليوم، واقطعي علاقتك بهذا الإنسان وغيره، واحذري أن تخدعك عباراته المعسولة، وحبه المزعوم فلو قدر بينكما زواج فمصيره الفشل المؤكد - والله أعلم - إذ ستظل ثقة كل منكما بالآخر مهزوزة، وسيظل هاجس التوجس والشك ديدن الجميع خاصة الزوج إذ لن يبقى أبداً مع زوجة أغضبت ربها فأقامت علاقة محرمة مع شاب لا يمت لها بصلة.
هذه نصيحتي، لا أبتغي من ورائها أجراً ولا شكوراً فعضي عليها بالنواجذ قبل أن تزل بك القدم فإن أبيت إلا الارتباط بهذا الشاب فلا أعلم لك إلا طريقاً واحداً وهو أن تعطيه رقم هاتف والدك أو أخيك وتطلبي منه أن يتقدم إليه خاطباً كما يتقدم كل رجل شريف جاد واحذري ثم أحذري من اتصال مباشر قبل هذه الخطوة فإن تقدم وخطب وعرف بنفسه فعليكم السؤال عن دينه وصلاته وخلقه وهذا تمحيص لا يصح بعده إلا الصحيح، والله يحفظك.(19/174)
تعشق شاباً وسيماً!
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 14/9/1424هـ
السؤال
كنت وأنا فتاة أعشق فتى قد أجمع النساء إلا قليلا على حسنه وصباحته وأخذه بالألباب، وكان النساء الصغيرات والكبيرات يتحدثن على أنه قد أوتي حظاً وافراً من الجمال، وكان مع حسنه وجماله عفيفاً حيياً غير متجانف لإثم أو مائلا مع خطيئة، وأشهد أن الفتيات في المدرسة كن يتبارين في إيقاعه في حبائلهن فلا يفلحن فقد نجاه الله منهن، إلا أني كنت أقدرهن على استمالته بما وهبني الله من حسن الصورة وكمال الخلقة، فلم يملك إلا أن ينقاد لي بقلبه وبدنه، ثم يشاء الله ويقدر أن نفترق، فأتزوج أنا ويرتحل هو إلى بلد آخر، وقد سمعت أنه تاب وأناب وتزوج ورزق الذرية، وسلك سبيل المتقين وأصبح من الدعاة إلى الله رب العالمين ثبتنا الله وإياه على الصراط المستقيم. مضى على هذا العبث الصبياني سنين لكن المشكلة أني لا أزال أحفظ له في قلبي شيئا مما كنت أشعر به فيما مضى، نعم لا أزال أحبه على رغم كوني مع زوج يحبني ويرعاني أشد رعاية، حاولت الاتصال به كثيراً، لكنه كان يعظني ويخوفني بالله ويطلب ألا أحادثه خوفاً علي وعليه من الله ثم من الناس، لا تزال صورته السابقة تتراءى أمام أعيني، فلا أملك إلا أن أحدث نفسي بالحديث معه فأقدم تارة وأحجم أخرى.
أيها الفضلاء أتجدون لي من حيلة أو مخرج مما أنا فيه، فلعل الله أن ينفع بكم عليلا أو يشفي مريضا؟ أختكم الحائرة الوجلة.
الجواب
الأخت الفاضلة الحائرة الوجلة: -سلمها الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:(19/175)
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة. ثم إني أبارك لك صدقك ومصارحتك بما يجول في نفسك، ولا ريب يا أختي أن ما فعلتيه مع ذلك الرجل من محاولة استمالته أيام الدراسة- مع أنه أمر مضى ولعلك تبت منه، لكن لا بد من الإشارة أن هذا أمر لا يجوز شرعاً، ولا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تفعل ذلك، فواجب عليك أن تصدقي التوبة من ذلك الفعل بأن تجددي التأكيد في قلبك على ندمك لذلك الفعل المحرم، ولو أن كل امرأة وفتاة خافت ربها ولم تغوِ الرجال لسلم المجتمع من كثير من الشرور والفتن، وقد قال: - صلى الله عليه وسلم- فيما ثبت عنه في الصحيح: "ما تركت فتنة هي أضر على الرجال من النساء" متفق عليه البخاري (5096) ، ومسلم (2741) من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - ثم إن محاولتك الاتصال به بعد افتراقكما وتزوج كل واحد منكم بآخر فعل لا يجوز، وهو تجديد للذنب الأول وفتح لباب الشر والفتنة والخيانة والحرام، ولا ينبغي أن يصور لك الشيطان أنه مجرد اتصال ومجرد سماع صوت، فإن هذه هي طرقه وخطواته التي نهانا الله عن اتباعها في قوله: "وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ" [البقرة:168-169] ، وإن فعل الشاب في صدك ووعظك هو عين الصواب وهو من توفيق الله له، وأرجو الله له الثبات، وواجب عليك أن تنتفعي بذلك الوعظ لأنه جزء من علاج هذا التعلق، ويضاف إلى ذلك ما يلي:
(1) عليك بكثرة الدعاء والسؤال واللجوء إلى الله أن يصرف قلبك عن هذا الرجل، وأن يعلق قلبك به هو سبحانه، وما أحب من الأحوال والأقوال.
(2) انشغلي كثيراً بأسرتك من زوجك وأولادك، فإن هذا صارف عن هذا التفكير، تذكري عاقبة الذنب لو أنك واصلت المحاولة في إرجاع تلك العلاقة فإن الذنب له شؤم قد يكون مدمراً لحياة الإنسان وآخرته فاحذري.
(3) ماذا لو أن زوجك علم بهذه العلاقة ألا يكون ذلك سبباً في إنهاء علاقتك الطيبة به والتي أثنيت كثيراً عليها، حيث قلت: (على رغم كوني مع زوج يحبني ويرعاني أشد رعاية) ، ألا تخافي على هذه العلاقة، ألا يسوؤك أن تنقلب إلى عداوة وشحناء وحرب؛ بل طلاق وتكوني بدلت نعمة الله عليك كفراً، هل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
(4) ماذا يكون شعورك لو أن زوجك هو من يحاول تجديد علاقة سابقة مع امرأة كان يحبها وقد بذلت له الحب والتقدير؟ سائلي نفسك ما شعورك؟ وكيف ستكون نظرتك له؟.
(5) أكثري من ذكر أحوال القبر والآخرة، فقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم-، كما في صحيح ابن حبان (2992) وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أكثروا ذكر هاذم - بالذال وهو القاطع-، اللذات الموت"، وقوله - صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح ابن حبان (2293) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أكثروا ذكر هاذم اللذات فما ذكره عبد قط وهو في ضيق إلا وسعه عليه ولا ذكره وهو في سعة إلا ضيقه عليه"(19/176)
قال العلماء: ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه أن يكثر من ذكر هادم اللذات، ومفرق الجماعات، وميتم البنين والبنات، ويواظب على مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين، فهذه ثلاثة أمور ينبغي لمن قسا قلبه ولزمه ذنبه أن يستعين بها على دواء دائه، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه، فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت وانجلت به قساوة قلبه فذاك، وإن عظم عليه ران قلبه، واستحكمت فيه دواعي الذنب فإن مشاهدة المحتضرين، وزيارة قبور أموات المسلمين تبلغ في دفع ذلك ما لا يبلغه الأول؛ لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير، وقائم له مقام التخويف والتحذير.
(6) حاولي الاطلاع الكثير على أحوال المسلمين المضطهدين والمشردين والمعذبين، والفقراء والمساكين الذي يتعرضون للحروب والقهر والظلم من أعداء المسلمين، ثم حاولي أن تساهمي في التخفيف عليهم والسعي في إعانة القريبين منهم لك في بلدك أو حولك، فإن في ذلك علاج للقلب وإيقاظ له وسلوة عن الهم الحرام.
(7) لا تفتري من سماع الأشرطة الدينية المهتمة بالوعظ والتذكير، فإنها نافعة في هذا المجال أيما نفع.
(8) اصحبي الصالحات القانتات الطيبات فإنهن عون بعد الله على النفس الأمارة بالسوء.
(9) أكثري من قولك: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) مع استشعارك للحاجة إلى الله في دفع هذا الهم وعلاجه.
(10) أنصحك بقراءة كتاب روضة المحبين للعلامة ابن القيم، وخاصة فصل في علاج الهوى؛ فإنه نافع جداً لحالتك، وإني لأتوجه إلى الله بأن يمن عليك بالهداية والرشاد والسداد، وأن يصرف عنك هذا الحب ويجعله سبحانه فيما أحب من الطيبات، ويبدلك عنه حباً له سبحانه ثم حباً لزوجك وأولادك وللخير، وأن يملأ قلبك إيماناً وتقوى، وأن يهديك سواء السبيل إنه جواد كريم. والسلام عليكم.(19/177)
أحبه ... وأريد أن أكون زوجته الثانية..!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 13-3-1423
السؤال
أنا فتاة عازبة أحب رجلا يكبرني بعشر سنوات ولكنه متزوج ولديه بعض الأبناء وزوجته مغتربة في وظيفتها في منطقة بعيدة ومعها أبنائها وهو يعيش وحيدا.. وعلاقتي به علاقة رسمية ولا يعلم بحقيقة مشاعري تجاهه.. وكذلك أنا لا أعلم بمشاعره تجاهي..!!
إلا أنني اسمع انه يهتم بي كثيرا ويغمرني بعطفه وحنانه..!
كان يكرر دائما بأنه يفتقد للحنان والحب وأنه محتاج لهما. أحلم أن أكون زوجته الثانية ولكن أخشى أن أصارحه بما أكنه له وألاقي ردة فعل ليست من صالحي فهو حتى الآن لا يعلم بأني أحبه.
مع العلم بأني فتاة فاهمة وواعية وتلك المشاعر ليست مشاعر مراهقة طارئة سرعان ما تزول بل إني متأكدة من مشاعري تجاهه.
فأرجو أن تفيدوني وفقكم الله.
الجواب
أيها الأخت الكريمة..
شكراً لثقتك واتصالك بنا في هذا الموقع.. لن أتكلم معك بشأن لقاءاتك مع هذا الإنسان الذي تحملين تجاهه الكثير من مشاعر الحب والود كما تقولين.. ولن أتحدث عن مدى مشروعية مثل هذه العلاقة معه ومحاذيرها..!! حيث أني لا أظنها تخفى عليك..!!!
ولكني سأقصر حديثي إليك حول عدة تساؤلات ونقاط مهمة يجب أن تحاولي الإجابة عليها.. يجب أن تصارحي نفسك بها يجب أن لا تخدعي عقلك في هذه القضية وتتركين للعواطف الحرية الكاملة في حمل لواء اتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية الحاسمة.
ذكرتِ أنه في هذا البلد يقيم وحده وهو بعيد عن زوجه وأطفاله ويفتقد الحنان والحب.. صدقيني أن هذا هو شعور الكثير من الأزواج حينما يبتعدون عن أزواجهم وأطفالهم.. هو في هذا الوقت وفي هذه الظروف محتاج إلى من يملأ كيانه ونفسيته بالود والعطف الذي افتقده بابتعاده عن زوجه وأطفاله.
الكثير من الأزواج تزول عنه مثل هذه المشاعر حالما يلتم شمله مع أفراد أسرته ويعود الحنان والمودة والحب بالتدفق إلى قلبه في أول يوم يلقى فيه زوجته ويجتمع فيه مع أبنائه.
وعلى هذا فسؤالي لك أيتها الأخت الكريمة هو كيف تضمنين مواصلة اهتمامه بك بعد أن يجتمع بأسرته؟ وهل سيعاني من الحاجة إلى الحب والحنان آنذاك؟.
يجب عليك عدم التسرع.. وأقولها صادقا في ذلك.. إذ كيف لك الضمان أن لا يكون محتاجاً لك بعضاً من الوقت طالما هو على هذه الحال وسرعان ما يلفظك بعد عودة شمله مع زوجته الأولى.
أقول لك هذا الكلام وأنا مؤمن تماما أن الزوج له الحق في الزواج بزوجة ثانية فالمولى أباح له ذلك.. ولا ضير أن يتقدم لخطبتك والزواج منك. ولكن السؤال الذي يبقى ملحاً بالنسبة إليك يا ترى هل هذا هو الزوج المناسب الذي طالما انتظرته؟؟(19/178)
نعم لو كان هذا حاله حتى مع وجود أسرته برفقته ولم يكونوا بعيدين عنه بل هم يعيشون معه وزوجته قريبة منه ولكنه مع ذلك مفتقد إلى الحنان والحب وأراد الزواج منك فهنا يمكن أن تكون مشاعره أصدق وأبلغ.. إن علمت ذلك وكنت عازمة على إبلاغه بمشاعرك نحوه فلتكن بطريق غير مباشرة فهذا أقوى لموقفك منه.. وصدقيني إن كان صادقاً في رغبته ووجد الحنان والحب فيك فلن يتردد في التقدم لخطبتك.
أخيراً أعود وأكرر أنه يجب عليك التنبه إلى الأمور الشرعية في علاقتك بذلك الإنسان فالله وحده الموفق للسعادة وهو وحده المرتجى فالجئي إليه بالابتعاد عما نهى عنه من الاجتماع والاختلاط بالأجانب أولاً وبالدعاء بالسعادة في الدارين ثانياً.
رزقك الله الزوج الصالح والسعادة الزوجية.(19/179)
علاقة هاتفية!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 27-6-1423
السؤال
السلام عليم ورحمة الله وبركاته
منذ فترة قصيرة أتصل شخص وهو يعمل عند والدي وكنت أرد على المكالمات ولاحظت كثرة اتصالاته ومنذ أسبوعين من اليوم قال لي كلام حب وكلام صراحة أخجل من كتابته ودائما أتهرب من مكالماته ولكن ترد أختي الصغير مما يضطرني إلى مكالمته قال بأنه مستعد لتقدم لي ولكن بعد أن يتعرف علي تماما وأخذ يسأل عن شكلي وبعض الأمور الخاصة وكنت أرد على بعضها وأتجاهل الذي يحرجني فبماذا تنصحونني هل أستمر معه أم أقطع المكالمات معه لربما كان قصده شريف. أرجو الإفادة في أسرع وقت ولكم كل التوفيق.
الجواب
الأخت الكريمة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً لاتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم"
ماذا عساي أن أقو لك.. وأنت كأني ألمس منك الرضوخ لهذا الرجل الخديعة بكلامه وربما قد لا تصدقين أنه يأتينا الكثير والكثير جداً من رسائل الحزن والشكوى من أخوات خدعن من مثل هذا الذي يتعامل معك بل ويخدعك ويغشك.
إن للبيوت أبواباً فليطرقها إن كان صادقاً وليتعرف عليك حينئذ ولن يلومه أحد إذا دخل المدخل الرسمي ولم يكن خلف الأسوار والهواتف يهاتفك ويبث ألا عيبه عليك.
كم هي رقيقة هذه المرأة حينما يسهل خداعها من رجل لا يراها إلا من خلال عينين شهوانيتين يبذل لها المعسول من الكلام..فترتاح إليه وتصدقه وترسم في مخيلتها أحلى الأماني معه.. وتتصور الحياة عذابا من دونه..
تتمايل في عينها أجمل الصور والخيالات مع ذلك الفارس الذي نزل لها من السماء من خلال سماعة الهاتف.. فلا يزال يغذيها بالكلام العاطفي والرومانسي والجميل.. وهي لا تزال صورة الخيالات تكبر في عينيها.. وصدقه وإخلاصه يتعاظم في ناظريها.. وحلاوة العيش معه تسيطر على عقلها فلا تكاد المسكينة تريد الابتعاد عنه ولو للحظة..
وهكذا يستمران - الرجل والمرأة- على هذه الحالة حتى يحصل المراد وينتهك الشرف ويلوذ المخادع بالفرار ويرمي المرأة بالخطيئة والعار بعد ما رمى قلبها بالحرقة والنار.
بعض النساء أو الغالب منهن تعرف تماماً وتجزم بدرجة كبيرة أن ما تسمعه إنما هو كذب وهراء ويعلم الكثير ممن دخلن وجربن هذه المجالات أن ما يسمعنه من معسول الكلام ليس له من الحق والصدق حبة خردل ولكنهن بدافع حب العبث وتمضية الوقت يلجن هذا المجال.. الآخر منهن يستمرون في هذا المجال بدافع قلة العاطفة الموجودة في حياتهن.. أو انعدامها فتحب أن تملأ فراغ العاطفة لديها من خلال ذلك الشاب حتى ولو كان الأمر برمته كذباً في كذب مع علمها التام بذلك.
ولكن المصيبة العظمى حينما نأتي للنتائج لمثل هذه الأعمال.. حينما ينتهك العرض.. وتفض البكارة ويزول الشرف وتعيش حينها الفتاة أشد فترات الحياة عذابا وألماً وحسرةً، أما ذلك الفارس الذي طالما أطلق الكلام المعسول فقد ولى هرباً ولسان حاله يقول: لست أريد التي تبيع عرضها لرجل أعطاها كلاماً وما أرخصه وأعطته عذريتها وما أغلاها وشتان بين الثمن والبضاعة.. وبين الكلام والعذرية.(19/180)
فيا أيتها الأخت الكريمة الخلاص.. الخلاص.. والهرب الهرب من فعل هذه الأعمال التي لن تجنين منها إلا الحسرة المضاعفة.
بادري أولاً بتجاهل هذا الرجل، فإن استمر فأخبريه بأن للبيوت أبواباً يجب إن كان جاداً طرقها فإن لم يمتثل لهذا ولا لذلك فهدديه بإخبار والدك بذلك.
وسأهمس في أذنيك علامة جديته وصدقه من لعبه وكذبه. إنها المخاطبة الرسمية من قبله لوالدك حول الزواج منك، إنني أكاد أجزم أنه لن يقدم وسوف يذكر لك العديد من المبررات التي تمنعه من مصارحة والدك بهذا الأمر والتقدم لخطبتك وستجدين منه تهرباً مستمراً من طرق مثل هذا الموضوع الجاد معك.
ولتكتشفي في النهاية أنه لا يراك إلا من خلال عينين شهوانيتين يرى بهما جسدك الأنثوي ويتصور الجنس الحرام ويمني نفسه ممارسة الحرام معك وإن كان قد غلفه بغلاف الحب والزواج الذي هو من متطلبات الوقوع في الحرام واصطياد الفريسة.
حرسك الله وحرس شرفك وعفافك من عبث العابثين.(19/181)
أنا.. وأخت زوجتي!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 1-7-1423
السؤال
أنا رجل متزوج ولي أطفال وناجح في زواجي ولكن المشكلة لدي أنه يوجد لدى زوجتي أخت هي على وشك الزواج وأشعر بعاطفة قوية تجاهها مع علمي أنها محرمة علي بحكم أنني زوج أختها، ولكن هذا الميل وهذا الشعور يعاودني لدرجة بكائي أحياناً وربما أدعو الله أن لا يتم هذا الزواج كي لا تبتعد علماً أنها وللحقيقة إنها إنسانة محافظة جداً ولا تعلم بمشاعري تجاهها ولا أتهمها بشيء فهي على قدر من الطاعة لربها والالتزام بالحجاب.
أرشدوني كيف أتغلب على هذه المشاعر فأنا خائف على نفسي وديني وأسرتي.
والسلام عليكم.
الجواب
الأخ الكريم..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع" الإسلام اليوم "
صدقني أن أغلب المشاكل العاطفية الموجودة في مجتمعاتنا هي ناتجة عن أمر واحدٍ يكاد يكون قاسماً مشتركاً لدى جميع الحالات. هذا القاسم المشترك هو السبب الرئيسي المولّد لمثل هذه المشاعر الفياضة تجاه أحدٍ من الناس. قد لا أجد كلمة مناسبة يمكن أن تختزل المعاني الكثيرة لهذا القاسم المشترك لكن هناك كلمة ربما تقرب الموضوع لك وتساعدك على فهمه.
إنه في نظري أيها الأخ العزيز" التمادي" والاستمرار أنت أعجبت بهذه الفتاة لأول مرّة فأصبح يحلو لك سماع صوتها أو الحديث عنها بل ربما تحب الاتصال بأهل زوجتك كي يتسنى لك سماع صوت هذه الفتاة. التمادي والاستمرار هنا أنك لم تتوقف أو تحاول إيقاف مشاعرك هذه في أول الأمر وقطعت الموضوع بل تماديت واستمررت لأنك لم تكن تشعر أن هذا الأمر سيصبح تعلقاً مرضياً ربما يصعب عليك الفكاك منه.
ألا ترى معي أنها حقاً أنانية وحب للذات مفرط أن لا تحب لها النجاح في زواجها من أجل أن لا تغادر البيت ويستمر سماعك لصوتها وشعورك بقربها: أليست حقاً أنانية أيها الأخ العزيز أن تود لها الفشل في مشروع زواجها لا لشيء إلا لأجل أن ترتاح أنت أيضاً أليست أنانية فجة أن تحب أن تتعذب هي بفشل زواجها أو بعنوستها لا لشيء إلا من أجل ذلك أنت.. أي أنانية من هذا النوع وأي قسوة في القلب تحملها تجاه الآخرين إذا كان ذلك مانعاً لراحتك الكاذبة ومشاعرك القاسية. وفي ظني أن العلاج هو الوقوف عاجلا عن هذا التمادي والتفكير بهذه الفتاة.. نعم ستجد صعوبة في بادئ الأمر ولكنها ستتيسر بعد ذلك صدقني.
ثانياً: عليك دائماً بالدعاء لها بالتوفيق فالهجوم كما يقال هو الوسيلة الأنجح للدفاع ادع لها بالنجاح وافرح لفرحها واشعر نفسك بذلك.. واستشعر أنك بهذه المشاعر تجاهها ستكون مأجوراً عند الله لأنك أحببت الخير لأختك المسلمة.
ثالثاً: ابتعد قليلاً عن الجو الذي يذكرك بها.. قلل من ذهابك إلى بيت أنسابك ولا تحاول الاتصال هاتفياً بهم كي لا تمكن نفسك من سماع صوتها فتشعل بذلك مكامن عواطفك تجاهها.
رابعاً: عود نفسك بذل الخير للناس والدعاء لهم بالخير دائماً لان ذلك سوف ينمي في قلبك الحب والعاطفة للناس وليس لنفسك فقط على حسابهم.. إنك بذلك العمل ستنمي لديك وفي قلبك قضية البذل للآخرين ومن ثم الحب لهم وما يمكن أن يسعدهم وفي نفس الوقت هذا الأمر يساعد على كبت مشاعر الحسد والأنانية لدى الفرد التي تجول في أعماقه وهو غير شاعر بذلك.
أعانك الله ووفقك(19/182)
علاقتي مع هذه الفتاة
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 20-5-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أنا شاب في الثامنة عشرة من العمر، مشكلتي وبصراحة وبعيداً عن أمور المراهقة والنزوات، تبدأ من معرفتي لفتاة في مثل عمري، لكن هذه الفتاة كانت تتصرف الكثير من التصرفات الطائشة التي لا تليق بها كفتاة، وكانت تخطئ كثيراً في حق أهلها ونفسها بسبب تلك التصرفات لكن دون أن تدري متأثرة بالمقربات لها، وعندما جمعتنا الصداقة أحسست أن هذه الفتاة ليست إنسانة سيئة لكنها كانت مشوشة، وبدأت بالكلام معها تدريجياً عن تصرفاتها الطائشة ورغبتي في أن تصبح إنسانة مهذبة وراقية تحظى باحترام الجميع، واقتنعت بكلامي شيئاً فشيئاً، فصرت أعلمها كل ما هو مبني على أسس الاحترام، إحساساً مني بأني أفعل الخير لها ولأهلها " علماً بأني على معرفة بسيطة بهم " والله وحده يعلم كيف صارت هي الآن، إنسانة ذات مبادئ قريبة من الله، وأنا وجدت نفسي متعلقاً بها وهي كذلك، فكما تعلمت هي مني، تعلمت أنا أيضاً منها، وأصبحت علاقتنا مبنية على الاحترام والمودة والمحبة.
لكن أنا لا أدري هل أنا مخطئ في هذه العلاقة التي تطورت دون علم أهلها الذين من الصعب أن يتفهموا لمثل تلك الأمور، هل من الصحيح أن تستمر هذه العلاقة، هل كل هذه أمور مراهقة وأنا أكابر، هل أنا تصرفت التصرف الصحيح، وإن لم يكن كذلك أرجو أن تقوموني على الصحيح فأنا أحس أني أخون ثقة الناس وضميري يؤنبني!
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
أيها الأخ الكريم أحمد..
أشكر لك ثقتك واتصالك بنا في موقع الإسلام اليوم..
من أجمل ما كتبت في استفسارك قولك " هل كل هذه أمور مراهقة وأنا أكابر؟ وهل تصرفت التصرف الصحيح؟ وكان بودي لو أخبرتني عن حالك ووضعك الاجتماعي أكثر وكيفية التعرف على هذه الفتاة.. ولكن سأفترض من خلال كلامك أنك لا زلت شاباً طالباً على مقاعد الدراسة.. عملك مع هذه الفتاة بتوجيهها إلى الطريق الصحيح لا شك أنه عمل محمودٌ بحد ذاته ولكن ليس بالصورة التي وصفتها.(19/183)
الشباب والشابات في مثل هذا العمر يكون الاندفاع لديهم تجاه الجنس الآخر اندفاعاً قوياً يحاول كل واحد منهم أن يظهر للآخر أجمل ما لديه من صفات خلْقية أو خُلقية.. ولعلك قد تفاجئ إن قلت لك أن التحسن الذي طرأ على هذه الفتاة قد لا يكون إيماناً منها بضرورة التغيير وإصلاح الذات والقناعة التامة بأن ما كانت عليه من أخلاق سيئة يجب أن تغيرها للأفضل نتيجة اقتناعها بكلامك.. بل هو محاولة للاحتفاظ بهذه العلاقة معك حتى ولو كانت دوافعها بريئة ولم تضمر سوءً أو فاحشة.. هي تجاهد لتحافظ على هذه العلاقة لما وجدته هي في نفسها من ملأ لرغبات لديها في جذب الجنس الآخر والأنس بالجلوس معه.. هي تشعر كما تشعر أنت تماماً.. اسأل نفسك عن شعورك تجاهها وتجاه الكلام معها والجلوس بقربها.. ستجده بالتأكيد شعوراً قوياً بل إنه أصبح من الصعب عليك تركه ومفارقته وصدقني أن هذا الشعور هو لديها بنفس الحجم.. لا تظن أن ذلك هو الحب فهذه خديعة نفسية ومغالطة ذاتية مكشوفة وأنت نفسك سوف تكتشف ذلك إن عاجلاً أو آجلاً..
هذا التعلق منك بها وهذه العلاقة هي كما قلت مدفوعة وبقوة من غريزة حب الجنس المقابل وحب التعرف عليه والكلام معه والاستئناس به، وهي غريزة فطرية فطرها الله فينا ليستمر إعمار هذه الأرض ويحصل الانتشار والاستخلاف الذي حكم به الله عزوجل.
إذا علمت هذا الأمر فلتكن لديك الشجاعة القوية بتصحيح المسار الذي أنت عليه.. هذه العلاقة يجب أن لا تستمر إذا كنت حريصاً على نفسك وحريصاً على هذه الفتاة.. الناس وضعوا فيك ثقتهم فلا تهدمها بهذا الأمر.. ضميرك يؤنبك لأنك وبفضل رجاحة عقلك تعلم أن مثل هذه العلاقة ما كان يجب لها أن تستمر وتصل إلى هذا الحد..
نحن أمة مسلمة ولله الحمد ونعلم جميعاً أن العلاقة بين الرجل والمرأة ما يكون لها أن تقوم إلا في نطاق الزوجية أو النطاق الذي يؤدي إلى الزواج.. فهل تساءلت مع نفسك أيها الأخ الكريم إن كانت لديك الرغبة في الزواج من هذه الفتاة أم لا؟ ..فإن كانت الإجابة بالنفي فلا تعليق لدي إذ لا حاجة لدينا إلى زيادة القول في هذا الأمر.. وأما إن كانت الإجابة بنعم وأنت راغب بصدق بالارتباط بها فلم لا تتقدم إن كانت الأمور مناسبة لديك وترى أنك فعلاً مؤهل للزواج وظروفك مهيأة تماماً لذلك؟ خاصة وأنك كما تصف نفسك قد تحولت لديك هذه العلاقة إلى علاقة حب بينكما..
أما إذا لم تكن الظروف مناسبة للتقدم لخطبتها الآن وتعتقد أنك لم تتأهل بعد للزواج والإقدام عليه بل تحتاج إلى مزيد من الوقت وتحتاج إلى إكمال الدراسة أو ما شابه ذلك.. فإن الأمر هنا يحتاج منك إلى عزيمة قوية وشجاعة ناضجة وخلوة مع النفس صادقة تفكر فيها بحالك وحال هذه الفتاة لتقرر بوجوب وقف مثل هذه العلاقة على أمل أن يقضي الله أمراً يكون فيه الخير لك ولهذه الفتاة فإن كانت من نصيبك فلن تذهب عنك وإن لم تكن كذلك فالنزول من أسفل السلم أسلم وأسهل وانجح وآمن من النزول أو السقوط من أعلاه..
وفقك الله لكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،(19/184)
أنا متهم بأنني عاطفي!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 17-5-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
عزيزي المستشار ليست لدي مشكلة وهي أنني متهم بأني عاطفي فهل العاطفية عيب؟ وعندما يكون الشخص يدعو بالحب فهل الطريقة خطأ علما بأنني والحمد لله محبوب وأحب كل من حولي.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم"
الحب والعاطفة شيئان جميلان حقاً وليستا عيباً البتة. صدقني أننا في هذا الوقت بحاجة ماسة للحب والعاطفة. يجب أن نعلم جميعاً أثر هذه الموضوع في حياتنا، فبهما تلين القلوب كثيراً.. وبها ينتشر التسامح بين الناس.. وبهما تصفو القلوب فيما بينها.. نحن في مجتمع كان لظروفه الطبيعية وأحواله المناخية وتركيبته الجغرافية وصحراويته القاسية أثر واضح في ضمور هذه الخاصية الجميلة في ذواتنا واضمحلالها من تركيباتنا النفسية. ونتيجة لذلك قست قلوبنا وغلظت تصرفاتنا.. وجلفت طبائعنا.. فأصبحنا نبخل بالحس المرهف حتى عن أقرب الناس إلينا وهم الوالدان والزوجة والأبناء وسائل الأهل.
أنني يا عزيزي أغبطك على هذه الخاصية الموجودة لديك فهي ميزة حسنة وخاصية طيبة عليك المحافظة عليها واستخدامها في مواقعها الصحيحة لكن يجب أن لا تختلط عليك الأمور والتصرفات أو السلوكيات فتفشل في التعامل معها فتظن ذلك سببه هو عاطفيتك الزائدة..
تذكر أيها الأخ الكريم أن هناك سلوكيات وحوادث أو تعاملات يجب أن يكون موقفنا منها هو العقل والفكر البعيدان عن العاطفة أو السلوك المحكوم بالعاطفة.. إذ العاطفة في بعض الأحيان لا تكون وسيلة ناجعة لاستخدامها في مواجهة أمور يمكن أن تصادفنا. ألم تر أننا نتعاطى العلاجات والتطعيمات لأبنائنا الصغار على ما فيها من ألم إلا أن المصلحة ملحة في تجنب العواطف التي تمنعنا بدافع الرحمة من ممارسة هذه الوسائل، فالمصلحة هنا هو عدم الانجرار مع العواطف بعكس العقل الذي يجب أن يكون سيد الموقف في مثل هذه الحالات والممارسات.
أختم هذه الاستشارة وأقول استمر على هذه الصفة ولكن بالشرط الذي ذكرت لك وادع إلى الله بالحب وبالذوق وبالعطف فهي بحق أشياء جميلة.
وفقك الله ورعاك(19/185)
علاقاتي الغرامية والمستقبل
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 17/02/1426هـ
السؤال
مشكلتي أنني منذ أن كنت صغيرة تعرضت للتحرش الجنسي من قبل فتاة لم تضرني، إلا أنني في فترة المراهقة كنت أقرأ قصص الحب وغيره، مما أدى إلى أنني لا أملك إلى حد ما العفة، ومما زاد الأمر سوءاً أنني كنت مدمنة مكالمات جنسية، ولكن الحمد لله لم أقع في الفاحشة مع أي أحد، وبعدها هداني الله فلم أقم بهذا، ومشكلتي أنني في الفترة الماضية كنت على علاقة مع شاب ذي دين وخلق، ومما زاد رغبته في الزواج مني أنني ذات قدر كافٍ من الثقافة الدينية، وأصلي وأقرأ القرآن، ومحجبة، ولكن للأسف أنني في يوم طلبت منه أن نلتقي في خلوة، والمشكلة أنني أنا التي بدأت في التقرب ولمس الأيادي، ومما زاد الطين بلة أنه حاول أن يقبلني فلم يجد عندي أي نوع من الرفض بل العكس وجدني أجيد التقبيل، ولا أملك الحياء أو الطهر أعيد وأقول لكم: إنني لم أقع في الكبيرة إلا أنني أحب الرومانسية والتقبيل، أما عن الشاب فقد ابتعد وأنهى العلاقة، وكان معه الحق، ولكن هذا سبَّب عندي أن حياتي الزوجية ستكون صعبة إذا لم يجد زوجي عندي الحياء الذي هو أجمل ما يزين المرأة، علمًا أنني تبت عن المكالمات حتى العلاقات العابرة، وأطلب من الله في كل صلاة أن يرزقني الطهر. وشكرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
ابنتي الكريمة:
أولاً: أهنئك على فضل الله -عز وجل- عليك بالإقلاع عن هذه المعاصي الخطيرة، كالمكالمات الجنسية أو العلاقات العابثة، فإن هذا منحدر خطير، وقد كان من فضل الله عليك أنك خرجت من هذا المستنقع قبل أن تفقدي أغلى ما لديك، هنيئاً لك توبتك وهنيئاً لك حفظ الله لك.
ثانياً: عليك أن تكوني واثقة أن الله -عز وجل- يتوب على من تاب، وأن من تاب من الذنب فهو كمن لا ذنب له، وأن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، بل ويبدلها حسنات، فكوني واثقة من مغفرة الله وتوبة الله وقبول الله، وتجاوزي هذا الماضي، ولا تفكري فيه.
ثالثاً: ما ذكرته من علاقتك بالشاب الذي رغب الزواج منك، ثم ذهب وتركك هذا أمر تتعرض له فتيات كثيرات، أن يتقدم لها شاب ثم يغير وجهة نظره لأسباب كثيرة؛ ولذلك فإن عليك أن تحمدي الله أن هذه العلاقة لم تستمر إلى الزواج ثم الإنجاب، بل انتهت قبل ذلك، وربما كان السبب في ترك هذا الشاب لك هو ما رأى منك من جرأة قبل عقد الزواج، فأورث ذلك لديه شعوراً بأن لك تاريخًا في العلاقات الخاطئة ولذلك انسحب، ولكن هذا ينبغي ألا يسبِّب لك إحباطاً نفسياً، بل عليك معرفة الخطأ وتجنبه بعد ذلك.(19/186)
رابعاً: عليك ألا تعيشي هذا المعنى في مستقبل حياتك، فالزوج يحب أن يخطب ويتزوج بالزوجة الطاهرة العفيفة، ولكنه إذا تزوج فإنه يرغب في الزوجة التي تتفاعل معه وتشبع حاجته العاطفية والجسدية، ولذلك فإنك يمكن أن تتزوجي وأن تبدئي بالتعبير عن رغباتك شيئًا فشيئاً، وحينها سيتقبلك زوجك، وسيشعر بأنه متفاعل معك، ومندمج بهذا التفاعل الذي تبادلينه إياه، وإذا حصل هذا الشيء بالتدريج فإن الرجل يتقبله، ويشعر أنه نتيجة للعشرة والعلاقة، فلا خوف من ذلك، والعلاقة الزوجية هي الوعاء الطبيعي للتعبير عن رغبات المشاعر والعواطف والحاجات الجنسية، وهذا أمر مشترك بين الرجل والمرأة. وسوف أدعو الله لك أن يوفقك في مستقبل حياتك، ويرزقك بالزوج الصالح الذي يبادلك حباً بحب وصدقاً بصدق ورحمة برحمة وإحساناً بإحسان، وأن يرزقك الذرية الصالحة الذين تقر بهم عينك، وأن يجعل بيتك بيتاً مؤسساً على التقوى والإيمان، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.(19/187)
وأنا أيضاً عاشقة
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 11/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ: أنا أيضا عاشقة، وأتمنى أن تدرك قدر المعاناة التي أعانيها والآلام التي أعيشها ... أنا عاشقة أقولها ولست أخشى أحدا إلا الله؛ لأن حبي له حب نظيف حب راق، حب من نوع آخر غير الذي نسمع عنه، حب كانت بدايته من خمس عشرة سنة تقريباً، هو داعية معروف كنت أتصل عليه لأخذ الرأي ليس إلا، وكان كلامه معي فيه شيء من اللطف واللين، ثم وبسبب هذا اللطف أصبحت أشعر أنني أحبه وأصبح اتصالي عليه بدافع الإعجاب ليس كما كان في السابق حتى شعرت أنه يبادلني حبا بحب، وأخذ يلمح لي بالزواج حتى كأنه صرح بذلك (هناك من الأهل من يريد التعرف عليك) ، وكان هذا كله عن طريق الهاتف، عندها توقفت عن الاتصال عليه، وكان يمنعني من الاتصال العادات والتقاليد، وانتظرته مدة من الزمن تقدم لي خلال هذه المدة عدد ممن يرغب في الزواج مني من بينهم أصحاب دين وخلق، وكنت أرفض؛ وكان السبب تعلق قلبي بهذا الرجل الداعية الذي لعب بعواطفي وعبث بقلبي، وكنت وفية له رغم أني حينها لم أكن أعرف عنه سوى ما أسمع من الناس حتى شكله، لونه، عمره حتى قدَّر الله لي أن يتقدم لخطبتي من استطاع إقناع أهلي به فتم الزواج وأنا كارهة بعد انقطاع أخبار حبيبي، واستمرت حياتي مع هذا الزوج حتى قدَّر الله لي أن يظهر فجأة في حياتي وعاد الحب من جديد، فخلعت نفسي من زوجي ليس طمعاً في أن أتزوج من أحب، لا؛ لكن لأني لم أكن أحب زوجي ولأني أكره الخيانة، فعودته في حياتي حركت حباً كنت قد تناسيته فأصبح هو كل شيء في حياتي، فصورته لا تفارق عيني حتى عندما أغمض عيني أراه, صوته يرن في أذني كأني أراه الآن وأسمع صوته، هو السبب في كل ما صرنا إليه من قبل ومن بعد، فبعد خمس عشرة سنة يعود هو ويعود الحب من جديد، لا، بل العشق لا أستطيع نسيانه، حاولت ودعيت الله أن يخلصني من حبه ولكني أراني أزداد حبا وعشقا، فضيلة الشيخ: لا تقل إعجاب أو أنها سحابة وتمر، أو أنه حب سرعان ما ينطفئ، لا، إنني أشعر وكأنه يسري بدمي أني أحبه وبيني وبينه مسافات ومسافات أحبه لذاته، أحب شخصه! أشعر بألم لأنه لا ينبغي أن أصرح بهذه التصريحات إلا له لكني ذكرتها لربما لا يكتب الله ذلك. فضيلة الشيخ: هل لديكم من حل لي؟! أسأل الله ألا يصيب مسلماً ولا مسلمة بمثل ما أصابني.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ابنتي: تأثرت كثيراً بقراءة رسالتك بما فيها من العاطفة الصارخة، والعشق المشبوب الذي كنت واضحة في بيانه.
وتأثرت - أيضاً- بالمصير المؤسف الذي اصطدمت به حياتك بسبب هذا التعلق والعشق، والذي انتهى بمخالعة من زواج رأيت أنه لم يكن سعيداً ولم يحقق لك ما تصبو إليه مشاعرك وعواطفك، وأحب أن أعلق على مشكلتك بالنقاط التالية:(19/188)
أولاً: اعلمي - يا بنيتي- أنه ليس كل لطف ولين في الخطاب من المشايخ والدعاة مع من يتصل بهم من الرجال والنساء والفتيات تعريضاً بالزواج، ولا محاولة جذب أو احتواء أو محاولة بناء جسور لأهداف خاصة.
إن اللين واللطف في الخطاب هو تأس بالهدي النبوي؛ "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك".
إننا نشعر أن الذي اتصل ملهوف، فينبغي أن تقابل لهفته بالحنان والرحمة واللين والعطف، وهذا ليس خاصاً بالفتيات بل والنساء الكبيرات والشباب والرجال كباراً وصغاراً يحاول الداعية أن يكون من خلال إجابته عن السؤال لطيفاً يحتوي مشاعرهم ويداوي آلامهم ويرفق بهم؛ وقد قال نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم-: "إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف".
ثانياً: لم أشعر من خلال ما ذكرته عن هذا الداعية أنه لمح لك بالزواج، بل أقوى كلمة نقلتها عنه لا تدل على ذلك، وهي قوله: (هناك من الأهل من يريد أن يتعرف عليك) ، وإن هذه ليست عرضاً بالزواج ولا تلميحاً له، ولكن نوع من إظهار الإعجاب بجوانب من شخصيتك، والكثير من الدعاة - يا بنيتي - يقول مثل هذه الكلمة للفتيات اللائي يتصلن به لرفع معنوياتهن وتعزيز ثقتهن بأنفسهن، وقد يقول لهن عبارات من مثل: - ما شاء الله- تفكيرك ناضج، - ما شاء الله- شخصيتك قوية، - ما شاء الله- مؤهلاتك عالية، ونحو هذه العبارات التي ربما لو فسرت على طريقتك لفسرت بأنها إعلان الإعجاب بقصد الزواج، وهو لم يقصد هذا ولا ذاك، ولم يفكر فيه وإنما يقول لهن مثل هذا الكلام على أنهن كبناته يريد معالجة ما عندهن من أزمة أو مشكلة بإشعارهن بالاعتزاز بالشخصية، وإشعارهن بالثقة بالنفس، وإشعارهن بقدر من الوثوق أمام المشكلات، فلا أحسب أن مثل هذه العبارة أو مثل هذا اللطف مما يمكن أن تفهمي منه عرضاً من هذا الداعية بالزواج.
ثالثاً: أرى أنك وقعت في خطأ حينما رددت الخُطَّاب الذين تقدموا إليك وكانوا على قدر من الدين والصلاح والخير - كما ذكرت-، وكان عليك اتخاذ خطوات جريئة وهي الاتصال بهذا الشيخ وسؤاله هل له بك حاجة أو لا؟ هل يمكن أن تسمح ظروفه بالزواج منك أو لا؟ وتقطعين مثل هذه الآمال التي كنت تتبعين نفسك إياها بوضوح اليقين، فإن كان له بك رغبة طلبت منه المبادرة بالتقدم وإن لم يكن به رغبة فإذا بك تحزمين أمرك ولا تعيشين بانتظار ما لا يأتي، كانت هذه الخطوة التي ينبغي أن تتخذ، ولكنني أظن أنك لم تتخذيها ليس لضعف فيك ولا لجبن ولا لخور؛ لكن كنت خائفة أن يفجأك الجواب بالرفض وهو ما لا تحبين سماعه فآثرت الانتظار على أمنية خير من مصادمة الواقع على حد قول القائل:
أماني إن كانت فمن أحسن المنى*** وإلا فقد عشنا بها زمنا رغداً.
رابعاً: لم أكن أتمنى لك مخالعة زوجك لمجرد أنك أحسست أنك لا تحبينه؛ وإنما عليك التفكير قبل اتخاذ هذه الخطوة، هل أنت بانتظار من تحبينه؟ وهل سيجيء؟ وإذا لم يجيء هل هناك من سيعوضك عنه؟ وإلا فإن بقاءك مع زوج يكون لك منه أولاد تعيشين معهم بقية عمرك شيء لا يقل أهمية عن التنعم بعاطفة الحب مع الزوج، وستعوضينها بعاطفة الحب مع الأبناء، والعمر -خصوصاً الشباب- يمضي سريعاً ولا يقبل الانتظار والتأجيل.(19/189)
خامساً: أما إذ وقع ما وقع وخالعت زوجك ومضى ما مضى من عمرك وانتهى أمرك إلى هذه النهاية، فإني أعتقد أن عليك الآن أن تفعلي ما لم تفعليه من قبل بأن تسألي هذا الرجل أو توصي إليه من يسأله هل له رغبة في الزواج منك؟ ولو بصورة معينة تناسب الظروف، فإن قبل فقد أحل الله الزواج وفعلت وادركت ما تأملين، وإن لم تكن ظروفه تسمح بالزواج، ولم تكن لديه الرغبة تكونين أنت قد حسمت أمرك، وحدّدتِ خيارك، ولذا فإما أن ترجعي إلى زوجك الذي خالعته أو على الأقل تتزوجين غيره وتعيشين بقية حياتك مع رجل، فلا يعوض الرجل إلا رجل، ولا يعوض الحب إلا حب؛ وكما قيل:
مثلما تدفع الغيوم الغيوما*** الغرام الجديد يمحو القديما.
ولا أرى لك - بارك الله فيك - أن تعيشي على هذه الحال من التحرق والتأسف فضلاً عن تحميل رجل غافل مسؤولية أمر ليس له فيه مسؤولية، فلم أجد من خلال كل حرف قرأته في رسالتك ما يحمل هذا الشيخ الداعية ما قلت (أنه هو السبب في كل ما صرنا إليه من قبل) ، أبداً، هو ليس السبب ولكن السبب هو تراخيك في معالجة موضوعك في صورة جلية صريحة واضحة.
أسأل الله - عز وجل- أن يهديك ويسددك ويوفقك لاتخاذ القرار الصائب الرشيد، واعلمي أن العمر يمضي سريعاً، والحياة تنتهي جميعاً، ولا يصح أن نجعل حياتنا محطات تجارب أو الانتظار لما لا يأتي، وإنما علينا أن نعيش كل فترة من عمرنا بكامل الاستمتاع بالحياة، إن الحياة لذيذة وممتعة عندما نستمتع بها، ونعيش ما قدر لنا فيها لا ما نتمناه ونتخيله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(19/190)
أفلتت من بين أنياب الذئب
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 29/12/1425هـ
السؤال
أنا فتاة، أبلغ من العمر 18سنة، تعرفت على شخص عن طريق الجوال، وتعلقت به تعلقاً شديداً، جلست فترة وأنا أتحدث معه، فقال لي: أريد مقابلتك، فوافقت، وجاء الموعد وذهبت إليه، وفعلنا مثل ما يفعل الأزواج إلا الزنا، وجلست فترة وأنا أتحدث معه، ثم علمت والدتي بالموضوع، وأخذت مني الجوال، وأخذت شريحة أخرى وتحدثت معه، علماً أنه متزوج ولديه أطفال، فماذا أفعل لأمحو ذنبي، وهل سيعاقبني الله ويفعل بي مثل ما فعلت بزوجته، بمعنى أصح هل سيطبق علي المثل (كما تدين تدان) ؟ أرجوكم أفيدوني.
الجواب
قبل أن أعاتبك -يا ابنتي- أهنئك بأن الله عز وجل قد أنقذك من هذا الوحش المفترس، بعد أن أصبحتِ بين مخالبه وأنيابه، وخرجت وأنت لا زلتِ تحتفظين بعفتك وشرفك.
ابنتي الكريمة، إن دخولك في علاقة مع رجل لا يحل لك جريمة، فكيف إذا كان متزوجاً وله أطفال، إن هذا لدليل ظاهر على أنَّ هذه العلاقة علاقة عابثة، وشهوانية، وليست علاقة جادة يمكن أن تنتهي بالزواج، فأنت تستمتعين بمعسول الحديث الذي يصبه في أذنيك، وهو يستمتع بك شهوة ولذة، وهذا الأمر محرم عليكما جميعاً، ولكن عواقبه التدميرية تقع عليك أنت، وأما هو فإنه يذهب بعد أن ينال منك ما يريد، وكأن شيئاً لم يكن.
ابنتي الحبيبة إن عليك اتخاذ قرار حازم في قطع العلاقة مع هذا الشخص أو غيره، فهذه العلاقات العابثة تنتهي بمآسٍ مدمرة، واعلمي -يا ابنتي الكريمة- أنك لست أول من يرسل مشكلة من هذا النوع، ولكنك أرسلت رسالتك قبل أن يقع الخراب والدمار لمستقبلك، إن رسائل كثيرة تأتينا من فتيات فقدن أعز ما يملكن، ثم أصبحن يعشن في وضع مأسوي، -أسأل الله ألا تعيشي مثله- فقدن الشرف وعبث بهن من عبث، ثم تلفتن يمنة ويسرة فإذا هذا الذي افترسها وأخذ شرفها أول من يتنكر لها ويتخلى عنها ويحتقرها ويزهد فيها بعد أن أسكرها بمعسول الكلام، وزيف الوعود.
ابنتي الكريمة، إن عليك أن تحافظي على عفتك وشرفك وأخلاقك، وتسارعي بالزواج من شاب عفيف مستقيم يعيش لك وتعيشين له، وتنالان مع بعضكما اللذة والمتعة المباحة التي أحلها الله، وسوف تتذوقين دفء المشاعر، وحميمية اللقاء، مع سكينة الأمان، وترين كل يوم بناء لبنة في مشروع العمر، حيث بهجة الأمومة، ونعمة الاستقرار في كنف علاقة شريفة مباركة.(19/191)
أي بنيتي: إن أول خطوة عملية في طريق توبتك أن تتخلصي من هاتفك الجوال ومن أي شريحة معك، تحطمينها وتحطمين كل رقم يعرفه هذا الشخص فلا تستعملينه إطلاقاً؛ لأن عزيمتك قد تنهار إذا رأيت رقمه أو سمعت نغمة صوته، ولست بحاجة إلى أن تعرضي نفسك لهذا الامتحان، فالحذر الحذر قبل أن تفقدي -بالاستدراج الماكر- أعز ما تملكين، فإذا عزمت على ذلك فاعلمي أن التوبة تمحو الذنوب والخطايا مهما عظمت، وأن الله يتوب على من تاب، وإنك إذا تبت توبة صادقة عزمت فيها على عدم العودة، فإن الله -عز وجل- سيتقبل توبتك ويوفقك ويعفو عنك، ولن يقع لك في حياتك -بإذن الله- ما تخافين منه، وهو أن تتكرر العلاقة الآثمة مع من تتزوجين في المستقبل.
فإن الندم توبة، والتوبة تهدم ما كان قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
واعلمي أن مما يعينك على الاستمرار في الاستقامة إعادة النظر في علاقاتك وبالارتباط بصحبة صالحة تعينك على الخير، وملء وقتك بالمشاريع النافعة التي تستهلك طاقتك وتفكيرك، ووضع برنامج جاد للقراءة المفيدة النافعة، والدخول في برامج تطوير الذات، واكتساب المهارات مع تقوية صلتك بربك بالمحافظة على الأذكار وسنن الصلوات، وصوم النوافل، وقراءة القرآن.
وفقك الله وتولاك.(19/192)
انقلب التعارف إلى حب
المجيب د. فؤاد العبد الكريم العبد الكريم
عضو هيئة التدريس بكلية الملك فيصل الجوية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 1/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منذ حوالي سنتين تعرفت على شاب من بلدنا على الإنترنت، وكان تعارفنا من أجل وازع ديني، ولكن انقلب التعارف إلى حب، حب أخفيته ولم أصارحه به، ولقد حاولت من خلال دردشتنا على الإنترنت ألا أسمح له بقول ما يغضب الله، وإن لم أفلح أحياناً، أحببته دون أن أراه، وكوني أعرف أن هذه طريقة خطرة، دعوت الله كثيراً أن يرشدني إلى الصواب، ونتيجة لكلامي الكثير معه عن خطأ ما نفعل، وخوفي من أن يخدعني، وخصوصاً بعد مصارحته لي برغبته في الزواج مني، ولكن دون أن يقدم على أي خطوة إيجابية منه، وهذا ما زاد شكوكي وخوفي، وانفصلنا بعد ذلك بعد أن ملَّ من أسلوب حديثي معه بخصوص غضب الله وما شابه والله أعلم، بعد حوالي السنتان كلما أذكره أبكي بشدة، وأحس بشوق له، ومن جهة أغضب من نفسي، كيف وأنا الملتزمة سمحت لنفسي بذلك أن يحدث؟! لا أعرف كيف أتخلص من عدة أحاسيس تنتابني، ومنها ندمي أحياناً على أسلوبي الجاف معه ومنه خوفي من الله ومنه، أريد أن أعرفه، أعرف أن سؤالي ربما يكون غير واضح أو غير كامل التفاصيل، ولكن هل لي بكلمة توقظني من وهم اسمه الحب.
الجواب
أجاب عن السؤال الشيخ/ د. فؤاد العبد الكريم
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فأنصح جميع - الأخوات الفاضلات- بعدم التخاطب والدردشة عن طريق الإنترنت أو غيره مع الرجال، إلا في حدود ضيقة جداً؛ لأن هذه الدردشة قد تبدأ بريئة، بل من أجل الخير، ثم تنتهي نهايات مأساوية محرمة.
وما ذكرته السائلة يؤكد هذا الأمر، فقد بدأت العلاقة بوازع ديني، ثم وصلت إلى حب مزعوم، ثم وعد بالزواج، دون خطوات حقيقية، ثم انتهى بالانفصال، ولا أرى هذا الشاب إلا ماكر خداع، أراد أن يوقعك - أختي- السائلة في شباكه، ولما عرف منك الالتزام والخوف من الله ترك الاتصال بك! بعد أن تلاعب بعواطفك وزعمه حبه لك، فأرى أيتها - الأخت الفاضلة- أن تنسي ذلك المخادع، وأن تستغفري الله -تعالى-، وألا تكرري الأمر مرة أخرى، وألحي على الله - تبارك وتعالى- بالدعاء أن يرزقك الزوج الصالح، واصرفي وقتك فيما يفيد. سدد الله على طريق الخير خطاك، والله أعلم.(19/193)
لقد ابتلاني الله بحبها
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 27/12/1424هـ
السؤال
جزاكم الله خير
واثابكم وادخلكم جناته
انا شاب ابلغ من العمر 25 سنه
وقد تعرفت على انسانه وبلاني الله بحبها
ولم اجد وسيله للفراق عنها
حاولت بشتي انواع السبل الخلاص منها ولكني لم استطع فاستشرت اهلي بخطبتها ولكنهم رفضوا علما انني لم اقطع الاتصال معها يوميا فافيدوني جزاكم الله خير اااا
الجواب
أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد بن حسين بن عبد الرحمن
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، والصلاة والسلام على النبي المصطفى - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- أما بعد:
إلى الأخ خالد الجهلاني - سلمه الله تعالى- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعد قراءة رسالتك أقول بعد عون الله -تعالى-:
1- عليك بقطع الاتصال بهذه الفتاة في الوقت الحالي؛ حتى ييسر الله أمرك بالزواج منها.
2- إذا كانت هذه الفتاة صاحبة دين وخلق، واستقامة، فعاود الكلام مع أهلك؛ حتى ترتبط بها، وإن كانت غير ذلك، فعليك أن تحرص على ذات الدين كما أوصى بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه.
3- عليك بكثرة الدعاء والذكر والاستغفار، فهذه الأشياء وغيرها من الطاعات سبب في تيسير الأمور.
4- عليك ببر والديك، والسمع والطاعة لهما، وسيعوضك الله خيراً مما فقدت لبرك بهما.
5- ننصح بقراءة كتاب الجواب الكافي والمسمى كذلك، باسم: (الداء والدواء) ، وكذلك كتاب روضة المحبين كلاهما للإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-.
6- عليك بالاستخارة قبل إقدامك على هذا الأمر الهام.
هذا، والله أعلم، والله أسأل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/194)
ترفض الزواج من ابن خالتها لأنها....
المجيب..........
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 8/6/1424هـ
السؤال
كنت أعتبر ابن خالتي أخاً لي، وعندما فاتحني في الارتباط كنت مستعجبة، ولكن بضغط أهلي وافقت وقرأت فاتحتي عليه، ولكن لم أكن مقتنعة به وعندما سافرت إلى أحد المصايف قابلت إنساناً ذا خلق ودين، وأعجبت به كثيراً وأعجب بي وكلم أهلي علي وأنا الآن في حيرة من أمري مَنْ أختار، وأهلي متمسكون بابن خالتي ويضغطون علي بالموافقة، وأنا لم أستطع أن أحبه لأني شعرت أكثر بأنه مجرد أخ لا غير، فأرجو إفادتي في أمري بسرعة ولكم الشكر.
الجواب
أجاب عن السؤال الشيخ / خالد حسين عبد الرحمن
الجواب:
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خير الخلق قاطبة، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إلى الأخت السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نشكر لك ثقتك واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم ونتمنى منك مداومة الاتصال بالموقع ومراسلته.
قد قرأت رسالتك أكثر من مرة وعلمت أنك في حيرة من أمرك، ولكن قبل أن أشرع لك في الإجابة على سؤالك أود أن أهمس في أذنك ببعض الكلمات عسى الله أن ينفعك بها، فارعني سمعك يا رعاك الله.
أولاً: كونك ذهبت إلى المصيف أنت وأهلك وتقابلت مع هذا الشخص الذي زعمت أنه صاحب دين وخلق، من أين لك معرفة هذا كله، وأنت لم تتعرفي عليه إلا من مدة يسيرة جداً لا تستطيعين من خلال هذه الفترة الوجيزة أن تكتشفي كل عيوبه ومزاياه.
ثانياً: من أجاز لك الذهاب إلى هذا المصيف فإن هذه الأماكن مليئة بالشر من تبرج النساء واختلاطهن بالرجال، ويحدث فيها من المفاسد ما لا يخفى على أحد، فيجب عليك وعلى أهلك أن تتقوا الله ولا تذهبوا إلى مثل هذه الأماكن إلا إذا أمنتم الفتنة وأظن ذلك لا يحدث "ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه" جزء من حديث متفق عليه من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما -.
ثالثاً: من أجاز لك أن تقابلي هذا الشخص وتتحدثي معه وأكيد أن ذلك حدث في خلوة بينك وبينه، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: "لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم" متفق عليه من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، ولا أريد أن أدخل معك في تفاصيل ما يحدث في الخلوة بين الشاب والفتاة.
فعليك أيتها الأخت المسلمة أن تبادري بالتوبة إلى الله من كل هذه المخالفات الشرعية والتي وقعت فيها، نسأل الله أن يتوب علينا وعليك، وأن يوفقنا وإياك لكل خير وبر ويصرف عنا وعنك كل سوء وشر اللهم آمين.
أما وقد حدث المحظور، وقد وقعت في حب هذا الشاب، مع وجود صدود منك لابن خالتك وشعورك نحوه بأنه مثل أخيك فعليك الآتي:
1. عليك بصلاة الاستخارة في أمرك هذا، وبعد ذلك استشيري أهل الخبرة والصلاح والصدق والأمانة، وانظري ماذا يشيرون عليك به.
2. إذا كان ابن خالتك فيه دين وخلق فلا بأس بالارتباط به، ومسألة الحب ربما تأتي بعد ذلك مع حسن العشرة وغيرها.
3. عليك بعدم عصيان أهلك، ومناقشتهم بالتي هي أحسن، لأن أهلك يحبون لك الخير، وهم ما اختاروا لك ابن خالتك إلاّ حرصاً منهم على مصلحتك فارفقي بهم.(19/195)
4. إذا لم تجدي استجابة من نفسك والقناعة من أن يكون ابن خالتك هذا زوجاً لك، فالأولى عدم إتمام هذا الزواج لأن مآله إلى الفشل، وتكون المصيبة أعظم، وقد شاهدنا مثل ذلك كثيراً.
5. عليك أن تصارحي أقرب الناس إليك من أم أو أب أو أخ أكبر أو أخت أو من تثقين به بكل ما يدور بخاطرك تجاه هذا الموضوع الهام، وأنك غير مستعدة لإتمام هذا الزواج، وأنك تخشين عواقب وخيمة إذا تم الزواج بهذه الصورة وأنت غير راضية.
6. لا يمنع أن تكلمي ابن خالتك بشرط وجود محرم معكما وتصارحيه بكل مشاعرك وأحاسيسك تجاهه وأنه بالنسبة لك لا يعدو أن يكون أكثر من أخ، وأخ فقط، وأنا أظن أنه سيقتنع بذلك، ويدعو لك بالتوفيق في حياتك مع من يقدره الله لك إن شاء الله سبحانه.
7. وفي الختام أقول لك عليك بكثرة الدعاء واللجوء إلى الله واسأليه سبحانه أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك الرضا بما قسمه لك سبحانه، فهو أعلم بما يصلحك في دنياك وآخرتك، هذا والله أعلم وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/196)
خطأ سببه الأهل
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/أخرى
التاريخ 24-2-1424
السؤال
أنا فتاة نشئت بحمد الله نشأة طيبة ومتدينة وأحفظ ما يقارب نصف القرآن ومتخرجة من كلية شرعية.
مشكلتي بدأت مع أهلي الذين يرفضون كل من يتقدم إلى خطبتي، حتى جاء اليوم وتقدم إليّ شاب ووافق الأهل وكان لي معه مهاتفات للتفاهم حول أمور الزواج، ثم حصل بعد زمن أن رفض أهلي هذا الشاب من دون ذكر أسباب واضحة، ولكنه هو كان متعلقاً بي كثيراً ورفض الاستسلام إلى أن حصل بيني وبينه لقاء وحصل اتصال وعلاقة محرمة من دون جماع كامل.
أنا الآن نادمة وتائبة ولا أعلم كيف حصل هذا معي وألوم أهلي كثيراً حين منعوني حقي في الحياة.
أنا خائفة جداً من ربي وكيف ألقاه بهذا الذنب وهل يقبل توبتي وندمي؟.
الجواب
أختي الكريمة أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل. أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولاً: أذكرك أختي الكريمة بقوله تعالى (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم) وقوله تعالى (إن الحسنات يذهبن السيئات) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم [من قال استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر] .وفي رواية: [وإن فر من الزحف] وقوله صلوات الله وسلامه عليه [ ... واتبع السيئة الحسنة تمحها ... ] الحديث.
ولذلك فعليك بالتوبة والاستغفار فقد قال تعالى على لسان نوح عليه السلام مخاطباً قومه (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً) .
ثانياً: احمدي الله - أختي -إن انتهى الأمر عند هذه الحد ولم يتجاوزه إلى ما هو أخطر منه " واعتبري هذه تجربة مؤلمه استفيدي منها واحذري أشد الحذر من أن تنساقي وراء أيٍّ كان ولأيِّ سبب كان.. فالعاقل من وعظ بغيره!!! والتوبة تجب ما قبلها.
ثالثاً: أكثري أختي الكريمة من الدعاء بأن يوفقك الله ويحرسك من كل سوء وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يدلك على الخير ويعينك عليه.. وثقي أنك مطالبة بفعل الأسباب والاتكال بعدها على رب الأرباب الذي خلقك من عدم وكتب لك رزقك ونصيبك وأجلك قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما جاء في الحديث الصحيح. وتحري في دعائك مواطن الإجابة كالسجود وآخر ساعة من يوم الجمعة وفي ثلث الليل الأخير.
رابعاً: يمكنك أن تسرِّي إلى والدتك أو أحد أقاربك لكي يفاتح والدك أو وليك بمسألة الزواج وعدم رفضهم للمتقدم واحرصي رعاك الله على من ترضين دينه وخلقه ليكون لك عوناً على الخير.
وفقك الله وحماك من كل سوء وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(19/197)
اجتهدت في إرشادهنَّ فتعلقن بي!
المجيب هياء الدكان
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 29/04/1427هـ
السؤال
أشرف حالياً على قسم الاستشارات النفسية في أحد المنتديات، وتواجهني مشاكل نفسية لفتيات في سن المراهقة ناتجة عن حرمانهن من حنان الأم! أيضا أقوم بنفس الدور لبعض زميلاتي اللاتي يعانين من نفس المشكلة، وأحاول دائماً دعمهن معنوياً كي يستطعن تجاوز أزماتهن.
لكن للأسف وجدت بعض الفتيات يتعلقن بي ويستبدلنني بمكان أمهاتهن, وأيضا ينادينني
بكلمة الأم! علماً أني لا أبين لهن عاطفة زائدة، ولا أشعرهن باهتمام زائد فقط أقوم بتوجيههن والسؤال عنهن من فترة لفترة.
أعلم أن الفتيات في هذا السن يتعلقن بأي إنسان يبدي لهن التوجيه، أو الاهتمام، لكن ما السبيل إلى نصحهن وإرشادهن، ودعمهن معنوياً، دون أن يسبب ذلك تعلقهن بي؟
الجواب
إلى الأخت الفاضلة التي اهتمت لهموم الآخرين، وجعلت من نفسها الكريمة مجالاً لتنفيس شكوى أخواتها، وبث همومهن ومشاعرهن، اعلمي أختي أن (البلاء) من الله جل وعلا الكريم الرحيم وهو أعلم الناس بخلقه وأرحم بعباده منّا، بل وأرحم بهم من الأم على وليدها، ولا يقدر سبحانه إلا خيرا، كما أن الابتلاء بل وحتى الهم يؤجر عليه الصابر "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" رواه مسلم (2999) ، فاحتسبي يا أختي في عملك ولكني أنصحك أن يكون بحدود، فدورك عظيم، وهو التنسيق للاستشارات وأخذ المواعيد وإيجاد الطريقة المناسبة لاتصال صاحبة المشكلة بالمستشارة، فعملك هذا جليل بل هو نصف العمل الذي تقوم به المستشارة فبدونك لن تتم الاستشارة، فاعملي على القيام بدورك هذا دون زيادة حتى تنجزي وتستطيعي الاستمرار، وتذكري أن لكل إنسان قدرة، فالمستشارة مؤهلة ولديها خبرة كبيرة في مجالها فلا يؤثر عليها -غالباً- سماع الشكاية وأحوال الناس والمآسي التي يمرون بها، لكن أنت إذا قمت بدورها لن تستطيعي إكمال المسير بل تستمر معك المعاناة والمشكلة حتى تعيشي معها، وقد تنعكس عليك كما حدث الآن فتوقفي إلى حد سماع نوع الشكوى فقط هل هي مرضية، زوجية، تربوية ... ؟ وهكذا دون أخذ تفاصيل، ودعي المستشارة تكمل العمل الذي بدأت فيه أنت، نريدك كما بدأت قوية تستمرين، وستجدين الثمرات -إن شاء الله- لما بذرتيه أنت فلقد وصفت أول بذرة نافعة بتقبلك بقلب حنون، وأذن صاغية، وترحيب بالمتصلة، وإشعارها بأهميتها، وأنك ستجدين -بإذن الله- من يساعدها، ويعبر بها إلى شاطئ الأمان والله يحفظك ويبارك فيك، ويجعلك قدوة مباركة أينما ذهبت وحللت.(19/198)
انقذوني من خالي!
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 03/04/1427هـ
السؤال
مشكلتي مع خالي، سأحكى لكم القصة من بدايتها:
أولا: خالي هذا هو أخ أمي من أبيها فقط، في البداية كنا نسمع عنه فقط، فنحن لم نذهب لزيارتهم منذ ولادتي، وهم لم يأتوا لزيارتنا، إلى أن جاء يوم، سمعت فيه الجميع يتحدثون، ويقولون: (سوف يأتي خالكم لزيارتكم) كان ذلك وأنا مازلت في الصف الثالث المتوسط، وكان خالي في الصف الثاني الثانوي، وعندما جاء لزيارتنا في المنزل كنت متخوفة من لقائه، لكن عندما نظرت إليه ارتاحت نفسي، وهدأ قلقي، وعندما جاء موعد رحيله عنا طلبت منه طلبًا، حيث قلت له: أريدك أن تصبح أخي الأكبر؛ لأنني ليس لدي إخوة من الذكور، فقال: حسنًا عزيزتي؟ لا أستطيع أن أشرح لك كيف كان شعوري في تلك اللحظة، كدت أطير من الفرح، لقد أصبح عندي أخ أكبر مني، وأحببت خالي على هذا الأساس، أحببته حبًا أخويًا، لكنه عندما زارنا في المرة الأخيرة تغيرت نظرته إلي، فلم يعد ينظر لي على أنني شقيقته أو ابنة أخته، بل أصبح يعاملني وكأنني خليلته، بل عشيقته! يطيل النظر إلي دائما، يقبلني كثيرا، يضمني إلى صدره كثيراً وبدون سبب، يقول لي: أنا لا أستطيع العيش بدونك، أصبحت أخاف منه كثيرًا، حتى إن أمي لاحظت الوضع ووبختني، فقلت لها أنا لا أعرف لماذا يتعامل معي هكذا. المهم بعد سفره أصبح يكلمني على جوالي يوميا، ويقول لي كلاما غريبا، لقد صار يرسل لي رسائل عشق لا تليق. فأرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت السائلة الكريمة:
زادك الله حرصًا ونفع بك. قرأت مشكلتك، وفهمت ما جاء فيها، وتفهمت ما تعانينه من مشكلة متداخلة، ورثيتُ لحال الرجولة حين يتحول الحارس إلى لص.
الأصل أن تبدأ العلاقة بين المحارم في وقت مبكر، فيتعامل بعضهم مع بعض بمسؤولية وعلاقة رحم وغَيرةٍ، ولا تتطرق إليها خطرات الشهوة؛ لمنافاة ذلك للفطرة والجبلّة، وفي قصة الأخت السائلة اجتمع أمران أفسدا هذه الطبيعة:
1- أن اللقاء بين القريبين تم على حين كبر من الطرفين، ولم ينمُ نموًّا طبيعيًا، فأصبح الشاب ينظر إليها كأنها أجنبية لا يستشعر الرحم بينهما.
2- أن الخال وقعت عينه على الفتاة حين بدوّ أنوثتها، وهجوم طيش المراهقة عليه، التي يصاحبها شهوة أعنف ما تكون، وربما يكون الخال مرّ في فترة سابقة بسلوك منحرف زاد من فرص النظرة السيئة التي أصبح ينظر بها إلى السائلة.
لقد بدأت بذرة النظرة السيئة تنمو لديه في وقت مبكر، حين كانت هي تسقي (ببراءة) تلك النظرة المنحرفة، من خلال تواصلها معه، والرسائل التي تعبر فيها عن محبتها له، فيقرؤها بصورة مشوهة بسبب غشاء الهوى، ويتوهم علاقة غرامية بينهما، ثم كان اللقاء الذي حول الخيالات إلى حقيقة، وتحول النظر إليها من صورة في الذهن إلى واقع، فتوقع أنه سيجد الوهم الذي كان غارقًا فيه، وأنا أحيِّي في الفتاة ثباتها وعدم انجرارها مع مشاعرها الفطرية، عصمها الله من كل سوء.
تتلخص المشكلة فيما يلي:(19/199)
الشاب خال يمكنه النظر للفتاة والخلوة بها.
على الشاب مؤشرات سلوك منحرف.
الفتاة تحبه (حبًا أخويًا) .
تريد الفتاة حلاً، وتشترط ألا يكون على حساب جرح كرامته!!
في المثل الصحي المشهور: "الوقاية خير من العلاج"، وفي القواعد الفقهية (الدفع أسهل من الرفع) ، وهو ما يتعين علينا فعله، على الأخت السائلة أن تتبع الخطوات الآتية:
1- على الفتاة أن تقطع الاتصال به، مهما كانت وسيلة الاتصال، ومع ما في هذا القرار الصعب من مرارة على الفتاة؛ فلا بدّ أن تتحمله لصالحه ولصالحها، لأن انقطاعها عنه سيخفف من غلواء مشاعره تجاهها، ويعيده إلى جادة الصواب بإذن الله.
2- تتجنب الفتاة الخلوة به إذا حضر لزيارتهم، ولو كانت لدقائق، ولْتحرص ألا يكون بينهما أية أحاديث (فضلاً عما هو أكثر من ذلك) إلا بحضرة آخرين راشدين.
3- أن تبدو بحضرته أكثر استتارًا من المعتاد مع محارمها، فتختار من ملابسها القميص الذي تغطي أكمامه كامل ذراعيها، ولا يبقي إلا قدرًا يسيرًا جدًا من صدرها، وتضع فوق رأسها طرحة أو منديلاً لتخفي جاذبية شعرها، ولو لم يصل الأمر إلى حد التحجب؛ وكل ذلك يحمل رسالة هو يفهمها (دون أن تجرح كرامته) ، كما قال الله تعالى: (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) ، ومعنى الآية: ذلك أحرى أن تعرف النساء بعفتهن فلا يصل إلى أيٍّ منهن أذى. وفي ذلك منفعة أخرى وهي أن تسهم الفتاة مشكورة في قطع أسباب الفتنة التي تأججت في صدره.
4- أن تتجنب الجلوس مقابلَ الخال (فضلاً عن جانبه) ، بل تختار الجلوس في الناحية التي يصعب عليه رؤيتها إلا بتكلف.
5- أن ترسل له نسخة من كتاب (كيف تواجه الشهوة، حديث إلى الشباب والفتيات للشيخ محمد الدويش، وهو موجود بكامله على الرابط
(كيف تواجه الشهوة، حديث إلى الشباب والفتيات)
؛ لتسهم في إعادته لجادة الصواب، ولكن دون أن تقدم رسالتها (أو أية رسالة أخرى) بعبارات المودة والحب الأخوي؛ فليس المقام مناسبًا للتصريح بهذه المشاعر، ولو كانت صادقة وبريئة، لأنه قد لا يفهمها على وجهها العفيف. ولتحتفظ دائمًا بنسخ من تلك الرسائل احتياطًا للمستقبل.
6- إذا لم تُجدِ المحاولات السابقة، فلتطلع والدتها على ما يجري، ولتطلعها على رسالتها التي أرسلتها إليكِ، والرسالة التي تلقتها منكِ، ورسائل المناصحة التي بعثت بها مصحوبة بالتاريخ الفعلي، ثم لتصغِ إلى نصائح أمّها إذا كانت في اتجاه يحميها، وإلا فلتستنجد بوالدها، ولتطلعْه على ما أطلعتْ عليه والدتها.
وثمة خطوات أخرى أرجو ألا تكون بحاجة إليها، لكن على الفتاة أن تراعي نصائح من نوع آخر، وهي على النحو الآتي:
أ- أن تعمل على تقوية شخصيتها، وتدرب نفسها على ما يسمَّى سلوك (الرفض) فتعبر بشجاعة ووضوح عن موقفها الرافض لأي تصرفات مشينة أو محرمة أو تؤدي إلى محرم.
ب- أن تدرب نفسها كذلك على أن تكون هي أقوى من مشاعر الحب التي تكنُّها لخالها ما دام أن مشاعره هو لا تسير في الاتجاه الصحيح؛ ولتحاول أن تتناساها حتى يعود الخال إلى رشده، وإلا فإنه لا يستحق المحبة التي منحتها له.
جـ- أن تكون واعية بحقيقة المحبة التي تجدها تجاه خالها، فإن الإنسان قد يختلط عليه بعض المشاعر الوجدانية؛ لأسباب متعددة. فقد تكون مشاعر المحبة التي تجدها الفتاة خليطًا من مشاعر المحبة الفطرية، مع مشاعر الانجذاب لجنس الرجل، مع مشاعر البحث عن الصداقات الحميمة التي تنمو عادة في المرحلة المتوسطة والثانوية.
حمى الله الفتاة، ورزقها الثبات والعفة، وهدى خالها إلى جادة الصواب.
والحمد لله رب العالمين.(19/200)
تعرفت عليه.. وعلاقتنا جادة، فما المحظور؟!
المجيب سميرة حمزة
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 19/02/1427هـ
السؤال
أنا شابة مسلمة أقيم في بلاد الغرب. أصلي وأقرأ القرآن لكني لست محجبة، فأنا أتابع دراستي، وأخاف ألا يتقبل المجتمع تحجبي وبالتالي يضيع مستقبلي المهني. لذلك أجَّلت التوبة الفعلية إلى حين عودتي إلى بلدي، لكن الأمر يتطلب وقتاً فماذا أفعل؟
مشكلتي الأخرى أنني تعرفت على شاب عن طريق الشات، وقد تطورت علاقتنا، فهو خلوق ومتدين وخجول، ينصحني بالحجاب والحياء، وهو يعيش في بلد آخر فنتكلم أحياناً بالهاتف، ويجمعنا الاحترام والمودة. العلاقة بيننا جادة، وأنا لا أريد أن أخسره لأنه إنسان جيد. أرشدوني.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد ذكرت في خطابك أنك فتاة مسلمة ملتزمة بكافة أوامر الشرع ما عدا الحجاب الذي تقرين بوجوبه على كل مسلمة، وأراك -يا أختي- قد وضعت يديك على موضع الجرح، فالشيطان حريص على إهلاك بني آدم، ولذلك يوسوس لك بأن ارتداءك للحجاب سوف يؤثر على مستقبلك المهني، ويخوفك بنظرة المجتمع لك، وهذا كله من كيد الشيطان وتدليسه.
ونصيحتي لك -يا أختي- أن تحذري من وساوس الشيطان، وتتمسكي بما أمرك الله به دون النظر إلى المخلوقين، وتذكري قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من طلب رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ومن طلب رضى الله بسخط الناس رضي الله عليه وأرضى عليه الناس" ثم يا عزيزتي من الذي ضمن لك المستقبل المهني الذي تتعلمين من أجله، وتتخوفين من الحجاب لأجله؟! فنحن لا نضمن أشياء كثيرة قد تقف عائقاً أمام طموحاتنا وأحلامنا، ولكن الشيء الوحيد الذي نضمنه هو أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وأن الله إذا أحب العبد حبب فيه عباده، ويسَّر له أموره وبلغه مراده.
أما القضية الثانية التي طرحتيها، وهي علاقتك بشاب عن طريق الشات، فالذي أراه أن مثل هذه العلاقات لا يمكن الاطمئنان لها، وهي ذات خطر كبير؛ حيث لا يمكن معرفة حقيقة هذا الإنسان الذي تتكلمين معه عن طريق الشات.
وكم من المشكلات التي وقعت نتيجة لمثل هذه العلاقات، ولا أدري ما الفرق بين الفتاة التي تتعرف على شاب عن طريق الهاتف، والتي تتعرف على شاب عن طريق الشات، ولو قدر الله أن تتوج هذه العلاقة بالزواج فسيعتريها نفس المشكلات التي تعتري العلاقات التي تبدأ بداية خاطئة.
أختي الحبيبة، أو بمعنى أصح بنيتي، نصيحتي لك بأن تعيدي الأمور إلى نصابها؛ (ليتوجه هذا الشاب إلى أبيك ويتقدم بصورة رسمية؛ حتى تتأكدي من جديته في هذا الأمر، وإلا فالأولى لك أن تقطعي علاقتك بهذا الشاب فوراً.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحفظك ويلهمك الصواب.(19/201)
حُبٌ مثلي
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 12/11/1426هـ
السؤال
لدي مشكلة أعاني منها كثيراً، ألا وهي أنني أحب شخصاً أكثر من حبي لله ولنفسي، فو الله لا أهنأ بنوم، بل لقد نقص وزني كثيراً لقلة الأكل؛ والسبب في ذلك التفكير في هذا الشخص، مع أن عمره مثل عمري، وكلما توجهت إلى الله لم أستمر يوماً أو يومين ثم أعود إلى ما كنت عليه. والله إني أحبه بجنون، بل أحب أن أراه كل يوم، بل كل ساعة. أرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي الكريم: أولاً نبارك لك احترامك للصداقة والمحبة، ولكن أرى في نوعية صداقتك منحى لا يتناسب مع قيمنا وما يأمرنا به ربنا عز وجل، ففي ألفاظك بعض المصطلحات التي لا أدري كيف كتبتها، فهل في الكون إنسان أحب للنفس من الله عز وجل؟! معاذ الله- أو من النفس؟ فلا يوجد شخص بهذه الصفة، والمحبة الأولى لله -عز وجل- ثم لرسوله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين والصالحين من عباده. هذه قاعدة رئيسة، أو قيمة كبرى يجب أن تعمل بها إذا كنت من أبناء الإسلام.
ثم أجدك -أخي الحبيب- تثقل على نفسك بهذا الحب الذي أثر على صحتك وعلى قيامك بأداء عبادتك، فأي حب هذا الذي تظلم به نفسك؟! ولكن أعذرك -أخي الحبيب- فأنت في سن لا تدرك المنظور الشمولي للسلوك والقواعد الكبرى للحياة، فاسترشد بمن يفيدك في ذلك. وارجع لمن يوجهك للموجهات الكبرى للعلاقة الإنسانية في الكون، فلها حدود لا يجب على أية علاقة تخطيها.
ثم إني أراك لديك الكثير من الفراغ لم تستثمره بالطرق السليمة، وهذا الذي أشكل عليك، ووجه تفكيرك لمثل هذا التفكير. فإذا كنت طالباً جامعياً فالمناشط الجامعية كثيرة ومتعددة. ومناشط المساجد كثيرة، والأندية والمراكز الشبابية والصحبة الصالحة كلها قد تعينك على القيام بأداء واجباتك الحياتية الرئيسة لدينك ثم أسرتك ثم صحبتك.
أما أن تفكر بهذا التفكير فمن حبي لك أقول: لا أتفق معك على الإطلاق، فانهض بنفسك من الثرى للثريا، وادرس ما يفيدك على الحياة أكثر وأكثر، وأنصحك بالقراءة الفكرية وليست التخصصية؛ ففيها فوائد لإشغال ملكات التفكير، ونوِّع في القراءة لتملأ ذاكرتك بالكثير من المعلومات، اجعل عقلك يشتغل بما يفيد؛ حتى لا يكون فارغاً لتتلقفه الأفكار السيئة.
عليك أن تعطي نفسك اعتزازها بذاتها، وأن تسمو بها للأعلى، بدلاً من أن تهينها هكذا من أجل شخص ما، لا تكن عاطفياً فتسكر مثل ما حصل لك..
أسأل الله -عز وحل- أن يشفيك، وأن يوفقك لعمل الخير، وأن يعود الوئام والصفاء لحياتك.(19/202)
تعلقت بدكتور نصراني ... !
المجيب سلوى بنت صالح بابقي
مساعد إدارة النشاط الثقافي بتعليم البنات.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 01/11/1425هـ
السؤال
أنا طالبة في السنة الأولى الجامعية، قبل فترة قليلة بدأت الدراسة، وانتقلت من جوٍّ لا يوجد فيه سوى مدرسات وطالبات، آخذ راحتي في الأخذ والرد معهن إلى جو كله مدرسين بل وأجانب، ومن غير المسلمين أحيانا، لا أدري كيف أشرح لكم حالي، أشعر أن قلبي يرتاح لأحد الأساتذة الذين يدرسونني، صدقوني سأصارحكم ليس لأوهم نفسي، ولكن لكي تعينوني على تدارك أمري في بدايته قبل فوات الأوان، هو دكتور أجنبي نصراني، وأنا لا أكثر الحديث معه بل في إطار الدرس فقط، ولكن لا أدري لماذا صورته تلاحقني في نومي وفي يقظتي، بل حتى في صلاتي، ربما لو أستطيع الابتعاد عنه قد يزول هذا الشعور؛ لأنني أعرف أنه مجرد شعور عارض سيزول -بإذن الله-، ولكن كيف أبتعد عنه وأنا أراه يومياً لمدة ساعتين متواصلتين، فمادته مقررة علينا يومياً ساعتين، فما العمل إذن؟ لا أريد أن يتلاعب الشيطان بي، ثم إنني يجب ألا أحب إنساناً ليس من ملتي وديني؛ فأنا أحب ديني ولن أجامل فيه، ولكنني أحاول دفع هذه الخواطر دون جدوى، فقدموا لي النصيحة في أقرب فرصة. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم(19/203)
يا ابنة الإسلام يا أخت العقيدة: قرأت رسالتك، وآلمني الحال الذي تعيشه أخواتنا في بعض الجامعات، كما سرني ما أنت عليه من تعقل واتزان في التفكير، رغم أنك ابنة الثامنة عشرة من العمر، فقولك: أنا أحب ديني ولن أجامل فيه، ويجب ألا أحب إنساناً ليس من ديني، فهذه دلائل خير وصلاح، كما أنك قد أكدت بكلامك من وراء هذه المشكلة، أنه الشيطان، لا أريد أن يتلاعب بي الشيطان ... هنا أقف معك وقفة مناقشة، ما الذي سهَّل للشيطان أن يزين المعصية ويرغبها في القلب؟ أليست البيئة الدراسية التي تعيشينها سبباً رئيسياً؟ فقد خرجت من مدرسة محيطك فيها طالبات ومعلمات، وهذا من دواعي وأسباب حماية القلب والجوارح من أن تقع في معصية الله التي تجر إلى الويلات من خزي الدنيا والآخرة، فإنه الشيطان يكدحنا في الخير والشر، لذا وأنت في عمر الزهور المتفتحة الريانة مطمع لكل مفسد ومضل، من شياطين الإنس والجن، خاصة وإن كنت في المواطن التي تزين المعصية وتسهلها، وتقدم دواعيها وتفتح أبوابها، فهذه هي خطوات عدو الله وعدونا، الشيطان وجنوده، لقد جاء قولك يؤكد ذلك، ربما لو أستطيع الابتعاد عنه قد يزول هذا الشعور، إنه شعور عارض، أنا أراه يومياً ... لذا جاء شرع الله يحرم الاختلاط في جميع المجالات. إن الدراسة ليست غاية في حد ذاتها، بل هي إحدى الوسائل إلى بلوغ غايات أسمى وأجل، فإن وجد ما يخل بأحكام الدين والشرع فلا نساوم على ديننا "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم.." [الأحزاب: 36] ، "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما" [النساء:65] . وأنت بين عدوين، الشيطان، وتزيين المعصية لك، ودكتور (رجل أجنبي) ومن غير دينك، فإن أردت دينك والدار الآخرة فاطلبي العلم في جامعات لا اختلاط فيها، وإن تعذر ذلك، فلك في الانتساب مخرج - بإذن الله- واعلمي أن أمتك أمة التوحيد لا تنتظر لزاما نساء يحملن شهادات علمية حصلن عليها بعد تنازلات لا يرضاها الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-، ولكن الأمة تفتقر إلى نساء عارفات بأمور دينهن حقاً، لا يساومن في ذلك بأي حال، نساء تقلدن بحق مسؤولية صناعة الأجيال وإخراج عدة الأمة من رجال أمناء على الدين أو أبناء له، وإن هذا الدكتور سيظل أجنبياً بالنسبة لك ولو لم يكن نصرانياً، ولا شك أن ميل أحد الجنسين إلى الآخر هو ميل فطري، إلا أن في ديننا - ولله الحمد- حفظاً لهذا الميل بضابط، ومنهج رباني، فيه السمو والنزاهة والعفة برباط شرعي (الزواج) يتم في العلن لا في الخفاء، وإن من يستحق صفاءك ومشاعرك ومودتك هو من تربطك به هذه الرابطة التي أحلها الله وحرم سواها، بل هو من دينك، فحافظي على قوة الحق في قلبك وصدقي ذلك بفعلك، هنا ستنكسر سهام إبليس وكيده، ووالله إن كيده لضعيف، واختاري المحيط الصالح، ولا تغفلي عن صدق اللجوء والدعاء بإلحاح على رب البريات أن يلهمك الرشد، ويوجد لك المخرج، ويثبتك على دينك، إنه قريب مجيب دعوة الداع إذا دعاه.(19/204)
هل هذا الحب طبيعي؟
المجيب د. الجوهرة بنت حمد المبارك
مديرة عام نشاط الطالبات بكليات البنات.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 12/09/1425هـ
السؤال
أنا أدرس في أحد مراكز تحفيظ القرآن الكريم، ولي صديقة أحبها وتحبني، وما يقلقني أنها أصبحت تستحوذ على كل تفكيري، وأتخيلها أمامي في كل وقت، وأشتاق لرؤيتها إذا ابتعدنا عن بعضنا ولو لفترة قصيرة، هي إنسانة ملتزمة، وأنا أتمنى أن أكون مثلها، وما ألاحظه أنها تحبني بنفس القدر (أحيانا أحتقر نفسي، وأتهم نفسي بالشذوذ العاطفي، وأحيانا أرى أن ذلك شيء طبيعي، وأقارن وضعي بوضع الصحابي الذي من شدَّة حبه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- تمنى أن يقبله، وعندما جاءت الفرصة وقبله على صدره لم ينكر الرسول- صلى الله عليه وسلم- عليه ذلك، ربما لأن هذا الحب حب احترام وإكبار، هذا ما تسمونه بالإعجاب لا، هو حب؛ لأنه يولد الرجفة والارتباك لمجرد رؤيتها، أو الاقتراب منها، وما أريد أن أعرفه هو الحكم الشرعي لهذا الحب وما أسبابه؟، فإذا كان محرماً كيف أتخلص منه؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الطالبة: - حفظها الله- ذكرت في رسالتك أنكِ تدرسين في أحد مراكز تحفيظ القرآن، ولك صديقة أحببتها واستحوذت كل تفكيرك، وتسألين الآن كيف تتخلصين من هذا الحب؟ وما هو الحكم الشرعي لهذا الحب؟.
عزيزتي الطالبة: الحب الذي وصفتيه مبالغ فيه، فانتبهي فقد يصل بك الاستمرار فيه إلى أمور محرمة، ولا بد أن تتعرفي على الأسباب التي جعلتك تقعين في مثل ذلك حتى تتمكني من علاج الأمر، فالحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، لكن الحب في الله لا يجعل تفكير المحب يستحوذ عليه المحبوب، ويصل إلى هذه الدرجة من التخيل، ويولد اللقاء به الرجفة والارتباك لمجرد الرؤية أو الاقتراب.....إلخ.
فإن هذا ليس حباً في الله، بل حب في سبيل الشيطان، ويقع فيه الكثيرات بسبب الفراغ العاطفي الموجود لديهن، فإن لم يكن هناك إشباع للفتاة من والديها بإغراق الحب والحنان عليها، بحثت عنه عند غيرهما، وهذا الجفاف موجود في غالب البيوت، ولذلك تكثر مثل هذه الحالات خاصة في المرحلة المتوسطة والثانوية، حتى بين أهل تحفيظ القرآن، لأننا نقرأ القرآن -للأسف الشديد- بأفواهنا، ولا تتشربه قلوبنا وتعمل به جوارحنا، ولو فعلنا ذلك لأصبح مجتمعنا كمجتمع صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي همومهم أكبر من همومنا، ورجاؤهم دائماً رضا الله - عز وجل- وخوفهم من غضب الله، ولكننا لو جاهدنا أنفسنا فسنصل - بإذن الله تعالى- لهذه المنزلة من السعادة والاطمئنان والاستقرار النفسي، فنصيحتي يا - عزيزتي- لك التالية:
1- البعد تدريجياً عن هذه الصديقة.
2- املئي فراغك ببرامج جيدة تجدين فيها المتعة والفائدة، مثل برنامج لمراجعة الحفظ، دورات في الحاسب الآلي، تفريغ أشرطة مفيدة وإلقاؤها على الطالبات، وهناك برامج جديدة في هوايات معينة، اعتني بهواياتك ونمي مواهبك.
3- اطلعي واقرئي في الكتب التي تناولت موضوع الإعجاب، سواء من كتب السلف أو كتب الخلف؛ ففي ذلك فائدة كبيرة لك.
4-حاولي أن تحضري موضوع الإعجاب ومعالجته، وتلقيه في درس على الطالبات، فكم من الطالبات من يعانين من هذا الأمر.
5- عليك بالدعاء أن يخلصك الله من هذا الأمر الذي استحوذ على تفكيرك، وسيأتي اليوم الذي تضحكين فيه على نفسك، وتحمدي الله على ما وصلت إليه.
أسأل الله أن يعينك على نفسك.(19/205)
معجبة بداعية
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 2/9/1424هـ
السؤال
أنا فتاة غير متزوجة وملتزمة -ولله الحمد- وأفكر برجل معين وهو معروف بأنه رجل صالح وهو أحد الدعاة المعروفين في هذا البلد، ولكني لا أتحدث معه ولا أراسله ولا يعرف عني شيئاً، فهل يجوز ذلك أم لا؟ وماذا يجب علي أن أفعل؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
هذا التفكير أمر عارض على الذهن وليس مما تؤاخذين به، ولكن أحب أن أذكرك بأمور مهمة.
(1) أن سنك الآن سن توهج عاطفي ربما تتعلق بشخصية ثم تبالغ جداً في التعلق بها، ولكن يتغير هذا بمرور الوقت وتقلب أطوار العمر، وعندما تكبرين قليلاً تتغير آراؤك كثيراً.
(2) ليست الشخصية الجذابة عن بعد جذابة عن قرب دائماً، وكثيراً ما يتضح أن من أعجبك عن بعد له وضع وحال لا تلائمك، سواء نفسية أو أخلاقية أو غير ذلك.
(3) عليك بالواقعية والبعد عن الخيال الشاطح، فلو فرضنا أن هذا الشخص مناسب بكل المقاييس، فهل يعني ذلك أنه سيلبي رغبتك، وهل سيكون مأوى لكل المعجبات.
(4) أنصحك ابنتي بالحذر من الأسباب التي تهيج التعلق، كالنظر إلى الصور والقنوات أو الاستماع إلى الأشرطة والمحاضرات لتحقيق رغبة خاصة، وهي التعلق بشخصية المتكلم فإن هذا ربما انحدر بك إلى أزمات نفسية صعبة.
(5) أنصحك أيضاً بالجد في أمورك، وإشغال عقلك وقلبك بالأنشطة النافعة كالقراءة والحفظ ومذاكرة الدروس، والاشتراك في الأنشطة المفيدة في المدرسة ومع الأقارب ونحو ذلك؛ فإن هذا مما يوجه طاقتك وعواطفك بالاتجاه الصحيح. وفقك الله وأعانك وسددك.(19/206)
كيف أنصح هذه الفتاة؟
المجيب د. شيخة بنت المفرج المفرج
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 21/7/1425هـ
السؤال
أنا طالبة في الكلية، متزوجة وعندي بنت، عندما ذهبت للتطبيق العملي على التدريس في إحدى المدارس المتوسطة فوجئت بإحدى الطالبات اللاتي درستهن، وقد كانت مشاغبة، وحاولت تنبيهها، لكنها كانت تنظر لي نظرات اشمئزاز، وهي تبلغ من العمر 20 سنة، الغريب في الأمر أنها بعد ذلك تعلَّقت بي تعلقاً شديداً، وأصبحت تأتي لتحدثني في كل وقت، وأنا أحاول منعها بأدب؛ حتى لا أتعرض للإحراج من المراقبات أو المعلمات، وكانت تحضر لي هدايا ورسائل معطرة، وكل ما خرجت من مكاني وجدتها تتلصص وتحاول النظر إلي، وتخرج من الحصص لتمر من أمامي وتنظر إلي، أحسست أنها تعاني من فراغ عاطفي، مما أدى بها إلى هذا الفعل، وهي في مثل هذا العمر، وقد نصحتها بأن هذه الحركات لا تليق، لكنها لم تستمع إلي، تشاجرت أكثر من مرة مع المعلمات لأجل أن تأتي إلي، فهي معروفة بين المعلمات بمشاكلها وكثرة مشاجراتها مع الطالبات والمعلمات، لكن الذي لا يعرفنه أنها فتاة حساسة ورقيقة، رغم أنها ترد على كل من يتكلم معها وبقوة، ولا يهمها أن كتبوا لها تعهداً أو حتى فصلت من المدرسة، فهي لا تحب الدراسة، ولكن أمها تجبرها على ذلك، ومن خلال حديثي معها اكتشفت أنها غير ملتزمة بتاتاً، لا بالحجاب، ولا باللبس الشرعي، ولا بقصات الشعر، وهي تفتخر بذلك، حيث تعتبر الالتزام بالحجاب والملابس المحتشمة عادات وتقاليد، فقد كانت تسكن خارج المملكة في بلد غير ملتزم، وكانت المدة التي قضيناها في المدرسة أسبوعين فقط، لكنها أحبتني حباً شديداً، وقد حاولت المراقبات منعها من الحديث معي، فأعطتني رقم هاتفها، وقد وافقت على أخذه وكلمتها؛ لأنني أريد مساعدتها وإنقاذها مما هي فيه من الضياع، فهل ما فعلته صحيحاً؟ وكيف يمكن أن أنصحها بأسلوب متدرج؟ هل أخرج معها إلى أماكن عامة، وأهديها أشرطة، وأكلمها بشكل مستمر؟ أم أبتعد عنها وأحذر منها؟.
الجواب
اختي الكريمة: سلام الله عليك ورحمته وبركاته. وبعد:
فأهنئك على نيتك الطيبة باستصلاح هذه الإنسانة، وتذكري قوله تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" [العنكبوت:69] ، وإليكِ هذه الخطوات المقترحة؛ لعل الله ينفع بها:
1- ألحي في الدعاء بأن يهديها الله ويصلح من حالها.
2- لا تقدمي على أي تصرُّف معها إلا بعد الاستخارة.
3- أنصحك بعدم الخروج معها إلى الأماكن العامة؛ لأنه قد يترتب على ذلك مفاسد، مثل: التعلق المفضي إلى الشذوذ، نسأل الله السلامة والعافية، وتبرجها الذي قد يؤثر على سمعتك.
4- اجعلي اتصالك بها يكون بعد دراسة مكتوبة للنقاط المراد مناقشتها في المكالمة؛ حتى لا تضيع المكالمة فيما لا ينفع.
5- حاولي ربطها بكتاب الله؛ لتستغني به عما يغضب الله.
6- انصحيها بصيام الأيام الفاضلة؛ فهذا يخفف من حدة الفراغ العاطفي عندها.(19/207)
7- أشيري عليها ببعض الأشرطة التي تتضمن ما يرقِّق القلوب، كشريط (المحرومون د/ إبراهيم الدويش) ، (يا سامعاً كل شكوى، د. إبراهيم الدويش) ، (المشتاقون إلى الجنة) د. محمد العريفي، (الحجاب أو النار) للشيخ المنجد، (رحلة إلى الدار الآخرة) د. أحمد المورعي، وغيرها كثير.
8- داومي على تذكيرها بأوقات البرامج المفيدة والنافعة في الإذاعة أو قناة المجد.
9- أشعريها بأن ما تقومين به رغبة في إنقاذها من النار، والاجتماع بها في الجنة.
10- ذكِّريها بقصص الموتى، وحسن خاتمة أهل الخير، وسوء خاتمة أهل الشر، وهناك كتب في ذلك كثيرة.
نفع الله بك، وجعلنا وإياك مفاتيح للخير مغاليق للشر.(19/208)
هل هذا حب في الله أم تعلق قلبي؟
المجيب د. الجوهرة بنت حمد المبارك
مديرة عام نشاط الطالبات بكليات البنات.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 9/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أحب إحدى صديقاتي في الله حباً شديداً، فأحب منها طاعتها لله التي ألاحظ أنها كثيرة ولله الحمد، وهي متدينة وتشجعني على فعل الطاعات, وأنا أجاهد نفسي، ليكون هذا الحب خالصاً لله، وأخشى أن يتغير هذا القصد، ولكن عندما لاحظت هذه الأخت حبي لها وجدت منها بعض التصرفات التي أقلقتني، مثل أنها تكثر إمساك يدي وضمي إليها والقبلات، وأخبرتني أنها تحبني في الله، وأنها تشعر أني ابنتها، وتريد أن تضمني مثل الطفل الرضيع، وأشكو لها همومي حتى أستريح، فأنا في قلق وهم شديدين، هل هذا حب في الله أم تعلُّق؟ وماذا أفعل؟ وإذا كان تعلقاً كيف أعالج هذا؟ وهل أتركها، وإن تركتها فيمكن أن تعود لتلك التصرفات مع غيري، فأنا أريد مساعدتها؛ فهي حبيبتي وأختي في الله، هل أتركها لمثل هذا الفعل؟ أشيروا علي وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخت أمة الله: ذكرت في رسالتك إعجابك بصديقتك وإعجابها بك، وتسألين هل هذا حب في الله أم تعلق؟ والوصف الذي ذكرتيه لهذا الحب يدل على أنه تعلق، وقلقك يكفي لهذا التفسير، كما أنه من الواضح من البيانات المسجلة أن عمرك فوق العشرين سنة، فكيف تعتبرك صديقتك ابنة لها، وكم عمرها إذاً؟!.
حيرتك في ماذا تفعلين، يبدو عليك استطاعتك تركها وهذا جيد، ولكنك تخشين أن تعود بتلك التصرفات مع غيرك.
أولاً: اعلمي يا - عزيزتي- أن هذا الأمر شاع كثيراً بين أوساط الشباب، وكذلك الفتيات، وغالباً ما ينتشر بين من لديهم فراغ عاطفي ونقص في الحنان، كما يقع فيه من يعاني من الإهمال، ويفتقد التوجيه الأبوي الحاني، لذا عليك مسؤولية كبيرة في معرفة الأسباب، حتى تتمكني من علاج هذا الأمر.
ثانياً: حاولي القراءة حول هذا الموضوع، واستمعي للأشرطة السمعية والمرئية التي تحدثت حول الإعجاب؛ حتى تتمكني من المساهمة في القضاء عليه.(19/209)
ثالثاً: حاولي الصمود وعدم الاستسلام لحركاتها، واظهري لها انزعاجك من هذا التميع، واحتقارك لمن يتصرف هذه التصرفات الشاذة، ولا تستخدمي التصريح في أسلوبك إلا إذا رأيت أن التلميح لم يعد نافعاً في تماديها في بعض حركاتها، وبإمكانك انتقاد حركات الفتيات الشاذات حتى تفهم تلميحاً، وذلك الأسلوب أفضل من الأسلوب المباشر والتجريح، كوني قوية ومحترمة في موقفك، وافهميها أن الحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، والمتحابون في الله على منابر من نور يوم القيامة، لكن المتحابين في الله ليس لديهم هذا التميع والهيام، وعلامتهم التناصح في الخير، بل إنهم يعرفون أخطاء بعضهم، ويخدم بعضهم بعضا، ويحب بعضهم لبعض الخير، ويكره له الشر ويرده عنه، وكم أتمنى أن تلقي درساً حول هذا الموضوع وتحذري الفتيات، وتكون هي من الحاضرات تستمع لك، وأن تأتي بأمثلة مشوقة تدلل على سخف هذا الإعجاب، وتفرقي في هذه الأمثلة بين الحب في الله والحب في سبيل الشيطان (الإعجاب) ؛ لأنه مما عمت به البلوى، كما ذكرت لك في بداية حديثي معك، كوني فعالة في مجتمعك ومدرستك وعملك، وسيعود نفعك للآخرين بالخير عليك أولاً، فتعزز أفكارك وتقوى شخصيتك، وستستقر نفسيتك، ويحصل لك الاطمئنان والرضا عن نفسك بدل احتقارها، وكل ذلك إذا أخلصت النية لله - عز وجل- في جميع تصرفاتك. أعانك الله على إيجاد الحلول المناسبة، ووفقك لكل خير.(19/210)
صديقي فيه رقه!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 27/9/1422
السؤال
أخي مشرف نافذة الاستشارات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد.. أعاني منذ مدة من مشكلة تجاه صديق لي وهي أني أشعر تجاهه أحياناً بلذة بسبب كونه رقيقا، وفيه بعض الشبه بالنساء، ولكن كما قال لي هو لا يفعل ذلك عن قصد.. فماذا أفعل؟ هل أهجره بعد كل هذه السنوات من التعاهد والأخوة في الله؟
الجواب
أخي الكريم.. أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد..
أما. استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: لم أفهم " معنى الّلذة " التي تذكرها وتشعر بها حيال صديقك.. هل هي حسية أم معنوية؟! وكيف تشعر بها، وهل صارحته بذلك حتى يخبرك أنه لا يفعل ذلك عن قصد؟!
ثانياً: هناك تناقض بين أخُوتَك له في الله، وشعورك تجاهه باللذة..!!! أرجو أن لا تخلط في الأمور..!! فإن كان شعورك تجاهه قد سبق أخُوّتَك له.. فذلك لعمري "مصيبة"!! لأننا هنا غلفنا رغباتنا وملذاتنا بغلاف مقبول، وقناع شرعي وهو " الأخوة في الله "!! وإن كانت الأخوة قد سبقت ذلك الشعور " الشاذ " فالمصيبة هنا أعظم..!! إذ انحرف الهدف السامي، وبدأ يأخذ منحى آخر.. يتمثل في هذا الشعور باللذة!!
ثالثاً: لذلك كله فأنت هنا الحكم، ويقيني وثقتي - أخي الكريم- بعقلك هي التي جعلتني أصدق معك، وأضع النقط فوق الحروف.. أنصح هذا الأخ بتغيير سلوكه وعنفه، ولا تكثر من مجالسته، وجاهد نفسك واحذر كيد الشيطان، واستعذ بالله منه. فالأمر خطير!!
رابعاً: لم تذكر لي عمر هذا الأخ، ولا مرحلته، ولذلك فإني اقترح أن تحيطه بأناس اصغر منه، وتكثر من نصحه في هذا الشأن للتخلص من هذا الأمر.
وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(19/211)
الصداقة والحب العاطفي
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 10-11-1423
السؤال
لدي زميل في الكلية حصلت لديه مشكلة فوقفت معه فيها مما زاد في ارتباطي به وجعلني كثيراً ما أتصل به وأحس براحة نفسية أثناء جلوسي بجواره، إلى أن اتصلت به مرة فما كان منه إلا أن غضب وقال يا أخي (كف عني خيرك وشرك) فجلست أفكر فيها طوال الوقت، ولم يتصل علي بعدها وقال: دع معرفتي بك في الكلية فقط. المشكلة أن أخلاقه طيبة وهو وسيم جداً ولا أعلم هل تعلقي فيه لأنه وسيم أم لا؟ ماذا أفعل مع هذا الصديق وكيف أتخلص من الحب الذي من هذا النوع؟
وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الأخ الكريم..
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم"
الذي أعجبني فيك من خلال سؤالك هو قولك " أنا جلست أفكر فيها طول الوقت".. وكنت تقصد بذلك كلام ذلك الزميل وطلبه منك أن تكف عنه خيرك وشرك. جميل جداً منك هذه المراجعة مع الذات وهذه المحاسبة للنفس. نعم يجب علينا جميعاً التفكر ملياً في حالنا حينما يدق جرس الإنذار، والغباء كل الغباء، والعناد كل العناد، والجهل كل الجهل هو التعامي عن مثل هذه الإنذارات إذا دقت بالخطر والتمادي بالأخطار حتى تقع المشكلة ويتعذر العلاج ويصعب إن لم يستحيل التصحيح والعودة إلى الطريق الصواب.
علاقتك بذلك الشخص كان يشوبها بعض الشوائب. ويعتريها بعض الشبهات على الأقل أمام الناس حتى وإن كنت أنت نفسك بريء كل البراءة من مثل هذه الشوائب، ولكن يبقى أن هذا الزميل فيه شيء من الوسامة الظاهرة وهذه وحدها تكفي بأن تجعل الإنسان يتبصر في حاله وحال العلاقة والصداقة مع مثل هذا الشخص هل هي لحسن صورته ونظارة مظهره وشكله ووسامة ملامحه أم هي لحسن خلقه ودماثة تصرفاته.
والذي يبدو لي أن الأمر قد حدد مساره في هذه الصداقة وقد طلب منك ذلك الصديق قطعها فلا حيلة أمامك إلا الاستجابة لمطلب هذا الشخص إن كنت تحب له الخير والسعادة فهو ربما قد سمع كلاماً أو تعليقاً من أحد الناس يتهم فيها علاقتك به لوسامته وجماله فأراد بذلك إغلاق الأبواب التي يأتي إليه الشر من خلالها.
الأمر الآخر أنني أؤيد فعل هذا الصديق بطلب الابتعاد بينكما حتى ولو لم يكن بينكما إلا كل خير، لأننا نعيش في مجتمع أمر الشرف لديه عظيم. والأمور الأخلاقية عنده مقدمة على كل أمر بجانب الدين طبعاً. ولا يوجد أمر ناجع في الأمور الأخلاقية وأمور الشرف مثل التجاهل والإغفال المطلق والهدوء التام في التعامل معها، لأنها في الحقيقة أمر حساس وكل حركة يزاولها الإنسان في سبيل العلاج والتعامل معها قد ينشرها ويفضحها من غير قصد فتجده يسيء من حيث أراد الإحسان، ويضاعف المشكلة من حيث يريد علاجها.. وما فعله ذلك الزميل هو من قبيل التجاهل بالهدوء والإغفال التام ولذلك طلب منك الانقطاع عن الاتصال ولم يكابر أو يحاول تبيين الأمر لك أو لغيرك لأن مثل هذا الفعل في مثل هذا الأمر سيزيد المشكلة وسيؤججها وكأنما سكب الوقود على النار.
ما فعله هذا الزميل هو لمصلحتك ولمصلحته فاستجب لطلبه واصبر وسترى نور الله يهديك لما هو خير لك في مستقبلك.
استعن بالله ولا تغفل الدعاء بالعصمة والستر في الدنيا والآخرة.
وفقك الله وسدد خطاك.(19/212)
الفتيات والتعلق القلبي
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 25-9-1423
السؤال
أيها الفضلاء في موقع الإسلام اليوم
أنا من أسرة محافظة حصل بيني وبين إحدى قريباتي شيء من التعلق الذي لا يرضاه الله وهي إنسانة ملتزمة ومتزوجة وذات عقل وأحترمها كثيراً بل قد أصبحت هي ملاذاً لي في هذه الدنيا أبث إليها همومي. ولكن المشكلة أنني بدأت أرى منها بعض الحركات الغريبة مثل الحديث العاطفي الشديد والضم وغير ذلك. نفسي أجد راحة في ذلك ولكني أعود وأستغفر الله ثم ما تلبث نفسي أن تعاودني عند رؤيتها. أريد التفسير لمثل هذه التصرفات
الجواب
الأخت الكريمة ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في "موقع الإسلام اليوم"
مع الأسف أصبح أمور التعلق بين الفتيات بعضهم مع البعض لكثرته يشغل بال العديد من الداعيات والمستبصرات بأمور النساء وخاصة فيما يتعلق بالطالبات في المدارس والجامعات.
التعلق القلبي هذا أول ما ينشأ هو عبارة عن علاقة راحة قلبية تجدها الفتاة تجاه فتاة أخرى، هذه الراحة غالباً ما يكون منشأها إما وسامة وجمال ظاهري أو حسن في المظهر والملبس وأناقة أو في طريقة الكلام ووجود أدب جم يأسر المشاهدين، إلى هذا الحد والأمر يبدو عادياً ولا يحتوى على أية مشكلة. لكن للأسف حينما يتواصل هذا الأمر وتتمادى الفتاة بالتفكير بالفتاة الأخرى يتحول إلى هيام وعجب ومن نتائج ذلك وهي النتيجة الحتمية لمن هم في سن الشباب أن تتطور الأمور إلى حب شهواني من غير ما تشعر الفتاة بذلك إلا أنه يبقى أمراً ملحاً عليها يجذب قلبها وروحها إليه فلا تسكن حتى يحصل لها المراد من الضم والعناق والالتصاق بتلك الفتاة. إنه بكل تأكيد مرض بل ومعصية توجب غضب الله ولا أظن ذلك خافياً على من يمارس مثل هذه الأعمال الشاذة.
ولكن الذي قد يخفى هو السبب لهذه الأعمال وهذه المشاعر ولعلّي أختصر ذلك وأوجزه في سببين رئيسين هما:
أولاً:- التمادي والاستمرار في تقبل مثل هذه المشاعر. فلو قطعت الفتاة خيط هذه المشاعر مباشرة ولم تعط نفسها الحق في الاستمرار أول الأمر لانقطع هذا الإحساس لديها ولكان يسيراً عليها التخلص منه. ولكنه للأسف أن الكثير من الناس يتمادى ويستمر في استشعار مثل هذه الأحاسيس والتفكير بها حتى تصبح مرضاً يصعب التخلص منه بل يصبح حاله كالذي يشرب الماء المالح كلما شرب زاد عطشه.
ثانياً:- أن الولوج في مثل هذه الأمراض العاطفية ناتج عن غيابه مشاعر الثقة بالنفس وفقدان العاطفة السليمة من قبل الوالدين والأهل تجاه هذا الإنسان فيظل يبحث عن إنسان آخر يجد لديه ما افتقدته من عاطفة جياشة فتهواه نفسه ثم ما تلبث أن تتطور حتى تصبح عشقاً وهياماً ثم مرضاً يصعب الفكاك منه.
يجب أن تدركي أيتها الأخت الكريمة أن النهاية لمثل هذا الأمر هي نهاية مؤلمة حقاً صدقيني ولذلك فالعاقل إذا عرف أن النهاية ليست في صالحة فإنه يقلع من أول الطريق فهو أسلم وأصلح.
رزقك الله الصلاح والتقى وحرسك من السوء وأهله،،،(19/213)
ما رأيكم في هذه العلاقة؟
المجيب سلوى بنت صالح بابقي
مساعد إدارة النشاط الثقافي بتعليم البنات.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 29/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدى أختي صديقة تعينها -بإذن الله- على الخير، وتكن لها محبة كحبي لها، وأختي أيضاً تحبها وتحادثها باستمرار، وهما دائما عندما يتحدثان تناديها يا حبيبتي، وعندما يحدث خلاف بسيط بينهما تحاول أن تراضيها إن كانت هي المخطئة، وتعبِّر بقولها: (يا عمري لا تزعلي أنا أحبك، ووو..) ، وعندما تغيب عنها لفترة طويلة تقول لها: (اشتقت لك، وتضمها) عندما ناقشتها قالت لي: إني أعتبرها مثلك يا أختي، وليس هناك شي سيئ بيننا، فنحن نعين نفسنا على تحمل صعاب هذه الدنيا، ونفرح لفرح بعضنا البعض، سؤالي ما رأيكم في هذه العلاقة؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
شكر الله لك حرصك واهتمامك بأختك، وهذا حق الأخوة لا عذر بتركه، وقد تكون صداقة أختك لتلك الإنسانة مما لا بأس منها، ولا ريب فيها، فقد ذكرت أن تلك الصديقة تعينها على فعل الخير، ولكن هذا لا يمنع -بل هو واجب- أن تحظى أختك ومن تصاحبها منك بالتوجيه المباشر وغير المباشر بأن تكون لك مشاركة معهما في بعض الأمور التي تعزز ارتباطهما بك ورجوعهما إليك والثقة برأيك، وأتوقع أن أختك في سن صغيرة مما يجعلها عاطفية جداً، ومهيأة للميل إلى أي اتجاه يقوى على جذبها ما لم تكن هناك يد راشدة حانية حكيمة تحيطها عن أن تحيد عن المسلك السوي، وهذا ما أتوسمه فيك.
ولا يخفاك ما شاع وغلب من العلاقات التي تبدأ تحت مسمى صداقة صدوقة، ثم تنقلب إلى إعجاب جانح شاذ، وإن الوسائل والأسباب المعينة لوجود هذه العلاقة الشاذة كثيرة وقوية مع الانفتاح الإعلامي السيئ، وضعف الرقابة ما لم نبذل الجهد في إيجاد الوسائل الصحيحة لقيام أخوة وصداقة نقية نافعة، ونتحمل مسؤولية أداء واجب النصيحة، وعدم إطلاق الثقة لمن هم ضمن مسؤوليتنا واهتمامنا، بل تكون ثقة واعية يقظة موجهة.
خلاصة ما سبق أن تتعرفي على اهتمامات أختك، وتتقربي إليها أكثر حتى تضعك في دائرة الصديقة، وليس مجرد أخت بهذا ستكشف عن أفكارها وتشركك في آمالها وأمانيها، وتصارحك برغباتها أياً كانت، وتكون صداقتك لها أقوى من أي صداقة أخرى، حينها يسهل عليك التوجيه لها، وإحاطتها بأساليب الحماية من أي مزلق، بشرط أن يكون كل ما سبق يقدم في وعاء المودة والرحمة والبشر والإيثار. وأسأل الله أن يسدد رأيك ويبارك جهدك.(19/214)
تعلق الفتيات بالداعية
المجيب سعدى بنت يحيى التوم
مندوبة المؤسسة العالمية للإعمار والتنمية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 25/01/1426هـ
السؤال
أنا مدرسة وأعمل في حقل الدعوة إلى الله - والحمد لله - لي تأثير على الفتيات بشكل كبير، ولكن أحياناً تصادفني مشكلة أن بعض الفتيات يتعلقن بي، وهذا أعزوه لفراغ عاطفي بداخلهن، أرشدوني ماذا أفعل حيال هذه القضية، هل الخلل فيَّ أنا أم فيهن، وكيف أتعامل مع من تكون لديها فراغ أو نقص عاطفي؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت السائلة: وفقها الله.
أشكر فيك حسك الدعوي، وأسأل الله أن يجعلك من مفاتيح الخير، وأن ينفع بك، ومما شكوتِ منه في مقالك يغفل عنه كثير من الدعاة والداعيات وهو ما يسمى بخطر الدعوة إلى الذات، وهذا شأنه عظيم؛ لأن المدعو يربط نفسه بالداعية في وجوده وعدمه، وكثير من حالات الانتكاسة - والعياذ بالله - سببها التعلق الشديد بالداعية، فما أن يغضب أو يحدث بينه وبين المدعو سوء فهم إلا وتجد المدعو يتزعزع ويتراجع عن استقامته. وحل هذه المشكلة - والله أعلم - ما يلي:
(1) إخلاص الداعية لله - تعالى - والدعاء بأن يجعله ممن يدعو إليه على بصيرة وهدى، والمدعو يدعو لنفسه بالثبات.
(2) متابعة المدعو، ولكن بطريقة غير مباشرة، نعم المدعو في البداية يحتاج إلى من يتابعه، لكن لا يحسسه الداعية بمراقبته له، فلا يربط وجوده في محاضرة أو درس ضرورة لوجود المدعو، بل يعوده أن يحضر حتى لو لم يحضر هو، يحثه على قيام الليل ويحفزه لذلك، لكن لا يسأله دائماً وباستمرار، هل قمت الليل أم لا؟ لأن هذا قد يفقد المدعو الإخلاص - والعياذ بالله - فالمتابعة مطلوبة لكن بدون مبالغة.
(3) تأكيد مبدأ مراقبة الله - عز وجل - وأنه يرى العبد، وحتى إنه يعلم خطرات قلبه وما يفكر به، فيحث الداعية المدعوين على مراقبة الله - تعالى - في كل أعمالهم، راجعي تربية النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه - رضي الله عنهم -.
(4) ترسيخ معاني الدين الحنيف في نفس المدعو، وجعله يلم بحقيقة الالتزام بهذا الدين ليحس ويتذوق بنفسه أنه يسلك طريق النور، فيتولد لديه صدق الالتزام والصلابة، وأنت تحتاجين إلى اللين معها والصدق والتودد إليها، قال تعالى: "واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين" [الشعراء: 215] .
(5) وأنت - يا أختي العزيزة - تحتاجين إلى رفقة صالحة يكونون معك في هذا الطريق؛ للاستفادة من تجاربهم، والتعاون معهم سوياً في التناصح والعمل؛ لأن الدعوة تحتاج إلى قلب جامع أمام العواطف، وعلم غزير، ومعرفة بنفوس المدعوين، مع الإخلاص لله - تعالى - تقبل الله منك ورزقك خدمته، آمين.(19/215)
صديقي كثير الشكوك فيمن حوله!
المجيب د. خالد بن سعود الحليبي
وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 18/5/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: لي صديق وسيم، وقعت له حادثة أول التزامه، وهي أن أحد الشباب قد تعلق به تعلقاً شديداً، فصدم بعدها، فلذلك أصبح همه الشاغل هو أمر التعلق، وأصبح يشك في كل من يحسن إليه على أنه متعلق به، لدرجة أنه في الآونة الأخيرة كاد أن يسألني صراحة: هل أنت متعلق بي أم لا؟ فضيلة الشيخ: إذا كان يعتقد صديقي أنني متعلق به، ماذا أفعل معه؟ وثانياً: كيف نعالج أمر التعلق عنده؛ لأنه أصبح يشك في كل من يحسن إليه على أنه متعلق به؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أخي العزيز: -حفظك الله- إن الحالة التي ذكرت قد تتكرر -للأسف الشديد- بين بعض الصالحين في فترة المراهقة بالذات، فإذا كان غيرهم قد وقعوا تحت التأثيرات الإعلامية التي تعرض عليهم صور النساء، فتشغل عقولهم وقلوبهم بها عمن حولهم، وتلك -ولا شك- داهية دهياء دخل بها الشيطان عليهم فصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة. فإن الشيطان قد يدخل على أحد الشباب الصالح، من باب العزلة الإيمانية التي أرادوا بها التخلص من آثار الاختلاط بعامة الناس، مما جعلهم في محيط خاص، له مشكلاته، ومنها دخول السلوك غير السوي لدى ندرة منهم، بسبب النظرة المريضة، وضعف الرقابة الربانية في النفوس أمام سلطة الشهوة.
التعلق مرض موجود في الجنسين الذكر والأنثى، وإعجاب الفتيات ببعضهن أكثر من إعجاب الشباب ببعضهم، فإذا وجد بين شاب ومن يدعوه إلى الله ـ لا قدر الله ـ فإنني أنصح من يقع في قلبه شيء من ذلك أن يعرف أحد الصالحين أو أكثر من أهل الإيمان والثقة بهذا الشاب، وينسحب هو من ميدانه، ليختار ميدانا آخر.
على أني لا أرى أن يصحب الشاب الداعية شاباً وسيماً معه دائماً، وإنما يسعى إلى التأثير عليه إيمانياً، ضمن مجموعة من الشباب؛ كمكتبة مسجد، أو نشاط مدرسة.
وقد كان السلف الصالح ينفرون من صحبة الأمرد الوسيم بالذات؛ لأنه محل تهمة، ويحذرون منها.
وأما علاج هذا الشاب فبالآتي:
1ـ أن يذكر له أن تجربته الأولى لا تعني التكرار مع الآخرين.
2ـ أن يشار إليه بأن يحفظ نفسه من كثرة التجمل والتميع والتغنج؛ حتى لا يفتتن به الآخرون، ما دام وسيما، وألا يقبل أن يركب مع أي شخص لا يثق به.
3ـ أن يصاحب من هو في سنه، ولا بأس بأن يستفيد ممن يكبره، إذا كان في مجموعة من الناس لا بمفرده بأي عذر كان.
4ـ أن يوعظ في حسن الظن وسوئه، وأن الناس ليسوا سواء.
5ـ ليتق الله من يصحبه، فلا يثق في نفسه ثقة عمياء، فيعرضها للفتنة، فإن هذا الشاب إذا اكتشف تعلقه، فقد يفقد باقي ثقته في الصالحين، فإذا انقلب على عقبيه فإن فتنته عظيمة، أسأل الله - تعالى - أن يوفقك وإياه.(19/216)
ثالثا: انحرافات سلوكية(19/217)
أخشى أن أعود للهروين!!
المجيب د. سيد زكي خريبة
استشاري صحة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/المخدرات
التاريخ 17/9/1422
السؤال
كنت أستعمل الهروين والحشيش وتبت منه ولله الحمد - إلا أنني بعد سنتين رجعت للدخان بسبب ظروف العمل، وقد حاولت أن أحضر مجالس الخير, وأسمع الأشرطة النافعة ولكني أحس أني لا أستفيد وأني قد طمس على قلبي والعياذ بالله وأتذكر الموت قبل أن أستعمل الهروين مثلاً ثم لا أنتهي بل أبادر بأخذ الجرعة.
فما نصيحتكم لي؟ وهل أستمر أعمل خير أم لا؟ لأني أصبحت في تدن مستمر ولا تنسونا بدعوة خاص.
الجواب
رداً على استفسارك المرسل لنا بشأن انتكاستك ورجوعك لتعاطي الهروين، بعد أن منّ الله عليك بالتعافي وظللت سنتين متعافياً، ولكنك تقول بأنك رجعت إلى التدخين أولاً بسبب العمل، وبسبب الذين لا يحترمون مشاعرك " هذا هو الجزء الأول من استفسارك ".
والجزء الثاني: تقول فيه إنك تحب أهل الخير والصلاح، تسمع الأشرطة النافعة إلا أنك كما تقول: لا تستفيد منها خاصة بعد أن أصابتك الانتكاسة.
الجزء الثالث: وهو طلبك للنصيحة بشأن هل تستمر في عمل الخير أم لا؟ خاصة وأنك تشعر بأنك أصبحت تتراجع من الأعلى إلى الأسفل.
الأخ العزيز:
في بداية الرد على استفسارك ككل أقول لك قول الله تعالى:
(قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً) فأنت كما تقول شاب تحب أهل الخير والصلاح، وهذا يدل على أنك من بيئة صالحة طيبة، والخير فيك وفي أهلك من قبل إذ إن الإدمان ظاهرة مستحدثة على هذا المجتمع ولا يعرف أجدادك تلك الآفة المدمرة، وما كان أبوك امرأ سوء، وإنما قد دخل هذا الشيء لمجتمعنا وأصاب البعض كما دخل مجتمعات أخرى لم تكن تعرف الإدمان من قبل بصرف النظر عن كيفية معرفتك بالتدخين أو الحشيش والهروين وتعاطيك لهذه العقاقير فأنت قد تبت - كما تقول - ومنّ الله عليك بالتعافي، وكنت تحضر مجالس الخير، وهذا شيء طيب وظللت على هذا الحال سنتين متعافياً إلا أنك - كما تقول - انتكست ورجعت للدخان بسبب العمل.
الأخ العزيز: أنت لست الشخص الأول الذي تعافى وحدث له انتكاسة..فالانتكاسة واردة، ولكن اسمح لي أيها الأخ العزيز - أن أحملك بعض اللوم في عودتك أولاً للتدخين الذي يُعد النافذة المباشرة للدخول في عالم المخدرات ـ خاصة وأنت صاحب تجربة سابقة إذ يعقب تدخين السيجارة تعاطي الحشيش لأن السيجارة لم تعط اللذة المنشودة التي سبق أن حصلت عليها من تعاطي الحشيش فتضطر تعاطي الحشيش.(19/218)
وأنت تقول إن سبب عودتك للدخان هو العمل، والذين لا يحترمون شعورك ـ فأنا أقول: لك لا - أيها الأخ العزيز ـ فالعمل حثنا عليه ديننا الحنيف ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم , وإذا كنت لا تستطيع أن تواجه ضغوط العمل أو الأشخاص الذين لا يحترمون شعورك إلا بالتدخين فتكون مخطئاً خطأً كبيرا، ً وكل العملية تكمن في أنك محتاج إلى إعادة ثقتك بذاتك لأنها تبدو مهزوزة والدليل إنك عدت للتدخين لمجرد شيء بسيط كان بمثابة بوابة للانتكاسة، وأود أن أزودك بمعلومة هامة وهي: إن إدمان الهيروين يوقع بك في السلوك المضاد للمجتمع، ويجعلك متدهوراً اجتماعيا، والفشل المستمر في العمل وما يترتب عليه من أشياء أخرى مثل القلق، وعدم القدرة على الاستقرار, والإحساس بالتوتر العصبية ولآلام بكل الجسم في حالة مرور عدة ساعات من تعاطيك للجرعة , مما يدفعك للعودة مرة أخرى إليه لتعيش مع الانشراح الاصطناعي وتبدو وكأنك في حلم , وغير مبال وكأنك منفصلاً عن العالم الواقعي.
أما عند سماعك للأشرطة النافعة وإحساسك بأنك لا تستفيد منها، وإحساسك بأنه قد طمس على قلبك، كل المشكلة تكمن هنا في ضعف " الأنا " لديك و "الأنا" قسم من أقسام جهاز النفس البشرية , كما يقول صاحب النظرية التحليلية إن "الأنا" هو مركز الشعور والإدراك الحسي الخارجي والداخلي، والعمليات العقلية ويعمل على التوافق مع البيئة ـ وإحداث التكامل وحل الصراع بين المطالب الملحة طبقاً للغرائز والشهوات، وبين الضمير الأخلاقي " للأنا الأعلى "
واليك أقسام الجهاز النفسي: (الهو - الأنا - الأنا الأعلى)
فالأنا هنا يقف موقف الوسط للتوفيق بين مطالب القسم الأول في ضوء الضمير
والقيم الأخلاقية فإذا فشل في عملية التوفيق (أي حدث له ضعف) فإن الشهوات والغرائز تنتصر وتسيطر على مسرح النفس ويقوم الفرد بارتكاب أي شيء مخالف للضمير الأخلاقي
عزيزي الأخ: إن كل ما حدث لك من مشكلات ناجم عن ضعف "الأنا" لديك, وعدم قدرته على التوفيق بين المطالب الغريزية الشهوانية وبين ضميرك, بصرف النظر عن الأسباب, فأنت تعلمها أكثر من أي شخص آخر خاصة إذا كان السبب أصحاب السوء, أو تذكرك للماضي وما يجلبه المخدر من لذة ومتعة وهمية خيالية كل ذلك أضعف "الأنا" لديك وجعلك تعود للتعاطي.
الأخ العزيز: حينما تقول أنك تتذكر الموت قبل الاستعمال فهو شيء من لوم الضمير لك إلا أنه من شدة اللوم ـ تريد معاقبة ذاتك فتقبل على التعاطي لأن "الأنا" لديك ضعيف ولم تستطيع تحمل الصراع، ولكي يقوي أناك إذن فعليك بالتوبة النصوح، والشعور بالذنب، لأن الشعور بالذنب بعد التوبة النصوح يعد استبصاراً حقيقياً لمعرفة الفرد بذاته وهنا يقوى "الأنا" في ضوء الإيمان بالله والرغبة الصادقة في التخلص من المشكلة، وكما قلت في البداية قول الله تعالى: (لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا (.(19/219)
وعليك بعد تذكر اللذة والمتعة الوهمية من جراء التعاطي بل إذا راودتك فتذكر على الفور المشكلات التي حدثت لك جراء ذلك واستغفر الله، ولا تحاول أن تجلس في مكان كنت تتعاطى فيه ما كنت تتعاطاه ـ وإذا حدث لك اشتياق فعليك الاستعانة بصديق خير لمعاونتك، وللتعافي الصادق عليك أن تركز على أربعة أهداف هامة:
الهدف الأول: الاستمرار نظيفاً من المخدرات وذلك من خلال:
1-الكف عن الإدمان ومواجهة الإلحاح والرغبة في العودة إليه.
2-تفهم المواقف التي قد تدفعك للإدمان مرة أخرى.
3-استبصر خطورة العودة إلى ما يعتبره البعض بسيطاً (يعنى سيجارة واحدة لن تضر)
4-كيفية التعامل مع الأعراض والآلام التي تظهر في الفترة الأولى من التوقف.
5-كيفية التعامل مع ضغوط من يتعاطون المخدرات.
6-التغلب على الإلحاح والعودة للمخدرات خاصة الفترة الأولى.
الهدف الثاني: كيفية التعامل مع الأحداث الحزينة والمفرحة:
الأخ العزيز إن التدريب على مواجهة هذه المواقف هام جداً، فهناك من يعود للمخدرات فوراً بعد أول مشكلة أو موقف، والبعض يعود للمخدرات نتيجة مناسبة سعيدة كالأفراح، فعليك هنا أن تبحث عن السعادة بدون المخدر
أن تواجه المواقف الشديدة بدون مخدر.
الهدف الثالث: العلاقات الاجتماعية: خاصة في الأيام الأولى بعد التوقف
مما لا شك فيه أن المجتمع خاصة الأهل والأقارب لن يثقوا مباشرة بمجرد إبلاغهم بتوقفك فالثقة في البداية تكون ليست على درجة عالية فيك ويجب عليك أن تقبل ذلك حتى تثبت لهم صدق تعافيك ـ وعليك بعمل صداقات جديدة ـ عليك بمصادقة إمام مسجد والحفاظ على الصلوات الخمس ـ لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.
الهدف الرابع: العود للعمل والنضوج
لأن العودة للعمل ستقضي على الفراغ لديك ـ فالفراغ آفة البشر ـ ويدفع بالفرد للحنين إلى الماضي ـ خاصة في ظروف مثل ظروفك ـ ومن ثم فالفراغ مشكلة كبرى علينا أن نستثمر هذا الفراغ فيما يعود علينا وعلى مجتمعنا بالخير.
وعن النصيحة التي تطلبها بشأن استمرارك في عمل الخير أم لا ـ فنقول لك استعن بالله، واستمر في تقديم عمل الخير، فالصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.
وكونك تتألم لظن الناس فيك خيراً وأنت على عكس ذلك، فهذا شيء جيد ويعني أن ضميرك بدأ يستيقظ، وشعورك بالذنب لهو خير دليل على بداية القوة التي جاءت "للأنا" مرة أخرى بعد ضعفها، وإننا لمتفائلون لك بالخير بإذن الله، وفي نهاية الاستشارة يا صديقنا العزيز ندعو الله لك بالهداية والتعافي الصادق.
والله الموفق(19/220)
والدي يتعاطى المشروبات الكحولية
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/المخدرات
التاريخ 14-4-1423
السؤال
إخوتي الكرام وفقهم الله ورعاهم
إذا كان والدي يتعاطى المشروبات " الكحولية " ثم تاب ثم عاد ماذا أفعل معه..؟
الجواب
أخي الفاضل فهد شكر الله لك ثقتك وجعلنا عند حسن ظنك ورزقنا وإياك الصدق والاحتساب ووفقنا جميعاً لأحسن الأقوال والأفعال لا يهدي لأحسنها إلا الله.
أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولاً - الدعاء الصادق لوالدكم بالهداية والتوفيق والسداد والرشاد.. وتحرو في دعائكم مواطن الإجابة عند السجود وعند الفراغ من الصلاة وفي آخر ساعة من يوم الجمعة وفي الثلث الأخير من الليل..فالله تعالى قريب مجيب يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
ثانياً - المناصحة الهادئة الصادقة.. واختياركم الوقت الملائم لها.. ربما كان لها بعض الأثر.. ولا بأس من عرض فكرة العلاج الطبي عليه عل وعسى أن يستجيب فيكون لكم بذلك سعادة الدارين.
ثالثاً - توفير بعض الأشرطة الهادفة " مثلاً بعض القراء المجودين وبعض الخطباء الذين يتكلمون عن نعيم الجنة وعذاب النار.. وجعلها بمتناوله أو تشغيلها أحياناً بحجة الاستماع إليها بالقرب منه عسى أن توافق منه قلباً حاضراً فتجد لديه قبولاً وتأثراً ومن ثم توبة وإقلاعا عما يقترفه.
ربعاً- البر به حسب الاستطاعة مهما بدا منه من جفوة والدعاء له وحسن الخطاب قد يلين قلبه.. فيقبل النصح.
خامساً- عدم تركه لفترات طويلة وحيداً لأن الوحدة قد تجلب له بعض الأفكار أو الهواجس وبالتالي يعود إلى ما كان عليه.
ومحاولة ملء وقته بالزيارات أو البرامج التي ترونها حسب ظروفكم وظروفه.. وثقوا أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.. وإن الدين محفوظ وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله فلا تيئسوا.. وأعينوا والدكم على الشيطان بالذكر والنصح والكلام الهادي والرفق في المعاملة وقبله وبعده الدعاء.. الدعاء فهو سهام الليل.. وسلاح المؤمن.
وفقكم الله وحماكم وحفظكم وسدد على طريق الخير والحق خطاكم(19/221)
أخي يتعاطى الحشيش
المجيب د. صالح بن علي الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/المخدرات
التاريخ 27/09/1425هـ
السؤال
أخي يشرب الدخان والحشيش، وعصبي جداً، فكيف أتعامل معه؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
قد تظهر العصبية وموجات الغضب عند المراهقين أكثر من غيرهم؛ فالمراهق يمر بتغير سريع في نموه الجسمي والعقلي والانفعالي، وتنقصه الخبرة والتجربة، وقد يكون من الصعب عليه أن يضع الأشياء في موضعها، ولا يستطيع أن يتحكَّم في حالاته الانفعالية، فتجده مثلاً يغضب بسرعة، ولأتفه الأسباب، ولا يسيطر على غضبه، فقد يشتم ويكسر ويضرب، ومثل هذه الغزارة في الانفعالات يمكن أن توجه التوجيه السليم، وتستثمر في تربيته تربية صحيحة، ويمكن أن تستغل لاستثارته واستهوائه، وهذا ما يفسِّر وقوع بعض المراهقين في التدخين والمخدرات، وسلوكيات أخرى غير مرغوبة، فعليك بالعمل على إبعاده عن الرفقة السيئة، وأماكن الغواية والاستهواء، وتعويده على المصارحة وتبادل الرأي.
ناقش معه هذه العادة السيئة والسلوك الخطير، وتجنب التهديد، وركِّز على فائدة الإقلاع عن هذه الأمور، وتخير الوقت المناسب للحديث في ذلك.
أظهر له اهتمامك به وتعاطفك معه، ودعمك له.
تعرف على مشاعره وما يحيط به من مشاكل وصعوبات، فالبعض قد يلجأ إلى التدخين، أو المخدرات، ظناً منهم أنها تساعد على التخلص من مشاعر معينة، أو لتجنب المسؤولية.
خطط لبعض الأنشطة الترويحية والرياضية التي تساعد في إبعاده عن هذه الأمور.
شجعه وأوجد لديه الدافعية والرغبة في مراجعة العيادات المتخصصة للمساعدة في الإقلاع عن التدخين وتعاطي الحشيش.
شجع كل استجابة إيجابية تصدر منه وامتدحه، وأثني عليه. والله الموفق.(19/222)
اخوتي مدمنون!
المجيب د. سيد زكي خريبة
استشاري صحة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/المخدرات
التاريخ 9/9/1422
السؤال
لدي مشكلة خطيرة، وهي أني اكتشفت أن إخواني الثلاثة مدمنو حشيش وأعمارهم بين عشرين إلى ثلاثين سنة بأنهم يسكنون مع والدتي وأنا في سكن مستقل قريب منهم.
أرجو إرشادي بما ينبغي أن أفعله علماً بأني المسئول عنهم، كما أرجو أن تدعو لهم بأن يقلعوا عن هذه المشكلة الخطيرة وأن يتبعوا الصراط المستقيم شاكراً - سلفاً -تعاونكم لما فيه الخير.
الجواب
عزيزي الأخ:
رداً على استفسارك، والذي تقول فيه إنك قد اكتشفت أن اخوتك الثلاثة مدمنو حشيش، وأعمارهم تتراوح ما بين 20 - 30 عاما وهم يسكنون مع والدتك، وكما تقول بأنك ساكن بالقرب منهم في سكن مستقل. وتقول ماذا أفعل علماً بأنك المسؤول عنهم؟
الأخ العزيز:
في البداية أقول لك أنت نعم الأخ، حيث من خلال عرضك للمشكلة تبيّن لنا أنك أخ بار بإخوانه تحمل لهم بين طياتك كل الحب والحنان، وبخصوص المشكلة أقول لك إنه في استطاعة كل من أخطأ ووقع في براثن الإدمان أو التعاطي أن يتعافى منها بشرط أن يكون لديه الرغبة والإرادة القوية في التخلص من المشكلة، ولكن أغلبية من وقعوا في المشكلة تكون درجة الاستبصار لديهم محطمة ويغلب عليهم الإنكار (عدم الاعتراف بأنه مدمن) ويوهم نفسه بأنه قادر على الإقلاع في أي وقت يحب، ولكن نتيجة عدم استبصاره بالحقيقة تجعله يعيش تحت وطأة تأثير المخدرات نظراً لما لها من تأثير نفسي وجسمي كبير.
ولكي تأخذ بيد أخوتك فإن الأمر سيحتاج منك إلى جهد طيب، ومعاونة أهل الخير من الأقارب وطالما أنت المسؤول عنهم فاسمح لي أيها الأخ العزيز أن أقول لك كان يجب عليك حمايتهم قبل وقوعهم في المشكلة - لكن طالما ان لديك الإرادة في إخراجهم من هذا الداء - أقول لك قم وانهض ولا تتردد في مساعدتهم وذلك باتباعك الآتي:
أولاً: كما تقول بأنك المسؤول عنهم وأنت في مكانة الأب، فيجب أن تواجههم بمعرفتك لهذا السلوك والوضع السيئ، ولا بد أن تظهر لهم بأنك لن ترضى أبداً عن هذا الوضع ولا بد من تغييره، وكن حازماً في ضرورة الانتهاء من ذلك.
ثانيا ً: وضح لهم هلعك واهتمامك بهم لما للمخدرات من آثار صحية ونفسية وعصبية خطيرة، ولتحريم الله لها، وكن معهم متفهماً للأسباب التي يذكرها كل منهم لمشكلته - وحاول عدم إهانة أحدهم؛ حتى لا يتحول إلى الإنكار والدفاع عن نفسه ورفضه للمساعدة.
ثالثاً: إن غضبك وانفعالك الشديد سوف يشغلهم عن حزمك، واهتمامك بإصلاحهم كذلك حاول استخدام الأحاديث التي لا تؤدي إلى رفض المساعدة - خاصة وأن فيهم من بلغ ثلاثين عاما. لذلك تجنب:
*- الأحاديث الساخرة التي تلحق العار.
*- الأحاديث السلبية مثل (إنني اعرف حقيقتكم منذ فترة ولم أرغب في أن أحدثكم)
*- تجنب الأحاديث الخاصة بالضعف مثل (أنتم لا تشعرون إلى أي درجة تحرجونني ولم تلتفتوا إلى معاناة والدتكم) ؟
*- تجنب أحاديث لوم النفس مثل (إنها غلطتي حيث لم أحسن تربيتكم.. خاصة إذا كان الأب متوفى)(19/223)
بدلاً من ذلك كله كن حازماً معهم، وأظهر لهم أن استمرار ذلك مستحيل، ولن تقبله ولن ترضاه بحال من الأحوال. وكن عطوفاً في إظهار وقوفك بجانبهم حتى تنتهي من هذه الكارثة، وأعطهم الكثير من الحنان ليشعروا بمدى قلقك عليهم.
الأخ العزيز إن توقفهم دون مساعدة منك ومن أهل الخير من الأقارب سيكون صعباً عليهم خاصة وأنك لا تعلم منذ متى بدءوا في التعاطي وكذلك ما حجم ما يتعاطونه - وهل حالتهم الصحية كلها في مستوى واحد؟
بالطبع لا لذا حاول أن تقنعهم - أولاً - بما قلناه لك في البداية من أضرار ورفض المجتمع للمخدرات وموقف الدين. حاول أن توقظ ضمائرهم وأن تجعلهم يشعرون بالذنب - فإذا تحقق ذلك كانت الخطوة الأولى لاستبصارهم بالمشكلة وهنا أقول لك لا بد من إقناعهم بالذهاب إلى أحد مستشفيات الأمل المتخصصة في علاج الإدمان - مع العلم بأن من يذهب من نفسه أو بصحبة الأهل للعلاج لن يعاقب قانوناً وفقاً لأنظمة هذه المستشفيات ومجرد الانتهاء من العلاج يخرج بمفرده دون أي عقاب.
وستجد من يحاول منهم أن يقوم بإقناعك بأنه سيتوقف، ويقلع عن التعاطي والإدمان ولكن أيها الأخ العزيز ليس من اليسير على المدمن التوقف والإقلاع بمفرده دون مساعدة من قبل فريق علاجي متخصص لأن التوقف سيصاحبه أعراض انسحابية، ولن يتحملها إذا كان بعيداً عن مركز متخصص، فيضطر للعودة للمخدرات مرة أخرى، اعتقادا منه أنه يستطيع أن يقلع كما حدث وتوقف يوما أو أسبوعا وبمعاونة المركز الطبي (الأمل) أو أحد المراكز المتخصصة، ولكن أيها الأخ العزيز في حالة الرفض من قبل أحدهم أو من قبلهم جميعاً -لا قدر الله - ولم يستجب لموقفك في الخروج من الكارثة وقبوله لمعاونتك بطريقة مباشرة وجهاً لوجه فأنصحك أيها الأخ العزيز أن تقوم بتبليغ أقرب مكان به وحدة مكافحة المخدرات وتخطر عنهم وأنه لديك الرغبة في تعافيهم، وكن على يقين بأنهم سيبادرون بنقلهم لأقرب مستشفى أمل للعلاج - وفي هذه الحالة - لن يوقع بهم عقاب طالما أنت القائم بالتبليغ وأنك من أقارب الدرجة الأولى بالنسبة لهم، ومجرد الانتهاء من العلاج يمكنهم الخروج بمفردهم.
وأحب أن أحيطك علما بأنه إذا كان من بين إخوتك من يعمل بالحكومة، فيقوم المستشفى بإرسال تقرير على أنه منوم في أحد المستشفيات التخصصية منذ دخوله بتاريخ / / - وحتى خروجه بتاريخ / / _ ولا يذكر في التقرير اسم مستشفى أمل على الإطلاق، حرصاً على مكانته ودرجة المعنوية بين الزملاء في العمل.
الأخ العزيز:
عندا يوفقك الله في الوقوف بجوار إخوانك، وتقوم بتحقيق ما ذكرناه لك، يمكنك الاتصال بإرسال فاكس آخر؛ حتى يمكننا أن نقوم برسم الخطة العلمية اللازمة إزاء المتعافى بعد خروجه من مستشفى الأمل، حتى لا يقع في الانتكاسة مرة أخرى.
نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن نكون قد وفقنا في الرد على استفسارك أيها الأخ العزيز وندعو الله لهم الهداية والعودة إلى الصواب إنه نعم المولى ونعم النصير.(19/224)
هل أقاطع هذا الصديق أم أستمر في نصحه؟
المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار
إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/المخدرات
التاريخ 21/12/1425هـ
السؤال
لي صديق طيب القلب ولكنه يتعاطى أموراً مريعة، مثل الدخان والحشيش والخمور، ولا يتورع عن مواعدة وترقيم النساء، يكره المتدينين عموماً، وهو يصلي ويصوم، ومع أني من الملتزمين إلا أنه يرتاح إلي جداً، ويقص علي كل مشاكله، ويستشيرني في كثير من أموره، حاولت نصحه مباشرة وغير مباشرة، وأرى في وجهه في بعض الأحيان التأثر، وفي أحيان أخرى الرغبة في التهرب، لديه رفقة فاسدة جداً، حاولت إبعاده عنهم ولكني فشلت تماماً، تراودني أفكار في الابتعاد عنه، فلقد تعبت من نصحه وتوجيهه، وأحياناً أخرى أقول لا بد من المتابعة، هو الآن يريد السفر للخارج، اعترضت على سفره وهو مصر، سؤالي هل أقاطعه أم أستمر معه؟ مع العلم أنه يحاول جاهداً التستر عني أثناء فعله لمعاصيه ويجاهد بحيث لا أراه، ولم أره أبداً يفعل أي شيء منها. أشيروا علي رحمنا الله وإياكم.
الجواب
الأخ الكريم المحتار وفقه الله ودفع عنه الحيرة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إنه شعور طيب منك أن تكون حريصاً على هداية صديقك، فأسأل الله أن يرزقك النجاح في هذا الأمر.
أخي الكريم: أوصيك بما يلي:
1- أنت مكلّف شرعاً بالمناصحة لإخوانك المسلمين، كما أنك مكلف شرعاً بوقاية نفسك من مصاحبة المنحرفين، قال النبي الكريم- صلى الله عليه وسلم-: "لا تصاحب إلا مؤمناً" حديث حسن رواه الإمام أحمد - رحمه الله- (11337) ، وأبو داود (4832) ، والترمذي (2395) وحتى تجمع بين الأمرين أقول لك: (اترك المصاحبة ولكن لا تترك المناصحة) ، فبإمكانك أن تنسحب من مصاحبة هذا الأخ تدريجياً ودون مواجهة صريحة حتى لا تفقد قناة الاتصال والمناصحة، وتكون مناصحتك له بالوسائل الممكنة ومنها:
أ- لقاء للمناصحة تعده أنت، ويكون في أماكن مناسبة للنصح بعيدة عن احتمال وقوع الشر.
ب- الاتصال الهاتفي الذي يجمع بين التواصل الاجتماعي والنصح الشرعي.
ج- رسائل الجوال.
د- إعطاؤه الكتيبات والأشرطة المناسبة، واحرص على أشرطة التائبين من الخمور والمخدرات مثل: (يوسف الصالح) ، وله أشرطة مسموعة ومرئية، ومثل: (أبو مشهور) الذي أجرت قناة المجد معه لقاء مفيداً، وشريط شجاعة تائب.
هـ- أخذه إلى صلاة الجنائز، أو للمشاركة في الدفن أو التغسيل إن كان يرغب أو يوافق.
أخي الفاضل: لا تنس وسائل تقوية المحبة مثل الرسائل اللطيفة عبر الجوال، الهدايا ولو كانت رمزية يسيرة، دعوته في المناسبات العامة.
2- أما بخصوص المقاطعة والهجر: فالمقاطعة والهجر نوعان:
الأول: هجر للصديق من باب الفرار من مصاحبة المنحرفين ووقاية النفس من شرهم.
الثاني: هجر للصديق من باب التأديب والعتاب ومحاولة الإصلاح.
فالهجر الأول أدعوك إليه مع هذا الصديق، وقاية لنفسك ودينك، ولكن بالطريقة التي ذكرتها أعلاه، وأما الهجر الثاني، وهو هجر الإصلاح والتأديب فإنه يستخدم إذا كان يؤثر في الصديق ويجعله يرتدع ويتوب، أما إذا كان لا يؤثر ولا يسبب توبة وهداية، بل قد يسبب زيادة في النفور والغواية فإنه لا يستخدم؛ لأن المصلحة الشرعية حينئذ لا تتحقق. أسأل الله أن يفتح عليك بما يكون سبباً في هداية صديقك، كما أسأل الله أن يفتح قلبه لقبول الحق والعمل به. والله يتولاكم جميعاً.(19/225)
ابني المراهق يدخن!
المجيب محمد محمود الأمين
باحث بموقع الإسلام اليوم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/التدخين
التاريخ 04/05/1427هـ
السؤال
ابني البالغ من العمر17 سنة ويدرس في الصف الثالث ثانوي اكتشفت أنه يدخن في الخفية، علماً أنه إنسان يصلي ويصوم الاثنين والخميس، كل أسبوع! فماذا أفعل معه؟ علماً أنني قد حذرته أكثر من مرة ويعد ثم لا يفي بوعده، فما هو الحل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذه المشكلة التي يعاني منها ولدك ليست مشكلة مستعصية -بحمد الله- فولدك -إن كان كما ذكرت- فيه خير كثير، ولكنه يمر بمرحلة عمرية صعبة، تحتاج إلى قدر من حسن التعامل، والتوجيه الإيجابي الذي يعتمد منهج الحوار والهدوء، ويبتعد كل البعد عن أساليب التوبيخ، والتهديد، والصراخ، وسأقدم لك بعض النقاط المهمة في علاج مثل هذه الحالة التي يعاني منها ولدك، فاحرص على تطبيقها في هدوء ودون عجلة على النتائج.
- مع تقديري للحالة النفسية التي يعاني منها أي أب، عند شعوره بأن ابنه قد وقع في مثل هذه المزالق الخطرة:
1- عليك بكثرة الدعاء له بأن يصرف الله عنه هذا الداء.
2- الصدقة وهي نافعة لجميع الأمراض -بإذن الله- ومنها التدخين.
3- تجنب الاصطدام المباشر به.
4- عليك أن تشعره بعدم رضاك عنه -بطريقة غير مباشرة- وليكن ذلك عن طريق أحب الناس إليه في العائلة -وعادة تكون الأم أنسب الناس للقيام بمثل هذه المهمة-.
5- ليكن لك درس في البيت عن بر الوالدين وأهميته في حياة المسلم، مع التذكير بأن المخالفات والأضرار التي يجلبها الأبناء لأنفسهم داخلة في عقوق الوالدين.
6- الكلام عن الرفقة الصالحة وأهميتها.
7- تنبيه الأبناء إلى العناية بمعالي الأمور، والترفع عن سفسافها. ولا شك أن العاقل يدرك بفطرته أن التدخين من سفساف الأمور.
8- إرشاده -بطريق غير مباشر- إلى المصحات التي تعنى بمعالجة إدمان التدخين، ومساعدته على ذلك مالياً.
9- الترحيب بكل خطوة تلاحظ أن ابنك يخطوها في الطريق الصحيح.
وفي الختام أسأل الله العلي القدير أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، ويأخذ بنواصينا جميعاً إلى البر والتقوى.(19/226)
زوجي يدخن..
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/التدخين
التاريخ 27/8/1422
السؤال
زوجي رحل متدين , والحمد لله يخشى الله , في سره وعلنه , ويحاول الالتزام واتباع السنة , وملتحي منذ 16 سنة واحسبه على الخير ولكنه يدخن وكلما حاول الإقلاع يعود مرة أخرى , وهو عالم بالحكم جيداً ولكنه يجاهد نفسه ويعود مرة أخرى , ولكنه لا يدخن أمام الأحفاد , لأنهم - والحمد لله - على خير ويعلمون الحكم وهم بعد أطفال في السادسة والتاسعة من العمر , ما حكمه , وما العمل؟
أرجو إفادتي لأنني أتعذب وما زلت أنصحه وهو مقتنع أنه يجب أن يقلع عن التدخين وجزاكم الله خيراً -.
الجواب
أختي الكريمة.. أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وأما عن استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: أُهنئك - أختي الكريمة - على هذا الهم وهذه الهمة.. وأسأل الله أن يجعلنا وإياك هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين , مفاتيح للخير مغاليق للشر , كما اسأله - تعالى - أن يهدينا ويهدي بنا ويهدي لنا.. إنه - سبحانه - ولي ذلك والقادر عليه.
ثانياً: الحمد لله على كل حال , فما دام زوجك ملتزماً مدركاً لحكم هذا الأمر , متجنباً ممارسته أمام الأطفال باذلاً كل الأسباب للتخلص منه , فهو - هنا - يسير على الطريق الصحيح , فكوني معه , وآزريه وشجعيه.. بقدر المستطاع.
ثالثاً: أكثري - أختي الكريمة - من الدعاء له بالعون والتوفيق والسداد والهداية , وأن يرينا وإياه الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه , وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل , وذكريه بالدعاء كذلك والاستعاذة من الشيطان وكيده قائماً وقاعداً.
رابعاً: حبّذا لو استكمل فعل الأسباب.. باللجوء إلى العلاج الدوائي لهذه المشكلة وهو متوفر.. ومع الإرادة القوية فإنه - بإذن الله - سيتخلص من هذه المشكلة إلى الأبد..
خامساً: من الممكن أن يلجأ إلى التخلص منه تدريجياً عبر برنامج معد لذلك.. وحبذا لو عقد مع نفسه اتفاقاً ووعداً يبرُّ به , وهو أنه يعقب أي " سيجارة " القيام بأداء عبادة , إما قراءة حزب من القرآن , أو أداء بعض السنن , أو صدقة أو غيرها من الأذكار , وبذلك يدحر الشيطان باستزادته من العبادة , ويذهب سيئاته " إن الحسنات يذهبن السيئات ". ويستعد لآخرته.. وفقكما الله وسدد على طريق الخير والحق خطاكما..(19/227)
ابني يدخن، أريد الحل
المجيب جماز عبد الرحمن الجماز
مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/التدخين
التاريخ 17/2/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا أشكو من مشكلة عارضة، وهي أن ابني الذي لم يكمل السادسة عشر صار يدخن بالرغم من اجتهادنا في تربيته تربية صالحة. أعلم أن أصدقاء السوء هم السبب في ذلك ورغم تحذيرنا له منهم ومن الوقوع في الخطأ إلا أنه لا يستجيب، فقد تعلق بهم كثيرا وقد تعرف عليهم في المدرسة، أريد أن ترشدني خطوة خطوة في كيفية توجيهه وإرشاده مع العلم أننا كثيري النصح والتوجيه له لكنه أمامنا شخص وأمامهم شخص آخر، أريده أن يقلع عن التدخين في أسرع وقت فأنا مصدومة فيه كثيراً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
فإن التدخين ليس مشكلة فحسب، بل هو عمل محرم، وعادة سيئة، تدق مسامير نعش الشباب، وتنهش في جسد الشعوب، وتقودهم إلى دائرة الهلاك. ونرى لك من الحلول ما يلي:-
1- الاستعانة بالله - عز وجل - واللجوء إليه، ودعائه بأن يقلع ولدك عن التدخين، وأن يبارك الله في الجهود لحل المشكلة، فإن الدعاء سلاح غفل عنه كثير من الناس.
2- التوكل على الله - تبارك وتعالى -، وتفويض الأمر إليه، وتعليق القلب به في حل المشكلة، وما ظنك، وقد ضمن الله - جل وعلا - لمن توكل عليه، القيام بأمره، وكفايته همه، قال - تعالى -: "ومن يتوكل على الله فهو حسبه.." [الطلاق:3] أي كافيه، ومن لم يكفه الله، لا كفاه الله؛ لأن كثيراً من الناس إذا وقع في مصيبة، علق آماله على غير الله [فلان + طبيب + دواء + شهادة + شفاعة + مال + وظيفة + ... ] والواجب أن نعلق قلوبنا بالله، ونجأر إليه، و [الطبيب + الدواء + ... ] كلها أسباب نستعملها ونجتهد في تحصيلها، لكن قد ينفع الله بها لحكمة أرادها، وقد لا ينفع الله بها لحكمة لا يريدها. فافهمي ذلك جيداً.
3- ضرورة تعاون الأسرة جميعاً، وإشعارهم بخطر المشكلة، وإقناعهم بذلك، بدءاً بوالده وانتهاءاً بإخوانه وأخواته؛ حتى يكون أهل البيت يداً واحدة ضد المشكلة.
4- من الأساليب الأولية النافعة، نصيحة الابن من الجميع بترك التدخين، منعه من الدخول به في البيت، معاتبته بالحسنى، وإظهار عدم الرضى إذا شُمت منه رائحته، التنفير من مرافقته لفلان وعلان ممن يدخنون، منع بعض الأمور المحببة إليه إذا دخن، إظهار الامتعاض من والديه تجاه المشكلة.(19/228)
5- بذل الجهد في محاورة الابن، وإقناعه بأن التدخين محرّم، ويخوف بالنصوص، مثل قوله -صلى الله عليه وسلم - فيما صح عنه: "من تحسى سماً فقتل نفسه، فسمّه في يده، يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا" رواه البخاري (5778) ، ومسلم (109) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وأنه ضار بصحته وبدنه، بل هو قاتل بطئ من حيث لا يشعر. وأن الدراسات أثبت أن المشكلة تبدأ من التدخين، وتنتهي بالمخدرات. وأنه يجب تركه، والإقلاع عنه نهائياً، خوفاً من الله - عز وجل -، ثم خوفاً من الأمراض الناتجة عنه، وقد أثبتت الدراسات أن من يتركه خوفاً من الأمراض فقط، لا يلبث إلا مدة يسيرة ثم يعود إليه، فانتبهي لذلك، لكن تركه له خوفاً من الأمراض يعتبر خطوة كبيرة، يجب أن تستثمر وتكون محل الانطلاقة. ويحسن بعد ذلك الحوار، إعطاءه شريطاً مسموعاً، ليستمع له بعنوان "قرارك بيدك" لسعيد بن مسفر، فهو شريط بديع أبدع فيه صاحبه. وعليك متابعته حتى يستمع له كاملاً.
6- شجعوه على تركه إياه، بالثناء عليه بالقول أو بالفعل، كإهدائه هديه معينة أو مكافئته برحلة خاصة له مع أهل البيت، أو ما يكون عظيماً عنده يحبه، ولا ضرر عليه فيه، وإن كان مالاً كبيراً فالأنفس تروح ولا تجئ، والمال يروح ويجئ، وكل بحسبه.
7- أعلموه أنه وإن كان الإقلاع عن التدخين عمليه صعبة، فإن الملايين من المدخنين قد أفلحوا في الإقلاع عنه.
8- أشعروه أن المشكلة مشكلة الجميع، وأن ضررها على البيت كبير، وأن العدوى قد تنتقل إلى والدك، إلى إخوانك، أخواتك.
9- ليقم والده أو غيره، بزيارة المرشد الطلابي في مدرسته، والبحث معه في سبيل إقلاع الابن عن التدخين، وربطه ببعض المعلمين الأخيار الأكفاء، والتحاقه بنشاط أو غيره.
10- لا تترددي إن احتاج الأمر أن تنقلوه إلى مدرسة أخرى، ليرتبط بصحبة طبيبة، ولكم عليها أحد من الناس تثقون به.
11- إذا لم يتوفر شيء من ذلك، فابحثوا له عن رفقاء صالحين أو أخيار لا يدخنون، وأقنعوه بصحبتهم، وأنه لن يجد مثلهم في محبتهم له، ونفعه بكل ما يستطيعون.
12- حاولي البحث عن رجل يقتنع به، ويقبل منه، ويباشر هو بنفسه توجيهه ومناصحته، فقد يكون تركه للتدخين على يدي ذلك الرجل المنتظر.
13- أثناء تلك الفترة، حاولي جاهدة أن يقلل من التدخين بقدر المستطاع، ولو كان مكرهاً.
14- خلصيه من كل أدواته التي تذكره بالتدخين [الغرفة + الحمام + الملابس جميعا + المدرسة + الرفقة ولو كانوا أقارب + استراحات محددة + ملاعب محددة + أماكن تنزه محددة + زيارة بيوت محددة + جيران، أقارب، زملاء + مشروبات محددة + مأكولات محددة، اعتادها مع التدخين] .
15- استبدلي ما منعته منه بمثله أو أحسن منه.
16- لا تجعليه وحده في غرفته لساعات طويلة بلا مبرر، فإن ذلك يعينه على ترك التدخين، وهكذا ليصحبه والده معه في قضاء حاجاته أو زياراته أو تنزهه أو تمشيه، ليعينه على نفسه.
17- اجعلوه يحدد موعداً نهائياً للإقلاع عن التدخين، حتى يتهيأ نفسياً وبدنياً لتركه، وذكروه بشهر رمضان وأنه يقضي الساعات الطويلة بلا دخان.(19/229)
18- إذا صار يتكلم بأنه لا يستطيع تركه، أو دائما ً يفكر في التدخين، فتحدثوا معه بأن هذا ابتلاء من الله، ولا بد من الصبر، واضربوا له مثلاً، كمن به مرض مزمن خطير، فهو يخاف دائماً من الموت، ومع ذلك يصبر ويحتسب، فلماذا لا تصبر أنت؟
19- أرشدوه إلى ممارسة بعض أنواع الرياضة إن كان يطيقها، أو قراءة كتاب إن كان يرغب ذلك بهدف إشغاله عن التدخين، أو صرف تفكيره إلى شيء آخر ينسيه التدخين.
20- حاولوا جميعاً عدم تعريضه للأوضاع والسلوكيات التي تجعله يرغب في التدخين، مثل الانفعال، والغضب، والملل، والوحدة.
21- في تلك الأثناء، إن كان مصراً على التدخين، فهناك بعض الإجراءات تجعله يخفف من المداومة عليه، ويكرهه، وإن كان راغب في تركه، فهي تساعده على التخلص من التعلق به.
22- هذه الإجراءات، هي علاج للاضطرابات البدنية أو النفسية أو في النظام الغذائي، فينبغي ألا تقلقوا من الاضطراب لديه، فهو شيء طبيعي، لكن أرشدوه إلى بعض الأساليب الناجحة في مكافحة الاضطرابات تلك، وأنه متى التزم بها فهي تختفي - بإذن الله - في خمسة أيام تلقائياً.
الأعراض / الحلول
التشوق والتفكير في السيجارة / ليمارس هوايته المفضلة والمفيدة، وليشغل فمه بالسواك أو ببعض الحلوى
الشعور بتغير المزاج / ليتنفس بعمق
الشعور بالتعب والإنهاك / لينم وقتاً كافياً
جفاف الفم والحلق / ليشرب كميات وفيرة من الماء والعصيرات
الكحة وإضرابات / النوم ليتناول حماماً دافئا يومياً
الشعور بالدوخة / ليذهب حيث الهواء المنعش
الشعور بالملل في / الفترة المسائية ليذهب للتسوق أو الزيارة
الشعور بالجوع / ليستعمل العلكة"اللبان".
الشعور بالتوتر / ليمارس التمرينات الرياضية
الملل أثناء القيادة / ليستمع إلى القرآن والمحاضرات والأناشيد
ضعف التركيز / ليغير عمله أو يتنشط في عمل آخر
الإمساك / ليتناول الفاكهة بكثرة
24- أرشدوه إلى الإكثار من تناول الماء لتطهير الجسم من النيكوتين والمواد الضارة، مع التقليل من شرب الشاي والقهوة.
25- لا بد أن يتناول كوباً من عصير البرتقال أو الليمون بعد الإفطار يومياً، لأنه يثبط الرغبة في التدخين.
26- ليهتم بالاسترخاء خلال الأيام الأولى من الإقلاع عن التدخين مع الإكثار من تناول الفواكه والخضراوات، والحرص على تجنب الأطعمة الدسمة.
27- ليكثر من شرب السوائل وخصوصاً الماء، لتساعد الرئتين في تنظيفها من باقي التدخين.
28- نشير عليكم إذا لم يستجب الابن، أو كانت استجابته ضعيفة، زيارة الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين أو أحد فروعها المنتشرة في المملكة العربية السعودية، وذلك بغرض الاستفادة من إمكانياتها وطرق العلاج لديها النفسي والعضوي.
وعنوانها / المملكة العربية السعودية - الرياض
الرمز البريدي 11525
ص. ب. 59225
هاتف: 2780006 01
فاكس: 2780006 01
البريد الإلكتروني: www.sqs.s.orq
وبالله التوفيق، وصل الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.(19/230)
كيف أتعامل مع هذا الطالب؟
المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني
مدرس بمدارس رياض الصالحين.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/التدخين
التاريخ 16/1/1425هـ
السؤال
كيف أتعامل مع طالب يدخن، ويهرب من المدرسة لكي يدخن؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن مرحلة الشباب، وخاصة في سنيِّة الأولى، مرحلة حرجة، لها خصائصها ومزاياها التي ينبغي للمربي أن يكون عنده إلمام بها، ولذلك أنصح نفسي والأخ السائل بالقراءة في هذا الفن وسؤال المختصين عما يشكل عليه، أما عن هذا الطالب، فالذي أراه في أمره أموراً:
1- إن كان الطالب لا يعلم بأن المدرس يعلم أنه يدخن، فلا تخبره بذلك؛ لئلا ينكسر حاجز الحياء، وعلى المعلم أن يكثف النصح غير المباشر حول هذا الموضوع، واستخدام الوسائل المتاحة له من مطويات وملصقات، وأشرطة تخدم هذا الهدف.
2- على إدارة المدرسة الحرص على منع الطلاب من الخروج من المدرسة، أو الهروب منها إلا في ضيق الحدود؛ لما يترتب عليها من إشكاليات أخلاقية وأمنية كثيرة.
3- متابعة الطالب، والتعرف على أصدقائه، ومدى تأثره بهم، ثم النظر في كيفية إبعاده عنهم بأسلوب لا يؤدي لمفسدة أعظم.
4- إن كان الطالب يعلم أن معلمه يعلم عنه، فليحاول المعلم أن يجلس معه جلسات إرشادية يبين له فيها أضرار التدخين، وخطر جليس السوء، وذلك بالطبع بعد استشارةٍ من الناصحين في طريقة مخاطبته وكيفية إقناعه.
5- إن كان ولي أمر الطالب لا يعلم بحال ابنه، فأرى إخباره بالطريقة المناسبة؛ ليتابعه خارج وقت الدوام، ولعله يتعاون معك في إصلاحه.
6- إن كانت ظاهرة التدخين منتشرة عندكم فلا بد من القيام بحملة توعية حول هذا الموضوع بالتعاون مع بعض الجهات المعنية.
أسأل الله أن يصلح لنا النية والذرية، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/231)
كيف أقلع عن التدخين
المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/التدخين
التاريخ 03/05/1425هـ
السؤال
كنت شاباً كثير اللهو، كنت مفرطاً في جنب الله، ثم منَّ الله علي بالهداية، وتعرفت على أحد المشايخ، وكان السبب في التزامي، وبفضل من الله تركت الاستماع إلى الأغاني، وتركت أصحاب السوء، والتلفاز، ومن كنت أتوهم بأني أحبها، تغيرت نظرتي إلى الحياة، أخذت أقرأ في الكتب الدينية، أستمع إلى أشرطة الوعظ، وبدأت أتعرف على شكل المسلم، وكيف يتصرف، فنصحني الشيخ بقراءة كتب السيرة، والاستماع إلى أشرطة العلماء.
لقد استطعت أن اقلع عن أكثر المعاصي التي كنت قد ابتليتُ بها ماعدا التدخين، فما زلت في صراع مع هذه المعصية، كلما ابتعدت عنه وعاهدت الله، نفسي تضعف أمامه، لماذا؟ لا أدري، حياتي أشبه بالجحيم، أفكر أني لو مت على هذه المعصية، ماذا سأقول لربي؟ ويلي، ويلي، ويلي، ساعدوني في أن أجد الحل وأن أترك هذه المعصية. -وجزاكم الله خيراً- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الأخ المكرم: -ثبتنا الله وإياك على الحق، وجعلنا وإياك هداة مهتدين-.
أخي الفاضل: هناك عيادات متخصصة في مكافحة التدخين، وأدوية تساعد على ترك التدخين، يمكن أن تستفيد منها، فإذا لم تكن عندكم في بلدكم فيمكنك أن تراسلها عبر الإنترنت، فتبحث أولاً في أحد محركات البحث عن (جمعية مكافحة التدخين) ، وستجد في نتيجة البحث جمعيات كثيرة، فراسلهم بالبريد الإلكتروني، وخذ منهم المعلومات، واطلب منهم مساعدتك.
ولا تنس الإكثار من الدعاء بأن يعينك الله على ترك الدخان وبغضه، واجتنب الجلوس مع المدخنين.
وأخيراً: فإن -التدخين وإن كان من الخبائث ومحرماً-، فإن معصية شربه لا ينبغي أن تدفعك إلى اليأس من حالتك، والظن بأنك إنسان غير صالح، فإنك - ولله الحمد- حسب ما ذكرت في رسالتك- على خير، وفيك صلاح واستقامة، فاستقم على ما أنت عليه من الخير، وأكثر من الاستغفار، ولا يضرك - بإذن الله- هذه المعصية، فلا ينبغي أن يتلاعب بك الشيطان، فيدفعك إلى الضعف، وترك طريق الاستقامة بسبب شربك للدخان، واعلم أن الله غفور رحيم، وسعت رحمته كل شيء، وحاول، ولا تيأس في سبيل ترك هذا الشراب الضار المؤذي المسبب للأمراض.
أسأل الله أن يعينك على ذلك، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله على نبينا محمد.(19/232)
علاج الشهوة
المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/العادة السرية
التاريخ 21-12-1423
السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر تسع عشرة سنة، وكنت أمارس العادة السرية منذ أن بلغت، ولم أكن أعلم بحرمتها ولا مضارها إلا منذ زمن قريب، وبعد ذلك حاولت التخلص منها بشتى الوسائل، ولكن دون جدوى، فكرت في الزواج، ولكن حالتي المادية لم تسمح بذلك فأنا أمتلك القوة الجسمية أما المالية فلا. بدأت أبحث عن المواقع الإباحية في الإنترنت، وكلما خرجت منها أو استخدمت العادة السرية بكيت ودعوت الله بالمغفرة، ولكن سرعان ما أرجع إليها في اليوم التالي، مستواي الدراسي انخفض وآثار العادة بدأت تظهر عليَّ، وأملي فيكم كبير بعد الله أن تساعدوني في حل هذه المشكلة وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أخي الكريم ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم"
قرأت رسالتك، وآلمني ما أصابك، واعتصر قلبي وأنا أقرأ حزنك من وقع الكلمات - أعانك الله وربط على قلبك -، وقد أدركت معاناتك، وإليك الجواب:
أولاً: يجب أن تعلم أن ما أصابك من الذنوب هو مقدر عليك، ولعل ذلك بسبب تقصيرك في أمر ربك، وذلك أن تكون عقوبات لذنوب سبقت أو لتقصير في حمل النفس على الطاعات.
ثانياً: أنت على خير -إن شاء الله - في محاولاتك، وحزنك، وتألمك على ما حصل منك، وهذا يدل على إيمانك ورجائك لما عند الله، وخوفك من عقابه.
ثالثاً: أنت قادر وتملك جميع الوسائل لإصلاح نفسك، وإياك أن تعتقد أن محاولاتك السابقة الفاشلة أفقدتك القدرة، فإن الشيطان يريد منك أن تصل إلى مرحلة اليأس من صلاح حالك، وعند ذلك تفرح عدوك على نفسك.
رابعاً: أنت وصلت إلى هذا المنحدر بالتدرج، فالصعود إلى القمة سيكون بالتدرج أيضاً، أغمض عينيك واسترخِ في مكان خالٍ، وقل في قرارة نفسك أنا قادر على إصلاح نفسي، أنا رجل، ولدي القدرة على النجاح (عشرين مرة) يستوطن في عقلك الباطن قدرة تخرج عقدة الفشل، وغيِّر حالك ونظامك في جميع ساعات الاستيقاظ، وابتعد عن الإنترنت، وقل: " سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينْ " [القصص:55] ارتبط بعمل يشغل وقت فراغك سواء في أمر دين أو دنيا، صارح نفسك، وخاطب عقلك كم مرة فعلت هذه الفعلة، وكانت البداية شهوة فأصبحت عادة مالكة لك تقوم بها بلا لذة، فأصبحتَ عبداً لها، فهل يفعل العاقل ما يضره ولا ينفعه؟ كنت تمارسها وأنت ثائر تغالبك الشهوة، واليوم عادة تسيرك فتمارسها فتدفعك إلى مثلها، وهكذا تدور في حلقة مفرغة، تذكر اللذَّات الماضية، هل تسعدك الآن أم تشقيك؟ فهل من العقل والحكمة أن يفعل ما يندم المسلم عليه في الدنيا قبل الآخرة، فالصبر عن الشهوة أيسر من الحزن ومعالجة التوبة.(19/233)
أخي أراك تسكب الزيت على النار، وتقول: لماذا تشتعل هذه النار؟ كيف تقوم باستدعاء المواقف والصور من خيالك وأرشيف عقلك وتتلذذ بذلك فيعظم سلطان الشهوة ويثور بركان الرغبة لهذه الفعلة - سبحان الله ما هكذا يكون العلاج إذا مر بخاطرك مشهد يؤثر عليك فاقطع حبل الخيال، وقم واخرج من المكان، واعمل ما يصرفك كأن تتصل بالهاتف أو تخرج بالسيارة، وأما مشاهدتك للصور عبر الإنترنت فهذا يحتاج إلى استئصال، غض بصرك عن النظر إلى من تحب، ولا تغشى المواقف التي تستثار فيها شهوتك كالأسواق، وأمام المدارس، أو في مدرستك أو في المناسبات، احرص على قراءة القرآن، وطول المكث في المسجد والمبادرة إلى الصلاة، وكثرة زيارة القبور وتشييع الموتى، وحاول أن تربط نفسك بالصالحين من عباد الله تجد في أخلاقهم حُسناً، أكثر من ذكر الله في خلوتك، وصل على محمد - صلى الله عليه وسلم- وأكثر من ذلك.
وهناك وسائل خاصة جداً:
لا تأوِ إلى الفراش إلا إذا غلبك النوم، لا تنم وحدك، ولا تجلس في الحمام إلا بقدر الحاجة، وادخل وأنت خائف، فإذا خرجت وسلمت فافرح، واحمد ربك، ولا تنم إلا على طهارة وعلى جنبك الأيمن، ولا تنم على بطنك، والبس من السراويل ما هو واسع، وإياك والضيق والقصير، وابتعد عن جميع الكتب والمجلات والصور والمحالّ التي تذكر بما فيك، وإياك والتحدث للآخرين عن عملك، واستتر يستر الله عليك.
وإني أختم رسالتي إليك بآية من كتاب الله، وحديث من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم فقد قال - تعالى-: " قُل يا عِبادِيَ الّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً " [الزمر:53] بل يبدلها لك حسنات - إن صدقت توبتك -، والذِّينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ باِلحَقِّ ولاَ يَزْنوُنَ ومَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثاَماً " إلى قوله " إلاَّ مَنْ تاَبَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صاَلِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاَتِهِمْ حَسَناَتٍ وكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً " [الفرقان: 86-70] .
وأما الحديث فهو بشرى لك ما دمت تجاهد نفسك.
ولفظه: " أذنب عبد ذنباً، فقال: اللهمَّ اغفر لي ذنبي، فقال الله: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي ربِ اغفر لي ذنبي، فقال الله - سبحانه -: عبدي أذنب ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي ربِ اغفر لي ذنبي فقال الله: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت، فقد غفرت لك " أخرجه مسلم (2758) .
والله أسأل أن يحفظك من نفسك والشيطان، ويقر عينك بالاستقامة على الصراط المستقيم.
ملاحظة: في حكم استعمال العادة السرية خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال: إنها مباحة، وقال آخرون: إنها مكروهة، وقال جمع: إنها محرمة، والراجح أنها مكروهة وعند الاضطرار إليها فهي في حكم المباح، لكن الإدمان عليها له عواقب سيئة جداً.(19/234)
ابني مراهق
المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني
مدرس بمدارس رياض الصالحين.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/العادة السرية
التاريخ 4/1/1425هـ
السؤال
ابني مراهق، وعمره 14 سنة، وأشك أنه يمارس العادة السرية، فماذا أعمل معه؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة السلام على رسول الله، أما بعد:
فمن المعلوم أن الشاب في أول شبابه يعيش مرحلة تسمى بالمراهقة على حد تعبير التربويين، وهذه المرحلة تحتاج إلى عناية خاصة من المجتمع عموماً، ومن الأسرة خصوصاً، ولذلك فإني أرى أن يوسع المربي اطلاعه فيما يتعلق بالتعامل مع المراهق؛ نظراً لطبيعته الخاصة التي - أحياناً- تحتاج إلى مهارة في التعامل معها.
وأنت - أخي السائل- ينبغي لك النظر في حال هذا المراهق الذي تتحدث عنه، ومحاولة الوصول إلى أنسب الحلول لهذه القضية، ومنها:
1- عدم إشعاره بأنك تشك فيه؛ حتى لا ينكسر حاجز الحياء من ناحية، وحتى لا ينتبه لأمر قد يكون غافلاً عنه من ناحية أخرى.
2- هناك كتب، وأشرطة تتناول بعض القضايا المتعلقة بالشباب، ومنها هذه القضايا: (العادة السرية) ، لكن ينبغي أن يحرص على المواد التي لا تخدش الحياء ولا تخل بالمروءة.
3- حاول إبعاد هذا الشاب عن كل ما قد يسبب له إثارة، سواء أكان ذلك عن طريق البصر أو السمع، أو غير ذلك.
4- الوقت إن لم تشغله بالطاعة شغلته بالمعصية، حاول إشغال وقت ابنك بكل نافع ومفيد ديناً ودنيا.
5- الحرص على عدم تمكين الشاب بصورة لا يحس بها من إطالة الخلوة بنفسه إلا إن عُلِمَ منه الاستفادة من ذلك.
6- عدم إرغام الشاب للذهاب للنوم قبل إحساسه بحاجته للنوم؛ لأن ذلك الوقت أكثر وقت تحصل فيه الأفكار والخواطر.
7- النظر في جلساء الشاب، مع الحرص على إشراكه في مجموعة ملتزمة بواجبات الدين.
8- الدعاء للشاب بظهر الغيب بأن يصلحه الله.
أسأل الله أن يصلح النية والذرية، والله أعلم، وصل الله على نبينا محمد.(19/235)
العادة السرية
المجيب د. سلمان بن فهد العودة
المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/العادة السرية
التاريخ 1-11-1423
السؤال
فضيلة الشيخ سلمان حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو التكرم بإيضاح حكم العادة السرية بالتفصيل وطرق الخلاص منها.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله , والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وبعد:
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع" الإسلام اليوم"
الاستمناء في اللغة: استفعال من المني، وهو: استدعاء المني بإخراجه، ويطلق عليه أيضاً: الخَضْخَضَة , ويكون أيضاً بأي وسيلة أخرى، وهو ما يسمى اليوم: العادة السرية.
وللعلماء في حكم الاستمناء ثلاثة أقوال , وهي كالتالي:
القول الأول:
التحريم مطلقاً، وعلى ذلك: أكثر الشافعية , والمالكية , والحنابلة في قول لهم في المذهب.
وقد استدلوا بأدلة أهمها:
1- قوله تعالى (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) (المؤمنون)
2- حديث: "ناكح اليد ملعون"
3- حديث: "سبعة لا يكلمهم الله , ولا ينظر إليهم ... وذكر منهم: الناكح يده "
4- الاستمناء ينافي تحصيل منفعة التناسل التي عُلم محافظة الشرع عليها.
5- الاستمناء ينافي ما ورد في الشرع من الترغيب في النكاح.
6- يقاس الاستمناء على اللواط بجامع قطع النسل , وعلى العزل , وأنه استمتاع بالنفس.
7- واحتجوا أيضاً بأن الاستمناء له مضار طبية.
القول الثاني:
الإباحة مطلقاً، وممن قال بذلك: أحمد بن حنبل - رحمه الله - في رواية عنه، وبعض الأحناف، وابن حزم، وهو قول: مجاهد وعمرو بن دينار، وابن جريج، وابن عباس فيما يفهم من كلامه.
قال الإمام أحمد رحمه الله: المني إخراج فضله من البدن فجاز إخراجه.
وقال ابن حزم رحمه الله: لأن مس الرجل ذكره بشماله مباح، ومس المرأة فرجها كذلك مباح بإجماع الأمة كلها، فليس هناك زيادة على المباح إلا التعمد لنزول المني، فليس ذلك حراماً أصلاً.
وقد تعقب الشوكاني -رحمه الله- أدلة المحرمين للاستمناء، في كتابه: بلوغ المُنى- تعقيبات أهمها:
- بالنسبة للآية , فلا عموم لصيغتها بكل ما هو مغاير للأزواج , أو ملك اليمين , وإلا لزم كل ما يبتغيه الإنسان , وهو مغاير لذلك , وأن لا يبتغي لمنفعة في المنافع التي تتعلق بالنكاح , ومع تقييده بذلك , لابد من تقييده بكونه في فرج من قُبُلٍ أو دبر.. فيكون ما في الآية في قوة قولنا: فمن ابتغى نكاح فرج غير فرج الزوجات والمملوكات فأولئك هم العادون.
- الأحاديث التي استدل بها المحرمون ضعيفة أو موضوعة ولا يصح منها شيء.
- أما منافاة الاستمناء للشرع بقطعه للنسل؛ فيُرَدّ بأن ذلك يُسلّم به إذا استمنى من له زوجة حاضرة، لا من كان أعزباً، ويضره ترك الاستمناء.
- وأما منافاته للترغيب في الزواج؛ هذا إن قدر على الزواج وعزف عنه بالاستمناء.
- وقياس الاستمناء على اللواط قياس مع الفارق؛ فاللواط في فرج , والاستمناء ليس في فرج.(19/236)
- قياسه على العزل لا يصح؛ لأن الأصل وهو العزل مختلف في تحريمه؛ فلا يصح القياس عليه , والراجح جواز العزل بشرطه , كما بيناه في بحث مفرد.
القول الثالث:
التفصيل , وهو التحريم في حالة عدم الضرورة , والإباحة في حالة تقتضي ذلك , وهي الضرورة , كخوف من زنا , أو مرض , أو فتنة , وعلى ذلك بعض الحنابلة والحنفية.
قال البهوتي في شرح المنتهي: ومن استمنى من رجل أو امرأة لغير حاجة حَرُمَ فعلُه ذلك، وعُزّر عليه؛ لأنه معصية , وإن فعله خوفاً من الزنا أو اللواط؛ فلا شيء عليه كما لو فعله خوفاً على بدنه، بل أولى.
وفي حاشية ابن عابدين: ويجب - أي: الاستمناء- لو خاف الزنا.
وفي تحفة الحبيب: وهو وجه عند الإمام أحمد , أي الجواز، عند هيجان الشهوة.
وفي مجموع الفتاوى: وعند خشية الزنا , فلا يُعصم إلا به , ومثل أن يخاف إن لم يفعله يمرض. وقال ابن القيم في البدائع: وهو أيضاً- أي الاستمناء- رخص فيه في هذه الحالة عند طوائف من السلف والخلف.
الأضرار الصحية: تكلم كثير من المعاصرين في أضرار الاستمناء الصحية على جميع أجهزة الجسم: التنفسي , والدوري , والعضلي , والعصبي , والتناسلي.. والحقيقة أنه لم يثبت طبياً إلى الآن في بحث علمي أكاديمي موثق بتجارب علمية أن الاستمناء له أضرار طبية.
وقد حكى الشوكاني الإجماع على جواز الاستمناء بيد الزوجة , وكل ما يعرض في المضار الطبية في الاستمناء بكف الإنسان نفسه فكذلك بكف الزوجة!!
الأضرار النفسية للعادة السرية:
وأسوأ ما في العادة السرية هو: هذا الأثر النفسي الذي تحدثه عند من يدمن القيام بها؛ فهي تحدث أثراً سلبياً على الشخص يؤدي به إلى:
1- إحساس بالدناءة ومنافاة المروءة.
قال القرطبي رحمه: (الاستمناءُ عارٌ بالرجل الدنيء؛ فكيف بالرجل الكبير!!)
2- قال ابن حزم -رحمه الله - بعد إباحته للاستمناء: (إلا أننا نكرهه؛ لأنه ليس من مكارم الأخلاق , ولا من الفضائل) .
3- مقت النفس.
4- الشعور بالنفاق.
5- الإحباط خاصة بعد الإنزال مباشرة؛ لإحساس الشخص أنه خسر ولم يضف جديداً إلا لذة وقتية.
6- الخجل من النفس , خاصة أن هذه العادة تمارس سراً في خفاء.
7- القلق والتوتر.
8- تصل بعض الحالات إلى الانتكاس والتنكّب عن الطريق السوي؛ لشعوره بازدواجية الشخصية.
9- صعوبة الإقلاع عنها لمن أدمنها حتى بعد الزواج , وكثيراً ما يحصل شقاق بين الزوجين من رواسبها.
10- الكآبة النفسية, والانطواء , والبعد عن الحياة الاجتماعية؛ مما يؤدي إلى شرود الذهن.
11- أيضاً توقع الأضرار المستقبلية يظل كامناً في النفس بعد كل ممارسة؛ مما يؤدي إلى انعكاسات نفسية خطيرة.(19/237)
ومما تقدم من أقوال الأئمة والعلماء فالذي نميل إليه هو: قول من فصّل من العلماء فالمنع والتحريم للعادة السرية أولى , إلا إذا اضطر الإنسان إليها؛ لعدم قدرته على الزواج أو الصوم , بعد الاجتهاد فيهما، وكمسافر بعيد عن زوجته , وما أشبه هذا , مع الحرص على عدم الإكثار منها؛ لما يترتب عليها من أضرار كما سبق , وحتى لا تتحول إلى طريق للبحث عن الشهوة بدلاً من إطفائها , أو الحد منها , وينبغي اللجوء إلى الله عز وجل والإنابة إليه والدعاء بالاستعفاف؛ فهو سبحانه العاصم من كل سوء والموفق لكل خير.
وهنا نذكر أنه حتى على القول بتحريمها فإنها ذنب كغيره من الذنوب تكفره التوبة والاستغفار، وينبغي ألا يستسلم الشاب للحزن واليأس، والشدة على النفس في التقريع مما يعوقها عن كثير من سبل الخير بعد ذلك، والعجيب أن كثيرين يقعون في ذنوب هي أعظم من العادة السرية كالكذب في الحديث، والغيبة، والنوم عن صلاة الفجر ... ، وهكذا، ومع ذلك لا يلومون أنفسهم بعض هذا اللوم، ولا يحسون بشيء من تأنيب الذات، بينما يتعاملون مع موضوع العادة السرية بحساسية مفرطة، بحيث تؤثر على كثير من نواحي حياتهم السلوكية والدراسية والتعبدية.
والمطلوب وضع الأمور بحجمها الحقيقي، وقد جعل الله لكل شيء قدراً.
ثم إن الوقوع في هذه العادة له أسباب، منها:
1- تأخير الزواج: فكثير من الشباب لا يقدمون على الزواج المبكر، بسبب عقبات كثيرة قد تواجه الشاب في بيته أو مجتمعه، أو غير ذلك.
2- ضعف الوازع الديني: فإن ضعيف الإيمان، كلما تحركت في نفسه شهوة أو نزوة، سارع إلى قضائها، وأما قوي الإيمان، فإن عنده الصبر والعفة، والخوف من الله تعالى؛ فينهى النفس عن الهوى.
3- الشَّبَق: شدة الغُلْمة وطلب النكاح: لسان العرب (10/171) .والإثارة الجنسية: حيث إن الرجل إذا شاهد ما يثيره، سواء رأى امرأةً، أو صورةً، أو غير ذلك، فإنها تولد لديه ما يسمى بالشبق والإثارة.
4-التعود: فإن الشاب إذا وقع في العادة السرية بعض المرات؛ فإنها تصبح عادةً -كما سميت- ويصبح الشخص يفعلها، وإن لم يكن هناك دافع كبير لها، ولكن بمقتضى العادة التي هيمنت عليه؛ بل إن بعضهم -والعياذ بالله- بعد أن يتزوج، وييسر الله له الحلال؛ لا يجد لذة إلا في ممارسة هذه العادة الشائنة.
5-أنها تتحول -مع التعود- من قضاء للشهوة إلى رغبة في تحصيل اللذة: ذلك أن الشاب يفعل هذه العادة أول مرة؛ ليتخلص من الشهوة التي تفور في جسده كالنار، لكنه بعدما يعتادها يصبح يفعلها لمجرد تحصيل اللذة -وإن لم يكن هناك شهوة تتأجج في جسمه-.
6- الخلوة والانفراد: وبخاصة الذين يكثرون من مشاهدة الصور المحرمة، فإن أحدهم إذا خلا وانفرد بدأت الصور التي سبق أن رآها تعود إلى ذاكرته، ويستعرضها ذهنه، وتتراقص في عينيه؛ ثم يدعوه ذلك إلى الوقوع في العادة السرية.
فإلى كل شاب وقع في هذه العادة وأصبح أسيراً لها متشوفاً إلى الانعتاق منها أقول:
أنت قادر على ذلك، وتملك جميع الوسائل لإصلاح نفسك، وإياك أن تعتقد أن محاولاتك السابقة الفاشلة أفقدتك القدرة، فإن الشيطان يريد منك أن تصل إلى مرحلة اليأس من صلاح حالك، وعند ذلك تفرح عدوك على نفسك.(19/238)
اسلك منهجاً رشيداً في التغيير، فأنت وصلت إلى هذا المنحدر بالتدرج، فالصعود إلى القمة سيكون بالتدرج أيضاً، غير حالك ونظامك في جميع ساعات الاستيقاظ، ارتبط بعمل يشغل وقت فراغك سواء في أمر دين أو دنيا، صارح نفسك، وخاطب عقلك: كم مرة فعلت هذه الفعلة، وكانت البداية شهوة فأصبحت عادة مالكة لك تقوم بها بلا لذة، أصبحت عبداً لها، كنت تمارسها وأنت ثائر تغالبك الشهوة، واليوم صارت عادة تسيرك فتمارسها ثم تدفعك إلى مثلها، وهكذا تدور في حلقة مفرغة.(19/239)
العادة السرية حطمتني
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/العادة السرية
التاريخ 07/01/1426هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني منذ سنوات من العادة السرية، ولم أستطع أن أفك نفسي من أسرها، مع علمي التام بأضرارها من جميع الجوانب، وقبل ذلك حكمها الشرعي، ولكني الآن في صراع محموم مع هذه السيئة، خصوصًا وأنه يسألني طلابي أكثر من مرة عن حكمها وأضرارها، وأجيبهم بما علمت من الأدلة الشرعية والطبية والنفسية، وبعد هذا أرى أني أتجرأ على الله بوقاحة، عندما أمنع غيري وأحذرهم من هذه العادة وأنا أمارسها منذ سنوات، وبصراحة يا شيخ أرى أني لا أصلح لأن أكون مدرسًا في المسجد وأنا على هذه الحال، المصيبة أني أعرف أن هذا من مداخل الشيطان حتى أترك الاستقامة، ولكني لا أستطيع الاستمرار على هذه الحال! وأريد إخبارك أني استخدمت جميع طرق مكافحة هذه العادة من صيام، أو غض البصر، أو العلم الشرعي، ولم أستطع، وأشعر الآن أني أسير سراعًا في طريق لا أعرف ما نهايته، وإلى أين سينتهي بي المطاف، فأسألك بالله، وأستحلفك به أن تساعدني، ولك من الله أجري، وأجر من هم تحت يدي من شباب المسلمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الأخ الكريم- سلمه الله ورعاه- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة.
والجواب على ما سألت كالتالي:
أولًا- أحبك الله الذي أحببتنا فيه، وجعلنا وإياك من المتحابين في الله، فيظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وجزاك الله خيرًا على ثنائك، ونرجو أن نكون جميعًا من العاملين لهذا الدين العظيم الذي أكرمنا الله به، وإن من أعظم نعم الله على العبد أن يستعمله في مرضاته، وإذا أحب الله عبدًا استعمله في عمل الخير ثم قبضه عليه، وإني لأرجو الله أن يجعلنا جميعًا من هؤلاء.
ثانيًا- أعجبني فيك صراحتك وإحاطتك بالمشكلة وطبيعتها.
ثالثًا- إن إدراك الإنسان لطبيعة مشكلته، وعلمه بالأسباب الموقعة فيها يسهل الوصول للحل ما دام جادًّا في ذلك، وقد لمحت من كلامك وحديثك ضيقك الكبير من هذا التناقض الذي تعيشه، أو الازدواجية في جانب من جوانب شخصيتك، حيث تنهى عن أمر وتأتيه، وهذا في حد ذاته بداية الحل، واعلم أنه علامة على إيمانك الصادق، واستقامتك الجادة؛ لأن كراهية المنكر وإتيانه دليل على إيمان العبد وصدق توجهه إلى الله سبحانه، ولذلك أقترح عليك -كحل لهذه المعضلة -ما يلي:(19/240)
- إن كنت تستطيع الزواج فعليك بالمسارعة في ذلك، وإذا كنت تقول ظروفي المادية لا تسمح أقول لك: اتق الله وابدأ مشوار الزواج؛ من خطبة وغيره، وسوف تتسهل الأمور، بإذن الله، وفي الحديث الصحيح: "ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ". أخرجه الترمذي (1655) والنسائي (3120) . فاعزم على الأمر وتوكل على الله، يعينك ربك ويسهل عليك الصعب. وأعرفُ مَن كانت حالته شبيهة بحالتك وكان من أفقر خلق الله، ولما أشير عليه بالزواج قال: ومن أين أملك قوت يومي حتى أملك مالًا للزواج. فقيل له: ابدأ المشوار وستتسهل الأمور، بإذن الله، يقينًا بالوعد المذكور في الحديث النبوي الشريف. وسبحان الله جاءته الإعانة من كل مكان، فتوكل على الله يا أخي، واطرق الأبواب المشروعة وستُعان- إن شاء الله.
ولو فرضنا صعوبة الأمر في ذلك، وتخشى على نفسك الوقوع في الحرام، فلا بأس بارتكاب أدنى المفسدتين اتقاء أعلاهما، فارتكاب العادة السرية أو نكاح اليد أهون من الوقوع في الزنى أو اللواط، واستشعر عند فعلها بارتكاب المعصية، وخوفك من الله أن يغضب عليك، ثم ألح عليه أن يجنبك الفتنة، والشر، والمعصية، ويحبب إليك الإيمان والطاعة، وأن يسهل عليك الحلال؛ فإنه قريب من عبده لا يخذله ولا يرده خائبًا.
ثم عليك- بارك الله فيك- التقليل من الأكل، وغيره من أسباب إثارة الشهوة؛ فإنه سبب مهم في التخفيف من هذه المعصية وكرهها.
وأقترح عليك إشغال أكثر وقتك في عمل خير كالدعوة إلى الله، أو السعي على الأرملة والمسكين، أو ما شابهه، أو في عمل مباح من الأعمال التي تكسب بها رزقًا؛ حتى تجهد وتصل إلى بيتك لا تجد وقتًا للتفكير في مثل هذه المعصية.
اصبر، وما صبرك إلا بالله، ومن تصبَّر يصبره الله، والله معك، وندعو الله لي ولك أن يرزقنا فعل الخيرات وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أراد بعباده فتنة أن يقبضنا إليه غير مفتونين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(19/241)
ماذا أقول له ليلة الدخلة؟
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/العادة السرية
التاريخ 2/12/1424هـ
السؤال
السلام عليكم:
فضيلة الشيخ: أنا شابة أبلغ من العمر 23 سنة، أتى إلي أكثر من خطيب في الآونة الأخيرة، لكن رفضتهم كلهم؛ لأني لم أكن أريد الزواج بعد، ولكن بعد يومين أو ثلاثة أيام سوف يأتي رجل سمعت عنه، وربما أوافق عليه، لكن مشكلتي هي أني قد مارست العادة السرية -أجلكم الله-، وأظن أني قد فقدت بكارتي.
أولاً: كيف أعرف هل فعلاً فقدتها؟ أريد الزواج من الرجل، ولكن ما أقول له ليلة الدخلة؟ لا أستطيع أن أصارح أحداً من أقاربي أو أهلي؛ لأنهم سوف يزيدون المشكلة. الله يستر علينا وعليكم، ويتوب علينا وعليكم، يا رب.
الجواب
أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد بن حسين بن عبد الرحمن
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، والصلاة والسلام على النبي المصطفى - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه- وبعد:
إلى الأخت السائلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بعد قراءتي رسالتك فهذا الجواب:
الأصل بقاء عذريتك وبقاء غشاء البكارة سليماً، إلا أن تكوني استعملتِ شيئاً حاداً أثناء قيامك بهذا الذنب القبيح.
ولفقد غشاء البكارة علامات تعرفها الفتاة، وقولك: (أظن) لا يفيد اليقين في ذلك، فالذي عندك مجرد ظن، أو احتمال، وغالباً يكون ذلك ضعيفاً، ولإزالة هذا الشك لا يمنع أن تعرضي نفسك للكشف الطبي بواسطة طبيبة مسلمة ثقة مأمونة، وهي التي تقرر لك هل فقدت غشاء البكارة أم لا؟ وعلى كل حال عليك بالتوبة إلى الله، والبعد عن كل ما يثيرك، وعليك بغض بصرك، والتحلي بالعفة، وأكثري من الدعاء، هذا، والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/242)
افتض بكارتها فهل يجب شيء غير التوبة؟!
المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الزنا
التاريخ 05/04/1427هـ
السؤال
لدي صديق عزيز علي يبلغ من العمر 27 عاماً وهو متزوج -ولله الحمد- ولكن هناك ذكرى نغصت عليه ذاكرته وحياته هذه الذكرى كما قال لي أنه عندما كان في 13-15 عاما كانت تربطه علاقة قويه بفتاة صغيرة تبلغ من العمر السابعة أو الثامنة فكان صديقي يداعبها كما يداعب المرء حرمته ولكنه لم يدخل الميل في المكحلة ولكنه في إحدى الأيام فض بكارتها بإصبعه وهو لا يعلم ماذا يعني هذا أو ما عواقب هذا الفعل وكل هذه الأعمال عملها ولم يبلغ سن الرشد بعد.
شيخنا الفاضل أرجو أن تفيدوني في هذا هل يطلب من البنت الزواج؟
أم أن فترة ما قبل الحلم لم يكن محاسبا عليها؟
ونعتذر الإطالة ولكني أرجو الجواب الشافي من فضيلتكم.
بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فالواجب على صديقك المذكور في السؤال التوبة مما حصل منه وذلك بالندم على ما فات والعزم على عدم العودة إليه. وكونه منزعج من ذلك هذا يدل على ندمه، والندم توبة. ولا يلزمه مع ذلك أن يطلب هذه البنت للزواج كما أني لا أرى له أن يتحدث معها في هذا الأمر وكونه يقول إنه قد فض بكارتها هذا ظن منه قد لا يصح. المهم أن ينصرف عن هذا الأمر ويقبل على الله تعالى بالتوبة والاستغفار والطاعة والبعد عن الاختلاط بالنساء.
وإن فيما حصل من هذا الشاب لدرس وعبرة في خطر الاختلاط حتى بين الأطفال ولذا جاء في الحديث: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع ... " أخرجه أبو داود (495) وغيره بإسناد حسن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله عنه- فالواجب على الآباء والأمهات أن ينتبهوا لأولادهم ذكورًا وإناثا وأن يربوهم على الأدب وحفظ العورات وحسن الكلام والأخلاق وأداء الصلاة وغيرها مما يحتاجون إليه. أصلح الله الحال والعيال وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.(19/243)
زنت وتريد أن تتوب
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الزنا
التاريخ 6/12/1424هـ
السؤال
هل يقبل الله توبتي بعد الزنا؟ وهل يغفر لي؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلا هو، إليه المصير، والصلاة والسلام على إمام التائبين القائل: "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" أخرجه البخاري (11/85) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، صلى الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إلى الأخت السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع.
أختي السائلة، لقد قرأت رسالتك بكل مرارة وحزن، ويعلم الله أنه قد ساءني جداً ما وقعت فيه من جريمة الزنا، تلك الجريمة المنكرة، والكبيرة الموبقة المهلكة، والتي هي عدوان آثم على العرض، وهتك للستر، وتدنيس للشرف، وقتل للفضيلة، وإماتة للعفاف والحشمة، ونشر للرذيلة، وإضاعة للأحساب والأنساب، وعار وشنار على صاحبها، فهذه الجريمة البغيضة تنافي الإيمان وتجافيه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" متفق عليه البخاري (2475) ، ومسلم (57) ، وعنه - صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان كالظلة، فإذا خرج من ذلك العمل عاد إليه الإيمان" أخرجه الترمذي (2625) ، وأبو داود (4690) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، ومع هذا كله وفوق هذا كله من تاب إلى الله تاب الله عليه، بل إذا صدق في توبته فإن الله يبدل هذه السيئات إلى حسنات، وإن شئت فاقرئي قوله - تعالى -: "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان: 68-70] .
أرأيتِ - يا أمة الله - كيف أن الله - جلَّت قدرته ووسعت رحمته - لطيف بعباده: "يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً"، بل قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله -سبحانه وتعالى وتقدس في عليائه - يفرح بتوبة العبد حين يتوب إليه، عن أنس -رضي الله عنه-قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح" متفق عليه البخاري (6309) ، ومسلم (2747) ، واللفظ لمسلم.
فيا أمة الله، البدار البدار إلى التوبة النصوح، والرجوع إلى الله والندم على ما حدث، ولقد وضع أهل العلم شروطاً للتوبة النصوح وهي:
(1) الإقلاع عن الذنب.
(2) الندم على فعل هذا الذنب والبكاء عند تذكره.(19/244)
(3) العزم الأكيد على عدم العودة إليه مرة أخرى.
فسارعي بالتوبة يا أمة الله بمجرد قراءتك لهذه الكلمات، وأذرفي الدمع سخيناً سخياً على ما فات، عسى الله أن يطلع عليك بعين الرضا، فيتوب عليك ويقبلك، فلا تقنطي من رحمة الله. عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إن الله -تعالى- يبسط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار؛ ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" أخرجه مسلم (2759) .
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" أخرجه مسلم (2703) ، وهناك أمور يجب عليك أن تراعيها وهي:
(1) البعد كل البعد عن مصاحبة أهل الشر والفجور من نساء ورجال، فيجب أن تقطعي علاقتك بكل صاحب سوء وخصوصاً من كانت لك معه علاقات آثمة.
(2) البعد عن كل شيء يثير شهوتك، ويزيد من فورانها، سواء كان هذا مسموعاً أو مشاهداً أو مقروءاً.
(3) الإكثار من الاستغفار والمحافظة على الصلاة، وقيام الليل، وقراءة القرآن وقراءة ما ينفعك في دينك ودنياك وسماع الأشرطة الإسلامية النافعة.
(4) عليك دائماً أن تتذكري أن الله يطلع عليك ويراك، فاحرصي أن يراك حيث أمرك ويفتقدك حيث نهاك.
(5) عليك بمصاحبة أهل الخير، وحضور مجالس العلم والذكر.
(6) عليك الإسراع بالزواج إذا تقدم لك شاب صاحب دين وخلق، فهذا أجمل لك وأستر.
(7) عليك بغض البصر عن كل ما حرم الله عليك من النظر إلى الرجال وكل ما يثير شهوتك؛ امتثالاً لأمر الله - تعالى-: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن" [النور: 31] .
(8) عليك أن تشغلي نفسك بطاعة الله؛ لأن النفس إذا لم تشغليها بطاعة الله شغلتك بالمعصية.
(9) إذا كان عندك شهوة قوية ولم يتيسر لك الزواج بعد فعليك بالصوم؛ لأن الصوم يحد من لهيب الشهوة، ويطفئ من نارها، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء" متفق عليه البخاري (1905-5065) ، ومسلم (1400) ، ومعنى قوله: "فإنه له وجاء" أي وقاية له من الوقوع في الحرام، والنساء في ذلك مثل الرجال؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "إن النساء شقائق الرجال" رواه الترمذي (113) وأبو داود (236) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(10) عليك بالتحلي بالعفاف والحشمة والوقار حتى ييسر الله أمر زواجك قال -تعالى-: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنهم الله من فضله" [النور: 33] .
(11) عليك بالالتزام بشرع الله في كل كبيرة وصغيرة، وعليك بارتداء الحجاب الشرعي والمحافظة على سمعتك وسمعة أهلك.
(12) عليك بكثرة الدعاء والتضرع إلى الله واللجوء إليه بأن يقبل الله توبتك ويغفر زلتك، ويستر عيبتك، ويعفو عن خطيئتك، ويطهر قلبك، ويحفظ فرجك، وييسر أمرك بالزواج، وأبشري بخير فهو - سبحانه - القائل: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة: 186] ، وقال -تعالى-: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء" [النمل: 62] .(19/245)
(13) وأخيراً أقول لك إذا يسَّر الله أمر زواجك احذري ثم احذري ثم احذري أن تخبري زوجك بما كان منك في سالف زمنك، فاستري على نفسك كما ستر الله عليك، وأكرر وأقول: إياك ثم إياك ثم إياك أن تخبري زوجك أو أي أحد مهما كان قريباً منك أو حبيباً إلى قلبك، فلربما انقلب هذا القريب إلى بعيد والحبيب إلى عدو بغيض، فاحذري - يا أمة الله - أن تخبري أحداً بذلك، فكم من بيوت هدمت بسبب ذلك.
هذا والله أعلم، والله أسأل أن يستر علينا وعليك وعلى سائر المسلمين في الدنيا والآخرة، إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/246)
وقع فيما يوجب الرجم
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الزنا
التاريخ 2/12/1424هـ
السؤال
وقعت فيما يوجب الرجم بالرغم من كوني محل ثقة الناس وتقديرهم، ولا أدري ما أصنع؟ فقد انهارت أعصابي للتناقض الذي أشعر به.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ما وقعت فيه إثم كبير، وجرم عظيم، يقول الإمام أحمد - رحمه الله-: "لا أعلم ذنباً أعظم بعد الشرك، وقتل النفس من الزنا"، ولذا قرنه الله بهما في كتابه: "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً" [الفرقان: 68] .
يجب أن تشعر بحرقة الذنب، وألم المنكر، بل وبشاعته، ويجب أن تشعر كذلك بوخزة الضمير على التناقض الذي تعيشه؛ فأنت محل ثقة الناس وتقديرهم ... لكن يجب ألا يصل بك هذا الشعور إلى حد القنوط واليأس من رحمة الله، فإياك أن يظفر الشيطان منك بهذا، فترتكب خطيئتين، ليست الثانية (القنوط من رحمة الله) بأهون من الأولى (الوقوع في الفاحشة) ، فالله أمر نبيه أن يدعو عباده إلى الأوبة إليه غير قانطين ولا يائسين: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله" [الزمر:53] .
إنه ليس بينك وبين رحمة الله إلا أن تلجأ إلى التوبة، فتتفيأ ظلالها، وتتقي بها عذاب الله ومقته.
إن هذا الشعور يجب أن تستشعره؛ لأنه أول خطوة للتصحيح، فما التوبة إلا ندم يعقبه إصلاح للحال، وتكفير للخطيئة بالإكثار من عمل الصالحات، ولذا كثيراً ما يقرن الله التوبة بعمل الصالحات،؛ كقوله: "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى أثاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً.." [الفرقان:68، 69] ، وكقوله: "فخلف من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً ... " [مريم:59 -60] ، وكقوله: "إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم" [آل عمران:89] ، وكقوله: "فأما من تاب وآمن وعمل صالحاً فعسى أن يكون من المفلحين" [القصص:67] ،وكقوله: "إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم" [البقرة: 160] .
وما أحدث عبد ذنباً إلا وجعل الله له إلى التوبة مخرجاً ميسراً، ولو كانت التوبة مُعجِزَةً أحداً أن يسلك سبيلها لكان الله قد كلف عباده ما لا طاقة لهم به، والله -سبحانه- منزه عن ذلك أعظم التنزيه.
فخذ بأسباب الهداية، واستعن بالله ثم بما يعينك على عدم العود إلى سابق عهدك، والزم صحبة صالحة تعينك على طاعة الله، وتملأ قلبك من محبته وخشيته، وابتعد عن مواطن الفساد والفتنة، وطهِّر بيتك من مهيجات الفتنة، وداعيات السوء والفحشاء.
وقاك الله شر نفسك وشر الشيطان وشركه، وصلى لله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/247)
أعينوني على صديقي!
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الزنا
التاريخ 26/05/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
لي صديق منحرف، وانحرافه يتمثل في الزنا ومغازلة النساء - الله المستعان- هل يمكن إرشاده؟ وما هي الطرق المعينة على ذلك؟ وهل توجد مراجع (كتب أو مواقع) أسترشد بها لمثل هذه الأمور؟
والله الموفق.
الجواب
أخي الفاضل -سلمه الله-: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فأشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، وحرصك على أمر دينك، وأرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة.. نعم يمكن إرشاده ونصحه، ولا يجوز أن تيأس من صلاح الناس وهدايتهم مهما بلغ فسادهم وانحرافهم، والواجب الاجتهاد في الدعوة وسلوك أحسن السبل والوسائل الشرعية لتحبيب قلبه للطاعة وكره المعصية، ولا شك أنك بحاجة إلى من يعينك من الدعاة والمصلحين وما أكثرهم ولله الحمد والمنة، فأشير عليك أن تتحدث مع من تراه قريباً من بيتك، أو عملك، أو من قرابتك من أهل الصلاح، فسيدلوك على كثير من الوسائل المعينة، ولا بأس أن أذكر لك بعضاً منها:
- إهداؤه شريطاً دعوياً وعظياً مناسباً ومؤثراً، وهذا تجده في التسجيلات الإسلامية.
- إعطاؤه كتاباً أو كتيباً صغيراً يدور حديثه عن الإيمان وتقويته، أو عن الموت، أو عن
خطورة الزنا وطرق الانحراف، وهي كثيرة جداً في المكتبات.
- تشير على بعض أهل الدعوة والصلاح أن يقوموا بزيارته.
- تحاول أن تصحبه معك في محاضرة أو زيارة لعالم أو داعية.
- ذكِّره بالصلاة؛ فإنها مفتاح كل خير.
- ادع له بالهداية في ظهر الغيب، واصدق في دعائك.
- تحدّث معه بحوار هادٍ عن مغبة هذا الطريق وخطورته عليه في الدنيا والآخرة.
- اصحبه للمقابر؛ ليتذكّر الموت وسكرته، والقبر وظلمته، ولو تيسَّر لك إهداء شريط
يتحدث عن الموت وتغسيل الموتى والعبر التي يذكرها من يقومون بذلك فحسن.
- تذكّر أن لك في دعوته ونصحه أجراً عظيماً، واعلم أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال كما في الصحيح: "لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم".
- لا تستعظم هدايته أو توبته، ولا تتصور أنها بعيدة عنه أو مستحيلة أبداً، فكل إنسان فيه بذرة صالحة يحتاج من يحييها في قلبه ويوقظها في روحه، وتذكّر أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- كان من أعدى أعداء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحاول قتله، حتى لما طمع بعض الناس في هدايته استبعدها آخرون، حتى قال قائلهم: (لو أسلم حمار آل الخطاب ما أسلم عمر) ، وشاء الله أن يسلم، ويصبح حصناً من حصون الإسلام المنيعة، فليس هناك شيء عظيم على الله، فتأمل.
- وأشير عليك بزيارة لأي مكتبة قريبة منك، وانظر في ركن كتب الدعوة، وستجد ضالتك في هذا الباب.
وفقك الله لكل خير، وجعلك من الدعاة الناصحين، والهداة المهديين إنه جواد كريم.
والسلام عليكم.(19/248)
أخي والخادمة
المجيب سعد بن عبد الله الماجد
عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الزنا
التاريخ 03/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي أني أشك في علاقة أحد إخوتي بالخادمة، فلقد رأيته في غرفتها، وعندما واجهته أمي ادَّعى أنه يبحث عن غرض له، وهذا الأمر يتكرر كثيراً معي، فدائما أشاهده إما يحادثها أو خارجا من غرفتها ليلاً، كما أن الخادمة تقضي وقتاً طويلاً في تنظيف غرفته ومكتبته الخاصة, أفعاله هذه في ازدياد، حتى بعد زواجه، وإحدى الخادمات رفضت العمل بسببه، والأخرى اشتكت لي من تحرشه بها، أنا بدوري أخبرت والديَّ بكل ما يحصل، ولكني لم أر أنهم فعلوا شيئاً، بل أحس أنهما يخجلان من الحديث معه مباشرة، ويكتفيان بلمزه بالكلام، أنا في حيرة من أمري معه، ومشاعر الكره والاشمئزاز تزيد في نفسي تجاهه، ومللت من التكتم على الموضوع والمداراة عليه، والوساوس تتسلل لنفسي، فلماذا أنا الوحيدة بالعائلة التي أراه وأكتشفه بهذا الوضع؟ حتى أن أمي ملّت من شكواي منه، وبدأت تتهمني بالمبالغة والوسوسة، وأنا لا أملك القدرة على مواجهته، فدموعي تسبقني، أرجو المساعدة منكم، وتوجيهي للتصرف السليم تجاه هذا الأمر، خصوصا وأن مشاعر الكراهية لأخي تزداد، وبدأت أشك في كل تصرفاته، ولم أعد أرتاح للجلوس معه ولا بوجوده بالبيت، وخاصة إذا كنت لوحدي، ولكم مني صادق الدعوات وجزيل الشكر.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هذه إحدى مشاكل استقدام الخادمات بلا محرم، وعدم تحجبهن عن الرجال سواء كان الكفيل أو أولاده من الذكور، أيضا كثير من الأسر لا ترفع عوداً من الأرض إلا وتطلب الخادمة لرفعه، حتى غرف النوم تنظفها وتدخل إليها كما في هذه المشكلة.
وجود امرأة أجنبية عن البيت من أسباب الفساد الأخلاقي، ووقوع كثير من المشكلات الأخلاقية والأمنية، وعدم تفهم الآباء والأمهات لمكمن الخطر في استقدام الخادمات يزيد من تفاقم المشكلة، وتحل المصائب على البيت ومن فيه.
أرى بأنه في سبيل حل المشكلة فلا بد من الأمور التالية:
-إذا كان هذا الأخ يبغض الخادمة ثم تغير فجأة فهذا نذير خطر فقد يكون مسحوراً. أو إذا كان يبحث عن الخادمة ويطلبها من غير اختيار فكذلك.
-.إذا كان العكس فيكون مبتلى بحبها والعياذ بالله، وفي جميع الأحوال لابد من اتصالك بركن شديد في البيت، الأب واطلاعه على ذلك وعلى الوقت حتى ينظر في القضية، فإن لم يكن فأخ لك حتى يوقف فساد هذا المد.
فإذا تبين بعد ذلك أن هذا الأخ جاء الفساد من قبله فأرى تسفير هذه الخادمة بغير رجعة، وعدم استقدام أخرى والاعتماد على أنفسكم، وترك الكسل الذي يجر المصائب.
أما إذا تبين أن رغبته هذه في الخادمة بغير استطاعة فيقرأ عليه، فقد يكون مسحوراً ويمنع من البيت إلى وقت، ويحقق مع الخادمة حتى تعترف ويخرج السحر حتى يتلف، وتسلم للجهات الأمنية حتى تحاسب على فعلتها الشنيعة.
وعدم تسفيرها فيه مصلحة؛ لأنها قد تكون سحرته فتخرج هذا السحر، أما إذا سافرت فيتفاقم الوضع إلى ما لا يحمد عقباه ...
أيضا قللي من مضايقتها أو مكاشفتها بذلك لتعترف، فقد تجرك إلى مهاوي الرذيلة من حيث لا تشعرين والسلامة لا يعدلها شيء.
في الأخير عليك بدعاء الله - تعالى - في حل هذه المصيبة، وأن يجنب أهله الفساد والشقاق وأهل السوء.
والله يحفظكم ويرعاكم.(19/249)
أدمن على الزنى فرغب عن الزواج
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الزنا
التاريخ 28/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابتليت وأنا في صغري بكثرة الزنا حتى قبل أشهر، حيث كانت حياتي مرتبطة بالنساء، حيث تدربت على يد بنت الجيران؛ كانت تكبرني بخمس عشرة سنة، وأنا حينها في السادسة عشرة من عمري، وبعدها عرفت طريق الزنى، وأرى كل بنت يسهل التعرف عليها أو يمكن أن تخون، لقد عشعش هذا التفكير على حياتي، ولم أستطع تغييره بكل السبل، لا أخاف من الزواج بل كرهته، وكرهت الكلام والجلوس حتى في العمل، بل أعاملهن أقل درجة (إلا الجنس فهو لغريزتي) ، لجأت لديني بعد أن منَّ الله علي بالهداية. فهل من حل؟
الجواب
الأخ الكريم سلمه الله ورعاه، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة.
والجواب على ما سألت كالتالي:
- فأبارك لك توبتك ورجوعك إلى الله، وهنيئًا لك فرح الله بك وبعودتك إليه، ونرجو الله أن يقبلنا جميعًا عنده ويغفر لنا، ويعفو عنا، ويثبتنا جميعًا على الإيمان والطاعة حتى نلقاه وهو راض عنا.
- نعم، هناك حل ودواء لما تشكو منه؛ فإن الله ما أنزل من داء إلا وله دواء، ونحمد الله أن شرح صدرك للطاعة، ولبغض المعصية، وهذا أول الطريق الذي يسلكه العبد الجاد في التوبة والبعد عن المعصية، إن وجود الرغبة الملحة لترك المعصية ولبغضها هو الوقود- بعد عون الله- للانتصار على النفس الأمارة بالسوء، فأبشِرْ بخير، واعلم أنك بحاجة إلى أن تنتبه لبعض الأمور التي سوف أقترحها عليك للفوز بالنفس المطمئنة، وانشراح الصدر بالطاعة وكراهية المعصية، ومن ذلك:
1- أكثر من تذكر بشاعة تلك الجريمة؛ ليزداد بغضك لها ونفورك منها، لاسيما إذا تذكرت لو أن المزني بها أمك، أو أختك، أو زوجتك، أو بنتك، فهل ترضاه لهن؟ لاشك أنك لا ترضاه، وكذلك الناس لا يرضونه لنسائهم.
2- أؤكد عليك أهمية الزواج ووجوبه عليك؛ ليعصمك من الرجوع إلى ذلك الذنب مرة أخرى؛ لأن فيه غنية وعفافًا، وليس بصحيحٍ نظرتك إلى الزواج وكراهيتك بناء على نظرتك السوداء للنساء بحكم تجاربك معهن، فإن النساء ليسوا سواء، وكذلك الرجال، والناس يقولون: أصابعك ليست سواءً. وكذلك الحال في الناس؛ ليس كل من وقع في فاحشة أو خيانة يكون الناس كلهم كحاله، فتأمل هذا جيدًا، واعلم أن في الأمة من النساء الخيرات الصالحات القانتات من يسرك عفافهن وحشمتهن ودينهن، فلا بد من أن تقدم على الزواج عاجلًا وليس بآجل.(19/250)
3- تذكر أن الإخلاص لله عز وجل- في التوبة النصوح، والعمل الصالح واجب، وأن العبد إذا لجأ إلى ربه بإخلاص وصدق وفَّقه الله وأعانه وصرف عنه السوء والفحشاء، قال سبحانه عن يوسف عليه السلام: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [سورة يوسف: 24] . فأخبر سبحانه أنه صرف عن يوسف السوء من العشق والفحشاء من الفعل؛ بإخلاصه، فإن القلب إذا أُخلص وأَخلص عمله لله لم يتمكن منه عشق الصور، فإنه إنما يتمكن من القلب الفارغ.
4- لابد من توطين النفس على الصبر فالصبر خصلة محمودة، وسجية مطلوبة، وعواقبه جميلة، وآثاره حميدة، وهو علاج ناجع، ودواء نافع، وأكثر الناس له حاجة من يتعرض لفتن الشهوات خاصة فهو أحوج الناس إليه، فلابد من التذرع به، وأن تتكلفه وتوطن النفس عليه وتتجرع مرارته في بداية الأمر لتذوق حلاوته في النهاية، ومن ثم يصبح لك سجية وعادة. وفي صحيح البخاري (1469) ومسلم (1053) عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَصْبِرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِنْ عَطَاءٍ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنْ الصَّبْرِ".
5- املأ قلبك بمحبة الله عز وجل، من خلال تذكر نعمه عليك، وستره لك على ما فعلت، ومع ذلك يقبلك إذا عدت إليه، ويحبك ويقربك، ولا يخفى عليك أن في القلب فقرًا ذاتيًّا، وجوعًا، وشعثًا، وتفرقًا لا يلمه ولا يسده إلا محبة الله والتوجه إليه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله: (فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يلتذ ولا يسر ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه وحبه والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه، ومن حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه، وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة) .
فإذا خلا القلب من محبة الله تناوشته الأخطار، وتسلطت عليه سائر المحبوبات، فشتتته وفرقته وذهبت به كل مذهب.
6- حافظ على الصلاة مع جماعة المسلمين، فإن الله يقول: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ واللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون) [العنكبوت: 45] . فكم في ترداد المسلم إلى المسجد من تزكية لنفسه وصلاح لقلبه.
7- احرص على غض البصر ما استطعت إلى ذلك سبيلًا؛ فمن غض بصره أطاع ربه وأراح قلبه، وسلِم من تبعات إطلاق البصر، ونجا من التعلق بحب الصور التي يراها، وقد قيل: (إن حبس اللحظات أيسر من دوام الحسرات) .
8- لابد من البعد عن المثيرات التي تحرك كوامن الشهوة، وتدعو إلى فعلها من الاختلاط بالنساء، ومشاهدة الأفلام، وسماع الأغاني، ولابد من قطع صلتك بما يذكرك بالفاحشة.
9- اشتغل بما ينفعك وتجنب الوحدة والفراغ ما استطعت.
10- أكثر من الدعاء والابتهال إلى الله بأن يصرفك عن السوء والفحشاء، وأن يحبب إليك الإيمان ويزينه في قلبك، فإنه على كل شيء قدير.
11- احرص على الصحبة الصالحة فإنها مفتاح كل خير، وتجنب صحبة الأشرار فإنها مفتاح كل شر وبلاء.(19/251)
12- تذكر العواقب السيئة من فعل هذه الفاحشة؛ من الأمراض المستعصية، ومن الفضيحة وغير ذلك، وليكن لك عبرة بمن ابتلوا بالفضيحة أو الأمراض، ومعلوم أن الشهوة الخاطئة، والنزوة العابرة سيعقبها حسرة وندامة، وخزي وعار، وذلة وشنار، وأن لذتها ستصير عذابًا فتذهب اللذات وتبقى التبعات والحسرات.
تَفْنَى اللَّذَائِذُ مِمَّنْ نَالَ صَفْوَتَهَا*** مِنَ الحَرَامِ وَيَبْقَى الإِثْمُ والعَارُ
تَبْقَى عَوَاقِبُ سُوءٍ فِي مَغَبَّتِهَا *** لَا خَيْرَ فِي لَذَّةٍ مِن بَعْدِهَا النَّارُ
13- أكثر من زيارة القبور لتذكرك الآخرة فتتعظ وتزهد في المنكر.
هذا، وأسأل الله لي ولك الهداية والرشاد، والعفو والعافية، والتوفيق والسداد، إنه جواد كريم. والسلام عليكم.(19/252)
كيف أنقذ هذا الطفل من الاغتصاب؟
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الشذوذ الجنسي
التاريخ 16-12-1423
السؤال
مجموعة من شباب الحي المجرمين يغتصبون أحد أطفال الجيران ويمارسون ذلك معه مراراً وهو كاره لكنهم يهددونه بالضرب وبالفضيحة، والأعجب من ذلك أن والد الطفل لا يعلم، والطفل نفسه يخاف من أبيه إذا علم بذلك الموضوع، وعمر الطفل الآن10 سنوات.
سؤالي: ما هو واجبي أنا؟ وهل هناك جوانب في التربية كانت السبب في تلك المأساة؟
أرجو التوجيه جزاكم الله خيراً.
الجواب
الأخ الكريم ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم "
أيها الأخ الكريم:
إن هذا الطفل في الحقيقة واقع بين ثلاث دوائر كل واحدة منها تعتبر إشكالية بحدّ ذاتها، فالدائرة الأولى هي دائرة ذلك الأب بعنفه وقسوته مع أبنائه حتى بدت المشاكل التي تعصف بهم أهون عليهم من علم أبيهم بها ومن ثم تلقي اللوم القاسي وربما العقاب الأليم.
هذه النوعية التربوية عند بعض الآباء لا يمكن لها أن تولّد إلا أبناءً يغلب الخوف عليهم وتتحطم نفسياتهم وتضعف ثقتهم بذواتهم فلا يستطيع الواحد منهم أن يقول ما يريد أو على الأقل أن يدافع عن نفسه إذا ظُلم أو اعتدى عليه أحد.
الإشكالية الثانية التي يعيشها ذلك الطفل هي ضعفه وخوفه سواء من والده أو من هؤلاء المجرمين فأصبح ألعوبة بأيديهم نتيجة لذلك الخوف عنده وقلة الثقة لديه ودنو همته وما ذلك إلا نتيجة كما قلت إلى نوعية التربية التي تلقاها من والديه، فهذه النفسية جعلته دائم الخوف من والده ونتيجة لذلك رضي بأن ينخرط في ذلك العمل المشين وبأن يكون أداةً يجد العابثون فيها بغيتهم من ارتكاب الفاحشة فيه ويرى أن ذلك أيسر عذاباً وأهون شراً من معرفة والده بحقيقة معاناته.
أما الإشكالية الأخيرة فهي تلك البيئة السيئة وذلك المجتمع العفن وهذا الحي القذر الذي يعيش فيه هذا الطفل والذي ولّد مثل هؤلاء المراهقين المجرمين فأصبحوا هماً لا يطاق على الساكنين وجرماً يجرمون به في حق أنفسهم وحق الآخرين. والإنسان العاقل حينما يشاهد مثل هذا العفن في الحي فالارتحال عنه يكون أنجح وسيلة وأهم طريقة للخلاص بالنفس والأولاد من براثن هذا الوحل الذي تنتشر فيه جراثيم الفاحشة ومعاول الهدم للأخلاق وللفضيلة
أيها الأخ الكريم
إن اهتمامك بهذا الأمر وبهذا الطفل الصغير لهو دليل وعي وشعور بالمسؤولية تجاه أبناء جيرانك وهو أمر تؤجر عليه بإذن الله تعالى والنفع والفائدة تتم إذا واصلت عملك وخلّصت ذلك الطفل من هذا الوحل الذي وقع فيه.
ولذلك فإن الواجب عليك عمله هو القيام بعمل يتكون في الحقيقة من مرحلتين هما في غاية الأهمية:
الأمر الأول هو انتشال ذلك الطفل البريء من بين أيدي هؤلاء الشباب الذئاب المجرمين كما وصفتهم في سؤالك وذلك إما بإيقافهم عند حدهم والتكلّم معهم وتوبيخهم أو بتهديدهم إن لم ينتهوا عن مضايقة ذلك الطفل والاعتداء عليه بإخبار الجهات المختصة والمسؤولة عن مثل هذه القضايا.(19/253)
وأما الطفل فيجب عليك الالتقاء به والتحدث معه والتحبب إليه بالكلمة اللطيفة والابتسامة الجميلة حتى يرتاح إليك ويثق بك ومن ثم يسهل عليك مصارحته بأفعاله وإعطائه جرعة أكبر من الثقة بالنفس ليثق في نفسه وتعلوا همته ومن ثم يستطيع رفض مطالب هؤلاء المجرمين وكراهيتهم وأنهم لا يستطيعون إخافته أو تهديده.
المرحلة الثانية من العلاج وهي مرحلة متأخرة عن الأولى قليلاً خاصة إذا رأيت تمادياً في ذلك العبث وهذا الجرم بحق هذا الطفل وهو التدخل في الأمر وإيصال خبره إلى والد الطفل فهذا من الأمانة ومن حقه عليك كأخ مسلم لك.
دورك هنا ليس فقط إيصال الخبر للأب بل بالجلوس معه ومناقشته والتوضيح له أن أسلوب العقاب والزجر القاسي الذي يتبعه مع أبنائه هو الذي أوجد مثل هذه المشكلة إذ لو كان هذا الطفل لا يخاف من أبيه لأخبره بالأمر من حين البداية وقبل الدخول إلى أوحال اللواط والفاحشة. إن شدة الأب وقسوته يجب أن تتغير وتتبدل إلى اللين والمفاهمة والمناقشة مع الأبناء كي يشعروا بالأمان معه وليس بالخوف والفزع والرهبة منه.
هذه المفاهيم يجب عليك إيصالها إلى ذلك الأب كي يتعدل سلوكه ويحنوا على أولاده إذ القسوة لم تكن أبداً وسيلة تربوية ناجحة مع الأولاد.
شكر الله لك سعيك ووفقك.
وأعلم وفقك الله أن مشكلة اللواط من المشاكل التي توجد في الكثير من المجتمعات وعلى مر التاريخ حتى أن الله سبحانه وتعالى أرسل أحد رسله إلى قومه لا لشيء إلا لعلاج هذه المشكلة التي أصبحت بحكم الظاهرة المشاهدة والمتفشية في كل مكان وعند كل مجموعة من الأفراد في ذلك المجتمع المريض، أرسل الله سبحانه وتعالى نبيه لوطاً عليه الصلاة والسلام إلى قومه لأنهم بانحراف طباعهم جاءوا بشيء لم يسبقهم إليه أحد وهو فاحشة اللواط والتخلي عن الاستمتاع بالنساء بل المتعة لا يرونها إلا في هذا العمل المشين.
وقد ظلت النظرة إلى هذا العمل نظرة ريبة ومقت وازدراء في كثير من المجتمعات لما تتسم به من مخالفة ظاهرة وواضحة للفطرة السليمة التي خلق الله الخلق عليها، ولذلك بقيت هذه الفاحشة محل تستر وخفاء ومكان مظلم لا يجرؤ الإنسان المنحرف أو الشاذ إلى فعله إلا مختفياً عن الأنظار ومبتعداً عن الضوء كي لا يفتضح أمره أمام الملأ، ولشدة مقتها وبعدها عن النظرة السليمة والخلق المستقيم والذوق المعتدل قد لا يتصور الإنسان النظيف أنه يمكن أن تكون لديه الشهوة الجنسية مع إنسان ذكر، ولذلك يقول عبد الملك بن مروان " والله لولا أن أمر اللواط " الشذوذ الجنسي" ورد ذكره في القرآن لما صدّقت أن ذكراً يعلو ذكراً " ولسوء هذه العلة القبيحة كان جزاء المرتكب لها في جميع الأديان هو القتل إذ هو يعتبر كالجرثومة التي تنخر في جسد الأمة وفي جسم المجتمع ولا صلاح لها إلا بالخلاص منه واجتثاث أصوله.(19/254)
وفي هذا الزمن ومع انتشار الحرية المغلفة بالديمقراطية ومن ثم الموجات التحررية المتتالية التي نشأت في المجتمعات الغربية وكإحدى ثمار الحداثة وما بعد الحداثة النافية للحقيقة المطلقة وأنه لا أحد يمتلك الحق وما يكون حقاً في نظر الإنسان قد لا يكون هو الحق بذاته أو هو حق عند الآخرين وعليه فكلٌّ له الحق في عمل ما يريد وما يشاء حتى ولو كان ذلك العمل فيه اعتداء على الفكر أو الدين أو الأخلاق أو الفطرة السليمة. ونتيجة لذلك برز الشذاذ في المجتمعات الغربية وعلا صوتهم بعد أن كانوا مقموعين ومنبوذين وشكلوا الجمعيات باسهم وأنشئوا الرابطات التي تجمعهم وتتكلم باسمهم بل وتناضل من أجلهم، ثم ما لبثوا أن اخترعوا أمراً جديداً وهو محاولة التلبيس على الآخرين بأنهم ليسوا شذاذاً، واللواط إنما هو أمر فطري خَلقي " بفتح الخاء" بمعنى أن الميل نحو نفس الجنس ليس ناشئاً بسبب انتكاسٍ في الفطرة أو الخُلُق بقدر ما هو استجابة لنوعية معينة من الهرمونات الموجودة في الجسد بحيث تجعل صاحبها لا يميل جنسياً إلى الجنس الآخر بل إلى نفس الجنس، وكل هذا لا لشيء إلا لمحاولة إبراز الشاذين إلى المجتمع كأسوياء، والتخلص من نظرة الناس الطبيعيين السيئة تجاههم المستقبحة لفعلهم والماقتة لشذوذهم.
يقول الدكتور منتصر أبو الهيجاء في رسالة له إلى هذا الموقع حول هذا الموضوع " وأفيدكم بأنه لم يثبت طبياً أن للهرمونات علاقة بهذا المرض الأخلاقي العضال والذي يكون سببه الرئيسي هو الانحلال الأخلاقي لا غير " انتهى كلامه.
ويعضد هذا الكلام أن نسبة كبيرة من الشذاذ لا يكون تلذذهم الجنسي إلا تجاه الأطفال من الذكور ويكرهون الكبار ولو كان الأمر مسألة هرمونات لتساوى الأمر. أيضاً الشاذ في أغلب الأحوال يتمتع بالنظر واللمس وليس الاتصال الكامل مع الأطفال الذكور وهذا يدل على أن المسألة هي مسألة بحث عن جمال وحسن منظر وقد تعمق لدى الشاذ أنها موجودة في ذلك الطفل فلا تحصل له المتعة الجنسية والشهوة الغريزية إلا حينما يديم النظر إليه أو يقترب منه ومن ثم ارتكاب الفاحشة معه.
أما عن أسباب الوقوع في هذه الخاصية المقيتة وهذا الخلق السيئ فكثيرة جداً لعل أبرزها:
أولاً: عدم الخوف من الله والتورع عن معصيته وإذا ما أمن الإنسان عقوبة الله ولم يخف منه عمل الشنائع وصنع الأهوال.
ثانياً: وهو في نظري مفتاح الولوج إلى هذه الآفة وهي النظر المتتابع وإطلاقه على من حباه الله الجمال وحسن المنظر، فالإنسان إذا لم ينه نفسه ويزجرها عند بداية وجود ذلك الهاجس لديه تجاه الآخر نمى ذلك الحس عنده حتى يصبح في قلبه كالجبل فلا يستطيع له حراكاً ولا يرى لنفسه لذةً إلا بالوصال مع ذلك الإنسان واقتراف الفاحشة معه والعياذ بالله.
وكذلك أيضاً نوعية الجلساء والخلان والأصدقاء ونوعية التربية المتلقاة في البيت وفي المدرسة وكذلك البيئة المحيطة بالإنسان مثل الجيرة والحي وتفشى هذه الفاحشة القبيحة فيه كلها عوامل وأمور مساعدة على إمكانية ولوج الشاب إلى هذا العالم الفاسد والعفن.(19/255)
مشكلة الشذوذ
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الشذوذ الجنسي
التاريخ 27-8-1423
السؤال
مشكلتي أنني شاب أسعى بكل جهدي أن أكون طبيعياً ولكن لدي هرمونات تجعلني في حال انخفاضها أنقلب إلى إنسان شاذ.
أنا محافظ على صلاتي وحججت واعتمرت وعلاقتي بزوجتي جيدة.. حاولت الذهاب إلى طبيب فنصحني بالخروج للشارع ومصاحبة الشباب الفاسد.
أنا أخاف الله وأريد الحل أرجوكم.
الجواب
لا أستطيع أن أساعدك فيما يتعلق بالجانب العضوي لمشكلتك، فلست متخصصاً، ولا أدري عن مدى تأثير الهرمونات عليك، فمن الممكن مراجعة طبيب متخصص يستطيع تشخيص حالتك ووصف العلاج، إن كان ذلك ممكنا.
حقيقة يعيش الإنسان في قلق وهو يرى إعصار الشهوات يجتاح كل الحدود، ويستهتر بكل الأعراف، ويتنكر لكل الفطر، ولا يزيد مع الأيام إلا شدة وضراماً، يؤججه شياطين الإنس والجنس، وعبدة الدرهم والدينار، والضحية هم شباب أمتنا.
والشذوذ هو مثال حي من مجموعة أمثلة مظلمة شاهدة على الانحطاط الأخلاقي الذي استشرى في هذا العصر.
وغالباً ما يكون الشذوذ مرتبطاً بماض غير سوى يمر به من ابتلى بذلك، إذ لا يصل إليه الإنسان إلا بعد مرحلة متقدمة من الممارسة.
ولكونه مخالفة للفطرة، وعملاً مقززا وانتكاسة خطيرة جاء في ذمه وبيان بشاعته نصوص كثيرة.
فما عوقبت أمة من الأمم السابقة بمثل ما عوقب به قوم لوط - عليه الصلاة والسلام -، فقد حملهم جبريل عليه الصلاة والسلام بجناحه حتى جعل عالي قريتهم سافلها واتبعهم حجارة من سجيل منضود، قلبهم لأنهم قلبوا فطرهم السليمة، والجزاء من جنس العمل.
لذلك رأى بعض الفقهاء أن عقاب الشاذ أن يلقى من مكان عل ثم يتبع بالحجارة حتى يهلك.
وأخرج الإمام أحمد - رحمه الله - في المسند والحاكم وصححه ووافقه الذهبي - رحمهم الله جميعاً - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله من عمل عمل قوم لوط".
وقد أورد البدري في كتابه (ذم اللواط) بإسناد حسن قول الفضيل بن عياض (لو أن لوطياً اغتسل بكل قطرة من السماء لقي الله غير طاهر) ولعل هذا محمول على أنه إذا لم يتب.
وإضافة إلى أضرار الشذوذ الدينية مثل كونه كبيرة من كبائر الذنوب، ومدعاة لمحبة الفاحشة وبغض التعفف، وأضراره الخلقية كذهاب الحياء وقلة المروءة والرجولة، وذهاب النخوة والكرامة والأنفة، وزوال الغيرة فإن أضراره الصحية مخوفة، كالعزوف عن الزوجة، والإصابة بالأمراض الجنسية المختلفة كالزهري والسيلان، والإيدز، والأيام حافلة بكل جديد من هذه الأمراض ما دامت هذه الفعلة العفنة تزداد، بل وتسن القوانين لحماية أصحابها، وآخر انحطاط أن يعترف بشرعية نكاح الشاذين لبعضهم.
وبالرغم من أنه كبيرة وأنه انتكاسة فلم ينقطع باب الأمل في الشفاء من هذا الداء، نعم؛ فما أنزل الله من داء إلا أنزل معه دواء، علمه من علمه وجهله من جهله.
فمن أعظم وسائل العلاج:(19/256)
1. الإقبال على الله تعالى بالصدق والتوبة النصوح إليه والانطراح بين يديه، وما أقبل أحد على ربه صادقاً منيباً إلا وجده تواباً رحيماً، ولئن كان الشرك وهو أعظم ذنب يغفره الله بالتوبة فكيف بما دونه؟
2. مجاهدة النفس الأمارة بالسوء، فإن مثل هذا الداء المتأصل في النفس لا يمكن أن يزول بسهولة، ولا يتوقع من يصاب به أن يشفى في طرفة عين، بل الأمر يحتاج إلى مجاهدة وصبر ومصابره، حتى يتم الشفاء بإذن الله تعالى، قال سبحانه " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" [العنكبوت:69] .
3. البعد عن الأجواء التي تدعو الإنسان وتثيره لهذا العمل من أصدقاء السوء، والأفلام، والمجلات، والقنوات الفضائية وغيرها.
4. الدعاء، فهو سلاح ماض، ودرع واق، فكم من ضيق وسعه، وحزن أزاله، وكرب كشفه، (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) .
أسأل الله أن يمن عليك وعلى من ابتلي بذلك بالشفاء والتوبة.(19/257)
كيف أتصرف مع من أذنبت معهم؟
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الشذوذ الجنسي
التاريخ 23/12/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في الحقيقة لا أعلم من أين أبدأ؟ حيث إنني مسرف على نفسي في ارتكاب المعاصي، من لواط، وزنا، وغيبة، ونميمة، ولقد منَّ الله علي بالتوبة، فلله الحمد، سؤالي: كيف أتصرف مع من قمت بعملية اللواط معه؟ وماذا يجب علي تجاه المفعول به إذا كان حياً وإذا كان ميتاً؟ مع العلم أن كليهما واقع الآن، وما هو الواجب نحو والد أحدهما الذي توفى وهو غاضب علي؟ لعلمه بما حدث لابنه، وقوبل ذلك بجحود مني؟ وما هو الواجب الديني تجاه ما قلته سابقاً؟ -وجزاكم الله خيراً-، وأرجو من كل من قرأ هذا الموضوع ألا ينسانا من الدعاء بالثبات، وللقائمين على الموقع بالسداد والإخلاص، وحسن الخاتمة، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
الجواب
الحمد لله القائل: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقطنوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر:53] ، والصلاة والسلام على النبي القائل: "إن الله يبسط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار؛ ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" رواه مسلم (2759) من حديث أبي موسى - رضي الله عنه - أما بعد:
فإلى الأخ التائب: - وفقه الله للخير- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لقد قرأت رسالتك، وسرني جداً توبتك إلى الله، وشعرت من خلال الرسالة ندمك على ما فات من إسرافك على نفسك، وهذه من علامات صدق التوبة، كذلك حرصك على إبراء ذمتك مما فعلت معهم المعاصي، فالله أسأل أن يتقبل توبتك، ويغفر زلتك، ويستر عيبك، ويطهِّر قلبك، ويحصن فرجك، ويقيك شر نفسك والهوى والشيطان، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أما جواب ما سألت عنه فإليك بعد عون الله أقول:
لقد ذكر أهل العلم شروطاً للتوبة، قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى- في كتابه القيم: (رياض الصالحين) (24-25) ، [قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله - تعالى- لا تتعلق بحق آدمي، فلها ثلاثة شروط:
أحدهم: أن يقلع عن المعصية.
والثاني: أن يندم على فعلها.
والثالث: أن يعزم ألا يعود إليها أبداً.(19/258)
فإن فقد أحد الثلاثة لا تصلح التوبة، وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالاً أو نحوه رده إليه، وإن كانت حد قذف ونحوه مكَّنه منه، أو طلب منه عفوه، وإن كانت غيبة استحله منها ... ] ا. هـ، وعلى هذا أقول: يجب عليك أن تطلب العفو من كل من اغتبته أو سعيت بينه وبين الناس بالنميمة، وربما لو ذهبت لأحد من هؤلاء كي تستحله لا يحلك، ولعل هناك مشاكل أخرى تحدث، فالذي أراه في حقك تجاه هؤلاء الناس الأحياء منهم والأموات، أن تستغفر لهم، وتذكرهم بالخير، والثناء الحسن، وكل مجلس اغتبت فيه أحداً تحرَّ أن تذكره بالخير في المجلس نفسه، وهذا القول هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم الجوزية - رحمهما الله تعالى-، فهذا جواب ما سألت عنه، والعلم عند الله، وإليك هذه النصائح فتقبلها مني بقبول حسن؛ فإني أحب لك الخير كما أحبه لنفسي علم الله ذلك:
(1) عليك دائماً وأبداً بتجديد التوبة والإنابة إلى الله -تعالى-.
(2) عليك بالبعد عن كل ما يذكرك بماضيك.
(3) عليك بمصاحبة أهل الخير من طلبة العلم، والدعاة، والصالحين.
(4) عليك بحضور مجالس العلم والذكر، والبعد كل البعد عن قرنا السوء.
(5) عليك بكثرة القراءة في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وسير السلف الصالح.
(6) يفضل تكوين مكتبة في بيتك؛ تأوي إليها من حين لآخر، تحتوي على بعض المراجع التي لا غنى للمسلم عنها.
(7) عليك بغض البصر عن الحرام سواء كان ذلك مقروءاً أو مسموعاً، أو مشاهداً؛ امتثالاً لقول الحق: - جل وعلا-: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم" [النور:30] .
(8) عليك بالمبادرة بالزواج إذا كنت مستطيعاً لذلك، وإن لم تكن مستطيعاً فعليك بالصوم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء" متفق عليه عند البخاري (1905) ، ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه- ومعنى: "فإنه له وجاء" أي: وقاية من الوقوع في الحرام.
(9) عليك بالحياء والعفة حتى ييسر الله أمر زواجك، إن لم تكن متزوجاً، قال -تعالى-: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله" [النور:33] .
(10) عليك بممارسة الرياضة النافعة لك.
(11) عليك بالمحافظة على الطاعات والإكثار منها؛ فالحسنات يذهبن السيئات.
(12) عليك بكثرة القراءة في كتب المواعظ والرقائق.
(13) عليك بكثرة ذكر الموت وشدائده، والقبر وظلمته، والقيامة وأهوالها، والحساب وشدته، والصراط وحدته، والجنة ونعيم أهلها، والنار وعذاب وهوان أهلها، فاحرص أن تكون من أهل الجنة، فاعمل لهذا اليوم ما دمت في زمن الإمهال؛ حتى إذا انتقلت من هذه الحياة إلى الآخرة تجد ما يسرك "يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد" [آل عمران: 30] .
(14) عليك بصدق اللجوء إلى الله، وأكثر من الدعاء أن يتقبل الله توبتك، ويثبتك على الحق، وييسر أمرك، ويقضي حاجتك، ويفرج همك، وكن على يقين بأن الله سيستجيب لدعائك فهو - سبحانه- القائل: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ... "الآية [البقرة:186] ، وقال -تعالى-: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ... " الآية [النمل:62] فثق بالله، وأخلص النية، وأحسن العمل فالله قريب من المحسنين، وهو يتولاك، ولا يترك عملك.
هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(19/259)
ابني والفاحشة!
المجيب د. خالد بن سعود الحليبي
وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الشذوذ الجنسي
التاريخ 29/5/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرجو منكم إخواني أن تعرضوا هذه المشكلة على المختصين من أهل العلم في التربية، حيث إنها قد شغلتني كثيراً، فأريد منكم حلاً تربوياً شاملاً لها يستأصل المشكلة، وإن كان طويلا ويستغرق وقتاً، فالمهم عندي أن تحل المشكلة:
مشكلتي هي أني ملتزم بديني -والحمد لله-، أبلغ من العمر43 سنة، ولي أولاد ذكور وإناث، أحاول أن أربيهم تربية إسلامية شرعية، إلا أن أحد أبنائي يبلغ من العمر 13سنة فوجئت بأنه يُفعل به فاحشة (اللواط) ، ويمارسها مع غيره، فكدت أجن، فسجنته ستة أشهر، ثم ظننت أنه شفي من هذا المرض الخبيث، ولكن الآن اكتشفت أنه عاوده مرة أخرى.
إخواني: أخاف أن أستعمل معه الشدة فيخرج عن طوعي ويتفاقم مرضه. أفيدوني أفادكم الله وجزاكم الله خيراً.
الجواب
رعاك الله أخي السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فإن سؤالك هذا آلمني كثيرا وأنا أقلب فيه النظر، فإني والله لا ألومك على حزنك الشديد على ولدك، وعلى عرضك، ولكني قبل الحل لا بد أن أقول لك: إن ما حدث لولدك ربما كان نتيجة إهمال له بوجه خفي، مثل: أن تكون مشغولاً عنه النهار كله وجزءاً من الليل، فلا تدري أين يذهب، ومن يصاحب، وربما تركته مع بعض أقربائه، أو أصدقاء الدراسة، وفيهم صديق سوء، يندس بينهم كالحية الرقطاء، يعلمهم الفتن، ويروضهم على تقبل المهانة، ليستذلهم متى أراد!! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أخي الكريم: إن اللواط من أشنع الفواحش، وخطورته تكمن في شوق من يتعود عليه إليه حتى إذا كبر كما ذكر بعض العلماء، وقد وردت إلي استشارة من رجل متوجه للصلاح كان يبكي وهو يخبرني بوسوسة الشيطان له أن يعود إلى ما كان يفعل من تمكين شياطين الإنس من شرفه وعرضه، وأنه يدافع ذلك مدافعة شديدة حتى كاد أن يقع في ذلك لولا رفض من طلب منه الفعل أن يفعل إجلالاً لقدره وكبر سنه!!
أخي: إن أسلوبك الذي قمت به مع ولدك من حرمانه من الخروج من المنزل ليس أسلوباً صحيحاً وغير مجد البتة، كما لاحظت؛ ذلك؛ لأنه كان ـ ولا يزال ـ يحتاج منك التالي:
1- مصاحبته في ذهابك وإيابك بالترغيب لا الترهيب.
2- إعادة الثقة إلى نفسه، وإشعاره بأنك تقبله مهما عمل، دون أن ترضى عمله المشين.
3- اكسب ولدك بالهدية، والكلمة الجميلة، والقبلة البريئة، والاحتضان الأبوي مهما كبر.
4- كنه باسمك، إشارة لقربه من قلبك.
5- لا تجعل خوفه منك، بل من الله -تعالى-، كان أحد السلف يقول لولده إذا رآه على معصية أو تقصير: إن الله يراك.
6- حمله مسؤولية وساعده على القيام بها؛ لينشغل بها.
7- قطع صلاته مع أهل الفساد مهما كثروا، ومهما أصر على الارتباط بهم.
8- دعه يسمع أشرطة مؤثرة في تربية قلبه.
9- أدخل في دائرة اهتمامه بعض الأمور الجادة؛ كالقراءة، والتجارة، والرجولة بشتى صنوف مردوداتها.
10- لا تنس أن تدعو له كثيرا، ولا تدع عليه، فدعاء الوالدين للولد وعلى الولد مستجاب.
11- اصنع له أصدقاء صالحين، عن طريق تعريفه على ثلة منهم تحت إشراف دقيق منك، ولا تستعجل في هذه النقطة، بل اجعلها هدية له إذا استقام على الخير من خلال ما ذكرت سابقا.
أسأل الله أن يهديه، ويصلحه، ويغفر له، ويجعله لك قرة عين في الدنيا والآخرة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(19/260)
هل من مخرج من هذه المصيبة؟
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الشذوذ الجنسي
التاريخ 07/04/1425هـ
السؤال
أعرض عليكم مشكلتي: التي أكتبها بحروف من دم، فواصلها اليأس، وعنوانها الندم، يعلم الله أني مظلوم بهذه المصيبة, بسب إهمال والدي في تربيتي وبحثه ليل ونهار وراء المال، وغيابه عن البيت لمدة تصل حتى الشهر؛ ونحن أطفال، والحمد لله الذي رزقنا أم صالحة دينة، (ولكن اليد الواحدة التي لا تصفق) .
بدأت مشكلتي وأنا في السابعة من عمري، وهبني الله حسن الخلقة التي أُحسد عليها من قبل النساء قبل الرجال، فقد كنت مثل الوردة التي تعيش بين الأشواك، ففي ذلك الزمان كان هنالك تحرشاً جنسياً من قبل أولاد الحارة، ولكن -الحمد لله- سلمني من تلك الأمور، وسارت الأيام حتى وصلت التاسعة من عمري حتى تمكن مني رجل، وكان ذلك الرجل بداية النهاية، ومن بعد ذلك الرجل تمكن مني وللأسف ـ وكما كانت الطعنة من الخلف ـ خالي، ومن بعده ابن خالتي، وأنا في العاشرة من عمري، وكانت كل همومي في ذلك الوقت كيف أن أخفي وأستر على نفسي من هذا العمل المشين على والدتي وعلى إخوتي.
ومع مرور الوقت وأنا أحاول أن أستر عن نفسي، ويعلم الله أني كنت أحاول منعهما بكل ما أستطيع، وكانا يغتصباني! وكنت أقول لهما إني أخاف الله، وأني تبت من ذلك، ولكن لا حياة لمن تنادي، ومرت الأيام حتى أصبحت أتلذذ بالأمر (أستغفر الله) .
الآن تبت، ولكن تحدثني نفسي أنه لا توبة لي، حتى قرأت حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بما معناه: "من فَعَلَ فعل قوم لوط أقتلوا الفاعل والمفعول به"، وقد كان هذا الحديث بالنسبة لي بمثابة الصدمة يعني لا أمل لي في التوبة حتى ... هل هنالك حل يا شيخ؟ هل هنالك مخرج من هذه المصيبة؟ هل الجهاد في سبيل الله هو الحل؟ هل أسلِّم نفسي إلى أقرب محكمة وأعترف بهذا الفعل المشين؟. أكتب لك يا شيخ هذه الرسالة وأنا الآن أبلغ 23 من عمري والله المستعان.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخ الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكر لك تواصلك الإلكتروني مع موقع الإسلام اليوم؛ سائلا الله تعالى أن يرينا وإياك الحق حقاً، ويرزقنا إتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يعينك وييسر لك أمورك في دنياك وآخرتك ويقيك شر نفسك والشيطان إنه جواد كريم.
أخي الكريم.. بقدر ما أحزنني الوضع السيئ الذي قد عشته وأثر على سلوكك بالسلب وهو نتاج الغفلة عن الأبناء مما جعلهم فريسة سهلة للأشرار وأحدث لك مشاكل كثيرة ومنها وقوعك في فاحشة اللواط -حماك الله منها وحفظك- أقول بقدر ما أحزنني ذلك فقد سعدت كثيراً بقوة الإرادة لديك وتصميمك الأكيد على التخلص منها والتوبة إلى الله -عز وجل- وقدرتك على إظهار الرفض الداخلي لها من خلال عرض مشكلتك والبحث عن حلٍّ لها وتلك وأيم الله بداية التصحيح التي أنت بحاجة لها.. وكثير من الناس لا زال لا يستطيع تفجير تلك القوة الداخلية للبحث عن الطريق القويم طريق المؤمنين الذي رسمه لهم الإسلام، ووضع ضوابط لكل شؤون الحياة..(19/261)
أخي -حفظك الله- لا تقنط من رحمة الله -عز وجل- بتاتاً فإن الله غفورٌ رحيم.. مَنْ مِنَّا لا يخطي مَنْ مِنَّا لم يرتكب طوال حياته معصية تختلف قدراً من شخص لآخر ولكن الدين لم يغفل عن ذلك فأوجد باباً يقال له باب التوبة، وهو مفتوح ما لم تغرغر الروح ... !
قال تعالى: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلاّ من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورًا رحيماً" [الفرقان:68-70]
فتأمل -حفظك الله- الآية وتأمل قوله تعالى: "فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات" يتبين لك فضل الله العظيم تجاه المذنب التائب، فجميع سيئاتك ستبدل إلى حسنات وقد قال المفسرون: أن التبديل يشمل تبديل الصفات السيئة بصفات حسنة.
وكيف أخي الحبيب تقاس معصيتك بمن قتل مائة نفس فتاب؛ فتاب الله عليه، ومن ارتكب جرائم كبيرة وندم ورجع للحق وصحح مساره فوفقه الله، وأصبح من الدعاة بعد أن كان من أهل الشر وأنت ولله الحمد والمنة قد وضعت قدمك على أول عتبة من عتبات التصحيح والطريق المستقيم ألا وهي الندم على الذنب، ومن ثم الإقلاع عنه، ومن ثم عقد النية على عدم الرجوع إليه.
وسأورد لك عدد من الطرق المناسبة التي ستعينك بعون الله على سلك الطريق الصحيح:
1- اعزم على ترك تلك الفاحشة البغيطة التي أفسدت عليك دينك ودنياك وأخلص النية لله -عز وجل- واحذر من العودة لسابق عهدك بعد أن يرزقك الله توبة وكن صادقاً مع نفسك واحذر من تلبيس الشيطان وتحقيره لأعمالك الصالحة وزرع اليأس في نفسك من رحمة الله.
قال تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر:53] .
2- حافظ على أداء الصلوات بأوقاتها وأحرص على التبكير للمسجد وأداء السنن الرواتب وقراءة ما تيسر من القرآن الكريم واجعل لك برنامجاً للقراءة بحيث تستطيع ختم القرآن الكريم كل شهر أو شهرين.
3- إلتحق برفقة صالحة من أهل الخير والصلاح ولازمهم في حلق الذكر ودروس العلم. وألزم أحد المشايخ في دروسه العلمية فهي من الأماكن النافعة لك ...
4- أشغل نفسك بتعلم أحد العلوم التي تجد نفسك تهواها كتعلم الحاسب الآلي والإكثار من حضور الدورات التي تعقد بين الحين والآخر حول طرق النجاح واكتشاف الشخصية.. وغيرها!
5- ابتعد بقدر الإمكان عن الأماكن التي قد ارتبطت بماضيك حتى تقطع الروابط التي تعيد ذكريات ماضيك كالصحبة والحارة وإن أمكن البلد بكامله! فأحرص على ذلك بقدر استطاعتك وعدم تعارضها مع أهم منها في حياتك كالبر بالوالدين وعدم تركهم.(19/262)
6- ما سبق يجب أن تكون بداية انطلاقة التغيير العاجل بلا تأني ولا تسويف وهي أمور مهمة أن تكون الخطوات الأولى في طريق التصحيح لكي تشعر -حفظك الله- بالحلاوة الإيمانية التي قد انحرمت منها سابقاً وتعمل القياس النفسي لذاتك حول التغيرات الداخلية حينما نقلت وضعك من حالٍ إلى حالٍ. واعمل مقارنة بين اللذة التي تشعر فيها حين ممارسة الفاحشة وما يعقبها من ندم وقلق وحيرة تدوم معك طويلاً وهواجس الأمراض المصاحبة!!! وبين فراغك من أداء صلاة مفروضة، وتسبيح، وتهليل يعقبها، وأداء سنن، وقراءة القرآن، وحفظه وتدبر لآياته والدعاء للنفس بالثبات على الطاعة: "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك" جزء من حديث رواه الترمذي (2140) وابن ماجة (3834) .
وكذلك فراغك من حضور أحد الدروس العلمية النافعة..
وستجد الفرق واضحاً وجلياً ممّا سيساعدك على الإقبال على الطاعات والتلذذ بها والإكثار منها.
7- ضع لحياتك خطة مستقبلية ترسم فيها أهدافاً تسعى لتحقيقها فضع في أهدافك تأمين الوظيفة المناسبة التي ستوفر لك دخلاً معيناً لك، ثم هدفاً آخر وهو الزواج من زوجة صالحة تعينك على نفسك بالطاعة وهدفًا مستقبلياً وهو تأمين المسكن الخاص ... ولتكن تلك الخطة تلي النقاط السابقة.
8- أشغل نفسك دائماً بما ينفعك في دينك ودنياك، ولا تترك للفراغ مساحة يستغلّها الشيطان فيغويك، فتنقل من عملٍ لآخر.
9- احرص على الإكثار من قراءة الكتب النافعة ومن الكتب التي أنصحك بقراءتها كتاب ابن القيم رحمه الله "الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي"، وأحرص كذلك على الأوراد الصباحية والمسائية.
أسأل الله العظيم جلت قدرته أن يصلح حالك ويهديك إلى صراطه المستقيم وأن يتوب عليك ويجنبك سوء الأعمال والأخلاق ... ،،،(19/263)
أنا شاذ فأنقذوني
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ انحرافات سلوكية/الشذوذ الجنسي
التاريخ 07/02/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم الأستاذ الفاضل أعرض عليك مشكلة استعصت علي أشد الاستعصاء ولا أظن أحدا من خلق الله بقادر على أن ينفعني فيها بشيء موضوعي واقعي ولكن مع ذلك وجدت انه لا بد من عرضها على أهل العلم ليشاركوني الرأي وليدلي كل منهم بدلوه في هذه المسألة الشائكة جدا والتي دمرت حياتي النفسية وجعلتني أعاني وأتيه في بحار الغربة تيها لا رشد فيه، ولا أجرؤ حتى على مواجهة أحد في مشكلتي وجها لوجه ومشكلتي تسبب لأصحابها الحرج الشديد في مجتمعنا المسلم، ولست الوحيد الذي أعاني منها بل يوجد الآلاف المؤلفة من الناس ولكن أحدا منهم لا يجرؤ على البوح بما يعانيه لأن الدين والمجتمع وثقافتنا السائدة تحرم علينا التحدث عن مشكلتنا. وقبل أن أطرح مشكلتي لا بد من إعطاء لمحة موجزة عني حتى يتسنى للمفتي أن يفتي بما يفيد وينفع إن كان عنده منه شيء وذلك أنني لست كسائل عابر بل إنني سائل لي خصوصيتي وتميزي وأهمها معرفتي بسائر الأحكام الشرعية مما قال به فقهاؤنا، وقد درست العلوم الشرعية في المعاهد الإسلامية وعلى أيدي علماء متميزين، ولكن مشكلتي التي أنا بصدد شرحها تؤرقني في عملي، وقد اضطررت أن أتنحى عن مجال الدعوة وأن أتهرب من طلاب العلم، كما دعتني مشكلتي هذه لدراسة كافة ما يتعلق بها من محاولات العلاج العلمية المطروحة فدرست علم النفس ومدارسه وأعجبت بمدرسة التحليل النفسي وأخضعت نفسي للتحليل النفسي على يد خبير، ولكنني تأكدت من فشل تلك المحاولات جميعها في حل مشكلتي، وقد وجدت رأي العلماء والفقهاء المسلمين عبر العصور لا يرحم من هم في مثل حالتي، بل لم يكن منهم إلا الإنكار واللعن والطرد من رحمة الله، ويقيسون ذلك بأدلة وجدتها بعد التحقيق غير منطقية ونظرت إلى الأدلة التي يوردونها من الأحاديث والأخبار فإذا أكثرها موضوعات واهيات وأخبار إسرائيليات. وقد حان الوقت بعد هذه المقدمة أن أقدم مشكلتي إلى أهل العلم والدعوة لأرى ما تنضح به أقلامهم من حلول لهذه المشكلة المستحيلة على الحل، والأمر الذي أطلت في التقديم له هو المثلية الجنسية. وكانت بداية قصتي أني نشأت منذ نعومة أظفاري وليس بي أي ميل للنساء وكان أول إحساس برغبتي تجاه الذكور وأنا في سن العاشرة وكان إحساسا غامضا غير مفهوم بالنسبة لي ولم يكن له عنوان جنسي ولكنه ارتبط عن طريق الأحلام بالأعضاء الجنسية بشكل مبهم ولم أكن أدرك أن الأمر سيتطور إلى رغبة جنسية فيما بعد ولم أتيقن من نفسي أني مثلي الرغبة الجنسية حتى بلغت الثامنة عشرة أو أكثر. ولم يختلط ذلك بأي ممارسة جنسية من أي نوع، أي أنني لم أتعرض للتحرش الجنسي من أحد كي لا يظن متحذلق أن التحرش أو الاعتداء الجنسي له علاقة بالأمر، بل حقيقته هي مجرد شعور ينمو تدريجيا كما ينمو شعور الذكور تجاه الإناث، وكانت لا تثيرني الإناث مطلقا ولا زالت، وكنت دائما احرص على منع نفسي من الوقوع فيما اعتقد أنه خطأ من الاتصال بالشباب، وكنت قدوة لزملائي في أيام الدراسة من الناحية الدينية والأخلاقية وما زلت، ودائما أبدو بمظهر المتعفف، ولا يعلمون أن حقيقة نفسي لا ترغب بالنساء أصلا وإنما قد تميل لبعض من يظن بي العفاف، ثم ابتعدت عن الجميع هاربا باحثا عن الحل فلم(19/264)
أجده، وصرت إذا اجتمعت مع من يشاطرني مشكلتي لا املك إلا ندب حظي من الحياة الدنيا والتأمل في الآخرة، ولكن كيف وأنا مقتنع حاليا أن وضعي من خلق الله وان الله يعلم ما خلق [ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير] وبالتالي وبحسب فهمي لروح التشريع الإسلامي لا يمكنني أن أؤمن بأن أدفن نفسي في الحياة أو أن أتخلص من حياتي أو خدمتي للدين والمجتمع والمساهمة في بناء الحياة من أجل شيء ليس لي به ذنب لا من قريب ولا من بعيد، فقد نشأت في بيئة متدينة وكنت مؤمنا منذ طفولتي، ملتزما داعيا إلى الإيمان منذ نعومة أظفاري ولما درست الإسلام بشكل علمي وجدته أصلح الأديان وأنفعها، ولما قرأت القرآن وجدته الكتاب الوحيد الذي يستحق الحفظ كاملا، ولكن أثارتني فيه آية تصب في مشكلتي وهي قوله تعالى في سورة الروم [ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون] والآية تدعونا للتفكر في مسألة العلاقة الحميمة بين الذكر والأنثى والتي تؤدي بهما إلى السكن النفسي وهو الشعور بالحب كما هو واضح، ولكن أين أنا وأمثالي من هذه الآية. وتطبيقا لهذا الحل ورطت نفسي وتزوجت من امرأة لا تناسبني من حيث الكفاءة بسبب عدم رغبتي بالنساء، وكنت قد حاولت قبل ذلك خطبة بعض النساء المكافئات ولكنهن اكتشفن أني لا أميل إليهن إذ لا تصدر مني أي بادرة تدل على ذلك بل يكون لقائي معهن جامدا وأنا لا أقدر على الكذب والتمثيل فأعرضن عني، إلى أن اجتمعت بزوجتي الحالية، ووجدت في الاقتران بها فرصة لي وذلك لأنها رغبت في زوج كيفما اتفق لتتخلص من عناء كانت تعيش فيه، فأخرجتها من عنائها المادي والاجتماعي لتقع معي في عناء نفسي وكانت هي السبب في ذلك لأنها زعمت أنها تريد زوجا بلا معاشرة جنسية أو التزام زوجي، أي أنها أسقطت حقها الجنسي فرأيتها فرصة سانحة لأرى نفسي مع النساء فإن اعتدل حالي وصلح استمريت معها إن كانت صالحة وإن لم يعتدل تكون هي التي وضعت الشرط على نفسها، وقلت في نفسي لا بد أن أتزوج لأمنع نفسي من الجنوح، ومع تقدم السنين لم أزدد إلا اغترابا، فقد وجدت المرأة صالحة فلم يسمح لي إيماني تركها ولم أجد معها نفسي لا من حيث الكفاءة ولا من حيث المعاشرة الجنسية بسبب مشكلتي وكنت آمل أن أتقدم مع الأيام في طريق الحل، ولكن للأسف كلما أتقدم يوم في حياتي أجد نفسي أبعد عن النساء ولا تثيرني زوجتي بشيء مع أنها فاتنة كما يقولون ورزقت منها أولاداً وكانت معاشرتي لها بلا رغبة من نفسي وأنا سليم جسديا بكامل ذكورتي، وذلك كي لا أمنعها حقها من الحياة الزوجية. وما دعاني للزواج هو الناحية الشرعية فقط في محاولة لإيجاد حل قد طرحه القرآن الكريم أو هكذا فهمته كما سيأتي، وكان الأولاد سلوان لي كبير وأمل أكبر في الحياة قدما، ولكن المعاناة مستمرة.(19/265)