رقم القرار: 1
رقم الدورة: 7
حول سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة)
مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425
28/11/2004
حول سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة) :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد. وبعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، قد نظر في موضوع سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة) ، وما يعقد فيها من عقود: بيعًا وشراء على العملات الورقية وأسهم الشركات، وسندات القروض التجارية والحكومية، والبضائع، وما كان من هذه العقود على معجَّل، وما كان منها على مؤجَّل. كما اطلع مجلس المجمع على الجوانب الإيجابية المفيدة لهذه السوق في نظر الاقتصاديين والمتعاملين فيها، وعلى الجوانب السلبية الضارة فيها.
(أ) فأما الجوانب الإيجابية المفيدة فهي:
أولاً: أنها تقيم سوقًا دائمة، تسهل تلاقي البائعين والمشترين، وتعقد فيها العقود العاجلة والآجلة، على الأسهم والسندات والبضائع.
ثانيًا: أنها تسهل عملية تمويل المؤسسات الصناعية، والتجارية، والحكومية، عن طريق طرح الأسهم وسندات القروض للبيع.
ثالثًا: أنها تسهل بيع الأسهم، وسندات القروض للغير، والانتفاع بقيمتها، لأن الشركات المصدرة لها، لا تصفي قيمتها لأصحابها.
رابعًا: أنها تسهل معرفة ميزان أسعار الأسهم، وسندات القروض والبضائع، وتموُّجاتها في ميدان التعامل، عن طريق حركة العرض والطلب.
(ب) وأما الجوانب السلبية الضارة في هذه السوق فهي:
أولاً: أن العقود الآجلة التي تجري في هذه السوق، ليست في معظمها بيعًا حقيقيًّا، ولا شراء حقيقيًّا، لأنها لا يجري فيها التقابض بين طرفي العقد فيما يشترط له التقابض في العوضين أو في أحدهما شرعًا.
ثانيًا: أن البائع فيها، غالبًا يبيع ما لا يملك، من عملات، أو أسهم، أو سندات قروض، أو بضائع، على أمل شرائه من السوق، وتسليمه في الموعد، دون أن يقبض الثمن عند العقد، كما هو الشرط في السلم.
ثالثًا: أن المشتري فيها غالبًا، يبيع ما اشتراه لآخر قبل قبضه، والآخر يبيعه أيضًا لآخر قبل قبضه، وهكذا يتكرر البيع والشراء على الشيء ذاته قبل قبضه، إلى أن تنتهي الصفقة إلى المشترى الأخير الذي قد يريد أن يتسلم المبيع من البائع الأول، الذي يكون قد باع ما لا يملك، أو أن يحاسبه على فرق السعر في موعد التنفيذ، وهو يوم التصفية، بينما يقتصر دور المشترين والبائعين غير الأول والأخير، على قبض فرق السعر في حالة الربح، أو دفعه في حالة الخسارة، في الموعد المذكور، كما يجري بين المقامرين تمامًا.
رابعًا: ما يقوم به المتمولون، من احتكار الأسهم والسندات والبضائع في السوق، للتحكم في البائعين الذين باعوا ما لا يملكون، على أمل الشراء قبل موعد تنفيذ العقد بسعر أقل، والتسليم في حينه، وإيقاعهم في الحرج.(17/288)
خامسًا: أن خطورة السوق المالية هذه تأتي من اتخاذها وسيلة للتأثير في الأسواق بصفة عامة، لأن الأسعار فيها لا تعتمد كليًّا على العرض والطلب الفعليين من قبل المحتاجين إلى البيع أو إلى الشراء، وإنما تتأثر بأشياء كثيرة بعضها مفتعل من المهيمنين على السوق، أو من المحتكرين للسلع، أو الأوراق المالية فيها، كإشاعة كاذبة أو نحوها، وهنا تكمن الخطورة المحظورة شرعًا، لأن ذلك يؤدي إلى تقلبات غير طبيعية في الأسعار، مما يؤثر على الحياة الاقتصادية تأثيرًا سيئًا، وعلى سبيل المثال لا الحصر: يعمد كبار الممولين إلى طرح مجموعة من الأوراق المالية من أسهم أو سندات قروض، فيهبط سعرها لكثرة العرض، فيسارع صغار حملة هذه الأوراق إلى بيعها بسعر أقل، خشية هبوط سعرها أكثر من ذلك وزيادة خسارتهم، فيهبط سعرها مجددًا بزيادة عرضهم، فيعود الكبار إلى شراء هذه الأوراق بسعر أقل، بغية رفع سعرها بكثرة الطلب، وينتهي الأمر بتحقيق مكاسب للكبار، وإلحاق خسائر فادحة بالكثرة الغالبة، وهم صغار حملة الأوراق المالية، نتيجة خداعهم بطرح غير حقيقي لأوراق مماثلة، ويجري مثل ذلك أيضًا في سوق البضائع. ولذلك قد أثارت سوق البورصة جدلاً كبيرًا بين الاقتصاديين، والسبب في ذلك أنها سببت في فترات معينة، من تاريخ العالم الاقتصادي، ضياع ثروات ضخمة، في وقت قصير، بينما سببت غنى للآخرين دون جهد، حتى إنهم في الأزمات الكبيرة التي اجتاحت العالم، طالب الكثيرون بإلغائها، إذ تذهب بسببها ثروات، وتنهار أوضاع اقتصادية في هاوية، وبوقت سريع، كما يحصل في الزلازل والانخسافات الأرضية.
ولذلك كله، فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، بعد اطلاعه على حقيقة سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة) وما يجري فيها من عقود عاجلة وآجلة على الأسهم وسندات القروض، والبضائع والعملات الورقية، ومناقشتها في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية يقرر ما يلي:
أولاً: أن غاية السوق المالية (البورصة) هي إيجاد سوق مستمرة ودائمة، يتلاقى فيها العرض والطلب، والمتعاملون بيعًا وشراء، وهذا أمر جيد ومفيد، ويمنع استغلال المحترفين للغافلين والمسترسلين الذين يحتاجون إلى بيع أو شراء، ولا يعرفون حقيقة الأسعار، ولا يعرفون المحتاج إلى البيع، ومن هو محتاج إلى الشراء. ولكن هذه المصلحة الواضحة، يواكبها في الأسواق المذكورة (البورصة) ، أنواع من الصفقات المحظورة شرعًا، والمقامرة، والاستغلال، وأكل أموال الناس بالباطل، ولذلك لا يمكن إعطاء حكم شرعي عام بشأنها، بل يجب بيان حكم المعاملات التي تجرى فيها، كل واحدة منها على حدة.
ثانيًا: أن العقود العاجلة على السلع الحاضرة الموجودة في ملك البائع، التي يجري فيها القبض فيما يشترط له القبض في مجلس العقد شرعًا، هي عقود جائزة، ما لم تكن عقودًا على محرم شرعًا، أما إذا لم يكن المبيع في ملك البائع، فيجب أن تتوافر فيه شروط بيع السلم، ثم لا يجوز للمشتري بعد ذلك بيعه قبل قبضه.(17/289)
ثالثًا: أن العقود العاجلة على أسهم الشركات والمؤسسات، حين تكون تلك الأسهم في ملك البائع جائزة شرعًا، ما لم تكن تلك الشركات أو المؤسسات موضوع تعاملها محرَّم شرعًا، كشركات البنوك الربوية، وشركات الخمور، فحينئذ يحرم التعاقد في أسهمها بيعًا وشراء.
رابعًا: أن العقود العاجلة والآجلة، على سندات القروض بفائدة، بمختلف أنواعها غير جائزة شرعًا، لأنها معاملات تجري بالربا المحرم.
خامسًا: أن العقود الآجلة بأنواعها، التي تجري على المكشوف، أي على الأسهم والسلع التي ليست في ملك البائع، بالكيفية التي تجري في السوق المالية (البورصة) غير جائزة شرعًا؛ لأنها تشتمل على بيع الشخص ما لا يملك اعتمادًا على أنه سيشتريه فيما بعد، ويسلمه في الموعد. وهذا منهي عنه شرعًا لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ". وكذلك ما رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد صحيح، عن زيد بن ثابت، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تُبتاع، حتى يَحُوزَها التُّجارُ إلى رِحالِهم.
سادسًا: ليست العقود الآجلة في السوق المالية (البورصة) من قبيل بيع السلم الجائز في الشريعة الإسلامية، وذلك للفرق بينهما من وجهين:
(ج) في السوق المالية (البورصة) لا يدفع الثمن في العقود الآجلة في مجلس العقد، وإنما يؤجل دفع الثمن إلى موعد التصفية، بينما الثمن في بيع السلم يجب أن يدفع في مجلس العقد.
(د) في السوق المالية (البورصة) تباع السلعة المتعاقد عليها- وهي في ذمة البائع الأول- وقبل أن يحوزها المشتري الأول عدة بيوعات، وليس الغرض من ذلك إلا قبض أو دفع فروق الأسعار بين البائعين والمشترين غير الفعليين، مخاطرة منهم على الكسب والربح، كالمقامرة سواء بسواء، بينما لا يجوز بيع المبيع في عقد السلم قبل قبضه.
وبناء على ما تقدم، يرى المجمع الفقهي الإسلامي: أنه يجب على المسؤولين في البلاد الإسلامية، ألاَّ يتركوا أسواق البورصة في بلادهم حرة، تتعامل كيف تشاء من عقود وصفقات، سواء أكانت جائزة أو محرمة، وألاَّ يتركوا للمتلاعبين بالأسعار فيها أن يفعلوا ما يشاؤون، بل يوجبون فيها مراعاة الطرق المشروعة في الصفقات التي تعقد فيها، ويمنعون العقود غير الجائزة شرعًا، ليحولوا دون التلاعب الذي يجر إلى الكوارث المالية، ويخرب الاقتصاد العام، ويلحق النكبات بالكثيرين، لأن الخير كل الخير في التزام طريق الشريعة الإسلامية في كل شيء، قال الله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:153] . والله سبحانه هو ولي التوفيق، والهادي إلى سواء السبيل. وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(17/290)
قرار رقم: 30 (5/4)
بشأن
سندات المقارضة وسندات الاستثمار
مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 21/10/1425
04/12/2004
مجلة المجمع (ع 4، ج3 ص 1809)
إنَّ مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخر 1408هـ الموافق6-11 شباط (فبراير) 1988م،
بعد اطلاعه على الأبحاث المقدمة في موضوع سندات المقارضة وسندات الاستثمار، والتي كانت حصيلة الندوة التي أقامها المجمع بالتعاون مع المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية بتاريخ 6-9 محرم 1408هـ الموافق 2-8 أيلول 1987م تنفيذاً للقرار رقم (10/3) المتخذ في الدورة الثالثة للمجمع وشارك فيها عدد من أعضاء المجمع وخبرائه وباحثي المعهد وغيره من المراكز العلمية والاقتصادية، وذلك للأهمية البالغة لهذا الموضوع وضرورة استكمال جميع جوانبه،
للدور الفعال لهذه الصيغة في زيادة القدرات على تنمية الموارد العامة عن طريق اجتماع المال والعمل،
وبعد استعراض التوصيات العشر التي انتهت إليها الندوة ومناقشتها في ضوء الأبحاث المقدمة في الندوة وغيرها،
قرر ما يلي:
أولاً: من حيث الصيغة المقبولة شرعاً لصكوك المقارضة:
1- سندات المقارضة هي أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس مال القراض (المضاربة) بإصدار صكوك ملكية برأس مال المضاربة على أساس وحدات متساوية القيمة ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون حصصاً شائعة في رأس مال المضاربة وما يتحول إليه، بنسبة ملكية كل منهم فيه. ويفضل تسمية هذه الأداة الاستثمارية صكوك المقارضة.
2- الصورة المقبولة شرعاً لسندات المقارضة بوجه عام لا بد أن تتوافر فيها العناصر التالية:
العنصر الأول:
أنَّ يمثل الصك ملكية حصة شائعة في المشروع الذي أصدرت الصكوك لإنشائه أو تمويله، وتستمر هذه الملكية طيلة المشروع من بدايته إلى نهايته.
وترتب عليها جميع الحقوق والتصرفات المقررة شرعاً للمالك في ملكه من بيع وهبة ورهن وإرث وغيرها، مع ملاحظة أنَّ الصكوك تمثل رأس مال المضاربة.
العنصر الثاني:
يقوم العقد في صكوك المقارضة على أساس أنَّ شروط التعاقد تحددها نشرة الإصدار وأنَّ الإيجاب يعبر عنه الاكتتاب في هذه الصكوك، وأن القبول تعبر عنه موافقة الجهة المصدرة.
ولابد أن تشتمل نشرة الإصدار على جميع البيانات المطلوبة شرعاً في عقد القراض (المضاربة) من حيث بيان معلومية رأس المال وتوزيع الربح مع بيان الشروط الخاصة بذلك الإصدار على أن تتفق جميع الشروط مع الأحكام الشرعية.
العنصر الثالث:
أن تكون صكوك المقارضة قابلة للتداول بع انتهاء الفترة المحددة للاكتتاب باعتبار ذلك مأذوناً فيه من المضارب عند نشوء السندات مع مراعاة الضوابط التالية:
1- إذا كان مال القراض المجتمع بعد الاكتتاب وقبل المباشرة في العمل بالمال ما يزال نقوداً فإنَّ تداول صكوك المقارضة يعتبر مبادلة نقد بنقد وتُطبق عليه أحكام الصرف.
2- إذا أصبح مال القراض ديوناً تطبق على تداول صكوك المقارضة أحكام التعامل بالديون.(17/291)
ج- إذا صار مال القراض موجودات مختلطة من النقود والديون والأعيان والمنافع فإنه يجوز تداول صكوك المقارضة وفقاً للسعر المتراضى عليه، على أن يكون الغالب في هذه الحالة أعياناً ومنافع. أما إذا كان الغالب نقوداً أو ديوناً فتراعى في التداول الأحكام الشرعية التي ستبينها لائحة تفسيرية توضع وتعرض على المجمع في الدورة القادمة.
وفي جميع الأحوال يتعين تسجيل التداول أصولياً في سجلات الجهة المصدرة.
العنصر الرابع:
أنَّ من يتلقى حصيلة الاكتتاب في الصكوك لاستثمارها وإقامة المشروع بها هو المضارب، أي عامل المضاربة، ولا يملك من المشروع إلا بمقدار ما قد يسهم به بشراء بعض الصكوك، فهو رب مال بما أسهم به، بالإضافة إلى أنَّ المضارب شريك في الربح بعد تحققه بنسبة الحصة المحددة له في نشرة الإصدار، وتكون ملكيته في المشروع على هذا الأساس.
وأنَّ يد المضارب على حصيلة الاكتتاب في الصكوك وعلى موجودات المشروع هي يد أمانة لا يضمن إلا بسبب من أسباب الضمان الشرعية.
3- مع مراعاة الضوابط السابقة في التداول: يجوز تداول صكوك المقارضة في أسواق الأوراق المالية، إن وجدت، بالضوابط الشرعية، وذلك وفقاً لظروف العرض والطلب ويخضع لإرادة العاقدين. كما يجوز أن يتم التداول بقيام الجهة المصدرة في فترات دورية معينة بإعلان أو إيجاب يوجه إلى الجمهور تلتزم بمقتضاه خلال مدة محددة بشراء هذه الصكوك من ربح مال المضاربة بسعر معين، ويحسن أن تستعين في تحديد السعر بأهل الخبرة، وفقاً لظروف السوق والمركز المالي للمشروع. كما يجوز الإعلان عن الالتزام بالشراء من غير الجهة المصدرة من مالها الخاص، على النحو المشار إليه.
4- لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال أو ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال، فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضمناً بَطَلَ شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل.
5- لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار ولا صك المقارضة الصادر بناء عليها على نص يلزم بالبيع ولو كان معلقاً أو مضافاً للمستقبل. وإنما يجوز أن يتضمن صك المقارضة وعداً بالبيع وفي هذه الحالة لا يتم البيع إلا بعقد بالقيمة المقدرة من الخبراء وبرضا الطرفين.
6- لا يجوز أن تتضمن نشرة الإصدار ولا الصكوك المصدرة على أساسها نصاً يؤدي إلى احتمال قطع الشركة في الربح فإن وقع كان العقد باطلاً.
ويترتب على ذلك:
أ- عدم جواز اشتراط مبلغ محدد لحملة الصكوك أو صاحب المشروع في نشرة الإصدار وصكوك المقارضة الصادرة بناء عليها.
ب - أن محل القسمة هو الربح بمعناه الشرعي، وهو الزائد عن رأس المال وليس الإيراد أو الغلة. ويعرف مقدار الربح، إما بالتنضيض أو بالتقويم للمشروع بالنقد، وما زاد عن رأس المال عند النقيض أو التقويم فهو الربح الذي يوزع بين حملة الصكوك وعامل المضاربة، وفقاً لشروط العقد.
ج- أن يعد حساب أرباح وخسائر للمشروع وأن يكون معلناً وتحت تصرف حملة الصكوك.(17/292)
7- يستحق الربح بالظهور، ويملك بالتنضيض أو التقويم ولا يلزم إلا بالقسمة. وبالنسبة للمشروع الذي يدر إيراداً أو غلة فإنه يجوز أن توزع غلته، وما يوزع على طرفي العقد قبل التنضيض (التصفية) يعتبر مبالغ مدفوعة تحت الحساب.
8- ليس هناك ما يمنع شرعاً من النص في نشرة الإصدار على اقتطاع نسبة معينة في نهاية كل دورة، إما من حصة حملة الصكوك في الأرباح في حالة وجود تنضيض دوري، وإما من حصصهم في الإيراد أو الغلة الموزعة تحت الحساب ووضعها في احتياطي خاص لمواجهة مخاطر خسارة رأس المال.
9- ليس هناك ما يمنع شرعاً من النص في نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على وعد طرف ثالث منفصل في شخصيته وذمته المالية عن طرفي العقد بالتبرع بدون مقابل بمبلغ مخصص لجبر الخسران في مشروع معين، على أن يكون التزاماً مستقلاً عن عقد المضاربة، بمعنى أن قيامه بالوفاء بالتزامه ليس شرطاً في نفاذ العقد وترتب أحكامه عليه بين أطرافه، ومن ثم فليس لحملة الصكوك أو عامل المضاربة الدفع ببطلان المضاربة أو الامتناع عن الوفاء بالتزاماتهم بها بسبب عدم قيام المتبرع بالوفاء بما تبرع به، بحجة أنَّ هذا الالتزام كان محل اعتبار في العقد.
ثانياً: استعرض مجلس المجمع أربع صيغ أخرى اشتملت عليها توصيات الندوة التي أقامها المجمع، وهي مقترحة للاستفادة منها في إطار تعمير الوقف واستثماره دون الإخلال بالشروط التي يحافظ فيها على تأبيد الوقف وهي:
أ- إقامة شركة بين جهة الوقف بقيمة أعيانه وبين أرباب المال بما يوظفونه لتعمير الوقف.
ب- تقديم أعيان الوقف - كأصل ثابت - إلى من يعمل فيها بتعميرها من ماله بنسبة من الريع.
ج- تعمير الوقف بعقد الاستصناع مع المصارف الإسلامية، لقاء بدل من الريع.
د- إيجار الوقف بأجرة عينية هي البناء عليه وحده، أو مع أجرة يسيرة.
وقد اتفق رأي مجلس المجمع مع توصية الندوة بشأن هذه الصيغ من حيث حاجتها إلى مزيد من البحث والنظر، وعهد إلى الأمانة العامة الاستكتاب فيها، مع البحث عن صيغ شرعية أخرى للاستثمار، وعقد ندوة لهذه الصيغ لعرض نتائجها على المجمع في دورته القادمة.
والله أعلم(17/293)
أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الرابع ص307-315
قرار رقم (5/10) وتاريخ 4/4/1397هـ
عقود التأمين
هيئة كبار العلماء 13/10/1426
15/11/2005
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين. أما بعد:
فبناء على ما ورد من جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله بخطابه رقم
(22310) وتاريخ 4/11/1391هـ الموجه إلى سماحة رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء بأن ينظر مجلس هيئة كبار العلماء في موضوع التأمين، وبناءً على ذلك تقرر إدراجه في جدول أعمال الدورة الرابعة.
وأعدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحثاً في ذلك يتضمن أمرين:
الأول: تعريفه وبيان أسسه وأنواعه وأركانه وخصائص عقده وأنواع وثائقه وما إلى ذلك مما يتوقف على معرفته الحكم عليه بالإباحة أو المنع.
الثاني: ذكر خلاف الباحثين في حكمه وأدلة كل فريق منهم مع المناقشة، وفي الدورة السادسة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة في الرياض ابتداء من 4/2/1395هـ استمع المجلس إلى ما يأتي:
1- صورة قرار صادر من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية ورئيس القضاة رحمه الله برقم (570/2) في 18/8/1388هـ بشأن حكم صادر من محكمة جدة في موضوع التأمين بين شركة أمريكان لا يف وبين بدوي حسين سالم ومذكرة اعتراضية للشيخ على الخفيف عضو مجمع البحوث الإسلامية بمصر على الحكم المشار إليه.
2- البحث الذي أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
3- قرار صادر من المستشارين بمجلس الوزراء وهما: الدكتور ظافر الرفاعي، وإبراهيم السعيد برقم (449) وتاريخ 26/11/1390هـ.
4- البحث المختصر الصادر عن مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة سنة 1392هـ، من إعداد فضيلة الشيخ: محمد أحمد فرج السنهوري عضو مجمع البحوث الإسلامية بمصر، يشتمل هذا البحث على بيان مراحل بحث التأمين بجميع أنواعه، وبيان آراء جماعة كبيرة من فقهاء العالم الإسلامي والخبراء والاقتصاديين والاجتماعيين.
5- ما لدى كل من الدكتورين: مصطفى أحمد الزرقاء وعيسى عبده عن هذا الموضوع، وقد استدعاهما المجلس بناءً على المادة العاشرة من لائحة سير العمل في هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة المتفرعة عنها الصادرة بالمرسوم الملكي رقم (1/137) وتاريخ 8/7/1391هـ (وبعد استماع المجلس إلى ما سبق استمرت المناقشة لأدلة القائلين بالجواز مطلقاً، وأدلة القائلين بالمنع مطلقاً، ومستند المفصلين الذين يرون جواز بعض أنواع التأمين التجاري ومنع أنواع أخرى، وبعد المناقشة وتبادل الرأي قرر المجلس بالأكثرية: أن التأمين التجاري محرم؛ للأدلة الآتية:
الأول: عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش؛ لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي أو يأخذ فقد يدفع قسطاً أو قسطين ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمن، وقد لا تقع الكارثة أصلاً فيدفع جميع الأقساط ولا يأخذ شيئاً، وكذلك المؤمن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع الغرر.(17/294)
الثاني: عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة؛ لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها ومن الغنم بلا مقابل ومقابل غير مكافئ فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين ثم يقع الحادث فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين وقد لا يقع الخطر ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: " يأ أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" (1) ، والآية بعدها.
الثالث: عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنسأ فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة من العقد فيكون ربا نسأ، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نسأ فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع.
الرابع: عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم؛ لأن كلاً منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصرة الإسلام وظهور لأعلامه بالحجة والسنان وقد حصر النبي صلى الله عليه وسلم رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقول صلى الله عليه وسلم: " لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل"، وليس التأمين من ذلك ولا شبيهاً به فكان محرماً.
الخامس: عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، والأخذ بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم؛ لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: " يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارةً عن تراض منكم" (2)
السادس: في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعاً، فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه ولم يتسبب في حدوثه وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له، والمؤمن لم يبذل عملاً للمستأمن فكان حراماً.
وأما ما استدل به المبيحون للتأمين التجاري مطلقاً أو في بعض أنواعه:
فالجواب عنه ما يلي:
أ- الاستدلال بالاستصلاح غير صحيح، فإن المصالح في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام: قسم شهد الشرع باعتباره فهو حجة، وقسم سكت عنه الشرع فلم يشهد له بإلغاء ولا اعتبار فهو مصلحة مرسلة، وهذا محل اجتهاد المجتهدين. والقسم الثالث ما شهد الشرع بإلغائه، وعقود التأمين التجاري فيها جهالة وغرر وقمار وربا فكانت مما شهدت الشريعة بإلغائه؛ لغلبة جانب المفسدة فيه على جانب المصلحة.
ب- الإباحة الأصلية لا تصلح دليلاً هنا؛ لأن عقود التأمين التجاري قامت الأدلة على مناقضتها لأدلة الكتاب والسنة، والعمل بالإباحة الأصلية مشروط بعدم الناقل عنها، وقد وجد فبطل الاستدلال بها.
ج- الضرورات تبيح المحظورات لا يصح الاستدلال به هنا، فإن ما أباحه الله من طرق كسب الطيبات أكثر أضعافاً مضاعفة مما حرمه عليهم فليس هناك ضرورة معتبرة شرعاً تلجئ إلى ما حرمته الشريعة من التأمين.(17/295)
د- لا يصح لاستدلال بالعرف فإن العرف ليس من أدلة تشريع الأحكام وإنما يبنى عليه في تطبيق الأحكام وفهم المراد من ألفاظ النصوص ومن عبارات الناس في أيمانهم وتداعيهم وأخبارهم وسائر ما يحتاج إلى تحديد المقصود منه من الأفعال والأقوال فلا تأثير له فيما تبين أمره وتعين المقصود منه، وقد دلت الأدلة دلالة واضحة على منع التأمين فلا اعتبار به معها.
هـ- الاستدلال بأن عقود التأمين التجاري من عقود المضاربة أو في معناها غير صحيح فإن رأس المال في المضاربة لم يخرج عن ملك صاحبه، وما يدفعه المستأمن يخرج بعقد التأمين من ملكه إلى ملك الشركة حسبما يقضي به نظام التأمين، وأن رأس مال المضاربة يستحقه ورثة مالكه عند موته، وفي التأمين قد يستحق الورثة نظاماً مبلغ التأمين ولو لم يدفع مورثهم، إلا قسطاً واحداً، وقد لا يستحقون شيئاً إذا جعل المستفيد سوى المستأمن وورثته، وأن الربح في المضاربة يكون بين الشريكين نسباً مئوية مثلاً بخلاف التأمين فربح رأس المال وخسارته للشركة، وليس للمستأمن إلا مبلغ التأمين أو مبلغ غير محدود.
وقياس عقود التأمين على ولاء الموالاة عند من يقول به- غير صحيح، فإنه قياس مع الفارق، ومن الفروق بينهما: أن عقود التأمين هدفها الربح المادي المشوب بالغرر والقمار وفاحش الجهالة بخلاف عقد ولاء الموالاة فالقصد الأول فيه التآخي في الإسلام والتناصر والتعاون في الشدة والرخاء وسائر الأحوال وما يكون من كسب مادي فالقصد إليه بالتبع.
ز- قياس عقد التأمين التجاري على الوعد الملزم عند من يقول به - لا يصح؛ لأنه قياس مع الفارق، ومن الفروق: أن الوعد بقرض أو إعارة أو تحمل خسارة مثلاً من باب المعروف المحض فكان الوفاء به واجباً أو من مكارم الأخلاق بخلاف عقود التأمين فإنها معاوضة تجارية باعثها الربح المادي فلا يغتفر فيها ما يغتفر في التبرعات من الجهالة والغرر.
ح- قياس عقود التأمين التجاري على ضمان المجهول وضمان ما لم يجب - قياس غير صحيح؛ لأنه قياس مع الفارق أيضاً، ومن الفروق: أن الضمان نوع من التبرع يقصد به الإحسان المحض بخلاف التأمين فإنه عقد معاوضة تجارية يقصد منها أولاً الكسب المادي فإن ترتب عليه معروف فهو تابع غير مقصود إليه والأحكام يراعي فيها الأصل لا التابع ما دام تابعاً غير مقصود إليه.
ط- قياس عقود التأمين التجاري على ضمان خطر الطريق - لا يصح، فإنه قياس مع الفارق كما سبق في الدليل قبله.(17/296)
ي- قياس عقود التأمين التجاري على نظام التقاعد - غير صحيح فإنه قياس مع الفارق أيضاً؛ لأن ما يعطى من التقاعد حق التزم به ولي الأمر باعتباره مسئولاً عن رعيته وراعى في صرفه ما قام به الموظف من خدمة الأمة، ووضع له نظاماً راعى فيه مصلحة أقرب الناس إلى الموظف، ونظراً إلى مظنة الحاجة فيهم فليس نظام التقاعد من باب المعاوضات المالية بين الدولة وموظفيها، وعلى هذا لا شبه بينه وبين التأمين الذي هو من عقود المعاوضات المالية التجارية التي يقصد بها استغلال الشركات للمستأمنين والكسب من ورائهم بطرق غير مشروعة؛ لأن ما يعطى في حالة التقاعد يعتبر حقاً التزم به من حكومات مسئولة عن رعيتها وتصرفها لمن قام بخدمة الأمة، مكافأة لمعروفه وتعاوناً معه، جزاء تعاونه معها ببدنه وفكره وقطع الكثير من فراغه في سبيل النهوض معها بالأمة.
ك- قياس نظام التأمين التجاري وعقوده على نظام العاقلة - لا يصح، فإنه قياس مع الفارق، ومن الفروق: أن الأصل في تحمل العاقلة لدية الخطأ وشبه العمد ما بينها وبين القاتل - خطأ أو شبه العمد - من الرحم والقرابة التي تدعو إلى النصرة والتواصل والتعاون وإسداء المعروف ولو دون مقابل، وعقود التأمين تجارية استغلالية تقوم على معاوضات مالية محضة لا تمت إلى عاطفة الإحسان وبواعث المعروف بصلة.
ل- قياس عقود التأمين التجاري على عقود الحراسة - غير صحيح؛ لأنه قياس مع الفارق أيضاً، ومن الفروق: أن الأمان ليس محلاً للعقد في المسألتين وإنما محله في التأمين الأقساط ومبلغ التأمين، وفي الحراسة الأجرة وعمل الحارس، أما الأمان فغاية ونتيجة وإلا لما استحق الحارس الأجرة عند ضياع المحروس.
م- قياس التأمين على الإيداع لا يصح؛ لأنه قياس مع الفارق أيضاً فإن الأجرة في الإيداع عوض عن قيام الأمين بحفظ شيء في حوزته يحوطه بخلاف التأمين فإن ما يدفعه المستأمن لا يقابله عمل من المؤمن يعود إلى المستأمن بمنفعة إنما هو ضمان الأمن والطمأنينة وشرط العوض عن الضمان لا يصح، بل هو مفسد للعقد وإن جعل مبلغ التأمين في مقابلة الأقساط كان معاوضة تجارية جهل فيها مبلغ التأمين أو زمنه فاختلف عن عقد الإيداع بأجر.
ن- قياس التأمين على ما عرف بقضية تجار البز مع الحركة - لا يصح والفرق بينهما: أن المقيس عليه من التأمين التعاوني وهو تعاون محض، والمقيس تأمين تجاري وهو معاوضات تجارية، فلا يصح القياس.
لكن أجل إصدار القرار بأكثرية الأصوات حتى يبحث البديل عن التأمين التجاري، وفي الدورة العاشرة لمجلس هيئة كبار العلماء اطلع المجلس على ما أعدَّه بعض الخبراء في البديل عن التأمين التجاري، وقرر المتفقون على تحريم التأمين التجاري إصدار القرار، كما قرر المجلس - ما عدا فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع - إصدار قرار خاص يتعلق بجواز التأمين التعاوني بديلاً عن التأمين التجاري.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه,
_____________
(1) سورة المائدة، الآية 90.
(2) سورة النساء، الآية 29.
هيئة كبار العلماء
رئيس الدورة العاشرة
عبد الرزاق عفيفي
عبد الله خياط
عبد الله بن محمد بن حميدان
عبد العزيز بن باز
عبد العزيز بن صالح
عبد المجيد بن حسن
محمد الحركان
سليمان بن عبيد
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
صالح بن غصون
راشد بن خنين
عبد الله بن غديان
محمد بن جبير
عبد الله بن منيع
صالح اللحيدان عبد الله بن قعود(17/297)
التأمين وإعادة التأمين
قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 24/4/1426
01/06/2005
قرار المجلس:
ناقش المجلس البحث والأوراق المقدمة إليه في موضوع التأمين وما يجري عليه العمل في أوربا، واطَّلع عل ما صدر عن المجامع الفقهية والمؤتمرات والندوات العلمية بهذا الشأن، وانتهى إلى ما يلي:
أولاً: مع مراعاة ما ورَد في قرارات بعض المجامع الفقهية من حرمة التأمين التجاري (الذي يقوم على أساس الأقساط الثابتة دون أن يكون للمستأمن الحق في أرباح الشركة أو التحمل لخسائرها) ومشروعية التأمين التعاوني (الذي يقوم على أساس التعاون المنظم بين المستأمنين، واختصاصهم بالفائض - إن وجد- مع اقتصار دور الشركة على إدارة محفظة التأمين واستثمار موجوداتها) ، فإن هناك حالات وبيئات تقتضي إيجاد حلول لمعالجة الأوضاع الخاصة، وتلبية متطلباتها، ولاسيما حالة المسلمين في أوروبا حيث يسود التأمين التجاري، وتشتد الحاجة إلى الاستفادة منه لدرء الأخطار التي يكثر تعرضهم لها في حياتهم المعاشية بكل صورها، وعدم توافر البديل الإسلامي (التأمين التكافلي) وتعسر إيجاده في الوقت الحاضر، فإن المجلس يفتي بجواز التأمين التجاري في الحالات التالية وما يماثلها:
(1) حالات الإلزام القانوني، مثل التأمين ضد الغير على السيارات والآليات والمعدات، والعمال والموظفين (الضمان الاجتماعي، أو التقاعد) ، وبعض حالات التأمين الصحي أو الدراسي ونحوها.
(2) حالات الحاجة إلى التأمين لدفع الحرج والمشقة الشديدة، حيث يغتفر معها الغرر القائم في نظام التأمين التجاري.
ومن أمثلة ذلك:
(1) التأمين على المؤسسات الإسلامية: كالمساجد، والمراكز، والمدارس، ونحوها.
(2) التأمين على السيارات والآليات والمعدات والمنازل والمؤسسات المهنية والتجارية، درءاً للمخاطر غير المقدور على تغطيتها، كالحريق والسرقة وتعطل المرافق المختلفة.
(3) التأمين الصحي تفاديًا للتكاليف الباهظة التي قد يتعرض لها المستأمن وأفراد عائلته، وذلك إما في غياب التغطية الصحية المجانية، أو بطئها، أو تدني مستواها الفني.
ثانيًا: إرجاء موضوع التأمين على الحياة بجميع صوره لدورة قادمة لاستكمال دراسته.
ثالثاً: يوصي المجلس أصحاب المال والفكر بالسعي لإقامة المؤسسات المالية الإسلامية كالبنوك الإسلامية، وشركات التأمين التكافلي الإسلامي ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً (1) .
[القرار 7/6]
______________
(1) خالف عضو المجلس الدكتور محمد فؤاد البرازي هذا القرار بقوله: أرى جواز التأمين على ما يُلزم به القانون، إضافة إلى التأمين التعاوني في حال وجوده" ومنع ما سوى ذلك.(17/298)
مجلة البحوث/27
قرار رقم 164 وتاريخ 26/02/1410هـ
في حكم جمعيات الموظفين وغيرهم
هيئة كبار العلماء 25/2/1426
04/04/2005
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير الخلق أجمعين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. أما بعد:
فقد نظر مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الرابعة والثلاثين المنعقدة في مدينة الطائف ابتداء من 16/02/1410هـ إلى 26/02/1410هـ في الاستفتاءات المقدمة من بعض الموظفين مدرسين وغيرهم إلى سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والمحالة من سماحته إلى المجلس عن حكم ما يسمى بجمعيات الموظفين وصورتها:
"أن يتفق عدد من الموظفين يعملون في الغالب في جهة واحدة مَدرسة أو دائرة أو غيرهما على أن يدفع كل واحد منهم مبلغاً من المال مساوياً في العدد لما يدفعه الآخرون، وذلك عند نهاية كل شهر، ثم يُدفع المبلغ كله لواحد منهم، وفي الشهر الثاني يُدفع لآخر، وهكذا.. حتى يتسلم كل واحد منهم مثل ما تسلمه من قبله سواء بسواء دون زيادة أو نقص".
كما اطلع على البحث الذي أعده فضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع في حكم القرض الذي يجر نفعاً. ثم جرت مداولات ومناقشات لم يظهر للمجلس بعدها بالأكثرية ما يمنع هذا النوع من التعامل؛ لأن المنفعة التي تحصل للمقرض لا تنقص المقترض شيئاً من ماله وإنما يحصل المقترض على منفعة مساوية لها، ولأن فيه مصلحة لهم جميعاً من غير ضرر على واحد منهم أو زيادة نفع لآخر. والشرع المطهر لا يرد بتحريم المصالح التي لا مضرة فيها على أحد، بل ورد بمشروعيتها.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(17/299)
رقم القرار: 1
رقم الدورة: 2
التأمين بشتى صوره وأشكاله
مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 6/11/1425
18/12/2004
نص القرار: التأمين بشتى صوره وأشكاله:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.... أما بعد: فإن المجمع الفقهي الإسلامي قد نظر في موضوع التأمين بأنواعه المختلفة، بعد ما اطلع على كثير مما كتبه العلماء في ذلك، وبعد ما اطلع أيضًا على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، في دورته العاشرة المنعقدة بمدينة الرياض بتاريخ 4/4/1398هـ من التحريم للتأمين بأنواعه. وبعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك، قرر المجلس بالأكثرية: تحريم التأمين بجميع أنواعه، سواء كان على النفس، أو البضائع التجارية، أو غير ذلك من الأموال. كما قرر مجلس المجمع بالإجماع: الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء من جواز التأمين التعاوني، بدلاً من التأمين التجاري المحرَّم والمنوه عنه آنفًا وعهد بصياغة القرار إلى لجنة خاصة. تقرير اللجنة المكلفة بإعداد قرار مجلس المجمع حول التأمين:
بناء على قرار مجلس المجمع المتخذ بجلسة الأربعاء 14 شعبان 1398هـ المتضمن تكليف كل من أصحاب الفضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد محمود الصواف، والشيخ محمد بن عبد الله السبيل بصياغة قرار مجلس المجمع حول التأمين بشتى أنواعه وأشكاله. وعليه فقد حضرت اللجنة المشار إليها وبعد المداولة أقرت ما يلي: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه ... أما بعد: فإن المجمع الفقهي الإسلامي، في دورته الأولي المنعقدة في 10 شعبان 1398هـ بمكة المكرمة بمقر رابطة العالم الإسلامي، نظر في موضوع التأمين بأنواعه، بعد ما اطلع على كثير مما كتبه العلماء في ذلك، وبعد ما اطلع أيضًا على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة بمدينة الرياض بتاريخ 4/4/1379هـ. بقراره رقم (55) من التحريم للتأمين التجاري بأنواعه. وبعد الدراسة الوافية، وتداول الرأي في ذلك، قرر مجلس المجمع الفقهي بالإجماع- عدا فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا- تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه، سواء كان على النفس، أو البضائع التجارية، أو غير ذلك للأدلة التالية:
الأول: عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية، المشتملة على الغرر الفاحش لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد، مقدار ما يعطي، أو يأخذ، فقد يدفع قسطًا أو قسطين، ثم تقع الكارثة، فيستحق ما التزم به المؤمِّن، وقد لا تقع الكارثة أصلاً، فيدفع جميع الأقساط، ولا يأخذ شيئًا، وكذلك المؤمِّن، لا يستطيع أن يحدد ما يعطي، ويأخذ، بالنسبة لكل عقد بمفرده، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع الغرر.(17/300)
الثاني: عقد التأمين التجاري: ضرب من ضروب المقامرة، لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغُرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطًا من التأمين ثم يقع الحادث فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة، كان قمارًا ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة:90) والآية بعدها.
الثالث: عقد التأمين التجاري: يشتمل على ربا الفضل والنسأ: فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها، فهو ربا فضل والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة فيكون ربا نسأ، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نسأ فقط وكلاهما محرم بالنص والإجماع.
الرابع: عقد التأمين التجاري: من الرهان المحرم، لأن كلاًّ منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان، إلا ما فيه نصرة للإسلام، وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، وقد حصر النبي صلى الله عليه وسلم رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله: "لا سبقَ إلاَّ في خُفٍّ أو حَافَرٍ أو نَصْلٍ". وليس التأمين من ذلك ولا شبيهًا به فكان محرمًا.
الخامس: عقد التأمين التجاري: فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، وأخذ المال بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم، لدخوله في عموم النهى في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) [النساء:29] .
السادس: في عقد التأمين التجاري: الإلزام بما لا يلزم شرعًا، فإن المؤمِّن لم يحدث الخطر منه، ولم يتسبب في حدوثه، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له، والمؤمن لم يبذل عملاً للمستأمن فكان حرامًا. وأما ما استدل به المبيحون للتأمين التجاري مطلقًا، أو في بعض أنواعه؛ فالجواب عنه بما يلي:
(أ) الاستدلال بالاستصلاح غير صحيح، فإن المصالح في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام: قسم شهد الشرع باعتباره فهو حجة. وقسم سكت عنه الشرع فلم يشهد له بإلغاء ولا اعتبار فهو مصلحة مرسلة، وهذا محل اجتهاد المجتهدين. والقسم الثالث: ما شهد الشرع بإلغائه، لغلبة جانب المفسدة فيه على جانب المصلحة.
(ب) الإباحة الأصلية: لا تصلح دليلاً هنا، لأن عقود التأمين التجاري قامت الأدلة على مناقضتها لأدلة الكتاب والسنة. والعمل بالإباحة الأصلية مشروط بعدم الناقل عنها، وقد وجد فبطل الاستدلال بها.
(ج) الضرورات تبيح المحظورات لا يصح الاستدلال به هنا، فإن ما أباحه الله من طرق كسب الطيبات أكثر أضعافًا مضاعفة مما حرمه عليهم، فليس هناك ضرورة معتبرة شرعًا تلجئ إلى ما حرَّمته الشريعة من التأمين.(17/301)
(د) لا يصح الاستدلال بالعرف، فإن العرف ليس من أدلة تشريع الأحكام، وإنما يبنى عليه في تطبيق الأحكام، وفهم المراد من ألفاظ النصوص، ومن عبارات الناس في أيمانهم وتداعيهم وأخبارهم وسائر ما يحتاج إلى تحديد المقصود منه من الأفعال والأقوال، فلا تأثير له فيما تبين أمره، وتعين المقصود منه، وقد دلت الأدلة دلالة واضحة على منع التأمين فلا اعتبار به معها.
(هـ) الاستدلال بأن عقود التأمين التجاري من عقود المضاربة، أو في معناها غير صحيح، فإن رأس المال في المضاربة لم يخرج عن ملك صاحبه، وما يدفعه المستأمن يخرج بعقد التأمين من ملكه إلى ملك الشركة، حسبما يقضي به نظام التأمين، وأن رأس مال المضاربة يستحقه ورثة مالكه عند موته، وفي التأمين قد يستحق الورثة نظامًا مبلغ التأمين ولو لم يدفع مورثهم إلا قسطًا واحدًا، وقد لا يستحقون شيئًا، إذا جعل المستفيد سوى المستأمن وورثته، وأن الربح في المضاربة يكون بين الشريكين، نسبًا مئوية مثلاً، بخلاف التأمين فربح رأس المال وخسارته للشركة، وليس للمستأمن إلا مبلغ التأمين أو مبلغًا غير محدد.
(و) قياس عقود التأمين على ولاء الموالاة عند من يقول به غير صحيح، فإنه قياس مع الفارق، ومن الفروق بينهما: أن عقود التأمين هدفها الربح المادي المشوب بالغرر والقمار وفاحش الجهالة، بخلاف عقد ولاء الموالاة، فالقصد الأول منه التآخي في الإسلام، والتناصر والتعاون في الشدة والرخاء وسائر الأحوال، وما يكون من كسب مادي فالقصد إليه بالتبع.
(ز) قياس عقد التأمين التجاري على الوعد الملزم عند من يقول به، لا يصح، لأنه قياس مع الفارق، ومن الفروق أن الوعد بقرض أو إعارة أو تحمل خسارة مثلاً، من باب المعروف المحض، فكان الوفاء به واجبًا، أو من مكارم الأخلاق، بخلاف عقود التأمين فإنها معاوضة تجارية، باعثها الربح المادي، فلا يغتفر فيها ما يغتفر في التبرعات من الجهالة والغرر.
(ح) قياس عقود التأمين التجاري على ضمان المجهول، وضمان ما لم يجب، قياس غير صحيح، لأنه قياس مع الفارق أيضًا، ومن الفروق: أن الضمان نوع من التبرع يقصد به الإحسان المحض، بخلاف التأمين، فإنه عقد معاوضة تجارية، يقصد منها أولاً الكسب المادي، فإن ترتب عليه معروف فهو تابع غير مقصود إليه، والأحكام يراعى فيها الأصل لا التابع، مادام تابعًا غير مقصود إليه.
(ط) قياس عقود التأمين التجاري على ضمان خطر الطريق لا يصح، فإنه قياس مع الفارق كما سبق في الدليل قبله.(17/302)
(ى) قياس عقود التأمين التجاري على نظام التقاعد غير صحيح، فإنه قياس مع الفارق أيضًا؛ لأن ما يعطى من التقاعد، حق التزم به ولي الأمر، باعتباره مسئولاً عن رعيته، وراعى في صرفه ما قام به الموظف من خدمة الأمة، ووضع له نظامًا راعى فيه مصلحة أقرب الناس إلى الموظف، ونظر إلى مظنة الحاجة فيهم، فليس نظام التقاعد من باب المعاوضات المالية بين الدولة وموظفيها، وعلى هذا لا شبه بينه وبين التأمين، الذي هو من عقود المعاوضات المالية التجارية التي يقصد بها استغلال الشركات للمستأمنين والكسب من ورائهم بطرق غير مشروعة، لأن ما يعطى في حالة التقاعد، يعتبر حقًّا التُزم به من حكومات مسئولة عن رعيتها، وتصرفها لمن قام بخدمة الأمة كفاء لمعروفه، وتعاونًا معه جزاء تعاونه معها ببدنه وفكره، وقطع الكثير من فراغه في سبيل النهوض معها بالأمة.
(ك) قياس نظام التأمين التجاري وعقوده على نظام العاقلة لا يصح، فإنه قياس مع الفارق، ومن الفروق أن الأصل في تحمل العاقلة لدية الخطأ وشبه العمد ما بينها وبين القاتل- خطأ أو شبه العمد- من الرحم والقرابة، التي تدعو إلى النصرة والتواصل والتعاون، وإسداء المعروف، ولو دون مقابل، وعقود التأمين التجارية استغلالية تقوم على معاوضات مالية محضة، لا تمت إلى عاطفة الإحسان وبواعث المعروف بصلة.
(ل) قياس عقود التأمين التجاري على عقود الحراسة غير صحيح، لأنه قياس مع الفارق أيضًا، ومن الفروق أن الأمان ليس محلاًّ للعقد في المسألتين، وإنما محله في التأمين الأقساط ومبلغ التأمين، وفي الحراسة الأجرة وعمل الحارس، أما الأمان فغاية ونتيجة، وإلا لما استحق الحارس الأجرة عند ضياع المحروس. (م) قياس التأمين على الإيداع لا يصح، لأنه قياس مع الفارق أيضًا، فإن الأجرة في الإيداع عوض عن قيام الأمين بحفظ شيء في حوزته يحوطه، بخلاف التأمين فإن ما يدفعه المستأمن لا يقابله عمل من المؤمن، ويعود إلى المستأمن بمنفعة، إنما هو ضمان الأمن والطمأنينة، وشرط العوض عن الضمان لا يصح، بل هو مفسد للعقد، وإن جعل مبلغ التأمين فيه مقابلة الأقساط كان معاوضة تجارية جهل فيها مبلغ التأمين أو زمنه فاختلف عن عقد الإيداع بأجر.
(ن) قياس التأمين على ما عرف بقضية تجَّار البَزِّ مع الحاكة لا يصح، والفرق بينهما أن المقيس عليه من التأمين التعاوني، وهو تعاون محض، والمقيس تأمين تجاري وهو معاوضات تجارية، فلا يصح القياس.
كما قرر مجلس المجمع بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم (15) وتاريخ 4/4/1379هـ من جواز التأمين التعاوني بدلاً عن التأمين التجاري المحرم والمنوه عنه آنفًا للأدلة التالية:
الأول: أن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار، والاشتراك في تحمل المسئولية، عند نزول الكوارث، وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية، تخصص لتعويض من يصيبه الضرر، فجماعة التأمين التعاوني، لا يستهدفون تجارة، ولا ربحًا من أموال غيرهم، وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم، والتعاون على تحمل الضرر.(17/303)
الثانى: خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النسأ، فليست عقود المساهمين ربوية، ولا يستغلون ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية.
الثالث: أنه لا يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني بتحديد ما يعود عليهم من النفع، لأنهم متبرعون، فلا مخاطرة ولا غرر ولا مقامرة، بخلاف التأمين التجاري فإنه عقد معاوضة مالية تجارية.
الرابع: قيام جماعة من المساهمين، أو من يمثلهم باستثمار ما جمع من الأقساط لتحقيق الغرض الذي من أجله أنشئ هذا التعاون، سواء كان القيام بذلك تبرعًا أو مقابل أجر معين.
ورأى المجلس أن يكون التأمين التعاوني على شكل شركة تأمين تعاونية مختلطة للأمور التالية:
أولاً: الالتزام بالفكر الاقتصادي الإسلامي، الذي يترك للأفراد مسئولية القيام بمختلف المشروعات الاقتصادية، ولا يأتي دور الدولة إلا كعنصر مكمل لما عجز الأفراد عن القيام به وكدور موجه ورقيب، لضمان نجاح هذه المشروعات وسلامة عملياتها.
ثانيًا: الالتزام بالفكر التعاوني التأميني الذي بمقتضاه يستقل المتعاونون بالمشروع كله من حيث تشغيله، ومن حيث الجهاز التنفيذي ومسئولية إدارة المشروع.
ثالثًا: تدريب الأهالي على مباشرة التأمين التعاوني، وإيجاد المبادرات الفردية، والاستفادة من البواعث الشخصية، فلا شك أن مشاركة الأهالي في الإدارة، تجعلهم أكثر حرصًا ويقظة، على تجنب وقوع المخاطر التي يدفعون مجتمعين تكلفة تعويضها، مما يحقق بالتالي مصلحة لهم في إنجاح التأمين التعاوني إذ إن تجنب المخاطر يعود عليهم بأقساط أقل في المستقبل، كما أن وقوعها قد يحملهم أقساطًا أكبر في المستقبل.
رابعًا: إن صورة الشركة المختلطة، لا تجعل التأمين كما لو كان هبة أو منحة من الدولة للمستفيدين منه، بل بمشاركة منها معهم فقط، لحمايتهم ومساندتهم، باعتبارهم هم أصحاب المصلحة الفعلية، وهذا موقف أكثر إيجابية، ليشعر معه المتعاونون بدور الدولة، ولا يعفيهم في نفس الوقت من المسئولية.
ويرى المجلس أن يراعى في وضع المواد التفصيلية للعمل بالتأمين التعاوني الأسس التالية:
الأول: أن يكون لمنظمة التأمين التعاوني مركز له فروع في كافة المدن، وأن يكون بالمنظمة أقسام تتوزع بحسب الأخطار المراد تغطيتها، وبحسب مختلف فئات ومهن المتعاونين، كأن يكون هناك قسم للتأمين الصحي، وثان للتأمين ضد العجز والشيخوخة ... إلخ. أو يكون هناك قسم لتأمين الباعة المتجولين، وآخر للتجار، وثالث للطلبة، ورابع لأصحاب المهن الحرة كالمهندسين والأطباء والمحامين.... إلخ.
الثاني: أن تكون منظمة التأمين التعاوني على درجة كبيرة من المرونة والبعد عن الأساليب المعقدة.
الثالث: أن يكون للمنظمة مجلس أعلى يقرر خطط العمل، ويقترح ما يلزمها من لوائح وقرارات، تكون نافذة إذا اتفقت مع قواعد الشريعة.(17/304)
الرابع: يمثل الحكومة في هذا المجلس من تختاره من الأعضاء، ويمثل المساهمين من يختارونه، ليكونوا أعضاء في المجلس ليساعد ذلك على إشراف الحكومة عليها، واطمئنانها على سلامة سيرها، وحفظها من التلاعب والفشل. الخامس: إذا تجاوزت المخاطر موارد الصندوق بما قد يستلزم زيادة الأقساط، فتقوم الدولة والمشتركون بتحمل هذه الزيادة. ويؤيد مجلس المجمع الفقهي ما اقترحه مجلس هيئة كبار العلماء في قراره المذكور بأن يتولى وضع المواد التفصيلية لهذه الشركة التعاونية جماعة من الخبراء المختصين في هذا الشأن. والله ولي التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
مخالفة الأستاذ الدكتور مصطفى الزرقاء:(17/305)
إخواني الأساتذة الفضلاء أعضاء المجمع الفقهي.... إني أخالف ما ذهبتم إليه من اعتبار التأمين الذي أسميتموه تجاريًّا بمختلف أنواعه وصوره حرامًا، وميزتم بينه وبين ما أسميتموه تعاونيًّا، وأرى أن التأمين من حيث إنه طريق تعاوني منظم لترميم الأضرار التي تقع على رؤوس أصحابها من المخاطر التي يتعرضون لها، هو في ذاته جائز شرعًا بجميع صوره الثلاث وهي: التأمين على الأشياء، والتأمين من المسئولية المسمى (تأمين ضد الغير) ، والتأمين المسمى- خطأً- بالتأمين على الحياة. وإن أدلتي الشرعية من الكتاب العزيز والسنة النبوية، وقواعد الشريعة ومقاصدها العامة، والشواهد الفقهية، بالقياس السليم عليها، ودفع توهم أنه يدخل في نطاق القمار أو الرهان المحرَّمَين، ودفع شبهة أنه ربا، كل ذلك موضح تمام الإيضاح في كتابي المنشور بعنوان (عقد التأمين، وموقف الشريعة الإسلامية منه) وأنتم مطلعون عليه، مع بيان حاجة الناس في العالم كله إليه. وقد بينت لكم في هذه الجلسة أيضًا، أن التمييز بين تأمين تعاوني وتجاري لا سند له، فكل التأمين قائم على فكرة التعاون على تفتيت الأضرار وترميمها، ونقلها عن رأس المصاب، وتوزيعها على أكبر عدد ممكن، بين عدد قليل من الأشخاص الذين تجمعهم حرفة صغيرة، أو سوق، ويتعرضون لنوع من الأخطار فيساهمون في تكوين صندوق مشترك، حتى إذا أصاب أحدهم الخطر والضرر، عوَّضوه عنه من الصندوق الذي هو أيضًا مساهم فيه، هذا النوع الذي يسمى في الاصطلاح تبادليًّا وسميتموه (تعاونيًّا) لا تحتاج إدارته إلى متفرغين لها، ولا إلى نفقات إدارة وتنظيم وحساب ... إلخ. فإذا كثرت الرغبات في التأمين، وأصبح يدخل فيه الألوف، عشراتها أو مئاتها أو آلافها من الراغبين، وأصبح يتناول عددًا كبيرًا من أنواع الأخطار المختلفة، فإنه عندئذ يحتاج إلى إدارة متفرغة، وتنظيم ونفقات كبيرة، من أجور محلات وموظفين ووسائل آلية وغير آلية ... إلخ. وعندئذ لابد لمن يتفرغون لإدارته وتنظيمه من أن يعيشوا على حساب هذه الإدارة الواسعة، كما يعيش أي تاجر أو صانع أو محترف أو موظف على حساب عمله. وعندئذ لابد من أن يوجد فرق بين الأقساط التي تجبى من المستأمنين، وبين ما يؤدى من نفقات وتعويضات للمصابين عن أضرارهم، لتربح الإدارة المتفرغة هذا الفرق، وتعيش منه، كما يعيش التاجر من فرق السعر بين ما يشتري ويبيع. ولتحقيق هذا الربح يبنى التأمين الذي أسميتموه تجاريًّا على حساب إحصاء دقيق، لتحديد القسط الذي يجب أن يدفعه المستأمن في أنواع من الأخطار، هذا هو الفرق الحقيقي بين النوعين. أما المعنى التعاوني فلا فرق فيه بينهما أصلاً من حيث الموضوع. كما إني أحب أن أضيف إلى ذلك: أن هذه الدورة الأولى لهذا المجمع الفقهي الميمون، الذي لم يجتمع فيها إلا نصف أعضائه فقط، والباقون تخلفوا أو اعتذروا عن الحضور لظروفهم الخاصة، لا ينبغي أن يتخذ فيها قرار بهذه السرعة، بتحريم موضوع كالتأمين من أكبر الموضوعات المهمة اليوم خطورة وشأنًا، لارتباط مصالح جميع الناس به في جميع أنحاء المعمورة، والدول كلها تفرضه إلزاميًّا في حالات، كالتأمين على السيارات ضد الغير، صيانة لدماء المصابين في حوادث السيارات من أفئدة تذهب هدرًا إذا(17/306)
كان قائد السيارة أو مالكها مفلسًا. فإذا أريد اتخاذ قرار خطير كهذا، وفي موضوع اختلفت فيه آراء علماء العصر اختلافًا كبيرًا في حله أو حرمته، يجب في نظري أن يكون في دورة يجتمع فيها أعضاء المجمع كلهم أو إلا قليلاً منهم، وعلى أن يكتب لغير أعضاء المجمع من علماء العالم الإسلامي، الذين لهم وزنهم العلمي، ثم يبت في مثل هذا الموضوع الخطير في ضوء أجوبتهم، على أساس الميل إلى التيسير على الناس عند اختلاف آراء العلماء، لا إلى التعسير عليهم. ولا بد لي ختامًا من القول بأنه إذا كانت شركات التأمين تفرض في عقودها مع المستأمنين شروطًا لا يقرها الشرع، أو تفرض أسعارًا للأقساط في أنواع الأخطار غالية بغية الربح الفاحش، فهذا يجب أن تتدخل فيه السلطات المسئولة لفرض رقابة وتسعير لمنع الاستغلال، كما توجب المذاهب الفقهية وجوب التسعير والضرب على أيدي المحتكرين لحاجات الناس الضرورية، وليس علاجه تحريم التأمين، لذلك أرجو تسجيل مخالفتي هذه مع مزيد الاحترام لآرائكم.
دكتور مصطفى الزرقاء(17/307)
قرار رقم: 78 (9/8)
بشأن
بطاقات الائتمان
مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 6/11/1425
18/12/2004
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سيري بيجوان، بروناي دار السلام من 1- 7 محرم 1414هـ الموافق 21- 27 حزيران (يونيو) 1993م،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع بطاقات الائتمان،
وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،
ونظراً لأهمية هذا الموضوع وضرورة استكمال جميع جوانبه وتغطية كل تفصيلاته والتعرف إلى جميع الآراء فيه،
قرر ما يلي:
أن تقوم الأمانة العامة للمجمع باستكتاب المزيد من البحوث فيه ليتمكن مجلس المجمع من اتخاذ القرار المناسب في دورة قادمة. والله الموفق.(17/308)
قرار رقم: 75 (6/8)
بشأن
قضايا العملة
مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 6/11/1425
18/12/2004
مجلة المجمع (ع 3، ج3 ص 1650 والعدد 5 ج 3 ص 1609)
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثامن ببندر سيري بيجوان، بروناي دار السلام من 1- 7 محرم 1414هـ الموافق 21- 27 حزيران (يونيو) 1993م،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع قضايا العملة،
وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،
قرر ما يلي:
أولاً: يجوز أن تتضمن أنظمة العمل واللوائح والترتيبات الخاصة بعقود العمل التي تتحدد فيها الأجور بالنقود شرط الربط القياسي للأجور، على ألا ينشأ عن ذلك ضرر للاقتصاد العام.
والمقصود هنا بالربط القياسي للأجور تعديل الأجور بصورة دورية تبعاً للتغير في مستوى الأسعار وفقاً لما تقدره جهة الخبرة والاختصاص، والغرض من هذا التعديل حماية الأجر النقدي للعاملين من انخفاض القدرة الشرائية لمقدار الأجر بفعل التضخم النقدي وما ينتج عنه من الارتفاع المتزايد في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات.
وذلك لأن الأصل في الشروط الجواز إلا الشرط الذي يحل حراماً أو يحرم حلالاً.
على أنه إذا تراكمت الأُجرة وصارت ديناً تطبق عليها أحكام الديون المبينة في قرار المجمع رقم 42 (4/5) .
ثانياً: يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد - لا قبله - على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد. وكذلك يجوز في الدين على أقساط بعملة معينة، الاتفاق يوم سداد أي قسط على أدائه كاملاً بعملة مغايرة بسعر صرفها في ذلك اليوم.
ويشترط في جميع الأحوال أن لا يبقى في ذمة المدين شيء مما تمت عليه المصارفة في الذمة، مع مراعاة القرار الصادر عن المجمع برقم 50 (1/6) بشأن القبض.
ثالثاً: يجوز أن يتفق المتعاقدان عند العقد على تعيين الثمن الآجل أو الأجرة المؤجلة بعملة تُدفع مرة واحدة أو على أقساط محددة من عملات متعددة أو بكمية من الذهب وأن يتم السداد حسب الاتفاق. كما يجوز أن يتم حسب ما جاء في البند السابق.
رابعاً: الدين الحاصل بعملة معينة لا يجوز الاتفاق على تسجيله في ذمة المدين بما يعادل قيمة تلك العملة من الذهب أو من عملة أخرى، على معنى أن يلتزم المدين بأداء الدين بالذهب أو العملة الأخرى المتفق على الأداء بها.
خامساً: تأكيد القرار رقم 42 (4/5) الصادر عن المجمع بشأن تغير قيمة العملة.
ويوصي بما يلي: قيام الأمانة العامة بتكليف ذوي الكفاءة من الباحثين الشرعيين والاقتصاديين من الملتزمين بالفكر الإسلامي بإعداد الدراسات المعمقة للموضوعات الأخرى المتعلقة بقضايا العملة، لتناقش في دورات المجمع القادمة إن شاء الله، ومن هذه الموضوعات ما يلي:
أ-إمكان استعمال عملة اعتبارية مثل الدينار الإسلامي وبخاصة في معاملات البنك الإسلامي للتنمية ليتم على أساسها تقديم القروض واستيفاؤها، وكذلك تثبيت الديون الآجلة ليتم سدادها بحسب سعر التعادل القائم بين تلك العملة الاعتبارية بحسب قيمتها، وبين العملة الأجنبية المختارة للوفاء كالدولار الأمريكي.
ب- السبل الشرعية البديلة عن الربط للديون الآجلة بمستوى المتوسط القياسي للأسعار.
ج - مفهوم كساد النقود الورقية وأثره في تعيين الحقوق والالتزامات الآجلة.
د - حدود التضخم التي يمكن أن تعتبر معه النقود الورقية نقوداً كاسدة. والله الموفق.(17/309)
قرار رقم: 86 (3/9)
بشأن
الودائع المصرفية (حسابات المصارف)
مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425
02/12/2004
مجلة المجمع (ع 9، ج1 ص 667)
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره التاسع بأبي ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة من 1- 6 ذي القعدة 1415هـ الموافق 1- 6 نيسان (أبريل) 1995م،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الودائع المصرفية (حسابات المصارف) ،
وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،
قرر ما يلي:
أولاً: الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) سواء أكانت لدى البنوك الإسلامية أو البنوك الربوية هي قروض بالمنظور الفقهي، حيث إن المصرف المتسلم لهذه الودائع يده يد ضمان لها وهو ملزم شرعاً بالرد عند الطلب. ولا يؤثر على حكم القرض كون البنك (المقترض) مليئاً.
ثانياً: إن الودائع المصرفية تنقسم إلى نوعين بحسب واقع التعامل المصرفي:
أ- الودائع التي تدفع لها فوائد، كما هو الحال في البنوك الربوية، هي قروض ربوية محرمة سواء أكانت من نوع الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) ، أم الودائع لأجل، أم الودائع بإشعار، أم حسابات التوفير.
ب - الودائع التي تسلم للبنوك الملتزمة فعلياً بأحكام الشريعة الإسلامية بعقد استثمار على حصة من الربح هي رأس مال مضاربة، وتنطبق عليها أحكام المضاربة (القراض) في الفقه الإسلامي التي منها عدم جواز ضمان المضارب (البنك) لرأس مال المضاربة.
ثالثاً: إن الضمان في الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) هو على المقترضين لها (المساهمين في البنوك) ما داموا ينفردون بالأرباح المتولدة من استثمارها، ولا يشترك في ضمان تلك الحسابات الجارية المودعون في حسابات الاستثمار، لأنهم لم يشاركوا في اقتراضها ولا استحقاق أرباحها.
رابعاً: إن رهن الودائع جائز، سواء أكانت من الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) أم الودائع الاستثمارية، ولا يتم الرهن على مبالغها إلا بإجراء يمنع صاحب الحساب من التصرف فيه طيلة مدة الرهن. وإذا كان البنك الذي لديه الحساب الجاري هو المرتهن لزم نقل المبالغ إلى حساب استثماري، بحيث ينتفي الضمان للتحول من القرض إلى القراض (المضاربة) ويستحق أرباح الحساب صاحبه تجنباً لانتفاع المرتهن (الدائن) بنماء الرهن.
خامساً: يجوز الحجز من الحسابات إذا كان متفقاً عليه بين البنك والعميل.
سادساً: الأصل في مشروعية التعامل الأمانة والصدق بالإفصاح عن البيانات بصورة تدفع اللبس أو الإيهام وتطابق الواقع وتنسجم مع المنظور الشرعي، ويتأكد ذلك بالنسبة للبنوك تجاه ما لديها من حسابات لاتصال عملها بالأمانة المفترضة ودفعاً للتغرير بذوي العلاقة. والله أعلم(17/310)
أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الأول ص655-658
قرار هيئة كبار العلماء
رقم (26) وتاريخ 21/8/1394هـ
النشوز وأحكامه
هيئة كبار العلماء 22/8/1426
26/09/2005
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فبناء على ما تقرر في الدورة الرابعة لهيئة كبار العلماء من اختيار موضوع النشوز ليكون من جملة الموضوعات التي تعد فيها اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحوثاً- أعدت في ذلك بحثاً، وعرض على مجلس هيئة كبار العلماء في الدورة الخامسة المنعقدة بمدينة الطائف فيما بين الخامس من شهر شعبان عام 1394هـ والثاني والعشرين منه.
وبعد اطلاع المجلس على ما أعد من أقوال أهل العلم وأدلتهم ومناقشتها، وبعد تداول الرأي في ذلك قرر المجلس بالإجماع مايلي:
أن يبدأ القاضي بنصح الزوجة، وترغيبها في الانقياد لزوجها، وطاعته، وتخويفها من إثم النشوز وعقوبته، وأنها إن أصرت فلا نفقة لها عليه، ولا كسوة، ولا سكنى، ونحو ذلك من الأمور التي يرى أنها تكون دافعة للزوجة إلى العودة لزوجها، ورادعة لها من الاستمرار في نشوزها، فإن استمرت على نفرتها وعدم الاستجابة عرض عليهما الصلح، فإن لم يقبلا ذلك نصح الزوج بمفارقتها، وبين له أن عودتها إليه أمر بعيد، ولعل الخير في غيرها ونحو ذلك مما يدفع الزوج إلى مفارقتها، فإن أصر على إمساكها وامتنع من مفارقتها، واستمر الشقاق بينهما- بعث القاضي حكمين عدلين ممن يعرف حالة الزوجين من أهلهما حيث أمكن ذلك، فإن لم يتيسر فمن غير أهلهما ممن يصلح لهذا الشأن، فإن تيسر الصلح بين الزوجين على أيديهما فبها، وإلا أفهم القاضي الزوج أنه يجب عليه مخالعتها، على أن تسلمه الزوجة ما أصدقها، فإن أبى أن يطلق حكم القاضي بما رآه الحكمان من التفريق بعوض أو بغير عوض، فإن لم يتفق الحكمان، أو لم يوجدا وتعذرت العشرة بالمعروف بين الزوجين-نظر القاضي في أمرهما، وفسخ النكاح حسبما يراه شرعاً بعوض أو بغير عوض.
والأصل في ذلك الكتاب والسنة والأثر والمعنى:
أما الكتاب: فقوله تعالى:"لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقةٍ أو معروف إصلاح بين الناس" (1) ، ويدخل في هذا العموم الزوجان في حالة النشوز، والقاضي إذا تولى النظر في دعواهما. وقوله تعالى:"واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن"الآية (2) ، والوعظ كما يكون من الزوج لزوجته الناشز يكون من القاضي؛ لما فيه من تحقيق المصلحة. وقوله تعالى:"وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير" (3) ، فكما أن الإصلاح مشروع إذا كان النشوز من الزوج، فهو مشروع إذا كان من الزوجة أو منهما.
وقوله تعالى:"وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما"الآية (4) ، وهذه الآية عامة في مشروعية الأخذ بما يريانه من جمع أو تفريق بعوض أو بغير عوض. وقوله تعالى:"ولا يحل لكم أن تأخذوا مما ءاتيتموهن شيئاً إلآ أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به" (5) .(17/311)
وأما السنة: فما روى البخاري في [الصحيح] عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: يا رسول الله، ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق، إلا أني أخاف الكفر في الإسلام، فقال رسو الله-صلى الله عليه وسلم-:"أفتردين عليه حديقته؟ "قالت: نعم، فردت عليه، فأمره ففارقها.
وقوله-صلى الله عليه وسلم-:لا ضرر ولا ضرار"فهذا يدل بعمومه على مشروعية الخلع عند عدم الوئام بين الزوجين وخشية الضرر.
وأما الأثر: فما رواه عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس قال: بعثت أنا ومعاوية حكمين، قال معمر: بلغني أن عثمان بعثهما، وقال: إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا ففرقا، ورواه النسائي أيضاً.
وما رواه الدارقطني من حديث محمد بن سيرين عن عبيدة قال: جاء رجل وامرأة إلى علي مع كل واحد منهما فئام من الناس، فأمرهم، فبعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها، وقال للحكمين: هل تدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا فاجمعا، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما، فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي، وقال الزوج: أما الفرقة فلا، فقال علي: (كذبت والله لا تبرح حتى تقر بمثل الذي أقرت به) .
ورواه النسائي في السنن [السنن الكبرى] ورواه الشافعي والبيهقي، وقال ابن حجر: إسناده صحيح.
وما أخرجه الطبري في [تفسيره] عن ابن عباس رضي الله عنهما في الحكمين أنه قال: (فإن اجتمع أمرهما على أن يفرقا، أو يجمعا فأمرهما جائز) .
وأما المعنى: فإن بقاءها ناشزاً مع طول المدة أمر غير محمود شرعاً؛ لأنه ينافي المودة، والإخاء، وما أمر الله من الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان، مع ما يترتب على الإمساك من المضار والمفاسد والظلم والإثم، وما ينشأ عنه من القطيعة بين الأسر، وتوليد العداوة والبغضاء.
وصلى الله وسلم على محمد، وآله وصحبه.
هيئة كبار العلماء
رئيس الدورة الخامسة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
عبد الرزاق عفيفي
عبد الله خياط
عبد الله بن حميد
عبد العزيز بن صالح
عبد المجيد حسن
محمد الحركان
سليمان بن عبيد
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
صالح بن غصون
راشد بن خنين
عبد الله بن غديان
محمد بن جبير
عبد الله بن منيع
صالح بن لحيدان(17/312)
التساوي بين الزوجين في الحقوق والواجبات الزوجية
المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 15/3/1426
24/04/2005
قرار المجلس:
تعد الزوجة مساوية للزوج في العلاقة الزوجية، حتى إن القرآن يسمي كلاً منهما (زوجًا) فالرجل زوج، والمرأة زوج، لأن كلاً منهما -وإن كان فردًا في ذاته- يحمل هموم الآخر وحاجاته، فهو (زوج) في الحقيقة.
ونرى قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: من الآية21] ، {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [النحل: من الآية72] ، هذا الخطاب في الآيتين للرجال والنساء جميعًا، إذ لا دليل على اختصاص الخطاب بالرجال.
وفي الآية التي خاطب الله بها الرجال خاصة، ذكر بعدها ما يفيد تساوي الجنسين في العلاقة الزوجية، وذلك قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: من الآية187] ، فالمرأة بمنزلة اللباس للرجل والرجل بمنزلة اللباس للمرأة، بما توحي به كلمة (اللباس) من القرب واللصوق والدفء والستر والزينة.
وهذا التساوي في الأصل لا ينفي أن يختص الرجل ببعض ما يتميز به عن المرأة، مثل (القوامة) على الأسرة، كما قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: من الآية34] .
ومن روائع البيان القرآني هنا: أنه لم يقل (بما فضلهم على النساء) بل قال: {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ، أي أن الرجل مفضّل من بعض الأوجه، والمرأة مفضلة من أوجه أخرى، كالجانب العاطفي، والرجل هو الذي يدفع المهر ويؤسس البيت وينفق عليه، فإذا حاول أن يهدم الأسرة فإنما يهدمها على أم رأسه.!!
وقد أرشد القرآن إلى أن الحقوق بين الطرفين مساوية للواجبات إلا ما استثني، وذلك قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: من الآية228] ، وجاء عن ابن عباس: أتجمل لامرأتي كما تتجمل هي لي، واستدل بالآية الكريمة (1) . وقد فسر الإمام الطبري (الدرجة) في الآية بمزيد من الأعباء المطلوبة من الرجل، وفسرها غيره بدرجة (القوامة) على الأسرة وكلاهما تفسير صحيح. والنبي صلى الله عليه وسلم يحمّل كلا من الزوجين المسؤولية، كما في حديث ابن عمر المتفق عليه "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ... والرجل راع في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها" (2) .(17/313)
ومسؤولية المرأة في بيت زوجها توجب عليها أن يكون لها دور توجيهي أو إرشادي تجاه زوجها، يقوم على النصح له وحب الخير والسداد له، ودعوته إلى الخير وأمره بالمعروف إذا قصر فيه، ونهيه عن المنكر إذا وقع فيه، فهذا واجب على كل مسلم تجاه المسلم، حتى الابن مع أبيه، والتلميذ مع أستاذه، والمحكوم مع الحاكم، وكذلك الزوجة مع زوجها، ولكن في حدود وضوابط معينة ذكرها العلماء في مظانها، والله تعالى يقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: من الآية71] ، والعلاقة الزوجية لا تسقط فرضية الأمر والنهي بل تؤكدها.
وقد كانت المرأة من نساء السلف تقول لزوجها إذا خرج من البيت للتجارة والضرب في الأرض: يا أبا فلان، إياك وكسب الحرام فإنا نصبر على الجوع والطوى ولا نصبر على حر النار وغضب الجبار!
ولو وجدت المرأة زوجها يقصر في أداء الصلاة المفروضة، فالواجب عليها أن تأمره بالرفق وبالموعظة الحسنة أن يحافظ على صلاته، ولو وجدته يشرب الخمر، فعليها أن تنهاه عن أم الخبائث وتنصحه أن يحافظ على دينه ونفسه وماله وولده باجتناب هذا الرجس من عمل الشيطان، ولو وجدته يهمل رعاية أولاده أو النفقة عليهم، فليزمها أن تنصحه وتحضه أن يقوم بواجبه.
فإن قيل: هل للزوج سلطة على زوجته وإلى أي حد؟ فالجواب: أن للزوج سلطة (القوامة) ولكنها ليست سلطة مطلقة، بل هي سلطة مقيدة بأحكام الشرع ومقتضيات العرف. فأحكام الأسرة مقيدة -في القرآن الكريم- بقيدين:
أحدهما: رباني، وهو ما سماه القرآن (حدود الله) وقد تكررت كثيرًا في شأن الأسرة.
والثاني: إنساني، وهو ما سماه القرآن (المعروف) وهو ما تعرفه الفطر السليمة والعقول الرشيدة وأهل الفضل من الناس. نقرأ في القيد الأول قوله تعالى في شأن الطلاق: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: من الآية229] ، وفي مقام آخر بقوله: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: من الآية230] ، وفي سورة الطلاق بقوله: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: من الآية1] .
وفي القيد الإنساني بقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: من الآية19] ، وقوله: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: من الآية233] ، وقوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [الطلاق: من الآية2] ، وقوله: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: من الآية241] .(17/314)
والأصل: أن يتم أمر الأسرة بالتشاور فيما بين الزوجين، والتشاور لا يثمر إلا خيرًا، وقد أشار إلى ذلك القرآن في قضية فطام الطفل الرضيع، كما قال تعالى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: من الآية233] ، فإن اختلفا فالزوج هو صاحب السلطة في إطار (المعروف) ، ولا يجوز له أن يفرض على المرأة أهواءه باسم الطاعة الواجبة، فإنما يطاع في (المعروف) لا في غيره، بدليل قوله تعالى في بيعة النساء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: {وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} [الممتحنة: من الآية12] ، وفي الحديث المتفق عليه: "إنما الطاعة في المعروف" (3) .
[القرار 6/4]
______________
(1) هذا معنى الرواية عن ابن عباس، وأخرجها ابن جرير في "تفسيره" (2/453) ، وابن أبي حاتم (رقم: 2196) عن ابن عباس قال: إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي؛ لأن الله تعالى ذكره بقول: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} . وإسناده صحيح.
(2) أخرجه البخاري (رقم: 853 ومواضع أخرى) ومسلم (رقم: 1829) .
(3) أخرجه البخاري (رقم: 4085، 4726، 6830) ، ومسلم (رقم: 1840) من حديث علي بن أبي طالب.(17/315)
زواج الرجل ممن زنى بها
المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 15/3/1426
24/04/2005
قرار المجلس:
الزاني والزانية إذا تابا إلى الله تعالى، وأرادا أن يخرجا من الحرام إلى الحلال، ومن حياة التلوث إلى حياة الطهارة، فزواجهما صحيح بالإجماع، وجمهور الفقهاء لا يشترطون التوبة لصحة النكاح من الزانية، كما روي أن عمر رضي الله عنه: "ضرب رجلاً وامرأة في الزنى، وحرص على أن يجمع بينهما" (1) .
والحنابلة هم الذين اشترطوا التوبة، لقوله تعالى: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور:3] .
أما موضوع (العدة) وهل يجب على الزانية أن تعتد أم لا؟ ففي هذا خلاف بين الفقهاء.
والذي نختاره هو: ما ذهب إليه الحنفية والشافعية والثوري: أن الزانية لا عدة لها. ولو كانت حاملاً من الزنى، وهو المروي عن ثلاثة من الصحابة الخلفاء: أبي بكر وعمر وعلي -رضي الله عنهم- (2) . وقد استدلوا بالحديث: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر" (3) ، ولأن العدة شرعت لاستبراء الرحم حفظًا للنسب، والزنى لا يتعلق به ثبوت النسب، فلا يوجب العدة.
وإذا تزوج الرجل امرأة حاملاً من الزنى من غيره صح عند أبي حنيفة وصاحبه محمد، وعليه الفتوى في المذهب الحنفي، ولكن لا يجوز له وطؤها حتى تضع، لحديث: "لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يسقي ماءه زرع غيره" (4) .
وهذا بخلاف ما إذا كان الحمل من الزاني نفسه، فإن نكاحها جائز باتفاق الحنفية ومن يجوزون نكاحها، ويحل وطؤها عندهم جميعًا إذا الزرع زرعه، والحمل منه.
[القرار 5/4]
_____________
(1) أخرجه الشافعي في "الأم" (10/38) ومن طريقه: البيهقي (7/155) عن أبي يزيد المكي: أن رجلاً تزوج امرأة، ولها ابنة من غيره وله ابن من غيرها، ففجر الغلام بالجارية، فظهر بها حمل، فلما قدم عمر مكة رفع ذلك إليه، فسألهما فاعترفا، فجلدهما عمر الحد، وحرص أن يجمع بينهما، فأبى الغلام. إسناده حسن.
(2) ذكره محمد بن الحسن الشيباني في "الحجة على أهل المدينة" (3/388، 389) عن أبي بكر وعمر، وذكر معنى ذلك البيهقي في "السنن" (7/155) ، وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (9/476) عنهما، كما ذكر (10/28) عن عمر ما يدل عليه.
(3) متفق عليه: أخرجه البخاري (رقم: 1948 ومواضع أخرى) ، ومسلم (رقم: 1457) من حديث عائشة. ومعنى الحديث: (الولد للفراش) أي تابع لصاحب الفراش، وهو من كانت المرأة تحته عندما ولدت، (وللعاهر الحجر) : أي للزاني الحرمان والخيبة، ليس له حق في الولد.
(4) حديث حسن، أخرجه أحمد (28/207) ، وأبو داود (رقم: 2158، 2159) والبيهقي (7/449) ، 9/124)(17/316)
الزواج من أربع نسوة
قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث. 15/3/1426
24/04/2005
قرار المجلس:
كان الناس قبل الإسلام يتزوجون من شاءوا من النساء بغير قيد ولا شرط، حتى جاء الإسلام فوضع لهذا التعدد حدًا وشرط له شرطًا.
فأما الحد فجعل أقصى العدد أربعًا لا يزاد عليهن بحال: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: من الآية3] ، ولما أسلم رجل من ثقيف ومعه عشر نسوة، أمره الرسول صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعًا، ويطلق الباقي (1) .
وأما الشرط، فيتمثل في ثقة الرجل في نفسه بالعدل، وإلا حرم عليه الزواج بالمرأة الأخرى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء: من الآية3] .
وهذا إلى جوار توافر الشروط الأخرى لأي زواج، مثل: القدرة على الإنفاق، والقدرة على الإحصان.
وإنما أباح الإسلام ذلك؛ لأنه دين واقعي، لا يحلّق في مثاليات حالمة، ويترك مشكلات الحياة دون علاج مقدور عليه. فالزواج الثاني قد يحل مشكلة عند الرجل الذي لا تنجب امرأته، أو تطول عندها فترة الحيض، وهو قوي الشهوة، أو يصيبها المرض، ويستمر معها، ولا يريد أن يطلقها إلى غير ذلك.
وقد يحل مشكلة عند المرأة الأرملة التي يموت زوجها ولا تطمع في الزواج من شاب لا زوجة له، ومثلها المطلقة وهي شابة، وخصوصًا لو كان لها طفل أو أكثر.
وقد يحل مشكلة عند المجتمع كله، عندما يزيد عدد النساء الصالحات للزواج عن عدد الرجال القادرين على النكاح، وهذا قائم باستمرار، ويزداد تفاقمًا بعد الحروب ونحوها.
فماذا نفعل بالعدد الفائض من النساء؟ إنها واحدة من ثلاث:
1- أما يقضين العمر كله محرومات من حياة الزوجية والأمومة، وهذا ظلم لهن.
2- وإما أن يشبعن غرائزهن من وراء ظهر الدين والأخلاق، وهذا ضياع لهن.
3- وإما أن يقبلن الزواج من رجل متزوج قادر على النفقة والإحصان، واثق بالعدل، وهذا هو الحل المناسب.
أما سوء استعمال هذه الرخصة أو هذا الحق، فكم من حقوق يساء استخدامها، ويتعسف في استعمالها، ولا يؤدي ذلك إلى إسقاطها وإلغائها. الزواج الأول نفسه كم يساء استخدامه، فهل نلغيه؟ الحرية كم يساء استخدامها، فهل نلغيها؟ الانتخابات يساء استخدامها، فهل نلغيها؟ السلطة.. أيًا كانت يساء استخدامها، فهل نلغيها وندع الحياة فوضى؟
إن الأولى -بدل أن ننادي بإلغاء الحق- أن نضع الضوابط لاستخدامه، ونعاقب من يسيء في ذلك، قدر ما نستطيع.
[القرار 4/ 4]
____________
(1) أخرجه أحمد (رقم: 4609، 4631، 5027، 5558) والترمذي (رقم: 1128) ، وابن ماجة (رقم: 1953) من حديث عبد الله بن عمر. وصحح الحديث ابن حبان (رقم: 4156-4158) ، والحاكم (2/192) ، وابن حزم في "المحلى" (9/441) ، وأعله طائفة من أهل الحديث من جهة الإسناد، ولا خلاف في صحة معناه.(17/317)
رقم القرار: 4
رقم الدورة: 7
حول تفشي عادة الدوطة في الهند
مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425
28/11/2004
حول تفشي عادة الدوطة في الهند:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع على ترجمة خطاب الأخ عبد القادر الهندي، الذي جاء فيه قيامه في محاربة (الدوطة) ، وهو المبلغ الذي تدفعه العروس في مجتمع الهند الإسلامي، مقابل الزواج، وأن يكتفي المسلمون الهنود فقط، بتدوين المهر في سجل الزواج، دون أن يدفعوه إلى الزوجة فعلاً، ولقد كتبت الكثير في هذا الصدد في كثير من صحف (التاميل) الإسلامية، ثم يستطرد الأخ عبد القادر في خطابه فيقول: (ومن ثم فإن هذا الزواج حرام، كما أن المواليد الناشئين عن هذا الزواج غير شرعيين، طبقًا للكتاب والسنة) .
كما اطلع المجلس على خطاب فضيلة الشيخ أبي الحسن الندوي الموجه إلى معالي الأمين العام للرابطة بتاريخ 16/3/1404هـ والذي جاء فيه: (إن قضية الدوري قضية متفشية في سكان الهند، وهي قضية الهندوس بالدرجة الأولي، دخلت على المسلمين بسبب احتكاك بناتهم ببنات الهنود، ويحارب قادة المسلمين هذه العادة، وبدأت الحكومة الهندية كذلك تستبعد هذه العادة أخيرًا.. وأرى أن يكفي لمجلسنا الفقهي إصدار فتوى وبيان حول هذه القضية، ينهى المسلمين عن اتباع عادة جاهلية ظالمة، مثل الدورى، تسربت إليهم من غيرهم، وأرجو أن قادة المسلمين في الهند جميعًا إذا بذلوا جهودهم في ذلك، لكان نجاحًا كبيرًا في إزالة هذه العادة. والله ولي التوفيق) .اهـ كلامه. وبعد أن اطلع المجلس على ما ذكره قرر ما يلي:
أولاً: شكر فضيلة الشيخ أبي الحسن الندوي، وشكر الأخ عبد القادر على ما أبدياه نحو عرض الموضوع، وعلى غيرتهما الدينية، وقيامهما بمحاربة هذه البدعة والعادة السيئة، والمجلس يرجو منهما مواصلة العمل في محاربة هذه العادة وغيرها من العادات السيئة، ويسأل الله لهما وللمسلمين التوفيق والتسديد، وأن يثيبهما على جدهما واجتهادهما.
ثانيًا: ينبه المجلس الأخ عبد القادر وغيره، بأن هذا الزواج- وإن كان مخالفًا للزواج الشرعي من هذا الوجه- إلا أنه زواج صحيح، معتبر شرعًا عند جمهور علماء المسلمين، ولم يخالف في صحته إلا بعض العلماء في حالة اشتراط عدم المهر. أما الأولاد الناشئون عن هذا الزواج، فهم أولاد شرعيون، منسوبون لآبائهم وأمهاتهم، نسبة شرعية صحيحة، وهذا بإجماع العلماء، حتى عند الذين لا يرون صحة هذا النكاح، المشروط فيه عدم المهر، فقد صرحوا في كتبهم بإلحاق الأولاد بآبائهم وأمهاتهم بهذا الزواج المذكور.(17/318)
ثالثًا: يقرر المجلس: أن هذه العادة سيئة منكرة، وبدعة قبيحة، مخالفة لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإجماع العلماء، ومخالِفة لعمل المسلمين في جميع أزمانهم. أما الكتاب؛ فقد قال تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) [النساء: من الآية4] . وقال تعالى: (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) [الممتحنة: من الآية10] . وقال تعالى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) [النساء: من الآية24] . وغير ذلك من الآيات. وأما السنة؛ فقد جاءت مشروعية المهر في قوله صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره؛ فقد جاء في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود، عن جابر، رضى الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَو أنَّ رجلاً أَعطَى امرأةً صَدَاقًا مِلءَ يَدَيْهِ طَعَامًا، كانت له حَلالاً". فهذا من أقواله. وأما فعله؛ فقد جاء في صحيح مسلم وغيره من كتب السنن عن عائشة قالت: كان صداقه لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونصف أوقية. فهذا فعله. وأما تقريره؛ فقد جاء في الصحيحين وغيرهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة. فقال: "ما هذا؟ ". قال: تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب. قال: "بارك الله لك". فهذا من تقريره وهو إجماع المسلمين وعملهم، في كل زمان ومكان، ولله الحمد.
وبناء عليه فإن المجلس يقرر: أنه يجب أن يدفع الزوج لزوجته صداقًا سواء كان الصداق معجَّلاً، أو مؤجلاً، أو بعضه معجل وبعضه مؤجل. على أن يكون تأجيلاً حقيقيًّا يراد دفعه عند تيسره، وأنه يحرم أن يجرى الزواج بدون صداق من الزوج لزوجته. ويوصي المجلس بأن السنة: تخفيف الصداق وتسهيله، وتيسير أمر النكاح، وذلك بترك التكاليف والنفقات الزائدة، ويحذر من الإسراف والتبذير، لما في ذلك من الفوائد الكبيرة.
رابعًا: يناشد المجلس العلماء والأعيان والمسؤولين في الهند وغيرهم، محاربة هذه العادة السيئة (الدوطة) ، وأن يجدوا ويجتهدوا في إبطالها وإزالتها من بلادهم، وعن ديارهم، فإنها مخالفة للشرائع السماوية، ومخالفة للعقول السليمة، والنظر المستقيم.
خامسًا: أن هذه العادة السيئة، علاوة على مخالفتها للشرع الإسلامي، هي مضرة بالنساء ضررًا حيويًّا. فالشباب لا يتزوجون عندئذ إلا الفتاة التي يقدم أهلها لهم مبلغًا من المال يرغبهم ويغريهم، فتحظى بنات الأغنياء بالزواج، وتقعد بنات الفقراء دون زواج، ولا يخفي ما في ذلك من محاذير ومفاسد. كما أن الزواج عندئذ يصبح مبنيًّا على الأغراض والمطامع المالية، لا على أساس اختيار الفتاة الأفضل والشاب الأفضل. والمشاهد اليوم في العالم الغربي أن الفتاة غير الغنية تحتاج أن تقضي ربيع شبابها، في العمل والاكتساب، حتى تجمع المبلغ الذي يمكن به ترغيب الرجال في الزواج منها. فالإسلام قد كرم المرأة تكريمًا، حين أوجب على الرجل الراغب في زواجها أن يقدم هو إليها مهرًا تُصلح به شأنها وتهيئ نفسها، وبذلك فتح بابًا لزواج الفقيرات، لأنهن يكفيهن المهر القليل، فيسهل على الرجال غير الأغنياء الزواج بهن. والله ولي التوفيق.(17/319)
رقم القرار: 3
رقم الدورة: 4
حكم تزوج الكافر للمسلمة وتزوج المسلم للكافرة
مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 15/10/1425
28/11/2004
حكم تزوج الكافر للمسلمة وتزوج المسلم للكافرة:
إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بعد أن اطلع على اعتراض الجمعيات الإسلامية في سنغافورة- وهي: (أ) جمعية البعثات الإسلامية في سنغافورة. (ب) بيراينز. (ج) المحمدية. (د) بيرتاس. (هـ) بيرتابيس- على ما جاء في ميثاق حقوق المرأة، من السماح للمسلم والمسلمة بالتزوج ممن ليس على الدين الإسلامي، وما دار في ذلك، فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يلي:
أولاً: إن تزوج الكافر للمسلمة حرام لا يجوز، باتفاق أهل العلم، ولا شك في ذلك لما تقتضيه نصوص الشريعة؛ قال تعالى: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) [البقرة: 221] . وقال تعالى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا) [الممتحنة: من الآية10] . والتكرير في قوله تعالى: (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) بالتأكيد والمبالغة بالحرمة، وقطع العلاقة بين المؤمنة والمشرك، وقوله تعالى: (وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا) . أمر أن يُعطَى الزوج الكافر ما أنفق على زوجته إذا أسلمت، فلا يجمع عليه خسران الزوجية والمالية، فإذا كانت المرأة المشركة تحت الزوج الكافر تحرم عليه بإسلامها ولا تحل له بعد ذلك.... فكيف يقال: بإباحة ابتداء عقد نكاح الكافر على المسلمة؟ بل أباح الله نكاح المرأة المشركة بعد ما تسلم- وهي تحت رجل كافر- لعدم إباحتها له بإسلامها، فحينئذ يجوز للمسلم تزوجها بعد انقضاء عدتها، كما نص عليه قوله تعالى: (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) [الممتحنة: 10] .
ثانيًا: وكذلك المسلم لا يحل له نكاح مشركة لقوله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) [البقرة:221] . ولقوله تعالى: (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) [الممتحنة: من الآية10] . وقد طلق عمر، رضى الله عنه، امرأتين له كانتا مشركتين، لما نزلت هذه الآية. وحكى ابن قدامة الحنبلي: أنه لا خلاف في تحريم نساء الكفار غير أهل الكتاب على المسلم. أما النساء المحصنات من أهل الكتاب، فيجوز للمسلم أن ينكحهن، لم يختلف العلماء في ذلك، إلا أن الإمامية قالوا بالتحريم. والأولي للمسلم عدم تزوجه من الكتابية مع وجود الحرة المسلمة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يكره تزوجهن مع وجود الحرائر المسلمات. قال في الاختيارات: وقاله القاضي وأكثر العلماء؛ لقول عمر، رضي الله عنه، للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب: طلِّقوهن. فطلَّقوهن إلا حذيفة امتنع عن طلاقها، ثم طلقها بعد، لأن المسلم متى تزوج كتابية، ربما مال إليها قلبه ففتنته، وربما كان بينهما ولد فيميل إليها. والله أعلم.(17/320)
الطلاق المعلق
هيئة كبار العلماء 14/4/1426
22/05/2005
أبحاث هيئة كبار العلماء 462- 465
قرار هيئة كبار العلماء
رقم (16) وتاريخ 12/11/1393هـ
الطلاق المعلق
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فبناءً على قرار مجلس هيئة كبار العلماء رقم (14) الصادر عنها في دورتها الثالثة المنعقدة فيما بين 1/4/1393هـ و17/4/1393هـ القاضي بتأجيل دراسة موضوع الطلاق المعلق إلى الدورة الرابعة لمجلس الهيئة - فقد جرى إدراج الموضوع في جدول أعمال الهيئة الرابعة المنعقد فيما بين 29/10/1393هـ و12/11/1393هـ، وفي هذه الدورة جرى دراسة الموضوع بعد الاطلاع على البحث المقدم من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء والمعد من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
وبعد دراسة الموضوع وتداول الرأي، واستعراض كلام أهل العلم في ذلك، ومناقشة ما على كل قول من إيراد، مع الأخذ في الاعتبار أنه لم يثبت نص صريح لا في كتاب الله، ولا في سنة رسوله باعتبار الطلاق المعلق طلاقاً عند الحنث وعدم اعتباره، وأن المسألة نظرية للاجتهاد فيها مجال بعد ذلك توصل المجلس بأكثريته إلى اختيار القول بوقوع الطلاق عند حصول المعلق عليه، سواء قصد من علق طلاقة على شرط المحض، أو كان قصده الحث أو المنع، أو تصديق خبر أو تكذيبه؛ لأمور أهمها ما يلي:
1- ما ورد عن الصحابة والتابعين من الآثار في ذلك، ومنه ما أخرجه البخاري في [صحيحه] معلقاً بصيغة الجزم من أن رجلاً طلق امرأته البتة إن خرجت، فقال ابن عمر: إن خرجت فقد بانت منه، وإن لم تخرج فليس بشيء. وما روى البيهقي بإسناده عن ابن مسعود في رجل قال لامرأته: إن فعلت كذا وكذا فهي طالق. فتفعله، قال: هي واحدة وهو أحق بها، وما رواه أيضاً بإسناده إلى أبي الزناد عن أبيه: أن الفقهاء السبعة من أهل المدينة كانوا يقولون: أيما رجل قال لامرأته: أنت طالق إن خرجت إلى الليل فخرجت طلقت امرأته، إلى غير ذلك من الآثار، مما يقوي بعضها بعضاً.
2- لما أجمع عليه أهل العلم إلا من شذ في إيقاع الطلاق من الهازل مع القطع بأنه لم يقصد الطلاق، وذلك استناداً إلى حديث أبي هريرة وغيره مما تلقته الأمة بالقبول من أن ثلاثاً جدهن جد، وهزلهن جد: الطلاق، والنكاح، والعتاق".فإن كلاً من الهازل والحالف بالطلاق قد عمد قلبه إلى ذكر الطلاق وإن لم يقصده، فلا وجه للتفريق بينهما بإيقاعه على الهازل به وعدم إيقاعه على الحالف به.
3- لقوله تعالى:" والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين" [النور: 7] ، ووجه الاستدلال بها: أن الملاعن يقصد بهذا الشرط التصديق، ومع ذلك فهو موجب اللعنة والغضب على تقديم الكذب.
4- إن هذا التعليق وإن قصد به المنع فالطلاق مقصود به على تقدير الوقوع، ولذلك أقامه الزوج مانعاً له من وقوع الفعل، ولولا ذلك لما امتنع.(17/321)
5- إن القول بوقوع الطلاق عند حصول الشرط المعلق عليه قول جماهير أهل العلم وأئمتهم، فهو قول الأئمة الأربعة: أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وهو المشهور في مذاهبهم، قال تقي الدين السبكي في رسالته [الدرة المضيئة] : وقد نقل إجماع الأمة على ذلك أئمة لا يرتاب في قولهم، ولا يتوقف في صحة نقلهم، فمن ذلك الإمام الشافعي-رضي الله عنه- وناهيك به. وممن نقل الإجماع على هذه المسألة الإمام المجتهد أبو عبيد، وهو من أئمة الاجتهاد كالشافعي وأحمد وغيرهم، وكذلك نقله أبو ثور، وهو من الأئمة أيضاً، وكذلك نقل الإجماع على وقوع الطلاق الإمام محمد بن جرير الطبري وهو من أئمة الاجتهاد أصحاب المذاهب المتبوعة، وكذلك نقل الإجماع أبو بكر بن المنذر، ونقله أيضاً الإمام الرباني المشهور بالولاية والعلم محمد بن نصر المروزي، ونقله الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر في كتابيه: [التمهيد] و [الاستذكار] وبسط القول فيه على وجه لم يبق لقائل مقالاً، ونقل الإجماع الإمام ابن رشد في كتاب [المقدمات] له، ونقله الإمام الباجي في [المنتقى] ... إلى أن قال: وأما الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأتباعهم فلم يختلفوا في هذه المسألة، بل كلهم نصوا على وقوع الطلاق وهذا مستقر بين الأئمة، والإمام أحمد أكثرهم نصاً عليها، فإنه نص على وقوع الطلاق، ونص على أن يمين الطلاق والعتاق ليست من الأيمان التي تكفر ولا تدخلها الكفارة. أ. هـ.
وقد أجاب من يرى خلاف ذلك عما ذكره السبكي- رحمه الله- من الإجماع بأنه خاص فيما إذا قصد وقوع الطلاق بوقوع الشرط. وفي [القواعد النورانية] لشيخ الإسلام ابن تيمية ما نصه:
قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: سألت أحمد بن حنبل عن الرجل يقول لابنه: إن كلمتك فامرأتي طالق وعبدي حر، قال: لا يقوم هذا مقام اليمين، ويلزمه ذلك في الغضب والرضا. اهـ.
وقال أيضاً: وما وجدت أحداً من العلماء المشاهير بلغه في هذه المسألة من العلم المأثور عن الصحابة ما بلغ أحمد. فقال المروزي: قال أبو عبد الله: إذا قال: كل مملوك له حر فيعتق عليه إذا حنث؛ لأن الطلاق والعتق ليس فيهما كفارة. اهـ.
أما المشايخ: عبد الله بن حميد، وعبد العزيز بن باز، وعبد الله خياط، وعبد الرزاق عفيفي، وإبراهيم بن محمد آل الشيخ، ومحمد بن جبير، وصالح بن لحيدان- فقد اختاروا القول باعتبار الطلاق المعلق على شرط يقصد به الحث أو المنع أو تصديق خبر أو تكذيبه، ولم يقصد إيقاع الطلاق يميناً مكفرة، ولهم في ذلك وجهة نظر مرفقة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء
رئيس الدورة (1) عبد الله بن محمد بن حميد
(2) عبد الرزاق عفيفي
(3) عبد العزيز بن باز
(4) محمد الحركان
(5) صالح بن غصون
(6) محمد بن جبير
(7) عبد الله خياط
(8) عبد العزيز بن صالح
(9) إبراهيم بن محمد آل الشيخ
(10) عبد الله بن غديان
(11) صالح بن لحيدان
(12) محمد الأمين الشنقيطي
(13) عبد المجيد حسن
(14) سليمان العبيد
(15) راشد بن خنين
(16) عبد الله بن منيع(17/322)
حكم طلب الزوجة الطلاق من الزوج الفاسق
قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 16/3/1426
25/04/2005
قرار المجلس:
الزواج ميثاق غليظ، ورباط مقدس، يجمع بين الرجل والمرأة على كتاب الله تعالى وعلى سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويجعل كلاً منهما لصاحبه بمنزلة اللباس له كما قال الله تعالى في تصوير هذه العلاقة بينهما: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: من الآية187] ، بما توحي به كلمة (اللباس) من القرب واللصوق والستر والدفء والزينة.
ولهذا يجب على كل من الزوجين أن يحسن عشرة صاحبه، وأن يصبر عليه، ولا يجوز للرجل أن يطلق زوجته للإضرار بها؛ لأن في ذلك هدم هذه المؤسسة المشتركة، وكسر قلب الزوجة، وربما فرق بينها وبين أولادها منه بغير مبرر ولا ضرورة، ومن هنا كان التفريق بين المرء وزوجه من الكبائر الموبقة، وهو من أحب الأعمال إلى إبليس كما جاء في بعض الأحاديث (1) .
وإذا كان الزوج يحرم عليه إضرار امرأته بالطلاق بلا عذر، فكذلك لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها بلا عذر موجب، وقد جاء فيما رواه أحمد والترمذي وحسنه، عن ثوبان -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة" (2) .
ومفهوم الحديث: أنها إذا طلبت الطلاق من بأس وبسبب، فلا إثم عليها.
فهل يكون فسق الزوج سببًا موجبًا أو مجيزًا لطلب الطلاق من المرأة؟
ولا ريب أن الفساق يختلفون في مدى فسقهم وفي معاشرتهم لنسائهم، فمنهم من يريد من امرأته أن تعينه على فسقه، بأن تقدم له الخمر مثلاً، وهو حرام عليها، فيجوز لها أن تطلب الطلاق تفاديًا لما يمكن أن يصيبها من الإثم.
ومنهم من يسيء عشرته لامرأته ويضارها ويؤذيها، فهذا يعطيها الحق في طلب الطلاق وخصوصًا إذا استمر في ذلك، ولم ترج منه التوبة ولا استقامة حال، ومنهم من لا يفعل هذا ولا ذاك، وهو حسن العشرة معها، فهذا هو الذي يختلف فيه.
وجمهور الفقهاء يرون أن تارك الصلاة كسلاً إنما هو عاص فاسق لا كافر مرتد، وعلى هذا لا يجب التفريق بينه وبين امرأته.
والذي نرجحه هنا: أن المرأة إذا كانت تأمل في رجعة زوجها إلى الله، وأنه يمكن أن تؤثر فيه النصيحة والموعظة، وأن حاله يمكن أن يتحسن، فعليها أن تصبر عليه، وإن كان فاسقًا بترك الصلاة وبشرب الخمر، وخصوصًا إذا كان معها أولاد من ذلك الرجل، وتخشى عليهم التشتت والضياع.
وهذا بشرط ألا يستحل ترك الصلاة أو شرب الخمر، فينتقل بذلك إلى الكفر الصريح المفرق بين المرء وزوجه.
[القرار 8/6]
______________
(1) كحديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت". أخرجه مسلم في "صحيحه" (رقم: 2813/67) .
(2) هو في "مسند أحمد" (5/277) ، وجامع الترمذي (رقم: 1189) ، وكذلك أخرجه أبو داود (رقم: 2226) وابن ماجة (رقم: 2055) .(17/323)
تطليق القاضي الكافر للمسلمات من أزواجهن في البلاد الكافرة
قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 16/3/1426
25/04/2005
قرار المجلس:
الأصل أن المسلم لا يرجع في قضائه إلا إلى قاضٍ مسلم أو من يقوم مقامه، غير أنه بسبب غياب قضاء إسلامي حتى الآن يتحاكم إليه المسلمون في غير البلاد الإسلامية، فإنه يتعين على المسلم الذي أجرى عقد زواجه وفق قوانين هذه البلاد، تنفيذ قرار القاضي غير المسلم بالطلاق؛ لأن هذا المسلم لما عقد زواجه وفق هذا القانون غير الإسلامي، فقد رضي ضمنًا بنتائجه، ومنها أن هذا العقد لا يحل عروته إلا القاضي، وهو ما يمكن اعتباره تفويضًا من الزوج جائزًا له شرعًا عند الجمهور، ولو لم يصرح بذلك، لأن القاعدة الفقهية تقول (المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا) ، وتنفيذ أحكام القضاء ولو كان غير إسلامي جائز من باب جلب المصالح ودفع المفاسد وحسمًا للفوضى، كما أفاده كلام غير واحد من حذاق العلماء كالعز بن عبد السلام وابن تيمية والشاطبي.
[القرار 3/5](17/324)
حكم تطليق المرأة نفسها
قرارات المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث 16/3/1426
25/04/2005
قرار المجلس:
إن المجلس قد قرر بعد بحث مستفيض ما يلي:
أولاً: أن الطلاق من حيث الأساس حق أعطاه الإسلام للرجل.
ثانيًا: يمكن أن تطلق المرأة نفسها إذا اشترطت ذلك في عقد الزواج أو إذا فوضها زوجها بذلك بعد العقد.
ثالثًا: يمكن للمرأة أن تخالع زوجها إذا رغبت في ذلك أمام القاضي الذي يجب عليه أن يبذل كل جهد ممكن للإصلاح بينهما، فإن يئس قضى بالخلع.
رابعًا: يمكن للمرأة أن تتفق مع زوجها على الطلاق ضمن أي شروط مشروعة يتراضيان عليها.
خامسًا: يمكن للمرأة تطلب من القاضي التفريق بسبب الضرر المعتبر شرعًا، وله أن يحكم بذلك إذا أثبتت الزوجة ادعاءها، وبعد أن يبذل جهده في الإصلاح بين الزوجين كما أمر الله تعالى، وخاصة اختيار حكمين يساعدانه في هذه المهمة.
[القرار 2/5](17/325)
رقم القرار: 2
رقم الدورة: 16
بشأن مشروعية قيام المراكز الإسلامية وما في حكمها بتطليق زوجات المسلمين اللاتي حصلن على الطلاق من محكمة غير إسلامية
مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425
29/11/2004
بشأن مشروعية قيام المراكز الإسلامية وما في حكمها بتطليق زوجات المسلمين اللاتي حصلن على الطلاق من محكمة غير إسلامية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته السادسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في المدة من 21-26/10/1422هـ الذي يوافقه: 5-10/1/2002م، قد نظر في موضوع: (مدى مشروعية قيام المراكز الإسلامية، وما في حكمها، بتطليق زوجات المسلمين اللاتي حصلن على الطلاق من محاكم غير إسلامية) . وبعد استعراض البحوث التي قدمت، والمناقشات المستفيضة حول الموضوع، قرر ما يلي: نظرًا لأهمية الموضوع وحاجته إلى مزيد من البحث، والتعرف على آراء المختصين وأصحاب العلاقة فيه، رؤي تأجيل البت فيه. وإن المجلس بناء على ذلك يوصي رابطة العالم الإسلامي بعقد ندوة متخصصة عن الأقليات الإسلامية ومشكلاتها، وذلك في أقرب فرصة يدعى لها العلماء، والمهتمون بهذا الموضوع من أصحاب العلاقة في البلاد غير الإسلامية، وأن توفر لهذه الندوة المعلومات، والإمكانات اللازمة لدراسة أوضاع الأقليات الإسلامية ومشكلاتها، وبخاصة ما يتعلق منها بشؤون الأسرة، وأن تضطلع رابطة العالم الإسلامي- وهي المؤسسة التي تمثل الشعوب الإسلامية جميعها- بمهمة الاتصال والتنسيق مع حكومات الدول التي توجد فيها أقليات مسلمة عبر الوسائل المشروعة المتاحة، وذلك من أجل أن يكون للمسلمين الموجودين فيها الحق في التقاضي في مجال الأحوال الشخصية إلى الشريعة الإسلامية، أسوة بما تتمتع به الأقليات الأخرى، على أن تعرض نتائج وتوصيات الندوة على المجمع في أول دورة تالية له، للنظر في هذه التوصيات.
والله ولي التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد.(17/326)
قرار رقم: 6 (6/2)
بشأن
بنوك الحليب
مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي 19/10/1425
02/12/2004
مجلة المجمع - ع 2، ج 1/383
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10-16 ربيع الآخر 1406هـ /22 - 28 كانون الأول (ديسمبر) 1985م
بعد أن عرض على المجمع دراسة فقهية، ودراسة طبية حول بنوك الحليب،
وبعد التأمل فيما جاء في الدراستين ومناقشة كل منهما مناقشة مستفيضة شملت مختلف جوانب الموضوع وتبين منها:
أولاً: أن بنوك الحليب تجربة قامت بها الأمم الغربية، ثم ظهرت مع التجربة بعض السلبيات الفنية والعلمية فيها فانكمشت وقل الاهتمام بها.
ثانياً: أن الإسلام يعتبر الرضاع لحمة كلحمة النسب يحرم به ما يحرم من النسب بإجماع المسلمين. ومن مقاصد الشريعة الكلية المحافظة على النسب، وبنوك الحليب مؤدية إلى الاختلاط أو الريبة.
ثالثاً: أن العلاقات الاجتماعية في العالم الإسلامي توفر للمولود الخداج أو ناقص الوزن أو المحتاج إلى اللبن البشري في الحالات الخاصة ما يحتاج إليه من الاسترضاع الطبيعي، الأمر الذي يغني عن بنوك الحليب
قرر ما يلي:
أولاً: منع إنشاء بنوك حليب الأمهات في العالم الإسلامي.
ثانياً: حرمة الرضاع منها.
والله أعلم(17/327)
رقم القرار: 2
رقم الدورة: 11
بشأن حكم نقل الدم من امرأة إلى طفل دون سن الحولين، وهل يأخذ حكم الرضاع المحرِّم، أو لا؟ وهل يجوز أخذ العوض عن هذا الدم، أو لا؟
مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن رابطة العالم الإسلامي 16/10/1425
29/11/2004
بشأن حكم نقل الدم من امرأة إلى طفل دون سن الحولين، وهل يأخذ حكم الرضاع المحرم، أو لا؟ وهل يجوز أخذ العوض عن هذا الدم، أو لا؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الحادية عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من يوم الأحد 13 رجب 1409هـ الموافق 19 فبراير 1989م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409هـ الموافق 26 فبراير 1989م: قد نظر في الموضوع الخاص بنقل الدم، من امرأة إلى طفل دون سن الحولين، هل يأخذ حكم الرضاع المحرم، أو لا؟ وهل يجوز أخذ العوض عن هذا الدم، أو لا؟ وبعد مناقشات من أعضاء المجلس، انتهى بإجماع الآراء: إلى أن نقل الدم لا يحصل به التحريم، وأن التحريم خاص بالرضاع. أما حكم أخذ العوض عن الدم وبعبارة أخرى: بيع الدم، فقد رأى المجلس: أنه لا يجوز، لأنه من المحرمات المنصوص عليها في القرآن الكريم، مع الميتة ولحم الخنزير، فلا يجوز بيعه وأخذ عوض عنه، وقد صح في الحديث: (إنَّ اللهَ تعالى إذا حرَّم شيئًا حرَّم ثَمَنَهُ) . كما صح أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الدم، ويستثنى من ذلك حالات الضرورة إليه، للأغراض الطبية ولا يوجد من يتبرع به إلا بعوض، فإن الضرورات تبيح المحظورات، بقدر ما ترفع الضرورة، وعندئذ يحل للمشتري دفع العوض، ويكون الإثم على الآخذ، ولا مانع من إعطاء المال، على سبيل الهبة، أو المكافأة، تشجيعًا على القيام بهذا العمل الإنساني الخيري، لأنه يكون من باب التبرعات، لا من باب المعاوضات.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. والحمد لله رب العالمين.(17/328)
خزانة الاستشارات
خزانة الاستشارات....خزانة مفتوحة للجميع، هي نهاية مطاف الاستشارات الواردة إلى الموقع، ومستودَع ما أجيب عنه منها، نضعها بين يديك - بعد أن ترقّتْ في أطوارها فنضجت واكتملت - مصنّفة تصنيفاً موضوعياً، ويمكنك الاطلاع على استشارت ما شئت من الموضوعات المدرجة من خلال النقر على عنوان الموضوع.(17/329)
أولاً: العلاقات الزوجية(17/330)
لم توفَّق لزواج ولا وظيفة
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 18/07/1426هـ
السؤال
أشعر بالاكتئاب جراء الظروف التي أعيشها، والتي من أهمها عدم توفقي في الزواج -حتى الآن- رغم تعدد المتقدمين لي. وكذلك عدم حصولي على وظيفة، بينما زميلاتي حصلن عليها. كما أنني أجد صعوبة في تأمين المواصلات لحضور الدورات. أرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب
أختي الكريمة: أنت مؤمنة بالقضاء والقدر، فما أصابك لم يكن ليخطئك، نوَّر الله قلبك أكثر وأكثر، لقد شعرت كثيراً بالتعاطف مع حالك، فهي بالفعل مواقف تهز الإنسان وتكدر عليه حياته، وقد تجلب له الهم والحزن، ولكن ألا تتفقين معي أنها كلها مواقف دنيوية فقط، فأين ما افتقدتيه في الآخرة منها؟ ثقي بنفسك أولاً، ولا تهتز قدراتك، ثقي أن الخالق -عز وجل- مسير الكون والأفلاك، رحيم بعباده عطوف جواد كريم. أنت لا زلت صغيرة في السن فلماذا اليأس والتسرع في الزواج؟ لا أتفق معك في أنك أحبطت جراء تقدُّم عدد من الأزواج لك ولم يتم الزواج، فهذا قد يكون بشير خير لك، فالزواج هو المستقبل والحياة، لذلك فإن الاستعجال قد لا يؤدي للزواج كما تتمنين، وما الخطَّاب الذين انسحبوا إلا توفيق لك من الله، وبالنسبة للوظيفة نعم أصبحت كثير من الدول تعاني شحاً في الوظائف، سواء للشباب أو الشابات، فقد يكون وضعك الأسرى والديني لا يرضى بأي وظيفة، فأنت -كما تقولين- ملتزمة، لذلك أعتقد أن لديك مواصفات معينة للتوظيف.
لذلك يجب أن تعودي لنفسك قليلاً، وتدركي أنَّ ما افتقدتيه قد يكون فيه خيركثير، أنصحك بقراءة كتاب للشيخ عائض القرني، واسمه (لا تحزن) ؛ ففيه خلاصة لتجارب الناجحين في الحياة، وأنصحك بقراءة ملخص لكتاب الصحيحين البخاري ومسلم، ففيه من الأحاديث ما يرطب للإنسان حياته.
ومن ثم ضعي لنفسك برنامجاً يومياً، فلا تعيشي عاطلة.
وللأسف الشديد أغلب شبابنا وبناتنا ينتظرون الوظيفة الرسمية حتى تنظم حياتهم، فلا تكوني منهم، وضعي لك برنامجاً يوقظك في الصباح الباكر، سواء أكان هذا البرنامج تعليمياً أم ثقافياً أم دعوياً، أو تطوعياً في مجال اجتماعي أو تربوي، تستطيعين من خلاله أن تجدي نفسك في الحياة العملية، مارسي هوايات كنت لا تستطيعين ممارستها في زحمة الدراسة، ثقي أن الإنسان يريد والله يفعل ما يريد. ثم اعلمي أن مشكلات غيرك أكثر بكثير مما تعانينه، فقد أطلعتك الصحف والمجلات والأخبار على مشكلات أكثر من هذا، فأين مشكلتك من تلك المشكلات حتى تشعري بالتعاسة والإحباط؟!
دعائي لك بالتوفيق، وأن يعوضك الله خيراً، وأن ينير قلبك لطريق الإيمان، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد.(17/331)
هل هذه خطبة شرعية؟
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 4/06/1426هـ
السؤال
تقدَّم لي شاب متدين، وبيننا صفات مشتركة كثيرة وتفاهم -الحمد لله-، ولكن عندما بدأ هذا الشخص في التحدث مع والدي في تفاصيل الزواج من شبكة ومهر وغير ذلك، تغالى والدي في بعض الأشياء في البداية، ولكن سرعان ما تراجع، وأدرك أنه يوجد بعض المغالاة فيما قال، وأبلغه أنه لا يريد أي شيء، وأنه موافق على كل ما يقوله، رغم أن الشاب في بداية الاتفاق رفض أن يقول إمكانياته، ولكنه لم يعط والدي رداً، وطلب مهلة للتفكير، والآن يوجد شخص آخر يريد أن يتقدَّم، وطلب من والدي أن يراني، ولكني أرفض رؤيته؛ لأني أرى حرمة ذلك، حيث يوجد خاطب سبقه، ولم ينه الموضوع بعد، وأيضاً أنا مقتنعة بالشخص الأول، وأشعر تجاهه مشاعر حب، وكنت أعتقد أنه هو أيضاً لديه نفس المشاعر، ولكني لا أفهم رد فعله هذا بعد أن أصبح كل شيء كما يريد، وبدون أي متطلبات، فهل يظن أنني ماديَّة؟ رغم أني -والله- بعيدة كل البعد عن المادية، لا أعلم ماذا أفعل لكي أصحِّح عنده هذه الفكرة؟ ولا أعلم هل أرى الآخر أم لا؟ وإذا لم يرد هذا الشخص أليس هذا حراماً أنه لا يعطي رداً، ويتركني هكذا؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
إلى الأخت الفاضلة -سلَّمها الله تعالى-.
بناءً على ما ذكرتِ أرى أن أمامك حلين لا ثالث لهما.
الحل الأول: هو الانتظار حتى يأتي منه الرد، وهذا الحل أنا لا أراه ولا أحبذه ولا أنصحك به؛ لأن هذه المواضيع الحسَّاسة والمصيرية لا تتحمل التأجيل أكثر من ذلك، الأمر الآخر ربما المدة تطول، وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، بعد انتظار مدة من الزمن يأتيك الرد من هذا الشخص بعدم الموافقة على إتمام هذا الزواج، وربما أنه قد يكون تقدم لك في هذه المدة أكثر من شخص، وقد حدث بالفعل، وعندها تصابين بحالة نفسية سيئة، وتعضين أصابع الندم ولات حين مندم، وأنت في غنى عن هذا كله.
الحل الثاني: أن يتصل والدك بهذا الشاب، ويتخذ منه موقفاً حازماً، ولا بد من إبداء رأيه في الأمر وبكل وضوح، إما بالرفض أو القبول، وهذا الذي أراه وأنصحك به.
يبقى هنا سؤال يطرح نفسه وهو:
ما هي ردة فعلك إذا حدث أحد الاحتمالين، إما القبول أو الرفض؟
أولاً: إذا أتى جواب الشاب بالقبول فهذا لا إشكال فيه، وهذا غاية المنى عندك، ونسأل الله أن يجمع بينكما في خير.
ثانياً: إذا جاء جواب الشاب بالرفض، فما عساك أن تفعلي؟.
أختي الكريمة: إذا حدث ذلك فما عليك إلا أن تصبري، وتقولي: اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها.
تأكدي بأن الله قد اختار لك الخير "فعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم" [البقرة: 216] ، "فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" [النساء: 19] .
لا تنقمي هذا الشاب؛ فلعل عنده من الظروف التي خفيت عليك، ومنعته من إتمام هذا الأمر، فالتمسي له الأعذار.(17/332)
الحياة لا تنتهي عند هذا الحد، فالحياة ما زالت أمامك مليئة بالخير والسعادة، ولكن عليك أن تحسني الظنَّ بالله.
أكثري من الاستغفار والذكر والدعاء والتضرع إلى الله، بأن الله يصلح شأنك وييسر أمرك، ويقدِّر لك الخير حيث كان وكيف كان، ويرزقك الرضا بما قسمه لك سبحانه وتعالى.
هذا والله أعلم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(17/333)
شاب ملتزم يريد الزواج ووالده يرفض ...
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 26/6/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد: أنا شاب بالغ من العمر 18سنة، حافظ لكتاب الله، وأنوب الإمام في المسجد، وأريد الزواج، ووالدي مقتدر لكنه لم يرض فأنا أقع في كثير من المعاصي مثل النظر إلى النساء والاستمناء بعض الأحيان فما نصيحتكم لي؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد حسين عبد الرحمن
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على الهادي البشير، والسراج المنير، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
إلى الأخ السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع (الإسلام اليوم) ومرحباً بك أخاً في الله، ونتمنى منك دوام الاتصال بالموقع.
لقد قرأت رسالتك وسرني جداً أنك حافظ لكتاب الله -جل وعلا- نسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق، وكذلك إنابتك الإمام في الصلاة بالمسجد أثناء غيابه، فهذا شيء طيب يبشر بخير.
وبالنسبة لرغبتك في الزواج فهذا أمر طيب وتشجع عليه ما دام عندك الرغبة لذلك وترى من نفسك الفحولة والقوة والنشاط، ولكن كون والدك يرفض لعله يرى أنك ما زلت صغيراً، وأن هناك التزامات أخرى عليه يرى أنها أهم من زواجك، لكن كونك تمارس العادة السرية بعض الأحيان فهذا لا يحل لك، قال تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون* إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين* فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون" [المعارج: 29-31] .فقوله تعالى: "فمن ابتغى وراء ذلك" أي بممارسة العادة السرية أو ما في حكمها، "فأولئك هم العادون" أي الآثمون المتعدون لحدود الله، وقد أفتى سماحة شيخنا الفاضل ابن باز - رحمه الله تعالى- بعدم جواز ممارسة العادة السرية استناداً لهذه الآية، وهذا هو الراجح من كلام أهل العلم في هذه المسألة. والله أعلم.
لكن عليك الآتي:
(1) غض البصر قال تعالى: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون" [النور: 30] .
(2) عليك بالاستعفاف والتحلي به قال تعالى: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله ... " [النور: 33] .
(3) عليك بكثرة الاستغفار، فالاسغتفار مفتاح من مفاتيح الرزق قال تعالى "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا* يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً" [نوح: 10-13] .
(4) عليك بتقوى الله في السر والعلن، وأبشر بالخير الكثير والفرج القريب قال تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] ، وقال تعالى: "ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً" [الطلاق: 5] .(17/334)
(5) عليك بالصوم، إذا تاقت نفسك للزواج وازداد فوران الشهوة عندك فعليك بالصوم، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "يا مشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء" أي وقاية من الوقوع في الحرام. والحديث متفق عليه.
(6) عليك بالابتعاد عن كل ما يهيج شهوتك سواء مسموع أو مقروء أو مشاهد.
(7) عليك بالانشغال بطلب العلم، ومجالسة العلماء، وطلبة العلم والدعاة، وحضور مجالس الذكر، وغيرها ممن يعينك على طاعة الله.
(8) عليك أن تكلم والدك في هذا الموضوع بكل صراحة، وأنك تريد الزواج، لأن لك نفس تواقة إليه، وأنت تخشى على نفسك العنت والوقوع في الحرام والعياذ بالله، وأظن أنه لن يمانع بإذن الله وخصوصاً أنه مقتدر مالياً كما ذكرت.
(9) إذا لم يلبِ والدك طلبك عليك أن توسط الوالدة أو أحد إخوانك الذين يكبرون عنك أو أحد أقاربك من عم، أو خال، أو صديق لوالدك ممن يكون لهم التأثير القوي والفعال على والدك، ولا يمنع أن توسط أهل الخير كأحد العلماء أو الدعاة المعروفين عندكم، أو إمام المسجد الذي أنت تنوب عنه، عسى الله أن ينفع بهم.
(10) وخاتمة المسك عليك باللجوء إلى الله بصدق وتضرع إليه بالدعاء وتحري أوقات الإجابة، وادعوه دعاء المضطر، وأبشر باستجابة الدعاء فهو سبحانه القائل: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة: 186] ، وقال تعالى: "أمن يجب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء" [النمل: 62] . هذا والله أعلم.
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(17/335)
طاعة الأم في الزواج
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 25/7/1424هـ
السؤال
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
أختي تزوجت من ابن خالتي؛ لأنهما كانا متراضيين منذ زمن، وكلاهما كان يميل للآخر، والآن أمي الكريمة ترغمني من الزواج من ابنة خالتي، وكأن القضية أخذ وعطاء، وللعلم لا أملك أي شعور تجاه ابنة خالتي، واعتبرها كأخت لي، أضف إلى ذلك فهي متبرجة وتاركة للصلاة، ولا تتبنى ولو مجرد فكرة الالتزام، وأنا لا أعيب عليها شيء وإن كان ما ذكرته قد تعدَّى العيب وصار أمر جنة ونار، ولكن لا يمكن أن أربط مشروع حياتي بزوجة كهذه، فهل رفضي يعد عقوقاً لوالدتي؟ خاصة أنها متشددة في هذه الفكرة، وإذا أقدمت على مشروع الزواج دون أخذها للخطبة هل هذا عقوق؟ وفي حالة إذا ما دعت علي فهل دعوتها مستجابة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
جاب عن السؤال الشيخ/ خالد حسين عبد الرحمن
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خير البريات، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:
إلى الأخ السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع.
لقد قرأت رسالتك مرات عديدة وسرني جداً حرصك على برك بأمك فجزاك الله خيراً على ذلك، وسرني كذلك حرصك على ألا ترتبط إلا بزوجة صالحة صاحبة دين وخلق والتزام بشرع الله، نسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير، ويصرف عنا وعنك كل سوء وشر. اللهم آمين.
كما هو معلوم لديك أن فضل الأم عظيم وبرها واجب على أبنائها، وأن عاقبة العقوق عاقبة وخيمة في الدنيا والآخرة.
وبالنسبة لهذه الحالة التي أنت فيها أرى أن تتبع الآتي:
(1) حاول أن تكلم الوالدة بأسلوب طيب وتوضح لها الأمر، وأنك تريد زوجة صالحة صاحبة دين كما أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم-، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه، البخاري (5090) ، ومسلم (1466) ، ومعنى قوله: "تربت يداك" أي فزت وربحت لزواجك بصاحبة الدين، وابنة خالتك لا يتوفر فيها الدين، فإن توفر فيها الدين فلا مانع من زواجها.
(2) عليك أن توضح للوالدة مساوئ هذا الزواج، وهو ما يسمى في هذه الحالة: (زواج البدل) ، فلو قدر الله أنه حدث بين أختك وزوجها أي مشكلة، تنعكس عليك وعلى زوجتك والتي يفترض أن تكون ابنة خالتك، والعكس صحيح، وكم شاهدنا ورأينا، وسمعنا عن المشاكل التي حدثت في مثل هذه الحالات، وكم من عائلات وأسر تقطعت أرحامهم بمثل هذه الزيجات، فأنتم الآن في غنى عن ذلك.(17/336)
(3) عليك أن تحاول مع ابنة خالتك إن هداها الله للالتزام بدين الله فبها ونعمت، ويمكن لك في هذه الحالة زواجها، وتكون بذلك أرضيت أمك، أما إذا أصرت ابنة خالتك على عدم الالتزام وترك الصلاة، والتبرج والسفور، وغيره فلا تتزوجها، وإن كان ذلك لا يرضي أمك، وتزوج بغيرها، ولا يكون ذلك عقوقاً بإذن الله تعالى.
(4) عليك بالدعاء أن الله ييسر أمرك ويرزقك الزوجة الصالحة ويهدي أمك للحق. هذا والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(17/337)
أمه عقبة في طريقنا
المجيب د. منيرة القاسم
عضو هيئة التدريس بكليات البنات بالرياض.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 7/04/1426هـ
السؤال
أحب ابن الجيران ويحبني، عرض على أمه أن تطلبني للزواج به، ولم ترضَ كامل الرضا، أرجو أن نستطيع أن نفعل شيئاً بمساعدتكم، وشكراً.
الجواب
الابنة السائلة: أعجبني جداً قرار ابن الجيران حين بادر إلى طلبك للزواج عن طريق والدتك، مما يعني جديته في ذلك.
أنصحك بالتريث وتفهم موقف والدته في عدم رضاها الكامل، وهل عدم رضاها يتعلق بك أو بمشروع الزواج نفسه؟ فقد يكون الشاب (ابنها) غير مهيأ للزواج الآن - لم تذكري شيئاً عن سنه، ولا تعليمه، ولا أخلاقه، ولا ظروفه الاقتصادية -.
وأقترح عليك -يا عزيزتي- خلال الفترة القادمة أن تثبتيِ جدارتك أمام والدته وأسرته، فالضوء الآن مسلط عليك.
ولا يغيب عن بالك -يا ابنتي- ضرورة التمسك بما أمر الله به، والابتعاد عما نهى عنه، فلا يجوز لك -بأي حال من الأحوال- مقابلة الشاب، والتصرف بأي تصرف لا يرضي الله (عليكِ بمراقبة الله في كل ما تقومين به) .
وإذا أمكن معرفة السبب في عدم رضا الوالدة ومعالجة الأمر ففي الأمر متسع لذلك، ولا تنسي اللجوء إلى الله في كل أمورك، والتقرب إليه بالطاعات، فلن تجدي معيناً قادراً على كل شيء غيره، واصبري ولا يشغلك موضوع ابن الجيران عن التفكير في مستقبلك ودراستك وعبادتك..
وقبل الإقدام على الزواج أو التفكير فيه تأكدي من مناسبة الظروف ومناسبة الرجل للزواج، وكونه يتحمل المسئولية ويخاف الله، ويقدرك كزوجة، وأم لأولاده في المستقبل.
فالزواج ليس حباً وعشقاً ورومانسية لا نجدها إلا في المسلسلات والقصص.. الزواج مشروع مستقبل وبناء أسرة واستقرار وعفاف، ورسالة سامية تحتاج إلى التفكير قبل اتخاذ القرار.
فكلما أحسنت الفتاة والشاب في اختيار شريك الحياة على أساس الدين والعقل والخلق والتفاهم، كلما كانت الحياة الزوجية أكثر توافقاً وانسجاماً.(17/338)
لم أعد أرغب في الزواج
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 27/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
من كثرة ما عشت ورأيت من المشاكل بين أخواتي وأزواجهن وبين إخواني وزوجاتهم لم أعد أرغب في الزواج؛ لأني قرأت في كتاب الله أن الزواج أساسه السكن والمودة، والرحمة، وفي سيرة الرسول - عليه الصلاة والسلام- كذلك، ورأيت أن هذه الأمور لم تعد موجودة في هذا الزمن إلا من رحم ربي، وهم قليل جداً، إذاً أقول لنفسي لماذا الزواج؟ هل لأكون مثل أخواتي أو زوجات إخواني فلا أريد ذلك، ولا أريد أن أنجب أطفالاً يعيشون في وسط غير صحي، فما رأيك يا شيخي بهذا؟ ولك مني جزيل الشكر. وأسأل الله أن يحفظك من كل سوء.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وسمع الله لمن دعا، والصلاة والسلام على النبي المصطفى - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- أما بعد:
إلى الابنة الفاضلة: -أسال الله أن يرزقنا وإياك الفردوس الأعلى في الجنة- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بدايةً نشكر لك زيارة موقع الإسلام اليوم، وتفاعلك مع نافذة الاستشارات، فمرحباً بك -ابنتي الكريمة- زائرة مباركة على الموقع.
أما بخصوص ما سألتِ عنه فمستعيناً بالله أقول: من الممكن أن يحدث ما سألت عنه، ولكن في الحدود النادرة على أغلب ظني - إن لم يكن يقيناً- إذ لا يعقل أن الإنسان تصدر منه أفعال تسيء للآخرين دون أي إساءة من الطرف الآخر، وخصوصاً إذا كان بينهما علاقة حميمة كعلاقة الزوجين.
ولكن أود أن أقول ربما أنه يصدر من أحد الأطراف بعض التصرفات، ويظنها تصرفات عادية، ولكن الطرف الثاني يحملها على غير ذلك، ربما لفرط حساسيته أو غير ذلك من الأسباب، وربما تكون تصرفات غير عادية بالفعل مما تجعل الطرف الثاني يصدر منه ردة فعل غير لائقة للطرف الأول.
وعلى كلٍّ نحن عند عرض الحلول في مثل هذه المشاكل لا نلقي باللوم على طرف واحد، بل نتحدث مع جميع الأطراف، ونذكر ماله وما عليه، وما نفعله أننا ننبه على أمور قد لا يفطن لها بعض الأطراف تكون هي سبب المشكلة من أساسها، وقد رُئى في جوابي لهذه الأخت ولغيرها في مثل حالتها أنني بعدما تحدثت معها وجهت الكلام إلى الزوج أيضاً؛ لأن من العدل أن نتكلم مع الطرفين بإنصاف دون تحيز لطرف على حساب الآخر.
أما كونك لم تعد عندك رغبة للزواج لما رأيته من أحوال إخوانك مع زوجاتهم، أو حال أخواتك مع أزواجهن، فهذا كله وغيره لا يسوغ لك شرعاً الإعراض عن الزواج؛ لأن الزواج من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم-، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من رغب عن سنتي ليس مني" أخرجه البخاري (5063) ، ومسلم (1401) .(17/339)
ابنتي الغالية: الحياة الزوجية ليست متمثلة فيما رأيت وشاهدت ممن ذكرت، ولكن الحياة أوسع من هذا كله، فلا داعي للتشاؤم، ودعي عنك هذه الأفكار السوداوية للحياة الزوجية، وإني سائلك فأجيبي: هل أخواتك أو زوجات إخوانك ملتزمات بشرع الله ويعلمن الحقوق الزوجية التي يجب عليهن أداؤها تجاه أزواجهن؟ وكذلك السؤال موجه للرجال، من إخوانك، وأزواج أخواتك، هل هؤلاء ملتزمون بشرع الله، ويعلمون ما لهم من حقوق، وما عليهن من واجبات فيؤدونها، أم ماذا؟
سؤال آخر: هل قام الزواج بين من ذكرت على أي أساس، بمعنى: ما هي المعايير التي تم بها الزواج؟ هل هي معايير دينية شرعية أم معايير دنيوية؟!.
بنيتي: لقد وضع لنا الشارع الحكيم ضوابط لكل شيء فمن سار على هذه الضوابط نجا، ومن تخلف عنها هلك، ومن ذلك بخصوص أمر الزواج، فالزواج أمره عظيم، وخطبه جسيم، لذا سماه ربنا - جل وعلا- الميثاق الغليظ، ولذا أحاطه بسياج قوي؛ لحمايته من الانهيار، فكانت أول هذه المبادئ مسألة الاختيار بالنسبة للزوجين، فحث الشباب على أن يتزوجوا من صاحبة الدين فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ" متفق عليه البخاري (5090) ، ومسلم (1466) .
وكذلك حث الفتاة وولى أمرها على أن توافق على صاحب الدين إذا جاء يخطبها، فعن أبي حاتم المزني قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ " أخرجه الترمذي (1085) بإسناد حسن.
وعلى ذلك -يا بنيتي- عليك بالالتزام بشرع الله في كل شؤون حياتك، وعليك بالزواج من الرجل الصالح، صاحب الدين والخلق القويم، والذي يعرف حدود الله ويتقيه، فهو يعمل بقوله -تعالى- "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" [البقرة:229] .
وقد سئل بعض السلف هذا السؤال: "جاء رجل يسأل أحد أئمة السلف، أظنه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- أو الحسن البصري - رضي الله تعالى عنه- المهم قال له: يا إمام إلى من أزوج ابنتي؟ قال: لا تزوجها إلا لتقي، قال له الرجل: ولِمَ؟ قال الإمام: إذا أحبها أكرمها، وإذا كرهها فلم يهنها"، قلت: وهذا تفسير قوله - تعالى-: "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان".
فيا بنيتي: عليك أن تستفيدي من التجارب التي تمر بك، وحاولي أن تكون حياتك حياة طيبة مباركة بعيدة عن أسباب الخلاف والشقاق، تكون حياة ملؤها السعادة والفرح، وذلك لا يكون إلا إذا أسس البيت الأسري على تقوى من الله من أول يوم، ولا يغرنك كثرة الهالكين، فليس العجب فيمن هلك كيف هلك، ولكن العجب فيمن نجا كيف نجا، فاسلكي أسباب النجاة تحمدي العقبى.
هذا والله أعلم، والله أسأل أن يقر عينك بالزوج الصالح، والحياة الطيبة السعيدة؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه، ونحن في انتظار تواصلك معنا، هذا وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(17/340)
أنا في حيرة: أهلي يرفضون زواجه بي؛ لأنه متزوج
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 19/11/1424هـ
السؤال
أنا شابة متدينة ومتعلمة، وهناك شاب تقدم لي طالبا الزواج في الرابعة والعشرين من عمره، وهو على خلق عال ومتدين وفي خير ونعمة, ولكنه متزوج ولديه ابنتان، وأنا أجد هذا الشاب يناسبني أكثر من أي شاب تقدم لي، ولكن عائلتي ترفضه؛ لأنه متزوج، على الرغم من أنهم يمدحون أخلاقه, وذلك الشاب متمسك بي ولا يريد الزواج من غيري, وأنا في حيرة من أمري. ماذا أفعل؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته" وفي رواية: "خلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة" رواه الترمذي (1084) ، وابن ماجة (1967) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
إن النبي - صلى الله عليه وسلم- جعل المعيار لقبول الزواج هو الدين والخلق للشاب والفتاة، وبالنسبة لقبول هذا الزوج أشير إلى ما يأتي:
(1) أن يكون قصد الزوج من التعدد ونيته به نية صالحة، ومقبولة، بحيث لا تكون ردة فعل أو نتيجة لموقف معين؛ حتى لا تصبح الفتاة ضحية لهذا الزواج.
(2) قدرة الزوج على التعدد، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ... " الحديث رواه البخاري (1905) ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - والاستطاعة تشمل الاستطاعة النفسية والمالية والجسدية وجميع أنواع الاستطاعة.
(3) إدراك الفتاة وقبولها للتعدد ورضاها به، وعدم الغيرة الشديدة التي ربما تفسد الحياة مستقبلاً، وأنها تزوجت بنصف رجل، ويكون ذلك واضحاً في ذهنها حتى لا تفاجأ به مستقبلاً.
(4) أما بالنسبة لعائلتها فهم لا يبحثون إلا عن سعادتك واستقرارك فهم يمتنعون عنه؛ لأنهم يرون أن الأفضل لك أن تتزوجي برجل غير متزوج، وهم لا شك في صدق محبتهم وإخلاصهم لك، والذي أراه هو إرضاؤهم وإقناعهم والتوسط في ذلك، والتوجه إلى الله أن يختار الخير.
(5) وأما كون الشاب لا يريد غيرك فليس بمسلم لا لك ولا له، فإن القناعة تتغير، فلو وجد هذا الشاب من هو أفضل منك، فإنه لا يرفض الزواج بها من أصل.(17/341)
زواج الأسود من البيضاء
المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 12/3/1424
السؤال
في بلدنا هذا لا يحق للأسود الزواج ببيضاء البشرة، وهذا ما عانيته كثيراً، لأني وجدت فتاة ملتزمة ومتخلقة، وهي بيضاء البشرة، ولم أستطع أن أخطبها، لأني أعيش هنا وأعلم ما يحدث، فأنا أتساءل في الكثير من المرات هل إذا دخل الأسود الجنة لا يستطيع الزواج من الحور العين، لم يقلها الله الذي نحن عباده، فكيف نقولها ونحن في سنة 1423هـ، حاولت التغيير من هذا إلا أني لم أفلح، فبماذا تنصحوني جزاكم الله خيراً؟ وخاصة عند إيجاد الزوجة الصالحة ذات البشرة البيضاء.
الجواب
أجاب عن السؤال الشيخ/ عبد الرحمن علوش المدخلي (عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين) .
الجواب:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإن هذا السؤال يذكرني بالحديث الذي رواه الحاكم في مستدركه (2/93) وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه، ووافقه الذهبي من حديث أنس - رضي الله عنه - أن رجلاً أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني رجل أسود اللون، قبيح الوجه، لا مال لي، فإن قاتلت هؤلاء حتى أقتل، أدخل الجنة؟ قال. نعم، فتقدم فقاتل حتى قتل، فأتى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مقتول، فقال: "لقد حسن الله وجهك، وطيب ريحك وكثر مالك" وقال: "لقد رأيت زوجتيه من الحور العين يتنازعان جبة عليه يدخلان فيما بين جلده وجبته".
فيا أخي الكريم: في المنهج الشرعي لا فرق بين أسود وأبيض، بل: "إن أكرمكم عند الله اتقاكم"، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ... الحديث"، وقد امتثل الصحابة - رضي الله عنهم - هذا المنهج وأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فزوج - صلى الله عليه وسلم - قزمان وهو أسود فتاة من الأنصار، وزوج مولاه زيد بن حارثة - رضي الله عنه - بنت عمته زينب بنت جحش - رضي الله عنها - وهي قرشية، فأنصحك يا أخي الكريم إذا وجدت الزوجة الصالحة ورضي أهلها أن يزوجوك فتقدم إليهم سواء كان في داخل بلدك أو خارجها، وإن لم تجد فاصبر واحتسب وابحث عن الدين والخلق أولاً، والله يرعاك.(17/342)
أمي ترفض زواجي
المجيب د. نادية الكليبي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 13/04/1425هـ
السؤال
مشكلتي هي أنني تخرجت من الجامعة حديثا والحمد لله، وقلت لوالدتي أنني أريد الارتباط بفتاة بعد التخرج مباشرة، وفعلاً سافرت إلى بلدي، وبدأت بالبحث عن فتاة بالمواصفات التي أطلبها، وفعلاً قابلت فتاة عمرها مناسب بالنسبة لي، وأخلاقها طيبة، وخجولة، وجميلة، -أي أنها كما أريد تماما-، وأبوها هو قريب لنا من جهة أمي، فخطبتها من أهلها، وأخبرتهم أني سأعود لأخبر أهلي.
ولما علمتْ والدتي رفضت بشدة، وسبب الرفض هو أن لها عمة للأسف الشديد سجنت في قضية نصب واحتيال، وبنت هذه العمة نفسها تعمل مغنية في إحدى النوادي الليلية بشكل علني ومعروف، ووالد الفتاة تبرأ منها منذ زمن بعيد، ومقاطعها بشكل نهائي، فهي ترفض أن أتزوج هذه الفتاة بسبب سمعة عمتها وبنت عمتها! لكنني قلت لها بما أن الفتاة خلوقة ومتربية، ولا توجد علاقة بينها وبين عمتها، بل إنها لا تعرف عمتها، ولا تزورها أو تراها أبدا، وبما أن أباها وأمها محافظان، فما ذنب الفتاة؟! لكن أمي للأسف ما زالت مصرّة على رأيها، وأنا صراحة أحببت الفتاة وأريدها بشدة، فهل للبنت علاقة بها؛
وهل يسوغ أن يخرب بيتها ولا تتزوج بسبب عمتها؟ وماذا علي أن أفعل مع والدتي؟ أرشدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي السائل: مشكلتك يسيرة - بإذن الله تعالى- وتلخيصها فيما يلي:
أولاً: هذه الفتاة لا ذنب لها مطلقاً بما تفعله عمتها وابنتها، بل ولو كان أقرب قريب فإن الله -تعالى- يقول: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" [الإسراء: 15] ، وقال تعالى: "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه"، وهذا منهج واضح في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- دل عليه نصوص كثيرة لا مجال لإيرادها هنا.
ثانياً: لكن يبقى الإشكال وهو رفض والدتك.. ماذا تصنع تجاهه؟ عليك بمحاولة إقناع والدتك إذا كنت راغباً في هذه الفتاة، وكانت كما وصفتها، تتميز بالصلاح وحسن الخلق، واستعن بوالدك أو المقربين إلى والدتك من أخواتها أو صديقاتها، ولا تستعجل في ذلك، فحاول أكثر من مرة بأساليب متنوعة، واطلب من والدتك أن تستشير طلبة العلم، أو الدعاة في رأيها، وعليك بالدعاء أن يوفقك الله -تعالى- لما فيه مصلحة لك وخير، فإن قبلت فذاك ما تبغي وهو من توفيق الله -تعالى- أولاً وآخراً.
ثالثاً: وإن رفضت والدتك فإني أنصحك ألا تتزوجها، ودع عنك أنك أحببتها بشدة، فإنك ما زلت في مقتبل العمر، والنساء سواها كثير، وضع في ذهنك الاعتبارات الآتية:
أ- أن هذا بر بوالدتك وحتماً وبإذن الله ستوفق ما دمت تفعله براً، فهو دين يرد إليك.(17/343)
ب- أن هذا القرار مصلحته تعود عليك وعلى الفتاة فما ذنبها أن تعيش بين مجتمع يرفضها ولا يتقبلها، وقد رأيت الكثير من التجارب صرحت لي العديد منهن أنها لو كانت تعلم أن أهل الزوج لا يريدونها لما تزوجته لما رأت من العزلة أو الإساءة، أو غير ذلك، وينبغي أن تفكر في المستقبل.
من مصلحتها أيضاً حتى يكون زواجك سعيداً بعيداً عن المنغصات، فهذه والدتك ومن الصعب جداً عليك وعلى الفتاة أيضاً أن يكون بينكم في بداية الزواج فجوة.
أسأل الله -تعالى- أن يسعدك، وأن يوفقك لما يحب ويرضى، هذا والله أعلم وأحكم.(17/344)
إلى متى أنتظر؟!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 10/11/1422
السؤال
عقد قراني على أحد الشباب من معارف العائلة وذلك قبل اكثرمن عام من الآن، وكنت قبل ذلك مخطوبة له بعامين أي أنا مرتبطة به منذ أكثر من ثلاث سنوات ارتبطت به خلالها اسما وعاطفة ولكن المدة تطول وتطول ونفقد الصبر أحيانا على بعضنا فترانا نضجر ونملّ، ونخّرج لذلك كلمات قاسية في حوارنا علما بأنني متخرجة من الجامعة بينما هو لا يزال طالبا فيها وموظفا في وظيفة أخرى وأهله يرفضون الزواج حتى ينتهي من دراسته أولا، مع أن أهلي قدموا له كل التسهيلات حتى السكن ولكنهم يرفضون دائما لأنهم يريدونه أن يقوم بكل ذلك بنفسه..!! وأظل أنا ضحية أهله وضحيته..!! .. حاولت مرارا الانفصال ولكنه كان في كل مرة يعتذر وهو يحبني وأنا أحبه ولكن كل هذا لا يطاق.. بعد كل هذا الزمن أحتاج إلى وجوده بجواري.. أحتاجه بكل معنى الكلمة.. أحتاجه زوجا وأبا وأخا وصديقا وحبيبا.. أشعر أن حياتي تتحطم قبل أن تبدأ.. أشعر بحزن عميق لا أعرف ماذا أفعل.. يائسة تستجدي..!!
الجواب
أختي الكريمة، أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.
أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:
أولاً - صدقيني أقدر حجم ما تشعرين به، فالانتظار ثقيل وممل..خاصة إذا كان التاريخ النهائي لهذا الانتظار غير محدد!! فأسأل الله لك الإعانة والتوفيق والتيسير.
ثانياً - لا أدري لماذا يقف أهله هذا الموقف الغريب. فالحمد لله مادام موظفاً فهو قادر على إعالة أسرته وربما كان زواجه عوناً له في دراسته وتخرجه.. وأهلك قد قدموا له - كما تذكرين - الكثير من التسهيلات لإتمام هذا الزواج.. فلماذا الرفض؟! والتعلق بهذا الشرط الغريب؟!
ثالثاً- لنفترض أنه لسبب أو لآخر اخفق في تخرجه ولم يستطع استكمال دراسته، فهل سيؤجل الزواج إلى ما لا نهاية..؟! ما هذا الكلام..؟!
رابعاً- أنت هنا من يدفع ثمن الانتظار، ويحترق بناره، وربما سارت الأمور على غير ما تريدون.. وأخفق " صاحبنا " في دراسته، ومرت الأيام والشهور والسنوات، وفي النهاية تقلبت القلوب.. وتغيرت المشاعر.. وذهب كل إنسان إلى طريق مختلف وعدت كما كنت تنتظرين خطيباً آخر.. قد يتأخر مجيئه هذه المرة طويلاً..بفعل المتغيرات!! فماذا ستفعلين؟! لا شيء يجدي وقتها.. حتى البكاء.. حتى الأنين!!
خامساً - لذلك فأقترح عليك أن تختاري بين مشاعرك.. واحتياجك له كما تذكرين مع مرارة بل وحرارة الانتظار التي تصطلين بها دون تحديد واضح لنهايتها، وبين وضع حد واضح لهذا الأمر.. وتاريخ محدد لإتمامه أو إنهائه.. والخيرة فيما اختاره الله(17/345)
سادساً - يجب أن يتدخل في هذا الموضوع أحد الرجال العقلاء من أقاربك.. كوالدك - مثلاً - أو أحد إخوتك ليقابل هذا الرجل أو والده.. ويتفق معه على تاريخ محدد لا يتجاوز بضعة أشهر.. لإتمام هذا الأمر - كما أسلفت - أو إنهائه. ويحاول بطريقته الخاصة طرح مجموعة من البدائل التي تيسر هذا الأمر وتسهله.. من ناحية السكن أو غير ذلك.
سابعاً - لا تنسي يا أختي الكريمة- الالتجاء إلى الله بدعاء صادق بأن يوفقك ويسهل أمرك ويعينك.. ويقيض لك الصلاح والفلاح.. ولا تنسي أننا نقوم بعمل الأسباب. وأما الأقدار فإنها تجري كما قدر الله لها سبحانه.. فأحسني الظن بالله.. وألجئي إليه والحي بالدعاء.. وسيجعل الله بعد عسر يسراً. وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك(17/346)
إخوتي يرفضون مساعدتي!!
المجيب د. صالح بن حسن المبعوث
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 9-12-1423
السؤال
أنا شاب في الثلاثينات من عمري وراغب في الزواج وقد وجدت الفتاة المناسبة بحمد الله تعالى, ولما تقدمت لها اتضح لي أن إخوتي لن يساعدوني في الزواج مع أن وضعي المادي الآن متواضع جداً, ولقد وجدت على إخوتي في نفسي كراهية كبيرة لأنهم رفضوا مساعدتي علماً أنهم ساعدوا غيري بأكثر مما قرروا أن يساعدوني به، وأنا في ضيق من أمري وكرب حتى أنني لا أقابلهم بوجه طلق كالسابق لأنهم خذلوني، ماذا أصنع؟
الجواب
الأخ الكريم..
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم "
أولاً: أدعو الله تعالى لك يا أخي أن يسهل عليك أمر زواجك وييسره لك وأن يبارك لك في زوجتك.
ثانياً: موقف إخوانك منك موقف مؤلم ومحزن كونك وصفتهم بأنهم يساعدون الآخرين ولم يفعلوا معك ذلك، لكن ما يجب عليك علمه شرعاً أن إخوانك لا يجب عليهم شرعاً أن يساعدوك لكونك مكتسبا ولديك وضع مادي يسمح لك بالاقتراض لإعفاف نفسك، ومساعدة إخوانك لك من باب المعروف والإحسان وهم عندما لم يفعلوا ذلك فوتوا على أنفسهم باباً عظيماً للأجر والمثوبة والصدقة والصلة لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جعل للصدقة على الأقرباء أجرين أجر الصدقة وأجر الصلة.
فأنصحك بالصبر والاحتساب، وعدم حمل شيء في نفسك على إخوتك بل والتقرب إليهم والثناء عليهم والدعاء لهم فإنهم بذلك يحسنون إليك، ولا تجعل ذلك سبباً في قطيعة الرحم والصلة بينكم فإن الدنيا متاعها قليل وما عند الله خير وأبقى، وثق بأن الله سيعينك ويهيئ لك من يساعدك ولو من الأبعدين، وتوكل على الله واطرح عنك الوساوس وإياك أن تسمح لأحد من الناس أن يوقعك في فتنة مع إخوتك بسبب عدم مساعدتهم لك، وأدعو الله أن يوفق إخوتك لمساعدتك وإعانتك، والله الهادي إلى سواء السبيل.(17/347)
الوظيفة شرط الزواج
المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 30-4-1424
السؤال
أنا متخرج من الجامعة ولم أحصل على وظيفة حتى الآن. ولكني شاب مهتد ولله الحمد..والقصة هي أنني قبل وقت وقعت في حب فتاة وفي نفس الوقت هي أيضا وقعت في حبها لي، ووظفنا هذا الحب بالطريق الأمثل والشرعي وهو الزواج..، ولكن والد هذه الفتاة لا يريد أن يزوج ابنته إلا لرجل ذي وظيفة ومرتب مرتفع وأنا على هذه الحال لا أستطيع إلا الصبر سنتين أو ثلاث حتى تأتي الوظيفة أو لا تأتي، وأنا لا أستطيع البعد عنها وهي لا تستطيع البعد عني، وكلانا لا يريد إلا الطريق الشرعي، مع العلم بأن أهلها يرفضون ذلك إلا بشروط،..أفيدوني ماذا أعمل؟؟.
جزاكم الله خيراً
الجواب
نبارك لك زيارة موقعك الإسلام اليوم، وعرضك هذه المشكلة، أخي الكريم اعلم أني سأبعث لأبيها رسالة أنت حاملها، إنك أيها الأب المبارك تعيش المسؤولية وتؤدي الأمانة، فحرصك على إسعاد ابنتك مما يجب عليك، وحسن اختيار الزوج من رعاية الأمانة، مما يؤكد في اختيار الزوج أن يكون ذا مال يستطيع أن يسعد ابنتك، وقد جعل المال الذي هو مؤنة النكاح الاستطاعة، قال - صلى الله عليه وسلم -: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج"، ومعلوم أن القدرة على النكاح - الجماع- يستطيعها كل الشباب الأسوياء، فليس ثمة مراد للرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا المهر وما بعده، وقد أجر نبي من أولى العزم نفسه لأبي زوجته ثمان سنين.
لإعفاف نفسه، فهل أراك تفرط في ابنتك وتزوجها من يعجز عن القيام بما تحتاج إليه كل زوجة؟ أيها الأب المبارك تذكر أن فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها - استشارت الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيمن تقدم لخطبتها فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أما أبو جهم فكان لا يضع العصا عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له أنكحي أسامة" - الحديث، فذكر لها الرسول - صلى الله عليه وسلم أن المانع من قبول معاوية أنه لا مال له مع أن أبا سفيان - رضي الله عنه - كان موسراً ومرجواً، وهو والده، وأمه من أعظم الأمهات رعاية وعناية هند بنت عتبة عالية الشرف - رضي الله عنهم -، فكأني بمن خطب ابنتك يحمل شهادة ولا يحمل مالاً كمعاوية، لديه أم عظيمة شريفة مشفقة وأب غني ومع ذلك فقد وصف حاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - "صعلوك لا مال له".(17/348)
وأما الرسالة الثانية فإليك وحدك، إلى قلبك المعنى، إلى روحك الخفاقة، إلى شوقك وحبك، اعلم وفقك الله أن الزواج مسؤولية وواجبات وحقوق، وأن المال من أعظم أسباب سعادة الحياة بين الزوجين، وأن العاجز عن تلبية الطلبات هو المهموم وليس زوجه، وأن بيت الزوجية لا يصلح أن يكون خيمة ولا شقة خالية من المهمات والحاجيات، فلذا عليك بالصبر، فخير عيشنا الصبر، كما قال عمر - رضي الله عنه -، وفي الحياة منى لا تدرك، وآمال تحتاج إلى أعمال، فالعاقل من لم تطغ رغائبه على مصالحه، فاصرف النفس وألجم القلب، وأعرض بالبصر، ومن غاب عن البصر فإنه يخف عن القلب خياله، واحرص على نفع نفسك" أحرص على ما ينفعك ولا تعجز ... "، فإذا تحسن وضعك فأنت مطلوب لا طالب، ولا بارك الله ولا حيا الله حباً يلفك بالحاجة، ويذل نفسك فتقبل الإحسان والصدقة، ويزاح عنك الواجب من المناسبات لأنك مسكين لا تجد، فالعزة وقوة النفس والترفع عن الاحتياج للآخرين بوابة الرفعة، وقد قال بعض الصحابة - رضي الله عنهم - يقطع ذكره ولا يسأل الناس، هذا معنى قوله - رضي الله عنه - حفظك الله ورزقك الصبر، وانتظار الفرج، وهداك للتي هي أحسن من الأحوال، والله أعلم.(17/349)
يخشى الفتنة، ولا يستطيع الزواج
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 13/11/1424هـ
السؤال
السلام عليكم، أنا طالب جامعي في المرحلة الرابعة، وفي الجامعة فساد لا يتصوره العقل، فالمرأة عارية تعرض مفاتنها وتلبس ما يعرض جسدها، وأنا شاب وسيم وجذَّاب للفتيات، ولكني وبفضل الله حافظت على التزامي، ولكي أنجو من طاقتي الجنسية، ولكي لا أقع في الزنا حاولت الزواج، ولكني يتيم الأب والأم، ولم يكن عندي من يعينني على الزواج.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي السائل لقد قرأت رسالتك مرات عديدة، وشعرت وأنا أقرؤها بمدى المعاناة التي تعايشها وتمر بها، وأن هذا البلاء الذي يحيط بك في هذا الوسط الجامعي من تبرج وسفور وانحلال في الأخلاق، ومناظر تهيج النفوس، وتعمل على فوران الشهوة وتأججها وزيادة لهيبها المستعر، وذلك بواسطة أولئك الفاتنات السافرات، واللائي تجردن من الحياء والحشمة والعفاف قبل أن يتجردن من ثيابهن، وقد اتخذهن الشيطان جنوداًَ له؛ ليغويهن ويغوي بهن. نسأل الله السلامة من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ولقد حذَّرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - من فتنة النساء، كما جاء في الحديث المتفق عليه عند البخاري (5096) ومسلم (2740) من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" وفي رواية أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قوله - صلى الله عليه وسلم - في نهاية الحديث " ... فاتقوا الدنيا واتقوا النساء" رواه مسلم (2742) .
فيا أخي الكريم كن على حذر من هذه الفتنة العظيمة.
ولقد سرني كثيراً عندما علمت - رغم هذا الشر كله - بأنك ملتزم ومحافظ على دينك، نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يحفظنا وإياك من شر أنفسنا والشيطان اللهم آمين.
أخي المبارك: ليكن لك في رسول الله يوسف - صلى الله عليه وسلم - الكريم ابن الكريم ابن الكريم صلوات ربي وتسليمه على نبينا وعليهم جميعاً وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.
فلقد فضل يوسف - صلى الله عليه وسلم - أن يرمى في غياهب السجن وألم القيد، على أن يفعل ما أمرته به امرأة العزيز من ممارسة الفجور والزنا معها، فقال - كما حكى عنه القرآن: "قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ" [يوسف:33] فما كانت النتيجة؟ (فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم) .
وبعد هذا كله أظهر الله براءته وأطلق سراحه، وفوق هذا أصبح عزيز مصر يتحكَّم في خزائنها، وهذا جزاء من يتقي الله ويخشاه، (وإنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) .
فعليك أخي الكريم بهذه الأمور:
1. عليك بغض البصر امتثالاً لأمر الله - جل وعلا -: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" [النور:30] .(17/350)
2. عليك بالعفة والبعد عن كل ما يثير شهوتك، قال تعالى: "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ " [النور:33] .
3. عليك بالصوم قال - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" رواه البخاري (1905) ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - ومعنى (وجاء) ، أي وقاية وحرز أن يقع في الحرام.
4. إذا استطعت أن تقلل من حضورك للجامعة فافعل.
5. عليك بمصاحبة أهل الخير من العلماء والدعاة وطلبة العلم.
6. عليك بطلب العلم الشرعي والاجتهاد فيه.
7. عليك بالبعد عن كل شيء يثير شهوتك، سواء كان مقروءاً أو مسموعاً أو مشاهداً.
8. عليك باستحضار عظمة الله في قلبك، وتذكر ما أعد الله لعباده المتقين من النعيم في الجنة، والتي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وتذكر أن لك زوجات من الحور العين هن في انتظارك في الجنة، فلا تضح بهن من أجل قضاء شهوة عابرة تذهب لذتها وتبقى حسرتها في الدنيا والآخرة.
9. تذكر ما أعده الله للعصاة والزناة من العذاب الأليم والهوان الشديد، فاحذر أن تكون منهم..
10. تذكر الناس وهم في عرصات يوم القيامة، وقد بلغهم من الهم والغم والكرب ما الله به عليم، فقد بلغ منهم العرق مبلغاً عظيماً، وإذا بهم والحالة هذه ينادى على أناس وعلى رؤوس الأشهاد تعالوا لكي تستظلوا تحت ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله، ومن بين هؤلاء الصنف من الناس شاب نشأ في طاعة الله، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين، فاجتهد أن تكون أحد الرجلين من ذلك الصنف، نسأل الله من فضله.
11. اجتهد في الدعاء وتضرع إلى ربك الكريم بأن يصرف عنك هذا البلاء، وأن يثبتك على طاعته، وأن يهيئ لك سبل الزواج إنه سميع مجيب وبالإجابة قدير، وإن استطعت أخي السائل أن تقرأ كتاب (عندما ينتصر العفاف) لأخينا الشيخ خالد أبو صالح - حفظه الله - فذلك خير، فالكتاب جيد في بابه، وقد أجاد فيه صاحبه وأفاد.
نسأل الله -سبحانه وتعالى - بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يطهر قلبك، ويحفظ فرجك ويستر عيبك، ويغفر ذنبك، وييسر لك إعفاف نفسك بزوجة صالحة تسر بها إذا نظرت إليها، اللهم آمين هذا والله أعلم.
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(17/351)
معاقة تخشى من الزواج
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 23/1/1425هـ
السؤال
هل يجوز للمرأة المسلمة أن تمتنع عن الزواج؟ حيث إنها معاقة، وتخشى الحياة مع أي رجل؛ خوفاً من سوء العاقبة، وأنها ترى سوء العاقبة لكثير من الشابات بعد زواجٍ بدأ أسعد ما يكون، وهى تخشى هذه العاقبة، وتريد أن تفرغ حياتها في طاعة الله، وطاعة والديها، وأخواتها، وإخوانها، وحفظ كتاب الله، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فما رأي الدين في هذا؟.
الجواب
اسمحي لي أختي الكريمة أن (أتفلسف) قليلاً، وأقول إن الإعاقة الحقيقية ليست في الجسم، وإنما هي في القلب، حينما تخشاه ظلمات الإحباط، واليأس، وكره الدنيا، والناس.
نعم، قد ترين إنساناً صحيح الجسم مكتمل البنية، بادي الصحة، ولكن نفسه مأسورة، فتضيق عليه الدنيا برحابتها، وسعتها، حتى تصبح مثل سم الخياط، فلا يزال يذبل ويذبل، ويذبل حتى لا يطيق انتظار الموت، يجيء إليه ويعاجل ربه بنفسه وينتحر!!.
وفي المقابل تجدين من ابتلاه الله بإعاقة يدفعه شعوره بالتحري إلى المقاومة وإثبات الذات، حتى ينال ما قد لا يناله الإنسان الصحيح، ولا أزال أذكر صورة رجل قابلته قبل سنين؛ دخلت المجلس، وأول ما لفت انتباهي من الحضور جميعاً هو!! فإعاقته كانت شديدة ظاهرة للعيان، فامتلأ قلبي بمشاعر الرحمة والأسف، ولما أخذت مكاني، وبدأ الحديث دورته المعتادة، إذا بهذا المعاق يتصدره، وينطق لسانه بكلمات مليئة، واثقة تدل على ما يحمله في ثقافة ووعي فسألت صاحب المجلس عنه، فقال هذا المهندس فلان بن فلان، تخرج في كلية الهندسة بامتياز، فتحولت مشاعر الرحمة والأسف إلى مشاعر إكبار واحترام، وتقدير لهذه النفسية الجبارة التي تغلبت على ظنها وقهرتها، وخرجت للمجتمع بأحسن صورة.
أنا لا أعرف عنك شيئاً وعن طبيعة حياتك، ولكن سؤالك أثار في نفسي شعوراً، أرجو ألا يكون صحيحاً!!، وهو أنك تبررين هروبك من الحياة، وانكفاءك على ذاتك برغبتك في التفرغ لطاعة الله -تعالى- وخدمة أهلك، وطلب العلم، وإبراز الصور السيئة للحياة الزوجية، من خلال أمثلة (استثنائية) عايشتها!!.
نعم، قد يكون سؤالك غطاء تبررين به حالة نفسية أنت تعيشين فيها، لكن لن أكون عوناً لك على ذلك، أتدرين لماذا؟ لأنك مهما أوجدت من المبررات أمام الناس فلن تخدعي نفسك، بل ستبدين أمامها مهزومة عاجزة، تعيشين على هامش الحياة؛ ولأن كل المبررات التي ذكرتيها لا تمنع الزواج أبداً، بل قد تكون وزيادة!! قد تكون المرأة متزوجة وهي:
- ناجحة في حياتها الزوجية.
- طالبة للعلم.
- مجتهدة في الطاعة.
- تخدم زوجها وإخوتها ووالديها، وكل من له علاقة بها.
هل أحتاج إلى إثبات ذلك من الواقع؟ كلا، فأنا أجزم أنك الآن تستحضرين مثالاً أو أكثر في ذهنك.
إذن فلا تهربي من الواقع، وتجعلي خوفك من إعراض الأزواج عنك بسبب الإعاقة شبحاً يهدد حياتك، ويحطم نفسيتك، كلا، بل سلمي أمرك إلى اللطيف الخبير، فهو - سبحانه - أعلم بمن خلق وما يصلحهم وما يفسدهم.(17/352)
ثم اصنعي أنت واقعك وليس العكس، فإن يسر الله لك الزواج فأمامك أفق رحب للأجر والثواب، والقرب من الله.
- فإذا أطاعتْ المرأة ربها وصلت فرضها، وأرضت زوجها قيل لها ادخلي من أي أبواب الجنة شئت! انظر ما رواه أحمد (1664) من حديث عبد الرحمن بن عوق - رضي الله عنه -.
- وإذا اجتهدتْ في تربية أولادها، أخرجت للأمة رجالاً ونساء يصنعون التاريخ، وغير ذلك كثير.
إن لم تتزوجي أهي النهاية؟ لا، وألف لا، بل أفق أرحب من الطاعات والخير، والدعوة، ونفع الناس، وتعليمهم، والعمل الخيري والثقافة، والاطلاع و....إلخ.
هكذا نصنع واقعاً؛ بأن نكون كما نحب، وليس ما يحب هو، وليس ذلك اعتراض على قدر الله؛ بل بذل للأسباب؛ لنحقق قدر الله - سبحانه- وإرادته، ومشيئته، أسأل الله أن يمن عليك بالهداية، وييسر لك حياتك، ويرزقك التوفيق.(17/353)
والدنا يرفض زواجنا ... مأساة
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 1/3/1425هـ
السؤال
نحن أربع بنات، والدي -الله يهديه- يرفض أن يزوجنا، ولا نعرف إذا كان يتقدم أحد لخطبتنا أم لا؟ هو دائما يقول لنا: ربما يكون الخير لكن أن تجلسن مع أبويكم، والمشكلة أنه لا يريد لأحد أن يرانا، صحيح هو لم يحرمنا من التعليم، وتعلمنا ولكن لا نخرج من البيت مطلقاً إلا للمدرسة أو للمستشفى فقط، لا نذهب إلى أفراح ولا حتى يريدنا أن نتكلم مع الجيران أو نتعرف عليهم.
الوضع الآن في البيت هو كالآتي: والدي ووالدتي منفصلان يعيشان معنا في بيت واحد، ولكنهما لا يتكلمان مع بعضهما أبداً، وكل واحد منهما ينام في غرفة منفصلة، وكل ذلك بسبب مشاكل كثيرة حصلت بينهما منذ سنوات عديدة.
هل والدتي تأثم؛ لأنها بإمكانها أن تساعدنا وهي تهدد والدنا وفي نيتها أنها لا تريد أن تزوجنا.
أيضا إخواني الأولاد هل يتحملون الذنب ويأثمون؛ لأنهم أيضاً لا يريدون أن يساعدونا؟ تقدم لأختي الكبيرة وعمرها 35 سنة الآن خاطبان، وكان التفاهم مع أخي ولكنه لم يكن متفاهما معهما، وأختي رفضت؛ لأنها تخاف لو علم والدي ماذا يفعل بها؟
الآن يوجد المشروع الخيري للزواج، وقدمت طلب للزواج به، ووجدوا لي شخصاً مناسباً واتصلوا بي، ولكن الآن لو جاء وتقدم لوالدي سوف يرفضه، وأنا أفكر لو رفضه والدي سوف أذهب وأشتكي في المحكمة؛ لأنني سألت قاضياً في المحكمة، وقال لي اشتكي والدك حتى تتزوجي، وأنا الآن خائفة لو ذهبت لأشتكي أن يطلق والدي أمي ويطردها من البيت، ولكن القاضي قال لي مشاكل الزواج أكبر من أي مشاكل أخرى، فهل لو ذهبت واشتكيت لأزوج نفسي هل آثم على ذلك؟
الآن لو اشتكيت في المحكمة وسقطت الولاية عن والدي وربما رفض أخي أن يأخذ الولاية حتى يزوجني، ولكن في حالة أن أخي أخذ الولاية ووافق
على تزويجي ولكن أمي مانعت وعارضت وأثرت على أخي وهو بالتأكيد سوف يقوم برضا أمي في هذه الحالة، هل يكون عليه إثم كبير؟ وأيهما الأهم أن يرضي أمي أم يزوجني؟
الجواب
الأخت الكريمة: - سلمها الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة. والجواب على ما سألت كالتالي:
أولاً: أدعو الله لكم بالثبات على الطاعة، وأن يصبركم على ما ابتلاكم به إنه رحيم ودود. ثانياً: لا شك أن ما تعرضتم له بلاء كبير يحتاج منكم الصبر والاحتساب، فإن الأجر مترتب على ذلك.(17/354)
ثالثاً: لا يخفى عليكم أن بر الوالدين واجب، ولو قصرا في حق أبنائهم فلا يجوز أن يصور لكم الشيطان أن ما فعله والداكم يجيز لكم العقوق أو العنف أو الإساءة في حقهما، فإن الله سبحانه أخبرنا أن البر واجب على العبد ولو دعاه والداه إلى الشرك فلا يطعهما، ولكن يصاحبهما في الدنيا معروفاً، قال تعالى: "وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" [لقمان:15] .
رابعاً: إذا كان أبواكما أو أحدهما يتعمدان عدم تزويجكم فإنهما آثمان في ذلك؛ لأن الزواج حق لكل واحدة منكن.
خامساً: ما يتعلق بأخيك فالأصل أنه ليس وليك مع وجود والدك، وبالتالي لا يلحقه إثم في عدم تزويجك، ولكن لا ينبغي أن يكون سلبياً بهذه الصورة؛ بل الواجب عليه أن يتقي الله ويساعد أخواته في الزواج لأنهن عرضه وبقية أهله.
سادساً: أما التقدم للجنة المهتمة بشؤون التزويج والخوف أن والدك يرفض ذلك الشاب، فالذي ينبغي أن لا يخبر والدك أنه جاء من طريق اللجنة هذا أولاً.
وثانياً: لا تتعجلي الحكم برفضه فقد يشرح الله صدره لذلك الشاب، وبالإمكان إدخال خالك أو عمك أو أي أحد في العائلة له تأثير على والديك ليقوم بإقناع والدك في الموضوع بأسلوب مناسب.
سابعاً: من المعلوم شرعاً أن الأب إذا منع ابنته من الزواج بغير سبب شرعي ومنطقي فإنه آثم وارتكب بذلك محرماً، وهو ما يسمى شرعاً بالعضل، فيجب تذكيره بذلك، وإذا ما أصرَّ على ذلك حق للفتاة أن تشتكيه إلى القاضي ليلزمه بتزويجها، فإن رفض نقل الولاية إلى أقرب ولي أو قام هو بتزويجها ممن يراه مناسباً، ولكن أرى أن لا تقدمي على هذه الطريقة حتى تستنفذي جميع الوسائل المتاحة للضغط عليه وإقناعه بأهمية تزويجك وبقية أخواتك، وعجباً لأب يرى الستر قادم لبناته فيرفضه، إنه يعرض نفسه للعار والشنار والأذى، وللإثم عند الله - عز وجل-.
ثامناً: لو انتقلت ولايتك إلى أخيك فيجب أن يتقي الله في اختيار المناسب، وإذا ما رفضت أمك فالواجب أن ينظر ما علة رفضها؟ هل سبب شرعي أم مجرد هوى وتعصب؟ فإن كان الأول فيجب أخذه في الاعتبار، وإن كان الثاني فلا يلتفت إليها، لكن لا بد من التلطف معها وحسن العهد.
والله أسأل لكم التيسير والإعانة والتوفيق والسداد إنه جواد كريم.(17/355)
عزوف الشباب عن الزواج
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 20/2/1425هـ
السؤال
أرجو من فضيلة الشيخ ذكر أسباب عزوف الشباب عن الزواج والرغبة في السفر للخارج؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
من قصور النظر ردُّ مشكلة عزوف الشباب عن الزواج وإدمانهم على السفر إلى الخارج إلى سبب واحد؛ كغلاء المهور مثلاً، أو تعنّت الفتيات ببعض الشروط.
فلذلك أسبابه القريبة والبعيدة، والمباشرة وغير المباشرة، ومنها الصارفة عن الزواج المعيقة له، ومنها المهيجة لممارسة الرذيلة والفاحشة المغرية بالفتنة والمعصية.
ولا يصح حل المشكلة من جانب واحد، أو من زاوية واحدة، كما أن من القصور أن يُلقى بواجب حلها ومعالجتها على عاتق الدعاة والعلماء وحدهم. فلا بد أن تجتمع الجهود، وتتضافر الطاقات، ويتوجه الغيورون من كافة التخصصات.. الشرعية والنفسية والاجتماعية والفكرية إلى الإسهام في حل المشكلة ومحاولة علاجها، إن تيسير أسباب الزواج وتشجيع أولياء الفتيات عليه هو سبب من أهم أسباب العلاج، ولا يشك أحد في ذلك.
وإلقاء المواعظ والدروس والتخويف بالله والتحذير من الفواحش والرذائل هو الآخر سبب من أسباب العلاج، لا بد أن يُقام.
ومعالجة مشاكل الفقر والبطالة اقتصادياً، وتوعية الشباب من الناحية الفكرية جانب آخر لا بد من الأخذ به وعدم التفريط فيه.
وإيجاد البديل عن القنوات الفاجرة، وشغل فراغ الشباب ببرامج تجمع بين المتعة والفائدة أيضاً لا بد أن ينبري له من يقوم به على الوجه المطلوب المأمول.
وعلى كل حال حل المشكلة لا تقوم به جهة واحدة، يناط بها مسؤولية ذلك. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم.(17/356)
الرغبة عن الزواج
المجيب يوسف بن أحمد القاسم
المحاضر بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 17/2/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قررت عدم الزواج لهذه الأسباب
1/ البلد الذي أعيش فيه لا أضمن أنني أستطيع أن أربي فيه أولادي تربية صحيحة، والشواهد عندي كثيرة جداً (أرى وأسمع قصص وروايات) ، طبعاً لا تستطيع أن ترمي بابنك أو ابنتك في البحر مقيداً ثم تقول له إياك ثم إياك أن تبتل بالماء، بلدي الأصلي أسوأ من هنا، لا أدري شيخي الكريم إن كنت تعلم هذا أم لا (إرتيريا) ..
2/تكاليف الزواج غريبة عجيبة لا تحتاج إلى تفصيل.
3/ أقسم بالله العظيم لم أر السعادة في وجوه المتزوجين بل العكس.
4/أسرتي الفقيرة الكبيرة العدد حفظهم الله وهم في حاجة إلى مساعدتي بعد الله عز وجل.
عمري 32 عاماً، أحيط نفسي بصحبة طيبة، أغض بصري قدر المستطاع، أحياناً أستمني؛ لكنني أحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- وأحب كل أهل السنة والجماعة.
أخيراً شيخي الفاضل توصلت إلى هذه الفكرة (عدم الزواج مطلقاً) . السؤال: هل هذا حرام أن الشخص يقرر عدم الزواج مطلقاً؟ علماً أن شيخ الإسلام ابن تيميه لم يتزوج، وكذلك الإمام النووي رحمهم الله. هذا، وجزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فهذا الحل أو هذه الفكرة التي توصلت إليها غير مجدية؛ لأنك كالمستجير من الرمضاء بالنار، فهذه الغريزة الجنسية لا تستطيع أن تطفيء لهبها بهذه العادة السرية؛ لأنها في الواقع لا تزيدك إلا شوقاً نحو تلك اللذة، ولذا فإنه لا يمكن أن تطفيء هذه الشهوة أو الغريزة إلا بما يوافق الطبيعة التي طبع الله الناس عليها، وذلك بالزواج وحسب، ولا بالرهبانية أو بالسبل الأخرى المنافية للفطرة، ولذا أنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك الصحابي - رضي الله عنه- الذي قال: "لا أتزوج النساء"، بقوله: "ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، ولكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" والحديث مخرج في الصحيحين البخاري (5063) ، ومسلم (1401) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - ثم أخبر عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر أن الذي يطفئ هذه الغريزة هو إتيان الزوجة، فقال: "إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه" أخرجه مسلم في صحيحه (1403) ، وأوله: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رأى امرأة، فأتى امرأته زينب وهي تَمْعَس منيئةً لها - أي وهي تدلك جلداً لها- فقضى حاجته، ثم خرج إلى أصحابه -رضي الله عنهم- فقال: "إن المرأة تقبل ... " الحديث، وقد علق النووي على هذا الحديث في شرحه على صحيح مسلم (9/178-179) ، فقال: قال العلماء: (إنما فعل هذا بياناً لهم وإرشاداً لما ينبغي لهم أن يفعلوه، فعلمهم بفعله وقوله ... ) ا. هـ.(17/357)
هذا إذا قدر على مؤن النكاح، فإن عجز عن مؤمن النكاح ونفقاته فقد أرشد نبينا –صلى الله عليه وسلم- إلى ما يطفئ هذه الغريزة بالوسيلة المباحة والناجعة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء" أخرجه البخاري (4779) ، ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود – رضي الله عنه-.
قال الحافظ ابن حجر تعليقاً على هذا الحديث كما في الفتح (9/112) : "واستدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء؛ لأنه أرشد عند العجز عن التزويج إلى الصوم الذي يقطع الشهوة، فلو كان الاستمناء مباحاً لكان الإرشاد إليه أسهل" ا. هـ.
بقي أن نقول: إذا كان المجتمع الذي تعيش فيه يعج بالفساد والمغريات والفتن، فهاجر منه إلى بلدٍ آخر تأمن فيه على نفسك، وعلى أولادك، ولا يكن هذا الأمر عائقاً لك عن الزواج، لا سيما وأنت خائف للعنت، وواقع في ورطة الشهوة، وقد قرر عامة أهل العلم، أن النكاح واجب على من هذا حاله إذا كان قادراً عليه، كما أفاده ابن قدامة في المغني (9/341) ؛ لأن المسلم يجب عليه أن يعف نفسه، ويصونها عن الحرام، ولتكن قدوتك حبيبك محمداً – صلى الله عليه وسلم-، فهو الأسوة، وهو أخشانا لله وأتقانا له، لا شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- ولا غيره من علماء الدين والملة، علماً بأن أولئك الأئمة، ما تركوا النكاح رغبة عنه ولا زهداً فيه، وإنما لأن أحدهم كان مثقل الظهر بهموم العلم والدعوة والجهاد، ولهذا لما سئل شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (32/5) ، عن شاب أو رجل أصابه سهم من سهام إبليس المسمومة- في إشارة إلى الوقوع في الشهوة المحرمة- فأجاب: (من أصابه جرح مسموم فعليه بما يخرج السهم ويبرئ الجرح بالترياق والمرهم، وذلك بأمور: منها: أن يتزوج أو يتسرى؛ فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا نظر أحدكم إلى محاسن امرأة فليأت أهله؛ فإنما معها مثل ما معها" رواه الترمذي (1158) وأصله عند مسلم (1403) ، من حديث جابر – رضي الله عنه -، وهذا مما ينقص الشهوة، ويضعف العشق.
الثاني: أن يداوم على الصلوات الخمس، والدعاء، والتضرع وقت السحر، وتكون صلاته بحضور قلب وخشوع، وليكثر من الدعاء بقوله: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، يا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك وطاعة رسولك" فإنه متى أدمن الدعاء والتضرع لله صرف قلبه عن ذلك، كما قال تعالى: "كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ... " [يوسف:24] ا. هـ.
وأما قولك – أيها السائل الكريم-: (لم أر السعادة ... ) فهو غريب وربما لم تحظ – كما حظي غيرك- برؤية زوجين ينعمان بحياة زوجية سعيدة، وحسبنا قول نبينا –صلى الله عليه وسلم-: "خير متاع الدنيا المرأة الصالحة" أخرجه مسلم (1467) من حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما- وقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً: "لم ير للمتحابَّين مثل النكاح" أخرجه ابن ماجة في سننه (1847) ، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (2/94) "هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات" ا. هـ.(17/358)
وقد علق على هذا الحديث ابن القيم - رحمه الله - في كتابه الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (ص364-367) بقوله: "فنكاح المعشوقة هو دواء العشق الذي جعله الله دواءه شرعاً وقدراً، وبه تداوى داود - صلى الله عليه وسلم- ... ولا ريب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قد حبب إليه النساء، كما عند النسائي (3939) وأحمد (11884) عن أنس - رضي الله عنه- عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة ... "، وهذا خليل الله إبراهيم إمام الحنفاء - صلى الله عليه وسلم- كان عنده أجمل نساء العالمين، وأحب هاجر وتسرى بها، وهذا سليمان - عليه السلام- كان يطوف في الليلة الواحدة على تسعين امرأة، وقد سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن أحب الناس إليه؟ فقال: "عائشة" رواه البخاري (3662) ومسلم (2384) من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه -، وقال عن خديجة "إني قد رزقت حبها" رواه مسلم (2435) من حديث عائشة - رضي الله عنها-، فمحبة النساء من كمال الإنسان، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "خير هذه الأمة أكثرها نساء ... " رواه البخاري (5069) ا. هـ. هذا، والله -تعالى- أعلم وأحكم.(17/359)
هَمُّ الزواج يقلقني
المجيب د. فؤاد العبد الكريم العبد الكريم
عضو هيئة التدريس بكلية الملك فيصل الجوية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 12/05/1425هـ
السؤال
أنا محتارة، وصدري ضيق مما أنا فيه؛ فعندما أقرأ الحديث الشريف الذي يقول: "من كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له"، أشعر وكأنه يعبر عني، فبالرغم من أنني مواظبة على الصلاة، وعلى ذكر الله، وقيام الليل، إلا أن لدي هماً دائماً يشغل فكري حتى في صلاتي، وهو هَم الزواج، فدائما ما أدعو الله أن يفرج همي، حتى إنني دائمة الاستغفار طمعاً أن يرزقني الله بالزوج والذرية الصالحة، وهذا هَم من هموم الدنيا، لهذا دائماً أشعر بضيق الصدر والحزن، إلا أن الله سرعان ما يشرحه عندما أذكره وأدعوه أن يشرح صدري.
فصرت أستحي من الله عندما أدعوه أن يفرج همي، وأقوم الليل كي أسأله أن يعطيني سؤلي، أفكر بالتوقف عن سؤال الله لحاجتي، لكنني أقول في نفسي: إن هذا من وسوسة الشيطان؛ فهو لا يريدني أن أسأل الله، وسرعان ما أقول لنفسي إن لم أسأل الله فمن أسأل، ومن يفرج همي غيره، وأقول يكفي أن الله منَّ عليّ بالانطراح بين يديه، والدعاء، وكثرة الاستغفار، فهذه بحد ذاتها نعمة، أفيدوني -أثابكم الله-، هل ينطبق عليَّ هذا الحديث؟ وكيف أخرج من هذا الهم وأجعل الآخرة همي، فأنا أستحي من الله الذي أنعم عليّ بالكثير من النعم التي لا تحصى بأن أجعل الدنيا همي. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخت السائلة ذكرت سؤالها ومشكلتها، وفي نفس الوقت ذكرت حل هذه المشكلة، هي تسأل الله - عز وجل- أن يرزقها الزوج الصالح والذرية الصالحة، وتقوم الليل وتدعوه، وتتوسل إليه أن يحقق سؤلها، ويفرج همها، ثم تخشى أن ينطبق عليها حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ... " الحديث رواه الترمذي (2465) وغيره من حديث أنس - رضي الله عنه-. وتفكر لأجل ذلك بترك الدعاء والمسألة، وفي نفس الوقت تخشى أن يكون تخوفها هذا من وسوسة الشيطان.(17/360)
وأقول للأخت السائلة: نعم إن تخوفك هذا من وسوسة الشيطان، ولا شيء في ذلك؛ فالله - سبحانه وتعالى- ينزل في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا، - كما في الحديث القدسي ويقول: "من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه " الحديث رواه البخاري (1145) ومسلم (758) فكيف يطلب الله - جل وعلا- من عباده المؤمنين أن يسألوه من أجل أن يعطيهم سؤالهم، ثم يكون ذلك مما جاء به الوعيد من الحديث الذي أشارت إليه السائلة، والله -سبحانه وتعالى- يقول: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة:186] ، وقال تعالى: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم"الآية [غافر:60] والمشكلة عند - الأخت السائلة- هو خلطها بين دعاء الله الزوج الصالح، وبين أن يكون ذلك مما ورد الوعيد به في الحديث، والأمر ليس كذلك، فالزوج الصالح مما يعين الزوجة الصالحة على تكوين أسرة صالحة تعمر الأرض وفق منهاج الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقد كان السلف يدعون الله فيما يساعدهم أن يصلح شسع نعالهم، وهو أقل بكثير من سؤال الله الزوج الصالح. والله أعلم.(17/361)
أريد زوجاً
المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 29/06/1425هـ
السؤال
أنا فتاة مسلمة، متدينة، عمري 34سنة لم أتزوج بعد، فهل الزواج نصيب؟ وهل الإنسان مسير فيه أم مخير؟ مع العلم أنه ليس لدي أي شروط، أريد فقط زوجا مسلماً ومتديناً، ولكم جزيل الشكر والعرفان.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
لا ريب أن كل ما يحصل للمسلم في هذه الحياة فهو بقدر، والزواج أو عدمه من قدر الله، ولكن لا يعني هذا أن المسلمة لا تبحث عن الأسباب والعلاج، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان" رواه مسلم (2664) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-.
فإذا كان في بلدكم أسباب معينة تدفع الرجل للزواج من المرأة، كأن يكون لها عمل فلتبحثي عن عمل مناسب ليس فيه محرم، ويمكنك التعرف على بعض الصالحات من النساء كصديقات، وطرح مشكلتك عليهن، فربما يكون لإحداهن أخ أو قريب يبحث عن زوجة صالحة، وكذلك يمكنك طرح معاناتك على بعض الخيرين الذين يسعون في هذه الأمور، ومراسلة بعض مواقع الزواج الموثوقة، علماً من يأتي عن طريق هؤلاء يحتاج إلى بحث وتحر من قبلك كبير، ولا ينصح بالتعجل في القبول من أول خاطب، ومع بذل الأسباب المعتادة سييسر الله أمرك، مع الدعاء والإلحاح على الله (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) .
وإذا لم يقدر لك الزواج فاعلمي أن غيرك كثير من النساء لم يحصل لهن الزواج، ولست وحدك، ومشكلة العنوسة من أكثر المشكلات الاجتماعية في العالم انتشاراً.
واعلمي أختي الكريمة أن السعادة يمكن أن تتحقق مع عدم الزواج، وذلك بالانشغال بالأعمال النافعة، من عبادة ودعوة وذكر لله، وتعليم ومشاركة في النشاطات الاجتماعية المفيدة.
وتأكدي أنه ليس كل زواج ناجح وسعيد، بل ما أكثر حالات الزواج التي تكون فيها المرأة شقية ومظلومة من قبل الرجل، تتمنى أنها لم تتزوج أبداً.(17/362)
أمي لا تريد زواجي
المجيب د. الجوهرة بنت حمد المبارك
مديرة عام نشاط الطالبات بكليات البنات.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 08/08/1425هـ
السؤال
أريد أن أتزوج منذ 4 سنين أنا وأخي، وأمي لا تريد لنا أن نتزوج، ونفسيتي كل يوم تزداد سوءاً؛ لأني أريد أن أتزوج وأكمل نصف ديني، وأنا أحبها جداً، ولا أريد أن أغضبها، وكلما تعرف أني أريد أن أخطب تغضب وتنهار! ماذا أفعل معها؟ الدين يقول: "أمك ثم أمك ثم أمك".
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل: - حفظه الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ذكرت في رسالتك أنك تريد أن تتزوج أنت وأخوك، وأن أمك تغضب إذا أردت أن تتقدم للعروسة، هذا الأمر -أيها الأخ الفاضل- يعاني منه البعض، وإذا عرفت السبب استطعت إيجاد العلاج، فالأمهات اللائي ينزعجن من زواج أبنائهن سببه حبهن الشديد لهم، لأبنائهن، وغيرتهن عليهم، وخوفاً من أن تفقد ابنها، وينصرف عنها إلى زوجته -كما ترى من بعض الحالات في المجتمع- حيث ينسى كثيرون أمهاتهم، وينصب كل اهتماماتهم بزوجاتهم، سأرشدك إلى اتخاذ بعض الخطوات، ويمكن أن تفكر بحلول أخرى مني لمعرفتك نفسية والدتك وما يصلح لها، ومن الحلول التالي:
أولاً: الحوار والمصارحة: عليك أن تختلي أنت وأخوك بوالدتك، وتصارحاها عن سبب انزعاجها من زواجكما، وتحاولا أن تتبينا منها سبب ذلك.
ثانياً: الإقناع: يمكنك عندما تجعلها تتحدث عن نفسها وأسباب انزعاجها أن تبدأ بالإقناع، كأن تقول: ألا تريدين أن نكمل نصف ديننا، ما شعورك لو أن أهلك منعوك من الزواج؟ ألا تريدين أن تري أطفالنا؟ ألا تريديننا أن نحصن أنفسنا؟ وهكذا تأتي بعدة تساؤلات وإقناعات تخاطب فيها مشاعرها وأحاسيسها.
واعجبني قولك: "أنك تحبها كثيراً"، فهذا دليل على أن علاقتكما جيدة، وأن الحواجز بينكما يمكن إزالتها لتكون على جانب من الوضوح والشفافية والتفاهم.
ثالثاً: الحزم: يمكن أن تشعر والدتك بتصميمك على الزواج، وأنك تتمنى أن تخطب لك هي، بدلاً من أن تأتي بامرأة لا تعجبها.
إذا رأيت من أمك تجاوباً فأكثر الشكر والدعاء لها والتقرب منها، وإن رأيت منها صدوداً ورفضاً للمبدأ فما عليك إلا أن تجعلها تقف أمام الأمر الواقع، واقدم على الخطبة ولو سراً، حتى إذا انتهى كل شيء أعلنت لها زواجك أو قرب زواجك بأسلوب مؤدب، وبحزم وحنان، وليس في ذلك أي عقوق؛ لأن الزواج لا يشترط فيه إذنها، أما قوله - عليه الصلاة والسلام-: "أمك ثم أمك، ثم أمك"، فهو حث على الحرص على برها وطلب رضاها في كل أمر ليس فيه معصية.
وعليكما -بعد الزواج- الحرص على مشاعرها وتعويضها عن فقدكما وزيادة برها، والطلب من زوجتكما أن تكونا مثل بناتها، فتكنا لها الاحترام والبر، والمساعدة حتى يذهب ما في نفسها وما هي متخوفة منه، والرجل الذكي الحصيف هو الذي يقنع زوجته ببر والدته، ويحسن التصرف مع الاثنتين ويحببهما لبعضهما، أعانكما الله ورزقكما الذرية الطيبة الصالحة. والله يحفظكم.(17/363)
أريد الزواج.. ولكن..!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 23-2-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أنا شخص في السنة الثانية من دراستي الجامعية، وفقني الله لطلب العلم وبرزت فيه ولله الحمد، أحس بعاطفة جياشة وميل نحو النساء أكثر من أقراني، وهذا يتعب نفسيتي أحياناً، بل أحس بأشياء عضوية، ذكر بعض الأطباء أنها طاقة جنسية زائدة.
اعلم أن الحل الأمثل هو الزواج، لكن هناك عوائق:
1- ذاتية، وهي الخوف من أن يشغلني عن العلم خاصة في مقتبل العمر، وفي هذه السنين الذهبية.
2- اجتماعية، فلم يسبق لأحد من العائلة (بمفهومها الواسع) أن تزوج في مثل هذه السن، خاصة وأني أكبر اخوتي، فالوالدة لا تريد مني الاستعجال في زواجي.
وأفيدكم علماً أنها من ناحية مالي ميسورة جداً ولله الحمد..
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
الأخ الكريم أشكر لك ثقتك وتعليقي على سؤالك بما يلي:
الأمر الأول: الزواج في الحقيقة أمر في غاية الأهمية وفي غاية الحساسية كيف لا وهو نقطة التحول الكبرى في حياة الإنسان ينتقل من خلالها من الحياة العزوبية العامة إلى الحياة الأسرية الخاصة ليكون بذلك مسؤولاً عن زوجة وأطفال أمام الله ونفسه والآخرين.
الأمر الثاني: ميلك نحو النساء أعتقد أنه أمر طبيعي في مثل هذا السن حتى ولو كانت بنسبة أكثر من الآخرين كما تظن، وكل الناس يمرون بمثل هذه التجربة وهي سنة من سنن الله في هذا الوجود وسر من أسرار خلقه سبحانه ليستمر بذلك الخلق في الانتشار ويحصل الاستخلاف الذي أراده المولى عز وجل على هذه الأرض.
الأمر الثالث: الأمر في الزواج ليس محصوراً بالنواحي المادية والقدرة المالية فقط وإن كانت عنصراً بالغ الأهمية في المساعدة على اتخاذ قرار بهذا الأهمية، لكن الأمر الأهم في الزواج باعتقادي يتعلق بمدى استعدادك أنت لهذا الحدث العظيم في حياتك. إنه يتعلق بقدرتك على تحمل المسؤولية ومدى نضجك النفسي والسلوكي والاجتماعي ومدى انعكاس هذا النضج على واقعك الحياتي ...
كثير من الناس وخاصة الآباء يستعجل بتزويج ابنه وخاصة الابن الأول لإشباع رغبة نفسية خاصة لديه ويغض الطرف عن مدى الاستعداد والقدرة لدى ابنه في تحمل مسؤولية تكوين أسرة جديدة.
يوم الزواج وليلة العرس ليست هي الهدف النهائي من القضية بأكملها إنها حياة كاملة وعمر مديد وسنوات كثيرة، فلا تظن أن المسألة مسألة مادية فقط.. هي كذلك مع غيرها كثير يجب أن تنتبه لها أشد الانتباه.
الأمر الرابع: أن الزواج لم يكن أبداً عائقاً من طلب العلم وتلقي الدروس والنهل من معين المعارف ومختلف العلوم.. بل إنه في مثل حالتك سيضيف إليك الكثير من صفاء ذهنك وذهاب ما كنت تعانيه من العاطفة الجياشة والميل القوي نحو النساء..(17/364)
أنت بالزواج سيحصل لك التحصن الجسدي والنفسي والجنسي ليصفو لك ذهنك مما كنت تعانيه ويكون منصباً بأكمله إلى طلب العلم، وخاصة إذا رزقك الله زوجة صالحة لها نفس الهموم من الطلب الواعي للعلم الشرعي أو على الأقل تزيد في همتك وتساعدك وتحفزك على اللحاق بركاب العلماء.
الأمر الخامس: نعم أوافق والدتك منظورها " أن الاستعجال في الزواج أمر غير محمود" ولكن السؤال هنا كيف نعّرف الاستعجال نفسه ... لا أظن أن سن العشرين سناً متقدمة أو متأخرة بالنسبة للزواج إذ الأهم في نظري كما أشرت سلفاً هو الشخص نفسه.. فكم من طفلٍ نراه وهو في سن الثلاثين وكم حكيم نراه وهو في سن المراهقة.
وإذا كانت الأمور مناسبة للزواج من جميع النواحي فليس انعدام حدوثه في مثل هذا السن في العائلة أمر يوجب تأخيره.
إذاًَ أختم كلامي لك أيها العزيز أن مسألة الزواج مسألة هامة وخاضعة للعديد من الاعتبارات التي يجب أن تزنها وتلاحظها بدقة لتساعدك على اتخاذ مثل هذا القرار المصيري في حياتك.
وفقك الله للزوجة الصالحة والحياة الأسرية السعيدة.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،(17/365)
أحبها وتحبني وأبوها يرفضني
المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 29/5/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أنا متخرج من الجامعة الآن ولم أحصل على وظيفة حتى الآن، ووقعت في حب فتاة ما، وفي نفس الوقت هي أيضا وقعت في حبي، وكلنا عزم على توظيف هذا الحب بالطريق الشرعي وهو الزواج..، ولكن والد هذه الفتاة لا يريد أن يزوج ابنته إلا لشاب لا يقل راتبه عن خمسة آلاف ريال، وهذا يكلفني أن أصبر سنتين أو ثلاث حتى تأتي الوظيفة، وأنا لا أستطيع البعد عنها وهي لا تستطيع البعد عني، وكلانا لا يريد إلا الطريق الشرعي. فبماذا تنصحوني؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نبارك لك زيارة موقعك الإسلام اليوم، وعرضك هذه المشكلة.
أخي: اعلم أني سأبعث لأبيها رسالة أنت حاملها: "إنك أيها الأب المبارك تعيش المسؤولية وتؤدي الأمانة، فحرصك على إسعاد ابنتك مما يجب عليك، وحسن اختيار الزوج من رعاية الأمانة، مما يؤكد في اختيار الزوج أن يكون ذا مال يستطيع أن يسعد ابنتك، وقد جعل المال الذي هو مؤنة النكاح الاستطاعة، قال - صلى الله عليه وسلم -: "من استطاع منكم الباءة فليتزوج" رواه البخاري (1905) ، ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، ومعلوم أن القدرة على النكاح - الجماع- يستطيعها كل الشباب الأسوياء، فليس ثمة مراد للرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا المهر وما بعده، وقد آجر نبي من أولى العزم (موسى - عليه السلام -) نفسه لأبي زوجته ثمان سنين لإعفاف نفسه، فهل أراك تفرط في ابنتك وتزوجها من يعجز عن القيام بما تحتاج إليه كل زوجة؟.
أيها الأب المبارك تذكر أن فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها - استشارت الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيمن تقدم لخطبتها فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أما أبو جهم فكان لا يضع العصا عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي أسامة بن زيد " - الحديث رواه مسلم (1480) ، فذكر لها الرسول - صلى الله عليه وسلم أن المانع من قبول معاوية - رضي الله عنه أنه لا مال له مع أن أبا سفيان - رضي الله عنه - كان موسراً ومرجواً، وهو والده، وأمه من أعظم الأمهات رعاية وعناية هند بنت عتبة عالية الشرف - رضي الله عنهم -، فكأني بمن خطب ابنتك يحمل شهادة ولا يحمل مالاً كمعاوية - رضي الله عنه -، لديه أم عظيمة شريفة مشفقة وأب غني ومع ذلك فقد وصف حاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - "صعلوك لا مال له".(17/366)
وأما الرسالة الثانية فإليك وحدك، إلى قلبك المعني، إلى روحك الخفاقة، إلى شوقك وحبك، اعلم وفقك الله أن الزواج مسؤولية وواجبات وحقوق، وأن المال من أعظم أسباب سعادة الحياة بين الزوجين، وأن العاجز عن تلبية الطلبات هو المهموم وليس زوجه، وأن بيت الزوجية لا يصلح أن يكون خيمة ولا شقة خالية من المهمات والحاجيات، فلذا عليك بالصبر، فخير عيشنا الصبر، كما قال عمر - رضي الله عنه -، وفي الحياة مُنىً لا تدرك، وآمالٌ تحتاج إلى أعمال، فالعاقل من لم تطفى رغائبه على مصالحه، فاصرف النفس وألجم القلب، وأعرض بالبصر، ومن غاب عن البصر فإنه يخف عن القلب خياله، واحرص على نفع نفسك تحقيقاً لقوله - صلى الله عليه وسلم - " احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز ... " رواه مسلم (2664) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، فإذا تحسن وضعك فأنت مطلوب لا طالب، ولا بارك الله ولا حيا الله حباً يلفك بالحاجة، ويذل نفسك فتقبل الإحسان والصدقة، ويزاح عنك الواجب من المناسبات؛ لأنك مسكين لا تجد، فالعزة وقوة النفس والترفع عن الاحتياج للآخرين بوابة الرفعة.
أيها الابن الكريم: أعلم أن الذي يرضيك أن أحمل على هذا الأب حملة شعواء وأصفه بالطمع والجشع، وأبين لك أنك ما دمت تحب هذه الفتاة وهي تحبك فهي لك وأنت لها، وأن استمراركما في العلاقة والمكالمة والزيارة والمواعدة كل ذلك جائز وسائغ، ما دام أنكما عازمان على الزواج -وإن كنتما لا تستطيعان ذلك-، وما دام أن الزواج سيكون ولو بعد حين، فاستمرا في علاقتكما ولا تثريب عليكما.
أعلم أن هذا الكلام هو الذي يسرك أن تقرأه جواباً على سؤالك، ولكن ثق يا بني أنك لن تسر به أبداً لو كانت هذه الفتاة أختك، أو ابنتك، ولو قرأته في تلك الحال لغلت الدماء في عروقك، ولقلت إن الولي على الفتاة لم يجعل إلا المراعاة مصالحها، وليضم عقله إلى عاطفتها، ويرشد اختيارها، ولقلت إن الحب وحده ليس مهراً، وإن الفقر إذا دخل من النافذة خرج الحب من الباب، ولأنكرت، وحق لك أن تنكر تصرف هذا الشاب الذي يساوم هذه الفتاة بعاطفتها، ويريد أن يظفر بها لتعلقها.
أي بني: إنك لن تستطيع أن تعيش حياة زوجية مع امرأة تحبك إلا إذا كانت تحترمك، ولن تحترمك المرأة وهي تراك في حال من الفقر الشديد لعطالتك وعدم عملك، وكونك ستصبح محل إحسان الناس وموضع صدقاتهم وزكواتهم.
كلا يا بني تذكر قول الله: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله" [النور:33] ، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" (سبق تخريجه) . وادع ربك واسأله، وأبشر بالخير، فهو القريب المجيب، وسيجعل لك الله من أمرك يسراً، حفظك الله ورزقك الصبر، وانتظار الفرج، وهداك للتي هي أحسن من الأحوال، والله أعلم.(17/367)
لِمَ يهربُ الأزواج مني؟
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 15-8-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أعرف لماذا يحصل هذا معي؟؟ دائما ما تتكرر نفس الحادثة فإذا قرر أحد التقدم والارتباط بي فإنه رغم قلة خطابي، رغم أني جميلة ومتعلمة ومحجبة وأخاف الله والحمد الله وأخلاقي عالية إلا أني أجد من هو دوني في ذلك يرزقهم الله بأحسن الأزواج أما أنا فإن أراد أحد خطبتي تعلق بي جدا وما أن يتقدم ليخطبني فإنه فجأة وبدون أسباب يبتعد دون مبررات رغم أنه مازال متعلقاً بي ولكن لا أدري.
جميع من تقدم لي هم بهذه الصورة وآخر رجل عندما سألته ما الذي تغير أم أنه لم يعد يريدني زوجة له لسبب معين أجابني بأنه هو نفسه لا يدري وأنه مازال متعلقا بي ولا يعيبني شئ بنظره لكنه لا يدري وهذا مما جعلني أعتقد بأنه ربما يكون معمولا لي سحر أو شئ من هذا القبيل. لكن لا أدري هل يغير السحر مصير الإنسان بهذه الصورة؟ والغريب أن جميع من تقدم لي أو القلة التي تقدمت لي تنسحب بنفس الصورة. هل سأعيش وحدي؟ ماذا أفعل أين أذهب لأتأكد من وجود السحر والتخلص منه؟ علما أن كل أحلامي عن القطط والأطفال الصغار!! أرجو منكم مساعدتي ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الأخت الكريمة..
وعليكم السلام ورحمة الله
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
بداية؛ لا شك أن السحر له تأثير على الإنسان، وهذا التأثير منه ما هو من قبيل التخييل كما حدث للسحرة مع موسى - عليه الصلاة والسلام - قال -تعالى-: "يخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى"الآية، [طه: 66] ، ومنه ما يؤثر على الإنسان تأثيراً حقيقياً كما قال - تعالى -: "فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ" الآية، [البقرة: 102] ، إلا أن ذلك كله مرتبط بإذن الله تعالى، قال - سبحانه -: "وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ" الآية، [البقرة: 102] .
ولكن في أحيان كثيرة يكون السحر مهرباً للبعض من مواجهة الواقع، والتعرف على الأسباب الحقيقية لمشكلاتهم، أو يكون عذراً (وجيهاً) لمواجهة أسئلة الفضوليين، بينما في الحقيقة لا يوجد سحر، بل أوهام يعيشها الإنسان بإرادته أو بغير إرادته.
وما يقال عن السحر يقال أيضاً عن العين والحسد.
ومن خلال قراءتي لسؤالك أرى أنك وقعت في هذا الأمر، فأنت لم تجدي تفسيراً أفضل من السحر لتطاير الخطاب من حولك، مع أن هناك أسباب كثيرة قد تؤدي إلى ذلك، وأنا لا أستطيع أن أحدد هذه الأسباب من خلال قراءتي لما كتبتِه، لكني على يقين أن السحر ليس أحدها، فعلامات السحر واضحة معروفة.(17/368)
ولابد أن تعلمي - أختي الكريمة - أن مسألة الزواج هي رزق من الله تعالى، فكما يرزق الإنسان المال يرزق الزوج، ولا يخفى عليك أن رزق الله تعالى له أجل لا يتقدم ولا يتأخر، فقد يكون ما كتبه الله لك لم يحن أجله بعد، ولابد أن تعلمي أيضاً أن ما يقدره الله - عز وجل - في طياته خير للمؤمن ولا شك، فقد يكون من تقدم لك ليسو أهلاً لإقامة حياة زوجية مستقرة، وفي نظري أن بقاءك في بيت أهلك معززة مكرمة خير من حياة مهينة في كنف زوج لا يقدرها.
وعلى فرض أن الله تعالى لم يكتب لك الزواج فهل معناه النهاية!! والدخول في مقبرة اليأس والإحباط.
تساؤلك (هل سأعيش وحيدة) يعطيني انطباعاً بأن نفسيتك مؤهلة للدخول في هذا العالم البئيس.
أختي الكريمة:
إن الإنسان لديه قدرات هائلة للتخلص من المآزق والتغلب على صعوبات الحياة، فقط يحتاج إلى إرادة قوية وسوف يرى نفسه في عالم آخر مليء بالتفاؤل والعطاء والبذل.
من أكبر أخطائنا أن نظن أن المرأة التي تجاوزت سن الزواج (العانس) عبء على المجتمع، ومشكلة اجتماعية، نعم هي ظاهرة غير طبيعية، لكن ذلك لا يمنع أبداً أن نستثمر ما تملكه المرأة من طاقة هائلة للعطاء فبدلاً أن يكون ذلك محصوراً في الزوج والأولاد، لم لا يكون للمجتمع بكامله؟ وهناك نماذج مثالية مشرفة من أخوات كريمات أدرن مشاريع دعوية ناجحة، وأقمن مناشط متميزة، وكان لهن أثر كبير في الدعوة إلى الله تعالى.
كما قلت لك يحتاج الأمر إلى إرادة قوية.
فلا تتعبي نفسك بالبحث عن خيال، فلست مسحورة، ولن تحتاجي إلى التخلص من السحر، وإنما تحتاجين فقط إلى التخلص من الأوهام وأحلام اليقظة والتعامل مع واقعك، وأن تنتظري رزق الله لك، وحتى يحين وقته. أمامك أفق رحب من العمل المثمر النافع الذي يقربك من الله ويجعل السعادة ترفرف حولك.
ثبتك الله على طاعته وحقق كل أمانيك.(17/369)
أكره الحرام ولا أملك الطول
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/أخرى
التاريخ 12-2-1424
السؤال
نشئت نشأة طيبة بعيدة عن الزلل ولله الحمد ... ولكني الآن ينتابني شعور كبير جداً بالرغبة بالارتباط بأي فتاة مع سهولة الوقوع في الحرام إلا أنني أدعو ربي ليل نهار أن يجنبني الوقوع فيه.
الحالة المادية لا تسمح أبداً بالزواج.. وأنا أخشى حقيقة أن أسلب إيماني بالوقوع في الحرام.. مع العلم أني شديد الحرص على الابتعاد عن مواطن الفحش والنظر إليه. أرجو إرشادي سريعاً ولكم مني الدعاء بالتوفيق.
الجواب
الأخ الكريم ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم"
وأشكرك على حرصك على دينك وإيمانك ومصارحتك بما تشعر به من منازعات نفسية تحاول جذبك إلى المعصية ثم إن حل معضلتك يكون بالتالي:
أولاً- أكثر من الاستعانة بالله عز وجل، وخاصة من قولك: لا حول ولا قوة إلا
بالله العلي العظيم.
ثانياً - استمر في البعد عن كل المثيرات للشهوة.
ثالثاً - ابذل قصارى جهدك في السعي في أمر الزواج ولو بالاقتراض من أصدقائك
وأحبابك واعلم أن من سعى لإعفاف نفسه فإن الله في عونه كما ثبت بذلك الحديث
وأرجو ألا تيأس ولا تستصعب الأمر فإني أعرف إخواناً لك كانوا من أشد الناس فقراً فلما سعوا في أمر الزواج تيسر أمرهم وانقضت حوائجهم.
رابعاً - أحسن الظن بالله عز وجل في تيسير أمرك وإعانتك طالما أردت طاعته والبعد عن معصيته.
خامساً - أنبئك عن توجيه النبي -صلى الله عليه وسلم- لمثلك يوم قال:"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإن له وجاء" فالصوم لمن عجز عن الزواج حل لتضييق مجاري الشهوة في البدن.
سادساً - اشتغل بالعلم والدعوة فإن فيهما سلوة عن التفكير في هذه الأمور
سابعاً - اصحب من تراه أكثر منك تقوى وورعاً وعلما وفضلا فإن فيه إعانة لك على
غض بصرك واشتغالك بما ينفعك.
ثامناً - انهمك في متابعة قضايا المسلمين المأساوية فإن فيها تخفيف لحدة مطالب
النفس وشهواتها وبالأخص قضية فلسطين الجريحة.
والله أسأل لك التوفيق والسداد والإعانة والثبات على الحق والموت عليه إنه جواد
كريم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(17/370)
أبي يرفض زواجي!!
المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 24-7-1424
السؤال
أنا شاب عمري 22 عاماً، جميل الهيئة، مشكلتي أنني أعمل في عمل مختلط بالجامعة، والفتن كثيرة حوالي، وقد كنت أعقد علاقات غرامية محرمة مع الطالبات، ولكن الحمد لله تبت عن هذا العمل. والآن عرفت فتاة متدينة خلوقة وأريد العفاف وحفظ الدين بالزواج منها ولكن أبي يرفض ذلك بتاتاً بحجة صغر السن.
ماذا عليَّ أن أعمل؟ أرشدوني وفقكم الله.
الجواب
أيها الأخ المبارك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، قرأت رسالتك، وإليك الجواب: مشكلتك لها ثلاث جهات.
أولاً: أنت عملك في سلك نسائي وهناك اختلاط ولك ماض غير مناسب فالحذر والحرص على الابتعاد عن النار خشية الاحتراق، والنصوص النبوية صريحة وواضحة في الفصل بين الجنسين، منها أن المرأة نهيت أن تحقق الطريق فلا تمشي في وسطه، ومنها أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يترك باباً للنساء في مسجده، ولا يزال يسمى باب النساء في المسجد النبوي، وكان يتأخر في الاستدارة على المؤمنين حتى تخرج النساء بعد صلاته - صلى الله عليه وسلم -، ونهى عن الدخول على النساء ولو كان من قرابات الزوج "إياكم والدخول على النساء " قال أصحابه أرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت"، ونهى الواحد أن يدخل على المغيبة (وهي التي غاب عنها زوجها) ، ونهى عن الاختلاط "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما"، ونهيت المرأة عن السفر بغير محرم، فهذه النصوص مع قوله "ما تركت فتنة أضر على الرجال من النساء" تحتم عليك وإن لم يكن في عملك خلوة بواحدة إلا أن ماضيك وصفتك وصفة من يعمل معك كما ذكرت تجعل من الحزم الأخذ بالحيطة وعدم حسن الظن بالنفس، فالحذر الحذر والخشية الخشية.
وأما موقفك من الوالد فالطاعة والبر هو الواجب عليك، ولعل من يتولى تمرير طلبك غيرك من العائلة ويشرح حاجتك لذلك، فلعل ولعل هذا إذا كان الوالد مقتدراً، وأما مع العجز فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فإن تمكنت من الزواج أثناء الدراسة فنعما هي وإن تكن الأخرى فقد صبر من هو أشد منك قوة وفحولة وحبا للنساء، وأحسن منك شكلاً، فلذ بالله واعتصم به، وخذ نفسك بطرق الخير، وألزم نفسك مع رفقة صالحة تحفظك وتعينك، واعلم أن من دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله فهو مع السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه، وقوِّ عزيمتك، واقرأ بتمعُّن سورة يوسف مع تفسيرها، حفظك الله وحفظ لك.(17/371)
الزواج والمواقع الجنسية
المجيب د. خالد بن سعود الحليبي
وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 30-6-1424
السؤال
أكتب لكم هذه المشكلة التي تؤرقني، أملاً في أن أجد عندكم حلاً لها..وهي أن لي أخا يكبرني بـ9 سنين..وهو والحمد لله موظف وظيفة مرموقة، ولا ينقصه شئ لو أراد أن يتزوج، وهو فعلا يريد بشدة أن يتزوج، ونحن أول ما طلب منا أن نختار له عروساً سارعنا في الأمر وبدأنا في البحث له، إلا أنه غريب فهو يريد أن يعذب نفسه بأي شكل، لأننا كلما عرضنا عليه فتاة لابد أن يُخْرِجَ فيها عيباً..ويكون عيباً تافهاً، إلى أن جاء اليوم الذي اكتشفت فيه أن أخي يدخل على مواقع جنسية وبالطبع انصدمت عندما رأيت ما رأيت، لأنني لم أتوقع أن أخي وصل لهذا الحد، ولكن الظاهر أن تأخره في الزواج جعله يسلك هذا الطريق. أصبحت أنا أكثر شخص يبحث له عن عروس وأكثر شخص يكرر هذه المسألة في البيت..خوفاً على أخي من الضياع هذه هي المشكلة التي والله تؤرقني كثيرا..فأرجوا أن تساعدوني، وجزاكم الله خيراً..
الجواب
أختي الكريمة الغيورة السلام عليك ورحمة الله، أما بعد:
فإني أفخر بأن يوجد من بنات اليوم من تملك هذه الغيرة على حرمات الله، وهذا الحرص الرائع على استقامة أهلها.. أما المشكلة التي طرحتيها فهي حقا من المشكلات التي باتت تؤرق عددا من بيوتات المسلمين، فلقد تسبب الاستخدام السيئ للإنترنت في هدم أسر هانئة، وبعثرة شملها بعد التئام، كما تسبب في زيادة ضلال قوم وانتكاس آخرين.. أسأل الله لي ولك الثبات على دينه.. وهنا سوف أحاول أن أضع أمامك مجموعة من الخطوات حاولي أن تقومي بتتبعها واحدة واحدة. بحيث إذا نجحت في إحداها تنتقلين إلى الأخرى.. والله ـ وحده ـ له الفضل وبيده الهداية:
أولا: اقتربي من نفس أخيك أكثر.. بالتقليل من عتابه، والإكثار من الثناء عليه والافتخار بمميزاته التي ترينها عيانا دون تهويل أو مزايدة.. حتى ترين أنه بدأ يرتاح من جلوسك معه..
ثانياً: شاوريه في أمورك الخاصة التي ليست أسرارا لا يصح أن يطلع عليها مثله، واعملي بمشورته إذا رأيت فيها خيرا، وأخبريه بالنتائج. واستمري في هذه الخطوة حتى تشعري بأنه بدأ يحب أن يستشيرك هو في أموره الخاصة.. وخلال ذلك اسأليه عن حاله، وعن سبب ضيقه بالآخرين أو حتى بنفسه دون إلحاح..
ثالثاً: افتحي الموضوع معه وأنتما بمفردكما، وأغلقي الحديث العام في المنزل تماما حتى لا تقعوا في إحراجه ومن ثم استمرار عناده.
رابعاً: تنبهوا إلى أمور في غاية الأهمية قد تمنع من الزواج؛ كالعجز الصحي، أو صديق سوء يسول له في داخل العمل. أو الخوف من الزواج بسبب وقوع حادث زواج فاشل في البيت أو الأسرة.
خامساً: إذا تأكدت من أثر المواقع الإباحية على أخيك، فعظيه في نفسه موعظة بليغة، ولو أن تبكي أمامه ليقلع عن متابعة هذه المفاسد التي تحرك الجماد، فكيف لا تفتن الشباب، وعليك بالأشرطة النافعة في هذا الاتجاه.(17/372)
سادساً: حاولي أن تقنعيه بشتى الطرق المناسبة لإخراج الإنترنت إلى الصالة العامة في المنزل، ولو في صندوق خاص يفتح بطريقة سهلة إذا رغب العمل عليه، فإن الشيطان لا يأكل من الغنم إلا القاصية.
سابعاً: عليك في كل خطوة تقومين بها بالدعاء الواثق المطمئن إلى وعد الله بالاستجابة، فإن الله وحده بيده مفاتيح القلوب. جزاك الله خيرا، ووفقك وسدد خطاك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(17/373)
الشباب وعقبات الزواج
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 20-6-1424
السؤال
لا يخفى على فضيلتكم الفتنة الكثيرة التي يتعرض لها الشباب والفتيات في هذا الزمن حيث سهولة الوقوع فيها وانتشار المهيجات للغريزة حتى أصبح الزنا وللأسف الشديد أسهل من الزواج وما يحتويه من تكاليف لا تطاق مما يساهم بكل أسف في انحراف الكثير من الشباب الباحث عما يمكن أن يشبع شهوته. قال لي أحد الشباب أنه لا يستطيع أن يلتزم ما دام أنه لم يتزوج بعد وهو يرى ما يرى كل يوم.
فضيلة الشيخ: ما حكم الزواج في هذا الزمن، خاصة لدرء مفاسد عظيمة مثل الزنى واللواط وغير ذلك؟.
وما حكم تكفل الأب بمصاريف زواج ابنه إن كان الابن لا يملك راتباً أو وظيفة (طالب) ؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
فأولاً: أشكرك أيها الطالب النجيب على حماستك الدينية، ووقوفك عند حدود الله، وصبرك عن ممارسة الحرام عياذاً بالله سبحانه.
ثانياً: أبشرك بما أعده الله لك ولأمثالك من الشباب الصالحين من الثواب العظيم، والنعيم الأبدي، وأعلم -حماك الله- أن الفرج قريب، وأن مع العسر يسراً، فالله يقول: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً".
ثالثاً: تذكر أن ما يحيط بك من فتن الأفلام والصور وتبرج النساء وكثرة الخبث هو من الابتلاءات والمحن، "ليميز الله الخبيث من الطيب، ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً فيجعله في جهنم"، وأن على الشاب الصالح أن يستعيذ بالله من شرها ويلح على الله بأن يعصمه من شؤمها وشررها.
فالله تعالى متى وجد صدق النية من عبده، ولمس منه صحة السعي في مرضاته، وتجنب أسباب غضبه، أحاطه برعايته ورحمته، وهيأ له أسباب نجاته وسلامته.
ورابعاً: ينبغي عليك أن تجتهد في تجنب أسباب الإثارة من صور ومجلات، وأفلام، وإنترنت، فتعتزلها كلها لله تعالى لتغيظ الشيطان قبحه الله، وتريح ضميرك من وخزه الحاد، وتسكن نفسك من التفكير في الحرام، عياذاً بالله، واعلم أن "من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه".
وخامساً: احرص على الالتحاق برفقة طيبة كحلق التحفيظ في المساجد أو جماعات التوعية، في المدارس لتنتفع بصحبتهم، وتأنس بمجالستهم، وتستعين بهم في طرق دروب الخير، وسلوك مسالك الفضيلة والعفة والعلم.
سادساً: لا أرى مانعاًً أن تسعى جاداً لإقناع والديك بتزويجك مبكراً، فإنني أشعر من خلال كتابتك رجاحة عقلك، ونضج فكرك، وسداد رأيك.
وقد تجد ممانعة في بداية الأمر، لكن بالصبر وكثرة عرض الفكرة على والديك ومحاولة إقناعهما بأسباب رغبتك -ولو بطريق غير مباشر- سيتحقق مرادك بإذن الله، وقد حاول كثير ممن هم في سنك فنجحوا، وأعفوا أنفسهم، فأحسن الظن بالله ولن يضيعك.
وسابعاً: فبالنسبة لسؤاليك فهاك الجواب:
(1) أما حكم الزواج فإنني أرى أن الزواج تجري عليه الأحكام الخمسة، فقد يكون واجبا، ً وقد يكون مستحبا، ً وقد يكون مكروهاً، وقد يكون حراماً، وقد يكون مباحا.(17/374)
وليس هذا موضع تفصيل هذه الأحكام، لكن في الحالة التي سألت عنها فأرى وجوب الزواج على من تاقت نفسه إليه وقدر على مؤنته، وخشي الوقوع في الحرام.
(2) وأما السؤال الثاني: فأرى أن على الأب الحرص على تزويج أولاده، والتكفل بمصاريف زواجهم، طالما عجزوا عن الحصول على مصدر رزق يقتاتون منه.
هذا والله أسأله أن يحفظك ويسددك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.(17/375)
أريد الزواج ودخلي قليل ...
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 3/9/1424هـ
السؤال
أنا شاب أريد الزواج ودخلي قليل، سؤالي: هل يجب على والدي تزويجي؟ علماً أنه تزوَّج مرة ثانية هذه الأيام ويبني بيتاً، وهو يقول إنه لا يملك نقوداً. وشكراً.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
قبل أن أشرع لك في الإجابة على سؤالك وحل مشكلتك بإذن الله أود أن أهمس في أذنك ببعض الكلمات، أخاطب فيها قلبك الطيب، فأرعني سمعك يا رعاك الله، واستمع إلي بأذن قلبك لا بأذن رأسك، فمستعيناً بالله أقول:
اعلم وفقني الله وإياك لكل خير وبر، وصرف عنا وعنك كل سوء وشر، أن فضل الوالدين عظيم وبرهما واجب أكيد، أوجبه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-، وجاء التحذير الشديد من عقوقهما أو أحدهما، فاحذر أن تعرض نفسك في الوقوع في هذا الذنب العظيم، فعليك بالبر بهما والإحسان إليهما، والتلطُّف معهما قال تعالى، "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً" [الإسراء: 24] ، هذا ما أردت التنبيه عليه بداية.
أما بالنسبة لسؤالك: هل يجب على والدك أن يزوجك من ماله؟ فأقول لك: نعم يجب عليه أن يزوجك؛ لأنك ممن يلزمه النفقة عليه، ومن جملة هذه النفقة نفقة الزواج، قال تعالى: "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم ... " [النور: 32] .
قال العلامة السعدي في تفسيره ص (516) ، -وغيره من أهل العلم- يأمر الله تعالى الأولياء والأسياد بإنكاح من تحت ولايتهم من الأيامى وهم: من لا أزواج لهم من رجال ونساء ثيبات وأبكار، فيجب على القريب وولي اليتيم أن يزوِّج من يحتاج للزواج ممن تجب نفقته عليه، ا. هـ.
فهذا جواب سؤالك أخي الكريم، ولكن أود أن أقدم لك بعض النصائح لعل الله يجعلها سبباً في قضاء حاجتك:
(1) عليك أخي الكريم: أن تتكلَّم مع والدك بكل أدب واحترام، وتبث له شكواك بأنك تريد أن تعف نفسك عن الحرام، لأنك تخشى على نفسك العنت والوقوع في الحرام، فلا بد وأن يسعى في تزويجك بمن تكون كفئاً لك.
(2) إذا لم تستطع مواجهة والدك فعليك أن توسِّط أحد أفراد العائلة من والدة وغيرها، أو أحد الأقرباء أو الأصدقاء ممن له تأثير وإقناع على والدك، ويتكلَّم له في هذا الموضع لعل الله أن يهدي والدك ويزوجك.
(3) عليك بالتحلِّي بالعفة والبعد عن كل ما يثير شهوتك حتى ييسر الله أمرك، قال تعالى: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله.." [النور: 33] .
(4) وإذا تاقت نفسك للزواج، وثارت عليك الغريزة فعليك بالصوم كما أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم-، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أحصن للفرج، وأغض للبصر، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" متفق عليه البخاري (5065-5066) ، ومسلم (1400) ، ومعنى قوله: "وجاء" أي وقاية من الوقوع في الحرام.(17/376)
(5) عليك بكثرة الاستغفار فإن الاستغفار سبب من أسباب تيسير مثل هذه الأمور. قال تعالى: "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا" [نوح: 10-12] .
(6) عليك باللجوء إلى الله وكثرة الدعاء، وتحري ساعة الإجابة وأبشر بالخير قال تعالى: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" [البقرة: 186] ، وقال تعالى: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء" [النمل: 62] .
هذا والله أعلم، ونسأل الله أن ييسِّر أمرك ويزيل همك، ويكشف كربك ويقضي حاجتك، ويحفظنا وإياك من كل سوء وشر، ويقدر لنا ولك كل خير وبر.
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(17/377)
أبي يرفض زواج أختي
المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس
مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 6/11/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
لي أخت تقدم لها شاب متدين، ولكنه بسيط المادية، وأبي لا يريده لهذا السبب، ماذا تفعل؟ أفتوني بها بشكل مفسر. وجزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد:
أهم ما يجب على ولي المرأة أن يتابعه هو مسألتا الدين والخلق؛ لأنهما هما الأصلان العظيمان اللذان تدوم بهما المودة ويحفظ بهما العهد، قال عليه الصلاة والسلام: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" أخرجه الترمذي (1084) من حديث أبي حاتم المزني - رضي الله عنه -، فعليك أن تخوف والدك بالله وتذكره هذا الأمر العظيم، وأنه قد يحصل فتنة لرد المتقدم الكفء.
وأما مسألة المادة فإنها تابعة والرزق عند الله عز وجل؛ بل قد تكفَّل الله بالعون لعبادة الصالحين، قال سبحانه: "وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم" [النور:32] .
وقال عليه الصلاة والسلام: "ثلاثة حق على الله عونهم: وذكر منهم: الناكح يريد العفاف" أخرجه الترمذي (1655) وقال حديث حسن ووافقه الألباني الحديث.. ثم إن ميسور الحال إذا لم يكن لديه دين يردعه فإنه قد يظلم المرأة ولا يعطيها حقوقها الواجبة لها شرعاً، وعندئذ لا ينفع المال. أسأل الله لأختك الزوج الصالح والذرية الصالحة ولعموم المسلمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.(17/378)
من أجل هذا رفضوا زواجي منه
المجيب حصة البازعي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 12/06/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, أما بعد:
أنا فتاة تخرجتُ من إحدى الكليات من أسرة معروفة وميسورة، تقدَّم لي شاب وهو ذو خلق ودين وسمعة طيبة، وقد وافقت عليه، وأرجو أن يكون زوجاً لي، ولكن والدي -سامحه الله- لم يقبل به, أما والدتي فهي موافقة عليه، وكذلك عمي، فلا يوجد عائق في المسألة سوى أبي، وأما السبب الذي جعل أبي يرفض فهو أن أحد أقارب الخاطب سيِّئ السمعة، علماً أن أبي يعرف تمام المعرفة بأنني أريد الزواج من هذا الإنسان بالتحديد ولا أقبل بغيره، وقد أعلنت رغبتي هذه على الجميع، فازداد رفض أبي لهذا الزواج، مع العلم أن والدي يعلم بأمور الدين والشرع، ويعلم أن ما يفعلهُ بي هو الحرام بعينه, ولكنه من الناس الذين يتخذون دينهم على هواهم، حيث إنه يفسر الدين على هواه، وقد هددني بأنه سوف يقتلني إذا تزوجتُ هذا الشاب، أو يحرمني من الميراث ويتبرأ مني، أو يطلق أمي إذا ما تمت هذه الزيجة.
ملاحظة: أرجو أن تشرح لي قول الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس"، فوالدي يربط معنى هذا الحديث بالأخلاق، فإنها في نظره تنتقل جينياً مع الأجيال، وليس عن طريق التربية أو الصحبة، سواءً كانت فاسدة أو صالحة، ويحجب النظر عن القول الذي يقول: يخلق الفاسق من ظهر عالم والعالم من ظهر فاسق, وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- "من جاءكم من ترضون دينهُ وخلقهُ فزوجوهُ إلا تفعلوا تكن فتنه في الأرض وفسادٌ كبير", قيل يا رسول الله وإن كان فيهِ؟ قال: "وإن كان فيه فزوجوهُ ثلاثاً".وجزاكم الله خيراً عنا، ووفقكم لخير الأعمال وصالحها.
الجواب
الأخت السائلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فقد اطلعت على -معاناتك- بسبب رفض والدك لزواجك، وأود في البداية أن أشير إلى بعض الملاحظات التي خرجت بها عند قراءتي لمشكلتك:
أولاً: أعجبني مبادرتك إلى الاستشارة تحرياً للحل السليم لمشكلتك، وهذه ميزة إيجابية بدلاً من التهور أو الاستسلام والعجز.
ثانياً: إن مثل هذه المشكلات كثيرة الحدوث، وإن اختلفت في حدتها وصورتها، وهي تنشأ غالباً من اختلاف الرؤى، ووجهات النظر بين الأجيال.
ثالثاً: أنه لا توجد حلول سحرية للمشاكل، كما أن أحداً لا يستطيع مساعدة صاحب المشكلة أكثر من صاحب المشكلة نفسه، إلا أننا هنا نقدم أو نقترح طرقاً ووسائل قد تساعد السائلة - بإذن الله- على الاستبصار ورؤية الحل أو المفتاح لمشكلتها أو معاناتها بصفة عامة، ومن ذلك:(17/379)
(1) اللجوء الصادق إلى الله، وهو مفتاح الحل لكل ما يعانيه الإنسان من آلام وصراعات ومشاكل، ذلك أن نور البصيرة لا ينقدح إلا بالتعلق بالله، وقد يكون حلّ مشكلتك قاب قوسين أو أدنى منك، ولكن حاولي لكي تُبصريه وتتناوليه، إشعال مصابيح الإيمان والتوكل والاستعانة والاستغاثة والخوف والرجاء والدعاء، اجعلي من مشكلتك فرصة عظيمة لتجديد إيمانك، فتتحول نقطة ضعفك هذه وعجزك إلى قوة -بإذن الله-. وإخفاقك إلى نجاح، ففي مثل هذه المواقف يمتحن المؤمن في صلته بالله، ومدى استكانته وتضرعه إلى ربه، وفي صبره وقدرته على العمل، وفي رضاه وأمله، وروحه التي لا تعرف اليأس "إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون" [يوسف: 87] ، إن صلتك بالله ستمنحك الطمأنينة والبصيرة والأمل، وربما سخر الله لك والدك من حيث لا تعلمين.
(2) الأمر الآخر الذي قد يخفى علينا جميعاً- خصوصاً عندما نواجه المشكلات -هو أمر (الخيرة) فإن الإنسان- بسبب قلة علمه، وعدم إحاطته بالموضوع وملابساته، والمستقبل وما يخفيه، قد يرغب أو يحرص على حصول أمر ليس في صالحه، وقد يكره أمر هو غاية ما يُصلحه، ولهذا شرعت الاستخارة ليبرأ الإنسان من جهله وعجزه إلى علم الله وقدرته، فإنه تعالى يعلم ولا نعلم، ويقدر ولا نقدر، قال تعالى: "وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم" [البقرة: 216] ، فالاستخارة تُشعر بمعية الله وعونه، فيعلم أن هناك من يعينه فيطمئن، كما تعلمنا أنه لا يوجد حل واحد للمشكلات، فهناك خيارات أخرى قد تكون هي الأفضل، وأن دورنا هو تحري الصواب والحق والخير، وهذا لا يعلمه أحد إلا الله، مما يقلل من الضغط النفسي عند محاولة اتخاذ أي قرار.
(3) والمطلوب منك -يا أختاه- تحري ما فيه خيرك في الدنيا والآخرة، والإلحاح على الله -عز وجل- مع الاستمرار في بذل الجهد المستطاع للخروج من معاناتك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "استعن بالله ولا تعجز" رواه مسلم (2664) ، فحاولي كما تحاولين اليوم ولا تيأسي أبداً، واعلمي أنك صاحبة الدور الأكبر في حل مشكلتك، وتأكدي أنك تملكين – بإذن الله- القدرة على ذلك، فأنت تعانين، وهذا أكبر دافع للبحث عن مخرج.
حاولي الاقتراب من أبيك، دعيه يشعر من قرب بمعاناتك، واستعيني ببعض الوسطاء للتأثير عليه وشرح وضعك له، وابتعدي عن الجفاء والبعد والعناد، فهذا يزيد من سخط النفوس وتنافرها.
(4) أما حديث "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس" فليس بحديث بهذه الصيغة، وهو مركب من حديثين كلاهما في سنده ضعف، ولا يحتج به، إلا أن بعض أهل العلم يرون ضرورة المكافأة في النسب بين الزوجين، كما أن أعراف الناس -وهي ما تعارفوا عليه من تقاليد وعادات- التي لا تنافي أصول الدين ينبغي مراعاتها، خصوصاً إذا كانت مخالفتها تؤدي إلى مفسدة أشد، وهو ما تخشى منه الأخت السائلة، وفقك الله إلى ما يحبه ويرضاه.(17/380)
(5) أوصيك ثم أوصيك بعدم التهور، فإن الزوج يعوِّض بزوج آخر، أما الأبوان فلا عوض عنهما، فإياك وسخط الوالدين، وحاولي قدر المستطاع التودد إليهما، وطلب رضاهما، ففي ذلك رضا الله تعالى، واعلمي أن ذلك هو - بإذن الله- عين الصواب مهما كان صعباً، وستعلمين -بإذن الله- إن عاجلاً أو آجلاً صدق ما أقول لك، وفوضي أمرك إلى الله، والله بصير بالعباد.(17/381)
والدتها ترفض زواجي منها
المجيب سلوى بنت صالح بابقي
مساعد إدارة النشاط الثقافي بتعليم البنات.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 04/03/1426هـ
السؤال
تقدمت لفتاة عن قصة حب وتم الاتفاق على الخطوبة وإتمام الزواج بعد 3 سنوات، وأثناء الخطوبة حدث تعارض في الأفكار بيني وبين والدتها وانتهت الخطوبة على الرغم من أني أحبها وهي مازالت تحبني رغم معارضة أهلها فماذا أفعل؟ هل أتزوجها بدون رضاهما؟ مع العلم أني لا أستطيع أن أتقدم لها مرة أخرى لرفض أهلها، وهي لا تريد الزواج من أحد غيري أرجو الإجابة أفادكم الله.
الجواب
المكرم الأخ سيد وفقه الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته- وبعد:
فإن الرسالة لم تتضح منها المميزات التي دعتك لخطبة تلك الفتاة، والذي ظهر أن اختيارك لها (زوجة وأماً لأولادك) ، مبني على قصة حب. عليه أقول لك إن الحياة الزوجية عمادها واعتمادها على تحلي الطرفين الرجل والمرأة بالدين والخلق الحميد إذا تحقق قبول كل منهما للآخر، بهذا تنشأ وتنمو وتقوى علائق المودة والرحمة بين الزوجين، لذا لا يكفي أن نعلق على قولك أنك تقدمت لها عن قصة حب؛ لأن هذا الميل فطري ومتوقع وليس مقياساً لصحة الاختيار من الطرفين، بل إنه شرعاً (قصة حب) علاقة غير جائزة (وإن كانت أوضاع المجتمع تسهل ذلك) من هنا أجد من المهم أن تجلس مع نفسك جلسة مواجهة وتفكر وتجيب عن بعض الأسئلة، مثل: لماذا اخترت هذه الفتاة؟ هل فعلاً تصلح أن تكون راعية لبيتي وأولادي؟ ( ... والمرأة راعية في بيت زوجها) ، هل الأمور التي اختلفت فيها مع والدتها شكلية يمكن تجاوزها؟ أم أنها جوهرية وتعتبر مواقف تكشف من قيم الأسرة ولا يمكن التساهل فيها؟ ولا يغيب عنك أن شخصية الأم وأفكارها تؤثر على أولادها، بالذات البنات، فهل شعرت أنها مسيطرة؟ وأي خير ترجوه من الزواج بفتاة دون رضاء والديها؟ وكيف تستقيم الحياة الزوجية بينكما وهذا حالها؟ بل إن قبلتْ هي بذلك أياً كان سبب رفضها يجعلك تعيد النظر في الارتباط بها، فرضا الوالدين لا مساومة فيه، والزوج يعوّض بآخر، ولكن الوالدين لا عوض عنهما. وما يدريك فقد يكون هذا التعارض مع والدتها خيراً لك لتتخذ قراراً أصلح لك في الدين والدنيا، ومع مراجعة نفسك لا تغفل عن أمر مهم وملازم، وهو الدعاء والاستخارة (ما خاب من استخار) ، وآخر وهو استشارة ذوي الحكمة والثقة والنصح (ما ندم من استشار) ، ولا يخفاك أن حداثة السن تجعلك بهذا الاندفاع العاطفي، وستتكشف لك حقيقة هذه المشاعر، بحيث يكون القرار المتخذ من قبلك قراراً مدروساً مسؤولاً يترتب عليه مستقبل أسري بكامله ما دمت تترسم لهدي دينك.
ادع الله وأنت موقن أنه سميع مجيب، وأنه أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين، نسأل الله أن يلهمك رشدك ويقيك شر نفسك.(17/382)
هل أنتظرها أم أتركها؟
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
(رئيس كتابة عدل المزاحمية)
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 5/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
أعرض عليكم مشكلتي، وأرجو منكم تقديم رأيكم وخبراتكم، فأنا شاب أبلغ من العمر27 سنة، أحمل شهادة جامعية، موظف ومرتبي جيد -ولله الحمد والمنِّة من قبل ومن بعد-، مثلي مثل كل شاب في هذا العمر تقدمت إلى إحدى الفتيات خاطباً، ولم يمانعوا في ذلك، بشرط زواج البنت الكبرى، وعمرها يقترب من عمري، والبنت التي أريدها هي الصغرى عمرها عشرين سنة، وكما تعلمون جميعكم أن الزواج أمر بيد الله، لا أحد يعرف متى يأتيه نصيبه، والأيام تمضي والسنوات تسير وهي محسوبة من أعمارنا، سؤالي: هل أنتظر حتى يأتي نصيب الأخت الكبرى؟ وكم ترون المدة اللازمة للانتظار؟ ولو افترضنا أنني تركتها وبحثت عن غيرها، هل سيبقى في ذهني ذكرى لهذه الفتاة وندم على تركها؟ وكيف أتخلص من ذكرها إلى الأبد؟ ساعدوني جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
قبل الإجابة على سؤالك أحب أن أبيّن أن ما يفعله بعض الناس من عدم تزويج بناتهم بحجة وجود بنت أكبر من المخطوبة أن هذا أمر خطأ، ولا يجوز للولي أن يرد الرجل الكفء صاحب الدين والخلق بهذه الدعوى، فإن لكل بنت رزقها الذي كتب الله لها، وكلنا يعلم أن هذه الطريقة قد تسببت في عنوسة كثير من بنات المسلمين. أما قولك: هل تنتظر حتى تتزوج أختها الكبرى، فأقول: إن هذا تعليق على أمر لا يعلم متى حصوله، كما أنه في مقابل حث النبي -صلى الله عليه وسلم- الشباب على الزواج متى ما توفرت أسبابه واستطاع الشاب ذلك، انظر صحيح البخاري (5066) ، ومسلم (1400) ، وعلى هذا فإني أدلك على توسيط أهل الخير في إقناع أهل هذه الفتاة، فإن لم ينفع ذلك، فتذكّر قول الحق سبحانه: "فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" [النساء: 19] ، كما أن الاستخارة مشروعة في مثل هذه الأمور. وفق الله الجميع لمرضاته، والسلام.(17/383)
سمعة أبي عقبة في طريق زواجي
المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 18/01/1426هـ
السؤال
أخي الفاضل: أنا فتاة، على خلق قويم ومن عائلة معروفة بخلقها، مشكلتي أن أبي يزاول عادة (الزار) ، وهي -كما قرأت- نوع من أنواع الشرك والعياذ بالله، وقد اعتزلنا أبي منذ زمن لرفض أمي وإخوتي هذه العادة؛ لأنها تسيء إلى سمعة العائلة وهي محرمة كذلك، وبالطبع فقد شوهت سمعتنا كثيراً، مشكلتي هي -أنا وأخواتي- نعاني من رفض الخطَّاب لنا كلما تقصوا وعرفوا عن سمعة أبي، وما ذنبنا في ذلك سوى أننا نحمل اسمه، ساءت حالة أمي الصحية وأصبحت تفكر بنا، وخاصة أننا ست أخوات في البيت لم يطرق خاطب بابنا إلا ورجع، ما هي نصيحتكم؟ مع العلم أننا طرقنا سبيل النصيحة وإرسال أولي العلم وكبار السن لنصحه، لكن لا فائدة ترجى من ذلك، والعمر يمضي وقطار الزواج يفوتنا، وأمي تسوء حالتها يوماً بعد يوم، وهي ترى أن بناتها من خريجات الجامعات ومن ذوات الخلق لا يخطبهن أحد، أرجو إرشادنا، أثابكم الله.
الجواب
أختي السائلة سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وبعد: فنفَّس الله كربتك وأسعدك وأخواتك، وبارك الله فيك على هذا التواصل لموقعنا.
أختي المباركة آلمتني رسالتك وشق على نفسي معاناتك وأخواتك، ولكن اعلمي أن المصائب جزء من طبع هذه الحياة لا تنفك عنها، فالزمي الصبر وانتظري الفرج فكل ذلك حسنات لك ولأخواتك، فما يصيب المؤمن من هم ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله عنه بها سيئات -كما صح ذلك عن رسول الله- عليه الصلاة والسلام- متفق عليه أخرجه البخاري (5642) ، ومسلم (2573) .
أما الجواب: فهو من شقين أحدهما: جهدكن مع الوالد، فلا بد من مواصلة الصلة والنصح وأداء حقه كأب ويعامل بالتي هي أحسن؛ لعل الإحسان والرعاية يؤثر في نفسه، فيقبل قولكم ولو كان بعيداً عنكم.
أما الشق الثاني: فهو رسالة لكن مع الوالدة أن تدركن جميعاً أن في مقدوركن عملاً لأنفسكن، فجناية الوالد عليكن واضحة، فهل تتقوقعن وتسكتن وتلذن بالاستسلام، فلا بد من كسر الحاجز بالمشاركة بالأعمال والمناشط الخيرية في المجتمع في جمعيات واجتماعات مباركة حتى تبيضن ما سوده عمل والدكن، ويكون لكن ذكر حسن في المجتمع، ثم بخصوص النكاح فالحرص على الاتصال بمن يعتني بهذا الأمر، كالمسؤولين عن جمعيات الأسرة والخطَّاب والخاطبات والمعتني بذلك من المشايخ، مع الإشارة إلى أن أزواجكن من خارج المدينة أو الدولة قد لا يترك أثره في نفس الزوج كمن يشارككم في المدينة أو الدولة، والاتصال ببعض المواقع المأمونة بالإنترنت كذلك مما يسهل الأمر، وكذلك مما يسهله التنازل عن بعض الميزات في الزواج، كأن تكون زوجة ثانية، وقد تسامح الزوج من القسم الليلي، وبعض النفقة ونحو هذا، والرضى بزوج قد لا يكون متعلماً فالقصد الذرية الصالحة والعيش الهنيء.(17/384)
وقبل أن أختم مشاعري هذه آمل أن تقنعن أنفسكن للوالدة بأن رواق الأمل والنجاح يكون من داخل النفس لا من خارجها، وكم من معوق كافح حتى خط اسمه في سجل الخالدين، فهل جناية الوالد منعت من الطعام والشراب ونحو ذلك، بل قد رأينا من الناجحين من لا يعرف لهم أب، عجل الله لكن الفرج ومنّ سبحانه على الوالد بالهداية، وعلى الوالدة بالشفاء، وعلى الجميع باجتماع الشمل والرخاء.(17/385)
أراد أن يخطبها فسبقه إليها غيره
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 29/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب مقبل على الزواج، وقد اخترت فتاة قريبة لي ذات أخلاق عالية، وحافظة لكتاب الله، فأردت أن أخطبها، استخرت الله -تعالى-، بعد ذلك أحسست بارتياح، ولكن الطامة بعد ذلك فقد فوجئت بأن هذه البنت قد خطبها غيري، بعدها أحسست بهم وضيق، وأن الدنيا قد أظلمت في عيني، ولم تعد عندي رغبة في الزواج، وأشعر دائماً بضيق عند الحديث عن الزواج، وأصبحت هذه البنت تشغل بالي دائماً، وهذا قد يؤثر على زواجي من أخرى، أسأل الله أن يوفقكم لحل مشكلتي.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الجواب كما يأتي:
(1) المسلم لا يجوز له أن يخطب على خطبة أخيه؛ لما ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن ذلك. صحيح البخاري (5144) ، ومسلم (1408) .
(2) المسلم يرضى بقدر الله، ويتقبل ذلك برضا "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" رواه مسلم (2999) . فهو يتقلب بين الشكر والصبر.
(3) مآلات الأمور ونهايتها وحقائقها لا يعلمها إلا الله - سبحانه وتعالى-، وربما توقع الإنسان أن هذا الأمر خير له، أو أن ذلك الأمر شر له، والعكس هو الصحيح.
(4) الخير فيما اختاره الله لك، وعسى أن يكون في بعدك عن هذه الفتاة خير لك أو لها في الدنيا والآخرة.
(5) الحسد من الصفات السيئة التي نهى عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحذر المؤمنين منها، فلا تحسد هذا الخاطب.
(6) البنات كثر، وإذا خطبت هذه فعليك البحث عن غيرها، ولعل الله أن ييسر لك من هي خير من هذه الفتاة.
(7) عدم التعلق بشخص بعينه، وإنما عليك أن تضع المواصفات التي ترغب فيها وتبحث عن المناسب.
(8) تذكَّر أن الأمر قسمة ونصيب، وأن عليك الإلحاح في الدعاء وطلب الخير. والله أعلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(17/386)
هل لها أن تظل على صلة به؟
المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار
إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 13/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم والرحمة والبركات.
أنا فتاة أبلغ من العمر 18 عامًا، لم يكن ببالي فكرة الارتباط، حتى صادفت شابًّا متدينًا إلى حد ما، أحسست تجاهه بأحاسيس لم أحسسها تجاه أي شاب آخر، وكذلك هو، وقد صارح كل منا الآخر بشعوره، تعارفنا عن طريق الإنترنت (كافيه) يمتلكه هو، وتصارحنا عن طريق الإنترنت، وكنا نتحدث أحيانًا في التليفون، ولكني طلبت منه ألا يكون بيننا سوى التحادث عن طريق الإنترنت؛ إرضاء لله، كما طلبت منه ألا يكون بيننا سوى الكلام الذي لا يغضب الله، والحق يقال إنه استجاب لطلبي منه بنسبة كبيرة، وقد رأيت- وهو أيدنى في ذلك- أنه باستطاعتي تغييره كثيرًا، فقد شجعته على عدم التدخين، وعدم سماع الأغاني، وفي نيتي إعانته على الكثير، فكنت أود أن أعرف: هل علاقتنا بهذا الشكل مغضبة لله، خاصة وأني لست مستعدة لأي ارتباط إلا بعد 3سنوات على الأقل؛ حتى أتمكن من تثبيت أقدامي بالكلية التي سألتحق بها، فأنا مقدمة على السنة الأولى من الكلية، وهذا يعني أننا سنظل على علاقة ارتباط 3سنوات أو أكثر دون معرفة أهلي، فهل من الممكن الاستمرار بتلك العلاقة بشكل لا يغضب الله؟ أرجوكم أرشدوني والسلام عليكم.
الجواب
ابنتي الفاضلة: أسعدك الله في الدارين، وحماك من كل مكروه.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
كم كان سروري كبيرًا حين قرأت بياناتك، فإذا بشابةٍ في مثل عمر أولادي، شابة في عمر الزهور تسأل عن دينها خوفًا من غضب ربنا عز وجل، وحرصًا على تجنب الزلل، فالسؤال عن الأمور الشرعية خصلة حميدة سررت بها وأشكرك عليها.
وكان سروري أكبر- يا بنيتي- حين رأيت فيك حرصًا على التدين، وظهر هذا من عباراتك التي منها: (طلبت منه ألا يكون حديثنا بالهاتف؛ إرضاءً لله) ، (طلبت أن يكون بيننا الكلام الذي لا يغضب الله) ، (شجعته على عدم التدخين وعدم سماع الأغاني) ، فكان فرحي كبيرًا بهذا التوجه الديني، وتمنيت أن يكون التوجه صحيحًا سليمًا كاملًا، لذلك رفعت يديَّ- وأنا صائم- إلى الله العلي الكريم، فقلت: اللهم ارزق هذه الفتاة تدينًا صحيحًا، وثبتها على الدين القويم، واهدها إلى الصراط المستقيم.
بنيتي: أقدر كثيرًا ما هو مكنون في كل شاب وشابة من الرغبة في الطرف الآخر من الجنس الآخر، لكن هذه الرغبة يجب أن نحكِّم فيها الشرع، ثم نحكِّم فيها العقل؛ حتى لا تنحرف الفطرة البشرية السوية إلى أودية الانحراف والهلاك.
بعد هذه المقدمات أجيب على رسالتك بما يلي:(17/387)
أولًا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الإِثْمُ مَا حَاكَ في صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيه النَّاسُ". رواه الإمام مسلم (2553) ، رحمه الله. وفي حديث آخر: "الإِثْمُ مَا حَاكَ في النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ". رواه الإمام أحمد (18006) ، رحمه الله. فلو طبقتِ هذا الحديث النبوي، وهذه القاعدة النبوية على هذه العلاقة التي بينك وبين هذا الشاب لخرجت بموقف شرعي صحيح واضح من هذه العلاقة.
فأنت لست مطمئنة إلى هذه العلاقة، وترددت كثيرًا فيها، وأنت تكرهين أن يطلع أهلك والناس على هذه العلاقة، وهذه علامة واضحة على أن ما تفعلينه خطأ، وأنا أسألك السؤال التالي: غدًا ستتزوجين وتصبحين أمًّا- إن شاء الله- هل سترضين حينها أن تحادث ابنتك شابًّا عن طريق الإنترنت أو الهاتف؟
أتوقع أن تقولي: (لا، وألف لا) . فإذا كان الأمر كذلك، فهذا دليل على أن عقلك الكبير يرفض هذه العلاقة، لكن العواطف أحيانًا تكون قوية لا تستجيب لنداء العقل فتُلحق الضرر بالإنسان.
وبناءً على ما سبق أقول جوابًا عن سؤالك: لا يمكن الاستمرار على هذه العلاقة بينكما ولو كانت هناك وعود بالزواج، ولو كانت هذه العلاقة على أمل الزواج قريبًا أو بعيدًا، فافعلي ما يرضي الله عز وجل، واتركي المحادثات على الإنترنت والاتصالات الهاتفية.
ثانيًا: لا تغتري بما قد يظهره الشاب من التدين؛ فكثير من الشباب كالصائدين المهرة يضعون في الصنّارة لكل سمكة ما يعجبها من الطعام، وهؤلاء الشباب يتكلمون مع كل فتاة بما يعجبها، ويظهرون بالمظهر الذي تحبه.
وفي الحقيقة فإن الشباب الذين يكلمون بنات الناس ويتابعونهن أكثرهم -إن لم يكن كلهم- ذئاب بشرية، يوقعون البنت في الحبائل ثم يسجلون المكالمات الهاتفية حتى يبتزوا البنت بها ابتزازًا بلا رحمة، وإذا استطاعوا أن يحصلوا على صور للفتاة مع الشاب نفسه جعلوها وسيلة للضغط على البنت المسكينة، وأكثرهم يَعِدون البنات بالزواج وهم كاذبون، يريدون أن يطمئنوا الضحية؛ حتى تعطيهم ما يريدون، وأكثر هؤلاء الشباب يظهرون حبًّا كبيرًا، وهم في الحقيقة مدّعون، إنما يريدون الإيقاع بالفتاة لتخرج معهم، فإذا تمكنوا منها تركوها تبكي حسرةً على وعود الزواج، وادعاءات الحب الكبير، وتبكي أكثر على عفتها المسلوبة.
ثالثًا: أنا أسألك: أين التدين في حياة هذا الشاب وهو يتكلم مع بنات الناس خفية؟ وهذا اعتداء صريح على خصوصياتهم، أين التدين وهو يسمع الأغاني ويدخن، والله أعلم بالباقي؟ أيرضى هذا الشاب أن يكلم أحد أخته في الإنترنت، أو الهاتف؟ الجواب: لا. فيكيف يرضاه للناس؟ !
رابعًا: مجموعة وصايا:
(1) أغلقي منافذ الشر التي توقعك في محادثة الشباب.
(2) لا يجوز للمرأة أن تكلم الرجال إلا عند الحاجة وفي حدودها.
(3) المرأة إذا شعرت بميول نحو رجل فلا تخبره بذلك إلا إذا صار زوجًا لها، وإلا فإنها تدعو الله أن يصرف عنها ذلك الميل.
(4) حاولي إشغال نفسك بشيء نافع؛ حتى تنصرفي عن (الشات) والمحادثات.(17/388)
أخيرًا: أسأل الله أن يعف لسانك وقلمك، وعينك وأذنك، وأن يطهِّر قلبك، اللهم أشغلها بالطاعات عن المحرمات، واجعل في قلبها نورًا، وفي لسانها نورًا، وفي وجهها نورًا، اللهم ارزقها زوجًا صالحًا؛ يذيقها متعة وسعادة الدنيا، ويعينها على تحصيل متعة الآخرة، آمين.(17/389)
هل يتزوج بمن زنى بها؟
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 15/11/1425هـ
السؤال
أنا شاب، أبلغ من العمر 24 عاماً، ومتعسر في دراستي، وأنوي أن أطرق بابًا آخر بجانب الدراسة حتى أستطيع أن أفتح بيتاً، مع العلم أن والدي متيسر ماديًا، ولدي شقة، وأنا على علاقة بفتاة غلبتني نفسي وشهوتي وتطورت علاقتي بها حتى وقعنا في الفاحشة، وأريد عدم الرجوع لهذا الذنب لأني أعلم أنني اقترفت كبيرة. وأعلم أيضا أن الذنوب محق للبركة. وأنا الآن في حيرة من أمري؛ لأني كنت أحلم دائما "بأن أتزوج من فتاة ملتزمة ذات دين كما أمر رسول الله، وأخاف أن تزوجت من تلك الفتاة أن أكون قد جنيت على نفسي، مع العلم أني لا زلت أحبها؛ لأني أعلم أنها فعلت ذلك معي بدافع حبها لي وضعفها أمام شهوتها، ولكني خائف ليس منها، وإنما من تكرار فعلنا لهذا الذنب، فأخاف أن يكون زواجي منها عقاب من المولى -عز وجل-. مع العلم أنها لا تزال بكرًا، ومع العلم أيضا أني استطعت بعون الله أن أصلح من بعض عيوبها، وهي تحاول دائمًا إرضائي ولكن المشكلة في هذه المصيبة التي اقترفناها، فتكرار فعل هذه الفعلة يجعلني أشعر في بعض الأحيان بالاشمئزاز من نفسي ومنها، وأحيانا أخرى بالحيرة، وأحيانا أخرى بالذنب تجاهها لأني أنا الرجل صاحب العقل الذي جعل الله له القوامة. ولي عدة استفسارات في هذا الشأن:
1-كيف التوبة من هذا الذنب لي ولها؟
2-هل أقدم على الزواج منها أم أتركها؟ ولماذا؟
3-وإن كان رأي الشرع هو الزواج منها، فكيف ستكون العلاقة بيني وبينها حتى أتقدم لخطبتها، مع العلم أني لا أستطيع التقدم لها الآن لأني في تلك اللحظة التي أكتب فيها لكم لا أملك ما يعينني على أن افتح بيتا؟
4-هل يستطيع مذنب مثلي -وقع في تلك الفاحشة مع الفتاة التي ستكون زوجة له وأماً لأولاده- أن يصنع أسرة مسلمة تتخذ من كتاب الله وسنة رسول الله منهجاً لها. آسف للإطالة، وجزاكم الله كل خير عني وعن الإسلام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي الكريم: أما بالنسبة للتوبة من هذا الذنب الذي وقعت فيه -أنت، وهذه الفتاة- فإن التوبة تكون بالإقلاع عن الذنب أولاً، والندم على فعله ثانيًا، والعزم على عدم العودة إليه ثالثًا، ومن تاب تاب الله -عز وجل- عليه، والله أفرح بتوبة عبده، والله -عز وجل- يفرح بتوبة عبده إذا تاب، وليس هناك ذنب إلا ومغفرة الله أعظم منه وأوسع، "إن رحمة الله وسعت كل شيء"، فأقبل على الله يقبلك، وأقبل على رب رحيم هو أرحم بك من أمك التي ولدتك، ولا بد -مع العزم على التوبة- من إصلاح حالك ووضعك الذي يجرؤك على هذا الأمر، فتقطع الصلة بهذه الفتاة، وتبتعد عن المثيرات الجنسية، وتبتعد عن الأماكن التي تذكرك بهذا الفعل، وتبين لهذه الفتاة أن مكانتها عندك بمحافظتها على نفسها منك أولاً كما هو من غيرك.
ثانيًا: قولك: هل أقدم على الزواج منها أم أتركها؟ ولماذا؟(17/390)
هذا الأمر يرجع إلى اعتبارات أنت أعلم بها، فإن كنت ترى أن هذه الفتاة مناسبة لك في حياتك الزوجية، وأنها فتاة عفيفة، ولم تقع في هذا الأمر إلا معك، بسبب ما ذكرته من حبها لك وتعلقها بك استسلمت لك، وتعلم أنها لا تقع في هذا الأمر مع غيرك، فإنها إذا تابت إلى الله توبة نصوحًا، وتبت أنت كذلك إلى الله توبةً نصوحًا فإن الزواج بينكما جائز. أما إذا كانت هذه الفتاة تقع في هذا الأمر معك ومع غيرك فلا يصح أن تتزوجها، وكذلك إذا لم تتوبا، فلا يجوز لكما الزواج إلا بعد التوبة من هذا الأمر؛ لأنه لا يجوز الزواج بالزانية.
ثالثًا: تقول: إذا كان رأي الشرع هو الزواج فكيف ستكون العلاقة بيني وبينها حتى أتقدم لخطبتها، مع العلم أني لا أستطيع التقدم لها الآن؟ لأنني في تلك اللحظة التي أكتب فيها إليكم لا أملك ما يعينني على أن أفتح بيتًا.
كما قلت لك الشرع يبيح لك الزواج، لا يوجبه عليك، وإنما أنت الذي تقرر إن كانت هذه المرأة تتوفر فيها الشروط وتناسبك للارتباط بها أو لا.
أما كيف تكون العلاقة بينك وبينها إلى أن تتزوجا؟ فهي كالعلاقة بأي امرأة أجنبية، ولا يجوز لك معاشرتها ولا مصافحتها، ولا النظر إلى زينتها؛ لأنها أجنبية عنك، فيبقى بينك وبينها الاتفاق على الزواج، وخلال تلك المدة أنتما أجنبيان عن بعضكما إلى أن يتم عقد النكاح، ولا يصح أن يكون بينك وبينها لقاءات ولا علاقات حتى يتم عقد النكاح، فهي كأي امرأة أجنبية منك، أما قولك: هل يستطيع مذنب مثلي -وقع في تلك الفاحشة مع الفتاة، والتي ستكون زوجة له وأمًا لأولاده- أن يصنع أسرة مسلمة؟
نقول: هذا الأمر يترتب على معرفتك بهذه الفتاة، فإن كنت ترى أنها ستتوب توبة نصوحًا، وأنها مناسبة لك في بقية صفاتها وبقية أحوالها، فإن ذلك ممكن، أما إذا كان يتحرك في خاطرك أدنى ريبة أوشك فإني لا أنصحك بالارتباط بها؛ لأن الحياة لا تؤسس على الشك، وربما ترتبط بإنسان غيرك، وترتبط أنت بفتاة غيرها، وتستقيم أموركما.
أما إذا كان لا يوجد في نفسك أدنى شك فيها، وترى أنها امرأة عفيفة مع غيرك فإن ما فعلتما تغسله التوبة، ويمحوه الإقلاع عن الذنب. أسأل الله لك التوفيق والسداد.(17/391)
هل الوعد بالزواج ملزم؟
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 14/11/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم.
واعدني رجل على الزواج، أحسبه من الصالحين والله حسيبه-، لكن أخاه رفض هذا الزواج؛ لأن واحدة من بلدي سببت لزوجها مشاكل كثيرة، فاتصل بي الرجل الذي وعدني بالزواج، قال لي أنا آسف وسامحيني، رغم أنه كان مقتنعاً بي، وأنا كذلك اقتنعت به، والحمد لله أنا ملتزمة ومحترمة من الجميع، وكذلك عائلتي عائلة طيبة جداً، مع العلم أنني لم يسبق لي الزواج وعمري اقترب من الأربعين، لقد تألمت من هذا جداً وجرح قلبي، وجعلني في إحراج مع عائلتي، وخاصة أخي الذي تعرف عليه، ما حكم الشرع في عدم الوفاء بالوعد من هذا الرجل للفتاة؟ وهل هذا يعتبر ظلماً، وأنا أعرف أن المظلوم دعاؤه ليس بينه وبين الله حجاب؟ وكيف يمكن أخذ حقي منه بالدعاء طبعاً؟ وجزاكم الله كل خير، وجعلكم من أهل الجنة إن شاء الله.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
الجواب كما يأتي:
1- المؤمن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر، وإن أصابته ضراء صبر، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، جعلنا الله جميعاً منهم.
2- الخير فيما يختاره الله للعبد، وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً.
3- الإنسان لا يقدر مصالحه بنفسه، فيظن أن هذا الأمر فيه خير، وأنه مناسب له، والعكس هو الصحيح، فهذا الشاب الذي وعدك واعتذر لك قد يكون الخير لك في اعتذاره وبعده عنك.
4- إذا كان المقصود أنه وعد فقط، ولم يحصل عقد، فأنت لك الخيار وهو كذلك، والوعد ليس ملزِماً لكل واحد منكما، وعدم التزامه بذلك لا يعد ظلماً لك، ولا يجوز لك الدعاء عليه، بل الواجب حمد الله على جميع ما حصل، والخير فيما اختاره الله.
5- عليك بكثرة الدعاء والتضرع إلى الله أن يرزقك زوجاً مناسباً لك، يسعدك وتسعديه، والأمور بيد الله. والله أعلم.(17/392)
أريد حفلة زفاف شرعية
المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 08/11/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي هي أنني علي أن أفكر بالزواج، ولكن ما يؤرقني هو ما سيصاحب الزواج من أمور لا أدري كيف التغلب عليها، ومنها حفلة العرس، إذ إن أهلي أو بالأحرى أقاربي غير ملتزمين بموضوع الغناء للأسف، فأنا أتمنى أن تكون حفلتي على منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن كيف لي أن أصنع ذلك؟ مع العلم أنه لا يوجد أحد من العائلة قد أتم حفلة زفاف شرعية، فلا أدري ما أصنع، هل أنساق لهذا الواقع؟ أم هناك أمور أستطيع أن أصنعها لإتمام حفلة الزفاف على أجمل ما تكون؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا، علمًا بأن حفلاتنا غير مختلطة- ولله الحمد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ السائل- حفظه الله- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أولًا: أبارك لك هذا التفكير، فإن الزواج إحصان للمرء، حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري (1905) وصحيح مسلم (1400) من حديث عبد الله بن سعود - رضي الله عنه- خاصة أنك تريد أن تتم مراسم الزواج على المنهاج الإسلامي الصحيح.
ثانيًا: على الإنسان المسلم الملتزم بأحكام الشرع ألا ينساق وراء الواقع الذي يعيشه إذا كان مخالفًا للشرع، وأن يسعى جاهدًا على تغيره بما يوافق شرع الله، وله الأجر في ذلك، وكما ورد في الحديث: "مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا". أخرجه مسلم (2674) . فإذا غيرت المنكر وعملت به، ثم عمل به مجتمعك فلك الأجر متواصلًا إلى يوم القيامة، وهذا فضل من الله عظيم، وعلى العكس من ذلك من دعا إلى ضلالة ومنكر فالإثم لا يتوقف على عمله فقط بل على عمله وعمل من اقتدى به بعد ذلك، فلذا علينا أن نحرص على أن يكون عملنا موافقًا للشرع.
فمثلًا: إذا عملت حفلة زفاف وكانت على المنهج الإسلامي الصحيح، ثم عمل بعد ذلك من عمل بعدك كان لك من الأجر العظيم إلى يوم القيامة؛ لأن هذا دعوة إلى الهدى، ومن المعلوم في حفلات الزواج أن من السنة الضرب بالدف فقط (المفتوح من جانب واحد) ، أما غيره من الآلات فهي محرمة غير جائزة، فيجوز لك أن تضرب بالدف في حفلتك، ويصاحب الدف الأناشيد ذات المعاني النبيلة التي تدل على البهجة والفرح، وبهذا يحصل الابتهاج ويدخل الفرح على الجميع، هذا إذا كنت تقدر على فعل ذلك، أما إذا كان لا يوجد من ينشد هذه الأناشيد فالأولى أن يقتصر الحفل على الاجتماع فقط، وتناول العشاء بدون فعل المنكرات؛ لأن الغناء منكر لا يجوز سواء كان معه الآلات المحرمة أو كان الدف ومعه غناء ماجن يحتوي على الغزل المحرم. بارك الله لك في زواجك، ورزقك الذرية الصالحة.(17/393)
مطلقة ... وتخاف من الزواج مرة أخرى
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 6/12/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تزوجت منذ حوالي سبع سنوات ممن لم يتق الله فيّ، ثم طلقت بعد عام ونصف، ومررت بتجربة غاية في القسوة لا أزال أعاني منها حتى الآن؛ نظراً لأخلاق طليقي وعدم التزامه الخلقي والديني - هدانا الله وإياه وسائر المسلمين، والحمد لله على كل حال- فأنا بخير وأحاول قدر استطاعتي الالتزام بطاعة الله - تعالى- نسأل الله لنا ولكم الثبات.
المشكلة في أنه يتقدم لي الكثير للزواج، البعض يعلم بطلاقي ويكون لديهم أبناء وأنا -ولله الحمد - لم أرزق بأبناء من زوجي السابق، والبعض الآخر ربما لا يعلم وأشعر بحرج بل بخوف إذا أخبرتهم بسابق زواجي، فيرفضون فأحرج؛ لذا فأنا أرفض بدون إبداء أي أسباب، ومنذ عدة أيام تقدم لي رجل ملتزم، لديه ثلاثة أبناء حديث الطلاق، ويكبرني بعشر أعوام وربما أكثر، ويعيش في أمريكا، وقد رفضته لشعوري أنه غير كفء، ولكني أخاف أن أكون قد رفضت من يُرضَى دينه وخلقه، وأخشى غضب ربي، خاصة وأني أتمنى أن يرزقني الله زوجاً صالحاً. فهل أخطأت في ذلك؟.
الجواب
الأخت مسلمة: - سلمها الله- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة: والجواب على ما سألت كالتالي: لا شك أن رد الرجل الذي يُرضَى دينه وأمانته فيه مخالفة شرعية؛ بل قد يعقب الرد عقوبة إلهية؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم- كما في الترمذي (1085) بسند حسن عن أبي حاتم المزني - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه؛ إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير "، وفي رواية: "وفساد عريض"، قالوا: يا رسول الله: وإن كان فيه؟ قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه"، قالها ثلاث مرات والرواية الأخرى عند الترمذي (1084) وابن ماجة (1967) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-، فإذا كان الرجل - كما تقولين في سؤالك - ملتزماً أي مستقيماً، ولا يعاب عليه في دين أو خلق فتوكلي على الله وتزوجيه، تُؤتي بركة الاستجابة لله والرسول - صلى الله عليه وسلم-، وأما خوفك بإخبار من تقدم لك بزواجك السابق ففي غير محله، وليس بالضرورة أن يخبر بالسبب، ويكفيك أن تقولي: لم نتوافق فيما بيننا، أو لم يكتب الله العشرة بيننا، وليس في زواج المرأة من أحد ثم طلاقها منه عيباً أو عاراً يُستحى منه، فلست أول من طلقت من النساء، ولن تكوني آخرهن، وهو أمر -أي الطلاق- مأذون فيه شرعاً، حينما تستحيل العشرة الطيبة بين الزوجين، ومن ثم لا إشكال البتة من الإخبار به، فتمالكي، وكوني أكثر ثقة في نفسك، وتوكلي على الله، والله معك ولن يترك عملك، ونرجو الله لك التوفيق والسداد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(17/394)
هل تخبره بفقد عذريتها
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/تأخر الزواج وعقباته
التاريخ 9/11/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
الشيخ الفاضل: إني أرسل لك سؤالي، وأنا في غاية التردد، إذ أني مسلمة -والحمد لله-، ومن الخليج، ولكني قد ارتكبت معاصٍ كثيرة، ونتيجة هذه المعاصي قد فقدت عذريتي، وأهلي ليس لهم علم بذلك، ولا أستطيع إخبارهم، وقد تبت إلى الله خاضعة، وأطلب منه المغفرة، وأصبح لي الآن عامان من التوبة، سؤالي هو: ماذا أفعل في حال تقدم لي خاطب؟ هل أصارحه أم أكتم الأمر، وأستر على نفسي؟ أو أرفض الزواج تماماً؟ والله أعلم بما في القلوب أني تائبة ونادمة؟ مع العلم لا أستطيع القيام بعملية رقع أو السفر، وقد سمعت من بعض الشيوخ في التلفاز أن الستر أوجب. أفيدوني -أفادكم الله-، أسأل الله المغفرة والتوبة لي ولكم،-جزاك الله خيراً-.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فالأصل لمن واقع شيئاً من الحدود أن يستتر بستر الله - تعالى- ولا يجاهر بها خاصةً بعد التوبة، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، قال -تعالى-: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا" إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان: 68-70] ، ولا يلزمك إخبار أحد بذلك، قال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قام بعد أن رجم الأسلمي - رضي الله عنه- فقال: "اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عنها، فمن ألمَّ فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله فإنه من يبدلنا صفحته نقم عليه كتاب الله - عز وجل-" رواه الحاكم (4/272) ، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. ا. هـ، وقال مسروق: خرج ابن مسعود - رضي الله عنه- على أهل الدار فقال لهم: "من جاء منكم مستفتياً فليجلس حتى نفتيه، ومن جاء منكم مخاصماً فليلزم خصمه حتى نقضي بينهما، ومن جاء منكم مطلعنا على عورة سترها الله فليستتر بستر الله ويسرها إلى من يملك مغفرتها، فإنا لا نملك مغفرتها، ونقيم عليه حداً" رواه الطبراني (9/184) ، ولا أعلم نصاً من كتاب أو سنة يأمر بالإقرار أو يحث عليه، بل النصوص واردة بالحث على الستر كما ذكرنا، وقد عرض النبي - صلى الله عليه وسلم- لماعز - رضي الله عنه- لما أقر بالزنا بالرجوع، كما رواه البخاري (12/135) ، بل تعدى ذلك إلى أمر من رأى من وقع على كبيرة وتاب منها بستره كما قال - صلى الله عليه وسلم- للذي حث ماعزاص على الإقرار: "يا هزال لو سترته بثوبك لكان خيراً لك" رواه النسائي في الكبرى (4/306) ، والحاكم
(4/403) وصححه. والله - تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(17/395)
رفضه أهلي وهو ذو خلق ودين!
المجيب حصة البازعي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 29/07/1426هـ
السؤال
تقدم لخطبتي رجل ذو خلق ودين، أهلي يريدون رفضه؛ لأن وظيفته غير رسمية، فهو يعمل تاجراً، علماً أنه شخص مكافح يبحث عن الأفضل، أمي تريد مني رفضه لهذا السبب، أنا في قرارة نفسي راضية؛ وأشعر براحة كبيرة له؛ فنحن في زمن قلما تجد من يُرضى دينه وخلقه، إخواني جعلوا الأمر مسئوليتي، بعضهم يقول لي إن طُرِد من وظيفته فأنت التي ستصرفين عليه، فأنا في حيرة من أمري، هل أوافق لقناعتي أن أمر الدين والخلق هما الأساس، وهو ليس عاطلاً فعنده دخل مادي لا بأس به، والرزق أولاً وأخيراً بيد الله، أم أرضخ لآراء أهلي وأرفض؟! أرشدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
أختي السائلة -وفقني الله وإياك-: اعلمي أن أمور الزواج هي من توفيق الله -عز وجل- فاستخيري ربك أولاً، واستعيني به، فبيده مقاليد الأمور.
وإذا كان الرجل -كما ذكرت- ذا دين وخلق، فلا أرى مبرراً لردِّه، وأما المال فيذهب ويأتي، والرزق ليس في الوظيفة فقط، والتجارة أكثر بركة، والزمان القادم هو للتجارة وليس للوظيفة، والمطلوب منك ما يلي:
- الدعاء، مع الإكثار من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله".
- إقناع الأهل بالتي هي أحسن، مع توسيط من ترينه مناسباً للقيام بهذا الدور.
وفقك الله.(17/396)
التدخين ... هل يوجب ردَّ الخاطب؟!
المجيب محمد العبد الكريم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 13/09/1426هـ
السؤال
تقدم لأختي شخصان فرفضتهما لأنهما مدخنان، وأعتقد أن من يبتلى بالدخان لابد وأن يكون مبتلىً بمعاصٍ أخرى، وأن فيه تقصيراً في التدين. فما رأيكم بذلك؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي العزيز: إذا تقدم لكم من لا ترضون دينه وخلقه فلا تزوجوه، وهذا هو المفهوم المخالف لحديث أبي حاتم المزني -رضي الله عنه-، والذي فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد". قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه، قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه". ثلاث مرات؟ رواه الترمذي (1085) وقال: هذا حديث حسن غريب.
والمقصود من الحديث أن يكون التدين والخلق ظاهراً في خلق الإنسان مرضياً بمقاييس الشريعة وليس بمقاييس العادات والتقاليد. وليس في مقاييس الشريعة الكمال المطلق من جميع الوجوه؛ فإن النقص والتقصير صفة لازمة للإنسان لا ينفك عنها بحال. وعليه فإن التدخين أحد الأوصاف التي تُنقص من قدر المرء، ولكن إن كان هذا النقص يكمله صفات أخرى فما الذي يمنع من قبوله زوجاً، بشرط: أن يكون الغالب على أحواله حسن الخلق والتدين؛ مصداقاً لما جاء في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أما إن كان يجمع إلى الدخان صفات أخرى تعيبه في خلقه أو دينه، ويظهر منها أنه إلى الفساد أقرب من الصلاح؛ فاستغنوا عنه، واسألوا الله تعالى له الهداية والتوفيق، واسألوه أن يرزقكم خيراً منه.
أما إطلاق قاعدة: بأن كل أو أكثر المدخنين سيِّئو الخلق ضعيفو الديانة فلا دليل واقعي يشهد لذلك، فالدخان كغيره من المعاصي، ولو رُفض كل عاصٍ يتقدم للزواج لما تزوج أحد، فكلنا خطاؤون، ولكن العبرة بما يغلب على المتقدم.
والجواب السابق يصلح في حال خشية فوات الوقت، أوانصراف الخُطاب عن المرأة، وسبب ذلك أن الدخان ضرره متعدٍ وليس قاصراً على المدخن فقط، فالزوجة أكثر المتضررين، ومن بعد ذلك الأولاد، فالأفضل أن يحصر القبول في حالات الفوات. فإن كان في الوقت متسع وهناك خيارات أخرى غير المدخنين وغلب على الظن تقدمهم فلا شك أن الانتظار أفضل؛ لأن الانتظار هنا لأجل طلب الكمال في الخلق والتدين وليس لشيء آخر! وحري بمن كان هذا قصده أن يوفق بمن يخاف الله -تعالى- فيمن ولاه الله عليهم. والله أعلم.(17/397)
أحببت شخصاً وخطبني آخر!
المجيب سحر المساعد
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 08/09/1426هـ
السؤال
تعرفت على شاب وأحببته حتى إنني لا أستطيع أن أفارقه، والآن تقدم لي ابن عمي لخطبتي فوافقت، وأريد أن أترك هذا الشاب الذي أحببته، وأبدأ حياة أخرى، ولكنني لم أستطع، أريد مساعدتكم بإعطائي الحل المفيد، جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
عزيزتي: أنت لم توضحي لماذا لا يتقدم هذا الشاب لخطبتك إن كان صادقاً ومناسباً لك؟
ولكن مشكلتك -حسب قولك- أنك لا تستطعين ترك هذا الشاب، ولا أعلم أيضاً لماذا؟ إذا كان هذا الشاب يبتزك أو يهددك بأي شكل فيجب عليك اللجوء فوراً إلى والدتك، أو أي أحد من الأسرة يمكن أن يساندك، وإياك والسكوت عن هذا الموضوع.
أما إذا لم يكن هناك مشاكل فإنك ستتمكنين -إذا عقدت العزم على بدء حياة جديدة مع ابن عمك- أن تنسي كل شيء إذا كان زوجك القادم طيب العشرة ويحبك، فلا شك أنك ستستطيعين؛ لأن الإنسان لديه القدرة من الله -سبحانه- أن يبدأ من جديد دائماً، فهو ينسى وفاة والديه وأبنائه وأحبائه وفراقهم ويكمل حياته، أنوي بإخلاص، وأكثري الدعاء فإنه يساعد كثيراً، وتأكدي أن الله سيعينك.
كما أن العديد غيرك مروا بهذه التجربة، وتزوجوا وبدأوا حياة جديدة وعاشوا حياة مستقرة، فأنت لست الأولى ولا الوحيدة، وبالإخلاص أقول لك: تزوجي من ابن عمك إذا كان زوجاً مناسباً لك، ولا تقلقي واتركي الباقي للمولى عز وجل.
حماك الله ورزقك.(17/398)
أتمناه ولا يريدني
المجيب نورة الرشيد
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 02/09/1426هـ
السؤال
أعرف شاباً تقياً وملتزماً، لا زلت أدعو الله أن يكون زوجاً لي، ولكن الظروف تمنعه من الزواج بي، وطلب مني ألا أنتظره؛ حتى لا تضيع عليَّ أي فرصة زواج أخرى، أريد النصيحة في هذا الأمر، وكيف أدعو الله في هذه الحالة؟ وهل لي أن أطلبه من الله سبحانه وتعالى بالاسم؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
الإجابة تقتضي تفصيلاً:
(1) أنت تقولين: (تقي وملتزم) وهذا خطأ، فإذا كنت ستصفينه بالصلاح فقولي: أحسبه كذلك والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحداً، فالله أعلم بتقواه، وإن كان الناس يحكمون على الظاهر، والعبرة بالثبات.
(2) أنصحك ألا تتمني رجلاً معيناً ليكون لك زوجاً، فالله -سبحانه وتعالى- يقول: "وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [البقرة:216] ، وإذا صدقت نيتك، وألححت على الله بالدعاء أن يرزقك زوجاً صالحاً تقر به عينك فإن الله -سبحانه- قادر على كل شيء.
(3) اعتذار الشاب عن خطبتك، وطلبه منك ألا تنتظريه يدل على تعقله، فما قاله لك هو الصواب.
فالذي يبدو أن الشاب ليس عنده استعداد للزواج منك، وقد يكون لا يرغب فيك أصلاً.
وأنت لا بد أن تفكري بمصلحتك؛ فالمصلحة تقتضي ألا تذهب زهرة عمرك وأنت تنتظرين شاباً ربما يأتي وربما لا يأتي.
فإن تقدم لك رجل آخر ترضين دينه وخلقه، فوافقي بعد أن تستخيري الله -عز وجل- وتستشيري، ولا تضيعي على نفسك الفرص، فلربما تندمين ولات ساعة مندم.
فأكثري من الدعاء، ولا تتشبثي وتتعلقي بشخص ربما يكون اقترانك به شراً، والله أعلم وأحكم، وما يختار لعبده إلا ما فيه الخير.
-ثقي تمام الثقة أنك مهما عملت فليس لك إلا المكتوب، فقد كتب في اللوح المحفوظ رزقك، فاطمئني، ولا تجزعي لفوات الشاب واعتذاره؛ فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبر إنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب. أخرجه ابن ماجة (2144) .
- أنصحك مرة أخرى ألا تطلبي الشاب باسمه عند الدعاء، بل سلي الله الخيرة.
أخيراً إن كان قد جرى بينك وبين الشاب -الذي ذكرتِ- كلاماً لغير ضرورة، فاستغفري الله، فالشرع ينهى المرأة المسلمة عن إقامة العلاقات قبل الزواج باسم الحب، كما ينهاها عن مخاطبة الرجال الأجانب لغير ضرورة.
وفقك الله لكل خير، ورزقك زوجاً صالحاً، وذرية صالحة، آمين.(17/399)
حُرمتُ حنان والديَّ فبحثت عنه في مكان مشبوه
المجيب نهى نبيل عاصم
داعية ومستشارة تربوية بالإسكندرية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 28/08/1426هـ
السؤال
أنا فتاة عشت أتعس لحظات الحرمان، عشت من غير حب وعطف وحنان، رغم أنه لي أم وأب وأسرة كبيرة، لكن أبي مشغول بعمله وسفره، وأمي بعيدة كل البعد عني، فلم أجلس معها، ولم أتكلم معها كأي بنت مع أمها. تعبت من الحرمان إلى أن وصلت لحال لا تطاق، حتى جاء اليوم الذي دخلت فيه الشات، وكان أول يوم أدخل فيه، وقد تعرفت فيه على شاب وأحببته كثيراً، ووجدت عنده ما حرمته، ووجدته إنساناً ذا خلق طيب، واتفقنا على أن نتزوج على سنة الله ورسوله، وبنينا أحلامنا على ذلك، لكن الشيء الوحيد الذي وقف حاجزاً بيني وبينه أنه من بلد غير بلدنا. تقدم لخطبتي شخص آخر فرفضت بشدة، وجاء آخر ووافق عليه أهلي؛ وذلك لأنه ذو وضع طيب، فهو يعمل مهندساً، ومع ذلك لم أوافق عليه؛ لأنه يسافر كثيراً، ويختلط بالبنات ويعاكسهن. يريد أهلي أن يزوجوني وأنا رافضة، لأني في انتظار حبيبي الذي وعدني بالزواج. أرشدوني ماذا أفعل؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أختي في الله: ترددت كثيراً قبل الرد عليكِ، وربي يعلم أنني أخذت أفكر كثيراً في رسالتك حتى أرسل لك رداً أتمنى أن يُرضي الله عني.
في البداية أحب أن أوضح لك أمراً هو آية كريمة واضحة، أورد الله فيها الإحسان للوالدين مباشرة بعد عبادة الله الواحد الأحد، قال تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي" [لقمان: 14-15] . وحتى ولو كانا مشركين فإننا مطالبون بطاعتهم والإحسان إليهم دوماً.
وكي نتحدث معاً في موضوع الوالدين وقسوتهم، علينا التحدث عن شيء مهم جداً، وهو هل أنتِ متدينة وقريبة من الله تعالى؟ هل تقرأين القرآن بصورة منتظمة يومياً؟ إن كان هذا فلي عندك سؤال آخر: هل استشعرتِ من قبل أن ديننا الحنيف يتطلب منا أن نرى أخطاء ونتعظ منها؟ فإن كان الأب قاسي الفؤاد كنا نحن حنونين، وإن كانت الأم متباعدة، كنا نحن قريبين من أبنائنا وأخواتنا؟ علينا دوماً النظر لمن هم أسفل منا، سواء على مستوى المعيشة أو الأخلاق، وبالطبع فعلينا التحدث عن شيء مهم، ألا وهو "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق".
بإمكانك رفض هذا العريس حتى لا تظلميه - كما تقولين- والاستعانة بالأهل والأقارب ممن لديهم سلطة على والديك، وعليكِ بالتحدث برفق ولين معهم والتشاور في الأمر.
أما بالنسبة للشاب الذي تتحدثين عنه، فأطلب منك التريث والتفكر، أمامنا هنا حالة تستوجب التفكير، فالله تعالى أمرنا بطاعة الوالدين، وزواجك من وراء أهلك زواج مرفوض لا يحله الشرع، وهو باطل طالما كان العقد بدون إذن الوالد: "فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان" [النساء: 25] .(17/400)
وقد جاءت السنة بمنع ذلك، فيما روى أبو داود (2085) ، والترمذي (1101) ، وابن ماجه (1881) ، وصححه ابن حبان والحاكم، عن أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا نكاح إلا بولي".
وروى أبو داود (2083) ، والترمذي (1102) ، وابن ماجه (1879) ، وغيرهم، عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له".
ومنه أيضاً ما رواه ابن ماجة (1882) وغيره بإسناد رجاله ثقات، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها".
وروى مالك في الموطأ (1138) عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: "لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها، أو ذي الرأي من أهلها، أو السلطان".
أما النقطة الثانية: فهي أن هذا الشاب ليس من بلدك، وهي نقطة هامة؛ فالزواج من أجنبي أو أجنبية وإن كان مسلماً هو -والله أعلم- زواج محفوف بالمخاطر، وأمامنا الحالات الكثيرة.
فإذا ما فكرنا بروية فهل توافقين على السفر إلى بلاد الزوج؟ ماذا تعرفين عن معيشته ووسطه الاجتماعي؟ في البداية بريق الحب يكون خادعاً، وينطفئ مخلفاً حسرات وأسى، أتمنى أن تتريثي وتفكري، ودوماً الأهل لهم نظرة، ويدرون عنا ما لا نعلمه نحن، فاستخيري الله -أخيّتي- أنا لا أقول لك تزوجيه، ولكن فكري مرة ومرتين، وردي علي في رسالة بما قمتِ به، والله يوفقك لما يحبه ويرضاه.(17/401)
نتبادل مشاعر الحب عبر وسيط، فهل أخطأنا؟
المجيب د. أميرة علي الصاعدي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 24/08/1426هـ
السؤال
أنا طالبة جامعية أحب طالباً جامعياً وسوف يتخرج معي -إن شاء الله- ونحن لا نتحدث أبداً، ولكن أخته صديقتي، وتؤكد لي حب أخيها لي، وأنا أؤكد لها حبي له, فنحن الثلاثة متدينون، ولا نريد أن نغضب الله, فهل هذا الفعل صحيح؟ علماً أننا نريد الارتباط بعد التخرج -إن شاء الله-.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
أسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ينعم عليك بنسائم الإيمان، وأن يلهمك الرشد والسداد.
أختي: وصلني سؤالك، وقد لمست فيه صدق حديثك، واستشعارك لمراقبة الله لك، وخوفك من غضبه وعقابه، وهو أمر تحمدين عليه، أسأل الله لك الثبات وعدم الزلل، فاحذري من نزعات الشيطان فهو يتسلل خفية، ويزين لك الأمر ويهونه عليك، ثم ما يلبث أن يوقعك في شراكه من حيث لا تشعرين، والشيطان يحرص على أمثالك من النشء الصالح -أحسبك كذلك ولا أزكي على الله أحداً- وهو قد ألقى في نفسك محبة هذا الشاب، وأوهمك بهذا الحب، وهو مدخل خطير جداً.
ولعلك -يا أخية- تدركين أن هناك فرقاً بين الإعجاب والحب، فالإعجاب أمر طارئ ظاهري، فقد يعجب الشخص بجمال شخص آخر، أو يأسره جميل كلامه ومظهره، بينما الحب أعظم من ذلك، فهو لا يأتي إلا بعد العشرة والمواقف الطيبة، وقد جعله الله -عز وجل- بين الزوجين لتدوم الحياة، وتحصل الألفة، فهو لا يكون قبل الزواج أبداً. وهذا الشاب إن كان مستقيماً في الدين، وذا خلق حسن، فالأولى به أن يبادر إلى خطبتك من أهلك، بدون أن يبث إليك مشاعره عن طريق أخته، فالعين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع، فعليه أن يغض بصره ويحفظ جوارحه، وأنت كذلك؛ حتى لا تقعا فيما لا تحمد عقباه، ولا مانع من الخطبة الآن، ثم يكون الارتباط بعد التخرج؛ حتى تستقر النفوس ويطمئن القلب ولا تجعلا للشيطان عليكما سبيلاً.
وأنا لا أرى لك أن تعلقي حياتك بهذا الخيط الذي قد يكون وهماً أو سراباً، فربما يتقدم إليك في هذه الفترة من هو كفء صالح فترفضينه، بحجة أنك تنتظرين هذا الشخص، والقلوب بيد الرحمن يقلبها كيف شاء، فلعله بعد التخرج يتغير فكره، أو يحصل له ظرف يمنعه من الزواج بك، فالأمر في علم الغيب، ولا تعلمين أين الخير.
ونصيحتي لك: ألا تشغلي ذهنك الآن بهذا الموضوع، وأن تطلبي من صديقتك أن لا تتكلم في هذا الموضوع إلا بعد التخرج أو يتقدم الآن لخطبتك، كما أنصحك بالدعاء، ادعي الله أن يختار لك الخير في أمرك، ولا تطلبي هذا الأمر بعينه، فإنك لا تدرين أين الخير.
وأقبلي على طاعة ربك، واحذري الاختلاط مع الشباب في الدراسة، فإن هذه الخلطة تفسد القلب، وتعين الشيطان، وإياك والنظرة فإنها سهم مسموم من سهام إبليس، ولا تسترسلي في التفكير في هذا الشخص، فهي خطرة ثم فكرة ثم نظرة ثم كلمة، ثم لا تدرين ما يحصل بعد ذلك.
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم، أن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه، ويريك الباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه.(17/402)
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.(17/403)
صراع بين الحب والشك
المجيب د. راشد بن سعد الباز
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 22/08/1426هـ
السؤال
ارتبطت بإحدى الفتيات ارتباطاً عاطفياً قويا وحدث معها بعض التجاوزات التي كادت أن تؤدي للزنا، وكانت دائماً ما تقول: إنني أول من لمسها، وصدقتها، وبالفعل أسعى للارتباط بها جدياًّ، وكلمت أهلها للزواج بها، ولكن ساورتني حولها بعض الشكوك، وكلما أضعها في اختبار تفشل فيه ويزيد شكي فيها..لا أستطيع تحمل أن أتزوجها على هذا الشك الرهيب، رغم أنني أحبها جداً، وتلك هي مصيبتي الكبرى، ويعلم الله بنيتي، لكن الشك يقتلني نحوها، على هذا الوضع حوالي سنة، وكلما أجدد فيها الثقة يعود إليَّ الشك من أقل الأسباب، وهى تحبني جداً كما تقول، فهل إذا تركتها مرغماً بفعل الشك ولم أتزوجها وتبت إلى الله عما فعلته معها، فهل تركي لها حرام، وهل يقبل الله توبتي لو كانت هي مظلومة، ولكن مرض الشك لا أستطيع الفكاك منه، وشكراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي الكريم: بالنسبة للمشكلة التي أشرت إليها فأولاً يجب عليك التوبة مما أقدمت عليه من أفعال؛ لأن ذلك يتنافى مع تعاليم الإسلام، وأحمد الله أنّ فعلك لم يصل إلى ارتكاب الفاحشة، واعلم أنّ الله تواب رحيم يغفر الذنوب، جميعاً، يقول الله سبحانه: "أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم" [المائدة: 74] ، ويقول سبحانه: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله " [الزمر:53] ، وقد جاء في الحديث الشريف: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" أخرجه ابن ماجه (4250) . وفي الحديث الآخر: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم". أخرجه مسلم (2749) ، وفي حديث آخر: "كل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون". أخرجه الترمذي (2499) ، وابن ماجه (4251) . وفي الحديث القدسي: "يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرة" أخرجه الترمذي (3540) .
وقد بين العلماء شروط التوبة وهي:
(1) الإقلاع عن الذنب.
(2) الندم على ما تم اقترافه من ذنب.
(3) العزم على عدم العودة إلى اقتراف الذنب.
(4) الاستغفار.
وفيما يتعلق بزواجك من الفتاة التي تشك فيها، فقد أشرت في عرضك للمشكلة أنّه "كلما وضعت الفتاة في اختبار فشلت ويزيد شكي فيها" و"كلما جددت الثقة فيها عاد الشك فيها من أقل الأسباب"، وكذلك "مرض الشك لا أستطيع الفكاك منه" ويبدو أنّ شكك فيها سيُلازمك حتى بعد زواجك منها، وأعتقد أنّ الفتاة أيضاً تحمل نفس الأفكار تجاهك أي أنها تشك فيك. وحسب خبرتي في مثل هذه الحالات فإنّ الزيجات التي تبدأ بشكوك أحد الطرفين في الآخر تكون حياتهم -عادةً- غير مستقرة وتنتهي إلى الفشل.(17/404)
أخي الكريم: يجب أن تُفكر بعقلك وليس بقلبك وتتحكم في مشاعرك، لذا فمن المناسب والأفضل لك ولها أن تبتعدا عن بعض، وكلٌّ يسيرُ في طريقه، وكل منكما سيجد الطرف الآخر الذي يبدأ معه حياة زوجية بعيدة عن الشكوك، بإذن الله. وفي بحثك عن زوجة المستقبل أبعد عن الطرق غير الشرعية في تكوين العلاقة ولا تستغل عاطفة الفتاة وضعفها واحرص على محارم أخواتك المسلمات.
أسأل الله أن يُنير لك الطريق ويرزقك بالزوجة الصالحة.(17/405)
الحب الصامت
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 10/08/1426هـ
السؤال
أنا فتاة غير متزوجة، أحببت شخصاً، وتمكَّن حبه من قلبي، مع أنني لم أسع لهذا الحب، بل هو من تسبَّب في حبي له؛ بسبب صفات معينة فيه، وإن كانت فيه صفات أخرى أكرهها, وأريد معرفة حكم هذا الحب، مع العلم بأنه لم يصدر شيء مني له يبين حبي الصادق، وإن قلت صادقاً فذلك لأنه مضى أكثر من سنة، وأنا أحب هذا الشخص وما أزال، ولأنني أدعو له بالخير والهداية في كل دعوة أدعوها لنفسي في الدنيا والآخرة, مع علمي بميله لي من تصرفاته، مع حرصي الشديد على عدم إعطائه فرصة للحديث معي، أو تواجده عندي، أو الإسهاب معه في الكلام، ولأن ميله لي قد يجعله يرتكب حماقة أنا لا أستطيع أن أتفاداها, وأنا لا أخاف من نفسي في الوقوع بالخطأ؛ لأنني أخاف الله كثيراً، وأتجنب جميع الطرق التي تؤدي إلى فتح باب للشيطان، وأحاسب على تصرفاتي، بل وحيائي وقوة شخصيتي يساعداني على ذلك، ومشكلتي هي معرفتي بأن هذا الشخص فاسق، ولكن قلبي ليس ملكي, فقط عقلي وإيماني وخوفي من الله يجعلني أرفض البوح بمشاعري، أو أتقبل إبداء حبه لي شفهياً، وحتى لو أراد الزواج مني فلن أوافق؛ لأنني أخاف من حياة الفسوق التي هو عليها، وأريد حياة كلها تقوى وعبادة, وإن تمنيت الزواج منه فقط لمساعدته على عبادة الله ورجوعه إليه وتركه للسيئات.
لقد تقدم لي أشخاص يمتازون بالصفات الحسنة، ولكنني أرفضهم من غير أن أراهم؛ لأنني لا أستطيع الزواج وقلبي متعلق بهذا الشخص, فأنا لست من النساء اللاتي يستطعن النسيان بعد زمن، أو التأقلم مع حياة جديدة, فأنا لا أستطيع أن أتقرب من رجل آخر مهما يكن.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أيتها الابنة الكريمة:
أعلم أن عواطفك المشحونة، وأن مشاعرك المشبوبة لا تستأمرك في التوقد، ولا تستأذنك في التوجه، ولكن لابد أن تكون العاطفة مزمومة بزمام العقل، ولذلك اشترِط الولي للمرأة؛ لأنه يضيف عقله إلى عاطفتها، ولذا لا بد من اتخاذ التدابير التي تعالج حالة التعلق من قبلك.
أذكِّرك -ابنتي- بأن هذا التعلق بشخص متزوج، وله حياته الخاصة التي -هي باعترافك- حياة عامرة بالفسوق ليس في مصلحتك، وأنا على شبه اليقين أنه لو تم بينكما زواج فإن حالتك ستكون في غاية السوء والتعاسة؛ لأنك لن تتعاملي مع ضرة، ولكن ستتعاملين مع ضرائر كثر، وعلاقات محرمة أو مشبوهة، وهذا من أكثر ما ينغص الحياة، ويسرع بالفشل لهذا الزواج، ويقلب حياة المرأة إلى تعاسة دائمة، ونصيحتي لك هي الابتعاد عن شخص بهذه الصفات حتى ولو تقدم لك، وإذا كان زواجه من امرأة لم يعفه ويحصنه من الفسوق، فإن زواجك به أيضاً لن يعفه ويعصمه من الفسوق، ما لم يفتح الله عليه بهدى من عنده.(17/406)
كما أنبه إلى أن ما تظنينه تعلقاً منه أو حباً لك هو شيء تصنعينه أنت بنفسك، ولا أعتقد أنه شيء حقيقي، ولكنها قرائن تؤملين بها نفسك، ولذلك فربما تفسرين محاولات تقربه منك ولقاءه بك على أنها حب، وهذا غير صحيح، فالمحب من الرجال يكون صاحب مبادرة يتقدم ويطلب الحلال، ويأتي البيوت من أبوابها.
أما قولك: فقد تقدم لي أشخاص لهم صفات حسنة ورفضتهم، فأنا لست مثل النساء اللاتي يتأقلمن على حياة جديدة، فأنا لا أستطيع أن أتقرب لرجل آخر مهما يكن.
فأقول: هذا التصرف منك تصرف خاطئ، والذي أراه أنه إذا تقدَّم لك شخص فادرسي حاله، وانظري إليه وانظري في صفاته، ثم إذا رأيته مناسباً من جميع النواحي، واستعنت بالله فتزوجي به، فلا يعالج الحب إلا حب آخر جديد، وأتوقع أنك إذا تزوجت بإنسان ذي خلق ودين، وفي الوقت نفسه ذو مشاعر عاطفية، فإنه سوف ينسيك هذا التعلق بهذا الشخص.
مثلما تدفع الغيوم الغيوما.... الغرام الجديد يمحو القديما
ولا يُنسي الرجل إلا رجل، فما دام أنك تردين كل من تقدم من غير تفكير فيه، بسبب تعلقك بهذا الشخص فستتفاقم حالتك، وأنصحك بالتفكير الجدي في كل متقدم لك، واختيار الذي ترينه مناسباً، والتوكل على الله والزواج، فإن العمر يمضي سريعاً، وهذا الشخص ممكن أن يتعلق بغيرك ويتركك، ويجد في حياته سعة من اللهو والمتعة، في حين أنك تخسرين عمرك وسنوات حياتك.
إذا تقدم لك أشخاص فاستخيري الله -عز وجل- وصلي صلاة الاستخارة المعروفة، واختاري من ترين أن صفاته أمثل، وأن قلبك إليه أميل.
ولا أرى أن ترفضي من تقدم لك تشبثاً بأمل هدايته، فإن الهداية بيد الله -عز وجل- وأنت لا تعلمين هل هذا الشخص قد كتبت له الهداية أم لا؟ وهل كتبت له الهداية عاجلاً أم آجلاً؟ ولا يصلح انتظار أمل بعيد، وإهدار الفرص السانحة القريبة.
كما أني أنصحك في النهاية بإحداث نقلة في حياتك تعيد علاقاتك مع أخواتك الصالحات، والدخول في مناشط دعوية، وإحلال قضايا جادة في حياتك، وأؤكد مرة أخرى على فتح باب قبول الخطَّاب والراغبين، والتفكير الجدي في كل متقدم، وإزاحة فكرة التعلق بهذا الشخص، والبحث عن البديل المناسب، كل هذه أمور تساعدك على التخلص مما أنت فيه. والله يعينك.(17/407)
رفضه أهلي وهو ذو خلق ودين!
المجيب حصة البازعي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 29/07/1426هـ
السؤال
تقدم لخطبتي رجل ذو خلق ودين، أهلي يريدون رفضه؛ لأن وظيفته غير رسمية، فهو يعمل تاجراً، علماً أنه شخص مكافح يبحث عن الأفضل، أمي تريد مني رفضه لهذا السبب، أنا في قرارة نفسي راضية؛ وأشعر براحة كبيرة له؛ فنحن في زمن قلما تجد من يُرضى دينه وخلقه، إخواني جعلوا الأمر مسئوليتي، بعضهم يقول لي: إن طُرِد من وظيفته فأنت التي ستصرفين عليه، فأنا في حيرة من أمري، هل أوافق لقناعتي أن أمر الدين والخلق هما الأساس، وهو ليس عاطلاً فعنده دخل مادي لا بأس به، والرزق أولاً وأخيراً بيد الله، أم أرضخ لآراء أهلي وأرفض؟! أرشدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
أختي السائلة -وفقني الله وإياك-: اعلمي أن أمور الزواج هي من توفيق الله -عز وجل- فاستخيري ربك أولاً، واستعيني به، فبيده مقاليد الأمور.
وإذا كان الرجل -كما ذكرت- ذا دين وخلق، فلا أرى مبرراً لردِّه، وأما المال فيذهب ويأتي، والرزق ليس في الوظيفة فقط، والتجارة أكثر بركة، والزمان القادم هو للتجارة وليس للوظيفة، والمطلوب منك ما يلي:
- الدعاء، مع الإكثار من قول "لا حول ولا قوة إلا بالله".
- إقناع الأهل بالتي هي أحسن، مع توسيط من ترينه مناسباً للقيام بهذا الدور.
وفقك الله.(17/408)
هل أتزوج بها؟
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 22/07/1426هـ
السؤال
أنا شاب مستقيم -والحمد لله- ومقبل على الزواج, ولكني في حيرة لا يعلمها إلا الله، مشكلتي تكمن في أني وقعت في حب متبادل مع ابنتي عمتي, ثم انفصلت العلاقة التي كانت مجرد نظر وكلام؛ لأننا من عوائل محافظة, وقد أحببتها حباً عظيماً, حتى عقدت العزم على الزواج بها متى سنحت الفرصة لي, والآن مازلت أحبها، لكن عقلي يمنعني منها؛ وذلك لأنها تكبرني سناً, وهي فتاة مترفة, مرت بمرحلة مراهقة تشاهد فيها القنوات الفضائية والأفلام , وتذهب إلى الأسواق بكثرة، والداها غير منسجمين يكثر الخلاف بينهما، وما يجذبني إليها هو جمالها وتدينها، أهلي لا يرغبون بها وجعلوا الخيار لي، مع أني أخشى إن تزوجت غيرها لم أوفق في زواجي، لأني سأتذكرها وألوم نفسي على عدم زواجي بها، أرجو أن ترشدوني ماذا أفعل؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
أرى أن تتريس وتقلب الأمر من جميع وجوهه، وعليك بالاستخارة، ولا تعجل، ولا يستهوينك جمال الفتاة، فليس الجمال هو الذي يُشبع رضا الزوج لزوجته، ولا بالذي يمنع حدوث المشكلات بينهما، وأسأل عن أخلاقها ومعاملتها مع الناس، وقدر التزامها بحجابها ومحافظتها على صلاتها وبرهاً بأمها.
ولقد قلت: إنها تديَّنت، لكن ما مفهوم التدين لديها، هل هو مجرد محافظة على الصلوات والأذكار والتزام الحجاب؟ أم هو إضافة إلى ذلك خُلُق حسن وعفة لسان وسلامة صدر وصدق في المعاملة والحديث وغض بصر و ... الخ؟.
فمن النساء من ينحصر تدينها في الحجاب والصلاة، ويغيب في معاملتها مع الناس، فربما كانت سليطة اللسان كثيرة الكذب والحسد والغل والسخرية والاحتقار وقلة الاحترام والتعالي والكبر والنشوز لوليها وعدم الاكتراث لمخالفة أمره.
ولا أقول هذا لأزهدك فيها، لكن لا بد أن تراعي تحقق تدينها في أخلاقها، كما تراعي تحققه في صلاتها وحجابها.
ثم لماذا أهلك لا يرغبون بها؟ أرى أَنْ تستفسر منهم سبب ذلك، فإما أن يقنعوك أو تقنعهم، واستشر أمك فإنها ترى ما لا ترى، وتراعي ما لا تراعيه أنت بحكم خبرتها ودرايتها بالفتيات. وفقك الله.(17/409)
زواج.. عن طريق البريد الإلكتروني..!!؟
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 13/7/1422
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا في حيرة وتردد كبيرين.. وليس لي بعد الله إلا أنتم لا ستشيره في مشكلتي.. حيث أرسل لي أحد الأشخاص عن طريق الإيميل رغبته في الارتباط بي.. وأخبرني عن حالته وعن الأمور الأساسية كعمره وعمله واقامته وأسرته وكان هناك نوع من الاتفاق فيما بيننا بالرغم من أننا لم نتراسل إلا ثلاث مرات فقط..!! لكن كانت هذه المراسلات صريحة بحيث فهمت كل أوضاعه.
الآن هذا الرجل يريد مكالمة هاتفية واحدة بدعوى زيادة التعارف تمهيداً للزواج..! ولا أدري هل يحق لي أن أكلمه.. أم ماذا أفعل..؟ آمل الرد بسرعة للأهمية..!! وإن كان رأيك بالاعتراض فلماذا؟! خاصة إذا كان يقسم بأنه صادق.. وبأنه مستعد لكي اسأل عنه من أشاء إذا رغبت.. أفيدوني عاجلاً.. فثقتي بكم كبيرة وجزاكم الله كل خير.
الجواب
أختي الكريمة اشكر لك ثقتك وتواصلك واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وان يرينا جميعا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبسا علينا فنظل كما أساله تعالى أن يحفظك من كل مكروه
بالنسبة لاستشارتك فتعليقي عليها من وجوه:
أولا - ثقي يا عزيزتي إن هذا الطريق شائك!! ومليء بالآلام والدموع!!؟ اقسم لك على ذلك عشرات من الفتيات البريئات هن الآن يدفعن ثمنا باهضا لمثل هذه الخطوات والاتصالات التي ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب!!! فتيات عفيفات أخذن الأمر في البداية من باب التسلية وإضاعة الوقت و (التعرف على الآخر) والآخر هنا ذئب شرس لن يتوانى عن افتراسها وابتزازها وتركها بعد ذلك تجتر آلامها وعارها وحيدة منكسرة وقد فقدت اثمن ما تملك!!! صدقيني المآسي تكرر نفسها بطريقة مفجعة وأليمة!!؟؟ والضحايا بالمئات وهؤلاء الذئاب لا يرعون في فتيات المسلمين إلا ولا ذمة همهم إشباع رغباتهم الدنيئة وجمع اكبر عدد من الخليلات المخدوعات! ولو تكلم الليل - أختي الكريمة -لغلبه البكاء والنواح من بكاء المخدوعات وانين المجروحات وفداحة العار والظلم والخسة التي يبيتها مثل هؤلاء الشباب لامثالك!!!!
ثانيا - لا تنخدعي يا عزيزتي بالأيمان المغلضة التي تسمعينها منهم فوالله انهم لكاذبين وهم يبرورن لانفسهم كل شيء الكذب والخيانة والغدر وانتهاك الحرمات تحت مبرارت سخيفة يقدم لهم فيها الشيطان ألف حجة ألف خدعة!! فا حذري ثم احذري ثم احذري!!!!!!!
ثالثا - لا ترخصي نفسك وتعرضيها هكذا بالمزاد العلني!! صدقيني أعرف منطق هؤلاء الشباب أكثر منك وأحفظه جيدا!!! والله لن يفكر فيك كزوجة وقد تعرف عليك بهذا الشكل ولو قدر لهذا الأمر (الزواج) أن يتم لسبب ما رغم إن النسبة لا تتجاوز الواحد في عشرة آلاف.. فسينتهي سريعا بعد رحلة من الآلام والشك وغيرها والعاقل - أختي الكريمة - من وعظ بغيره لامن وعظ بنفسه(17/410)
رابعا - طلبه محادثتك بالهاتف هي بداية طريق الهاوية بالنسبة لك وبداية تنفيذ خطته الدنيئة تجاهك التي ربما جربها كثيرا على غيرك ممن يتجرعن مرارة الغدر والخيانة والعار
فاحذري مرة أخري أن تقعي في هذا المستنقع الآسن
أو تتيحي له أو لغيره مثل هذه الفرصة لأن الكلمة تجر الكلمة والمكالمة تجر المكالمة ووسائل التقنية تخدمه كثيرا في ابتزازك ومن ثم افتراسك وتركك للبحث عن فتاة أخرى
خامساًَ _ اعتراضي هو على مبدأ التعارف نفسه فاني أخشى عليك أختي الكريمة من تبعاته
إن قبل الزواج أو بعده وشواهدي هنا كثيرة وغير مشجعة!!!! صدقيني
سادساًَ - إن كان هناك إمكانية لسؤال اهلك عنه من مصادر موثوقة وكانت النتيجة
مشجعة فأسال الله لك التوفيق والسداد ولكن احذري _ أختي الكريمة _ من محادثته
عبر الهاتف من أي مكان!! لماذا؟ لأنني أخشى عليك كما أسلفت من تبعات ذلك!!
فقد يتبع الاتصال لقاء لمزيد من التعارف والتفا هم ثم والشيطان مستعد دائما لتوفير التبريرات والمسوغات وما إلى ذلك من أعذار أو غيرها!! والإنسان ضعيف ولا أراك مضطرة لخوض هذه التجربة فنتائجها غير مضمونة!!؟
سابعاًَ - ثم إنكما حتى ولو أراد الله لكما أن تتزوجا فستضل بداية التعارف عالقة
في مخيلة زوجك وربما حملها الكثير من التهيؤات السلبية والشكوك المريضة
وقلب حياتك جحيما
ثامناً - ثقي أختي الكريمة أن نصيبك من الدنيا مقدر بيوم وساعة لن يتجاوزها أو يتقدم عليها مهما حاولنا أو بذلنا من الجهد
(فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف) ولذلك فاتكلي على الله واتركي الأمر لصاحب الأمر وابقي معززة مكرمة مصونة
تاسعاًََََ - اكثري أختي الكريمة من الدعاء بأن يحفظك الله من كل سوء واكثري من قراءة الورد اليومي فهو حصنك الشرعي الذي يقيك بإذن الله من نزغات الشيطان وتوهيمه وتلبيسه اعاذنا الله جميعا منه
وفقك الله وحماك من كل مكروه وسدد على طريق الخير والحق خطاك(17/411)
تاب من الزنا.. فهل أتزوجه؟
المجيب سلطانة عبد الله المشيقح
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 10/07/1426هـ
السؤال
أنا مطلقة وتقدم لي رجل يصغرني بسنوات، متزوج من قبل، ومتعلم ووضعه ممتاز، هذا الرجل كان زانياً، وقد اعترف لي بهذا الأمر، ويقول إنه تاب منذ حمس سنوات، وقد استخرت قبل أن أعرف هذه المعلومة عنه واستخرت بعدها، فشعرت بالارتياح تجاهه، فهل أقدم على الزواج منه؟
الجواب
أولاً: عليك تكرار الاستخارة، فإذا وجدت بعد ذلك ارتياحاً تجاهه فتوكلي على الله، واعزمي على الأمر.
كما أخبرك بأنه قد تاب من هذا العمل، ومن تاب تاب الله عليه، فإذا كان الله -عز وجل- قد تاب عليه أفلا نقبله نحن البشر ونتجاوز عن زلته ... ؟!
ثانياً: عليك بالسؤال عنه وعن أخلاقه ودينه قبل اتخاذ أي قرار، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال:. "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ... ". سنن الترمذي (1085) .
فإذا كان يقيم واجبات الدين، وشهد له بذلك من تثقين في صدقه وأمانته، فلا تترددي في الأمر؛ لأن صاحب الدين والخلق لن يظلمك، بل سيكرمك ويُحسن إليك.
ثالثاً: لا تنسي أن تطلبي منه الفحص، فلعله يكون مصاباً بمرض بسبب علاقاته السابقة -المحرمة- فينتقل إليك هذا المرض بعد الزواج، فيكون هذا الأمر سبباً في شقائك مستقبلاً.(17/412)
خطب لي أبي من غير إذني!
المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 3/06/1426هـ
السؤال
خطب لي والدي ابنة عمي دون علمي، ولا أرغبها رغم أنها صالحة، ولم يخبرني إلا أخي، فسكتُّ عن الموضوع، غير أن أمي أخبرتني بعد مدة، فلم أجبها إلا بأني لن أتزوجها إلا بعد سبع سنوات، فقالت: إنك لن تجد أحسن منها، كما أن عمك ردَّ خطَّاباً كُثر بقوله: إن بنتي مخطوبة لابن أخي، علماً أني قد فشلت في دراستي الجامعية بسبب التفكير في هذا الموضوع، فأرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة السلام على رسول الله، وبعد:
ما دام قد بلغك أن أباك قد خطب لك ابنة عمك، حيث أخبرك أخوك، وأخبرتك أمك ولم ترد على أخيك بشيء، ولم توضح لأمك عدم الرغبة في هذه الخطبة خاصة، فليس لك عذر، فالعلم قد بلغك وأنت لم تعتذر، فلا تجعل البنت المخطوبة ضحية عدم رغبتك غير المؤكدة والمعلنة، ومادامت أنها فتاة صالحة وهي ابنة عمك، فإن القبول والرضا بها فيه خير كثير، وسد لباب شر ربما يحصل لا قدَّر الله.
فقبولك الزواج بابنة عمك -لا سيما وأنك لم تمانع ولم تعترض بعد علمك الخطبة- أمر واجب؛ لأنه إرضاء لوالديك، وستر لنفسك، ووفاء للبنت التي رضيت بك، ومنع لشر ربما يحصل لو امتنعت الآن، وذلك بفرقة وخلاف بين القرابة وصلة الرحم مبتداها سيكون بين أبيك وعمك، لاسيما وقد مضت مدة على الخطبة وأنت ساكت مع علمك.
ثم لماذا ترفض وهي بنت عم أحبك، ورضي بك زوجاً لابنته، وهي امرأة صالحة كما تقول أنت؟
فاتق الله، وتغلَّب على هواك، وقدِّم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة لنفسك؛ لما في ذلك من خير كثير، ولما في رفضك من شر متوقَّع سيضر الأسرتين، وبإمكانك إخبار أمك بذلك، بأسلوب يجعلها تعزرك وتسعى لإقناع والدك بذلك، وبأنك قد بذلت جهدك وقدَّمت ما استطعت.
ولعل والدك إذا علم بفشلك بطريقة مناسبة يسعى لمساعدتك في وظيفة مناسبة، ويرشدك إلى حل أوفق في دراستك. فاستعن بالله وتوكَّل عليه، وفوِّض أمرك إليه، وسترى الخير كل الخير بإذن الله.(17/413)
هل يزوجني القاضي ووالدي موجود؟؟
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 29-8-1423
السؤال
تقدم لخطبتي رجل من بلد مجاور لبلدي ولكنه يعمل ويعيش في هذا البلد.. هو إنسان صالح وخلوق ومتدين بشهادة الجميع ولدي رغبة في الارتباط به ولكن والدي رافض بحجة أنه إنسان ليس غنياً ومن بلد غير بلدنا ويظن أنه في حال زواجي منه فإنني سوف أصرف عليه.
قلبي متعلق به بشدة وراغبة من الزواج منه فأنا متدينة وأهلي غير ملتزمين ومبتعدين عن الدين.. فهل ألجأ إلى القاضي ليزوجني منه؟
أفيدوني وجزاكم الله خيراً
الجواب
يا أختي الكريمة..
شكراً لثقتك واتصالك بنا في "موقع الإسلام اليوم"
مشروع الزواج من أهم المشاريع في الحياة. فما هي السبل لإنجاح هذا المشروع؟ وكل إنسان رجل أو امرأة إذا وصل إلى ساحل الزواج وبدأ يفكر فيه فإنه يجعل نصب عينيه أن يستمر هذا المشروع حتى الممات، بل هذا هو الأصل أن يستمر، فما هي العوامل المساعدة على إنجاح هذا المشروع؟ .
وهذا يجب أن نقدم صوت العقل على العاطفة. ويظهر لي والله أعلم أن طريقة تعارفكما تمت بطريقة لا يقرها الشرع. وهو اللقاء والمحادثة ورؤية كل منكما الآخر - حسب قولك - فمن الذي أجاز لك مثل هذا الحديث خارج الأطر الشرعية. هذا أول خلل.. والشيء إذا بدأ مختلاً قد ينهار.
فمن عوامل نجاح هذا المشروع أن تكتمل عناصره. ومن العناصر الدائمة لبقائه إقرار الولي ورضاه فإذا كان الوالد هنا لم يرض زال عنك الداعم لك وانقلب إلى ضدك. فتخسرين والدك فما حال المرء إذا خسره والده وخسر هو ولده وهو حي؟؟
ودائماً الوالد أكثر رؤيةً وشمولية وأعرف بتجارب الحياة من أبنائه وبناته وقطعاً هو يريد مصلحتك. فهو يقدر أن الحب وحده لا يكفي في مشروع الزواج. ومن العوامل الهامة لإنجاح المشروع التوافق الاجتماعي من عدة نواحي. وأن تكون الزوجة قريبة من بيت أهلها لأنها محتاجة إلى الحنان الأسري بالإضافة على الحنان الزوجي. والبنت تمر بأطوار مختلفة أثناء الحمل وغيره وهي محتاجة إلى دفئ أمها. فكيف سيكون حالك لو انتقلتِ معه إلى بلده؟
وقولك أنك ملتزمة (غريبة) كيف التقيت به وكلمتِه؟
وأنك تصارعين الرغبة الجامحة. وكأنك تلمحين بالتحديد. إذا لم تتزوجيه فسيكون هناك أمراً محظوراً قد ترتكبانه..؟
ويظهر والله أعلم أنك عاطفية جداً وتتأثرين بالمؤثرات من حولك وقد يكون هذا بسبب معاناة مررت بها وهو تعويض لحنان فقدتِه أثناء الطفولة. وقد تكونين وجدتِ من هذا الشخص رقةً وحناناً عوضك ذلك.
آمل أن تفكري بصوت العقل. لأن صوت القلب أحياناً يخدع والبيوت لا تقوم على الحب وحده.
مع ملاحظة أن الشرع لا يمنع مثل هذا الزواج من حيث الحكم ولكن للزواج شروط لا بد من توفرها. ومن أهمها - الولي - يعرفها القاضي ولو أن كل بنت أحبت شخصاً تم رفض والدها. أسرعت إلى القاضي وقالت:"زوجني ". فماذا ستكون النتيجة؟؟ فكري ثم فكري ... ألف مرة قبل أن تقدمي على مثل هذا المشروع ...
أعانك الله وأرشدك إلى الصواب،،،،(17/414)
أرغب في خطبة من أحببتها وأهلي يريدون لي أخرى!
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 02/07/1426هـ
السؤال
أنا شاب مقتدر ومؤهل لمسؤولية الزواج، كنت -وما زلت- أحب بنت الجيران منذ الصغر إلى أن أصبحنا ناضجين، وأقدِّر هذا الحب بالنقي الخالي من جميع الشوائب، ويوم عزمت على خطبتها أبلغت أهلي بهذا الخبر (علماً أن أهلي وأهلها يعلمون منذ زمن أن فلان لفلانة) ، ولكن المفاجأة أن أهلي رفضوا هذا الارتباط دون سابق إنذار، وحججهم واهية، مثل: أن هذه البنت ليست من أهلنا، وأن العائلة لا تسمح بأي شكل من الأشكال أن يتزوج شبابها وبناتها من غير العائلة، وبعد مداولات ومناوشات ومناقشات استمرت قرابة السنتين، قررت أن أرضي والديّ وأن أخطب بنت عمي، علماً أنها تصغرني بثماني سنوات، ولا أعلم ماذا أفعل؟ رغم أني والله لا يمر يوم أو ساعة إلا وأنا أتذكر فيها البنت التي أحببت، ولا أخفي عليكم أنني استشرت واستخرت واعتمرت أكثر من مرة، ولا زال هناك حنين وشوق إلى ماضي زماني، أيضاً لا أخفي عليكم أنني أخاف أن يستمر هذا الحب بعد الذي صار، ويزداد أكثر من ذي قبل. أفيدوني مأجورين.
الجواب
أخي الكريم: لا أدري من أين أبدأ الإجابة على مشكلتك، فهي من السهل الممتنع.
أولاً: لا ألومك على ما أبديت من حب لبنت الجيران، بغض النظر عن الطريق الذي سلكته؛ لأن الحب قد يتخطى كل الحواجز والسدود، وقلت إنها تملكت عليك شغاف قلبك، وتقول: إنك أحببتها منذ الصغر، لكن المهم عندنا حبكما بعد النضج، كيف استمر هذا الحب؟ فقد يكون بين الأطفال اندماج حال الصغر، ويكبر معهما، ولكن إذا (حجبت البنت) وكبر الولد، قد يبتعدان عن بعضهما، ولكن قد تكون هناك وسائل اتصال بينهما حتى بعد الحجاب، إما بالنظر أو المحادثة (وهذا غير جائز شرعاً) ، فليتك وصفت كيف استمر هذا الحب، وعن أي طريق؟ وأنا سأناقش موضوعك على أنها مسألة قضيت، وسكنت إلى قلبك.
يا أخي الكريم: هل تحققت للناس كل أمانيهم ونالوا ما يريدون في هذه الحياة؟ الواقع لا، والحياة لم تتوقف، والقوي الشديد الذي يفكر بعقله لا بقلبه، هو الذي يتحدى الصعاب، ويشق طريق الحياة على أنها فترة زمنية، وتنتهي، والمهم فيها ما هو الشيء الذي أفعله ويقربني إلى الله -سبحانه وتعالى-.
أما رفض أهلك وأسرتك لهذا الزواج، فقد يكون له ما يبرره أصلاً، وأشم من رائحة ما تقول أنكما مختلفين من الناحية القبلية، وهذا موجود في المجتمع، وكثير من العوائل تعتبر هذا من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها.
أخيراً أخي الكريم: أين التسليم والرضا بما يقضي الله للعبد؟ فإذا كان الله قد قدَّر أنك لن تظفر بهذه الفتاة، فلن تظفر بها، وعليك التسليم هنا، وتذكر قول ربك سبحانه وتعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم" [البقرة: 216] ، وقوله تعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب:36] .(17/415)
أخي الكريم: انظر إلى الأمام، واقبل بما قسم الله لك، ولا تزهد ببنت عمك، فقد يكون الخير لك معها، وكثير من أمور العشق والحب، التي تكون بهذه الطريقة، تنتهي بالفشل، فقد يجري عليها تلك المقولة التي تنسب إلى قيس بن الملوح، عندما قال: شغلني حب ليلى، عن ليلى ... والشيء إذا ملكناه نزهد فيه بعد حين، والذي ندمن عليه لا نحب طعمه، والذي ننظر إليه كل يوم نمل من شكله. أعانك الله، وحقق لك ما تريد. والسلام عليكم ورحمة الله.(17/416)
ثأر قديم..!! وزواج جديد..!؟ هل يتوافقان؟؟
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 19/4/1422
السؤال
لي أخت تقدم لخطبتها أحد أبناء عمي أخو أبي من أمه، وجد الخاطب من أمه قتل جدي أبو والدي، المشكلة أن الناس أخذت تتكلم عن كيفية تزويج هذا الرجل الذي كان بالإمكان رفضه لحساسية الموقف لأن جده هو قاتل جد من خطبها والمشكلة أنني اتصلت على الوالدة وقمت بمهاجمتها وتأنيبها على تزويج أختي من هذا الشخص لأنه ممكن يؤثر على حياتها الزوجية وخاصة أن هذا الشخص رجل بدوي وأختي بنت عاشت في الحضارة وممكن يكون هناك عدم تكافؤ بينهم، وأختي وافقت لكي تتخلص من ضغط المعيشة مع أهلي دون أن تفكر في النتائج، خاصة أنها تبلغ من العمر 23 سنة وأيضاً هذا الرجل لا أحقره رجل صغير البنية وممكن أختي تنصدم فيه، أنا خائفة من هذا، أرجو الرد علي بسرعة وجزاكم الله خير
الجواب
أختي الكريمة.. حقيقة.. قرأت رسالتك.. أو مشكلتك أكثر من مرة.. ورأيت فيها تداخلاً بين أمور كثيرة عامة وخاصة.. شكلية ومعنوية.. وأمور أخرى..!! وتعليقي عليها من وجوه عدة..
أولاً: لا شك أنك مجتهدة إنشاء الله.. في موقفك.. ولكني أذكرك بقوله تعالى: " ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً ... الآية " ولذلك.. فأنا أتمنى لو كان حديثك مع والدتك بعيداً عن المهاجمة والتأنيب!! فذلك أحق بها وأجدر بك.. وأجدى بوجه عام.
ثانياً: مسألة عدم التكافؤ.. واردة.. وقد تؤثر وقد لا تؤثر!! ومادامت أختك صاحبة الشأن قد وافقت - بغض النظر عن الأسباب التي ذكرتيها - وهي صاحبة الشأن هنا.. وليست صغيرة أو جاهلة.. فالأمر هنا يعنيها.. ولك عليها حق النصح فقط أما هي فتتحمل تبعات قرارها.
ثالثاً: ثقي أنه لن يحدث إلا المقدر.. والمكتوب.. فإذا كان مقدراً ومكتوباً لهذا الزواج أن يتم.. فسيتم في وقته وساعته.. مهما كان تحفظنا أو اعتراضنا عليه وإن لم يكتب له التمام.. فسيكون دونه ألف عائق.. مهما رغبنا فيه وحرصنا عليه.
رابعاً: لعلك متشائمة أكثر مما يجب حيال هذا الزواج.. فما يدريك إن أراد الله له التمام.. أن يكون فاتحة خير وصلح على الجميع.. وسعادة وهنا لأطرافه.. " وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً"
خامساً: لا داعي " لاستعادة الماضي" ونقض الجراح ولا جدوى من نبش القبور " فما مضى قد مضى " ولا تزر وازرة وزر أخرى" ولا عليك مما يقال " فمن راقب الناس مات هماً "!!
أما بنية الرجل وشكله.. فهذا مما لا يعيب الرجال فالرجال مخابر وليسو مظاهر.
سادساً وأخيراً انصحي والدتك.. وأختك بالاستخارة واللجوء إلى الله بأن يلهمها طريق الصواب.. والحّو جميعا ً بالدعاء بأن يوفق الله الجميع لما فيه الخير(17/417)
تردد.. وحيرة!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 22/4/1422
السؤال
أنا شاب ملتزم من أحد البلاد العربية أودى فروضي وواجباتي الدينية ومشكلتي التي عذبتني وأقلقتني طويلا هي مايلي
تعرفت عليها عن طريق الكمبيوتر (المحادثة عن طريق الشا ت) وكان هدفي من التعرف عليها إصلاحها لأنها لم تكن تتصرف بطريقة منضبطة!!! بل هي منفتحة اكثر مما يجب!!؟
المهم أشعت بين المتحدثين أنني أود الارتباط بها لولا سلوكها وقد نجحت الخطة وحاولت إصلاح شأنها جزئيا!! ومع الوقت تخرجت وسافرت للعمل لفترة من الزمن وعدت مرة أخرى ووجدتها كما هي
وقد حاولت توسيط بعض الزملاء " لمعرفة شعورها ناحيتي " حتى أتقدم لخطبتها " ألانها ترد أحيانا بأنة من العيب أن أسال عنها "وأحياناً أرى في ملامحها من بعيد أنها لا تمانع لو تقدمت لخطبتها ومرة أخرى تخبر بعض الزملاء بأنها لا تفكر بالزواج الآن قبل أن تكمل تعليمها.
المهم أنا في حيرة كبيرة.. وتردد أثر على حياتي إلى درجة لا تتصورونها.. فهل أتقدم لها.. وأخشى أن ترفضني..!! أم هل أتركها؟؟ .. وأخشى أن أظلمها وهل لمثل هذا الزواج لو تم أن ينجح ويستمر..؟؟ صدقوني إنني في حيرة!!
الجواب
أخي الكريم - قرأت رسالتك الطويلة أكثر من مرة ورأيي فيها ما يلي:
أولاً: اشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى أن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه..
وألا يجعله ملتبساً علينا فنظل!! كما اسأله أن يوفقنا ويسدد خطانا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ثانياً: موضوعك متداخل إلى حدٍ كبير.. وفيه أكثر من طرف.. وبعض الحلقات المفقودة!!! وبالتالي يصبح الأمر.. مشوشاً.. والرؤية ضعيفة!! وقصتك غريبة وعجيبة إلى حد كبير!! ويظهر أنها تجتر أحداثها بطريقة رتيبة ومتداخلة يغلب عليها اللون الرمادي الباهت الذي لا يحدد مقاطعها بقوة..!!! والحكم غالباً في مثل هذه الأمور.. وهذه الظروف.. يشوبه بعض الكدر..!!!
ثالثاً: مشكلتك كما يظهر لي أنك - أنت - لم تحدد ما تريد.. حتى الآن.. ولم تقطع في الأمر بعد.. وهذه مشكلة!!! جعلتك تعيش صراع.. الأقدام والأحجام.. القبول والرفض.. وتغرق نفسك في تفاصيل وجزيئات لا تقدم ولا تؤخر إلا بقدر ما تسقط عليها من تفسير؟!!
رابعاً: صدقني.. أتفهم مشاعرك.. وادرك الجانب العاطفي فيها.. وهو ما يسبب لك
كل هذه الحيرة البادية في رسالتك..! والألم الذي ينضح بين ثناياها..!! ولذلك - أخي(17/418)
الكريم - قالوا قديما (إن الحب أعمى!!) ولو كان مبصرا لرأيت الصورة كما اراها الآن..!!؟ علاقة مفككة منذ بدايتها.. مبنية على تهيؤات وخيالات..!!! مهما كانت نسبة الصواب فيها فهي لم تصل إلى الحقائق الكاملة الناصعة..!! ومثل هذه العلاقات المهلهلة - صدقني - ليست مهيأة للاستمرار..!!! بل أنى أرى الفشل يلوح في محياها..!! إضافة إلى انك أنت حتى الآن لا تعرف مشاعر هذه المرأة تجاهك..!! وما يحدث يبدو لي.. مشهد عبثي ورواية مفككة.. ستنتهي نهاية " عائمة " وغير مقنعة ... كما بدأت!!
خامساً: لكل ذلك.. اقترح عليك أخي الكريم أمران.. اختر أحدهما.. واستخر.. واسأل الله أن يلهمك طريق الخير.. وهما:-
· الأول - أن تغلق الستار على هذا المشهد.. وتنهي هذه الرواية عند هذا الحد.. وهذا رأيي الخاص في هذا الأمر.. فحيثيات هذه القصة وبدايتها - صدقني - لا تنبئ لها عن نهاية إيجابية..!! ولا جدوى من التعلق بالأوهام.. والأحلام الرومانسية.
· الثاني - أن تقطع الشك باليقين.. وتتقدم لأهلها.. وتسمع الجواب الواضح. .وأنا - حقيقة - لا أحبذ هذا الخيار.. لأنها إن رفضتك.. ازداد ألمك.. وانتقض جرحك فالشعور بالرفض.. شيء ثقيل ومؤلم عند البعض.. وأخشى أن تكون منهم..!! وأن قبلتك.. فإني
- حقيقة - لا أتوقع لعلاقة زوجية بدأت بهذا الشكل الغريب.. أن
تستمر وتنتهي كما تتمنى.
أسأل الله لنا ولك الهداية والسداد والرشاد والتوفيق لما فيه الخير(17/419)
زواج من الخارج!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 10/10/1422
السؤال
أنا غير متزوج وأريد الزواج من خارج المملكة ولكن هناك عقبات منها الموافقة من هنا أي التصريح فهل أذهب وأتزوج وأترك الأمر لله فهو الرازق كذلك لم أجد هنا من أشعر أن في جمالها ما يعفني ولدي رغبة ملحة للزواج من هناك.
المشكلة الثانية: أنني من قبيلة ترفض أن أتزوج من غير البلد.
الجواب
أخي الكريم أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد. أما استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:
أولاً: يا عزيزي مسألة الزواج من الخارج.. مسألة تحتاج إلى التفكير بها بعمق وتروٍّ..!! فالمسألة (زواج وأبناء وأخوال وقيم وعادات وزيارات وأمور كثيرة.. إلخ) وليست مجرد رغبة وارتباط وتنتهي الأمور عند هذا الحد.!!
ثانياً: أما مسألة الجمال فتأكد أن الجمال مطلب ولكنه ضمن مطالب أخرى..!! فهل فكرت في ذلك..؟ وهب أنك بحثت حتى أعياك البحث فوجدت امرأة جميلة وتزوجتها.. فماذا عن صفاتها الخلقية وطبائعها ومعاملتها؟ ثم قبل هذا كله.. " دينها"!! يا عزيزي، أنت لست تبحث عن اقتناء " لوحه جميلة.. لتعلقها في إحدى زوايا البيت.. وتنظر إليها بين وقت وآخر مستمتعاً بألوانها وأبعادها وزواياها..!! الأمر هنا مختلف جداً فالجوهر هو الأساس الذي يبقى لتنعم به أو تكتوي بناره، أما المظهر فتعتاد عليه ويبقى جزءًا من المشهد.. وقد يبهت..!! وقد تمقته لسبب أو لآخر!!
ثالثاً: أما أن تذهب وتتزوج دون ترتيب، وتترك الأمر للظروف فذاك خيار لا أحبذه ولا أوصي به؛ ففي تجارب غيرك في مثل هذا الأمر ما يعفيك من تكرار التجربة.. لأن تبعاتها - غالباً - غير مشجعة إطلاقاً.
رابعاً: ".. فأظفر بذات الدين تربت يداك.. الحديث ". هل نسيت هذا الحديث، وهذا التوجيه النبوي الكريم الذي لا ينطق عن الهوى؟!
خامساً: فكّر - أخي الكريم - بقضية الأهل ووجهة نظرهم بشكل جيد وكبير.. وتأكد أنهم عزوتك.. ولن تنعزل عنهم أنت أو زوجتك، واحسب الأمر بدقة قبل الإقدام على أي خطوة.
سادساً: تأكد.. أننا نفعل الأسباب، وأن الأقدار تسير بمقاديرها، وأن نصيبك قد كتب لك. فأحسن النية، وانظر إلى الزواج بنظرة أكثر شمولية من مجرد (الشكل والإطار الخارجي) ولا بأس من فعل الأسباب مع الاتكال على الله والرضا بما قسم (فعَسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) ..
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك..(17/420)
عَيْب خَلْقِي يحول دون زواجي!!
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 18-12-1423
السؤال
أنا فتاة متمسكة بديني والحمد لله، وتعرفت على شابّ وهو أخو صديقتي وطلبني للزواج لكن أهلي رفضوا لسبب بسيط وهو أن لديه رِجلاً أقصر من الأخرى على الرغم من أنه شاب ملتزم وذو أخلاق فاضلة، وأنا لا أريد مخالفة أهلي فماذا أفعل حتى أقنع أهلي؟ ولا أريد أن أخسر أيّاً منهما، أفيدوني أفادكم الله.
الجواب
الأخت الكريمة ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم"
من روائع هذا الدين أن جعل للمرأة مكانة عظيمة، وجعل لها حقوقاً كثيرة. ومن هذه الحقوق جعل أمر الزواج بيدها فهي لها الحق في اختيار شريك حياتها. ولكن لا تكون بمعزل عن والديها وذويها لأن لذلك أهمية كبيرة لا تخفى.
وبالنسبة لك يا أختي الفاضلة فأنت قلت أنك ترغبين بالزواج من هذا الشاب مع العيب الخلقي (بفتح الخاء) الذي فيه وأن أهلك قد رفضوا هذا الزواج، وأنك في جدٍ من أمرك.. الذي يظهر لي أنك عاطفية، وقد قلتِ أنك قد تعرفت عليه وأنه أخ لصديقتك. فهل يحق لك شرعاً أن تتعرفي على شاب لا يمت لك بصلة إ لا أنه أخ صديقتك. ويتضح بين سطور سؤالك أنه قد حصل معاملات بينكما وإلا كيف تفسري حكمك عليه أنه يحمل هذه الأوصاف.. وأخشى أن تكون هذه نوبة شهامة منك لحالة الإعاقة التي فيه فتأكدي من عواطفك من هذه الخاصية فقد تكون نزوة.
مع العلم أن الإعاقة لا تعيب الرجل إذا كان يحمل المواصفات الشرعية وإذا كنت ترين بعد تفكير عميق أنه هو الشاب الذي تريدينه فلو تم إقناع الوالد بطريقة لبقة ولعلها لا تكون من قبلك. فبإمكانك إقناع الوالدة أو الأخ أو العم أو الخال. حسب الأقدر منهم على مفاتحة الوالد، ولكن انتبهي إذا وافق الأهل وهم لم يقتنعوا قد ينهار هذا الزواج لأن حبال التواصل بينكما ستكون هشة، ويكون هو غير مرغوب فيه في محيط العائلة، وأنتِ لا تستطيعين أن تعيشي في مفردك وبعيدة عن أهلك وأسرتك مدى الحياة. أليس كذلك؟ فكري ثم فكري ثم فكري ألف مرة وأعيدي النظر في اللحظات الأولى لطريقة التعارف بينكما تتضح لك معالم طريقك.
والقاعدة الشرعية في الزواج هي [ ... إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته وفي رواية وخلقه فزوجوه ... ] الحديث
لا تنسي الاستخارة وطلب العون من الله تعالى
أعانك الله على اتخاذ الأنسب والأصوب،،،
والله الموفق،،،(17/421)
كيف أرضي والدي في زواجٍ لا أريده؟
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 11-12-1423
السؤال
مشكلتي أنني لم أتزوج إلى الآن والسبب أنه في بداية حياتي ومنذ تخرجي من الجامعة تقدم لي الكثيرون، ولكن كان أهلي يرفضونهم لأسباب عديدة، وأنا لم أعترض على تصرفاتهم لأنني لا أريد إغضابهم وخاصة أبي، والآن تقدم لي أحد أقربائي وهو يصغرني بالعمر, والله يعلم أنني لم أكن أتخيله زوجاً لي في يومٍ من الأيام، ولكن أبي أصر عليه وحاولت الاعتراض وغضب مني كثيراً ولم يكلمني منذ شهرين بحجة أنني عاصية لأوامره، وأنا التي ضيعت عمري من أجل إرضاء أبي وتحملت الكثير, ولأنني أعتقد أن التقبل أهم شيء في الحياة الزوجية. أفيدوني ماذا أفعل جزاكم الله خيراً؟
الجواب
الأخت الكريمة ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأشكرك على حرصك على السؤال والاستفتاء في أمر دينك وأسأل الله لك التوفيق، وبالنسبة لموضوع زواجك وموقف أبيك منه، فأولاً: من الضروري أن تتذكري أن طاعة الوالدين واجبة ما لم يأمرا بمعصية وأن الإنسان منا ينال بطاعتهما الأجر والثواب، ويحقق بها عبادة عظيمة يحبها الله تبارك وتعالى وبالتالي لا ينبغي أن يحزن لذلك أو يتحسر على بره بوالديه أو يشعر بأن عاقبة ذلك البر إلى بؤس وحزن وحسرة بل الواجب حسن الظن بالله فإنه لا يأمرنا إلا بما فيه الصلاح والخير لنا والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة، ثم إن الرجل إذا تقدم للزواج وكان ذا دين وخلق فلا ينبغي رده لأن عاقبة ذلك وخيمة كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ففي الحديث الصحيح يقول -عليه الصلاة والسلام-:"إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"، وعلى هذا فلا وجه لرد ذلك القريب إذا كان ذا خلق ودين ولو كان أصغر منك سناً ولك في أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها أسوة، ثم إن الرضى والقبول للشخص ليس بالضرورة أن يكون في أول الأمر، وإنما يكون ذلك بعد معرفته جيداً ومعرفة منطقه وسلوكه وبالتالي أرى أنه من السابق لأوانه الحكم على الشخص بعدم مناسبته أو أن الزواج سيكون فاشلاً قبل السماع منه والسؤال عنه ومعرفة ما عليه من الصلاح والاستقامة.
فأنصحك بعدم التعجل في الرد وعدم معارضة والدك وتأكدي أنه لا يريد إلا الخير والصلاح لك والله الموفق وهو المستعان، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(17/422)
أبي يجبرني على الزواج
المجيب عبد الله العيادة
عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 26-11-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي هي أن عائلتي كلها تريد مني أن أتزوج من ابن عمي، ولكني أبغضه ولا أرى فيه الخير لي، وهو ليس بملتزم ولا تعجبني أخلاقه ولا شخصيته. المشكلة هي أنني لا أستطيع التحدث مع والدي فهو شديد كما أنه يحب أعمامي وجدي ولا يرفض لهم طلباً أبداً، وأعرف أنني إذا رفضت فهو لن يسامحني أبداً. وأمي تخاف أن تكلمه فكيف أتعامل مع أبي عندما يعلم برفضي لأنني إن شاء الله سوف أرفض ابن عمي ولا أريد أن أكون سبباً في خلق المشاكل.
ملاحظة: هم إلى الآن لم يتقدموا لي، ولكن منذ سنتين وأنا أسمعهم يقولون إنهم ينتظرون ولدهم إلى أن يكمل الجامعة ثم على حد قول عمي " سيزوجني إياه".
أرشدوني كيف العمل؟؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:-
من فضل الله على عباده المؤمنين من أتباع هذا الدين الإسلامي جعل لكل حقوقاً وعليه واجبات، فالمرأة في الإسلام جعل لها حقوقاً لا يجوز لأحد أن يمسها، ومن أهم حقوق المرأة الزواج، لذلك جعل أمرها في يدها، فهي صاحبة القرار لها أن توافق ولها أن ترفض. [هذه قاعدة عامة]
فأنت يا أختي الفاضلة لك الحق أن تقولي بأعلى صوتك لا أرغب ابن عمي أن يكون شريكاً لحياتي. لكن أن تقولي إن هناك عقبات قد تحول بينك وبين إعلان رفضك، وهي أن والدك غليظ وقاس وأنا أقول أعانك الله عليه. لذلك أنصحك لفعل الآتي:-
1-الالتجاء والتضرع إلى الله حال أوقات الإجابة. بأن يصرفه عنك.
2-صدق التوبة والتوجه إليه سبحانه. فإذا كنتِ قد تلبستِ بشيء مما يغضب الله سبحانه فتخلصي منه.
3-الرفق التام لهذا المشروع إذا كنت غير محبة له أو تعرفين عنه أشياء تخل بدينه وشرفه. لأنك إن وافقت فستدفعين أنت الفاتورة لوحدك. فإن تصبري على غضب الوالد خير من أن تصبري على مرارة الزواج والمشاكل والطلاق بعد ذلك.
4-يقال إن من يحسن طرق الأبواب يجد الطريق سالكة لدخوله؛ وأنت تعرفين والدك. فتحيين الفرصة التي يكون فيها هادئاً. وفاتحيه بتودد بأنك تعتبرين ابن عمك مثل أخيك، ولكن انتبهي لا تبادري بالحديث عن هذا المشروع وهو الزواج حتى يفاتحك أبوك أولاً…
5-هل يمكن أن تكوني مؤثرة على هذا الشاب فيما لو تزوجت به.
6-لو حصل وأن أجبرت عليه، فحاولي الاستفادة من الآخرين مثل العم، أو الخال أو من يؤثرون على اتخاذ القرار من قبل والدك.
7-محاولة إرسال رسالة شفهية مع أي أحد له صلة بابن العم أنك تعتبرينه مثل أخيك، لعله أن يزهد هذا هو قبلك، ولا يقدم على خطبتك.
8-لا تستبقي الأحداث في افتراض شيء قد لا يحصل وتقعين أسيرة الهم، وهذا له عواقب وخيمة.
9-قد يكون في هذا الزواج مصلحة فيما لو أجبرت عليه، فمن يدري؟ أخيراً أسأل الله أن يعينك. وأن ييسر أمرك. وقد يكره الإنسان أمراً قد يكون فيه الخيرة، والإنسان في هذه الدنيا يسير على ما كتب الله له..
وصلى الله على محمد،،،(17/423)
أحببنا بعضاً ولم نتصارح بذلك
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 24-11-1423
السؤال
أنا طالبة في الكلية من بلاد النيل ودائماً يقال أني صاحبة عقل متزنة فأنا أكبر أخوتي وعلى خلق وتربية دينية سليمة.
كان هنالك شاب يتكلم واستشعرت من كلامه أنه يكنّ لي بعض المشاعر ولكن لم يصرح بها والمشكلة أني بدأت أرتاح إليه وهو فعلاً رجل في كل معاملاته وهو عاقل وأنا مقدرة أنه لا يستطيع أن يصرح بمشاعره لأنه ما زال طالباً لكن المشكلة أني حقاً أحبه وأتمناه لي زوجاً وليس حب الطيش وحاولت مراراً أن أنساه وأنشغل بأشياء أخرى ولكن لم أستطع.
أريد المشورة وأطلب النصيحة أو الحل.
الجواب
الأخت الكريمة..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
حينما أتاك ذلك الشعور بالحب والميل العاطفي نحو ذلك الشاب الذي وصفتيه بالرجولة والاتزان والتدين فإنما هو شعور طبيعي جداً ولا أحد يستطيع لومك عليه. فالمرأة أو الرجل وفي هذا السن بالذات حينما توجد مثل هذه المشاعر وهي الميل نحو الجنس الآخر والتفكير فيه أو الاغتباط به إذا وجد فإنما هي مشاعر تمليها الطبيعة البشرية والسنة الكونية التي خلقها الله في جوانحنا وداخل أفئدتنا وما ذلك إلا معجزة إلهية قدرها الخالق سبحانه وتعالى كي يستمر البقاء والإعمار لهذا الكون ويحصل الاستخلاف الذي أراده المولى جل وعلا.
فهذه المشاعر إنما هي مشاعر طبيعية ولكنها مع الأسف الشديد وكما يثبته الواقع المشاهد وتشهد بذلك جميع الأمور الحياتية هي مشاعر ذات حدين فهي إما أن تصان وتراعى خصوصيتها وتبقى محفوظة يحفظها الإيمان والتعقل والاتزان إلى أن تحين الفرصة الجيدة والوقت المناسب والأجل المكتوب ليبثها صاحبها ويخرجها من جنانه العميق ويسعى بالطرق الشرعية والأصول المعتبرة للقرب من صاحبه بالخطبة والزواج ليباركه الله عز وجل فيعم بذلك النعيم والسعادة والمودة والسكن الذي أشار إليه ربنا عز وجل بقوله: (وَمن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآياتٍ لقوم يتفكرون) [سورة الروم: 21] .
هذه المودة وهذا السكن وهذا النعيم أنى يتأتي لأي أحد من الجنسين المتحابين والمتعاشقين إذا لم يكن اجتماعهما والتقائهما وتواصلهما تواصلاً والتقاءً شرعياً يقوم ويتأصل ويتأسس بأسس السنة النبوية المحمدية الطاهرة وترعاه عين الله وتكلئه بحفظه، وتحفّه بالهناء والسعادة؟(17/424)
وفي الجانب المقابل وهو الجانب الخطير لهذه المسألة وهو أنه إذا استعجل الرجل أو المرأة في أمرهما وسعيا دون تحفظ في بث شجونهما وأبرزاها وأخرجاها من دون مراعاة لوقت مناسب أو فرصة ملائمة ولم تحفَّها أصول شرعية يرتكز عليها ولم تخيفهما كذلك عادات وأعراف معتبرة تحجّم من ذلك الاندفاع فإن العاقبة لن تكون إلا حسرة تعقب لذة قليلة وندامة بعد هناء مؤقت وهمٌّ طويل طغى على زهرة الشوق بينهما وغم ثقيل يبدد حرارة العشق ويئدها وهي لا زالت في مهدها ويغلف ذلك كله ويختم عليه غضب الله عز وجل ومقته والابتعاد عن مباركته، كيف لا وهما قد استعجلا ولم يراعيا في سلوكهما رضى الله والبعد عن عصيانه وسخطه.
صدقيني أيتها الأخت الكريمة أن مثل ما أنت فيه لن يصلح معه إلا أمران مهمان وهما الصبر والدعاء. أما الصبر فالوقت لا زال مبكراً في التفكير في الزواج كما أشرت بذلك في ثنايا سؤالك فقد لا تلاقي فكرة الزواج ترحيباً من المحيطين بكم من الأهل والأقارب وربما كذلك من ذلك الشاب نفسه حتى يتخرج من الجامعة على الأقل ويتحصل على عمل يؤسس من خلاله عش الزوجية.
وحتى تستطيعين الصبر على ذلك والهروب من شبح الزلل بعقد علاقات محرمة مع ذلك الشاب واستعجال اللقاء قبل الأوان فإن مصدر قوتك في ذلك هو الدعاء والالتجاء إلى الله ليعصمك ويحفظك والتقرب إليه بالطاعة والبعد عن المعصية فإنه سبحانه إن عرف صدقك أنالك ما تتمنينه وبارك له فيه.
وهذه المشاعر التي تجدينها تجاه ذلك الشاب احفظيها ولا تقتليها، ارعيها كما يرعى الإنسان زهرة جميلة لديه وستجدين أنه لن يدوم الحال حتى تتأكدي أن وقت قطافها قد حان وأمام الناس والملأ ولا خشية من أحد ما دام أن ذلك القطف لتلك الوردة الجميلة كان بأصول معتبرة.
أخيرا أذكرك بأن البنت وفي مثل هذا السن جميل منها أن تكون على علاقة خاصة بأمها تبث إليها مثل هذه الأشجان فسنك الآن يسمح لك بمشاورتها وإعلامها بالدقيق والجليل من أمور حياتك خاصة إذا كانت الأم واعية وعاقلة وتزن الأمور بروية وأناة بالغَيْن، وصدقيني أنك لن تجدي منها إلى العون والسداد في الرأي.
أعانك الله وحرسك وأنالك مُناك،،،(17/425)
تنام مع أخيها في سرير واحد
المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 28-5-1424
السؤال
خطبت فتاة من بيت محافظ، وقد انزعجت كثيراً وذهلت عندما أخبرتني هي أنها تنام مع أخيها الذي يصغرها بسبع سنوات في سرير واحد، وهي تتحدث عن هذا الأمر بعفوية تامة وتلقائية ودون حرج رغم معرفتها أن هذا الأمر حرام وخطأ شرعاً.
أنني أفكر جدياً بإنهاء الخطوبة ولكن المشكلة هي في التأثيرات العائلية، أفيدوني فأنا في حيرة قاتلة تكاد تخنقني.
الجواب
الأخ المبارك الكريم ... وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد آلمني ألمك وأحزنني حزنك وأفرحني حرصك وغيرتك.
أخي المبارك.. أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالتفريق بين الإخوة والأخوات إذا بلغوا العاشرة في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وأوله "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع"رواه أحمد (6756) وأبو داود (495) ، ولا شك أن هذا الأمر من الشارع فيه استباق للشهوة، فلا تستيقظ شهوة الشاب غالباً إلا بعد هذه السن، فهو من باب الوقاية، فما وقع من خطيبتك لا شك أنه تفريط منها وأهلها هذا هو الشرع، أما الواقع فهي تنام معه في سرير واحد كبير في غرفة خاصة، وتتحدث عن الموضوع بتلقائية، وذكرت أن الأمر عادي وأنه يصغرها بسبع سنوات وقالت: ... إنها لا تتصور أن تنام وهو ليس بجنبها.
أخي الكريم ... اعلم أن الشكوك والغيرة قد اختلطت عليك ومنعتك من الرؤية المنصفة فقد حكمت عليها بشبهة وليست يقيناً، ولم تسمع إلى شهادة الشهود، فالشاهد الأول أن الأخوة تمنع من وقوع المكروه، فهي أخته فهل يعقل أن تعبث به ويعبث بها وقد خرجا من رحم واحد، وهما من بيت متدين، نعم هناك حوادث، ولكن الشذوذ كما يقول أهل العلم يؤكد القاعدة لا ينفيها، فالأصل أن المحرمية بنيت على هذا الحاجز النفسي الذي يدفع الأخ لحماية أخته، والحوادث الشاذة لا تصح للقياس بل تبقى شاذة، الشاهد الثاني أنها تتحدث بتلقائية وعفوية فهل من تواقع المكروه تكلم مخطوبها بمثل هذا. ذلك لا يعقل، فلولا ثقتها بنفسها لما تحدثت بمثل ذلك.
والشاهد الثالث محافظة البيت وهذه وقاية بإذن الله من أن يقع المكروه الأعظم، فلو فهمت الأمر على أنه إلف بين هذا الأخ وأخته وقد تكون ترعاه من الصغر واستمرت.(17/426)
أيها المبارك استعذ بالله من الشيطان وحكم العقل والواقع فإن كان فيها ما يدعو لنكاحها من حرصها على نفسها وبعدها عن الأجانب وعن الارتباط بالأصدقاء فهذا هو التدين الذي يحتاجه الرجل حتى لو كانت سافرة غير محجبة، وقد جاء في الحديث في سنن أبي داود "إن الغيرة التي يحبها الله الغيرة في الريبة والتي يبغضها الله الغيرة في غير ريبة" أو كما قال -صلى الله عليه وسلم- وهو حديث جابر بن عتيك رواه أحمد (5/446) وأبو داود (2659) والدارمي (2/149) وفيه جهالة ابن جابر بن عتيك الراوي عن أبيه، لكن يشهد له حديث عقبة بن عامر الجهني - رضي الله عنه - عند عبد الرزاق (19522) وأحمد (4/154) وهو حديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي ووثق رجاله الهيثمي، فالمأمول منك أيها المبارك الجريان مع الشرع لا مع الطبع، ومع اليقين لا مع الشك، واعلم أن الظن أكذب الحديث كما صح عن المعصوم -صلى الله عليه وسلم- سددك الله وحفظك وحفظ بك.(17/427)
ورطة الإنترنت!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 17-4-1424هـ
السؤال
مستشاري الكريم ...
أنا متفوق دراسياً بحمد الله تعالى وقد استطعت إنشاء مواقع حوارية على الانترنت فكانت سبباً في التعرف على العديد من الناس بما فيهم الجنس الآخر.
بداية أنا لست مقتنعاً البتة بالزواج عن طريق الانترنت وحتى إقامة علاقات عاطفية.. ولازلت أناصح الكثير من الزملاء حول هذه القضية فأنا مؤمن أن الزواج هو غاية أسمى بكثير من علاقة تنبني عل الهاتف أو الانترنت. ولذلك فلم أدخل بحمد الله مع أي نوع في علاقات من هذا القبيل.
المشكلة أن إحدى الفتيات تعلقت فيّ وأعجبت بشخصيتي وأخبرتها بموقفي من الزواج ولكنها رفضت ذلك واستمرت بالاتصال وطلبت أن أكون كالأخ لها على الأقل إن لم يكن هنالك زواج.
أخبرت والدتي بالموضوع لاستشارتها حول هذه القضية فهي إنسان متعلمة وبيننا تفاهم كبير فكان موقفها التقبل وأخبرتني أنها ستوافق إذا كنت أنا مقتنعاً بهذا الأمر.
المشكلة أنني لا أعلم كيف أتصرف الآن ففكرة الزواج ليست واردة لدي الآن حتى أكمل دراستي الجامعية ولا أعلم كيف أتصرف مع هذه الفتاة.
أما تلك المواقع فقد توقفت عنها ليقيني بأن الفائدة المرجوة منها ليست كما كنت آمل.
أرشدوني جزاكم الله خيراً
الجواب
أخي الكريم....
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم "
لقد قرأت رسالتك بتمعن ونحن يردنا الكثير كل يوم من مثل هذه المشكلة، فالانترنت فتح باباً واسعاً وكبيراً لمثل هذه الآمال والآلام في نفس الوقت وإن كانت الفتيات لهن النصيب الأكبر من الآلام والعذاب العشقي وذلك بحكم رقتهن وعاطفتهن وبحثهن عن الرجل الذي يملئ عليهن مشاعر الحب والحنان.
أنا لن أتكلم معك في حالك وسلوكياتك ورجولتك وآثار العلاقات مع الجنس الآخر فهذا الموضوع قد أشبع طرحاً وأنت في مثل هذا السن وهذه الرجاحة في العقل والحكمة الغالبة على تصرفاتك لا تخفاك جوانب مثل هذه العلاقات سواء الإيجابية أو السلبية.
أخي الكريم ...
أنا في الحقيقة سأبدأ معك من النهاية وسأكون واضحاً قدر الاستطاعة وفي غاية المباشرة والبعيدة عن التلميح أو التعريض فأنت فوق ذلك.
لنتصور بداية أنك قررت الاقتران بها أو على الأقل لم يكن لديك المانع في ذلك.. هل ترى أنت أو تظن أن الصوت أو الكتابة فقط كافيين لأخذ صورة شاملة عن شريكة الحياة؟ ماذا لو كانت قبيحة المنظر؟ أو على الأقل متواضعة الجمال؟ أو فيها من العيوب الخلقية ما يجعلك تنصرف عنها ولا تريدها؟ فقط أريد أن أسألك سؤالاً واحداً هنا؟ وهو ماذا سيكون موقفك منها؟ هل ستضحي بمشاعرك من أجلها فيكون الزواج هنا فقط للمجاملة ومراعاة لمشاعر تلك المرأة؟ أم أنك سوف تعرض عنها وتتركها في عذابها وحطام آمالها فيك مما سيؤثر على حياتها المستقبلية بكل تأكيد.
هذه قضية هي في نظري في غاية الخطورة ولا بد من الوقوف معها بكل وضوح لأن في ذلك مصلحة لك ولها.(17/428)
المشكلة بحق هي أن وسيلة التعارف هي فقط اللسان أو الكتابة بواسطة الانترنت وهنا تكمن المخاطرة كما ذكرت. الزواج يا أخي حياة أبدية وسنين طويلة تعاشر فيها زوجتك كل يوم وكل ساعة تأكلان معاً وتنامان معاً وتقيمان معاً وتسافران معاً ... هي روحك وأنفاسك فلا تتهاون بهذه القضية أبداً. إنها مسألة حياة ومسألة عمر وسنين طويلة.
هذه الفتاة غارقة في غرامك وهذا شيء طبيعي جداً بل يوجد الكثير مثل ذلك لدى العديد من الفتيات وبالفعل هي تسعد وتطير فرحاً بمجرد سماع صوتك ولذلك فإن قولها وطلبها بأن تصبح كالأخ لها ليس له معنى إلا المحاولة للحفاظ على هذا الأنس الذي تشعر هي فيه من خلالك.
الفتاة تذوب وتنهار قواها عند سماعها كلمات من شاب أجنبي عنها وأملّت فيه مشاعرها.. ولذلك فإنها وبمجرد اتصالها بك تبدأ طيور الرومانسية تحلق في عقليتها وبيانات الخيال العاطفي تعلو شاهقاً بين جوانحها خاصة وهي رأت فيك صدقاً في المعاملة وبعداً عن الخنا والمغامرات المحرمة.
إذاً سوف تسأل ما الحل؟ والجواب عدة أمور:-
أولاً:- محاولة معرفة نيتك أنت الصادقة وتوجهك نحوها هل الرغبة في الزواج منها من حيث المبدأ أم لا؟
ثانياً:- ينبني على السؤال السابق إن كانت الإجابة بالإيجاب هو أن تحاول قدر الاستطاعة التعرف عليها خلقياً وخلقياً من خلال والدتك أولا.. وهي كما هو واضح من سؤالك امرأة في غاية العقل ما شاء الله تبارك الله ... وأنا في الحقيقة لم أستغرب تصرفاتك وهذه هي صفاتها حفظها الله لك.
أقول يجب عليك التعرف على هذه الفتاة وأنها فعلاً الفتاة المناسبة لك وخلال هذه الفترة لا بد أن تقطع جميع اتصالاتك بها بحيث لو لم تجد فيها الصفات المناسبة لزوجة المستقبل يسهل عليك الإعراض عنها.
ثالثاً:- من ناحيتها هي فإن غرامك قد أنشب أظفاره في عروق قلبها ولذلك فلن تتنازل عنك بسهولة مطلقاً وهذا ليس لسوءٍ فيها.. كلا.. بل للعذاب الذي تجده هي في قلبها تجاهك، ولذلك فإن كانت الإجابة على السؤال السابق بالنفي وأنك لا ترغب الارتباط بها أو أنك بدا لك من خلال السؤال عنها أنها لا تصلح لك أو على الأقل أنه ليست الفتاة التي كنت تأمل الاقتران بها فإنه لا بد هنا من وضع حدٍ لهذه العلاقة بالتوضيح لها أولاًَ أنك غير راغب بالارتباط بها ثم أيضاً أنك سوف تقترن بفتاة أخرى ولذا يجب عليك إخبارها بأن تقطع العلاقة معها لمصلحتها هي أولاً وهذه هي الحقيقة التي يجب أن تعيها.... لأنها لن تفكر بأي شاب يتقدم إليها ما دام أن علاقتها فيك قائمة لذا ستكون وفياً لها ومحباً لها الخير إذا قطعت مثل هذه العلاقة رأفة بها ورحمة بعواطفها وإعانة منك لها على نفسها.
أنا أذكر لك هذا الكلام ليقيني أن في مثل هذه المسائل يكون جانب الحيطة والاحتراس وتغليب الجوانب الأسوء هو الأفضل وهو مقدم على غيره.. لأن ذلك كما ذكرت بداية لحياة وعمر طويل، وإلا فإنه ليس كل حالة مشابهة محكوم عليها بالفشل من أو الطريق بل هناك زيجات قامت وأسر وبيوت بنيت بمثل هذه الطريقة وكان النجاح حليفاً لها.. لكن ذلك مع الأسف قليل جداً، بل هو أقل من النادر.(17/429)
والإنسان الحكيم من لا يجعل العواطف تتحكم في مصيره وحياته بل العقل والحكمة يجب أن يسودا في مثل هذه المواقف ويجب أن تكون لهما الكلمة الأخيرة والقرار النهائي..
أخيراً ... الإنسان يسعى ويبذل الأسباب وما يكون له إلا ما قد كتبه الله له فكن قريباً من الله داعياً له وملحاً عليه بأن يوفقك للزوجة الصالحة الطيبة التي تسعدك وتملأ عليك حياتك بالحب والأنس والمودة فهو سبحانه قريب ممن دعاه.
أعانك الله وسدد خطاك،،،،(17/430)
تقدم لي شاب ولكني أحب آخر
المجيب د. عبد الله بن ناصر السدحان
مستشار أسري بمشروع ابن باز الخيري
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 29/1/1425هـ
السؤال
أنا فتاة أنهيت دراستي بكلية الهندسة، والمشكلة التي أرجو استشارتكم بها تخصني، فأنا الآن تقدم لي شاب للزواج مني، وهو من سني، كان زميلي منذ أن كنت في المدرسة، وأنا أعلم أنه يحبني، منذ زمن، وهو شاب هادئ، خجول، مؤدب، وهو الآن طبيب، وإن كان العيب الوحيد الذي فيه هو أنه قصير، أي يماثلني طولاً، فأنا أيضاً أميل إلى القصر، كما أنه ليس وسيم الصورة، وأسرتي لا تفرض عليّ أبداً رأياً، وخاصة في الزواج، ولذلك فإنها ليست مشكلة معهم أني أرفض هذا الزواج، خاصة وأن لهم بعض التحفظات على المستوى الاجتماعي والعائلي له، لكنهم يمنحوني الحرية الكاملة في الرفض أو القبول، بدون أي ضغط علي، والمشكلة تكمن في أني فتاة أخاف الله، ولا أحب أن أظلم أحد، وخاصة هذا الشخص، علماً بأنني لم أخبره في أي يوم أنني أحبه، أو أوافق عليه، وإن كنت أحترمه، وكنت ونحن في المدرسة معجبة بتفوقه، وأخلاقه، ولكن هل يجب أن أحب وأتزوج كل من أحترمه؟ كما أنني لا أستطيع أن أخبره أنني أرفضه؛ لأنه ليس وسيماً؛ ولأنني لا أحب أن أجرح أي إنسان في مشاعره، وخاصة لسبب ليس له ذنب فيه، كما أن هناك سبباً آخر وأهم، وهو السبب الرئيسي، والذي لا أستطيع أن أصارح به أي أحد، بل أحتفظ به لنفسي، ولا أجرؤ على إخبار أي مخلوق في العالم عنه، وهذه أول مرة أتحدث عنه، وهذا السبب أنني أحب زميلاً لي، كان زميلي منذ أيام الدراسة في الكلية، وهو أيضا يحبني منذ سنوات، وأخبرني أنه يريد الزواج بي، ولكن لديه مشكلة مع أسرته، حيث إن والده يرفض أن يرتبط قبل أن يزوِّج البنات أولا، حيث إن له شقيقة لم تخطب بعد، وأخبره أنه يريد الاطمئنان على البنات أولاً، ولذلك لم يتقدم لي حتى الآن، والآن فإن والدتي تريد زواجي بالطبيب، وترى أنه من الظلم أن أرفضه، وأنه إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه، فإن لم تفعلوا تكن فتنة، وأنا أخاف الله، وأريد رأيكم، أليس من الظلم والخداع أن أتزوج شخصاً وأنا أحب شخصاً آخر، وأفكر فيه طوال الوقت؟
علماً بأن زميلي المهندس هو أيضاً متدين وهادئ، وخجول، ويحبني جداً منذ رآني أول مرة، ويتميز عن الطبيب بأن ظروفه العائلية والاجتماعية أكثر ملائمة لظرفنا، وأنا هنا لا أتحدث عن الظروف المادية، إذ أنني لا أضعها كمعيار للمفاضلة، أبداً، كما أنه وسيمٌ جدا، ً ويلفت انتباه كل من يراه، وكذلك طويل، وممشوق القوام، ولذلك كانت كثير من الزميلات يعجبن به، وينظرن إليه، ولكنه لم يحب، أو حتى ينظر لأحد سواي طوال هذه السنوات، وأخبرني في المرة التي حدثني فيها بأنه إذا لم يتزوجني فلن يتزوج سواي طول عمره، وهو يحدث والده كل فترة، ولكن والده على موقفه، ولكني ماذا سأفعل إذا لم تخطب شقيقته؟ هل سأظل طول عمري أنتظرها؟ وماذا إذا لم تتزوج؟(17/431)
وبعد أرجو ألا أكون قد أثقلت عليكم بهذه الرسالة المطولة، ولكن هذه أول مرة أتحدث عما بداخلي، وأطلب الرأي فيه، فإنني أيضاً أشعر بتأنيب ضميري تجاه الطبيب، إذ أخبرتني أمي أنه مريض، وقد ساءت حالته النفسية في عمله؛ لأنه استشعر عدم قبولي، فهل سيحاسبني الله على ذلك؟ وكيف أخبره برفضي؟ وكيف أجيبه عن السبب؟ وماذا عن مشاعري؟
أرجو ألا تأخذوا عنى فكرة أنني سطحية، وأهتم بالمظهر فقط، كما أنني لست مسئولة عن كل من أحبني، فقد تقدم لي زملاء كثيرون؛ يريدون الارتباط بي؛ لهدوئي؛ وأخلاقي؛ والتزامي مع الجميع.
هل أنا على صواب أم لا؟
أرجو منكم الرد سريعاً؛ حتى أبلغ الطبيب، فأنا لا أريد أن أعلقه أكثر من هذا، وأرجو أن أكون قد أوضحت الصورة؛ حتى يكون ردكم على رؤية سليمة وواضحة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
بدايةً أشكر للسائلة ذلك التفصيل الذي تفضلت به، فهو مما يعين المرشد الاجتماعي، ويكشف جوانب كثيرة تساعد على دلالة المرشد والمسترشد للحل الأمثل – بإذن الله-، وهذا ما تحقق في هذه السائلة بشكل عام.
وبدايةً دعيني أُقدم بعدد من المقدمات من المصلحة استحضارها في الذهن، وأنتِ على وشك اتخاذ القرار النهائي في هذا الموضوع المصيري:
(1) التريث مطلوب، بل واجب؛ لأن القرار الذي ستتخذينه مصيري؛ ولأنه مستقبل عمر، وقرار سيترتب عليه المضي فيه؛ حتى يترك الإنسان الدنيا في الغالب.
(2) الإسلام شرع الرؤية بين الخاطبين لحكم عظيمة وعديدة، ومنها: التأكد من عدم وجود موانع خلقية كبيرة تمنع قبول كل طرف من الآخر، ومنها طرح القبول المبدئي بين الطرفين، ومنها التأكد من وجود الارتياح النفسي لشكل الطرف الآخر الجمالي، وهو أمر معتبر في الإسلام، وإن كان غير مقدم، ولكنه معتبر، وله وزنه، والدليل حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم- عندما قال: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" رواه البخاري (5090) ، ومسلم (1466) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -.
(3) ضرورة أن تتعدد موازين الاختيار لديك في زوج المستقبل، وعدم التركيز على جانب دون آخر إلا في جانب الدين، كما أمر بذلك المصطفى – صلى الله عليه وسلم-، وأقصد بذلك وضع عدد من المحددات في قرار الاختيار – وكلها بعد الدين بالطبع- ومنها: الشكل، القبول النفسي العام، الود الظاهر، الارتياح العام- بعد صلاة الاستخارة – رضا الوالدين، ورغبتهما.
(4) كأني فهمت من الرسالة أن أسرتك لا تفضل الطبيب كثيراً؛ بسبب وضعه الاجتماعي، في حين وضع المهندس الاجتماعي، والعائلي يتقارب مع وضعكم الاجتماعي، وهذه نقطة هامة، وهي ضرورة وجود تقارب إلى حد ما في الوضع الاجتماعي والعائلي بين الزوجين؛ لضمان استمرار العلاقة، وفهم كل منهما الآخر.(17/432)
(5) كأني فهمت من الرسالة أسرتك تحثك على الزواج من الطبيب؛ خوفاً عليك من التقدم في العمر، دونما زواج، وفي ظني أو كما يظهر من الرسالة أنهم لا يعلمون بموضوع المهندس ومكانته في الموضوع بشكل عام، وهذا ما يجعلهم يحثونك على سرعة الزواج من الطبيب، ومن هنا لو تقدم المهندس ليطلب يدك سيتغير موقف الأسرة من الإصرار على الطبيب.
(6) يتضح من الرسالة أن الطبيب بدأ يشعر بعدم قبوله زوجاً لك، وقد يكون هذا سبب مرضه، وجهة الإخبار هي والدتك، وقد تكون هذه وسيلة من أمك للضغط عليك؛ لسرعة قبولك بالزواج منه؛ لرغبتها فيه زوجاً لك، وقد لا يكون هذا هو سبب مرضه، كما أنه قد يكون غير مريض أصلاً، ولكن بالجملة هذا الاستشعار المبدئي منه نحو عدم موافقتك على الزواج منه مرحلة تدريجية مهمة؛ لتلقيه القرار النهائي منك بالاعتذار عن الزواج منه، ولا أرى في ذلك إثم على المسلم، فمصلحتك الشخصية مقدمة ومعتبرة.
(7) لا يوجد ما يلزم الأسرة أن تذكر كل المبررات التي تدعوها لرفض المتقدم لها للزواج من أحد بناتها، بل قد تكون المصلحة عدم الإخبار بالأسباب الحقيقية كاملة، وضرورة التورية بأي سبب من الأسباب، أو ذكر أسباب عامة؛ حتى لا يجرح شعور أي إنسان، ومما يحسن بالمتقدم للزواج أن يفهم ذلك، ولا يسأل تفصيلاً عن سب الرفض، ولا بد أن يفهم المتقدم للزواج أن الأسرة والفتاة هما أصحاب القرار في قبوله من عدمه، وليست ملزمة أن تراعي ظروفه الصحية أو النفسية، كما يحسن التأكيد على أمر آخر، وهو أنه لا يوجد مبرر لتأنيب الضمير حين رُفض الطبيب، أو الاعتذار له، أو غيره من المتقدمين، طالما هناك مراعاة منك بمحددات الاختيار في الزواج في الإسلام.
أخلص من كل ذلك إلى أني أميل إلى الاعتذار من الطبيب بأسباب غير جارحة، والأسباب كثيرة جداً، ولا حاجة فيها للكذب، وفي المعاريض مندوحة عن الكذب، كما قال عمران بن حصين – رضي الله عنه – انظر الأدب المفرد (266) كما أنك لست ملزمة أن تخبريه عن سبب الرفض الحقيقي أو أسباب الرفض كاملة.
كما أن الذي يدعوني لتشجيعك على الزواج من المهندس، والاعتذار للطبيب عدد من الأمور منها:
- وجود الميل القلبي منك له، ووجود الرغبة القوية منه للزواج منك.
- وحدة التخصص العلمي والعملي، والزمالة العملية السابقة مدعاة لمزيد من الألفة بينكما مستقبلاً – بإذن الله-.
- احترامه لرأي والده وحتى الآن دليل قوي على بره بوالده، وحرصه على مصلحة أسرته، وشقيقته، وهي نقطة إيجابية في شخصيته.
- الصفات الخَلقية والخُلقية دافع قوي للمرأة للقبول به كزوج.
وهنا يتبقى نقطة أرى أنها تمثل مشكلة، ولكنها ليست كبيرة، وهي إصرار والد المهندس على عدم زواجه إلا بعد زواج شقيقته، وفي ظني أن تجاوز هذه المشكلة تكمن في محاولة السعي من قبل المهندس للضغط الأدبي، المؤدب على والده للبدء بمشروع الزواج، والبدء بالخطبة كمرحلة أولى وليس زواجاً، ثم تواصل الطلب من المهندس لوالده لإكمال الزواج، كما أنه قد يكون من المناسب إشراك شقيقته في الضغط على والدها لاستكمال زواج أخيها المهندس، وهذه الخطوة مطلوبة منه، وليست منك، ويمكنك التلميح له بذلك، مع ضرورة الانتباه إلى عدم الإصرار عليها.(17/433)
أختي المسترشدة إن مقتضى النصح لك أختي الفاضلة يدعوني إلى القول بكل وضوح وصراحة، ومن قلب ناصح: إنه من المصلحة الشرعية والشخصية إنهاء هذه العلاقة القائمة بينك وبين المهندس الآن بالطريقة الشرعية، وهي الزواج؛ لتكون علاقة شرعية قائمة على مرضاة الله - عز وجل- بدلاً من الاستمرار في الوضع الحالي الذي لن يخلو ولا يخلو من محذورات شرعية، حتى وإن كانت مثل هذه العلاقات مقبولة اجتماعياً، أو مغضوضاً عنها الطرف في بعض المجتمعات.
أختي المسترشدة: أذكرك بمواصلة الدعاء أن يكتب الله لك الخير في مستقبل حياتك، وأن يجعلها قائمة على التقوى، وأسأله - عز وجل- أن يوفقك في حياتك، وينفع بكما وذريتكما الإسلام والمسلمين، إنه ولي ذلك، والقادر عليه.
وختاماً لا بد من الاعتذار عن التأخر في الرد، ولكنه جزء من تأمل الموضوع؛ لتحقيق براءة الذمة في النصح، وتقدم الاستشارة. والله الموفق.(17/434)
طاعة الأم في الزواج
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 24/1/1425هـ
السؤال
أختي تزوجت من ابن خالتي؛ لأنهما كانا متراضيين منذ زمن، وكلاهما كان يميل للآخر، والآن أمي الكريمة ترغمني من الزواج من ابنة خالتي، وكأن القضية معاوضة، أخذ وعطاء، وللعلم لا أملك أي شعور تجاه ابنة خالتي، واعتبرها كأخت لي، أضف إلى ذلك فهي متبرجة وتاركة للصلاة، ولا تتبنى ولو مجرد فكرة الالتزام، ولا يمكن أن أربط مشروع حياتي بزوجة كهذه، فهل رفضي يعد عقوقاً لوالدتي؟ خاصة أنها متشددة في هذه الفكرة، وإذا أقدمت على مشروع الزواج دون أخذها للخطبة هل هذا عقوق؟ وفي حالة إذا ما دعت علي فهل دعوتها مستجابة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إلى الأخ السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد سرني جداً حرصك على برك بأمك فجزاك الله خيراً على ذلك، وسرني كذلك حرصك على ألا ترتبط إلا بزوجة صالحة صاحبة دين وخلق والتزام بشرع الله، نسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير، ويصرف عنا وعنك كل سوء وشر. اللهم آمين.
كما هو معلوم لديك أن فضل الأم عظيم وبرها واجب على أبنائها، وأن عاقبة العقوق عاقبة وخيمة في الدنيا والآخرة.
وبالنسبة لهذه الحالة التي أنت فيها أرى أن تتبع الآتي:
(1) حاول أن تكلم الوالدة بأسلوب طيب وتوضح لها الأمر، وأنك تريد زوجة صالحة صاحبة دين كما أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم-، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه، البخاري (5090) ، ومسلم (1466) ، وابنة خالتك لا يتوفر فيها الدين، فإن توفر فيها الدين فلا مانع من زواجها.
(2) عليك أن توضح للوالدة مساوئ هذا الزواج، وهو ما يسمى في هذه الحالة: (زواج البدل) ، فلو قدر الله أنه حدث بين أختك وزوجها أي مشكلة، تنعكس عليك وعلى زوجتك والتي يفترض أن تكون ابنة خالتك، والعكس صحيح، وكم شاهدنا ورأينا، وسمعنا عن المشاكل التي حدثت في مثل هذه الحالات، وكم من عائلات وأسر تقطعت أرحامهم بمثل هذه الزيجات، فأنتم الآن في غنى عن ذلك.
(3) عليك أن تحاول مع ابنة خالتك إن هداها الله للالتزام بدين الله فبها ونعمت، ويمكن لك في هذه الحالة زواجها، وتكون بذلك أرضيت أمك، أما إذا أصرت ابنة خالتك على عدم الالتزام وترك الصلاة، والتبرج والسفور، وغيره فلا تتزوجها، وإن كان ذلك لا يرضي أمك، وتزوج بغيرها، ولا يكون ذلك عقوقاً بإذن الله تعالى، وإن دعت أمك عليك ولحالة هذه فلا تخشي من ذلك؛ لأن هذا الدعاء ليس محل إجابة لأن فيه تعدي وظلم وجور، ولكن عليك بحسن صحبتها والإحسان إليها مهما حصل لك منها.
(4) عليك بالدعاء أن الله ييسر أمرك ويرزقك الزوجة الصالحة ويهدي أمك للحق. هذا والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(17/435)
كيف أتعامل مع هذا الشاب؟
المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار
إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 17/1/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أستشيركم في أمر احترت فيه كثيراً.
أولاً: أنا فتاة أحب الدين وأهله، وغالبية الناس ينظرون إلي أني فتاة ملتزمة (وإن كنت لا أرى ذلك) ، دخلت النت، ومع الوحدة والفراغ حادثت بعض الشباب الذين أظن أنهم إن لم يكونوا صالحين فإنهم أقرب للصلاح، المهم إنه من ضمنهم شاب كنت قد تعرفت على أخته من قبل، وهي أخت صالحة، -أحسبها كذلك- وهم من أسرة طيبة، هو شاب ممتاز، تتمناه أي بنت؛ لما فيه من الصفات الطيبة، من استقامة ومحافظة على الصلوات، وحب الجهاد وغيرها، كان قد ألمح لي بحبه، وتفكيره بالزواج مني، غير أني كنت أتجاهل كل ذلك، إلا أنه استطاع أخذ رقم جوالي (ليس عن طريقي) وأخذ يبعث لي برسائل تحمل في طياتها الحب والحزن، وجعلني في موقف لا أستطيع تجاهل مشاعره، غير أنه إنسان كتوم، ولم يصارحني بشيء، وكأنه يريد أن أبدأ أنا، وفي الحقيقة أنا لا أبادله نفس الشعور، وكذلك أني أشعر أني غير مناسبة له، وأني لست الفتاة التي رسمها في مخيلته وأحبها، وكذلك أشعر أني لست أهلاً لأن أكون زوجة له؛ لأني لا أجيد شيئاً من أعمال المنزل، لذلك أرفض فكرة الزواج عموما، إلا أني أخاف أن يتقدم بي العمر وأندم، وأخاف إن رفضت هذا الشاب أو صددته أن أندم كذلك لأني ضيعت فرصة لن تتكرر؛ ذلك لأني من عائلة قبيلية، وفرصة الزواج نادرة، فقليل من قريباتي من تزوجن، والباقي منهن بلغن الثلاثين ولم تتزوجن بعد، وكذلك فرصة الزواج من شخص ملتزم أندر وأندر. فما نصيحتكم لي؟ وكيف أتعامل مع الشاب؟. -وجزاكم الله كل خيراً-.
الجواب
إلى الأخت الكريمة: التي رمزت لنفسها باسم (الألم) - سلمك الله من كل ألم وفتح لك باب كل أمل- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أولاً: أهنئك على هذا الشعور الطيب، وأعني بذلك حب الدين وأهله؛ لأن هذا الحب للدين دليل على الوفاء لرب هذا الدين، خلقك وأكرمك، وأسأل الله العظيم أن يزيدك حباً للدين وأن يفيض عليك من نسائم الإيمان؛ حتى تكوني عاملة بالدين على الوجه الذي يحبه رب العالمين - جل جلاله-.
ثانياً: أؤيد الأفكار التالية (وذلك مما ورد في رسالتك) :
1- الحرص على الزواج من شاب صالح محافظ على الصلوات، مستقيم على الدين، مع الحرص على كونه من أسرة طيبة.
2- الحذر من تقدم العمر بدون زواج، وتضييع الفرص المتاحة خشية الندم في المستقبل، وأنت أمانة عند نفسك فلا تحرميها من بعض ما هو من خصائصها، ودواعي استقرارها وأمانها وسرورها.
3- مراعاة الوضع الاجتماعي والتنازل عن بعض الرغبات مجاراة لهذا الوضع الاجتماعي، والوضع الاجتماعي الذي أقصده (قلة فرص الزواج في عائلتك) فهذا الوضع يحتم عليك التنازل عن بعض الآمال في زوج المستقبل خشية عدم تكرر الفرصة.
ثالثاً: لا أؤيد الأشياء التالية (وذلك مما ورد في رسالتك) :(17/436)
1- الدخول عبر الإنترنت إلى المحادثات مع الشباب ولو كانوا كما ذكرت (صالحين أو أقرب للصلاح) ، فهذا مجال غير مأمون ومزلق أخشى عليك منه ثم هو لا يرضي رب هذا الدين الذي تحبينه وتحبين أهله، واستشعري أن الله يرى الحروف المكتوبة بينكم، وأنه لم يأذن لكم بذلك، ولا يرضى عن ذلك.
2- الضعف أمام رسائل الشاب العاطفية والمثيرة للحزن على حاله فلقد عرفنا من التجارب الكثيرة، والقصص الواقعية التي شاهدنا حلقاتها الأخيرة، وهي تنتهي بالمآسي، أقول عرفنا أن كثيراً من الشباب يستخدم هذا الأسلوب المحزن للتأثير العاطفي على الفتاة، ولجرها إلى ما يريدون.
3- رفض فكرة الزواج؛ لأنك لا تجيدين أعمال المنزل؛ وذلك لأن الحل هو تعلم أعمال المنزل لا ترك فكرة الزواج أصلاً، فهل الحل للتي لا تعرف الحج وأحكامه أن تترك الحج نهائياً؟! كلا، بل الحل هو تعلم أحكام الحج ثم تؤديه، فهل الحل للتي لا تحسن استخدام الكمبيوتر أن تتركه؟ كلا، بل هو أن تتعلم استخدامه ثم تستفيد منه.
رابعاً: بخصوص الموقف من هذا الشاب:
1- أنا أرى أن الزواج الشرعي لا يبنى على طريقة غير شرعية في التعارف، فالتعرف على الفتاة عن طريق المحادثة بالإنترنت، وعن طريق رسائل الجوال طريقة ليست شرعية، مع أنه كان بإمكان هذا الشاب أن يفاتح أهله بالموضوع حتى يصل إليك بطريقة شرعية، فلماذا لم يفعل ذلك؟ ثم إني أخشى أن الذي يراسلك عبر الجوال يراسل غيرك أيضاً، والذي يحادثك عبر الإنترنت يحادث غيرك أيضاً، وهذا ما يخشى منه كثيراً على مستقبل الحياة الزوجية، إضافة إلى أنه معصية لله - عز وجل-.
2- ومع هذا الذي ذكرته أعلاه أقول: إذا ثبت أن هذا الشاب مستقيم في أموره الأخرى تائب من خطئه هذا، وليست له علاقات أخرى مع الفتيات فلا بأس بقبوله زوجاً، ولكن لا تستعجلي، وتأكدي من استقامته وتوبته، وليكن تأكدك من ذلك بطريقة خفية، وليس عن طريقه هو، كما أؤكد على الأمر التالي: لا تقرئي رسائله عبر الجوال، ولا تردي عليها، ولكن أرسلي الآن له رسالة واحدة، تقولين له فيها: (الشاب الصالح يأتي البيوت من أبوابها، فاتق الله) . اللهم أحفظها من كل ما لا يرضيك، اللهم أرزقها قلباً مطمئناً بالإيمان، اللهم حبب إليها الإيمان وارزقها العمل الصالح، اللهم أرزقها زوجاً صالحاً خلوقاً يسعدها، ويجعلها تعيش جنة الدنيا، ومتعها في الآخرة بجنة الفردوس.(17/437)
عرضتُ نفسي عليه، فهل أنا مخطئة؟!
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 16/1/1425هـ
السؤال
التمست في شاب متدين كل الصفات التي أريدها، ولرغبتي في الحفاظ على نفسي طلبت الزواج منه، فرفض؛ لعدم قدرته على الزواج؛ ولانشغاله بالدعوة، ولكني أمهلته شهرين للرد علي مرة أخرى! أنا حائرة، لا أدري ما أفعل، فأنا أحس بأني لا أريد أحداً غيره، فهل انتظر رده أم أبادر بالسؤال؟ طبعاً كل ذلك بالرسائل، فأنا لم أكلمه قط. -وجزاك الله خيراً-.
الجواب
جميل جداً أن تحرصي على الارتباط بشاب تتوسمين فيه الخير، والتدين، والاستقامة، وهذا الحرص يدلني على صفتين فيك:
الأولى: أنك فتاة مستقيمة، تطمحين لبناء حياتك، كما أمر الله - سبحانه وتعالى-.
الثانية: أنك تملكين عقلاً راجحاً بالرغم من صغر سنك.
وهاتان الصفتان يقل وجودهما في فتيات هذا الجيل، -مع الأسف الشديد- ولكن، بمجرد قراءتي لسؤالك، قفز إلى ذهني تساؤل: كيف عرفت أنه شاب متدين، وفيه كل الصفات التي تريدينها، بالرغم من أنك لم تكلميه، ومن باب أولى لم تريه؟! (وليس بينكما إلا الرسائل فقط؟!) . بما أن سؤالك لا يوحي بإجابة عن هذا التساؤل فسأضع عدة افتراضات:
أولها: أنك تعرفت على صفاته من خلال برامج الحوار، أو منتدياتها على شبكة الإنترنت، فاستمعت إلى حديث، أو قرأت كلماته، وبالتالي أعجبت به، ولكن هذا لا يعني أبداً أنه يحمل الصفات التي تتخيلينها فيه؛ إذ إن الفتاة إذا أحبت فإنها تتخيل في محبوبها الصفات التي تتمناها هي، لا الصفات التي هو متصف بها بالفعل، وهذه المشاعر هي التي تسببت في انزلاق كثير من الفتيات نحو الخطأ، وسهلت كثيراً لذئاب البشر اقتناصهن، وهنا يلح سؤال لا بد أن يجد منك إجابة منطقية، تستخدمين للبحث عنها عقلك لا عواطفك: هل هو فعلاً كما تخيلته أنا؟ أو كما أوحى به إلي؟! مجرد معرفتك به بهذه الصورة تجيب عن هذا السؤال إجابة صحيحة، فالإنترنت عالم (أشباح) يستطيع كل داخل أن يتشكل فيه كما يريد، ويتصف بالصفات التي يريد، وإذا تحققت من الواقع قد تصدمين بشكله، وجنسه، وصفاته، كما صدم غيرك كثيراً! وتذهب أحلامك أدراج الرياح.
ثانيهما: أن تكوني عرفتيه حقيقة بأي طريقة من الطرق، وتأكتدي من صفاته، وكونه الإنسان المناسب لك، وهنا لا بد أن تعي عدة أمور:
1- عرض المرأة نفسها على الرجل بهذه الصورة أخشى أن يؤدي إلى ابتذالها، فهو وإن كان جائزاً في الأصل، لكننا في زمن لم يعتد الناس فيه على هذا الأسلوب، وقد يؤثر هذا الفكر العام على مكانتك وكبريائك، ولذلك دائماً أنصح الأخوات أن يعرضن أنفسهن إذا اضطررن لذلك، بطريق غير مباشر عن طريق قريب، أو صديقة، أو غيرها، ولذلك أنصحك بالتوقف عن مراسلته، وسؤاله عن قراره؛ حفاظاً على كرامتك.(17/438)
2- من أهم مقومات الزواج الناجح قناعة كل من الطرفين بالآخر، والقناعة ليس بالضرورة أن تكون بالشكل فقط، بل أهم منها القناعة بالإقدام على الزواج أصلاً، ولذلك غالباً ما يفشل الزواج الذي يتم بالإكراه، أو الإجبار، أو الإحراج، أو غير ذلك. وما دام الرجل أبدى لك عذره، وعدم قدرته فلا تلحي عليه؛ لأني أخشى - إن هو تزوجك- أن يفشل زواجكما، ثم تعيشين معاناة جديدة ما أنت فيه الآن أهون منها بكثير.
3- هنا افتراض لا بد أن تضعيه في ذهنك، وهو أنه قد يكون لديه عذر آخر، لا يستطيع البوح لك به، فالدعوة قد لا تشغل الإنسان عن الزواج، وعامة من عرفنا من الإخوة الدعاة المؤثرين متزوجون، وبعضهم معدد، ولم يمنعهم من الدعوة، ربما كان الزواج معيناً عليها إذا وفق الرجل إلى امرأة تهتم بأمر أمتها، ولذلك قد تضعينه أنت بهذا الإلحاح في موقف محرج بين أن يحافظ على مشاعرك، وأن يراعي ظروفك.
بقي أمر مهم: تقولين: (أحس بأني لا أريد أحداً غيره) هل تعلمين أنك بهذه الكلمة تحكمين على نفسك بالإعدام وحياتك بالنهاية؟!.
أستغرب كيف تصدر مثل هذه الكلمة من فتاة عاقلة مثلك، وأنت تعلمين أن في الحياة من هم خير منه بمراحل؟!.
وهل كل فتاة حولك تزوجت من الرجل الذي كانت تتمناه؟ وهل أصبحت حياتها جحيماً بسبب ذلك؟! بالطبع لا.
اسألي من تعرفين من النساء هل تزوجن من كان يداعب خيالها في سني المراهقة؟ من النادر أن تجدي من تقول لك: نعم، ومع ذلك سارت حياتهن مستقرة سعيدة، وأنجبن الأولاد وعمرن البيت.
إنك بهذا الإحساس تدفعين نفسك دفعاً على الشقاء والتعاسة، وتحجبين عنها أفقاً رحباً من التفاؤل بالمستقبل، والعطاء، والإيجابية.
لا يا أختي: في الحياة أشياء أجمل وفي الرجال من هم أكمل، ولا أدعى للراحة من التسليم لله الذي يقول: "وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنت لا تعلمون" [البقرة:216] . وإياك أن يدفعك خوفك من شبح العنوسة لمثل هذا الشعور، فإن الله كما قدر لك رزقك، وأكلك، وشربك، وعمرك، قدر أيضاً زواجك، ولا راد لقدر الله إذا جاء، ولا مقدم له، ولا مؤخر.
أسأل الله أن يرزقك زوجاً صالحاً تقر به عينك، وتسكن إليه نفسك، ويرزقك الله به النية الصالحة.(17/439)
هل تتزوج دون رضى أهلها؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 8/1/1425هـ
السؤال
أنوي الزواج بدون موافقة أهلي، ثم أخبرهم بما فعلت لاحقاً، أنا فتاة عمري 23 سنة متعلمة جداً، عشت حياةً معذبة مع أهلي بين ثلاثة أشقاء، وهم يريدونني أن أكون حسب النظام العربي القديم، فتاة مسكينة لا حول لها ولا قوة، ثم يزوجونني بنفس الوضع، لكنني كبرت، وتغيرت، وصرت عدائية، أحمل لأهلي أنواع الكره، والحقد، لكنني مع ذلك أعامل والداي بما أمر به الإسلام، عندي حزن دفين على طفولتي، ومراهقتي، وما كان لي فيها من عذاب، عرفت الله أنه الوحيد الذي يساعدني، وكنت أصلي من سن عشر سنوات، وأهلي لا يصلون، ولا يصومون، ولا يحترمون الإسلام، تعرفت على شخص ألماني مسلم، وأشعر أنه صادق، وأحببته، طلبت منه أن يصلي، فبدأ يصلي، وأن يترك الخمر، فتركه، وللدلالة على صدقه قال: إنه لا يستطيع تركه دفعة واحدة، بل بالتدرج، الآن عرض علي هذا الشخص الزواج، وأنا موافقة عليه، لكن أهلي لم يوافقوا عليه؛ لأنه لا يملك عقلية عربية مثلهم، هذا الشخص عرض علي السفر لألمانيا للزواج هناك بدون موافقة والدي، وأنا لن أفعل ذلك إذا كان مخالفاً للشرع. أرجو التوجيه منكم.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فمن شروط صحة النكاح الولي، ولا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد (4/394) ، وأبو داود (2085) ، والترمذي (1101) ، من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله تعالى عنه-، ولحديث عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيما امرأة نُكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل" رواه أحمد (6/165) ، والدارمي
(2184) ، والترمذي (1102) ، وقال: هذا حديث حسن، والحاكم (2/182) ، وصححه، وإن صح ما ذكرتيه من أن والدك، وإخوتك لا يصلون، ولا يصومون، فإن كانوا لا يصلون أبداً لا في المسجد، ولا في البيت، فلا ولاية لهم عليك، فتنتقل الولاية إلى من بعدهم من الأولياء، فإن امتنعوا، أو لم يوجد ولي غيرهم، فعليك التقدم للمحكمة الشرعية، وطلب عقد النكاح؛ ففي حديث عائشة - رضي الله عنها- المذكور أعلاه: "السلطان ولي من لا ولي له"، وأنصحك بما يلي:
أولاً: عليك نصح والديك وإخوتك، وتذكيرهم بأهمية الصلاة ووجوبها.
ثانياً: ادفعي ما تلاقينه من أذى أهلك بالتي هي أحسن، واحتسبي الأجر من الله -تعالى-، قال -جل ذكره-: "وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ" [فصلت:34-35] .(17/440)
ثالثاً: لا تستعجلي في الزواج بمن ذكرت بما أنه يشرب الخمر، ولم يصلِّ إلا بناء على طلبك، فقد لا يلتزم بذلك بعد الزواج فتندمي ندماً عظيماً، بل عليك الصبر والتأني، والسؤال عنه جيداً، فإن صحت توبته فلا مانع من الاقتران به بعد توفر شروط النكاح، وأركانه، وانتفاء موانعه أما مجرد شعورك أنه صادق فلا عبرة به وحده.
رابعاً: لا يجوز لك السفر بدون محرم؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام-: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" رواه البخاري (1036) ، ومسلم (1341) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(17/441)
أبحث عن صديق بعد منتصف الليل
المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار
إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 11/05/1425هـ
السؤال
كانت لي استشارة عبر الهاتف لأحد الفضلاء، تفاعل معي في حل مشكلتي؛ فقد كانت لي علاقة مع السائق الذي أذهب معه للمدرسة، والذي تقدم لي فرفضه أهلي، ومرت شهور وانتهت علاقتي مع السائق.
اتصلت على ذلك الرجل الذي استشرته وأخبرته بذلك، بعد فترة وجيزة تقدم لخطبتي، قال لي إنه كلم السائق الذي كنت على علاقة به لمحاولة أو إمكانية التوسط لإتمام زواجنا، لكن كان رده أن قال: إن والدته قد خطبت له. يقول: فرأيت أنه ما بقي إلا أنا؛ لذا سأتقدم للزواج بك.
وافقت، فما كنت أحلم بأن يخطبني مثل هذا الرجل، لكن أمي رفضت، ثم رفض أخي، وشعرت بالظلم يتجرد لي بوجهه القبيح، ويجرعني كؤوسه المريرة التي لا تطاق، ماذا يريدون مني وهم في كل سنة يرفضون من يتقدم لي؟!.
أصبح عندي شبه عقدة من الموضوع، وما هي أسبابهم؟ القبيلة والوظيفة والمزاج هذه أسبابهم، عدت فراسلت الرجل، ولكن استقبل رسائلي برفق وتحفظ، ولكن صرح عن بعض مشاعره لما أرسلت له آلامي ومعاناتي، وأنه مثلي يعاني، ولكن هو منضبط بالشرع حسب ما يقول، وفي الأخير طلب عدم مراسلتي له، وكل ذلك برفق ومراعاة لي، ولم يعد يرد على رسائلي، أو ينقطع فترة ثم يرد، إذا استشرته في شيء ردوده مقتضبة جداً، أنا أرسل له باستمرار، وإن انقطعت لأشهر أجد نفسي أعود للرسائل، أنا الآن أشعر أني خسرت كرامتي، وخسرت هذا الرجل الفاضل، وخسرت نشاطي وهمتي، شعوري بالظلم يتأجج لظى في داخلي، والأدهى والأمر أني أريد أن أبحث عن علاقة مع أي رجل؛ حتى أجد متنفساً لرغباتي، يعني يكون صديق بعد الواحدة ليلاً، هذا لن يزعج أهلي بالتأكيد، وسينسيني هذا الخطيب.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت الفاضلة: - حفظها الله ورعاها- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
اسمحي لي أن أبدي رأيي في كل ما حصل مما قرأته في رسالتك:
1- أهنئك على موقفك في إنهاء القضية مع السائق، وهذا الذي فعلته هو الذي يرضي الله ويرضي رسوله - صلى الله عليه وسلم-، ويحقق لك الخير في الدنيا والآخرة.
2- أقدر لك الحرص على الزواج، وأن يكون الزوج رجلاً صالحاً، وهذا ما تأمر به الشريعة ويوافق العقل، ويوافق الفطرة.
3- أشاركك في مشاعر الألم التي تعيشينها بسبب رفض أهلك لكثير ممن يتقدمون لك دون مبرر مقبول، وأسأل الله أن يبلغك ما تحبين.
4- تعبير الرجل عن مشاعره نحوك، وعن معاناته بسبب رفض أهلك الزواج منه، تمنيت عدم صدور هذا مِن مثله- وفقه الله-؛ لأنه بهذا التعبير زاد من رغبتك فيه وتعلقك به، وبالتالي زادت معاناتك بسبب الرفض العائلي، وهذا يزيد من الإضرار بنفسيتك.
5- رأيي في الزواج من هذا الرجل: أنا لا أؤيد زواجك به، وأرجو أن يتسع صدرك لفهم رأيي، وسبب عدم التأييد ما يلي:(17/442)
أ- لأن هذا الرجل يعرف علاقتك مع السائق – مهما كانت غير خطيرة-، وأخشى أن يبقى متذكراً لهذه العلاقة حتى بعد الزواج، وأخشى أن تحدث عنده شكوك بسبب هذا الأمر، مما قد يسبب المشكلات الزوجية، وأرى أن يكون زواجك من شخص لا يعرف شيئاً سلبياً عنك؛ حتى لا تثار عنده الشكوك، وحتى لا يمن عليك في يوم من الأيام بأنه ستر عليك، وله الفضل عليك –وما شابه ذلك-.
ب- لأن هذا الرجل الذي استشرتيه قد يكون تقدم للزواج بك من باب التعاطف معك، أو الرغبة في حل مشكلتك دون أن يتعرف على جوانب شخصيتك وصفاتك الطيبة، ومثل هذا التعاطف أخشى أن يكون وقتياً لا يصلح لتأسيس حياة زوجية عليه.
6- رأيي في مراسلتك له بعد عدم موافقة أهلك: أنا لا أؤيد هذه المراسلات حتى إذا كانت للاستشارة؛ لأنها تبقي التعلق والارتباط القلبي، وبالتالي تطول مدة المعاناة والتضايق النفسي، وأنا أريد لمعاناتك هذه أن تنتهي، وأن تفتحي صفحة جديدة من كتاب حياتك، وأن تنسي الماضي بحلوه ومره، وسروره وألمه، فمن أكثر النظر إلى الوراء في مسيره أسقطته أصغر المعوقات، فانظري إلى الأمام تسلمي – إن شاء الله-.
7- أختي الفاضلة: لقد شعرت بوجود جوانب متعددة من الخير فيك، فأنت المسلمة المتراجعة عن خطئها، التائبة إلى ربها (والتائب حبيب الرحمن) ، وأنت المسلمة التي تستشير أهل العلم الشرعي، وأنت المسلمة تفرح بالعفاف والزواج من رجل محافظ، وأنت المسلمة التي كانت لك (همة ونشاط) ، كما يظهر من رسالتك.
اسمحي لي أن أسألك يا أختي: هل المرأة التي فيها هذا الخير تقول: أريد أن أبحث عن علاقة مع أي رجل ... ؟! أنا أعتقد أن هذا خطر ببالك في حالة ضعف ناتج عن ضغطين (ضغط الرغبة الطبيعية في وجود أليف) ، (ضغط الشعور بالظلم من الأهل) ، ومع هذا لا يقبل من امرأة خيرة مثلك أن تقول هذا أو تفكر فيه، ثم إن مثل هذا التصرف سيزعج أهلك جداً، بل ربما يؤدي إلى أضرار جسيمة، ومثل هذا التصرف لن ينسيك الرجل.
ومثل هذا التصرف – الذي لن يقع إن شاء الله- لن يحل مشكلاتك، ويذهب همومك، بل سيزيد مشكلاتك، فتنشأ مشكلة الشعور بالذنب ولوم النفس دائماً، وتنشأ مشكلة التفكير في صدق الطرف الآخر
ومن المعلوم أن الرجال الذين يقيمون علاقات غير شرعية كلهم أنانيون ذئاب، طلاب جسد، لا يعرفون معنى الحب ولا الرحمة، بل هم منافقون أخلاقياً، وتنشأ مشكلة القلق والخوف من انكشاف العلاقة غير الشرعية.
أختي الكريمة: أوصيك بالوصايا التالية:
1- اللجوء إلى الله بصدق وإلحاح، وإكثار دون ملل، أسأل الله أن يزيل همومك، ويكشف غمومك، وأن يرزقك زوجاً صالحاً خلوقاً.
2- الاشتغال بما هو نافع ومفيد كالعبادات والقراءة، وأوصيك كثيراً بالأنشطة النافعة في المدارس والمؤسسات الإسلامية، والمراكز الصيفية النسائية، وغير ذلك.
3- الصبر على ما يصيبك، "واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب ... " الحديث رواه أحمد (2800) من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما-.
4- الثبات على الطاعة والاستقامة على الدين "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من لا يحتسب" [الطلاق:2-3] .
5- (في رأيي) لا بأس بأن توصي بعض الأخوات العاقلات بأن يكن عوناً لك في موضوع الزواج.(17/443)
اللهم طهر قلبها وفكرها، اللهم حصنها من كل ما لا يرضيك، اللهم اغن نفسها، وعَمِّر قلبها بالإيمان، اللهم اجعلها كالغيث يفرح بها الناس إذا أقبلت، ويدعون لها إذا رحلت عنهم، اللهم متعها بزوج صالح يسعدها، وذرية طيبة تفرحها؛ إنك على كل شيء قدير.(17/444)
أختها سيئة السمعة، فهل اتزوجها؟!
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 10/05/1425هـ
السؤال
أنا شاب، أبلغ من العمر 25 عاماً، كان لي صديق طيب له بنت متدينة، ولكن سمعة الأسرة بسبب البنت الكبيرة ليست جيدة، فسيرتها غير طيبة، ولذلك طلقها زوجها.
ولكني متأكد أن الأخت الصغرى متدينة، وأنا أريد الزواج منها، ولكني أخشى أن أفاتح أهلي في هذا الموضوع، مع العلم أنني تقدمت لفتيات أخر، ولكن..إما أنهن لم يعجبنني، وإما أن ظروفي لم تعجب أهلهن، مع أن أبا هذه الفتاة راضٍ بي، وأنا أحبه جداً، ولكني أخشى من سوء السمعة الذي يلاحقهم، وأنا من عائلة كبيرة، وهم فقراء ومن عائلة صغيرة، وأقاربهم لا يشرّفون اجتماعيا، وهم الأسرة الوحيدة الملتزمة في عائلتهم.
وأنا أخشى أن أنتظر حتى أتخرّج أن يتقدم بي العمر، كما أني أكبر إخوتي، فأخشى أن أفاتح أهلي وأضغط عليهم؛ لأنني أعتمد على نفسي ثم أندم بعد ذلك، وأهلي يقترحون علي أن أنتظر ثلاث سنوات؛ حتى أتخرج، مع العلم أنني أحس أنني سأستريح جدا مع هذه الأسرة، ولكني متردد جداً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
أخي الحبيب: واضح من كلامك الصدق، ورغبتك في المشورة، فأقول وبالله التوفيق إنك رجل عصامي تعمل وتدرس، وهذا حسن، وتتركز المشكلة في قضية الحيرة في الاختيار من فتاة بقصد الزواج، وبعد دراسة المشكلة أرى ما يلي:
1- وضع الأسرة المراد الزواج منها في بنائها الاجتماعي بعض الخصال غير المرغوبة كالسمعة، والفقر، وسوء في نسبها وأقاربها.
2- مستوى أسرتك أفضل من حيث المستوى الاقتصادي والسمعة، والذي يتضح في ارتفاع المستوى التعليمي لك ولإخوتك كماً ونوعاً.
وبتحليل الموضوع اجتماعياً نجد أن التوافق الأسري عامل مهم لنجاح الزواج، وبخاصة في الجانب الاجتماعي والاقتصادي، وهذا يرجح كما نراه في توقع عدم نجاح الزواج الذي تريده.
يتضح من كلامك - أخي الكريم- حرصك على رضا والديك، وموافقتهم على الزواج، وهذا أمر تثاب عليه؛ فرضا الله من رضا الوالدين، إلا أن قولك: إنك تعتمد على نفسك، فتذكر أنك ومالك لأبيك، وأن الجنة تحت أقدام الأمهات، وأنك الولد البكر، والفرحة بك ينتظرها والديك، وهنا الأمر يرجح انسحابك من الزواج من هذه الفتاة؛ ابتغاء الأجر والمثوبة.
أخي الحبيب: في العلوم الاجتماعية نرى أن الوصمة التي تصاب بها أي أسرة من الصعب زوالها، وهذه الأسرة التي ترغب الزواج من ابنتها سمعتها -كما تقول- سيئة بسبب ابنتهم الكبرى، وهذا زواج فيه استمرارية وأبناء وحياة، فهل ستتحمل ذلك؟
وما ذنب أولادك أن يأتوا في وضع أسري ملوث إلى حد كبير، وأنت تعلم أن المجتمع لا يرحم، وهذه حقيقة من الصعب تجاهلها، أو أنك ستعيش لوحدك!(17/445)
كما أن والدك له عليك حق كبير في أن تسعى للحفاظ على سمعته وعزته، وهذا متوقع منك بصفتك الابن الأكبر، فكيف يأتي منك العكس، والعاطفة هنا لا يجب أن تلغي العقل، وهذا دورك كشابٍ، بحيث يكون تفكيرك بحقوق والديك قبل حقوقك، خاصة وأن والديك لم يرغموك على الزواج بفتاة بعينها.
أخي الحبيب: حتى تتقبل الأمر ضع نفسك مكان إخوتك وأخواتك عند إصرارهم على الزواج، وربط أسرتك بنسب مع مثل هذه الأسرة، وارجع لأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم- ووصفه لخضراء الدمن انظر ما رواه الواقدي من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - بسند قال فيه الألباني ضعيف جداً انظر السلسلة الضعيفة (14) ، أو قوله - صلى الله عليه وسلم ="تخيروا لنطفكم، وأنكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم" رواه ابن ماجة (1968) من حديث عائشة - رضي الله عنها-.
أما الفتاة فالتزامها - إن شاء الله- قد يتيح لها الزواج برجل يناسبها، وينتشلها من مثل هذه الأسرة، فقد يأتي زوج مناسب في المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وقد تسعد به أكثر من سعادتها معك.
أضف إلى ذلك فإنك ستكون ضحية للشكوك والمخاوف، وقد تتعرض لعاصفة من الأمراض النفسية، فمهما يكن تظل رجلاً في تفكيرك وأسلوبك في الحياة.
الاستشارة: الرأي الراجح انسحابك من الزواج من هذه الفتاة والدعاء لها بالتوفيق، ومحاولة الخروج من دائرة الصداقة لهذا الرجل؛ للخروج من دائرة التفكير، ولتغيير النظرة العاطفية للآخر ولو على حساب الذات، وعدم التركيز على جلد الذات وتوبيخها، وإعطاء عقلك التصرف في مثل هذه الحالات.
وفي الختام أسأل الله العلي القدير لك بالتوفيق، وأن يعوضك الله بزوجة أخرى، وأن يمن على جميع أسرنا المسلمة بالستر والعفاف؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.(17/446)
والدي يريد أن يزوجني بمن لا أريدها
المجيب د. سلمان بن فهد العودة
المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 17/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو الإجابة عن هذا السؤال بأسرع وقت؛ لأنه مهم جداً، وربما أستطيع تعديل شيء مما حصل:
سماحة الشيخ: والدي ذهب إلى عمي قبل سنتين، وطلب يد ابنته التي في سني لي -وهي أكبر مني بخمسة أشهر-، ولم يخبرني بالموضوع، ومضت الأيام حتى وقتنا الحاضر -أي بعد سنتين-، فأخبرني بأنه يريد أن يعلن الخطوبة بعد شهر من الآن وأنه قد تم تجهيز كل شيء للخطوبة، فعندما سألني طبعاً رفضت يا شيخ؛ أنا أحب بنت عمي، ولكنها غير متدينة البتة، وكما أعلم لا تعلم من الدين إلا الصلاة وفي رمضان، وتكثر من فعل المعاصي من مقابلة غير محارمها، واستماع الأغاني و ... و ... الخ، وهي متعجرفة قليلاً، فقبل ما يخبرني والدي عليها كنت قد بغضتها، والآن يريد مني أن أخطبها، ووالدي عندما يريد شيء يفعله ولو كلفه ذلك أي شيء، يعني لربما قتلني لكي أخطبها لو استطاع، ويقول بأنه قد مضى له سنتين وهو حاجز لها من أجلي بدون علمي، وبدون علمها أيضاً، وإنما بين الآباء، وأنا شخص متدين -ولله الحمد-، وأيضا لا أريد أن أسبب المشاكل إلا بوقت الضرورة، فأرجو أن تدلوني إلى الطريق الصحيح. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الكريم: - وفقك الله لما يحب ويرضى-.
إن كان كما ذكرت بأن ابنة عمك غير صالحة لك البتة، فعليك بالتزام الحكمة باتباع الخطوات التالية:
- احذر من الصدام مع والدك.
- ادعو الله أن يكتب لك الخير.
- تصدق بصدقة تدفع بها الخطيئة، وتداوي بها همك وألمك.
- ادخل في الأمر عمك واقنعه بأن نظرتك إلى ابنته هي نظرة احترام وأنها كأختك في نفسك ولا تجعلها زوجة ولا تريد أن تدمر حياتها بزواج ليس فيه توافق، وسرب مثل هذه المعلومة إلى ابنة عمك لعلها تتخذ موقفاً مشابهاً يخفف الضغط عليك، إن كان ذلك يجدي.
- أشرك في أمرك أهل الرأي ومن لهم كلمة عند والدك؛ إمام المسجد، شيخ القبيلة..إلخ.
- اكتب ورقة أو تكلم مع والدك في جلسة صريحة توضح ما سيكون عليه مآل الزواج لو تم من خلاف، أو قد يكون فراق ثم قطيعة رحم - لا قدر الله-.
- إذا ضاقت بك الأمور فتذكر أن الله - عز وجل- قادر على حل الأمور حتى بعد الزواج، وما يدريك لعل الله أن يشرح صدرك لها، وصدرها لك، وأن تكون على طاعة.
- احذر من الأفعال المتشنجة مع والدك. وأبشر بخير -بإذن الله-.(17/447)
أحبها وأمي ترفض زواجي بها
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 16/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
أنا شاب في السنة السادسة من كلية الطب، وأعجبت بزميلة لي تعمل معنا في المستشفى، وأرغب في الزواج منها والارتباط بها، وأمي من النوع الشديد جداً والمتعصب في التفكير، حيث إنها لا تحب إلا أن تكون العروس من اختيارها؛ لأنها تعتقد أنه لو لم تكن من اختيارها فأنها ستكون سيئة معها، مع العلم من أن هذه الإنسانة قمة في الأدب والأخلاق، والكثير يمدحونها ويمدحون أخلاقياتها وعائلتها، المشكلة الآن هي كيف تقتنع أمي بالوضع، وتوافق على خطبتها لي، خصوصاً أن عائلتها تعود إلى أصل شرق أسيوي، وأمي دائماً تقول يستحيل أن أزوج أبنائي من هؤلاء، ويعلم الله أني أحب الفتاة حباً طاهراً، وقلبي متعلق بها بشدة، وأريدها بالحلال، ولم يحصل شيء بيننا أبداً، ولكني معجب بها بشدة، وأحبها كثيراً، وأشعر بالأسى إن فقدتها، وأنا محتار جداً بعد كلام أمي، فقد كان كالسهم الذي مزقني، كيف لي أن أقنعها بأن الفتاة ليست كما تظن؟ حيث إنها رافضة حتى أن تزور أهلها، وأنا الآن في حالة سيئة؛ نظراً لرفض أمي، وهي تقول: أنت تعرف الفتاة وبالتالي هي ليست أهلا للثقة، أرجو مساعدتي في أقرب وقت ممكن، ولكم مني جزيل الشكر والتقدير.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحابه أجمعين، أما بعد:
أخي الكريم: وفقك الله ورزقك الزوجة الصالحة، والجواب كما يأتي:
1- اختيار شريكة العمر، ورفيقة الدرب ليس بالأمر الهين، وخاصة في هذا الزمان.
2- قد يعجب الشاب بفتاة كزميلة له أو صديقة لأخواته، ولكن قد لا يكون من المناسب أن تكون زوجة له.
3- يفكر بعض من يريد الزواج بالشكل والجمال، وقد يغرى بالفتاة، ولكن بعد الزواج، وبعد الحمل، والولادة، وإنجاب الأطفال يشعر بأنه قد أخطأ، وكان من المفترض أن يحسن الاختيار، وهذا لا يعرفه إلا من جربه.
4- الشاب يعيش في مجتمع وفي أسرة، وتختلف هذه الأسرة عن غيرها في سلوكياتها وأخلاقها، وأعرافها، وقد يكون من المألوف عند بعض الأسر أن تخرج المرأة مع الرجال الأجانب، وتتحدث معهم، وتبيت خارج البيت، وتذهب إلى من تريد بلا حسيب ولا رقيب، وترى أسرة أخرى أن ذلك لا يجوز، وأنه أمر حرام لا توافق عليه الأسرة مهما كلف الأمر.
5- في المثل العامي (رقعة الثوب منه) ، وقد ذكر الفقهاء - رحمهم الله- التكافؤ بين الأزواج، فكلما كان كلاً من الزوجين من بيئة واحدة متقاربين في الثقافة والأمور العامة، كلما كان ذلك سبباً من أسباب بقاء العلاقة الزوجية وصفائها.
6- إذا كانت هذه الفتاة على درجة من الدين والخلق، ونفسك متعلقة بها، فإن إقناع أمك يكون بأن تزوركم هذه الفتاة مع أمها، وتتحدث مع أمك بعد الزيارة، وترى ما عند أمك، فربما حطم ذلك كثيراً من التصورات المسبقة لدى والدتك وجعلها تنظر إليها بإيجابية واحترام.(17/448)
7- أوصيك ألا تقدم على الزواج إلا وأمك راضية من زواجك؛ فهي لا تريد لك إلا الخير ولذلك فكن رفيقاً بها صبوراً على إقناعها بلطف وإن كان من حقك الزواج بمن تحب فمن حق أمك حسن التلطف معها في طريقة اتخاذ هذا القرار. والله أعلم.(17/449)
هل أرضى بهذا زوجاً؟
المجيب محمد العبد الكريم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 8/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة محافظة، بعد سنين مضت في غفلة وإعراض عن الله، وفي الآونة الأخيرة تقدم لي عدة خطّاب ولكني دائمة الرفض لهم؛ على أساس أن تدينهم ليس بذلك، ولا يصلون إلا في البيوت، فهل موقفي هذا صحيح؟ أفيدوني، جزاكم الله خيرا. ً
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخت الكريمة: أنت الآن على مشارف نهاية العقد الثالث من عمرك، وهذا السن يعتبر متقدماً بالنسبة للفتاة، ومع تقدم العمر يبدأ القلق والخوف من المستقبل، مما ينعكس بصورة سلبية على مجمل الوضع النفسي عندك.
وقد ذكرت في سؤالك أنه تقدم لك عدد من الرجال طالبين الزواج منك، وكان سبب الرفض عدم التزامهم، ولا شك أن هذا السبب في الرفض من أقوى الأسباب، وحسبك أن يكون من أجل الدين، فأنت تريدين أن تبني لك حياة مستقيمة، وهذا لا يتأتى إلا مع رجل يخاف الله، مرضي في دينه وخلقه.
إذاً أنت بين خيارين: خيار القبول برجل التزامه ضعيف، ويدفعك لذلك عمرك الذي يشارف الثلاثين وربما لو تأخرت أكثر لربما زاد القلق وزاد التوتر.
وخيار التصبر حتى يأتي الله بالفرج، ويرزقك بالزوج المناسب الذي ترضين دينه وخلقه. ولذلك أنصحك أختي الكريمة بالتالي: إن كنت قادرة على الانتظار والتريث حتى تجدين الزوج المناسب الذي يخاف الله، وكنت ترين الفرصة ممكنة والخيارات متاحة ولا يحتاج الأمر منك إلا إلى شيء من التروي، فلا شك أن هذا أفضل بالنسبة لك، وهو أولى الحلول؛ ذلك أن الحياة الزوجية يجب أن تبدأ صحيحة حتى تستمر وتستقر. والبداية الصحيحة الموفقة بإذن الله لا تكون إلا مع من يستحي من الله ويخاف منه.
وأما إن كان الانتظار يضر بك كفتاة تحدثها نفسها كل يوم بالرجوع إلى الطريق السابق، أو كنت ترين الفرص تتناقص وتضيق وأن الانتظار قد لا يأتي بالمراد، أو كنت كثيرة التقلب، ـ وإن شاء الله أنك لست كذلك ـ لكن على فرض ذلك، فإن قبولك برجل لا يقيم الصلاة إلا في البيت؛ أخف ضرراً من بقائك بدون زوج، وأنت لا تثقين في صبرك مدة طويلة. وبالله التوفيق.(17/450)
تعلقت بشاب وتقدم لي غيره
المجيب د. خالد بن حمد الجابر
مستشار طب الأسرة.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 20/7/1425هـ
السؤال
إخوتي في الله: أود أن أتفضل بسؤالكم في قضية مهمة جداً تتعلق بحياتي، وقد أتعبتني جداً، بالرغم من أنني إنسانة مؤمنة بمعنى الكلمة، ومتعلقة بالله بشكل كبير، وأدعوه دائماً وأنتظر الإجابة، المهم هو أنني منذ صغري لم أهتم يوماً لشيء اسمه العلاقات المحرمة بين الفتيات والفتيان، وأعرف أنها حرام في الدين، ولهذا ابتعدت عنها بقدر الإمكان، وانشغلت بالصلاة وذكر الله طوال السنين الماضية، وعندما دخلت الجامعة تعرَّفت على شاب من بعيد، ولم يحدثني يوماً أبداً، وقالوا إن هذه شخصيته، وصدقوني أحببته حبًا شديداً، وبالرغم من ذلك لم أغضب الله في هذا الحب، وظللت أدعو طوال ثلاث سنين كاملة أن يجمعني الله معه بالحلال، ولكن الآن سأتخرج من الكلية والشاب مازال على حاله ينظر من بعيد فقط، وأنا تعقدت حياتي بهذه الطريقة، وتقدم لي شاب آخر ذو خلق، وله مواصفات مميزة، وأخبرني أنه يحبني ويريدني بصدق بما يرضي الله منذ زمن، ولكن الآن أنا في حيرة شديدة لا أستطيع الارتباط بهذا الشخص وقلبي ملك لآخر، ولا أريد أن أكذب عليه، وبعدها سوف أظلمه معي، وصليت خمس مرات صلاة الاستخارة، ولكن قلبي مازال متعلقاً بشدة بالأول، وها أنا في دوامة لا أعرف لحياتي معنى، وقد أتعبتني المشكلة، وقلَّ نومي جداً، ولا أعرف ما الحل، وأعرف أن الله كريم جداً ورؤوف بعباده.. أخبروني بالتفصيل ماذا أفعل، وأنا لن أتردد أبداً؟ والسلام عليكم، وجزاكم الله كل خير.
الجواب
الأخت الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..
لقد قرأت رسالتك الرقيقة مرات ومرات، وجعلت أتأمل فيها عدة أيام، ليس لأني لم أواجه حالة تشبهها من قبل، كلا! ، فالحالات المشابهة لحالتك لا تعد ولا تحصى، لكن لما لمست من معاناتك وتألمك، فقد وصفت مشكلتك بأنها قضية مهمة جداً تتعلق بحياتك، وأنها أتعبتك جداً جداً، وأن حياتك تعقدت بهذه الطريقة، وأنك في دوامة، ولم تعودي تعرفين لحياتك معنى، وقلَّ نومك جداً، وأنك لا تعرفين ما الحل؟.
كان الله تعالى في عونك!.
أختي الكريمة:
طلبت منا شيئاً عجيباً، وهو أن نخبرك بالتفصيل عما يجب أن تفعليه، ثم لن تترددي إطلاقاً في تنفيذه بحذافيره، فهل أنتِ متأكدة مما قلتِ!.
حسناً! دعينا نبدأ على بركة الله، وستجدين فيما نكتبه لك - بإذن الله - ما يكون خير مساعدٍ لك على تجاوز هذه المحنة العصيبة، لكن يا أختي الكريمة نحن لا نعطي حلولاً سحرية؛ لأننا ببساطة لا نملكها! كل ما نفعله -وهو ما تحتاجينه- أن نجعل الصورة أكثر وضوحاً، والحلول المتاحة أكثر بياناً بحيث لا تسيطر العاطفة، ولا يزيغ العقل، ثم أنت بعد ذلك تختارين من هذه الحلول ما ترينه أقرب للصواب.
وسنناقش الموضوع كعادتنا في جزئين، دراسة الحالة بشكل أفضل، وطرح الحلول المتاحة لاختيار أفضلها. والله المستعان.
دراسة الحالة بشكل أفضل
لقد لخصتِ لنا مشكلتك بوضوح:(17/451)
فأنتِ تعرفتِ في الكلية على شاب من بعيد، وأحببتيه حباً شديداً، مع أنه لم يحدثك يوماً أبداً، وظللت في أحلام الحب والعشق ثلاث سنوات كاملة، وأنت خلالها تدعين الله تعالى أن يجمعك معه بالحلال، لكنه لم يتقدم لك ولم يحادثك في الموضوع إطلاقاً، وأكدت لنا أنك لم تغضبي الله في هذا الحب أبداً، وهذا يعني أنك محجبة، ولا تمازحين الرجال الأجانب وتضاحكينهم بما لا يليق بالمسلمة.
ثم حصل أن تقدم لك شاب آخر، ذو خلق وله مواصفات مميزة، وأخبرك أنه يحبك هو الآخر، ويريدك بصدق بما يرضي الله منذ زمن، مع أنه -كما يبدو- لم تشعري أنت بحبه لك! تماماً كما كنت أنت تحبين الآخر وهو لا يدري!! حتى صرت في حيرة شديدة؛ لأنك كما تقولين:
- لا تستطيعين الارتباط بهذا الشخص وقلبك (ملك!!) لآخر
- ولا تريدين أن تكذبي عليه فتظلميه معك.
- وقلبك مازال متعلقاً بشدة بالأول
وهذه بعض النقاط حول حالتك، ما رأيك لو تدارسناها سوياً؟.
(1) بعض بلايا الاختلاط
ما جرى لك -يا أختي الكريمة- نتيجة متوقعة للاختلاط بين الجنسين في بلاد المسلمين، وأنت واحدة من ضحايا الاختلاط المحرم، وهن بالملايين، ولئن كان حجزك عما يغضب الله أنك - كما ذكرت عن نفسك- "إنسانة مؤمنة بمعنى الكلمة!، وأنك تدعين الله دائماً وتنتظرين الإجابة، ولم تهتمي يوماً لشيء اسمه العلاقات المحرمة بين الفتيات والفتيان؛ لأنك تعرفين أنها حرام، ووفقك الله حين انشغلت بالصلاة وذكر الله طوال السنين الماضية". أقول لئن كان حجزك عن الحرام مراقبتك لله وخوفك منه، فإن كثيرين وكثيرات وقعن في الأمر المكروه! .
يا لله! ، من كان يصدق أن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهي الأمة العفيفة الشريفة المحافظة، يبلغ بأهلها الأمر أن يجمعوا بين الفتيان والصبايا في قاعات الدرس جنباً إلى جنب! .
أليس فينا رجل رشيد -وامرأة رشيدة- يقول لهذا التهييج الغرائزي والاستنزاف العاطفي أن يتوقَّف، وترجع الأمة إلى ما كانت عليه من عفة وحشمة وشرف!؟ اللهم عجل بهذا يارب.
(2) ما أرق عاطفة الأنثى..
تهيج عاطفة الفتاة في هذه السن، بصورة قوية عنيفة، فتصبح أكثر حديثاً عن الحب والمحبة، والوله والعشق. وقد تكون هذه العاطفة بين فتاة وأخرى من جنسها، وقد تكون هذه العاطفة بين فتاة وآخر من عالم الرجال، وهي حديثنا هنا.
عاطفتك -يا أختي- جياشة حية متدفقة، إني أراها كموج بحر هادر يضرب في صخور الشاطئ! . الفتاة كالزهرة الندية، في صباح لطيف باسم، رقيقة المشاعر مرهفة الحس ناعمة الوجدان، تطربها الكلمة الودودة، وتنعشها الابتسامة الحانية، ويغرس الاهتمام بها في قلبها البهجة والسرور.
إن مقصودي أنه لابد أن تدركي أن ما تشعرين به من مشاعر وعواطف جياشة هو من طبيعة المرحلة العمرية التي تمرين بها، وجزء أيضاً من طبيعتك الأنثوية الرقيقة، وعندما تمتد بك الحياة على خير وهدى، ستتذكرين كلامي هذا جيداً.
(3) هل هو الحب الصادق..(17/452)
الحب شعور قد يكون جبرياً قسرياً قهرياً في أحيان ليست قليلة، ومشاعر الفتاة رقيقة ناعمة سريعة التأثر، والمرأة حين تحب رجلاً فإنها تنطلق من عاطفتها وليس من عقلها في الغالب، بعكس الشاب الذي تكون عواطفه عقلانية فلسفية في الغالب، وهذا من الفروق المشاهدة بين الذكر والأنثى.
وحين تقولين: "صدقوني أحببته حبا شديداً" فنحن نصدقك، ولا نجرؤ أن نقول إن حبك غير صادق، وإنما نسأل عن الحب نفسه هل هو حب صادق أم لا؟
هل هو حب نفس لنفس وروح لروح؟ أو هو حب صور وأشكال وأصوات وجسوم؟ هل هو محبة عرضية أو ذاتية؟ ، وهل هو استحسان روحي وامتزاج نفسي، أم هو استحسان مادي جسدي؟
إن إجابتك على هذه الأسئلة بنفسك سيعينك كثيراً -بإذن الله تعالى- على اتخاذ القرار المناسب.
(4) "وهم العشق المتبادل"
لا تتصوري يا أختي أنك العاشقة الوحيدة "عن بعد! "، عذراً فهذا المصطلح "العشق عن بعد" اخترعته بعدما رأيت كثرة الحالات الواقعة فيه، وقد لخصه لنا أحد الكتاب المعروفين في بلادنا، وحكى قصة حب عنيفة وقعت له، وهي قصة رمزية لها دلالة مهمة أنا متأكد أنك ستفهمينها بسرعة.
يقول الكاتب إنه كان في طريقه من بيتهم إلى المدرسة (قبل أكثر من 40 سنة) يمر على بيت لأحد جيرانهم، وكان كلما مر رأى من خلف الباب فتاة متلفعة بعباءتها السوداء تطل عليه من فتحة الباب، فطار قلبه بها، وعشقها عشقاً عظيماً، مع أنه لم يرها ولم يدر من هي، غير أنه يعرف أن لجارهم هذا بنتاً في سنه.
وصار كلما مر على بيت جارهم خرجت له هذه الفتاة المتلفعة، ولم تكن تخرج بكاملها إنما كان لا يبدو منها إلا طرف العباءة، واشتعل العشق في قلب صاحبنا، وصار ينسج الأحلام الوردية والآمال الزوجية على هذه الفتاة التي بلغ اليقين عنده أنها تحبه وتتعمد الخروج له كلما مر من باب بيتهم.
حتى كان ذلك اليوم المشهود، وقرر صاحبنا الانتظار أكثر؛ عله يظفر بكلمة أو رسالة من المعشوقة المحبوبة، وفعلاً أطال المكث عند الباب، حتى انفتح أكثر وبانت له معشوقته كأحسن ما أنت راء من "شاة" سوداء أنيقة بديعة! ، مربوطة بحبل قصير لا يوصلها إلا إلى طرف الباب!.
هذه هي القصة ودلالتها الرمزية ظاهرة، إنها تتحدث عن "وهم العشق المتبادل"، ومن العبارات الجميلة المأثورة "ليس المهم أن تُحِبَّ ولكن المهم أن تُحَبَّ "، ومن قصص الصحابة في هذا، القصة المشهورة للصحابية الجليلة "بريرة"، فقد كان زوجها يحبها غاية الحب، بل كان يهيم بها هياماً لم يقدر أن يخفيه عن الناس، حتى عجب النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه من هذا، كيف يحبها هذا الحب وهي تبغضه هذا البغض.
(5) تأثير الكلمات المسيطرة..
لقد قلت -يا أختي- في رسالتك الرقيقة: إن قلبك "ملك للأول"! وهذه كلمة في غاية العجب!، كيف بعت قلبك له، وهل اشتراه منك، البيع لابد فيه من قبول وإيجاب، ثم هل تباع القلوب؟.
كلمتك هذه "قلبي ملك للأول" نسميها نحن "كلمات مسيطرة"، وهي كلمات تشير إلى قناعات نفسية لدينا، اقتنعنا بها دون محاكمة لها.(17/453)
"قلبي ملك للأول".. سبحان الله! ، هل قمت يا أختي بمحاكمة هذه الجملة الخطيرة من قبل؟ ، هل فعلاً قلبك ملك للأول؟ . جربي! حاكميها إلى العقل والمنطق؟ واخبرينا بماذا ستخرجين.
وذكرت يا أختي الكريمة "أنك لا تستطيعين الارتباط بالشاب الذي تقدم لخطبتك". والحقيقة أنني أكره مثل هذه الكلمات: لا أستطيع! ، لا أقدر! ، مستحيل! ، غير ممكن! .. إلى آخر القائمة من "الكلمات ذات السيطرة والهيمنة"، إنها كلمات تؤثر علينا بل وتتحكم في حياتنا دون أن نشعر.
ونظراً للدور الخطير الذي تحدثه مثل هذه الكلمات وأمثالها نشأ في الطب النفسي الحديث تخصص جديد اسمه "علم النفس المعرفي" أوالعقلاني، وهو ينادي بضرورة محاكمة هذه الأفكار التي سماها "الأفكار السلبية التلقائية". جربي يا أختنا الكريمة أن تحاكمي كثيراً من الألفاظ والعبارات والقناعات المتعلقة بحالتك هذه، وستجدين العجب! .
وفي خصوص هذه الكلمة بالذات "لا أستطيع الارتباط بهذا الشخص"، ماذا تقصدين؟ هل تقصدين أن أحداً يمنعك من ذلك، أو أنك تقصدين "لا تريدين الارتباط به"!؟ ، وبينهما فرق كبير.
يا أختي! . أنت تستطيعين الارتباط بهذا الشاب أو غيره، إذا اكتملت شروط الزواج، ولكنك تقصدين: أنا أريد الارتباط بالأول لكنه لم يتقدم لي، فالذي أريده لم يتقدم لي، والذي تقدم لم أفكر فيه أصلاً!! .
(6) الاكتئاب
ذكرت عن نفسك قلة النوم بشكل كبير، وأن الحياة لم يعد لها عندك معنى، فإذا انضاف إلى هذا نوبات من الضيق والحزن والبكاء، مع الكسل والخمول، وضعف التركيز، وقلة الشهية للطعام، والرغبة في الموت، فهذه ربما تكون علامة أنك أصبت بالاكتئاب، وهو مرض نفسي معروف، يكثر نتيجة الضغوط العاطفية.
فإذا كان الأمر كذلك، فلابد أن تبادري بعرض نفسك على طبيب العائلة الخاص بكم، أو إذا لم يكن هذا النظام الصحي متبعاً عندكم فاعرضي نفسك على طبيب نفسي موثوق، ولا تتأخري في هذا -يا أختي - أو تتساهلي فيه؛ لأنه إذا كان فعلا لديك اكتئاب نفسي، فالحمد لله تعالى ستجدين عند الطبيب جلسات نفسية وأدوية مناسبة يشفيك الله –سبحانه- بسببها من هذا المرض.
(7) الحب قبل الزواج؟
(.. مسكينات هن فتياتنا يبلغ الظن بهن أن الحب قبل الزواج بحلاوته وطلاوته سيستمر بعد الزواج، قوياً كما هو، ليت شعري كيف لو عرفوا عن الدراسة الأمريكية العجيبة، التي أثبتت أن الغالبية العظمى من الزيجات التي تنشأ عن قصة حب كبيرة، أنها تنتهي بالفشل والطلاق، والسبب ظاهر، فحرارة الحب قبل الزواج حرارة خداعة، سرعان ما تطفئها أمواج الواقع، وهذا معنى قول عمر "وهل تبنى البيوت بالحب وحده"، خاصة أن هذا النوع من الحب يكون عادة متركزاً على جانب واحد من شخصية المحبوب، كالشكل والمظهر، أو الكلام المعسول، دون التفات إلى بقية صفات الشخصية، التي ستبقى فعلاً بعد الزواج، وأنا أتساءل: لو تزوَّج قيس ليلى أو كُثير عزة أو جميل بثينة أو عروة عفراء، فهل سيبقى حبهم بعد الزواج كما هو؟!.
والخلاصة.. أرجو أن يكون قد تبين لك -حتى الآن- أن حالتك هي:
· بعض بلايا الاختلاط،(17/454)
· وأن مشاعرك الجياشة القوية التي تعيشينها هي بسبب عاطفة الأنثى، وطبيعة المرحلة العمرية.
· وأن الحب الذي وقعت في شباكه أمر قد لا يملكه الإنسان، لكن عليه أن يسأل هل هو حب صادق..
· وأنك ربما تكونين وقعت في "وهم العشق المتبادل".
· وأن حالتك ربما تكون واقعة تحت تأثير بعض الكلمات المسيطرة، وأن عليك محاكمة هذه الكلمات.
· وأنك بحاجة للمرور على الطبيبة للتأكد من الاكتئاب النفسي.
·وأن الحب قبل الزواج ليس دائماً ينتهي بحياة زوجية سعيدة.
الحلول المتاحة:
ليس في الدنيا شيء أكثر من الحلول، بدليل أن المشكلة الواحدة يكون لها عدة حلول، لكن الموفَّق –وأنتِ منهم إن شاءالله تعالى- من وفقه الله لاختيار أفضل هذه الحلول.
(1) "أعرف أن الله كريم جدا ورؤوف بعباده"
هذه عبارتك أنت، وقد جعلتها عنوانا للفقرة لجمالها وروعتها! .
لا أستطيع أن أخفي فرحي بعباراتك الرائعة حين قلت: لم اهتم يوماً لشيء اسمه العلاقات المحرمة بين الفتيات والفتيان، وأعرف أنها حرام في الدين؛ ولهذا ابتعدت عنها بقدر الإمكان، وانشغلت بالصلاة وذكر الله طوال السنين الماضية.
إن كنت صادقة –وأنتِ كذلك- فأنت فعلاً موفقة محظوظة، وهل شيء في هذه الدنيا أحلى من العفة، وأجمل من الصلاة، وأفضل من ذكر الله تعالى! .
لئن انشغلت بهذه العبادات الجليلة في سنواتك التي سبقت الجامعة، فأنت الآن أكثر حاجة إليها، أليس كذلك؟! . ولا تملي فإن الله لا يمل!، ولا تتوقفي ففضل الله لا يتوقف! .
إن ما تقومين به ليس مجرد عبادة، لكنه علاج نفسي يدرس في جامعات السوربون وهارفارد وإكسفورد! ، نعم هم لا يعرفون صلاتنا، لكنهم يعرفون ما يسمى "بالإشباع العاطفي والنفسي"، وهو أن النفس والعاطفة بحاجة إلى ما يشبعها، وهي تشبع بما تعودينها أنتِ عليه، فإذا كنت تعودينها على الحب والعشق والجنس واللهو والعبث، لم تعد ترضى بغيره، وإذا أشبعتها بحب الله والرسول والقرآن والصلاة شبعت وأي شبع! ، ورويت وأي ريّ! .
واصلي! واثبتي! واستمري! ، فأنت على خير كبير.
(2) أين المصلحة؟
كيف ندعو ربنا؟ ..
يبدو سؤالاً سهل الإجابة، لكنه ليس كذلك، فأنت جلست تدعين الله ثلاث سنوات أن يجمعك معه بالحلال، فهل عندك ميثاق من الله أنه خير لك إذا توزجتيه؟ ، وأنه لن يقلب حياتك جحيماً لا يطاق؟ ، وأن هذا الهدوء الذي رأيته منه إنما هو ظاهر يخفي باطناً الله أعلم به، أنا لا أسب الرجل فالمؤمن ليس بالسباب، ثم كيف أسب من لا أعرف، ولكني كعادة المجيبين يضربون الاحتمالات لتوسيع آفاق التفكير.
لا تسألي الله أن يجمعك معه بالحلال، ولكن اسأليه أن يرزقك بالزوج الصالح الذي يسعدك، سواء كان هو الأول أو الثاني أو شخصاً آخر غيرهما تماماً!!. إن كثرة إلحاحك أن تتزوجي من الأول بالذات يوقعك في هم شديد، فقد يكون سبق في علم الله أن الأول ليس خيراً لك، فيصرفه عنك لمصلحتك.(17/455)
ليكن همك يا أختي أن تقترني بالزوج الصالح الذي يسعدك وتسعدينه، ولا تختزلي الأزواج كلهم في ذاك الشاب الأول، ومن الأمثال العامية عندنا "الله يدبر الصالح"، وهو مثل قوي جداً، وله سلطة معرفية كبيرة؛ لأن معناه أن الله -تبارك وتعالى - بيده مقاليد الأمور وهو يدبر الأصلح لعباده، ولكن العباد قد يرون المصلحة في أمر ما والله -عز وجل- يعرف أن مصلحتهم ليست فيه، فيصرفه عنهم وهم يصرون عليه!.
تعلمت من هذه الدنيا أن الواحد منا قد يرى مصلحته في أمر ما فيسعى له ويجتهد في تحصيله، ويصيبه الهم لو لم يتحقق، ويغتم لذلك.. مسكين هو! ، هل عنده من الله ميثاق، أو هل كشف الله له سجف الغيب فعلم مكان المصلحة!؟ .
ومن أمثالنا العامية أيضاً وهو مثل في غاية القوة "لا تحب! ولا تكره! "، أي إذا أعجبك أمر أو رأي أو فكرة فلا تحبها حباً شديداً عنيفاً وتقاتل من أجلها، بل اجعلها "مجرد تفضيل" مع استعدادك للتراجع عنها إذا تبين لك أن المصلحة في غيرها، وكذلك الأمر في الكره.
وفي الأثر عن علي رضي الله عنه: "أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما!! "
(3) المقارنة بين الشابين
اعقدي مقارنة بين الشابين، لكن ليس وحدك، بل استعيني على ذلك بأهل العقل من صديقاتك وقريباتك، ممن يعرف الاثنين. واجعلي المقياس دقيقاً متكاملاُ وليس متركزاً على نقطة واحدة فقط، وقد أخرج البعض معايير اختيار الزوج، وهي موجودة على الإنترنت كما أذكر، وإن كنت نسيت موقعها الآن.
والمعايير في الجملة كالتالي:
1.الدين
2.النفسية
3.التعامل
4.التعليم
5.العائلة
6.التوافق
7.وغيرها..
واستعيني -بعد ذلك كله- بالله –تعالى- وصلي صلاة الاستخارة حتى ينشرح صدرك، فإذا بقيت في حيرة فلا تستعجلي؛ لأن هذا معناه أن الأمر يحتاج لإعادة دراسة، وربما تصرفين النظر عن الإثنين كليهما! . كان الله معك وأرشدك إلى الصواب وألهمك الحكمة، آمين يا رب.
(4) مفاتحة الشاب الأول
إذا قررت يا أختي بعد السؤال والتحري أن الأول قد يكون زوجاً صالحاً لك، فأقترح عليك مفاتحته بالموضوع، وهل يريدك زوجة له أصلاً أم لا! . لكن لا تفعلي ذلك أنت! ، فهذا ليس من سلوك المؤمنات، بل أرسلي له من يفعل ذلك من الرجال أو من محارمه النساء.
فأنتِ ربما لم تخطري على باله أصلاً، ولم يفكر فيك بتاتاً، ولو سئل عن اسمك لمال برأسه ينظر للسماء يستذكر: هل مر عليه هذا الاسم من قبل!! . وربما يعرفك لكن لا يريدك.
فإذا كان يريدك فليتقدم، فإن تلكأ وتأخر وماطل، فاتركيه يعوضك الله خيراً منه، وقولي كما قالت أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها- حين مات زوجها: "اللهم آجرني في مصيبتي، واخلفني خيراً منها" أخرجه مسلم (918) وغيره من حديث أم سلمة – رضي الله عنها -، فكان الخلف هو زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه!.
(5) أنت فتاة ناضجة..
أنت يا أختي الكريمة فتاة ناضجة واقعية، تعرفين أن الحياة لا تتوقف عجلتها عند حب متعثر، ولا ينقطع سيرها لأجل أمنية لم تتحقق، ولذلك فأنا واثق أنك سرعان ما تنعتقين من قيد الأزمة، لتصبحي أكثر خبرة ونضجاً واستقراراً.(17/456)
إن الفتاة في مثل سنك يصعب عليها أحياناً، أن تقتنع أن العلاقات في الدنيا ليست إلى دوام أبداً، مهما بدت لنا في بدايتها قوية متينة لا يمكن أن تنقطع، وطالما أحببنا أشخاصاً في صغرنا ظننا أن الدنيا لن تفرق بيننا مهما كانت الظروف، لكن حالما تركنا الحي أو المدرسة، انتهى كل شيء، بالتدريج غالباً والبتر السريع في أحيان ليست قليلة، هذه طبيعة الحياة الدنيا، لكن عنفوان العاطفة لدى المرأة في هذه السن تعميها عن هذه الحقيقة.
إن العاطفة كفصول السنة تكون حارة حيناً، باردة حيناً، جافة يابسة حيناً، وتكون حيناً مورقة مزهرة! . ومن يظن أن العاطفة القوية المزهرة ستبقى كذلك أبداً فقد خالف ناموس هذا الكون الذي يسير عليه.
اللهم يا من قلوب العباد بين أصابعك، أطفئ لواعج قلب أختنا، واصرفه إلى طاعتك ومحبتك، واختر لها يا رب ما تكون به سعيدة هانئة في الدنيا والآخرة.. آمين.(17/457)
الزواج من الداعية
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 11-7-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ثم أما بعد..
تقدم لي أحد الدعاة إلى الله من الذين نذروا حياتهم لله، وعاشوا لأمتهم، وكم كنت أتمنى الارتباط برجل يحترق هماً لأمته وينصهر في بوتقة الدعوة إلى الله، اقتنعت به تماما ً أملاً بأن يعين كل منا رفيقه في طريق الطلب - مع أن في الساحة راغبون غيره من طلاب العلم وشباب لم يسبق لهم الزواج ولكن ليسوا كهمته ونشاطه - أحسبه كذلك - ولكن كل من حولي لا ينصحني بالارتباط برجل لديه زوجة ومشغول في حقل الدعوة لأني - بزعمهم - لن أطيق صبراً، وضرب البعض لي أمثلة من الواقع باءت بالفشل الذريع ومن ثم كانت نهايتها الطلاق..
أرجو إرشادي،،،
الجواب
الأخت الكريمة..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع" الإسلام اليوم"
حينما ضرب البعض لك أمثلة من الواقع بائت بالفشل وكانت نهايتها الطلاق لم يضرب لك أمثلة أخرى لزوجات وأزواج انتهى المطاف بهم بالفراق والطلاق أيضاً وهم لم يكونوا معددين أو سبق لهم الزواج، وفي المقابل لذلك هناك زيجات كانت موفقة وناجحة وهي موجودة وشاهدة لكلا النموذجين النموذج التعددي أو الأحادي، وقصدي من هذا الكلام أن التوفيق والنجاح أو الفراق والطلاق في مسألة الزواج قد تحدث للمتزوج لأول مرة وقد تحدث أيضاً للمتزوج للمرة الثانية أو أكثر إلا أن الإحصاءات تشير أن احتمال الفشل لدى الزواج التعددي يقع بصورة أكبر من غيره وذلك للكثير من الأسباب منها على سبيل المثال أن تواجه الزوج مشاكل لم يحسب لها حسابها من جانب زوجته الأولى أو أولاده أو حتى بسبب الظروف المادية أو بسبب عدم وجود المودة للزوجة الثانية أو قد تكون كذلك بسبب الأمور الجنسية والعشرة الزوجية مع زوجته الثانية والإنسان المجرب قد تؤثر فيه مثل هذه الأمور أكثر من الزوج الذي يمر بهذه التجربة لأول مرة.
وأما رأيي حول موضوعك أيتها الأخت الكريمة فهو أنك لا بد أن تحكمي عقلك وقلبك بجانب استشارة وليِّكِ ومن تثقين فيه بالطبع.
أما عقلك فهو يساعدك أن تزني هذا الأمر المصيري بكامل الروية والأناة وبعين الحكمة لتنظري فيه إما بالإقدام وإما بالإحجام وأما قلبك فهو يطلعك على ميلك ورغبتك أين تتجه هل هو إلى مثل ذلك الرجل أم إلى شاب لم يسبق له الزواج. والأمر الذي يجب أن أذكرك فيه هو أخذك بعين الاعتبار عددا من المسائل منها:
أولاً: أنك باتخاذك هذا القرار يجب أن تتحملي نتيجته بكامل المسؤولية ومن ضمنها الصبر حال الأذى والصبر حين غياب مثل هذا الزوج سواء في عمل دعوي أو ملازمته أولاده من الزوجة الأولى.(17/458)
ثانياً: أن تقدِّري مستوى التحمل لديك من لذعات الغيرة وكبح جماحها حينما تتأجج في قلبك، ولا تظني أنك ستكونين في مأمن منها كلا فأمهات المؤمنين كان بينهن من الغيرة الشيء العظيم وغيرهن من باب أولى ولذلك فالسؤال هنا ليس عن إمكانية وجود الغيرة من عدمها بل عن مدى تحملك لها ومدى نجاحك في كبح زمامها وتهذيبها بصورة لا تجعلها سبباً في تحطيم بيتك وزواجك.
ثالثاً: يجب أن تتأكدي أيضاً من طيب معشر هذا الرجل إذ لا يعني انشغاله بالدعوة والعمل الإسلامي نزاهته وطيب معشرة لزوجته وأولاده، صحيح أن التزامه وانشغاله بأمور الدعوة ستكون دافعاً كبيراً له في بذلك الخير والمعروف والخلق الحسن لأهل بيته لكن يبقى أن الاحتمال في التقصير تجاه أهل بيته وارد فلا بد أن تكون نظرتك بهذا الرجل أو غيره نظرة شاملة ولا تقصريها فقط على مجال واحدٍ دون غيره بل حاولي سبر جميع المجالات لديه الخلقية والنفسية والسلوكية بالإضافة طبعاً للأمور الدينية.
أعانك الله ووفقك للزوج الصالح.(17/459)
مضى القطار ولم أتزوج بعد!!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 26-5-1423
السؤال
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
لا أعرف من أين ابدأ ولا أعرف أن كنتم تعتبرون هذه مشكلة ولكنها تسبب لي القلق.
ككل فتاة يداعبها الحلم منذ الصغر بأن تكون زوجة وأما هكذا كنت منذ صغري ومازلت. إلا أن هذا لم يتحقق وقد بلغت من العمر ستاً وثلاثين سنة. أكملت الثانوية وعندي إحساس بان بعدها سيأتون الخطاب إلا أن هذا لم يحصل فأكملت دراستي الجامعية وتخرجت ولم يتقدم لي أحد وبعدها حصلت على وظيفة وأنا أنتظر ابن الحلال. علماً بأني ولله الحمد أتمتع بقدر من الجمال والعلم والأخلاق حيث أنني تربيت في بيت محافظ على الدين والتقاليد الحميدة ولم أعرف الطيش ثم قررت إكمال دراستي فحصلت على درجة الماجستير وحصلت على وظيفة في الجامعة. إلا أنني لم أنسى أني أنثى وأشتاق إلى أن أكون مطلوبة وأكون زوجة وأما صالحة. المرة التي تقدم شخص لخطبتي كان من قبل امرأة جاءت إلى بيتنا لتطلب يدي إلى شخص من خارج البلاد لا أعرف عنه شيئاً إلا انه متزوج ولديه أطفال. وطبعاً بدون تفكير رفضت. لا أعرف لماذا
وفي هذا العام جاءني الشخص الذي طالما حلمت به وهو من أقربائي وقد كنت أكنّ له شعوراً خاصاً منذ صغري إلا أنني شديدة الاعتزاز بكرامتي ولم أفصح عن هذا الشعور. واتضح أنه كان يبادلني نفس الشعور ولكن ظروفه العائلية حالت دون أن يصارحني فتزوج من أخرى ليرضي والدته. والآن بعد خمسة عشر سنة جاء يطلب يدي وبالرغم من أنه متزوج قبلت لأسباب عديدة منها أنني سمعت الشيوخ والمفتين ينكرون على التي ترفض بأن تكون زوجة ثانية. كما أنني في سن لا يسمح لي بالحلم بفتى أحلام. وأخيراً وهو الأهم أنه الشخص الذي طالما حلمت به. واتفق معي بأن يخبر الأهل بعد أن ينتهي من بناء المنزل المقرر لي. إلا أنني أصررت بأن أخبر أخته فوافق فأخبرتها برغبة أخيها فثارت وقالت عنه أشياء أخافتني منه وقالت إنني سأكون سبب خراب عائلته وإن أهلها سيظنون بأنها سبب زواجي منه لأنها زوجة أخي. ويعلم الله أنني لم تكن نيتي خراب عائلته. وبدون تردد أخبرته بأن ينسى فكرة الزواج بي. لكنني ندمت بعدها وما زلت نادمة لأنني لم أستطيع إبعاده عن تفكيري وكرامتي وحيائي لا يسمحون لي بالرجوع إليه وإخباره بأنني نادمة خاصة وأنه تقبل رفضي وزعل مني ومن أخته. إلى حد الآن وأنا في حيرة وعذاب وما زلت أفكر فيه فكرت في إكمال دراسة الدكتوراة إلا أنني لا أستطيع السفر بدون محرم. بلدي لا يوجد فيها هذه الدرجة أعرف إن هذا امتحان من الله سبحانه وتعالى لكن دائماً أسأل نفسي لماذا لم يرزقني ربي بابن الحلال لأرتاح نفسياً وماذا أستطيع أن أعمل حيال هذا الشخص الذي لا يفارق تفكيري للحظة بالرغم من أنني دائما مشغولة ولا يوجد لدى وقت فراغ. إلا أنني لا أشعر بطعم لحياتي هذه مشكلتي باختصار أرجو منكم النصح وجزاكم الله خيرا
الجواب
الأخت الكريمة..
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع" الإسلام اليوم"(17/460)
أولا: يجب أن تدركي جيداً أن هذا إنما هو كما قلت أنت امتحان وابتلاء من الله سبحانه ربما لحكمة عظيمة ومنفعة كبيرة لك ستجدين نتاجها بعد حين.
والابتلاء والامتحان ليس شيئاً هيناً أو سهلاً كلا بل هو في بعض الأحيان عذاب متواصل ربما جسدي أو نفسي وإيمانك بأن ما تعانين منه ربما يكون ابتلاء من الله شيء طيب لأن في هذا الاعتقاد الدافع القوي لأمرين اثنين نحن جميعا مأمورون بعملهما وهما أولاً الصبر فكلما تذكر الإنسان أن ما به إنما هو امتحان من الله دفعه هذا الشعور إلى الصبر وعدم التسخط وانتظار الفرج من المولى سبحانه. والأمر الآخر هو الالتجاء إليه سبحانه بالدعاء والإلحاح عليه بصدق وإخلاص النية في ذلك.. وهذا حقيقة هو ديدن الأنبياء عليهم السلام جميعهم فهم أكثر الناس بلاءً وأكثرهم صبراً وأكثرهم لجوءاً ودعاءً إلى الله بفك هذا البلاء وسؤال الفرج منه عز وجل. فوصيتي لك هو عدم إغفال هذين الأمرين الهامين فهما سلاحك الوقاد وهما مفتاح الفرج بإذن الله تعالى.
ثانياً: جميل منك قناعتك وقبولك برجل حتى ولو كان متزوجاً فهذا شيء جيد، وقد أخطأت حينما أصررت على إخبار أخت هذا الخطيب الذي تقدم لخطبتك خصوصاً أنه لم يكن موافقاً على مثل هذا العمل لولا إصرارك فما كانت النتيجة إلا فشل هذا المشروع.. والسبب في ذلك في ظني إننا في مثل مجتمعاتنا التي يوجد فيها التعدد بنسبة ليست قليلة وحينما يقدم الرجل على التعدد والتفكير فيه فإنه يريده في بداية الأمر أن يسير بهدوء وأن يتم بشكل هادي جداً إذا ما أراد النجاح لمشروع زواجه.. وما عملته أنت إنما كان تفجيراً للوضع وتأليباً للزوجة الأولى وللأولاد وهذا ما جعله يهرب منك من مشروع زواجه بك.
على كل حال ثقي أنه إن كان صادقاً في مبتغاه فسيعود إليك ويطلبك مرة أخرى أو يرزقك الله خيراً منه فلربما كان هذا الفشل في إتمام عملية الزواج إنما لخيرٍ أراده الله لك فالغيب عنده سبحانه.
الأمر الآخر.. وهو طلب خاص مني إليك أن تخفّفي من حدة الكبرياء والعزة والأنفة عندك.. هي جميعها أمور حسنة أن توجد لدى الفتاة ولكن زيادة الجرعة منها قد تقلبها إلى سلبية تجلب لصاحبها النكد والخسران، إذ ما المانع لك من اتصالك بهذا الرجل مرة أخرى اتصالاً غير مباشر عن طريق وسيط مثلاً أو رسالة أو اتصالاً مملوءاً بالأدب والحشمة والعفاف، تبدين فيه مشاعرك نحوه.(17/461)
ومن جهة أخرى.. لا أدري هل أنت خالية من الأب والأخوة والأقارب الرجال الذين يذكرونك لمن هو كفؤ لك. كثير من الرجال ربما الذين لم يسبق لهم الزواج وكبروا عن سن الزواج ربما يبحثون كثيراً عن مثلك ولكن لقصور قنوات الاتصال والتعريف يفشلون في الوصول إليك خاصة وأنت على هذا المستوى من العلم والتعليم والثقافة، ولذلك وبسبب الكثير ممن هم في مثل حالتك فإن وجود لجان التعريف بالزواج والتعرف على الشباب والشابات يصبح أمراً ملحاً جداً والسعي إلى إنشاء مثل هذه اللجان والمراكز أصبحت ضرورة يجب السعي إلى إيجادها. وإن كان يوجد لديكم مثل هذه اللجان فلا بأس عليك الاتصال بهم وتعريفك نفسك عليهم إذ لا يحتاج هذا الأمر إلا قليلاً من الشجاعة، وأيضاً حاولي مرة أخرى مع هذا الرجل كما قلت لك ومع هذا وذاك لا تدعي الدعاء واللجوء إلى المولى سبحانه وبإلحاح فهو سبحانه نعم المعين.
وفقك الله ورزقك الزوج الصالح الذي يسعدك,,,.(17/462)
يريد أن يتزوجني لكن أمه تكرهني
المجيب د. راشد بن سعد الباز
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 27/3/1425هـ
السؤال
أحببت رجلاً، ودامت علاقتي معه 4سنوات، وكان عدم خطبته لي هي أمه فهي لا تحبني، وتريد زواجه من أقربائه، لا أعرف تحديداً سبب كرهها لي، وطلب مني أن أتزوجه، وعندما يتزوجني يذهب إلى أمه ويخبرها بكل شيء بعدها لا تستطيع فعل أي شيء ضد ابنها، وهو مستعد أن يضحي من أجلي بكل شيء؛ لأنه يحبني بكل جنون، ولا يستطيع أن يتزوج من فتاة أخرى أو يحبها وأنا كذلك مثله.
فضيلة الشيخ! أنا أنتظر جوابك بفارغ الصبر. وجزاك الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أختي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
هذه من المشكلات التي يواجها بعض الشباب والشابات عند الزواج، ولكن من الضرورة سؤال الإنسان نفسه، هل مجرد كونك من غير أسرة الزوج هو السبب الوحيد في كره أم الشاب لك، أم أن هناك عوامل أخرى مساعدة في إيجاد أو استمرار هذا الكره؟
فقد يكون من الأسباب ما يرجع إليك انت شخصياً؛ بسبب طبيعة علاقتك بأمه؛ كعدم الاهتمام بها.
أمر آخر ... خلال الأربع سنوات التي لم ينجح ابنها في اقناعها بزواجه منك، فلا أعلم ما هي المحاولات التي قام بها ابنها في هذا السياق، لا أعلم موقف والد الشاب، وهل هو حي أم متوفى.
في الحقيقة أنا لا أؤيد أن يتم الزواج من غير رضى والدته؛ لأنّ ذلك قد يجر إلى مشكلات عديدة، كما أنّه من الصعب أن تبدأا حياتكما الزوجية بسخط والدته، ولو تم الزواج بغير إذن والدته فإنّ أي مشكلة تحصل قد يُرجعها الزوج إلى عدم موافقة والدته على الزواج.
وعموماً هناك عدد من الخطوات التي أعتقد أنّها مفيدة:
1- البحث بصراحة عن سبب كرهها لك.
2- العمل على التقرب إلى أمّ الشاب والتودد إليها ويُمكن إرسال بعض الهدايا عن طريق ابنها خاصة في المناسبات.
3- الطلب من أحد الأشخاص الذي أو التي تُقدره وتحترمه أم الشاب للتوسط في ذلك.
4- الاستمرار في محاولات الشاب في إقناع أمه وإظهار الصفات الحسنة التي تتمتعين بها.
5- هناك سلاح نغفله دائماً، وهو الدعاء خاصة في الصلاة وفي القيام، حيث قال الله تعالى: "ادعوني أستجب لكم" [غافر:60] ، ويقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام: "لا يرد القضاء إلا الدعاء" رواه الترمذي (2139) من حديث سلمان الفارسي - رضي الله عنه -. والله الموفق.(17/463)
أهلي والزواج ... ؟!
المجيب د. خالد بن سعود الحليبي
وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 12/8/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شيخنا الفاضل: أنا شاب تعرفت على شابة وأود الزواج منها، ولكنها ليست من بلدي وأهلي رافضون، وأهلها أيضاً، ونحن تعدينا سن العشرين فهل من الممكن أن نتزوج على سنة الله ورسوله عليه السلام، دون الرجوع للأهل؟ أم أننا ننتظرهم يحددوا ما يريدون وما علينا إلا القبول بما يريدون؟ أنا لا أعني العقوق بالوالدين، لكن هذا الأمر يعد شيئاً شخصياً وحقاً من حقوق أي مسلم.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فيا أخي الكريم.. إن في سؤالك عدداً من الوقفات التي ينبغي أن نقف عندها:
أولا: إن طريقة تعرفك على هذه الشابة، والذي يظهر أنه تم من وراء أهلها أمر لا يجوز شرعاً؛ لأنه انتهاك لحرمات الآخرين، ولا يجوز عرفاً؛ لأنه انتهاك للأعراف التي تسير عليها البيوتات المسلمة اليوم في بلادك.
ثانيا: إن طاعة الوالدين وبرهما واجبة في كل أمر من أمور الحياة، فكيف في شأن مثل هذا الشأن؟ ألا تتمنى دعوة طيبة مباركة منهما لعلها تستجاب فيبارك الله لك في زوجك ومستقبلك، فإذا كانت فتاة صالحة ترضى دينها وخلقها فحاول أن تقوم باسترضاء والديك ووالديها بإدخال وسائط خارجية؛ مثل الأقارب والأصدقاء، ثم لا بد أن ترضى بما قسم الله لك فهو خير بلا شك، فإن الله تعالى يقول: "وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم " [البقرة:216] .
ثالثا: إن رضا الولي شرط في صحة الزواج بالنسبة للزوجة، فلا يجوز لها أن تزوج نفسها في حال وجود أبيها أو أخيها أو وليها إلا برضا الولي، ولا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها فإذا كان لها ولي يزوجها وإلا فوليها ولي أمر المسلمين.
رابعا: إني أذكِّرك بأن أي زواج مبني على معصية لا خير فيه. فاتق الله في والديك ووالديها، واعلم أن الخير فيما يختاره الله، ولعل الله ـ إن تركت التزوج منها خوفا من الله وإرضاء لوالديك ووالديها ـ أن يرزقك خيراً منها، ويرزقها خيراً منك. والله المستعان.(17/464)
هل أتزوجه بعد ما وقع منا هذا؟!
المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 25/04/1425هـ
السؤال
أنا فتاة عمري خمس وعشرون سنة، وأهلي لهم شروط متعسفة في زوج المستقبل، مما أدى إلى رفض الكثير من الخطاب، وأفيدكم بأنه تمت خطبتي سابقاً لمدة ثمانية أشهر، وبعد ذلك رفض أهلي هذه الخطبة والزواج بدون أسباب شرعية، فمشكلتي الآن هي أنني تعرفت على شاب بنية الزواج، وهو صادق من زواجه مني، ومما يدل على ذلك أنه قابل أبي بنية المعرفة المسبقة قبل الخطوبة، وفي يوم من الأيام أغراني الشيطان بأن أقدم له هدية، وبسبب الظروف الصعبة أخبرته بأن يأتي إلى بيتنا لكي يأخذها، وشاء الله بأن يأتي أخي في نفس الوقت، مما اضطرني إلى إدخاله داخل البيت، ولكن أخي عرف بذلك واستدعى الشرطة، وحرصاً علي وعلى النية الصادقة منه اضطر بأن يقول للشرطة بأنه داخل البيت من أجل الشغالة المسيحية، مع العلم بأن أخي كان يعرف أنه في البيت من أجلي، وبعد أن انتهى موضوع الشرطة بدون ذكر اسمي في الموضوع أخبرت أهلي بأنه يريد أن يتقدم لخطبتي، ولكن أهلي كانوا معارضين بشدة، بسبب أن لي علاقة مسبقة به، وأنا أريد أن أتزوجه وهو رجل على خلق ودين، وأن الإنسان ليس معصوماً من الخطأ، وأن الله -سبحانه غفور رحيم -، وكانت التوبة بأنه ستر علي في موضوع الشرطة، ويريد أن يتقدم لخطبتي بكل جدية، فما الرأي الشرعي في هذه الحالة؟ وأنا مصممة على الزواج منه، ولكن أهلي لا يريدون ذلك. وجزاكم الله عنا كل خير والله يوفقكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أولاً: لقد أخطأت في هذه القضية عدة أخطاء: أولها: الذي سبب لك كل هذه المشاكل: (كيف تعرفت على هذا الشاب وبأي طريق تمت مكالمته؟) فمهما كانت الإجابة فأقول لك هذا غير جائز شرعاً، حتى المكالمات بالإنترنت أو الهاتف مع رجل أجنبي وعقد صداقة معه وإن كانت على زعمه (بنية الزواج) ، فهي غير جائزة؛ لأنه رجل أجنبي عنك؛ وقد قال تعالى: "فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض" [الأحزاب:32] ، وهذا جر عليك حب الإهداء وهكذا، إلى أن وصل إلى إدخاله إلى البيت، وهو تصرف خاطئ؛ لذا عليك التوبة إلى الله من هذا العمل، والندم على ما حصل، وعدم العودة إلى مثل تلك المسائل بعقد علاقات مع شاب قبل الزواج، والله يقبل توبة التائبين ويحبها ويفرح بها.
ثانياً: قال الله -تعالى-: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحسانا" [النساء:36] فأمر بعبادة الله ثم عطف عليها طاعة الوالدين والإحسان إليهما ومن الإحسان إليهما الأخذ برأيهما ومشورتهما في كل هذه الأمور وعدم التحايل عليهما، فإذا رفضا هذا الشاب لأسباب مقنعة كما في هذه الحال فعليك الطاعة لهما وسيعوضك الله خيراً منه.(17/465)
ثالثاً: رجل عرف أهلك أنه دخل منزلهم بدون إذنهم، فلو ارتبطت به فسوف تستمر النظرة الدونية له ولن يحبوه، ولا أولاده بعد ذلك، وسيكون ذلك وصمة عار في جبينه عندهم وعندك مع مرور الزمن، فلذا أنصحك نصيحة حريص عليك بأن تعيدي النظر فيه، فلن تكون بينكما ثقة ما دام أنه بينكما علاقة مسبقة، وسيكون الشك دائماً هو المقدم في الحياة، وإذا كانت الحياة ستبنى على ذلك فهي حياة فاشلة، وأن عليك أن تثني العزم عنه وتطيعي والديك؛ ففي طاعتهما الخير الكثير، (تخيلي لو صارت مشكلة في الحياة أدت إلى الانفصال إلى من ستلجئين عندئذ بعد الله؟) .
رابعاً: أنصحك بالدعاء والتضرع إلى لله بأن يرزقك الزوج الصالح، وييسر الله أمره لدى أهلك، بأقصر الطرق، والله قريب ممن يدعوه، واعلمي أن مع الصبر الفرج، أسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح، ويرزقه الزوجة الصالحة أيضاً. والله أعلم.(17/466)
أمي أم زوجتي؟!
المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس
مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 7/2/1425هـ
السؤال
أنا شاب بار بوالدتي، ومقيم معها في البيت، ومسؤول عنها وعن شقيقتي الصغيرة وغير المتزوجة، لذلك تعتبرني الوالدة رب البيت؛ وذلك لوفاة والدي، مشكلتي تتلخص في رغبتي الجادة والصادقة في الزواج، ولكن الوالدة خائفة أن أتزوج واتركها بناء على طلب الزوجة، كما حصل مع أشقائي، حاولت إقناعها بوجود فتيات صالحات، واقتنعت، وبدأنا البحث عن فتاة ترضى بالعيش مع والدتي، ولكن الجميع يعتذر. اطلب نصيحتكم ورأيكم، كيف أوفق بين أمي وزوجتي في بيت واحد؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي الكريم: أسأل الله - عز وجل- أن يثبتك على حرصك بأن تبر بأمك، ففي الحديث: "بروا آباءكم تبركم أبناءكم" ضعيف، انظر ضعيف الجامع الصغير (2329) ، أنظر ضعيف الجامع الصغير (2329) ويزداد هذا الحق لهما عند الكبر، كما قال الله - عز وجل-: "إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي أرحمهما كما ربياني صغيراً" [الإسراء: 23:24] الآية ... فاستعن بالله ولا تعجز في هذا العمل الجليل، والذي فرط فيه الكثير في هذا الزمن، ولذا فإني أذكرك بارك الله فيك ببعض الوصايا، ومن أهمها:
1- التذكير بتقوى الله - عز وجل- فإن تقوى الله - سبحانه- مفتاح الفرج لكل كرب وشدة؛ قال -تعالى-: " ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً" [الطلاق:4] ، وقال -تعالى-: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً" [الطلاق:2] .
2- الصبر على ما قد يعرض لك من المشقة في طلب رضا والدتك بعد رضا الله - سبحانه- وتذكر في ذلك معية الله - سبحانه- مع الصابرين قال - عز وجل- "إن الله مع الصابرين" [البقرة:153] .
3- الزواج ضرورة شرعية لكل شاب يريد إعفاف نفسه، وخاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن، وإياك أن تشعر بالتعارض بين الواجبين - أعني طاعتك لوالدتك وشروعك في الزواج- فكلاهما هام وضروري لحياتك، وسيتحقق - بإذن الله - التوفيق بينهما، ولا تكن مثل بعض الناس الذين بالغوا في طاعة والديهم فأعرضوا عن الزواج، وهذا إذا لم يكن له مبرر شرعي فهو مخالف للشرع.
4- اجتهد في تحصيل مرادك، وابحث فليس من المعقول أن تخلو الحياة من امرأة صالحة تكون في خدمة أمك وتساعدها، فلا يزال الناس فيهم بقية من خير، وتذكر قول الله - عز وجل-: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين" [العنكبوت:69] .
5- أرى ألا تتنازل عن هذا الشرط في طلب زوجة المستقبل ففي الغالب بأن المرأة التي ترضى بالعيش مع والدتك هي امرأة تتميز بالصبر والتحمل، وتلك صفة نفيسة قل ما تجدها إلا في النساء المؤمنات، حتى ولو أدى بك ذلك إلى التنازل عن بعض الشروط الكمالية، وتذكر في ذلك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إنك لن تدع شيئاً اتقاء الله إلا أعطاك الله خيراً منه" أخرجه أحمد (20739) والبيهقي في الكبرى (5/335) وإسناده صحيح.(17/467)
وختاماً أسأل الله - عز وجل- لي ولك التوفيق والسداد في الدنيا والآخرة، وأن يوفقك للتعامل الحسن مع هذا الموقف والذي أرجو إن أنت أخذت بهذه الأسباب سالفة الذكر فإنك ستتجاوز مشكلتك -بإذن الله تعالى-. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(17/468)
هل أتزوجها؟
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 3/2/1425هـ
السؤال
لدي خطيبة، والمشكلة تكمن أنني وبعد فترة اكتشفت أموراً لم أعلمها من قبل، وهي كالتالي:
(1) أنها غير ملتزمة بالحجاب الإسلامي دائماً.
(2) أن خالاتها غير محافظين نهائياً (يشربون الدخان والشيشة, لا يعترفون بالحجاب أبداً, يسافرون بدون محارم معهم , يدخلون أماكن غير لائقة، مثل ديسكو ومرقص وحدهم) .
وعندما سألت خطيبتي عن أمرهم، قالت لي: لا دخل لي بهم علماً أنها تحب الذهاب لهم، وتقول لي: عادي، أي أن الأمر عادي عنهم، ولا توجد مشكلة، علماً أن الأخوال الذكور يعلمون عن أمر أخواتهم، الآن أنا في حيرة من أمري، هل أستمر معها؟ وأفرض عليها بعض القيود علماً أنني قلت لها الآن: ألا تذهب أبداً لهم إلا في حالات محدودة، قلت لها: بعد الزواج يجب عليكِ قطع علاقاتهم نهائياً إلا في مناسبات هامة جداً، وتكون الزيارة محدودة في الوقت، ولكنها قالت لي: هذا رحم، وقلت لها ألا تخرج مع أمها إلى السوق، أو غيره إلا نادراً، ويكون معهم محرم ثقة، هل ما فعلته صحيح أم لا؟ هل أستمر أم لا؟ علماً أنني لم آخذ الموافقة منها إلى الآن، علماً أنني أحبها وتحبني كثيراً، ما رأيكم؟ -جزاكم الله خير الجزاء- علماً أنني من عائلة محافظة، وأنا حالتي يرثى لها بعد معرفتي لهذه الأمور.
الجواب
جميل جداً منك - أخي الكريم- أن بادرت بطلب المشورة بمجرد اكتشافك لهذه الملاحظات، وأنت لا زلت في سعة من أمرك قبل أن يتم الزواج، وتتعقد الأمور أكثر فأكثر، وهذا يدل على أنك تملك عقلاً وافراً، فأسأل الله أن يتم عليك نعمته.
أقول هذا الكلام لأني أرى الكثير من الإخوة والأخوات تعميهم سكرة الزواج وفرحته، عن رؤية المصائب، واكتشاف الأخطاء، فإذا ذهبت الشدة، وثاب العقل إلى رشده، بدأت تظهر تلك المعايب، وتطفو على سطح الحياة الزوجية، ثم تتحول إلى مشكلات، فأزمات، فطلاق، وفراق، ولا تسل بعد ذلك عن آثارها على الزوجين وأولادهما، وأهليهما، وقد كان في إمكانهم أن يوفروا على أنفسهم ذلك التعب النفسي والتكاليف المادية، لو أعملوا عقولهم قليلاً، اسمح لي بداية أن أقلب سؤالك، وأبدأه من آخره، فأنت تقول: (علماً أنني أحبها وتحبني كثيراً كثيراً) ، وهذه نقطة إيجابية سيكون لها أثر في حل مشكلتك؛ ذلك أن من يحب يكون مستعداً للتضحية في سبيل الحفاظ على من يحبه أياً كانت هذه التضحية حتى لو كانت على حساب رغبات نفسه، ومحابها، وهذا معيار يمكن أن تميز به الحب الحقيقي عن الحب الذي ينتج عن الميل الفطري، وحداثة التعارض، ووهج العلاقة العاطفية.(17/469)
أنت تعرف مقدار محبتك لها لكن هل هي فعلاً (تحبك كثيراً كثيراً) ؟ أم أنك مجرد (نصيب) لا بد أن ترضى به؟ يمكن أن تتأكد من ذلك إذا وجدت الالتزام الحقيقي منها برغباتك، خاصة وأنك لم تطلب منها مستحيلاً ولا مشقة، وإنما الالتزام بما أمر الله -تعالى- من الحجاب والقرار في البيت، وعدم الاختلاط بمن تضر معرفتهم، ولا تنفع فإن هي التزمت بذلك حقيقة، وعن رضا نفس وفرح بتنفيذ رغبة محبها الذي هو أنت، فاعلم أنها فتاة مناسبة صادقة في حبها لك، وأيامها المقبلة - بعد زواجكما ستكون أسعد - بإذن الله تعالى- ولا يضرها أبداً إن كان أخوالها كما وصفت فإن الله - عز وجل- قال: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" [الأنعام:164] فلا تؤخذ بسيئة غيرها.
أما إن وجدت منها التذمر، والتأفف، والشعور بالتقصير، أو إنها تتعهد أمامك، وتخالف من خلفك، أو أن قناعاتها ضعيفة بما تأمرها به، فإني أنصحك أن تعيد النظر في ارتباطك بها، فلئن ظهر منها ذلك في وقت الخطوبة التي عادة ما تكون فترة إصلاح وسعادة، ونظرة مشرقة للمستقبل فسيكون الأمر أشد بعد الزواج، حين تعود الحياة إلى طبيعتها، وتسير برتابتها المعهودة.
وإياك أن تقول: (سأؤثر عليها بعد الزواج) ، فأنت تقدم على مجازفة نسبة فشلها أكبر من نجاحها، يثبت ذلك قرائن الحال، وتجارب الواقع، فإن الإنسان يريد أن يتزوج؛ ليكن قلبه، وتستقر نفسه، لا أن يبدأ عاصفة جديدة تكدِّر عليه حياته.
صدقني أني أعلم وقع هذه الكلمات على قلبك الذي يحلق في عوالم الحب، وأعذرك كثيراً في ذلك، لكن لا يجوز أبداً أن يغيب عنا في هذا الوقت بالذات النظر إلى المستقبل بعين البصيرة -العقل- حتى لا تندم ساعة لا ينفع الندم.
جانب آخر يجب ألا يغيب عن ذهنك، وهو أنك كما ذكرت عن نفسك من عائلة محافظة، فكيف ستكون علاقة عائلتك بعائلتها، وهم مختلفان في هذا الجانب؟ المهم في الحياة الاجتماعية، والذي على أساسه تقوى الصلات وتضعف، إني أخشى أن تكون معلقاً بين انفتاح زوجتك وأهلها، ومحافظة أهلك، فتعيش في دوامة من المشكلات لا نهاية لها.
ولذلك دائماً ننصح المقبل على الزواج أن يختار فتاة تتقارب معه في المستوى الفكري والتعليمي، والاجتماعي؛ لأنه أحد الركائز المهمة التي ترتكز عليها العلاقة الزوجية، ألمس من خلال كلماتك أنك إنسان حساس، وهذا قد يزيد معاناتك، ولكن لا بد من ذلك حتى تجني العاقبة حلوة نضرة. وألخص نصيحتي لك في النقاط التالية:
(1) أن تكون إنساناً واضحاً صريحاً في مطالبك، وأنك تريد أن تبني حياتك وفق ما شرع الله - تبارك وتعالى- وأن يرزقك الله ذرية صالحة مستقيمة، فإن هي رغبتك بهذه الصورة فعلى العين والرأس، إلا فلكلٍّ وجهة هو موليها، وهذه القوة والصراحة ستخدمك في المستقبل؛ لتقوية موقفك إن احتجت إلى ذلك، وإياك أن تستجيب لدواعي نفسك، أو ضغوط أهلك أن تؤجل ذلك إلى ما بعد الزوج، فأخشى أن تسير الأمور على غير ما تحب.
(2) لا تجعل عواطفك تسيطر على تفكيرك، فكم من أمر تهمس فيه العواطف بـ (نعم) ، بينما يصرخ العقل بـ (لا) فإذا غاب صراخه في همس العواطف فلا تسل عن سوء العواقب (غالباً) .(17/470)
(3) قد تصور لك النشوة العاطفية أن هذه هي الإنسانة الوحيدة التي يمكن أن ترتبط بها، وأنه لا عيش لك بدونها، ولا سعادة بغير قربها، وهنا سيصعب عليك كثيراً اتخاذ القرار المناسب، ولكن إذا علمت أن في المجتمع فتيات مثل المزن طهراً، وطيبة، ونقاء سوف تفكر بهدوء، وروية، وعقل.
(4) إياك أن تتعجل باتخاذ أي قرار بل استجل الواقع بوضوح ثم اعمل فكرك فيه، واستشر واستخر الله -تعالى-، ثم قرر بعد ذلك.
(5) أكثر من دعاء الله -تعالى- في كل وقت أن يوفقك، ويسعدك، ويطمئن قلبك، ويكفيك شر نفسك وشر الشيطان وشركه، فسوف يفتح لك أبواب إجابته.
أسأل الله أن يلهمك الصواب، ويوفقك لما فيه الخير والسعادة في الدنيا والآخرة.(17/471)
هل أقبل به أم لا....؟
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 2-7-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة كتب كتابي على رجل لا أحبه، وفي نفس الوقت كنت أحب رجلاً وهو متدين وكنت أتمنى أن أتزوجه، وبعد فترة من كتب الكتاب علم ذلك الشاب بالخبر، فجاء إلي وبين لي مشاعره تجاهي وقال أنه لا يريد أن يكون سبباً في تحطيم أسرة، ولم أره بعد ذلك وكنت قبل ذلك أدع الله وألح عليه أن يكون هذا الشاب من نصيبي، واستخرت الله كثيرا بعد هذا الأمر في أمرهما وأن يكون أفضلهما وخيرهما من نصيبي، وبعد ذلك ساءت علاقتي مع خطيبي - وهو غير متدين - كثيرا وأشعر بنفرة تجاهه وكره فهو يسيء التعامل معي، مع العلم أن خطيبي يعلم بمشاعري تجاه الشاب الآخر وأهلي يقولون لي بأنه إذا طار هذا الشاب من يدك فلن تتزوجي بعد ذلك وأن الفتيات كلهن تزوجن وأنت ستبقين في البيت من غير زوج ... شيخنا الفاضل ماذا أفعل هل أبقي معه أم أنفصل عنه مع أني لا أطيقه؟ أنا في حالة ضيقة لا يعلمها إلا الله. أرشدوني ما العمل؟
الجواب
الأخت الكريمة …
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم"
الأمر الذي أشير فيه عليك أن لا تستمري ولا تواصلي أمر الخطوبة والزواج من هذا الرجل لعدد من الأسباب:
أولا: إنه غير متدين مما يعني هذا أن الكفاءة في الدين غير موجود لديه وغير متوفرة فيه" إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه.." الحديث، وهذا الرجل لم يكن بالشكل المرضي من الناحية الدينية.
ثانياً: أنك كما تقولين قد أحسست بنفور منه وعدم رغبة فيه وهذا بحد ذاته سبب وجيه لتركه وعدم إتمام الزواج منه.
ثالثاً: أنه على علم مسبق بمشاعرك تجاه الشاب الآخر وهذه سوف تكون الشرارة التي تنطلق منها نيران العذاب ولهيب الشك والريبة الذي سوف يخيّم على زواجك من أول يوم ويقيني أنه سينتهي بالانفصال كنتيجة طبيعية لمثل هذه الأمور.
رابعاً: قول أهلك أنك لن تتزوجي أبداً لو ذهب هذا الرجل غير صحيح فالله سبحانه المقسم للأرزاق وهو الذي كتب لك الرجل الذي سوف تتزوجينه فلا تتعجلي فتقعي في الاختيار الغير مناسب ثم ما تلبثين أن تجنين مرارة هذه العجلة في أمر الزواج.
وأخيراً: قد يرجع ويعود الرجل الذي أحببتِه أو قد لا يعود لكن المهم أن لا ترتبطي بإنسان لا ترغبين فيه وعليه ملاحظات كثيرة بحجة خوفك من العنوسة.
أيضاً لا تكوني كالذي يتعلق بالسراب فإن لم يعد ذلك الرجل ويرجع فحاولي نسيانه كي لا تربطي حياتك في رقبته فتعيشين تعيسة طول حياتك.
تذكري الله دائماً واستمري بالدعاء الخالص له أن يعينك ويرزقك الصالح من خلقه.
وفقك الله وأسعدك،،،.(17/472)
وحيد أهله
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 19-4-1424
السؤال
أنا فتاة تقدم لخطبتي شاب ذو أخلاق طيبة ومتدين ولكن المشكلة في الموضوع كما يراها جميع أهلي أنه الولد الوحيد لأبويه وله عدد من الأخوات مما يعني أن الأمر يتطلب فتاة ذات قدرة ممتازة على التأقلم وكسب محبة أخواته البنات ... وأمي ترى أني لست تلك الفتاة فهي تقول أني انطوائية وجدّية ولا أحب كثرة الكلام كما أنني حساسة جدا وبما أنه الولد الوحيد فسيتحمل كل المسئولية وبالتالي أنا.... يعني زيارات ... مناسبات ... حل مشاكل أخواته ... الخ ... وهي تعتقد أني لا أملك الكفاءة التي تؤهلني لتحمل مثل هذه الضغوطات، فأنا عشت حياة كلها في هدوء ولم يصادفني في حياتي مشاكل ذات أهمية كبيرة وفي الغالب كانت أمي تساعدني في حلها في الحقيقة أنا محتارة فالشاب جيد جدا وفي الحقيقة أعجبني بالخصوص في مسألة تدينه ولكني أخاف أن أظلمه معي ... ملحوظة أخيرة من ضمن أسباب الرفض التي ذكرتها أمي لي أنه متزمت عندما سمعت عن أسلوب تدينه ... فهو لا يحب مخالطة الفتيات أبدا حتى مجرد الحوار العادي يتجنبه قدر الإمكان كما أنه لا يحب الذهاب إلى الأماكن العامة المزدحمة كالمنتزهات وغيرها ولا يحب السفر للخارج لوحده في الواقع القرار النهائي ترك لي كي أتخذه وأنا خائفة ومحتارة أوافق أم لا....أرجوكم انصحوني ولكم مني خالص الشكر والتحية
الجواب
الأخت الكريمة
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
لقد قرأت رسالتك وتعليقي على حالتك فيما يلي:-
أولاً:- حرصك على الدين في المتقدم لخطبتك أمر يحبه الله سبحانه وتعالى إذ الدين هو جوهر الإنسان وقيمته الحقيقية ويضاف إليه بالطبع الخلق فالدين دون خلق يكون كذباً ولا طعم له والعكس كذلك صحيح ولذلك شدّد النبي صلى الله عليه وسلم فيهما معاً "ترضون دينه وخلقه " ولم يفصل بينهما.
ثانياً: أرى أن في قول والدتك الكثير من الصحة حول هذا الشاب وعلاقاته بوالديه وأهله إذ كونه وحيد أهله مع عدد من الأخوات يجعل المسئولية الملقاة على عاتقه كبيرة جداً....
ثالثاً: لا يعني كون الفتاة اجتماعية وتحب الخلطة بالناس والاجتماع معهم أنها لن تكسب المشاكل معهم بل جميع الشواهد تثبت أن المشاكل بين زوجة الإبن وأمه أو أخواته أمر لا بد وأن يحصل ولكن الفروقات بين الناس هي في طريقة تعاملهم معها واحتوائهم لها أما انتفائها وعدم حصولها فهذا أشبه بالمستحيل.(17/473)
رابعاً: يجب أن تعلمي أيتها الأخت الكريمة أن الإنسان في هذه الدنيا محتاج إلى الآخرين والاستئناس بهم ولذلك فبقدر ما يريده من الآخرين بقدر ما يكون واجباً عليه أن يقدم لهم أيضاً. وأنت أختي الكريمة مثل غيرك من النساء محتاجة إلى الزوج وتكوين أسرة طيبة ترفرف عليها السعادة ويملؤها الحب ولذلك فلا بد أن تضعي في مخيلتك وفي حساباتك أنك يجب أن تقدمي وتبذلي من نفسك للآخرين وفي مقدمتهم زوجك ووالده وجميع أهله. لا تتصوري أنك ستكونين في معزل منهم حتى لو أردت ذلك فالزوج أياً كان وصفه يريد من زوجته مشاركته حياته الاجتماعية وفي مقدمتها بالطبع أهله وأخواته. وفي الحقيقة فإن غالب المشاكل التي توجد بين الزوجين حول هذا الموضوع إنما تنشأ من أحد سببين هما: إما أن أحدهما يريد أن يأخذ على طول الخط ولا يريد أن يعطي ولو مرة واحدة. والسبب الثاني إنما ينشأ بسبب سوء التقدير منهما في مقدار ما يمكن بذله للآخر من جهد في هذا المجال.
خامساً: قول والدتك ووصفها لذلك الشاب بالتزمت خطأ وغير صحيح إذ الإسلام ينهى عن الاختلاط بغير المحارم وما يفعله ذلك الشاب إنما هو الوقوف عند حدود الله تعالى ... ثم إنها لمنقبة عظيمة أن يتجنب الشاب المواطن العامة والسفريات الخارجية لوحده التي ربما قد تدفعه لفعل الحرام أو السعي إليها فهذه في نظري هي ميزة وصفة إيجابية بحق وعلامة صدق في التدين.
سادساً: من الصعب أن أشير عليك بالإقدام أو الأحجام لأنني لا أعلم حالك وصفاتك سوى ما ذكرت وهي لا توضح بشكل تفصيلي صفاتك النفسية الخلقية.
ولكن بشكل عام هنالك مفتاح ربما يساعدك على اتخاذ مثل هذا القرار المصيري. هذا المفتاح هو متعلق بشخصيتك وطبيعتك إذ أنت أعلم الناس وأعرفهم بحالك فانظري فيها ثم احكمي بنفسك، من خلال عدد من التساؤلات مثل:
هل أنت من الناس سريعي الغضب؟ حادة الطبع؟ عصبية المزاج؟ تتضايقين بسرعة ممن هو أمامك؟ لا يستطيع المحاور لك محاورتك بأريحية؟ فيك شيء من العناد؟ الإصرار على الرأي؟ لا تتنازلين عن رأيك بسهولة؟ ولا ترضين بسهولة إذا استرضاك أحد قد أخطأ عليك؟.
أم أنك على العكس من ذلك تماماً إذ تتميزين بالهدوء التام والصبر الكبير وقلة الكلام وعدم الحنق بسرعة ولست بالفتاة الغضوب التي تغضب في اليوم أكثر من مرة.
وبالجملة هل أنت بالمرأة العصبية العسيرة بعض الشيء أم أنك فتاة هادئة لينة؟
أنت أقدر الناس على إجابة هذه الأسئلة فإن كنت من النوع الأول فالأولى لك رفض هذا الخطيب لأنك هنا ستصدق فيك توقعات والدتك وستعيشين عذاباً مستمراً.
أما إن كنت من النوع الآخر أو قريباً منه فإني أقول لك بكل ثقة اقبلي بهذا الرجل وكل السلبيات التي فيه أنت قادرة بإذن الله على تجاوزها وسوف تستطيعين التعايش معها وامتصاصها خاصة إذا أخذت بالاعتبار ما أشرت إليه في النقطة الرابعة.
أخيراً لا أنسى أن أذكرك بأمر الاستخارة لله رب العالمين وأن تلجئي إليه أن يدلك الطريق الأصلح لك وأن يلهمك القرار الصائب ويرزقك الزوج المناسب.
وفقك الله وأسعدك وأنالك ما ترغبين في الدنيا والآخرة،،،(17/474)
تكرهه لخفة دينه ... وتخاف
المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار
إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 4/8/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أنا فتاة في التاسعة عشرة من عمري، خطبني ابن خالي وبدون سابق إنذار تركني، وكانت هذه أول صدمة لي، وأخذ البنات في المدرسة (غير الملتزمات صاحبات العلاقات بالرجال) يعيرنني ويقلن إنني بشعة، وهذا ولَّد عندي حب الانتقام وإثبات العكس، ولكن ديني منعني من أن أرد بأسلوب غير ديني، وأفعل المحرمات مثل العلاقات المشبوهة والمكالمات وغيرها، وفي نفس الوقت خُطِبت أختي الأصغر مني، حيث خطبها ابن عمي ووافق أبي وأختي، وتقدَّم لي بعد ذلك بفترة ابن خالي الآخر (أخوه من أم ثانية) ، وبسبب الجرح الماضي وكلام زميلاتي في المدرسة وافقت مع أنني لا أعرفه كثيراً، ولا أكن له أي شيء، وكتبت الكتاب ولم نتزوج فعلياً؛ والمكالمات بيني وبينه بالتلفون فقط ولكن العلاقة فاترة، وأنا أصبحت أكرهه ففيه كثير من الصفات السيئة، فهو لا يصلي دائماً، وأحياناً يسب الدين والرب كما تعوَّد، ويقول إنه يقوله بغضب ولا يقصد معناه، والمشكلة الكبرى أن ابن عمي خطيب أختي المفترض تراجع عن رأيه؛ وذلك لأنه انحرف وتعرَّف على بنات وغيره، وكانت هذه الصدمة الثانية لي ولوالدي ولأسرتنا، وكانت في كل مرة تسبب لنا الهم الكبير، والمشكلة أن نظرة المجتمع للمرأة أنها هي المعيوبة لو كانت جيدة لما تركها، هكذا يقال في المجتمع، وغير الإشاعات، وهذا ما أغضب والدي.... والمصيبة الكبرى أن خطيبي وبسبب الفتور وشعوره بأنني لا أريده- وهذا صحيح فأنا وافقت في الظروف التي ذكرتها- اتَّصل بي وقال لي أريد جوابا نهائياً هل تريدينني أم لا؟ سوف آتي في الصيف وأحسم الأمر، ووالداي لا يعرفان ما قاله لي، أرجوكم أرشدوني أنا في مأزق، إن قلت له لا أريدك سوف أقضي على والدي، وعلى سمعة العائلة بسبب هذه الصدف والبلايا، وإن قلت له أريدك فسوف أتزوج من رجل دينه خفيف، وبسبب كرهي له سوف أدمِّر حياة أسرة قادمة ... ما الحل؟ هل أقع في الحفرة الأولى أم الثانية؟ وما رأيكم؟ أرجو التوضيح والإسراع فالموضوع عاجل؟. جزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
في البداية أحمد الله - عز وجل - الذي أكرمك بالدين وحفظك من الوقوع في أسلوب غير ديني - كما قلت - وجعلك حريصة على بر الوالدين.
الابنة الفاضلة: أنت تقولين إنك أمام خيارين:
الأول: أن ترفضي الرجل وتقولي له: لا أريدك وتتخلصين من هذا الزوج، وهذا قد يسبب الهم الكبير لوالديك وتشويه سمعة العائلة.
الثاني: أن تقبلي الرجل زوجاً، وهو رجل دينه ضعيف كما ذكرت - إضافة إلى أنك لا تحبينه بل تكرهينه.
وبناء عليه أقول: إن أمامك سلبيات ومفاسد متعددة تحدث بسبب أحد الخيارات التي ستختارينها.
المفسدة الأولى: الهم الذي يصيب والديك.
المفسدة الثانية: تشويه سمعة العائلة.
المفسدة الثالثة: الزواج من رجل لا تحبينه بل تكرهينه.(17/475)
المفسدة الرابعة: الزواج من رجل ضعيف الدين، حتى يصل الأمر فيه إلى ترك الصلاة وسب الدين، بل وسب الرب تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
والقاعدة الشرعية في مثل هذا الأمر أن تعملي العمل الذي يؤدي إلى صرف أعظم المفاسد عنك، ولو ارتكبت مفسدة أصغر.
والذي أراه والعلم عند الله تبارك وتعالى أن أعظم مفسدة من هذه المفاسد الأربع هي (الزواج من رجل ضعيف الدين، بل يسب الدين ويسب الله ولا يصلي) ؛ لأن مثل هذا الزواج يسبَّب الفتنة في الدين والوقوع في هذه المنكرات العظيمة، التي وقع فيها الرجل وبعض هذه المنكرات من القوادح في أصل الدين.
وبناءً على ما سبق ذكره أرى أن ترفضي هذا الرجل، وفي الوقت نفسه اهتمي بما يلي:
أولاً: احرصي على تخفيف الصدمة عن والديك، وذلك بشرح الأمر لهما وتعريفهما بأسباب الرفض وهي:
1. معاصي الرجل العظيمة. 2. أنك لا تطيقينه ولا تحبينه.
وبيني لهم أن هذا سيدمِّر دينك ودنياك، وهما لا يرضيان لك بذلك، ولو لم تستطيعي فعل هذا بنفسك يمكنك أن توسطي من يقوم بذلك، مثل أختك الكبرى أو خالتك أو عمتك أو عمك أو خالك.
ثانياً: الصبر والاحتساب أمام كل ما يحدث من آثار سيئة، وتذكري أن الصبر مفتاح تفريج الكربات وأن الله مع الصابرين.
ثالثاً: تذكري أن من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه، فعليك بالدعاء بصدق وإلحاح أن يعوضك خيراً من هذا الرجل.
وختاماً أسأل الله الكريم أن يفرج كربتك ويزيل همك، وأن يثبتك على الدين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(17/476)
حياتي..أم سمعة العائلة؟؟
المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار
إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 6-6-1424
السؤال
مستشاري الكريم..
أنا فتاة عمري 19 سنة خطبني ابن خالي وشاع ذلك الأمر بين الناس، ولكنه وبدون إنذار سابق تركني مما سبب لي الجرح الأليم والحرج الكبير عند الكثير من الناس حيث أن السبب عادة ما يرمى به الفتاة وليس الشاب.
وبعد فترة تقدم إلي ابن خالي الثاني وبسبب الحرج الماضي وكثرة الشائعات وافقت عليه من دون السؤال عن أخلاقه ودينه ومع مرور الزمن اكتشفت أنه سيئ الدين لا يصلي وأحياناً يسب الدين والرب، وازدادت المشكلة أن أختي الصغرى تمت خطبتها ثم انفسخ هذا الأمر بينها وبين خطيبها مما جعلنا في وضعية وسمعة ليست بالحسنة إطلاقاً وهذا ما أغضب والدي جداً..
أنا في الحقيقة في مأزق شديد حيث إن وافقت على ذلك الشاب فإنني سأجني على نفسي من الزواج برجل أكرهه لأنه غير صالح، وإن قبلت به أغضبت والدي وقضيت على سمعة العائلة.
أرشدوني جزاكم الله خيرا.
الجواب
الابنة الكريمة.. رعاها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في البداية أحمد الله - عز وجل - الذي أكرمك بالدين وحفظك من الوقوع في أسلوب غير ديني - كما قلت - وجعلك حريصة على بر الوالدين.
الابنة الفاضلة: أنت تقولين إنك أمام خيارين:
الأول: أن ترفضي الرجل وتقولي له: لا أريدك وتتخلصين من هذا الزوج، وهذا قد يسبب الهم الكبير لوالديك وتشويه سمعة العائلة.
الثاني: أن تقبلي الرجل زوجاً وهو رجل دينه ضعيف كما ذكرت - إضافة إلى أنك لا تحبينه بل تكرهينه.
وبناء عليه أقول: إن أمامك سلبيات ومفاسد متعددة تحدث بسبب أحد الخيارات التي ستختارينها.
المفسدة الأولى: الهم الذي يصيب والديك.
المفسدة الثانية: تشويه سمعة العائلة.
المفسدة الثالثة: الزواج من رجل لا تحبينه بل تكرهينه.
المفسدة الرابعة: الزواج من رجل ضعيف الدين حتى يصل الأمر فيه إلى ترك الصلاة وسب الدين بل وسب الرب.
والقاعدة الشرعية في مثل هذا الأمر أن تعملي العمل الذي يؤدي إلى صرف أعظم المفاسد عنك ولو ارتكبت مفسدة أصغر.
والذي أراه والعلم عند الله تبارك وتعالى أن أعظم مفسدة من هذه المفاسد الأربع هي (الزواج من رجل ضعيف الدين بل يسب الدين ويسب الله ولا يصلي) لأن مثل هذا الزواج يسبب الفتنة في الدين والوقوع في هذه المنكرات العظيمة التي وقع فيها الرجل وبعض هذه المنكرات من القوادح في أصل الدين.
وبناء على ما سبق ذكره أرى أن ترفضي هذا الرجل وفي الوقت نفسه اهتمي بما يلي:
أولاً: احرصي على تخفيف الصدمة عن والديك وذلك بشرح الأمر لهما وتعريفهما بأسباب الرفض وهي:
1. معاصي الرجل العظيمة.
2. أنك لا تطيقينه ولا تحبينه.
وبيني لهم أن هذا سيدمر دينك ودنياك وهما لا يرضيان لك بذلك، ولو لم تستطيعي فعل هذا بنفسك يمكنك أن توسطي من يقوم بذلك مثل أختك الكبرى أو خالتك أو عمتك أو عمك أو خالك.
ثانياً: الصبر والاحتساب أمام كل ما يحدث من آثار سيئة، وتذكري أن الصبر مفتاح تفريج الكربات وأن الله مع الصابرين.(17/477)
ثالثاً: تذكري أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، فعليك بالدعاء بصدق وإلحاح أن يعوضك خيراً من هذا الرجل.
وختاماً أسأل الله الكريم أن يفرج كربتك ويزيل همك وأن يثبتك على الدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(17/478)
مستوى تعليمه أقل مني.. فهل أقبل به زوجاً؟
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقاً-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 11/06/1426هـ
السؤال
أنا فتاة على وشك التخرج من الجامعة بإذن الله تعالى، ويرغب أحد أقاربي في خطبتي بعد تخرجي، علماً أن هذا الشاب أقلّ مني بكثير في المستوى التعليمي، فهل سيعيق هذا الفارق نجاح الحياة الزوجية؟ أرشدوني بارك الله فيكم.
الجواب
جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند الترمذي (1084، 1085) ، وابن ماجة (1967) ، والحاكم (2742) : "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض"، فالدين والخلق هما المقياس الشرعي في قبول الخاطب أو ردِّه، وما عدا ذلك من المستوى المعيشي أو الدراسي أو المنزلة الاجتماعية، فكل هذه الأمور لا ينبغي أن ينبني عليها القبول أو الرد للخطاب؛ فهي تخضع للأعراف والعادات والميول والرغبات.
واختلاف المستوى التعليمي بين الزوجين لم يكن سبباً معيقاً للعشرة الحسنة بين الزوجين يوماً من الأيام، ولعله لا يخفى عليك أن عدداً من الزيجات تكون الزوجة فيها أميَّة، والزوج يحمل أعلى المؤهلات الدراسية أو العكس، ولم يحصل بينهم خلاف أو نزاع. فنصيحتي لك أن تقبلي هذا الشاب المتقدِّم لخطبتك، ما دام أنه ليس فيه عيب - غير أن مستواه التعليمي أقل من مستواك- وستجدين العاقبة خيراً -إن شاء الله-.(17/479)
خطبني متدين فرددته فهل آثم؟!
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 10/06/1426هـ
السؤال
أنا فتاة متديِّنة من عائلة ميسورة ولله الحمد، تقدَّم لي شاب متدين من عائلة متوسطة مادياً، وعندما جلست معه لم أرتح له كثيراً، ورفضته بعد الاستخارة؛ والمشكلة أنه وعائلته ألحوا في الخطبة، ولأني رفضت قبله أكثر من عشرين شاباً، وأغلبهم للسبب نفسه، وبعد ضغط الأهل وافقت؛ وذلك تنفيذاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه". ولكني الآن ألوم نفسي على موافقتي، وأكره خطيبي، ولا أبادله المشاعر رغم أنه أحبني، ويعاملني جيداً، إلا أني لا أستطيع أن أتصوره زوجاً لي في المستقبل. والمشكلة أني أكبت كل ذلك في نفسي، ولا أظهر لأحد حتى خطيبي، وأتظاهر أمامه أني إنسانة عادية، وأخشى إذا تزوجته ألاّ أقوم بحقوقه أو أقصِّر فيها، فأرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ذكرتِ أنكِ رفضت قبله عشرين خاطباً، فأخشى أن يكون ما تشعرين به تجاه هذا الخطيب شعوراً يلازمك مع كل خاطب، وأن يكون راجعاً إلى حالة نفسية معينة، هل أنتِ ترهبين الزواج؟! هل تخافين المسئولية؟! هل يؤرقك الخوف من الفشل؟! هل عدم ارتياحك لهذا الشاب يعود إلى شيء في نفسه هو؟! إذا كان الأمر كذلك فلا يلزمك أن تقبلي به كرهاً.
والحديث لا يشملك؛ لأن الحديث وارد فيمن ترد الشاب لا لشيء إلا لدينه وخلقه، ووارد كذلك في أولياء الفتيات حين يردون الخاطبين لاعتبارات دنيوية، ولا يراعون ما يوجد فيهم من اعتبارات دينية جيدة من العفة والتدين وحسن الخلق.
وانت لم تعيبي عليه في دين ولا خلق، ولكنك تكرهين الارتباط به؛ لعدم ارتياحك له، وأنت تخشين لو تم ذلك ألا تقومي بحقه عليك.
فلا حرج عليكِ ألا تقبلي به زوجاً وأنتِ تحسين في نفسك رغبةً عنه وكرهاً ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق إلا أني أخاف الكفر (أي: كفران العشير) . فقال رسول الله صلى اله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟.
فقالت: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت: اقبل الحديقة وطلقها تطليقه".
ووجه الدلالة: أن النبي عليه الصلاة والسلام لم ينكر عليها طلبها للخلع من أجل أنها تكرهه مع شهادتها له بحسن تدينه وعشرته.
والمقصود أني لا أجد ما يسوَّغ إكراهك على هذا الشاب، وبخاصة أنك قد استخرتِ فلم تجدي في نفسك ميلاً إليه.
وأنبهك إلى أمر خطير -أراك قد وقعت فيه فيما يبدو لي من رسالتك، وفيما فهمت من سياق كلامك- وهو خروجك ولقاؤك بخطيبك، فاعلمي أن الخاطب لا يزال أجنبياً عنك لا يجوز الخلوة به، ولا الخروج معه، ولا مضاحكته والاسترسال معه في أحاديث لا تدعو إليها الحاجة، ما لم يعقد عليك عقد النكاح، فيصبح حينئذ زوجاً لك ولو لم يدخل بك، ويحل له منك ما يحل لكل زوج من زوجته.(17/480)
فإياك وتعدِّي حدود الشرع، والتهاون في سبيل الشيطان. والله الموفق.(17/481)
أرغب في زواجها ولكنها أكبر مني!
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 20/05/1426هـ
السؤال
تراودني فكرة الزواج من إحدى قريباتي من أولات الدين والخلق (وهذه ليست تزكيتي، بل تزكية كل من عرفها) ، ولكن يقف أمامي حائل الفارق العمري، فهي أكبر مني بحوالي أربعة أعوام، لدي الرغبة في الزواج منها، ولكني محتار لا أدري كيف سأتعامل مع هذا الموقف، هل ترون أن فارق السن يعني عدم الكفاءة في الزواج؟ فأنا لا أريد أن أندم على قرار مثل هذا. أفتوني مأجورين، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
جوابك -يا أخ- كما يلي:
(1) الظفر بذات الدين مما أوصى به الرسول- صلى الله عليه وسلم- ولن يندم من عمل بوصية الرسول - صلى الله عليه وسلم-.
(2) إذا اجتمع في المرأة الدين والخلق والقرابة فإن ذلك كله يرغِّب في الزواج بها، وقد عرفنا أناساً كثر تزوجوا بقريباتهم، وكان زواجهم موفق، بل إنه تحقَّق به ما لم يكن ليتحقق لو كان زواجهم بأباعد عنهم، فالزواج بالقريبة فيه إيجابيات كثيرة، وفيه بعض السلبيات.
(3) فارق العمر بين الأزواج ليس له أثر في الحياة الزوجية ما دام هناك ما يعوِّض عنه من الخلق والدين، فقد يزوّج الرجل ممن هي أصغر منه أو أكبر وينجح الزواج، فنجاح الزواج أو عدمه راجع بالدرجة الأولى لكل من الزوجين، نعم قد يسهم تقارب العمر في ذلك، ولكن ليس وحده.
(4) الحديث وعدم الاستعجال في اتخاذ القرار في هذا الأمر مطلوب، فعليك بدراسة الموضوع من جميع جوانبه، وعدم الاستعجال، وفي النهاية الأمر راجع إليك.
(5) الاستخارة وكثرة الدعاء والاستشارة، والنظر إلى الأمر في استقلالية تامة وبدون ضغوط حتى من نفسك، وإقناعك بنجاح هذا الزواج أو عدمه. والله أعلم.(17/482)
خطبتها ولكني متوجس خيفة من أمها!
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 13/05/1426هـ
السؤال
خطبت فتاة لكني علمت أن أختها التي أكبر منها مطلقة، وسبب طلاقها أن أمها تحرضها على زوجها، علماً أن زواجهما لم يستمر أكثر من شهرين، وأنا في حيرة من أمري، حيث إني لا أريد أن أقع فيما وقع فيه غيري، ولا أريد أن أحبط تلك الفتاة، لأنها بدأت تستعد للزواج، أرجو أن ترشدوني للحل ... بارك الله فيكم ورعاكم.
الجواب
أخي الكريم: بارك الله فيك، ووفقك في الزواج من امرأة تكون لك عوناً ورفيقاً في مشوار الحياة.
أولاً: لا تربط بين ما قامت به الأم، وتوقعك لما قد تفعله معك عند زواج ابنتها، فما هي الظروف والملابسات التي دعت الأم للتصرف بهذا الشكل، وإجبار ابنتها على الطلاق؟ كثيراً منا يكون قاسياً على الحماه، أو أم الزوجة، وللأسف أسهمت الأفلام والمسلسلات في رسم صورة عن أم الزوجة بأنها شخصية متسلِّطة لا تحب الخير لابنتها، وتتدخل كثيراً في شؤون ابنتها، وهذا قد لا يكون صحيحاً على الإطلاق.
فهناك متغيرات كثيرة تحكم مستوى تدخل الأم أو سيطرتها على ابنتها، لذلك لا تحكم على زواجك بالفشل منذ الآن، إلا إذا كان لديك إدراك كامل عن وضعهم الأسري، وأن بالفعل شخصيات البنات انقيادية جداً، فالبنت قد تكون هي التي تطلب من والدتها التدخل، وهذا هو السبب في انهيار الحياة الزوجية لكثير من البنات مع الأسف الشديد.
أنصحك بالتعرف أكثر وأكثر على التركيبة الأسرية للأسرة التي تريد نسبها، ومستواها التعليمي، ووضعها الاجتماعي، ومع الأسف هناك تسرُّع في الزواج من الشباب لمجرد إعجابه بفتاة معينة، متناسين أن الزواج هو نسب بين أسرتين. ولعلك تخرج بنتيجة ترضيك عند إدراكك الظروف المحيطة. أما بالنسبة لعطفك على البنت فقد يكون الانسحاب الآن خيراً من الزواج، ومن ثم المشكلات تتوالى.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يوفقك في زواجك من زوجة صالحة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم.(17/483)
تشترط على خاطِبِها حفظ القرآن
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 25/05/1426هـ
السؤال
أنا فتاة أتممت حفظ كتاب الله تعالى -ولله الحمد- وأسعى لنيل العلم الشرعي وما زلت في البداية، كلما يتقدَّم أحد لخطبتي أشترط عليه أن يكون حافظاً لكتاب الله؛ لأنني أراه أهلاً لتحمل المسؤولية، وأنه أكثر حفاظاً على دينه وخلقه، وأكثر تخلقاً بأخلاق القرآن، وهذا هو ظني، مع أنه قد يتقدَّم لي من هم ملتزمون بصلاتهم وصيامهم، ولكنهم قد يسبلون إزارهم، أو ممن لا يعفون اللحى، وهذا ما لا أستطيع تحمله؛ لأنني في رأيي أن الملتزم بصلاته وصيامه يجب أن يطبق الشرع في ملبسه، ولكن لا يغفل الباطن. وهذا الموضوع حيَّر أمي وأهلي، فكلما يتقدَّم إلي أحد أوصي أخي، وأقول له: كم يحفظ من القرآن؟ وبالطبع البعض يشعر بالإحراج إذا أجاب بأنه يحفظ سوراً قليلة، (أشعر أن سؤال أخي هذا يثير الإحراج، ويشعر الخاطب كأنه في مدرسة، وربما تركني وذهب؛ لأنه يظن أنني أتكبَّر عليه) ، وهذا ما حدث بالفعل معي، رغم أن الخاطب ملتزم لحد كبير، وحتى أزيل هذا العائق جعلت مهر المتقدِّم لي إن لم يكن حافظاً للقرآن أن يقوم بحفظه حتى يشعر بالتشجيع، ولكن أخشى أن تفسد نيته، وبالتالي لا يكون حفظه خالصاً لوجه الله تعالى. أرشدوني أفادكم الله.
الجواب
أختي الفاضلة! هنيئاً لك ما بذلت وقتك فيه، وأنت وأمثالك مفخرة لهذه الأمة، ولكن لا أوافقك على ما اشترطيه في خاطبك، فحفظ القرآن وإن كان عملاً جليلاً فاضلاً لكنه لا يضمن حسن الخلق والعشرة، وإن كان الأولى بحافظ القرآن أن يكون خلقه القرآن، وسمته على ما جاء في القرآن، لكن المفروض شيء والواقع شيء آخر، فقد عايشنا وخالطنا أناساً حفظة لكتاب الله، لكنهم -وللأسف- سيِّئو العشرة والخلق، وفي بعضهم من الحمق والنزق وسوء المعاملة ما ينفر عنهم القريب والبعيد، وكم عايشنا وخالطنا أناساً لا يحفظون من القرآن إلا الشيء اليسير، لكنَّ خلقهم القرآن، وسمتهم على ما جاء في القرآن، يعملون بالقرآن وإن لم يكونوا له حافظين قارئين.
ونصيحتي لك أن تأخذي بنصيحة النبي -صلى الله عليه وسلم- "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" أخرجه الترمذي (1084، 1085) ، وابن ماجة (1967) ، والحاكم (2742) . فلم يشترط النبي -صلى الله عليه وسلم- حفظ القرآن، وإنما أكَّد على حسن الخلق والدين، فارضي بأول خاطب ترضين دينه وخلقه، فإذا تزوجتيه فابذلي وسعك في حثه على حفظ القرآن، وليكن حفظه للقرآن على يديك. وفقك الله.(17/484)
هل هذه الاتصالات لتشويه سمعة خطيبتي؟
المجيب سعد بن عبد الله الماجد
عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 27/04/1426هـ
السؤال
تقدمت لخطبة فتاة، وفي اليوم التالي أفاجأ بابن عمها يتصل بي تلفونياً ليخبرني بأنه كان على علاقة بتلك الفتاة وأنه يحبها، ويطلب مني أن أحافظ عليها وأصونها، بعدها بعدة أيام جاءني اتصال آخر منه يخبرني فيه أنه كان على علاقة جنسية بهذه الفتاة، وفي لحظتها شعرت بأنه يكذب، وإنما يحاول قول ذلك ليبعدني عنها، وبما أن عملي ليس في نفس المدينة التي أسكن فيها فقد سبب لي ذلك بعض القلق فقررت الاتصال بالوالد وإخباره، فطمأنني بأن الفتاة يشهد لها ولأهلها بالشرف والأخلاق الحميدة والتدين، لكن رغم ذلك أصبحت لا أستطيع النوم؛ لأن هذا الموضوع يقلقني جداً، فأرجو المساعدة في كيفية التصرف والتأكد من ذلك، من دون أن أظلم الفتاة أو أغضب ربي.
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد قرأت سؤالك، ويعجبني فيك التأني وطلب الاستشارة في الأمر، ومفاتحة والدك في الأمر، واعلم -يا أخي الكريم- بأن الله -تعالى- قال: "إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"، فما كل ما يقال يصدَّق، كما أن الأصل في أعراض المسلمين السلامة وهذا يقين لا يزول بالشك، وإنما بيقين، وعليه فما دمت قد خطبت بعد سؤال عن هذه المرأة وصلاحها في دينها وعرضها، فتوكَّل على الله واعزم ولا تشك، ولا يكن في نفسك شيء من الشك والريبة.
وأما عن ابن العم هذا؛ فحتى يزول شكك فاسأل عنه، فقد يكون حاسداً أو مضمراً عداوة له لأسباب كثيرة، أو مغتماً لزواجك من قريبته، وإلا فهل هناك عاقل يقول بمثل قوله؟ ما الذي منعه من الزواج بها؟ ولماذا هذا التناقض في اعترافه، وكثرة الاتصال بك.. كل ما سبق يدل على كذبه. وهذا الآثم يعلم في قرارة نفسه أنك ستتأثر، ولن تبلغ عنه عمه والد عروسك؟
وهذا كيد شيطان يريد أن يستدرجك إليه مع بعدك عنهم في مدينة أخرى. ثبتك الله في أمرك كله، وبارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير.(17/485)
هل يجوز الزواج من هذه المرأة؟!
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 11/03/1426هـ
السؤال
هل يجوز الزواج من امرأة ذات دين ولكن أسرتها غير ذلك، أي يعملون المنكرات؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والبريات، نبينا محمد الهادي البشير والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
إلى الأخ السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال بالموقع.
لقد قرأت رسالتك أخي الكريم وسرني جداً حرصك على أن تتزوج من امرأة ذات دين، أسأل الله أن ييسر أمرك ويوفقنا وإياك لما يحب ويرضى اللهم آمين.
أما بالنسبة لسؤالك فلا حرج بأن يتزوج الإنسان امرأة ذات دين وخلق وسيرة طيبة، وسمعة حسنة بين الناس؛ وذلك: لقوله - صلى الله عليه وسلم- تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- البخاري (5090) ، ومسلم (1466) ، وعلى ذلك -أخي الكريم- فلا بأس بأن تتزوج بهذه المرأة إن كانت صاحبة دين كما ذكرت في سؤالك.
أما بالنسبة لأهلها وما هم عليه من بعض المنكرات، نسأل الله لنا ولهم الهداية، وحالهم هذا لا يؤثر على مسألة زواجك من هذه المرأة، ولكن بشرط أن لا يكون لهم تأثير في حياتك فيما بعد وعلى أولادك، وعليك الاستخارة قبل إقدامك على هذا الأمر، وكذلك الاستشارة لمن تشعر فيهم بالخير والصلاح.
وأود أن ألفت نظرك لشيء آخر، ربما يرد على خاطرك حديث "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس" فهذا الحديث ضعيف جداً ولا يثبت.
أضف إلى ذلك بأن الله سبحانه وتعالى لا يحاسب أحداً بذنب أحد قال تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" [الإسراء: 15] ، فسر يا أخي على بركة الله بعد الاستخارة والاستشارة، إلى ما ييسره الله لك، نسأل الله أن يقدر لنا ولك الخير والفلاح في كل أمر إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه. هذا والله أعلم.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(17/486)
هل هذا زواج غير متكافئ؟
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 21/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم تقدم لي شاب أحسبه متديناً وعلى خلق، لكنه أقل مني في التعليم والحالة الاجتماعية والمادية، وهو متمسك بي ويقول إنه محتاج إلى أن أكون بجانبه، وأنا أرتاح إليه لكني أخاف أن يعاملني بعد الزواج بطريقة مختلفة؛ نظراً لشعوره بالنقص تجاهي، أرجو إفادتي وتوضيح حكم الشرع في الكفاءة بين الزوجين، وشكراً لكم.
الجواب
ما ذكرتِه يا ابنتي عن هذا الشاب الذي تقدم لك، وهو أقل منك تعليماً وحالة اجتماعية ومادية ومتمسك بك، ويقول: إنه محتاج أن تكوني بجانبه، أرى أن هذه ليست مؤهلات لأن تقبلي به، فتمسكه بك وادعاؤه احتياجه إليك ليس مؤهلاً للقبول به، ولكن المؤهل للقبول به هو ما تلاحظينه عليه من تدين أولاً، وخلق ثانياً، ونجاحٍ في حياته ثالثاً، فإن كان هذا الشخص عنده من النجاحات في حياته ما يعوض انخفاض مستوى تعليمه، فلا أرى مانعاً من الارتباط به، أما إذا كان منخفضاً في التعليم ومنخفضاً في الناحية الاجتماعية والمادية، وليس في حياته نجاحات مغرية فلا أرى في وضعه ما يغري بالارتباط به، على أنني لا أرتاح للشاب الذي يلقي نفسه على الفتاة بهذه الطريقة، ويتوسل إليها ويظهر احتياجه لها، فهذا النوع لا يوثق به، فإن أردت المناصحة فلست متحمساً في الارتباط بشاب بهذا النوع.
أما الكفاءة بين الزوجين فهي معتبرة في أمور دون أمور تعتبر في النسب، وقبل ذلك في الدين، وأما التعليم ونحوه فليس مجال الكفاءة التي يترتب عليها صحة عقد النكاح، ولكني أتكلم إليك -الآن- من باب المشورة، وليس من باب صحة عقد النكاح، والله يوفقك.(17/487)
تقدم لي شاب لكنه متهاون في الصلاة
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 30/12/1425هـ
السؤال
تقدم لي عريس غير متدين، اعترف لي أنه زنا بفتاة، ولكن يقول إنه تاب وندم على فعل ذلك، وهو أيضا لا يلتزم بالصلاة في وقتها، وأحيانا لا تهمه. ماذا أفعل؟ هل أقبله وآخذ بيده للطريق إلى الله أم أرفضه؟ مع العلم أني فتاة متدينة والحمد لله، وأتمنى أن يرزقني الله بالزوج الصالح الذي يأخذ بيدي للطريق إلى الجنة، مع العلم أن هذا العريس متمسك بي جداً، ومتعلق بي ويحبني كثيرًا، أرجو من فضيلتكم الرد على سؤالي؛ لأني في حيرة، رغم أني استخرت الله ولكن أجد نفسي في حيرة.
وشكراً لكم والله الموفق وجزاكم الله كل خير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على خير البريات نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ما دامت الأرض والسماوات، وبعد:
إلى الأخت السائلة: - سهل الله أمرها- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع (الإسلام اليوم) ، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع.
لقد قرأت رسالتك، وسرني جداً التزامك بشرع الله، وإقدامك على الزواج فالزواج نعمة عظيمة ومنحة من الله جسيمة امتن الله بها على عباده، قال تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" [الروم:21] ، فالزواج سنَّة من سنن الله في خلقه، وله فضائل كثيرة فلذلك عني الشرع الحنيف بهذا الأمر أيما عناية، فبين المعايير التي عليها يتم هذا العقد، والذي سماه سبحانه: "الميثاق الغليظ" قال - صلى الله عليه وسلم-: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد " أخرجه الترمذي (1085) ، وفي حديث آخر عند الترمذي (1084) ، وابن ماجه (1967) : "وفساد عريض". فالأصل في الزواج الدين سواء للشاب أو الفتاة.
فيا أمة الله: هل هذا الشاب المتقدم إليك صاحب دين وخلق قويم وسيرة طيبة بين الناس، إذا كان كذلك فنعم به وحيهلا، أما إذا كان غير ذلك فلا خير فيه، واحرصي على صاحب الدين تفوزي وتسعدي في الدنيا والآخرة، ويكفي أن ترفضي هذا الشاب لتهاونه بالصلاة وعدم اهتمامه بها، فالصلاة عماد الدين، والفارق بين المؤمنين والكافرين، قال - صلى الله عليه وسلم-: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" أخرجه مسلم (82) ، وقال أيضاً: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" أخرجه الترمذي (2621) ، وابن ماجه (1079) ، والنسائي (463) ، فتارك الصلاة كافر في أصح قولي أهل العلم، وإذا كان متهاوناً فيها فله الويل والهلاك، قال تعالى: "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون" [الماعون:5،4] ، وقال تعالى: "فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوق يلقون غيا" [مريم:59] ، سئل بعض السلف عن الغي هذا فقال: واد في جهنم خبيث طعمه بعيد قعره.(17/488)
فيا أمة الله: عليك بالحرص على الزوج الصالح الذي يأخذ بيدك إلى الجنة، ودعي عنك أمثال هؤلاء، ولا تقولي بأنك تأخذي بيده إلى الهداية، فربما هو الذي يأخذ بيدك إلى الضلال والغواية، وخصوصاً أنه سيصبح هو الزوج أي الرجل له القوامة والكلمة الأولى والأخيرة في البيت، وخصوصاً في مثل هذه المواضيع، وكم سمعنا ورأينا عن كثير الناس في مثل حالتك فكانت النتيجة إما الفشل في الزواج وهذا يعني الطلاق، وما أدراك ما الطلاق؟ وإما الانتكاسة من قبل الطرف الملتزم، وربما يحدث أن الطرف المنتكس يلتزم، وهذا في النادر القليل، فلا تعرضي حياتك لمثل هذه العواصف المدمرة، وعليك بصاحب الدين. وكون هذا الشاب متعلقاً بك ومصراً عليك، وهذا طبيعي جداً؛ لأنك ملتزمة، وهو بالتأكيد له علاقات سابقة، فهو لا يستطيع أن يتزوج من أي واحدة ممن كان يعرفها في السابق، وكان بينهما علاقة؛ لأنه لا يثق بها ويريد أن يتزوج من فتاة ملتزمة مثلك، وأقول لك معظم الشباب الفاشل والذي له علاقات محرمة بفتيات مثلهم في الأخلاق المنحطة لا يحب أن يرتبط بأي واحدة منهن؛ لأنه يعلم أنهن فاسقات ليس لديهن دين ولا شرف، ولا عرض، ولا أخلاق، وإذا أراد أن يتزوج يبحث عن ذات الدين، فأولى بك شاب مستقيم على شرع الله خير لك من غيره مهما كانت الفوارق المادية والاجتماعية، فالدين والأخلاق لا يعدله شيء، وعلاوة على ذلك أنك ذكرت حيرتك الشديدة رغم استخارتك في الأمر، فهذه بعض المؤشرات القوية أن تصرفي نظرك عن الزواج من هذا الشاب، هذا ما أردت بيانه. والله أعلم بالصواب، ونسأل الله لنا ولك ولكل مسلم التوفيق والسداد، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(17/489)
أريد الزواج ولكن ...
المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 17/04/1425هـ
السؤال
عرفت فتاة ذات خلق ودين، وهي من عائلة فقيرة، وقد أحببتها حباً طاهراً وشريفاً، وقد تقدمت لخطبتها، إلا أن أهلي رفضوا ذلك؛ لأنها من جنسية غير جنسيتي، وقد رفض أهلي هذا رفضاً قاطعاً، علما أن الفتاة سمراء اللون مما أدى أيضاً إلى رفض أهلي لهذه الفتاة، وأنا الآن بين نارين، الأولى هم أهلي الذين يرفضون هذا، والثانية هي الفتاة ذات الدين والخلق التي لا أريد أن أفوت على نفسي فرصة الزواج منها؛ لأني قد استخرت الله في هذا، وقد أراني الله بعض الإشارات والعلامات مثل (أنه في أحد الأيام وفي روضة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد قمت بأداء صلاة الاستخارة، وبعد نصف ساعة من خروجي إذا بأحد الأشخاص الغرباء يلتقي بي، وبعد بعض الوقت يتبين بأنه من أهلها وأنه يعرفني)
علماً بأن هذا ليس حلماً بل حقيقة، وغيرها الكثير من الأحلام التي راودتني بعد أدائي لصلاة الاستخارة، والآن أنا حيران في أمري، فكيف أقنع أهلي بأن الله كتب لي هذه الفتاة؟ وكيف أقنعهم بأن يتقبلوها بينهم؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ السائل الكريم: قال الله -تعالى-: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً" [النساء:36] ، فعطف الإحسان إلى الوالدين وبرهما على عبادته، مما يدل على عظم هذا الأمر ووجوبه على الإنسان، وعلى هذا فإذا أراد الإنسان أن يقترن بفتاة، ولم يرغب فيها الأهل فالأولى أن يلبي رغبتهم، خاصة أن الجنسية تختلف، واللون يختلف، مع أن التفاضل في الإسلام بالتقوى، والله سيعوضك خيراً ما دام تركت هذا الأمر طاعة لهما، هذا أولاً.
ثانياً: إذا اقترنت بفتاة لا يرغب فيها أهلك فستكون بعد ذلك منبوذة بينهم، مما يؤدي إلى النفرة من أولادك بعد ذلك؛ لكون أمهم بصفة لا يرغبون فيها، وهذا مما يقلل قدرها بعد ذلك عندك، وقد تواجه كثيراً من المشاكل بهذا السبب.
ثالثاً: التعرف على الفتاة قبل الزواج ومخاطبتها والخلوة بها والالتقاء بها هذا كله محرم شرعاً، لا يجوز، وإن كنت تقول إنه: (حب طاهر شريف) ؛ لأن الخلوة بالأجنبية محرم؛ قال صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما"، رواه الترمذي (2165) وأحمد (115) من حديث عمر - رضي الله عنه - وكذلك مكالمتها بالهاتف هي أجنبية وفي هذا فتنة لك، وهذا كله من تسويل الشيطان، يزين للإنسان ذلك على أنه حب طاهر وشريف، فهذه العلاقة التي قامت بينك وبينها محرمة أصلاً، إذاً فالأولى ألا تبني عليها حياتك الزوجية؛ لئلا تنهدم بعد ذلك، وعليك التوبة إذا كنت قد خلوت بها، أو تكلمت معها بما لا ينبغي شرعاً.
رابعاً: قولك: (كيف أقنع أهلي بأن الله كتب لي هذه الفتاة؟!) ، خطأ؛ لأن المكتوب لك إلى الآن لا تعلمه، وإن كان الله كتب لك هذه الفتاة فثق أن الله سيسيرك لها.(17/490)
خامساً: أنصحك بالدعاء المستمر بأن يرزقك الله الزوجة الصالحة التي تحفظ لك أولادك ومالك، وثق ثقة تامة بأن الله قريب ممن يدعوه؛ قال تعالى: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعانِ" [البقرة:186] وسهام الليل قوية لن يضيعها الله، وقد يرزقك الله لهذا السبب امرأة من جنسيتك، ومقاربة لأخلاقك أو أحسن، ومحبوبة عند أهلك ترضيك في الدنيا والآخرة، وهذا هو المطلوب لكل إنسان.
سادساً: الإنسان قاصر النظر قد يرى في الاقتران بهذه الفتاة هو المصلحة، ويعلم الله أن الاقتران بها مضرة على هذا الشخص، وأن الاقتران بغيرها أصلح للإنسان؛ فلذا عليك الدعاء وعدم الإصرار، وربما بعد فترة من الزمن يتضح لك مثل هذا الأمر بارك الله فيك. والله أعلم.(17/491)
هل تفسخ العقد لتتزوج بمن تحب؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 25/1/1425هـ
السؤال
أنا شابة مقبلة على الزواج، عمري فوق العشرين سنة، مشكلتي مع شابين مسلمين، يصعب تفضيل أحدهما على الآخر؛ لما يتمتعان به من خُلُق ودين.
الأول: تعرفنا على بعضنا البعض منذ سنة تقريباً، وأعجب كل منا بالآخر، فوقعت في حبه، واتفقنا على الزواج حين تسمح الظروف بذلك.
الثاني: فُرِض علي من قبل عائلتي، وخصوصاً أمي التي ألحت عليَّ كثيراً، فقبلت الزواج منه رغماً عني، فتم إبرام عقد الزواج بيني وبينه على أن يتم الزفاف في عطلة الصيف المقبل (لم يتم الدخول بعد) .
لكن المشكلة تكمن في كوني معلقة بالأول، وأفكر فيه دائماً؛ لأنني أحبه، ولا يمكنني العيش بدونه، فهل يجوز لي فسخ عقد الزواج هذا إرضاءً لمشاعري؟ أم يجب علي إبقاؤه إرضاءً لوالدتي؟ مع علمي أنها لن تمانع إن تزوجت من الأول، وأحيطكم علماً أنني قبل التعرف على كلا الشابين، كنت قد حلمت حلماً أفزعني، ويخيفني من المستقبل، وهو كالتالي: حلمت أنه في يوم من الأيام عدت من دراستي إلى البيت، وإذا بأهلي قد زوجوني برجل لا أعرفه، ورغم محاولاتي للرفض، فلم أفلح في ذلك، بل يجيبونني دائماً بأن الأمر قد حُسِم، ولا مجال للتراجع، ولكن في يوم الدخول (الزفاف) طلبت من الزوج ألا يلمسني، ورغم محاولاته، قَبِل في الأخير ما طلبته منه، وبقي هذا الحلم يراودني لعدة أيام، إلى أن وقع ما وقع لي مؤخراً، وأخاف أن يصبح حقيقة. لذلك أرجوكم أن تنصحوني بما يجب عليَّ فعله، وهل في ذلك معصية وإثم إن أنا فسخت العقد؛ لأتزوج بمن أحب، وهرباً من كابوس الحلم الذي رأيته؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:(17/492)
فقد ذكرت - حرسك الله- أنه قد تم عقد نكاحك للرجل الثاني، ولم يدخل بك، وأنه ذو خلق ودين، ومرغوب عند عائلتك، فهذه الميزات التي ذكرتها ميزات حسنة، فهنيئاً لك بذلك، وبما أنه قد تم عقد النكاح فأنصحك بإتمام الزواج، وتمكينه من الدخول، وعدم طلب الطلاق؛ لعدم وجود ما يبرر ذلك، خاصة أنك لا تكرهينه، أما ما ذكرتيه من حبك لشخص آخر فهذا سيزول - بإذن الله تعالى- بعد الدخول، وجاهدي نفسك على عدم التفكير بذلك وقطع كل صلة به؛ لكونه أجنبياً عنك، قال -تعالى-: "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" [البقرة: من الآية216] ، كما أوصيك باللجوء إلى الله -تعالى-، وكثرة دعائه بأن يجعله زواجاً مباركاً، وكذا عليك بصلاة الاستخارة، كما في حديث جابر -رضي الله عنه-، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يعلمنا الاستخارة في الأمور، كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: "إذا هَمّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به، قال: ويسمي حاجته"، رواه البخاري (1109) ، أسأله -تعالى- أن يبارك لكما وعليكما، وأن يجمع بينكما في خير، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(17/493)
يواقعها ثم يشك في حبها!
المجيب د. الجوهرة بنت حمد المبارك
مديرة عام نشاط الطالبات بكليات البنات.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/اختيار الزوج أو الزوجة
التاريخ 03/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب في مقتبل عمري، مستقيم إلى حد ما (شخص عادي) ، حاصل على بكالوريوس وأعمل في غير مجالي- ولدي إعاقة في قدمي اليمنى (شلل أطفال) ، وفي هذا العمل تعرفت على فتاة تبلغ من العمر 20 سنة، طالبة بكلية التربية، وجدتها فتاة طيبة، رقيقة المشاعر، تقربت إليها، صارحتها بحبي لها، وكانت في البداية رافضة هذا الحب من أجل أنها لن تحب، إلى أن استسلمت لضغوطي عليها، واعترفت بحبها أيضاً لي، تطورت علاقتنا بسرعة فائقة الحدود على عكس الذي يتخيله أي إنسان، وحتى لا أطيل عليكم وصلت علاقتنا للمعاشرة الجنسية غير الكاملة، وفعلنا كل شيء عدا ذلك، وأنا الآن في حيرة، ماذا أفعل؟ أترك الفتاة التي أحبتني وأحببتها وسلمتني نفسها كاملة؟ أم أتقدم لزواجها مع وجود فارق مادي لصالحها، وكذلك يوجد شك في نفسي منها أنه لو لم أكن أنا لكان شخص ثانٍ استسلمت له؟ أعيش حياتي بالطول والعرض؟ أرجوكم أفيدوني.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل: قرأت رسالتك وجلست عدة أيام لم أجب عليها، فلقد أصبت بحيرة، وتعجُّب وألم مما ذكرت في رسالتك، ذكرت - حفظك الله- أنك مستقيم إلى حد ما (شخص عادي) ، ثم ذكرت أن علاقتك بمحبوبتك وصلت إلى المعاشرة الجنسية غير الكاملة، ثم تريد أن تهرب من هذه الفتاة المسكينة التي استستلمت لضغوطك! الكلام العملي القابل للتطبيق كما طلبت في رسالتك هو أن تتوقف عن هذه التصرفات السيئة، ولا تتجاوز حدود الله، فإياك أن يراك الله حيث نهاك، ويفتقدك حيث أمرك، وسارع في التقدم لها، وعلى عجل اعقد قرانك بها، ولا تفكر بأنها: (لو كانت مع إنسان آخر لاستسلمت له....إلخ) ، لأنك أنت السبب في ذلك، فعالج خطأك بنفسك، وحب لأخيك ما تحب لنفسك، وتصوَّر لو كنت مكانها، وتصور لو أن ابنتك أو أختك مكانها ... ، ماذا ترجو لها؟!، واحذر من هذه الألاعيب، وأُقنعك بما أقنع به الرسول - صلى الله عليه وسلم- ذلك الصحابي - رضي الله عنه- الذي استأذنه في الزنا، حيث قال له عليه الصلاة والسلام: "أتحبه لأمك؟ أفتحبه لأختك؟ ... "، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في ذلك كله "ولا الناس يحبونه". أخرجه أحمد (22211) .
فعليك يا أخي الكريم: إن رفض أهلها هذا الزواج للفوارق بينكما محاولة إقناعهم، وإن لم يقتنعوا فاتركها وابتعد عنها؛ لعل الله أن يعوضها خيراً، وإياك والاستمرار في هذه العلاقة؛ فإن أبواب الحلال كثيرة، وأنت في غنى عن المحرمات، واعلم أن المعاصي تتكاثر على القلب حتى يطمس عليه "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون" [المطففين:14] ، ثم لم يعد القلب يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، أعيذك بالله من ذلك. نسأل الله لك زواجاً هنيئاً وأبناء صالحين يسعدونك في الدنيا والآخرة، والله يحفظك.(17/494)
خطيبتي لا تبادلني المشاعر
المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني
مدرس بمدارس رياض الصالحين.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/العلاقة بين الخطيبين
التاريخ 30/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا شاب عمري 20 سنة، وقد خطبت فتاة عمرها تقريبا 17عاماً, والحمد لله أنا مقتنع بهذه الفتاة وأريدها زوجة لي -بإذن الله-,وقد مضى الآن على خطبتنا حوالي 3 أشهر، وأنا أحببتها, ولكن المشكلة أن خطيبتي لا تشعر بأي شيء تجاهي حتى الآن, فإذا قلت لها: لقد اشتقت لك، وأسألها إن كانت قد اشتاقت لي؟ فتقول: (عادي) ، أو أسألها: هل تريدين أن آتي لكي أراك فتقول: (عادي) ، مع العلم أني لا أراها إلا مرتين في الشهر أو ثلاث, وذلك بسبب بعد المسافة, ولكنني أبعث لها رسائل على الجوال تقريباً يومياً وأبعث لها أيضاً كروتاً, وأيضاً مشكلة أخرى وهي أنها ترفض الانتقال إلى المنطقة التي أعيش فيها، وأنا لا أستطيع أن أنتقل إلى المنطقة التي تعيش فيها, فما الحل؟ أرشدوني بارك الله فيكم, كيف أستطيع أن أجعلها تحبني؟ وكيف أقنعها بالانتقال؟ وأنا أظن دائما أن هناك شيئاً خطأ فيَّ أنا ربما, أرشدوني بارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
أيها الأخ العزيز: هناك عدة نقاط لا بد من الحديث حولها للإجابة عن سؤالك:
(1) الخطبة لا تبيح للخاطب أن يتعامل مع مخطوبته كما يتعامل الزوج مع زوجته، بمعنى لا يصح له أن يراسلها برسائل الحب والغرام، ولا أن يكلمها في مواضيع من هذا القبيل، حتى وإن كان يحس ميلا إليها، فالمخطوبة امرأة أجنبية لا يجوز النظر إليها إلا حال الخطبة إذا لم يكن يعرفها، ولا الخلوة بها، ولا غير ذلك مما يجوز للرجل فعله مع أي امرأة أجنبية.
(2) قد يطلق عند البعض الخطبة، وهم يريدون بها عقد النكاح الشرعي، فإن كانت حكاية الأخ كذلك فنقول هذه المرأة زوجة شرعية لك، وبناءً على ذلك أوصيك بوصايا:
أ- التمس العذر لهذه الفتاة فقد تكون لا تظهر لك مشاعرها من منطلق الحياء الفطري الموجود في نفس كل فتاة عفيفة.
ب- فتش في نفسك فقد تكون بك خصلة لا ترغبها هذه الفتاة، ولا ترتاح لها.
ج- حاول أن تتعرف على ما تحبه هذه الفتاة، وحقق لها رغبتها، إن كانت شرعية.
د- عليك بالقراءة في الكتب التي تعنى بالحياة الزوجية، واحرص أن تكون كتباً فيها عناية بالجانب الشرعي، لا أن تكون كتباً تلائم الحياة الغربية الكافرة.(17/495)
تعرفت عليه ولا أريد أن أخسره
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/العلاقة بين الخطيبين
التاريخ 4/6/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أريد أن أطرح عليك مشكلتي: فمشكلتي هي أنني تعرفت على شاب من خلال الهاتف، فهو في الأصل كان يبحث عن زوجة، وقد أخبر صديقتي بأن تبحث له عن زوجة، وهي بدورها أخبرتني، وأنا هاتفته وتحدثت معه، علماً أنه شاب رائع؛ فيه جميع الميزات التي أتمناها في شريك حياتي، ولكن مشكلتي أنه يريدني أن أخرج معه، وأن أهاتفه دائماً بدون علم أهلي طبعاً، وأنا الشيء هذا لا يرضيني، ولكني ولأني خائفة أن يضيع مني هذا الرجل بدأت في مهاتفته، ولا أريد أن أخسره، فهو ليس له غرض إلا الزواج، ولكن لا يريد أن يتزوج من فتاة لا يعرفها جيداً، فعلى هذا الأساس لا يريدني أن أمتنع عن مهاتفته. أرجوكم الحل المناسب؛ فأنا لا أريد أن أخسره، أرجوكم ساعدوني.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
إلى الأخت الفاضلة والابنة العزيزة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إن طلبك للزواج ورغبتك في ذلك أمر طبيعي لا غبار عليه، ولكن حدَّد لنا الشارع الحكيم الطرق الصحيحة والسليمة التي تحفظ لنا كرامتنا وتصون عرضنا من أن يدنس، وهذه الطرق عبارة عن ضوابط شرعية على ضوئها تكون العلاقة بين الرجل والمرأة، وعلى ذلك فقد أخطأتِ كثيراً عندما استجبتِ لهذا الشاب بأن يهاتفك أو يخرج معك دون علم أهلك، فهذا الأمر لا يجوز بحال من الأحوال، وأود أن تطرحي عليه سؤالاً ألا وهو: أيحب لأخته أن تخرج مع شاب بدون علمه وعلم أهلها؟ حتى ولو كان صادقاً في نيته في الزواج منها؛ أنا متأكد أنه يرفض ذلك في قرارة نفسه، وإن تظاهر بعدم الرفض.
الأمر الآخر: أرى أنكِ متسرعة في الحكم على الناس، وتفكرين بالعاطفة دون النظر في العواقب مع غياب العقل؛ وهذا ظهر لي من كلامك على هذا الشاب عندما قلتِ: (إنه شاب رائع! وفيه جميع المميزات التي تتمنيها في شريك حياتك ... ) من الذي أدراك بهذا كله؟ مع أن العلاقة بينكما لم تتجاوز الحديث الهاتفي العابر! كل منكما يتجمل للآخر، ويجامله ويخفي عنه الكثير!.
بنيتي: أنت طلبتِ مني النصيحة والمشورة، فإن لم أكن صادقاً معك في النصيحة، مخلصاً في المشورة فلا خير فيَّ إذاً، فلا تغضبي من كلامي؛ فأنا أحب لك الخير كما أحبه لنفسي تماماً، وكما أحبه لأختي أو ابنتي، وإليك الآتي:
(1) عليك بقطع الصلة مع هذا الشاب وفوراً، ولا تخافي من أن يفوتك هذا الشاب؛ فالله يعوضك خيراً منه بإذنه -تعالى-.(17/496)
(2) إذا أراد أن يتقدم لك -وهو صادق- فلا بد من أن يأتي من الباب؛ وذلك بالتقدم إلى ولي أمرك، وطلب يدك منه، وإبرام العقد الشرعي بينكما؛ حتى تكون العلاقة بينكما علاقة شرعية، ولابد من مصارحته بقوة ووضوح، وأنك لا تقبلين باستمرار العلاقة على هذا النحو أكثر مما استمرت، ولا تقبلين لنفسك هذا الاستمرار، ولن تقبلي برجل يستمر مع فتاة على هذا النحو، وثقي أنه إذا كان جاداً في الزواج فسيأتي سريعاً، وسترتفع قيمتك وقدرك عنده بذلك، وإن كان لعوباً فسيذهب، ويتظاهر بالغضب لعدم الثقة، فليذهب غير مأسوف عليه.
(3) احرصي على الزواج من رجل صاحب دين وخلق قويم، واستقامة على شرع الله، وسيرة حسنة بين الناس.
(4) لا تنخدعي بما يقوله لك بأنه: لا يريد أن يتزوج من فتاة لا يعرفها جيداً، إلى نهاية كلامه ... فهذا كله من خطوات الشيطان التي أمرنا الله بعدم اتباع خطواته، فإن أراد أن يتعرف عليك جيداً يكون ذلك في فترة الخطبة، وعلى وفق الضوابط الشرعية المعروفة في ذلك، وبمعرفة من أهلك (أبوك وإخوتك) .
(5) أكثري من الدعاء بأن الله ييسر أمرك، وييسر لك الزوج الصالح الذي تقر به عينك.
(6) احذري أشد الحذر من الخروج والخلوة معه أو مع غيره من الرجال الأجانب، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان " أخرجه الترمذي (2165) وغيره، فما ظنك يا - أمة الله- باثنين الشيطان ثالثهما؟!.
(7) كثير من مثل هذه العلاقات انتهت بالفشل، وكثير منها انتهى بالعار والشنار على الفتاة وأهلها؛ والقصص في ذلك مشهورة، فاعتبري بغيرك، واحذري أن تكوني عبرة لغيرك.
(8) كثير من هذا الصنف من الشباب لا يثق بمن تم التعارف بينهما بتلك الصورة، والأمثلة في ذلك كثيرة جداً، وقد سمعنا وشاهدنا وقرأنا عن مئات الحالات في هذا الصدد، فاحذري يا - أمة الله- أن تنضمي إلى تلك القافلة البائسة، أعيذك بالله العلي العظيم من ذلك.
هذا والله أعلم، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(17/497)
عاقبة التساهل مع الخاطب
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/العلاقة بين الخطيبين
التاريخ 10/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
كنت مخطوبة، وكان خطيبي يجبرني بعمل أشياء مخلة (ما يشبه الزنا) ، وعمري ما كنت أتخيل أني أعمل هذا، ولم أكن أرغب في عمل كهذا، كان يجبرني ويقول لي: أنا زوجك، فأثبتي لي أنك تحبيني، وكنت كارهة لفعل ذلك، وبعد كل هذا تركني، حسبي الله ونعم الوكيل، ولا أدري ماذا أفعل لكي يغفر الله لي؟ لدي إحساس أنه شيطان دخل حياتي فأفسدها وهرب. ماذا أفعل؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الجواب كما يأتي:
(1) ما يحصل عند الخطوبة قبل العقد من خلوة بالمخطوبة، وما يصاحب ذلك -من لمس وتقبيل، أو فوق ذلك أو دونه- عمل محرم لا يجوز، وأصله مبني على أمر محرم، وهو الخلوة غير الشرعية، وقد حرّم الشرع ذلك؛ صيانة للمجتمع، وحفظاً للفتاة من الانزلاق في الرذيلة والفساد.
(2) يزعم بعض من يفعل ذلك أنه يريد التعرُّف على الفتاة، وما يناسبها ويناسبه مما يسهم في الحياة السعيدة، والذي يقارن بين المجتمعات التي تعمل بذلك وتتوسع فيه، وبين المجتمعات والأسر المحافظة يرى اختلافاً كبيراً في نسبة الطلاق، والتوافق عند المحافظين والمتمسكين بالدين، فضلاً عن الحياة السعيدة في الزواج وما يتبع ذلك.
(3) يحصل في بعض المجتمعات والأسر التساهل في العلاقة قبل الزواج فيما يسمى بالخطوبة، الأمر الذي يلحق الأذى بالأسرة وبالفتاة، ويحصل الندم، ولكنه لا ينفع.
(4) ما حصل من هذا الخطيب لا يستغرب على مثله، وذلك لقلة دينه، وعدم خوفه من الله، وربما لو حصل الزواج لما استمر هذا الزوج، وأسأل الله أن يكتب الخير ويدلنا عليه.
(5) الواجب عليك التوبة إلى الله، وكثرة الاستغفار والندم، وعدم العود لمثل ذلك، قال تعالى: "إن الحسنات يذهبن السيئات" [هود:114] . والله أعلم.(17/498)
خطيبها يتحرش بها
المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس
مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/العلاقة بين الخطيبين
التاريخ 27/08/1425هـ
السؤال
أنا مخطوبة، ويحدث أن يتحرَّش بي خطيبي في كل مرة، أحاول المقاومة في البداية، ولكن لا أستطيع كبت جماح الشهوة التي يثيرها بي، وفي كل مرة أعود متضايقة جداً، وآخذ عهداً على ألا أكررها ولا فائدة، طلبت منه أن يتوقف أكثر من مرة، ولكنه لا يصغي أبداً، والمشكلة أني أشعر أن لدي شهوة عالية، وهذا أحد الأسباب التي خطبت من أجلها؛ حتى لا أقع في الخطأ. فما الحل؟ أريد التوقف قبل التمادي في هذا الأمر، وأريد أن تتوقف هذه الأمور حتى يتم الزواج.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
الأخت الكريمة: نسأل الله - عز وجل- لنا ولك التوفيق والستر والعافية، ما تمارسينه - يا أختي- هو لعب بالنار، لاسيما وأن الشيطان يحضر في هذه المواطن، ويسهل للإنسان الوقوع في الحرام، حتى ما إذا وقع في ذلك شعر بالندم والأسف الشديد في وقت لا ينفع فيه الندم، ولذا فإني أذكِّرك بعدة أمور:
أولاً: أنك على وشك الزواج، فاحرصي ألا يبدأ هذا الزواج بمعصية الله - عز وجل-، والله إنك لربما تكرهين هذا الزواج بعدما تقترنين بزوجك، إذا تذكرت أنك ابتدأت هذه العلاقة بحرام.
ثانياً: تذكَّري عظم العقوبة من الله - سبحانه وتعالى- في هذا الأمر، وأن الله - سبحانه- يغار على محارمه.
ثالثاً: تذكَّري بأنه لو حصل ما لا تحمد عقباه، فإن هذا في الغالب لا يؤثر على الرجل، لكنه بالنسبة إليك هو تحطيم لحياتك.
رابعاً: عليك المبادرة وبأسرع وقت بعقد القران على خطيبك، حتى لو تأخرت ليلة الزواج؛ لأن هذا العقد يجعلك زوجة له بسنة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-.
خامساً: إياك والمقابلة الحضورية الشفهية؛ لأن هذا هو ما يمهِّد الطريق ويسهّله إلى الفواحش.
سادساً: أكثري من الدعاء والتضرع لله -عز وجل- بأن ينجيك من هذه الفتنة.
أسأل الله - عز وجل- لي ولك التوفيق والستر والعافية، والله يحفظك.(17/499)
طالت فترة الخِطبة وأخشى الوقوع في الحرام
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ قبل الزواج/العلاقة بين الخطيبين
التاريخ 21/04/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري 15 عاماً، أحببت ابنة خالتي حباً لم أكن أتصوره، وأخذنا نتبادل الرسائل فيما بيننا إلى أن وصل الأمر إلى اللقاء، وبحمد الله لم نرتكب أي نوع من أنواع الحرام نهائياً حتى مجرد اللمس لم نلمس بعضنا، وأيضاً هي منقبة، أنا لا أرى وجهها، والحمد لله عندما أصبح عمري 20 عاما وهي 19 عاما طلبت من أهلي أن يخطبوها لي، وبالفعل ذهبوا إلى والدها لكي يطلبوها لي، وما كان منه إلا أن يقول هذه ابنتي لابنكم، وابنكم لبنتي، ولكن بعد أن يتما الدراسة نكتب الكتاب، وأنا وافقت على ذلك، ولكن بعد سنة تقريبا أنا وهي اتفقنا على أن نعيد الكرة وأطلبها من أهلها حتى لا نقع في الحرام، ولكن ما زال ابوها مصراً على رأيه.
فهل وقع أبوها في الحرام لأنه يؤجل أمر زواجنا.
أرجو الإفادة في أقرب وقت ممكن؛ حتى لا أرتكب ما يدور في عقلي، وأن أخطفها وأهرب. والسلام عليكم ورحمة الله.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عليك بالصبر، وأن تُشغل نفسك ببرامج نافعة تملأ فراغك، وتشغلك عن التفكير في حبيبتك، واحمد الله أن قبل أبوها خطبتك لها ووعدك أن يزوجكها بعد إتمامك الدراسة، ولا أرى في هذا ما يدفعك للقلق والحزن والتبرم من تعليق النكاح على إتمام الدراسة، فما هي إلا سُنيّات ثم تدخل بها إن شاء الله، ولا أرى أن أباها آثم بهذا التأجيل، ففيه مراعاة لمصلحتكما، فأنت الآن غير قادر على أن تنفق على نفسك وعليها، وربما لو تزوجت بها على هذا الحال لعجزت عن النفقة، وتوّلد من هذا مشكلات تفصم عرى الزوجية، وتحيل حالكما إلى الطلاق والفشل، فإياك إياك أن ترتكب حماقة من الحماقات، تهدم ما قد بنيته وسعيت إليه، فتنفسخ الخطبة، ثم يصبح المأمول المنتظر الذي لم يبق بينك وبينه إلا سنيات معدودة أمراً مستحيلاً، فتندم ولات حين مندم، زيادة على ما في هذه الحماقات من إغضاب الله سبحانه، واستحقاق مقته وسخطه وتعد لحدوده. والله أعلم.(17/500)
نتشاجر على أتفه الأسباب
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج / أسس بناء السعادة الزوجية
التاريخ 14/09/1426هـ
السؤال
عندي مشاكل مع زوجي، ونتشاجر على أمور تافهة بصورة شبه يومية، وعندما نتشاجر لا أستطيع الامتناع عن رفع صوتي؛ لأنني إذا حاولت التكلم معه بهدوء يعتبرني مخطئة، وكثيراً ما يقلب الحقائق. وعندما يأتي من العمل لا يفعل شيئاً سوى أنه يأكل وينام، فهذا يغضبني كثيراً، ويجعلني أعتقد أنني غير مرغوبة.
كما أنه لا يخرج بنا للنزهة؛ فهو دائم الشكوى من العمل، مع أنه لا يعمل إلا ثماني ساعات في اليوم، ويقضي بقية وقته نائماً. أرشدوني ماذا أفعل؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقترح عليك أن تراعي المشكلات الكبرى بينكما وتتغاضي عن المشكلات الصغرى، فلا تثيريها حتى تشعري أنك قد تجاوزت معه تلك الكبرى، وأرى أن أصل المشكلة بينكما في سرعة الغضب والانفعال لأتفه الأسباب، وكذلك قلة الاحترام، فلا أنت مبرأة ولا هو متهم بالذنب وحده، فعليك أن تتصبري وتُظهري له قدراً كبيراً من الاحترام والعناية، حتى ولو كنت ترين أنه هو المقصر في هذا الجانب، جربي ذلك فلعل هذا يدفعه إلى أن يبادلك الشعور نفسه، والاحترام بمثله، وإذا تخاصمتما فإياك إياك أن ترفعي صوتك أو تقابليه بمثل ما يتفوه به عليك من الشتائم، وإذا وقع شيء من هذا فغادري المكان إلى مكان آخر في البيت.
وإذا رجع من العمل فليسمع منك كلاماً حلواً؛ يرد له ارتياحه، ويُذهب عنه ما كان يجد من الإرهاق والضجر، وليشعر أنك بانتظاره ساعة رجوعه، وابعدي عنه الأولاد، وهيِّئي له جو الراحة، وتفنني له في الطبخ، واجتهدي في التحمل له، وحددي له وقتاً خاصاً بكما لا يشارككما فيه أحد حتى الأولاد، بحيث يفضي إليك وتفضين إليه بما يهم، ويعبر عن خلجات النفس، وثقي بعد هذه التجربة أن أخلاقه معك سوف تتغير إلى الأحسن -إن شاء الله-
ولتعلمي أن هذه التنازلات التي تقدمينها -مع شعورك بأنك لم تخطئي في حقه- سوف ترد لك بعض حقوقك، وإياك أن تحسبيها من ضعفك، أو أنها تدل على أنك أنت المخطئة المقصرة وهو المحُقّ غير المقصر؛ فهذا من تسويل الشيطان ووسوسته ليردك عن إصلاح البيت. جربي هذا، فلعل الله أن يجعل فيه المخرج مما أنت فيه من المعاناة. وفقك الله.(17/501)
دعوة الزوج
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج / أسس بناء السعادة الزوجية
التاريخ 9/4/1422
السؤال
ماهي الطريقة المثلى لدعوة الزوج بطريقة محببة؟
الجواب
أهنئك من الأعماق على هذا الهم.. وهذه الهمة.. جعل الله ما تقومين به في ميزان حسناتك.. ورزقنا جميعاً الصدق والاحتساب.. وسدد على طريق الخير خطانا.. انه ولي ذلك والقادر عليه. بالنسبة لاستشارتك.. فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: لتكن بداياتك أختي الكريمة بالدعاء الخالص.. بأن يهديك الله ويهدي بك ويهدي لك.. وأن يصلحك ويصلح بك.. وأن يعينك ويسدد خطاك.. والحي على الله بالدعاء.. واحسني النية.
ثانياً: اجعلي من بيتك جنه لزوجك.. يجد فيها الراحة والاطمئنان والسرور.. بل يهرب من كل الدنيا إليها.. فإذا جاء وجد زوجه صالحه ناضجة تستقبله بأطيب كلام وأطيب ريح.. وابتسامة صادقة عندها..بدأت أول الخطوات نحو الهدف.
ثالثاً: لا اعرف- حقيقة- ظروف الأسرة الاجتماعية والبيئية.. ولكن أنت أدرى بها.. فإذا كان زوجك ممن يستمع- مثلاً إلى الأغاني.. والموسيقى.. فحاولي إقناعه بهدوء.. إلى إلغاء صوت التلفزيون أو المذياع أو المسجل فترة هذه الفقرة وان رفض فلا تيئسي.. ولا تظهري السخط والتأفف.. بل أدعي له بالهداية والتوفيق. ومع الوقت سيغير موقفه إنشاء الله وإذا كان ممن يتأخر عن الصلاة فذكريه إذا حان وقتها بهدوء وهكذا في بقية الأمور.
رابعاً: لابأس من اختيار بعض المطويات أو الأشرطة المناسبة.. واستغلال بعض المناسبات لتقديمها له على شكل هدية مع هدية أخرى رمزية.. كبطاقة تهنئة أو زجاجة عطر أو كتاب أو أي شي ترينه يناسب طبيعة زوجك.. وفوق هذا بسمة صافية ودعوة صادقة.
خامساً: لا تيئسي ولا تقنطي.. فأنت مسؤولة عن فعل الأسباب.. ولست مسؤولة عن النتائج.. فالهادي هو الله تعالى.. وهو القادر والمعين.
سادسا ً: حافظي أختي الكريمة على سننك ورواتبك وفرائضك وأورادك.. وثقي أنك إذا استمريتي.. فيكفي منك بعد القبول إنشاء الله.. تنشئه أبناءك في بيئة صالحة يكون لك فيها عند الله الأجر العظيم. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(17/502)
اكتشفت أن زوجها يتعاطى المخدرات
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقاً-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج / أسس بناء السعادة الزوجية
التاريخ 10/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. جزاكم الله خيراً على موقعكم المتميز، وأريد أن أستشيركم في موضوع مهم، وهو أن امرأة اكتشفت بعد فترة من زواجها أن زوجها يتعاطى المخدرات، وقد أنجبت منه بنتاً، فما العمل مع زوجها؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
كل الناس يبتلون بأنواع من البلايا، فقد ابتلي زوجك، وابتليت أنت ببلوى زوجك، فتحملي -يا أختي- واصبري، واستعيني بالله على مناصحته، بعد أن تتوددي إليه وتتقربي إليه بما يحبه فيك. وزيدي من حسن فعلك لما يحبه الزوج من زوجته، كالتجمل والتلطف، والخدمة، والقيام برعاية البيت والأولاد أكثر مما كنت تقومين به من قبل أن تعلمي ما هو عليه من الفعل القبيح. افعلي هذا ليحسه ويلمسه منك قبل أن تنصحيه؛ ليكون ذلك أدعى للقبول، وحدثيه -بأسلوب مناسب- عن قصص وحوادث بعض المدمنين للمخدرات، الذين لحقهم المرض والفقر وفراق الأهل وضياع الأولاد، حدثيه وكأنك لا تعلمين عن حاله التي هو عليها، وعليك أن تتحسسي حاله، وتطلبي عدم فراقه عنك؛ ليبقى في البيت أطول وقت ممكن. وعليك أن تدعي له بالهداية في صلاتك وخارجها. وأسمعيه الدعاء له ولوالديه بالهداية والتوفيق والاستقامة، فإذا أخذت بهذه الأسباب ولم تنفع فلا بد من مصارحته، ثم كشف الأمر لأهله وأهلك، وطلب الفراق منه. والله أعلم.(17/503)
لا أشعر بالسعادة مع زوجي
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /أسس بناء السعادة الزوجية
التاريخ 02/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
مشكلتي أني متزوجة منذ خمس سنين، ومع ذلك عشتها في خصام مستمر مع زوجي في الغالب على أمور لا تستحق، فأنا لم أشعر بالسعادة معه، مع أنه إنسان عادي ولا أدري هل السبب عدم حبي له، مع أني مقتنعة به، أم أنه لا يفهمني ولا أفهمه ولا أحس بعاطفة قوية نحوه وأعتبره كأي إنسان، ولا أهتم إلا بأكله فقط. فما الحل؟ (لي منه طفلان) ولكم الدعاء.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
الجواب كما يأتي:
1- البيوت كما قال عمر - رضي الله عنه- لا تبنى على المحبة والعشق فقط، وإنما تبنى على المودة والرحمة التي ذكرها الله تعالى وأنها من آيات الله.
2- المحبة والمودة قد لا تكون على المستوى المطلوب في بداية الزواج، وقد تحدث في أثنائها، ولكن ينبغي السعي في إيجادها وتنميتها والبحث عن الأسباب الجالبة لها والبعد عن أسباب نفعها، فقد تحصل ابتداء وقد تكتسب في ثنايا العلاقة الزوجية.
3- البعد عن الخصام والنزاع، وخاصة مع الزوج؛ لأن ذلك له آثار سلبية وعكسية كبيرة على الحياة الزوجية.
4- لا يعني عدم الإحساس بعاطفة تجاه الزوج أن تقصر المرأة في حق زوجها، بل عليها أن تعلم أن التبعل للزوج واحترامه وتقديره أنها عبادة لله تعالى وأنها تؤجر على ذلك.
5- أن الأكل والشرب يحصل عليه الرجل في البيت أو غيره من الزوجة أو من غيرها، ولكن الأمور الأخرى من عواطف وأحاسيس ومشاعر لا تكون إلا من الزوجة، فعليك الاهتمام بذلك.
6- التفكير في مصير الأولاد وأنهم الضحية لما يحصل بينكما. والله أعلم.(17/504)
زوجته تفشي أسرارهما الزوجية
المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج / أسس بناء السعادة الزوجية
التاريخ 05/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا رجل متزوج حديثاً، ومشكلتي أن زوجتي تفشي أسرار بيتي إلى أختها، والذي يتعبني أن أختها تؤثر عليها بشكل ملحوظ، حاولت توضيح ذلك لها وأنه يسبب لها دماراً لحياتها، توافقني الرأي وتحلف بالمصحف أنها لا تفشي أسراري، لكن الواقع عكس ذلك فهي تخرج من عندي بوجه وتعود بوجه آخر، ذكرتها بأدلة من الكتاب والسنة، لكن لا فائدة، أخبرت أمها أن هناك من يؤثر على زوجتي (لم أقل لها أنها أختها لأن لا يوجد لدي دليل قاطع على أنها هي) ، أيضاً لم ينفع، هددتها بالطلاق، تمادت أكثر فما العمل؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أولا: عليك يا - أخي- بالصبر على زوجتك، وإقناعها بأن هذا قد يدمر حياتها وأن من صفات المرأة الصالحة أن تحفظ زوجها وأسرار بيتها، وأنه يجب عليها ذلك، خاصة إذا كان زوجها لا يرضى بنقل هذه الأسرار وإفشائها.
ثانياً: يجب عليك أيضاً أن تتأكد من ذلك، وأنها فعلاً تفشي السر، وأنه ليس مجرد إساءة ظن بها؛ لأن بعض الرجال يسيئون الظن بالزوجة ويتوقعون أنها تفشي السر مع أنها على العكس، ومسألة أخرى مهمة لا بد من التنبه إليها: ما هذه الأسرار التي تُفشي؟ هل هي فعلاً أسرار؟ أو أنها مجرد أمور بسيطة لا تعتبر من إفشاء السر، لأنها تحكي مثلاً لأختها بذهابها وإيابها وأكلها إلى غير ذلك من الأمور اليسيرة، فهذا لا يعتبر إفشاءً للسر، أما إذا كانت تنقل أموراً تخص زوجها وكيفية إنفاقه في بيته فهذا من الأسرار التي يجب على المرأة أن تحفظها، وممكن أن تذكر لها بعض قصص الصحابيات - رضي الله عنهن- والتابعيات في كيفية حفظ المرأة لأسرار أزواجهن وصبرهن على ضنك العيش.
أخيراً: أذكرك بالالتجاء إلى الله - عز وجل- أن يحفظ عليك زوجتك، وأن يهديها إلى جادة الصواب، فتكون كاتمة لسر زوجها، حامية لحياة الزوجية، والتضرع إليه بذلك، قال تعالى: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" [غافر:60] . وفقك الله وأعانك.(17/505)
كلما هَممتُ بالزواج عليها أصابتني مصيبة!
المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني
مدرس بمدارس رياض الصالحين.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج / العلاقة العاطفية بين الزوجين
التاريخ 28/10/1426هـ
السؤال
مشكلتي تكمن في أنني متزوج، وزوجني مطيعة وعفيفة وخدومة، ولدي منها أبناء -ولله الحمد- إلا أنه ينقصني منها شيء واحد وهو الجمال، فهي ليست جميلة على الإطلاق، عرفت ذلك منذ الخطوبة، لكن تزوجتها إرضاء لمشاعر ورغبة والدي -رحمه الله- حاولت الزواج من أخرى إلا أنني كلما أعزم على الزواج تحصل لي مصيبة، وقد أصبت باكتئاب لا يزول إلا حين أصرف الفكرة عن الزواج من الثانية، أنا محتار في أمري، وأخشى الوقوع في الحرام، وقد كنت على وشك، ولكن الله أنقذني من ذلك. أرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
لا شك أن جمال المرأة أمر يسعى إليه الرجال، بما تقتضيه فطرتهم البشرية، لكن الجمال ليس أهم عناصر الزوجة الصالحة، إن أهم عنصرين في الزوج والزوجة الدين والخلق. وأنت يا أخي الكريم تتمتع -بفضل الله- بزوجة عفيفة مطيعة ودود ولود، وهذا فضل عظيم من الله.
لكن إن قلت لي: إن عدم جمالها ربما أدى بك للوقوع في الحرام.
فأقول لك: إن علمت من نفسك القدرة على العدل بين زوجتين، وغلب على ظنك ذلك، فلا بأس عليك من الزواج من الثانية، مع إكرامك للأولى وتقديرها وإعطائها حقها الشرعي كاملاً، فهذا قد أحله الله، وزواجك من الثانية خير من الوقوع في الحرام.
وإن خشيت عدم العدل فعليك بالعفة، من غض البصر وعدم الاختلاط بالنساء، وتجنب مواطن الفتن، والقناعة بزوجتك، فهي امرأة على خير ولله الحمد.
أما ما تقوله من وقوع المصائب كلما فكرت في زواج الثانية، فلا أساس له من الصحة، بل هي أقدار الله توافق وقوعها مع تفكيرك وليس بسببه، وهذا من وسوسة الشيطان.
أسأل الله أن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى.(17/506)
زوجتي ... لا أشعر بأي رغبة فيها!
المجيب د. صلاح العادلي
أستاذ في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج / العلاقة العاطفية بين الزوجين
التاريخ 06/10/1426هـ
السؤال
متزوج منذ سبع سنوات ولا أجد في نفسي أي ميل لزوجتي، وليس فيها ما يجذبني إليها وهذا ليس بجديد، وأحس أنني أخطأت في زواجي منها، وما يجعلني أمسك بها هم الأولاد، وليس رغبة فيها، لا أدري هل كل النساء مثلها (لا أعتقد) ، وصبرني عليها قوله تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرًا", وقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يفرك مؤمن مؤمنة"، وأيضاً أنني رُغِّبتُ فيها لدينها، لكنها متعبة جداً، لا أقول بكثرة الطلبات، لكن جامدة ليس فيها أنوثة، ولا أجد لها مكاناً في قلبي، فبم تنصحونني؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد بدأت رسالتك بما كنت سأوصيك به، وهو عدم اليأس وترك القنوط، ومحاولة النظر إلى الأمور نظرة أكثر واقعية؛ ففي الحياة الزوجية -يا أخي-شهد ومُر، وقبح وجمال، وفيها -كذلك- إقبال وإدبار، ثم إن سبع سنوات مرت على زواجك من تلك الأخت المتدينة -كما تقول - كان نتاجها ولدين وبنتاً؛ فأسألك -بالله عليك- ألم يجمل أولادك نظرتك للحياة؟! ألم يعينوك على التصبر على ما في زوجك من نقص تشتمل عليه كل النساء مع تنوع هذا النقص؟ حقاً.. أنا معك في أن المرأة باردة المشاعر، فاترة العواطف، غير الآبهة بتأجيج مشاعر الحب وتجديدها هي امرأة تنقصها خبرة زوجية، تمثل في واقع الأمر حماية لبيتها، وصيانة لقلب زوجها من الانفلات أو التحول عنها إلى غيرها، وأرى ألا تستسلم لمشاعر يائسة، أو لنظرة ظلامية، صارحها بما ينفرك منها بهدوء وإخلاص، وبنية أنك تريد صلاحها وإصلاحها، ولا مانع أن توجه إليها أختاً مستأمنة ترى فيها الحكمة وحسن التصرف لتنبهها وترشدها، حاول بلا يأس، فقد تكتشف فيها ما يقر عينك ويثلج صدرك.. وفقك الله وأسعدك.. والله أعلم.(17/507)
عقدت عليها.. وهكذا بدأ شعوري نحوها!
المجيب صالح بن عبد الرحمن القاضي- رحمه الله-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج / العلاقة العاطفية بين الزوجين
التاريخ 18/06/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا شاب عقدت على زوجتي قبل شهرين، ومنذ ذلك الحين وأنا أتحدث معها يومياً، وأذهب لزيارتها كل أسبوعين تقريباً، ولكن المشكلة أنني لم أشعر بأي انجذاب أو ميل نحوها إلى الآن، بل أشعر بالملل في الحديث معها أحياناً، وقد تبقَّى على الزواج ثلاثة أشهر، وأخشى أن يزداد الملل بعد الزواج، ولا يولد الحب بيننا، وأضطر إلى الطلاق لا قدَّر الله، أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهمت موضوعك، ولكن ليتني عرفت: هل أقدمت على خطبة هذه الفتاة، ثم عقدت عليها وصارت زوجة لك عن رغبة منك بها، أم هي تقاليد وأعراف فرضها الأهل عليك؟
ثم أيضاً ما موقف الزوجة منك، وهل تحس منها فتوراً نحوك؟
فأنا أتوقع أن الخطبة والعقد جاء بمحض رغبتك وقناعتك، وعلى هذا فالأمر طبيعي، ولا تخف مما تتوقعه من استمرار الملل وازدياده، فلن يحصل بإذن الله تعالى، ولكي نعالج الحال قبل توسع مداها نفسياً عندك. أوصيك بما يلي:
(1) قلِّل من الزيارات إليها، وتعلَّل بأنك مشغول، وقلِّل كثيراً من الاتصالات اليومية، ولكن بطريقة ذكيَّة، وبحكمة في التصرف؛ حتى لا تصاب هي أيضاً بوساوس وخيالات تسيطر عليها فتتأذى هي بها فتظن بك سوءاً وتصاب بخيبة أمل، فكثرة الاتصالات يومياً، وزياراتك نصف الشهرية لها وأنتما لم تنفردا في عش الزوجية الذي له طعم خاص في العلاقة الصادقة والسكن النفسي، والإحساس بالاستقلالية الزوجية الممتعة، والحب المبني على المودة الصادقة، فإن عدم انفرادكما واستمرار اللقاءات والاتصالات على هذه الحال وهي في بيت أهلها جعلك تحس بالملل والرتابة، مما جعلك تشعر وكأنك تزور قريبة من أقربائك ليس إلا.
(2) فلا عليك -يا ابني- فلا تخف، وأحسن الظن بربك، فإنك -بإذن الله- ستهنأ بزوجتك، وستهنأ هي أيضاً بك بعدما تتزوجان وتنفردا ببيت الزوجية الذي ستظلله السعادة، ويرفرف علم المودة والحب، وما عليك إلا الدعاء إلى الله أن يوفقك وزوجتك، ويزيد في رباط المودة بينكما. وفقك الله، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير.(17/508)
زوجي لا يهتم بي!
المجيب د. هاني عبد الشكور
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز - قسم الدراسات الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية
التاريخ 28/05/1427هـ
السؤال
أنا متزوجة ولي أطفال. وقد زوجني أهلي من شخص لا أحبه، رغم محاولاتي أن أحبه ولكن لم أستطع. لم يحس بي ولم يهتم بي، مما أثر علي نفسيًّا. فماذا أفعل حتى أحس به وأكسب اهتمامه، وأقوم بواجبي نحوه؟.. علماً بأنني أصلي كثيراً، وأذكر الله، وأقوم الليل. فما العمل حتى نقيم بيتنا على المحبة والرحمة؟ وجزاكم الله خيراً..
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
فأسأل الله أن يهدي لك قلب زوجك، ويديم العشرة بينكما على ما يحب ويرضى.
أيتها الأخت الكريمة: ليست كل البيوت التي تبنى على الحب، ولكن حسن العشرة وتبادل الحقوق والواجبات كفيل مع الزمن بإنشاء المحبة والرحمة بينكما، حاولي أن تصارحي زوجك وتطلبي منه أن يهتم بك. وقبل ذلك لابد أن تنظري من ناحية أدائك لحقوقه، واهتمامك به، وخدمته، وطلب مودته ورضاه، فالذي أخشاه أن يكون شعوره نحوك كشعورك نحوه، بسبب عدم اهتمامك ببيت الزوجية، أو حسن الرعاية للأطفال، أو قلة اهتمامك به. وثقي تماماً أن الزوج لو وجد منك الاهتمام والرعاية لبادلك ذلك مثلاً بمثل ولو بعد حين، ولا تستعجلي النتائج، وذكرت أنك -لله الحمد- ممن يذكرون الله ويصلون، فهلا أكثرت من الدعاء أن يصلح الله ما بينك وبين زوجك، وأن يديم العشرة بينكما على المحبة والرحمة، والله سبحانه قادر على كل شيء. وحاولي أن تستشيري من تثقين برأيها، وعقلها، ودينها. فقد تكون هناك أمور بين النساء، وأسرار لكسب اهتمام الزوج تدلك عليها وترشدك. أسأل الله لك التوفيق والهداية. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والحمد الله رب العالمين.(17/509)
زوجتي مدمنة إنترنت
المجيب د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية
التاريخ 07/03/1427هـ
السؤال
زوجتي أصبحت مدمنة إنترنت، فهي تهمل كل شيء في حياتها، ولا تهتم بأمور البيت. حاولت بكل السبل إرجاعها إلى صوابها فلم أستطع (من إرشاد ونصيحة والسفر إلى العمرة فلم يثنيها شيء عن النت) . كما أنها لا تقوم بواجباتها نحوى، ولا تريد أن ألمسها، وتسهر حتى الفجر على النت بحجة صلاة الفجر، ولكن أنا أعرف ما بداخلها، ولا أستطيع أن أطلقها؛ حفاظاً على الأولاد وسمعتهم، أرشدوني ماذا أفعل؟ فقد تعبت من المحافظة على استقرار البيت أو هدمه.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلدي يقين أن وراء كل سلوك دافعاً، وفي ظني أنك لو فتشت في (دفتر) علاقتكما الزوجية لم يصعب عليك أن تعثر على ذلك الدافع الكامن وراء مشكلة زوجتك، أو إدمانها على النت، ومن ثم ربما سهل عليك التغلب على المشكلة، وعلاجها.
أخي الكريم: أحسب أن رسالتك تعكس (شدَّة) انفعالك الداخلي؛ فقد ورد في ختامها قولك: (تعبت من المحافظة على استقرار البيت أو هدمه) ، وهي عبارة، وإن أبدت شعورك بالتعب، إلا أن الغموض يلف معناها، وهذا الانفعال أخشى أن يكون هو الذي يحكم علاقتك بزوجتك، إي إن علاقتك بزوجتك تحكمها لغة الرياضيات، وصرامة الأعداد، افعلي ولا تفعلي، أنت لم تنجزي هذا، هذا يثبت أنك مهملة، فلت لك مراراً وتكراراً، تعبت من الكلام معك!!
حين يكون ذلك صحيحاً فمن المؤكد أن المشكلة في طريقها للتفاقم والتصعيد.
إن لغتك لغة المطالب، لغة حقوقية، لغة تحدها- من الجهات الأربع - (واجباتها) المنزلية والزوجية، ومن ثم فربما إن زوجتك تجد في النت ما تفتقده لديك.
إن من أبرز أسباب الإدمان على النت (الهروب) من الواقع، والبحث عن واقع (بديل) ، ومع مرور الوقت يتكيّف الإنسان على ذلك، ويصبح من الصعوبة عليه التخلص.. ولأنه لم يبدُ في رسالتك أيّ نقدٍ أو تحفظ على ما تتعاطاه زوجتك من معلومات أو تبحث عنه داخل الشبكة، فإنني أستبعد دوافع الإدمان الأخرى.
أخي الفاضل: إن بعض الفضلاء يظن أن مجرد تديّّن زوجته أو مستواها التعليمي العالي يفترض أن يكون هو دافعها لخدمته وخدمة أولاده وبيته، بل وغض الطرف عن مشكلاته معها، وأخطائه عليها.. وقد يتساءل بدهشة: ألا يكفيها أنها إذا ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة؟!
والحقيقة التي لا تحتاج إلى إيضاح أن الزوجة إنسان له مشاعره وأحاسيسه، وأن كلمة الشكر تدفعها، وكلمة الثناء تحفزها، ولكن أهمّ من ذلك ضرورة إدراك أن الزوجة كامرأة تختلف في أمور كثيرة عن الزوج كرجل، حتى لكأنما -كما عبّر بعض الباحثين المختصين- قدم الرجال من المريخ، وقدمت النساء من الزهرة.(17/510)
ومن هنا فهناك مشكلة كثيراً ما تترك بصمات سلبية على العلاقة بين الزوجين؛ وذلك حين يتعامل الرجل مع زوجته تعامله مع زميله الرجل، وتتعامل الزوجة مع زوجها تعاملها مع صديقتها المرأة، ولعل أبرز ما يشار إليه هنا حاجة المرأة إلى المشاركة الوجدانية، إن المرأة قد تشكو من شيء، وقد تبدي ذلك الشيء (أضخم) من حقيقته بكثير، لا لأنها تريد من زوجها أن يتطوع بذكر الحلول (الحقيقية) ، ولكنها تريد الاعتراف والمشاركة الوجدانية.
إن كلمة ثناء على كلمة كتبتها زوجتك في أحد المنتديات قد تدفعها أكثر إلى الارتباط بالنت، في ظل كونك لا تعترف بموهبتها، أو لا تكترث بمشاركاتها، إن لم تكن تزري بها، وتنعى عليها قائلاً: لا قيمة -إطلاقاً- لما تكتبين، وحياتك معي، ومع أولادي، فاشلة.
أخي الكريم: لو لعبت مع زوجتك لعبة مسلية، فعرفت المنتديات التي تشارك فيها زوجتك، وسجلت فيها دون أن تعرف زوجتك، ثم بدأت تعلق -بقدر من الثناء- على كلمات ومشاركات زوجتك، وحين يمضي بعض الوقت تفاجئها بأنك صاحب ذلك التوقيع، ثم تنطلق في تغيير أجواء البيت من كونك ترى أن الوظيفة الأساسية للزوجة هي (خدمة) الزوج والأبناء، إلى كون الزوجة (مديراً تنفيذياً) للبيت، يحتاج إلى الدعم والتشجيع، وغض الطرف عن بعض الأخطاء التي لابد منها.
أخي الكريم: أنا واثق أنك عاقل وناضج، وقد بسطت لك الأمر فانظر فيه برويّة؛ وحاول إعادة النظر في تعاملك معها، خاصة وقد أشرت إلى إخلالها معك حتى بالعلاقة الخاصة بينكما، بقولك: (ولا تريد أن ألمسها) ، وهو ما يعني -ربما- أن هناك خللاً في ممارستك لتلك العلاقة معها.. إذ إن هناك فروقات بين الرجل والمرأة حتى في رؤيته وأدائه للجانب الجنسي يحسن بكلٍّ منهما أن يكون ملماً بها، ليستطيع التفاعل مع صاحبه، ويدفعه إلى التفاعل معه.
وفقك الله إلى كل خير، وأزال عنك ما يهمك، وأصلح لك زوجك وولدك.(17/511)
أنا وهجران زوجي!
المجيب د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية
التاريخ 07/08/1426هـ
السؤال
زوجي مقصر معي ومع أولاده، فهو لا يحب الجلوس معنا، ويجلس في مكان منعزل لمشاهدة الفضائيات، وفي نهاية الأسبوع يذهب إلى الاستراحات والمزارع طيلة الأيام الثلاثة (أربعاء وخميس وجمعة) ، كذلك يتهرَّب من المسؤوليات، ويقول: عندما أجلس أحس أني سواق عندكم فقط، كذلك لديه فراغ عاطفي كبير بيننا، والمشاكل كثيرة أيضاً، السؤال: هل يلحقني إثم عندما أترك التحدث والنوم معه؛ لأن قلبي ملآن بالحقد عليه وعلى تصرفاته؟
الجواب
الحمد لله، وبعد:
أختي الكريمة: عندما قرأت سؤالك تذكرت حكاية قديمة قرأتها، وهي أن رجلاً صالحاً حكيماً مرّ على عدد من الناس، وقد اجتمعوا على شخص يوبخونه وينهرونه، فسأل عن الأمر، فأُخبِر أن ذلك الرجل قد وقع في معصية، فقال: أرأيتم لو وجدتموه ساقطاً في بئر ما كنتم تفعلون؟ قالوا: نسارع في إخراجه. قال: فإن صاحبكم قد وقع في بئر المعصية، فلا تعينوا الشيطان عليه.
إن صيغة سؤالك تدل على عقل ومعرفة، لكن مطلبك من السؤال لا يتناسب مع ذلك أبداً، إذ يتمحور سؤالك على النحو التالي: (هل يلحقني إثم عندما أترك التحدث والنوم معه؛ لأن قلبي ملآن بالحقد عليه وعلى تصرفاته) ؟(18/1)
أختي الكريمة: أنا أقدِّر (ضخامة) المشكلة، لكن يتراءى لي أن حلها ليس مستحيلاً. وأنت الآن -بعقلك ومعرفتك- تتجهين -ربما دون شعور-منك لتوسيع دائرة المشكلة وتعميقها. إن المسألة -أختي الكريمة- ليست انتصاراً (حاضراً) للنفس، ولكنها حياة أصابها بعض الاعوجاج، هي بحاجة إلى تعديل، وإعادة قطارها إلى قضبانه، ومن المهم أن تسألي نفسك: هل كان هذا سلوك زوجك منذ اقترنت به؟ أما أنا فأشك. ومن خلال تجربتي في الاستشارات فإن الزوجين إذا لم يدخلا بيت الزوجية بوعي وحب فإن جذوة الارتباط -مهما كان وهجها- لابد أن تذوي، فالزوجان يدخلان وحدهما بيت الزوجية يملأ أنفسهما الفرح، وتملأ أذهانهما الأحلام، ويحسان بالقرب الشديد، لكن لأن هذا القرب جسدي فلن يلبث الجسدان أن يملا، ومن ثم يبدأ الابتعاد، ويسهم في الابتعاد مجيء الأطفال، الذين تنشغل بهم الزوجة عن الزوج، فمع مجيء كل طفل تنسحب أكثر، حتى تصبح العلاقة أحياناً مجرد الاجتماع في بيت، وعلى الطعام، والاستجابة -ربما على مضض- للحاجات الخاصة، ووقتها قد يتحوَّل الزوج إلى إنسان عصبي، يتنرفز عند أدنى موقف، أحياناً لأنه يحس أنه بدأ يعطي أكثر مما يأخذ، كما هو حال زوجك، الذي يرى أنه -حسب تعبيره- (أصبح سواقاً عندكم) ! وهو يدرك أنه في وقت مضى كان في (بؤرة) الاهتمام، واليوم صار على الهامش، وإذا كان موقعه بالأمس يدفعه للجلوس في البيت أكثر، والاحتكاك بأسرته، فإنه بات يجد من الاهتمام به من (شلته) أكثر مما يجد من أسرته، ويزداد الأمر سوءاً عندما تبدأ الزوجة تصب عليه (سوط) عتاب، أو لوم بصورة مستمرة، حينها يتحول الأمر إلى شعور عميق بضرورة الدفاع، أو إيثار الانسحاب والهروب! وفي كل الحالات فالزوجان بهذا يكونان قد سارا في طريق الإجهاز على ما تبقَّى من أسس العلاقة، ومن هنا تنطلق الزوجة تندب حظها مع هذا الزوج المتخلي عن مسؤولياته، المستهتر بحياته الزوجية والأسرية، وقد تظل (تنفّس) عند بعض الصديقات أو القريبات، حتى ربما أصبحت قصتها رواية تمضغها الأفواه. والزوج من جهته يصبح يبحث عما يملأ به وقته، وقد يجد في الفضائيات وسيلة جذب ترضي لديه بعض الجوانب، وقد يصبح لصيقاً بـ (الشلة) ، أو مدمناً للسهر والسفر.
إن كلامي السابق لا يعني بالضرورة أنه يمثل حياتك وزوجك، ولكني في الوقت نفسه أحسب أنه ليس بعيداً عنه جداً، ولكن من المهم أن تدرك امرأة عاقلة مثلك أنه يمكن -حين تصح العزيمة- تأسيس علاقة جديدة، ترجع فيها الأمور ربما أفضل مما كانت، ولكن لابد من إرادة قوية، ومخطط لبناء، وصبر على مراحله، ووسائل مساعدة؛ منها الأساسية، ومنها ما يحتاج إليه للتزويق. إن (مرآة) العلاقة الزوجية قد يصيبها الصدأ، لكن مهارة الزوجين أو أحدهما يمكن أن ترجعها إلى درجة كبيرة من الصفاء.(18/2)
إن من الحكمة والعقل أن يراجع الزوجان سلوكهما مع بعضهما، وربما وجد كلٌ منهما أنه شريك ببعض الأخطاء، وقد يبرر أخطاءه بأن الطرف الآخر هو الذي دفعه لذلك. وإذا كان الإسلام يحث على العفو والصفح بعامة، فإن ذلك في الحياة الزوجية أولى وألزم، وكم من الزيجات انفصلت عراها بسبب عناد الزوجين، فالكل ينتظر من الآخر أن يقرّ بأنه هو المخطئ. ولا شك أن الشيطان يعمّق تلك المشاعر لدى كلٍّ منهما؛ مع أنه من الواضح أن هناك حباً بينهما، وأن كلاً منهما يجد لدى الآخر جملة من الأشياء التي يرتاح لها، لكن رياح هذه الخلافات تظل تدفن المحاسن، وتكشف عن المساوئ، حتى يحصل بينهما الطلاق النفسي وربما وصلا للانفصال، وقد تقول الزوجة: إنها ظلت زمناً طويلاً هي التي تحاول إرضاء الزوج حين يغضب، حتى أصابها الملل، واعتاد الزوج منها على ذلك، وهنا أقول بأن تلك العلاقة الزوجية من البداية كانت منطوية على قدر من الخلل، فالزوجة ربما لم تتفهم حاجات الزوج، أو الأسلوب الأمثل في التعامل معه، فبدأ يعبّر عن ذلك بـ (الزعل) أو يجسّد عدم ارتياحه بـ (الصمت) ، وبدلاً من أن تبحث الزوجة عن الخلل تتعب نفسها في ترضية الزوج كلما أحست بـ (زعله) ، وهو ما ينتهي بها غالباً إلى الملل.
أختي الكريمة: حين أقرأ في رسالتك قولك: (هل يلحقني إثم عندما أترك التحدث معه والنوم معه؛ لأن قلبي ملآن بالحقد عليه وعلى تصرفاته) .. يذهب بي التفكير إلى تخيّل مستوى حديثك مع زوجك، ومستوى أدائك الجنسي معه، فمن الطبيعي على زوجة تصف قلبها بأنه ملآن بالحقد على زوجها أن تكون نظراتها إليه حادة، ولغتها معه حادة، وربما ماطلته في الاستجابة لمطالبه الجنسية، وحين يقدر أن تستجيب له فمن الطبيعي أن ترى أنه لا (يستاهل) من يستعد له.
أختي الفاضلة: بدلاً من هذا أتمنى أن تقومي بدور تمثيلي، لكن شريطة أن تكوني فيه ممثلة ماهرة، وليكن دورك التمثيلي دور عاشقة، تركض وراء من تعشقه، وليكن ذلك المعشوق هو زوجك، واجعلي أولادك يمثلون (الكورس) الذي يكمل اللوحة التمثيلية، فيساعد (البطلة) في الترحيب بالبطل، ولتأخذي كلَّ ما يمكن أن تأسري به البطل، ولتعملي كلَّ ما يمكن أن يجذبه إليك، ولتعطي لهذا الدور (التمثيلي) ما لا يقلّ عن ثلاثة أشهر، أتوقع بعدها أن تجدي زوجاً مختلفاً في نظرته إليك، واشتياقه إليك، وجلوسه معك. قد يكون تراكم المشكلات يجعلك تستبعدين ذلك أو لا تصدقينه، ولكن أرجوك جربي، فربما تمنيت أن تكوني فعلت ذلك منذ زمن، وإن كنت آمل منك أن تقرني ذلك بسؤال الله التوفيق، واللجوء إليه في إصلاح الحال، والاجتهاد في ذلك، وتعمّد الأوقات التي ترجى فيها إجابة الدعاء. فرّج الله همك، ونفس كربك، وآلف بينك وبين زوجك، وأصلح لكما النية والذرية.(18/3)
زوجي يكثر السهر
المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار
إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية
التاريخ 02/08/1426هـ
السؤال
أريد أن أعرف هل من حق الزوج السهر يومياً أو شبه يومي؟ مع العلم أن يومي الأربعاء والخميس يعتبرهما من حقه، ويصر على السهر فيهما. وحتى أكون صادقة فهو لا يقصر معي في شيء، إلا أني أعرف أن الجلسة التي يجلسها مع زملائه كلها معاصٍ، لذا أود أن يبتعد عنهم، فبماذا تنصحوني؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
(1) أعجبني في رسالتك أمران:
الأول: الحرص على بعد الزوج عن معصية الله، وهذا الأمر من أهم لوازم الحياة الزوجية.
الثاني: الإنصاف وبيان الحقيقة، وهذا من أعظم الصفات في الإنسان عموماً.
(2) أختي الكريمة: في الحياة الزوجية والأسرية مقاصد كبرى وأساسية، وفيها مقاصد صغرى رغم أهميتها، فمن المقاصد الكبرى: المحافظة على الكيان الأسري، واستمرار الحياة الزوجية.
ومن المقاصد الصغرى: أداء بعض الحقوق الزوجية ذات المرتبة الثانية في الأهمية.
إذن: الحقوق أيضاً تنقسم إلى حقوق النفقة، والحد الأدنى من حسن المعاشرة.
ومن الحقوق الثانية الكمالية: حق أهل البيت في بقاء الزوج معهم بعض أيام الأسبوع، وسهره عندهم، وإدخال الأنس عليهم.
والذي أريد أن أقوله بعد هذا كله هو ما دامت المقاصد الكبرى متحققة، والحقوق الأولية مؤداة، فاحرصي -بارك الله فيك- على المحافظة على تماسك الأسرة، وعلى دوام الزوجية، ولو بتقصير في بعض الحقوق الثانية الكمالية.
وبناءً على ما سبق أدعوك إلى اللطف والترفق في المطالبة ببقاء الزوج معكم في الأيام والليالي التي ذكرتها حتى يرتفع مستوى حسن العشرة، دون أن يقع شيء من الشقاق داخل الأسرة.
(3) أختي الموفقة: إن سهر الرجل خارج البيت جميع ليالي الأسبوع أمر مزعج، لكن الأمر الأشد إزعاجاً هو حصول المعاصي في تلك السهرات، وهذا الأمر مقلق ويستحق تركيزاً أكبر، فأوصيك بما يلي:
أ- الدعاء: دعاء المحتاجة المفتقرة إلى الله، الدعاء العامر بالصدق والإخلاص واليقين، دعاء المشفقة على زوجها من خطر المعاصي، دعاء السجود وآخر الليل وبين الأذان والإقامة.
ب- الحديث المباشر مع الزوج: حاولي إقناعه بهدوء، وحوار عقلاني بخطر مجالس المعصية، حاولي نصحه وترغيبه في الصحبة الصالحة من خلال الآيات والأحاديث وأقوال العلماء.
ج- الحرص على إغرائه بما يجعله يعود إلى البيت مبكراً، ويقلل الخروج منه.
فربما كان بعض الكلام الحسن والمجالس العامرة بالأنس جالبة الزوج ليعود إلى البيت مبكراً، وربما كانت العناية باللباس والحلي والزينة والعطور جاذبة الزوج ليعود مبكراً.
وربما كانت السفرة الرائعة -شكلاً ومضموناً- جاذبة الزوج ليعود مبكراً.
د- توفير بعض النصائح عن طريق الوسائل المقروءة، كالمطويات والكتب أو الوسائل المسموعة كأشرطة التسجيل، أو الوسائل المشاهدة كأشرطة الفيديو.
أسأل الله الكريم أن يسعدكما في الحياة الزوجية، وأن يصلح أولادكما، كما أسأله سبحانه أن يعينك ويسددك في إصلاح زوجك. والله ولي التوفيق.(18/4)
زوجي يضايقني بتصرفاته
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية
التاريخ 10/07/1426هـ
السؤال
أنا حديثة عهد بالزواج، يضايقني زوجي بتصرفاته، علماً أني عاملة وأشعر بالتعب دون وجود تقدير من زوجي، أرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
أقول وبالله التوفيق: إن مشكلتك كثيراً ما تعاني منها المتزوجات حديثاً؛ وذلك لنقص الخبرة لديهن، وعدم تعودهن على مثل هذه المشكلات، ولا نستطيع أن نقول إن لديك مشكلة بقدر ما هو سوء تقدير للمواقف من قبلك أنت وزوجك، ويبدو أنكما صغيران في السن لم تتعودا على بعضكما البعض حتى الآن، ولا يعني مثل هذه السلوكيات أنه لا يريدك، ولكن الإنسان في عالم اليوم يتعرض لكثير من الضغوط في الحياة، خاصة مع تعدد الأدوار الاجتماعية التي يمارسها والالتزامات الكثيرة. فلا تقلقي وتشعري نفسك بالبؤس والتعاسة، ولكن ينقصك كيفية إدارة منزلك.
فأنا اتفق معك أن المرأة العاملة تعاني كثيراً في كيفية المواءمة بين مسئولياتها في العمل، ودورها في العيش كزوجة وأم.
بمزيد من الخبرة سوف تكتسبين القدرة على التعامل مع مثل تلك المواقف، فموقفك من زوجك وموقفه منك طُرِح كثيراً في الدراسات العلمية المتخصصة في العلوم الاجتماعية والنفسية.
نصيحتي لك إذا أنت مقتنعة بتقصير زوجك أن تقتنعي أيضاً بتقصيرك، فكلاكما ضحية لمسؤوليات العمل، ولكن الاختلاف أننا في المجتمعات الشرقية رغم التوسع في مجال علم المرأة إلا أن الرجل الشرقي يريد منها مسؤوليات أكثر في المنزل، فهو يريد منها تنفيذ متطلباته، حيث إنه يرى نفسه المسؤول الأول.
لعلك تبادرين باقتناء كتب عن حياة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في تعامله مع زوجاته، سواء في كتيب أو شريط إسلامي ليكون على طاولة المنزل الرئيسية.
تحاملي على نفسك ونظمي برنامجاً يومياً لكما للمقابلة بينكما.
اتفقا على برنامج يومي أو أسبوعي للقاء مشترك للتقارب العاطفي فيما بينكما، لابد أن تشعري أن الزوج بحاجة لزوجته، وتدركي أن الزوج إذا لم يتوافر لديه المسكن الهادئ، فهذا يزيد من إحباطه، وثقي أن خدمتك وطاعتك لزوجك هي عبادة تؤجرين عليها، فصبرك واحتسابك الأجر علامة على إيمانك، وما مبادرتك بالسؤال إلا دليل على ما تشعرين به من أهمية ذلك في حياتك الدنيوية والأخروية.
دعائي لك -أختي الكريمة- بأن يسدد الله خطاك، وأن ينير قلبك أكثر وأكثر، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.(18/5)
المحبة بين الزوجين والحلقة المفقودة
المجيب د. منيرة القاسم
عضو هيئة التدريس بكليات البنات بالرياض.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية
التاريخ 23/04/1426هـ
السؤال
جزاكم الله خيراً، بماذا تنصحون الشاب والفتاة في مرحلة عقد النكاح من نصائح وملاحظات؛ بحيث تقوى المحبة بين الزوجين في مرحلة عقد النكاح، وبعد إتمام الزواج؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ السائل الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بخصوص سؤالك حول تقوية المحبة بين الزوجين:
- ننصح المقبلين على الزواج من الشباب والفتيات بزيادة ثقافتهم الزوجية، وأول ما يبدأون به هو معرفة حقوق وواجبات كل منهما تجاه الآخر، وذلك من خلال كتب الفقه والشريعة الإسلامية.
- من المفيد جداً التعرف على الآداب المتعلّقة بالعلاقة الزوجية والتحلي بها، مما يزيد من أواصر الحب والاحترام بين الزوجين، وأنصح بقراءة سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم- مع زوجاته، ففيهما أنموذج حي ومثالي لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الزوجين.
- كما لا يفوتني أن أذكر بعض الأمور التي أرى أهميتها لبناء علاقة زوجية سعيدة - بإذن الله-:
(1) القراءة في هذا المجال، فهناك العديد من الكتب المفيدة للمقبلين على الزواج.
(2) حضور الدورات، والتي تتعلّق بتطوير الذات في مجال العلاقات الزوجية، مثل دورة (عروس على الأبواب) ، ودورة (سنة أولى زواج) ، وغير ذلك.. مما يتاح لكم في منطقتكم.
(3) هناك أشرطة سمعية جيدة في هذا المجال لعدد من المشايخ والمتخصصين، مثل أشرطة الأستاذ/ جاسم المطوع، والدكتور صلاح الراشد، والشيخ إبراهيم الدويش في شريطه (السحر الحلال) ، وغيرها ...
(4) هناك مواقع إلكترونية جيدة في هذا المجال، مثل موقع (الفرحة) ، و (لها أون لاين) ، و (الإسلام اليوم) في صفحات الأسرة والاستشارات.
(5) كما أنصح كل زوجين، وكل المقبلين على الزواج الحفاظ على الخصوصية الزوجية، وحفظ الأسرار، وعدم السماح للآخرين بالتدخل في حياتهما الخاصة.
(6) الاحترام المتبادل بين الزوجين، وهذا لا يعني المجاملات المصطنعة والنفاق، ولكن أن يراعي كل من الزوجين مشاعر الآخر، وظروفه النفسية، وأن يقدرها ويضع كل واحد نفسه مكان الآخر.
(7) التودد بين الزوجين، بأن يبحث كل منهما عما يسعد شريك حياته فيحرص عليه - من غير معصية لله، ومن ذلك الكلمة الطيبة، والتبسم والهدية، ومشاركته اهتماماته وهوايته، والحرص على السؤال عن أهل زوجه، وتكريمهم وصلتهم والإحسان إليهم ... إلخ.
(8) ومن المهم أن يرسم الزوجان هدفاً سامياً لعلاقتهما في بناء أسرة مسلمة مؤمنة سعيدة. وفقكم الله ورعاكم.(18/6)
هل أطلب الطلاق؟؟
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية
التاريخ 18-7-1424
السؤال
أنا فتاة تزوجت من شاب ملتزم..، ولم أمكث معه إلا 13 يوماً فقط، وبعدها بدأ يشق طريقه نحو الجهاد، ولكن سؤالي هل أبقى معه أم لا؟؟ فأنا أكبر أخواتي ... وعشت حياة جميلة مع أهلي ... ولم أعتد الجفاف في المعاملة والقسوة، أما الآن فأمه بعد أن كنت أتصل عليهم وأسأل عن حالهم كانت تجرحني وتَمنّ عليَّ أن زوجتني ابنها ... ، ثم وصل إلى كلام التجريح.. وإساءة الظن بي.. مع أنهم يعلمون أنه ليس لي أي دخل في ذهابه وجهاده.. غير أني الآن سأغلق الشهر الثالث من سفره ... فأنا أصبحت فرداً منهم ... وتركت التدريس من أجل ابنهم الذي ألحت أمه كذلك أن أتركه من أجله.. فأصبحت من دون مال، ولا أجد من يصرف عليَّ، كذلك زوجي حرمني ومنعني من أشياء كنت أزاولها.. وكنت أتلذذ بها ... التدريس وهو أعظم مجال دعوي أعمل فيه ... !! وأيضاً منعني من استخدام بعض الأجهزة الحديثة.
وأسألك يا شيخ: هل أبقى معه أم لا؟؟ فأنا أحب دينه والتزامه ... ولكن أكره معاملته ومعاملة أهله بالذات.
الجواب
الأخت الكريمة..
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
جوابي لسؤالك باختصار: نعم ابقي معه.
وذلك لعدة أمور:
1. أن الطلاق هو أبغض الحلال إلى الله، وهو هدم لكيان أسرة مسلمة كان من الممكن أن نجني منها الخير الكثير.
2. أن زوجك متدين ملتزم وزاد على ذلك بأن سمت همته لينذر نفسه ويبذلها رخيصة في سبيل الله، وهذا خلق سام إذا التزم صاحبه منهج الاعتدال الذي رسمه الله في كتابه وأوضحه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته، وبإمكانك أن تقارني حالك بحال من تشتكي زوجها الذي يعود في آخر الليل مخموراً، أو تكتشف أنه على علاقة محرمة مع امرأة أخرى، أو أنه إنسان تافه لا هدف له في هذه الحياة حتى تعرفي مقدار ما أنت فيه من نعمة.
3. وحتى لا تفوتي على نفسك الأجر العظيم بصبرك على فراق زوجك الذي (يشق طريقه نحو العز ونصرة إخوانه) ، واحتسابك الأجر على ما يصيبك من ذلك من عنت ومشقة.
4. أن ما ذكرته من الجوانب السلبية في حياتك يمكن أن تتجاوزيها إذا أحسنت التصرف بالتفكير الهادئ، والتعامل الحكيم والصبر وطول النفس.(18/7)
هذا ما جعلني أوصيك بأن لا تطلبي فراقه، بقي أن أوضح لك بعض المعالم المهمة في علاج ما تواجهينه من غطرسة أهل زوجك، وآراء زوجك التي فيها نوع من التشدد الذي لا يقر عليه، أما والدته فإنني أستطيع أن أفسر ولا أبرر تصرفها، إذ هي ترى فلذة كبدها وقطعة قلبها يذهب ليموت، وفي هذه الحالة ربما يذهل الإنسان عن التصرف الصحيح فيبدر منه ما قد يندم عليه إذا ثابت إليه نفسه، والبعض يحاول أن يتخفف من ثقل الهم بإلقاء المسؤولية على الآخرين، وأنت إذا أصبحت أما فربما تشعرين بهذه المشاعر، لذلك أرى أن تصبري وتقابلي إساءتها بالإحسان فسوف تحمدين العاقبة إذا انجلت هذه الغمة. أما زوجك فإن مثل هذه الآراء التي يتبناها غالباً ما تسبق فترة النضج عند من يهتم بمثل اهتماماته، وأنت - بشيء من الصبر والحكمة - تستطيعين أن تتوصلي لإقناعه، فاستخدامك للأجهزة الحديثة في المنزل لتوفري أكبر قدر من الوقت له فتستعدي لاستقباله بالهيئة الحسنة والنفسية الهادئة، وأنت تحتاجين إلى الوقت للذكر والصلاة وقراءة القرآن، وإذا رزقكما الله الذرية فسوف تستغرق رعايتهم وقتاً أكبر، لذلك أنت تستخدمين هذه الأجهزة.
وبإمكانك أن تستعيني بفتاوى أهل العلم في ذلك.
تقولين (زوجي حرمني ومنعني من أشياء كنت أزاولها) وهذه طبيعة الزواج، فإن ارتباط الإنسان بشخص آخر يحد كثيراً مما كان يتمتع به قبل زواجه، وبإمكانك أن تسألي بعض قريباتك المتزوجات لتتأكدي من ذلك، نعم، قد يختلف حجم هذه القيود من شخص لآخر، ولكنها موجودة ولا شك، أما راتبك فإني لن أتحدث عنه إذ الرزق بيد الله تعالى وما كتبه فلن يتقدم أو يتأخر، وكل ما عليك هو التحلي بالصبر فلا زلت في بداية زواجك، وسوف يفرج الله عنك قريباً بإذنه تعالى أسأل الله أن يجمع قلبيكما على طاعته إنه سميع مجيب.(18/8)
ما هي حقوق الزوج على زوجته؟
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية
التاريخ 18/12/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو إفادتي في بيان حق الزوج على الزوجة فيما إذا طلب منها السكن مع أمه أو الذهاب إليها في مواعيد محددة معه، أو أمرها بزيارتها، أو بخدمتها وما شابه ذلك، وإن كان ذلك له فما يتوجه به عليها؟ وإن لم يكن له وطلبت أمه منه ذلك وإلا فقد تطلب منه فراقها، أو في حالة ما إذا كانت السكنى مع الأم لازمة؛ لكبر سنها ونحوه وحاجتها إلى الخدمة، وهل من حق الزوج منع زوجته من الخروج لطلب العلم مع إحضار الدروس المختلفة المسموعة والمرئية لها في المنزل؟ وماذا لو أصرت على الخروج وفعلت؟ أفيدونا مأجورين، -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
جميع ما تسأل عنه يأتي ضمن ما يسميه الفقهاء «العشرة الزوجية» ، وهو باب جاءت معالمه الرئيسة محددة واضحة في الكتاب والسنة، لكن غالب تفاصيله مسائل اجتهادية، تقوم على المقايسة ومراعاة مقاصد التشريع السامية، والراجح في غالب هذه المسائل الاجتهادية أنها منوطة بما اعتاده الناس وتعارفوا عليه، والعرف أحد الضوابط المعتبرة، بعد الضوابط الشرعية والضوابط اللغوية.
وما ورد السؤال عنه تحديدًا حول سكنى الزوجة مع والدتك، فالأصل توفير السكن للزوجة بنص الكتاب والسنة، ولكن إفرادها بالسكن مرجعه للعرف، كما أشير قريبًا، فإن كان المتعارف عليه في مجتمعك إفرادها بسكن فيتعين إفرادها إلا أن ترضى السكنى مع الأم، وإن كان المتعارف عليه أن تسكن مع أهل الزوج فلا يجب إفرادها بالسكن إلا أن تشترط على الزوج، ومن حيث مستوى السكن فعلى الزوج أن يسكنها فيما يسكن أمثاله فيه مثيلاتها.
ومن الممكن تحقيق القرب من الوالدة ورعايتها لكبر السن ونحوه بالسكنى بجوارها، دون أن يكون السكن مشتركًا. كذلك الأمر في خدمة الأم وصلتها، المرجع فيه العرف. لكن على المرأة طاعة زوجها في المعروف، وعلى الزوج مراعاة أحوال زوجته وأخذها باللين وتوجيهها إلى ما فيه صلاحهما، دون أن يكون على وجه الغلظة والاستبداد؛ فإن الحياة الزوجية مبناها على التكافل والتراحم والألفة التي لا تحصل في بعض الأحيان إلا بنوع من التنازل والتغافل وغض الطرف عن الهفوات، وكلا الزوجين معرض للقصور في حق الآخر فيتعين عليهما عدم الإلحاح في الحصول على كل شيء باسم الحقوق؛ فمن الذي ضمن أداء كل ما عليه من واجبات وحقوق حتى يتفرغ لمطالبة غيره بحقوقه.
وبخصوص خدمة الأم ولو كانت مسنة، فلا يجب على الزوجة إلا أن تخدم الزوج فقط في أصح قولَي متقدمي العلماء، ومع ذلك فإن هذه المسألة كسابقاتها على ما اعتاده الناس فيما بينه وأصبح عرفًا هو المرجع، فإذا لم يكن للناس عرف موحد فالأصل براءة ذمة الزوجة من هذه المطالبات.(18/9)
وليس للأم طلب طلاق زوجة الابن؛ وربما تكون آثمة في ذلك لو استجاب الابن لطلبها، متسببة في الفراق بين زوجين، ما لم يبدُ من الزوجة قصور في حق زوجها أو عيب في دينها يدعو للمفارقة، فالمفارقة حينئذٍ لما لحق الزوجة لا لطلب الأم. وأين كانت الأم حين حصلت الخطبة وسعى الناس في التحري عن الزوجة، ولماذا لا يكون الاشتراط قبل الزواج؟.
وفيما يتعلق بخروج الزوجة من بيتها، فإن تحرير المسألة على هذا النحو:
إذا كان خروج الزوجة لضرورة فإن للضرورات أحكامًا تقدر بقدرها.
إذا كان بين الزوجين شروط تتعلق بالخروج تم الاتفاق عليها أثناء العقد ولا تتعارض مع أحكام شرعية فيتعين الالتزام بها، فإن كانت تتعارض فتقدر بقدرها.
إذا منع الزوج زوجته من الخروج صراحة؛ فإن عليها الاستجابة لنهيه، ولو كان خروجها لمقصد مشروع كصلة رحم أو عيادة مريض.
إذا أذن الزوج لزوجته إذنًا مطلقًا في الخروج فإنه يجوز لها الخروج مطلقًا شرطَ الالتزام بالضوابط الشرعية في خروج المرأة وألا يكون الخروج والدخول سمتًا لها كما لو كانت رجلاً.
ومحل النزاع إذا لم يأذن الزوج لزوجته بالخروج إذنًا مطلقًا ولم يمنعها، فهل لها أن تخرج؟ أو بمعنى آخر: هل عليا أن تستأذنه في الخروج؟
مرد حكم هذه المسألة إلى العرف، فإن كان المتعارف عليه في مجتمعهما أن المرأة لا تخرج إلا أن تستأذن زوجها في كل مرة تعزم الخروج فيه، فإن الخروج حينئذ لا يجوز إلا أن يأذن لها زوجها.
وإن كان المتعارف عليه أنها تخرج متى ما رغبت إلا أن يمنعها فمعنى ذلك أن يجوز لها الخروج، وتمتنع عنه وجوبًا إذا منعها زوجها.
ومع ذلك فينبغي ألا يترتب على خروجها تقصير في حق زوجها وحق أولادها وبيتها. ولو خرجت (وقد منعها) فيجوز له تأديبها بالصورة المشروعة من وعظها وهجرها والتقليل في النفقة عليها إلى حد إسقاط حقها في النفقة. وبمناسبة هذا الملحظ تجدر الإشارة إلى أنه قد يغفل بعض الأزواج عن فرصتهم هم في أن يعينوا زوجاتهم على القيام بواجباتهم، من خلال مبادرتهم بتوفية الزوجة ما تحتاج إليه، وإطلاعها على الأجر العظيم الذي كفله النبي e للزوجة المطيعة المتبعلة لزوجها، دون أن يكون ذلك على وجه الأمر والقسوة.
أخيرًا، فإن العلاقة الزوجية أسمى من كونها علاقة بين رئيس ومرؤوس، أو طالب ومطلوب، ولكن لكون أكثر الناس يمارسون حياتهم بسجيتهم وبما إمكاناتهم الفطرية، دون مراعاة ما تتطلبه بعض المواقف من حسن التدبير والمعرفة، فكثرت حالات الخصام وتعثرت فرص التوفيق في الأعمال والتواصل مع الآخرين. وأرجو ألا يكون خافيًا على السائل وغيره ما أصبحت عليه صورة الحياة المعاصرة من تغير يستدعي تعرف وسائل التعامل معها (الحياة في صورتها الجديدة) والتصرف الحكيم إزاءها مما لا يخالف الشرع مباشرة أو مستقبلاً. وعليه فنصيحتي إلى الأخ السائل (وغيره ممن يطلع على هذه الإجابة) أن يتعلم ما أصبح يعرف بـ «الثقافة الزوجية» أو «الثقافة الأسرية» . وبخاصة أن كثيرًا من المشكلات لا تحل بمفردها، بل هي فقرة في منظومة كبيرة من العلاقة الوثيقة المتشابكة بين الزوجين. والله أعلم.(18/10)
زواج بلا حقوق
المجيب د. فاتن بنت محمد المشرف
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية
التاريخ 08/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
جزاكم الله خيراً على هذا الموقع الطيب، وبعد، سؤالي هو أنا الزوجة الثانية، وزوجي ما زال معي، ولكن ما وفر لي السكن الخاص- ولا نفقة أي مصرف لي-ولا المبيت عندي، وترك الإنجاب؛ خوفاً من ردة فعل زوجته الأولى، مع العلم أنها تعرف حاليا بأني مطلقة، ولكن العكس صحيح فما زلت على ذمته، مع العلم أني صبرت الكثير، ومر على زواجنا خمس سنوات، ولا أخفي عليكم بأنه يحبني كثيراً ولكن قليل العمل، وأنا حائرة، أتطلق أم لا؟ وكيف الحل الشرعي. وجزاكم الله كل الخير، والسلام عليكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخت السائلة - حفظها الله-
أولاً: لم توضحي - حفظك الله- هل كان زواجك ما يسمى بزواج المسيار الذي يشترط فيه الزوج على زوجته سقوط النفقة وعدم تهيئة السكن، وإسقاط المبيت أم لا؟، وحكم زواج المسيار فيه الخلاف المعروف عند العلماء.
ثانياً: إذا لم يكن زواجك هذا الزواج، ولكن الزوج اشترط ذلك في العقد فالمسلمون على شروطهم.
ثالثاً: نصيحتي لك يا - أختي- أن تتفاهمي مع زوجك على الإنجاب؛ لأن من أكبر أهداف الزواج بالنسبة للمرأة الإنجاب، وتنشئة ذرية صالحة، والذرية هي زينة الحياة الدنيا، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة، "وذكر منهم: "أو ولد صالح يدعو له"، وأيضاً المطالبة بالمبيت، وحسن العشرة إذا لم يشترط عليك ذلك.
أما إذا امتنع زوجك عن الانجاب وعن الانفاق وعن أداء الواجبات الزوجية فلا ندري ماذا بقى من دعوى الحب التي يدعيها.
أما هل تطلبين الطلاق فهذا ما لا يمكن الإشارة به إلا بعد معرفة ظروفك فهل عمرك ووضعك يسمح لك بالزواج إذا حصل الطلاق أم لا؟ فهذا ما يحتاج إلى توضيح ويترتب عليه إتخاذ القرار.
رابعاً: عليك التوجه إلى الله بالدعاء بأن يصلح الله الحال، ويرزقك الصبر؛ وأن يدل زوجك على الطريق الصحيح، فهو الهادي إلى الخير. بارك الله فيك.(18/11)
أليس من حقي أن أستقل ببيت؟
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية
التاريخ 23-4-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (لا يكلف الله نفسا ًإلا وسعها)
شيخنا الفاضل.. مضى على زواجي عدة سنوات وقد اخترت زوجي وقد كان على قدر من الالتزام.. كان شرط أهلي قبل الزواج أن يكون السكن منفصلا عن سكن أهل زوجي لأن هناك نوعاً من التقييد لوجود الإخوان.. وكانت الموافقة.. قدر الله أن نسكن مع أهله ليعض الوقت.. وقد مرت بعض المواقف التي رآني فيها إخوانه مع العلم بأني متنقبة..!!
كان أبي قد أهدانا منزلاً إلى حين أن تتيسر أمور زوجي ويوفر لي سكناً.. ووافق زوجي.. وعشنا في البيت لمدة شهر.. وبعد أن حملت بطفلي الأول اقترح على زوجي العيش في هذا المنزل لشدة حبه لأهله.
يعلم الله كم أحببت أهله وهو كذلك ولكن المشكلة أنه لم تعد هناك خصوصية في حياتي..أريد أن أعيش حياتاً أسرية أربي فيها أطفالي تربية صالحة بلا مشاكل.. هل هذا من حقي أم لا..؟ لماذا يرضي الزوج أهله دائما على حساب راحة زوجته.. يعلم الله وحده مدى شعوري بالحزن لدرجة أنني أحس بأنني لا أقدر على مواصلة الحياة الزوجية معه..!!! طموحي محدود.. وحلمي بسيط. ألا وهو الانفراد في منزل الزوجية وكان الرد بالرفض التام.. لذلك سؤالي هل أنني آثمة إذا لم أستطع طاعة زوجي في هذا الأمر.. وخيرته بين الموافقة على طلبي أو الانفصال ... يا شيخ هذه قدرتي في التحمل ولا أستطيع أكثر من ذلك ... والسلام عليكم
الجواب
الأخت الكريمة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم"
أوافق تماماً أن السكن الخاص والبيت الأسري الصغير والمستقل هو ما تفضله كل زوجة وما تسعى إليه جميع الزوجات فهو مملكتها الصغيرة الذي تأخذ فيه حريتها وتسعد بترتيبه وتنظيفه وتجميله حتى ولو كان ذلك المسكن شقة صغيرة المهم أنه ملك لها وهي صاحبة القرار فيه مع زوجها بالطبع.
وهذا بعكس ما إذا كانت الزوجة تعيش مع أهل زوجها إذ تفتقد فيه إلى الحرية في التصرف بهذا المنزل اللهم إلا في حدود غرفتها أو جناحها الخاص وتفتقد فيه حرية الحركة واللباس والدخول والخروج أو حتى في طريقة الطبخ ونوعية الأكل وغير ذلك كثير.
ملحظ قرأته في رسالتك وربما يكون هو السبب خلف هذا التمنع حيث ذكرت أن والدك أهداكم مسكناً موقتاً وقد سكنتم فيه مدة وجيزة ثم عدتم إلى بيت أهله ... صدقيني أن الذي جعله يعود لم يكن أهلة أو حبه لهم.. بل هو أمر آخر يجب عليكم معاشر الزوجات التنبه إليه وهو في ظني السبب الرئيسي خلف مثل هذا التصرف.(18/12)
الزوج يرى أن من أهم المهام المنوطة به كرجل وكزوج هو تأمين سكن لأسرته ولأن زوجك لم يستطع إتمام هذا المطلب بنفسه بل كان عن طريق والدك فإنه يشعر بان رجولته قد خدشت، وأنه لم يوف بمسؤولياته كزوج بل هو يعيش في كنف والد زوجته..!! هذه المسألة في ظني انه لم يتحملها ولم يستطع التعايش معها وفي نفس الوقت هو لا يستطيع المصارحة معك فيها ولذلك لم يكن أمامه إلا العودة إلى بيت أهله بهذه الحجة أو تلك. هذا الأمر يؤسفني أن الكثير من الزوجات لا يستطعن تفهمه وتقبله مع أنه شيء عظيم في نظر الزوج أما الزوجات فإنهن لا ينظرن إليه بنفس الحجم.
كان بودّي لو وضحت شيئاً عن المستوى المادي والوضع الاقتصادي لزوجك لأتعرف من خلاله هل كان بمقدوره الاستقلال ببيت أم لا.. وعلى كل حال.. ثقي إنه هو نفسه يرغب الاستقلال ولكن لا بد أن تكون منه نفسه وليس من أحد آخر وتكبر الأنفة وتعظم لو أتت من أهل زوجته.. ويبقى دورك أنت متمثلاً في أمرين هامين هما..
أولاً: الصبر وعدم الاستعجال فالنهاية السعيدة التي وجدناها بالتجربة هي غالباً قرينه الصبر وعدم الاستعجال..
ثانياً: حاولي الإيحاء لزوجك بصبرك وتحملك حتى وجود الأمر الذي يساعد على الاستقلال ببيت يكون من نفقته هو لا من غيره حتى ولو كان هذا البيت شقة أو دوراً متواضعاً ولكنها منه شخصياً ولم تكن من غيره.
هذا مع عدم إغفالك التشجيع المستمر فهي أمور عظيمة يحب الأزواج جميعهم سماعها من زوجاتهم وتأسر قلوبهم أسرًا.. واحرصي على البعد كلياً عن الفخر بأهلك ووالدك وأنه تبرع ببيت لكم فهذه لن تزيد المشكلة إلا تتأججاً.
أما قضية طلبك الطلاق فهذا أمرٌ أربأ بك عن التعامل معه فليس له هنا أي معنى خصوصاً وأنه قد رزقك الله مولوداً من هذا الرجل الذي أحببته كزوج.. فأرجو منك إغلاق هذا الباب البغيض.
وإن بدا لك المزيد من التساؤلات فلا تترددي المراسلة
وفقك الله ورعاك(18/13)
الخيار الصعب
المجيب د. سلمان بن فهد العودة
المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية
التاريخ 24/5/1425هـ
السؤال
تزوجت من امرأة في نهاية العشرين من عمرها، وكلانا مثقف ومن أصحاب الشهادات المحترمة، وهناك قدر من الود والمحبة بيننا، وبعد قضائنا خمس سنوات من حياتنا الزوجية برزت -بشكل ملفت- مشاكل حادة وصلت إلى حد الخطر، وتتلخص المشكلة في التالي:
أولاً: زوجتي موظفة، وأخذت إجازة لمدة خمس سنوات، انتهت الآن، وهي مهددة بالفصل من وظيفتها، وهي تطالبني بالعودة إلى وظيفتها، أو تقديم عوض مالي لقاء تضحيتها بالوظيفة، وأنا رافض للأمرين، وخاصة أن وظيفتها في بلد آخر غير البلد الذي نعيش فيه.
ثانياً: عدم التأقلم بين أهلي وأمي تحديداً، وبين زوجتي لدرجة تؤذيني كثيراً، ونتيجة لهذه التراكمات طلبت زوجتي الفراق إن لم أستجب لمطالبها، وأنا أرى أن في هذه الاستجابة حقاً غير مشروع لها، كما أنه ضعف في الوفاء للعلاقة الزوجية وتحويلها إلى علاقة مادية، وربما كان سلسلة لمطالب أخرى، بينما ترى هي في المقابل أن ذلك من حقها لتضمن مستقبلها المهدد جراء وضعي الصحي المتدهور، كما أن رفضي فيه نوع من عدم التضحية المتبادلة، أنا أمام خيار صعب. أرجو منكم الرأي والمشورة.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
العلاقات الزوجية مبنية على المودة والرحمة، وأعظم أساس لها طاعة الله وتقواه، فهي الوسيلة التي تجدد في الحياة الزوجية، وتجعلها جميلة وممتعة، فاحرص على ذلك، واحذر أن تكون حياتكما جافة ومقتصرة على أمور حسية مادية، فلها من الأثر السلبي الشيء الكبير.
لم تذكر أن بينكم أولاداً، والأولاد ـ إذا وفق الله ـ سبب في تجديد الحياة، واستمرار في الحياة الزوجية السعيدة، وإذا كان لكما أولاد، فمراعاة ذلك مهم جداً.
- القضية ليست كبيرة جداً، وأنت قادر - بإذن الله- على حلها.
- وعليك تقدير الانقطاع عن عملها في تلك الفترة من أجل البيت، فواجب عليك إعطاؤها من المال ما يتناسب مع وضعها وحاجتها.
- حاول أن تعالج إصرارها على ترك المنزل، بإدخال والدها في كل الأمر.
- علاقتها مع أهلك، لك أنت دور كبير في تحسينها من خلال قوامتك وإقناعك لها، وإدخال السرور على الزوجة والأهل، وتبادل الهدايا، وغيرها من الخطوات التي تسهم في تجاوز هذه القضية - بإذن الله-.
- أوجد عملاً بديلاً في نفس المنطقة التي أنت فيها، أو ابذل ما تستطيع لنقلها بجوارك.
- أنت بذلك قد عملت ما عليك. وأسأل الله أن ييسر أمركما.(18/14)
وجدتُ منها بعض المنفّرات، فهل أطلقها؟!
المجيب نهى نبيل عاصم
داعية ومستشارة تربوية بالإسكندرية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية
التاريخ 8/05/1426هـ
السؤال
خطبتُ فتاة منذ خمسة أشهر، وقابلتها مقابلة شرعية في بيتها، وسألت عنها وأنها من عائلة طيبة وملتزمة، وبقيت فترة ثلاثة أشهر بعد الخطوبة، وكلمتها في الهاتف أكثر من مرة، وهي مقتنعة بكل شيء يرضي الله ورسوله، لذلك عقدت نكاحي عليها, وبعد عقد النكاح جلست قريباً منها، فإذا بأشياء لم تعجبني في خلقتها، كشعر ينمو على وجهها ورائحة فمها، وهذا جعلني أشمئز، مما جعلني أفكِّر كثيراً هل أطلِّق أم أكمل؟ وهو أمر طبيعي، والله إني لمحتار، مع العلم أنه شعر قليل، والرائحة تظهر أحياناً وتغيب أحياناً, وأعلمك أني لم أعد أرغب كثيراً بها، مما جعلها تشك في الموضوع, وأعلمك أيضاً أنها فتاة طيبة جداً. أرشدوني رحمكم الله.
الجواب
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،
أخي في الله: قال نبينا المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "اتقوا الله في النساء" أخرجه مسلم (1218) ، وقال الله عز وجل: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" [البقرة آية 216] .
أنت تقول: إن خطيبتك إنسانة طيبة وعلى خلق، ولكن هناك أشياء تنفرك منها كشعر الوجه وهو أمر يسهل التخلص منه كل فترة قصيرة، وهناك من يقوم الآن بإزالة شعر الوجه بالليزر في المراكز المتخصصة.
أما بالنسبة لرائحة الفم، فلا شك أن موالاة تنظيف الأسنان بعد الوجبات، وقبل الصلوات، وعند الاستيقاظ وقبل النوم (وفقاً لسنة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم) كفيلة بحل هذه المشكلة أثناء النهار، أيضاً يمكن بقرص من النعناع أو العلكة (اللبان) أن يجدّد رائحة الفم تحسباً لأي ميل من الزوج أو الزوجة، ورائحة الفم قد تكون بسبب التهاب مزمن في اللثة أو الأسنان أو الأنف والأذن والحنجرة، والعلاج سهل متاح. وطالما أصبحت زوجتك فمن السهل الحديث معها، ولكن لي عندك نصيحة، إنك إن حدثتها بنفسك ستتأثر ولن تنسى لك، فأنصحك بالتحدث إلى والدها أو والدتها بصورة طيبة حسنة، وحتى يتم علاج تلك المشكلة، صدقني الأمور سهلة والحل يسير، وقد تكون في كامل نظافتها، ثم يطرأ طارئ ـ بعد زواجكما ـ فتصاب بمثل ذلك، فهل تطلقها حينها، هناك أصول وفروع، فإذا كانت الأصول قوية وراسخة، فمن السهل علاج مثل هذه الفرعيات، فاتق الله فيها، فمن يدريك -أخي- علَّ هناك شيئاً ينفرها منك، ولكنها من أجلك تتحمل كل ذلك منك، ولا تتحدث به لأحد، وفقك الله.(18/15)
زوجي يطالبني بحقوقه ويتناسى مؤثرات عملي
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /الحقوق الزوجية
التاريخ 7/06/1426هـ
السؤال
أنا حديثة العهد بالزواج، وزوجي يضايقني بشدة، تارة بسبب تبرمه من عمله، وتارة أخرى بسبب الوضع المادي، وأنا إنسانة عاملة، فلا بد من أن أشعر بالتعب والإرهاق، ورغم ذلك فإني لا أقصر بحق زوجي بشيء، فهو يكره كرهاً شديداً أن أقول له: إني متعبة، أشعر أحيانا أنه يريدني، وأشعر أحيانا أخرى أنه يحاول أن يبعدني عنه، رغم أنه حارب الجميع لأجل أن يتزوجني، وحاول المستحيل مع أهلي ليوافقوا، لا أعرف ماذا أعمل؟ أشعر بالبؤس والتعاسة وأنا أوكل أمري لله، لكن أفعاله تقتلني، ما علي أن أفعل؟ كيف أتصرف؟ أرجو أن ترشدوني إلى طريق الصواب؟
الجواب
أقول وبالله التوفيق: أن مشكلتك كثيراً ما تعاني منها المتزوجات حديثاً، خاصة لنقص الخبرة لديهن، وعدم تعودهن على مثل هذه المشكلات، ولا نستطيع أن نقول: إن لديك مشكلة بقدر ما هو سوء تقدير للمواقف من قبلك أنت وزوجك، ويبدو أنكما صغيران في السن لم تتعودا على بعضكما البعض حتى الآن، ولا يعني مثل هذه السلوكيات أنه لا يريدك، ولكن الإنسان في عالم اليوم يتعرض لكثير من الضغوط في الحياة، خاصة مع تعدد الأدوار الاجتماعية التي يمارسها والالتزامات الكثيرة، فلا تقلقي وتشعري نفسك بالبؤس والتعاسة، ولكن ينقصك كيفية إدارة منزلك. فأنا اتفق معك أن المرأة العاملة تعاني كثيراً في كيفية المواءمة بين مسئولياتها في العمل، ودورها كزوجة وأم.
بمزيد من الخبرة سوف تكتسبين القدرة على التعامل مع مثل هذا المواقف، فمواقفك من زوجك وموقفه منك طرح كثيراً في الدراسات العلمية المتخصصة، وفي العلوم الاجتماعية والنفسية.
نصيحتي لك أن تعترفي بتقصيرك كما أنت مقتنعة بتقصير زوجك، فكلاكما مقصر؛ وذلك لمسئوليات العمل، ولكن الاختلاف أننا في المجتمعات الشرقية رغم التوسع في مجال عمل المرأة إلا أن الرجل الشرقي يريد منها مسئوليات أكثر في المنزل، فهو يريد منها تنفيذ متطلباته، حيث إنه يرى نفسه المسئول الأول.
لعلك تبادرين باقتناء كتب عن حياة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في تعامله مع زوجاته، سواء في كتيب أو شريط إسلامي ليكون على طاولة المنزل الرئيسة، تحاملي على نفسك ونظمي برنامجاً يومياً للمقابلة بينكما. اتفقوا على برنامج يومي أو أسبوعي للقاء مشترك للتقارب العاطفي فيما بينكم، لابد أن تشعري أن الزوج بحاجة لزوجته، وتدركي أن الزوج إذا لم يتوافر لديه المسكن الهادئ، فهذا يزيد من إحباطه.
وثقي أن خدمتك وطاعتك لزوجك هي عبادة تؤجرين عليها، وصبرك واحتسابك الأجر علامة على إيمانك، وما مبادرتك بالسؤال إلا وأنت تشعرين أهمية ذلك في حياتك الدينية والأخروية.
دعائي لك -أختي الكريمة- بأن يسدد الله خطاك، وأن ينير قلبك أكثر وأكثر، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد.(18/16)
متخوف من الزواج..!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /ليلة الزفاف
التاريخ 7/6/1422
السؤال
أنا شاب مقبل على الزواج ومتخوف منه يعني اللقاء الأول وتعرفون أنا من بيئة مسلمة لا تسمح بالاختلاط من السعودية ومحتار جداً من طريقة المعاشرة والتفهم أرجو مساعدتي في ذلك ولكم تحياتي
الجواب
أهنئك على خطوتك المباركة إن شاء الله..وهي الزواج..وأدعو الله لك صادقاً بأن يوفقك ويبارك لك..ويبارك عليك ويجمع بينكما بخير..كما أسأله تبارك وتعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة الناصحة التي تعينك على الخير وتدلك عليه..وأن يرزقك الذرية الصالحة إنه ولي ذلك والقادر عليه..
أما عن استشارتك فأجيبك عليها من وجهين:-
أولاً - تأكد يا أخي الكريم أنك قد اتخذت القرار الصحيح -بإذن الله - وامتثلت لقول نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-[يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج..الحديث] فكن واثقاً من نفسك..ولا تعطي الأمر اكثر من حجمه..فلست أول من خاض هذه التجربة (الزواج) ..بل سبقك إليها الملايين من مجتمعك..وتتابعت على ذلك أجيال فالأمر يسير..بل هو أمر فطري جداً وأما ما تجده من تخوف!!! فصدقني - أخي- انه شعور طبيعي يجب أن تتعامل معه بشكل طبيعي..!! ولا تسمح له أن يتجاوز حده..!! فهو نتاج مجموعة كبيرة من المشاعر المتناقضة والمتداخلة، فأنت مقدم على حياة جديدة..وشريك جديد..ونقله اجتماعية جديدة..!! كل هذه الأمور لابد أن تثير لدى الإنسان بعض "الترقب" و " التخوف" وهو شعور طبيعي - كما أسلفت - إلا أن البعض قد يسئ فهم هذه الأمور..ويُحملها أكثر مما تحتمل..فتؤثر عليه سلباً..!! وعلى أي حال- صدقني- الأمر أبسط من ذلك..وكما اسلف تذكر الملايين ممن خاض هذه التجربة بنجاح..فلست أقل منهم بأي حال..وكن واثقاً بنفسك أشد الثقة..متكلاً على ربك.. ولا تنس الدعاء الصادق لنفسك بالتوفيق والرشاد.
ثانياً: هناك الكثير من " الكتيبات" المختصرة والمفيدة جداً..وكذلك العديد من الأشرطة المهمة والمليئة بالقواعد المثلى للتعامل بين الزوجين..وكذلك فنون العلاقة الزوجية..والأساليب المثلى للحوار والتفاهم..وما إلى ذلك..أنصحك أخي الكريم بزيارة أقرب مكتبة أو تسجيلات إسلامية لطلبها والاستفادة منها..ولا بأس من استشارة أحد الرجال الثقاة..القريبين إلى نفسك إن وجد مكرراً دعائي لك بالتوفيق.(18/17)
ليلة زواجي الأولى.. آمال ومخاوف وتساؤلات..!!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ بعد الزواج /ليلة الزفاف
التاريخ 6-3-1423
السؤال
: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أحسن الله إليكم، ونفع بموقعكم، وجعل علمكم وعملكم خالصاً لوجهه الكريم.
أرجو أن تقبلوا اعتذاري لإرسال أكثر من سؤال في رسالة واحدة. ولكني أرى أنها مرتبطة ببعضها إلى درجة كبيرة.
قبل أن أكتب أسئلتي، تساءلت هل سيجاب عنها كلها، أم لا؟ هل دخلت في المحظورات؟ إذا لم أجد منكم الإجابة، فهل سيكون حديث الأصدقاء والمعلومات التي أشك في صدقها هي ما أبني عليه تصرفاتي؟
سأتزوج بعد حوالي شهرين , ولدي العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى مختص أو أكثر للإجابة عنها بشيء من التفصيل، أنا ملتزم بتعاليم ديننا الحنيف، كما أعتقد بأهمية استشارة المختصين في أمور كثيرة، منها الأسئلة التالية:
السؤال الأول نفسي:
من الناحية النفسية يبدو لي أن الاستعداد النفسي لعلاقة حميمة في ليلة الزواج قد لا يتوفر، فمن وجهة نظري أن كثير من العلاقات الحميمة التي تحدث ليلة الزواج هي لكسر حاجز الصمت، أو لارتباطها بمفاهيم اجتماعية عما يتوجب علي الرجل عمله في تلك الليلة كإثبات الرجولة، أو غير ذلك، أعتقد أن هناك تجارب مأساوية لكثير من النساء في تلك الليلة، لا أعلم بالضبط، فهذه مجرد تأملات، أو تخيلات، ولكني لا أريد لزوجتي أن تخوض أي تجارب غير جيدة وخصوصاً في علاقتنا الجسدية، لذلك أرى تأخير ذلك الأمر حتى نكون مستعدين نفسياً، فلم نتزوج من أجل تلك الليلة ولن، كما نقول باللهجة الدارجة، " تطير الطيور بأرزاقها " ونفلس لو لم يحدث شيء في تلك الليلة.
ما رأي المختص، في هذه الليلة: هل هناك أفكار لقضاء ليلة ممتعة لا يوجد فيها ذكرى غير طيبة؟ عندما يجد، فجأة، الرجل والمرأة أن الجميع قد تركوهما، لم يعتادا على التعبير عن نفسيهما، لم يعتادا على الحديث سوى مع محارمهما، عندما تتعطل اللغة؟
السؤالين الثاني والثالث طبية:
الثاني: وهو خاص، وقد يكون فيه شيء من الحرج لطرحه , ولكن إن لم أسأل عنه، ولو يوجد إجابة له في موقعكم فأين أجد وغيري الإجابة العلمية الدقيقة؟
هل هناك أدوية أو كريمات لتسهيل الاتصال الجنسي الأول بالنسبة للمرأة؟ ما هي أسمائها، وهل تحتاج إلى وصفة طبية أم أنها متوفرة بدون وصفة من طبيب؟ هل يحتاج الزوجين إلى فترة راحة قبل المعاشرة مرة أخرى، يوم أو أسبوع مثلا ً، حتى تلتئم الجروح؟ هل هناك أدوية أو كريمات لعلاجها؟ ما هي وسائل التهيئة لذلك الاتصال الأول، وخصوصاً أن تعبير كل من الزوجين عن نفسه في تلك الفترة سيكون صعبا ًأن لم يكن مستحيلاً؟ ما توجيهكم للرجل، والذي يقرر كل شيء؟ ما هي النصائح التي تودون إسداؤها إلينا معشر الرجال؟
الثالث: سأناقش مع زوجتي (بعد الزواج - إن شاء الله تعالى) قضية الحمل وتأخيره لسنة مثلاً، وأسئلتي هي:(18/18)
ما هو رأيكم في استخدام وسائل منع الحمل الطبية أو العلاجية لتأجيل الحمل في بداية الزواج: هل هناك مخاطر على الحمل فيما بعد (زوجتي عمرها 19 سنة) ؟ ما هي أنواع وسائل الحمل الموجودة، وما مدى فاعليتها، وهل لها أضرار جانبية أو طويلة المدى، وما الوسائل التي ترون سلامتها؟ وهل تلك الوسائل أو الأدوية متوفرة في الصيدليات للجميع أم أنها تحتاج إلى وصفة طبية؟
على المستوى الشخصي، لا أعتقد من أني سأخجل من زيارة طبيب أو طبيبة مختصة أنا وزوجتي لمناقشة هذه الأمور معه أو معها، فلابد مما ليس منه بد، (ولكني لا أعرف ما إذا كانت زوجتي ستكون، مثل الكثير في مجتمعنا، ممن ينظرون إلى زيارة أخصائي صحة الأسرة أو النساء والولادة كنظرهم إلى الذهاب للطبيب النفسي) .
أتمنى منكم أن لا يكون الرد خاص بي، ولكن أرجو أن ينشر في موقعكم كي يستفيد الجميع منه، وخصوصاً أن كثير منا يشعر بالحرج من طرح بعض ما تطرقت إليه.
الجواب
أخي الكريم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
أشكرك لثقتك وتفاعلك ومراسلتك لنا في هذا الموقع.
أخي الكريم
رسالتك تنم بشكل واضح عن عقلية متزنة واضحة واثقة بنفسها تحسب للأمور المستقبلية بكل وضوح وروية واتزان، بعيدة عن التسرع والطيش وإن كان لي من أمل بحق وبكل صدق فهو أن يكون هذا المستوى من التفكير والحكمة هو ديدنك في شأنك كله وفي أمور حياتك جميعها ولا يكون فقط مجرد أحلام عسلية مثلما تلاعب عقليات الكثير منا نحن الشباب خاصة قبل الزواج فترانا نسبح ونسرح في أحلام وردية سرعان ما تغتال عندما تصطدم مع صخور الواقع. هذه المشاعر أيها الأخ النبيل ليست مشاعرك وحدك بل هي مشاعر الكثيرين من بيننا ولكن للأسف تبقى مجرد مشاعر ومجرد آمال وتطلعات يصعب على الكثيرين تطبيقها. وبمجرد النزول إلى الميدان لنكتشف بعد ذلك أن السهولة كل السهولة واليسر كل اليسر في الكلام وفي التنظير فقط مما يجعلنا نزداد يقينا أن الخلق والحكمة والاتزان والروية إنما هي ممارسات سلوكية وأخلاق عملية وليست فقط ألفاظاً كلامية واستعراضاً لغوياً.. غالبا ما نجيده ونحصل على قدم السبق فيه ومن ثم لا نرى له أي أثر على أرض الواقع..!!!
أيها الأخ الكريم..
سأقلب الإجابة في الترتيب مع أسئلتك لأجعل إجابة السؤال الأول في الأخير وأبدأ بالسؤال الثاني ثم الثالث فأقول.
إن المعاشرة الجنسية بين الزوجين في المرة الأولى سيكون لها وقع خاص على الزوجين معاً، وكما تعلم فنحن أمة مسلمة تحرم الزنا والاتصال الجنسي قبل الزواج وهذا ما يجعل الفرد المسلم في هذا الوقت يشعر بالخوف والاضطراب ليس لأجل الممارسة الجنسية التي سوف يقدم عليها بل لأجل أنها خبرة وممارسة تمر عليه وعلى زوجه للمرة الأولى فالخوف والاضطراب ناتجان عن الإقدام على ممارسة سلوك وفعل جديد على الفرد، ولذلك سرعان ما يزول هذا الهاجس وهذا الاضطراب بعد المرور بالتجربة الأولى أو الثانية ...
الأزواج والزوجات مختلفون كثيرا في مرورهم بهذه التجربة، ولكن يمكن أن نلقي الضوء على عدة أمور تكاد تكون عامة عند كثير من الأزواج:(18/19)
*أولا: أن النساء يختلفن خلقياً في قضية فض البكارة، فكما تواجه بعضهن عسراً كبيراً وصعوبة مفرطة في قضية فض البكارة مما يستوجب في بعض الأحيان التدخل الطبي للمساعدة في حل هذه القضية بسبب قوة هذا الغشاء، فإنه أيضا يوجد بين النساء من يكون هذا الغشاء لديهن رقيقاً جداً حتى أنه في بعض الأحيان لا يحس الزوج بفضه. كما أن بعض النساء يمكن أن تكون قد فقدت عذريتها نتيجة سقوط أو ارتطام أو حادث مباشر بسبب هذه الخاصية لدى مثل هذا النوع من البكارة. وعلى ذلك يجب التنبه أنه ليس بالضرورة إذا لم تفرز المرأة الدماء الكثيرة في أول اتصال جنسي أن يتجنّى عليها الزوج ويرميها بالفاحشة وهي منها بريئة.
*ثانيا: يجب أن يتنبه الزوج أنه يفضل تجنب الاتصال المباشر بعد الاتصال الأول ليعطي بذلك فرصة لالتئام الجرح وسكون الألم في مكان الإيلاج لتمتد هذه الفترة من 24 ساعة إلى 48 ساعة أو تزيد وذلك بحسب الحالة وظروفها.
*ثالثا: توجد هناك بعض المراهم يمكن للزوجين استعمالها ولكن بشرط استشارة الصيدلي قبل الاستخدام والابتعاد عن الأخذ بتجارب الآخرين من الزملاء وغيرهم فالذي يصلح لحالة ما ليس بالضرورة صالحاً لكل الحالات.
*رابعاً: عليك التنبه أيها الأخ الكريم أنه ليس من الضروري أن يتم الاتصال الأول أو فض البكارة في اليوم الأول أو الأيام الأولى ولا تقلق إن لم يتحقق شيء مما تريده، فما لم يتم اليوم يمكن أن يتم غداً أو بعد غد ونحن نعرف الكثيرين الذين لم تتم لهم العملية الجنسية مع أزواجهم بشكل كامل إلا بعد مرور عشرة إلى عشرين يوماً أو ربما أكثر.. إذ يجب أن تتذكر أنها حياة مديدة وسنين عديدة فلا تحكم عليها بيوم أو يومين.
أما فيما يتعلق بالسؤال الثالث وهو أمر تأخير الحمل فهذا أمر لا بأس به إذا كان باتفاق الطرفين ولم يلحق الضرر أحدهما كما يفتي بذلك علماءنا الأفاضل، ولكن يجب التذكير في هذه المسألة إلى أمور:
أولا: أن وسائل منع الحمل تنقسم إلى قسمين هما:
1-عمل سلوكي وهو محاولة تجنيب ماء الرجل الوصول إلى رحم المرأة عن طريق الحساب أو العزل أو غيرها من الوسائل الطبيعية.
2-التعامل مع الأدوية الطبية وهي ما تسمى بالوسائل الصناعية.
أما العزل فطريقته أن ينزع الرجل العضو التناسلي إذا شعر أنه اقترب من الإنزال كي يقذف في خارج الرحم وبتجنب بذلك تلقيح البويضة في رحم المرأة ثم بعد ذلك يتجنب الحمل.
المشكلة في هذه الطريقة أن كثيراً من الأزواج قد لا يستطيع امتلاك رغبته الجنسية عند الإنزال فلا ينزع، وأيضاً هذه الطريقة قد تجنب المرأة اللذة واستكمال المتعة الجنسية لديها.
أما طريقة الحساب فهي بإيجاز الامتناع عن الاتصال المباشر في وقت الخصوبة التي تمر بها الزوجة وهي أيام وجود البويضة واستعدادها لتلقف الحيوان المنوي ليتكون بذلك الجنين بإذن الله ولذلك فالمرأة يمكن تقسيم الأيام لديها إلى أربعة أقسام هي:
أيام الدورة
أيام الأمان
أيام الخصوبة
أيام الأمان(18/20)
ومتوسط أيام الدورة لدى كثير من النساء هو 6 إلى 7 أيام وعلى ذلك فيجب على الزوجين حساب اثنا عشرة إلى أربعة عشر يوماً بعد أول يوم من أيام الدورة لنبدأ بذلك فترة أيام الخصوبة فتكون سبعة أيام هي للدورة وسبعة أيام هي أيام الأمان وعدد أربعة أيام هي أيام الخصوبة أو الأيام الخطرة ثم بعد ذلك تعود إلى أيام الأمان إلى حين مجيء الدورة مرة أخرى، وكلما زادت أيام الخصوبة وابتعد فيها الزوج عن زوجه كلما كان احتمال حصول الحمل أقل لكن تبقى المشكلة أن هذه الطريقة ليست مضمونة حتى بنسبة 80% ولذلك عادة ما يلجأ إليها الزوجان إذا كان الحمل ليس مرغوبا فيه ولكن في نفس الوقت ليس لديهما مشكلة لو حصل ذلك الحمل.
أما الطريقة الثانية من وسائل منع الحمل هي تناول الأدوية والتعامل مع الأشياء الطبية كتناول أقراص منع الحمل أو الحقن أو استخدام اللولب أو الواقي " الكبوت" وغير ذلك كثير. فهذه الأشياء كلها منها ما هو مستخدم من قبل الزوجة ومنها ما هو مستخدم من قبل الزوج ولكل واحدة إيجابياتها وسلبياتها ولعل الأمر الذي لا بد أن نؤكد عليه هو ضرورة مراجعة الطبيب أو الطبيبة المختصة في هذا الشأن إذ من أكثر الأخطاء شيوعاً عندنا هو تناول الزوجات للعدد الكبير من أنواع حبوب منع الحمل ولكن بدون استشارة من طبيب مختص، وهذا هو في الحقيقة سبب ما نسمعه كثيراً منهن عندما يشكين من الآثار الجانبية جراء تناول هذه الأنواع من الأدوية كآلام الرأس والصداع والاضطراب النفسي أو الشعور بالغثيان ... ولذلك يجب أن نذكر أن كل امرأة هي حالة خاصة وتختلف عن غيرها فما يناسب إحداهن قد لا يناسب الأخرى بل ربما يكون خطراً عليها.
أمرٌ آخر أنه في حال تناول الزوجة شيئاً من هذه الأقراص فإن الزوجين يحسن بهما إعطاء جسم المرأة فترة راحة من هذه الأدوية الكيميائية كأن تتناولها الزوجة مدة شهرين ثم تتوقف شهرين آخرين ثم تعاود الكرة مرة أخرى. .. وهكذا.. هذا مع إعادة التنبيه إلى ضرورة استشارة المختصين من أطباء الأسرة في هذا الأمر.
أعود هنا إلى السؤال الأول وهو قضية الليلة الأولى في الحياة الزوجية وما يمكن عمله في مجال التهيئة النفسية للزوجين..
لعلّ أبرز وأنجح وأصدق نصيحة يمكن إسداؤها إلى الزوجين في الليلة الأولى من وجهة نظري المتواضعة يمكن اختزالها في كلمات معدودة وبسيطة ولكنها تحمل في طياتها المعاني العظيمة والحياة الناجحة بإذن الله، هذه الكلمات هي:
" العفوية وعدم التكلف"
وأقصد بالعفوية وعدم التكلف من قبل الزوجين هو انتحال شخصيات غير شخصياتهم وتكلف سلوكيات وتصرفات هي أبعد ما يكون عن حقيقة صفاتهم وأصل أخلاقياتهم وإنما هو دور وظيفي يظنون خطأً أنه يجب القيام به كأحد مهام الليلة الأولى من الزواج..
الأمر السيئ في هذا التكلف وغياب العفوية أنه سرعان ما ينكشف حالما تنطفئ حرارة أيام الزواج الأولى ليكتشف كل منهما أنه كان يتعامل مع شخصين وحالتين في جسم واحد أحدهما مستعار جميل والآخر باق سيئ أو على الأقل هو مختلف عن الحالة الأولى.
أيها الأخ الكريم..(18/21)
دع الأمور في ليلة الزواج تسير بطبيعية تامة لا تتكلف أمراً أنت في غنى عنه، كن مطمئناً لا تتوقع النتائج قبل حدوث أسبابها.. عش ليلتك كما هي وكما تريد أنت لا كما يجب أن تكون في أعين الناس المحيطين بك ولذلك يجب ملاحظة الأمور التالية:
*أن الزوجة وشريكة الحياة هي في حال نفسية مثلها مثلك أو أشد فلا تنتظر منها ما يمكن أن تعجز أنت عنه.
*توقع حدوث الخطأ في شيء من التصرفات أو السلوكيات سواء منك أو منها ولا تفسره بغير حجمه الطبيعي، بل لتكن رهبة هذه الليلة مخرجاً تجد فيه عذراً لصاحبك.
*استفد ولا تطبق كل النصائح من مختلف الشرائح في المجتمع من أهل أو زملاء أو أصدقاء وتذكر أن لكل فرد ولكل زوجة خصائص يختلف فيها عن الغير فما يكون قد مرّ بالآخرين من مختلف التجارب ليس ضرورياً أن تمر به أنت وزوجتك.
*احذر أشد الحذر من التجني والتعسف في معاملة الزوجة في الساعات الأولى، وكن رقيقاً بقدر المستطاع فالرقة واللطافة مطلوبة هنا.
*ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم.. فالله الله في الرفق في كلامك وملمسك ومعاشرتك لأهلك في هذه الليلة وفي كل أوقاتك.
*تذكر أن الاتصال الجنسي الأول سيكون من أجمل اللحظات للإنسان إذا تم بعد التهيئة النفسية والراحة القلبية وانتشار المودة والابتسامة بين الزوجين والكلمة العذبة بينكما والشعور بأن الوقت مناسب لهذه العملية.. ربما في اليوم التالي أو قد يتأخر قليلاً فلا بأس بذلك إذا كان هنالك ضرورة على أن لا تطول هذه المدة.
*تذكر أن ذكرى ذلك الاتصال الجنسي الأول سيكون من أقبح وأشنع اللحظات العمرية وربما سيكون سبباً في فشل الزواج إذا ما تم تحت القهر والإكراه والدخول بمزاج إثبات الرجولة أو الفحولة وعدم تفهم الطرف الآخر والتصرف بكامل الأنانية والبعد عن مشاعر وأحاسيس الآخر.
*الزوجة تنتظر منك الكثير فلا تحرمها هذه المشاعر، فهي ربما يمنعها حياؤها من المبادرة في الكلام أو النظرات أو الابتسامة أو المزاح الرقيق أو حتى الضم والمعانقة اللطيفة والبعيدة كل البعد عن الخشونة والعنف، أعط نفسك وزوجك حقكما من هذه الأمور وحاول التقدير في الزمن والوقت المناسب لفعل هذه الأشياء وتذكر أنه لا يلزم أن تكون هذه الأشياء جميعها في الليلة الأولى.
*إياك والمعاشرة أو الاتصال الجنسي المباشر.. تحل بالصبر وأعط كل عضو من العين واللسان والأنف والأذن وسائر الأعضاء حقها في الاستمتاع..
*أكثر من الملاعبة والمداعبة حتى تظن أو يغلب على ظنك أن الوقت قد حان في الاستمرار، وإن وجدت ممانعة فلا تسرف في الطلب إلا أن تكون هذه الممانعة ممانعة المتقبّل مع شيء من العزم.
*اختم هذه الاستشارة بالقول أن البعد من الآخرين والخلوة لعدة أيام بالزوج في مكان ومنطقة بعيدة ربما يكون له أثر بالغ في تفهم كل منكما للآخر.
وفقك الله وجميع أزواج المسلمين للحياة السعيدة ورزقكم الذرية الصالحة.(18/22)
لا ذنب لها ولكني غرت عليها
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الغيرة
التاريخ 16-1-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
حملت زوجتي منذ فترة.. ثم قدر الله لها أن تسقط..! وحصل معها نزيف شديد.. فذهبت بها إلى المستشفى حيث أجريت لها عملية تنظيف. تكمن المشكلة في أن من أجرى لها هذه العملية طبيب وليست طبيبة..!! (حيث أن نوبته كانت في وقت إجراء العملية) وعندما قرأت عنها فيما بعد علمت أن المرأة تكون في وضع "شبه عارية أمام الطبيب "، ومنذ ذلك الوقت وأنا في ألم نفسي شديد حتى أنني أشعر كثيرا بعدم الرغبة في زوجتي وفكرت في فراقها لولا وجود الأطفال. بالطبع هي ليس لها ذنب فيما جرى لكن هذا هو الإحساس الذي يتملكني، لذا أرجو مساعدتي بأي نصيحة، كما أرجو توجيهي كيف أرضى بقضاء الله في ذلك رغم أن الشرع يأمرنا بالغيرة على العرض.. وحتى الموت دفاعا عنه.
الجواب
أخي الكريم أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبسا علينا فنضل أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولا: ما حصل لك في موضوع زوجتك - أخي الكريم - حصل للعشرات " اضطرارا " لا رغبة أو تساهلا..أو عدم غيرة..!!! ولكنها ضرورات أباحت لهم المحضورات..! فلو علمت أن المعالج رجل..وأن البديل لعدم رضاك به هو " تضرر زوجتك..أو وفاتها " لا قدر الله..فماذا كنت ستصنع؟! لو رفضت إدخالها ونتج عن ذلك ضرر لها..لكنت ملاما..!! ولا بأس في المستقبل من التحري في هذه الأمور قدر المستطاع والسؤال عن ذلك..ولكن عند الاضطرار لا قدر الله.. بين الحياة والموت..فرغم صعوبة الخيار..إلا أن الحياة أولى..!!
ثانيا: لا يعني ذلك التسليم وقبول تواجد الأطباء الرجال في أقسام الولادة.. بل إننا نتمنى ألا نجد منهم أحدا في هذه الأقسام.. ولكني أتكلم عن أمر انتهى ولم يكن لك أنت وزوجتك منه بد.
ثالثا: تمر على هؤلاء الأطباء عشرات الحالات من هذا النوع سواء في أقسام الولادة أو العمليات الأخرى.. وكثرة هذه الأمور تجعلهم يتعاملون معها بآلية باردة.. بل ومزعجة لكثير منهم..!!! فلا تتوقف - أخي الفاضل - كثيرا عند هذا الأمر.. أو تتعامل معه بهذا القدر من الحساسية.
رابعا: أما نظرتك لزوجتك في الوقت الراهن..فإني أرى أنك ظلمتها كثيرا..!! فما هو ذنبها أولا فيما حدث..؟! ثم هي ليست الوحيدة التي تمر بذلك..ولم تختار الظرف أو المكان؟!! فلماذا هذه الأفكار من قبلك؟!!
خامسا: نسأل الله تعالى أن يستر عوراتنا ويؤمن روعاتنا وأن يعيننا ويقيظ لنا في مشا فينا الأصلح دائما للرجال وللنساء.. ولا بأس من تفعيل هذا الموضوع بشكل متوازن وموضوعي عبر وسائل الإعلام المختلفة.
سادسا: يلزمك - أخي الفاضل - الرضاء بقضاء الله وقدره.. وتناسى هذا الأمر.. والتعامل معه بشكل عادي.. حتى لا تظلم نفسك.. وتظلم زوجتك.. وأما موتنا دفاعا عن أعراضنا فأنت محق في ذلك.. ولكن في أمور أخرى ليس من بينها ما حدث لزوجتك.. لأنه كما أسلفت يدخل ضمن الضرورات التي تبيح المحضورات.. كما أنك لم تختاره أنت أو هي.. أو تتساهل فيه!
وفقك الله وحماك وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(18/23)
شدة الغيرة على الزوج
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الغيرة
التاريخ 26-5-1424
السؤال
سيدي الفاضل إني متزوجة من أربع سنوات، وأنا سعيدة مع زوجي، مع العلم أنني وزوجي ملتزمين ولله الحمد، ولكن هناك ما غيَّر حياتي إلي جحيم وهي الغيرة فأنا غيورة بقوة ولا أدري هل صارت الغيرة جزءاً مني لدرجة أني صرت أغار عليه من أخواته.
أرجوك ساعدني وأنقذ حياتي.
الجواب
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم "
أحمد الله - عز وجل - على أن من عليك بهذه السعادة، وأسأله سبحانه أن يديمها عليك، فهي أساس استقرار الأسرة ونشأة جيل سوي لينفع الله به الأمة.
كما أن الواقع مر فعلاً حينما نرى الأسرة تعصف بها المشكلات والأزمات التي ربما قوضت أركانها.
الغير -أختي الفاضلة- هي نتاج الحب -غالباً- إذا تتولد رغبة في النفس بالاستئثار بالمحبوب دون الآخرين، وهي شعور جميل إذا قارنه الاعتدال، ولكن إذا زاد عن حده ربما كان طريقاً إلى الشك وإلى مشكلات أخرى أنت في غنى عنها.
حينما تشعرين أن الغيرة صارت جزءاً منك سوف يصعب عليك علاجها، ولكن إذا أقنعت نفسك أنها صفة دخيلة يمكن تجاوزها والتخلص منها فسوف يهون الأمر عليك.
وأنت قادرة على مقاومتها بطرق كثيرة، ولكن المهم الآن أن تحاولي بكل طاقتك ألا تظهر على تصرفاتك تجاه زوجك، لأن هذا يوهي حبال المحبة في القلوب، وخلال فترة المقاومة هذه يمكنك فعل الآتي:
1. أن تزيدي الثقة بنفسك، فإن الغيرة المفرطة هي غالباً نتاج نقصان الثقة بالنفس، فالمرأة غير واثقة في مشاعر زوجها تجاهها وقدرتها على استمالة قلبه وإثارة الإعجاب بشكلها ومعاملتها وطريقة كلامها في نفسه، لذلك حاولي أن تتعرفي على ما من الله به عليك من مميزات وإمكانات، في تدينك ومحافظتك، في شكلك ومظهرك، وألا تظهري أمام زوجك إلا في أحسن صورة يراها، في أسلوب حديثك وطريقة كلامك ورقة تعاملك، فإذا تعرفت على حقيقة ذلك فيك فسوف تزيد ثقتك في نفسك بلا شك.
2. أن تمنحي زوجك قدراً كبيراً من الثقة، فما دام متديناً فسوف يعصمه دينه عن العلاقة المحرمة بإذن الله، وما دام يحبك فما الذي يجعله يتطلع إلى امرأة غيرك، وأن تحذري كل الحذر من الشك وسوء الظن، فإضافة إلى كونها ظلم وتعد فهي من أسباب إفساد العلاقة الزوجية.
3. أن تتعرفي على الآثار السيئة التي تترتب على الغيرة المذمومة، وأنها نار في قلبك تحرقك، وقيود وضغط نفسي على زوجك يؤذيه، وتوتر في العلاقة الزوجية يقلقها، لكي تستشعري ضرورة التخلص منها.
4. أن تدعي الله بإلحاح أن يذهب عنك هذه الغيرة، فإن الله عز وجل قادر على ذلك.
طمأن الله قلبك ووفقك وزقك الذرية الصالحة.(18/24)
حياتي والغيرة
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الغيرة
التاريخ 5/8/1424هـ
السؤال
سيدي الفاضل إني متزوجة منذ أربع سنوات، وأنا سعيدة مع زوجي، مع العلم أنا وزوجي ملتزمان ولله الحمد، ولكن هناك ما غيرَّ حياتي إلي جحيم وهي الغيرة، فأنا غيورة بقوة، ولا أدري هل صارت الغيرة جزءاً مني لدرجة أني صرت أغار عليه من أخواته؟ أرجوك ساعدني وانقذ حياتي.
الجواب
أحمد الله - عز وجل - على أن منَّ عليك بهذه السعادة، وأسأله سبحانه أن يديمها عليك، فهي أساس استقرار الأسرة، ونشأة جيل سوي لينفع الله به الأمة.
كما أن الواقع مر فعلاً حينما نرى الأسرة تعصف بها المشكلات والأزمات التي ربما قوضت أركانها.
الغيرة - أختي الفاضلة - هي نتاج الحب - غالباً - إذ تتولَّد رغبة في النفس بالاستئثار بالمحبوب دون الآخرين، وهي شعور جميل إذا قارنه الاعتدال، ولكن إذا زاد عن حده ربما كان طريقاً إلى الشك، وإلى مشكلات أخرى أنت في غنى عنها.
حينما تشعرين أن الغيرة صارت جزءاً منك سوف يصعب عليك علاجها، ولكن إذا أقنعت نفسك أنها صفة دخيلة يمكن تجاوزها والتخلص منها فسوف يهون الأمر عليك.
وأنت قادرة على مقاومتها بطرق كثيرة، ولكن المهم الآن أن تحاولي بكل طاقتك ألا تظهر على تصرفاتك تجاه زوجك؛ لأن هذا يوهي حبال المحبة في القلوب، وخلال فترة المقاومة هذه يمكنك فعل الآتي:
1. أن تزيدي الثقة بنفسك، فإن الغيرة المفرطة هي غالباً نتاج نقصان الثقة بالنفس، فالمرأة غير واثقة في مشاعر زوجها تجاهها، وقدرتها على استمالة قلبه، وإثارة الإعجاب بشكلها ومعاملتها، وطريقة كلامها في نفسه، لذلك حاولي أن تتعرفي على ما منَّ الله به عليك من مميزات وإمكانات، في تدينك ومحافظتك، في شكلك ومظهرك، وألا تظهري أمام زوجك إلا في أحسن صورة يراها، في أسلوب حديثك، وطريقة كلامك، ورقَّة تعاملك، فإذا تعرفت على حقيقة ذلك فيك فسوف تزيد ثقتك في نفسك بلا شك.
2. أن تمنحي زوجك قدراً كبيراً من الثقة، فما دام متديناً فسوف يعصمه دينه عن العلاقة المحرمة بإذن الله، وما دام يحبك فما الذي يجعله يتطلع إلى امرأة غيرك، وأن تحذري كل الحذر من الشك وسوء الظن، فإضافة إلى كونها ظلم وتعد، فهي من أسباب إفساد العلاقة الزوجية.
3. أن تتعرفي على الآثار السيئة التي تترتب على الغيرة المذمومة، وأنها نار في قلبك تحرقك، وقيود وضغط نفسي على زوجك يؤذيه، وتوتر في العلاقة الزوجية يقلقها، وعليك أن تستشعري ضرورة التخلص منها.
4. أن تدعي الله بإلحاح أن يذهب عنك هذه الغيرة، فإن الله عز وجل قادر على ذلك.
طمأن الله قلبك ووفقك وزقك الذرية الصالحة.(18/25)
ماضي زوجتي يتعبني!!
المجيب سعد الرعوجي
مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الغيرة
التاريخ 19-7-1424
السؤال
أنا متزوج ولله الحمد، والمشكلة أنني بعد أربعة أشهر من زواجي وجدت في جهاز الكمبيوتر الخاص بزوجتي صورتها مع صورة رجل غريب (وهي مركبة تركيب) فثارت أعصابي وأجريت تحقيقاً مع زوجتي واعترفت أنها تعرفت عليه وأقسمت بالله أنها لم تره وأنه يعيش في أمريكا.. وأنها فقط تتكلم معه بواسطة النت والهاتف.. زيادة على أنها كانت تعرض جسمها بالكاميرا له وهو يعرض لها أيضا. (وكل الذي اعترفت به تأكدت من صحته بما لا يدع مجالاً لشك) . فضربتها وكنت أريد أن أطلقها، ولكنها بكت كثيرا وقالت إن هذا حدث قبل الزواج وأنها تابت إلى الله ولا يوجد أي نوع من الاتصال معه. وللحق والحق يقال إنني لم أر عليها من زواجي أي شي يغضبني وهي إنسانة محجبة ومحافظه على الصلوات.
السؤال:
ماضي زوجتي يؤلمني كثيراً , ولكنها حامل , وأعلم أن ابغض الحلال إلى الله الطلاق وأنا أخاف من الله وأخاف أن أظلمها إذا طلقتها، ولكن أيضاً الغيرة تحرقني ويعلم الله أني بكيت لوحدي كثيراً وتمنيت أني لم أزوج بها لأنني محتار فلا أعلم ماذا أفعل
أرجو من فضيلتكم التوجيه السريع حيث إنني أعيش حالة قلق، ولا أدري ماذا أفعل، هل أطلقها أم لا؟
وجزاكم الله خيرا
الجواب
الأخ الكريم ...
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم "
حقيقة يا أخي أن ما تعانيه أمر مؤذي وشيء محرج ومقلق فعلاً ولا يمر بإنسان إلا ويكون في ما أنت فيه من حال، وأنت يا أخي كذلك رجل فيك ولله الحمد صدق ورجاحة عقل تذكر ما لك وتذكر لزوجتك ما لها وما عليها، ولذا فإني أتوقع منك أن تصل إلى ما يريحك بإذن الله.
أخي الكريم أود أن أحدثك من خلال أمرين مهمين هما:-
أولاً:- الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان ضعيفاً (ذكراً أو أنثى) وخلقه مجبولاً على النقص والخطأ يقع فيه مرات ومرات فهذا أبونا آدم عليه السلام يذكره الله سبحانه وتعالى بمكر إبليس وينبهه إلى عدم الاستماع إليه أو طاعته ومع ذلك فأبونا وهو في الجنة التي هي أعظم نعيم، يسمع لوساوس إبليس ويطيعه ويأكل من الشجرة التي نهاه الله عنها.... إلى آخر القصة. وهنا أذكرك بأننا نحن البشر إلا من عصم الله لا بد لنا من الوقوع بالذنب والخطأ ولكن الله سبحانه وهو أرحم الراحمين جعل لنا مخرجاً من هذا الأمر وهو الاستغفار والتوبة والإقلاع عن الذنب ولذلك أعطني إنساناً لم يقع في ذنب أو إثم سوى الأنبياء المعصومين حتى صحابة رسول الله رضوان الله عليهم لم يسلموا من هذا الأمر والرسول صلى الله عليه وسلم يعيش بين أظهرهم والقرآن يتنزل عليهم صباح مساء، إذاً هكذا نحن بني البشر كلنا ذو خطأ وخير الخطاءين التوابون، والإنسان المذنب والمقصر متى ما تاب إلى الله توبة صادقةً فكأنه لا ذنب له حتى أعظم الذنوب وهو الإشراك بالله لذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص [التوبة تجب ما قبلها](18/26)
لذا أخي الكريم الواضح من خلال كلامك عن زوجتك ووصفك المنصف لها أنها إنسانة محجبة محافظة على الصلوات مطيعة لا تفعل شيئاً يغضبك وهذه كلها إمارات التوبة الصادقة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى واعلم أن زوجتك وقعت في خطأ عظيم ولكنها أيضاً تابت وأنابت إلى ربها وربنا سبحانه يقبل التوبة فلعل هذا يشفع لها. كذلك زوجتك ولله الحمد لم تقع معه مباشرة وأنت تزوجتها بكراً وهذا شيء يهون من المشكلة كثيراً.
فابدأ حياتك معها من جديد بعيداً عن الشكوك والغيرة واحتسب ذلك عند الله سبحانه وتعالى وستجد لذته بإذن الله تعالى.
ثانياً:- الزواج رباط شرعي مقدس أحاطه الله سبحانه وتعالى بحصون كثيرة تمنعه بإذن الله من الاهتزاز والسقوط وأمرنا جميعاً بأن نتعاون ونعمل على حماية هذا البناء بكل الوسائل الممكنة وأن نتجاوز كثيراً من الأمور التي يمكن تجاوزها ولا نجعلها سبباً لإسقاط البناء قال رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم [استوصوا بالنساء خيراً فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج ما في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء] (متفق عليه) وفي حديث آخر يقول صلى الله عليه وسلم [لا يفرك - لا يبغض- مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر] وفي حديث آخر يقول [خياركم خياركم لنسائكم] وقال أيضاً [ولقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم]
وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم [أي النساء خير فقال التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله]
أولاً:- الرسول يقول لا يفرك (لا يبغض) مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر فأنت إذا كرهت ما سبق وقوعه من زوجتك فلعلك رضيت منها خلقها معك وطاعتها لك.
ثانياً:- أحد مقاصد الخيرية التي يعني بها الرسول عليه السلام خياركم خياركم لأهله أو كما قال هي غض الطرف والتجاوز.
وأخيراًً: حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أي النساء خير فقال التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولاتخالفه فيما يكره...... الحديث"، وهذه الأشياء المذكورة في الحديث موجودة في زوجتك، حسب شهادتك لها وبالتالي يا أخي فإني متفائل كل التفائل بأن زوجتك امرأة صالحة قد تابت إلى ربها وتكن لك الكثير من المودة والمحبة وهي أيضاً أم لولدك القادم بإذن الله والذي سيكون بذرة صالحة تنشأ تحت رعايتك ورعاية أمه التي عرفت ربها وأطاعت زوجها وصامت شهرها وصلت فرضها فسيقال لها بإذن الله ادخلي الجنة من أي باب شئت أو كما قال رسول الله
فيا أخي الكريم أعود وأكرر تخلص من قلقك وغيرتك واحتسب ذلك عند الله وأمسك عليك زوجتك وابدأ حياتك من جديد وإذا أخلصت أمرك لله فإنه سيوفقك ويهديك سبيل الرشاد وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(18/27)
من أجل غيرتي قررت الابتعاد عن زوجي
المجيب د. سلمان بن فهد العودة
المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الغيرة
التاريخ 16/05/1425هـ
السؤال
تزوجت من رجل كان متزوجاً وطلق زوجته لعدة أسباب، وله منها أطفال وهو يصرف عليهم، وبعد مضي سنتين من زواجنا وطلاقها فكَّر في مراجعتها، ولم أعارض ولكن بعدما راجعها شعرت بالغيرة الشديدة ولم أستطع أن أتمالك نفسي، وخائفة من خراب بيتي بيدي، دعوت الله كثيراً أن يصبرني، ولكني الآن أشعر أني مصدر نكد لزوجي، فكرت أن أتركه، وأذهب عند أهلي ولا أطلب الطلاق، فأنا أحبه جداً وهو كذلك، ولكن من أجله ومن أجل راحتي أفكر أن أبتعد عنه، فهل أنا مذنبة بذلك؟ أفيدونا أفادكم الله، وجزاكم الله كل خير.
الجواب
أختي الكريمة: - وفقك الله-
تذكري أن كثيراً من أخواتك الفتيات يتمنين الزواج ولو من رجل متزوج من قبل ولا يجدن ذلك، الغيرة يجب أن تكون منضبطة وفي حدود، حتى لا تنعكس سلباً على حياتك، "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه" كما أخبر بذلك الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - فما رواه البخاري (13) ومسلم (45) من حديث أنس - رضي الله عنه - فلها حق مثلما لك.
وجود الزوج الصالح والحياة المستقرة مطلب عزيز وبما أنك وجدتيه، فلا تضيعينه بيدك ثم تتحسرين ولا ينفع الندم.
الحياة الزوجية لا تخلو من منغصات فهي طبيعية، فاسعي لتصحيح وضعك لحياة أفضل.
إن استمرارك بهذه التصرفات السلبية مع الزوج تجعل حبه لك يقل تدريجياً، فاحرصي على أن لا يكون ذلك.
ادعِ الله في أوقات الاستجابة أن يرزقك الصبر والحلم وعدم الغيرة المفرطة. والله يحفظك ويرعاك.(18/28)
زوجتي شديدة الغيرة
المجيب د. الجوهرة بنت حمد المبارك
مديرة عام نشاط الطالبات بكليات البنات.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الغيرة
التاريخ 10/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا رجل متزوج منذ ثلاث سنوات، ولي طفلة، هادئ الطبع ولله الحمد- مشكلتي متعددة ومتشعبة، وآمل أن أجد لديكم الجواب الشافي، المشكلة في زوجتي، شديدة الغيرة حتى الجنون، دائمة الظن والشك بي، فمثلاً عندما أخرج معها إلى أي مكان، وتمر امرأة- والله يشهد أني لم أنظر إليها- تتهمني بالنظر إليها، وتبدأ تقذفني بالتهم التي لا تنتهي، وعندما أريد الذهاب إلى أصحابي وأجتمع معهم في الأسبوع مرة واحدة فقط، ومدة لا تتجاوز ثلاث ساعات كحد أعلى تفعل المستحيل لعدم ذهابي، علماً أن عملي يتطلب مني السفر، ولكن ليس الدائم، ولو غبت عن المنزل فلا يتجاور اليومين إطلاقاً تتهمني بعدم حبي لها، وأني مللت منها، علماً -والله يشهد على ما أقول- أني غير مقصر معها في النواحي العاطفية والنفسية والمالية، مع العلم أني أخبرتها أن لها حقوقاً ولغيرها حقوق، ولنفسي حقوق، ويجب أن أعطي كل ذي حق حقه، ولكنها لا تبالي بما أقول، تحب النكد المتواصل ولا تمل، وهذا ليس ضعفاً في شخصيتي، ولكن حلمي وصبري جرَّأها، فإلى متى سأصبر وهي كثيراً ما تطلب الطلاق، وكم مرة كادت نفسي أن تزل وتنطقها، ولكن الله يلطف بي ويلهمني الصبر، من وجهة نظري أنها تريد أن تحتويني لها فقط، دون غيرها من العالم كله. أفيدوني ولكم من الله الأجر والثواب. والسلام عليكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
غيرة زوجتك الشديدة ليس لها تفسير عندي سوى محبتها الشديدة لك، والحل ألا تقابل محبتها التي أساءت التعبير عنها بالطلاق الذي ترددت فيه، حاول أن تشعر زوجتك بغيرتك عليها، واطلب منها أيضاً المحافظة على نفسها، وانتهز أي فرصة في تهاونها بحجابها، أو في بعض مواقفها مع الرجال، وبيِّن لها أنك تغار عليها، ومتضايق من تهاونها في هذا الأمر؛ حتى تشعر أيضاً بما تفعله وتقابلها بالمثل.
-حاول أن تبين لها انزعاجك من بعض النساء المتبذلات واحتقارك لهن، وبيِّن لها ذلك بأساليب مختلفة باستمرار.
- حاول كذلك أن تثبت لها أن غض البصر واجب عليك من ربك وخالقك، وضِّح لها أنك تحاول مع نفسك تطبيق ذلك، وتسأل الله أن يعينك على ذلك لحرصك على دينك، وليس خوفاً منها، ولعلمك بأهمية هذا الأمر، وليس من أجلها فقط، إنها بهذا الأسلوب سترتاح كثيراً من ملاحقتك.
- اجلس معها جلسات إقناع وتحاور، وقل لها: لو أن كل امرأة فعلت ما تفعلين ما بقي بيت سعيد، حتى ولو وجد الحب بين الزوجين، فإن زيادة هذا الأمر عن حدوده سيهدم بيت الزوجية.(18/29)
- ذكرت أنك لست ضعيف الشخصية، ولكنك حليم وصبور، وهذا أمر تشكر عليه؛ فإنه ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم، ولعلك مأجور على هذا الصبر والحلم، لكن لا بد لك من خطوات تتبعها في التفاهم معها قبل أن تفقد صبرك وحلمك، فتحدد مثلاً معها الأوقات التي ستمكثها معها، والأوقات التي لأهلك، والأوقات التي لأصدقائك، نفذ ذلك بشخصية ثابتة عاقلة، تعرف ما لها وما عليها، وإذا عدت لها من خارج المنزل فعد بابتسامة جميلة، وكلمات رقيقة، وليس بوجه عابس، وشخصية فظة، وجرِّب أساليب مختلفة لتعرف العلاج النافع معها.
- حاول أن تعبِّر عن مشاعرك نحوها في بعض الأوقات، وفرحك بالتقدم الذي حصل بينكما، كما أنصحك بالاطلاع على ما كتب من علاج للغيرة الشديدة، وبإمكانك إذا استفحل الأمر استشارة طبيب نفسي. أعانك الله وأسعدك بحياتك الأسرية.(18/30)
هل هذه نزوة أم إدمان؟
المجيب سعد الرعوجي
مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الغيرة
التاريخ 16/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أنا امرأة متزوجة من ابن عمي منذ عشر سنوات، وكانت الحياة الزوجية بيننا على أكمل وجه، ويوجد لدى زوجي محل يعمل به، وفي يوم من الأيام اكتشفت أنه يتكلَّم مع نساء، ويجتمع بهنّ، لكنه -كما أكّد لي هو- لم يتجاوز معهن إلا الكلام فقط، وقال لي: أنا أفعل هذا لكي يغار خالي وينزعج، فله خال له ماض وحاضر عريق مع النساء، ولوالد زوجي مثل ذلك، إلا أن زوجي كان ينتقدهم، وأحياناً يهددهم إن استمروا على ذلك، والمؤلم في الأمر أنه وقع في نفس الغلطة التي وقع فيها أبوه وخاله من قبله، وأنا أنصحه وأرجوه بكل الوسائل، ولكن لم ينفع معه، وهو يعدني أنها نزوة وستمر، وتعود السعادة إليك وإلى بيتنا، ومؤخراً بدأ يطالبني أن أتفرغ له، وأن ألبس له وكأننّا في بداية زواجنا، مع علمه أنني مشغولة دائماً بتربية الأولاد (3 ذكور وبنت) ، وبيتنا لا يخلو من الناس أبداً، فزوجي له عدداً كثيراً من الأخوات، وكل يوم تكون عندنا أخت من أخواته مع أولادها من الصباح وحتى المساء، فتصوّر وضعي وحالتي، ولا أدري ماذا أفعل لكي يعود إلى رشده وحياته الشريفة؟! أهي نزوة فعلاً؟! أم هي وراثة؟! أم ماذا؟! أنا حائرة جداً وقلقة، وخائفة على مستقبلي وأولادي معه، أرجو منكم الحل بالتفصيل، وأرغب أيضاً بكلام خاص منكم شخصياً له؛ لعله يرتجع إلى دينه وربه وحياته، ولكم مني كل الشكر، وأنا أحبكم في الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أختي الكريمة: بداية أسأل الله لك التوفيق والسداد في حياتك الزوجية، والصلاح لزوجك والرجوع إلى دائرة الحق، إنه سميع مجيب، ثم أما بعد:
فبعد اطلاعي على مشكلتك خرجت بثلاث نقاط، علها تفيد في حل مشكلتك:
النقطة الأولى وهي: تهاونك وتفريطك في تحديد حجم الخطر بعد اكتشافك للعلاقة المحرمة عند زوجك منذ البداية، وهذا الأمر قد يكون سببا رئيساً في استمرار العلاقة المحرمة؛ لأني أعتقد جازماً أنه لو كان موقفك منذ البداية حازماً لا تخاذل فيه ولا تفريط، لما استمر الحال واستشرى المرض، عموماً قدمت بهذا الكلام ليكون لك إنذاراً على عدم الرجوع لتفريطك الذي حدث قبل، ومن ثم القبول بالأعذار الواهية من زوجك، فالمرأة عادة بسبب حبها لزوجها وعاطفتها القوية قد تضعف وترضخ؛ حتى لا يهرب الزوج ويختفي من حياتها، وأنا لا أقول هذا الكلام مشجعاً على الطلاق والانفصال، ولكن مثل هذه الأمور لا يمكن التغاضي عنها والسكوت، وإنما لا بد من وضع وإيجاد مجموعة من الحلول لهذه المشكلة، ولعلك فعلت أولها بهذه الاستشارة، إذاً النقطة الأولى هي ضرورة الحزم وعدم التهاون في هذه القضية، مع البحث بجد وحرص عن حلول لهذه المشكلة بطرق مختلفة تؤدي في النهاية إلى عودة المياه إلى مجاريها.(18/31)
النقطة الثانية وهي البيئة، فيبدو من خلال سؤالك أن زوجك بيئته فاسدة وسيئة، تعينه على الباطل وتدفعه إليه، وطالما استمر بالقرب منها سيستمر المرض، ولذا فإن ابتعاده عن هذه البيئة الفاسدة أحد الحلول الهامة، ولعلك تعرفين قصة الرجل الذي قتل مائة نفس، وأمره العالم بالخروج إلى القرية الصالحة، وبالتالي فهذه دعوة إليك لإخراج زوجك من هذه البيئة والهروب به بعيداً عنها، مع البقاء على الصلة الضرورية والشرعية فقط.
النقطة الثالثة وهي: أني من فمك أدينك وأحملك جزءاً كبيراً من المسئولية، بل إنها سبب رئيس، فأنت تقولين إنه بدأ يطالبك بالتفرغ له واللبس، وهذا دليل واضح على تقصيرك وانشغالك، مما أدى به إلى الهروب واللجوء إلى غيرك بالحرام -للأسف- والبحث لديهن عما افتقده لديك؛ لذا لا بد من الانتباه لهذا الأمر، فانشغالك بتربية أولادك والزيارات المتكررة من أخواته لا يعني أبداً أن يكون ذلك على حساب الزوج، ولابد من التفرغ له واللبس بأجمل ما يريد، والتقرب، والتحبب، والتودد إليه، وإشباع غريزته العاطفية والجنسية بكل الطرق المباحة والشرعية، حتى لو كان ذلك كل يوم؛ فهو حق طبيعي ولا مشاحة فيه للزوج، وواجب شرعي على الزوجة محاسبة عنه أمام الله، لذا عليك الاهتمام والعناية بهذا الأمر، خاصة وأنت لا زلت في مقتبل العمر، وقادرة عليه. أخيراً أرجو وأسأل الله لك الإعانة والتوفيق في الدنيا والآخرة.(18/32)
تغار على زوجها من زوجات إخوانه
المجيب د. فيصل بن سعود الحليبي
أستاذ مساعد بكلية الشريعة بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الغيرة
التاريخ 04/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سأسرد مشكلتي باختصار، وهي غيرتي على زوجي التي أظن أنها في محلها لأنها غيرة من زوجات إخوانه, فهم من نوع العائلات التي يختلط رجالها بنسائها بحجاب بسيط رقيق يغطي الرأس فقط, أما عن تبادل الأحاديث والمزحات والضحكات فحدِّث ولا حرج، وقد كنت فيما مضى مثلهم، ولكن فتح الله عليَّ وهداني وواجهت المشكلات والاعتراضات من زوجي وأهله، وأطلقوا علي لقب المتشددة والمتزمتة، ولكن كل هذا لا يعنيني، فكل ما يعنيني هو رضا الله ثم رضا زوجي، والحمد لله فبعونه -تعالى- اجتزت تلك المشكلات، ورضوا بالأمر الواقع، ولكنني - بالرغم من اعتزازي بحجابي - فأنا منبوذة، فعند زياراتي لهم أجلس وحدي في غرفة وهم جميعاً في غرفة، وأنا بصراحة أغير على زوجي منهن، خاصة حين أسمعهن يتحدثن ويضحكن، وكأنه محرم لهن، وقبل ذلك كله فأنا أحزن على حالهم حينما أراهم يتساهلون في أمر قد حرمه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- فأود منكم الإرشاد والنصح والطريقة التي أقنع بها زوجي بحرمة ما يفعلون، وكيف أحثه وأساعده على الالتزام, وكيف أتعامل مع أهله، ومع عدم اعتبارهم لوجودي كإنسانة؟ وجزاكم الله عني كل خير.
الجواب
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فيا أختنا الكريمة، أضع جوابي بين يديك على نقاط، فانتبهي لها:
أولاً: أشكر فيك هذا الثبات، وأسأل الله -تعالى- أن يزيدك إيمانًا وتقوى، وتيقظي أن يضعف إيمانك مع طول طريق الإصلاح والتغيير، واستعيني بالله في كل أمورك.
ثانيًا: اجتيازك لكثير من مشكلاتك يدل على حكمتك ونجاحك في أول الطريق، وهذا يبشر بخير كثير، وأن المستقبل سيكون أكثر نجاحاً، والفأل حث عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما في صحيح البخاري (5755، 5756) ، وصحيح مسلم (2223، 2224) .
ثالثًا: أهم طريقة لحل هذه القضية -بعد توفيق الله تعالى- هو كسب قلب زوجك لك، وذلك بالتودد له، والمبالغة في ذلك، وأظهري له الحنان والشوق إليه، والاعتناء بمشاكله الخاصة، والقرب من نفسه في كل الأحوال، والابتسامة في وجهه في الوقت المناسب، مع التزين والتعطر، والهدية بين الفترة والأخرى إذا كان ذلك بمقدورك، فإن المحب لمن يحب مطيع.
رابعًا: ستكسبين من التودد له عدة أمور: عدم اكتراثه بما يسمع أو يرى من النساء، سواء من تحدثت عنهن، أو ما يشاهده عبر الإعلام وغيره، لأنك ملأت عليه قلبه وفؤاده، كما أن قلبه سيكون أكثر تقبلاً لما تنبهينه إليه من أمور لا يرضى بها الله ولا رسوله -صلى الله عليه وسلم-، كما أنه سيقتنع بشخصيتك بعد ذلك لينطلق بعد هذا التأثر إلى الهداية، وليكون بعد ذلك مؤثرًا معك على مجتمعه الذي يعيش فيه من بيت وعمل.(18/33)
خامسًا: امتهان أهله لك أو انعزالهم عنك حالة ربما تكررت مع غيرك من الصالحات والثابتات، ولا غرابة فهذا من الغربة التي تحدث عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "طوبى للغرباء.." أخرجه مسلم (145) ، وعند غيره: قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: " الذين يصلحون إذا فسد الناس" أخرجه أبو عمرو الداني في السنن االواردة في الفتن (288) وعند الترمذي (2630) نحوه وانظر السلسلة الصحيحة (1273) ، فلا يهمك إهمالهم، بقدر ما يهمك سعيك في إصلاح هذا الوضع.
سادسًا: لا مانع أن تكون لك خطة في دعوة هذا البيت، والتجربة أثبتت نجاح بعض الداعيات في إصلاح بيوت أهليهم، ولكن بعد فترة تحتاج منك الصبر، كما صبر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فإذا كان لك قدرة على الصبر على بعض أخطائهم في حديثهم مع محاولة التأثير عليهم فهذا طيب؛ بشرط ألا تتأثري بهم، وذلك بتوزيع شريط أو مطوية، من باب الهدية، ولو ثقل ذلك عليهم في البداية، وأرى أن هذه الخطوة تكون بعد التأثير على الزوج بما تقدم.
لا تنسي الدعاء والقراءة في سير الأنبياء وقصصهم مع أهليهم وذويهم.. والله يوفقك لكل خير وسعادة.(18/34)
اغتصبت وهي طفلة ... فهل أطلقها؟!
المجيب فيصل بن عبد الله الحميقاني
مدرس بمدارس رياض الصالحين.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك
التاريخ 10/10/1426هـ
السؤال
فضيلة الشيخ أنا متزوج منذ ثماني سنوات، ولما دخلت بزوجتي في أول ليلة لم أجدها بكراً، فسألتها عن أمرها ولكنها أقسمت لي أنها لم تزن، وكانت متدينة للغاية، وبعد تفكير وتقدير مني قررت أن إحسان الظن بالمسلم هو المتعين إن لم يكن هناك يقين يدل على التهمة، وقلت: لعلها سقطت من عل، أو انفضت بكارتها بسبب سقوط أو نحوه مما يذكره العلماء، وتحملتها واحتسبت الأجر عند الله في سترها وعدم إفشاء أمرها لأحد، ولكنها وبعد أن أنجبت عدداً من الأطفال أخبرتني في ليلة هادئة بمحض إرادتها بالمشكلة، وقالت لي: إن أحد أبناء عمها وهو رجل كبير اغتصبها وهي بنت ست سنوات في بيتها، وحلفت بأنها لم تكن تعلم أي شيء ساعتها سوى أنها تألمت كثيراً، ثم هددها بأنها لو أخبرت أمها فإنه سيقتلها، وبالتالي لم تخبر أمها، وكانت تعاني أياماً من المرض النفسي الذي أصابها من جراء هذه الجريمة، ولقد لاحظت فيها أنها تكره الجماع، وكنت أتساءل دوماً عن سر هذا الأمر، ولكنها أخبرتني الآن بأن تلك الليلة المشؤومة أصابتها بمرض نفسي تكره بسببه كل الرجال، وتكره المعاشرة الزوجية كلما تصورت هذا الذئب، فسؤالي يا شيخ هو: هل أصدقها وأبقيها تحتي وأتجرع مرارة الألم كلما أراها، أم أفارقها وأصدق نفسي التي توهمني أحيانا بأنها ربما فعلت ذلك بمحض إرادتها؟ علما بأنها متدينة وحلفت بالله أنه ليس لها يد في هذا الذنب؟ وأنها أخبرتني بسبب أن ضميرها يؤنبها من جراء إخفاء هذا الأمر عن زوجها.
أرشدوني ماذا أفعل، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
لو كنت مكانك لأصابني ما أصابك من الهم والغم، لأن الأمر ليس يسيراً، وقد أحسنت صنعاً أن تمالكت أعصابك، ولم تتصرف بتصرف طائش تندم عليه فيما بعد. وأوجز لك مشورتي على شكل نقاط:
1- زوجتك لها معك ثمان سنوات، وأنجبت منها أربعة أطفال، وأظنك طول هذه المدة لم تشك فيها يوماً، لأنها -كما تقول- متدينة. ألم تكفك هذه السنوات كلها للتعرف على حقيقة زوجتك؟!! إنها لو لم تخبرك بمحض أرادتها لم تعرف شيئاً، وهذا دليل على براءة هذه المرأة وطهارتها، إذ لو كانت سيئة ما أخبرتك بشيء.
2- وقعت هذه الجريمة النكراء وعمر زوجتك ست سنوات، فأي ذنب ارتكبته هذه المسكينة البريئة!! إنها لو زنت وهي مختارة بالغة ثم تابت للزمك إعانتها، فكيف وهي صغيرة مكرهة....!!
3- كان ينبغي على زوجتك، ومن في مثل حالها أن لا تخبرك، حتى لا تدخل الوساوس إليك، لكنها أخبرتك لبراءتها من ناحية، ولرغبتها في مساعدتك من ناحية، فهي رأت فيك صلاح الدين ورجاحة العقل، فكن عند حسن ظنها.
4- اعتبر هذه القصة كأنها لم تحصل، وتناساها تماماً، ولا تخبر بها أحداً، حتى لا تكون مدخلاً للشيطان عليك.
5- استعن بالله، ولا أظنك ستندم على إبقائها معك، وليكن ما أصابها درساً لك في متابعة أولادك، وانظر دائماً للأمام، ولا تنظر إلى الوراء، وفقك الله لكل خير، وأسعدك وأهلك في الدارين.(18/35)
زوجي كثير الشكوك
المجيب د. سيد زكي خريبة
استشاري صحة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك
التاريخ 6-9-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أُرسل سؤالي هذا وهو يتعلق بالمعاملة الزوجية. زوجي كثير الشكوك والظنون بي ولا أعرف ماذا أعمل لكي أكسب ثقته حتى أنه يطلب مني عدم لمس الأشياء الخاصة به مثل الجوال والسيارة والأوراق وكذلك ملابسه فالرجاء منك مساعدتي على الطريقة وهل تستمر الحياة هكذا مع هذه الشكوك.
الرجاء الرد ولكم جزيل الشكر.
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
إن هذا السلوك الذي يقوم به الزوج هو سلوك مرضي فزوجك يعاني من مرض عصابي يعرف باسم " الوسواس القهري"وهو مرض نفسي، ولا تقلقي عندما تسمعين أنه مرض نفسي، فالأمراض النفسية أنواع كثيرة إلا أن مرض الزوج من خلال ما ذكرتِ فهو مرض نفسي عصابي، وبفضل الله يمكن علاجه وذلك من خلال الذهاب إلى طبيب نفسي لأخذ عقار دوائي يخفف من حدة هذه المشكلة حتى تنتهي أو الذهاب إلى معالج نفسي حتى يستطيع معاونته من خلال الجلسات واتباع المنهج العلاجي المناسب له حسب حالته فقد يتخذ منهج العلاج السلوكي أو العلاج بالتحليل، وهذا يرجع إلى طبيعة الحالة بعد كشف الستار عن الأسباب الحقيقية المؤدية للمشكلة من خلال الجلسات والمقابلة عدة مرات وأنصح بسرعة التوجه كما ذكرت للطبيب النفسي أو المعالج النفسي حتى لا تتفاقم المشكلات بينكما ومن ثم لا تستمر حياتكما نتيجة ما تعانيه من آلام أيتها الأخت العزيزة.
أنتِ أيتها الأخت الكريمة يجب عليك كزوجة صالحة وهو ما بدا واضحاً حينما قلتِ أنكِ تريدين كسب ثقته فأنتِ ثقة بإذن الله وأرجو أن تتقبلي سلوك الزوج، ولا تخرجن عن شعورك أو يضيق بك الحال من كثرة هذه الوساوس التي تراود الزوج إذا كانت بصفة مستمرة أو بصفة دورية فهو يعاني من مرض وليس على المريض حرج حتى يتم شفاؤه.
والواجب عليك كزوجة صالحة أن تتفهمي الموقف وتحاولي إقناع الزوج بأنها مشكلة مرضية وربنا خلق العلاج وخلق من يعاون على تقديمه ويجب أن ننظر للمرض النفسي نظرة رضا ولا تتجاهل المرض لأن التجاهل يعمل على تفاقم الظاهرة ويزيدها تعقيداً كما أرجو إقناع الزوج للذهاب للعلاج كما ذكرت آنفاً.
آملاً من الله التوفيق والشفاء العاجل.(18/36)
شك في غير محله
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك
التاريخ 06/08/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي هي: أنا شاب -ولله الحمد- ناجح في دراستي وعملي، ومحبوب لدى أقاربي ومَنْ حولي، ولكن مشكلتي أني كثير الشك حتى في أقرب الناس لدي، وهي زوجتي، حيث إنني أتخيل أنها تخونني مع أحد أقربائي، حتى في مجامعتي لها أتخيل أنها تفكر في ذلك الشخص، وأعلم أن ذلك خطأ، وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ومع ذلك ما زالت تراودني مثل هذه الأفكار من وقت لآخر - وهو حالي مع أقربائي-، أرجو من الله ثم منكم الرد عن هذا السؤال.
الجواب
بسم الله، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الحبيب: تسأل عن فكرة أصبحت مثار شك لديك، والتي تتمثل في تخيلك في خيانة زوجتك لك مع أحد أقاربك، وسيطرة هذا الشك عليك، حتى أثناء المعاشرة الجنسية، رغم أنك متفوق في دراستك وعملك.
أخي الكريم: إن كثيراً منا في ممارسة سلوكياته الحياتية يتناسى كثيراً الضابط الشرعي في إجراءات تنفيذ مثل هذا السلوك، وبخاصة القيم المرجو منه التحلي بها، اقتداء بما نص عليه ديننا الحنيف، فمثلاً المعاشرة الجنسية مع الزوجة لها أسس شرعية، علك تجاهلتها فدخل الشيطان من خلالها.
أما الشك في زوجتك فقد أرجعه لعدة أسباب، منها حبك الزائد لها، جعلها محور تفكيرك، والتي قد تأتي بصورة الشك في أحيان كثيرة، وقد قالوا (ومن الحب ما قتل) ، أو قد يكون الشعور العكسي المتمثل في إحساسك بالنقص أمام ما تحمله زوجتك من المزايا جعل هذا الشك يسيطر على تفكيرك، كأن تكون تفوقك علماً أو جاهاً أو جمالاً ملفتاً، وغيره من المتغيرات التي عادة ما تؤثر على العلاقة الزوجية السليمة، التي من أسسها العلمية السلمية التكافؤ بين الزوجين.(18/37)
إذا كانت الفكرة تتقمصك دائماً فقد تكون مصاباً بمرض الشك، وعليك التوجه للطبيب النفسي والخضوع لجلسات نفسية لاسترجاع التاريخ التطوري لحياتك، فقد تكون بحاجة لتدخل دوائي معين لخفض درجة الشك، والتي يصاحبها أعراض من القلق والتوتر والذي بدوره ينعكس على حياتك الأسرية بعامة، ولا أخفيك أنني أخشى أن تكون من بعض الحالات السادية، وهي حالات مشهورة في الطب النفسي، بحيث لا يمارس نوعاً من المعاشرة إلا من خلال سلوكيات معينة قد تكون التخيلات إحداها، ولكن اعتراضك على هذا السلوك هو ما يجعلني أميل أن العارض لديك يحتاج للتعرف أكثر على بعض المتغيرات في حياتك، فأنت تبدو حديث عهد بالزواج، وبالتالي أتوقع أن تكون الغيرة -مع وجود حساسية لديك في العلاقة الزوجية، قد تكون ناجمة عن تجارب غير إيجابية اتجاه النساء - جعلت مثل هذه الفكرة تسيطر عليك. الدراسات أثبتت أن من كان لديه علاقات محرمة قبل الزواج ينعكس ذلك على علاقاته الزوجية، اعرض نفسك ولا تتردد على من تثق به من المختصين في الطب النفسي، وأعد ترتيب أوراقك والتزامك بواجباتك الدينية، فلا يكفي الإنسان أن يقول إنه فائق علمياً وعملياً حتى يعيش حياة سليمة، فالالتزام الديني والقيام بأداء الواجبات قبل هذه وتلك. أسأل الله - عز وجل- لك الشفاء وأن يمتعك بالصحة والعافية.(18/38)
زوجي أصبح لا يثق بي، فكيف أعيد ثقته
المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار
إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك
التاريخ 8/10/1424هـ
السؤال
أنا امرأة متدينة ومتزوجة من رجل لا يحافظ على الصلاة دائماً، ويحب التميّز والأناقة، ويصاحب رفقة سوء، وذات مرة أخطأت خطأ يؤثر في عرضه وكرامته ولم يصل إلى الكبيرة، وتبت منه، لكنه أثّر فيه وأدّى إلى انحرافه، ولم يطلقني حفاظاً على أولاده الستة مني، وأنا الآن ومنذ أربع سنوات أعاني من عدم ثقته بي وظنه المستمر بنزاهتي، مع أني بريئة من كل ذلك، أريد حلاً لإعادة الثقة لي وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الأخت الكريمة:- وفقها الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أسأل الرحمن الرحيم أن يثبتك على الدين، وأن يذيقك حلاوة الإيمان حتى تسعدي في الدنيا بطاعة الله - عز وجل-.
الذي أراه في موضوعك هذا أن تعتني بالأمرين التاليين:
الأول: في علاقتك مع الله تبارك وتعالى، وأنصحك فيه بما يلي:
(1) كثرة الدعاء بصدق وإلحاح في أوقات الإجابة على وجه الخصوص، وتوسلي إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وبإيمانك به أن يفرج كربتك، وأكثري من قول: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"، وأكثري من الدعاء له أن يهديه الله، وأن يرقق قلبه عليك (ولا تستهيني بالدعاء) .
(2) صدق التوبة من هذا الذنب خاصة، بحيث تكون التوبة خالصة لوجه الله فإذا قبلت التوبة فرجت المصائب، وأكثري من الاستغفار فإن من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق فرجاً، ومن كل هم مخرجاً.
(3) كثرة الطاعات؛ كالصلاة والذكر وقراءة القرآن، وبذلك تحصل لك التقوى التي هي سبب في تفريج الهموم، قال الله - عز وجل-: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق:2-3] .
الثاني: في علاقتك مع زوجك -أصلحه الله- وأنصحك فيه بما يلي:
(1) سلوك الطريق المستقيم والحذر من كل خطأ قد يزيد النار اشتعالاً، وبخاصة ما يشبه الخطأ السابق.
(2) فتح الموضوع معه ومحاولة إقناعه بتوبتك وندمك، ووعده بعدم الوقوع في الخطأ مرة أخرى، وأكدي كلامك بالقسم بالله تبارك وتعالى.
وذكريه بأن الله - عز وجل- يقبل توبة العبد: وأن من تغاضى عن عثرات الناس عفا الله عن زلاته يوم القيامة، وفي هذا قال الله - عز وجل-: "وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم" [النور:22] .
وقال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله-: "ما رفق أحد بأحد في الدنيا إلا رفق الله به يوم القيامة".
(3) إظهار التصرفات الحسنة التي تزيل ما في نفسه، مثل العناية بالزينة التي تعجبه والاهتمام بالطعام الذي يفضله، ومحاولة التأثير على مشاعره بلطيف الكلام وإسعاده في فراشه- إن تيسَّرت الأمور - وملاعبه أولاده ورحمتهم أمامه وغير ذلك.
وأختم بالدعاء لك: اللهم يا رحمن يا رحيم فرج كربتها، واكشف غمها وحقق مرادها، وتمم سعادتها وأصلح زوجها وأصلح بينها وبينه وأرزقها حياة هانئة.
وصلى الله وسلم على نبينا وحبينا محمد والحمد لله رب العالمين.(18/39)
زوجتي ليست بكراً
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك
التاريخ 19/12/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ: أنا شاب مسلم، وأعمل في دولة من دول الخليج، سافرت قبل شهرين وتزوجت في بلدي، واكتشفت أول يوم في الزواج بأنها ليست بكراً، ولم أتأكد بهذا إلا بعد مضي حوالي شهر، حيث إنني كنت أشك فقط وكنت أتجادل معها حتى صارحتني بعد شهر بأنه كان لها علاقة مع أحد الناس، وأنها أخطأت معه، وباشرها أكثر من ست مرات، ومن يومها لا أعرف ماذا أفعل؟ هل أطلقها؟ ولكني أحبها لدرجة كبيرة جداً، بالرغم مما أشعر به من مرارة، وبالرغم من الشك الذي لا يجعلني أنام، وخصوصاً وأنا في بلد غريب وتركتها وحدها، فلو طلقتها فلن تتوب، ولقد أقنعتها بلبس الحجاب وقامت بذلك بالفعل، بالله عليك دلني لأفضل عمل أقوم به في نظر الإسلام، ولك شكري.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
إلى الأخ الكريم: - حفظه الله ورعاه- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في الحقيقة أشعر بمدى الأسى والحزن والحيرة والشك الذي تعيش فيه ويسيطر عليك، وحق لك ذلك، فإن مصابك ليس بالهين، فجرحك عميق، وأن ما تعانيه أمر مؤذٍ وشيء محرج للغاية، ولا يمر بإنسان هذا الموقف إلا ويصيبه مثلما أصابك، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لكن أخي الكريم أود أن ألفت نظرك لعدة أمور منها:
(1) أن الله - سبحانه وتعالى - خلق الإنسان ضعيفاً بطبعه ذكراً كان أو أنثى، وخلقه مجبولاً على الخطأ والنقص، وهذا الأمر متأصل في الإنسان منذ بداية الخليقة، فهذا أبونا آدم - عليه السلام - كان يعيش في جنة الخلد، ومع ذلك لم يسلم من الخطأ وإغواء الشيطان له والقصة معروفة، فيا أخي الكريم كلنا ذو خطأ وخير الخطائين التوابون.
وأنا أقول لك هل هناك إنسان لم يخطئ أبداً؟ أنت نفسك عندك من الخطايا والذنوب والآثام ما الله به عليم، وكلنا كذلك.
من الذي ما ساء قط *** ومن له الحسنى فقط(18/40)
فليس هناك أحد معصوم من الخطأ والزلل إلا الأنبياء - صلوات ربي وتسليماته عليهم جميعاً - حتى الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم جميعاً- لم يسلموا من هذه الأخطاء، وتلك الذنوب، وما حديث المرأة الغامدية - رضي الله عنها - التي زنت وذهبت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكي يقيم عليها الحد عنك ببعيد، وكذلك حديث ماعز - رضي الله عنه - الذي زنى هو الآخر، وذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- ليقيم عليه الحد، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم- برجم كل من الغامدية وماعز - رضي الله عنهما- حتى قال - صلى الله عليه وسلم- عن الغامدية - رضي الله عنها -: "لقد تابت توبة لو قُسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله - عز وجل -؟! " أخرجه مسلم (1696) ، من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنهما- فالله - سبحانه وتعالى - أرحم بعباده، فقد جعل لهم مخرجاً ومنفذاًُ إذا وقعوا في الخطأ، وذلك بالتوبة والاستغفار وفعل الخير، لذلك قال - تعالى -: "إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" [هود: 114] ، وكذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم- لأمنا عائشة - رضي الله عنها- لما رماها المنافقون بالزنا - وحاشها ذلك- قال لها: "يا عائشة، إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه وتاب إلى الله تاب الله عليه" رواه البخاري (4750) .
(2) هل كان اختيارك لهذه الزوجة على أساس ديني أم ماذا؟ قال - صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك" متفق عليه عند البخاري (5090) ، ومسلم (1466) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-، ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم-: "تربت يداك" أي فزت وربحت لاختيارك صاحبة الدين على من سواها، فهل كان اختيارك لهذه الفتاة على هذا الاختيار أم ماذا؟.
(3) الزواج نعمة عظيمة ومنحة من الله جسيمة، فهو رباط شرعي مقدَّس، وقد سماه الله - سبحانه وتعالى - ميثاقاً غليظاً، وقد أحاطه الله - سبحانه وتعالى - بحصون كثيرة تمنعه من الاهتزاز والسقوط، وأمرنا جميعاً أن نتعاون فيما بيننا ونعمل على حماية هذا الصرح الشامخ، وذلك بكل الوسائل المحكمة والمتاحة لنا، وأن نتجاوز عن كثير من المشاكل والعقبات التي قد تؤدي إلى انهيار هذا البناء، قال -تعالى -: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء: 19] ، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء" متفق عليه عند البخاري (5184) ، ومسلم (1468) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
فبناء على ما تقدم أرى أن عليك الآتي:
(1) إذا تابت هذه المرأة من هذا الذنب العظيم توبة نصوحا، ً وأحسستَ منها صدق التوبة فليس لك عليها سبيل فامسكها وأحسن إليها، أما إذا كانت باقية على هذا الذنب فلا يحل لك البقاء معها؛ لأن الله حرم ذلك على المؤمنين قال -تعالى-: "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" [النور: 3] .(18/41)
(2) إذا تابت هذه المرأة فينبغي عليك أن تنسى هذا الأمر بالكلية، وتعيش معها حياة طيبة وكأن شيئاً لم يكن.
(3) عليك أن تزيل هذه الوساوس من نفسك، ولا تجعل للشيطان عليك سبيلاً، فلا تجعل من نفسك أرضاً خصبة للشيطان يرتع فيها ويجول، ودع عنك هذه الوساوس والشكوك؛ لأن هذه الوساوس والشكوك إذا تحكمت منك جعلت حياتك جحيماً، وحدث ما لا يحمد عقباه.
(4) إذا كنت لا تستطيع أن تسيطر على نفسك، وقد تحكمت الشكوك والوساوس في نفسك فالأولى والأفضل لك ولها الانفصال؛ حتى لا تظلمها ولا تؤذيها، وعسى الله أن يبدلك خيراً منها ويبدلها خيراً منك.
(5) عليك بالاستخارة والإكثار من الدعاء وصدق اللجوء إلى الله أن ييسر أمرك، ويريح نفسك، ويهدئ روعك، ويذهب غيظ نفسك، ويبعد عنك وساوس الشيطان، وأن يبدل هذه الشكوك إلى ثقة واطمئنان.
(6) حاول واسع جاهداً ألا تبتعد عن زوجتك مدة طويلة؛ فأنت شاب وحديث عهد بعرس، وكذلك زوجتك والشيطان حريص على إضلال العباد وإفسادهم، فكن على حذر منه، فاجتهد بأن تأتي بزوجتك عندك في البلدة التي تعمل فيها، ويكون ذلك أدعى لذهاب هذه الوساوس والشكوك التي تعتريك وتنغص عليك حياتك، ويكون ذلك سبباً في إنقاذك من الحيرة التي أنت تعاني منها.
هذا والله أعلم، نسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير وبر، ويصرف عنا وعنك كل سوء وشر، ويقر عينك بصلاح زوجك اللهم آمين، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/42)
أريد أن أسترجع ثقة زوجتي بي
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك
التاريخ 04/05/1425هـ
السؤال
حدث في يوم من الأيام أن زوجتي وجدت رقمًا غريبًا في جوالي، وهو لامرأة، وقبلها قد وجدت تسجيلاً بذيئًا مع إنسانة تستثيرني جنسيًّا أثناء حديثنا، وأقسمت لها بكل الأيمان ألا أعود لهذه التفاهات، وحاولت بكل الطرق أن أستعيد ثقتها بي ولم أستطع، فأصبحت تشك فيَّ، على العلم أن جميع هذه العلاقات غير جادة نهايئًّا، وقد ذهبت إلى غير رجعة، ولكنني أحس بأنها قد تفعل أي شيء حتى الخيانة كي تحس بنوع من الارتياح الوهمي الذي يمليه عليها الشيطان.
الآن نحن نعيش في بيت واحد ولنا ولدان وبنت، وما جعلها تجلس في البيت ولم تغادر إلى بيت أهلها هو الأولاد وخسارتها معي في بناء بيت الزوجية، حيث يكاد يكون بيتي هو الفريد في قريتي التي أسكن فيها من حيث الجمال والتكاليف، مع العلم أنني رومانسيٌّ جدًا ولكن لست جميلاً، وهي باردة غالبًا وجميلة جدًا.
أريد أن أسترجع ثقتها بي بأي شكل من الأشكال، حيث إنه كل ما يحدث في الكون من خيانة ومن مشاكل زوجية أصبحت تربط بينها وبين ما بيننا، وإذا تذكرت ضاق بها البيت يومين أو ثلاثة أو أكثر. ماذا أصنع.
أفيدوني فأنا أعيش عيشة بدون طعم رغم أنها تقوم بجميع ما أطلبه منها ماعدا أنها تقول إذا رأيتك أحس بغلطة عمري، وتقول إنها لم تستطع نسيان ما جرى وخاصة كلما أتيتها. جزاكم الله ألف خير.
الجواب
من خلال استعراض سؤالك والحوار معك، وتغليب جانب الصدق في قولك وما وصفت به حال زوجك معك؛ أشعر أن موقفها هو نوع من التهرب منك بصورة أنك أنت السبب، ولأنها لا تشعر بكثير من الشوق إليك جاء هذا الحدث - الذي بدوت فيه ضئيلاً أمامها - ليقنعها بالفرصة السانحة في التخفف من رغبتك الجامحة التي لا تتناسب مع مستوى رغبتها هي.
وسأقترح عليك بعض المقترحات، مع شعوري أن السؤال جاء متأخرًا؛ حيث مضى على هذه المشكلة نحو 10 أشهر، ولكن أرجو الله أن يوفقك لتجاوز المشكلة:
1. أن تحاول إقناعها بأن تتصل هي بجهات الاستشارات الموثوقة، وهي إن كانت تريد تجاوز هذه المشكلة فعلاً فستجد حلاً يطمئنها ولو عرضت المشكلة برؤيتها هي.
2. حاول أن تبني جسوراً جديدة من غير محاولة الإلحاح على التبرئ والتأكيد على التغير، دعها تلمس هذا التغير تعاملاً ومعاملة، وأشعرها بالأهمية والحب، وسافر معها سوياً في نزهة، واخرج معها للعشاء في مطعم، فاجئها بهدية، أكثر إطراء إيجابياتها، قم وإياها سوياً بالعمرة؛ إن مثل هذه الأشياء تسعدك كما تسعدها وترمم العلاقة وتأسوا الجراح.
3. كنت سألتك عن أقرب مدينة إليك يتوقع أن يوجد فيها مراكز تدريب، وأعني بها ذلك النوع من المراكز التي تقدم دورات في العلاقات الاجتماعية بحيث يلتحق كلاكما بها، وتحسنان من مستوى العلاقة التي وصفت في حديثك بأنها كالموج تعلو حينًا وتهبط حينًا.(18/43)
4. أرجو ألا تكون غافلاً عن سؤال الله -تعالى- أن يصلح لك زوجك، وأن يجعلها لك قرة عين كما هو دعاء المؤمنين (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا) [الفرقان] .
5. إذا لم تستجب للفكرة أو لم تقتنع بالجواب أو لم يتحسن تفاعلها معك إلى الحد الذي يشبع شوقك وشهوتك؛ فالمقترح الزواج بأخرى تستدرك فيها ما فاتك من زوجتك الأولى، مع إبقائك الأولى في عصمتك فإنها أم أبنائك وستسهم في تحقيق من رغبتك، وربما كان زواجك بالأخرى دافعًا لها لأن تحاول كسب قلبك إليها.
6. وأخيرًا أقترح أن تكون لكما عناية بالثقافة الأسرية من خلال بعض الكتب المتخصصة في هذا الشأن أو متابعة بعض المجلات، ففيها خير لكما.
جمع الله بينكما على البر والتقوى، وجعل كل واحد منكما قرة عين للآخر.(18/44)
زوجتي ليست عذراء
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك
التاريخ 3-6-1423
السؤال
أنا شاب تزوجت وأنا في بداية العشرينات، وأنجبت مع زوجتي أولادا ومن هنا تبدأ المشكلة، وهي أنني عندما تزوجت ودخلت بزوجتي ليلة الدخلة وجدت زوجتي ثيباً، فالتزمت الكتمان على السر وهنا كانت الصدمة الكبرى وأصبح القلق يعيش معي وكنت أعيش غريباً حزينا كئيباً كلما تذكرت أن أحلامي وطموحاتي قد تحطمت، أصبحت لا أحترمها ولا أطيقها، لا أتكلم معها كثيراً وأصبح لا يوجد حب بيننا فهل لمشكلتي من حل بعد سنوات من الزواج؟
والسلام عليكم
الجواب
الأخ الكريم..
شكرا ً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
وددت لو وضحت أكثر عن حالك وحال زوجتك وموقفها من هذا الأمر الذي اكتشفته ليلة الزواج.. هل كان لديها علم بهذا أم أنك اكتشفته بنفسك ولم يكن لديها خلفية عنه ومن جانب آخر كنت أود أيضا التوضيح عن حالك هل هذا الهم والحزن والبغض كان مستمرا معك طيلة هذه السنوات في حياتك الزوجية أم هو أمر حادث قريباً
ليكن في علمك أخي الكريم أن مسألة البكارة لدى النساء تختلف من امرأة إلى أخرى. فهذا الغشاء لدى البعض منهن رقيق جداً إلى درجة أنه ربما يحصل له تمزق أثناء سقوط المرأة من درج السلم مثلاً أو القفز المتكرر أو غيرها من الحوادث البسيطة والتي لا نتصور نحن بأنها يمكن أن تحدث أثرا بالغاً في غشاء البكارة لدى الفتاة. وهذا بعكس البعض الآخر من النساء اللاتي يتصفن بقوة شديدة في غشاء البكارة لديهن حتى أنه يتطلب أمر فضها تدخلاً جراحياً من قبل الأطباء. وهذا الأمر وارد جداً في حال زوجتك فلا تستعجل الاتهام والرمي بالزنا قبل التأكد من ذلك.
الأمر الأخر.. أنت الآن لديك أطفال من هذه الزوجة التي لم تشتك أنت من حالها معك وتبعّلها إليك وحسن معشرها لك.. وهؤلاء الأبناء هم فلذة كبدك ويستحقون حقيقة تضحيتك من أجلهم.. فلا تدع الشيطان يجد فيك مرتعاً خصباً لوسوسته عليك.. ومنبعاً واسعاً لبث همومه وآلامه فيك.
الأمر الثالث: أن الله سبحانه وتعالى أرشد فقال (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) وقال المفسرون أن الأولاد الصالحين المفلحين هم ربما من الخير الكثير الذي وعد الله به الصابرين على زوجاتهم اللاتي كرهوهن ولم يطيقوهن وهذا بالإضافة إلى الأجر الكبير والثواب العظيم لمن يحسن إلى زوجته وهو لها كاره.
الأمر الرابع: أنت الآن لك سنوات عديدة في هذا الزواج والسؤال المهم هنا هو كيف حال ذلك الزواج؟ وكيف هو التفاهم بينك وبين زوجتك؟ وكم نسبة المشاكل الحادثة في بيتكم بينك وبين زوجتك؟ وما منهج زوجتك وطريقتها في حرصها على إسعادك وجلب الراحة إلى نفسيتك؟ وكيف هو تبعّلها لك وحرصها على البعد عن إسخاطك؟
هذه كلها أسئلة عليك أخي الفاضل أن تزنها في ميزان عقلك بعيداً عن هوى الشيطان الحريص جداً على التفريق بين كل زوجين مسلمين. وفقك الله وأسعدك.(18/45)
زوجي يشك فيّ
المجيب د. راشد بن سعد الباز
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك
التاريخ 11/04/1425هـ
السؤال
مشكلتي هي زوجي يشك فيَّ لحد الوسوسة؛ فهو يربط بين كلامي وكلام الناس ليثبت شكه فيّ، فإذا تكلمت معه بكلام عادي ثم سمع قريباً منه من أصحابه، عندها يشك أني متفقة مع أصحابه عليه، وأيضاً يستدل بالتوافق في الألوان على صحة شكه، فعندما ألبس أي لبس ويخرج خارج البيت ويرى الناس خارج البيت لابسين مثلي يقول لي أنت متفقة معهم علي! وأيضاً عندما يخرج عند أصحابه يتصل كل دقيقة علي، وهكذا حياتي معه.
أرجوكم ما الحل؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
الأخت السائلة: -وفقها الله-، سلام عليكم ورحمة منه وبركاته.
الشك قد يكون نابع من الغيرة والتي هي أحد مؤشرات حب الزوج لزوجته واهتمامه بها، لكن إذا زادت عن حدها وانقلبت إلى شكّ فتُصبح مشكلة تهدد الحياة الزوجية، عرضك للمشكلة لم يتبين متى بدأت وكم لكم من الزمن متزوجين، وهل هناك أطفال، لكن يبدو أنّ جلوسه مع الرفقة وما يدور فيها من أحاديث قد تكون عامل مهم في وجود هذا الشك. من الخطوات التي يُمكن اتباعها:
1-عند خروجك مع زوجك أو عند زيارة الأقارب والصديقات خذي رأيه في اختيار ملابسك التي ستردينها.
2- قللي من طلعاتك وخروجك من البيت لفترة من الزمن.
3- عند استخدامك للهاتف للحديث مع قريباتك أو صديقاتك حاولي أن تكلمي وهو موجود لكن لا تطيلي في الكلام.
4- من الضرورة الجلوس مع زوجك والحديث معه والتعبير له عن حبك له وحرصك عليه أولاً ثم مصارحته لمعرفة أسباب شكوكه فقد يكون هناك أسباب وهمية لشكوكه يمكن أن تُصحيحها وتزيلها من تفكيره.
5- لا تنسي الدعاء له؛ فالدعاء سلاح المؤمن، وقد وردت آيات قرآنية عديدة وأحاديث شريفة تُبين أهميته، منها قوله تعالى: "ادعوني استجب لكم". وقوله تعالى: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء".
6- إذا استمرت المشكلة ولم تُحل وسطّي إحدى قريباته العاقلات والتي لها مكانة عنده أو أحد محارمك العقلاء ممن يكن له احترام وتقدير.
7- إذا استمرت المشكلة فأعرضي عليه بأسلوب طيب ومناسب استشارة طبيب نفسي لأنّ استمرار مشكلة الشكّ يعني وجود مرض أو اضطراب نفسي.
عليكِ يا أختي بالصبر والتعاون مع زوجكِ في مواجهة هذه المشكلة والتي قد تكون خارجة عن إرادته، وهذه من الأمور التي يُثاب عليه المسلم بإذن الله.
أسال الله لك العون والصبر.(18/46)
اكتشفتُ تاريخ زوجتي
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك
التاريخ 17/03/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم.
أنا رجل، متزوج منذ 12 سنة، ولي عدد من الأولاد، وكان زواجي من فتاة زميلة لي، وكانت بيننا علاقة شريفة في حدود المعقول والمسموح، وكان زواجنا بعد التخرج على سنة الله ورسوله، وفجأة وقبل عدة أشهر اكتشفت أنها كانت على علاقة بشخص قبل معرفتي بها، وأنها عاشرته دون الخدش بعفتها والعياذ بالله، فاحتقرتها بقدر ما كنت أحبها وأكثر، ولا أستطيع ملامستها رغم أني سألتها قبل الزواج إن كانت تعرف أحداً قبلي، فمدت يدها على القرآن الكريم وحلفت أنها لا تعرف سواي، ولأن نفسي عزيزة ولا أستطيع أن ألمس واحدة مرت بتجربة سواء شرعية أم لا، علماً أني عرفت عن طريق الصدفة وضغطت عليها فأجابت بالتفاصيل، فو الله لم أضربها ولم أمارس قساوة الرجولة عليها، ولم أخبر أحداً من أهلي أو أهلها، ولكنني شبه هاجر لها، فأخبروني وانصحوني أثابكم الله، علماً أن علاقتنا الزوجية والعائلية جيدة جداً، سواء من أهلي أو أهلها أو بيننا، وأود المحافظة على سمعة أولادي وسمعة عائلتي، فأخبروني ماذا أفعل وأنا رجل وحاج بيت الله ولا أقبل الحرام ولا أستطيع ملامستها، علماً أن أي شيء لا يغضب الله أقبله. وفقكم الله وسدد خطاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
أخي الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
دعني أولاً: أحيي فيك رجولتك، ونبل أخلاقك في تعاملك مع زوجتك عندما علمت عنها ما علمت، وأسأل الله أن يجزيك عن ذلك أفضل الجزاء وأوفاه.
ثم ثانياً: دعني أقف معك وقفة مصارحة ومعاتبة: أخي الكريم إنك تعيش مع هذه المرأة منذ اثنتي عشرة سنة، وبينك وبينها أولاد، أصبح عمرها الحقيقي هو عمرها معك، وحياتها الحقيقية هي حياتها معك، لم تر منها خلال تلك المدة الطويلة ما يسوؤك ولا ما تنكره عليها، فهل بعد هذه المدة تبدأ في حفر الماضي، وتقيم محاكم التفتيش لتسألها عن شيء حصل قبل أن تعرفك، وقبل أن ترتبط بك، وقبل أن يكون بينكما حرمة!.
أخي الكريم: إن الله -جل وعلا- قال عن الكافرين: "قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف" [الأنفال: 38] ، فجعل مجرد كفهم عن الكفر سبباً للمغفرة، أفلا يكون سبباً للمغفرة عندك هذه العشرة الطويلة، وهذه العلاقة الشريفة، وهذا الخلق الكريم منها معك ومع أهلك، ومن أهلها معك، ولذلك فإني أرى أن التصرف السليم الذي كان عليك أن تفعله عندما بلغك هذا الخبر أن تدفنه وألا تصارحها به، وألا تتحدث معها فيه ما دام أنك لم تر منها طوال حياتك ما يريبك، أما تلك الزلة التي حصلت منها في تلك الفترة فينبغي أن تعلم أن كل الفتيات عرضة للإغواء، ولكن واضح من حال زوجتك أنها كانت مستعصمة ولم تقع في الهاوية، وهذا بحد ذاته منقبة كريمة لها.(18/47)
وأما أنها حلفت بعد أن استحلفتها، فماذا تتوقع من فتاة تُسأل مثل هذا السؤال القاسي والمحرج إلا أن تستتر بستر الله عليها، وأن تكتم ما جرى منها، وأنت تعلم أن لكل منا في حياته أموراً لا يرغب أن يطلع عليها أحد، فلماذا تجعل هذه المرأة في هذا الامتحان العسير؟!
إن عليك -أخي الكريم- أن تضرب صفحاً عن الماضي كله، وأن تعتبر بحال العُشرة بينكما، وأن تتذكَّر أن الإنسان لا يصح أن يكون متهماً بخطيئة وقعت منه، أو هفوة سلفت في ماضي عمره.
أخي الكريم: إن الشيطان لا يفرح بشيء كما يفرح أن يفرق بين الرجل وزوجه، ولذلك فلا تدع للشيطان فرصة أن يهدم ما بنيتماه طوال هذه المدة الطويلة.
استعذ بالله من الشيطان، وصارح زوجتك بأن ما جرى منها هفوة يغفرها لها حالها معك وجميل عشرتها، وأنك لا تحتبس هذه الذكرى الآن في مخيلتك، وإنك إنما تتعامل معها من خلال عشرتك معها، وعلاقتك الطويلة بينك وبينها، ولا تجعلها تعيش في حال توجس وقلق وهي تعاشرك؛ فإنها لا يمكن أن تسعدك وهي بهذه الحال.
أنصحك -أخي الكريم- أن تأخذ زوجتك الآن في رحلة إلى العمرة، أو أي منتجع جميل هادئ، وتبدأ معها علاقة جديدة حارة، تشعرها بالأمن بقربك، وتشعرها بثقتك بها، وتجعلها تتجاوز هذه المحنة، وإياك أن تتعامل معها بما يشعر باستغرابك منها في هذا الوقت، ولعل عفوك عنها يكون سبباً لعفو الله عنك، وإحسانك إليها يكون سبباً في إحسان الله إليك.
أسأل الله أن يصلح شأنكما، ويؤلف ما بينكما، ويغفر لي ولكما، والسلام عليكم ورحمةالله وبركاته.(18/48)
زوجته على علاقة محرمة برجل!
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك
التاريخ 14/03/1426هـ
السؤال
ثبت لدي بأن زوجتي لها علاقة برجل آخر من خلال بحثي بتلفونها النقال، حيث وجدت رسائل صادرة وواردة غير أخلاقية بينهما، وكذلك مكالمات هاتفية صادرة وواردة مع الرجل الذي تحادثه، وعند مواجهتها، قالت بأنها لا تعرف شيئاً عن هذه الرسائل، علماً أن هذا هو تلفونها الجوال الخاص بها، وأنا أخاف الله أن أظلم نفسي أولاً ثم أظلمها، وكذلك لا أقدر أن أعيش بدون أن أتصرف تصرفاً يحثني عليه ديني. فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
جزاك الله خيراً على غيرتك، وأصلح لك زوجك، وحببها إليك، وحببك إليها، ما تذكره -أخي السائل- أمر محزن ولا شك، وهو طليعة نذير لك، ينبهك إلى وجوب تدارك الأمر قبل أن يتفارط عقده ولات حين مندم، ولا زالت المشكلة في بدايتها، وأنت -بعون الله- قادر على احتوائها وحلها، ولا سبيل لذلك إلا بالحلم، والصبر والتأني، والتثبت، ومعالجة الوضع بالحكمة.
أولاً: يجب عليك وجوباً قطعياً ألا تترك فرصة للشيطان ليرديها في هذا الطريق المظلم الخطير، فلا تمنحها كامل الثقة، فتضيع الأمانة، ولا تمنحها كامل حريتها بأن تتركها تخرج متى شاءت، وإلى أي مكان تشاء، أو لا تسألها إلى أين هي خارجة، بشرط ألا يصل الأمر إلى حد التجسس والوسوسة.
ثانياً: تفقَّد حالك، عليك أن تسأل نفسك: ما الذي دفعها إلى هذه العلاقة الآثمة على فرض ثبوتها؟ ربما كنت أنت السبب في ذلك، ربما كنت مقصراً معها في الجوانب العاطفية الرومانسية، ربما كنت مقصراً في إشباع رغبتها وشهوتها، إن سد هذا الخلل، وتفادي هذا النقص يتطلب منك أن تمد من فترة بقائك في البيت بجانبها وأولادها، كما يتطلب منك مزيداً من العطف والحنان، واللمسات الحانية، المظهرة لمكنون الحب في قلبك تجاهها، ولا تظن أن السخاء بالنفقة عليها يعوض ما نقص من الجوانب العاطفية، والحاجة الغريزية، فمهما بلغ الرجل من الكرم والسخاء والنفقة على زوجته فإن ذلك لا يعوض النقص في الجوانب الأخرى.
ثالثاً: تفقَّد بيتك: فربما كنت قد تركت الحبل على الغارب، ومكنت لقنوات الخناء والفحش أن تتسلل إلى بيتك وتلوثه بالأفكار المسمومة، وتلطخه بالصور والمشاهد الخليعة، وتحسين مشاهد المنكرات، والعلاقات الآثمة، وربما كانت زوجتك ضحية هذا التفريط، فتدارك الأمر وطهِّر بيتك من هذا الفجور، ولا تبقي من القنوات إلا ما يخلو من هذه المنكرات.
وتذكَّر أخيراً قوله تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم" [الشورى:30] أي بذنوبكم، ومن الذنوب التقصير في أداء الحقوق، ومنها حق الزوجية، ومن الذنوب أيضاً التفريط في الأمانة.
وفقك الله.(18/49)
تزوجني الثانية ... وظلمني!
المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 02/04/1427هـ
السؤال
أنا على وشك الطلاق وأنتظر بعض الإجراءات الروتينية لاستلام ورقة طلاقي. كنت في السابق متزوجة وتوفي أبو أولادي وترك لي ولدين ربيتهما وحدي بعون رب العالمين ولا أنوي التخلي عنهما.
الحمد لله أنني متدينة ولا أزكي نفسي، ولكنني أرجو من الله وآمل أن ينطبق علي وصف (الزوجة الصالحة) تزوجت منذ قرابة الثلاث سنوات من رجل متزوج، ونظرا لأن ظاهره التدين كنت أظن أنه لن يظلمنى.
لم نتفق على سرية زواجه بل على ضرورة إعلام زوجته أو أبنائه، وبعد الزواج صار يماطلا مما ترتب عليه قيامه بالكذب عدة مرات وخداعي وعدم العدل بيني وبين زوجته خصوصا أنه يسكن في بلد آخر معها وأنا يأتيني من حين لآخر فحتى عندما يأتي لبلدي مع زوجته يبقى معها ويزورني كالضيوف، طلبت منه الإنجاب رفض بشدة، رغم أننا اتفقنا على عدم الإنجاب في البداية إلا أنني عندما رأيت منه عدم الإلتزام بوعوده خفت على نفسي من مصير الطلاق فطلبت الإنجاب، رفض، كان يتركني فترة طويلة أعاني الوحدة وحاجتي الغريزية لزوجي، لم يكن يأتي إلي إلا عندما يريد هو ذلك.
الآن هجرني مدة خمس شهور دون أن يسأل عني؛ كان يرسل لي مصروفي الشهري عبر حوالة بنكية دون أن يتصل بي.
كل ذلك أصابني بفقدان الثقة بالرجال.
هل هكذا يفعل المتدين؟ الذي يخاف عقاب الله؟
وهل يضيع حقي عند الله؟ ولماذا يمكنه الله من أن يفعل بي ذلك؟ لقد صبرت وسكت وقررت أن أصبر طوال فترة هجرانه لي فهل أستحق تلك النهاية؟
لا أحتمل أن أحمل لقب مطلقة بعد أن حملت لقب أرملة. أتمنى أن أرى عدل الله فيه.
فهل يجوز أن أتمنى ذلك؟
وهل يحق للرجل أن يطلق دون إبداء الأسباب مكتفياً بأن ذلك حقه؟
هل ما فعله بي يعتبر من الظلم؟
أم أنه استعمل حقه كما استعمله أول مرة في التعدد؟ وحسبي الله ونعم الوكيل. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أختي الغالية: وصلتني معاناتك وكم لهجت لك بالدعاء، وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجيرك في مصيبتك ويخلفك خيراً من زوجك إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
- تساؤلات عديدة تم طرحها وأسأل الله الكريم بمنه وكرمه أن تنعمي بعد هذه المأساة بحياة كريمة تنسين فيها كل ما جال في خاطرك ودار في ذهنك، كما أساله بمنه ورحمته أن يثبتك على دينك ويجنبك الشقاء والفتن، وألا تكون هذه المعاناة سبباً لزعزعة ثقتك بعدل الشريعة وكمالها، فهذا امتحان من الله عز وجل ليرى منك ما تصنعين فأري الله من نفسك خيراً ورددي آمنا بالله وعليه توكلنا وبحكمه وثقنا ولأمره أنفذنا وأطعنا غير كارهين ولا ساخطين بل راضين مُسَلِّمين.
- وأذكرك بأن قوماً كفروا وارتدوا مع انقيادهم بسبب كرههم أمر الله فقال الله -عز وجل- في سورة محمد: "ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم". [محمد:9] .(18/50)
- كما أذكرك وأهمس في أذنك: أن الله تعالى إذا أحب عبداً ابتلاه، والابتلاءات إذا لم يكن صاحبها معروفاً بالفسق بل من الصالحين كانت دلالة على خيريته عند الله عز وجل لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط" أخرجه الترمذي (2396) وابن ماجه (4031) .
- والرضَي تسليم القلب وطمأنينته وسكونه لحكم الله وقضائه وقدره، ولله دَرُّ السلف كان بعضهم إذا مرت به سنة لم يُصب فيها ببلاء خاف على نفسه وقال: "ما لنا تودَّع الله منا" ذلك أنه استقر في أنفسهم أن الله تعالى: إذا أحب عبداً ابتلاه ليكفر عنه خطاياه ويرفع درجته في الجنة ويُعظم صلته به سبحانه.
- ثم أدعوك عزيزتي إلى التأمل والتفكر في عظيم نعم الله عليك، فعندك نعمة العافية والذرية والديانة والجمال والأمن والعافية وسلامة المعتقد والخلق.
- أما فيما يخص تساؤلاتك العديدة فلا ريب أن ما قام به الزوج المذكور من عدم العدل في القسم والمبيت وإخفاء النكاح مع الاتفاق السابق على إعلانه ومنعك من الإنجاب وتركك فترة طويلة مما يتسبب في معاناتك النفسية والجسدية من الظلم الذي يحاسب الله تعالى عباده عليه، ولن يضيع عند الله شيء، فعنده كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
- وهذا كله وإن وقع من رجل يتسم ظاهره وكثير من باطنه بالصلاح والتقى فليس وصفاً لازماً في كل صالح تقي، بل هي ممارسات خاطئة من الشخص المشار إليه يقع فيها غيره إلا من رحم الله وليست من أمر الإسلام في شيء، لكن ليكن في ذهنك أن كثيراً من الصالحين بمنأى وبعد تام عن هذه المغالطات والحمد لله، بل إن بعضهم يعاني من جفاء زوجته وسوء طباعها مالا يطيقه أحد ومع ذلك يتودد إليها ويصبر ويعفو ويصفح.. فالتقصير والجفاء والعفو والصفح والتقوى موجود في كلا الجنسين.
- أما كونه طلقك بدون مبرر ولا تقصير منك فقد لا يكون قصدًا منه إلى الظلم؛ إذ قد يكون وجد نفسه ضعيفاً عن تحمل امرأتين وبيتين وأخطأ في قرار النكاح الثاني فلم يشأ أن يجعلك تعيشين حياة مأساوية.. لكن لم يكن ينبغي أن يتخلص من ذلك بالطلاق؛ لأن الشرع الحكيم أباحه عند تعذر العشرة أما مع إمكانيتها والتسديد والمقاربة فلا يقره الشرع ولا الشارع، ولذا كُره الطلاق شرعاً في بعض الأحوال، ولما طلَّق النبي -صلى الله عليه وسلم- حفصة -رضي الله عنها- لم يقره الله -عز وجل- على ذلك بل أرسل إليه جبريل -عليه السلام- يقول له: "راجع حفصة فإنها صوّامة قوّامة، وإنها زوجتك في الجنة". أخرجه الحاكم وأبو نعيم، وانظر السلسلة الصحيحة (2007) .(18/51)
بالرغم من أن الطلاق حسب ما ذكر أهل السير كان بسبب مشكلة وقعت بين أزواجه تسببت فيها حفصة -رضي الله عنها-، ولما كان الحسن بن علي -رضي الله عنهما- يتزوج ويطلق بين وقت وآخر تكلم علي -رضي الله عنه- وقال: "إن ابني هذا مطلاق فلا تزوجوه"، فالمقاصد الشرعية لا تقر مطلقاً العبث بالنكاح والطلاق، وما يفعله كثير من الرجال اليوم من الزواج بقصد الاستمتاع فذلك ليس من الإسلام في شيء، بل ألحقه بعض العلماء إذا كان ينوي الطلاق بعد زمن بنكاح المتعة المجمع على تحريمه، لأن الأصل أن يراد من النكاح دوام العشرة لتحقيق مصلحة تكثير سواد الأمة وإعفاف المرأة وإحصانها، أما نكاحها بقصد الاستمتاع فقط ثم تطليقها أو مضارتها للتنازل عن بعض حقوقها فهو عدول بالنكاح الشرعي عن المقصود منه، وأشبه ما يكون بأنكحة المشركين التي أبطلها الإسلام.
- وأخيراً آمل أن تنظري للحياة بنظرة متفائلة، فليست الدنيا نكاح وطلاق فحسب بل فيها العبادة والتعارف وبذل الخير للناس وغيرها من أسباب السعادة فإن حصلت لك حياة زوجية كريمة فالحمد لله، وإن لم تحصل فلا تضيقي وتحجري واسعاً، فانظري كم في المجتمع غيرك ممن حُرمت متعة النكاح تماماً أو الاقتران برجل صالح أو حرمت ذرية طيبة، ولقد نِلْت من ذلك والحمد لله سنوات وكان لك من الذرية ما نسأل الله عز وجل أن تقرَّ به عينك.. أما نظرة المجتمع فلا تبالي بها؛ لأنها لا تصدر إلا من ذوي الثقافة المحدودة أما أولو العلم وسعة الأفق فلا يقرون هذه النظرة سيما أنك أحسنت التبعل، وفقد زوجك الأول أمر خارج عن إرادتك، ثم أي عيب وغضاضة في وصفك بأنك أرملة وحتى مطلقة، ويكفيك أن الله تعالى امتن على نبيه -صلى الله عليه وسلم- في سورة التحريم إن أراد أن يبدله أزواجاً خيرا من زوجاته وَصَفَهُن بأنهن: "مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكاراً" [التحريم:5] فسوَّى بين النساء في هذين الوصفين وهو مقام امتنان.
- أما الدعاء عليه فيجوز بقدر ما ظلمك من بخس حقك في المبيت والقسم والاستمتاع لا أكثر، لكن بالدعاء عليه تفوتين على نفسك أجر الصبر، فقد قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "الدعاء قصاص، ومن دعا على من ظلمه فما صبر" فاحتسبي ذلك عند الله عز وجل ليثقل به موازين أعمالك رفع الله قدرك وجلا همك وخلف عليك خيراً.(18/52)
هل عَدَل زوجي بيننا؟
المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 26/03/1427هـ
السؤال
كتب زوجي لزوجته الثانية شقة باسمها في مدينة أخرى، ولم يكتب لي شيئًا, ولقد أصرت زوجته الثانية على الذهاب والعيش في تلك المدينة، بعيدًا عني وعن والدته، وأيضًا بعيدًا عن عمله هنا، ولقد أثث لها زوجي الشقة، وترك لها سيارته ووفر لها سائقًا، والآن ليس لديه سيارة، ويستعمل السيارة الخاصة بابني، فهل يحق له أن يترك سيارته لزوجته الثانية، ويرغمني أن أركب سيارة والدته، أو أن يأخذ سيارة ابني؟ وهل يحق له أن يتركنا ويذهب لها هناك لأي سبب من الأسباب من مرض أو ولادة؟ علما أنه لم يكن يعوضني عن الأيام التي كنت أسافر فيها لزيارة أهلي، ويبقى معها بحجة أنني أنا التي كنت أذهب برغبتي. فهل ما يقوم به زوجي صحيح؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأسأل الله -عز وجل- أن يزيل همك، وينفس كربك، ويحرم على النار جسدك، ويجعلك والمسلمين أجمعين من عتقائه من النار في هذا الشهر العظيم، إنه خير مسؤول وأكرم مأمول.
- أسئلتك كلها تدور حول العدل مع الضرة، وبلاريب أن هذا الأمر شغلك -للأسف- كثيراً حتى سطرتِ هذه الكلمات، والأمر شرعاً أهون بكثير مما وقع في مخيلتك.
- إن كان ما نقلْتِ صحيحاً ومطابقاً للواقع من أن الزوج كتب لضرتك مسكناً باسمها وقد اشتراه من ماله فيلزمه العدل في ذلك بين زوجتيه، فيكتب لكل واحدة مسكناً مناسباً لحاجتها ومستواها.
- أما كونه ترك لها سيارته لحاجتها فلا بأس، وليس في استعمال سيارة والدته أي مخالفة شرعية ما دامت والدته ترضى بذلك، وليس هناك أي مبرر لانزعاجك من الركوب فيها إلا ما تجدين من نار الغيرة، وحرارة العاطفة، وشدة الانفعال الذي تتسم به النساء، ولو تأملت حالك وحال ضرتك ونظرت إليه من منظور شرعي لوجدت أن في الأمر سعة.. كيف وهي أختك في الإسلام وتحسبينها مسلمة مؤمنة، وقد أحوجتها الدنيا أن تتزوج برجل عنده زوجة وازداد الأمر سوءً بحاجتها للسكنى بعيداً عنه، فهل ترغب زوجة في ذلك؟! لكنها الظروف وتقلبات الدهر.
- أيضاً ما ذكرت من أخذه لسيارة ابنك سواء كان اشتراها له من ماله أو اشتراها الابن، فإن للوالد أن يمتلك من مال ولده ما شاء، بشرط إلا يدخل بذلك الضرر على الولد ولا تتعلق به عين مصلحته، عملاً بحديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "أنت ومالك لأبيك" وما دام أن ابنك يستطيع أن يسدد ويقارب فلا حرج في ذلك شرعاً، أما إن لم يستطع مع بذل الجهد -وهذا نادر- فلا يصح للوالد أن يأخذ ما تتعلق به مصلحة الولد كما ذكر ذلك أهل العلم.
- ويبقى أخيراً ما ذكرت من ذهابه إلى الزوجة والمبيت عندها، فأفيدك بأن هذا هو الواجب عليه، فقد ذكر أهل العلم في أحكام القسم والمبيت: أنه يلزم الزوج أن يقسم لزوجته إذا انتقلت من بلد لبلد بإذنه، لكن يجب عليه العدل بينكما في ذلك بحسب ما تتفقون عليه (ليلة وليلة أو أسبوع وأسبوع) .(18/53)
أما ما ذكرتِ من أنه لم يكن يعوضك عن الأيام التي كنت تسافرين فيها لأهلك، فهذه مسألة تختلف عن حال ضرتك الآن كما بيَّن ذلك أهل العلم، فمجرد السفر لفترة لحاجة الزوجة ولو بإذن الزوج يسقط حقها في القسم، بخلاف السكنى الدائمة بإذنه.
- أخيراً أود أن أذكرك بفضيلة العفو والتسامح والسخاء.. فلا تُلام أختي فيما تجد من حُرقة حين ترى قِلة العدل أو اللامبالاة، لكن لتذكر أن الدنيا لا تصفو لأحد، وقد قال تعالى: "لقد خلقنا الإنسان في كبد" ولا عيش إلا عيش الآخرة، فشدي العزم لتهنأ أختي هناك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وليكن العفو والإيثار سبيلين لذلك.. فمهما فعلت وناقشت لن تظفري بمرادك كله وأبى الله -عز وجل- أن يكون الهناء التام في العيش إلا في الآخرة، فأعرضي عما لا تملكين، وشدي الوثاق إلى الله والدار الآخرة. والله أعلم.(18/54)
زوجة أبي تقسو علي
المجيب فوزية بنت إبراهيم الغربي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 18/03/1427هـ
السؤال
أعيش مع خالتي التي هي زوجة أبي. وذلك لانفصال والدي عن والدتي، وهي متكفلة بي، ولكني أحياناً أشعر بالألم لمعاملتها القاسية لي، وشكها الزائد عن الحد، ولكني أحبها في الله، فهل يجب عليّ أن أقوم بوأجبي نحوها كواجبي نحو أمي؟ وبارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد:
فأقول لكِ إن نبيك الكريم محمداً -صلى الله عليه وسلم- قد ذكر لنا أن حسن الخلق مع الأبعدين عند الله تعالى بمكان. وقد أوصى أن نتعامل مع الناس بالحسنى، وأن ندفع بالتي هي أحسن، فإذا كانت هذه وصيته مع الأبعدين، فما بالك -أخية- بحق الأقربين من الناس، وذوي الفضل وأصحاب الحق، مثل الوالدين والخالات والأخوال والأعمام والعمات والإخوان والأخوات وغيرهم.
فإن معاملتهم بالحسنى أحرى، والصبر على أذاهم من محاسن الأخلاق.
واعلمي أن لخالتك فضلاً عظيماً عليك مهما صدر منها من قسوة وشك. ركزي النظر على ما فيها من خير، وما قدمته لك من فضل وجميل، واصرفي نظرك عن سلبياتها. فما من أحدٍ يبلغ الكمال من الخلق إلا الأنبياء الذين عصمهم ربهم تعالى.
لذا عليك أن تعامليها بالحسنى، وأن تتحملي ما يصدر منها، وعليك بالكلمة الطيبة والابتسامة والهدية وتقبيل الرأس وطلب المشورة منها، وأشعريها دوماً أنك تحبينها جداً، وأنها هي صاحبة الفضل، وأنها بمقام أمك.
فإذا فعلت ذلك فتأكدي أنك قد سلكتِ الصواب، وتذكري قول حبيبك -صلى الله عليه وسلم-: "اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلقٍ حسن" أخرجه الترمذي (1987) ، وغيره.
وفقك الله لخيري الدنيا والآخرة، وألف بين قلوبكم.(18/55)
تزوج عليها فحاولت قتله!
المجيب عبد الإله بن سعد الصالح
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 22/02/1427هـ
السؤال
لدي صديق عزيز، مشكلته أنه قرَّر أن يتزوج امرأة ثانية، رغم اعتراضي على هذا القرار؛ وذلك لعدم وجود مبرر له؛ فزوجته الأولى امرأة طيبة، لكنه ذكر لي أنها لا ترفض أن يتزوج بأخرى، فلم أصدقه، فكلمتها هاتفيًّا وأجابت بالقبول، وبعد عقد النكاح جنّ جنونها، وحاولت الانتقام منه ومن زوجته، فأصابتهما بأضرار بالغة، وأذى جسيم. فبماذا تنصحون هذا الرجل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد تم لصديقك الزواج من الثانية، وله الحق الشرعي في ذلك، ودليل على خيرية الرجل الذي يريد أن يحصن نفسه، حتى لو لم يكن لزواجه من الثانية سبب ظاهر. فتصرف هذه الزوجة بهذا الفعل المشين الخاطئ ينم عن أسباب نذكر منها على سبيل الافتراض. - إما أن يكون الزوج ضعيف الشخصية، غير قادر على إدارة المنزل. - أو تكون الزوجة قوية الشخصية شديدة الطباع مسيطرة على المنزل.
- أو أن تكون الزوجة مريضة مرضاً نفسياً يحدث معها تصرفات سلبية كبيرة. ولهذه الافتراضات نقول: - حتى لا يقع الزوج في مشكلات دائمة ومستمرة في حياته، وحتى مع زوجته الثانية، فلابد أن يراجع نفسه، وأن يعرف شخصيته ويقويها ويعدلها، فتكون تصرفاته وتعامله متوازياً يستشعر من القوامة الشرعية وإعطاء الحقوق وترسيخ هذا الأمر في نفسه، ثم العمل به مع زوجاته ومن هو مسؤول منهم. - وإن كانت المرأة مريضة أو شديدة الغضب أو الغيرة، فعليه السعي في علاجها والصبر عليها، مع البعد الوقتي عنها حتى تهدأ الأمور، ثم يسعى في إصلاح الوضع بالحكمة والعدل، فلعل ذلك -بإذن الله- يكون طريقاً لإصلاح الوضع. إما إذا خشي أذيتها واستمرارها على ذلك، فله الحق في إيقافها عند حدها؛ سلامة على نفسه وعليها. والله الموفق.(18/56)
رضيت لي بالتعدد ثم انقلبت علي!
المجيب د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 15/11/1426هـ
السؤال
أنا أعمل، وطبيعة عملي قد أتعرض فيها للفتن، وقد تزوجت قبل 13سنة امرأة صالحة طيبة ومطيعة لزوجها، وقد رغبت في الزواج بالثانية رغبة في التعدد وليس قصوراً في الأولى، وعندما صارحتها برغبتي في التعدد لم تمانع، ولكن اشترطت علي شروطاً، وهي كالآتي: أن لا ترى الثانية، ولا أذكرها عندها، وأن أعدل ولا أهمل تربية الأولاد؛ فوافقتُ على ذلك، وعندما عرفت أني قد ملكت غضبت غضباً شديداً، وقالت: إما أنا أو هي، وتركتْ بيتها، وذهبتْ إلى أهلها، وطلبتْ الطلاق. أنا الآن في حيرة من أمري، فأرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي الكريم: لقد تجسدت حيرتك في خط رسالتك، وحُقَّ لك أن تحار، لكن -مع توفيق الله- ما خاب من استشار، ولا ندم من استخار.
أخي الكريم: من الجوانب التي قلّ أن تقبل بها المرأة وجود ضرة لها، حتى يصل الأمر أن تفضّل بعض الساذجات موت زوجها على زواجها عليها، لو خُيّرت!.
إن الزوجة حين تكون عاقلة محبة لزوجها قد تحاول الضغط على نفسها في قبولها لما يرضيه حتى لو كان ربما يجلب لها التعب؛ لأنها تدرك أن ذلك يعلي مكانها في نفسه حين يكون عاقلاً.
ومن أصعب ما تقبل به مثل تلك الزوجة موافقتها لزوجها في الزواج من أخرى تقاسمها إياه، ولذلك فليس غريباً أن تنتهي قدرتها على الضغط على نفسها لتنفجر في لحظة ما، وهو ما حدث مع زوجتك، ولاحظ أن ثورتها جاءت في لحظة يبدو أنها لم تستطع إمساك عنان نفسها، في ظل الغيرة التي فطر الله عليها بنات حواء.
أخي الكريم: وجهة نظري أن تزور زوجتك عند أهلها، وتجلس معها بهدوء، وتثني عليها كثيراً، في جوانب حياتها المختلفة معك.. قل لها: إنك لن تتجاوز إطلاقاً ما لا يرضيها، وأنك كنت تتمنى أنْ لم تكن أذنت لك بالزواج!!.. أعد الحديث معها على أن زواجك لا يعني إطلاقاً نقصاً فيها، ولن يقلل إطلاقاً من قيمتها، وأنها ستظل في بؤرة اهتمامك، هي وأولادها، كيف لا، وهي التي شعرت معها بطعم السعادة، وأدركت من كبير عقلها ما يندر أن يوجد مثله في دنيا النساء.. حدثها على أنك لم تكن لتعمل شيئاً قبل أن تستأذنها، خاصة في أمر يمسها كهذا، وأنك حين رأيت رضاها، أخذت شروطها -بجدية- ومضيت في أمرك.
ثم ذكرها بأنه في الوقت الذي تحمد الله على أن علاقتك بها وطيدة، فإنك لا تدري ما يحدث الله بينك وبين الزوجة القادمة، ثم إنك لو رأيت -من بعد- أن زواجك ذاك سيترك آثاراً سلبية على حياتك مع زوجتك وأولادك، فمن المؤكد أنك ستبعد عن طريقك كل شيء يحدث ذلك، ولو كان الزوجة الجديدة.
أثر لديها الجانب العاطفي، وأنك حين تنسحب -وقد تملكت، وأنت الذي تقدمت لها، وطلبت يدها- تخشى أن يلحقك إثمٌ بتركها دون أن يكون هناك سبب فعلي يدفع لتركها، بل وتخشى أن يلحق زوجتك إثم أو دعوة تطلقها تلك المرأة بسبب كونها السبب في تركها، وقد أذنت من قبل لزوجها بالزواج.(18/57)
وعدها بأن أول ما سوف تعمله معها أن تجدد لها غرفة النوم، وأنك تنوي شراء هدية مناسبة لها.
قد تقول: إني كلمتها، لكن رجائي أن تعيد النظر في كلماتي، وتعيد الحديث مع زوجتك على ضوئها. إنك بذلك تجمع لها بين أطراف الأمان؛ الحاضر والمستقبلي، فلا تشعر أن زواجك لنقص فيها، ولا أن زواجك سيلحقها بنقص.
أخي الكريم: ثمة احتمال أن يكون أحد ما قد لامها على موافقتها لك بالزواج، وربما -لو كان- اقترح عليها الضغط عليك بمثل الصورة التي تعيشها أنت وإياها، ومن هنا فمن الجميل أن يشمل حديثك معها الإشارة إلى أن بعض الزوجات يعتري علاقتها مع زوجها قدر من الفتور أو المشكلات، ومن ثم يعمد إلى تأديبها بالزواج، وهي تشعر حين يقدم على الزواج أن حياتها معه انتهت أو كادت، لكن علاقتك معها -أي زوجتك- تختلف جداً، فقد عشتما بسعادة غامرة، ولا يزال حبها يملأ قلبك، ولذلك فربما جرى حديث بينكِ وبين إحداهن، وخوّفتكِ بانصرافي عنكِ بعد الزواج؛ لأنها تقيس علاقتك بزوجك على علاقتها بزوجها، وهو قياس بعيد، فعلاقتها بزوجها -كما أسلفت- قد تكون مغلفة بالمشكلات، أو ممزوجة بالفتور، على حين أن علاقتكما تمثل قمة السعادة.
أخي الكريم: إن يكن أحد أبوي زوجتك أو أحد إخوانها أو أخواتها على درجة من العقل فيمكن الإفادة منه في هذا الموضوع، فيمكنه إثارة بعض التساؤلات معها، كأن يطارحها مثل هذه الأسئلة: افترضي أن زوجك قد طلقك.. هل ستبقين بلا زوج أم ستتزوجين؟ ولو أردت الزواج فمن الذي سيتقدم لك غير كبير سنٍّ -غالباً- يريدك (ممرضة) ، ثم ما الذي سيكون عليه مصير أبنائك؟ هل ستبقينهم عند والدهم، وترضى نفسك أن يفقدوا ما يحتاجونه من حنانك؟!، أم تأخذينهم عندك ليحرموا هيبة والدهم وتأديبه؟!.. ثم إنك -بفعلك هذا- قد توقعين نفسك في إحراجٍ لست بحاجة له؛ فربما بعد انكشاف عاصفة الغضب، وإعادة قطار التفكير إلى قضبانه، تندمين على قرارك وخروجك، أو إلحاحك في طلب الطلاق، وتتمنين أن يتوسط أحد لدى زوجك في إرجاعك إليه.
إذا رأيت أن موقف زوجك -بعد ذلك- ليس بالصلابة التي كان عليها أول مرة، فأمضِ على بركة الله في مشروع زواجك، وإن رأيت أنها -رغم حديثك معها، وتدخّل أكثر من شخص في الحديث معها- بقيت على صلابة موقفها فراجع نفسك في موضوع الزواج. ولا شك أن معرفتك بنفسيتها، وأسلوبها في اتخاذ القرارات، والاستمساك بالمواقف، سيكون عوناً لك في اتخاذ موقفك الجيد.
أخي الكريم: إن إبداء تلك الفتاة استعدادها لتقبل الأبناء، والقيام عليهم هو من حسن خلقها، لكن الذي يحدث غالباً أن الكلام يكون سهلاً، ولكن الأمر يختلف بعد الوصول إلى ساحة التطبيق، فالأطفال قد يكونون على طباع لا تحتملهم فيها سوى أمهم، وربما أدى انصرافك إليهم، ومحاولتك سدّ فراغ أمهم إلى إثارة غيرة الزوجة، واتهامها إياك بتفضيلهم عليها، وحتى ربما لو تحمّلتْهم بعض الوقت فربما جاءها من يدفعها للانسحاب، مؤكداً لها أنها تتعب نفسها في غير ما فائدة، وربما أنها لم تستطع تحمّل شقاوة الأطفال، أو حركات المراهقين فأرهقتك بالشكوى، وربما وُجد من يئز الأبناء لمضايقة الزوجة، بزعم أن ذلك سيدفع والدهم لطلاقها، واسترجاع أمهم.
أسأل الله أن يفرج همك، ويمزق ستار حيرتك، ويهديك إلى ما هو خير لك في الدنيا والآخرة.(18/58)
رغبتي في زوجة أخرى.. أغضبت زوجتي!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 15/3/1422
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقد قمت بخطبة امرأة كزوجة ثانية ولم يتم إكمال الخطبة بسبب استخارتي في الزواج منها والمشكلة أن زوجتي الأولى علمت بهذه الخطبة مما نتج عن ذلك مشكلات بسبب أن المرأة المخطوبة حمقا منها نصحت زوجتي بالمحافظة علي وأخبرتها بما أحتاج إليه من زواجي الثاني ودخلت مع زوجتي في أدق التفاصيل بل وقامت بتحليل شخصيتي حتى جمعت بين الصدق والكذب في حديثها مع زوجتي الأولى وسؤالي هو:-
كيف أستطيع إصلاح ما أفسدته تلك المرأة خصوصا وأن زوجتي بيني وبينها محبة وعشرة زوجية دامت 15سنة وإن كان قد تخلل تلك السنوات أيام عصيبة كادت تعصف بزواجنا والله يحفظكم ويرعاكم
وعليك السالم ورحمة الله وبركاته..
الجواب
أخي الكريم.. بغض النظر عما قامت به تلك المرأة.. وهل ندخله في سياق الاجتهاد منها.. أو الحمق - كما أسميته أنت - أو أمر آخر..!! وبعيداً عن الكثير من الأسئلة التي أراها تبحث عن إجابات في هذا الأمر.. مثل كيف عرفت المرأة المخطوبة زوجتك.. لتكلمها..؟ وكيف عرفت شخصيتك بدقة.. لتمللها..؟! وكيف عرفت ما ينقصك.. وما تحتاجه من زواجك الثاني.. لتنجد به زوجتك الأولى؟!! أعني أنها تفاصيل لا يمكن معرفتها إلا عن طريقك أنت..!! فإن كان كذلك.. فيما سيفيد مستقبلاً من تجاربك فيما يتعلق بهذه الجزئية..!!! ولا تفرط في ذكر التفاصيل.. لأنها قد تسيئك أو تسيء غيرك بطريقة أو بطريقة أو بأخرى..!!!
وأما ما يتعلق بسؤالك.. عن كيفية إصلاح ما أفسدته تلك المرأة.. بينك وبين زوجتك.. والعشرة التي بينكما.. مع ما يتخللها أحياناً من مشاكل..؟!
فتعليقي عليه من وجوه عده:-
أولاً - لا تلقي - أخي الكريم - بكل الملامة على هذه المرأة فأنت من اتخذ القرار.. وأنت من اخبرها بالتفاصيل وربما بالعنوان التي اتصلت من خلاله على زوجتك أو قابلتها ولعلها في هذا الأمر ((مجتهدة)) فإن أصابت فلها أجران وإن أخطأت فلها أجر واحد.. ثم لعلها قالت لزوجتك ما لم تستطع أنت قوله لها كل هذه السنين.. وبيّنت لها بعض الحقائق الخافية عنها.. ورب ضارة نافعة.
ثانياً - للتعدد يا أخي الكريم حكمة عظيمة.. وفق ضوابطه وشروطه.. فإن كنت أقدمت عليه اضطراراً فالحمد لله.. أمر مشروع.. سبقت إليه.. ولن يسوءك.. ولكن!!! عليك بمراقبة الله عز وجل في العدل والإحسان وعدم الجور أو الحيف بين زوجاتك. واشرح لزوجتك الأولى بحكم العشرة الطويلة وما كان بينكما من معروف.. لأسباب التي دفعتك إلى هذا الزواج شرحاً وافياً واضحاً يحفظ لها قدرها وقيمتها وكرامتها وأظنها ستتفهم الموضوع.(18/60)
أما إن كان إقدامك على هذا الأمر.. نوع من ردة الفعل أو التقليد فتمهل يا أخي الكريم حتى لا تظلم نفسك وتظلم غيرك وعلم أن الحياة لا تخلوا من بعض المنغصات والصعوبات ولا كنها بكل الاحوال تسير ولا تتوقف وأنت أدرى الناس بظروفك وإمكاناتك فكن منصفاً مع نفسك ومع غيرك ولا تتعجل واستخر ثانية وثالثة كما فعلت في الأولى وتأكد أن المقدر كائن لا محالة
ثالثاً - بالنسبة لإصلاح ما ترى أنه فسد مع زوجتك الأولى فالجلسة الهادئة التي توضع فيها كثيراً من النقاط على حروفها كفيلة بايضاح الكثير من الجمل والعبارات ومن ثم القدرة على قراءتها..!! وشرح الأسباب التي دفعتك.. لخطوتك تلك تعطي الطرف الآخر الفرصة لإصلاحها إن كان باستطاعته ذلك وإلا - على الأقل - وجد لك عذراً وتقبل الأمر..!!
رابعاً - يجب علينا جميعاً أن نتفهم نفسية المرأة وغيرتها وشدة جزعها من مشاركتها بزوجها من امرأة أخرى ولكن الكثير من هذه المشاعر تزداد أو تتلاشى بسبب الرجل..!!! نعم هذه هي الحقيقة.. فإذا كان الرجل عاقلاً ومدركاً.. وعادلاً.. وكريما ً بين زوجاته يعطي كل ذي حقٍ حقه لا يجور ولا يميل.. ولا يفضل أحداً على أحد على الأقل فيما يملك.. سادت الطمأنينة والهدوء وقبل الأمر من الجميع وسارت سفينة الحياة.
وإن كانت الأخرى فقد ظلم نفسه وظلم غيره وأسرف على نفسه في دينه ودنياه.
خامساً وأخيراً ادعوا الله الكريم أن يصلح لك ويصلح بك وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وأن لا يجعله ملتبساً علينا فنظل. وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(18/61)
زوجي يريد ثانية.. لا مانع!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 25/9/1422
السؤال
أنا امرأة متزوجة ولدي بنت وزوجي يرغب بالزواج من ثانية لكي تساعده وتحسن من وضعه المادي وأنا لا أمانع وأنا وهو متفاهمان فهل أنا مخطئة؟ انصحوني جزاكم الله خيرا.
الجواب
أيها الأخت الكريمة..
يبدو من سؤالك أنك وزوجك وأسرتكما في وضع مادي متدنٍ إذ ذكرت أنك لا تمانعين من زواج زوجك بامرأة أخرى تكون ضرة لك تشاركك بل وتناصفك هذا الزوج في سبيل تحسين وضعه المادي والمعيشي، ولذا يمكن النظر إلى هذه المسألة من أمور..
أولا: لا ينازع أحد أن ما تقومين به هو من النوع النادر لدى النساء، فطبيعتهن ترفض هذا الأمر بشدة فحالتك في حكم القليل النادر إذ ترفض المرأة عادة أن يتزوج الزوج بأخرى تشاركه فيه زوجها وحياتها، وما يجر ذلك من مسائل مجبولة عليها النساء من الغيرة المتبادلة بين الزوجات.
ثانيا: أيضا لا ينازع أحد أن التعدد مباح للزوج. فله بنص القرآن الزواج باثنتين وثلاث وأربع إذا قدر على المؤونة وحرص على العدل بينهن، وأقام بينهن بشرع الله، وتجنب الحيف والظلم.
ثالثا: أرى أن قصد الهدف لزوجك من زوجة ثانية على الرغبة في تحسين الوضع المادي ما يدعو إلى مراجعة هذا القرار بينكما، إذ أن مثل هذا الزواج إذا حدد بهدف مادي فقط معرض أكثر من غيره لأسباب الفشل، إذ قد يبدر سؤال عن مصير هذا الزواج إذا لم يتحقق هذا الهدف المنشود، ولم تتحسن حالته المعيشية والمادية.. هل سيستمر في الارتباط بتلك الزوجة مع ما يتوجبه من زيادة في العبء المادي المثقل لكاهله أصلا أم سيختار الخيار الثاني وهو الأصعب؟ ثم هل سيعاود المحاولة مرة أخرى ونعود إلى نفس التساؤل؟؟ هذه الأسئلة يجب أن تأخذيها وزوجك بعين الحساب قبل الإقدام على اتخاذ القرار.
رابعا: أخيرا قد يتغير الوضع عليك بعد زواج زوجك؛ فأنت الآن ربما لا تشعرين بمرارة الجوار والزواج الثاني لزوجك، فالكلام النظري غير الواقع العملي فعليك أن تتحملي تبعة هذه الموافقة وتحمل الألم النفسي الذي قد يأتيك جراء زواج زوجك، وإياك والتشنج أو الاضطراب أو تدمير حياتك الزوجية فيما بعد إذا ما أحسست بعدم التحمل والصعوبة في العيش مع زوج متزوج من امرأة أخرى، فالخاسر في النهاية هم أنت وابنتك.. هذا على أسوأ الأحوال وإن كنت أرجو ألا يحصل معك مثل هذه الأمور، إذ الواقع والتجربة يشهدان بنجاح وسعادة كثير من البيوت القائمة على التعدد في الزواج مادام التفاهم بين الزوج من ناحية والزوجات من ناحية أخرى قائم، والعدل والإنصاف موجود والتسامح والمغفرة متبادلة فيما بين الجميع.
وفقك الله وأسعدك وجميع بيوت المسلمين.(18/62)
يصبو إلى التزوج بثانية
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 18-6-1424
السؤال
أتعرض لفتنة شديدة من قبل النساء، وأرغب أن أتزوج بثانية، ولكن هذا الأمر في مصر غير مقبول، زوجتي تعارض بشدة وتهدد بترك المنزل إن فعلت ذلك، وتترك لي أولادي الأربعة ماذا أفعل؟ هل أتزوج دون إخبارها؟ إذ يغلب عليها الإرهاق والتعب وعدم الاكتراث بالناحية الجنسية.
الجواب
الأخ الكريم ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم".
لا شك أن الفتنة قد عظمت وتطاير شررها في هذا الزمن، وخصوصاً إذا كان الإنسان يعيش في بلد منفتح، لا تراعي فيها الضوابط الشرعية في سلوكيات الناس وعاداتهم.
وفتنة النساء هي إحدى إفرازات هذا التدهور الأخلاقي، الذي أصاب بعض المجتمعات المسلمة مع الأسف.
والإسلام قد أحاط المسلم بعدة حصون لحمايته من هذه الفتن، منها ما أشرت إليه من إباحة التعدد، ولكن من خلال سؤالك تظهر بعض الصعوبات في الإقدام عليه، وفي هذه الحالة يجب عليك ألا تستعجل في اتخاذ مثل هذا القرار، وأن توازن بين المصالح المتحققة منه، والمفاسد المترتبة عليه، وأن بقاء البيت في حالة مستقرة هادئة من أعظم الأهداف التي ينبغي الاهتمام بتحقيقها، لما لها من أثر في نشأة الأولاد نشأة صالحة.
وافترض أنك صرفت النظر عن التعدد، ففي هذه الحالة يجب عليك أن تتعامل مع واقعك بشيء من الحكمة، وأن تسعى لتغييره بصورة تهيأ لك الاستقرار الذي تنشده.
أشرت إلى أن زوجتك يغلب عليها الإرهاق والتعب وعدم الاكتراث بالناحية الجنسية، وهذا شيء طبيعي لمن تتحمل مسؤولية بيت وأربعة أولاد وزوج، فذهنها مشغول بهمومهم، وجسدها منهك بخدمتهم، فمن أين يأتي لها الاهتمام بما تريد؟!
لذلك بإمكانك أن تخفف عنها مسؤولية الخدمة بأي وسيلة ممكنة، كالإتيان بخادمة تساعدها في عمل البيت، وأن تشاركها في حمل همومها، وتساعدها في تجاوز الكثير من المشاكل، وتجلس معها جلسات مصارحة توضح لها أهمية أن تراعي جانب إعفافك باعتنائها بنفسها، وتتفقان على أسلوب مناسب لظروفكما فيما يتعلق بالجوانب الخاصة بين الزوجين.
وربما يكون من المناسب أيضاً أن تقوما برحلة خاصة -ولو قصيرة- لتجديد حياتكما ووصل ما انقطع -بسبب مشاغل الحياة وأعبائها- من العلاقة العاطفية الحميمة التي تكون عادة بين الزوجين في بداية حياتهما.
ولكن لابد أن تعلم أن هذا الأسلوب لن يكون مجدياً إلا إذا استطعت أن تقنع زوجتك بأهميته، ليكون التعاون بينكما في إنجاحه.
وحتى يحقق الله لك ما أردت وقبله وبعده لابد أن تهتم بغض بصرك، فإن البصر هو أول بوابة للوقوع فيما حرم الله -جل وعلا -، ولذلك قال ربنا سبحانه: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" [النور:30] ، ومهما تهيأت لك ظروف الإعفاف وأنت تطلق بصرك فلن تكون مجدية، لتكون كمن يشرب الماء المالح لا يروى أبداً!!
أسأل الله أن يعصم قلبك ويؤلف بينك وبين زوجك على طاعته، وأن يوفقك لما يحب ويرضى.(18/63)
تخشى أن يتزوج بأخرى
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 21/10/1424هـ
السؤال
المشكلة التي تتعب كثيراً من النساء الآن خوف المرأة من زواج زوجها بزوجة ثانية، وذلك لانتشار الزواج الثاني بشكل هائل، والمصيبة أنه من عربيات، وأنت تعلم ما يترتب عليه ذلك، فهن لا يعاملن الزوج كما نعامله نحن، والمشكلة الحقيقية أن من ابتلى بهذا الزواج أفسد على الباقين، فلم يعد الرجال مقتنعين بزوجاتهم، وفتحوا عقولهم على أشياء لم يكونوا يعلمون عنها، وأخذوا يبالغون في وصف زوجاتهم وطريقة تعاملهن معهم حتى في لبسهن ونومهن، حتى تقاطر لعاب أزواجنا لذلك، وطربت آذانهم لهم، فمنهم من تزوَّج ومنهم من يهدِّد، ولكن السؤال: ماذا نفعل نحن الزوجات لتصدي هذا الخطر، فقد أحسنّا التبعل ورعاية الأطفال ونظافة المنزل، فما الحل؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
فلا شك أن أهم مقاصد الزواج غض البصر، وحفظ الفرج، وهل تكفي الرجل زوجة واحدة؟ أم أنه يحتاج إلى أكثر من زوجة؟ كل رجل تقدر حالته بقدرها. وأوجه السائلة إلى ما يأتي:
(1) الخوف من أن يتزوج الرجل بأخرى لم يحل المشكلة، وإنما الذي ينبغي على الزوجة فعل الأسباب التي تديم المحبة والألفة بينهم، وشعور الزوجة بحق الزوج.
(2) في الغالب أن زواج الرجل بأخرى له هدف يختلف بحسب الرجل وحاله، أو أنه حل لمشكلة فتفكر الزوجة في ذلك.
(3) أن الزواج بأكثر من زوجة لا يعني أن الزوج فعل محرماً أو مكروهاً، وإنما فعل أمراً مباحاً أو مستحباً، فيكون التفكير كيف تكون الحياة بعد الزواج؟.
(4) أن كثيراً من الأزواج الذي يحملهم على الزواج بالأخرى هو الزوجة، وذلك بإهمال الزوج وعدم احترامه وتقديره، وبذل ما أحل الله له بنفس طيبة.
لا شك أن كل إنسان في هذه الحياة يبحث عن ما يريحه ويسعده، فلو وجد في الزوجة الأولى ذلك لما تزوج بأخرى.
(5) ما ذكرته السائلة عن بعض الزوجات الأجنبيات من طريقة النوم والحديث وغير ذلك فهذا ليس حكراً عليهن، وإنما كما قيل: من كان له عين ورأس فليفعل كما يفعل الناس، وخاصة إذا كان في دائرة المباح.
(6) أذكرك وصية غالية وهي: لا يشم منك إلا أطيب ريح، ولا تقع عينه على قبيح.
(7) وليست المشكلة هي الزواج بأخرى، وإنما ما يحصل بعد الزواج من هجر للزوجة الأولى، وإهمال لها وعدم عدل بين الزوجات.
(8) وأخيراً الأخلاق الحسنة والمعاملة الطيبة، فإن حسن الخلق سبب للفوز في الدنيا والآخرة.(18/64)
هدّدني بالزواج!
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 5/10/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوجة منذ 11 سنة، وبيني وبين زوجي مشكلة مزمنة تتعلق بالعلاقة الخاصة بيننا، باختصار هو يرى أنني أقل من المعتاد (في الرغبة من حيث عدد المرات أسبوعيا مثلا، وأنا أرى أنه هو الذي أكثر من المعتاد، كل حياتنا منحصرة في هذه المشكلة فلا مشاكل جوهرية بيننا سواها، أصبحت مجريات حياتي مزاج زوجي، تعامله رضاه عنى، تقييمه لي كل شيء متوقف على هذا الموضوع، أنا حاولت أن أزيد من نفسي بقدر ما استطعت لكنى لم أصل أبداً إلى ما يريد، لم أعد أستطيع فعل المزيد،
ودائما ما أعيش بشعور بالتقصير والذنب الذي أنا متهمة به من قبل زوجي، وأصبح إلحاحه يأتي بنتيجة عكسية، وأشعر أنني أفعل ما يريده مني فقط لتجنب المشاكل والغضب ودخول النار واتقاء عذاب الله، ولهذا كله آثاره النفسية طبعا،
ولا أتصور فكرة أن أهميتي ودوري الأساسي هو مجرد هذه العلاقة، وأن كل ما أتميز به من صفات لا قيمة له، وطبعا التهديدات بالزواج الثاني مستمرة سواء بجد أو بمزاح، المهم مؤخرا قال لي زوجي إنه يئس مني، وأنه فقط يتحملني من أجل الأولاد،
وسيبقى علي فقط من أجل الحفاظ على كيان الأسرة، وأثناء هذا يحاول إقناعي بقبول فكرة الزواج الثاني، أنا لا أستطيع تقبل هذا الوضع وأريد الانفصال، فالجميع يشهد لي بالطيبة وحسن الخلق، والتفوق والتعامل الطيب مع الجميع، والأصل الطيب و ... وزوجي لا يقيمني إلا على أساس رضاه عن هذه العلاقة، ولا يأخذ علي أي عيب سوى هذا، كما أني أشعر أنه سوف يكون سبباً في دخولي النار لعدم رضاه المستمر، وأنا لا أستطيع أن أفعل أكثر مما فعلت لأرضائه، ولا يمكن أن أقبل وجود زوجة ثانية،
ولا يمكن أن أصور أن زوجي يقبلني على مضض..على علاتي.
فما رأيكم؟ جزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إلى الأخت السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك واتصالك بنا عبر موقع (الإسلام اليوم) ، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة بالموقع، فهذا مما يسعدنا ويثلج صدورنا.
أختي السائلة: قد سرني حرصك على إرضاء زوجك، وخوفك من إغضابه لما يترتب على ذلك غضب الله عليك، وهذا يدل على فهمك للحقوق الزوجية وحرصك على الكيان الأسري، وهذا أمر تحمدين عليه. وكذلك سرني حب زوجك لك، فنسأل الله أن يجعل حياتكما حياة طيبة سعيدة.
أما بالنسبة لمشكلتك فأنا أرى في الحقيقة أنه ليس هناك مشكلة كبيرة، وخصوصاً مع وجود الحل لهذه المشكلة، لكن كونك لا تقبلين بهذا الحل فأنت -وبكل صراحة- السبب في هذه المشكلة وفي تطورها.
فبداية ليس عيباً أن تكوني محدودة الرغبة الجنسية، وليس عيباً أيضاً أن يكون زوجك شديد الشهوة، فهذا أمر قدره الله على كل منكما، والحل يسير جداً، وهو كما قال الله - جل وعلا-: "فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ" [النساء: 3] .(18/65)
ولقد كان رسولنا - صلى الله عليه وسلم- عنده أكثر من امرأة، وكان صلى الله عليه وسلم- قد أوتي جماع أكثر من امرأة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه طاف على نسائه بغسل واحد في ليلة واحدة، والأحاديث والأخبار عن حياة السلف الصالح في ذلك كثيرة، والواقع الذي نعيشه يشهد لذلك، فهناك من الرجال من لا تكفيه زوجة واحدة، أيقضي شهوته في الحرام من أجل أن زوجته لا تريد شرع الله؟ كلا والله.
فكونك أختي السائلة لا تتقبلين فكرة الزوجة الثانية فهذا أمر خطير، فالتعدد شرع الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فأنا أعيذك أن ترفضي شرع الله، وتعترضي على سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن هذا الأمر عواقبه وخيمة على دينك، فيا أختي السائلة عليك بقبول شرع الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فهذا خير لك في دينك ودنياك، فمن دواعي الزوجة الثانية الحالة التي يمر بها زوجك، فأنت غير كافية له، فيحق له الزواج بثانية شرعاً وعقلاً، وكونك صاحبة خلق طيب، وتعامل حسن مع الجميع ومن أصل طيب إلى غير ما ذكرت من هذه الصفات الحسنة هذا كله ليس مبرراً بأن تعترضي على زوجك؛ لأنه يريد الزواج بثانية، فما أنت عليه من أخلاق أمر تحمدين عليه وينبغي أن تكوني كذلك، لأن هذا الأصل في المسلم، وقضية الزوجة الثانية أمر آخر، فلا تخلطي الأمور بعضها ببعض، ولا يحل لك طلب الطلاق من زوجك؛ لأنه يريد الزواج بثانية، فليس هذا سبب شرعي من أجله تطلبين الطلاق، وقد جاء الوعيد الشديد لمن تطلب الطلاق من زوجها دون سبب شرعي واضح، فعن ثوبان مولى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة" أخرجه الترمذي (1187) ، وقال: هذا حديث حسن.
فإياك ثم إياك أن يلعب بك الشيطان، وتطلبي الطلاق من زوجك لهذا السبب، والذي لا يحق لك ذلك، فزوجك له حق عظيم عليك، فهو جنتك ونارك، كما ثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو طريقك إلى الجنة، فاحذري أن يغلق هذا الطريق في وجهك، ولا تجعليه سبيل لك إلى النار عياذاً بالله من ذلك.
فيا أختي المسلمة ارضي بشرع الله واستسلمي لأمر الله، وارضي بقضاء الله وقدره، يرضيك الله، ويرضى عنك زوجك، فتفوزي بجنة ربك، عن أم سلمة - رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة" أخرجه الترمذي (1161) وقال حديث حسن.
ويا أختي المسلمة لا تعلمي أين الخير، فلعل في زواج زوجك بثانية يكون خير لك،" "وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرا" [النساء:19] "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم والله يعلم وأنت لا تعلمون" [البقرة:216] .(18/66)
فلا تلتفتي لكلام أحد، ولا يغرنك ما ينقله الإعلام الخبيث من تشويه قضية الزوجة الثانية، وإياك ثم إياك وطلب الطلاق، أكرر ذلك عليك، أفيقي يا أخيه ولا تهدمي بيتك بنفسك، ولا تحرمي نفسك من متعة العيش مع رجل يحبك ويحب أولادك الذين هم في أمس الحاجة إلى حنانك وعطفك ورعايتك، فضلاً عن نظرة المجتمع للمطلقة، وقد قيل في المثل المصري عندكم (ظل رجل ولا ظل حيطة) ، فخير لك أن تكوني مع رجل يسترك ويعفك ويقوم على شؤونك ويرعى مصالحك، حتى ولو كانت هناك زوجة ثانية، أفضل من أن تكوني مطلقة، كلمة ثقيلة الوطء على النفس.
فاتقي الله وارضي بحكمه، وحافظي على زوجك وبيتك، ويعلم الله أني لك ناصح، وعليك مشفق، اللهم قد بلغت اللهم فاشهد. هذا والله أعلم.
والله أسأل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى. وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/67)
زوجي غير عادل بين زوجاته
المجيب د. عبد العزيز الشهوان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 14/2/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا امرأة، قد أكملت الأربعين من العمر، وقد التزمت من فضل الله تعالى قبل عشر سنوات، وعدّلت سلوكي وأسلوب حياتي إلى ما يرضي الله، وأصبحت أعمل للدعوة بشكل كبير وأساهم بمالي فيها في الداخل والخارج، ولازمت حلق الذكر ودور التحفيظ، وحفظت أجزاء كثيرة من كتاب الله تعالى.
لقد كنت مطلقة قبل الالتزام، وبعد التزامي تزوجت برجل محافظ، لكن غير عادل بيني وبين زوجته الأولى في المبيت والسفر والمشاوير غير الضرورية، وهو مصر على الاستمرار على نفس النهج، فهو يسافر معها كل إجازة وأنا لم أسافر معه مطلقاً مع أنني طالبته كثيراً بذلك، أما المبيت فحدّث ولا حرج، والمشاوير عندما أطلبها منه يقول لي: دعي سائقك يأخذك إلى أي مكان تريدينه.
ليست مشكلتي الآن في العدل أو عدمه، ولكن مشكلتي الحالية التي بدأت أعاني منها هي أن أفكاري تجاه الدين بدأت تتغير، وقناعاتي قد انحدرت إلى حد ما، لا أريد منكم أن تبحثوا مشكلة العدل لأنها لن تُحل بالإضافة إلى أن نفسي قد انغلقت تجاه حقوقي المهدرة، ولا أريدها الآن بعد سنوات الحرمان، فأنا قد ادّخرتها عند الله يوم لا ينفع مال ولا بنون، ولكني أرجوكم أن تخبروني كيف أنقي قلبي وأنظف عقلي تجاه ديني بعد ردة الفعل التي حدثت لي خلال هذه السنوات الخمس، فأنا لم أغير أعمالي ولا سلوكياتي التي بدأتها بعد الالتزام، ولكن أفكاري بيني وبين نفسي هي التي تغيرت، وذلك الشغف للعبادة والدعوة والبذل قد خفّت حدتهما، ولم أعد أشعر بتلك المتعة التي وجدتها في بداية الالتزام،
هل أنا مريضة نفسياً، أم أن ما أشعر به من تغير أمر طبيعي؟ أنتظر ردكم بفارغ الصبر، وجزاكم الله عني وعن المسلمين خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
ثبتك الله يا أختنا الكريمة، وهداك سبيل الرشاد، وزادك توفيقاً وهداية ورشداً، فاحمدي الله على ما هداك إليه من الخير، وحاولي الثبات عليه بكل الوسائل فهو الغنيمة الباقية، وللمتقين العاقبة.
ولعل ما ذكرت من زوجك تمحيصاً لك، وزيادة في رفع درجاتك عند الله تعالى، فإنه يبتلى الأمثل فالأمثل، فاشكري الله - عز وجل- على ما أنت عليه من الانشغال بالدعوة والترقي في درجات الخير، "ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ... " [فصلت:33] .
فهذه منة عظيمة أن هداك الله للإيمان والعمل الصالح، وهي خير مما يجمعون من حطام هذه الدنيا وزخرفها الفاني.
لكنني أعتب عليك وأنت من أنت في مضمار الخير وقد عرفت الإيمان وحلاوته!
كيف تعلقين تدينك بمخلوقين ضعفاء لا يملكون نفعاً ولا ضراً، فإن وفقوا للخير والعمل به فهو من توفيق الله لهم وإن عدلوا عن الخير فهو من الخذلان لهم، ونسأل الله أن يسددهم، ومتى كان الحق معلقاً بالبشر؟ سواء التزموا به أم لم يلتزموا.(18/68)
فلا بد لك من اليقين التام بأنه لا ارتباط بين الدين وبين من يتدينون به سواء أصابوا أم أخطئوا، وتذكري مقالة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- حينما قال لما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، فالمسلم يتعلق بربه ويلتزم دينه فمن التزم به وفقه الله، ووجد ما عمل سعادة في الدنيا والآخرة ومن حاد فلا ينسب إلى الدين تقصيره، فالحق لا يقاس بالرجال فإن الجماعة مع الواحد إذا كان محقاً، ولو خالفه من في الأرض جميعاً، حتى إن رأيتِ من زوجك أنموذجاً في التدين كما ذكرت، فهذا لا يعني أنه لا يقع في الخطأ وقد يكون مجتهداً ولم يهتد للصواب، وأود أن أنبه إلى مسائل:
المسألة الأولى: فأنصحك بنصائح لعلها تنفعك ويكون لك فيها خير ومخرج مما تعانين منه.
1- لا تجعلي ما ذكرت من تقصير زوجك نحوك شغلك الشاغل فالحمد لله فإنك قد عرفت الخير والأمر بالمعروف والدعوة إليه فاجعليه همك الأول فتهون عليك جميع مصائب الدنيا، ففيه رفعتك في الدنيا والآخرة، وانشغلي بالصلاة والذكر ونحوه من الأعمال الصالحة.
2- التمسي لزوجك العذر ولو في نفسك؛ حتى تطمئنين وتسرين به إذا حضر لأنه قد يكون تصرف هذه التصرفات لظروف خارجية فوق طاقته، ولا يستطيع التعامل بحنكة معها خاصة إن كان له أولاد في سن المراهقة فهم محتاجون إليه ومتابعتهم في هذه السن ضرورية، لا سيما في الإجازات والأسفار، كما أنك لم تذكري أن لك أولاد أم لا، فإن لم يكن لك أولاد أولك لكنهم صغار فاعلمي أن المسؤولية تجاهكم أقل وسترين السنوات المقبلة اهتمامه بهم إن شاء الله، وبناء عليه ترضى نفسك وتوقنين أن هذا التصرف ليس عن سبق تعمد وإصرار وإهمال لكم، بل لمشاغل الدنيا وعلائقها.
ثم إنه ليس كل الرجال لديهم القدرة على إدارة أكثر من أسرة فارضي بالقليل في الدنيا واعلمي أن الذي لم تسمح به نفسك كما ذكرت مدخر لك يوم لا ينفع مال ولا بنون، وإن كان مقام العفو أفضل عند الله تعالى.
المسألة الثانية: حاولي الاهتمام به إذا حضر وأشعريه بحاجتك إليه في الجوانب الاجتماعية والدعوية دونما عتاب يولد جفاء، فستجدينه مع مرور الأيام يتبنى مشاكلك الدعوية وغيرها، لا سيما وأن له اهتماماً بالدعوة وسيكون بينكما قاسماً مشتركاً تتبادلان فيه الحديث والهموم، ولا تنسي اهتمامك بنفسك ومظهرك أمامه، وعدم الانشغال عنه في وقت حضوره حتى يكون أدعى لقربك منه وشعوره باهتمامك به دون لوم أو عتاب على تقصير سابق.
فالأيام كفيلة بحل هذه المشاكل اليسيرة إذا لم تضخميها، ومع الإلحاح بدعاء الله أن يصلح ذات بينكم ويوفقكم لبناء أسرة سعيدة ينفع الله بها الإسلام والمسلمين.
أما ما ذكرت من تساؤلك حول مرضك فلا أظن أن هذا مرضاً نفسياً، بل منه شيء من الغيرة التي يمكن أن توجه وجهة صحيحة بالانشغال بعلو الهمة ومعالي الأمور عن هذه الشواغل والعلائق التي تؤثر على عطائك وحبك للخير. والله أعلم.(18/69)
أختي تهددني إن تزوجت بثانية
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 23/7/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا رجل حائر، أرجو منكم أن ترشدوني وتعظوني، أنا رجل متزوج، وأرغب في الزواج ثانية، فاخترت الفتاة التي كنت أرغب بها، وهي فتاة مستقيمة ومتدينة، وأخبرتها بنيتي، ووافقت، إلا أنها أخبرت أختي بنيتي، فرفضت أختي وهاجت، وهددتني بأنها ستنفصل من زوجها إن أنا تزوجت، فتخليت عن الفتاة بعد أن تعلقت بي، وأخبرتني بأني جرحتها بهذا، فما زلت أفكر فيها، وبعد سنتين عدت ثانية وأخبرتها أنني ما زلت أريد الزواج منها، ووعدتها بأن لا أتخلى عنها هذه المرة، وحصلت نفس المشكلة، وتخليت عنها مرة ثانية، لم أراعي شعورها، وأنا أعلم أنها الآن تتألم، مع العلم أنني ما زلت أرغب بها، أخشى أن أكون ظلمتها، ويعاقبني الله بنفس العمل. ماذا أعمل كي أريح ضميري؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين. أما بعد:
فالجواب كما يأتي:
1- التعدد مما شرعه الله بشروطه التي ذكرها الله، وبحثها العلماء - رحمهم الله-، ولا أحد يعارض في ذلك.
2- الزواج يشرع عند الاستطاعة والقدرة عليه، وهي شاملة لجميع أنواع الاستطاعة، ولعل من ذلك الاستطاعة النفسية، والقدرة على ذلك، وهذا ربما غفل عنه البعض، وأن يجد في نفسه ذلك.
3- حدد موقفك أنت تماماً، هل أنت راغب حقيقة في هذا الزواج ومستعد له أم أنها متعة التحضير للزواج ثم الانسحاب عندما يجد الأمر بمثل هذه الحجج الضعيفة التي ذكرتها في سؤالك.
4- تعليقك لهذه الفتاة بهذه الطريقة إساءة إليها لا تقبل مثلها لأختك أو بنتك، ولذا فلابد من حسم الموضوع؛ لأن ذلك ليس في صالحك ولا في صالحها.
5- إخبارها بالحقيقة وما حصل منك وترددك في ذلك حتى تكون على بينة.
6- الإكثار من الدعاء والاستخارة في ذلك.
7- أختك ليس لها علاقة بالموضوع من أساس، وأنت الذي أعطيتها الفرصة في أن تتدخل في هذا الأمر الهام، ويبدو أن المشكلة فيك أنت، فلو كنت صادق العزم في ذلك لما سمعت كلام أختك، والأعجب من ذلك أنك لم تذكر رد فعل زوجتك والتي يعنيها الأمر أكثر من أختك بكثير، ويبدو أن زوجتك لم تمانع من ذلك، فإن كان الأمر كذلك، وأنك صادق في مشاعرك تجاه هذه الفتاة فتوكل على الله بعد الاستخارة والاستشارة.
والله أعلم، وصل الله على نبينا محمد.(18/70)
ألا يسع الحب لأكثر من زوجة؟!
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 16/3/1425هـ
السؤال
أنا متزوج من أمريكية، وكلانا بنفس العمر (43 سنة) ومتزوجان منذ 13 شهراً، مشكلتي أنني لا أحب ممارسة أي علاقة جنسية مع زوجتي، زوجتي جميلة ومتدينة (منقبة) ، ولم يكن لي مشاكل سابقة معها.
الآن أشعر بالاشمئزاز إذا رغبت أن أجامعها وتخيلت أنها كانت مع رجل قبلي.
أنا ـ والله ـ أحبها من كل قلبي؛ لكنني لا أريد أن أجبر نفسي على الأمور العاطفية معها. أنا أفضل أن أتزوج بكراً، وهل يناقض هذا حبي للأولى. هل الرغبة في الزواج بثانية يدل على عدم حب الأولى؟
هل يكون من الصواب أن أطلب من زوجتي أن تعلم زوجتي الثانية لتكون مثلها، ثم يكون لي منها ولد؟ بماذا تنصحونني؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن على الزوج أن يطأ زوجته كل أربعة أشهر مرة، إن لم يكن له عذر شرعي صحيح؛ لأن الله قدّره بأربعة أشهر في حق المُولي "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم" [البقرة:226-227]ـ والمقصود به: هو الذي يحلف لا يطأ زوجته، فيُمهل أربعة أشهر، فإن وطئ فيها، وإلا طلِّقتْ منه زوجته ـ
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وجوب الوطء بقدر كفايتها ما لم ينهك بدنَه أو يشغله عن معيشته من غير تقدير بمدةٍ، فإذا كان لا يكفيها إلا أن يطأها في كل شهر مرة وجب عليه أن يطأها أكثر من ذلك حتى يرى أنه قد أشبعها؛ ولأن النكاح قد قصد به إعفاف الزوج والزوجة عن ابتغاء الحرام، فوجب أن يظهر فيه هذا المعنى المقصود، ولعل هذا القول هو الراجح.
وما أعجب قولك، من أنك تشعر بالاشمئزاز إذا رغبتْ أن تجامعها، وتخيّلتَ أنت أنها كانت مع رجل قبلك. سبحان الله!! وما ذنبها أنها كانت مع رجل قبلك؟! أفي ذلك ما يضير أو يشين؟! ألم يتزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر نسائه ثيِّبات، كنَّ من قبلُ مع أزواج آخرين؟!! أأنت أكرم أم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ أأنت أشد غيرةً أم رسول الله -صلى الله عليه وسلم -؟
ثم إنه عليه الصلاة والسلام كان يحب عائشة - رضي الله عنها -، ومع ذلك تزوج عليها بأُخريات، وليس بالضرورة أن كل من تزوج أو بدت منه رغبةٌ في الزواج بثانية فهو لا يحب الأولى.
ثم إن كونها لا تنجب عذرٌ يسوِّغ لك شرعاً وعقلاً أن تتزوج بثانية، لكنه لا يسوِّغ لك مطلقاً أن تتجافى عن وطئها، أو تهجرها في مضجعها.
فاتق الله في زوجك، وقم بحقِّها، فإنها كالعاني ـ أي الأسير ـ عندك، وقد وصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنساء خيراً، وقال: "خيركم خيركم لأهله" رواه الترمذي (3895) وأبو داود (4899) من حديث عائشة - رضي الله عنها -. وقال سبحانه: "وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" [النساء:19] .(18/71)
إن أمامك خيارين اثنين (إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان) فإما أن تمسكها بمعروف وتعاشرها بمعروف وتحسن صحبتها وترفق بها وتبرها وترحمها، وإلا فطلِّقها بإحسان، وتسريحها بإحسان خير من إمساكها بغير معروف.
فإن كانت عاقراً لا تلد، فلك الحق كل الحق أن تتزوج بأخرى، فإن أبتْ زوجتك أن تتزوج بأخرى واختارتْ الطلاق على التعدد، فطلِّقها وتزوج غيرها، ولكن قبل أن تطلقها حاول جهدك أن تقنعها بحاجتك إلى الزواج بأخرى، وأن تذكِّرَها بالله، وأن تخبرها بأن هذا هو شرعه في حال السعة (ولو لم يكن بالإنسان من ضرورة إلى الزواج بثانية) فكيف في حال الضيق والحاجة؟!!.
وأذكرك إن هي رضيت بأن تتزوج عليها بأن من حقها أن ترفض أن تجمع بينهما في مسكن واحد إلا برضاها، فإن اشترطت عليك أن تسكن هي في بيت والأخرى في بيت فشرطها شرعي صحيح.
وفقك الله لكل خير وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/72)
أريد الزواج بثالثة ولكن ...
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 12/04/1425هـ
السؤال
تزوجت وعمري 19سنة بامرأة ذات جمال ومتدينة إلى حد ما، أمها من قطرٍ آخر، وأبوها من قطرِنا نفسه. أنا متدين وكان لاختلاف البيئة بيننا وكون زوجتي هي الوحيدة، لا أخوات لها سبب في كثير من المشكلات بيننا خصوصا في الصيف، حيث أضطر للسفر لبلد أمها إرضاء لها، وهناك تكثر المشكلات بسبب بيئة أخوالها المليئة بالمعاصي، وطوال حياتي معها17 سنة لم أجد الراحة النفسية والاستقرار سوى أننا نحب بعض وبشدة إلى درجة العشق أحيانا، ولي منها خمسة أطفال، واضطررت للزواج عليها؛ لأني صرت أضعف مما سبق في تديني، فتزوجت امرأة متدينة، فكانت نعم المرأة العابدة والخلوقة إلى حد لا أستطيع وصفه، لكنني لم أهتم بالجمال لوجود ذلك عند زوجتي الأولى، ولكن بدأت حالتي النفسية في التدهور بسبب طلب الأولى للطلاق بإلحاح شديد، غير أن الثانية زادت تعلقا بي، ففكرت في طلاق الأولى لكن الثانية لا تستطيع إعفافي لتشوهات خلقية في أماكن تحرمني من المتعة الجنسية، ثم فكرت في طلاق الثانية فرأيت من الصعوبة العيش مع الأولى بعد زواجي الثاني، ثم فكرت في طلاق الثنتين والزواج بأخرى تجمع الجمال والدين والخلق وهو ما أميل إليه، أما الزواج بثالثة فلا أستطيع ذلك مادياً؛ ولأني أظن أنه لا يوجد امرأة تتوفر فيها شروطي وتقبل بي، وعندي زوجتان، وأنا الآن أعيش لوحدي بعيداً عن زوجتي الثنتين، وفي حيرة شديدة، فما مشورتكم لي؟
الجواب
أشيد ـ ابتداءً ـ بحرصك على التمسك بالتدين والدعوة ونفع الأمة رغم ما تتعرض له، كما أرجو أن يكون في زواجك المبكر توفيق أراده الله لك، وما جرت الإشارة إليه من جهلك بـ «عالم حواء» وكيفية المعاشرة الزوجية ليس مشكلة التبكير بالزواج بشكل مباشر، بل السبب الحقيقي عدم التأهيل بشكل عام، وهذه قد يقع فيها من هو أكبر سنًا. ومن الواضح أنها لم تكن سببًا في المشكلات التي تعانيها الآن.
ومع أنك ذكرت عددًا من الخيارات التي ترى أنها وسائل لتجاوز المشكلة، فلا أميل لواحدة منها (في ضوء ما كشف عنه السؤال) وبالتالي فلن تكون الإجابة ترجيحًا لأحد الخيارات على الأخرى (طلاق إحداهما، أو طلاق الاثنتين معًا، أو الزواج بثالثة) .
القرار الصواب أن تبقي الاثنتين؛ فإن بينك وزوجتك الأولى علاقة مودة كبيرة، وهي أم أولادك، وربما ترتب على الانفصال عنها سفر أولادها (ولو حينًا بعد حين) إلى أخوالهم وهو ما عانيت منه أنت. وزوجتك الثانية أثنيت على تدينها وصلاحها، ولعلها تكون المعين لك في تحقيق ما تصبو إليه، كما أنها أكرمتك بمحبتها إياك، ولا يوجد مسوغ لطلاقها من جهتها؛ حيث إن مشكلتك، في الواقع، هي مع زوجتك الأولى قبل زواجك بالثانية، وإن كان زواجك الثاني قد ركز نوعية الشجار والخصام. وبالتالي لا أتوقع أن يكون طلاق الثانية حلاً لعدم استقرارك النفسي.(18/73)
والذي أراه الأنفع لك أن تتجه إلى إصلاح زوجتك الأولى، وتعمل على الارتقاء بوعيها واهتماماتها، بالإضافة إلى تلبية حاجتها من الترويح الذي يقنعها بقدراتك، فلا تنتظر أن تقترح هي عليك سفرات الإجازة، بل امنح أسرتك جزءًا من وقتك للتفكير فيما يمكن تسميته بالمفاجآت، وهذا يتطلب استشارة الإخوة المتدينين (مشافهة أو عبر الإنترنت للمواقع الإسلامية التي تعنى بمثل هذا) عن الأماكن التي تجمع بين الجودة والمحافظة وما الأوقات المناسبة للوصول إليها. كما أقترح أن توظف أولادك لصالح بناء علاقة زوجية ناجحة، فمن المتوقع أن يكون بعض أولادك راشدين يعينونك في بعض الأفكار التي تنشر الراحة في الأسرة؛ فإن قدرًا من رضا الزوجة معقود برؤيتها سرور الأولاد ورضاهم. ولا تنسَ مع ذلك، العدل في العطية بين الزوجتين.
أنت بحاجة إلى أن تتعرف إلى وسائل إقناع زوجتك الأولى بالثانية وكيفية تقبلهما لبعض؛ لأن ذلك مهم في استقرار حياتك الزوجية، ولا يصح أن يمرر مفهوم مراعاة مشاعر الزوجتين بإنشاء جدار فاصل بينهما، نقدر الغيرة التي جبلت عليها النساء ونتفهم متطلباتها، لكن ذلك لا يعني القطيعة التي قد تصل إلى أولادهما الذين هم إخوة لأب.
وإذا كان ما سبق دعوة لإصلاح زوجك؛ فإني أتوقع حاجتك (كما هي حاجة كثير من الناس) إلى تعرف وسائل من شأنها تزويدك بقدرة على إدارة نفسك وأسرتك وقيادتها بشكل شجاع وهادئ، ولا تقف عند حدود العاطفة التي ربما سيطرت على نفسك حينًا، فجرتك إلى تصرفات لا تحمدها، وبفضل الله نجد هذا النوع من البرامج قد توفر مؤخرًا في الساحة، فقط امنح نفسك فرصة البحث عن إدارة الحياة الزوجية ومهارات الاتصال والتأثير والإقناع. النوع السابق يسمى البرامج المتعدية، وهناك البرامج الذاتية وهي التي تعنى بتطوير الشخصية من خلال توسيع قاعدة الفهم وتصور الأشياء، وتقوية القلب والشجاعة والتخلص من القلق والتردد ونحو ذلك من البرامج، وهي ليست محصورة في الدورات (كما قد يتوقع البعض) بل هناك القراءات في هذا الموضوع، وثمة كتب ثقافية ومجلات محتشمة تقدم أطروحات جيدة بهذا الخصوص، وهناك الأشرطة السمعية والجلسات التي يعقدها بعض المختصين. أرجو أن تكون معينة لك على تجاوز ما تعانيه من مشكلة.
أسأل الله أن يجمع بينكم على البر والتقوى، ويجعل أهلك وذريتك قرة عين لك.(18/74)
زوجي استرجع زوجته الأولى
المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس
مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 4/6/1425هـ
السؤال
أنا متزوجة من زوج متزوج سابقاً، وله من زوجته الأولى طفلان، قرر إرجاعها، وهو الآن يعيش حالة حب وشوق معها، تغير علي ولم يعد يهتم بي، وأنا صابرة، وأقول: صبرٌ جميل والله المستعان، أصبح يهاتفها كثيراً ويراسلها، وأنا لا أكذب عليك ضايقني هذا الشيء، ولكن والله صابرة وأُؤدي واجباته ومتطلباته، ومهتمة به كثيراً، ولم أبين له انزعاجي، وقد عزمت على أن أتركه أسبوعاً أو أسبوعين عند رجوع زوجته إليه ثم أرجع؛ عله يفتقدني ويحس بي؟ أرشدوني.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخت الكريمة: أسأل الله - عز وجل- أن يجمع بينكما على طاعته، وأن يوفقكما لكل خير، وأن يرزقك الذرية الصالحة، والبيت السعيد في رضا الله - سبحانه وتعالى-.
أما ما سألت عنه: فأنت أعلم بطبيعة زوجك، فقد تقولين بأنك إذا تركتيه مع زوجته الأولى، وغبت عنه في وقت جلوسه معها بأن هذا أدعى لاشتياقه إليك بعد مدة من الزمن، هذا احتمال وارد وليس أكيداً ولا مناسباً مع كل أحد، وقد تكون له نتائج عكسية، لكني أؤكد على عدة مسائل أرجو أن تراعيها:
أولاً: أن يكون ذلك باتفاق ودي بينك وبين زوجك، ولا تشعريه بأن هذا عقاب منك أو هجر له.
ثانياً: ألا تطول مدة غيابك عنه؛ إذ إن طول مدة غيابك قد يجعله يتعود على فقدك.
ثالثاً: تأكدي من قيامك بواجبك كاملاً من حيث البشاشة وحسن العشرة، وإياك أن تطغى الغيرة فتؤثر في حسن تعاملك معه بحيث لا يرى منك خيراً، بل إن من المروءة ألا يتأخر المسلم عند بذل المعروف للآخرين، حتى ولو قصروا هم في ذلك.
رابعاً: إياك أن يحصل في قلبك وحشة وبُعد من زوجك وخاصة بعد عودتك إليه، بل عليك أن تظهري له الشوق والمحبة.
خامساً: ارضي بما قسم الله -عز وجل- فإن الله - سبحانه- قسَّم الأرزاق على العباد بحكمة يعلمها سبحانه ولا نعلمها، والمؤمن يصبر على ما أصابه، ثم يرضى بما قسم الله، ولا يظهر الامتعاض والقنوط، فإن الله - عز وجل- يقول: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم" [البقرة:216] . وفقكم الله لكل خير، ورزقنا وإياكم الصبر والاحتساب. والله -تعالى- أعلم.(18/75)
تزوجت حديثاً وأرغب الزواج بأخرى
المجيب عبد العزيز بن محمد الضبيب
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 3/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
الإخوة الأفاضل: أنا شاب متزوج منذ 5 أشهر، وأرغب في الزواج من امرأة ثانية، ولكن زوجتي ترفض أشد الرفض، بل تقول لي: لو تزوجت الثانية فارجعني إلى بيت أهلي، وحاولت معها مرات ومرات، ولكن دون جدوى، وأنا أرغب في التعدد لأعف نفسي ولأعف غيري، ولأحقق سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فكيف أقنع زوجتي؟ وجزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
الأخ الفاضل: لقد تلقيت رسالتك، وأرجو الله أن أوفق بتقديم الاستشارة الناصحة, فبعد اطلاعي على رسالتك أقول مستعينا بالله ما يلي:
اعلم يا -أخي الكريم- إن دواعي طلب التعدد في مثل عمرك وعمر زوجتك محل نظر، فلم يوجد بعد مسوغ كاف للتعدد، فأنت شاب في مقتبل العمر وكثير من الشباب في مثل سنك لم يتزوجوا بعد، ولكن صدقني أني أستوحي من طلبك التعدد وأنت لم تمض سوى خمسة أشهر من الزواج هو أنك لم تشعر ولم تحقق بعدُ الحياةَ التي تتمناها والتي ترغب بها مع زوجتك، -وهذا ليس تقليلا منها-، ولكن حياتكم الزوجية في بدايتها، ويحتاج كل واحد منكم أن يفهم الآخر بشكل جيد، وخذ مني هذه النصائح، وكن جاداً صبوراً في الأخذ بها، وسترى -بإذن الله- التغير الكبير في تحسن حياتك الزوجية:
أولاًً: ابتعد تماماً عن التفكير بالزواج وطرقه على مسامع زوجتك بين حين وآخر، وأعد إليها الثقة بك، وأشعرها بعطفك، وحبك، وحنانك.
ثانياً: زوجتك فتاة في مقتبل العمر، والحياة الزوجية والأمور المتعلقة بها جديدة، فلا تتوقع منها أن تكون مهيأة بالشكل الذي تريده بين يوم وليلة، فالأمر يحتاج منك إلى تروٍ وحكمة، واعمل على إشباع الحالة العاطفية لزوجتك، فصدقني وثق بقولي إنها ستملأ عليك حياتك، وستحقق لك السعادة الزوجية التي تبحث عنها.
ثالثاً: أن البعض من فتياتنا وخاصة في الخليج العربي يجهلن الكثير عن الحياة الزوجية ومتطلباتها، فإذا قوبل هذا الجهل باندفاع لدى الشاب وعدم قدرة على التروي وتحمل الأمر نشأت من هنا الخلافات الزوجية، فلا تتعجل الأمر؛ فقد تكون زوجتك بحاجة إلى الوقت لكي تنسجم حياتكما الزوجية، ويشعر كل واحد منكم بالرضا العاطفي، ولكن ينبغي أن تختار الوقت المناسب لمصارحة زوجتك بما يجول بخاطرك دون مساس بمشاعرها أو إقلال من شأنها.
رابعاً: كن واقعيا في أحلامك ولا تتأثر بما ترى أو تسمع، وخاصة في وسائل الإعلام والفضائيات إذا كنت من متابعيها؛ فالحياة الواقعية تختلف كثيراً عما يصوره مروجو تلك المواد.
وأخيراً: أشير عليك مشورة الناصح لك ألا تستعجل الأمر، وخذ بما أدليت لك به من مشورة، وأسال الله -سبحانه- أن يجعل زوجتك ناصية مباركة، والله ولي التوفيق.(18/76)
أريد أن أتزوج من أرملة ولكن ...
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات التعدد
التاريخ 11/2/1425هـ
السؤال
السلام عيكم.
أريد أن أتزوج أرملة لأنها فعلا تحتاج إلى رجل بجانبها وأنا من كثرة إشفاقي عليها أصبحت أحبها حباً شديداً وذلك لتدينها وأدبها وأصبحت لا أستغني عنها ولكن أريد أن أتزوجها في الحلال بدون معرفة أحد منعاً للمشاكل لأن هذه المرأة تكون زوجة أخو زوجتي المتوفى وأنا معي ثلاث أطفال ولو عرفت زوجتي ستحدث مشاكل كثيرة لا تنتهي، ماذا افعل؟ بالله عليك لا تقول لي أي سبب يبعد هذه المرأة عني.
الجواب
أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد بن حسين بن عبد الرحمن.
الجواب:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
إلى الأخ أشرف -سلمه الله تعالى-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
أرى أنك قطعت علينا طريق النصح والإرشاد معك، حيث أنك قلت في نهاية رسالتك "بالله عليك لا تقول لي أي سبب يبعد هذه المرأة عني" هكذا قلت، فما دام أن هذا حالك فلماذا أرسلت إلينا إذاً؟ وعلى كل حال أود أن أقول لك: بداية من حيث المبدأ الأمر جائز وليس فيه شيء، ولكن انظر إلى العواقب المترتبة على إقدامك على هذا الأمر، والذي أراه أنك منساق بعاطفة جياشة دون تعقل ولا تفكير سليم، حيث أنك عطلت عقلك عن التفكير، وسيطر عليك تفكير أنه لا غنى لك عن هذه المرأة، وأن حياتك بدونها ستصبح جحيم إلى غير ذلك.
أخي الكريم إن العاطفة في مثل هذه الأمور تؤدي إلى مشكل معقدة، فالذي أراه قبل إقدامك على هذا الأمر الهام أن تفكر في الموضوع من جميع جوانبه من حيث السلبيات والإيجابيات، وعليك باستشارة أهل الخبرة والخير عندك، وكذلك استخر الله في هذا الأمر الهام وأكرر وأقول: فكر في أولادك وزوجتك وبيتك، ولا تكن كالتي نقضت غزلها. هذا والله أعلم وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/77)
والدي..وزوجتي..وأنا
المجيب د. راشد بن سعد الباز
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات الاختلاف بين الزوجين في العادات التعليم
التاريخ 16/05/1425هـ
السؤال
أنا متزوج منذ عشرة أشهر تقريباً، ورزقت ببنت ولله الحمد-، ومشكلتي يا شيخ أني طلبت من أهلي الزواج، وفعلوا، ولكنهم لم يجعلوا لاختياري أي أهمية، حيث إنني طلبت منهم أن تكون غير متعلمة، وأن تكون بين 18-20سنة، وأن تكون غير متينة، وعندما خطبوا لي كانت كل هذه الشروط بالعكس، مع العلم أن حالتنا المادية طيبة ولله الحمد- ولكن الوالد اختار المدرسة لكي تساعدني في الحياة، وأنا قبل المادة أبحث عن الراحة، وأنا يا شيخ أعاني من هذا الأمر، وأذكر لك أنني عندما نظرت إليها النظرة الشرعية كانت تلبس لباساً ملوناً بألوان، ولم ألاحظ (المتن) مع الألوان، وهي تبلغ من العمر 27 عاماً، مع العلم أني وافقت أن تكون مدرسة؛ لأني كنت لا أريد أن أتأخر في الزواج، وعرفت أنها رغبة والدي؛ لأن أبي هو الذي سيزوجني، وقد خاف علي ألا أستطيع مواجهة الحياة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، مع العلم يا شيخ أنني لا أحب زوجتي، وقد حاولت وأنا أشعر بفرق بيني وبينها، وهو أن راتبي 3500 ريال، وهي 5800 ريال، فأشعر بفرق كبير وخيبة أمل؛ إذ إنني كنت أود أن أشعر بالمسؤولية، وأتحمل أعباء الحياة، ولكن والدي يريد أن يسيطر علي دائما في قراراته.
الجواب
أخي الفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
في طرح مشكلتك يجدر بنا تناولها من عناصر عدة:
1- تعرف أنّ الوالدين لا يمُكن أن يُفكرا إلا بمصلحة أبنائهما، لكن نظرتهما للأمور وطريقتهما في التفكير تختلف عن الأبناء، فقيام والدك بخطبة شابة موظفة لك نابع من نظرته أنّ من المصلحة أن تكون زوجتك موظفة تُساعدك وتُساعد نفسها في الجوانب المادية التي أصبحت تُمثل عبئاً كبيراً على كثير من الأسر خاصة مع الظروف الاقتصادية في المجتمع، كما أنّ والدك نظر إلى المستقبل، فالإنسان مُعرض في حياته لكثير من المصاعب والمتاعب كمرض وغيره، ولعل وجود شخص آخر بجانبه كالزوجة تُساعده عند الحاجة مصدر أمان له، ولا أُخفيك أنّ في الوقت الحاضر من أهم شروط الشباب في اختيار الزوجة أن تكون موظفة، وربما أنّك لا تشعر بأهمية ذلك في الوقت الحاضر؛ لأنّه ليس لديك إلا طفلة واحدة، لكن حينما يكون لديك عدد من الأطفال ستعرف أهمية ذلك، فاحمد الله.
2- كثيراً من الأحيان نلوم الآخرين على قرارات اتخذناها بأنفسنا، إذا وجدنا أنّها فيما بعد لا تناسبنا أو أخطأنا في الاختيار، فأنت رأيت الفتاة وتعرف أنّها متعلمة وموظفة، وتعرف عمرها وأنّها متينة، أي أن المعلومات المهمة كلها كانت لديك، بل أشرت في عرضك للمشكلة أنّك وافقت عليها، أي أنّ القرار كان قرارك، لماذا أقدمت على الزواج منها؟ لو أنّك أخبرت والدك أنّك لا تُريد الزواج من هذه الفتاة، وأصررت على رأيك هل سيتم الزواج؟ أعتقد ـ والله أعلم ـ أنه لن يتم هذا الزواج.(18/78)
3- قضية أنّها متينة، لا تجعل هذا عاملاً في حدوث المشكلات أو عدم حبك لها، أولاً أنّك رأيتها وهي على هذا الحال، ثانياً أنّ هناك أساليب عديدة للتخفيف، فيُمكن بالاتفاق مع زوجتك اختيار الطريقة المناسبة، مثل (الرجيم) ، ممارسة بعض الرياضات الخفيفة، وهناك بعض الأجهزة والأدوات التي يُمكن اقتناؤها واستخدامها في البيت، استخدام بعض العلاجات تحت إشراف الطبيب، لكن لا تجعل هذا سبباً يُفرق بينك وبين زوجتك، ولا أخفيك أنّ هناك من الأزواج من يُفضل أن تكون زوجته متينة.
4- يبدو أنّ العامل الأساسي في مشكلتك أنّك تشعر بالفرق المادي بينك وبين زوجتك، مما سبب لك إحباطاً وخيبة أمل.
يا أخي يجب أنّ تكون المادة ليس لها علاقة بقيمة الإنسان وتقديره، فالدين والأخلاق هما المحكان الأساسيان في الحكم على الشخص، والأرزاق بيد الله، وأنت تعلم أنّه في الوقت الحاضر هناك زوجات تفوق رواتبهم رواتب أزواجهم بعدة مرات، فهناك طبيبات وأكاديميات في الجامعات، ومن يعمل في الأعمال الحرة، متزوجات بأزواج في مراتب بسيطة، لكن لم يكن هذا عاملاً في زعزعة العلاقات الزوجية. فلا تجعل الفارق المادي بينك وبين زوجتك يُضايقك، وقد يهدد حياتكم الزوجية، وليس لهذا العامل علاقة بتحمل المسئولية، وتحمل أعباء الحياة، فيُمكن أن تُخبر زوجتك بأنّك لا تريد منها الصرف ولا ريالاً واحداً على البيت، وتقوم الزوجة بادخار راتبها لها، أو تدخره لزمن قد تكون الأسرة في أشد الحاجة إليه.
5- تقول إنّ زوجتك عمرها كبير، لكن في الحقيقة نجد هناك تناسباً بين أعماركما فهي27 وأنت 29 سنة.
6- أشرت إلى أنّك لا تُحب زوجتك، لكن لم تشر إلى أسباب منطقية لذلك، فيبدو أنّه ليس هناك تقصير من جهتها أو أخطاء ارتكبتها.
7- تقول إنّ والدك يُسيطر عليك في قراراتك، إذا كان ذلك صحيحاً فمن الأفضل أن تجلس مع والدك، وكذلك مع والدتك؛ للتفاهم حول هذا الموضوع بأسلوب طيب، وإخبار والدك بأنّك وصلت مرحلة من العمر تستطيع اتخاذ قراراتك بنفسك، لكن مشورة الوالدين فيها الخير والصلاح.
يا أخي الكريم: أنت تزوجت من الفتاة وباختيارك، ولك منها ابنة، ما هو الحل في نظرك هل تُريد طلاقها، مع أنّه ليس هناك عامل وجيه لحدوث المشكلات أو الطلاق، واعلم أنّ ارتفاع راتب زوجتك من المفترض أن يكون عاملاً إيجابياً وليس سلبياً، فاحرص على استمرار حياتكما الزوجية، وابحث عن الخصال الحميدة الموجودة في زوجتك وستجدها كثيرة بإذن الله، كما قال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام "لا يفرك مؤمن مؤمناً مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر" رواه مسلم (1469) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، واعلم يا أخي الكريم أنّ الزواج عبادة يُثاب عليها المسلم، حيث حثّ عليه الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - فاحرص على استمرار هذه العبادة.
أسال الله لك العون والتوفيق.(18/79)
هل لها أن تطلب الطلاق؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات الاختلاف بين الزوجين في العادات التعليم
التاريخ 11/04/1425هـ
السؤال
مشكلتي باختصار هي أن زوجي يتصف بالغباء وبعض الحمق، فهو لم يأخذ إلا الشهادة الابتدائية، أما أنا فأحمل الشهادة الجامعية - وإن كنت أؤمن بأن هذا ليس مقياساً- لكن بعد عُشرة تقارب 3 سنوات تبين لي عدم خبرته في الحياة، بل وسفهه في كثير من تصرفاته، علاوة على ذلك فهو السبب في عدم الإنجاب وفرصة علاجه ضعيفة جداً، فما رأيكم في طلب الطلاق من ناحية شرعية اجتماعية؟ (أضيف بأنه يصغرني في العمر وأنا من يتحمل نفقة المنزل، فهو قد ترك وظيفته) .
ولتحري الإجابة العادلة فإن الرجل صحيح العقيدة محب لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
أما ما يتعلق بمستوى الزوج التعليمي فالذي يظهر أن - الأخت السائلة- على علم به قبل الزواج، لذا فإنه ليس من حقها الرجوع عن موافقتها، وعليها نصحه بأهمية العلم ومواصلة دراسته. هذا أولاً.
ثانياً: ما يتعلق بعدم الإنجاب وأن الزوج هو السبب في ذلك، فهنا أنصح - أختي السائلة- بمراجعة الجهات المختصة بعلاج العقم للنظر في محاولة علاجه، فإن تيسر ذلك فالحمد لله، وإن ثبت عقمه ولم ترغب في الاستمرار معه، فلها التقدم للمحكمة الشرعية للنظر في ذلك؛ لكون العقم في حال ثبوته من العيوب التي يفسخ بسببها النكاح.
ثالثاً: نفقة الزوجة واجبة على الزوج ولا تسقط بمضي الزمن ما لم تسقطها الزوجة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" رواه مسلم (1218) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما-، لذا فالواجب على الزوج أن ينفق على زوجته ولو كانت غنية وهو فقير ما لم تسقطها الزوجة.
وختاماً أنصح - أختي السائلة - ألا تستعجل في طلب الطلاق خاصة وأنها تثني على زوجها بأنه صحيح العقيدة، فلا تدري فقد تتزوج رجلاً بعده تشكو دينه وخلقه، وتتمنى لو بقيت مع زوجها الأول، فالزوج الكامل في هذا الزمان عزيز. والله -تعالى- أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/80)
مشكلتي أني عصبية جداً
المجيب نهى نبيل عاصم
داعية ومستشارة تربوية بالإسكندرية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات الاختلاف بين الزوجين في العادات التعليم
التاريخ 1/05/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أم لثلاثة أطفال -بفضل الله وحمده- متدينة وأسعى للمزيد -إن شاء الله-، وأحاول مع زوجي أن نربي أبناءنا على حب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وأحلم أن أكون لزوجي ولأبنائي كما يحب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-. مشكلتي هي أنني عصبية جداً، وصوتي مرتفع، وكلما اشتد العراك بيني وبين زوجي أغضب وأتعصب وأطلب الطلاق، وأنا واثقة أن ذلك هو الحل الأمثل في تلك اللحظة، ثم بعد ذلك أندم وألوم نفسي، علماً أني أحاول دوماً أن أكون هادئة في الخلافات البسيطة، ودائما أدعو الله -عز وجل- أن يغير من طبعي هذا، ولكن لم أنجح إلى الآن أن أكون هادئة في الخلافات الحادة. أرجو من فضيلة الشيخ أن يدلني على الطريقة المثلى للتخلص من هذا العيب، وكيف لي أن أصبح إنسانة هادئة ورصينة؟ وجزاكم الله عني خير الجزاء.
الجواب
أختي في الله: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
من أهم الأمور التي تجعل المرء هادئًا هو الخوف من الله، فكلما ارتفع صوتك تذكري أن القوامة جعلها الله للرجل، قال تعالى:"الرجال قوامون على النساء".
ورسولنا- صلى الله عليه وسلم- قال: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"، ومن أهم الأشياء التي تبعث على طمأنينة النفس تلاوة القرآن بصورة دائمة بعد كل فرض ولو حزب واحد، والاستماع لأشرطة الرقائق والآداب والعقاب الخاص بالغضب ومعصية الزوج، والله -يا أختي- إن صفاء النفس، ومعرفة أن الله دوماً يرانا مهما حاولنا الاختباء هو علاج جيد في حالتك، كلما شعرتِ بالغضب استشعري الخجل من أن الله يراكِ على حالتك تلك، وضعي نفسك في موقف يوم القيامة، كيف ستواجهين الله القدير؟ وما هو عذرك؟ العصبية؟ عذر واهٍ لا يقبله الله.. هداكِ الله وعافاكِ من شرها، وتذكّري أنكِ قدوة لأبنائك في كل شيء، فحاولي ـ أختي في الله ـ أن تسيطري على نفسك، وأن تتحكمي في انفعالاتك، ثم لتكوني على وعي من أن البيت المسلم هو فرع من المسجد؛ تطلب فيه السكينة والهدوء كما تطلب في المسجد، ومن دخله شعر باطمئنان نفس وراحة بال، وتذكّري نصيحة لقمان لابنه وهو يعظه، كما جاء في القرآن الكريم: "واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير" [لقمان: 19] ، وروي أن رجلاً قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- أوصني، قال: "لا تغضب"، فردد مراراً قال: "لا تغضب" رواه البخاري. وفقك الله.(18/81)
زوجتي والخجل
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات الاختلاف بين الزوجين في العادات التعليم
التاريخ 19/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
سؤالي بعد شكري لكم على هذا الموقع النافع هو:
أنني متزوج منذ ثلاث سنوات وأحمد الله على ما وهبني من زوجة كريمة طيبة هادئة؛ لكن مشكلتها أنها شديدة الخجل متلبسة بحياء يجعلني أحيانا أعتقد أنه ظاهرة مرضية تحتاج إلى معالج نفسي ...
حاولت كثيرا في تغيير هذا السلوك لكني بؤت بالفشل، والذي يؤلمني أكثر أنها عند الآخرين تمارس نفس الأسلوب، بحيث إنها تجلس في المجالس النسائية العامة والخاصة دون أن يكون لها أدنى مشاركة حوارية، وبالتالي بدأ الحديث حولها وحول شخصيتها المنغلقة المتقوقعة ...
لفت انتباهها كثيرا إلى أني غير راض عن سلوكها هذا، فأخبرتني أنها لن تستطيع أن تغيره..
ترى ما الذي يمكن أن أصنعه مع شريكتي أكثر مما صنعت (من تنبيه وحوار دائم حول مشكلتها وما قد تسببه من معاناة لي ولها في حياتنا كشركاء) ؟؟ ..
أتمنى أن أقرأ ردكم سريعا ...
الجواب
الأخ الكريم / وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،، وبعد:
شكرا لثقتك واتصالك بنا في موقع (الإسلام اليوم) .
رسالتك هذه تزيد من إيماني بشيئين اثنين نغفل عنهما كثيراً:
أولهما: أن هذه الدنيا دار مشقة ودار نكد فلا يسلم من نكدها أحد حتى من يتصور البعض أنه قد حصل له من النعم الشيء الكثير إلا أنه تبقى له بعض المنغصات التي تزيل عنه اللذة والمتعة لما تحت يديه.
ثانيهما: أن الشيطان يعظم للزوج والزوجة مساوئ صاحبه، حتى لكأنه لا يرى فيها إلا هذا الخلق الذي لم يرتضه، أو العيب الذي لا يرغب وجوده لدى صاحبه.
قبل فترة ليست بالبعيدة كتب إليَّ زوج مثلك يشكو من عكس ما تشتكي منه أنت تماماً، إذ لديه زوجة قوية الشخصية مبادرة تحب النشاط وتبادل الكلام والآراء، ويذكر أنه يتأذى كثيراً جداً من هذه الصفة التي في زوجته، وأنه لم يستطع حتى الآن النجاح في علاج ذلك، بل يضيف أنه يتمنى لو أن الله كان قد رزقه زوجة هادئة مطيعة تتحمل منه، وتكون سبباً في إخماد الكثير من المخاصمات الكثيرة بينهما ولا تؤججها وتزيدها.
يا رجل والله إن الكثير من الأزواج ليتمنون وجود مثل هذه الصفة عند زوجاتهم؛ لأن الحركة والممارسة والحديث والقيادة لها ضريبتها وهي قوة الشخصية، وجلب الكثير من المتاعب بين الزوجين، خاصة إذا لم يستطيعا أن يديرا شؤون علاقاتهما بحكمة وروية.
المرأة النشيطة في نظرك والقيادية، والتي تمتلك المجلس إذا حضرت ثق أن لذلك ضريبة.
صفات زوجتك توحي بأنها قلما تعاندك أو تماريك أو تلاغطك وتخاصمك، ولكنه في النوع الآخر من النساء يوجد بكثرة، إذ قوتها وتمكنها من الحديث يساعدها على مماراة زوجها ومناكفته حتى يصل بها الأمر إلى النزاع المستمر، وذلك -كما قلت- إذا لم يحسن التعامل معه.
صدقني أن في زوجتك الكثير من الأمور الإيجابية، ولكنها العادة حينما يحس كل زوج بالحرمان إذا ماركَّز النظر على السلبيات وترك الإيجابيات.
تعديل سلوك الهدوء والدعة والسكون والخجل لدى زوجتك شيء ممكن، ولكنه يحتاج إلى وقت طويل لتغييره، وكذلك هذا التغيير يكون محدوداً.
أعانك الله ووفقك وزوجتك لما فيه كل الخير لكما.(18/82)
زوجي يريد أن يُسِكن أخاه معنا
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/مشكلات الاختلاف بين الزوجين في العادات التعليم
التاريخ 8/8/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد أن أشرح مشكلتي، ولا أدري هل هي مشكلة في نظري أنا وحدي أم لا. أنا والحمد لله امرأة متزوجة، وأبلغ من العمر 26 سنة، ورزقني الله بطفلين والحمد لله، ونحن عائلة بسيطة، نصوم ونصلي، ونعبد الله والحمد لله، طلب مني زوجي منذ فترة أن يسكن أخاه الأصغر منه سناً (23) سنة، معنا في نفس الشقة، علماً أن بيتنا مقسَّم إلى غرفة نوم، وغرفة طعام، والصالون، أي البيت ليس كبيراً؛ بل هو والحمد لله يكفيني أنا وزوجي وولديَّ.
من جهتي أنا رفضت هذا الموضوع وغضبت كثيراً من زوجي، علماً أنني متحجبة، وأنا أرتدي الحجاب الشرعي أمام إخوة زوجي، وتعليل زوجي على هذا الموضوع أن أخوه لم يجد عملاً مناسباً بعد، وحتى وإن وجد عملاً من وجهة نظر زوجي أن يوفر الأموال التي سوف يدفعها لاستئجار بيت آخر، أفيدوني أفادكم الله، لأن هذا الموضوع أحدث خلافاً كبيراً بيني وبين زوجي، حيث لمح لي بأنني لست الزوجة المطيعة التي تساعد زوجها وقت الأزمات.
الجواب
أجاب عن السؤال الشيخ/ خالد حسين عبد الرحمن
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إلى الأخت إيمان: - زادنا الله وإياك إيماناً وتقى-.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة عبر الموقع.
لقد قرأت رسالتك أكثر من مرة وسرني جداً التزامك بشرع الله وتحجبك عن الرجال الأجانب عنك، زادك الله حرصاً وثباتاً على الحق آمين.
وفي الوقت نفسه ساءني جداً موقف زوجك، لكن يبدو أن زوجك - حفظه الله - صاحب قلب طيب ويحب أخاه، وهذا مطلوب، وكذلك هو لا يدري عن الحكم الشرعي وما يترتب على وجود أخيه معكم، وخصوصاً وأن منزلكم لا يتسع لأحد غيركم، فلعلك تلتمسين له العذر، وسيكون لي معه كلام بعد قليل إن شاء الله تعالى.
ولكن بالنسبة لك أنت فلا تغيِّري موقفك من رفضك لإتيان أخي زوجك ليجلس معكما في المنزل، ولكن عليك أن تكلِّمي زوجك بحسن خلق ومودة، وحاولي إقناعه بالتي هي أحسن، وذلك عن طريق إحضار بعض الكتب والرسائل الدعوية التي تتناول هذا الموضوع، وكذلك عن طريق الشرائط الإسلامية التي تتحدث عن هذا الموضوع أيضاً، وعن طريق استفتاء بعض المشايخ عندكم، ويسمع زوجك ذلك حتى يقتنع، ويعلم سبب رفضك لهذا الموضوع؛ لأن الشرع الحنيف يحرِّم ذلك.
وحاولي أن لا تزيد الفجوة بينك وبين زوجك وأكثري الدعاء والاستغفار والتضرع إلى الله أن يزيل هذه المشكلة، ويتفهم زوجك الأمر، ونسأل الله لنا ولك ولكل مسلم التوفيق والسداد.
همسة في أذن الزوج:
الرجاء أن يطَّلع زوجك على هذه الكلمات عسى الله أن ينفعه بها:
أيها الزوج الطيب المبارك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(18/83)
أود أن أهمس في أذنك ببعض الكلمات فأرعني سمعك يا رعاك الله.
أخي: يا من منَّ الله عليه بزوجة صالحة نحسبها كذلك إن شاء الله ولا نزكي على الله أحداً - رزقك الله بزوجة ملتزمة بشرع الله، وتلتزم بالحجاب الشرعي في زمن كثر فيه الفتن والمغريات، وخصوصاً من جهة النساء، فاحمد الله على هذه النعمة واعمل على صيانتها وشجعها على طريق الالتزام والتحجب والتستر عن أعين الرجال الأجانب عنها، لأنها ملك لك وحدك لا يحق لأحد أن يرى منها شيئاً إلا محارمها وفي حدود، أما أنت فلك أن ترى منها كل شيء.
فزوجتك الفاضلة تعتب عليك أنك تريد أن تأتي بأخيك الشاب، والذي يبلغ من العمر 23سنة، لكي يسكن معكم في منزلكم المبارك، وكلما علمت من زوجتك أن المنزل لا يسع غيركما بالنسبة للإقامة الدائمة، ولكنك غضبت منها، لأنك تريد أن تساعد أخيك، وهذا بالفعل أمر طيب وشعور نبيل منك أن تشعر بأخيك وتعطف عليه وتبر به، فهذا أمر تحمد عليه، لكن لا يترتب على ذلك مخالفة شرعية، ربما يحدث من جرائها عواقب لا يحمد عقباها.
أخي: لك الحق أن تسأل وتقول: ما هي المخالفة الشرعية يا شيخ التي تحدث من وجود أخي في البيت معنا؟ فأنا أخوه وزوجتي مثل أخته ما الغريب في ذلك؟.
أقول لك: هو أخوك نعم، أما زوجتك فهي أجنبية عنه ولا يحل له ولا لها أن يحدث بينهم خلوة إلا في وجودك، أو وجود محرم لها من أب أو أخ، أو ابن بالغ وما في حكمهم هذا أمر، الأمر الثاني: لا يحل له أن يراها ولا ينظر إليها، وهي كذلك لا يحل لها أن تكشف وجهها أمامه، لأن هذا حرام شرعاً، وبالتأكيد هي لا تجلس في بيتها على طول الوقت مرتدية حجابها، فالمرأة في بيتها لا بد وأن تأخذ راحتها مع نفسها ومع زوجها أظن أن كلامي صحيح.
ربما تقول: أنا أثق في زوجتي وفي أخي، أقول لك: الثقة شيء وشرع الله شيء آخر، لا نقول لك بأنك لا تثق في زوجتك وأخيك، ولكن نقول لك استجب لشرع الله، وإليك حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والذي يرد على جميع تساؤلاتك: عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت" متفق عليه أخرجه البخاري (5232) ، ومسلم (2172) .
والحمو أي قريب الزوج كأخيه، وابن أخيه، وابن عمه، وابن خاله ... إلخ..
فالنبي - صلى الله عليه وسلم- شبه دخول الحمو الذي هو قريب الزوج على امرأة الزوج بالموت، أي أنه شر عظيم وبلية ومصيبة كبيرة كالموت، لذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما" أخرجه الترمذي (2165) ، من حديث عمر - رضي الله عنه- وقال حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني وعن ابن عباس - رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم" متفق عليه أخرجه البخاري (5223،3061،3003،1862) ،ومسلم (1341) .(18/84)
فيا أخي الكريم هذا شرع الله، وهذا حكم الله ورسوله، فلا يسعك بعد ذلك إلا أن تقول سمعت وأطعت يا رب؛ لأن هذا من خصال المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله قالوا سمعنا وأطعنا، فلا تغضب من زوجتك، بل يجب عليك أن يزداد حبك لها ورحمتك بها، وكذلك لا تتخلَّ عن أخيك فمن حين لآخر يزورك في البيت في وقت الإجازة الأسبوعية مثلاً، أو في المناسبات، وأنت كن دائماً على اتصال به، وبين له كذلك الحكم الشرعي، وأن هذا شرع الله، وحكم الله ورسوله حتى لا يغضب وتطيِّب خاطره، وبهذا تكون أرضيت ربك، ولم تغضب أخيك منك، ولم يحدث نفرة ومشاكل بينك وبين زوجتك، وفي الختام أقول لك استمع إلى قول الله تعالى وهو يخاطب الصحابة الكرام - رضوان الله عليهم جميعاً-: "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن" [الأحزاب:53] ، فهذا الخطاب الرباني موجه إلى صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهم من هم أطهر الناس قلوباً وأنقاهم سريرة وأحسنهم نية وأفضلهم طوية ظاهرهم يخبرك عن باطنهم، ومع هذا كله يقول لهم سبحانه إذا أردتم شيئاً من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم- أو من غيرهن فلا تسألهون إلا من وراء حجاب؛ وذلك صيانة لقلوبكم وقلوبهن من الزيغ والفتنة والضلال، فإذا كان هذا في حق هؤلاء فمن باب أولى أن يكون ذلك في حقنا نحن مع فساد الزمن وكثرة الفتن هنا وهناك.
أخي الكريم أود منك بعد قراءتك لهذه الكلمات أن تصطلح مع زوجتك وتعود المحبة والإلفة بينكما مرة أخرى.
هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/85)
زوجي على علاقة بكاهنة!
المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة
التاريخ 08/02/1427هـ
السؤال
ذهب زوجي إلى كاهنة، وبينتُ له أن ذلك حرام، لكنه لا يقبل ما أقول، وشغفت به هذه الكاهنة حباً، وهو يكذب ويقول لي ليس ثمة شيء، وأنا أجد رسائلهما والصور. ويقول لي: إنه لا يرغب في الزواج، ويقول لها عكس ذلك. وأنا أكره عالم هؤلاء الكهان، ولا أريد أن تشاركني هذه المرأة في زوجي، فماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، وبعد:
فنِعَم ما فعلت -أيتها الأخت- حين نهيت زوجك عن الذهاب لهذه الكاهنة، وأخبرتيه أنه حرام، بل إن ذلك من كبائر الذنوب. قال صلى الله عليه وسلم: "فلا تأتوا الكهان" أخرجه مسلم (537) من حديث معاوية بن الحكم السلمي -رضي الله عنه-.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سأل أناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس بشيء" أخرجه البخاري برقم (5762) ، ومسلم برقم (2228) .
وعن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة" أخرجه مسلم برقم (2230) ، بل قد جاء أن تصديق الكاهن فيما يقول كفر -والعياذ بالله- والعراف والكاهن جنس واحد.
كما أنك أحسنت في كراهة عالم الكهان، وعدم رغبتك في أن تشاركك هذه المرأة في زوجك بهذه الطريقة المنكرة، إذ لا يجوز لزوجك أن يتصل بهذه المرأة ويعقد معها صداقة حب وتبادل صور وهي أجنبية منه، فإن هذا من أعظم أسباب الفواحش وأضر الفتن. قال صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" أخرجه البخاري برقم (5096) ، ومسلم برقم (2740) من حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-.
وقال صلى الله عليه وسلم: "فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" أخرجه مسلم برقم (2742) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- فاستمري على ما أنت عليه فلست بمخطئة، وعليك بالصبر واختيار أحسن الطرق لإقناع زوجك للكف عما يفعل، وإذا كنت كذلك فأنت على خير وأجر -بإذن الله تعالى- وفقك الله وهدى زوجك للخير، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله.(18/86)
هل أطلقها أم أستر عليها؟!
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة
التاريخ 08/08/1426هـ
السؤال
اكتشفت أنَّّ زوجتي كانت قد تكلَّمت مع أحد الأشخاص، وركبت معه السيارة في خلوة دون زنا بعد مكالمات بينهما، وقبل أن أكتشف ذلك كانت قد ندمت وتركته، وعرفت ذلك عن طريق المكالمات الهاتفية من الفواتير السابقة لها واعترافها بذلك، حيث لم تعترف إلا بعد المواجهة. أنا الآن تعبان نفسياً وأريد حلاً، فهل الطلاق حل؟ وهل أستر عليها أم أبلغ الأهل؟
الجواب
أخي الكريم: بارك الله فيك، وأسأل الله لك العون والتوفيق، لا شك أن الاتصال الهاتفي مثل ما قلت من السلوكيات المنحرفة المنهي عنها شرعاً وعرفاً. وما قامت به زوجتك من المنكرات غير المقبولة، خاصة وأنها امرأة مسلمة مؤتمنة على زوجها وبيتها وأطفالها. تفكيرك في الطلاق أعتقد أنه لا يحل المشكلة، عليك بتثبيت توبة زوجك وندمها بما يجعلها تأخذ من ذلك درساً، وعليك أن تقف على أسباب ذلك. وللأسف الرجال عادة ما يجعلون زوجاتهم يلجأن لمثل هذه السلوكيات. فعليك أن تعيد حساباتك الخاصة، وكيف تدبر منزلك من جديد، فربما اكتشفت نواحي التقصير والخلل، خاصة في طبيعة العلاقة القائمة بينكما، وأقصد بها العلاقة العاطفية والجنسية، فانتبه لذلك، واسع لإشباع رغبات زوجتك، ولا تدعها تهيم بنفسها تبحث عما يشبعها، وهذه المرة سلمت زوجتك، ولكن المرة الثانية عليك أن تنتبه، ولا تجعل زوجتك لوحدها عاطفياً ووجدانياً.
ثم أنتما في بلاد الغربة، وهناك قد يكون الانفتاح أكثر بحكم اختلاف الثقافة، لذلك عليك الحرص على هويتك وثقافتكم النابعة من قيمك الدينية، وزد أسرتك تثقفاً في دينها، فبتكون القيم والبناء الذاتي نستطيع التعامل مع مثل هذه المشكلة التي قد يكون من أسبابها الانبهار الثقافي، خاصة عندما تضعف القيم الدينية لدى الفرد، فالبشر ضحايا ثقافاتهم، فهي إما ثقافة تبني أو ثقافة تهدم.
أكثر من الاتصال بزوجتك واعبرا طريق الغربة سوياً، اجلسا مع بعضكما، وتحاورا كثيراً، زد من وعيها الديني وبنائها القيمي.
أخيراً لا تذهب بعيداً، فكل بني آدم خطاء، والله -عز وجل- يقبل توبة العبد مهما كبرت، فكيف نحن البشر، أعد الثقة من جديد، وابحث عن الأخطاء، واكملا المشوار سوياً بتوفيق الله، ثم لم تذكر لي أين أطفالك من حياتكم الأسرية، فإذا لم تنجبا بعد فكرا في ذلك؛ فالأطفال يعيدون للحياة حلاوتها وللمنزل أنسه، وللعلاقة قوتها.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن ينير قلبك، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/87)
تمتنع عن معاشرة زوجها؛ لأنه يزني
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة
التاريخ 27/11/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو التكرم بالرد على سؤالي التالي والحكم فيه:
ما حكم المرأة التي يدعوها الزوج إلى فراشه وترفض ذلك؛ بسبب معرفتها بخيانته لها، وارتكابه الزنا مع أخرى، هل صحيح أنها تكون ملعونة منه ومن الله لرفضها معاشرته؟
أرجو التكرم بالرد سريعاً ولكم جزيل الشكر وجزاكم الله خيراً.
الجواب
إلى الأخت السائلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة عبر الموقع.
الأخت السائلة: لقد قرأت رسالتك، وساءني جداً ما قرأته، لكن قبل الشروع في الإجابة عن هذا السؤال أود أن أقول: هل هذه المرأة تأكدت وتيقنت بالأدلة والتي لا تدع مجالاً للشك في كون زوجها يزني؟ أم هي مجرد أوهام فقط، أو ربما يكون هذا الرجل على علاقة غرامية مع تلك المرأة الأخرى، ولكن هذه العلاقة لا تصل إلى حد الزنا -والعياذ بالله - فهذا الأمر خطير، ولا بد فيه من الشهود العدول، والبينة الواضحة والتي لا تتحمل الشك أو التأويل، فلا بد من الأخت أن تتثبت من الأمر قبل إطلاق هذا الحكم على زوجها قال -تعالى -: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين" [الحجرات: 6] .
ثانياً: ينبغي أن تعلم هذه الزوجة أن لزوجها حقاً عظيماً عليها، عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" أخرجه الترمذي (1159) ، وغيره، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، فحق الزوج على زوجته عظيم جداً، ومن حقه أنه إذا دعاها للفراش أن لا تمتنع عنه، بحال من الأحوال إلا أن يكون لديها عذر شرعي من حيض ونفاس، أو يكون ذلك في نهار رمضان، أو أي سبب شرعي آخر يمنع من هذا اللقاء، ما عدا ذلك فلا يحل لها ولا يحق أن تمنع نفسها من زوجها متى طلبها.
عن طلق بن علي - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور" أخرجه الترمذي (1160) وغيره، وقال: حديث حسن صحيح.
وقد جاء الوعيد الشديد لمن أرادها زوجها وامتنعت عنه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح" وفي رواية أخرى: "والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها" متفق عليه، أخرجه البخاري (3237) ، ومسلم (1436) .(18/88)
فإذا امتنعت الزوجة عن تلبية رغبة زوجها إذا دعاها إلى فراشه أصابها الوعيد الذي جاء في الحديث، أما إذا كان امتناعها عن تلبية رغبة زوجها من باب العقاب والزجر له على ما يرتكبه من خيانة زوجية وممارسة الزنا، والفجور مع النساء البغايا، ففي هذه الحالة يكون امتناعها عقاباً لا نشوزاً، ولا يُعد هجراً لفراش زوجها، وعليه فإن الوعيد الذي جاء في الحديث المتقدم عمن تمتنع عن تلبية رغبة زوجها إذا دعاها للفراش لا ينطبق عليها والحالة هذه والله أعلم.
فالزوجة في هذه الحالة غير آثمة -إن شاء الله -، إن أرادت بامتناعها عن زوجها زجره عما هو عليه من الفساد والفجور والخنا.
وعلى هذه الزوجة إذا تأكدت من خيانة زوجها لها، وأنه يمارس هذه الجريمة القبيحة عليها الآتي:
(1) عليها أن توضح لزوجها شناعة هذا الجرم، وبشاعة هذه الفعلة القبيحة، وذلك عن طريق بعض الأشرطة الإسلامية والكتب الدعوية التي تتناول مثل هذه الأمور.
(2) عليها أن تصارح زوجها بهذا الأمر إن لم يكن وراء ذلك ضرر يقع عليها.
(3) عليها أن تخبر أحد محارمها العقلاء، أو أحداً من أهل زوجها كأبيه أو أخيه أو من يقوم مقامهما حتى يتدخل، وينهي هذه المشكلة على خير.
(4) يمكن للزوجة إذا لم تستطع مواجهة زوجها بهذا الأمر أن تكتب له رسالة توضح له بشاعة هذا الأمر، وأن عواقبه وخيمة في الدنيا والآخرة، فعن سمرة بن جندب - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني الأرض المقدسة فذكر الحديث إلى أن قال: فانطلقنا على مثل التنور، فإذا فيه لغط وأصوات، قال: فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا" وفي آخر الحديث: "وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني" أخرجه البخاري (1386) .
وعن أبي أمامة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "بينا أنا نائم أتاني رجلان فأخذا بضبعي، فأتيا بي جبلاً وعراً، الحديث وفيه: "ثم انطلق بي، فإذا أنا بقوم أشد شيء انتفاخاً، وأنتنه ريحاً، كأن ريحهم المراحيض، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الزانون والزواني" الحديث. أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (1986) وابن حبان في صحيحه (7491) وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/611-612) (2393) . والآيات والأحاديث في بيان عاقبة الزنا والزناة كثيرة جداً.
(5) لا يمنع أن هذه الزوجة تهدد زوجها بالانفصال عنه وطلب الطلاق؛ لأنها لا تحب أن تعيش مع رجل خائن، وربما يصاب بأمراض جنسية كالإيدز نتيجة هذه الممارسات الآثمة، فيجر على زوجته الويلات.
(6) على هذه الزوجة أن تلجأ إلى الله بالدعاء أن يفرج عنها هذه الغمة، وأن يهدي زوجها إلى طريق الحق والتوبة إلى الله. هذا والله أعلم.
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/89)
زوجي والخادمة!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة
التاريخ 19-3-1424
السؤال
أنا سيدة متزوجة من 18 سنة ولي أبناء وحياتي الزوجية مستقرة إلى أن قدر الله أن يفضح زوجي بعد أن أخبرتني الخادمة بأنه تحرش بها في غيابي وعندما رفضت هددها بالضرب وبقطع راتبها ... وكانت خائفة وتبكي وأنا انصدمت فكيف يحدث ذلك وزوجي يصلي الفرائض في المسجد ... أنا الآن مصدومة جدا يا سيدي ... فأنا جميلة ورشيقة وألبي رغبته الجنسية وصابرة على نزواته وعصبيته فهل هذا جزاء صبري معه.. وقد استفزني عندما أمرني أن لا تمس الأكل تلك الخادمة القذرة وهنا انفجرت به صارخة.. إذا كانت قذرة كما تسميها فلماذا تريد مضاجعتها؟؟ وهنا طار عقله واخذ يضربني بشدة وعندما أتت الخادمة على صراخي ضربها هي أيضا ضربا مبرحا.. فيا سيدي نحن الآن لنا أسبوع لا نكلم بعضا وأخاف أن أترك البيت ويطلقني..أنا الآن تحول حبي له واحترامي إلى كره شديد واحتقار.. أرجوك أنا محتاجة للتوجيه فأنا أخاف أن يضيع أبنائي وأصبح مطلقة علما بأنه لا مكان لي أذهب إليه بعد الطلاق.
أرجوك ساعدني بأسرع فرصة قبل أن يضيع كل شيء.
الجواب
الأخت الكريمة ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
لقد أخطأت كثيراً حينما انفجرت أمام زوجك وكاشفتيه بالحقيقة وهو حين ضربك وضرب تلك الشغالة كان في حالة مثل حال الغريق الذي يرى نفسه يغوص في الماء ويواجه الموت، ومثل القط إذا حشره العدو إلى أقصى الزاوية فلا يرى أمامه إلا الانقضاض عليه حتى لو كلفه حياته.
الأمر الآن انتهى ولا يصلح التلاوم على شيء انقضى، ولذلك فإن الحكمة هي التفكير بما يمكن عمله الآن وفي هذا الوقت بالذات. وأول هذه الأشياء هي الحذر من ترك البيت فهذا لن يحل المشكلة ولن يكون في صالحك ولن تثمر هذه الخطوة إطلاقاً. الإنسان قد يزل ويخطئ وهو ليس بالمعصوم من ارتكاب الخطأ والشيطان يزين الحرام في نظر الرجل إلى أن يستهويه ويغريه فما يلبث أن يقع فيه إن لم يعصمه الله منه. الخادمة امرأة أجنبية عن زوجك وأنت فرطت كثيراً وتتحملين جزءاً من الخطأ عندما خرجت وأبقيت الخادمة لوحدها في البيت مع علمك بوجود زوجك أو دخوله وخروجه عليها.
ثانياً: صمتك لمدة أسبوع عن الكلام مع زوجك هو حل لا بأس به في نظري كي تهدأ النفوس بعد إخبارك له وضربه لك. ولكن عليك الحذر من أن يستمر هذا الصمت المطبق لأن ذلك سيعقد الأمور. اجعلي علاقتك مع زوجك فيما بعد علاقة عادية جدا.. قومي بطاعته ... كلمات مقتضبة جداً ... الكلمة ورد غطاها فقط، وأحذرك من فتح هذا الموضوع أمامه مجدداً لأنني متيقن من أنه سوف يقدم على الطلاق فالرجل لا يريد من ينغص عليه معيشته ويذكره أو يذله بخطئه في كل لحظة وخاصة أمام الأولاد. انسي الموضوع تماماً لأن زوجك جاءه من الدروس ما يكفيه ... ولن تستطيعي أن تفعلي معه أكثر مما قلتيه. وبذلك ستكتشفين أنه بعد حين سوف يعتدل ويفيق إلى رشده ويعلم مدى وعظم الخطأ الذي وقع فيه.(18/90)
ثالثاً: أوصيك ثم أوصيك بأن تجعلي هذا الأمر في بئر عميق وتدفنيه، وإياك وإخراجه مهما عظم الأمر إن كنت حريصة على بقاء زوجك والبعد عن الطلاق.
نعم لقد تجرع هو ألم ما اقترفت يداه بما فيه الكفاية من الألم النفسي العميق والشعور بالمذلة الكبير وهذا سوف يكون له درساً بليغاً وأي زيادة في هذه الجرعة من الآلام لن يكون لها إلا الأثر الأسوء والنتيجة السلبية عليك وعلى أولادك وعليه هو شخصياً.
رابعاً: استمري في البرود في المشاعر تجاهه والجمود في الأخذ والعطاء أو الكلام معه فهذا فيه من العذاب عليه ما يكفيه خاصة وأنك كما قلت تجدين الاحتقار تجاهه بشرط أن لا تطول مدتها.
هذه الوسيلة كفيلة بإذن الله بأن تعيد إليه رشده وأن تفيق له عقله ثم بعد ذلك صلاح شأنه ولو بعد حين. وعندما يصلح حاله وترين من توبته وأسفه ما يطمئن له قلبك فلا بأس عليك حين إذٍ أن تصفحي عنه وأن تقبلي عذره كي تتسنى المياه للعودة إلى مجاريها وتعود السعادة ترفرف على بيتكم من جديد، فهو في النهاية بشر معرض للخطأ.. وأب لأولادك وزوجك وشريك حياتك.
أعانك الله وأصلح زوجك وردّه إليك رداً جميلاً،،،(18/91)
أريد معاقبة زوجي
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة
التاريخ 2-3-1424
السؤال
أريد أن أعطي زوجي درساً لا ينساه دون أن أخسره، وأريده أن يتوب ويقلع عن خيانتي التي عندما اكتشفتها وأنا مريضة، لم أصارح زوجي بشيء، ولكن هو يشعر بشكي فيه ولأنه مقاطعني ويدعي علي لأني أعامله بجفوة لدرجة أنه طردني من الغرفة.
هو يخونني مع امرأة متزوجة عندما أذهب إلى عملي تتصل عليه لتوقظه في الصباح وعندما أتصل أجد الخط مشغولاً أنا الآن أعرف رقم بيتها وأفكر أن أهددها بأن أخبر زوجها أو أن أفضحها.
أريد المساعدة في أسرع وقت
الجواب
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم"
أسأل الله أن يمن عليك بالشفاء، وأن يكتب لك الأجر، ويوفق بين قلبك وقلب زوجك على طاعته.
مرض الشكوك مرض خطير، ومقيت إذا دخل الحياة الزوجية قوض أركانها وهدم بنيانها وتركها خراباً ينعق فوقها البوم!!
ولأجل خطورته جاءت نصوص كثيرة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بالتحذير منه وبيان خطورته.
منها قوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم" [الحجرات:12] ، ولأن الظن السيئ والشك يستميل قلب صاحبه فيدفعه إلى التحقق من ذلك جاء بعد هذا المقطع من الآية مباشرة النهي عن التجسس بقوله تعالى:"ولا تجسسوا".
وهكذا يغلق الإسلام باباً عظيماً من أبواب إبليس على الأسرة، بأن لا يلتفت الزوجان إلى الشكوك ولا يدعاها تهدم بيتها السعيد.
قدمت بهذه المقدمة -أختي الكريمة- لأني لمست أن الكثير من الشكاوى المشابهة لشكواك ليست لها حقائق ثابتة، بل تؤججها الغيرة أحياناً والرغبة في الانتقام بسبب سوء المعاملة أحياناً أخرى.
لذلك أريدك -أيتها الأخت الفاضلة- أن تتجردي من كل المؤثرات وتنظري إلى هذه القضية نظرة عدل وإنصاف.
هل لديك دليل قاطع لا يتطرق إليه شك بأن زوجك يخونك فرأيت بعينيك أو سمعت بأذنيك ما يثبت علاقته بتلك المرأة؟؟
أم أنها مجرد شكوك لا دليل قاطع عليها؟!
إن كانت مجرد شكوك فالحل ما ذكره الله عز وجل باجتناب الظن السيئ.
وأما إن كانت حقائق فأنصحك بما يلي:
1- أن تصارحي زوجك بهذا الأمر وتذكريه بخطورته وعقوبة الله تعالى العاجلة والآجلة، وليكن ذلك بأسلوب رقيق مشفق يشعره بخوفك عليه ورأفتك به. هذا حل ...
لكن أحياناً قد تدفع المصارحة الزوج للمكابرة وربما تمادى إلى الإضرار بك أو طلاقك وهنا قد لا يكون من المناسب مصارحته، وأنت أدرى بنفسية زوجك.
2- إذا تأكدت من شخصية تلك المرأة فكلميها وذكريها بالله تعالى وأخبريها بأنها تهدم بيتاً مسلماً، ومن فعل ذلك كان حرياً بعقوبة الله تعالى، وهدديها بإخبار زوجها إن هي استمرت على ذلك، ولكن -كما قلت- وبعد أن تتحققي من شخصيتها تماماً.
3- لا بد أن يدفعك هذا الأمر إلى أن تقفي مع نفسك وقفة مصارحة وتتساءلي ما الذي جعل زوجك يخونك؟!(18/92)
لا أخفيك أن الزوجة أحياناً تدفع زوجها لمثل هذه التصرفات بسبب سوء معاملتها له وعدم حرصها على أن تظهر له زينتها وجمالها، وتشبع رغباته وبالتالي يبحث الزوج عن البديل، وقد يكون البديل حلالاً بالزواج من أخرى أو حراماً بارتكاب الفواحش!!
4- المعاصي والذنوب من أكبر أسباب المصائب والمشاكل التي تقع في حياة الإنسان، قال تعالى:"وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير". فراجعي علاقتك بربك وأدائك لأوامره سبحانه، فقد يكون ما أصابك بسبب تقصيرك في ذلك.
5- عليك بالدعاء خاصة في أوقات الإجابة، فهو نعم المعين، وربنا سبحانه كريم جواد لا يرد سائلاً.
أخيراً: قد تسد في وجهك أبواب الحلول كلها وهنا قد يكون الفراق حلاً، وهو خير من بقائك مع زوج لا يراعي محارم الله تبارك وتعالى، لكن هذا الحل يكون بعد تفكير طويل واستشارة واستخارة، عوضك الله خيراً.(18/93)
زوجها يهجرها في الفراش
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية
التاريخ 21/11/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لي صديقة متزوجة منذ سنوات طويلة، ولم تنجب أطفالاً، والسبب من الزوج، ومنذ عدة سنوات هجرها في الفراش، ولم يعد يكترث بها ولا بحقوقها الزوجية، فعلت معه كل شيء كي ترجعه إلى سابق عهده، لكن دون جدوى، لاحظت اهتمامه بشاب معين، فركبها الشك في علاقته به، نظراً لاهتمامه الشديد وتعلقه به، واكتشفت منذ أيام قليلة رسالة بخط يد زوجها تصف جمال ذلك الشاب، وكلام خطير لا يصح أن يذكر من شخص مثله، ويدل عن شذوذه الجنسي.
لا تدرى صديقتي إلى من تلجأ؟ فالكل لن يصدقها، وهي عازمة على الطلاق من هذا الشخص، فطلبت مني، كتابة هذه الرسالة لفضيلتكم لاستشارتكم في هذا الأمر، وحكم الشرع في هذه الكارثة. جزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ما تتعرض له صاحبتك بلاء يستوجب الصبر والالتجاء إلى الله - تعالى -، فإنه نعم المولى ونعم النصير، والصبر ليس خاصاً بمصيبة الموت أو المرض، ففقد فرصة الإنجاب وما وصفت به علاقة زوجها بها مؤخراً من الهجران مدة طويلة، والتقصير في حقوقها الزوجية، وما تتهمه به من علاقة غير سوية تشير إلى تعرض زوجها لموجة من (مرض القلب) ، وما قد تشعر به لاحقاً من فقد زوجها الذي عاشت معه زمناً طويلاً، وربما تملُّكها مشاعر المحبة التي يزرعها الله في قلب الزوجين غالباً، كل ذلك يستدعي احتساب الأخت الأجر عند الله، فإن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، والإيمان نصفان: نصفٌ شكر، ونصفٌ صبر، وقد ذكر الله الصبر في القرآن في نحو تسعين آية، نسأل الله أن يربط على قلبها. والذي يمكن قوله مما يمكن الأخت أن تعمله أمران:
(1) أن تطلب الانفصال عن زوجها، ما دام أن مشكلة عدم الإنجاب من جهته، وأنه أضاف إلى هذا العيب تقصيره في حقوقها وهجرانها، وفي هذه الحالة ليس بالضرورة أن تذكر للناس شيئاً عما لاحظته من سلوكه المريب بذلك الشاب، سواء توقعت تصديق الناس لها أم لم تتوقع، وإنما تركز على الأسباب التي عادة يتقبلها الآخرون ويعرفونها، وهي كافية شرعاً وعقلاً للانفصال، نرجو الله أن يخلف لها خيراً منه.
(2) في حالة رفضه طلب الانفصال يمكنها مصارحته بما لاحظت من سلوكه، مما لا يتفق مع السلوك الشرعي العام.(18/94)
(3) أن تجتهد في مناصحة زوجها وتنبيهه على المسلك الخطير الذي وقع فيه، وسواء كان ذلك مشافهة أو مراسلة، أو عن طريق إيصال بعض المواعظ المكتوبة أو المسموعة إليه، أو تخويفه في مرحلة متأخرة بالتشهير به، وتنبيه الناس على عدم الاغترار به، وسواء كان ذلك قبل الانفصال أو بعده؛ لأن الهدف هو إنكار المنكر الذي وقع فيه، وإصلاح حاله، وقد كتب الإمام ابن القيم - رحمه الله- في بلية زوج صاحبتك كتاباً مطولاً باسم: (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) ، وقد يوجد باسم آخر: (الداء والدواء) ، وقد تستعين الأخت كما استعانت بك بعد الله، بمن يناصح الزوج وينبهه ويعظه. وأسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العافية واليقين.(18/95)
زوجي مبتلى بعلاقات محرمة
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة
التاريخ 9/2/1425هـ
السؤال
أنا متزوجة منذ عام ونصف، لديَّ طفل عمره أقل من سنة، مشكلتي أنني اكتشفت أن زوجي له علاقات محرمة منذ الأيام الأولى لزواجنا، وهي علاقات قديمة ومتينة،
بعضهن متزوجات وأمهات لأطفال، إحداهن أولادها في مثل عمري، لكنهن لا يخفن الله، زوجي مبتلى بعلاقات محرمة، وقد تأكدت من هذا الأمر مليون في المائة، قرأت رسائل هاتفه المحمول، وتصنت على مكالماته، تأكدت من كل شيء، صارحته لكنه ينكر دائماً، ويغضب، ويقلب الموضوع علي، ويصبح أكثر حذراً في كل مرة، أحيانا أنهار فأصرخ في وجهه، وأطلب الطلاق، لكنني أعود عن قراري؛ لأنني أحبه، وأتمنى له الهداية،-أيضاً- لا أريد أن أشتت ابني الصغير، حاولت الإبلاغ عن أولئك النسوة، لكنني أخشى المشاكل، وأخشى أن يعاقبني الله، صبرت كثيراً. هل بإمكانكم مساعدتي؟.
الجواب
أسأل الله أن يفرج همك، ويكشف كربك، ويلهمك الصواب، ويفتح على قلب زوجك، ويرده إليك رداً جميلاً.
حقيقة ألمح من خلال كلماتك أنكِ تملكين عقلاً راجحاً، ونظراً في عواقب الأمور؛ وهذا سوف يسهل عليَّ الإجابة كثيراً.
أختي الكريمة: لو استشرتيني من البداية لقلت لك من الأفضل ألا تخبري زوجك مباشرة بأنك على علم بعلاقاته المحرمة، فلهذا فائدة كبيرة في حل مشكلتك؛ ذلك أن من أكبر ما يعين الإنسان على الاستقامة حرصه على سمعته ومكانته عند الآخرين، وخوف الفضيحة، فإذا فقدنا هذا العنصر فقدنا ورقة رابحة في الحل، إذ أن الأمور تقوى لديه، فما دام الأمر قد انكشف فلم يعد لديه ما يخشى عليه.
أقول لك ذلك؛ حتى تستفيدي منه في المستقبل، ولتعلمي أن المواجهة هي أسهل الحلول، ولكن ليس بالضرورة أن تكون هي أنجحها.
أما وقد صارحته بذلك فلا بد من تغيير استراتيجية الحل لتناسب المقام، من الواضح أن علاقاته قوية ومتينة بأولئك النسوة - كما أشرت إلى ذلك- كما أن من الواضح أيضاً أن زوجك بلغ درجة متقدمة من الانحراف.
فنشوة الزواج - فرحته- لم تمنعه من مواصلة العلاقة بهن، فقد اكتشفتِ كما قلتِ أيام زواجكما، كونه على علاقة مع نساء متزوجات ولهن أبناء، وهذه العلاقة يأباها حتى الكفار الذين يتمتعون بقدر كبير من حرية العلاقات في بلادهم، وفي المقابل يظهر لي أن لك مكانة في قلبه، فرغم اكتشافه له إلا أنه ينكر العلاقة، ولو كان الأمر غير ذلك لما أقام لك وزناً، وكل هذه المؤشرات تعطينا أطراف الحل الحكيم -بإذن الله تعالى-، ولكن لا بد أن تعلمي أن علاج مثل حالة زوجك صعب، يحتاج إلى قدر كبيرة من الصبر، والحكمة، والحزم، فقد قطع في انحرافه مشواراً طويلاً من الصعوبة الرجوع عنه، ولذلك أنصحك بما يلي:(18/96)
(1) لا تستبعدي فكرة الطلاق من رأسك أبداً فهو خيار قوي في ظل ما ذكرته لك، إضافة إلى ذلك فإن العلاقات غير الشرعية تسبب أمراضاً فتاكة معروفة كالإيدز وغيره، وليس من العقل أن تغمضي عن هذا الخطر الذي ربما انتقل إليك، كما أن نشأة الأولاد وهم يرون قدوتهم يمارس الرذيلة سينعكس سلباً على نفسياتهم، وربما أخلاقاياتهم، أنا لا أحثك الآن على طلب الطلاق، ولكن أريد أن تستخدميه لحل هذه المشكلة، فإذا كان زوجك يحبك ولك عنده مكانة فسوف يؤثر فيه تهديدك بطلب الطلاق، أو أن يترك ما هو عليه، فإن استجاب فهذا هو المطلوب، وإلا فلا خير في بقائك مع زوج منحرف لا يقيم لك وزناً، وقد يكون من المناسب أن تذهبي مغاضبة إلى بيت أهلك، وتجلسي عندهم؛ حتى يرعوي عن غيه وانحرافه.
(2) في وقت الحوار معه لا تحاولي استفزازه بانفعالك وصراخك في وجهه، بل أظهري الاحترام له، والشفقة عليه، والرحمة به بالرفق والحنان، وفي المقابل حزمك وجديتك في حل هذه المشكلة.
(3) أحرجيه بالمقارنة، فلو بدر من الزوجة نفس التصرف، وأقامت علاقات غير شرعية مع رجال آخرين فكيف ستكون مشاعره؟ فلم يستحل لنفسه ما يحرمه على غيره؟.
(4) أن تذكيره بالله -تعالى- وتخويفه من أليم عقابه وما أعده الله للزناة والزواني، ويمكن أن تهديه شريطاً أو كتاباً من هذا الموضوع.
(5) قد يكون من المناسب أن تستشيري شخصاً عاقلاً حكيماً؛ يعرفكما ليساعدك في حل المشكلة، ويفضل أن يكون أحد محايك، أو أحد المشايخ الثقات ويكون عن طريق أحد محايك.
(6) أن تكثري من الدعاء له ولك، ولأولادك بالهداية في كل وقت خاصة وقت إجابة الدعاء، فالله لا يخيب من رجاه.
ختاماً: إذا شعرت أن محاولاتك لا تأتي بنتيجة فاستخيري الله- تعالى- في طلب الطلاق حقيقة بعد أن تدريسه من كل النواحي، الاجتماعية، والنفسية، والمادية، فهذا حفظ لكرامتك، ولأولادك.
أسأل الله أن يفتح على قلوبكم جميعاً، وييسر لكم سبل السعادة في الدنيا والآخرة.(18/97)
أريد أن أسترجع ثقة زوجتي بي
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الشك
التاريخ 04/05/1425هـ
السؤال
حدث في يوم من الأيام أن زوجتي وجدت رقمًا غريبًا في جوالي، وهو لامرأة، وقبلها قد وجدت تسجيلاً بذيئًا مع إنسانة تستثيرني جنسيًّا أثناء حديثنا، وأقسمت لها بكل الأيمان ألا أعود لهذه التفاهات، وحاولت بكل الطرق أن أستعيد ثقتها بي ولم أستطع، فأصبحت تشك فيَّ، على العلم أن جميع هذه العلاقات غير جادة نهايئًّا، وقد ذهبت إلى غير رجعة، ولكنني أحس بأنها قد تفعل أي شيء حتى الخيانة كي تحس بنوع من الارتياح الوهمي الذي يمليه عليها الشيطان.
الآن نحن نعيش في بيت واحد ولنا ولدان وبنت، وما جعلها تجلس في البيت ولم تغادر إلى بيت أهلها هو الأولاد وخسارتها معي في بناء بيت الزوجية، حيث يكاد يكون بيتي هو الفريد في قريتي التي أسكن فيها من حيث الجمال والتكاليف، مع العلم أنني رومانسيٌّ جدًا ولكن لست جميلاً، وهي باردة غالبًا وجميلة جدًا.
أريد أن أسترجع ثقتها بي بأي شكل من الأشكال، حيث إنه كل ما يحدث في الكون من خيانة ومن مشاكل زوجية أصبحت تربط بينها وبين ما بيننا، وإذا تذكرت ضاق بها البيت يومين أو ثلاثة أو أكثر. ماذا أصنع.
أفيدوني فأنا أعيش عيشة بدون طعم رغم أنها تقوم بجميع ما أطلبه منها ماعدا أنها تقول إذا رأيتك أحس بغلطة عمري، وتقول إنها لم تستطع نسيان ما جرى وخاصة كلما أتيتها. جزاكم الله ألف خير.
الجواب
من خلال استعراض سؤالك والحوار معك، وتغليب جانب الصدق في قولك وما وصفت به حال زوجك معك؛ أشعر أن موقفها هو نوع من التهرب منك بصورة أنك أنت السبب، ولأنها لا تشعر بكثير من الشوق إليك جاء هذا الحدث - الذي بدوت فيه ضئيلاً أمامها - ليقنعها بالفرصة السانحة في التخفف من رغبتك الجامحة التي لا تتناسب مع مستوى رغبتها هي.
وسأقترح عليك بعض المقترحات، مع شعوري أن السؤال جاء متأخرًا؛ حيث مضى على هذه المشكلة نحو 10 أشهر، ولكن أرجو الله أن يوفقك لتجاوز المشكلة:
1. أن تحاول إقناعها بأن تتصل هي بجهات الاستشارات الموثوقة، وهي إن كانت تريد تجاوز هذه المشكلة فعلاً فستجد حلاً يطمئنها ولو عرضت المشكلة برؤيتها هي.
2. حاول أن تبني جسوراً جديدة من غير محاولة الإلحاح على التبرئ والتأكيد على التغير، دعها تلمس هذا التغير تعاملاً ومعاملة، وأشعرها بالأهمية والحب، وسافر معها سوياً في نزهة، واخرج معها للعشاء في مطعم، فاجئها بهدية، أكثر إطراء إيجابياتها، قم وإياها سوياً بالعمرة؛ إن مثل هذه الأشياء تسعدك كما تسعدها وترمم العلاقة وتأسوا الجراح.
3. كنت سألتك عن أقرب مدينة إليك يتوقع أن يوجد فيها مراكز تدريب، وأعني بها ذلك النوع من المراكز التي تقدم دورات في العلاقات الاجتماعية بحيث يلتحق كلاكما بها، وتحسنان من مستوى العلاقة التي وصفت في حديثك بأنها كالموج تعلو حينًا وتهبط حينًا.(18/98)
4. أرجو ألا تكون غافلاً عن سؤال الله -تعالى- أن يصلح لك زوجك، وأن يجعلها لك قرة عين كما هو دعاء المؤمنين (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا) [الفرقان] .
5. إذا لم تستجب للفكرة أو لم تقتنع بالجواب أو لم يتحسن تفاعلها معك إلى الحد الذي يشبع شوقك وشهوتك؛ فالمقترح الزواج بأخرى تستدرك فيها ما فاتك من زوجتك الأولى، مع إبقائك الأولى في عصمتك فإنها أم أبنائك وستسهم في تحقيق من رغبتك، وربما كان زواجك بالأخرى دافعًا لها لأن تحاول كسب قلبك إليها.
6. وأخيرًا أقترح أن تكون لكما عناية بالثقافة الأسرية من خلال بعض الكتب المتخصصة في هذا الشأن أو متابعة بعض المجلات، ففيها خير لكما.
جمع الله بينكما على البر والتقوى، وجعل كل واحد منكما قرة عين للآخر.(18/99)
هل أخبر جاري بخيانة زوجته؟
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة
التاريخ 27/04/1425هـ
السؤال
زوجة جاري تمارس الرذيلة (الزنا) مع شخص آخر، مستغلة غياب زوجها الذي يعمل بنظام الورديات (آخر الليل) لدى إحدى الشركات، وكنت أنا ممن اطلع على الوضع عن كثب، وشاهدت الشخص يسرح ويمرح معها، وهي بملابس فاضحة، أقول هذا والله رقيب علي أني لم أقل إلا الحقيقة، أرشدوني -جزاكم الله خيراً-، ماذا أفعل تجاه هذه المصيبة؟ أنا حائر كيف أبلغ جاري وأحافظ على علاقاتنا في البيت والعمل؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد:
أشكرك على غيرتك وحرصك على جارك، وفقد وردت النصوص الكثيرة في ذلك، وبالنسبة لما يتصل بعلاقة هذا الرجل مع زوجته، والواجب تجاه هذه المشكلة نلخصه فيما يأتي:
(1) بالنسبة للمرأة عليك بنصحها وإرشادها إما عن طريق الهاتف أو المراسلة، أو المصارحة، أو عن طريق زوجتك، وتذكيرها بالله، والفضيحة في الدنيا والعقوبة في الآخرة، وفتح باب التوبة لها، فإن أقلعت وقطعت العلاقة فالحمد لله، وإلا فإن الواجب عليك تدارس الموضوع مع أهل الخير عندكم، وخاصة إمام المسجد، ورجال الحسبة ولا يمنع كذلك أن يستخدم أسلوب التهديد مع هذه المرأة؛ حتى تقلع عن هذا الذنب.
(2) أما بالنسبة لزوجها فعليكم بتذكيره، وتوجيهه إلى الاهتمام ببيته وكثرة الفتن الموجودة، والفساد، وأن زوجته أمانة في بيته، وذلك بالتلميح دون التصريح.
(3) مراعاة وضع كل من الزوجين الاجتماعي والنفسي، والمالي فإذا كان هناك مشكلة فيُساعدان على حلها.
(4) أما بالنسبة للشخص الذي يأتي إلى بيت هذا المرأة في غياب زوجها فعليكم بنصحه وإرشاده، وأنه لا يرضى مثل هذا العمل في زوجته، ولا بنته، ولا أخته، فإذا لم يستجب لكم فعليك بتهديده، وذلك بفضح أمره، ورفعه إلى الجهات المختصة لإجراء اللازم معه، وردعه عن هذه الفعلة النكراء، هذا، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/100)
زوجي خائن.. فماذا أعمل..؟!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة
التاريخ 29-4-1423
السؤال
أنا امرأة متزوجة منذ عشر سنوات تقريبا ولدي أطفال.. مؤخرا قال لي جيراني بأنهم رأوا زوجي يخونني مع امرأة أخرى في بيتي ولم أشأ أن يعرف زوجي أنني سمعت بهذا الكلام ومؤخرا أردت أن اعرف بنفسي وقلت له أنني ذاهبة إلى عملي. لما ذهب هو كذلك إلى العمل رجعت إلى المنزل لأتحقق من ذلك فتخبأت فما هي إلا ساعة حتى أتى إلى المنزل ومصاحبا بامرأة معه فلم أصبر فدخلت عليهم وهم في وضع مخجل جدا.. وقلت ماذا أفعل الآن هل آتيكم بالبوليس أو ماذا؟!! فقال يجب أن نتفاهم بلا شجار وأخذ يطلب السماح ولكنه جرح عواطفي وحطم قلبي الذي يحبه بصدق فهو قال أنه يحبني ويحب أولاده ولا يريد أن يطلقني فبماذا تنصحوني ولكم ألف شكر والله وليي.
الجواب
الأخت الكريمة: شكرا لثقتك واتصالك بنا في موقع الإسلام اليوم
ماذا عساي أن أقول وقد اكتشفت زوجك مع امرأة أخرى لا تحل له وليست زوجة له في منزلك..!! أنه حقيقة لأمر محزن جدا أن يكتشف المرء خيانة صاحبه له فكيف إذا كان هذا الزوج وكان مكان هذه الخيانة هو عش الزوجية.. والجريمة الكبرى وهي الزنا والعياذ بالله. كما تذكرين..!!!
إني أشاطرك تماماً هذا الحزن الذي أنت فيه لما جرى لك مع زوجك، واقدر تماماً هذا الجرح العاطفي الذي طعنك فيه زوجك، ولا أقول إلا أعانك الله ووفقك للسيطرة على هذه الصدمة وانتشال نفسيتك مما هي فيه الآن. وإن كان لي توصية لك في هذه الاستشارة فأقول:-
أولا - يجب أن يدرك الزوج عظم ما عمله في حق الله سبحانه أولاً ثم في حقك ثانياً وبناءً على ذلك يجب أن تصدق توبته واعتذاره مع الله لأنه من غير توبة يكون بقاءك معه أمر متعذر وهو يقترف مثل هذه الفاحشة.
ثانيا - وهذا مبني على الأمر السابق.. وهو أن تعلمي أن بقاء الزوجة مع رجل زان ويتخذ الصاحبات ويتركب معهن الفاحشة المحرمة أمر لا يبيحه الشرع الحنيف اللهم إلا إذا توقف عن مثل هذه الأفعال المشينة وصدق في توبة مع الله. فأنت هنا يجب عليك التحقق من هذا الأمر مع زوجك.
ثالثاً - الشرع لا يسوغ لك اتهام ذلك الزوج بالزنى الصريح حتى لو كنت قد رأيته على تلك الحال لأن الشرع يلزم بأربعة شهود يشهدون على مثل شهادتك وإلا فإن الأمر في نظر الشرع الحنيف يعد قذفا يعاقب عليه صاحبه. هذا إذا أردت الانفصال عنه والطلاق منه على أنه وفي أكثر المجتمعات يعتبر قول الزوجة في طلب الطلاق إذا كان الزوج يخونها ووجد الشهود عليه مثل هذه الأعمال.(18/101)
رابعاً: إذا علمت منه الندم والتوبة الصادقة وكان محقاً في ذلك فإني أظن المصلحة لك ولأطفالك على الأقل هو عدم التسرع باتخاذ قرارات حاسمة كخلع أو طلب للطلاق.. بل ربما يكشف الله لك أمرا يكون فيه العون لك والخلاص من هذا الجرح النازف في قلبك. كأن يتبدل حال هذا الزوج ويعود إلى رشده ويرجع إلى الله بقلب مؤمن تقي..ورحمة الله واسعة وشفقته على عباده واضحة وكم ارتكب غيره أعمالا أشنع وأفضح في حق الله منه ومع ذلك تابوا وتاب الله عليهم وصلحوا وانقلبت حالهم إلى أحسن مما كانت عليه في السابق بكثير.
خامساً - تبقى هذه الحادثة قنبلة يجب أن تفجر في نفسك تساؤلات عنيفة من سلوك مع زوجك وتبعلك له ومدى إشباعك لرغباته العاطفية والجنسية والروحية. وهذا ليست لوماً لك واتهاماً لتقصيرك وهو أيضاً ليس اعتذاراً لزوجك أو دفاعاً عن تصرفاته المشينة، ولكنها وخزة مؤلمة يجب أن تكسر لديك أموراً صلبه في حياتك العاطفية مع هذا الزوج لينكشف الحال أمام ناظريك فتبصري مكامن القصور التي ربما كانت سبباً في تفكير زوجك في البحث عنها لدى غيرك من النساء حتى لو كانت بالطريق الحرام.
أعود وأكرر عليك التوجيه بعدم التعجل في اتخاذ القرار خاصة إن علمت صدقاً في ندمه، واجعلي الأطفال ومصيرهم ونفسياتهم أمام عينيك. فإن كان والدهم لم يراع مشاعرهم فلا تزيديهم أنت كذلك ألماً.
حرسك ورعاك وأصلح زوجك وهداه الطريق المستقيم،،،(18/102)
هل أسامحها أم أطلقها؟
المجيب د. خالد بن سعود الحليبي
وكيلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة
التاريخ 07/04/1425هـ
السؤال
أنا متزوج منذ سنتين، وأحب زوجتي التي لم تقصر معي في شيء، وتظهر لي الحب وحسن المعاملة دائماً، لكن حدثت حادثة رهيبة أقضت مضجعي، فقد لاحظت منذ أسابيع أن زوجتي تغيرت علي، فقد ازداد خروجها من البيت، وبدأ الشك يدخل قلبي، وقررت أن أواجهها بشكوكي، فاعترفت بأنها على علاقة برجل آخر، حلفتها إن كانت ارتكبت الفاحشة معه، فنفت، الآن تعدني بالتوبة، وأنا أحبها. هل يجوز لي معاشرتها ومسامحتها؟ أم يجب علي تطليقها؟.
الجواب
أخي الكريم: سلام الله عليك. أما بعد:
فأسأل الله -تعالى- لك أن يستر عليك، وأن يحفظ عرضك.
أخي إن هذه القضية التي تطرحها في غاية التعقيد، وليس من عادتي إلا بث روح التسامح والعفو بين الناس، والتيسير عليهم ما استطعت إلى ذلك سبيلا.. ولكني لا أستطيع ـ أبدا أن أتهاون في أمر كهذا.. إن عليك ـ بعد أن حلفتها أنها لم ترتكب جرما مع هذا
المجرم ـ أن تغلظ عليها في الكلام والوعيد، وبيان الجريمة النكراء التي قامت بها حتى لو لم ترتكب جريمة الزنا، ذلك لأن الحديث مع رجل أجنبي في حد ذاته بعيدا عن علم الزوج وفي مجال غرامي مخالفة شرعية وخيانة زوجية، والأمر أعظم مما يتصور الإنسان، فالأمر يتعلق باختلاط المياه في الأرحام، وضياع الأولاد في نسبهم بين الرجال.. والله المستعان، وعليك ـ إذا رغبت في إبقائها عندك أن تطلب منها الآتي:
1ـ التوبة النصوح، التي تقلع فيها عن الفعل، وتندم على ما فعلت، وتعزم ألا تعود مرة أخرى أبدا.
2ـ ألا تتحدث في الهاتف حتى تأذن لها لمدة تحددها معها وكلما طالت كان خيرا، دفعا للشكوك، وإبعادا وتيئيسا للمجرمين، وعقوبة لها.
3ـ أن تأخذ منها الجوال والإنترنت نهائيا.
4 ـ أن تقول لها: إن الفراق بينكما سيكون عند أول حادث أو ملاحظة من هذا النوع مستقبلا لا قدر الله.
ثم اعلم أن هذه المشكلة تنشأ بأسباب كثيرة أشير إلى شيء منها:
1ـ بعد الزوج عن زوجته جسديا بحيث لا يكون حاضرا في بيته كثيرا، أو لا يعاشرها جنسيا.
2 ـ الفراغ الكبير في حياة المرأة حين يوفر لها كل ما يخدمها، ولا تشغل بخير.
3ـ الفراغ العاطفي، حين لا يعبر الزوج لزوجته عن حبه لها، ولا يلتفت إلى جمالها أو زينتها ويتلفظ بمشاعر هي أمامها، ويتحدث معها حديثا نفسيا، فيؤدي ذلك كله إلى شغفها بمن يتيح لها هذه الأمور جميعا.
4ـ وجود الفضائيات المغرية، والإنترنت الخليع، والجوال المفتوح على كل الأرقام في يد الزوجة غير الثقة. هذه لمحات تستحق الإفاضة، ولكن لعل فيها ما ينفع. والله أعلم وصلى الله على محمد وآله.(18/103)
لا أريد أن أهدم بيتي
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة
التاريخ 19/3/1425هـ
السؤال
أنا امرأة متزوجة منذ سنين، والحمد لله أنا موفقة في زواجي ولي عدد من الأولاد ولكن المشكلة أنني اكتشفت أن زوجي منذ شهر أنه يتكلم مع امرأة عبر الهاتف النقال، وهذه المرأة متزوجة، واكتشفت هذه المكالمات عن طريق فواتير الهاتف، ولا أدري ماذا أفعل؛ لأني أحب زوجي وأولادي، ولا أريد أن أهدم بيتي، بالله عليكم أن ترشدوني للطريق الصحيح، وبماذا تنصحوني؟ الرجاء منكم الرد على مشكلتي بسرعة، شاكرة لكم حسن استماعكم لي.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
إلى الأخت الفاضلة: - سلمها الله تعالى- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
من قراءة رسالتك يبدو لي أنك تتمتعين برجاحة العقل، والحكمة في التعامل، وحسن التصرف في المواقف الحرجة، وهذا يسهل علي أموراً كثيرة حال الحديث معك.
أختي الفاضلة: اعلمي أنه ليس هناك إنسان معصوم من الخطأ، إلا من عصمه الله من الأنبياء والرسل -صلوات ربي وتسليماته عليهم جميعاً-، وصدق من قال:
من الذي ما ساء قط *** ومن له الحسنى فقط.
فيا أمة الله: كلنا ذو خطأ، "وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"؛ كما صح بذلك الخبر عن المعصوم -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الترمذي (2499) وابن ماجة (4251) عن أنس - رضي الله عنه -، وليس من الضير أن يخطأ الإنسان، ولكن الخطأ الكبير هو الاستمرار على الخطأ والذنب، وعدم الإقلاع عنه، وعدم الاستفادة منه. أريدك أن تتأكدي من طبيعة العلاقة التي بين زوجك وهذه المرأة، حيث إنك ليس عندك دليل سوى فواتير الهاتف، وكون أنك عرفت هذه المرأة من خلال وجود رقمها في الفواتير، لا يعطيك الحق في إلصاق هذه التهمة الخطيرة بزوجك، فلعل هناك أمر آخر، هذا أمر.
الأمر الثاني: يبدو أنك تعرفين هذه المرأة حق المعرفة، بدليل أنك عرفت عنها كل شيء بمجرد معرفتك لرقم الهاتف الخاص بها، فهل هذه المرأة سيئة الخلق أم ماذا؟.
سؤال آخر: ما الذي دفع زوجك لتكوين مثل هذه العلاقة مع هذه المرأة على حسب زعمك، لا بد وأن هناك خلل ما في العلاقة التي بينك وبينه، ففتشي في نفسك، واعرفي موطن الخلل واجتهدي على إصلاحه، والذي أراه عليك الآتي:
1- إحسان الظن بزوجك حتى يتبين لك صدق اتهامك له.
2- الإصلاح من شأنك تجاه زوجك، وحسن التبعل له.
3- احتواء زوجك احتواءً كاملاً؛ بحيث لا تجعليه يفكر في غيرك.
4- معرفة الأشياء التي يحبها زوجك والعمل على الإكثار منها، ومعرفة الأشياء التي لا يحبها والعمل على تجنبها.
5- لا يمنع أن تجلسي مع زوجك جلسة مصارحة، يكسوها الود والحب وتظللها الرحمة، وتظهر فيها الشفقة؛ لمعرفة الإيجابيات والسلبيات في حياتكما، والعمل على تفعيل الإيجابيات، والحد بل المنع من السلبيات، ولا تخبريه بأنك تعرفين علاقته بهذه المرأة.
6- اشغلي زوجك بأمور الأولاد وأشركيه في شؤونهم والعمل على حل مشاكلهم، وأنه هو القدوة لهم، فيجب ألا يروا منه إلا كل فعل جميل، وقول حسن، وعمل طيب.(18/104)
7- عليك بإحضار بعض الأشرطة الإسلامية النافعة، والكتب الدعوية، والتي تتكلم عن الحقوق الزوجية، وكذلك التي تتناول مثل هذه القضايا، وما هي الآثار السيئة المترتبة عليها.
9- إذا تبين لك أن العلاقة بين زوجك وهذه المرأة علاقة شرعية، أي أنه متزوجها ولكنه لا يريد إخبارك فاحذري من اتخاذ أي تصرف همجي، وعليك بتقبل الأمر بصدر رحب؛ لأن ذلك شرع الله، ولا يقارن أبداً بالعلاقة المحرمة.
8- عليك بتقوية العلاقة بينك وبين الله، ومن ثم ستصلح أمورك كلها، وإذا تأكدت بطبيعة العلاقة بين زوجك وهذه المرأة، وأنها علاقة محرمة فعليك الآتي:
1- إرسال رسائل على جوال هذه المرأة من مجهول، بأن أمرها قد كشف، وإذا لم تنتهي عن ذلك سيتم فضحها على الملأ، وكذلك الحال بالنسبة لزوجك.
2- مصارحة زوجك بالأمر، ولكن عليك بالهدوء وضبط النفس، والحكمة في التعامل معه، وذكريه بحبكما وأبنائكما ومستقبلهم، إلى غير ذلك.
3- مصارحة بعض أهلك ممن يتصف بالحكمة في معالجة مثل هذه الأمور، أو بعض أهله من أب أو والدة، أو أخ، أو غير ذلك ممن يكون له التأثير الإيجابي عليه.
4- إياك والإنهيار والعصبية والتعنيف له على ذلك، ولكن عليك بحسن العشرة، وطيب الكلام، وجميل الأفعال مع إظهار الغضب لما فعله، وبيان حبك له، وشفقتك عليه وعلى الأسرة من الإنهيار.
5- إذا تاب وندم ورجع عن ذلك فبها ونعمت، وإن أنكر علاقته بهذه المرأة، أو قام بأي تبرير لهذه العلاقة فاقبلي منه، ولكن كوني على حذر.
6- إذا استمر وعاند فالأمر إليك فانظري ماذا ترين.
7- عليك بالدعاء وصدق اللجوء إلى الله - جل جلاله- أن يلهمك حسن التصرف، وأن يرجع إليك زوجك رجوعاً جميلاً.
هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/105)
خانها زوجها مرتين
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة
التاريخ 8/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أسأل عن خيانة زوجي لي مرتين وماذا أفعل معه؟ وهل من الأفضل لي الطلاق بعدما جربت معه كل الطرق؟ مع العلم أنني لم أقصر معه في أي شيء حتى يكون عنده المبرر لهذه الخيانة، من فضلكم أرجو منكم الرد سريعاً وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن كانت الأخت السائلة تقصد بالخيانة الزنا فلا شك أن الزنا كبيرة من كبائر الذنوب قال تعالى:"والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما*يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً* إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً" [الفرقان:68-70] ، وقال تعالى:"ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً" [الإسراء:32] .
وحد الزاني الثيب الرجم بالحجارة حتى يموت لما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن رجلاً من أسلم أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحدثه أنه قد زنى فشهد على نفسه أربع شهادات فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجم وكان قد أحصن. رواه البخاري (6429) .
فإن ثبتت صحة ما ذكرته السائلة من زنا زوجها فلها شرعاً أن تتقدم للحاكم الشرعي لطلب فسخ النكاح إن رغبت بذلك، وإن أحبت أن تصبر وتناصحه على ترك ذلك فلها ذلك، وأُشير إلى أن من قذف غيره بالزنا وجب عليه حد القذف وهو جلده ثمانين جلدة دفعة واحدة إن لم يتمكن من إثبات دعواه بأربعة شهود أو إقرار المقذوف بالزنا، قال تعالى:"والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون" [النور:4] ، وجاءت إلى علي -رضي الله عنه- امرأة، فقالت: إن زوجي وقع على جاريتي بغير أمري، فقال للرجل: ما تقول؟ قال: ما وقعت عليها إلا بأمرها، فقال: إن كنت صادقة رجمته، وإن كنت كاذبة جلدتك الحد، وأقيمت الصلاة، وقام ليصلي، ففكرت المرأة في نفسها، فلم تر لها فرجا في أن يرجم زوجها ولا في أن تجلد، فولت ذاهبة، ولم يسأل عنها علي. انظر: الطرق الحكمية (243) سنن البيهقي مختصراً (8/419) ، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(18/106)
وقفات مع مدمن معاكسات
المجيب سعد بن عبد الله الماجد
عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة
التاريخ 12/05/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
في بداية شبابي سلكت طريق المغازلات النسائية بالهاتف، وما تبعه من خلوات غير شرعية، واستمر معي ذلك حتى بعد الزواج. لا أبرِّر فعلتي، ولكن أجد أن زوجتي سهَّلت لي طريق العودة لطريق الشيطان؛ بعدم مشاركتها لي المشاركة النفسية أو الشعورية في إطار الزواج، فقد كانت أمامي جسداً فقط، حرمتني الحوارات الزوجية، وحرمتني المشاعر الغرامية، وإحساس الرجل برجولته في بيته، وحرمتني نعمة احتواء الزوج لزوجته. ونتيجة لما حصل فقد فقدت بيتي وزوجتي وطفلي، وطلبت الطلاق بسبب ما اقترفته من غزل غير شرعي. أرجو منكم نصحي وإرشادي لأتوب وساعدوني، فأنا مفتقر للحنان أبحث عنه ولو عن طريق المكالمات الهاتفية.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أمَّا بعد:
لقد قرأت سؤالك، وتفهَّمت شعورك وبحثك عن طريق لترك المعاكسات الهاتفية وغيرها. اسمح لي -أخي الكريم- بعدة وقفات تجيب فيها بنفسك عل نفسك.
الوقفة الأولى: هل أشبعت هذه المكالمات هذا الجوع العاطفي، وإلى أي مدى؟ ... ألا تشعر بأنك في حالة جوع دائم، وترقُّب دائم للمكالمات.. ألم تشغلك هذه المكالمات والمغازلات عن كثير من مهامك وطموحاتك؟ ألم تُحدِّث نفسك بأن هذه المكالمات العاطفية كذب على المكشوف، تقول بأنك تحبها ولا تستطيع فراقها، فإذا اتصلت بأخرى قلت نفس الكلام. ألا تشعر بأنها تكذب في حبها وعاطفتها، وأن هناك مائة غيرك؟!
الوقفة الثانية: ماذا عنك لو سمعت زوجتك تحدث رجلاً غريبًا بأنها تحبه، وتفصِّل الكلام في الغرام والهيام، بل وفي أخص ما يكون في فراش الزوجية ما هو موقفك؟.
أمر آخر وما يدريك لعل من تكلمها أنت متزوجة؟ فكيف لا ترضى في كلتا الحالتين؟
الوقفة الثالثة: كم من عمرك قد أضعته؟ كم من المال قد أنفقت في سداد أجرة تلك المكالمات؟ أضف إلى ذلك طلب الطلاق من قبل زوجتك، ومفارقتك أبناءك، وحرمانك لهم من عاطفة الأبوة والقيام على رعايتهم؟ (وقد يفعل أبناؤك مثل فعلك، فيبحثوا عن عطف الأبوة الذي حرمتهم منه ... )
الوقفة الرابعة: ماذا عن علاقتك بربك؟ لقد انشغلت بالخلق من بنات حواء، وتركت ربك فلا تعطيه إلا أقل الأوقات في صلاة غير خاشعة، والتفكير فيمن تتصل بها، وفيمن قطعت الصلاة عن وصالها!
لعلك بعد أن تجيب عن هذه الأسئلة، وتقف مع نفسك تلك الوقفات تلحق بسفينة النجاة، فتركب قبل أن تغرق في مستنقعات الرذيلة، فتخسر في الدارين، ولات حين مندم.
الوقفة الخامسة: إن الكثير يريد من زوجته أن تهبه الشيء الكثير من الحب والعاطفة والحنان، وهو لا يهبها إلا السباب والشتم والاستهزاء بخلقتها.(18/107)
فكيف تريد أن تتغزل فيك زوجتك؟ وأنت مقصِّر في حقها (وفاقد الشيء لايعطيه) . إنه على قدر معاملتك لزوجتك تعاملك بمثله أو أحسن. إن المرأة أرق خُلقاً وأسرع تأثراً من الرجل، مع ما جبلت عليه من عاطفة وحنان فياض يعطي بلا حساب-في أكثرهن- لا يعرف ذلك إلا من عرف التعامل الطيب مع زوجته؟.
الوقفة السادسة: لتنشيط الحياة الزوجية الفاترة هناك طرق منها:
(1) بدلاً من مغازلة بنات الناس اللاتي لا يجوز لك مغازلتهن؛ غازل زوجتك بكلمة طيبة، ابتسامة، غمزة عين، وصف لما حباها الله به من جمال من أخلاق، من دين، من عاطفة، من حنان، ترتيب منزل، طهي طعام، تعامل معك ومع أهلك.. لابد أن تجد لهذه المرأة حسنات كثيرة، نعم كثيرة عليك، فاحمد الله واشكره.
(2) أرسل لزوجتك رسالة تصرح فيها بحبك لها، وتمنياتك لها بكل خير، أظهر أُثرها في حياتك، استمع لشكواها ليكن سماعك لها أكثر من كلامك، وسوف تجد اهتمامها بك وحبها لسماع حوارك مع عملها على تكميل النقص الموجود عندها، مشكلة البعض أنه لا يعرف كلام الغزل والحوار إلا مع الغير، وأما مع زوجته فالصراخ والعصا؟!
أخي الكريم، كما أن زوجتك وأبناءك أحق الناس بنفقتك عليهم، فكذلك بعطفك وحنانك عليهم، كيف تصرف من هذا الحب وهذه العاطفة على من لا تعرف من بنات الناس، وتجعل زوجتك وأبناءك عالة يبحثون عن الحب والعاطفة من البعيد والقريب، حيث لا يجدون إلا أقل القليل مع منة الناس عليهم في ذلك.
إن الحب الذي تبحث عنه ما هو إلا كرائحة في مطعم تمر به ولا تأكل منه، فيبقى الجوع ملازماً لك مع عذاب نفسي لعدم قدرتك على الشراء، وإن حاولت أخذه بقوة كنت مغتصباً تحال إلى السجن. أو كسراب في أرض قفراء في رابعة يوم حار يستدرجك المسافات الطويلة، فإذا ما وصلت إليه لم تجده شيئاً، وخارت قواك، وكان في ذلك هلاكك؟.(18/108)
الوقفة السابعة: حكم المغازلات الهاتفية: أيها الأخ المبارك: ينبغي لك أن تعلم أن هذا الطريق -أعني مكالمات الغزل والعشق- محرمة، فالله -تعالى- حرم الزنا وحرم وسائله، وهذه المكالمات طريق رئيس لارتكاب الزنا، قال تعالى: "وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً" [الإسراء: 32] ، وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن) أخرجه البخاري (2295) ، وعن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر وزنا اللسان المنطق والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله ويكذبه) ، أخرجه البخاري في صحيحه (5774) ، كما أن فيه إفساداً لنساء المسلمين، والله -تعالى- لا يحب المفسدين، وفيه إضاعة مال وعمر، ففي الحديث عن ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس، عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وماذا عمل فيما علم" أخرجه الترمذي في سننه (2340) ، كما أن فيه مما جاء النهي عنه من قيل وقال: أخرج البخاري بسنده قال: كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة أن اكتب إلي بشيء سمعته من النبي -صلى الله عليه وسلم- فكتب إليه: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله كره لكم ثلاثاً، قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال" (1383) ، فعليك بالتوبة النصوح، وعدم الرجوع لذلك، قال تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله *إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر:53] ، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" أخرجه مسلم في صحيحه (4872) ، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لله أشد فرحًا بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها" أخرجه مسلم في صحيحة (4928) ، فباب التوبة مفتوح، فمتى التوبة يا عبد الله؟ اعزم على التوبة ولا تسوف؛ فإنك لا تدري متى يفجأك الموت، أم تريد تأخيرها حتى تكون عبرة ومثلا يتعظ به (والسعيد من وعظ بغيره..)
الوقفة الثامنة: كيفية التوبة، والتخلص من إدمان هذه المعصية:
أولاً: للتوبة شروط منها:
(1) الإخلاص في التوبة؛ بأن يكون الباعث على التوبة هو الخوف من الله، والرجاء فيما عنده من الأجر الذي أعده للتائبين، والمستقيمين على شرعه. فلا تكون التوبة خوفًا من الزوجة أو المجتمع، وماذا يقول الناس عنك، أو من أجل السجن وغيره.
(2) الإقلاع عن هذا الذنب، فكيف يكون تائبًا من كان مقيمًا على هذا الذنب؟ هذا وربي خداع للنفس وكذب عليها..
(3) الندم على ما فات في الماضي من ارتكاب للمعصية وتلذُّذ بها، وجراءة على فعلها.
(4) العزم على عدم العودة مستقبلاً، فلا يكون في نفسه أنه يعود، وإلا فتوبته غير مقبولة لأن في هذا مخادعة وكذب.(18/109)
ثانياً: من الطرق العملية للتخلص من المكالمات الغزلية:
(1) مفارقة هذا الهاتف محل المعصية، إما بفصله عن الخدمة مدة من الزمن، حتى يُنسى هذا الرقم من جانب تلك الفتيات، وإما بتغيير الرقم إلى آخر، والعمل على إتلاف أو حذف قائمة أرقام المغازلات الهاتفية.
(2) المحافظة على القيام بأعمال العبادة من صلاة وصيام وحج وغيرها، فرضها ونفلها (السنن الرواتب، وصدقة التطوع، والعمرة إلى العمرة) مع المحافظة على الأذكار، وكثرة الاستغفار، ودعاء الله، وطلب هدايته..
(3) اربط نفسك بصحبة صالحة تعينك في دينك ودنياك، فتعلمك إذا جهلت، وتذكِّرك إذا نسيت، وتحفظك في غيبتك، (وهم -بحمد الله- كثير تجدهم في المساجد وحلق العلم) .
(4) تجنب الخلوة في غير طاعة، ومنفعة دنيوية راجحة.
(5) تجنب قول السوء وسماعه (محادثة النساء الأجنبيات عنك غير المحارم، سماع الأغاني) .
(6) تجنب الاختلاط بالنساء، وغض بصرك عن مشاهدتهن (في الأسواق، وفي شاشات التلفاز والفضائيات، والمجلات، والإنترنت..) ، ويلحق بذلك الاختلاط بالفسقة، ومن همه لا يتعدى ما بين السرة إلى الركبة، ويكثرون الحديث الفاحش في النساء، ويزينون الرذيلة.
وفقك الله للتوبة النصوح، وهداك لخير الأعمال والأقوال، فإنه الهادي الرحيم.(18/110)
اكتشف أنها تخونه!
المجيب د. يوسف بن عبد العزيز العقل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/الخيانة
التاريخ 24/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
لدي صديق متزوج وكلا الزوجين يحب الآخر كثيراً، وهما متزوجان قرابة العشرين سنة، ولهم أولاد، اكتشف الزوج في الآونة الأخيرة أن زوجته على علاقة بشخص آخر- نسأل الله العافية- وعندما واجهها بكت كثيراً، وندمت على فعلتها، وأعلنت توبتها أمامه، شرح لي المشكلة لأجد حلاً، ولكني عجزت عن مساعدته، هو يقول: هل أطلقها وأضيع أولادي؟ هل أصدقها وأصفح عنها؟ ولكنه يقول: لا أستطيع أن أثق بها بعد الآن، لا أستطيع أن أراها أمامي، أحس أنها خانت الله، وخانت العشرة الطويلة التي بيننا، خانت أولادنا، ولكن بكاءها وندمها وتوبتها جعلته يتردد في تطليقها. فما الحل؟ رجاء الإفادة بحل يريح الكل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد.
جوابي إلى الزوج يتلخص في النقاط الآتية:
أولاً: بالفعل الوضع صعب جداً، وفعلها خطير وخاطئ، وخيانة لله ثم لك، وربما كنت أنت - لا مؤاخذة- طرفاً أو سبباً أو على الأقل كنت غافلاً عن رعيتك طوال المدة، أو هكذا بدأ لي من السؤال.
ثانياً: أصارحك بأنه لا يمكنني بهذه الحروف أن أوجد حلاً سرياً لك، لكن مساعدة وتشاور.
ثالثاً: مسألة الطلاق: لك الحق فيه، والعقدة بيدك، ولا إثم عليك بذلك، وإن كان من أبغض الحلال إلى الله، ويعتبر آخر الحلول بمنزلة الكي من الأدوية.
رابعاً: من نظري أن الأمر مختلف، هل العلاقة وصلت لحد الزنا عياذاً بالله، أم أنه مجرد مكالمة وبين ذلك درجات، ولكل حادث حديث، ولكل درجة معاملة مختلفة (هذا ما لم يتضح لي في السؤال) .
خامساً: يمكنني أن أقترح عليك التالي: ابق زوجتك ما دامت أعلنت توبتها وندمها، اجعلها تحت المراقبة الشديدة، اظهر تذمرك وآهاتك على ما صدر منها، املأ وقت فراغها بأي عمل نافع، تابع زوجتك وأولادك بالصلاة؛ فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، والذكر فإنه يطرد الشياطين، كن رقيباً على لباسها وهيئتها ومكالماتها ودخولها وخروجها.
سائلاً الله لي ولك ولها العفة والصيانة والستر في الدنيا والآخرة.(18/111)
نشوز زوجتي لا يطاق!
المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار
إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 30/05/1427هـ
السؤال
تدور بيني وبين زوجتي مشكلات تتمحور في الآتي:
أولها: كان في الدين والتبرج والحجاب والمحافظة على الصلاة في وقتها.
الثاني: عدم تأدية حقوقها الزوجية، والعناد في كثير من الأمور، وعدم الاهتمام بنفسها لي من التزين وغيره، وعدم تقدير الجهد الذي أبذله في عملي. وتدور في مخيلتي عدة تساؤلات:
1- هل أتزوج من امرأة أخرى؟
2- بدأت أحس بأني لا أحبها وأريد الابتعاد عنها، فكيف أتصرف؟
3- هل تنصحوني بإخبارها بأني سوف أتزوج من الثانية ومتى؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
أخي الفاضل أنصحك بما يلي:-
1-أذكرك بأن إصلاح النفس البشرية يحتاج إلى وقت كبير، وخصوصاً إذا لم يكن ذلك بعد دَفْعةٍ قوية ناتجة عن هداية، أو حدث حياتي مؤثر.
لذلك أدعوك إلى الصبر على زوجتك كثيراً حتى تستقيم على شرع الله، وعلى نمط حياتيٍّ ترضاه أنت. أرجو الله الكريم أن يعجل بذلك.
2- ومع هذا الصبر تستمر محاولات التأثير عليها، وتسلك:
أ- التأثير القلبي الإيماني بالتذكير بالله عز وجل وثوابه وعقابه، ورضاه وغضبه، وحبه وبغضه، وغير ذلك. وتسلك أيضاً:-
ب- التأثير القلبي العاطفي الذي يدغدغ المشاعر، ويذكر بالسعادة الزوجية، وسعادة الأولاد، وإقامة أسرة سعيدة ترفع الرأس، وغير ذلك وتسلك أيضاً:-
ج- التأثير العقلي بالإقناع بالصواب والخطأ عن طريق الحجج العقلية، وذكر الآثار السيئة الناتجة عن التصرفات الخاطئة.
وهذا الأمر يحتاج إلى بعض الاستعداد منك، كما يحتاج إلى الصبر. وأسأل الله لك التوفيق.
3- من الأمور المستحسنة بعد المحاولات الشخصية المتعددة: إدخال أحد الحكماء من العائلة ليقوم بنصحها وإرشادها، ويُكتفى بشخص واحد حتى لا تتعدد وتكثر وجهات التوجيه والإرشاد.
4- بعد استخدام الأسلوب السابق وعند عدم الجدوى: ينظر إن كان الهجر يتوقع أن ينفع ويأتي بمردود جيد فلا بأس باستخدامه.
5- إن لم ينفع ذلك أيضاً يمكن استخدام وسيلة إظهار الرغبة بالزواج من ثانية، ولكن قبل استخدام هذا الأسلوب فكر في جدواه فليس يصلح مع كل النساء، وأفضل أن يكون هذا الأمر بينكما لا يسمعه طرف ثالث حتى لا يكون سبباً لتحطيمها وبالتالي عنادها.
وبعد وصول الخبر إلى مسامعها أعطها فرصة طويلة لتصل الفكرة إلى أعماقها، وتفكر في تبعاتها وآثارها لعل ذلك يكون أبلغ في ردها إلى الصواب.
6- إن لم يؤثر هذا الأسلوب واستمرت في عصيانها لله عز وجل، واستمرت في تقصيرها في حقوقك الزوجية، فاصبر عليها إن أردت واستطعت فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: "فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً". [النساء:19] .(18/112)
7- وإن لم تستطع الصبر فخوفها من الطلاق، وذكرها بالله عز وجل، وذكرها بآثار الطلاق عليهما وعلى ابنكما، وأشعرها بأنك أنت أيضاً ستتأثر بالطلاق، وأنك تفقد أم عيالك ورفيقة دربك. وصرح لها بكراهيتك للتطليق، وأرى -إذا لم تستقم- أن تشعر أهلها حتى يشاركوا في نصحها، ولا تقدم على الطلاق حتى يستنفذوا ما عندهم من الوسائل.
8- فإن لم ينفع ذلك كله انتظر طهراً بعد حيض وطلقها طلقة واحدة فقط. وأشعر أهلها بذلك واكتب تلك الطلقة وأشهر عليها، وإني أرجو أن تكون مُدة العدة كافية لإيقاظها وتعقلها.
9- وأثناء عدتها قم بجهد كبير في دراسة أمر الزواج بأخرى. فإن استطعت أن تجمع بين زوجتين في آن واحد، وغلب على ظنك أنك تستطيع العدل بينهما، فأعدها وأرجعها رجعة شرعية، واكتب ذلك، واحرص أن تكون الرجعة قبل انتهاء العدة. فإن لم تستقم بعد الرجعة تزوج بأخرى إن أردت ذلك، ولا تنس فضلها، وعشرتها فإنها أم أولادك وابنة خالتك. (أرجو أن تفهم الخطوات السابقة جيداً ولا تستعجل) أسأل الله العظيم أن يصلح زوجتك، وأن يؤلف بينكما.(18/113)
الإنترنت.. اختطفته مني!
المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 23/05/1427هـ
السؤال
فاجأت زوجي عدة مرات يستمني وهو يتصفح الإنترنت ويتحادث مع غيره في غرف المحادثات حول الجنس، وإذا دعوته إلى الفراش تعذر بأنه قادم من العمل متعب، فبماذا تنصحوني؟
الجواب
أختي العزيزة، تعانين ويعاني غيرك من الزوجات مرارة سلبيات الإنترنت القاتلة والتي دمرت أو تكاد تدمر حياتهن الزوجية مع أزواجهن، لم تذكري هل أنت قريبة عهد بالزواج أو تزوجت منذ وقت طويل، هل لديك أطفال أو لا، وهل كان زوجك على حال حسن ثم تدهور إلى الوضع الذي ذكرت.
وعلى كل حال فإن كان زوجك في أول حياتك معه حسن العشرة، ولم يكن تغيره إلا منذ فترات قريبة، فتحسُن وضعه معك قريب ووشيك إن شاء الله، لكن يحتاج منك إلى صبر ومصابرة، حاولي الخروج معه للتنزه، ومفاجأته بالمواقف التي تغير عواطفه تجاهك، فمرة قومي بعمل حفلة خاصة لكما، وهيئيه ذهنياً ونفسياً لذلك قبل قدومه من العمل، فإن رأيت إهماله لك، وجلوسه على الحال الذي ذكرت فادخلي عليه وكلميه وعيناك مليئتان بالدموع، فمهما يكن الزوج قاسياً غير مبالٍ فستؤثر فيه دمعات زوجته سيما إذا كان بينهما مودة ورحمه ومحبة.
ابتعدي عن الجدال والخصومة فليس لهما أي جدوى مع الرجال غالباً، فقد جعل الله تعالى قوة المرأة في ضعفها، أما أن أتيت له بالقوة والجدال فالرجل أقوى وأشد بطبيعته التي خُلِق عليها.
ثم إن رأيت تحسنًا فالحمد لله، أما إن استمر الحال فبإمكانك طلب الفراق، فحينئذٍ إما أن يبذل ما في وسعه للتغيير، وإما أن يستمر على ما هو عليه، عندها يكون الخيار لك إما الصبر والتضحية لعل الله تعالى يحدث بعد ذلك أمرا، أو البحث عن حياة زوجية كريمة أخرى.
أسأل الله تعالى أن يقر عينك بصلاح الحال والنية والذرية.(18/114)
والداي يتهاجران
المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 13/03/1427هـ
السؤال
أنا شاب متدين -والحمد لله- إلا أن أبي وأمي قد جعلا حياتي جحيما، فمع أنهما يصليان ويزكيان ويصومان، ويعلمان أنه لا يجوز للمسلم أن يخاصم أخاه فوق ثلاثة أيام، إلا أنهما لا يتكلمان أو يجتمعان، والسبب الرئيس في ذلك مادي، رغم أن كليهما ميسور الحال والحمد لله!! حيث إن أمي طلبت من أبي مبلغا يقدمه لها حتى تتيح له الاجتماع معها، بحجة أن هدا المبلغ يعد صداقًا جديدًا لها، بحكم أنهما لم يجتمعا لعدة أشهر، أما أبي فقد رفض بحكم أن هذا الأمر مشين ومخزٍ أن تطلبه امرأة مسلمة. فما نصيحتكم لهما؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإنه لا يجوز أن يستمر والداكم على هذه المقاطعة والهجر كل هذه المدة ما دام السبب مادياً وحطام دنيا. سيذهب الجميع ويتركه للورثة، ولكنه الشيطان الذي ينزغ بينهم ويحرش بعضهم على بعض، قال تعالى: "وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجئ أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا فيقول: ما صنعت شيئاً ثم يجئ أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته فيدنيه منه ويقول: نعم أنت، وفي رواية "فيلتزمه" أخرجه مسلم برقم (2813) من حديث جابر -رضي الله عنه- وفي صحيح مسلم أيضاً برقم (2565) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس فَيُغْفَرُ لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا، انظروا هذين حتى يصطلحا، انظروا هذين حتى يصطلحا".
إن الواجب على والديكم أن يصطلحا ويقطعا هذا التهاجر والتقاطع وقد أفاء الله عليهما من فضله ورزقهما الذرية. فهل من شكر نعمة الله تعالى أن يصرا على معصيته؟ لا والله، ولكنه حب الدنيا والشغف بها وتمكن حبها من القلوب، وهي متاع زائل وأيام معدودة، وما عند الله خير وأبقى: "يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ" وقال تعالى: "بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى".
مسكين ابن آدم العاصي يحرص على المال ويبخل ويشح وهو ذاهب وتاركه للناس، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يقول ابن آدم مالي مالي وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأبقيت" وفي رواية "وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس" أخرجه مسلم برقم (2958) من حديث عبد الله بن الشخير -رضي الله عنه- برقم (2959) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- كما أنه ينبغي أن تسعوا في الصلح بينهما بتذكيرهما بالله تعالى ولقائه، وتقريب وجهات النظر، والنظر في أسباب الخلاف والسعي في إزالتها ولو تكلفتم بعض المال، واصبروا واحتسبوا فما دمتم على ذلك فأنتم على خير وأجر بإذن الله تعالى.(18/115)
وما ذكر في السؤال أن أمك طلبت مالاً بمثابة صداق جديد هذا لا وجه له ومن التلبيس. نعم من أعظم أسباب الإصلاح بينهما أن يدفع مال بينهما صلحا قال تعالى: "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا".
كما أن من أسباب الإصلاح بينهما أن ينصحا ممن له تقدير عندهما، كالعم والعمة والجد والخال والخالة أو صديق يعزانه، فيتحدث مع الأب وينصحه، ويتحدث مع الأم وتنصح، ولعل الله تعالى ينفع بالأسباب.
أسأل الله تعالى أن يصلح ما بين والديك، وأن يردهما للصواب والاجتماع، وأن يوفقك ويسددك. والله أعلم.(18/116)
مشكلة الزوجة القلق والانفعال..
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 25/6/1422
السؤال
أخي مشرف النافذة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أنا شاب متزوج منذ ثلاث سنوات تقريباً حالتي المادية متيسرة والحمد لله رزقني الله تعالى منذ سنة طفلاً جميلاً أحبه حباً لا يوصف. مشكلتي الكبرى هي زوجتي القلقة والمنفعلة فقد لاحظت قلقها هذا منذ الأيام الأولى للزواج ولكنني كنت أقول مع الأيام ستزول هذه المشاكل ولكن الأمور لم تزدد إلا استفحالاً وتعقيداً وأهم المشاكل أنها تعترف بكل هذا وكل أفراد عائلتها يشهدون بذلك ومع توالي الأيام فقدت طعم الحياة وأصبحت أكرهها وأكره البيت وكم من مرة كاد عقد الزواج أن ينفرط لولا أنني كنت أفكر في طفلي الذي سيشرد وستضيع تربيته الشيء الذي أوقعني في حيرة من أمري وجعلني أعيش حياتاً كئيبة جداً فالمرجو منكم أخواني الكرام إفادتي.. ولكم مني خالص الدعاء
الجواب
أخي الكريم.. أشكر لك ثقتك واسأل الله تعلى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. وبالنسبة لمشكلتك فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: اسأل الله تعالى أن يصلح لك ويصلح بك.. وأن يحفظ لك ابنك ويهديه ويقر عينك بصلاحه وهدايته.. وأن يجعله من الدعاة في سبيله السائرين على منهجه.. الذائد ين عن حوضه.. هو وجميع أبناء المسلمين وأن يعينك ويوفقك ويسدد خطاك إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ثانياً: لا أدري ما درجة القلق لدى زوجتك.. ولا شدة الانفعال..!!! فهل هما دائمين..؟ أم أنهما مرتبطين بسلوك معين أو موقف معين؟!! وما هي أعراضهما..؟!! وأسبابهما؟! لا بد أخي الكريم من معرفة ذلك.. فإذا عرف السبب بطل العجب كما يقال..!! وبعبارة أخرى.. هل تستطيع زوجتك التحكم بمشاعرها وانفعالاتها..؟ أم أن الأمر خارج عن إرادتها.. وله امتداد نفسي لا يمكن السيطرة عليه من قبلها؟! الإجابة هنا هامة جداً.. لمعرفة مكمن المشكلة والطريقة المثلى للتعامل معها.!!! .
ثالثاً: لذلك فإني أقترح عليك فتح حوار مطول مع زوجتك حول هذا الأمر.. القلق وشدة الانفعال.. فربما كانت هناك أسباب معينة.. لو عرفتها أنت لهانت عليك بعض الأمور.. ولعذرتها في البعض الأخر.. ولربما أمكنك مساعدتها لتجاوز هذا الأمر والتغلب عليه.
رابعاً: أما إن كانت الأسباب نفسية.. ولها بعض الجذور في أعماق العقل الباطن.. أي أنها لا تعرف لها سببًا ظاهراً فلا بأس - أخي الكريم - من مراجعة بعض المختصين النفسيين الثقاة.. فلربما استطاعت من خلال بعض الجلسات النفسية الخاصة بالتنفيس الانفعالي والاسترخاء والتدعيم والتبصير النفسي تجاوز هذا الأمر.. والتعامل معه بشكل إيجابي.
خامساً: ماذا عن أقاربها.. هل حاولت الاستعانة بأحد العقلاء منهم.. لتقريب وجهات النظر.. واصلاح ذات البين.. فهي طريقة مناسبة.. ومجربة.(18/117)
سادساً: حاول أخي الكريم.. أن تنظر للأمر نظرة شمولية.. تعدد فيها الإيجابيات والسلبيات.. فلربما كان لها من الإيجابيات ما يجعلك تتغاضى عن هذا الأمر رغم " ثقله "!! ولكن تذكر دائماً قول الشاعر:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها
كفى المرء فخراً.. أن تعد معايبه.
سابعاً: أما ابغض الحلال " الطلاق " فتأكد يا عزيزي أنه خيار أخير.. تلجأ اليه اضطراراً.. خاصة مع وجود الأبناء.. فحاول ما استطعت معرفة الأسباب الحقيقية للمشكلة.. واصلاح ما يمكن إصلاحه مع التغاضي عن بعض الهفوات.
ثامناً: الجأ - أخي الكريم - إلى الله بالدعاء الصادق بأن يصلحك الله ويصلح لك ويصلح بك.. وأن يعيذكما جميعا من كيد شياطين الجن والأنس.. وأن يريكما الحق حقاً ويرزقكما اتباعه والباطل باطلاًَ ويرزقكما اجتنابه إنه - سبحانه - القادر والمستعان.(18/118)
نكث بوعده..!! فهل اطلب الطلاق..؟؟!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 4-4-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أنا امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات تقريبا. قبل عقد القران اشترطت على زوجي متابعة الدراسة فوافق بكل سرور، فسافرت معه إلى حيث يعيش في بلد أوروبي، على أن نسكن مع أهله مؤقتا، ثم نرحل إلى بيتنا الخاص لكن بعد شهور قليلة وجدت هذا الزوج يقول لي بكل بساطة بأننا لن نستقل أبدأ ببيتنا الخاص، وأنه على أن أسمع لكلام أمه وأمتثل لكل أوامرها. مع العلم بأن هذه الأم هي وبناتها يدرسن وأنا علي أن أبقى في البيت لأهتم بإعداد الطعام وما إلى ذلك وهم يقولون لي بكل صراحة هذا هو الأمر الواقع فاختاري بين البقاء أو الرحيل واللحاق بأهلك. لا أستطيع ذكر كل التفاصيل إلا أنني أعاني وضعاً غاية في الصعوبة حيث المسألة بالنسبة لي هي مسألة كرامة، وصرت فعلاً أفكر بالرحيل وطلب الطلاق. بماذا تنصحونني، وجزاكم الله خيراً
الجواب
أيها الأخت الكريمة ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع الإسلام اليوم.. حقيقة أتفهم جداً لموقفك في هذا البلد وفي هذه الغربة البعيدة عن أهلك وبلدك..
أنت لم توضحي البلد الأصلي.. ولم توضحي كيفية التعرف على هذا الزوج وكيف تم الزواج بينكما.. لذلك فأنا لا أعلم هل كان ذلك الزواج قد بني على تفهم وحرص وتدقيق في السؤال عن هذا الزوج قبل إتمامه؟ أم أنك كنت فقط غارقة في أحلام الفارس الذي سوف يطير بك إلى أصقاع الأرض؟ هل كان العيش في بلدٍ أوربي هو غاية المنتهى ونهاية الأحلام التي شغلت ذهنك كثيراً قبل الزواج ولم تستطيعي مقاومة هذه المشاعر عندما تقدم إليك هذا الرجل وخطبك فوافقت في الحال ودون استشارة وسؤال عن حاله وحال مجتمعه الذي يعيش فيه؟ هل كنت على معرفة تامة بصفات هذا الزوج الخلقية ورجولته وشهامته ومدى تدينه وارتباطه بالله ومخافته له قبل الزواج؟ أم أن الهجرة إلى بلد أوربي قد أعماك عن كل ذلك؟ هذه في الحقيقة مجموعة من الأسئلة كنت أودّ منك لو ذكرتها في ثنايا سؤالك..
أنت أيضاً لم تذكري شيئاً عن حال زوجك الآن سوى أنه مستسلم لرغبات والدته وأخواته، فلم تذكري موقفه من هذه القضايا بينك وبين أهله.. هل هو مؤيد؟ أو متضايق؟ أو هو سلبي وكأن الأمر لا يعنيه؟ على أية حال.. الذي يمكن أن أسدي به إليك هو أن لا تتعجلي الأمور ولا تطلبي الطلاق هكذا وبهذه السرعة فالشرع أباحه كآخر فرصة وحلٍ لكل من الزوجين وهو الباب الأخير الذي يمكن أن يلجا من خلاله.. إذ دون ذلك أبواب ومسالك عليك ولوجها وطرقها قبل التفكير بهذا الحلال البغيض.
حاولي مكاشفة زوجك بكل ما يختلج في صدرك في وقت ومكان مناسبين توضحين فيه أسباب الضيق الذي تمرين به والأزمة النفسية التي تعصف بك. ذكريه بوجوب الإيفاء بالعهد الذي قدمه لك عند الزواج.. اقترحي عليه الانتقال إلى مسكن قريب ومجاور لبيت أهله ليكون قريباً منهم ومطمئناً عليهم طول الوقت.(18/119)
وقد جرى العرف والعادة عند جميع الناس في البلاد الغربية استقلال الزوجين عن أهلهما حال الزواج وهي عادة منتشرة حتى عند المسلمين والعرب المقيمين هناك ولذا فإنني أرى في حالتك نوعاً من الغرابة بعض الشيء..
أمر آخر يمكنك عمله وهو أن تحادثي وتخابري أحداً من قرابتك هناك إن كان يوجد أحدٌ أو من زملاء وأصدقاء ومعارف زوجك ويرتاح هو له، حاولي أن تحدثيه في هذه القضية وأن يتكلم فيها معه عسى أن يستمع إليه..
الأمر الثالث: تذكري أن ما تلاقينه من أهل زوجك من معاملة سيئة لا يتطلب منك الرد بالمثل بل بالعكس حاولي كسب مودتهم باللين والخلق الحسن.. أحسني إليهم كلما أساءوا إليك.. حسّني من خلقك معهم..تعاملي معهم بالكلمة الطيبة حتى وإن لم تجدي منهم مقابلاً جميلاً ومعاملة حسنة لأنك في النهاية سوف تكسبين ودّهم حتى وإن عادوك في البداية، الخلق الحسن يأسر القلوب ويلين العواطف..
الأمر الرابع: كوني مع الله في جميع أحوالك.. الجئي إليه ... ألحّي عليه بالدعاء بكشف ما أنت عليه.. تذكري أن الله سيأجرك ويثيبك فيما ابتليت به في هذه الغربة.. كيف لا وقد وعد الله إذ قال (سيجعل لله بعد عسرٍ يسراً..) الآية.
هذه الأمور أذكرها لك وقناعتي أن ما تعانين منه ليس مسألة ذهابك للدراسة من عدمها فهذه ليست قضية شائكة بل هو أمر أظن أنه بدأ يستفحل في حياتك الزوجية ويمكن أن يهزها إن لم يدمرها ألا وهو العلاقة بينك وبين أهل زوجك.. ولذلك فقضية الدراسة إنما هي وجه من أوجه الخلاف المستفحل معهم تشكلت وتبلورت وبرزت إلى السطح كثمرة، ونتاج لخللٍ غرس جذوره مع قدومك وعيشك مع أهل زوجك..
أعانك الله في غربتك.. ولا تتردّدي بالاتصال بنا إن احتجت إلى ذلك.. والله المولى يرعاك
والسلام عليكم(18/120)
زوجي سليط اللسان
المجيب د. علي با دحدح
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 7/4/1424هـ
السؤال
أفيدوني فأنا زوجة لزوج لا أستطيع أن أتجنب شر لسانه وتقلباته ومزاجيته إلا بتلاوة الآية "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون"، لا أدري لماذا يعاملني بهذه الطريقة مع أنني والله يشهد أعامله بما يرضي الله، وعيبي الوحيد في نظره أنني غيرت حياته من حياة لهو ومجون إلى حياة مستقرة، علما أنه أكبر مني بعشرين عاماً، ولا أسمع كلمة رضى منه إلا وقت المعاشرة الزوجية.
الجواب
الأخت الكريمة ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم "
لا يخفى على أحد ما جاء به الإسلام من إكرام المرأة ورعاية حقها والإحسان إليها في سائر الأحوال، فإن كانت أماِّ فقد جاء القرآن بالوصية العامة بالوالدين؛ كما في قوله: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً"، وخُصت الأم بمزيد من الذكر والعناية والرعاية؛ كما في قوله "حملته أمه وهناً على وهن"، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن البر عندما سأله السائل: أي الناس أحق بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال:"أمك"، قال: ثم من؟ قال:"أمك"، قال: ثم من؟ قال:"أمك"، قال: ثم من؟ قال "أبوك".
وإن كانت بنتاً، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - خص رعايتها والقيام بشأنها بمزيد من الترغيب والحث، وذكر عظيم الأجر، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -:"من عال جاريتين....".
وأما الزوجة فقد عظمت الوصية بها كذلك؛ كما في قول الله تعالى:"وعاشروهن بالمعروف، فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً"، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" استوصوا بالنساء خيراً"، وكان يقول:" خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" وغير ذلك مما هو معلوم.
والمخالف لهذا يقع في أمور:
أولها: المخالفة لأمر الله سبحانه وتعالى وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم.
والثانية: المعارضة لمتطلبات الرجولة والشهامة.
والثالثة: التناقض بين الانتفاع بالزوجة في حسن تدبيرها لبيتها، وقيامها بشأن زوجها وأبنائها، إضافة إلى قضاء الشهوة وتحقيق اللذة، ثم لا يقابل الزوج ذلك ولا يتمه بالإحسان والإكرام وحسن المعاملة، بل يأتي بما يتناقض مع ذلك من الإساءة، وفحش القول، وسوء التصرف.
وهذه الزوجة قامت بواجبها في أداء حق زوجها والإحسان إليه، وخاصة بالقول امتثالاً لأمر الله تعالى: "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن"، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "والكلمة الطيبة صدقة"، ولكنها هنا تجد أن زوجها لا يتحدث إليها إلا بالعنف والشدة، ولا يخاطبها إلا بفاحش القول، وينعتها بالقبيح من الصفات، ولا شك أن هذا الأمر غير مقبول شرعاً ولا عرفاً.
وأقول لهذه الزوجة:(18/121)
1- أن تصبر وتحتسب، وألا يدعوها تصرف زوجها إلى أن تغير سلوكها من الإحسان إلى الإساءة، أو أن ترد على إساءته بالإساءة، بل أوصيها ورغم صعوبة ذلك أن تواصل الإحسان لأن في هذا خيراً كثيراً بإذنه سبحانه وتعالى، والله جل وعلا يقول: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"، وأنقل إلى الأخت الفاضلة هذه الكلمات الرائعة من تفسير السعدي لهذه الآية: فإذا أساء إليك مسيء من الخلق خصوصاً من له حق كبير عليك كالأقارب والأصحاب ونحوهم إساءة بالقول أو بالفعل فقابله بالإحسان إليه، فإن قطعك فصله، وإن ظلمك فاعف عنه، وإن تكلم فيك غائباً أو حاضراً فلا تقابله، بل اعف عنه وعامله بالقول اللين، وإن هجرك وترك خطابك فطيّب له الكلام وابذل له السلام، فإذا قابلت الإساءة بالإحسان حصلت فائدة عظيمة، "فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"؛ أي كأنه قريب شفيق، "وما يلقاها" أي وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة "إلا الذين صبروا" نفوسهم على ما تكره، وأجبروها على ما يحب الله، فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته وعدم العفو عنه فكيف بالإحسان، فإذا صبّر الإنسان نفسه وامتثل أمر ربه وعرف جزيل الثواب، وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله لا يفيده شيئاً ولا يزيد العداوة إلا شدة وأن إحسانه إليه ليس بواضع قدره، بل من تواضع لله رفعه، هان عليه الأمر وفعل ذلك متلذذاً مستحلياً له.
2- تذكير الزوج بالله عز وجل وأهمية إحسانه إلى زوجته، وتحذيره من خطر اللسان، وتنبيهه إلى الإثم في القول البذيء، والكلام الفاحش، ويمكن أن يكون ذلك بوسائل مباشرة وغير مباشرة على النحو التالي:
أ- إن كانت الزوجة لديها القدرة العلمية، وحسن الأسلوب، ويمكن أن يصغي لها الزوج فإنها تقوم بذلك بنفسها وبتدرج مناسب، وتختار الأوقات الملائمة التي توافق هدوء الزوج وحسن استعداده.
ب - الاستعانة بالمواد العلمية المقروءة والمسموعة والمرئية، كإعطائه كتيبات أو أشرطة سمعية أو مرئية حول هذا الموضوع، وتكون جيدة ومؤثرة، ويمكن أن تعطيها الزوجة له، أو تختار من يكون مناسبا لإعطائها أو إهدائها له.
3- الاستعانة - بعد الله - بأشخاص آخرين ممن لهم صلة قوية بالزوج وقدرة على التأثير عليه، سواء من محارمه النساء كوالدته أو شقيقته، أو من الرجال الأقرباء أو الأصدقاء، وتخبر الزوجة بخلاصة عامة عن الموضوع ويتم التشاور في كيفية عرض الموضوع بطريقة غير مباشرة، بحيث لا يعلم الزوج أن الزوجة أخبرت بذلك أحداً، ويمكن أن يكون الموضوع بتدرج خلال مدة معينة وفي مناسبات وأوقات مختلفة.
4ـ الاستعانة بدعاء الله عز وجل بأن يصلح الزوج، ويهذب خلقه، ويحسن قوله، وأن يصبر الزوجة ويعظم أجرها.
5_ إذا لم ينفع شيء مما سبق وكان الحال بالنسبة للزوجة غير محتمل فيمكن أن تبدي للزوج استياءها وتطلب منه التغيير بصراحة ووضوح، ثم تخبر أولياءها ليتحدثوا معه ويطالبوه بالتزام الشرع في معاملته زوجته، وإن احتاج الأمر إلى أن يطرح الموضوع بين حكم من أهله وحكماَ من أهلها فذلك مشروع، وقد يؤدي إلى نتيجة إذا استشعر الزوج الجدية. والحمد لله رب العالمين.(18/122)
زوجي يظلمني من أجل أمه وأخته
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 7/9/1424هـ
السؤال
ماذا تقول لرجل ظلم زوجته من أجل أن يرضي أهله، ويقول لها: أنا لن أمسك العصا من النصف بل سأمسكها من طرف وأضربك بالطرف الآخر، ويقول أيضا لن أصدقك وأكذب أختي أو أمي (حتى وإن كانت كاذبة) هل لزوجته الحق في أن تطلب الطلاق لذلك، خاصة وأن أهل زوجها سببوا لها كثيراً من المشا
الجواب
لقد قرأت رسالتك، والتي تبثين فيها شكواك من ظلم زوجك لك من أجل أهله، فأود أن أقول لك بعض الأمور قبل الشروع في حل هذه المشكلة.
أولاً: اعلمي بأن لأهل زوجك حق عليه ولا سيما والداه، وخصوصاً الأم، فحقها عظيم، وفضلها كبير، فيجب عليه أن يبرها.
ثانياً: وكذلك أخوات زوجك وأرحامه لهم حق على زوجك، فيجب عليه أن يصلهم ولا يقطعهم ففضل صلة الرحل عظيم، وعاقبة قطعه وخيمة.
ثالثاً: أنت لك حق أيضاً على زوجك ويجب عليه أن يؤديه إليك على أكمل وجه، من معاشرة بالمعروف، ومعاملة بالحسنى، والنفقة عليك، وعدم إهانتك، وعدم ظلمك إلى غير ذلك من الحقوق التي لك على زوجك، فينبغي على زوجك أن يراعي تلك الحقوق، ولا يقصر في حق أحد على حساب طرف آخر، بل يعطي كل ذي حق حقه.
أما بالنسبة لمشكلتك، فلا ينبغي لك أن تطلبي الطلاق من أجل ذلك، ولكن يجب عليك أن تفعلي الآتي:
1. إذا كان يصدر منك أخطاء في حق زوجك أو في حق أمه أو أخته أو أي طرف من أهله، فعليك أن تقلعي عن ذلك، وإن لم يحدث منك لهم أي خطأ أو إساءة، فعليك تجنب الأشياء التي قد تؤدي إلى مشاكل بينكم.
2. عليك أن تحسني إلى والدة زوجك وأخته، من احترامهم ومعاملتهم معاملة طيبة، وشراء هدية لكل منهما، أشركيهم في بعض أمورك العامة، والتي لا تؤثر عليك معرفتهما إياها، إلى غير ذلك من أساليب التودد لهم والبر بهم، وتأكدي بإذن الله أن هذه المشاكل ستنتهي إذا أحسنت إليهما.
3. عليك أن تعلمي أن لزوجك حقاً عظيماً عليك، فيجب عليك أن تراعي هذه الحقوق، وتعملي على إرضائه وحسن التبعل له، فإنما هو جنتك ونارك، كما ثبت ذلك في الحديث الذي أخرجه أحمد (18524) عن الحصين بن محصن عن عمته، وهو سبب من أسباب دخولك الجنة بإذن الله تعالى.
عن أم سلمة - رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة" أخرجه الترمذي (1161) وقال حديث حسن.(18/123)
4. عليك أن تستخدمي هذا السلاح الفعال ألا وهو الدعاء والتضرع إلى رب الأرض والسماء، وقد غفل عن ذلك كثير من الناس اليوم إلا من رحم، فالجئي إلى الله بصدق وإخلاص وخشوع وتبتل واسأليه أن يهدى زوجك وأهله، وأن يسود الحب بينكما وتنتهي هذه المعاناة على خير، وعليك أن تتحري ساعات الإجابة، كأوقات السحر في جوف الليل، وبين الأذان والإقامة، وفي آخر ساعة من يوم الجمعة، وعند الإفطار من الصيام إلى غير ذلك من هذه الأوقات التي يرجى فيها الاستجابة، وكوني على يقين باستجابة الله لك؛ أليس هو القائل سبحانه: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون" [البقرة:186] .
ادع ربك دعاء المضطر في دعائه فهو القائل سبحانه: "أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء" [النمل: 62] فهو سبحانه المجيب وأنت المضطرة.
الله أسأل أن يفرج همك، وينفس كربك، ويكشف عنك هذه الغمة إنه ولي ذلك والقادر عليه ومولاه.
همسة في أذن الزوج.
الرجاء أن تطلعي زوجك على هذه الكلمات: عسى الله أن ينفع بها
أيها الزوج العاقل: ألم تعلم أن الله قد أوصاك بأهلك (زوجتك) خيراً، وأوجب عليك حقوقاً تجاههم يجب عليك أداؤها إليهم.
قال تعالى: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء:19] ، هل امتثلت هذا الأمر الإلهي، وعاشرت زوجتك بالمعروف، أو بماذا عاشرتها؟
ألم تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أوصى بالنساء خيراً قبل موته فقال - صلى الله عليه وسلم - "الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم" أخرجه أبو داود (5156) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإذا ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء" متفق عليه البخاري (5184) ومسلم (1468) .
وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم". أخرجه الترمذي (1162) وقال حديث حسن صحيح.
والنصوص في ذلك كثيرة، لكن فيما ذكر كفاية لمن أراد الهداية، واللبيب تكفيه الإشارة.
فعليك أخي الكريم أن تمتثل لأمر الله، وتتأسى بخلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التعامل مع أهلك من حسن العشرة، وعدم ظلمهم، فإن الظلم عاقبته وخيمة، وقد حرمه الله جل وعلا فقال عز من قائل سبحانه في الحديث القدسي "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا" الحديث، أخرجه مسلم (2577) في صحيحه من حديث أبي ذر - رضي الله عنه.
فالظلم ظلمات يوم القيامة على أهله، وقد حذَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - من دعوة المظلوم فقال - صلى الله عليه وسلم - "اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" الحديث متفق عليه البخاري (1395، 2448) ، ومسلم (19) مطولاً من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.(18/124)
اعلم بأن لأمك حقاً عظيماً وكذلك لأختك وباقي أرحامك، وأيضاً لزوجتك حق عليك وهو أيضاً عظيم، فلا تقصر في حقها على حساب حق آخر، فأنت مسؤول أمام الله على أداء هذه الحقوق لأهلها، فكما أنك مثاب على برك بأمك وأختك، فأنت كذلك معاقب إذا قصرت في حقوق زوجتك، والعاقل من وازن بين الأمور، فبدلاً من أن تقول لزوجتك بأنك لا تمسك العصا من النصف، بل تمسكها من طرف واحد وتضرب بها زوجتك، يجب عليك أن تلطف الأمور، وتسعى في إصلاح ذات البين. هذا والله أعلم.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/125)
زوجها كثير الخروج، ولا يجلس معها إلا قليلاً
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 24/8/1424هـ
السؤال
أنا متزوجة منذ سنتين تقريباً ولم أرزق بأطفال حتى الآن، والحمد لله أن زوجي لم يتضايق من هذا الأمر، بل يشجعني ويفهمني أن الرزق بيد الله، ولكن فيه عدة أمور تضايقني وتجعلني أبكي بحرقة في بعض الأحيان؛ وهي أنه كثير الخروج من المنزل ويقضي مع أهله الساعات فهو يأتي من عمله متأخراً ثم يتناول وجبة غدائه وينام ولا يقوم إلا قبيل المغرب، ثم يصلي المغرب ويجلس على الإنترنت إلى أذان العشاء، ثم يصلي ويذهب إلى أهله، ولا يعود إلا متأخراً ويحدثني قليلاً ثم ينام، وأنا أقضي معظم وقتي لوحدي، لدرجة أني عندما أتذكر أيامي وأنا مع أهلي أبكي وأتندم أني تزوجت وصرت أكره أهله وأغار منهم، لكن لم أوضح له ذلك، فما نصيحتكم لمثل هذا الزوج؟ وما هو الحل الذي أعمله لأني صرت أخاف كثيراً بسبب الوحدة
الجواب
الحمد لله، وبعد: أختنا السائلة، وفقها الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد قرأت رسالتك بعناية فلم أجد كبير مشكلة لديك ولم أر ما يستدعي مللك من هذه الحياة وتمنيك عود الزمان إلى آخر ما ذكرت.
فزوجك بحمد الله مؤمن بالقضاء والقدر، وعالم بأن الأرزاق بيد الله، فضلاً عن كونه ساعياً في الاسترزاق وإعفاف نفسه وأهله بالعمل، كما أنه مؤد للصلوات، بار بوالديه، قائم بصلتهم.
وهي كما ترين صفات حميدة، ومناقب حسنة لو تاملتها بهدوء وإنصاف.
نعم، لديه تقصير تجاهك بكثرة الغياب عنك، وقلة مجالستك، لكن هذا أمر يسهل علاجه بلطيف العبارة، وجميل المناصحة.
عليك أن تثني على خصاله الجيدة، وتجعلين ذلك مقدمة بين يدي مفاتحته بحقوقك المشروعة، ومن حسن العشرة ودوام الصحبة.
وقد تجدين - وفقك الله - في بداية الأمر شيئاً من اللامبالاة أو عدم أخذ الأمر بالجدية الكافية من قبل زوجك لأي سبب كان ... بيد أن هذا لا ينبغي أن يدفعك إلى اليأس أو القنوط من حصد النتائج الجيدة التي ربما تتأخر بعض الوقت.
لا أنصحك بكراهة أهله أو الندم على الزواج، إذ من حق أهله أن يزورهم ابنهم ويرد بعض جميلهم عليه، وما المانع أن ترافقيه عند زيارته لأهله مرة، ولأهلك أخرى فلا تشعرين بالوحدة وتجعلين الفرصة متاحة لنشأة العلاقة الجيدة بينك وبين أهله بإذن الله.
جربي هذه الحلول بصبر وروية، وستجدين أحوالك تتغير إلى الأحسن - بحول الله - تدريجياً، سيما إذا صحابها إلحاح في الدعاء، وحسن ظن بالله الكريم، وفقك المولى لما يحب ويرضى.(18/126)
زوجي يضربني، فهل أطلب الطلاق؟
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 6/10/1424هـ
السؤال
هل يجوز للمرأة المسلمة أن تطلب الطلاق إذا كان زوجها يضربها (ليس دائماً, مرة أو مرتين في السنة في حالة غضب) مع العلم أن زوجها يحس بالندم كلما ضربها، وهذا الزوج مسلم يحافظ على صلاته, لكن عنده بعض المخالفات الشرعية كحلق اللحية وغير ذلك.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنَّا سيئ الأخلاق، فإنه لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، والصلاة والسلام على المنعوت بأحسن الأخلاق نبينا محمد الذي وصفه ربه بقوله: "وإنك لعلى خلق عظيم" [القلم: 4] ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
إلى الأخ السائل: - حفظه الله تعالى- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع.
أخي الكريم: لقد قرأت رسالتك وهذا جوابها:
(1) اعلم يا رعاك الله أن الزواج نعمة عظيمة، ومنحة من الله جسيمة، وقد امتن الله بها على كثير من عباده، وذلك من أجل عمارة الأرض، ومن أجل راحة الزوجين في هذه الحياة، قال تعالى ممتناً على عباده: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" [الروم: 21] .
فمن أهداف الزواج وأغراضه النبيلة السكن بين الزوجين، والمودة والرحمة المتبادلة بينهما، أما إذا تحولت الحياة بين الزوجين إلى خصام وعتاب ونكد وإيذاء من كلا الطرفين فعندئذ يفقد الزواج الغرض الذي شرع من أجله، ومن ثم ينهدم بيت الزوجية، وتنتهي الحياة الأسرية، مما يكون لذلك الأثر السيئ على الفرد والمجتمع والأمة.
(2) الزواج رباط شرعي مقدس، قد سماه الله سبحانه وتعالى الميثاق الغليظ، ولذلك أحاطه الله سبحانه وتعالى بحصون منيعة كثيرة تمنعه من السقوط والاهتزاز، وأمرنا جميعاً أن نتعاون فيما بيننا، ونعمل على حماية هذا الصرح الشامخ من الانهيار، وذلك بكل الوسائل الممكنة والمتاحة لنا، وأن نتجاوز عن كثير من المشاكل والعقبات التي يمكن لنا غض الطرف عنها، والتي بدورها قد تؤدي إلى انهيار هذا البناء الأسري، ومن هذه الوسائل المعاشرة بالمعروف بين الزوجين، قال تعالى:"وعاشروهن بالمعروف" [النساء:19] .
(3) لقد وضع الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- نظاماً للبيت المسلم، والذي به يضمن استمرارية الحياة الزوجية بين الطرفين، فقد جعل حقوقاً للزوجة على زوجها، وللزوج على زوجته، وأمر كلاً من الطرفين أن يعطي للآخر حقه ولا يقصر فيه، فمن حقوق الزوج على زوجته السمع والطاعة له ما لم يكن في معصية، وأن لا تعمل على إغضابه وإثارته، وأن تتجنب حدوث المشاكل التي تحدث بينهما قدر الإمكان، وإن حدثت بعض المشاكل فيجب أن تحل بأيسر الطرق وأحكمها.(18/127)
وكذلك من حقوق الزوجة على زوجها، أن يحسن معاشرتها وأن يعاملها بالمعروف، وأن يتجاوز عن بعض الأخطاء ويعالجها بشكل شرعي، فمثلاً قضية ضرب الزوج لزوجته، وهي بيت القصيد في رسالتك، فقد وضع الله علاجاً قرآنياً لهذه القضية والذي غفل عن هذا العلاج كثير من المسلمين اليوم إلا من رحم ربي، وإن شئت فقل كثير من المسلمين اليوم أخذ بنهاية العلاج وهو الضرب.
قال تعالى: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً" [النساء: 34] ، فعلى الزوج العاقل أن يتبع هذا التوجيه الرباني إذا صدر من زوجته ما يدعو لتأديبها، فيبدأ بالوعظ، فإن لم يؤثر انتقل إلى الهجر ويكون في المضجع، فإن لم يؤثر انتقل إلى الضرب فما هو صفة الضرب إذاً، اقرأ هذا الحديث ليوضح لك صفة الضرب الذي تتخذه مع زوجتك، عن عمرو بن الأحوص- رضي الله عنه- أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع أن يقول بعد حمد الله تعالى، وأثنى عليه وذكّر ووعظ، ثم قال: "ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك؛ إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً، ألا إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً، فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن" أخرجه الترمذي (1163) ، وقال: حديث حسن صحيح.
فتأمل قوله - صلى الله عليه وسلم-: "واضربهون ضرباً غير مبرح" أي لا تكسر ضلعاً، ولا تسبب عاهة، ولا تترك أثراً. واقرأ هذا الحديث الآخر: عن معاوية بن حيدة - رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت" أخرجه أبو داود (2142) ، وابن ماجة (1850) ، وغيرهما، وقال النووي: حديث حسن. وعلى ذلك فنقول لكل من الزوجين:
(1) على الزوجين الكريمين أن يراعى كل منهما حق الله في صاحبه.
(2) على الزوجة أن تبتعد عن كل ما يغضب الزوج ويثيره، حتى لا يؤدي ذلك إلى تصرف الزوج معها تصرفاً سيئاً كالضرب ونحوه.
(3) وعلى الزوج إذا فعلت زوجته أمر ما أغضبه أن يتبع التوجيه الرباني والهدى النبوي في التأديب على نحو ما قد بيناه آنفاً.
(4) على الطرفين أن يذكِّر كل منهما الآخر بالحقوق الشرعية التي فرضها الله ورسوله عليهما، وخصوصاً إذا ظهر من أحد الطرفين تقصير في حق الآخر.
(5) على الزوجة أن تعلم بأن الضرب ليس سبباً من أسباب طلب المرأة الطلاق، وعليها أن تعلم كذلك بأن زوجها يحبها حباً كثيراً، بدليل أنه يندم إذا ضربها، وكذلك كونه يضربها مرة أو مرتين في السنة لا يعد هذا ضرباً إذا قورن بحال الآخرين، فهناك من الرجال من يضرب زوجته في اليوم مرات عدة، نسأل الله العفو والعافية، فعلى الزوجة أن تحمد الله على أن رزقها زوجاً يحبها.(18/128)
(6) على الأخ الزوج أن يملك نفسه عند الغضب، ويحاول أن يبتعد عن المكان الذي حدث فيه الغضب أو ينهي الموضوع الذي يسبب ذلك، أو أي طريقة أخرى المهم أنه يسيطر على نفسه عند الغضب، فلا يجعل للشيطان عليه سبيلا.
(7) على الزوج أن يقلع عن كل المخالفات الشرعية المتلبس بها كحلق اللحية وغيرها، ونحمد إليه الله على أنه مواظب ومحافظ على الصلاة، فهذا خير عظيم ودليل على صلاحه إن شاء الله.
(8) على الزوجين أن يلجآ إلى الله بالدعاء في كل وقت، وخصوصاً في وقت الأزمات والمشاكل، ويسألاه أن ينهي المشاكل التي تحدث بينهما على خير.
هذا والله أعلم، نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/129)
علّقها زوجها فتعلّقت بآخر ووعدها بالزواج
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 28/11/1424هـ
السؤال
أنا امرأة متزوجة، علقني زوجي منذ سنتين، وهجرني وأولادي من كل شيء، تعرفت عن طريق النت على شاب كان أحن إنسان عليَّ، ثم تطورت العلاقة بيننا وعرفنا عن بعض كل شيء أكثر مما أعرفه عن زوجي، وعدني بالزواج بعدما أرفع قضيه طلاق على زوجي، فأصبحنا على اتصال هاتفي، كان يكلمني بحنان، ويساعدني على قضاء شهوتي بالهاتف، والآن -فضيلة الشيخ- أنا أحس بالذنب والخيانة، طلبت منه أن نقطع علاقتنا فوافق على شرط أن أطمئنه على أخباري وصحتي. فضيلة الشيخ: أنا الآن أمر بظروف، وأحتاج لإنسان حنون بجانبي، ونفسي تحدثني بأن أرجع للحديث معه مرة أخري، ولكنى خائفة من الوقوع في الزنا ... ماذا أفعل؟ فضيلة الشيخ: هل أنا بهذه الطريقة وقعت في الزنا؟ كيف أطهر نفسي؟ زوجي، علقني، وتزوج وقضى شهوته بالحلال، وأنا إلى متى على هذه الحال؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فليس هجر الزوج لزوجته مبرراً لأن ترتبط الزوجة برجل آخر، وتتبادل معه أطراف الحديث فيما حرم الله - تعالى- من كلمات غزلية وقضاء الوطر عبر الهاتف، فهذا لا شك محرم شرعاً وخطوة متقدمة للوقوع في الزنا، قال - تعالى-: "فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً" [الأحزاب: من الآية32] ، وما فعلته الأخت السائلة لا يأخذ حكم الزنا من ناحية العقوبة، ولكنه طريق إليه، لذا يجب عليها هجر هذا الشخص وعدم محادثته أبدا، ً وحتى لو طلقت وتزوجها هذا الذئب فإنها -حسب معرفتي واطلاعي- فلن تعيش معه حياة طيبة بل سيعاملها معاملة سيئة بسبب كثرة الشكوك، فلن يثق بها، ولن تثق به؛ لوجود سابقة لهما في هذا المسار.
أما ما يتعلق بهجر زوجها لها وتركها معلقةً فهو أمر محرم، لا يجوز له فعله، قال الله - تعالى-: "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" [البقرة: 229] ، ويمكن علاجه بمناصحته، فإن لم تجد المناصحة فلها التقدم للمحكمة الشرعية للنظر فيما ادعته، فإن ثبت صحته ولم يراجعها فسيفرق بينهما.
كما يجب على الأب أن ينفق على أولاده وزوجته، وللمرأة المطالبة بذلك؛ لما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت" رواه أبو داود (1692) ، والنسائي في الكبرى
(9177) ، وصححه ابن حبان (4240) .
وعلى الأخت السائلة أن تشغل نفسها بالطاعة؛ حتى لا تشغلها بالمعصية، وعليها أن ترتب لها جدولاً يومياً لحفظ كتاب الله، وجملة من أحاديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم- وقراءة الكتب النافعة، والاستماع لإذاعة القرآن الكريم، والأشرطة المفيدة، كما عليها أن تجتنب الخلوة بنفسها قدر المستطاع؛ لأن النفس أمارة بالسوء، وعليها اختيار الصحبة الصالحة من النساء؛ لأن المؤمن قوي بإخوانه ولتحذر كل الحذر من ذئاب الشات وشياطينه، وذلك بقطع صلتها به كلياً. والله - تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(18/130)
زوجي بنفسية متقلبة
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 14/11/1424هـ
السؤال
أنا امرأة متزوجة منذ مدة، ولم أنجب أطفالاً، مشكلتي هي أن زوجي تأتيه حالات لا أدري فجأة يتضايق مني، وأحس أنه لا يطيقني ويستمر عدة أيام على ذلك، ويقول لي بعض الأشياء التي تضايقني وأبكي، مع العلم أنه يحبني وأنا أحبه، وعندما يرجع إلى طبيعته يعتذر لي في كل مرة وبعدها كأنه شيء لم يكن، ولكنه لا يريد مني أن أتعالج من أجل الإنجاب ويقول لي لماذا تتعالجين؟ أجلي الموضوع كيف تحملين وأنا في هذا الوضع؟ ولا نريد أن نتورط في طفل وأنت عالمة بالوضع. وبعد أيام طلبت منه أن أكشف حتى أعرف سبب تأخير الحمل، طبعاً وافق ولم يقل أي شيء، دلوني ماذا أعمل؟
طبعاً الطلاق ليس بالشيء السهل، وأنا بصراحة أحبه وأحس أنه لم يكرهني، بل يحاول أن يرضيني ولا يزعلني، لكن الحالة التي يمر بها أحياناً أحس أنها بسبب زملائه، خصوصاً أنهم عزاب وأهل سفر، وكم مرة قال أنا سأسافر مع الشباب، طبعاً أرفض وأقول: إذا سافرت فلن أبق عندك، خصوصاً أن جميع أصدقائه شباب وسيئين جداً، وهو يحكي لي عنهم بنفسه،
أرجوكم أرشدوني وقولوا لي رأياً سليماً في أسرع وقت وجزاكم الله خيراًن وللعلم زوجي يحترم والديه ويعمل لها ألف حساب، ويحترم والدي كذلك.
الجواب
الأخت الكريمة: سلمها الله وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة.
أما جواب مشكلتك فكالتالي:
أولاً: لا يخفى عليك طبيعة الإنسان، وما يمر به من تقلبات وتغيرات نفسية لاعتبارات مختلفة، منها ما هو من داخل نفسه، ومنها ما هو خارج عنه، كمشاكل في العمل، أو مع بعض الأصحاب أو أهله، أو غير ذلك من ضغوط الحياة المختلفة، مما تجعل مشاعره تختلف تجاه من يعيش معه بين فترة وأخرى.
ثانياً: أما ما صدر من زوجك تجاهك فهذا لا يخلو من حالات:
ومنها: قد يكون ما يقوله ناتجاً عن مرض حقيقي يمنع من الإنجاب من جهته، ويخاف من ردة فعلك أو من كلام الناس، فأراد أن يتخلص من حياته معك بهذه الطريقة، وإنما تزداد لديه الرغبة في ذلك كلما تذكر مرضه، وما يمكن أن ينتج من كلام الناس لو انتشر الخبر عنه، وهذا يتوقف عليه مدى قناعتك بالبقاء مع رجل قد لا ينجب، وهل ترغبين في الصبر أم الفراق؟.
ومنها: قد يكون السبب وراء هذه الحالة ما ذكرتيه في آخر الرسالة من أنه يشعر بوقوفك أمام رغباته في السفر مع أصحابه، وأنه يريد أن يتحرر من أي التزام لينطلق وراء رغباته.
ومنها: أنها حالة نفسية ناتجة عن مرض نفسي بسبب أمر فسيولوجي جسماني يتطلب تدخل طبيب.(18/131)
وعلى أي اعتبار أرى أن الأمر إنما يحكمه الغالب من حاله، فإذا كانت تلك الكلمات رددها أحيانا قليلة فلعله خاضع لحالة يمر بها أحيانا، فعليك الصبر على هذه الحال وتحسس الدافع الذي يدفعه لمثل هذا الموقف، وهل هي حالة نفسية أم رغبة حقيقية في الفراق؟ وما الذي يدفعه لذلك هل فعلا أصحابه يدعونه لمثل هذا؟ أم رغبته في السفر والتنقل مع أصحابه حيثما يذهبون.
لذلك أنصحك بالصبر، وسد حاجته النفسية والجنسية وما شابه من أمور ملحة لقطع الطريق على شياطين الجن والإنس الذين يحاولون إفساد بني آدم.
كما ينبغي عليك محاولة النقاش معه بهدوء، ولا بأس بتحسس السبب الحقيقي في طلاقه الأول من أجل ضمه للاحتمالات السابقة؛ لتبني رؤية واضحة في التعامل معه بالرفق والهدوء والتؤدة، مع الوضع في الاعتبار أنه إذا ما تطورت الأمور أن تخبري والديه أو أحدهما طالما أنه يحسب لهما حساباً كما ظهر في رسالتك.
والله أرجو لكما التوفيق والسداد والسعادة في حياتكما العلمية والعملية.(18/132)
يسيء معاملتها ويشتمها بحضرة أهله
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 6/11/1424هـ
السؤال
زوجي يا شيخ يسمع كلام أمه في كل صغيرة وكبيرة، يبوح لها بأتفه الأمور، لا يسمع كلامي، يشتمني أمام أهله وأخواته، وأمام ربعه عندما أكلمه في الهاتف، لا ينزهني، لا يهتم بي، أمامي عادي ومن خلفي يشتمني ويهينني، لا يحبني ويسخر مني، ماذا أفعل يا شيخ؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين، نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آل بيته وصحابته الطيبين، وبعد:
الأخت السائلة - حفظها الله تعالى - لقد قرأت سؤالك مرة تلو أخرى، وكل مرة أقرأ فيه سؤالك أدعو الله جل جلاله بأن يجعل لك من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجاً، اللهم آمين.
ولكن أود أن أسير مع شكواك في سؤالك خطوة خطوة، فأقول: بداية كون زوجك يسمع كلام أمه في كل صغيرة وكبيرة، فهذا الأمر ليس فيه شيء ينكر، فهذا من باب البر بأمه، وكما تعلمين بأن للأم فضل عظيم بينه ربنا في كتابه العزيز، وحث عليه نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم - في أكثر من حديث صحيح، إلا أن يكون زوجك يبوح لأمه بأسرار تخصكما سوياً مما لا ينبغي لأحد أن يطلع عليها، ولا يجوز شرعاً إفشاؤها، كعلاقته بك في الفراش وما شابه ذلك، فهذا الأمر لا يجوز إفشاؤه لأي أحد كائناً من كان، فإن كان الأمر كذلك ينصح زوجك ويوضح له الأمر الشرعي في ذلك، وإذا كان الأمر خلاف ذلك - وأظنه كذلك - فلا يحق لك أن تغضبي من زوجك لأنه يسمع كلام أمه في كل صغيرة وكبيرة كما ذكرت.
ثانياً: قولك إنه لا يسمع كلامك، أي كلام تقصدين؟ فربما أن كلامك بالفعل لا ينبغي أن يسمع إليه، أو لربما أن عرضك لهذا الكلام عرض غير جيد أو لأي سبب آخر هو يرفض من أجله أن يسمع كلامك، ولكن لا أظن أنك إذا كان كلامك فيه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر أنه لا يسمعه، أو إذا كان كلامك هذا في الصالح العام لك وله لا أظن أنه لا يسمعه.
ثالثاً: أما قولك أنه يشتمك ويسبك أمام أهله وإخوانه وغيرهم وكذلك في الهاتف، فهذا الأمر لا ينبغي منه بحال من الأحوال، ويجب أن ينصح بالتي هي أحسن، ويعلم بأنك إنسانة لك احترامك وتقديرك، فلا ينبغي له أن يهينك بهذا الشكل ... ولكن ما هو السبب؟ وما هي الدوافع التي تجعله يفعل ذلك؟ أيفعل ذلك من تلقاء نفسه دون أي إثارة منك سواء بقصد أو بغير قصد؟
أظن الأمر صعباً، فلا يعقل أن هناك رجلاً متزناً يفعل ذلك إلا إذا صدر منك ما يحمله على فعل ذلك، فالرجاء أختي الطيبة أن تنظري في نفسك، وفي تصرفاتك فلابد وأن هناك أمر ما يصدر منك يجعله يفعل معك هذا التصرف السيئ، وعليك محاولة تجنب أي شيء يثيره وخصوصاً أمام أهله وإخوانه وغيرهم، حتى لا يتصرف معك هذا التصرف السيئ، ويعرضك لمثل هذه الإهانة.(18/133)
رابعاً: أما قولك بأنه لا ينزهك ولا يهتم بك ... إلخ، ما هي حدود النزهة التي تريدين؟ هل تريدين أن تكوني خارجة ولاجة؟ أيمنعك من الذهاب إلى أهلك؟ ألم يذهب معك للأسواق وغيرها لشراء ما تحتاجين إليه؟ ألم يأخذك أحياناً لقضاء عمرة، أو لزيارة قريب؟ ألم يصحبك يوماً في الأسبوع مثلاً على قدر استطاعته وظروف عمله إلى بعض الاستراحات مع الأهل والأقارب؟
هل ظروف زوجك متاحة دائماً وأبداً لكي يخرج بك إلى كل مكان تهواه نفسك؟ أليس عنده أعمال ومشاغل ومصالح؟ أليس هو الذي يسعى ويكد ليوفر لك عيشة كريمة؟ أليس هو الذي إذا أصابك مكروه تكدر لذلك وبذل ما في وسعه لإزالة هذا الشر عنك؟ أليس ... أليس.
خامساً: أما قولك إنه يشتمك من خلفك من الذي أخبرك بذلك؟ أصادق هو أم كاذب؟ إن الذي أخبرك بذلك يريد أن يهدم بيتك وينغص عليك عيشك فانتبهي لا تهدمي بيتك بنفسك.
سادساً: أما قولك بأنه لا يحبك ويسخر منك، من قال لك بأنه لا يحبك، فإذا كان لا يحبك فلماذا أقدم على الزواج منك بداية؟ هل كان مضطراً لذلك؟ هل هناك أحد أجبره لكي يقترن بك بقية حياته - إن شاء الله - هل تزوجك طمعاً في مالك؟ هل.... هل.
أنا أقول لك أختي الطيبة زوجك يحبك، وإلا ما أقدم على الزواج منك، إلا أن يكون رأى منك قبل الزواج ما جعله يحبك ويقترن بك، ثم بعد الزواج فوجئ بما لم يألفه منك قبل الزواج فتغير عليك، وهذا الأمر أنت التي تعرفينه دون غيرك، أو ما الذي جعله لا يحبك؟
وأما كونه يسخر منك، فقد نهى ربنا جل جلاله على أن يسخر المسلم من أخيه المسلم، فقال عز من قائل سبحانه "يا أيها الذين أمنوا لا يسخر قوم من قوم" [الحجرات:11] ، وإذا كان قولك هذا صحيحاً فمالدافع الذي يحمله عليه؟ لابد، وأن يكون هناك سبباً يدفعه لذلك.
وفي الختام أود أن أقول لك عليك بالتودد إلى زوجك بقدر ما تستطيعين، وعليك كذلك التقرب إلى أم زوجك وكسب قلبها وحبها وعطفها، بإظهارك احترامها، ومشورتها في بعض أمورك، واجعليها تشعر بأنك طوع أمرها، وأنك ما تفعلين شيئاً إلا بإذنها ومشورتها، وعليك إحضار بعض الهدايا لها، إلى غير ذلك من الأمور التي تقلل من الفجوة التي حدثت بينكما، وتأكدي - إن شاء الله - بأنك إذا أرضيت أم زوجك سيرضى عنك زوجك وكل من حولك بإذن الله وقوته، وعليك بالإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله بأن يؤلف بينك وبين زوجك، واعلمي أختي السائلة أن حق الزوج على زوجته عظيم، أسأل الله أن يفرج همك وهم كل مسلم ومسلمة آمين.
همسة في أذن الزوج:(18/134)
أخي الزوج عليك أن تتقي الله في زوجتك، وأن تعاملها معاملة طيبة، فكما أن لك حقوقاً عليها، فهي كذلك لها حقوق عليك، ومن جملة هذه الحقوق، احترامها وعدم سبها وشتمها وإهانتها، وخصوصاً أمام أهلك وإخوانك وغيرهم من باب أولى، وليكن لك في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة فهو القائل: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" أخرجه الترمذي (3895) وقال حديث حسن غريب من حديث عائشة - رضي الله عنها - وأخرجه ابن ماجة (1977) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - وعند الدارمي (2260) عن عائشة - رضي الله عنها - مختصراً، وثبت عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "في مهنة أهله" أو "في خدمة أهله" أخرجه ابن سعد في الطبقات، نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/135)
زوجي يضربني ثم يزعم حبي!
المجيب عبد العزيز بن محمد الضبيب
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 24/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
أنا متزوجة من شخص يقوم بضربي -باستمرار- ضرباً مبرحاً جداً، في بداية الأمر لا أدافع عن نفسي، وبعد فترة حين يضربني أقوم بالدفاع عن نفسي بضربه؛ لأني لا أطيق هذا الضرب، ويضربني في أتفه الأسباب، إذا قلت له: لماذا تضربني؟ قال: إني أحبك! وماذا أفعل؟ هل ما أقوم به صحيح حينما أدافع عن نفسي؟ أرجو أن تفيدوني، جزاكم الله ألف خير.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت الفاضلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
من خلال تمعني في مشكلتك مع زوجك يظهر لي أن زوجك وبتصرفه معك فعلاً يحبك، وما يدفعه لهذا التصرف معك إحدى الأمور التالية:
الأول: أنه يحبك لدرجة حب التملك، ويثيره أي صدود أو عدم اكتراث منك، مما يدفعه لهذا التصرف الأحمق.
الثاني: زوجك يتعرض لضغوط نفسية كبيرة خارج المنزل، مما يجعله عرضة للاستثارة والانفعال لأقل الأسباب مما يدفعه لهذا التصرف.
الثالث: قد يكون زوجك اعتاد -منك منذ بداية حياتكم الزوجية- ذوبان شخصيتك بشكل كبير، وقبول أي شيء في سبيل إرضائه، ومع مرور الوقت بدأ يتغير عليه الحال، ويفسر هذا التصرف بتفسيرات أخرى.
ولأي سبب كان أستطيع أن أبدي لك النصائح التالية، التي أسأل الله -سبحانه- أن يكون فيها الحفاظ على حياتك الزوجية، وتحقيق الاستقرار العائلي لك:
أولاً: ابحثي بنفسك عن الأسباب الحقيقية التي تدفع زوجك لهذا التصرف، وعالجيها بالابتعاد عن تلك المسببات، وليس مقابلة هذا السلوك غير المقبول بسلوك مثله، مما يزيد المشكلة تعقيداً، بالإضافة إلى أنه من غير اللائق أن تقومي بذلك التصرف (ضرب الزوج) .
ثانياً: احرصي تماما وخاصة في البداية على أن يجد زوجك منك الاهتمام، من خلال الاهتمام بحسن المظهر، والكلمة الرقيقة، وحسن المعشر، والاهتمام به شخصياً، وابتعدي تماما عمّا يثيره، فالمنزل والزوجة هما ملاذ الرجل وراحته، وحافظي على تحمل زوجك وعصبيته، خاصة في الساعات الأولى من قدومه، فهو يستحق منك ذلك، فهو -كما يصرح لكَ- يحبك.
ثالثاً: صدقيني يا أختي أنك قادرة، كما هو الحال لدى كثير من الزوجات على جعل الحياة الزوجية هانئة مستقره بشيء من العقل وحسن التدبير، فالزوجة هي القلب الكبير الذي يلوذ إليه الرجل، وخاصة في ساعة صفائه أو ضعفه، والزوجة الصالحة هي التي تتحمل الزوج في الساعة العصيبة، فالكثير من المشاكل في هذه الحالة تؤد في مهدها.
وفي الختام -أختي الكريمة- مشكلتك حلها بين يديك، فأنت الوحيدة القادرة على حلها، وما قدمته لك من نصائح لعلها تكون الشمعة التي ستعيدين من خلالها سعادتك الزوجية. والله أسأل أن تكون كذلك، والله ولي التوفيق.(18/136)
لسان زوجي حِداد علي
المجيب د. عبد الله بن ناصر السدحان
مستشار أسري بمشروع ابن باز الخيري
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 28/07/1425هـ
السؤال
الشيخ الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أم لعدد من الأبناء ما بين ذكور وإناث، تزوجت منذ سنوات عديدة، متعلمة، وكنت داعية في بلدي قبل الزواج، وحافظة لكتاب الله -عز وجل- ومنذ زواجي وإلى الآن وأنا بعيدة عن بلدي، زوجي على قدر كبير من التدين، ولكنه عصبي، ويدقق على كل صغيرة وكبيرة، ويغضب أحياناً بسبب أمور تافهة، وإذا غضب ينسى محاسن الشخص المقابل -وخصوصاً أنا زوجته- وكذلك أولاده، حيث يتكلم بكلام جارح يؤذيني، مع العلم لو أن أحداً غريباً سأله عني لأبدى إعجابه بي، وذكر خصالي الطيبة أمامه، فأنا لم أقصر معه، بل لا آلوه إلا ما عجزت عنه، ولكني حساسة جداً، وأحزن كثيراً من كلام زوجي عندما يكلمني بطريقة تشعرني أني غير مطيعة، أو أني مقصرة، وهذا الشعور الذي استمر معي خلال هذه السنين سبَّب لي ردَّ فعل، حيث إني عندما أكلم بناتي وأولادي - عندما يعتدي عليهم أحد أو يؤذيهم - أقول لهم: أنتم ما دمتم غير مقصرين وغير مخطئين فلا تبالوا بكلامه؛ لأني أخاف عليهم أن يصيروا حساسين مثلي.
كما أني ألاحظ على ابنتي الكبرى (البكر) وعمرها أربعة عشر عاماً، أنها لا تبالي بي ولا بأوامري ولا بغضبي، مع أني لم أؤثرها وإخوانها على نفسي، أما إخوانها الآخرون فألاحظ عليهم العكس، حيث إنهم يخافون من العقوبة سواء عقوبة الدنيا - إذا عاقبتهم أنا أو أبوهم - أو عقوبة الآخرة،
- يا شيخ - أنا في حيرة مع ابنتي،
فهل أخطأت في تربيتها؟ أم أن أباها وتدقيقه مع أولاده، وتتبع أخطائهم هو سبب ذلك؟
كذلك أريد أن أقول لك يا شيخ - بارك الله فيك - إن حالتنا المادية ضعيفة وبيتنا صغير، وأولادي أعمارهم متقاربة وكلهم صغار، وأنا ضعيفة البنية، وشغل البيت الكثير يتعبني، وكذلك السهر في الليل من أجل طفلي الصغير يجعلني أحتاج لمساعدة ابنتي كثيراً، وهي لا تهتم بهذه الأمور، وقد كانت قبل سنتين أو ثلاث أحسن بكثير من الآن؛ لأنها كانت تسمع الكلام وتساعدني في شغل البيت، أما الآن فتغيرت كثيراً وأنا أغضب منها، ولست راضية على تصرفاتها، أرشدوني وفقكم الله.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر للسائلة ثقتها في الموقع، والتجاءها إليه بعد الله - عز وجل- في حل مشكلتها، ومما تحسن الإشارة إليه أنه لا بد من التعامل مع مشكلة الأخت بشكل أكثر تفريقاً لما ذكرته في كتابتها، فمن الواضح أنها عرضت لعدد من المشكلات التي تعاني منها، فيمكن تحديدها في الجوانب الآتية:
1- عصبية الزوج.
2- تدقيقه على كل كبيرة وصغيرة.
3- غضبه لأتفه الأسباب.
4- نسيانه لمحاسن زوجته إذا غضب.
5- تصرفات بنتها ذات الأربعة عشر عاماً، مثل عدم سماعها لكلامها ... إلخ.
6- حساسية السائلة، وتأثرها -نفسياً- جراء هذه المشكلات، وإعاقتها عن بعض الأعمال.(18/137)
ولكل واحدة من هذه تصرف خاص، إلا أنه من الواضح أن المرتكز في هذه المشكلات التي ابتلاها الله بها هي: (عصبية الزوج وقسوته اللفظية) ، ولا شك أن التعرُّف على سبب هذه الحالة والقسوة التي يعيشها الزوج سيخفف على الزوجة كثيراً، فقسوة الأزواج - وأقصد بها القسوة اللفظية- إن لم يكن لها أسباب خلقية وشخصية متأصلة في الزوج نفسه، أو بسبب مرض نفسي فيه، فإنه عادة ما يكون خلفها أسباب غير معلنة من قبل الزوج، وقد تستطيع الزوجة اكتشافها، ويؤكد هذا النظر فيما إذا كان يعامل الزوجة معاملة حسنة أو عادية، ثم تغير عليها بعد فترة من الزمن، أو بعد مرور الأسرة بظروف معينة مادية أو اجتماعية، كالانتقال من بيئة إلى أخرى -كما في حال السائلة الكريمة-، والذي يظهر لي أن زوج السائلة من الصنف الأخير، فهناك مؤشرات تدل على وجود منغصات وضغوط على الزوج، وهي غير ظاهرة للزوجة، أو لا يتحدث بها الزوج لطبيعته الشخصية، أو أنه من النوع الكتوم، وبخاصة أن الأخت الكريمة تذكر أنهم في بلد غير بلدهم، والمنزل صغير، والأولاد كثر، فقد يكون زوجك يعيش ضائقة مالية خانقة، أو مشاكل وظيفية، أو إشكالات إدارية بسبب إجراءات السفر والإقامة، والغربة وتبعاتها الإدارية والرسمية والمادية ظروف قاسية مُرة يتجرعها من قدَّر الله عليه المرور بهذه التجربة.
ولكن رغم هذا أقول للسائلة بالرغم من سرد هذه الأسباب: ينبغي عليها أن تراجع نفسها كذلك، ومواقفها، وطريقتها، وحياتها، وعلاقتها مع زوجها ومع نفسها في التهيئة للزوج، فقد يكون هناك سبب منها لم تشر له السائلة في سؤالها إما جهلاً أو نسياناً، أو قصداً، ففي بعض الحالات تكون مواقف الزوجة نفسها هي السبب خلف هذه النفسية المتردية للزوج دونما شعور منها، وأحياناً كثيرة دونما قصد منها كذلك، ومن هنا يحسن التوكيد باستمرار على مراجعة المواقف الشخصية للزوجة، وطريقة المحاورة مع الزوج، فقد تكون من الأسباب، وليست السبب الوحيد.
وبعد ذلك كله أهمس في أذن السائلة وأقول لها: من الجميل جداً في خصالك -أختي الفاضلة- استحضار نعم الله وعدها في ثنايا الاستشارة، فقد استطعت رصد عدد من الجوانب الإيجابية في حياتك، وأنا متأكد أنها أكثر مما ذكر، ولكن الاختصار في السؤال جعلك لا تذكرينها كلها، فمن ذلك على سبيل المثال:
1- صلاح الزوج في نفسه والتزامه، وأنه صوّام قوّام، فكم من زوجة ابتلاها الله بزوج سكيِّر، تارك للصلاة، مضيع لحق الله - عز وجل-، وهذه خصلة حميدة ستعينك على علاج المشكلة أو التخفيف منها - بإذن الله-.
2- أنك متعلمة وصالحة في نفسك، وحفظك للقرآن الكريم، وممارستك الدعوة إلى الله - عز وجل- في بلدك، فتأملي من حولك ممن حرمن نعمة التعلم وقراءة القرآن، فضلاً عن حفظه.(18/138)
3- عدم تقصيرك في حقوق الزوج، وطاعته وصبرك عليه، وهي نعمة من الله -عز وجل-، فزوجك جنتك أو نارك، كما ذكر ذلك المصطفى - عليه الصلاة والسلام-، ففي الحديث أن امرأة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أذات زوج أنت؟ قالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما ألوه إلا ما عجزت عنه، قال: فانظري أين منه فإنما هو جنتك ونارك" رواه الإمام أحمد (18524، 26806) من حديث الحصين بن محصن عن عمته أنها أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر الحديث.
4- رضا زوجك بك وذكره للخصال الطيبة فيك بعض المرات، وأنه ليس من الناكرين للجميل أو الجاحدين - وبخاصة أمام الآخرين-، فكم من زوج جحود، نكور للجميل الذي رزقه الله في هذه الدنيا، وتلك نعمة أخرى.
5- طريقتك في تربية أبنائك، وبخاصة مع من يعتدي عليهم أو يؤذيهم، وهي إيجابية تسجل فيما لديك من خصال طيبة وصفات حميدة.
وهذه الخصال والصور المشرقة - أختي الفاضلة- ضعيها نصب عينيك وأنت تصارعين هذه الصعاب في الحياة، فكم من زوجة تعيش ظروفك، وبدون هذه الجوانب الإيجابية في حياتها، وبكل حال فأنا أذكر لك بعض الخطوات العملية التي أعتقد أنها قد تنهي المشكلة في نفسك أولاً، ثم في الواقع - بإذن الله- أو ستخفف عليك كثيراً، وترين بعدها ما يسرك - بإذن الله-، فمن ذلك:
1- الدعاء المتواصل ليفرج الله كربتك، ويخفف من معاناتك، ويصلح ذريتك، ويجعل زوجك يحنو عليك، ويزيل عنه الظروف التي جعلته يعيش بهذه النفسية العصبية المتوترة.
2- لا بد من إبداء التعاطف مع المشاكل التي يعيشها الزوج، سواء كانت هذه المشاكل مادية أو غيرها، وإشعار الزوج بهذا التعاطف، وإشعاره بمحبتها له، ورغبتها الأكيدة في مواصلة مشوار هذه الدنيا معه؛ حتى يكونا زوجين في الجنة - بإذن الله- مع التصريح له -بوضوح- عن سبب شدَّة تمسكها به وهو صلاحه، والصفات الإيجابية فيه، ثم قومي بتعديدها أمامه.
3- يحسن بالزوجة إطراء الزوج بما فيه من إيجابيات وصفات حسنة، فقد يمارس دوراً تقليدياً مشابهاً لما تمارسه الزوجة، ويقوم بنفس الأمر ومبادلة المدح بالمدح، والثناء بما فيك من صفات حسنة ترد لك بعض الروح، وترفع من معنوياتك.
4- الاستغراق في العبادات، وبخاصة الدعوة إلى الله كما كنتِ تمارسينها قبل زواجك، إضافة إلى الإحسان إلى من حولك - وفي مقدمتهم زوجك وأبناؤك-؛ فهم ثروتك الحقيقية، ففي ذلك فضل عظيم، ثم إشغال لنفسك في أمور أخرى تخفف عليك استرجاع مواقف الزوج نتيجة عصبيته وقسوته اللفظية.
5- إشعار الزوج بمعاناتك، والضغوط النفسية الواقعة عليك، وأنها بسبب قسوته اللفظية وعصبيته، وتكالب الظروف الصحية والاجتماعية عليك، ويمكن أن يكون ذلك من خلال جلسات المحاورة الهادئة، ويحسن التوكيد أنها جلسات محاورة هادئة، ثم المصارحة اللطيفة غير الجارحة، فقد يكون لا يعرف أثرها عليك بسبب كتمانك للموضوع وعدم إخباره، ولكن احذري أن يكون هذا الإخبار وهو في ثورة غضبه.(18/139)
6- إن تعذرت جلسات المصارحة -التي سبقت الإشارة إليها- قد يكون من الممكن طرح بعض الكلمات والعبارات العارضة أثناء حديث عابر مع الزوج أو عندما يكون في لحظة صفاء، كأن تقول له وهو في كمال راحته النفسية: ليتك تدوم على هذه الحالة، أو ما أفضلك من زوج لو تريح نفسك من العصبية الزائدة التي تنتابك بعض الأحيان، وتنغص علينا حياتنا ... إلخ، وغيرها من العبارات التي لا شك أن الزوجة أعرف بها من غيرها من الناس بحكم قربها من زوجها.
7- حاولي ثم حاولي وجاهدي نفسك، فكلما زاد قسوة حاولي أن تكوني أكثر في العطف ولين الكلام، ففي ظني أن التزامه وصلاحه في نفسه سيجعله مع الوقت يخجل من نفسه، حيث يرى إساءته تقابل بالإحسان.
8- الصبر وعدم استعجال النتائج، والاستمرار على هذه الخطوات، وبخاصة الأخيرة منها، وستجدين كل خير - بإذن الله-.
أما ما يتعلق ببنتك ذات الأربعة عشر ربيعاً، فلم تتبين لي المشكلة منها بشكل واضح، إلا أني أعتقد أن ما لديها من مظاهر تمردية أو عصيان إنما هي من مظاهر مرحلة المراهقة، وهي مرحلة تحتاج إلى تعامل خاص، وقبل ذلك أنصحك - أختي السائلة - بقراءة بعض الكتب المتعلقة بهذه المرحلة؛ لكي تساعدك على فهمها، ومن تلك الكتب: كتاب (علم نفس المراحل العمرية) للدكتور: عمر المفدي، وكتاب (المراهقون) للدكتور: عبد العزيز النغيمشي، إلا إذا رغبتِ في توضيح أكثر، فيمكن لك أن ترسلي سؤالاً مستقلاً عن موضوع ابنتك مع تفصيل كامل لما تجدينه منها، وسيقوم الإخوة في الموقع بعرضه على أحد المختصين - بإذن الله-.
ختاماً: لا بد من الاعتذار عن التأخر، ولكن جزءاً منه تأمل الموضوع لتحقيق براءة الذمة في النصح وتقديم الاستشارة، والله أسأل أن يفرِّج كربة السائلة، ويرزقها الصبر والصلاح في نفسها وزوجها وذريتها، والإعانة على كبد هذه الحياة الدنيا. والله الموفق.(18/140)
زوجتي لا تقدر ظروفي
المجيب د. عبد العزيز حمود الشثري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 22/7/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: يرجى الصبر على قراءة الموضوع والرد جزاكم الله عني خيراً، تنعتني زوجتي بالتقصير بحقها؛ وذلك في المدة التي أقضيها معها، وذلك بسبب عملي والخارج عن سيطرتي، حيث إني أخرج لعملي الساعة 7 صباحاً وأعود الساعة 9 مساءً لمدة خمسة أيام أسبوعياً، وأما في الإجازة الأسبوعية -وهي يومان- أبقى معها أغلب الوقت، وأذهب معها لزيارة والدي ووالدتي، وبعض الأحيان وبمعدل ثلاث ساعات أسبوعياً أخرج مع أصدقائي، وأقوم ببعض الأعمال الرسمية، وباقي الوقت معها، فهل أنا مقصر؟ وأما الأمر الآخر فأنا من ذوي الدخل المحدود وعلي ديون، فقد استدنت للزواج وأقوم الآن بسداد ديني، ولي إخوة متزوجون، ووضعهم أكثر استقراراً -مادياً- مني، وتبقى زوجتي بمقارنة ما هي فيه بهم، وذلك مثلا وليس حصراً في الخروج في رحلة سياحية كشهر عسل حرمت منه، وشراء الماس واللؤلؤ والذهب كباقي نساء العائلة، والذهاب إلى السهرات، وطلب أغلى وألذ المأكولات، علماً بأنني لا أقوم بذلك لنفسي، ولا يبقى معي في آخر الشهر شيء من المال، ولا أنفق على أهلي إلا القليل، وأشعر دوماً بشعورهم أيضاً بتقصيري معهم، فأنا بين نار زوجتي ونار أهلي، فما العمل وهل أنا مقصر؟ شيخي: لقد بكيت كثيراً بيني وبين نفسي لكل هذا، وأزيدكم فضيلة الشيخ أنا أشعر بعدم أحقيتي وأحقية أهلي بمالي هذا للأمور الرفاهية والكمالية غير الضرورية، وأمة الإسلام والمسلمين -وخاصة في بلدي فلسطين- بحاجة لعلاج المصابين، وكفالة الأيتام، وتزويج الشباب، أنا لا أقوم بشيء من هذا إلا القليل والقليل جداً، لذلك أغض الطرف عن ترفيه نفسي وزوجتي وأهلي، فكيف لي أن أقوم بهذا وأنا كان من الممكن أن أكون تحت النار، أو أفقد أخاً أو صديقاً أو حبيباً في الحرب، كيف لي أن أكون سعيداً وأرى الدموع في أعين الأيتام؟ شيخي: أنا لست إنسانا مثالياً ولكني ضعيف وضعيف جداً، فهل أنا مقصر؟ شيخي: أرجو الشرح في الرد مع ذكر الأمثلة في واجباتي تجاه زوجتي وأمي وأبي وأهلي والمسلمين، مع جزيل الشكر والامتنان.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
يبدو أنك إنسان جاد وواقعي وتقدِّر مشاعر الآخرين، وهذا خلق طيب، ولكن اعلم أن الناس -أياً كانوا- لا يرحمون من يكون كذلك، إذا كان ضعيفاً يستجدي عطفهم وتقديرهم لموقفه، وينزعج لأي تصريح أو تلميح بانتقاده، كن واثقاً من نفسك واستمر في عمل الخير، ومراعاة زوجتك وأهلك بقدرما تستطيع.
اعلم أن الله -تعالى- لا يكلف نفساً إلا وسعها، لا تلق بالاً لكل ما تشير إليه زوجتك من مقارنة حالك بحال إخوتك أو غيرهم، فهذا الأمر كثير لدى النساء، ولو قدمت لها جميع ما يقدمه إخوتك لزوجاتهم لذكرت لك الفرق بين حالها وحال من هو أغنى منكم؛ لأن القناعة خلق وطبع يطبع عليه الإنسان، وليس مستوى معينا يصل إليه ثم يصبح قنوعاً.(18/141)
فيما يتعلق بغيابك عن البيت لظروف العمل، فهذا أمر ليس بيدك، بل هو من مصلحتها هي أيضاً، حيث بدون العمل لن تكون قادراً على توفير شي من متطلباتها.
كن حليماً وحكيماً في تعاملك مع زوجتك، وبين لها أن الظروف التي تمرّ بها، والدين الذي عليك لن يستمر طويلاً، وأن غيرك قد مرّ بأصعب مما تمرّ به، ولكن لا يكون حديثك معها بأسلوب يشعرها بضعفك، أو أنك تستجديها أن تصدقك، تحدث بأسلوب الواثق المطمئن، لأن الله -تعالى- لم يوجب عليك لها إلاً أن تسكنها من حيث سكنت، وتكسوها إذا اكتسيت، وتطعمها مما تأكل "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله. لا يكلف الله نفساً إلاّ ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا" [الطلاق: 7] ..بالنسبة لأهلك فقد ذكرت أن إخوتك ميسوري الحال، فهم أولى بالإنفاق على أهلك، وأنت تقدم لهم ما تستطيع بعد سداد دينك والإنفاق على أسرتك.
حاول أن تكون متوازناً فيما تعمله، واعلم أن الصدقة والإنفاق في سبيل الخير ومساعدة المحتاج من المسلمين هي باب من أبواب الخير يكفي فيه صدق النية وإخلاص العمل وبذل المستطاع، فلو شاء الله تعالى لأغناهم عن هذا ولكن ليبلوا بعضنا ببعض.
النصيحة الهامة لمثلك هي (احذر من الاستدانة لتلبية طلبات الزوجة ومجاراة الآخرين) فإنها لن ترحمك إذا تكالبت عليك الديون.
قدم لها ما تستطيع مع الكلمة الطيبة، والعشرة الحسنة، وعدها خيراً إذا تحسنت الظروف، ولكن كن واثقاً وأشعرها أنك راض بما أعطاك الله، ولست مهتماً بالفرق بينك وبين الآخرين. وفقك الله وأعانك.(18/142)
زوجي سليط اللسان!
المجيب د. علي با دحدح
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 23/10/1424هـ
السؤال
أفيدوني فأنا زوجة لزوج لا أستطيع أن أتجنب شر لسانه وتقلباته ومزاجيته إلا بتلاوة الآية "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون"، لا أدري لماذا يعاملني بهذه الطريقة مع أنني والله يشهد أعامله بما يرضي الله، وعيبي الوحيد في نظره أنني غيرت حياته من حياة لهو ومجون إلى حياة مستقرة، علما أنه أكبر مني سناً، ولا أسمع كلمة رضى منه إلا وقت المعاشرة الزوجية.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا يخفى على أحد ما جاء به الإسلام من إكرام المرأة ورعاية حقها والإحسان إليها في سائر الأحوال، فإن كانت أماِّ فقد جاء القرآن بالوصية العامة بالوالدين؛ كما في قوله: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً" [الإسراء:23] ، وخُصت الأم بمزيد من الذكر والعناية والرعاية؛ كما في قوله "حملته أمه وهناً على وهن" [لقمان:14] ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن البر عندما سأله السائل: أي الناس أحق بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال:"أمك"، قال: ثم من؟ قال:"أمك"، قال: ثم من؟ قال:"أمك"، قال: ثم من؟ قال "أبوك" البخاري (5971) ومسلم (2548) .
وإن كانت بنتاً، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - خص رعايتها والقيام بشأنها بمزيد من الترغيب والحث، وذكر عظيم الأجر، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -:"من عال جاريتين...." مسلم (2631) .
وأما الزوجة فقد عظمت الوصية بها كذلك؛ كما في قول الله تعالى:"وعاشروهن بالمعروف، فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" [النساء:19] ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" استوصوا بالنساء خيراً" البخاري (5186) ومسلم (1468) ، وكان يقول:" خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" الترمذي (3895) والنسائي (4619) وابن ماجة (1977) وصححه الألباني وغير ذلك مما هو معلوم.
والمخالف لهذا يقع في أمور:
أولها: المخالفة لأمر الله سبحانه وتعالى وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم.
والثانية: المعارضة لمتطلبات الرجولة والشهامة.
والثالثة: التناقض بين الانتفاع بالزوجة في حسن تدبيرها لبيتها، وقيامها بشأن زوجها وأبنائها، إضافة إلى قضاء الشهوة وتحقيق اللذة، ثم لا يقابل الزوج ذلك ولا يتمه بالإحسان والإكرام وحسن المعاملة، بل يأتي بما يتناقض مع ذلك من الإساءة، وفحش القول، وسوء التصرف.
وهذه الزوجة قامت بواجبها في أداء حق زوجها والإحسان إليه، وخاصة بالقول امتثالاً لأمر الله تعالى: "وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن" [الإسراء:53] ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "والكلمة الطيبة صدقة" البخاري (2989) ومسلم (1009) ، ولكنها هنا تجد أن زوجها لا يتحدث إليها إلا بالعنف والشدة، ولا يخاطبها إلا بفاحش القول، وينعتها بالقبيح من الصفات، ولا شك أن هذا الأمر غير مقبول شرعاً ولا عرفاً.
وأقول لهذه الزوجة:(18/143)
1- أن تصبر وتحتسب، وألا يدعوها تصرف زوجها إلى أن تغير سلوكها من الإحسان إلى الإساءة، أو أن ترد على إساءته بالإساءة، بل أوصيها ورغم صعوبة ذلك أن تواصل الإحسان لأن في هذا خيراً كثيراً بإذنه سبحانه وتعالى، والله جل وعلا يقول: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" [فصلت:34] ، وأنقل إلى الأخت الفاضلة هذه الكلمات الرائعة من تفسير السعدي لهذه الآية: (فإذا أساء إليك مسيء من الخلق خصوصاً من له حق كبير عليك كالأقارب والأصحاب ونحوهم إساءة بالقول أو بالفعل فقابله بالإحسان إليه، فإن قطعك فصله، وإن ظلمك فاعف عنه، وإن تكلم فيك غائباً أو حاضراً فلا تقابله، بل اعف عنه وعامله بالقول اللين، وإن هجرك وترك خطابك فطيّب له الكلام وابذل له السلام، فإذا قابلت الإساءة بالإحسان حصلت فائدة عظيمة، "فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"؛ أي كأنه قريب شفيق، "وما يلقاها" أي وما يوفق لهذه الخصلة الحميدة "إلا الذين صبروا" نفوسهم على ما تكره، وأجبروها على ما يحب الله) ، فإن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته وعدم العفو عنه فكيف بالإحسان، فإذا صبّر الإنسان نفسه وامتثل أمر ربه وعرف جزيل الثواب، وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله لا يفيده شيئاً ولا يزيد العداوة إلا شدة وأن إحسانه إليه ليس بواضع قدره، بل من تواضع لله رفعه، هان عليه الأمر وفعل ذلك متلذذاً مستحلياً له.
2- تذكير الزوج بالله عز وجل وأهمية إحسانه إلى زوجته، وتحذيره من خطر اللسان، وتنبيهه إلى الإثم في القول البذيء، والكلام الفاحش، ويمكن أن يكون ذلك بوسائل مباشرة وغير مباشرة على النحو التالي:
أ- إن كانت الزوجة لديها القدرة العلمية، وحسن الأسلوب، ويمكن أن يصغي لها الزوج فإنها تقوم بذلك بنفسها وبتدرج مناسب، وتختار الأوقات الملائمة التي توافق هدوء الزوج وحسن استعداده.
ب - الاستعانة بالمواد العلمية المقروءة والمسموعة والمرئية، كإعطائه كتيبات أو أشرطة سمعية أو مرئية حول هذا الموضوع، وتكون جيدة ومؤثرة، ويمكن أن تعطيها الزوجة له، أو تختار من يكون مناسبا لإعطائها أو إهدائها له.
3- الاستعانة - بعد الله - بأشخاص آخرين ممن لهم صلة قوية بالزوج وقدرة على التأثير عليه، سواء من محارمه النساء كوالدته أو شقيقته، أو من الرجال الأقرباء أو الأصدقاء، وتخبر الزوجة بخلاصة عامة عن الموضوع ويتم التشاور في كيفية عرض الموضوع بطريقة غير مباشرة، بحيث لا يعلم الزوج أن الزوجة أخبرت بذلك أحداً، ويمكن أن يكون الموضوع بتدرج خلال مدة معينة وفي مناسبات وأوقات مختلفة.
4ـ الاستعانة بدعاء الله عز وجل بأن يصلح الزوج، ويهذب خلقه، ويحسن قوله، وأن يصبر الزوجة ويعظم أجرها.
5_ إذا لم ينفع شيء مما سبق وكان الحال بالنسبة للزوجة غير محتمل فيمكن أن تبدي للزوج استياءها وتطلب منه التغيير بصراحة ووضوح، ثم تخبر أولياءها ليتحدثوا معه ويطالبوه بالتزام الشرع في معاملته زوجته، وإن احتاج الأمر إلى أن يطرح الموضوع بين حكم من أهله وحكماَ من أهلها فذلك مشروع، وقد يؤدي إلى نتيجة إذا استشعر الزوج الجدية. والحمد لله رب العالمين.(18/144)
زوجي يضربني ويسئ معاملتي
المجيب د. شيخة بنت المفرج المفرج
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 27/3/1425هـ
السؤال
أنا سيدة متزوجة من عشر سنوات وعندي ولدين، أعاني من سوء معاملة زوجي لي، وتكرر ضربه وإيذائه لي بالقول كثيراً، مما أسفر عن كرهي الشديد له حتى أني أصبحت لا أطيق وجوده داخل البيت، أو حتى رؤيته، أو أن يقترب مني، وهو لا يريد طلاقي خوفا على الأولاد وليس تمسكاً بي. فماذا أفعل؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أختي الفاضلة أم محمد: - حفظها الله- سلام الله عليك ورحمته وبركاته، وبعد:
فأرجو أن تكوني ممن أحبهم الله فابتلاهم في دنياهم، كما أرجو أن تكوني ممن إذا ابتلي صبر.
عزيزتي: كلنا نرى في هذه الدنيا أننا مظلومون، وأن الطرف الآخر هو الظالم، ولكن لو وقفنا مع أنفسنا وقفة عدل وإنصاف لتبين لنا الحق، فاسألي نفسك لم يعاملك زوجك بهذه المعاملة التي تصل إلى حد الضرب، وبصورة أدق أسألك كيف تعاملك معه؟ هل أنت إنسانة تصرين على رأيك؟، هل أنتِ إنسانة عصبية؟ ولقد قال الله للصحابة - رضي الله عنهم- عندما هُزموا في معركة أُحد: "قل هو من عند أنفسكم" [آل عمران: 165] ، وقال سبحانه مخاطباً البشرية: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" [الشورى: 30] .
عزيزتي: أقترح لك لإنهاء هذا الإشكال ما يلي:
1- الاستغفار: أكثري منه، واعلمي أن من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، استغفري بالليل والنهار، أثناء عملك وأثناء خروجك، وفي كل وقت؛ فقد أثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه يستغفر في اليوم والليلة مائة مرة فيما روه مسلم (2702) من حديث الأغر المزني - رضي الله عنه -.
2- الدعاء: الجئي إلى الله بالدعاء وأنت مؤمنة بأن الله لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وأنه سبحانه القادر على تحويل حالك؛ قال تعالى: "أمن يجيب المضطرَّ إذا دعاه ويكشف السوء" [النمل:62] .
3- اعلمي أن طلب الكمال محال، فكما أن المرأة فيها نقص ينبغي للزوج تحمله، فكذلك في الزوج نقص ينبغي للزوجة تحمله، فيكمل كل منهما الآخر.
4- استعيذي بالله من الشيطان الرجيم؛ فإنه هو الذي يعظم عليك المشكلة ويكبرها في نظرك؛ لأن من أهم ما سعى إليه - أعاذ الله منه- التفريق بين المرء وزوجه.
5- اسمحي لي أن أقول لك أن هذا الزوج فيه ميزة عظيمة، ولم تلتفتي لها، وقَلَّ من الرجال من يتحلى بها، وهي حرصه على أولاده ألا يضيعوا إذا فقدوا أحد والديهم، مع أن كثيراً من الأزواج إذا كره الزوجة طلقها ولم يفكر بالأولاد....
وأخيراً أنصحك بما يلي:
(1) اعلمي أن من أسباب دخول الجنة طاعة الزوج ورضاه، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة" رواه الترمذي (1161) وابن ماجة (1854) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها -، وقال عليه السلام: "انظري أين أنت منه فإنه جنتك ونارك" رواه أحمد (26806) من حديث الحصين بن محصن - رضي الله عنه -.(18/145)
(2) الحياة الدنيا ما هي إلا مرحلة انتقال نتزود فيها لدار القرار، فاحرصي على التزود منها بما يقربك لله.
(3) قال تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" [فصلت:34] ، جربي إحسان التعامل، وغض الطرف، والصفح والعفو، وستجدين بإذن الله أفضل النتائج.
(4) احرصي على بقاء الود بينكما لأجل وليدكما؛ فإن من أكثر ما ينغص على الأولاد تخاصم الأبوين.
(5) لا تعرضي مشكلتك إلا على من تثقين في دينه وحكمته ممن حولك؛ لأن البعض يعظم الأمر الحقير، ويثير في النفس ما لا يستحق الإثارة.
(6) لا تعطي نفسك هواها في شدة الكره أو التحامل على هذا الرجل؛ فإنه الزوج، والنفس أمارة بالسوء.
وختاماً - أخيتي الفاضلة- أنصحك بسماع سلسلة أشرطة: (بيوت مطمئنة) ، للشيخ الفاضل/ د. ناصر العمر، وهي عبارة عن ثلاث إصدارات، الأول عن علاقة الزوجين بعنوان: (لتسكنوا إليها) ، والثاني: عن علاقة الآباء بالأبناء بعنوان: "وأصلح لي في ذريتي"، والثالث: عن علاقة الأبناء بالآباء، بعنوان: "وبالوالدين إحساناً".
أسأل الله بمنه وفضله أن يصلح حالك، ويوفق بينكما، ويصلح ولديكما؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.(18/146)
زوجي يضربني وأسرته تظلمني
المجيب د. خالد بن حمد الجابر
مستشار طب الأسرة.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 9/3/1425هـ
السؤال
زوجي أصبح صعباً للغاية، مضت علي مشاكل كثيرة كان زوجي يتعامل معي بقسوة وأسرته أيضاً، كان يضربني ويشتمني ظلماً لمجرد أنني أحب أن أكون مستقلة بعيدة عن مشاكل أسرته التي تظلمني في أية فرصة تسمح لهم، وما زالوا، لكن مشكلتي الحقيقية هي أني ما عدت أحب زوجي بسبب ذلك، وأحاول أن أعطيه حقوقه بصعوبة، كيف أساعد نفسي على محبته والصبر معه؟ مع العلم أن لي ابناً منه.
أجيبوني أرجوكم، وشكراً.
الجواب
السلام عليك ورحمة الله وبركاته، وبعد..
أسأل الله -تعالى- الذي قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء - كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم (2654) -، أن يحببك إلى زوجك ويحبب زوجك إليك، ويحننه عليك ويحننك عليه، آمين.
أختي الكريمة:
شكوت من زوجك وأهله قسوة وضرباً وشتماً، كان الله في عونك. وما تشكين منه يا أختي الكريمة مشكلة شائعة جداً في العالم كله، حتى البلاد التي يسمونها بلاد الحرية، نسبة ضرب الأزواج لزوجاتهم فيها عالية جداً، وهي أخطر مما عندنا بسبب كثرة تعاطيهم الخمر.
ومن المعلومات التي أوردتيها عن نفسك، فأنت لا زلت في ريعان الشباب، ويبدو أن زواجكما حديث.
وفي سؤالك أشياء كثيرة أود معرفة تفاصيلها حتى يكون الجواب مطابقاً للسؤال، لكن سأستعين بالله تعالى وأجيبك إجابة عامة، وستكون شافية وافية تفيدك إن شاء الله وتفيد زوجك، وتفيد كل من كان عنده نفس مشكلتكم بإذن الله تعالى.
لماذا يتعامل بعض الأزواج بقسوة مع زوجاتهم؟
هذا هو السؤال الجوهري. وله أسباب كثيرة، ليس المجال لاستقصائها، وكتبت فيها دراسات كثيرة، لكن سأتناول هنا أهمها مع الإشارة إلى بعض الحلول الممكنة لكل سبب، وأنت إن شاء الله تتأملين في هذه الأسباب وتنظرين منها ما يكون أقرب لحالتك، وفقك الله وأعانك.
1) قسوة الزوج بطبيعة شخصيته..
وهذا السبب ليس قليل الانتشار، خاصة في البيئات التي يقل فيه العلم، وتقل فيها مخافة الله، وهؤلاء ربما لم يسمعوا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" رواه الترمذي (3895) وغيره من حديث عائشة - رضي الله عنها-، وقوله "استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عوان (أي أسيرات) عندكم" رواه الترمذي (1163) وابن ماجة (1851) من حديث عمرو بن الأحوص - رضي الله عنه، يعني بسبب ضعفهن وعاطفتهن فهن كالأسيرات، وهذا واقع فالمرأة مهما تجبرت فهي في النهاية محتاجة إلى بيت الزوجية، والعامة يقولون "نار زوجي ولا جنة أبوي!! "، وهذا المثل ليس على إطلاقه.
والحل مع مثل هذا الزوج أن تسعى الزوجة بحكمتها وبدون توجيه اتهامات إلى محاولة إيصال هذا المفهوم لزوجها، بكل ما يمكنها من وسيلة، ومن أهمها الذهاب إلى من بيده مفاتيح أخلاق الناس وقلوبهم وهو الله سبحانه وتعالى، بالدعاء واللجوء والتضرع والإلحاح عليه، شهراً بعد شهر وسنة بعد سنة. ومن صبر ظفر، والعجلة والتسرع تعقبها الندامة.(18/147)
ومن الطرق إهدائه الأشرطة والكتب العامة التي تتكلم عن الحياة الزوجية.
ومنها: جلسات المصارحة والمكاشفة، والملاحظ أن كثيرا من الأزواج يخبرني أن جلسات المصارحة هذه تزيد الأمور تعقيدا بسبب ما يكون فيها من الصراخ وتبادل الاتهامات، وهذا سببه أننا للأسف الشديد في كثير من الأحيان لا نعرف كيف نحاور، فنحن ندخل للحوار عادة متشنجين منفعلين لأنه يكون عقب حدث معين، وهذا لا ينفع فلابد للحوار أن يكون مجدولا في موعد يتفق عليه، في جلسة هادئة في مكان هادئ والله يعينكما؛ لأنه قال "إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما" [النساء:35] .
ومنها: أن الزوجة كلما زاد زوجها قسوة تزيد معه لينا ورفقا ورقة وتوددا، فإن كان فيه خير فستعلمه الأيام أن يقابل إحسانك بإحسان، لكن إذا كانت الزوجة تعامل زوجها القاسي الغليظ بمثل صنيعه وأخلاقه، فالنار لا تزيدها النار إلا ضراما، وللأسف فالانتقام للنفس أحيانا يعمي ويصم.
2) قسوة الزوج بسبب مرض نفسي أو ضغوط نفسية..
وهذا كثير جداً وتغفل عنه النساء، لكني رأيته كثيرا في العيادة؛ ولهذا كلما اشتكت لي زوجة من زوجها طلبت حضوره لأتحقق من ذلك بنفسي.
وعلى الزوجة أن تلاحظ زوجها، فربما كان يمر بظروف صعبة أو تحت ضغوط نفسية أو ما هو أدهى قد يكون متورطا في مخدرات أو شراب.
3) سوء تعامل الزوجة ورداءة أخلاقها.
وربما تنكر الزوجة هذا وتقول: "عجزت عنه! "، والواقع أن بعض قسوة الأزواج سببه سوء خلق الزوجة، فلتنظر المرأة في حال نفسها، ولتكن مع زوجها لطيفة رقيقة ودودة..
فمثلا قد يكون سوء تعامل الزوجة مع أهل زوجها أو نفرتها منهم سببا في قسوته وغلظته. ومن ذلك إلحاحها المستمر للخروج في بيت مستقل، فهو وإن كان أمرا تحبه المرأة لكن لكل زوج ظروفه الخاصة.. وهكذا
4) ضعف آليات الحوار والنقاش بين الزوجين..
ولو قال قائل إن نصف مشاكل البيوت من ضعف آليات الحوار بين الزوجين لكان صادقا.
يا جماعة نحن لا نعرف كيف نتحاور في الظروف العادية، فكيف في حالات الخلاف!! ، اسألي عن دورات في فن الحوار وبالذات الحوار العائلي، وستكتشفين بإذن الله إن وفقت في دورة جيدة وقمت بتطبيق مهاراتها كيف ستتغير حياتك بعون الله.
5) تدخل أطراف خارجية:
وهذا أيضا ليس قليلا في مجتمعاتنا العربية. وإني والله لأعجب من أم أحد الزوجين أو أبيه كيف يكون سببا في تدمير بيت بنته وولده! ، إنها فعلا كارثة!، لكن ماذا نصنع؟! ليست أخلاق الناس على سنن مشط واحد، ولله في خلقه شئون.
وفي هذه لحالة فالحكمة واللطف والرفق حل وأي حل.
6) قلة الصبر.
وربما تعجبين يا أختي من كلامي هذا، لكن الواقع غير المثالية. فالصبر واحتساب الأجر في الآخرة وانتظار الفرج قد يكون هو غاية ما تقدر المرأة على صنعه. وكثير من النساء تقول: أنا لا أطيقه ولا أريده، لكن لو طلقني فأين أذهب؟
وأنا أقول هذا هو عين العقل أحيانا، إذا لم يكن بد من البقاء معه.
7) آخر الدواء الكي..(18/148)
فإذا لم ينفع شيء مما مضى، ولم تتعجل المرأة وحاولت سنوات، وليس مجرد شهرين او ثلاثة، ولم يقض الله تعالى لحكمته أن يستجيب لدعائها وإلحاحها وتضرعها، فإن هذا إيذان من الله تعالى بأن الحل هو "التسريح"، ويرزق الله كل واحد منهما من واسع فضله.
اللهم حبب أمتك (ريا) لزوجها وحببه إليها، وحننها عليه وحننه عليها، وآلف بين قلبيهما، واجعلهما من خير زوجين في أرض المغرب المبارك.. آمين.(18/149)
أنقذوني من جحيم زوجي
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 03/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا امرأة متزوجة منذ 9سنوات، ولديّ أولاد، كانت حياتي في بدايتها سعيدة، يتخللها المرح والاحترام المتبادل بين الزوجين، فزوجي شخص حنون وملتزم التزاماً حسناً، ويكثر من قراءة القرآن وحضور المحاضرات، -هذا ما علقني به أول الأمر-، وبعد سنتين من الزواج بدأ زوجي -مع التزامه- عند حدوث أي مشكلة يستخدم الكلمات البذيئة، ثم بعدها بفترة استخدم الضرب، سواء بيده أو بأي شيء معه ما عدا الحديد، ومع سكوتي وسرعة رضائي عنه أصبح يتمادى في ضربي في أي مكان من جسمي، وأنا مهما تكن حالتي أثناء المشكلة لا أحب أن أخبر أحداً من أهلي بذلك، ولا أحب تصعيدها؛ لأني أحس أنها مشكلة عائلية خاصة جداً جداً.
وقد مرت فترة 4 أشهر تقريباً عاهد فيها نفسه ألا يضربني؛ بحجة أنه لا يريد الاحتكاك معي، وأنه سوف يتجاهلني، وأنا أحس أنه في تلك الفترة قد حس بالذنب، ولكن لا يفصح، فرجع بعدها أشد من ذي قبل، فأصبح -تقريباً- في الأسبوع مرة أو مرتين يضربني، حتى بدأت معالم في جسمي جراء الضرب المبرح أخفيها عن الناس، وكلٌّ يسألني عن هذه الآثار التي في يدي ورجلي؟ وقد تحدث لي -كامرأة- بعض المضاعفات الداخلية من أثر الضرب على الظهر وعلى البطن، لأنه يتهور إذا بدأ يضرب، وقد أدافع أنا بدفع يده أو إبعاده بقدمي، لكن لا تقارن قوتي بقوته كرجل، ويقول لي: في القرآن كلمة (واضربوهن) .
أنصحوني ماذا أفعل في حياتي الزوجية الخالية من أي معالم الكرامة؟ فأنا أحس باليأس منها، ولا أريد إفسادها، وماذا أفعل لإصلاحها، وهل يمكن ذلك؟.
الجواب
الابنة الصابرة وفقها الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلقد سببت لي رسالتك -أيتها الصابرة- ألماً نفسياً شديداً بسبب هذه المعاناة التي صورتها كلماتك، وزاد ألمي وصفك لهذا الزوج بالالتزام، وقراءة القرآن، وحضور المحاضرات.
وأصارحك بأني لا أبرئك من خطأ يستثير زوجك، ويكون سبباً في قسوته وعدوانه، وأن عليك تفقد نفسك أن تكوني سبباً للإثارة، ولكني أعلم يقيناً أن الأخطاء لا تعالج بهذا العدوان، وأن خطأ الزوج الذي يتعامل بهذه القسوة أكبر من خطأ الزوجة، وأن هذا التعامل القاسي لا يصح صدوره من مسلم يخشى الله ويتقيه.
فأين هو -هداه الله- إذًا من قول الله -عز وجل-: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء: 19] .
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة" أخرجه أحمد (9666) ، وابن ماجه (3678) . وقوله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله" أخرجه مسلم (1218) .
أين هو -هداه الله- من شهامة الرجل الذي ينظر للمرأة على أنها محل الرعاية والحماية والعطف، وليس على أنها ميدان لاستعراض القوة، وإظهار البطولات، وتحقيق الانتصارات، ولذا قالت العرب: "لا يكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلا لئيم، يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام".(18/150)
أي بنيتي: إني أرى أن عليك أن تجلسي إلى زوجك في ساعة صفاء؛ تبثين فيها إليه -بكثير من الهدوء والمنطق والعقل- معاناتك، وتتحدثين معه على أنه زوجك وأقرب الناس إليك، وأنك ما صبرت هذا الصبر إلا محبة للبقاء معه، وكرهاً للبعد عنه.
حدثيه وهو المسلم الملتزم كما وصفتِه:
بأن الإسلام أسس لتعامل أسري رائع، وحياة دافئة ناعمة، بعيدة عن التوتر والخشونة؛ ليتحقق الإشباع العاطفي والاستقرار الأسري والصحة النفسية العالية لجميع أفراد الأسرة.
فللزوجة الحب وحسن المعاملة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "حتى اللقمة التي ترفعها إلى في امرأتك" صحيح البخاري (2742) ، وصحيح مسلم (1628) . وقال -عليه الصلاة والسلام-: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله" أخرجه الترمذي (2612) ، وغيره.
حدثيه: أن الشريعة جاءت أيضًا بإقامة العوازل ضد تصرفات القسوة والعنف.
فهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو يربي المجتمع لتخليصهم من أوضار الإرث الجاهلي: "لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يضاجعها في آخر اليوم" أخرجه البخاري (5204) . ولينظر إلى المقارنة الرائعة التي تبين أن دفء الاحتضان الليلي لا يمكن أن يكون ثمرة لشراسة العنف النهاري.
وعندما اشتكى نساء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ضرب أزواجهن تفاعل -بأبي هو وأمي- مع هذه الشكاية، فقال: "إنه قد طاف بأبيات آل محمد نساء كثير كلهن يشتكين أزواجهن، أولئك ليسوا بخياركم" أخرجه النسائي في الكبرى (9176) . وقد كان صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة في ذلك، فهو زوج لتسع نسوة، وأب لبنات وأحفاد، ومع ذلك ما ضرب -صلى الله عليه وسلم- بيده امرأة ولا خادمًا ولا أحدًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله.
بل كان صلى الله عليه وسلم هو الحماية والملاذ للزوجة، فقد مر أبو بكر -رضي الله عنه- ببيت عائشة، فسمع صوتها مرتفعًا، فاستأذن ودخل غاضبًا على ابنته، وهو يقول: ترفعين صوتك على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهمَّ أن يتناولها بيده، فلم يكن لها ملاذ إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي حماها منه، وخرج أبو بكر ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينظر إليها، ويقول: "كيف رأيتيني أنقذتك من الرجل" أخرجه أبو داود (4999) ، وغيره.
حدثيه يا بنتي: أن العنف والقسوة في الأسرة سبب نضوب العاطفة، وبناء عوازل نفسية بين أفراد الأسرة ورب الأسرة، وأن هذا العنف يحول علاقة الحب إلى رعب، والتآلف إلى نفرة.
إن المرأة مهما كانت نبلاً ومثالية لن تعطي لزوجها وآثار عنفه على جسدها، ولن تبادله حبًا وعاطفة وآثار جراحاته النفسية غائرة في وجدانها، ولذا تقع هذه المرأة عرضة لأنواع الإصابات النفسية الشديدة التي تعوقها عن القيام بدورها زوجة وأماً.
ذكِّريه أن الأب والزوج القاسي لن يكون مصدرًا للتوجيه، ولا نموذجًا للقدوة، وصلوات الله على خير معلّم للناس الخير، حيث قال: "إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف" صحيح مسلم (2593) . "إنها رحمة وإنما يرحم الله من عباده الرحماء" صحيح البخاري (1284) ، صحيح مسلم (923) .
ذكِّريه بأن استدلاله بقوله تعالى:"واضربوهن.." استدلال غير صحيح؛ لعدة أمور:(18/151)
أولهما: أن الله ذكر الضرب بعد أدبين قبله، فهو غير مشروع إلا إذا لم يفد ما قبله، وهو قوله تعالى:"فعظوهن واهجروهن في المضاجع" [النساء: 34] ، فالرجل يقدم الموعظة، فإذا لم تجدِ هجر هجراً جميلاً، فإذا لم يجدِ انتقل إلى الضرب، فالضرب هو الوصفة الأخيرة والنادرة، ولكن صاحبك -هداه الله- جعلها الوصفة الأولى والدائمة.
ثانيهما: أن الضرب المأذون به هو ما وصفه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "ضرباً غير مبرح" صحيح مسلم (1218) . إنه ضرب توجيه وتأديب، لا ضرب قسوة، وتشفٍّ وانتقام، ضرب يشعر بالعتب ولا يتلذّذ بالألم، يستعمل فيه الرجل قوة شخصيته، وليس قوة جسمه.
فأين هذا وما تصفينه من ضرب هذا الزوج -هداه الله-.
ذكريه -بنيتي- وسائليه هل يرضى بمثل هذه المعاملة لأخته أو ابنته؟ وهل ستغمض له عين لو علم أنها تلاقي مثل ما تلاقينه؟
ذكِّريه أن قوته عليك فوقها قوة الله الذي وهبه قوته، وقد يسلبها منه في أي لحظة، أو يسلِّط عليه من هو أقوى منه، وأن الله -عز وجل- يملي للظالم ثم يأخذه بعزته وقهره "ولا تحسبن الله غافلاً عمّا يعمل الظالمون" [إبراهيم: 42] ، "دعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب -عز وجل-: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين" أخرجه أحمد (9743) .
حدثيه بهذا ومثله، فإن كان ممن يخشى الله، فقد قال الله: "سيذكر من يخشى" [الأعلى: 10] . وتكونين قد أديت واجبك نصحاً وتفاهماًَ.
ثالثهما: أحذرك من الخضوع والخنوع لهذا الوضع المهين، وعليك بالمحافظة على حقوقك، وليس السكوت والاحتمال هو الحل دائماً.
ولذا فإذا حصل أن كرر مثل هذا التصرف فإن عليك الاستعانة بأهلك، ووضعهم في الصورة، واستخراج تقرير عاجل عن الحالة من المستشفى، ثم التقدم بشكاية فورية للمحكمة.
واعلمي -يا ابنتي- أن المحاكم لم توضع إلا لحماية الحقوق، وردع من لا يرتدع إلا بقوة الحق.
أي بنيتي، إني أخشى أن يكون زوجك -هداه الله- مأزوماً بأزمة نفسية، ويجعلك محطة تفريغ انفعالاته المريضة، ولذا فإن المواجهة توقف هذا النوع عند حده، وتشعره أن التمادي بلا حدود لا يمكن استمراره.
فإن توقف وارتدع فالحمد لله، ولعلها تكون نهاية المعاناة، وأن يؤلف الله بينكما بحياة مستقرة هانئة.
وإن أدى ذلك إلى أن يطلقك ويذهب عنك، فلا أظنك ستخسرين ما يؤسف عليه، وسيغني الله كلاً من سعته، وكان الله واسعاً حكيماً.
أعانك الله، ويسر أمرك، وفرج همك، ونفس كربك، والسلام عليك.(18/152)
هل الطلاق حل مشكلتي؟
المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار
إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 20/01/1426هـ
السؤال
مشكلتي أني تزوجت منذ سنوات عدة، من شاب يكبرني بقليل، ومتزوج من بنت عمته، ورزقت منه بأولاد ذكوراً وإناثاً، أخبرنا أن حالته جيدة، وصاحب تجارة، ولكن المفاجأة بعد الزواج اكتشفت أن عليه ديوناً وكل يطلبه، مما اضطره لبيع محلات كانت عنده وبخسارة، كان يطلب ذهبي لبيعه ليصرف علينا، وإخوانه الذين يسكنون معنا، والمشكلة أنه كلما باشر عملاً خسر فيه وزادت الديون، وأصبح الراتب لتسديد الديون، حتى حاجاتنا الأساسية يبخل بها علي، وخاصة أنني اضطررت للعمل بعد الزواج بسنتين، لا يعطينا إلا القليل جداً، وحجته الدين وزوجته الأولى وعيالها يصرف عليهم حتى الجوال أخرجه لهم بدون حاجة له، اشتريت بيتاً وسيارة لأنني إدارية فقط، ولم يفد فيه ذلك، بل أخذ يطالبني بجميع المصاريف، وأن أبحث له عمَّن يسدد له، مع العلم أن أخلاقه ساءت معي، يسهر وأحياناً ينام في الاستراحات، وذلك كل يوم، لا يأتي للبيت إلا للنوم والأكل وتغيير الملابس، ولا يعرف أي توجيه أو تربية لأولاده، إلا إذا أخطأ أحدهم ضربه في وجهه، ويقول: أنتِ فرقت بيني وبين عيالي، وقد أصبت ببعض الأمراض بسبب سوء معاملته لي وللأولاد، أنا أعيش ضغوطاً نفسية شديدة منه، لدرجة أحياناً إذا ناقشته ضربني ضرباً مبرحاً وكل المسئولية على عاتقي، علما بأنه يسافر للخارج أو الداخل بدون أن يخبرنا، أو يضع مصروفاً حتى للأولاد. سؤالي: هل أنفصل عنه وأرتاح منه، أم ماذا أفعل؟ حيث إنني تعبت من الوظيفة ولا أستطيع تركها، فماذا أفعل؟.
الجواب
الأخت الفاضلة أعانها الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
1- لاحظت أن زوجك كثير الأخطاء بحقك من الناحية المالية والاجتماعية، ولا شك أنه مفرط كثيراً بحقوقك - كما ذكرت-.
2- أرى ألا تنفصلي عنه رغم السوء الكثير الصادر منه؛ لأن الانفصال قد يكون أكثر ضرراً من الناحية المعنوية والناحية الاجتماعية، فقد يحرمك من أولادك، وهذا حرمان من القرب منهم والأنس بهم، وحرمان لهم من رعايتك وتربيتك لهم، وبخاصة أنه -كما ذكرت- لا يهتم بالتربية والتوجيه، والانفصال يشتِّت شمل الأسرة، وهذا يؤدي على المدى البعيد إلى أضرار نفسية واجتماعية على الأولاد.
3- ومع بقائك زوجة له أوصيك بما يلي:
أ- الصبر حتى يقضي الله أمراً حسناً طيباً.
ب- احتساب الأجر عند الله -عز وجل-.
ج- محاولة إصلاح الزوج عن طريقك أو طريق غيرك، مثل كبار العائلة أو لجنة إصلاح ذات البين.
د- المطالبة بحقوقك الاجتماعية والمالية؛ حتى لا يألف التفريط فيها ولا يتمادى في الاعتماد على جهودك.
هـ- دعاء الله - عز وجل- أن يصلحه ويوفقه للصواب.
أسأل الله برحمته أن يهدي زوجك للصواب، وأن يؤلف بينكما، وأن يسعد العائلة كاملة تحت مظلة الحب والتعاون والوفاء.(18/153)
ما زلت بكراً وزوجي مدمن خمر، و ...
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 7/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
أرسلت مشكلتي لعدة مشايخ، ولكن -للأسف- لم أجد منهم أي رد، أنا عروس من منذ عدة أشهر، مشكلتي هي زوجي من أول يوم عرفت أنه يشرب الخمر، ولكني أحبيت أن أقف بجانبه، وحاولت أن أبعده عن هذا الطريق، وكل يوم أنصدم فيه أكثر، حتى إنه لم يقترب مني أو يلمسني إلى الآن، وفي رمضان تركت بيت عمي بناء على كلام عمي وعمتي؛ لكي يحس أنه غلطان بحقي، خصوصاً أنه لا يرجع البيت كل يوم إلا الفجر، وللأسف أحاول أن أنصحه، ولا أجد منه إلا السب والشتم والصراخ، حتى أمام إخوانه الشباب وزوجاتهم، ومن يوم ما طلعت من بيت عمي لم يسأل عني، وجاء بيتنا يوم العيد، وسلم على الرجال في المجلس وذهب، لم يسأل عني ولا يصرف علي، وكأني لست زوجته، أنا مقهورة ونفسيتي سيئة للغاية، الحمد لله الشيء الذي يصبرني هو الدعاء، وإني دوماً ألجأ إلى ربي، عرفت أنه عنده شقة ويعيش فيها وحده -والعياذ بالله- ولهذا السبب كرهته، والآن أريد أن أطلب الطلاق، لكني خايفة على سمعتي؛ لأن الناس سيقولون تزوجت قبل أشهر وطُلقت، وأنا لا أريد أحداً يتكلم عني بالشر، ولا أستطيع أن أكمل مع هذا الإنسان، حتى أمه وأبوه يدعوان عليه. أرجوكم ساعدوني، أنصحوني -جزاكم الله خيراً- يعلم الله كم أنا محتاجة للنصيحة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع (الإسلام اليوم) ، وأتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع.
أختي الفاضلة: لقد قرأت رسالتك مرة تلو أخرى، وتفاعلت معها تفاعلاً شديداً، وعلمت أنك في حيرة من أمرك، وحق لك ذلك، ويعلم الله أنه قد ساءني ما أساءك، وأحزنني ما أحزنك، لكن هوني على نفسك "فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسراً" [الشرح: 5-6] وقبل الشروع في حل المشكلة والإجابة عن سؤالك أود أن أقول: إن السبب الرئيسي في هذه المشكلة التي حلت بساحتك هو أنت وأهلك، نعم، لا تتعجبي من قولي، هل كان اختيار أهلك لهذا الشاب على أساس ديني أم ماذا؟ وكذلك أنت، بمعنى آخر على أي أساس تم اختيارك لهذا الشاب ليكون زوجاً لك؟ أين أنتِ وأهلك من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".(18/154)
هل هذا الشاب من الملتزمين بالدين ويتمتع بخلق قويم؟ وسيرة طيبة بين الناس؟، أم ماذا؟ هل كنتم تجهلون حاله من هذا الفسق والفجور؟ إذا قلت إننا لم نعرف وهذا يستبعد؛ لكونه قريباً منكم، لماذا لم تسألوا عنه وعن دينه، وأخلاقه، وسلوكه؟ ألم تلاحظوا عليه أي سلوك غريب ومريب أثناء فترة الخطوبة؟ ألم تلاحظي عليه عدم التزامه بشرع الله من عدم الصلاة وغيرها؟ وكيف حالك أنت بالالتزام بشرع الله؟ هل أنت ملتزمة بالصلاة والحجاب، وعدم مشاهدة ما يغضب الله، أو السماع إلى الأغاني، وغير ذلك من المنكرات، مشكلتنا أننا لا نلجأ إلى الدين إلا بعد فوات الأوان، ونقول نريد حلاً على ضوء الشريعة، فأين نحن أولاً من الشرع؟ حتى نلجأ للشرع ثانياً!!
أختي المسلمة: لا تغضبي من كلامي، فأنا أود أن ألفت نظرك لهذا الأمر الهام، حتى لا يتكرر الخطأ مرة أخرى، وبناء على ما ظهر من رسالتك، إذا لم يكن هناك أمل في إصلاح هذا الرجل، فلا تبقي معه ساعة واحدة، وخصوصاً إذا كان تاركاً للصلاة، وأظنه كذلك، فتارك الصلاة كافر في أصح قولي العلماء، وعليه فلا يحل لك البقاء معه ما دام أنه تاركاً للصلاة، فضلاً على ما هو عليه من شربه للخمر وفجوره، ويبدو أنه ليس له رغبة فيك بالمرة، بدليل أنك ما زلت بكراً، وهذا الأمر، أي كونك بكراً خير لك.
فيا أمة الله: اطلبي الطلاق من هذا الرجل، ولا تلتفتي إليه، وعليك بالالتزام بشرع الله، وسيعوضك الله خيراً منه -بإذنه تعالى-.
أما خوفك من كلام الناس فلا تلقي بالاً لذلك الأمر، ولا يعنيك كلامهم في شيء، ولا تلتفتي إليهم، ولكن اعملي ما يرضى الله ولو بسخط الناس، ما دخل الناس في شؤونك الخاصة؟! هذه هي حياتك ومستقبلك، وأنت لك مطلق الحرية في أن تختاري لك حياة طيبة هادئة، تقوم على تقوى من الله من أول يوم، وحياة يسودها الحب والمودة والرحمة، والتي من أجلها شرع الله الزواج قال - تعالى-: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون".
فيا أختي المسلمة: عليك بالمبادرة وطلب الطلاق من هذا الرجل، وخذي العهد على نفسك ألا تتزوجي إلا من رجل صاحب دين وخلق قويم، وسيرة طيبة بين الناس حتى يعوضك عما رأيت من هذا الرجل السيئ، وحتى يكون بيتك بيتاً إسلامياً، ينشأ فيه الأولاد على طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-. ولا بد أن تعلمي أهلك بما يحدث؛ حتى يكون لهم موقف حازم مع هذا الشاب العابس بأعراض المسلمين، المضيع لحدود الله وحقوق من له حقوق عنده.
وعلى ضوء ما ذكرت في رسالتك فلا أجد شيئاً يجعلك تستمرين مع هذا الرجل السيئ، فاتركيه غير مأسوف عليه، ولا تزال الفرصة أمامك في أن تتزوجي رجلاً خيراً منه، فبادري بالأمر ولا تتقاعسي، حتى لا يضيع عليك الوقت، وعندها تعضين أصابع الندم ولات حين مندم. هذا والله أعلم، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/155)
عصبيتها وصلت إلى حالة مرضية
المجيب يوسف صديق البدري
داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 07/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
أخي: أنا في محنة من عصبيتي، وصلت لحالة مرضية، وكان السبب فيها ظلم زوجي لي ولأولادي، كان يتعمد إثارتي، حتى إنني بسبب عصبيتي أضغط على أعصابي بشدة ولا أملك زمام نفسي، حتى إني خسرت الكثير، وانفصلت عن زوجي الذي يعيش في بذخ، ويفضِّل الكماليات والأشياء الترفيهية على أن ينفق على أطفاله، وينفق على أطفاله من زوجته الأولى، ويحرم هؤلاء الأطفال من حقهم الشرعي، وأنا صابرة عليه أكثر من 6 سنوات، ولعله يتقي الله، ولكن لا جدوى، بعت ما أملكه، وأخذ ذهبي مني حين تركته وسافرت بحجة أني تركته، ويقول ليس لك حق فيه وأنت تركتيه، وأنا لا أعرف إن كان سكوتي عليه ظلم لأطفالي أم لا، لا أريد أن أذهب للقضاء ولا للمحاكم، ماذا أفعل معه؟ وماذا أفعل لعلاج العصبية؟ مع العلم يا فضيلة الشيخ أني طيبة القلب جدًا ولا نزكي على الله أحداً، ومع العلم أن مطلقي دكتور في الشريعة والفقه، ولكن يعلم الله به في فتواه وأفعاله، والله المستعان على أمثاله. أرجو الرد علي حتى لا يضيع أطفالي ولا أجد لهم ما يعينهم على الحياة، ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد(18/156)
فمرحبا بك ـ أختنا الكريمة ـ وندعو الله تعالى أن يرفع عنك ما أهمك وما أغمك، وأن يبدل حالك إلى أحسن الأحوال، واعلمي يا أختاه أن دوام الحال من المحال، وأن الله يعز من يشاء ويذل من يشاء، وهو الذي يقلب الليل والنهار، فلن يبقى الظالم ظالمًا ولا المظلوم مظلومًا، واعلمي أن الدنيا دار ابتلاء وشقاء، فقد يبتلى الرجل بزوجة سيئة الخلق يشقى بها، وكذلك المرأة قد تبتلى بزوج ظالم يسيمها سوء العذاب، وما على هذا تقوم حياة الأسرة المسلمة، فللإسلام رأيه ومنهجه في حالة الحب والكره، في الاستقرار والانفصال، ولم يترك أهله دون تشريع ينظم لهم أمورهم، ولقد أوصى الإسلام الزوج بزوجته، وكذلك أوصى المرأة بزوجها، وأوصى كلاهما بأولادهم حفظًا ورعاية ونفقة، كما أن في هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الأسوة في علاقته مع أزواجه: يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ (وكانت سيرته مع أزواجه: حسن المعاشرة، وحسن الخلق. وكان يسرب على عائشة بنات الأنصار يلعبن معها. وكانت إذا هوت شيئًا لا محذور فيه تابعها عليه. وكانت إذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه موضع فمها وشرب، وكان إذا تعرقت عرقًا ـ وهو العظم الذي عليه لحم ـ أخذه فوضع فمه موضع فمها ... ) ويضيف ابن القيم (وكان لطفه وحسن خلقه أنه يمكنها من اللعب ويريها الحبشة، وهم يلعبون في مسجده، وهي متكئة على منكبيه، تنظر وسابقها في السير على الأقدام مرتين.. وتدافعا في خروجهما من المنزل مرة) . (وكان يقول: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله") أخرجه الترمذي (3895) كما أن الشريعة ـ يا أختنا الكريمة ـ ويفترض أن يكون مطلقك ـ دكتور الشريعة ـ سامحه الله ـ أعلم بذلك، أقول: إن الشريعة أوجبت على الزوج أن يوفر لامرأته المطالب المادية من النفقة والكسوة والمسكن والعلاج ونحوها، بحسب حاله وحالها، ومن الآداب الزوجية التي ذكرها الغزالي في "إحياء علوم الدين": أن يزيد على احتمال الأذى منها، بالمداعبة والمزاح والملاعبة، فهي التي تطيب قلوب النساء، أما إذا استحالت العشرة ووصل الأمر إلى الطلاق؛ فينبغي أن يكون بالمعروف، قال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) [النساء:19] ؛ لذا فإني ـ وفي حالتك هذه ـ أنصحك يا أختنا بالآتي:
1ـ تكرار المحاولة مع زوجك هذا بتذكيره بحقوقكم عليه أنت والأولاد، وليكن هذا ـ مثلاً ـ عن طريق الأولاد فربما لان قلبه، ورق فؤاده
2 ـ توسيط بعض أقاربه أو أقاربك ممن تتوسمين فيهم الحكمة والصلاح، وإلا فبعض من زملاء مهنته من أساتذة الفقه والشريعة
3- فإن لم تفلح هذه المحاولات ولم تأت بنتيجة، ولم تصل بك إلى حق، فلا عليك أن تلجئي إلى مقاضاته لأخذ حقك وحق أولادك، وإن كنا نفضل أن يمتثل لأمر الله ورسوله من قريب، وأن يعطي الحق لأهله، وألا ينسى الفضل بينكم،(18/157)
أما عن "العصبية" التي تعانين منها فهي نتيجة طبيعية لما مر بك من محنة وألم، لكن ـ يا أختنا الطيبة ـ هوني على نفسك، فستمر المحنة وتنكشف الغمة، وستدور الأيام دورتها، ولن يبقى الحال على ما هو عليه، قال تعالى:"وتلك الأيام نداولها بين الناس.." [آل عمران:140] ، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر المؤمن بصبره وشكره في جميع أحواله. فعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له". رواه الإمام أحمد (18934) ، ومسلم (2999) .
كما أنصحك بكثرة صلاة النوافل؛ فهي من أعظم أنواع القرب من الله والاستعانة به، قال تعالى:"واستعينوا بالصبر والصلاة" [البقرة: آية 45] .
وكذلك أكثري من تلاوة القرآن، وذكر الله تعالى، وخصوصا الاستغفار، ففيه تفريج الهموم، والرزق الكريم، فعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب " رواه أبو داود (1518) ، وابن ماجه (3819) .(18/158)
تعيش في تعاسة مع زوجها
المجيب عفاف بنت حمد الونيس
عضو في الإدارة العامة لتقنية التعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/سوء العشرة
التاريخ 16/11/1425هـ
السؤال
أنا امرأة مسلمة، متزوجة منذ سنوات عدة، وعندي طفلة عمرها بضع سنوات، أعيش حياة تعيسة مع زوجي من جميع النواحي، ولا توجد بيننا علاقة، وقد ظلمني كثيرًا خاصة أنه يشرب الخمر، ودائم السهر خارج البيت، وله عشيقة من الجنسية الروسية، وأنا تربيت في أسرة طيبة ومسلمة، لكني أحس الآن ببعدي عن الله، خاصة أنني مقصرة في الصلاة، وفي لحظة ضعف تعرفت على شخص محترم ومتزوج، ويريدني زوجة، وتعددت لقاءاتنا وحضنني وقبلني، وأنا الآن نادمة، وأخاف الله كثيرًا، وقلبي يحب هذا الرجل لكني أخاف الله ولا أعرف ما عقوبتي، وأخاف أن أقع في الزنى مع أنني طلبت الطلاق من زوجي كثيرًا لكنه لا يبالي لشيء، أنا تعيسة لأنني تغيرت وأغضبت الله، فهل ما فعلته عندما قبَّلني هذا الرجل يعتبر زنى، وما علي أن أفعل حتى يغفر الله لي؟ أرجوكم ساعدوني أنا تعيسة جدًّا.
الجواب
الأخت الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
في البداية أسأل الله سبحانه وتعالى، لك الثبات على دينه، وأبشرك أن شأن المؤمن كله خير؛ كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم: "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ! إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ". أخرجه مسلم (2999) .
أما جواب السؤال فمن شقين:
الأول: يخص الزوج.
والثاني: يخص وضعك مع هذا الرجل.
أولًا: أريد أن أسألك: هل جربت مع زوجك سهام الليل؟ كما قال الشاعر:
سِهَامُ اللَّيلِ لَا تُخْطِي وَلَكِنْ لَهَا أَمَدٌ وَلِلْأَمَدِ انْقِضَاءُ
فإن كنت جربت الدعاء له في جوف الليل بالهداية والصلاح، وأن يرده الله إليك وإلى ابنته- ومع ذلك لم يحصل تحسن، فلعل ذلك من الابتلاء الذي لك أجر الصبر عليه، فإن لم تستطيعي الصبر فاسألي الله العافية.
أما بالنسبة لطلب الطلاق فهو أبغض الحلال إلى الله، ولكن إن كنت ترين أن المودة قد انقطعت بينكما لتعلق كل واحد منكما بآخر، فلا بأس من طلب الطلاق إن كان تاركًا للصلاة، جاحدًا لوجوبها، فإن أبى ففي دين الله سعة؛ فلك طلب الخلع عند القاضي الشرعي، وأنت، ولله الحمد، في بلد إسلامي لا يخلو من المحاكم الشرعية.
ثانيًا: هذا الرجل الذي وصفتيه بالمحترم فأسألك: ما معنى الاحترام؟ هل من يخلو بامرأة ويفعل معها ما ذكرت يسمى محترمًا؟! ما مقياس الاحترام، واحترام ماذا؟ هل هو احترام شعائر الله والوقوف عند المحرمات؟!
أقول: لابد من قطع علاقتك بهذا الرجل إلى حين إنهاء إجراءات الطلاق أو الخلع وانتهاء العدة، ثم يتقدم لخطبتك على سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أو لعل الله أن يبدلك خيرًا منه.(18/159)
أما سؤالك: هل ما فعلت عندما قبَّلك يعتبر زنى؟ فالجواب: أن هذا ليس زنى وإنما هو من مقدمات الزنى المحرمة، وليس له حكم الزنى من الرجم لكل محصن قارف الجماع لمن لا تحل له، وعليك التوبة من هذا الذنب العظيم.
أما إحساسك بالتقصير تجاه رب العالمين، فهذا لأن من تخالطين لا يذكرونك بالله سبحانه وتعالى، فاحرصي على اتخاذ صديقة تذكرك بالله وبالطاعات، وأوصيك بقراءة كتاب الله تعالى؛ فهو شفاء وهدى ورحمة، قال تعالى: (أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28] . وأكثري من النوافل والذكر على كل حال؛ عسى الله أن يغفر لك، فهو سبحانه القائل: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) [الفرقان: 68-70] . فالتوبة تجب ما قبلها إذا كان العبد صادقًا لله تعالى.
وختامًا: أسأل الله لك الإعانة والتوفيق وصلاح الحال، آمين.(18/160)
معاناتي مع أم زوجي!
المجيب مريم الثمالي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/أهل الزوجة
التاريخ 02/11/1426هـ
السؤال
أنا امرأة متزوجه منذ خمس سنوات، وزوجي مغترب في أحد البلدان العربية، ومشكلتي مع أم زوجي، فهي دائماً تختلق المشاكل بيني وبين زوجي، وتصفني بعبارات بذيئة، حتى إنها جعلت زوجي يطلقني، ولكنه أعادني بعد تدخل أهلي، فقد حولت حياتي إلى جحيم، وجعلتني أبدو أمام أهلي المخطئة والمتطاولة عليها؛ بحجه أني لا أقوم بواجبات البيت، والله لقد حاولت الانتحار ذات يوم، وعندما تأتي اللحظة الحاسمة أتذكر عذاب القبر وخوفي من الله، وأتراجع عن ذلك، علماً أن زوجي يحبني وأنا كذلك، ولكنه ضعيف الشخصية، وسرعان ما يستسلم لإرادة أمه الشيطانية. أرشدوني ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
في بداية الأمر اعلمي أن من أعظم أبواب الأجر الصبر على أذى الناس ... احتسبي ذلك، وأكثري من الدعاء، وقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم- حسبي الله ونعم الوكيل- اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس ... عظمي الله -عز وجل- فمن عظَّم الله -عز وجل- يعظمه الناس، ثم عليك بالخطوات التالية:
1- بعد تفويض الأمر كله لله عليك بأن تكسبي طرفاً لصالحك يعد هو صمام الأمان بالنسبة لك..أهلك أو زوجك الأقرب إلى تفهم وضعك، والذي يأمن جانبك ويثق بك، وفي المقابل تأمنينه وتثقين به. هذا الأمر مهم جداً لك من الناحية النفسية، فهو يعتبر الأذن الصاغية لمعاناتك -المرشد لك- المدافع عنك.
2- اعملي جاهدة وفي أسرع وقت أن تكوني برفقة زوجك، وحاولي تذليل العقبات التي تحول دون ذلك.. بالدعاء وبإقناع زوجك وتشجيعه على ذلك.
3- لن أقول لك حاولي كسب أهل زوجك؛ لأنك لاشك حاولتِ ذلك مع الوقت من تنوع الأساليب معهم بالتقرب إليهم من هدايا -ومشاركتهم فيما يهمهم- ملامسة معاناة أحدهم، اعملي ذلك واحتسبي ولا تنتظري ولا تنظري إلى ردة فعلهم تجاه ما تعملينه، لأنها لا شك ستكون في البداية قاسية، ومع الوقت حتماً ستبدأ بالتغير للأفضل.
4- لن يكون كل الحل هو التودد والتقرب لهم؛ لأن هذا الأمر بطيء الأثر قصير المفعول كما يبدو لي مما ذكرتيه عنهم.. عليك بفهم ما وراء سلوك عمتك (أم زوجك) ، هل هي مشاعر غيرة؟ هل هي مشاعر الابن؟ هل كنت أنتِ السبب وراء سفر الابن (أقصد) صعوبة أمور النفقة عليه بعد الزواج ألجأه للسفر بعيداً أو كسب العيش؟ عموماً عليك بعد توقع السبب الجلوس مع العمة بمفردها، وبدء حوار مناسب معها بأنك تتفهمين مشاعرها، وربما تكون لأجل كذا أو كذا وغير ذلك. محاولة تطمينها بأن الأمر لن يطول، وبإذن الله ستسير الأمور على ما يرام.
5- حاولي قدر الإمكان الانفصال عن عالمهم وتقليل الاحتكاك بهم.
6- عليك -وهذا ما يهم- أن تقوي من ثقتك بنفسك قدر المستطاع، فأنت في هذا الظرف الذي تعيشينه بحاجة إلى القوة أكثر من الاستسلام والانسحاب، (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) .(18/161)
تحتاجين إلى أن تتعرفي على ذاتك بسلبياتها وإيجابياتها بإنصاف، تحتاجين أن تحبي ذاتك بلا شروط مهما كان نبذ من حولها لها، ومهما كانت السلبيات، فنفسك أولى الناس بحبك والاهتمام بها، وهذا كافٍ مغنٍ عمن حولك إلى حد كبير، وهذا الأمر سيجعلك تبحثين عن الأفضل دائماً لنفسك، وتقللي من لوم ذاتك والوقوف على سلبياته، بل بالعكس سيعودك على التفكير بإيجابية تجاه المواقف وتجاه نفسك.. سيجعلك تبحثين دائماً عن الحلول بدلاً من الوقوف بأسى على المواقف السيئة في حياتك، عبري عن مشاعرك السلبية والإيجابية بإنصاف، بعيداً عن المراعاة الزائدة لمشاعر الآخرين أو جرحهم، فهذا الأمر سيقلل من مستوى الكبت الذي لديك. أكثري من التنفيس بواسطة الكتابة إذا لم تجدي من يسمعك، فهذا له دور بارز في مساعدتك، ولا تنسي أن هناك باباً أعظم للتنفيس، وهو دعاء الله، وبث الشكوى إليه وانتظار الفرج.
7- انتبهي جيداً لسيل أفكارك التلقائية السلبية التي تلي أي موقف سلبي تواجهينه.(18/162)
أم الزوجة
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/أهل الزوجة
التاريخ 18-9-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا رجل تزوجت منذ سنة ولكن لم أعش مع زوجتي إلا شهرين ولي منها الآن ولد ولله الحمد. وكان سبب انفصالنا والدتها وذلك بسبب تدخلها في حياتنا الزوجية وبالذات توجيه ابنتها في أمور كثيرة ومنها المطالبة المالية التي لا نهاية لها. وإن لم أنفذ أي طلب اتصلت أم زوجتي على هاتفي وتأمرني بتنفيذ هذا الطلب بحجة أن فلاناً يعطي فلانة وغيرهم من الناس بل وأتشاجر معها حتى أني لا أستحمل الشجار معها وأغلق الخط في وجهها، حتى أصبح هذا سبب انفصالنا.
والآن أريد أن أعيدهاوأريد منكم إرشادي إلى الخطوات التي أتبعها.
وجزاكم الله خيراً
الجواب
الأخ الكريم..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع"الإسلام اليوم"
لا أدري ما ذنب زوجتك حتى تطلقها وتنفصل عنها إذا كانت أمها سيئة؟ أيضاً لا أدري مدى ارتباطك وحبك لهذه الزوجة وكيف عز عليك طلاقها إن كنت صادقاً في حبها؟ هل انتهت بك السبل والطرق في مفارقة هذا الخصام القبيح مع والدة زوجتك ولم تجد حلاً لذلك إلا الطلاق لابنتها؟
ألا ترى معي أن في ذلك نوعاً من الظلم وقع على تلك الزوجة التي لم يكن ذنبها إلا أن تكون بنتاً لامرأة سيئة ولا تعرف مصلحة أولادها أو حسن التصرف مع أزواج بناتها.
على كل حال إذا أردت العودة لزوجتك فهذا أمر طيب جداً خاصة وأن لديك ولد منها ولكن عليك مراعاة ما يلي:
أولاً: يجب أن تقيّم العلاقة بينك وبين زوجتك بمعنى هل هي علاقة متينة وملئها الحب والعاطفة والمودة؟ أم أنها علاقة ناشفة سيئة؟ أم هي علاقة عادية لا ترى فيها ما هو مختلف عن بقية الأسر الأخرى؟ أقول هذا لأنني أعتقد أنه سوف ينبني على ذلك نجاح رجوعك إلى هذه الزوجة وفشله.
ثانياً: يجب أن تدرك زوجتك الخصوصية القائمة بين الزوجين وتبعد والدتها عن معرفة شؤونكما ولا أظنها سوف ترفض ذلك المطلب وهي قد عاشت ولامست عاقبة تدخل أمها في حياتها الزوجية وما نتج عنه من انفصال بينكما.
ثالثا: مخاصمتك ومشاجرتك مع والدة زوجتك هو وقود الاستمرارية في ذلك النزاع القائم بينك وبين زوجتك، ولا أدري لماذا تدخل مع هذه الأم في مثل هذه المهاترات؟ . واعلم يا عزيزي أن مثل هذا الجنس من البشر يصلح معه أمران هما:
أولا: إما تركها وعدم الدخول معها حتى بالكلام وخسرانها والصمت عندها بحيث لا ترى منك إلا صمتاً مطبقاً حتى وإن أرادت هي مفاتحتك فلا تدع لها مجالاً بالكلام لا في الهاتف ولا في الزيارة.. وتبقى بعيداً عنها تماماً وعن مقابلتها والتحدث إليها.(18/163)
الحالة الثانية: وهي على العكس من الأولى.. بحيث لا تجني منك إلا الكلام فقط.. إذا طلبت منك حاجة استجب لها بالكلام فقط دون العمل والتنفيذ.. كن ليّناً معها وأعطها من معسول الكلام الكثير ولا تريها من الفعل والعمل مقدار حبة من خردل، وما دام الكلام رخيصاً لا يباع ولا يشترى فلا تبخل عليها بالحلو من الكلام والأماني وكل ما تريده هي فلا ترى منك إلا لساناً حلواً مطيعاً ليس له من الواقع إلا السراب.
هذا الجنس من النساء تصلح معهم مثل هذه الطريقة ولكن بشرط تفهم زوجتك لهذه الطريقة وعدم إلحاحها مع أمها عليك.
أخيراً حاول تجنب كثرة الزيارة لأهل الزوجة والدخول معهم في شؤون حياتهم أو الزيارات المتبادلة صباح مساء..
أم الزوجة تجلّ كثيراً زوج البنت المعتد بنفسه الغائب عنهم وليس الذي تراه في اليوم مرّة أو مرتين أو كل أسبوع. اجعل زيارتك أنت وليس زوجتك مرة كل شهر أو شهرين مثلاً، واجعلها زيارة خفيفة ربع إلى نصف ساعة مثلاً.
أما زوجتك فلا بأس بزيارتها لأهلها ويبقى دورك هو إيصالها ثم الذهاب سريعاً حتى السلام أبقه سلاما عابراً ثم امض إلى حال سبيلك، وما جرأ أم زوجتك عليك إلا كثرة دخولك عليهم وكثرة معاشرتك لهم. حاول التعذر إليهم كلما طلبوا منك الزيارة باللطف والكلام الجميل ولكن لا تمكنهم منك ومن مخالطتك لهم لأن ذلك في النهاية سوف يعيد ابتزاز هذه الأم وتصرفاتها المشينة معك.
وفقك الله وأسعدك,,,(18/164)
حماتي تسيء إلي كثيراً
المجيب د. لولوة المطرودي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/أهل الزوجة
التاريخ 27/3/1425هـ
السؤال
مشكلتي هي حماتي فأنا بشهادة الجميع جميلة ومهذبة وهادئة وعاقلة، -كما يقولون عني- لدرجة ضعف الشخصية، فأنا مسالمة إلى أبعد الحدود، وسهلة الانقياد، رغم أنني متعلمة وجامعية، المهم أنني تزوجت عن طريق الأهل من شاب ليس وسيماً، ولكنه متدين ومن عائلة متدينة، فوافقت على الفور رغم اندهاش الآخرين من موافقتي للزواج بشاب أنا أجمل منه بكثير، لكنني أصررت على الزواج به لدينه وأخلاقه، وفعلا تم الزواج، ووجدت نفسي أعيش مع زوجي حياة سعيدة جداً، فنحن متزوجان منذ عام ونصف، وأنا أراعيه وأهتم به وأخدمه دون شكوى أو ملل أو كلل، وهو ابن حلال، ولكن المشكلة أمه، فهي لا تكف عن توجيه الإهانات لي، وإسماعي ما أكرهه من الكلام، وتعمل على تحريض زوجي علي، وكلما التقينا بها عدنا إلى البيت ليبدأ الشجار بيننا بسببها بعد أن تكون قد نفثت بذور الفتنة بيننا، وكل هذا دون سبب!
يقول لي إن أمه مخطئة ولكن ماذا عساه يفعل؟ فإذا نبهها إلى أن تنتبه إلى كلامها أخذت تبكي كالأطفال لمدة ست ساعات على الأقل دون توقف.
زوجي يقول لي إنها مريضة نفسية، وأنني لم أخطئ معها، بل على العكس تحملت إهاناتها كثيراً من أجل زوجي، ولكن يبدو أنها تمادت في ذلك، لا أدري ماذا تريد الأم من ابنها غير أن يكون سعيدا في حياته!
نحن الآن نعيش في بلد آخر بحكم عمل زوجي، ولكن كلما ذهبنا في زيارة إلى بلدنا تنغص علينا حياتنا، وزوجي ضعيف الشخصية أمامها، ولا يدافع عني حتى لو كنت على حق، بل يقوم بشتمي إرضاء لها، وهذا ما يغضبني، فقد تحيرت كلما قابلتها بالمعروف والحسنى تسيء إلي، هل يجب أن أكون لئيمة وشريرة حتى تحترمني؟ أم أن الطيبة في هذا الزمن أصبحت ضعف شخصية يستغلها الناس؟ أرجوكم أرشدوني؛ فأنا غاضبة جداً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك ووفقك لكل خير وزادك الله رفعة في الدنيا والآخرة لتواضعك، فمن تواضع لله رفعه، فهذه محمدة لك تثابين عليها - إن شاء الله- وأهنئك على اختيارك لهذا الزوج المتدين الصالح تمثلاً بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم- "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ... " رواه الترمذي (1084) وابن ماجة (1967) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فنعم الاختيار الذي اخترته، ويدل على رجاحة عقلك، وعسى الله أن يتمم عليك نعمة حسن التصرف - كما امتنها عليك أولاً-.
وإليك بعض التوجيهات التي يمكن أن ينفع الله بها:
(1) الصبر على ما أصابك، واحتساب الأجر، والمثوبة من الله -تعالى-، فالصابرون لهم أجرهم عند ربهم بغير حساب، فإذا رضيت بقضاء الله على ما أصابك هانت عليك جميع العقبات، فالدنيا دار كبد.
(2) الإلحاح في دعاء الله -تعالى- أن يصلح ذات بينكم.(18/165)
(3) عدم الالتفات إلى ما توجهه أم زوجك إليك من إهانات ومحاولة تهميش ما لا ترضينه منها، فهذا حقيق بأن لا يؤثر على نفسيتك، لاسيما وأن زوجك متفهم للمشكلة، ويعرف حالة أمه، ويحاول أن يلقى لها العذر فيما تفعله تجاهك، وليس له تأثر على سلوكه نحوك - كما ذكرت- أنه يعمل على تهدئتها.
فنصيحتي لك أن تتفقي مع زوجك على سماع كلامها، ومحاولة احتواء انفعالها بعدم التذمر من تصرفاتها، أو أن يكون لأقوالها مردود سيئ عليكما، فبمجرد سماعك لما لا ترضينه من القول اجعليه يذهب أدراج الرياح ولا تلقين له بالاً فيسهل عليك التعامل معها؛ لأنه قد يكون هذا التصرف منها نحوك لمرض نفسي عندها- كما ذكر زوجك- أو تقلبات سن اليأس التي تؤدي إلى مثل هذا عند بعض النساء، وقد تكون غيرة على ابنها، فبعض النساء لا تتفهم نوع العلاقة بين الزوج وزوجته وتظن أن الزوجة استحوذت على ابنها، ولذلك أنصحك ببعض النصائح:
1- لا تظهري أمامها حبك لزوجك وتعاملي معه كأخ عند حضورها، ونبهي زوجك على أن يتصرف معك كذلك حتى لا تشعر بالغيرة، وكذلك عدم اطلاعها على كل ما يثير غيرتها كالمشاوير والمشتريات الخاصة بكما، وحاولا الذهاب بها إلى السوق لتشتري ما تحتاجه، واصحبوها معكم في رحلة إلى منتزه من المنتزهات حتى تشعر بأهميتها.
2- أشعريها باهتمامك بها في تصرفاتك وما تحملينه لها من الهدايا اليسيرة التي تناسبها، وكذلك حثِّ زوجك على رعايتها والاهتمام بها، وإظهاره التعاطف معها، أما دفاعه عنك فليس في مصلحتك؛ لأنها لن تتفهم ذلك، بل سيزيد الأمور اشتعالاً، ويكفيك تفهمه لك فيما بينك وبينه.
3- نصيحتي لك ألا تحملي الموقف أكثر مما يحتمل وحاولي جعله آنياً في وقت المجلس فحسب، ولا تعيدي ذكره تارة أخرى عند زوجك، فتقسو القلوب فإن من مصلحتك ومصلحة زوجك رضاء والدته عنه، وستجدين مردود بركما بها على أولادكما فيما بعد. والعاقبة للمتقين، والله أعلم.(18/166)
حماتي نكدت عليَّ حياتي
المجيب عبد الله عبد الوهاب بن سردار
إمام وخطيب جامع العمودي بالمدينة المنورة
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/أهل الزوجة
التاريخ 24/04/1425هـ
السؤال
أم زوجتي تحرض زوجتي علي دائماً، وتتدخل في كل صغيرة في حياتنا، وقد حدث خلاف صغير بيني وبين زوجتي، وتدخلت أمها بتحريضها لها بأخذ عفشها والذهاب إلى بيت أبيها، ووجدت موقف أبوها سلبي جداً حتى أنني بدأت أفكر في تركها لولا الأولاد، سؤالي أنني أعاني من تدخلات أمها غير المباشرة طبعا، وأصبحت لا أدخل بيت أهلها مطلقا لتفادي مقابلة أمها؛ لأنني عندما أراها أضطرب وأتغيظ، هل عليّ ذنب إذا لم أدخل بيتهم تفاديا لسماع أي كلمة قد تثير المشاكل - أريد نصيحتكم كيف أتعامل مع أهلها؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
الأخ الكريم: -حفظه الله - السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو المعذرة على التأخر في الجواب.
أخي الكريم: عندي عدة تساؤلات حول مشكلتك هذه:
تساؤلي الأول: هل أنت متأكد من أن أم زوجتك هي التي تحرض زوجتك أم أنه ظن وتوقع منك؟ فإن كان ظناً وتوقعاً فأرجو أن تبحث عن السبب الحقيقي للمشكلات بينك وبين زوجتك.
تساؤلي الثاني: كيف تدري أم الزوجة عن تفاصيل حياتكم حتى تتدخل فيها؟ هل تبحث هي وراءكم وتتبع الأخبار حتى تصل إلى ما تريد؟ أم أن زوجتك من النوع الذي ينقل كل أمور البيت ومشكلاته إلى هناك؟
فإن كانت الزوجة هي التي تنقل كل شيء فالعلاج أسهل؛ وذلك بمنع الزوجة من توصيل الأخبار إلى هناك، ويكون المنع قاطعاً جازماً مع الإقناع بمساوئ هذا العمل، ومع التذكير بالله - عز وجل- في التسبب في المشكلات، وإحداث القطيعة بسبب نقل الأخبار إلى هناك، وأما إن كانت أمها هي التي تبحث عن أخباركم؛ فالأمر أصعب قليلاً ولكنه مقدور عليه - إن شاء الله -، وأوصيك أن تكون حازماً قليلاً في منع الزوجة من التجاوب مع أمها حين تفتش الأم عن أخباركم.
التساؤل الثالث: كيف أنت في علاقتك بأم زوجتك؟ هل تؤدي حقها من الصلة والسؤال والإحسان بالكلمة الطيبة، وبالزيارة والأدب والتقدير؟ أم أنك مقصر في ذلك كله أو بعضه؟
فإن كنت مقصراً فلا بد أن تعود إلى الصواب وتؤدي الذي عليك من الأدب والاحترام والصلة بالسؤال عنها والاتصال والزيارة، بل وتزيد على ذلك فتحسن إليها بالهدية ونحو ذلك، والنفوس جُبلت على حب من يحسن إليها.
إذاً: احرص على كسب أم زوجتك وستنتهي مشكلتك هذه، بل ستعينك على إصلاح ابنتها (زوجتك) .
أخي الكريم: حاول إصلاح زوجتك وتعليمها هذا الجانب من العشرة الزوجية واستخدام الوسائل التالية لعلها تفيد:
أولاً: الوسائل المباشرة:
أ- الإقناع المباشر منك بأن تجمع سلبيات هذا الموضوع ثم تطرحها عليها بأسلوب هادئ مقنع يخاطب العقل ويعرض المفاسد، وقد يكون هذا الإقناع عن طريق إجراء حوار بينك وبينها، تطرح هي دوافعها إلى هذا العمل وتقوم أنت ببيان الخطأ في ذلك.
ب- الوعظ والتذكير بالله - عز وجل- وبيان ما في هذا العمل من مخالفات شرعية مثل: معصية الزوج، إفساد العلاقة بين اثنين ما، تخريب بيت أسرة مسلمة.(18/167)
ج- سماع شريط متعلق بالموضوع تقومان بسماعه سوياً، وتتناقشان حول بعض المقاطع المهمة.
ثانياً: الوسائل غير المباشرة:
أ- أخذها إلى المحاضرات أو الدورات المتعلقة بالعشرة الزوجية.
ب- توفير الوسائل الإعلامية التي تخدم هذا الجانب في البيت، بحيث تكون تحت نظر الزوجة لتقوم بمشاهدتها أو قراءتها أو سماعها، وذلك مثل المجلات المتعلقة أو الكتب الخاصة، أو بعض الأشرطة السمعية أو المرئية.
ثالثاً: الحزم مع الزوجة في الالتزام بعدم نقل مشكلات البيت إلى بيت أم الزوجة وعدم إقحام الزوجة في المشكلات.
أخي العزيز: أما موضوع القطيعة مع أهلها (أقصد عدم زيارتهم) فلا تلجأ إليه إلا عند عدم جدوى كل المحاولات، وعند وجود ضرر واضح عليك، وعلى أسرتك، فالشريعة تدل على صلة الأصهار، ثم إن المقاطعة لا تقرب القلوب بل تبعدها في كثير من الأحيان، وتمتد الآثار السيئة للمقاطعة إلى بقية أفراد الأسرة كأبنائك وبناتك.
أخي الكريم: أما ما ذكرته من أنك تفكر في ترك الزوجة لأجل هذه المشكلة فأرجو أن تنسى هذا الأمر ولا تفكر فيه؛ لأن له آثاراً سيئة كثيرة من هدم البيت وتضييع الأولاد، والحرمان من الحياة الزوجية وإن كان هناك ما يكدرها.
أسأل الله الكريم بمنه وكرمه أن يصلح حياتكم ويجعلها سعيدة أبداً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(18/168)
والداي يكرهان زوجي!
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/أهل الزوجة
التاريخ 28/05/1426هـ
السؤال
زوجي رجل مهذَّب ويرحِّب بأقاربي، والآن والداي يعيشان معي، إضافة لابن أخي.
المشكلة أن والديَّ دائماً يتكلمان بالسوء عن زوجي، لكنني أعلم أنه رجل محترم ومهذَّب ويحترمهما جداً، فهما يظنان أنه شرِّير وبخيل. وزوجي يحبني ويحب أهلي، فأنا لا أريد إهانة والديّ، وفي الوقت نفسه أريد منهما أن يحترما زوجي، أرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب
أختي الكريمة، مشكلتك تتمثل في إحساسك باضطهاد والديك لزوجك، وعدم تقديرهما له، رغم أنه يستقبلهما في بيته ويقدرهما ويحترمهما، وهذا في تصوري لا يمكن تحديد أسبابه مباشرة دون أن يكون لدينا خلفية اجتماعية عن والديك وعن زوجك من حيث المستوى الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي. ولكن أدرك الصراع الذي تعيشينه، ولعلي في حروفك أقرأ كثيراً من التعب النفسي الذي تشعرين به، فأنت بين والديك وزوجك.
يبدو من الوهلة الأولى أن زوجك أكرم والديك، فهما يقيمان عنده، وهو الذي ينفق على المنزل، وتقبله إيجابي لهم، ولكن من المتعارف عليه أن كثيراً من كبار السن -عند بلوغهم مرحلة متقدمة في العمر- يصعب اقتناعهم بكرم الآخرين، أو العطف من الآخرين عليهم. لذلك تصدر منهم السلوكيات التي تثير الاحتقان ضدهم، والمتخصِّص في بحوث الشيخوخة يراها طبيعية في ضوء التغيرات السلوكية التي يعانون منها.
هناك كتب مفيدة عن الحياة السعيدة لكبار السن، لعلك تقتنيها، والفائدة ستكون لزوجك كثيراً، فهو سيدرك طبيعة تلك التغيرات، حتى يستطيع تقييم تلك السلوكيات وتقديرها عند وضعها الطبيعي. لا أنصحك بتضخيم الموضوع، وثقي أن كبار السن من الصعب الحصول على قناعاتهم بسهولة، فلديهم زيادة في الحساسية، خاصة عندما يرتبط ذلك بعدم وجود ما يشغل عليهم أوقاتهم، ويتصرفون أحياناً بدون تجمل، ودائماً ما ينتقدون الأجيال الشابة، فهم قد يشعرون بقرب نهايتهم، ولديهم تغيرات نفسيه كثيرة علينا إدراكها. لذلك تعاملك مع والديك سيكون غير مباشر، فمثلاً عليك إعطاؤهم من البرامج -بالتنسيق مع المؤسسات المحلية لديكم- ما يستطيعون به قضاء وقت فراغهم والالتقاء بغيرهم، وعمل صداقات جديدة، ويمكنكم تأمين بعض الألعاب القديمة لهم داخل المنزل.
وشكري وتقديري لزوجك على حسن أخلاقه وتقديره لوالديك، فهذا هو الأصل في التعامل الراقي مع من يحب، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقدِّر صديقات وقريبات خديجة -رضي الله عنها- أم المؤمنين زوجته الأولى، تقديراً وحباً في خديحة -رضي الله عنها- فاحترام زوجك لوالديك علامة على حبه وتقديره لك، فبارك الله لكما.
دعائي لك أختي الكريمة بأن يستر الله عليكم، ويحفظكم بحفظه، وأن يهدينا للصراط المستقيم، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.(18/169)
والداي يسألاني النفقة ولو من مال زوجي!
المجيب يوسف صديق البدري
داعية إسلامي وخطيب مسجد الريان بالمعادي ومستشار اللغة العربية بوزارة التعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/أهل الزوجة
التاريخ 18/05/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد تزوجت من رجل متدين جداً، وحالته المادية ممتازة، ونعيش في إحدى الدول الأوربية ليكمل دراسته، وكان من شروط الزوجة التي أرادها هو أن تكون ديِّنة، تصون بيته وعرضه، فرضيتُ به على هذا الأساس، وأصبح زواجنا على هذا الهدف، أما والداي فقد قبلوا به زوجاً لي قناعة بيسر حاله وتفوقه العلمي، وطمعاً في الاستفادة منه ومن ماله، وبدأ كل منهما يحمل الكره الشديد له ولأهله؛ لأنه دائماً يرسل مالاً إلى والديه، ولكن والديَّ يقولان لي: لماذا لا يرسل إلينا أيضاً؟ يتوجب عليه أن يرسل لوالديك مثلما يرسل لوالديه؛ فقد أعطيناه امرأة مؤهلة، فواجب عليه أن ينفق علينا، علماً أني تركت طموحي في الماجستير، والتعيين معيدة في الكلية؛ من أجل أن أحافظ على العهد الذي قطعته مع الله في الحفاظ على بيتي وزوجي وأطفالي، لذا ليس لدي مال خاص بي فقط، أنا وزوجي نجمع المال لشراء منزل، والرجوع إلى الوطن، ولكن والديَّ يطالباني بمصروف شهري لهما، أو بالأحرى من زوجي، مع العلم أن حالتهما جيدة ومستورة والحمد لله، ولكنهما يبغضان أهل زوجي؛ لأنهم يتمتعون بمال ولدهم، فكيف أتعامل مع والديَّ دون أن أجرحهما؟ أو أشيروا علي ما هو المناسب في القضية؟ وجزاكم الله ألف خير.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بك ـ أختنا الكريمة ـ في موقع (الإسلام اليوم) ، ونفعك الله بما يُقدَّم فيه..
مشكلتك ـ أختنا الموقَّرة ـ هي مشكلة العديد من العائلات ممن تبني اختياراتها على نظرة مادية بحتة، وتتطلع إلى الكم قبل الكيف، ومن فضل الله عليك أن جمع زوجك بين التدين والالتزام، وبين حالة مادية (ممتازة) -كما تذكرين-؛ لكن دعينا نتعامل مع هذه المشكلة حسب معطيات الواقع المعاش، والذي يشكِّل ضغطاً نفسياً واجتماعياً شديداً قد يكون من المتعذّر تجاهله:
فأولاً: ذكرت أن والديك غير متعمقين في الدين، وهذا مبرِّر أول لوجود تلك النظرة المادية للأمور.
وثانياً: في مجتمعاتنا العربية -أو في بعضها على الأقل- إذا وصلت الفتاة إلى ما بعد التعليم الجامعي (مرحلة الدراسات العليا) ، ثم إلى درجة التوظف كمعيدة -كما تذكرين- فمعنى ذلك أن هذه الأسرة التي بذلت جهدها، وأنفقت حتى أوصلتكِ إلى هذا المستوى من التعليم، هي في انتظار شيء من المساعدة، وإن شئت فسميها (رد الجميل) ، وبما أنك تعاهدت على التفرغ لبيتك وزوجك وأبنائك؛ فقد كان والداك ينتظران منكما ما كانا يتوقعانه، صحيح قد لا يكون واجباً على الزوج أن ينفق على أهل زوجته، كما هو واجب عليه تجاه والديه؛ لكن لماذا لا يعتبر زوجك أن له والدين آخرين هما أبوك وأمك، وهو رجل ـ كما قلت ـ متدين جداً؟(18/170)
فالزواج ليس بين رجل وامرأة فقط؛ بل هو تراحم عائلتين جمعهم النسب والمصاهرة.. لذا أرى أن تصارحي زوجك الكريم في هذا الأمر إذا كنتِ تعلمين عنه حسن تقديره، وإدراكه لأبعاد هذه الأمور؛ وإلا فلا عليك ـ إن كان زوجك يعطيك مالاً خاصاً بك أنتِ لشراء بعض ما يلزمك ـ أقول لا عليك أن ترسلي منه ولو كل مدة إلى أبويك ولو في صورة هدية؛ علَّ ذلك ينزع البغضاء والغل ويخرج الضغينة..
أختنا الكريمة.. ما أعظم حقوق الوالدين، وما أجل صلة الأرحام، يقول الله تعالى: "فاتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً" [النساء: 1] .
وأرجو أن تذكّري زوجك الفاضل بقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: "إن أفضل الصدقة.. والصدقة على ذي الرحم الكاشح" أي: العدو المبغض [أخرجه أحمد / 3: 402] ، والدارمي (1679) عن حكيم بن حزام. بسند حسن (الجامع الصحيح) .
وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:"تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأجل" [أحمد / 2 / 374] و [الترمذي / 1979] ، و [الحاكم / 4 / 161] ، وصحَّحه وأقرَّه الذهبي والألباني في الصحيحة (276) .(18/171)
تريد الرجوع إلى زوجها وأبوها يرفض!
المجيب د. نادية الكليبي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/أهل الزوجة
التاريخ 3/01/1426هـ
السؤال
لدي مشكلة زوجية، أنا متزوجة منذ ثلاث سنوات، عشت مع زوجي سنة ونصف، والباقي في بيت أهلي، ذهبت بسبب: أولا: ولادتي لطفلي، وثانياً: علمت بأنه متزوج عليَّ من امرأة كان يحبها، وأنا لا أعرف بهذه القصة، ثم سامحته، ولكن كنت معه الزوجة الصالحة المطيعة لزوجها، وكنت أهتم بلبسي وأناقتي، أحس أنه كان يحبني بشكلي فقط، وجاء مرتين ليأخذني من بيت أهلي ولكن والدي رفض، يريد بأن يأتي معه إخوانه؛ ليكونوا شهوداً على كلامه بالمحافظة علي، ويطمئن علي معه، والآن رافض المجيء مرة ثالثة، قال: تريدين العيش معي سوف آخذك من عند المنزل ولا أدخل البيت، وأنا الآن محتارة، ماذا أفعل، أريد أن أرضي أهلي وزوجي وابني، ولكن فكرت بأن أحل المشكلة بالصلح في المحكمة، أخاف أن يرفض وتكون النتيجة الطلاق، ولكن لا أريد هذا، أريد الصلح. ماذا أفعل؟ أرجوكم ساعدوني شكراً لكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الكريمة: لقد وقعت في مأزق فعلاً عندما تركت الأمور تسير إلى طريق مسدود - بدون تدخل منك منذ البداية- فيتصلب كل طرف برأيه، وخاصة أنك تريدين الصلح، وقبل أن نقترح ما يمكن عمله، أود منك في البداية: أن تطيلي التفكير وتقومي بعمل موازنة، بل ورسم جدول إن تيسر بالإيجابيات في زوجك والسلبيات، ومدى المناسبة لك، وركِّزي كثيراً على مدى محافظته على الفرائض الدينية وخاصة الصلاة، وأيضاً معرفة الأسباب التي تجعلك راغبة في الصلح بدون ضوابط رغم هذه الفترة، ثم استخيري وأكثري من الدعاء بالسداد والتوفيق.
عزيزتي:
1- صارحي والدك بحقيقة رغبتك في الرجوع إلى زوجك، وحاجتك أنت وطفلك إلى حياة مستقرة مع زوجك، وأن خيار الطلاق أو التشدد في الرجوع لا يناسبك، وإن صعُب عليك القيام بهذا فاختاري من المقربين لوالدك من يقوم عنك بالمهمة، فإذا نجحت مساعيك في ذلك عليك بالمرحلة الثانية.
2- رتبي أفكارك واختاري أهم الموضوعات الأساسية في مشكلتك مع زوجك، واعقدي معه جلسة مصارحة - بحزم وحنان- أنني راغبة في العودة، وأنه ينبغي أن تقدِّر موقف والدي، وإذا كنت ترى أنك تنازلت مرتين فلقد تنازلت ثلاث سنوات، وحتى نبني بيتنا ونجمع شملنا مع طفلنا نبدأ صفحة جديدة.... ثم تخبريه بما استطعت الوصول إليه مع والدك.
3- هذه نصائح عامة، ومعلوم -يا أختي الفاضلة- أن المشكلات الزوجية تحتاج إلى تفصيلات أوسع، وحلول دقيقة، فلذا أنصحك بالاتصال على إحدى الأخوات الداعيات؛ حتى تقف عن كثب على معرفة أبعاد مشكلتك لعلها تنفعك بنصيحة مباشرة. وأسأل الله -تعالى- أن يسعدك وأن يجمع شملك بزوجك وطفلك، إنه ولي ذلك والقادر عليه.(18/172)
هل أطلقها؟!
المجيب د. نذير بن محمد أوهاب
باحث في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة
التاريخ 26/02/1427هـ
السؤال
زوجتي تخالف أمري، وقد صبرت عليها كثيراً، كما أنها تنقل أخبار بيتي إلى بيت والدها، وأخيراً قامت بإهانة أمي!. فهل ترون أن أطلقها؟!
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فاعلم -أخي الفاضل- أن الضرر الذي يلحقك مع الصبر على زوجتك، أقل بكثير من الضرر الواقع عليكما بالطلاق.
- وضرر انتشار أخبار بيتكما في بيت أهلها، أقل من الضرر الواقع عليكما بالطلاق يقيناً، ولو تأملت قليلاً لوجدت نفسك تحدث أهلك بأخبار بيتكما بلا حرج، وهذا الأمر الأخير يجب أن تستبعده نهائياً من الأسباب التي تدعوك لطلاق زوجتك.
- وإهانة زوجتك لأمك أمامك أو في غيبتك منكر، وسوء خلق، يجب أن تزجر عنه وتؤدب، إلا أن الضرر الواقع على أمك أولا وعليك بعدها، لا يوازي بأي حال من الأحوال الضرر الواقع بالطلاق عليكما.
والطلاق أخي الكريم؛ إذا لم تدع إليه حاجة منهي عنه باتفاق العلماء، إما نهي تحريم أو نهي تنزيه؛ لما فيه من ضرر في الدين والدنيا، ما لا خفاء فيه، أما في الدين فإنه مكروه باتفاق الأمة مع استقامة حال الزوجين، وما كان مباحاً للحاجة قُدِّر بقدر الحاجة، وقد عرضت عليك موازنة بين الأضرار الواقعة بصبرك على زوجتك، ومواصلة تأديبها ليستقيم حالها، خاصة وهي خالية الذهن مما قد يلحقها من مفاسد بطلاقها. أما في الدنيا فإن ألم الفراق أشد على المرأة -وبعض الرجال- من الموت أحياناً، وأشد من ذهاب المال، وأشد من فراق الأوطان، خصوصاً إن كان بينهما أطفال يضيعون بالفراق ويفسد حالهم، ثم يفضي ذلك إلى القطعية بين الأقارب، ووقوع الشر لما زالت نعمة المصاهرة التي امتنّ الله تعالى بها في قوله: "فجعله نسباً وصهراً" [الفرقان:54] ، ومعلوم أن هذا من الحرج الداخل في عموم قوله تعالى: "وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج:78] . ومن العسر المنفي بقوله" يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" [البقرة:185] .
والله أسأل أن يوفقكما إلى ما يحبه ويرضاه. والسلام عليكم ورحمة الله.(18/173)
عناد الزوجة..!!!
المجيب د. عبد العزيز الصمعاني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة
التاريخ 10-2-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أكاد أبكي وأنا أكتب هذه الرسالة لقد أتعبتني زوجتي بعنادها. تغضب من كلمة لا وإن كانت في مكانها، جاءت والدتي لتزورني، فاتصلت بأخيها لتذهب عنده لأنها تتضايق منها فأغضبني ذلك التصرف..وألزمت نفسي أمامها بعدم إحضارها..!!! وهي الآن في بيت أخيها وفي نيتي أن لا أراجعها لأني أحس بالمذلة عندما أذهب وأراجعها علماً بأني لم أقصر في أي شيء من حقوقها.. وهي تشهد بذلك ومكرمها كل الإكرام، فهل أتركها حتى ترجع لأنها هي المخطئة؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
أخي الكريم أولاً أشكرك على إعطائنا الثقة والفرصة لمشاركتك في تخفيف بعض معاناتك العائلية ومما لا شك فيه أن مثل هذه المشاكل موجودة بين كثير من الأزواج وخاصة عند من يسكن عند أهله بعد الزواج.
ولعله لا يخفي عليك أن حق الأم مقدم على حق الزوجة في كل الأحوال مالم يكن في الأمر معصية وهذا ليس معناه هضم حق الزوجة ولكن سددوا وقاربوا.
ويتضح لي من سؤالك أن هناك وضوحا بينك وبين زوجتك وهذا مهم لبناء الحياة الزوجية السليمة وخاصة إذا كان هذا الوضوح متوازنا ولم يزد عن حده لذا ينبغي أن تنطلق من هذه النقطة في تقوية العلاقة والتفاهم الإيجابي مع زوجتك.
ومما لا شك فيه أن كل راع ناجح يحتاج إلى قوة شخصية ولكن هذه القوة تنعكس بحسب اتصافه بالحلم والحكمة والصبر وبعد النظر حيث أن بعض الحالات تتطلب وقتاً طويلاً للمعالجة وخاصة التربوي منها، حيث أن الحياة الزوجية بناء وهذا يتطلب أحياناً سنوات كثيرة ليكتمل.
فنصيحتي لك أخي الكريم هي التركيز على الاستفادة من الصفات الإيجابية عند زوجتك لتنطلق في بناء الحياة الزوجية والتي يجب أن يكون الحب أساساً لها فكلما قوي الحب بين شخصين كلما تجاوزا كثيراً من المصاعب والمشاكل وهانت عليهما، فمثلاً لا تستطيع أن ترغم زوجتك على حب أمك ولكن عندما تنجح في زراعة الحب والتفاهم بينكما سوف - إن شاء الله - تتجاوزا هذه المشكلة وهذا يتطلب منك جهدا وصبرا ورفقا.
أما كونك عاهدت نفسك أن لا تراجع زوجتك من بيت أخيها فهذا في اعتقادي ليس مسوغا أن تفعل لأنه لا يعالج الخطأ بالخطأ حيث أنك كنت بحالة غضب، بسبب ذهابها مع أخيها، وقلت ما قلت وهذا طبيعي ولكن عندما تهدأ يجب أن يكون التصرف مختلفاً.
فإذا كان أخوها متفاهماً فلماذا لا تتفاهم معه في إرجاعها إلى بيتك وتخبره أن الأمر لم يتطلب خروجها ومثل هذه المشاكل الصغيرة ينبغي أن لا تخرج عن إطار الزوجين وخاصة أنك تحبها وتكرمها. وفقك الله لما فيه الخير،،(18/174)
هل أطلقها؟؟
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة
التاريخ 14-7-1423
السؤال
مشكلتي مع زوجتي حيث لم أذق طعم السعادة منذ زواجي بها قبل سنة، فهي تفضل أهلها على زوجها وتصر دائماً على الذهاب إليهم حتى دون إذني وهم يؤيدون فعلها ذلك بل الأخطر أنهم يعتبرون أن طاعة الزوج غير ملزمة هذا بالإضافة إلى وقوعها في الكثير من الأخطاء كشرب الدخان والتلفظ على الزوج بألفاظ بذيئة والسفر بدون محرم رغم أنها ترتدي الحجاب وتحافظ على الصلاة!.
أصبحت مهموماً وغير راغب في هذا الزوج بل أصبح في نظري نكداً وغماً وليس مودة ورحمة
أرجو الإعانة وإرشادي عما فيه الصواب،،،
بارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أخي في الله، لا يسعني وقد قرأت رسالتك عدة مرات باهتمام شديد إلا أن أشكرك بحرارة على صبرك الجميل، وأخلاقك العالية، وحلمك وسعة صدرك.
وهذه القضية أخي الكريم هي قضية كثير من البيوت في مجتمعاتنا الإسلامية المعاصرة.
وأحسب أن مردّ ذلك إلى ضعف الوازع الديني، وقلة العلم الشرعي بالحقوق والواجبات، وغلبة الأهواء وأنانية الطباع.
بيد أن ما تعانيه من زوجتك في نظري أهون بكثير من عشرات المشاكل التي تصلنا أو نسمع عنها، فزوجتك -بحمد الله- قائمة بفريضة الإسلام الكبرى وهي الصلاة، كما أنها تلبس الحجاب -كما ذكرت لنا- وهذا لعمري مؤشر خير ذو أهمية بالغة يدل على وجود الاستعداد الكبير لديها لتحقيق مزيد من الاستجابة لشرائع الدين، والانسجام مع ما تأمله أنت كزوج، لك حقوقك الشرعية المعروفة.
وأعتقد أن سنة واحدة من عمر زواجكما غير كافية لتوصلك إلى جحيم اليأس، والشعور بالملل، والاطمئنان إلى الفشل، سيما وأنت إنسان متدين، فخور بإسلامك، معتز بقيمك تؤم المصلين، وتحظى باحترام الناس وتقديرهم.
أخي في الله، الجأ إلى الله أولاً بالدعاء الحار الصادق بأن يفرج همك ويصلح لك زوجتك، ألح بالدعاء بلا ملل أو كلل، واغتنم ساعات الإجابة فما خاب من دعاه -سبحانه- وهو الكريم المنان.
ثانياً: داوم على مناصحة زوجتك بالرفق واللين، صارحها بحبك لها وحرصك على البقاء معاً، وذكرها بالله، امتدح جوانب الخير عندها، شجعها على مزيد من الصلاح والتقرب إلى الله.
تحبب إليها بالهدية التي يهواها قلبها، اعمل ما في وسعك لكسب قلبها، وابتعد عن الانفعال والتشنج أثناء مناصحتها أو الحديث معها.
ثالثاً: ناصح أقاربها وخاصة من تشعر بأنه يحرضها عليك أو يشجعها على معاندتك، فالكلمة الطيبة والابتسامة اللطيفة تفعل الأعاجيب، وحاول وسترى -بإذن الله- النتيجة التي تحب.
رابعاً: حاول أن تبين لزوجتك أولاً ولأهلها ثانياً حقوق الزوج التي كفلها له الإسلام، ومن أهمها: الطاعة بالمعروف، وحاول أن تزيل بكل هدوء الشبه العالقة بأذهانهم حول قضية سفر المرأة بلا محرم أو غيرها من النقاط التي أشرت إليها.
خامساً: حاول الانتقال إلى منطقة أخرى، بعيداً عن أهلها حتى تبتعدا عن جو المشاكل، ومن ثم تفتقد زوجتك العناصر المؤججة للشقاق بينكما، ولتكن هذه المرحلة بعد استنفاذ الوسائل السابقة.
وختاماً أتمنى لك حياة هانئة، وسعادة مستقرة، وثواباً جزيلاً،
والله يحفظك والسلام عليك.(18/175)
زوجتي هجرت بيتي
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة
التاريخ 25-3-1424
السؤال
أنا متزوج ورزقت من زوجتي بأربعة أطفال، نسكن في بيت إيجار، وتسكن معنا والدتي المطلقة، منذ فترة حصل شجار بينهما وخرجت زوجتي إلى بيت والدها تاركة أطفالها في عهدة والدتي، وتصر أنها لن ترجع للسكن مع والدتي، وتريد سكنا خاصا بها. لقد أكملنا خمسة أشهر على هذه الحال. أفيدوني أفادكم الله.
الجواب
الأخ الكريم ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
حقيقة أقدر هذا المأزق الذي تمر به!! أسأل الله أن يفرج عنك.
كثير من مشكلاتنا - أخي الكريم - هي مشكلات وهمية وليست حقيقية، تستطيع أن تعرف ذلك إذا عدت إلى نقطة بداية الخلاف، فغالباً ما يدخل تحت اختلاف وجهات النظر، ولكن سوء معرفتنا للحوار ولأساليبه، وتقديرنا للآراء واستعدادنا لفهم الآخرين يجعل الصغير كبيراً ووجهات النظر أزمات، وربما تعصف ببناء الأسرة كلها، وهكذا تنهار العلاقات بسبب حماقات!!
وحل هذه المشكلات ربما لا يكون سهلاً بل يحتاج إلى قدر كبير من الصبر والحكمة في التعامل، وحسن تقدير لعواقب أي قرار يمكن أن يتخذ.
لم تذكر في سؤالك طبيعة المشكلة، ولا تفاصيلها لأن هذا له دور في اقتراح الحلول بشكل مفصل، ولذلك سأكتفي ببعض النصائح والتوجيهات التي أرى أنها مناسبة في مثل مشكلتك:
من الصعوبة بمكان أن تضحي بأحد الطرفين، لا والدتك وهي التي ربتك صغيراً وحنت عليك، وأعطتك من صحتها ومن نفسها ما لم يعطك أحد، ولا زوجتك أم أولادك وشريكتك في حياتك وشقيقة قلبك، ولكن أقترح عليك ما يلي:
أولاً: استعن بالله تعالى قبل كل شيء، فإن هو أعانك فلا تلبث هذه المشكلة أن تتلاشى، وإن حبس عنك عونه فمهما بذلت فسوف تذهب محاولاتك أدراج الرياح.
إذا لم يكن عون من الله للفتى *** فأول ما يجني عليه اجتهاده.
ثانيا: لن تعدم في كل مشكلة حلاً وسطاً تستطيع أن تقنع به الآخرين، ويجب ألا يكون هذا الحل على حساب أحد الطرفين وإلا لما كان وسطاً، وهذا يعتمد على قدرتك على التعامل مع المشكلة ومعرفتك لأساليب الإقناع.
ثالثاً: لكل إنسان نقطة ضعف تستطيع التأثير عليه عن طريقها، وبمعرفتك لوالدتك وزوجتك، ابحث عن هذه النقطة واستخدمها بذكاء لحل مشكلتك.
رابعاً: في بداية الأمر لابد أن تلتزم الحياد، فميلك لأحد الطرفين ولو بحق سيفقدك الطرف الآخر، ولتشعرهما أنك تسعى للإصلاح لا للانتصار.
خامساً: استخدم أسلوب الوعظ والتذكير بالمسؤولية والأمانة والتخويف بالله والتذكير بثوابه فإن لذلك أثراً كبيراً في ترقيق القلوب وإزالة سيطرة الشيطان عليها.
سادساً: قد يكون من المناسب أن يتدخل بعض الأقارب (العقلاء) لحل المشكلة، أركز على (عقلاء) لأن هناك من يزيد المشكلة ضراماً بتدخله غير الحكيم بدل أن يخمدها.
وربما يصل بك الأمر إلى طريق مسدود فلا مناص من الخيار المر وهو أن تضحي بأحد الطرفين، وأرجو ألا يخطر ببالك أن يكون أمك!! حتى وإن كانت هي المخطئة!!
فإذا كان الشرك وهو أعظم الظلم قد أمر الله تعالى ببر الوالدين حتى وإن جاهداك عليه، فما بالك بما هو أقل خطراً، ثم إنك قد تجد امرأة تحنو عليك وعلى أولادك وتعوضك شيئاً مما فقدته، ولكن لا يمكن أبداً أن تجد بدلاً من أمك، وإذا أحسنت نيتك ببرك لوالدتك فثق أن الله تعالى لن يضيعك "إنك لن تدع شيئاً اتقاء لله إلاّ أعطاك الله خيراً منه" رواه أحمد (20739) ، والبيهقي (5/335) .
أسأل الله أن يفرج همك ويكشف كربك ويذهب حزنك، ويجمع شملك.(18/176)
حياة كلها نكد
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة
التاريخ 1/8/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، فضيلة الشيخ الجليل وفَّقك الله، أود أن أوجز سؤالي وهو كالتالي: أعيش مع زوجتي منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً في خصام ونكد دائم لا ينقطع، وأحاول دائما تهدئة الأمور ولكن هيهات، فهي ترفع صوتها وتصرخ وتكسر بعض الأشياء في بداية الحياة الزوجية، وبعد ذلك توقَّفت عن التكسير ولكن لم تتوقف عن الصراخ، فهي مرة تغير من أحد أصدقائي، ومرة من أهلي فلا أعرف كيف أرضيها، وعندما يبلغ الأمر مبلغاً أضطر اضطراراً لأن أصفعها وأضربها، ولا أخفيك أنني ضربتها عدة مرات وطلقتها مرة واحدة، ولكنني عجزت عن تقويمها، ووالدها - مع الأسف - يستمع إلى كلام ابنته، مع العلم أنها تصلي فروضها وتصوم بعض أيام الأسبوع وخجولة أمام الآخرين، ولا تتحدث إلا نادراً، علما أن لدي من الأبناء ثلاثة أولاد وبنت واحدة عمرها سنتان، والله لقد تعبت واستخدمت معها كل الأساليب وأفهمتها أنني لا أسهر كثيراً مع زملائي ألا مرة في الشهر، وأنني مستقيم وأصلي والحمد لله جميع الفروض في المسجد، وأشعرتها أن تحمد الله على ذلك، وأن تنظر حولها وتقرأ وتطالع وتسمع قصص الآخرين وتعتبر، ولكن لا فائدة، نهدأ أسبوعاً أو أسبوعين وتبدأ في مشكلة تافهة. أفيدوني كيف أتعامل في هذه الحالة، وماذا أعمل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي السائل: اعلم يا رعاك الله أن ملخص المشكلة أن زوجتك تحبك حباً جماً، وصل حداً تفعل معه كل ما ذكرت من هذه الأفعال، ويبدو أنها تغير عليك جداً، ولكن يجب أن تعلم زوجتك أن هذه الغيرة المفرطة مذمومة وليست محمودة. عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من الغيرة ما يحب الله عز وجل ومنها ما يبغض الله عز وجل ... فأما الغيرة التي يحب الله عز وجل فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغض الله عز وجل فالغيرة في غير ريبة ... " أخرجه النسائي (2511) وأبو داود (2286) وأحمد (22630، 22634) .
فالغيرة التي عند زوجتك من الغيرة المذمومة التي لا يحبها الله، لأنها في غير الريبة وليس لها ما يبررها، فعليك أخي السائل أن ترفق بزوجتك في التعامل، وذلك بنصحها بالتي هي أحسن وتذكيرها بالله، وأن هذه الأمور لا يجوز فعلها، وأن ذلك مما يؤدي إلى الانفصال بينكما، مما يؤدي إلى خراب بيت الزوجية، وبالتبعية يكون له الأثر السيئ في تربية الأولاد، ويؤدي ذلك إلى تشتتهم وضياع مستقبلهم، إلى غير ذلك من الأضرار التي تترتب على ذلك.
2. عليك بإحضار الكتب الإسلامية والنشرات الدعوية والشرائط الإسلامية النافعة، والتي تتناول هذه المشكلة وتتحدث عن الحياة الزوجية السعيدة، ووسائل تحقق ذلك والتي تتحدث أيضاً عن الحقوق الزوجية بين الطرفين، وتذكِّرها كذلك أن ما تفعله هي من الأسباب التي تجعلك تغضب عليها، وقد أتى الوعيد الشديد للزوجة التي تعمل على إغضاب زوجها.(18/177)
3. ربما أن زوجتك تعاني من حالة نفسية أو مرضية، فعليك أن تعرضها على مختصين في ذلك دون أن تجرح مشاعرها.
4. لعل هناك أموراً أنت مقصر فيها نحوها، أو أنك تفعل أموراً تضايقها وتحملها على هذه التصرفات، وهي لا تبوح لك بذلك، فإن كان الأمر كذلك فعليك أن تجلس معها واجعلها تبوح لك بكل شيء، وما هي الدوافع التي تجعلها تتصرَّف مثل هذه التصرُّفات، والتي ينبغي أن تترفَّع عنها؟ وعندها يمكن أن تكون المشكلة قد حُلَّت بمعرفة أسبابها، وذلك بتجنُّب هذه الأسباب وتلك السلبيات التي قد تقع منك دون أن تدري بها.
5. لا يمنع أن تجعل إحدى أخواتك من محارمك - وتكون عاقلة رشيدة - تقوم بنصحها وتبين لهال مغبة هذا الأمر، وأن عواقبه وخيمة عليها وعلى بيتها وأبنائها.
6. عليك بالصبر عليها، وخصوصاً أنك ذكرت من حسن أخلاقها الشيء الكثير، وكما هو معلوم أن النساء خلقن من ضلع أعوج، وأن أعوج مافي الضلع أعلاه، وإن ذهبت تقيمه كسرته، وكسرها طلاقها، فاستمتع بما بها من عوج، وإن كرهت منها خلقاً أحببت منها آخر، كما ثبتت بذلك الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم- انظر البخاري (5184) ، ومسلم (1468، 1469) .
7. أكثر من الدعاء والتضرع إلى الله بأن يصلح شأن زوجتك، فإن للدعاء سر عجيب، هذا والله أعلم.
همسة في أذن الزوجة:
أيتها الزوجة الفاضلة أود أن ألقي على مسامعك بعض الكلمات، فاقبليها فإني لك ناصح وعليك مشفق.
1. يجب أن تعلمي أن زوجك يكِن لك كل الحب والاحترام والتقدير، وإلا ما تحمَّل منك هذا كله.
2. اعلمي أن غيرتك على زوجك بهذه الصورة غير مطلوبة، وربما تأتي بنتائج عكسية، وقد وقع ذلك بالفعل لك، من ضربه إياك وطلاقك مرة.
3. يجب عليك بذل ما في وسعك لتهيئي لزوجك حياة هادئة طيبة، لابد وأن يشعر بالهدوء والسكن والراحة والود والرحمة معك؛ لأن الزواج شرعه الله من أجل ذلك. قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21] بالله عليك هل حياتك مع زوجك - وبهذه التصرفات التي تقومين بها من صراخ وتكسير وتخريب للبيت - حياة فيها سكن ومودة ورحمة؟ .أظن الإجابة واضحة.
4. لو نظرت حولك لرأيت أنك في نعم يجب عليك أن تشكري عليها الله في كل وقت، فزوجك لم يقصِّر معك في أي شيء، متواجد معك في أغلب الأحيان يلبى لك طلباتك، يعمل ويتعب ويجتهد من أجل أن يوفر لك ولأبنائك حياة طيبة كريمة، فهل يكون هذا جزاؤه، "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" [الرحمن:60] .
5. اعلمي أنك لو استمريتِ على هذا الحال ستكون العاقبة وخيمة لك أنت وحدك، وعندها لا ينفع الندم ولا يفيد العقاب، فالعاقل بصير نفسه، واللبيب بالإشارة يفهم، والظمآن يكفيه من الماء اليسير.
6. احذري من غضب الله عليك إذا أغضبت زوجك، فاجتهدي في إرضاء زوجك؛ فإنما هو جنتك ونارك، كما ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم-.
7. اجتهدي في الدعاء بأن الله يصرف عنك هذه الغيرة المفرطة، وأن يجعل حياتك مع زوجك حياة طيبة يسودها الحب والود والرحمة، وتظلل عليها السكينة والهدوء.
نسأل الله أن يوفق الجميع لكل خير، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وفيما ذكر كفاية لمن أراد الهداية، هذا والله أعلم، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/178)
زوجتي تسيء معاملة أهلي
المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس
مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة
التاريخ 30/1/1425هـ
السؤال
حدث خلاف بيني وبين زوجتي بسبب معاملة أهلي، مما جعلني أفقد صوابي عدة مرات، وقمت بإرشادها إلى ما أريد منها، ولكنها مُصرة على ما تريد، مما جعلني أضربها عدة مرات، ومع ذلك تعود لنفس الأسباب التي ضربتها من أجلها. ما هو الحل؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
أخي الكريم: أذكرك ونفسي ببعض الأمور التي لا بد من أشعارها دائماً في الحياة الزوجية:
أولاها: أهمية الصبر على الأذى الذي يصيب الإنسان، قال -تعالى-: "وَالْعَصْرِ إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" [العصر:1-3] ، والإنسان لا يعلم متى يكون الفرج، لكنه إن وطنَّ نفسه على الصبر، واحتساب الأجر عند الله؛ انقلبت في نظره المحنة إلى منحة ربانية، ترفع بها درجاته، ويحط بها من سيئاته.
الثاني: أنه لا يخلو بيت من عقبات وخلافات بين الطرفين، وقد وقع ذلك في أزكى البيوت، وأشرفها، وهو بيت المصطفى - عليه الصلاة والسلام- مع أزواجه اللائي هن أمهات المؤمنين، فإذا عرف الإنسان ذلك كيف به يطمع في بيت خال من المشاكل والخلافات، ذلك أن الحياة الزوجية عشرة دائمة في جميع الأحوال والأزمان، من فرح وحزن في ليل أو نهار، وحصول الاتفاق بين اثنين في كل شيء من المستحيلات.
الثالث: على كل طرف أن يتأمل الجوانب الخيرة والإيجابية في الطرف الآخر، قال - عليه الصلاة والسلام-: "لا يفرك مؤمن مؤمنة؛ إن كره منها خلقاً رضي منها آخر" رواه مسلم (1469) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، فإذا رأيت حسن ترتيبها في بيتها وصيانتها لأبنائك، وكرهت منها صفة الغضب مثلاً فاصبر على ذلك، وإذا رأيت منها الحرص على العبادة والعلم مع التقصير في بعض أمور المنزل فاصبر على ذلك، وهكذا.
الرابع: أن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإنك إن ذهبت تصلحه أو تقومه كسرته، وإنَّ كسرها طلاقها، فالطمع في الحصول على زوجة كاملة في كل شيء هو من المحال، بل على الإنسان أن يعلم أن مقاصد الزواج تحقق - بإذن الله- مع التقوى والصلاح.(18/179)
لذا فإنني أنصحك ونفسي بالصبر والحلم، والتضحية، وعدم الاستعجال في تعديل مسار الزوجة، بل عليك أن تبتهج بأي تحسن في حالة الزوجة، ولو كان هذا التحسن طفيفاً، وعليك أن تشجعها وتذكر لها ذلك إن رأيت منها تحسناً؛ حتى تواصل تغيرها - بإذن الله-، وإياك إياك والضرب؛ فإنه سبيل شر عظيم، ولم يرخص في الشرع إلا في حالات محددة على أن يكون ضرباً غير مبرح، واتق الله فيها، واخش من عقابه إن أنت ظلمتها وآذيتها، واحرص عل الخير الذي أرشد إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم- بقوله: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" رواه الترمذي (3895) وغيره من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وتذكر حديث الرسول - عليه الصلاة والسلام-: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه" رواه مسلم (2594) من حديث عائشة - رضي الله عنها - وقوله- عليه الصلاة والسلام-: "إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه" رواه مسلم (2593) من حديث عائشة - رضي الله عنها - أو كما قال - عليه الصلاة والسلام-.
أسأل الله - عز وجل- أن يجمع بينكما على طاعته، وأن يؤلف بين قلبيكما، ويكفيكما شر الشيطان وشركه، والله يحفظكم.(18/180)
كيف أصلح حال زوجتي؟
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة
التاريخ 23/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
قبل 3 سنوات توفي والدي، وبدأت بعد أن شعرت بأني مقصر في حق الله- بالالتزام -أسأل الله الثبات على الحق-، ولكن مشكلتي أن زوجتي لم يعجبها ما آلت إليه حالي، وقالت لي: إنها لا تتدخل في شؤون حياتي، وتطلب مني ألا أتدخل في شؤون حياتها وحياة أولادها -أسأل الله لهم الهداية- علماً بأنني لم أضغط عليها، وإنما أتيتها باللين وبالكلام الهادئ، وبتقديم الأشرطة والكتيبات الإسلامية، ولكني أخطأت في إحدى المرات ظاناً أن ذلك سينفع، وقلت لها إنها إذا لم تنته عن العناد والإصرار على ما هي عليه، فمن الواجب أن نفترق، ولكن عدت فاعتذرت منها، وهي لا تكلمني الآن، وتحاول بكل ما استطاعت أن تعلم أولادنا المنهج الذي هي تعيشه، كما أنها طلبت مني الطلاق في إحدى المرات، فقلت لها: ليس لدي مانع على أن يبقى الأولاد عندي، فتراجعت، علماً بأنها أمام أهلي لا تظهر ما تكنه من معارضة لي، وفي الختام أرجو منكم الدعاء لنا بما يصلح حالنا وحال المسلمين، وإرشادي إلى الوسائل التي أستطيع من خلالها -بعد توفيق الله- أن يصلح أحوال أسرتنا لنوال خيري الدنيا والآخرة. وجزاكم الله كل خير، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الجواب - أخي الكريم- كما يأتي:
1- الهداية نعمة عظيمة من نعم الله، لا يتلذذ بها إلا من وفقه الله إليها.
2- الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، وهذه من صفات عباد الله الصالحين.
3- أنت - أخي الكريم- تملك شيئاً لا تملكه زوجتك، وهذا من فضل الله عليك، لكن عليك أن تحرص إلى إيصاله إلى زوجتك، وتتذكر أن الزوجة تشبه الغريق الذي يحتاج إلى إنقاذه من الهلكة التي هو فيها، بل إن حال البعيدين عن هدى الله أعظم من الغريق.
4- أوصيك بالرفق، والصبر، والتحمل في سبيل دعوة زوجتك ودلالتها على الخير.
5- الاستفادة من تجربة إخوانك، وزملائك، وأصدقائك الأخيار، مع مراعاة الفروق الضرورية بينكم في ذلك.
6- التوجه إلى الله، وكثرة الدعاء، وطلب الدعاء لزوجتك من أهل الخير، وقد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم- لأم أبي هريرة- رضي الله عنه-ولدوس ولعمر، وغيرهم.
7- إظهار الشفقة عليها، والحرص، والرأفة بها.
8- بعد هدايتك عليك أن تشعرها بأنك تغيرت في تعاملك، وأخلاقك، وعلاقتك بمن حولك؛ حتى تعجب بك، فتتأثر بذلك فيكون سبب هدايتها.
9- اصطحبها معك إلى مجالس الذكر وحلقات العلم.
10- حاول ربطها برفقة صالحة من النساء الخيرات من زوجات أصدقائك ومن تعرف فيهن الخير، وذلك بطريقة غير مباشرة، لا تشعرها أن هذه العلاقة مفروضة عليها.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(18/181)
زوجتي لا تطيعني
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة
التاريخ 12/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوج بزوجة لا تطيعني إلا بعد عناء شديد، وإذا دعوتها للفراش تطلب التأجيل، ودائماً تصرُّ أن أرحلها إلى بيت أهلها، وآخذها منه بالرغم من قربه من بيتنا، تعبت من الحياة معها، لي منها بنت وولد، وهي حامل، هل أطلقها، أم ماذا؟ فعيوبها كثيرة جداً، وأنا أرغب في الزواج بأخرى. أرشدوني، ماذا أفعل؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يعد ارتباط الزوجة بأهلها من المشكلات الشائعة لدى الشباب المتزوج حديثاً، فعليك أولاً أن تعرف أن غيرك -وهم كثر- يشاركك نفس المشكلة، ولا يعني هذا تشابه الأسباب، فهي قد تختلف من حالة لأخرى تبعاً لمتغيرات عدة، أجد - أخي الحبيب- أن مشكلتك تتلخص في إحساسك بعصيان زوجتك لأوامرك، وتقصيرها في حقوقك، وجعلت من بعض السلوكيات الصادرة منها تأكيداً على مسئوليتها اتجاه ذلك، وقبل مناقشتك في المشكلة عليك أن تجيب مع نفسك على بعض التساؤلات، كيف هي حالتها وأنت تطلب منها حقوقك الزوجية؟ ما الخبرات التي تحملها هي عن معاشرتك لها؟ هل تسعد بذلك؟ هل أنت تركز على إشباع رغبتك دون مراعاتها؟ وكيف وضع زوجتك بين أخواتها؟ هل تشعر بنقص معين أو مستوى أقل؟ ما ظروف أسرتها التي تدفعها لكثرة الذهاب إليهم؟ ما طبيعة العلاقات الوجدانية بينك وبينها؟.
كل هذه متغيرات تعطي مؤشراً على أسباب هذا الوضع لديك، والزوج دائماً هو الذي تسلَّط عليه الأنظار فيما يتعلَّق بسعادة الزوجة، هذا من جانب، والجانب الأهم ما مستوى البيئة الأسرية التي تعيشها أسرتك - أقصد طبيعة التربية الدينية التي تمارسونها داخل منزلكم-،هل هو خالٍ من المعازف والصور والمجلات الماجنة وغيرها مما يجذب الشيطان للمنزل؟ كيف وضعك الاقتصادي؟ ومدى قدرتك على أداء واجباتك الأسرية؟
عليك - أخي الكريم- بمراجعة إدارتك لشؤون أسرتك، والأسلوب الذي تتبعه في تربيتها وقيادتها، مشكلتك لا تتضجر منها، لا تعتبرها معيقاً عن محاولتكم إصلاح شأنكم، ولكن ابدأ بالتهيئة الذاتية من نفسك، ولا تركز على السلبيات ضد المنظار الأكبر للمحاسن والإيجابيات، وتأكد أن تركيزك على السلبيات هو الذي أجج المشكلة لديك، حيث فسرتها بأنها تغيير رجولتك عند عدم قيام الزوجة بواجباتها وتلبية حقوقك، الأسرة لها جناحان أنت أحدهما، والزوجة الجناح الآخر، لا يمكن التحليق بدون أحدهما أو عند كسر فيه.
ضع منظاراً وانظر دائماً أن إصلاح أي مشكلة أسرية يبدأ بمراجعة الذات أولاً، وعندما يتحقق يحق لك حينها تعديل ما تريده من الآخرين، أما قضية إصرارها على أن توصلها لمنزل أهلها فأعتقد أن النظرة السلبية لها جعلك تكبر من حجم الموضوع، فنعرف رجالاً يصرون هم على إيصال زوجاتهم، ولا يسمحون للغير حتى من أهلها بإيصالها.(18/182)
على كل حال لا تشعر بأني ألومك في التقصير، ولكن بمنظور علمي دائماً المشكلات الزوجية تكون في التركيز على قضايا بسيطة، وجعلها مثار خلاف، وهذا دائماً ما يؤدي للعلاقة الهشة بين الزوجين، فإذا كان لديك إصرار وعزيمة على المحافظة على أسرتك فتعامل مع الأحداث دائماً بمنظور منطقي، ولا تكبر ما لا يستحق أن يكبر، وأوصيك بتذكر نعم الله عليك من صحة وأطفال، وتأكد بأنك ستنجح، وكن متفائلاً دائماً، وانظر لمشكلتك -إن كانت مشكلة- بأنها عارض بسيط يمكن إصلاحه، وتأكد أن هناك الكثير لديهم مشكلات أكثر تعقيداً من مثل مشكلتك. دعائي لك ولكل شبابنا وأسرنا بأن يتم الله عليهم نعمته، وأن يديم صلاح بيوتنا لتسهم في نشأة جيل يعيد للأمة عزها ومكانتها اللائقة بها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.(18/183)
حينما تكون الزوجة سليطة اللسان
المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس
مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة
التاريخ 20/04/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زوجتي كثيراً ما تؤذيني بلسانها، وأريد أن أعرفها بخطورة ذلك، وهذا سبب الخلاف بيننا، أنها دائماً تسبني وتسب عائلتي، وأريد أن أوعيها بخطورة ذلك عند الله. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
أخي الكريم: نسأل الله - عز وجل- أن يصلح لك زوجك، وأن يؤلف بين قلوبكما وأدلك - بارك الله فيك- على بعض الإرشادات الهامة، والتي من شأنها أن تساعدك في حل مشكلتك، ومن ذلك ما يلي:
1- عليك - يا أخي- أن تتحلى بالصبر والأناة، وأن تحتسب هذا الأذى عند الله - عز وجل-، وألا تستعجل الفرج، أو تستطيل الطريق.
2- عليك بالموعظة الحسنة لهذه الزوجة وتذكيرها وتخويفها بالله - عز وجل-، والرجوع في ذلك إلى كتب أهل العلم التي تورد النصوص الشرعية التي تحض على طاعة الزوجة لزوجها من نحو قول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: "لو كنت آمراً أحداً لأن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها"، وغيرها في هذا الباب كثير، ولعلك أن تبحث عن ذلك في الشبكة العنكبوتية.
3- عليك بممارسة الأساليب التعزيزية؛ فإذا رأيت ما يسرك من خلقها وأفعالها، فأذكر ذلك لها، وشجعها عليه، فمثلاً بإمكانك أن تقول: أحس بالراحة اليوم في البيت، وجئت مشتاق للجلوس مع الأولاد، كل ذلك عندما رأيت منكِ ضبط لأعصابك في الأمس، أو تقول لها: أني لأرجو أن يجازيك الله بالجنة لما رأيت منك اليوم من فعل حسن، وتذكر هذا الفعل، وبإمكانك أن تمارس الإطفاء للسلوك السيئ، إذ بإمكانك أن تحرمها من المنتزه في يوم من الأيام، أو من التسوق، وتبين لها السبب في ذلك، وأن سلوكها السيئ لا يعين على الاستمتاع بالنزهة ... وهكذا.
4- إياك والجدل الكثير أو زيادة العصبية أثناء النقاش؛ فهذا مما يزيد الأمر سوءاً، بل إنه في تلك اللحظات يزداد الأمر سوءاً ويحضر الشيطان - نعوذ بالله منه- كي يوصل الزوجين إلى ما لا تحمد عقباه.
5- وأخيراً أوصيك بالدعاء والتضرع لرب الأرض والسماء في مواطن الإجابة المعروفة؛ كما بين الأذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل، وفي السجود، وأكثر من الدعاء الذي ورد في كتابه الكريم؛ وهو قول الله سبحانه: "ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً".
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد في الدنيا والآخرة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.(18/184)
أنا حائر مع زوجتي
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة
التاريخ 19/04/1425هـ
السؤال
أنا شاب، لي وظيفة مرموقة جداً، ومعروف بحسن علاقتي مع الناس، وأدبي الجم معهم، ومساعدتي لهم في حوائجهم الخاصة، والفضل لله وحده, إضافة إلى ذلك فأنا أحمل هم الدين والدعوة بما يتيسر لي، وظاهري يدل على اتباع السنة والفضل لله وحده, أنا متزوج الآن منذ ما يقارب ثلاث سنوات من فتاة متدينة عفيفة، تدعو إلى الله بقدرها والحمد لله, ولكنها شديدة الغيرة، فلا تتورع حين تأخذها الغيرة أن تسبني وتشتمني وتدعو علي بما يؤذيني، وتعيرني بما كان مني قبل التزامي، ولا مانع عندها من أن تعرض بأهلي تصريحاً أو تلميحاً، أو تهددني بطلب الطلاق، وقد أفهمتها بحرمة ما تصنع، إلا أنها تعود وكأن لم يكن شيء, وحجتها حين تهدأ أنها خلقت من ضلع أعوج، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قد أوصى بهن؛ لأنهن عوان عندنا، وما يزيد الطين بلة أنني أعمل في قطاع صحي له مساس بالنساء، وأنا أجتهد ألا يصدر مني ما يخالف الله فيما أستطيع، وعسى أن يغفر لي الله ما يبدر مني خطأ أو إكراها, لكن زوجتي تقلب حياتي جحيماً بسبب ذلك.
وقد حدث في أول الزواج أن ضربتها عدة مرات بسبب شدة الغضب، فكنت اعتذرت لها حتى إنني قبَّلت أخمص قدميها.
عذراً فللموضوع زاوية أخرى: فأنا إلى الآن لم أعاشر زوجتي كما يفعل الأزواج, فهي تعاني من مرض خوف أو هلع يمنعها من مساسي لها، وقد راجعنا بسببه متخصصين عدة, ويعلم الله أني لم أبخل عليها بشيء فمن طبيب إلى آخر, حتى ذهبنا إلى أحد الأئمة ليقرأ عليها, ولا فائدة, فقد امتنعت مراراً عن أخذ العلاج، أو أداء بعض التمارين المتخصصة تكاسلاً، أو لعدم اقتناعها بجدوى ذلك، ووالله لقد تحملت تساؤلات الناس عن عدم الإنجاب وهم من أهلها أكثر من أهلي، وأنا محتسب كتماني السر؛ لئلا تتأذى هي, فضلاً عن تحملي ما يعتمل في نفسي من رغبة شديدة ومن نداء للفطرة, وقد حاولت شرح موقفي لها صراحة دون تلميح، وهي تتعذر وتتأفف أحيانا، ًوتهددني بالنكد والطلاق إذا أنا تكلمت مع أحد من أهلها، لا أنكر أني أصبحت أفرغ ما في جوفي بيدها إلا أن ذلك لا يغنيني تماماً, وأصبحت وأنا المتزوج وطالب العلم أمارس العادة السرية, وأنا قد كرهت نفسي وأظلمت حياتي من جراء مقتي الشديد لما أصبحت فيه, فأنا أنكر على الناس ما آتيه, وأرشد الناس لطرق السعادة التي أنا أبعد ما أكون عنها، ولما علمت زوجتي أنني أمارس تلك العادة, هددتني مراراً بفضحي والتشهير بي، تهددني بالتشهير بي عند أهلها والناس، ولما حاولت إصلاح الوضع, لم يفلح شيء، لا أنكر أني فكرت في طلاقها، ولا يمنعني إلا الحرص على الأجر، وعسى أن يجعل الله فيه خيراً كثيراً, إلا أن السيل قد بلغ الزبى,, فأدركوني برأي سديد, فأنا والله غريق. جزيتم خيراً.
الجواب
في تقديري، ما تشكو منه بخصوص زوجتك مركب من ثلاث مشكلات (غيرتها الشديدة وما تتسبب به) ، (انفعالها وما يترتب عليه) ، (خوفها من الجماع) ، ويغلب على ظني أن بين هذه المشكلات علاقةً طردية.(18/185)
غيرة النساء سلوك طبيعي، لكنه يعد مرضًا إذا تجاوز حده، وهو ما أشرت إليه، بالإضافة إلى الانفعال الذي يعتريها، ويجرها إلى عدم السيطرة على نفسها.
من المحتمل أن زوجتك تعاني نوعًا من (الشك والريبة) مع شيء من (الصلف) ، وهما وصفان يتقاربان في بعض الشخصيات، لا أجزم بهذه الوصف لكن سياق وصفك يوحي بذلك، هناك صفات (قد تجتمع كلها أو بعضها) في (الشخصية المرتابة) ، منها: تغليب سوء الظن، والحذر والتوجس، ومحاولة التحليل، والاطلاع على ما في نفوس الآخرين، والحساسية من أي نقد يصدر منهم، وصعوبة اعتراف هذه الشخصية بالخطأ أو الجهل، حفظ المواقف والأقوال التي يمكن أن تشكل إدانة لاحقة لو حدث شجار ما وتطلب استدعاءها، تغليب مشاعر الغلظة والصرامة على الألفة واللطف، نادرًا ما يميل صاحب هذه الشخصية إلى المزاح، وغالبًا ما يتسم بضعف الإصغاء، ليس بالضرورة كل هذه الصفات تجتمع في الشخصية المرتابة، يكفي أن يوجد ثلاث على الأقل.
هذه النفسية التي تعاني منها زوجتك قد يكون لها تأثير في الحالة العصبية والنفسية العامة التي تسبب اضطرابات جنسية (سواء في الرغبة أو في الممارسة) ، وقد لا يوجد لها سبب عضوي عند الفحوص الطبية.
يغلب على ظني أن زوجتك تعاني من الخجل من مسائل الجنس، وترى فيه عيبًا (وأحيانًا لا تشعر بذلك) ، أو أنها سمعت عنه معلومات مغلوطة تتعلق بالألم فتوهمته شيئًا مخوفًا، زاد الأمر إشكالاً الأسلوب الصارم الذي أتوقع زوجتك تتصف به، ومثل هذا يتطلب علاجًا عند مختصٍ نفسي، حيث إن هناك جوانب تحتاج إلى تفكيك، وبالتالي تتطلب جلسات يمكنكما بعدها -إن شاء الله- تجاوز المشكلة.
أحيانًا، قد تُفهم المشكلة على أنها مس أو عين، وهو ما يبدو أنكما تتوقعانه مما استدعى زيارتكما لبعض الرقاة الذين يقرؤون القرآن الكريم، وقراءة القرآن مسلك نافع إن شاء الله، لكنه يبعد أن تكون مشكلة زوجتك متعلقة بالعين أو السحر إذا صح تقديري؛ ولأن المشكلة تتعلق بالتصورات والمخاوف فإنها تتطلب التعليم والإفهام بالطرق العلاجية المناسبة.
أقترح عليك المبادرة إلى طبيبة نفسية ممن عرفت بالحكمة في تخصصها، (أو طبيب إذا تعذرت الطبيبة) ، واعرض عليه مشكلة زوجتك سريعًا، وامنح نفسك (مهلة) في حدود الأربعة أشهر بعد أول زيارة للطبيبة، فإذا لم ترحب زوجتك بالعلاج أو لم ينفع معها فأقترح عليك الزواج بأخرى؛ طلبًا لإعفاف نفسك وسلوكك السبيل المستقيم، فإن تحسنت أحوال زوجتك (وأنا متفائل بتحسنها إذا أعنتها على تعديل سلوكها بشكل عام) وإلا فقد ترى الانفصال عنها، ولعل الله يخلف على كل واحد منكما خيرًا من الآخر.(18/186)
هكذا بدأت حياتنا الجديدة، فهل نستمر؟!
المجيب د. عبد العزيز حمود الشثري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة
التاريخ 18/04/1425هـ
السؤال
عقدت على زوجتي منذ شهرين، وأنا لا أسكن مع زوجتي؛ لأننا لم نعلن زواجنا بعد، وأنا الآن أكتشف في زوجتي عيوبا خطيرة منها: طلبها للطلاق عندما يحصل نقاش حاد، فهي -بشهادة أهلها- عنيدة جداً لا تحسسني برجولتي بقولها أنت لست كفلان؛ هو رجل وأنت طفل، كثرة العتاب وعدم نسيان أخطاء الزوج، إلى غير ذلك من المشاكل، ونحن لم ندخل بعد عش الزوجية، كما انها لا تثق بآرائي، أنا حائر في أمري، لا أدري هل أستطيع أن أغير طريقة تفكيرها. ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
أولاً: لا بد أن تدرك أنك إن كنت خلوت بها بعد العقد فإن لذلك أحكاماً متعلقة بالمهر والعدة.
ثانياً: أنت عمرك عشرون عاماً حسب ما ذكرت، فهذا يعني أنها أصغر منك عمراً، وقد تكون في عمر الانتقال من مرحلة عمرية إلى أخرى تكثر فيها الاضطرابات الجسدية والنفسية، فيحسن مراعاتها، فقد تعتدل أخلاقها بعد ذلك.
ثالثاً: قد تكون مرغمة من أهلها عليك، أو تعجلت هي بالموافقة فندمت فتريد الفراق منك؛ حتى لا ترد لك ما دفعته لها، أو أنها ترغب في صفات أخرى في الرجال لم تكتشفها فيك بعد.
رابعاً: أنصحك أن تتأكد من أمر رغبتها فيك قبل الدخول وقبل حصول الولد، صارحها بما قلته لنا عنها، وشاورها وشاور أهلها في ذلك.
خامساً: أعتقد أنها بحاجة أن ترى منك شيئاً من القوة في إرادتك بحزم، وإظهار رجولتك بمعناها الشرعي، من الغيرة عليها، وحملها على الخير، وعدم التردد في رأي تريد طرحه، وابتعد عن كل ما يشعر بفترة مراهقتك سواء في مظهرك أو ألفاظك أو لباسك فهي تريد رجلاً، فأرها صوراً من الرجولة الصادقة. كتب الله لكما ما فيه الخير ووفقكما.(18/187)
خصومات زوجية
المجيب د. راشد بن سعد الباز
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة
التاريخ 18/04/1425هـ
السؤال
أنا متزوج منذ سنتين ونصف ولله الحمد، ورزقني الله بنتاً ولله الحمد، زوجتي على قدر من التدين، وتعاملها جيد مع الناس، إلا أنها معي سيئة خلق وترفع صوتها علي، وحساسة ومزاجية، وغير مهتمة بشئون المنزل من نظافة وغير ذلك، وأنا ولله الحمد رجل حليم، وأستغرب منها رفع الصوت لأدنى مشكلة، مع العلم بأني لا أرفع صوتي عليها، وأنا والله أحبها وأشفق عليها، وأرفق بها، وأحاول إسعادها بشتى الوسائل، ولا أقصر عليها بشيء البتة ولله الحمد، وأحنو عليها، وأنفذ لها جميع ما تطلبه مني، وأصل أهلها وأقاربها، ولكني أجد منها سوءاً في التعامل في كثير من الأحيان! وجحد لما أقوم به تجاهها! وأيضاً تتلفظ بألفاظ سيئة وبذيئة مع ابنتي، وأحيانا ً تتصرف بتصرفات رعناء، وهكذا حياتي في عذاب، لا بد من وجود مشكلة شبه يومياً، فما العمل معها؟ أرجو منكم توجيهي، وفقكم الله لكل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الفاضل: هناك بعض المعلومات الضرورية الناقصة مثل عمر الزوجة والمستوى التعليمي لكما والحالة الاقتصادية، وعموماً، أعتقد أنّ جزء من المشكلة الاختلاف بين شخصيتك وشخصية زوجتك، فهي ذات شخصية قوية وأنت من أصحاب الشخصيات المسالمة، خاصة أنّ لها نشاطات في المجتمع، كما أنّ بعض النساء يرون في حب زوجها الشديد لها واهتمامه بها نقطة ضعف في الزوج، كما قد يكون سلوكها ذلك نتيجة عدم اقتناعها فيك، لكن من الضرورة الجلوس مع زوجتك والتفاهم معها بموضوعية خاصة فيما يتصل بالتضارب بين سلوكها الفعلي، وبين ما تدعو إليه، ومعرفة الأسباب التي تجعلها تعاملك بهذه الطريقة فقد يكون هناك صعوبات أو مشكلات تواجهها ولا تُفصح عنها. وإن كان هذا ليس مبرراً لسلوكها؛ بالإضافة إلى ذلك عليك بتذكيرها بآداب وقيم الإسلام وبقول الرسول - عليه الصلاة والسلام-:"إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً" رواه الترمذي (2612) وغيره من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وفي الحديث: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً ... " الحديث رواه الترمذي (2018) عن جابر - رضي الله عنه - وأولى الناس بحسن الخلق والمعاملة هم أقرب الناس إليها ومن أقرب الناس إليها زوجها. كذلك تذكيرها بأهمية المحافظة على بيت الزوجية خاصة أنّ لكما ابنة ولابد أن تعيش في بيت يسوده الود والاحترام المتبادل بين الوالدين، ولابد من إفهام زوجتك أنّ حبك لها واهتمامك بها من المفترض أن تشكر الله على ذلك فهناك الكثير من الزوجات اللاتي يعانون من افتقادهم لحب أزواجهم؛ لذا لابد أن تُقّدر ذلك ولا يعني هذا الحب ضعف منك أو أنّك ترضى بسوء معاملتها لك، كما لا يجوز لها، وهي بالتأكيد تعرف ذلك، بأن تمنعك من الصلاة أو أي عبادة فرضها الله على عباده. والله الموفق.(18/188)
زوجتي لا تطيعني
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة
التاريخ 24/5/1425هـ
السؤال
سؤالي يتعلق بطاعة المرأة لزوجها فيما تحب وتكره، أكرر تكره ما لم يكن ذلك في معصية الله؟ وما حكم المرأة التي تصر على رأيها حتى وإن كان زوجها يرفضه؟ وما حكم من تعتقد أنها على حق والعالم أجمع على غير ذلك؟!.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
وفقنا الله وإياك لكل خير، والجواب كما يأتي:
1- نصوص الكتاب والسنة تبين ضعف المرأة ونقصان عقلها، وضعفها وحاجتها إلى الرجل، ولعل من المعاني العظيمة لذلك هو مراعاة هذا المخلوق الضعيف، والصبر عليه، فإن أقمته على ما تريد كسرته.
2- الحياة الزوجية ليست أمر ونهي، ودونية فوقية وآمر ومنفذ، ولكنها شركة يقوم كل طرف بما عليه مع مراعاة الطرف الآخر، وتقدير مشاعره، وتقلبات مزاجه.
3- لا شك أن الطاعة في المعروف، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن حتى الأمور المباحة، وما فيها وجهات نظر وهي من قبيل المباح فليس من الضروري أن تحسم برأي الزوج في نظري.
4- استشعار أن الكريم من تغلبه زوجته ولا يغلبها؛ وقد قيل: (ما أكرم النساء إلا كريم) وكل رجل يحب أن يكون كريماً لا لئيماً.
5- العقول تتفاوت في إدراك الحقائق والحكم عليها وتصورها، وكلما اتسعت دائرة المعلومات اتسعت دائرة المجهولات.(18/189)
غير مرتاح مع زوجته
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقاً-
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة
التاريخ 10/04/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رجل يسأل عن حكم الشرع في الآتي: متزوج من امرأة وله منها ولد وبنت، ويحسن معاشرتها، ويوفيها حقوقها من مأكل ومشرب وملبس، وقليلاً نوعا ما زيارات لبعض صديقاتها، أما أهلها فهم جيران لها، ولكنه -داخلياً- غير مرتاح معها؛ بحكم ميول قلبه لامرأة أخرى، ولكنه يراعي حدود الشرع، فلا يتعرض لتلك الفتاة إلا من خلال الرسائل بينهما، والسبب في ميوله عدم إحساسه بالراحة مع زوجته، فكثيراً ما تسبه وتتجرأ عليه، ومهملة في حقوقه وبيته، وتضرب أولاده، وعدم النظافة المظهرية والتزين لزوجها، وفي منتصف الليل إذا بكى الطفل تلعنه وتلعن أباه. ويود السائل أن ينوه بأن زوجته ليست على علم بأمر المرأة الأخرى. نرجو من فضيلتكم بيان رأي الشرع في هذه العلاقة الزوجية.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
علاقتك بتلك الفتاة - ولو من خلال الرسائل - حرام لا يجوز، سواء علمت زوجتك أم لم تعلم، وعليك أن تتوب وتقلع عن فعلك هذا. ولعل تسلط زوجتك وبذاءتها معك ومع الطفل الصغير إنما هو بسبب ذنبك، بل من المؤكد أن الشيطان أوقع في نفسك محبة الفتاة وبغض زوجتك عندك. وإن المرء ليحرم الرزق والراحة والأنس بذنب يصيبه، وعليك أن تنصح وتعلّم زوجتك في أمور الخدمة والنظافة والتجمل لك، وعليك أن تتحمل ما قد يصدر منها من لغو القول - إذا لم يكن دائماً أو خطأ غير متعمد، فالبيت والأسرة لا يعيشان في سعادة ووئام إلا إذا تحمل كل من الزوجين ما يصدر من الآخر بحسن نية وطيبة خاطر، وعدم المحاسبة والمخاصمة في صغائر الأمور وكبائرها. يقول أبو الدرداء -رضي الله عنه- لزوجته أم الدرداء: (إذا رأيتني غاضباً فرضيني وإذا رأيتك غضبى أرضيك". فبالود والمسامحة والمحبة تدوم العشرة، وبدونها لا توجد ألفة ولا عشرة. والله الموفق.(18/190)
دياثة منظمة
المجيب الجوهرة العنقري
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية
التاريخ 23/04/1427هـ
السؤال
أعاني من مشكلة مع زوجي فقد أجبرني على الكلام هاتفيا مع رجال أجانب! مكالمات جنسية، حتى يستمتع وهو معي بالمكالمات!؟ يطلب مني إحضارهم إلى المنزل، ولكني رفضت. وللأسف قد تعرفت على رجل آخر من خلال النت وأحببته، وعلم زوجي بذلك، وعلم أهلي كل شيء عني وعن ما يفعله زوجي معي، وأنا الآن أريد الطلاق، ولكن زوجي يرفض ويقول: إنه تاب، ولكني لا أصدقه، فماذا أفعل؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن لكل مسلك ونهج يسلكه الإنسان أثره على قلبه، وكما أن للجسد أسباب صحة وأسباب مرض وعلة، فالقلب كذلك، وما تشتغل به الجوارح مؤثر في القلب لأنها نوافذ إليه، فإذا غض الإنسان بصره حفظ قلبه، وإذا تهاون بالنظرة، والكلمة، قاد قلبه إلى العلة والمرض، بل الموت، فمن أرسل جوارحه في المحرمات فهي سموم يمرض بها القلب وتتراكم عليه الذنوب فتهلكه، روى أحمد (7611) ، والترمذي (3334) ، وابن ماجه (4244) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه، فإن زاد زادت، فذلك الران الذي ذكر الله في كتابه: "كلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" [المطففين:14] . قال الحسن في تفسير الآية: هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب فيموت.
وعلى هذا فإن التساهل في الذنوب، والسير في طريق الفتنة خطير الأثر، والله سبحانه وتعالى قد بين لنا طريق العفة، وحذرنا من مزالق الشهوات والأسباب المؤدية إليها، فالله سبحانه وتعالى صان المرأة بنهيها عن أمور عديدة، عن الخضوع بالقول، وعن التبرج والسفور سداً لذرائع الزنا وإغلاقاً لأبواب الفتنة على المرأة والرجل سواء.
وأنت يا أخيه تساهلت بأمر عظيم، وهو الاستجابة لزوجك في هذا المنكر العظيم، وهو مهاتفة الرجال والحديث معهم حديثاً جنسياً -كما ذكرت- فإذا كان الخضوع بالقول وتليين الكلام محرماً، يقول الله تعالى "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا" [الأحزاب:32] .
فما بالك بما هو أعظم من ذلك مما ارتكبتيه من الحديث الفاحش الصريح؟
واعلمي أنك لا تعذرين بكون زوجك هو الذي طلب منك ذلك، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
أما ما ذكرت أنك ابتليت به من التعلق برجل آخر عن طريق المحادثة بالنت؛ فأتت التي فتحتِ على نفسك باب الفتنة، ولو راقبتِ الله تعالى في جوارحك وحفظتيها من المحرمات لم تصلي إلى هذا السبيل.(18/191)
وطريق الخروج مما أنت فيه أن تتوبي إلى الله توبة نصوحاً فتقلعين عما أنت فيه وتعزمين على عدم العود، وتندمين على ما فرط منك، ومتى صدق العبد في التوبة تاب الله عليه أياً كان ذنبه، يقول الله تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا" [الزمر:53] .
أما ما ذكرت من طلب الطلاق من زوجك فهذا زنيه بميزان الشرع، فإن كان زوجك مقيماً على هذه المنكرات مصراً عليها، تاركاً للواجبات، فهذا يبرر الانفصال عنه.
أما إن كان صادقاً في دعوى التوبة فأعينيه على ذلك وابقي معه، واعلمي أنه ليس من السهل أن تطلب المرأة الطلاق من غير بأس.
وقد يكون رفضك الحالي لزوجك لتعلقك بهذا الذي تعرفتِ عليه عن طريق النت، وهذا طريق مشبوه، وهذا الرجل قد يكون أسوأ من زوجك فأبعديه عن حياتك، والجئي إلى الله تعالى بالتوبة، والاستغفار، والمحافظة على الواجبات، وتضرعي إليه في أوقات الإجابة كأدبار الصلوات، وبين الآذان والإقامة، وفي الثلث الأخير من الليل وجاهدي هواك، وسيهديك الله تعالى كما وعد.
"وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا". أسأل الله لنا ولك الهداية والثبات.(18/192)
زوجي لا ينام معي!
المجيب د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية
التاريخ 04/02/1427هـ
السؤال
زوجي لا ينام على نفس الفراش الذي أنام عليه، ولكنه يأتيني بصورة طبيعية، وعندما يقضي إربه يذهب لفراشه، فهل يحق لي أن أطالبه بالنوم معي على فراش واحد؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن من الحكمة أن يبحث كلٌّ من الزوجين عما يقرِّبه من الآخر، ويدنيه منه، وفي المقابل يحاول أن يسد الفجوات التي تباعده منه، وتفصله عنه.
وربما كان أحد الزوجين حريصاً على القرب، لكنه لم يحسن وسيلة الإقناع، ولم يُجِدْ لغة الخطاب، فزاد في مساحة البعد.
والحياة الزوجية ليست عملية اقتصادية عمادها: ماذا لكَ، وماذا لي؟، وماذا عليكَ، وماذا عليّ؟! ولكنها عملية وجدانية، يتحدث لغتها القلب، ويمثل ألفاظها السلوك.
أختي الكريمة: إن من الطبيعي أن يدخل الزوجان بيت الزوجية، وكلٌّ منهما يحمل طبائع وعادات قد تخالف ما نشأ عليه الآخر من طبائع وعادات.. وحسب الزوجين الحريصين على إنجاح حياتهما الزوجية أن تكون تلك الطبائع المختلفة (هامشية) ، وليست في صلب التعامل الزوجي. إذ إن كلاً من الزوجين يمثل (شجرة) نبتت في (حوض) عائلي مختلف، وتغذّت من تربة ذلك الحوض، وتشكّلت بذلك الغذاء.
وإذا كان من المهم جداً أن يراعي كل من الزوجين الطرف الآخر فيما يختلف عنه فيه من عادات، فإنه قد ثبت بالتجربة أن إعطاء فرص أكثر من الحب يسهم في هدم (جدار) الطبائع المختلفة وسرعة (إذابة) كل من الزوجين في الآخر.
والمرأة جعلها الله أكثر قدرة في التأثير العاطفي، وأعمق جذباً من الرجل، وهي حين تفهم نفسية الرجل (الزوج) ، وتتقصّد التأثير عليه فإنها تملك إمكانات هائلة.
ولكن ما يلفت النظر أن بعض الزوجات قد تصل إلى حد الإرهاق من تفانيها في خدمة زوجها وأولادها، ولكنها تفسد ذلك العسل بـ (خلّ) سوء الاستخدام لقاموسها اللغوي!.. فهناك من الزوجات من تستخدم مع زوجها اللوم، وربما في لحظة انفعال تنشر بين يديه (ملفات) قضايا سابقة، وربما صفعته بكلمة (عجزت عنك) !.. وكأنها تفترض أن يلغي عقله، وأن يسارع بالاستجابة لها، أو إنها ستستخدم ضده أسلوباً (آخر) مخيفاً!!.. وهو ما يستفز الزوج، ولأن نفسيته منبنية على الصراع والمنافسة، فقد يقوم بـ (رد) على الزوجة قد لا يكون متوقعاً عندها، خاصة مع تكرار تلك المواقف.
وقد أشار المصطفى -صلى الله عليه وسلم- إلى أن (من البيان لسحراً) ، فإجادة استخدام كلمات اللغة، والتأكيد على الكلمات الجميلة، والتلبّس بالرفق، والتذرع بالصبر، له أثر غير محدود في التأثير.. والعامة تقول: (اللسان اللّين يغلب الحق البيّن) .(18/193)
وكم من النساء اللاتي قد يكون لدى الواحدة منهن بعض التقصير فيما يتصل بأمور المنزل، لكنها استطاعت أن تحتوي زوجها بلغتها (الراقية) معه، فاستطاعت أن تجعله يغضّ الطرف عن تقصيرها، وفي المقابل قد (تقتل) بعض الزوجات نفسها في الاهتمام بالزوج والأولاد والبيت، لكنها (تقتل) زوجها بـ (طلقات) الكلمات العنيفة، الصادرة في جوّ الانفعال، ولذا ينسى الزوج -عند ثورته- كل ما تقدمه تلك الزوجة! وحين سأل عبد الملك بن مروان عبد العزيز بن زرارة الكلابي عن أفضل النساء، قال: التي يقول أهل الزوج قد سحرته!!.. ومن المؤكد أن السحر في اللغة أوضح منه في السلوك.
أختي الكريمة: قد يكون كلامي السابق حاضراً في ذهنك، لكني أعدته لأدعوك إلى (تفعيله) ، فكم من الأمور التي تختزنها ذواكرنا ولم ينطبع بها سلوكنا، فصارت حجة علينا!
أما بالنسبة لمشكلتك مع زوجتك -التي كتبتِ تتساءلين عنها- فالذي يبدو أن (سماء) علاقتكما الزوجية (صافية) سوى من هذه (الغيمة) الخفيفة.. وزوجك -مادام يؤدي وظيفته معك بصورة جيدة- فمن حقه أن ينام في المكان الذي يجد راحته فيه. وأتمنى ألا يؤدي ضيقك بهذا الأمر إلى تحويل هذه (الغيمة) إلى (سحب) داكنة، تقلب هناءكما إلى شقاء، وتجرف أمطارها كل الذكريات الجميلة السابقة.
ولكن من خلال كلامي السابق أعتقد -جازماً- أنك قادرة على القرب النفسي من زوجك، والتأثير فيه من خلال اللغة والسلوك.. حدثيه أنك تتفهمين (جيداً) ظروفه التي تجعله ينام في فراش مختلف، وأنك تحرصين على راحته، لكنك تحسين بفقده حين يكون بعيداً عنك، فكيف حين تستيقظين من نومك وتشعرين أنه بعيد وهو قريب!!.. عرّفيه أنك تتفهمين دوافعه، وابدئي معه راجية منه النوم معك، ولو مرة في الأسبوع.. فقد تتغير نظرته ويعتاد النوم معك، ولكن لو لم يتمّ شيء من ذلك إطلاقاً، أو رأيت أن حديثك معه في ذلك الأمر يضايقه، فمن الحكمة والعقل أن ترضي بوضعك، وهو وضع عادي لدى بعض الأزواج.
وفقك الله لهداه، وسلك بك سبيل التوفيق في الدنيا والآخرة.(18/194)
غَيْبة زوجي طالت حتى أضرَّتني!
المجيب مصطفى محمد الأزهري
داعية وباحث إسلامي بوزارة الأوقاف المصرية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية
التاريخ 29/01/1427هـ
السؤال
تزوجت منذ عام، وبقي معي زوجي مدة 15يوماً، ثم سافر إلى بلاد الغرب حيث إقامته، وأنا محتاجة له كثيراً، وأحس باكتئاب كبير؛ وذلك بسبب حاجتي العاطفية والجسدية. كنت ألجأ للعادة السرية، والآن تبت من ذلك والحمد لله. ساعدوني مأجورين.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأهلا بك -أيتها العروس الكريمة- ونهنئك على زواجك، ونسأل الله أن يبارك في زواجك وأن يسعد حياتك، ويملأ أيامك أُنساً بالله والقرآن والصلاة والعمل الصالح..
أولاً: أشكر فيك -أختي الكريمة- صراحتك في طرح مشكلتك، وهو ما يشير إلى نفسٍ تسعى إلى سلامة دينها، وعصمة سلوكها..
لعلك كنت تعلمين قبل الزواج طبيعة عمل زوجك، ومنها تغيبه عنك بالسفر؛ لذا كان عليكما أن تبحثا عن صيغة للتفاهم حول هذه المسألة، فإما أن يصحبك معه في سفره، أو يرتب أحواله على عدم التغيب مدة طويلة تتسبب لك في عَنَتٍ لا تتحملينه.
أما توبتك من "العادة السرية" فهو شيء محمود ثبتك الله على الإقلاع عنه، فهو -يا بنيتي- أخطر على المتزوجين منه على غيرهم، "ومن يتصبر يصبره الله، ومن يستعفف يعفه الله"، لكن عليك أن تراسلي زوجك، وأن تبثي إليه ما في نفسك بهذا الخصوص، فأنت زوجته والحرج بينكما مرفوع، {وقد أفضى بعضكم إلى بعض} .
وحتى يتيسر الحل ويعود زوجك -بإذن الله- سالماً غانماً- استعيني بالصبر والصلاة والقرآن وصيام النوافل، وراسلي زوجك كثيراً، واتصلي به ما وسعك الأمر.
شرح الله صدرك، وآنس وحدتك، ورد لك زوجك، وعمّر أوقاتك بالخير والعمل الصالح.. والله أعلم.(18/195)
هجر الزوج في الفراش تأديباً له!
المجيب سلطانة عبد الله المشيقح
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية
التاريخ 23/11/1426هـ
السؤال
تقع خصومات بين الزوج والزوجة من حين إلى آخر، فالغالب أن الزوجة تكون مظلومة، وهي في كل الأحوال تذهب وتعتذر لزوجها، لكن الزوج يأخذ حقه في الفراش من زوجته، وطول اليوم يعاديها ولا يكلمها، ولا يعاملها معاملة حسنة، فهل لها الحق أن تهجر الفراش ولا تكون آثمة؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلا ريب أن الواجب على الزوجين المعاشرة بالمعروف، وتبادل وجوه المحبة والأخلاق الفاضلة مع الصبر وطيب البشر؛ لقول الله -عز وجل- "وعاشروهن بالمعروف" [النساء:19] ، وقوله: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة" [البقرة:228] . وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- "البر حسن الخلق" رواه مسلم (2553) . وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق" رواه مسلم (2626) . وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم". رواه الترمذي (1162) .
ويجب عليك الصبر وتحمل الجفاء وسوء خلق زوجك، قال تعالى: "واصبروا إن الله مع الصابرين" [الأنفال:46] وقال: "إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين" [يوسف:90] ، وقال: "فاصبر إن العاقبة للمتقين" [هود:49] ، وعليك مداعبة زوجك ومخاطبته بالألفاظ التي تلين قلبه، وتسبب انبساطه إليك.
لكن لا يجوز لك هجر الفراش؛ لما قد يلحقك من إثم بذلك، بل يجب إعطاؤه كامل حقه عليك، وعليك بالدعاء أن يصلح الله حال زوجك ويلهمه رشده، ويمنحه حسن الخلق وطيب المعشر ورعاية الحقوق، إنه خير مسؤول، وهو الهادئ إلى سواء السبيل.
أخيراً: عليك بمحاسبة نفسك، وأن تبادري إلى التوبة مما قد يكون صدر منك من سيئات وذلات، فلعله قد سلط عليك -هذا الزوج- لمعاصٍ اقترفتيها. قال تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير" [الشورى:30] .
أسأل الله أن يصلح حالكم، ويهدي زوجك ويرده إلى الصواب، وأن يجمعكما على خير وهدى إنه جواد كريم.(18/196)
أحسَّ بفتور جنسي بعدما خطب
المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية
التاريخ 26/8/1424هـ
السؤال
هناك شاب كان مسرفاًً على نفسه وخاصة في النظر إلى المحرمات والعادة السرية، مع أن ظاهره كان الالتزام، وقد حاول أن يتوب، وبعد أن انقطع مدة عن هذه المنكرات أحس برغبة في الزواج ورغبته بفتاة ملتزمة توجهه وتعينه على طاعة الله تعالى، وكان هذا الشاب قد عمل عملية فتاق، وبعد ما خطب وكتب العقد أحس بفتور وضعف في القوة الجنسية، والآن هو يخاف من أن يكون ذلك عقاباً من الله تعالى على ما سبق من معاصيه، فهل يتم الزواج أو يوقفه؟ وما هو توجيهكم؟.
الجواب
أخي السائل: أسأل الله أن يرزقك توبة نصوحاً ويثبتك على طاعته.
أخي الفاضل: الله - عز وجل- حليمٌ، عفوٌ، وقد بين أنه - جل وعلا- لو يؤاخذ الناس على كل ما كسبوه في الدنيا من ذنوب لما ترك على ظهر الأرض من دابة، ولذا فليس بالضرورة أن يكون إحساسك بضعف القدرة الجنسية حقيقياً وواقعاًَ في نفس الأمر، ولكنه ناتج عن إحساس بالذنب، أسأل الله أن يجعله كفارة وتطهيراً لك، لكن لا ينبغي أن تبني عليه عملاً أو قراراً بترك الزواج بل لا بد أن:
(1) تكشف كشفاً طبياً عند طبيب مختص في هذا الشأن لمعرفة ما إذا كانت هناك علاقة بين الفتاق وما تعانيه من شعور بالضعف الجنسي.
(2) أن تعلم أن بعض ما يقوله بعض الوعاظ والمشايخ عن أثر العادة السرية لم يثبت علمياً وطبياً، فلا تربط بين هذا الشعور بالضعف وبين ممارستك السابقة للعادة السرية.
(3) إن أخبرك الطبيب الثقة بعدم وجود تلازم بين الفتاق والشعور بالضعف، وقرر أنك طبيعي، وأن ما تعانيه جانب نفسي أو وقتي فلا تتردد في إمضاء الزواج.
وإن أخبرك بغير ذلك وأنك تعاني ضعفاً حقيقياً لأي سبب فأخبر الفتاة التي كتبت العقد عليها حتى تكون على بينة فإن رضيت بالزواج فالأمر إليها والحمد لله، وإن رفضت، فسرحها بإحسان. وصلى الله على نبينا محمد وآله.(18/197)
فتور.. الزوج..!!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية
التاريخ 6/4/1422
السؤال
أنا امرأة متزوجة منذ عشر سنوات من رجل لم أكن أعرفه تمام المعرفة ولكن كما تعلمون الزواج المتعارف عليه في مجتمعاتنا الخليجية، في بداية زواجنا كانت حياتنا تسير على ما يرام مع حدوث الكثير من الحوادث التي كنت دائماً أقوم على حلها له حتى رزقنا الله بأربعة من الأبناء والبنات بعد العناء والمعالجة في المستشفيات حيث أن الحمل كان في بداية الأمر صعب عندي ولكن الحمد لله على كل حال، والآن تغيرت حياتي وانقلبت رأساً على عقب فزوجي أشعر أنه لا يرغب بي كالسابق ولا يحترم آرائي ولا يهتم بها ولا حتى ابسط حقوقي الزوجية وهو حق المعاشرة الزوجية لا يقوم به حتى أنه لتمضي الشهور على ذلك ولا أدري كيف أتصرف معه؟ أرشدوني للحل أفادكم الله؟
الجواب
أيتها الأخت الكريمة يبدو أن مشكلتك تدور حول محاور أربعة وفي فهم تلك المحاور قد تخرجين بفائدة أرجو أن تساهم ولو جزئياً في حل مشكلتك هذه المحاور هي أنت كزوجة وزوجك والعوامل الخارجية المحيطة بكما كزوجين وأخيراً العلاقات والروابط المشتركة بينك وبين زوجك.
قد يتبادر لذهن كثير من الناس أن وجود مثل هذه المشكلة إنما يتمثل بسبب الزوجة كعامل رئيسي لوجود مثل هذا الفتور في العلاقات الزوجية فالزوجة هي الملومة الأولى في مثل هذه الحالة فالحياة الروتينية رسّخت عندها عدم المبالاة في مراعاة زوجها ومراعاة مشاعره ورغباته.
هذا الروتين وخصوصاً بعد هذه المدة الزمنية المديدة ووجود الأطفال جعلها أقل حرصاً على التجمّل والتفنن إن صح التعبير في عرض جمالها ورونقها لزوجها لتجذبه إليها وتجعله مشغوفاً بها على الدوام بحيث لا يجد السأم إليه طريقاً ولا يرى الملل إليه مسلكاً ينبعث من خلاله عند فئة من الناس الزوجة هي المفتاح الجاذب والماسك في نفس الوقت لزوجها فإن شاءت أرسلته وتركته وإن شاءت احتفظت به فلا تراه يشغف تفكيرها.
أيضاً قد يرى آخرين أن الزوج إنما حصل له مثل هذا الفتور في العلاقات الزوجية هو نتيجة طبيعية لإتباع نفسه هواها، فإطلاقه البصر والنظر إلى ما حرم الله ومشاهدة الأفلام الهابطة وبعض القنوات الفضائية وما تعرضه من صور رخيصة جعلته يزهد فيما عنده من الحلال، بل أصبح لا يجد تلك اللذة والسعادة الزوجية التي كان يراها ويستمتع بها في السابق، وهنا يجب أن أشير إلى أن هذا لا يعني أن كل بروديه في العلاقات الزوجية عند الأزواج إنما مردّها إلى هذا السبب، لا، بل هناك أسباب أخرى عديدة ولكن هذا السبب موجود لدى عينة غير صغيرة في مجتمع الرجال.(18/198)
الصراحة والمكاشفة بين الزوجين هما في نظري الحل الناجح والأجدر بالعمل به لكل زوجين أرادا أن تدوم الألفة والمحبة بينهما، ولكن المشكلة أن هذه الوسيلة هي في حد ذاتها مشكلة تحتاج إلى حل. إذا أنها غائبة تماماً عند كثير من الأزواج. المصارحة والمكاشفة بين الواحد والآخر هي مع الأسف آخر ما يمكن أن يفكر في طرقه وعمله كل من الزوج والزوجة، يأخذ الزوج أو الزوجة على خاطره ويتعب على الآخر وربما يتضايق من تصرف معين أو عادة يقوم بها أحدهما باستمرار ولا تجد الآخر يحاول مكاشفتة فيها، أصبح كل منها مخزوناً مليئاً بكل نقد وعتب على الآخر ولكن وبسبب معين أو لجدار وهمي ساهم في بنائه كل منها على مرّ الزمن لا يستطيعان أو قل لا يملكان القوة والشجاعة الكافية التي تمكنهما من مصارحة إحداهما الآخر بما يجد في نفسه عليه. وكنتيجة طبيعية لهذا العمل نجد أن هذا المخزون من العتب والسأم يتحول وبطريقة لا إرادية إلى أشكال مختلفة من التصرفات والنزاعات وربما المشاجرات بين الزوجين، كثير من حالات الخصام والشجار بين الزوجين تبدأ بسبب تافه وبسيط ربما يخجل كل منهما حتى الإفصاح عنه فيما بعد لتفاهته وصغره وهو في الحقيقة إنما هو قناع حاول كل من الزوجين تفريغ ما في جعبته من شحنات العتب التي طالما تكدّست عندهما من خلاله فما برح أن أنفجر حالما وجد فرصة ولو بسيط أو سامجة إن صح التعبير ليكون بذلك بذرة وبداية لنزاعات يجر بعضها بعضاً.
إذا الحل كما أراه أنا ويراه كثيرون غيري والمتمثل في الحوار والمصارحة والمكاشفة إنما هو مشكلة بحد ذاته وذلك في غيابه التام عن الساحة الزوجية وبعده الساحق عن العلاقة الزوجية المتردية، ولذلك فإني أنصح أختي السائلة وأرشدها في أن تبدأ في مد خطوط المكاشفة مع الزوج وأن تبدأ في بناء حلقة مناقشة جادة هادئة وتشييد حوار صريح ولطيف مع زوجها تحاول فيه من التعرف على مكمن الخلل الحاصل لهما في علاقتهما الزوجية، وبالطبع فإن للمصارحة والمكاشفة الزوجية والحوار بينهما آداباً وسلوكيات يحسن بك أختي الإلمام بها ولعلي أرشدك إلى محاضرة نفسية في هذا المجال للشيخ عبد العزيز المقبل هي بعنوان " لا صداع مع الجوار " وفيه تعرض الشيخ لهذه المسألة باستفاضة وشمول أرجو أن تجدي فيها الفائدة وما يعينك في مهمتك القادمة.
أمران أخيران أود التنبيه إليهما قبل أن أنهي هذه الاستشارة:
- أولاً: إياك أن يأتيك الشيطان ويوحي إليك أن سبب عزوف زوجك عنك هو بسبب إنجابك أو نوعية إنجابك فيوحي إليك بامور قد تتعبك من الناحية النفسية وهي ابعد ما تكون عن الواقع!! ، إنك يجب أن تعلمي وتؤمني أن هذا كله بأمر الله وحكمته ولا يسع المؤمن إلا الرضى بما قسمه الله
- الأمر الآخر: وهو شائع جداً بين الناس وهو إرجاع مثل هذه المشاكل الزوجية القائمة بين الأزواج لظروف خارجية مثل العين والحسد والسحر، نعم هناك مشاكل زوجية سببها هذه الأشياء ولكنها محدودة جداً بحمد الله، فلا يسعنا كزوج وزوجة أن نجعلها شماعة نعلق عليها كل ما يدّب بيننا من خلافات ونزاعات.(18/199)
إن العين والسحر أصبحت لدى كثير من الأزواج والزوجات المفر السهل والمخرج الأقرب الذي يخرجون به من أخطائهم ويهربون من خلاله ومن مواجه المصاعب ويزيد الأمر سوءاً وتعقيداً إذا رُمي به إنسان بري فاعتقد أحد الزوجين أن فلاناً سحره أو فلاناً حسده بعين وهو في الحقيقة بريء من ذلك براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.
قبل الخوض في مسألة العين والسحر وهما حق بلا شك يجدر بالزوج أو الزوجة أن يتغوص كلٌ في نفسه ويصارح شريك حياته فربما توصلا إلى حل ناجح يقطعان به وساوس الشيطان واتهام غيرهم من المسلمين.
والله ولي التوفيق.(18/200)
هل أنا فاشل.. كزوج؟؟!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية
التاريخ 1/3/1422
السؤال
أنا شاب عربي تزوجت حديثاً على سنة الله ورسوله.. وكان حفل زفافي ولله الحمد خال من كل المنكرات.. كان حفلاً سنياً حسب الشرع.. والمشكلة بدأت عندما أردت معاشرة زوجتي.. فشلت رغم أنني كنت مستعداً ومهيئاً حتى اللحظات الأخيرة..!! ولكن ما أن هممت باستكمال الأمر كما يفعل الأزواج.. حتى شعرت بالفتور.. وفشلت.. وتكرر الفشل مرة أخرى.. ولي حتى الآن حوالي عشرة أيام.
وقد أفادتني زوجتي بأنها استعملت سحراً في صغرها حتى لا يقترب منها أي رجل.. وكان هذا السحر متمثل في شربها من عين ماء كان يشاع أنها مسكونة بالجن.. أفيدوني مأجورين.. فأنا في حيرة واضطراب..
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. وبعد:-
أخي الكريم.. اشكر لك ثقتك.. واسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.. بالنسبة لاستشارتك.. فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: ما تعاني منه.. ليس أمراً جديداً.. بل أنه يتكرر كثيراً في بدايات الحياة الزوجية لعدد من الأزواج وغالباً ما تنتهي المشكلة بعد وقت فيتم الأمر وتسير سفينة الحياة على أكمل وجه.
ثانياً: غالب الأسباب هنا ((نفسية)) في بداياتها.. بمعنى أن الزوج يكون متحفزاً بعض الشيء لإتمام هذا الأمر.. أو متخوفاً من فشله فيه.. فيفشل فعلاً..!!! وبعد فشله في المرة الأولى.. تهتز ثقته في نفسه.. فيتوالى الفشل.. وتستمر المعاناة.
ثالثاً: الحيثيات التي ذكرتها بالفصيل تؤكد أن المشكلة هنا نفسية..!! وبفضل الله أنها مسألة بسيطة.. وستتجاوزها - بعون الله - عاجلاً فيجب عليك أن تثق بنفسك وتستعين بربك.. وتتأكد أن المسألة مسألة وقت.. وتنتهي المشكلة.. فأسترخ تماماً.. ولا تتحفز أثناء اللقاء.. وضع أمام نفسك حقيقة الآلاف الذين مروا بهذه المشكلة وتجاوزوها.
رابعاً: يجب على زوجتك أن تتفهم الوضع.. وتقدره.. وتعينك.. وتيسر الأمر لك.. قبل الاتصال وأثناءه ولا تستعجل النتائج.. صدقني - بإذن الله - ستتجاوز هذا الأمر.. فتعامل معه بشكل عادي.. وثق بالله ثم بنفسك - كما أسلفت - فهذا أمر ضروري وهام.. ثم احفضا هذا الأمر بينك وبين زوجتك.. وسيجعل الله بعد عسر يسرا.
خامساً: أما حكاية السحر.. وشربها من العين.. فهذا من توهيمات الشيطان وتلبيسه عليكما.. فاجعلا إيمانكما بالله ويقينكما.. أقوى من ذلك.. واستعيذا بالله من كيد الشيطان وهمزه ولمزه.. إن كيد الشيطان كان ضعيفا.
سادساً: لا تنسى أخي الكريم الالتجاء إلى الله بالدعاء الصادق بأن يعينك ويوفقك.. وتحر في ذلك مواطن الإجابة.. أثناء السجود.. وأدبار الصلوات.. وآخر الليل.. والله تعالى قريب مجيب.. يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
سابعاً: لا بأس أخي الكريم من استشارة طبيب مختص - إذا أردت - ليشرح لك ولزوجتك الأمر.. ويبسطه بوضوح وقد يقترح عليك بعض الأدوية.. أو غيرها وفقك الله وأعانك.. وسدد على طريق الخير والحق خطاك..(18/201)
إعراض الزوجة. . ما الحل؟
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية
التاريخ 24-12-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..
فإني أشكو لكم وضعي مع زوجتي، فهي لا تقصر معي في التعامل إطلاقاً وأنا أحبها، ولكنها ليس لها رغبة في الجماع وهذا ليس أحياناً بل على الدوام، وهذا الأمر يضايقني جداً علماً أنني متزوج منذ سنتين ولم نُرزق بمولود، فهل يحق لي الطلاق والزواج من أخرى لهذا السبب؟ أشيروا عليَّ جزاكم الله خيراً.
الجواب
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم"
أما التعدد فلا يملك أحد أن يحرِّمه عليك أو ينهاك عنه وقد أذن لك بذلك ربّك، وأما الطلاق فلا، والمشكلة لا تحتمله، فهي أهون بكثير من أن تدفعك لطلاق امرأتك، ومجرد تفكير الزوج بالطلاق من أجل هذه المشكلات الصغيرة يدل على أنه ليس به طاقة على الصبر والحلم والأناة، وإذا كان الرجل تهزمه هذه المشكلات الصغيرة كل مرّة فليعلم -إذن- أنه لن تستقر معه امرأة على حياة. فما من امرأة إلا وفيها نقص وعيوب.
ولو أن كل زوج طلق امرأته متى رأى فيها عيباً خُلقياً أو خَلْقياً لما بقيت زوجة مع زوجها. والطريقة الصحيحة التي ينبغي أن يأخذ بها الزوج حينما يرى شيئاً من هذه المشكلات والمنغصات أن يسترشد بما أرشد إليه الحبيب -صلى الله عليه وسلم- في قوله:"لا يفرك -أي لا يبغض- مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر" أخرجه مسلم (1469) .
فإذا رأى الزوج في زوجه شيئاً من العيوب والنقص، فليتأمل ما يرضاه منها من خَلق أو خلُق، فذلك أدعى ألاّ يبغضها فضلا عن أن يطلقها، اللهم إلا ما يعيبه عليها من العظائم التي تمس الدين والعرض. وإني لأعجب من هذا الذي تراوده نفسه بطلاق زوجته في الوقت الذي يزعم أنه يحبها وأنها لا تقصِّر في حقِّه، فإن هذه نعمة كان ينبغي أن يقابلها بالشكر لا بالكفر، وبالعرفان لا بالنكران، فاحمد الله -يا أخي- واشكره على هذه النعمة، وأمسك عليك زوجك واتق الله.
ولا ينبغي أن تفهم من هذا أننا ندعوك إلى أن ترضى بهذه المشكلة وتستسلم لها فلا تلتمس لها حلاً، كلاّ! ولكننا ندعوك إلى أن تكون أكثر نضجاً وعقلاً وأناة من أن يطيش عقلك لمثل هذه المشكلات الصغيرة فلا ترى لها حلاً إلا الطلاق، وبئس الحل هو، لا سيما وأنت حديث عهد بالزواج، والسنة والسنتان نحسبها أقصر من أن تبلغ بالمشكلة درجة الميؤوس منه الذي يستعصي على العلاج.
وقبل أن نلتمس وإياك حل هذه المشكلة ينبغي أن تتفهم طبيعة المرأة وتكوينها النفسي والجسدي، فإن المرأة يغلبها الحياء، لا سيما في أول سني الزواج، ورغبتها في الجماع أقل من الرجل، واستجابتها لمؤثرات الشهوة أبطأ وأضعف منه، وبخاصة إذا كانت صغيرة، ولذا فهي محتاجة إلى المقدمات الممهدات من المداعبة والملاطفة حتى تتهيأ رغبتها لذلك.(18/202)
فمن الخطأ المبين، بل ومن الأثرة أن ينزو الرجل على امرأته متى اشتهى بلا مداعبات ولا ممهدات من تهيئة جو الرومانسية المرغِّب، كما ينزو الفحل على بهيمته، حتى إذا قضى منها وطره ولّى مدبراً ولم يعقب!.
ولنكن أكثر صراحة ووضوحاً: فنحن أحياناً نشكو من أزواجنا بعض الأمور، ولو أنصفنا أنفسنا من أنفسنا وأنصفنا منها أزواجنا لوجدنا أن هذا الذي نشكوه منهن إنما هو نتيجة مباشرة لتقصير وخلل يشكونه منا أزواجنا.
وما يدريك -أخي- أن هذا الذي تشكوه أنت من زوجك يقابله خلل وتقصير تشكوه منك زوجك؟ فحتى تأخذ لا بد أن تعطي، وحتى تستمتع لا بد أن تُمتِّع.
فتفقَّد طريقتك في هذا الأمر الذي لا تجد لزوجك فيه رغبة، وتزيّن لها كما تحب أن تتزين هي لك، ولا تجعل قضاء وطرك واستمتاعك بزوجك مثل قضاء حاجتك -أعزك الله-، فإذا بذلت جهدك في ذلك وعجزت فلا مانع من أن تلجأ أنت وزوجتك إلى طبيبة تناسلية أو طبيبة نفسية ربما تكشفه ما لا تكشفه أنت.
أسأل الله أن يسددك ويهديك، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/203)
البرود الجنسي
المجيب سعد الرعوجي
مرشد طلابي بثانوية الأمير عبد الإله.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية
التاريخ 8-6-1424
السؤال
أنا سيدة متزوجة منذ ما يقارب أربع سنوات وزوجي ولله الحمد ذو خلق عالي يحبني وأحبه ولكن مشكلتي معه منذ الشهر الأول للزواج أنه بارد جنسيا، وقد يمر تقريبا ما يقارب الشهرين لا يقربني وقد تناقشت معه كثيرا في هذا الموضوع مما دفعه للذهاب إلى الطبيب واستشارته وعمل التحاليل اللازمة لذلك وكانت النتيجة سلامته عضويا المشكلة الآن أن زوجي لا يعطي للموضوع أهمية ووضعني أمام حلين لا ثالث لهما إما أن أرضى بهذه الحال وأتكيف نفسياً وطبعياً عليها وإما الانفصال، طبعا أنا فضلت الحل الأول ولكنني لا أعرف كيف أستطيع أن أكيف نفسي على ذلك ولقد سمعت كثيرا عن المتزوجين والعواطف بينهم والأجواء المشاعرية والذكريات الرومانسية ولم أجرب هذه الأمور. أرجوكم أن ترشدوني.
الجواب
أختي الكريمة ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
من المألوف أن تشكو بعض النساء أن أزواجهن المسنين لديهم عنة والعنة هي ضعف في أداء الوظيفة الجنسية لكن غير المألوف أن تشكو زوجات صغيرات في السن من نفس الشكوى وأزواجهن لا يزالون في مقتبل الشباب والإجابة هنا يجب أن تكون بعد إجراء فحص دقيق واستكمال المعلومات والحصول على إجابات لعدة أسئلة توجه للزوج والزوجة كلٌّ على حده لأنه أحياناً قد يخجل أحد الطرفين أن يعترف بالحقيقة أمام شريك حياته وربما كان في هذه الإجابة الحل الشافي لهذه المشكلة.
أما أسباب العنة والضعف بشكل عام فيقول المختصون هناك أسباب عضوية وأسباب نفسية وأخرى اجتماعية.
الأسباب العضوية لا مجال لبحثها لأن زوجك كما تقولين أثبت الفحص الطبي سلامته أما الأسباب النفسية منها ما يعود للرجل ومنها ما يعود للأنثى ونحن هنا نتناقش حال زوجك
وقد ذكر الدكتور رمضان حافظ في كتابه "كيف تسعدين زوجك وتحافظين عليه" عدداً من الأسباب المختلفة
فمن الأسباب النفسية لدى الزوج ربما:-
1-كثرة الضغوط والمشاكل الاجتماعية التي تواجه الزوج.
2-العجز المالي المستمر أو المؤقت ووجود ديون يجب سدادها.
3-شعور الرجل بالضعف أو النقص أمام زوجته الأرقى علمياً أو مالياً أو اجتماعياً وعدم إحساسه بالتكافؤ
4-السمنة الشديدة أو الهزال الشديد.
5-جهل الزوج بالعلاقة الجنسية الصحيحة.
6-الإصابة بالأمراض النفسية كالاكتئاب أو العقلية كالانفصام.
7-وجود عقدة نفسية في زمن الطفولة له أو المراهقة.
8-الانحراف الجنسي ولعل هذا بعيد عن زوجك إن شاء الله.
وهناك أسباب تكون المرأة وراءها مثل:-
1-جهل المرأة بالعلاقة الجنسية ونفورها منها بطريقة مستمرة.
2-قذارة المرأة ووجود رائحة كريهة من جسدها أو فمها أو فرجها أو ثيابها.
3-كثرة انتقاد المرأة لطريقة الرجل في الممارسة وتوجيهه قبل وأثناء وبعد الممارسة.
4-كثرة طلبات المرأة المالية لزوجها قبل وأثناء الجماع.
5-جرح المرأة لكرامة زوجها وتعييره بالعجز والقصور.
6-استفزاز الزوج حين يعود من العمل واختلاق النكد.(18/204)
7-إظهار الشفقة على الزوج حين يفشل أو يعجز عن إتمام ما بدأ عند الجماع.
8-ارتداء ثياب داخلية غير نظيفة وغير جذابة كالتي ترتديها العجائز والأمهات.
9-المبالغة في التمنع والتهرب حتى يمل الزوج وينام.
10-محادثة الزوج بلغة الأمر والنهي كما كانت تصنع أمه.
11-الزوجة المتسلطة أو سليطة اللسان.
12-الانحراف الجنسي
13-وجود عقدة نفسية منذ الطفولة أو المراهقة.
هذه الأسباب نحن نذكرها ولا يلزم وجودها ولكن هذا تساؤل موجه للزوجة حتى تحيط بالمشكلة من جميع جوانبها.
أما الأسباب الاجتماعية فهناك أسباب ربما أدت إلى مثل هذا الضعف الجنسي.
ونستعرض على عجالة بعض الأسباب الاجتماعية مثل
1-ضيق المسكن ونوم الأطفال الصغار مع آبائهم وأمهاتهم في نفس الغرفة.
2-وجود الجد أو الجدة في البيت باستمرار مع الزوجين مما يقلل فرص العواطف إلا في داخل الغرفة.
3-وجود مشاكل أسرية بين الزوج وأهل الزوجة أو العكس.
4-عدم الشعور بالأمن والاستقرار في السكن.
وهكذا تتعددالأسباب وتتنوع وقد قالوا:"إذا عرف السبب زال العجب" لذلك عزيزتي الزوجة ابحثي مع زوجك عن سر عدم وجود متعة بينكما، ناقشي الأمر بصراحة ولا خجل فلا حياء في الدين ولا حياء في طرح موضوع حيوي مهم يهم علاقتكما.
واستشيرا طبيباً متخصصاً في الأمراض الجنسية أو النفسية واحذرا الدجالين والنصابين والمرتزقة الذين يدعون أن العمل والسحر والجان هم السبب وحدهم وراء مشكلتكم وأنهم قادرون على علاجكم فالعنة داء لها دواء بإذن الله عند أهل الخبرة والاختصاص.
وفقكم الله لما يحب ويرضى,,,(18/205)
زوجها يهجرها في الفراش
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية
التاريخ 21/11/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لي صديقة متزوجة منذ سنوات طويلة، ولم تنجب أطفالاً، والسبب من الزوج، ومنذ عدة سنوات هجرها في الفراش، ولم يعد يكترث بها ولا بحقوقها الزوجية، فعلت معه كل شيء كي ترجعه إلى سابق عهده، لكن دون جدوى، لاحظت اهتمامه بشاب معين، فركبها الشك في علاقته به، نظراً لاهتمامه الشديد وتعلقه به، واكتشفت منذ أيام قليلة رسالة بخط يد زوجها تصف جمال ذلك الشاب، وكلام خطير لا يصح أن يذكر من شخص مثله، ويدل عن شذوذه الجنسي.
لا تدرى صديقتي إلى من تلجأ؟ فالكل لن يصدقها، وهي عازمة على الطلاق من هذا الشخص، فطلبت مني، كتابة هذه الرسالة لفضيلتكم لاستشارتكم في هذا الأمر، وحكم الشرع في هذه الكارثة. جزاكم الله خيراً، وبارك الله فيكم.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ما تتعرض له صاحبتك بلاء يستوجب الصبر والالتجاء إلى الله - تعالى -، فإنه نعم المولى ونعم النصير، والصبر ليس خاصاً بمصيبة الموت أو المرض، ففقد فرصة الإنجاب وما وصفت به علاقة زوجها بها مؤخراً من الهجران مدة طويلة، والتقصير في حقوقها الزوجية، وما تتهمه به من علاقة غير سوية تشير إلى تعرض زوجها لموجة من (مرض القلب) ، وما قد تشعر به لاحقاً من فقد زوجها الذي عاشت معه زمناً طويلاً، وربما تملُّكها مشاعر المحبة التي يزرعها الله في قلب الزوجين غالباً، كل ذلك يستدعي احتساب الأخت الأجر عند الله، فإن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، والإيمان نصفان: نصفٌ شكر، ونصفٌ صبر، وقد ذكر الله الصبر في القرآن في نحو تسعين آية، نسأل الله أن يربط على قلبها. والذي يمكن قوله مما يمكن الأخت أن تعمله أمران:
(1) أن تطلب الانفصال عن زوجها، ما دام أن مشكلة عدم الإنجاب من جهته، وأنه أضاف إلى هذا العيب تقصيره في حقوقها وهجرانها، وفي هذه الحالة ليس بالضرورة أن تذكر للناس شيئاً عما لاحظته من سلوكه المريب بذلك الشاب، سواء توقعت تصديق الناس لها أم لم تتوقع، وإنما تركز على الأسباب التي عادة يتقبلها الآخرون ويعرفونها، وهي كافية شرعاً وعقلاً للانفصال، نرجو الله أن يخلف لها خيراً منه.
(2) في حالة رفضه طلب الانفصال يمكنها مصارحته بما لاحظت من سلوكه، مما لا يتفق مع السلوك الشرعي العام.(18/206)
(3) أن تجتهد في مناصحة زوجها وتنبيهه على المسلك الخطير الذي وقع فيه، وسواء كان ذلك مشافهة أو مراسلة، أو عن طريق إيصال بعض المواعظ المكتوبة أو المسموعة إليه، أو تخويفه في مرحلة متأخرة بالتشهير به، وتنبيه الناس على عدم الاغترار به، وسواء كان ذلك قبل الانفصال أو بعده؛ لأن الهدف هو إنكار المنكر الذي وقع فيه، وإصلاح حاله، وقد كتب الإمام ابن القيم - رحمه الله- في بلية زوج صاحبتك كتاباً مطولاً باسم: (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) ، وقد يوجد باسم آخر: (الداء والدواء) ، وقد تستعين الأخت كما استعانت بك بعد الله، بمن يناصح الزوج وينبهه ويعظه. وأسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العافية واليقين.(18/207)
دخل بها منذ أشهر ... ولكن لا تزال بكراً
المجيب د. فاطمة الحيدر
طبيبة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية
التاريخ 12/09/1425هـ
السؤال
منذ ثلاثة أشهر مضت وأنا متزوج في ظاهر الأمر، حيث إن زوجتي -إلى الآن- ما تزال بكراً؛ وذلك بسبب خوفها الشديد، علماً أنني ذهبت بها إلى طبيبة نفسية، ولكن لا جديد, كثيراً ما تبكي هي لهذا السبب، وتطلب مني السماح، فهي تخاف من ذنب قد يصاحب غضبي، فهي مقرَّة بذنبها، فما حكمها؟ وكيف لي أن أتصرف؟ فقد مللت، علماً أننا نحب بعضنا كثيراً. وشكر الله لكم.
الجواب
قد يواجه بعض الأزواج صعوبات في بداية الحياة الزوجية فيما يتعلَّق بإتمام ونجاح العلاقة الخاصة؛ وهذا يرجع إلى عوامل كثيرة، لعل من أهمها التصور المسبق لما ستكون عليه شخصية الزوجين، ومستوى القلق لديهما مردُّه إلى معلومات خاطئة عن العلاقة نفسها وكيفيتها، وعن فشل المحاولة الأولى، ومدى استقرار الحياة الزوجية بين آباء وأمهات الأزواج الجدد، وغير ذلك.. هذه الصعوبات لا تعني بالضرورة فشل الحياة الزوجية، أو عدم تقبُّل الطرفين لبعضهما، في مثل هذه الحالات ينصح بالتركيز والاهتمام والاستمتاع بجوانب الحياة الزوجية الأخرى، وألا يكون الهم الوحيد هو هذه الصعوبة، وكيفية حلها، كذلك الاعتقاد الداخلي بأن هذا الأمر عارض وسيزول - بإذن الله تعالى-، والطمأنينة والاسترخاء، وتقليل مستوى القلق بطرق مختلفة، لعل أهمها الصلاة والدعاء، يضاف لها برامج الاسترخاء المتعددة.
إن استشارة مختصين في هذا الأمر - لا شك أنه أمر هام-؛ إذ يعطي المستشار توصيات حول المهارات الزوجية لكلا الزوجين، مع برامج سلوكية لتخطي هذه الصعوبة، أود أن أطمئنك بأن النجاح غالب - بإذن الله-، وأقترح التواصل مع العيادة النهارية النفسية بمستشفى الملك عبد العزيز الجامعي. والله الموفق.(18/208)
زوجته تهجره في الفراش!
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات الجنسية
التاريخ 22/10/1424هـ
السؤال
أنا متزوج ولي عدد من الأبناء وزوجة صالحة، لكن هناك مشكلة منذ أكثر من سنة احتملها طيلة هذه الفترة، ولكني لم أعد أحتمل، وهي أن زوجتي تتمنع عني طول الوقت، فإذا رغبت في جماعها أكثر من مرة في الأسبوع رفضت وبشدة، حاولت أن أفهمها أكثر من مرة أن هذا حرام شرعاً، لكنها على موقفها منذ هذه المدة، ماذا أفعل وأنا أريد أن أجامعها كل يومين على الأقل؟ هل أجد الإجابة عندكم أفادكم الله؟ جزاكم الله عنا والإسلام خيراً.
الجواب
لعل من أكثر ما يعكر على الزوجين هو ضعف احتواء أحدهما للآخر جسدياً، وعدم قدرته على إشباعه جنسياً، والذي من صوره البرود الجنسي وضعف الاهتمام به، إلى الضعف في ممارسته أو الاستعجال فيه قبل استتام نهمة الآخر، وقد يحتمل ذلك بادئ الأمر، ولكنه إذا تكرر يتسبب في إيجاد حالات من البرود العاطفي بين الزوجين، واندلاع الشجار لأدنى مشكلة.
ولسنا بصدد تعداد آثاره، فالغالب على الظن إدراك أحد الزوجين لأبعاد المشكلة بمجرد الإشارة إليها، إلا أني أردت التعبير عن الاتفاق في أصل المشكلة.
ولحل مشكلتك نشير إلى أن جزءاً من المشكلة، في أحيان ليست قليلة، هي من الزوج نفسه، وعليه أن يتحرى هو عن أسباب تهرب زوجته منه، فربما يكون الزوج يتسبب في شيء من إيذائها، أو لا ينصف من نفسه، بحيث يفرغ هو من عملية الجماع قبل أن تفرغ هي، فترى في هذا الفعل شيئاً من الأنانية الذي يدعوها للقسوة عليه، أو أنه يقلل من الاهتمام بالتزين لها خلال الأيام التي تسبق عملية الجماع، أو لضعف في معززات المحبة بينهما، فالتقبيل نوعان: نوع شهوة وهو ما يحدث في مقدمات الجماع، ونوع معزز للمودة بين الزوجين، وهو الذي وردت به السنة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقبل عائشة - رضي الله عنها- قبل خروجه من بيته، وبعد وضوئه ... فليس هذا من تقبيل الشهوة بل هو معزز للعلاقة السامية بين الزوجين، وإهمال مثل هذه المعززات يؤثر سلباً على نفسية الزوجة التي قد تجد في التمنع عن الزوج نوعاً من العقوبة والتأنيب.
ومع ذلك فإن عملية المعاشرة بين الزوجين ينبغي أن يتعامل معها على أنها حلقة عاطفية من أولها إلى آخرها، وليست عملية آلية كإعداد أكلة أو تجهيز غرض ما، وبالتالي فليس بالضرورة أن يطلب الزوج من زوجته ذلك أو أن تستعد لذلك، بل يبادئها به من خلال عمليات استثارة، وربما دون أن يسبق ذلك أية إشارة لرغبته في ذلك، حتى تجد نفسها راغبة فيه.
هناك فروق بين استثارة شهوة الرجل واستثارة شهوة المرأة، فالرجل غالباً تكون استثارته بالتفكير في الأمر إلى مجرد البدء بمقدمات الجماع، في حين أن المرأة تحتاج إلى وقت أكبر حتى تستجمع عاطفتها لذلك، وهو ما يؤكد على ضرورة تحلي الزوج بقدر من الصبر في الوصول إلى هذه الحالة.(18/209)
من الفروق بين الجنسين في عمليات الجماع، أن الرجل يهدف من الجماع إلى العملية نفسها، في حين أن المرأة ترى أن في العملية نوعاً من المحفز للزوج ليحقق لها الإشباع العاطفي الذي تتلقطه من خلال الضم واللمس والتقبيل، وأهم من ذلك التعبيرات الدافئة عن المشاعر العاطفية.
يجهل بعض الأزواج شيئاً من أدبيات الجماع الناجح، مما يجعل في ممارسته شيئاً بارداً غير مرغب (محمس) لمعاودته، والمقترح في ضوء ما أفاد به السؤال، ما يلي:
(1) أن تحاول استثارة الزوجة بطريقة غير مباشرة (دون أن تطلب منها الاستعداد لذلك) ، فتغتنم الاجتماع بها على الفراش في التحدث عن مودتك لها وسعادتك بالاجتماع معها في بيت واحد، وتقبلها تقبيلات حانية بادئ الأمر.
(2) أن تزيد من ثقافتك بما يتعلق بعوامل نجاح الجماع، ونقترح عليك الإفادة من كتاب (تحفة العروس) للأستانبولي، فإنه تحدث عن ذلك بأسلوب مؤدب لا يخدش الحياء.
(3) استفد من الأوقات التي تقبل فيها الزوجة على هذا الأمر، كبعد منتصف الشهر أو بعد حضورها مناسبة زواج أو نحوها، وحاول أن تتأخر عن الجماع، وإذا وجدت منها إقبالاً جاداً فقدّم لها بطريقة غير أستاذية بعض ما وقفت عليه لتحقيق جماع مشبع.
(4) قد تكون زوجتك تعاني من مشكلة البرود الجنسي، وحينئذ سيكون الأجدر بهذا السؤال هو الجهات الطبية.
والله نسأل أن يجمع بينكما على البر والتقوى، وأن يجعلكما قرة عين لبعضكما.(18/210)
هل أطلقها لأتزوج بأجمل؟!
المجيب عبد الإله بن سعد الصالح
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 18/05/1427هـ
السؤال
زوجتي لا تناسبني ولدي طفلة منها، والآن مضت سنتان من زواجنا، أريد الزوجة الجميلة ذات الخلق، والجمال من باب العفة، فما رأيكم في ذلك؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فمن المعلوم أن الكمال عزيز، وأن النقص من لوازم البشر في الطباع، والأخلاق، والخلقة، ثم انظر من حولك.
هل تحقق لهم ما يريدون في هذه الحياة، في الزوجة، والولد، أو المكسب.. إلخ مما يحتاجه ويتمناه الإنسان في الحياة.
لكن هناك أسس هامة في إختيار المرأة قد وضحها لنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهي الباقية مع الزمن والصالحة له، قال صلى الله عليه وسلم: " تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" صحيح البخاري (5090) ، وصحيح مسلم (1466) . فالدين الذي يشمل المخافة من الله في الزوج، وحسن المعاشرة له، والعمل على تربية الأبناء وإعطاء الرجل حقوقه، وحفظها لنفسها وأولادها في حال غربته ... إلخ من الصفات التي لا يمكن أن تجتمع إلا لمن كانت متدينة، فهذا الذي أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم.
- أخي الكريم كم رجل سعد بجمال زوجته لفترة من الزمن ثم كان ذلك وبالاً عليه، لم يجد للحياة سعادة بسبب قلة الدين حينا، والغرور أحيانا.
- إن كانت زوجتك وأم ولدك لا ينقصها إلا ما ذكرت فهذا ليس عيباً بل حافظ عليها وعلى بنتك حتى تكون في رعايتكما وبين حنانيكما، فأنت مسؤول عن ذلك.
- وإن وجدت رغبة ملحة في الزواج من أخرى وأنت قادر على العدل، فأقبل على الزواج مستعيناً بالله. وفقك الله.(18/211)
اشعر أني غريب عن زوجتي!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 20/4/1422
السؤال
أنا متزوج منذ عشر سنوات وكان عمري 17 سنه وعندي ولدان وبنت والمشكلة التي أعاني منها هي عدم الراحة النفسية مع زوجتي مما أدى إلى جفاف العلاقة بيننا إلى درجة كأني غريب عنها وهي غريبة عني مع أنها حاولت بكل الطرق إصلاح هذه المشكلة ولكن بدون فائدة ويعلم الله أنها امرأة صالحة ولم تضيع أي حق من حقوقي طوال هذه الفترة التي قضيناها مع بعضنا وهي لم تحصل إلا على القليل والقليل جداً من حقوقها فارجوا من الله ثم منكم الرد على هذه المشكلة التي أعاني منها من 9 سنوات والله يحفظكم ويرعاكم.
الجواب
أخي الكريم:.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ((عدم الراحة النفسية)) عنوان كبير وعرض - ربما - مرضي لأسباب كثيرة ومتفاوتة من حيث الوضوح والحدة والعمق!! ولكي نعرفها نحتاج إلى تفاصيل كثيرة تتعلق بحياتك الخاصة والعامة وطبيعتك وعلاقاتك مع الآخرين، ومستوى دخلك وما إلى ذلك من تفاصيل قد تراها أنت بعيدة عن المشكلة ونراها نحن أساس المشكلة، لأن المشاكل النفسية أخي الكريم غالباً ما تكون نتيجة تراكمات وضغوطات كثيرة وممتدة تلبدت غيومها وتلاقحت عبر الزمن نتيجة لأسباب وتفاعلات كثيرة وأمطرت في وقت معين ظن صاحبها أن الوقت الذي أمطرت فيه تلك الغيوم هو السبب الحقيقي لها وهذا جزء من المشكلة ولكن ليس بالضرورة المشكلة كلها.
ولذلك فإنني ومن الحيثيات القليلة التي ذكرتها لواقعك اعتقد أن ما تعاني منه هو ((الملل)) .
ويعرف الملل بأنه حالة نفسية معينة تنشأ نتيجة لغياب الدافع وراء العمل أو النشاط الذي نقوم به أو بعبارة أخرى (قيام الفرد بمزاولة نشاط ينقصه الدافع أو استمراره في عمل لا يميل إليه ولا يرغبه، والنتيجة هنا قلة الاهتمام وضعف النشاط، وربما كراهية الزمان والمكان الذي يربطه بهذا العمل، وربما كره الإنسان نفسه وتلاشت همته وحماسه للعطاء بشكل عام فدخل من حيث لا يدري في دائرة مفرغة، ودوامة لا يعرف كيف يخرج منها.
فالملل أصلاً حالة (نوعية) مرتبطة كما أسلفنا بنشاط أو موقف أو شخص معين ولكنها قد تتطور بسببنا إلى حالة عامة نكره معها كل شيء، بدل أن نتفهم هذا الأمر ونضعه في إطاره الصحيح ونحاول أن نتعامل معه كما يجب.
بل على العكس من ذلك غالباً ما ترانا أدخلنا أنفسنا في دائرة الملل والحيرة وأغلقناها وضخمنا هواجسنا وحاصرنا أنفسنا وكرهنا ما حولنا ولن نعدم في كل الحالات إيجاد التبرير الذي نقنع به أنفسنا ونسقط أوجاعنا وأمراضنا على الآخرين ونعلق على مشاجبهم مآسينا التي وضعناها وصدقناها ولم نحاول أن نكون موضوعيين في تقديرها ووضعها في حجمها المناسب.
أخي الكريم ما سبق مدخل لواقع عام يعاني منه الكثيرين في أوقات متفاوتة بين مقل ومكثر ومنصف وظالم والأمور هنا نسبية وعلى أية حال فإنني أقف معك ومع واقعك الذي ذكرته عدة وقفات:(18/212)
أولاً - تأكد يا أخي أن الكمال عزيز وأنه لله سبحانه وتعالى وأنك إن وجدت في زوجتك ما تكره فستجد حتماً ما تحب فأنصفها من نفسك ولا تحملها ما لا تطق خاصة وأنها تسعى جاهدة - كما ذكرت - لإصلاح هذا الأمر والبحث عما يسعدك ويرضيك وأنها قد أدت إليك حقوقك ولم تضعها وصبرت على الحد الأدنى من حقوقها، فماذا تريد؟
ثانياً - إنصافك في عرض واقعك وذكر حسنات زوجتك يجعلني أثق بعقلك ومرؤتك ولذلك فإني أهنئك على هذه الزوجة الصالحة وادعوا الله لكما بالصلاح والفلاح وأن يعيذكما الله من نزغات الشيطان ثم أخبرك صادقاً أن حياتنا من صنع أفكارنا فحاول أخي الكريم أن تنظر للجوانب المضيئة من حياتك الزوجية، الأبناء، الأقارب، واجعل لك هدفاً سامياً وهو بناء أسرة مسلمة صالحة وغيِّر من روتينك اليومي، سواء في ذهابك وعودتك ونومك ويقضتك وزياراتك.. الخ.
ولا بأس من تغيير أو تجديد بعض الأثاث لكي تخرج من ذلك الروتين القاتل الذي سبب لك هذا الملل وعدم الارتياح، وقبل هذا وذاك تغيير كما أسلفت بعض أفكارك السلبية، والإقبال على حياتك وبيتك بروح متفائلة قدر الإمكان.
ثالثاً - تذكر أن الكثيرين لم يدركوا كل ما كانوا يتمنون بل أن الغالبية العظمى رسموا أحلاماً قبل الزواج وكان واقعهم غير متطابق تماماً مع ما رسموه، ولكنهم في الغالب كيفوا أنفسهم وسارت بهم سفينة الحياة بشكل هادئ رغم ما يعتري الرحلة أحياناً من منغصات وأمواج وعواصف فهذه سنة الحياة إلا أنها تسير.
رابعاً - مسألة ((جفاف العلاقة)) بينكما ربما احتاجت إلي تفصيل اكثر لمعرفة نمط الحياة بينكما، ومن المتسبب بهذا الجفاف، إلا أنني اعتقد أن ما ينقصكما هو الوضوح في طرح أفكاركما، والمصارحة بينكما في كثير من الواجبات والحقوق التي يريدها كلاً منكما من الآخر وأحملك أنت درجة كبيرة من هذا الأمر فتجب عليك المبادرة والوضوح والإنصاف في مثل هذه الجلسات لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، ولا تنسى أخي الكريم الدعاء الصادق بأن يصلح الله ما بينكما، ويهديكما لما فيه الخير والسداد.
خامساً - إذا لم تثمر كل تلك الأمور وصدقت أنت مع نفسك وبذلت ما تستطيع لمعالجة هذا الأمر من مختلف جوانبه، فالحمد لله في الأمر سعة ورخصة ((التعدد)) بشروطه وضوابطه المعروفة من العدل والإحسان والرحمة وعدم الجور والحيف بين زوجتيك وربما كان هذا الأمر أخف وطأة على زوجتك من (الهم) والإحساس بالذنب الذي وضعتها أنت فيه والعجز عن معالجة واقع ليست مسؤولة عنه بشكل مباشر، بل ربما انعكس ذلك الأمر بشكل إيجابي على حياتكما.
وفقك الله لما فيه الخير وأصلحك وأصلح لك.. وسدد على طريق الحق خطاك.(18/213)
جفاف المشاعر.. أحرقني!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 22/4/1422
السؤال
أنا امرأة متزوجه من رجل صالح ولله الحمد يكبرني ببضع سنوات ولكن مشكلتي أن ذلك الزوج جاف وكذلك عصبي عليّ أنا وأطفالي صحيح زوجي طيب ولا يبخل علينا ولكنه حرمني من أشياء كزوجة أشياء لا يمكن أن أجدها إلا منه مثل الكلام الجميل وللمسات الحانية فكل ذلك لا أجده إلا إذا أراد المعاشرة الزوجية فقط، لقد أصبحت أخاف على نفسي من الشيطان فأنا بحاجة تلك الأشياء كزوجة فإذا لم أجدها منه ماذا أفعل أقسم لك أني لو كنت أنا الرجل لتزوجت امرأة أخرى ولكن ما حيلتي وأنا امرأة فهل الجأ إلى الحرام والعياذ بالله حتى إذا تكلمت لا يصغي إليّ باهتمام، لقد فكرت في الطلاق ولكني بقيت من أجل أطفالنا فقط وليس من أجل زوجي لأن حياتنا أصبحت جافة جداً، لا تقل صارحي زوجك فلقد صارحته وأخبرته أنني بحاجة قربه مني ولكن لا حياة لمن تنادي فهو أن تغير تغير يوم ويرجع ودائماً أعطيه أشرطة نافعة , لا تقل ممكن أن أكون أنا السبب بل لم أٌقصر معه وهو يعترف بذلك فأنا دائماً أتزين له واهتم به، أنا حياتنا هذه أثرت حتى على أطفالنا، نسبت أن أخبرك أن زوجي أكثر ما يهتم بزملائه.
أرجوك أن تساعدني فهذه المشكلة أعاني منها أنا وكثير من النساء فنحن في كل يوم بل كل ساعة يقتل أزواجنا الحب الموجود في قلوبنا. آسف للإطالة وجزاك الله خيراً.
الجواب
أختي الكريمة.. اشكر لك ثقتك.. وأسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ولا يجعله ملتبساً علينا فنظل إنه ولي ذلك والقادر عليه.
بالنسبة إلى استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:-
أولاً: صدقيني أشعر بمعاناتك.. وما تجدينه.. تجده بكل أسف كثير من النساء من أزواجهن.. حيث ينشغل الزوج بتفاصيل الحياة.. ومشاغلها.. وينسى أحياناً بعض اللفتاة الحانية والكلمات العاطفية التي قد تعني لزوجته الكثير..!! وكثير منهم لو علم وتأكد ماذا تعني مثل هذه ((الأشياء)) البسيطة لزوجته.. لقالها وكررها عن طيب نفس.. ولكنها المشاغل وروتين الحياة والنظر للعلاقة الزوجية من زاوية واحدة.. وهي زاويته فقط..!! وربما نظر بعض الأزواج إلى ذلك الأمر نظرة ازدراء بحجة أن ذلك من أعمال المراهقين.. وأنهم قد كبروا عليه..!! فضعي هذا الأمر - أختي الكريمة - في هذا الحجم.. وانظري له من هذا المنظار.. حتى لا تحمليه أكثر مما يحتمل.. وتفسيره بأنه لا يشعر بقيمتك ولا تعنيه مشاعرك.. ولا أحاسيسك..!!
ثانياً: حاولي - أختي الكريمة - أن تنظري للجوانب الإيجابية من علاقتك بزوجك.. المنزل.. الأبناء.. الاستقرار.. الستر.. وغيرها الكثير.. وتذكري إيجابياته الصلاح.. الطيبة.. عدم البخل.... الخ.. وتأكدي أن الكمال لله سبحانه وتعالى.. وقد قال الشاعر:-
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها
كفى المرء فخراً أن تعد معايبهُ(18/214)
ثم تذكري.. بعد ذلك.. حال الآلاف من النساء اللواتي يعشن في كنف رجال ظلمة.. أو منحرفون.. أو مدمنون نسأل الله السلامة.. وتذكري من حرمت من الزواج.. ومن حرمت من الصحة.. أو من الإنجاب.. أو غير ذلك..!!
فذلك أجدر أن نتذكر نعمة الله علينا فنشكرها.
ثالثاً: لا تسمحي للشيطان - أعاذنا الله جميعاً منه - بأن يدخل في هذه الأمور..!! فهمه الإفساد ونشر الرذيلة وهدم الأسر العامرة.. وإثارة الشحنا والبغضاء.. بتكبير بعض الأوهام والنفخ فيها وتيئيس المرء ودفعه - ما استطاع إلى ذلك سبيلا - إلى مواطن الزلل ولن يعدم - قاتله الله - ألف حجة ليدخل من خلالها.. فيملأ النفوس الخالية.. هماً وغماً ويأساً وإفساداً.. فاستعيذي - أختي - قائمة وقاعدة من نزغات الشيطان وتلبيسه وتوهيمه.. [إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا] ..
رابعاً: فكرة الطلاق.. فكرة غريبة ... !! هذا ما يريده الشيطان وما يسعى إليه..!! ولماذا الطلاق..؟! وماذا بعده؟! وما هو البديل..؟!! وما ذنب الأولاد..؟! وأين التضحية..؟!! ثم هل وصلت الأمور إلى هذا الحد..؟!!
مهما كان.. فالأمر أسهل من ذلك.. صدقيني.. ولكن لا تتعاملي معه بكل هذه الحساسية.. وحاولي أن تتكيفي معه.. وافترضي أن الأمر أسواء من ذلك فكيف ستفعلين..؟! وتأكدي أن ملايين النساء في مختلف أنحاء العالم يعشن نفس المشكلة..!! ولا أبالغ فالغالب الأعم من الرجال ينسى.. بل ويلغي القاموس الرومانسي من ذاكرته بعد الزواج بفترة وجيزة..!!! ومع روتين الحياة وانشغاله بهمومها وتفاصيلها كما أسلفت.. ولكل منهم تبريره الخاص بذلك..!! ولا علاقة بين ذلك وبين نظرتهم لزوجاتهم عند الغالب منهم!!
خامساً: بعض النساء تتأثر كثيراً ببعض الروايات والقصص الرومانسية.. وتعيش في أجوائها.. وتحلق بعيداً عن الواقع..!!! ومن ثم تنقم عليه وتراه بمنظار أسود.. يلغي من ذاكرتها كل الأشياء الإيجابية في حياتها.. ويقصر السعادة ومن وجهة نظرها على بعض الكلمات أو المجاملات.. التي وإن اتفقنا على أهميتها.. وتأثيرها.. إلا أنها تظل في النهاية جزء من المشهد.. يجب إلا يقتصر تقييمنا لحياتنا وسعادتنا عليه فقط.
سادساً: استمري - أختي الكريمة - في برنامجك الإيجابي ناحيته.. في الاهتمام بنفسك وبأبنائك وببيتك وبإهدائه بعض الأشرطة والمطويات.. ولا تنتظري تغيراً سريعاً.. بل ربما - تحسناً بطيئاً.. تقبليه واشكريه عليه.. ويجب عليك أنت.. ألا تسمحي لهذا الأمر أن يؤثر على أطفالكما..!!
سابعاً: كثرة اهتمامه بزملائه - موجودة بكل أسف عند بعض الرجال بشكل مبالغ فيه!!! ويؤثر فعلاً على واجباته والتزاماته الأسرية..!! أما إن كان الأمر في حدود المعقول.. فتأكدي أنه لا يمكن أن يترك أصدقائه لمجرد أن ذلك يغضبك.. فكوني أكثر دهائاً وتقبلي الأمر.. ولا تضيقي عليه.. حتى لا يملك.. ويشعر بأنك تحاصريه!!! وحاولي بهدوء أن تستقطبيه على المدى الطويل.. ولعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.(18/215)
وهناك شريط أقترح لو سمعتموه جميعاً.. وهو بعنوان (لا صداع مع الحوار، للشيخ عبد العزيز المقبل) ويوجد العديد من الأشرطة في أماكن التسجيلات بعناوين مختلفة تدور جميعها حول التعامل بين الزوجين.. وآليات العشرة الزوجية.
ثامناً: أكثري - أختي الكريمة - من الدعاء بأن يصلح الله لك زوجك ويهديك ويهديه.. ويحفظكما من نزغات الشيطان وتوهيمه.. وأن يريكما جميعاً الحق حقاً ويرزقكما اتباعه.. والباطل باطلاً ويرزقكما اجتنابه ولا تستبطئي الإجابة.
وفقك الله وحماك من كل سوء.. وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(18/216)
زوجتي حساسة..جداً!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 14-12-1423
السؤال
أنا شاب متزوج منذ بضعة أشهر وعلاقتي بزوجتي طيبة ولله الحمد، ولكن هناك مشاكل لا تخلو منها الحياة الزوجية، غير أن زوجتي تتعامل مع هذه المشاكل بحساسية زائدة، ولو حصل خلاف ومشادة في الكلام ضاق صدرها وحزنت بل إنها مرضت مرة بسبب خلاف عادي، وتقول لي إن قلبها يؤلمها ويرتفع ضغطها، وأنا أريد حلاً أفيدوني جزاكم الله عني خيراً.
الجواب
أخي الكريم ...
أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا وإياك الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل.
أما عن استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:-
أولاً:- الحياة الزوجية - أخي الكريم - لا تخلو من تباين في وجهات النظر أحياناً أو الخلاف حول هذا الأمر أو ذاك ... وربما تجاوز الأمر إلى نوع من المشادة التي يليها عتب ظاهر أو غضب خفي.. وربما غضب ظاهر ... !! ثم تعود المياه إلى مجاريها وتسير الحياة بشكلها المعتاد ... وهكذا دواليك!!
ثانياً:- يجب أن يدرك الزوجان أنهما يحملان نظامين للحياة ورؤيتين مختلفتين لها بشكل أو بآخر..!! ولا يلزم أن يتطابقا في كل شيء.. فهذا مما لا يحدث إلا في القليل النادر جداً..!! فنشأتهما وتربيتهما وثقافتهما وربما قيمهما ومبادئهما وبرامجهما العقلية العليا.. تختلف بشكل أو بآخر.. وهذا مما يجعل فهمهما للأحداث وتفسيرهما لها.. وانسجامهما معها.. لا يتفق بالضرورة..!!! وليسا مطالبين بأن ينصهرا مع بعضهما ويذوبا الفوارق إلى هذا الحد!! لأنه لن يتسن لهما ذلك بشكل كامل.. إلا مع مرور السنوات وتجاوز الكثير من العقبات!!
ثالثاً:- من المهم جداً أن يدرك الزوجان تلك الحقيقة.. ويدركا معها أنهما بصدد بناء شراكة خاصة جداً وبناء أسرة كريمة.. وأنهما مطالبان بتقدير تلك الفوارق الموجودة بينهما وتضييق مساحة التباين إلى حدها الأدنى بإحسان الظن وتقديم العذر وسعة الصدر ... والمحاولة الجادة لكليهما بتفهم الآخر وتقديره.. وإبعاد كل ما يثير كوامن الخلاف والاختلاف.. وعدم إتاحة الفرصة للشيطان ليحقق مآربه بهدم أسرة مسلمة والتفريق بين زوجين فذاك غاية مناه..!!
رابعاً:- أما حساسية زوجتك تجاه هذه الأمور.. فيجب عليك تبصيرها بهذا الأمر ... وأن جميع الأسر لا تخلو من مثل ذلك..!! وأن تحاول أن تفهم طبيعتها.. وتساير هذا الجانب بشكل أو بآخر ... مع اختيار الوقت والمكان المناسبين للتنبيه على الملاحظات وبشكل خاص.. وبعيد عن الآخرين مهما كانوا.. صوناً لخصوصية ما بينكما وحفظاً لماء الوجه كما يقال!! والاتفاق على أن المرء يتعلم من أخطاءه وملاحظات أحبائه وأصدقائه..!! وأن العتاب دليل المحبة!! ـ أما الصمت على الملاحظات وعدم البوح بها أو استيضاح ما خفي منها فهو بداية غير مشجعة لاستمرار الحياة الزوجية!!!
وفقكما الله وأصلح ما بينكما وجمعكم على الخير والحق والهدى والتوفيق ورزقكما الذرية الصالحة إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه،،،.(18/217)
زوجتي سلبية
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 6-10-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
سؤالي بعد شكري لكم على هذا الموقع النافع هو:
أنني متزوج منذ ثلاث سنوات وأحمد الله على ما وهبني من زوجة كريمة طيبة هادئة؛ لكن مشكلتها أنها شديدة الخجل متلبسة بحياء يجعلني أحيانا أعتقد أنه ظاهرة مرضية تحتاج إلى معالج نفسي ... حاولت كثيرا في تغيير هذا السلوك لكني بؤت بالفشل ... والذي يؤلمني أكثر أنها عند الآخرين تمارس نفس الأسلوب بحيث أنها تجلس في المجالس النسائية العامة والخاصة دون أن يكون لها أدنى مشاركة حوارية.. بالتالي بدأ الحديث حولها وحول شخصيتها المنغلقة المتقوقعة ... ترى ما الذي يمكن أن أصنعه مع شريكتي أكثر مما صنعت (من تنبيه وحوار دائم حول مشكلتها وما قد تسببه من معاناة لي ولها في حياتنا كشركاء) ؟؟.
أتمنى أن أقرأ ردكم سريعاً ...
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
شكرا لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم "
رسالتك هذه تزيد من إيماني بشيئين اثنين نغفل عنهما كثيرا:
أولهما: أن هذه الدنيا دار مشقة ودار نكد فلا يسلم من نكدها أحد حتى عندما يتصور البعض أنه قد حصل له من النعم الشيء الكثير إلا أنه تبقى لديه بعض المنغصات التي تزيل عنه اللذة والمتعة لما تحت يديه.
وثانيهما: أن الشيطان يعظم للزوج والزوجة مساوئ صاحبه حتى لكأنه لا يرى فيها إلا هذا الخلق الذي لم يرتضيه أو العيب الذي لا يرغب وجوده لدى صاحبه.
قبل فترة ليست بالبعيدة كتب إلى زوج مثلك يشكو من عكس ما تشتكي منه أنت تماماً إذ لديه زوجة قوية الشخصية مبادرة تحب النشاط وتبادله الكلام والآراء ويذكر أنه يتأذى كثيراً جداً من هذه الصفة التي في زوجته وأنه لم يستطع حتى الآن النجاح في علاج ذلك، بل يضيف أنه يتمنى لو أن الله كان قد رزقه زوجة هادئة مطيعة تتحمل منه وتكون سبباً في إخماد الكثير من المخاصمات الكثيرة بينهما ولا تؤججها وتزيدها.
أيها الأخ الفاضل إن الكثير من الأزواج ليتمنون وجود مثل هذه الصفة التي في زوجتك عند زوجاتهم لأن الحركة والممارسة والحديث والقيادة لها ضريبتها وهي قوة الشخصية وربما جلب مثل هذا الأمر الكثير من المتاعب بين الزوجين خاصة إذا لم يستطيعا أن يديرا شؤون علاقاتهما بحكمة وروية وتفاهم متبادل يتعرفان من خلال ذلك على حدود المسئوليات المناطة بكل منهما.
المرأة النشيطة في نظرك والقيادية والتي تمتلك المجلس إذا حضرت ثق أن لذلك ثمنه من وجود خصال أخرى قد لا تعجبك بالضرورة أو قد تكون سبباً في انزعاجك منها وتمنيك لو كانت بعكس ذلك.
أيها الأخ الكريم صفات زوجتك توحي بأنها قلما تعاندك أو تماريك أو تلاغطك وتخاصمك ولكنه في النوع الآخر من النساء يوجد بكثرة إذ قوتها وتمكنها من الحديث يساعدها على مماراة زوجها ومناكفته حتى يصل بها الأمر إلى النزاع المستمر وهذا كما قلت إذا لم يحسن الزوجان التعامل معه بالشكل المطلوب والمفترض.
صدقني أن في زوجتك الكثيرَ من الأمور الإيجابية ولكنها العادة حينما يحس كل زوج بالحرمان إذا ما ركز النظر على السلبيات وترك الايجابيات.
تعديلُ سلوك الهدوء والدعة والسكون والخجل لدى زوجتك شيءٌ ممكن ولكنه يحتاج إلى وقت طويل لتغييره وكذلك هذا التغيير يكون محدوداً.
أعانك الله ووفقك وزوجتك لما فيه كل الخير لكما،،،(18/218)
رغم أنه ملتزم ... زوجي لا يهتم بي
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 19/8/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا سيدة، زوجي من أبناء عمومتي، يتَّصف بأخلاق عالية، لديه علم شرعي، سمعته طيبة جداً عند كل الطبقات التي يتعامل معها، المشكلة فيه توزيع الاهتمامات والأولويات، فنحن أسرته في المرتبة بعد العاشرة، والأصدقاء في المرتبة الأولى، هذا ليس مبالغة ولكنه شيء من الحقيقة، جلوسه مع أصدقائه ليس في طلب علم، وإنما مؤانسة وهذا باعترافه، البيت تقريباً للنوم وقضاء حاجاته الفسيولوجية أو للنت، إجازته أشد من أيام عمله، فوقت الظهيرة وأوقات الطعام خارج المنزل في الغالب مع أقربائه، مشكلتي أيها الشيخ الفاضل الإحساس بالوحدة، وعدم وجود من أبوح له بمشاعري، خاصة أني لا أريد من حولي يعرف شيئاً عن حياتي، والأمر الآخر عدم وجود من يلبي طلباتي، فأنا أكره الشعور بالمهانة وطلب شيء من أشخاص آخرين، لا تقل لي عيشي حياتك وقللي من الاعتماد عليه، فقد حاولت ولكن كيف؟ حضور المحاضرات، توفير الكتب والمجلات، توفير احتياجاتي واحتياجات أبنائي، زيارة الأصدقاء والأقارب، كل ذلك أنا في حاجة إليه، أكبر المشكلة هو ما أحسه في الآونة الأخيرة من جمود في مشاعري نحوه، إحساسي بأني آلة لتفريغ شهوته والعناية بحاجياته، جعلني أتهرب من حقوقه الشرعية بأسباب واهية، حتى أصبح هذا الأمر مصدر إزعاج لي وله بعد أن ظننت أني استنفذت جميع طرقي لتوصيل معاناتي له من رسالة أو حوار أو منع مما اعتاده من إغراق بمشاعر فياضة، أنا الآن لا أستطيع إعطاءه أبسط حقوقه، فاهتمامي الأول أصبح أبنائي، أتمنى الرد بأسرع وقت فالأمر يزداد سوءاً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: لقد شعرت بمدى المشكلة التي أنت تعانين منها إنها حقاً "مأساة حقيقية" لكن يبقى هنا أمور منها:
(1) هل لجأت إلى الله بصدق وإخلاص وذل وانكسار، ودعوت ربك بأن ينهي هذه الأزمة على خير، ويعود إليك زوجك كما كان في سابق عهده من الاهتمام بك وبأولادك، والجلوس معك والعناية بك وبشؤونك على اختلاف تنوعها؟.
(2) هل قمت بتذكيره بالله بأن لك حقوقاً عليه أنت وأبناؤك، ويجب عليه أن يعطي هذه الحقوق أولى اهتماماته؛ لأنه مسؤول عن ذلك أمام الله، وأن الله استرعاه عليكم، فيجب عليه أن يعطي لهذه الرعية حقها على الوجه الأكمل، وإلا سيحصد ثماراً لا تروق له في الدنيا، فضلاً عما ادخره الله له من الجزاء في الآخرة.
(3) هل بالفعل أنت غير مقصِّرة في حقه، وما هي الدوافع التي جعلته ينصرف عنك وينشغل عن بيته وأولاده، ويتجه إلى قضاء معظم وقته مع أهله وأقربائه، وأصدقائه؟ فإذا كان عندك بعض الأمور التي قصرت فيها، فالرجاء استدراك ما فاتك، لعل الله أن يرده إليك رداً جميلاً.
(4) حاولي أن تتجملي له وتتفاني في القيام بخدمته، ولا تجعلي أن يظهر منك نوع من الضيق والضجر لما يفعله، ولكن أشعريه بنوع من العقاب الممزوج بالحب له والشفقة عليه وأنك تحبين قربه، ويشق عليك بعده عنك، وأنك أولى الناس بوقته والأنس به.(18/219)
(5) حاولي أن تشغليه بالأولاد وبالحديث عن تربيتهم، وأنهم في وقت هم أحوج إليه وإلى نصحه وتوجيهه، حتى ينشأوا نشأة إسلامية صحيحة يتشرف بهم أمام الناس، ولا يكون ذلك إلا بتوفير وقته لهم، كما أنه يوفر لهم أسباب الحياة من مأكل ومشرب ومسكن وخلافه من ضروريات الحياة.
(6) اجعلي الأولاد أنفسهم هم الذين يشغلونه بطرح مشاكلهم أمامه، وأنه يجب عليه أن ينظر في حلها، وأنهم أحق بمن يقضي معهم الوقت ويراعي شؤونهم.
(7) لا يمنع أن تصارحي زوجك بالحالة التي أنت وصلت إليها من جمود المشاعر، والإحساس بالملل والضيق وأنت تخشين على نفسك أن يسوء الحال بينكما أكثر من ذلك، وأن هذا يؤثر على مستقبل الأولاد والذين هم حصيلتكم من هذه الحياة.
(8) لا يمنع أن تكلمي أحد محارمك الثقات العقلاء ممن يستطيع أن يتفهم الأمر، ويقدر على عرض القضية بوضوح وفطنه وذكاء على زوجك، ولا بد أن يصلا إلى حل يرضي الجميع، وخصوصاً أنك تطالبين، بحق من حقوقك، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير ويصرف عنا وعنك كل مكروه وشر اللهم آمين. والله أعلم.
همسة في أذن الزوج:
أيها الزوج الطيب أود أن أهمس في أذنك ببعض الكلمات فهل يتَّسع لها صدرك، وتنشرح نفسك لسماعها، أرجو ذلك فأرعني سمعك يا رعاك الله، إني لك محب وعليك مشفق ولك ناصح ومذكر، فأنت - كما علمت - صاحب دين وخلق وعلم، وتتمتع بسيرة طيبة بين الناس.
أخي الكريم: أليس لأهلك عليك حق أوجبه الله عليك ورسوله - صلى الله عليه وسلم- وقد استرعاك الله عليهم، وهو سائلك عن هذه الرعية، هل أديت الأمانة المنوطة بك أم قصرت في أدائها؟
أليس من حق زوجتك عليك أن تعطيها حيزاً كبيراً من اهتماماتك، وتوفر لها جزءاً ليس بالقليل من وقتك؟
أليس من حق زوجتك أن تبث إليك مشاعرها وشكواها وهمومها، وكل ما يعتريها في حياتها، فإن لم تجدك فإلى من تذهب؟ الأمر خطير.
أليس من حق زوجتك بأن تشعر بأن زوجها يحبها ويحرص عليها ويهتم بها ويلبي لها طلباتها، ويغذي مشاعرها كزوجة وأنثى أصبحت حكراً عليك أنت، وأنت فقط؟
أليس من حق أولادك أن تجلس إليهم وتسمع منهم وتتفقد مشاكلهم، وتغمرهم بعطفك وحنانك وتوجيهاتك ونصحك وإرشادك؟
لا تقول لي بأنك موفر لهم عيشة طيبة من مأكل ومشرب ومسكن ومركب وخلافه، معذرة هذه الأمور متوفرة لكثير من الناس، ولا أحب أن أقول لكثير من الدواب فصاحب الدواب يوفر لها المأكل والمشرب، والمسكن، والعلاج إلى غير ذلك ويهتم بها كثيراً؛ لأن ذلك هو رأس ماله.
أما أبناؤك - وهم فلذة كبدك وربيع عمرك، ومهجة فؤادك ورياحين قلبك - فمحتاجون إلى جلوسك معهم، تحن عليهم ترفق بهم، توجههم ترشدهم تقدم لهم النصح، لا بد وأن يشعروا بوجودك معهم في كل كبيرة وصغيرة، وخصوصاً إذا كانوا في مثل هذا السن، وإلا ستجني ثماراً لا يحمد عقباها، وعندها تعض أصابع الندم، ولكن في وقت لا ينفع فيه الندم ولات حين مندم.
ألم تقرأ عن الحقوق الزوجية؟ أظنك قد قرأت الكثير.
ألم تقرأ حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" أخرجه الترمذي (3830) من حديث عائشة - رضي الله عنها - وقال هذا حديث حسن غريب صحيح.(18/220)
ألم تقرأ قول أمنا عائشة -رضي الله عنها- وهي تصف حال النبي -صلى الله عليه وسلم- وتقول: "كان - صلى الله عليه وسلم- في مهنة أهله أو في خدمة أهله" أخرجه ابن سعد في الطبقات (1/158) فليكن لك في رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة.
أنا لا أقول لك لا تجلس مع أصدقائك، ولا تزور أهلك وأقربائك، ولا تروِّح عن نفسك مع خلانك، ولكن أقول كن متوازناً في حياتك، وأعط كل ذي حق حقه، والحقوق تعطى على حسب وجوبها وأهميتها، فأهلك هم الأولى بأداء حقوقهم بعد أدائك للحقوق الشرعية الأخرى التي فرضها الله عليك، كأداء الصلاة وغيرها.
أخي الكريم: أرجو ألاّ تكون غضبت من كلامي، فالله يعلم أني أحب لك الخير، وأدعو لك بظهر الغيب، لكن ما أردت من ذلك كله إلا نصحك وتذكيرك، "فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ" [الذاريات:55] هذا والله أعلم.
وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/221)
هل علي إثم إن طلقتُها؟
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 2/1/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد تزوجت لمدة عام، وتركت زوجتي لمدة عام آخر؛ بسبب أعمالي، وعندما أتى اليوم الذي سأرجع فيه لنعيش حياة لا فراق فيها, طلبت زوجتي الطلاق! بحجة أننا لا نتوافق، ولا يوجد حب يجعلها تتشوق لي، وهي تريد زواجاً فيه حب ورومانسية، طلبت منها أن نعالج الوضع، وهي ترفض وتطلب الطلاق، علماً أن زواجنا في السنة الأولى لم يخل من المشاكل، والسنة الثانية كانت مجرد مكالمات كل أسبوعين، للعلم, تزوجتها وعمرها لا يزيد عن 19 سنة، هل علي إثم إن طلقتها؟ وهل عليها إثم؟ وهل هناك أحكام شرعية يجب أن نتبناها عند الطلاق وبعدها
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
كأني بك لا تكره طلاقها، وقد تكونُ عازماً عليه ميّالاً إليه، أحسستُ بذلك حينما حصرتَ سؤالك في مسألة الإثم بطلاقها، والأحكام الشرعية المترتبة على الطلاق.
ولكن هل جرَّبت أن تصلح من حالها، وتحببها إليك ... بالمعاملة بالحسنى..والكلمة الطيبة ... واللين والمسامحة؟!
ألم تفكر يوماً ما: لماذا لا ترضى بالبقاء معك؟! ألم تتحسَّس نقصك وتقصيرَك وأنت ترى جفاءها ونفورها؟!
أنت تعلم أني لم أطلع على تفاصيل حياتك، ولكن من خلال بضعة أسطرٍ بعثت بها إلينا تعرَّفتُ على عظيم ما أنت عليه من التقصير في حق زوجتك المسكينة....تركتها سنةً كاملة اغتربتَ فيها ... وتركتها وحيدةً بلا زوج ... وأنت تعلم أن في حياتها ـ بدونك ـ نقصاً لا يسده أم ولا أبٌ ولا أخٌ ولا صديقة ... استكثرتَ عليها مكالمةً كل أسبوعين....ربما كانت هي الأخرى مكالمةً جافةً لا رقة فيها ولا لون ولا طعم ولا رائحة ... فهل تلومها إذا ارتابت في حبك لها؟
هل نسيت أم تناسيت أنها لم تزل بعدُ صغيرةً في عمرها وعقلها وتجربتها؟!
دع عنك التفكير في الطلاق، وحاول بصبر جميل وحلم واسع أن تعيد العلاقة على أفضل مما كانت عليه أول مرة.
أرى أن تستعين - بعد الله -بأبويها ومن له تأثير عليها؛ ليردوها ويحبِّبوها إليك.
أما ما سألت عنه من إثم طلاقها، فإنه لا إثم عليك لو طلقتها؛ لأن الرغبة في طلاقها جاء من جهتها، فهي الكارهة للبقاء معك.
ولا يجوز لك أن تطلقها في طهر قد جامعتها فيه، ولا وهي حائض، بل يجب أن يكون الطلاق في طهر لم تجامعها فيه اتباعاً للسنة في الطلاق وتجافياً عن البدعة.
والطلاق ثلاث، فإن طلقتها واحدة لم تخرج من عصمتك ما دامت في العدة، فإن انتقضت العدة ولم تراجعها فقد بانت منك، ووجب عليها أن تخرج من بيتك وتحتجب منك. ولا تحل لك حينئذ إلا بمهر جديد وعقد جديد، ولا يشترط أن تنكح زوجاً غيرك.
فإن راجعتها أثناء العدة فهي زوجتك، وكذا لو طلقتها ثانية، فإن طلقتها ثالثة فقد بانت منك، ولا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك، فيذوق عسيلتها وتذوق هي عسيلته، فإن طلقها حل لك نكاحها بعقد جديد ومهر جديد. وفقك الله لكل خير.(18/222)
زوجتي شخصيتها نرجسية
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 04/09/1425هـ
السؤال
كيف أتعامل مع الشخصية النرجسية، حيث إن زوجتي مصابة بها، وبها صفات ممتازة، جميلة، وشاطرة، ومثابرة، وواثقة من نفسها، وذات مسؤولية، إلا أنها عنيدة، وسريعة الاستثارة، وحساسة، ومتشائمة، مما تسبَّب لي في مشاكل كبيرة، علماً أن شخصيتها من نوع نمطي معين (تحليلي -عملي - قيادي) وأنا على عكسي ذلك تماماً فأنا إنسان (ودود- معبر -ابتكاري) ،إنسان مرهف، عاطفي، هي عاشت طفولة انعزالية، وليس لها إخوة، بل كلهن أخوات، والشخصية النرجسية موجود فيها حب الذات، وعدم تحمل أي رأي، بل تعتبره نقداً، ويجب معاملتها معاملة خاصة.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخي الكريم: من سنك أستشف أنك حديث عهد بالزواج، وقد تكون تربيتك مع أهلك وإخوتك وأخواتك أثَّرت عليك في نظرتك للنساء، وجعلت المشكلة تتركز في زوجتك في أنها متسلطة وعنيدة وحساسة، وتريد اتخاذ القرارات وقيادة البيت، وغيرها من السمات المتوقعة من النساء في بداية الزواج، أنت قد لا تكون أسهمت في دلالها في أول الزواج، فكانت ردتها عكسية عليك، كذلك وصفك لشخصيتك قد يكون دفعها لاتخاذ القرارات، فهي كما تقول واثقة من نفسها ومثابرة، وبها صفات جميلة، فأنت ركزت على قضية تمس شخصيتها، وجعلتها مشكلة في حياتك الزوجية.
في تصوري المشكلة بسيطة جداً، فحداثة عهدك بالزواج جعل تفكيرك يرمي باللوم على صفات الزوجة، بل على العكس تماماً، فصفاتك قد تكون دعت زوجتك لأخذ هذا الدور، فأنت هادئ، عاطفي، ودود، تميل للابتكار والإبداع، وهي كلها صفات لا نقلل منها، إلا أن مسؤولية الزوج، وواجباته أهم من هذه الصفات، فإذا توافق حسن القيادة وتحمل الأعباء والمسؤوليات مع صفاتك، فهذا حسن، أما الأخرى، - أخي الكريم- قد لا تكون مطلوبة من الزوج بشكل مباشر، فلا بأس أن تكون عاطفياً وهادئاً، وفي نفس الوقت تقوم بمسؤوليتك، فوصفك للنرجسية قد لا يكون دقيقاً في حق زوجتك، ولا يعني عدم توافقها مع ما تريد أنه عيب فيها، لا تكن قاسياً وانظر للكوب المملوء ولا تنظر للجزء الفارغ، كل نساء الدنيا لو خيرن بين قيادة أسرهن أو أزواجهن لاخترن الأولى، فلا تضيق، ومع ازدياد الخبرة ستدرك الكثير والكثير من أسرار الحياة الزوجية، لا تركز على هذا الموضوع وتجعله في بؤرة تفكيرك، انظر لمثابرتها وجمالها، وقُدْ أسرتك قيادة حكيمة، أما الزوجة ففي بداية الحياة، فلا تكن قاسياً عليها.(18/223)
مع ذلك اسع لتعديلها، ولكن تأكد أنك لا تستطيع تفصيلها وفق ما تريد، أنشئ مكتبة صغيرة، اجمع فيها كتيبات صغيرة عن الحياة الزوجية، اقرأ في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم- وتعامله مع زوجاته، اجمع كتباً عن الطفولة والآمال والأحلام، لا تكن رومانسياً مغلقاً، ولا تكن جافياً مبعداً، خذ الأمور من الوسط، واسأل نفسك سؤالاً دائماً أين الكمال؟ هو لله - عز وجل- هذه بعض النصائح متمثلة في جملة قيم اجتماعية، أتوقع -بتوفيق الله- أن تكون عوناً في حياتك الزوجية، فمشكلتكم لا تحتاج إلا بداية حقيقية منك، انظر للأمام ولا تندم على قرارك، فأنت في أول الطريق. أسأل الله العلي القدير أن يوفقك في حياتك الزوجية، وأن يكون بيتك بيتاً صالحاً - إن شاء الله-.(18/224)
هل تأثم بكرهها لزوجها؟
المجيب د. عبد الله الرميان
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى - كلية الدعوة وأصول الدين.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 27/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أعمل، وزوجي لا ينفق علي منذ سنين طويلة، ولم يساهم في تربية وتعليم أولاده، وقد علمتهم أحسن تعليم، وزوجتهم، عدا واحداً ما زال يتعلم، وزوجي لا يبرني بأي شيء حتى في المعاملة، ونحن تقريبا متقاطعون كلياً، حيث إننا نسكن في بيت اشتريته من حر مالي وهو يقيم معي، ولكنه لا يساهم بأي شيء في مصاريف المنزل طلبت منه الطلاق من قبل خوفاً من أن آثم في حقه، أو أن يأثم في حقي ولم يفعل، فهل يحاسبني الله فيما يخص كرهي له، وإحساسي بأنه عالة علي، مع العلم بأنني طلبت منه الطلاق خوفاً من عقاب الله؟ ماذا أفعل وليس في العمر بقية؟.. حاولت أن أكون طبيعية معه ولم أستطع.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أختي الكريمة: الزواج عقد شرعي يلزم به حقوق وواجبات، فللزوج على زوجته حقوق، ولها كذلك عليه حقوق "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة:228] ، وقد وردت أحاديث كثيرة تبين هذه الحقوق، والرجل هو المسؤول عن النفقة، ويتعاون مع زوجته في الرعاية والتربية، وما ذكرتيه عن زوجك من عدم قيامه بالحقوق الزوجية من النفقة والمعاشرة فهو تنصل من المسؤولية، وإخلال بالأمانة التي سيسأله الله عنها، وللزوجة الحق في طلب الفراق إذا امتنع أو عجز عن القيام بواجباته، وليس له الامتناع من ذلك، وإلا أجبر عليه شرعاً، لكن ما ذكرت من قيامك بالإحسان إليه والنفقة عليه أمر تؤجرين عليه، والله يحب المحسنين، وحيث بلغتما من العمر هذه السن فالأصلح لحالك والأرفق بأسرتك الصبر ومواصلة الإحسان، وأما إحساسك أنه عالة فهو عالة ما دام على هذه الحالة، وكرهك له لا يحاسبك الله عليه، ما لم يصل إلى الاعتداء أو الأذى، أسأل الله -تعالى- أن يصلح حاله، وأن يجمع بينكما بخير ويختم لكما بالصالحات.(18/225)
لا تحبه، فهل يطلقها؟
المجيب سعد بن عبد الله الماجد
عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 18/08/1425هـ
السؤال
تزوجت منذ أكثر من شهر، ولم أر الزوجة- التي هي بنت عمي- قبل الزواج، ولم أكلمها, وبعد الدخول عليها بدأت الصدمات تظهر لي, فأخبرتني بأنها لا تحبني وأنها مُكْرهة على الزواج مني, وبأنها تزوجتني إرضاءً لوالديها, كما أنها تهينني ببعض الكلمات السيئة والبذيئة، ولم أسمع منها كلمة طيبة منذ تزوجنا، أصبحت محطماً ومهموماً, أرشدني بعض الإخوة إلى اللين معها ومعاملتها معاملة حسنة، والصبر عليها، وفعلا أعاملها معاملة حسنة، وسافرت معها ولكن كانت هذه السفرة أتعس رحلة في حياتي، ملخص برنامجنا اليومي (تصلي الفجر ثم تنام إلى الظهر, وآتي من العمل فلا تقدم لي كوب ماء, أتغدى مع الأهل ثم أدخل لأنام, وهي تجلس مع أخواتي إلى العصر, ثم أذهب إلى العمل وأعود في العشاء فأسهر مع الوالد, وهي مع أخواتي، ثم أنام على طرف السرير وهي على الطرف الآخر. خواطر:
1. لا أحد من أهلي أو أهلها يعلم بحالنا.
2. أنا متدين- إن شاء الله - وهي تحب الأغاني.
3. لاحظت كثرة حبها وذكرها لأحد الأحرف التي ترمز لبداية اسم شخص تحبه - تكتب الحرف على يديها، وعلى الأوراق.
4. عمرها 18 سنة، وعمري 24 سنة.
5. هل أطلقها؟
ساعدوني؛ فحياتي أصبحت جحيماً لا يطاق.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الزواج نعمة عظيمة منَّ الله بها على العباد حيث قال: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" [سورة الروم: 21] .
فيجتمع الرجل والمرأة في مكان واحد بميثاق الزواج وعنوان الاتفاق، فكل منهما يقدم للآخر ما يستطيع، وتسود بينهما المحبة والرحمة.
وعندما يترفع أحدهما عن الآخر، وينساق وراء رغبات نفسية بعيدة عن رابط الزوجية تحدث الاختلافات التي تنذر بفساد الحياة الزوجية.
وسبب المشكل واضح هنا، وهو عدم رغبة ابنة عمك فيك، كما أن مشكلة بعض الآباء في أخذهم ببعض العادات التي لا تمت للإسلام بصلة، وهي (الحجر) ، فبنت العم لابن العم، والذي جر وراءه مشكلات طويلة ومآس عظيمة.
أيضاً هناك من الآباء من يصادر آراء بناته، فلا يريهم إلا ما يراه، ولا يهديهم إلا إلى سبيل الذي يراه؛ فلا يأخذ رأي بنته في الزواج، وهذا مخالف لحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "الايم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها" أخرجه مسلم (1421) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - وأصله في البخاري (6971) من حديث عائشة - رضي الله عنها - دون ذكر الايم "،وأنت أيها -الأخ الكريم- أوصيك بأمور منها:
1-حاول النصح والوعظ، وبيان حقك الشرعي من الطاعة والاحترام والتقدير، فإن لم يجد ذلك فاهجرها في الفراش.
2-إن لم يحدث تحسن أخبر والدها مباشرة، أعني لا يكون في الهاتف والعم بمقام الأب.
3-فإن لم يحدث تحسن فعليك بطلاقها، وهذا آخر العلاج.
سددك الله لكل خير، ووفقك لصالح العمل.(18/226)
زوجي مشغول!
المجيب فاطمة الرشودي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 14-3-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكتب لكم عن حالي وأنا واثقة أن الكثيرات يشاركنني الشكوى
مشكلتي باختصار " زوجي مشغول "
فهو ولله الحمد رجل ملتزم ومهتم بالعلم والدعوة لذلك فنصيبي أنا وأولادي منه الأكل والنوم، قليلاً ما نجلس معا ونتحدث أو نخرج فهو دائما مشغول إما محاضرة أو درس أو ضيوف..!!!
طلبات المنزل والأولاد أصبحت تمثل لدي مشكلة كبيرة وسبب دائم للخلاف، السوق لا يعجبه ولا يريد دخوله وأيضاً لا وقت لديه لإضاعته في الأسواق وهو غائب عنا سواء كان خارج البيت أو داخله فإذا كان في المنزل فهو مشغول بهذا البحث أو هذا الكتاب أو الإنترنت..!! أنا أقدر أهمية دوره في المجتمع وأنا مستمرة على الصبر والاحتساب ولكني بدأت أضعف وأشعر أن الأولاد زادت مسؤوليتهم ولا أستطيع تحملها بمفردي وأنا لا نصيب لي في النشاطات النسائية من محاضرات وغيرها أو الاجتماعات الأسرية وأشعر بالوحدة كثيرا فأرجو منكم توجيه النصيحة لي وله
وجزاكم الله خيراً
الجواب
الأخت المجاهدة الصابرة حفظها الله ووفقها وثبتها
كما ذكرت بنفسك إن مشكلتك يشاركك فيها الكثير من الزوجات وهي عدم وجود الزوج بالمنزل لانشغاله، ولكن هذا الانشغال يختلف من زوج لآخر، فمن الأزواج من هو مشغول بتجارته ومنهم من هو مشغول برفاقه ومنهم من هو مشغول بهواياته.
أما أنت وأمثالك ممن انشغل أزواجهن بالدعوة وطلب العلم فهنيئاً لكن بمثل هذا الانشغال فكم واحدة تتمنى أن يذهب زوجها إلى درس علمي أو محاضرة أو يسمع شريطاً إسلامياً مفيداً أو يتصفح كتابا مفيداً بدلاً من الأفلام الهابطة والمجلات الخليعة أو الفاسدة فكرياً أو مشاهدة المباريات والسهر في المقاهي والاستراحات دون فائدة ترجى في الدنيا ولا في الآخرة بل هي حسرات عليهم وعلى من يعولون..!!!
وتأكدي أختي الكريمة أنه لا يخلو بيت من مشكلة وأن الإنسان خلق في كبد، ولكن النظرة لحجم المشكلة ونوعيتها والتعقل في ذلك يعالج كثيراً من المشاكل.
أيضاً أنبهك لأمر هام وهو ألا تتملك مشكلتك عليك عقلك ونفسيتك فهذا يفسد الحياة. فيفترض في الإنسان أن يحاول جاهداً أن يعزل المشكلة عن نفسه ويبتعد عنها.. فلا تدعي المشكلة تأتي على الأخضر واليابس في حياتك فتفسدها. وحاولي عزل المشكلة عن السلوك مع الزوج بالفعل والكلام وكذلك سلوكك مع أولادك، تم عليك أن تنظري إلى محامد زوجك وفضائله فإن هذه النظرة تقارب بين الزوجين وتزيل كثيرا من العقبات والمشاكل كما أنها تساعد الزوجة في تحسين نفسيتها كلما ذكرت نعم الله عليها.
اجعلي أيضا لنفسك برنامجاً ونظمي وقتك مع أولادك فوقت للحفظ والمراجعة وآخر للمذاكرة ووقت للترويح فأنت كمن يزرع نباتات يسقيها كل يوم ويراها تنمو وتكبر وهو فرح مغتبط بذلك لأنه يعلم أنها سوف تثمر ويجنى ثمارها يافعة بإذن الله.
وأخيراً وراء كل رجل عظيم امرأة.. فتذكري كم لك من الأجر والمثوبة إزاء كل ما يقوم به زوجك لنفسه ومجتمعه فأنت عونه بعد الله تعالى في ذلك كله.(18/227)
أما عن زوجك: فأقول له إن لربك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه فزوجتك وأولادك رعية وأنت راعيها ائتمنك الله عليها فاحرص على قيامك عليها فالدعوة اقتداء وخير قدوة لنا جميعاً وكما تعلم هو رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إذ قال " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"
فلا تكن عوناً للشيطان على زوجتك. فاستوص بها خيرا كما أوصاك بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا تجعلها تحتاج لأحد في شراء احتياجاتها وأنت موجود فهي تريد أن تكون عزيزة حفظكما الله ووفقكما لكل خير ورشاد(18/228)
بعد 25 عاما ً.. هل سيطلقني زوجي؟؟
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 22-5-1423
السؤال
بعد 25 سنة زواج أقول لا أستطيع التفاهم مع زوجي كل ما تحدث مشكلة في المنزل أو مع الأبناء نخرج بمشكلة ومع مرور تلك السنين أرى أن حياتي خاوية من عطف الزوج وحنانه ووقوفه بجانبي وقت الأزمات وافتقد صديقا ناصحاً أرجو منك مساعدتي لأن زواجي على وشك الانهيار ولي من الأبناء ثمانية.
الجواب
الأخت الكريمة:
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم "
لقد قرأت رسالتك أكثر من مرة وحاولت تقليب مشكلتك في مخيلتي.. إذا تشكين كزوجة من جمود العاطفة في زواجك بعد خمس وعشرين سنة من الزواج.. هذا الزواج الذي أثمر ثمانية من الأبناء.. وهو في رأيك على وشك الانهيار إن لم يجد من يمكنه من رأب الصرع الذي يزداد تساعاً مع الوقت.. وفي تناولي لهذه القضية سأكون صريحاً معك كثيراً وأذكر لك بأن حالتك ليس أمامها من وجهة نظري إلا ثلاث خيارات وهي جميعها مفتوحة أمامك الآن فاختاري منها ما يناسبك وما ترضينه لنفسك راجياً أن لا يكون فيما سأذكره قسوة عليك ولكنه جهد مني عسى أن تنتفعي به.
هذه الخيارات الثلاثة هي باختصار أولاً بقاء الأمر على ما هو عليه بكل ما يتضمنه من إزعاج بالنسبة إليك، والأمر الثاني وهو على النقيض من ذلك وهو أن يتم الانفصال بينكما والطلاق، والأمر الثالث والأخير هو استمرار الزواج والبعد عن الانفصال ولكن بالقيام بالعلاج وهو أمر قد يكون فيه شيء من الصعوبة والتعب النفسي.
هذه أمور ثالثة سأتناول بالتفصيل كل واحد منها على حدة:
أما الأمر الأول فأنت لا تحتاجين إلى من يذكر لك صفاته ولا شكله ولا آثاره فأنت واقعة فيه الآن ومعايشة له في كل يوم كما تقولين فالتفاهم مفقود مع زوجك والمشاكل لا تكاد تنتهي والعطف الزوجي والحنان قد غاب عن حياتك حتى أصبحت تفتقرين إلى من يقف بجانبيك وقت الأزمات وإلى الصديق الناصح الذي تلجئين إليه عند الحاجة.. هذا مجمل ما ذكرته في سؤالك وربما هناك الكثير والذي لم تبينيه ولم توضحيه ... ولكن الإشكالية الكبيرة في نظري أن هذا التشكي حاصل بعد خمسة وعشرين عاماً من الزواج والسؤال الملح حقيقة هل كان هذا حال الزواج وحال حياتك الزوجية طيلة هذه الأعوام؟ فإن كانت الإجابة بالإيجاب فكيف صمد هذا الزواج كل هذه المدة الطويلة وإن كانت الإجابة بالنفي فما السبب في تغير الحال وتغير الأوضاع وتغير السلوك الزوجي في هذا البيت الأسري القائم؟ أسئلة متشعبة تحتاج إلى وقفة متأنية، وربما يمكننا التعريج عليها أثناء تناولنا الخيار الثالث.
الخيار الثاني أمامك في هذه القضية هو الانفصال عن الزوج وهو حدوث الطلاق وهو الأمر الذي تخشينه ورجوت المساعدة من اجل التمكن من عدم الوصول إلى هذه المرحلة.
أعلم أن هذا الأمر وهذا الخيار الذي أطرحه أمامك لا ترغبين الولوج فيه ولا الدخول إليه أو حتى التفكير به، ولكنك ذكرته في ثنايا سؤالك فأجدني محتاجاً للخوض فيه والوقوف الصريح معك عليه.(18/229)
أعجب كثيراً للنساء اللاتي يطرحن قضية الطلاق وانهيار الزواج بهذه السهولة وبهذه السرعة فعند كل خلاف مع الزوج تسارع الزوجة للم أغراضها وذهابها إلى بيت أهلها مطالبة بالطلاق والانفصال عن الزوج.. أعرف أن هناك أزواجاً لا يقدرونه الحياة الأسرية، ولا يتفهمون للواجبات الزوجية. وهناك من يسيئون لزوجاتهم وربما تصل بهم الحال إلى الشتم والعنف أو الضرب المستمر عند كل حادثة صغيرة أو كبيرة فهم حقيقة لا يستحقون أن يكونوا أزواجاً من الأساس.. ولكن تبقى أن مثل هذه النوعية من الأزواج هي نوعية محدودة والطلاق أو الانفصال هو في حقيقته رحمة أباحها الله لزوجات مثل هذه النوعية من الرجال ليتخلصن من العذاب المستمر.. ولكني لست عن هؤلاء التحدث، وإنما عن الأسر العادية التي تعصف بها الحوادث والأزمات والمشكلات وسوء التفاهم الحادث بين الرجل وزوجته بعد كل فترة فلا تجد الزوجة لذلك حلاً.. يتفتق عنه ذهنها إلى لملمة أغراضها وذهابها إلى أهلها طالبة الانفصال.. هذه الأزمات والمشكلات نادر جداً جداً أن يخلو منها بيت الزوجية، بل حتى أشرف البيوت والزواجات وهو بيت المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يخل من هذه المنغصات فما بل الكثير من الزوجات يسارعن إلى طرق مثل هذا الحلال البغيض.
والذي يبدو لي أن السبب خلف مثل هذه التصرفات اللا مسؤولة هو أن المرأة في تركيبتها النفسية لا تبصر عقلياً حين الغضب ووقوع المشكلة مع الزوج وحين المخاصمة الزوجية إلا طريقاً واحداً يمثل أمامها وهو الهروب إلى بيت الأهل وطلب الطلاق.. وهذا على كل حال ليس عند كل النساء ولا يمكننا التعميم عليهن ولكنه يوجه لدى الكثير منهن.
والعجيب أن مثل هذه الأحادية في التبصر والرؤية لدى الزوجة سرعان ما تزول عندما تهدأ النفس وتسكن الخواطر ويزول الغضب وتبدأ التفكير بالكثير من الوسائل العلاجية البعيدة كلياً عن مسلك الطلاق والانفصال.
والمرأة سيئة الحظ هي التي يكون لديها زوج أحمق وطائش غير متعقل وغير متزن يتعجل أمر الطلاق والانفصال حالما تطلبه منه الزوجة ولا يدرك أن طلبها ذلك كان فقط نوعاً من التنفيس يخرج في حال الغضب وهي في حقيقتها لا تريد معناه.
أمر آخر يضاف إلى هذه النقطة أن الزوجة ما عساها أن تجني إذا ما انهار زواجها وتم الطلاق؟ هل يا ترى ستكون أحسن حالاً مما هي فيه الآن؟ في مثل حالتك ممن هي في سن الأربعين ولديها العديد من الأولاد لن تجني إلا الخسارة المضاعفة.. الأولاد ستنهار عزائمهم.. وتسوء حالتهم، وتشين نفسياتهم.. وتسود الدنيا في عيونهم.. الأب في جهة والأم في جهة أخرى، هم ليسوا صغاراً فيمكن أن يمنع سنهم وإدراكهم الصغير الآثار السيئة لمثل هذا الخراب الذي حل بأسرتهم والانفصال الذي تم بين والديهم.(18/230)
الزوجة نفسها هل ستتزوج من جديد وتبدأ حياة أسرية جديدة؟ والسؤال الأهم هل سيتقدم لها وهي في مثل هذه الحالة من تظن هي أنه كفؤ لها؟ وهل ستحصل على السعادة التي لم تجدها في بيت زوجها الأول؟ وهل ستخلو حياتها الجديدة من المنغصات والمشاكل أم أنها ستطلب الطلاق مرة أخرى من ذلك الزوج أيضاً؟ أمور كثيرة جداً وأسئلة ملحة بشدة يجدر بالمرأة التفكير بها كثيراً قبل أن تتعجل وتطلب الانفصال من زوجها وبيتها وترك أبنائها.
أيها الأخوات الأمهات يجب أن تدركن جيداً وتعين الحقيقة أن الزوجة إذا أنجبت أولاداً فإن هذا يعني ذلك نقصاً في حرية اتخاذ القرارات المصيرية لديها.. هي ليست وحدها الآن فتقرر الاستمرار أو الانفصال، هناك أولاد يجب أن يكون لهم حق ونصيب من تفكيرها وعند اتخاذها مثل هذا القرار.. وأعود وأكرر أن هذا الكلام ليس موجهاً لأولئك النساء اللاتي يتعذبن حقيقة في بقائهن مع أزواج وحوش لا يعلمون شيئاً عن معاني الرحمة والرقة بل ديدنهم الضرب والهجر والفحش ونقص الدين داخل وخارج بيوتهم.
الأولاد ومستقبلهم يجب أن يكونوا نصب أعين والديهم قبل اتخاذ مثل هذه القرارات.. ونحن نعلم الكثير من الأزواج والزوجات لم يتم التوافق بينهم ولكنهم صبروا وضحوا لا لشيء إلا من أجل أولادهم فما كانت عاقبة ذلك إلا السعادة فيما بعد حينما كبر الأبناء وأصبحوا رجالاً ونساءً يافعين وصدق الله حين أوصى الأزواج والزوجات بالصبر فربما تأتي النتيجة الحسنة والنهاية السعيدة فيما بعد فقال عز وجل:" وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً " [سورة النساء]
فالصبر.. الصبر أيها الأزواج والزوجات ولا تجعلوا العناد وحب الذات هو صاحب الكلمة الفصل في قضاياكم والطلاق أو الانفصال هو الفيصل أمامكم حتى وإن كان على حساب أولادكم وقرّ ة عيونكم.
ومن هنا قلنا أن نقول لك أيها الأخت الكريمة ولكل زوجة تمر بمثل حالتك انه يوجد أمامكن خيار ثالث بجانب الخيار الأول وهو الاستمرار في المعيشة على هذا النحو من النزاع والمشاكل المستمر والخيار الثاني وهو الانفصال والطلاق والذي نتفق جميعاً على وجوب البعد عن التفكير فيه أو حتى طرقه. هذا الخيار هو خيار الإصلاح والترميم في بنية الحياة الزوجية، ولا أظن أنه يعجزك وغيرك من الزوجات التفكير فيه أو حتى التفنن في تطبيق أساسياته فلا أشك أبدا أنك قرأت وسمعت مارست الكثير من هذه الأساسيات التي تقرب الزوج من زوجته وتذيب الجمود المتعمق بكل جذوره في بنيان العلاقة الزوجية. هذه الأساسيات من القواعد الزوجية كالتزين والتطيب والمعاشرة باللطف والكلمة الجميلة كلها وغيرها الكثير لن أعيد على مسامعك التوصية بها فهي وغيرها كما ذكرت أنا متأكد من انك حاولت الكثير منها إذ هي جميعها كما تلاحظين تدخل في إطار الأمر بالفعل والعمل والعلاقة الزوجية الناجحة قائمة في حقيقة الأمر على مبدأين اثنين هما مبدأ الفعل وهو ما ذكرته آنفاً وغيرها من الأمور الواجب على الزوجة فعلها من أجل بناء زواج ناجح والمبدأ الثاني هو مبدأ الترك بمعنى تجنب الأمور التي تخدش جدران الزوجية وتحفرها وتزيد التصدع فيها.(18/231)
ولكي لا أطيل في هذه الاستشارة فإنني سأكتفي بأمر واحد فقط وأظنه أم المشكلات القائمة ولبها ومسببها الرئيسي في كثير من الخلافات الزوجية، ولو تمت السيطرة عليه لتمت السيطرة على الكثير من المنغصات التي يتحدث عنها الكثير من الأزواج والزوجات. هو ليس سهلاً السيطرة عليه ولكنه هو يحتاج إلى صبر كبير.. وإلى مراس ومران مستمر.. هذا الأمر يعاني منه الأزواج والزوجات معاً وإن كان في أوساط الزوجات أكثر. هذا الأمر هو كثرة التشكي والتذمر وكثرة التأنيب من قبل الزوجة إلى زوجها." التشكي" والتذمر أوصلت الكثير من الأزواج إلى الهروب من البيت. يعمد الزوج إلى البقاء خارج البيت لفترات طويلة ربما يكون فيها مصطنعاً للعمل والأشغال وهو في حقيقته هروبٌ من زوجته وكثرة تسخطها وشكايتها.. هي ساخطة من كل شيء.. من الأولاد.. ومن الزوج وتعامله معها.. ومن قلة الخروج والنزهات.. ومن قلة المصروفات على الملابس والزينة.. تريد السفر.. تريد الزيارات.. تريد الزوج بجانبها.. وتريده أن يسعى لكسب لقمة العيش في نفس الوقت.. وهكذا في تسخط وتذمر لا ينتهي حتى يمل الزوج التحدث لها أو الاستماع إليها إذ ليس لديها غير التشكي والتذمر والتسخط وكثرة اللوم.
أيها الأخوات الكريمات أقلّوا من هذا اللوم المزعج.. ليس ضرورياً أن يستمع الزوج إلى قائمة الشكوى كل يوم.. والغريب أن هذه المسألة تزيد عند الكثير من النساء مع الزمن، فكلما طالت مدة الزواج كلما كثر التشكي لدى العديد من الزوجات.
يجب أن تعي المرأة أن الزوج طاقة ونفسية وأثقل ما عليه سماعه أن يسمع الشكوى والتذمر من الزوجة وإذا ما أمعنا النظر في المشكلات القائمة بين الأزواج نجدها بدأت من تشكي وتذمر من قبل الزوجة وقابله عدم تفهم من الزوج ثم انفرط عقد الخصام بعد ذلك ليزداد الهيجان التلاومي بينهما ينتهي بعد ذلك بمشكلة تتطلب وقتاً لحلها.
أما كيفية التخلص من هذه الصفة القبيحة فهي: أولاً باللجوء إلى الله بطلب العون ولنعلم جميعاً أن ما يحدث لن من مشاكل في بيوتنا إنما هو نتاج تقصير منا مع واجباتنا تجاه ربنا.
ثانياً المران والمحاولة المستمرة في التقليل من التسخط والإيقان بان ما فات يمكن تداركه.
ثالثاً: المعاهدة والمحاسبة الشخصية في كل فترة " أسبوعياً "مثلاً على عدد المرات الذي يحصل فيه مثل هذا التشكي ومحاولة وضع جداول زمنية ولو لفترات قصيرة يكون فيها المنزل خالياً من التشكي والتذمر من قبل الأزواج على بعضهم البعض.
ثقوا جميعاً أن الخلاص والتخلص من هذه العادة السيئة هي سر بدية النجاح لكلا الطرفين، وبداية النهاية لكثير من المشكلات الأسرية القائمة
وفقك الله ورعاك وأصلح حالك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(18/232)
لا أطيق زوجتي.!!
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 19-4-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة لله وبركاته
بداية جزاكم الله خيرا الجزاء على هذا الموقع القيم وجعل الله جميع ما تقومون به في ميزان حسناتكم ونفعنا بعلمكم
بدية أنا رجل متزوج منذ ما يقارب الثلاث سنوات وأحب زوجتي ويشهد الله أني أعاملها بما يرضي الله. هي وأهلها والذين هم بمثابة أهل لي، ولكني لا أعلم لماذا تمر أيام علي لا أشعر بميل نحوها وأحاول الابتعاد عنها رغم أنه لم يصدر منها أي شيء يضايقني، حيث أبقى متوترا حال رجوعي من العمل وتلح هي علي لمعرفة ما بي ولكني لا أستطيع مصارحتها بأني لا أطيقها.
وبعد أيام يعود الحال إلى ما هو عليه.
أفيدوني ماذا أفعل حيث أن هذه الحالة تعودني كثيراً ولا أريد ظلماً لزوجتي ولكن أشعر أن الأمر خارج عن إرادتي.
الجواب
الأخ الكريم:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
النفس البشرية مخزون مليء بالأسرار والعجائب والكنوز المعرفية لمن حاول التأمل فيها والتبصر في حالتها والتمعن في تقلباتها، إنها معين أعجز الكثيرين من علماء النفس والروحانيات والأخلاقيات والفضائل عن الإحاطة بالقدر القليل منها والنزر اليسير من أسرارها، وكل الذي فعلوه هو فقط محاولة سبرٍ لأغوارها المتقلبة وتفتيش لأشكالها المختلفة علَّهم بذلك يدركون شيئاً من كنهها العجيب وجسمها اللطيف وصفاتها المتعددة وصورها الكثيرة.. إنها حقيقة آية من آيات عظمة الله في هذا الكون.. ومعجزة من معجزات خلقه العظيمة فتبارك الله أحسن الخالقين.
الإنسان في خلقته التي خلق الله عليها مركب من عنصرين اثنين هما روح وجسد. وهو يحسن التعامل مع الجسد بشكل بارع.. هو بارع في علاجه إذا ما احتاج إلى ذلك حال المرض وهو بارع في تجميله وتحسين صورته بالاعتناء به ليل نهار في حال الصحة والعافية، أما الشق الآخر وهي النفس فإنها أمر يصعب التعامل معها ويستعصي على الكثيرين فهمها ناهيك عن احتوائها وعلاجها وقد يحزن الإنسان ولكن لا يدري من أين يأتيه الحزن.. وقد يغتم ويهتم ولكن لا يعلم مصدر ذلك الغم والهم.. وفي المقابل فقد يسعد ويحس بانشراحٍ في الصدر وتبتهج نفسيته وهو لا يعلم مصدر ذلك كله.
هي منبع الخير كله، وهي نفسها منبع الشر كله لدى الإنسان..تخطو القدم.. وتبطش اليد وتبصر العين وتسمع الأذن ويتكلم اللسان كل ذلك يتم بأمر من هذه النفس وتكف جميعها عن العمل بأمر منها أيضاً. إنها كما ذكرت سر عجيب أودعه الله سبحانه في ذواتنا(18/233)
أنت تحب زوجتك وتريد إسعادها ولا تريد لها ظلماً وفي نفس الوقت فإنك تجد من نفسك في بعض الأحيان عدم راحتك معها ولا تطيقها.. إنها لدى بعض الناس أمور متناقضة.. ولكني أتفهمها وأصدق بحدوث مثل هذا الأمر معك وهي مشاعر تخالج النفوس كثيراً.. ومثل هذه المشاعر لا تحدث مع الزوجة فقط، بل قد يشعر الإنسان بمثل هذه الأحاسيس مع صديق عزيزٍ مثلا، أو مع العمل والوظيفة أو مع بعض الأقارب أو قد يكون مع مكان معين كمنزل أو سيارة أو غير ذلك، وهذه صفة من صفات هذه النفس البشرية إذ تجنح إلى الملل والسأم في تعاملاتها مع بعض الأمور خاصة إذا كان التعامل مع مثل هذا الأمر له صفة الديمومة والتكرار مع الإنسان.
وكعلاج لما تجده تجاه زوجتك من ضيق فإنني أوصيك بما يلي:
أولا: إبقائك هذا الأمر بعيدا عن علم زوجتك شيء رائع منك في الحقيقة ودليل حب لها فأنت لا تريد مضايقتها بهذا الأمر خاصة إذا لم يبدر منها تصرف مشين مسبب لهذا التضايق.
ثانياً: حاول التعرف على نواة المشكلة ولبها والمسبب الأساسي لمثل هذه الأحاسيس في زوجتك.. هل هي الرائحة المنبثقة منها مثلاً؟ أو نوعية اللبس؟ أو المظهر الخارجي وشكل ونوعية التسريحة لديها؟ أو غير ذلك، إذ ان هذا الا معان والتدقيق قد يرشدك إلى أمر يسبب لك الضيق في العقل الباطن واللاشعوري فتشعر بمثل هذه الأحاسيس حالما يتواجد الباعث لها في زوجتك فيكون ما تشعر به إنما هو استجابة لا شعورية لهذا المثير.
ثالثا: لا بأس من مراجعة أخصائي نفسي والجلوس إليه وتوضيح مثل هذه المشاعر لديك أمامه، فربما يكتشف أموراً لديك يستطيع التعامل معها فتنكشف مثل هذه الغمة من نفسيتك.
رابعاً: لا تدع الأذكار والاستغفار فقد أثبتت التجارب المتكررة أثرها البالغ في كشف الهم وانجلاء الأحاسيس السيئة وانشراح الصدر. الأوراد الصباحية والمسائية وأذكار الدخول والخروج من البيت كلها أمور طيبة فلا تهجر العمل بها.
وفقك الله وأسعدك.(18/234)
زوجي لا يعرف (الرومانسية)
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 2/2/1425هـ
السؤال
تزوجت منذ عدة سنين برجل عربي مسلم من بلد آخر أحببته وأحبني، فتزوجنا، علماً أنه أكبر مني سناً، مضت الأشهر الأولى على خير وتفاهم، وبعد المولود الأول انقلبت حياتنا، يوماً نكون فيه متراضين، وعشرة نكون متخاصمين وهكذا، بعد المولود الثاني وأنا لا أجد من زوجي كلمة جميلة، لا أجد منه ما أريد إلا الصرف على البيت والأولاد، وأنا امرأة عاطفية جداً، وهو إنسان جدي جداً، لا يعرف الرومانسية، ولا طول البال، على أقل شيء يغضب ويشتم، وما يحزنني أكثر أنه في بعض الأحيان يدعو علي، وأنا لا أرد عليه، ولكني أسرها في نفسي، وأذهب أبكي، حتى عندما أبكي فإنه لا يأتي ليصالحني، أو يرضيني، ولديه تلك الفكرة أن الحق معه دائماً، وأنه حتى لو كان هو مذنباً فيجب علي أن أرضى، وأنْ آتي إليه، وأنا لا أستطيع أن أفعل أي شيء جميل له إذا كان هو ظالمني.
أظل أفكر في أيامنا الحلوة، وأقول في نفسي: لماذا تغير علي هكذا؟ مع العلم أنني ناقشته عدة مرات في هذا الموضوع، وطلبت منه أن ينتبه لحاله معي، وأحاول دائماً أن أطلعه على مواقع، أو كتب تهتم بشؤون الحياة الزوجية، ولكن لا حياة لمن تنادي، لقد مللت وسئمت؛ لأنني حاولت بكل الطرق معه، لكنه هكذا، مع العلم أنه يقول لي دائماً: إنه يحبني، وإنه راض وسعيد بالعيش معي، ودائماً يمدحني بين الناس، وليس لديه المشكلة التي أعاني منها أنا، ولكني لا أجد حبه لي، فهو لا يجالسني، وليس لديه قيم الخصوصية، والرومانسية الزوجية، كل شيء لديه عائلي، أي كل همه هو الأولاد، حتى عندما أتزين له، وأتطيب، وأعمل كل الأمور الجميلة له، فهو لا يهتم، ولا تتحرك مشاعره نحوي، مع أنني جميلة، وأصغر منه بكثير، حتى عند المعاشرة فإنه يقضي وطره مني بلا مقدمات كأنما يقوم بمهمة ما، وهذه المعاشرة لا تحدث إلا مرة في الأسبوع، أو كل عشرة أيام، أو ربما في بعض الأحيان تصل قرابة الشهر من دون أي لمس بيننا، ماذا أفعل؟ أصبحت أفكر بالانفصال عنه، ولكن يصعب علي ذلك؛ لأن لدي ابنتين، إضافة إلى ذلك فأنا أحبه، ولا يمكن أن أتصور حياتي من دونه، ماذا أفعل؟ علماً أنني وحدي ليس لي أهل وأقارب، وهو أيضاً، أرجو أن تساعدوني، -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
من المتوقع ألا يختلف اثنان في أن ما ذكرته من حالك مشكلة، لكن قد يقع الخلاف في حجم المشكلة؛ فقد أشرتِ إلى أنك امرأة عاطفية و (رومانسية) ، والعلاقة العاطفية والرومانسية تشكل أولوية بالنسبة لك، وهذا من شأنه أن يجعل شعورك بالإشباع العاطفي يتأخر حتى في الأوضاع الطبيعية.
ومن الصعوبة تشخيص حالة زوجك في حدود الوصف الذي ذكرته؛ لأن قدرًا كبيرًا مما ذكر، هو في الواقع يعبر عن نظرتك له، وأتوقع ألا يكون الوصف دقيقًا بشكل كافٍ لسببين: أن ما ذكرته يعبر عن رأيك، ونظرتك، وتفسيرك للمواقف، وقد لا تكون هي المواقف نفسها.
السبب الثاني: أن هناك مواقف متبقية يتعين معرفتها؛ لإعطاء تشخيص لحالة الزوج.(18/235)
ومع ذلك، فإنك تشيرين إلى أن زوجك يعبر عن محبته لك، ورضاه، وسعادته أمامك، وأمام معارفه، وهذا من دلائل الخير وبشائر المحبة.
يمكن تشخيص مشكلتك في وصفين:
- عدم إشباع زوجك لك عاطفيًا في مقابل شعورك بعدم القدرة على الحياة بدونه.
- سرعة انفعال الزوج لأي سبب والتجاوز في التعبير عن ذلك (الشتم والدعاء) .
والمقترح لحل المشكلتين أن تستمري في منح زوجك عاطفتك، وهذا يسهم -بإذن الله- بتوفير قدر من العاطفة الراجعة، والتزين له، والتحبب إليه، وإذا كان تغيره عليك بسبب ضغوط عمل طرأت عليه فأثرت في نفسيته، فلعلها تخف لاحقًا، وحتى لو كان ما طرأ عليه هو نوع من البرود الجنسي والعاطفي (مع أن في السؤال ما يخالف هذا التوقع) فلعل الاستمرار في محاولة إقناعه أو التدبير له عن فرص للارتقاء بالثقافة الأسرية والاجتماعية يسهم في تحسن حاله، ولا أجد مناسبًا التفكير في الانفصال عنه لعدد من الأسباب:
(1) أنه أبو ابنتيك -أصلحهما الله-، وأنتم في دار غربة، ولا يضمن الإنسان السلامة لنفسه ولا لأولاده في تلك البلاد.
(2) أن الانفصال عنه لا يضمن العثور على زوج بديل، يحقق ما تطمحين فيه، كما أن البديل قد يكون مثل زوجك في أول الأمر ثم يتغير.
(3) أن مشكلة زوجك قابلة -بإذن الله- للعلاج، وقد قال - صلى الله عليه وسلم-:"ما أنزل الله داءً إلا وله دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله" رواه أحمد (3568) وابن ماجة (3438) من حديث بن مسعود - رضي الله عنه -.
(4) مع أن المودة بين الزوجين مطلب وجزء من السعادة الزوجية، فإن كثيرًا من البيوت تقوم على الاحترام المتبادل بين الزوجين، ورحمة أحدهما للآخر، ولو لم يصل ذلك إلى حد المحبة، كما قال عمر -رضي الله عنه-: فليس كل البيوت يبنى على الحب، ولكن معاشرة بالإسلام، والحسان" رواه الطبري في تهذيب الآثار (1482) ، ولذلك وصف الله ما يكون بين الزوجين بأنه مودة ورحمة، فأحياناً تكون وشيجة العلاقة بين الزوجين مودة، وأحياناً تكون العلاقة رحمة، وأحياناً تكون مودة ورحمة، وهذه أعلى الدرجات، كما أن هناك من يفتقد كلا الوصفين، فتصعب العلاقة بين الزوجين.(18/236)
أنا وزوجتي مشاكلنا كثيرة
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 8/3/1425هـ
السؤال
شيخنا الفاضل: أنا وزوجتي نكن لبعضنا الحب العظيم، ونعرف ذلك في أوقات صفائنا، لكن ما يكدر علينا حياتنا هي مشاكلنا الكثيرة التي لا حصر لها، فلأتفه الأسباب نثور ونتلفظ على بعضنا وندعي على بعضنا كالحاقدين حتى نصل لمرحلة لا تطاق تطلب بعدها زوجتي الطلاق، لكننا نتراجع ونضع شروطاً ومواثيق يلتزم بها كلانا، لكن لا تلبث أن تعود المشاكل، فنحن متزوجان منذ 7 سنين، ولدينا أولاد والحمد لله، أرجو نصحي وتوجيهي.
الجواب
الخلاف بين الزوجين الذي يصل أحياناً إلى حد التغاضب أمر شائع قلما يخلو منه بيت، حتى أكثر البيوت استقراراً، ومردّ ذلك إلى أن جنس الاختلاف في وجهات النظر وتباين الأمزجة لصيق بجنس الإنسان، فإذا صاحبه شيء من الحدة وتعكر المزاج تحول إلى غضب وشقاق.
وفي حديث سهل بن سعد الساعدي في الصحيحين البخاري (441) ومسلم (2409) ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لما سأل فاطمة عن زوجها علي - رضي الله عنهما- قالت: "كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج"، فسعى - صلى الله عليه وسلم- إلى تطييب خاطر علي دون أن يستفصل أو يحدث بينهما شيء من هذا القبيل، كما أن (بيت النبوة) الذي يمثل أعلى درجات الاقتداء ربما حدث فيه شيء من ذلك ومن أحب الناس إليه، ففي الصحيحين البخاري (5228) ، ومسلم (2439) عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت علي غضبى، قالت: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم ... " الحديث.
فالمقصود أن جنس الخلاف وربما المغاضبة ليست مشكلة في حد ذاتها، لكن المشكلة تتجلى في صورتين كبيرتين، تندرج ضمنهما عشرات الأمثلة الصغيرة:
(1) أن تتكرر المغاضبة حتى تغلب على حياة الزوجين، فيتسلل إليها برود العاطفة ثم يسود الجفاء بينهما، حتى يتكدر العيش.
(2) أن تصل المغاضبة بهما إلى حد مكروه من السباب والإهانة التي يترفع المسلم عنها أو القطيعة والظلم، والدعاء بالإثم الذي قد يوافق الإجابة.
والحقيقة أننا لا نستطيع أن نفصل بين الخلاف وعموم سير الحياة الزوجية، بل الحياة الاجتماعية بشكل عام، وعليه فإن أية مشكلة (الخلاف الزوجي أو غيره من مسائل العبادات أو المعاملات) التي يجدر بنا أن نسعى لحلها، ينبغي أن لا نقتصر على الحل إذا ما وجدناه؛ لأن غالب الحلول أشبه ما تكون بالترميم أو الترقيع، وفي كثير من الأحوال تحل المشكلة وتبقى جذورها وأسبابها.(18/237)
وعليه، فالشجار بين الزوجين -إذا كثر- فإنه يشعر بأن المشكلة في تركيبة شخصية الزوجين أو أحدهما، فإذا كان أحدهما سريع الانفعال، أو متقلب المزاج أو يتعرض لضغوط نفسية فرضتها طبيعة عمله أو علاقاته الاجتماعية، أو قلق يتعلق بالمال، فالأولوية لعلاج الطبيعة غير السوية وتعويدها السلوك الصحيح، فإن أي تحسن يطرأ على جانب من جوانب الشخصية ينعكس بصورة ما، على حاله وسلوكه بشكل عام، وهذا واحد من المجاهدات التي نرجو أن يثيب الله عليها، والذي يمكن قوله في حدود ما كشف السؤال عنه، أن على الزوجين أن يتعاونا على منع أسباب الخلاف أصلاً، وبخاصة إذا غلب على ظنهما أنه من الصعب أن يضبطا انفعالهما حينئذ، وذلك من خلال مراعاة جملة أمور، منها:
(1) أن تقدر الأمور بقدرها، فإن مما يؤتي المغاضب من قبله هو عدم تقديره للأمور ووضعها في نصابها، وكثيراً ما تضخم أمور استجابة لتكدر المزاج غالبا وزنها الحقيقي دون ذلك بكثير، فكلمة خرجت لم تضبط أو أريد بها المزاح، أو عمل لم يتم على الوجه المطلوب أو في الوقت المحدد، أو رأي لم يرق للآخر، كل ذلك إذا وافق نفسية مستاءة أو مزاجاً متعكراً يصبح قنبلة ضحيتها الزوجان على الأقل.
(2) أن يغلب المسلم على حاله الأريحية وانشراح الصدر، ويقلل من تجهم الوجه، ويكثر من التبسم، فإن التبسم زيادة على ما فيه من الأجر، أظهرت التجارب أنه سبب لإنتاج (هرمونات) تسهم في الاستقرار النفسي والإحساس بالسعادة.
(3) أن يعتني الزوجان بالثقافة الأسرية، ويطالعا ما يكتب في هذا الشأن، رغبة في توظيفه في حياتهما، وفي الساحة مجلات محافظة ذات عناية بهذه الموضوعات، فضلاً عن الكتب والأشرطة، وكم سيكون لطيفاً إذا أعان زوج زوجته على هذه الثقافة وأعانت زوجة زوجها على ذلك.
(4) الإفادة من أوقات الاستقرار والصفاء في تعميق العلاقة الزوجية، وكسر الرتابة التي قد توفر فرص الخلاف، وعادة الناس ليست واحدة في التعبير عن مشاعر المودة بين الزوجين، ولكن على كل زوج أن يتحسس ما يحبه زوجه مما أباحه الله، فيباشره ويحتسب الأجر في ذلك عند الله.
وإذا ما حدث الخلاف فليكن خلافاً ناجحاً! أعني أن يستوفي آداباً يرقى به الزوجان إلى مصاف العقلاء، ومن ذلك:
(1) يتعين على الزوجين أو أحدهما أن يمسكا عن تأجيج الخصام الذي اتقدت شرارته، فيبدأ بالاستعاذة بالله من الشيطان، فإن الغضب مطيته لتحقيق أسوأ مراميه وهو التفريق بين الزوجين، وعليهما أن ينصرفا إلى ما يهمهما فيتوقف عن الجدال، وبخاصة ذلك النوع الذي لا يعدو أن يكون ترامياً بالمسؤوليات وتراشقاً بالتهم.
(2) أن لا يجر الخلاف إلى استدعاء خلافات سابقة عفا عليها الزمن، فيزج بها في حلبة صراع اليوم، وكأن الموقف تصفية حسابات، بل يقدر كل خلاف بحسبه، والقصد من النقاش أو حتى (التلاوم) هو الوصول لحل، لا أن تقام الحجج والبينات على صحة دعوى ما.
(3) أن يحترز الزوجان أن يجري على ألسنتهما سبة لا تليق، أو ما من شأنه تحقير الآخر وتسفيهه، أو التهكم بشيء لا يد لهما فيه، كبلد أحدهما أو أسرته أو والديه، فإن هذا غالباً يحدث في النفس جرحاً عميقاً قد لا يمحى بسهولة، أو يدعو بدعوة تصادف إجابة.(18/238)
(4) على الزوجين ألا يكونا صريحين في إبداء مشاعرهما السلبية تجاه الطرف الآخر، مهما كانا صادقين، فإن الصدق لا يعني التعبير عن مشاعر قد تهدم البناء الزوجي، وإذا كان هذا ليس خاصاً بحالة الشجار، فإنه يتأكد عندها.
(5) ليستحضر الزوجان أن الله لم يذم إنسان لغضبه ولم يمدحه لعدم غضبه، ولكنه أثنى على من إذا غضب كظم، وأعلى من شأن الذين إذا غضبوا هم يغفرون، وهنا تتجلى قوة النفس في ضبط الانفعال، لا في جزالة ألفاظ الشجار، ولا في قوة الصراخ، وما أعظم أجراً ادخره الله للكاظمين الغيظ، فقد خرج الإمام أحمد (15066) والترمذي (2021) وأبو داود (4777) وابن ماجة (4186) بسند حسن عن معاذ بن أنس الجهني - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كظم غيظاً وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره الله من أي الحور شاء".
(6) ألا يفرح الزوجان ولا أحدهما بالخلاف، حال وقوعه، ويستجيبا لانفعالات أنفسهما فيزيدا في اتقاد الشجار، ويتخذا قرارات خطيرة من جرائه، وفي حديث عائشة - رضي الله عنها- المذكور طرف منه، قالت: "أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك" (سبق تخريجه) . نسأل الله أن يهدينا لمحاسن الأخلاق والأعمال والأقوال، ويعيذنا من مساوئ الأعمال والأخلاق والأهواء والأدواء.(18/239)
أنا حائر مع زوجتي
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/نشوز الزوجة
التاريخ 19/04/1425هـ
السؤال
أنا شاب، لي وظيفة مرموقة جداً، ومعروف بحسن علاقتي مع الناس، وأدبي الجم معهم، ومساعدتي لهم في حوائجهم الخاصة، والفضل لله وحده, إضافة إلى ذلك فأنا أحمل هم الدين والدعوة بما يتيسر لي، وظاهري يدل على اتباع السنة والفضل لله وحده, أنا متزوج الآن منذ ما يقارب ثلاث سنوات من فتاة متدينة عفيفة، تدعو إلى الله بقدرها والحمد لله, ولكنها شديدة الغيرة، فلا تتورع حين تأخذها الغيرة أن تسبني وتشتمني وتدعو علي بما يؤذيني، وتعيرني بما كان مني قبل التزامي، ولا مانع عندها من أن تعرض بأهلي تصريحاً أو تلميحاً، أو تهددني بطلب الطلاق، وقد أفهمتها بحرمة ما تصنع، إلا أنها تعود وكأن لم يكن شيء, وحجتها حين تهدأ أنها خلقت من ضلع أعوج، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قد أوصى بهن؛ لأنهن عوان عندنا، وما يزيد الطين بلة أنني أعمل في قطاع صحي له مساس بالنساء، وأنا أجتهد ألا يصدر مني ما يخالف الله فيما أستطيع، وعسى أن يغفر لي الله ما يبدر مني خطأ أو إكراها, لكن زوجتي تقلب حياتي جحيماً بسبب ذلك.
وقد حدث في أول الزواج أن ضربتها عدة مرات بسبب شدة الغضب، فكنت اعتذرت لها حتى إنني قبَّلت أخمص قدميها.
عذراً فللموضوع زاوية أخرى: فأنا إلى الآن لم أعاشر زوجتي كما يفعل الأزواج, فهي تعاني من مرض خوف أو هلع يمنعها من مساسي لها، وقد راجعنا بسببه متخصصين عدة, ويعلم الله أني لم أبخل عليها بشيء فمن طبيب إلى آخر, حتى ذهبنا إلى أحد الأئمة ليقرأ عليها, ولا فائدة, فقد امتنعت مراراً عن أخذ العلاج، أو أداء بعض التمارين المتخصصة تكاسلاً، أو لعدم اقتناعها بجدوى ذلك، ووالله لقد تحملت تساؤلات الناس عن عدم الإنجاب وهم من أهلها أكثر من أهلي، وأنا محتسب كتماني السر؛ لئلا تتأذى هي, فضلاً عن تحملي ما يعتمل في نفسي من رغبة شديدة ومن نداء للفطرة, وقد حاولت شرح موقفي لها صراحة دون تلميح، وهي تتعذر وتتأفف أحيانا، ًوتهددني بالنكد والطلاق إذا أنا تكلمت مع أحد من أهلها، لا أنكر أني أصبحت أفرغ ما في جوفي بيدها إلا أن ذلك لا يغنيني تماماً, وأصبحت وأنا المتزوج وطالب العلم أمارس العادة السرية, وأنا قد كرهت نفسي وأظلمت حياتي من جراء مقتي الشديد لما أصبحت فيه, فأنا أنكر على الناس ما آتيه, وأرشد الناس لطرق السعادة التي أنا أبعد ما أكون عنها، ولما علمت زوجتي أنني أمارس تلك العادة, هددتني مراراً بفضحي والتشهير بي، تهددني بالتشهير بي عند أهلها والناس، ولما حاولت إصلاح الوضع, لم يفلح شيء، لا أنكر أني فكرت في طلاقها، ولا يمنعني إلا الحرص على الأجر، وعسى أن يجعل الله فيه خيراً كثيراً, إلا أن السيل قد بلغ الزبى,, فأدركوني برأي سديد, فأنا والله غريق. جزيتم خيراً.
الجواب
في تقديري، ما تشكو منه بخصوص زوجتك مركب من ثلاث مشكلات (غيرتها الشديدة وما تتسبب به) ، (انفعالها وما يترتب عليه) ، (خوفها من الجماع) ، ويغلب على ظني أن بين هذه المشكلات علاقةً طردية.(18/240)
غيرة النساء سلوك طبيعي، لكنه يعد مرضًا إذا تجاوز حده، وهو ما أشرت إليه، بالإضافة إلى الانفعال الذي يعتريها، ويجرها إلى عدم السيطرة على نفسها.
من المحتمل أن زوجتك تعاني نوعًا من (الشك والريبة) مع شيء من (الصلف) ، وهما وصفان يتقاربان في بعض الشخصيات، لا أجزم بهذه الوصف لكن سياق وصفك يوحي بذلك، هناك صفات (قد تجتمع كلها أو بعضها) في (الشخصية المرتابة) ، منها: تغليب سوء الظن، والحذر والتوجس، ومحاولة التحليل، والاطلاع على ما في نفوس الآخرين، والحساسية من أي نقد يصدر منهم، وصعوبة اعتراف هذه الشخصية بالخطأ أو الجهل، حفظ المواقف والأقوال التي يمكن أن تشكل إدانة لاحقة لو حدث شجار ما وتطلب استدعاءها، تغليب مشاعر الغلظة والصرامة على الألفة واللطف، نادرًا ما يميل صاحب هذه الشخصية إلى المزاح، وغالبًا ما يتسم بضعف الإصغاء، ليس بالضرورة كل هذه الصفات تجتمع في الشخصية المرتابة، يكفي أن يوجد ثلاث على الأقل.
هذه النفسية التي تعاني منها زوجتك قد يكون لها تأثير في الحالة العصبية والنفسية العامة التي تسبب اضطرابات جنسية (سواء في الرغبة أو في الممارسة) ، وقد لا يوجد لها سبب عضوي عند الفحوص الطبية.
يغلب على ظني أن زوجتك تعاني من الخجل من مسائل الجنس، وترى فيه عيبًا (وأحيانًا لا تشعر بذلك) ، أو أنها سمعت عنه معلومات مغلوطة تتعلق بالألم فتوهمته شيئًا مخوفًا، زاد الأمر إشكالاً الأسلوب الصارم الذي أتوقع زوجتك تتصف به، ومثل هذا يتطلب علاجًا عند مختصٍ نفسي، حيث إن هناك جوانب تحتاج إلى تفكيك، وبالتالي تتطلب جلسات يمكنكما بعدها -إن شاء الله- تجاوز المشكلة.
أحيانًا، قد تُفهم المشكلة على أنها مس أو عين، وهو ما يبدو أنكما تتوقعانه مما استدعى زيارتكما لبعض الرقاة الذين يقرؤون القرآن الكريم، وقراءة القرآن مسلك نافع إن شاء الله، لكنه يبعد أن تكون مشكلة زوجتك متعلقة بالعين أو السحر إذا صح تقديري؛ ولأن المشكلة تتعلق بالتصورات والمخاوف فإنها تتطلب التعليم والإفهام بالطرق العلاجية المناسبة.
أقترح عليك المبادرة إلى طبيبة نفسية ممن عرفت بالحكمة في تخصصها، (أو طبيب إذا تعذرت الطبيبة) ، واعرض عليه مشكلة زوجتك سريعًا، وامنح نفسك (مهلة) في حدود الأربعة أشهر بعد أول زيارة للطبيبة، فإذا لم ترحب زوجتك بالعلاج أو لم ينفع معها فأقترح عليك الزواج بأخرى؛ طلبًا لإعفاف نفسك وسلوكك السبيل المستقيم، فإن تحسنت أحوال زوجتك (وأنا متفائل بتحسنها إذا أعنتها على تعديل سلوكها بشكل عام) وإلا فقد ترى الانفصال عنها، ولعل الله يخلف على كل واحد منكما خيرًا من الآخر.(18/241)
أنا لا أحب زوجي، ومن أجل ذلك....
المجيب فهد بن محمد بن إبراهيم اليابس
مستشار أسري بمشروع ابن باز بالرياض
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 13/04/1425هـ
السؤال
أنا فتاة متزوجة متدينة -ولله الحمد-، ولي سنتين مع زوجي الذي يكبرني بأربع سنوات وهو متدين، وأنجبت منه بنتاً عمرها سنة الآن, ونعيش في منزل مستقل, حالته المادية مستورة, مشكلتي هي: أنني لا أحب زوجي, حاولت أن أحبه وأن أكيف نفسي مع الوضع لكنني لم أستطع! قررت الإنجاب عسى ولعل أن أزيد قرباً منه لكني مازلت على حالي! هو يحبني ويصرح بذلك، لم استطع مبادلته نفس الشعور!
فكرت عدة مرات في الطلاق لكني محتارة، كيف سأواجه أهلي؟ ما مصير ابنتي الوحيدة؟ تحدث المشاكل بيننا مراراً ولكني أتجاهلها أما في بعض الأحيان فإنني لا أستطع، وأذهب إلى أهلي، وأنا في نيتي عدم العودة لكن إجبار أمي وإصرارها أعود بعد يوم أو يومين، تعبت.
زوجي إذا مرض فهو دائم الشكوى لا يريدني أن أبتعد عنه، أحتاج إلى زيارة أهلي, ولكنه يتعلل بأنه مريض ويحتاجني! عندما أذهب إلى أهلي يتصل بي ويتشكى بأنه مريض وو..، لا يجعلني أرتاح وأجلس مع أهلي مرتاحة!
ومرت بي الأيام على هذا الحال إلى أن تعرفت على شاب خلوق عن طريق الإنترنت! نمت علاقتنا وتعرفت عليه أكثر يكبرني بسنة، تطورت علاقتنا وأحببته من كل قلبي! حتى صرت أفكر فيه في كل وقت أستمتع بكل كلمة يكتبها! حتى وصلت بي الحال إلى أن أعطيته رقم هاتفي! أكلمه بغياب زوجي! تطورت علاقتنا حتى قابلته مرة من المرات في مكان عام, أحببته إلى درجة الهيام, قد يكون تعرفي على هذا الشاب هو سبب تدهور علاقتي مع زوجي في الوقت الحالي إلا أنني لا أريد الاعتراف بذلك!
اعلم أنني أخون الله وأخون العهد وأخون زوجي ولكن ما العمل؟ دائما ما أدعو الله أن ينجيني من هذا الطريق الوحل الذي انزلقت فيه، ولكن دائما ما بين نفسي بأن علاقتي مع زوجي وافتقاري للحب المتبادل هي السبب فيما أنا فيه الآن، مر على علاقتي مع هذا الشاب ثلاثة أشهر وفي كل يوم تزيد رغبتي فيه! حاولنا ألا نسمح لأنفسنا بالتمادي أكثر وحاولنا أكثر من مرة بأن نبتعد عن بعض إلا أننا في كل مرة نعود بأقرب من السابق!
أتمنى منكم إفادتي بالحل بشكل سريع؛ لأن وضعي الحالي سيء للغاية.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
الأخت الكريمة: - وفقها الله - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
تمنيت أنني لم أصل إلى الجزء الآخر من الرسالة، لقد كنت أقرأها والألم يعتصر قلبي؛ لأني أرى الخيانة الصريحة لله وللمواثيق والعهود ولهذا الزوج المسكين، أي تدين هذا الذي ذكرتيه في بداية رسالتك؟!
ترى ما مدى شعورك بالذنب والمعصية التي عصيت الله بها، أنني أسأل الله لك الهداية والرشاد، وأن يأخذ بيدك إلى الحق والخير، ويزيدك ثباتاً عليه.(18/242)
أختي الكريمة: لم تذكري سبب بغضك لزوجك، هل أبغضتيه لشكله الخارجي؟ أم لسوء خلقه ودينه؟ أم أنك كرهتيه ولا تعلمين سبب ذلك؟ وهذه هي المصيبة العظيمة والطامة الكبرى، ورد في الحديث الصحيح أن الشيطان يكون على عرش على الماء ويعبث أتباعه في الناس ثم يأتون إليه مرة أخرى، فيسألهم ماذا فعلوا فيقولون بعضهم: لا يزال به (أي بالعبد) حتى يوقعه في المعصية والآخر يقول لا أزال به حتى أوقعته في البدعة، إلى أن يقول الأخير: لا أزال بهما حتى فرقت بينهما (أي الزوجان) فيدينه الشيطان ويلبسه تاجاً.
إذاً من أعظم ما يقوم به الشيطان هو التفريق بين الأزواج وهدم حياتهما، وأرى أن الشيطان قد اختارك هذه المرة لهذا العمل، فانتبهي لذلك واعلمي أنك على خطر عظيم قد تخسرين به ثواب الدنيا والآخرة، واعلمي بأن الدراسات الاجتماعية والنفسية أثبتت بأن الارتياح المتبادل بين الزوجين لا يمكن أن يحصل في غضون سنتين وكيف يحصل ذلك، وكل منهما مكث في دار أهله أكثر من عشرين عاماً، فهل سيتقبل هذا الطرف الآخر تقبلاً كاملاً في زمن يسير، بل إن دراسة أثبتت أن أكثر حالات الطلاق كانت وللأسف في خلال السنتين الأُول.
وأنا ومن خلال رسالتك أستطيع أن أذكر بعض صفات زوجك الرائعة والتي أعماك عنها الشيطان ربما منها طيبة القلب.. ومنها العاطفية الشديدة والتصريح بهذه العاطفة تجاه الزوجة، مع العلم بأن كثير من الأخوات يشتكين بأن أزواجهن لا يصرحون لهن بالحب والهيام فانظري كيف جعل الشيطان هذه الخصلة، صفة نقص في نظرك، ثم انظري -رعاك الله- إلى هذا الشاب الذي تعرفت عليه وأعجبك كثيراً.. ما الذي أعجبك فيه؟ هل هو شكله؟ قد يكون ذلك ولكن ثقي تماماً بأن أصحاب الأشكال المميزة في الغالب قد يكون لديهم من الغرور والكبر والانحراف أحياناً.
وقد تقولين أن الذي أعجبك هو فكره وروحه، وأنا أقول كيف عرفت ذلك في غضون فترة بسيطة، أم كيف تعتقدين ذلك وأنت ترين أسلوبه في التعرف عليك، بل لو كان لديه دين ومروءة تردعانه عن المحارم لما رضي بالتعرف عليك وانتهاك خصوصيتك فضلاً عن كونك متزوجة ولديك أطفال.
فأوصيك بالتوبة والرجوع إلى الله ولن يتحقق ذلك إلا بالإقلاع الصادق الكامل عن هذه المعصية بالتوبة والرجوع عنها، إقلاعاً تأخذين العزم فيه على ألا تتحادثي مع هذا الشاب مرة أخرى، وإلا فإني أخشى عليك من الوقوع فيما لا تحمد عقباه، وعندئذ لا ينفع الندم ولا البكاء، وستتمنين حينذاك بأن أمك لم تلدك.
إن زيادة تعلقك بهذا الشاب ليس هو الحل، بل هو زيادة في العذاب والعناء وركض خلف سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً، بل هل تعتقدين أنك ستنالين منه ما تريدين، لا والله، وأكاد أجزم بأنه لو تيسر له الزواج منك لرفض رفضاً قاطعاً ونفض يده منك.
أختي الكريمة: لا تيأسي من رحمة الله؛ فإن الله كريم ولطيف بعباده، ويستر لهم عيوبهم، إياك أن تشعري بالقنوط من رحمة الله تعالى.(18/243)
واستدركي نفسك فما زلت في بداية الطريق، والحمد لله الذي ردك إلى الحق وعرفت خطأك وأوصيك بلزوم الصدق مع الله ومع زوجك وستجدين مشقة في ذلك في البداية، ولكن ستجدين النهاية - بإذن الله- وتذكري قول الله - عز وجل-: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين".
فثقي بمعية الله ونصرته لمن يريد الهداية بصدق، وأظن أنك كذلك - إن شاء الله-. سدد الله خطاك، وأعانك على لزوم الحق والثبات عليه، والله يحفظك ويرعاك.(18/244)
أعاني من فقدان العاطفة
المجيب
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 28/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا سيدة متزوجة منذ فترة طويلة، تزوجت في سن صغير، ولي من الأولاد خمسة، اعترضت على فارق السن، لكن الأهل أصروا على الزواج، والحمد لله زوجي طيب، حنون، وأخلاقه ممتازة، المشكلة أني أعاني من فقدان العاطفة من بداية زواجي، إذ زوجي يعتبرها كلاماً فارغاً، وأعاني من مشكلة أني كثيراً أحن إلى العاطفة، لكن هو يستحقرني، أفتقد الحنان، هو يهتم بأولاده كثيراً، والحمد لله أني أقوم بواجباتي على أكمل وجه، زوجي له نظرة خاصة للحياة؛ لأن مطلق الحرية له، تشجعت وبحثت عمّا أفتقده خارج البيت، وعن طريق الإنترنت تعرفت على شخص مقارب لسني، ويعاني نفس مشكلتي، واقتصرت علاقتي به على تبادل الآراء والفائدة فقط، ولم نتبادل معلومات بخصوص الأهل، كل الأمور كانت زرع الثقة، وإحساسي أنه شخص يهتم بي ويخاف علي وينصحني، بعكس زوجي الذي لا يهتم بهذه الأمور، أريد أن أعرف هل ما فعلته يعتبر جرماً؟ أعرف أني ارتكبت خطأً، لكن حاولت الابتعاد ولم أستطع؛ لأني أفتقد للحنان والإحساس بالاهتمام. أرجو إفادتي ولكم جزيل الشكر.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخيتي في الله: من قراءتي للرسالة يتضح أنك عاطفية -كما تقولين- ولكنك لا تملكين زمام المبادرة، فإذا كان زوجك - كما تذكرين- على قدر من الطيبة والأخلاق، فابدئي معه وغيري من نمط حياتك، وابدئي أنت بالحنان عليه، وحسسيه بذلك؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فأنت الآن أم لخمسة أطفال، فالواجب عليك حبهم والحنان عليهم، ومعنى ذلك أنك لست مراهقة تبحث عن هذه الأمور بطرق غير شرعية، اتقي الله في نفسك وفي أسرتك، وامتثلي قوله الله تعالى: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيراً" [النساء: 34] .
ختاماً: أرجو أن تكوني سيدة الحور في الجنة بطاعتك وبرك لزوجك، وأذكِّر نفسي وإياك وكل أخت مسلمة بحق الأزواج علينا، ويكفيك في هذا المقام أن من ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة.
وفي الحديث الآخر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها ادخلي من أي أبواب الجنة شئت" أخرجه أحمد (1664) من حديث عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-. أسأل الله لنا ولك الثبات على طاعته.(18/245)
مضى عمري معه ولا أحبه
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -سابقا-ً
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 7/01/1426هـ
السؤال
تزوجت منذ عشرين سنة، وعمري 28 سنة، وكنت أعيش في بيت إخوتي في وضع غير مستقر، وعندما تقدم لي أول خاطب وافقت حالاً؛ كي أتخلص من الواقع الذي أعيشه، ولكن اتضح لي بعد أني لا أحبه، ولا أستطيع التحمل عندما يقربني، وأمثِّل كي لا أشعره بذلك، وأتهرب منه عندما يطلبني، وأتشاغل عنه، وأعلم أنه يصبر علي كثيراً، وأنا أتعذب من الداخل من أجله، ولا أستطيع مصارحته؛ كي لا أجرح شعوره، عندي منه عدة أولاد، وهو ملتزم وحسن الخلق، ولكن ضعيف الشخصية، وأنا أفوقه بذلك ومتعلمة.
سؤالي: هل أنا آثمة وسيحاسبني الله على ذلك؟. أرجوكم أفيدوني أنا أخاف الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
ابنتي الكريمة، أما حالتك ومعاناتك فهي واضحة، أما سؤالك فلم يتضح لي، هل أنتِ تسألين عن مشاعرك، هل هي مما تأثمين به؟ فالجواب أن مشاعرك ليست مما تملكين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" أخرجه الترمذي (1140) ، وأبو داود (3124) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. وليس من السهولة أن يحدد الإنسان اتجاه مشاعره، فإذا كنتِ لا تشعرين بحب له فهذا أمر فطري راجع إلى تكوينك النفسي ولا ذنب لك فيه، ولكن الشيء المهم هو ألا يتجاوز ذلك إلى التعامل بطريقة سيئة فيها سوء عشرة، والذي ظهر لي من خلال سؤالك أنك لست كذلك، وأنك تجاهدين نفسك كي تحافظي على مشاعره وكرامته وقيمته الشخصية.
فأنت -بحمد الله- غير آثمة، بل مثابة على صبرك ومعاناتك وتحملك ما لا تتقبله نفسك، والله يعظم لك الأجر والمثوبة، أما إذا كنت تسألين: هل لك الحق بطلب الطلاق؟.
الجواب نعم، لك الحق بطلب الطلاق إذا كنت تشعرين بنفرة منه، كما أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- جميلة بنت أبي بن سلول زوجة ثابت بن قيس بن شماس أن ترد عليه حديقته، ولم ينكر عليها طلبها الطلاق منه. صحيح البخاري (5273) . وكما فعلت بريرة زوجة مغيث التي كان زوجها يحبها أشد الحب، ولكنها كانت تبغضه، فأذن لها النبي -صلى الله عليه وسلم- بمفارقته بعد أن تحررت من الرق، وكان صلى الله عليه وسلم يقول لعمه العباس: "ألا تعجب من حب مغيث لبريرة وبغض بريرة لمغيث" صحيح البخاري (5283) .
أما إن كنت تسألين: هل من المصلحة أن تطلبي الطلاق منه؟، فإن الذي يظهر لي أن المصلحة ليست في ذلك، والسبب أنك قد تأخرت كثيراً في اتخاذ هذا القرار، فبعد عشرين سنة من العُشرة، وبعد عدة أولاد ليس في مصلحتك إطلاقاً مفارقة هذا الرجل مهما كانت عواطفك؛ لأن مضي عشرين سنة معه أثبتت أنك قادرة على احتمال هذه الحياة، كما أن طول هذه المدة وإن لم يصنع حباً فإنه يوجد إلفاً وتفاهماً ووفاءً متبادلاً، وفي المقابل فإن هذا الطلاق لن يفتح أمامك خيارات أفضل، خصوصاً مع ما ذكرت من استقامة هذا الرجل، ووداعته وحسن خلقه.(18/246)
الذي أتصوره لحالك بعد الطلاق -وأنت في هذا السن، وهؤلاء الأولاد معك- أن خيارات الزواج الثاني معك ستكون محدودة جداً، وأشك في أنك ستتزوجين بشخص تجدين عنده ما يلاقي عواطفك ومشاعرك؛ ولذلك فإن الصبر وتمضية بقية العمر مع الأولاد ربما كان هو الخيار الأفضل لك، وألا تشعري زوجك بشيء من مشاعرك، وتحاولي ما أمكن القيام بحقوقه؛ لأني -كما قلت لك- لا أنكر حقك في طلب الطلاق، ولكن ينبغي التفكر والتفكير في الخيارات المستقبلية، هل هذا الطلاق سيؤدي إلى حياة أفضل أم سيؤدي إلى تشردك وبقائك بلا زوج، وبعدك عن أولادك وتشتت حياتك؟!.
فكري في الأمر بروية، واسألي الله الخيرة والله يوفقك لما يحب ويرضى.(18/247)
لا يشعر برغبة نحو زوجته
المجيب سعد بن عبد الله الماجد
عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 06/01/1426هـ
السؤال
سؤالي هو: أنني متزوج منذ عدة أشهر، وأهل زوجتي من منطقة بعيدة، ومشكلتي ترتكز على أمور: بُعد أهلها وكثرة روابطهم الاجتماعية يزعجني. ليست على ما أريد، وقد استعجلت في زواجي ولم أراع الشكل. أشعر دائما أنني (لو أفارقها) سأرتاح. نظرة أقاربي وأهلي لها فيها نوع احتقار. أشعر أحيانا بعدم الرغبة في معاشرتها. لم أجد طموحي فيها، ولكن ما جعلني أصبر عليها أنها ذات دين، وخلوقة، وتحترم أهلي، وكذلك أجد احتراما من أهلها. سؤالي: كيف أزيل هذا الشعور، وهل تنصحني بالاستمرار معها؟ أرجو أن تكون الإجابة مفصلة. وشكراً.
الجواب
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فأشكرك أخي على ما كتبته من سؤال الاستشارة قبل الإقدام على فعل تندم عليه مستقبلا، واسمح لي بمناقشتك فيما كتبت:
أولا ً: هل بُعد مكان أهل الزوجة مما يزعج؟ أنت تعلم عن الكثير ممن يتزوج من دول أخرى عربية وغير عربية بيننا وبينهم آلاف الكيلومترات، ومع ذلك لم نجد من يرغب في فراق زوجته لبُعد أهلها!؟
بل إن بعد الزوجة عن أهلها يجعلها تلتفت إلى زوجها، فيكون هو أهلها فتسعى لكل ما يسعده.
أما بالنسبة للروابط الاجتماعية كما قلت، فهذا مما ينفعك ولا يضرك؛ لذا كان الزواج من خارج الأسرة والقبيلة مما يقوي مكانتها، ويكون فيه تعارف وتعاون في مصالح شتى، كما أن في الزواج من خارج الأسرة نجابة للأولاد وقوة في أبدانهم وعقولهم.
ثانياً: تقول استعجلت في زواجي ولم أراع الشكل؟
قولك لم أراع الشكل؟ هل تقصد مواصفات تريدها؟ إن كان كذلك فاعلم بأن الجمال الحقيقي هو في تقوى الله والاستقامة على شرعه، كما أن الإنسان لا يخلق نفسه وصفاته وأفعاله بل الله -تعالى- هو الخالق، فلا تعترض على خلق الله عز وجل.
وصفات الجمال وغيرها مما يدندن حولها بعض الجهلة، حيث يرسمون في مخيلتهم صورة فتاة شقراء وبمواصفات أخرى لا يهم ذكرها هي من آثار المسلسلات والأفلام التي تعرض على وسائل الإعلام الفاسدة.
بل إن الكثير من تلك الصور قد شكلت بأقلام وألوان المكياج، وقصات الكوافير. (وهذه هي ثقافة العولمة المرة؟)
كما أن المستوى -أعني الجمال- في الناس هو الوسط، وكل يحمل عيباً بين جنبيه قد يعلم به، وقد لا يتفطن لذلك إلا من شاء الله وسع ربي كل شيء علما.
كما أنه جاء في مسند الإمام أحمد (11356) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة على إحدى خصال ثلاث تنكح المرأة على مالها، وتنكح المرأة على جمالها، وتنكح المرأة على دينها، فخذ ذات الدين والخلق؛ تربت يمينك".
فأي نصح بعد نصيحة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي لا ينطق عن الهوى.(18/248)
وهل هناك عاقل لا يحب أن يتزوج امرأة صالحة، وفي الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لما نزلت هذه الآية "والذين يكنزون الذهب والفضة" قال كبر ذلك على المسلمين، فقال عمر -رضي الله عنه- أنا أفرج عنكم فانطلق فقال يا نبي الله إنه كبر على أصحابك هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم، وإنما فرض المواريث لتكون لمن بعدكم فكبَّر عمر ثم قال له ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته". رواه أبو داود في سننه (1664) .
وعن عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الدنيا متاع وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأة الصالحة" رواه ابن ماجه في سننه (1855) .
وعن سعد بن أبي وقاص-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء" رواه أحمد في مسنده (1448) .
احمد الله تعالى على نعمة الزواج بالمرأة الصالحة، فهي نعمة من أعظم النعم لو تستشعر ذلك.
تطيع الله تعالى فيك وتحفظك في مالك وفي فراشك وتربي أبناءك على طاعة الله، مطيعة لك في نفسها طاهية طعامك وغاسلة ثوبك، تفرح لفرحك، وتحزن لحزنك فماذا يكون الجزاء؟ ... إلا أن تطيع الله فيها وتحسن وتحفظ لها كرامتها. وفي الحديث عن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر" أو قال غيره رواه مسلم (1469) .
-وأمر آخر افترض أن أختك مكانها، فهل ترضى لها الطلاق والتعاسة..بعد عز الزواج، تكون حملت لقب مطلقة؟ ونفسية المرأة ليست كالرجل بل هي حساسة جدا تخدشها الإشارة فضلا عن القول.....
- لا تكن عونا للشيطان على نفسك وعليها، فأنا أعرف من النساء الصالحات العاقلات من تغيرت بعد الطلاق، فطلقت الاستقامة وطمأنينة النفس؛ بعد طلاق زوجها لها؟!
- أمّا قولك بأنك سترتاح بعد الطلاق فهذا من تلبيس الشيطان ليخرجك من جنتك، كما أخرج آدم وحواء من الجنة بأكلة؟!!
- ينبغي عليك يا أخي أن تكون رجلا في سمعك وكلامك، فأي كلام يزلزلك ويبغض زوجتك لك؟ ألم تخترها من بقية النساء، أليس فيها ما يُحبَ؟ أليس للدين الصالح، والخلق وتصريحها بحبك ما يردعك عن سماع كلام الآخرين فيها، ينبغي أن تعلم بأن كل ذي نعمة محسود، وأنت في نعمة.
بعض الأقارب -وللأسف- إذا تزوج ابنهم وصلح حاله حسدوا زوجته عليه، أو أبغضوها لأمر يعلمه مقلب القلوب. فاحترس واحذر.
- إنك إذا فعلت ما سبق من إكرام الزوجة، وعدم الإنصات والتفكير في كلام الآخرين في زوجتك، وعدم التفكير في الطلاق وإنفاذه سوف تشعر بنعمة عظيمة، وندم على تلك الساعات والدقائق التي فكرت خلالها في طلاق زوجتك، وتنغيص عيشك. كما ستزيد من رغبتك في جماع زوجتك وذلك برهان على محبتك وودك لها! وفقك الله.(18/249)
أشعر بنفرة شديدة وكره لزوجتي
المجيب عفاف بنت حمد الونيس
عضو في الإدارة العامة لتقنية التعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 26/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعرض عليكم مشكلتي وأرجو من الله ثم منكم أن أجد لها حلا، أنا شاب تزوجت من قريبة لي، وذلك قبل مدة يسيرة، الحقيقة شعرت بعد عقد القران بضيق صدر وكره لزوجتي، لكن كنت أقول هذه وساوس من الشيطان وأستعيذ منها، وأحاول أن أصرف نفسي عن التفكير في ذلك من خلال الانشغال بأمور أخرى، آملاً بأنني إذا تزوجنا ودخلت بها تتغير الأمور وتزول هذه الأوهام. مرت الأيام وتزوجنا، وأنا قبل يوم الزواج أحس بكره شديد لها حتى كنت أتمنى أن أتعرض لحادث فتكسر يدي أو رجلي، ويتأجل الزواج الذي لم أكن أجرؤ على طلب تأجيله قبل موعده بثلاثة أيام أو أقل، والدعوات قد وزعت، والزواج قد أُعلن وقته، ولكن ما زال لدي أمل في أن تتغير الأمور قبل الزواج، تزوجنا وكنت أرى في نفسي النفرة من زوجتي والكره الذي لا أدري ما سببه, صحيح أن لديها نواقصاً جسدية لم أكن أتوقعها، حيث إن نظرتي لها والتي لم تتجاوز الخمس ثوان لم تكن شافعة أن ألاحظ تلك النواقص، فقررت ألا أجامعها حتى تتحسن نفسيتي تجاهها، واتفقت معها على عدم الجماع بما لا يجرح كبرياءها بزعم أني لا أريد أولاداً خلال هذه السنة، المهم أنني لا يمر يوم إلا وأزداد منها نفرة، ولا أرغب بالبقاء معها، بل أشعر دائماً بضيق النفس، فلا أستطيع الجلوس معها أو التحدث إليها حتى ونحن في السيارة نمضي المشوار الطويل ونحن في صمت ولا أرغب بجماعها البتة. أنا متأكد أنها تريد أن تتكلم معي وتريد أن تفرح وتشعر كأي زوجة، لكن -للأسف- لا أستطيع أن أعطيها ذلك، وقد حاولت جاهدا لكن لم أستطع، حيث قرأت على نفسي كثيراً وأحافظ على الأذكار، وذهبت إلى مقرئ وعولجت عند طبيب نفسي، ولكن لم ألحظ أي تحسن، بل الأمر يزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
لدي خيارات كثيرة:
* إما أن أطلقها الآن فأرتاح مما أنا فيه، وترتاح هي من هذه الحياة البائسة معي، حيث إن زوجتي يعلوها الحزن والكآبة، وتبقى على بكارتها.
* إما أن أجامعها وأبقى على ما أنا عليه من كره لها - مع أني لا أتوقع أن يخف عدم تقبلي لها-, ثم أطلقها فأرتاح مما أنا فيه وتفقد بكارتها، وقد تحمل وتنجب فيعيش ابننا بين والدين منفصلين وهذا ما لا أرغب فيه.
* إما أن أبقيها وأتزوج عليها، وهذا ما لا أستطيعه، فليس لدي تقبل الزواج من امرأتين أبداً، خصوصاً أنني سأدرس في الخارج لعدة سنوات.
إن هناك عدة أمور تجعلني حيران وكثير التفكير، وهي رحمتي لهذه البنت، والخوف على علاقة القرابة التي بيننا من التدهور، ولكنني لا أستطيع أن أتحمل هذه الحياة التي أعيشها، ولا أتخيل أن أستمر في علاقتي مع هذه البنت؛ فأنا فاقد الآن لمتعة الحياة وللسعادة.(18/250)
أرجوكم.. انظروا في أمري, وكما يفكر الكثير من أهلي في حياة البنت لأنها الأضعف أرجو منكم أن تفكروا أيضاً في حياتي التي والله ما عدت أستلذ فيها بشيء، ولا عدت أرغب منها في شيء، وأصبحت كارهاً لحياتي ولعملي حتى تأثرت عبادتي وأصبحت في صلاتي كثير التفكير والهواجس، بل فترت عن كثير من المستحبات بسبب ما أنا فيه من المصائب.
أريد أن أخبركم أني استخرت في الأمر كثيراً، ودعوت الله كثيراً ولم أجد لي رغبة إلا في الانفصال. بارك الله لي ولكم.. ووفقكم لكل خير.
الجواب
الأخ الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
قبل الإجابة أود أن أذكرك بأمور:
1- هل قمت بالاستخارة قبل الزواج وبعده في مسألة الطلاق؟.
2- أن الكمال لله، فإن كرهت منها خلقاً رضيت منها آخر.
3- أن أبغض الحلال عند الله الطلاق، ولكن قد يكون فرجاً.
الجواب: عليك اتباع الخطوات التالية:
1- صارح زوجتك وأخبرها أنك لا تريد إتعاسها، وأنك تشعر أنها ليست مرتاحة معك، وأن هذا الأمر ليس بيدك أو بيدها، وأن المودة بين الزوجين أمر يضعه الرحمن في قلوب البشر، ولا بد أن تشعرها بالجميل الذي فعلته من أجلها، وهو البقاء على بكارتها، وأن هذا لمصلحتها.
2- اجعلها هي التي تفاتح أمها بالأمر وتطلب الطلاق؛ لأنها تشعر من بداية الزواج أنك مثل الأخ ولست بزوج، وأنك تبادلها نفس الشعور لتبقى العلاقات الأسرية قائمة.
3- أخبرها أنك صبرت -وطوال تلك المدة- خوفاً على مشاعرها، وأنك تتمنى لها حياة زوجية سعيدة.
وختاماً: إياك والإقدام على الزواج حتى تجد الرغبة الأكيدة من المخطوبة، ولو كان السؤال قبل الزواج لكان أفضل لك ولها بإعطاء حل من نوع آخر. والله المستعان.(18/251)
زوجي عنيد وبخيل
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 21/11/1425هـ
السؤال
أنا أعاني من زوجي؛ وذلك لكثرة عناده وقلة عطائه، وأنا لا ينقصني شيء والحمد لله، ولكن أريد منه المحبة، والكلمة الطيبة، والهدية التي تجدِّد المحبة وإن كانت قليلة. أفتوني، ماذا أصنع؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
الجواب يا - أخ أحمد- كما يأتي:
1- الحياة الزوجية حياة شراكة يأخذ الشريك فيها ويعطي، وكلما فهم كل واحد من الزوجين دوره، وقام به على الوجه الصحيح، كلما تجددت هذه الحياة وحسنت.
2- كل من الزوجين ينبغي أن يعطي أكثر مما يأخذ، ولا ينظر للطرف الآخر، بل يكون صاحب مبادرة، وربما بسبب ذلك تأثر الطرف الآخر فتغير.
3- العادة لها أثر على الإنسان، فقد يكون أحد الزوجين تعود على شيء، والآخر تعود على شيء آخر، فيحتاجان إلى وقت حتى ينسجما مع بعض.
4- الرضا بما هو موجود، وما يقدمه الزوج يزيد من عطائه - بإذن الله-.
5- الصبر على الآخر والتحمل، ومع العسر يأتي اليسر. والله أعلم.(18/252)
أحبها ... وتزوجت غيرها.. فكيف أنساها؟!
المجيب د. راشد بن سعد الباز
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 09/11/1425هـ
السؤال
تزوجت من بنت عمي قبل 8 سنوات، جدي -الله يرحمه- زوجني إياها غصباً عني، وحتى الآن لم أعش معها إلا وقتاً قليلاً، وأنا كنت أحب وقتها فتاة أخرى، والآن أريد أن أعيش مع زوجتي لأنها القدر، لكني حينما أفكر؛ لا أفكر إلا في الفتاة التي أحبها، وهي لم تتزوج حتى الآن؛ لأنها تريدني أن أطلق زوجتي، وأنا أعرف أن الطلاق أبغض الحلال عند الله، لكن لا أستطيع أن أنساها. دلوني على دعاء حتى أنساها. أفيدوني أحسن الله إليكم، وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
أخي السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فيما يتعلق بالمشكلة التي أشرت إليها هناك معلومات ناقصة، لا أعلم لماذا لم تعش مع زوجتك إلا لوقت قصير، لكن في ضوء ما طرحته يبدو أنّ أساس المشكلة هو أنّ زوجتك كانت مفروضة عليك، ولم يكن لك رأي في اختيارها؛ لذا قد يكون ولّد ذلك عندك ردة نفس، فلم تشر إلى أنّك لا تحبها، أو أنّ هناك قصوراً فيها، أو أنّها زوجة غير مناسبة. وأعتقد أنّ نظرتك لحياتك الزوجية ولزوجتك فيها قصور؛ حيث قلت: (أريد أن أعيش مع زوجتي لأنّها القدر) ، فالمسلم لا بد أن يكون متفائلاً، وأن يرضى بما قسمه الله له، فقد يكون قدراً كتب الله فيه الخير لك.
وأمر آخر ذكرت أنّك تُحب الفتاة الأخرى منذ 8سنوات -أي أيام المراهقة-، ومن المعروف أنّ الحب في سنوات المراهقة يغلب عليه النظرة الحالمة غير الواقعية، والقرارات التي تُتخذ في تلك المرحلة قرارات ارتجالية؛ لذا فإنّه من الخطأ أن تدمر حياتك الزوجية بسبب حب في سن المراهقة، ولا تعلم كيف ستكون حياتك لو تزوجت بها. بل إنّ كثيراً من الزيجات التي تمت بسبب حب في سن صغيرة لم يكتب لها التوفيق.
واعلم أنّ الحياة الزوجية لا تقم فقط على الحب. كما يجب أن تُفكر في مشاعر الفتاة التي ارتبطت بك خاصة أنّها قريبتك، وإذا كانت الفتاة التي تقول أنّها تُحبك فلتضحي من أجلك، وتقبل بأن تكون زوجة ثانية لك. لكن لا تُفكر في طلاق زوجتك، حيث لم يصدر منها شيء يُسيئ إليك.
أنصحك بالتقرب من زوجتك، وضع في حسبانك أنّه ليس هناك إنسان كامل؛ فالكمال لله سبحانه، وتذكر الخصال والصفات الحميدة في زوجتك، وإذا كان ليس هناك توجه جدي في الزواج من الفتاة التي تقول إنك تحبها فلا تفكر فيها؛ لأنّ ذلك قد ينتج عنها أموراً لا تحمد عقباها، واشغل نفسك بأمور أخرى تُفيدك، كالرياضة، والقراءة، وحاول أن تُوجد أنشطة محببة تشترك فيها مع زوجتك.
أسال الله لك العون والتوفيق.(18/253)
من أجل هذا تبلدت مشاعري تجاهه!!
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/المشكلات العاطفية
التاريخ 03/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا سيدة متزوجة من رجل يتصف بأخلاق عالية، لديه علم شرعي، سمعته طيبة جدًّا عند كل الطبقات التي يتعامل معها، المشكلة فيه توزيع الاهتمامات والأولويات، نحن أسرته في المرتبة بعد العاشرة، والأصدقاء في المرتبة الأولى، هذا ليس مبالغة ولكنه شيء من الحقيقة، جلوسه مع أصدقائه ليس في طلب علم، وإنما مؤانسة، وهذا باعترافه، البيت تقريبًا للنوم وقضاء حاجاته الفسيولوجية أو للنت، إجازته أشد من أيام عمله، فوقت الظهيرة وأوقات الطعام خارج المنزل في الغالب مع أقربائه، مشكلتي أيها الشيخ الفاضل الإحساس بالوحدة، وعدم وجود من أبوح له بمشاعري خاصة أني لا أريد لمن حولي أن يعرف شيئًا عن حياتي، والأمر الآخر عدم وجود من يلبي طلباتي فأنا أكره الشعور بالمهانة وطلب شيء من أشخاص آخرين، لا تقل لي عيشي حياتك وقللي من الاعتماد عليه، فقد حاولت ولكن كيف؟ حضور المحاضرات، توفير الكتب والمجلات، توفير احتياجاتي واحتياجات أبنائي، زيارة الأصدقاء والأقارب، كل ذلك أنا في حاجة إليه، أكبر المشكلة هو ما أحسه في الآونة الأخيرة من جمود في مشاعري نحوه، إحساسي بأني آلة لتفريغ شهوته والعناية بحاجياته، جعلني أتهرب من حقوقه الشرعية بأسباب واهية، حتى أصبح هذا الأمر مصدر إزعاج لي وله بعد أن ظننت أني استنفدت جميع طرقي لتوصيل معاناتي له من رسالة أو حوار أو منع مما اعتاده من إغراق بمشاعر فياضة، أنا الآن لا أستطيع إعطاءه أبسط حقوقه، فاهتمامي الأول أصبح أبنائي، أتمنى الرد بأسرع وقت فالأمر يزداد سوءًا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
إلى الأخت السائلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بداية نشكر لك ثقتك البالغة واتصالك بنا عبر موقع [الإسلام اليوم] ، نسأل الله أن نكون عند حسن ظنك وزيادة. لقد قرأت رسالتك مرات عديدة، ووقفت عند كلماتها وقفات كثيرة، وشعرت بمدى المشكلة التي تعانين منها، إنها حقًّا "مأساة حقيقية"، لكن يبقى هنا أمور منها:
(1) هل لجأت إلى الله بصدق وإخلاص وذل وانكسار، ودعوت ربك بأن ينهي هذه الأزمة على خير، ويعود إليك زوجك كما كان في سابق عهده من الاهتمام بك وبأولادك والجلوس معك والعناية بك وبشؤونك على اختلاف تنوعها؟
(2) هل قمت بتذكيره بالله بأن لك حقوقًا عليه أنت وأبناؤك ويجب عليه أن يعطي هذه الحقوق أولى اهتماماته؛ لأنه مسؤول عن ذلك أمام الله، وأن الله استرعاه عليكم، فيجب عليه أن يعطي لهذه الرعية حقها على الوجه الأكمل، وإلا سيحصد ثمارًا لا تروق له في الدنيا، فضلًا عما ادخره الله له من الجزاء في الآخرة.
(3) هل بالفعل أنت غير مقصرة في حقه، وما الدوافع التي جعلته ينصرف عنك وينشغل عن بيته وأولاده، ويتجه إلى قضاء معظم وقته مع أهله وأقربائه، وأصدقائه؟ فإذا كان عندك بعض الأمور التي قصرت فيها، فالرجاء استدراك ما فاتك، لعل الله أن يرده إليك ردًّا جميلًا.(18/254)
(4) حاولي أن تتجملي له وتتفاني في القيام بخدمته، ولا تجعلي أن يظهر منك نوع من الضيق والضجر لما يفعله، ولكن أشعريه بنوع من العقاب الممزوج بالحب له والشفقة عليه وأنك تحبين قربه، ويشق عليك بعده عنك، وأنك أولى الناس بوقته والأنس به.
(5) حاولي أن تشغليه بالأولاد وبالحديث عن تربيتهم، وأنهم في وقت هم أحوج إليه وإلى نصحه وتوجيهه، حتى ينشؤوا نشأة إسلامية صحيحة يتشرف بهم أمام الناس، ولا يكون ذلك إلا بتوفير وقته لهم، كما أنه يوفر لهم أسباب الحياة من مأكل ومشرب ومسكن وخلافه من ضروريات الحياة.
(6) اجعلي الأولاد أنفسهم هم الذين يشغلونه بطرح مشاكلهم أمامه، وأنه يجب عليه أن ينظر في حلها، وأنهم أحق مَن يقضي معهم الوقت ويراعي شؤونهم.
(7) لا يمنع أن تصارحي زوجك بالحالة التي وصلت إليها من جمود المشاعر، والإحساس بالملل والضيق وأنك تخشين على نفسك أن يسوء الحال بينكما أكثر من ذلك، وأن هذا يؤثر على مستقبل الأولاد والذين هم حصيلتكم من هذه الحياة.
(8) لا يمنع أن تكلمي أحد محارمك الثقات العقلاء ممن يستطيع أن يتفهم الأمر، ويقدر على عرض القضية بوضوح وفطنه وذكاء على زوجك، ولابد أن يصلا إلى حل يرضي الجميع، وخصوصًا أنك تطالبين بحق من حقوقك، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير ويصرف عنا وعنك كل مكروه وشر، اللهم آمين. والله أعلم.
همسة في أذن الزوج:
أيها الزوج الطيب أود أن أهمس في أذنك ببعض الكلمات فهل يتسع لها صدرك، وتنشرح نفسك لسماعها، أرجو ذلك فأرعني سمعك يا رعاك الله، إني لك محب وعليك مشفق ولك ناصح ومذكر، فأنت، كما علمت، صاحب دين وخلق وعلم، وتتمتع بسيرة طيبة بين الناس.
أخي الكريم: أليس لأهلك عليك حق أوجبه الله عليك، ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقد استرعاك الله عليهم، وهو سائلك عن هذه الرعية، هل أديت الأمانة المنوطة بك أم قصرت في أدائها؟
أليس من حق زوجتك عليك أن تعطيها حيزًا كبيرًا من اهتماماتك، وتوفر لها جزءًا ليس بالقليل من وقتك؟
أليس من حق زوجتك أن تبث إليك مشاعرها وشكواها وهمومها، وكل ما يعتريها في حياتها، فإن لم تجدك فإلى من تذهب؟ الأمر خطير.
أليس من حق زوجتك بأن تشعر بأن زوجها يحبها ويحرص عليها ويهتم بها ويلبي لها طلباتها، ويغذي مشاعرها كزوجة وأنثى أصبحت حكرًا عليك أنت، وأنت فقط؟
أليس من حق أولادك أن تجلس إليهم وتسمع منهم وتتفقد مشاكلهم، وتغمرهم بعطفك وحنانك وتوجيهاتك ونصحك وإرشادك؟
لا تقول لي بأنك موفر لهم عيشة طيبة من مأكل ومشرب ومسكن ومركب وخلافه، معذرة هذه الأمور متوفرة لكثير من الناس، ولا أحب أن أقول لكثير من الدواب فصاحب الدواب يوفر لها المأكل والمشرب، والمسكن، والعلاج إلى غير ذلك، ويهتم بها كثيرًا؛ لأن ذلك هو رأس ماله.
أما أبناؤك وهم فلذة كبدك، وربيع عمرك، ومهجة فؤادك، ورياحين قلبك فمحتاجون إلى جلوسك معهم، تحن عليهم، ترفق بهم، توجههم، ترشدهم، تقدم لهم النصح، لابد وأن يشعروا بوجودك معهم في كل كبيرة وصغيرة، وخصوصًا إذا كانوا في مثل هذا السن، وإلا ستجني ثمارًا لا يحمد عقباها، وعندها تعض أصابع الندم، ولكن في وقت لا ينفع فيه الندم ولات حين مندم.
ألم تقرأ عن الحقوق الزوجية؟ أظنك قد قرأت الكثير.(18/255)
ألم تقرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي". أخرجه الترمذي (3895) .
ألم تقرأ قول أمنا عائشة، رضي الله عنها، وهي تصف حال النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: (كان- صلى الله عليه وسلم- يكون في مهنة أهله) . تعني: خدمة أهله. أخرجه البخاري (676) . فليكن لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم، الأسوة الحسنة والقدوة الطيبة.
أنا لا أقول لك: لا تجلس مع أصدقائك، ولا تزر أهلك وأقربائك، ولا تروِّحْ عن نفسك مع خلانك. ولكن أقول: كن متوازنًا في حياتك، وأعط كل ذي حق حقه، والحقوق تعطى على حسب وجوبها وأهميتها، فأهلك هم الأولى بأداء حقوقهم بعد أدائك للحقوق الشرعية الأخرى التي فرضها الله عليك، كأداء الصلاة وغيرها.
أخي الكريم: أرجو ألاّ تكون غضبت من كلامي، فالله يعلم أني أحب لك الخير، وأدعو لك بظهر الغيب، لكن ما أردت من ذلك كله إلا نصحك وتذكيرك؛ (فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) [الذاريات: 55] . هذا، والله أعلم.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(18/256)
فقدت حلاوة الإيمان وكرهت الحياة
المجيب عبد العزيز بن عبد الله الحسين
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 25/02/1427هـ
السؤال
منذ الصغر كنت أحس أني قريبة من الله، وكنت أعرف حلاوة الإيمان، فأغضب عندما أجد أحداً يقوم بمعصية الله في أي أمر كان، وأقول في نفسي: لماذا لا يفهمون قول الله بأن هذا حرام؟ كنت أعيش للآخرة فقط، تزوجت وكان زوجي غير ملتزم؛ حيث إنه يسمع الأغاني، ويحلق اللحية، ويؤخر الصلاة، ويصلي بعض الفروض في المنزل، حزنت وبدأت أحاول معه قليلاً، ونفعت معه هذه المحاولات، ولكن المشكلة مع مر السنين تملكني الشيطان بوجود هذه الممنوعات في منزلي.
علماً أني كنت امرأة شديدة الغيرة على زوجي، فكان -هداه الله- يسعى إلى إثارة غيرتي، حتى إنه يمثل أمامي أنه يكلم النساء، فكنت شديدة الغضب، ووسوس لي الشيطان، إلى أن أصبحت مريضة نفسيا، وضعف إيماني، وبدأت أعامل زوجي بالمثل، ولكن في حدود، مثل: (لبس عباءة الكتف -سماع الأغاني-والالتفات إلى الرجال) وكان كل هذا مني لأغيظه وأحسسه بما في داخلي، ولكن كان للشيطان مدخل علي إلى أن أصبحت لا أستطيع أن أعود إلى ما كنت عليه، فأصبحت أتذكر نعمة حلاوة الإيمان التي منَّ الله علي بها، وأحاول أن أعود إلى ما كنت عليه، ولكن أصبح كل شيء صعبًا. لقد كرهت الدنيا وأصبحت حياتي جحيمًا. أرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأسأل الله أن يرزقك حياة طيبة ملؤها السعادة والهناء، وأن ييسر ما تمنيتِ في دنياك وأخراك.
قرأت رسالتك: وشعرت فيها بعميق إحساسك ونقاء سريرتك وحرصك على الخير، وهو ما دفعني أن أكتب هذه اللفتات والإشارات؛ علها تكون عوناً لك في تجاوز الفترة التي تعيشينها:
1- إن وقوع الواحد منا في جانب من التفريط والخطأ لا يبرر له الاستمرار عليه، وعدم التوبة منه، والإنابة والرجوع لربه وخالقه، قال أنس -رضي الله عنه-: سمعت النبي صلى -صلى الله عليه وسلم- يقول: "قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة" رواه الترمذي (3540) . وصححه الألباني.
وأظن -أيتها الأخت الطيبة- أن من الخلل في أنفسنا أن ندع الشيطان يستثمر أخطاءنا، ويرابي في سيئاتنا حتى يبعدنا عن طريق الاستقامة ومحبة أهل الخير والصلاح، ولو أننا حين وقعنا في الخطأ والزلل عدنا إلى ربنا وخالقنا لقطعنا على الشيطان أكبر طريق يستدرجنا فيه لصرفنا عن هداية ربنا وهداه.(18/257)
2- إنها لتمرّ بكل الناس أوقات نشاط تحيا بها قلوبهم وأبدانهم، وتعقبها أوقات أخر فيها فتور وخمول وبعد عن الطاعات، وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-أنه قال: "لكل عمل شرّة (نشاط وهمة) ولكل شرّة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أفلح، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك". وفي رواية "فإن كان صاحبها سدد وقارب فأرجوه، وإن أشير إليه بالأصابع فلا تعدُّوه"رواه أحمد (6473) والترمذي (2453) ، وصححه الألباني.
ومن هنا ينبغي أن يتفطن المرء لنفسه بأن يكون كما قال عمر -رضي الله عنه-: "إن لهذه القلوب إقبالاً وإدباراً، فإذا أقبلت فخذوها بالنوافل، وإن أدبرت فألزموها الفرائض" فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد، ولم تخرجه عن فرض ولم تدخله في محرم: رجي له أن يعود خيراً مما كان عليه.
3- إن أفضل الأعمال وأجلها عند الله: أداء الصلاة في وقتها، وحظنا من الإسلام بقدر محافظتنا على هذه الصلاة، وهي النبع الثرّ الذي يمتاح منه المسلم القوة والثبات، ويغسل به أدرانه وذنوبه وخطاياه، قال الله تبارك وتعالى: "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين" [هود:114] ، وما أحسبك إلا ممن يوليها جلّ همه، لأنها سبب في راحة النفس وقربها من الله عز وجل.
وقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" رواه أحمد (1573) وصححه الألباني.
4- إن الراحة والسعادة في هذه الحياة هي بمعرفة الله ومحبته والطمأنينة بذكره، وهذه هي جنة الدنيا التي من أعرض عنها فإن له معيشة ضنكا كما أخبر الله عز وجل.
قال ابن تيمية رحمه الله: "إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة".
وذكر ابن القيم رحمه الله طرقاً لراحة القلب وطمأنينة النفس، وعدَّد أسباباً للقرب من الله ومحبته، حيث ذكر: "قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه، ومجالسة الصالحين، ودوام ذكر الله في كل الأحوال، والتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، والخلوة بالله وقت النزول الإلهي لمناجاته وتلاوة كلامه، ومباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل".
ومن هنا ينبغي أن نستشعر أهمية وضع برنامج عملي -أسبوعي أو شهري- نسعى فيه بتكميل أنفسنا وحياة قلوبنا، كأن نرتّب أوقاتاً لدار تحفيظ القرآن الكريم، وزيارة المؤسسات الدعوية النسائية، وصلة الأرحام، والكثير من الأعمال الصالحة الأخرى التي يمكن أن تمارس في المنزل… حتى نكون قد أصبنا من الأعمال ما يرضي ربنا جلّ في علاه.(18/258)
5- أيتها الأخت الكريمة: إن مما يميز المرأة المسلمة من بين سائر النساء: سمتها وهديها وسلوكها، كيف لا وهي المتميزة بطهرها وعفافها وبعدها عن مواقع الريبة والشك، وإن وقعت في الخطيئة والذنب عن غفلة وجهل: فهي سرعان ما تعود إلى رشدها وتنيب إلى ربها وتتوب إليه، كما قال ربنا جلّ شأنه: "إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون" [الأعراف:201] . فحرص الفتاة المسلمة على عفتها وكرامتها وحيائها والتزامها بأمر ربها هو سرّ تميزها وحبّ الناس لها، وهو سبب رفعتها عند خالقها وباريها.
6- لا أظن أن يغيب عن مثلك: أن المرأة متى أظهرت حبها لزوجها وأدامت التجمل له والتزين والتطيب، ثم حرصت على حسن معاشرته والتودد إليه وملاطفته وبذل كل ما تستطيع لجذبه إليها فإنه لن يدخر وسعاً في إرضائها والسعي في راحتها ... إذ فرحه منوط بفرحها وسعادته مرتبطة بسعادتها، كيف بك يا أخية إذا استشعرت حقيقة هذه الحال وامتثلت قول النبي -صلى الله عليه وسلم- "ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟: الودود الولود العؤود على زوجها، التي إذا غضبت أو أُسيء إليها أو غضب زوجها قالت: هذه يدي في يدك: لا أكتحل بغمضٍ حتى ترضى" رواه النسائي في الكبرى (9139) والطبراني وغيرهما وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (287) .
ومتى فعلت المرأة ذلك: كان له كبير الأثر في الدخول إلى قلب الرجل وتغيير سلوكه وتبديل قناعاته، إذ النفوس مجبولة على محبة من أحسن إليها، ولكثرة الفتن والمغريات في هذا العصر فإن الحاجة تشتدّ أكثر إلى المداومة والاستمرار لهذه الحال، والتفاني في البذل والتوجيه والأمر بالمعروف: بحكمة وموعظة تلامس القلب، وهذا هو دورك في إصلاح حال المنزل، وتقويم حال الزوج والأولاد فستسألين عنهم يوم القيامة، إذ "المرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها".
7- آمل أن تطلعي على كتابين مهمين في موضوع الرسالة:
- (شخصية المرأة المسلمة كما يصوغها الإسلام) للدكتور محمد علي الهاشمي.
- (أسعد امرأة في العالم) للشيخ د. عائض القرني.
وبإمكانك الاطلاع على كتب أخرى مهمة تتعلق بالمرأة المسلمة في نسخ إلكترونية على موقع (saaid.net/book/list.php) .
كما يحسن أن تطلعي زوجك على كتابين في هذا الشأن:
- (30 رسالة من زوجة إلى زوجها) لسلطان العمري، وهو من إصدارات دار الوطن.
- (أخي الحبيب) للشيخ د. عبد الوهاب الطريري، ويوجد نسخة إلكترونية له وفق الرابط التالي: (saaid.net/book/list.php)
8- إليك ثلاثة اقتراحات آمل أن تراعيها ولو في فترات متباينة:
1- توفير البديل المناسب في المنزل كقناة المجد الفضائية، وإذاعة القرآن الكريم.
2- توفير مكتبة منزلية مصغرة تتضمن:
تفسيراً للقرآن: كتفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي.
سيرة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ككتاب: فقه السيرة لمحمد الغزالي.
كتاب رياض الصالحين للإمام النووي.
كتاب "فتاوى إسلامية " لمحمد المسند.
صور من حياة الصحابة لعبد الرحمن الباشا.
أشرطة سمعية لأشهر قراء القرآن الكريم، وبعض الأناشيد الإسلامية.
3- الاشتراك في مجلة إسلامية (كمجلة الأسرة أو حياة أو نحوها) .(18/259)
ختاماً: أذكرك بما جاء في صحيح مسلم (2577) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم ... ياعبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه".
أدعو الله تبارك وتعالى أن يجعل حياتك حياة سعيدة، وأن يجنبك الشيطان وخطواته ومزالقه، وأن يجعلك مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، إنه ولي ذلك والقادر عليه.(18/260)
زوجي يُكرهني على سماع الغناء!
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 28/01/1427هـ
السؤال
أعلم أن سماع الأغاني والموسيقى حرام، وأنا لا أسمعها أبداً -والحمد لله- فهل عندما يطلب مني زوجي -مستقبلاً- أن أستمع معه إلى أغنية معينة، أو يطلب مني أن أرقص على نغمات هذه الموسيقى، هل أوافقه وأقوم بطاعته، أم لا أوافقه في رغبته، وأقول له: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؟ علماً بأنني الآن مخطوبة.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فترك الشاب والشابة سماع الأغاني -وقد تفشَّى في أوساط الشباب، وأشرب حبه نفوسًا كثيرة- أمر يحسب لهما، وهو مؤشر على قوة الإرادة، ونسأل الله أن يكون - أيضًا -من قوة الإيمان، ومع أن الاحتياط للمستقبل والاحتراز من المخاطر أمر محمود، فإن القلق (لما يستقبل) أمر مرهق، وله تبعاته على النفس والجسد.
وأنا أعجب من التخوف الذي تبدينه؛ فربما لا يكون شيء من ذلك، بل لعل الله أن يكتب هداية زوجك على يديك، أو يزيده ثباتًا على الاستقامة، وليس من السائغ إشعار النفس بالضعف وتوقع الرضوخ، بل على العكس الاستعداد بالقوة والتعبير عن الموقف بشجاعة، على أن القوة والشجاعة المذكورَتين لا تعنيان الصلف والفظاظة، بل ربما صاحب الاعتذار الراسخ ابتسامة مملوءة بالود، وقارن الرفض فيض من الشفقة.
ومع ذلك كله فلو طلب زوج من زوجته أن تفعل شيئًا من ذلك، فإنها تراعي الخطوات الآتية:
-بيان عدم جوازه، وأن القول بتحريم الاستماع للأغاني هو الراجح، وتذكيره بأن إجبار غيره على الاستماع للأغاني أعظم إثمًا من استماعه هو.
-الاعتذار إليه، وإظهار التشاغل بما يحبه الزوج مما أحل الله في شأن البيت ونحوه.
-ملء وقته بالخير والمباح، وتقليل الوقت الذي يشوقه لاستماع الأغاني.
-تحين أوقات صفاء نفسه وإقباله على زوجته بتذكيره بالله تعالى، وأهمية إقبال العبد على الله، وتحبيب الله إليه، وتبغيض المعصية في قلبه بطرق متنوعة متعددة، وفي هذا الموقع أفكار منها.
ومع ما تقدم فلو أجبر الزوج زوجته على الاستماع للأغاني ففعلته -والله يعلم من قلبها كراهيتها لذلك- فلا تثريب عليها إن شاء الله، بل هذا من البلاء الذي يأجرها الله عليه، وعليها أن تصبر وتحتسب وتجاهد نفسها ألا تنزلق، وتحافظ على شعورها بالتحدي مع زوجها في أن تنتشله مما هو واقع فيه.
ولتحذر الأخت الكريمة أن تجعل أمر الاستماع للأغاني أمرًا مفصليًا في زواجها أو استمرار علاقتها بزوجها، فإن على المرء أن يوازن بين المصالح والمفاسد، ولا شك أن العشرة الزوجية وبناء أسرة مسلمة متعففة تقع في شيء من المعصية خير من طرفين منفكين عن بعضهما نفوسهما مشتتة. والله ولي التوفيق.(18/261)
زوجتي لا تلتزم بالزي الشرعي
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 9-5-1424
السؤال
جزاكم الله كل خير عن هذه الأمة، سؤالي هو أنني رجل ملتزم والحمد لله، وأعاني من مشكلة مع زوجتي أساسها العناد الشديد، وأنا الآن على خلاف معها في لباسها فهي محجبة، ولكنها تلبس ملابس ضيقة قليلا، ولا ترتدي المانطو الشرعي، وهي لاترضى لبسه حتى الآن، مع العلم أنها مصلية ومقيمة لمعظم النوافل، وأنا لم أعد أتحمل هذا اللباس ولا أستطيع أن أكون ممن يرتضون الفاحشة بأهله، الرجاء الإجابة لأن المشكلة قد تتطور وشكر الله لكم.
الجواب
الأخ الكريم ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم "
قبل أن أجيب على سؤالك أود - أخي الكريم - أن تعطي الأمور حجمها الحقيقي بلا مبالغة أو استهانة، فالمبالغة تسد الكثير من طرق العلاج المتاحة، كما أن الاستهانة تبقي المشكلات بدون علاج.
إن مواجهة مشكلاتنا بتوتر يفوت علينا فرصاً كثيرة يمكن أن نستفيد منها، ويظهر لي توترك من قولك (ولا أستطيع أن أكون ممن يرضون الفاحشة بأهله) مع أني لا أرى في سؤالك ما يدل ولو من بعيد على ذلك.
وافتراضك أنه أساس مشكلتك مع زوجتك العناد يقابل بافتراض آخر، وهو أن تشنجك في علاجها ولَّد هذا العناد، فهما أمران متلازمان لا يكادان ينفصلان عن بعضهما.
أخي الكريم: لم تأت الشريعة بشكل أو لون أو فريضة محددة في لبس الحجاب، وإنما هي ضوابط إذا توفرت كان الحجاب شرعياً بغض النظر عن مسماه، وهي:
1. أن يستر به جميع البدن.
2. أن لا يكون زينة في نفسه.
3. أن يكون فضفاضاً غير ضيق.
4. أن يكون صفيقا لا يشف.
5. أن لا يكون مطيباً.
6. أن لا يشبه لباس الرجال.
7. أن لا يشبه لباس الكافرات.
8. أن لا يكون لباس شهرة.
وبإمكانك أن تقارن هذه الشروط بما تلبسه امرأتك، وعلى أساسها يكون الحكم، لا أن يكون الحكم على أساس رغبتك أنت في لباس معين!! ثمة أمر مهم أود أن يكون حاضراً لديك، وهو أننا أحياناً قد ننفر الناس من تديننا حينما نشدد فيما لا يستند إلى دليل شرعي، وإنما أملاه علينا الواقع أو عادات المجتمع، أو الآراء الشخصية البحتة، وهذا تضييق لم يأمر الله سبحانه وتعالى به.
ونصيحتي لك أخي الكريم ما يلي:
أولاً: أن تسلك مسلك الرفق والروية والهدوء في معالجة مشكلاتك، وأن تعلم أنك إذا استطعت أن تتوصل لما تريد بالإقناع فلا تعدل عنه إلى غيره، فإن الأمر الشرعي إذا أخذ عن قناعة أخذ بقوة، فكان أدعى للثبات أمام المغريات، أما إذا لم يؤخذ بقناعة فلا يلبث أن يتغير بتغيرات الزمان أو المكان.
ثانياً: لو كانت زوجتك غير متدينة لربما كان لك شيء من العذر، ولكن ها أنت تصفها بأنها (مصلية، مقيمة لمعظم النوافل) ، وهذا يعني أن لديكما قدراً مشتركاً من القناعات يمكن أن يساهم في حل المشكلة.
ثالثاً: ليس هناك أسهل من التأثير على المرأة إذا أحسنت استغلال بعض صفاتها الفطرية، فالكلمة اللطيفة الحنونة والهدية تفعل ما لا يفعله العنف والتسلط، وما دام بينكما حب ومودة سيكون الأمر أسهل مما تتصور بكثير.
جمع الله قلبيكما على طاعته.(18/262)
كيف أدعو زوجي؟
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 2-4-1424
السؤال
زوجي مشكلتي..، تزوجته على أنه إنسان ملتزم ولكن تبين لي فيما بعد أنه يؤخر الصلوات. وقد أصابني الفتور، وكثرت الخلافات بيننا فكثيرا ما تفوته صلاة الفجر كليةً بطلوع الشمس، لا يحضر المحاضرات، ولا يقرأ القرآن إلا في الشهر مرة واحدة، ولا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر ولا يعين على الطاعة ولا يذكر بالآخرة ماذا أعمل معه؟؟
الجواب
الأخت الكريمة ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم "
أرجو أن لا يتحول التدين لديك إلى وظيفة إدارية أو حركات عملية بعيدة عن روح التدين الفعلي والطمأنينة القلبية التي تملأ قلب الإنسان بالرحمة والرأفة والمحبة.
التدين أيتها الأخت الكريمة هو في مجملة عبارة عن أخلاق كريمة مع الله ومع عباده. اسمحي لي أن أقول لك بأن خلافاتك مع زوجك هي أبعد ما تكون عن الالتزام والتدين ... بل إنك تهدمين حياتك وبيت الزوجية بيديك بحجة القيام بأمور الدين وهذا من الغبن العظيم.
ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهل زوجك إلا أحق الناس بهذا الرفق منك.
كوني لينة معه بالكلام والمعاملة والنصيحة والتذكير، لا يأخذك الغرور بالالتزام فتحبط أعمالك من حيث أردت الإحسان.. قد لا تشعرين بذلك ظاهرياً لكنه ليس بالضرورة أن لا يكون موجوداً.
الالتزام الظاهري أو الالتزام المخادع يصاب به مع الأسف الشديد بعض الأخيار من الشباب والفتيات، إذ يكون الشاب ملتزماً في ظاهره في إطلاقه اللحية وتقصيره لثوبه ولكنه لا يصلي الفجر إلا في الضحى أو أن يكون والداه أبعد الناس عن إحسانه وبرّه أو أن مجالسه لا تغيب عنها النميمة أو الغيبة أو القول السيّئ ...
وبعض الزوجات أيضاً يظهر من لبسها وشكلها إذا خرجت من بيتها ما يدل على التزامها من احتشام وحرص على الحجاب حتى في لبس القفازين ولكنها مع الأسف الشديد لا تتواني في مخاصمة زوجها مرات ومرات في اليوم الواحد.
كل هذه المظاهر تتعارض صراحة مع الالتزام الحقيقي ومع التدين الذي يحبه الله. الادعاء بالالتزام بالشكل أو بالمظهر لن يغني عنا من الله شيئاً ... تماماً كمن يدعي حب الله ورسوله وهو يعصيهما صباح مساء.
المرأة المسلمة والملتزمة حقيقة هي التي تعلم وتوقن تمام اليقين أن حسن التبعل للزوج هو سبب رئيس في دخول الجنة وإن كان ذلك في نظر الرجال عملاً ليس بالعسير أو الصعب ولكنه في حقيقته أثقل عليهن من الجبال والتجارب تبرهن ذلك.
الزوج هو جنة المرأة أو نارها.. ولكن أغلب النساء المتدينات لا يفهمن ذلك أو ربما لا يردن أن يفهمنه مع الأسف الشديد..(18/263)
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه [لو كنت آمر أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها] لما له من الحق العظيم عليه. وفي الحديث الآخر الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح] . ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي صححه الألباني عليه رحمة الله [إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهره، وحصنت فرجها وأطاعت زوجها دخلت الجنة] وفي رواية أخرى "قيل لها ادخلي من أي أبواب الجنة شئت".
أيتهاالأخت الكريمة..خلافاتك المستمرة مع زوجك تتعارض تعارضاً كاملاً مع التزامك وتدينك حتى لو كان زوجك لديه بعض التقصير، التزام الزوجة الحقيقي وتدينها الصافي هو حسن التبعل للزوج..حسن الأدب مع الزوج..حسن القيام بأمور الزوج ...
أنت تشكين التقصير لدى زوجك تجاه بعض واجباته الشرعية ... فهل حاولت علاج مثل هذا التقصير أو تغييره بأسلوب غير تقليدي بل يكون مشكلاً أو مغلفاً بطابع زوجي مميز.. ويكون مختلفاً جذرياً عن الأساليب التقليدية المتبعة عادة في تعديل السلوكيات أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
هل فكرت يوماً في إيقاظ زوجك لصلاة الفجر من دون خصام؟ هل تطبعين عليه قبلة حارة أو ضمة حانية ملؤها الحب والشوق وأنت تأمرينه بالصلاة..أوأي فعلٍ للخير آخر ... ؟ هل فكرت بوضع برنامج تشرفين عليه أنت لقراءة القرآن مع زوجك بوضعية زوجية خاصة تحببه وتشوقه للقراءة ... مثل هذه الأعمال الحانية هي بالفعل قمة الدعوة بالتي هي أحسن، هي بالفعل سر نجاحك مع زوجك إذا أردت له الصلاح. هو سوف يحب الصلاة ويحب فعل الخير إذا جاءه الأمر بها بطريقة زوجية خاصة ... وإلا ما الفرق أن يكون الآمر هو الزوجة أو أي أحد من الناس.
إذا أحب الزوج زوجته وأحب عملها معه وحسن لطافتها له أحب كل عمل يسعدها فلا تبخلي على زوجك بحسن التبعل ابتعدي كل البعد عن المخاصمة والمشاجرة وأنت عرفت حقه عليك وعظم حرمة فعل ما يوجب سخطه.
وفقك الله وأصلح حالكما،،،(18/264)
زوجي.. مدمن!!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 8/3/144
السؤال
أخي الكريم مشرف نافذة الاستشارات..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:-
إنني أعاني من تصرفات زوجي التي تدل على إدمانه لنوع من المخدرات برغم صلاته الدائمة فكيف أصارحه وأتناقش معه في هذا الموضوع أو أطلب الطلاق برغم أن عندي ثلاثة أبناء هم من المتفوقين ولله الحمد دلني على حل لمشكلتي. وجزاكم الله خير.
الجواب
أختي الكريمة.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الطلاق لا يحل المشكلة في هذا الوقت.. خاصة مع وجود الأبناء أصلحهما الله وحفظهما لوالديهما، ولذلك فرأيي في هذه المشكلة ما يلي:-
أولاً: لا أدري ما هي الإعراض والتصرفات التي استنتجي منها إدمانه على نوع من المخدرات؟! وما هو هذا النوع يا ترى، فالفرق بين الأنواع كبير من ناحية أعراض أو طرق علاجه ولذلك إن رأيت فوافينا بشرح مفصل لهذه التصرفات لكي تكتمل الصورة أكثر.
ثانياً: ما دام زوجك - هداه الله وحماه - محافظاً على الصلاة، فلعل الله أن يجعل له بها شفاءاً عاجلاً غير آجل، وهذه نعمة كبيرة وخير كثير، فأعينيه على نفسه أختي الكريمة.. بتوفير أجواء هادئة تجعله يجد في بيته الراحة النفسية التي تبعده عن البحث عنها خارج البيت، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.
ثالثاً: لا أدري إن كانت معاناتك قديمة أو جديدة حتى نعرف من خلالها منذ متى هو على هذه الحال!! وعلى أية حال لا بأس أحياناً من الإتيان ببعض المطويان أو الأشرطة أو الكتيبات المختلفة ومن ضمنها ما يحذر من خطورة المخدرات على النفس والمال والأسرة، فلعل الله أن يجعل فيها تذكرة له وعبرة.
رابعاً: من المهم في هذه المرحلة وإذا كان الأمر لم يصل إلى مرحلة الخطر عليك وعلى أبناءك وما زال يداري الأمر عنك ألا تشعريه بشكوكك حتى لا تتساوى عنده الأمور ويبدأ يعلن عن وضعه أمامك بكل وقاحة وتحدي!!.
خامساً: إن تطور الأمر إلى ما تخشين من خطورته على نفسك وعلى أبنائك، كأن تكرر مجيئه إلى البيت بوضع مزعج.. ومحاولته الاعتداء عليكم فيجب عليك هنا أن تعلمي أحد أقاربك الرجال الثقاة العقلاء، لكي يحاول أن يعالج الأمر بطريقته، والحمد لله أماكن العلاج متوفرة وبشكل سري.
سادساً: الله.. الله.. أختي الكريمة بالدعاء الصادق بأن يهدي الله زوجك ويحميه ويشفيه، والحِّي على الله بالدعاء، وتحري مواطن الإجابة كالسجود وأدبار الصلواة وآخر الليل، وآخر ساعة من يوم الجمعة فالله سبحانه قريب مجيب.. يجيب دعوة المضطر إذا دعاه , ويكشف السوء، وفقك الله وحماك، وهداك وأصلح لك وأصلح بك، وشفى الله زوجك وجميع مرضى المسلمين.(18/265)
زوجي لا يصلي؟!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 17/9/1422
السؤال
زوجي لا يصلي , أو يصلي ولكنه لا يواظب على الصلاة وهذه إحدى مشاكلنا.. ويقوم بشتمي كثيراً حتى أصبحت في بعض الأحيان عندما يشتمني أقوم برد بعض المسبات إليه مع أنني لست راضية عن هذا الوضع , وأنصحه بان يقترب من الله ويصلي يعدني وكل مرة نتشاجر فيها بأنه لن يسب مرة أخرى , ولن يشتمني أنا ولا أهلي , ولكنه يعود مرة أخرى. هل عندكم حل لمشكلتي , أرجوكم رجاءً حاراً أن تردوا عليّ وجزاكم الله خيرا.
الجواب
أختي الكريمة أشكر لك ثقتك , وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد وأن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه , وألا يجعله ملتبساً , علينا فنضل ّ , أما استشارتك فتعليقي عليها من وجوه:
أولاً: المناصحة الهادئة - أختي الكريمة - لها أثر عظيم.. فعليك بها بعيداً عن الانفعال , مع اختيار الوقت المناسب لها , والدعاء الصادق المتكرر بأن يهدي الله زوجك، ويصلحه ويوفقه للحق والصراط المستقيم.. وتحري مواطن الإجابة كالسجود , وآخر ساعة من يوم الجمعة , وفي آخر الليل حين ينزل ربنا تعالى إلى السماء الدنيا فينادي: هل من داع فأستجيب له.. هل من مستغفر فأغفر له وثقي بأن الله تعالى قريب يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
ثانياً: لا بأس من الإيحاء إلى أحد أقاربه أو أقاربك الثقات بالاقتراب منه ونصحه , فلعل الله أن يهديه على يديه.
ثالثاً: أتمنى ألا تجاريه في ألفاظه السيئة وسبه وشتمه وتأملي قوله تعالى {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} فهل جربت هذا الأسلوب؟ .
رابعاً: عندما يغضب.. وينفعل حاولي أن تهدئي , وتردي عليه بقولك " سامحك الله " أو "هداك الله " أو " غفر الله لك " وثقي أن لهذه الكلمات أثراً عظيماً عليه بعد أن يهدأ مقارنة بردك الإساءة بالإساءة.. واحتسبي ذلك عند الله يكن لك به الأجر العظيم إن شاء الله.
خامساً: أقترح إحضار بعض الأشرطة الدينية أو الكتيبات الشرعية أو أشرطة للقرآن الكريم داخل المنزل، واستماعها بكثرة.. فلعلها تجد في لحظة من اللحظات أذناً واعية منه، فيتأثر بها، وتفوزي بإذن الله بسعادة الدارين.
وفقك الله وسدد على طريق الخير والحق خطاك.(18/266)
وِسام شرفٍ لأمّ ناجحة..
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 4/6/1424هـ
السؤال
مستشاري الكريم:
أنا لدي عدد من الأولاد والبنات أكبرهم في الجامعة وأصغرهم لم يدخل بعد المرحلة الدراسية.
مشلكتي أن زوجي مدمن على شرب الخمر أمام الأولاد وسيئ الخلق ويمد يده عليَّ بالضرب المبرح الذي طالما عانيت منه ... لقد قابلت كل ذلك العذاب بالصبر والاحتساب من أجل أبنائي وليس لأي شيء آخر، وبالفعل تعبت معهم حتى أصبحوا طلاباً ناجحين بل ومن الأوائل في الدراسة وبناتي حفظن القرآن كاملاً والحمد لله كثيراً.
المشكلة الحاضرة والتي فجرت الموضوع هي حينما منعني زوجي والأولاد من الذهاب إلى إحدى المناسبات الخاصة وهدد بالطلاق مما جعلني أغضب وأذهب إلى بيت أهلي حيث أوصلني ابني وبالفعل ارتحت واستقرت نفسي حيث لم أعد اتحمل هذا العذاب المستمر منه..
جميع أولادي يعذروني ويعرفون شدة معاناتي مع هذا الزوج القاسي وأنا والله حائرة جداً هل أستمر في طلب الطلاق وأترك الأولاد أم أعود إلى بيتي وأظلم نفسي بالصبر مع هذا الرجل، أشيروا عليَّ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الأخت الكريمة ...
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم"
اسمحي لي أن أرفع لجانبك كامل التقدير والاحترام وأن أعلنها صراحة بأنك زلزلت بعض القناعات التي كانت لدي في مثل حالتك وظروفك، إنك امرأة عظيمة بحق وتستحقين والله أعلى الأوسمة الشرفية في تربية الأبناء والصبر والنجاح الباهر والقدرة على تخطي الحواجز والعقبات مهما كانت كبيرة وعظيمة.
قبل قرائتي لحالتك كنت لا أتردد بنصح من هي في مثل حالتك وتحت زوج سكير بأن ينجين بأنفسهن من العذاب الذي يتعرضن له صباح مساء، خاصة ممن يكون سكرهم شديداً على أسرهم حتى إنه ليتحول إلى جحيم لا يطاق جراء ما يتعرضون له من الضرب والتنكيل والعذاب المستمر من هذا الأب وهذا الزوج الذي يتحول إلى وحش كاسر حالما يغيب عنه عقله وتفتك به خمرته.. ولكني الآن وبكل صراحة سوف أنتظر قليلاً وأتريث قبل إسداء مثل هذا النصح.
أنت أختي الكريمة من المفترض أن تكوني أنموذجاً ومثالاً يحتذى للأم الصابرة، للأم المكافحة، للأم القوية، للأم المربية، إنك والله مصداق لما كناَّ دائماً نردّده من أن التربية والنجاح فيها يحتاج إلى عاملين أساسيين لا بد للآباء والأمهات من الأخذ بهما سوياً وهما أولاً سؤال الله دائماً والإلحاح عليه بالدعاء المستمر بأن يصلح الأولاد، وأن يجعلهم هداة مهتدين، وأن ينبتهم النبات الحسن، وأن يعيذهم من الشيطان الرجيم، والأساس الثاني هو ترجمة هذا الدعاء إلى أخذٍ بالأسباب من العمل المتواصل والجهد المستمر مع الأبناء في تربيتهم التربية المستقيمة بأركانها وأبعادها المختلفة الروحية، والخلقية، والغذائية، والعقلية، والدينية، والتعليمية، وغير ذلك من الأمور المتعلقة بهم هذان الأساسان والركيزتان هما في ظني سر نجاحك في قدرتك على تخطي عقبة ذلك الأب المنحرف.(18/267)
إن النجاح الذي يتمناه كل أحد لأولاده هو أن يكونوا قريبين من الله تعالى بخشيته وتقواه على الدوام، وفي نفس الوقت يكونوا أفراداً ناجحين ومتميزين في حياتهم الدراسية والعملية. إن أولادك حينما يكونوا طلاباً ناجحين ومتفوقين دراسياً، وحينما تكون بناتك حافظات للقرآن الكريم وهن في مثل هذا السن لهو وسام شرف يجب أن تعتزي به وشهادة نجاح تربوية يجب أن تفتخري بها، وما عليك إلا مواصلة هذا المشوار الناجح الذي سلكتيه واخترتيه حينما اكتشفت أن زوجك ليس بالرجل الذي يتحمل المسؤولية، وضحيت بنفسك من أجل هؤلاء الأبناء وأملت فيهم سعادتك وهو ما تشاهدين بوادره وعلاماته الآن، وما ذلك إلا من توفيق الله وجزائه لك على صبرك واحتسابك.
أنت أيتها الأم الناجحة حينما تحسين بمرارة العيش مع هذا الزوج سيئ الخلق وفي كنف ذلك الرجل المتعاطي لأم الخبائث وبصعوبة الصبر عليه وعلى أفعاله، وحينما تطلبين الطلاق منه فإن ذلك مطلب له حظه ونصيبه من الصحة والحق وأنت معذورة تماماً في طلبك هذا، كما أنه لك كامل الحق في البحث عن عيشة وحياة هادئة تحت ظل رجل يمكن أن يوفر لك شيئاً من الحنان الذي فقدتية وحرمت منه طيلة هذه السنوات الماضية، إن كان ذلك هو وضعك مع هذا الزوج وهذه هي حياتك معه فأنا أقول أن لك تمام الحق في هذا الطلب بالانفصال ... ولكن ...
أيتها الأم العظيمة ...
حينما أقول بأن لك الحق في طلب الانفصال فإنه لا يعني أنها الخطوة الأنسب لك في نظري، بل هنالك خطوات وأمور أرى وأحسّ بأنها أكثر أهمية وأجدى نفعاً وأعظم أجراً ويجدر بك طرقها قبل البدء بخطوات التفكير بالطلاق والانفصال.
أنت أيتها الأم الكريمة بدأت مشوار التربية لفلذات كبدك ونجحت نجاحاً باهراً والحمد لله.. والسؤال الملح هو لماذا لا تواصلين هذا المشوار وهذا الطريق وأنت قد رأيت بنفسك عاقبة الصبر ونتيجة التحمل وأن الله لم يهملك بل كان لك معيناً وناصراً؟ .. أنت لا زال لديك أولاد صغار جداً وهم بحاجة ماسة لرعايتك وقيامك بشؤونهم خاصة وأن والدهم كما تذكرين غير مؤهل البتة للقيام بمسؤولياته تجاههم.. أنت صبرت فواصلي الصبر وواصلي التحمل يا رعاك الله واطمئني وأبشري وأنا واثق بإذن الله من أن القادم والمستقبل سيكون أفضل وأفضل..
أولادك سيستمر نجاحهم إن في دراساتهم أو في أعمالهم وأسرهم، وبناتك ستلحق بهن بركة صبرك بإذن الله بنجاحهن وزواجهن ممن يستر عليهم ويعشن معهم عيشة هنيئة بعيدة عن النكد والخوف الذي عاشته والدتهم.
نصيحتي لك أيتها الأم الفاضلة هي العودة إلى بيتك متسلحة بالصبر والاحتساب ومواصلة الكفاح والجهاد ونعم به من كفاح لتخرج ثمرة جهدك وصبرك أزهاراً يانعة وأجيالاً نافعة لأمتها ولدينها ولبلدها.. عودي إلى بيتك وكوني واثقة بعون الله لك ووقوفه معك بحوله وقوته، واعلمي أن النهاية ستكون من حظك وفي صفّك، واصلي أيتها الأم هذا الطريق الذي سلكتيه واخترتيه من البداية.(18/268)
أما هذا الزوج فإن صلاحه بإذن الله سيكون عن طريق هؤلاء الأبناء الصالحين الذين تخرجوا من مدارسك التربوية الناجحة وسيفيق بإذن الله إلى رشده طال الوقت أم قصر، خاصة وهو يرى ثمار الصلاح بادية على تصرفات أولاده الذين يسعون لبره والإحسان إليه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
كوني عوناً لهم على برّ والدهم وادفعي وإياهم أذاه بالتي هي أحسن كي ينقلب إليكم بحنانه ورقته.. تحملوا منه الأذى فهو في النهاية والد أولادك ومحرم عليهم عقوقه حتى وهو على هذه الصفة من الانحراف، متسلحين جميعاً بالصبر عليه والدعاء له بالهداية.
أصلح الله لك النية والذرية ولجميع المسلمين.(18/269)
تعبت مع زوجي!!!
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 14-5-1424
السؤال
أنا شابة متزوجة منذ عدة سنوات ولدي أطفال والحمد لله.
مشكلتي هي مع زوجي الذي يعول أسرته وهم والداه وأخوته.. حتى بدأت تضيق بنا الحال من الناحية المادية حيث أصبحنا لا نمتلك قوت يومنا..
المشكلة في اختصار هي معاملة زوجي لي فهو يصاحب رفقة سيئة.. وله علاقات محرمة.. وشكوت له ذلك ولكنه يصفني بأنني متوهمة.. حتى صرنا نتخاصم بالأيام والليالي.. وتعبت كثيراً مما أثر ذلك في تربيتي لأولادي.
أنا الآن لا أدري هل أسكت على أفعال زوجي المحرمة أم أطلب الطلاق؟ أنا لا أريد أن أبوح بمشاكل بيتي لأحد لأنني أتمنى أن أصونه حتى آخر لحظة.
بذلت له أشرطة وكتب عن معاشرة وحقوق الأزواج ولكن لا فائدة. التحقت أنا وأبنائي بدورة تحفيظ القرآن كي نسلي عنه وهو لا يمانع من ذلك.
فهل من حل وإرشاد وجزاكم الله خيراً،،،،
الجواب
الحمد لله، وبعد:
أختي في الله.. شكر الله لك دعواتك الصادقة لنا ومشاعرك النبيلة تجاهنا، كما نثمن لك اتصالك بنا ونتمنى دوام تواصلك معنا.
وأما بخصوص ما تفضلتِ بالاستشارة والسؤال عنه، فيسعدنا إتاحتك الفرصة لنا لنشاطرك همومك ونساعدك بما استطعنا، وأملنا بالله كبير أن تجدي من خلال هذه السطور ما يثلج صدرك ويخفف معاناتك، أختي الكريمة، أعتقد جازماً أن مشكلتك تهون كثيراً أمام نظيراتها من المشاكل الأسرية التي لا يكاد يخلو منها بيت من بيوت المسلمين، فالخلافات الزوجية، وحالات الخصام بين الزوجين لم تخل منها حتى بيوت الصحابة - رضي الله عنهم-، لكن الحكمة والصبر وسعة الصدر دعائم أساسية لاحتواء كل خلاف مهما كان مصدره أو سببه، إنني ألمس من خلال رسالتك تمتعك بصفات ضرورية لنجاح أي بيت مسلم ينشد السعادة، إن خوفك من الله، وسعيك لإرضائه - سبحانه- وإنصافك لزوجك ودعائك له، وصبرك على تصرفاته، وفرارك من الظلم ومسبباته، كل هذه المزايا عوامل رئيسة - كما ذكرت- تساعدك للإبقاء على كيان أسرتك وإنقاذها من غوائل الفتن، وأسباب الفشل.
ولابد أن تتذكري أن لدى زوجك جوانب خيرة تدل على وجود استعدادات فطرية لديه قد تساندنا جميعاً للتغلب على عيوبه، وأخطائه.
إن سماحه لك بممارسة عباداتك وقيامك بواجباتك الدينية دون لمز أو تهكم أمر مهم كما ترين، بل إن قبوله بانضمامك وأولادك لحلق التحفيظ عامل مثير للتفاؤل يدل على إمكانية التصحيح.
لابد لك - حفظك الله-من طرح اليأس أولاً قبل أن تقومي بأي إجراء إصلاحي عملي، فاليأس في حد ذاته محرم شرعاًُ، مستقبح ذوقاً خصوصاً، حين يسيطر على أمثالك من حاملات العقيدة وناضجات الفكر وعاقلات المجتمع.
إن بأيدينا سلاحاً لا يخيب، لكننا كثيراً ما ننساه أو نتناساه، وهو الدعاء أليس الله يقول: "ادعوني أستجب لكم" ويقول: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوت الداع إذا دعان".(18/270)
ولم لا تدعينه دعوة المضطر؟! وهو القائل: "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء" إن ساعات السحر وجوف الليل وساعة الجمعة وعند الآذان أوقات بركة وإجابة، فلم لا نرفع أكف الضراعة بخشوع وخضوع وانطراح بين يدي الرؤوف الرحيم؟!
حاولي بارك الله فيك ملاطفة زوجك بالكلمة الطيبة، والابتسامة الدائمة مهما تطلب ذلك من جهد عصبي للتغلب على حظوظ النفس.
قال تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم".
استغلي حب أهله لك كي يساعدوك في حل المشكلة بمناصحة ابنهم وليكن طلبك المساعدة منهم بأسلوب تدريجي حتى لا يثير استغرابهم.
لا أنصحك بطلب الطلاق حالياً إلا إذا كان الزوج يمتنع عن الصلاة خاصة، فإن كان كذلك فهو كافر لا يحل لك البقاء معه فامتنعي عن معاشرته وبيني له الحكم الشرعي في تارك الصلاة فإن أصر على تركها وجب عليك مفارقته وسيجعل الله لك مخرجاً ويبدلك خيراً منه.
وفقك الله وأعانك، والسلام عليك.(18/271)
زوجي.. القدوة السيئة!!
المجيب د. علي الرومي
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 11-6-1424
السؤال
مشكلتي تكمن في زوجي، فهو إنسان طيب ولا يقصر في واجباته المنزلية، ويحاول أن يرضي رغباتي، ولكن المشكلة في أنه لا يصلي، هو ليس منكرا للصلاة ويعلم حكم تاركها، ولذلك فهو أحيانا يصلي والغالب لا، ويعلم حكم الأغاني، وإذا طلبت منه عدم سماعها يرفض أحيانا تكبرا وأحيانا يستجيب، وخاصة أن ذلك يؤثر في نفسية الأطفال، فهم في مدارس التحفيظ ويرون أباهم لا يصلي ويسمعهم الأغاني ويدخن على الدوام وحتى إن حاولوا التكلم معه نهرهم بحجة انه أبوهم وأنه يعلم أنه على خطأ، وأنا لم أتمن في حياتي كلها سوى رجل صالح عابد لربه، يعينني على فتن الدنيا ويصلحني إن أخطأت، ومن هنا بدأت مشكلتي لأني بدأت أوهم نفسي أنى أعيش مع رجل صالح غير زوجي، حتى أستطيع تأدية حقوق ربي علي لأني عندما أراه بهذه الحالة تذهب عزيمتي للعبادة، فتأثير زوجي في المنزل كبير فهو السبب بأن أطفالي لا يتشجعون للقيام إلى الصلاة، وأنا الآن أحاول أن أتجنب الجلوس معه، لأني وبصراحة بدأت أكره تصرفاته وأكره شخصه، فهل تعتبر هذه خيانة زوجية يحاسبني عليها ربي؟ مع أنها أحلام فقط لا تتعدى مجرد تفكير، وماذا أفعل مع زوجي مع العلم أني قد مللت
الجواب
أختي السائلة..
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم".
مشكلتك تتلخص في أن زوجك لا يصلي في الغالب، يسمع الأغاني، يدخن، أطفالك يرون أباهم لا يصلي ويسمع الأغاني ويدخن باستمرار، زوجك يرفض النصيحة أحياناً تكبراً من أن يسمعها ممن هو تحت يده. وينهر أبناءه عند مناصحته بحجة الأبوة والعلم بالحرمة، انفصالك عن الواقع بتوهم العيش مع رجل صالح غير زوجك، تجنبك الجلوس مع زوجك، بدأتِ تكرهين تصرفات زوجك وشخصه، شعورك بالملل.
أختي السائلة.. لا شك أن كل ذلك لم يكن وليد اللحظة وإنما له جذوره التي تعود في الغالب إلى بداية الزواج، ففي بداية الزواج. يميل كل طرف إلى المجاملة والتحكم بطباعه وما اعتاد عليه ليتطلع طباع الآخر وما اعتاد عليه، ومن ثم يحاول التأقلم مع الآخر بالتنازل أو دفع الآخر للتنازل أو إحداث حل وسطي. ومحاولة التأقلم تعتمد على أمور منها: درجة القبول والرفض، وأساليب تشجيع السلوك المقبول، أو أساليب إنكار وتغيير السلوك المرفوض. وهذا يعني أن لك إسهاماً في المشكلة التي تعيشينها مع زوجك، خاصة فيما يتعلق بالصلاة، إما من حيث درجة الرفض أو أساليب التغيير والإنكار.(18/272)
فدرجة الرفض ينبغي أن تصل إلى الحد الذي يعي فيه الزوج أنها في النهاية مع إصراره على عدم الصلاة سوف تنتهي بنهاية العلاقة الزوجية. وفيما يتعلق بالإنكار لا بد من تبرئة الذمة وعدم العجلة بقطع العلاقة الزوجية. وإنما لا بد من التدرج ودفع الزوج بالوسائل الممكنة إلى القيام بواجب الصلاة. وعليك أن تفكري بالوسائل التي قمت بها سابقاً والوسائل الممكنة التي لم تستخدميها. خاصة وأنك ذكرت جوانب إيجابية تدل على قابلية الزوج للتغيير كما تدل على أنك قادرة على تغييره والتأثير عليه. من ذلك أن (زوجك إنسان طيب) ، (لا يقصر في واجباته المنزلية) ، (يحاول إرضاء رغباتك) ، (يعلم ولا ينكر وجوب الصلاة) ، (أطفالك في مدارس تحفيظ القرآن) ، (أمنيتك رجل صالح يعينك على نفسك) . فينبغي لك أختي السائلة أن تستغلي هذه الجوانب لتغيير زوجك. واجعلي من أمر الصلاة أهم رغبة لك. واستخدمي الوسائل التي تستخدمينها لدفعه لتحقيق رغباتك. وإذا لم تجد تلك الوسائل-مع أني أظنها كافية- فيمكنك الاستعانة بآخرين قادرين على التأثير عليه من أخ أو أب أو نحو ذلك بالطريقة المناسبة.
أختي السائلة.. هل ما ذكرتيه من إيهام نفسك بأنك تعيشين مع رجل صالح مجرد خواطر تتحكمين بها أو تحولت إلى أفكار ذات سلطة على تفكيرك. ثم ما مدى الاندماج مع هذا الوهم. أنصحك أختي السائلة أن تعرضي الحالة على أخصائية نفسية قادرة للتعرف على مدى عمق المشكلة وتساعدك على التخلص منها. لكنني أنصحك ألا تتساهلي في ذلك فالخاطرة تتحول إلى فكرة والفكرة تتحول إلى عمل. وقد ينقل صاحب الفكرة فكرته الملحة إلى عالم التخيل والوهم عندما لا يستطيع تحويلها إلى عمل، فعليك بالحذر. واعلمي أن الله وهب الإنسان القدرة على التغيير، فلا تشعري بالعجز، ولا تستعجلي النتائج. ثم اعلمي أن النتائج بيد الله - سبحانه وتعالى-، وما عليك إلا بذل الجهد وعمل المستطاع. ومشكلة الإنسان من نفسه فعندما تواجهه المشكلة ما يعاني من ضغوط نفسية (أحدها الشعور بالذنب) تدفعه إلى أحد خيارين: مواجهة المشكلة والبحث عن حل لها أو الانسحاب منها إلى عالم آخر ينسى فيه مشكلته ويتجنب الشعور بالذنب. فيبدو أنك اخترت الانسحاب وتجنب الشعور بالذنب بتخيل العيش مع شخص آخر. ويؤكد ذلك ما ورد في آخر السؤال من التساؤل حول ما قد يلحقك من إثم نتيجة لذلك وهل تعد خيانة زوجية أن تتخيلي العيش مع غيره؟ وميلك إلى الإجابة أو توجيهها حرصاً منك على تجنب الشعور بالذنب. وكما قلت فإن الله لا يحاسب على الخواطر بل إن من خطرت له خواطر سيئة وتجنبها كان له أجر لأن ذلك من الجهاد. لكن المشكلة في حالتك وهي تحتاج إلى مزيد إيضاح أنها انتقلت من الخواطر إلى معايشة تخيلية تعيقك عن القيام بحقوق زوجك عليك. بل ربما تعيقك عن القيام بحقوق أبنائك عليك. فعليك أختي السائلة ألاّ تتهاوني بهذا الأمر. وفقك الله وسدد خطاك.(18/273)
لم أعد أطيق زوجتي
المجيب علي بن عبد الله العجلان
مستشار أسري - وزارة الشؤون الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 6/12/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي باختصار أنني وبعد أن تبت إلى الله توبة نصوحاً، وأنا على الالتزام حالياً، نسأل الله الثبات وحسن الخاتمة -بإذنه عز وجل-، أقول: مشكلتي أنني لم أعد أطيق زوجتي؛ لأنها على المنكرات اليومية، من تفويت لأوقات الصلاة بالنوم، ولا أعلم إن كانت تقضيها أم لا، فأنا نادراً ما أراها تصلي، فأقول: ربما تكون قد صلت كما تدعي, أيضاً ليلها سهر على الأحاديث غير المجدية، والغيبة، وما لا ينفع، ونهارها نوم، وتفويت للصلوات عن وقتها، تسمع الأغاني بشراهة، وتنام على أنغامها، وتقرأ المجلات الماجنة وتقتنيها، وتشاهد القنوات الفضائية، وبالذات الأغاني والأفلام، لا تحب البقاء في البيت، وترغب التسوُّق وزيارة الصديقات باستمرار، وتستعمل الجوال بصفة مستمرة، لدرجة إني أسدد ما قيمته 5000 إلى 6000 للفاتورة، عندها مالا يحصى من الصور، وتحب الرقص بالزواجات على نغمات الموسيقى، ولبس الكاسي العاري، ومن قبل التزامي أنا شخصياً أسرفت في زواجي، وتحملت الديون الثقيلة بالرغم من أن راتبي جيد، وصدق الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فيما معناه: "أبركهن أيسرهن مهوراً"، وقال أيضاً: "فاظفر بذات الدين تربت يداك"، أنا الآن أكرهها في الله، ولن أرضى بذلك كله، وسأعرض عليها الاختيار إما الالتزام على طريق الخير، أو اختيار طريق الشيطان والطلاق، أنا الآن مبتعث بالخارج، وسافرت وحدي، وتركتها؛ لبغضي لتصرفاتها وعدم تحملي لها، وكذلك لأرتاح، وبالرغم من ذلك أنفق عليها وأكلمها للمواصلة والاطمئنان؛ خوفاً من الله، وهي وافقت على مضض البقاء هناك من دوني. فما رأيكم؟ -والله يرعاكم-.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الكريم: نسأل الله لك الثبات حتى الممات، وأن يتقبل الله توبتك، ويجعلك ممن يبدل الله سيئاتهم حسنات، إنه على كل شيء قدير، ولا شك أن التوفيق بيد الله، وما على المسلم إلا أن يأخذ بأسباب النجاة له ولأهله، ومن ذلكم:
(1) تذكر نعمة الهداية وأنها من الله - عز وجل- يمن بها على من يشاء من عباده.
(2) الحرص على دوام التوبة واستمرارها، وذلك بفعل الطاعات، والبعد عن المعاصي، وجلساء السوء.
(3) الإكثار من مجالسة الصالحين وأهل الخير، وقراءة سير الصالحين والتائبين منهم خاصة.
(4) الإكثار من قراءة القرآن، وغير ذلك من الأسباب المعينة على دوام التوبة، نسأل الله لنا ولك الخاتمة المباركة.
وجواباً عن سؤالك وما هو الواجب عليك تجاه زوجتك نوصيك بما يلي:
(1) الأسباب التي أثرت عليك فتبت ربما تكون عوناً لك في سبيل توبة زوجتك.
(2) تغيير معاملتك لزوجتك، وتقديرها واحترامها أكثر من قبل، والرفق بها، وإن كانت لا تزال على المعاصي.
(3) الصبر عليها، وتحمل الأذى منها في سبيل إصلاحها، وتوجيهها، ومساعدتها على التوبة.(18/274)
(4) صحبتها معك إلى زملائك وإخوانك أثناء زيارتهم، وخاصة من عرف عن زوجاتهم الصلاح، والدعوة، والرفق، وكذلك المحاضرات والدروس، وأماكن الطاعة ودور العبادة.
(5) هذه الزوجة تشبه الغريق، وتحتاج إلى من يجيد فن السباحة، والقدرة على إنقاذها، وربما تكون إمكانياتك لا تتيح لك ذلك؛ نظراً لقرب توبتك وصلاحك؛ ولذلك أوصيك بالاستفادة من أهل التجربة والخير، ومعرفة طرق الدعوة العملية، والحرص على ذلك.
(6) ترغيب زوجتك في أعمال البر والثواب عليها، ومن أعظم الأعمال الصالحة التوبة.
(7) تعامل زوجتك كما هي، ولا تعاملها كما أنت، فإن الواقع في المعاصي ليس مثل التائب الراغب فيما عند الله.
(8) تحتسب الأجر في دعوة زوجتك ودلالتها على الخير، وتصبر على ذلك، ولك الأجر العظيم من الله - تعالى-.
(9) ذكِّر زوجتك بالسعادة التي تغمرك، والتي بحثت عنها طويلاً، وأنها في تقوى الله، والتمسك بالدين، والرجوع إلى الله.
(10) أما بالنسبة لسفرك بدونها فيا حبذا لو صحبتها معك؛ فلعل ذلك سبب من أسباب توبتها، وذلك ببعدها عن صديقات السوء، ورفقاء المعصية، ولا يخفى عليك أهمية البيئة الصالحة وتأثيرها على العلاج والاستقامة، والذي أراه أن تتصل عليها، وتشعرها بأنك تأثرت كثيراً لسفرك بدونها، وأنك لا تستطيع البقاء بدونها، وغير ذلك مما تراه مناسباً؛ عسى أن يكون سبباً من أسباب الهداية.
(11) الدعاء لها والإلحاح في ذلك فقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء.
(12) أن الهداية التي تملكها هي هداية الإرشاد والدلالة، وهداية التوفيق بيد الله - سبحانه وتعالى-، فعليك القيام بما أوجب الله عليك، والنتيجة ليست لك، قال الله -تعالى-: "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" [القصص:56] . - وصلى الله على محمد-، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(18/275)
تعاني فجور زوجها ... ولكن لا تريد تشتيت الأسرة
المجيب عبد الله بن عبد العزيز الدريس
مدير إدارة التوعية والتوجيه بجهاز الإرشاد بالحرس الوطني
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 22/11/1424هـ
السؤال
أنا مغتربة مع زوجي منذ 18عاما عانيت خلالها الكثير من المشاكل، تمكنت بفضل الله من التغلب على بعضها كعدم أدائه للصلاة، حيث وفقني الله بعد جهد كبير ومعاناة نفسية وقلق وتوتر ونصح تارة باللين وتارة بالشدة والحمد لله منذ خمس سنوات أصبح يؤدي الفروض، ولم أكن أرغب الطلاق لميزات كثيرة فيه، فهو لم يقصر يوماً بالمادة على بيته ولا بالرعاية الصحية لنا، وطيب ومتسامح ولا يمنعني من عمل الخير، ولكنه للأسف صامت ولا يشركني في آرائه أو مشكلات عمله، وصامت على طول ويتهرب من المواجهة أو الحوار والنقاش في شئون الأولاد، وتارك كل القرارات المنزلية لي، وبذلك أنا أشعر أنه لا يحترم عقلي وتفكيري مع أني إنسانة ذكية ومحبوبة وصريحة وواضحة، وأسعى إلى الأفضل في كل شيء، وهو مسرف ولا يعمل حساباً للمستقبل أبداً، وأنا معتدلة ومتوازنة. ب
مشكلتي الرئيسية معه والتي دفعتني لطلب الرأي منكم، هي أنه يشرب الخمر ولا يستجيب لنصحي له؛ بل يصر ويقول لي لا تحاولي أبداً سيهديني الله يوماً ما، وأنا لا أطيق رؤيته على معصية؛ بل ويطلب مني أن أسهر معه مما يرهقني نفسياً وجسدياً، ويطيل المعاشرة الزوجية عدة ساعات، ويأتيني من الخلف أحيانا ولا يستجيب لرفضي. أحيانا أضغط على نفسي وأسهر معه، خاصة ونحن في بلد مفتوح والمغريات فيه كثيرة وسهلة، وهو مخلص لي ويحبني جداً، وأحياناً أتضايق وأنفر منه، فأنا طوال حياتي معه في قلق وتوتر بسبب المعاصي التي يرتكبها، وأعتبره قدوة سيئة لأبنائه، فهو لا يربيهم معي على الأخلاق الإسلامية، وابنتي في سن حرجة ومحتاجة إلى توجيهنا معاً، وابني على وشك الدخول في مرحلة المراهقة، وفي حاجة إلى توجيه ديني وأخلاقي وأسأل الله أن يوفقني على ذلك، وعندما ألومه أو أتضايق من تصرفه يذهب للسهر خارج المنزل ويأتي مع الفجر، لا أستطيع أن أستعين بأي شخص للتفاهم معه؛ لأنه عنيد وشخصيته قوية، ولن يستجيب لأحد، وهو يحذرني من ذلك، أصبحت أشعر بكراهية له رغم حبي وحناني له دائما، وهو يعترف بذلك ويقول عيبك أنك عصبية ومتسلطة على كل من في المنزل، وأنا والله أشعر أن رأيي سديد، وأريد من الكل أن يعمل به، وقد امتدت يده علي في إحدى الليالي، ويتلفظ علي بألفاظ قاسية، وأشعر أن حاله ازداد سوءاً، وأن الموضوع يوشك أن يفلت من يدي، وأنا لا أريد الطلاق من أجل أضراره الاجتماعية علي وعلى أبنائي ومستقبلهم، وهو لا يجبرني على البقاء معه ما دمت غير مرتاحة، علما بأنني تركت وظيفتي من أجله ومن أجل أبنائي، وأنا لا أريد تشتت الأسرة. أفيدوني أفادكم الله، وجعل هذا العمل خالصاً لوجهه وفي موازين حسناتكم يوم القيامة. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(18/276)
أسعد كثيراً حينما أرى أو أسمع نماذج لا يمنعها عيشها في المجتمعات المفتوحة من التمسك بدينها وقيمها ومبادئها، بل تصمد وتجاهد على مواجهة هذا العالم المفتوح بكل ما فيه من فتن ومغريات. وأنت أحد هذه النماذج، فها أنت تمتلئين هما وخوفاً على أولادك، وتجاهدين في سبيل تربيتهم تربية دينية صالحة بالرغم من سلبية زوجك!.
لقد رأيتُ ورأيتِ أنت بعض المسلمين - هداهم الله- كيف ذابوا في تلك المجتمعات، فلم يعد يربطهم بالدين إلا الاسم وبعض العادات والتقاليد المرتبطة بمناسبات معينة!.
فالحمد لله الذي منّ عليك بالهداية، وأسأله سبحانه أن يثبتك على طاعته، وأن يفتح على قلب زوجك، ويصلح لك ذريتك، فمشكلتك فيها عدة موضوعات تحتاج بسطاً فاعذريني على الإطالة.
قبل أن أتحدث عن زوجك أود أن أتحدث عنك أنت: لا بد أن تعي جيداً أختي الكريمة أنك أنثى، وهذه الكلمة تنطوي على الكثير من معاني الرقة والنعومة واللطافة ... وهذه الصفات هي أسلحة المرأة التي تواجه بها قوة الرجل وسطوته وجبروته، فلو واجهته بأسلحته فسوف تخسر المعركة، -ولا شك- لأنها لا تملكها، ولكن لو استخدمت أسلحتها بذكاء لكان لها فرصة كبيرة لكسب النتيجة.
ومن خلال قراءتي لسؤالك عدة مرات شعرت أن هذا الجو القلق الذي تعيشين فيه أثر على نفسيتك وبالتالي تعاملك مع زوجك، فأصبحت تتعاملين معه كما يتعامل الأستاذ مع التلميذ الكسول، أو الشرطي مع اللص، توبيخ، لوم، تقريع، تأفف صراخ، عصبية، ... إلخ، من القاموس النكد الذي يقلب حياة الرجل الطبيعي، فما بالك بمن هو مثل زوجك؟!.
لا تتوقعي أن هذا الأسلوب - مهما وجدت له من المعاذير - سوف يصلح زوجك ويغير حياته، فها هو زوجك نفسه يدلك على أصل المشكلة، ولكنك لم تنتبهي لها (عيبك أنك عصبية ومتسلطة على كل من في المنزل) ، ومعنى ذلك أنك مجموعة من الصفات الإيجابية لا يكدرها إلا هاتين الصفتين، ولولاها لكنت في نظره امرأة كاملة!! هذه هي الرسالة التي يريد أن يوصلها لك، كيف يمكن أن يشركك في آرائه ومشكلاته وهموم عمله، أو يناقشك في هموم الأولاد ومتاعب الحياة والتخطيط للمستقبل وأنت (عصبية ومتسلطة) ؟! ضعي نفسك مكانه، لو كانت إحدى صديقاتك بهذه الصفة هل ستعاملينها بما تطلبينه من زوجك؟، ثم إنك كما ذكرت في مجتمع منفتح فإن هرب منك فما أسهل أن يقع في أحضان الكثيرات ممن تمتلئ بهن شوارع الليل!!.
لا يمكن أن تجدي التجاوب حتى تكوني له الحضن الدافئ الوحيد الذي إذا وضع رأسه عليه تبخرت كل الهموم التي تحتمل في رأسه، لا بد أن تجعليه يرى ألا غنى له عنك، وأنت الملجأ بعد الله الذي يلجأ إليه، وأنت الأمان الذي يأوي إليه، ولا يكون ذلك إلا حينما تستخدمي أسلحتك المعطلة: لطفك، رقتك، زينتك، نظراتك، الحنونة، كلماتك الدافئة..إلخ. وسوف تؤتي هذه الوسائل ثمارها مع زوجك فأنت قد وصفتيه بأنه:
- يؤدي الصلاة المفروضة.
- كريم لا يقصر في المادة.
- متسامح.
- لا يمنعك من عمل الخير.
- مخلص لك.
- يحبك جداً.(18/277)
وهذه الصفات كلها تؤكد أن التأثير عليه سهل، ولكن حين تعرفين كيف؟ أخشى أنك تقولين الآن: ما باله وضع اللوم كله عليّ؟ صدقيني أنا لا ألومك أبداً، أنا أضع على مكان الجرح وأشخص لك الحالة وأرشدك إلى العلاج المناسب الذي أراه، جانب مهم آخر يجب أن تنتبهي له وهو ترتيب الأوليات في مشكلاتك.
أحياناً في خضم الهموم التي يعيشها الإنسان في يومه تختلط عليه الأوليات فيعالج الأسهل، ويستنفد طاقته فيها ويترك الأهم والأعظم، أراك راعيت هذا الجانب حينما استطعت بعد جهد كبير ومعاناة نفسية وقلق وتوتر ونصح تارة باللين وتارة بالشدة، أن تجعليه يحافظ على الصلوات الخمس، وهذا أعتبره إنجازا كبيراً.
بقي أمر مهم وهو أولادك بأن تجعليهم الآن أولوية في حياتك، فلا تؤثر معاناتك مع زوجك على تربيتك لهم، وأسلوب تعاملك معهم، أرأيت لو كتب الله على زوجك الوفاة، - لا قدر الله- ألا تكرسين حياتك لهم؟ هذا ما أريده أن يسيطر على مشاعرك الآن، وأن تهبي حياتك لأولادك وتفرغي قلبك من الهموم وعقلك من المشاغل لتحقيق هذا الهدف السامي (تربية أولادك تربية إسلامية صحيحة) ، وأن تغمريهم بحنانك فلا يذهبوا للبحث عنه في الخارج، وأن تكوني لهم صديقة يبوحون لك بأسرارهم وهمومهم ومشكلاتهم، وأن تشاركيهم أفراحهم وأحزانهم، وتربطيهم بالله تعالى وحبه والخوف منه ومحبة الرسول - صلى الله عليه وسلم- والصالحين من عباد الله، وأن توصلي إليهم الكتب والأشرطة المؤثرة، وغيرها كثير من وسائل التأثير.
أعود إلى زوجك وأنصحك بما يلي:
(1) ما دام زوجك في حالته الطبيعية فاحرصي كل الحرص ألا يرى منك إلا كل حسن سواء في المظهر أو في التعامل والكلام، فقد يكون الأمر صعباً عليك خاصة في البداية ولكن لا علاج بدون جهد وصبر.
(2) إياك أن تجالسيه على معصية، أو تستجيبي له إذا دعاك إلى معصية، فإذا شرب الخمر فأخبريه أنك لا ترضين بذلك، وأنها كبيرة من كبائر الذنوب، وأن من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة، وأن من شرب الخمر سقاه الله من ردغة الخبال وهي عصارة أهل النار انظر ما رواه البخاري (5575) ومسلم (2003) من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - فإن أبى فلا تجلسي معه عليها، فرضا الله - سبحانه - أولى من رضاه حتى إن خرج من البيت ولم يعد حتى الفجر، وقد نهانا الله تعالى عن الجلوس مع من يقارف المعصية.
وإذا طلب أن يأتيك من الدبر (مخرج الغائط) فلا تستجيبي له أبداً مهما عمل، فهي معصية كريهة بذيئة نهى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
(3) احرصي على الموعظة الحسنة بتخويفه من الله وغضبه، وأليم عقابه، وإن استطعت أن تقرئي عليه آيات وأحاديث في تحريم الخمر، وبقية أفعاله التي تخالف أمر الله - تعالى -، فإن الوعظ بالكتاب والسنة له أثر بالغ في النفس، وإن لم يظهر لك الآن.
(4) احرصي كل الحرص ألا تظهري خلافاتك مع زوجك أمام الأولاد، أو أن تناقشيه في أفعاله أمامهم، فلذلك أثر سيئ على نفسياتهم.(18/278)
(5) لا تظهري التعصب لآرائك أمامه، وإن كنت تشعرين أن رأيك سديد وترين أن يعمل الكل به، فإن كنت مقتنعة بذلك فليس بالضرورة أن يكون لدى غيرك نفس القناعة، بل اطرحيها على شكل مشورة إن قبلها فحسن وإلا فقد أديت ما عليك، فإن التعصب للرأي يولد نفس الموقف لدى الطرف الآخر، فيتعصَّب لرأيه أيضاً.
(6) عليك بالدعاء فكم هم فرجه وعسير يسره وبعيد قربه، خاصة في أوقات الإجابة وبإلحاح على الله تعالى، فإنه قريب مجيب سبحانه وتعالى.
أسأل الله أن يجمع شملكم على طاعته، وأن يثبتك ويهدي زوجك ويصلح ذريتك.(18/279)
زوجتي وأهلها غير ملتزمين
المجيب جماز عبد الرحمن الجماز
مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم بشقراء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات اجتماعية / العلاقات الزوجية/ المشكلات الزوجية/ضعف الوازع الديني
التاريخ 29/2/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
تزوجت زوجة من أسرة شديدة البعد عن الله، التزمتُ والحمد لله بعد زواجي منها مباشرة، وزوجتي شديدة البعد عن الله بحكم ما زرع فيها أهلها، وهم يعارضوني في كل شيء ويؤثرون عليها كثيرا مما يعوق هدايتها واستماعها لنصحي، طلقتها بعد أن تعبت كثيرا في المحاولة معها لمدة سنتين، لكن ارتباطها الشديد بأهلها أعاق ذلك، لدي منها طفل رضيع أخشى عليه منهم، أعلم بأن فيها خيرا كثيراً، مستعد لردها قبل العدة والصبر عليها، ولكني أخشى أن أحمل وزرها بحكم قوامتي، فهل حقا أحمل أثم أفعالها بالرغم من محاولتي معها أن رددتها أفيدوني بأسرع وقت أرجوكم قبل انتهاء العدة.
الجواب
الحمد لله رب العالمين وبعد:
فنرى لك إرجاعها قبل نهاية العدة، ورجعتك إليها يحصل بقولك: راجعتك، أو راجعت زوجتي فلانة، أو بجماعها، أو كلاهما معاً.
ويحتسب عليك طلقة إن كانت هذه هي الطلقة الأولى كما هو الظاهر في سؤالك. ولم يبق لك إلا طلقتان.
وهذا الكلام إذا ثبت طلاقك لها كما في السؤال. ونقترح عليك، إعادة المحاولة مرة أخرى في سبيل إصلاحها، ولعل طلاقك لها، قد أعطاها درساً هو آخر الدواء - إن شاء الله -.
ومتى كنت جاداً، فعليك بالآتي:
1. استعن بالله - عز وجل -، ولا تعجز، وفوّض أمرك إلى لله، وادعه دائما أن يسددك ويوفقك ويصلح زوجتك وذريتك. فالدعاء سلاح غفل عنه الكثير.
2. إذا أرجعتها، فأشعرها بحبك لها، وأنك راغب فيها، وامدحها بصفات هي فيها.
3. أطلب منها أن تتعاون معك، وأن أمنيتك الوحيدة في الدنيا هي هدايتها واستقامتها.
4. خلصها من صديقات السوء، وأبدلها بصديقات طيبات خيرات يرتبطن بها من خلال معرفتك بزملائك الأخيار؛ لأن تأثير المرأة على المرأة أقوى من تأثير الرجل على المرأة، ولو كان زوجها أو والدها.
5. لا تجعلها عند أهلها كثيراً، كن لها في مقام أهلها، أشعرها أنك جزء منها، أجلس معها كثيراً، إسمع منها كثيراً، تبادل معها الأحاديث كثيراً، مرضها إذا مرضت، اخدمها إذا احتاجت.
6. لا يكن لديها فراغ، أشغلها بما يعود عليها بالنفع [قراءة+كتابة+حياكة+صنعة] ، واهتم أن يكون ذلك في تخصصها أو ميولها، ولا تتخلى عنها، ساعدها وشجعها.
7. أخرج من بيتك الحرام [مقروءا + مسموعا + مشاهداً] واستبدله بالحلال مهما كانت الظروف والأحوال، والآن توفرت وسائل التسلية الحلال.
8. حاول أن تسكن قريباً من أناس مستقيمين متدينين، وابتعد عن السكن قرب أهلها أو أماكن تخشى فيها على دينك وأخلاقك.
9. عاملها بلطف، لا تكن قاسياً في الأمر والنهي، لا تفتش عن كل صغيرة، لا تسأل عن كل تافه، لا تفهم منك أنك متشدد، تريد كل شيء لا غبار عليه، أرضى باليسير. فسوف تجني الكثير الكثير، ولو بعد حين.
10. لا تقتر عليها في أكلها أو شربها أو ملبسها أو زيارتها، ابذل ما تقدر عليه بالمعروف، وسع عليها للمصلحة التي ترجوها، ولو كان الأفضل تركه.(18/280)
11. روى مسلم (1469) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر". يعني: لا تبغض الزوجة، إن كرهت منها خلقاً فلها حسنات كثيرات وأخلاق جميلة، هذا أصل في المعاملة والعشرة الزوجية، وهي كذلك لو كرهت منك خلقاً رضيت منك بأخلاق أخرى حميدة.
12. أخرج بها منزها في أماكن محتشمة، وأشبع ما لديها من تطلعات، لا تجدها إلا عند أهلها [نزهة + أكل وشرب + ولائم + أحاديث محددة + لقاء بقريبات لها....] .
13. اجعل لتطبيق هذا العلاج مدة شهرين أو ثلاثة، واصبر على ما يصدر منها من مخالفات ومنكرات، وحاول أن تخفف منها في سبيل إصلاحها، ولا يغيرك ما فعلت هي، أستمر في العلاج.
14. إذا لم ينفع شيء مما سبق، فابحث عن رجل صالح، أو امرأة صالحة، من أهلك أو أهلها، ليعظوها ويذكروها بالله- عز وجل -.
15. إذا أعيتك الحيل، ورأيت أنك بذلت جهداً كبيراً من أجل إصلاح زوجتك، ولم ينفع شيء، استخر الله - عز وجل - واطلب الخِيَرة.
16. الاستخارة أن تصلى ركعتين نافلة، كالنوافل المعتادة، وبعد التشهد وقبل السلام تدعو بدعاء الاستخارة المشهور الصحيح "اللهم إني أستخيرك بعملك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر [بقاء زوجتي فلانة معي واستمرار الحياة معها] خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به". وأقرأ ما شئت في الركعتين، ولا يسن سور معينه، وصل صلاة الاستخارة مرة واحدة، وبعدها افعل ما بدا لك، انشرحت له نفسك أولاً، فإن فيه الخير لك، لو كنت تعلم هذا.
17. اعلم أن دينك وصلاح ذريتك، أعز عليك من زوجتك، وأخلاقك وأخلاق ذريتك أغلى عندك من كل شيء.
18. إن قدر الله فراقها، فليكن تركك لها لوجه الله - عز وجل -، تخشى الإثم من استمرارها معك، وأنت قادر على مفارقتها وهي مقيمة على المعصية، إذ أنه لا يجوز لك اتخاذها زوجة وهي بهذه الصورة من اقتراف المعاصي وأنت تجد غيرها. وإنك إن أبقيتها وهي على ذلك، فسوف تعض أصابع الندم، ولو بعد حين.
19. قد يكون ذلك صعباً عليك؛ لأنك ترى أن زوجتك ليس مثلها أحد في جمالها، أو حسن منطقها، أو جودة لباسها عليها أو...... ولكن خذها:- سوف تتزوج بامرأة أخرى، تفوق زوجتك هذه، جمالاً وحسن منطق وحسن أدب وحسن سيرة، وصاحبة خدمة، وخير زوجة لخير زوج، وسوف تحمد الله - عز وجل - على ما أنزل بك من مصيبة، وأنها كانت خيراً لك وأنت لا تعلم وهذا معني قوله- صلى الله عليه وسلم - فيما صح عنه "إنك لن تدع شيئاً اتقاء الله- عز وجل - إلا أعطاك الله خيراً منه" رواه أحمد (20739) والبيهقي في السنن الكبرى (5/335) . وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.(18/281)