ومن تأمل الأدلة وجمع بينها تبين له قوة هذا القول والله تعالى أعلم. انظر: المحلى (10/163) ، زاد المعاد (5/218) ، وبل الغمام للشوكاني (2/69) ، الروضة الندية (2/105) ، جلاء العينين (268) .
وأشير إلى أن طلاق السنة هو أن يطلق الرجل زوجته طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، أو يطلقها وهي حامل، قال ابن عباس -رضي الله عنهما: (الطلاق على أربعة وجوه: وجهان حلال ووجهان حرام، فأما الحلال: فأن يطلقها طاهراً من غير جماع، أو يطلقها حاملاً مستبيناً حملها، وأما الحرام: فأن يطلقها حائضاً أو يطلقها حين يجامعها لا يدري اشتمل الرحم على ولد أم لا) . رواه عبد الرزاق (6/307) ، والبيهقي (7/325) ، والدارقطني (4/5) . والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/286)
متى تحل المرأة البائن لزوجها؟
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن
التاريخ 5/7/1422
السؤال
هل تحل المرأة البائن لزوجها الأول بالعقد أم بالجماع؟
الجواب
المرأة البائن بالطلقة الثالثة لا تحل لزوجها الأول حتى تتزوج ويطأها زوجها الثاني وهو لا ينوي التحليل لقوله صلى الله عليه وسلم للمرأة (.. لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك) وإن كانت بائناً بفسخ ونحوه لا بالطلقة الثالثة فإنها تحل لزوجها الأول إذا عقد عليها ولو لم تتزوج غيره.(11/287)
طلاق الزوجة طلقتين
المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن
التاريخ 15/5/1422
السؤال
لو طلق رجل زوجته طلقتين ثم بانت منه لانتهاء عدتها، ثم تزوجت غيره، ثم طلقها وبعد انتهاء عدّتها تزوجها الأول. فهل تحسب عليه الطلقتان السابقتان في العقد الأول؟ أم أنه ملك بالعقد الجديد ثلاث طلقات كاملات؟
الجواب
الذي عليه أكثر أهل العلم، وهو قول جمهور الصحابة أنه لا يملك منها إلا واحدة.
وتسمى هذه المسألة مسألة (الهدم) . إذ أن من أهل العلم من يقول بالاستئناف، كما لو طلقت ثلاثاً ثم تزوجت، ثم طُلقت فعادت للأول. واحتجوا بأن الزواج الثاني يهدم الثلاث فمن باب أولى أن يهدم ما دونها.(11/288)
ما يكتب في ورقة الطلاق
المجيب سلمان بن عبد الله المهيني
القاضي بوزارة العدل
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن
التاريخ 23/10/1424هـ
السؤال
إذا قام الزوج بتطليق زوجته طلقة رجعية فهل يصح له إخراجها من البيت بحجج كثيرة؟ وإذا لم يرجعها إلى عصمته خلال فترة العدة التي هي ثلاث قروء (3 حيضات) طبعاً تعتبر طالقاً منه، إلا إذا رغبا بالعودة فمهر وعقد قران جديدين؟ سؤالي إذا قام الرجل بعدم إرجاع زوجته فهل يكتب (كتابه) في ورقة الطلاق أن المهر ليس من حقها، أو إذا كانت هناك أية شروط أو اتفاق أو إجبار للزوجة على أمور، فهل تكتب أو تذكر في ورقه الطلاق؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.
يجب على المطلقة الرجعية أن تبقى في بيت الزوج مدة العدة، ويحرم عليها أن تخرج من البيت، كما يحرم على الزوج أن يخرجها منه بغير حق، وذلك أن للزوج- طوال مدة العدة- أن يراجعها ويردها إلى بيت الزوجية مرة أخرى- إذا كان هذا هو الطلاق الأول أو الثاني- وفي وجودها في البيت قريباً منه إثارة لعواطفه وتذكير له أن يفكر في الأمر مرة ومرة قبل أن يبلغ الكتاب أجله، وتنتهي أشهر العدة التي أمرت أن تتربصها استبراء للرحم، ورعاية لحق الزوج وحرمة الزوجية، والقلوب تتغير، والأفكار تتجدد، والغاضب قد يرضى، والثائر قد يهدأ، والكاره قد يحب.
وفي ذلك يقول الله تعالى في شأن المطلقات: "واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا" [الطلاق: 1] .
وقال - صلى الله عليه وسلم-: "إنما السكنى والنفقة لمن يملك الرجعة" رواه الدارقطني في سننه (4/22) ، وفي لفظ آخر: "إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة" رواه النسائي (3403) . قال ابن القيم: وإسنادهما صحيح ا. هـ. (زاد المعاد) (5/226) .
وقال الشوكاني - رحمه الله- ومع هذا كله فوجوب السكنى للرجعية مجمع عليه. ا. هـ. (السيل الجرار) (2/391) .
وقال ابن المنذر: وأجمعوا على أن للمطلقة التي يملك زوجها الرجعة: السكنى والنفقة. ا. هـ. (الإجماع) (ص48) .
وأما ما يتعلق بورقة الطلاق وما يتم كتابته فيها فهذا يختلف فيه الحال بما يكون عليه الطلاق من فدية خلع واتفاق على نفقة الأولاد، والأمر في إثباته وعدمه راجع للمحكمة المختصة. والله أعلم.(11/289)
طلق زوجته ثلاثاً ثم جامعها
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن
التاريخ 17/8/1423هـ
السؤال
طلق رجل زوجته ثلاث طلقات في الوقت نفسه، وبعد الطلاق بخمسة أيام جامعها، مع أنها لم تترك البيت بعد الطلاق حتى الآن، فهل تعد طالقاً منه؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب
إذا كان الواقع كما ذكر السائل فإن هذه التطليقات الثلاث تعد طلقة واحدة؛ لكون الزوج أوقعها جميعاً في نفس الوقت، أما بالنسبة للجماع فإن كان جامع بنية الرجعة أي إرجاع الزوجة إلى عصمته فهو جائز، ويعد هذا الجماع إرجاعاً فعلياً للزوجة مع النية -كما سبق-.
أما إن كان جامع بدون نية الإرجاع فهو محرم، وعليه أن يراجع زوجته أولاً بقوله: راجعتك ثم إذا شاء جامعها، والله أعلم.(11/290)
الطلاق الرجعي والبائن
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن
التاريخ 8/10/1424هـ
السؤال
تشاجر زوجان، وخلال نقاشهما للموضوع طلقها طلقة وهو غاضب، ثم خرج لمدة 15دقيقة، وعند عودته ناقشها في الموضوع مرة أخرى، وكان ما يزال غاضباً فطلقها طلقة أخرى، فهل يعد طلاقها طلاقاً بائناً بينونة كبرى؟ وهل إذا طلقها طلقة أخرى لا تحل له إلا إذا تزوجت من غيره فطلقها أو مات عنها؟
الجواب
الطلاق البائن هو الذي لا يملك فيه المطلق مراجعة المرأة، كما لو طلق زوجته قبل الدخول، أو إذا طلقها وانتهت عدتها فهذا طلاق بائن بينونة صغرى، لا تحل فيه المرأة لزوجها إلا بعقد ومهر جديدين.
أما البينونة الكبرى فهو الطلاق الذي لا تحل فيه المرأة لمن طلقها إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره، وهو الطلاق الثلاث.
فإذا كان الزوج طلّق الطلقتين المذكورتين في السؤال ولم يطلّق قبلها فإن له مراجعة زوجته في عدتها، فإن انتهت العدة فله أن يعقد عليها عقداً جديداً مستكملاً لشروطه، ويكون قد بقي له طلقة واحدة مما يملك.
وإذا كان غضب الزوج عند تلفظه بالطلاق غضباً شديداً، حتى صار لا يفهم ولا يدري بماذا يتكلم فإن طلاقه لا يقع؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا طلاق في إغلاق" أخرجه أحمد (6/276) ، وأبو داود (2193) عن عائشة -رضي الله عنها- بإسناد حسن، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.(11/291)
الطلاق الرجعي وما يترتب عليه
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن
التاريخ 8/9/1424هـ
السؤال
أنا متزوج امرأتين: الثانية منهما تزوجتها بعقد زواج عرفي، وفي ظروف نفسية غير مستقرة قلت لها اذهبي فأنت طالق مرة واحدة ولم أنطقها ثلاثاً، فهل هي طالق؟ أم يجب الكفارة فقط؟.
الجواب
قولك لها اذهبي فأنت طالق تعتبر طلقة واحدة، فإذا لم يكن سبق لك أن طلقتها قبل ذلك فإنك تراجعها ما دامت في العدة، أي قبل أن تحيض ثلاث حيض.
وتعود زوجتك، والمراجعة تكون بقولك راجعتك أو بفعل يدل على المراجعة كالجماع مثلاً، وهناك أسئلة مؤثرة في الحكم يلزمك بيانها ليتضح لك الحكم بشكل دقيق منها:
هل وقع الطلاق في فترة الحيض؟ وأنت تعلم بذلك؟ هل سبق أن طلقتها قبل هذه المرة؟ ما مقدار حالة الغضب؟ وهل هي بالقدر الذي يذهب العقل ويشل التفكير؟ وفقك الله.(11/292)
طلق ثلاث مرات
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن
التاريخ 17/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سئلت عن رجل طلق زوجته ثلاثاً في ثلاثة مجالس، وبين كل مجلسين سنة تقريباً، وطلاقه ليس بدعياً كما تبين من كلامه، والمشكلة أنه لا يعرف بنتيجة ذلك لجهله، وقد وجدت اختلافاً بين العلماء في هذه المسألة فنرجو أن تفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله وحده وبعد: إذا كان الحال كما ذكر الأخ السائل فإن المرأة قد بانت من زوجها بينونة كبرى، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره- نكاح رغبة لا تحليل- فإن طلقها زوجها وخرجت من العدة جاز للزوج الأول أن يتقدم للزواج بها، بعد توفر أركان النكاح، وشروطه، وانتفاء موانعه، قال الله تعالى: "الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ" الآية، [البقرة: 229] إلى أن قال تعالى: "فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" [البقرة:230] ولا أعلم خلافاً بين أهل العلم في ذلك. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/293)
راجعها بعد ثلاثة أشهر من تطليقها
المجيب عبد الله بن سليمان المخلف
القاضي بالمحكمة الكبرى في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن
التاريخ 7/10/1424هـ
السؤال
أنا أدرس في بريطانيا وتزوجت من بريطانية بعد أن أعلنت إسلامها والحمد لله، ولكني أعيش هذه الأيام في أزمة نفسية شديدة، والسبب في ذلك أنني منذ خمس سنوات تقريباً طلقتها طلقة واحدة في حالة ضعف وغضب والعياذ بالله، واستمر ذلك لمدة ثلاثة إلى أربعة شهور تقريباً، بعد ذلك اتفقنا على الرجوع مرة أخرى، ورزقنا بابن ولد والحمد لله، ولكن هي قد اعترفت لي من قبل أنها في فترة انفصالنا منذ خمس سنوات ولطبيعتها العاطفية والساذجه لحد ما كوَّنت علاقة مع رجل آخر، وكانت بينهم علاقة جنسية قصيرة، مع أنني في حالة نفسية سيئة كما ذكرت، ولكن لم أذكر لها أن هذا هو سبب حالتي لكي لا أتعبها نفسياً معي بدون فائدة من ذلك، خاصة أنها الآن تقوم بواجباتها كأم وزوجة مسلمة، ولكن هناك سؤالين يقلقاني منذ فترة طويلة لا أستطيع أن أتحدث مع أحد في هذا الموضوع؛ لأنه لم يعلم أحد من أهلي ما حصل.
1. هل رجوعي لها بدون مراجعة المركز الإسلامي كان شرعياً، مع أنني طلقتها طلقة واحدة فقط وانفصلنا لأكثر من ثلاثة شهور؟ أعني هل كان لابد ومن وجود شيخ وشهود مرة أخرى أو غير ذلك؟ أم أن نيتي بالرجوع تكفي؟
2. هل بقائي معها -مع علمي بأنها زنت في فترة الانفصال- يعتبر غير شرعي أيضاً؟ إذا كان كذلك، ما الذي يجب علي عمله؟
أرجو أن تفيدونا يا فضيلة الشيخ بأسرع وقت ممكن، أثابكم الله وجزاكم عنا خير الجزاء.
الجواب
أولاً: إذا كانت المراجعة للزوجة تمت قبل نهاية عدتها؛ والعدة هي وضع الحمل أو قبل أن تحيض ثلاث حيض وتطهر من الثالثة أو ثلاثة أشهر للصغيرة والآيسة، فإن كانت قبل ذلك فالرجعة صحيحة ولكن لابد من الإشهاد عليها، وإن كانت بعد نهايتها فهي أجنبية عنك وفعلك منكر عظيم ولا تحل لك إلا بعقد جديد بولي وشاهدين، وتحسب عليك الطلقة السابقة.
ثانياً: ما دامت زوجتك لم تخبرك إلا بعد زمن طويل بما حصل فليس عليك شيء إن شاء الله، وتواصل معها بتذكيرها وتعليمها ما يجب عليها تجاه ربها وتجاه زوجها، وما يجب عليك أولاً: التوبة إلى الله من هذا الفعل بحسب حالك مما ذكر بعاليه.
ثانياً: الواجب عليك أن تسأل أهل العلم والتقوى، ولا يحل لك التساهل في أمر الفروج ولن يؤتى الإنسان إلا من الجهل أو الهوى نعوذ بالله.
ثالثاً: عليك سرعة الابتعاد عن المرأة وتجديد العقد، أو على الأصح إجراء العقد بكامل شروطه إن كنت راجعتها بعد مضي العدة.
رابعاً: أنصحك أخي الكريم باجتناب مواضع الغضب، وإذا وقعت فيه فاستعذ بالله وتوضأ واجلس إن كنت واقفاً، واضطجع إن كنت جالساً، فإن ذلك يذهب الغضب. ولا تتصرف حال الغضب بقول ولا فعل تندم عليه، واحذر الطلاق فإنه لا يشرع إلا إذا تعذَّرت العشرة الزوجية كما في كتاب الله.
خامساً: الولد ولدكما؛ لأن الأصل بقاء الزوجية إن شاء الله والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(11/294)
طلقها ثم انقضت عدتها ولم يراجعها
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن
التاريخ 07/09/1426هـ
السؤال
رجل تزوج زواج مسيار ثم طلق زوجته شفوياً، ولم يجتمعا في بيت واحد منذ ذلك اليوم، ومرت شهور العدة، ولم يسترجعها، فهل تعتبر محرمة عليه؟ وماذا يجب عليه أن يفعل؟ هل يذهب للمحكمة لاستخراج ورقة طلاق؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن طلاق هذا الرجل قد وقع، وما دام أنه لم يراجع زوجته حتى خرجت من العدة فقد بانت منه زوجته، فإن كان الطلاق رجعياً بأن كانت تلك الطلقة الأولى أو الثانية فإن البينونة هنا بينونة صغرى، له أن ينكح هذه المرأة بعقد نكاح جديد بوليها والشاهدين..إلخ.
وأما إن كان طلاقه هذا آخر ثلاث تطليقات فقد بانت منه بينونة كبرى لا تحل له إلا من بعد أن تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ويجامعها، ثم يطلقها الثاني وتبين منه بأن تخرج من العدة، ثم له بعد ذلك نكاحها.
وأما استخراج صك الطلاق من المحكمة فليس باللازم، لكن إذا احتاجت الزوجة له وطلبته من الزوج لزم الزوج استخراجه من المحكمة؛ لتوقف بعض مصالح الزوجة عليه. والله تعالى أعلم.(11/295)
أحكام عدة الطلاق الرجعي
المجيب ناصر بن محمد آل طالب
القاضي بمحكمة عرعر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن
التاريخ 6/7/1424هـ
السؤال
ما هو حكم من لا تلتزم بأحكام عدة الطلاق الرجعي؟ وشكراً لكم.
الجواب
اتفق أهل العلم على مشروعية العدة ووجوبها عند وجود سببها؛ لقوله تعالى: "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ" [البقرة: من الآية228] ، ولا يجوز للمرأة عدم الالتزام بالعدة.
وقد اتفق أهل العلم على أنه لا يجوز لغير مطلق المطلقة الطلاق الرجعي نكاح المعتدة، وذلك لحفظ الأنساب وصونها من الاختلاط، فإن عقد النكاح على المعتدة في عدتها من أجنبي فرق بينها وبين من عقد عليها؛ لقوله تعالى: "وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ"، والمراد تمام العدة، والمعنى لا تعزموا على عقد النكاح في زمان العدة، وفي الموطأ أن طليحة الأسدية كانت زوجة رشيد الثقفي وطلقها فنكحت في عدتها فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها وفرق بينهما، ثم قال عمر: أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان الذي تزوجها لم يدخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول ثم إن شاء كان خاطباً من الخطاب، وإن كان دخل بها ففرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من الأول ثم اعتدت من الآخر ثم لا ينكحها أبداً.(11/296)
راجعها وهو يجهل حكم الرجعة!
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن
التاريخ 07/08/1426
السؤال
رجل نطق بالطلاق على زوجته -وهي غائبة- في مكتب أحد المحامين، وأمام اثنين من الشهود ليخبروا الزوجة بالطلاق، وقامت الزوجة بالاتصال بالزوج وطلبت منه التراجع عن هذا الطلاق، وأعلمها أنه إذا كان الشرع يسمح بهذا الرجوع فإنه موافق. علماً أنه ما زال بعيداً عن الزوجة منذ أكثر من سنة، وهو يرسل لها مصروفها كالعادة، ويتعامل معها على أن الموضوع قد انتهى، ولكن ما الحكم الشرعي في مثل هذه الحالة، وهل الطلاق واقع أم لا؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا طلق الرجل -وهو بحالة معتبرة شرعاً- زوجته طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه وقع طلاقه، ولا يمكنه الرجوع فيه وحسبت عليه طلقة، فإن كانت هذه الطلقة هي الأولى أو الثانية فله مراجعتها ما دامت في العدة، أما إذا خرجت من العدة قبل المراجعة فله مراجعتها بعقد جديد بعد توافر أركان النكاح وشروطه وانتفاء موانعه.
أما إن كانت هذه الطلقة هي الثالثة فقد بانت منه مطلقته بينونة كبرى فلا يحل له مراجعتها حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا تحليل؛ لقوله تعالى: "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يُقيما حدود الله فإن خفتم ألا يُقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون" [البقرة: 229 - 230] ، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/297)
طلاق الثلاث في مجلس واحد
المجيب د. راشد بن مفرح الشهري
القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن
التاريخ 7/11/1424هـ
السؤال
بالنسبة لحكم الطلاق المكرر ثلاثة مرات في مجلس واحد؛ أي مثلا (يا فلانة بنت فلان أنت طالق طالق طالق) ، إذا كان يرى من له حق الصلاحية من العلماء بالإفتاء في الطلاق بوقوع الطلاق البائن بهذا اللفظ، وعند مراجعة كبار العلماء في هذا قالوا بأن الشيخ هذا له رأي خاص في مثل هذه المواضيع، ولا يرغبون الدخول فيها، على الرغم من المرور على عدد كبير منهم ولعدة أيام مضت، فهل يجوز لي الأخذ برأي من خالف في هذا الرأي من الفقهاء؟ وقال بأن هذا التكرار يعد طلقة واحدة دونما الرجوع لأحد من العلماء الذين لم يفتوني، خاصة وإنني أرغب وزوجتي في الرجوع للحفاظ على طفلنا والطفل الذي هي حامل به حاليا إذا كتب الله له العمر، ولدينا رغبة في عدم العودة لمثل هذه المواقف، أوضحوا لي مأجورين ونفع الله المسلمين بعلمكم ونفعكم بما علمكم.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
أولاً: إيقاع الطلاق بهذه الصفة محرم؛ لأنه طلاق بدعي، واجب فاعله التوبة والاستغفار.
ثانياً: اللفظ محل خلاف كما ذكر السائل، ولكن لا يصح للعامي أن يتخير من أقوال العلماء، بل الواجب أن يستفتي من وثق بدينه وعلمه، ولا يجوز له تكرار السؤال حتى الوصول إلى مرغوبه من الفتاوى، وبإمكان السائل الكريم الرجوع إلى المحكمة أو مكاتب الدعوة لتسجيل واقعة الطلاق لديهم، ومن ثم رفعها للمفتي العام للمملكة، وسيجد مخرجاً بإذن الله إن اتقى الله -تعالى- "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً" [الطلاق من الآية:2] وبالله التوفيق.(11/298)
الرجعة عن طريق الهاتف
المجيب حمد بن عبد الله الخضيري
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن
التاريخ 27/07/1425هـ
السؤال
تزوجت من فتاة في إحدى الدول الإسلامية زواجاً عرفياً بموافقة وليها، وبوجود شهود على هذا النكاح، وقبل عودتي إلى بلدي قمت بتطليقها طلقةً واحدة، والسؤال: هل يحق لي بأن أرجعها على ذمتي وبرضاها قبل انقضاء فترة العدة، وذلك عن طريق التلفون لصعوبة الذهاب إليها إلا بعد مرور ستة أشهر من وقوع الطلاق؛ وذلك لعدم وجود إجازة لي من العمل؟ أفيدونا؛ جزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
يجوز لك إرجاعها عن طريق الهاتف، ويستحب أن تشهد على إرجاعها رجلين، ويشترط أن يكون في وقت العدة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(11/299)
طلقها ثلاثاً وتريده أن يرجعها
المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه
رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق الرجعي والبائن
التاريخ 01/08/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
رجل تزوج من امرأة أخرى على زوجته، وكان الاتفاق بينهما أن يأتيها مرة في الأسبوع تقريباً، وبعد أن دخل بها بأسبوع طلبت منه هذه الزوجة الطلاق؛ بحجة أنها لا تستطيع أن تستمر بهذا الوضع، فبعد إلحاح الزوجة طلقها الزوج، وبعد فترة زمنية عادت هذه المرأة وطلبت من نفس الرجل العودة إليها وهي موافقة على كل شروطه، فما كان من الرجل إلا وتزوجها من جديد، وبعد فترة زمنية ليست بالطويلة عادت وطلبت منه الطلاق، وتحت الإلحاح من الزوجة طلقها، وقبل انقضاء العدة أرجعها وبقيت معه فترة من الزمن، وفي العام الفائت أراد الزوج أن يذهب إلى الحج، فظنَّ أنه ظالم لزوجته الأولى بزواجه من الثانية، فما كان من الزوج إلا أن طلقها قبل ذهابه إلى الحج، وبعد الحج اتصلت به هذه الزوجة وطلبت منه أن يرجع لها، فقال لها إنها بانت منه بينونة كبرى ولا يصح أن ترجع له، فقالت الزوجة له إنها سألت من يدعى طلب العلم عندنا، فقال لها الطلقات الأولى والثانية لا تحسب بسبب إلحاح الزوجة عليه بطلب الطلاق، وأفتى لها بأن هذه الأمور موجودة في كتاب الله، وأن الإسلام دين يجمع ولا يفرق، فالمرجو منكم التكرم بشرح هذه القضية وتبيين الحكم الشرعي فيها، وهل من سبيل للزوج من إرجاع هذه الزوجة؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذه الزوجة الثانية قد بانت من زوجها بينونة كبرى؛ لأنه طلقها ثلاث تطليقات متفرقة، وكان أهل الجاهلية لا حد للطلاق عندهم، فجاء الإسلام بتحديد الطلاق ثلاث تطليقات، قال تعالى: "الطلاق مرتان" [البقرة: من الآية 228] ... ثم قال تعالى: "فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره" [البقرة: من الآية 230] ... فهذه الطلقة هي الثالثة بعد الطلقتين الأوليين، وعلى هذا لا يجوز لهذا الزوج أن يرجع لزوجته التي طلقها آخر ثلاث تطليقات إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره، ويدخل بها، ويكون زواجه لها زواج رغبة لا زواج تحليل وخداع، وهذه الأحكام دل عليها كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم-، فلا يجوز لنا حينئذ أن نعارضها بقول: إن الإسلام يجمع ولا يفرق. فهذا إيراد في غير موضعه، وكلام في غير محله، وهو كمثل من يقول: إن الإسلام دين يسر، ويستدل بذلك على إباحة المحرمات من الخمر والتبرج والربا، ونحوها.
هذا هو جواب ما جاء في ظاهر كلام السائل، وقوله (هل من سبيل للزوج من إرجاع هذه الزوجة؟) ، أجيب لا بد من النظر في حال المرأة حين الطلاق ومناقشتها هي والزوج، ومناقشة الزوج متى أوقع الطلاق؟ وما اللفظ الذي تلفظ به؟ وبعد ذلك ينظر في وقوع الطلاق من عدمه، أما والحال ما ذكر في السؤال، فقد بانت منه بينونة كبرى.
هذا والله أعلم.(11/300)
الطلاق حال الغضب
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /طلاق الغضبان والسكران والمكره
التاريخ 19/11/1423هـ
السؤال
أقسمت على زوجتي يمين طلاق صريح فقلت لها:"أنت طالق" ثم راجعتها بالجماع قبل انقضاء العدة.
وفي حالة غضب شديد تتطاولنا فيه على بعضنا فقلت لها:"أنت طالق" وبمجرد النطق باليمين سكن غضبي وسكت وانصرفت عنها وعادت الحياة بيننا في هدوء.
وبعد مدة وقعت مشاجرة بيننا انتهت كسابقتها بيمين طلاق صريح "أنت طالق" وبمجرد النطق به سكن الغضب وعدت لسكوني وهدوئي.
سألت بعض المشايخ فقالوا لي: يمكن اعتبار اليمينيين الأخريين يميناً واحداً نظراً لحالة الغضب الشديد.
وقعت الخلافات بيننا مرة أخرى فذهبت إلى المأذون الشرعي وطلبت منه تحرير وثيقة طلاق لزوجتي ووقعت عليها بيدي دون أن أقسم باليمين.
السؤال: ما هو حكم العلاقة بيني وبين زوجتي حالياً؟ وهل تحل لي أم لا؟
ملاحظة: في الفترة ما بين اليمين الثاني والثالث أشار علي أحد الأصدقاء بعرض زوجتي على شيخ ممن يعالجون بالقرآن الكريم وبالفعل عرضتها فتبين أن عليها جن مسيحي نطق في وجودي وقال:"أنا جعلته يطلقها مرتين ولا بد أن يطلقها الثالثة ولن يعيشا في راحة أبداً".
أفيدونا، جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب: أن الطلاق في الغضب على أقسام وكل قسم له حكم قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:"الغضب على ثلاثة أقسام أحدها: ما يزيل العقل فلا يشعر صاحبه بما قال وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع. والثاني: ما يكون في مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وما يقصده فهذا يقع طلاقه بلا نزاع. والثالث: أن يستحكم ويشتد به فلا يزيل عقله بالكلية ولكن يحول بينه وبين نيته بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال فهذا محل نظر وعدم الوقوع في هذه الحالة قوى متجّه" انتهى كلامه -رحمه الله-. قلت وبناءً على ما تقدم فإننا لا نعرف حال غضب السائل حين طلاقه حتى تتم الإجابة عن سؤاله، لكن على السائل أن يذهب إلى الحاكم الشرعي في بلاده أو المفتي فيعرض عليه القضية بتفاصيلها، والحاكم الشرعي سيبين له الحكم ويفتيه -إن شاء الله- وقد يتطلب الأمر حضور زوجته للنظر في ملابسات الأمر.
هذا وما ذكره السائل في آخر سؤاله من أنه تبين أن على زوجته جني مسيحي وأنه هو الذي جعل الزوج يطلق....إلخ، أقول هذا من تلبيس الشيطان وعلى السائل ألا يلتفت إليه فهي دعوى خرافية على المسلم أن يرفضها ويتكل على الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.(11/301)
طلاق الغضبان
المجيب د. راشد بن مفرح الشهري
القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /طلاق الغضبان والسكران والمكره
التاريخ 4/11/1424هـ
السؤال
إثر خلاف حاد بيني وزوجتي فقدت التحكُّم في تصرفاتي فوجدت نفسي قائلاً: إذا لم يعجبك فأنت طالق بغير أن أقصد الطلاق نفسه، وأنا على الأقل اعتبرتها (زلة لسان) على عكس زوجتي التي أخذت الأمر جدياً أكثر من اللازم، والسؤال: هل يقع الطلاق أم لا؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
الأخ الكريم علق طلاقه على شيء غير معروف، وهو رضا المرأة بما حصل من تصرفاته فهل رضيت أم لا؟ ثم إن الطلاق الصريح لا يرجع فيه إلى قصد المتلفظ، إلا إذا حفت به ظروف تغير دلالته، كأن يكون القصد الحث أو المنع عند التعليق.
ثم هل المرأة حائض أم طاهر؟ فإن كان الثاني فهل هو طهر حصل فيه جماع أم لا؟ الحكم ينبني على معرفة ذلك، وأوصي الأخ الكريم بمراجعة أقرب محكمة لأخذ الجواب منها، ومن ثم إفادته بالحكم أو إرساله للإفتاء.
وأنصح أخي الكريم ألا يتعود استخدام هذا اللفظ إلا عند الإرادة الجادة، وبعد تأن وترو في وضعه، والله أسأل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، إنه سميع مجيب.(11/302)
طلاق الغضبان
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /طلاق الغضبان والسكران والمكره
التاريخ 13/2/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
قبل أسبوعين طلقت زوجتي وهي حامل، وكان هذا الطلاق هو الثالث، نما إلى علمي مؤخراً أن هناك ثلاثة إشكالات فيما يخص الطلاق في حالة الغضب:
الأول: الطلاق أثناء الغضب الذي يفقد الإنسان معه الإحساس بالكلية، وهذا الطلاق لا يقع حسب رأي الفقهاء.
الثاني: الطلاق أثناء الغضب بدرجة أقل، لكنه غضب شديد، وفهمت منه وجود اختلاف في آراء الفقهاء في وقوعه، وأن الصحيح أنه لا يقع حسب ما رأى ابن باز وابن عثيمين وابن القيم وابن تيمية.
والثالث: الطلاق بأقل درجات الغضب، واتفق الفقهاء أنه يقع.
والذي حدث معي حين طلقت زوجتي أول مرة قبل سنتين هو بالتأكيد من النوع الثاني من الغضب، لكنني في ذلك الوقت لم أكن أعرف الحكم الشرعي في الطلاق أثناء الغضب، لذلك حسبته كطلاق أول.
الآن وقد علمت ما علمت، هل يجوز لي اعتبار الطلاق الأول كأنه لم يقع، وعليه تكون زوجتي في الطلاق الثاني وليس الثالث؟ مع العلم أن كل شيء بخصوص الطلاق بخلاف ما ذكرت تم وفقاً للسنة ولم أطلقها، أي: طلاق بدعي.
أعانكم الله على الجواب، وأنا أريد عودة زوجتي بالحلال.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فالغضب ينقسم إلى ثلاثة أقسام كما ذكر العلماء:
الأول: غضب يزيل العقل، فلا يشعر صاحبه بما قال، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع.
الثاني: ما يكون في مباديه، بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول، وقصده فهذا يقع طلاقه.(11/303)
الثالث: أن يستحكم الغضب ويشتد به فلا يزول عقله بالكلية، ولكن يحول بينه وبين نيته، بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال. قال ابن القيم: (وهذا محل نظر وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه) . انظر: زاد المعاد (5/215) ، وقال: (هذا موضع الخلاف، ومحل النظر، والأدلة الشرعية تدل على عدم نفوذ طلاقه) . انظر: إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان (39) ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- بقوله: (إن غيره الغضب ولم يزل عقله لم يقع الطلاق؛ لأنه ألجأه وحمله عليه فأوقعه، وهو يكرهه ليستريح منه فلم يبق له قصد صحيح فهو كالمكره، ولهذا لا يجاب دعاؤه على نفسه وماله، ولا يلزمه نذر الطاعة فيه) . انظر: المبدع (7/252) الفروع (5/282) ، الإنصاف (8/432) ، ورجحه شيخنا العلامة ابن باز - رحمه الله تعالى-، الفتاوى (21/373) ، وذلك لما رواه أحمد (6/276) ، وأبو داود (2193) ، والحاكم (2/216) ، وصححه من حديث عائشة - رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق"، وفسر جمع من أهل العلم كأحمد وأبي داود وغيرهم الإغلاق بالغضب، وقد أفرد العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى- هذه المسألة بمصنف جمع فيه الأدلة من الكتاب والسنة، وأقوال الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين، وذكر أن عدم الوقوع مقتضى القياس الصحيح والاعتبار وأصول الشريعة، وأجاب عن أدلة الموقعين، ومن قرأ ما كتبه اطمأن لقوله - رحمه الله تعالى-، لذا فإن كانت الطلقة الأولى أوقعتها وأنت غضبان غضب القسم الثالث وصدقتك زوجتك على ذلك، ولم يصدر حكم من قاض شرعي بوقوعه فإن الطلاق المذكور لم يقع، أما إن لم تصدقك زوجتك على ذلك أو صدر حكم من قاض شرعي بوقوعه فقد لزمتك؛ لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/304)
الحلف بالطلاق
المجيب عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /طلاق الغضبان والسكران والمكره
التاريخ 13/9/1423هـ
السؤال
لدي مشكلة تتمثل في سرعة غضبي، وحلفي باليمين لزوجتي عندما تحدث مشكلة بيننا، ولكن ليس لديَّ أي رغبة في الطلاق، وإنما أود فرض كلمتي في البيت، وقد حدث الحنث مرتين، أفيدوني يرحمكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
إذا كان غرضك من الطلاق الحث أو المنع فهو - على الراجح من أقوال العلماء - يمين تكفرها بكفارة اليمين الواردة في آية المائدة، وهي قوله تعالى: " لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89] .
وأما قولك - أخي الكريم - إنني ألجأ لهذا من أجل فرض كلمتي، فإن هذا ليس بأسلوب شرعي، بل هو أسلوب يلجأ إليه من عجز عن ترويض زوجته، وتربيتها على طاعته واحترامه.
إنه من السهل جداً - أخي الفاضل - أن يشهر الزوج هذا السلاح (سلاح الطلاق) في وجه زوجته كلما أراد فرض رأيه، ولكن هل هذا هو الأسلوب الصحيح؟ كلا ... وكم هو الفرق بين رجل هذه حاله، وبين رجل يفرض احترام زوجته له بحسن خلقه، وحسن معاشرتها بالمعروف، وتبادل الكلمات الطيبة التي تزيد المودة والمحبة بينه وبين زوجته.
وتأمل - رعاك ربي - في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - مع زوجاته، كيف كانت؟ مع أنه رسول رب العالمين! كانت غاية في الرحمة والشفقة، وحسن العشرة، وطيب الكلام، وتمام العدل بينهن.(11/305)
طلاق السكران
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /طلاق الغضبان والسكران والمكره
التاريخ 9/6/1425هـ
السؤال
بسم الله.
السلام عليكم.
ابتليت برجل يشرب الخمر ولا يصلي، صبرت ولم يتغير، ولدينا أربعة أولاد، ليس لي في هذه الدنيا بعد الله سوى أولادي، لا أريد لهم الشتات، هذا الرجل طلقني منذ ثمان سنوات طلقة واحدة، واسترجعني، وبعد فترة حلف يميناً بألَّا يأكل من وليمة أقامها أحد الأقارب، ولم يأكل منها، وفي الغد تم تسخين باقي الطعام وأكل منه، وهو يعلم أنه نفس الطعام الذي حلف عليه وهو لا يقصد الطلاق، ولكن منع هذا الرجل من أن يكلف نفسه ثمن الخروف، ومنذ فترة كان سكران، وقال في غضب شديد: أنتِ طالق، وندم فوراً، وسألنا عن كفارة اليمين، فقالوا: إطعام، وأطعمنا، وسألت عن طلقة السكران، وقال لي شيخ: لا تحسب طلقة، وبعد فترة أخذ يحلف ويعلق الطلاق بأمور كثيرة يريد منعي من أن أعمل بها مثل (علي الطلاق ألا تذهبي إلى الدوام) ، وغيره، ولا أفعل ما حلف عليه، لكن كان يحلف كثيراً ولم أعد أحصي عددهم ولا مدى التزامي؛ لأنه يحلف على أشياء ضرورية، ومرات إذا حلف يتراجع وهو لا يقصد الطلاق، ولكن منعي من عمل هذا الأمر.
قبل يومين سافر سفراته المعهودة، وغضبت، وحصل خصام، وأردت أن أعطيه درساً، وقلت له لن أغفر لك حتى تصلي أو تطلقني، فغضبت غضباً شديداً، وقال: أنتِ طالق، وبعد ساعات أنكر، وقال: لم أقل أنت طالق، بل قلت ما أنت طالق حتى تخافي، وكنت في العادة الشهرية.
سؤالي: هذه الطلقة الأخيرة هل تعتبر طلقة إذا كان مصراً أنه لم يلفظها أنت طالق، وأنا غير متأكدة مما قال، وهل طلاق السكران يحسب طلقة؟ وهل طلقاته المعلقة تحسب؟ وكم بقي لي؟ أفيدوني هل أنا على ذمته أم لا؟. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالجواب: أنه وقبل كل شيء لا يجوز لك البقاء معه، إذا كان لا يصلي أبداً بالكلية لا مع الجماعة، ولا لوحده في البيت، أو في أي مكان آخر؛ لأنه بتركه الصلاة يكفر؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" رواه الترمذي (2621) ، والنسائي (463) ، وابن ماجة (1079) عن بريدة بن الحصيب-رضي الله عنه-، وبهذا يكون الزواج بينكما منفسخاً، ولا يحل لكما الاستمتاع ببعض، ويجب عليك في هذه الحال أن تذهبي إلى أهلك أو إلى أي مكان آخر آمن، وأن تحاولي التخلص منه بأي وسيلة مباحة، هذا إذا كان لا يصلي بالكلية، أما إذا كان يصلي أحياناً ويدع أحياناً أخرى فهذا لا يكفر على الصحيح، لكنه من أفسق الناس وعلى خطر عظيم. هذا أولاً.
أما ثانياً: فإن الصحيح من أقوال أهل العلم أن طلاق السكران لا يقع، وكذلك طلاق الغضبان لا يقع إذا لم يستطع منع نفسه من الطلاق، بأن غضب غضباً شديداً وهذا ثالثاً.
رابعاً: أن من حلف بالطلاق، أو علق طلاق زوجته على أمر يريد الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب فلا يقع طلاقه وإن كثر ذلك، وإنما عليه كفارة يمين إذا حنث في ذلك.(11/306)
خامساً: أن طلاق الرجل لزوجته وهي حائض لا يقع؛ لأنه خلاف أمر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" رواه البخاري (2697) ، ومسلم (1718) واللفظ له من حديث عائشة -رضي الله عنها- وقد أمر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم- بأن تطلق النساء لعدتهن: طاهرات من غير جماع، قال تعالى: "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ... " [الطلاق: 1] ، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-: "فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" رواه البخاري (5252) ، ومسلم (1471) .
سادساً: أن من تزوجت برجل لا يصلي أبداً ويترك الصلاة بالكلية فإن نكاحها باطل من الأصل، ولا بد من تجديد النكاح إذا تاب وبدأ يصلي، أما من تزوج وهو محافظ على الصلاة، ثم بعد ذلك ترك الصلاة بالكلية فهذا ينفسخ نكاحه، فإن صلى وهي لا زالت في العدة عادت إليه بلا تجديد نكاح، أما إن انتهت العدة ولم يصلِّ بعد فلا بد من تجديد النكاح إن أرادت الزواج منه. وهذا سابعاً.
ثامناً: أن العدة الواجبة على من ارتد زوجها ثلاث حيض عند جمهور العلماء، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- أن العدة في جميع الفسوخ حيضة واحدة، ولعله الأقرب والأحوط هنا. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.(11/307)
كثرة الطلاق حال الغضب
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /طلاق الغضبان والسكران والمكره
التاريخ 17/09/1425هـ
السؤال
إخواني الأعزاء: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال هو: إن والدي- سامحه الله- سريع الغضب، ولكنه في الواقع ذو قلب رؤوف حنون، ولكنه عندما يغضب لا يدري ما يقول، ومنذ 15 عامًا كان بينه وبين والدتي مشاكل كانت تؤدي به دائمًا للغضب، ولربما كان يحلف أيمان طلاق عندما كان الغضب يتملكه تملكًا لا يعلم به إلا الله عز وجل، ولقد سبق أن حلف يمينًا بعدم مواطأة والدتي ومعاشرتها معاشرة الأزواج، وهما الآن وإن كانا في بيت واحد إلا أن أمي قد أبلغت زوجتي بأن العلاقة بينهما هي علاقة طعام وشراب، والخدمة التي تقوم أمي بها تجاه والدي من غسيلٍ وكيٍّ وخلافه، علمًا بأن أعمارهما تجاوزت الستين وما عاد في العمر أكثر مما مضى- والله تعالى أعلم. ولذلك فإنني أطلب منكم أن تبينوا رأي الشرع في موضوع تلك الأيمان، هل هي نافذة أم لا؟ وخصوصًا في ساعة الغضب التي أعلمها جيدًا في والدي والتي من خلالها يصبح لا يدري ما يقول، حتى إذا هدأ بدا على غير ذلك ... لقد سبق وأن سمعت من أحد المشايخ على الراديو بأن الطلاق في عصرنا هذا أصبح مقنَّنًا في المحاكم، وما دام لم يطلق في المحكمة فالطلاق غير ساري المفعول، وإلا عمت الفوضى، فهل في ذلك أثر شرعي؟ وجزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إن الغضبان لا يخلو من ثلاثة أحوال:
الأولى: ألا يتغير عقله بالغضب، فحينئذ تنعقد يمينه ويقع طلاقه بالاتفاق.
الثانية: أن يتغير عقله بالغضب حتى لا يعلم ما يقول، فحينئذ لا تنعقد يمينه ولا يقع طلاقه بالاتفاق.
الثالثة: أن يتغير عقله بالغضب حتى لا يستطيع أن يملك نفسه، فحينئذ فانعقاد يمينه ووقوع طلاقه محل خلاف بين الفقهاء على قولين؛ أصحهما: عدم انعقاد يمينه وعدم وقوع طلاقه. وهو أحد الأقوال في مذهب المالكية، واختيار القاضي إسماعيل بن إسحاق، كما قاله ابن القيم- رحمه الله- في إغاثة اللهفان (ص 31) ، وقال ابن القيم: وقال بذلك جماعة من السلف والخلف، واختاره من لا يرتاب في إمامته وجلالته، وكان يقرن بالأئمة الكبار، إسماعيل بن إسحاق. إغاثة اللهفان (ص50) . وهو قول علي وابن عباس، رضي الله عنهم، وبه قال طاوس، واختاره ابن القيم حيث قال: والأدلة الشرعية تدل على عدم نفوذ طلاقه وعتقه وعقوده التي يعتبر فيها الاختيار والرضا. إغاثة اللهفان (ص39) . ورجحه الشيخ العلامة محمد بن عثيمين- رحمه الله- حيث قال: والقواعد تقتضي أنه إذا غضب غضبًا لا يملك نفسه، أو غضب غضبًا بحيث لا يدري ما يقول، فإنه ليس عليه كفارة؛ لأن يمينه في هذه الحال لم تنعقد. انتهى من تعليقه على صحيح البخاري. وقال ابن مفلح- رحمه الله- في الفروع (5/365) : والقياس على المكره يدل على أن يمينه لا تنعقد ويخص ظاهر الدليل بهذا. ا. هـ
أما شيخ الإسلام ابن تيمية فقد اختار عدم وقوع طلاقه، ومقتضى ذلك أنه لا يرى انعقاد يمينه أيضًا.(11/308)
والأدلة على عدم وقوع طلاقه وعدم انعقاد يمينه كثيرة؛ منها قوله صلى الله عليه وسلم: "لا طَلاقَ ولا عَتَاقَ في إِغْلاقٍ". أخرجه أبو داود (2193) وابن ماجه (2046) ، فالإغلاق يتناول كل من انغلق عليه باب قصده، وعلمه وتصوره، كالمجنون والسكران والمكره والغضبان.
قال الإمام أحمد- رحمه الله- في مسائل ابنه عبد الله: كل من كان صحيح العقل فزال عقله عن صحته فطلَّق فليس طلاقه بشيء. ا. هـ إغاثة اللهفان (ص 64) ، وهذا أولاً.
ثانيًا: أن مثله من تغير عقله بسبب سحر أو وسوسة، أو مرض نفسي، أو شكوك وأوهام.
ثالثًا: أن من حلف بالطلاق على نفسه أو على زوجته، أو على أي أحد- كما في سؤالك- ثم حنث فلا يلزمه طلاق، ولا يقع منه، وإنما عليه كفارة يمين؛ لأنه لم يرد الطلاق أو إيقاعه، بل هو أكره الأمرين إليه، وإنما يريد الحث والمنع، وهذا هو معنى اليمين، وقد سمَّى الله التحريم يمينًا لتضمُّنه معنى اليمين، وإلا فليس الحلف بالطلاق والتحريم ونحو ذلك يمينًا من حيث اللفظ، وإنما هو يمين من حيث المعنى، ولذلك فلا يدخل صاحبه في قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن حلَف بغيرِ اللهِ فَقَد كَفَر أو أَشْرَك". أخرجه أبو داود (3251) والترمذي (1535) ؛ لأنه ليس بيمين من حيث الصيغة واللفظ، وإنما من حيث المعنى كما تقدم.
رابعًا: أن القول بأن الطلاق لا يقع إلا في المحاكم باطل غير صحيح، مخالف لإجماع المسلمين، وهو قانون وضعي لا يعتد به لمخالفته الإجماع، فمتى طلق المرء مختارًا وقع طلاقه في أي مكان، مالم يوجد مانع من ذلك. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المراجع:
(1) إغاثة اللهفان في طلاق الغضبان.
(2) إعلام الموقعين (4/47-50) .
(3) زاد المعاد (5/215) .
(4) الفروع.
(5) الإنصاف (8/432-433) .
(6) تهذيب السنن (3/117-118) .
(7) مختصر الفتاوى المصرية (ص696) .
(8) تعليق الشيخ ابن عثيمين على كتاب الأيمان والنذور من صحيح البخاري شريط رقم (1) .(11/309)
التخويف بالطلاق؟
المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 29/4/1422
السؤال
متزوج ولي ثلاثة أطفال، تشاجرت مع زوجتي في السيارة ونحن ذاهبان إلى بيت أهلها فقلت لها: اخرجي واذهبي.
ولكنها أصرت على العناد ومواصلة الشجار. فما كان مني إلا أن هددتها بالطلاق. فقلت لها بالحرف الواحد: إذا لم تنزلي الآن فأنت طالق. فاستمرت في عنادها وفي ذلك الوقت قمت من مكاني وأخرجتها بالقوة وليس في نيتي أن يتم الطلاق.
هل يعد هذا طلاقاً؟ علماً بأنها المرة الأولى وجزاكم الله ألف خير.
الجواب
إن كنت تقصد تخويفها لكي تحملها على النزول من السيارة، فهو يمين باتفاق العلماء، وإن كنت تقصد أنها إن بقيت في السيارة فلا تصلح زوجةً لك فيجب أن تفارقها فهو طلاق، فعلى الأول يلزمك كفارة يمين، وعلى الثاني تطلق منك طلقةً واحدة ولك مراجعتها، لأنها في الحقيقة لم يحصل منها نزول، وإنما أنزلت قهراً، إلا أن تكون نويت مُطْلَق الخروج من السيارة فلا شيء عليك حينئذ، لأنها في واقع الأمر صارت خارج السيارة، وفقنا الله وإياكم للتبصر في دينه.(11/310)
حلف إن خرجت ليطلقها
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 28/10/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما رأي فضيلتكم في رجل حلف على زوجته عند خروجه من المنزل بأنها لو خرجت بعد أن يخرج سوف تكون طالقاً، وبعد فترة من الوقت ظل الرجل خلالها داخل المنزل ثم بعد ذلك خرجا معاً، فما حكم حلف الطلاق هنا؟ وهل عليه شيء كحلف اليمين؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإذا قال الزوج لزوجته إن خرجت من المنزل بعدي فأنت طالق، فإن كان قصده تعليق الطلاق وإيقاعه بخروجها من بيته بعد ما يخرج منه، فإن خرجت بعده وقع الطلاق طلقة واحدة، فإن لم تخرج فلا يقع شيء.
أما إن كان قد قصد بقوله ذلك منعها من الخروج وحملها على عدم الخروج من بيته إذا خرج هو، ثم خرجت بعد ذلك فإن حكمه حكم اليمين، فعلى الزوج كفارة اليمين في أصح قولي العلماء، حيث اختلف أهل العلم في مثل هذه المسألة، فمنهم من رأى أن المعلق يقع متى ما وقع الشرط، ولو كان المعلق أراد المنع كما في هذه المسألة، وكمن قال لزوجته: إن شربت الدخان فأنت طالق، أو إن كلمت فلانة أو ذهبت لبيت فلانة، أو أكلت عند فلانة فأنت طالق وقصد منعها وتخويفها فإنه يقع وهو قول الأكثرين.
وذهب بعضهم إلى التفصيل كما سبق، فإن كان المعلق قصد منعها وتخوفيها وتحذيرها من هذا الفعل ولم يرد أن يوقع الطلاق فإنه لا يقع، ويكون حكمه حكم اليمين، وعليه كفارة اليمين إن فعلت زوجته ما منعها منه أو علق طلاقه لها عليه؛ لحديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- في الصحيحين قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" رواه البخاري (1) ومسلم (1907) واللفظ له من حديث عمر - رضي الله عنه -، وهذا لم ينو طلاقاً وإنما نوى منعاً وتخويفاً وتحذيراً، وعليه فلا يقع الطلاق، وعليه كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر، أو أرز، أو بر، ونحو ذلك أو كسوتهم، أو تحرير رقبة مؤمنة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام.
أما إذا قصد المعلق بهذا القول إيقاع الطلاق إذا فعلت زوجته ما نهاها عنه فإن الطلاق يقع حينئذ إذا فعلته؛ لأن المرد إلى نية المتكلم، والأحكام الشرعية تبنى على مراد المتكلم وقصده من كلامه كما سبق في الحديث، وقد وردت آثار عن الصحابة -رضي الله عنهم- في وقوع الطلاق في مثل هذه المسألة وآثار أخرى في عدم وقوعه، والأظهر هو حمل الآثار كلها على ما سبق تفصيله، وبه يعمل بها كلها وهو الراجح، وهو اختيار ابن القيم - رحمه الله- كما فصَّل القول فيه في إعلام الموقعين (4/73) ، وهي فتوى شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله- والله - تعالى - أعلم.(11/311)
حلف بالطلاق فهل له أن يرجع عنه؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 19/11/1424هـ
السؤال
حلفت على زوجتي بالطلاق إن رفعت صوتها عند المشاجرة وسمعه أحد، ثم بدا لي غير ذلك، أي أني تراجعت عن حلفي في قرار نفسي، السؤال هل مازلت ملزماً بهذا الحلف؟ وماذا لو أنها رفعت صوتها بعد أن تراجعت عن حلفي؟ أفيدوني مأجورين.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن كان الحال كما ذكره الأخ السائل وكان قصده منع زوجته من رفع صوتها لا إيقاع الطلاق فعليه إن رفعت زوجته صوتها عند المشاجرة وسمعه أحد كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89] ، وتراجع السائل لا يمنع الكفارة عند الحنث، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه" رواه مسلم (1650) ، والله تعالى أعلم - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه -.(11/312)
هل الحلف بالطلاق حلف بغير الله؟
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 28/5/1424هـ
السؤال
هل لفظ (عليَّ الطلاق) تعد من الحلف بغير الله -تعالى-؟
الجواب
ليست من الحلف بغير الله الذي هو شرك؛ لأن هذا ليس مقصوده التعظيم، فالحلف الذي هو شرك هو الحلف الذي يقصد منه التعظيم، كالحلف بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وبشرف فلان وبالعزى واللات -كما يحلف المشركون-، ولكن هذا يسمى حلفاً من حيث المعنى؛ لأن المقصود من الحلف هو الحض والمنع، والذي يقول: عليّ الطلاق، أو إن فعلت كذا فعليّ الطلاق، أو عبيدي أحرار يقصد منع نفسه، كما يقول: والله لأفعلنّ كذا، أو لا أفعل كذا.(11/313)
الحلف بالطلاق
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 8/6/1423هـ
السؤال
زوجي سألني يوماً وحلف علي بالطلاق إن لم أجبه بالصدق أن أكون طالق، فسألني عدة أسئلة فأجبته بالصدق إلا على سؤال واحد، وهو: إن كان لي من علاقة برجل قبله فأجبته بالنفي، إذ ستر الله علي فلم أرد أن أفضح نفسي، وخاصة أنه لو علم بذلك لصارت حياتنا جحيماً، الآن أنا لا أعلم هل أنا الآن طالق منه؟ وإن كان كذلك ماذا أفعل؟ أفيدوني -يرحمكم الله-.
الجواب
إذا كان زوجكِ يريد حثك على الصدق ومنعك من الكذب فقط ولم يرد إيقاع الطلاق فعلاً فإنه لا يقع بمثل هذا طلاق، ويؤيد أن هذا قصده أنه حلف بالطلاق -كما تقولين في سؤالك-، أما إن كان يريد إيقاع الطلاق فعلاً إن لم تصدقيه فإن الطلاق يقع إذا لم تصدقيه.
ويظهر لي أن مراد الزوج المعنى الأول؛ لأنه حلف به، أي: بالطلاق، وهذه الصيغة تستخدم عادة في الحث أو المنع دون إيقاع الطلاق، لكن لا بد من التأكد من الزوج حتى يبين نيته.
وإن كان يصعب عليكِ سؤاله مباشرة، فعليك التلطف معه وسؤاله بطريقة أو بأخرى؛ لأن الحكم يتوقف على معرفة نيته، والله -تعالى- أعلم.(11/314)
كفارة الحلف بالطلاق
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 29/11/1424هـ
السؤال
المطلوب هو معرفة الحكم الشرعي وإن كان هناك كفارة أم لا لكن الأهم الحكم الشرعي، قال رجل: عليَّ الطلاق لا أركب سيارة فلان. وبعدها ركبها.
ثم قال لزوجته: تحرمين علي مثل ظهر أمي، مع العلم أنه دفع بعد ذلك 36ديناراً قبل مضي شهر.
وفي المرة الثالثة قال لها: والله لو ما بقي غيرك في هذه الدنيا لما أقربك، وتحرمين علي طول حياتي.
فما هو الحكم الشرعي؟
الجواب
أما قوله:"علي الطلاق لا أركب.. إلخ" فإن كان مراده التأكيد على عدم الركوب السيارة المذكورة، ولا يقصد إلا ذلك، ولا يرغب فراق امرأته فإن عليه كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يأكل هو وأهله، ومقداره خمسة عشر كيلو غراماً من الرز ويكفي أن يغديهم أو يعشيهم، أو كسوتهم لكل واحد ما يستره لصلاته، فإن لم يستطع فيصوم ثلاثة أيام لقوله -تعالى-: "فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام" [المائدة: 89] ، وليس بطلاق.
وأما قوله لزوجته:"تحرمين علي مثل أمي" فهذا ظهار، والظهار كما وصفه الله منكراً وزوراً فعليه التوبة منه، وألا يقرب زوجته حتى يفعل ما أمره الله به (في أول سورة المجادلة 1-4) ، فعليه عتق رقبة، يعني أن يحرر عبداً مملوكاً من الرق، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يفطر بينهما إلا بعذر كسفر ومرض، فإذا لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً كما سبق في كفارة اليمين.
وأما قوله:"والله لو ما بقي غيرك..إلخ" فإنه جمع بين يمين تعرف كفارتها مما سبق وبين تحريم، والتحريم إن قصد به الطلاق فهو طلقة، وإن قصد تحريم زوجته أو لم يقصد شيئاً فهو ظهار، فإن كان ظهاراً فتكفيه كفارة واحدة عنه وعن الظهار السابق، وأما الدنانير فليست من جنس الكفارة.
والحاصل أن عليه كفارتي يمين وكفارة ظهار واحدة، مع التوبة إلى الله، وإن كان قصده في الأخير الطلاق فقد وقعت طلقة، وله مراجعة زوجته في عدتها، والله الموفق.(11/315)
الحلف بالطلاق
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 8/12/1422
السؤال
حلفت لزوجتي أن أطلقها إذا ضربتها مرة أخرى، وبالفعل ضربتها فهل هي طالق؟
الجواب
هذه المسألة فيها تفصيل، وبيان ذلك أن يقال إذا كان السائل ينوي الطلاق بقوله إذا ضربتك أنتِ طالق وقع عليه الطلاق باتفاق أهل العلم؛ لأن هذا اللفظ صريح في الطلاق وقد اقترنت به النية فتطلق زوجته بذلك، ويقع عليه طلقة واحدة، وله أن يراجعها إذا لم يتقدم طلاق آخر. أما إذا لم ينوِ بذلك الطلاق وإنما نوى بذلك منع نفسه من ضربها فلا يقع عليه الطلاق، فيجب عليه كفارة يمين؛ لأنه معنى اليمين كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الأرجح. والله أعلم.(11/316)
حلف بالطلاق ولم يقصد إيقاعه
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 19/7/1424هـ
السؤال
أنا حلفت على زوجتي إذا دخلت غرفة عند أهلها بقولي: "أنت حرام علي وطالق إن أنتِ دخلتِ هذه الغرفة"، وبعد ذلك ودون قصد منها دخلت الغرفة المقصودة ناسية، فما حكم ذلك؟
الجواب
إذا كنت قلت لها: "أنتِ حرام علي وطالق ... ". تريد منعها من دخول تلك الغرفة، أي قلت هذا الكلام لمنعها من الدخول فهذا حكمه حكم اليمين، وإذا كانت زوجتك دخلت الغرفة ناسية كما تقول فلا شيء عليك؛ لأن من شروط وجوب كفارة اليمين فعل المحلوف على تركه ذاكراً، والله أعلم.(11/317)
هل هذا طلاق أم يمين؟
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 29/10/1424هـ
السؤال
أنا متزوج وحدث بيني وبين زوجتي خلاف، مما جعلها تذهب إلى أهلها، وبعد يومين اتصلت عليها لكي ترجع إلى بيتي فرفضت، فقلت لها: أنتِ طالق إذا لم تأت الليلة فلم تأتِ، وكانت في تلك الليلة حائضاً، مع العلم أنها أول طلقة، فما الحكم في ذلك؟ أرجو إفادتي. وهل تعد طلقة أم تكون يميناً؟
الجواب
إن كان قصدك حثها على الرجوع للبيت دون إيقاع الطلاق فهو يمين، وعليك كفارة يمين.
وإن كان قصدك إيقاع الطلاق، ففي طلاق الحائض خلاف بين الفقهاء، والأقرب أنها لا تطلق، وإن كان القول بوقوع الطلاق حال الحيض قول له وجاهته، لكن القول بعدم الوقوع أقوى، ويجب عليك أن تحذر من التسرع في الطلاق، لكي لا تقع في محذور لا مخرج لك منه، والله أعلم.(11/318)
تعليق الطلاق بأمر
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 13/3/1424هـ
السؤال
رجل قال لزوجته: إن دخل أخوك البيت فأنت طالق بالثلاث، وكان ينوي الطلاق، وقد دخل أخوها البيت وبرضاها فما هو الحكم؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
بما أن الزوج ينوي إيقاع الطلاق فإن الطلاق قد وقع بدخول أخيها البيت، وهل يقع واحدة أو ثلاثاً؟ فجمهور أهل العلم من الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعين وتابعيهم والأئمة الأربعة على وقوع الطلاق الثلاث ثلاثاً، وتبين منه زوجته بينونة كبرى، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا تحليل، وقد ذهب بعض أهل العلم كابن عباس -رضي الله عنهما- وطاووس وعكرمة وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم وغيرهم -رحمهم الله تعالى جميعاً- أنه يقع به واحدة لما رواه مسلم (1472) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان الطلاق على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر - رضي الله عنه - وسنتين من خلافة عمر - رضي الله عنه - طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناةٌُ فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم، وقد بسط العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى- في زاد المعاد (5/241-271) الأدلة على أن الطلاق الثلاث واحدة، ومن قرأها وأمعن النظر فيها تبين له قوة هذا القول، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.(11/319)
إن لم تردّ المال فهي طالق
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 25/1/1425هـ
السؤال
زوجان نشأ بينهما خلاف بسبب فقدان مبلغ من المال، اتهم الرجل زوجته وطالبها باسترداد المال وإلا طلقها، أنكرت الزوجة التهمة واعتبرها زوجها طالق. السؤال: هل هذا الطلاق صحيح؟.وجزاكم الله خيراً.
الجواب
إذا طالب الزوج زوجته باسترداد المال المسروق وإلا فزوجته طالق ولم ترد الزوجة المال لإنكارها السرقة أصلاً ونوى الزوج بذلك طلاق زوجته؛ فإن طلاقه يقع حينئذ، أما لو قصد حثها على إعادة المال ولم يقصد إيقاع الطلاق ولم ترد إليه المال؛ فإن طلاقه لا يقع وإنما فيه كفارة يمين في أصح قولي العلماء لحديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - في الصحيحين البخاري (1) ومسلم (1907) قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، وهنا لم ينو الزوج طلاقاً وإنما نوى حثًا وتخويفاً، وعليه فلا يقع الطلاق وعليه كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد أو كسوتهم، أو تحرير رقبة مؤمنة فإن لم يجد صام ثلاثة أيام. أما إذا قصد إيقاع الطلاق على ما علقه فإن طلاقه يقع بحصول الشيء المعلق، كما في هذا السؤال حيث اعتبر الزوج تعليق الطلاق بإعادة المال ولما لم تعد الزوجة المال قصد الطلاق وعليه فتقع طلقة واحدة. والله تعالى أعلم.(11/320)
هل الحلف بالحرام ظهار؟
المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي
رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 17/01/1426هـ
السؤال
الإخوة الأعزاء: بعد التحية والسلام.
دائماً ما أحلف بالحرام، كقولي: علي الحرام، وبعضها يتحقق وبعضها الآخر لا يتحقق، أو علي الطلاق، وفي مرة من المرات اختلفنا أنا وزوجتي، وقلت لها: الله يلعن اليوم الذي عرفتك فيه، فما الحكم وما الكفارة علي؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذا السؤال تضمن أمرين:
الأول: حلف الزوج بالطلاق والحرام، وهذا لا يجوز، وإذا حنث الزوج فيسأل عن مقصوده، فإن كان قصده إيقاع الطلاق أو التحريم وهو الظهار فيقع طلاقه وظهاره، وإن كان يقصد الحث أو المنع فهي يمين مكفرة، أي تجب فيها كفارة اليمين، ولا يقع طلاقه ولا ظهاره.
الثاني: لعن اليوم الذي عرف فيه هذه الزوجة، وهذا لا يجوز لأنه داخل في سب الدهر المنهي عنه، فعليه تجاه ذلك التوبة وعدم تكرار مثل هذا القول البذيء، فالمؤمن ليس باللعان ولا الفاحش البذيء، وأن يستغفر الله منه. وبالله التوفيق.(11/321)
الحلف بالطلاق: هل يقع به طلاق؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 26/10/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زوجي من النوع العصبي جداً جداً وحلف علي عدة مرات بالطلاق، ودائماً كان يذهب للشيخ من أجل أن يفدي يمينه، وهذه المرة الثامنة التي يحلف علي يمين الطلاق بعدم الكلام والذهاب لعند والدتي، وعن كل مرة ألتزم ولا أحاول أن يقع اليمين فما الحكم في مثل سهولة الحلف عنده؟ مع أنني لا أستطيع الابتعاد عن والدتي، ولا يريدني أن أبرها، ودائماً ما يسبها مع أنها لا حول لها ولا قوة بأي مشكلة قد تقع بيننا.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
من علَّق الطلاق على شرط أو التزمه لا يقصد بذلك إلا الحض أو المنع فإنه يجزئه فيه كفارة يمين إن حنث؛ أي أن الزوج إن كان يقصد منع زوجته عن الكلام والذهاب بحلفه بالطلاق ولم يرد إيقاع الطلاق فعليه كفارة يمين في أصح قولي العلماء، وهي المذكورة في قوله تعالى:"لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون" [المائدة:89] ، أما إن أراد الجزاء بتعليقه طلاق زوجته إن تكلمت مع من منعها الكلام معها، أو ذهبت إليها بعد قوله ذلك طلقت زوجته كَرِهَ الشرط أو لا، وأشير هنا أنه لا يجوز للزوج منع زوجته من محادثة والدتها وصلتها، بل الواجب عليه إعانتها على برها، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/322)
الحلف بالطلاق
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 20/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
سؤالي: حلفت يمين الطلاق أن أشتري جهاز استقبال فضائي، وأنا أتجنب شراءه بمعنى أنني حلفت أن أشتريه للاستعمال، هل في حالة عدم شرائي له يقع يمين الطلاق ولكم جزيل الشكر.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد.. فإن كان الأخ السائل أراد من حلفه بالطلاق حثّ نفسه على شراء جهاز الاستقبال الفضائي، ولم يقصد إيقاع الطلاق ولم يشتر الجهاز فعليه كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89] ، وهذا مذهب ابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة، وحفصة، - رضي الله عنهم- في العتق حكاه ابن القيم -رحمه الله تعالى- عنهم في إغاثة اللهفان (2/87) ، والطلاق كالعتق، قال رحمه الله: وهؤلاء الصحابة -رضي الله عنهم- أفقه في دين الله، وأعلم من أن يفتوا في الكفارة في الحلف بالعتق، ويرونه يميناً ولا يرون الحلف بالطلاق يميناً، ويلزمون الحانث بوقوعه فإنه لا يجد فقيه شم رائحة العلم بين البابين والتعليقين فرقاً بوجه من الوجوه أ. هـ، وإني أنصح الأخ السائل بشراء جهاز من الأجهزة المستعملة رخيصة الثمن وإتلافه خروجاً من الخلاف، مع الإشارة إلى أنه لا يجوز اقتناء الأجهزة المذكورة، لرؤية ما حرم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أعلم - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.(11/323)
حلف بالطلاق لئن حملت فلن تحج
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 27/2/1425هـ
السؤال
قلت لزوجتي: إذا حصل حمل علي بالطلاق لن تحضري الحج، وسوف تسافرين إلى بلدك وذلك بشهادة شهود، ثم تدخلت الوالدة، وطلبت بقاءها إلى الحج، وهي حالياً حامل، وجالسة في انتظار الحج، ومقيمة معي بالمنزل، أرجو التوضيح، هل تعتبر طالقاً؟ وما مصير حجها؟ وكيف أعمل لإرجاعها؟ -بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيراً-
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: فإن كنت تريد من تعليق الطلاق منع زوجتك من الحج بعد الحمل فإنه يجزئك كفارة يمين إن حنثتَ بأن حجت زوجتك بعد حملها في أصح قولي العلماء، وهذا إذا لم ترد إيقاع الطلاق، وكفارة اليمين هي المذكورة في قوله -تعالى-: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89] .
أما إن أردت الجزاء بتعليقك طلقت زوجتك إن حجت كرهت الشرط أو لا، فإن وقع الطلاق فهي طلقة واحدة، ولك مراجعتها ما دامت في العدة ما لم يكن قد سبق ذلك طلقتان، فإنها تحرم عليك حتى تنكح زوجاً غيرك نكاح رغبة لا تحليل. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/324)
طلقها قبل الدخول ثلاثًا
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 07/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبلغ من العمر 29 سنة، ولقد تعرفت إلى امرأة، وعقدت عليها عقدًا شرعيًّا، ولم يكن ذلك إلا لإعجابي بدينها وخلقها، ولكي نعف نفسينا، وقررنا الزواج في هذا الصيف، وقد صدمتني عندما قالت لي إنه لن يكون هنالك زواج بالصيف، وقد أخرته بعد الصيف، وأنا في بلاد الغربة أعاني الأمرين من غريزتي، وأخاف الله ولا أريد سوى مرضاته، وكنت أترقب يوم الزفاف بفارغ الصبر، فغضبت في نقاش معها في الهاتف وقلت لها وأنا متوتر وأريد تهديدها بذلك: إن كنت لم تنور- الزواج- فأنت طالق. ولم يكن ذلك إلا لأضغط عليها عساها تُبدِّل رأيها، وفي آخر اتصال اشتد النقاش كثيرًا وغضبت غضبًا شديدًا حتى أني لم أعد أدري ما أقول، فلم أجد أمامي آنذاك سوى كلام أسمعه دائمًا في البلاد، ولم أكن أنوي ما قلت، فقلت: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. وقطعت المكالمة، وعندما رجعت إلى رشدي ندمت ندمًا شديدًا، وخاصة أني أحب زوجتي حبًّا شديدًا، وكنت أترقب اليوم الذي نكون فيه مع بعض، ولم أكن أقصد ما قلت، وأنا لم أرد فراقها أبدًا، بل أود الزواج بها، ونسيت أنها مريضة بالوسواس، وهذا الكلام كان لها صدمة كبيرة لقلبها، وبذلك قالت لي: يحرم أن تراني أو أن تكلمني. وأنا أحبها حبًّا شديدًا، وأريد البقاء معها، مع العلم أنها رافضة تمامًا الزواج بالصيف ومقتنعة بأن هذا الكلام الذي وقع هو فراق بيني وبينها، هذه معضلتي وأرجو منكم الجواب الشافي. وجزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإنه لم يقع منك طلاق في الحالين، أما الحال الأولى، فلأنك لم ترد الطلاق، لم ترد إلا حثها على تغيير رأيها، وهذا هو معنى اليمين، فيكون عليك فقط كفارة يمين. هذا أولاً.
أما في الحال الثانية فلأنك لم تدر ما تقول، ومن هذه حاله لا يقع طلاقه بالاتفاق. وهذا ثانيًا.
ومثل ذلك- على الصحيح- من غيَّر عقلَه الغضبُ حتى لم يعد يملك نفسه، فطلق بسبب الغضب، حتى وإن كان يعلم ما يقول؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا طَلاقَ ولا عَتَاقَ في إِغْلاقٍ". أخرجه أبو داود (2193) وابن ماجه (2046) وغيرهما. وهو صحيح. والإغلاق يشمل تناول كل من انغلق عليه باب قصده، كالمجنون والسكران، والمكره، والغضبان الذي يعلم ما يقول، لكن لم يعد يملك نفسه فطلق بسبب الغضب. وهذا ثالثًا. أما زوجتك فليس عليها إلا كفارة يمين فقط؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ... ) . ثم قال تعالى: (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ) [التحريم: 1-2] . فالتحريم الصادر من الزوجة حكمه حكم اليمين على كل حال. والله أعلم.(11/325)
الحلف على المصحف بالطلاق
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 06/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
حلفت على كتاب الله نزولاً عند رغبة زوجتي بأني لو فعلت شيئاً ما دون علمها ودون إرادتها تعتبر طالقاً بالثلاث، سؤالي الآن: لو فعلت هذا الشيء برضاها وبعلمها، هل تعتبر طالقاً بالثلاث؟ وهل يختلف الحكم لو كان الموضوع يخالف أو لا يخالف شريعة الله؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إذا علَّق المرء طلاق زوجته على أمر يريد به الحث أو المنع، أو التصديق، أو التكذيب، ثم خالفه فلا تطلق زوجته بهذا، وإنما عليه كفارة يمين، والذي يظهر من هذه الصيغة التي ذكرت أنك تريد هذا، تريد حث نفسك على إخبارها.
أما إذا التزم المرء ولم يخالف ما علق الطلاق عليه، فلا طلاق ولا حنث، ولا كفارة بلا إشكال.
وهنا ننبه إلى أن الحلف على القرآن لا أصل له، وإذا حلف عليه - أي القرآن- بأن يترك، أو يفعل، ثم رأى خيراً مما حلف عليه فبإمكانه أن يكفِّر كفارة يمين، وليس لحلفه على القرآن أي تأثير هنا، علماً بأن الفقهاء ذكروا مسألة الحلف على القرآن في باب تغليظ اليمين إذا رأى القاضي ذلك على خلاف فيه. والله أعلم.(11/326)
هل هذا طلاق أم يمين؟
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط
التاريخ 21/04/1426هـ
السؤال
أبي حلف على والدتي في مشاجرة بينهما، وقال لها: عليَّ الطلاق لن تذهب ابنتك إلى الكلية، فذهبت ابنتها للكلية، فما الحكم في الطلاق، وهل يعد طلاقاً أم يميناً؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فإن الشارع الحكيم قد شرع الطلاق لحكم عظيمة ليس من بينها الحلف به، بل إن الحلف لا يجوز إلا باسم من أسماء الله أو صفة من صفاته، وعلى هذا فإن كان الزوج قال لزوجته هذا الكلام من باب التهديد، ولأجل منع البنت من الذهاب إلى الكلية، فهذا حكمه حكم اليمين عند جمع من المحققين من أهل العلم، كابن تيمية -رحمه الله- والعلامة ابن عثيمين، وغيرهما، فإذا ذهبت البنت وجب عليه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(11/327)
الشكّ في عدد الطلقات
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 15/5/1422
السؤال
شخص طلّق زوجته، ولكنه غير متأكد من عدد الطلقات هل هي مرتين أم ثلاث، فما الحكم؟
الجواب
إذا شكّ الزوج في وقوع أصل الطلاق، أو شكّ في عدده، فليبن على اليقين. وعلى هذا إذا شكّ هل طلّق أم لا؟ فالأصل عدم وقوع الطلاق؛ لأن النكاح أمر متيقّن، والطلاق مشكوك فيه. ومن القواعد المقرّرة أن اليقين لا يزول بالشك. وإذا شكّ هل طلّق واحدة أو اثنتين فليجعلها واحدة؛ لأن هذا هو المتيقّن.(11/328)
حديث الرجل مع مطلقته
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 18/3/1424هـ
السؤال
رجل مسلم لا نتهمه في دينه طلق زوجته طلقتين صحيحتين، ثم انتهت عدتها، ثم أخبرها أنه يرغب في الزواج منها مرة أخرى، ولكنه لا يستطيع وعدها بذلك، ولكنه يترك ذلك لأقدار الله، هل يجوز له الاطمئنان عليها عبر الهاتف أو السؤال عنها حين مرضها عبر الهاتف؟ أيضا إذا كان يراعي حدود الله في مكالمته وهي كذلك، وهل يجوز له أن يشتري لها بعض حاجتها ويعطيها إياها ويسأل عن حالها من وراء حجاب؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
لا بأس بمحادثة الرجل مطلقته بعد خروجها من عدتها فيما أباحه الله -تعالى- والاطمئنان على صحتها عند مرضها، وكذا الإحسان إليها، ووصلها من غير خلوة بها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" رواه البخاري (4935) ومسلم (1341) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان"، رواه أحمد (1/26) ، والترمذي (2165) ، وابن حبان
(5586) ، من حديث عمر -رضي الله عنه-، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/329)
هل يقع الطلاق بالفعل؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 23/3/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب متزوج وبيني وبين زوجتي مشاكل، وفي يوم ما حدث خلاف بيني وبينها حول طلبها لي تنفيذ أمر معين فرفضت تنفيذه، فخيرتني أن أطيعها في تنفيذ هذا الأمر أو أرسلها إلى بيت أهلها، فحاولت أن أحل الموضوع فلم أستطع، فأرسلتها إلى بيت أهلها بنية الطلاق، وفي الطريق سألتها متى تريد ورقة طلاقها؟ وكنت وقتها في حالة غضب، فلم ترد علي، فهل هذا يعتبر طلاقاً؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً، مع العلم أن زوجتي حامل وأريد مراجعتها الآن.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد ذهب جمع من أهل العلم كأبي عبد الله بن حامد، والقاضي أبي يعلى، وغيرهم إلى أن الفرقة لا تقع إلا بالكلام لأن الفرقة فسخ النكاح، والنكاح يفتقر إلى لفظ، فكذلك فسخه، فعلى ذلك إن كان الأخ السائل لما ذهب بزوجته إلى أهلها لم يتلفظ بقول يدل على الطلاق صريحاً، أو كناية فإن مجرد ذهابه بها لا يعتبر طلاقاً، والله تعالى أعلم - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.(11/330)
جعل طلاق المرأة بيدها
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 26/6/1424هـ
السؤال
إذا قال رجل لزوجته: أمرك بيدك، قالت: أنا طالق منك، فهل هي طالق؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
قول الرجل لزوجته: أمرك بيدك من كنايات الطلاق الظاهرة، وتملك الزوجة طلقة واحدة، ما لم ينو أكثر من ذلك، فإن طلقت نفسها قبل أن يطأها، أو يفسخ ما جعله لها وقع عليها طلقة واحدة فقط، وهو مذهب أمير المؤمنين عمر وابن مسعود وأحد قولي زيد بن ثابت - رضي الله عنهم-، فقد جاء رجل إلى ابن مسعود - رضي الله عنه- فقال: قلت لامرأتي: جعلت الأمر بيدك، قالت: أنا طالق ثلاثاً، فقال ابن مسعود: أراها واحدة، وأنت أحق بالرجعة، وسأل عمر؟ فقال: وأنا أرى ذلك. رواه عبد الرزاق (6/520) ، وسعيد بن منصور (1/418) ، والبيهقي (7/347) ، وعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه- في رجل جعل أمر امرأته بيدها فطلقت نفسها ثلاثاً، قال هي واحدة، رواه عبد الرزاق (6/521) ، والبيهقي (7/348) ، والله تعالى أعلم، - وصلى الله وسلم- على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/331)
كتابة الطلاق دون إرادته
المجيب د. راشد بن مفرح الشهري
القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 4/1/1425هـ
السؤال
والدتي وإخوتي يقيمون ببلد أجنبي، ولرغبة والدتي الشديدة في أن أكون معهم قدمت لي أوراق هجرة؛ لألحق بهم، وبعد العديد من السنوات استلمت الأوراق الخاصة للقيام بإجراءات الهجرة، ولكني فوجئت بأني لا أستطيع استكمال أوراق الهجرة؛ لأني متزوج، وقد أشار أحد المحامين بتلك البلد على أمي بأن أقوم بتطليق زوجتي وردها مرة أخرى لأقدم هذه الأوراق، أنا مقيم بخارج الأردن الآن، وقد سألت المأذون الذي قام بعمل عقد الزواج لي، وقال لي بعد أن ألححت عليه بأنني لا أريد أن ألفظ لفظ الطلاق، وأريد أن يكون ذلك على الأوراق فقط، مع نيتي أنا وزوجتي -رعاها الله- بعدم النية أصلاً في الطلاق، وعدم الرغبة فيه وقد أجابني بعدم وقوع الطلاق بكتابة لفظه، فهل يحسب هذا طلاقاً علي؟ وإن حسب هل أستطيع استرجاع زوجتي في الحال بالتليفون؟ علماً بأنها سوف تلحق بي ببلد عملي الحالي بعد أسبوعين أفيدوني - حفظكم الله -، مع العلم بأني أحب زوجتي حباً جماً، وإنما أفعل ذلك فقط إرضاء لأمي وإرادة منى في أن أكون مع أهلي بالخارج.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
ذكر العلماء أنه فيما إذا كتب الإنسان الطلاق بلفظه فإنه يقع، ولا يخلو حال الأخ من أن يكون كتب لفظ الطلاق بقوله مثلاً: "زوجتي فلانة طالق" كتابة، فهذا اللفظ يقع معه الطلاق؛ لأن الكتابة كاللفظ، واللفظ الصريح لا يرجع للنية فيه، إلا إذا حفت به قرائن لا تدل على إرادته، وأما إذا كانت الكتابة بغير لفظ الطلاق أو بكنايته فحسب النية. وكون الأخ يفعل ما صدر منه، لا ملجئ له إلى ذلك فإذا صدر منه بلفظ الطلاق أو بكتابة الطلاق فيقع طلقة، وعليه مراجعة زوجته في الحال، وإن كان بلفظ آخر فعلى ما ذكرت من تفصيل في أول السؤال، وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/332)
هل إرسال الزوجة إلى أهلها يعد طلاقاً؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 13/7/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
السؤال هو: أنا شاب متزوِّج منذ خمس سنوات، وفي مدة زواجي حصلت مشاكل كثيرة بيني وبين زوجتي، وفي يوم قالت لي أريدك أن تطلقني وأصرَّت على ذلك، فقلت لها أنتِ طالق، وأرجعتها بعد أربعة أيام إلى بيتي، وفي مرة أخرى قالت لي إذا كنت رجلاً حقاً خذني إلى بيت أهلي، فغضبت وأخذتها إلى بيت أهلها بنية الطلاق، وأرجعتها بعد ساعة من الوقت، وبقيت الحالة كما هي، وفي مرة أخرى كذلك تشاجرنا، فقالت لي خذني إلى بيت أهلي فأخذتها بنية الطلاق كذلك، وتركتها في بيت أهلها حوالي 15شهراً، وفي هذه المدة طلب مني أحد أهلها أن أرجعها فأقسمت بالله عدة مرات على ألا أرجعها أبداً، ومنذ شهرين ونصف فقط أي في المدة الأخيرة كذلك قالت لي أريدك أن تقول لي أنتِ طالق فقلتها لها، أي قلت لها أنتِ طالق، وحينما استفتيت عن هذا الأمر في بلدي قالوا لنا إنها أكثر من ثلاث طلقات، فلا رجوع بينكما حتى تنكح زوجاً آخر، فهل صحيح أنه لا رجوع بيننا؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد..
فقد تبيَّن لي بعد قراءة السؤال أن الأخ السائل قد طلَّق زوجته، بصريح الطلاق، وذلك بقوله لها أنت طالق مرة واحدة ثم راجعها، ثم ذهب بها إلى أهلها بناءً على طلبها بنية الطلاق، ثم راجعها، ثم ذهب بها مرة أخرى إلى أهلها بنية الطلاق بناءً على طلبها، وبعد سنة ونصف طلَّقها بصريح الطلاق، فأقول مستعيناً بالله تعالى: ذهب جمع من أهل العلم -كأبي عبد الله بن حامد والقاضي أبي يعلى، وغيرهم- إلى أن الفرقة لا تقع إلا بالكلام؛ لأن الفرقة فسخ النكاح، والنكاح يفتقر إلى لفظ فكذلك فسخه، فعلى ذلك إن كان الأخ السائل لما ذهب بزوجته إلى أهلها لم يتلفظ بقول يدل على الطلاق صريحاً، أو كناية فإن مجرد ذهابه بها لا يعتبر طلاقاً، وبناءً عليه فإنه يكون قد بقي للأخ السائل طلقة واحدة وله مراجعة زوجته، إن لم تكن خرجت من عدتها، فإن كانت قد خرجت من عدتها فله التقدُّم لخطبتها من جديد، فإن زوجوه فليعلم أنه لم يبق له إلا طلقة واحدة فقط. والله تعالى أعلم -وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.(11/333)
رضا الزوجة بالمراجعة
المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 18/3/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في الطلاق الرجعي، وقبل انتهاء عدة المرأة هل يشترط عند مراجعة الزوجة رضاها أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
فالجواب عن هذا السؤال على شقين، فالأول: أن الطلاق الرجعي لا يعتبر مبيناً للمرأة (للزوجة) بل هي تعتبر زوجة، وهي لا تزال في عصمته وفي ذمته ما لم تنته العدة الشرعية المحددة، إما بإنهاء ثلاث حيضات إن كانت تحيض، أو بوضع الحمل إن كانت حاملاً، أو ثلاثة أشهر للائي لم يحضن (الآيسات) ، فإن انتهت عدتها فقد بانت من زوجها بينونة صغرى، لا تحل له إلا بعقد جديد مستوف لشروطه وأركانه ورضاها.
أما الثاني: وهو ما يتعلق بالسؤال الموضح أعلاه، هل يشترط رضاها أم لا؟ فالجواب: إنه لا يشترط رضاها، قال ابن قدامة -رحمه الله- في كتابه المغني (10/553) : (أجمع أهل العلم على أن الحر إذا طلق الحرة بعد دخوله بها أقل من ثلاث -أي ثلاث طلقات- بغير عوض ولا أمر يقتضي بينونتها، فله عليها الرجعة ما كانت في عدتها، وعلى أنه لا رجعة له عليها بعد قضاء عدتها) ، وقال أيضاً ابن قدامة -رحمه الله-: (ولا يعتبر في الرجعة رضا المرأة لقول الله تعالى:"وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً" [البقرة: 228] فجعل الحق لهم، وقال سبحانه:"فأمسكوهن بمعروف" [البقرة: 231] فخاطب الأزواج بالأمر ولم يجعل لهن اختياراً، ولأن الرجعة إمساك للمرأة بحكم الزوجية فلم يعتبر رضاها في ذلك كالتي في صلب نكاحه، وأجمع أهل العلم على هذا) ، وقال: (والرجعية زوجة يلحقها طلاقه وظهاره وإيلاؤه ولعانه ويرث أحدهما صاحبه بالإجماع) أ. هـ.
وبهذا يتعين أن رضا الزوجة المطلقة طلاقاً رجعياً لا يشترط، لكن إذا كانت لا ترغب في العيش مع زوجها وساءت عشرتها معه، فلها أن تطلب الطلاق وتتظلم لدى القاضي، وحينها يفصل في طلبها بالوجه الشرعي، هذا والله هو الموفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.(11/334)
متى يجوز للمرأة طلب الطلاق
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 5/1/1424هـ
السؤال
ما هي الأسباب الشرعية التي يمكن أن تبيح للمرأة حق الطلاق والتي يحق للقاضي أن يطلق الزوجة بشكل شرعي؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
الأسباب التي تُجيز للمرأة طلب فسخ النكاح كثيرة منها:
(1) رفض الزوج الفيء بعد انتهاء مدة الإيلاء المحددة شرعاً في قوله تعالى:"للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم" [البقرة:226] .
(2) إعسار الزوج عن دفع المهر.
(3) إعسار الزوج عن النفقة.
(4) عُنة الزوج، وهي: عدم قدرته على الجماع.
(5) الغرر كأن يدعي الزوج أمراً يُرغب في تزويجه ثم يتبين كذبه.
(6) تفريق الحكمين.
(7) العيوب التي لم يُعلم بها إلا بعد الدخول كالجنون والجذام والبرص وبخر الفم وغيرها.
وفي الجملة كل عيب لا يمكن معه تحقيق مقاصد النكاح فإنه عند ثبوته يكون سبباً لفسخ النكاح، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/335)
هل طلقها أم لا؟
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 3/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أصحاب الفضيلة: نرجو منكم تزويدنا بالجواب عن قضية وقعت بشأن الطلاق، ولا يخفى علينا زحمة أعمالكم وكثرة الأسئلة الواردة عليكم، ولكن هذا السؤال بزعم سائله أن لا يحتمل التأخير: يقول الأخ في المرة الأولى قلت لزوجتي - بعد ما وقع شجار بيننا: اذهبي إلى بيت أمك، غير أني لا أتذكر ماذا كانت نيتي عند ذلك، لكن أمي تقول بأنها على يقين بأن ذلك كان مجرد إرسالها إلى بيتها، ولا علاقة لذلك بالطلاق، وأتذكر أني ذهبت إلى مكان دراستها، وقلت لها: إني لن أخرجك أو لن أطردك من البيت، في المرة الثانية تخاصمت معها، وأذكر أني كنت أريد طلاقها دون تردد، وفي المرة الثالثة قلت لها: الطلاق، هل تسمعين؟ الطلاق، بإعادة لفظ الطلاق مرتين، وكأن (المقصود التأكيد وليس التكرار) يقول الأخ: قبل المرة الثالثة كنت أعتقد أني قد طلقت زوجتي مرتين، لكن بعد تذكر ما مضى واستعادة ذلك في ذهني أمي وزوجتي تؤكدان لي أنني في المرة الأولى لم أطلقها، أصحاب الفضيلة: نعرف أن السؤال يشبه المهزلة أو لعب الأطفال، لكنه واقعة حال لشاب غرّ لم يعرف خطر الطلاق وما يترتب عليه، والآن قد استيقظ ضميره فهو بين الشدتين: إما أن يبقى معها لكن بدون النكاح، أو يفارقها لكن بدون وقوع الطلاق، فالرجاء إرشادنا إلى الصواب، وقد يشكل عليكم بعض الفقرات في السؤال، لكن هو أقصى ما يتذكره، فالجواب على قدر السؤال، وجزاكم الله خيراً، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالجواب: أن قوله: اذهبي إلى بيت أهلك، لا يقع به طلاق، حتى ينوي به الطلاق، وعليه فقوله هذا لا يقع به الطلاق؛ لأنه لم ينوه. هذا أولاً.
ثانياً: أنه حين تخاصم معها في المرة الثانية، وأراد طلاقها بدون أن يتلفظ بالطلاق أو ما يدل عليه، لا يقع طلاقه أيضاً، إلا إن كان قد تلفظ بالطلاق، أو ما يدل عليه مع نيته، فهذه تعتبر طلقة ما لم يوجد مانع - كما سيأتي-.
ثالثاً: أن طلاقه في المرة الثالثة لا يقع إلا واحداً؛ لأن الصحيح من أقوال أهل العلم أن الطلاق بأي عدد كان لا يقع إلا واحدة، هذا إذا نوى التأسيس والتكرار، أما إن نوى التأكيد فهي واحدة بلا إشكال، وعليه فله مراجعتها ما دامت في العدة، فإن كان قد فعل فلا إشكال، وإن لم يفعل حتى انتهت العدة، فيلزمهما أن يعقدا من جديد بمهر جديد. وهذا رابعاً.
خامساً: أن طلاقه هذا لا يقع إذا كان ثمة مانع، كأن تكون الزوجة حائضاً، أو تكون في طهر جامعها فيه، وقد اختاره شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، والشيخ محمد بن عثيمين.
سادساً: أن الطلاق بأي عدد كان، سواء كان بكلمة، كقوله: أنت طالق ثلاثاً، أو بكلمات: أنت طالق، أنت طالق ... ، لا يقع إلا واحدة، وقد قال به أيضاً ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، والشيخ ابن سعدي، وتلميذه الشيخ محمد بن عثيمين - رحمهم الله جميعاً-. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد.(11/336)
تكرار الطلاق
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 30/12/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حصل بيني وبين زوجتي مشادة ليلة البارحة وكانت شديدة وحصل مني أن تلفظت بكلمة الطلاق وقلت لها أنت طالق طالق طالق عدة مرات ولست في حالة غضب وكانت أول مرة.
فما الحكم بارك الله فيكم؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فجماهير أهل العلم من الصحابة والتابعين وتابعيهم والأئمة الأربعة على وقوع الطلاق الثلاث ثلاثاً وتبين منه زوجته بينونة كبرى ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا تحليل، وقد ذهب بعض أهل العلم كابن عباس -رضي الله عنهما- وطاووس وعكرمة وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم وغيرهم -رحمهم الله تعالى جميعاً- أنه يقع به واحدة لأدلة كثيرة بسطها ابن القيم -رحمه الله تعالى- في زاد المعاد (5/241-271) ومن قرأها وأمعن النظر فيها تبين له قوة هذا القول، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.(11/337)
مطالبة المطلقة بالنفقة لها وعيالها
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 07/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
امرأة عاشت مع زوجها عشر سنوات، وله منها أولاد، هل من حقها أن تطالب من مال زوجها عند الطلاق ما يكفيها وأولادها للسكن؟ علما بأنها كانت تربي أولادهما ولم يكن لها كسب إلا نفقة زوجها. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته, وبعد:
الحمد لله وحده، وبعد:
فالمطلقة الرجعية لها من الحقوق ما للزوجة، فإن فرغت المطلقة الرجعية من العدة قبل رجعته بانت وحرمت على مطلقها إلا بعقد جديد مستوفٍ للأركان والشروط، ولها أن تخرج بعد انتهائها، وهنا أشير إلى حقوق المطلقة بعد انقضاء العدة، فمنها المتعة لقوله تعالى: "وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ" [البقرة:241] ، ولحديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- أن حفص بن المغيرة -رضي الله عنه- طلق امرأته فاطمة -رضي الله عنه-، فأتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لزوجها: "متعها"، قال: لا أجد ما أمتعها، قال: "فإنه لا بد من المتاع، متعها ولو نصف صاع من تمر"، رواه البيهقي (7/257) ، وقد قال بوجوب متعة المطلقة مطلقا البخاري وابن جرير الطبري، وابن تيمية، وابن حجر - رحمهم الله تعالى- وهو رواية عن أحمد والجديد عند الشافعي - رحمه الله تعالى- انظر: صحيح البخاري (1/112) ، وتفسير الطبري (2/532) والاختيارات (37) ، وفتح الباري (9/406) ، وتعتبر المتعة بحال الزوج لقوله -تعالى-: "وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ" [البقرة: من الآية236] .
ثانياً: إن كانت المطلقة ترضع فلها أجرة الرضاع إن طلبته لقوله -تعالى-: "فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى" [الطلاق: من الآية6] .
ثالثاً: وإن كان للمطلقة أولاد من المطلق واستحقت حضانتهم، فلها أجرة الحضانة إن طلبتها.
رابعاً: إن كانت حاضنة أولادها منه فعليه نفقتهم، وأجرة سكنهم، وغير ذلك مما يجب عليه، قال تعالى: "أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ" [الطلاق: من الآية6] . والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/338)
عرض الطلاق على المرأة
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 26/10/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
لله الحمد وله المنة، من الله علي بأن أعقد على أخت ملتزمة والحمد لله، وقد حدث من فترة مشاكل بيننا قد تؤدى إلى الانفصال، وكنت أعرض عليها أنه لا مانع عندي من الانفصال ما دام يريح الطرفين، مع العلم أنني من داخلي كنت مترددا فيها بعد ما حدثت هذه المشاكل وشعرت أن قلبي ليس مطمئناً لهذا الزواج، وصليت صلاة الاستخارة قبل الشروع في مسألة الزواج، والآن ولله الحمد والمنة شرح الله صدري لها، والله وحده يعلم الأسباب، والسؤال الآن هل عند هذه النية يعتبر الطلاق واقعا؟ عندما كنت أعرض عليها الطلاق لأرى رأيها في ذلك، أفيدونا جزاكم الله خيراً، وما هي حقوقي عليها؟ هل هي نفس حقوق الزوج الذي بنى بزوجته؟ مع العلم أنني عاقد عليها فقط.
الجواب
الحمد لله وحده وبعد فإني أرى أن هذا عرض للطلاق من قبلك وليس طلاقاً حتى تشك فيه، بل أرى أن هذا لا يعد أيضاً من كنايات الطلاق، والطلاق لا يقع إلا في حالين:
الأول: أن يصدر من الزوج لفظ الطلاق صريحاً.
الثاني: أن يصدر منه الطلاق كناية دون التصريح بالتطليق، وهنا لا يقع إلا إذا صاحبته نية الطلاق، وأسوأ الأحوال أن نعد هذا اللفظ كناية تفويض منك إليها بالطلاق، فالخلاصة أن الذي يظهر لي أن هذا لا يعد طلاقاً.
أما عن حقوقك عليها فهي نفس حقوق الزوج على زوجته، فإن مجرد العقد موجب للحقوق بين الطرفين، إلا مسألة النفقة فلا تجب إذا كانت المرأة تمنعك من الاستمتاع بها، فإذا بذلت نفسها لك فقد وجبت عليك النفقة، والله أعلم.(11/339)
حكم عقد الرجل الزاني على من زنى بها
المجيب د. خالد بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية
التاريخ 8/9/1422
السؤال
رجل محصن زنى بامرأة بكر، وبما أنه يعيش في بلد علماني فالحل عندهم هو الزواج بالمزني بها إذا كانت بكراً، وهذا ما ينوي فعله، فزوجته الأولى تسأل عن حكم علاقتها بهذا الزوج الزاني سواء إذا تزوج بهذه المرأة أو لم يتزوج بها.
الجواب
أما حكم علاقة الزوجة الأولى به فهو بقاء عقد الزوجية صحيحاً وهي في عصمته، ولها أن تطلب الطلاق إن لم يتب؛ لأن الزنى من سوء الخلق المجيز للمرأة طلب الطلاق، وهذا الحكم لا يختلف سواء تزوج بمن زنى بها أم لم يتزوج، وأما زواجه بمن زنى بها فهذا حسنُُ إصلاحاً لما أفسدا، لكن عليهما التوبة من الزنى لقوله - جل وعلا -: " وتوبوا إلى الله جميعاًأيهاالمؤمنون لعلكم تفلحون " " (النور: 31) وينبغي أن تكون التوبة قبل إبرام عقد الزواج، لأن طائفة من أهل العلم يشترطون على الزانيين التوبة ليصحّ زواجهما، لقوله - جل وعلا -: " الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين " (النور: 2) .(11/340)
نية التطليق في المستقبل
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 23/11/1423هـ
السؤال
لعدم استقرار حياتي الزوجية ووجود طفلتين لديّ، ورغبتي الجادة في تطليق زوجتي؛ لإحساسي بعدم كفاءتها في التربية التي أريد، ولكون بناتي ما زلن صغاراً، ولعدم كفاءة أسرة زوجتي في التربية التي أريد بعد الطلاق، فهل يجوز لي الاحتفاظ بزوجتي حتى يصل أبنائي سبع سنوات، لكي أترك البنات معي وقد يفوتها فرصة الزواج.
الجواب
تربية الأولاد أهم ما تكون في السبع سنوات الأولى، أما ما يتعلق بنيتك أن تطلق زوجتك بعد مدة فهذا لا حرج فيه، إلا أن كان قصدك بإبقائها الإضرار بها، فهذا لا يجوز، أما إبقاؤها لغرض معين مع نية تطليقها في المستقبل فلا حرج فيه فيما ظهر لي، والله أعلم.(11/341)
هل لأهل الزوجة طلاقها؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 15/3/1423
السؤال
هل يجوز طلاق زوجتي من طرف أهلها دون أن أعرف السبب، علماً أنني مستعد أن أطلق في حالة معرفة السبب بحضور أهلي وأهل زوجتي، ولكن ما حصل قد بلغني والدها وأخوها عبر الهاتف بأنهم طلقوها مني، فهل يجوز هذا الطلاق دون أن أنطق كلمة الطلاق؟
الجواب
الطلاق بيد الزوج فهو الذي يملكه، وهو الذي بيده عقد النكاح، قال -تعالى-: "إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح" [البقرة:237] ، وقد روى عن غير واحد من السلف، منهم: علي بن أبي طالب، وجبير بن مطعم، ومجاهد، وعكرمة، وغيرهم أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، ويدل على ذلك أيضاً ما روى ابن ماجة (2081) مرفوعاً: "إنما الطلاق لمن أخذ بالساق"، وقد حسنه بعض أهل العلم.
وبناءً على ما تقدم فإنه لا يملك الطلاق غير الزوج أو وكيله إلا إذا كان هناك سبب شرعي من الزوج يستلزم الفراق والطلاق، فهنا يقوم القاضي الشرعي بذلك بأن يدعو الزوج ويأمره بأن يطلق فإن أبى طلق عليه لوجود السبب الشرعي الموجب للطلاق والذي لا يمكن تلافيه، والله أعلم.(11/342)
الطلاق في المحاكم الأمريكية
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 29/6/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هل يقع الطلاق الذي يتم في المحاكم الأمريكية؟ علماً أنني قد وقّعت على عقد طلاق وذلك مع العلم بالتالي:
(1) لم أتلفظ بأي لفظ أو إشارة تفيد بأنني أريد طلاق زوجتي، ولكنني قبلت التوقيع لضمان جميع حقوقها المالية لعلها ترجع عما برأسها.
(2) أفتاني شيخ بأن الطلاق في المحكمة الأمريكية لا يعتد به شرعاً.
(3) كنت مهدداً ببلاغ إلى البوليس قدمته زوجتي يعرضني إلى مدة سجن تصل إلى عامين.
(4) قبل التوقيع على الطلاق في المحكمة الأمريكية بأسبوع كنت قد رددتها من طلقة رجعية مما يعد قرينة على أنني لا أريد الطلاق.
(5) في خلال مدة العدة من الطلقة الرجعية كنت قد مارست معها كل ما يجوز للزوج عدا الإيلاج، فهل يعد طلاق المحكمة الأمريكية طلاقاً شرعياً؟ علماً أن القاضي كانت سيدة، وإذا كان طلاق المحكمة الأمريكية شرعياً، فهل عليها من عدة تعتدها؟ أفيدونا يرحمكم الله.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا كان السائل يعلم ما احتوته الوثيقة التي وقعها وأنها متضمنة إقراره بطلاق زوجته فإن ذلك يعد طلاقاً كما نص على ذلك أهل العلم من أن الطلاق قد يكون باللفظ أو الكتابة، فإن لم يستكمل الأخ ثلاث طلقات فله مراجعتها مادامت في العدة، هذا إذا كان الطلاق المذكور بدون عوض، أما إذا كان بعوض فليس له مراجعتها إلا بموافقتها هذا أولاً.
وثانياً: إذا كان الأخ السائل لم يطلِّق لا لفظاً ولا كتابة، وإنما الذي تولى الطلاق المحكمة الأمريكية (القاضية) وهي التي طلقت عليه، وإنما وقّع على الوثيقة من باب العلم بالحكم لا الرضا به فإن هذا الطلاق غير واقع ولا يحسب عليه؛ لأن الذي يملك فسخ النكاح - في أحوال معينة - الحاكم الشرعي فقط، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(11/343)
إلغاء صك طلاق ميِّز
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 2/12/1423هـ
السؤال
هل يجوز إلغاء صك طلاق (بالخلع) صدر هذا الصك من المحكمة وميز من هيئة التمييز؟ ومضى عليه أكثر من أربعة أشهر.
الجواب
الحمد لله وحده وبعد.
فإذا خالف الحكم دليلاً قطعياً من كتاب أو سنةٍ أو إجماع فإنه يجب نقضه سواء كان من حكم به مجتهداً أو مقلداً وهذا من الحكم بما أنزل الله. وقال - تعالى -:"فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ" الآية، [المائدة: 48] ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) صحيح مسلم (1718) أمّا إذا لم يخالف دليلاً قاطعاً فإن كان القاضي مجتهداً صالحاً للقضاء فإنه لا يجوز نقض حكمه باتفاق، وإن كان ليس من أهل الاجتهاد وإنما أهل التقليد فقد قيل بجواز نقض كل أحكامه والصحيح أنه لا يجوز أن ينقض من أحكامه إلا ما كان الخطأ فيه ظاهراً وهو قول ابن قدامة (المغني 14/37) ، وشيخ الإسلام ابن تيمية (الفروع لابن مفلح 6/407) .
وترتيب مراحل تدقيق الحكم يختلف من بلد لآخر وهو على كل حال ترتيب مصلحي مرجعه أن لولي الأمر أن يجعل بعض القضاة مراجعاً لحكم بعض وعلى كل فإذا كان الحكم مخالفاً للقرآن والسنة أو الإجماع فإن نقضه واجب ولو صدق من التمييز وإذا لم يخالفها فالراجح أنه لا يجوز نقضه إلا إذا وجد فيه خطأ ظاهر وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه - وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.(11/344)
الطلاق عبر الإنترنت
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 23/2/1423
السؤال
ما حكم الطلاق عبر رسائل الجوال والإيميل والإنترنت (الشات) وبإرسال فاكس؟ أرجو الإجابة بالتفصيل مع ذكر الضوابط بكل نوع.
الجواب
لا خلاف أن الرجل إذا تلفظ بالطلاق قاصداً فقد وقع طلاقه سواء علمت المرأة أم لا، وبهذا يظهر أثر التلفظ بالطلاق عبر وسائل الاتصال الحديثة.
أما كتابة الطلاق بالبريد الإلكتروني، أو الجوال، أو كتابته باليد أو الآلة وإرساله عبر الفاكس فكل هذا حكمه حكم كتابة الطلاق.
فإن تلفظ به مع كتابته فلا إشكال في وقوعه -كما سبق-، وإن لم يتلفظ به، فإن نوى إيقاع الطلاق وقع الطلاق، وإن لم ينوِ إيقاع الطلاق، وإنما نوى غمَّ زوجته مثلاً أو غير ذلك ففيه خلاف بين أهل العلم تراجع فيه مبسوطات الفقه، والراجح أنه لا يقع إلا بالنية.
لكن هنا مسألة، وهي أن على المرأة أن تتأكد أن الذي أوقع الطلاق الذي بلغها عبر هذه الطرق هو زوجها نفسه؛ لسهولة التزوير في تلك الوسائل، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.(11/345)
طلقها، فكيف يرجعها؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 24/8/1424هـ
السؤال
لي صديق تزوج منذ فترة، وقد طلق زوجته طلقة أولى، لكنه تراجع ويريد أن يرجعها، مع العلم أن الطرفين راغبان في أن يرجع كلاهما للآخر، كيف يمكن أن يعيدها لعصمته؟ وما الحكم المترتب عليه؟
الجواب
الحمد لله وحده وبعد: فمن طلق زوجته المدخول بها طلقة هي الأولى أو الثانية فإن كان الطلاق بدون عوض والمطلقة لم تخرج من عدتها فله مراجعتها بدون رضاها، بقوله: راجعت مطلقتي أو نحو ذلك مما يدل على الرجعة؛ لقوله تعالى: "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [البقرة:228] ، أما إن كان الطلاق على عوض ولم تخرج من العدة فله مراجعتها ولكن لابد من رضاها، أما إن كان الطلاق قبل الدخول والخلوة، أو بعده وقد خرجت المطلقة من العدة فليس له مراجعتها، إلا بعقد جديد مستكمل الشروط والأركان. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/346)
حقوق المطلقة الرجعية بعد انقضاء العدة
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 26/8/1424هـ
السؤال
لقد طلقت زوجتي طلقة واحدة فقط وذلك عند القاضي، وأخبرني بأن عدتها ثلاثة أشهر، حيث إنها كانت لا تحيض، وأخبرني القاضي أنه في حالة رغبتي في مراجعتها بعد انقضاء العدة فإنه يجب علي أن أعقد عليها، وأقيم زواجاً من جديد بمهر وعقد جديدين، ولكني لا أرغب في مراجعتها، فهل تعتبر أجنبية عني ويجوز لها أن تتزوج من شخص آخر بعد انقضاء عدتها؟ وهل لها عليَّ حقوق بعد ذلك؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن فرغت المطلقة الرجعية من عدتها قبل رجعتها بانت وحرمت على مطلقها قبل عقد جديد مستوفٍ للأركان والشروط، ولها أن تتزوج بعد انتهاء عدتها.
أما حقوق المطلقة بعد انقضاء العدة فمنها: المتعة لقوله تعالى:"وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين" [البقرة:241] ، ولحديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن حفص بن المغيرة لما طلق امرأته فاطمة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لزوجها:"متعها" قال: لا أجد ما أمتعها، قال:"فإنه لا بد من المتاع، متعها ولو نصف صاع من تمر" رواه البيهقي (7/257) ، وقد قال بوجوب متعة المطلقة مطلقاً البخاري وابن جرير الطبري وابن تيمية وابن حجر -رحمهم الله تعالى- وهو رواية عن أحمد والجديد عند الشافعي رحمهما الله تعالى، انظر: تفسير الطبري (2/549) والاختيارات (237) وفتح الباري (9/495-496) ، وتعتبر المتعة بحال الزوج لقوله تعالى:"ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين" [البقرة:236] .
ثانياً: إن كانت المطلقة تُرضع فلها أجرة الرضاع إن طلبتها، لقوله تعالى:"فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى" [الطلاق: 6] .
ثالثاً: إن كان له أولاد من المطلقة واستحقت حضانتهم فلها أجرة الحضانة إن طلبتها.
رابعاً: إن كانت حضانة أولاده لمطلقته فعليه نفقتهم وأجرة سكنهم وعلاجهم وغير ذلك مما يجب للولد على والده، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/347)
حديث النفس بالطلاق
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 25/4/1424هـ
السؤال
أنا شاب متزوج ولدي طفلتان ولله الحمد والمنة، البيت لا يخلو من المشاكل الزوجية، وأنا عندما تحدث هذه المشاكل أخرج من البيت، في بعض الأحيان بسبب هذه المشاكل أحدث نفسي كأنني أجادل زوجتي، وأتلفظ بكلمة أنت طالق بصوت منخفض، هل يحدث الطلاق في هذه الحالة؟ وإذا كان يحدث فما الحكم؟ مع العلم أنني لا أذكر متى حدثت وكم مرة؟ أرجو إفادتي مأجورين.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم به" متفق عليه عند البخاري (6664) ، ومسلم (127) من حديث
أبي هريرة - رضي الله عنه- وقال الترمذي بعد إخراج هذا الحديث برقم (1183) ما لفظه: والعمل على هذا عند أهل العلم، أن الرجل إذا حدث نفسه بالطلاق لم يكن شيءٌُ حتى يتكلم به. انتهى، وانظر نيل الأوطار (6/290) ، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/348)
مراجعة الزوجة أثناء عدتها بغير رضاها
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 25/8/1424هـ
السؤال
طلق رجل زوجته وسكنت المرأة في بيت مستقل هي وولداها في هذا البلد، وهي لا ترغب أبداً في الرجوع إليه، فهل يصح رجوعها إليه أثناء فترة العدة إذا أشهد اثنين على أنه أرجع زوجته؟ مع عدم علمها بذلك، وهي مفصولة عنه حتى في السكن، وإذا كان هناك أقوال للعلماء، في هذا الباب الرجاء تبيينها؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: فمن طلق زوجته المدخول بها طلقة هي الأولى أو الثانية فإن كان الطلاق بدون عوض والمطلقة لم تخرج من عدتها فله مراجعتها بدون رضاها، بقوله راجعت مطلقتي أو نحو ذلك مما يدل على الرجعة؛ لقوله تعالى: "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [البقرة:228] .
ويسن الإشهاد على ذلك، أما إن كان الطلاق على عوض ولم تخرج من العدة فله مراجعتها، ولكن لابد من رضاها وموافقتها، أما إن كان الطلاق قبل الدخول والخلوة أو بعده وقد خرجت المطلقة من العدة فليس له مراجعتها إلا بعقد جديد مستكمل الشروط والأركان، أما إن كان الزوج قد استكمل الطلقات الثلاث فليس له مراجعة مطلقته حتى تنكح زوجاً غيره؛ لقوله تعالى: "الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" [البقرة:230]
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/349)
طلاق المازح
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 21/6/1424هـ
السؤال
قلت لزوجتي أنت طالق، علماً بأنني كنت أمزح، ولم أعلم بأنه يقع، ولم أعلم عن الحديث الشريف: "ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد ... إلى آخر الحديث، ثم بعد مدة طويلة حصل خلاف بيني وزوجتي، وقلت لها إذا لم تحضري غداً فأنت طالق، "كانت خارج مدينة الرياض"، وقلتها وأنا في حالة غضب شديد ولم تحضر، علماً بأنني لم أع ما أقول، وندمت في تلك اللحظة، واستغفرت الله، وأنا متأكد بأنني لا أريد الطلاق، فما الحكم؟ وجزاكم الله خيراً.
ما الحكم في قول الرجل لزوجته تحرمين علي؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: أما الطلقة الأولى التي طلقتها زوجتك فقد وقعت واحدة، لقوله - صلى الله عليه وسلم - "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة" رواه أبو داود (2194) والترمذي (1184) وابن ماجة (2039) ، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم. وصححه الحاكم (2/216) .
أما قولك لزوجتك إذا لم تحضري غداً فأنت طالق، فإن كنت أردت من حلفك بالطلاق حث الزوجة على العودة، ولم تقصد إيقاع الطلاق ولم تعد الزوجة فعليك كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89] . وهذا مذهب ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وعائشة وحفصة - رضي الله عنهم - في العتق حكاه ابن القيم - رحمه الله تعالى عنهم في إغاثة اللهفان (2/87) ، والطلاق كالعتق، قال رحمه الله: (وهؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم - أفقه في دين الله، وأعلم من أن يفتوا في الكفارة في الحلف بالعتق ويرونه يميناً، ولا يرون الحلف بالطلاق يمينا ويلزمون الحانث بوقوعه، فإنه لا يوجد فقيه شم رائحة العلم بين البابين والتعليقين فرقاً بوجه من الوجوه) أ. هـ، أما إن أردت الجزاء بتعليقك ولم تحضر الزوجة فإنه يقع عليها طلقة واحدة، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/350)
الجمع بين الزوجتين في مسكن واحد
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 9/6/1425هـ
السؤال
هل يجب على الرجل الذي يريد أن يتزوج من ثانية أن يسكنها في بيت منفصل؟ وهل بجزئ عن البيت جناح منفصل في نفس المنزل (أي حجرة وحمام وصالة؟) وإذا أصرَّت الأولى على بيت منفصل تماماً ولم أستطع ذلك، هل أكون ظالماً لها إن طلقتها؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد نص العلماء على أنه يحرم أن يجمع الزوج بين زوجتيه في مسكن واحد بغير رضاهما؛ لأن عليهما ضرراً في ذلك، والضرر يزال، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "لا ضرر ولا ضرار" رواه أحمد (1/313) ، وابن ماجة (2341) ، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-، وللحديث طرق أخرى، والحديث صححه الحاكم (2/57) ، وحسنه ابن الصلاح كما في خلاصة البدر المنير (2/438) ، ولأن اجتماعهما يثير العداوة والغيرة وينشر الخصومة والمقاتلة فإن رضيتا جاز؛ لأن الحق لهما، فلهما حق المسامحة بتركه. انظر: (المبدع7/201) ، و (الروض المربع 549) ، ويجب على الزوج أن يُسكن زوجته في بيت صالح لمثلها، وما ذكرته في سؤالك فإن كانت المرافق مشتركة كالمطبخ والحمام وغيرهما فيحرم إلا برضاهما، أما إن أصرت الزوجة الأولى على بيت مستقل وجب عليك تأمينه لها، وغير المستطيع الأولى له ألا يتزوج ثانية حتى يستطيع تأمين سكن لكل واحدة منهما مع النفقة وغيرهما من مستلزمات العشرة بالمعروف، ولا أنصحك بتطليق زوجتك الأولى لعدم وجود ما يسوغ طلاقها، كما أنك لا تعلم هل توفَّق في زواجك الثاني أم لا. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/351)
طلب الطلاق..والخلع
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 10/10/1425هـ
السؤال
هل يحل للمرأة طلب الطلاق من زوجها إذا لم تستطيع التكيف مع حياة زوجها المتزوج من قبل؟ وهل يحل للزوج طلب ما تم دفعه من مهر وخلافه في هذه الحالة؟ أفيدونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
لا يحل للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها إذا لم يكن هناك سبب يبيح ذلك، أما إذا كرهت المرأة زوجها لخَلقِه أو خُلقه، أو دينه، أو خشيت ألا تؤدي حق الله في طاعته جاز لها أن تخالع زوجها، وذلك بعوض تدفعه إليه لقوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [البقرة: من الآية229] . والخلع أمر مجمع على جوازه، كما نقل ذلك ابن عبد البر في الاستذكار (17/175) ، فإذا طلبت المرأة ذلك من زوجها استحب له إجابتها، وقد ألزم بعض العلماء الزوج بذلك (الإنصاف22/6) ، ولا يجوز للزوج عضل الزوجة لتدفع له المهر، فإن ذلك من الظلم المحرم؛ لقوله تعالى: (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا) [البقرة: من الآية229] . فإذا اتفق الزوجان على الخلع استحب له أن يأخذ مهره ولا يزيد على ذلك، وهذا قول أكثر أهل العلم، كما نقله ابن قدامة في الشرح الكبير (22/45) . وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(11/352)
الطلاق والتخويف بالثلاث
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 5/6/1424هـ
السؤال
اختلفت مع زوجتي وقررنا الانفصال، ولكن الطلاق لم يتم، وراجعتها بعد أن كفرت عن هذا، وبعد مدة طلقتها وقد أخبرتها، ومن باب التخويف فقط أن الطلاق سيكون بالثلاث، وهذا فقط من باب التخويف، هل يجوز لي الآن مراجعتها؟ هل يجب علي كفارة؟ ما حكم الشرع في هذا؟ شكراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: فقد ذكر الأخ السائل أنه قرر هو وزوجته الانفصال، ولكنه لم يطلق وراجعها وكفر عن هذا! ولا أدري لماذا كفر؟ ثم طلقها وأخبرها من باب التخويف أن الطلاق سيكون بالثلاث فهل له مراجعتها؟ أقول إن كانت الزوجة لم تخرج من العدة وكان الطلاق بدون عوض ولم يسبق ذلك طلقتان فله مراجعتها ولو لم ترض الزوجة أو وليها، أما إن كانت الزوجة قد خرجت من عدتها أو كان الطلاق بعوض فليس له مراجعتها إلا بعقد جديد مستوف للشروط والأركان لأنها قد بانت منه بينونة صغرى، أما إن كان قد سبق ذلك طلقتان فتكون هذه الثالثة، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا تحليل لقوله تعالى: "الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" [البقرة:229-230] ، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/353)
توعدها بأن يطلقها ثلاثًا فهل تطلق؟!
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 12/02/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت متزوجاً بامرأة، وحصلت بيننا خلافات حادة على إثرها قررنا الانفصال والطلاق، خلال هذه الفترة وقبل الطلاق توعّدت والديها أنني إن وصل الأمر إلى الطلاق فسيكون طلاقاً بالثلاث، وقد قلت هذا من باب التخويف فقط، وبعد سنتين من الفراق، قررنا الرجوع، فهل يقع الطلاق، وهل علي كفارة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فمجرد تصريح الزوج للمرأة أو لوالديها بأنه إن طلق فسيطلق ثلاثاً لا عبرة به، بل العبرة بما تلفظ به الزوج عند الطلاق، هل طلق واحدة أو ثلاثاً، فإن طلق واحدة في طهر لم يجامع فيه فهو طلاق سنة واقع بلا خلاف بين العلماء، أما إن طلق ثلاثاً في مجلس واحد، فقد اختلف العلماء في ذلك، فذهب جماهير العلماء كالأئمة الأربعة وغيرهم - رحمهم الله تعالى- إلى وقوع الثلاث، وذهب بعض أهل العلم كابن عباس - رضي الله عنهما- وطاووس وعكرمة، وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم، وشيخنا العلامة ابن عثيمين - رحمهم الله تعالى جمعياً- أنه يقع واحدة؛ لما رواه مسلم (1472) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: كان الطلاق على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر - رضي الله عنه- وسنتين من خلافة عمر - رضي الله عنه- طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-: (إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم) ، وقد بسط العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى- في زاد المعاد (5/241-271) الأدلة على أن الطلاق الثلاث يقع واحدة، وهي أدلة قوية، وعلى هذا القول فللزوج مراجعة مطلقته المذكورة، فإن كانت خرجت من عدتها فبعقد جديد. والله -تعالى- أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/354)
هل هذا من ألفاظ الطلاق؟
المجيب خالد بن صالح الموينع
القاضي في المحكمة الكبرى بمكة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 22/03/1426هـ
السؤال
زوج يقول لامرأته: (أسألك بالله أن تخرجي من بيتي) ، (اذهبي لأهلك) ، فهل تعتبر هذه الألفاظ ألفاظ طلاق، مع أنه يعتذر بعد ذلك، ويقول: كنت أقصد من ذلك الإصلاح فقط؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن هذين اللفظين من ألفاظ الكنايات في الطلاق، وهي من قبيل الكناية الخفية، وجمهور العلماء أن الطلاق إن كان من هذا القبيل لا يقع إلا إذا نوى الزوج الطلاق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: (لا يقع الطلاق بالكناية إلا بنية مع قرينة إرادة الطلاق، فإذا قرن الكنايات بلفظ يدل على أحكام الكلام، مثل أن يقول: فسخت النكاح، وقطعت الزوجية، فإنه كالصريح) . ا. هـ.
أما ما يتعلّق باعتذاره بأنه يقصد الإصلاح، فقد قال ابن قاسم في حاشيته: (وإذا صرف الزوج لفظه إلى ممكن يقبل قوله إن كان عدلاً) .
ومما ينبغي التنبيه عليه أن قضايا الطلاق ينبغي فيها سماع قول الزوجين ومناقشتهما، فإن بعض الأزواج يخفي بعض الحقائق التي تؤدي إلى وقوع الطلاق، فلذا ينبغي للزوجين الذهاب إلى المحكمة الشرعية؛ لكي يناقشهما القاضي في واقعة الطلاق. والله أعلم.(11/355)
الوسوسة في التطليق
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 24/10/1426هـ
السؤال
أخي يعاني من أحلام اليقظة، وعادة هذه الأحلام تكون على حسب ما يتأثر به من مواقف، وهو كما يخبرني أنه في تلك الحالة يأخذه الحلم ويتخيل مواقف تفصله عن عالم الواقع لا إراديًّا، وقد حاول أكثر من مرة مقاومة تلك الأحلام إلا أنه يرجع إليها لا إراديًّا، علماً أن هذه الأشياء تحدث له عندما يكون منفرداً، وقد أبرم عقد النكاح قريباً وانتهت هذه الأحلام فترة، ولكن رجعت إليه أحلام اليقظة مرة أخرى، وانتهى الحلم بتطليق زوجته، أقصد أن الحوادث المتخيلة في عقله تزاحمت وانتهت القصة في مخيلته بتطليق زوجته، وهو الآن يعاني، فهل وقع الطلاق أم لا؟
مع العلم أنه شاك في أن لفظ الطلاق جرى على لسانه أو في مخيلته. أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله -عز وجل- تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به" رواه البخاري (6664) ، ومسلم (127) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وقال الترمذي بعد إخراج هذا الحديث برقم (1183) : والعمل على هذا عند أهل العلم، أن الرجل إذا حدث نفسه بالطلاق لم يكن شيءٌُ حتى يتكلم به. انتهى، وانظر نيل الأوطار (6/290) .
أما حالة أخيك فهي نوع من الوسواس، والواجب عليه عدم الالتفات إليه وإشغال نفسه بأمور تبعده عنه حتى لا يتطور إلى أمور لا تحمد عقباها.
والوسوسة: هي حديث النفس والشيطان بما لا نفع فيه ولا خير. (القاموس/748) .
والوسواس هو الشيطان، وقد أمرنا بالاستعاذة منه، قال تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ من شر الوسواس الخناس الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) [الناس:1-6] .
وسأذكر أهم وسائل علاج الوسوسة بأنواعها في الطلاق أو الطهارة أو الصلاة أو غيرها:
أولا: قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) [الأحزاب:21] ، فالحق في اتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- قولا وفعلا وأن ما خالفه إنما هو من تسويل إبليس ووسوسته: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [فاطر:6] .
ثانيا: لنعلم أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما كان فيهم موسوس، فلو كانت الوسوسة فضيلة لما ادخرها الله عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، وهم خير الخلق وأفضلهم.
ثالثا: ليعلم الموسوس أن عمله هذا من الغلو في الدين، قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَق) [النساء:171] .
وقال عليه الصلاة والسلام: "إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين"، رواه أحمد (1851) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-
رابعا: بعض الناس يبرر ما يقع به من الوسوسة بأنه احتياط للعبادة.(11/356)
وهذا القول مردود، قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في رد شبه الموسوسين: (من ذلك قولهم: إن ما نفعله احتياط لا وسواس، قلنا سموه ما شئتم فنحن نسألكم: هل هو موافق لفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمره، وما كان عليه أصحابه أو مخالف؟
فإن زعمتم أنه موافق فبهت وكذب صريح، فإذن لابد من الإقرار بعدم موافقته وأنه مخالف له فلا ينفعكم تسمية ذلك احتياطا، وهذا نظير من ارتكب محظورا وسماه بغير اسمه، كما تسمى الخمر بغير اسمها والربا معاملة) . وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى: (الاحتياط حسن ما لم يفض بصاحبه إلى مخالفة السنة، فإذا أفضى إلى ذلك فالاحتياط ترك الاحتياط) .
خامسا: وجوب الكف عن الاسترسال في الوسوسة, والانتهاء عنها بقطع حبالها ومتعلقاتها, مستعيناً لذلك بالاستعاذة بالله من شر الشيطان الرجيم، قال تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [فصلت:36] وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنّ للشيطان لمَّة بابن آدم, وللمَلَك لمَّة, فأما لمَّة الشيطان, فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق, وأما لمَّة الملك, فإيعاد بالخير, وتصديق بالحق, فمن وجد ذلك, فليعلم أنه من الله, فليحمد الله, ومن وجد الأخرى, فليتعوّذ بالله من الشيطان الرجيم", ثم قرأ: "الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء" رواه الترمذي (2988) ، وابن حبان (997) .
وأنصح من ابتلي بشيء من ذلك بقراءة الفصل النفيس الذي أفرده ابن القيم في كتاب إغاثة اللهفان (1/126) ، وكتاب (ذم الموسوسين) لابن قدامة، وتلبيس إبليس لابن الجوزي.
كما أنصح أخي بمراجعة طبيب نفسي للنظر في أمره.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/357)
طلاق المسحور
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 23/12/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
هل يقع طلاق المسحور؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فالمسحور إذا كان السحر يفقده وعيه وإدراكه، ويجعله يتكلم بما لا يريد، فإن طلاقه غير واقع؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"لا طلاق في إغلاق" مسند الإمام أحمد (6/276) سنن أبي داود (2193) سنن ابن ماجة (2046) والحاكم (2/198) بإسناد حسن عن عائشة -رضي الله عنها- ورمز له السيوطي بالحسن (9905) ، والألباني في (إرواء الغليل 2047) .
والإغلاق هو: انسداد باب الإرادة حتى يضيق صدره ويتعكر عليه تفكيره قال ابن القيم:"كل من أغلق عليه باب قصده وعلمه كالمجنون والسكران والغضبان فقد تكلم في الإغلاق" (إعلام الموقعين 3/94) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:"ومن سُحر فبلغ به السحر ألا يعلم ما يقول فلا طلاق له" مختصر الفتاوى المصرية (544) .
أما إن كان سحره لا يغير عقله وإدراكه كمن يعقد عن الجماع فقط فهذا طلاقه واقع.
وهذا إذا أثبت أنه مسحور فعلاً، إذ إثبات حصول السحر للمسحور ليس بالأمر السهل لارتباطه بأمور خفية غير مشاهدة، وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله على محمد وآله.(11/358)
طلاق غير صريح
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 12/6/1424هـ
السؤال
حصل بيني وبين زوجتي خلاف على تنفيذها أمراً ما، ورفضت تنفيذه فغضبت منها، وهددتها بأن تطيعني في تنفيذ الأمر، أو تذهب إلى بيت أهلها فاختارت الذهاب إلى بيت أهلها، عند توصيلها إلى بيت أهلها في السيارة قلت لها متى تريدين ورقة طلاقك؟ وكنت في حالة غضب في تلك اللحظة، ولم تجبني، فهل يقع الطلاق في هذه الحالة؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده وبعد..
ذكر العلماء من كنايات الطلاق الخفية قول الرجل لزوجته اذهبي لأهلك، وقالوا إن الطلاق لا يقع بذلك إلا بنية مقارنة للفظ، فإن لم ينوه لم يقع إلا حال خصومة أو غضب فيقع الطلاق حكماً، لا ديانة في هذا الحال، ولو لم ينوه للقرينة، هذا هو المذهب، وعن الإمام أحمد رواية أخرى أنه يقبل قوله إذا لم ينوه، لكون هذا الأمر لا يعلم إلا من طريقه، قال في الخلاصة: لم يقع في الأصح، والله تعالى أعلم - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.(11/359)
الإشهاد في الرجعة
المجيب ناصر بن محمد آل طالب
القاضي بمحكمة عرعر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 8/11/1423هـ
السؤال
وقع مني طلاق لزوجتي، وراجعتها قبل انتهاء العدة، ولكن بدون شهود أو علم أحد هل هذا يصح؟ أرجو الإفادة مفصلاً.
الجواب
تصح رجعة الزوج لمطلقته الرجعية ما دامت في العدة ويكون هذا الرجوع إما بتلفظه بالرجعة بأن يقول: راجعت زوجتي ونحوه من الألفاظ المفيدة لمعنى الرجوع، وإما بالفعل والمراد به هنا الوطء، واشترط بعضهم لصحة المراجعة بالفعل نية الزوج الرجوع به، وهذان الأمران كافيان في حصول المراجعة.
وأما الإشهاد على ذلك فهو مسنون كما هو قول أكثر أهل العلم ولا يجب.
وما دمت مقيماً في مكة فإنني أنصحك بمراجعة المحكمة المختصة لديكم لتوثيق الطلاق والرجعة مصطحباً معك وثيقة عقد النكاح للتهميش عليها من قبل القاضي.(11/360)
قال: "كل أمرأة أتزوجها فهي طالق" فهل يقع الطلاق؟
المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 22/8/1424هـ
السؤال
ما رأيكم في رجل قال لو فعلت هذا الفعل فكل امرأة أتزوجها فهي طالق ثلاثاً، وقد فعل ذلك ظناً منه أنه لن يقع بهذه الكلمات شيء، وهذا كله كان قبل الزواج؟ أريد الجواب حسب المذهب الشافعي.
الجواب
فالذي يظهر من خلال هذا السؤال أنه من باب اليمين يريد المنع أو الحث، وبناءً عليه فإن عليه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، والإطعام نصف صاع لكل مسكين يقدر بكيلو ونصف من البر أو طعام أهل البلد، ولأن هذا القول الذي صدر منه قبل أن يكون له زوجة فإيقاع الطلاق بهذه الصفة كما لو قال أحدكم طلقت فلانة، وهي ليست زوجة له، وليس هو وكيلاً في الطلاق عن زوجها، هذا هو الأصح إن شاء الله تعالى، والمسألة مبسوطة في كتب أهل العلم، وأما طلبه أن يكون الجواب على حسب المذهب الشافعي فإن منهج السلف والأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى أنهم يتعبدون الله بما دلت عليه النصوص وبما دلت عليه قواعد الشرع وأصوله، وصلى الله على نبينا محمد وعلى وصحبه وسلم.(11/361)
الطلاق الصوري من أجل إعالة الدولة
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 29/06/1425هـ
السؤال
شيخي الكريم: زوجان يعيشان في بلد غربي، وهما عربيان ومسلمان، ولأمر ما هم يحتاجون إلى إعالة من الدولة التي يعيشون فيها، ولا يستطيعون ذلك إلا إذا كانت الزوجة مطلقة وعندها أولاد، فقام الزوجان بإجراء طلاق صوري في ذلك البلد الكافر، - أي حبر على ورق -، مع العلم أن زواجهما كان في بلد إسلامي، وحسب الشريعة الإسلامية. السؤال: هل يؤثر ما فعلوه على صحة زواجهما؟ أرجو البيان والتوضيح، ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ما فعلوه يشتمل على أمرين:
الأمر الأول: ما يتعلق بالطلاق، هذا بُني على سبب غير صحيح، وإذا بُني الشيء على سبب ثم تبين انتفاؤه لا يقع، فمثل هذا الطلاق - فيما يظهر - أنه لا يقع؛ لأنه لم يقصده كما تقدم أنه بُني على سبب تبين انتفاؤه فلا يقع.
الأمر الثاني: ما يتعلق بأخذ هذا المبلغ، هذا المبلغ بني على الكذب، وما بني على حرام فهو حرام، فلا يظهر لي أنه يجوز لهما أن يستحلا هذا المبلغ.(11/362)
لا تدري كم طلقها؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 21/10/1424هـ
السؤال
أشك في عدد الطلقات التي طلقني إياها زوجي، هل هي اثنتان أم ثلاث، وأنا أشك في اثنتين، الأولى وهو كان في شدة الغضب لحد التكسير، والثانية وأنا في فترة النفاس، وبعد ذلك قام بتطليق مرة أخرى، ولكنه كان في شدة الغضب، وما كان ينوي الطلاق على حد كلامه، وبعد أسبوعين تبين أني حامل وتم الرجوع، وهذا بعد أن قال لي إنه قام بسؤال أحد المشايخ في بلادنا وعليه كفارة، وهي أن يدفع صدقة، وللعلم كان زوجي يشرب الخمر، وبعد أن يفيق يكون في شدة العصبية وبعد فترة تم سجنه لاستعماله مواد مخدرة، لهذا كان دائم العصبية والغضب الشديد معنا، ولكن بعد سجنه بسنة تاب إلى الله بعد أن وقفت معه أسانده وأنصحه، وبعدها اعترف لي بأنه لم يسأل شيخاً في الطلقة الأخيرة؛ لأنه كان غير راغب في الطلاق، ولكن غصباً عنه لما حدث بيننا من مشاكل ولأنه لا يريد الانفصال، وكان دائما يندم ولا ينوي الطلاق بحد ذاته، وللعلم فإن لدينا أطفالاً أرجو إفادتي.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد ذكرت السائلة أن إحدى الطلقات وقعت عليها وهي نفساء، وطلاق الحائض والنفساء المدخول بها محرم، وقد اختلف العلماء في وقوعه، فذهب أكثر العلماء إلى وقوعه مع الإثم، مستدلين بأدلة منها حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر- رضي الله عنه- رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" رواه البخاري (5252) ، ومسلم (1471) ، قالوا: فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم- بالمراجعة وهي لم شعث النكاح، وإنما شعثه وقوع الطلاق.
وذهب جمع من العلماء منهم ابن حزم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني - رحمهم الله- تعالى إلى أن الطلاق المحرم لا يقع، ومنه طلاق الحائض والنفساء، مستدلين بأدلة كثيرة منها ما رواه أبو داود (2185) ، بإسناد صححه ابن حزم وابن القيم في الهدى (5/226) ، وغيرهما من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- المذكور أعلاه وفيه: "فردها علي ولم يرها شيئاً" قال الشوكاني - رحمه الله تعالى- إسناد هذه الرواية صحيح ولم يأت من تكلم عليها بطائل" اهـ. وبل الغمام (2/70) ، وقد سئل ابن عمر - رضي الله عنهما- عن رجل طلق امرأته وهي حائض فقال: "لا يعتد بذلك"رواه ابن حزم (10/163) ، بإسناده إليه قال ابن القيم إسناد صحيح، زاد المعاد (5/236) ، كما صححه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في التلخيص الحبير (3/206) ، وعدم وقوع الطلاق على النفساء أفتى به شيخنا العلامة ابن باز - رحمه الله تعالى- انظر: الفتاوى (21/285) ، ومن تأمل الأدلة وجمع بينها تبين له قوة هذا القول والله تعالى أعلم، انظر المحلى (10/163) ، زاد المعاد (5/218) ، وبل الغمام للشوكاني (2/69) ، الروضة الندية (2/105) ، جلاء العينين (268) .(11/363)
أما فيما يتعلق بطلاق الغضبان فالغضب ينقسم إلى ثلاثة أقسام كما ذكر العلماء: الأول: غضب يزيل العقل فلا يشعر صاحبه بما قال، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع، الثاني: ما يكون في مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده فهذا يقع طلاقه، الثالث: أن يستحكم الغضب ويشتد به فلا يزيل عقله بالكلية، ولكن يحول بينه وبين نيته، بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال، قال ابن القيم: وهذا محل نظر وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه، انظر زاد المعاد (5/215) ، وذلك لما رواه أحمد (6/276) ، وأبو داود (2193) ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: " لا طلاق ولا عتاق في إغلاق" وفسر جمع من أهل العلم الإغلاق بالغضب والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/364)
الطلاق في مرض الموت
المجيب عيسى بن عبد الله المطرودي
القاضي بالمحكمة الكبرى في حائل
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 19/10/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
هل يجوز لي وأنا على فراش الموت أن أطلق زوجتي أو أوصيها أن لا تحبس نفسها فترة العدة؟ أم هذا حد من حدود الله؟. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
يرى بعض أهل العلم أن من طلقَّ في مرضه المخوف، لا يقع طلاقه، والمرأة عند الطلاق سوف تعتد عدة الطلاق، ولو توفي زوجها وهي في عدة الطلاق الرجعي فإنها تعتد عدة وفاة من تاريخ وفاته لا من تاريخ الطلاق، ولا يجوز للزوج أن يوصي زوجته بأن لا تحبس نفسها وقت العدة؛ لأن هذا مخالف لما شرعه الله.
وعلى المسلم أن يسلم أمره لله، ويوصي زوجته بتقوى الله لا بما ذكر السائل، فيقال للأخ لا تطلق إذا دق ناقوس الخطر كما ذكرت، ولا توصي زوجتك بألا تحبس نفسها فترة العدة.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.(11/365)
طلاق غير المدخول بها
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 13/3/1425هـ
السؤال
هل المطلقة غير المدخول بها تحتاج إلى عدة أم لا؟ هذا إذا كان الزوجان قد اختليا لكن لم يحدث بينهما شيء، وما الدليل إذا كانت الإجابة بنعم؟ ونحن نعلم أن الآية صريحة في هذا: "يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها" [الأحزاب:49] ، فما هو الصحيح؟ أفيدونا نفع الله بعلمكم هذه الأمة.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن من طلق زوجته بعد أن خلا بها فإن عليها العدة ووجب لها المهر كاملاً، وذهب الشافعي إلى أنه لا عدة عليها إلا بالجماع، قال ابن قدامة - رحمه الله تعالى-: (في هذه المسألة ثلاثة فصول أحدها أن العدة تجب على كل من خلا بها زوجها، وإن لم يمسها ولا خلاف بين أهل العلم في وجوبها على المطلقة بعد المسيس فأما إن خلا بها ولم يصبها ثم طلقها فإن مذهب أحمد وجوب العدة عليها وروي ذلك عن الخلفاء الراشدين وزيد وابن عمر -رضي الله عنهم-، وبه قال عروة وعلي بن الحسين وعطاء والزهري والثوري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي والشافعي في قديم قوليه وقال الشافعي في الجديد: لا عدة عليها لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها" [الأحزاب: 49] ، وهذا نص؛ ولأنها مطلقة لم تمس فأشبهت من لم يخل بها، ولنا إجماع الصحابة - رضي الله عنهم-، روى الإمام أحمد والأثرم بإسنادهما عن ابن أوفى قال قضى الخلفاء الراشدون -رضي الله عنهم- أن من أرخى ستراً أو أغلق باباً فقد وجب المهر ووجبت العدة ورواه الأثرم أيضاً عن الأحنف عن عمر وعلي - رضي الله عنهما - وعن سعيد بن المسيب عن عمر وزيد بن ثابت - رضي الله عنهما- وهذه قضايا اشتهرت فلم تنكر فصارت إجماعاً، وضعف أحمد ما روي في خلاف ذلك وقد ذكرناه في كتاب الصداق ولأنه عقد على المنافع فالتمكين فيه يجري مجرى الاستيفاء في الأحكام المتعلقة كعقد الإجارة، والآية مخصوصة بما ذكرناه ولا يصح القياس على من لم يخل بها لأنه لم يوجد منها التمكين، ا. هـ، المغني (8/80) ، وانظر: مصنف ابن أبي شيبة (3/519) ، ومصنف عبد الرزاق (6/288) ، أحكام القرآن للشافعي (1/251) ، اختلاف الحديث (1/284) ، الأم (5/215) بدائع الصنائع (2/291) (3/192) تفسير القرطبي (3/205) منار السبيل (2/250) تفسير ابن جرير (22/19) ، زاد المسير (6/402) ، عمدة الفقه (111) ، والكافي (3/206) ، فعلى الأخ السائل الرجوع لما ذكرناه من المراجع إن أحب التوسع في معرفة أقوال العلماء فيما ذكرناه.
والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/366)
إخفاء الطلاق عن الزوجة
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 8/9/1424هـ
السؤال
رجل تزوَّج من خارج المملكة، وقد كتب عليه في المؤخر ما يعادل 50000ريال، بالإضافة إلى قائمة أثاث تعادل بالريال 30000، وبعد الدخول بالمرأة بأسابيع طلب من زوجته أن تذهب معه للمملكة، حسب ما تم الاتفاق عليه قبل الزواج، فرفضت وتحججت بحجج واهية، فما كان من الرجل إلا أن عاد إلى بلده بدونها، واتصل بها عدة مرات أملاً في أن تغير رأيها، ولكنها أصرَّت على موقفها ورفعت قضية لدى المحكمة في بلدها تدَّعي الضرر، وتطلب الطلاق كي تحصل على المؤخر، وفي نفس الوقت أقام الرجل عليها دعوى في بلدها بالنشوز، ونظراً إلى أن القضايا تأخذ وقتاً طويلاً في ذلك البلد قد يصل إلى 3سنوات فقد قرر الرجل طلاقها بدون علمها؛ حتى لا تسقط دعواه بالنشوز فيثبت لها المؤخر، بالرغم من أنها هي التي أصرَّت على عدم الاستمرار، وبالرغم من أن الرجل بعد ما أقنعناه وافق على أن يعطيها ما كتب في العقد فقط، وهو 50000 دون قائمة الأثاث التي جرى العرف أن تحضرها الزوجة لبيت الزوجية، وتكون ملكها لو حصلت وفاة أو طلاق للزوج، إلا أن المرأة أصرَّت على المطالبة بالقائمة والنفقة، وقد أكد محامي الرجل أنها بنظام تلك الدولة لا تستحق شيئاً البتة لأنها ناشز، وقد نصح الرجل بعدم إعلان الطلاق، والأسئلة هي:
ما حكم طلاقه الذي أشهد عليه اثنين عدول وكتب الطلاق بخطه ووقَّع عليه ووقَّع عليه الشهود، مفيدين بسماعهم لفظ الطلاق ثلاثاً، وهل يلزمه توثيق هذا الطلاق في جهة حكومية؟
ما حكم إخفاء الطلاق عن الزوجة خشية أن يقع الضرر على الزوج، بأن يصدر لها حكم بالمؤخر والنفقة والقائمة مما قد يصل إلى مبلغ يقارب 100000ريال؟
هل يأثم الرجل بعدم إعلامه للزوجة بالطلاق، بالرغم من نشوزها ومن فشل محاولاته العديدة في الصلح
الجواب
إذا تلفَّظ الزوج بلفظ الطلاق قاصداً معناه المعروف فهو طلاق نافذ واقع، ولو لم يكتبه ولم يُشهد عليه.
وفائدة التوثيق لدى الجهات المختصة به أن يتأكد العاقد (المأذون) من طلاق المرأة وانتهاء عدتها متى أرادت الزواج بآخر، وحتى يزال اسم المرأة من سجل الزوج ونحو ذلك من المصالح.
أمّا إخفاء الطلاق عن الزوجة فإذا كانت قد بانت منه فلا يجوز؛ إذ الطلاق مع أنه حق للزوج فإنه مع ذلك يترتب عليه حقوق للمرأة وعليها، فلا ضرر ولا ضرار.
فلا بدَّ من إخبارها إذا كانت قد بانت منه وانتهت عدتها، وأما قبل انتهاء العدة فيمكنه كتمان الطلاق عنها للمصلحة.
ولعلي أرشد السائل إلى مخرج شرعي لقضيته، وهو أن يستفتي في الطلاق الصادر منه، هل تبين به المرأة أم لا؟ فإن كانت لم تبن منه فيراجعها إن كانت في العدة ثم لا يطلقها -إن أراد- إلا بعد انتهاء القضية ولا يخبرها بما فعل، ويشهد شهوداًَ على المراجعة.
وإن كان طلاقه بائناً أو انتهت العدة فليس له إلا إخبارها.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.(11/367)
إيقاع طلاق الجاهل بآثاره
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 08/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أصحاب الفضيلة: نرجو منكم إفادتنا في واقعة تقع كثيراً، وهي: أن كثيراً ممن أسلم حديثاً -أو من التزم في إسلامه- تقع منهم تصرفات (كالطلاق جهلاً) ، ولا ندري كيف نتصرّف تجاه شكواهم. فهل من قاعدة عامة تندرج تحتها فروع شتى من مسائل (متى يعذر الجاهل) . فمثلاً طلق أحد الشبان زوجته، وأطلق عبارات تفيد ذلك، والآن جاء يشتكي بأنه لم يعرف آثار تلك الكلمات، وإن كان لديه بعض المعلومات المشوهة حول هذه القضية؟.
وآخر أفطر في نهار رمضان عن جهل، حيث كان يعتقد أن صيام هذا الشهر ليس فرضاً قاطعاً، بل يستطيع الإنسان أن يأخذ راحته أحياناً، بحيث يصوم يوما ويفطر يوماً، والآن بعدما بلغه الخبر اليقين فهو في حيرة: هل عليه كفارة أم يكفي التوبة؟ وهكذا. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يجب على المسلمين والهيئات والمراكز الإسلامية في كل بلد في العالم يوجد فيه مسلمون جدد، أو حديثو عهد بالإسلام، يتعين على هؤلاء كلهم بذل كل ما يستطيعون في تعليم حدثاء العهد بالإسلام أحكام الإسلام الضرورية، كأداء الصلوات الخمس، وصوم رمضان بالإمساك عن الطعام والشراب، والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وتعليمه الأحكام الضرورية، والأمور التي عليه اجتنابها، كالزنا، وشرب الخمر، والربا، والظلم، وأكل الحرام، وألا يجمع الرجل في عصمته أكثر من أربع زوجات، ونحو ذلك من الأحكام الضرورية والظاهرة، وما يتعلّق بالعقيدة من مظاهر الشرك التي تخرج صاحبها من دائرة الإسلام ونحو ذلك من الأحكام، أما غير ذلك من الأحكام الجزئية، والمعاملات المالية، وبعض الأحوال الشخصية، فتعالج كل قضية أو مسألة بعينها في حينها، فمن أفطر في رمضان - كما في السؤال- أمر بالتوبة والاستغفار وبقضاء ما أفطره من أيام، وعدم العود لمثله.
أما من طلق جاهلاً - كما في السؤال- فيعذر بالجهل؛ فلا ينفذ طلاقه مراعاة لجهله وحداثة دخوله في الإسلام؛ حفاظاً على الرابطة الأسرية ومراعاة لحاله، ويلزم تعليمه حكم الطلاق وآثاره ولوازمه؛ حتى لا يعود إليه مرة أخرى. والله أعلم.(11/368)
(اعتبري نفسك زوجة في الظاهر)
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 29/2/1425هـ
السؤال
طلبتُ زوجتي ليلةً للجماع، فرفضت، فقلت لها: اعتبري نفسك من هذه اللحظة زوجتي أمام الناس فقط، ولست زوجتي بيني وبينك (الجماع) فهل يقع الطلاق وبارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالجواب: لا، لا يقع الطلاق بمثل ذلك؛ لأنك لم تقصد الطلاق بقولك هذا، وإنما قصدت ترك الجماع، وهذا واضح بمجرد لفظك، فضلاً عن قصدك، هذا أولاً.
ثانياً: أن لفظك هذا ليس مانعاً من جماع زوجتك إذا أردت ذلك.
ثالثاً: أنه قد ثبت الوعيد الشديد لمن تأبى من فراش زوجها إذا دعاها إليه، ففي الصحيحين البخاري (3237) ومسلم (1436) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح" وفي رواية لمسلم (1736) : "إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها" - يعني زوجها- لكن يستثنى من ذلك إذا كانت الزوجة معذورة بمرض أو نحوه، أو لسبب مقنع.
رابعاً: أنه على الزوج أن يراعي حال زوجته وظروفها، ونفسيتها في مثل هذه الأمور، والله -تعالى- أعلم. وصلى الله نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.(11/369)
الشك في الطلاق
المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 22/3/1425هـ
السؤال
أنا مبتلى بكثرة الحلف بيمين الطلاق، لكن بعد أن يكون قد طفح الكيل، على العموم: كنت أحاول أن أحصي عدد مرات الطلاق مع زوجتي لنعرف أين نحن من الشرع! قلت: أتذكرين بعد كتب الكتاب وقبل الزفاف (حفلة العرس) حدث بيني وبينك مشادة على الهاتف انتهت على ما أظن أني طلقتك، ثم أرجعك والدك على ما أظن عندما حضر معك لزيارتنا في اليوم التالي، قالت: لا، لم يحصل صدقني لكنك قلت كذا وقلت أنت لأمي كذا وأنا قلت كذا....إنني متأكدة أنه لم يحصل، والذي تتكلم عنه كان موضوعاً آخر ... ما حكم الشرع؟ أرجو الإفادة، الأمر حصل قبل 18سنة، ولكن يترتب على ذلك نصاب عدد الطلقات. وجزاكم الله عنا كل خير.
الجواب
الحمد لله تعالى وحده، وبعد:
جواباً على ما ذكره السائل، فإن الشك في حصول الطلاق أمر لا يلتفت إليه؛ لأن الأصل عدم ذلك، لكن ينبغي عليك التنبه بترك التلفظ بيمين الطلاق أو التهديد به، وترك الوساوس بذلك، أما الأول فلقوله تعالى: "ولا تتخذوا آيات الله هزواً" [البقرة:231] وهي آيات الله تعالى وحكمه في الطلاق، فيجب على المسلم أن يحفظ لسانه عن الطلاق المحرم، وأن يطلق الطلاق الشرعي إن رغب عن زوجته واستحالت الحياة بينهما، وأما الوساوس فلا يلتفت إليها من كونه حصل منه شيء من الطلاق أو لا، والله هو الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/370)
قال لزوجته إنها حرام
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 17/2/1425هـ
السؤال
رجل قال لامرأته أنتِ حرام علي إلى يوم القيامة، وكان بحالة غضب، وبعد يومين تراضيا وحصل جماع بينهما، فما الحكم؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
قال ابن القيم - رحمه الله تعالى-: (وهذه المسألة فيها عشرون مذهباً للناس) زاد المعاد (5/302) ، وذكر الأقوال فيها، ومما ذكره منها: الفرق بين أن يوقع التحريم منجزاً أو معلقاً تعليقاً مقصوداً، وبين أن يخرجه مخرج اليمين، فالأول: ظهار بكل حال، ولو نوى به الطلاق، والثاني: يمين يلزمه به كفارة يمين، فإذا قال: أنت علي حرام، أو إذا دخل رمضان، فأنت علي حرام فظهار، وإذا قال: إن سافرت أو إن أكلت هذا الطعام، أو كلمت فلاناً فامرأتي علي حرام، فيمين مكفَّرة، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية) زاد المعاد (5/306) ، وانظر: إعلام الموقعين (3/83-93) ؛ وعلى ذلك فيلزم الأخ السائل كفارة ظهار، وهي المذكورة في قوله -تعالى-: "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:3-4] .
ويحرم عليه جماع زوجته حتى يُكفِّر، وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى-: (الصواب أن تحريمها على حسب نيته فإن نوى به الظهار فهو ظهار، وإن نوى به اليمين فيمين، وإن نوى به الطلاق فطلاق، وإن لم ينو شيئاً فالظاهر أنه يمين) حاشية الشيخ على الروض المربع (696) ، وما اختاره شيخنا - رحمه الله تعالى- هو مذهب الشافعي - رحمه الله تعالى- انظر: زاد المعاد (5/304) ، وهو قول قوي؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات" رواه البخاري (1) ، ومسلم (1907) من حديث أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- ومما يدل على أن التحريم يكون يميناً مكفرة إن نواه ما رواه أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانت له جارية يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة - رضي الله عنهما- حتى حرمها، فأنزل الله - عز وجل-: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ" [التحريم: من الآية1] إلى آخر الآية، رواه النسائي (3959) ، والضياء (1694) ، قال الحافظ: (النسائي بسند صحيح) الفتح (9/376) ، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/371)
هل له إخراج مطلقته من بيته؟
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 8/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله في جهودكم، وجزاكم الله خيراً عن المسلمين جميعاً.
هذا استفتاء وارد من إحدى جمهوريات روسيا: رجل طلق زوجته طلاقاً شرعياً لا رجعة فيه، لكن امرأته لا تعترف بهذا الطلاق، وتمتنع عن الخروج من البيت بحجة أن الطلاق الرسمي المعقود في المحاكم الروسية لا يزال على حاله، فهي في بيته ولكن في غرفة معتزلة، وبينهما بنت عمرها ثماني سنوات، فتحدث بينهما مشاكل بين حين وآخر لسبب من الأسباب، فالرجل في حيرة ويسأل: هل يجوز لي طرد هذه المرأة من البيت؟ وهل يجوز لي انتزاع بنتي منها؟ أم البنت حق للأم؟ وقد قيل له من قبل بعض القضاة: أن له كل ذلك بالقانون المحلي، ولكن الرجل يريد معرفة الحكم الشرعي للقضية؛ ليتصرف على ضوء تعليمات الإسلام. وجزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الجواب: أنه لا يخلو أن يكون الطلاق رجعياً، أو بائناً، فإن كان رجعياً، وهو أن يطلقها للمرة الأولى، أو الثانية، فحينئذ لها النفقة والسكنى ما دامت في العدة، فإذا انتهت العدة فلا نفقة لها ولا سكنى؛ لأنها أصبحت أجنبية منك، وعليه فيجوز لك إخراجها والحالة هذه، وإن كنا لا نفضل ذلك بل ننصحك بالعودة إليها والصلح معها، أما إن كان الطلاق بائناً بأن تكون هذه هي الطلقة الثالثة، أو يكون الطلاق على عوض، أو نحو ذلك فحينئذ فلا نفقة لها ولا سكنى، إلا أن تكون حاملاً، فلها النفقة والسكنى في الحالين.
أما حضانة هذه البنت فهي راجعة إلى الأصلح، فإن كان الأصلح أن تبقى عند أمها فهو الواجب، أما إن كان الأصلح أن تأخذها وترعاها رعاية طيبة فعليك ذلك، لكن عليك أن تسمح لوالدتها بزيارتها، أو الذهاب بها إليها، أما إن تساوى الأمران فمن العلماء من يرى أنها تبقى عند والدتها، ومنهم من يرى أن تكون عند الأب. والله أعلم.(11/372)
هل طلاقها صحيح؟
المجيب حمد بن عبد الله الخضيري
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 10/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
تزوجت رجلاً غربياً اعتنق الإسلام، ولم نبق معاً سوى ليلة واحدة، ثم ذهب للعيش مع زوجته القديمة (وهي ليست مسلمة) ، فطلبت منه الطلاق فطلقني في المقهى أمام أخي، ولفظ كلمة الطلاق بالعربية، فهل هذا الطلاق مشروع، أنا تزوجت الآن من رجل، آخر لكنني أخشى دائماً أن يكون طلاقي غير صحيح.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إذا كان الزوج يعرف معنى الكلمة ويعقل معناها، وأنها تعني مفارقة الزوج لزوجته فطلاقه واقع، وزواجك من الرجل الآخر صحيح، بشرط أن يكون الزواج حصل بعد انتهاء العدة الشرعية. والله أعلم.(11/373)
هل أرفض طلاقها حتى ترد عليّ ما أخذت؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 14/7/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
حول حديث امرأة ثابت بن قيس، رضي الله عنهما- قال صلى الله عليه وسلم: "أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ ". قالت: نعم. فقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "اقْبَلْ الحديقةَ وطَلِّقْها". معنى ذلك أن ثابت بن قيس، رضي الله عنهما، كان أعطى زوجته هذه الحديقة للزواج، أي كانت ملكها، ولكي تطلق كان لزامًا عليها أن ترجع الحديقة له، أنا الآن تزوجت امرأة منذ ثماني سنوات، وهي تصغرني بحوالي عشرين عامًا، وكتبت لها شقة وسيارة، ولكن ظروفي المالية تغيرت، وهي الآن تريد الطلاق، وأنا رافض، وقلت ارفعي خُلعًا عليَّ؛ لأنني حتى الآن أريدها زوجةً، ولكن هي مصممة على الخلع، هل علي ذنب إذا طلبت الشقة والسيارة؟ أنا كتبت كل حاجة باسمها؛ لأنني كنت أريد أن أؤمن المستقبل لها، ظنًّا مني أن الموت هو الذي يفرق بيننا فقط، وإذا كنت أعلم أنها في يوم من الأيام سوف تطلب الطلاق أو الخلع ما كنت لأكتب لها شيئًا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إنه لا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها من غير ما بأس؛ لما رواه أحمد (22440) وأبوداود (2226) وابن ماجه (2055) والترمذي (1187) مرفوعًا: "أيُّمَا امْرأةٍ سأَلتْ زَوْجَها طَلاقَهَا في غَيرِ مَا بَأْسٍ فحَرَامٌ عَلَيْها رائِحَةُ الجنةِ". لكن لو طلبت الطلاق لسبب سائغ شرعًا، ولم يكن طلبها لسبب يعود إليك أيها الزوج من عضل أو تضييق أو منع لحقوقها من القَسْمِ والنفقة ونحو ذلك من حقوقها الشرعية، فإن ذلك جائز، ولك أن ترفض طلاقها حتى ترد إليك ما أصدقتها، ما دام السبب منها، وليس عليك في ذلك شيء؛ لما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: إنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ ". قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَة"ً.(11/374)
هل يعد هذا طلاقاً؟
المجيب د. راشد بن مفرح الشهري
القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 29/3/1425هـ
السؤال
أنا امرأة يهودية دخلت حديثا في الإسلام وتزوجت من رجل عربي بالسر حيث لم يكن هناك طريقة أخرى للزواج والسلطة رفضت تزويجنا رسميا. تم زواجنا على أن نعيش منفصلين حتى نتمكن من الهجرة والزواج العلني. وقد استمر وضعنا على هذا النحو 4 سنوات وكنا نلتقي فيها مرارا ونجمع المال لغرض الهجرة. وقبل مدة حصل زوجي على عمل أفضل وقرر أن يطلقني. وهو يقول الآن إنه من الأفضل لي العيش بدونه ويقول إنه لا يمكن تحقيق ما كنا نريد. وهو لم يتلفظ بالطلاق لكنه قال لي: "أنت امرأة حرة ويمكنك الزواج بعد 3 أشهر" فهل يعتبر كلامه طلاقا؟ أنا أحبه كثيرا وهو كذلك، ولا أرغب في الطلاق منه. وأنا مستعدة للانتظار حتى يأذن الله أن نعيش سويا. لن أكون سعيدة بدونه وأبكي طوال الوقت.
أحتاج مساعدتكم، وهل هناك شيء في القرآن الكريم يقنعه ألا يطلقني؟ أرجو المساعدة.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
أولاً: نحمد الله الذي هداك من الضلال إلى النور، ونأمل أن تكوني سفيرة لنشر هذا الدين فيمن تعرفين ومن لا تعرفين، مبينة لهم ما وجدتيه من راحة واطمئنان وانشراح صدر حتى تكوني ممن قال فيهم -صلى الله عليه وسلم - لعلي- رضي الله عنه-: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم" رواه البخاري (3009) ، ومسلم (2406) ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وأما عن سؤالك فقول زوجك لك: (أنت حرة ويمكنك الزواج ... ) ، فهذا من ألفاظ الكناية الظاهرة، ويقع به الطلاق إذا نواه الزوج، ولكن حاولي أن تذكريه بالعشرة الماضية، وقبولك به في أول الأمر، وتذكيره احتساب الأجر والثواب فيك، فإن رأيت منه نشوزاً أو إعراضاً فاعرضي عليه صلحاً كالتنازل عن بعض الحقوق كالسكنى، أو النفقة، ونحو ذلك.
فإن رأيت أن ذلك لم يجد، فاستعيني بالله واصبري، وتذكري قول الله -تعالى-: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً" [النساء:130] ، فثقي أن الله سيجعل لك مخرجاً بإذن الله.
أسأل الله -تعالى- لك حياة طيبة في الدنيا والآخرة، وأن ييسر لك أمرك، وأن يثبتك على هذا الدين إنه سميع مجيب.(11/375)
طلاق المسحور
المجيب محمد بن عبد الله المجلي
قاضي بالمحكمة العامة في محافظة دومة الجندل
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 29/07/1425هـ
السؤال
هل يقع طلاق المسحور؟ أنا تزوجت رجلاً على ضرة، واستمر زواجي أسبوعاً واحداً ثم طلقني بسبب السحر، والآن يحاول الرجوع ولكن أنا خائفة منه وهو يريد إرجاعي ولكن أهلي يرفضون ذلك، ماذا أفعل؟ وشكراً.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعه أما بعد:
فيما يتعلق بطلاق المسحور: فإنه إن كان يعي ويعلم ما يقول وصدر منه الطلاق باختياره فإن طلاقه يقع، وإن كان المسحور لا يعي ولا يعلم ما يقول، أو أنه طلق بغير اختياره فإن طلاقه لا يقع؛ لأن العقل هو مناط التكليف، فإذا غاب العقل ارتفع التكليف، وأنصحك باستشارة والديك، واستشارة من تثقين في رأيه وحكمته ممن يعرف هذا الرجل الذي تزوجك معرفة جيدة، وأداء صلاة الاستخارة، وسؤال الله أن يختار لك خير الأمرين، وستوفقين إلى الخير إن شاء الله. والله تعالى أعلم.(11/376)
هل تطلب الطلاق؟
المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 8/6/1425هـ
السؤال
أريد حكم الشرع في طلب الزوجة الطلاق من زوجها؛ لأنه: يضربها، ولا يصرف عليها؛ لأنها تشتغل وتصرف على نفسها، وأحياناً على أولادها وعلى المنزل. وأيضاً تزوج عليها ثانية؛ وقد قال لها: إني تزوجتك على (شور) وذوق أمي، وليس على (شوري) ولا ذوقي، وهو الآن تزوج على ذوقه وشوره. ملاحظة: هو إنسان بسيط جداً -يعني مادياً- لا يستطيع فتح منزلين، وهو الآن مديون وحالته تعبانة جداً، وأنا كرهته كثيراً، لكن متحملة من أجل الأولاد، والآن أريد حكم الشرع في طلبي للطلاق.
الجواب
الحمد لله -تعالى- وحده، وبعد:
ما ذكرته - السائلة- من حال زوجها معها، وما بدر منه من تصرفات في حالها وزواجها عليه، وتريد إيضاح الشرع في طلبها الطلاق..إلخ.
فأقول: إن عليها الصبر والاحتساب والإصلاح؛ لأن الصلح خير؛ وذلك لقول الله -تعالى-: "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ" [النساء: من الآية128] ، لكن إن تعذر الإصلاح، ورأيتِ أنكِ لا تستطيعين البقاء معه، وكرهت العيش فلا حرج في طلب الطلاق إذا خشيت ألا تقومي بحق الله -تعالى- فيه. والله هو الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.(11/377)
لا يعرف كم مرة طلق زوجته
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 20/08/1425هـ
السؤال
عندي مشكلة، لا أدري كم مرة طلقت زوجتي الثانية: في شهر يناير (1) الماضي كتبت لها رسالة بالبريد الإلكتروني، قلت لها فيها أن تنساني. وقلت لها: (لا تتصلي بي بعد ذلك) . وأعتقد أنني قد طلقتها. ثم أرجعتها، وفي بداية شهر مارس (3) أخبرت زوجتي الأولى أنني سوف أطلق الثانية قائلا لها "في نظري نحن (أنا والزوجة الثانية) غير متزوجين منذ الآن". لكنني لم أرغب أن أخبرها بذلك، لأنها كانت على وشك الدخول في الإسلام، ثم في شهر أبريل (4) أخبرتها بالهاتف أنني طلقتها.
الآن لم أعرف كم عدد الطلقات التي قمت بها. ولم أرها منذ شهر فبراير (2) لأنها تعيش في بلد آخر. لكننا نتكلم معًا على الهاتف.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً: إذا شك المرء في عدد الطلاق بنى على اليقين، نص عليه الإمام أحمد، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي،؛ لأن ما زاد على القدر الذي تيقنه طلاق مشكوك فيه، فلم يلزمه؛ لأن النكاح ثابت بيقين، فلا يزول بالشك، وعليه فإنه تبقى أحكامه أحكام المطلق دون الثلاث، فيجوز له مراجعة زوجته، فمن تيقن واحدة وشك في الثانية فهي واحدة، ومن تيقَّن اثنتين وشك في الثالثة فهي اثنتان.
ثانياً: أن من طلق زوجته طاهرة من غير جماع، أو حاملاً وقع طلاقه، وما لا فلا، يعني من طلق وهي حائض أو في طهر جامعها فيه فلا يقع طلاقه، كما اختاره شيخ الإسلام ابن يتمية، والأدلة على ذلك واضحة من الكتاب والسنة.
ثالثاً: أن إخبار المرء لغيره بأنه طلق زوجته مجرد إخبار بما حصل ولو كاذباً غير منشئ للطلاق، وغير مريد لإيقاعه، - إخباره هكذا- لا يقع به الطلاق، وقد صرح بذلك غير واحد من العلماء المحققين. والله أعلم.(11/378)
متى يجوز الطلاق؟
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 21/08/1425هـ
السؤال
متى يجوز للمرء طلاق زوجته من دون أن يخشى معصية الله؟ أي ما هي الأخطاء التي لا تغتفر للزوجة؟ وذلك من الناحية الحياتية والاجتماعية.
الجواب
الحمد لله وحده. وبعد:
فالطلاق حق للزوج له إيقاعه متى شاء، لكن يكره أن يطلق إلا لداع؛ كسوء خلق الزوجة، أو حصول الضرر منها، أو عدم التوافق في الاستمتاع أو الشخصية، أو النفور النفسي (وهذا مختلف من شخص لآخر) ، وفي كل الأسباب فصبر الإنسان على امرأته -إذا لم يحصل عليه ضرر- أولى؛ لأن الزواج شرع في الأصل علاقة مستمرة حتى انقضاء حياتهما، بل هي مستمرة بعد موتهما؛ كما قال تعالى: "إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون" [يس: 55-56] ، ولأن التوافق التام لا يمكن حصوله، بل لكل إنسان طبيعته وشخصيته، وإذا كانت المرأة غير عفيفة فإنه يجب على الزوج طلاقها ويحرم عليه إمساكها؛ لأنه بذلك يكون ديوثاً متوعداً. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(11/379)
هددها بالطلاق إن لم تُجهِض!
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 23/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا سيدة متزوجة منذ أشهر (زوجة ثانية) ، وحامل في الشهر الثالث، زوجي الآن يحاول إجباري على إجهاض الجنين؛ بدعوى أن الحمل مضر بصحتي، لكن كل الفحوصات أكدت أن صحتي بخير، والحمل يسير بشكل جيد، إلا أن زوجي مصر على الإسقاط، قائلاً: إن مجيء الطفل لا يتناسب مع مصلحتنا المشتركة، ولم نخطط لمجيئه، علماً أن زوجي لديه أولاد من زوجته الأولى، وهو الآن يهددني بالطلاق إن لم أفعل ما يطلبه مني، فهل يجيز له الشرع أن يحرمني من حقي في الأمومة؟ وهل يحق له أن يطلقني إن لم أطعه وأجهض طفلي؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن كان الحال - كما ذكرت - في سؤالك فإنه لا يحل لك إسقاط الحمل، بل الواجب عليك المحافظة عليه، ولا طاعة لزوجك في ذلك، وقد جاء في قرار لهيئة كبار العلماء في السعودية أنه (لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً) ولا شك أن ما ذكره زوجك غير مسوغ ولا مبرر لإسقاط الحمل، ولا يحل له إلزامك بذلك، فإن كان العزل -وهو دون ذلك بكثير- قد نصّ العلماء على أنه لا يجوز إلا بإذن الزوجة؛ لحقها في الاستمتاع والحمل، فحقها في بقاء جنينها أولى.
والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/380)
هل يأثم بتطليقها؟
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 10/06/1426هـ
السؤال
أنا متزوج منذ ست سنوات، وزوجتي لا تنجب، وقمت بأخذها إلى الكثير من الأطباء، ولم أترك شيئاً إلا فعلته، حتى عملية أطفال الأنابيب لجأت إليها، ولكن دون جدوى، فهل علي إثم إن طلقتها وتزوجت بأخرى؟ علماً أني لا أستطيع أن أجمع بين زوجتين.
الجواب
إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يجمع بين زوجتين فإنه لا بأس أن يطلق زوجته ويتزوج بأخرى، فالطلاق عند وجود أسبابه ودواعيه مباح، والله -تعالى- شرعه لحل المشكلات عندما لا يتم الانسجام بين الأزواج: (وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته) [النساء: 130] فقد لا تكتب بينك وبينها ذرية، فإذا طلقتها وتزوجت غيرها رزقت أولاداً، وهي إذا تزوجت غيرك قد ترزق أولاداً، وهذا مشاهد وواقع في كثير من الحالات، أنه لا يوجد بين زوجين ذرية لعدة سنوات، فإذا افترقا وتزوجا رزقا أولاداً، والله يكتب لكما الخير والصلاح.(11/381)
هل تطلق المرأة بزناها؟!
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 14/09/1426هـ
السؤال
إذا زنت الزوجة، فهل تحرم على زوجها، ويجب عليه طلاقها، وإذا كان له أولاد منها فماذا يفعل؟ وإذا ادعت التوبة، فهل له إبقاؤها على ذمته ومعاشرتها، وكيف يعرف أنها صادقة في توبتها، وإذا عاشرها بعد علمه بزناها فماذا عليه؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإذا زنت الزوجة فإنها لا تحرم على زوجها، ولا يجب عليه أن يطلقها؛ ويدل لهذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يبحث عن المرأة التي زنا بها ماعز، ولم يسأل عن زوجها ويأمره أن يفارقها، وكذلك أيضاً في قصة العسيف، لم يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- زوج تلك المرأة التي زنت أن يفارقها، وإنما قال صلى الله عليه وسلم: "أغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها". انظر صحيح البخاري (6633) ، وصحيح مسلم (1698) . فنقول: لا تطلق ولا تحرم عليه.
وأما أولاده منها فهم ينسبون إليه شرعا، ً والزنا لا أثر له حكماً؛ لأن المحرم شرعاً كالمعدوم حساً، ويدل لهذا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" أخرجه البخاري (2053) ، ومسلم (1457) . فالولد يكون للفراش، وأما الزاني فلا ينظر إلى دعواه.
وإذا ادعت التوبة للزوج فله أن يبقيها على ذمته، وأن يعاشرها وأن يحفظها؛ لأن الله -عز وجل- يقول: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً) [الزمر:53] ويقول سبحانه وتعالى في آخر سورة الفرقان: (ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً) [الفرقان:71] ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" أخرجه الترمذي (3537) ، وابن ماجة (4253) ، ويقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل". أخرجه مسلم (2759) .
ويعرف أنها صادقة في توبتها بالقرائن وحالات المرأة وسلوكياتها بعد ادعاء التوبة، فإذا رأى أنها امرأة صالحة، وأنها رجعت إلى الله -عز وجل- وأنها تحافظ على صلاتها وصيامها وحجابها، وأنها تكثر من النوافل، وأنها قد ندمت وتأسفت على ما مضى منها، فهذا دليل على أنها تابت ولله الحمد والمنة.
وإذا عاشرها بعد العلم بزناها فلا شيء عليه؛ لأن الأصل الحل بين الزوجين؛ لقول الله عز وجل: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) [البقرة:223] لكن إذا كانت مصرة على فعل الفاحشة ولم تتب من ذلك فإنه لا يجوز لها أن يمسكها؛ لأن هذا من الدياثة، والله -عز وجل- يقول (الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) [النور:3] .(11/382)
طاعة الوالد في تطليق الزوجة
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /مسائل متفرقة
التاريخ 17/10/1426هـ
السؤال
هل أطيع والدي إذا أمرني أن أطلق زوجتي؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن كان والدك قد ذكر أسباباً شرعية ثابتة للفراق فيلزمك طاعته، أما غير ذلك فلا يلزمك، وعليك بذل جهدك في كسب رضا والدك، وإفهامه بالتي هي أحسن أن طلبه طلاق زوجتك قد يترتب عليه أمور كثيرة قد لا تحمد عقباها، خاصة إن كان بينكما أولاد، وقد سأل رجلٌ الإمام أحمد رحمه الله تعالى: إن أبي يأمرني أن أطلق زوجتي، فقال له الإمام أحمد: لا تطلقها، قال: أليس النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر ابن عمر أن يطلق زوجته حين أمره عمر بذلك؟ قال: وهل أبوك مثل عمر؟. الآداب الشرعية لابن مفلح (1/475) والحديث رواه أحمد (4711) ، وأبو داود (8138) ، والترمذي (1189) ، وابن حبان (427) ، والحاكم (2/205) وصححه. أي أن عمر -رضي الله عنه-لم يأمر ابنه بطلاقها إلا بعد أن ثبت لديه ما يستدعي طلاقها، وبهذا أفتى شيخنا العلامة ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/383)
العوض في الخلع
المجيب د. خالد بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 5/5/1423
السؤال
ما رأي فضيلتكم في مسألة الخلع، هل يعاد للرجل جميع ما أعطاه للمرأة؟ وهل المرأة لا تأخذ شيئاً منه حتى حق تمتعه بها؟ أفيدونا ببحث شامل في هذه المسألة، ولكم منا جزيل الشكر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد اتفق جمهور السلف على جواز الخلع، وجواز أخذ الرجل عليه عوضاً أقل من المهر الذي دفعه لها؛ لقول الله -جل وعلا-:"فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به" [البقرة:229] .
واختلفوا في أخذ مقدار المهر، والراجح -الذي عليه أكثر أهل العلم من السلف والخلف- الجواز؛ لما أخرجه البخاري (5273) بسنده عن ابن عباس: أن امرأة ثابت بن قيس -رضي الله عنهم- أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله! ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق، ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"أتردين عليه حديقته؟ " قالت: نعم. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة".
واختلف القائلون بجواز أخذ مقدار المهر، هل له أخذ أكثر من المهر؟ فالأكثر قالوا بالجواز، مستدلين بالآية السابقة، فإنها أطلقت الفداء، ولم تحدده بقدر، وهو قول عثمان وابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم-، ولم يجز ذلك آخرون؛ لحديث امرأة ثابت بن قيس، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأذن لزوجها أن يأخذ أكثر مما أعطاها، كما جاء مصرحاً به في رواية ابن ماجة (2056) بسند حسن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر ثابتاً أن يأخذ منها حديقته ولا يزدد، وتوسط قوم بينهم، فقالوا بالجواز مع الكراهة، جمعاً بين الآية والحديث، فتكون الآية دالة على الجواز، والحديث دالاً على الكراهة، وهذا هو الأقرب.
ولا شك أن مقتضى المروءة والخلق الكريم -كما قال الإمام مالك -رحمه الله- ألا يأخذ الرجل شيئاً، خاصة إن كان موسراً، فإن احتاج فلا يزد على المهر الذي دفعه، والله أعلم.(11/384)
حق الزوج في الخلع
المجيب ناصر بن محمد آل طالب
القاضي بمحكمة عرعر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 2/7/1423هـ
السؤال
السلام عليكم.
هل أستطيع أن أطالب بالخلع لوجود مرض الشك والغَيْرة المرضيَّة في زوجي والعصبية لحد القذف وعدم السيطرة على النفس لدرجه أني بدأت أشك في تصرفاتي؟ مع العلم أني في بيت أهلي منذ مدة وحاولنا الإصلاح من غير جدوى وطلبت الطلاق، ولكن قال لي: أفضل أن أعلقك، أفدني جزاك الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، ما ذكرته الأخت السائلة من وجود مرض الشك في زوجها والغيرة المرضية التي وصلت لحد قذفها في عرضها وعدم سيطرته على نفسه وعصبيته، كل هذا من الخلق المكروه والطبع المرذول في الزوج، والذي أدى للشقاق بينه وبين زوجته، فاجتمع سوء الخلق ووقوع الشقاق، وهما الأمران اللذان نص أهل العلم على كونهما سببين من أسباب إباحة مطالبة الزوجة الخلع من زوجها. ودليل ذلك ما رواه البخاري (5273) وغيره عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن امرأة ثابت بن قيس -رضي الله عنه- أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالت: يا رسول الله ثابت ما أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام -تعني كرهها له قد يحملها على الوقوع فيما نهى عنه الإسلام- فقال -صلى الله عليه وسلم-:"أتردِّين عليه حديقته؟ " قالت: نعم، فقال -صلى الله عليه وسلم-:"اقبل الحديقة وطلقها تطليقة" فوجهها -صلى الله عليه وسلم- بالخلع من زوجها مع أنه لا نقص في دينه أو خلقه، ولكن لمجرد الكراهية، وحال السائلة -كما ذكرت- أبلغ من حال امرأة ثابت -رضي الله عنه- إذا دخل على حال زوج السائلة العيب في دينه؛ لقذفه لها وسوء خلقه، لشكه فيها وعدم سيطرته على نفسه، فجاز لها طلب الخلع، أما تعليق الزوج زوجته إذا كان لمجرد مضارتها حتى تطلب الخلع من غير بأس منها فهو من العضل المحرم قال -تعالى-:"ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن.." فعلى الزوجة ألا تقبل به بل تلجأ لطلب الخلع خصوصاً إذا كانت شابة كحال السائلة عسى أنهما إن تفرقا "يغن الله كلاً من سعته" [النساء:130] ، والله أعلم.(11/385)
أحكام المختلعة الحامل
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 27/3/1425هـ
السؤال
ما هي أحكام العدة في الخلع خصوصاً إذا كانت المرأة حاملاً؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
الخلع هو: (الفرقة بعوض يأخذه الزوج) (روضة الطالبين للنووي (ج5/680) ، وقال ابن حزم: (هو الافتداء إذا كرهت المرأة زوجها فخافت ألا توفيه حقه، أو خافت أن يبغضها فلا يوفيها حقها) المحلى لابن حزم (10/512) ، وقال ابن قدامة في الشرح الكبير: (وجملة ذلك أن المرأة إذا كرهت زوجها لخلقه أو خُلقه، أو دينه، أو كبره، أو ضعفه، أو نحو ذلك، وخشيت أن لا تؤدي حق الله -تعالى- في طاعته جاز لها أن تخالعه على عوض تفتدي به نفسها منه؛ لقول الله -تعالى-: "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ" [البقرة: من الآية229] .
أبرز أحكام المعتدة في الخلع:
أولاً: الخلع فراق بين الزوجين فرقة بائنة على الصحيح من كلام أهل العلم (راجع خلاف العلماء في هذه المسألة مطولاً في الشرح الكبير (ج22، ص39) ، والمحلى (10/2) ، وبناء على هذه القاعدة فإنه يترتب عليها الأحكام الآتية:
أ- سقوط النفقة والسكنى الواجبة على الزوج؛ لأنها صارت كالمرأة الأجنبية إلا أن تكون حاملاً فتستمر النفقة لها لأجل الحمل.
ب- وجوب الحجاب عليها منه.
ج- انقطاع التوارث بينهما فيما لو مات أو ماتت أثناء العدة.
د- أنها لا ترجع إليه باختياره كما هو الحال في الطلاق الرجعي، بل لا بد من عقد جديد بمهر جديد بعد رضاها وموافقتها على ذلك.
مسألة: وهل هذا الفراق طلاق تحسب به طلقة أم فسخ لا تحسب به طلقة؟
الواقع أن أهل العلم اختلفت وجهات نظرهم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن الخلع طلاق تحسب به تطليقة بكل حال على خلاف بينهم هل هو رجعي أم بائن، والصحيح أنه بائن كما ذكرنا.
قال ابن حزم في المحلى (ج9/516) ، طبعة دار الفكر: (وبهذا يقول الحسن وسعيد بن المسيب وعطاء وشريح والشعبي وقبيصة بن ذؤيب ومجاهد وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وإبراهيم النخعي والزهري، ومكحول والأوزاعي، وأبو حنفية ومالك والشافعي، وهذا القول هو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد (الإنصاف ج22/ص31) .
القول الثاني: هو فسخ لا ينقص به عدد الطلاق إذا تحقق فيه شرطان:
أ- ألا ينوي به الطلاق بل ينوي به مجرد الفسخ، فإن نوى الطلاق فهو طلاق بائن.
ب- ألا يوقعه بصريح لفظ الطلاق فإن أوقعه بصريح الطلاق كان طلاقاً، وهذا القول هو رواية عن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى-، وذكر صاحب الإنصاف (22/ص31) بأن هذه الرواية هي الرواية الصحيحة من المذهب وعليها جماهير أصحاب الإمام.
القول الثالث: أن الخلع فسخ لا تحسب به تطليقة سواء نوى بذلك طلاقاً أم لا، وسواء صدر منه بلفظ الطلاق أو بلفظ غيره، وهذا القول هو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، راجع الإنصاف (22/ص31) ، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فقال في مجموع الفتاوى (ج32/ص309) ما نصه، وهو القول الذي ذكرناه من أن الخلع فسخ تبين به المرأة بأي لفظ كان، وهو الصحيح الذي عليه النصوص والأصول.(11/386)
والخلاف في هذه المسألة طويل، ولا نريد أن ندخل في تفاصيله، ومن أراد المزيد فليرجع إلى المصادر التالية: (المحلى لابن حزم (9/514) ، الشرح الكبير لابن قدامة (22/ص29) ، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (ج32/ص289) .
أما سؤالك - يا أخي - عن عدة المرأة المختلعة فمن العلماء من يرى أن عدتها عدة المرأة المطلقة، فإذا كانت حاملاً فعدتها وضع الحمل وإن كانت ذات قروء- أي تحيض فعدتها ثلاثة حيض، وإن كانت آيسة فعدتها ثلاثة أشهر، ومنهم من يرى بأن عدتها حيضة واحدة لاستبراء الرحم، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية في المجموع (32/110) ، ولكن الأحوط والأبرأ للذمة هو القول الأول، قال ابن قدامة في المغني (9/78) وأكثر أهل العلم يقولون: (عدة المختلعة عدة المطلقة) ، منهم سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله، والزهري، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وغيرهم) ا. هـ معناه. والله أعلم.(11/387)
خالع زوجته ويريد إرجاعها
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 2/7/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رجل طلق زوجته وأرجعها، ثم تزوج بأخرى، ثم طلق زوجته الأولى ثانية، ثم أرجعها ثم اختلعت ويريد إرجاعها الآن، هل يرجعها بعد العدة أم خلالها؟ بما أنه عليه أن يعقد عليها باعتبار أن الخلع فسخ, هل يقضي معها ثلاثة أيام على التوالي أم يقضي معها يوم يليه يوم عند ضرتها؟ وجزاكم الله كل خير.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد: من خالع زوجته فقد بانت منه بينونة صغرى، فليس له إرجاعها إلا برضاها ما دامت في العدة، أما إن خرجت من العدة، فليس له إرجاعها إلا بعقد جديد مستكمل الشروط والأركان، أما بالنسبة للمبيت عندها فإن أرجعها قبل أن تخرج من العدة فليس لها قسم خاص بها بسبب الرجعة؛ لكونها لم تخرج من العدة أما إن عقد عليها بعد أن خرجت من عدتها فيقسم لها ثلاثة أيام متتابعة، إلا إذا أسقطت حقها منه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - "للبكر سبعٌ وللثيب ثلاث" رواه مسلم (1460) من حديث أم سلمة رضي الله عنها، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/388)
العقد على المختلعة في عدتها
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد الخريصي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 3/12/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
طلقت امرأة طلاقاً خلعياً، فهل يجوز العقد عليها قبل انقضاء العدة بخمسة وعشرين يوماً؟ وإذا حصل العقد ما الحل؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فقد أجمع أكثر العلماء على أن للرجل أن يتزوج المختلعة برضاها في عدتها، وبناء على ذلك يجوز لك العقد عليها بشرط رضاها قبل انقضاء العدة، واشترط العلماء رضاها؛ لأن الخلع كان بسبب وقوع الضرر عليها، فلا بد من زوال المانع عند إرادة العقد عليها ثانية. والله أعلم.(11/389)
الإكراه على الخلع!
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 28/10/1426هـ
السؤال
ما حكم طلاق الخلع إن كان بالإكراه؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالإكراه ينقسم إلى قسمين:
الأول: إكراه بحق، وهو الإكراه المشروع الذي لا ظلم فيه ولا إثم، كإكراه المدين القادر على تسديد الدين الحال للدائن، فعن عمرو بن الشريد، قال: حدثني أبي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته"، رواه أحمد (4/389) ، والنسائي في الكبرى (6288) ، قال الحافظ: "إسناده حسن" [فتح الباري (5/62) ] . فعقوبته أن يسجن حتى يدفع ما عليه.
وكما في إكراه المولي على الطلاق بعد مضي أربعة أشهر على إيلائه ورفضه الفيء، قال تعالى: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهرٍ فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم" [البقرة:226-227] .
الثاني: الإكراه بغير حق، كإكراه الرجل على تطليق زوجته بلا حق وبلا سبب يوجب ذلك، فهنا إن كان الإكراه ملجئاً، كالإكراه على قتله أو إتلاف عضو منه أو نحو ذلك مما يلحقه بسببه ضرر بالغ لم يقع الطلاق، عن أبي قدامة بن إبراهيم، أن رجلاً على عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تدلى يشتار عسلاً، فأقبلت امرأته فجلست على الحبل فقالت: لتطلقني ثلاثاً وإلا قطعت الحبل، فذكرها الله والإسلام فأبت إلا ذلك، فطلقها ثلاثاً ثم خرج إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فذكر ذلك له، فقال: ارجع إلى أهلك فليس هذا بطلاق. رواه سعيد بن منصور (1/313) ، والبيهقي (7/357) .
وشروط الإكراه ثلاثة ذكرها ابن قدامة -رحمه الله تعالى- وهي:
الأول: أن يكون من قادر بسلطان أو تغلب.
الثاني: أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به إن لم يجبه إلى ما طلبه.
الثالث: أن يكون مما يستضر به ضرراً كثيراً، كالقتل والضرب الشديد والقيد والحبس الطويلين، فأما الشتم والسب فليس بإكراه رواية واحدة، وكذلك أخذ المال اليسير، فأما الضرر اليسير فإن كان في حق من لا يبالي به فليس بإكراه، وإن كان من ذوي المروءات على وجه يكون إخراقاً بصاحبه وغضا له وشهرة في حقه، فهو كالضرب الكثير في حق غيره، وإن توعد بتعذيب ولده فقد قيل ليس بإكراهٍ؛ لأن الضرر لاحق بغيره، والأولى أن يكون إكراهاً؛ لأن ذلك عنده أعظم من أخذ ماله، والوعيد بذلك إكراه فكذلك هذا. أ. هـ بتصرف يسير: [المغني (7/292] . والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/390)
الخلع بغير المال
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 1/2/1425هـ
السؤال
من المعروف في الإسلام أنه في حال طلاق زوجين فإن الأولاد يعودون إلى المرأة، ومن ثم للأب، ولكن بالمجتمع الغربي إذا طلقت المرأة فالأطفال يعودون لها، سؤالي هو: امرأة طلبت الخلع من زوجها لسبب ما، وزوجها وافق على الخلع، ولكن بمقابل، ولم يكن المقابل المال أو المهر أو الشبكة بل كان أطفاله لأنه يعيش بدولة غربية، وامرأته ستحصل على أطفاله وهو يريد أطفاله لضمهم وتعليمهم الإسلام بسبب طيش زوجته. فما هو حكم الإسلام بهذا الأمر؟.وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده وبعد؛ فجمهور العلماء أن الخلع لا يصح إلا بعوض يصح أن يكون مهراً، وذهب بعض العلماء إلى جواز الخلع بدون عوض، ويقع طلاقاً انظر الكافي (3/141) ، قال ابن تيمة - رحمه الله تعالى- (وقد اختلف العلماء في صحة الخلع بغير عوض على قولين هما روايتان عن أحمد، أحدهما: كقول أبي حنيفة والشافعي وهي اختيار أكثر أصحابه- أي لا يصح- والثاني: يصح كالمشهور في مذهب مالك وهي اختيار الخرقي، وعلى هذا القول فلا بد أن ينوي بلفظ الخلع الطلاق ويقع به طلاق بائن لا يكون فسخاً على الروايتين نص على ذلك أحمد - رحمه الله- ا. هـ انظر مجموع الفتاوى (32/303) ، قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله تعالى- أما الخلع فكما قالوا لا بد أن يكون بعوض لأنه ركنه الذي ينبني عليه، وإذا خلا منه فليس بخلع بل يكون طلاقاً رجعيًّا إذا نوى به الطلاق. ا. هـ انظر الفتاوى السعدية (805) ، لذا فإن الأخ السائل إذا خالع زوجته مقابل تنازلها عن تربية أولادها صح، ولكن يقع طلاقاً رجعياً فتحسب عليه طلقة وعليها العدة الشرعية حسب حالها، وله مراجعتها ما دامت في العدة إن لم يسبق ذلك طلقتان، فإن سبقه طلقتان فإنها تبين منه بينونة كبرى وإن رغب الزوجان أن يوقعاه خلعاً لا طلاقاً فعليهما أن يضما لذلك مبلغاً من المال ولو يسيرًا كعشرة دولارات ونحوها تدفعها المرأة لزوجها.
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/391)
تنازلت عن المؤخر ليطلقها
المجيب عيسى بن عبد الله المطرودي
القاضي بالمحكمة الكبرى في حائل
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 8/2/1425هـ
السؤال
طلقت زوجتي بناء على رغبتها؛ لإصابتي بالعقم، وقمت بإعطائها كافة حقوقها من شَبْكَةٍ، ومنقولات، ومؤخر، وعند المأذون كان الطلاق على الإبراء، وحلف والدها الموكِّل عنها بأنها تطلب الطلاق، مع إبرائي من المؤخر، وأنا قبلت على ذلك، فهل هذا المؤخر يظل من حقها أم لا؟ وفي حالة أخذها له، هل هذا الطلاق صحيح أم لا؟ وشكراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
المؤخر حق للزوجة، لا يملك أحد التنازل عنه إلا بإذنها، كأن تكون وكلت والدها بالتنازل، وطلب الطلاق؛ فإن كان كذلك فإن الطلاق مقابل التنازل عن المؤخر صحيح. أما إذا كان والدها تقوَّل عليها ولم تفوِّضه، وقد طلق الزوج بشرط تنازل الزوجة عن المؤخر، فهذا الطلاق علق على شرط، والشرط لم يتحقق، فلا يظهر لي وقوع الطلاق إذا لم توافق الزوجة عليه، وعلى الأخ السائل مساءلة زوجته: هل ترغب في الطلاق مقابل تنازلها عن المؤخر؟ فإن قالت: نعم، فالطلاق صحيح - والله أعلم-، ومن أهل العلم من يرى وقوع الطلاق، إذا أبرأ والد الزوجة الزوج، وإن كان الأب غرر بالزوج فإن الزوج يراجع والد الزوجة. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وصحبه.(11/392)
هل التنازل عن الحضانة خلع؟
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 8/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم
إذا قال رجل لزوجته: (إذا تنازلت لي عن حضانة الأولاد أوافق على طلاقك) هل يعتبر هذا خلعاً؟ علماً بأن ذلك لم يكن المهر والرجل لا يعرف ما هو الخلع، كذلك أفيدكم بأن هذا الزوج لا يصلي إلا في بعض الأحيان، والمرأة ترغب في الطلاق منه وهو لا يوافق على طلاقها إلا بالتنازل عن حضانة الأولاد، فهل يجوز لها التنازل له عن الأولاد وهو لا يصلي إلا أحياناً؟ وإذا اعتبر ما حصل خلعاً، هل تعتد خارج البيت؟ وإذا لم يكن جائزا لها أن تعتد خارج البيت هل تستثنى ويحل لها أن تعتد خارج البيت خوفاً من الضرب؟ حيث سبق لزوجها وأن ضربها، وكم مدة عدتها حسب أصح الأقوال؟ -بارك الله فيكم، وجزاكم خيراً-.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الصحيح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة أنه لا يجوز ولا يصح أن يكون التنازل عن الحضانة عوضاً للخلع؛ لأن عوض الخلع لا بد أن يكون ماليًّا أو ما في معناه، وقد ذكر فقهاؤنا - رحمهم الله- ضابطاً لذلك، وهو أن ما صح مهراً من عين مالية أو منفعة مباحة أو دراهم صح الخلع به، لكن يتسامح في ذلك إذا كان هناك جهالة أو غرر، وهذا أولاً.
ثانياً: أن إسقاط النفقة يصح أن يكون عوضاً للخلع؛ لدخوله فيما سبق، بخلاف الحضانة.
ثالثاً: أنه لا يجوز التنازل بالحضانة للأب أو لغيره إذا كان فاسقاً مضيعاً لحدود الله -تعالى- سواء كان ذلك لخلع أو لغيره، وهذا مما يدل على صحة ما ذكرنا، ومما يدل على صحته أيضاً أن المراعى في الحضانة هو مصلحة المحضون، ولذلك فالحضانة تكون تارة حق على الأم، وتارة حق لهما، وتارة حق لها، والأحوال قد تتغير وتتبدل؛ فليس من مصلحة المحضون أن تبقى الحضانة على حالها مع تغير الأحوال.(11/393)
رابعاً: أن بعض القضاة الذين يحكمون بصحة الخلع والحالة هذه، يرجعون فيحكمون للمختلعة بالحضانة إذا طالبت بها؛ لأنها حق متجدد، ويحكمون للزوج بعوض قدر مهر المثل، أو بقدر المهر الذي دفعه للزوجة، وفي ذلك نظر، لأن القول الصحيح أن الحضانة والنفقة تسقط بإسقاطهما، وليس للزوجة الرجوع في ذلك، كما قرره العلامة ابن القيم في زاد المعاد (5/514-515) ، وذكر حقوقاً متجددة عند الفقهاء، قالوا بسقوطها وعدم الرجوع فيها إذا أُسقطت، وفرق بين إسقاط الحق قبل انعقاد سببه بالكلية، وبين إسقاطه بعد إنعقاد سببه - فرحمه الله رحمة واسعة-، ويا ليت طلبة العلم قبل أن يرجحوا أو يحكموا أن يراجعوا كلام شيخ الإسلام، وتلميذه ابن القيم، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي، وتلميذه الشيخ محمد بن عثيمين - رحمهم الله- وماذا قالوا في المسألة، وذلك لتحقيقهم المسائل وتحريرها، وعدم أخذهم بقول أحد، إلا إذا وافق الكتاب والسنة، وكذلك لأن في كلامهم عدل وإنصاف، وتسهيل لما صعب، وتقريب لما بعد، وحل لمشكل قد يرد، وليس ذلك مني تعصباً لاختياراتهم، أو إلزاماً بالرجوع إلى كلامهم، وإنما هو لكون المرء على دراية بما عندهم، وعند غيرهم، وإن ترجح له خلاف رأيهم، وليكون متحرراً، وعلى بصيرة وقناعة بما يرجح، وهذا خامساً.
سادساً: أن الشيخ الفقيه العلامة محمد بن عثيمين - رحمه الله- قد رجح عدم صحة الخلع إذا كان عوضه تنازلاً عن الحضانة، كما رجح أن المرأة إذا تنازلت عن حقها في الحضانة أو النفقة، فلا يمكنها الرجوع فيه بعد ذلك، وذلك حين سألته يوم الأربعاء 12/3/1420هـ.
سابعاً: أنه إذا كان الأب فاسداً، أو طرأ عليه ذلك أخيراً، فللقاضي حينئذ أن يجتهد ويحكم بما يراه الأصلح للمحضون، من الحكم بها لهذه المرأة، وإن تنازلت بما سبق أو لغيرها عمن هو أهل لذلك.
ثامناً: أنه لا يلزم المختلعة البقاء في بيت زوجها سابقاً، بل لها أن تذهب لمن شاءت من أقاربها وأهلها، كما أنه لا نفقة لها ولا سكنى، إلا أن تكون حاملاً، وهذا تاسعاً.
عاشراً: أن المختلعة تعتد بحيضة واحدة على الصحيح، لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- من أمره للمختلعة أن تتربص بحيضة، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام، وتلميذه العلامة ابن القيم، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي، وتلميذهما الشيخ محمد بن عثيمين - رحم الله الجميع- والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم.(11/394)
طلبت الخلع قبل الدخول بها
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 4/6/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وجزاكم الله خيراً.
فضيلة الشيخ -حفظه الله-: رجل خطب فتاة، وفي الخطبة عقدَ عقد زواج، وأحضر لها مهراً (أسوِرة من ذهب) واشترى لها ألبسة، وقبل الدخول بها لم تعجب الفتاة بالرجل وطلبت إنهاء الزواج بالخلع، فقال الرجل: تعطيني كل ما دفعته من حفلة وألبسة وثمن الذهب، وليس نفس الذهب؛ لأنه إذا أعاده للصائغ سوف ينقص ثمن الصياغة، ما الذي يجوز له أخذه، وما الذي لا يجوز له أخذه؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
تصح مخالعة الزوج لزوجته بما أعطاها، وبأقل مما أعطاها من مهر؛ لما رواه البخاري في صحيحه (5273) أن امرأة ثابت بن قيس-رضي الله عنهما- قالت: يا رسول الله: ما أعيب عليه في دين ولا خلق، ولكن أكره الكفر في الإسلام (تعني كفران الزوج وعدم القيام بحقوقه والتقصير فيما يجب له بسبب شدة البغض له) فقال -صلى الله عليه وسلم-: "أتردين عليه حديقته؟ " قالت: نعم، فأمرها بردها وأمره بفراقها.
وأما الهدايا التي أهداها له فلا ينبغي له الرجوع فيها أو المطالبة بها، فالهدية كالهبة ليس للواهب الرجوع فيما وهبه؛ لما ثبت في الصحيحين البخاري (2589) ومسلم (1622) عن ابن عباس - رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "العائد في هبته كالكلب يقئ ثم يعود في قيئه"، وعند أبي داود (3539) والترمذي (1299) ،"إلا الوالد فيما يعطي ولده" بسند صحيح، وبمعناه في الصحيحين البخاري (2623) ، ومسلم (1620) من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-، ولكن لو طابت نفس الزوجة بإرجاع الهدايا التي أهداها إياها زوجها إليه فله أخذها، كما يصح الخلع بأكثر مما أصدقها به من مهر إذا تراضيا على ذلك في قول جمهور أهل العلم، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي، وهو مذهب أحمد إلا أنه يكره عنده ويصح، ويروى عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم- أنهما قالا: لو اختلعت امرأة من زوجها بميراثها وعقاص رأسها كان ذلك جائزاً، ويدل على ذلك عموم قوله - تعالى -: "فلا جناح عليهما فيما افتدت به" [البقرة:229] وروى البيهقي في السنن الكبرى (7/450) وعبد الرزاق في مصنفه (11811 - 11812) عن الربيع بنت معوذ - رضي الله عنها- قالت: اختلعت من زوجي بما دون عقاص رأسي فأجاز ذلك عثمان بن عفان - رضي الله عنه-، ومثل هذا يشتهر، فلم ينكر فيكون إجماعاً.
وبناء عليه فللزوج مخالعة زوجته بأكثر من المهر الذي أعطاها، بأن يأخذ - مثلاً- ذهباً أو مالاً زائداً عن المهر، ونحو ذلك بحسب ما يتفقان عليه فلا بأس بذلك. والله -تعالى- أعلم.(11/395)
هل يشترط رضا الزوج في الخلع؟!
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 05/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يشترط في الخلع أن يكون برضا الرجل أم ماذا؟ وهل إن تم هذا الخلع باتفاق الزوجين لسبب ما كأن لا يُحسَب بذلك على أنه طلقة, أو ليهرب الرجل من المهر كاملاً لو طلق هو امرأته فتُرجِع المرأة شيئاً من المال له، أو تتنازل عن بعض حقها من المهر؟ وهل يعتبر الخلع طلاقاً أم هو فسخٌ فلا يحتسب بذلك طلقةً؟ وهل يترتب على الخلع لكي يكون خلعاً أن يكون مقابل عِوَض أم لا يشترط ذلك؟ وجزاكم الله تعالى عني كل خير.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فالجواب أن من العلماء من يشترط رضا الزوج ومنهم من لا يراه، وألزم به الزوج، وقد ذكر ابن مفلح في (الفروع) أن بعض قضاة الحنابلة المقادسة ألزموا به، واختلف كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك، والصحيح أن للقاضي الإلزام به إذا رأى ذلك مناسباً، ورجحه الشيخ ابن عثيمين، والصحيح أن الخلع فسخ بأي لفظ كان ولو كان بلفظ الطلاق؛ لأن العبرة بالمعاني لا بالألفاظ، وقد سماه الله افتداء فلا يحسب من الطلاق، ولا بد في الخلع من أن تدفع المرأة عوضاً مالياً، أو تتنازل عن حق مالي أو ما في معناه، وللزوج أن يتنازل عن هذا العوض الواجب له بعد ثبوته في ذمة الزوجة وبعد حصول الخلع، وبالإمكان مراجعة كتاب (زاد المعاد) لابن القيم الجزء الخامس طبعة دار الرسالة.(11/396)
هل في الخلع رجعة؟
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 23/04/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
هل الخلع يمنع حق الزوج في مراجعة مطلقته خلال مدة العدة دون إذنها؟ جزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا خالع الرجل امرأته (أي اتفقا على أن تعطيه مالاً مقابل طلاقها، سواء أعطته أو أبرأته من باقي مهرها أو غير ذلك) ، فإن المرأة تبين منه، فلا تحل له إلا بعقد جديد مستوف لشروطه وأركانه الشرعية؛ وذلك لأنَّ المرأة خالعت زوجها للتخلص منه، فلو جُعل للزوج حق المراجعة لفاتت فائدة الخلع. والله أعلم.(11/397)
المخالعة من غير بأس
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 22/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إذا لم يكن بالزوج بأس، فهل للزوجة أن تخلعه عنها إذا كانت لا تريده فقط بغير سبب إلا أنها لا تحبه؟ وكيف يمكن الجمع بين حديث: "أيما امرأة سألت الطلاق في غير ما بأس ... ". وبين حديث امرأة ثابت ابن قيس، رضي الله عنهما؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عدم محبة الزوجة للزوج، وكونها لا تطيقه هذا بحد ذاته سبب شرعي يجعل طلب الطلاق أو الخلع لا حرج فيه؛ لدليلين:
الأول: حديث امرأة ثابت بن قيس، رضي الله عنهما، فقد طلبت الفراق لأنها لا تحبه. أخرجه البخاري (5273) .
الثاني: حديث ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَيُّمَا امرأةٍ سأَلَتْ زوجَها طَلاقًا مِن غيرِ بَأْسٍ فَحَرامٌ علَيها رائحةُ الجَنَّةِ". أخرجه أبو داود (2226) والترمذي (1187) .
وعدم محبة الزوجة لزوجها من البأس؛ لأنه يؤدي بها إلى التقصير في حقه الواجب، فتقع في الإثم والعصيان، كما أشار إليه الحافظ في الفتح. والله أعلم.(11/398)
زوجها غير عفيف، فهل تطلب الطلاق أم تصبر؟
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 12/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
إذا كان الزوج غير عفيف، فهل تكون الزوجة آثمة إذا لم تطالب بالطلاق منه؟ أي أنها تصبر على فعله وتحاول إصلاح حاله، أم يحق لها المطالبة بالطلاق منه كما في حالة تركه للصلاة، وأسأل الله أن يجزل لكم الأجر والمثوبة.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إذا كان الزوج غير عفيف، أو فيه من أعمال وصفات الفساق، فإن زوجته لها أن تصبر مع نصحه وإرشاده، وهو الأولى، إن ظنَّت أنه ينتفع ويستقيم، ولها أن تطلب الطلاق لتغير حاله إلى الفسق، وهو الأولى، إن ظنت أنه قد يؤثر على سلوكها، وأنه لن يتوب، ولا يلزمها مفارقة الزوج بمجرد معصيته وفسقه وعدم عفته. والله الموفق.(11/399)
الخلع بغير رضى الزوج!
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 13/05/1426هـ
السؤال
السلام عليكم
طلقني زوجي قبل بضعة أسابيع ثم راجعني، وأرغب في طلب الخلع، ويقول لي: إنه لن يقع في نفس الأخطاء (يعني عدم الإنفاق علي، وعدم إسكاني وغير ذلك، لأنني أنا التي كنت أدفع لكل شيء) . لا أرغب في مواصلة المعيشة معه، وأريد أن أعرف إذا كان من حقه ألا يعطيني الخلع؟
الجواب
إن الزوج عليه أن ينفق على زوجته، وإذا طلبت الخلع بعد أن أنفق عليها فإن للزوج أن يقبل أو لا يقبل، هذا مذهب جمهور العلماء، وهو أن الزوج ليس ملزماً بقبول طلب المرأة للخلع، لكنه يستحب له أن يقبل إذا طلبت منه ذلك، وأن لا يمسكها وهي كارهة، ثم إذا أصرَّت على طلب الخلع فعلى القاضي أن يتدخل للنظر في المتسبِّب في الشقاق من الزوج أو الزوجة، وأن يبعث حكمين للنظر في شأنهما، يقول الله سبحانه وتعالى: (فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما) [النساء: 35] . فمسألة الحكمين مسألة مهمة في الشريعة، فإذا ظهر أن الضرر ناشئ من قبل الزوج أوقعا الطلاق وإذا ظهر أن الضرر ناشئ من قبل الزوجة طلبا منها أن تلتزم بآداب الزوجية، فإذا لم يقع بينهما صلح فإن القاضي يطلب من الزوج أن يقبل خلعها.
فمذهب جماهير العلماء أن قبول الخلع ليس واجباً على الزوج، وأن حديث ثابت بن قيس حينما أمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بطلاق زوجته التي طلبت الخلع، وقال: "أتردين عليه حديقته؟ ". فقالت: نعم. فأمره أن يفارقها، صحيح البخاري (5273) ، إنما ذلك على سبيل الندب والاستحباب، وليس على سبيل الوجوب.(11/400)
هل يقع الخلع الصوري؟
المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه
رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ 15/07/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يعتبر الخلع نافذاً إذا قامت به امرأة عن طريق دفع رشوة لقاض، وبدون علم الزوج؟ فقد قامت امرأة بهذا الفعل، وحصلتْ على ورقة خلع مزور وعليها اعتماد القاضي موقعاً بخط يده؛ وذلك لحاجتها لها لتقديمها إلى سلطات الهجرة في إحدى الدول الأوربية، لأنها لا تستطيع الحصول على تأشيرة دخول لهذه الدولة بسبب مرض زوجها، والسلطات لن تمنحها تأشيرة الدخول بدون ورقة رسمية تثبت طلاقها أو انفصالها عن زوجها. فالمرأة ليست لها نية الطلاق أو الانفصال، وإنما فعلت ذلك للضرورة القصوى وحاجتها للتأشيرة.
وكذلك فإن المرأة لم تحضر أمام القاضي، وإنما تم ذلك بدفع بعض المال. ولم يطلع الزوج على أي شيء مما حصل.
والسؤال: هل زواج المرأة ما زال صالحاً، مع أن الورقة قد صدرت من المحكمة بحسب ما ذكر أعلاه (بالرشوة) والزوج لم يعلم بكل ما حصل؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فزواج المرأة المذكورة في السؤال ما زال على حاله، ولا يقع عليه هذا الخلع؛ لأنه خلع باطل من أوجه:
أولاً: أنه لم يقع من الزوج، ومن شروط الخلع وقوعه من زوج يصح طلاقه.
ثانياً: أن فسخ الحاكم للنكاح بدون رضا الزوج أو حضوره لا يكون إلا في أحوال مخصوصة، كالشقاق بين الزوجين أو إيلاء الزوج أو غيبته ونحو ذلك، وليس شيء من ذلك حاصلاً فيما ذكر في السؤال.
ثالثاً: أنه مبني على الرشوة وهي محرمة وملعون صاحبها وباطلة، وما بني على باطل فهو باطل.
رابعاً: أن العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، وهذا الخلع صوري لا تقصد حقيقته، فلا عبرة به، وقد نص جمع من الفقهاء أن الخلع إذا وقع حيلة لا يقع، وذلك عندما يريد به الخروج من الطلاق المعلق. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "خلع الحيلة لا يصح على الأصح، كما لا يصح نكاح المحلل؛ لأنه ليس المقصود منه الفرقة وإنما يقصد به بقاء المرأة مع زوجها كما في نكاح المحلل والعقد لا يقصد به نقيض مقصوده" أهـ[الإنصاف (22/124) ] . وما ذكر في السؤال شبيه بذلك.
هذا كله على ظاهر ما جاء في سؤال السائلة، وعلى أن القاضي مسلم يحكم بشريعة الله تعالى، فإن كان القاضي خلاف ذلك فالحكم كما سبق من باب أولى.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/401)
الجماع بعد الظهار وقبل الكفارة
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار
التاريخ 29/12/1423هـ
السؤال
ظاهرت امرأتي وقلت لها أنت محرمة علي مثل حرمة أمي ثم جامعتها واستمريت فترة شهرين وأنا أجامعها مع العلم أني أعرف أنها محرمة علي قبل الكفارة ثم ظاهرتها مرة أخرى، وبعد فترة جامعتها وأنا الآن التزمت بالصلاة وبديني وتوقفت عن مجامعة زوجتي، سؤالي: هل تلزمني كفارة واحدة أو كفارتين؟ وما حكم أيام العيد والتشريق إذا دخلت في أيام الكفارة (شهرين متتابعين) ؟ وما حكم مجامعتي لزوجتي هل علي كفارة؟ مع العلم أني تبت إلى الله وتوقفت حتى أنهي موضوع كفارة الظهار. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
يحرم على المظاهر الجماع ودواعيه قبل أن يكفر؛ لقوله -تعالى-:"والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير" [المجادلة:3] .
وقوله -صلى الله عليه وسلم- للمظاهر:"لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به" رواه الترمذي (1199) والنسائي (3457) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، وقال الترمذي: حسن غريب صحيح، كما حسنه الحافظ ابن حجر في الفتح (9/433) ، لذا عليك التوبة من ذلك وعدم العود للجماع ودواعيه حتى تكفر وليس عليك سوى كفارة واحدة، وإن تخلل الصيام عيد وأيام تشريق ومرض مخوف لم ينقطع التتابع، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/402)
حلف ألا يجامع زوجته
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار
التاريخ 28/5/1424هـ
السؤال
رجل أغضبته زوجته فأراد أن يؤدبها، فقال: (والله ما عاد أجيك) يعني: أجامعك، وهو لم يقصد الحلف، بل من الغضب حلف وهو لا يعلم، فما الحكم؟ هل يعد لغواً؟ وماذا يجب عليه إذا أراد الرجوع إليها إذا كان حلفاً، وهو أصلا يقصد أن يقول ما عاد أجيك؟
الجواب
إذا حلف الزوج على ترك جماع زوجته فإنه يعد موالياً -من الإيلاء- والإيلاء محرم.
فعليه الآن أن يجامع زوجته، ويكفر عن يمينه كفارة يمين؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليأت الذي هو خير ويكفِّر عن يمينه" رواه مسلم (1650) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. والله أعلم.(11/403)
يريد إعادتها بعد أن ظاهر وطلَّق
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار
التاريخ 4/8/1424هـ
السؤال
شخص ظاهر زوجته ولم يمسها ثم طلقها بعد أسبوع من المظاهرة، ثم أراد إعادتها لعصمته بعد انتهاء عدتها، فهل عليه كفارة الظهار أم لا؟ وهل كفارة الظهار على الترتيب أو التخيير؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فيجب على الأخ السائل كفارة الظهار بعد مراجعة زوجته، وقد نصَّ العلماء على أنه يحرم على المظاهر الوطء ودواعيه قبل الكفارة، لقوله -صلى الله عليه وسلم- للمظاهر:"لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به" رواه الترمذي (1199) ، والنسائي (3457) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وقال الترمذي: حسن غريب صحيح، كما حسَّنه الحافظ ابن حجر في الفتح (9/433) ، وكفارة الظهار على الترتيب كما ذكره تعالى في كتابه:" وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:3-4] ، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/404)
حرم زوجته إن حضرت زواج أختها
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار
التاريخ 4/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم قول الزوج: (إذا ذهبت لهذا الزواج فأنت عليَّ حرام، ولا أجيز حضورك لزواج أختك) ، وكانا (أي الزوجين) في ساعة غضب ومشاجرة. فهل إذا ذهبت لزواج أختها تعتبر طالقاً؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد: فأنصح المرأة ألاَّ تذهب لزواج أختها خروجاً من الخلاف، فإن ذهبت فإن كان الأخ السائل قد أوقع التحريم فعليه كفارة الظهار، وهي المذكورة في قوله تعالى: "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:3-4] ، ويحرم عليه جماع زوجته حتى يكفِّر، وإن لم يوقع التحريم بل حلف به فقط كان يمينا مكفرة، لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" [التحريم:1-2] ، وكفارة اليمين هي المذكورة في قوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89] ، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى، انظر إعلام الموقعين (3/83 - 93) ، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/405)
قال لزوجته: (تحرمين علي إلى يوم الدين) فما كفارته؟
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار
التاريخ 21/11/1424هـ
السؤال
ما كفارة حلف الزوج على زوجته: (تحرمي عليَّ ليوم الدين) ؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
إذا قال الزوج لزوجته: أنت عليّ حرام أو زوجتي محرمة علي ليوم الدين، أو قال علي الحرام من زوجتي أو زوجتي كأمي أو أختي أو ابنتي، أو كظهر أمي أو كظهر أختي، وما أشبه هذه الألفاظ فهذا حكمه حكم الظهار في أصح أقوال أهل العلم، عند الأطلاق؛ إذا الحال في مثل القول الذي سألت عنه السائلة لا يخلو من ثلاث حالات:
الحال الأولى: إذا نوى الزوج بهذا القول التحريم أو أطلق هذا القول مجرداً فإن حكمه حينئذ حكم الظهار كما سبق، وهو محرم، ولا يجوز، ومنكر من القول وزور كما سماه الله - تعالى - بذلك في أول سورة المجادلة بقوله: "الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ" [المجادلة:2] ، فالواجب على الزوج أن يتوب إلى الله - تعالى - ويستغفره من هذا القول وارتكابه هذا المنكر، ولا يحل للزوج أن يقرب زوجته حتى يأتى بالكفارة التي أمره الله بها، ولا يحل لك أنت كذلك أن تمكنيه من نفسك حتى يفعل ما أمره الله - تعالى - به من الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة إن وجدها فإن لم يجدها صام شهرين متتابعين لا يقتطعها إلا بعذر شرعي كمرض وسفر ونحوهما فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو خطة أو نحو ذلك، قبل أن يمسها وقبل أن يقربها، وهذه الكفارة مذكورة بقوله - تعالى -: "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة:3] ، وقال - تعالى -: "فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:4] .(11/406)
الحالة الثانية: أن يقول زوجتي عليَّ حرام إن فعلت كذا أو هي محرمة علي ليوم الدين أن كلمت فلاناً، أو دخلت تلك الدار، أو ما يسافر للبلد الفلاني أو يزور أو تزور هي فلانة وما تذهب لأهلها وكون ذلك فهذا تحريم معلق، فإذا كان قصد منه منع نفسه من العمل الذي أراده أو منع زوجته مما ذكره من السفر أو الكلام أو الزيارة ونحوه وذلك للبحث أو للتصديق أو للتأكد فهذا يكون له حكم اليمين، ولا يكون له حكم الظهار في أصح أقوال أهل العلم، وعليه كفارة اليمين، وهي المذكورة بقوله - تعالى -: "فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ" [المائدة: من الآية89] .
الحالة الثالثة: إذا أراد بقوله ذلك الطلاق ولم يرد التحريم بأن قال - مثلاً - زوجتي على حرام أو محرمة علي ليوم الدين، وقصد بذلك طلاقها، فهذا يكون طلقة واحدة، وتحسب عليه، فإن كان قد طلقها قبلها طلقتين تمت الثلاث، وحرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، وإن لم يكن قد طلقها قبل هذا أو طلقها طلقة واحدة قبل أن يقول هذا القول فإن الطلاق يقع رجعياً بأن يكون له مراجعتها ما دامت في العدة، ويستحب أن يشهد على رجعتها شاهدين عدلين أن راجعها إذا كانت في العدة. والله - تعالى- أعلم.(11/407)
قال لزوجته: أنت علي كأختي!
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار
التاريخ 19/09/1426هـ
السؤال
قال صديقي لزوجته في ساعة غضب شديد: (أنت كأختي) ، وندم على هذه الكلمة بعد ذلك، فهل عليه شيء؟ وما وضع زوجته بالنسبة له؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فمن قال لزوجته: "أنت علي كأمي، أو أختي" -أو غيرهن ممن يحرمن عليه على التأبيد بنسب أو رضاع- فهو ظهار يجب فيه كفارة الظهار الواردة في قوله تعالى: "والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعلمون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم". [المجادلة: 3-4] ، ولا يحل له أن يقرب زوجته حتى يُكفِّر؛ لنص الآية على ذلك والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/408)
تعليق الظهار على شرط بقصد المنع
المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
عضو البحث العلمي بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإيلاء والظهار
التاريخ 17/10/1426هـ
السؤال
وقع خلاف بين زوجي وزوج أختي منذ فترة، وباءت محاولات الصلح بينهما بالفشل بسبب العناد من الطرفين، وكان والدي قد اعتاد على جمعنا في أول أيام شهر رمضان للإفطار عنده، وقبل الزوجان الدعوة على مضض، ولكن قام زوجي بإلقاء يمين عليَّ حيث قال: أنت علي كأمي أو أختي إذا رأيتِ فلاناً أو جلستِ معه أو تحدثت إليه، وقد أخبروني أن ما قام به زوجي هو الظهار الذي نهى الله عنه في سورة المجادلة، فهل هو كذلك؟ علماً أني لم أر زوج أختي، ولا أعرف إذا كان زوجي قد نوى بيمينه أثناء الدعوة أو إلى الأبد أو إلى أن يصطلحا؟ كما أن يمينه نص على ما لا أطيقه من ناحية الرؤية، فالمرء لا يمكن أن يتحكم فيما يمكن أن تقع عينه عليه، فماذا علينا؟ وما موقف الشرع من هذه اليمين؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقول الزوج لزوجته: "أنت علي كأمي أو أختي" ظهار، إلا أن يقصد به التشبيه في الإكرام، وليس مراداً في هذه الواقعة قطعاً، بل القرينة تدل على إرادة الظهار.
ويقع الظهار معلقاً بشرط مثل اليمين، كقوله هنا: "إذا رأيت فلاناً أو جلست معه ... "إلخ. كما يصح الظهار مؤقتاً بزمن أو حالاَّ كاليمين أيضاً.
وعلى ذلك فإن فعلت المرأة ما علق الزوج ظهاره عليه وقع الظهار، إلا أن يكون قصد مدة معينة فانقضت، فلا يحل للمظاهر وطء زوجته إلا بعد الكفارة المذكورة في صدر سورة المجادلة، هذا على قول الجمهور.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن تعليق الظهار على شرط يقصد منه الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، لا يقع ظهاراً ولا طلاقاً، كما هو ظاهر الحال في هذه الواقعة، حيث أراد الزوج تأكيد منع زوجته مما ذكر، بسبب الخصومة بينه وبين زوج أختها، فحينئذ لا تحرم عليه زوجته، وعليه كفارة يمين.
وأما إن لم تفعل الزوجة ما علق عليه الزوج ظهاره من الرؤية والجلوس والحديث، فإن الظهار لا يقع أصلاً، فإن وقع منها ما لا تطيق فينبغي ألا يقع الظهار حتى على قول الجمهور، والله تعالى أعلم.(11/409)
أحكام العدّة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 15/5/1422
السؤال
توفي زوجي قبل عدة أيام، وأنا أستفسر عن العدة؟ وهل يجوز الجلوس مع أهل الزوج بوجود إخوانه؟
وبالنسبة للتركة كيف تتوزع مع العلم بأن لي طفل واحد؟ وللزوج أربعة إخوان، وأربعة أخوات، وأبواه.
الجواب
بالنسبة لما سألت عنه حول العدة فقد أجاب عنه فضيلة الشيخ / عبد الرحمن العجلان _ المدرس في الحرم المكيّ _ فقال:
المرأة إذا توفي عنها زوجها لزمتها العدّة وهي: 4 أشهر و 10 أيام ما لم تكن حاملاً، فعدّتها بوضع حملها، طالت المدّة أم قصرت. وعليها الحداد، وهو تجنُّب الزينة في اللباس والحليّ والطيب وكلّ ما يُرغِّب في نكاحها، وتلزم البيت الذي توفيّ زوجها وهي فيه، ما دامت تأمن على نفسها، حتى وإن كان في البيت إخوانٌ لزوجها، ما دام أنّ هذا البيت يليق بمثلها عادةً وعُرفاً، ولا تخرج منه إلا لضرورة.
ولا تمنع العدّة من مخاطبة أهل زوجها وإخوانه، مع اجتنابها أنواع الزينة. والله أعلم.
وبالنسبة لقسم التركة، فقد أجاب الشيخ ناصر الطريري على سؤالك، حيث تقسم التركة كالتالي:
1. لك (الزوجة) الثمن.
2. لوالده السدس.
3. لوالدته السدس.
4. لابنه كل الباقي.
أما إخوته وأخواته فليس لهم شيء من ميراثه.
وننبه إلى أن قسمة التركة تكون بعد سداد ما عليه من ديون، وبعد إخراج وصيته من الثلث إن كان أوصى. والله أعلم.(11/410)
سفر المحادة إلى أهلها
المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 7/4/1422
السؤال
زوجة توفي عنها زوجها وهي في بلد غير بلد أهلها وتريد أن تذهب إلى إخوتها من أجل أن تكمل العدة لأن إخوتها أحرص عليها من غيرهم. فما الحكم في ذلك؟
الجواب
مثل هذه يجب عليها البقاء في بيت الزوج، ولا يجوز لها الرجوع إلى بيت أهلها، إلا لضرورة، كخوف على نفسها، أو أخرجت رغماً عنها، هذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم والله أعلم.(11/411)
تداخل عدَّة الطلاق والوفاة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 13/11/1424هـ
السؤال
إذا طُلقت المرأة ومات طليقها وهي لا زالت في العدة فهل عليها عدَّة المطلقة أم عدَّة الأرملة؟
الجواب
إذا كان الطلاق رجعياً وهي لا تزال في العدة فإنها ترث وتعتد بالوفاة، وإن كان الطلاق بائناً ولم يكن المطلق متهماً بقصد حرمانها من الميراث فإنها تستمر على عدة الطلاق ولا ترث، وإن كان متهماً بقصد حرمانها من الميراث فيرجع إلى القاضي للنظر في القضية والحكم بما يظهر له أنه الحق.(11/412)
العدة بعد ردة الزوج
المجيب د. عبد العزيز بن فوزان الفوزان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 23/12/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قصتي طويلة ولدي أسئلة كثيرة وأهمها الآن هي أني تزوجت من ياباني بعد أن أسلم، ومر على زواجنا 19 سنة، ولظروف خاصة ونفسانية اتفقنا على الانفصال وأصبح يعيش لوحده زيادة عن ثلاث سنوات، ولقد أعلن ردته أمام ابننا وكان في حالة غضب، وبعد مضي أسبوع أردت أن أتأكد من هذا الأمر الهائل، فأعاد نفس الكلام ويقول إني السبب في كفره، المهم اتصلت بشيخ المسجد وأفتاني أني محرمة عليه، وبدأت أتحجب عنه، وبعد مرور 6 أشهر من ردته، تم الطلاق، مشكلتي هي: لقد كنت أظن أن عدتي انتهت قبل الطلاق يعني منذ الردة، ولقد طلبني إنسان آخر للزواج على سنة الله ورسوله -عليه الصلاة والسلام- رجل عربي مسلم- وبعد مرور شهر فاجأني الشيخ لما قال إنه يجب علي عدة الطلاق، وأنا كنت متيقنة من أن عدتي انتهت، وبالأخص تيقنت من الأمر لما وجدت فتوى تشبه معضلتي، المشكلة أنه بعد الطلاق أرى زوجي يلعب بالدين فأمام عائلته يقول: إنه ترك الإسلام وأمام الشيخ وصديقي يقول إنه مسلم، وأنا أخاف الله وغضبه، فهل يجب علي عدة أم سأكون آثمة إذا تركتها؟ مع العلم أني تركت كل شيء يخص زواجاً آخر، أرجوكم أفتوني فأنا عانيت ومازلت أعاني من أزمة نفسانية حادة، وأعيش على المهدئات منذ أكثر من 14 سنة، أنا أتعذب يوميا وأخاف سخط الله وغضبه، ماذا يجب علي أن أقوم به اتجاه هذا الزوج الذي يلعب بالدين، مع العلم أنه لا يريد رؤيتي ولا التحدث إلي عبر الهاتف، بالله عليكم ما العمل؟ ولكم مني جزيل الشكر والامتنان.
أرجوكم أن تفيدوني في أقرب وقت؛ لأن القلق يؤثر علي وضغطي يرتفع، أريد أن أخلص لله ولرمضان، وأثابكم الله، والسلام عليكم.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن كان الواقع كما ذكرت الأخت السائلة، من أن زوجها الياباني طلقها، ثم تزوجت بعده رجلاً عربياً مسلماً قبل إتمام عدتها من الأول، فإن الزواج الأخير يعتبر باطلاً؛ لأن الله - تعالى- يقول: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سراً إلا أن تقولوا قولاً معروفاً ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم". [البقرة: 235]
فدلت الآية الكريمة على تحريم نكاح المرأة المعتدة من وجهين: الأول: أن الله تعالى حرم التصريح بخطبة المرأة المعتدة، فيكون العقد عليها محرماً من باب أولى، وإنما أباح التعريض والتلميح دون التصريح إذا كانت معتدة من طلاق بائن. أما إذا كانت مطلقة طلاقاً رجعياً، فإنه لا تجوز خطبتها لا تصريحاً ولا تلميحاً، لأنها لا تزال زوجة حتى تنتهي عدتها، ولها حق الزوجة على زوجها من النفقة والميراث ونحوهما، وبإمكان زوجها أن يراجعها متى شاء ما دامت في العدة.(11/413)
الثاني: قوله- تعالى- "ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله" [البقرة: 256] صريح عن عقد النكاح على المعتدة حتى يبلغ الكتاب أجله، وهو نهاية عدتها. وهذه المسألة وهي بطلان نكاح المعتدة، محل إجماع بين العلماء.
وعدة الطلاق هي: ثلاث حيض، فإن كانت آيسة من الحيض أو صغيرة لم تحض بعد، فعدتها ثلاثة أشهر، وإن كانت حاملاً، فعدتها وضع الحمل.
فإذا انقضت عدتك من الأول، جاز لك الزواج بالرجل العربي المسلم أو غيره من المسلمين، ولكن بعقد جديد. لأن العقد الأول باطل كما بينت.
وأما ما ذكرت من تذبذب زوجك الأول بين الإسلام والردة، وعدم تبين أمره، فالأصل فيه أنه مسلم، إلا أن يثبت كفره ببينة شرعية.
وأما مجرد زعمك بأنه أعلن كفره لابنه ولك بعد ذلك، فهذه دعوى تحتاج إلى دليل، خصوصاً أنه يكذبك في هذا ويصر أمام صديقك المسلم وأمام شيخ المسجد بأنه لا يزال على الإسلام.
ولقد أحسن الشيخ صنعاً حين أمرك بإتمام عدتك منه بعد الطلاق، وأن زواجك الثاني باطل؛ لأنه وقع في العدة، ولكنه لم يوفق في المرة الأولى حين أفتاك بأنك محرمة على زوجك ويجب عليك التحجب منه، لأن التكفير أمره خطير، فلا يفتي بكفره وحرمتك عليه حتى يثبت ذلك عنده ببينة شرعية ظاهرة. فإن كان قد تبين له ذلك، وأنه قد ارتد فعلاً عن الإسلام، فلماذا يبطل الزواج الثاني، وهو إنما حصل بعد ستة أشهر من ثبوت ردته عنده، أي بعد انتهاء العدة؟!! وما الحاجة كذلك إلى طلب الطلاق منه؟ والزواج باطل بمجرد ردته عن الإسلام.
فالحقيقة أن هذا تناقض من إمام المسجد وفقه الله. وأرجو أن تعرضي هذا الجواب عليه، وتناقشيه فيه؛ لأنه قد يكون في الأمر شيء لم تذكريه، يتغير به الحكم، ويبرر للشيخ وفقه الله ما صدر منه.
أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لما يرضيه وأن يرينا الحق حقاًُ ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، كما أسأله تعالى أن يهدي زوجك الأول ويثبته على الحق، وأن يعوضك خيراً مما فاتك، ويجبر مصابك، ويعظم أجرك، ويرزقك من اليقين ما يهون به عليك مصائب الدنيا، وأن يعافيك من كل داء وبلاء، ويكشف عنك السوء والضراء، إنه سميع مجيب الدعاء.(11/414)
أين تعتد المتوفى عنها زوجها؟
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 20/3/1423
السؤال
امرأة توفي زوجها وليس لديها أبناء وتسكن في شقة لوحدها، ويوجد بالعمارة عدد سبعة إخوان لزوجها المتوفى، وهي ما تزال في السبع والعشرين من عمرها، وترغب في ترك بيت زوجها والذهاب إلى منزل أهلها في مدينه أخرى، فهل يجوز أن تخرج إلى بيت أهلها الذي يبعد ما يقارب مسيرة ساعتين ونصف بالسيارة؟ مع العلم أنها لا تريد البقاء في منزل زوجها بعد وفاته، ولا يستطيع أحد من أهلها البقاء معها.
الجواب
لا شك أن الواجب على المرأة المتوفى عنها زوجها البقاء في بيت الوفاة حتى انقضاء عدتها، لا سيما المبيت ليلاً لقصة فَرِيعَةٌ بنت مالك فقد سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-، أن تبيت في غير بيت الوفاة فلم يأذن لها النبي -صلى الله عليه وسلم- الترمذي (1197) والنسائي (3529) وأبو داود (2300) وابن ماجة (2031) ، ولكن استثنى أهل العلم ما يلي:
1-يجوز للمرأة المعتدة الانتقال من بيت الوفاة إلى بيت آخر تعتد فيه للضرورة، كما لو خافت على نفسها من اللصوص، أو كان البيت مستأجراً ولم تتمكن من دفع الأجرة، أو رفض المالك التأجير، أو لم تجد المرأة من يسكن معها وهي لا تستطيع السكنى بمفردها، ففي هذه الحالة وما يشبهها يجوز لها الانتقال للضرورة.
2-أجاز أهل العلم للمرأة المعتدة الخروج من منزلها لقضاء حوائجها الخاصة التي لا بد منها إذا لم تجد من يقوم بها ولا تبيت إلا في بيت الوفاة إلا عند الضرورة، والذي يظهر لي في الجواب عن سؤال السائل جواز الانتقال عند الحاجة إلى أقرب منزل تقضي فيه عدتها إذا لم يكن قضاؤها في بيت الوفاة ممكناً، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.(11/415)
ولدت ساعة وفاة زوجها فهل تغسله؟
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 23/1/1423
السؤال
رجل توفي، وفي ساعة وفاته وضعت زوجته حملها مباشرة، السؤال: هل يجوز لزوجته أن تغسله أم هي أجنبية عنه؟ وهل تعتد أربعة أشهر وعشراً؟
وهل يجوز أن تتزوج بعد طهرها من النفاس؟
الجواب
يجوز لزوجته أن تغسِّله، ولو خرجت من العدّة بوضع الحمل، ذكر ذلك ابن قدامة -رحمه الله- في كتابه المغني (3/460-461-462) .
ويجوز لها أن تتزوج؛ لأنها خرجت من العدة بوضع الحمل.(11/416)
عدة الوفاة لغير المدخول بها
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 5/7/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فتاة عقد عليها ولم يتم الدخول بها، ثم توفي العاقد عليها قبل أن يدخل بها، فهل عليها عدة أم لا؟
نرجو التوضيح، وبارك الله فيكم وفي علمكم.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
الجواب: أن المرأة التي عقد عليها وتوفي عنها زوجها لها حكم الزوجات بموجب العقد، فعليها العدة (عدة الوفاة) ؛ لدخولها في عموم قوله -تعالى-:"وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً" الآية، [البقرة:234] ولها الميراث أيضاً؛ لأنها زوجة، والله أعلم.(11/417)
نظر المعتدة إلى صور الرجال
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 5/8/1424هـ
السؤال
هل يحرم على المرأة التي في عدة وفاة زوجها أن تنظر للرجال في الجرائد أو التلفاز ولو كان ذلك عابراً؟ والقصد هو الاستماع إلى الأخبار أو قراءة الجريدة، وهل يلزمها الاغتسال إذا نظرت إلى الرجال فيهما؟
الجواب
يجوز للمرأة أن تنظر في صور الرجال في الجرائد وفي التلفزيون من دون تلذذ في هذا، ولا يجوز أن يكون في ذلك استمتاع، أما قولها: إذا نظرت إلى الرجال فهل يلزمها الاغتسال؟
نقول: لا يلزمها الاغتسال إلا إذا أنزلت، ولو أنها أنزلت فإنها يلزمها الاغتسال للإنزال، ولا يجوز لها أن تنظر للرجال نظرة تلذذ تدعوها إلى أن يحصل منها شيء من الإنزال.(11/418)
معاملة المطلقة أثناء العدة
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 6/3/1424هـ
السؤال
كيف يتعامل الرجل مع مطلقته أثناء العدة؟ علماً أنها باقية في بيته، وله منها أولاد بالغين معهم في البيت، وليس بينه وبينها أي نزاع، وماذا يحل له منها؟.
الجواب
المطلقة المعتدة على قسمين؛ مطلقة رجعية ومطلقة بائن، والمراد بالمطلقة الرجعية هي التي يجوز لزوجها مراجعتها قبل انقضاء عدتها، إذا كان الطلاق دون الثلاث، ولم يكن على عوض، وهذه حكمها حكم الزوجة غير المطلقة ما دامت في العدة، له أن يخلو بها ولها أن تتجمل له لأنها زوجته.
القسم الثاني: المطلقة البائن وهي التي لا يجوز لزوجها مراجعتها وإن كانت في العدة، فليس له أن يخلو بها، لأنها في حكم الأجنبية. والله أعلم.(11/419)
رفع الصوت بالقرآن قبل الجمعة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ القرآن الكريم وعلومه/مسائل متفرقة
التاريخ 6/3/1424هـ
السؤال
ما حكم قراءة القرآن في يوم الجمعة؟ هل له أصل في الشرع؟ وهل ورد أي حديث أو حتى آثار دلت على ذلك؟ فأنا أقصد تلك القراءة التي تقرأ بالسماعة في كل المساجد قبل الخطبة بفترة، (حيث يسمع كل الناس ولا ينصتون له) ، فإذا أمكنكم أن تعطوا حديثا أو أقوالاً لعلماء تدل على ذلك فهو مناسب. وجزاكم الله خيرا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذا العمل الذي أشار إليه السائل من رفع الصوت في السماعات قبل الخطبة لكي يستمع الناس إلخ.. بدعة، ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، والسنة الواردة عن النبي - عليه الصلاة والسلام- هي تعظيم هذا اليوم بكثرة العبادة كالذكر، أو الصلاة أو القراءة، بأن يتقدم الإنسان إلى المسجد من بعد طلوع الشمس، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا حضر الإمام دخلت الملائكة تستمع الذكر" البخاري (881) ، ومسلم (850) .
ويستحب للإنسان التقدم من بعد طلوع الشمس، وقال بعض أهل العلم: من بعد صلاة الفجر، لكي يتفرغ للذكر والقراءة والصلاة.. إلخ، فيفعل ما هو الأخشع لقلبه هذه هي السنة، وهذا هو الأفضل، وهذا هو هدي الصحابة - رضي الله عنهم-.
وأما رفع الصوت بالقراءة التي قد يستمع بعض الناس لها وقد لا يستمعون إلخ، وقد تشوش عليهم، فهذا كله محدث ليس على هَدْي النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه -رضي الله عنهم-.(11/420)
خروج المعتدة من الوفاة للزيارة
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 15/9/1424هـ
السؤال
توفي والدي - رحمه الله - قبل فترة، ووالدتي الآن في فترة العدة، وقد قامت والدتي بزيارة قريبة لنا مريضة مصابة بداء السرطان وقانا الله وإياكم، وقال الأطباء بأنه في مراحل متقدمة؛ أي أنها لا يرجى برؤها منه، والله لطيف بعباده، ووالدتي لما زارتها طلبت منها السماح، فما حكم هذا الأمر؟ والله المستعان.
الجواب
يلزم المرأة الحداد على زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام، لقوله تعالى: "وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً" [البقرة: من الآية234] ، وحديث: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ على ميت فوق ثلاثٍ إلا على زوجٍ أربعة أشهر وعشراً" رواه الشيخان البخاري (1281) ، ومسلم (1487) من حديث أم حبيبة -رضي الله عنها- وعلى هذا فيلزم المرأة أن تقضي عدة الوفاة في المنزل الذي مات زوجها وهي به، فلا يجوز أن تتحول عنه بلا عذر، وخروجها لعيادة المريض ليس عذراً شرعياً يبيح لها الخروج، فعليها الاستغفار والتوبة ولزوم المنزل حتى تنتهي عدتها.(11/421)
المشاحنة بين الزوجين فترة العدة
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 5/12/1424هـ
السؤال
طلقني زوجي مؤخرا بسبب مشاكل أدخلها هو في حياتي (باعترافه) جراء علاقة قديمة له، وبالرغم من لزومي بيتي خلال فترة العدة إلا أن العلاقة كانت بيننا متوترة جداً؛ لما أشعر به من الألم والظلم والفشل، سؤالي هو: أعلم أن الله يغفر لكل المسلمين إلا المتشاحنين كل اثنين وخميس وليلة النصف من شعبان، وأكذب على نفسي إن قلت إن قلبي صاف من ناحيته بسبب كل ما حدث, فهل يعني هذا أن أعمالي معلقة وأنه لا يغفر لي؟ أنا أُسلم عليه ولست مقاطعة له، لكن يعلم الله بما أعاني منه من إحساس في قلبي، ولا أستطيع معاملته كأي إنسان عادي. فهل أعتبر مشاحنة أم هذا ينطبق فقط على المتقاطعين؟.وجزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
فالذي يظهر لي -إن شاء الله- أن المسلم لا يكلف أن يجعل قلبه وصدره كما لو لم يكن فيه شيء قال -سبحانه-: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة: 286] ، نعم هي منزلة فاضلة محمود من يدركها، كما قال: "وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ" [فصلت:35] ، ولكنها منزلة ليست واجبة، بل لعل الهجر الوارد في الحديث الذي رواه مسلم (2565) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- فلعله يزول بالسلام وبعض الكلام مع محاولة إزالة ما في الصدر، مع العلم أن الهجر إذا كان بسبب معصية فلا يدخل في الحديث، بشرط أن يكون الهجر لله -تعالى- وليس في باطنه انتقام للنفس وانتصار لها، هذا إذا كان الهجر يحقق مصلحة لردع العاصي أو رجوعه، ويكون بقدر محدود فإن لم يكن للهجر فائدة، أو كان يزيد الأمر سوءاً فلا ينبغي حينئذ اللجوء إليه.
وفيما يختص بالمطلقة الرجعية ما دامت في العدة فإنها زوجة لها حكم الزوجات، فلزوجها أن يجلس معها ويخلو بها، ولها أن تتزين له، بل إن الزوج له أن يعاشرها، فإذا حصل منه الوطء فتعتبر رجعة منه حينئذ، مع أنه لا ينبغي له ذلك إلا بنية الرجعة، والأولى أن يراجع قبل ذلك باللفظ.
وعلى الأخت السائلة ألا تمنع الرجل من حقه إذا أراد أو كان يرغب الرجعة، قال الله -سبحانه-: "وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً" [البقرة: 228] ، فالزوج يملك حق الرجعة على امرأته، سواءٌ رضيت أم لم ترض، أو رضي أولياؤها أم لم يرضوا، وقد حكى ابن المنذر الإجماع على ذلك، ولكن يستثنى منه ما إذا كان الزوج قد وجد فيه مانع شرعي تملك به المرأة الفسخ. والله أعلم.(11/422)
عدة المسلمة المفارقة لزوجها الكافر
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 04/04/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
هناك امرأة أسلمت قبل سنة، ولم تكن تعلم عدم جواز الزواج بغير المسلم، وقد تم توضيح الأمر لها، والسؤال: كم هي عدتها الآن إن كانت لها عدة؟ المعروف أن العدة ثلاث حيضات من تاريخ النطق بالشهادة، لكن في هذه الحالة المرأة لم تكن تعلم واستمرت في علاقتها الزوجية، وهي غير سعيدة عندما تفكر بأن عليها الانفصال عن زوجها. هل على هذه المرأة عدة؟ وإلى أي أجل؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعده:
فإن كانت المرأة تزوجت بغير مسلم بعد إسلامها فالنكاح باطل، لقوله تعالى: "وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" [البقرة:221] ،وقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا" [الممتحنة: من الآية10] .(11/423)
أما إن كانت متزوجة به قبل الإسلام فإن لم يسلم زوجها أثناء عدتها فإن عقد النكاح ينفسخ وعدتها إن كانت من ذوات الأقراء - أي الحيض- ثلاثة قروء، وإن كانت لا تحيض فثلاثة أشهر على مذهب كثير من العلماء، واختار بعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- أن عدتها حيضة واحدة فقط لاستبراء الرحم، وقال - رحمه الله -: (وقد تنازع العلماء في امرأة الكافر هل عليها عدة أم استبراء على قولين مشهورين ومذهب أبي حنيفة ومالك لا عدة عليها) ، ا. هـ مجموع الفتاوى (32/337) ، وهذا القول له حظ كبير من النظر لما صح عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: "كان المشركون على منزلتين من النبي - صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين: كانوا مشركي أهل حرب يقاتلهم ويقاتلونه، ومشركي أهل عهد لا يقاتلهم ولا يقاتلونه، فكان إذا هاجرت امرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر، فإذا طهرت حل لها النكاح، فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح ردت إليه"، الأثر رواه البخاري (5286) ، أما إن كانت حاملاً فلا تخرج من عدتها حتى تضع حملها، لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض حيضة" رواه أحمد (3/28) ، وأبو داود (2157) ، والدارمي (2295) ، والبيهقي (9/) والحاكم (2/212) ، وقال: صحيح على شرط مسلم (124) ، قال الحافظ ابن حجر إسناده حسن، التلخيص الحبير (1/171) ، وعلى كل حال فنظراً لكون المرأة قد أسلمت منذ سنة فعليها عدم تمكين زوجها قبل الإسلام منها وأن لا تخلو به بلا محرم وأن تستبرئ رحمها بحيضة واحدة، فإن طهرت فلها الزواج بمن شاءت من المسلمين، كما عليها دعوة زوجها السابق للإسلام لعل الله -تعالى - أن يهديه، فإن أسلم فله مراجعتها. والله -تعالى- أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/424)
قضت عدتها في بيت أهلها
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 11/01/1426هـ
السؤال
طلقت زوجتي طلاقا رجعياً، ومن المفترض أن تبقى عندي بالبيت، ولكن قضت العادات عندنا أن تذهب إلى بيت أهلها وتعطى مصروفاً يحدده القاضي بمثابة نفقة لها، فهل علينا إثم في ذلك؟ كذلك بعد الطلاق تبيَّن أنها حامل، فهل علي لزاماً أن أصرف عليها طول فترة الحمل، وإذا مرضت هل علي علاجها؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله -تعالى- قد شرع للزوجة المطلقة البقاء في بيت زوجها، كما في سورة الطلاق: "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن ... " الآية ... [الطلاق:1] وهذه الآية صريحة في الأمر بعدم إخراج المرأة المطلقة مدة العدة، كما أنها صريحة في نهي المرأة عن الخروج، أما نهيه سبحانه للأزواج بعدم إخراج أزواجهن لأن السكنى تجب عليهم للرجعية، ونهيه النساء عن الخروج حتى لا تضيع من الزوج، فإذا خالف المسلم هذه الأوامر فهو عرضة للإثم؛ لأن الأمر الأصل فيه الوجوب كما هو متقرر عند علماء الأصول، وأما العادات والأعراف إذا خالفت الكتاب والسنة فلا عبرة بها ولا يجوز العمل بها.
أما المرأة الحامل فتجب لها النفقة؛ لقوله تعالى: "وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن" الآية ... [الطلاق:6]
وإذا كان مرض الحامل ناتجاً عن الحمل ودواعيه، فإن القول بوجوب علاجها في هذه الحالة متوجه وذلك لمصلحة الحمل. والله -تعالى- الهادي إلى سواء السبيل.(11/425)
خروج المعتدة من الوفاة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 15/6/1424هـ
السؤال
هل يجوز للمعتدة من الوفاة الخروج مع النساء لحضور المناسبات والعزائم دون اختلاط بالرجال؟ وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع.
الجواب
الحداد اجتناب الزينة وما يرغب فيها وفي النظر إليها من الطيب والتجمل والحناء والكحل، وعلى المرأة المعتدة في وفاة زوجها العدّة في بيتها الذي أتاها فيه نعي زوجها حتى تتم عدتها، لحديث فريعة بنت مالك - رضي الله عنها - وفيه: "أتاني نعي زوجي فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وقلت: إن نعي زوجي أتاني في دار شاسعة ولم يدع نفقة وليس المسكن له، فلو تحولت لكان أرفق لي، قال: تحولي، فلما خرجت إلى المسجد دعاني، فقال: امكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله" رواه النسائي (3528) وأبو داود (2300) وابن ماجة (2031) ، والترمذي (1204) ولها - المعتدة - الخروج لحاجتها نهاراً لا ليلاً، لما رواه البيهقي في السنن الكبرى (7/436) عن مجاهد قال: استشهد رجال يوم أحد فآم نساؤهم وكن متجاورات فجئن إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلن يا رسول الله: إنا نستوحش في الليل فنبيت عند إحدانا فإذا أصبحنا تبدرنا إلى بيوتنا، فقال عليه الصلاة والسلام: "تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن فإذا أردتن النوم فلتؤب كل امرأة منكن إلى بيتها" رواه أيضاً الشافعي في الأم
(5/235) وعبد الرزاق في مصنفه (12077) ، وأخرج البيهقي في السنن الكبرى
(7/436) عن ابن عمر - رضي الله عنهما -قال: المطلقة والمتوفى عنها زوجها تخرجان بالنهار ولا تبيتان إلا في بيوتهما"، وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (18862-18863) عن عمر - رضي الله عنه - أنه رخص للمتوفى عنها زوجها أن تأتي أهلها بياض يومها" وكذا جاء عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه.(11/426)
عدة من لم تعلم بوفاة زوجها
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 27/4/1423
السؤال
سؤالي: زوجة يعمل زوجها في دولة أجنبية، توفي الزوج ولم تعلم الزوجة بوفاته إلا بعد ستة أشهر من الوفاة، فهل على الزوجة أن تعتد في هذه الحالة؟ وما هو الدليل؟ وجزاكم الله كل خير.
الجواب
عدة المتوفى عنها تعتبر من حين الوفاة حسب حالها، فإن كانت حاملاً فبوضع الحمل، وإن كانت غير حامل وهي حرة فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، وإن كانت أمة فعدتها شهران وخمسة أيام، وإذا لم تعلم بوفاته إلا بعد ستة أشهر فقد انتهت عدتها قبل أن تعلم.(11/427)
عدة الطلاق
المجيب ناصر بن محمد آل طالب
القاضي بمحكمة عرعر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 18/6/1424هـ
السؤال
ما هي عدة الطلاق؟ مع الشكر.
الجواب
تختلف عدد الطلاق (بكسر العين) باختلاف الأحوال، فالمرأة المطلقة قبل الدخول بها لا عدة عليها؛ لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً" [الأحزاب:49] .
والمرأة المطلقة أثناء الحمل عدتها بوضع حملها لقوله تعالى: "وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ" [الطلاق: من الآية4] .
وأما المرأة التي لا تحيض إما لكبر سنها أو لصغرها وتسمى الآيسة فإنها تعتد بثلاثة أشهر لقوله تعالى: "وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ" [الطلاق: من الآية4] .
وأما المرأة التي تحيض وليست ذات حمل فعدتها ثلاث حيض لقوله تعالى: "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ" [البقرة: من الآية228] ، وتنتهي عدتها بطهرها من الحيضة الثالثة، والله أعلم.(11/428)
تطيب المعتدة من الطلاق
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 8/11/1424هـ
السؤال
هل يجوز للمرأة المطلقة (حديثة الطلاق) أن تبخر بيتها أو ثيابها؟ وهل يجوز للأولاد الأجانب تحت سن تسع سنوات أن يكشفوا على النساء؟ وجزاكم الله ألف خير على ما تقومون به من خدمة الإسلام والمسلمين.
الجواب
يجوز للمرأة أن تبخر بيتها وثيابها وإن كانت حديثة عهد بطلاق، وإنما التي لا يجوز لها التطيب المعتدة من عدة الوفاة، فيجب عليها الحداد وهو اجتناب الطيب والزينة، والأولاد دون سن التاسعة يعتبرون من الأطفال الذين لا تحتجب عنهم النساء الأجنبيات.(11/429)
عدة المطلقة الحامل إذا أسقطت
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/العدة
التاريخ 06/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
إذا طلقت زوجتي وهي حامل، ثم سقط حملها قبل الولادة، فهل تكون بانت من زوجها وتكون عدتها انتهت؟ وهل هناك فرق في الحكم إن كان سقط الحمل قبل نفخ الروح أو بعد نفخ الروح في الجنين؟. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إذا طلق الزوج زوجته وهي حامل فهذا طلاق سنة؛ لحديث ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال له لما طلق زوجته وهي حائض، قال: "فليطلقها طاهراً أو حاملاً" أخرجه البخاري (4908) ، ومسلم (1471) ، فنقول بأن طلاقه طلاق سنة وهو واقع، وأما بالنسبة للعدة وانتهائها إذا أسقطت الحمل فهذا فيه تفصيل.
فإن كان الذي أسقطت تبين فيه خلق إنسان ولو خفي، كتخطيط يد أو رجل ونحو ذلك فإنه نفاس وتخرج بذلك من عدتها.
وأما إن كان لم يتبين فيه خلق إنسان كأن يكون مضغة لم يتبين فيها خلق الإنسان أو علقة دم أو نطفة فهذا لا تخرج به من العدة؛ لأنه لا يكون نفاساً، وعليها أن تعتد عدتها الشرعية وهي ثلاث حيض. فالعبرة بتبين خلق الإنسان دون ما يتعلق بنفخ الروح. والله أعلم.(11/430)
هل للمعتدة من الوفاة الخروج للزيارة؟
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإحداد
التاريخ 02/05/1425هـ
السؤال
لي قريبة توفي زوجها وهي الآن في أشهر العدة، ولها أربعة من الأبناء أكبرهم يبلغ اثنتي عشرة سنة، السؤال: لقد بلغت سوء الحالة النفسية بها مبلغاً كبيراً خصوصاً لجلوسها مع أبنائها وحيدة في هذا الشهر الكريم (شهر رمضان) ، فهل يجوز لها أن تفعل التالي:
(1) الذهاب إلى بيت والدها لمدة خمسة أيام أو أسبوع.
(2) صلاة التراويح في المسجد.
(3) أداء العمرة.
هذه الأمور ستخفف عنها الكثير، أرجو منكم الإجابة، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فمن توفي زوجها وجبت عليها العدة لقوله تعالى: "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا" [البقرة: 234] ، ويلزمها الإحداد عليه في مدة العدة بأن تلزم بيتها وتجتنب الزينة والحلي والطيب، ويجوز لها أن تخرج من بيتها لقضاء حوائجها في النهار دون الليل، ولا يجوز لها الخروج ليلاً ولا السفر ولا الانتقال من بيتها إلا لضرورة كأن تخشى على نفسها.
ونقل مجاهد أن نساء شهداء أحد قلن للنبي -صلى الله عليه وسلم- نستوحش بالليل أفنبيت عند إحدانا فإذا أصبحنا تبددنا إلى بيوتنا فقال: "تحدثن عند إحداكن ما بدا لكُنَّ حتى إذا أردتن النوم فلتأت كل امرأة إلى بيتها" البيهقي في السنن الكبرى (7/436) ؛ عبد الرزاق في مصنفه (7/36) .
فللمرأة إذا استوحشت أن تخرج للزيارة نهاراً، ولكن المرأة المذكورة في السؤال لديها أبناؤها يمنعون الوحشة عنها.
وعليه فإن للأخت المذكورة الخروج لشراء حوائجها نهاراً، وليس لها السفر للعمرة ولا الخروج لصلاة التراويح ولا المبيت خارج بيتها.
ويمكن أن يزورها أهلها وقرابتها، ولتؤمر بالصبر والاحتساب، وأن توقن أنها مأجورة على صبرها وامتثالها أوامر ربها، والله الموفق.(11/431)
لبس المسلمة السواد حداداً على النصرانية
المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإحداد
التاريخ 07/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخت زوجتي (غير مسلمة) في حالة خطيرة، مغمى عليها بين الحياة والموت في المستشفى، وتريد زوجتي (مسلمة والحمد لله) ، استعدادًا لحالة الموت، شراء ثوب أسود تلبسه حدادًا عند حضور مراسيم الدفن مخافة أن يعيب عليها أهلها (نصارى) ، فهل يجوز لها ذلك؟ وفي أي حالة (عند موت أي الأقارب) يجوز لها ذلك؟ وهل مقرون ذلك شرعًا بثوب معين (في المغرب يلبسن الأبيض، بخلاف نساء المشرق الأسود) ؟ وهل اختلفت المذاهب في ذلك؟ وجزاك الله خير الجزاء.
الجواب
ما سألت عنه من لبس زوجتك السواد حدادًا عند مراسيم الدفن لموت قريبتها، فنقول لك: إن هذا مما لا يجوز؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم- عن الإحداد على ميت فوق ثلاث إلا للزوجة على زوجها. انظر ما رواه البخاري (1282) ومسلم (1486) ، من حديث أم حبيبة، رضي الله عنها- وقد مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، ومات غيره من قواد المسلمين، ومات ثلاث من بنات النبي صلى الله عليه وسلم- في حياته، ولم يحد على أحد منهم، ثم مات- بأبي هو وأمي- ولم يحد عليه الصحابة، رضي الله عنهم، مع عظم المصيبة بموته، وأما الحزن على الميت والبكاء عليه فليس من الإحداد، وهو جائز ما لم يتجاوز الحد المشروع، وهذا في حق من كان مسلمًا، فكيف بمن لم يكن مسلمًا؟ ولا يضير زوجتك لوم أهلها إن وقع، ولتشعرهم بأن هذا من الدين. وفقكم الله.(11/432)
أحكام عدة الوفاة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإحداد
التاريخ 10/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(1) زوجي توفي وكُفِّن، وأريد أن أتصدق بقيمة هذا الكفن لنفس المغسلة؛ حتى لا يكون صدقة عليه فكم أدفع لهم؟
(2) هل يجوز لي استخدام الحنة الحمراء في شعري أثناء الحداد؟
(3) هل يجوز لي الرد على الهاتف لتقبل تعازي أولاد عمي؟
(4) إخوان زوجي متزوجون ويدخلون المنزل للاطمئنان على أبنائي في حضوري مع التستر الكامل، فهل يجوز لي التحدث معهم، مع العلم أنهم لا يطيلون المكوث؟
(5) هل يجوز التثويب له بقراءة القرآن والاستغفار والتسبيح؟
(6) ما هو أجر من أصيبت بوفاة زوجها، وهل يقبل دعائي في هذه الفترة؟
وجزاك الله خيراً.
الجواب
(1) أهل المغسلة تبرعوا لزوجك بالكفن، ولكِ أن تتبرعي لهم بما شئت أكثر من قيمة الكفن أو أقل، لأن تبرعك ليس من باب المعاوضة والبيع، وإنما هو تبرع منك.
(2) ليس لك استخدام الحناء في شعرك أثناء أيام العدة والحداد؛ لما روت أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: دخل علي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-حين توفي أبو سلمة - رضي الله عنه- وقد جعلت على عيني صَبْراً، فقال: ما هذا يا أم سلمة؟ قلت: إنما هو صبر يا رسول الله ليس فيه طيب. قال: إنه يُشبٌّ الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعينه بالنهار، ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضابُُ، قالت: قلت بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: بالسدر تُغلّفين به رأسك" رواه أبو داود (2305) ، والنسائي (3537) .
(3) نعم، لكِ الرد على الهاتف، ولكِ مخاطبة من كلمك بدون خضوع في القول.
(4) نعم لك السلام عليهم، والتحدث معهم فيما فيه مصلحة لك أو لأولادك، مع الستر الكامل لجميع البدن.
(5) يجوز الدعاء، وينفع بإذن الله تعالى، أما إهداء ثواب القراءة والتسبيح فهو محل خلاف بين العلماء -رحمهم الله-.
6) أجرها عظيم عند الله؛ إذا صبرت واحتسبت، قال الله تعالى:"ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين" [البقرة: 155] ، وقال تعالى:"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" [الزمر: 10] ، وقال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين" [البقرة: 153] ، وغيرها من الآيات في جزاء الصابرين، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة" رواه البخاري (6424) .(11/433)
مكان إحداد الخادمة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الإحداد
التاريخ 22/12/1423هـ
السؤال
أحد الإخوة توفي زوج خادمته المسلمة، فهل تحد عنده في غير بلادها أم يسفرها لتحد في بلادها؟ وكيف نعمل والنبي - صلى الله عليه وسلم - أمر المرأة أن تمكث في البيت الذي توفي زوجها وهي فيه حتى يبلغ الكتاب أجله.
الجواب
تحد في بيت من هي مقيمة عنده، ولا تسافر لبلادها وتلزم البيت ولا تخرج إلاّ لضرورة، وتجتنب الزينة والطيب حتى تتم مدّة العدة أربعة أشهر وعشرة أيام إن لم تكن حاملاً، وإلاّ فالعدة بوضع الحمل، وتقوم بالعمل الذي تزاوله في البيت قبل العدّة.(11/434)
العدل بين الزوجات في النفقة
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 7/2/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ حفظكم الله: والدي متزوج من امرأتين، الأولى لا تعمل والثانية متقاعدة عن التدريس ولها راتب لا يقل عن خمسة آلاف ريال.
وسؤالي هل هناك ظلم لو أعطى الأولى مصروف 500 ريال، وترك الأخرى إذ لديها ما يغنيها وليست بالمحتاجة، خصوصاً في السابق وقبل مرحلة التقاعد للثانية لم يكن يعطي أيا منهما بحجة العدل، وكذلك بالمثل لأغراض المنزل وفق عدد العوائل، فالأولى كثيرة والثانية قليلة فهل يقسمها بالنصف؟ وإن كان لديكم توجيهات في العدل بين الزوجات والأخطاء الفادحة كذلك أفيدونا أثابكم الله.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فالجواب: أن العدل بين الزوجات مطلوب شرعاً والنفقة لهن على الزوج واجبة، وبناءً عليه فإنه لا يجوز إعطاء إحدى الزوجتين مصروفاً دون الأخرى بحجة أن لها راتباً تقاعدياً تستغنى به، ذلك أن راتبها مما يخصها، لكن لو عفت للزوج عن المصروف أو أذنت له بإعطاء شريكتها دونها فلا مانع من ذلك.
أما كيفية العدل في المصروفات وأغراض المنزل فهو على قدر الحاجة، فإذا كانت إحدى الزوجتين -كما ذكر السائل- أولادها أكثر من أولاد الأخرى، فلا يلزمه أن يقسم تلك الأغراض بين العائلتين بالسوية لكل عائلة نصف، بل تكون على قدر الحاجة فيزاد لمن أولادها أكثر، والله أعلم.(11/435)
النفقة الواجبة على الزوج
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 6/10/1424هـ
السؤال
أنا أرتدي النقاب، وقد تزوجت الآن من رجل متزوج (أنا زوجته الثانية) ، وتحت ظل ظروفه، فإنه لا يستطيع أن يقوم علي بالإنفاق بشكل كامل، وإحدى الخيارات المطروحة أمامه أن يرسلني إلى بيت أهله كي أعيش معهم في بلاد ما وراء البحار، ووفقاً للشريعة الإسلامية، هل علي مع ذلك أن أعمل، حتى وإن قبلت بأن أعمل جزئياً؟ وهل يتحمل زوجي مسؤولية سداد ديوني حتى أذهب للحج إن كنت لا أستطيع العمل؟ وعندما أعمل ما هي النسبة التي تقترح أن أستقطعها كي أعمل على حساب توفير شخصي للحالات الطارئة مقابل سداد ديوني، أنا لا أزال أسدد بعض المبالغ المطلوبة، علي ديون مختلفة وقد تمكنت من الوفاء ببعض الديون الصغيرة، لكنني لم أتمكَّن من توفير أي مبلغ حتى الآن، وهذا وضع صعب لامرأة متزوجة تعيش في دولة أخرى بعيدة عن زوجها، وليس لها عائلة تعتمد على أفرادها، هل يجوز إسلامياً أن أتقدم بطلب أعلن فيه عن إفلاسي إذا كنت لا أستطيع سداد ديوني، لنقل مثلاً: أنا ذهبت إلى الخارج ولم أعمل، وهل يعد الله -سبحانه وتعالى- ذلك الفعل فيه إخلال مني بالأمانة؟.
الجواب
يلزم الزوج في الشريعة الإسلامية بالإنفاق على زوجته بالمعروف، وهذا من حقوق المرأة على زوجها، قال الله -تعالى-: "لينفق ذو سعة من سعته" [الطلاق:7] ، وقال -تعالى-: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة: 228] ، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" رواه مسلم (128) من حديث جابر - رضي الله عنه-.
والأصل في المرأة أن تقرّ في بيتها وتتفرغ لتربية أبنائها ورعاية زوجها وليست ملزمة بالخروج للعمل، والأفضل أن تكون المرأة بقرب زوجها لتنال حقوقها كاملة، ولكي تتحقق العشرة الطيبة بين الزوجين إلا إذا دعت الضرورة إلى بعد الزوجة عن زوجها، فحينئذ على الزوج أن يراعي زوجته ويبعث لها بالنفقة ولا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر، وإذا لم يستطع زوجك الإنفاق عليك، ورغبت في الاستمرار في عصمته، وعملت في بعض الأعمال التي تزيد في الدخل تطوعاً منك، فإن هذا جائز وتؤجرين عليه شريطة أن يكون الذي تقومين به خالياً من المحاذير الشرعية.
وأما مسألة الديون السابقة فإن زوجك ليس ملزماً بسدادها إلا إذا رغب في ذلك تبرعاً منه، وإذا كنت لا تستطيعين سدادها فإنك تكونين معسرة، ويجوز أن تأخذي من الزكاة لسداد هذه الديون، ولا مانع من إظهار إعسارك لتأخذي المعونات والزكوات التي تعطى للمعسرين.
وعليك أن تسعي في استقطاع جزء من دخلك لسداد هذه الديون، وتقدير النسبة مرجعها إليك، فأنت أدرى بحالك وما يناسبه، ولكن عليك بالتوازن، بحيث لا يؤثر المبلغ المستقطع في معيشتك وحاجاتك الضرورية.
وأما الحج فإنه لا يجب عليك في هذا الوقت ما دمت لا تملكين المال الكافي للسفر، ونفقة الحج.(11/436)
أخذ المرأة من مال زوجها
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 29/12/1422
السؤال
هناك أب نوعاً ما بخيل على أسرته، قليل ما ينفق عليهم، والأم لها أولاد ستة وهي تقوم بأخذ مال معين للإنفاق على الأسرة، فهل هذا حرام أم لا؟
الجواب
أخرج البخاري في صحيحه (كتاب النفقات، 5364) ، ومسلم في صحيحه (كتاب الأقضية، 1714) عن هند بنت عتبة - رضي الله عنها - أنها قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وإنه لا يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، فقال: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف "، والحديث صريح في جواز أخذ الزوجة من مال زوجها إذا كان بخيلاً يقصَّر في النفقة عليها وعلى أولاده مع غناه، على أن إباحة أخذ الزوجة من ماله من غير علمه مقيَّدة بحدود الحاجة وعلى قدر الكفاية بالمعروف (والمعروف، هو: القدر الذي عُرف بالعادة أنه كفاية) ، وعلى هذا فلا يجوز أن تأخذ الزوجة من مال زوجها الشحيح بغير علمه لتنفقه في الترفه، ولا أن تأخذ فوق الحاجة، أما إذا كان الزوج إنما يمنعها التوسع في الترف والأشياء الكمالية، فهذا ليس بشح يبيح الأخذ من ماله من غير إذنه.(11/437)
تربية اللقيط
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 22/8/1423هـ
السؤال
ما حكم تربية طفل لقيط؟ وهل أجره مثل أجر اليتيم؟ وما هو وضعه يوم القيامة؟ وهل يأخذ حقه؟
الجواب
حال اللقيط مثل اليتيم، بل قد يكون اللقيط أشد ضرراً من اليتيم؛ لأن اللقيط فاقد لوالديه واليتيم لأحدهما، واللقيط مجهول النسب، فلا أقارب يرعونه، واليتيم عند أحد والديه وبين أقاربه، وأما عن وضع من ألقاه وتخلى عنه يوم القيامة؛ فهو عند حكم عدل قائل في محكم التنزيل: "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ" [الزلزلة:7-8] ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته" كما في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - الذي رواه مسلم (996) ، هذا إن كان اللقيط من نكاح، فإن كان من سفاح فالإثم أعظم والجريرة أكبر، نسأل الله العافية.(11/438)
العدل بين الأولاد
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 26/10/1423هـ
السؤال
هل يجوز للوالدين أن يجهزا الصبيان بشقق الزواج، بينما يجهزا البنات بحوالي نصف القيمة تقريباً، وجميع الأبناء ليس لهم دخل، أم أن ذلك يعد من قبيل الهبة غير المتساوية؟
الجواب
تجهيز الأولاد للزواج يعد من النفقة لا من الهبة، فيعطى كل واحد من الأولاد حسب حاجته للزواج، ولا يجب التساوي، بل حسب الحاجة، والله أعلم.(11/439)
توفير المرأة من نفقة بيتها
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 22/4/1424هـ
السؤال
أشكر موقع الإسلام اليوم على وجود هذه النافذة للفتاوى، السؤال هو إذا أعطى الرجل زوجته مصروف المنزل، ووفرت هي منه مائة ريال شهريا، ً واشتركت بها في جمعية مع أخواتها ثم تقوم بصرف المبلغ في بعض شؤون المنزل أو شؤونها الخاصة أو تصدقت منه بدون أن تخبر زوجها بذلك لأنها تخجل منه، وهو عنده زوجة أخرى ويدفع لها مصروفها هي وأبناؤها أيضاً، فما حكم هذا التصرف؟ ولكم مني الشكر الجزيل.
الجواب
أما كونها توفر هذا لا يخلو من أمرين:
الأمر الأول: أن تقوم بالواجب في المنزل ولا تقصر فيه فهذا جائز.
الأمر الثاني: أن تقصر في بعض شؤون المنزل لكي توفر، فهذا لا يجوز إلا بإذن الزوج.(11/440)
هل يلزم المرأة الإنفاق على أبيها؟
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 02/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
سؤالي عن راتب البنت في البيت، هل من الواجب أن تصرف في بيت أبيها؟ علمًا أن والدها له راتب كبير وأملاك كثيرة، والأم كذلك لديها راتب، فهل عليها ذنب إذا لم تصرف؟ أفيدونا يرحمكم الله.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن النفقة واجبة على من له حق القوامة، والذي له هذا الحق هو الأب والزوج، قال الله تعالى: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ... " الآية ... [النساء:34] ، وليس على الزوجة أن تنفق في بيت زوجها من مالها، وكذلك البنت، وإنما الواجب على الزوج والأب أن ينفق على الزوجة والبنت وإن كن غنيات. ولكن لا مانع -من باب التعاون والبر- أن تساعد البنت أباها والزوجة زوجها ببعض مالها عن طيب نفس لا إكراهاً. والله تعالى أعلم.(11/441)
هل يلزم الأب المطلق بنفقة ابنه؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 01/09/1426هـ
السؤال
أنا امرأة تزوجت في سن صغيرة، ولم أوفق في زواجي -والحمد لله على كل حال- تم الطلاق وأنا في سن العشرين ولدي ولد من هذا الزواج، توليت تربيته والإنفاق عليه حيث طلب مني زوجي أن أتنازل عن مصاريفه والإنفاق عليه مقابل الطلاق، وبعد عشر سنوات رزقني الله بالرجل الصالح -والحمد لله- زوجي ملتزم ومتعلم وذو خلق ودين ووضعه المادي جيد، وقد وافقت عليه لأخلاقه، ورغبة مني في الستر, إلا أن زوجي متزوج وزوجته الأولى متعلمة، إلا أنني بعد الزواج تفاجأت بالسلوك غير الحميد من ناحيتها، وبالاتصال علي والتلفظ بما لا يليق، وإرسال الرسائل التي تتهمني فيها بغش زوجها واستدراجه للزواج منه، والله هو العالم أنني لم أفعل ذلك -والحمد لله- الذي مكنني من ضبط مشاعري وعدم الرد عليها، بل ومراعاة ظروفها ووضعها النفسي، كما أنني ألاحظ عدم العدل من قبل زوجي من ناحية المعاملة، فمثلاً أجده يراعي وضعها النفسي، ويشفق عليها ويتحمل منها ما لا يتحمل مني، ولا أجد القبول منه بل أجد الانتقاد.
سؤالي الأول هو: هل يحق لزوجي السابق أن يشترط ألا ينفق على ابنه شرطاً للطلاق؟ وما الحل في هذا الموقف؟
السؤال الثاني: هل هناك حل شرعي لمن ترغب في الستر، سواء كانت أرملة أو مطلقة غير الزواج برجل متزوج. وإن كان العرف في هذا الزمن يعتبر الزواج من رجل متزوج جريمة وخراب ديار؟!
ثالثا: ما الموقف الذي أتخذه مع زوجي وزوجته؟
أخيراً: أنا لا أجد حلاً لما أنا فيه سوى الدعاء، إلا أنني غالباً أفكر في طلب الطلاق، وأجد أن زوجي لن يمانع في ذلك، لأنه غير متمسك بي، وهو رجل فاضل، إلا أنني لا أرى أن لي مكاناً عنده. أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فنفقة الأولاد واجبة على والدهم بلا خلاف؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت"، رواه أحمد (6495) وأبو داود (1692) والنسائي في الكبرى (9177) ، من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-.
ولكن لو طلق الرجل زوجته بناءً على طلبها مقابل تحملها نفقتهم صح ذلك، وعدَّه بعض العلماء خلعاً لا طلاقاً؛ لأن ركن الخلع أن يكون بعوض مالي والنفقة مال.
ويلاحظ أن الأخت السائلة لم تسأل عن ذلك إلا بعد مرور عشر سنوات من الطلاق، ورضاها بذلك طيلة الفترة الماضية لكونها موظفة تستطيع أن تنفق على نفسها وعلى ولدها.
والحل هنا إن كان يشق على الأخت السائلة النفقة أن توسط من تراه صالحاً من أهل العقل والدين لإقناع مطلقها بالنفقة على ولده منه وتذكيره بفضل هذه العبادة الجليلة، وفي حال عجز السائلة عن النفقة رجعت النفقة على والد الطفل حتماً حتى لا يتضرر.
أما الحل الشرعي لمن ترغب في الستر فهو الزواج، سواء برجل متزوج أو غير متزوج، وليست المرأة مجبرة على الزواج برجل متزوج، ولكنه خير من بقائها بلا زوج، خاصة أن الأخت السائلة تثني على زوجها، وأنه متعلم وذو خلق وأنه فاضل، فهذا مكسب عظيم إذ يعز وجود مثل ذلك.(11/442)
أما ما ذكرته السائلة من أن الزواج من رجل متزوج جريمة وخراب ديار فهذا غير صحيح؛ فكثير من النساء الأبكار صغيرات السن -فضلاً عن المطلقات والأرامل- قد تزوجن برجال معددين وعشن حياة سعيدة وطيبة، ولو أن الزواج برجل متزوج جريمة وخراب ديار لما أقدم الناس عليه بهذه الصورة، بل هو أمر جائز شرعاً ومقبول عرفاً وواقع حساً، أما نظرة البعض القاصرة تجاه التعدد فهي مما لا قيمة له لمخالفته الأدلة الشرعية.
أما الموقف الذي تتخذينه مع زوجك فهو التقرب إليه والصبر على ما قد يصدر منه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن خير النساء؟ قال: "التي تطيع إذا أمر، وتسر إذا نظر، وتحفظه في نفسها وماله" رواه الطيالسي في مسنده (2325) ، والنسائي في الكبرى (8961) .
وأنت موعودة بأجر عظيم، فعن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجا، قيل لها: أدخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" رواه أحمد (1661) ، ورواه ابن حبان (4163) ، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-
واعلمي أنك في بداية الطريق، والألفة والمحبة تنمو وتزداد مع مضي الوقت، خاصة مع تقربك إليه وعدم إشعاره بما ذكرتيه هنا، وابتعدي عن وساوس الشيطان الذي يتمنى أن يفرح بطلاقك عاجلاً غير آجل، ولا تكوني عوناً له في طلاقك.
أما ما ذكرتيه من غيرة زوجته الأولى فهذا أمر طبعي لا يسلم منه أحد، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: "غارت أمكم" ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفة من التي هو في بيتها، فدفع الصحفة، الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت. رواه البخاري (4927) ، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/443)
إسقاط الزوجة النفقة والسكن
المجيب ناصر بن محمد آل طالب
القاضي بمحكمة عرعر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 15/6/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أفيدونا جزاكم الله خيراً عن النفقة والسكنى للمرأة، هل هي من الحقوق الخاصة بها التي تستطيع أن تسقطها، أم هي ثابتة لها لا تسقط بإسقاطها؟ وهل يجوز للرجل أن يتزوج بالمرأة بشرط أن لا نفقة لها ولا سكني؟ لأنه تكثر في روسيا نساء يردن الزواج ولا يجدن من يتزوج بهن، وهن راغبات في الزواج وراضيات بإسقاط النفقة والسكن، وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم.
الجواب
السكن والنفقة والمبيت والمهر من حقوق المرأة الخاصة التي لها أن تسقطها أو تسقط بعضها ولا حرج في ذلك.
قال الله عز وجل عن المهر: "فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً"
[النساء:4] وقد أسقطت أم المؤمنين سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - حقها في المبيت ووهبته لعائشة - رضي الله عنها - انظر ما رواه البخاري (5212) ، ومسلم
(2445) من حديث عائشة -رضي الله عنها- ومثله السكن والنفقة.
إلا أن المرأة لها أن تعود فيما أسقطته، فلها مثلاً أن تطالب بالنفقة مستقبلاً بعد أن كانت قد أسقطتها، والله أعلم.(11/444)
هل يلزمني علاج مطلقتي وقت العدة؟
المجيب صالح بن راشد الغيث
القاضي بالمحكمة العامة بمحافظة بلقرن
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 04/07/1426هـ
السؤال
هل أقوم بدفع مصاريف علاج وفترة إقامة مطلقتي عند أهلها، علماً أنها هي التي طلبت الطلاق وهي حامل؟
الجواب
الحمد لله وحده وبعد:
فإن كانت هذه المطلقة طُلِّقت طلاقاً رجعياً، ولا زالت في العدة، فإن لها النفقة بكل حال، لأنها كما قال تعالى: "وبُعُولتهنَّ أحق بردهن في ذلك" [البقرة:228] .
وقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس: "انظري يا بنت آل قيس، إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رجعة، فإذا لم يكن له عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى". رواه أحمد (27100) ، وأصله في صحيح مسلم (1480) .
ولأن هذه المرأة المطلقة حامل فإن لها النفقة ولو كان طلاقها طلاقاً بائناً بينونة كبرى أو صغرى بإجماع أهل العلم، لقوله تعالى: "وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهنَّ حتى يضعن حملهنَّ" [الطلاق:6] .
وقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس في إحدى الروايات: "لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملاً" رواه أبو داود (2284) . وأصله في صحيح مسلم (1480) .
والنفقة واجبة من أجل الحمل؛ لوجوبها بوجوده وسقوطها بعدمه، ولأن الحمل ولدك فيلزمك الإنفاق عليه، ولا يمكنك الإنفاق عليه إلا بالإنفاق على مطلقتك [المغني (11/402) ] .
والحكمة في ذلك أيضاً (أن الأصل التشارك في النفقة لأجل بقاء الحياتين، ولكن نفقتك على ما في بطنها واجبة على وجه الانفراد، وحملها للولد في بطنها، والمشقة الناشئة عن ذلك أوجب أن تكون كالأجرة لها وجبرًا لخاطرها، وأن لا يكون عليها فيها شيء، وهذا من تمام الحكمة والرحمة والعدل) كما قال ابن سعدي -رحمه الله تعالى- في الفتاوى (393) .
وأما بالنسبة لمصاريف العلاج، فإذا كان العلاج لمصلحة الحمل، فهو داخل في النفقة الواجبة من أجل الحمل.
أما إذا كان العلاج لمصلحة الزوجة أو المطلقة فإنه لا يلزمه ذلك. قال ابن قدامة -رحمه الله-: (ولا يجب عليه شراء الأدوية ولا أجرة الطبيب؛ لأنه يراد لإصلاح الجسم، فلا يلزمه كما لا يلزم المستأجر بناء ما يقع من الدار، وحفظ أصولها، وكذلك أجرة الحجَّام والفاصد) [المغني 11/354) ] .
والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/445)
مقدار نفقة الزوجة
المجيب سامي بن محمد الخليل
مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 20/12/1424هـ
السؤال
ما هو مقدار النفقة للزوجة؟ وهل تكون كل سنة مرتين بالنسبة للكسوة؟ وخصوصاً أن الزوج لا يسأل في كسوة أهله؟ وهل للمرأة أن تطلب النفقة مالاً تنفقه كيفما تريد؟ وإذا كان الزوج لا يعترف بكسوة زوجته كل سنة ما الحكم؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
ليس للنفقة على الزوجة مقدار معين، وإنما يجب على الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف، فيطعمها، ويكسوها، ويسكنها بالمعروف، وليس للمرأة أن تطلب مالاً لتنفقه، وإنما ينفق عليها هو بالمعروف، ولا يجوز للزوج أن يمنع زوجته الكسوة، وإنما يجب عليه أن يكسوها بحسب ما تعارف عليه الناس، ولا يحدد ذلك بسنة أو أقل ولا أكثر، وإنما حسب العرف وحسب حال الزوج من فقر أو غنى.(11/446)
أخذ المرأة من مال زوجها بغير علمه
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 06/09/1426هـ
السؤال
هل يحق للزوجة أن تأخذ مال زوجها بغير علمه؟ وهل يجوز لها أن تكذب عندما تحتاج المزيد من المال، إذا كان الزوج غير عادل، ولا يعطي زوجته ما يكفيها من المال؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فيحق للزوجة أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها وولدها بالمعروف بغير إذنه، إذا كان الزوج يقصر في نفقتها ونفقة أولادها؛ لما رواه البخاري (2211) ومسلم (1714) أن زوجة أبي سفيان -رضي الله عنها وعن زوجها- قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل عليَّ من جناح؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك". والله أعلم.(11/447)
هل ينفق على ولده البالغ
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 15/1/1425هـ
السؤال
زوجي عنده ولدان من زوجة سابقة. كانا يعيشان معنا حتى فترة قريبة حيث قامت أمهما باختطافهما والهرب بهما. وهي ترفض حكم المحكمة التي قضت بحضانة زوجي للأولاد. والمحاكم عندنا تعمل وفق الدين النصراني.
وهذه المرأة رفعت قضية علينا للنفقة على الأطفال مع أنها تتحدى قرار المحكمة في هذا الشأن. والمبلغ الذي تطلبه للأطفال فوق طاقتنا. لكن المحكمة ترى الأمور بطريقة مختلفة وسيجبرون زوجي على العمل في وظيفة ثانية للإنفاق على الأولاد. علماً بأن الولدين بالغين. هل لكم أن تقدموا توجيهاً لنا بهذا الخصوص. وهل يحرم على المرأة هذا المال الذي تطالب به؟ وهل يوجد سورة في القرآن يقرأها الشخص لينفرج ضيقه وهمه؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فأما الأولاد (أو الأبناء بمعنى أدق) إذا كانوا بالغين راشدين فإنه لا حضانة لأحد عليهم، ولهم الخيار في الإقامة عند من شاءوا من الأبوين، ولهم الانفراد بأنفسهم إذا شاءوا لاستغنائهم عنهما، كما صرح بذلك ابن قدامة في المغني (11/414) ، وغيره من العلماء، ولكن لا يجوز أن يقطعوا برهم بهما، وإذا احتاج أحدهما إلى الخدمة والرعاية فإنه يجب عليهم القيام بذلك قدر الاستطاعة؛ لوجوب برهما بمقتضى النصوص الشرعية الصريحة في هذا الشأن.
أما بالنسبة للإنفاق على الأولاد البالغين، فإنه يجب على الأب إذا كان موسراً (لديه ما ينفق عليهم) ، وكانوا محتاجين للنفقة؛ لعموم قوله -تعالى-: "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" [البقرة: 223] .
وأما إذا كان الأب معسراً، أو ليس لديه ما ينفق عليهم، فإنه لا تلزمه نفقتهم شرعاً، لا سيما وأن والدة الولدين قد انتزعتهم من منزل والدهما الذي كان مسكناً لهما، وكانا يشتركان فيه مع والدهم في المأكل والمشرب.
وعلى هذا فلا يجوز للوالدة أن تطالب الوالد بالنفقة والحالة هذه، وإلزام المحكمة للوالد بالعمل في وظيفة أخرى لينفق على أولاده هو ضريبة من ضرائب الإقامة في بلاد الكفر، فنسأل الله -تعالى- أن يعينكم على ما أنتم فيه.
وأوصيكم بحل هذه المشكلة عن طريق الصلح وإدخال طرف ثالث للتوفيق بين الزوج وأم أولاده، لأن هذا الصلح يقلل من حجم الخسائر المادية والمعنوية بين الطرفين.(11/448)
وأما ما يفرج الهم ويزيل الضيق، فهو قراءة كتاب الله -تعالى-، وتدبره، والتعلق بالله -تعالى- عند نزول المصائب واستحضار المؤمن بأنه مبتلى في هذه الدنيا، وأنه مأجور عند الله -تعالى- إذا احتسب ذلك، ومن الأحاديث الواردة في إزالة الهم والحزن، ما رواه عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حُزني، وذهاب هَمِّي، إلا أذهب الله -عز وجل- همه، وأبدله مكان حزنه فرحاً، قالوا: يا رسول الله: ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قال: "أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن" قال المنذري في الترغيب والترهيب (2/383) ، رواه أحمد (4306) ، والبزار، وأبو يعلي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، كلهم عن أبي سلمة الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود - رضي الله عنه-، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم إن سلم من إرسال عبد الرحمن عن أبيه قال الحافظ: ولم يسلم" ا. هـ، ومن الأدعية المأثورة: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضَلَع الدين، وغلبة الرجال" أخرجه البخاري في صحيحه برقم (6369) عن أنس -رضي الله عنه-. ومما يزيل الهم، ويوسع على المؤمن، الهجرة من بلاد الشرك، كما أخبر بذلك ربنا -عز وجل-، حيث قال: "ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة" [النساء من الآية: 100] قال ابن جرير في تفسيره لهذه الآية (5/242) : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: إن الله أخبر أن من هاجر في سبيله يجد في الأرض مضطرباً ومتسعاً، وقد يدخل في السعة، السعة في الرزق، والغنى من الفقر، ويدخل فيه السعة من ضيق الهم والكرب الذي كان فيه أهل الإيمان بالله من المشركين بمكة وغير ذلك من معاني السعة التي هي بمعنى الروح والفرج من مكروه ما كره الله للمؤمنين بمقامهم بين ظهري المشركين في سلطانهم.." ا. هـ والله -تعالى- أعلم.(11/449)
ينفق على إخوته ويحرم أبناءه
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 23/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبي يرسل ماله كله إلى أخته وإخوانه المتزوجين، ونحن الآن لا نملك حتى ثمن الخبز، وكل ما لدينا يأخذونه منا، وعندما نناقش والدي يقول: إخوتي وأمي قبلكم، مع العلم أنهم يشتغلون ومتزوجون، ولديهم الأولاد، إلا أخته غير متزوجة، ولكنها معيدة في الجامعة، ودخلها أكثر من دخلنا، فأستحلفكم بالله كيف لنا أن نعيش بدون المال، وكل ما لدينا في يدهم؟ وما الحل مع والدي الذي لا هم له في الدنيا سوى أهله؟ أما نحن فعلى الهامش، فمن يعولنا إن كان والدي هكذا؟. والسلام.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فقد اشتمل سؤال الأخت السائلة على مسائل متفرقة منها:
أولاً: حكم نفقة الزوجة والأولاد، وجوابها: أنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف، كما يجب عليه أن ينفق على أولاده كذلك؛ لأدلة كثيرة منها ما رواه عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت" رواه أبو داود (1692) ، وأحمد (2/160) ، وصححه الحاكم (1/415) ، والنفقة عليهم من أجل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك" رواه مسلم (995) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وعن ثوبان - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله" رواه مسلم (994) .
ثانياً: حكم النفقة على الوالدة والإخوة والأخوات: إن كانت الأم فقيرة ومحتاجة إلى النفقة وجب على أولادها أن ينفقوا عليها بالمعروف، والنفقة واجبة على القادر من الأولاد، فإن كانوا جميعهم قادرين وجبت عليهم بالتساوي.
أما النفقة على الإخوة والأخوات: فنفقة القريب - عدا الوالدين وإن علوا، والأولاد وإن نزلوا - لا تجب إلا بثلاثة شروط:
الأول: أن يكون المنفق وارثاً لمن ينفق عليه؛ لقوله تعالى: "وعلى الوارث مثل ذلك" [البقرة: من الآية 233] .
الثاني: فقر المنفق عليه وعجزه عن التكسب، فإن كان أحدهم قادراً على التكسب وتركه سقطت نفقته لكون التفريط منه.
الثالث: غنى المنفق، فإن كان فقيراً فإنه لا تلزمه نفقتهم، ومن وجبت نفقته فالواجب قدر إرثه منهم، وباقي النفقة على باقي الورثة.
ثالثاً: لا يجوز للوالد أن يقصر في نفقة أولاده وزوجته الواجبة عليه لأجل الإحسان إلى غيرهم ممن لا تجب نفقتهم عليه.
رابعاً: يحرم على المرء أن يعتدي على مال غيره، وأن يأخذه بغير علم منه ورضا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه" رواه أحمد (5/72) ، وأبو يعلى (1570) ، والبيهقي في الخلافيات، وحسنه كما في (خلاصة البدر المنير2/88) .(11/450)
خامساً: دعوى أن والدك مسحور تحتاج إلى تثبت وتبين بأن يُعرض على أحد طلبة العلم الشرعي ممن يعرف المسحور من غيره، ولا يجوز عرضه على كاهن أو ساحر، أو عراف، أو غيرهم ممن لا يحل الذهاب إليهم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً" رواه مسلم (2230) عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن ثبت أنه مسحور فعليكم علاجه بالرقية الشرعية.
سادساً: لعل ما يصدر من والدكم نتيجة عكسية لأمر قد صدر منكم، سواء بعدم احترامه أو الإكثار عليه في الطلبات مما لا يجب عليه تأمينه أو عدم شكره والثناء على ما يقدمه لكم، لذا فإنه مع كل ما ذُكر يجب عليكم الإحسان إليه وبره، وعدم إظهار الضجر منه؛ لأن منزلة الوالدين عند الله -تعالى- عظيمة، قال -تعالى-: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً" [الإسراء: 23] ، وقال تعالى: "ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً" [الأحقاف: 15] ، ولا تجعلوا الدنيا سبباً لمعاداة والدكم؛ فعقوقكم له لا يقل إثماً عن تقصيره في النفقة عليكم.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/451)
التسوية بين الأولاد في النفقة
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 19/5/1425هـ
السؤال
نحن خمسة إخوة متزوجون، كان والدنا -رحمه الله- قد أعطى في حياته لثلاثة منا مصاريف للعلاج، وكان يعطي لبعضنا مصاريف أخرى بسبب ظروفهم المادية السيئة، ولم يعترض أحد في هذا الأمر, وهذه المبالغ غير متساوية، كل واحد أخذ من الثلاثة حسب حاجته للعلاج، الخ، أما الباقي الاثنين فقالا لوالدنا: إنك أعطيت للثلاثة فماذا عنا الاثنين؟ فكان يقول: حاضر سأعطيكما، ومرت السنين ولكنه لم يعطهما، وعندما أصبح عاطلاً عن العمل، قال له الاثنين: الآن أنت محتاج للمبلغ عندما نحتاج سنأخذ منك, الآن وقد توفي والدنا، وتم احتساب الميراث حسب القسمة الشرعية، والسؤال هو: هل يجب علينا أن نخرج من الميراث ونعطي الاثنين الباقين؟ وإذا رفض أحد الإخوة أن نعطي للاثنين، فهل هذا سيكون ديناً على والدنا؟ وجزاكم الله ألف خير.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فالجواب: أنه مما لا شك فيه وجوب عدل الوالد في عطيته لأولاده؛ لما جاء في الصحيحين البخاري (2587) ، ومسلم (1623) في قصة النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- حينما نحله أبوه غلاماً دون سائر إخوته، قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا، قال - صلى الله عليه وسلم: "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم".
لكن ما دام أن والدكم - رحمه الله - خص بعضكم لسبب شرعي؛ كما جاء في السؤال حيث أعطى البعض مصاريف للعلاج، وأعطى أيضاً بعضاً آخر لظروفهم المادية، ولم يعط الباقين لعدم حاجتهم إلى ذلك، فإن هذا جائز في قول كثير من أهل العلم، فهو قول لأبي حنيفة، ومذهب الشافعي، ورواية عن أحمد، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، فقد جاء في الإنصاف للمرداوي (7/139) ما نصه: وقيل: إن أعطاه لمعنى فيه من حاجة أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة، أو لاشتغاله بالعلم ونحوه، أو منع بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يعصي الله بما يأخذه ونحوه جاز التخصيص، واختاره المصنف، ثم ذكر أنه رواية عن أحمد، وأنه قوي جداً، وانظر إلى مجموع فتاوى ابن تيمية، تجميع ابن قاسم (31/295) .
هذا وبناء على ما تقدم فإنه ليس على والدكم شيء، وكونه وعد الباقين بإعطائهم ولم يعطهم أيضاً لا يلزمه؛ لأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض. والله أعلم.(11/452)
تقديم هدايا لإحدى الزوجتين
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 21/3/1425هـ
السؤال
رجل متزوج من امرأتين، إحداهما من بلدة والأخرى من بلد آخر وبطبيعة الحال يضطر الزوج أن يسافر برفقة زوجته الأخرى لزيارة أهلها، وكما هو معروف يتبع هذه الزيارة شراء هدايا ومصاريف أخرى للزوجة والرحلة، هل يحق للزوجة السعودية المطالبة بتلك المصاريف؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
العدل يكون بين الزوجات في أمور:
الأول: في النفقة، وهذا يكون بحسب الحاجة، فهذه قد تكون زوجة لها أولاد فتحتاج إلى نفقة أكثر، وهذه قد لا يكون لها أحد فلا تحتاج إلى نفقة أكثر، أو هذه قد تلف ثوبها وتحتاج إلى ثوب، والأخرى لم يتلف ... إلخ.. المهم أن ضابط العدل في النفقة يكون على حسب الحاجة.
الثاني: العدل في القسم، وذلك بأن يكون لكل واحدة ليلة، أو بحسب ما يتراضى الزوجان، أو الأزواج عليه، فإذا تراضوا على ليلتين وأكثر فإن هذا جائز، والسنة أن يكون كهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-.
الثالث: العدل في الهبة، والعدل في الهبة هل هو واجب أو ليس بواجب، هذا موضع خلاف بين أهل العلم، والصواب ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- وأنه يجب على الزوج أن يعدل بين زوجاته، في الهبة، فإذا أعطى كل واحدة ما تحتاجه من الهبة، فإنه ليس له أن يزيد على ذلك هبة إلا أن يسوي بين الزوجات.
ومثل ما يتعلق بحوائج السفر ... إلخ، داخل في القسم الأول، فمن كانت محتاجة إلى سفر وتحتاج إلى نفقة فيه، فإنه يعطيها بقدر حاجتها.
القسم الرابع: العدل في المحبة، وميل القلب، وما يتبع ذلك من جماع واستمتاع، ونحو ذلك، فهذا لا يجب العدل فيه؛ لأن هذا أمر قلبي، ولا يتمكن منه الإنسان، والله - عز وجل- قال: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم"، وأيضاً النبي - عليه الصلاة والسلام- سُئل: أي الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة"، وعائشة -رضي الله عنها- ذكرت أنها كانت أحظى زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- عنده؛ كما جاء ذلك في صحيح مسلم.(11/453)
أخته موظفة، فهل تلزمه نفقتها؟
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 17/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
والدي متوفى، وأختي تبلغ من العمر 27 سنة، وهي تعمل مُدرسة، ولها راتب يكفيها وزيادة، فهل أنا ملزم بإعالتها كشراء ملابس عيد لها أو غير ذلك؟ وهي تستلم راتباً يزيد عن حاجتها وتسكن في بيت الوالد. جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا يلزمك النفقة الشرعية على أختك المذكورة؛ لكونها مستغنية بوظيفتها، فمن شروط النفقة عليها وعلى أمثالها من الحواشي ألا يكون لديها مال تستغني به، وما دامت لديها وظيفة تستغني بها فلا تجب عليك نفقتها، ولكن لا شك أن إهداءها وصلتها بالمعروف بين الحين والآخر من المعروف المأجور عليه بين الأقارب، وهو من صلة الرحم، قال تعالى: "يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين ... " الآية ... [البقرة:215] والله -تعالى- أعلم.(11/454)
هل للأب أخذ إعانة أولاده الحكومية؟
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 09/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخت مسلمة، تعيش في فرنسا وهي من أصل عربي، هذه الأخت متزوجة وعندها أربعة أولاد، وهي تحب أن تعرف هل يحق للزوج التصرف بالمساعدة النقدية التي تعطيها الدولة للأطفال ولها أيضاً؟ علما بأنه ليس بحاجة إلى هذا المبلغ من المال، وكذلك فهو يقوم بواجبه في الإنفاق على الأسرة، أفيدونا وبارك الله فيكم. وأرجو أن تأخذوا في الحسبان بأن أكثر المشاكل هنا وخاصة الطلاق بسبب استقلالية المرأة وخاصة من الناحية المادية.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن كان الأولاد المذكورون ليسوا أولاده، بل أولاد زوجته من زوج سابق، فلا يجوز لهذا الزوج أن يأخذ شيئاً من الإعانة التي تصرفها الدولة لهؤلاء الأولاد، لكونهم ليسوا من ذريته، أما إن كان الأولاد الأربعة أولاده من صلبه، فله أن يأخذ مما تعطيهم الدولة إعانة لهم بشرط ألا يكونوا محتاجين لهذه الإعانة بأن كانت فاضلة عن حوائجهم الأصلية، ولا تضر بهم، وكان الأب فقيراً محتاجاً لها، فحينئذ له أن يأخذ من هذه الإعانة؛ لما جاء عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أن رجلاً شكا إليه أن أباه أخذ ماله، فقال عليه الصلاة والسلام: "أنت ومالك لأبيك". أخرجه أبو داود (3530) ، وابن ماجة (2292) .
أما إن كان هو مستغنياً عنهم وليس بحاجة للمال، فلا يأخذ شيئاً من إعانتهم، لاسيما مع حاجتهم لها، وأما ما يصرف للزوجة من إعانة فلا يسوغ له بحال أن يأخذ منه شيئاً إلا بطيب نفس من زوجته، بل يجب عليه النفقة بالمعروف حسب حاله على زوجته ولو كانت غنية، وكذا تجب عليه النفقة على أولاده بالمعروف عند حاجتهم لها. والله -تعالى- أعلم.(11/455)
اختار حضانة أمه فهل تسقط نفقته عن أبيه؟
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 11/03/1426هـ
السؤال
إذا افترق الزوجان، وكان لهما ابن عمره 15 عاماً واختار أمه، فهل للأم مطالبة والد ابنها -قضاءً- بفرض نفقة مستقبلية، أم يصرف النظر عن طلبها؟ علما أن الابن غير متكسب.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا افترق الزوجان، وتوَّلت الأم حضانة ابنها باختياره لها، أو قسراً بحكم مصلحة المحضون، فإنه يجب على الأب بذل نفقة ابنه؛ حتى يتمكن من الاكتساب والإنفاق على نفسه، ويغتني عن نفقة أبيه؛ لقوله تعالى: "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" [البقرة:233] . وعن عائشة -رضي الله عنها- أن هند بنت عتبة -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله: إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال صلى الله عليه وسلم: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" أخرجه البخاري (5364) ، ومسلم (1714) .
فإذا لم ينفق الأب على ابنه وكان الابن دون البلوغ فإن لأمه أن تطالب الأب بالنفقة عليه؛ لأنها حاضنته، وهي المتولية لرعايته وقبض نفقته لعدم تمكنه من تدبير شئونه.
وأما من كان بعد البلوغ - بأن تجاوز الخامسة عشرة من عمره- فإنه ليس لأحد عليه حضانة؛ لبلوغه، ويمكنه أن يطالب والده بنفقته ما دام محتاجاً، وليس لأمه أو غيرها أن تطلب نفقته إلا بحكم الوكالة عنه؛ لأنه ببلوغه ورشده ليس لأحد عليه ولاية في تصرفه المالي، وليس لأحد أن يقبض عنه أو يبيع أو يشتري إلا بوكالة عنه، وهذا الأمر واضح جلي بحمد الله.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.(11/456)
نفقة المطلقة
المجيب سالم بن ناصر الراكان
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 23/03/1426هـ
السؤال
تركت زوجتي حاملاً في بلدي، وسافرت إلى بلد آخر، ولما رجعت مرة أخرى إلى بلدي طلقتها، ولم أقربها قبل الطلاق، فهل لها نفقة؟ أي للزوجة بعد الطلاق، ولأي مدة؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
يختلف الحكم تبعاً لعدد الطلقات، فإن كانت هذه الطلقة هي الثالثة، والمرأة لا تزال حاملاً فتجب لها النفقة حتى تضع حملها، وإن كانت المرأة قد ولدت فليس لها سكنى ولا نفقة، وأما إن كان هذا الطلاق رجعياً أي غير بائن، فتجب لها النفقة والسكنى؛ لأنها لا تزال زوجة ما لم تنته العدة، فإذا انتهت عدتها، ولم يراجعها زوجها فإنها تبين منه، وتصبح أجنبية عنه، وليس لها -في هذه الحالة- حق في النفقة أو السكنى. والعلم عند الله تعالى.(11/457)
اختلط مالها بمال أولادها الأيتام
المجيب صالح بن راشد الغيث
القاضي بالمحكمة العامة بمحافظة بلقرن
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 26/02/1426هـ
السؤال
أنا أرملة لزوج قد توفي منذ أشهر، وأمكث مع أهلي في منزلهم، ولي ولدان صغيران، ولزوجي راتب لم يصرف من عمله حتى الآن، ويأتي لأولادي مصروف بسيط من جدهم، لكن في حال صرف الراتب مثلا وكان قدره عشرة آلاف ريال، فهل لي نصيب منه؟ وكم نصيب أبنائي وجدهم وجدتهم، وفي حال كتب الله لي الزواج هل يستمر لي نصيب أم أتوقف عن ذلك؟ كذلك وجودنا في منزل أهلي كيف يكون طريقة صرفي والأمور مختلطة والتدقيق في المصاريف أمر صعب وهذا مال أيتام، فماذا عساي أن أفعل؟ كذلك جدهم رافض وصول الراتب إلى يدي بحجة أنه مسؤول عنهم، وأي مال يحتاجونه نطلبه ونخبره وهو يرسله، فهل لي أن أطلب نصيب أبنائي وأنا أتصرف به بحرية، أي هل هذا حق شرعي لي؟ وحضانة الولدان هل هي من حقي أم من حق جدهم، وفي حالة زواجي هل يختلف الأمر؟ وجزاكم الله خيراً، وسدد خطاكم، ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأجيب مستعيناً بالله تعالى بأن ما للمتوفى من أموال وحقوق ومستحقات، فهذه تقسَّم على الورثة حسب الميراث الشرعي، ولا أثر للزواج في ذلك.
وأما الراتب التقاعدي فهذا إن كان على نظام المعاشات فلأولادها نصيب محدد ولها نصيب محدد أيضاً ما لم تتزوج.
وبالنسبة لما ذكرته السائلة من الأمور مختلطة في بيت أهلها، فما دام - كما ذكرت- وأنها قد تحتاج لشيء من مصروف أولادها في أمورها الخاصة فلعله - والله تعالى أعلم- أنها إذا اجتهدت المرأة في مال أولادها الأيتام في إصلاحه وعدم قربانه إلا بالمعروف وبالتي هي أحسن، وهي - بإذن الله تعالى- لن تأخذ منه إلا قدر حاجتها، فنسأل الله ألا يكون فيه شيء، والله -تعالى- في كتابه العزيز يقول: "يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح" [البقرة: 220] ، وقال تعالى: "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده" [الأنعام: 152] ، فعلى هذه المرأة الاجتهاد في حفظ مال أولادها الأيتام ما أمكن، وبذل الجهد في تنميته.
أما بالنسبة للحضانة والولاية على الولدين فإن كان والدهما أوصى قبل وفاته، فالولاية تكون لوصي الأب إلا فالولاية مرجعها للقضاء والحاكم الشرعي يرى الأصلح في ذلك، والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(11/458)
نفقة المتوفى عنها زوجها
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 13/09/1426هـ
السؤال
امرأة توفي زوجها بعد خمسة أشهر من زواجهما، وهي الزوجة الثانية، والزوجة الأولى ما زالت على ذمته، ولديه منها أولاد. وللزوج أملاك واستثمارات، وبالمقابل عليه ديون كثيرة، وقد تم تسديد الديون ببيع بعض الأملاك، وبعض هذه الاستثمارات عمارة تؤجر، وهي تمثل الدخل الأساسي للأسرة، وعند حصر التركة كان من الأشياء المتفق عليها أن يكون للزوجة الثانية نفقة، ولم تسلم هذه النفقة للزوجة الثانية حسب قولهم أنه لا نفقة للزوجة في عدتها، وعند انقضاء العدة سألت الزوجة عن النفقة، فأخبروها أنه لا نفقة للزوجة فهل هذا صحيح؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالمتوفى عنها لا نفقة لها: لأن مال زوجها انتقل لورثته ولم يعد المال لزوجها، ولذا فليس لها أن تأخذ من تركته نفقة لها، سواء كان لها أولاد أو لا، وسواء كانت موظفة أو لا، وإنما لها نصيب من الإرث من مال زوجها.
والحال لا يختلف بين الزوجة الأولى والثانية، فكلاهما ليس لها نفقة، وليس لها إلا نصيبها من الإرث، إلا إذا رضي بقية الورثة، لأن المال مالهم. والله الموفق.(11/459)
النفقة على المطلقة طلاقاً رجعياً
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النفقات
التاريخ 14/10/1426هـ
السؤال
هل الزوج ملزم بالنفقة على زوجته بعد أن يطلقها؟ وهل في المسألة فرق بين المطلقة طلاقاً رجعياً والمطلقة طلاقاً بائناً؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فالزوج ملزم بالنفقة على زوجته إذا كانت في عصمته، أو كانت مطلقة طلاقاً رجعياً، فإنها في هذه الحالة لها ما للزوجات من السكنى والنفقة، أما إذا كان طلاق المرأة طلاقاً بائناً فإنه ليس لها نفقة واجبة على الزوج؛ لأنها أصبحت أجنبية عنه ما لم تكن حاملاً فإن لها النفقة والسكنى؛ لقوله تعالى: "أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن" [الطلاق:6] ، وبالله التوفيق.(11/460)
حق المطلق في حضانة ابنته
المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة
التاريخ 23/3/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي باختصار أنني مطلق زوجتي منذ سنتين، وقد حاولت عدة مرات مراجعتها وهي ترفض، وأخيراً قالت إنها سوف تفكر وتصلي الخيرة، وهذا منذ أربعة أشهر، وأنا إلى الآن منتظر.
سؤالي هو إذا كان ردها الرفض، فهل من حقي حضانة ابنتي الوحيدة التي يبلغ عمرها خمس سنوات ونصف وذلك للأسباب التالية.
(1) أن طليقتي تسكن في شقة لوحدها، مع العلم أن والدها وأخاها الأكبر يسكنان في نفس المدينة، وكذلك أخاه الأكبر.
(2) أنها تعمل مدرسة.
(3) تعمل في إدارة مشروع خاص بها مع إحدى صديقاتها.
(4) تسافر معظم الإجازات، ولم أسمح بسفر ابنتي معها.
(5) تسافر أحياناً لأسباب أخرى تجارة أو مراجعة لدوائر حكومية في دولة أخرى.
أفيدوني جزاكم الله خيراً ولا تنسوني من الدعاء.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
الجواب على ما ذكره السائل، والذي تضمن سؤاله أنه مطلق زوجته منذ سنتين، وأنه حاول عدة مرات مراجعتها وهي ترفض، وأخيراً ذكرت أنها سوف تفكر وتصلي الخيرة وهذا منذ أربعة أشهر وهو إلى الآن منتظر ... ويقول إذا كان ردها الرفض فهل من حقه حضانة ابنته الوحيدة التي يبلغ عمرها خمس سنوات ونصف السنة، وذكر الأسباب لذلك خمس نقاط، وجواباً على ذلك فإن الحضانة إنما هي حق للمحضونة، ولأجل مصلحتها بالرعاية والتربية، والاهتمام، والتنشئة الصالحة على النهج القويم، وهدي سيد المرسلين - عليه أتم الصلاة وأزكى التسليم -، فهذه قاعدة عظيمة، قد دلت عليها نصوص الشريعة، وبها تبين الحق والصواب في موضوع الحضانة، فمتى كان الحاضن غير صالح للحضانة فلا يُمكَّن من الحضانة، إذا ثبت عدم صلاحيته لهذه الحضانة، لكن الشرع جعل الحضانة من حق الأشفق الأقرب له وهي الأم في سن الحضانة، وهي فترة الطفولة في السبع سنوات الأولى، وهذا كما تقدم عند عدم وجود ما يرفع هذا الحق بأسباب شرعية تكون سبباً في عدم الصلاحية، وقد نص أهل العلم على هذا الأمر في باب الحضانة في الأحكام الفقهية، وما ذكره السائل من أمور حيال الأم (أم البنت المذكورة) ، فإن كانت تؤثر على الحضانة وتكون من أسباب تضييعها فإن الحضانة تكون من حق الأب حينها ليتولى رعاية ابنته، والرعاية لها الرعاية الصحيحة والتربية الإسلامية، وكذلك الحال بالنسبة للسفر. فإن المرأة إذا كانت تسافر أو كثيرة السفر فإن الأحق بالحضانة من كان مقيماً، وبهذا يتضح الأمر، وأذكر شيئاً من كلام أهل العلم في هذا الأمر، وهو ما أشارت إليه نصوص الشريعة، والتي تدل بعمومها أن يتخذ الحاضن جميع الأسباب لمصلحة المحضون.
قال أهل العلم:
(فإن كفالة الطفل وكذلك حضانته واجبة، لأنه يهلك بتركه فيجب حفظه من الهلاك.
ولا تثبت الحضانة لطفل ولا معتوه ولا فاسق، لأنه غير موثوق به في أداء الواجب من الحضانة) .(11/461)
وقالوا أيضاً (فإن لم تكن الأم من أهل الحضانة لفقدان الشروط، وبالنسبة للبنت ما دامت أنها لم تبلغ سن السابعة فتكون في حضانة والدتها حسبما ذكر، بأن تقوم لها بما يجب من حفظها ورعايتها والاهتمام بها، وصيانتها وغير ذلك من أسباب الحفظ) .
ولكن في حال السفر فكما قال أهل العلم: (إذا أراد أحد الأبوين السفر لحاجة ثم يعود والآخر مقيم فالمقيم أولى بالحضانة؛ لأن في المسافرة به (أي بالولد ذكراً أو أنثى) إضراراً به، وإن كان منتقلاً إلى بلد ليقيم فيه، وكان الطريق أو البلد الذي ينتقل إليه مخوفاً فالمقيم أحق به، ولأن في السفر به خطراً عليه، ولو اختار الولد السفر في هذه الحال لم يجب إليه لأنه فيه تغريراً به، وإني أنصح السائل بالإصلاح في موضوع الحضانة، فإنه من أسباب حفظ الود للطرفين. والله الموفق.(11/462)
أسئلة عن ولي الأيتام
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة
التاريخ 26/8/1424هـ
السؤال
كيف يتم اختيار الولي للأيتام؟ ومن يقوم باختياره؟ وهل له حقُّ التصرف في جميع أموال المتوفى إذا تم ترشيحه من قبل الزوجة؟ وهل لوالدة المتوفى رأي يعادل رأي زوجته أم تعتبر وريثاً فقط؟ ومن هم الأولى بالولاية؟ أعمام الأيتام أم أخوالهم إذا كانوا كلهم صالحين؟.
الجواب
إن كان الأب قد عيَّن الولي على أيتامه قبل وفاته تعيَّن إن كان صالحاً، وإن لم يكن عيَّن الولي فالحاكم الشرعي ولي من لا ولي له، فيتولاهم أو يعيِّن من يتولاهم، والغالب أن القاضي يعين من يرشحه أقارب الأيتام من أم أو جدة أو إخوة ونحوهم، والأولى بالولاية هو الأصلح وإن كان أجنبياً.(11/463)
حضانة الابن بعد زواج الأم
المجيب د. خالد بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة
التاريخ 14/5/1423
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا امرأة في تزوجت، وانتهى الأمر بالطلاق، وأنا أتقطع ألماً وحسرة على طفلي البريء، وكرَّست حياتي لهذه الضحية طوال سنوات الطلاق الست كنت أعيش في بيت أبى الذي أغدق علي وعلى ابني من حنانه ورعايته الشيء الكثير، توفي والدي منذ شهر, وها أنا أشعر بالوحدة والضيق، ولا أجد سنداً واحداً لي في الحياة بعد وفاة القلب الحنون (أبي) والحزن يقتلني، نصحني الكثيرون بالزواج وهم لا يعلمون ما نص صك الطلاق فلا يحق لي الزواج إلا إذا سلمت ابني الوحيد إلى أبيه، علماً أن أباه لم يسأل عنه طوال مدة الطلاق حتى النفقة لم يدفعها، إني أرغب في الزواج وفي الوقت نفسه البقاء على حضانة ابني البالغ من العمر ثمان سنوات، في أي سن يكون التخيير؟ أخشى على نفسي من الضياع.
الجواب
الأم ما لم تتزوج أحق بحضانة ولدها في المرحلة التي تسبق سن التخيير وهو سن السابعة؛ لما رواه أحمد (6707) وأبو داود (2276) والحاكم (2/573) واللفظ له، وصححه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "أن امرأة قالت: يا رسول الله: ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينتزعه عني! قال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"أنت أحق به ما لم تنكحي".
وإذا بلغ الولد -ذكراً كان أم أثنى- سن السابعة خُيِّر بين أبيه وأمه فأيهما اختار كان معه؛ لما رواه الخمسة النسائي (3496) واللفظ له، وأبو داود (2277) ، وابن ماجة (2351) ، والترمذي (1357) ، وأحمد (7352) ، وصححه الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:"إن امرأة جاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: فداك أبي وأمي، إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد نفعني وسقاني من بئر أبي عنبة، فجاء زوجها، وقال: من يخاصمني في ابني؟ فقال رسول الله: يا غلام! هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت. فأخذ بيد أمه فانطلقت به". وإذا اختار التنقل بينهما فله ذلك؛ لأن الأمر راجع إلى ما يشتهي الولد، وهذا إذا كان كل من الوالدين أهلاً للولاية، فإن كان أحدهما ليس بأهل جُعِل مع الآخر بلا تخيير؛ لأن المقصود رعاية مصلحة الولد، ولا تحصل بجعله عند غير الأهل.
ونصيحتي لك أن تتزوجي، ولو أدى ذلك إلى أن يأخذ زوجك ولدك؛ لما في ذلك من حفظك من الضياع الذي تخشينه على نفسك، وسيجعل الله لك فرجاً، فربما صعب على الأب رعاية ولده فيتركه لك، أو يرزقك الله من زوجك الثاني أولاداً يكون لك فيهم خير عوض، والله أعلم.(11/464)
حضانة الأولاد قبل البلوغ
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة
التاريخ 20/06/1426هـ
السؤال
ما رأي الشرع في وضع الأطفال لأم مطلقة -عن بنتين عمر إحداهما ثمان سنين، والثانية ست سنين، وولد عمره أربع- ولم تتزوج، وكان طلاقها ظلماً وعدواناً، حيث إن الزوج ادعى عدم محبتها، وهو يرفض تماماً التحاكم إلى الشرع، وهي في حيرة وحالة نفسية متدهورة بسبب تهديدها بأخذ أبنائها.
الجواب
إذا طلقت المرأة ولها أولاد، فإما أن يكونوا أقل من سبع سنوات أو أكثر، فأما من كان دون سبع سنين، فإنّ أمّه هي التي تتولى حضانته، لأنه لا يستغني عنها غالباً. وفي سنن أبي داود (2276) بسند حسن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال للمرأة المطلقة: "أنتِ أحق به ما لم تنكحي". وعلى هذا قضاء الخلفاء الراشدين.
وقد قال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: الأم ألطف وأعطف وأرحم وأحنى وأرأف، هي أحق بولدها ما لم تتزوّج. المصنف لعبد الرزاق: (12600) .
فإن بلغ سبع سنين، فقد اختلف فيه أهل العلم، ومذهب الإمام أحمد أن الغلام يخيّر بين أمه وأبيه، فمن اختار منهما كان عنده، وأمّا البنت فإنها عند أبيها؛ لأنه أستر لها وهو الذي يزوّجها فيما بعد.
واختار ابن القيم وغيره من المحققين -ونسبه للجمهور- أن الغلام يخيّر، وأمّا البنت فتكون عند أمها؛ لأنها محتاجة إلى تعلم ما يصلح للنساء.
وجميع ما سبق فيما إذا تساوى الأبوان في الاهتمام بمصلحة الطفل، أما إذا كان أحدهما يهمله، كأن لا يتولى تدريسه أو العناية به، أو إبعاده عما يضر فإن هذا لا حضانة له؛ لأن الحضانة شرعت للعناية بالمحضون. هذا نظر فقهي.
أمّا القضاء فإن القاضي يحكم باجتهاده بعد سماع ما يدلي به الطرفان لديه. وأنصح السائلة أن تترك أولادها لديها، وتقوم نحوهم بما يجب، وإن أراد أبوهم انتزاعهم فيمكنه التقدّم للقضاء، حيث يفصل الشرع بينهم. والله الموفق.(11/465)
حضانة الولد بعد الطلاق
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة
التاريخ 27/04/1426هـ
السؤال
قمت بطلاق زوجتي وهي حامل، وحاولت إرجاعها، لكن رفضت العودة، فمتى يحق لي أخذ طفلي منها، علماً أنها هي التي طلبت الطلاق؟.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
الأولى بحضانة الصغير -ذكراً أو أنثى- الأم ما لم تتزوج؛ لحديث: "أنت أحق به ما لم تنكحي" أخرجه أبوداود (2276) ، أو يكمل سبع سنين، فإن كان ذكراً، وبلغ سبع سنين خير بين أبويه، فكان مع من اختار منهما.
وإن كانت أنثى فحضانتها بعد السبع لأبيها ما لم يلحقها ضرر ببقائها عنده، وكل ذلك إن كان الوالدان أهلاً للحضانة بالقيام بما يجب لمصلحة المحضون، ولم يكن المحضون معتوهاً، فإن أهمل أحدهما ما يجب عليه من حضانة الولد وأهمله عما يصلحه فإن ولايته تسقط ويتعين الآخر، وأما البنت الكبرى فحضانتها لأبيها، ما لم يلحقها ضرر من بقائها عند ضرة أمها. والله تعالى أعلم.(11/466)
الأحق بالحضانة
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة
التاريخ 27/11/1424هـ
السؤال
أختي وزوجها حصل لهم حادث، وتوفيا، وتركا أبناء أحياء أكبرهم 13سنة، وأصغرهم سنة واحدة، من أحق بالحضانة؟ مع العلم أن الجدتين للأبناء أحياء أم الأم، وأم الأب لكنهما كبيرتان في السن، فهل للخالة حق في الحضانة مع وجود الأعمام والعمات؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإنه إذا كانت كلا الجدتين عاجزتين عن الحضانة لكبر سنهما، وبقيت الخالة والعمة، فإنه قد وقع خلاف بين أهل العلم في أيهما أحق بالحضانة من الأخرى، على قولين:
الأول: أن الخالة أولى بالحضانة من العمة للحديث الصحيح: "الخالة بمنزلة الأم" البخاري (2700) .
والقول الثاني: أن العمة أولى من الخالة بالحضانة، وهذا القول هو الأصح دليلاً، حيث إن أصول الشرع وقواعده شاهدة بتقديم أقارب الأب في الميراث، وولاية النكاح، وولاية الموت، وغير ذلك، ولم يعهد في الشرع تقديم قرابة الأم على قرابة الأب في حكم من الأحكام، هذا إذا كانت الجهة في درجة واحدة أو كانت جهة الأب أقرب من جهة الأم، فإن كانت جهة الأم أقرب من جهة الأب، فإنها تقدم على الأرجح، ومثاله: أم الأم، وأم أب الأب، فتقدم جهة الأم، - وهي هنا أم الأم - على أم أب الأب، وذلك لأن الأقرب أقوى شفقة وحنواً على المحضون من الأبعد.
وهذا القول الثاني هو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (34/122) ، وابن القيم في زاد المعاد (5/439) وأجاب عن حديث "الخالة بمنزلة الأم" بأن الخالة لم يكن لها مزاحم من أقارب الأب تساويها في درجتها، كما يدل عليه سياق الحديث (زاد المعاد 5/441) ، وأما الخالة مع العم، فإنها تقدم عليه في الحضانة؛ لأن المرأة أعرف بتربية المحضون، وأقدر عليها، وأصبر وأفرغ لها، ولذلك قدمت الأم فيها على الأب في الحديث الذي رواه أحمد (6707) ، وأبو داود (2276) ، بلفظ: "أنت أحق به ما لم تنكحي"، وسنده حسن. هذا كله فيما إذا كان كل منهما أهلاً للحضانة فأما إذا كان أحدهما أهلا لها، والآخر ليس بأهل لها؛ لكونه معروفاًُ بالفساد والمجون أو بالتفريط والإهمال في القيام بمصالح المحضون ونحو ذلك، فإنه يسقط حقه في الحضانة، وينتقل الحق إلى الآخر ولو كان في جهة الأم؛ لأن المقصود من الحضانة هو القيام بمصالح المحضون ودفع المضار عنه، فلا تصلح عند من لا يقوم بهذا الواجب، وهذا القول رجحه جماعة من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (34/132) ، بل أشار إلى أن هذا القول محل اتفاق بين العلماء.
هذا بالنسبة للمحضون الصغير إذا كان ابناً ولم يميز، أو كانت بنتاً ولم تبلغ.(11/467)
فأما الابن المميز - وهو الغلام الذي بلغ سبع سنين - فإنه يخير بين الخالة والعمة والعم، كما يخير بين الأم والأب، ويدل لهذا حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-: أن امرأة قالت يا رسول الله: إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد نفعني، وسقاني من بئر أبي عنبة، فجاء زوجها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "يا غلام" هذا أبوك، وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت" رواه أحمد (2/246) ، وأبو داود (2277) ، وغيرهما، فإن اختار الغلام من لا يصلح للحضانة، لم يمكن من ذلك، ولذا قال ابن القيم - رحمه الله - في زاد المعاد (5/475) ، (فإذا كانت الأم تتركه في المكتب، وتعلمه القرآن، والصبي يؤثر اللعب ومعاشرة أقرانه، وأبوه يمكنه من ذلك، فإنه أحق به بلا تخيير ولا قرعة، وكذلك العكس، ومتى أخل أحد الأبوين بأمر الله ورسوله في الصبي وعطله، والآخر مراع له، فهو أحق وأولى به) ا. هـ. والله - تعالى - أعلم.(11/468)
رعاية الأطفال بعد الطلاق
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة
التاريخ 22/08/1425هـ
السؤال
هل ورد في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة حكم أو موضوع بخصوص رعاية الأطفال بعد طلاق الزوجين والانفصال؟ وهل تكون من حق الأب أو الأم؟ وجزى الله خيرًا من اجتهد وبحث في هذا الموضوع.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لقد جعل الشارع الحضانة من حق الأم ما لم تتزوج، فقال صلى الله عليه وسلم: "أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي". أخرجه أبو داود (2276) . فإذا تزوجت سقط حقها في الحضانة، لكن إن رضي زوجها الثاني بحضانتها لأولادها فلا تسقط على الصحيح من أقوال أهل العلم، لكن غالب العمل على خلافه، ثم بعد سن الحضانة يخير الغلام تخيير مصلحة بين والديه، وأما البنت ففيها خلاف قوي، وعلى كل حال فالمراعى في الحضانة والرعاية للأطفال هو الأصلح في كل حال، وهذا راجع إلى نظر القاضي. وصلى الله على نبينا محمد.(11/469)
تبنى طفلة ونسبها لنفسه
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة
التاريخ 15/7/1425هـ
السؤال
تبنيت طفلة عمرها سنتين وأحبها كثيراً، وهي الآن في الخامسة من عمرها، ولغرض دفع الضرر عنها وتفاديا للوقوع في المشاكل لم أذكر اسم والدها الحقيقي في سجلات المدرسة، بل وضعت اسمي بدلا من ذلك؛ دفعاً للمشقة التي قد تحدث لها. هل ما قمت به جائز؟ نرجو التكرم بإيراد جواب يشمل جميع الاحتمالات ويراعي الظروف المحيطة.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إن الإنسان لا يجوز له أن يتبنى غير أبنائه وبناته، يقول الله -تعالى-: "ادعوهم لآبائهم" [الأحزاب: 5] ، والواجب عليك أن تبين اسم والدها الحقيقي؛ لأن عدم ذكر اسمها يدخلها مع أولادك في الميراث وفي المحرمية، وهذا أمر محرم ولا يجوز، فيجب عليك أن تبين اسمها الحقيقي لئلا تختلط الأنساب، وأيضاً لئلا تكون من ورثتك وهي ليست من أولادك، وأيضاً لئلا يخلو بها أولادك، وينظرون إليها وهي ليست من محارمهم، فهذه كلها من المحاذير الشرعية التي يجب عليك أن تنتبه لها. ونسأل الله التوفيق للجميع.(11/470)
من أحق بالحضانة؟
المجيب أ. د. صلاح بن محمود العادلي
أستاذ في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة
التاريخ 23/07/1426هـ
السؤال
هل الطفلة في حالة وفاة والدتها تؤول -شرعاً- للأب؟ أم لأم الأم وخالاتها؟ أو للأصلح لها ماديًّا ودينيًّا وتربويًّا، سواء مع أبيها أو خالاتها أو أهل أبيها؟ علماً أن عمرها أربعة أعوام، أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد عبد الله ورسوله، وبعد:
فقد حرص الإسلام حرصاً بالغاً على الأطفال وحسن تربيتهم، وخص منهم من فقد أبويه أحدهما أو كليهما، فقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه سهل بن سعد -رضي الله عنه-: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا". وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً. أخرجه البخاري (5304) .
وبالرغم من أن اليتيم عند الفقهاء هو من مات أبوه، غير أن فقد الأم -وهي مصدر الحنان الأول لطفلها- له شأنه في النظر في شأن رعايته والاهتمام به، وفي هذه الحال ينظر في الأمر باعتبار تحقق المصلحة لهذه الطفلة غذاءً وكساءً ودواءً وحسن تربية وتأديب، وكلام الفقهاء يدور حول هذا المعنى.
وإليك -أخي الكريم- ما جاء في هذا عن أهل العلم، فهم فيمن هو أولى بالحضانة على قولين:
الأول: أن الخالة أولى بالحضانة من العمة للحديث الصحيح: "الخالة بمنزلة الأم". أخرجه البخاري (2700) .
والقول الثاني: أن العمة أولى من الخالة بالحضانة، وهذا القول هو الأصح دليلاً، حيث إن أصول الشرع وقواعده شاهدة بتقديم أقارب الأب في الميراث، وولاية النكاح، وولاية الموت، وغير ذلك، ولم يعهد في الشرع تقديم قرابة الأم على قرابة الأب في حكم من الأحكام، هذا إذا كانت الجهة في درجة واحدة، أو كانت جهة الأب أقرب من جهة الأم، فإن كانت جهة الأم أقرب من جهة الأب، فإنها تقدم على الأرجح، ومثاله: أم الأم، وأم أب الأب، فتقدم جهة الأم،- وهي هنا أم الأم- على أم أب الأب، وذلك لأن الأقرب أقوى شفقة وحنواً على المحضون من الأبعد.
وهذا القول الثاني هو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (34/122) ، وابن القيم في زاد المعاد (5/439) ، وأجاب عن حديث "الخالة بمنزلة الأم" بأن الخالة لم يكن لها مزاحم من أقارب الأب تساويها في درجتها، كما يدل عليه سياق الحديث [زاد المعاد (5/441) ] .
وأما الخالة مع العم، فإنها تقدم عليه في الحضانة؛ لأن المرأة أعرف بتربية المحضون، وأقدر عليها، وأصبر وأفرغ لها، ولذلك قدمت الأم فيها على الأب في الحديث الذي رواه أحمد (6707) ، وأبو داود (2276) : "أنت أحق به ما لم تنكحي"، وسنده حسن.(11/471)
هذا كله فيما إذا كان كل منهما أهلاً للحضانة، فأما إذا كان أحدهما أهلا لها، والآخر ليس بأهل لها؛ لكونه معروفاًُ بالفساد والمجون أو بالتفريط والإهمال في القيام بمصالح المحضون ونحو ذلك، فإنه يسقط حقه في الحضانة، وينتقل الحق إلى الآخر ولو كان في جهة الأم؛ لأن المقصود من الحضانة هو القيام بمصالح المحضون ودفع المضار عنه، فلا تصلح عند من لا يقوم بهذا الواجب، وهذا القول رجحه جماعة من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (34/132) ، بل أشار إلى أن هذا القول محل اتفاق بين العلماء.
هذا بالنسبة للمحضون الصغير إذا كان ابناً ولم يميز، أو كانت بنتاً ولم تبلغ.
فأما الابن المميز - وهو الغلام الذي بلغ سبع سنين - فإنه يخير بين الخالة والعمة والعم، كما يخير بين الأم والأب، ويدل لهذا حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد نفعني، وسقاني من بئر أبي عنبة، فجاء زوجها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "يا غلام، هذا أبوك وهذه أمك، فخذ بيد أيهما شئت" رواه أحمد (2/246) ، وأبو داود (2277) ، وغيرهما.
فإن اختار الغلام من لا يصلح للحضانة، لم يمكن من ذلك، ولذا قال ابن القيم - رحمه الله - في زاد المعاد (5/475) : "فإذا كانت الأم تتركه في المكتب، وتعلمه القرآن، والصبي يؤثر اللعب ومعاشرة أقرانه، وأبوه يمكنه من ذلك، فإنه أحق به بلا تخيير ولا قرعة، وكذلك العكس، ومتى أخل أحد الأبوين بأمر الله ورسوله في الصبي وعطله، والآخر مراع له، فهو أحق وأولى به". ا. هـ. والله - تعالى - أعلم.(11/472)
نفقة البنت في حضن أمها المطلقة
المجيب د. يوسف بن عبد العزيز العقل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الحضانة
التاريخ 05/09/1426هـ
السؤال
لي طفلة من زوجتي المطلقة عمرها أربع سنوات، واتفقت مع أمها أن أعطيها مبلغاً معيناً نفقة شهرية، بالإضافة للملابس والعلاج واللعب والهدايا، ورفعت المبلغ بدون طلب أمها، وتطلب أمها ثلاثة أضعاف المبلغ المتفق عليه، وقامت برفع شكوى ضدي، فهل تستحق ابنتي زيادة النفقة بهذه الصورة؟ علماً أن أمها ترفض إدخالها المدرسة التي اخترتها لها، وهي مدرسة ممتازة، وتصمم على مَدرسة أخرى، وترفض أن أقوم برؤية ابنتي طيلة فترة إجازتي في بلدي، حيث أعمل بالخارج؛ وذلك بحجة أنني سأقوم باختطافها خارج بلدي، وتقوم بتحريض البنت على كراهيتي وكراهية أسرتي، فهل أنا آثم عن عدم سدادي سوى المبلغ المتفق عليه بخزينة المحكمة؟ وهل يلزمني أن أقوم بإعطاء أم البنت كل طلباتها بالرغم من الاتفاق المسبق؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على محمد وصحبه، وبعد:
فمن المقرر شرعاً أن الأب ينفق على أولاده بالمعروف حتى يستغنوا ويرشدوا.
فالنفقة مرد تحديدها إلى الكفاية وما تعارف عليه الناس، حسب يسار الأب وإعساره: "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها" [الطلاق: 7] .
هذا عند الاتفاق، أما عند الاختلاف فمرد التحديد إلى المحاكم الشرعية وأهل العلم والمعرفة.
وعلى ذلك، فبخصوص حالتك. فالنفقة حسب الكفاية والمتعارف عليه هناك، والظاهر لنا أن ما اتفقتم عليه كاف وجيد، وإن زدت فمن فضلك، وليس أمر تحديدها يخضع للأم.
كما أنه من حقك رؤية ابنتك وزيارتها، وليس للأم ولا لغيرها منعك فهذا من حقك الشرعي.
وهكذا القوامة، ونظر مصلحة البنت وتزويجها كل ذلك راجع إليك وليس للأم، بما في ذلك اختيار المدرسة المناسبة لها وما يلحق بذلك.
لكن ننصحك بروح التفاهم والإقناع والأسلوب الحسن، والله أعلم.(11/473)
رضع من جدة زوجته
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 24/7/1422
السؤال
تزوج رجلٌ من امرأةٍ كان قد رضع من جدّتها لأمها، فما الحكم في هذا الزواج؟
الجواب
هذا الزواج باطل؛ لأن هذا الرجل خالٌ لتلك البنت، حيث رضع من جدتها، فأصبح أخاً لأمها من الرضاع، فهو خال هذه البنت من الرضاع، فالزواج باطلٌ، وعليه يجب التفريق بينهما بعد ثبوت الرضاع بخمس رضعات.(11/474)
استفرغ بعد أن رضع، فهل رضاعه محرم؟
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 22/7/1422
السؤال
رجل رضع من امرأة عدد خمس رضعات، فهل يسلِّم على بناتها؟ علماً أن الراضع استفرغ أثناء الرضاعة
الجواب
إذا أرضعت امرأة طفلاً خمس رضعات مُشْبِعة، فإن التحريم ينتشر إلى أصولها، وفروعها، وحواشيها دون فروعهم، وعلى هذا يجوز لهذا الراضع أن يسلّم على بنات المرضعة وإن نزلن، لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يحرم من الرضاع ما يحرم من النّسب)) متفق عليه.
والرضاع ينشر التحريم إذا حصلت الرضعة ولو حصل استفراغ؛ لثبوت الحكم بمجرد حصول الرضعة، وبالله التوفيق.(11/475)
استخدام جهاز لإدرار اللبن
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 3/12/1424هـ
السؤال
يوجد في بعض دور الأيتام أيتام لم يبلغوا الفطام، كما يوجد نساء عاقرات لم يُنجبن، وأيضاً يوجد جهاز يستخدم لتحفيز خلايا الثدي لدر اللبن كما تقوم بعض دور الأيتام باستخدام هذا الجهاز مع النساء العاقرات لدر اللبن، وبالتالي يرضعن الأطفال، وبذلك يصبح الطفل ابنها، سؤالي (أو أسئلتي لأن الموضوع مرتبط) :
هل يجوز استخدام هذا الجهاز؟ وهل يصبح الطفل ابناً لتلك المرأة؟ وهل يصبح الطفل ابناً لذلك الرجل؟.
إذا كانت طفلة، هل يجوز للرجل رؤيتها بعد البلوغ؟ وإذا كان طفلا، فهل يجوز له رؤية الأم بعد البلوغ؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب: أنه يرى بعض أهل العلم أن الرضاع الذي ينشر الحرمة هو ما ثاب عن حمل، وهو المشهور عند الحنابلة، فقد جاء في الروض المربع في كتاب الرضاع (ص614) أن الرضاع شرعاً هو مص من دون الحولين لبناً ثاب عن حمل، أو شربه ونحوه، انتهى. وذهب جمهور العلماء الحنفية والمالكية والشافعية، وهو أيضاً قول في مذهب أحمد إلى أن لبن المرأة ينشر الحرمة مطلقاً ولو من غير حملٍ بل ولو من غير وطء، وقد صوب هذا القول المرداوي في الإنصاف وصححه ابن قدامة في المغني، قال ابن قدامة في المغني ج11 ص324، ما نصه: فصل: وإذا ثاب لامرأة لبن من غير وطء فأرضعت به طفلاً نشر الحرمة في أظهر الروايتين وهو قول ابن حامد، ومذهب مالك والثوري والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي وكل من يحفظ عنه ابن المنذر لقوله تعالى: "وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم" [النساء: 23] ، ولأنه لبن امرأة متعلق به التحريم كما لو ثاب بوطء، ولأن ألبان النساء خلقت لغذاء الأطفال، وإن كان هذا نادراً فجنسه معتاد.
والرواية الثانية: لا ينشر الحرمة؛ لأنه نادر لم تجر العادة به لتغذية الأطفال، فأشبه لبن الرجال، والأول أصح، انتهى، قلت: وهو الراجح في نظري أعني القول الأول، وبناء عليه فما جاء في السؤال من استفسارات خمسة خلاصة جوابها: أنه يجوز استخدام الجهاز للبن، وإذا أرضعت المرأة طفلاً بهذا اللبن خمس رضعات على الأقل في مدة الرضاع في الحولين يصبح الطفل ابناً لتلك المرأة، وزوجها أباً له، وبناءً عليه فيجوز له رؤيتها بعد البلوغ، كما يجوز للطفل رؤية الأم بعد البلوغ؛ لأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. والله أعلم.(11/476)
حق الأم في أجر الرضاعة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 24/11/1423هـ
السؤال
هل للمرأة أجر بسبب رضاعتها لأطفالها؟ وما حكم عدم التطبيق؟
الجواب
نعم للمرأة أجر بإرضاعها أطفالها، وإذا لم ترضعهم فلا إثم عليها إلاّ إن كانوا مضطرين لذلك وحرمتهم فإنها تأثم لحاجتهم إلى ذلك.(11/477)
ما ينشر الحرمة من الرضاعة
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 10/11/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
امرأة انقطعت عنها الولادة لمدة سبع سنوات وكان آخر مولود لها قبل هذه السنوات ولم تلد بعد وكانت تقوم بملاعبة بنت ولدها بحيث تضع الثدي في فمها لكي تسكت ولم يكن يخرج أي شيء أثناء امتصاص البنت للثدي، ولكن بعد فترة قامت بعصر الثدي لتتأكد من أنه لا يخرج منه شيء، ولكن بعد أن قامت بعصره بشدة خرجت منه نقيطات بسيطة لا تكاد ترى وهي تسأل هل تصبح الآن أمها أم لا؟ مع العلم أن السائل إذا كان وصل لجوف البنت فهو مجرد قطرة؟
الجواب
الرضاع الذي تنتشر به الحرمة ما كان خمس رضعات معلومات في الحولين كما في حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت:"أُنزل في القرآن: عشر رضعات معلومات يُحرمن فنسخ من ذلك خمس رضعات وصار إلى خمس رضعات معلومات يُحرِّمن فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والأمر على ذلك" رواه مسلم (1452) ، وهذا من نسخ التلاوة دون الحكم.
إذا تبين هذا فإن ما ذُكر في السؤال لا تنتشر به حُرمة، ولا تكون هذه الجدة أماً لولدها بعملها المذكور لأنه لم يرتضع منها شيئاً وإنما خرجت تلك القطرات بالعصر الشديد، ولو ارتضع دون خمس رضعات لم يكن له أثر فكيف به وهو لم يرتضع شيئاً والأصل عدم الحرمة حتى تثبت، والله تعالى أعلم.(11/478)
حقوق الرضاع
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 2/11/1422
السؤال
ما هي حقوق الأم والأخوات من الرضاع؟ هل آثم إن قاطعتهم؟
الجواب
الحقوق التي تثبت بالرضاع أربعة:
1 - تحريم النكاح: قال تعالى في سياق المحرمات في النكاح:" وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم". [النساء: 23] .
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ". . . يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.." كما في الصحيحين، البخاري (2645) ومسلم (1447) واللفظ للبخاري، فلا يحل نكاح الأم من الرضاع ولا أخواتها ولا بناتها.
2- ثبوت المحرمية، فيعد المرضَع محرماً لمن أرضعته ولأخواتها وبناتها.
3- يجوز الخلوة بمن ذكر.
4- جواز النظر إليهن.
وهذه الثلاثة الأخيرة تثبت إن لم يكن في ذلك فتنة، فإن وجدت فإنه يمنع، كأن تكون الأخت من الرضاعة شابة جميلة ويخشى الافتتان بها فإنه لا يحل شيء منها، وذلك أن الوازع في المحرمات من الرضاع ليس فيه قوة الوازع بالنسب والرحم.
وأما الصلة فإنها لا تجب، ولكن لا ينبغي للإنسان أن يترك الإحسان إليهن خاصة إذا كن محتاجات.(11/479)
رضاع الكبير
المجيب د. ناصر بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 9/7/1423هـ
السؤال
ممكن تشرح الحديث؛ لأنه التبس عليَّ رضاع الكبير، حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف، حدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت:"لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها".
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الحديث الذي يشير إليه السائل قد أخرجه ابن ماجة (1944) والدارقطني (4/181) وأحمد (36316) وأبو يعلى (8/64) ، وهو ضعيف؛ لأن إسناده يدور على محمد بن إسحاق وقد عنعن، كذلك الحديث في متنه نكارة؛ لأن ما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- فيما رواه مسلم (1452) وغيره ليس فيه تخصيص الرضاعة بالكبير، فقد أخرج مسلم (1452) وغيره عنها أنها قالت:"كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يقرأ من القرآن" قال النووي -رحمه الله- يوضح المعنى:"وقولها: فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يقرأ" هو بضم الياء، ومعناه: أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جداً حتى أنه توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توفي وبعض الناس يقرأ خمس رضعات ويجعلها قرآناً متلواً لكونه لم يبلغه النسخ لقرب عهده، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك وأجمعوا على أن هذا لا يتلا" وعلى هذا فلا يشكل أن يكون الداجن -لو ثبت- قد أكل تلك الصحيفة؛ لأنها من القرآن المنسوخ تلاوته.
والحديث فيه دلالة على أن رجم المحصن الزاني قد نزلت فيه آية من القرآن الكريم كانت تتلا، ومما يدل على نزولها ما أخرجه الشيخان البخاري (6830) ومسلم (1691) وغيرهما عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: إن الله قد بعث محمداً -صلى الله عليه وسلم- بالحق وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا بعده" الحديث، ثم إن آية الرجم قد نسخت تلاوتها من المصحف وبقي العمل بما دلت عليه بإجماع الأمة، وإلى هذا المعنى يشير عمر -رضي الله عنه- في الأثر السابق.
ودل الحديث -أيضاً- على أن رضاع الكبير يؤثر في نشر المحرمية كرضاع الصغير، وهو قول عائشة -رضي الله عنها- وعطاء بن أبي رباح والليث بن سعد، وأطال ابن حزم الكلام في نصرته، ومن أظهر أدلتهم ما أخرجه مسلم (1453) وغيره من قصة سالم مولى أبي حذيفة وقد كان تبناه وعده ولداً له، فلما نزل القرآن بتحريم التبني شق ذلك على أبي حذيفة وامرأته سهلة بنت سهيل، فجاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كما روى مسلم (1453) وغيره- فقالت: إن سالماً قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوا وإنه يدخل علينا وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئاً، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-:"أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة" فرجعت فقالت: إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة.(11/480)
وقد ذهب جماهير الأمة من السلف والخلف إلى أن الرضاع المحرم ما كان في الصغر، ومن أدلتهم ما رواه الشيخان البخاري (2647) ومسلم (1455) عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل عليها وعندها رجل فكأنه تغير وجهه كأنه كره ذلك، فقالت: إنه أخي، فقال:"انظرن من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة"، قال ابن حجر:"وقوله:"من المجاعة" أي: الرضاعة التي تثبت بها الحرمة وتحل بها الخلوة، هي حيث يكون الرضيع طفلاً لسد اللبن جوعته؛ لأن معدته ضعيفة يكفيها اللبن، وينبت لحمه فيصير كجزء من المرضعة" ا. هـ، ومن أدلتهم: حديث ابن مسعود عند أبي داود (2059) مرفوعاً وموقوفاً قال:"لا رضاع إلا ما شد العظم وأنبت اللحم"، ومنها: ما رواه الدارقطني (4/174) وغيره عن ابن عباس قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"لا رضاع إلا ما كان في الحولين".
وأصل الخلاف في قصة سالم وإرضاع سهلة بنت سهيل له، فجمهور أهل العلم قالوا: هي قضية عين لا تعارض الأحاديث الصريحة الدالة على أن الرضاع المؤثر ما كان في الصغر بحيث يؤثر في إنشاز العظم وإنبات اللحم مما يصير به الرضيع كجزء من المرضعة، ومن ثمَّ حملوا تلك الواقعة على الخصوص واستندوا في ذلك إلى فهم زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- عدا عائشة -رضي الله عنها-، فقد روى مسلم (1454) وغيره من حديث أم سلمة -رضي الله عنها- قالت:"أبا سائر أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدخلن عليهن أحداً بتلك الرضاعة، وقلن لعائشة: والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لسالم خاصة فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا"، وأما الذين ذهبوا إلى القول بجواز رضاع الكبير وأنه مؤثر، فقد استدلوا بظاهر قصة سالم وعدم وجود ما يخصصها، وأيدوا قولهم بفهم عائشة -رضي الله عنها- وعملها بذلك حتى بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الذي أخرجه أبو داود (2061) وغيره، وفيه:"فبذلك كانت عائشة -رضي الله عنها- تأمر بنات أخواتها وبنات إخوتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيراً خمس رضعات ثم يدخل عليها".
وقد سلك شيخ الإسلام ابن تيمية طريقة أخرى في التوفيق بين الأدلة، فقال: إن حديث سهلة -رضي الله عنها- رخصة لمن لا يستغنى عن دخوله على المرأة ويشق احتجابها عنه كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة، وهو مسلك قد أشار إلى قريب منه ابن المواز من المالكية، والله أعلم.(11/481)
صفة الرضاع المحرم
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 27/12/1422
السؤال
هناك أبوان لم يرزقا بشيء من الأولاد والحمد لله على كل حال. قبل اثنتي عشرة سنة قررا أن يذهبا إلى أحد ملاجئ الأطفال وأخذا بنتاً لتربيتها والأنس بها ومما سهل الله به أن أخت الرجل كانت مرضعاً فأرضعت البنت، وكذلك زوجة أخ المرأة، كانت مرضعاً فأرضعت البنت بذلك صار الرجل خالاً للبنت، وأصبحت المرأة عمة لها (حسب علمنا والله أعلم) ، وها هي البنت كبرت وصار عمرها اثنتي عشرة سنة والآن أراد نفس الأبوين أن يعيدا نفس التجربة الماضية (رغبة في الأجر وحباً في الأطفال) فذهبا إلى أحد الملاجئ أيضاً وأخذا ولداً ذكراً هذه المرة، ومما سهل الله به أن زوجة أخ المرأة مرضع أيضاً الآن، فطلبا منها أن ترضع الولد ليكون أخاً للبنت ويحرم على المرأة.
الأبوان متأكدان أن زوجة الأخ أرضعت البنت أكثر من ثلاث مرات، ولكن غير متأكدين من العدد، هذه مسألة، والأمر الآخر أن زوجة الأخ الآن ليس عندها الكثير من اللبن للرضاعة، فهل يمكن أن يأخذا القدر المتاح عند الرضاعة ويمزجاه بحليب آخر (صناعي) مرات متعددة فيحصل بذلك التحريم؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإن ما فعلتموه من أخذ بعض الأطفال من الملاجئ ومن ثم تربيتهم والعناية بهم عمل صالح تؤجرون عليه - إن شاء الله تعالى - هذا والجواب عن المسألتين كالتالي: أما المسألة الأولى فنفيدكم أن الرضاع المُحرَّم هو خمس رضعات فصاعداً في الحولين، هذا وليعلم أن الرضعة هي أن يمتص الطفل الثدي ثم يطلقه فهذه رضعة ولو لم يشبع، فمتى امتص الثدي ثم قطعه لتنفس أو انتقال إلى ثدي آخر فرضعة، فإن عاد ولو قريباً فثنتان وهكذا. أما المسألة الثانية: فنفيدكم أن الأولى أن يباشر الطفل الرضاع من ثدي المرأة، لكن لو أخذتَ القدر المتاح من الثدي ومزجته بآخر صناعي مرات متعددة فإنه أيضاً يحصل به التحريم، فقد جاء في الروض المربع للبهوتي ما نصه: " والسعوط في أنف والوجور في فم محرم كالرضاع، وجاء في منار السبيل على مذهب الإمام أحمد ما نصه: والسعوط في الأنف والوجور في الفم وأكل ما جبُن أوخلط بالماء وصفاته باقية كالرضاع في الحرمة، والله أعلم.(11/482)
إدرار الحليب بالأدوية هل ينشر الحرمة
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 22/12/1423هـ
السؤال
هل يجوز استخدام الأدوية التي تدر الحليب عند المرأة دون حمل وولادة؟ وإذا رضع الطفل من هذا الحليب هل يعتبر ابناً بالرضاعة؟ أفتوناً مأجورين وجزاكم الله خيراً.
الجواب
لا يبدو أن هناك مانعاً من اتخاذ وسائل لإدرار اللبان وإذا خرج من ثدي المرأة حليب مكتمل لعناصر الغذاء ويمكن أن ينبت اللحم وينشز العظم ثبت به التحريم، غير أن البحوث العلمية الطبية تثبت أن مثل هذا اللبن لا يحوي شيئاً من عناصر الغذاء وأن ما يخرج من ثدي المرأة لا يشتمل على عناصر الغذاء إلا إذا كان ناتجاً عن حمل وولادة فهذا هو الذي تثبت به الحرمة باتفاق العلماء؛ لقوله -تعالى-:"والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين" جزء من الآية (233) من سورة البقرة، وقال -تعالى-:"حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم....وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة" جزء من الآية
(23) من سورة النساء، ويقول -عليه الصلاة والسلام-:"يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" البخاري (2645) ومسلم (1447) وقال تعالى:"فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن" جزء من آية (6) من سورة الطلاق، وهذا خطاب للأزواج الذين هم آباء للأطفال، فمتى رضع الطفل من امرأة خمس رضعات من لبان نتج عن اتصال جنسي نشأ عنه حمل وولادة كان هذا اللبن ينبت اللحم وينشز العظم ويثبت به التحريم، أما إذا كان ما خرج من ثدي المرأة نتيجة تداوي أو استعمال أي وسائل تتعلق بإثارة الغدد فإنه ليس بلبن حقيقي، بل رطوبة متولدة ولا يحوي شيئاً من عناصر الغذاء لأن اللبن ما أنشز العظم وأنبت اللحم وهذا اللبن الذي خرج من ثدي المرأة ليس كذلك، والعلم عند الله.(11/483)
الإرضاع عن طريق الأنبوب
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 28/5/1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد رزقني الله بطفلة، وقد كانت ولادتها في الشهر السادس وهي الآن في المستشفى داخل الحضانة، وقد قضت الآن 45 يوماً، وقد بدأت تأخذ الحليب عن طريق أنبوب مع
الأنف، وهي تأخذ في اليوم كما قال لي الطبيب أربع مل من الحليب كل ساعتين، أي: 48 مل في اليوم الواحد، وهذا الحليب نوفره للطفلة من امرأة أخرى غير الأم
وقد أخبرني الطبيب أيضاً أنه ربما لم تعط الطفلة من الحليب الذي نحضره لهم في المستشفى من هذه المرأة سوى 12 مل في بعض الأيام حسب الظروف.
وسؤالي يا فضيلة الشيخ: هل تجري أحكام الرضاعة على هذه الصورة؟ وما مقدار الرضعة المشبعة إذا كانت الطفلة تأخذ الحليب عن طريق الأنبوب -كما ذكرت-؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
نعم تأخذ هذه الصورة أحكام الرضاعة، فسواء رضع الطفل مباشرة أو عن طريق الشرب أو السعوط في الأنف ما دام يتغذى به، فإذا رضع خمس رضعات في الحولين أخذ أحكام الرضاعة المعروفة، والرضاعة المشبعة أو الرضعة المشبعة بهذه الصورة لا يمكن تحديدها إلا بطريق التجربة لاختلاف الأطفال في ذلك، ويمكن أن يعرف ذلك عن طريق الطبيب، لكن إذا كانت الطفلة المذكورة في تلك الأيام لا تتغذى إلا من حليب امرأة واحدة ولا تتغذى بغيره فلا شك أن ذلك كافٍ في نشر الحرمة، والله -تعالى- أعلم.(11/484)
رضاع الكبير للحاجة!
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 17/04/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أردت أن أسأل عن حكم إرضاع الكبير لحاجة، وهي كثرة دخوله البيت للضرورة، وهل يحصل بذلك حرمة الرضاع كما للصغير؟ - وجزاكم الله خيراً-
الجواب
الرضاع المحرم، مص من دون الحولين لبناً ثاب عن حمل خمس رضعات، وعلى هذا فلا يحرم من الرضاع إلا من كان في الحولين، لقوله -تعالى-: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة" [البقرة:233] ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام" رواه الترمذي (1152) من حديث أم سلمة - رضي الله عنها -، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وغيرهم أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين، وما كان بعد الحولين الكاملين فإنه لا يحرم شيئاً، ا. هـ.
وأما حديث أبي حذيفة -رضي الله عنه - حين تبنى غلاماً يسمى سالماً - رضي الله عنه - فلما صارت امرأته يشق عليها دخول هذا الغلام الذي كبر استفتت النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: "أرضعيه تحرمي عليه" رواه البخاري (5088) ومسلم (1453) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، فهذا منسوخ بما تقدم، وقيل: إنه خاص بسالم - رضي الله عنه -، وقيل: إنه عام محكم، وعلى القول بأنه عام محكم، فإنه يكون فيمن يكون حاله كحال سالم - رضي الله عنه -، وهو أمر غير موجود قطعاً؛ لأن الشرع قد أبطل التبني، ولهذا لما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إياكم والدخول على النساء" قالوا: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو الموت" رواه البخاري (5232) ومسلم (2172) من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - ولو كان إرضاع الكبير مؤثراً لقال: الحمو ترضعه زوجة أخيه، فلما لم يوجه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هذا علم أن إرضاع الكبير بعد إبطال التبني لا يمكن أن يكون له أثر.(11/485)
الحكمة في كون الرضاع في عامين
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 9/6/1425هـ
السؤال
ما الحكمة من شرع الله أن يكون الرضاع في عامين؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.(11/486)
الرضاع يكون في الحولين لقوله -تعالى-: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ" [البقرة: من الآية233] ، فهذه ليست غاية مدة الرضاعة، ولكنها غاية لتمام الرضاعة، فقد يفطم الصغير قبل الحولين، وقد يفطم بعدهما، إلا أن الأفضل أن يكون فطامه بعد تمام الحولين؛ لظاهر الآية، كما أن الرضاع الذي ينشر الحرمة هو ما كان في الحولين، وكذا المسائل التي يذكرها الفقهاء - رحمهم الله- في أجرة الرضاع، وما يتعلَّق بها إنما هي في الحولين، فقط اشترط الفقهاء - رحمهم الله - للتحريم بالرضاع أن يكون في الحولين لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا رضاع إلا ما كان في الحولين"رواه مالك في الموطأ (1290) موقوفاً عن ابن مسعود -رضي الله عنه- والدارقطني في سننه (4/174) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، ولما رواه الترمذي (1152) عن أم سلمة - رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام"، ولعل الحكمة من ذلك - والله أعلم- أن الرضاع في الحولين له أثر على نمو الطفل، وخاصية في صلابة عظامه واشتداد لحمه، وكمال نموه ما لا يؤثر فيه غيره من أنواع الغذاء، وأن ما بعد الحولين يكون الحليب بالنسبة له كسائر الغذاء، ولعل هذا يستفاد مما سبق من الأحاديث، ولما رواه الشيخان البخاري (2647) ، ومسلم (1455) ، عن عائشة - رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- دخل عليها وعندها رجل قاعد فاشتد ذلك عليه، قالت: ورأيت الغضب في وجهه، قالت: فقلت: يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "انظرن إخوتكن من الرضاعة فإنما الرضاعة من المجاعة"، قال ابن حجر - رحمه الله- في فتح الباري: وقوله: "من المجاعة" أي الرضاعة التي تثبت بها الحرمة، وتحل بها الخلوة هي حيث يكون الرضيع طفلاً لسد اللبن جوعته؛ لأن معدته ضعيفة، يكفيها اللبن وينبت بذلك لحمه فيصير كجزء من المرضعة، فيشترك في الحرمة مع أولادها، فكأنه قال: لا رضاعة معتبرة إلا المغنية عن المجاعة أو المطعمة من المجاعة كقوله -تعالى-: "أطعمهم من جوع" [قريش: 4] ، ومن شواهده حديث ابن مسعود - رضي الله عنه-: "لا رضاع إلا ما شد العظم، وأنبت اللحم ... " رواه أبو داود (2059) ، وأحمد (3905) ثم قال: واستدل به على أن الرضاعة إنما تعتبر في حال الصغر؛ لأنها الحال الذي يمكن طرد الجوع فيها باللبن بخلاف الكبر، وضابط ذلك تمام الحولين.. إلى أن قال: (قال القرطبي: في قوله - صلى الله عليه وسلم-: "فإنما الرضاعة من المجاعة" تثبيت قاعدة كلية صريحة في اعتبار الرضاع في المؤمن الذي يستغنى به الرضيع عن الطعام باللبن، ويعتضد بقوله -تعالى-: "لمن أراد أن يتم الرضاعة" [البقرة: 233] ، فإنه يدل على أن هذه المدة أقصى مدة الرضاع المحتاج إليه عادة المعتبر شرعاً، فمن زاد عليه لا يحتاج إليه عادة، فلا تغيير شرعاً إذ لا حكم للنادر. انتهى كلامه - رحمه الله-.(11/487)
وقال الخطابي في معالم السنن في شرحه لحديث: "فإنما الرضاعة من المجاعة" معناه: أن الرضاعة التي بها يقع الحرمة ما كان في الصغر، والرضيع طفل يقويه اللبن ويسد جوعه، فأما ما كان منه بعد ذلك في الحال التي لا يسد جوعه اللبن ولا يشبعه إلا الخبز واللحم وما كان في معناهما فلا حرمة له) ا. هـ - أي الحليب أو الرضاع-. والله -تعالى- أعلم.(11/488)
يزعمون أني خالها من الرضاع، فهل أتزوجها
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 15/03/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو من فضيلتكم التكرم بإرشادي: خطبت بنت عمتي، وقبل عقد الزواج بفترة قصيرة ظهر موضوع الرضاع، وأني رضعت من جدتي (أم الوالد) وكان بعض المشايخ أفتى بجواز الزواج وغيره قال: الأحوط عدمه، حيث إني رضعت من جدتي في فترة انقطاع اللبن؛ لأن بيني وبين عمتي التي قبلي ثلاث سنين، المهم أنهم حرموني من بنت عمتي، وأصبحت أنا الآن خالاً لها من الرضاعة، فهل يجوز لي مصافحتها، وهل يجوز لها أن تكشف رأسها أمامي، وهل يجوز أن نخرج مع بعض؟ بمعنى آخر: هل أصبح محرمًا لها بمعنى المحرم؟ أفيدوني مشكورين.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا ثبت وتأكدت بأنك رضعت من جدتك لأبيك خمس رضعات معلومات، يدخل في كل مرة ترضع منها لبناً إلى جوفك، وعمرك أقل من سنتين، فإنك -بلا شك- تكون خالاً لها من الرضاع؛ لما أخرجه مسلم (1452) عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يقرأ من القرآن.
وأما إذا كان أقل من خمس رضعات، أو كان عدد ما دخل جوفك من اللبن منهن أقل من خمس، فإنها تبقى أجنبية عنك.
والإشكال الذي يرد هنا هو أنه إذا ثبت أنك قد رضعت من جدتك أكثر من خمس مرات، وفي كل مرة يدخل إلى جوفك لبن، وكان عمرك حينها أكثر من سنتين، فهل ينتشر التحريم وأنت في هذا السن؟
فهذه مسألة اختلف فيها أهل العلم، والخلاف فيها قوي، والذي نراه ألا تتزوج بها، وأيضاً ألا تتعامل معها كمحرم، فلا تصافحها، ويجب أن تتحجب عنك؛ لإمكانية العمل بالدليلين في المسألة بدون مفسدة؛ قياساً على ما أمر به صلى الله عليه وسلم في قصة اختصام سعد بن أبي وقاص، وعبد بن زمعة في غلام، والمخرجة في صحيح البخاري (2218) وصحيح مسلم (1457) ، عندما قال صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه ياسودة بنت زمعة"، فلم يحكم بالولد لمن هو يشبهه، وأيضاً أمر بالاحتجاب عنه لوجود الشبه، فلم يعمله في النسب، وأعمله في الاحتجاب. والله تعالى أعلم.(11/489)
هل تأثم إذا قطعت الرضاعة قبل تمام الحولين؟
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 20/06/1426هـ
السؤال
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "وحمله وفصاله ثلاثون شهراً" فهل بذلك تصبح الرضاعة واجبة لمدة عام وتسعة أشهر على المرضع، ويكون عليها وزر إذا أرضعت أقل من هذه المدة بدون أسباب؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله، وبعد:
مدة الرضاعة التامة سنتان كاملتان، وهذا التحديد ليس على سبيل الإلزام، فلو أرضعت أقل من ذلك جاز، ويدل عليه: قوله تعالى - بعد ذكر الحولين في آية الرضاع- "لمن أراد أن يتم الرضاعة" [البقرة: 233] . فلما علق الإتمام بإرادة المرضع دل هذا على أن الإتمام غير واجب.
والغرض من تحديد مدة الرضاع بحولين كاملين هو قطع النزاع بين الزوجين في مدة الرضاع، فلا يجب على الزوج إعطاء الأجرة لأكثر من حولين، ويشترط لجواز نقص مدة الرضاعة عن الحولين شرطان:
1- اتفاق الوالدين.
2- عدم الإضرار بالرضيع.(11/490)
رضاع البنت بعد الحولين لحضانتها
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 20/10/1426هـ
السؤال
أخذت بنتاً من دار الحضانة الاجتماعية وعمرها عشر سنوات، فهل يمكن أن أرضعها الآن وتثبت المحرمية بهذه الرضاعة مثل الرضاعة في الحولين؛ نظراً للضرورة، وكذلك استناداً إلى قصة عائشة -رضي الله عنها- ومولاها؟ ولو أرضعتها فهل يكتفى بشرب الحليب بالكأس من غير التقام الثدي، وكم مرة يلزم أن أسقيها بالكأس؟ أفتوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالرضاع الشرعي الذي تثبت به المحرمية عند جمهور العلماء من السلف والخلف أن يكون في الصغر زمن الحولين؛ بدليل قوله تعالى: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ" [البقرة: من الآية233] ، فنصت الآية على أن الحولين تمام الرضاعة، فلا حكم لما زاد على هذه المدة، فلا يتعلق بها تحريم.
ويدل على هذا أيضاً حديث عائشة - رضي الله عنه - في الصحيحين: "يا عائشة انظري من إخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة" صحيح البخاري (5102) ، وصحيح مسلم (1455) ، وحديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-عند أحمد (4114) ، وأبي داود (2059) : "لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم وأنشز العظم". ورضاع الكبير لا ينبت به لحم، ولا ينشز به عظم.
أما قصة عائشة - رضي الله عنها - مع سالم مولى أبي حذيفة في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أرضعيه تحرمي عليه" أخرجه مسلم (1453) ، فكان رأياً لعائشة -رضي الله عنها- خالفها فيه عموم أمهات المؤمنين. تقول أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ما نصه: "أبى سائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدخلن عليهن أحداً بتلك الرضاعة، أي رضاعة الكبير، وقلن لعائشة: والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسالم خاصة، فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا" أ. هـ من صحيح مسلم (1454) .
أما شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله- فقد أجازا رضاع الكبير للحاجة؛ أخذاً بحديث عائشة -رضي الله عنها- المشار إليه، ولا أرى أن يؤخذ إلا بقول الجمهور، إذ لو أخذ بجواز رضاع الكبير في هذا العصر لعمت المشاكل وانتشرت في البيوت، لا سيما مع كثرة الخدم والسائقين من الكفار وضعف الوازع الديني لدى المسلمين من الطرفين، والله أعلم.(11/491)
هل تصدق دعواها للرضاع؟
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الرضاع
التاريخ 20/10/1426هـ
السؤال
تزوجت امرأة منذ عدة سنوات، حيث أخبرتني بأنه يوجد لها عدد من الأخوال من الرضاع، وأنها توقفت عن الكشف عندهم لخلافات اجتماعية، أو لانقطاع الصلة منهم عدا شخص يزعمون بأنه خال من الرضاع ويصل أهلها، وعندما سألتهم عن مدى ثبوت الرضاعة شرعاً أفادوا بعدم وجود ما يثبت ذلك، إلا أنهم سمعوا ذلك من جدة زوجتي المتوفاة وهي المرضعة، وأمام هذا الوضع أمرت زوجتي بالاحتجاب عنهم جميعاً، وحذرتها من الكشف عندهم، لأنني شديد الغيرة ولا أريد الأخذ بشبهة رضاع، إلا أنني تفاجأت بأنها كشفت أمام هذا الخال وقامت بتقبيله في وجهه وكأنه أحد محارمها، وأنا الآن في حيرة من أمري ماذا أعمل مع نشوز هذه الزوجة؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقول جدة زوجتك: إنها أرضعته يكفي لإثبات الرضاع، ويجعله خالاً لزوجتك متى كان خمس رضعات فأكثر.
وما دام خالاً لها فلها أن تكشف وجهها ورأسها له، ولها تقبيله في رأسه إن كانت العادة جارية بذلك، وكان مأموناً لا يخشى من شرّه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" أخرجه البخاري (2502) ، ومسلم (1445) ، والغيرة التي تكون تجاه المحارم غير محمودة إلا لسبب، كأن يكون غير مأمون عليها.
وكونها كشفت له على خلاف ما أمرتها به يمكنك حله معها بالطرق المناسبة، مع إخبارها بأن الرضاع إنما يفيد الحرمة والمحرميّة، وليس كالنسب في حكم الصِلَة، وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه.(11/492)
الزواج دون إذن الوالدين
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 2/2/1425هـ
السؤال
رجل يريد الزواج من امرأة جيدة من نواحٍ كثيرة، لكنَّ والديه يرفضانها، فما حكم زواجه منها؟ بحيث يعقد عقد الزواج في أمريكا ثم يبرم عقداً آخر أمام والديه عندما يقتنعان بهذه الزوجة.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فلا مانع من الزواج مع كتمان الزواج عن أقارب الزوج، إذا تحققت أركان النكاح وشروطه من وجود الولي، وحصول الإيجاب والقبول، وتحقق الرضا، ووجود الشهود، فإذا تم ذلك تم عقد النكاح بينهما، ثم إذا رغبا أن يُظهر عقد النكاح لأبويه بعد ذلك فلا مانع.
لكني أنصح السائل أن يكون تصرفه واضحاً من البداية، فهو بذلك يمنع ضرراً قد يحصل فيما إذا عرف والداه بزواجه من هذه المرأة، ولذا فأحب للسائل أن يحاول مع والديه حتى يقتنعا ثم يعقد نكاحه بعد ذلك. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.(11/493)
هل تجب لها نفقة على إخوتها؟!
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 1/05/1425هـ
السؤال
والدي أنجب خمس بنات وولدين، أكبر الولدين ولد معاق عقلياً لا يستطيع مساعدة نفسه؛ لكونه لا يستطع الحركة، وأنا البنت الكبرى عند أهلي، مرض والدي وأنا في العشرين من عمري، فتحملت أنا مسؤولية البيت، وعملت لكي أعيل الأسرة، وعندما أصبحت في الثلاثين من عمري توفي والدي، فقمت بتعليم إخواني في الكليات، وأخيراً قمت بتعليم أختي الصغرى في الجامعة، حتى أصبحت مهندسة وتحضر لرسالة الماجستير، الحقيقة أن أخواتي قد تزوج منهن حتى الآن ثلاث، وذهبت كل واحدة في حال سبيلها، أما عن أخي الثاني فإنه لا يهتم إلا بنفسه، ولا يعطي أمي إلا نصيبه من المأكل والمشرب في المنزل، أنا أعطاني الله الكثير من الجمال، ولكنني الآن في التاسعة والثلاثين، الحقيقة لم يطرق بابي طارق زواج إلا ما ندر، وهي حكمة لا يعلمها إلا الله، وأجد نفسي بعد هذا العمر الطويل بكل ما حملته من تعب وكأنني لم أفعل شيئاً، ولا أزال أصرف على العائلة، ولم أخرج من الدنيا بشيء لا زوج ولا ولد ولا مال، ماذا أفعل؟ هل أنا ملزمة بوالدتي وأخي المعاق كونهم لا أحد لهم غيري؟ هل أستحق من أخواتي نفقة لكوني قمت بتعليمهم والاعتناء بهم طوال هذا العمر؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
النفقة على الأقارب تعتبر من البر والصلة لهم، وهي من القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى ونفقة القريب -عدا الوالدين وإن علوا، والأولاد وإن نزلوا- لا تجب إلا بثلاثة شروط:
الأول: أن يكون المنفق وارثاً لمن ينفق عليه، لقوله تعالى: "وعلى الوارث مثل ذلك" [البقرة من الآية: 233] ، فإن كان أحد إخوتك له أولاد فأنت لا ترثين منه شيئاً لو مات، فهنا لا تجب عليك نفقته.
الثاني: فقر المنفق عليه وعجزه عن التكسب، فإن كان أحد إخوتك قادراً على التكسب وتركه، لا يلزمك نفقته؛ لكون التقصير صادراً بإرادته.
الثالث: غنى المنفق، فإن كنت فقيرة فلا يلزمك نفقة إخوتك، بل يلزم الغني منهم أن ينفق عليك، ومن وجبت عليك نفقته من إخوانك فالواجب عليك قدر إرثك منه، وباقي النفقة على باقي الورثة.
أما ما يتعلق بعدم تقدم أحد لخطبتك مع ما تتمتعين به من جمال فقد يكون بسبب خوف من يرغب الزواج بك عدم قبوله، لذا أرى أن توصي إخوتك وأعمامك وأخوالك ووالدتك أن يبحثوا لك عن زوج، وأن يعرضوا على من يروا فيه خيراً وصلاحاً أن يتزوجك، وهذا كان نهج السلف الصالح، فقد عرض أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- بنته حفصة على عثمان -رضي الله عنه- قبل أن يخطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، رواه ابن أبي شيبة (6/365) ، وكذا عرض سعيد بن المسيب ابنته على أحد تلاميذه وكانت من أجمل النساء، أسأل الله تعالى أن يرزقك زوجاً صالحاً يسعدك، وذرية مباركة تملأ حياتك براً وسعادة، والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/494)
تعلق المسلم ببعض طقوس النصارى وخرافاتهم!!
المجيب د. حسين بن محمد عبد المطلب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 4/11/1424هـ
السؤال
حصل زوجي على ماء مقدس كهدية من أمه النصرانية، وهو ماء فيه بركة من أحد القساوسة.
ويقوم زوجي بنضح بعض الماء منه في البيت على فترات قبل أن يخرج، وعندما أخبرته أننا كمسلمين يجب ألا نعتقد بأي نفع لهذا الماء، أجابني بأننا والنصارى إخوة، ولن يضر شيء بمثل هذا النضح، وقال إن شيئاً مقروءاً عليه لا يمكن أن يحمل أي ضرر، أنا غير مقتنعة بما قال، وأظن أن هذا الماء بدعة نصرانية (حيث يباركون الماء ليجلب الحظ أو يوفر حماية لهم وما شابه ذلك) .
أرجو بيان رأيكم بهذا الماء، وكيف أواجه زوجي إذا نضح الماء في البيت لأي غرض مثل الحماية وغير ذلك؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
أختي السائلة -زادك الله يقيناً- عن الماء الذي أخذه زوجك من أمه باعتباره ماء مقدساً في زعم النصارى، فأقول لك وبالله التوفيق:
أولاً: حثَّ الإسلام على بر الوالدين وطاعتهما حتى ولو كانوا كفاراً، قال تعالى:" ... وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً" [لقمان:15] .
ويجوز أن يأخذ منها الهدية وأن يهاديها، كما فعلت أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- مع أمها وهي كافرة، ما عدا ما يخالف شرعنا، أي من الأمور المحرمة كلحم الخنزير وغيره.
ثانياً: إن نصارى اليوم كفرة وليسوا بإخواننا كما يزعم زوجك؛ لأنهم أشركوا مع الله عيسى ابن مريم عليه السلام، حيث قالوا: إن عيسى هو الله أو ابن الله تجسد اللاهوت في الناسوت فصاروا شيئاً واحداً، وعليه فهم كفرة، كما قال الله عنهم " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ... " [المائدة:17] .
ثالثاً: إن هذا الماء ليس مقدساً، وإنما يفعله القساوسة ليتكسبوا من ورائه وهو من أسرار الكنيسة، وعليك أن تخبري زوجك بأننا كمسلمين لا يجوز لنا أن نفعل ذلك؛ لأن هذا من معتقدات النصارى، وأنه لا يجلب الحظ ولا يوفر الحماية، بل يجلب الشياطين ويطرد الملائكة، وهو كمسلم عليه أن يقرأ في بيته القرآن الكريم، فإنه يجلب البركة ويطرد الشياطين، هذا والله أعلم.(11/495)
هل الأعمام من الآباء؟
المجيب عبد الحكيم بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 12/6/1424هـ
السؤال
إني لا أفهم هذه الآية "أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ... "، لأنني أعلم أن إسماعيل عم يعقوب، اشرح لي هذا الأمر.
الجواب
الأب في اللغة يطلق حقيقة ومجازاً: فأما الحقيقي فيطلق على الوالد؛ لأنه يغذو ولده.
وأما المجازي: فيطلق على كل من كان سببا في إيجاد شيء، أو صلاحه أو ظهوره، كما في قوله تعالى:"النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم" [الأحزاب: 6] قرئ بزيادة: وهو أب لهم ومعناها صحيح، ويسمى العم مع الأب أبوان وكذلك الأم مع الأب، وكذلك الجد مع الأب، كما في الآية المسئول عنها، فإسماعيل لم يكن من آبائهم، وإنما كان عمهم حقيقة، وبعضهم يقول هنا: هذا الإطلاق على التغليب. وفي السنة قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عمه العباس لعمر -رضي الله عنهما-:"أماشعرت أن عم الرجل صنو أبيه" رواه البخاري (1468) ، ومسلم (983) ، واللفظ له من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وقال:"الخالة بمنزلة الأم " متفق عليه عند البخاري (2699) ، ومسلم (1783) من حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه-.ومن إطلاق الأب على الجد العالي قوله تعالى: " كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ " [الأعراف] ، وَهُمَا: آدَم وَحَوَّاءُ , ومن السنة: "ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا " رواه البخاري (2899) من حديث سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-. وفي القرآن يأتي الأب ويراد به أربعة معاني -حكاها ابن الجوزي في الوجوه والنظائر ص 111-112 - وهي:
الأب الأصلي الأدنى: كما هو واضح في مثل قوله تعالى:"وورثه أبواه" [النساء: 11] ، وقوله تعالى: "وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر" [الأنعام: 74] على الصحيح، "وأبونا شيخ كبير" [القصص: 23] . ويطلق ويراد به الأب الأعلى: كما في قوله
:"واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب" [يوسف38] ، وقوله تعالى: "ملة أبيكم إبراهيم" [الحج 78] ، ويطلق ويراد به العم: كما في الآية المسئول عنها. ويطلق ويراد به الخالة، ومثاله قوله تعالى عن يوسف: "ورفع أبويه على العرش" [يوسف100] ا. هـ. قلت: -إن صح الخبر في الرابع - ولكن الظاهر أن الأبوين حقيقة أمه وأبوه، والله أعلم.(11/496)
حق التبرع بالكلى
المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 27/3/1423
السؤال
أنا إنسان أريد أن أتبرع بكليتي، وأنا على قيد الحياة، هل أستشير أهلي (أبي وأمي) في ذلك؟ وهل لهما الحق في ردي عن ذلك التبرع؟ وهل يجوز إذا كانا غير موافقين أن أتبرع من غير رضاهما؟ علماً أن علي ديناً، وأنا وأخي وأبي نسدده سوياً كل منا يدفع جزءاً من راتبه شهرياً، -وإن شاء الله- الدين سيسدد حتى إذا لم أكن موجوداً -إذا مت-، علماً أنني متزوج، وليس لدي أولاد.
الجواب
إن الله -عز وجل- أوجب الإحسان إلى الوالدين، فقال -عز وجل-: "وقضى ربك ألاّ تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" [الإسراء:43] ، ومن الإحسان إليهما طاعتهما فيما لا معصية لله فيه، ولما كان التبرع بالكلى أمر ليس بواجب ولا مندوب، وإنما هو أمر مختلف فيه ورخص به بعض أهل العلم، فينبغي طاعة والديك في نهيك عن التبرع بكليتك، والدليل على هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر من أراد أن يجاهد تطوعاً بدون إذن والديه أن يرجع ويستأذنهما، مع أن الجهاد من أعظم الطاعات، فيظهر لي أنه ينبغي استئذانهما في التبرع بالكلى؛ لاحتمال الضرر في ذلك.
وقد نص بعض أهل العلم على أنه ليس للولد أن يدخل في أمر قد يضر به كإطفاء حريق إلا بإذن والديه، والتبرع بالكلى مما قد يضر بالولد، والله -تعالى- أعلم.(11/497)
طاعة الوالدين الكافرين بالمعروف
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 7/4/1424هـ
السؤال
أنا رجل مسلم أبلغ من العمر أربعين عاماً من أسرة مسيحية الأصل، أحس بالإسلام في قلبي منذ أن كنت صغيراً، ولكنني لم أطبق تعاليمه إلا منذ أن دخلت امرأة مسلمة حياتي، فبدأت أصلي وأصوم وأزكي وتوقفت عن سماع الأغاني وأشياء كثيرة أخرى علمتني لها هذه المرأة جزاها الله خيراً، وأنا الآن أريد أن أتزوج بها ولكن أمي تعارض هذا الزواج بشدة؛ لأنه زواج بمسلمة وهي إلى الآن لا تعترف بي كمسلم، وإنما تقول لي: إن المسيحية هي ديني ودين أجدادي، أريد أن أعرف الآن ما حكم الإسلام في مثل هذا الموقف؟ هل رضا أمي المفروض يأتي أولاً بعد رضا الله وهي مسيحية وأنا مسلم؟ أم أن زواجي بامرأة مسلمة تعينني على ديني وتنشئ أبناءنا على الدين الإسلامي يأتي أولاً؟ خاصة أن لي ولداً من زوجتي القديمة وعمره 12 سنة، وأمي تأخذه إلى الكنيسة كل أحد، أرجو أن ترشدوني إلى الحل الصحيح الذي يجعل ربي راضياً عني، وأن تخبروني في أي الحدود من المفروض أن آخذ رضا الوالدة بما أنها من دين مختلف عن ديني، خاصة أننا نعيش سوياً؟
الجواب
طاعة الوالدين فرض افترضه الله على الأبناء، وقرنه بحقه -سبحانه- في العبادة، قال -تعالى-: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً ... " [الإسراء: 23] ، وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، انظر ما رواه البخاري (2654) ، ومسلم (87) من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه- ولكن هذا الحق في الطاعة إنما هو في حدود الشرع، فلا طاعة لهما فيما يخالف شرع الله، كما قال الله -جل وعلا-: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً" [لقمان: 15] ، ويستفاد من هذا ثبوت حق البر حتى للوالدين الكافرين مالم يعارض الشرع، وإذا تأكد لك صلاح هذه المرأة ودينها فتزوج بها، ولا عليك من مخالفة أمّك النصرانية، لأنه ليس لها حق في منعك من هذا، ولا تلزمك طاعتها في شأن يخالف دينك الإسلامي.
ومع ذلك عليك ببرها والإحسان إليها؛ لعل الله أن يشرح صدرها لدينه الذي ارتضاه لعباده.(11/498)
حق الأب في إجبار أبنائه على العمل معه
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 14/11/1424هـ
السؤال
-هل للأب أن يجبر أولاده كلهم أو أحدهم على العمل معه؟
-هل للأب أن يحرم بنته أو ولده من الميراث لأي سبب كان؟
-ما مدى الحق للوالد في أن يأخذ مال ولده مع غناه عنه؟
هل للوالد أن يوصي لولده العامل معه، - ومالهما مشترك - بشيء من الميراث بعد وفاته ضماناً لحقه أم لا؟ وإذا لم يوص الأب فهل لهذا الولد العامل مع أبيه أن يطالب ببدل عمله مع والده أم لا؟
الجواب
-إذا كان الأب عاقلاً رشيداً مستقيماً، ولديه الدراية بما يصلح به أمر ولده وتستقيم معه أحواله، ولم يأمر بسوء أو معصية أو فساد في الأرض، ولم يشغله عن طلب العلم أو الحصول على كسب الرزق الحلال، فلهذا الأب الراشد إلزام ولده بالعمل الذي يعود عليهما بالخير والنفع العميم.
- الميراث حق مقرر شرعاً للولد إذا كان متفقاً مع والده في الدين، قال -تعالى-: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" [النساء:11] ، وعلى هذا فليس للأب حق في حرمان الولد من الميراث، إلا إذا اختلف الولد مع أبيه في الدين، أو إذا قتل الولد أباه.
-يقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم" الترمذي (1358) والنسائي (4449) وأبو داود (3528) وابن ماجة (2137) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، فالأب له أن يتصرف في مال ولده بشرط ألا يضر بالولد، وأن يأخذ الأب ما يحتاج إليه، وألاّ يأخذ من أحد أولاده لصالح آخر، وألاّ يأخذ آلة يكتسب بها الولد.
وقال المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لمن قال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي؛ فقال المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "أنت ومالك لأبيك" ابن ماجة (2291) من حديث جابر -رضي الله عنه-، وأحمد (6902) ، ولا يعني هذا أن الولد وماله ملك لأبيه مطلقاً، وإنما يريد -عليه السلام- التأكيد على الولد ببر أبيه وإكرامه، ولو كان مال الولد ملكاً لأبيه مطلقاً، لما جعل للأب نصيب مفروض في تركة الولد بالفرض حيناً، وبالتعصيب حيناً آخر، أو يجمع بينهما في أحوال أخرى.
-إذا عمل الولد مع والده في التجارة كان الأولى أن يبين ذلك في دفاتر الشركة، ويعين نصيب الولد وحصته في الشركة؛ ليكون أقرب إلى العدل وأبعد عن الجور، وإذا أثبت الأب حصة ولده في الشركة فهذا بيان لنصيبه المتناسب مع جهده، ولا يكون هذا من باب الوصية بالميراث.
أما إذا لم يبين الأب حصة ولده في الشركة، ولم يقدر جهده في العمل، فلا وصية لوارث إلا بموافقة بقية الورثة، ولكن لو توفي هذا الولد في حياة والده بعدما خلّف ذرية فأوصى الجد لأولاد ابنه بمقدار حصة أبيهم، على ألاّ تتجاوز الثلث، فإن هذا حق ثابت تنفيذاً لقوله -تعالى-: "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين" [البقرة:180] .
قال فريق من أهل العلم نسخت آيات المواريث الوصية للوارث، وبقيت في حق من لم يرث، على ألاّ تزيد على الثلث، وتقسم على هؤلاء قسمة الميراث، ويرى بعض العلماء أن الوصية في مثل هذه الصورة تكون واجبة حتى لو لم يوصِ بها الجد.(11/499)
عاهدت أمها ألا تقص شعرها
المجيب د. خالد بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 29/8/1423هـ
السؤال
أنا متزوجة ومقيمة مع زوجي في الخارج بحكم الدراسة، وقد عاهدت أمي على أن لا أقص شعري، فهل يجب علي الالتزام بكلامها؟ أنا لا أريد معصيتها، ولكن أريد التجمل أمام زوجي، وخصوصاً أننا في بلد جميع النساء فيه متبرجات وفاتنات وذوات شعور قصيرة، وزوجي لم يطلب مني أن أقص شعري.
الجواب
تلزمك طاعة أمك في عدم قص شعرك، الذي عاهدتها عليه؛ لوجوب برها عليك، وطاعتها فيما ليست فيه معصية لله تعالى، ولحرمة عقوقها عليك، وليس من برها معصيتها فيما ليس في فعله معصية لله تعالى؛ لقوله -جل وعلا-: "وصاحبهما في الدنيا معروفا" [لقمان:15] ، وقوله: "وبالوالدين إحساناً" [الإسراء 43] ، إلا أن يأمرك زوجك بقص شعرك فلك القص حينئذ؛ لأن حق زوجك في ذلك مقدم على حق أمك، شرط ألاّ يصل القص إلى حد التشبه بالرجال؛ لحرمته.(11/500)
سداد الأبناء ديون والدهم الميت
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 9/1/1424هـ
السؤال
هل يلزم الأبناء سداد ديون والدهم بعد وفاته؟ علماً أن التركة لا تفي بمتطلبات الدائنين، والمبلغ لا يستطيع الأبناء دفعه لكبره، أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
أولاً: لا يجوز للورثة أن يأخذوا شيئاً من الميراث قبل سداد الديون التي على والدهم، الحقوق المتعلقة بالتركة أولها مؤنة التجهيز من قيمة الكفن وأجور الحفر للقبر والنقل ونحو ذلك، إذا كان لا أحد منهم يقوم به ثم يلي ذلك الديون التي على والدهم فإذا سددت الديون حينئذ ينظرون في الوصية والميراث.
فالمال الذي خلفه والدهم عليهم أن يدفعوه للدائنين فإن بقي شيء من الدين بعد ذلك وأرادوا أن يحسنوا إلى والدهم فإنهم يسددون عنه الدين وهذا أمر من حق الوالد عليهم أن يسعوا في سداد دينه قدر استطاعتهم، وليس على سبيل الإيجاب لأن هذا دين على الوالد، وليس ديناً عليهم، لكنهم من إحسانهم وبرهم بوالدهم أن يفكوا أسره، لأن نفس المؤمن متعلقة بدينه حتى يقضى عنه، وأولى الناس بالبر هم الأولاد يبرون والدهم لأنه هو سبب وجودهم في هذه الحياة، والله سبحانه وتعالى يقول:"وبالوالدين إحساناً" [البقرة: 83] والإحسان كما أنه يكون في الحياة، يكون أيضاً بعد الممات، فعن جابر - رضي الله عنه- قال: توفي رجل، فغسلناه، وحنطناه، وكفناه، ثم أتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يصلي عليه، فقلنا: نصلي عليه، فخطا خطى، ثم قال: أعليه دين؟ قلنا ديناران، فانصرف، فتحملهما أبو قتادة، فأتيناه، فقال أبو قتادة: الديناران عليّ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أحق الغريم، وبرئ منهما الميت" قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران؟ فقال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه من الغد، فقال: لقد قضيتهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "الآن بردت عليه جلده" رواه أحمد (14536) والبيهقي (6/75) والحاكم في المستدرك (2393) . فمن المتعين على الأولاد أن يهتموا بهذا الأمر، ويحرصوا على سداد ديون والدهم وهذا من البر والإحسان به، والله يتولى الصالحين.(11/501)
تسديد الأقساط عن الميت
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 16/4/1424هـ
السؤال
مات والدي - رحمه الله - وعليه أقساط متأخرة للبنك حوالي (15 قسط) ، ونحن أبناؤه نريد أن نقوم بتسديد هذه الأقساط حسب الاستطاعة، فهل هذه الديون من الديون التي تؤخر دخول الجنة (نسأل الله لوالدي دخول الجنة) ؟ والحمد لله ليس على والدي من ديون سوى هذه الديون. وماذا علينا أن نفعل؟ ولضيق ذات اليد لا نستطيع تسديده مرة واحدة. أفتونا مأجورين.
الجواب
الديون التي على المتوفى يجب المبادرة بسدادها، والدين الذي به رهن هو أول هذه الديون والنبي - صلى الله عليه وسلم - بين خطر تأخير سداد الديون، وقال: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه"، رواه الترمذي (1078) ، وابن ماجة (2413) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- ولما ضمن أبو قتادة - رضي الله عنه- رجلاً عليه ديناران سأله النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد فترة: "ما فعل الديناران" فقال أبو قتادة - رضي الله عنه-: "قد قضيتهما"، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الآن بَرَّدْتَ جلده"، رواه أحمد (14536) ، وغيره من حديث جابر - رضي الله عنه- فعليك وعلى بقية الورثة المبادرة بإنهاء ما على مورثكم من دين، وإذا كنتم تريدون أن تتحملوا هذا المبلغ فإنكم تنقلون الدين من ذمة مورثكم إلى ذمتكم أنتم لدى البنك ويكون مرتباً بما هو مرتبط به الآن من أن الرهن باق بحاله، لكن المالك اختلف بحيث يبرأ والدكم من التبعات المتعلقة بهذا الرهن.(11/502)
إنفاق الفتاة على أهلها
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 18/4/1424هـ
السؤال
هل تكلف الفتاة شرعاً بالإنفاق على أسرتها؟ (الأسرة في حالة مادية جيدة، ولا تنطبق عليها أصناف الزكاة المذكورة في الآية القرآنية) وهل يأثم الأب في حال أخذ من ابنته مالاً وإعطائه لإخوتها الذكور (حتى ولو كانوا محتاجين) ؟.
الحقيقة أن الفتاة تضرب من قبل أبيها، وتؤخذ منها أموالها قصراً، وتعطى للإخوة العاطلين عن العمل، والسؤال: هل الحديث "أنت ومالك لأبيك" تنويه للذكور والإناث معاً؟ وإذا كان الأب مقتدراً هل يعاقب أمام الله - عز وجل - لفعله هذا؟ وشكراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
بالنسبة للقريب لا يجب عليه أن ينفق على قريبه، إلا إذا كان المنفَقُ عليه فقيراً، والمنفِق غنياً، فإذا كان المنفَقُ عليه غنياً؛ فإنه لا يجب أن ينفق عليه، وأما بالنسبة لتملك الوالد من مال ولده فجائز حتى وإن كان غير محتاج؛ لحديث عائشة - رضي الله تعالى عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنت ومالك لأبيك" رواه ابن حبان في صحيحه
(410) وغيره، فيجوز للوالد أن يتملك من مال ولده سواء كان الوالد محتاجاً أو غير محتاج، لكن بشروط:
الشرط الأول: ألا يتملك ما يحتاجه الولد، أو يلحقه ضرر بتملكه، فإذا كان هناك سيارة يستعملها الولد أو بيت يسكنه هو وعائلته فليس للأب أن يتملكه، أو ملابس يلبسها أو نحو ذلك، المهم ما تعلقت به حاجة الولد أو اضطر إليه فإنه لا يجوز للوالد أن يتملكه.
الشرط الثاني: ألا يكون التملك في مرض الموت المخوف لأحدهما، فإذا كان في مرض الموت المخوف لا يجوز للوالد أن يتملك من مال ولده.
الشرط الثالث: ألا يتملك من ماله ويعطيه ولداً آخر، أي: أحد إخوانه، فيأخذ من مال هذا الولد ويعطيه لولد آخر، فإن هذا غير جائز.(11/503)
منع الوالد ابنه من الميراث
المجيب ناصر بن محمد آل طالب
القاضي بمحكمة عرعر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 20/6/1424هـ
السؤال
أبي ترك الوالدة، وأنا عمري ثلاث سنوات، ومنذ هذا التاريخ قابلته عشر مرات فقط إلى الآن، ولم يصرف عليّ إلا ثلاث سنوات وأنا في المعهد، وبعد ذلك انفصل عني، وبعد سنوات قررت الزواج، وعند معرفته بهذا الأمر قال لي إما أن تتزوج الفتاة التي اخترتها لك، أو تُحرم من الميراث.
السؤال هو: هل له الحق أن يحرمني؟ وهل له الحق أن يتبرع بنصيبي للجمعيات الخيرية ودار الأيتام، أم لا؟ أنا والله لم أفتر عليه في أي كلمة. وشكراً.
الجواب
لا يحق لمورث أن يحرم وارثه من الميراث، ولو فعل بوصية أو بنحوها فإنه لا يلتفت لها ولا يستجاب له، لأن مال المورث لا يكون ميراثاً إلا بوفاته، فإذا توفي أصبح مالاً للورثة وليس ماله هو، وبالتالي لا ينفذ في هذا المال من وصاياه إلا ما كان في الثلث وأقل، وما سوى ذلك فمال الورثة فلا يمكن أن يتبرع منه مثلاً للجمعيات الخيرية ولا غيرها.
وإن كنت أوصيك بأن تصلح ما بينك وبين والدك وإن جار عليك، ولا تدع خلافه مع والدتك ينسحب عليك، وأسأل الله للجميع الهدى والتوفيق.(11/504)
إنفاق الرجل على أخته
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 15/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
هل الأخ الشقيق ملزم بالنفقة على أخته الأرملة؟ والتي لها ولدان وليس لها ما يكفيها للإنفاق على إبنيها؟ ما حكم الدين في هذا؟ وبكل صراحة، وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الأخ الشقيق لا يلزمه الإنفاق على أخته الأرملة ما دام أن لها ولدين، لأنه في هذه الحالة لا يرثها، والله - تبارك وتعالى - لما ذكر الإنفاق قال: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ" [البقرة:233] ، فذكر تعالى النفقة على الوارث عند عدم الوالد، ومن باب صلة الرحم لا على سبيل الوجوب.(11/505)
هل من العقوق الزواج بغير رضا الأم؟
المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي
رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 02/02/1426هـ
السؤال
أنا فتاة، عمري 34 سنة، ولقد تقدم لي شاب عمره 38 سنة منذ مدة، وقد حصل الارتياح النفسي بيننا، وللعلم فأنا متدينة ومحجبة، ومن عائلة محترمة، والدة هذا الشاب تمنعه من الزواج؛ وذلك لأن له أختين أكبر منه، ولم يتزوجا حتى الآن، ولذلك فهي غير موافقة على زواجه مني أو من غيري، وهي لا تعيب علي أي شيء، وقد حاول ابنها استرضاءها طيلة المدة السابقة بكل الطرق لكي توافق على زواجنا، ولكن باءت كل محاولاته بالفشل، وأيضاً حاولت معها أنا ووالدتي ولكن دون فائدة، فهل إذا تزوجني دون رضا أمه يكون عقوقاً لها؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا كان الأمر -كما ذكر- فينبغي للشاب أن يحرص على إرضاء أمه وإقناعها بالزواج حتى يكسب الأمرين، لكن إذا أصرت الأم على منع ابنها دون مستند ولا سبب شرعي، فلا يلزم ابنها طاعتها، ويحق له الزواج منك بهذه القيود ولو لم ترض، ولا يكون ذلك عقوقاً؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الطاعة بالمعروف" أخرجه البخاري (7145) ، ومسلم (1840) . وبالله التوفيق.(11/506)
الحياء يمنعنا من قسمة التركة!
المجيب سامي بن محمد الخليل
مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 17/06/1426هـ
السؤال
توفي والدي -رحمه الله- وترك لنا إرثاً، وبيني وبين إخوتي وأخواتي من الحب والتقدير الشيء الكثير -والحمد لله- والمشكلة أننا نستحي من بعض حيال تقسيم التركة، ولا نرغب في تقسيمها حفاظاً على بقاء الألفة بيننا، إضافة إلى أن شقيقاتنا رفضن أخذ نصيبهن من التركة؛ بحجة أنهن لا يرغبن أن يعيرهنّ أحد أنهن اقتسمن مع إخوتهن، أرجو التوجيه، والله يحفظكم.
الجواب
أولاً: أسأل الله -تعالى- أن يديم بينكم المحبة والاجتماع.
وثانياً: تأخير تقسيم التركة بينكم هو الذي قد يسبِّب الخلاف بينكم، لذلك أرى المبادرة إلى تقسيم الإرث، ويمكن أن توكِّلوا شخصاً تثقون به ليقوم بتقسيم الإرث بينكم.
أما رفض شقيقاتكم أخذ نصيبهن حتى لا يعيرن فهذا خطأ؛ لأن هذا الأمر ليس فيه عيب - بحمد الله- بل هو حق قسمه الله لها وهو أعدل العادلين.
وما زال المسلمون يقتسمون الإرث للذكر نصيبه وللأنثى نصيبها حسب شرع الله -تعالى-، ولم ير أحد أن أخذ الأنثى نصيبها فيه عيب أو خطأ، وإذا كان من العادة عندكم أن تُعيَّر المرأة بأخذها الإرث مع إخوتها فيجب عليكم المبادرة إلى تقسيم الإرث، وإعطاء الأخوات حقهن؛ لإبطال هذه العادة الجاهلية.(11/507)
هل من شروط الزواج رضا والدي الزوج؟!
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 21/2/1425هـ
السؤال
أنا أعمل مهندساً في أحد المصانع، وفيها تعرفت على إحدى العاملات وأحببتها جداً، وأردت الزواج منها، خاصة وهي تحب الالتزام، ولكن مشكلتي تكمن في والداي فأمي ترفضها لأنها لم تكمل تعليمها، وأبي في البداية وافق وجاء معي كي نخطبها، ولكن بعد أسبوع قال إنه يرفض الزيجة؛ والسبب قال إنه عندما سأل عن والد الفتاة لم يستطع أن يحصل على أي معلومة عنه، فقال له أحد المشايخ على حد قوله قال له صلِّ صلاة الاستخارة، والذي تراه في المنام اعمل به، وقال أبي إنه حلم بحلم سيئ، لذا فنفسيته ليست مرتاحة لهذا الزواج، والذي فعلته أنا بعد ذلك ذهبت وأكملت الخطبة، خاصة بعد أن عرف الناس أنها خطيبتي، وأنا أيضاً أحبها، وخاصة بعد قراءتي لفتوى لشيخنا العثيمين تفيد أنه لا يلزم طاعة الوالد في هذا الأمر والآن أحاول كثيراً مع أمي وأبي، وأدخل الوسطاء لكن دون جدوى، فهل أكمل هذا الزواج، وإن لم يوافق أبواي؟ وماذا أفعل مع الفتاة إذا اشترطت موافقة أبواي لإتمام الزواج؟ أفتونا مأجورين إن شاء الله.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
أرى - يا أخي الكريم - أن تواصل الجهود في محاولة إقناع والديك في زواجك بهذه الفتاة، وألا تيئس من ذلك، وتستخدم في هذا كافة الأساليب الحسنة والطرق الحكيمة. فالزواج إذا كان بموافقة الوالدين يحقق استقراراً أكبر بالنسبة لك ولزوجتك ولأولادك في المستقبل، ويجعل العلاقة بينكم أكثر سعادة وألفة إن شاء الله.
فيا أخي: لا تأل جهداً في إقناعهما، خصوصاً إذا كنت تعلم من حالها أنها ذات خلق ودين، وأما من حيث الحكم الشرعي فإنه ليس للوالدين إلزام الولد بنكاح من لا يريد، وقد عقد الفقيه المحدث أبي عبد الله محمد بن مفلح فصلاً في الآداب الشرعية في الجزء الثاني (ص77) بعنوان (فصل ليس للوالدين إلزام الولد بنكاح من لا يريد) ، ونقل عن شيخ الإسلام تقي الدين ما نصه: (أنه ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد، وأنه إذا امتنع لا يكون عاقاً، وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر عنه مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه كان النكاح كذلك وأولى فإن أكل المكروه مرارة ساعة وعشرة المكروه من الزوجين على طول تؤذي صاحبها، ولا يمكنه فراقها) انتهى كلامه. وأما سؤالك عن اشتراطها موافقة والديك لإتمام الزواج فأرى أن هذا الشرط صحيح وملزم؛ لأن عدم موافقتهما قد يعود عليها بأضرار معنوية، وقد تدخل معهما في دوامة مشاكل لا نهاية لها، وقد يتعدى هذا الضرر على أولادها وتحرم بذلك السعادة الأسرية الكاملة، ونستغفر الله -تعالى- من كل زلل وخطأ. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(11/508)
طلبت من والديها الخروج من بيتها، فهل هو عقوق؟!
المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 7/10/1424هـ
السؤال
ما رأي الدين في سيدة يعيش معها أبوها، وهي تطلب منه أن يكتري منزلاً ليعيش فيه هو وأمها؛ وذلك كي تعيش وحدها مع أبنائها؟ علما أن أبويها قادران مادياً أن يفعلا ذلك، هل يدخل هذا التصرف في باب عقوق الوالدين؟ أم أن لها الحق أن تفعل ذلك؟. والسلام عليكم.
الجواب
إن وجوب الإحسان إلى الولدين والبر بهما في حياتهما وبعد وفاتهما، من المعلوم من الدين بالضرورة؛ لكثرة النصوص في ذلك، قال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً " [الإسراء:23] ، وقال تعالى: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً" [النساء: من الآية36] ، وفي حديث أنس - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث طويل: "رغم أنف رجل أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة" رواه مسلم.
كما أن الإساءة إليهما وأذيتهما بأي نوع من الأذى من الموبقات وكبائر الذنوب، قال تعالى: "إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً" [الإسراء: من الآية23] ، تأمل قوله تعالى: (عندك) الظرفية وهي تشمل الزمان والمكان، وقوله تعالى: (أف) ، فكيف بما هو أبلغ من ذلك وأشد إيلاماً، وقد عد النبي - صلى الله عليه وسلم - عقوق الوالدين من أكبر الكبائر.
والمسلم يحرص على اغتنام جميع الفرص لرد بعض جميل والديه عليه، فكيف بمن أتيحت له فرصة إسكانهم معه في البيت ومن ثم القيام بخدمتهم والعناية بهم والإنفاق عليهم من خالص ماله؟ هذه نعمة ينبغي الحرص عليها، والعض عليها بالنواجذ وعدم التفريط فيها.
ولا شك أن من طلب من والديه مغادرة بيته الخاص ليستقلوا بسكن لم يكن باراً بهم، اللهم إلا أن تكون هذه المرأة -موضع السؤال- تعيش في بيت زوجها، وزوجها غير مرتاح لبقاء والدي زوجته عنده في البيت، فيكون الطلب في هذه الحالة مشروعاً، أو أن تكون هناك ظروف أخرى لم تذكر، فهذه حالات خاصة لا يشملها الحكم العام، ولكل حادثة بتفاصيلها حديث، وأما الأمر العام فهو ما ذكر، والله أعلم.(11/509)
كريم مع أقربائه شحيح مع أبنائه
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 12/11/1423هـ
السؤال
ما حكم الشرع في رجل غني يملك أموالاً طائلة، وهو سخي النفس على أقربائه الأبعدين غير الأقربين، فقد يبني لأبناء خاله عمائر فاخرة ويوقف لهم أموالاً وأراضي في حياته غير أنه لا يهتم بأولاده وأهله كثيراً فيعطيهم ما يسد حاجتهم ويبني لهم ما يمشي الحال من البيوت، فما حكم الإسلام في مثل هذا الرجل، فهل يعتبر أنه من المحسنين أو من المقصرين. أفتونا مأجورين في ضوء الأدلة من القرآن والحديث.
الجواب
الحمد لله وحده وبعد، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- " دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك" رواه مسلم برقم (995) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- وروى من حديث ثوبان - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- " أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله "صحيح مسلم (994) .
وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-" كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت" رواه أبو داود (1692) وأحمد (2/160) وصححه الحاكم (1/415) والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلىآله وصحبه.(11/510)
من هم الأرحام؟
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 28/12/1423هـ
السؤال
من هم الأرحام؟ وكيف تكون صلتهم من قبل امرأة تصغرهم بكثير أو قليل؟ وكيف تكون صلتهم أيضاً عندما تكون بعيدة عنهم؟
الجواب
الأرحام هم الأقارب من جهة الأب أو من جهة الأم وصلتهم تحصل بمحبتهم والدعاء لهم، وصلة كل واحد منهم بحسبه القريب أولى من البعيد، والفقير صلته بمساعدته مالياً، ومنهم من صلته بالزيارة ومنهم من صلته بالسؤال عن حاله والاهتمام بشأنه، والمرأة تصل أرحامها بما تستطيعه ويستفيدون منه على ألا يكون عليها ضرر في هذا، لأن المرأة عليها أن تسعى جاهدة في إرضاء زوجها والزوج قد لا يسمح لها بما تريد نحو أقاربها، وعليها أن ترضيه والله -جل وعلا- يسامحها عما يتصل بأقاربها.(11/511)
من هم أولوا الأرحام؟
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 9/3/1425هـ
السؤال
هل معنى الرحم في الشريعة أو ذوو الأرحام شامل للأقارب من جهة الأبوين الأب والأم؟ أم أنه مختص بجهة الأب فقط؟ أي بكل قريب يشاركك في اللقب أو اسم العائلة، وهل هناك فرق في المدلول الشرعي بين الرحم والنسب؟ بارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم المسلمين.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، وبعد:
فالأرحام جمع رحم، والرحم في اللغة هو: بيت منبت الولد، ووعاؤه في البطن، كما في لسان العرب (12/232) ، ثم سميت القرابة من جهة الولادة رحماً.
والأرحام، أو ذوو الأرحام، المراد بهم في باب البر والصلة: هم الأقارب من النسب من جهة الأبوين، هذا هو المراد بهم شرعاً، وهؤلاء هم:
(1) الأب وإن علا (الأجداد) .
(2) الأم وإن علت (الجدات) .
(3) الإخوة والأخوات، وأولادهم وإن نزلوا.
(4) الأعمام والعمات وإن علوا، وأولادهم وإن نزلوا.
(5) الأخوال والخالات وإن علوا، وأولادهم وإن نزلوا.
هؤلاء هم الأرحام بالقرابة وبالنسب، ولا فرق. ويلاحظ هنا أن الأحق بالصلة والبر هو الأقرب فالأقرب، فليس حق الأب كالأم، وليس حق الأخ كالأب، وليس حق العم كالأخ ... ، وهكذا، كما يدل لذلك الحديث الوارد في صحيح مسلم (4/1974، رقم 2548) ، أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: "من أحق الناس بحسن الصحبة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم-: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك أدناك". علماً بأن الفقهاء فرقوا في باب الفرائض وتوزيع التركات بين الأرحام وغيرهم، فأطلقوا ذوو الأرحام على كل قريب ليس بذي فرض ولا تعصيب، كالعمة والخالة، وابن البنت، وبنت الأخ ... إلخ.، كما صرح بذلك العيني في عمدة القاري (23/247) ، وغيره.
وأما ذو النسب فأطلقوه على كل قريب وارث بالفرض أو التعصيب سوى الزوج والزوجة. والله أعلم.(12/1)
هل لزوجة الأب حقوق؟!
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 22/10/1424هـ
السؤال
ما هي حقوق زوجة الأب؟ وما الفرق بينها وبين حقوق الأم؟ هل طاعتها واجبة حتى وإن كانت سيئة المعاملة؟ هل رعايتها وبذل المال عليها واجب، حتى وإن كان لها أبناء؟ هل يأثم كل من خالف هذا؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب: أن حق الأم لا يقارن بحق زوجة الأب، ذلك أن حق الأم عظيم وكبير ويكفي فيه أن الله تبارك وتعالى قرن حقه مع حقها وحق الأب بقوله:"أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير" [لقمان:14] .
أما زوجة الأب فلها حق من أجل أنها زوجة أبيك، فتجب طاعتها ورعايتها ونفقتها بالمعروف ولو كان لها أبناء إذا كانوا غير منفقين عليها، ذلك أن العناية بزوجة أبيك عناية بأبيك، وكما تجب عليك نفقة أبيك تجب عليك أيضاً نفقة زوجته؛ لأنها من حاجاته الضرورية، خاصة فيما إذا كان غير قادر على الإنفاق عليها، والله أعلم.(12/2)
ما يجوز أن يظهر من المرأة عند أبي زوجها
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 7/2/1425هـ
السؤال
والدي يسكن معي في نفس البيت الذي أسكن فيه، ويطلب من زوجتي أن تغطي رأسها أمامه، وكذلك ألا تلبس الملابس ذات الكم القصير، (أي اليدين) ، وزوجتي تنفذ له ما يريد، ولكن ذلك في سبيل إرضائي، وأنا واقع في حيرة كبيرة، والدي لا يعترف إلا بفتوى من شيخ له سمعته ومكانته الدينية، ولا يأخذ بأي فتوى أخرى، أرجو تبيين ما يجب عليّ أنا وزوجتي عمله، وما لوالدي على زوجتي من حقوق، وكذلك العكس، ولكم مني خالص الشكر والتقدير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه، أما بعد:
فوالدك محرم لزوجتك والمرأة (لها أن تكشف لمحرمها عن الوجه، والرأس، والرقبة، والكفين، والذراعين، والقدمين، والساقين، وتستر ما سوى ذلك) ، وهذا الذي ذكرته بين القوسين، هو نص فتوى فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله تعالى-، كما هو في فتاوى المرأة المسلمة، وقد ذكر جامع الفتاوى أن ذلك من رسالة للشيخ عليها توقيعه بتاريخ 22/12/1405هـ، هذا ما يتعلق بما يجوز كشفه للمحارم.
أما كون والدك يريد زوجتك على صورة من الاحتشام، كما ذكرت في السؤال فهذا أمر يُشكر عليه، ولا يضير زوجتك أن تغطي رأسها، وتستر ذراعيها، وهي مأجورة على ذلك؛ لأن فيه طاعة للزوج، وفيه بر منك لوالدك، والشرع يحث على الحشمة، وما دام أبوك لم يأمرها بمعصية وإنما بما يوافق الشرع، ويعوِّد المرأة على الحشمة، فإن موافقته على ذلك فيها مصالح كثيرة، فأرى أن تستمر على ما كانت عليه. وبالله التوفيق.(12/3)
طاعة الوالدين في الطلاق
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 23/2/1425هـ
السؤال
تزوجت من ابنة خالي المطلقة، وهي تكبرني بأربع سنين، رغم أني تزوجتها لدينها وليس معها من متاع الدنيا ما يطمع فيها أحد، ولكن والدي ووالدتي غضبا مني كثيراً وحرماني من رؤيتهما، ومن دخول البيت وقالا لي: (لا نسامحك على هذه الفعلة أبداً) فهل بذلك أكون آثماً وعاقاً لوالدي؟ وماذا أفعل رغم جميع محاولات الصلح بلا جدوى. أفيدوني أثابكم الله عز وجل.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فالجواب: أن نقول لو كان سؤالك قبل تزوجك المرأة المذكورة لأمرناك بعدم تزوجها طاعة لوالديك، أما وقد تزوجت تلك المرأة وتزوجتها لدينها وكانت كذلك فإنه لا يلزمك طلاقها ما دام والداك لم يذكرا سبباً يعيبها في دينها أو خُلقها.
هذا، ويظهر لي من خلال سؤالك أنهما إنما طلبا طلاقها من أجل أنها غير بكر، وأنها تكبرك بأربع سنوات، وهذا ليس بعيب ولا مسوغ لفراقها، وأيضاً ليس من البر بوالديك فراقها بغير مسوغ شرعي. فإن قيل أليس قد روى أحمد (4991) ، والترمذي (1189) ، وأبو داود (5138) ، وابن ماجة (2088) عن ابن عمر - رضي الله عنهما- قال: كان تحتي امرأة أحبها وكان أبي يكرهها فأمرني أبي أن أطلقها فأبيت فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا عبد الله بن عمر طلق امرأتك". قلنا قد أجاب عنه الإمام أحمد رحمه الله، فقد جاء في الآداب الشرعية لابن مفلح المقدسي (ج1 ص503) ما نصه: (فصل لا تجب طاعة الوالدين بطلاق امرأته) ، فإن أمره أبوه بطلاق امرأته لم يجب، ذكره أكثر الأصحاب، قال سندي: سأل رجل أبا عبد الله فقال: إن أبي يأمرني أن أطلق امرأتي قال: لا تطلقها، قال المعلق: يعني لا تطلقها بأمره حتى يصير مثل عمر-رضي الله عنه- في تحريه الحق والعدل، وعدم اتباع هواه في مثل هذا الأمر، هذا وفي المرجع نفسه قال: الشيخ تقي الدين: فمن تأمره أمّه بطلاق امرأته قال: لا يحل أن يطلقها، بل عليه أن يبرها، وليس تطليق امرأته من برها. انتهى، وجاء في كشاف القناع للبهوتي في (ج5 ص233) ما نصه: (ولا يجب الطلاق إذا أمره به أبوه فلا تلزمه طاعته في الطلاق؛ لأنه أمره بما لا يوافق الشرع، وإن أمرته به أمه، فقال الإمام أحمد: لا يعجبني طلاقه لعموم حديث "أبغض الحلال إلى الله الطلاق" رواه أبو داود (2178) ، وابن ماجة (2018) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- انتهى. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(12/4)
هل تجب على الرجل نفقة ربيبته؟
المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 26/5/1425هـ
السؤال
هل تجب على الزوج نفقة ابنة زوجته من زوجها السابق؟ مع العلم بأنها موظفة، وعندها دخل شهري.
الجواب
الحمد لله -تعالى- وحده، وبعد:
فإن النفقة لا تجب على الزوج إلا لزوجته، ولأبنائه منها من بنين وبنات، وكذلك على من تلزمه نفقته من أبوين ونحوهما، الأقرب فالأقرب؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ابدأ بنفسك وبمن تعول، ثم الأقرب"، أما ما ذكره السائل هل يجب على الزوج نفقة على ابنة زوجته من زوجها السابق ... فظاهر أنه لا يجب عليه شيء من ذلك، ولا يلزمه لها نفقة، وإنما نفقتها على وليها (والدها أو وارثه) ؛ لقوله تعالى: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا" [البقرة: من الآية233] . والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد.(12/5)
دين للبنك العقاري على أبيه
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 24/5/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شيخنا الفاضل: توفي والدي منذ سنتين، وعليه دين لصندوق التنمية العقاري بمبلغ 268000 ريال، والبيت من النوع الشعبي القديم، وهو شبه معدوم، وتقدمت للبنك العقاري، وشرحت لهم الظروف، ووصلني الرد أن أدفع مبلغ أربعين ألف ريال، ويتم تحويل المبلغ الباقي علي، وأنا أحوالي المادية لا تسمح بدفع المبلغ، ماذا أفعل. وهل إذا تركت البيت على اسم والدي أكون آثماً؟ بالله أفيدوني وجزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أولاً أنصحك أن تقدم طلباً إلى الجهة المسؤولة تبين فيه أن والدك توفي، ولم يخلف تركة تسدد ديونه، وتطلب إسقاط هذا المبلغ الذي لصندوق التنمية عن ذمة والدك، فإن تم فالحمد لله، وإن لم يتم فلا إثم عليك؛ لأنك لا تجد ما تسدد به دين أبيك، ثم إن الدين ليس عليك، وإذا كان والدك أخذ القرض من البنك وفي نيته السداد فلا إثم عليه، أيضاً لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند البخاري (2387) : "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله"، ولا أظن أباك - رحمه الله- لا يريد رد هذا الدين، وأنت كذلك إن شاء الله سوف ييسر الله لك ما توفي به دين أبيك، وإن لم تستطع فلا شيء عليك إن شاء الله. وفقنا الله وإياك إلى ما يحبه ويرضاه.(12/6)
وهبت أملاكها لابنها دون أخواته
المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 9/6/1425هـ
السؤال
أبي وحيد، وله ثلاث أخوات، ولكنهن لا يبرَّن بأمهن إلا واحدة، فإنها تبرها؛ لأجل كلام الناس، وأما أبي فإنه ينفق على جدي وجدتي، ونحن نصلهم دائماً، فما كان من جدتي إلا أن سجلت كل أملاكها باسم والدي، ولقد رفض في البداية، ولكنها أصرَّت، وقيمة هذه الأملاك ما يقارب الثلاثين ألف دولار، وقد أعطاها أبي مقابل ذلك ذهبا بقيمة ألف دولار كهدية، فهل تسجيلها أملاكها باسم أبي جائز؟ وهل ما فعلوه جائز؟ أفيدونا جزاكم الله خبراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وبعد:
فإن الله -تعالى- أوجب الإحسان إلى الوالدين، وطاعتهما بالمعروف في كثير من نصوص الكتاب والسنة، وأجمع على ذلك علماء الملة، فقال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا" [الإسراء: 23-24] ، فقد أمر جل وعلا في هذه الآية الكريمة بإخلاص العبادة له وحده، وقرن بذلك الأمر بالإحسان إلى الوالدين، ومثل ذلك في آيات أخر، كقوله في سورة النساء: "وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ... " [النساء: من الآية 36] ، وقوله في سورة البقرة: "وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" [البقرة: من الآية 83] ، وقوله في سورة لقمان: "أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ" [لقمان: 14] ، وبر الوالدين واجب في كل وقت، إلا أنه -سبحانه- قد خص في الآية الأولى حالة الكبر؛ لأنهما حينئذ أحوج إلى البر والقيام بحقوقهما لضعفهما، لا أن المقصود أن البر لا يكون إلا في هذا الوقت. ولتأكيد حق الوالدين فإن برهما لازم، حتى ولو كانا مشركين داعيين إلى شركهما، قال تعالى في سورة لقمان: "وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِى الدُّنْيَا مَعْرُوفاً" [لقمان: من الآية 15] ، فالإحسان إلى الوالدين معناه: أن لا يؤذيهما البتة، وأن يوصل إليهما من المنافع قدر ما يحتاجان إليه؛ ويدخل في ذلك دعوتهما إلى الإيمان إن كانا كافرين، وأمرهما بالمعروف على سبيل الرفق إن كانا فاسقين، كما يشمل الإحسان إلى الوالدين جميع وجوه الإحسان القولي والفعلي، فمن أنواع الإحسان القولي اصطفاء الكلام الطيب لهما، ومن أنواع الإحسان الفعلي الإنفاق عليهما.(12/7)
وقد ذكر الله -تعالى- ثلة من الأنبياء والمرسلين في مقام المدح والتشريف، فذكر من صفاتهم البر بوالديهم، فقال عن يحيى -عليه السلام-: "يا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً وَحَنَانًا من لَّدُنَّا وَزَكَواةً وَكَانَ تَقِيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً" [مريم: 12-14] ، وقال عن عيسى -عليه السلام-: "قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً" [مريم: 30-32] ، ويقول ابن مسعود - رضي الله عنه-: (من أراد أن ينظر إلى وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم- التي عليها خاتمه فليقرأ: "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ*وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ*وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" [الأنعام:151-153] رواه الترمذي (3070) وغيره، وقد جاءت عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم- في ذلك أحاديث كثيرة في هذا الشأن، فمن ذلك: ما جاء في الحديث عن ابن مسعود- رضي الله عنه- قال: (سألت النبي - صلى الله عليه وسلم-: أي العمل أحب إلى الله -عز وجل-؟ قال: "الصلاة على وقتها"، قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين"، قال: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" رواه البخاري (527) ، ومسلم (85) . وبين صلى الله عليه وسلم أن عقوق الوالدين من الكبائر، كما جاء في البخاري (5973) ، ومسلم (90) واللفظ له عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "إن من الكبائر شتم الرجل والديه"، قالوا: يا رسول الله، وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: "نعم يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه". وعقوق الوالدين: مخالفتهما في أغراضهما الجائزة لهما، كما أن برهما موافقتهما على أغراضهما. ويقول بعض السلف: (لا تجد أحداً عاقاً لوالديه إلا وجدته جباراً شقياً، ثم قرأ "وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً" [مريم: 32] .(12/8)
أما تسجيل جدتك أملاكها باسم والدك، وتخصيصها له دون بقية بناتها اللواتي هن عماتك؛ لمعنى يختص به، وهو أنه بارٌ بها، فأقول: الأصل أنه يجب -على الصحيح من أقوال أهل العلم- تسوية الإنسان بين أولاده في العطية ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، اقتداء بقسمة الله -تعالى-، وقياساً لحال الحياة على حال الموت ـ وهذا كله إذا لم يختص أحدهم بمعنى يبيح التفضيل، كأن يكون أحد ولده محتاجاً للمال أكثر من الآخر، إما لمرضه، أو لفقره، أو لصلاحه وبرّه، ونحو ذلك.
أما إن خص بعضهم بعطيته، أو فاضل بينهم فيها ـ والحالة أنه لم يوجد سبب يبيح التفضيل ـ أثم المعطي، ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين: إما رد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر، وهو مذهب الإمام أحمد، وصرح به البخاري، وبه قال ابن المبارك، وطاووس، والثوري، وإسحاق، وقال به بعض المالكية؛ لما روى النعمان بن بشير - رضي الله عنهما- قال: (تصدق علي أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة بنت رواحة-رضي الله عنها- لا أرضى حتى تشهد عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فجاء أبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ليشهده على صدقته، فقال: "أكل ولدك أعطيت مثله؟ " قال: لا، قال صلى الله عليه وسلم: "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم"، قال: فرجع أبي فرد تلك الصدقة، وفي لفظ: قال: "فأرجعه"، وفي لفظ: قال: "فاردده"، وفي لفظ: "سوِّ بينهم" متفق عليه عند البخاري (2587) ، ومسلم (1623) فالحديث فيه دليل على التحريم؛ لأنه سماه جوراً، وأمر برده، وامتنع من الشهادة عليه، والجور حرام، والأمر يقتضي الوجوب، ولأن ذلك يورث بينهم العداوة والبغضاء وقطيعة الرحم، فمنع منه، فإن خص المعطي بعض ولده لمعنى يقتضي تخصيصه مثل ما سبقت الإشارة إليه، أو صرف الوالد عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها، فقد روي عن الإمام أحمد ما يدل على جواز ذلك؛ لقوله في تخصيص بعض الولد بالوقف: لا بأس به، إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة، والعطية في معناه ـ أي: تأخذ حكم الوقف في هذا. لما رواه الإمام مالك في الموطأ (1474) بإسناد صحيح أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان أبو بكر - رضي الله عنه- نحلني جَادَّ عشرين وسقاً من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة جلس فاحتبي ثم تشهد ثم قال: أما بعد، أي بنية، ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك، ولا أعز علي فقراً بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقاً، فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك، فاقتسموه على كتاب الله.(12/9)
والذي أراه هنا ـ أخي السائل ـ أن على جدتك أن تعدل بين أولادها في العطية، أخذاً بالأصل في المسألة هنا، وأن عدم إنفاق عماتك على جدتك لا يعني أنهم عاقين لها، فالبر بابه واسع، وعدم الإنفاق قد يكون؛ لعدم وجود دخل مالي لهن، فإن وجد، أو كانوا فعلاً عاقين لجدتك، فإن عليها وعلى أخيهم ـ الذي هو أبوك ـ وعليك أنت أيضاً مناصحة عماتك، وتخويفهم من عقاب الله -تعالى-، بالحكمة، والموعظة الحسنة، ولعل في العدل في العطية ما يكون سبباً في رجوع المذنب، وهداية الضال، ولتلتمس بعد ذلك الأعذار لعماتك من كونهم مرتبطين بأزواج حقوقهم مقدَّمة على حقوق جدتك. والله أعلم.(12/10)
هل تدخل النساء في هذا الوعيد، لا يدخل الجنة قاطع رحم؟
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 05/07/1425هـ
السؤال
من المقصود بالحديث الشريف: "لا يدخل الجنة قاطع رحم" هل هم الرجال أم النساء أم الاثنان معاً، وما الدليل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه البخاري (5984) ، ومسلم (2556) من حديث جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ. "(12/11)
وقطيعة الرحم معناها: الإساءة إلى الأقارب بالقول أو الفعل، وترك الإحسان إليهم، فلا يقوم بزيارتهم، ولا السلام عليهم، ولا تفقد أحوالهم، ولا مشاركتهم في أفراحهم وأتراحهم، وقد حذر الله -سبحانه وتعالى- من قطيعة الرحم فقال سبحانه: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ" [محمد:22] ، وقال الله -تعالى-: "وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ" [الرعد:25] ، وورد الحث والترغيب في صلة الرحم، والإحسان إلى الأقارب، وَرُتِبَ على ذلك الأجر العظيم والثواب الجزيل، وسعادة الدنيا والآخرة، فصلة الرحم سبب في زيادة الرزق وطول الأجل، ففي صحيح البخاري (2067) ومسلم (2557) من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ"، وصلة الرحم شعار الإيمان بالله واليوم الآخر؛ ففي صحيح البخاري (6138) ، ومسلم (47) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ"، وصلة الرحم تجلب صلة الله -سبحانه وتعالى- لعبده، ففي صحيح البخاري (5987) ، ومسلم (2554) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَال: َ" إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِمُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ قَالَ نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ: فَهُوَ لَكِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ" [محمد: 22] ، وصلة الرحم سبب في دخول الجنة كما جاء في صحيح البخاري (1396) ، ومسلم (13) واللفظ له من حديث أَبِي أَيُّوبَ -رضي الله عنه- قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْنِينِي مِنْ الْجَنَّةِ وَيُبَاعِدُنِي مِنْ النَّارِ قَال: "تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصِلُ ذَا رَحِمِك"َ فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنْ تَمَسَّكَ بِمَا أُمِرَ بِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ" وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ(12/12)
"إِنْ تَمَسَّكَ بِهِ".
والخطاب بالأمر بصلة الرحم والنهي عن القطيعة يشمل الذكور والإناث على السواء، ولكن كل بحسب قدرته واستطاعته، قال القاضي عياض: (ولا خلاف أن صلة الرحم واجبة في الجملة، وقطيعتها معصية كبيرة، والأحاديث في الباب تشهد لهذا، ولكن الصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، فلو وصل بعض الصلة، ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعاً، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له، لا يسمى واصلاً.... " شرح النووي (16/113-114)
هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.(12/13)
هل لوالده حق في أخذ ماله؟!
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 27/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد قمت بمساعدة أخي في تسديد قرض سيارته بطلب من الوالد، وكان ذلك على أساس أن أخي سوف يقوم بسداد ما دفعته له بأقساط شهرية أو دفعة واحدة في حال بيع السيارة، وهذا ما حدث، حيث باع السيارة وعند مطالبتي بتسديد مالي رفض والدي إعطاءه لي بحجة أن علي أن أساهم في مسألة زواج أخي، مع العلم أن أخي يعمل ويتقاضى راتبًا شهريًّا، فهل ما قام به أبي جائز شرعًا؟ وما هي الوسيلة المشروعة لاسترداد مالي من أبي؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فليس للأخ أخذ مال أخيه، ذكرًا كان أو أنثى، إلا بطيب نفس منه، وما أخذه بغير ذلك فهو حرام عليه، أما الأب فإنه يجوز له الأخذ من مال ولده، ذكرًا كان أو أنثى، بشروط:
1- أن يكون الأب مسلمًا.
2- ألا يأخذ شيئًا يضر بابنه لحديث: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ". أخرجه أحمد (2865) وابن ماجه (2340) .
3- ألا يأخذه الأب ويعطيه ولدًا آخر.
4- أن يأخذ الأب شيئًا موجودًا وليس معدومًا كالدين.
فما فعله والدك لا يجوز له، وهو من الظلم الذي يقع فيه البعض، وهو مخالف لقوله عليه الصلاة والسلام: "اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ".أخرجه البخاري (2587) ومسلم (1623) . وأما الوسيلة المشروعة في استرداد المال، فهو إخبار الوالد بأن فعله محرم، فإن استجاب، وإلا فعليك بالصبر والاحتساب، إذ لا يليق بالمسلم أن يرافع والده لأجل حطام الدنيا، وأسأل الله العظيم أن يبدلك بذلك بركة وتوفيقًا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/14)
هل تدخل الأم في قوله: أنت ومالك لأبيك
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد الخريصي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 01/08/1425هـ
السؤال
حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " أَنْتَ ومَالُكَ لأَبيكَ". هل يدخل في ذلك الأم؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذا الحديث إسناده حسن كما ذكر العلماء-رحمهم الله تعالى- وهو يدخل ضمن الأمر ببر الوالدين، حيث أتى أعرابي إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي؟ قال: "أَنْتَ ومَالُكَ لأَبِيكَ، إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِن كَسْبِكُمْ، وإنَّ أَمْوَالَ أَوْلادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوهُ هَنِيئًا". أخرجه أحمد (6678) وابن ماجه (2292) ، قال بعض أهل العلم: ليس المقصود من الحديث أن مال الابن يملكه الأب من غير طيب نفس من الابن، وإنما هو على أنه لا ينبغي للابن أن يخالف الأب في شيء من ذلك، وأن يجعل أمره فيه نافذًا كأمره فيما يملك.
وعلى ذلك قال بعض العلماء إن الأم تدخل في ذلك إذا كانت رشيدة تحسن التصرف في المال؛ لأن لها حقًّا أعظم من حق الأب نظرًا لضعفها. والله أعلم.(12/15)
هل له أن يسكن زوجة الثانية معنا؟!
المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب
أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 07/09/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
تزوج والدي ثانية ولم نعلم بأمر زواجه إلا بعد مرور عامين, كيف نتصرف مع هذا الوالد؟ مع العلم أن له حالياً مسكنين منفصلين، وهو ينوي إسكانها معنا عنوة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله.
أخي الكريم: بالنسبة لزواج والدك، فهذا حق من حقوقه، ليس لك أن تمنعه منه، سواء كان قد تزوج سراً أو علناً، وأما أنه يريد أن يسكن الزوجة معكم في بيت واحد، فهذا يخص الزوجات، فإن كانت تتأذى منه إحدى الزوجتين فلا يحق له أن يسكنهما في بيت واحد، بل لا بد أن تكون كل واحدة منهما في بيت مستقل بجميع منافعه ومرافقه، أما موقفكم من والدكم فهو أن تبروه وتتقوا الله -تعالى- فيه؛ لأن هذا واجب عليكم، ولا تسمعوا كلام الناس. والله أعلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/16)
هل لوالده تسجيل البيت باسمه؟
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 04/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب أسكن مع أبي وأمي وأختي - وهي مريضة- في منزل أهلي، والدتي تريد أن تسجل المنزل باسمي، ووالدي هو الذي اقترح الأمر، لدي إخوة وأخوات، كلهم متزوجون ولديهم بيوت، ما عدا أختي المريضة تعيش معنا، ونظرًا لثقة أهلي في بأني أستطيع العناية بأختي وإبقائها معي في البيت والمحافظة عليها حيث إنني الآن أساعد بمصروف المنزل، ووالدي ساعد كلاًّ من إخوتي الشباب نوعًا ما في حياتهم إلا أنا فإنه يريد تسجيل البيت باسمي، فما رأيكم في هذا الموضوع؟ هل هو جائز أم غير جائز؟ جزاكم الله خيرًا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا يجوز تخصيص أحد الأبناء بعطية دون أحد إخوته؛ لما جاء في الصحيحين في قصة النعمان بن بشير، رضي الله عنهما، أن أباه أراد تخصيصه بعطية، ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ليشهده على ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يَا بَشِيرُ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ ". قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: "أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا". قَالَ: لَا. قَالَ: "فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ". صحيح البخاري (1650) وصحيح مسلم (1623) . وفي رواية عند مسلم قال: "أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي البِرِّ سَوَاءً؟ ". قال: بلى. قال: "فَلَا إِذًا". وعلى هذا فلا يجوز تخصيص هذا الابن بكتابة البيت باسمه دون بقية إخوته، ويلزم التسوية بينه وبين باقي إخوته، للذكر مثل حظ الأنثيين في العطية، فباقي الإخوة لهم مثل ماله، والبنت لها نصف ماله. والله أعلم.(12/17)
هل للابن الأكبر حقوق خاصة؟
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 19/09/1425هـ
السؤال
هل للولد الأكبر ميزة شرعًا أو عرفًا على إخوته؟ وكيف يكون ذلك؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الأخ الأكبر كغيره من الإخوة، لا يوجد فارق معتبر بينه وبين غيره من الإخوة والأخوات، والواجب على الأب والأم العدل بين أولادهم وبناتهم، ولا يجوز تفضيل بعضهم على بعض، ويدل على هذا الحكم ما روى النعمان بن بشير، رضي الله عنهما، حيث قال: تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ ". قَالَ: لَا. قَالَ: "اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ". فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ. أخرجه البخاري (2587) ومسلم (1623) . وفي لفظ قال: "فَارْدُدْهُ". أخرجه مسلم (1623) . وفي لفظ قال: "لا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ". أخرجه البخاري (2650) ومسلم (1623) . وفي لفظ قال: "فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي". أخرجه مسلم (1623) . وفي لفظ قال: "سَوِّ بَيْنَهُمْ". أخرجه النسائي (3686) . وهو دليل على التحريم; لأنه سماه جورًا, وأمر بردِّه, وامتنع من الشهادة عليه, والجور حرام، والأمر يقتضي الوجوب، ولأن تفضيل بعضهم يورث بينهم العداوة والبغضاء وقطيعة الرحم, فمُنِعَ منه.
وهذا الحديث صريح في تحريم تفضيل بعض الأولاد على بعضٍ، فلا يجوز تمييز أحد الأولاد أو إحدى البنات بهدية أو عطية أو مال ونحو ذلك، إلا أن يكون أحد الأولاد متصفًا بصفةٍ لا توجد في غيره، كأن يكون أحدهم فقيرًا أو مريضًا أو ذا عيال أو نحو ذلك، ففي هذه الأحوال يجوز تفضيل من وجد فيه هذا الوصف؛ فيعطى المال من باب النفقة لا من باب الهبة والمنحة.
وبهذا يتبين أن الولد الأكبر مثل غيره من الإخوة والأخوات، إلا أن الولد الأكبر غالبًا ما يكون مع الأب في عمله ومساعدته وخدمته، وإذا كان الأمر كذلك فإنه يجوز للوالد أن يكافئ ولده هذا على عمله ومساعدته على غيره، وهذا التفضيل ليس عائدًا إلى كونه أكبر الأولاد، وإنما لأنه يعمل مع والده ويساعده، ولا شك أن هذا النوع من العمل يستحق من يقوم به أن يأخذ أجرًا عليه.
والولد الأكبر وإن كان مساويًا لبقية الإخوة، إلا أن له حقًّا على إخوته وأخواته، فيجب عليهم احترامه وتقديره وتوقيره؛ لأنه يشترك مع بقية الإخوة في رابطة الأخوَّة، ويزيد عليهم بتقدمه في السن، ولا شك أن الكبير في السن عمومًا يستحق التقدير والاحترام، فكيف إذا كان هذا الكبير أخًا.
وفي المقابل يجب على الأخ الكبير أن يكون رحيمًا بإخوته الأصغر منه، مهتمًّا بشئونهم، حريصًا على مصلحتهم ومنفعتهم؛ ليكون جميع الإخوة متحابين متوادين متعاطفين متعاونين على البر والتقوى، وبهذا يتحقق قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا مَن لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرنَا ويُوَقِّرْ كَبِيرَنَا". رواه الترمذي (1919) .
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.(12/18)
قريبتي امرأة سُوء فهل تجب صلتها
المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/حقوق الوالدين والأقارب والأرحام
التاريخ 24/10/1426هـ
السؤال
لي خالة سيئة السمعة، ولها بنات يصحبن الأجانب، وعندها أولاد لا يهتمون لهذا الموضوع، ولدى زيارتي لمنزلهم دائماً أجد عندهم رجالاً غرباء لا أدري ما سبب زيارتهم؟ فهل تجب صلة الرحم لهذه الخالة؟ وهل في مقاطعتهم -نهائياً- شيء؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى
بهداه، وبعد:
لا خلاف بين أهل العلم في وجوب صلة الرحم في الجملة، وأن قطعها معصية لله تعالى, وقد نقل الاتفاق على وجوبها جماعة من أهل العلم، كالقاضي عياض -رحمه الله- وغيره، وقال القرطبي رحمه الله: (اتفقت الملة على أن صلة الرحم واجبة، وأن قطيعتها محرمة) . فقد أمر الله بالإحسان إلى ذوي القربى، والمقصود بهم ذوو الرحم الذين تجب صلتهم، فقال الله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) . [البقرة:83] وقال تعالى: (يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) [البقرة:215] . وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل:90] . والآيات في هذا الباب كثيرة معلومة.
كما وردت أحاديث كثيرة فيها الأمر بصلة الرحم وبيان ثواب وصلها، والنهي عن قطعها، ففي الصحيحين عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن رجلاً قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أخبرني بعمل يدخلني الجنة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تعبد الله، ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم". صحيح البخاري (1396) ، وصحيح مسلم (13) .
وفيهما من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله". صحيح البخاري (5989) ، وصحيح مسلم (2555) .
وعن أنس-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الرحم شُجْنةُ متمِسكة بالعرش تكلم بلسان ذَلْق، اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني، فيقول -تبارك وتعالى-: أنا الرحمن الرحيم، وإني شققت للرحم من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن نكثها نكثته". أخرجه البزار في مسنده، وقال في مجمع الزوائد (8/150-151) . إسناده حسن.
وعن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- قال. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل الجنة قاطع"؟ أي: قاطع رحم، أخرجه البخاري (5984) ، ومسلم (2556) .(12/19)
وما ذكره السائل من كون قراباته يظهر عليهم الفسق فهذا لا يمنع الصلة، بل يصلهم ويناصحهم ويبذل لهم جهده لعل الله أن يهديهم على يديه، ولهذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حريصاً على هداية عمه أبي طالب -مع كفره- حتى ساعة الاحتضار، ولم ييأس منه إلى أن نزل قول الله تعالى: (إنك لا تهدي من أحببتَ ولكن الله يهدي من يشاء) [القصص:56] ، كما أن عليه أن يدعو لهم بالهداية بظهر الغيب، كما كان صلى الله عليه وسلم يدعو لقومه: (اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون) ؟
ونصيحتي لأخي السائل بتجنب القذف بالزنا فإنه أمر خطير، قال الله تعالى: (والَّذين يرمونَ المُحْصناتِ ثمَّ لم يأتوا بأربعةِ شهداءَ فاجلِدُوهم ثمانينَ جلدةً ولا تقْبَلوا لهم شهادةً أبداً وأولئك همُ الفاسقون، إلاَّ الَّذين تابوا من بعدِ ذلك وأصلحوا فإنَّ الله غفورٌ رحيم) [النور:4-5] ، فقد حمى الشرع الحكيم أعراض الناس وأحاطها بسياج كثيف من الزواجر الرادعة، وجعل أيَّ اعتداء عليها سبباً للعقاب الشديد في الدنيا والآخرة، فقال تعالى: (إنَّ الَّذين يرمونَ المُحْصَناتِ الغافلاتِ المؤمناتِ لُعِنوا في الدُّنيا والآخرةِ ولهم عذابٌ عظيم) ، [النور:23] .
ولا شك أن ترك الألسنة تنهش في أعراض الناس وشرفهم، دون دليل قاطع يُنذِرُ بتفشي حالة من الشكِّ بين أفراد الأسر ويهدِّد بانهيارها. وقد نهى رسولنا -صلى الله عليه وآله وسلم- عن تتبُّع العورات، فقال: "يا معشر من أسلم بلسانه ولم يُفْضِ الإيمان إلى قلبه! لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبَّعوا عوراتهم، فإنه من تتبَّع عورة أخيه المسلم تتبَّع الله عورته، ومن تتبَّع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله" رواه الترمذي (2032) وغيره. وقال أيضاً: «من علم من أخيه سيئة فسترها ستره الله عز وجل بها يوم القيامة» رواه أحمد (16960) .
واعلم أخي السائل -وفقك الله- أن هؤلاء قرابتك، وما يشينهم قد يضرك في تعرض الناس لكم، فعليك بالنصح والتوجيه، إما بشريط إسلامي، أو كتيب في الحث على الأخلاق الفاضلة، ودع عنك ترديد الإشاعات؛ فإن ضررها على الجميع وخيم. وفق الله السائل لما يحبه ويرضاه وأصلح له قرابته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(12/20)
حلق شعر المولود
المجيب عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 27/6/1422
السؤال
هل حلق الشعر للمولود مقصور على الذكر دون الأنثى؟
الجواب
الذي يظهر -والله أعلم- أن الحلق عام للذكر والأنثى، كما هو ظاهر الأحاديث؛ ولأن العلّة المذكورة في الحديث -وهي وضع الأذى عن المولود- لا فرق فيها بين الذكر والأنثى، وهذا القول هو: مذهب المالكيّة، والشافعيّة، وقولٌ في مذهب الحنابلة -رحمهم الله تعالى-، والله أعلم.(12/21)
تسمية المولود المتوفى والعقيقة عنه
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ كتاب الحج والعمرة/الأضحية والعقيقة
التاريخ 10/8/1422
السؤال
حملت زوجتي بتوأم - ولله الحمد -، وعند الوضع (بعد الولادة) ، وحسب تقرير المستشفى اتضح أن أحد الجنينين (ولد) متوفى قبل حوالي 24 ساعة من الولادة، والمولود الآخر سليم - ولله الحمد -، والسؤال: هل من السنة تسمية المولود المتوفى، وذبح عقيقته أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أما التسمية فنعم فيسمى، وأما بالنسبة للعقيقة فلا يعق عن المولود الذي ولد ميتاً، وإنما يعقّ عن الحيّ.(12/22)
أحاديث الأذان والإقامة في أذن المولود
المجيب عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/تصحيح الأحاديث والآثار وتضعيفها
التاريخ 1/6/1422
السؤال
ما صحة أحاديث الأذان والإقامة في أذن المولود؟
الجواب
قد ورد في هذا الباب أحاديث بعضها موضوع، وبعضها ضعيف، وأجود ما ورد في الباب -حسب علمي- حديث أبي رافع -رضي الله عنه- قال: ((رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم أذّن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة)) أخرجه أحمد 6/9، وأبو داود (5105) ، والترمذي (1514) وقال: حسن صحيح. ورواه غيرهم. ولكنه ضعيف الإسناد؛ لأن مداره على عاصم بن عبيد الله، وهو ضعيف الحديث.
وقد أورد العلامة ابن القيم في الباب الرابع من كتابه (تحفة المودود بأحكام المولود) ثلاثة أحاديث في هذا الموضوع، أحسنها حديث أبي رافع على ضعفه، ثم ذكر الحكمة من استحباب بعض أهل العلم التأذين في أذنه أوّل ما يولد.
والذي يظهر أنه إذا لم تثبت بذلك الأحاديث المرفوعة، ولا الآثار الموقوفة فلا ينبغي فعله، ومن استحبه من أهل العلم فالظاهر أنه لم يقف على ضعف الأحاديث الواردة في الباب، والله أعلم.(12/23)
حكم تسمية المولود بـ (حكيم)
المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 24/09/1425هـ
السؤال
هل يجوز تسمية المولود: حكيم (بدون أل التعريف) ؛ حيث إن الحكيم من أسماء الله الحسنى؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ومن اهتدى بهداه، وبعد.
فإن الله تعالى- قد سمى نفسه في كتابه العزيز بأسماء، وسمى بعض خلقه بتلك الأسماء كالحي والعليم والسميع والبصير والرؤوف والرحيم وغيرها. والاتفاق بالاسم لا يدل على المماثلة والمشابهة في المسمى، فلله تعالى- المثل الأعلى والكمال المطلق من معاني تلك الأسماء، وللعبد ما يليق بضعفه وعجزه، وهناك أسماء لا تقبل الشركة فلا يجوز إطلاقها على غير الله تعالى- كالله والرحمن والخالق، ونحوها. واسم (حكيم) من الأسماء المشتركة التي هي من أسماء الله تعالى- ويجوز أن تطلق على العبد خاصة مع حذف أل التعريف الدالة على الاختصاص. وقد قال الله تعالى: (يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ
أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا) [البقرة:269] . وكل من أوتي الحكمة يسمى (حكيمًا) . ولا يلزم أن كل من سمي حكيمًا يكون كذلك، فقد يسمى عزيزًا وهو ذليل، ويسمى قويًّا وهو ضعيف، ويسمى عليمًا وهو جاهل ... إلخ. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(12/24)
متى يختن المولود؟
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 5/11/1424هـ
السؤال
متى يختن الطفل؟ هل في يومه السابع أو في أي يوم؟ وما الحكمة من حلق رأسه في اليوم السابع؟ وهل تحلق الطفلة أم ماذا؟
الجواب
- لم يأت في السنة - حسب علمي - توقيت معين للختان، إلا أن بعض العلماء يكره أن يختن يوم سابعه، لأن في هذا تشبهاً باليهود.
- لعل من حكم الحلق إماطة الأذى عن رأسه كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "أميطوا عنه الأذى " البخاري (5471) . ولعل من الحكم أيضاً أن يتصدق بوزن الشعر فضة شكراً لله.
- ويحلق رأس المولود الذكر فقط دون الأنثى، والله أعلم.(12/25)
حلق شعر المولود في اليوم الثامن
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 11/02/1426هـ
السؤال
حلقت شعر ولدي في اليوم الثامن لظروف ما، فهل هذا يجزئ؟ ثم وزنت الشعر، فهل أتصدق بمثل وزنه ذهباً أم فضة؟
الجواب
السنّة هي حلق شعر الابن في اليوم السابع من ولادته، ويتصدّق بمثل وزنه فضة، ويعقّ عنه، وبهذا يُحصّل هذه السنن، فإذا فات هذا اليوم صار في اليوم الثامن أو ما بعده، فالإنسان يجتهد في تحصيل ما يمكنه من السّنن، وإذا فاته شيء منها فلا شيء عليه، لأن تحديدها في السابع سنّة وفضيلة، فإذا لم يحصل ذلك فيكون في غيره، ويدرك بعض السنة، وبالنسبة للعقيقة فقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- أنه إذا فات اليوم السابع يكون في الرابع عشر، وإذا فات فيكون في الحادي والعشرين، كما في المستدرك للحاكم (7669) . فإذا فات ففي أيّ يوم.(12/26)
التسمي بدانيال
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 18/04/1425هـ
السؤال
ما حكم التسمية بـ (دانيال) موافقة لرغبة الزوجة النصرانية.
الجواب
لا بأس بتسمية المولود بالأسماء الجائزة والمشروعة، وإن كان فيه موافقته لرغبة الزوجة الكتابية (كالنصرانية) ، فإن موافقة الزوجة في رغبتها لأمر مباح أو مشروع ليس من التشبه في شيء، فإن النصارى بل واليهود يسمون بأسماء الأنبياء كإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويوسف، وبأسماء أبناء يعقوب كبنيامين، ويهوذا، وغير ذلك. والله أعلم.(12/27)
تحديد النسل وتنظيمه
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 21/2/1423
السؤال
هل يجوز للفرد المسلم أن يقول: سأكتفي بطفلين فقط؛ لأنني لا أعتقد أنه بإمكاني أن أصرف على أكثر من اثنين لإيصالهما وتخرجهما من الجامعة؟ مع العلم أن حالته المادية تعد جيدة؟ فما رأيكم بمسألة تحديد النسل والتنظيم؟
الجواب
لا يجوز تحديد النسل سواء أكان المقصود منه الخوف من عدم القدرة على الإنفاق أو غير ذلك، هذا ويجب على المسلم أن يعتقد اعتقاداً جازماً أن كل نفس خلقها الله فالله متكفل برزقها، قال -تعالى-: "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها" [هود:6] الآية، وقال -سبحانه-: "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم" [الإسراء:31] الآية.
فالرزق والأجل والعمل والشقاوة أو السعادة مكتوبة وهو في بطن أمه، ففي الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد" الحديث رواه البخاري (3208) ومسلم (2643) .
هذا وأما تنظيم النسل للحاجة فلا بأس به كأن تكون الأم مريضة، أو الحمل يضر بصحتها، أو صعوبة ولادتها، ونحو ذلك، هذا وليعلم أن الإسلام يرغب في كثرة الإنجاب ويحث عليه، ففي الحديث الصحيح: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" أبو داود (2050) وأحمد (12613) والنسائي (3227) ، والله أعلم.(12/28)
التسمية بـ (حسب الرسول)
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 17/5/1424هـ
السؤال
أخي يريد أن يسمي ابنه (حسب الرسول) هل هذا جائز؟ وما هو معناه؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، الحسب معناه الكافي، كما قال تعالى: "وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ" أي: كافية والله - تعالى - هو حسب نبيه والمؤمنين، كما قال: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" [الأنفال: 64] أي: كافيك وكافي أتباعك، ولا أحد من الخلق يكون كافياً لغيره، فالكافي هو الله وحده، وعلى هذا فلا يجوز أن يسمى أحد (حسب الرسول) ، يعني: كافي الرسول، فالله هو حسب نبيه - صلى الله عليه وسلم - حياً وميتاً، كما قال تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ" [الأنفال: 64] وقال: صلى الله عليه وسلم لما قيل له: "إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم" قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل"
[آل عمران: 173] كما أخبر سبحانه وتعالى بذلك في قوله: "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" [آل عمران:173] .(12/29)
ولد الزنا
المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 05/07/1425هـ
السؤال
ما حكم ولد الزنا؟ وما الواجب تجاه المسئول عن ذلك من الرجل والأنثى؟ وما النظر الصحيح لولد الزنا، وهل وردت أحاديث في ذمه؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
ابن الزنا لم يقترف ذنبا، وإنما اقترف الذنب أبواه؛ وكل نفس بما كسبت رهينة، وينبه إلى أن ما جاء من أحاديث في ذم ولد الزنا فإن أكثرها ضعيف لا يصح.
وأما ما روى أبو داود في سننه (3963) ، وأحمد في مسنده (7751) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ولد الزنى شر الثلاثة " فقد وجه العلماء الحديث بعدة توجيهات، أشهرها: ما قاله سفيان الثوري: بأنه شرّ الثلاثة إذا عمل بعمل والديه. ويؤيده ما جاء عند الحاكم في المستدرك (4/112) من حديث عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: " ليس على ولد الزنى من وزر أبويه شيء "ولا تزر وازرة وزر أخرى" [الأنعام:164] . وقال بعض أهل العلم: الحديث محمول على أن غالب أولاد الزنا يكون فيهم شر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ولد الزنا إن آمن وعمل صالحا دخل الجنة، وإلا جوزي بعمله كما يجازى غيره، والجزاء على الأعمال لا على النسب، وإنما يذم ولد الزنا؛ لأنه مظنة أن يعمل عملاً خبيثاً كما يقع كثيرا". والله أعلم.(12/30)
سنن المولود
المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة
رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 5/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سؤالي هو ما هي السنن التي فعلها الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمولود، بالأدلة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فجوابنا على السؤال المتضمن لبحث سنن المولود، فأقول وبالله التوفيق: إن من نعمة الله على عبده المؤمن أن يرزقه مولوداً يكون ريحانة له في صغره، وقرة عين في كبره، وذخراً له بعد وفاته، كما حكى الله عن أوليائه وأصفيائه إذ يقولون: "ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً"، وجاء في الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم (1631) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- ومن أجل شكر هذه النعمة لابد من أن يبذل الوالد شيئاً من العناية في ذلك المولود، فبعد ولادته وفي أيامه الأولى يسن في حق الوالد سبعة أمور وهي:
(1) العقيقة.
(2) تسميته واختيار أحسن الأسماء.
(3) أن يحلق رأسه ويتصدق بوزن شعره من الفضة أو ما يعادلها من القيمة.
(4) أن يختنه، والختان في حق الذكر آكد منه في حق الأنثى.
(5) تحنيكه.
(6) تسميته بعبد الله أو عبد الرحمن.
(7) أن يؤذن في أذنه اليمنى ويقيم في أذنه اليسرى، فعن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق ويسمى" الترمذي (1523) وصححه، والنسائي (4220) وأبو داود (2837) ، وابن ماجة (3165) ، واللفظ له من حديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه- وهذا هو حديث العقيقة الذي اتفقوا على أنه سمعه الحسن من سمرة -رضي الله عنه-، وعن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله أمرهم أن يعق عن الغلام شاتان، وفي رواية: مكافئتان، وعن الجارية شاة رواه الترمذي (1513) وقال: حسن صحيح رواه ابن ماجة (3163) .
وعن أبي رافع: أن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - لما وُلِدَ أرادت أمه فاطمة - رضي الله عنها - أن تعق عنه بكبشين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تعقي عنه ولكن احلقي شعر رأسه فتصدقي بوزنه من الورق" ثم ولد حسين -رضي الله عنه- فصنعت مثل ذلك، رواه أحمد (23877) .(12/31)
قلت: فسنية العقيقة ثابتة بأدلة أخرى من فعله وقوله - صلى الله عليه وسلم - ولعل نهيه - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة -رضي الله عنها- لأنه عق عنه أو عق عنه أبوه علي -رضي الله عنه- وعن أنس - رضي الله عنه - أن أم سليم - رضي الله عنها- ولدت غلاماً، فقال لي أبو طلحة: احفظه حتى تأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاه به وأرسلت معه بتمرات، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - فمضغها ثم أخذها من فيه فجعلها في فيّ الصبي وحنكه بها وسماه عبد الله متفق عليه عند البخاري (5470) ، ومسلم (2119) ، والتحنيك أن يمضغ المحنك التمر أو نحوه حتى يصير مائعاً بحيث يبتلع ثم يفتح فم المولود ويضعها فيه ليدخل شيء منها في جوفه قال النووي: اتفق العلماء على استحباب تحنيك المولود عند ولادته بتمر، فإن تعذر فما في معناه أو قريب منه من الحلو قال: ويستحب أن يكون المحنك من الصالحين رجلاً كان أو امرأة فإن لم يكن حاضراً حمل إليه، واستحب بعضهم الأذان في أذن الصبي اليمنى والإقامة في اليسرى؛ لما روى ابن السني مرفوعاً من حديث الحسين بن علي - رضي الله عنهما -، من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى لم تضره أم الصبيان، وأم الصبيان هي التابعة من الجن، هكذا أورده الحافظ في التخليص (4/1502) ولم يتكلم عليه، وروى استحباب ذلك عن الحسن البصري -رحمه الله-، واحتج على الإقامة في اليسرى بفعل عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى-، وقد روى ذلك ابن المنذر عنه أنه كان إذا ولد له ولد أذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى قال: لم أره عنه مسنداً انتهى.
وفيه استحباب التسمية بعبد الله وعبد الرحمن قاله النووي - رحمه الله - وإبراهيم وسائر الأنبياء والصالحين، والعمدة في مشروعية الختان حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المتفق عليه عند البخاري (5889) ، ومسلم (257) ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الفطرة خمس: الختان والاستحداد ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظافر، وتفسير الختان ما قاله النووي؛ حيث قال في المجموع الواجب في ختان الرجل قطع الجلدة التي تغطي الحشفة بحيث تنكشف كلها فإن قطع بعضها وجب قطع الباقي، ومن المرأة قطع ما ينطلق عليه الاسم من الجلدة التي كعرف الديك فوق مخرج البول.
هذا ما أمكن تحريره وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/32)
هل دعاء الولد الذي لم يعق عنه لا ينفع والده
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 3/8/1424هـ
السؤال
هل صحيح أن الدعاء من الأبناء لا يصل إلى الوالدين إذا لم يقوما بعمل العقيقة لهم؟
الجواب
هذا ليس بصحيح، والعقيقة هي من حقوق الولد على الوالد، وهي من السنن المؤكدة، فإذا قصَّر الوالد في هذا الأمر فلا يجعل هناك انفصال بين الوالد والولد يحرم به الوالد من وصول ثواب دعاء ولده وإحسانه إليه، بل على الإنسان أن يدعو لوالده ويكثر من ذلك، ويعمل كل أسباب الخير التي يظن أنها تصل إلى والده، ومن أهمها وأعظمها الصدقة، وصلة الرحم التي توصل عن طريق الوالدين، والوالدان أحسنا إلى الولد في أعمال عظيمة جليلة هي أعلى وأسمى وأغلى من العقيقة، فقد ربياه وأنفقا عليه، وسهرا لراحته وتعبا، وأنفقا مدة طويلة، وكل هذا أعظم من العقيقة، فعلى الإنسان أن يجتهد في الدعاء لوالديه، والله - تعالى - يقول: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً" [الإسراء: 23] ، أي إحساناً مستمراً غير محدود.(12/33)
التسمية بـ: (ديماس)
المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
عضو البحث العلمي بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 27/04/1425هـ
السؤال
ما حكم تسمية البنت باسم (ديماس؟) ، وما أصل هذا الاسم، هل هو عربي أم أعجمي؟ وهل فيه شخصية مسماة بهذا الاسم؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الديماس: الحمَّام، وقيل: الكِن، وقيل: السَّرب، - أي النفق المظلم- وكان سجن الحجاج بن يوسف يسمى (الديماس) ، فالذي يظهر من اشتقاقه (دمس) أنه عربي، كما يقال: ليل دامس، ولكن لا يليق من ناحية الذوق أن يتسمى به أحد؛ لأن معانيه المذكورة آنفاً غير مستحبة، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب الأسماء الحسنة، ويغير الأسماء المستقبحة، ولا أعلم - بعد البحث - أحداً تسمى بهذا الاسم، فليجتنب، وفي الأسماء الحسنة الجميلة غنية عنه. والله أعلم.(12/34)
التسمية بـ: (بسملة)
المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 30/4/1424هـ
السؤال
شيخنا الفاضل. أود أن أستفسر من حضراتكم فقد تمنيت أن يرزقني المولى بنتاً فأسميها بسملة، ولكن أردت أن أعرف هل يجوز اختصار بسم الله؟ حيث إني سمعت والعلم عند الله بأنه لا يجوز اختصار لفظ -صلى الله عليه وسلم- إلى (صلعم) مثلاً، فهل هذه غير تلك أم لا؟ أتمنى أن تساعدوني في معرفة الحكم الشرعي في ذلك، مع أنه بالفعل يوجد أناس كثيرون بهذا الاسم، وقد أعجبني كثيراً وتمنيت أن أسمي به ... فما جوابكم؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وبعد:
فنسأل المولى -عز وجل- أن يحقق أمنيتك بأن يرزقك ذرية صالحة تقر بها عينك، ونوصيك أن تختار لها اسماً حسناً، ومن أحسن الأسماء أسماء أمهات المؤمنين زوجات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبناته والصحابيات - رضوان الله عليهن جميعاً-، وغيرها من الأسماء الحسنة، ولا نرى تسميتها (بسملة) ، خاصة وأنت تعني بها اختصار (بسم الله الرحمن الرحيم) ، وهذا يكثر عند الأعاجم فيسمون (ما شاء الله) و (تبارك الله) و (بسم الله) ونحوها لجهلهم بالعربية لغة القرآن الكريم، مع عاطفتهم للإسلام والقرآن، وهذه ليست من الأسماء في شيء، ولا ينبغي التسمي بها، أما اختصار (بسم الله الرحمن الرحيم) : إلى البسملة فهذا جائز لا بأس به، كاختصار (الحمد لله) إلى (الحمدله) ، و (لا حول ولا قوة إلا بالله) إلى (الحوقلة) وهكذا.
أما الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فالصحيح أنه لا يجوز أن يرمز لها (صلعم) أو (ص) وإنما تكتب كاملة أو تترك كلها كتابة لا لفظاً، وقد نص على ذلك العلماء كالحافظ ابن كثير وغيره، وليست نحو البسملة وأخواتها والله أعلم.(12/35)
التسمية بـ "نيروز"
المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 6/6/1424هـ
السؤال
ما حكم تسمية المواليد باسم (نيروز) ، علماً بأن لي أختاً سماها أبي باسم نيروز، وكان مستشهداً بالبيت الشعري القائل:
وقد نبه النيروز في غسق الدجى *** أوائل ورد كن بالأمس نُوّما
وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الشريعة الإسلامية جاءت بتحسين الأسماء والأوصاف، لأن الأسماء قوالب المعاني ودالة عليها، ومن هنا جاء الاستحباب بتعبيد الأسماء (كعبد الله وعبد الرحمن) ونحوها، وكل اسم مباح يحمل معنى طيباً فلا بأس به، أما الأسماء المعبدة لغير الله تعالى، أو التسمية باسم من أسماء الله، أو التسمية بالأسماء الأعجمية الخاصة بالكافرين أو التسمي بأسماء الأصنام المعبودة أو أعياد ومواسم الكافرين فكل هذه ممنوعة شرعاً، واسم "نيروز" المعروف أنه عيد من أعياد الفرس قديماً، وأحياه حديثاً بعض الفرق كالرافضة، فلا أرى لك التسمي به، وفي غيره من الألفاظ العربية والمعاني الحسنة ما فيه غنية وكفاية. وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وفق الله الجميع لرضاه.(12/36)
تسمية المولودة بـ"دانيال"
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 26/8/1424هـ
السؤال
لدي مولودة وأريد أن أسميها (دانيال) ؛ وذلك نسبة للنبي (دانيال) ، فهل يجوز؟.
الجواب
الحمد لله، الأسماء التي يتسمَّى بها الناس، ويسمون بها أولادهم منها ما هو مستحب كتسمية المولود عبد الله، أو عبد الرحمن، وكذلك التسمية بأسماء الأنبياء فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن" رواه مسلم (2132) من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما-.
وصح عنه أنه قال: "تسموا بأسماء الأنبياء" رواه أبو داود (4950) ، والنسائي (3565) من حديث أبي وهب الجُشَمي -رضي الله عنه-.
ومنها ما هو مكروه أو خلاف الأولى، كالتسمية بما يتضمن التزكية للمسمى مثل بر وبرة وإيمان وهدى ورباح، ومنها ما هو جائز كالتسمية بالأسماء المعروفة المشهورة مثل علي وعمر وعثمان، ومن أسماء النساء دعد وسعاد وزينب.
ومن الأسماء ما هو محرم كالأسماء المعبدة لغير الله كعبد النبي، وعبد الحسين، وقد أجمع العلماء على تحريم كل اسم معبد لغير الله، ومن الأسماء الحسنة ما كان معبداً لاسم من أسماء الله كعبد العزيز وعبد الملك وعبد الرحيم وعبد الجبار، ومن أحسن الأسماء ما كان مطابقاً لواقع الإنسان كحارث وهمام، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في الأسماء: "وأصدقها حارث وهمام" (سبق تخريجه) ومن الأسماء المستكرهة التسمية بالأسماء الدالة على معانٍ مكروهة مثل حرب ومرة، وأما ما سألت عنه من تسمية المولود أو المولودة باسم النبي دانيال فلا بأس به خصوصاً إذا كان المولود ذكراً، أما إذا كان أنثى فلا ينبغي أن تسمى دانيال؛ لأنه لا يليق أن تسمى الأنثى باسم نبي من الأنبياء، لأن الأنبياء كلهم رجال، كما لا يليق أن تسمى الأنثى بعمر وعثمان لأن هذه من أسماء الرجال، فلو سميت بها الأنثى لكان بذلك لبس وتوهيم للسامع، والله أعلم.(12/37)
التسمية بـ (راما)
المجيب د. حمود بن غزاي الحربي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 27/7/1424هـ
السؤال
هل يجوز تسمية البنت باسم: (راما) مجرد عن الهمزة والمد؟ فقد ذكر في بعض الكتب والقواميس أن راما اسم إله من آلهة الهنود، وذكر أنه مولود في مكان المسجد البابري الذي هدم في عام 1992م ليبنى مكانه معبد لهم. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن من الإحسان إلى الولد الاسم الحسن له، فإن الاسم له ارتباط في المسمى في الغالب كما نص على ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه تحفة المودود قال:"ويدل على ذلك وجوه أحدها قول سعيد بن المسيب: ما زالت فينا تلك الحزونه وهي التي حصلت من تسمية الجد بحزن، وقول عمر لجمرة بن شهاب: أدرك أهلك فقد احترقوا. وقد ذكر العلماء أن من حقوق الأولاد على الآباء اختيار الاسم الحسن، قال ابن القيم:"وبالجملة فالأخلاق والأعمال والأفعال القبيحة تستدعي أسماء تناسبها، وأضدادها تستدعي أسماء تناسبها وكما أن ذلك ثابت في أسماء الأوصاف فهو كذلك في أسماء الأعلام ... إلى أن قال: ولهذا أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتحسين الأسماء فقال:""إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم، وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم " رواه أبو داود (4948) وغيره من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - والحديث متكلم فيه فإن صاحب الاسم الحسن قد يستحي من اسمه، وقد يحمله اسمه على فعل ما يناسبه وترك ما يضاده، ولهذا ترى أكثر السفل أسماؤهم تناسبهم وأكثر العلية أسماؤهم تناسبهم". أ. هـ.
فيا أخي قرَّ الله عينك ببنتك وتقبلها قبولاً حسناًَ، فأحسن اسمها ولا تسمها بـ (راما) فهو التجسيد السابع للإله (فشنو) عند الهندوس، ويعتبر راما المثل الأعلى في الفروسية والفضيلة من خلال الملحمة الهندية (رامايا) .
وقد نص العلماء على حرمة التسمية بأسماء الأصنام والشياطين، ورؤوس الكفر كفرعون، وفي تاريخنا وتراثنا من الأسماء اللامعة والمعبرة ذات الدلالة والمعنى الكثير والحمد لله، وفقك الله لما تحب وترضى، وصلى الله على سيدنا محمد.(12/38)
أحكام ولد الزنى
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 6/7/1424هـ
السؤال
أرجو أن تتكرم بشرح واف عن أحكام ولد الزنا في الفقه الإسلامي، وذلك في النقاط الآتية: ثبوت النسب، النفقة، الحضانة، الولاية، الوراثة.
الجواب
فولد الزنا ليس له أب في الإسلام، فنسبه لأمه ونفقته عليها وعلى من يرثه، وأما الولاية ففيها خلاف قيل إنها لأمه، وقيل للحاكم، وهو يتولى بنفسه أو يقيم غيره، وهذا الراجح، وإرثه كغيره، وأما عصبته فقيل هم عصبة أمه، والصحيح أن أمه عصبة له أيضاً، وجميع هذه المسائل مبسوطة في أبوابها من كتب الفقه، والرجوع لها سهل، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.(12/39)
حق ولد الزنى على أبيه
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 19/5/1423
السؤال
زنيت بالخادمة وأنجبت طفلاً، السؤال: ما وضعي مع هذا الطفل؟ وماذا أعمل؟ وهل أنا مسؤول عنه وعن تربيته وكسوته؟ وهل له علي حقوق الطفل الشرعي كالميراث وغيره؟ أفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب
أما الطفل فلا يجوز أنْ يُنسب إليك -ولو كان منك يقيناً- ولا يرثك، ولا ترثه؛ لأنه من سفاح لا من نكاح، ولكن كونه من مائك له أثر في تحريم النكاح، فلا يجوز أن يتزوج من بناتك، ولا أن يتزوج أبناؤك من بناته، فإنه قد ثبت في الصحيحين (البخاري (2053) ومسلم (1457) أنه لما اختصم إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- سعد بن أبي وقاص، وعبد بن زمعة بن الأسود في ابن وليدة زمعة، وكان عتبة بن أبي وقاص قد فجر بها في الجاهلية، وولدت منه ولداً، فقال سعد: يا رسول الله ابن أخي عتبة عهد إلى أخي عتبة فيه إذا قدمت مكة انظر إلى ابن وليدة زمعة؛ فإنه ابني، ألا ترى يا رسول الله شبهه بعتبة؟ فقال عبد: يا رسول الله أخي وابن وليدة أبي; ولد على فراش أبي، فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم- شبهاً بيناً بعتبة، فقال: هو لك يا عبد بن زمعة؛ الولد للفراش، وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة (وهي بنت زمعة) " فقد جعله النبي -صلى الله عليه وسلم- ابناً لزمعة؛ لأنه ولد على فراشه، وجعله أخاً لولده بقوله:"فهو لك يا عبد بن زمعة" وقد صارت سودة أخته يرثها وترثه; لأنه ابن أبيها زمعة ولد على فراشه، ومع ذلك أمرها -صلى الله عليه وسلم- أن تحتجب منه؛ لما رأى من شبهه البين بعتبة، أمّا كسوته ونفقته فلا تجب عليك؛ لأنك لا ترثه ولا يرثك، ووجوب النفقة واجبة باستحقاق الإرث، كما يدله قوله -تعالى-:"وعلى الوارث مثل ذلك" [البقرة:233] ، أي: مثل ما على المولود له (الأب) من النفقة الواجبة إذا مات الأب، وهذا مخرج على قاعدة الخراج بالضمان، والغرم بالغنم، فإذا كان يغنم من ولده ميراثه بعد مماته، وجب أن ينفق عليه في حياته. وإذا كان لا يرثه، لم يجب عليه نفقته.
وهذا الطفل ينفق عليه من بيت مال المسلمين وتكفله الدولة وترعاه، وهي مسؤولة عن نفقته وكسوته، أما إذا أردت الإحسان والمعروف، فلا شك أن إنفاقك عليه وإحسانك إليه معدود من الصدقة، ولك في ذلك أجر، كما قال -صلى الله عليه وسلم-:"في كل كبد رطبة أجر" البخاري (2363) مسلم (2244) .
واعلم أن من علامات صدق التوبة أن يكون حال التائب بعد التوبة خيراً من حاله قبلها، فاكثر من عمل الصالحات والاستغفار والصدقة لعل الله أن يتوب عليك، فإن الله إذا رأى من عبده صدق توبته تاب عليه بل وبدَّل سيئاته حسنات، كما قال -سبحانه-:"إِلاّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيما*وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً" [الفرقان:70-71] .
أسأل الله أن يهدينا وإياك سبل السلام، وأن يخرجنا وإياك من الظلمات إلى النور، وأن يتوب علينا وعليك، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(12/40)
التسمي بـ (غرم الله)
المجيب د. عبد الله بن عمر الدميجي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 27/4/1423
السؤال
يكثر في بلدنا التسمي باسم (غرم الله) ، فما معناه، وما حكم التسمي به؟
الجواب
فالجواب -فيما يظهر لي- والعلم عند الله -عز وجل- أن هذا متوقف على تحديد معنى (غُرْم) وقد رجعت إلى لسان العرب ولم أقف على معنى يمكن أن يضاف إليه لفظ الجلالة (الله) .
وهو اسم يكثر عند بعض أهل الجنوب من الجزيرة العربية وقد سبق أن سألت عنه بعض علمائهم فلم يفدني فيه بشيء.
والغرم في لغة العرب يأتي بمعنى (الدَّين) ، ومنه قوله -تعالى-:"والغارمين وفي سبيل الله" [التوبة:60] والغارمون: هم الذين لزمهم الدَّين في الحمالة، ومنه في الحديث:"أعوذ بك من المأثم والمغرم" البخاري (833) ومسلم (589) ، وهو مصدر وضع موضع الاسم، وفي الحديث الآخر:"إن المسألة لا تصلح إلا لذي فقر مدقع أو لذي غُرم مفظع" الترمذي (653) أبو داود (1641) ابن ماجة (2198) واللفظ له، وأحمد (12134) أي: ذي حاجة لازمة من غرامة مثقلة.
ويأتي الغرام بمعنى: اللازم من العذاب، والشر الدائم والبلاء والحب والعشق، ومنه قوله -تعالى-:"إن عذابها كان غراماً" [الفرقان:65] أي: مُلحاً دائماً ملازماً.
وقد أغرم بالشيء أي: أولع به، يعني: فلان مغرم بكذا، أي: لازم له مولع به.
ويأتي الغُرم في مقابل الغُنم كما في الحديث:"الرهن لمن رهنه، له غنمه وعليه غرمه" الحاكم في المستدرك (2/360) والدارقطني في السنن (2/32-33) ، أي: أداء ما رهن به وفكاكه.
ولا يبعد أن يكون مرادهم بهذه التسمية أي: المولع بالله، أو المحب لله -تعالى-، ولا أنصح بالتسمية به، لكن لا أقول إنه يجب تغييره لمن سمي به؛ لأنه يحتمل أن يكونوا عنوا به معنى صحيحاً والعلم عند الله، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(12/41)
التسمية بـ: (تسنيم)
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 22/11/1424هـ
السؤال
وأنا أبحث في القرآن عن اسم مؤنث أسمي به بنتي صادف وأن قرأت في سورة المطففين آية 27 لفظ " تسنيم". فهل يجوز اختيار هذا الاسم لابنتي؟. جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله،
الأسماء يقصد بها الدلالة على المسمى، وهي أنواع منها ما هو حسن ومنها ما هو قبيح، ومنها ما هو عادي لا يوصف بحسن ولا قبيح، ومن الأسماء ما هو أخص بالذكور ومنها: ما هو أخص بالإناث، ومنها ما هو مشترك، أي إنه مما يسمى به الذكر والأنثى، وهذا يختلف باختلاف المجتمعات والعادات، وعلى هذا فأي لفظ يختاره الإنسان اسماً لابنه أو بنته مما لا يحمل معنى قبيحاً أو يتضمن أمراً محرماً في الشرع كالأسماء المعبدة لغير الله فإنه لا بأس به، وألفاظ القرآن ألفاظ عربية لها مدلول في اللغة العربية ولها مدلول في الشرع، والتسنيم الذي ذكره الله هو اسم لشراب من أشربة أهل الجنة، ولكن له معنى مفهوم عند العرب فإذا سمى الإنسان بهذا اللفظ فلا يجوز أن يريد بالتسمية الشراب الذي في الجنة وإنما يريد تسميتها بهذا اللفظ حسب مدلوله في اللغة العربية، وهو نوع من الأشربة كالماء واللبن والعسل وما أشبه ذلك، فالحاصل أنه لا بأس أن تسمي ابنتك تسنيماً مثل الشراب المعروف عند العرب، فإن أشربة الجنة وغيرها من أصناف النعيم ليست مثلما في الدنيا وإن كانت موافقة لها في الاسم، كما قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: "ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء"، يريد أن حقائق ما في الجنة ليست مثل حقائق ما في الدنيا، وإن كانت موافقة لها في الاسم، والمعنى العام وهو القدر المشترك بين المسميين فلا يلزم من الاتفاق في الاسم والقدر المشترك تماثل المسميين، فإن الله -تعالى- قد قال في الحديث القدسي:"أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر" رواه البخاري (3244) ومسلم (2824) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، والله أعلم.(12/42)
اكتشفت الحقيقة بعد موت متبنيها
المجيب سامي بن محمد الخليل
مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 16/8/1424هـ
السؤال
زوجتي اكتشفت أنها متبناة بعد زواجي منها، وهي أيضاً لم تكن تعلم إلا بعد مطالبتنا بحقها من إرث أبيها. هل لها حق في الإرث مع أنها مسجلة رسمياً؟
الجواب
بالنسبة للسؤال عن التبني فإنه لا يجوز للإنسان أن يتبنى أحداً، بل يجب أن ينسب كل إنسان لأبيه الذي ولد من صلبه، وأيضاً فإنه ليس للابن المُتبَنىَّ حق في أن يرث من التركة شيْئاً، وذلك لأن التبني أولاً محرم ولا يجوز كما سبق، وثانياً لأنه ليس من الورثة.(12/43)
التسمية بجوري
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 22/3/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: أحببت أن أسأل عن اسم (جوري) ، وهو الورد الشديد الحمرة، هكذا وجدت معناه في الإنترنت، ولم أجده في لسان العرب، فهل يجوز أن أسمي ابنتي بهذا الاسم؟ ملاحظة: تسمية ابنتي متوقفة على جوابكم -حفظكم الله-.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فلا يجوز للمسلم أن يسمي ولده ذكراً كان أو أنثى باسم أعجمي يخص الكفار إلا لحاجة، وتقليد الكفار في الأسماء دليل على ضعف الانتماء للإسلام ولغته التي أُمر المسلم بموافقتها إلا لحاجة، وهو دليل على افتتان الإنسان بأعدائه، وهذه علامة الخذلان، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "من تشبه بقوم فهو منهم" أخرجه أحمد (5114) وأبو داود (4031) بسند صحيح.
و (جوري) اسم غير عربي، فيكون مشمولاً بالتحريم؛ لما فيه من التشبه بالكفار. وفقك الله، وأصلح لك الذرية، ورزقك برها.(12/44)
التكني بأبي الأعلى
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 18/06/1425هـ
السؤال
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحب التكني بهذه الكنية (أبو الأعلى) ، فما حكم الشرع في ذلك؟
وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين كل خير.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا بأس بالتكني بأبي الأعلى، فالمخلوقات منها العالي والسافل، والعالي منها بعضها أعلى من بعض، ويقال لما هو أعلى من غيره، هو أعلى، والأولى اجتناب التكني بأبي الأعلى؛ لأن الأعلى المطلق هو الله - سبحانه وتعالى- ولكن من يتكنى بهذه الكنية إنما يريد الأعلى من غيره من الناس. والله أعلم.(12/45)
تسمية البنت بـ (آية)
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 27/07/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
رزقت بطفلة -ولله الحمد- وأريد تسميتها بـ (آية) ، فهل بهذا الاسم شبهة أو كره بالتسمية؟. -وجزاكم الله عنا كل خير-.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
لا بأس أن تسمي ابنتك بـ (آية) ، فهي من جملة مخلوقات الله التي هي آيات على قدرته - سبحانه وتعالى-،وعلمه، وحكمته. والله أعلم.(12/46)
التكني بكنية النبي صلى الله عليه وسلم
المجيب ماجد بن عبد الرحمن آل فريان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 27/04/1425هـ
السؤال
هل ورد حقاً عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: "تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي"، وما معنى ذلك؟ أي هل المقصود ألا نسمي أحداً أبا القاسم أم ماذا؟ جزاك الله عنا كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نعم ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي"، كما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (1/52) ، ومن حديث جابر رضي الله عنه (3/1301) .
وكذا أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه (3/1682ح 2131) وفيه قصة. قال أنس: نادى رجل رجلاً بالبقيع يا أبا القاسم، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني لم أعنك إنما دعوت فلاناً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي".
وأخرجه أيضاً من حديث جابر رضي الله عنه (3/1682ح 2133) ، وذكر فيه قصة أخرى، قال جابر رضي الله عنه (ولد لرجل منا غلام فسماه محمداً فقال له قومه لا ندعك تسمي باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق بابنه حامله على ظهره فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ولد لي غلام فسميته محمداً فقال لي قومي لا ندعك تسمي باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي فإنما أنا قاسم أقسم بينكم".
حكم التكنية بأبي القاسم:
اختلف العلماء في التكني بأبي القاسم على ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: المنع مطلقاً، سواء كان اسمه محمداً أم لا. ثبت ذلك عن الشافعي، وهو مذهب الظاهرية، ويستدل له بظاهر الأحاديث المتقدمة.
المذهب الثاني: الجواز مطلقاً، ويختص النهي بحياته صلى الله عليه وسلم.
أدلته:
(1) رواية مسلم عن أنس ففيها الإشارة إلى سبب المنع، والقاضي بزوال الحكم عند زوال السبب.
(2) واحتجوا أيضاً بما أخرجه البخاري في الأدب المفرد (843) وأبو داود (4967) والترمذي (2843) ، وصححه الحاكم من حديث علي رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إنْ ولد لي من بعدك ولد أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال: (نعم) . فهذه رخصة من النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. قال عنها ابن حجر: (وسندها قوي) .
(3) وورد ما يدل على أن الصحابة -رضي الله عنهم- فهموا تخصيص النهي بزمانه صلى الله عليه وسلم؛ لأن بعض الصحابة-رضي الله عنهم- سمى ابنه محمداً وكناه أبا القاسم وهو طلحة بن عبيد الله-رضي الله عنه-، وكذا يقال لكنية كل من المحمَدِين ابن أبي بكر، وابن سعد، وابن جعفر بن أبي طالب، وابن عبد الرحمن بن عوف، وابن حاطب بن أبي بلتعة، وابن الأشعث بن قيس أبو القاسم، وأن آباءهم كنوهم بذلك.
قال القاضي عياض: وبه قال جمهور السلف والخلف وفقهاء الأمصار.
المذهب الثالث: لا يجوز لمن اسمه محمد ويجوز لغيره، وهذا ارتضاه الرافعي، ووهاه النووي.
وقد ورد ما يؤيد هذا المذهب، وذلك فيما أخرجه أحمد (8109) وأبو داود (496) وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان من طريق أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم "من تسمى باسمي فلا يكتنى بكنيتي، ومن اكتنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي".
وأقرب الأقوال، وأوجههما الثاني والثالث، لأنها تتضمن صوارف معتبرة عن التحريم المطلق، والقول الأول: أبرأ للذمة وأعظم للحرمة. والله أعلم.(12/47)
زميلاه لهما سابقة زنى
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 10/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي زميلان معي في المكتب يتوسمان في شخصي الخير، ويعتقدان بأني أملك الرد على أسئلتهما، والتي جعلتني في حيرة من أمري، لما وقع فيه كل منهما والعياذ بالله: أولهما كان قديماً ممن درس في دولة غربية، وتصادق حسب قوله مع امرأة، وحملت منه وأنجبت فتاة، وعمر ابنته غير الشرعية 19 سنة، ويسألني هل تجب عليه نفقة هذه البنت شرعاً، حيث إن والدتها لا زالت تراسله وتطالبه بالنفقة؟ وثانيهما: كان على علاقة بالعاملات لديه (الشغالات ولم يكن لهم أزواج) دون علم زوجته، وقد حملت منه اثنتان منهما، وأنجبتا ولداً وبنتاً بعد سفرهما إلى بلادهما، ويقول: هل يجب عليه نفقة هذا الولد وهذه البنت ومتابعتهما، وإن فقد أثرهما فهل عليه إثم؟
السؤال الأخير يتعلق بشخصي أنا: فماذا يجب عليَّ وقد أخبراني عن أمرهما، هل أنصحهما فقط؟ أم يجب عليَّ شرعاً إبلاغ السلطات عنهما؟، وكيف وأنا لا أملك أدلة سوى أقوالهما عن نفسيهما؟ أرجو الإجابة حفظكم الله ووفقكم لكل خير.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن النفقة لا تجب للولد غير الشرعي، فإذا اقترف الإنسان جريمة الزنا، ونتج عن ذلك ولد أو بنت، فإن هذا الولد أو البنت لا يجوز نسبتهما إلى الأب، ولا تجب لهما النفقة؛ لأن النفقة لا تجب إلا إذا ثبت النسب، والنسب لا يثبت بالزنا، ولذلك فإن ولد الزنا ينسب للأم فقط، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالإرث فإن الزاني لا يرث من ولده من الزنا، ولا يرث ولده من الزنا منه. ولكن بما أن الزاني هو الذي اقترف هذا الأمر، وبسبب فعله نتج هذا الولد، فإن عليه أن يساعد المرأة التي شاركته في هذا الإثم، ويتحملان معاً نتيجة معصيتهما، ولكن لا يكون هذا من باب النفقة الواجبة للأولاد، مع الاحتراز عن الأمور التي قد يتكرر بسببها هذا الفعل المحرم. أما ما يتعلق بموقفك أنت من هذه القضية، فإن الواجب عليك مناصحة هذين الشخصين الذين اقترفا هذه الفاحشة العظيمة، فإن تابا فالحمد لله، ولا يُشرع لك التبليغ عنهما؛ لأنهما قد تابا من هذا العمل كما يظهر؛ ولأن المشروع الستر عليهما، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله مع من يعترف عنده بالزنا كماعز والغامدية -رضي الله عنهما وأرضاهما-. انظر ما رواه مسلم (1695) من حديث بريدة-رضي الله عنه-.
وإن أصرا على فعلهما فعليك الاستمرار في نصحهما وتوجيههما وإرشادهما، وتبين لهما الآيات والأحاديث الناهية عن الزنا، والمشتملة على الوعيد الشديد على هذا العمل الشنيع، كما توضح لهما أثره السيئ على الفرد والمجتمع من الناحية الدينية والأخلاقية والنفسية والاجتماعية والصحية وما إلى ذلك. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.(12/48)
إلى من ينسب ابن الزنى؟
المجيب سلمان بن عبد الله المهيني
القاضي بوزارة العدل
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 28/06/1425هـ
السؤال
تبني ولد الزنا الذي لا يعرف أبوه ولا أمه، وإنما أتى به شخص غريب إلى أسرة لتربيه كيف تصنع هذه الأسرة بنسبه هل تنسبه إليها؟ وكيف تصنع في شهادته المدرسية وأوراقه الرسمية؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن التبني كان جائزاً في أول الإسلام، ثم نزل تحريمه في قول الله -تعالى-: "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم" [الأحزاب: 5] وعليه فلا يجوز لأحد من المسلمين أن ينسب لنفسه من ليس ولداً له، وأما ما يتعلق بدراسة المذكور فإن الجهات الحكومية لابد أن لديها من الأنظمة ما يعالج وضعه. والله أعلم.(12/49)
لمن ينسب هذا الجنين؟!
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 25/5/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوجة، ولكن زوجي لا يحبني، وهجرني فترة، وفي غيابه عشقت رجلاً غيره، وأصبح مثل زوجي، ينام معي! ولم يتزوجني، وبعد فترة عاد زوجي إلي، وبعدها اكتشفت أني حامل، ولا أعرف الحمل من زوجي أو من الآخر، أنا الآن نادمة بصدق، أريد أن أعرف مصير الجنين هل أقتله؟ ولمن ينسب؟ ولكم جزيل الشكر وعظيم الأجر والثواب.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالجواب: أن نقول لك - أيتها السائلة- إن اتخاذك خليلاً تمكنينه من نفسك كزوجك منكر عظيم، وجريمة كبيرة؛ يقول الله -تعالى-: "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا" [الإسراء: 32] ، هذا ولو رفعت قضيتك إلى الحاكم الشرعي، وتم إقرارك بذلك لأقام عليك الحد الشرعي، لكن ما دمت لم ترفعي قضيتك نقول لك عليك أن تستتري بستر الله -تعالى- وتتوبي إلى الله عن فعلك، وأن تندمي على ذلك، وألا تعودي لمثله؛ لعل الله أن يتوب عليك.
أما الجنين فلا تتعرضي له بإسقاط أو نحوه؛ لأن ذلك حرام، وجريمة عظيمة، وقتل لكائن حي.
أما سؤالك لمن ينسب إليه؟ فالجواب أنه ينسب إلى زوجك الشرعي؛ فقد جاء في الصحيحين البخاري (2053) ، ومسلم (1457) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" أي: الولد للزوج، وللزاني الرجم. والله أعلم.(12/50)
التسمية بـ: تبارك- تقوى..
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 03/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
سؤالي هو: ما حكم تسمية الإناث بأسماء كـ" تبارك، تقوى، رحمة، إيمان "، والأسماء المشابهة؟ بارك الله فيكم ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
معلوم أن المقصود من الأسماء التي يسمي بها الناس أولادهم هو الدلالة على أعيانهم، والأسماء ألفاظ، منها ألفاظ تدل في الغالب على معاني منها الحسن ومنها القبيح، فينبغي لمن ولد له مولود أن يختار له الاسم الحسن، لفظًا ومعنى-مع مراعاة ما يميز بين الذكر والأنثى؛ ليكون الاسم دالًّا على جنس المسمى مع تجنب ما فيه تزكية، مثل: برّة، وتقية، والألفاظ الواردة في السؤال منها ما لا يضاف إلا إلى الله، فلا يجوز التسمية به، وهو: تبارك.
ومنها ما فيه مبالغة في التزكية وهو: تقوى وإيمان، مع ما في ذلك من ابتذال هذه المعاني الشرعية الجليلة، التقوى والإيمان، فينبغي عدم التسمية بهذين الاسمين.
وأما رحمة فلا كراهة بالتسمية به؛ لأن المولود ذكرًا كان أو أنثى هو من رزق الله وعطائه، ويرجى أن يكون رحمة من الله لوالديه. والله أعلم.(12/51)
انتساب التبني
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 09/04/1426هـ
السؤال
أخَوان تزوجا أختين، أحدهما أنجبت له زوجته أبناء، والثاني ليس له أبناء، فتبنى من الأول بنتًا وولدًا وكتبهما باسمه، وتوفي الزوج الذي ليس له أبناء. السؤال: ما حل هذه المشكلة؟ هل يرجع الأب بنته وولده باسمه؟ أم ماذا يعمل؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
التبني، وهو نسبة أولاد الغير إلى نفسه، ويعاملهم معاملة الأولاد الحقيقيين، هذا من العادات الجاهلية التي جاء الإسلام بالنهي عنها وإبطالها، فقال الله عز وجل: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ) [الأحزاب: 5] .
وجاءت الأحاديث الكثيرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنهي عن الانتساب إلى الغير، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-، في حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، المتفق عليه: "لَا تَرْغَبُوا عَن آبَائِكُمْ؛ فَمَنْ رَغِبَ عَن أَبِيه فَهُوَ كُفْرٌ". البخاري (6768) ومسلم (62) . وقال: "أَيُّمَا امْرَأةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ رَجُلاً لَيْسَ مِنْهم فَلَيْستْ مِن اللهِ في شَيْءٍ، ولَا يُدْخِلُهَا اللهُ جَنَّتَه، وأَيُّمَا رَجُلٍ جحَد ولَدَه، وهُو ينظُرُ إليه، احتَجَب اللهُ -عز وجل- مِنْهُ، وفضَحه عَلَى رُؤوسِ الأَوَّلين والآخِرين يومَ القِيامةِ". أخرجه أبو داود (2263) ، وابن ماجة (2743) ، والنسائي (3481) .
والأحاديث في هذا كثيرة، والتبني باطل، ولا يجوز أن يعامل هؤلاء الذين حصل التبني لهم معاملة الأبناء الحقيقيين، فهم من الناحية الشرعية لا يرثون من هذا الذي تبناهم، وليسوا بمحارم لزوجته، ولا لأولاده، ولا يترتب على هذا التبني أي حكم شرعي، والواجب نسبة هؤلاء الأبناء إلى أبيهم الحقيقي، ولا يجوز لهؤلاء البقاء على هذا الوضع من انتسابهم إلى غير أبيهم. والله أعلم.(12/52)
علاقة الأسماء بشخوص المسمَّين
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 26/10/1425هـ
السؤال
ما حكم استخراج واستنباط معاني للأسماء وأن هذا الاسم صاحبه مثلاً اجتماعي أو ذو شخصية قوية أو يحب التحدي، ومن ذلك مثلاً اسم (حمزة) رمز القوة والإصرار متواصل اجتماعيًّا وينجح في العلاقات العامة. . . شخصية قوية ويفرض ما يراه على من حوله، عميق التفكير ولا يرتاح حتى يحقق ما يريد! هناك متجر يجعل هذه المعاني على أشياء ويبيعها، وكل شخص يطلب منه أن يجد له معنى لاسمه وهكذا، فما الحكم في ذلك؟ وهل قول الرسول عليه الصلاة والسلام- أن لكل شخص نصيبًا من اسمه، أو ما حدث بين عمر، رضي الله عنه، مع أحد الأعراب عندما سأله عن اسمه ومن أي القبائل هو، فقال أن اسمه شهاب وأنه من قبيلة لظى فقال له: الحق بأهلك فقد احترقوا. . . أرجو إجابة شافية كافية وافية. وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
حث النبي صلى الله عليه وسلم على اختيار الاسم الحسن المشتمل على الصفات الحميدة والمعاني السامية، وأخبر أن الناس يُدعون يوم القيامة بأسمائهم، فقال: "إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ ". أخرجه أبو داود (4297) من حديث أبي الدرداء، رضي الله عنه. وندب إلى التسمي بأسماء الأنبياء، فقال: "تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ. . . . ". أخرجه أبو داود (4299) والنسائي (3565) من حديث أبي وهب الجشمي، وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم تغيير الاسم القبيح بالاسم الحسن على وجه التفاؤل والتيمُّن؛ لأنه كان يعجبه الفأل الحسن، وقد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم العديد من الأسماء، مثل اسم (عاصية) إلى (جميلة) ، كما جاء في صحيح مسلم (2139) ، من حديث ابْنِ عُمَر، رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيَّرَ اسْمَ (عَاصِيَة) َ وَقَال: "أَنْتِ (جَمِيلَة) ُ". وغير اسم (بَرَّةَ) إلى (زينب) .
وعن أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، أَنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بَرَّةَ فَقِيلَ: تُزَكِّي نَفْسَهَا. فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ. أخرجه البخاري (6192) ، ومسلم (2141) .
ومثل اسم (أصرم) إلى (زرعة) ، فعن أُسَامَةَ بْنِ أَخْدَرِيٍّ، أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَه: أَصْرَمُ. كَانَ فِي النَّفَرِ الَّذِينَ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا اسْمُكَ؟ ". قَالَ: أَنَا أَصْرَمُ. قَالَ: "بَلْ أَنْتَ زُرْعَةُ". أخرجه أبو داود (4954) .(12/53)
وأخرج الإمام أحمد في مسنده (769) من حديث عَلِيٍّ، رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ ". قَالَ: قُلْتُ: حَرْبًا. قَالَ: "بَلْ هُوَ حَسَنٌ". فَلَمَّا وُلِدَ الْحُسَيْنُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ ". قَالَ: قُلْتُ: حَرْبًا. قَالَ: "بَلْ هُوَ حُسَيْنٌ". فَلَمَّا وُلِدَ الثَّالِثُ سَمَّيْتُهُ حَرْبًا، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ ". قُلْتُ: حَرْبًا. قَالَ: "بَلْ هُوَ مُحَسِّنٌ". ثُمَّ قَالَ: "سَمَّيْتُهُمْ بِأَسْمَاءِ وَلَدِ هَارُونَ شَبَّرُ وَشَبِيرُ وَمُشَبِّرٌ. . . . ".
قال أبو داود: (وغيَّر النبي صلى الله عليه وسلم اسم العاص وعزيز وعتلة وشيطان والحكم وغراب وحباب وشهاب فسماه هشامًا، وسمى حربًا سلمًا، وسمى المضطجع المنبعث، وأرضًا تسمى عفرة سماها خضرة، وشِعْبُ الضلالة سماه شعب الهدى، وبنو الزنية سماهم بني الرشدة، وسمى بني مغوية بني رشدة) . قال أبو داود: تركت أسانيدها للاختصار) . ينظر: سنن أبي داود (4956) .
وفي تغيير هذه الأسماء ونحوها دليل على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تغيير الأسماء القبيحة والمشتملة على التزكية أو الذم أو المدح أو المعاني غير اللائقة، وليس المقصود من ذلك أن معنى الاسم يكون صفةً لازمة في الشخص، لأن الأسماء للدلالة والتعريف، وقد يوجد شيء من تأثير الأسماء في مسمياتها، ونوع من الارتباط، ولكن هذا ليس بمطرد.
قال الطبري رحمه الله: (لا ينبغي التسمية باسم قبيح المعنى، ولا باسم يقتضي التزكية له، ولا باسم معناه السب، ولو كانت الأسماء إنما هي أعلام للأشخاص، ولا يقصد بها حقيقة الصفة. لكن وجه الكراهة أن يسمع سامع بالاسم، فيظن أنه صفة للمسمى، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم يحول الاسم إلى ما إذا دعي به صاحبه كان صدقًا) . ينظر: فتح الباري (10/577) .
وقال: (وليس تغيير رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غير من الأسماء على وجه المنع للتسمي بها، بل ذلك على وجه الاختيار، لأن الأسماء لم يسم بها لوجود معانيها في المسمى بها، وإنما هي للتمييز، ولذلك أباح المسلمون أن يتسمى الرجل القبيح بحسن، والرجل الفاسد بصالح، ويدل على ذلك قول جد ابن المسيب للنبي صلى الله عليه وسلم حين قال له: "أنْتَ سَهْلٌ": لا أغير اسمًا سمَّانيه أبي. أخرجه البخاري (6190) . فلم يلزمه الانتقال عنه على كل حال، ولا جعله بثباته آثمًا بربه، ولو كان آثمًا بذلك لجبره على النقلة عنه إذ غير جائز في صفته عليه السلام أن يرى منكرًا وله إلى تغييره سبيل) . ينظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال 9/348.(12/54)
ومن خلال ما سبق يعلم أن الأسماء هي أعلام للأشخاص، وليس من تسمى باسم معناه أن ما يحمله الاسم من صفة ومعنى موجودة فيه، فهذا خلاف الواقع، فإن هناك من تسمى بأسماء صالحة وحسنة وتكون أخلاقه وشمائله غير ذلك، والعكس أيضًا، وعلى هذا فمن الخطأ المبالغة في هذا الجانب، وأخذ صفات الأشخاص من أسمائهم والاستدلال بها على أخلاقهم وشمائلهم مثل ما ذكر السائل، وفقه الله، وأما ما جاء عن عمر، رضي الله عنه، فمن المعلوم أن عمر، رضي الله عنه، كان محدَّثًا مُلهَمًا، وقد انقدح في نفسه حينما سمع هذه الأسماء، وتنبأ بحصول احتراق مسكن الرجل، ومثله العابر الذي ينقدح في نفسه حينما يسمع الرؤيا فيأخذ من الأسماء ما يدل على تعبيرها وتأويلها مثل ما جاء في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رَأَيْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّا فِي دَارِ عُقْبَةَ بْنِ رَافِعٍ، فَأُتِينَا بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابٍ، فَأَوَّلْتُ الرِّفْعَةَ لَنَا فِي الدُّنْيَا وَالْعَاقِبَةَ فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ دِينَنَا قَدْ طَابَ". أخرجه مسلم (2270) . هذا والله أعلم.
وأما ما جاء في السؤال من أن لكل شخص نصيبًا من اسمه، فهذا لا تصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من الأقوال السائرة المعروفة، وقصة عمر، رضي الله عنه، مع الرجل، أخرجها الإمام مالك في الموطأ (1541) عن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، قَالَ لِرَجُلٍ: مَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ: جَمْرَةُ. فَقَالَ: ابْنُ مَنْ؟ فَقَالَ: ابْنُ شِهَابٍ. قَالَ: مِمَّنْ؟ قَالَ: مِن الْحُرَقَةِ. قَالَ: أَيْنَ مَسْكَنُك؟ َ قَال: بِحَرَّةِ النَّارِ، قَال: بِأَيِّهَا؟ قَالَ: بِذَاتِ لَظًى. قَالَ عُمَرُ، رضي الله عنه: أَدْرِكْ أَهْلَكَ فَقَدْ احْتَرَقُوا. قَالَ: فَكَانَ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه.
قال الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار (8/514) معلقًا على هذا الأثر:
(لا أدري ما أقول في هذا، إلا أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سَيَكُونُ بَعْدِي مُحَدَّثُونَ، فَإِنْ يَكُنْ فَعُمَرُ ". انظر صحيح البخاري (3689) . وقد يوجد هذا في مَنْ دون عمر من الذكاء وحسن الظن حتى لا يكاد يخطئه ظنه، والله عز وجل أعلم، في احتراق أهل المخبر، وكأنه من نحو ما روي من قوله صلى الله عليه وسلم: " البَلَاءُ مُوَكَّلٌ بِالْمَنْطِقِ". أخرجه القضاعي (227) . فصادف قوله قدرًا سبق في علم الله عز وجل) . هذا والله أعلم.(12/55)
التسمية بـ (بسملة)
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 24/03/1426هـ
السؤال
رزقني الله بمولودة سميتها (بسملة) ، فهل في هذا الاسم شيء شرعاً، وهل يجوز هذا الاسم، أم يجب عليَّ تغييره؟ والله يحفظكم.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشر ف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن من حقوق الولد على أبيه أن يختار له اسماً حسناً دالاً على معنى حسن، لعلَّ الله -سبحانه وتعالى- أن يجعل الولد حسناً كاسمه؛ لأن الأسماء لها أثر واضح على مسمياتها، والأسماء الحسنة كثيرة لا تكاد تُحصر، والأمر في ذلك واسع ولله الحمد.
ولذلك فإن الواجب عليك أن تختار لابنتك اسماً حسناً من الأسماء العربية المعروفة، أما الاسم الذي ذكرته فلا أدري ما معناه، ولا المقصود من التسمية به، خصوصاً وأن التسمية به لم يثبت لها فضل في الشريعة، ولُيعلم أن ورود الاسم في القرآن الكريم ليس دالاً على فضل التسمي به كما يظن بعض الناس.
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.(12/56)
مسح رأس المولود بالزعفران بعد حلقه
المجيب محمد محمد سالم عبد الودود
عضو اللجنة العلمية بالموقع
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ 01/08/1426هـ
السؤال
هل يشرع مسح رأس المولود بالزعفران بعد حلق رأسه يوم عقيقته؟ وهل هناك أي رواية صحيحة في ذلك؟ وكيف يكون المسح؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نعم: يشرع مسح رأس المولود بالزعفران ونحوه من الطيب بعد حلق رأسه يوم عقيقته؛ فقد أخرج ابن حبان (5308) وغيره بسند صحيح عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كانوا في الجاهلية إذا عقوا عن الصبي خضبوا قطنة بدم العقيقة، فإذا حلقوا رأس الصبي وضعوها على رأسه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "اجعلوا مكان الدم خلوقاً". وفي حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه -رضي الله عنه-: ".... فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة، ونحلق رأسه، ونلطخه بزعفران". أخرجه أبو داود (2843) ، والبيهقي (9/302) ، وغيرهما.(12/57)
الضرب لحفظ القرآن
المجيب د. أحمد بن محمد أبا بطين - رحمه الله -
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد
التاريخ 20/3/1424هـ
السؤال
لي ابن سوف يكمل السابعة من عمره بعد شهر، وزوجتي تريد أن يحفظ القرآن كاملاً، وقد حفظ حتى الآن ثمانية أجزاء، وقد وصل لدرجة أنه أصبح يفضل الموت على الحفظ، حيث إن زوجتي تستنفذ معه كل الوسائل السلمية ثم تبدأ بضربه ضرباً مبرحاً حتى يحفظ، وبالرغم من أنها تضربه إلا أنه قد لا يحفظ آيتين بعد ساعتين من الضرب والتوبيخ، فهل يجوز ذلك، حيث إن زوجتي بدأت تشعر بالذنب لتكرار الضرب والتوبيخ؟ وأنا أشعر أنه قد يكره القرآن بالإضافة إلى أنه ليس من الرحمة أن نعامل الأطفال بهذه الطريقة.
الجواب
لا يجوز هذا العمل على الإطلاق لأسباب:
(1) أن الطفل لا يزال صغيراً جداً.
(2) أن الصحابة -رضي الله عنهم- وهم أصحاب خير الخلق- لم يكونوا كلهم حفاظاً، وكانوا في الحفظ لا يتجاوزون عشر آيات حتى يحفظوها ويعملوا بمقتضاها.
(3) إذا كان الطفل لا يؤمر بالصلاة المفروضة إلا بعد إكمال سبع سنين من عمره، ولا يضرب عليها إلا بعد اكتمال العاشرة، فكيف بما لم يأت في الشرع بشأنه إلزام؟! ألا فليتق الله كل راع على رعيته.(12/58)
تدريس الأطفال في مدارس النصارى
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد
التاريخ 21/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال: هل يجوز أن يدرس الأطفال في مدارس نصرانية؟ لما فيها من جودة تدريس وانضباط وأدب؟ حيث تقوم الراهبات بالإشراف وتدريس المواد، وتدرس مادة الديانة الإسلامية من قبل مدرسة مسلمة، وتوجد موجهة منتدبة مسلمة تقوم بالإشراف العام وأغلبية الطلاب من المسلمين، ولا تقوم الراهبات بأي نوع من أنواع العنصرية، أو تعليمهم أشياء نصرانية. أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله - والصلاة والسلام على رسول الله - وبعد:
فإني قد تأملت هذه المسألة فرأيت أن أجيبك بحسب بلدك فما دمت في بلد مسلم فهذا يختلف عن شخص في بلد غير مسلم، لا سيما مع عدم وجود مدارس إسلامية، ولست أطلق الإباحة لمثل هذه الحال ولكن الجواب سيختلف قليلاً. أما جواب مسألتك لكونك في بلد مسلم يوجد به ولله الحمد مدارس إسلامية فإني لا أرى لك عذراً في تدريس أولادك في المدارس النصرانية، حتى وإن تفوقت على المدارس الإسلامية ببعض المزايا، ذلك أن قضية العقيدة وقضية الولاء والبراء والانتماء قضايا أكبر بكثير من مجرد إضافة معلومات أو جودة تدريس ونظام، وعليك أيها الأخ المسلم أن تكون هذه القضايا لديك أولى بالتقديم والنظر من غيرها، وإليك أخي الكريم بعض ما قد يترتب على تدريس الأولاد، ولا سيما الصغار منهم في مدارس نصرانية، فمن ذلك:
(1) تنشئة الطالب على حب النصرانية، حتى وإن لم يكن هذا صريحاً من قبل المدرسة، ولكن من خلال المعاملة لا سيما وقد أشرت إلى أن للراهبات دوراً في الإشراف والتدريس.
(2) إزالة الحواجز بين الدين الإسلامي وغيره، بحيث ينشأ الطالب لا يتميز بدينه ولا يعتز به بل تتميع لديه قضية الولاء والبراء، وكأنما قضية الدين لا تتعدى كونها قناعات شخصية فكرية لا غير، وهذا خطير جداً.
وفي القرآن والسنة أدلة كثيرة ظاهرة من تقرير هذا الأصل، وهو الولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين.(12/59)
كقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الأِيمَانِ" [التوبة: من الآية23] ، وكقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ" [المائدة: من الآية51] ، وكقوله سبحانه: "لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" [المجادلة: من الآية22] ، وكذلك سورة الممتحنة التي خصصت لهذا الأصل العظيم؛ بل نفى الله تعالى بعض الولاية عمن لم يهاجر من المسلمين، كقوله تعالى: "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا" [الأنفال: من الآية72] ، والآيات في هذا كثيرة جداً، تأمر بالولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين ومفاصلتهم، حتى قال بعض أهل العلم إنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم؛ أي الولاء والبراء بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده.
وفي السنة أحاديث كثيرة أيضاً في معاملة الكفار بجميع أديانهم ومذاهبهم، وعدم التشبه بهم والأمر بمخالفتهم ونحو ذلك: كحديث جرير بن عبد الله -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" قالوا: يا رسول الله لم؟ قال: "لا ترايا ناراهما" أخرجه أبو داود (2645) والترمذي
(1604) من حديث جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- ورجحا إرساله، وحسنه الألباني، وحديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه-: "من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله" أخرجه أبو داود (2787) ، والترمذي (1605) وفي سنده مقال.
(3) لا تؤمن المدارس النصرانية، ولا يؤمن النصراني، لا سيما الداعية إلى دينه كالراهب، والراهبة لا يؤمن هؤلاء ولا يستأمنون على أولاد المسلمين من وجوه عديدة، فمن أعظمها دعوتهم إلى النصرانية بالتدرج، وربما لا يشعر ذووهم بذلك.
تنمية محبة النصارى والغرب في قلوبهم بوسائل متعددة، تنشئتهم على أخلاق النصارى، ولا شك أن منها أخلاقاً لا يقرها الإسلام؛ كاختلاط الجنسين وإباحة العلاقات بينهما، وتصويرها على أنها شيء عادي، وإباحة المنكر وغير ذلك.
(4) في مشاركة المسلم بتدريس أولاده في مثل هذه المدارس دعم لها وتشجيع، مع أن وجودها أصلاً في بلاد المسلمين لا يجوز، فبدلاً من السعي لإزالتها نشارك في دعمها، هذا مما لا ينبغي للمسلم. الأولى لنا أن ندعم المدارس الإسلامية ونشجعها، وإذا كانت أقل من المستوى المطلوب، فإما أن نؤازرها لنرفع من مستواها، أو نسعى أيضاً لإنشاء مدارس على المستوى اللائق.
وختاماً أسأل الله تعالى أن يبصرنا وإياك في ديننا، وأن يعيننا على القيام بما أمرنا الله به وإن خالف الهوى ومراد النفس - وصلى الله على نبينا محمد-.(12/60)
ابنتي دَيِّنة، لكنها تتابع المسلسلات!
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد
التاريخ 10/9/1424هـ
السؤال
لدي ابنة في السادسة عشرة من عمرها، وهي - ولله الحمد- عاقلة ولا تسمع الأغاني ولا تلبس عباءة الكتف، ولبسها دائماً ساتر، ولكنها ممن ابتليت بمشاهدة المسلسلات الخليجية، وحينما أنصحها بعدم متابعتها تقول إنها تشاهدها للترفيه ليس إلا. أرجو إعطائي الأسلوب الأمثل لحل هذه المشكلة (لا تقل لي إبعاد التلفاز؛ لأن والدها لا يرضى بذلك) .
الجواب
نحمد الله على ما أوتيت ابنتك من عقل وهدى، وننصح الأم إذا كانت عاجزة عن إبعاد التلفزيون بأن تتخذ بعض التدابير المهمة، ومنها:
أولا: أن يكون التلفزيون في مكان عام.
ثانيا: أن تحرص على مجالسة ابنتها قدر الإمكان لا سيما وقت المشاهدة.
ثالثاً: أن تختصر القنوات بإبعاد القنوات التي يغلب عليها الفساد.
رابعاً: الحرص على مصاحبة الصالحات لابنتك.
خامساً: إهداء الأشرطة والكتيبات المفيدة لها.
وأخيراً: ليس كل ما يعرض في الفضائيات سيئ، فعليك بتوجيه ابنتك نحو الخير باتباع الحكمة والرفق، وأسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.(12/61)
ضرب الأب أبناءه
المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد
التاريخ 8/4/1423
السؤال
أرجو منكم أن تساعدوني وتجاوبوني بسرعة، والدي عندما يغضب من شيء خارج البيت فإنه يزجرنا وأحياناً يضربنا، في يوم كان غاضباً ومريضاً وكان يتجادل مع أختي وأنا جالسة على الأرض آكل التوت ولا دخل لي بهذا الجدال، وفجأة يركلني على رأسي، ثم على يدي، ثم على رأسي، علماً أني كبيرة وعمري عشرين، ولست صغيرة حتى ينفس غضبه فيّ، فهل هذا يجوز أم أنه ربما يكون ذلك مرضاً نفسياً؟ وأيضاً دكتاتوري وشكراً لكم.
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله، أختي الكريمة قرأت رسالتك، وتألمت لما ذكرت، وإليك الجواب، أسأل الله أن يصلح حاله وحالكم:
1- الأبناء والبنات نعمة من نعم الله -سبحانه- في هذه الحياة، والآباء يحلمون أن أولادهم يكونون مصدر عون وشفقة ورحمة لهم، فمهمة الزوجة والأبناء مشاركة الأب همومه، وتخفيف معاناته، وتأجيل الطلبات إن كانت تقبل التأجيل، وجعل البيت أنساً وسكناً مريحاً تعود فيه للأب روحه وطمأنينته، فالحل لما ذكرت ترك الاحتجاج بما يجب عليه إلى ما يجب عليكم تجاهه، وعدم إثارته وذكر ما يكره مطلقاً، وتحين الفرص لذكر الطلبات والرغبات إذا ارتاح وهدأت نفسه، ومساعدته وخاصة في الأمور المالية.
2- محاولة أن يكون لكم سلوك طيب داخل المنزل من الحرص على الواجبات الشرعية والنوافل، فهي مما يسكن النفس، وينشر الطمأنينة، فعسى ما تفعلون يكون دافعاً لأبيكم على فعله فتنعمون بالهدوء والطمأنينة، فإن التقصير بالواجبات وارتكاب المحرمات مما يحزن النفس، ويفسد المزاج، ويفقد الصبر تجاه ما يلقاه في هذه الحياة من آلام، فمشاكل الحياة عامة لجميع الناس وهم يختلفون في المواقف بناء على اختلاف نفسياتهم وأخلاقهم وأهليتهم، فكونوا نعم الأبناء والبنات عله أن يكون نعم الأب، وعسى الله أن يقر عينه بكم وأعينكم به، ويجمع القلوب على الخير، والسلام عليكم ورحمة الله.(12/62)
العدل بين الأبناء في العطية
المجيب د. علي الغامدي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد
التاريخ 28/5/1423
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أنا رجل موظف على وشك التقاعد، لي تسعة أبناء أربعة أولاد وخمس بنات، وأمهم، لا يوجد لي ورثة آخرون لوفاة والدي ووالدتي.
أعانني الله وله الحمد على تعليم الخمسة الكبار، ولد وأربع بنات تعليماً جامعياً، وأرغب في إعطاء نفس الحق للأربعة الآخرين ولدان وبنت في المرحلة الثانوية وولد عمره عشر سنوات، فهل هناك مانع شرعي على أن أفتح لكل واحد من الثلاثة حساباً خاصاً باسمه في بنك إسلامي بمبلغ يكفي لإكمال دراسته الجامعية على ألا أمكن أحداً منهم من حق السحب إلا بعد وفاتي؟ وهل موافقة من أكملوا تعليمهم ضرورية؟ أما الطفل الأخير فسأوصي إخوته الكبار به خيراً، ومقصدي من هذا كله هو المساواة بين الإخوة في العطاء، ولا اعتراض لأمهم على ذلك، أفيدونا بالرأي الشرعي حول هذا الأمر، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلا يلزمك أن تفتح لمن ذكرت من أبنائك الثلاثة حساباً في البنك لإكمال تعليمهم وأنت مأجور على نية مساواتهم بمن سبقهم من إخوانهم وأخواتهم، ولا شك أنك وأنت حال حياتك قائم بمطالبهم كالسابقين فالمساواة حاصلة بالاستيفاء شيئاً فشيئاً، وليس هذا مما تجب فيه المساواة، إنما تجب المساواة فيما يوهب ويعطى فلا يجوز لك أن تخص ابناً أو بنتاً بمنزل أو أرض أو شيء مما يتملك على سبيل الدوام والاستمرار كمزرعة، أما الشيء الذي يستهلك كمصاريف الدراسة وحاجة أحدهم إلى سيارة تعينه على شرائها للضرورة فهذا غير مطلوب فيه تحقيق التسوية لعدم إمكانه وعموم بلوى الناس به، فلا أرى أن تحجز لأي من الثلاثة أي مبلغ، وإنما تصرف عليهم وتساعدهم حتى يتخرجوا، فإذا وافتك المنية فأمرهم إلى الله، ومن كان منهم صالحاً فالله يتولى الصالحين، والله أعلم.(12/63)
نوم الأطفال في لحاف واحد
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد
التاريخ 18/4/1423
السؤال
هل يجوز أن ينام الأولاد في فراش واحد؟
الجواب
دون العاشرة يجوز، أمّا في العاشرة فلا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:"مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" أبو داود (496) أحمد (6698) فإذا كانوا في حدود العاشرة أو قريب من العاشرة فيجب أن يفصلوا، بحيث يكون كل واحد منهم له فراش مستقل؛ لأن الإنسان قد يبلغ في هذا الوقت فبنت التسع امرأة، وابن العشر رجل، فلا يجوز أن يتهاون في هذا الأمر، وإنما الواجب هو التفريق بينهم.(12/64)
تعليم الأولاد اللغة العربية
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد
التاريخ 17/10/1423
السؤال
) : لست عربي اللسان ولا زوجتي, ولكني أحسن الكلام
باللغة العربية, فهل يجب علي الكلام بها لأولادي الصغار وجوباً شرعياً وأنا مقيم في كندا؟
الجواب
ينبغي للمسلم أن يعلم أولاده اللغة العربية لأجل أن يعرفوا كلام الله -تعالى-، ويؤدوا صلاتهم وعباداتهم على الوجه الصحيح، فحينئذ يلزمك أن تعلمهم الفاتحة وأركان الصلاة وواجباتها باللغة العربية هذا يجب عليك وجوباً متحتماً، وأما بقية الكلام الجاري بين الناس فليس بلازم عليك أن تكلمهم باللغة العربية، بل هذا أمر مندوب إليه ومستحسن؛ لأن هذا أنفع لهم في التعرف على أحكام دينهم في المستقبل، ولو تحدثت معهم بلغتك التي هي غير العربية فلا شيء في ذلك -إن شاء الله-.(12/65)
الفرق بين النفقات والهبات
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد
التاريخ 5/5/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما هي حدود العدل بين الأبناء أثناء حياة الوالدين فيما يهبون لأبنائهم؟ هل بمساواة الأولاد والبنات في الهبة؟ أم باتباع قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين؟ أم بمراعاة ظروف كل منهم؟ وهل يجوز تخصيص مبلغ معين مثلا لنفقات زواج البنات دون تخصيص مبلغ مماثل للأولاد؟ وهل يضاف هذا المبلغ للميراث في حالة وفاة الوالد قبل زواج كل أو بعض البنات؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
اختلف أهل العلم حفظهم الله في كيفية العدل بين الأولاد، والأقرب للصواب أن للذكر مثل حظ الأنثيين، كما قسم الله تعالى المواريث، إذ لا أعدل من قسمة الله تعالى.
أما قولك: بمراعاة ظروف كل منهم فاعلم أخي أن هناك فرقاً بين النفقات والهبات، ففي النفقات التي تعطى للأولاد لحاجتهم لها كالأكل والشرب واللباس ونفقات الدراسة والزواج ونحوها فهذه لا تجب المساواة فيها، بل يعطى كل حسب حاجته، أما الهبات وهي التي تعطى للأولاد بلا حاجة لها فهذه تجب فيها المساواة بين الأولاد، وعليه فالنفقات التي تصرف للزواج عن حاجة أحد الأولاد للزواج لا تجب المساواة فيها، بل كل ما احتاج أحدهم للزواج أنفق عليه، وفي حالة الوفاة لا يضاف مثل هذا المبلغ لميراث من توفي الوالد قبل حاجته للزواج.(12/66)
تخصيص الولد المعوق بوقف
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد
التاريخ 1/8/1424هـ
السؤال
لدي ابن مريض معوَّق وهو أصغر أبنائي، لا يستطيع الاعتماد على نفسه في كسب عيشه، وإخوته الأكبر منه كالتالي:
-بنت غير متزوجة في سن الخامسة والثلاثين من العمر، حاصلة على الدبلوم العالي بعد حصولها على شهادة بكالوريوس التجارة من الجامعة، وتعمل في وظيفة طبية بإحدى الشركات الكبرى.
-ابن حاصل على بكالوريوس التجارة، ويعمل في وظيفة قيادية بإحدى الشركات الكبرى.
وهكذا فإن كلاً من إخوته يستطيع كسب عيشه دون الاعتماد على أحد سوى الله -سبحانه وتعالى- وقد جال بخاطري ماذا يمكنني أن أترك لهذا الابن بعد وفاتي بخلاف حقه الشرعي في الميراث؟ فأوضح لي أحد الإخوة أنه يمكنني أن أخصص له مبلغاً من المال فيما يسمى بحق الرقبة، بحيث يوقف ريع هذا المبلغ للإنفاق على هذا الابن، فأردت مزيداً من المعرفة حول ذلك.
الجواب
يجوز للإنسان أن يوقف في حياته جزءاً من ماله ليصرف من ريعه في مصالح يراها: كنفقة على من يحتاج من أولاده للنفقة لمرض أو إعاقة أو عجز.
ويصح أن يكون الوقف عقاراً أو جزءاً من عقار بلا خلاف.
وصحح بعض أهل العلم وقف النقود أيضاً.
وإجراء ذلك من اختصاص دوائر الأوقاف والوصايا باختلاف أسمائها، حسب التنظيمات المختلفة، وأنصح السائل ألاّ يخص ابنه المعاق، بل يجعل ذلك لكل من يحتاج من أولاده ليشمل غيره إذا حصل له عارض، أسأل الله -تعالى- أن يشفي مرضى المسلمين، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.(12/67)
هل يأمر ابنه الكفيف بالصلاة في المسجد؟
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد
التاريخ 23/3/1425هـ
السؤال
أحد أبنائي يبلغ من العمر 12سنة تقريباً، وهو كفيف، فهل يجب علي إلزامه في أداء الصلاة في المسجد بصفة مستمرة؟ حيث إنه يعاني من مضايقة بعض الأطفال له، كذلك وجود مياه في الطريق، منها نجس، ومنها مياه الأمطار، فمثل هذا الطفل هل يجوز لي أن أجعله يجمع بين الصلاتين إذا كان معي خارج المدينة في نزهة؛ وذلك للمشقة عليه وعلينا في عملية الطهارة والوضوء، أحياناً لا يستطيع الوضوء جيداً مثل غسل الوجه، والاستنشاق، ويبقى على قدميه أثر عدم وصول الماء إليهما، أحياناً أنبهه، وأحياناً أتركه، حيث يصل بي الأمر إلى تأنيبه وتوبيخه؛ لعدم تمكنه من إتمام الوضوء، فأتركه كي أتجنب تأنيبه؛ حتى لا يتأثر نفسيا.
الجواب
جاء من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مروا أولاكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" رواه أحمد (6756) ، وأبو داود (495) ، والحاكم (734) ، وغيرهم، والأمر للوجوب على الراجح من أقوال الأصوليين، وهو لفظ عام للبصير والأعمى، إذ القاعدة بين علماء الأصول يجب العمل بالعموم حتى يرد المخصص، ولا مخصص هنا، بل إن الوارد في الشرع عموم الحكم للأعمى أيضاً؛ لحديث ابن أم مكتوم - رضي الله عنه- وهو رجل أعمى يقول: "جئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله: كنت ضريراً شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني، فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: أتسمع النداء؟ قلت: نعم، قال: ما أجد لك رخصة" رواه أحمد (15490) ، والنسائي (851) ، وغيرهما، فهذا أعمى بعيد الدار عن المسجد، ليس له قائد يناسبه، ومع ذلك لم يفرق النبي - صلى الله عليه وسلم- بينه وبين البصير، وعليه فالواجب عليك معاونته في الوضوء، وتحمله، وحسن توجيهه إلى صحة العبادة، والطهارة، والتلطف في تعليمه، ومراعاة حاله، وأمره بالصلاة جماعة إذا وجد قائد يقوده إلى المسجد، أو كان له قدرة إلى الوصول إليه بنفسه من غير خطر عليه من دهس، أو حصول ضرر عليه، كما يجب عليك أن تأمره أن يصلي الصلاة في وقتها، فلا يؤخرها عن وقتها.
وأما الجمع فلا يجوز إلا أن يكون مريضاً يشق عليه، فيجوز له الجمع حال مرضه فحسب، أو يكون مسافراً، أو ثمة سبب شرعي يبيح الجمع، وأما خارج المدينة فإن كان خروجك لمكان يعد سفراً جاز لكما الجمع، وإلا وجب عليكما الصلاة في أوقاتها المحددة شرعاً، واعلم يا أخي أن تربية الأولاد تربية شرعية لا تخلو من مشقة، ومجاهدة، وقد أمر الله نبيه بالاصطبار عليها في قوله -تعالى-: "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها" [طه:132] ، بل وأثنى الله بها على أحد أنبيائه ورسله، وهو إسماعيل - عليه السلام- بما يقوم به على أهله من الأمر بالعبادة، والخير، كما في قوله -تعالى- في معرض الثناء عليه: "وكان يأمر أهله بالصلاة" [مريم:55] . والله أعلم.(12/68)
هل الحجب والمنع من أسس التربية؟
المجيب د. علي بن عمر با دحدح
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد
التاريخ 29/11/1424هـ
السؤال
هل الحجب والمنع من أسس التربية الإسلامية؟ أم يربى الأبناء على التفريق بين الخير والشر، ويحضر لهم الدش والإنترنت؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
يقول الله -تعالى -:"ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" [الملك:14] ، فهو -سبحانه- خالق الإنسان والعالم بفطرته وطبيعته وما يصلحه وما يفسده، وقد فطر الله -تعالى- الخلق منذ خلق آدم -عليه السلام- على وجود الممنوع الذي يحذر منه، وتكون عاقبته وخيمة، والمطلوب الذي يرغب فيه وتكون ثمرته مفيدة، فالنفوس مفطورة على التأثر بالترغيب والترهيب الذي هو من أكثر أبواب التربية أهمية، فعندما خلق الله آدم قال له ولزوجه:"اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين" [البقرة:35] ، والمنع أساس في التكليف والاختبار، والآية واضحة في المنع بقوله -تعالى-:"ولا تقربا هذه الشجرة" ويمكن أن نرسم ملامح منهج المنع من خلال هذه الآية في النقاط التالية:
(1) وجود ما يسد الحاجة، ويحقق رغبة النفس "اسكن أنت وزوجك الجنة".
(2) اتساع دائرة المسموح وتنوعها "وكلا منها رغداً حيث شئتما".
(3) محدودية دائرة الممنوع وضيقها "ولا تقربا هذه الشجرة".
(4) بيان سوء عاقبة الوقوع في الممنوع "فتكونا من الظالمين"، وفي آية أخرى بيان أوسع في قوله تعالى:"فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما" [طه:121] .
ومن هنا يمكننا القول بأن المنع أساس تربوي صحيح، بل هو على الحقيقة مما لا بد منه، ويدل على ذلك الآيات الكثيرة الواردة في النهي عن كثير من المحرمات في العقائد والعبادات والمعاملات وأنواع المطاعم والمشروبات، ويمكننا أن نلاحظ منهج المنع السالف ذكره في جملة هذه الآيات.
ومن خلال التربية النبوية نلمح ذلك بصورة واضحة، فقد ورد في الصحيح أن الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وهو طفل صغير مد يده ليأخذ تمراً من تمر الصدقة كان عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- فمنعه، وأخذ على يده وقال:"كخ كخ أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة" البخاري (1491) ومسلم (1069) .
قال ابن حجر في الفتح: (وفي الحديث جواز إدخال الأطفال المساجد وتأديبهم بما ينفعهم، ومنعهم مما يضرهم، ومن تناول المحرمات، وإن كانوا غير مكلفين؛ ليتدربوا بذلك) ، ومن المعلوم أن العقول لا تستقل بالتفريق بين الخير والشر، ولا يمكن لها ذلك إلا بالاعتماد على الشرع من الخالق العالم بالإنسان وأحواله، ولئن كانت عقول الكبار تفرق بين ما يضر وما ينفع بحكم التجربة والخبرة ومعرفة المآلات والعواقب وما لديها من المعارف والعلوم فإن الصغار من الأبناء يعجزون عن ذلك، لعدم اكتمال قدراتهم العقلية، ومن ثم فإن منعهم من الشر وتحذيرهم منه وبيان مساوئه أمر لا بد منه، لكنه لا يكون استقلالاً بدون تعريفهم بالخير وترغيبهم فيه وتقريبهم له وتدريبهم عليه، حتى تشبع رغباتهم، ويحصل لهم الاستقرار النفسي.(12/69)
ومن المهم أن ننبه على هذه الأمور التي يجب مراعاتها في هذا الباب:
(1) أهمية القدوة الحسنة من الآباء والأمهات في ميدان العمل بالخير والاتصاف به.
(2) توفير الجوانب الإيجابية والمجالات الخيرية المحتاج إليها بقدر كاف.
(3) مشاركة الآباء والأمهات لأبنائهم في الممارسات الإيجابية.
(4) التشجيع على الالتزام والمشاركة في الجوانب الإيجابية من خلال الحوافز المعنوية والمادية.
(5) عدم الإسراف في توفير المباحات، وعدم المبالغة في التشجيع والمكافآت.
وأما بالنسبة للمنع فننبه على ما يلي:
1. استحضار المنهج السالف ذكره بتحديد الممنوع والتحذير من عاقبته.
2. الخطاب العقلي والوجداني في المنع والتحذير.
3. الاستعانة بضرب الأمثلة الواقعية والنظرية المعقولة في بيان مخاطر الممنوع.
4. ربط المنع بالمعنى الديني والثواب والعقاب والصلة بالله.
5. تربية الشخصية المتميزة المراقبة لله والمحافظة على وعدها والتزامها حتى يكون الامتناع عن قناعة وقوة إرادة.
6. استخدام بعض أساليب العقاب المناسبة المشروعة عند وجود المخالفة.
7. عدم المبالغة في التحذير بما ليس صحيحاً ولا واقعياً.
8. عدم المبالغة في العقوبات والانفعال أثناءها بما يخرج عن حد المعقول.
وهذا العصر كثرت فيه المفاسد، وانتشرت الملهيات، وتزينت المغريات، وأصبحت تلوث الأجواء بشكل عام، مما يجعل أهمية التفريق بين الخير والشر باستخدام أسلوب المنع أمراً بالغ الأهمية، فأطباق الاستقبال تجلب قنوات كثيرة تعرض كثيراً من المحظورات الدينية والخلقية والاجتماعية، ومثل ذلك شبكة الإنترنت، ولا يصلح المنع القاطع بدون إقناع وإشغال بالنافع المفيد؛ لأن ذلك يدفع إلى التماس هذا الممنوع من طرق أخرى، كما لا يصلح السماح المطلق بدون موانع ولا ضوابط بدعوى الاعتماد وبناء الثقة في الأبناء، أو بدعوى إتاحة الفرصة للتجربة حتى يكون الامتناع عن قناعة واقعية، فهذه كلها من أحابيل الشيطان، وخير الأمور ما كان محققاً لأعظم المصالح ودافعاً للمفاسد، والحمد لله رب العالمين، والله أعلم.(12/70)
تبني الصبي أم كفالته
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد
التاريخ 13/3/1425هـ
السؤال
أريد أن أناقش معكم مسألة شرعية: عمتي دفعت ابنتها وهي بعمر يومين؛ إلى زوجة أخيها والذين كانوا وما زالوا بلا أولاد غير هذه البنت المتبناة، هذه البنت وصلت سن البلوغ وهي الآن بحدود 15 سنة من عمرها، الآن عمتي وأبناؤها يريدون استعادة ابنتها (وأختهم) ، حيث أن الوالدين بالتبني (زوجة الأخ والأقارب) يسببون المشاكل ليس للفتاة ولكن لعمتي وأولادها، أعتقد أن الإسلام يربط جواز التبني (بدون الانتساب طبعا) بوجود الحاجة مثل تبني "اليتيم" ـ هل هذا صحيح؟ لكن كيف يمنح شخص ابنه لغيره؟ أعلم أن ذلك كان بإرادة حسنة، والآن تم تسجيل البنت بأنها تحت ولاية والديها بالتبني في الأوراق الرسمية، أريد توجيه ونصيحة منكم عن كيفية التعامل في هذه القضية، أرجو تبيين الحكم الشرعي لحل هذه القضية. وإن شاء الله تعود ابنتنا لنا. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإنه لا شك أن تبني الأدعياء من النسب محرم بنص القرآن، كما في الآية الكريمة: "ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ... " الآية [الأحزاب:5] ، فأمر الله برد أنساب الأدعياء إلى آبائهم؛ بل توعد النبي -صلى الله عليه وسلم- بكفر من انتسب إلى غير أبيه، فقال: "ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر" أخرجاه في الصحيحين، صحيح البخاري (3317) ، ومسلم (61) من حديث أبي ذر - رضي الله عنه- وهذه المسألة لا إشكال فيها لدى السائل كما يبدو من سؤاله.
وأما التبني بغير النسب، كالتبني بالتربية والقيام على المصالح، فهو مندوب إليه للمحتاج، كاليتيم، وفي هذا يقول نبينا - صلى الله عليه وسلم-: "كافل اليتيم له - كجده وعمه- أو لغيره -يعني: أجنبياً عنه- أنا وهو كهاتين في الجنة" رواه مسلم (2983) قال النووي في شرح صحيح مسلم (18/113) ، كافل اليتيم: "القائم بأموره من نفقة، وكسوة، وتأديب، وتربية، وغير ذلك.." اهـ.
وسواء كانت التربية والقيام على المصالح بالدعم المالي للجهات المختصة كالدعم للمؤسسات الخيرية القائمة على أمور اليتامى أو كانت بالمخالطة في المسكن والنفقة ونحو ذلك بالضوابط الشرعية، كل هذا مشروع، كما يدل على ذلك قوله تعالى في سورة البقرة: "ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم" [البقرة:220] ، قال ابن كثير في تفسيره (1/455) ، تعليقاً على هذه الآية: "أي وإن خلطتم طعامكم بطعامهم، وشرابكم بشرابهم، فلا بأس عليكم، لأنهم إخوانكم في الدين، ولهذا قال تعالى: "والله يعلم المفسد من المصلح" [البقرة:220] أي: يعلم من قصده ونيته الإفساد، أو الإصلاح" ا. هـ، هذا إن كان في المخالطة والقيام بالتربية مصالح راجحة للطفل أو اليتيم.
فإن تساوت المفاسد أو رجحت على المصالح، فإن درء المفاسد عنه مقدم على جلب المصالح له أو لغيره، ومن ذلك ما قامت به تلك الأم أو العمة حيث نظرت إلى مصلحة أخيها العقيم، أو زوجته العاقر، وغفلت عن مصلحة ابنتها، حيث حرمتها من حنان الأم، ورمت بها في حضن امرأة أجنبية عنها، فأرجو أن لا تكون الرحمة قد نزعت من قلب تلك الأم، والواجب أن تعاد تلك البنت فوراً إلى أمها، عسى الله أن يتجاوز عنا وعنها، إنه سميع مجيب. والله -تعالى- أعلم.(12/71)
هل يكفي في تفريق المضاجع تفريق الفُرُش؟!
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/تربية الأولاد
التاريخ 10/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندي أولاد أعمارهم 14 و 15، وبنتان أعمارهن 7 و 11 سنة، وأريد أن أجعل للأولاد غرفة مستقلة عن البنات، هم مراهقون وأخاف من الوقوع في المحذور، وزوجي يرفض، ويدعي أن التفرقة في المضاجع جعل سرير مستقل لكل واحد في غرفة واحدة، علما أننا نسكن في شقة مستأجرة، فيها خمس غرف من غير المطبخ، واحدة منها مكتبة، هل الأولى المكتبة أم غرفة الأولاد؟ أفتوني مأجورين ماذا أفعل لأن الوضع يتوقف على فتواكم وشكراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين أمر بالتفريق بين الأولاد في المضاجع أمر بذلك وهم أبناء (عشر) ، لا أبناء (خمس عشرة) حيث قال: "واضربوهم عليها - أي الصلاة- وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" أخرجه أبو داود (495) .
لا شك أن التفريق بينهم في المضاجع لا يلزم منه أن يكون كل واحد منهم في غرفة بل يكفي أن تفرَّق فرشهم، وهذا يكون وهم أبناء عشر، فكيف إذا كان بعضهم بلغ الخامسة عشرة، ولا شك أن نوم هذا البالغ مع أخواته -من بنات العشر وما فوق- قد يؤدي إلى المحذور ووقوع المفسدة، فهو مراهق، ويعيش زمن الفتن والإغواء، وإذا كانت البنات ممن يتكشَّفن أثناء النوم فتبدو عوراتهن فليلبسن سراويل طويلة، وما دام في الإمكان جعل الأبناء في غرفة مستقلة، فهو أولى سداً للفتنة ودرءاً للمفسدة. والله أعلم.(12/72)
عشرة النساء(12/73)
المعاشرة الزوجية في دورة المياه
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع
التاريخ 13/8/1422
السؤال
ما حكم أن يجامع الرجل زوجته في دورة المياه - أجلّك الله - فإن البعض يستحم مع زوجته فيفتن بها فما هو الجواب؟
الجواب
أخي السائل وفقك الله للخير وأغناك بما أحل لك عما حرم عليك، ما ذكرته في سؤالك يجاب عنه بملاحظة ما يلي:
1. دورات المياه في وضعها الحالي في البيوت الحديثة كما في بلدك تختلف اختلافاً كبيراً عن أماكن قضاء الحاجة في السابق والتي تسمى الكنف والحشوش والتي كانت مجمعاً للنجاسات والهوام والنتن، أما الدورات الحالية فليس فيها من ذلك شيء، وإنما يحافظ عليها طاهرة نظيفة وليس فيها شيء من أعيان النجاسات. وبالتالي فإن لها حالاً أخرى غير حال أماكن قضاء الحاجة في السابق، وبينهما من الفروق ما لا يخفى عند أول نظر، وعليه فلا يظهر وجود مانع معتبر يمنع من قضاء الوطر فيها عند الحاجة إلى ذلك من نحو ما ذكرته.
2. قضاء الإنسان وطره من أهله يكون في أحيان كثيرة استجابة لحالة انفعالية نتيجة رؤية أو ملامسة أو نحو ذلك، ولذا فإن إطفاء الشهوة عند ثورانها في هذه الحال سبيل للعفاف وغض البصر، وكف جموح الشهوة، وقد أرشد إلى ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه مسلم (1403) عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى امرأة فأتى امرأته زينب، وهي تمعس منيئة لها فقضى حاجته، ثم خرج إلى أصحابه فقال: " إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه " وأخرج أحمد (19403) واللفظ له، وابن ماجة (1853) وابن حبان في صحيحه (4171) عن عبد الله بن أبي أوفى قال: ((لا تؤدي المرأة حق الله - عز وجل - عليها كله حتى تؤدي حق زوجها عليها كله، لو سألها نفسها وهي على ظهر قتب لأعطته إياه)) .
3. ومع ذلك فينبغي ألا يذهل المسلم مع ثوران شهوته عن استحضار نية العفاف والاستمتاع بالطيب المباح، فإن عمله بذلك يكون صدقة وبراً كما قال -صلى الله عليه وسلم-: ((وفي بضع أحدكم صدقة" قالوا: يارسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)) أخرجه مسلم (1006) من حديث أبي ذر.
وعليه أن يذكر المأثور من الذكر في هذه الحال كما قال -صلى الله عليه وسلم-: " لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً " أخرجه البخاري (6388) ، ومسلم (1434) من حديث عبد الله بن عباس وفقك الله وبارك فيك وبارك لك.(12/74)
المزاح بين الزوجين
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع
التاريخ 28/12/1423هـ
السؤال
أنا يا شيخ أمزح مع زوجتي باليد فتتأذى وأحياناً تقول الله لا يسامحك وهي تعلم أني مازح وبعد ما يزول الألم تستغفر، هل أنا آثم؟ وهل دعاؤها دعاء مظلوم؟ وأحيانا أمزح معها بالقول فتنقهر؟
الجواب
السلام عليكم.
أشكرك على سؤالك وحرصك على أمور دينك، ثم أما بعد:
فلا شك في مشروعية المزاح فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يمازح الصحابة -رضي الله عنهم- ويداعبهم، كما ثبت ذلك في الصحيح وغيره، ومن ذلك مداعبته لنسائه وتسليته لهن بالحديث تارة كما في حديث أم زرع انظر: (5189) ومسلم (2448) ، وبالجري كما جاء في الصحيح تارة أخرى وغير ذلك، وقد عقد الإمام الترمذي بابا في الشمائل المحمدية أورد ما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- في أمر المزاح، وهذا لا إشكال فيه، ولكن الأمر الذي يحتاج زيادة بيان ضوابط المزاح وأظهرها:
-ألا يكون فيه كذب.
-ألا يكون فيه ضرر على الآخر أو أذى.
-ألا يستغرق فيه حتى لا يعرف عنه إلا ذلك.
-وأن يدخل به السرور على المقابل.
فهو مزاح صدق وبقصد مع فرح وانشراح صدر فأنت مشكور على حسن معاشرتك لزوجتك وإدخالك السرور عليها بالمزاح، ولكن ليس بالشكل الذي صنعته فإن من أصول المزاح الذي فهم عن رسول الله ألا يكون فيه أذى ولا ضرر ولا مبالغة فطالما شعرت أن الضرب ولو كنت مازحاً يؤثر فيها وتشعر بجرح في شعورها فأعرض عنه والواقع أن بعض الناس لا يتحمل هذا النوع من المزاح خاصة المرأة، ثم كان المفترض منك أن تترك هذا النوع من المزاح بعدما ظهر لك كره زوجتك له، والمرأة تحب المزاح الذي يحافظ على شعورها وأنوثتها، وليس الضرب ولا الكلام الجارح من ذلك في شيء، ثم إن دعاءها يظهر لك مقدار غضبها وحنقها من نوعية المزاح الذي تمارسه معها، فأقترح عليك بارك الله فيك أن تعرض عن هذا النوع من المزاح وتقبل على غيره من الكلام الذي ليس فيه ما تكرهه زوجتك، بل تفرح بسماعه وتحب أن تراه منك وأنت أخبر بذلك في زوجتك من غيرك، جعل الله السرور والسعادة دائماً وأبداً ترفرف على بيتكما وعلى حياتكما، والسلام عليكم.(12/75)
معاشرة الزوجة وهي كارهة
المجيب محمد بن صالح الدحيم
القاضي في محكمة الليث
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع
التاريخ 18/12/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
هل للرجل الحق في معاشرة الزوجة رغماً عنها؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
* حق الزوج على زوجته عظيم يقول -صلى الله عليه وسلم-:"لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها" الترمذي (1159) وابن ماجة (1852) وأحمد (12614) .
* وامتناع الزوجة عن فراش زوجها لا يجوز ما لم يكن عليها ضرر كمرض ونحوه، لكن يجب أن يعلم أن الجماع لذة وما لم تكن الأسباب متهيئة لا يحصل المقصود فعلى الزوجين أن يتبادلا الحب والشوق ويحركا المشاعر بهدية وابتسامة وقبلة ونظرة....
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/76)
إشهار دم البكارة
المجيب د. عبد اللطيف بن إبراهيم الحسين
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع
التاريخ 1/11/1423هـ
السؤال
جرت العادة عند بعض الأسر أنه أثناء ليلة الزفاف -الدخلة- الأولى وبعد فض غشاء البكارة وخروج بعض الدم على قميص المزفوفة لكي تريه لأمها وأم الزوج كدليل على عذريتها، هل هذا جائز أم حرام؟ وهل هو داخل في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الوارد في النهي نشر ما يكون بين الرجل والمرأة للناس؟ بارك الله فيكم.
الجواب
فهذه العادات قبيحة ولا يجوز إظهار شيء من هذا للناس، فالزوج مؤتمن على حفظ أسرار زوجته بأن لا يتكلم بما يكون بينه وبينها من أمور الاستمتاع ووصف تفاصيل ذلك، وما يجري من المرأة فيه من أمور خاصة من قول أو فعل ونحوه، فهو من أعظم الأمانة التي يجب على الزوج أن يحفظها، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة، الرجل يُفضي إلى امرأته وتُفضي إليه ثم ينشر سرها" وفي رواية عن ابن نمير "إن أعظم" وفي رواية "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها" رواه مسلم برقم (1437) .
فالأزواج الذين ينشرون أسرار نسائهم، أولئك شرار الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة، والله أعلم.(12/77)
جماع الحامل
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع
التاريخ 11/3/1424هـ
السؤال
ما حكم الجماع أثناء الحمل؟
الجواب
سئل فضيلة الشيخ: عبد الله بن منيع -حفظه الله- عن جماع الحامل فقال:
الحمد لله، ليس في الشريعة الإسلامية نهي عن جماع الرجل زوجته الحامل، وإنما النهي خاص بجماع المرأة الحائض أو النفساء، وأما إذا قرر الأطباء لامرأة معينة لظروفها الصحية أن جماع زوجها يضر بها، فهذه حالة خاصة لا يقاس عليها، والله أعلم.
[مجموع فتاوى وبحوث لفضيلة الشيخ: عبد الله بن منيع (4/228) ] .(12/78)
جماع المعقود عليها قبل الدخلة
المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع
التاريخ 14/6/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز شرعاً لمن سبق له أن عقد على امرأة عقداً شرعياً ولم يدخل بها إذ إنه لم يتمكن من توفير مستلزمات حفل الزواج والسكن بعد، هل يجوز إذ أمكن من الخلوة بها أو السفر معها أن يجامعها؟ أرجو الجواب بشيء من التفصيل لتعم الفائدة، إذ إن هذا الأمر عادة ما يحدث، وبارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله.
إن مجرد العقد الشرعي الصحيح من الرجل على المرأة يبيح له الدخول بها متى شاء، وإن ذلك متوقف على طلبه هو.
إلا أن الذي جرى عليه العمل في بلاد المسلمين وتعارفوا عليه أن الدخول لا يكون إلا بعد إشهار النكاح عن طريق العرس غالباً، وهو الذي ينبغي مراعاته، إذ إن العرف معتبر ما لم يخالف نصاً صريحاً، ولم يجر العرف في أي بقعة من بلاد المسلمين بخروج المرأة مع بعلها قبل دخوله بها الدخول المعروف دون ضابط، فضلاً عن السفر معها والخلوة بها ومن ثم مجامعتها، أما إذا وقع ذلك أي خرج معها وربما واقع زوجته فيه فإنه لا إثم عليه، ولكن يترتب على هذا الوقاع أمور، منها:
أن المرأة تستحق مهرها كاملاً، لأنها بالعقد تستحق نصف المهر، وبالخلوة بها تستحق النصف الآخر، وقد حصل، فلو قدر وطلقها قبل العرس فإنها تستحق المهر كاملاً.
أنه تجب عليه نفقتها؛ لأن النفقة تستحق بالتمكين، وقد مكنته من نفسها وهي زوجة له، فتجب عليه.
أن ما جاءت به من ولد فهو منه، إن جاءت به بعد ستة أشهر من الوقاع الأول؛ لأنها أصبحت له فراشاً.
هذه أبرز التبعات التي يتحملها الزوج، والله - تعالى- أعلم.(12/79)
اشترطت عدم المباضعة
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع
التاريخ 11/11/1424هـ
السؤال
طلقت من زوجي، وبعد ضغط شديد وافقت على الزواج منه مرة أخرى، على أن أكون مربية لأولادي فقط، بدون أن يكون لزوجي حق في العشرة، هل يجوز اشتراط هذا الشرط في العقد؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا تزوج شخص امرأة واشترط أحدهما عدم العشرة، أو عدم النفقة، أو ألا تسلم نفسها، ونحو ذلك من الحقوق التي يقتضيها عقد النكاح. فإن هذه الشروط لا تصح، ولكن عقد النكاح يبقى صحيحاً، فلكل واحد منهما بعد العقد أن يطالب الآخر بما اشترط إسقاطه.
وإن تراضيا بعد العقد على إسقاط شيء من الحقوق فلا مانع من ذلك؛ لأن الحق لا يعدوهما، لكن لأي منهما بعد إسقاطه أن يرجع فيطالب بأدائه.
وعليه فإن العقد المذكور في السؤال عقد صحيح، لكن يمكن لأي من الزوجين بعد إتمامه أن يطالب بحقه في العشرة، فإن تراضيا بعد إتمام العقد على أن يسقطا حق المعاشرة فلا مانع.
فقد روى البخاري (5212) ومسلم (1463) أن سودة بنت زمعة - رضي الله عنها- وهبت يومها وليلتها لعائشة -رضي الله عنها- زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تبتغي بذلك رضا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(12/80)
تصوير المعاشرة الزوجية بالفيديو
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع
التاريخ 14/10/1424هـ
السؤال
ما حكم تصوير المعاشرة الزوجية بالفيديو؟ وقد كنت أستحي من طرح هذا السؤال، ولكني قرأت فتوى في مجلة (الفرحة) أنه لا حرج في ذلك، لذا أرجو الإفادة.
الجواب
تصويرها بالفيديو إذا كان من نوع الكاميرا الثابتة، والتي يتم التصوير فيها بطريقة آلية، ثم لا يطلع عليه بعد ذلك إلا الزوجان فإن هذا مثل فعل الجماع أمام المرآة، هذا عندما نصف الفعل مجرداً، ولذا فإن من أفتى بذلك نظر إليه من هذا الجانب.
بقي أن نعرف أنه لابد من ملاحظة تداعيات الحال وأخذها في الاعتبار في مثل هذه الأمور، فإن الصورة والحال هذه صور عورات مستورة، وحال خاصة، وسر مستأمن عليه كل من الزوجين، فوضعه بهذه الطريقة تعريض لهذا السر للفضح، والستر للكشف، والمتضرر ليس الزوجان فقط، بل وأسرتاهما، وأبناؤهما، وربما مات الأحياء وبقيت العورات مكشوفة.
أيها الأخ الكريم: ثم إننا لسنا بحاجة لتلقف كل صرعات الغرب الجنسية، والذي لا يراعي من الحرمات ما نراعيه، ولا يستحي مما نستحي منه، إنهم قوم لا خلاق لهم، إنهم لا يرجون لله وقاراً، ولذا فإن الحذر من هذا الفعل مطلوب، وحماية العورات والأعراض من الضرورات التي لا بد من حمايتها وصيانتها والبعد عن أسباب افتضاحها.(12/81)
الاستمتاع بالزوجة قبل ليلة الزفاف
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع
التاريخ 08/04/1426هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: لقد عقدت نكاحي على بنت الحلال، لكن أهلها لا يسمحون بالاتصال والزيارات قبل ليلة الزفاف؛ وذلك لعاداتهم وتقاليدهم، الآن وقد بقي على ليلة الزفاف أقل من شهرين، وعدم معرفتي بجوانب شخصية زوجتي سيؤثر على حياتي في المستقبل، فهل الحب بعد الدخول أفضل من الحب أيام الخطوبة وقبل الدخول أم مثله؟ جزاك الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
إذا كنت قد عقدت عليها عقد النكاح فهي زوجتك، وهي حِلٌّ لك كما أنك حل لها، ويجوز لك الخلوة بها ووطؤها، لكن أرى من الأصلح لكما والأرفق بها أن تراعي عادة أهلها من رفضهم لزيارتك لها أو الاتصال بها.
لكن لكي تزول الرهبة بينكما، ويذهب عنها الخجل وتتعارفا أكثر، أرى أن يكون بينكما تواصل عبر الهاتف الجوال -بغير علم والدها-، والأولى أن يكون بعلم أحد إخوتها؛ حتى لا تجلب عليها الشبه والريبة، أو عبر البريد الإلكتروني أو الماسنجر؛ فلعل في هذا عوضاً لكما عما مُنعتما منه مما أحله الله لكما.
وأما ما تسأل عنه من أمر الحب بعد الزواج، هل هو مثل الحب قبله أو أفضل منه؟ فهذا يختلف باختلاف الناس، وحسب ما يكتبه الله بين الزوجين من التوفيق.
لكن لتعلم أن لكل جديد لذة، فأول الزواج هي أيام لا تنسى؛ ففيها أحلى الذكريات، وأحسن العلاقات، وهي مليئة بالفرح والأنس واللذة، يذوقان فيها لذة التعرف والاكتشاف، ولم يظهر بعد ما يعكر صفاءها من الخلافات أو المشكلات.
ومع مرور الأيام تذهب لذة الجدة ومتعة البداية وحلاوة الاكتشاف للعالم الآخر المكنون، ولكن تنمو شجرة الحب وتقوى بينهما الصلة والرابطة، وكلما مر يوم زاد كل منهما تعلقاً بالآخر، وهذا إذا وفق الله بينهما، ويزداد حباً على حب ومودة إلى مودة وأنساً إلى أنس، ولا ينفي هذا أو يكذبه ما قد يحصل من رتابة الحياة مع مرور الأيام، فهذه هي طبيعة اللقاءات وسنة الحياة، وليس يذهبها وجود الحب أو زيادته، إنما يذهبها التجديد والتغيير والتطوير ورحلات الاستجمام ... إلخ.
أما ما يزعمه المتحررون من دعاوى الحب قبل الزواج، وأعني قبل أن يكتبا عقد النكاح، فقد يحدث شيء من هذا، ولكنه حب مشوب بما يعكر صفوه من الادعاءات الكاذبة من أجل تحقيق مصالح شخصية، أو أغراض دنيئة، وما أكثر من يدعي الحب وهو كاذب، ويخدع المرأة بالألفاظ المنمقة الساحرة والعبارات الجميلة، وهو لا يقصد من وراء هذا إلا شهواته ونزواته، ويجعل المرأة مطمعاً لذلك.
فمن أراد أن يعيش عالم الحب بكل صدق فليأخذ برباطه المقدس - رباط الزواج- ثم ليمارس الحب كما يهوى على ما أباح الله وأذن به. والله الموفق.(12/82)
هل من حق الزوج إجبار زوجته على المضاجعة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع
التاريخ 26/11/1424هـ
السؤال
هناك قضية تثير جدالاً عنيفاً في جاليتنا في ميونخ، ونحتاج فيها إلى جواب واضح صريح مدعوم بالأدلة، إذا رفضت الزوجة الجماع مع زوجها بدون سبب أو بقصد إضراره فهل يجوز له أن يجبرها على الجماع بقوة؟ نرجو منكم جواباً صريحاً مدعوماً بالأدلة يوضح الحكم الشرعي: هل يجوز أم لا يجوز؟ وشكراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالحديث الذي يتوعد المرأة بأن تلعنها الملائكة حتى تصبح إذا هي هجرت فراش زوجها ليس على إطلاقه كما يتوهم بعضهم، بل هو مخصوص بمن لا عذر لها في ذلك، ومجرد عدم رغبتها لا يعد عذراً يبيح لها الرفض.
أما فإن كانت الزوجة معذورة بعذر شرعي كحيض أو صوم قضاءٍ ضاق وقته، أو بعذر حسي كمرضٍ ونحوه، أو معنوي كشدة غم وحزن، أو مرض نفسي، وما إلى ذلك من الأعذار التي تمنعها من أن يستمتع بها زوجها - فلا يجوز له أن يكرهها عليه بالقوة؛ لما في ذلك من الإضرار بها، وفي الحديث:"لا ضرر ولا ضرار" ابن ماجة (2340) وأحمد (2862) ومالك (1461) وصححه الألباني وقال - تعالى -:"ولا تضاروهن" [الطلاق:6] وقال أيضاً:"وعاشروهن بالمعروف" [النساء:19]
وليس من المعاشرة بالمعروف أن يكرهها على حاجته إذا كانت تضرها.
وإذا هجرت فراش زوجها بغير عذر فهي ناشز يباح له تأديبها، ويبدأ بالوعظ فإن لم ينفع هجرها فإن لم يُجْدِ ضربها ضرباً غير مبرح، كما بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله:"وإن لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح" أخرجه مسلم (1218) .
وهنا لا بد من بيان المقصود بالضرب غير المبرح: هو الضرب غير الشديد، يقول ابن عباس - رضي الله عنهما- لما سئل عنه:"هو بالسواك ونحوه"
وأما الضرب المبرح فلا يجوز بحال، كما لا يجوز الضرب في الوجه والمواضع المخوفة كالرأس والبطن ونحو ذلك.
على أن الضرب إنما هو رخصة وليس بمستحب، وذهب عامة أهل العلم على أن تركه أفضل مطلقاً، وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما تروي عائشة -رضي الله عنها- "ما ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً قط بيده ولا امرأة، ولا خادماً" أخرجه مسلم (2328) .
ويجب أن يكون الضرب بقصد الإصلاح لا بقصد الانتقام والإهانة، وعلى الزوج ألا يلجأ إلى الضرب إذا غلب على ظنه أنه لا يصلحها، فإن من النساء من لا يزيدها الضرب إلا عناداً ونفوراً، ولو كان ضرباً غير مبرح، وعليه أن يحلم عليها، ويطيلَ معها أسلوب الوعظ والتذكير، فوعْظُها وهي في لحظة غضبٍ لا ينفع غالباً، وكثيراً ما تأخذها العزةُ بالإثم، ولا يكون لموعظتِه في تلك اللحظة موضعُ قبولٍ في نفسها، فعليه أن يتوخى وقتاً مناسباً يراها فيه هادئةَ النفس مستقرةَ الحال....في لحظة لا يساورها فيها غضب يغطي عقلها، ولا حزن ولا قلق يشغل بالها ونفسها.(12/83)
وله في حال نشوزها أن يمنعها النفقة؛ لأنها قد منعته حق الاستمتاع بها، ومعلوم أن المهر يقابل استمتاعه بها "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ... " [النساء من الآية:24] .
قال ابن تيمية (مجموع الفتاوى 32/275) (فمتى امتنعت عن إجابته إلى الفراش كانت عاصية ناشزة، وكان ذلك يبيح له ضربها كما قال - تعالى -:"واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ... " [النساء من الآية: 34] انتهى.
أما ما سألت عنه وهو قسرها على الوطء بالقوة، فليس في الحديث ما يشير إليه، فهو في حكم المسكوت عنه، والأظهر أن له ذلك؛ لأنه إذا كان له أن يضربها ضرباً غير مبرح عند نشوزها بهجر فراشه، فيسوغ له من باب أولى أن يُكرهَها على الجماع بلا ضرب مبرح.
ويتأكد ذلك إذا طال هجرُها لفراشه، وخاف على نفسه العنتَ والوقوعَ في الحرام.
على أنه ينبغي للزوج ألاّ يبدأ به بمجرد رفضها دعوتَه لها للفراش، بل عليه أن يعظها ويخوفَها بالله، ويتوددَ لها بالكلمة الطيبة والمعاملةِ الحسنة، وليجرِّبْ أن يقدم لها هديةً تشفع له عندها ولو غير ثمينة، فالهدايا تفعل في النفوس فعلها العجيب، وليتزيَّن لها وليتطيب وليهيئ لرغبته جوَّها المناسب؛ حتى تستجيبَ زوجتُه عن رغبةٍ صادقة.
ولا ينبغي للزوج أن يأخذ بأغلظ الطرق وهو يجد سبيلاً إلى الهين اللين، ويكفي أن صورة إتيانها بالقوة والإكراه تُشاكلُ صورةَ الاغتصاب، ولربما زاد هذا الأسلوبُ من عنادِها ونفورها، فاجعلْه آخر أسلوب تنتهجه معها، كما أن آخر الدواء الكي.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/84)
معاشرة المرأة الحائض
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/الوطء في الحيض والنفاس وفي الدبر
التاريخ 30/10/1422
السؤال
ما حدود ما يجوز للرجل من امرأته الحائض؟ وهل له الاستمتاع بها في دبرها؟
الجواب
ليعلم أن المرأة الحائض يجوز لزوجها أن يستمتع بها في كل شيء ماعدا الوطء في الفرج، قال تعالى:" ويسألونك عن المحيض قل هو أذىً فاعتزلوا النساء في المحيض" [البقرة:222] أي اعتزلوا مكان الحيض والدم، وقد بين ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم- بقوله وفعله، فأما قوله فما رواه مسلم في صحيحه عن أنس -رضي الله عنه- قال: كانت اليهود إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" اصنعوا كل شيء إلا النكاح" أي الوطء.
وأما فعله فما رواه البخاري (300) ومسلم (293) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض". والإزار يكون من السرة إلى الركبة، ولكن هذا ليس على سبيل الوجوب وإنما هو من باب التنزه وحتى لا يرى الرجل من امرأته ما يكره، لعموم الحديث السابق والآية، ولأنه مجرد فعل والفعل لا يدل على الوجوب، وقد ذكر العلماء أنه يجوز أن يستمتع بما بين فخذي المرأة كذلك، ولكن هذا الجواز (في كل ما سبق) مقيد بأمرين:
1- ألا يجره ذلك إلى الوطء في الفرج فإن كان يخشى على نفسه من ذلك لم يحل له.
2- أن تتحفظ المرأة حتى لا يمس الدم، لأن النجاسة لا تجوز ملامستها إلا لحاجة، ودم الحيض نجس.
كما يجوز للرجل أن يستمتع بامرأته بدبرها، ما عدا الوطء فإنه محرم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" ملعون من أتى امرأة في دبرها". رواه أبو داود (2162) والنسائي في السنن الكبرى (8966) وهو حديث حسن بشواهده. والله أعلم.(12/85)
معاشرة الحائض باستخدام العازل
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/الوطء في الحيض والنفاس وفي الدبر
التاريخ 20/3/1425هـ
السؤال
لقد قرأت في إحدى صفحات الإنترنت أنه يجوز للزوج أن يعاشر زوجته وهي في وقت الدورة الشهرية باستخدام العازل الذكري فهل هذا صحيح؟ وما حكم من فعل ذلك بناء على هذا الكلام؟ للعلم كان هذا الموقع إسلامياً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جماع الزوجة أثناء الحيض لا يجوز؛ لقوله تعالى: "وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ" الآية، [البقرة:222] ، ولا يختلف هذا الحكم باستخدام العازل الذكري، فإن العازل الذكري لا يغير من أحكام الجماع شيئاً فوجوده كعدمه، فيجب الغسل ويحصل دخول الرجل على زوجته وغير ذلك من أحكام الجماع سواء وجد العازل أو لم يوجد. والله أعلم.(12/86)
حكم إنزال الجنين
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 8/7/1422
السؤال
ما حكم إنزال الجنين الذي لم ينفخ فيه الروح، نرجو التفصيل الكامل في ذلك، وما ضرورات ذلك؟
الجواب
بحث مجمع الفقه الإسلامي هذه المسألة، وخرج بنتائج، وهي: أن الجنين إذا نفَخ فيه الروح، فقد أجمع أهل العلم على أنه لا يجوز إسقاطه، وأن إسقاطه محرّم، وفيه غرة عبد أو وليدة، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: ((أن امرأة ضربت امرأة، وهي حامل في بطنها وألقته، فقضى النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن دية الحمل غرة عبد أو وليدة)) ، أمّا إذا لم يُنفخ فيه الروح، وهو أن يكون أقل من مئة وعشرين يوماً، فقد اختلف الفقهاء، وجمهور أهل العلم على التحريم، وهذا الأصل، والدليل على هذا قوله تعالى: ((ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً)) ، وعموم الأحاديث في ذلك، وقالوا: ولا يجوز إسقاط الجنين إذا لم ينفخ فيه الروح ولم يتخلّقَ، فالمسألة في ثلاث صور، الصورة الأولى: لم يتخلّق بعدُ (نطفة) ، الصورة الثانية: تخلّقَ، ولكن لم ينفخ فيه الروح، الصورة الثالثة: نفخ فيه الروح، فالثالثة: محرّم _ مطلقاً _ لا إشكال فيه، الثانية: وهي الذي تخلق، وعرف أنه حَمْل، ولكن لم تنفخ فيه الروح، فجمهور أهل العلم على التحريم، والصورة الأولى: هي النطفة، ولم يتخلق بعد، فهذه يقول العلماء، - أيضاً - لا يجوز إلا إذا أثبت الأطباء المؤتمنون أن هذا الحمل يؤدي إلى إضرار بالأم، ولا يكفي ثقة واحداً أو اثنين، إذ لا بدّ أن يتفق الأطباء؛ لأن الطبيب ربما يقول هذا ويخالفه الرأي طبيب آخر، ولهذا ينبغي الاحتياط في هذا الأمر، وعلى هذا لا يجوز إسقاط النطفة إلا إذا تحققت المضرة، والله أعلم.(12/87)
الإجهاض بعد خمسة أشهر
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 7/6/1424هـ
السؤال
سؤالي هو: أن زوجتي كانت حاملاً في شهرها الخامس، وتعرضت إلى سقطة -الله يكرمكم- في الحمام، ترتب عليها بعد يومين نزيف متقطع ويومي، وبعد مراجعة الطبيب أفاد بأن الجنين في حالة غير طبيعية، وربما يتشوه، وعند سؤال الدكتور عن مقدرته لعمل عملية إجهاض لتفادي الموقف رفض الطبيب المعالج عمل ذلك، وتم إجراء عملية الإجهاض في مكان آخر، وأسباب رفض الطبيب مع تأكيده بأن الجنين في حالة غير سوية، إلا أنه رفض بقوله: إن الإجهاض حرام لأن الجنين في الشهر الخامس، أرجو من سعادتكم الإفادة جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، - والصلاة والسلام - على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب أنه لا يجوز إجهاض الجنين في أي طور من أطواره، وإجهاضه بعد أربعة أشهر، أو أكثر تعتبر جناية عليه، لأنه قد تم نفخ الروح فيه، كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، انظر مثلاً ما رواه البخاري (3208) ، ومسلم (2643) من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- هذا وما قاله الطبيب بتحريم الإجهاض، لا سيما وأن الجنين في الشهر الخامس، وامتناعه عن الإجهاض هو عين الحق وفقه الله.
هذا وعلى الجاني على الجنين بالإجهاض، أو المتسبب لذلك التوبة إلى الله تعالى، والندم على ما فات وعدم العودة لمثل هذا، وعليه أيضاً دية الجنين ذكراً كان أو أنثى، وهي غرة عبد أو أمة أي ما يساوي عشر دية أمة؛ خمس من الإبل، تقارب قيمتها ستة آلاف ريال سعودي، تدفع لورثة الجنين، ولا يرث منها الجاني ولا المتسبب شيئاً إن كانا من ورثته، والله أعلم.(12/88)
إجهاض حوامل الكفار
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 7/5/1424هـ
السؤال
أنا طبيب توليد، أعمل في بريطانيا، جاءتنا أم حامل بطفل مشوه، وهي تعاني من أمراض وتحتاج إجراء ولادة لها، وقد اختارت فقدان الحمل وقتله، ذهبت لمشاهدة الأمر مع الاستشاري، وكان عندي انطباع أن الطفل سيموت بعد الولادة على أي حال، طلب مني الاستشاري إعداد الدواء الذي سيوقف قلب الطفل، ثم طلب مني حقن ذلك الدواء، وللأسف لا أستطيع أن أرفض، حيث كانت الإبرة داخلة في بطن المريضة في ذلك الوقت، وللتخفيف من شدة الأمر عليّ قلت إن هؤلاء ليسوا مسلمين وهم يقتلون أطفالنا، في فلسطين، فهل يعتبر هذا قتل عمد؟ عرفت بعد ذلك أن هناك خمس حالات في بريطانيا مثل هذه الحالة. أفيدوني مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن كان الحمل المذكور الذي حقنته الدواء دون أربعة أشهر، يعني لم يتم الحمل مائة وعشرين يوماً فلا شيء في فعلك.
وإن كان قد تجاوز هذه المدة فلا يخلو إما أن يكون بقاء الحمل مؤثراًَ على حياة الأم وبقاؤه يؤدي لموتها فكذلك عملك مباح، وأما إن كان قد تجاوز تلك المدة وبقاؤه لا يؤثر على حياة الأم، وإنما أرادت التخلص منه لكونه مشوهاً ففعلك حرام.
إذ الحمل بعد هذه المدة يكون آدمياً منفوخاً فيه الروح، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح" رواه البخاري (3208) ومسلم (2643) .
قال ابن رجب (نفخ الروح روي صريحاً عن الصحابة - رضي الله عنهم - أنه إنما ينفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر) جامع العلوم والحكم ص (51) .
ونقل النووي وابن حجر اتفاق العلماء على ذلك، فتح الباري (11/490) ولا يجوز الاعتداء عليه، وحيث إن عملك عندهم معاهدة معهم، والعهد يمنع الاعتداء عليهم لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة" رواه البخاري
(3166) .
والمسلم مأمور بأداء الأمانة إلى من ائتمنه.
ولذا فإن عليك التوبة والاستغفار من فعلك، وليس عليك كفارة، لأن العهد لا كفارة فيه، والله أعلم.(12/89)
الإجهاض ومرض التلاسيميا
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 18/3/1424هـ
السؤال
أنا رجل متزوج وعندي طفلان أحدهما يعاني من مرض التلاسيميا، والآخر حامل له،
الطفل المصاب بهذا المرض يحدث له انخفاض في نسبة الدم ناتج عن تكسر كريات الدم الحمراء، مما يضطر الطفل المريض أن يأخذ وحدة دم كل 3 أسابيع لتعويض النقص، ونتيجة لأخذ الدم المتكرر يحدث ارتفاع في نسبة الحديد في الدم، فيحتاج المريض إلى أخذ إبرة تحت الجلد يومياً لتذويب الحديد تبقى هذه الإبرة مركبة لمدة ست ساعات يومياً على جهاز خاص، والمصاب بهذا المرض يبقى على هذه الحالة إلى ما شاء الله فليس هناك علاج لهذه الحالة، ولتجنب حدوث ولادة طفل مصاب بهذا المرض يجرى فحص أثناء الحمل تظهر نتيجته بعد80 يوماً من الحمل، السؤال هو: هل يجوز الإجهاض بعد 80 يوماً إذا تبين أن الجنين مصاب بهذا المرض؟
وهل علي من إثم إذا ما منعت زوجتي من الحمل؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
أما السؤال الأول: فنقول اتفق علماء الأمة الإسلامية على تحريم الإسقاط بعد نفخ الروح، إلا بضرورة قصوى كخوف هلاك الأم، كما اتفقوا على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر من الحمل، أما الإسقاط قبل نفخ الروح فمحل خلاف بين أهل العلم، والراجح في نظري عدم جوازه في جميع أطوار الجنين، ما لم يكن هناك سبب قوي يقتضي إسقاطه، هذا وأرى جواز الإسقاط قبل أربعة أشهر أي: قبل نفخ الروح إذا تبين أن الجنين مصاب بالمرض المذكور في السؤال أو نحوه إذا وافقت الأم على ذلك وذلك للحاجة الملحة، لا سيما وأن من العلماء من أجاز الإسقاط مطلقاً قبل نفخ الروح وهم جمهور الحنفية "ينظر حاشية ابن عابدين ج3 ص176"، لكنني كما سبق أرى عدم جواز الإسقاط في كل مراحل الجنين بدون سبب قوي، وإنما رأيت الجواز للسبب الذي ذكره السائل لا مطلقاً، أما الجواب عن السؤال الثاني وهو: هل علي من إثم إذا منعت زوجتي من الحمل؟ فنقول: يجوز استعمال ما يمنع الحمل لا ما يقطعه، لا سيما مع السبب الذي ذكر في السؤال الأول، وقد أجاز جمهور العلماء من الصحابة -رضي الله عنهم- ومن بعدهم العزل، وهو النزع بعد الإيلاج أثناء مجامعة الرجل للمرأة قرب الإنزال، مستدلين بما جاء في الصحيحين عند البخاري (5209) ، ومسلم (1440) ، عن جابر - رضي الله عنه- قال: كنا نعزل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والقرآن ينزل"، ولما رواه مسلم وغيره عن جابر -رضي الله عنه- قال: كنا نعزل على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فبلغ ذلك نبي الله فلم ينهنا، والله أعلم.(12/90)
حكم ربط الرحم
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 14/6/1424هـ
السؤال
لي أم عمرها 49سنة، وقبل عشر سنوات وضعت الابن التاسع والأخير بعملية قيصرية، فطلب أبي من الطبيب إجراء عملية ربط الرحم أثناء تلك العملية القيصرية، خوفاً عليها من الحمل مرة أخرى، علماً أنها وضعت أولادها الثمانية السابقين وضعاً طبيعياً، وكل هذا لجهل أمي وأبي بحكم ذلك قطعاً، والآن وبعد عشر سنوات من إجراء العملية تبين لنا حرمة قطع النسل، فماذا نفعل الآن؟ علماً أن لدى أمي التهابات الكلى، والمسالك، ونخشى من ضرر فك الرحم عليها ثانية، أفيدونا جزاكم الله بالفقه في الدين، وأكرمكم بالجنة.
الجواب
كان يجب على أبيك وعلى أمك أن يسألا عن الحكم الشرعي لربط الأرحام، وكذلك الأمر بالنسبة للطبيب المعالج.
وكل من قصر في ذلك فهو آثم، وأما الآن فإن كان يترتب على فك الأرحام مضاعفات مرضية يخشى منها على صحة الأم إما بهلاكها أو التسبب في آلام شديدة لها، فلا يلزمها فك الأرحام ثانية، والمرجع في تقدير الضرر وعدمه هو الطبيب الثقة. والله أعلم.(12/91)
تخفيض الأجنة
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 22/4/1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: لقد أجريت عملية طفل الأنابيب منذ حوالي شهرين، وتم -بحمد الله- الحمل بأربعة أجنة, ولكن الأطباء والإحصاءات العلمية تشير إلى خطورة الحمل بأكثر من جنينين، وبازدياد نسب الولادة المبكرة جداً التي قد تؤدي إلى التشوه الدائم أو سقوط الحمل في حوالي الخمسة أشهر, أو وجود خطورة على الأم، وإمكانية التسمم الحملي, ولذلك نصحني الطبيب بضروروة التخفيض لجنينين، مع العلم أن التخفيض سيتم قبل تمام (120) يوماً من بدء الحمل, فهل هناك حرمة في ذلك؟ وهل أعد بفعلي هذا مزهقة للروح؟
أفيدوني أفادكم الله، فأنا وزوجي في حيرة وقلق شديدين، ويجب أن نتخذ القرار عاجلاً. جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين،
وبعد: الجواب: أنه ما دام أن الحمل بأربعة أجنة يشكل خطراً على الأم، وإمكانية التسمم الحملي، -كما ورد في السؤال-، وأن تخفيض الحمل ضرورة كما قرره الطبيب، وأن هذا التخفيض (أي: الإسقاط لبعض الحمل) سيتم قبل تمام (120) يوماً أي: قبل نفخ الروح في الجنين أو الأجنة؛ لأن الجنين تنفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر من الحمل، إذا كان الأمر كذلك بالتفصيل الذي ذكرته والذي جاء في السؤال فإسقاط بعض الحمل جائز شرعاً ضرورة، فالضرورات تبيح المحظورات، والله أعلم.(12/92)
وسائل منع الحمل
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 14/7/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز استخدام وسائل منع الحمل بمختلف أنواعها على الرغم من الأضرار التي تسببها للمرأة؟ وما الأسباب التي يباح فيها استخدامها؟ وما الوسائل البديلة عنها؟
وهل يجوز لي السماح لزوجتي بعمل عملية جراحية من أجل التوقف عن الإنجاب؟ على الرغم أن لدي من الأولاد ثمانية -والحمد لله- وذلك من أجل المحافظة على صحتها أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
استخدام وسائل منع الحمل يرجع إلى أمرين:
الأمر الأول: ينظر في سبب استعمالها فإن كان ذلك لضرورة أو لحاجة ملحة فلا بأس به مثل أن يشير الأطباء الثقات بذلك مراعاة لصحة المرأة مثلاً، فإذا استردت عافيتها تركت هذه الموانع لتعاود الحمل. ومثل أن تكون ولاداتها متعاقبة بحيث إنها تحمل قبل فطام طفلها السابق فإن العلماء ذكروا أنه لا حرج في استعمال موانع الحمل حينئذ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - همّ أن ينهى عن الغيلة - وهي: وطء المرضع - وذلك لئلا يتضرر الرضيع، انظر: مسلم (1442) وبعضهم حد هذه المدة بسنتين وهي مدة الرضاع لمن أراد أن يتم الرضاعة. وأما إذا كان استعمال موانع الحمل لغير حاجة فلا يجوز.
الأمر الثاني: ينظر في أثر هذه الموانع فلا يجوز استعمال موانع تضر بالمرأة من حيث صحتها العامة، ومن حيث سلامتها التناسلية، فإن بعض هذه الوسائل تؤدي إلى العقم ويمكن مراجعة الطبيب الثقة حال الحاجة ليعين المانع المناسب، وأما البدائل المناسبة فالأطباء هم الأعلم بها، لكن منها تجنب الجماع زمن إخصاب المرأة، والله تعالى أعلم.
أما السؤال الثاني: فجوابه أنه لا يجوز السماح لزوجتك بعمل عملية جراحية من أجل التوقف نهائياً عن الإنجاب مثل استئصال الرحم ونحوه، إلا لضرورة لا مناص منها، فقد صرح العلماء بحرمة قطع النسل نهائياً وذلك لما فيه من المضادة لما يريده النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمته فقد قال - صلى الله عليه وسلم-:" تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم" قال ذلك لما استأذنه رجل في أن يتزوج امرأة عقيماً لا يولد لها انظر: النسائي (3227) ، أبو داود (2050) ، وأحمد (12613) ، فما بالك بقطع سبب الحمل من امرأة ولود؟ لكن الضرورة لها أحكام وهي تقدر بقدرها مثل أن تكون المرأة مصابة بمرض في رحمها يخشى أن يسري إلى سائر جسدها فيهلكها كسرطان الرحم -عافانا الله وإياكم- أو أن يخشى بناء على تقرير الأطباء على المرأة أن تموت إذا حملت، وماعدا حال الضرورة فلا يجوز، وكم رأى الناس عبراً من رجل اكتفى هو وامرأته بما عندهما من أولاد فعمدا إلى استئصال الرحم فحصلت حادثة أودت بأولادهما جميعاً، وبقيا بدون أولاد يعضان أصبع الندامة حيث لا ينفع الندم.(12/93)
التوقف عن الانجاب لنصيحة الأطباء!
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 14/2/1425هـ
السؤال
أنا متزوج ولي من الأبناء 3 أولاد وبنتان والحمد لله، وزوجتي هي ابنة عمي وقدر الله لنا بمرض أحد الأبناء وعمره الآن 13 عاماً وهو تخلف عقلي، وحسب التقارير الطبية أكد لي الأطباء أن المشكلة هي وراثية، ونصحوني وزوجتي بالتوقف عن إنجاب أطفال جدد؛ وإلا لابد من تكرر الإصابة بطفل مريض آخر، فامتنعنا لفترة ليست بالقصيرة ويقدر الله وتحمل زوجتي وتنجب لنا ابنة مصابة بنفس مشكلة أخوها والحمد لله على كل حال.
سؤالي: هل مجرد التفكير في نصيحة الأطباء بالامتناع عن الحمل معارض للقضاء والقدر؟ وإذا كان الجواب لا فما رأيكم في إنجاب المزيد من الأطفال المعاقين وخصوصاً أن من لديه أطفال معاقون يعاني بما يعانيه الطفل المعاق، ويجد نفسه لا يستطيع عمل شيء؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد: فالجواب أن ما ذكرته عن تقرير الأطباء من أن ما حصل لك مشكلة وراثية؛ فنقول قد تكون الوراثة سبباً - بإذن الله تعالى - وقد لا تكون، ويدل على ذلك أن أكثر أولادك والحمد لله ولدوا بحالة عقلية جيدة، وقد روي "اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس"، انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (3401) ، وروي أيضاً: "إياكم وخضراء الدمن" انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (14) .
هذا ولا يظهر لي أن التفكير في نصيحة الأطباء بالإقلاع عن الحمل فيه معارضة للقضاء والقدر، ذلك أنه يجوز لك الامتناع عن الحمل بالعزل ونحوه، ولو لم يحصل لك شيء مما ذكرت في سؤالك؛ فقد روى البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه قال: كنا نعزل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقرآن ينزل، زاد إسحاق قال سفيان - أحد رواة الحديث -: "لو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن". رواه البخاري (5209) ومسلم (1440) وروى مسلم في صحيحه (1439) عن جابر - رضي الله عنه - أن رجلاً أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن لي جارية وأنا أطوف عليها وأكره أن تحمل؛ فقال: اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها فليست الرجل ثم أتاه فقال إن الجارية قد حبلت قال: قد أخبرتك: أنه سيأيتها ما قدر لها.
هذا العزل هو النزع والإنزال خارج الفرج، أقول وبناءً على هذا فإنه يجوز لك الامتناع عن الإنجاب بالعزل أو نحوه مما هو معلوم، لا سيما وحالتك ما ذكرت، ولك أن تتزوج أخرى غير قريبة إن شئت، وعليك الإيمان بالله تبارك وتعالى وبقضائه وقدره وبأنه لا يرد حذر من قدر وأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والله أعلم.(12/94)
كفارة الإجهاض
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 16/12/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ لدي سؤال أود طرحه وهو أنني، قبل عدة شهور أسقطت الحمل بناء على رغبة مني ولكنني تبت إلى الله واستغفرت لذنبي وبعد شهور أخذت تراودني أحلام أنه يخرج من بطني خرز ملون، وشرائح لحم وخيوط وأنا الآن خائفة من هذه الأحلام فما رأي فضيلتكم هل هذه الأحلام قد تكون سحراً أو لأنني أسقطت الجنين أفتوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فالاعتداء على الجنين جريمة عظيمة أدخلها بعض أهل العلم في الوأد الذي قال الله فيه "وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت" [التكوير: 8-9] .
وعلى كل فالسائلة عرفت والحمد لله أن هذا لا يجوز وقد ذكرت أنها تابت من ذنبها واستغفرت وهذا شيء طيب تشكر عليه.
لكن ليعلم أنه لا تكفي التوبة في هذا بل لابد من دفع دية الجنين وهي يسيرة والحمد لله فهي غرة عبد أو أمة لما روى البخاري (5758) في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو أمة، والغرة قيمتها خمس من الإبل روى ذلك عن عمر وزيد - رضي الله عنهما - فعلى الأم التي أسقطت جنينها بل ولو تسببت كشرب دواء ونحوه فعليها دفع تلك الدية التي هي خمس من الإبل لورثته ما عداها فلا ترث هي منها شيئاً وقد جاء في منار السبيل في شرح الدليل ما نصه (وإن شربت الحامل دواءً فألقت جنينا فعليها غرة لا ترث منها بلا خلاف قاله في الشرح. هذا وما ذكرته السائلة من وجود أحلام مزعجة هذه ليست سحراً وستذهب إن شاء الله تعالى بعد دفع الدية المذكورة والتوبة إلى الله تعالى وعدم العودة لمثل هذا والندم على ما فات والتوكل على الله، فالله سبحانه مع التوبة الصادقة يغفر الذنوب جميعاً. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(12/95)
تنظيم النسل
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير
عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 25/08/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أبدأ سؤالي بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم -:"رحم الله امرأ عرف قدر نفسه فوقف عنده"، وأنا مقدِّر نفسي ألا أستطيع إعالة وتربية تربية إسلامية صحيحة، ومتابعة كل صغيرة وكبيرة في أبنائي، إذا زادوا عن أربعة أولاد، مع وجود فترات تباعد بينهم ربما تزيد عن خمس سنوات، فمثلاً لدي الآن بنتان وأرغب الفرق بينهما سنة واحدة، وأرغب بعد أن يصبح عمر الكبرى سبع سنوات سأحاول إنجاب اثنين آخرين وهكذا، وبهذه الحالة سيصبح المجموع بعد إرادة الله ستة أطفال في أحسن الأحوال، وأعتقد في حالة الزيادة عن وجود طفلين سوف يتشتت جهدي وجهد الأم بينهم، مما يؤثر -بلا شاع- على تربية الولد من جميع النواحي. والسؤال هنا هل ما أقوم به جائز؟ علماً بأن زوجتي تعارض هذا الشيء، وهل لي أن أجبرها؟
الجواب
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي السائل الكريم: لقد تضمن سؤالك رغبتك في تنظيم نسلك على صورة معينة، وأن زوجتك تعارض ذلك.
من حيث المبدأ فإن العمل على التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان، جائز إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً؛ كالرغبة في حسن التربية، أو الوضع الصحي للزوجة، بشروط من أهمها:
1 - أن تكون الوسيلة مشروعة.
2 - ألا يترتب على ذلك ضرر.
3 - ألا يكون فيه عدوان على حملٍ قائم.
4 - موافقة كل من الزوجين.
وعليه فليس من حقك أن تجبر الزوجة على منع الحمل؛ لأن طلب الولد من أهم مقاصد الزواج، ولكني أنصحك أن تسعى لإقناعها بالتي هي أحسن، وأن تبحثا عن حل يرضي كلاً من الطرفين، وألا يكون ذلك سببًا للنزاع، وفساد الود بينكما، وتنافر القلوب أو كثرة المشكلات، والله تعالى يقول: "إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما". والله أعلم وأحكم.(12/96)
حبوب إنجاب التوائم
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 30/1/1424هـ
السؤال
هل يجوز أخذ حبوب إنجاب التوائم؟
الجواب
لا يظهر لي مانع من أخذ هذه الحبوب، بشرط ألا يترتب على ذلك ضرر على المرأة، ويتم تحديد الضرر بواسطة الطبيبة المختصة أو الطبيب عند الحاجة، وذلك لأن حصول التوائم مظنة الضرر، فيحتاج إلى معرفة رأي الطبيب في حصول الضرر وعدمه، ولو رضيت المرأة بما يقسم الله لها من ولد أو أكثر، كان ذلك أولى. والله أعلم.(12/97)
منع الزوج امرأته من الحمل
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 15/12/1423هـ
السؤال
ما حكم منع الحمل من قبل الزوج بدون سبب شرعي أو صحي لكلا الطرفين والرغبة من الزوج؟ علماً أني الزوجة الثانية ولديه من الأطفال ستة بنين وبنات وحالته المادية ممتازة؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
لا يجوز له أن يمنعك من الحمل والحال كما ذكرت، ِ والإنجاب حق للمرأة كما هو حق للرجل، وإذن المرأة في تأخير الإنجاب معتبر ولذا قال العلماء: "لا بعزل عن الحرة إلا بإذنها" وعليك التفاهم مع زوجك بالحسنى وتذكيره بحقك الشرعي، والاتفاق على مدة محددة للتوقف عن الإنجاب يعدك بعدها بترك الموانع. والله يوفقك.(12/98)
عزمت على الطلاق فهل يجوز لها الإجهاض؟!
المجيب د. راشد بن مفرح الشهري
القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 25/11/1424هـ
السؤال
أنا امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات، من رجل ظننته صالحاً وتقياً، كنت أحسبه كذلك، وفي يوم فوجئت بوجود محادثات جنسية بين زوجي وبين فتيات كافرات أوروبيات على النت! وكانت مفاجأتي كبيرة لما رأيت ... ، وحيث إني كنت متغيبة عن البلد (أي بعيدة عنه) لمدة شهر ونصف، لا أعلم لأي حدٍّ امتدت هذه العلاقات، ولكني قد طلبت الطلاق، وأثناء تدخل الأهل لإصلاح البين، فوجئت بأني حامل، كما فوجئت بأن زوجي لم يترك أو يقطع هذه العلاقات بعد!
سؤالي: ما حكم طلبي للطلاق هنا؟ وهل يعتبر طلب طلاق بدون سبب؟ حيث إني أشعر بأني لا أحترمه، وأصبحت أنظر إليه باحتقار شديد،
وسؤالي الثاني: ما حكم الإجهاض في هذه الحالة؟ علما بأن عمر الجنين 3 أسابيع فقط، أفيدوني في أقرب وقت؛ لحاجتي الشديدة لمعرفة الإجابة في أقرب وقت ممكن - جزاكم الله عنا كل الخير - والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد..
أما جواب السؤال الأول فإذا كان كره المرأة زوجها لما رأت منه، وطلبها الطلاق لأجل هذا السبب، فإن طلب الطلاق جائز في هذه الحالة، ولكن أفضل منه نصحه، ووعظه ودعاء الله له بالهداية؛ علَّ الله أن يرحمهما بتوبة هذا الرجل، ولا ينطبق عليها قوله - صلى الله عليه وسلم- "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة" رواه أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجة (2055) من حديث ثوبان -رضي الله عنه-.
أما جواب السؤال الثاني: فلا يجوز الإجهاض في هذه الحالة، وتستعين بالله، وتحاول استصلاح زوجها، أسأل الله أن يصلح حالهما، ولتعلم الأخت الكريمة أن النساء فتنة، وأن عليها إعانة زوجها وإبعاده عن مواطن الريب، ووسائل الإثارة، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، إنه سميع مجيب.(12/99)
أجهضت بسبب رائحة المبيدات فما الحكم؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 25/4/1424هـ
السؤال
زوجتي كانت حاملاً، وفي يوم قامت برش المنزل بمبيد الحشرات، اليوم التالي أصابها التعب ونقلت إلى المستشفى بسبب تعرضها المباشر لرائحة المبيد، تطور الأمر وحدث نزيف ونزل الجنين، وبعد يومين ظهر جنين آخر ونزل نزيف ثان، وفي النهاية نزل الجنين الثاني حسب رواية الطبيب، عمر الجنين لم يتعد ثلاثة أشهر، للمعلومية كان هناك عدم استقرار للجنين منذ البداية، وقد تعرضت زوجتي للتعب وراجعت الطبيبة قبل هذا الحادث.
السؤال هل زوجتي عليها ذنب فيما حدث؟ وإذا كان كذلك فماذا عليها أن تفعل؟ وشكراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إذا كان الأمر على ما ذكر في السؤال فليس على زوجتك أي شيء والحمد لله، لأنه لم يحصل منها قصد أو تسبب للإسقاط، وعليها مستقبلاً أن تتجنب كل ما يؤثر عليها أو على جنينها، وفق الله الجميع لكل خير، والله أعلم.(12/100)
استخدام لصقة لمنع الحمل
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 17/2/1425هـ
السؤال
ظهر في الأسواق الآن شيء يستخدم لمنع الحمل، وهو عبارة عن لصقة صغيرة أصغر من راحة الكف، توضع في أي مكان بالجسم، وتترك شهراً كاملاً ثم تستبدل، وهي ضد الماء، ولا تتحرك من مكانها إلا إذا أردنا، وأنا أود استخدامها؛ لأنها سهلة، فهل يجوز ذلك لأنها قد تمنع وصول الماء إلى البشرة أثناء الغسل؟.- وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
لا بد من إزالة هذه اللصقة إذا كانت في مواضع الوضوء؛ حتى يصل الماء إلى العضو المراد غسله، وكذلك لو كانت في غير مواضع الوضوء، واحتاجت المرأة إلى الغسل الواجب فلا بد من إزالة هذه اللصقة، ولا يظهر لي إلحاقها بالجبيرة ليمسح فوقها؛ لأن الجبيرة إنما توضع حماية لما تحتها؛ خشية وصول الماء إليها؛ لأنه يحصل الضرر بذلك، بينما الغاية من وضع اللصقة الواردة في السؤال هو منع الحمل، أو تنظيمه على الصحيح، وهذا أمر يتم باللصقة وبغيرها من موانع الحمل، فلا بد من إزالتها عندما يُحتاج إلى غسل ما تحتها، ولا يكفى المسح فوقها، لكن لو وصف لها الطبيب الثقة هذه اللصقة وأخبرها بأنه لا بد لها من منع الحمل في هذه الفترة أو كان فعلاً يشق عليها الحمل في فترة مؤقتة، وأخبرها الطبيب أنه لا يقوم مقام هذه اللصقة غيرها من الأدوية، فيجوز استخدامها في هذه الحالة فقط، وفي الختام أشير إلى أن منع الحمل بالكلية، والسعي إلى قطع النسل لا يجوز؛ لعموم الأحاديث التي تحث على تكثير النسل، كقوله - صلى الله عليه وسلم-: "تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم"، وفي حديث آخر: "تزوجوا؛ فإني مكاثر بكم الأمم" الحديثان عند أبي داود (2050) ، والنسائي (3227) ، وابن ماجة (1846) عن معقل بن يسار وأبي هريرة - رضي الله عنهما - وانظر صحيح الجامع (2940-2941-جـ/ص 566) ، وكذلك أحاديث النهي عن التبتل والاختصاء؛ أما تنظيم النسل بالتوقف عن الإنجاب لفترة مؤقتة كسنة أو سنتين، ولغرض صحيح، كإراحة الأم من تعب الحمل المتواصل، فلا حرج في ذلك شرعاً. والله أعلم.(12/101)
امتناع المرأة عن الحمل بغير رضا زوجها
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 17/04/1426هـ
السؤال
أنا متزوج وعندي ولد، وزوجتي لا ترغب في الإنجاب؛ لأنها تحب أن تأخذ قسطاً من الراحة بعد الولادة العسيرة لابننا الأول، وقد أعطتها السلطات الصحية حبوب منع حمل لمدة سنة، والآن يجب أن ندفع ثمن حبوب منع الحمل، أسئلتي:
1. هل يجب علي شراء حبوب منع الحمل من مالي الخاص، مع أنه ليس هناك خطر على حياتها من الحمل؟.
2. هل يحق لزوجتي أن تغضب إذا رفضت شراء الحبوب من مالي، وهي قادرة على توفيرها بسهولة؟.
3. هل لزوجتي الحق في الامتناع عن الحمل بدون إذن مني، وحتى لو اشترت حبوب منع الحمل من مالها هل تستمر في أخذها بدون إذن مني؟.
4. ما هي أفضل طريقة للتواصل والتفاهم بيننا؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
لا يجوز للزوج أن يعزل دون رضا زوجته، ولا يجوز للزوجة أن تستعين بشيء من موانع الحمل بلا رضا زوجها، إلا إذا قرر طبيبان ثقتان أن الحمل يضر بها، ففي هذه الحال يجوز لها أن تستعين بشيء من موانع الحمل، ولو بغير رضا الزوج، ويظهر لي في الحالة التي ذكرتها أنه لا يجب عليك شراء حبوب منع الحمل؛ لأنها ليست من النفقة الواجبة، لاسيما وأن الحمل لا يضر بصحتها أصلاً، وترتيباً عليه لا وجه لأن تغضب هي منك إن أنت امتنعت عن شراء الحبوب، وأرى أن مثل هذا الأمر لا يحل بالشجار والخصام والمشادات الكلامية؛ إنما بالتفاهم والتفهم، وشيء من التنازل والصبر والحلم. والله الموفق.(12/102)
الفرق بين تنظيم الأسرة وتحديد النسل
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير
عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 19/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ، لي سؤال بسيط قد حيرني كثيراً، وهو: ما الفرق بين تنظيم الأسرة وتحديد النسل وما حكم الشرع فيهما، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فتحديد النسل يراد به وضع حد أعلى لعدد الأولاد الذين ينجبهم الزوجان، فإن كان هذا التحديد بقرار عام من جهة رسمية فلا يجوز؛ لأنه يعارض توجيه الإسلام إلى تكثير النسل؛ ولأنه في الغالب يبنى على مقاصد اقتصادية، وأن كثرة النسل تؤثر على المستوى الاقتصادي للبلاد، وأن الموارد لا تكفي إلا لعدد محدود، وهذا مخالف لحسن الظن بالله والتوكل عليه، وأنه ما من نفس منفوسة إلا على الله رزقها. أما إن كان القرار خاصا بزوجين معينين فينظر سببه، فإن كان السبب طبيا كتضرر المرأة من الحمل وخطره عليها، وثبت ذلك من قبل طبيب حاذق أمين أو من لجنة طبية موثوقة فلا بأس بذلك، وأما إذا لم توجد حاجة حقيقية ولا ضرورة، وإنما قصد الزوجان الاكتفاء بعدد محدد من الأولاد وكان هذا عن تراض منهما فهذا لا يخلو من كراهة شديدة؛ لمخالفته مقصد من أهم مقاصد الزواج، لكن لا أقول بتحريمه؛ لأن ترك الزواج وإيثار العزوبة ليس بمحرم، فلأن لا يحرم عليه الإنجاب بعد الزواج من باب الأولى. أما تنظيم النسل فيقصد به المباعدة بين فترات الحمل، والأخذ بأسباب منع الحمل حتى لا يكون الإنجاب متتابعا، وقد يرى الزوجان في ذلك مصلحة كراحة الأم من أتعاب الحمل مدة قبل أن تحمل بآخر، أو لمزيد من التفرغ للعناية بالطفل قبل أن يأتي له أخ جديد، فلا بأس بذلك، وقد كان العزل معروفا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول جابر رضي الله عنه: (كنا نعزل والقرآن ينزل) والعزل سبب من أسباب منع الحمل. والله أعلم وأحكم.
وأنقل لك قرارهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وقرار مجمع الفقه الإسلامي بهذ الشأن:
أولا: قرار هيئة كبار العلماء رقم 42 وتاريخ 13/4/1396هـ:(12/103)
نظراً لأن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره وتعتبر النسل نعمة كبرى ومِنة عظيمة منَّ الله بها على عباده، فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله مما أوردته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثه المعد للهيئة والمقدم إليها، ونظراً إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها، وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الرب تعالى لعبادة، ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين عامة وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة؛ حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها، وحيث إن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وربطها، لذلك كله فإن المجلس قرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية إملاق؛ لأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها، أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضار معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره، عملاً بما جاء في الأحاديث الصحيحة وما روي عن جمع من الصحابة رضوان الله عليهم من جواز العزل، وتمشياً مع ما صرح به بعض الفقهاء من جواز شرب دواء لإلغاء النطفة قبل الأربعين، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ثانيا: قرارمجمع الفقه الإسلامي رقم: 39 (1/5) : إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1 إلى 6 جمادى الآخر 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع تنظيم النسل، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، وبناءً على أن من مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية الإنجاب، والحفاظ على النوع الإنساني، وأنه لا يجوز إهدار هذا المقصد، لأن إهداره يتنافى مع نصوص الشريعة وتوجيهاتها الداعية إلى تكثير النسل والحفاظ عليه والعناية به، باعتبار حفظ النسل أحد الكليات الخمس التي جاءت الشرائع برعايتها قرر ما يلي:
أولاً: لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب.
ثانياً: يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة، وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم، ما لم تدعُ إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية.
ثالثاً: يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان، إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً، بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراضٍ، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وأن لا يكون فيها عدوان على حملٍ قائم. والله أعلم
قرار رقم: 39 (1/5) ، بشأن تنظيم النسل. انظر: مجلة المجمع (ع 4، ج1 ص 73) .(12/104)
حامل بطفلة مشوهة
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 25/4/1423
السؤال
أنا أم لأربعة أطفال، وقد حملت بطفلة خامسة، وقد ذكر لي الطبيب أنها مريضة أثناء الحمل وأنا في الشهر السادس ومرضها يعرف باسم سندراروم يعني: عدد الكروموسومات غير مكتمل (5x45) أي: ينقصها كروموسوم واحد، ونتيجة ذلك أن هذه البنت تخرج وشكلها غير طبيعي قصيرة جداً ووجهها ورقبتها متورمة ولا يمكن أن تحيض، أي: لا يمكن أن تحمل أبداً، وأيضاً عندها مرض في القلب، وسببت لي زيادة في المويات مما أتعبني وزاد من نبضات قلبي وأضعف عضلات قلبي،
مع أن الدكتور يرجح عدم استمرار الحمل أو موتها بعد خروجها بزمن قصير. أرجو التأكد من مثل هذه الحالة.
الجواب
اعلمي أنه إذا بلغ الجنين في بطن أمه أربعة أشهر تنفخ فيه الروح كما جاء ذلك في الحديث الصحيح: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح...." الحديث البخاري (3208) ومسلم (2643) .
فالجنين بعد الأربعة الأشهر يكون إنساناً قد كمل خلقه فالاعتداء عليه اعتداء على نفس كاملة الخلق، وبناء على ذلك فلا يجوز إسقاطه أو التسبب لإسقاطه ولو كان المقصود منه التخلص من الطفل المشوه -كما ورد في السؤال-.
وإنما يجوز إسقاطه في حالة واحدة، وهي: ما إذا قرر جمع من الأطباء الموثوقين المختصين أن بقاء الجنين في بطن أمه يشكل خطراً عليها وبعد استنفاذ كافة الوسائل الأخرى لإنقاذ حياتها فهنا يتوجه القول بالجواز دفعاً لأعظم الضررين وجلباً لعظمى المصلحتين.
هذا وأوصي السائلة بتقوى الله والتثبت في الأمر إذ ليس كل ما قاله الطبيب أو قرره يكون صحيحاً لاسيما إذا كان واحداً، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.(12/105)
هل يجوز الإجهاض في هذه الحالة؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 01/04/1426هـ
السؤال
حملت زوجتي بولدنا الأول بعد فترة وجيزة من الزواج, وبعد ستة أشهر من هذا الحمل تبين أن الجنين يعاني من استسقاء في الدماغ: أي أن حجم قشرة الدماغ صغيرة جداً، مقارنة بحجم تجويف الجمجمة، وباقي الجمجمة مليئة بالسائل الدماغي الشوكي، وجاء المولود -والحمد لله- كما هو متوقع طبياً يعاني من المشكلة، بالإضافة إلى صغر في الحجم، إذ إن عمره الآن ثلاث سنوات، ووزنه 4كيلو ونصف، وكذلك يعاني من شلل رباعي، ولا يملك التحكم في العضلات الإرادية أبداً، حتى إنه لا يملك أن يجلس أو أن يسند رأسه ولو لثوانٍ، وكذلك تأتيه التشنجات باستمرار، فهو بحاجة إلى المهدئات باستمرار، علاوة على أن التطور العقلي معدوم طبعاً، وقد أخبرنا الأطباء عند ولادته -حسب ما يتوفر لهم من معلومات، بعد فحص الطفل وفحصي ووالدته- أن الأمر لن يتكرر في الأحمال اللاحقة بإذن الله، وبالفعل جاء الولد الثاني بدون مشاكل والحمد لله. والآن زوجتي حامل -من فضل الله- في شهرها الخامس، وعند الفحص الدوري لها تبين أن المولود القادم لديه نفس مشكلة الولد الأول، بالرغم من أن الفحوصات الأولية لم يكن بها أية مشكلة.
والسؤال هو أولاً: هل يجوز الإجهاض في هذه الحالة، علماً أن الجنين في شهره الخامس، ولا يشكل أي خطر على حياة زوجتي؟.
ثانياً: هل يجوز أن نتوقف عن الإنجاب، أم في هذا معصية لله والعياذ بالله؟. علماً أني وزوجتي نطرح هذه التساؤلات طلباً في معرفة ما يرضي الله -تبارك وتعالى- ليس تذمراً أو اعتراضاً على حكمه تبارك وتعالى. وجزاكم الله خيراً، ولا تنسونا من الدعاء.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب: أرى عدم جواز إجهاض الجنين في الحالة التي ذكرها السائل، ما دام أنه في شهره الخامس؛ لأنه قد نفخ فيه الروح، فالاعتداء عليه اعتداء على نفس كائنة حية لها حرمتها، ولا يجوز -في قول جمهور العلماء- إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فيه إلا في حالة كونه يشكل خطراً على حياة أمه، وقد ذكر السائل أنه لا يشكل أي خطر على حياة أمه، وبناءً على هذا فإنني أنصح بعدم التعرض للجنين، خاصة بعد نفخ الروح فيه مهما كانت البواعث والدوافع للإسقاط، ما عدا الحالة السابقة الذكر، وهو كونه يشكل خطراً على الأم، هذا وقد يخرج سليماً، وقد يشفيه الله -تعالى- بعد ولادته، ومن يتوكل رعايته والعناية به له أجر عظيم عند الله تعالى إذا احتسب ذلك.
أما السؤال عن حكم التوقف عن الإنجاب فنقول: الشرع الحكيم قد حث على الإنجاب، فقد روى ابن حبان في صحيحه (4028) ، وأحمد (12613) ، والطبراني (5099) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة".
وبناءً على هذا فلا ينبغي لكما التوقف عن الإنجاب مطلقاً، لكن يجوز تنظيم النسل باستعمال دواء أو مانع للحمل لفترة، كسنة أو سنين أو حسب ما تقتضيه الحاجة. وفق الله الجميع لكل خير، والله أعلم.(12/106)
تحديد النسل
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 13/11/1424هـ
السؤال
ما حكم تحديد النسل - بالنسبة لي أنا كأب - لأسرتي، كأن أحدِّد عدد الأبناء إلى خمسة؟ أفيدونا. جزاكم الله خيراً.
الجواب
تحديد النسل لا يجوز بحال من الأحوال وهو محرم، واعتراض على إرادة الله سبحانه وتعالى، مع أن الله -سبحانه وتعالى-في حكمه، وفي إرادته لا يستطيع أي أحد أن يقف أمام إرادة الله، لكن هذا سوء أدب مع رب العالمين، وفي نفس الأمر نحن نقول بأن الموضوع بحث في هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وفي نفس الأمر حينما بحث الموضوع قسموا الموضوع إلى قسمين: تحديد النسل، وتنظيم النسل، أما تحديد النسل بأن يقول: والله أنا أكتفي بولدين، بثلاثة أولاد، بأربعة أولاد، وفي نفس الأمر يكفيني هذا الشيء فهذا محرم ولا يجوز، وقد كاد إجماع فقهاء المسلمين أن يقع على تحريم ذلك، وأنه لا يجوز.
وأما تنظيم النسل بحيث إنه يقول: أريد أن يكون النسل بعد سنتين، أو ثلاث سنوات حتى يكون للمرأة قوة على أن تستعيد صحتها، ويكون لها كذلك مجال وفرصة لتربية ولدها، (رضيعها الصغير) ، فنقول: هذا لا بأس به، وهيئة كبار العلماء أخذت بجواز ذلك، وأصدرت قراراً بجواز تنظيم النسل للحاجة، وبتحريم تحديد النسل مطلقاً. والله أعلم.(12/107)
أجهضت في الشهر الأول فهل يلزمها شيء غير التوبة؟
المجيب د. إبراهيم بن محمد قاسم رحيم
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 13/06/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا متزوجة، وأعترف بأنني ارتكبت جرماً كبيراً في حياتي بسبب عملية الإجهاض، أرجوكم ساعدوني كيف أكفِّر عن ذنبي؟ فالإجهاض كان في الشهر الأول من الحمل، ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالراجح من أقوال أهل العلم هو تحريم الإجهاض منذ اللحظة الأولى، وأن تحريم الإجهاض يتدرج بتدرج الجنين في مراحل الحمل، فتحريمه في المراحل الأولى أخف، وما دام أن الأمر قد وقع فالحكم يتجه إلى ما يترتب على الفعل، فأما الكفارة فلا تجب إلا فيما نفخت فيه الروح، وهذا لا يكون إلا بعد أربعة أشهر، وأما الغرة فإن الراجح وجوبها فيما تبين فيه شيء ظاهر من خلق الإنسان، وفي الشهر الأول، وإن كان التخطيط قد بدأ إلا أنه خفي فلا يترتب عليه شيء.
يتلخص من هذا أنه لا يجب بما أقدمت عليه سوى التوبة والاستغفار، والندم على ما حصل، وإن تصدقت بشيء من باب التقرب إلى الله فهو من تمام التوبة. والله أعلم.(12/108)
الإجهاض لإعاقة الجنين
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 07/10/1425هـ
السؤال
عندما كنت حاملاً في الشهر الخامس، أخبرني الأطباء الأمريكيون أن علي التخلص من المولود؛ بسبب أنه مصاب بمشاكل عقلية، وسيكون معاقًا، ولن يعيش طويلاً، أنا لم أقبل ذلك، لكن زوجي وافق، ولم أكن أعرف أن علي استشارة طبيب مسلم، لكن لم يكن هناك أي طبيب مسلم، ماذا علي بعد أن تم إسقاط الجنين؟ علمًا بأن الأطباء كانوا متيقنين تمامًا من وجوب إخراج الجنين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ما حدث لا يمكن لتسويغه؛ لأن التشوهات العقلية والبدنية التي تصيب الأجنة لا يمكن الجزم بها إلا بعد مرور مدة ينفخ فيها الروح في الجنين، فيكون هنا فوق اعتبار الضرورة، ثم إن الأمر لا يصل إلى حد القطع واليقين، بل كما اتفق الأطباء لا يعدو أن تكون تخمينات وتوقعات بناء على مؤشرات أو مقدمات، وكم من الوقائع التي أخبر الأطباء بمثل هذا الأمر، وصبرت الأم، ولم تلتفت إلى ذلك، فكان جنينًا سليمًا معافى. وثمة أمر ثالث وهو أنه مع تطور التقنية الحديثة أمكن معالجة بعض أنواع التشوهات، في بطن الأم بعد أن تم اكتشافها، ويبقى أن في إجهاض الأجنة المشوهة اعتراضًا على قدر الله وحكمه، وهذا الحكم هو ما توصل إليه المجمع الفقهي، كما في قرارات المجمع رقم: (123) ، وعليه فإن ما أقدمت عليه الأخت خطأ عظيم، ولا يؤثر في الحكم استشارة أطباء مسلمين؛ لأن الحكم فيها كما سبق، وما دام الأمر قد تم، فإن الواجب في الجنين دية كاملة إذا ثبتت حياة الجنين حال إجهاضه، ويختلف فيها الذكر عن الأنثى، وتقع مسؤوليتها على الأب لموافقته على ذلك، وإن كانت الموافقة صحبها شيء من الضغوط أو الإكراه، فهي مسؤولية كاملة عليه، وإلا فتشاركه الأم، وإن كان الجنين لم تثبت حياته حين الإجهاض فيجب فيه غرة، تقدر بعشر دية الأم، أو نصف عشر دية الأب. والله أعلم.(12/109)
نسي أنه طلق طلاقاً معلقاً
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 28/10/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا رجل، متزوج وعصبي المزاج، وفي السنين الأولى من الزواج طلقت زوجتي طلقتين، وذات يوم قلت لها: (لو ذهبت إلى بيت أبيك فأنت طالق) ، وكنا آنذاك نعيش في نقاشات حادة ومشاكل عديدة وشجارات متواصلة، ومضى الآن على هذا الطلاق (المعلق) حوالي 20 سنة، وكنت طيلة الوقت أريد التحلل منه وكنت أجهل كيف، وفي كل مرة أعجز عن سؤال العلماء حتى نسيته أو تشاغلت عنه (ولم تخرج زوجتي) حتى عام 1997، إذ كان لدي سفر طويل لمدة ستة أشهر، فأذنت لها بالذهاب في غيابي إلى أبيها، متناسيا أو ناسياً تلك الصيغة (أنها معلقة) ، ظاناً أني تحللت منه بإذني لها بالخروج، وخرجت هي في مدة سفري إلى بيت أبيها بإذني، ثم قفلت راجعاً من السفر وعدنا كما كنا، لكن في هذا العام جرى بيننا شجار، وفي أثناء ذلك قالت لي: إني لست زوجتك، قلت لها: كيف؟ قالت: لقد قلت لي إن خرجت من البيت فأنت طالق..وقد خرجت، فقلت لها متسائلاً: متى كان هذا الكلام وكيف قلته؟ قالت: قبل ستة أشهر فقط قلته، ووقعت في حيرة وأقسم بالله إني لا أتذكر أني قلت هذا الكلام، فقلت لها: وكيف قلته؟ قالت: ذات يوم وأنت تضربني ...
ولم أستطع تصديقها ولا تكذيبها، فربما قلته حقيقة في حالة غضب ولم أشعر (المهم أني لا أذكر أني قلته) ، ولأني عصبي سريع الغضب (ربما قلته دون شعور) ، ولما اعتقدت أنها حيلة لتتخلص مني وتعتبر طالقاً سألتها قائلا: يا امرأة لعلك تريدين أن يتفرق شملنا؟ فأجابت: لا، وهي تصر على أني قلت لها ذلك، وأنا لا أتذكره، وهي الآن نادمة على خروجها الذي تسبب في طلاقها، ونحن في حالة طلاق بناء على قولها، السؤال: هل تحللت من الطلاق الأول، هل الطلاق الأخير يقع رغم أني لا أذكره كما ذكرت؟. وفي الأخير بارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:(12/110)
من علق الطلاق على شرط أو إلتزمه لا يقصد بذلك إلا الحض أو المنع، فإنه يجزئه فيه كفارة يمين إن حنث، أي: أن الزوج إن كان يقصد منع زوجته من الذهاب لأبيها بحلفه بالطلاق، ولم يرد إيقاع الطلاق، فعليه كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله -تعالى-: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89] ، أما إن أراد الجزاء بتعليقه طلقت زوجته أحب الشرط أو لا، أما ما يتعلق بخلاف الزوجين في وقوع الطلاق من عدمه فالقول قول من له بينة تدل على صحة قوله، فإن لم يكن لهما بينة فالقول قول الزوج، قال البهوتي - رحمه الله تعالى-، وإذا ادعت أن زوجها طلقها فأنكرها فقوله؛ لأن الأصل بقاء النكاح، انظر: كشاف القناع (5/337) ، وهل يحلف على أنه لم يطلق؟ اختلف العلماء في ذلك، والمذهب عند الحنابلة والمالكية أنه لا يحلف، انظر: المبدع (10/283) ، التاج والإكليل (6/196) ، القوانين الفقهية (153) . والرواية الثانية: أنه يستحلف، وصححه ابن قدامة - رحمه الله- في المغني (7/387) ، وعلى كل حال فلو قيل بالوقوع فالسائل لم يطلق سوى مرتين، فيكون قد بقي له طلقة واحدة ما لم يكن قد صدر منه طلقة ثالثة، أما إن كانت هذه هي الطلقة الثالثة فعلى القول بالوقوع، وأنكر الزوج ذلك فلا يحل للزوجة البقاء معه، قال المرداوي - رحمه الله تعالى-: فإن علمت صحة ما أقرت به لم يحل لها مساكنته ولا تمكينه من وطئها، وعليها أن تفر منه وتفتدي نفسها، كما قلنا في التي علمت أن زوجها طلقها ثلاثاً وأنكر" انظر: الإنصاف (9/349) ، والمغني (7/387) ، أما ما يتعلق بطلاق الغضبان ففيه تفصيل ذكره العلماء، وقد ذكرناه في عدة فتاوى في هذا الموقع فعلى الأخ السائل الرجوع إليها، وأوصيه بتجنب الغضب ما استطاع فإن لم يتمكن فعليه عند غضبه الخروج من البيت حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه، والله -تعالى- أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(12/111)
السقط بعد أربعة أسابيع
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 7/3/1425هـ
السؤال
انقطعتْ عني الدورة في شهر 12، وتم التحليل في نهاية شهر واحد، وظهر موجباً، أي أني حامل، عندها منعتني الطبيبة من الجماع؛ وقاية من الإجهاض، فعند ذهابي إلى البيت طلب مني زوجي مجامعته، رضخت لكلامه مع الحرص بعدم الحركة حتى لا يكون الضرر، ولكن بمجرد الانتهاء زاد الدم، زادت كمية العلاج والإبر، وألزمتني براحة، بعدها تم الكشف مرة أخرى، فُوجِدَ الكيس لم يكبر وأخذ بالانكماش، فقالت: إما أن يكون مات أو سقط أثناء نزول الدم، علماً بأنه لم يتجاوز عمره أربعة أسابيع، والوقت من آخر دورة حتى نزوله ثلاثة أشهر. هل أكون قد تعمدت إنزاله أنا وزوجي وعليَّ صيام شهرين أم ماذا؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا كان الإجهاض قبل مرور أربعة أشهر على الحمل فلا يكون إسقاطه قتلاً تجب فيه الكفارة؛ لأنه لم ينفخ فيه الروح، كما فهم ذلك أهل العلم؛ إذ نقل النووي وابن حجر اتفاق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر، فتح الباري (11/490) ، وروى ذلك صريحاً عن الصحابة - رضي الله عنهم- كما قاله ابن رجب في جامع العلوم والحكم" (ص51) ، ويدل له حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- المرفوع: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح" متفق عليه عند البخاري (3208) ، ومسلم (2643) .
وحيث إنه سقط خلال الأربعين يوماً الأولى فهو في طور النطفة، وهي يجوز إلقاؤها عند الجماع بالعزل، ولذا فإنه ليس عليك ولا على زوجك كفارة. والله الموفق والهادي.(12/112)
زوجها يأتي الفواحش ويعاقر الخمر، فهل لها أن تمتنع من الإنجاب؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/العزل والإجهاض وتحديد النسل
التاريخ 23/3/1425هـ
السؤال
متزوجة منذ ست سنوات من زوج عاصٍ يزني ويشرب الخمر، ويأتي جميع المعاصي, صابرة عليه، عسى الله أن يغير حاله من حال المعصية إلى حال الإيمان، لي منه ابنتين، أنجبت الأولى قبل معرفتي بحال معصيته، والثانية حملت بها كوسيلة لإصلاحه، ولكن دون جدوى ... فقررت عدم الإنجاب منه في الفترة الحالية إلى أن يصلح حاله ويتوب، ولكنه مصرّ على إنجاب المزيد على الرغم من أنه لا ينفق عليهم ولا يتحمل مسئوليتهم، وأنا أتكفل بهذه الأمور ... ا
لسؤال: هل يجوز لي الامتناع عن الإنجاب مع العلم أني أحب الأطفال؟ لا تحرموني دعاؤكم لزوجي بالهداية، جزاكم الله عنا خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب: أنه إذا كان حال زوجك ما ذكرتِ في سؤالك من أنه يزني ويشرب الخمر، ويأتي جميع المعاصي، فلك الامتناع عنه وعن الإنجاب، كما جاء في سؤالك إلى أن يتوب. وإذا لم يتب فالأولى لك مفارقته، بل ذهب جمع من أهل العلم إلى عدم جواز نكاح العفيف للزانية، ونكاح العفيفة للزاني؛ لقوله تعالى: "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" [النور: 3] ، هذا وجاء في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للعلامة محمد الأمين الشنقيطي في (ج6 ص72) ، ما نصه: (اعلم أن العلماء اختلفوا في جواز نكاح العفيف الزانية ونكاح العفيفة الزاني، فذهب جماعة من أهل العلم منهم الأئمة الثلاثة إلى جواز نكاح الزانية مع الكراهة التنزيهية عند مالك وأصحابه ومن وافقهم) ، ثم ذكر الأدلة إلى أن قال: (وقال جماعة أخرى من أهل العلم: لا يجوز تزويج الزاني لعفيفة، ولا عكسه، وهو مذهب الإمام أحمد، وقد روى عن الحسن وقتادة) ، ثم ذكر الأدلة.
هذا ولا أقول لك بأن ما فعله من المعاصي والتي منها الزنا يستوجب فسخ النكاح بينكما إلا أنني أرى أن الأولى عدم البقاء معه حتى يتوب، وعليك قبل ذلك بمناصحته وعمل كل الأسباب لإصلاحه؛ لعله يهتدي.
نسأل الله له ولضال المسلمين الهداية، إنه على كل شيء قدير وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.(12/113)
حق الزوجة في بقاء الزوج في البيت
المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 8/10/1424هـ
السؤال
هل للزوجة حق شرعي في منع زوجها من الذهاب إلى أصدقائه، فإنني أذهب في الأسبوع مرة أو مرتين، لأننا في الغربة، والذين أزورهم من أبناء بلدي، وعملي لفترة واحدة، وفي المساء أكون مع عائلتي، وعندما أقرر الذهاب خارج البيت تقول زوجتي هذا الوقت من حقنا، وتشعرني هذه الكلمة بأنني قصَّرت معها، فأذهب وفي داخلي ضيق شديد، لا أعرف هل لها حق في كل وقتي؟ أم من حقي الذهاب إلى أصدقائي، ما هو قول الشرع في هذه الحالة؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد..
فيا أخي محمد، إذا أردت حكم الشرع في هذه المسألة، فإنه ليس للمرأة أن تمنع زوجها من الذهاب إلى أصدقائه، سيما إذا كان جلوسه معهم على غير معصية الله تعالى، لأن القوامة للرجل، قال تعالى: "الرجال قوامون على النساء" [النساء: 34] ، لكن أوصيك يا أخي الحبيب بمرافقة أهلك، سيما وأنتم في أرض الغربة، فإنهم يحسون بالوحشة والبعد عن أهلهم، فلا تكثر من الخروج إلا للضرورة، وإذا خرجت فلا تتأخر عليهم، لأنه ربما يحدث لهم شيء في غيابك، واعلم أن حرص زوجتك عليك نابع من شدة حبها لك، ورغبتها أن تكون بقربك دائماً، وفقك الله لكل خير.(12/114)
أخذ الزوجة من مال زوجها
المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 26/5/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع، وبعد.. فهل يجوز أخذ المال من الأم إذا كانت تسرقه من أبي؟ وهل يجوز أخذه من أبي إذا كان لا يعدل بيني وبين إخوتي؟ رغم أنه يعطي بعضهم أكثر مما يعطيني، ويعطي البعض الآخر أقل من ذلك.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد..
فأقول وبالله تعالى التوفيق والسداد: لا يجوز للزوجة أن تسرق من مال زوجها شيئاً، وفعلها محرم إلا إذا كان الزوج موسراً، أو لأنه بخيل شحيح، لا يسد حاجة زوجته وأولادها، فلها أن تأخذ من ماله من غير علمه بقدر الضرورة الشرعية وسد الحاجة، استدلالاً بحادثة زوجة أبي سفيان -رضي الله عنهما- إذ جاءت إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم- وقالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح فهل لي أن آخذ من ماله ما يكفيني وأولادي فقال - صلى الله عليه وسلم-:"خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" رواه البخاري (5364) ، ومسلم (1714) من حديث عائشة -رضي الله عنها- أما أخذك من مال أبيك من غير علمه فلا يجوز، وإن ظهر لك أنه لم يعدل بين أبنائه، فإن كان كما تقول فعليه وزر ذلك، لكن هذا لا يسوغ لك أخذ المال من غير معرفته وعلمه، وعليك أن تكلمه بالحسنى والرفق والأدب، وتفهم منه لماذا يفرق بينكم في النفقة، هذا والله أعلم بالصواب.(12/115)
هل أقيل زوجتي من عملها؟
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 29/11/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز لي أن أقدم استقالة زوجتي إلى عملها مكتوبة باسمي؟ وذلك لأن تلك الوظيفة وراتبها سبب بيني وبين زوجتي مشكلة وسببت تلك الوظيفة تفرقة بيننا في كثير من الأيام وكذلك أنا محتاج بأن تكون زوجتي بالقرب من أولادي لتقوم بشؤونهم وشؤون زوجها.
فأرجو إفادتي هل يحق لي أن أقدم استقالة زوجتي من تلك الوظيفة مكتوبة باسمي وذلك لظروفي التي أوضحتها؟ رعاكم الله.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أخي الكريم إن كنت تزوجتها وهي تعمل، أو شرطت العمل عند عقد النكاح فليس لك التعرض لعملها ومضايقتها فيه فإن هذا من المضارة المحرمة، وقد دخلت في الأمر على بصيرة فليس لك المزايدة بعد ذلك على راتبها أو عملها، كما أنه ليس للزوج أن يقدم هو استقالتها بغير إذنها، لأن الوظيفة وظيفتها وهي تامة الأهلية، وإني أرى للسائل الكريم - من باب النصح له - ألا يسلك مثل هذه الطرق في حل مشاكله الزوجية، بل عليه بالرفق واستعمال الحكمة، لأن الشدة والعنف - في غالب الأحوال - لا تحمد عواقبها، ولو تم لك إقالتها من عملها على نحو ما ذكرت، فمن المرجح ألا تحل مشاكلكم، بل يغلب على الظن أن تزيد وتتعقد، ولا تنس مقولة نبيك - صلى الله عليه وسلم - لزوجه أم المؤمنين - فيما أخرجه مسلم (2594) وغيره (يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطى على ما سواه) وفي لفظ (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه) فاستعمل أخي الكريم الرفق والتسديد والمقاربة، ولو أن تتنازل عن بعض حقوقك، أسأل الله تعالى أن يهيئ لك من أمرك رشداً، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(12/116)
حقوق الزوجة غير المسلمة عند الطلاق
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 5/1/1424هـ
السؤال
هل صحيح أن المسلم إذا تزوج كتابية (نصرانية) وبقيت على دينها وكتب في العقد أن ديانتها المسيحية فليس لها حقوق مادية إذا طلقها كما أخبرنا القاضي الشرعي في المحكمة الأردنية أثناء عقد الزواج؟ وإذا كان هذا غير صحيح شرعاً، فهل يجوز استخدامه من قبل المحكمة الشرعية لدفع النصرانيات إلى الإسلام؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب
أقول وبالله التوفيق:
يَشْترط الإسلام لصحة الزواج من الكتابية نصرانية أو يهودية أن تكون محصنة بمعنى أن تكون عفيفة "محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان" قال الله تعالى في الآية (5) من سورة المائدة:"اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان" [النساء:25] وإذن فعقد الزواج يرتب للزوجة حقوقاً منها الصداق والنفقة والمعاشرة بالمعروف والعدل بينها وبين غيرها إن كانت له زوجة أخرى وإذا كان عقد الزواج يرتب حقوقاً للمرأة فإن الطلاق أيضاً يرتب لها حقوقاً أخرى وهذه الحقوق هي:
(1) مؤخر الصداق.
(2) نفقة العدة.
(3) أجرة الرضاع إن كانت ترضع ولداً.
(4) أجرة الحضانة.
(5) متعة الطلاق.
ومتعة الطلاق مفصلة من حيث مقدارها وأحكامها في كتب الفقه وفي بحث لنا بعنوان (متعة المطلقة في الفقه الإسلامي) مجلة أضواء الشريعة العدد (9) جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/117)
الزوجة الموظفة، هل تجب لها النفقة؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 14/10/1422
السؤال
ما حق الزوج في راتب زوجته الموظفة، خصوصاً إذا كان متزوجاً من زوجة ثانية ويصرف عليها، وعندما أطلب منه المال يقول: أنتِ موظفة يجب أن تصرفي على نفسك وتساهمي معي أيضاً في المصاريف الأخرى؟
الجواب
لا حق للزوج في راتب زوجته؛ لأنه مالها، ولا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه، وعلى الزوج نفقة زوجته وسكناها بالمعروف ولو كانت من أغنى الناس، وهذا بإجماع العلماء لقوله - تعالى -: " لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله " الآية [الطلاق: 7] ، ولقوله - تعالى -: " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " [النساء: 34] ولما رواه مسلم (1218) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ".
هذا وعلى زوجك أن يتقي الله - تعالى - ويؤدي ما وجب عليه تجاهك، ولا يطلب ما ليس له فيه حق إلا ما أعطيته عن رضا منك وطيب نفس، والله أعلم.(12/118)
تحريم الزوجة لزوجها
المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 13/2/1425هـ
السؤال
ما كفارة حلفان الزوجة لزوجها (تحرم عليّ ليوم الدين) ؟.
الجواب
الحمد لله تعالى وحده، وبعد:
فإن المرأة السائلة تسأل عن كفارة حلفان الزوجة لزوجها: تحرم علي ليوم الدين، وهذا اللفظ صادر منها لزوجها، فأقول إن ذلك من باب التحريم لما أحل الله وكفارته كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم، أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يستطع فصيام ثلاثة أيام على هذا الترتيب، الاثنتان الأوليان على التخيير وذلك للآية في سورة المائدة، وكذلك لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" [التحريم:1-2] ، وأنصح السائلة بترك مثل هذه الألفاظ حتى لا توقع زوجها في الحرج. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.(12/119)
الحب بين الزوجين
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 9/1/1423
السؤال
كيف هو الحب بين الزوجين في الإسلام وما هي صفته؟ وهل من ذلك أن يحقق الزوج الطلبات الكمالية؟ وهل من معناه أن تهب عينيك عند الطلب إذا احتاج الأمر كتعبير عن حقيقة المحبة؟
الجواب
الحمد لله وبعد، فإن الحب بين الزوجين في الإسلام مطلب مقصود للشارع الحكيم، إذ به تقوى أواصر المودة والتلاحم بين الزوجين، وهي ضرورية لقيام كيان الأسرة واستقرارها وعمل أساسي في بقاء وديمومة الحياة الماتعة الفاعلة لبيت الزوجية، كما هي بالغة الأثر في صياغة شخصية الأبناء والذرية ومدى صلاحهم الديني والاجتماعي والنفسي، والأصل في كل هذا قوله -تعالى-:" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ... " الآية [الروم:21] وكان -عليه السلام- يحب نسائه ويبادلنه الحب، ففي الصحيح من حديث عائشة -رضي الله عنها- قوله -عليه السلام- لابنته فاطمة -رضي الله عنها- "أي بنية ألست تحبين ما أحب"؟ فقالت: بلى قال:" فأحبي هذه" يعني عائشة -رضي الله عنها- والحديث رواه البخاري (2581) ومسلم (2442) ، وفي الصحيح كذلك من حديث عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه على جيش ذات السلاسل قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال "عائشة ... " الحديث رواه البخاري (3662) ومسلم (2384) ، وروى مسلم (2435) من حديث عائشة - رضي الله عنها - ما غرت على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا على خديجة، وإني لم أدركها، قالت: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذبح شاة يقول: أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة، قالت: فأغضبته يوماً فقلت: خديجة؟ فقال: إني قد رزقت حُبها" والمقصود أن الحب القائم على اللطف والشفقة والمودة والرحمة بين الزوجين مطلب محمود، وغرض مقصود -كما تقدم- إلا أن من المهم جداً في هذه القضية أن يكون الحب المتبادل بين الزوجين تابعاً لحب الله -تعالى- وحب رسوله -عليه السلام- بمعنى أن تُقَّدم محاب الله ومحاب رسوله على محاب الزوج، وأن يظل هذا الأخير في حدود السائغ المشروع، وألا يتجاوز النطاق المأذون به شرعاً خشية أن يتحول الحب إلى عامل هدم يقوض بناء الأسرة ويجعلها في مهب الريح، ولا عجب فبقاء الأسرة وسعادة الزوجين مرهون بمدى التزامهما بأمر الله وسنة رسوله الكريم -عليه السلام- ألا إن من علامات صدق الحب بين الزوجين أن يحرص كل واحد منهما على ما ينفع الآخر في دينه ودنياه، فيتبادلان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وأن يُبصّر كلُّ واحد منها الآخر بعيوبه بالكلمة الطيبة، والقول الجميل، وفي قالب من التقدير والاحترام والرفق والتبجيل.(12/120)
كما أن مما يحقق المطلوب حسن الملاطفة والعشرة بالمعروف والقيام بحق الطرف الآخر المتقرر له شرعاً، كقيام الزوج بواجب النفقة والسكنى وتلبية متطلبات الحياة المعيشية في حدود قدرته المادية:" لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها " [الطلاق:7] وإن لبّى بعض متطلباتها الكمالية من غير إسراف ولا تبذير فحسن، مع الحذر التام من متطلبات محظورة شرعاً كأجهزة اللهو والفساد كالدشوش والمجلات الهابطة ونحوها، كما أن من واجب الزوج صيانة زوجه من التبرج والسفور وذرع الأسواق جيئة وذهاباً دون حاجة ملحة أو بدون محرم، وليثق أخونا السائل وغيره أن ما ذكرته هو الحب الشرعي الحقيقي، لا ما تروجه وسائل الإعلام وتفرضه المشاهد والأفلام، وتصوره الروايات الهابطة والكتابات الساقطة، والتي تدور معظمها على أساس تجسيد مبدأ الحب قبل الزواج، وتجعله عامل النجاح الأول للحياة الزوجية المستقبلية!! ناهيك عن مكر ودهاء بالغين توهم من خلاله المتابع والمتلقي أن ممارسات وتصرفات معينة يقوم بها الطرفان كفيلة بإضفاء السعادة والحيوية في عش الزوجين الجديدين أبرزها تبادل الزيارات المختلطة مع الأقارب والأصحاب، وملاحقة أحدث ما تقذف به بيوت الأزياء العالمية من ثياب الخلاعة والمجون -والعياذ بالله-.
والله أسأل أن يرزقنا حبه وحب ما يحبه، وأن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ويجعلنا للمتقين إماماً، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.(12/121)
طلب الطلاق من العقيم
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 1/8/1423هـ
السؤال
إحدى قريباتي متزوجة منذ ثلاث سنوات، واتضح بعد سنتين من الزواج، وبعد عدة تحاليل -لا تدع مجالاً للشك- أن زوجها عقيم، السؤال: هل يلحقنا أي إثم حال طلبها للطلاق؟ حيث إنها غير راضية إطلاقاً أن تعيش دون أولاد، جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فلا شك أن من حكم مشروعية الزواج إنجاب الأولاد فهم من زينة الحياة الدنيا، وعقم الزوج يبيح للزوجة أن تطلب منه الطلاق أو الخلع، فإن لم يجبها فلها التقدم للمحكمة الشرعية لطلب فسخ النكاح -هذا إن لم تصبر وتحتسب-، ولكن قد يترتب على الفراق بعض الأمور المادية إن لم يرضَ الزوج بفراق زوجته دون عوض، وذلك لكون طلب الفرقة بناء على رغبة الزوجة، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق، إلا أني أخاف الكفر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فتردين عليه حديقته"؟ فقالت: نعم، فردت عليه، وأمره ففارقها" رواه البخاري (5276) ، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(12/122)
مدة الغَيبة عن الزوجة
المجيب د. سليمان بن قاسم العيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 8/8/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب ظروفي المعيشية صعبة، لكن - الحمد لله - على كل حال، وجدت عملاً شريفاً بإحدى الدول الأوروبية، لكن هناك من قال لي إن الشرع لا يبيح لي ترك زوجتي أكثر من ستة أشهر لتجنب الفتنة، مع العلم أني عاقد العزم على إلحاق زوجتي وابني بي حالما تتيسر الظروف بإذن الله، أرجو إجابتي في أسرع وقت، وجزاكم الله كل خير.
الجواب
أخي السائل حفظك الله ورعاك، اعلم أن بعض أهل العلم وقتوا للرجل أن يغيب عن
زوجته ستة أشهر، لما في حديث عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ، "حين سأل ابنته: يا
بنية؛ كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: سبحان الله! مثلك يسأل مثلي عن هذا؟ فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك فقالت: خمسة أشهر، ستة أشهر، فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر؛ يسيرون شهرا، ويقيمون أربعة أشهر ويرجعون في شهر" انظر: مصنف عبد الرزاق (7/151 - 152) ، والبيهقي (9/29) وموسوعة فقه عمر (236) . وسئل أحمد كم للرجل أن يغيب عن أهله؟ قال يروى ستة أشهر، وقد يغيب أكثر من ذلك لأمر لا بد له منه. ويلحق بذلك الحج، وطلب رزق محتاج إليه، نص عليه إن لم يكن عذر؛ يعني: إذا كان له عذر لا يلزمه القدوم، لأن صاحب العذر يعذر من أجل عذره.
والأولى لك أيها السائل أن تأتي إليها بين حين وآخر، إن كان ذلك لا يشق عليك.(12/123)
زوجتي تغلبني
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 11/08/1425هـ
السؤال
أنا متزوج، هل كلمة "واطية على رأسه" فيها عيب؟ أقصد زوجتي، وهل هي من معايب الرجال؟ وهل الرجل يكون آثمًا عندما تتسلط الزوجة الحبيبة؟ أرجو الإفادة.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد:
يقول صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ" أخرجه الترمذي (3895) ، وابن ماجه (1977) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا" أخرجه البخاري (5186) ، ومسلم (1468) .
وقال صلى الله عليه وسلم: "اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ" أخرجه مسلم (1218) .
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم، أنه لم يضرب في حياته كلها خادمًا ولا أحدًا من أهله (أزواجه) . انظر صحيح مسلم (2328) ، وسنن النسائي الكبرى (9163) .
وكان صلى الله عليه وسلم يحلم عليهن، ويصبر على ما يبدر منهن من أخطاء؛ مراعاة لطبيعتهن.
فإذا أحسن الزوج معاشرة زوجته ورفق بها ولم يقصر في حقوقها فلا عليه ولا يضيره أن يقول الناس فيه ما يقولون، مثل قولهم: (فلان زوجته واطية على رأسه) . ونحو ذلك من العبارات، فنظر الناس إلى الأمور كثيرًا ما يخالف الشرع، وليس على نظرهم المُعْتَمَدُ في تمييز الحق من الباطل، والصحيح من عدمه، فليقولوا عنه ما شاؤوا ما دام أنه قد التزم وصية النبي صلى الله عليه وسلم، واجتهد في أداء الحقوق، لكن ينبغي ألا يبلغ به التودد والإحسان إلى الزوجة أن يتعدى حدود الله، ويطيع ويطيعها في معصية الله، ويسكت عن تقصيرها، أو تجاوزها لحدود الشريعة، فهذا هو الذي يعاب به الزوج، ويدل حقًّا على ضعفه وقصوره. والتسلط على الزوجة ليس من شيم الرجال الكرام، فضلاً عن أنه يخالف وصية النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه تسلط على جنس ضعيف، شبهه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأسير في ضعفه، وقلة حيلته، وليس من الشجاعة التسلط عليه وقهره وظلمه، فقال صلى الله عليه وسلم: "اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ". أخرجه الترمذي (1163) ، وابن ماجه (1851) ، والنسائي في الكبرى (6169) . والعاني هو الأسير، والأسير معلوم ضعفه وعجزه، وعلى الرجل أن يترفع عن التسلط وقهر هذا الجنس اللطيف الضعيف، وخير الحلم ما كان مع القدرة، كما أن خير العفو ما كان عند المقدرة. والله أعلم.(12/124)
زوجان يعيشان عدة سنوات دون أي علاقة
المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 6/9/1424هـ
السؤال
يعيش رجل وزوجته في بيت واحد دون مودة ولا محبة ولا جماع، وكل منهم ينفق على نفسه من ماله الخاص، وفضّلا هذا الوضع على الطلاق من أجل أطفالهما واستمر هذا أكثر من عشر سنوات، في ظل هذا كله هل الزواج لازال شرعيا؟ وهل يمكن بالتالي أن يعود لمعاشرتها؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله تعالى وحده، وبعد: فإنه ما دام أنها لا تزال في عصمتك ولم يصل طلاق البتة فإنه مهما كان من طول الفرقة من عدم نفقة أو محبة أو جماع ولو عشرات أو مئات السنين فهي زوجة لك تحل لك في كل حين، ولا مانع من العودة إليها ومعاشرتها، وأسأل الله عز وجل أن يصلح حالكما وأن يجمع بينكما على الخير، وأوصيك بتقوى الله في السر والعلانية والمحافظة على الصلوات وأداء الواجبات وفعل الخير، فإن الله تعالى وعد المتقين فقال سبحانه: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ" [الطلاق: 2-3] ، ويقول تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً" [النحل: من الآية97] ، فمن أصلح ما بينه وبين ربه أصلح الله تعالى له ما بينه وبين الناس جميعاً والله هو الموفق.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/125)
زوجتي لا ترغب المعاشرة الزوجية
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 21/5/1424هـ
السؤال
أنا رجل متزوج، وأمتلك طاقة قوية للجماع، ولكن المشكلة أن زوجتي لا ترغب في المعاشرة الزوجية بكثرة، ودائماً يثار بيننا الجدل حول هذا الموضوع، وتقول بأنني أنا المعيب حيث إن شهوتي قوية. فما نصيحتكم لها، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين: وبعد فالجواب عن السؤال بعاليه كالتالي: زواجك ثانية إلى أربع مباح شرعاً إذا علمت من نفسك أو غلب على ظنك أنك ستعدل - إن شاء الله - قال - تعالى -: "فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" [النساء: 3] وما ذكرت من مشكلتك مع زوجتك بخصوص رغبتك في كثرة الجماع وعدم رغبتها فالواجب على كل منكما معاشرة الآخر بالمعروف، قال - تعالى -: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء: 19] . وقال - سبحانه -: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة:228] هذا وللزوج الاستمتاع بزوجته في القبل ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضرها، ولهذا نهيت المرأة أن تصوم صوم تطوع وزوجها حاضر إلا بإذنه فيما رواه البخاري (5192) ومسلم (1026) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
هذا وجاء في كشاف القناع للبهوتي (ج5، ص 188) ما نصه: (فإن زاد الزوج عليها في الجماع صولح على شيءٍ منه لأنه غير مقدر ... قال الشيخ تقي الدين (يعني ابن تيمية) فإن تنازعا فينبغي أن يفرضه الحاكم كالنفقة وكوطئه إذا زاد، وجعل عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- لرجل أربعاً بالليل وأربعاً بالنهار، وصالح أنس -رضي الله عنه- رجلاً استعدى على امرأته على ستة) . انتهى محل الغرض منه.
هذا ونصيحتي للزوج أن يراعي ظروف امرأته فإذا كانت تكره الجماع أو يضر بها فينبغي ألا يكثر منه، كما أن على الزوجة أن تراعي ظروف زوجها ما دام يرغب في الجماع بل وقد يخشى على نفسه، هذا ونقول للزوجة: علمتِ ما جعله ابن الزبير -رضي الله عنه- وما صالح عليه أنس -رضي الله عنه-، وزوجك كما جاء في السؤال يكتفي بالمرة الواحدة في اليوم والليلة وهذا ليس فيه ضرر عليك. والواجب عليك الصلح معه فهو أفضل لك من أن يتزوج عليك أخرى، والله أعلم.(12/126)
خدمة المرأة والدَي زوجها
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 18/7/1424هـ
السؤال
هل خدمة الزوجة لوالدي الزوج واجبةٌ؟ أم تقوم بها من منطلق إرضاء الله تعالى، وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
ليس على الزوجة خدمة والدي زوجها، ولكنه المعروف والإحسان وإكرام الزوج، وكل ما تفعله الزوجة في معاملة أقارب زوجها هو دين يسدده زوجات أبنائها في وقت تكون في أمس الحاجة له.(12/127)
اشتراط إذن الزوج للخروج
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 12/6/1424هـ
السؤال
عندما تريد أمي الخروج من المنزل لزيارة الأقارب أو غيرهم، تستأذن من الوالد ولكنه يرفض بدون سبب، وإذا خرجت إلى أي مكان ولم تخبره لا يبدو عليه زعل ولا يناقشها في عدم استئذانها وكأن شيئاً لم يكن، يعني: "إذا استأذنت يرفض، وإذا لم تستأذن وخرجت لم يقل لها شيئاً) ، أرجو تبيين الأمر، وماذا أفعل مع أبي وأمي؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأصل أن الزوجة لا تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها؛ لقول الله - عز وجل -: "وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ" [يوسف: من الآية25] ، فسمى الله - عز وجل - الزوج سيداً، والمسود تحت إمرة سيده، وأيضاً قول الله تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ" [النساء: من الآية34] ، ومقتضى القوامة الاستئذان، وأيضاً ما ثبت في الصحيح أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أردن الاعتكاف استأذنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدل ذلك على أنه لا بد من الإذن انظر ما رواه البخاري (2033) ، ومسلم (1173) من حديث عائشة -رضي الله عنها- وأيضاً يدل لهذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنهن عوان عندكم" يعني: أسيرات، والحديث رواه الترمذي (1163) ، وابن ماجة (1851) من حديث عمرو بن الأحوص.
وإذا كان كذلك فإنه لابد من الاستئذان، وهذا هو الأحوط، وأما قوله: إذا كان لا يأذن.. فأما إذا كان عدم إذنه ليس جاداً وإنما يعرف من القرائن أنه يرضى بذلك، وأنه لا يكرهه ولكنه يأذن إذناًًٍُُ لم يرض عنه تمام الرضا، فإذا كان يفهم من القرائن أنه لا يُكرهه ذلك ولا يُضيقه وأنه يأذن بذلك فإنه لا بأس، والأحوط مع ذلك هو الاستئذان.(12/128)
لم يف بالشرط فهل ينفسخ النكاح؟
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 20/11/1425هـ
السؤال
هل يجوز لي طلب الانفصال في حالة عدم وفاء الزوج بوعوده التي قام عليها الزواج من توفير المسكن المستقل؟ علمًا بأني الزوجة الثانية.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
العقد شريعة المتعاقدين، "والمُسْلمون عَلَى شُرُوطِهم"- كما جاء في حديث عوف المزني- رواه الترمذي (1352) والحاكم 4/113، وغيرهما، وتوفير المسكن المستقل للزوجة واجب على الزوج بمجرد الدخول، ولو لم تشترطه الزوجة في العقد، والذي أنصحك به التعامل مع الزوج بشيء من التسامح والمراعاة، واستعمال شعرة معاوية إن شد فأرخي، وأما إذا قامت الحياة الزوجية على المطالبة بالحقوق والمشادة في ذلك فإن الحياة سرعان ما تنتهي بالفرقة بين الزوجين، فاصبري وتحملي، واعلمي أن مع العسر يسرًا، وأن الصبر مفتاح الفرج، والصابرون يوفون أجورهم بغير حساب. والله أعلم.(12/129)
هل طاعة الوالدين مقدمة على طاعة الزوج؟
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 9/10/1424هـ
السؤال(12/130)
هل طاعة الزوج أهم من طاعة الوالدين؟ علماً أن طاعة الوالدين ثابتة بالقرآن الكريم وطاعة الزوج ثابتة فقط بالحديث الكريم، فهل الحديث ينسخ القران؟ وهل طَاعَةُ الْوَالِدَيْنِ وَالإِحْسَانُ إلَيْهِمَا فَرْضٌ عَلَى الْوَلَدِ، قَالَ تَعَالَى:"وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا، إمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا: أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا، وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا". قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِعِبَادَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَجَعَلَ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ مَقْرُونًا بِذَلِكَ كَمَا قَرَنَ شُكْرَهُمَا بِشُكْرِهِ فَقَالَ: "وَقَضَى رَبُّك أَلا تَعْبُدُوا إلا إيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا" وَقَالَ: "أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إلَيَّ الْمَصِيرُ". وَقَالَ الْجَصَّاصُ: وَقَضَى رَبُّك مَعْنَاهُ: أَمَرَ رَبُّك، وَأَمَرَ بِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: وَأَوْصَى بِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، لأَنَّ الْوَصِيَّةَ أَمْرٌ، وَقَدْ أَوْصَى اللَّهُ تَعَالَى بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِمَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ وَقَالَ "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إحْسَانًا" قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَضَى هَاهُنَا إلا أَمَرَ. وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ". وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْله تَعَالَى: "وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ": لا تَمْنَعْهُمَا شَيْئًا يُرِيدَانِهِ. وَحَقُّ الطَّاعَةِ لِلْوَالِدَيْنِ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، بَلْ هُوَ مَكْفُولٌ - أَيْضًا - لِلْوَالِدَيْنِ الْمُشْرِكَيْنِ، قَالَ الْجَصَّاصُ فِي قَوْله تَعَالَى "أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إلَيَّ الْمَصِيرُ، وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا". أَمَرَ بِمُصَاحَبَةِ الْوَالِدَيْنِ الْمُشْرِكَيْنِ بِالْمَعْرُوفِ مَعَ النَّهْيِ عَنْ طَاعَتِهِمَا فِي الشِّرْكِ، لِأَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي قَوْله تَعَالَى: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا، وَإِنْ جَاهَدَاكَ على أن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا" اقْتَضَتْ الآيَةُ الْوَصِيَّةَ بِالْوَالِدَيْنِ وَالأَمْرَ بِطَاعَتِهِمَا وَلَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ، إلا إذَا أَمَرَا بِالشِّرْكِ(12/131)
فَتَجِبُ مَعْصِيَتُهُمَا فِي ذَلِكَ وطَاعَةُ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ". قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قِيَامُ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ هُوَ أَنْ يَقُومَ بِتَدْبِيرِهَا وَتَأْدِيبِهَا، وَإِمْسَاكِهَا فِي بَيْتِهَا وَمَنْعِهَا مِنْ الْبُرُوزِ (أَيْ الْخُرُوجِ) ، وَأَنَّ عَلَيْهَا طَاعَتَهُ وَقَبُولَ أَمْرِهِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً. وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه -"أَنَّ رَجُلا انْطَلَقَ غَازِيًا وَأَوْصَى امْرَأَتَهُ: أَنْ لَا تَنْزِلَ مِنْ فَوْقِ الْبَيْتِ، وَكَانَ وَالِدُهَا فِي أَسْفَلِ الْبَيْتِ، فَاشْتَكَى أَبُوهَا، فَأَرْسَلَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُخْبِرُهُ وَتَسْتَأْمِرُهُ فَأَرْسَلَ إلَيْهَا: اتَّقِي اللَّهَ وَأَطِيعِي زَوْجَك ثُمَّ إنَّ وَالِدَهَا تُوُفِّيَ فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَأْمِرُهُ، فَأَرْسَلَ إلَيْهَا مِثْلَ ذَلِكَ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرْسَلَ إلَيْهَا: إنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَك بِطَوَاعِيَتِك لِزَوْجِك". وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: طَاعَةُ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ: قَالَ أَحْمَدُ فِي امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ مَرِيضَةٌ: طَاعَةُ زَوْجِهَا أَوْجَبُ عَلَيْهَا مِنْ أُمِّهَا، إلا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا. أرجو طرح الموضوع للنقاش..
الجواب
الأخ الكريم: السلام عليكم. وبعد:
فنشكر لك مراسلتك ومواصلتك معنا على موقع الإسلام اليوم.(12/132)
أما عن جواب سؤالك وقد أخضعته للحوار والبحث المفتوح فأقول برأيي الذي أفهمه من نصوص الشرع أن طاعة الزوج مقدَّمة على طاعة الوالدين، طالما أن الزوجة باقية ولايتها في ذمة زوجها، وذلك لأن نصوص طاعة الوالدين لا تتعارض مع نصوص طاعة الزوج، وإنما كل بحسب الحال وهو ما يسمى عند العلماء بالتخصيص، فطاعة الوالدين ثابتة طالما ولاية المرأة تحت والديها، فإذا انتقلت ولايتها إلى زوجها صارت الطاعة لازمة في حقها لزوجها، فهو انتقال حكم من طرف إلى آخر، وأما عن سؤالك هل الحديث ينسخ القرآن؟ فهذه مسألة فيها نزاع بين العلماء، وبيان ذلك أن الحديث النبوي نوعان: آحاد ومتواتر. الأول: نسخ القرآن بالسنة الأحادية، والجمهور على عدم جوازه، وذلك لأن القرآن متواتر يفيد اليقين، والآحاد مظنون ولا يصح رفع المعلوم بالمظنون، والثاني: نسخ القرآن بالسنة المتواترة وقد أجازه أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية عنه لأن الكل وحي، والله يقول: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" [النجم: 3-4] ، وقال تعالى: "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم" [النحل:44] ، والنسخ نوع من البيان، ومنعه الشافعي وأهل الظاهر وأحمد في الرواية الأخرى لقوله تعالى: "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها" [البقرة: 106] ، والسنة ليست خيراً من القرآن ولا مثله، ولكن هل حكم طاعة الزوج وتقديمه على طاعة الوالدين وثبوته بالسنة يعني أن ذلك نسخ لما في القرآن؟ في ذلك نظر، وذلك أن من شروط صحة النسخ - ألا يكون الخطاب المرفوع حكمه مقيداً بوقت معين فإذا زال زال الحكم، وفي مسألتنا أن المرأة تقدم طاعة الزوج على والديها طالما أنها باقية في ذمته، وبمجرد حدوث الطلاق البائن أو الموت أو الخلع تعود ولايتها لوالديها وتكون طاعتهما لازمة في حقها، ولذلك لا تعد هذه المسألة من صور النسخ، ولعل ما أوردته في سؤالك من نصوص أغناني عن ذكرها والتي تدل على وجوب الطاعة للزوج، والله الموفق والهادي لسواء السبيل، وهو أعلم وأحكم سبحانه.(12/133)
عمل المرأة بغير إذن زوجها
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 20/02/1426هـ
السؤال
زوجتي تصر على العمل بمطعم أوروبي منظفة مؤقتة لثلاثة أشهر، وأخشى إن رفضت طلبها أن تهدم أسرتي (ثلاثة أولاد) ، خاصة أنها هددتني بطلب الطلاق، والقانون في أوروبا في صالح المرأة، وهي طلبت أن تسمع إجابة شرعية من علماء خارج أوروبا في نظرها، فالمرجو إفادتنا: هل عمل المرأة بدون إذن زوجها حلال، خاصة أني أعطيها مبلغاً محترماً عدا نفقتها الشرعية، فهي غير محتاجة للعمل وإنما ضغوط أهلها وهوى النفس والصديقات، وهي مصيبة نعانيها في إيطاليا مع زوجاتنا وخاصة القادمات من البادية، ثم هل يجوز العمل في مقهى إيطالي مع شبهة وجود الخمر به وسندويتشات لحم الخنزير، مع العلم أنها حجت بيت الله هذا العام، وجزيت خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فطاعة الزوج واجبة إلا إذا أمر بمعصية أو بشيء لا معنى له مما يدخل في العبث ومجرد فرض الرأي، وعليه: فلا يجوز لها العمل إلا بإذن زوجها، اللهم إلا إذا اشترطت عند عقد الزواج أن تعمل، فلها ما اشترطت، ولكن يجب ألا يكون في عملها مخالفات شرعية من اختلاط أو تبرج منها أو إعانة على إثم ونحو ذلك. فلا يجوز لها أن تبقى في عملها إذا لم يأذن لها زوجها، ولم تشترط عند العقد أن تعمل، والنصوص الشرعية في وجوب طاعة الزوجة زوجها كثيرة، مستفيضة في أحاديث السنة.
وأرى أيها الفاضل أن تترفق في نصحها؛ حتى لا تأخذها العزة بالإثم، ولا تعمد إلى الإغلاظ في القول، فقد يدفعها ذلك إلى العناد والنفور، وعليك بالنصح، والصبر، ولا تيأس وتودد إليها بالهدايا، والعطايا وأحسن إليها تملك قلبها، وأحضر لها الكتب الدينية والأشرطة النافعة؛ عسى أن تتعظ، وترجع إلى بيتها. والله أعلم.(12/134)
إيصال الزوجة النصرانية إلى الكنيسة
المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 12/04/1425هـ
السؤال
هل يجوز إيصال الزوجة الكتابية إلى الكنيسة بقصد التعبد؟ وهل في ذلك شركٌ؟.-جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالذي ينبغي أن يُعلم أن من الحكم الظاهرة في جواز تزوج المسلم بالكتابية هو ما في ذلك من الأسباب المؤدية إلى إنقاذها من ظلمة الكفر، والضلال وهدايتها إلى نور الإسلام وعدله؛ ليتحقق لها بذلك سعادة الدارين، وبحكم قوامة الرجل على المرأة فإن الغالب أن يكون له تأثير واضح في هدايتها، وكثيراً ما يسلم العديد من الكتابيات اللواتي يتزوجن من مسلمين، والذي ننصح لك به ألا تعينها على إقامة شعائر دينها الذي تعلم يقيناً نسخه وبطلان العمل به، ولا أقل من أن تشعرها بأن هذا ليس من حقوقها عليك مع مداومة الدعاء لها، ودعوتها إلى الإسلام. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.(12/135)
إذا امتنع الزوج عن المعاشرة، فهل تلعنه الملائكة؟!
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 14/2/1425هـ
السؤال
كنت قد تناقشت أنا وإحدى الأخوات المسلمات في إحدى ساحات الحوار عن حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بما معناه: إن الملائكة تلعن الزوجة التي تمتنع عن معاشرة زوجها جنسيًّا من دون سبب وجيه، فهذه الأخت ترى أن الإسلام لم ينصف المرأة؛ حيث إنه لا يوجد حديث يقول بلعن الرجل الذي يمتنع عن معاشرة زوجته دون سبب وجيه، فأنا أريد أن أعرف هل هناك نص شرعي من قرآن أو سنة يبين ما هي عقوبة هذا الزوج في هذه الحالة؟ بمعنى هل هناك تحذير له من الله -تعالى- مثل لعن الملائكة أو أن يتوعده الله بعقوبة في الآخرة نتيجة امتناعه عن زوجته؟ فإذا تكرمتم أرجو الإجابة عليَّ سريعاً لو كنتم تستطيعون اليوم، حيث إن النقاش بيننا لم ينته بعد وهي تنتظر، ولا أريد أن أتأخر عليها أكثر من ذلك، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالحديث الذي تعنينه هو قوله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح"، والحديث متفق عليه، عند البخاري (3237) ، ومسلم (1436) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
ومعناه ظاهر، ولكن ليس على إطلاقه كما يتوهم بعض الرجال، فليس كلما امتنعت المرأة وأبت دعوة زوجها إلى فراشه فقد حقَّت عليها لعنة الملائكة، بل الوعيد مقيَّدٌ- كما قرر ذلك أهل العلم - بحالة عدم وجود العذر الشرعي.
فإذا كانت المرأة معذورة شرعاً فلا حرج عليها أن تأبى دعوة زوجها لها إلى الفراش، كما لو كانت في صوم قضاء، أو كانت مريضة والجماع يؤلمها، أو يزيد من مرضها، أو كانت في حالة نفسية سيئة لا تحتمل معها أن يواقعها زوجها.
والمقصود أنه متى كان الجماع يسبب للزوجة ضرراً بيناً لم يكن عليها من حرج أن تأبى دعوة زوجها إلى الفراش، بل يجب عليها الامتناع عندئذ.
على أنه مع ذلك لا يجوز للمرأة أن تتمنع عن الوطء لمجرد عدم رغبتها فيه، فهي ـ في عدم وجود العذر الشرعي ـ مأمورة أن تستجيب لرغبة زوجها، فإن أبت حقَّ عليها وعيدُ الحديث.
وإنما ورد هذا الوعيد في شأن الزوجة دون الزوج؛ لأن الرجل - في الغالب - هو الطالب، والمرأة هي المطلوبة، والرفض لا يُتصور إلا من المطلوب، والغالب أن الرجل هو الذي يدعوها للفراش، وقليلٌ ما تدعوه هي لذلك، وإذا دعته فقليل ما يأبى الزوج دعوتها، ولذا كان الزجر أغلظ على الطرف الذي يتصَّور منه التمنع أكثر؛ لكونه مطلوباً، وهو المرأة.
وورد هذا الوعيد في شأن الزوجة دون الزوج لأن الرجل ـ أيضاً ـ لا يتصوَّر منه حصول الوطء إلاّ بانتشار آلته (عضوه) ، وبدون ظهور رغبته لا جدوى غالباً من دعوته، بخلاف المرأة؛ فهي محل قابل للوطء والاستمتاع، سواء رغِبت أم لم ترغب، تحرَّكت شهوتها أم لم تتحرَّك.(12/136)
وكذلك لأن صبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة، كما أنه أسرع منها استجابةً للمثيرات والمرغبات. ومنعُه من قضاء وطره وإتيان شهوته أشدُّ ضرراً وأعظمُ مفسدةً من منع المرأة من ذلك، فإن المرأة تصبر، والرجل لا يصبر.
ويشبه هذه المراعاة لحاجة الزوج في الوطء ما جاء في الشرع من كثرة التذكير بحقوق الوالدين، ومن تكرار النهي عن عقوقهما، وتكرار التذكير بالوعيد الشديد على ذلك، فأنت تجد من ذلك ما لا تجد مثله في التذكير بحقوق الأولاد؛ لأن تقصير الناس في حق الوالدين أعظم من تقصيرهم في حقوق الأولاد، ولأن في فطرتهم من دواعي مراعاة حقوق الأولاد والحدب عليهم والرأفة بهم ما لا يحتاجون معه إلى التأكيد على حقوقهم، فلم تكن الحاجة داعية إلى التأكيد على ذلك كما كانت الحاجة داعيةً إلى التأكيد على حقوق الوالدين.
إن النظرة القاصرة التي لا تتجاوز ظاهر الحديث - وهو لعن المرأة التي تأبى دعوة زوجها إلى الفراش- قد لا ترى في الحديث إلا مراعاة مصلحة الرجل فحسب.
بيد أنَّ النظرة العميقة الفاحصة - التي لا تقف عند ظاهر لفظ الحديث ودلالة منطوقه - ترى في هذا الحديث مراعاةً لمصلحة الزوجين جميعاً، لا لمصلحة أحدهما دون الآخر، فالحديث وإن كان ظاهره مراعاة مصلحة الرجل وحاجته، إلا أن مآله فيه مصلحةُ الزوجين كليهما.
وبيان ذلك: أن المرأة العاقلة لا ترضى أن يفرغ زوجها شهوته في غيرها بالحرام، وهي تغار أشدَّ الغيرة لو همَّ زوجها بذلك، فكيف لو وقع؟!.
غير أنه لا يتناسب مع هذه الرغبة والغيرة رفضُها لدعوته إياها لفراشه، فهذا الرفض دافعٌ قوي - وبخاصة إذا تكرر- إلى أن يبحث زوجها عن موضعٍ آخر (غيرها) يضع فيه شهوته ويمارس معه المتعة.
وكلما تمنعت المرأة من زوجها عظُمَ في نفسه الدافعُ إلى قضاء وطره في غيرها، وقد يفضي به الأمر إلى أن تخرج من قلبه، وتصبح العلاقة بينهما سطحية رتيبة؛ كعلاقة الرجل بزميله في العمل، وهذا - قطعاً - لا يضر الزوج وحده، بل يضر الزوجة معه.
إنَّ تفهُّم الزوجة لحاجة زوجها الجنسية وتقبلَها لدعوته- بما لا يضر بها وإن كثُر- يجعله راغباً فيها لا راغباً عنها، منصرفاً إليها لا منصرفاً إلى غيرها. كما أنه يقطع الطريق على وساوس الشيطان أن تتسلل إلى قلبه، فتوسوس له وتزين له الفاحشة، وتجعل من رفض زوجته لإشباع رغبته عذراً له أن يقع في المحظور.
ومن هنا يظهر لنا جلياً أن الحديث يأمر المرأة بما هو مصلحة لها في مآله لو تأمّلت أبعاد هذا الأمر في دلالة الحديث.
على أنه ليس في هذا الحديث - لا من مفهومه ولا من منطوقه- حث الزوج على أن يلح على زوجته في الاستجابة لرغبته، فيقسرها ويكرهها على الجماع، وليس فيه - كذلك- أن له أن يحقِّق رغبته ويقضي وطره كلما عَنَّ له ذلك.
كما أنه ليس من منهج العدل والإنصاف في شيء عند استظهار نظرة الشرع للمرأة أن تؤخذ نصوص من الشرع مجتزأةً تُجعل أصلاً يحكم على الإسلام به، وتنسى أدلة أخرى كثيرة مستفيضة تؤكد للرجال حقوق النساء، وتأمرهم بمراعاتها، وتزجرهم عن التهاون فيها أشد الزجر.
فلا بد - إذاً - أن تستقرأ جميع النصوص الواردة في شأن علاقة الرجل بالمرأة، وفي شأن حقوقها عليه، وحقوقه عليها، ومن استقرأها أدرك بيقين لا يزعزعه شك أن الإسلام أنصف المرأة كما أنصف الرجل، وأعطاها بقدر ما لها من الحق، ولم يأخذ منها إلا بقدر ما عليها.(12/137)
صلة أقارب الزوجة
المجيب د. علي بن عمر با دحدح
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 2/1/1425هـ
السؤال
أنا رجل متزوج، وأفهم أن لي أرحاما تجب عليَّ صلتهم وزيارتهم. فما حكم صلتي لرحم زوجتي، بمعنى هل يجب علي زيارة أهلها؛ إخوتها وأخواتها وأعمامها وأخوالها؟ أو بصورة أخرى هل تجب على الأنثى صلة رحمها من الذكور؟ أم أنه واجب عليهم هم زيارتها مثلا
الجواب
أولى الإسلام صلة الرحم أهمية كبيرة؛ لأن البعد الإنساني والعلاقات الاجتماعية ذات أثر كبير في حياة البشر، والإسلام دين شامل، عني بكل ما يحتاجه الإنسان من حوائج حياته ومعاشه، ومن متطلبات فطرته وغريزته، وقد جعل الله - عز وجل - لصلة الرحم أهمية كبرى، ورعاها رعاية عظمى، وكما جاء في قول الله - عز وجل- "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام" [النساء:1] وهذه الآية قرن فيها الله عز وجل بين صلة الرحم والتقوى ومراعاة أمر الله -سبحانه وتعالى-.
ومعلوم أن من النصوص التي وردت في صلة الرحم قول الله -سبحانه وتعالى-: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم" [محمد:22] ، وهذا على سبيل الذم، فيكون سمة الإسلام المدح في صلة الرحم لا في قطيعتها.
وكذلك نجد أحاديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - تدل على ذلك، كما في حديثه في الحديث القدسي "إن الله -عز وجل- قال خلقت الرحم، وشققت لها اسماً من اسمي، وجعلت لها أن أصلَّ من وصلها، وأقطع من قطعها" الترمذي (1907) وأحمد (1662) ، وقال الترمذي: صحيح، كما صححه الألباني.
وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - عظيم أثر صلة الرحم كما في الصحيحين البخاري (5986) ومسلم (2557) أنه عليه -الصلاة والسلام- قال: "من أراد أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه" وغير ذلك من الأحاديث.
والسائل يسأل عن علاقته بأهل زوجته وبوصفهم كذلك من أهل رحمه، ولا شك أن صلته وبره وإحسانه وحسن معاملته لوالد زوجته ووالدتها وذوي قرابتها في الجملة، لا شك أنه من إكرام زوجته ومن حسن عشرتها؛ لأن ذلك يدخل السرور على قلب الزوجة.
ومن جهة أخرى إن كانوا مسلمين فينبغي صلتهم كذلك باعتبار الإسلام وباعتبار قرابة الزوجة، أما الوجوب بمعنى الفرض اللازم، فهذا ليس عليه دليل بحد وقدر معين، كأن يجب أن يزورهم في الأسبوع مرة أو نحو ذلك، فلا دليل يوجبها بالجملة، والحاجة في مثل هذه الأمور غالباً لا ينظر إليها بهذه النظرة الضيقة التي ربما تعتمد على المكافأة، أو بمعنى أن يزورهم مرة في كل كذا ليزوره في كل كذا! كلا هذه قائمة على حسن الصلة والمودة والسماحة (وما لم يدرك كله لا يترك جله) ، فإن تعذرت الزيارة لأمر أو لآخر فهناك وسائل الاتصال الهاتفي أو الكتابة مما يحقق الغرض المنشود، من وجود التقدير والاحترام والعناية والاهتمام ونحو ذلك.(12/138)
أما الزوجة فالذي يجب عليها من البر بر أبويها وبر محارمها وصلة محارمها من أعمامها وأخوالها، لكن دون أن يكون ذلك مؤثراً على طاعة زوجها، ودون أن يكون ذلك مؤثراً على واجبها اتجاه أسرتها، أو معارضا لها في طاعة زوجها، والأصل العناية بالأهم فالمهم، فالوالدان هما الأهم، وهو واجب عليها، وعلى زوجها واجب أن يعينها على بر والديها؛ لأنه إعانة على واجب شرعي.
وأما ما وراء ذلك فإن هذه الأمور بحسب العرف، فإن كان لهذه الأسر لقاء أسري جامع في المناسبات مثل الأعياد وغيرها، فحسن أن تتاح للزوجة الفرصة للزيارة؛ لترى جميع محارمها من الرجال وقرابتها من النساء، وتكون على صلة بهم.
أما إذا كانت زيارة الزوجة لأهلها - ضمن قياس الشرع وليس بالمقياس الشخصي للزوج كأن تترتب عليها مفاسد في دينها، حيث يكون أهلها مثلاً ليسوا حريصين على التزام الإسلام، وقد يحثونها على ارتكاب المعاصي ونحو ذلك، فهذا له أن يمنعها إذا كان هناك سبب شرعي حقيقي، وله أثر غالب في الفساد، وإن كانت صلة الرحم في الأصل ينبغي أن يحرص عليها، حتى مع وجود ذلك؛ بما يعمل على تغيير ذلك الفساد، فقد أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بصلة الأم مع كفرها، انظر البخاري (2620) ومسلم (1003) وهذا هو الواقع في آيات القرآن الكريم كما نعلمه: "وصاحبهما في الدنيا معروفاً" [لقمان:15] والله أعلم.(12/139)
هل يلزم الزوج إحضار خادمة لزوجته؟
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 27/07/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر بعض طلبة العلم أنه يجب على الرجل إحضار خادمة لزوجته فهل هذا صحيح؟!
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
إن المرجع في ذلك إلى العرف، فإذا كانت الزوجة ممن يخدم مثلها، إما لكبرها، أو لضعفها، أو لشرفها، فإنه يلزم الزوج ذلك على الصحيح، هذا أولاً.
ثانياً: أن مراد الفقهاء بالخادم: المرأة الخادمة.
ثالثاً: أن من الفقهاء من قال: إنه يلزمه أكثر من خادم لها حسب حالها، وهو قوي.
رابعاً: أنه يراعى حال الزوج في ذلك، فيفرق بين الفقير والغني، والمتوسط بينهما، لكن هل المعتبر حاله أم حالها أم حالهما؟ الصحيح الأول: أن المعتبر حاله، وهو مذهب الشافعي - رحمه الله - لقوله تعالى: "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسراً" [الطلاق: 7] .
خامساً: أننا قلنا: إن المرجع في ذلك إلى العرف؛ لقوله تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة: 228] . والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(12/140)
أسباب تعظيم حق الزوج
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 12/3/1425هـ
السؤال
قرأت في الكتب عن عظم حق الزوج على زوجته وبأن عليها أن تلعق جراحه بما فيها من دم وصديد، إضافة لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها، لعظم حقه عليها"، وتنتابني الحيرة عن سبب تعظيم حق الزوج فإن كانت المرأة لا تستطيع العيش بدون رجل فالعكس أيضاً صحيح، وإن كان الرجل يكتسب فالمرأة أيضاً قادرة على الاكتساب. أرجو بيان السبب وراء تعظيم حق الزوج على زوجته.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأما ما يروى عنه - صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده، لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تتبجّس- أي تتفجَّر - بالقيح والصديد، ثم استقبلته تلحسه، ما أدّت حقه" فقد أخرجه أحمد في مسنده رقم: (12614) ، لكنه حديث ضعيف لا يحتج به.
وأما سبب تعظيم الشرع لحق الزوج على زوجته فلعظيم منَّته عليها، ولعظم واجباته ومسؤولياته التي يضطلع بها تجاهها، فقد أوجب الشرع عليه ما لم يوجبه على المرأة حتى على نفسها، فأوجب لها عليه مهراً، وأن ينفق عليها، وأعفاها من النفقة على نفسها، وأن يؤمن لها السكن والكسوة، حتى ولو كانت غنِّية، أو كان لها مورد مالي يكفيها، أو يزيد على حاجتها.
كما أوجب عليه نفقة أولاده منها، فإن طلقها في مدة الحمل وجب عليه أن ينفق عليها حتى تضع حملها، فإذا وضعت حملها فلها أن تأخذ أجرةً على إرضاع ولدها منه.
أفلا يعظم حقه عليها مقابل ما كُلِّف به من واجبات تجاهها؟!.
وأنا أسأل: لماذا جعل الله حقّ الأم على ولدها- سواء كان ذكراً أو أنثى- أعظم من حق الأب؟ كما في الحديث المشهور: "يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك" رواه البخاري (5971) ومسلم (2548) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه.
أليس تعظيم الشرع لحق الأم على حق الأب هو لأجل ما تحتمله من مشاق في حمل الولد وولادته وحضانته وتربيته وتغذيته؟!.
بلى، إنه لكذلك، فكذلك الزوج، عظم حقه على زوجه لعظيم فضله ومنته عليها.
وأكد النبي - صلى الله عليه وسلم- على فضل الزوج على زوجته، ونبَّه إلى عظيم حقه عليها حتى يكون ذلك أدعى لها أن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما فيه معصية الله.
إن البيوت لا تصلح بلا رب يسوس الرعية، كما لا يصلح البلد بلا حاكم، ولا السفينة بلا ربان.
على أنه يجب أن تدرك الزوجة أن تعظيم حق الزوج عليها لا يعني هضم منزلتها، ولا بخسها شيئاً من حقوقها، ولا يلزم منه احتقارها وإذلالها.
وعليها أن تدرك أن ما أعطي للرجل لم يؤخذ من المرأة، ولم يكن في ذاته سلباً لكرامتها، ولا بخساً لقدرها.(12/141)
على أن إيجاب الطاعة للزوج على زوجته لا يمنحه حق الاستبداد والتعسف، ومن فهم ذلك فقد جار على الشريعة، وأساء الظن بها، فالاستبداد داء خطير، لا يدخل مملكة ولا إمارةً إلا أفسدها وأذل أهلها، وأفضى إلى كراهية الرعية لراعيها.. الزوجة لزوجها، والأولاد لوالدهم، والمحكومين لحاكمهم.
لقد منح الشرع الحاكم والأمير والزوج حق الطاعة على أهل مملكته أو بيته، لكنه أوجب لهم عليهم حق الشورى وحرّم عليهم الاستبداد بالرأي، كما قال تعالى: "وشاورهم في الأمر.." [آل عمران:159] "وأمرهم شورى بينهم.." [الشورى:38] .
أختي الفاضلة: ما أنصف أحد المرأة..زوجةً وأماً وبنتاً وأختاً كما أنصفها الإسلام، ففي مقابل ما أوجبه عليها من حق الطاعة لزوجها، أوجب الشرع لها على الزوج حقوقاً لم توجبها القوانين الوضعية، فأوجب عليه الرفق بزوجته، وأمره بمعاشرتها بالمعروف، حتى ولو كرهها، "وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" [النساء:19] .
وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يوصي في خطبة الوداع بالنساء خيراً، فيقول: "اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ... " الحديث رواه مسلم (1218) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.
وقال - صلى الله عليه وسلم-: "إني أحرج عليكم حق الضعيفين: اليتيم والمرأة" أخرجه أحمد (2/439) ، وابن ماجة (3678) ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في الصحيحة (1015) .
وقال - صلى الله عليه وسلم-: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"،رواه الترمذي (3895) وأبو داود (4899) من حديث عائشة - رضي الله عنها - وكان يغضب من ضرب بعض الأزواج لزوجاتهم، فوعظهم في النساء، وقال: "علام يضرب أحدكم امرأته ضرب العبد، ثم يضاجعها من آخر الليل"؟!!.
وقولك: ((تنتابني الحيرة عن سبب تعظيم حق الزوج، فإن كانت المرأة لا تستطيع العيش بدون رجل، فالعكس أيضاً صحيح. وإن كان الرجل يكتسب، فالمرأة أيضاً قادرة على الاكتساب)) هو قول خاطئ؛ فليست المسألة مسألة عيش ولا اكتساب، نعم تستطيع المرأة أن تعيش وتكتسب بلا رجل، لكنها لا تستطيع أن تصبح أماً بلا زوج!، ولا تستطيع أن تشبع رغباتها من طريق الحلال بلا زوج، كما أن الزوج هو الآخر لا يستطيع أن يصبح أباً بلا زوجة، ولا أن يشبع رغباته بالحلال بلا زوجة.
إن الله أوجب على المرأة طاعة زوجها بالمعروف؛ لأن القوامة له، "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم" [النساء:34] .
وإنما جعل القوامة بيد الرجل؛ لأنه أقدر من المرأة جسداً وعقلاً، ولذا جعل الله النبوة والرسالة والرئاسة والإمارة في الرجال ولم يجعلها في النساء، وكلفهم بالجهاد وأسقطه عن النساء، لكن ليس في جعل القوامة بيد الرجل ما يوحي بتفضيل منزلته ولا بكرامته عند الله، فليس أحد أكرم عند الله من أحد إلا بالتقوى، فالأتقى هو الأكرم، رجلاً كان أو امرأة، عربياً كان أو عجمياً.
وفقك الله لكل خير، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/142)
غيبة الزوج الطويلة وحقوق زوجته وأولاده
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 26/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
مشكلتي بدأت عندما تزوجت بإنسان يحب المال أكثر من عائلته! فقد سافر بعد زواجنا بعشر سنوات إلى بلد عربي، وتركنا أنا والأولاد خمس سنوات، وكان عمري 33 سنة، وبعد أن التقينا معه واستقرينا أربع سنوات جاءت الهجرة إلى كندا، وقبل أن نقدم على الهجرة قال لي بأنه سيبقى معنا في كندا، ولكن الذي حصل أنه رجع إلى البلد العربي الذي كنا نعيش فيه بحجة أن العمل في كندا قليل، وفي السفرة الأولى وعدني بأنه سيرسل بطلبنا ولم يرسل إلا بعد خمس سنوات، وهذه المرة يقول سآتي بعد أشهر ولن أطوِّل الغيبة، ماذا أفعل؟ هل أتركه يخطط حياتنا بهذه الطريقة أم أضع له حداً لهذه التصرفات؟ وخصوصاً أنه لدينا ثلاثة أولاد في عمر المراهقة ويحتاجون إلى أب يكون قريباً منهم، وكذلك أنا محتاجة له، وحسب الشرع لا يجوز ترك المرأة أكثر من ثلاثة أشهر. أفيدوني جزاكم الله ألف خير.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فقد اشتمل هذا السؤال على عدة نقاط:
الأول: حكم الهجرة إلى بلاد الكفر والإقامة فيها:
والجواب: الأصل أنه لا يجوز للمسلم السفر والإقامة في غير بلاد المسلمين من غير حاجة وضرورة، وقد ذكر شيخنا العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى- أنه لا يجوز السفر إلى بلاد غير المسلمين إلا بشروط:
1- أن يكون عند المسافر علم يدفع به الشبهات.
2- أن يكون عنده ورع يدفع به الشهوات.
3- الحاجة إلى ذلك.
وما ذكرته الأخت السائلة من أنهم هاجروا إلى بلد غير مسلم، فهذا لا يسمى هجرة شرعية، فالهجرة الشرعية هي الانتقال من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام، لا العكس.
هذا هو الأصل، ولكن نظراً إلى أن جملة من المسلمين لا يستطيعون إظهار شعائر دينهم في بلادهم بسبب كثرة المضايقات من حكوماتهم، بل بعض الدول تحاكم وتعاقب من يظهر شيئاً من ذلك، فإن كان الحال كذلك ولم يجد هذا المسلم بلداً إسلامياً يقيم فيه بعد بذل وسعه وطاقته فأرجو ألا حرج عليه في السفر إلى بعض بلاد غير المسلمين ممن تسمح أنظمتهم للمسلمين بإظهار شعائر الدين وأداء الواجبات الشرعية من غير مضايقة، وعلى أن يحرص عند ذهابه إليها على الإقامة بين جالية إسلامية تعينه على الطاعة وتنهاه عن المعصية، ومتى ما تحسنت الأمور في بلده أو وجد بلداً إسلامياً يسمح له بالإقامة فيه وجب عليه السفر إليه؛ لأن الإقامة في بلاد الكفر مشروطة بالحاجة ومتى زالت وجبت عليه الهجرة منها، أما إن كان المسلم لا يستطيع إظهار شعائر دينه لا في بلده، ولم يجد إلا بلداً غير مسلم لا تسمح قوانينه للمسلمين بإظهار شعائر دينهم فهنا تستوي الكفتان ويبقى الترجيح في ذلك بين ما سيترتب عليه وعلى أهله من مفاسد قد تكون في بلاد الكفر أكثر منها في بلاد المسلمين، فبقاؤه على هذه الحال في بلاد المسلمين خير له من سفره إلى بلاد غير المسلمين.
المسألة الثانية: وهي غيبة الزوج عن زوجته وأولاده:(12/143)
فهنا إن كانت غيبة الزوج بسبب طلبه للعلم أو بحثه عن الرزق فله ذلك، ولكن بشرط ألا تتجاوز أربعة أشهر، وهي المدة التي ذكرها الله -تعالى- في الإيلاء؛ قال تعالى: "لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [البقرة:226-227] .
وذهب بعض الصحابة - رضي الله عنهم- إلى أن يمهل في الغيبة ستة أشهر، إلا بإذن الزوجة، فإن أذنت له فله أن يغيب ما شاء، أما إن لم تأذن له فليس له تجاوز تلك المدة، فإن تجاوزها وطلبت زوجته رجوعه ولم يرجع فللمرأة التقدم إلى المحكمة الشرعية للنظر في فسخ نكاحها منه إن طلبت ذلك.
المسألة الثالثة: وهي تربية الأولاد:
فلا شك أن تربية الأولاد مسؤولية عظيمة تقع على عاتق الوالدين منذ ولادتهم، وتتفاوت الواجبات على كل واحد من الوالدين بقدر ما يحتاجه الولد من التربية، فهو يحتاج إلى أمه في فترات أكثر من حاجته لأبيه، وفي فترة أخرى يحتاج إلى والده أكثر من حاجته لأمه، والإهمال في تربية الأولاد عواقبه وخيمة وسيئة على الولد والوالدين والمجتمع، فالولد يضل وينتكس، والوالدان يجنيان ثمرة إهمالهما عقوقاً وإساءة، والمجتمع دماراً وانهياراً؛ قال عليه الصلاة والسلام: "كلكم راع ومسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم ... " الحديث رواه البخاري (2416) ، ومسلم (1829) ، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-، وقد كتب العلماء قديماً وحديثاً عن أهمية تربية الأولاد وبينوا الآثار السلبية الناتجة بسبب التقصير في التربية.
وأخيراً أوصي - أختي السائلة- بالصبر على ما ذكرته قدر المستطاع، ولتحرص على إقناع زوجها بالتي هي أحسن بأهمية ما ذكرته وإن استدعى الأمر تدخل بعض الحكماء من الأقارب أو غيرهم، كما أوصي - السائلة - أن تقلل من الطلبات التي تطلبها كثير من النساء مما يتسبب في تعب الزوج في البحث عن زيادة في الدخل ليحقق لزوجته ما تريده. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، والله -تعالى- أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/144)
لا ينفق عليها بحجة أنها موظفة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 06/06/1426هـ
السؤال
ما الحكم إذا كان الزوج لا ينفق على زوجته الموظَّفة، ويجبرها على أن تتحمَّل الديون من أجله، وإلا فإنه يهينها، ويرفض طلاقها؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فيجب على الزوج أن يقوم بحق زوجته من النفقة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" رواه مسلم (1218) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، وأيضاً حديث هند -رضي الله عنها- أنها قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجلٌ شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف". أخرجه البخاري (5364) ، ومسلم (1714) .
وحتى لو كانت المرأة غنية بعمل أو تجارة، أو ميراث، أو نحو ذلك، فإنه يجب على الزوج أن ينفق عليها من الطعام والكسوة.
وأما إهانتها إذا لم تعطه مالاً، أو تتحمل الدين من أجله، فهذا محرم ولا يجوز، وهو أكل لمال الناس بالباطل، وقد قال الله - عز وجل-: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" [البقرة: 188] ، والإهانة - بذاتها- محرمة، ولا تجوز.
فيجب على كل من الزوجين أن يقوم بحق الآخر، وألا يكلِّفه ما لا يطيقه، وألا يعنفه أو يخطئ عليه، بل يصبر ويحتسب. والله أعلم.(12/145)
هل للزوج حق في مال زوجته الموظفة؟
المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
عضو البحث العلمي بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 08/11/1426هـ
السؤال
هل للزوج حق في مال زوجته التي تعمل بإذنه؟ وهل لها التوقف عن إعطائه ما تم الاتفاق عليه نتيجة عملها خارج البيت، إذا علمت أنه تزوج ثانية؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فليس للزوج حق في مال زوجته التي تعمل بإذنه، إلا أن يكون قد أذن لها بشرط أن تدفع له جزءاً من كسبها مقابل التقصير في القيام بالعشرة ولزوم البيت، وله أن يمنعها من العمل، إلا أن تكون قد اشترطت عليه ذلك، ولها أن تدع العمل وتلزم بيتها فلا يصله منها شيء.
وأما زواجه بثانية فلا علاقة له بحكم المسألة؛ لأن ذلك من خالص حقه، والله أعلم.(12/146)
حدود قوامة الرجل على المرأة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 01/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال: ما هي حدود قوامة الرجل على المرأة؟
الجواب
الحمد لله حده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
قوامة الرجل ثابتة بنص القرآن: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ... ) الآية [النساء:34] .
وأعظم واجبات القوامة النفقةُ على الزوجة بالمعروف، بحيث يكفيها التكسب ويضمن لها النفقة، فلا تحتاج لغيره، ولا إلى أن تعمل؛ لتنفق على نفسها، ومن أعظم واجبات القوامة حماية العرض والغيرة عليه، وضمان الكسوة والسكنى، وله عليها مقابل هذا أن تطيعه بالمعروف، وأن تحفظ عرضه في غيبته، وأن تقوم بشؤون البيت، كما قال صلى الله عليه وسلم: " ... والمرأةُ رَاعِيَةٌ في بيتِ زَوْجِها ومَسؤولةٌ عَن رَعِيَّتِهَا". أخرجه البخاري (893) ومسلم (1829) . وليس من القوامة أن يستبدّ برأيه ويظلمها، ويشق عليها، ويقتصد في نفتقها، ويمنعها مما أباحه الله لها، ويحرمها من طيبات ما أحل الله لها، وليس من معنى القوامة أن يضربها ضربًا مبرحًا، كما يضرب السيد عبدَه، أو يضربها من غير سبب، ولو بالضرب غير المبرح.
وليس من معنى القوامة أن يصادر رأيها، ويحقرها، ويحجر على عقلها، فالإسلام بريء من كل هذا، ولا يعني منح القوامة للرجل أن يكون هو الأفضل مطلقًا عند الله، بل الأفضل والأكرم الأتقى، كما جاء في الآية المشهورة. والله أعلم.(12/147)
حق الزوجة في سكن مستقل
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 12/04/1425هـ
السؤال
أنا فتاة متزوجة منذ عامين ونصف، وأنا أسكن مع أهل زوجي، سؤالي هو هل من حقي طلب العيش في بيت لوحدي؟ علماً أني أعيش في غرفة وصالة صغيرة داخل فيلا بجانب غرفة أخ زوجي، وأنا في ضيق بسبب هذا الأمر، وخاصة عندما تصدف الأمور بأني أقابل أخا زوجي، فنحن في بيت واحد، فبديهي أن يراني، وطلبت هذا الشيء من زوجي، وهو أولا كان يتحجج بأن ليس لديه الإمكانية المالية، لكن بعد ذلك اكتشفت أنه يستطيع أن يبني قصراً لا ملحقاً كما كنت أطلب منه، فهل لي حق في المطالبة بسكن مستقل.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب: أنه إذا كانت حالكِ ما ذكرتِ من حصول الضرر عليك في سكناك مع أهل زوجك، وبجانب غرفة أخيه، فلك الحق في مطالبة زوجك بمسكن خاص، لا سيما مع ما ذكرت من قدرته المالية، أو على الأقل يسكنك بجهة من بيت أهله منعزلة عن غرفة أخيه، وعن من يحصل لك منه ضرر، وعليك إن لم يوافق أيضاً أن تصطلحي معه بأي وسيلة تدفع عنك الضرر، لا سيما وأن زوجك طيب كما ذكرت، وإذا لم يوافق، وكان عليك ضرر، فلك أن ترفعي أمرك للمحاكم الشرعية لديكم للنظر في القضية، ومن ثم إزالة الضرر.
نسأل الله -تعالى- أن يوفق الجميع لكل خير. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(12/148)
هل يجب عليه توفير سكن لكل واحدة منهما؟
المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب
أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 05/08/1425هـ
السؤال
هل يجب على الرجل المتزوج من زوجتين أن يسكن كل واحدة في بيت منفصل، وقد وافقتا في البداية على السكنى مجتمعتين؟ وهل بجزئ عن البيت جناح منفصل في نفس المنزل (أي حجرة وحمام وصالة؟) منفصلتين تماماً، وإذا أصرَّت الأولى أو الثانية على بيت منفصل تماماً ولم أستطع ذلك، هل أكون ظالماً لها؟. وهل يجوز لي طلاق من تطلب مني ذلك؛ لكوني غير مقتدر ولكونهما وافقتا على السكنى مجتمعتين في منزل واحد مشترك، فضلاً عن كون الثانية في جناح منفصل تماماً عن الأولى، ولكن مدخلها ومخرجها عن طريق صالة الزوجة الأولى، وأنا الآن معتزلهما، أرشدوني مأجورين.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وبعد:
أخي الكريم: إذا ثبت أن الزوجتين قد وافقتا على السكنى في بيت واحد، كل واحدة منهما في حجرة منفصلة، فليس على الزوج أن يسكنهما في بيت مستقل، وليس لهن الرجوع عن ذلك إلا إذا ثبت أن هناك ضرراً عليهما من غير الزوج، لكن الأفضل - لوجود الغيرة بينهما- أن يكون لكل واحدة منهما دار مستقلة.
أما ما ذكرت من وجود جناح منفصل لكل واحدة منهما فهذا كاف، ولا يحق لهما المطالبة بأكثر من ذلك، ولا تكون ظالماً لهما بهذا المسكن - إن شاء الله تعالى-.
أما الطلاق فلا تفكر فيه ما دام الحل موجوداً، والأمر سهل، وعليك أن تكون حكيماً في الكلام معهما، فقد تسمع المرأة من غيرها ما يثيرها، ولكن كلمة ود منك تبدِّد ما تسمعه، فعليك أن تكلم كلاً منهما على حدة بكلام لطيف رقيق، ولا تعتزلهما في المجلس؛ بل عليك أن تكون معهما في سرائهما وضرائهما، المهم ألا يستولي عليك الغضب، والنبي - صلى الله عليه وسلم- عاش مع تسع نساء باللطف والحنو. والله أعلم.(12/149)
حقوق الزوجة على الزوج
المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها
التاريخ 26/10/1426هـ
السؤال
ما حقوق الزوجة على الزوج؟ وهل يجب عليّ توفير خادمة لزوجتي؟ وأحياناً تطلب مني أن أشتري لها بعض الأغراض وأرفض لغلائها، فما حكم ذلك؟ أرشدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى
بهداه، وبعد:
فمن حق الزوجة على زوجها: أن ينفق عليها بالمعروف، فيوفر لها المسكن الصالح، الذي تصان فيه حرمة المرأة وكرامتها، واللباس الصالح الذي يصونها من الابتذال وأذى الحر والبرد، وتعتاده مثيلاتها من قريباتها، والطعام الصالح بالمعروف الذي يأكله الناس عادة من غير سرف ولا تقتير، وذلك في حدود قدرته المالية، قال الله تعالى: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة:286] ، وقال سبحانه: "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف" [البقرة:233] .
كما أن من الواجبات المنوطة بالزوج: أن يعلِّم زوجه واجباتها الدينية، ويرشدها إلى ما تحتاج إلى معرفته من دين أو خلق كريم.. فقد جعل الله وقاية الزوجة من النار أمانة في عنق الزوج، فقال سبحانه وتعالى: "يأيها الذين آمنو قوا أنفسكم وأهليكم نارًا" [التحريم:6] .
كما أن عليه أن يحافظ على عرض زوجه، فلا يعرضها للشبهة، ولا يتساهل معها في ذلك، لئلا يعرض سكن أسرته لألسنة السوء وطمع من في قلبه مرض، فإن التساهل في هذا قبيح، ولا يعد من مكارم الأخلاق، ولا من إكرام المرأة أو احترامها؛ لما يجره من شقاءٍ لها ولزوجها وأولادها، قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "أتعجبون من غيرة سعد، لأنا أغير منه، والله أغير مني". رواه البخاري (6846) ، ومسلم (1499) .
وعلى الزوج الصالح أن يحسن خلقه مع زوجه فيكلمها برفق، ويتجاوز عن بعض ما يصدر منها من هفوات وتقصير، ويقدم لها النصح بلين تبدو فيه المودة والرحمة والشفقة والحرص على سلامة عش الزوجية، لا بتسلط ونفور، فإن الله تعالى قال لنبيه، وهو النبي المرسل الواجب الاتباع: "بما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم" [آل عمران:159] ، وقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إن خياركم أحاسنكم أخلاقاً". أخرجه البخاري (6035) ، ومسلم (2321) . وقال صلى الله عليه وسلم: "إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً". رواه الترمذي (2018) . وفي رواية أخرى: "إن أحبكم إليّ أحاسنكم أخلاقاً، الموطؤون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون" رواه الطبراني في الأوسط والصغير، وانظر صحيح الترغيب والترهيب (2658) .(12/150)
فإذا كان حسن الخلق مع الناس كلهم أمراً مطلوباً من قبل الشرع، وهو دليل القرب من الله تعالى، فكيف بحسن الخلق مع الزوجة، وهي ألصق الناس بزوجها، وأشدهم حاجة إلى مودته وحسن معاملته، فلا مانع من أن ينبسط الزوج مع زوجه في البيت، ويستمتع بحديثها، ويمازحها ويداعبها تطييباً لقلبها، وإيناساً لها في وحدتها، وإشعاراً لها بمكانتها من قلبه، فقد قال نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وآله وسلم "إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله".
وفق الله السائل لما يحبه ويرضاه، وأصلح له زوجه وولده، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(12/151)
العدل بين الزوجات في السفر
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 20/11/1424هـ
السؤال
أنا لدي زوجتان، وبالنسبة للعدل بينهما من ناحية السفر - حيث إن الأولى لها أولاد ووظيفة، والثانية ليس لها شيء من ذلك - فهل هما في السفر سواء؟ هل أعدل في السفر إذا كان يوماً وليلة فقط؟ وما هي أفضل الكتب في العدل بين النساء في المسائل المعاصرة؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الله -سبحانه وتعالى- أمر بالعدل في الأمور كلها، قال تعالى: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان" [النحل:90] ، وقد أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم- بأن الله حرَّم الظلم على نفسه وجعله على عباده محرماً، انظر ما رواه مسلم (2577) من حديث أبي ذر -رضي الله عنه-، ولذلك فإن الواجب على الإنسان أن يتحرى العدل في كل شؤونه، مع نفسه وولده وزوجه وخادمه، وغيرهم.
ومما يجب توخي العدل فيه ما يتعلق بالزواج والتعامل مع الزوجات، فإذا كان الإنسان لديه زوجتان فإنه يجب عليه أن يكون عادلاً بينهما في القسم والمبيت والنفقة والسفر وما إلى ذلك من الأمور الظاهرة، ولا يجوز له أن يفضل إحدى زوجاته على غيرها بشيء ما إلا برضا الزوجات الأخر، فإذا تنازلت إحدى الزوجات عن شيء من حقوقها فإنه يجوز لها ذلك، ويشهد لهذا ما فعلته سودة - رضي الله عنها- زوج النبي - صلى الله عليه وسلم- فإنها تنازلت عن حقها في المبيت لعائشة - رضي الله عنها-، وقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا التنازل، انظر ما رواه البخاري (5212) ومسلم (2445) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، مما يدل على جوازه ومشروعيته، وإذا أراد الزوج أن يسافر ويصطحب معه إحدى نسائه فإنه يقرع بينهن أولاً، فمن جاءت القرعة لها يسافر بها أولاً، ثم يسافر بالأخرى في السفرة الثانية، وهكذا، إلا أن تسمح إحداهن للأخرى فيجوز كما سبق ذكره، وإذا كان الأمر كما تذكر من أن إحدى زوجتيك موظفة ولديها أولاد والأخرى ليست كذلك، فإنه يمكن أن تحقق العدل بينهما، حيث تجعل السفر بالزوجة الموظفة وأولادها في أوقات الإجازة، وذلك من أجل المحافظة على وظيفة الزوجة ودراسة الأولاد.(12/152)
على أني أنبه إلى أن الزوجة الموظفة إذا امتنعت من السفر لأجل وظيفتها الخاصة بها فإنه يجوز للزوج السفر مع الزوجة الأخرى؛ لأن الزوجة الموظفة هي التي تنازلت عن حقها في السفر فسقط عنها، أما إذا امتنعت عن السفر من أجل دراسة الأولاد فإن امتناعها له سبب معتبر، ولذلك يحسن بك أن تعوضهم بالسفر في أوقات الإجازة، وكما يجب على الزوج أن يعدل بين زوجاته في عدد مرات السفر، فإنه يجب عليه أن يكون عادلاً بينهم في مدة السفر ونوعه، فلا يجوز له أن يخص إحدى زوجاته بالسفر الطويل والأخرى بالسفر القصير، أو يخص إحدى زوجاته بالسفر المريح والأخرى بالسفر الشاق ونحو ذلك، إلا إن حصل هذا الأمر من غير قصد، ومما يحسن التنبيه إليه أن الزوج إذا كان يحسن التعامل مع زوجاته، ولا يظلم واحدة منهن فإنه يستطيع تدبير أموره وتسييرها بالرضا والتفاهم بين جميع الأطراف، ومن نقص شيئاً من حقوقها فإنه يجتهد في تعويضه في جوانب أخرى، أما ما يتعلق بالكتب التي تتحدث عن العدل بين الزوجات، فإن أنفع شيء في هذا المجال ما ورد في كتب السنة من تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع زوجاته، مع الاطلاع على ما كتبه أهل العلم شرحاً وتعليقاً على هذه الأحاديث، إضافة إلى فتاوى أهل العلم المعاصرين خصوصاً في المسائل المعاصرة، وكيف يحقق الزوج العدل فيها. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(12/153)
العدل بين الزوجات في تبعات الزفاف؟
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 19/11/1424هـ
السؤال
أنا متزوج من ثلاث، وزوجتي الثالثة من عائلة لهم عادات بعد الزواج وهي الكسوة، علما بأني لما دفعت المهر اتفقت مع أبيها بأن يجعل المهر مع الكسوة، وقد أعطيته 60ألف ريال كما طلب، ولكن الزوجة تطلب مني أن أكسو أهلها بعشرة آلاف ريال، السؤال: هل يلزمني إذا أعطيتها المبلغ أن أعطي كل زوجاتي عشرة آلاف ريال؟ وهل الهدية التي تعطى للزوجة يشترط فيها العدل بين الزوجات؟
الجواب
جاء في حديث عمرو بن عوف المزني - رضي الله عنه - مرفوعاً: "والمسلمون على شروطهم" رواه الترمذي (1352) ، وابن ماجة (2353) ويقول - عليه السلام -: "إن أحق الشروط أن يوفي به ما استحللتم به الفروج" رواه البخاري (2721) ، ومسلم (1418) من حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه -، وقال الخليفة عمر - رضي الله عنه -: "مقاطع الحقوق عند الشروط" رواه البخاري تعليقاً كتاب: الشروط. باب: الشروط في المهر عند عقدة النكاح، ومن القواعد الشرعية: الشرط العرفي كالشرط اللفظي، والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، وعلى الرجل أن يفي بما جرت عليه أعراف القبيلة ما دام أنه لا يحل حراماً، ولا يحرم حلالاً، ولا يسقط واجباً، ولا يوجب ساقطاً.
غير أن الاتفاق مع أبيها بدخول الكسوة ضمن المهر لا يبقي لهم حقاً في المطالبة بما زاد على الاتفاق، إن كان هذا الاتفاق مكتوباً أو اعترف به أبوها.
والمهر حق للزوجة هو وما يتبعه، ولا يلزم الزوج أن يدفع لزوجاته السابقات نظير هذا المهر أو نظير ما جرى به العرف، وإذا أهدى لزوجته بمناسبة خروجها من النفاس أو إنجازها عملاً تفردت به مما يعود عليه وعليها بالخير فلا يلزمه أن يساوي بينها وبين زوجاته الأخر، والعلم عند الله.(12/154)
طلب الطلاق إذا تزوج الزوج
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 25/3/1424هـ
السؤال
هل الزواج بالمرأة الثانية يبيح للأولى طلب الطلاق أو الفسخ؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد..
يجوز أن يتزوج الرجل زوجة ثانية، وثالثة، ورابعة، وجواز التعدد مشروط بالقدرة على العدل بين الزوجات، قال الله تعالى: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا" [النساء: 3] ، لذا ذهب بعض العلماء إلى أن الأصل التعدد، وليس زواج الزوج بزوجة ثانية مما يبيح للزوجة الأولى أن تطلب الطلاق، إلا إذا لم يعدل زوجها بينهما، وقد جاء الوعيد للزوج الظالم، حيث قال - صلى الله عليه وسلم- "من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل" رواه النسائي (3942) والبيهقي في الشعب (8713) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-، هذا إذا كانت المرأة لم تشترط عليه في العقد ألا يتزوج عليها، فإن كانت قد اشترطت عليه ألا يتزوج عليها فتزوج فلها الفسخ في أصح قولي العلماء؛ لحديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج"، رواه البخاري (2572) ومسلم (1418) والله تعالى أعلم - وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.(12/155)
حق النفساء في المبيت
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 6/4/1423
السؤال
إذا كان للرجل زوجتان، وولدت إحداهما، فهل يلزم الزوج العدل في المبيت أم يسقط حق من ولدت في المبيت؟
الجواب
المراد من المبيت عند الزوجة الأنس والسكن في الدرجة الأولى، وليس المراد منه الاتصال الجنسي لا غير، وإن كان هذا الأمر مقصداً من مقاصد النكاح، قال الله -تعالى-:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21] .
وقد أجمع أهل العلم على عدم وجوب الجماع على الزوج في ليلة المرأة المقسوم لها مع إجماعهم على وجوب المبيت عليه، والقسم لها من النفقة والسكنى والكسوة، وعليه يجب على الزوج المبيت عند الزوجة النفساء إلا أن تتنازل عن حقها في المبيت أو يكون العرف جارياً بينهما على عدم المبيت في حال النفاس، ويكون هذا الأمر معلوماً عند الزوجين أو الزوجات؛ لأن المقصود العدل والنفاس جارٍ على كل واحدة على حد سواء.(12/156)
أردت الزواج من ثانية فغضبت زوجتي!
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 7/9/1424هـ
السؤال
أنا رجل لا تكفيني زوجة واحدة وقد تهيأ لي الزواج بأخرى، وقد صارحت زوجتي بنيتي في الزواج فقالت لي: طلقني. فقلت لها: اذهبي إلى أهلك أسبوعاً أو أسبوعين، وفكِّري جيداً في الموضوع، واعلمي أني سأقدم على الزواج مهما كلَّف الثمن. فهل يلحقني إثم بسبب أطفالي إذا طلقتها؟ أم أنها هي الآثمة وليس علي إثم إن شاء الله؟.
الجواب
أولاً: أحب أن تعلم أيها الأخ الكريم أن غضب زوجتك دليل على حبها لك، وغيرتها عليك، وهذا ما يجب أن يرفع رصيدها عندك.
ثانياً: المرأة التي لا تغار على زوجها ولا تشح به لا خير فيها له، فبادل امرأتك حبا بحب.
ثالثاً: لم يعجبني تصرفك مع زوجتك وقولك لها إني سأقدم على الزواج مهما كلَّف الثمن، فهذا إظهار لعدم أهميتها لك، وكنت تستطيع أن تفهمها موقفك بطريقة أكثر لطفاً ولباقة.
رابعا: أرى أن تشرح لها ظروفك بلطف وتفهُّم، وأن تخبرها أن خيارك هو فيما أحل الله لك، وأن لك سبباً مقنعاً وهو عدم حصول العفاف بزوجة واحدة، وأن زواجك بثانية هو بقصد إحصان نفسك وغض بصرك، وليس زهداً فيها، ولا بسبب تقصير منها، وأنك ستكون وفياً لها ما بقيت، مجتهداً في إسعادها ما حييت، وأن تذكر لها سابقتها معك، وتضحيتها من أجلك بعين التقدير.
وأنا متأكد أن امرأتك مسلمة صالحة، لن تحول بينك وبين ما أحل الله لك، ولن تدفعك بسلوكها إلى الحرام، ولن تكون عوناً للشيطان عليك. ولكن أحسن التعامل وبالغ في البر ولا تنسوا الفضل بينكم.(12/157)
تعدد الزوجات
المجيب عبد الله بن عبد الوهاب بن سردار
خطيب جامع العمودي بالمدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 1/6/1423
السؤال
ما حكم تعدد الزوجات بالتفصيل؟
الجواب
تعدد الزوجات عمل مستحب؛ لقول الله -تعالى-:"وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً" [النساء:3] .
فاختار الله -عز وجل- التزوج بأكثر من واحدة، فإن خاف عدم العدل تزوج بواحدة فقط، ثم إن التعدد هو السنة وعمل نبينا -صلى الله عليه وسلم- والله -عز وجل- يقول:" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" [الأحزاب:21] وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-:"إن خير هذه الأمة أكثرها نساءً" رواه البخاري (5069) يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وينبغي على العبد الذي يريد تطبيق هذه السنة أن يطبقها مع الالتزام بالضابط الشرعي حتى يكون التعدد رحمة ونعمة كما أراده الشرع، أما إذا تخلى عن الضوابط الشرعية وترك تقوى الله -عز وجل- في شأن التعدد فإنه يقع في المحاذير الشرعية والمشكلات الاجتماعية.
وأهم ضابط شرعي هو أن يعرف من نفسه أنه يعدل بين الزوجات، كما ينبغي أن يراعي أن يكون قادراً القدرة المالية على الإنفاق على زوجتين أو أكثر، ويكون قادراً القدرة البدنية على إعفاف الزوجات، ويكون قادراً القدرة الإدارية الاجتماعية بحيث يحسن عشرة الزوجات ويربي الأبناء والبنات، والله أعلم.(12/158)
كيف أقسم بين زوجتي
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 5/11/1423هـ
السؤال
أنا رجل متزوج من اثنتين والحمد الله وقد رزقني الله من واحدة ذرية ومن الأخرى لم يرزقني فهي لا تُنجب والحمد لله على نعمته وهو مقسم الأرزاق وبفضل الله أحاول بقدر استطاعتي أن أعدل بينهما وأسأل الله لي التوفيق والثبات. ولكن الآن أولادي كبروا شيئاً ما فأنا أجلس في بيتهم أكثر مما أجلس في بيت الزوجة التي لا تُنجب ولكني أبيت في بيت كل زوجة ليلة وأعدل بينهما في ذلك والحمد لله ولكني الآن أفكر أن أعطي زوجتي التي لا تنجب يوماً أبيت فيها عندها وعند بيتي الآخر يومين.
ووالله لا أفعل ذلك إلا من أجل الأولاد فقط وأنا متزوج منذ حوالي تسع سنوات وأعدل بينهما في كل شيء والحمد لله حسب ما أستطيع ولكن الآن والأولاد يحتاجونني أكثر من ذي قبل وأنا أعمل طيلة اليوم وأذهب في المساء إليهم، لذلك فكرت أن أبيت في بيت أولادي يومين وفي البيت الآخر يوماً واحدا، فما حكم هذا العمل بارك الله فيك.
الجواب
الحمد لله وبعد فإن العدل بين الزوجات في المبيت واجب باتفاق أهل العلم ولا يسقط إلا بإسقاط الزوجة برضاها عن طيب نفس أو بنشوزها وهو عصيانها لزوجها وخروجها عن طاعته.
وإذا علم هذا فإن ما ذكر في السؤال ليس مبرراً لترك العدل، فلكل امرأة ليلة سواء كان لديها أولاد أم لا؟ .
وأما حاجة الأولاد إليك فيمكن تداركها بالمرور عليهم في النهار والنظر فيما يحتاجون، وأما المبيت والمستقر فيكون في بيت من لها القسم تلك الليلة، والله أعلم.(12/159)
طلب الطلاق من الزوج عند التعدد
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 29/11/1423هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا امرأة ملتزمة ومنتقبة ومتزوجة منذ سبع سنين ولي طفلان من زوجي وأعيش حياة سعيدة جداً مع زوجي، ومنذ أسابيع قليلة فاجئني زوجي بأنه يريد أن يتزوج امرأة أخرى وطلبت الطلاق فأخبرني أن هذا لا يجوز لي لأنه لم يفعل إلا السنة كما أنه لم يقبل ذلك؛ لأنه لا يريد لأولاده أن يتربوا بعيداً عن أبويهم.
والسؤال: هل يحق لي أن أطلب الطلاق منه؟ وهل يعد ذلك طلباً للطلاق بغير بأس؟
وإذا دعوت الله ألا يرزقه مالاً حتى لا يتزوج هل أكون آثمة؟ وما نصيحتكم لي ولزوجي؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد أكرم الله تعالى الأخت السائلة بأمور منها الحجاب والالتزام والزواج والأطفال والسعادة الزوجية فهذه نعم عظيمة حُرمها كثير من النساء؛ لذا يجب على الأخت السائلة أن تحمد الله تعالى وتشكره على تلك النعم وتسأله الثبات ولا بد أن تعلم الأخت السائلة أنه يجوز لزوجها وغيره أن يتزوج زوجة ثانية إذا لم تكن المرأة قد اشترطت عليه قبل العقد ألا يتزوج عليها، وجواز التعدد مشروط بالقدرة على العدل بين الزوجات قال الله تعالى:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا" [النساء:3] لذا ذهب جملة من العلماء إلى أن الأصل التعدد، وليس زواج الزوج بزوجة ثانية مما يبيح للزوجة الأولى أن تطلب الطلاق إلا إذا لم يعدل زوجها بينهما وقد جاء الوعيد للزوج الظالم حيث قال -صلى الله عليه وسلم-:"من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل" رواه النسائي (3942) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
أما الدعاء فإن الله تعالى يستجيب دعاء عبده ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم كما في صحيح مسلم (2735) لذا فإن كانت الأخت السائلة داعية فلتسأل الله تعالى أن يقنع زوجها بها ويكفيه بها ونحو ذلك، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(12/160)
كتمان الرجل زواجه الثاني عن زوجته الأولى
المجيب ناصر بن محمد آل طالب
القاضي بمحكمة عرعر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 2/5/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم، هل يحلّ شرعاً للرجل أن يبقي أمر زواجه الثاني سراً عن زوجته الأولى التي تشك في هذا الأمر وتطلب معرفة الحقيقة؟ وما هو الدليل الشرعي؟ جزاكم الله عني كل خير.
الجواب
يجوز للرجل أن يبقي زواجه الثاني سراً من زوجته الأولى التي تشك في هذا الأمر، ولو طالبت بمعرفة الحقيقة لعدم وجود الدليل المانع من ذلك، والأصل أن معاملات الناس مبنية على الإباحة إلا ما حرمه الشارع، ولا أعلم دليلاً يوجب على الزوج أن يخبر زوجته الأولى بزواجه من الثانية.
وإذا طالبت الأولى بمعرفة حقيقة الأمر ولم يشأ الزوج أن يخبرها لاعتقاده أن المصلحة في عدم إخبارها فله ذلك، وقد رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكذب للإصلاح وفي أحاديث الزوجين مع بعضهما فيما من شأنه أن يعين على استمرار الحياة الزوجية على أحسن حال. انظر ما رواه الترمذي (1939) من حديث أسماء بنت يزيد -رضي الله عنها-.(12/161)
هل الأصل في الزواج التعدد؟
المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 10/8/1424هـ
السؤال
هل الأصل في الزواج التعدد؟ وهل الزواج بأخرى ينبغي أن يكون بعذر.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن الأصل في الزواج التعدد؛ لقوله تعالى: "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا" [النساء:3] ، فدلت الآية على أن الأصل هو التعدد، وهذه القضية ثابتة شرعاً وعقلاً، فإن عدد النساء أكثر من عدد الرجال، سيما إذا حدثت حروب وغيرها، وليس شرطاً أنه لا يعدد إلا من كان له عذر في ذلك؛ لأن التعدد أبيح بدون شروط إلا شرط العدل، والعدل المقصود في الآية هو في الأمور الظاهرة المقدور عليها كالقسم في المبيت، والعدل في النفقة والتعامل، وأما الميل القلبي فلا يشترط فيه ذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك". رواه أبو داود (2134) ، والترمذي (1140) ، والنسائي (3943) ، وابن ماجة (1971) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
أما إذا كان الإنسان متيقناً أنه سيظلم إحدى زوجاته ويضر بها ولا يعطيها حقوقها؛ فإن التعدد يكون في حقه حراماً؛ لقوله تعالى: " فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً" [النساء: 3] .
وأما إذا كان الإنسان يخشى على نفسه الوقوع في الفاحشة لمرض زوجته الأولى، أو عدم قيامها بحقه، أو كبرها أو غير ذلك؛ فإن التعدد يكون في حقه فرضاً واجباً والله أعلم.(12/162)
التعدد في بلد لا يجيزه
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 10/9/1424هـ
السؤال
أنا أعيش في إحدى الدول الغربية وأريد أن أتزوج زوجة ثانية، لكن المرأة الثانية تخشى أن يكون زواجنا فيه مخالفة شرعية؛ لأنه مخالف لأنظمة الدولة التي تحظر تعدد الزوجات، وتقول إن الأئمة الأربعة أشاروا إلى وجوب اتباع أنظمة مكان إقامة الشخص. فما الحكم الشرعي الصحيح في هذه الحالة؟ وهل يجوز أن نتزوج؟ مع العلم أن هناك كثيرين معددين هنا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
نعم! المسلم المقيم في بلاد الكفار مأمور ألا يخالف أنظمتها، إلا إذا أمرتْ بمعصية، أو نهتْ عن طاعة واجبة، فحينئذ لا نقول: تجوز مخالفته فحسب، بل تجب مخالفته ولا يجوز اتباعه إلا في حال الاضطرار والإكراه، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وأما ما لا يمنع من واجب، ولا يأمر بمعصية، ولكنه يحرم الإنسان من رخصة شرعية - كالتعدد مثلاً- فيجوز له مخالفة نظامهم والتحايل عليه، بشرط أن تكون المصلحة فيه راجحة، ولا يترتب عليه إضرار بالآخرين، ولا تعريض للنفس إلى المخاطرة والعقوبة التي قد لا يحتملها الإنسان.
فزواج المسلم بزوجة ثانية في ذلك البلد الكافر الذي يعج بمظاهر الفتنة والفواحش فيه مصلحة راجحة ولا شك، وهي تحصين فرجه وإعفاف نفسه عن الحرام، وليس في تحقيق هذه المصلحة الراجحة مفسدةٌ ولا مضرةٌ على الآخرين.
وما كان من قبيل هذه الصورة - أعني ما فيه مصلحة دينية راجحة لا يترتب على تحقيقها أي مفسدة أو مضرة للآخرين- فلا يلزم المسلم التزام النظام الذي يمنعه ما دام أن الشرع قد رخَّص فيه.
بيد أنى أنصح الأخ أن يتأمل الأمر جيداً ويقدِّر العواقب، فلا يقبل عليه إلا إقبال المتأمل المتبصِّر، لا المتعجل غير المبالي، فمسألة نسبة أولاده إليه من الثانية في السجل المدني في ذلك البلد كيف ستكون؟! وهل تحايله على النظام بنسبتهم إليه من زوجته الأولى لا تترتب عليه إشكالات في مستقبل أولاده أولئك؟!
الأمر يحتاج إلى تأني وتأمل، اللهم إلا إذا كانت زوجته الثانية عاقراً لا تلد، فالأمر عندئذٍ أهون.
وفقك الله لكل خير، وأعانك على إعفاف نفسك وتحصين فرجك.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/163)
هل يلزم العدل بين الزوجات في نفقات السفر وتوابعه؟
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 04/04/1425هـ
السؤال
رجل متزوج من امرأتين، لأولى من بلده والأخرى من بلد آخر، وبطبيعة الحال يضطر الزوج أن يسافر برفقة زوجته الأخرى لزيارة أهلها، وكما هو معروف يتبع هذه الزيارة شراء هدايا ومصاريف أخرى للزوجة والرحلة، هل يحق للزوجة الأولى المطالبة بمثل تلك النفقات؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
العدل يكون بين الزوجات في أمور:
الأول: في النفقة، وهذا يكون بحسب الحاجة، فهذه قد تكون زوجة لها أولاد فتحتاج إلى نفقة أكثر، وهذه قد لا يكون لها أحد فلا تحتاج إلى نفقة أكثر، أو هذه قد تلف ثوبها وتحتاج إلى ثوب، والأخرى لم يتلف ... إلخ.. المهم أن ضابط العدل في النفقة يكون على حسب الحاجة.
الثاني: العدل في القسم، وذلك بأن يكون لكل واحدة ليلة، أو بحسب ما يتراضى الزوجان، أو الأزواج عليه، فإذا تراضوا على ليلتين وأكثر فإن هذا جائز، والسنة أن يكون كهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-.
الثالث: العدل في الهبة، والعدل في الهبة هل هو واجب أو ليس بواجب، هذا موضع خلاف بين أهل العلم، والصواب ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- وأنه يجب على الزوج أن يعدل بين زوجاته، في الهبة، فإذا أعطى كل واحدة ما تحتاجه من الهبة، فإنه ليس له أن يزيد على ذلك هبة إلا أن يسوي بين الزوجات.
ومثل ما يتعلق بحوائج السفر ... إلخ، داخل في القسم الأول، فمن كانت محتاجة إلى سفر وتحتاج إلى نفقة فيه، فإنه يعطيها بقدر حاجتها.
القسم الرابع: العدل في المحبة، وميل القلب، وما يتبع ذلك من جماع واستمتاع، ونحو ذلك، فهذا لا يجب العدل فيه؛ لأن هذا أمر قلبي، ولا يتمكن منه الإنسان، والله - عز وجل- قال: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" [النساء: 129] ، وأيضاً النبي - عليه الصلاة والسلام- سُئل: أي الناس أحب إليك؟ قال: "عائشة" رواه البخاري (3662) ، ومسلم (2384) من حديث عمرو بن العاص- رضي الله عنه-، وعائشة -رضي الله عنها- ذكرت أنها كانت أحظى زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- عنده؛ كما جاء ذلك في صحيح مسلم (1423) .(12/164)
هل يجب إخبار الزوجة الأولى بالزواج الثاني؟
المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 9/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاه مخطوبة، ولكن يوجد ما يقلقني من الزواج، وهو خوفي من أن يتزوج عليَّ بأخرى، ماذا لو كانت الزوجة تعمل كل ما يرضي الزوج, هل أكون آثمة لو منعته من ذلك؟. وهل لو عاهدته على ذلك قبل الزواج يكون واجباً عليه أن يفي بوعده؟ وهل صحيح أن الرجل لا يجب أن يتزوج إلا بعد إبلاغ زوجته الأولى. وجزاك الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن تعدد الزوجات من الأمور المباحة التي أجازها الشارع، قال الله -تعالى-: "فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ... " [النساء: 3] ، وقد عدد صلى الله عليه وسلم وعدد أصحابه- رضي الله عنهم- بين يديه، ولا أعلم أحداً من أهل العلم قال بعدم جواز التعدد لا قديماً ولا حديثاً، وأشد ما قيل في ذلك أن التعدد تعتريه الأحكام الخمسة، كما قيل في أصل الزواج.
وقد اختلف العلماء في الأصل هل هو التعدد أو الزواج بواحدة؛ لاختلافهم في المفهوم من قول الله -تعالى-: "فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم" [النساء: 3] .
فمن رأى أن التعدد هو الأصل قال هو الأفضل إلا لمن خشي الحيف، ومن رأى أن الزواج بواحدة هو الأصل قال هو لأفضل إلا لمن خشي العنت أو أمن الحيف.
ومسألة الخوف من أن يقوم الزوج بنكاح امرأة ثانية مسألة ظن وتخمين، لا تعطل مقاصد الشرع بسببها، فلا يجوز للمرأة أن تحبس نفسها عن الزواج لأجل هذا السبب الذي قد يتحقق وقد لا يتحقق، وعلى المرأة بعد الزواج أن تبذل في التحبب إليه، وإشباع رغبته، وتحقيق احتياجاته؛ فإن هذا هو ما يقنع الرجل بزوجته ويصرفه عن التفكير في الزواج بأخرى.
ولا يجب على الزوج إذا رغب في نكاح ثانية أن يخبر زوجته الأولى، ولكن ذلك من حسن العشرة بينهما، ولو شرطت عليه ذلك قبل النكاح لكان عليه أن يفي بالشرط، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "المسلمون على شروطهم" رواه الترمذي (1352) ، وغيره من حديث عمرو بن عوف المزني -رضي الله عنه-، ولو خالف لكان لها أن ترفع للقاضي لينظر في ذلك. والله أعلم.(12/165)
أمور في العدل بين الزوجات
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 17/4/1425هـ
السؤال
أنا رجل متزوج بزوجتين، وأخاف من عدم العدل بينهما، وهناك أمور أفعلها، ولا أدري هل هي من الجور أم لا؟ وهي:
(1) إحدى زوجتيَّ أحياناً عند دخولي البيت أجدها ذات وجه عابس، وعند قدوم أحد من أقاربي أو بقاء والديّ عندها مدة طويلة أو عند حضور ضيوف في بيتها يحدث منها هذا التكشير والعبوس، مما يضطرني إلى الذهاب إلى المنزل الآخر؛ حتى أجد الراحة لي ولأقاربي وضيوفي، بل أصبح أقاربي يذهبون إلى البيت الثاني مباشرة ثم ينادونني.
(2) أيضاً لي أبنائي في المدرسة يحتاجون إلى المذاكرة والتدريس، وعند حضورهم لا تريدهم زوجتي يبقون عندها مما يضطرني إلى الذهاب إليهم وتدريسهم.
(3) أمي وأبى قد يكونان في أحد المنزلين إما الأول وإما الثاني، ولا بد من المرور عليهم والسلام عليهم، والحديث معهم، حتى ولو كان يومي في البيت الآخر، وقد يكون جلوسهم في أحد البيوت أكثر من البيت الآخر.
(4) قد يحضر أقارب إحدى الزوجتين في بيتها ويومي في البيت الآخر فيضطرني للذهاب إليهم والجلوس معهم، وأضيفهم حتى ينصرفوا.
(5) بعض البيوت استهلاكه في بعض الأشياء أكثر من البيت الآخر إما لكثرة الزوار فيه من الأقارب، أو لكثرة الأولاد فيه، وأنا أقوم بالتوفير حسب الحاجة بحيث يكون المطلوب متوفراً في كل بيت دون تبذير.
(6) في المعاشرة أجد رغبة ونشاط عند إحداهما دون الأخرى، أرجو إرشادي إلى الصواب. وهل علي إثم فيما سبق؟. -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد نص العلماء على أنه يحرم على الزوج أن يدخل على الزوجة في غير ليلتها، إلا لضرورة، وفي نهارها إلا لحاجة، فإن لبث أو جامع لزمه القضاء، انظر: الروض المربع(12/166)
(550) ، فإن كان ذهابك لبيت الزوجة الثانية بسبب وجود ضيوف، والأمر يستدعي حضورك فلا بأس، كما يجوز لك زيارة والديك والجلوس معهما إن كانا في أحد البيتين، وهذا من البر بهما والإحسان إليهما، ويجوز لك تدريس أولادك في بيت الثانية إن كانت الزوجة الأخرى لا ترغب أن تدرسهم في بيتها، ولم يكف يوم والدتهم في تدريسهم، وهذا يعتبر موافقة منها على ذلك، وهذا كله جائز إن كنت تفعل ذلك من غير قصد للتهرب من الزوجة الأخرى، فبعض الأزواج - هداهم الله - يختلقون الأعذار للتهرب من إحدى الزوجات إلى الأخرى، والأمور بمقاصدها، فمن فعل ذلك تهرباً أثم وعليه القضاء، ويشترط أن ترجع إلى الأخرى في تلك الليلة، أما إن انقضت الليلة قبل رجوعك لزمك القضاء؛ لأن حقها فات بغيبتك عنها، انظر: الكافي (3/131) ، وأنصحك ببيان ذلك لزوجتك العابسة، وأن خروجك من البيت بسبب ذلك؛ لعلها تصلح حالها، والنفقة تكون بالمعروف، فتنفق على كل بيت بقدر حاجته، قال عليه - الصلاة والسلام-: "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف"، رواه مسلم (1218) من حديث جابر - رضي الله عنه-، أما ما يتعلق بالجماع فلا يجب التسوية فيه بين الزوجات، بل ذلك سنة حكاه في المبدع إجماعاً (7/205) ، قال تعالى: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" [النساء: 129] قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: "في الحب والجماع" منار السبيل (2/201) ، مجموع الفتاوى (32/269) ، وأنصح الأخ السائل أن يستسمح من زوجته؛ تطييباً لخاطرها وإبراءً لذمته. والله - تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(12/167)
هل للفقير أن يعدد؟
المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 29/2/1425هـ
السؤال
أنا شاب أريد التزوج بثانية لحاجتي لذلك ... قال الله -تعالى-: "إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله"، وقد أورد الإمام البخاري حديثاً تحت باب (جواز تزويج الفقير) فهل إقدامي على الزواج وأنا فقير مبتغيا الرزق من الله ينافي التوكل؟ وهل فعل ذلك مع عدم رغبة الوالدين واسترضائهما فيما بعد يوقعني في الإثم؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده: أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
معنى الآية لا تمتنعوا عن التزويج بسبب فقر الرجل والمرأة "إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله" [النور:32] وهذا وعد بالغنى للمتزوجين طلب رضا الله واعتصاماً من معاصيه، قاله القرطبي قال ابن مسعود: التمسوا الغنى في النكاح وتلا هذه الآية، وقال عمر رضي الله عنه: عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح، قال القرطبي 12/160 المراد غنى النفس، وقيل المعنى: يغنيهم الله من فضله إن شاء، وقيل المعنى: إن يكونوا فقراء إلى النكاح يغنهم الله بالحلال ليتعففوا عن الزنا، والأخبار في أن النكاح سبب الغنى كثيرة قال في روح المعاني: ولغنى الفقير إذا تزوج سبب عادي وهو مزيد اهتمامه في الكسب، والجد التام في السعي، حيث ابتلي بمن تلزمه نفقتها شرعا وعرفا وينضم إلى ذلك مساعدة المرأة له وإعانتها إياه على أمر دنياه..... وعلى أي حال نأمل أن تكون زوجتك التي تزوجت هي سبب غناك.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/168)
وهبت ليلتها لضرتها
المجيب عبد الله بن سليمان المخلف
القاضي بالمحكمة الكبرى في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 23/12/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي هو: إذا تزوج زوج على زوجته، فطلبت الزوجة الأولى منه إعطاء ليلتها إلى الزوجة الثانية مع بقاء زوجها مع أبنائه في النهار، وهى صغيرة في السن، وفعلت ما فعلت بدافع الغيرة الشديدة جداً، وهي تعلم جيداً أنها لو بقيت مع زوجها فستكون حياتهما جحيماً، أو أنها طلبت الطلاق، فأي الحلين أفضل؟ وما شرعيتهما في الإسلام؟
أفيدوني أفادكم الله، وفتح عليكم أبواب رحمته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
للمرأة أن تتبرع بليلتها لجارتها إذا رأت أنه لا قدرة لها على المعاشرة بالمعروف، وخشيت من الوقوع بالإثم، ولكني أنصحها بأن تلح على الله بالدعاء أن يخفف غيرتها، وأن ترضى بقضاء الله وقدره، لتسعد في دينها ودنياها، وحتى لا يغويها الشيطان في الوقوع بالمحرم، وربما إذا صبرت وأحسنت إلى زوجها كسبته ونالت رضاه، وهو من أبواب الجنة لها حيث قال - صلى الله عليه وسلم-:" فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك" رواه أحمد (19003) من حديث الحصين بن محصن -رضي الله عنه- وقال - صلى الله عليه وسلم-: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" رواه أحمد (1661) من حديث عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- فاتقي الله، وجاهدي نفسك على طاعة الله، وتعاوني مع زوجك على تربية الأبناء على منهج النبوة واقرئي سير نساء الصحابة وأمهات المؤمنين - رضي الله عنهن-، ومن بعدهم لتكون لك قدوة وأسوة بالخير. والله أعلم.(12/169)
تزوج الثانية رغم معارضة والديه
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 07/09/1425هـ
السؤال
هل إذا تزوج الرجل امرأة ثانية رغم معارضة والديه يعتبر عاقًّا لهما؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يباح للرجل أن يتزوج إلى أربع نساء إذا كان يقدر على ذلك ويستطيع أن يقوم بالعدل الذي أوجبه الله تعالى، قال الله تعالى: (فَانكِحُواْ
مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ
فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ) [النساء:3] . والرجل مأمور بأن يحسن إلى والديه ويبرهما ويرفق بهما، وإذا كان اعتراضهما على زواجه لمسوغ شرعي كعدم صلاحية المرأة التي يريد الزواج منها، أو عدم توافر الشروط المعتبرة للتعدد فإن اعتراضهما في محله وعليه أن يطيعهما في هذا ولا يخالفهما. وإذا كان لا يوجد سبب للاعتراض فعليه أن يجتهد في إقناعهما والحرص على رضاهما مع التودد والإحسان إليهما. والله أعلم.(12/170)
منع المرأة زوجها من التعدد!
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 17/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
سؤالي: هل يصح شرعاً أن تمنع المرأة زوجها من أن يتزوج من امرأة ثانية؟ مع العلم أنها لا تقوم معه بواجباتها الزوجية؛ وذلك لإصابتها بمرض مزمن يحول دون ذلك، بل تفضل أن يزني هذا الزوج المسكين على أن يتزوج ويأتي بامرأة أخرى تشاركها الزوج والإرث. وجزاكم الله خيراً عنا، والله المستعان.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا يجوز للمرأة أن تمنع زوجها من الزواج بثانية ما لم يكن ذلك شرطاً بينهما في عقد النكاح، فإن كان شرطاً فالمسلمون على شروطهم، كما قال عليه الصلاة والسلام. أخرجه أبو داود (3594) وغيره.
وإذا تزوج بثانية مع أنه مشروط بينهما، فإن للمرأة الخيار بين البقاء وبين الفسخ، أما أن تمنع المرأة زوجها من الزواج وأن ترضى بأن يزني، فهذا من أعظم الجرم وأكثر الإثم، ومن انتكاس الفطرة والمشابهة للكافرين - عياذاً بالله-. وصلى الله على نبينا محمد.(12/171)
إتيان الزوجة في غير ليلتها
المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب
أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/تعدد الزوجات
التاريخ 15/09/1426هـ
السؤال
مَنْ عنده زوجتان، وأراد وطئ إحداهما في غير ليلتها مع كونه يقسم يومياً بينهما، لكنه يريد مواقعة من يحب في غير ليلتها، فهل يجوز له ذلك؟ أرجو الإفادة.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا لا يجوز؛ لأنه لا يجوز الدخول على الزوجة في يوم الأخرى إلا لحاجة مهمة هذه ليست منها، ولا بأس أن يطأ إحدى زوجتيه أكثر من الأخرى، فهذا لا حرج فيه، لكن في ليلتها، جاء في فتاوى ابن تيميّة في الفقه (32/269) ، باب القسم بين الزوجات، سئل -رحمه الله تعالى- عن رجل متزوج بامرأتين إحداهما يحبها ويكسوها ويعطيها ويجتمع بها أكثر من صاحبتها؟ فأجاب:
يجب عليه العدل بين الزوجين باتفاق المسلمين، وفي السنن الأربعة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل"، فعليه أن يعدل في القسم، فإذا بات عندها ليلة أو ليلتين أو ثلاثاً؛ بات عند الأخرى بقدر ذلك، ولا يفضل إحداهما في القسم، لكن إن كان يحبها أكثر، ويطأ أكثر؛ فهذا لا حرج عليه فيه، وفيه أنزل الله تعالى: "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم" أي في الحب والجماع.
وفي السنن الأربعة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقسم ويعدل؛ فيقول: "هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك"، يعني القلب. انتهى.
وفي متن أبي شجاع (ص:168) "التسوية في القسم بين الزوجات واجبة، ولا يدخل على غير المقسوم لها لغير حاجة". والله أعلم.(12/172)
يأمرها بإطالة أظفارها فهل تطيعه؟!
المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/مسائل متفرقة في عشرة النساء
التاريخ 22/2/1425هـ
السؤال
زوج يطلب من زوجته إطالة أظافرها، وهي ترفض ذلك، وتحاول أن تقنعه بأن قص الأظافر من سنن الفطرة، ولكنه يقول إن هذه سنة ولا تأثمي بتركها، وللعلم فهو يرد كثيراً من السنن، بحجة أنها سنة لا نأثم بتركها، أو بفعل المنهي عنه، ماذا أفعل لكي أقنعه؟ وهو يسبب لي مشكلة نتيجة قص أظافري، أرجو منكم الرد.
الجواب
ليس للزوج أن يأمر زوجته بما يخالف الشرع المطهر، وليس للزوجة طاعته في ذلك، فإن كان أمر الزوج لها بفعل شيء محرم، فإنه يحرم عليها طاعته، فإن ألزمها بعقابها على ذلك، كان الإثم عليه.
وإن كان هذا الفعل لا يصل إلى حد المحرم؛ كترك قص الأظفار، فالأولى للزوجة أن تحاول إقناع الزوج بأن ما يأمر به من إطالة الأظفار مما يخالف السنة بل سنن المرسلين، وهو أيضاً يخالف الفطرة، كما جاء في الحديث، وربما يكون سبباً لاجتماع الأوساخ التي تنتج عنها الأمراض، وربما يمنع من وصول ماء الطهارة إلى ما تحتها، وقد تبقى فيها بعض النجاسات، ولذا جاء في الحديث الصحيح عند مسلم (258) وغيره عن أنس - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم-:"وقت في تقليم الأظفار، أن لا تترك أكثر من أربعين يوماً".
قال أهل العلم: (وذلك هو نهاية ما تترك إليه، لا أنها تترك كل ذلك الوقت) ، على أن إطالة الأظفار قد تكون ممنوعة إذا كانت إطالتها تؤدي إلى التشبه بالكافرات للنهي عن ذلك، والذي ينبغي للسائلة أن تلتزم بالسنة في نفسها، وتحرص على هداية زوجها، وتعليقه بالسنة وترغيبه فيها بأسلوب مقبول، مع الاجتهاد والدعاء لها ولزوجها بالهداية والصلاح.(12/173)
التلقيح بمني الزوج دون علمه
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/مسائل متفرقة في عشرة النساء
التاريخ 12/2/1424هـ
السؤال
لم أنجب منذ تزوجت وحملت مرة واحدة وسقط الجنين وزوجي يرفض قيامي بتلقيح صناعي ويدعوني للصبر وأنا كبرت وأصبح عمري 29 سنة، وأنا أصلي وأصوم وأزكي وأدفع الصدقات وأكفل الأيتام لعل الله أن يكشف بها الضر عني، سؤالي: لو أني قمت بالتلقيح الصناعي بأخذ الحيوانات المنوية من زوجي على اعتبار الفحص، وطلبت من الدكتورة تلقيحي بها، هل يعتبر ذلك حراماً؟ علماً أنها ستتم دون علمه. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب: هو أنني لا أرى أنه يحق لك أن تقومي بما ذكرت من التلقيح الصناعي بدون علم زوجك، بل عليك أن تستأذنيه في ذلك، فإن رفض فعليك أن تبعثي شفيعاً (وسيطاً) من قرابته يشير عليه ويرغبه بما ذكرت ويُبين له أن المصلحة تعود على الطرفين مستقبلاً بمشيئة الله تعالى، وأن لكل منكما حقاً في الإنجاب وفعل الأسباب المؤدية إليه، هذا وإذا تمت موافقته فعليكما أن تعلما أنه يلزم ما يأتي:
(1) أن يقوم بهذا التلقيح امرأة طبيبة مسلمة ثقة فإن لم يحصل فلو غير مسلمة ثقة فإن لم يتيسر فطبيب ثقة مسلم فإن لم يتيسر فلو غير مسلم ثقة.
(2) يلزم أخذ الاحتياطات اللازمة لعدم اختلاط النطف وعدم الاحتفاظ بالمني في الثلاجات بل إجراء التلقيح فور أخذه من الزوج وإعطائه للزوجة.
هذا ما قرره علماء الشريعة الإسلامية، وأنصحكما بالاطلاع على مؤلف للدكتور: محمد علي البار والموسوم بـ (أخلاقيات التلقيح الصناعي) ، فقد نقل كلام علماء الشريعة حول التلقيح الصناعي ما يجوز منه وما لا يجوز، والله أعلم.(12/174)
هل تكون العصمة بيد المرأة ?
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/مسائل متفرقة في عشرة النساء
التاريخ 16/10/1422
السؤال
السؤال: هل يجوز أن تكون العصمة بيد المرأة (النساء) ؟
الجواب
العصمة بيد الرجل فيما بين الزوجين، فهو الذي بيده عقدة النكاح وبيده الطلاق وهو القيمِّ على المرأة وليس بيد المرأة شيء من ذلك، قال - تعالى -:" الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " [النساء: 34] وقال تعال: " إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " [البقرة: 277] . وقد جاء في الحديث أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، انظر ما رواه الدارقطني في سننه (3/279) والبيهقي في السنن الكبرى (7/251) وقال ابن كثير: الذي بيده عقدة النكاح حقيقةً الزوج فإن بيده عقدها وإبرامها ونقضها وانهدامها. انتهى
هذا وإن كان السائل يقصد بسؤاله الولاية للنساء فقد جاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " أخرجه البخاري (4425) . والله أعلم.(12/175)
الاحتفاظ بالأجنة المجمدة
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/مسائل متفرقة في عشرة النساء
التاريخ 14/4/1424هـ
السؤال
قد منَّ الله علي بعد عشر سنين من الزواج بطفلة رزقني إياها عن طريق عملية طفل الأنابيب، وحينها أشار علي بعض الإخوان بتجميد ما تبقى لدينا من أجنة؛ وذلك لما نلاقيه من تكاليف تكرار عملية طفل الأنابيب مادياً وصحياً، حيث تضطر الزوجة لأخذ كميات كبيرة من الإبر لإجراء عملية لسحب البويضات، ولكن علمت فيما بعد أن مجمع الفقه الإسلامي لم يجز تجميد الأجنة؟! فهل هذا صحيح؟ وما السبب في ذلك؟ وماذا علينا الآن وقد احتفظنا ببعض الأجنة المجمدة في المستشفى؟ هل نتخلص منها أم نزرعها أم ماذا؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً.
الجواب
لإجراء عملية طفل الأنابيب لابد من توفر الضوابط الشرعية لإجرائها، وذلك بأن تجرى تحت أيدي الأطباء العدول الثقات، وضمن إجراءات طبية مشددة تمنع اختلاط النطف، وتكون بين الزوجين في أثناء الحياة الزوجية فإن هذه العملية جائزة، ومن الشروط الاقتصار على محل الضرورة، وذلك بأن تستخدم هذه البويضات وهذه النطف في إجراء هذه العملية، والقاعدة: أن ما جاز لعذر يبطل بزوال هذا العذر، كما أن تجميد هذه النطف سواء كانت بويضات أو حيوانات منوية، أو بويضة ملقحة لا يجوز، لأن ذلك يؤدي إلى اختلاطها بغيرها مع الوقت، ولأنه لا توجد أي رقابة مشددة على هذه المراكز، وقد تختلط بغيرها إما على سبيل الخطأ وإما على سبيل العمد، ولأنه قد ثبت في حوادث متكررة حصول اختلاط هذه النطف بغيرها، وما ذكرته السائلة من وجود الحاجة الملحة إلى ذلك، يجاب عنه: أن الضرر المترتب على تجميد هذه النطف أعظم من الضرر المترتب على عدم التجميد، فيقدم الضرر الأعلى وذلك بإتلافها، والواجب بعد الانتهاء من هذه العملية إتلاف ما زاد على ذلك، ولا يجوز الاحتفاظ بشيء منها بعد ذلك، وعلى هذا خرجت فتوى مجمع الفقه الإسلامي، وكذلك المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية وغيرها من الفتاوى، وهذا القول هو الذي دلت عليه الأدلة، ومن ذلك قاعدة سد الذرائع، حيث يترتب على تجميد هذه النطف مفاسد عظيمة فتدرأ هذه المفاسد بمنع تجميدها، وكذلك الأصل أن هذه العملية جائزة للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، والأمر الآخر: أن الاحتفاظ بها يؤدي إلى اختلاطها بغيرها، إما على سبيل الخطأ أو العكس.(12/176)
التلقيح المجهري
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/مسائل متفرقة في عشرة النساء
التاريخ 14/10/1423هـ
السؤال
متزوج منذ تسع سنوات ولم أرزق بالذرية، وبعد المراجعات العديدة والكشوفات ذكر الأطباء أنه لا يوجد علاج من أجل الإنجاب إلا التلقيح المجهري -بإذن الله تعالى-، ووجدنا دكتورة متخصصة في هذا المجال لتراجعها زوجتي وتقوم بالعملية، ولكن غرفة العمليات لا تخلو من رجال، حيث يكون هناك طاقم طبي من نساء ورجال للقيام بالعملية، فهل يجوز من ناحية شرعية القيام بهذه العملية؟ حيث يتم فيها كشف العورة والوجه، هل يكون لنا حكم المضطرين؟ أفيدونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الجواب: أنه إذا دعت الحاجة إلى التلقيح فليعلم أنه يجب أن يكون التلقيح بماء الزوج وأن كل وسيلة تستخدم للإنجاب خارج نطاق الزوجية أو ملك اليمين باطلة ولاغية شرعاً.
فاستعمال أي طرف ثالث في وسائل الإنجاب يعد باطلاً وغير شرعي، والمقصود بالطرف الثالث ما يلي:
(أ) نطفة ذكرية من شخص غير الزوج.
(ب) بويضات (نطف أنثوية) من غير الزوجة.
(ج) لقيحة جاهزة من نطفة رجل غريب وامرأة غريبة.
(د) استخدام رحم امرأة لحمل اللقيحة المكونة من نطفة الزوج ونطفة الزوجة (البويضة) ، وإذا كانت المعالجَة امرأة فالذي يقوم بالعلاج متخصصات من النساء دون الرجال؛ لأن في هذه العملية كشف العورة، وإذا دعت الضرورة إلى اشتراك الرجال معهن -كما ورد في السؤال- فلا مانع شرعاً، والله أعلم.(12/177)
المعاشرة بالمعروف
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/مسائل متفرقة في عشرة النساء
التاريخ 29/10/1424هـ
السؤال
ما هو المعروف الذي أمر الله سبحانه وتعالى الأزواج به في الآية الكريمة "وعاشروهن بالمعروف"؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
المعروف كل ما عُرف في الشرع حسنه، والمنكر كل ما عُرف في الشرع قبحه، وهذا بالنسبة للزوجة يشمل المعاشرة القولية والفعلية وحسن المعاملة، والقيام بما أوجب الله -جل وعلا- من النفقة بالمعروف على حسب حال كل منهما، وبحسب العرف السائد في الزمان والمكان اللذين هما فيهما.(12/178)
حق المبيت لمن تُقيم في غير بلد زوجها
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ عشرة النساء/مسائل متفرقة في عشرة النساء
التاريخ 06/09/1426هـ
السؤال
أنا متزوجة من رجل متزوج بأخرى، وأنا أقيم في بلد، وزوجي يقيم في بلد آخر ومعه زوجته، وعندما يأتي لزيارتي لمدة يومين أو ثلاثة تقوم زوجته بإزعاجنا، وتطالبه بالرجوع إليها، فهل يحق لها ذلك؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فذكر أهل العلم -رحمهم الله-كابن قدامة وغيره -أن الرجل إذا كان له زوجتان كل واحدة في بلد وجب عليه العدل بينهما؛ لأنه اختار المباعدة بينهما، فلا يسقط حقهما عنه بذلك، فإما أن يمضي إلى الغائبة في أيامها، وإما أن يقدمها إليه، ويجمع بينهما في بلد واحد، فإن امتنعت عن القدوم -مع الإمكان- سقط حقها لنشوزها، وإن أحب القسم بينهما في بلديهما، لم يمكن أن يقسم ليلة وليلة، فيجعل المدة بحسب ما يمكن، كشهر وشهر أو أكثر على حسب ما يمكنه. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(12/179)
استشارات اجتماعية(12/180)
والدتي أقسمت علي ألا أكلم زوجة أبي
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات أسرية
التاريخ 25/11/1424هـ
السؤال
والدي متزوج على أمي، ولكنه عادل بينهما، ولا يفرق في حق أحد من الطرفين، ولكن أمي غير متقبلة للوضع، وقد أقسمت علينا ألاّ نكلم زوجة أبي، ولكني أكلمها صلة للرحم، فهل هذا التصرف صحيح أم خاطئ؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
لا يجوز لأمك أن تقسم مثل هذا القسم؛ لأن مثل هذا القسم لا يرضي الوالد، وعليها أن تتحلل من هذا القسم بأداء كفارة اليمين؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير، وتحللتها" رواه البخاري (3133) ومسلم (1649) من حديث أبي موسى -رضي الله عنه-.(12/181)
علاقة الزوجة بأهل الزوج
المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة
رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات أسرية
التاريخ 28/7/1423هـ
السؤال
هل يحق لزوجي أن يجبرني على السفر لزيارة أهله؟ مع ما يلحقني من ضرر قد يكون في الدين أحياناً، حيث إن أهله ليسوا من أهل الالتزام ويكثر بينهم ترك الحجاب والاختلاط والغيبة وغير ذلك من المنكرات، مع العلم أننا لا نستطيع تغيير شيء من المنكر، وقد يتأثر أولادنا وبناتنا بشيء من ذلك.
وهل لأهل الزوج حق شرعي على زوجة ابنهم؟ أم يحق لها هجرهم إذا لقيت منهم الأذى؟
الجواب
بسم الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فجواباً عن سؤال السائلة المذكورة: نقول وبالله التوفيق: لا شك أن للزوج على زوجته حق الطاعة بالمعروف، لما رواه أبو داود (2140) وغيره عن جمع من الصحابة - رضوان الله عليهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن، لما جعل الله لهم عليهن من الحق".
وطاعة الزوج على زوجته واجبة ما لم يأمر بمعصية، لما روته عائشة - رضي الله عنها -: أن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها فتمعط شعر رأسها، فجاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فقالت: إن زوجها أمرني أن أصل في شعرها، فقال: لا، إنه قد لعن الموصلات" أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب النكاح باب لا تطيع المرأة زوجها في معصية ص:304، رقم الحديث (5205) ، فتح الباري، ومسلم (2123) .
أو فيما لا يلحق بها ضرراً في بدنها أو دينها أو مالها أو ولدها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا ضرار" رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع من الصحابة - رضي الله عنهم - وصححه الألباني في إرواء الغليل المجلد الثالث، ص: 408، رقم الحديث: 896، فإن لحقها ضرر في بدنها، أو نقص في دينها، أو أخلاقها، فلا تلزم طاعته.
ولكن لتعلم السائلة أن بر والدي زوجها مما يدخل على زوجها السرور، فيكون براً به ومن العشرة بالمعروف، والزوجان مطلوب من كل واحد منهما أن يعاشر الآخر ويتعامل معه بما يقوي أواصر المودة والرحمة، فإن استطاعت الزوجة أن تبر بأهل زوجها دون أن يلحقها ما ورد في سؤالها فحسن، وإن كان كما ذكرت فلا يلزمها السفر إليهم، ولا الاجتماع بهم؛ لأنهم ليس لهم حق واجب عليها، ومالهم من البر والإحسان سقط بحصول المفاسد المترتبة الواردة في السؤال، وإن آنست من نفسها القدرة على التأثير عليهم بإزالة المنكر أو لديها - على الأقل - القدرة أو الحصانة على عدم التأثر بهم وأولادها، فالأولى السفر إليهم؛ لما في ذلك من صلة الرحم وربط الأولاد بأهلهم، وإدخال السرور على الزوج، وكل ذلك أمر محمود دعا إليه الإسلام وحضَّ عليه، قال تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ " الآية، [المائدة: 2] وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/182)
منع الزوجة من زيارة أهلها
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات أسرية
التاريخ 09/05/1425هـ
السؤال
هل يجوز للزوج شرعاً أن يمنع زوجته من زيارة أهلها وأقاربها من الأرحام؟
وإذا كانت الإجابة بنعم، فما هو الدليل الشرعي على ذلك؟ وإن كانت الإجابة لا فما حكم هذا الفعل من قبل الزوج وعقوبته عند الله عز وجل؟ وهل يلحق الإثم بالزوج؟
أفيدونا أفادكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فالجواب أنه لا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من زيارة أهلها وأقاربها مطلقاً، لكن يجوز له أن ينظم وقت الزيارة، وأن يمنعها في وقت دون آخر حسب ما تقتضيه مصلحته من غير إضرار، هذا وإذا منعها من الزيارة مطلقاً فهو آثم؛ لأن في ذلك إعانة على قطيعة الرحم التي أمر الله بأن توصل، كما أن فيه إعانة على الإثم والعدوان، والله تبارك وتعالى يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] ، ثم إن منعها من الزيارة ينافي مقتضى العشرة بالمعروف الذي أمر الله به الأزواج لزوجاتهم، بقوله تعالى: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء: 19] . والله أعلم.(12/183)
منع إخوته من صلة والدهم
المجيب سامي بن محمد الخليل
مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات أسرية
التاريخ 25/5/1425هـ
السؤال
ما الحكم في من منع اخوته من زيارة والدهم الذي يسكن عنده؛ بسبب خلاف عائلي بينه وبين إخوته، علماً بأنه الابن الأكبر؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا العمل لا يجوز، وهو من قطيعة الرحم المحرمة، فيجب على الإخوة فيما بينهم التواصل وعدم المقاطعة، هذا فضلاً عن وجوب برهم بأبيهم وصلته، فيجب على هذا الأخ أن يتقي الله - سبحانه وتعالى- ولا ينساق مع الشيطان وكيده، وأيضاً يجب على الإخوة إذا كان صدر منهم ما يوجب غضب أخيهم الأكبر وإثارته أن يبادروا إلى إزالة أسباب الخلاف، هذا مع أن صلتهم لأخيهم هي أيضاً من البر بأبيهم؛ لأن الأب لا شك أنه لا يرضى أن يكون بين أبنائه مثل هذا الخلاف والقطيعة، وقد قال الله -تعالى-: "وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً" [النساء: من الآية1] . والله أعلم.(12/184)
تزوج دون رضى أمه
المجيب سلمان بن عبد الله المهيني
القاضي بوزارة العدل
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات أسرية
التاريخ 16/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
تزوج أخي دون رضا أمي! وأصرت أمي على عدم استقبال زوجته في منزلها، بحيث في الأعياد والمناسبات عندما نجتمع ونحن -ما شاء الله- أسرة كبيرة، لا تحضر زوجة أخي هذه المناسبات، مما يخلق جواً من التوتر والانزعاج والإحراج، وخاصة أن أخي هذا طيب جداً، ومهذب كثيراً مع الجميع.
السؤال: هل تصرف أمي في عدم استقبال هذه الزوجة حلال أم حرام؟ ولكم كل الفضل والشكر، وجزاكم الله خيراً عن جميع المسلمين.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الواجب على الوالدة أن تفرح بزواج ابنها ما دامت هذه الزوجة غير سيئة، ولسنا نقول إن الأم يلزمها استقبال زوجة ابنها، ولكن الذي ينبغي -وهو من مكارم الأخلاق- أن تتلطف معها وتكرمها، فهي زوجة ولدها وأم أحفادها، والذي يحرم في هذه الحال هو حصول الهجر غير المشروع أكثر من ثلاثة أيام، فمتى تكرر ذلك من الأم أكثر مما ورد به الشرع فالأم تعتبر بذلك آثمة، فعن أبي أيوب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" رواه البخاري (6077) ومسلم (2560) .
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تعرض الأعمال في كل اثنين وخميس، فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئًا إلا امرءاً كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول: اتركوا هذين حتى يصطلحا" رواه مسلم (2565) ..
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار" رواه أبو داود (4914) بإسناد على شرط البخاري ومسلم كما قال الإمام النووي.
وعن أبي خراش -رضي الله عنه- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه" رواه أبو داود (4915) بإسناد صحيح كما قاله الإمام النووي في رياض الصالحين (ص 611) .
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمناً فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فليلقه فليسلم عليه، فإن ردَّ عليه السلام فقد اشتركا في الأجر وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم" زاد أحمد السرخسي أحد رواه الحديث: وخرج المسلِّمُ من الهجرة. رواه أبو داود (4912) بإسناد حسن، كما قال الإمام النووي في المصدر السابق.
فيؤخذ من هذه الأحاديث أنه يحرم على المسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث ليال، فإذا حصلت مشاحنة بين مسلمين فيجوز الهجر أقل من ثلاث ليال، ويحرم أكثر من ذلك، وهذا الهجر يكون لحق الإنسان، وأما هجر المسلم للمسلم لارتكابه معصية من المعاصي وهو الهجر لحق الله فهو جائز ومشروع ثلاث ليال، وأكثر، حتى يرجع المهجور عن المعصية ويتوب إلى الله -سبحانه وتعالى-. فالواجب نصيحة أم الزوجة لترك ذلك ومحاولة الصلح في هذا الأمر. والله أعلم.(12/185)
مشعوذ ادعى لها سحر أم زوجها لها
المجيب د. صالح بن عبد العزيز التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات أسرية
التاريخ 01/08/1425هـ
السؤال
حصلت بيني وبين زوجتي مشكلة بسبب خلافها مع أهلي، وأخذتها إلى بيت أهلها ثم أحسست بالذنب والتقصير في حق زوجتي، وعرضت عليها أن أفتح بيتاً لنا، لكن أهلها طلبوا بيتاً مكتملاً، وأنا إمكانياتي بسيطة ومع هذا قررت أن أنفذها؛ لأني أشعر بأن هذا من حقها؛ لكن زوجتي وأهلها رفضوا ذلك مطلقاً، وأخبرتني زوجتي أنها لا تريدني مع العلم أني لبَّيتُ لها جميع طلباتها، وهي الآن تطلب الطلاق، ولم أعرف سبب طلبها لكني عرفت من شخصٍ هم أرسلوه وكيلاً لكي يفاتحني بأمر الطلاق، وبحسب قوله إنه لا يسعى إلى الطلاق لكن يسعى إلى الصلح، أخبرني أن والدة زوجتي وزوجتي ذهبتا إلى رجل (ليقرأ على زوجتي، وأخبرهم بأن زوجتي بها سحر، وأن من عمل لها السحر هي والدتي، وقد أخذ منهم مبلغ خمسين ألف ريال) ، وهذا السبب الرئيسي لطلب زوجتي الطلاق، مع العلم أنها حامل وفي شهرها الخامس، وأنا والله لا أريد طلاقها حباً فيها، وفي الطفل الذي في بطنها، لكنها مصرة على الطلاق، مع العلم أن أمي إنسانة مستقيمة وتقية. سؤالي:
(1) ما حكم الشرع في مشكلتي؟.
(2) ما حكم طلب زوجتي شرعاً؟ هل علي تنفيذ طلبها؟ وما حكم الذي في بطنها شرعاً من ناحية الحضانة، وإن كانت هي التي طلبت الطلاق.
(3) ما الأحكام الشرعية في الدين في هذه المسألة؟.
(4) هل أطلقها؟.
(5) أو هل أدعها معلقة كما نصحني أكثر من شخص؟
(6) وما رأيكم في الرجل الذي ذهبت إليه بتحريض من أمها؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) حكم الشرع في مشكلتك بحسب ما اشتملت عليه من أمور فليس الحكم فيها واحد، وهي كأي مشكلة اجتماعية لا غرابة في حدوثها، ولكن التعامل معها هو الذي يحتاج إلى حديث.
(2) حكم طلب زوجتك الطلاق شرعاً جائز، لكن يحق لك طلب ما دفعت من المهر.
(3) موضوع الحضانة: المسألة يرجع فيها إلى المحاكم الشرعية، ولا يحسم الأمر فيها فتوى عامة.
(4) لا تدعها معلقة بل اعمل جهدك في إرجاعها وإمساكها بالمعروف، أو فارقها بالمعروف.
(5) ذهابهم إلى الساحر أو الكاهن -وإن سمي بالراقي-، وهو قد أخبرهم بأن والدتك سحرتها محرم، وكلامه كذب وإفساد، ولا يجوز الالتفات إليه ولا تصديقه، ولا العمل بموجب كلامه.
(6) الرأي في مسألتكم إذا كنت ترغب في زوجتك وهي ترغب فيك، فيجب إبعاد الأطراف التي تدخلت في القضية، والتفاهم على قدر الحياة التي في وسعك تحقيقها من حيث السكن والنفقة، والتعايش حسب الظروف الممكنة، فهذا أنفع لكم ولأولادكم، وإذا تعذر الإرجاع والتفاهم فعليك الصبر، والاحتساب، والمطالبة بحقك الذي دفعت، مع دوام التواصل بين الأسرة بالخلق الحسن لما بينكم من الذرية، وتجنب صور الانتقام التي تتضرر بها المرأة. والله -تعالى- يغني كلاً من سعته، والله أعلم.(12/186)
امرأتي تشك فيّ
المجيب محمد بن صالح الدحيم
القاضي في محكمة الليث
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات زوجية
التاريخ 25/12/1422
السؤال
تشاجرت مع زوجتي بسبب أنها تتهمني بأنني على صلة مع سيدة أخرى لا علاقة لي بها، إضافة إلى أننا دائماً ما نتشاجر في إطار مواضيع الغيرة والنساء، وحيث إن الأمور وصلت إلى أبواب مقفلة مع زوجتي لإقناعها ببعدي عما تتهمني به، أو تحس به، أو لغيرتها المتناهية، أو غير ذلك مما هو في طبيعة النساء، وإزاء ذلك ولدرء المشاكل، وإقفال بابها الذي دائماً ما يفتح لأتفه الأسباب أقسمت عليها، وذكرت لها إن أعادت تلك المواضيع التي ستهدم بيتي وأسرتي فإنني فعلاً سأقوم بارتكاب المعاصي (الزنا تحديداً) ، وعلانية أمام عينها، أو أثبت لها ذلك فعلاً - والعياذ بالله- قد نويت ذلك جاداً، وتقريباً قلت لها ما يلي: ليكن في علمك وأقسم بالله العظيم أنك لو أعدت فتح هذه المواضيع مرة أخرى، وبالطلاق من رقبتك ثلاثاً سأقوم بفعل ما تفكرين به وتثيرين المشاكل من أجله، أي بما معناه أنني هددتها طلاقاً بالثلاث لو أنها أعادت تلك المشاكل بأنني سأرتكب الفاحشة. أرجو الإفادة في ذلك؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: الجواب يتخلص فيما يلي:
أولاً: اتهام زوجتك بالتهم التي ذكرت من المحرم والبهتان والافتراء.
ثانياً: عليك أن تبتعد عن مواطن الريب، وأن تكون صريحاً مع زوجتك، وتسعى في إعادة ثقتها بك.
ثالثاً: حلفك بأن تواقع الحرام كفاحشة الزنا - والعياذ بالله - حرام، وعليك التوبة، ولزمك كفارة اليمين على القول المختار وإن لم تفعل ما حلفت عليه، بل لا يجوز لك فعله قال - صلى الله عليه وسلم -: " ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " البخاري (6696) والنسائي (3807) والترمذي (1526) وابن ماجه (2126) وأبو داود (3289) واللفظ لأصحاب السنن.
رابعاً: طلاقك على الصيغة التي ذكرت لا يقع على الصحيح، بل هو يمين تجب فيه الكفارة، ويكفي في هذا والذي قبله كفارة واحدة، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام.
خامساً: اعلم أن الحياة السعيدة لا تقوم إلا على الحب، ولذا فإن عليك أن تتفقد منابع الحب التي جفت، وتحاول بعثها، وإنك واجد في زوجك خيراً كثيراً، واستشر من يضعك على أول الطريق، فكل مشكلة ولها حل.(12/187)
يجوز طلب الطلاق
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات زوجية
التاريخ 27/1/1423
السؤال
إنني امرأة ملتزمة قارة في بيتي لا أغادره إطلاقاً إلا للضرورة المطلقة، متزوجة ولدي ستة أولاد وأعيش في بلاد الغرب فوق إرادتي، وقد فتح زوجي محلاً لبيع اللحم الحلال، وإني أعاني جداً من هذا الأمر؛ لأن غالبية الزبائن من النساء المتبرجات والكافرات اللواتي لا خلاق لهن ولا حياء، كما أن أغلبهن متبرجات وشبه عاريات خاصة في الصيف، ويخضعن بالقول كثيراً لفتنة الرجال، حتى أصبحت أتشاجر مع زوجي دوماً، وازداد بغضي له لتهاونه في مقابلة هؤلاء الزبائن وحديثه معهن حتى اعتاد على ذلك، وكانت النتيجة أن ضعف إيمانه كثيراً وأصبح لا يصلي في المسجد إلا يوم الجمعة، وإن قلت إن هذا نتيجة المعاصي والمخالفات التي يرتكبها لغرض الاستغناء، وأنه لا يجوز له التجارة في شيء يجره إلى الاختلاط بالنساء لأنه فتنة، وأنه من ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه قال لي ألا أتدخل في هذه الأمور لأنني لا أفهم شيئاً، وأن التجارة حلال، وحتى الصحابة كانوا يتاجرون مع النساء، ولكنه نسي - أو تناسى - أن يقول إن نساء الصحابة لم يكن على الحال التي عليها نساء اليوم، والله المستعان.
والمشكلة الآن أنني أصبحت أبغض زوجي كثيراً، إضافة إلى تقصيره الدائم في تربية الأولاد، وانتهاجه منهج الضرب والعقوبة على الرفق والحنان، وأود الطلاق لتقصيري في حقوقه بعد أن ضيع هو كل حقوقي وحقوق أولادي، حتى أصبحت أكره طاعته وخدمته، فهل طلاقي منه خير لي ولأولادي أم ماذا أفعل أرشدوني؟
الجواب(12/188)
الذي أنصحك به هو أن تبقي معه وتستمري في نصحه وإرشاده، ولاسيما أنك في بلد غربة، وفراقك له ربما يزيد في مصاعبك ومعاناتك، وعليك أن تجتهدي في تذكيره وتخويفه بالله، بنفسك أو بواسطة غيرك ممن يرجى أن يكون لكلامه تأثير على زوجك، وفيما يتعلق بالعمل يمكن أن يستمر فيه مع اتخاذ الوسائل والأسباب التي تحول بينه وبين التمادي مع النساء، وذلك بالاقتصار على الحديث الضروري الذي تتطلبه عملية البيع والشراء دون الاسترسال فيما وراء ذلك، مع غض البصر ومراقبة الله - تعالى - في تصرفه، وإذا لم يقدر على ذلك فيمكن أن يتجنب الأوقات التي تحضر فيها النساء، ويوكل مهمة البيع في هذه الأوقات إلى غيره، وأما مسألة الصلاة فإن كان المقصود أنه لا يصلي بالكلية إلا صلاة الجمعة فهو على خطر عظيم ربما أوقعه في الكفر في رأي بعض أهل العلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " (رواه الترمذي (2621) ، وابن ماجة (1079) ، والنسائي (463) ، وابن حبان (1454) ، والحاكم في المستدرك (11) ، والدارقطني (2/52) ، وغيرهم) ، وإن كان المقصود أنه لا يصلي جماعة إلا صلاة الجمعة، فإن كان المسجد قريباً منه بحيث يستطيع أن يسمع الأذان فيجب عليه أن يصلي جماعة، وإن كان بعيداً عنه فلا تجب عليه الجماعة ولكن يجب عليه أن يصلي الصلاة في وقتها، وعليك مع كل ذلك أن تحرصي على إعانته وتذكيره بشأن الصلاة، وأما تربية الأولاد فيقع عليك جهد كبير في سد النقص الذي وقع فيه زوجك، وربما كان انشغاله بعمله التجاري يحول بينه وبين متابعة أبنائه، فعليك أن تبذلي جهدك وتحرصي على تربيتهم التربية الإيمانية السليمة، وأن تبعديهم عن الفساد وأسبابه، مع الحرص على إلحاقهم بالمدارس العربية، وإحضارهم إلى المركز الإسلامي، ومتابعة أنشطته وبرامجه، واحرصي - مع كل ما سبق- على التضرع إلى الله - سبحانه وتعالى- في أوقات إجابة الدعوات، كوقت السحر، ودبر الصلوات المكتوبة أن يهدي الله زوجك وأن يصلح أولادك، ونسأل الله - تعالى - لك التوفيق لما يحبه ويرضاه.(12/189)
أولاده من مطلقته النصرانية، مشكلة تبحث عن حلول
المجيب يوسف أبرام
مدير المركز الإسلامي بزيورخ في سويسرا وعضو المجلس الأوروبي للافتاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات الأبناء
التاريخ 14/2/1425هـ
السؤال
أنا رجل مطلق من امرأة غربية، ولي منها ثلاثة أولاد بنت عمرها 16 سنة، وولد عمره 14سنة، وولد عمره 12سنة، وكلهم لا يعرفون أي شيء عن ديننا، وكلما حاولت أن أكلمهم في أمور ديننا قاطعوني، ولم يأتوا لرؤيتي، علماً أنهم يعيشون مع أمهم التي تعيش وصاحبها، وهي نصرانية الديانة، ولا يريدون أن يروني، وأنا مع زوجتي المسلمة المحجبة؛ بحجة أنهم يتحرجون من ثيابها أمام أصحابهم، فماذا أفعل معهم؟ وما هي الطريقة المثلى لتعليمهم القليل عن ديننا؟ وهل يجوز لي الاستمرار في الإنفاق عليهم رغم أنهم لا يدينون بديني؟ وهل أنا آثم بذلك؟ مع العلم أنا الآن لا أترك فرضاً وأقرأ القرآن؛ لعل ذلك يكفر عن ذنبي الكبير في تربية أولادي، أرشدوني -هدانا الله وهداكم-، وهل يجوز أن أسايرهم في أمر زوجتي؟ أنهم لا يريدون أن يظهروا معها في أي مكان عام، بسبب ارتدائها الزي الشرعي؟ مع العلم أنهم لم يأتوا لزيارتي والإقامة في بيتي من شهر حزيران، ماذا أفعل؟ أنا بانتظار ردكم وإرشاداتكم، والاستفادة من آرائكم اهتداء بكتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- وشكراً، وهناك شيء آخر هو أن البنت سميتها باسم أجنبي، والولد الصغير، والولد الكبير فقط هو اسمه أحمد، ويفكر عندما يصبح عمره 18 عاماً أن يغيره لاسم أجنبي ما الحل؟.
الجواب
الأخ السائل: لا أدري بأي قضية أبدأ، ولا بأي إشكالية أجتهد في حلها، حيث تراكمت وتشابكت، وتعقدت فالله المستعان، والسؤال المهم ليس ماذا يجب عليك أن تفعل، ولكن ماذا تقدر أن تفعل؟ فأنت في كندا تحت سلطة الدولة، وقوانينها التي صُنعت للنساء، ولا حق للرجال لا في الحضانة، ولا في غيرها، فأنت ملزم بدفع النفقة إلى سن الـ 18 سنة، مهما كان وضع الأولاد ديناً أو خلقاً، وقد سئل الشيخ الألباني في بريطانيا عن مثل هذه القضية فأجاب بالمثل الشامي: (من بات في المقبرة وداهمته الكوابيس فلا يلومن إلا نفسه) .
نعم يا أخي، ما من مسلم يعيش في هذه البلاد غير الإسلامية إلا صادفته مشاكل سواء في زوجه أو أولاده أو رزقه - والله المستعان-.
والمقطوع به أن حلول العنف أو الشدة لا تأتي بخير؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه" رواه مسلم (2594) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، فكن رفيقاً سهلاً، ليناً في غير معصية لله.(12/190)
حالتك وحالات كثير من المسلمين تذكرني بقصة ذلك الأعرابي الذي أساء الأدب مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهمَّ الصحابة - رضي الله عنهم- أن يبطشوا به، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم- عطاء حتى رضي، ثم قال لأصحابه- رضي الله عنهم- "إنما مثلي ومثلكم ومثل هذا الأعرابي كرجل كانت له دابة، فنفرت منه، فذهب يطاردها، فجاء الناس كلهم وراءه يطاردون، فما ازدادت الدابة إلا نفاراً وشراداً، فقال: دعوني ودابتي أنا أعلم بدابتي، فأخذ من خشاش الأرض، ولوح به لهذه الدابة، فما كان منها إلا أن انساقت إليه، وجاءت إليه فأمسك بها" رواه الهيثمي في مجمع الزوائد (9/16) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
إن أولادك قد ندوا وابتعدوا عنك مؤقتاً، ولكن هذا لا يعني أنهم ابتعدوا عن الإسلام بالكلية، فكن معهم مثل الأعرابي ودابته، فإنه لا سبيل لك عليهم، وليس عندك إلا وسيلة واحدة هي وسيلة اللين والرفق.
لا تجعل لقاءك بهم عبارة عن دروس دينية؛ فإن هذا الأسلوب سينفرهم منك، بل لو خرجت معهم سواء مع زوجتك الحالية المحجبة، أو بدونها للتنزه في غابة، أو رحلة، أو سياحة نافعة، وجعلتهم بالعطف والحنان والمناقشة البسيطة الهادفة يلتصقون ويتعلقون بك ويحبون رؤيتك ولقياك؛ لكانت هذه بداية العود المحمود، والحل المنشود.
ثم انظر بعد ذلك في حل عملي سيحسم القضية بالكامل، واللبيب بالإشارة يفهم، ولأن يعيش الإنسان فقيراً في أرض الله، خير من أن يعيش غنياً تحت غضبه، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، والأرض كل الأرض للمسلم مسجداً وطهورا.
كما عليك أولاً أو أخيراً أن تجتهد في طاعة الله، فإن الله قد حفظ مال اليتيمين بفضله، ثم بطاعة والدهما قال -تعالى-: "وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك" [الكهف:82] .
كما عليك أن تجتهد في الدعاء والابتهال إلى الله أن يرد إليك أولادك بالطريقة التي ترضي ربك وتقر بها عينك.
فعسى الله - سبحانه وتعالى- ألا يخزيك في ذريتك، ويجنبهم موارد الهلاك، آمين، وصلى الله على نبينا محمد.(12/191)
زوّجه أبوه دون إخوته
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات الأبناء
التاريخ 29/2/1425هـ
السؤال
أنا شاب قد زوجني أبي لمقدرته على ذلك، وبمساعدة يسيرة مني، ما حكم هذه المساعدة؟ وهل على أبي ذنب في ذلك؟ علماً بأن لي أخاً من أبي، قد تزوج قبلي، ولم يعنه أبي على زواجه؛ لعدم مقدرته كذلك، ولي أخوان يكبراني، ولم يتزوجا بعد؛ لأنهما لا يريدان ذلك، ما الحكم في هذه المساعدة؟ علماً بأن أبي أخذ الموافقة من جميع إخوتي على المساعدة في تزويجي. أفيدوني، جزاكم الله خيراً.
الجواب
الأب مأمور أن يسوي بين أولاده في العطية إذا كانت العطية لغير حاجة، أما إذا أعطى أحد أولاده لحاجته كأن يحتاج للزواج فيزوجه فلا بأس أن يعطيه، ولا يعطي الآخرين حتى يبلغوا ويحتاجوا للزواج فيعطيهم مثل الأول، ومثل ذلك مصاريف الدراسة، وشراء السيارة التي يحتاج إليها للتنقل.. ونحو ذلك، ومثل هذا لا يحتاج فيه إلى أخذ إذن الأولاد الباقين على الراجح. والله أعلم.(12/192)
العدل في النفقة بين الأولاد
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/ استشارات نفسية وتربوية/قلق
التاريخ 2/3/1424هـ
السؤال
لي أخ من عدة إخوة أنا أصغرهم، وشاء أخي أن يتزوج ورغب إلى الوالد بذلك وهو في المرحلة الجامعية وهذه السنة الرابعة له، ووالدي متكفل بنفقته وعياله الثلاثة، وهو -ولله الحمد- قادر ومستطيع، ولكنني سمعت منه مرة قوله: أين أذهب من الله؟ وماذا أقول له إذا سألني عن نفقتي على فلان لم أعدل بينه وبين إخوته؟ مع العلم أن إخوتي بعضهم درس في الخارج -أمريكا- وعاشوا معيشة أغلب الشباب، وكان الوالد ينفق عليهم، مع العلم أن أخي أحرز أعلى نسبة نجاح في الثانوية من بين إخوته، فهل قلق الوالد هذا في محله؟ وما الذي ينبغي عليه فعله؛ لتلافي الظلم والتمييز إن كان محقاً؟
الجواب
تزويج الأب لابنه ونفقته عليه بعد ذلك هو وأولاده يعد من باب النفقة لا من باب العطية، والنفقة لا تجب فيها المساواة بل يعطى كل واحد من الأبناء حسب حاجته، وإن كان ما يعطى لهذا السبب أكثر من الآخرين وبناءً على ذلك إذا كان أبوك زوَّج أخاك في المرحلة الجامعية وأنفق عليه - لأن الابن لا يستطيع أن ينفق على نفسه - فلا حرج في ذلك ولا يعد من الإخلال بالعدل كما أنه أنفق على أخيك الذي درس في الخارج وهكذا ينفق على كل واحد من الأبناء حسب حاجته، والله ولي التوفيق.(12/193)
الدش.. وضبط الأطفال أنفسهم
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات الأبناء
التاريخ 26/6/1424هـ
السؤال
لي زميل ملتزم، قد اقتنى جهاز الدش في منزله، ويدعي أنه لا بد من تربية الأولاد على أن يضبطوا أنفسهم بأنفسهم، أرجو منكم أن تبينوا لي وله بعضاً من الآيات والقصص التي تسد الذريعة إلى المعاصي، وإلى خطوات الشيطان. مشكورين مأجورين.
الجواب
شكراً على مراسلتك وسؤالك وحرصك، وأرجو الله لك التوفيق، أما الجواب على سؤالك: فمن الضروري أن يفهم صاحبك قاعدة عظيمة جاءت في الإسلام، ودل عليها الكتاب والسنة، وهي لمن فهمها حماية من كثير من الشرور والمفاسد، ألا وهي قاعدة سد الذرائع، ومما جاء في الكتاب عنها قوله -سبحانه-:"ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلا" [الإسراء: 32] ، وقوله -سبحانه-:"ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم" [الأنعام: 108] ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن هذه القاعدة:"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي (2518) ، والنسائي
(5711) من حديث الحسن بن علي -رضي الله عنهما-، وقال -صلى الله عليه وسلم-:"فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" رواه البخاري (52) ، ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-، وغير ذلك من النصوص الصريحة، ولذلك جعلها العلماء من القواعد الأساسية في فهم الشريعة، فقل لصاحبك: أن نُعَرِّض أبناءنا للخطر بحجة أنهم يجب أن يضبطوا أنفسهم هذا غير صحيح؛ لأن هذا فيه دعوة للسباحة لمن لا يعرف السباحة؛ كأنه يلقيهم باليم ويقول: تصرفوا، وما أحسن قول القائل:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له *** إياك إياك أن تبتل بالماء
هذا لا يكون أبداً، بل الواجب حمايتهم من كل فتنة يمكن أن تكون سبباً في ضلالهم، وقد
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:" من سمع بالدجال فلينأ عنه فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتَّبِعه مما يبعث به من الشبهات"، أخرجه أبو داود (4319) وأحمد في مسنده (19875) من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - بسند صحيح، فهذه وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لكل مسلم يريد السلامة من أي فتنة خطيرة.
وهل يشك مسلم اليوم بخطورة القنوات الفضائية بما تبثه من شهوات وشبهات، وما فعلته بكثير من العقول من الانحراف عن الحق والتقصير في أداء الواجب، ألا فليتق الله صاحبك في أبنائه، وليقم بما أوجب الله عليه بنصحهم وتذكيرهم بالواجب امتثالاً لأمر الله في قوله: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة" [التحريم: 6] ، فهل وقاهم من النار وطريقها بفعله هذا؟!.
أسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق.(12/194)
منع الولي موليته من الزواج
المجيب محمد بن صالح الدحيم
القاضي في محكمة الليث
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات الأبناء
التاريخ 18/7/1424هـ
السؤال
ما حكم الأب يمنع زواج ابنته من شاب تقدَّم لطلبها، علماً أن الأب ليس له أي سبب شرعي لمنع الزواج، وهل تلجأ الفتاة إلى القاضي في هذه الحالة؟ جزاكم الله عنا خيراً.
الجواب
لا يجوز للولي منع موليته من الزواج ممن هو كفو لها، وإذا حصل منه ذلك فإنه ظلم وعضل، وفي هذه الحالة يجب مناصحة هذا الولي وتخويفه من عاقبة الظلم، وتوسيط أهل الخير، فإن لم ينفع معه ذلك، فتلجأ البنت إلى القاضي، والذي يُجري الوجه الشرعي حيال المشكلة، وليس في تقدم البنت بدعوى ضد والدها العاضل عقوقٌ إطلاقاً ما دامت ملتزمة بأدب الدعوى، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/195)
القانون يُلزمه بتسديد فائدة الربا فماذا يفعل؟
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/أخرى
التاريخ 28/10/1424هـ
السؤال
تحملت عن امرأة ديناً عليها، أخذته عن طريق الربا وصورته: (أنها أخذت من امرأة ذهباً بقيمة 350 ألف ريال يمني إلى أجل، على أن ترده مع الزيادة، وأنا الآن أسدد عنها الدين مع الزيادة، لكونها فقيرة ولا تقدر على التسديد، وقد تتعرض لمشاكل عظيمة، فما حكم ذلك؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
إذا كان السائل والمرأة المدينة يستطيعون أن يكتفوا بسداد رأس المال فقط فنقول ينبغي لهم ذلك، أما إذا كان هناك إجبار، وهناك قوة تمثيلية تأخذ منهم الحق، سواء أكان ذلك بحق مشروع أو غير مشروع فينبغي أن يسدد عنها، وأن تبعد عن أسباب إهانتها وإجبارها على أمور لا تستطيع ردها.(12/196)
هل لها أن تهجر أختها؟
المجيب سامي بن محمد الخليل
مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/أخرى
التاريخ 20/08/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخت تسأل هل يجوز لها مقاطعة أختها التي تسبب لها المشاكل مع زوجها، فهو تتدخل في أمورهم الشخصية، وتسبب إيذاء زوجها لها، كما أن هذه الأخت تتكلم معه، وتتسبب لها في المشاكل، فهل يجوز لها مقاطعتها أو قصر العلاقة معها على مجرد السلام والسؤال عن الحال دون أن تدخلها بيتها؟ علماً بأن هذه الأخت ليست محجبة، وتُقبل زوج أختها عندما تلقاه. جزاك الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هذه الزوجة يجب عليها أن تمنع أختها من دخول البيت؛ وذلك لما يسببه دخول أختها من فتنة ومنكرات، فهي غير محجبة، وتُقبِّل زوج أختها، وهذا أمر منكر، ومن أعظم أسباب الفتنة، فعلى هذه الزوجة أن تمنع أختها من دخول بيتها، وأيضاً عليها أن تبذل لها النصح والدعوة إلى الخير، وتبين لها أن ما تفعله منكر لا يرضاه الله، وإذا كانت هذه الأخت تسبب لها المشاكل مع زوجها فهذا أيضاً يؤكد ما سبق، وهو عدوان على أختها، ويكفي هذه الزوجة أن تصل أختها بالسلام عليها وتفقد أحوالها. والله أعلم.(12/197)
قضايا المرأة(12/198)
هل الرجل أفضل من المرأة؟!
المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مكانة المرأة ووظيفتها في المجتمع الإسلامي
التاريخ 10/9/1424هـ
السؤال
هل صحيح أن الرجل أفضل من المرأة من حيث الأصل والخلقة؟ (حيث إن لي زميلاً متديناً في العمل يقول بذلك) ، أرجو التفصيل في ذلك بالتوسع في الأدلة التي تؤكد أو تنفي ذلك. وجزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن القرآن الكريم لم يميز بين الرجل والمرأة من حيث أصل الخلقة والتكوين، "يا أيُّها النَّاس اتقوا ربَّكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها" [النساء: 1] .
ولم يفرق في شيء من نصوص الكتاب والسنة بين الرجل والمرأة من هذه الناحية، اللهم إلاّ تلك الاختلافات التي تتعلق بالجوانب العضوية والنفسية، وهذا شيء لا فضل فيه للرجل على المرأة، لأن الله تعالى خلق كلاً منهما لوظيفة معينة، ووهبه الخصائص التي تساعده على أداء مهمته. كما فرق في ذلك بين جميع مخلوقاته ممن جعل فيهم زوجين. والتفريق بينهما من هذه الناحية هو ما كرسته الكتب السماوية المحرفة.
وقد ساوى بينهما القرآن من حيث التكريم قال تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم" [الإسراء: 70] ، ومن حيث أصل التكليف، وإن اختلفا في بعض التكاليف الشرعية لحكم قدرها العزيز الحكيم.
وفُضِّل جنس الرجال على جنس النساء في الجملة، إذ جعل الله في الرجال النبوة والإمامة والولاية والقوامة والنفقة والجهاد دون النساء، وهذا لا يعني أن كل رجل هو أفضل من كل امرأة، فرب امرأة هي أفضل من صاحب الإمامة والولاية، ولا يقطع في هذا الباب على التعيين إلا بتقديم الأنبياء لمقام النبوة، والخلفاء لإجماع أهل السنة على ذلك، وهذا من باب أن جنس الملائكة أفضل من جنس البشر على أحد القولين، وهو لا يعني أن كل ملك أفضل من كل إنسان. والله أعلم.(12/199)
معنى: " ناقصة عقل ودين ... "
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مكانة المرأة ووظيفتها في المجتمع الإسلامي
التاريخ 09/07/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..وبعد:
أنا رجل أعمل في مجال الإغاثة بأفغانستان بعد الحرب الأخيرة هناك، وبحسب طبيعة عملي يكون هناك اجتماعات مع المنظمات الإغاثية المسلمة وغير المسلمة، فقد واجهت امرأة تبحث عن تفسير لقول النبي عليه الصلاة والسلام إن المرأة ناقصة عقل ودين، وهل تستطيع المرأة المسلمة أن تدرس الطب؟ حيث إنها تبحث في ذلك عن دليل من القرآن والسنة النبوية، وهل هي -أي المرأة- تستطيع أن ترشح نفسها لمنصب الوزارة في الإسلام؟ كما أنها تسأل: هل الإسلام دستور شامل للسياسة أم أنه مجرد دين ليس له دخل بالسياسة؟ أفتونا مأجورين، جعلها الله في ميزان حسناتكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أما تفسير أن المرأة ناقصة عقل ودين، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم- حين سئل عن ذلك- قال: "أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ ". قُلْنَ: بَلَى. فقال صلى الله عليه وسلم: "فَذَلِكَ مِن نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أليسَ إذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ ولَمْ تَصُمْ؟ ". قُلْنَ: بَلَى. فقال: "فَذَلِكَ مِن نُقْصَانِ دِينِهَا" أخرجه البخاري (304) ، ومسلم (8) . فبين أن نقصان عقلها من جهة ضعف حفظها في الأمور التي يشهدها الرجال، ولا تختص بالنساء؛ لأنها ليست من اهتمامها، فقد تزيد في الشهادة وقد تنقص، وقد تنسى، وأما نقصان دينها فلأنها في حال الحيض تدع الصلاة والصوم، ثم تقضي الصوم.
للمرأة أن تدرس الطب وغيره من العلوم النافعة بشرط أن تلتزم بالحجاب، وأن تبتعد عن مزاحمة الرجال، والخلوة بالأجنبي، وأن يكون سيماها العفاف والحياء والحشمة، فالعلوم النافعة ليست حكرًا على الرجال، بل هي علوم مشتركة مشاعة للجنسين.
نعم، الإسلام دستور شامل للسياسات، والاقتصاد، والاجتماع، والإعلام، وكل مناحي الحياة، فهو منهجُ حياةٍ وشريعةُ دولةٍ، وكل أفعال الناس وتصرفاتهم ومشاعرهم، وأفكارهم يجب ن تخضع لحكم الإسلام، فلا يجوز أن يخالفه منها شيء؛ (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ) ] الأنعام:162-163 [.
ليس للمرأة أن تُرشَّح لمنصب رئاسة الدولة، أو القضاء، أو غير ذلك من الولايات العامة، ولها الولاية على بنات جنسها كمديرة مدرسة نسائية، أو قسم نسائي، أو إدارة نسائية، ونحو ذلك.
وقد ذهب عامة أهل العلم إلى هذا، إلا ما حُكي من الأقوال الضعيفة عن آحادهم في هذا، ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً" أخرجه البخاري (4425) . ولم يُعْهَد أن النبي صلى الله عليه وسلم ولَّى في عهده امرأةً على(12/200)
شخص مصاب بالتوحّد، فهل أحتجب عنه؟
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 4/7/1422
السؤال
لدي ابن عم في الثامنة عشرة من عمره مصاب بمرض " التَّوحُّد " وأنا لا أحتجب عنه.. ما رأي فضيلتكم مأجورين
الجواب
تختلف حالات الإصابة بالتوحُّد، فإذا كانت الإصابة شديدة فإنه يكون من غير أولي الإربة، ولا يكون لديه تفاعل مع من حوله بما في ذلك النساء. فحينئذ لا يجب الحجاب عنه لقوله تعالى: ((والتابعين غير أولي الإربة من الرجال)) قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: هو المغفّل الذي لا شهوة له. وقال مجاهد: هو الأبله. وكذلك قال غير واحد من السلف.
وأما الإصابة الخفيفة فإنه يكون بوضع الرجل الطبيعي من حيث الشهوة والإدراك، وبالتالي فإن الأصل البقاء على الحكم العام وهو الاحتجاب عن الرجال الأجانب، وهو منهم، ما لم يتضح أن إصابته من النوع الشديد الذي يُفْقِدهُ الإربة في النساء والتفاعل مع من حوله، والله أعلم.(12/201)
رؤية صورة المرأة
المجيب د. خالد بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 27/6/1422
السؤال
هل يجوز للمرأة أن تكشف صورها للرجل الأجنبي، وفي الصورة صورتها وهي صغيرة قبل سن البلوغ؟
الجواب
أما صورها بعد البلوغ فلا يجوز لأجنبي أن يراها، ولا يجوز لها أن تمكنه من ذلك، إلا لحاجة معتبرة شرعاً، كرؤية في خطبة زواج، أو للتحقق من الهوية ممن له هذا الحق. ويجب أن تكون الصورة تُظهر المرأة وهي محتشمة لا يبدو منها إلا وجهها فقط؛ لأن ترك الحجاب في الصورة كان للحاجة، والحاجة تقدر بقدرها، وقدرها كشف الوجه فحسب دون الشعر، والنحر، وسائر أجزاء الجسم. ومن المعلوم ثبوت الأدلة الموجبة للحجاب، ومنه حجاب الوجه ومنها قوله -جل وعلا-: ((يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن)) وقد فسر ابن عباس -رضي الله عنهما- الإدناء بتغطية الرأس، والوجه، والنحر، ويقول الله -جل وعلا- ((ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن)) . هذا إن كانت الصورة تبدي المرأة وهي غير محتجبة، فإن كانت تبديها محتجبة فلا أعلم في ذلك حرجاً.
وأما صورها قبل البلوغ، فيجوز للأجنبي النظر إليها؛ لأنه يجوز النظر إلى صاحبة الصورة مباشرة، فجوازه لصورتها أولى، وذلك لعدم وجوب الحجاب على غير البالغة، ولأن عورتها ما بين السرة والركبة، فهذه العورة هي التي لا يجوز النظر إليها لا مباشرة ولا في صورة. والله أعلم.(12/202)
عورة المرأة أمام المرأة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 6/5/1422
السؤال
أريد أن أذهب إلى طبيبة نساء فهل يجوز أن تكشف على بطني مثلا وماهي حدود عورة المرأة مع المرأة
الجواب
الجواب: حدود عورة المرأة للمرأة عند الحاجة ما بين السرة إلى الركبة، إلا أنه من باب التمسك بالآداب والأخلاق الفاضلة، أن لا تكشف المرأة أمام النساء الأخريات عن شيء من جسمها، الذي لم تجرِ العادة بكشفه. وهناك فرق بين كشف المرأة شيئاً من جسمها أمام امرأة للتداوي أو للولادة أو لحاجة ما، وبين أن تكشف المرأة عن ذلك اختياراً بلا حاجة ولا ضرورة؛ فيجوز في حال الضرورة؛ وينهى عنه لغير ذلك. والله أعلم.(12/203)
لبس المرأة للبنطال
المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 15/5/1422
السؤال
ما حكم لبس بنطلون الـ (جينز) وملابس الـ (تي شيرت) للمرأة والفتيات، وما يجسّد العورة وإن كان بين النساء؟ فإن ذلك قد أدى إلى ظهور الفتن، وإثارة الغرائز.
الجواب
لا يجوز للمرأة لبس ما يصف جسمها لضيقه، أو رقّته؛ لما في ذلك من الفتنة للرجال، والقدوة السيئة للنساء ا. هـ.
وينبّه على أن بنطلون (الجينز) ، و (التي شيرت) من ملابس الإثارة والإغراء، لأنها تحدد حجم الأعضاء، وتستر ما فيها من عيوب؛ ولذا لا يجوز للمرأة لبسها إلا على سبيل الإغراء والإرضاء لزوجها فقط. وليس لها أن تبدو بها أمام الرجال أو النساء، لما في ذلك التبرج والفتنة، وهتك الحياء. والله أعلم.(12/204)
لبس التنورة المفتوحة بين النساء
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 18/4/1424هـ
السؤال
ما حكم لبس المرأة التنورة المفتوحة من جهة الساق حيث يظهر نصف الساق أو أعلى من نصفه بقليل وذلك عند النساء؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
من حيث العورة لا يعتبر هذا عورة بالنسبة للمرأة بين النساء، لكن ينبغي للمرأة ألا تتزين بزي الفساق، ولا بزي الأجانب من الغربيين ونحوهم، ينبغي للمرأة أن تكون ملابسها ملابس ساترة، وألا يجرها حب محاكاة الآخرين إلى أن تعرض نفسها للفتنة، فإن المرأة إذا تعودت أن تلبس ملابس فيها شيء من إبداء الزينة عند النساء؛ ربما يجرها ذلك إلى أن تبديها عند الرجال الأجانب، وهذا منزلق خطير يقع فيه كثير من النساء في هذا الزمن، خاصة في حفلات الأفراح ونحوها، فإن الملاحظ أن بعض النساء ترتدي ملابس تكون فيها متبرجة، وتظهر بمظهر لا تصلح أن تكون فيه إلا أمام زوجها، فيجب على المرأة أن تعتد بما هي عليه من أخلاق إسلامية، وتحافظ على تقاليدها وكرامتها، والله الهادي إلى سواء السبيل.(12/205)
الحجاب الكامل
المجيب محمد بن صالح الدحيم
القاضي في محكمة الليث
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 5/2/1424هـ
السؤال
أنا فتاة كنت مغنية، وسمعت عن وجوب الحجاب الكامل للمرأة حتى كفيها وعينيها، ولكن صديقاتي أخبرنني أن العلماء اختلفوا، أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وبعد:
الله - سبحانه وتعالى- نهى عن التبرج فقال: "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى" [الأحزاب: من الآية33] ، قيل التبرج هو:
(1) التبختر والتكسر
(2) إظهار الزينة وإبراز المرأة محاسنها للرجال.
ومما يفسر المراد بالتبرج قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا"، أخرجه مسلم (2128) .
وأمر الله - سبحانه- بالحجاب فقال: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" [الأحزاب:59] ، فما هو الجلباب؟
قال ابن كثير: الجلباب بمنزلة الإزار اليوم، وقال القرطبي: الثوب الذي يستر جميع البدن.
وفي صحيح مسلم (890) عن أم عطية قالت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: "لتلبسها أختها من جلبابها"، إذن الجلباب - الإزار - الثوب، والجلباب بالمعنى اللغوي: ما يغطى به ما دون الرأس، وأما ما يغطى به الرأس والصدر والنحر فهو: (الخمار) وقد قال الله تعالى في سورة النور "وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ" [النور: من الآية31] ، خمرهن: جمع خمار وهو غطاء الرأس، جيوبهن: جمع جيب وهو فتحة العنق.
وما المراد بـ (الإدناء)
قال مجاهد: هو الشد على الجباه، وبنحوه قال سعيد بن جبير وعكرمة وغيرهم.
وأما عن إبداء الزينة: فقد قال الله تعالى: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا"
[النور: من الآية31] ، وقد اختلف أهل العلم في الزينة الظاهرة على أقوال:
(1) هي الثياب الظاهرة، يروى عن ابن مسعود - رضي الله عنه-.
(2) هي الوجه والكحل والخاتم والسواران، يروى عن ابن عباس، وعائشة - رضي الله عنهم-, ومن التابعين سعيد ومجاهد وعطاء.
(3) هي الوجه والثياب، يروى عن الحسن البصري، فصارت الأقوال إلى قولين: الثياب والوجه والكفان.
والقول الثاني هو المشهور عند الجمهور كما يقول ابن كثير، قال ابن جرير: (وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: عني بذلك الوجه والكفان، قال: المرداوي في الإنصاف(12/206)
(8/27) وهذا الذي لا يسع الناس غيره، خصوصاً للجيران والأقارب غير المحارم الذين نشأ بينهم) ، ولكل من القولين استدلالات ليس هذا موضع بسطها، لكن الذي أريد قوله أن الخلاف في هذه المسألة قديم ومعروف ولا يجوز تجاهله، وهو من مسائل الاجتهاد لا من مسائل القطع، كما لا يجوز أن تكون هذه المسألة سبباً للتفرق والخلاف المذموم والحط والتنقص من أقدار العلماء، كما أنبه على أن صواب القول ورجحانه لا يكتسب ذلك من موافقته للعادات والتقاليد، بقي أن نعلم: أنه وحتى على قول القائلين بجواز كشف الوجه واليدين فيجب سترهما عند الفتنة خوفاً أو تحققاً، حيث يكون الستر لأمر خارج وهو الفتنة، كما أن الفقهاء القائلين بوجوب ستر الوجه واليدين يقولون بتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان، والأحوال والأشخاص، وبالتالي فإذا كانت المرأة في بلد أو زمن أو حال لا تستطيع ستر وجهها وكفيها لأسباب اجتماعية، أو سياسية، أو أمنية، وتتعرض لأذى أو تفوتها مصلحة أعظم جاز لها كشف الوجه واليدين، وكذلك حال التي ابتليت ووقعت بالسفور والخلاعة و.. تريد أن تتوب ويكون إلزامها بستر وجهها وكفيها مما يعوقها عن التوبة فلا يجوز والحالة هذه إلزامها بذلك، ومن ألزمها بذلك فقد غلط، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- (ومن تدبر أصول الشرع علم أنه يتلطف بالناس في التوبة بكل طريق) ، وليعلم أن التضييق والتعسير ليس من الفقه في شيء، وما أوقع الناس في الحيل والمحرمات إلا التضييق، ألا ترى أن بعض النساء في بعض المجتمعات تلجأ إلى إظهار العينين الفاتنتين ممن لو رأيت وجهها لوليت مدبراً ولم تعقب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (لقد تأملت غالب ما أوقع الناس في الحيل فوجدته شيئين: إما ذنوب جوزوا عليها بتضييق في أمورهم فلم يستطيعوا دفع هذا الضيق إلا بالحيل فلم تزدهم الحيل إلا بلاء..وإما مبالغة في التشديد لما اعتقدوه من تحريم الشارع فاضطرهم هذا الاعتقاد إلى الاستحلال بالحيل، وهذا من خطأ الاجتهاد) ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(12/207)
صلاة المرأة في البنطال الفضفاض
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 19/11/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز للمرأة أن تصلي وهي لا ترتدي إلاالقميص والبنطال الفضفاض؟
الجواب
الواجب على المرأة المسلمة ارتداء اللباس الضافي في كل وقت لأن المرأة الحرة كلها عورة ويجب عليها الحجاب لقوله تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن" [الأحزاب: 59] وقوله تعالى: "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" [النور:31] .
والمرأة المسلمة إذا سترت جميع بدنها وشعرها في الصلاة ولم تظهر إلا وجهها وكفيها صحت صلاتها، وإذا ظهر شيء من بدنها غير الوجه والكفين لم تجزئ صلاتها، وكون المرأة تصلي في قميص وبنطال فضفاض إذا كان ساتراً لجميع بدنها فصلاتها صحيحة، ولا ينبغي للمرأة المسلمة أن تصلي في مثل هذا اللباس إلا أن يكون عليها لباس خارجي كالشرشف والعباءة ونحو ذلك، ويلاحظ هنا أن ستر شعر المرأة واجب عليها سواء كانت في الصلاة أوغيرها، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.(12/208)
عورة الأمة
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 3/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل عورة الأمة من السرة إلى الركبتين؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فتختلف العورة في مسألة النظر عن العورة في الصلاة، وذلك أن الموضع المعين من البدن قد يكون عورة في الصلاة ولا يكون عورة خارجها؛ كرأس المرأة الذي يجب عليها ستره في الصلاة ولا يجب خارج الصلاة أمام محارمها، وكوجه المرأة الذي تستره أمام الأجانب وتكشفه في صلاتها.
والمرأة لا تصلي إلا مستورة جميع البدن عدا الوجه، ولو لم يكن عندها إلا زوجها لأن ستر الصلاة لحق الله، وستر العورة خارجها لمنع الفتنة والفساد.
والأمة في الصلاة - عند عامة أهل العلم- يجوز لها أن تصلي مكشوفة الرأس.
وقيل عورتها في الصلاة كعورة الرجل من السرة إلى الركبة، وهو قول مشهور في مذهب الإمام أحمد والشافعي (المغني 2/332) .
وإنما حجتهم الحديث الذي رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً:"إذا زوج أحدكم عبده أو أمته أو أجيره فلا ينظر إلى شيء من عورته، فإن ما تحت السرة إلى الركبة عورة" سنن أبي داود (496) سنن الدارقطني (1/230) بإسناد حسن.
وهذا ضعيف في الدلالة؛ لأنه في النظر لا في الصلاة، ثم الظاهر أن المراد منه أن من زوج أمته التي يباح له وطؤها؛ فليس له أن ينظر إلى تلك العورة؛ لئلا تباح لرجلين.
فإن الحديث علق عدم الرؤية على الزواج فمفهومه الإذن له بالرؤية قبله فتأمل، وقد حمله البيهقي على عورة الرجل مع طعنه في صحته (السنن الكبرى 2/83) ، والظاهر أن عورة الأمة ما دون رأسها وذراعيها وساقيها مما يظهر غالباً.
لأن الأمر بالحجاب أمر عام والأصل في التشريع أنه عام، لا يختص إلا بدليل، وقد ورد أن عمر كان ينهى الإماء عن التقنع (وهو تغطية الرأس) ويقول: إنما القناع للحرائر، وضرب أمة لآل أنس رآها متقنعة، وقال: اكشفي رأسك ولا تشبهي بالحرائر. (سنن البيهقي 3305) وصححه.
وهذا اشتهر في الصحابة ولم ينكر، كما أن ذلك يظهر عادة عن الخدمة والتقليب للشراء، وأما في خارج الصلاة فإن خشيت الفتنة بهن كالإماء الحسان؛ فيجب عليهن ستر جميع بدنهن فإن المقصود من الحجاب هو ستر ما يخاف منه الفتنة بخلاف الصلاة.
وإن لم تخش الفتنة كما كان الإماء في الصدر الأول، وفي عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فليس عليهن حجاب كحجاب الحرائر، وهن كالقواعد من النساء قال تعالى فيهن:"ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة" [النور:60] ، هذا هو الظاهر لي، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(12/209)
الخلاف في الحجاب
المجيب سليمان بن عبد الله الماجد
القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 23/10/1422
السؤال
السؤال: أرجو إفادتي في أمر النقاب. هل هو فرض أم فضل، ولم اختلف الأئمة في هذا الأمر، وقد قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم" ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاقٍ بعيد" صدق الله العظيم. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده أما بعد:
أصح أقوال أهل العلم أن تغطية الوجه واجبة على جميع النساء، فهي فرض، وفضل، وليست فضلاً فقط.
وهناك من أهل العلم من يقول: إن هذا مستحب وليس واجباً، ولكل فريق دليله، والصحيح ما ذكرناه من وجوب تغطية الوجه.
وأما الاختلاف المذكور في الآية فليس كما ظنت الأخت السائلة أن المقصود به اختلاف الفهم بين الفقهاء في المسائل الاجتهادية كمسألة الحجاب، وهذا الاختلاف المذموم الوارد في الآية يحتمل عند المفسرين احتمالات منها:
1-أن هذا الاختلاف هو حال من يأخذ ببعض الكتاب ولا يأخذ ببعضه الآخر.
2-أن المقصود بهذا الاختلاف هو اختلاف مشركي مكة في القرآن؛ فمنهم من يقول: هو سحر، ومنهم من يقول: هو شعر، ومنهم من يقول: هو كهانة، ومنهم من يقول: هو أساطير الأولين.
3-أنه اختلاف اليهود والنصارى في ورود صفة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- في كتبهم؛ فمنهم من يقول: وردت، ومنهم من يقول: لم ترد؛ فهذا اختلافهم في الكتاب.
فليس المقصود بالاختلاف في الآية خلاف الفقهاء في المسائل الاجتهادية.
وأما سبب خلاف الفقهاء في هذه المسائل وأمثالها فله أسباب منها:
1-عدم اطلاع العالم على دليل العالم الآخر.
2-عدم معرفته بصحة دليل الآخر.
3-تفاوت درجات الفهم بين العلماء.
4-غلبة التقليد ومتابعة المألوف عند البعض.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/210)
هل من حق الزوجة ألا ينظر زوجها إلى الأجنبيات
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 26/9/1422
السؤال
هل من حق الزوجة على زوجها ألا يشاهد النساء إذا كان نظر الزوج للنساء يؤذي الزوجة نفسياً؟ هل نظره للنساء يعني أنه أخطأ في حقها، وبالتالي تتقاضى منه يوم القيامة؟ علماً أنها تقول له دائماً: أنا لا أسامحك على النظر؟
الجواب
الحمد لله وبعد: لا يجوز للزوج ولا غيره من الرجال النظر إلى النساء الأجنبيات سواء كان النظر في صورة أو حقيقة، ولأجل ذلك جاءت النصوص الشرعية الكثيرة في إيجاب احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب - أي غير المحارم - ومن ذلك قوله - تعالى -:" يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً " [الأحزاب: 59] .
وقال - تعالى -: " وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن....." [الأحزاب: 53]
وقال - تعالى -: " وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ... " الآية بطولها من سورة [النور:31] " والخمار في الآية هو ما تجعله المرأة على رأسها فينحدر على وجهها وجيبها، ويراد به: نحرها، فالجيوب هي: النحور والصدور، فإذا وضعت المرأة خمارها على رأسها، وسترت به نحرها وصدرها استلزم ذلك ستر الوجه؛ لأنه بين الرأس والنحر، ومن الأدلة الصحيحة الواردة في السنة ما أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث عائشة - رضي الله عنها - في قصة الإفك حين أقبل إليها صفوان بن المعطل السلمي - رضي الله عنه - قالت: " فخمرت وجهي ... " أخرجه البخاري (4141) ، ومسلم (2770)
ومنها ما في الصحيحين من حديث عائشة في نظرها إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد يوم العيد ... " فأقامني وراءه خدي على خده " أخرجه البخاري (2907) ، ومسلم (892) فكان يسترها خلفه - عليه الصلاة والسلام - وهي تنظر ولا ينظرون إليها.
ومنها ما في البخاري (1838) :" لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين " فدل مع احتجابها بالنقاب - إن احتاجت إليه - في غير حال الإحرام، وبالإضافة إلى ما ذكرنا من الأدلة - على وجه الاختصار - فإن النظر الصحيح يدل على تحريم النظر إلى النساء الأجنبيات، ووجه ذلك أن النظر سبب الزنى، فإن مَنْ أكثر النظر إلى جمال امرأة مثلاً قد يتمكن بسببه حبها من قلبه تمكناً يكون سبب هلاكه - والعياذ بالله -.
قال الوليد بن مسلم الأنصاري: كسبتْ لقلبي نظرةً لتسرّهُ
عيني فكانت شقوة ووبالا
ما مر بي شيٌء أشد من الهوى
سبحان من خلق الهوى وتعالى(12/211)
وخلاصة الأمر أن الزوج وغيره من الرجال ممنوعون من النظر إلى النساء الأجنبيات حتى لو رضيت الزوجة ولم تمانع أن ينظر زوجها إليهن، ذلك أن تحريم النظر المذكور هو تشريع إلهي محض، وحكم رباني خالص، وهدي نبوي صارم، وليس مجرد حق شخصي للزوجة أو غيرها من النساء، ومع ذلك نقول: إنَّ نظر الزوج إلى المرأة الأجنبية فيه إيذاء بلا ريب لزوجته، وإساءة لعشرتها، وجرح لمشاعرها يعرضه لعقوبة الله وسخطه - عياذاً بالله - قال الله - جل شأنه -: " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً ... ". [الأحزاب: 58] .
ومما يجدر ذكره في هذا المقام أنَّ على الزوجة أن تجتهد في إعفاف زوجها بحسن التبعل له، وإطابة العشرة معه، وإدامة التزين والتجمل بحضرته حتى تقر عينه، وتسعد نفسه، ويهنأ قلبه، ويعف فرجه عن الحرام وأسبابه.
وعلى الزوجة كذلك أن تجتهد في تطهير بيتها من أسباب الفتنة ووسائل الإفساد من الدشوش والمجلات ونحوها ولو بالتدريج، وسياسة الخطوة خطوة ... ، حتى ينعم الزوجان ببيت خالٍ من أسباب الشر ومزالق الفتنة.
أما أن ترضى الزوجة بوجود التلفاز في كل حجرة من البيت، والمجلة الهابطة في كل زاوية من زواياه، وتظل الساعات الطوال قابعة أمام القنوات العارضات لكل قبيح ورديء وفاحش، ثم تنقم على زوجها أن يشاركها الإثم، ويقاسمها الخطيئة فهذا عجيب ومريب.
فاحرصن معاشر الزوجات على إرضاء خالقكن، والتزام أوامره - سبحانه - في كل صغيرة وكبيرة من حياتكن، حينها ستجدن أثر الطاعة ونتيجة الاستجابة في أخلاق أزواجكن وسائر أموركن، قال - جل شأنه-:" من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة " [النحل: 97] والله المسؤول أن يصلح مجتمعات المسلمين وبيوتهم ورجالهم ونسائهم وذرياتهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.(12/212)
لباس المرأة الشرعي
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 6/8/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعدما رأيت من مخالفات شرعية لنساء يعددن أنفسهن من نساء الحركة الإسلامية، وهن لاجئات من أجل ذلك، أوجه لكم السؤال التالي (من شقين) :
(1) ما شروط وصفات اللباس الشرعي؟
(2) هل هو قطعتان أم قطعة واحدة؟ وما هو الجلباب؟
وشكراً جزيلاً.
الجواب
الحمد لله وبعد، وعليكم السلام ورحمة الله وبعد:
أخي في الله يشترط في الحجاب الشرعي:
1. أن يكون ساتراً للجسد كله.
2. أن يكون واسعاً، لا يجسد بدن المرأة، أو يظهر تقاسيم جسمها.
3. ألاً يكون زينة في ذاته، بمعنى أن يخلو من الألوان والأشكال والزخارف المثيرة.
4. ألا يكون مُعطراً أو مبخراً.
5. أن يكون ملائماً للعرف السائد في البلد من حيث لونه وشكله.
وأما هل يكون قطعة أو قطعتين؟ فالأمر في هذا واسع، فإن كانت عادة نساء البلد لبس قطعة واحدة فلا بأس، وإن كانت عادتهن لبس قطعتين فلا بأس، شريطة التقيد بالشروط المذكورة أعلاه، والله أعلم.(12/213)
لباس المرأة في الصلاة
المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 11/4/1423
السؤال
هل يجوز للمرأة أن تصلي بالبنطلون الفضفاض أو الضيق أو السراويل الضيقة، أو ما يسمونه في مجتمعنا (الفيزون) ؟ وأرجو من فضيلتكم بيان الزي الواجب على المرأة في الصلاة مع ذكر الأدلة؟ وهل ما روي عن أمهات المؤمنين والصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين -رحمهم الله- من ذكر الدرع والخمار هو أقل الزي المجزئ في الصلاة؟
الجواب
اللباس الواجب على المرأة في الصلاة هو اللباس الساتر لجميع بدنها ما عدا الوجه والكفين إلا إذا كانت تصلي بحضرة رجل أجنبي فيجب عليها حينئذ أن تستر وجهها وكفيها أيضاً؛ لأنه صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" رواه أحمد (25167) وأصحاب السنن (الترمذي (377) أبو داود (641) ابن ماجة (655) إلا النسائي.
والمراد بالحائض: البالغة؛ ولأن المرأة عورة، كما في الحديث: "المرأة عورة" (رواه الترمذي وابن حبان) .
وقد سألت أم سلمة -رضي الله عنها- النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المرأة تصلي في درع وخمار بغير إزار، فقال: "إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها" رواه أبو داود (640) مرفوعاً، وصحح الأئمة وقفه على أم سلمة، كما ذكره ابن حجر في بلوغ المرام) .
وينبغي أن يكون اللباس ساتراً وواسعاً غير شفاف ولا ضيق؛ لما ثبت في (صحيح مسلم 2128) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما -وذكر منهما- ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ... " قال العلماء: الكاسية العارية، هي: التي تلبس ثياباً تصف الجسم ولا تستر.
وإذا صلت المرأة وقد ظهر شيء من عورتها كالساق، أو الذراع، أو الرأس، أو النحر، أو كان اللباس شفافاً لم تصح صلاتها.
فينبغي على الرجال وعلى النساء وأولياء أمورهن الحرص على أداء الصلاة والعناية بشروطها، والحذر مما يبطلها، فإن الصلاة عمود الإسلام، وهي أعظم أركانه بعد الشهادتين.
أما لبس المرأة البنطلون، فقد قال العلماء: إنه لا يجوز؛ لأن فيه تشبهاً بالرجال وتشبه النساء بالرجال منهي عنه؛ لما ثبت من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال ... " رواه أحمد (3151) ، وأبو داود (4097) ، والترمذي (2784) ، وابن ماجة (1904) .
وأنصح الأخ السائل بالرجوع إلى ما كتبه العلماء في لباس المرأة وهو كثير، وفق الله جميع المسلمين إلى الفقه في الدين.(12/214)
لبس القفاز والجورب للمصلية
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 26/10/1423هـ
السؤال
هل يجوز أن تصلي المرأة في بيتها بدون قفازين وجوارب وفي المسجد أيضاً؟
الجواب
يجوز للمرأة كشف وجهها وكفيها وقدميها في الصلاة إذا لم تكن في حضرة أجانب، إذ ليس لمن قال بوجوب تغطية الكفين والقدمين دليل واضح على ما يذكره، وهذا رأي شيخ الإسلام ابن تيمية.(12/215)
حجاب الحرة والأمة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 11/7/1423هـ
السؤال
في مساجلة مع أحد المشككين في حجاب المرأة وأنه فرض من الله -سبحانه وتعالى-، أرجع فرضه إلى التمييز بين الحرائر والإماء، واستدل من ذلك على أنه حيث لا توجد الآن إماء فلا داعي للحجاب وإرسال الجلابيب.
كان ردي عليه عبر الإنترنت الآتي: أن المرجع في حالة التنازع كما وجهنا الإسلام هو إلى الله -سبحانه وتعالى- ورسوله - عليه الصلاة والسلام - فقط، "وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ... " ولا توجد آية واحدة أو حديث واحد من قول الرسول -عليه الصلاة والسلام- يربط الحجاب بالحرائر والإماء، والآية لم تفرق بين الحرائر والإماء، فهل من المعقول أن يكون هناك تمييز لتعرف الحرائر فلا يؤذين وتعرف الإماء فيؤذين؟ وهل هي دعوة للمنافقين ليفعلوا بالإماء ما يشاؤون؟ وهل هذه هي روح الإسلام ومفاهيمه؟ إذا كان هناك من فهم هذا فهو شيء خاص به، وليس حجة على الإسلام.
أما موضوع فلا يؤذين، فقد أشرت إلى بقية الآيات التالية، وهي واضحة أنه قد صارت دولة لها كيانها في المدينة لها تشريعاتها وقوانينها الرادعة لحماية نسائها سواء كن حرائر أم إماء، من المنافقين والذين في قلوبهم مرض والمرجفين:"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً*لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً*مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً"، غير أني صعقت حينما أخذت أقلب في التفاسير وفي بعض الأحاديث، حيث وجدت إصراراً على ذكر هذا المعنى الذي لم ينطق به الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ولا يوجد حديث واحد من قوله -عليه الصلاة والسلام-، والأحاديث الموجودة هي فهم من الصحابة، فهل من المعقول أن تميز الإماء وهن من نساء المؤمنين ليكن عرضة للإيذاء؟ والله أنا في أشد الحيرة من أمري، أفيدوني، جزاكم الله خيراً.
الجواب
أعانك الله على مجاهدة أعدائه، وثبتنا وإياك على طاعته، وزادنا وإياك بصيرةً في دينه.
ليس صحيحاً أن علّة إيجاب الحجاب هي لأجل التفريق بين الحرة والأمة، ولكن يمكن اعتبار هذا التفريق الحاصل بين الحرائر والإماء فائدة من فوائد الحجاب، فإن الحجاب مختص بالحرائر دون الإماء.
وإنما علة إيجاب الحجاب هو خشية أن يفتتن الرجال بهن ودرءاً لذرائع الفاحشة، ويدل لذلك الأمور التالية:
أولاً: يدل لهذا قوله -تعالى-:"وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب" [الأحزاب: 53] ، ثم قال:- تعليلاً لهذا الأمر-:"ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن" [الأحزاب: 53] .(12/216)
ثانياً: كما يدل على أن علة إيجاب الحجاب هو هذا أمرُه -سبحانه- للمؤمنين أن "يغضوا من أبصارهم" [النور: 30] وأمرُه للنساء بقوله:"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ... " [النور: 31] ثم قال:"ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن" [النور: 31] ، فإذا نُهيت المرأة عن ضرب رجلها لئلا يُعلم ما تخفي من زينتها، فكيف يسوغ لها أن تبدي مفاتنها مما أمر بستره عن الرجال؟
ثالثاً: ترخيصه عز وجل للقواعد من النساء أن يضعن ثيابهن، كما في قوله -تعالى-:"والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة" [النور: 60] .
والمقصود بالثياب التي رخص الله لهن أن يضعنها الجلباب والرداء، كما فسّر ذلك ابن عباس وابن عمر ومجاهد وابن جبير والنخعي والحسن البصري وقتادة والزهري والأوزاعي وغيرهم، فدل على أن غير العجائز مأمورات بالحجاب؛ لتحقق الفتنة بهن.
ثم لو كان الحجاب لأجل التمييز بين الحرة والأمة فحسب، فما معنى أن يُرخَّص للعجائز أن يضعن ثيابهن؟
رابعاً: إجماع الأمة من لدن عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا على أن الحجاب واجب على كل بالغة من النساء الحرائر، ولم ينقل عن أحدٍ القول بأن العلة هي تمييز الحرة من الأمة.
خامساً: أن الأَمَةَ إذا خيفت الفتنة بها كان عليها أن تحتجب كالحرة، لأنه تتحقق من عدم احتجابها المفسدة ذاتها التي خافها الشرع من تكشّف الحرائر؛ فإذا استُثنيت القواعد من النساء من وجوب الحجاب لزوال المفسدة الموجودة في غيرهن، فمن باب أولى أن تستثنى بعض الإماء من الترخيص بإباحة كشف الرأس والوجه واليدين إلى إيجاب الحجاب عليها درءاً للفتنة بذلك.
سادساً: الذي يظهر أن المقصود بقوله -تعالى-:"ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين" [الأحزاب: 59] أي يُعرفن بالعفة والحياء والحشمة والستر؛ فلا يطمع فيهن من في قلبه مرض، بخلاف السافرات المتبرجات المتبذِّلات، وهذا ما يشهد له الواقع، فإن المرأة إذا خرجت متسترة متحجبة الحجاب الشرعي الكامل ولم تصدر منها حركة ريبة كانت في مأمنٍ -غالباً- من أذية ومضايقة أهل الأهواء والشهوات، إما إذا خرجت متبرجة متزينة -ولو لم تقصد بذلك الفاحشة أو إغواء الرجال- فإنها تكون عُرضةً لأذية ومضايقة أصحاب القلوب المريضة، ويكون طمعهم فيها أشد، ورجاؤهم في استجابتها لهم أقوى وأقرب، والله المستعان.(12/217)
لباس المرأة أمام محارمها
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 1/12/1422
السؤال
هل للمرأة أن تلبس الملابس القصيرة, والتي تبدي ذراعيها وكتفيها وأجزاء من صدرها وظهرها أمام إخوانها ومحارمها؟
الجواب
اللباس مشروع للتجمل، كما أنه مشروع أيضاً لستر العورات، وهذا هو المقصد الأعظم منه، ولذلك قدّمه الله - تبارك وتعالى - على غيره بأن ذكره أولاً، حيث قال - جل ذكره -: " يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير ... " الآية [الأعراف:16] وستر العورات فيه مصلحة للإنسان المستتر نفسه؛ لأنه يأمن به من اطلاع غيره على عورته، وفيه أيضاً جانب آخر في غاية الأهمية، وهو درء المفسدة التي تثور بانكشاف العورات المؤدي إلى تحريك الشهوات، والوقوع في الفواحش، وقد أمر الله النساء المسلمات -على وجه الخصوص- بالحجاب الذي يستر زينتهن، وعلل ذلك بدفع الأذى عنهن من أصحاب السوء، فقال مخاطباً نبيه - عليه الصلاة والسلام -: " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً" [الأحزاب:59] ومع ذلك فإن هذه الشريعة المطهرة شريعة واقعية تراعي رفع الحرج ودفع العنت عن المكلفين في أحكامها "وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج:78] ولهذا خففتْ حكم الحجاب بالنسبة للمرأة مع محارمها؛ نظراً لكثرة المخالطة وحرمة النكاح، والأمن من الفتنة غالباً، فلا حرج عليها في إبداء وجهها وكفيها ورأسها ورقبتها وقدميها وبعض ساقيها للحاجة للحركة والخدمة، وما في حكمها، وهذا كافٍ في رفع الحرج ودفع المشقة. قال - تعالى -:"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ... " الآية [النور:31] .
أما صدر المرأة وظهرها وبطنها وفخذها ونحوه، فهذا لا يجوز كشفه إلا للزوج أو في حال التداوي بشرطه. وجواز إبداء الزينة لمن ذكر مشروط بالأمن من الفتنة، إذ الغالب على الإنسان السوي ألا ينظر إلى محرمته نظر الريبة والشهوة، فإذا لم تؤمن الفتنة حرم على المرأة أن تبدي هذه الزينة للمحرم، وعلى المرأة المسلمة أن تتجمل بالحياء والستر في كل حال؛ لأنه أبعد عن الشبه والريب، حتى في الأحوال التي يباح لها فيها كشف بعض زينتها، ولنتأمل ما في التوجيه الإلهي للنساء الكبيرات اللاتي لا رغبة لهن في النكاح ولا يرغب فيهن الرجال، فإنه من أقوى الأدلة على أهمية الاحتشام، يقول الحق - تبارك وتعالى -: " والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خيرٌ لهن والله سميع عليم " [النور:60] .(12/218)
الاحتشام وكشف الوجه
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 21/2/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: فقد كثر الكلام في موضوع الحجاب، وهل تغطية الوجه سنة أم واجبة؟ وهذا الكلام يدور بين من تربت في الجزيرة العربية وبين أهل الشام ومصر والعجم، والقضية تدور حول الاجتهاد الفقهي في هذه المسألة، فالمصلحات ممن تربين خارج بلاد الحرمين أثبتن للعوام والمتبرجات بأن تغطية الوجه سنة، وأن العلماء اتفقوا على تغطية القدمين وسائر البدن بلبس فضفاض خال من الزينة، ولكن بما أن تغطية الوجه مختلف فيها، والراجح عندهم أنها سنة، فلا يعتبر كشف الوجه من التبرج، وإحدى المصلحات اطلعت على أدلة المبيحين وأدلة المحرمين في مصر، فغلبت أدلة المبيحين على أدلة المحرمين لكشف الوجه، والشاهد يحفظك الله، أني أريد جواباً كافياً شافياً لهذه المسألة من كل الجهات، لأني أخاطب قوماً حجتهم قوية، وبعضهم عنده داء الجاهلية والعصبية لبعض شيوخهم، وأنا حجتي ضعيفة وغريبة في وسطهم، فهم كثير في ديار الغربة، ولا أجد من أهل العلم من يساعدني في هذا البلد، لا من العرب ولا العجم، وهناك بعض النقاط أتمنى توضيحها؛ وهي: هل حقا هناك خلاف في مسألة الحجاب بين ابن عباس وابن مسعود - رضي الله عنهم -؟ ثم هل كان مجرد خلاف نظري بين الأئمة الأربعة إلى أن قامت الثورة في مصر؟ وما حكم الاستناد إلى حديث عائشة - رضي الله عنها - في قصة دخول أسماء - رضي الله عنها - على الرسول - صلى الله عليه وسلم - بثياب شفافة؟ ويا ليتك عرضت لهم أدلة المبيحين والمحرمين بالتفصيل؛ لأن هنا من لا يقتنع بسهولة لغلبة المتفلسفين في هذا الموضوع، أما المتبرجات بالكلية ممن يرتدين البناطيل ويلبسن المسفع تهاونا وقلة دين فيا ليتكم تبعثون إليهن بموعظة تهز قلوبهن وتخوفهن من الله - سبحانه-، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
أخي في الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن مسألة الحجاب - بحمد لله - من المسائل التي قد وضحت في مشروعيتها الحجج والأدلة، وظهرت أحكامها، وتبينت عللها.
وخلاصة الأمر أن العلماء متفقون على وجوب تغطية المرأة لسائر جسدها، إلا أنهم اختلفوا في الوجه والكفين وعند التحقيق تبين لكل منصف كثرة أدلة القائلين بوجوب تغطية المرأة وجهها وكفيها ورحجانها، وهذه بعض أدلتهم:
أولاً: من القرآن الكريم:
(1) قوله تعالى:"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" [الأحزاب:59] .
(2) قوله تعالى: "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ" الآية، [الأحزاب: 53] .(12/219)
(3) قوله تعالى: "وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللآتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [النور:60] .
ووجه الدلالة من الدليل الأول:
أن الله تعالى قد أمر نبيه عليه السلام أن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين بالحجاب الشرعي الذي هو تغطية الوجه، لأن ما عداه من الشعر والذراعين والساقين وغيرها لم يكن من عادتهن كشفه أصلاً، فلا وجه لحمل الآية على شيء مما ذكر إلا على الوجه الذي كان من عادتهن كشفه وإظهاره قبل نزول الحجاب.
وجه الدلالة من الدليل الثاني:
أن الله أمر عباده المؤمنين من صحابة نبيه الكريم - عليه السلام- ألا يسألوا أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من وراء حجاب، وبين علة التوجيه بأنه لضمان بقاء قلوب الجميع على الطهر والصفاء والبعد عن الريبة والشهوة، ومعلوم أن أقصر طريق لحدوث الفتنة، ووقوع القلب في شرك العشق والشهوة هو تبادل النظرات بين الجنسين، وتأمل العيون والخدود والشفاه والثغور - نسأل الله العافية - فلا مناص عن حمل الآية على الوجه مكمن الزينة ومحل الفتنة.
وأما وجه الاستدلال من الآية الثالثة:
فإن الله أباح للقواعد من النساء وهن العجائز الكبيرات اللائي قعدن عن النكاح والولد - أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة، ومعلوم أن الثياب المباح وضعها في الآية هي ما يستر بها الوجه، إذ لا أحد يزعم أن المراد وضع الثياب عن الذراعين أو الساقين أو النحر أو شعر الرأس أو غيرها، فوجب حمل الآية على ثياب الوجه ومع ذلك اشترط الله عليهن ألا يتبرجن بزينة، وأرشدهن إلى أن الاستعفاف والإبقاء على غطاء الوجه خير لهن.
وأما الأدلة من السنة فكثيرة جداً منها:
(1) حديث عائشة - رضي الله عنها - المتفق عليه في البخاري (4141) ، ومسلم (2770) ، في قصة الإفك، وهو حديث طويل والشاهد منه قولها حين قدم عليها صفوان بن المعطل - رضي الله عنه- قالت: "فخمرت وجهي بجلبابي" وهذا صريح في تغطية الوجه.
(2) جاء في صحيح البخاري (1838) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- قوله - عليه السلام-: "ولا تنتقب المحرمة، ولا تلبس القفازين" فدل على أن غير المحرمة يلزمها ذلك، وأن ذلك من عادتهن.
(3) ما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - بسند صحيح عند ابن خزيمة في صحيحه (2691) ، والدارقطني في سننه (2/294) ، وغيرهما أنها قالت: "كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ونحن محرمات، فإذا مر بنا الركب سدلنا الثوب على وجوهنا سدلاً".
قلت: وذلك في الحج، فكن يكشفن عن وجوههن إذا كن خاليات بعيدات عن الرجال، لأن المحرمة لا تغطي وجهها، فإذا مر بهن الرجال غطين وجوههن.
وأما أدلة القائلين بكشف الوجه فأبرزها حديث عائشة - رضي الله عنها - الذي ذكرته السائلة وهو حديث ضعيف سنداً منكر متناً، وضعفه أبو داود نفسه في روايته له برقم (4104) .
ففي سنده سعيد بن بشر وهو ضعيف، وقتادة وهو مدلس وقد عنعن الحديث، وخالد بن دريك وهو لم يدرك عائشة - رضي الله عنها- فالسند بينهما منقطع.(12/220)
وباقي ما استدلوا به، إما منسوخ بأدلة الحجاب، أو غير صريح في جواز كشف الوجه، كحديث الخثعمية الذي رواه البخاري (1854) ، ومسلم (1334) ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أو مؤول، كحديث سفعاء الخدين الذي رواه البخاري (978) ، ومسلم (885) ، واللفظ له عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه- والله أعلم.
وبناء على ما تقدم يجب على كل منصف أن يتبع الحق، ويتخلى عن التقليد الأعمى، ويتجنب دواعي الهوى، وعلى كل امرأة أن تتقي الله في نفسها، فتدع التبرج والسفور، وتقليد الفاسقات والكافرات ممن استحوذ عليهن الشيطان فأوقعهن في مستنقع التقليد الأعمى، لبسن الضيق من الملابس والشفاف، أو البناطيل المجسدة للعورات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله على محمد.(12/221)
صالونات التجميل
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 8/9/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شيخنا الفاضل: سجلت امرأتي في مدرسة للتجميل النسائي، وبعد تخرجها اشتريت لها محلاً جعلته صالونا للتجميل، وندمت على كل هذا. حيث تكونت لدي مجموعة من التساؤلات؛ منها:
ما هو الراجح في عورة المرأة مع المرأة؟ وما هو حكم تدليك المرأة للمرأة؟ وما هو حكم أجرة التدليك؟ وما هو الراجح في النمص؟ وما هو حكم الأجرة المأخوذة عليه؟ وهل عمل المجملة جائز أصلاً في شرعنا الحنيف؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أما عورة المرأة أمام المرأة المسلمة فهي من السرة إلى الركبة، ويجوز لها أن تنظر إلى ما عدا ذلك، ولها أن تدلكه لها كذلك.
لكن ليس للمرأة أن تكشف في مجتمع النساء العام إلا ما جرت العادة بكشفه مثل الشعر والنحر والساق والعضد ونحو ذلك، سداً لذريعة الفتنة، ولمنافاته للحياء والحشمة التي تمتاز بها المؤمنات العفيفات الغافلات، ولما في ذلك من التشبه بالكافرات، وكشف مثل هذه المواطن من البدن - وإن لم تكن عورة - قد يكون فيه تشبه بصنف من نساء أهل النار، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - "صنفان من أهل النار لم أرهما؛ قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) أخرجه مسلم (2128) .
وتدليك غير العورة يجوز ما لم يكن فيه إثارة للفتنة، وأما تدليك العورة فلا يجوز حتى ولو من وراء حائل؛ لأن العورة لا يجوز مسها ولا النظر إليها، والدلك لها أشد إثماً من النظر، وامتهان هذا العمل لا يجوز لما فيه من الاطلاع على العورات التي يجب سترها وصيانتها.
أما إذا تقرر عند الأطباء الثقات ضرورة التدليك لعلاج مرض من الأمراض فحينئذ يجوز التدليك، ولكن الحاجة والضرورة تقدر بقدرها، فإذا تأتى التدليك من وراء حائل فلا يجوز أن تكشف العورة، وإذا كانت الحاجة تقتضي التدليك مباشرة من غير حائل فلا يجوز أن يكشف من العورة إلا ما تقتضيه الحاجة والضرورة.
والراجح في مسألة النمص أنها خاصة بشعر الحاجبين، وأما نتف ما عداه من شعر الجسم فلا يعمه الوعيد الوارد في الحديث؛ لأن النمص في اللغة خاص بنزع شعر الحاجب، فيبقى ما عداه على الأصل وهو الإباحة.
والوعيد عام لمن قامت بعمل النتف، ولمن طلبت من غيرها أن تنتف لها حاجبها، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله النامصة - وهي التي تنتف شعر الحاجب سواء كان حاجبها هي أو غيرها - والمتنمصة - وهي التي تطلب من غيرها نتف حاجبها، انظر: البخاري (4886) ، ومسلم (2125) .
وعلى هذا، فالمال الذي تأخذه النامصة على النمص حرام، فإن كانت جاهلة بالحكم فلا يلزمها أن تتخلص مما كسبته بهذا العمل في السابق؛ لقوله تعالى: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة: 275] .
أما عملها في تجميل النساء فالأصل فيه الجواز، لكن إن كان يغلب على ظنها أو كان الغالب على النساء الخروج بزينتهن متبرجات، أو يقصدن بهذا التجمل حضور الحفلات المختلطة، فالأظهر أنه لا يجوز لما فيه من الإعانة على الإثم.
أما إذا غلب على ظن المجملة أن طالبة التجميل إنما تطلبه لأجل التجمل لزوجها أو لحضور الحفلات النسائية الخاصة فلا بأس بذلك.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/222)
أريد الحجاب والدستور يمنعني
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 30/1/1423
السؤال
أنا فتاة أريد التحجب، لكن البلاد التي أقطن فيها تمنع منعاً باتاً ارتداء الحجاب، وهو بند من بنود دستور دولتي، ومن لا يطبق هذا البند جزاؤه التشريد والطرد، وأنا أريد بكل ما أوتيت من إيمان أن أرتدي الحجاب، ولكن لا أخاف من مصيري بل من مصير أبي وأمي وكل عائلتي.
الجواب
ارتداء المسلمة للحجاب أمر واجب عليها؛ لقوله -تعالى-: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ... الآية" [الأحزاب:59] ، وقوله:" وليضربن بخمرهن على جيوبهن.."الآية [النور:31] ، وما أمر به المسلم في الشريعة يجب عليه الإتيان به على قدر استطاعته؛ لقوله -عليه السلام-:"ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم" رواه البخاري (7288) ومسلم (1337) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وإذا كانت السائلة تخشى من مفسدة محققة عليها أو على أسرتها، فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولكن الضرورة تقدر بقدرها، ولا يجوز فعل ما لا تدعو إليه الضرورة أو ترهق له الحاجة الشديدة، والواجب في هذه الحال الصبر، والإنكار بالقلب، ودعاء الله وسؤاله، أن يفرج عن المسلمين.(12/223)
لباس المرأة أمام المرأة
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 14/2/1423
السؤال
ما حكم لبس المرأة الملابس الضيقة والبناطيل القصيرة إلى نصف الساق وبيجامات النوم الضيقة أمام الخادمة، مع العلم بأن الخادمة مسلمة؟
الجواب
لبس المرأة الملابس الضيقة أو البناطيل أو الملابس الشفافة التي تصف الزينة الداخلية أمام النساء محرّم والأدلة في هذا كثيرة وعليه فلا يجوز للمرأة أن تلبس أمام نسائها أو محارمها إلا الملابس التي لا تصف عظامها ولا عجيزتها وصفاً ظاهراً وكذا الملابس التي تخرج عضدي المرأة بما يسميه النساء (الكتَّ) ومن الأدلة على ذلك:
01 قوله تعالى: " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت إيمانهن ... الآية " [النور رقم: 30] . قال ابن عباس في تفسيره لهذه الآية:" الزينة التي تبديها لهؤلاء قرطها وقلادها وسوارها - فأما خلخالها وعضدها ونحرها وشعرها فإنه لا تبديه إلا لزوجها، فهذا يدل على أن المرأة لا يجوز لها أن تُظْهر من زينتها إلا ما يظهر غالباً حين عملها وطبخها.
02 وقد روى الإمام أحمد (21786) وابن سعد في الطبقات (4/64-65) والضياء المقدسي في المختارة (1366) وابن أبي شيبة (كما في إتحاف الخيرة (4022)) وغيرهم من طريق عبد الله بن عقيل عن ابن أسامه بن زيد عن أبيه أسامه - رضي الله عنه - قال: " كساني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قُبْطيّة كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " مالك لم تلبس القبطية؟ قلت: يا رسول الله كسوتها امرأتي فقال - صلى الله عليه وسلم-:" مُرها فلتجعل تحتها غِلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها" والحديث حسن - إن شاء الله - ولا عتب فيه إلا حال عبد الله بن عقيل وهو حسن الحديث ما لم يخالف أو أتى بما ينكر وقد جاء عند البيهقي (2/234-235) عن عبد الله بن أبي سلمة أن عمر - رضي الله عنه - كسا الناس القباطي ثم قال: لا تدرعها نساؤكم، فقال رجل: يا أمير المؤمنين ألبستها امرأتي فأقبلت في البيت وأدبرت فلم أره يشفُّ فقال عمر: إن لم يكن يشفُّ فإنه يصف " والحديث إسناده إلى عبد الله بن أبي سلمة حسن وعبد الله ثقة غير أنه لم يدرك عمر فهو مرسل صحيح وهو شاهد لحديث عبد الله بن محمد بن عقيل، فالآية والحديث الآن يفيدان أنه لا يجوز للمرأة لبس الملابس الضيقة أو الشفافة أو القصيرة أمام النساء بما في ذلك الخدم والمحارم إلا للزوج خاصة، والله أعلم.(12/224)
لبس المرأة للبنطال
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 20/8/1423هـ
السؤال
ما الحكم التفصيلي في لبس البنطلون للنساء؟
الجواب
اللباس مشروع في الإسلام لحكم عظيمة، أهمها: الستر، والزينة، وقد امتن الله على بني آدم بما خلقه لهم من اللباس، فقال - جل ذكره -: "يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير" [الأعراف:26] وأمر به في قوله: "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد" ... الآية [الأعراف:31] أي ما يستركم ... ولم تشترط الشريعة لباساً معيناً، ولكنها وضعت له شروطاً عامة متى تحققت فيه كان الملبوس جائزاً في الشرع، أهمها: أن يكون طاهراً، غير مغصوب، ساتراً لما يجب ستره من البدن، وألا يكون شفافاً رقيقاً يظهر ما تحته، ولا ضيقاً بحيث يصف ويبرز حجم العورة، وألا يكون ذهباً أو حريراً بالنسبة للرجال خاصة، إضافة إلى شرط عام في اللباس وفي غيره، وهو ألا يكون فيه تشبه من الرجال بالنساء أو العكس، أو بأهل الفسق والكفر.. لقوله - عليه الصلاة والسلام - "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال" رواه البخاري (5885) ، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقوله - صلى الله عليه وسلم - "من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أبو داود (4031) ، من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، وبناءً على ما تقدم فإن البنطلون يسري عليه ما يسري على أنواع اللباس الأخرى من الحل أو الحرمة بحسب وصف، وبالله التوفيق.(12/225)
عورة المرأة أمام أطفالها
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 13/3/1424هـ
السؤال
عندي طفل عمره 11 شهراً، وأحياناً أبدل ملابسي أمامه، فهل يجوز ذلك؟ وكم يجب أن يكون عمر الطفل الذي لا يجوز أن أخلع ملابسي أمامه؟ وكذلك لبس القصير في البيت مع زوجي أمامه، أفيدوني أفادكم الله.
الجواب
الطفل إذا كان يعقل العورة، فإنه لا يجوز للمرأة أن تكشف عورتها أمامه، أما إذا كان لا يعقل لصغره، فإن هذا جائز، ويظهر لي أن من عمره أحد عشر شهراً لا يعقل، لكن الطفل إذا كان له أربع سنوات أو خمس سنوات فإنه قد يعقل هذه المعاني، فالمهم أن العبرة في ذلك أنه إذا كان يعقل ويستقر في ذهنه مثل هذه الأعمال فلا يجوز للمرأة أن تكشف العورة المغلظة أمامه.(12/226)
عورة زوجة الرجل أمام أبنائه
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 30/4/1424هـ
السؤال
ما هي عورة زوجة الأب أمام أبناء زوجها الشباب؟
الجواب
ينبغي للمرأة المسلمة أن تلبس لغير الزوج من المحارم الملابس الساترة لجميع جسدها سوى الوجه واليدين والرجلين، بحيث لا تبدي مفاتنها بكشف، أو تلبس ملابس ضيقة تحجم عورتها، وكثيراً ما يقع التساهل في هذا الأمر، وتقع الفتنة والبلاء والشر، وفي الجملة إن كانت زوجة الأب أو غيرها من المحارم كبيرة السن، فلا بأس بخروج نحو ساق أو ذراع أو بعض الصدر إن كانت ترضع، وإن كانت شابة أو مراهقة فالأمر كما ذكر أولاً من التحفظ وتجنب كل ما يوجب الافتتان بها، وعدم التساهل، فكم جرَّ التساهل من مصائب ومحن في كثير من البيوت كان أهلها في غنى عن ذلك.(12/227)
الهوية وكشف المرأة وجهها
المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 4/8/1424هـ
السؤال
للحصول على بطاقة تعريف وجواز سفر يجب على المرأة أن تصور وهي بادية الوجه يطَّلع عليها المصوَّر وأعوان الأمن، وعند أخذ البصمات تقع عملية مسك اليد من طرف العون فما حكم ذلك؟ هل يسقط عنها الحج والعمرة في هذه الظروف؟ أفادكم الله وجزاكم عنَّا كل خير.
الجواب
الحمد لله، وبعد: إن ما وقع عليه السؤال مما ابتلي به المؤمنون في كثير من بلاد المسلمين، حيث تشترط بعض الدول على من يرغب في الحصول على وثيقة رسمية - مهما كان نوعها ودرجة أهميتها - أن يضع صورة شخصية تبرز معالم الرأس من الوجه والشعر والأذنين، دون تفريق بين الرجال والنساء، ودون اعتبار لمدى الحاجة إلى مثل هذه القرارات وما تؤدي إليه من حمل الناس على ارتكاب المحظور.
ولا شك أن من يحمل الناس على مثل هذا الفعل فهو آثم، وأن عمله هذا باطل منكر محاسب عليه عند الله تعالى، وأن من استطاع تجنُّب ذلك فهو أولى؛ لأن العلماء لم يختلفوا في أن شعر المرأة من جملة الواجب عليها ستره من بدنها.
ومع ذلك أقول إن كان هذا الأمر عاماً وهو مما ابتلي به الناس في بلد ما، ومصالحهم مرتبطة به، بحيث لا تستطيع المرأة الدراسة مثلاً أو العلاج أو العمل في حق من احتاجت إليه، أو السفر إلا بمثل هذه الوثائق فإنه لا حرج عليها، لأن هذا ينزل منزلة الحاجات التي ترتبط بها مصالح الناس الدينية والدنيوية، والقاعدة الفقهية تقول: (الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة) ، وعلى المرأة أن تحرص على أخذ الصورة في مكان تعمل فيه النساء إن استطاعت، وأن يكون معها محرمها إن لم تجد ذلك إلا عند رجل، ومثله إذا دخلت الجهة المعنية بالبصمات، فإن النساء يشغلن مناصب في مراكز الشرطة وغيرها في الدول التي تفرض مثل هذه القيود على الناس، ولتفعل ذلك وهي له كارهة.
وأما من لم تطب نفسها للرخصة، وامتنعت من استخراج هذه الوثائق، وأدَّى ذلك إلى منعها من السفر لأداء فريضة الحج مع قدرتها المادية، فأرجو ألاَّ يكون عليها حرج في ذلك، وهي في حكم المحصور أو المقيد، والشرع قد أسقط الحج عن المرأة المقتدرة إذا لم تجد محرماً، والله أعلم.(12/228)
الملابس الضيقة للمرأة
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 5/5/1424هـ
السؤال
ما حكم الشرع في الملابس الضيقة الخاصة بالأخوات، وما حكم الناهي عنها إذا لم يستطع إقناع من يعولهن بالتخلي عنها؟
الجواب
الملابس الضيقة التي تستعملها بعض النساء لا يخلو حالها من أحد أمرين؛ أحدهما أن يكون ذلك مع النساء كما في سؤال السائل، وهذا لا بأس به، لأن المرأة مع جنسها يختلف حالها مع الرجال، لكن ينبغي للمرأة المسلمة أن تلبس ملابس ساترة لا تصف مقاطع الجسم حتى مع النساء سداً لذريعة المفسدة.
الأمر الثاني: أن يكون لبس المرأة للملابس الضيقة بحضرة الرجال الأجانب، وهذا غير جائز، لأنها مأمورة بالستر والحشمة، وهذا اللباس ينافي ذلك.
ومعلوم أن الولي المسؤول عن النساء في هذا الباب عليه البيان والتوجيه؛ لأن ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا شك أن مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التغيير باليد، فإن لم يستطع فباللسان، فإن لم يستطع فبالقلب، فإذا تعذر ذلك كله فالله يعذره، والله الموفق.(12/229)
تمثيل المرأة أمام الرجال
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 1/2/1425هـ
السؤال
نحن في بلدة ريفية أقيم عندنا حفل تكريمي لدعم الفقراء والمعوزين في المديرية تبنته مدرسة للبنات في ظل معرض خيري للمشغولات اليدوية النسائية دعما للأيتام والمحتاجين، وقد تخلل هذا الحفل بعض المسرحيات الهادفة إلى التعريف بحال اليتيم، الأمر الذي أدى إلى تعاطف الحاضرين وتفاعلهم، وقاموا بالدعم السخي والغير متوقع لولا مثل تلكم المسرحيات الهادفة، لكن هذه المسرحيات قامت بها فتيات واحدة منهن بعمر الخامسة عشر أمام الجمع من الحاضرين من المسؤولين والمواطنين، وقد قامت هذه الفتاة بدور الأم مرتدية الزي الإسلامي الساتر لجميع بدنها، أضيف إلى ذلك أنها كانت ترتدي فوق الزي الإسلامي عباءة فضفاضة تبين أنها أم كبيرة في السن، فما الحكم الشرعي في قيام الفتيات بالتمثيل أمام الناس؟ كما نود أن توجهوا نصيحة إلى القائمات على مثل هذه الأعمال؟ وبالمناسبة لم نذكر كل هذه التفاصيل إلا لأن الأمر قد أشكل على بعض الإخوة مما حدا بهم إلى الهجوم الشديد على مثل هذه الأعمال مما جعل الأمر في أخذ ورد. أفيدونا جزاكم الله خيراً، وبارك الله في علمكم.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فلا شك أن كل مخلص غيور يفرح بحصول الخير وإقبال الدعم على المشاريع الخيرية، ويجب كل عمل يكون سبيلاً لهذا، لكن المسلم يربأ عن مشابهة من يجعل الغاية تبرر الوسيلة؛ بل يضبط كل وسيلة بالضوابط الشرعية.
فمتى كانت الوسيلة التي توصل للمطلوب الحسن مخالفة للأدلة الشرعية أو القواعد الكلية، فإنها تكون ممنوعة غير مباحة، وليس نبل المقصد وحسن الهدف مسوغاً لمعصية الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم-، ومخالفة قواعد الشريعة، فإن ما خالفها ضرر ولا يترتب عليه مصلحة: "ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضلالاً مبيناً" [الأحزاب: 36] .
وفي السنن بسند صحيح أنه لما كثر الناس في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- أرادوا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يجمعهم لها، فقالوا: لو اتخذنا ناقوساً فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ذاك للنصارى، فقالوا: لو اتخذنا بوقاً، قال - صلى الله عليه وسلم- ذاك لليهود، ثم أمر المسلمون بالنداء بالأذان" سنن أبي داود (499) ، الترمذي (189) ، وصححه من حديث عبد الله بن زيد - رضي الله عنه -.
فتأمل أن النبي عليه الصلاة والسلام كره استعمال الناقوس للإعلام بدخول وقت الصلاة لما فيه من مشابهة النصارى مع كون الهدف هو الدعوة إلى العبادة والاجتماع لها.
وإذا قامت الفتيات البالغات بالتمثيل أمام الناس فإنهن يكن قد خالفن أمراً شرعيًّا وهو الأصل في المسلمات، وذلك هو القرار في البيوت والابتعاد عن التعرض للرجال، وما دام الأمر تمثيلاً فيمكن أن يقوم به غير الفتيات البالغات.
وإذا مثلت الفتاة انفتح باب من الفساد أمر الله تعالى بسده طهارة للقلوب كما قال: "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن" [الأحزاب:52] .
ونظر الرجال إليها حال تمثيلها مخالفة لأمر الشرع بغض البصر: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم" [النور:30] .
ولذا فإنه لا يظهر لي جواز قيام الفتيات البالغات بالتمثيل أمام الرجال، أما الصغيرات من البنات فالأمر فيهن أيسر.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.(12/230)
لبس القفازين
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 9/3/1424هـ
السؤال
حكم لبس القفازين؟
الجواب
لبس القفازين اللذين يستران اليدين والجوارب الساترة للقدمين أمر واجب؛ لما يسببه ظهورهما من فتنة وفساد معلوم كما قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" [الأحزاب:59] ، وقال تعالى: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" [النور: 31] فلا يجوز إظهار شيء من البدن إلا ما ظهر من الزينة، والمقصود بها ما لا بد من ظهوره كالرداء الخارجي، وبناءً عليه فلا يجوز إظهار اليدين والقدمين.
إلا أنه لا يجوز لبس القفازين في إحرام الحج والعمرة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين" رواه البخاري (1838) . والله أعلم.(12/231)
هل قدم المرأة عورة؟
المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة
رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 1/11/1423هـ
السؤال
هل قدم المرأة في الصلاة عورة؟ هل يجوز للمرأة أن تصلي بالبنطلون والبلوزة مع تغطية الشعر وليس هناك ساتر على البنطلون؟
الجواب
بسم الله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فأقول وبالله التوفيق: إن ستر قدمي المرأة في الصلاة واجب تبطل صلاتها إذا صلت وهما مكشوفان وهو مذهب أحمد ومالك والشافعي وخالفهم في ذلك أبو حنيفة -رحمه الله- وقال: سترهما ليس بواجب فلا تبطل صلاتها لو صلت وهما مكشوفان واحتج بقياسهما على الكفين ولأنهما يغسلان في الوضوء ويظهران غالباً، واحتج أحمد ومالك والشافعي بحديث أم سلمة الذي أخرجه أبو داود باب: كم تصلي المرأة من كتاب الصلاة سنن أبي داود (640) المجلد الأول صـ (149) ونصه قالت أم سلمة: يا رسول الله أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ فقال: نعم إذا كان سابغاً يغطي ظهور قدميها" وبما روى ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا ينظر الله لمن جر ثوبه خيلاء" فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال:"يرخين شبراً" فقالت: إذاً تتكشف أقدامهن، قال:"فيرخين ذراعاً لا يزدن عليه" رواه الترمذي (1731) في باب ما جاء في جر ذيول النساء من أبواب اللباس، قلت: ومن خلال هذين الحديثين يتجلى أن الصواب مع من قال بوجوب سترهما وأنهما عورة في الصلاة وخارجها وأما ما احتج به أبو حنيفة فالدلالة به على المراد غير ظاهرة لأن قياس القدمين على الكفين قياس على شيء غير متفق عليه، فالقول إن الكفين ليسا من العورة قول انفرد به ابن عباس -رضي الله عنهما-، خالف في ذلك جمهور الصحابة منهم ابن مسعود -رضي الله عنه- وكذا جمهور المفسرين وكذا فقهاء أهل الحديث وأما القول بأنهما يغسلان في الوضوء فيقال ليس كل ما يغسل في الوضوء يجوز كشفه في الصلاة وهو منقوض بأن الذراعين يغسلان ويمسح الرأس في الوضوء ولم يقل أحد بجواز كشفهما بل يجب ستر ذلك بالإجماع.
أما الجواب حول حكم صلاة المرأة بالبنطلون مع البلوزة مع تغطية الشعر
فأقول لا يجوز للمرأة أن تصلي بالكساء المذكور لأنه لا يستر المرأة ستراً ضافياً حيث يبدو منها تقاطيع جسمها وذراعيها وعضداها وقد سبق لنا الجواب على السؤال الأول أنه لا يجوز للمرأة أن تكشف سوى وجهها في الصلاة بالإضافة إلى أنه ليس كساء حشمة وهو أيضاً كساء غربي وتشبه بمن لا خلاق لهن، فينبغي أن تتنزه المرأة عنه في صلاتها فتختار لصلاتها كساء فضفاضاً ساتراً أو تلف على نفسها رداء يحيط بجسمها يستر ذلك اللباس المذكور أو عباءة واسعة ضافية يضفي عليها الهيبة والوقار، ينعكس من ورائها الخشوع والتذلل لله عز وجل. ولعل فيما ذكرته من الأدلة على السؤال الأول ما يكون مؤكداً لما قلته هنا، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/232)
أناشيد بصوت امرأة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 13/9/1424هـ
السؤال
توجد في الأسواق أشرطة خاصة بالنساء أصدرتها بعض التسجيلات وبصوت امرأة، وقد صغِّر صوتها ليكون صوت طفلة مصحوباً بالدف والتصفيق، وكلماتها عادية وليست مما يتداوله المغنون والمغنيات فما الحكم؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإذا كان صوت المرأة بعد التصغير يصبح كصوت طفلة صغيرة، بحيث تذهب عنه رخامة الصوت الأنثوي وإغراؤه فلا أرى حرجاً أن تباع الأناشيد المسجلة بهذه الطريقة ولو كان مصحوباً بالدف؛ لأنه يباع غالباً بقصد إذاعته في حفلات الزواج النسائية.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/233)
ضوابط خروج المرأة من بيتها
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 5/7/1424هـ
السؤال
ما هي حدود خروج المرأة من البيت؟ وهل هناك استثناءات مثل خروجها لشراء متطلبات منزلية لمسافة قريبة جداً من البيت؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأصل أن المرأة لا تخرج من البيت إلا بإذن زوجها؛ لقول الله - عز وجل -: "وألفيا سيدها لدى الباب" [يوسف:25] فسمى الزوج سيداً، وأيضاً قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فإنما هن عوانٌ عندكم" رواه الترمذي (1163) وابن ماجة (1851) من حديث عمرو بن الأحوص - رضي الله عنه - يعني: أسيرات، فلا تخرج المرأة إلا بإذن زوجها، إلا إذا كان هناك إذن لفظي أو إذن عرفي؛ يعني تعارف الناس أن المرأة لها أن تخرج إلى الأشياء القريبة ونحو ذلك والزوج يرضى بذلك فهذا لا بأس به، أما إذا لم يكن هناك إذن لفظي ولا إذن عرفي فإنه لا يجوز للمرأة أن تخرج إلا بإذن زوجها، ويدل لهذا أيضاً حديث عائشة - رضي الله عنها - في استئذان أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف انظر ما رواه البخاري (2033) ،ومسلم (1173) . فهذا يدل على أن المرأة لا تخرج إلا بإذن زوجها.(12/234)
هل كف المرأة عورة؟
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 23/1/1425هـ
السؤال
سؤالي: إن كانت تغطية الكفين واجبةً حقّاً، فكيف عرف الرسول -صلى الله عليه وسلم- حقيقة إحدى الصحابيات من الحناء في يدها (أي ميزها عن الرجل؟) .
الجواب
إن الحديث الذي تشير إليه السائلة هو حديث عائشة - رضي الله عنها- قالت: مدت امرأة من وراء الستر بيدها كتاباً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقبض النبي - صلى الله عليه وسلم- يده وقال: ما أدري أيد رجل أو يد امرأة؟ فقالت: بل امرأة فقال: "لو كنت امرأة غيرت أظفارك بالحناء" روى هذا أبو داود (4166) ، والنسائي في السنن الصغرى (5089) ، والطبراني في الأوسط (6706) ، والبيهقي في شعب الإيمان (6419) والإمام أحمد في مسنده (25726) ، وهو ضعيف عند هؤلاء كلهم، فإن في سنده (مطيع بن ميمون) ضعيف لا يحتج به لضعفه وجهالة حاله. نص على ذلك الذهبي في الكاشف والميزان، والحافظ ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب، وذكر هذا الحديث العقيلي في كتابه "الضعفاء"، ثم لو فرض أنه صحيح لا يمنع من تفسير الحجاب للمرأة بتغطية الوجه واليدين عند من يقول بذلك من السلف والخلف، فيحمل على أنه قبل الأمر بالحجاب ولا أعرف أحداً من العلماء القائلين بجواز كشف الوجه واليدين استدل بهذا الحديث وإنما استدلوا بأحاديث أخرى كحديث عائشة - رضي الله عنها- عند أبي داود (4104) واعتمدوا عليه: لما دخلت أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقال: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا، وهذا" وأشار إلى وجهه وكفيه وهذا الحديث ضعيف من أربعة أوجه: الأول: أن في إسناده انقطاع؛ فإن خالد بن دريك لم يدرك عائشة - رضي الله عنها-. والثاني: خالد بن دريك هذا مجهول الحال. والثالث: في إسناده أيضاً (سعيد بن بشير البصري) ، ضعيف منكر الحديث ضعفه النسائي وأبو زرعة، وقال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء. الرابع: في إسناده اضطراب فمرة يُروى عن عائشة -رضي الله عنها- ومرة عن أم سلمة -رضي الله عنها- ثم هذا الحديث على فرض صحته تعارضه النصوص الصحيحة من القرآن والسنة الدالة على وجوب ستر الوجه والكفين، ثم أيضاً القائلون بجواز كشف الوجه واليدين من علماء السلف والخلف يجمعون على أن الجواز عند أمن الفتنة، فهل الفتنة مأمونة في هذا العصر؟! لا. ثم إن وجه المرأة أجمل ما فيها بل فيه جماع محاسنها، وليس المقام مقام ترجيح قول على قول، وإنما هو بيان ضعف استدلال بحديث لم يصح. وفق الله الجميع إلى كل خير.(12/235)
فستان الزفاف ذو الذيل الطويل
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 26/09/1426هـ
السؤال
ما حكم لبس الفستان الذي به ذيل طويل من الخلف؟ وهل تدخل من تلبسه في الحديث: "من جر ثوبه خيلاء ... " مع العلم أنه منتشر بين النساء في الأعراس؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فلا بأس بلبس المرأة للفستان الذي به ذيل، والذي يستعمل غالباً في الأعراس، لكن بشروط، أهمها:
الشرط الأول: عدم التشبه بالكافرات والفاسقات، فيجب مخالفتهن في ألبستهن.
الشرط الثاني: ألا تلبس أو تتزين بما تريد أن تشتهر به، فقد روى أحمد (5664) وأبو داود (4029) وابن ماجة (3607) وغيرهم بإسناد حسن عن ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعاً: "من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه ناراً"، والحديث عام للرجال والنساء، وفي العرس وغيره.
الشرط الثالث: عدم إطالة الثوب والفستان، فالسنة أن اللباس لا يزيد عن الذراع لأجل الستر فقد روى النسائي (5336) والترمذي (1731) وصححه عن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كم تجر المرأة من ذيلها؟ قال: "يرخين شبراً"، فقالت: إذاً تنكشف أقدامهن؟ قال: "فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه".
الشرط الرابع: ألا يصحبها في هيئتها الكبر والعجب، فيحرم على العروس وغيرها ذلك، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء" صحيح البخاري (5783) ، وصحيح مسلم (2085) .
وهنا يأتي الجواب عما جاء في آخر السؤال، وهو: هل تدخل من تلبسه في الحديث "من جر ثوبه خيلاء"؟ فنقول: نعم تدخل؛ فقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (12/270) على هذا الحديث فـ (مَنْ) يتناول الرجال والنساء في الوعيد المذكور على هذا الفعل المخصوص، وقد فهمت ذلك أم سلمة -رضي الله عنها- ثم ذكر الحديث المذكور آنفاً في الشرط الثالث، والذي رواه النسائي والترمذي.
وإنني بهذه المناسبة أقول: عرس المرأة لا يعني عدم التزامها بشريعة الله في زينتها، وعليها شكر هذه النعمة بامتثال طاعته في لباسها ومظهرها. والله أعلم.(12/236)
لبس العباءة ذات الأكمام
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 13/10/1426هـ
السؤال
ما حكم لبس الجلباب الواسع الذي له أكمام بغير زينة؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فأرى أنه لا مانع من لبس المرأة للجلباب المذكور بشروط، وهي:
1- أن يكون ساتراً.
2- أن يكون غير مُبَيِّنٍ لتقاطيع الجسم.
3- ألا يكون مشابهاً للباس الرجال.
4- أن يكون بغير زينة.
والله أعلم.(12/237)
حدود غض البصر
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 25/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل من غض البصر ألا أنظر إلى زميلاتي في العمل في أثناء الحديث معهن وجهًا لوجه، وكذا الحال مع النساء من غض أبصارهن ألا ينظرن وجهًا لوجه مع الرجال الذين يعملون معهن في نفس المكان؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وجه المرأة عورة يحرم النظر إليه، وقد قال الله عز وجل: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا
مِنْ أَبْصَارِهِم) ْ [النور: 30] . وجاء في حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، عند الترمذي (1173) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المرأةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَت اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ". فقوله صلى الله عليه وسلم: "المرأةُ عورةٌ". يشمل الوجه، والوجه هو محل الزينة والفتنة عند المرأة، ولذا جاءت النصوص بأمر النساء بتغطية الوجه، فقال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ( [الأحزاب:59] .
وكذلك يحرم الخلوة بالمرأة في العمل وفي غيره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بامْرَأَةٍ إلَّا كان الشَّيطانُ ثَالِثَهُمَا". أخرجه أحمد (115) والترمذي (2165) ، ولأن الخلوة بالمرأة ذريعة إلى حصول مفاسد عظيمة، فالواجب عند العمل أن يكون الرجال في مكان والنساء في مكان آخر، وألا يكون هناك اختلاط بينهم؛ لما يترتب على هذا الاختلاط من مفاسد عظيمة، وللأسف فإن هذا الأمر قد عمت به البلوى في كثير من أقطار المسلمين، ولذا كثر الفساد بينهم وصار الرجال يعملون مع النساء، وهذا مخالف لأحكام الشريعة. والله أعلم.(12/238)
هل يكفي في الحجاب البنطال الطويل مع الخمار؟
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 12/08/1425هـ
السؤال
هل لبس سروال ليست ضيقة مع معطف أو قميص طويل وخمار يعتبر لباس (حجاب) شرعي?
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الخمار هو بعض الحجاب لا كله، فهو لا يكفي، إذ يشترط معه لبس الجلباب الذي يستر الجسد كله، وأن يكون فضفاضاً واسعاً، لا ضيقاً ولا شفافاً، ودليل وجوب لباس الجلباب قوله تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين" [الأحزاب: من الآية 59] ، والجلباب ثوب أو عباءة تشتمل به المرأة، يكون ساتراً للجسد، ويدل أيضاً لوجوب لباسه عند الأجانب حديث أم عطية - رضي الله عنها- في الصحيحين قالت: (أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم- أن نخرجهن في الفطر والأضحى؛ العواتق -وهن الشَّوابُّ-، والحُيّض، وذوات الخُدُور، فأمَّا الحُيَّض فَيَعْتَزِلْنَ الصلاةَ، ويَشْهَدنَ الخيرَ ودعوةَ المسلمين، قلت: يا رسول الله: إحدانا لا يكون لها جلبابٌ! فقال صلى الله عليه وسلم: "لِتُلبِسْهَا أختُهَا من جِلْبَابها" انظر صحيح البخاري (324) ، وصحيح مسلم (890) ، قال ابن حجر (فتح الباري1/424) ، وفيه امتناع خروج المرأة بغير جلباب.
وعلى ما تقدم من الأدلة الموجبة للجلباب، فإن الاقتصار على الخمار، ولبس البنطال الواسع مع معطف أو قميص طويل لا يكفي ولا تكتمل به صورة الحجاب الشرعي. والله أعلم.(12/239)
لبس البنطال تحت الحجاب
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 28/12/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي عن لبس البنطال وفوقه الحجاب، نحن في إحدى دول الغرب سألنا الإمام عن لبس البنطال، وقال يجوز بشرط ألا يكون ضيقاً ولا شفافاً؛ لأننا هنا نضطر إلى لبس تلك الملابس إذا ما كنا نعمل، وقالوا يجوز لبسه؛ لأنه في هذا البلد لبس البنطال شيء عادي ولا تنظر الناس إلينا نظرة غريبة أو نظرة نقص. أعلمونا جزاكم الله كل الخير.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فجواباً على السؤال ما دام أن الواقع ما ذكر، فإنه يجوز لبس البنطال، ولكن بالشروط والضوابط الآتية:
أولاً: أن يكون فضفاضاً، لا يبيِّن حجم العضو.
ثانياً: أن يكون صفيقاً لا يشف، بمعنى ألا يصف لون البشرة.
ثالثاً: أن يكون طويلاً سابغاً بحيث لا ترى العورة، ولا تعرِّ ض غيرها للفتنة.
رابعاً: ألا يكون من نوع البنطال الذي يلبسه الرجال، فراراً من التشبه.
فإذا اجتمعت هذه الضوابط، فإنه يجوز لها أن تلبسه بحضرة النساء، أو في الطريق إذا كان فوقه الحجاب، بحيث لا ينكشف عند المشي، وإلا فيحرم لما في ذلك من التعريض بالفتنة. والله -تعالى- أعلم.(12/240)
لبس المرأة لباس زوجها
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ 18/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ: ما حكم لبس المرأة ملابس زوجها من فروة، أو كوت، أو بجامة، إلى غير ذلك من ملابسه؟ وإذا كانت المرأة أحياناً تضطر أن تشتري من السوق ملابس ذات مقاس كبير ولا تجد إلا ملابس رجالية، فما حكم لبسها؟ وجزاكم الله كل خير.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فقد اتفق أهل العلم على تحريم تشبه الرجل بالمرأة والعكس، فيما هو من خصائص أحدهما لباساً كان أو هيئة أو شكلاً أو فعلاً، وأن ذلك من الكبائر، إلا ما كان من جبلة الإنسان ككلامه مثلاً، والأدلة على ذلك كثيرة، منها: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال" أخرجه البخاري (5885) .
قال الحافظ ابن حجر نقلاً عن الطبري: المعنى: (لا يجوز للرجل التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ولا ... العكس) ا. هـ.
فإذا عُلم وتعارف الناس على لباس أنه مخصص للرجال فحينئذ لا يجوز للمرأة لبسه والعكس صحيح، وهذا يختلف بالطبع من بلد إلى بلد آخر، كما هو معلوم. كما أن حال السعة يختلف عن حال الضرورة بمعنى أن المرأة التي تخشى على نفسها الضرر إذا لم تلبس ما يقيها عن البرد إلا لباس الرجل لفترة محدودة ليست كمن تلبس لباس الرجل مختارة وبدون حاجة.
وليحذر الجميع من مخالفة أمر الله -تعالى-، فقد جاء الوعيد على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم- فيما أخرجه أبو داود (4098) ، وصححه ابن حبان (5751) ، والحاكم 4/215، والألباني، قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل". والله الهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(12/241)
قص شعر الحاجب
المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 22/7/1422
السؤال
ما حكم قصِّ شعر الحواجب وليس نتفها؛ وذلك لكثافة الحواجب؟
الجواب
لا يجوز أخذ شيء من الحواجب، لا بقصًّ ولا نتفٍ ولا حفٍّ؛ لأن هذا من النّمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فَعَلتْه، فهو من الكبائر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
فتاوى اللجنة الدائمة (الجزء السابع عشر صـ 132) .(12/242)
حلاقة شعر المرأة على سبيل التداوي
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 21/08/1425هـ
السؤال
ما حكم حلاقة شعر الرأس بالموسى للمرأة؟ علماً بأن الشعر يتساقط بشكل مخيف، وبدأت ملامح الصلع تظهر أجزاء من فروة الرأس، وقد وصفت طبيبة مسلمة حلاقة الشعر بالموسى كحل ناجع للمشكلة. أفتونا مأجورين.
الجواب
إذا كانت حلاقة الشعر للمرأة نوعاً من العلاج المحتاج إليه، وقد وصفته الطبيبة الثقة فلا حرج فيه إن شاء الله، وحلق الرأس هنا ليس فيه تشبه بالرجال، بل هو على سبيل العلاج والتداوي، والله أعلم.(12/243)
ذهاب المرأة للأندية الصحية النسائية
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 9/7/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز للزوجة أن تذهب إلى الأندية الصحية غير المختلطة للمحافظة على جمال جسدها، وإزالة الترهلات المصاحبة لها بعد الولادة؟ والقصد من ذلك هو التجمل للزوج فقط.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فيجوز لزوجتك أن تذهب إلى تلك الأندية الصحية غير المختلطة لأجل محافظتها على جمال جسدها ... إلخ.
بل هي مأجورة -إن شاء الله- إذا احتسبت في ذلك النية، فقصدتْ التزين لك، وإعفافك عن الحرام بترغيبك فيما أحل الله لك.
ولكن يجب عليها الحذر من كشف عورتها ولو بحجة التزين والتجمل، وأن تحافظ على إقامة الصلاة في وقتها.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/244)
إزالة نقطة الخال للتجميل
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 14/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
فضيلة الشيخ ما حكم ذهاب المرأة إلى طبيب الجلدية لإزالة خال- مثل النقطة- في أنفها من أجل التجميل أفيدونا مشكورين.
الجواب
إذا كان وجود هذا الخال يسبب تشوهاً لها أو أذى نفسياً فلا مانع من إزالته، لأنه ضرر والضرر يزال، كما ورد في النص الشرعي، ويجب عليها أن تتعالج عند طبيبة لا طبيب إن أمكن، فإن لم يمكن جاز ذهابها للطبيب مع محرمها، على نحو ما تقدم، لكن لا يكشف من بدنها إلا ما يحتاج إلى كشفه، لأن ما جاز للضرورة أو الحاجة أبيح بقدرها، والله أعلم.(12/245)
صبغ المرأة شعرها بالسواد
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 5/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا دائماً ألون شعري وهو في الأصل أسود وليس به شيب والآن أريد أن أعيده إلى الأسود وعلمت كراهة الصبغ بالأسود لحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- لتغطية الشيب، فما الحكم؟ علماً أني محجبة ومتزوجة ولله الحمد.
الجواب
لا بأس بالصبغ بالسواد للمرأة، وأما النهي الوارد فهو في حق الرجال خاصة، حيث أن المرأة مطلوب منها الترين للرجل، وهذا من الزينة، ولذلك شرع لها الزينة بجعل الحناء في اليدين والرجلين ولبس الحلي وغير ذلك، وهذا أمر ممنوع منه الرجل، ثم أيضاً في النهي الوارد للصبغ بالسواد للرجال في هذا النهي مقال من جهة السند ولذلك ذهب بعض المحققين من أهل العلم إلى جواز الصبغ بالسواد للرجال، والله تعالى أعلم.(12/246)
حكم تشقير الشعر الزائد بين الحاجبين
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 2/11/1422
السؤال
هل يجوز تشقير الشعر الزائد بين الحاجبين
لاخفاءه بدل ازالته؟
الجواب
تشقير الحواجب جائز، ورسمها كذلك جائز إذا لم يصاحبه نتف شيء منها، وهو النمص.(12/247)
وصل الشعر بالخيوط
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 26/10/1423هـ
السؤال
هل يجوز للمرأة أن تصل شعر رأسها بخيط مستعار -ليس من الشعر- وذلك من أجل التجمل؟ وهو عبارة عن خيط عادي تماماً مما يستخدم في خياطة الأحذية الجلدية.
الجواب
وصل الشعر بخيط للربط والتجميل لا بأس به، وذلك لأن النهي في قوله -صلى الله عليه وسلم-:"لعن الله الواصلة والموصولة" رواه البخاري (5941) واللفظ له، ومسلم (2122) ، وفي رواية:"الواصلة والمستوصلة" المراد به -والله أعلم-: الواصلة التي تصل شعرها بشعر غيره، كما فسر ذلك الإمام النووي -رحمه الله تعالى-.(12/248)
الكحل السائل
المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 15/8/1423هـ
السؤال
ما حكم الكحل السائل الذي يوضع على رموش العين؟ وهل يمنع وصول الماء إلى الشعر؟ وإذا منع وصول الماء إلى الشعر، فما حكمه؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
أقول وبالله التوفيق والسداد:
يسن الاكتحال وتراً في كل عين قبل النوم، والوتر ثلاثة في العين اليمنى وثلاثة في اليسرى، وذلك لرواية ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "أنه كان يكتحل بالإثمد كل ليلة قبل أن ينام، وكان يكتحل في كل عين ثلاثة أميال" الترمذي (2048) .
أما الاكتحال بالسائل الذي يوضع على رموش العين فهو على خلاف السنة، كما أنه يمنع وصول الماء إلى الشعر عند الوضوء، فيلزم تجنبه، والله أعلم بالصواب.(12/249)
وشم غير دائم
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 20/4/1423
السؤال
الرجاء الإفادة عن حكم الوشم غير الدائم، وهو ما يبقى لمدة عامين ويذهب، وهو عبارة عن لون يوضع في الشفتين أو في العينين لمدة سنتين ويزول بعد ذلك، هل حكمه حكم الوشم الدائم، الرجاء الإجابة ولكم جزيل الشكر وفقكم الله؟
الجواب
هذا من الأمور المحرمة التي نهت عنها الشريعة، ولعنت فاعلها كما جاء في الحديث الصحيح: "لعن الله الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة" أخرجه البخاري (5933) ومسلم (2127) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، والمذكور في السؤال داخل في المنهي عنه؛ لأن النهي لم يرد فيه تفصيلُ بين ما يبقى أبداً، وما يزول بعد سنة أو سنتين، ويستوى في ذلك الرجال والنساء، وإنما ورد اللعن للنساء؛ لأنّ الغالب حصول الوشم والنمص والوصل للشعر من النساء.(12/250)
قص الشعر مدرجاً
المجيب د. زيد بن سعد الغنام
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 30/4/1424هـ
السؤال
ما حكم قص الشعر مدرجاً (ما يسمى بالشلال) ، وهل يدخل ضمن القزع؟ علما ًبأن القصة طويلة إلى الكتفين أو أطول. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
يجوز ذلك بشرط ألا يكون تشبهاً بالكافرات أو يصل إلى درجة التشبه بالرجال، وليس ذلك من القزع المنهي عنه؛ لأن القزع حلق بعض الرأس وترك بعضه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(12/251)
لبس الذهب الذي يحمل رسوماً
المجيب د. سليمان بن صالح الغيث
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 15/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخي الكريم أنا لدي ذهب وعليه رسوم مثل وجه امرأة وأسد وأشياء من هذا القبيل، فهل يجوز لي لبسه أم لا؟ وجزاكم عني الله كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
ما ذكرته السائلة من وجود رسوم على ذهب لديها مثل وجه امرأة أو أسد فهذا الذهب لا يجوز لبسه ولا اقتناؤه ولا بيعه ولا شراؤه، حيث إنه داخل في باب التصوير، وقد شدد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب فقد روى البخاري (5347) من حديث أبي جحيفة -رضي الله عنه- قال: "لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- الواشمة ... ولعن المصورين" وقال -صلى الله عليه وسلم-: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله" كما في حديث عائشة - رضي الله عنها - الذي رواه البخاري (5954) ، ومسلم (2107) ، ومعنى يضاهئون: أي يشابهون. كما ورد أن المصور يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في نار جهنم ... الخ، ما ورد من الوعيد الشديد للمصورين والمصورات والذي أنصح به السائل وأرشدها إليه هو ما قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لأبي الهياج الأسدي - رحمه الله - حيث قال له: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته رواه مسلم (969) .
فعلى السائلة الكريمة وفقنا الله وإياها لكل خير أن تذهب لصائغ ليطمس هذه الرسوم التي في تلك القطع التي لديها، وعليها أن تتقي الله ولا تشتر مثل هذه القطع التي عليها صور، فقد ورد في الحديث: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة" رواه البخاري (3225) ، ومسلم (2106) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد.(12/252)
استعمال زيت الحشيش
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 11/9/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: لقد كثر في الأونة الأخيرة استعمال النساء لزيت الحشيشة في غسل شعر الرأس، فما حكم ذلك؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ما يعرف بـ (الحشيش) هو نبات القِنَّب، ومن قمته النامية (الزهرة أو الثمرة) تستخرج مادة (الراتنج) المخدِّرة بالترشيح أو الطحن أو التقطير.
فالحشيش في أصله نبات طاهر، ولا يكون مخدراً إلا بعد المعالجة. كذا الزيت، فهو في نفسه طاهر مستخرج من مادةٍ طاهرةٍ، وهو غير مخدِّر ولا مفترٍ، فيجوز اقتناؤه وغسل الشعر به، ما لم يضف إليه مسكرٌ أو مفتِّر.
ومتى ما ثبت أن تناول هذا الزيت بوجه ما يُسكر أو يفتر، فإنه لا يجوز اقناؤه ولو بغرض غسل الشعر به؛ لأن ذلك ذريعة للسكر به.
وللتوضيح أكثر؛ فإن الزيت المستخرج من نبات الحشيش نوعان:
النوع الأول: زيت الحشيش المستخرج بواسطة التقطير عدة مرات للراتنج الموجود على الازهار المؤنثة وكذلك القنابات او الوريقات المحيطة بالازهار.
وهذا الزيت يتميز بلزوجته ولونه الذي يميل الى السواد، وهو غال جداً (الـ 100مل تقدر قيمتها بـ 10000 ريال) ؛ لانه يحتوي على كمية كبيرة من المادة المهلوسة او المهيجة الخاصة بالحشيش.
النوع الثاني: الزيت المستخرج من بذور ثمار الحشيش بطريق العصر وليس بطريقة التقطير، ولا يحتوي على المادة الراتنجية المهيجة.
وهذا النوع من زيت بذرة الحشيش غنيٌ جداً بالاحماض الدهنية، ويدخل هذا الزيت في صناعة مستحضرات التجميل ودهان الشعر، ولا يحتوي زيت بذر الحشيش على أي مادة من المواد المهيجة الموجودة في رايتنج الازهار المؤنثة للحشيش.
ويقترح بعضهم أن يكون اسم زيت الحشيش المستخرج من بذور نبات الحشيش ـ والمتداول بين الناس الآن ـ "زيت بذر الحشيش". وهذا الاسم هو المعروف في الدول الاوروبية حيث يسمونه "Cannabis See Oil" أو Hemp Seed Oill وكلمة Hemp تعني الحشيش.
(وللاستزادة في هذا ينظر: جريدة الرياض، الثلاثاء 2/9/1424هـ، العدد 12912) .
على أنه تقتضينا النصيحة لعامة المسلمين أن ننبه إلى أن زيت الحشيش المنتشر في الأسواق يكثر فيه الغش والتدليس، وقد مُنع استيراده للمملكة مؤخراً لأسباب أمنية.
وقد صرحت لجريدة الرياض (العدد 12871، والتاريخ 20/7/1424هـ) ريئسة قسم النباتية والبحوث في المختبر المركزي للأدوية والأغذية في وزارة الصحة بالسعودية الصيدلانية هيا الجوهر: بأن الزيت المباع في الأسواق المحلية تحت اسم زيت الحشيش هو نوع من الغش والتدليس والاستغلال لما عرف عن زيت بذرة الحشيش من فوائد بالنسبة للجلد والشعر، وذلك لاحتوائه على نسبة عالية من البروتين (25-30%) ، مشيرةً الى ان المختبر المركزي للأدوية والأغذية قام بتحليل عينات من هذا الزيت (المعروض في الأسواق على أنه زيت لبذرة الحشيش) ، وثبت خلوه من اي اثر لفوائد وبروتينات ـ أي أنه مغشوش؛ لأنه لو كان ـ فعلاً ـ هو زيت بذرة الحشيش لما ثبت خلوه من البروتين.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/253)
تحديد الرموش
المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 28/6/1424هـ
السؤال
ما حكم تحديد الرموش للنساء وتخفيفها؟ وهل هو من النمص؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فأقول وبالله التوفيق والسداد، الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان فأحسن خلقه ومظهره، وكرمه بهذا الحسن على سائر المخلوقات، فلا يجوز شرعاً تغيير هذا الخلق؛ لأنه تغيير لخلق الله تعالى، وكأنه بهذا التغيير غير راضٍ عن خلق الله له، لذا لا يجوز للمسلم والمسلمة تغيير خلق الله تعالى من زيادة الرموش للنساء على أهداب العيون إطالة أو تقصيراً أو تفريقاً، فهو محرم شرعاً لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة" رواه البخاري (5937) ، ومسلم (2124) من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، وحالة الرموش أقرب للوصل من النمص وكلاهما محرم، وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن النامصة والواشرة والواصلة والواشمة إلا من داء" أخرجه بهذا اللفظ أحمد في مسنده
(3945) ، وغيره.
لذا لا يجوز تغيير خلق الله تعالى، إلا إذا أصاب الإنسان حادث أو مرض فأدى ذلك إلى تشوه فيجوز عندئذ معالجة هذا التشوه، هذا والله أعلم بالصواب.(12/254)
الرموش الصناعية للمرأة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 11/7/1424هـ
السؤال
ما حكم لبس الرموش الصناعية بقصد التجمل للزوج؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلا يظهر ما يقتضي تحريم التزين بالرموش الصناعية عند الزوج؛ وليس هذا التزين من التدليس في شيء.
وليست هي في معنى وصل الشعر الذي نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما في حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إني أنكحت ابنتي ثم أصابها شكوى فتمرق رأسها وزوجها يستحثني بها أفأصل رأسها فسب رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة. رواه البخاري (5935) ومسلم (2122) ؛ فالممنوع وصله هو شعر الرأس.
وليست هي من قبيل تغيير خلق الله؛ لأن تغيير خلق الله المنهي عنه هو أن يعمل في الجسد عملاً يُغير من خلقته تغييراً باقياً، كالوشم وتفليج الأسنان ووشرها، حكى هذا الضابط القرطبي في تفسيره (5/393) عند تفسير آية النساء (119) .
وأما التغيير الذي لا يكون باقياً، كالكحل والخضاب وصبغ الشعر، فلا يدخل في النهي. ولكن قد يُنهى عنه لمعنى آخر غير (تغيير خلق الله) كالتدليس مثلاً، وهو ظاهرٌ في مسألة وصل الشعر.
والتزين بالرموش الصناعية فيه شيء من التدليس، فلا أرى أن تلبسه لغير زوجها.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/255)
معالجة الشعر بما يكوِّن عليه طبقةً عازلة
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 17/9/1424هـ
السؤال
يستخدم النساء الأفريقيات كريماً لتلميس الشعر وجعله ناعماً، حيث يقال إن هذا الكريم يقوم بحرق أو كي الشعر، فهل يجوز استخدام هذا الكريم، حيث إننا لا ندري ما إذا كان يكوي الشعر فقط أم أنه يغلفه بمادة عازلة كما يفعل الميش؟ مع العلم أنه قد انتشر استعماله في المجتمع السعودي بين النساء خاصة.
الجواب
إذا كان هذا الكريم يمد الشعر ويجعله ناعماً فقط، ولا يغلفه بمادة عازلة تمنع من وصول الماء إليه جاز استخدامه، وإن كان يكون طبقة عازلة بحيث تمنع وصول الماء عند مسح الرأس أو غسله لم يجز استعماله لهذه العلة.
فإذا كان الإنسان لا يعلم حال هذا الكريم فإنه يتوقف عن استعماله حتى يتأكد من حاله، والله أعلم.(12/256)
اقتناء قلادة عليها صليب
المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 3/2/1425هـ
السؤال
صديقة لي أهدت إلي قلادة عليها صليب عندما عادت من روما، وقامت بغمس هذه القلادة للبركة في الماء المقدس في الفاتيكان، وهو صليب صغير الحجم عليه المسيح، وأنا في حيرة من أمري أيحل لي الاحتفاظ به أم لا؟ أنا مسلمة ملتزمة، ولن ألبسه، لكنني أريد أن أعرف هل يجوز الاحتفاظ به كهدية أو أعطيه لشخص نصراني؟ أثابكم الله.
الجواب
أولاً: يجب العلم أنه ليس على وجه الأرض ماء فيه بركة مدركة إلا ماء زمزم، لما ثبت فيه من الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم-،ولا يجوز اعتقاد بركة هذا الماء المزعوم قدسيته، إضافة إلى أنه من شعائر دين النصارى.
وهذه القلادة يجوز استعمالها والاحتفاظ بها بشرطين:
الأول: عدم اعتقاد بركتها أو قدسيتها، وإنما اعتبارها مجرد حلية وهدية.
الثاني: طمس هذا الصليب الذي فيها بحكه وإزالته؛ لأن الصليب من شعائر النصارى، وقد جاء شرعنا بمخالفتهم وتكذيب باطلهم في دعواهم صلب عيسى بن مريم -عليه السلام-، قال تعالى: "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ... " [النساء:157]
ويدل على وجوب نقض وطمس كل علامة صليب ما جاء في البخاري (5952) وأبي داود (4151) ، والإمام أحمد (23740) من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لم يكن يترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه"، وفي رواية: "تصليب"، وعند أبي داود: "قضبه" بالقاف والضاد، أي: "قطعه وأزاله". والله أعلم.(12/257)
زراعة شعر الحواجب
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 30/1/1425هـ
السؤال
هل من الحرام زرع شعر الحواجب؟ لأن شعرها مشتت وقليل، ويوجد فواصل كثيرة بين الشعرة والأخرى.
الجواب
إذا كان شعر الحواجب قليلاً ومتناثراً، وكان ذلك يسبب حرجاً وأذى لصاحبه، فلا بأس بزرع بعض الشعر في الحاجب، حتى يعود الشعر إلى حجمه الطبيعي، وتكون هذه الزراعة جائزة من باب العلاج لدفع الأذى الحاصل لها بقلة الشعر، وليس من باب تغيير الخلقة، والله أعلم.(12/258)
تشقير الحواجب
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 04/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
ما حكم تشقير الحواجب؟ ما حكم قص شعر الحواجب نفسها؟ وما حكم الذهاب إلى الملاهي، مع العلم بوجود منكرات وهي لبس البنطلون، ولبس التنُّورات الشانيل، وقصدي بالملاهي المخصصة للنساء فقط، والتي لا يوجد بها اختلاط. نفع الله بعلمكم وجعله في موازين أعمالكم.
الجواب
الحمد لله حده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت الفاضلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
تشقير الحواجب جائز -فيما يظهر لي- لأن الأصل في الأشياء الإباحة، ولا ينتقل عن هذا الأصل إلا بدليل صحيح وتعليل صريح قوي يوجب الانتقال من هذا الأصل، ولم أجد عند من حرَّم التشقير دليلاً يصح التعويل عليه في التحريم، وغاية ما استدلوا به أن التشقير تغيير لخلق الله، كالنمص وتفليج الأسنان، وفي هذا نظر، فالتشقير إنما هو صبغ لشعر الحواجب بلون الجلد بحيث يبدو محددًا مرسومًا، وليس في هذا تغيير لخلق الله المنهي عنه، وإنما هو كتغيير شيب اللحية بالخضاب ونحوه، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم به. انظر صحيح البخاري (3462) وصحيح مسلم (2103) . وكتغيير لون شعر الرأس من لون الشيب إلى غيره، فدل هذا الترخيص على أن صبغ الشعر وتخضيبه ليس من قبيل تغير خلق الله فما يقال في شعر الرأس يقال في شعر الحواجب، لا فرق بينهما، لكن لا يجوز تشقير الحواجب للخاطب لما فيه من الغش والتدليس، ويجوز لأجل أفراح النساء لافتقار هذه العلة، ويجوز قص شعر الحواجب إذا كانت تؤذي العين أو كانت خارجة عن الحد المألوف، بحيث تكون ملفتة للأنظار ومحرجة للمرأة، وأما الذهاب للملاهي الخاصة بالنساء فهو جائز أيضًا بشرط أن تلتزم المرأة باللباس الذي يليق الخروج به عند مجتمع النساء، ولا يضر في ذلك كون بعض مرتادات الملاهي يلبسن ما لا يجوز لبسه، أو يبدين ما لا يجوز إبداؤه، فأنت لم تذهبي إلى الملاهي لتشاهدي هذه المنكرات، وليس لك فيها إعانة ولا مشاركة، لكن عليك واجب إنكار المنكر بالرفق واللين، والموعظة الحسنة، وغض البصر عن العورات. والله أعلم.(12/259)
لبس الشعر المستعار (الباروكة)
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /زينة المرأة
التاريخ 07/01/1426هـ
السؤال
هل يجوز للمرأة لبس الشعر المستعار (الباروكة) عند الجماع لزوجها للتزين له؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا يظهر جواز لبس هذا الشعر المستعار (الباروكة) ، على أي حال للتزين للزوج أو لغير ذلك؛ لعموم الأحاديث في النهي عن وصل الشعر، ومنها ما جاء في البخاري (5941) ، ومسلم (2122) ، عن أسماء -رضي الله عنها-قالت: (سألت امرأة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن ابنتي أصابتها الحصبة، فتمرّق شعرها، وإني زوجتها، أفأصل فيه؟ فقال: "لعن الله الواصلة والموصولة". والله أعلم.(12/260)
عمل المرأة في المحاماة
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة
التاريخ 4/12/1423هـ
السؤال
ما حكم العمل في سلك المحاماة وخاصة بالنسبة للنساء؟
الجواب
الحمد لله وحده وبعد:
فيجوز للمسلم أن يعمل في سلك المحاماة إذا التزم بشرائع الإسلام في هذا العمل وعلى هذا جماهير أهل العلم المعاصرين، ويمكن أن يستشهد على ذلك بقوله تعالى عن موسى: "قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ" الآية [القصص:33 - 35] .
فموسى - عليه السلام - طلب من ربه أن يشد عضده بأخيه، لأنه أفصح لساناً، وأكثر قدرة على استعمال الحجج والبراهين، وفي قوله - تعالى - (والعاملين عليها) الآية، [التوبة: 60] . دليل على جواز الوكالة عن المستحقين في تحصيل حقوقهم، وهذا من عمل المحامي، وهو داخل في التعاون على البر والتقوى؛ إذ فيه تحصيل للحقوق وحفظ لها، وقد وكل النبي - صلى الله عليه وسلم - في قضاء الدين واستيفاء الحقوق وحفظ الزكاة وغيرها، والمحاماة نوع من الوكالة.
وقد وكّل علي بن أبي طالب عقيلاً ثم عبد الله بن جعفر - رضي الله عنهم - وقال: ما قضي لهم فلي، وما قضي عليهم فعلي [الأم للشافعي 3/237] ، والبيهقي في سننه وعلى جوازها مضى الأمر بين المسلمين قديماً وحديثاً، قال السرخسي: (قد جرى الرسم على التوكيل على أبواب القضاة من لدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا من غير نكر منكر ولا زجر زاجز) . المبسوط (19/4) .(12/261)
ضوابط حق البنت في العمل
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة
التاريخ 28/11/1424هـ
السؤال
ما مدى حق البنت التي تسكن مع أبيها في العمل، وما ضوابط ذلك؟
الجواب
نفقة البنت على أبيها الغني القادر على الإنفاق، ولكن من حقها أن تعمل في المنزل عملاً يدوياً أو فكرياً من غزل، أو نسيج، أو صناعة، أو رسم، أو تحرير الأوراق وكتابة الأبحاث، ولها العمل خارج المنزل أيضاً على أن يتفق هذا العمل مع طبيعتها وأنوثتها، ويتلاءم مع قدراتها، ولا يترتب عليه اختلاط بالرجال، أو تعريض لحيائها وعفافها، وأن يكون هذا العمل نهاراً لا ليلاً.(12/262)
العمل دون إذن الزوج
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة
التاريخ 10/8/1424هـ
السؤال
خطبت فتاة منذ سنوات وعقدت عليها، ولكن لم نتزوج إلى الآن، ولا زالت في بيت أبيها، سافرت أنا إلى خارج بلدي، وسوف أرجع - إن شاء الله - قريباً حيث إني أتعافى من عملية جراحية، زوجتي طلبت مني أن تبدأ في العمل وأبوها سمح لها بذلك، وأنا أقسمت لها بالله إن ذهبت فإن كل شيء بيننا سينتهي، وقررت الذهاب وذهبت فعلاً، ولكن لغرض وضع ملف للتعيين، وأنا حلفت لها على العمل فما حكم يميني، وهل يعتبر الآن طلاقاً؟
ثانياً: هل من حق أبيها أن يأمرها بالذهاب للعمل، أم أن كل شيء بيدي أنا؟ وهل هي آثمة إن أخذت بأمر أبيها وتركت أمري، علماً أني أصرف عليها؟
ثالثاً: هل يجوز لها أن تخرج من بيتهم إلى أي مكان، دون علمي حتى وأنا بعيد؟
رابعاً: هل يجوز لها أن تخبر أمها وقريباتها بكل ما يدور بيننا من كلام حتى عبر الهاتف وهل تأثم على ذلك؟ وأخيراً أريد منك نصيحة لنا أنا وهي، وجزاكم الله ألف خير.
الجواب
تقوم الزوجية بإبرام عقد الزواج المستوفي للشروط والأركان، فإذا تم هذا العقد أصبحت المرأة زوجة لها حقوق الزوجية، وأصبح الرجل زوجاً له حقوق الزوج، فلا يسوغ التعبير بعد حصول الزواج بعدم إبرام العقد، وتترتب على عقد الزواج حقوق للزوجة وحقوق للزوج وحقوق مشتركة؛ فحقوق الزوجة في المهر والنفقة وحسن المعاملة أي العشرة بالمعروف، والحق في العدل.
وحقوق الزوج في الانتقال بها إلى بيته، والسفر معه، وله عليها حق الطاعة، والقرار في المنزل، فلا تخرج إلا بإذنه أو للحاجة أو الضرورة، ولا تأذن بدخول أحد بيته دون موافقته، ولا تنفق من ماله إلا برضاه، وعقد الزواج يرتب حقوقاً مشتركة بين الزوجين وهي:
(1) حق الاستمتاع (ممارسة الحياة الزوجية) .
(2) حق التوارث (أي كل منهما يرث الآخر إذا سبقه إلى الوفاة) .
(3) حرمة المصاهرة، حيث يحرم عليه الزواج من أمهاتها والزواج من بناتها، كما يحرم على الزوجة الزواج من أبيه أو من أبنائه.
(4) حق المعاشرة بالمعروف، لقوله تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [البقرة: من الآية228] .
ومن حق الزوج منع زوجته من العمل، إلا إذا كانت قد اشترطت عليه ذلك، وكان عملاً لا يخل بالشرف، ولا يتنافى مع الآداب العامة، ويمينك هذا لا يعد طلاقاً وعليك كفارة اليمين.
وليس لها ولا لأبيها ممارسة عمل يتنافى مع حقوق الزوجية أو ينقصها، إلا إذا كان هناك شرط عند العقد.
ويتعين على الزوجة عدم الخروج من البيت إلا بإذن زوجها إلا للحاجة أو الضرورة، ويجب على كل من الزوجين المحافظة على سر الآخر، وعدم التحدث بما يجري بينهما فيما هو من شؤونهما الخاصة.(12/263)
وأنصح كلاً منكما أن يتقي الله في الآخر، وأن يبذل قصارى جهده في القيام بحقوق الزوجية والصدق والأمانة، ويعمل على تحقيق قول الله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21] ، فالزواج في الخلق آية، وهو من الله نعمة، ويفتح أبواب الرزق، ويحفظ الله به نصف الدين، وعقده ميثاق غليظ، وهو يحفظ الشرف ويمنع ابتذال الجنس، ويحقق المصالح لكل من الرجل والمرأة من غض البصر وتحصين الفرج وسرور النفس وراحة البال وحفظ الصحة ووجود الذرية: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ... " الحديث رواه البخاري (5066) ، ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وأرجو لكما التوفيق.(12/264)
عمل المرأة سكرتيرة في فندق
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة
التاريخ 28/10/1424هـ
السؤال
هل العمل في وظيفة سكرتيرة (في مكتب مبيعات فندق) حرام؟ مع الأخذ في الاعتبار بأنني ملتزمة جداً في لبسي (عباءة وطرحة طويلة) ، ولا أضع المكياج، وهل هذا العمل يؤثر على الأعمال التي أقوم بها للتقرب إلى الله من صلاة وقراءة قرآن؟ أرجو الإفادة.
الجواب
الأخت الفاضلة: سلمها الله
السلام عليكم، وبعد:
فنشكر لك مواصلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله لك الثبات على الحق وما يرضي الله عز وجل، ثم اعلمي أن من أفضل الأعمال وأشرفها وأعلاها عند الله تعالى في الإسلام أن تعمل المرأة في تربية أولادها تربية صالحة، فتجعل منهم رجالاً ونساء صالحين يبنون لهذا الأمة مجدها، وفي إعداد أسرة دافئة صالحة مستقرة لأبيهم ولهم حتى ينشأوا نشأة صحية تحميهم من الانحراف والضياع، قال تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" [الروم:21] ، ومعلوم أن سكن الزوج إلى الزوجة إنما يتحقق بأن تؤدي الزوجة وظيفتها الفطرية في توفير البيت الدافئ المستقر وهذا هو معنى السكن، أما إذا قضت نهارها في العمل وليلها في الراحة من عناء العمل وزوجها وأولادها في ضياع فلم تحقق كونها سكنا لزوجها وأولادها، بل هي من أسباب شقائهم وهذا معلوم للعيان لا يحتاج إلى دليل وبرهان؛ لأن الأسرة قد تحتاج أحيانا لعمل المرأة أن تكون غير متزوجة، غير أن الإسلام لا يحرم عمل المرأة خارج بيتها، ولكن يشترط لذلك شروطاً:-
الأول: أن يكون عملها مما يباح للمرأة أن تعمل فيه، فلا يجوز أن تعمل في السينما أو الغناء على سبيل المثال.
الثاني: ألاَّ يكون عملها في وسط مثير للفتنة، فلا يجوز أن تعمل بين الرجال الأجانب في جو مختلط مخالف لآداب الإسلام.
الثالث: أن تكون بكامل حجابها الساتر لجميع جسدها ومواطن الفتنة فيها.
الرابع: أن يتناسب العمل مع طبيعتها كامرأة ويتوافق مع فطرتها.
الخامس: أن لا يترتب على عملها تضييع لأولادها وحقوق زوجها. وتذكري قول الله: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا" [الطلاق:2] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: "من ترك شيئا لله عوَّضه الله خيرا منه" أخرجه أبو نعيم في الحلية (2/196) وعنه الديلمي (4/27) الغرائب الملتقطة، وقال الألباني: إن إسناده موضوع، انظر الضعيفة (1/61/ح5) ، واجعلي ثقتك في الله عظيمة، والله أسال أن يحفظك وأن يوفقك في حياتك العلمية والعملية، والله أعلم.(12/265)
إدارة المرأة للرجال
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة
التاريخ 19/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يوجد لدينا مدرسة إسلامية في أحد المساجد، قام الإمام المسؤول عن المسجد، والمركز الإسلامي بتعيين إحدى الأخوات كمديرة للمدرسة, علماً أن هنالك معلمين ومعلمات، رجالاً ونساء في المدرسة, قام بعض الإخوة الكرام بتبليغ إدارة المدرسة بأن ذلك لا يجوز شرعاً، ولقد وافقت الأخت التي قد عينت كمديرة للمدرسة أن تترك الوظيفة إذا تم إثبات أن هذا لا يصح شرعاً بفتوى شرعية، ما حكم تعيين المرأة كمديرة للمدرسة؟ وما حكم المدرسين الذين يعملون تحت المديرة إذا بقي الوضع على حاله؟ وهل يوجد دليل من القرآن أو السنة؟ أفيدونا، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
المرأة في الإسلام شقيقة الرجل، وعامة التكاليف والأحكام الشرعية هي والرجل سواء، إلا ما دل الدليل على اختصاصها به، فكل خطاب في القرآن أو السنة بيا أيها الناس، أو يا أيها الذين آمنوا، فالمرأة مخاطبة به تماماً كالرجل، إلا ما اقتضته الفطرة بالتمييز بينها وبينه، وقد ورد عن أم سلمة - رضي الله عنها- سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "أيها الناس"، وكانت في شغل فتركته وأسرعت ملبية للنداء، فاستغرب من كان عندها، فقالت لهم: أنا من الناس، والمرأة عليها مسؤولية في تقويم المجتمع وإصلاحه عن طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب الاستطاعة قال تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"(12/266)
[التوبة:71] ، فالرجل والمرأة في دين الإسلام هما سواء في الولاية بعضهم على بعض إلا ما خصه الدليل، وما قد يتمسّك به بعض الناس في منع ولاية المرأة عن الرجل قوله تعالى: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا" [النساء: 34] فالقوامة في الآية معللة بعلتين، الأولى تفضيل جنس الرجال على جنس النساء أي دون تخصيص رجل معين، على امرأة بعينها، والثانية كون الرجل هو المطالب بالنفقة على المرأة، كما في قوله تعالى: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة" [البقرة: 228] فالدرجة إذاً إحدى علتي القوامة، وهي النفقة، وأيضاً قد يتمسك أولئك بالحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" رواه البخاري (4425) ، والمراد به الولاية العامة للدولة أي لا تكون رئيسة ولا ملكة، ولا أميرة للمؤمنين، وهذا ما يفيده لفظ (أمرهم) في الحديث، أما ولاية بعض النساء على بعض الرجال فليس هناك نصوص شرعية من القرآن أو السنة تمنع منها، بل أجاز بعض العلماء -كأبي حنيفة وابن جرير الطبري وابن حزم-، أن تتولى المرأة القضاء في الفصل بين الناس في غير الحدود والقصاص، والقضاء أشبه بالولاية العامة، وعليه فلا بأس أن تتولى المرأة إدارة المدرسة في مركزكم الإسلامي، وعليها أن تلتزم بالحجاب الشرعي وعدم الخلوة بأحد من الرجال الأجانب، وأن تحسن الخطاب وتأمر بالخير، وتنهي عن الشر، ولا تخضع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، وهذا الجواب إذا لم يترتب على تعيين هذه المرأة مديرة المدرسة شقاق ونزاع يلزم منه الفرقة والخلاف، فإن لزم حصول هذا تعين اختيار الرجل لإدارة المدرسة؛ ليزول به الشقاق والنزاع. والله أعلم.(12/267)
عمل المرأة مضيفة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة
التاريخ 28/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
لدي صديق مسلم من إحدى الدول الإسلامية، وكانت إحدى بناته -وهي شابة- تود العمل كمضيفة طيران في إحدى شركات الطيران، ولقد شرحت له جاهدًا أن هذا العمل غير مباح، لأمور منها الاختلاط مع الغير, والسفر بلا محرم، والإقامة خارج منزلها، وما هو أسوأ أن هذه الشركة تقدم الخمور في رحلاتها، أود من فضيلتكم أن تبينوا هذا الأمر لعدم تفهم العديد من الإخوة المسلمين له، وما مدى قبوله شرعياً؟. والله يحفظكم.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فجزاك الله أخي الغيور على أخواتك المسلمات خير ما جزى الله عباده الصالحين، وجعلك مباركاً أينما كنت، وسددك وأيدك، ولا تزال الأمة بخير ما بقي فيها غيورون ناصحون من أمثالك.
ورجاؤنا أن تستمر في نصحك لأبي الفتاة، ولا تيأس من هدايته، وأقترح عليك أن تدل على الفتاة إحدى الداعيات الصالحات، ممن تجيد أسلوب النصح، وتملك مهارات التأثير، وينبغي أن ينوع معها أسلوب الدعوة والنصح، فقد لا يجدي الاقتصار على الأسلوب المباشر، كما قد يحتاج الأمر إلى صحبة غير قصيرة، حتى تتقبل الفتاة النصائح، وتستقيم على طريق الرشاد.
وأما نحن فنقول لهذه الفتاة ولأبيها: إن الله لم يرسل رسوله - صلى الله عليه وسلم- إلا ليطاع ويتبع، "وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله" الآية [النساء: 64] ، وطاعته - صلى الله عليه وسلم- واجبة بإطلاق، لا يجوز في ذلك التردد ولا التأني، بل طاعته واجبة في المنشط والمكره، وفي العسر واليسر، وفيما نحب وفيما نكره.
ولا يجوز بحال أن نقف من أوامر الله ورسوله موقف المتخير المنتقي، "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً" [الأحزاب: 36] .
والانتقاء في تحكيم شرع الله في أنفسنا وحياتنا معدود من صفات المنافقين، فهم يعرضون عن حكم الله إذا لم يوافق أهواءهم، وإذا وافقها أتوا إليه مذعنين طائعين، كما قال - جل جلاله-: "ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون" [النور: 47-51] .
إن من يتأمل عمل الفتاة مضيفة في الخطوط الجوية -ولو بأدنى تأمل- يلحظ فيه ثلاثة محاذير:
الأول: مداومة السفر بلا محرم، وقد قال - صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم" رواه البخاري (1088) ، ومسلم (1339) ، واللفظ له من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-.(12/268)
الثاني: ما يقتضيه عملها من كثرة الاختلاط بالرجال العاملين ومرافقتهم الوقت الكثير، فتتحول العلاقة بينها وبين المضيفين جراء ذلك إلى علاقة صداقة، تفتح أبواباً من الشر والفساد.
الثالث: حمل الخمر (ما يسمى بالمشروبات الروحية) إلى شاربيها، وفي هذا إعانة على المنكر، وفاعله مستحق للعنة الرسول - صلى الله عليه وسلم-، كما في الحديث الصحيح، لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: "عاصرها ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له"، أخرجه الترمذي (1295) وابن ماجة (3381) عن أنس -رضي الله عنه- بإسناد صحيح.
فعمل المرأة مضيفة في الخطوط الجوية ليس فيه منكر واحد، بل مجموعة منكرات، والمسلمة التي تخشى عذاب ربها وترجو رحمته تنأى بنفسها عن هذا العمل بلا تردد؛ لأن من منهجها في الحياة- ذلك المنهج الذي علمها الإسلام- أن إصلاح دنياها لا يكون أبداً بإفساد آخرتها.
ولتتذكر أختنا الفاضلة قوله تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/269)
حق المرأة في راتبها
المجيب أحمد بن موسى السهلي
رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الطائف
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة
التاريخ 1/8/1424هـ
السؤال
أنا موظفة براتب مرتفع، وزوجي يعتبر هذا الراتب من حقه وليس لي حرية التصرف به، وعندما أخبره أنه من حقي يغضب جداً ويقول لا تعملي، مع العلم إنه لا يمكننا أن نعيش براتبه وحده؛ لأنه يعطيه كله لأهله، وأنا المسؤولة عن البيت ومصروفه أيضا، أريد أن أعرف ما رأي الشرع في هذا الوضع؟.
جزاكم الله خيراً.
الجواب
الشريعة الإسلامية قامت على العدل والإنصاف في كل شيء، ومن ذلك الحقوق الزوجية، ولا سيما الحقوق المالية فإنها بنيت على المشاحة والمطالبة في الدنيا والآخرة، فقد جعلت نفقة الزوجة المطيعة لزوجها واجبة على الزوج، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، وهي مقدرة شرعاً حسب يسر الزوج وإعساره، قال تعالى: "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا" [الطلاق: 7] .
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" أخرجه مسلم (1218) من حديث جابر - رضي الله عنه -.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "استوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان عندكم" أخرجه الترمذي (1163) .
وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم- لهند بنت عتبة: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" رواه الجماعة على اختلاف في الألفاظ انظر صحيح البخاري (2211) ، وصحيح مسلم (1714) .
وقوله تعالى: "أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى" [الطلاق: 6] ، أي على قدر ما يجد أحدكم.
وعلى هذا يجب على زوجك أن ينفق عليك بشرط أن تتفرغي لمتعته والقيام بحقوقه الزوجية، وعدم خروجك للعمل ما لم تشترطي عليه في العقد.
وإذا لم يحصل بينك وبينه شرط للخروج للعمل، فهذا لا يعني أن سكوته ملزم له، لأن النفقة على الزوجة بشرط حبسها نفسها على متعته وخدمته، والحديث يقول: "الخراج بالضمان" انظر مسند الطيالسي (1567) ، وجامع الترمذي (1285) ، أما كون المرأة تعمل في النهار وتفوت على زوجها حقوقه فلا يلزم بالنفقة عليها ما لم تكن اشترطت عليه عند عقد الزواج أن تعمل، ووافق على الشرط ورضي به، فلا يجوز له أن يمنعها من العمل شريطة أن يكون عملها ملتزماً بالضوابط الشرعية من حجاب وعدم اختلاط بالرجال..إلخ.
أما أنه ملزم بالنفقة عليك فلما ذكر من النصوص السابقة الذكر، ولقول الله تعالى" الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيرا" [النساء: 34] .(12/270)
وعلى كل لا تجب النفقة عليك، بل يجب عليه هو أن ينفق عليك إذا أنت قمت بالحقوق الزوجية، لكن أقول لك: من باب التعاون مع الزوج، وقد أذن لك في العمل، إن كنت اشترطت عليه فحبذا لو كان هناك شيء من المساعدة تقديراً لموقفه وتعاونه معك.
أما إذا كان الزوج شرط عليك عند العقد أن يسمح لك بالعمل خارج المنزل بشرط أن تعطيه مثلاً ربع الراتب أو ثلثه، أو أن تدفعي راتب الخادمة وما شابه ذلك من أجل تفويتك عليه شيء من حقوق الاستمتاع في النهار والقيام بأعمال المنزل، ورضيت بذلك الشرط، فالمسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحلَّ حراماً أو حرَّم حلالاً، وهذا الشرط ليس من ذلك في شيء، كما أنه يجب على الزوج أن يتقي الله ولا يضايق زوجته ويسيء عشرتها من أجل أن تنفق عليه أو تعطيه راتبها أو شيئاً منه، فهذه خسة في الطبع، ودناءة في الخلق، فليس ذلك من خلق المسلم الحقيقي الإسلام؛ بل يجب عليه أن يترفع عن ذلك.
هذا والله أعلم. وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(12/271)
عمل المرأة مع غير المسلمات
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة
التاريخ 22/10/1424هـ
السؤال
أنا طالبة في الجامعة، وأود الاستفسار عن مشروعية العمل في مجموعة واحدة لا سيما في المشاريع مع بنات غير مسلمات، سواء كتابيات أو غير ذلك. أفيدوني أفادكم الله.
الجواب
إذا كان هذا العمل لا تترتب عليه موالاة ومودة فلا بأس به، خاصة إذا كان هذا مما يفيد في العملية التعليمية، والطالبة مع زميلاتها يستدعي العمل أن تشاركهن في مشروع تعليمي ونحو ذلك، أما إذا كان هناك غيرهن من المسلمات فالأولى أن تكون معهن، وينبغي إذا لم تجد غير هؤلاء الكافرات أن تعمل معهن من منطلق التعاون على التحصيل العلمي دون أن تترتب على ذلك موالاة ولا مودة، لأن الله جل وعلا يقول:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم" [المائدة:51] هذا ونسأل الله جل وعلا للجميع التوفيق والهداية، والله أعلم.(12/272)
هل له منع زوجته من العمل؟
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة
التاريخ 21/3/1425هـ
السؤال
هل يحق للرجل أن يمنع زوجته من العمل، مع العلم بأنه وافق على الزواج منها وهو على علم بأنها تعمل مدرِّسة، ما هو حكم ذلك في المذهب المالكي إن أمكن، أو على رأي أهل السنة والجماعة؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أولاً: نقول للسائل إن مذهب المالكية ليس خارج أهل السنة والجماعة، فالإمام مالك من أهل السنة والجماعة، بل من قمة أهل السنة والجماعة، فلا يوجد رأيان رأي مالك ورأي أهل السنة والجماعة.
وبالنسبة لقضية عمل الزوجة، فالأصل أن الزوج له قوامة على المرأة، لكن بشرط أن يوفر لها النفقة، ويوفر لها احتياجاتها، ولهذا فعند مالك والشافعي وهم من أهل السنة والجماعة أنه إذا لم يوفر لها ذلك فلا تكون القوامة تامة، وبالتالي يجوز لها أن تطلب الطلاق، خلافاً لأبي حنيفة الذي يرى أنه يبقى ديناً في ذمة الزوج.
فإذا منع الزوج زوجته من العمل، قد يمنعها إذا كان يوفر لها ما تحتاج إليه. ولكن الذي يظهر لي - وأنا إن شاء الله من أهل السنة والجماعة- أن المسألة ترجع إلى العادة وإلى الأفراد، فهناك بعض المناطق إذا منعت فيها المرأة من العمل فقد يكون ذلك سبباً لخلل كبير في البيت، فلو بقيت في البيت لكان ذلك سبباً إلى خلل، ولأدى إلى مفاسد أكثر، وبالتالي فإن المسألة توزن بميزان المصالح والمفاسد، فقد كانت الصحابيات يعملن، فهذه أسماء وهي زوجة الزبير - رضي الله عنهما - كانت تعمل فكانت تعلّف ناضحاً للزبير - رضي الله عنه - كما ورد في الحديث الصحيح انظر البخاري (5224) ومسلم (2182) ، وتلك المرأة التي قيل لها أن تترك العمل في نخل لها فقال لها النبي-صلى الله عليه وسلم- اذهبي إلى نخلك وكانت معتدة فقال لها:"جدّي نخلك" وهو حديث صحيح انظر: مصنف عبد الرزاق (7/25) . فعمل المرأة ليس شيئاً اخترع اليوم، بل هو معروف في الإسلام، ولأجل هذا يجب أن تتسع الصدور لهذه المسألة، صحيح أن الزوج يقوم على المرأة، أي أنه رئيس البيت، لأن عندنا في الشريعة الإسلامية ضبط للأمور " لا يذهب ثلاثة إلا ولهم أمير" انظر البيهقي (9/359) ومصنف عبد الرزاق (4/58) يعني: حتى يوجد شيء من الانضباط، فهذا البيت -العائلة- فيه أمير هو الزوج، لكن ليس معناه أنه يفعل ما يشاء، ويقول ما يشاء ويضرب يميناً ويساراً، بل هم يعيشون في البيت بمشورته، والله -سبحانه وتعالى- يأمر بالتشاور فيما بينهم في الانفصال "فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور" [البقرة:233] بين الزوج والزوجة، فكيف بأمورها التي تخصها؟.
وباختصار إذا أمرها بشيء لا يخالف الشرع فعليها أن تطيع أمره، لكنه لا يجوز له أن يأمرها بشيء يؤدي إلى مفسدة، أو يفوت عليها مصلحة، فإذا كان العمل يؤدي إلى اختلاط أو إلى مفاسد فهذا شيء آخر، فله أن يأمر وعليها أن تطيعه، فهذا هو الجواب وهو مذهب مالك ومذهب جمهور العلماء.(12/273)
عمل المرأة مذيعة إعلامية
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة
التاريخ 16/05/1425هـ
السؤال
ما حكم عمل المرأة مذيعة وإعلامية وهي محجبة ومحتشمة، ودورها إخباري ثقافي وليس خلاعي ودورها هام للغاية أمام سيطرة المذيعات الخلاعيات، وما حكم التأثيرات الصوتية التي تظهر مثلاً أثناء نشرات الأخبار.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ما يتعلق بحجاب الوجه فالخلاف فيه مشهور بين أهل العلم مع ضرورة النظر إلى ثلاثة اجماعات عند العلماء في مسألة الحجاب:
الأول: الإجماع على وجوب الحجاب كمبدأ صرحت به نصوص القرآن والسنة لعموم المؤمنات إلا ما يخص القواعد في استثناء له ضوابطه.
الثاني: الإجماع على مشروعية حجاب الوجه إما على سبيل الوجوب كما هو عند طائفة من أهل العلم والاستحباب عند البقية.
الثالث: الإجماع على عدم تعريض المرأة للفتنة أو لفتنة غيرها وقد أمر الله القواعد من النساء -وهن القواعد- عندما استثناهم قال: غير متبرجات بزينة.
لذا يوجد اتفاق بين أهل العلم حتى عند من قال باستحباب غطاء الوجه بوجوب تغطيته حال الفتنة.
ونحن نحترم آراء العلماء القائلين بوجوب تغطية الوجه والقائلين باستحبابه.
ونقدر أخواتنا المحجبات في وسائل الإعلام وننصح أخواتنا المسلمات التاركات للحجاب في وسائل الإعلام بالاستجابة لنداء القرآن "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً" [سورة الأحزاب، آية59] .
ومع ذلك فلا ننصح أخواتنا بالعمل كمعذيعات لعدة أسباب:
الأول: أن هذا من أعمال الرجال التي تبتذل فيها المرأة وتخرج أشبه ما يكون بالسلعة، لذا تجد اشتراطات الجمال والقبول وما ذاك إلا تقليداً للغرب وترويجاً للبرامج عبر جمال المرأة.
الثاني: أن المرأة حتى مع الحجاب فهي تخرج متزينة ومخالفة لإجماع أهل العلم وعلى مشهد من الملايين ولا يخفى أن في ذلك فتنة الرجال ويكفي النظر المحرم بإجماع العلماء، إذ أن من أجاز لها الكشف لم يُجِزْ للرجال استدامةَ النظر إليها لقوله سبحانه: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون" [سورة النور، آية30] ، ويقول عليه الصلاة والسلام لعلي -رضي الله عنه-: "لا تتبع النظر النظرة فإن لك الأولى" أي التي بغير قصد، ومعلوم أن خروج النساء سافرات أمام الآلاف من المشاهدين لا يخلو من استدامة نظر الرجال لهن، وهو محرم بالإجماع.
نسأل الله -تعالى- لإخواننا كل خير وأن يوفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.(12/274)
هل تطيعها في هذا؟
المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي
رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة
التاريخ 4/6/1425هـ
السؤال
أنا متزوجة وأمي منعتني من ممارسة الخياطة والتفصيل بقولها: أغضب عليك إن قمت بخياطة أي شيء مهما صغر، فكيف يجب أن أتعامل مع هذا الأمر، وخاصة أنني أسكن مع والدة زوجي، وهي تطلب مني أن أخيط لها ولابنتها البالغه20 عاماً، وهي تعلم أني أتقن الخياطة بشكل ممتاز، وهل يحق لأمي أن تمنعني بحجة أنها تخاف علي من المرض؛ لأنها عانت الكثير من ممارستها الخياطة، وأيضا تخاف أن أظلم من أهل زوجي، وأنا مدرسة، وتكفيني هذه المهنة في حال احتياجي في المستقبل لا قدر الله، أفيدوني أكرمكم الله.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
حاولي إقناع أمك بأنه لا ضرر عليك من ممارسة الخياطة، وبأن فيها نفعاً لك ولأهل زوجك، فعسى أن تكسبي رضاها فتجمعي الحسنين؛ لأن طاعة الأم -في غير المعصية- واجبة، لكن لو أصرت أمك على الامتناع، وكان لا ضرر عليك فلا حرج عليك -إن شاء الله - في ممارسة الخياطة، ولا تأثمي بذلك؛ لأن الطاعة بالمعروف، وفقك الله وأعانك.(12/275)
تدرس في مدرسة طالباتها نصرانيات
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /عمل المرأة
التاريخ 10/11/1425هـ
السؤال
أنا أعمل مدرسة لغة عربية وتربية إسلامية في مدرسة كلها نصرانيات ولا يوجد غيري مسلمة. فهل عملي معهم حرام؟ مع العلم بأنني لم أقم بتدريس التربية الإسلامية لأنه لا يوجد أطفال مسلمون، ولكن قد يحدث أنه قد يتقدم للمدرسة أطفال مسلمون في أي وقت.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا كان لا يترتب على تدريسك هؤلاء الأطفال محذور أو محظور، فلا أرى حرجًا في تدريس هؤلاء الأطفال اللغة العربية، فالمحذور مثل أن تخافي على نفسك الفتنة في دينك أو عرضك، والمحظور مثل أن يستلزم عملك هذا الاختلاط بالرجال، أو الإخلال بأمر من أمور الشرع، فإذا لم يكن شيء من ذلك، فلا حرج، إن شاء الله، مع أن الأَوْلَى بك أن تبحثي عن مدرسة للمسلمين وتعلمي أطفال المسلمين. والله تعالى أعلم.(12/276)
سفر المرأة مع أولادها الصغار
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة
التاريخ 06/08/1425هـ
السؤال
هل يجوز لي السفر برفقه أولادي الصغار إلى بلد غربي بهدف الحصول على الجنسية، وذلك لمدة لا تتجاوز السنتين -بإذن الله-، وبحيث يبقى زوجي هنا لكيلا نفقد إقامتنا، وبحيث يأتي زوجي إلينا كل بضعة أشهر، وشكراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
يظهر لي من سؤالك أنكم مقيمون بالسعودية، وأن بكم حاجة للحصول على الجنسية الكندية، وأن تحصيلها يتطلب إقامتكم في كندا لمدة عامين، وأن زوجك يجب أن يبقى في السعودية حتى لا تُلغى تأشيرة الإقامة.
وعلى ضوء هذا الواقع فإن إقامتكم بكندا (بلد الكفار) جائزة للحاجة، ولأنها إقامة مؤقتة لا يُقصد بها الاستيطان لبلد الكفار، ولكن يشترط لذلك أن يكون المسلم المقيم هناك قادراً على إظهار شعائر دينه.
فإذا كنت لا تستطيعين أن تلتزمي الحجاب الشرعي في بلاد الكفار فإنه لا يجوز لك الإقامة فيها؛ لأن لك في بلاد المسلمين مندوحة عن الإقامة في بلاد الكفر؛ ولأن حاجتك إلى الإقامة في بلادهم إنما هي للتوسعة في المعيشة، وهي لا تصل إلى حد الضرورة، بخلاف المضطهد ـ مثلاً.
أما مسألة السفر ففيها تفصيل: فإن كان أحد أبنائك بالغاً عاقلاً فهو محرمٌ لك؛ يغنيك عن رفقة زوجك في السفر.
أما إن كانوا كلهم صغاراً فلا يجوز أن تسافري مثل هذا السفر الطويل من غير محرم؛ لصريح قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم" متفق عليه، عند البخاري (1088) ، ومسلم (1339) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
فيجب أن يسافر معك زوجك أو غيره من محارمك (من البالغين) ، فإذا استقر بكم المقام هناك، فله أن يرجع وتبقي برفقة أولادك ولو كانوا صغاراً، لكن يتأكد عليك في بلاد الغربة والفتنة مجاورة العائلات المسلمة، وتوثيق الصلة والزيارات للمراكز الإسلامية، فهو أحوط لدينك ولعرضك، وأسلم لأولادك من الفتنة والفساد.
ينبغي أن تستشعري خطورة إقامتك في بلاد الكفر، لا سيما وأنت تقدمين إليها من بلد إسلامي لا تزال فيه كثير من القيم الإسلامية الفاضلة، وهذا يستوجب عليك صبراً وحرصاً أكثر على تحصين نفسك وأولادك من أسباب الفساد وعلى مجاهدتها في ذلك.
وأذكّرك بأمانة الله التي حملكِ إياها في أولادك، فاتقي الله فيهم، وأحسني تربيتهم وتعاهديهم بالرعاية والرقابة والمتابعة، يقول - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالأب راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسئولة عنهم" متفق عليه، عند البخاري (893) ، ومسلم (1829) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
أسأل الله أن يثبتنا وإياكِ على طاعته، وأن يهب لنا من أولادنا قرة أعين، وأن يجعلهم صالحين مصلحين، وأن يجنبنا وإياهم الأهواء والفتن ما ظهر منها وما بطن.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/277)
سفر المرأة للعمرة بلا محرم
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة
التاريخ 14/5/1423
السؤال
تريد زوجة أخي ومجموعة من قريباتها النساء المقيمات معها في جدة الذهاب للعمرة معاً، دون أن يكون معهن محرم، حيث سبق وأن سمعت بجواز ذلك من قبل، علماً أنها تعودت أن تذهب مع السائق عادة لقضاء حاجيات بيتها من السوق ودون أن يكون هناك محرم، وذلك لانشغال زوجها في عمله ولكن بعلمه، فتود أن تعلم هل ما تعودت فعله جائز؟ وهل لها الذهاب مع مجموعة النساء لأداء العمرة معاً ودون محرم لأي منهن؟ نرجو من فضيلتكم الإفادة، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
السفر لا بّد له من محرم بالنسبة للمرأة حتى ولو كان لعبادة، وليست المرأة محرماً لامرأة أخرى؛ لأن المحرم هو الرجل، فلا بدَّ في مثل هذا الحال من محرم، وركوب النساء في داخل المدن مع السائقين من الأمور التي كثرت وابتلي بها كثير من الناس، والواجب على المرأة المسلمة أن تبتعد عن مواطن الشبه باصطحاب محرم، وعدم الإكثار من ارتياد الأسواق إلا لحاجة، وإذا لم تجد محرماً فلتكن مع السائق زوجته.(12/278)
سفر المرأة بدون محرم
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة
التاريخ 16/1/1425هـ
السؤال
أردت إيصال عمتي إلى بلدها الذي يبعد عن بلدي سبعمائة كيلو متراً على سيارتي، ولكن المشكلة أن برفقتها حفيدتها، وحفيدتها هذه تبلغ من العمر حوالي عشرين عاماً، وعمتي تبلغ من العمر ستين عاماً، وأنا محرج أمام عمتي، وذلك لأني إذا لم أوصلها، فسوف تذهب بالطائرة هي وحفيدتها بدون محرم، أفتوني ماذا أفعل؟.
الجواب
الأصل أن المرأة لا يجوز لها أن تسافر إلا ومعها ذو محرم (ومحرم المرأة هو كل من تحرم عليه المرأة على التأبيد بسبب مباح لحرمتها: كالأب، والابن، والأخ، وابن الأخ، وابن الأخت، والعم، والخال) ، والأدلة في ذلك صريحة وصحيحة، فعنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال:" لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" رواه البخاري في صحيحه (1862) ، ومسلم (1341) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-
وقال - صلى الله عليه وسلم-: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها" رواه البخاري (1088) ، ومسلم (1319) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وللحديث روايات أخرى كثيرة متقاربة.
وعلى هذا فلا يجوز لحفيدة عمتك أن تسافر معك بلا محرم، ولو بصحبة جدتها؛ لأن المسافة مسافة قصر قطعاً، وأنت لست محرماً لها إجماعاً.(12/279)
سفر المرأة بدون محرم
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة
التاريخ 4/1/1423
السؤال
سؤالي يتمثل في إمكانية سفر المرأة للخارج لاستكمال دراستها العليا لبلد أجنبي.. وعدم قدرتها على اصطحاب أحد محارمها.. وهي غير متزوجة.
الجواب
السفر حتى وإن كان للدراسة إلا أنه لا يخلو عن مصاعب ومشاق تلحق بالمسافرة منها: مفارقة الأهل والأحباب، والشعور بالغربة، ومنها ما قد يتعرض له الإنسان من أذى ومضايقة في نفسه أو أهله أو دينه، وهذا الدين الذي كرمنا الله به -دين الإكرام- حرص على صيانة كرامة المسلمين رجالاً ونساءً ودفع الأذى عنهم، حتى أنه أوجب على المسلم الذي لا يستطيع إقامة شعائر دينه، أو لا يأمن من استذلال أعداء الله له وفتنته أن يغادر الدار التي يعيش فيها إلى دار يأمن فيها على نفسه وعلى دينه وهذا ما يعرف بالهجرة، وتوعده الله بالعذاب الأليم إن لم يفعل وهو قادر على ذلك فقال جل ذكره:" إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً " [النساء:97-99] .
والمرأة مصونة مكرمة في هذا الدين في حلّها وترحالها، بزوجها إن كانت متزوجة، وبأقاربها المسلمين، وبولي أمر المسلمين، وبإخوانها المسلمين في ديار الإسلام، يدفعون عنها الغوائل ويحافظون على كرامتها وحيائها.
أما في السفر - وعلى الأخص إلى ديار الكفر- فإن المرأة حتى وإن كانت صالحة في نفسها - عرضة للفتنة والضعف -، وعرضة للإيذاء والاعتداء ممن لا خلاق لهم، ولذلك أوجب الشرع أن يكون سفرها مع محرم أو زوج، حتى ولو كان السفر لعبادة كأداء فريضة الحج، لأنها قد تحتاج، وقد تمرض ولا بد لها من طبيب يعالجها وقد يعتدى عليها، فلا بد من المحرم لصيانتها، لا تعسفاً أو احتقاراً لها وإنما لمصلحتها الدينية والدنيوية.
ولهذا أيها الأخت الكريمة فإنه لا يجوز لك السفر إلى الديار البعيدة بمفردك حتى ولو بقصد الدراسة، نعم إذا كانت الدراسة والسكن في بيئة نسائية مأمونة، لا اختلاط فيها بالرجال، ولا يخشى فيها الفتنة، ولم يكن هناك بديل عن السفر فلا بأس في هذه الحال بشرط أن يصحب الولي المرأة إلى مقر دراستها هذه حتى يطمئن عليها ويأتي لمرافقتها إلى بلدها عند العودة، ولكن مثل هذا نادر لا يكاد يوجد. وبالله التوفيق(12/280)
لم تلتزم باصطحاب محرمها
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة
التاريخ 9/7/1424هـ
السؤال
أنا معلمة في منطقة تبعد عن أهلي حوالي خمس ساعات براً، وأحضرت معي ابن أختي البالغ من العمر 16 أو 17 سنة، وعندما قدمت أوراقي وقَّعت على إقرار مني بوجود محرم معي، ولم ألتزم به في السنة الأولى، أما السنة الثانية فقد أحضرت ابن أختي كما ذكرت آنفاً، المشكلة أني أريد إرجاع ابن أختي إلى أهلي؛ لأني أخشى عليه من رفقاء السوء، وقد أصبح يتأخر أحياناً إلى 12 ليلاً؟ فهل علي ذنب إذا أرسلته لأهلي علماً بأني أسكن مع رفقة طيبة - إن شاء الله - من منطقتي، وهل علي ذنب في السنة التي مكثتها من غير محرم؟ هل يعتبر مالي حراما؛ لأني لم ألتزم بشرط وإقرار العقد عندما داومت؟ وهل أعتبر من الذين ينقضون الميثاق؟ فأنا موسوسة من سنتين حتى إني أصبت بالقولون العصبي من كثرة التفكير في هذا الموضوع، وفكرت جدياً في ترك عملي، فماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
في انتقال المرأة من مكان إلى مكان آخر إذا كان يعد سفراً فإنه يشترط فيه أن يكون معها محرم، وأما بقاؤها في مكان معين في بلد معين فلا يشترط أن يكون معها محرم، وإنما أن تكون آمنة في هذا المكان تأمن على نفسها، فإذا كانت لا تأمن على نفسها فلا يجوز لها البقاء في هذا المكان، وبالنسبة لإرسالها لابن أختها إلى أهله هذا جائز بل قد يكون واجباً إذا كان في بقائه في هذا المكان يخشى عليه من مفاسد، ولا يشترط لوجودها هي في هذا المكان أن يكون معها محرم، وإنما الشرط أن يؤمن عليها من الفساد، والواجب عليها التوبة إلى الله - عز وجل - فيما وقع منها من تفريط بالنسبة لسفرها من مكان إلى مكان بدون محرم، لأنه جاء في الصحيحين البخاري (1088) ، ومسلم (1339) واللفظ له من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم"، وبالنسبة للمال الذي تقاضته على هذا العمل فهو مال مباح لأنه من باب الأجرة على ما قامت به من التدريس.(12/281)
سفر المرأة لطلب العلم
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة
التاريخ 9/3/1424هـ
السؤال
شيخنا الجليل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نرجو منكم الإجابة على السؤال الآتي للأهمية الشديدة وهو:
نحن معهد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من المسلمين، ومعهدنا في إحدى الدول العربية، ويأتي إلينا طالبات يدرسن على مدرسات عندنا، وهؤلاء الطالبات بعضهن يأتين من بلاد بعيدة من أوروبا وغيرها من غير محرم، فهل يجوز لهن ذلك لطلب العلم الغير موجود في بلادهن؟ وإذا كان لا يجوز فهل يجوز لنا قبول الطالبات اللاتي أتين وحدهن دون استقدام منا والبحث لهن عن مسكن وقبولهن في المعهد؟
وإذا كان المحرم شرطاً لسفرهن فهل تشترط استدامته، أم يكفي أن يوصلهن إلى البلد فقط؟
وأخيراً فهل يجوز قبول الطالبات الكافرات اللاتي أتين بدون محرم؟ نرجو منكم الإجابة على هذه التساؤلات بالتفصيل مع سرد الأدلة، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر مسافة قصر بلا مَحْرَم؛ لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول - وهو يخطب -: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" فقام رجل فقال: إن امرأتي خرجتْ حاجّة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال: "انطلق فحج مع امرأتك" متفق عليه. البخاري (3006) ، ومسلم (1341) .
واشتراط المحرم إنما هو في أثناء السفر، فإذا وصلت المرأة إلى البلد فلها أن تسكن مع نساء ثقات، تأمن بسكنها معهن من الفتنة.
وإذا سافرت المرأة من غير محرم فإنما الإثم عليها، وليس على المسؤولين في المعهد إثم فيما فعلته (من سفرها بغير محرم) ولا بقبولها في المعهد، وقد قال سبحانه: "ولا تزِر وازرة وزر أخرى" [الإسراء: 15] ، بل إن المصلحة في قبولها وإسكانها مع نساء ثقات في مجمعٍ يُشرف المعهد على مراقبته وحفظه؛ لأن المنكر (وهو سفرها من غير محرم) قد وقع وانتهى، وفي رفض المعهد لقبولها مفسدة أكبر، فقد تسكن المرأة في سكن مختلط لا يتوفر فيه ما يتوفر في سكن المعهد من الرقابة والحفظ والصيانة.
أما إذا كانت المرأة لا تجد لها محرماً يسافر بها، أو وجدته ولكنه لا يستطيع السفر معها، مع مسيس حاجتها إلى تعلم اللغة العربية التي لا يتوافر لها تعلمها إلا في ذلك البلد البعيد، فأرجو ألاّ بأس أن تسافر بغير محرم، ولكن بشرط أن تكون برفقة نساء ثقات، وأن يكون زمن رحلة السفر لا يبلغ يوماً وليلة، كما هو شأن السفر بالطائرات.
ويتوجّه الأخذ بهذا القول للمرأة التي تقيم في بلاد كافرة، فليس سفرها من غير محرم ـ لا سيما بالطائرة ـ بأخطر عليها من إقامتها في مجتمع يعج بالاختلاط ومظاهر الفتنة والفاحشة، فالمرأة التي تستطيع أن تتعفف عن الفاحشة والاختلاط والتبرج في ذلك المجتمع الجاهلي الكافر مع عدم مرافقة محرمها لها، لهي أقدر على التعفف وصيانة عرضها وكرامتها في جو السماء ساعات معدودات تحت نظر الناس وسمعهم وفي رفقتهم.(12/282)
وعلى القائمين على المعهد أن يتعاهدوا أخواتهم المؤمنات المغتربات بالحفظ وصيانة أعراضهن، وأن يمنعوا عنهن ذرائع الفتنة ودواعي الفاحشة، وأن يغتنموا إقامتهن بتعليمهن أحكام دينهن ووعظهن، وتربيتهن على أخلاق الإسلام وآدابه؛ فإنهن أمانة في أعناقهم. وقد استرعاهم الله عليهن، وقد جاء في الحديث "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ... ". رواه البخاري (5200) ، ومسلم (1829) .
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/283)
سفر المرأة للسياحة بلا محرم
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة
التاريخ 9/10/1424هـ
السؤال
أنا فتاة أسافر إلى أوروبا خلال الصيف بنية الاصطياف والاستجمام وبدون محرم، (ولكن مع صحبة ثقات) ، فهل يجوز لي الجمع والقصر في الصلاة؟ علما أنني أقضي الإجازة في أكثر من بلد، بحيث تتعدى فترة إقامتي في كل بلد سبعة أيام متواصلة. وما الحكم لو سافرت بدون محرم أو صحبة ثقات مع أنني أحافظ على نفسي ولله الحمد؟ وجزاكم الله خيرا.
الجواب
أمر الشارع الحكيم المرأة إذا أرادت أن تسافر أن يكون معها محرمها، فقد روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها". متفق عليه البخاري (1088) ، ومسلم (1338) .
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" متفق عليه البخاري (3006) ، ومسلم (1341) .
وفي وجود المحرم مع المرأة مصالح كثيرة فهو يدفع عنها كثيراً من الشرور ويرد عنها ذئاب البشر، ويحفظها بإذن الله من أخطار الطريق، ولا ينبغي للمرأة أن تتعلل بوجود صحبة ثقات، أو وجود الأمن في وسائل السفر الحديثة؛ لأن هذه الأمور ليست مطردة، فقد يحصل للمرأة من العوارض ما تحتاج معه إلى من يرعاها ويكون قريباً منها ويعتني بها، ثم إن المرأة إذا لم يكن معها محرم يطمع بها أهل الشر، وتكون وسائل السفر الآمنة أمثل وسيلة للقرب منها والتحرش بها، وبخاصة في مثل هذه الأسفار الطويلة إلى غير البلاد الإسلامية.
وهنا أمر آخر وهو أن السائلة تقول: (أسافر إلى أوروبا خلال الصيف بنية الاصطياف والاستجمام) .(12/284)
فهي تذكر أن الغرض من سفرها هو الاصطياف والاستجام، ومن المعلوم أن السفر إلى غير البلاد الإسلامية لا يجوز إلا عند الضرورة أو الحاجة التي تدعو إلى ذلك، كأن يطلب علاجاً أو يدرس علماً لا يوجد في بلاد المسلمين، أو يدعو إلى الله تعالى، أو يشتغل بالتجارة ونحو ذلك، مع اشتراط وجود علم يعصمه من الوقوع في الشبهات، ودين يعصمه من الوقوع في الشهوات، وعلى هذا فليس الاصطياف والاستجمام من الأمور الضرورية أو الحاجية التي تسوغ الذهاب إلى هذه البلاد، بل إن السفر لهذا الغرض يوقع في كثير من المفاسد، ليس أقلها التهاون بالحجاب واعتياد رؤية المنكرات وغشيان منتديات الفساد وإضاعة الأوقات، ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن المسافر سفر معصية لا يجوز له أن يترخص برخص السفر ومنها القصر والجمع، لأن سفر المعصية لا تستباح به الرخص، وهذا الرأي وإن كان له وجاهته إلا أن الأرجح فيما يظهر لي هو خلاف هذا، فيجوز للمسافر سفر معصية أن يترخص برخص السفر مع تحمله لإثم هذا السفر المحرم، وبناء على هذا فإذا كانت السائلة تمكث في البلد مدة أربعة أيام فأقل فيجوز لها القصر، وكذلك الجمع عند الحاجة إليه، وأما إذا كانت الإقامة أكثر من أربعة أيام فليس لها القصر أو الجمع لدخولها في حد الإقامة حينئذ، مع نصيحتي للسائلة أن تستعيض عن السفر إلى بلاد الكفر بالسفر إلى البلاد الإسلامية البعيدة عن الفساد مع التزام الضوابط الشرعية لسفر المرأة، ومن أهم ذلك وجود المحرم معها، وأن تحفظ وقتها فيما ينفعها في الدار الآخرة. وهذا هو مقتضى شكر نعمة الله والصحة والفراغ.(12/285)
الاستدلال على جواز سفر المرأة بدون محرم
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /سفر المرأة
التاريخ 16/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرغب في السؤال عن حكم القول بالجواز أو التحريم في مسألة بالاستدلال بشيء سيقع في المستقبل، كما هو في مسألة جواز أن تسافر المرأة دون محرم استناداً لإخبار النبي- صلى الله عليه وسلم- لعدي-رضي الله عنه- أن الظعينة ستخرج بمفردها لا تخاف على نفسها ... إلخ....وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هذا الذي تذكرينه استدل به بعض أهل العلم على أن النهي عن سفر المرأة بغير محرم مخصص بالطريق المخوف، فإذا كان آمناً تأمن فيه المرأة على نفسها وعرضها أن يغتصبها مغتصب أو يغصب مالها ونحو ذلك فإنه يجوز لها أن تخرج بلا محرم، لكن مع نساء ثقات واستدلوا بهذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أخبر عدي بن حاتم - رضي الله عنه-: "يا عدي: هل رأيت الحيرة؟ ". قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها. قال: "فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله" يقول عدي: قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين دعَّار طيء، ... فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله. أخرجه البخاري (3595) ، فكون هذا يقع ولا يظهر إنكاره من علماء المسلمين وعامتهم دليلٌ على أن النهي منوط بالخوف على نفس المرأة وعرضها، ومالها أن يعتدى عليه معتدٍ، ولو كان فعلها هذا حراماً لما ساقه النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديثه إخباراً عن تمام النعمة بظهور منارات الإسلام واستتباب الأمن، فإن المنكر لا يناسب أن يُساق في هذا الباب، فالذين استدلوا بهذا الحديث لم يستدلوا به؛ لأنه إخبار مجرد، بل كان استدلالهم بما يُشعر به هذا الخبر من جواز هذا الذي سيقع؛ لأنه مسوق في سياق الإخبار عن تمام النعمة باستتباب الأمن وظهور منارات الإسلام في أراضيه الواسعة، وقد أجاب عن الاستدلال بهذا الحديث القائلون بعموم النهي عن سفر المرأة بدون محرم بأن هذا إخبار لا بيان حكم، ويجاب عن هذا بأنه وإن كان خبراً لكنه يحمل معنى جواز ما سيقع؛ لأنه في سياق التذكير بنعمة الله بشيوع الأمن بعد الخوف وظهور راية الإسلام في الأرض المتباعدة. والله أعلم.(12/286)
تتسوّق مع أختها بدون محرم
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /الاختلاط والمصافحة
التاريخ 3/8/1422
السؤال
ما الحكم لو نزلت المرأة مع أختها فقط إلى السوق لشراء بعض الأغراض وهي قد وصلت إلى السوق عن طريق زوجها أو أخيها؟
الجواب
لا بأس بذلك على أن تحرص على الحجاب الشرعي، وتلتزم بآداب الخروج.(12/287)
هل زوج المرأة محرم لبناتها من غيره؟
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/المحرمات
التاريخ 10/8/1422
السؤال
إذا تزوج رجل بامرأة مطلقة ولها بنات بالغات فهل يعتبر محرماً لهن، وهل يجوز لهم السكن مع والدتهم وزوجها في نفس البيت؟
الجواب
إذا تزوج الرجل امرأة ودخل بها ولها بنات من غيره فهو محرم لهنّ؛ لأنهن محرمات عليه بسبب زواج أمهن، ولهن في هذه الحال السفر معه والسكن في بيته.(12/288)
صفات المَحرم
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /محرم المرأة
التاريخ 15/5/1422
السؤال
هل يُعدُّ ولدي البالغ من العمر عشر سنوات ونصف مَحْرماً؟
الجواب
المحرم الشرعي هو من جَمَع صفاتٍ هي:
الذكورة، والبلوغ، والأمانة، والقوة على حفظ المرأة؛ لقوله تعالى: ((إنَّ خيرَ من استأجرتَ القويُّ الأمين)) . وغير البالغ بحاجة إلى من ينظر له، فلا ينظر لغيره، وفاقد الشيء لا يعطيه.
وليُعلمْ أنَّ المحْرم شرطٌ حالَ السفر فقط؛ لحديث ابن عباس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم)) فاشتراط المحرم إنما ورد في السفر فقط.
أما في غير السفر فيشترط عدم خلوِّ الرجل بالمرأة الأجنبية.(12/289)
السفر الذي تُلزم المرأة فيه بمحرم
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /محرم المرأة
التاريخ 24/09/1425هـ
السؤال
الجامعة تبعد عن منزلي 95 كلم، وأنا أنتقل مع زميلاتي في حافلة، فهل يعتبر ذلك سفرًا بدون محرم؟ أو بمعنى آخر: هل السفر بدون محرم له مسافة معينة أم لا؟ وما موقفنا من وجود الغناء في الحافلات والاختلاط في الجامعة؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا كانت هذه المسافة (95كم) داخل البلد، أو أغلبها كذلك، فإنها لا تعد سفرًا، أما إذا كانت هذه المسافة كلها، أو ما يزيد على (89 كلم) هي حاصل المسافة من نهاية بنيان المدينة وحتى مبنى الجامعة، فهو يعد سفرًا، على قول جمهور أهل العلم، ويجب فيه المحرم حينئذ.
أما بالنسبة لوجود الغناء في الحافلة، فأنكري ذلك قدر استطاعتك إن أمكن بلسانك، وإلا فبقلبك، وذلك أضعف الإيمان، وأما الاختلاط في الجامعة فلا شك في خطره على الذكور والإناث، وإذا كانت النساء في عصر النبوة يتلقين العلم بمعزل عن الرجال مع قلة أسباب الفتنة، فما الظن بهذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وتعددت فيه أنواع الإغراء، وقلَّ فيه الوازع الديني؟! فعن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلَبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك. فوعَدَهن يومًا لقيهن فيه، فوعَظهن وأمَرهن. رواه البخاري (101) ومسلم (2633) . هكذا كان حرصهن، رضي الله عنهن، على تحصيل العلم، وعلى البعد عن أسباب الفتنة. ولا ريب أن واقع الجامعات المختلطة في البلاد العربية والإسلامية، واقع يندى له الجبين، ولا عجب في الحقيقة من هذا الواقع؛ لأنه نتيجة طبيعية لجوٍ أصبح مشحونًا بالمغريات والفتن، ولا ريب أنه لا يجوز الالتحاق بالجامعات المختلطة مع وجود جامعات تخلو من هذا النوع من الاختلاط، أما مع عدم وجود جامعات محافظة فإنه ربما أدى القول بمنع الالتحاق بتلك الجامعات إلى إقصاء أهل الخير والدين عن مراكز التوجيه في المجتمع، ولهذا فقد اختلف العلماء المعاصرون في هذه المسألة على قولين: الأول: أنه لا يجوز الالتحاق بها؛ لما فيها من الاختلاط المحرم، ولما فيه من التعرُّض للفتنة. والثاني: يرى جواز ذلك، ولكن بالضوابط الشرعية، بحيث يجتنب كل جنس مخالطة الآخر قدر الإمكان، وأن يهيئ كل جنس جلساء صالحين له من جنسه ما أمكن، وأن تحافظ المرأة على حجابها وحشمتها وحيائها داخل أروقة الجامعة وخارجها، وأن تجتنب الزينة والطيب عند ذهابها، وأن يستحضر الملتحق بهذه الجامعة النية الصالحة للدراسة، بأن تكون نيته تحصيل العلم، واكتساب المعارف، ونفع المسلمين ... إلخ، فإذا التزمت المرأة بهذه الضوابط جاز التحاقها، مع أمن الفتنة، أما إذا خشيت على نفسها من الفتنة أو خشيها الطالب على نفسه، فلا يجوز حينئذ، وبكل حال، فإنه إذا أمنت الفتنة، فالمسألة- كما تقدم- فيها رأيان للمعاصرين، ولكل حظ من النظر، وكل مسلم بصير بنفسه. والله تعالى نسأل أن يعيذنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأن يثبتنا على دينه.. آمين. والله تعالى أعلم.(12/290)
السفر بالخادمة
المجيب د. شرف بن علي الشريف
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /محرم المرأة
التاريخ 10/2/1424هـ
السؤال
والدتي كبيرة في السن ولديها خادمة، وترغب الصيام بمكة المكرمة فهل يجوز الذهاب بوالدتي وبصحبتها الخادمة؟ وهل هناك فرق في السفر بهما بين الطائرة والسيارة؟
الجواب
أخي بارك الله فيك، الواجب أنها لا تسافر من بلدها إلا بمحرم، وإذا كان محرم الخادمة موجود فلا يجوز أن تسافر إلا معه، أما إذا لم يكن لها محرم فتعتبر أمانة عند كفيلها؛ فيجب عليه أن يحافظ عليها، كما يحافظ على أهله وبناته.
وهذه الخادمة - المسؤول عن السفر بها إلى مكة- انظر ما هو الأحفظ لها، وفي ظني أن والدتك بحاجة إلى خدمتها في مكة، والسفر عبادة، فلا مانع من السفر بها مع والدتك إلى مكة، سواء بالسيارة أو الطائرة، والله أعلم.(12/291)
هل أصافح زوجة خالي؟
المجيب د. محمد العروسي عبد القادر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /محرم المرأة
التاريخ 26/12/1424هـ
السؤال
لي خال وله زوجة تبلغ من العمر ستين سنة أو أكثر - للأسف- أني كل ما ذهبت لزيارة خالي أو جدتي؛ لأنها تسكن معه دخلت زوجة خالي عندما أكون جالساً معهما، وبعض الأحيان تصافحني، فهل أقطع زيارة جدتي وخالي؟ علماً أني لو امتنعت عن مصافحتها والدخول عليها لحصلت مشكلة كبيرة، وعلماً أنها لا تملك جمالاً يجعلني افتتن بها، وأثر كبر السن يظهر عليها، أفتوني في هذه المشكلة التي أصبحت تؤرقني وتجعلني أمتنع عن زيارة جدتي وخالي، وأخشى أن أصبح قاطع رحم.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وسلم. أما بعد:
فإن امتناعك عن مصافحة المرأة الأجنبية ومن لست محرماً لها هو الحق، وهو المطلوب من كل مسلم.
وأنت إذا أخلصت النية، وقصدت امتثال حكم الله في امتناعك عن مصافحتها، كفاك الله ما يصدر منها أو من حاشيتها؛ لأنه - سبحانه- مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، ومن كان الله معه فإنه سيكفيه مؤنة من يكيد له، أو يمكر به، أو يؤذيه.
ثم يجب أن تستعمل الحكمة في الكف عن مد يدك للمصافحة، كأن تسأل عن صحة أهل البيت، أو تصطحب معك هدية، أو تفعل شيئاً مما يسرون به، فإن هذا التصرف -بعد الاستعانة بالله - سبحانه- والتوكل عليه، مع صدق العبد فيما يفعل- إذا وافق كفك عن المصافحة، هوّن وقع ذلك في قلبها، والله - سبحانه- ولي التوفيق.(12/292)
سؤال عن المحارم
المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /محرم المرأة
التاريخ 28/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
تزوجت من امرأة وهذه المرأة لها أولاد كبار متزوجون، ولها بنت متزوجة، فهل أنا محرم لبنت زوجتي؟
الجواب
أما بنت الزوجة - وتسمى الربيبة - فتحرم على زوج أمها ولو لم تتربَّ في حجره، في قول الأئمة الأربعة والفقهاء والسبعة وجماهير السلف والخلف، ولم يشذ عن ذلك إلا الظاهرية فيمن لم تترب في الحجر، وأما زوجة ابن الزوجة فلا تحرم، لأنها ليست ممن ذُكر في قول الله تعالى: "حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم" إلى قوله: "وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم" [النساء: 23] .
وعلى ذلك فأنت محرم لبنت زوجتك، ولست محرماً لزوجة ابن زوجتك, والله تعالى أعلم.(12/293)
هجرها زوجها، فهل تخرج بغير إذنه
المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /تعليم المرأة
التاريخ 18/8/1424هـ
السؤال
زوجي هجر البيت، وهو لا يرد على مكالماتي الهاتفية، علماً بأنني أسكن مع أهلي، فهل يجوز الخروج من المنزل كالذهاب إلى مجالس الذكر أو زيارة أحد الأقارب، علماً بأن والدتي اتصلت تستأذنه في خروجي، فقال بالحرف الواحد (بكيفها ما عليَّ منها) أفيدوني جزاكم الله كل الخير.
ملاحظة: أنا الزوجة الثانية له، وأعاني من تسلُّط وظلم شديد، حتى إنه حرمني الإنجاب والوظيفة وأموراً أخرى.
الجواب
الحمد لله تعالى وحده، وبعد:
ما دام أن السائلة ذكرت أن والدتها استأذنت زوجها في الخروج فكان جوابه يفهم منه الإذن وعدم الممانعة فلا حرج عليها في الذهاب إلى مجالس الذكر أو زيارة الأقارب، وذلك وفق الضوابط الشرعية من الحجاب والاحتشام وعدم الخلوة أو الاختلاط بالأجانب، وكذلك ذهابها إلى المسجد أو حلق العلم أو المحاضرات وغير ذلك مما فيه نفع يعود عليها في أمر دينها ودنياها.
وعلى كل فيما ذكرته السائلة من الظلم الواقع عليها من زوجها فإن عليها الصبر والاحتساب ومناصحة الزوج بالعدل والقيام بحقوق الزوجة كما أمر الله تعالى: "ولهن من مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة: 228] وقوله تعالى: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء: 19] وهذه الآية عظيمة في معناها وما دلت عليه من حق الزوجة على زوجها بالمعروف. والله هو الموفق وصلى الله على نبينا محمد.(12/294)
دراسة المرأة في المعاهد الأمريكية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /تعليم المرأة
التاريخ 25/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل تجوز لي الدراسة في المعاهد الأمريكية لتعلم اللغة؟ لأنني أعيش فيها حاليا وأمنيتي أن أدعو للإسلام، لكن لغتي لا تساعدني، خاصة وأنني ولله الحمد متنقبة، فهل يمكنني ذلك؟ علما أن من يقوم بالتدريس امرأة، والرجال عموماً لا يقبلون كثيراً على مثل تلك المعاهد، أي أن الأغلبية نساء، والله تعالى يحفظكم.
الجواب
تعلُّم اللغة الأجنبية من الأمور المباحة في الشرع، لا سيما والهدف من تعلمها استخدامها في الدعوة إلى الله، ونشر دينه وتبليغه للناس، ولا بأس في الدراسة في هذا المعهد، الذي يعلم اللغة الإنجليزية ما دام أغلب الدارسين نساء، والمدرسة امرأة كما تقولين، وعليك أن تلتزمي بالحجاب الشرعي، وأن تغضي الطرف من النظر إلى الرجال الأجانب، والتزمي بالحشمة ومكارم الأخلاق في المظهر، والمخبر، ولا سيما وأنت في هذه البلاد التي لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً، وفقك الله وحماك من كل سوء، آمين.(12/295)
مشاركة الفتيات في المخيمات
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /تعليم المرأة
التاريخ 13/8/1423هـ
السؤال
ما حكم المشاركة في مخيمات تحفيظ القرآن الكريم للفتيات إذا استوجب ذلك السفر مع المشاركات في هذه المخيمات، من المربيات والمشرفات حيث إننا نقيم مثل هذا النشاط في فصول الصيف، ونبذل كل ما نقدر عليه لتأمين المكان كأن يوجد بعض المشرفات مع أزواجهن؟
الجواب
الحمد لله، وبعد:
العناية بالفتيات وتحفيظهن القرآن الكريم، وتعليمهن ما يحتجن إليه من أمور دينهم ودنياهم من أفضل القربات عند الله -تعالى-، وإقامة المخيمات والمناشط الصيفية ونحوها لهذه الأغراض أمر محمود مشكور متى ضبطت هذه المخيمات إعداداً وإشرافاً وأداءً بالضوابط الشرعية، ومنها:
1. أن تخلو المخيمات من الاختلاط والتبرج والسفور، وأن تُعود الفتيات على الالتزام بالحجاب الشرعي، والحشمة والحياء.
2. أن تكون أماكن المخيمات بعيدة عن مواقع الفتن من الشواطئ المختلطة، والملاهي الماجنة.
3. أن يتولى تدريس الفتيات وتعليمهن وتحفيظهن المدرسات الملتزمات الموثوقات.
4. إذا كانت مواقع المخيمات تبعد عن مقر الطالبة أو المُدرسة مسافة قصر وجب أن يصحبها محرمها، ولا يحل لها السفر بلا محرم مهما كان الغرض نبيلاً، والمقصد سامياً.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، ولا حرمنا الله وإياكم فضله وعظيم ثوابه، وحفظ لنا فتياتنا وأبناءنا من كل سوء إنه سميع قريب، والسلام عليكم.(12/296)
هل يعد هذا خلوة؟
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /الخلوة مع غير المحرم
التاريخ 28/5/1424هـ
السؤال
طبيب يعمل بالمستشفي بالعيادة الخارجية ومعه ممرضة، ويغلقان عليهما الباب ولكن بدون مفتاح، بحيث لو حضر مريض فيمكن أن يدفع الباب ويدخل أو أي مسؤول بالمستشفي أو عامل، فهل هذه هي الخلوة التي حذر منها رسول الله -صلي الله عليه وسلم-؟ وإذا كانت خلوة فما الحل؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالمقصود بالخلوة المنهي عنها في الحديث المشهور هي أن يخلو الرجل بالمرأة بحيث تحتجب أشخاصهما عن الناس ولو لم يُغلقا الباب، فضلاً عن أن يقفل بالمفتاح.
فاختلاء الطبيب بالمريضة أو الممرضة بحيث لا يراهما الناس يعد خلوة محرمة ولو كان الباب مفتوحاً.
وإغلاق الباب عليهما خلوة محرمة من باب أولى ... ولو لم يقفل بالمفتاح.
فليست العبرة ألا يدخل عليهما أحد، إنما العبرة ألا يراهما أحد.
فعلى الطبيب إذا دخلت امرأة أجنبية عيادته أن يترك الباب مفتوحاً، وأن يكون في عيادته بحيث يراه الناس، أي قبالة الباب، فإن شق عليه ذلك، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والأمر ـ كما قرَّر الفقهاء ـ إذا ضاق اتسع، والمشقة تجلب التيسير.
ولأن الخلوة حرّمت لكونها ذريعة إلى الفتنة والفاحشة، وما حرم سداً للذريعة فإنه يباح عند المصلحة الراجحة، ولكن الحاجة تقدر بقدرها.
وأرجو ألا تفهم من هذا تسويغ التساهل والتوسع من غير حاجة مُلحّة. إنما قصدتُ أنك إذا لم تستطع أن تتحاشى الخلوة بالممرضة كليةً، فعليك أن تضيقها في أضيق نطاق "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] .
وعليك أن تدرأ عن نفسك هذه الخلوة المحرمة قدر الإمكان.
وفقك الله وسددك، واحتسب الأجر على الله؛ فأنت على ثغر، وفي عملك مصلحة عامة، وقضاء لحوائج الناس.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/297)
الخلوة مع السائق
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /الاختلاط والمصافحة
التاريخ 3/8/1422
السؤال
أنا معلمة لا يوجد من يوصلني للمدرسة سوى سائق سعودي برفقة زميلاتي، ولكن تحدث خلوة لمدة خمس دقائق؛ وذلك لأنني آخر مدرّسة تنزل، فما حكم ذلك؟
الجواب
إذا كان السائق كبيراً في السن، مأموناً، وكانت المسافة قريبة، وفي داخل العمران، وكان الجلوس في الخلف فلا بأس.
وإذا كان السائق ليس كبيراً فعليكن بالاتفاق مع سائق تكون معه زوجته، أو إحدى محارمه، أو وضع حاجز فاصل بينكم وبينه كالخشب، أو الزجاج السميك ونحوه.(12/298)
انتساب الزوجة إلى أسرة زوجها
المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 5/12/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
هل يجوز للمرأة إن تزوجت أن تأخذ اسم عشيرة الزوج؟ مع العلم أن القانون الألماني يخيرك: إما أن تبقى المرأة على اسم عشيرتها، أو تأخذ اسم عشيرة الرجل, علماً أن الوضع يكون أسهل وبدون مشاكل إذا أخذت الزوجة اسم عشيرة زوجها, ففي بعض الأحيان يتصور الموظفون في الدوائر الحكومية أننا غير متزوجين حتى نريهم عقد الزواج. فما هو الصواب؟. وجزاكم الله كل خير.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا يجوز للمرأة أن تنتسب لأسرة زوجها بعد الزواج؛ وذلك للأمور التالية:
الأول: ما ثبت في البخاري (3508) ، ومسلم (61) عن أبي ذر - رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم (في بعض النسخ له فيهم نسب) فليتبوأ مقعده من النار"، وغيره من الأحاديث الدالة على تحريم الانتساب لغير الأب، أو العشيرة، أو الموالي.
الثاني: أن في ذلك مشابهة للكفار فيما هو من خصائصهم، وفي الحديث: "من تشبه بقوم فهو منهم.
الثالث: أن في هذا الفعل إسقاط لحق من حقوق المرأة، فمن حقوقها: الانتساب لأبيها وعشيرتها لا إلى عشيرة الزوج، كما أن فيه إسقاط لحق الأب والعشيرة في انتساب المرأة لهم لا لغيرهم، وكنت - وما زلت- أعجب من رضا كثير من الغربيات بذلك.
الرابع: أن مثل هذه الأفعال تؤدي إلى إذابة الهوية الإسلامية على المدى القريب والبعيد، ومن المعلوم أن من خصائص الهوية الإسلامية في قضايا الأسرة أن انتساب الزوجة يكون إلى أبيها لا إلى غيره، ومن المفترض أن يتمسَّك المسلم بهذا الأمر، ويعتزَّ به، وينشر ويبين للناس أنه من حفاظ الإسلام على حقوق المرأة، أما ما ورد في السؤال من كون هذا الأمر يؤدي إلى بعض المشاكل، فهذه مشقة يسيرة، لا يُترك من أجلها الحكم الشرعي.
ملحوظة: الكفر الوارد في الحديث لا يراد به الكفر المخرج من الملة، بل هو كفر أصغر، أو كفر النعمة، أو أن هذا الكفر لمن استحلَّ هذا الفعل مع علمه بتحريمه، أو يقال: إنه من نصوص الوعيد التي تمر، كما جاءت، ولكننا لا نكفر أحداً من أهل القبلة بفعله للكبيرة، وبسط ذلك في غير هذا الموضع. وفقني الله وإياك إلى كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/299)
المرأة.. والعادة السرية
المجيب عبد الرحمن بن عبد العزيز المجيدل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 19/7/1424هـ
السؤال
أنا أمارس العادة السرية، ولكن عندما علمت بحرمتها نويت التوبة، وأصبحت أشعر بالإثارة من أي شيء حتى وأنا أصلي، وعلى الدوام، فهل يجب عليَّ الغسل لكل صلاة؟ مع العلم أن الغسل يتعبني كثيراً، وفيه حرج كبير علي ويضرني لأن شعري بدأ يتساقط بكثرة، فماذا يجب أن أفعل؟.
الجواب
الأخت الكريمة شكراً على هذا العزم وحسن المآب، أسأل الله لك الثبات، اعلمي - وفقك الله - أنك أثرت أعضائك فيما مضى، فأصبحت تستجيب لأقل مثير، فقومي بتثبيط عنصر الاستثارة في نفسك وأعصابك، وذلك بالتمرين على أن المثير متى ما وقع امتنع ترك الاستجابة له، سواء كان ذلك المثير جاء مصادفة بدون قصد منك، أو أنك عملت له استدعاء من أجل تمرين نفسك على ترك الاستجابة، وهذا التثبيط للمشاعر والغريزة يتكون بالتدريب.
أما بخصوص السؤال فإن الحكم مرتبط بالإنزال، فمتى حصل وجب الغسل، فالإثارة بدون الرعشة التي تدل على الإنزال عند بعض النساء، وعند أخريات يكون الإنزال خارج الفرج وهذا واضح فالغسل واجب، أما مجرد حصول اللذة فلا يوجب الغسل، واسألي نفسك هل يمكن أن تعفيها بالزواج بعد أن تتجاوزي مجموعة من الأوهام يسميها البعض ظروفاً وأسباباً وعادات لبعض المجتمعات، فإذا قوبلت بالصراحة والوضوح وحسن التأمل لم تتجاوز أسباباً بسيطة يمكن حلها أو تجاوزها أو تأجيلها. أعانك الله على العفاف وحسن الانتظار فهو أعظم وسام تتوشح به المرأة، وليكن لك في الصالحات الصابرات من المؤمنات القدوة والأسوة؛ مريم بنت عمران، فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم- وغيرهن ممن أمضين شبابهن في صبر وتحد عظيم لجميع المغريات وحماهن الله من السقوط، والإعجاب بالساقطات، واحرصي على المباعدة عن أسباب الإثارة بالكلمة والصورة وغيرها، وحاولي مسح ما في ذاكرتك من المواقف التي تضعف من توبتك، واعلمي أن من سقطن في أتون الشهوة كثر، ومن صابر وصبر فاز باللذة فيما بعد، فقد أصبح للمؤمنين إماماً، واكتسب قوة نفسية لا يعدلها مال ولا شهوة عابرة، وتلك والله الدرجات التي يتفاوت فيها الخلق في الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد.(12/300)
نظر المرأة إلى الرجال
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 22/3/1423
السؤال
أفيدوني -رفع الله قدركم- عن نظر المرأة إلى بعض البرامج الإسلامية التي يكون فيها رجال، جعلكم الله من حماة دينه وحراس عقيدته؟
الجواب
نظر المرأة إلى الرجال الأجانب ليس ممنوعاً في كل حال، بل يباح في أحوال كثيرة، كرؤية المصلين، ورؤية الحجاج في عرفة ... وغير ذلك، وقد كان الحبشة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلعبون بحرابهم في المسجد وأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تنظر إليهم، انظر ما أخرجه البخاري (454) ، ومسلم (892) ، ومثل هذا نظر المرأة إلى البرامج المفيدة، والممنوع إنما هو اختلاطها بالرجال، واطلاعها على المناظر الخليعة التي تخدش الحياء، وتثير الشهوات في البرامج الإعلامية أو غيرها.(12/301)
ضوابط معالجة الطبيب للمرأة
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 08/10/1425هـ
السؤال
هل هناك أسانيد من القرآن والسنة تؤكد وتحض المسلمات على الذهاب إلى طبيبات من النساء، وليس من الرجال، للولادة ما وجدت النساء؟ أرجوكم أريد إرسال هذه الأحاديث أو الآيات لي، وجزاكم الله خيرًا، أفيدونا.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
إن قضية تعامل المرأة مع الرجل الأجنبي في الشريعة الإسلامية واضحة محسومة ودلائلها كثيرة، ولكون السؤال هو عن معالجة الرجل للمرأة، سواء للتوليد أو لغيره، فإننا نقول إن معاملة الطبيب للمرأة هي تعامل رجل أجنبي لامرأة أجنبية منه، ولذا فإننا سنذكِّر بالأدلة التي تمنع اختلاط الرجل بالمرأة ومسه إياها وخلوته بها ونحو ذلك:
فمن القرآن آيات منها: قوله تعالى في سورة النور: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ) [النور: من الآية31] . وفي آخرها قال سبحانه: (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) [النور: من الآية31] . وقوله سبحانه في شأن نساء النبي عليه السلام: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) [الأحزاب: من الآية32-33] . وقوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) [الأحزاب: من الآية59] .
وأما من السنة: فمن ذلك ما في الصحيحين البخاري (3006) ومسلم (1341) ، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَخْلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلاَّ ومعَها ذُو مَحْرَمٍ ... "الحديث.
ومنها حديث عقبة بن عامر، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إيَّاكم والدُّخولَ على النساءِ". فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحَمو؟ قال: "الحَمُو المَوْتُ". متفق عليه: عند البخاري (5232) ومسلم (2172) . والحمو هو: قريب الزوج كأخي الزوج وعمه وابن عمه.
ومنها حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المَرأةُ عَوْرَةٌ فإذا خرَجتِ اسْتَشْرَفَها الشَّيطانُ". أخرجه الترمذي (1173) وحسنه، كما أخرجه ابن حبان في صحيحه (5598) وابن خزيمة في صحيحه (1685) ، وصححه الألباني والأرناؤوط.
ومن هذه الآيات والأحاديث نستطيع أن نتبين القواعد والأحكام التي على وفقها يكون تعامل الرجل مع المرأة الأجنبية منه والعكس:(12/302)
(1) الأصل في المرأة ألا تبدي من زينتها إلا ما ظهر منها، وهي الثياب الظاهرة والعباءة ونحو ذلك، مما لا يمكن ستره، وعلى القول الآخر أنه الوجه والكفان، فلا يجوز لها أن تبدي أكثر من ذلك من شعر أو نحر، أو ذراع، أو ساقين، وإن كان الأرجح هو القول الأول.
(2) أن الأصل في المرأة أن جميع بدنها عورة، كما في حديث ابن مسعود، رضي الله عنه، السابق؛ ولذا فلا يجوز أن يبدو منها إلا ما استثني للنساء وللمحارم.
(3) أن الله تعالى أمر بالحجاب والجلباب وهما ما تختمر به المرأة، ومعنى هذا أن المرأة لا تكون عند رجل ليس محرمًا منها بغير ذلك.
(4) أن الله تعالى نهى المرأة أن تضرب برجلها الأرض حتى لا يسمع صوت الخلخال (وهو الحلي من القدم) ، وهذا يدل على أن المرأة يجب أن تبتعد عن الرجل مخافة تأثره بها ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ويدل عليه حديث: "مَا ترَكتُ بعدي فتنةً أضَرَّ عَلَى الرِّجالِ مِن النِّساءِ". رواه البخاري (5096) ومسلم (2740) ، من حديث أسامة بن زيد، رضي الله عنهما.
(5) أن خلوة الرجل بالمرأة لا تجوز، فكيف بمماسَّته إياها؟
وعلم من هذا كله أن معالجة الطبيب الرجل للمرأة في الأصل لا تجوز أبدًا إذا تضمنت ما نهى الله عنه مما تقدم، ولإيضاح ذلك فيما يتعلق بالطبيب فأشير إلى أمثلة:
(1) خلوة الطبيب بالمرأة سواء من العيادة في الغرفة وحدهما دون وجود محرم، أو على أقل الأحوال امرأة أخرى كالممرضة (المأمونة) ، أو كان ذلك في غرف التنويم إذا كانت المرأة في غرفة منفردة.
(2) حرمة مس الرجل للمرأة بأي سبب وفي أي موضع، ويفحش ويغلظ تحريمه كلما كان في موضع أكثر فتنة وأغلظ في العورة.
(3) حرمة نظر الطبيب إلى المرأة فيما يحرم عليه النظر إليه، كجميع بدن المرأة، أو عند بعضهم جميع البدن ما عدا الوجه والكفين، كنظره إلى رقبتها، أو صدرها، أو ظهرها، أو بطنها, فهو محرم، وإن لم يتضمن مُمَاسَّة.
(4) توليد الرجل للمرأة، وهذا أغلظ ما يمكن تصوره؛ لأنه نظر إلى العورة المغلظة جدًّا، بل ومس لها.
(5) مثل ذلك إجراء العمليات للنساء من قبل الرجال.
إذًا فهذا هو الأصل في معاملة الطبيب للمرأة؛ أنه يحرم عليه ما يحرم على غيره من الرجال وفق الأدلة السابقة.
وليس في الأدلة ما يخص رجلاً دون غيره إلا الزوج لزوجته، والسيد لأمته التي تسرَّى بها، فكل منهما يرى من امرأته كل شيء كما لا يخفى.
وكذلك مما استثني من المحارم، وإنما يجوز لهم ما يظهر غالبًا كالوجه، والشعر، والنحر، وأطراف الذراعين، والساقين، دون ما فوق ذلك على الصحيح من أقوال أهل العلم، كما هو ظاهر آية سورة النور، وأما الطبيب فإنه لم يستثن، ولكن الطبيب إنما نأخذ حكمه من قواعد الضرورة والحاجة التي ذكرها الفقهاء، وهي قواعد مستندة إلى أدلة شرعية ومنها ما يلي:
(1) قاعدة: الضرورات تبيح المحظورات.
(2) قاعدة: الضرورة تقدر بقدرها.(12/303)
فإذًا متى يجوز للطبيب أن يرتكب شيئًا من المحظورات التي أشرنا إليها؟ الجواب: عند الضرورة فقط أو الحاجة الشديدة التي تنزل منزلة الضرورة، وهذا لا يتحقق أبدًا مع وجود طبيبة من النساء، إذ لا ضرورة إلى الرجل في هذه الحالة، فإذا وجدت طبيبة مسلمة فهي التي يجب أن تعالج المسلمات، فإذا لم توجد فيجوز أن نقدم بذلك المرأة غير المسلمة المأمونة، فإذا لم توجد امرأة مسلمة ولا غير مسلمة فحينئذ نلجأ إلى الطبيب الرجل بشرط كونه مسلمًا، فإذا لم يوجد مسلم جاز حينئذ أن نولي علاج المرأة طبيبًا كافرًا للضرورة، فعلم من هذا أن توليد الرجل للمرأة لا يجوز إلا حين تعذر وجود النساء مطلقًا، وأن يكون بعدم وجود المرأة في تلك الساعة فقد لا يعد عذرًا إلا إذا لم يمكن تأجيل العملية، أو نقل المرأة إلى مستشفى آخر، وإذا طلب الولي- من زوج أو أب أو غيرهما- إذا طلب أن يكون توليد موليته من امرأة فإن ذلك حق له وحق للمرأة والأصل ألا يرد، وحين يكون ذلك مطلبًا اجتماعيًّا، أو كما يقال شعبيًّا، فإن هذه المستشفيات ستوفر طاقمًا نسائيًّا للتوليد.
وأما القاعدة الثانية فإننا نعمل بها حين نلجأ لمعالجة الرجل للمرأة للضرورة فنقول: إن الضرورة تقدر بقدرها. فنظر الطبيب لا ينبغي أن يتعدى موضع الحاجة، وكذلك مسه للمرأة ونحو ذلك، فلا داعي للطبيب حين نضطر لكونه يجري عملية لامرأة في رقبتها مثلاً أن يرى جميع جسمها أو أن يرى طبيب العيون جميع وجهها وهو يستطيع الكشف عن عينها فقط، أو يضع الطبيب مثلاً جهاز الأشعة على بطنها مع إمكانية أن تضعه الممرضة..وهكذا.
وفي الختام لعل من المناسب أن ننقل فتوى لسماحة الشيخ محمد إبراهيم- رحمه الله- مفتي الديار السعودية سابقًا حيث سئل عن كشف الأطباء على عورات النساء للعلاج وخلوتهن بهن، فأجاب- رحمه الله: أولاً: أن المرأة عورة، ومحل مطمع للرجال بكل حال، فلهذا لا ينبغي لها أن تمكن الرجال من الكشف عليها أو معالجتها. ثانيًا: إذا لم يوجد الطبيبة المطلوبة فلا بأس بمعالجة الرجل لها، وهذا أشبه بحال الضرورة، ولكنه يتقيد بقيود معروفة؛ ولهذا يقول الفقهاء: الضرورة تقدر بقدرها؛ فلا يحل للطبيب أن يرى منها أو يمس ما لا تدعو الحاجة إلى رؤيته أو مسه، ويجب عليها ستر كل ما لا حاجة إلى كشفه عند العلاج. ثالثًا: مع كون المرأة عورة، فإن العورة تختلف؛ فمنها عورة مغلظة، ومنها ما هو أخف من ذلك، كما أن المرض الذي تعالج منه المرأة قد يكون من الأمراض الخطرة التي لا ينبغي تأخر علاجها، وقد يكون من العوارض البسيطة التي لا ضرر في تأخر علاجها حتى يحضر محرمها ولا خطر، كما أن النساء يختلفن، فمنهن القواعد من النساء، ومنهن الشابة الحسناء، ومنهن ما بين ذلك، ومنهن من تأتي وقد أنهكها المرض، ومنهن من تأتي إلى المستشفى من دون أن يظهر عليها أثر المرض، ومنهن من يعمل لها بنج موضعي أو كلي، ومنهن من يكتفي بإعطائها حبوبًا ونحوها، ولكل واحدة من هؤلاء حكمها.(12/304)
وعلى كلٍّ فالخلوة بالمرأة الأجنبية محرمة شرعًا، ولو للطبيب الذي يعالجها؛ لحديث: "مَا خَلَا رجلٌ بامرأةٍ إلَّا كان الشَّيطانُ ثَالِثَهما". انظر ما رواه الترمذي (2165) وابن ماجة (2363) ، من حديث عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فلابد من حضور أحد معها سواء كان زوجها أو أحد محارمها الرجال، فإن لم يتهيأ، فلو من أقاربها النساء، فإن لم يوجد أحد ممن ذكر وكان المرض خطيرًا لا يمكن تأخيره فلا أقل من حضور الممرضة ونحوها تفاديًا من الخلوة المنهي عنها. انتهى كلامه رحمه [فتاوى محمد بن إبراهيم (9/12-13) ] .(12/305)
إلقاء الرجل السلام على المرأة
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 18/3/1424هـ
السؤال
ما حكم السلام على النساء المسلمات بالصوت فقط؟ وهل هو مستحب بهدف إفشاء السلام كما في الحديث الوارد؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الأصل أن السلام من السنة، وإفشاؤه من الدين، غير أن وقوعه من الشاب ونحوه على النساء، أو العكس في الأسواق، والطرقات، والأماكن العامة مما هو مظنة للفتنة، يمنع والحالة هذه درءاً لوقوع مفسدة، ودرء المفاسد في الشريعة مقدم على جلب المصالح، لكن وقوعه من الكبير، وما لا فتنة فيه أو كان له سبب كاتصال بالهاتف لأمر يقتضيه فالظاهر أن لا بأس والحالة هذه.(12/306)
إقامة المرأة خارج بلادها بدون محرم
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 8/11/1424هـ
السؤال
ما حكم سفر الفتاة خارج الدولة (إيرلندا) أو ما شابهها، علماً بأن الذي سوف يسافر معها محرم لإيصالها فقط، وأنه يوجد هناك مبنى توجد فيه فتيات وتحت مسؤولية سفارتنا بتلك الدولة؟.
الجواب
النهي إنما جاء عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم- عن سفر المرأة بدون محرم، أما بقاؤها بدون محرم فإني أرى أنه لا ينبغي، لأن بقاء المرأة بعيدة عن محارمها وبلدها فيه خطر عظيم؛ لأن المحرم إنما شرع لصيانتها وحفظها.
هذا ولا شك أن الأمر أخف إذا كانت بين فتيات وتحت مسؤولية السفارة، لكنني مع ذلك أكره بقاءها وحدها لما تقدَّم.(12/307)
حكم مزاولة المرأة السباحة
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 16/1/1423
السؤال
ما حكم السباحة للنساء ولبس ثوب السباحة؟
الجواب
سباحة المرأة إمّا أن تكون مع الرجال، وإما أن تكون مع النساء، فإن كانت مع الرجال فلا تجوز؛ لما في ذلك من الاختلاط، وانكشاف ما لا يجوز كشفه من جسدها أمام الرجال الأجانب، وإن كانت سباحتها مع نساء فلا حرج عليها فيها إذا كانت ملابسها ساترة شرعاً لما يجب ستره عن النساء، وعلى المسلمة أن تبتعد عن مخالطة النساء اللاتي لا يلقين بالاً للدين والخلق، فتسبح إحداهن وهي شبه عارية ومبرزة لمفاتنها، وما أوجب الله ستره منها. وبالله التوفيق.(12/308)
متزوجة زنت فلمن حملها؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 21/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أريد أن أسأل إذا كانت المرأة حاملاً وهي متزوجة، ولكنها زنت وليست متأكدة من الطفل أنه ابن زوجها، فهل إذا أجهضت يكون حراماً؟ أما إذا بقيت على الحمل وهي لا تعرف ممن فهل هذا إثم أكبر؟.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب أن الإجهاض لا يجوز بأي حال من الأحوال ولو كان الحمل من الزنا، هذا والولد يلحق بالزوج، لما جاء في الصحيحين البخاري (6818) ، ومسلم (1458) ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر"، أي الولد للزوج وللزاني الرجم.
هذا وليعلم أن المسألة ليست مقتصرة على ما نصت عليه السائلة من حكم الإجهاض، إذ على كل من الزاني والزانية إذا ثبت زناهما بشهادة أو إقرار حد الزنا، الذي هو للمتزوج الرجم حتى الموت، وللبكر غير المتزوج جلد مائة وتغريب عام، ثم إن على زوج هذه المرأة التي لا تمتنع عن الزنا أن يفارقها، قال تعالى: "الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" [النور:3] ، والله أعلم.(12/309)
نظر المرأة للرجال
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 27/11/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم النظر للرجال في التلفاز إذا كانت العورة مستورة؟ وهل هناك علماء أحلوا ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
النظر للرجال من قبل المرأة لا بأس به ما لم تكن فيه فتنة، أو تحريك شهوة، فإذا أدى إلى شيء من ذلك فإنه يجب عليها أن تغض بصرها؛ لقول الله -عز وجل-:"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن" [النور:31] .(12/310)
ضوابط تعامل الطبيب مع النساء
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 12/8/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: أنا طبيب أسنان تخرجت منذ سنة تقريبا، وأريد أن أعرف شرعية التعامل مع المرضى من النساء؛ مثلا: من تود من أهلي التعالج عندي، ماذا أفعل معها؟ علما بأني ولله الحمد متفوق في عملي (بفضل الله عز وجل) ، فإذا لم أعالجها عالجها غيري من الرجال الذين قد لا يتقنون التعامل بمقاييس شرعية، وقد يتعاملون مع المرضى وكأنهم يتاجرون فيهم، فأريد وضع ضوابط للتعامل مع النساء في عملنا، (خصوصا أنه ليس من السهل أن يتعامل المرء مع طبيب ثم يكتشف أنه لا يتقن المهنة، فهو قد يعرض نفسه وبدنه للأذى) .. أرجو التفصيل في الجواب..شاكراً لكم حسن تعاونكم.
الجواب
الأصل في التطبيب أن يعالج كل جنس جنسه، فالنساء يعالجن النساء، والرجال يعالجون الرجال، ويجب على أهل الشأن وكل من لديه قدرة على تغيير الواقع أن يسعى إلى ذلك.
فإن لم يمكن وجود المثيل من الجنس جاز التداوي عند الجنس الآخر بشروط أهمها.
(1) أن يكون التداوي بالنسبة للمرأة بوجود محرم لها، أو امرأة ثقة، والمقصود عدم الخلوة عموماً، بالنسبة للرجال أو النساء.
(2) الاقتصار من النظر على القدر اللازم.
(3) الأمن من الفتنة.
وبالنسبة لك كطبيب أسنان، فإذا كانت المرأة التي تريد العلاج من محارمك ويباح لك النظر لها والخلوة بها، فتداويها عندك باعتبارك محرماً لها وهذا هو الصحيح، وكذلك لم يوجد غيرك من محارمها، بشرط أن تكون صاحب كفاءة في أمر المعالجة المقصودة، والله أعلم.(12/311)
سكن المرأة لوحدها
المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 4/8/1424هـ
السؤال
كنت قد طرحت سؤالاً بخصوص زوجتي وأريد أن أستشيركم في شيء آخر، أعيش الآن في كندا، وزوجتي في بلاد المغرب وهي تقطن مع محارمها، غير أنها تريد أن تشتري بيتاً وحدها؛ لتعيش فيه لحين عودتي العام القادم إن شاء الله، وذلك لأنها لم تعد تحتمل بقاءها مع عائلتها بعد زواجنا لظروف نفسية خاصة بها، هل آذن لها بذلك؟ أم أن الشرع يوجب العكس؟ وبهذا أرفض هذا الطلب الذي تلح عليه بكثرة، فهل أسمح لها أن تسكن وحدها إلى حين عودتي؟.
الجواب
الحمد لله تعالى وحده، وبعد: فقد ذكر السائل رغبة زوجته في السكن المستقل، وذلك لكونها لم تعد تتحمل بقاءها مع عائلتها بعد زواجها لظروف نفسية خاصة، وهل يأذن لها بذلك أم لا؟ وأقول ينبغي أن تراعي بين المصالح والمفاسد، فإن طلبها السكن المستقل لا مانع فيه، ولكن ينبغي أن تنظر إن كان ليس هناك عليها أي مضرة في دينها أو غير ذلك، وإن كان ذلك لا تحصل معه أي مشاكل أو إيذاء أو تعرض من أهل الفساد والريب، وإن كان سكنها سبباً في استقرارها واستقرار راحتها النفسية؛ فهذا طيب وخير لك ولها إن شاء الله، وأما إذا كان في سكناها لوحدها مفاسد كثيرة فلا، واجتهد في إفهامها بذلك بالتي هي أحسن، واستعمل الحكمة والرفق، فإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، والله هو الموفق وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.(12/312)
شهادة المرأة في النكاح
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 5/7/1424هـ
السؤال
هل يجب أن يكون الشهود رجالاً في حالة الشهادة على عقد النكاح؟ وهل يجوز أن تكون المرأة شاهدة؟ وهل يجوز للرجل في حالة إذا أراد التعدد أن يشترط على زوجته الثانية أنه لن يجلس معها إلا ثلاثة أشهر في السنة مثلا؟ أو أنه لا يريد أن يعلم أهله بموضوع زواجه؟ وإذا علموا فأنه سوف يطلقها، هل يجوز له أن يشترط مثل هذه الشروط؟ أم أن هذه الأمور تكون من عدم العدل ويأثم عليها؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
أخي السائل تضمن سؤالك أربع فقرات:
فأما ما يخص الفقرة الأولى والثانية فنقول مستعينين بالله: أن المشهود به ينقسم إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: الحدود: فهنا اشترط جمهور العلماء كون الشاهد ذكراً، لأن الحدود مما يحتاط لدرئه وإسقاطه، ولهذا تدرء الحدود بالشبهات، ولأن الحاجة لا تدعو إلى إثباته كحقوق الآدميين (فكأنهم غلبوا مصلحة الجاني) .
القسم الثاني: المشهود به ليس مالاً ولا يقصد به المال، ويطَّلع عليه الرجال في غالب الأحوال "كالنكاح - والطلاق - والرجعة"، فالراجح عندي قبول شهادة المرأة مع ملاحظة أن شهادتها على النصف من شهادة الرجل، لأن هذا المشهود به هنا لا يسقط بالشبهة.
القسم الثالث: إذا كان المشهود به مالاً أو يقصد به المال كالبيع والرهن وغير ذلك.
فتقبل في هذه الحالة شهادة النساء مع ملاحظة أن شهادتها على النصف من شهادة الرجل.
القسم الرابع: ما لا يطَّلع عليه الرجال - كعيوب النساء تحت الثياب والرضاع والاستهلال والبكارة - تقبل هنا شهادة امرأة واحدة ثقة.
وكل موضع قلنا فيه إن شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل فهذا بناء على الأصل في شهادتها، وللقاضي جعل شهادتها بشهادة رجل عندما يثق بشهادتها، لأن العلة في ذلك قوله تعالى: "أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى" [البقرة: من الآية282] ، والحكم يدور مع علته وجوداً أو عدماً، فلو أمن القاضي خطأها فله أن يقبل شهادتها، خصوصاً إذا احتفت مع شهادتها قرائن تشهد بصحة ما تقول، أو وجدت حاجة لقبول شهادتها، ولهذا قال المرداوي في الإنصاف (فائدة: ومما يقبل فيه امرأة واحدة الجراحة وغيرها في الحمام والعرس ونحوهما مما لا يحضره رجال) (30/35) طبعة هجر.(12/313)
أما الفقرة الثالثة والرابعة من السؤال والتي تضمنت السؤال عن حكم اشتراط الزوج على زوجته بقاءه معها مدة معينة في السنة فقط أو غير ذلك فلا أرى في ذلك حرجاً إن وافقت المرأة على هذا الشرط، لأنها رضيت بإسقاط حقها، والرضا يرفع الظلم، وقد ثبت في البخاري (5212) ، ومسلم (1463) من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن سودة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهبت يومها لعائشة - رضي الله عنها - وعند أبي داود (2135) من حديث عائشة - رضي الله عنها - ما يدل على أنها فعلت ذلك عندما شعرت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سيطلقها، والعكس أخي السائل صحيح، فللمرأة أيضاً أن تشترط ما شاءت من الشروط على الخاطب، مع ملاحظة ألا تتضمن هذه الشروط على الخاطب فعل محرم أو ترك واجب أو مناقضة أصل عقد الزوجية، كاشتراط الرجل أو المرأة عدم الجماع ونحوه.(12/314)
إعراض الفتاه عن الزواج
المجيب د. سليمان بن قاسم العيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 28/6/1424هـ
السؤال
توجد الآن ظاهرة بين الفتيات في سن الزواج، وحتى بين المنتقبات الملتزمات، هذه الظاهرة هي رفض الزواج بحجة أن الحياة هكذا أفضل، أو حتى أتعلم ديني أكثر، أما الأغرب في الرفض لأن العريس مثلاً لباسه به إسبال قليلاً فترفض؛ لأن هذا الشاب وإن كان متديناً أو يحاول لن يساعدها في دينها، وهكذا تقول ويمضي العمر، ويصبح الطرفان بدون زواج، وأنا كأم لشاب مستقيم، ويخشى الله، ولكن يحاول يرتقي في دينه ولكن الهوينى، حزينة فعلاً؛ لأننا كلما أردنا التقدم لفتاة ويكون أهلها موافقين تعتذر هذه الفتاة أو تلك، حتى قبل رؤية ابني بحجة أنها لا تريد الزواج، وللعلم منهم المتنقبة وقريبة لنا، وتقسم أن ابني ليس به عيب، ولكنها تفضل عدم الزواج. أرجو توجيه كلمة لمثل هذا النوع من الفتيات.
الجواب
لقد جاء الدين الحنيف شاملاً كاملاً لا نقص فيه بوجه من الوجوه، ففيه الخير للرجل والمرأة والصغير والكبير، ومن خيرية هذا الدين عنايته بالمرأة المسلمة متزوجة كانت أو غير متزوجة، ومن عنايته بالفتاة المسلمة غير المتزوجة ما جاء في وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوليها يقول: " إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " أخرجه الترمذي (1084) ، وابن ماجة (1967) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، واللفظ له. فهذا أمر من النبي الكريم لأولياء الفتاة بالمبادرة إلى تزويجها إذا تقدم لهم الكفء صاحب الخلق والدين، وتحذير منه - صلى الله عليه وسلم- من الإعراض عن ذلك بالفتنة التي تلحق بالرجال والنساء إذا أعرض الناس عن العمل بهذا الحديث، فقد قال بعض أهل العلم: " إن لم تزوجوها إلا من ذي مال أو جاه ربما يبقى أكثر نسائكم بلا أزواج، وأكثر رجالكم بلا نساء، فيكثر الافتتان بالزنا، وربما يلحق الأولياء عار، فتهيج الفتن والفساد، ويترتب عليه قطع النسب، وقلة الصلاح والعفة "، وقال آخر: " إن تعظيم الجاه والمال وإيثاره على الدين يؤدي إلى الفتنة ".
وهذا الأمر النبوي الكريم ليس خاصاً بولي المرأة فحسب، بل هو موجه لها أيضاً؛ لأن لها حقاً في قبول الزوج أو رفضه، فيجب عليها أن تكون معينة لولي أمرها على تنفيذ هذا الأمر النبوي الكريم، وإلا فإنها هي المعرضة للفتنة أكثر من غيرها.
إن اعتذار بعض الفتيات بتأخير الزواج بحجة الدراسة، أو العمل، أو غير ذلك فإنه من أسباب الفتنة ومن تلاعب الشيطان بهن - نسأل الله العافية لهن -، وكم من الفتيات حصل منهن ذلك فندمن على هذا أشد الندم، فهذه إحداهن تصرخ، وتقول:" خذوا شهاداتي، وأعطوني زوجاً " فإن المرأة يمكن أن تعيش سعيدة بدون شهادات ولا عمل، وما أكثرهن، ولكن كيف تعيش سعيدة بدون زواج؟ وكذا فإن المرأة التي تطلب زوجاً لا عيب فيه ستبقى من دون زوج؛ لأنها لن تجد من المتقدمين لها من لا عيب فيه.
لذا فعلى المرأة أن تتقي الله في نفسها، وعلى وليها أن يتقي الله - سبحانه وتعالى - فيها، فلا يمنعها من الزواج لمصلحة دنيوية له أو لها، وليعلم الولي، ولتعلم المرأة أيضاً أن زواجها حسب المعيار الذي حدده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذلك في إعانة للمرأة على تحقيق ما ينفعها في الدنيا والآخرة.(12/315)
أحذية نسائية تشبه أحذية الرجال
المجيب د. سعد بن ناصر الشثري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 1/1/1425هـ
السؤال
انتشرت في السنوات الأخيرة أحذية نسائية - أكرمكم الله - تشبه في تفصيلها أحذية الرجال، أي أن إصبع الإبهام له مكان مخصص، وإن اختلفت الموديلات والأشكال، بحيث يتم إضفاء شيء من الأنوثة عليها، ولكننا اعتدنا أن هذا الشكل خاص بأحذية الرجال، فهل لبس المرأة لها يعتبر تشبهاً؟ وهل تأثم الأم إذا قامت بشرائها لبناتها الصغيرات؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
لا شك أن من المحرمات تشبه النساء بالرجال، والمراد بذلك فعل النساء لفعل يختص به الرجال، ولا يظهر أن وضع مكان مخصص للإبهام في الحذاء من خصائص الرجال، ولذلك فلا يظهر المنع من الأحذية المذكورة ما دام قد أضفيَ عليها شيء من الأنوثة.(12/316)
حدود حرية المرأة في التصرف في مالها
المجيب سالم بن ناصر الراكان
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 15/08/1425هـ
السؤال
ما حرية المرأة في التصرف في مالها؟ يعني: هل لها الحرية في شراء شقة في مدينة أخرى تبعد عن المدينة التي تسكن فيها بمقدار 200 كلم، بصرف النظر عن موافقة زوجها من عدمها، مع العلم أن هذه المدينة ليس لهم بها أية صلة؛ لا أقارب ولا معارف، ولكن لكي تبعد زوجه عن أهله، وتقول: إنها حرة في التصرف في مالها، ووالدها يوافقها في ذلك. فهل للزوج الاعتراض أو المنع أو ماذا يفعل؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
المرأة إذا كانت عاقلة رشيدة فلها التصرف في مالها بما شاءت، شأنها في ذلك شأن الرجل، فيجوز لها أن تبيع وأن تشتري وتتصدق وتهدي وترهن، إلى غير ذلك من عقود الإنشاء المالية.
وأما الحديث المروي في سنن أبي داود (3547) وابن ماجه (6643) والنسائي (2540) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا". فإنه من مناكير عمرو بن شعيب، والجمهور على خلافه، والحاصل أنه لا يجوز لزوجها أن يمنعها من التصرف في مالها ما دامت رشيدة، سواء كان عقارًا أو غيره، وأما أن يكون غرضها إبعاد الزوج عن أهله، فعلى الزوج نصيحتها وعدم الاستجابة لمطلبها بمقاطعة الأهل. والله أعلم.(12/317)
قيادة المرأة للسيارة في البلاد الغربية
المجيب يوسف أبرام
مدير المركز الإسلامي بزيورخ في سويسرا وعضو المجلس الأوروبي للافتاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 25/1/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
نحن هنا في بلاد الغربة، زوجي مشغول عنا، كل وقته للعمل والدراسة، وبعض الوقت للأصدقاء، المشكلة أنه يدفعني إلى قيادة السيارة بحجة أنه مشغول، وأنا لا أطيعه في هذا الأمر؛ لمعرفتي بحكم قيادة السيارة، ماذا أفعل؟ فهو يقول: إذا أردت أي شيء تعلمي قيادة السيارة، واذهبي إلى أي مكان، وأيضاً هناك مشكلة اللغة حيث إن كل التعليم مختلط، وزوجي يقول نحن في حاجة إلى التعليم هل هذا صحيح؟ أفيدوني أرجوكم بالتفصيل، وشكراً.
الجواب
الأخت السائلة: - زادك الله حرصاً على دينك- وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
القيادة أمر مباح ولكنه إذا أفضى أو سيفضي إلى محرم؛ فإنه سيحرم للسبب المفضي إليه، وعليه فإذا ما تيسر لك أن تتعلمي القيادة في مدرسة بدون اختلاط، وفي جو محترم، وحبذا برفقة أخت مسلمة، ثم بعد الحصول على الرخصة استعملت السيارة لما ينفعك وينفع الأسرة؛ فأرى أنه لا مانع من ذلك، وعلى الزوج الكريم أن يساعدك في الوقت المتيسر في تعلم قيادة السيارة، وعليه كذلك أن يخصص بعض الوقت لك وللبيت، والأولاد، فإن الله سائله عنكم أحفظ أم ضيع.(12/318)
لماذا شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 26/7/1424هـ
السؤال
هل هناك ما يسوغ كون شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين من النساء؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد فقد جعل الله تعالى شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد، قال تعالى: "فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى" [البقرة: من الآية282] .
ففي هذه الآية أن شهادة المرأتين تعدل شهادة رجل واحد، وما أمر الله تعالى به وشرعه ففيه الحكمة العظيمة، فهو سبحانه خالق البشر فهو أعلم بما يصلحهم، كما قال تعالى: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" [الملك:14] ، وأعظم مبرر لهذه الحكم أنه اتباع لأمر الله تعالى.
وقد نصَّت الآية على تعليل لهذا الحكم، وهو أن المرأة الواحدة قد تنسى فتذكرها الأخرى، خاصة أن الغالب عدم عناية النساء بضبط الشهادات وحفظ الأحداث.
وفي الدراسات المستجدة وجد مصداق ذلك، إذ توصَّل علماء الطب إلى أن الدماغ البشري ينقسم إلى قسم أيمن وقسم أيسر، فالقسم الأيمن أقوى لدى الرجل منه لدى المرأة، والشطر الأيمن من الدماغ تتركز فيه المناطق الخاصة بالإحساس السمعي وفهم الرسوم وشمول الرؤية، فهذا التشريع ينسجم مع وظيفة عقل المرأة، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(12/319)
زيارة النساء لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 23/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم
نحن نعلم أنه لا يجوز للنساء زيارة القبور، وسؤالي عن زيارة شهداء أحد، وكذلك أسأل عن زيارة النساء لقبر النبي -صلى الله عليه وسلم- حين يكون مقصد النساء الأصلي زيارة المسجد النبوي والصلاة فيه. نرجو توضيح الحكم، مع ذكر الأدلة عليه. وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
عموم النصوص الواردة في نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء عن زيارة القبور عامة في جميع القبور، سواء كانت قبور الصحابة -رضي الله عنهم- أو قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فكل هذا داخل في عموم النصوص، فقد جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "لَعَنَ زَوَّارَاتِ القُبُورِ". رواه الترمذي (1056) وابن ماجة (1576) .
وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "لَعَنَ زائراتِ القُبورِ والمُتَّخِذينَ عَلَيهَا المَسَاجِدَ والسُّرُجَ". أخرجه أبو داود (3236) ، والترمذي (320) ، والنسائي (2043) ، وفي سنن ابن ماجة (1574) من حديث حسان بن ثابت، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم "لَعَنَ زَوَّاراتِ القبورِ".
والقاعدة أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال منزل منزلة العموم في المقال، فلما لم يفصل النبي -صلى الله عليه وسلم- دل هذا على أن هذا الحكم عام في جميع القبور، لا يستثنى منها شيء. والله أعلم.(12/320)
خروج المرأة من غير إذن زوجها
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 25/11/1424هـ
السؤال
ما حكم خروج الزوجة مع أخيها أو أمها إلى أقاربها بدون علم الزوج ثلاث مرات وبضغط من أمها أو أخيها؛ كي لا تغضبهم، وبعدها تدعي أنها اتصلت وهي لم تتصل؟ علماً أنها تكون عند أهلها طوال هذه الثلاث مرات.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
الأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها ولو إلى بيت أبيها أو عيادته في المستشفى إلا بإذن الزوج، فإن منعها من الخروج لم يجز لها أن تخرج، فإن خرجت فهي آثمة.
وإذا أطلق الزوج لها الإذن بالخروج مع أهلها إلى حيث يشاؤون، فلها أن تخرج معهم ولو بغير علمه؛ لأنه قد أطلق لها الإذن، ولا حاجة إلى أن تستأذنه ـ بعد ذلك ـ في كل خروج ما دام قد أعطاها الإذن المطلق.
وإذا كان قد أذن لها بالخروج إلى أهلها، أو أوصلها إليهم، فهذا لا يعني أنه قد أذن لها أن تخرج معهم، فإذنه بالخروج إلى أهلها ليس إذناً بالخروج إلى غيرهم، فلا يجوز لها أن تخرج معهم من بيتهم حتى تستأذنه، فإن أذن لها وإلا فلا.
على أنه ينبغي للزوج ألا يمنع زوجته من الخروج إلى أهلها، وألا يمنعها من الخروج معهم إلى ما فيه قضاء مصالحها والتنفيس عليها، ومن المحزن أن يمنع بعض الأزواج زوجاتهم من الخروج لغير سبب سوى التضييق عليها، ومضارتها وإغاظتها، مع أنه يعلم أنها ملتزمة بالحجاب الشرعي متخلقة بآداب الإسلام في الخروج، فليس هذا من أخلاق الكرام، والرسول - صلى الله عليه وسلم- قال: "خيركم خيركم لأهله". والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/321)
ماء المرأة وشبه الولد
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 20/11/1424هـ
السؤال
قرأت عبارة في كتاب يستند على صحيح الإمام مسلم يبدو أنها تخالف العلم وهي:
عن أنس - رضي الله عنه- أن أم سلمة - رضي الله عنها- حدثت أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم- عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إذا رأت المرأة فلتغتسل، فقالت أم سلمة - رضي الله عنها-: واستحييت من ذلك، قالت: وهل يكون هذا؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: نعم، فمن أين يكون الشبه؟ إن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه".
وأنا لا أعرف أن المرأة تنزل ماءً مثل الرجل، وكذلك فمن المعلوم أن شبه الولد لأبيه أو أمه يكون بناء على التركيب الجيني، وليس على الزوج أو الزوجة أيهما أنزل ماءه أولاً. أرجو توضيح المسألة.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالسؤال هام ويحتاج إلى التفصيل، فنقول وبالله التوفيق السؤال يشتمل على فقرتين: الفقرة الأولى قول السائل: إنه لا يعرف أن المرأة تنزل ماءً مثل الرجل، والجواب عن هذا أن نقول إذا صح الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فإنه حق يجب قبوله، فقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الذي ذكره السائل، والذي رواه مسلم (311) وغيره أن للمرأة ماء وأنه رقيق أصفر، وهو - صلى الله عليه وسلم- لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، قال تعالى: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" [النجم:3-4] قال الدكتور محمد علي البار في كتابه (خلق الإنسان بين الطب والقرآن) ص (149) ما نصه (هل للمرأة ماء) وقع النزاع قديماً حول هذه النقطة، كما يقول الفخر الرازي في كتابه الممتع (المباحث الشرقية) ، وقد نفى أرسطو أن يكون للمرأة مني.
وجالينوس (أشهر أطباء اليونان القديمة) قد أكثر من التشنيع عليه في ذلك، وأثبت أن للمرأة منياً وإن كان يختلف عن مني الرجل في طبيعته، وأنه لا ينقذف ولا يندفع، وإنما يسيل على العضو المخصوص، وأنه رطوبة بيضاء ... إلى أن قال: "وقد جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فقالت يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: نعم إذا رأت الماء" أخرجه البخاري (130) ومسلم (313) .
وخروج الماء من فرج المرأة أمر طبيعي عند الجماع أو الاحتلام، وهو موجب للغسل، إلى أن قال: وعند الجماع يختلط هذا الماء بمني الرجل ... إلخ، هذا وذكر الدكتور محمد البار في ص (150) أن للمرأة نوعين من الماء، أولهما: ماء لزج يسيل ولا يتدفق، وهو ماء المهبل، وليس له علاقة في تكوين الجنين.
وثانيهما: ماء يتدفق وهو يخرج مرة واحدة من حويصلة جراف بالمبيض عندما تقترب هذه الحويصلة المليئة بالماء الأصفر، وفي صحيح مسلم من حديث ثوبان: (أن ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر) .(12/322)
أما الفقرة الثانية من السؤال فهي عن شبه الجنين بأبيه أو أمه....إلخ، فالجواب أن الشبه جاءت به الأحاديث النبوية أيضاً، فقد يشبه الولد أباه، وقد يشبه أمه أو أخواله، وقد يشبه أحد أجداده، وقد لا يشبه أياً من آبائه، قال الدكتور محمد البار في المرجع السباق ص (164) والخلاصة: أن عوامل الشبه لأحد الوالدين أو للأسلاف، أو بظهور صفات جديدة كما حدث للفزاري الذي جاءته امرأته بولد أسود دون أن يكون أحد والديه أسود، أمر بالغ التعقيد، وتعمل فيه الجينات بصورة خفية ومعقدة، وبعضها يتبع قوانين مندل حسب الصفة: سائدة (DOMINANL) ، أو منتحية (RECESSIVE) ، وبعضها يتبعها وحتى تلك التي تعتبر خاضعة لقوانين الوراثة قد تتختلف عن تلك القوانين، ويعتبر الجنين عندئذ كامل التعبير أو ناقص التعبير..
ولا يزال العلم الحديث يجهل الكثير الكثير من الحقائق التي تحدد الشبه في الولد، ولا ندري إلى الآن ما هو دور السبق في ماء الرجل أو ماء المرأة في الشبه من الناحية العلمية، وحتى يتسع مدى العلم في هذا الباب فإننا نقبل الحديث الشريف بقلوب مطمئنة واثقة بصدق المصطفى صلوات الله عليه الذي لا ينطق عن الهوى، والذي لا يقول إلا حقاً، وينبغي أن يحفز ذلك العلماء المختصين في هذا الباب لدراسته، فقد تنفتح لهم أبواب وتكشف لهم كشوفات، وهذا معلم من معالم البحث التي ينبغي أن يدرسها العلماء المسلمون المختصون في هذا الفرع من العلم، انتهى محل الغرض منه، هذا وقد نقلت للسائل والمطلع على هذا السؤال والإجابة عليه كلام الدكتور محمد البار لعظيم فائدته وكونه في نظري كافياً في الإجابة عن استشكالات السائل، وعلينا جميعاً التسليم بما جاء عن الله، وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم- والإيمان بأنه الحق لأنه من عند الحكيم العليم، وصدق الله حيث يقول: "وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً" [الإسراء: من الآية85] .
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.(12/323)
هل للزوجة الخروج وحدها؟
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 23/7/1425هـ
السؤال
هل يجوز لي أن أطلب من زوجي الخروج بمفردي بحجة الترويح عن النفس، أو زيارة الصديقات، أو زيارة والدتي؟ مع العلم أن زوجي يرفض ذلك، ويقول لي إنه لا بد أن يكون هو معي في كل خروج من المنزل، وأنه سيوصلني إلى والدتي، وأنه سيخرج معي للترويح عن النفس، فهل أنا مخطئة فيما أطلبه منه؟ أفيدوني أفادكم الله؟ وهل يعتبر ذلك عدم ثقة من زوجي فيَّ؟!
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا خرجت المرأة وحدها فإنه يشترط لها أن تكون متقيدة بالحجاب الشرعي، والشرط الثاني: ألا يكون هناك محذور شرعي من خلوة برجل أجنبي، أو مزاحمة رجال، أو تعرض الرجال لها، فإن هذا جائز ولا بأس به، وكونها تخرج مع زوجها فهذا أحسن وأكمل، وأما كونها تخرج من غير إذنه منفردة، فلا يجوز، فيجب عليها أن تطيع زوجها، وما دام أن زوجك يرفض ذلك فلا يجوز لك أن تخرجي إلا بإذن زوجك؛ لأن الأصل أن المرأة يجب عليها أن تقرّ في البيت؛ لقول الله - عز وجل-: "وقرن في بيوتكن" [الأحزاب: 33] وقول الله - عز وجل-: "وألفيا سيدها لدى الباب" [يوسف: 25] ، فالزوج سيد، والمرأة مسودة، وأيضاً قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنهن عوان عندكم" أي: أسيرات، الحديث رواه الترمذي (3087) ، وابن ماجة (3055) عن عمرو بن الأحوص-رضي الله عنه- فهذه الأدلة تدل على أن المرأة ليس لها أن تخرج إلا بإذن زوجها، وأيضاً قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" رواه البخاري (900) ، ومسلم (442) من حديث ابن عمر-رضي الله عنهما-، فدل ذلك على أن الرجل له أن يمنع لكن نهى الشرع أن يمنعها من المسجد فقط. والله أعلم.(12/324)
صوت المرأة!
المجيب د. محمد بن عبد الله القناص
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /مسائل متفرقة
التاريخ 09/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
يتبادر إلى ذهني سؤال، وهو كالآتي: بما أن صوت المرأة ليس عورة مطلقًا، ألا يجوز أن تقدم المرأة المسلمة برنامجًا إذاعياً جاداً؟ إذا كنا نسمع أصوات النساء في الإذاعة يسألن المشايخ ويستفتين، فما الفرق بين هذه وتلك؟ وعلى الجانب المرئي هل يجوز أن تخرج المرأة المسلمة بحجابها الشرعي مع كوادر نسائية داخل الأستديو؛ حتى لا نقع في محظور الاختلاط وتقدم برنامجًا جاداً؟ في الحقيقة لدينا شيخات ونساء فاضلات ذوات علم في مجالات متعددة، يمثلن الوجه المشرق لنا في هذا الزمان، لماذا لا يراهن العالم؟ لماذا لا تستفيد منهن البشرية؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
صوت المرأة يجوز سماعه عند الحاجة وأمن الفتنة، فقد كانت المرأة تستفتي النبي -صلى الله عليه وسلم- وتسأله عما تحتاج إليه من الأحكام والقضايا ويكون ذلك بحضور الصحابة، وقد حصل هذا في وقائع عديدة منها: ما أخرجه البخاري (306) ، ومسلم (333) عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي". -صلى الله عليه وسلم-
قال الحافظ ابن حجر: "وفيه جواز استفتاء المرأة بنفسها ومشافهتها للرجل فيما يتعلق بأحوال النساء، وجواز سماع صوتها للحاجة " [ينظر: فتح البار ي (1/410) ] .
وأخرج البخاري (1855) ، ومسلم (1334) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَر، ِ فَقَالَتْ: إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ". وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
قال الحافظ ابن حجر: "ويؤخذ منه جواز كلام المرأة وسماع صوتها للأجانب عند الضرورة، كالاستفتاء عن العلم والترافع في الحكم والمعاملة " [فتح الباري (4/70) ] .
وأخرج البخاري (5364) ، ومسلم (1714) عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَقَالَ: "خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ ".(12/325)
قال الحافظ ابن حجر: " استدل بهذا الحديث على جواز سماع كلام الأجنبية عند الحكم والافتاء "، [فتح الباري (9/509) ] .
وأخرج البخاري (7214) ، ومسلم (1866) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُبَايِعُ النِّسَاءَ بِالْكَلَامِ بِهَذِهِ الْآيَةِ: "لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا". قَالَتْ: وَمَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَ امْرَأَةٍ إِلَّا امْرَأَةً يَمْلِكُهَا ".
قال الحافظ ابن حجر: " في الحديث أن كلام الأجنبية مباح سماعه، وأن صوتها ليس بعورة، ومنع لمس بشرة الأجنبية من غير ضرورة لذلك. " [فتح الباري (13/204) ] .
وكان للمرأة إسهام كبير ودور فاعل في حمل العلم ونشره، وهذا ظاهر عند التأمل في تراجم أعلام النساء في كتب التراجم، فالمرأة التي امتنَّ الله عليها بالعلم والفقه في الدين عليها أن تسعى في تبليغه ونشره من خلال المجالات المناسبة، ومن ذلك المشاركة في الدروس والمحاضرات والندوات التي تقام للنساء، وتأليف الكتب المفيدة، والمقالات النافعة ونحو ذلك.
أما المشاركة في وسائل الإعلام مع المحافظة على الضوابط الشرعية الممكنة فهذا يحتاج إلى دراسة وافية ينظر فيه إلى ما يترتب على ذلك من المصالح، وما قد يحصل من المفاسد والمحاذير.
هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.(12/326)
الشك في عدد الطلقات
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة
التاريخ 2/5/1422
السؤال
ما الحكم في الشخص غير المتأكد هل طلق زوجته مرتين أو ثلاث فماذا عليه أن يعمل في هذه الحال؟
الجواب
إذا شك الزوج في وقوع أصل الطلاق أو شك في عدده فليبن على اليقين وعلى هذا إذا شك هل طلق أولا، فالاصل عدم وقوع الطلاق لأن النكاح أمر متيقن والطلاق مشكوك فيه ومن القواعد المقررة: أن اليقين لا يزول بالشك وإذا شك هل طلق واحدة أو اثنتين فليجعلها واحدة لأن هذا هو المتيقن.(12/327)
زوجتي متصوفة، فكيف أدعوها؟
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة
التاريخ 11/8/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
تعلمت العلم في السعودية وأتبع أقوال أهل العلم هناك، وفي بلدنا تختلف الفتاوى، وفيه كثير من البدع، وزوجتي صوفية ومعجبة بمشايخ الصوفية، وهي دائماً تنكر انتقادي للصوفية (الذين لا يوجد عندهم شطحات على حد زعمها) وهي تقول: لا يوجد في الأعمال بدع مثل الذكر الجماعي وحلقات الذكر، كما أنها لا تقتنع بفتاوى السعوديين وتصفهم بالمتشددين رغم بياني بالأدلة أن هذا ليس تشدداً وإنما عض على السنة بالنواجذ، وهي تنكر تكفير ابن عربي وهي تقول عنه إنه من أهل التقوى وهي مقتنعة بأن الصوفيين لديهم أدلتهم من الكتاب والسنة، وقد جاءت لي بكتاب عن حقائق التصوف وفيه أن السلف كانوا صوفيين، وأن الحاسدين دسوا في الصوفية ما ليس منها، وأن الصوفية منهج لحب الله وتوحيده.
هل أتركها على رأيها أم ماذا أفعل (وهي ترتدي الجلباب على الكتف ولا تقتنع بالعباءة على الرأس لأنهم في بلدنا لا يلبسونها وهي من لباس أهل الخليج فهل أتركها حيث إن بعضاً من لباسها على الموضة الرائجة في بلادنا؟ وقصة شعرها فيها تشبه بالكفار وبالرجال وهي لا تقصد التشبه، وهي تضع الخمار على وجهها ويرى كامل عينيها مع شيء من الجبين، وكذلك فإن المعطف الذي تلبسه مرتفع 5 سم عن الأرض حتى تستطيع السير به، ويظهر من تحته الحذاء وهي تعلق الشنطة على الكتف وقد قرأت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأمر النساء بإرخاء الجلباب شبراً حتى لا تنكشف القدمان. وهي تعتقد أن تلك الأمور معقودة على النية فليست في نيتها الفعل ونيتها حسنة، وهي تتبع المذهب الشافعي ولا تأخذ بغيره. وكذلك فأنا راع ومسؤول أمام الله عنها وأريد أن أطبق على بيتنا العلم الذي تعلمته في السعودية. فما العمل؟ هل الواجب على المرأة أن تتبع مذهب زوجها؟ وهل يجوز لي أن آخذ من كتب الصوفية ما كان فيه دليل صحيح أم الأفضل عدم قراءة كتب المبتدعة لمن علمه قليل؟
أطلب من زوجتي أن تغض النظر عن الرجال وعن التلفاز، ولكنها تقول إن النظر بدون شهوة، فهناك من يبيح النظر من الرجال للنساء والنساء للرجال إذا لم يكن هناك شهوة.
وقد قرأت حديثاً فيه أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تشاهد ما يفعله الحبشة والنبي -صلى الله عليه وسلم- يسترها. وقرأت حديثاً آخر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بعض أزواجه بغض النظر عن الأعمى فقال:" أعمياوان أنتما أفلا تريانه". فما الصواب؟
أحياناً أذهب لحضور مجلس علم مع زوجتي لأحد المشايخ وهو صوفي ولكننا لا نسمع منه شيئاً عن الطرق الصوفية، بل يذكر الدليل من الكتاب والسنة، فهل نتابع حضور المجلس؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فاعلم أن قِوام الدعوة والإصلاح: الصبرُ والحلمُ والأناة وحسن الخلق، وأن أسرع وأشد ما ينفّر من الداعية ويبعث على الاستيحاش منه أو معاندته لهو سوء الخلق والغلظة والفظاظة، وإليك جملة من النصوص التي يجب علينا جميعاً أن نتحلى بها في دعوتنا:(12/328)
"فبما رحمةٍ من الله لنتَ لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" [آل عمران: 159] .
"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" [النحل: 125] .
"ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين، ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظٍ عظيم" [فصلت: 33-35] .
وقال -صلى الله عليه وسلم-:"ما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه" مسلم (2594) .
أخي: لا بد أن تدرك جيداً أن هذا الخطأ الذي تراه في زوجتك ليس وليد يومٍ أو ساعة حتى تظن أن التغيير والإصلاح يتحقق في أقصر وقت، كلا! يجب أن تُدرك أن الأمر يحتاج صبراً جميلاً وحلماً واسعاً وحكمةً وتعقلاً.
إنّ هذه المظاهر الصوفية التي تراها في زوجتك هي نتاج نشأة طويلة في بيئةٍ تعزّزت فيها مظاهر الصوفية وطرقها، ومن ثَمَّ فلا عجب أن ترى في زوجتك بعض مظاهرها، وأن تجد منها محبةً وعصبيةً لها.
لا أقول هذا تسويغاً لواقعها ولا تهويناً لخطئها، كلا! ولكن حتى تكون واقعياً في دعوتها، ومن الواقعية: أن تأخذ المسألة بظروفها وأسبابها وما يحتفّ بها من مؤثرات ودعوات.
وهذه الواقعية تقتضي مراعاة الأمور التالية:
أولاً: اعلم أنه لا مندوحة لك عن التدرج في إصلاحها، فابدأ بالأهم فالأهم، فلا تُشغلك مسألة صغرى عن عظمى، فمثلاً: بدعة الذكر الجماعي ليست كبدعة المولد وما يلقى فيه من قصائد شركية، وتحلّ بالصبر والحلم والأناة، فالنجاح في التغيير مرهون بذلك.
ثانياً: اجتنب وأنت في بداية دعوتك لها مجابهتَها بسبِّ الصوفية - وإن كنا نعتقد ضلالها ونتعبد الله ببغضها-؛ ولكن على غرار قوله -تعالى-:"ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم" [الأنعام: 108] . فزوجتك متعلقة بها محبِةٌ لها، والإنسان يتعصب بداهةً لما نشأ عليه، فهو ابن بيئته، وهو عدوٌ لما جهل، واجتناب سب الصوفية في هذه المرحلة ليس ضرباً من السكوت عن الباطل أو مهادنته، وإنما لأجل ترويض نفسها على قبول الحق والانصياع إليه.
وأعرِضْ عن مسألة التكفير؛ فتغيير واقع زوجتك وإصلاح حالها لا يتوقف على تكفير الجماعات الضالة، وجنوحك إلى مثل هذه الأفعال في البداية يقطع عليك طريق هدايتها والتأثير فيها، بل ربما دفعها إلى معاندتك والإصرار على ما هي عليه.
ولا تشتغل بقضية التفضيل بين رموز الصوفية وعلماء السنة؛ فهذا يجعلها تراك خصماً لا حكماً، ومعارضاً لا مصلحاً، ويجعلها تراك واقعاً فيما حذَّرْتها منه، وهو التعصب للشيوخ والرموز، وفي ذلك مجلبة للضغينة والمشاتمة، ومشغلة بالحواشي عن الأصول والقشور عن اللباب.
ولتعلم أن التدرج في تربيتها على أصول السنة ومنهجها ضمين لك أن يجعل منها امرأة صالحة قادرة على تمييز الخبيث من الطيب، والسنة من البدعة، والحق من الضلال.
ثالثاً: ثمَّة أرض مشتركة بينكما ينبغي لك أن تستثمرها لاستمالة قلبها وتهيئتها لقبول ما لديك من الحق، ومن الخطأ أن تتجاوزها بحجة الاتفاق عليها والتسليم بها، فأنت في ساحة دعوة ولست في أرض معركة، ولا في مقارعة خصم.(12/329)
من جملة هذه القضايا مثلاً:
محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتوقيره وتعظيم سنته، والحرص على التأسي به، وفضل ذكر الله سبحانه واستغفاره.
وأنت بإثارتك لمثل هذه القضايا المسلَّمَة تستطيع أن تستميل قلبها إليك، وأن تنفي عنك تلك التهمة الملفّقة على الوهابية والسلفية، وهي: الجفاء في حق المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وإهمال الجانب الروحي، والغفلة عن الأذكار والأوراد ... إلخ
فأَعْظِمْ في قلبها محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتوقير سنته والتمسك بها.
اعلِمْها أن حب النبي لا ينحصر في همهمات الصلاة عليه إذا ذُكِرَ فحسب، وأن ذكر الله ليست فضيلته في كثرة لهج اللسان به، ما لم يكن صحيح المعنى، موافقاً لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبقلب حاضر خاشع.
رابعاً: اعلِمْها أن من مقتضى محبة المصطفى صلى الله عليه وسلم الغيرةَ على سنته، ومن الغيرة على سنَّته ألاّ يُنسب إليه حديثٌ إلا بعد التثبت من صحته، وهذا يستدعيك إشعارَها بأنه بكثرة الكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فليس كل ما يُروى عنه يعتبر صحيحاً، وكم من حديث يعمل به كثيرون ولا يُعرف له أصل.
إن أخذها على هذا المنهج، وتربيتها على هذا التوثق والتبين فيما يروى عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتنبيهَها إلى كثرة الأحاديث الضعيفة والموضوعة سوف يُغنيك ـ بإذن الله ـ عن أن تحتجَّ بفتاوى علماءٍ لم يعد في قلبها محل لقبول فتاويهم.
خامساً: عليك أن تربي أهلك على المسارعة إلى الرد لله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- عند الاختلاف عملاً بقوله -جل جلاله-:"فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً" [النساء: 59] .
ولا أرى من الحكمة في شيء أن تدعوها تحت غطاء الوهابية أو السلفية مثلاً، أو بنقل فتاوى علماء السعودية، فالأفضل والأبلغ والأدعى لقبولها أن تنقل لها فحوى تلك الفتاوى وما تضمنته من آيات بينات وأحاديث صحاح؛ فأنت بذلك تجعلها أمام أدلة شرعية صريحة صحيحة تحتم عليها الإذعان والتسليم، لا أمام فتاوى علماء لا تجد حرجاً أن تقدح في علمهم ومنهجهم.
وذكِّرْها بأن العصمة لا تكون إلا لله ولكتابه ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن غيرهم يخطئ ويصيب.
وأنت من خلال هذا تستطيع أن تزعزع في قلبها ثقتها العمياء بعلماء الصوفية ـ الذين تكن لهم عظيم التوقير والإجلال ـ دون أن تجابهها بسبهم أو لمزهم بالبدعة والضلالة (وهو حق لو قلته، ولكن من الحكمة السكوت عن بعض الأخطاء حتى تتهيَّأ فرصتها) ، فأنت ما زلت في أول طريق دعوتها وتصحيح منهجها.
ولك أن تتودد إلى قلبها بالقراءة عليها من صحيح سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وأحسب ذلك كفيلاً بأن يرفع ما قد يكون في نفسها من الوحشة والريبة فيما أتيتها به من منهجٍ متّهمٍ بعدم توقير النبي صلى الله عليه وسلم التوقير الواجب..منهجٍ سمعَتْ عنه أباطيل كثيرة شوَّهت صورته ونفَّرتْ عنه.
سادساً: بالنسبة لحجابها، لا أرى وجهاً لإلزامها بلبس العباءة على الرأس، ما دامت تضع على رأسها خماراً يستر وجهها ورأسها ونحرها، ويغطي منطقة الصدر الذي تحجِّمه عباءة الكتف. فإذا كان حجابها على هذا النحو فلا بأس.(12/330)
وأما كون حجابها لا يغطي قدميها، فلا بأس أيضاً بشرط أن تسترهما بالخفين أو الجوربين.
وأما تنقبها فجائز بلا شك، ولكن ينبغي ألاّ يزيد عن قدر الحاجة، وهو إظهار العينين، أما الجبين فيجب ستره على القول الراجح.
وأما مسألة قص الشعر فلا بأس به إذا كانت تقصد به التزين للزوج ما لم يصل إلى درجة الحلق أو التشبه بالرجال.
وعليك في كل مخالفة تراها فيها: أن تنكر عليها بالرفق واللين وسياسة النفس الطويل والصبر الجميل.
سابعاً: لا يجب عليها غض بصرها عن الرجال إلا إذا خشيت الفتنة بهم، وتقدير هذا راجع إليها هي، لا إلى ظنونك التي قد تسرع إليها الاحتمالات السيئة، ويدل للجواز حديث عائشة الذي ذكرته، وكذلك أحاديث كثيرة غيره.
أما حديث (أفعمياوان أنتما) فهو ضعيف لا تقوم بمثله حجة.
ثامناً: أما سؤالك عن القراءة في كتب الصوفية، فلا أرى من حاجة داعية إلى ذلك، حتى ولو كان فيها حق كثير؛ فما في كتب أهل السنة من السلف الصالح وتابعيهم ما يغنيك عن كتب أولئك، لا سيما أن فيها من المزالق والضلالات ما قد تحسبه خيراً وسنة، فما أغناك عنها، وما أحوجك إلى كتب أهل السنة.
تاسعاً: بالنسبة لحضورك مجلس عالم من علماء الصوفية، فلا أستطيع أن أعطيك فيه جواباً قاطعاً؛ لأن التصوف دركات، والمنتسبون أو المنسوبون إليها مختلفون في تصوفهم متفاوتون.
ومجرد كونه لا يخرج عن أدلة الكتاب والسنة لا يكفي؛ لأنه قد يستدل بدليل من الكتاب بتأويل وتعسُّف لا يحتمله لفظ الآية، وقد يستدل بأحاديث واهية أو ضعيفة، حتى ولو أسندها؛ لأن كثيراً من الأحاديث مسندة مروية، ومع ذلك فمنها الواهي والمنكر والضعيف، ولكن القاعدة في ذلك أن يُتثبَّت من صحة تلك الأحاديث ومعرفة من خرَّجها من أهل السنن والآثار المعتبرين من جملة السلف الصالح.
وفقك الله لكل خير، وأعانك على إصلاح حالك وإصلاح زوجك، وأسأله أن يهب لك من زوجك وذريتك قرة أعين، وأن يجعلك للمتقين إماماً.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/331)
متى يكون للمرأة نصف ماللرجل؟
المجيب د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة
التاريخ 22/9/1423هـ
السؤال
ما الأشياء التي تكون المرأة فيها بنصف الرجل؟ ولماذا خصصت هذه الأشياء فقط؟
الجواب
الأمور التي يكون للمرأة فيها نصف ما للرجل ثلاثة: 1- بعض حالات الإرث. 2- الشهادة. 3- الدية.
(1) الإرث:
أعطى الإسلام المرأة حق الإرث ولم يحرمها كما هو الحال عند بعض الأمم والشعوب قبله، بل أثبت حقها ونصيبها في أحوالها المختلفة أماً وأختاً وبنتاً وزوجة، فهي في بعض الحالات قد تأخذ أكثر من نصيب الرجل كما لو مات رجل عن بنت وزوجة وأم وأب، فالبنت ترث النصف، والأم السدس، والزوجة الثمن، وللأب السدس والباقي، والمسألة من أربعة وعشرين للبنت اثنا عشر، والأم أربعة، وللزوجة ثلاثة، وللأب خمسة.
الحالة التي ترث فيها المرأة نصف ميراث الرجل، فهي البنت وبنت الابن مع إخوانها الذكور، وكذلك الأخت الشقيقة والأخت لأب مع إخوانها الذكور، فهي ترث في هذه الحالة نصف ما يرث الذكر، قال -تعالى-:"وإن كانوا إخوة رجالاً ونساءً فللذكر مثل حظ الأنثيين" [النساء:176] والله -عز وجل- حينما شرع ذلك وفرضه بعلمه وعدله حقق به العدل بين الرجل والمرأة وأعطاها ما يتناسب مع ما شرعه لها من حقوق أخرى حيث كلف الرجل بالإنفاق عليها بنتاً كانت أو زوجة.
فالرجل هو الذي يدفع المهر عند الزواج، وهو الذي يؤسس بيت الزوجية شراء أو إيجاراً أو بناءً ثم تأثيثاً وتجهيزاً، وهو المكلف بالإنفاق على الزوجة والأبناء.
أما المرأة فهي التي تأخذ المهر، ولا تنفق على نفسها وأولادها ولو كانت غنية، فلا يجب عليها ذلك.
فقد أكرمها الله أيما كرامة حينما أعفاها من الإنفاق وأوجبه على الرجل وأعطاها نصف إرث الرجل أيضاً.
(2) الشهادة:(12/332)
شهادة المرأة في عقد المداينة والتعامل المالي على النصف من شهادة الرجل، وقد جاء بيان السبب مذكوراً في الآية التي بينت الحكم وهي آية المداينة أو الدين، قال -تعالى-:" وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى" [البقرة:282] فالسبب هو: أن تضل إحداهما، ومعنى أن تضل: أنَّ الضلال ينشأ من أسباب كثيرة، فقد ينشأ من قلة خبرة المرأة بموضوع التعاقد مما يجعلها لا تستوعب كل دقائقه وملابساته، ومن ثم لا يكون من الوضوح في عقلها بحيث تؤدي عنه شهادة دقيقة عند الاقتضاء، فتذكرها الأخرى بالتعاون معها على تذكر ملابسات الموضوع كله، وقد ينشأ من طبيعة المرأة الانفعالية، فإن وظيفة الأمومة العضوية البيولوجية تستدعي مقابلاً نفسياً في المرأة حتماً، إذ تستدعي أن تكون المرأة شديدة الاستجابة الوجدانية الانفعالية لتلبية مطالب نفسها بسرعة وحيوية لا ترجع فيهما إلى التفكير البطيء، وذلك من فضل الله على المرأة وعلى الطفولة، وهذه الطبيعة لا تتجزأ، فالمرأة شخصية موحدة هذا طابعها حين تكون امرأة سوية، بينما الشهادة على التعاقد في مثل هذه المعاملات في حاجة إلى تجرد كبير من الانفعال، ووقوف عند الوقائع بلا تأثر ولا إيحاء، ووجود امرأتين فيه ضمانة أن تذكر إحداهما الأخرى إذا انحرفت مع أي انفعال فتتذكر وتفيء إلى الوقائع المجردة.
(3) الدية.
دية المرأة على النصف من دية الرجل في حال ما إذا قُتلت خطأ أو عمداً وقبل ورثتها الدية، حيث إنه إذا قَتل رجلٌ امرأةً عمداً ولم يقبل ورثتها الدية فَيقُتل الرجل قصاصاً، وقد اتفق الفقهاء على ذلك عدا النادر منهم، على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل عملاً بالمنقول من الأحاديث النبوية، ومنها: ما أخرجه البيهقي (8/95) عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- مرفوعاً قال:"دية المرأة نصف دية الرجل" لماذا أو ما الحكمة؟ يقال في ذلك: إن القتل الخطأ يوجب التعويض المالي ويجب أن يراعى في التعويض المالي مقدار الخسارة المالية وتفاوتها عند الأسرة إذا فقدت الرجل أو المرأة.
فإن الأولاد الذين قُتل أبوهم خطأ، والزوجة التي قُتل زوجها خطأ فقدوا معيلهم الذي كان ينفق عليهم ويسعى لأجلهم، أما الأولاد الذين قتلت أمهم خطأ والزوج الذي قُتلت زوجته خطأ إنما فقدوا الناحية النفسية والمعنوية التي لا يمكن أن يكون المال تعويضاً عنها، فالدية في الإسلام ليست تقديراً لقيمة الإنسانية في القتيل، لكنها تقدير لقيمة الخسارة المادية التي لحقت أسرته بفقده، وإلا فإن قتل المرأة باعتبارها نفساً كأنه قتل للناس جميعاً، "من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً" [المائدة:32] .(12/333)
المساواة في الهبة بين الأولاد
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة
التاريخ 16/12/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
قام والدي بشراء قطعة أرض ومنحها لي ولأخي دون أخت لي متزوجة وأخرى متخلفة عقلياً، وقد سبق وأن قام أبي بتوزيع جزء كبير من أمواله علينا للمساهمة في تكاليف زواجنا جميعاً مع تمييز الذكور نظراً للتكاليف المطالبين بها التي تفوق كثيراً الإناث. كما منح أبي أمي بعضاً من هذه الأموال، والسؤال:
أختي تطالب بنصيبها من ثمن بيع الأرض التي بيعت منذ ثلاث سنوات وقرر أبي أن نعطيها حصة عبارة عن سبع قيمة الأرض على أساس أن الأموال تقسم على 7 حصص (2 ذكور + 2 إناث + أمي) وللذكر مثل حظ الأنثيين. فهل هذا يجوز؟ أم يجب التسوية بين الأبناء في العطية؟ علماً بأن شقيقتنا متزوجة من رجل ثري وليست مطالبة بتحمل تكاليف الحياة مثلنا؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فللزوج أن يهب زوجته من ماله ما شاء، ولا يلزمه إذا أعطاها شيئاً أن يهب لغيرها من ورثته.
أما الأولاد فإنه يلزم العدل بينهم في العطية بقدر إرثهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن فضل بعضهم فأعطاه ومنع غيره أو أعطاه أكثر وجب عليه أن يرجع أو يزيد المفضول ليحصل العدل لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" البخاري
(2587) ومسلم (1623) متفق عليه وعليه فإن الظاهر أن ما قرره والدكم هو الواجب، فتقسم قيمة الأرض، أما نفقة زواجكم فإن كان ذلك لعجزكم عن تحملها فلا يجب عليه أن يعطي أختكم مثل ما أعطاكم لأن ذلك من النفقة الواجبة عليه، والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.(12/334)
إعطاء الأم مالها لأحد أبنائها
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة
التاريخ 7/4/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد أعطت جدتي لأمي جميع مالها وهي على قيد الحياة، وكانت أمي تنوي أن تعطي إخوتها أسهمهم من هذا المال بعد وفاة أمها، لكن أمي توفيت قبل جدتي وورثتُ المال من أمي مع إخوتي.
وفي ذلك الوقت عرضنا على إخوة أمي أن نعطيهم من المال لكنهم رفضوه. والآن بعد ثماني سنوات من وفاة أمي يطلبون المال.
ما حكم طلبهم هذا في شريعة الإسلام؟
هل تتحمل أمي مسؤولية خطأ جدتي؟
هل ينبغي أن نعطي إخوة أمي سهمهم من المال الآن؟
الجواب
الحمد لله وبعد:
فقد ثبت في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير في قصته؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم"، وفي بعض الروايات لما أراد والد النعمان أن يشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أعطيته للنعمان دون سائر ولده قال: "لا تشهدني على جور"، فسماه جوراً وظلماً، وقد ألحق كثير من العلماء الأم بالأب في وجوب العدل ومنع التفضيل بينهم، لأن العلة واحدة. فالجدة قد ارتكبت خطأً حين خصت أمك بهذا المال دون غيرها من أولادها.
وإذا كان الذي أعطته من المال هو جميع ما تملك فهذا أشد في الخطأ.
وكان على أمك ألا تقبل اختصاصها بذلك، أو تعطي بقية إخوتها من المال.
وقد أحسنتم حين عرضتم على إخوتها حقهم، ولكن إذا ثبت حقاً أنهم قد تنازلوا كلهم عن هذا المال فقد سقط حقهم، وليس لهم الرجوع مرة أخرى فيما تنازلوا عنه.
ولكن لابد من التأكد من حقيقة تنازلهم، وكذلك من تنازل منهم ممن لم يتنازل فيقبض حقه.
وهذا كله فيما يلزم شرعاً وقضاءً، وأما من حيث الإحسان فلا شك أن تطييب خواطرهم بما يتيسر أولى؛ وهو من صلة الرحم التي لا يخفى فضلها وثوابها.
وفق الله الجميع وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.(12/335)
خدمات تنسيق الزواج عبر الوسطاء
المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب
أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة
التاريخ 11/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
كما تعلمون- أحسن الله إليكم- أنه قد انتشرت في الآونة الأخيرة خدمات تنسيق الزواج، سواء عبر أشخاص (وسطاء) أو عن طريق مواقع على الإنترنت. والسؤال: ما حكم ذلك- أثابكم الله؟ مع العلم أنه يتم الاتفاق المبدئي بين طرفي الزواج (الشاب والفتاة) ، إما مباشرة من خلال المواقع وإما عن طريق وسطاء، ولا أعلم إن كان مثل هذا الاتفاق يكون بعلم ولي الفتاة أم لا، وبعد الاتفاق المبدئي يقوم الشاب بالتقدم لخطبة الفتاة.
ملاحظة: العذر المتعارف في استخدام مثل هذه الطرق هو تعذر استخدام الطريقة التقليدية في الزواج لما فيها من رسميات، وكون هذه الوسيلة أسهل في إذابة عقبات الزواج التي تواجه كلاًّ من الفتيات والشباب.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فأفضّل أن يقوم بهذه الخطبة وهذا الزواج رجال مؤتمنون على دينهم ودين من يتعاملون معه، أما هذا الزواج ففيه محاذير كثيرة، خاصة إذا كان الاتصال بين الشاب والفتاة عن طريق الشبكة؛ فكل منهما يرى صاحبه، والعواقب غير مضمونة، فقد تغتر الفتاة بالشاب ووسامته وماله، ثم تخرج معه من باب التعرّف واحد منهما على الآخر، كما يشاع الآن، فيقع المحظور، فالواجب أن يكون كل شيء واضحًا أمام ولي أمر الفتاة، وإذا كان الولي على علم بهذا الزواج وحضر الشهود وأجري العقد كما أمر الله تعالى- فلا أرى بأسًا- إن شاء الله تعالى- والزواج صحيح. والله أعلم.(12/336)
ظهور مرض معدٍ بأحد الزوجين
المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة
التاريخ 7/3/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ: زوجان مسلمان يعيشان مع بعضهما فترة من الزمان، ثم ظهر في أحدهما مرض من الأمراض المعدية المهلكة، مثل إيدز وما شابهه، فما الحل بينهما؟ هل يلزمهما الفراق؟ أو يحق للمرأة طلب الفراق؟ وإذا بقيا مع البعض، هل يأثمان أم لا؟ أفتونا -مأجورين، وجزاكم الله خيراً-، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن الأمراض المعدية التي تظهر بأحد الزوجين بعد أن عاشا مع بعض فترة من الزمن لا يخلو من أحد حالين:
الحالة الأولى: أن يكون ذلك المرض من الأمراض التي يمكن الوقاية منها بأخذ التطعيمات التي تقي - بإذن الله عز وجل- من ذلك المرض، فهذا النوع لا تأثير له، ويمكن أن يعيش الزوجان معاً، ويستمتع كل منهما بالآخر، كما كانا قبل ذلك المرض.
الحالة الثانية: أن يكون من الأمراض التي لا يمكن الوقاية منه، وتنتقل عن طريق المعاشرة الزوجية كالإيدز - عافانا الله، وإخواننا المسلمين- فهذا النوع لا يحل لأحد الزوجين كتمانه عن الآخر؛ لأن ذلك يفضي إلى الإضرار بالآخر، بل لو تعمد أحدهما نقله إلى الآخر كان هذا جريمة قتل عمد، ولو أنه لا يقتل في الحال لكنه يفضي به إلى الهلاك، ولا يحل للزوجة إذا كان الزوج هو المصاب أن تمكنه من نفسها، وكذا الحال بالنسبة للزوج؛ لأنه لا يحل لأحد أن يلحق الضرر بنفسه، ولا بغيره، وقد قال -تعالى-: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" [البقرة من الآية: 195] ، وقال - عز وجل-: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً" [النساء من الآية: 29] ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار". والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/337)
ألا يستحب الطلاق في هذه الحالة؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة
التاريخ 22/08/1425هـ
السؤال
زوجان تزوجا منذ (50 سنة تقريبًا) ، وقريباً سيصبحان جدين ملتزمين بواجباتهم الشرعية، حياتهما بدأت بالمشاكل وانتهت بمشاكل، فكروا كثيرًا بالطلاق (ولكن قدَّر الله وما شاء فعل) ، لا يربطهما إلا الأبناء والعقد الشرعي، كبر الأبناء ولم يتبق إلا الطفل الأخير عمره 11 سنة (طفل حسَّاس جدًا وحزين) ؛ لأنه ترعرع في جو كله مشاكل، السؤال: هل يجوز للزوج والزوجة أن يستمرا على هذا الحال، حفاظًا على مشاعر الابن الأصغر؟ أم الأفضل أن يفترقا؟ مع العلم أن الطرفين مستغنيان عن جميع حقوقهما الشرعية -أي برضاهما -، والزوج لم يعد يسكن مع الزوجة والأبناء (متزوج) ، يعني هاجر البيت هجرة تامة، والزوجة موافقة، وليس لديها مانع، لكنه لا يقصر معهم بأي شيء، ودائم السؤال عنهم وعن احتياجاتهم العاطفية والمادية، وكل من الزوجين له حياته، وناجحان فيها بتفوق، في الوقت الحالي متخاصمان، الزوجة تظهر وتدخل، لا تستأذن من الزوج، وما له حقوق عندها، وهو أيضاً لا يعدل بينها وبين باقي زوجاته، وإن كان يجوز بقاؤهما على هذا الحال ولكن بشروط فاذكروهما لنا بالتفصيل، فهذين الزوجين من أقاربي. جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:(12/338)
فمن ثمرات الزواج المعاشرة بالمعروف؛ قال تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً" [النساء: من الآية19] ، وقال تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ" [البقرة: من الآية228] ، أي ولهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن لهم من الطاعة فيما أوجب الله -تعالى- ذكره له عليها، انظر: تفسير الطبري (2/453) ، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما-: (إني أحب أن أتزين للمرأة، كما أحب أن تتزين لي؛ لأن الله -تعالى- يقول: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف") رواه ابن أبي حاتم (2/417) ، وابن جرير في التفسير (2/453) ، وعن جابر - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبته في حجة الوداع: "فاتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" رواه مسلم (1218) ، وفي حديث حكيم بن معاوية عن أبيه - رضي الله عنه- أنه قال: (يا رسول الله: ما حق زوجة أحدنا؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت" رواه أحمد (5/3) ، وأبو داود (2140) ، والنسائي في الكبرى (9171) ، وصححه الدارقطني، التلخيص الحبير (4/7) ، وقد نص الفقهاء في كتب الفقه على حقوق الزوجين، والتي يجدها من يرجع إليها، ومع ذلك فلكل واحد من الزوجين أن يسقط حقه تجاه الآخر برضاه؛ فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (خشيت سودة أن يطلقها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت يا رسول الله: لا تطلقني، واجعل يومي لعائشة، ففعل، ونزلت هذه الآية: "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً") [النساء: من الآية128] ، قال ابن عباس- رضي الله عنهما-: (فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز) رواه الترمذي (3040) ، والطيالسي (2683) ، والبيهقي (7/297) ، وحسّنه الترمذي، وأخرج أبو داود (2135) ، والبيهقي (7/74) ، عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يفضل بعضنا على بعض في مكثه عندنا، وكان يطوف علينا يومياً من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ إلى من هو يومها فيبيت عندها، ولقد قالت سودة بنت زمعة- رضي الله عنها- حين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: يا رسول الله: يومي هو لعائشة، فقبل ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت عائشة - رضي الله عنها-: فأنزل الله في ذلك: "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً") [النساء: من الآية128] ، وإن تمكنتِ - أختي السائلة- في محاولة الجمع بينهما فأنت على خير كثير؛ عن أبي الدرداء - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ " قالوا: بلى، قال: "إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة") رواه أحمد (6/444) وأبو داود (4919) ، والترمذي (2509) ، وقال: حديث صحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: "أفضل
الصدقة إصلاح ذات البين" رواه عبد بن حميد (335) ، من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما-، وحسّنه المنذري في الترغيب (3/321) . والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/339)
حملت من غير زوجها!
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة
التاريخ 03/03/1426هـ
السؤال
ما حكم امرأة حملت من رجل غير زوجها؟ وكيف التعامل معها من طرف زوجها أو أهل الزوج؟ مع العلم أن الزوج يعلم أن الابن ليس ابنه لكنه صامت، ولا ندري لماذا، ربما سُحِرَ، ماذا نفعل؟ وجزاكم الله ألف خير.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن الحمل لصاحب الفراش وهو الزوج ما لم ينفه؛ لما روته عائشة - رضي الله عنها- قالت: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ. قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَقَالَ: ابْنُ أَخِي قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ. فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَتَسَاوَقَا إِلَى -النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِي كَانَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ". ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ". رواه البخاري (2053) ، ومسلم (1457) .
أما إن نفاه الزوج وأنكرت الزوجة فيسقط عنه الحد باللعان، فإن لاعنها لم ينسب إليه الولد؛ قال تعالى: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ" [النور:6-9] .
وروى سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه- أن عويمرا العجلاني قال: "يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِك، َ فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا". قَالَ سَهْلٌ: فَتَلَاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ. رواه البخاري (5259) ، ومسلم (1492) .
قال ابْنُ شِهَابٍ: "فَكَانَتْ السُّنَّةُ بَعْدَهُمَا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَكَانَتْ حَامِلًا، وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى لِأُمِّهِ، قَالَ: ثُمَّ جَرَتْ السُّنَّةُ فِي مِيرَاثِهَا أَنَّهَا تَرِثُهُ وَيَرِثُ مِنْهَا مَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ" انظر صحيح البخاري (5309) ، ومسلم (1492) .
وأوصي - أخي السائل- وغيره ألا يتعجل في قذف المرأة؛ فالقذف -كما لا يخفى- كبيرة من كبائر الذنوب، قال تعالى: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [النور:4] ، وقال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [النور:23] ، وبما أن صاحب الشأن -وهو الزوج- ساكت، فقد يكون سكوته لعدم ثبوت ذلك عنده، كما يجب عليكم نصح الزوجة بالابتعاد عن مواطن الشبهات، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(12/340)
تسجيل الأب جزءاً من ماله لأحد أبنائه
المجيب سليمان بن عبد الله القصير
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة
التاريخ 3/6/1425هـ
السؤال
هل يجوز لأبي أن يسجل جزءاً من أمواله لأحد أبنائه تفادياً لحدوث مشاكل؟.
الجواب
بسم لله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
تسجيل جزء من المال لأحد الأبناء يعتبر عطية أو هبة، وتفضيل أحد الأولاد بهبة لا يجوز، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم- عن هذا، فعن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما- قال: أعطاني أبي عطية؛ فقالت أمي: لا أرضى حتى تشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أعطيت ابني عطية، وأريد أن أشهدك يا رسول الله، قال: "أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ " قال: لا قال: " فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم "، قال: فرجع أبي فرد عطيته.
وفي رواية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " فأشهد على هذا غيري، فإني لا أشهد على جور " ثم قال: " أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء " قال: بلى، قال: " فلا إذا ". أخرجه البخاري (2586) ومسلم (1623) .
فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث أن تفضيل أحد الأولاد بهبة جور أي ظلم، وقال: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم". والأولاد يشمل الذكور والإناث، وبيَّن أن العدل في الهبة سبب في أن يكونوا في بر أبيهم سواء؛ لأنه ليس في قلوبهم حقد على أبيهم بسب تفضيل بعضهم على بعض، ونص العلماء على أنه لا يجوز التفضيل لأحد الأولاد بهبة، ولو كانت بمبلغ زهيد كدرهم ونحوه.
وقول السائل إن هذا التسجيل خوفاً من حدوث مشاكل، ولم يبين ما هذه المشاكل، فإن كان يقصد أن الابن الكبير يأخذ ميراث الصغير فلا شك أن هذا قد يقع في بعض الأماكن والله المستعان، ولكن الحل ليس في تفضيل الصغير من الأولاد بهبة؛ فهذا هو الذي يسبب المشاكل، ويوغر صدور بعضهم على بعض، ولكن إذا كان يخاف وقوع مثل هذا الشيء فالحل في نظري أحد أمرين: إما أن يسجل لهم جميعاً ويسوي بينهم، ويجعل للذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث. وإما أن يعين وصيَّاً يثق به على تركته بعد موته، وهذا الوصي يقوم بقسمة التركة بينهم وتحت نظر المحكمة.
وننبه هنا إلى أن المراد (بالعطية) التبرع المحض وليس النفقة؛ فالنفقة من الأب، وعليه أن يعطي كل ولد من أولاده ما يحتاج، فلو قدرنا أن له ابناً يدرس في كلية، ويحتاج إلى كتب ومراجع، وله ابن آخر لا يدرس، فلا بأس إذا أعطى الأول ما يحتاج ولم يعطِ الثاني، وكذا لو مرض أحدهم واحتاج إلى دواء، فيعطيه دون الآخرين.
والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(12/341)
حد اليتم
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة
التاريخ 20/08/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدينا جمعية خيرية تهتم بالأيتام وتقدم لهم الغذاء والكساء، ونريد من فضيلتكم الإجابة على بعض الأسئلة.
أولاً: ما السن التي ينتهي بها حد اليتم ويرفع عنه اسم اليتيم؟
ثانياً: حددنا سلة غذائية لكل يتيم تصل إليه عن طريق مندوبنا قيمتها ثمانون ريالاً، ثم تبين لنا أن الغذاء كثير جداً عندما يكون في البيت الواحد عدة أيتام، وسؤالي هل نصرف مصروفات بعض الأيتام في هذا البيت غذاء، والبعض الآخر يصرف في أشياء أخرى مثل أدوات التنظيف؛ بحيث يستفيد جميع الأيتام؟ وجزاك الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ينتهي اليتم بالبلوغ، وعلامات البلوغ عند الذكر والأنثى نبات الشعر الخشن حول القُبل، والاحتلام، وبلوغ خمس عشرة سنة، وتزيد البنت بالحيض، فهذه علامات البلوغ ولا يلزم صرف ما حددت بالنسبة للسلة، فقد تكون السلة لليتيم الواحد مناسبة، وإذا اجتمع مجموعة من الأيتام في بيت واحد فقد يكفي الخمسة ما حدد للثلاثة ونحو ذلك. والله أعلم.(12/342)
تفضيل أحد الأولاد مكافأة لمعروفه
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة
التاريخ 04/08/1425هـ
السؤال
شخص مسلم، لديه ثروة يريد أن يميز أحد الأبناء في حياته؛ وذلك لأن الولد ساعده في زيادة ثروته، هل يجوز ذلك شرعًا، في حياته أو بعد مماته؟ وشكرًا.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
أما العطية في حال الحياة لبعض الأولاد دون بعض، فإنها مكروهة بلا خلاف، كما في المغني (8/258) ، واختلف العلماء في التحريم، فذهب الجمهور إلى الكراهة، وذهب الإمام أحمد إلى التحريم - وهو الأصح من القولين بلا ريب؛ للنصوص الصحيحة الصريحة في هذا، ومنها حديث النعمان بن بشير، رضي الله عنه، قال: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ ". قَالَ: لَا. قَالَ: "فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ". قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ ... أخرجه البخاري (2587) ، ومسلم (1623) ، واللفظ للبخاري، وفي لفظ لمسلم (1623) : قال- يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم-: "أَيَسُرُّكَ أنْ يَكُونُوا إليكَ في البِرِّ سَوَاءً؟ ".قال: بلى. قال: "فَلاَ إِذًا". هذا إذا كان تخصيص بعض الأولاد دون مسوغ شرعي، أما لو خص الأب بعض أولاده بالعطية لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بمرض لا يقوى معه على العمل، أو كثرة عائلة لم يقدر على كفايتها، فإنه يشرع له ذلك، وبهذا صرح غير واحد من أهل العلم، ومنهم ابن قدامة في المغني (8/258) استدلالاً بقصة أبي بكر مع عائشة، رضي الله عنهما، ولأن اختصاص البعض كان بسبب معنى يقتضي العطية، فاختص بها دون غيره.
وبناءً عليه، فإذا كان ذلك الولد، الذي ساعد والده في ثروته، قد فعل ذلك من باب البر والإحسان غير ناوٍ المعاوضة من والده، فإنه لا يستحق شيئًا يختص به دون إخوته، وأجره على الله تعالى.
أما لو كان قد قام بذلك العمل بنية المعاوضة، وقصد والده مكافأته لذلك، دون محاباة، ولا قصد تفضيله على إخوته، فإنه يجوز له ذلك، والأمر راجع إلى الذمة، وما يعلمه الوالد من نفسه، هذا بالنسبة للعطية في حال الحياة.
أما الوصية لما بعد الممات، فقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (31/308-309) ، أنه لا يجوز الوصية لبعض الأولاد دون بعض بإجماع العلماء، وإذا فعل، فلا يجوز تنفيذها بدون إجازة بقية الورثة. والله تعالى أعلم.(12/343)
هل دية المرأة على النصف من دية الرجل
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة
التاريخ 30/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشايخنا الفضلاء هل صحيح ما ذكره الدكتور / يوسف القرضاوي من أن دية المرأة المسلمة في القتل الخطأ ليست على النصف من الرجل وهي مسالة اجتهادية وينبغي أن تكون كدية الرجل تماما وهذا هو الذي يتفق مع تكريم المرأة
نرجو التوضيح وجزاكم الله خيرا.
الجواب
ما نفاه فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي في حديثه عن دية المرأة المسلمة في الخطأ، وأنها ليست على النصف من الرجل، مسألة مستندها جملة (دية المرأة نصف دية الرجل) تنسب إلى حديث عمرو بن حزم الأنصاري في كتاب كتبه له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما بعثه إلى نجران - والحديث في أسانيده كلها نظر- قال الحافظ ابن كثير في التفسير: (وهذه وجادة جيدة قد قرأها الزهري وغيره، ولا ينبغي الأخذ بها، وقد أسنده الدارقطني عن عمرو بن حزم وعبد الله بن عمر وعثمان بن أبي العاص وفي إسناد كل منها نظر) ، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير على جملة (دية المرأة نصف دية الرجل) (هذه الجملة ليست في حديث عمرو بن حزم الطويل، وإنما أخرجها البيهقي في السنن الكبرى من حديث معاذ بن جبل، وقال إسناده لا يثبت مثله) ، وقد تتبعت طرق وأسانيد حديث عمرو بن حزم المشار إليه في كتب السنة، ولم أجده مسندًا مرفوعًا إلى رسول الله بطريق صحيح، فضلاً عن أن الجملة المذكورة لا توجد في الحديث، مع أن (الوجادة) أضعف طرق تحمل الرواية عند المحدثين. والغريب أن ابن قدامة في كتابه (المغني) حكى عن ابن المنذر وابن عبد البر الإجماع على أن دية المرأة على النصف من الرجل، واستند إلى هذه الجملة التي لا توجد في حديث عمرو بن حزم، في حين رد على بعض المخالفين في تنصيف الدية، ووصف رأيهم بالشذوذ مع استدلالهم بجملة في حديث عمرو بن حزم موجودة في كل رواياته تقريبًا وهي (في النفس المؤمنة مائة من الإبل) فقد استدل لرأيه من الحديث بجملة مفقودة وحكم بشذوذ رأي مخالفيه باستدلالهم بجملة من الحديث موجودة، مع أن الحديث في صحة ثبوته نظر فضلاً عن الجملة موضع الخلاف حيث لا توجد في الحديث أصلاً، وما حكاه ابن المنذر وابن عبد البر من الإجماع عن النصف في دية المرأة إجماع لا يحتج به؛ لأنه إجماع في المذهب الواحد، وقد نبّه شيخ الإسلام ابن تيمية عن إجماعات ابن المنذر وابن عبد البر والنووي، حيث يذكرون الإجماع ثم يعقبونه بذكر الخلاف مما يدل على أنهم إنما يقصدون الإجماع داخل المذهب لا غير. والقرآن الكريم ليس فيه دليل على تنصيف الدية بين الرجل والمرأة، ولم يثبت في ذلك حديث صحيح، وكل ما فيه حديث عمرو بن حزم.(12/344)
أما ثبوت أصل الدية -وأنها مائة من الإبل مختلفة الأسنان، وتقوّم أثمانها بالنقد والأعيان من زمن إلى آخر- فلا شك في هذا، بل إن جملة (في النفس المؤمنة مائة من الإبل) في حديث عمرو بن حزم ما يوصي بمساواة دية المرأة بدية الرجل؛ لأن كلاً منها نفس مؤمنة، وأيضًا ثبوت القصاص بين الرجل والمرأة دليل قوي بالمساواة بالدية عند عدم القصاص كقتل الخطأ وشبه العمد، وقياس الجمهور دية المرأة على تنصيف الميراث مع الرجل قياس مع الفارق والعبادات والمقدرات لا يدخلها القياس. ومع هذا فإن ظواهر الأدلة مع ما يقوله الشيخ يوسف القرضاوي، ولكن حقيقة الأمر والصواب فيما يظهر لي -والله أعلم- مع القول بأن دية المرأة المسلمة في قتل الخطأ على النصف من الرجل لأمور منها:
1- إجماع الصحابة على هذا الأمر -أي التنصيف- حيث لم ينقل عن أحد منهم قال بخلافه، ثم اتفاق الأئمة الأربعة على هذا بمثابة الإجماع أيضًا، والإجماع عند العلماء أقوى من النص، فهو ينسخ ولا يُنسخ؛ لأنه لا يكون إجماعًا إلا وهو مستند على نص شرعي، سواء علمنا هذا النص أو جهلناه.
2- يوجد بعض أحاديث لم تصح نسبتها إلى الرسول، بل لم يوجد لها إسناد أصلاً، وقد اعتمدها العلماء كحديث (لا وصية لوارث) مع أنه لا يوجد له إسناد، ومع ذلك قالوا: إنه نسخ آية "كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ" [البقرة:180] . فحديث عمرو بن حزم وإن ضعف إسناده فقد تلقاه العلماء بالقبول فيجب الأخذ به -سواء وجدت هذه الجملة أو لم توجد- (دية المرأة نصف دية الرجل) وربما يوجد كتاب عمرو بن حزم كاملاً في المستقبل وفيه هذه الجملة موضوع البحث فيرتفع الخلاف حينئذ.
3- قال العلماء المحققون كابن تيمية والسبكي وابن عبد السلام (إن شهرة الحديث تغني عن إسناده) فاخذوا بأحاديث في أسانيدها نظر، كحديث (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) ، وحديث (ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن) ، وحديث (اختلاف أمتي رحمة) ولا يوجد له إسناد البتة، وحديث معاذ لما أرسله الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن قاضيًا (بم تحكم قال بكتاب الله ... الحديث) بل جعله العلماء دليلاً ومستندًا (للقياس) أحد أركان التشريع الأربعة مع ضعف إسناده.
4- إذا كان الناس عملوا بعمل -زمنا أو أزماناً- وهذا العمل لا يخالف نصًا صريحًا من القرآن أو السنة فإن نقلهم عنه أو الإنكار عليهم لا يجوز، وهذا يسمى عند العلماء (عمل الناس) والمراد بالناس العلماء، حيث هم قادة الأمة، ولهذا كثيراً ما يقول العلماء في كتبهم مثل هذا، فالإمام الترمذي مثلاً يذكر الحديث في سنته ويبين ضعفه أحياناً ثم يقول:"ولكن عمل الناس عليه". وقال في كتابه (العلل) كل ما في كتابي (السنن) ثابت يعمل به ما عدا أربعة أحاديث وذكرها. والمالكية جعلوا (عمل أهل المدينة) أصلاً من أصول التشريع بعد القرآن والسنة وقدموه على الإجماع والقياس.
والخلاصة في الأمر أن ظواهر الأدلة مع الشيخ يوسف القرضاوي ومن وافقه ولكن لا أرى مصلحة في إثارتها في الوقت الحاضر، وعدم الخروج على ما أجمعت عليه الأمة عملياً منذ قرون خير من رأي يشوش على الناس ويهدم ولا يبني، والله أعلم.(12/345)
حق المرأة في الفسخ إذا طالت غيبة الزوج
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة
التاريخ 28/05/1426هـ
السؤال
زوجي مختف منذ خمسة عشر عاماً، وأولادي متزوجون ومشغولون عني، والوحدة تقتلني، ولكنني لا أرغب في الزواج لتعقيد ظروفي. ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإذا غاب الزوج وطالت غيبته، ولم يعلم مكانه، فلزوجته طلب الفسخ عند القاضي. وما دمتِ لا ترغبين في الزواج فلا حاجة بكِ إلى طلب الفسخ. وأما الوحدة فينبغي لك أن تشتغلي بطاعة الله -عز وجل- وتلاوة القرآن وكثرة ذكر الله، فبذلك يطمئن قلبك وتنشرح نفسك وتحصلين على خير عظيم، قال الله تعالى: " ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [الرعد: 28] ، وقال تعالى: " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" [الإسراء: 82] ، وقال تعالى: " ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون" [النحل: 97] ، ويمكن لك أن تنظمي وقتك وتشغليه بما سبق، وبأمورك وحاجاتك الخاصّة، وبصِلة الأقارب بزيارات لا تثقلين عليهم فيها بين وقت وآخر.
ويجب على أولادك البِرُّ بك وصلتُك والتناوبُ على زيارتك، ثم تحديد وقت يجتمعون فيه جميعاً معك، وعليك بالدعاء والتوجه إلى الله -تعالى- بالسؤال أن يوفقك لعمل الخير، وأن يشرح صدرك. وفقك الله، ويسَّر أمورك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(12/346)
بقاء الزوجة في عصمة مدمن الخمر!
المجيب سليمان بن عبد الله الماجد
القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/مسائل متفرقة
التاريخ 27/10/1426هـ
السؤال
أنا متزوجة برجل مدمن خمر، وأضطر في بعض الأحيان إلى مجالسته -وكذا معاشرته- وهو في حالة سكر، لأني متأكدة من أني إذا رفضت سأتعرض للضرب. هل يعتبر بقائي مع زوج مدمن للخمر حراماً؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فمن حيث الأصل ليس هناك ما يمنع بقاء المرأة في ذمة زوج يشرب الخمر، وأن تجالسه وتعاشره.
ولكن عليك -مع هذه الحال- الحرص على هداية زوجك من خلال التلطف وحسن التبعل، فإذا أحبك قدرتِ على التأثير عليه لتغيير عادته المحرمة. والله أعلم.(12/347)
أحكام العدّة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 15/5/1422
السؤال
توفي زوجي قبل عدة أيام، وأنا أستفسر عن العدة؟ وهل يجوز الجلوس مع أهل الزوج بوجود إخوانه؟
وبالنسبة للتركة كيف تتوزع مع العلم بأن لي طفل واحد؟ وللزوج أربعة إخوان، وأربعة أخوات، وأبواه.
الجواب
بالنسبة لما سألت عنه حول العدة فقد أجاب عنه فضيلة الشيخ / عبد الرحمن العجلان _ المدرس في الحرم المكيّ _ فقال:
المرأة إذا توفي عنها زوجها لزمتها العدّة وهي: 4 أشهر و 10 أيام ما لم تكن حاملاً، فعدّتها بوضع حملها، طالت المدّة أم قصرت. وعليها الحداد، وهو تجنُّب الزينة في اللباس والحليّ والطيب وكلّ ما يُرغِّب في نكاحها، وتلزم البيت الذي توفيّ زوجها وهي فيه، ما دامت تأمن على نفسها، حتى وإن كان في البيت إخوانٌ لزوجها، ما دام أنّ هذا البيت يليق بمثلها عادةً وعُرفاً، ولا تخرج منه إلا لضرورة.
ولا تمنع العدّة من مخاطبة أهل زوجها وإخوانه، مع اجتنابها أنواع الزينة. والله أعلم.
وبالنسبة لقسم التركة، فقد أجاب الشيخ ناصر الطريري على سؤالك، حيث تقسم التركة كالتالي:
1. لك (الزوجة) الثمن.
2. لوالده السدس.
3. لوالدته السدس.
4. لابنه كل الباقي.
أما إخوته وأخواته فليس لهم شيء من ميراثه.
وننبه إلى أن قسمة التركة تكون بعد سداد ما عليه من ديون، وبعد إخراج وصيته من الثلث إن كان أوصى. والله أعلم.(12/348)
استثمار التركة وتوزيعها
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد الخريصي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 22/11/1424هـ
السؤال
لدينا مال عن طريق الإرث، وآخر عن طريق استثمار هذا الإرث بمعرفتنا لمجموعة كبيرة من الأشخاص ورثة أصحاب الأموال، مع العلم نحن لسنا من الورثة، فقط قمنا باستثمار الإرث. كيف يتم تسليم هذه المبالغ لأصحابها خاصة أنهم في عدة دول خارج المملكة؟ وما هي الضوابط عند تسليمهم الأموال لضمان عدم إنكارهم بعد مدة؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
(1) بالنسبة لتسليم هذه المبالغ لأصحابها من الورثة فلا بد من التحري والبحث والاجتهاد في ذلك، والاستعانة بعد الله ببعض الورثة للدلالة على باقي الورثة والاحتساب في ذلك، فإن كان بعض الورثة قد توفي فيدفع نصيبهم إلى ورثتهم وهكذا.
(2) بالنسبة للضوابط فيمكن تسليمهم الأموال عن طريق المحكمة أو كتابة العدل، أو عن طريق الكتابة مع شهادة شاهدي عدل، والأمر فيه سعة ووسائل عديدة. والله -تعالى- أعلم.(12/349)
ميراث المسلمة من أبيها الكافر
المجيب ناصر بن محمد آل طالب
القاضي بمحكمة عرعر
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 9/10/1424هـ
السؤال
والدتي بلجيكية، وقد اعتنقت الإسلام منذ سنوات، ولله الحمد، وهي تعيش في الجزائر، ووالدها أي جدي كافر، وتريد أن تعرف ماذا تفعل بميراثها؟
الجواب
جاء في صحيحي البخاري (6764) ، ومسلم (1614) : "لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم"، فيما رواه أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأجمع أهل العلم على عدم توريث الكافر من الميت المسلم.
واختلفوا في العكس بأن يرث المسلم من الكافر الميت، فمنعه أكثر أهل العلم.
وقال معاذ بن جبل - رضي الله عنه - ومعاوية بن أبي سفيان والحسن بن علي ومحمد بن علي بن الحسين ومسروق - رضي الله عنهم - بتوريث المسلم من الكافر، واستدلوا بحديث الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، وقالوا من العلو توريث المسلم من كافر.
وكان معاذ - رضي الله عنه - يقضي بهذا لما ولي القضاء، واستحسنه بعض أهل العلم، وقاسوه على جواز نكاح المسلم من الكتابية، وليس العكس.
ورده جمهور أهل العلم، وقالوا إنه قياس واستحسان في مقابل نص صريح من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنع توريث المسلم من قريبه الكافر، والله أعلم.(12/350)
قضاء الولد ديون أبيه
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 4/6/1424هـ
السؤال
توفي أبي منذ ثلاث سنوات تقريباً وترك ديناً ثقيلاً، وعندما استلمت زمام الأمور لم يكن هنالك سيولة لتوزيعها على أصحاب المال وإيفاء الدين، وعرضت جميع ممتلكاته للبيع إلا أنها عبارة عن أراضٍ زراعية، ولم أتمكن إلى الآن من بيعها، فهل آثم؟ على عدم إيفاء الدين من راتبي؟ علماً أن لأبي -رحمه الله- زوجة ثانية وأولاداً، فماذا يجب علي أن أفعل؟ وهل أنتظر حتى تباع إحدى ممتلكاته؟ علماً أنني قد تعهدت أمام الناس بأنني سأعمل على وفاء دينه ليسقط عنه الحمل كما قال لي البعض، وكل الناس يعرفون أن لا وفاء للديون إلا ببيع الأرض، أفيدوني - يرحمكم الله-،هذا -وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً-.
الجواب
الواجب عليك يا أخي أن تبدأ أولاً بسداد دين والدك من تركته ثم بعد ذلك تقسم التركة، ويمكن أن تعرض بعض هذه العقارات بأقل من سعرها قليلاً من أجل المسارعة في قضاء دين والدك، أما في شأن وفاء الدين من راتبك فلا يلزمك شرعاً، لكن إن كنت قادراً على ذلك فالأولى لك المبادرة بقضاء دين والدك، ثم تعود بعد ذلك فتأخذ ما دفعته من التركة، لحديث جابر -رضي الله عنه- في الرجل الذي مات وعليه ديناران فتخلف الرسول - صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة عليه حتى قال له أبو قتادة -رضي الله عنه-: هما عليّ، فلما قضاهما أبو قتادة -رضي الله عنه- قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: الآن بردت عليه جلدته، رواه أحمد (14536) ، والحاكم (2/58) ، فإن لم تكن قادراً على الوفاء من راتبك فينبغي أن تتحلل من أصحاب الدين عن والدك، فيجعلوه عليك حتى تبرأ ذمته ويبرد عليه جلده.(12/351)
إرث المسلم من زوجته الكافرة
المجيب د. جمال الدين محمد عطوة
عضو هيئة التدريس بكلية التربية للبنات بجدة
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 27/3/1425هـ
السؤال
ما حكم إرث المسلم للزوجة غير المسلمة؟
الجواب
ذهب الصحابة -رضوان الله عليهم- والأئمة الأربعة وجمهور الفقهاء إلى عدم التوارث بين المسلم والكافر فلو مات مسلم وله زوجة كافرة أو أقارب كفار فلا يرثونه، وكذلك لو ماتت الزوجة الكافرة أو القريب الكافر فلا توارث بينهما وبين القريب المسلم.
والدليل على ذلك حديث -أسامة بن زيد رضي الله عنهما- عن النبي -صلي الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم". متفق عليه عند البخاري (6764) ، ومسلم (1614) .
دل الحديث صراحة على منع التوارث بين المسلم والكافر.
وهناك رأي آخر مروي عن معاذ بن جبل ومعاوية -رضي الله عنهما- يجيز أن يرث المسلم قريبه الكافر.
وحجة هذا الرأي ما روي عن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال" الإسلام يعلو ولا يعلى عليه" رواه الدارقطني في سننه (3161) وانظر صحيح الجامع (2778)
وروى أبو داود (2912) : كان معاذ بن جبل باليمن فارتفعوا في يهودي مات وترك أخاه مسلما فقال معاذ: سمعت رسول الله يقول: الإسلام يزيد ولا ينقص فورِّثْه" ولكن إسناده ضعيف.
ولعلو الإسلام يصح أن يرث المسلم من قريبه الكافر، وإرث المسلم من الكافر يؤكد زيادة الإسلام وعدم نقصانه وأنه يعلو ولا يعلى عليه.
وبالتأمل في هذين الحديثين لا نجد فيهما ما يدل صراحة على جواز أن يرث المسلم من الكافر والصحيح في هذه المسألة عدم جريان الإرث بين المسلم والكافر؛ لموافقته لسنة النبي صلي الله عليه وسلم.
وعلى هذا فلا يرث الزوج المسلم زوجته الكافرة ولا ترثه، وكذلك إن ماتت الزوجة الكافرة وأولادها مسلمون أو العكس فلا توارث بينهم، ويذهب مال الكافر لأهله من الكفار؛ لأنهم أولى به لقوله تعالى: "والذين كفروا بعضهم أولياء بعض" [الأنفال:73] .(12/352)
هل الأثاث ضمن البيت الموصى به
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 20/8/1423هـ
السؤال
توفي والدي رحمه الله، وكتب البيت الذي نسكنه وقفاً له ولوالديه، السؤال: في البيت أثاث كامل من أدوات كهربائية وغيرها، هل هذه الأدوات تدخل في الإرث أم أنها تابعة للوقف؟ علماً أن والدي لم ينص على شيء من ذلك في وصيته، وأنا ناظر الوقف وقد بيع بعض من أثاث البيت ولا زلت محتفظاً بالقيمة.
الجواب
إذا لم ينص والدك على تبعية الأثاث للوقف فالأصل أن الأثاث يورث، ويكون ملكاً للورثة كلهم حسب ميراثهم الشرعي، وإن كان الوالد قد أوصى بجزء مشاع من ماله كالربع، أو الخمس، أو الثلث فللوصية نصيب من هذا الأثاث.(12/353)
توفي وله معاشات تقاعد
المجيب د. سعود بن محمد البشر
عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 25/2/1423
السؤال
لمن يعود راتب الزوج المتوفى وأيضاً منحة الوفاة، علماً أنه ترك من وراءه أرملة مع بنات وبنين، كلهم -والحمد لله- عاملون يتقاضون رواتب شهرية، ما عدا البنت الصغرى البالغ عمرها 16سنة، والتي ما زالت تزاول دراستها وفي حالة تعدد المستفيدين نرجو منكم إفادتنا بكيفية القسمة شرعاً (نصيب كل وراث) .
الجواب
إذا مات الموظف وله مستحقات في مصلحة معاشات التقاعد فيستخرج صك من المحكمة بحصر الورثة، وتراجع به المصلحة أو البنك الذي يصرف المستحقات، وهم يوزعون الاستحقاق حسب النظام هذا إذا كان له معاش تقاعد.
أما إن كانت المبالغ المستحقة رواتب متأخرة أو منحة وفاة أو مصاريف سنوية فإنها تقسم قسمة شرعية على ما جاء في كتاب الله، للزوجة الثمن وللبنين والبنات الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين.(12/354)
هل ترث النصرانية زوجها المسلم
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 16/3/1424هـ
السؤال
هل ترث الزوجة المسيحية زوجها المسلم في الدول العربية؟
الجواب
اختلاف الدين من موانع الإرث، فلا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري (6764) ، ومسلم (1614) من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما- وليس للزوجة النصرانية حقاً في إرث زوجها المسلم، كما أن المسلم لا يرث من زوجته النصرانية (المسيحية) ، حيث إن اختلاف الدين من موانع الإرث، وليعلم أن الزوجة النصرانية (المسيحية) لها كافة الحقوق (المهر، النفقة بأقسامها من سكن، وملبس، وغذاء، ودواء، ولها الأجرة على الرضاع، والأجرة على الحضانة إذا تولت الحضانة، ولها متعة المطلقة) والله أعلم.(12/355)
إخراج الوارث زكاة مورِّثه
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 9/7/1424هـ
السؤال
أحد معارفي توفي والده وترك له ميراثاً كبيراً، وهذا الوارث يشك أن والده كان من مخرجي الزكاة، السؤال: أ. هل إخراج الزكاة الآن يجوز نيابة عن والده؟
ب. عن كم عام يخرج الزكاة، إذا كان يجب عليه إخراج ما لم يخرجه والده؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أولاً: على هذا الولد أن يتقي الله تعالى، ويعلم أن الزكاة من الديون الواجبة في المال، وأنه يجب إخراجها من مال المورث قبل قسمة التركة، وإذا كان يعلم أن والده لم يكن يخرج الزكاة، فعليه أن يسارع بإخراجها وليس له حق في أخذ شيء من التركة قبل إخراج الزكاة، لأنها دين واجب لله - تعالى -، أما إذا كان لا يعلم وإنما يشك مجرد شك وهو يريد أن يحتاط ليبرئ ذمة والده فهذا من الإحسان للوالد والبر به، "فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"رواه البخاري (52) ، ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما -، وكونه يزيل هذه الشبهة وينوي بها إخراج الزكاة عن والده فإن لم تكن زكاة بحيث إن والده كان قد أخرجها فإنها تكون من صدقة التطوع، وحينئذ فيخرجها من باب الاحتياط وهو على أجر كبير وخير عظيم إن شاء الله، لأنه بهذا يبرئ ذمة والده ويطمئن نفسه على سلامة المال الذي في يده، ويخرج من الزكاة ما يظن أو يغلب على ظنه أن والده لم يخرجه سواء كان عن عام أو عامين أو ثلاثة أو أكثر، الأعوام التي يظن أو يشك أن والده لم يخرجها فإنه يخرجها عنه، وبالله التوفيق.(12/356)
هبة المال للأولاد دون سائر الورثة
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 23/03/1426هـ
السؤال
اشتريت قطعة أرض من حر مالي، وبنيت عليها منزلاً من طابقين، واستضفت أمي وأخواتي في الطابق الأول، وأنا الآن أريد أن أهب هذا البيت لأولادي وزوجتي التي كافحت معي على مدار 25 عاماً. فهل يجوز ذلك؟ مع العلم أن أمي ما زالت على قيد الحياة.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
الذي أراه أن الهبة إذا كانت منجزة غير معلقة بموتك فلا حرج في ذلك - إن شاء الله تعالى- بشرط أن تتساوى نسب الأولاد، فلا يجوز تفضيل أحدهم على الآخر، ولكني أنصحك بأن تطيب خاطر أمك بهدية مماثلة أو مقاربة؛ لأن حقها عليك أكبر، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أمك"، قال: ثم من؟ قال: "أبوك". صحيح البخاري (5971) ، وصحيح مسلم (2548) .
كما أني أنصحك إذا عزمت على هبته لزوجتك وأبنائك أن تشترط ألا يقوم أحد منهم بإخراج أمك مطلقاً، أو أحد أخواتك إذا لم يكن لها مسكن آخر. والله أعلم.(12/357)
قسمة الميراث على القصر
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 9/7/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أريد منكم إعطائي جواباً لهذه المسألة، وهي:
نحن إخوة عددنا ثمانية عشر فرداً، توفي والدنا -يرحمه الله- منذ سنة ونصف، وترك بيننا إخوة لنا صغاراً لم يبلغوا سن الرشد من أم ثانية، وأعطينا أخينا الأكبر وكالة لإبراء ذمة والدنا يرحمه الله من بعض المستلزمات، وتم والحمد لله إبراء ذمة والدنا إن شاء الله من هذه المستلزمات، وترك لنا إرثاً سيارات ومعدات وعمارتين وأراضي، فطلبنا من أخي أن نذهب إلى فضيلة قاضي المحكمة حتى تتم القسمة، ولكنه رفض بحجة أن إخواننا صغار وهو الآن يتصرف في بعض الأمور مثل بيع السيارات دون أخذ استشارة أي أحد منا، مع العلم أننا نثق فيه وهو إن شاء الله أمين عليها ولا نزكيه على الله وهو حريص على تسجيل كل شيء، ولكن بعض إخوتي وأنا واحد منهم لم يعجبنا ذلك لأننا نعرف أن بعضاً من هذه الأراضي والسيارات معرض للتلف في حال إصراره على توزيع التركة حتى يكبر القصر، سؤالي هو:
هل توزع التركة الآن أم يبقى توزيعها حتى يكبر الأطفال؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا مانع من قسمة التركة بين الورثة ولو كان فيهم قاصر عن سن الرشد، ويحفظ نصيبه عند وليه لينميه له وينفق عليه منه حتى يبلغ فيسلمه له.
وقسمة العقارات المملوكة بصكوك شرعية يفتقر إثبات قسمتها إلى إذن الحاكم الشرعي بعد أن يتحقق من الغبطة للقاصر فيها، وأرى للسائل أن يتفق مع أخيه ويتفاهم معه بالأسلوب الحسن، فإن قسمة التركة وإن كانت من حقه إلا أن حفظ الود والاستعلاء على الدنيا صلة للرحم مقام شريف يحسن به التطلع إليه هذا وليعلم السائل أنه عند موت الشخص فإن جميع أمواله تصير مملوكة لورثته، وليس لأحد منهم أن يستأثر بالتصرف إلا بولاية أو وكالة وإلا فللورثة الطعن في تصرفه وطلب نقضه فيما جاوز نصيبه.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.(12/358)
إرث المسلمة من النصراني
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 28/1/1424هـ
السؤال
ما حكم إرث البنت المسلمة من أب مسيحي؟ علماً أني المسلمة الوحيدة بين إخوتي، بل وعائلتي كلها، والحمد لله، أرجو الإجابة، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
النبي - عليه الصلاة والسلام- قال: "لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم" البخاري (1588) ،ومسلم (1614) ، فليس هناك توارث بين المسلم والمسيحي، وإذا كنت مسلمة فإنك تحتسبين الأجر عند الله - عز وجل-.(12/359)
المال الموروث من التأمين
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 4/1/1425هـ
السؤال
الشركة التي أعمل فيها تؤمن على حياة الموظفين في شركة تأمين تقليدية غير إسلامية، فعند وفاة الموظف تدفع شركة التأمين مبلغاً كبيراً من المال، وهذا المبلغ إذا كانت الوفاة بسبب حادث يضاعف لورثة الموظف المتوفى, السؤال: هل يحل هذا المال لورثة المتوفى؟ أفيدونا -جزاكم الله خيراً-.
الجواب
التأمين على الحياة حرام، لا يجوز؛ لما فيه من الضرر والجهالة، وما فيه من الربا فهو أكل لأموال الناس بالباطل، والله يقول: " يا أيها الذين آمنوا َلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [البقرة:188] ، فالمؤمن يدفع أموالاً هي الأقساط الشهرية، ولا يدري كم ستعوضه الشركة مقابلها، ثم إنه قد يدفع قسطاً أو قسطين فقط فتعوضه شركة التأمين. أي تدفعها لورثته أموالاً أكثر مما دفع، وقد يكون العكس فيسدد الأقساط كلها فينتهي العقد ويموت فلا تعوضه الشركة شيئاً، فأكل المال بالباطل محقق في عقد التأمين ولكل من الطرفين فقد يكون من قبل الشركة أو من قبل المؤمن، فننصح بعدم الدخول في عقد التأمين، وخاصة ما يسمى بالتأمين على الحياة، وما ذكر في السؤال نقول: يجوز لورثة المؤمن على حياته أن يأخذوا من التأمين قدر ما دفع مورثهم لا غير، وما زاد فلا يحل لهم أكله، وننصح بأخذ الزائد من الشركة والتصدق به على نية التخلص منه لا غير، لأن بقاءه في صندوق الشركة تقوية لها وإعانة لها على الباطل وهو حرام، والله يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] وفق الله الجميع إلى كل خير.(12/360)
قسم التركة في حياته
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 27/04/1426هـ
السؤال
والدي يبلغ من العمر 80 سنة، له أكثر من زوجة وعدد من الأولاد (ما بين ذكر وأنثى) ، وخوفاً من مشاكل تقسيم التركة بعد وفاته قام -بعد مشاورتي وأخوين آخرين- بالتنازل عن ممتلكاته لزوجاته وأبنائه كوصية قانونية يتم تنفيذها بعد موته. وأسئلتي هي:
1- هل يشرع التخلي عن الممتلكات لصالح الورثة؟
2- ما هي الشروط التي يجب توافرها لنعتبر هذا التخلي بمثابة تقسيم التركة بعد وفاة الوالد؟
3- ليكون التقسيم أكثر عدلاً، هل يمكن تخل بين المستفيدين توافقياً؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
أنه في حالة رغبة والدكم بالتخلي عن أملاكه لصالح أولاده وزوجاته يُخَير بين حالتين: ـ
الأولى: أن يعطي في حالة حياته من ماله ما شاء لأولاده وزوجاته كعطية منجزة، مراعياً العدل في ذلك، وقسمة الله تعالى للذكر سهمان وللأنثى سهم، ويعدل بين زوجاته فيما يعطيه لهن من غير تحديد لما يعطيه لهن.
هذا ولا مانع من تَّخلي بعض المستفيدين عن حقه أو بعض حقه برضاه وهذا في العطية.
الحالة الثانية: أن يوصي بتقسيم تركته بعد مماته حسب تعاليم دين الإسلام إن كان هناك جهة مختصة في بلدكم لتنفيذ ذلك، أما إذا لم يكن فلا مانع من أن تُقسم التركة حسب تعاليم الإسلام، فيقول والدكم: يُقسم مالي بعد وفاتي بين زوجاتي وأولادي: للزوجات ثُمن وللأولاد سبعة أثمان ما خلفته، للذكر سهمان وللأنثى سهم.
وهذه القسمة الشرعية لتركته، فكأنه أوصى بأن تُقسم تركته حسب قسمة الله: ذلك أن لا وصية لوارث؛ لأن الله قد أعطى كل ذي حق حقه.
هذا ويجوز له أن يجمع بين الحالتين، فيعطي بعض ماله في حال حياته بالتفصيل السابق في الحالة الأولى، ويقسم باقي ماله بالتفصيل. والله أعلم.(12/361)
الاختصاصات في التركة
المجيب محمد بن عبد المحسن المطلق
مدرس العلوم الإسلامية بثانوية صقلية
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 20/12/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: فسؤالي يتعلق بمادة علوم الفرائض والمواريث، من المعروف أن علم موضوع علم الفرائض هو تركة الميت، والتركة هي ما يخلفه الميت من أموال وحقوق واختصاصات من حيث تقسيمها وبيان نصيب كل وارث منها، والاختصاصات هي ما يجوز امتلاكه، ولا يجوز بيعه، ومن الأمثلة على الاختصاصات السرجي، والسرجي معناه الروث، والروث يباع ويشترى، فكيف يكون من الاختصاصات التي تمتلك ولا تباع، ونرجو منكم التكرم بطرح بعض الأمثلة على الاختصاصات، وشرح معنى الكلمة. وجزاكم الله خيراً، وجعله في موازين أعمالكم، وشكرا ً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أما بعد
فإن مقصودهم بالاختصاص: هو ما يجوز تملكه ولا يجوز بيعه، كالكلب فإنه يقتنى للصيد وللزرع وللحراسة وللرعي، كما دل الدليل على ذلك، لكن لا يجوز بيعه، فتملكه فيما ورد الانتفاع به جائز، لكن لا يجوز بيعه للحديث الصحيح: " نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب" رواه البخاري (2237) ومسلم (1567) من حديث أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه -، فكلب الزرع يورث لكن لا يباع، ومثل الكلب السرجين النجس فإنه ينتفع به لكن لا يباع عند من يرى تحريم بيعه.
والله أعلم، وصلى الله عليه وسلم.(12/362)
لماذا يرث الزوج من زوجته ضعف ما ترثه منه؟
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 15/10/1424هـ
السؤال
سمعت أن الزوج يرث من الزوجة نصف ما تملك، في حين أن الزوجة ترث من الزوج ثمن ما يملك، سؤالي: ما حكم الشرع في ذلك ولماذا؟ وما تفسير ذلك؟
الجواب
إن الله جل وعلا جعل للزوج أن يرث نصف ما لزوجته إذا ماتت وليس لها أولاد، وإذا كان لها أولاد فإنه يرث الربع من مالها، وجعل للزوجة أن ترث ربع مال زوجها إذا لم يكن له أولاد، فإن كان له أولاد فإنها ترث الثمن، هذه هي قسمة الله جل وعلا كما جاء في سورة النساء لقوله تعالى:"ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أودين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أودين" [النساء:13] ، والله جل وعلا هو الحكيم العليم الخبير، وهو الذي يعلم ما لكل من الرجل والمرأة من الاستحقاق، ولهذا جعل ميراث الرجل ضعف ميراث المرأة؛ لأن الرجل عليه القوامة وعليه مسؤولية رعاية الزوجة ورعاية المرأة، فإذا كانوا أبناء فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا كانوا إخوة فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا كان بين الأزواج فكما سمعت وسألت عنه وأجبنا بالآية التي ذكرناها قبل قليل، والله جل وعلا لم يجعل قسمة المواريث إلى الناس، وإنما هو الذي تكفل بها وقسمها قسمة تفصيلية، ونحن نعلم علم اليقين أن الله الذي خلقنا جل وعلا أنه هو الحكيم في خلقه وهو الحكيم في أمره وأحكامه وتدبيره، ومن ذلك قسمته للميراث. والله أعلم وأحكم.(12/363)
ورثت من زوجها مالاً حراماً
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 12/8/1424هـ
السؤال
أنا ورثت من زوجي مالاً حراماً، وتنازلت عنه لأبنائي هل علي ذنب وماذا أفعل؟ وشكراً.
الجواب
أنت لا ذنب عليك حيث إن الإرث انتقل قهراً، والذي جمع المال الحرام هو زوجك، لكن إذا كنت تعلمين أنه مال حرام، وأن هذا المال الذي أخذتينه أصله مال حرام، فكل لحم نبت من حرام فالنار أولى به، فعليك أن تتخلصي منه في المحقرات، ولا تغذي به نفسك ولا أولادك، كأن تنفقيه على حمامات أو طرق أو نحوها من المحقرات، ولا تأكليه وتغذي بدنك به ما دام أنك تعرفين أن مصدره طريق حرام، وإذا كنت تعرفين أصحاب هذا المال الذين أخذ منهم إذا كان أخذ عن طريق سرقة أو عن طريق رشوة ونحو ذلك فعليك أن تردي المال إلى أصحابه، وأما إذا كنت لا تعلمين من هم أهله، وإنما تعرفين أنه من طريق محرم جلب، فعليك أن تتخلصي منه كما ذكرنا في المحقرات ونحوها، والله الهادي إلى سواء السبيل.(12/364)
دفع حصة شريكه إلى أحد ورثته، فهل يكون مفرطاً؟
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 22/2/1425هـ
السؤال
شريكان في عمل ما، سافر أحدهما وتوفاه الله في ذلك السفر، فجاء أحد أبناء الشريك المتوفى، وطلب حصة أبيه فأعطاه جزءاً من الحق، ثم أخذ الشريك الأول الشك في عدم وصول هذه المبالغ لجميع الورثة، فهل يطلب مستنداً يفيد بأن هذا الابن هو الوصي الشرعي ويتحقق من ذلك؟ علما بأن هذا الأمر قد يتأخر أو يتعذر، والشريك الأول يريد أن يخلي ذمته من مال صاحبه، فماذا يفعل هل يعطي باقي المال لهذا الابن أو ينتظر حتى يحضر الوصي الشرعي أفيدوني أفادكم الله. والسلام عليكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
طالما أن الشراكة قائمة بين الشريكين، وأن أحدهما قد توفي، فلا شك أن الشراكة تنتهي وتنفسخ بوفاة أحد الشريكين، وعلى الشريك الحي أن يقوم بتصفية ما بينهما، ثم يشهد ورثة شريكه المتوفى بأنه تم تصفية الشركة، وأن نصيب شريكه المتوفى هو مقدار كذا وكذا، ثم بعد ذلك يطلب منهم من يأتي ممن يحمل مسوغاً شرعياً لقبض مستحقات والدهم أو مورثهم، إن طلبوا كذلك الاطلاع على طريقة تصفية الشركة وما يتعلق بها، فهذا من حقهم، وكون هذا الشريك يسلم مبلغاً لأحد الورثة والحال أنه لا يحمل تفويضاً بذلك فهذا يعتبر تفريطاً منه، فلو جاء الورثة بعد ذلك فقالوا: إننا لم نوكله ولم نفوضه في تسلم نصيبنا، فلا شك أن هذا الشريك يضمن ما سلمه لأحدهم من غير حق، ومن غير تفويض، وبناء على هذا فالذي ينبغي لهذا الشريك الحي أن يصفي الشركة، وفي نفس الأمر يطلب من ورثة شريكه المتوفى أن يأتوا، أو يأتي من يحمل توكيلاً وتفويضاً عنهم جميعاً، ثم بعد ذلك يطلعه على طريقة تصفية الشركة، والأمر يعطى ما يستحقه الشريك المتوفى، والذي هو جزء من تركته. والله المستعان.(12/365)
الوصية لوارث
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 27/2/1425هـ
السؤال
هل يجوز أن ينذر الرجل- نذراً معلقاً بموته- جزءاً من بيته لأحد أبنائه أو بعضهم دون الآخرين؟ وهل يجوز النذر المعلق لوارث حتى على أساس التعويض له؟.
الجواب
أولاً: أنصح السائل وغيره بعدم النذر؛ لأن النذر لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل، والإنسان إذا أراد أن يحسن فيتقرب إلى الله بدون إلزام نفسه بشيء، أما تعليق إخراج المال بموته، فإن هذا يتعلق به حقوق الورثة، وهذا محذور، فالإنسان له أن يوصي بأن يخرج من ماله بحدود الثلث لغير الوارث، وأما الوارث فلا وصية له؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا وصية لوارث" رواه النسائي (3641) ، والترمذي (2121) وابن ماجة (2712) من حديث عمرو بن خارجة - رضي الله عنه - وعند أبي داود (3565) من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -، وأما كونه يخصص أحد أبنائه، فهذا عمل محرم؛ لأن هذا من الجور، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لما أتاه رجل يشهده على إعطاء أحد أولاده عطية، قال: "أكل ولدك ولدك أعطيته هذا" قال: لا، قال: "لا تشهدني على جور" رواه البخاري (2650) ، ومسلم (1623) من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - والجور محرم، فلا يجوز للإنسان أن يخصص أحد أبنائه بشيء من المال دون البقية، والواجب على الإنسان أن يعدل بين أولاده، سواء كان في الحياة، أو بعد الممات، وحينئذ ليس له أن يوصي لأحدهم دون الآخرين، وعلى هذا فما سماه نذراً فهو يعتبر وصية، ولكنه يعتبر أمراً محرماً، ولا يجوز له أن يستمر فيه، بل يلزمه أن يرجع فيه، ويسوي بين أولاده في العطية والوصية، كما أود أن أنبه إلى أن الوارث لا يجوز الوصية له، ولا تنفذ إلا إذا أقرها بقية الورثة. والله ولي التوفيق.(12/366)
حق المطلقة في التركة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 19/5/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل المرأة المطلقة التي توفي زوجها وهي بعدة الطلاق ترثه؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ميراث المرأة المطلقة فيه تفصيل:
فإن كان الطلاق رجعياً فعليها أن تنتقل إلى عدة الوفاة وترث، وإن كان الطلاق بائناً، وهو متهم بقصد حرمانها من الميراث فإنها ترث معاملة له بنقيض قصده، وإن لم يكن متهماً بقصد حرمانها من الميراث والطلاق بائن لا تسوغ فيه الرجعة إلا بعقد ومهر جديد، فإنها في هذه الحال لا ترث. والله أعلم.(12/367)
ميراث المفقود
المجيب ماجد بن عبد الرحمن آل فريان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 15/3/1425هـ
السؤال
ما هو علم الميراث؟ وما هو ميراث المفقود؟ وما هي مصطلحاته لغة واصطلاحاً؟.
الجواب
علم المواريث هو: علم يعرف به من يرث، ومن لا يرث، ومقدار ما لكل وارث.
أو هو: العلم بقسمة الميراث فقهاً وحساباً.
ويستفاد من هذا العلم: إيصال الحقوق إلى أهلها؛ لأنه يميز لنا الورثة من غيرهم، ثم يبين ما لكل من واحد من الورثة من النصيب. وأما مصطلحات علم الميراث فهي ثلاثة:
1- المورِّث: وهو من انتقلت التركة منه، وهو (الميت أو الملحق بالأموات حكماً كالمفقود) .
2- الوارث: وهو من انتقلت التركة إليه، وهو: (الحي، أو الملحق بالأحياء حكماً) .
3- الحق الموروث: وهو التركة التي يخلفها الميت.
وأما المفقود فهو: من انقطع خبره فلم يعلم له حياة ولا موت.
وله حالان:
إحداهما: أن ينقطع خبره على وجه ظاهره السلامة، كمن فقد في سفر تجارة آمن، ونحوه.
الحال الثانية: أن ينقطع خبره على وجه ظاهره الهلاك كمن فقد في غرق سفينة، أو سقوط طائرة ونحو ذلك.
وفي كلا الحالين ينتظر مدة يجتهد في تقديرها الحاكم أو من ينوب عنه من القضاة، ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص، والأحوال، والأماكن، والحكومات، فيقدر مدةً للبحث عنه بحيث يغلب على الظن تبين حياته لو كان موجوداً، ثم يحكم بموته بعد انتهائها.
ولنا في المفقود نظران:
أحدهما في إرثه، والثاني في الإرث منه.
فأما إرثه: فإنه متى مات مورثه قبل الحكم بموته ورثه المفقود؛ فيوقف له نصيبه كاملاً، ويعامل بقية الورثة باليقين، فمن كان محجوباً لم يعط شيئاً، ومن كان ينقصه أعطي الأقل، ومن كان لا ينقصه أعطي إرثه كاملاً.
وأما الإرث منه: فلا يورث ما دامت مدة الانتظار باقية؛ لأن الأصل بقاء حياته، فإذا انقضت مدة الانتظار حكمنا بموته وقسمنا تركته على من كان وارثاً منه حين انقضائها.(12/368)
شبهة حول المواريث
المجيب ناصر بن عبد الله الطريري
المدرس في معهد إمام الدعوة سابقاً
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 17/2/1425هـ
السؤال
سألني شخص -اعتنق الإسلام حديثاً- سؤالاً فيه شبهة يراها تتعارض مع القرآن الكريم، وأعتقد أنه يحصل على هذه الأفكار من مواقع ضد الإسلام، وأسأل الله -عز وجل- أن ييسر له أموره، وأرجو التكرم بإعطاء جواب موضح على هذا التساؤل، حتى أستطيع شرحه لهذا الأخ.
أحدهم أشار إلى حساب المواريث كونه غير صحيح رياضياً:
فالزوجة تحصل على ربع، والأم تحصل على ثلث، والشقيقتان تحصلان على الثلثين، وثلاث أخوات من الأم يحصلن على ثلث لهن جميعاً.
والآن نأخذ المقام المشترك الأصغر، وهو (12) ، ونعدل البسط لتصبح الكسور متكافئة لقيمها الأصلية، فتصبح المعادلة الآن (3+4+8+4) /12=17/12، فكيف أخطأ مؤلف الشبهة؟ لقد جاء برقم أكبر من المجموع، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
ليس في الموضوع المسؤول عنه شبهة ولا خطأ في حساب المواريث، وإنما هو قصور في الاستدلال وسوء فهم للآية، فإن السائل لم يقرأ بقية الآية رقم (11) من سورة النساء، وذلك قوله -تعالى-: "فإن كان له إخوة فلأمه السدس"، وكلمة (إخوة) تشمل كل جمع من الإخوة، سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، فالأم في المثال المذكور تستحق السدس ولا تأخذ الثلث لوجود الجمع من الأخوات، وحسابها كما يلي:
للزوجة الربع، وللأم السدس، وللأختين الشقيقتين الثلثان، وللأخوات لأم الثلث، والمضاعف المشترك الأصغر للكسور هو (12) كما في الجدول أدناه، ولكن فروض الورثة تتزاحم، فيعود النقص على جميع الورثة بنسب متساوية، فتعول (12) إلى (17) ، وباب العول معروف في علم الفرائض، ولهذه المسألة نظائر كثيرة، ومسائل مشهورة في علم المواريث فلا شبهة في ذلك -بحمد الله-، وحساب المسألة في الجدول كما يلي:
12 17
زوجة 4/1 3 3 للزوجة 3 من 17 بدلاً من 3 من 12
أم 6/1 2 2 للأم 2 من 17 بدلاً من 2 من 12
أختان شقيقتان 3/2 8 8 للأختين 8 من 17 بدلاً من 8 من 12
ثلاث أخوات لأم 3/1 4 4 للأخوات لأم 4 من 17 بدلاً من 4 من 12
تزاحمت فروض الورثة فعاد النقص على الجميع بنسبٍ متساوية، فعالت المسألة من (12) إلى (17) .
ومن لم يدرس علم المواريث تكون هذه المسألة وأشباهها غريبة عليه، فيقع في حيرة من أمره، وفق الله الجميع للخير، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/369)
حصة القُصَّر من التركة
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 05/07/1426هـ
السؤال
امرأة ماتت وتملك مجموعة من السيارات، ليست مسجلة باسمها، فهل تعتبر تركة تقسَّم على من بعدها؟.
كما أنها أعطت أحد أبنائها سيارة، وطلبت منه ألا يقودها أحد غيره أبداً، وعمل بذلك، ولكن هل يجوز له -الآن بعد وفاتها- أن يعطيها أحد إخوانه أو معارفه ليقودها؟.علماً أن الورثة هم اثنان من الأولاد صغار واثنان كبار، فكيف بالنسبة للصغار إذا أرادوا تقسيم التركة؟ وهل يجوز استثمار قسمتهم حتى يكبروا؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فمن مات وفي ملكه مال -سواء كان مسجلاً باسمه أو لا- فإنه ينتقل إلى ورثته بحكم الإرث، ويقسم بين ورثته حسب الأنصبة الشرعية.
وطريقة القسمة أن تقدر قيمة السيارات المذكورة، ثم تقسم بينهم بحسب قيمتها أو تباع وتوزع القيمة بين الورثة، ويمكن قسمة كل سيارة بين الورثة وتوزع منافع السيارات بينهم على حسب أنصبتهم الشرعية.
وإذا كان بين الورثة قُصَّر فإن وليهم يقبض جميع ما يخصهم من تركة مورثهم، ويقوم بحفظه وتنميته واستثماره في الاستثمارات التي يعتقد أنها مربحة لهم، وينفق عليهم من أموالهم حتى يبلغوا فيسلمهم أموالهم.
وبالنسبة للسيارة التي أعطتها المرأة المذكورة لابنها، فإن كانت أعطته بقصد أن يملك السيارة فإن السيارة الآن ملكه، له أن يعطيها من شاء، أمّا إن أعطته السيارة ليستعملها دون أن يتملّكها فإن عليه أن يعيدها للورثة لتقسم بينهم كبقيّة السيارات إلا إذا تنازلوا عنها، فإنها تكون من ملكه.
والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(12/370)
هل له الحق في التركة أكثر من نصيبه جراء عمله؟
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 28/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
توفي رجل وله أرض استصلحها أحد أبنائه، وغرس بها العديد من الأشجار، ثم توفي والدهم، فهل لهذا الابن القائم على الأرض حق فيها أكثر من نصيب الورثة؟ أفيدونا أفادكم الله ولكم منا الدعاء.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله وحده. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن المال سواء كان ثابتاً أو منقولاً ينتقل مباشرة إلى الأحياء من الورثة بمجرد تحقق موت مورثهم، ويكون هذا المال مشاعاً بين الورثة، فهذه الأرض المذكورة في السؤال يملكها جميع الورثة ملكاً مشاعاً بينهم حسب أنصبتهم التي فرضها الله -تعالى- في كتابه، فبناء عليه فإن هذا الملك يبقى مشاعاً حتى يقسمه الورثة، ولا يحق لأحد من الورثة أن يأخذ أكثر مما فرضه الله -تعالى-له، وإن كان هو الوحيد الذي يقوم باستصلاح الأرض وإثمارها، وقيام بعض الورثة دون غيره بأعمال الأرض وإصلاحها له أحوال:
1- أن يقوم بذلك بنية التبرع، بحيث لا ينوي الرجوع بأجرة عمله على بقية الورثة، فإنه -والحال هذه- لا يجوز له أخذ شيء من الأرض أو الريع أو غيره، ويحفظ لهم حقهم ويسلمه إياهم.
2- أن يقوم بذلك بنية الرجوع عليهم، فإن ريع الأرض -والحال هذه- يكون مشاعاً بين الورثة جميعاً؛ لأنه فرع عن الأصل (الأرض) والأصل مشاع، والفرع يأخذ حكم الأصل، إلا أن له الحق في أن يحسم من هذا الريع أجرة أتعابه التي تكلفها حتى تحقق هذا الريع، وهذه الأجرة تقدر من قبل أهل الخبرة الذين تتوفر فيهم العدالة والأمانة والمعرفة. هذا ما لزم الإجابة عنه، وصلى الله على نبينا محمد وسلم، والله أعلم.(12/371)
هل يرث الأحفاد مع وجود الأبناء
المجيب ناصر بن عبد الله الطريري
المدرس في معهد إمام الدعوة سابقاً
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 11/08/1425هـ
السؤال
توفي رجل عن ابنين وبنتين، وله ابنة توفيت قبله، هذه الابنة لها أبناء، فما هو نصيب كل منهم في الميراث؟ وهل لهؤلاء الأحفاد نصيب من الميراث؟ أم يمكن أن يعطى لهم من الوصية؟ وما هو مقدار ما يعطى لهم من الوصية؟ لم يوصِ المتوفى لهم بشيء، وهل الوصية واجبة أم مستحبة؟ وما هو الدليل على ذلك؟ وما هو موقف الورثة إذا لم يوصِ المتوفى بشيء؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
المال يقسم بين أولاد المتوفى: الذكران والأنثيان؛ للذكر مثل حظ الأنثيين، أما البنت التي توفيت قبل أبيها فلا حظ لأولادها في الميراث؛ لأنهم من ذوي الأرحام، فإن كان الأب أوصى لهم بشيء قبل وفاته فالوصية تصح، وإن كان لم يوص لهم بشيء فلا حظ لهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ بأَهْلِهَا، فمَا بَقِي فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ". البخاري (6737) ومسلم (1615) , وأولاد البنت ليسوا من أهل الفروض، ولا من أهل التعصيب، فلا حق لهم والحالة هذه، وما يسمى بالوصية الواجبة لا دليل عليه من القرآن ولا من السنة، فهو اقتطاع حق من صاحبه بغير وجه شرعي. والله أعلم.(12/372)
توفي والدنا فكيف نقسم عقاره؟
المجيب بندر بن محمد الرباح
عضو الدعوة والإرشاد بالقصيم
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 15/6/1425هـ
السؤال
نحن أربعة إخوة ذكور متزوجون، وبنت متزوجة, نعيش نحن الذكور في بيتٍ عبارة عن أربعة طوابق، بنى والدنا منه طابقين بخالص ماله, أعيش أنا الآن ومعي أمي في أحد الطابقين اللذين بناهما أبي بخالص ماله، وأخي الأكبر في الطابق الآخر, والطابقان الآخران بناهما اثنان من إخوتي بمساعدة من والدنا قبل وفاته, كل له طابق منفصل به, ولما توفي والدي حاولنا تقسيم ما تركه كما فرض الله. والسؤال: ما حق أختنا في هذا المنزل والوضع كما سبق بيانه؟ مع العلم بأنه يصعب أن نبني لها طابقًا معنا نخصصه لها في المنزل.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نصيب أختكم (بنت الميت) مثل نصف نصيب الواحد منكم، وليس ذلك من العِمارة فقط بل من جميع ما خلفه والدكم من عقار وغيره، بعد أن يعطى أصحاب الفروض حقهم إن وجد أحد منهم من أب أو أم أو زوجة، ثم يقسم الباقي بينكم للذكر مثل حظ الأنثيين.
أما ما كان لوالدكم من عقار وأردتم قسمته وهو لا يقبل الانقسام عليكم، فإنكم تقومونه بقيمته، ثم يشتريه أحدكم، فإن حصل خصومة فتحل عن طريق المحكمة الشرعية، وإذا لم يرغب أحد منكم في شرائه فيباع في السوق، وتقسم قيمته على الورثة كما سبق، ولا يجب على الورثة أن يبنوا لأحد منهم، ولا يكلفون ذلك، بل الواجب قسمته بينهم كما ذكرنا.
ولكن يبقى النظر في المال الذي دفعه والدكم إلى اثنين منكم، هل هو قرض أو مساعدة، وكذلك ينظر في الطابقين للإخوة إن كانا لهما وليس لوالدهما فيهما نصيب، فيجب النظر في أصل الأرض هل هي للأب وحده فتكون جميعها من الميراث، فحينئذ يجب أن يدفع الأخوان جزءاً من قيمة الأرض بمقدار نسبة ملكهما من هذا العقار، ولذلك فإن الأحسن لكم مراجعة المحكمة؛ حتى تستطيع النظر في أصل الأرض، وكذلك في حقيقة المال الذي دفعه والدكم لاثنين من أبنائه، وإن لم تستطيعوا مراجعة المحكمة الشرعية فتبينون الأمر كاملاً لأحد طلاب العلم القريبين منكم، أو تبينوه لنا. نسأل الله للجميع التوفيق والسداد.(12/373)
هل تقدم قسمة التركة على قضاء ديون الميت؟
المجيب بندر بن محمد الرباح
عضو الدعوة والإرشاد بالقصيم
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 27/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
توفي زوجي وترك لنا إرثاً وهو مائة ألف ريال، وله خمسة أولاد وبنتان ووالدة، وأنا زوجته، ولكن عليه ديون كثيرة، حيث تبرع أهل الخير بسدادها، إلا أننا لم نوزع الإرث خوفاً من أن يطالبنا أحد بعد ذلك بأي دين، وبالفعل بعد سنة من وفاته جاءنا اثنان كانا قد كفلاه في شراء سيارتين، فهل يتم توزيع الإرث على الورثة أو سداد الدين من هذا المال الموروث؟ حيث إن والدة المتوفي لا تعي شيئاً، وبناتها يطالبن بنصيب والدتهن؟ والآن توفيت الوالدة وتركت إرثاً ورفضن بناتها إعطاء أولادي نصيبهم من إرث جدتهم؛ لقولهن إن نصيبهم هو نفس المبلغ الذي لوالدتنا من إرث المتوفي والد أولادي، فهل يجوز لهن ذلك؟ أرجو إفادتي في هذين السؤالين. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يجب عليكم أولاً قضاء الدين الثابت على الميت، ثم تنفيذ الوصية بالثلث فأقل لأجنبي إن كان الميت قد أوصى، ثم بعد الدين والوصية تقسم التركة -إن بقي منها شيء- على الورثة، ويكون نصيب والدة الميت السدس في هذه المسألة، فتعطاه إن كانت على قيد الحياة، وإن كانت ميتة فإنه يجعل مع تركتها، ثم يقسم على ورثتها كلاً حسب فرضه الشرعي، ولا يحق لأحد من ورثة الميت الثاني منع أحد من الورثة من حقه، بحجة أن هذا مقابل حق الميت الثاني من الميت الأول هكذا جزافًا، بل يجب قسمة تركة الميتين على ورثتهما قسمة شرعية، ويأخذ كل واحد من الورثة حقه الشرعي، علما أن أولاد الابن ليس لهم شيء من الميراث في حالة وجود أبناء - ذكور-أحياء للميت. والله أعلم.(12/374)
التنازل من الميراث ببعض العوض
المجيب بندر بن محمد الرباح
عضو الدعوة والإرشاد بالقصيم
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 28/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
هل يوجد في الشرع شيء اسمه المراضاة في الميراث؟ أي هل يجوز لي أن أدفع لأختي مبلغاً من المال عوضًا عن الأرض مثلاً، علمًا أن هذا المبلغ لا يصل إلى نصف ثمن حصتها من الأرض أو حتى أقل من ذلك، ولكنها قد قبلت بهذا، وأنا أعلم أنها قبلت درءاً لفتنة بيني وبين أبنائها. بارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا يجوز لك أن تأخذ شيئاً من حق أختك في الميراث ولو كان شيئًا يسيرًا إلا برضاها، أما إن كان بغير رضاها فإن ذلك من الظلم، وهو داخلُ في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "الظلم ظلمات يوم القيامة" رواه البخاري (2447) ، ومسلم (2579) من حديث ابن عمر -رضي الله عنه-، ولو كان ذلك يسيرا كما نبه على ذلك أهل العلم، واحذر أن تمنعها حقها حتى تتنازل لك عن جزء منه، ثم تقول هي أعطتني برضاها، فإن ذلك لا يجوز لك وهو من الظلم كما سبق، بل يجب عليك أن تبين لأختك مقدار نصيبها الشرعي ثم تجعله تحت تصرفها ما دام أنها حرة رشيدة، ثم بعد ذلك لها أن تعطيك ما شاءت من حقها قل أو كثر من غير إكراه لها، وليس لأحد منعها من أن تعطيك أو أن تتنازل لك عن شيء من حقها إذا رغبت ذلك. والله أعلم.(12/375)
هل من المشروع معاقبة المدمن بحرمانه من الميراث
المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 14/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
فتاة تزوجت رغم أنف أبيها من شاب يتعاطى المخدرات، وفضلته على أهلها، وجعلت الأب يوافق خشية الفضيحة، وقال لها أبوها: لو تزوجت من هذا الشاب لن أدخل بيتك. فوافقت، وقالت: هو أفضل منكم. والآن وبعد مرور أكثر من عشر سنوات لديها ثلاثة أطفال، وزوجها لا يعمل وما زال يتعاطى المخدرات. فهل لأبيها أن يحرمها من الميراث؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا يمكن لأبيها أن يحرمها من الميراث؛ لأن الله يقول: (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) [النساء:11] . ويدخل في ذلك الابن البار والعاق على السواء، ولا يستثنى من ذلك إلا الأسباب التي استثناها الدليل، وهي: الرق، والقتل، واختلاف الدين. ومن حكمة الله سبحانه أنه لم يكل توزيع المواريث إلى الناس بل قسمها سبحانه في كتابه، وذلك قطعًا لدابر الشقاق والنزاع والاحتيال والظلم.
ومع ذلك فإني أوصي هذه المرأة بأمرين:
الأمر الأول: أن ترجع إلى أبيها وأهلها وتصالحهم؛ وذلك لأن عقوق الوالدين وقطيعة الأرحام من كبائر الذنوب، فالله يقول: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) [الإسراء:23] . وقال عز من قائل: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [محمد: 22،23] . فعلى هذه الأخت أن تصلح ما فسد، وتحاول أن تطيب خاطر أبيها بكل طريقة ممكنة، ولعل ما أصابها من الابتلاء بهذا الرجل الذي لا يعمل من شؤم هذه المعصية الخطيرة.
الأمر الثاني: أن تنصح زوجها بترك هذه السموم، وتعاود معه الكَرَّة مرة بعد أخرى. أسأل الله العلي العظيم أن يؤلف بين قلوبكم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(12/376)
مات قبل الدخول بها فهل تستحق الصداق؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 26/10/1425هـ
السؤال
توفي أخي بعد عقد قرانه على امرأة ولم يدخل بها، وقد شُرط عليه مهر عبارة عن قلائد ذهب ومشتريات لم تحدد قيمتها، وأيضًا عشرين ألف ريال من فوت أو موت.
هل يحق لها المطالبة بالمهر وكيف يحدد قيمته؟ وهل لها حق في الإرث؟ وجزاك الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب: أن المتوفى عنها زوجها وإن لم يدخل بها زوجها تستحق كامل المهر إن كان قد فرض لها، وإن لم يفرض لها فلها مهر المثل، ولها الميراث أيضًا وعليها العدة، فقد روى أبو داود (2114) والترمذي (1145) والنسائي (3354) وابن ماجة (1891) ، عن معقل بن سنان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قضى في بروع بنت واشق- وكان زوجها مات ولم يدخل بها، ولم يفرض لها صداقًا- فجعل لها مهر نسائها، لا وَكْسَ ولا شَطَطَ. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. هذا وبناءً على ما سبق نقول: خلاصة الجواب أنه يحق لهذه المرأة المطالبة بالمهر المحدد، وما لم تحدد قيمته من ذهب ومشتريات، كما جاء في السؤال يرجع في تحديده إلى العرف والعادة لما يوضع لمثلها من مثله، هذا ولها الميراث وعليها عدة الوفاة، كما تقدم. والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.(12/377)
تنازلت عن نصيبها من الميراث بطيب نفس
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 30/04/1426هـ
السؤال
امرأة مات زوجها، وترك أولاداً، وترك لهم بعض المال، وتزوجها عم الأولاد, وتنازلت الجدة عن حقها من ميراث ابنها بطيب خاطر، فهل يجوز للأرملة أن تعطي الجدة شيئاً من هذا المال عرفاناً بجميلها؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
على كل حال الجدة إذا أسقطت نصيبها من الميراث فهذا النصيب يعاد إلى جميع الورثة، فيقسم بينهم حسب ميراث كل واحد منهم إلى الميت، والسائلة لها أن تتبرع للجدة من نصيبها فقط، وليس من نصيب باقي الورثة. والله أعلم.(12/378)
يمنع إخوته ميراثهم من أبيهم
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 10/03/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
سؤالي: توفي والدنا قبل ثلاثة عشر عامًا، وخلف -رحمه الله- ثروة كبيرة من نقد وعقار، وقد قمنا بتوكيل الأخ الأكبر لجمع الديون وبيع العقار، وطلب نسبة 5% على جمع الدين ووافقنا على ذلك، وقام بتوزيع النقد، أما العقار فحتى الآن يرفض بيعه؛ بحجة أنه أعرف منا، وأن العقار تزداد قيمته بمرور الأيام. رغم إلحاحنا عليه. آمل من فضيلتكم أن تبين لنا الحكم في ذلك. حفظكم الله.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الميت إذا مات فإن ماله ينتقل لورثته، وللورثة كامل التصرف في أموالهم ما داموا راشدين بالغين عاقلين يحسنون التصرف في أموالهم، ولا يجوز لأحد أن يحجر عليهم بأن يمنعهم من التصرف في أموالهم أو بيعها والاستفادة منها، ومثل هذا العمل من هذا الأخ محرم، فلا يجوز له أن يمنع إخوانه حقوقهم من مال مورثهم، ويجب عليه أن يقسم المال بينهم وكل يتصرف في حقه بالبيع أو التوفير أو غير ذلك حسب ما يريد، ومنعه إياهم هذا ظلم والظلم محرم والله -عز وجل- يقول في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا". أخرجه مسلم (2577) .
والأدلة على تحريم الظلم كثيرة، فالواجب -كما تقدم- أن يقسم بينهم وكل يتصرف في حقه، وما لا يمكن قسمته فإنه يباع، وتقسم الدراهم فيما بينهم.(12/379)
تقسيم الأواني عند قسمة التركة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 08/11/1425هـ
السؤال
هل يجب عند تقسيم إرث الوالدين أن تقسم الأواني النحاسية والمواد المنزلية الأخرى على الجميع ذكورًا وإناثًا؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يجب أن تقسم التركة كلها على الورثة جميعًا، ولا يجوز أن يستأثر أحد منهم بشيء منها ما لم يرض لبقيه، ومثل هذه الأواني لا يمكن قسمتها على الورثة؛ لأنه لا يتأتى ذلك إلا بتكسيرها وفي ذلك إتلاف لها، والطريقة الصحيحة أنه تقوّم ثم يشتريها أحدهم بسعر السوق، أو تباع، ويقسم الثمن على الورثة، وإن تراضوا أن يأخذ كل واحد ما يختاره منها فلا بأس أيضًا. والله أعلم.(12/380)
قسَّم ماله على بناته قبل وفاته
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 15/05/1426هـ
السؤال
توفى والدي -رحمه الله- قبل عدة أشهر، ونحن ست بنات، ووالدتي، وليس لنا أخ، وكان والدي قد كتب لي ولأخواتي جزءاً كبيراً مما يملك قبل وفاته بعدة سنوات، وكان في صحَّة جيدة، ولم يُصَب طوال حياته بأي مرض يؤثر على حالته العقلية، فهل يدخل ما كتبه من أملاك في القسمة الشرعية للميراث؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما وُصِف في السؤال من أن والدكم قد وهبكم جزءاً مما يملك وهو في صحة جيدة وأنجزه، بمعنى أنه لم يجعل التملك وصية بعد الموت، وقبضتم تلك الهبة في حياته فإنه لا يدخل في القسمة الشرعية، ولا يكون ميراثاً؛ لأنه حال وفاته ملك لكم قد استقرّ. وبناءً على ما ذُكر يأتي التفصيل الآتي:
(1) لو كان وهب لكم ذلك في مرض موته فيعتبر وصية، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث" أخرجه أبو داود (2870) ، والترمذي (2120) ، وابن ماجة (2713) .
وقال العلماء -بياناً للحديث-: إنه لا يجوز الوصية للوارث إلا برضا بقية الورثة.
ومثل هذا لو كان كتب هذه الأملاك لكم، وجعل ملككم لها بعد موته فهذه هي الوصية، ولا يجوز للوارث إلا برضا الورثة، كما تقدَّم.
(2) إذا كان قد وهب لكم ذلك في حال صحته -كما وصفتِ- وأنجز الهبة لكن لم تقبضوا تلك الهبة في حال حياته، فلا تكون حقاً لكم؛ لأن الهبة لا تملك إلا بالقبض، فعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن أبا بكر -رضي الله عنه- نحلها جاذ عشرين وسقاً من مال له بالعالية، فلما مرِض قال: يا بنية ما أحدٌ أحبّ إليّ غنىً بعدي منكِ، ولا أحد أعزّ علىَّ فقراً منكِ وكنت نحلتُك جذاذ عشرين وسقاً، وودت أنك حزتيه أو قبضتيه وهو اليوم مال الوارث أخواك وأختاك، فاقتِسمو على كتاب الله عز وجل" أخرجه الإمام مالك في الموطأ، باب ما لا يجوز من النِّحل من كتاب الأقضية (2/752) ، والبيهقي، في باب شرط القبض في الهبة من السنن الكبرى (6/170/171) .
فأما إن كنتم قبضتم ما كتب لكم في حال حياته فهو حينئذٍ ملك لكم، كما تقدم في أول الجواب. والله تعالى أعلم.(12/381)
توريث الجد مع الإخوة
المجيب ناصر بن عبد الله الطريري
المدرس في معهد إمام الدعوة سابقاً
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 29/03/1426هـ
السؤال
ما القول الراجح في توريث الجد مع الإخوة؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الخلاف في توريث الإخوة مع الجد قديم لعدم ورود نصّ قاطع في هذه المسألة، وللسلف في ذلك قولان:
أحدهما: توريث الإخوة مع الجد؛ لأن كلاً منهما يدلي بالأب، وهو قول علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت -رضي الله عنهم- وهو مذهب الإمام مالك، والإمام الشافعي- رحمهما الله تعالى- والمشهور عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-.
الثاني: جعله أباً فيسقط الإخوة، وهو قول بضعة عشر من الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- منهم أبو بكر الصديق، وابنته عائشة أم المؤمنين، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبو موسى الأشعري، وعمران بن حصين، وجماعة من التابعين، وهو قول أبي حنيفة وإسحاق بن راهوية والمزني وابن سريج وابن المنذر، وهو رواية عن الإمام أحمد أخذ بها بعض أصحابه، وهو الراجح - إن شاء الله- لأدلة كثيرة لا يتسع المجال هنا لبسطها. والله أعلم، وصلى الله على محمد.(12/382)
تزوجها ولم يدخل بها فهل ترثه؟
المجيب البندري بنت عبد العزيز العمر
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 04/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي هو إحدى قريباتي تسأل عن ورث ابنتها، تزوجت ابنتها من شاب غدر بها، وعلم الأهل بذلك بعد اختفاء البنت، وتمّ الزواج بعدها ولكن ما زالت البنت في بيت أمها ولم ترحل لبيت زوجها بحجة الزوج أنه لا يمكن أخذها لبيت أبيه وأهله، وله زوجة ثانية، والزوج يصرف على زوجته بنفقة شهرية، ولكن لا يختلي بها ولا يراها أبداً، وهو يفضِّل ذلك، مات الزوج بحادث سيارة، وترك خلفه بعض المال وبيتاً. السؤال: هل على الزوجة الثانية عدة وإرث من زوجها؟ مع العلم بأنها لا تسكن معه ولم تعاشره بعد عقد القران وهي مقيمة في بيت أمهاً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إذا كان العقد (عقد النكاح) وقع صحيحاً ومستوفياً لأركان وشروط النكاح، فهو عقد صحيح يترتب عليه إرث الزوجة ولا يشترط الدخول أو الخلوة بها؛ فهي زوجة كسائر الزوجات، عليها عدة الوفاة ومراعاة أحكام الإحداد من ترك الزينة والطيب والحلي، وعدم الخروج من بيت أهلها إلا لحاجة ماسة، ولها الصداق كاملاً، ولها الميراث، فتشترك مع زوجته الأولى في الثُمن (ثمن ماله) إن كان له أولاد، وإن لم يكن له أولاد اشتركت مع زوجته في الربع؛ لقوله تعالى: "ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم" [النساء:12] ، والقول بميراثها واستقرار كامل الصداق لها، ووجوب الإحداد والعدة، وإن لم يدخل بها قضاء، قضاه ابن مسعود - رضي الله عنه-وهو الذي وافق فيه قضاء النبي - صلى الله عليه وسلم- في بروع بنت واشق - رضي الله عنها- أخرجه أبو داود (2114) ، والترمذي (1145) ، وابن ماجه (1891) ، والنسائي (3355) ، فهذا حكم الشرع. والله الموفق، والله أعلم.(12/383)
قسموا للأنثى مثل حظ الذكر
المجيب ناصر بن عبد الله الطريري
المدرس في معهد إمام الدعوة سابقاً
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 22/03/1426هـ
السؤال
بالنسبة لتقسيم التركة بعد وفاة الأب، هل يصح للإخوة الذكور القسمة بالتساوي مع الإناث بتراضٍ منهم؟ أم عليهم الالتزام بالقرآن، وإعطاء الذكر مثل حظ الأنثيين؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأصل في قسمة التركات أن للذكر مثل حظ الأنثيين، أي أن الأنثى تأخذ نصف ميراث الذكر العاصب، لكن في مثل هذه المسألة إذا رضي الذكور بأن يكون للأنثى مثل ميراث الذكر فلا مانع من ذلك؛ لأنه يعتبر تنازلاً من الذكور عن شيء مما يرثونه لأخواتهم، فهو كالهبة، ولا يلزم الالتزام بما ذكر في القرآن؛ لأن هذا نوع تبرع، ولا يمنع في مثل هذه المسألة أن يتنازل الشخص بشيء من نصيبه لأخته؛ لأنه تبرع منه كما ذكر. والله أعلم.(12/384)
تأخير بعض الورثة قسمة التركة
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 30/07/1426هـ
السؤال
ما حكم من يؤخر توزيع الميراث على الورثة -وهو واحد منهم- بمعارضته للبيع (قطعة أرض) وذلك لأنه غير محتاج للمال بعكس الآخرين، مع العلم أن الميراث استحق منذ سنوات، جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإذا مات شخص فإن أمواله تنتقل لورثته بمجرد موته، ويشترك الورثة في استحقاق ماله، ومن منع بعض الورثة من حقّه من مال مورثه فهو ظالم غاصب آثم بفعله، عليه أن يتوب من فعله ويبادر إلى إعطاء كل ذي حقّ حقه. قال عليه الصلاة والسلام: "من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوّقه الله إياه يوم القيامة من سبع أراضين" أخرجه البخاري (3198) ، ومسلم (1610) .
وليس عدم احتياج أحد الورثة للمال عذراً في منع المستحق إذا طالب بحقّه، ويمكن لأي أحد من الورثة أن يتقدَّم للقضاء بطلب بيع عقارات مورثه إن كانت مما لا يمكن قسمته، أو طلب قسمتها إن كانت مما يمكن قسمته كالأراضي الواسعة، وهذا حق له يملك المطالبة به، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(12/385)
الوصية لغير وارث
المجيب ناصر بن عبد الله الطريري
المدرس في معهد إمام الدعوة سابقاً
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 15/04/1426هـ
السؤال
هل يجوز أن يوصي الشخص بماله كله لشخص غير وارث؟ وإذا كانت تجوز الوصية فبكم يوصي له؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا كان الشخص له ورثة فلا يصح له أن يوصي بأكثر من الثلث لغير وارث، فإن أوصى بأكثر من الثلث وله ورثة لم تصح، إلا إذا أجاز الورثة الوصية. فإن لم يكن له ورثة فالأمر في هذا واسع، فيوصي بما شاء؛ لعدم المحذور في ذلك. والله أعلم.(12/386)
معاقبة بعض الأبناء بالحرمان من الميراث!
المجيب ناصر بن عبد الله الطريري
المدرس في معهد إمام الدعوة سابقاً
التصنيف الفهرسة/المواريث
التاريخ 21/09/1426هـ
السؤال
أعرف شخصاً حرم بعض أبنائه من الإرث، فأتمنى لو تدلوني على آيات وأحاديث شريفة رادعة لأقرأها عليه لعل الله يهديه. وجزاكم الله عنا كل خير.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فكون الشخص يوصي بحرمان بعض أبنائه من إرثه فلا عبرة بذلك؛ لأن هذا التحريم والمنع صدر من الأب وهو على قيد الحياة، وهذا استباق للأحداث، وما دام الأب والابن كلاهما على قيد الحياة فلا ينفذ ذلك؛ فقد يموت الابن قبل أبيه.
وإن مات الأب قبل ابنه فوصيته باطلة لا تنفذ؛ لأنه اعتداء على ما شرعه الله، ولا يملك منعه من الإرث بل يرث، ولو أوصى بمنعه فلا عبرة بوصيته ولاتنفذ؛ لقول الله تعالى: "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين" [النساء:11] .
لكن ينبغي الانتباه إلى الأمر الذي سبَّب الجفوة بين الابن وأبيه، فينبغي التفاهم مع الطرفين والسعي في الإصلاح فيما بينهما من قبل الأقارب والأصدقاء؛ لعل المياه تعود إلى مجاريها، وتزول الجفوة بين الأب وابنه. وفق الله الجميع للخير، وصلى الله على محمد.(12/387)
الدعوة الإسلامية(12/388)
الإسلام والتمييز العرقي
المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/شمول رسالة الإسلام وعمومها
التاريخ 16/12/1424هـ
السؤال
شيخنا الكريم: يستشكل البعض الجمع بين ما هو معروف عن الدين الإسلامي من أن الناس سواسية، وأن الإسلام قد أزال وحارب الفرقات العرقية التي يتمايز بها الناس، ولكنه في ذات الوقت يكرس هذا المفهوم في بعض أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك كقوله: "اسمعوا وأطيعوا وإن تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة" أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - فهو في هذا الحديث يبين أن مستوى العبد الأسود أقل من مستوى بقية الناس، بدليل قوله وإن تأمر، والذي يدل على استبعاد احتمالية إمارة ذلك العبد الأسود، وأنه ولو تأمر فإن الناس تأنف من إمارته، لذلك حثهم النبي - صلى الله عليه وسلم- على الطاعة، وكذلك وصفه بـ (كأن رأسه زبيبة) يرى فيه بعض الناس أن فيه تعييراً لأصحاب البشرة السوداء، آمل التلطف بإزالة الإشكال. مع دعائي لكم بدوام التوفيق والسداد.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
أقول وبالله التوفيق:
لقد جاء تقرير المساواة بين الشعوب والأعراق في قواطع نصوص الكتاب والسنة على أجلى وجه، كما في قوله -تعالى-: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" [الحجرات: 13] وكما في قوله - صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع وفي خطبة أيام التشريق: "يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر، إلا بالتقوى". أخرجه الإمام أحمد (22978) بإسناد صحيح.
ثم هذه نصوص الكتاب والسنة كلها، لا يوجد فيها تفريق بين الناس في الفروض من الأوامر والنواهي، ولا تمييز بين الشعوب بتحريم حلال أو تحليل حرام على شعب دون شعب، ولم يأت في شيء من نصوص الوحيين أيضاً ما يحكم بالنجاة من عذاب الله -تعالى- لمجرد الانتماء العرقي أو النسبي أو اللوني. بل النصوص واضحة كل الوضوح أن النجاة من عذاب الله والفوز بالجنة لا يكون بغير الإسلام والإيمان، وأن الكافر مخلد في النار ولو كان أعرب العرب، وأقرب الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم-،وما خبر أبي لهب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن كل مسلم ببعيد، فقد نزلت فيه سورة تذكر مصيره في العذاب المخلد في نار جهنم.
أما حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبه"، أخرجه البخاري (7142) من حديث أنس -رضي الله عنه-. فإنه لم يخرج عن المعنى المذكور آنفاً، بل جاء في سياقه نفسه. حيث إنه أمر بترك النعرة الجاهلية التي كان العرب معها يأنفون من أن يتولى الإمرة عليهم عبد من إفريقيا أسود اللون. فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم- بطاعته وعدم الخروج عن أمره، وأن يميتوا تلك المعاني الجاهلية في نفوسهم.(12/389)
فهذا الحديث جاء ليستبدل بالمعنى الجاهلي معنى إسلامياً، فقد جاء ليقضي على التمييز العنصري بناءً على اللون أو العرق الذي كان متأصلاً في قلوب العرب قبل الإسلام. وهو بذلك أبعد ما يكون عما فهمه السائل منه، بظنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- يستخف بالعبد الحبشي، ولذلك ضرب به المثل. هذا الفهم بعيد عن مراده - صلى الله عليه وسلم- كل البعد فهو - صلى الله عليه وسلم- إنما ضرب المثل بمن كان العرب في الجاهلية يتخذونهم رقيقاً مملوكين، لينفي بذلك كل معنى للعنصرية المقيتة بناءً على اللون أو العرق. هذا هو جواب الإشكال الذي وقع في نفس السائل.
ومما ينبغي أن يذكر في هذا السياق، مما لا بد من بيانه، ليصح التصور الإسلامي في هذه المسألة على وجه أتم أن ما سبق كله لا ينفي أن للعرب المسلمين فضلاً ثابتاً في النصوص، من جهة خصائص في طباعهم جبلهم الله -تعالى- عليها، ومن جهة أن النبي - صلى الله عليه وسلم- منهم، وأن القرآن نزل بلغتهم، وأنهم أول من حمل راية الإسلام، وأن قبلة المسلمين والحرمين الشريفين في بلادهم، وغير ذلك من الفضائل التي اتفق أهل السنة والجماعة على الإيمان بها والاعتراف بها للعرب المسلمين. ولم يخالف في ذلك إلا الشعوبية، وهم الذين أنكروا فضل العرب، إما لجهلهم بالنصوص الواردة في ذلك، أو حسداً على هذا الفضل الذي خص الله به العرب، دون ظلم لمن سواهم، كما فضل بعض الناس على بعض في الرزق وقوة الأبدان وجمال الصور وطول العمر والذكاء والعقل، وغير ذلك من أقدار الله -تعالى- وعطاياه سبحانه: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم" [الجمعة: 40] .
وأعود وأذكر أن هذا لا يعارض ما سبق بأن المنزلة عند الله -تعالى- إنما تنال بالتقوى والعمل الصالح، فلا ينفع العربي نسبه إذا كان كافراً، ولمؤمن غير عربي أحب وأقرب عند الله -تعالى- من عربي فاجر أو كافر أما الفضل الذي خص به العرب السابق ذكره، فهو كسعة الرزق وقوة البدن ونحوها من النعم، التي تكون عوناً على التقوى لمن وفقه الله -تعالى- إلى ذلك، وقد تكون وبالاً على صاحبها إذا كان كافراً أو فاجراً. فذلك الفضل لا ينفع بمجرده، إنما ينفع مع الإسلام والإيمان والعمل الصالح، كما ينتفع المؤمن الغني بماله في الصدقة، وكما ينتفع المؤمن القوي البدن بقوته في الجهاد في سبيل الله -تعالى-.
والإيمان بهذا الفضل للعرب الذين جاءت به النصوص من الإيمان بالقضاء والقدر، الذي يستلزم من عبد الله الرضا بالقضاء والتسليم لحكم الله -تعالى-، كما رضي بتفاوت الناس في الأرزاق والأبدان والعقول والأعمار، وخضع في ذلك لخالقه الحكيم العليم -سبحانه وتعالى-. ملأ الله -تعالى- قلوبنا إيماناً به وحباً له ورضا بقضائه. والله أعلم. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.(12/390)
لماذا تفوق الغرب علينا؟
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/شمول رسالة الإسلام وعمومها
التاريخ 1/3/1425هـ
السؤال
ما سبب تفوق الغرب علينا نحن المسلمين في جميع المجالات من دون استثناء، ونحن نملك القرآن الكريم، وما يحتويه من كنوز لا تعد, هل التقصير منا في فهم القرآن؟ ولماذا نكتفي بالكلام الجميل؛ فباستطاعتنا أن نحلل ونستدل، ونفند، ولكن هل باستطاعتنا أن نجاري الغرب وتطوره في جميع المجالات؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الله - سبحانه وتعالى- جعل سنناً في الكون، ويقول - سبحانه وتعالى-: "من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد" [الإسراء:18] وقال - سبحانه وتعالى-: "من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها" [الشورى:20] فبلاد الغرب أخذت بهذه السنن، سنن الجد والعمل، والعمل الدؤوب، والوسائل العقلانية فاستعملت سنن العمارة الكونية، والعمارة الكونية تقوم على إثارة الأرض؛ كما قال -سبحانه وتعالى-: "وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها" [الروم:9] فإثارة الأرض بالبناء وإثارة الأرض بالتفتيش عن المعادن، بالتفتيش عن المياه، فالعمارة التي تسبقها الإثارة إخراج كنوز الأرض، وكل هذه سنن من قام بهذه السنن يجد نتائجها.
المسألة ليست في كون القرآن عندنا، وليست في عدم فهمنا، ولكن في تقصيرنا في العمل بما في القرآن، نحن لا نعمل بما في القرآن، القرآن أمرنا بالعمل؛ "وقل اعملوا" [التوبة:105] ، أمرنا بترك الكسل، أمرنا بإعداد القوة؛ "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" [الأنفال:60] ، فالأوامر القرآنية نحن قصرنا في امتثالها، قصرنا في تطبيقها.
فالمسألة واضحة هي مسألة قصور وتقصير، فمن لم يزرع فإنه لا ينتظر الحصاد، لا يمكن أن تنتظر نتيجة بدون مقدمات هذه سنن من سنن الله - تعالى- ومراغمة السنن ليست ممكنة بل هي مستحيلة فهناك أوامر الخالق وسنن الخلق، وهناك سنن الخُلق.
صحيح أن الغرب مهمل ومقصر فيما يتعلق بسنن الخُلق، أي في إجابة الدعوة، إذ أنه لا يستجيب لدعوة الله - سبحانه وتعالى- في تعامله وفي معاملاته في علاقته بربه، لكنه في سنن الخلق أي ما يتعلق بجناح العمارة أخذ بها؛ لأن الخلافة الراشدة تقوم على جناحين جناح العمارة الكونية التي تقوم على إثارة الأرض وجناح العمارة الخُلقية التي تقوم على "وجاءتهم رسلهم بالبينات" [الروم:9] ، وهذا كله في آية الروم، "وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات" [الروم:9] فهم لم يؤمنوا بما جاءت به الرسل- عليهم الصلاة والسلام- ولكنهم أثاروا الأرض وعمروها، فالسبب واضح جداً، لا بد من شيء من الجد، لا بد من النظام والانتظام، لا بد من عمل دؤوب، لا بد من حركة إبداعية، وليست بدعية في التعامل مع هذا الكون وبدون هذا لا يمكن أن نعمر الأرض عمارة كاملة، وعمارة راشدة. والله أعلم.(12/391)
هل الربا ضرورة اقتصادية؟
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/شمول رسالة الإسلام وعمومها
التاريخ 29/3/1425هـ
السؤال
أنا طالب مقيم في دولة غربية، وخلال إقامتي ناقشت بعض المسلمين الذين يجعلون العقل هو الحكم في قبول أدلة الشرع، فأخذوا يناقشوني في حرمة الربا وأن الحال الآن في العالم من العولمة والبورصة العالمية تستلزم التعامل بالفوائد، ولقد حاولت تبيين عظم حرمة الربا، ولكن للأسف من غير فائدة، أرجو من سماحتكم توجيهي في طريقة مناقشتهم والكتب التي تنصح في قراءتها لمناقشة مثل هذا الصنف من الناس. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فمن الممكن مناقشة هؤلاء من خلال عدة محاور:
الأول: بيان ما يجب على المسلم تجاه النصوص الشرعية من التسليم والانقياد لحكم الله، وأن المؤمن لا يكون مؤمناً حقاً حتى يحكم النصوص الشرعية سواء وافقت عقله القاصر وهواه أو لم توافقه، وأن من مقتضى الإيمان بالله أن يستسلم العبد لحكمه، يقول سبحانه: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما " [النساء:65] .
الثاني: على العبد أن يوقن دوماً أن حكم الله فيه غاية المصلحة والخير الدنيوي والأخروي للعباد، وأن العبد إذا ظهر له خلاف ذلك فإنما هو لقصوره البشري؛ لأن الله تعالى هو واضع هذه الأحكام، وهو أدرى بمصالح العباد من أنفسهم، يقول تعالى: "ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون " [المائدة:50] .
الثالث: وأما كون النظام السائد في الأسواق العالمية هو نظام الفائدة فهذا لا يعني أنه أفضل من النظام الاقتصادي الإسلامي، لأن انتشار نظام الفائدة كان له أسبابه ومبرراته، ومنها الدعم الكبير الذي حظي به هذا النظام من قبل المؤسسات الرأسمالية وأصحاب النفوذ والسلطة، وهم المستفيد الأول منه، وصاحب ذلك ضعف سياسي عند المسلمين نتج عنه غياب أو انحسار البدائل الشرعية المناسبة، وكون الدول الرأسمالية قد حققت قدراً أكبر من الرفاهية مقارنة بالدول الأخرى لا يرجع ذلك بالضرورة إلى نجاح نظامها الاقتصادي، فثمة عدة عوامل ساعدت على ذلك من أهمها: الاستقرار السياسي، وبناء مؤسسات المجتمع المدني من سلطة تشريعية وقضائية وتنفيذية على نحو تفوقت فيه على كثير من الدول، والأهم من ذلك هو ابتزازها لخيرات الشعوب الأخرى، وتسخيرها لكافة إمكانياتها العسكرية والسياسية والاستخباراتية، لدعم نظامها الاقتصادي، تحت مسميات متعددة، فتارة باسم الاستعمار، وتارة بالضغوط الخارجية، وأحياناً بالحصار الاقتصادي، ومكافحة الإرهاب، وأحياناً بدعوى الإصلاح الإداري..، وقل ما شئت من المسميات التي لا تنطلي على عاقل، ويدرك اللبيب أن المقصود منها هو التضييق على بقية الدول وامتصاص خيراتها وإجهاض أي محاولة لمنافسة الدول الاستعمارية.(12/392)
الرابع: ولا يخفى على الناظر بتمعن ما سببه النظام الرأسمالي من ويلات ونكبات على الشعوب والمجتمعات، حيث نجد دولاً برمتها تنهار اقتصادياتها في أيام معدودة بسبب الجو الملائم لمثل ذلك الذي أوجده هذا النظام، كما يكفي أن نعرف أن أكثر من نصف سكان الأرض - في ظل النظام الرأسمالي - يعيشون تحت خط الفقر، وأن 5% فقط من العالم تعادل ثروتهم ثروة بقية العالم، بل نجد المؤشرات الاقتصادية داخل الدول الرأسمالية نفسها تشير إلى أن كفة الأغنياء في تصاعد مستمر على حساب الفقراء، ومرد ذلك إلى الآلية التي يسير عليها النظام الرأسمالي والتي من شأنها أن تزيد الغني غنىً والفقير فقرا، فكيف يؤمل بعد ذلك أن يعم الرخاء بسيادة هذا النظام في العالم.
الخامس: وقد ظهرت بعض البدائل المتفقة مع االشريعة الإسلامية في العقدين الماضيين في البلدان الغربية نفسها، فظهر ما يعرف ب (صناديق الاستثمار) (Investment funds) وهي في الحقيقة مبنية على نظام المشاركة في الربح والخسارة الذي عرفه الإسلام قبل أكثر من أربعة عشر قرناً، وقد حققت تلك الصناديق نجاحاً منقطع النظير على حساب نظام الفائدة، مما حدا بكثير من الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا إلى أن تجعلها من ضمن الأعمال الأساسية التي تمارسها البنوك التجارية، بعد أن كان مترسخاً في الأذهان لقرون متعددة أن دور المصارف يقتصر على الإقراض بالفوائد، ويكفي أن نعرف أن القيمة السوقية لصناديق الاستثمار في أمريكا وحدها تزيد عن ثلاثة ترليونات دولار، وفي اعتقادي أن صناديق الاستثمار خطوة في الاتجاه الصحيح للتخلص من نظام الفائدة والاعتماد على الاستثمار بنظام الربح المبني على عقد المشاركة.
السادس: وإتماماً للفائدة أشير إلى مقارنة سريعة بين نظام الربح المبني على المشاركة، ونظام الفائدة المبني على عقد القرض، فقد جاء تحريم الفائدة الربوية وإباحة الربح في الشريعة الإسلامية، لتحقيق مقاصد عظيمة، ومصالح كبيرة تعود بالخير على البشرية جمعاء، دفعاً للظلم عنهم، وتحقيقاً للعدل بينهم، إلا أن الإنسان ذلك الظلوم الجهول بما يعتري فطرته من الانتكاس والغفلة، لا يتوانى عن الخضوع ذليلاً لكل ما يشرعه أهل الأرض بما تحمله تلك التشريعات من ظلم وجور وطغيان.
فالإسلام حين حرم الفائدة فإنما حرمها لما تنطوي عليه من الظلم والفساد بين العباد، وحين أباح الربح فلما فيه من العدل والإصلاح بين الناس، ولنتأمل في بعض الآثار الاقتصادية لكل منهما:
1- فالربح يحقق الأهداف التنموية للبلاد على عكس ما تؤديه الفائدة، ذلك أنه من المعروف أنه فيما عدا بعض القروض التنموية الممنوحة من هيئات متخصصة فإن سوق القروض يعد سوقاً قصير الأجل بمعنى أن المقرضين في الغالب يتحاشون الإقراض طويل الأجل خوفاً من تقلب أسعار الفائدة أو تدني القوة الشرائية للنقود أو التغير في معدلات الصرف.
لذلك يبدو التعارض قائماً بين أهداف المقرضين وسلوكهم وبين الحاجة للاستثمار طويل الأجل في معظم المجالات الاقتصادية الحيوية، والتي لا تتحقق إلا باعتبار الربح معياراً للإنتاج.(12/393)
2- ونظام الربح يضمن تحول رأس المال في المجتمع إلى رأس مال منتج يساهم في المشروعات الصناعية والزراعية وغير ذلك، بينما في نظام الفائدة يودع الناس فائض أموالهم النقدية في البنوك مقابل فائدة منخفضة السعر يقررها البنك لودائعهم، ثم يقوم بتحويل هذه الأموال إلى خارج البلاد واقتضاء فوائد مضمونة عليها، دون أن تشارك هذه الأموال في التنمية الاقتصادية.
3- الربح عامل توزيع للموارد الاقتصادية بخلاف الفائدة التي تعتبر أداة رديئة ومضللة في تخصيص الموارد، وذلك لأن آلية الربح تشجع على توجيه الأموال إلى الاستثمارات الأعلى جدوى والأكثر إدراراً للعائد، بينما تتحيز الفائدة بصفة رئيسية للمشروعات الكبيرة التي تحصل بحجة ملاءتها على قروض أكبر بسعر فائدة أقل، بصرف النظر عن إنتاجيتها، مما يساعد على تركيز الثروات في أيدي قلة قليلة من المرابين.
4- ولأن الربح ناتج عن ارتباط المال بالعمل فالتدفقات النقدية التي تتحقق وفقاً لهذا النظام مرتبطة بتدفقات مقابلة من السلع والخدمات الضرورية للمجتمع، وذلك بخلاف نظام الفائدة حيث تنطوي عمليات منح الائتمان في المصارف التقليدية على زيادة كمية النقود المعروضة بما يسمح بمزيد من الضغوط التضخميه.
5 - أن البنوك في استغلالها للودائع بنظام الفائدة إنما تخلق نقوداً مصطنعة هي ما يسمونه بالائتمان التجاري، وهي بهذا تغتصب وظيفة الدولة المشروعة في خلق النقود بما يحف هذه الوظيفة من مسئوليات، ولا ينفرد بهذا الرأي علماء المسلمين بل قد أجمع كثير من علماء الاقتصاد في الغرب على أن الائتمان الذي تقدمه البنوك سواء كان في قروض الاستهلاك أو الانتاج من شأنه أن يزعزع النظام الاقتصادي لأن التعامل في البلاد الرأسمالية لم يعد بالذهب أو بالفضة أو بأوراق النقد إلا في القليل النادر، أما أكثر التعامل فيجرى بالشيكات، والثابت بحكم الواقع أن البنوك تميل في أوقات الرخاء إلى التوسع في الإقراض بفتح الاعتمادات التي تربو على رصيدها أضعافاً مضاعفه، وميلها في أوقات الركود إلى الإحجام عنه وإرغام المقترضين على السداد، فهذا البسط والقبض الذي تتحكم فيه إرادة القائمين على المصارف الربوية هو من أهم العوامل التي تهز الكيان الاقتصادي ويفضي إلى تتابع الأزمات.
6- ولا ينقضي عجب الإنسان حين نعلم أن من علماء المسلمين المتقدمين من تحدث عن الأضرار الاقتصادية للربا وكأنما هو يصف حالة التخبط التي يعيشها العالم الاقتصادي اليوم:
فيقول الإمام الغزالي رحمه الله: (إنما حرم الربا من حيث إنه يمنع الناس من الاشتغال بالمكاسب وذلك لأن صاحب الدرهم إذا تمكن بواسطة الربا من تحصيل درهم زائد نقداً أو آجلاً خف عليه اكتساب المعيشة فلا يكاد يتحمل مشقة الكسب والتجارة والصناعة وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق، ومن المعلوم أن مصالح العالم لا تنتظم إلا بالتجارات والحرف والصناعة والإعمار) .(12/394)
ويتحدث ابن القيم - رحمه الله - عن الضرر الناشئ عند الاسترباح بالنقود وحكمة تحريم ربا الفضل فيقول: (والثمن هو المعيار الذي يعرف به تقويم الأموال، فيجب أن يكون محدوداً مضبوطاً لا يرتفع ولا ينخفض إذ لو كان الثمن يرتفع وينخفض كالسلع لم يكن لنا ثمن نعتبر به المبيعات بل الجميع سلع، وحاجة الناس إلى ثمن يعتبرون به المبيعات حاجة ضرورية عامة، وذلك لا يمكن إلا بسعر تعرف به القيمة وذلك لا يكون إلا بثمن تقوم به الأشياء ويستمر على حالة واحدة، ولا يقوم هو بغيره إذ يصير سلعة يرتفع، وينخفض فتفسد معاملات الناس، ويقع الحلف ويشتد الضرر كما رأيت حد فساد معاملاتهم، والضرر اللاحق بهم حين اتخذت الفلوس سلعة تعد للربح فعم الضرر وحصل الظلم، فالأثمان لا تقصد لأعيانها بل يقصد منها التوصل إلى السلع، فإذا صارت في نفسها سلعة تقصد لأعيانها فسد أمر الناس) .
وفي تفسير المنار: (وثم وجه آخر لتحريم الربا من دون البيع، وهو أن النقدين إنما وضعا ليكونا ميزاناً لتقدير قيم الأشياء التي ينتفع بها الناس في معايشهم فإذا تحول هذا وصار النقد مقصوداً بالاستغلال فإن هذا يؤدي إلى انتزاع الثروة من أيدي أكثر الناس، وحصرها في أيدي الذين يجعلون أعمالهم قاصرة على استغلال المال بالمال) .
وختاماً فهذه بعض أسماء الكتب المفيدة في الموضوع:
1- نحو نظام نقدي عادل، للدكتور: محمد عمر شبابرا، وهو من مطبوعات المعهد العالمي للفكر الإسلامي، وهذا المعهد موجود عندكم في أمريكا، وعنوانه على الشبكة العالمية هو: http://www.iiit.org
2- موسوعة الاقتصاد الإسلامي للدكتور / محمد عبد المنعم جمال
3- بالإضافة إلى عدد من المطبوعات لدى معهد العلوم الإسلامية والعربية في أمريكا، وهو موجود في ولاية فرجينيا، وعنوانه على الشبكة العالمية: www.iiasa.org وبإمكانك الاتصال بهم على الرقم: 7032073901 وسيقومون بإذن الله بتزويدك بما تحتاج إليه من كتب.(12/395)
دعوة المسلمين ومنع غيرهم
المجيب أ. د. بكر بن زكي عوض
أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/شمول رسالة الإسلام وعمومها
التاريخ 18/01/1426هـ
السؤال
لماذا يمنع أهل الأديان الأخرى من الدعوة إلى دينهم في البلدان الإسلامية, بينما يسمح للمسلمين بالدعوة إلى الإسلام في البلاد الغربية؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الإسلام لا يدعو إلى اتباع فرد بعينه، بل يدعو الناس جميعاً إلى الإيمان بخالق هذا الكون، واتباع تعاليمه التي جاء بها محمد عليه الصلاة السلام، ويوجب على أتباعه أن يؤمنوا بموسى وعيسى وسائر الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام-، مع وجوب إيمانهم بالتوراة والإنجيل الموحى بهما إلى موسى وعيسى عليهما السلام.
وأما غير المسلمين فإن أساس دعوتهم الكفر بعيسى ومحمد-صلى الله عليه وسلم- إن كان الداعي يهودياً، والكفر بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وتكذيبه، وإنكار كتابه إن كان الداعي نصرانياً.
علماً بأن الإسلام أثبت لموسى وعيسى -عليهما السلام- كل فضل وصفة محمودة، وخلق كريم، ونفى عنهما كل مذمة أو عيب، بينما يلصق اليهود بعيسى ومحمد-صلى الله عليه وسلم- كل نقيصة ومثلبة، ويلصق النصارى بمحمد -عليه الصلاة والسلام- كل مذمة، فكيف نأذن بنشر الفساد العقدي في ديار الإسلام، إن لكل دولة قانون سيادة، وإن قانون السيادة في الدولة الإسلامية توحيد الله والإيمان بسائر الرسل، والتسليم بأصول الكتب السابقة وبهيمنة القرآن عليها؛ فاتباع غير المسلم للإسلام فيه إضافة وتصحيح عقدي له، واتباع المسلم لغير الإسلام فيه كفر بدينه واتباع لعقائد فاسدة وباطلة. والله أعلم.(12/396)
الإشراف على الحلقات أم تعلم العلم؟
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/أهمية الدعوة وفضلها
التاريخ 13/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا- ولله الحمد- مشرف على حلقات قرآن ومجموعة الشباب بالمرحلة المتوسطة والثانوية، وفي الواقع أن هذا العمل يأخذ كل وقتي، سؤالي يا فضيلة الشيخ: هل الأفضل أن أتفرغ لطلب العلم وللتحصيل العلمي، أم أن أستمر على وضعي هذا؟ علمًا بأنه من الصعب التوفيق بينهما. والله ولي التوفيق.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الكريم: أُهنئك من أعماق قلبي على جهودك الدعوية المخلصة، واحتضانك النبيل لأولئك البراعم الشابة من طلاب المدارس المتوسطة والثانوية، ولا ريب أنَّ عملك المبارك هو اقتداء شريف، وامتداد عظيم لأفعال الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- فقد كانوا دعاة إلى الله، وأنفقوا أعمارهم، واستنفدوا أوقاتهم كلها في دعوة الناس وتربيتهم، أليس نوح- عليه السلام- يقول: (رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا) ؟ [نوح:5] . ألم تكن هذه حاله طيلة عشرة قرون من الزمان إلا قليلاً؛ (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا) [العنكبوت:14] .
وأنت يا أخي، لا تستكثر على هؤلاء الشباب ما تبذله من جهد، وما تنفقه من وقت؛ فـ "لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً واحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِن حُمْرِ النَّعَمِ". فكيف إذا اهتدى على يديك العشرات والمئات؟ ثم لمن تترك هؤلاء الشباب؟ أتتركهم لقرناء السوء، أم للقنوات والدشوش، أم للمقاهي والأسواق؟! وإنها والله لمكيدة شيطانية، ووسوسة إبليسية تلك التي من خلالها يحاول اللعين إيقاعك بها، واستدراجك إليها، فقد رأى إبليس الخبيث أثر نعمة الله عليك، وأثر دعوتك على شباب الحلق فغاظه ذلك وكدّره، فأراد صرفك عنهم، والحيلولة بينك وبينهم تحت غطاء طلب العلم، فاحذر كيده- يرحمك الله- واعلم بأن طِلاَبَ العلم مع الدعوة والتوجيه ممكن ميسور متى نظَّمت وقتك، وجعلت ضمن برنامج توجيه طُلاَّب الحلق مدارسة لبعض الكتب، وسماع بعض الأشرطة، أو حضور درس لدى شيخ عالم عامل، ودعوى استحالة الجمع بين العلم والدعوة لا حظ لها من الموضوعية والواقعية، فبالجد والتصميم والمثابرة تنال الآمال الكبار. وفقك ربي وأعانك.(12/397)
وسائل لمحاربة الإعلام الفاسد
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /وسائل الإعلام
التاريخ 10/8/1422
السؤال
لدي بعض الخطط الخاصة والتكتيكات للمناورة مع الإعلام المسلط وبحث خفاياه وتوريطه بأسلوب خاص، وخصوصاً الجرائد والمجلات: مثل خضراء الدمن والممات، فما هي أفضل وسيلة لاستخدام مثل هذا؟
الجواب
جواباً على الأخت السائلة التي تكرمت بعدة أسئلة في مجال الإعلام مما يدل على اهتمامها وفقنا الله وإياها لكل خير.
ورد في سؤالها ما نصه: لدي بعض الخطط الخاصة والتكتيكات للمناورة مع الإعلام المسلّط وبحث خفاياه وتوريطه بأسلوب خاص وخصوصاً الجرائد والمجلات. . . فما هي أفضل وسيلة لاستخدام مثل هذا؟
والجواب: إن الأولى السؤال عن جدوى الخطط والتكتيكات والمناورات والتوريط وهل هذا مقبول أم لا؟
أعتقد أن باعث السائلة على تلك الوسائل فضح بعض وسائل الإعلام المغرضة، وتحذير الناس منها، وهذا هدف نبيل نبه القرآن الكريم عليه في قوله - تعالى -: ((وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين)) [الأنعام: 55] . ولكن نبل الهدف لا يسوّغ الوسائل الموصلة إليه، ومن الممكن تحقيقه بغير التوريط والمناورة. . , وإذا كان التكتيك والمبادرة والتوريط قد يحقق هذا الهدف ولكنه يفوت هدفاً أهم وهو التأثير الإيجابي على العاملين في تلك الوسائل، سواء بإقامة الحجة عليهم أو هدايتهم للحق.
وأفضل وسيلة لتحقيق تلك الأهداف من إظهار الحق وبيان ضلال تلك الوسائل وتحيزها هو الدراسة الموضوعية لعدة أعداد (سنة مثلاً) دراسة استقرائية تحليلية لما ورد فيها، وبالإمكان أخذ قضايا معينة، مثل قضايا الجهاد أو قضية فلسطين أو الحجاب أو المرأة أو غير ذلك.
وتلك الدراسة تحتاج إلى باحث موضوعي منصف، فكما أنه يظهر الزيف والباطل في تلك الصحيفة فعليه أن يكون مستعداً لإبداء الأمور الإيجابية، وهذا من العدل الذي أمر الله به (ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) [المائدة:8] .
وعندئذ سيقبل كلامه وسيؤثر على الآخرين ويبين الحقيقة، كما سيوجب على تلك الوسائل تعديل طريقتها ومراجعة أمرها خوفاً من فقد جمهورها وانكشاف حالها. ونأمل من السائلة أن تكون قادرة على ذلك ونشكرها على سؤالها، سائلين الله - عز وجل - لنا ولها التوفيق والسداد.(12/398)
وسائل هداية النصارى
المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها
التاريخ 3/1/1425هـ
السؤال
ما هي الوسائل لهداية النصارى للإسلام؟ وذلك لأن جامعتي فيها الكثير من النصارى، وتعرفت على بعض منهم.
الجواب
من المناسب عند دعوة فئة أو شخص أو مجتمع أن يعرف الداعي إلى الله أقرب الطرق الموصلة إلى هداية الأقوام، وهي بمثابة المفاتيح التي يدخل من خلالها الداعية إلى قلوب الآخرين، ومن ذلك أن النصارى فيهم ميل إلى اللطف، والرقة، والحب، والتسامح، والعدل، والإحسان، وخاصة بعض أهل التدين، وعلى الخصوص الذين لم يتأثروا باليهود ممن عرفوا أخيراً بالنصارى المتصهينيين.
وعلى كل حال فيمكن لكل مسلم داع إلى الله أن يبين لهؤلاء سماحة الإسلام، وعدله، وإحسانه، وشمولية تعليماته للجانب الروحي والنفسي، والعقلي، والعملي للإنسان، وتحقيق أحكامه للمصالح والمنافع والملذات الدنيوية والأخروية.
كما يمكن استعمال وسيلة الإقناع العقلي، والإشباع العاطفي، مع شيء من الممارسات العملية كالهدايا، والزيارات، والمواساة، ونحو ذلك من الأعمال المشروعة، التي يهدف الداعي من خلالها إلى هداية الآخرين وإرشادهم إلى ما فيه نجاتهم في الدنيا والآخرة.(12/399)
دعوة غير المسلمين إلى الإسلام
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها
التاريخ 24/1/1424هـ
السؤال
ما كيفية دعوة الغير إلى الإسلام؟ أو بمعنى آخر: ما هي النقاط الأولية لدعوة الغير للإسلام خاصة؟ وإن كان من غير أهل الكتاب (هندوسي) .
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
الدعوة إلى الإسلام يحتاج فيها إلى عدة أمور:
أولاً: المعرفة بالعقيدة الإسلامية من الإيمان بالله وما يتضمنه ذلك من توحيد الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، والإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر.
ومن ثم الدعوة إلى هذه العقيدة العظيمة، وهي عقيدة فطرية بسيطة لا لبس فيها ولا تعقيد.
وهي ما دعا إليه جميع الأنبياء والرسل من عبادة الله وحده لا شريك له، دون وسائط، وأن الله بعث محمداً رحمة للعالمين.
ثانياً: معرفة حال المدعو وما لديه من عقائد وأفكار، حيث تفرز تلك العقائد إلى قسمين: قسم موافق للإسلام فيتعين عليه، وقسم مخالف فيتعين بطلانه بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، ومعرفة ما يميل إليه فيحبب إليه الإيمان بكل طريق.
ويجب في الدعوة مراعاة حال المدعوين، حيث تختلف الدعوة وتتنوع بحسب ثقافة المخاطب، فبعضهم يحتاج معه إلى شرح وبيان، والبعض الآخر يكفي مع شرح أصول الإيمان، والإجابة على من عنده أفكار، وتفنيد الباطل في ديانته كالتناسخ والطبقية في الهندوسية.
والبعض الآخر يحتاج إلى الإسلام وبيان محاسنه، وأنه دين الله إلى العالم، وأنه دين المساواة والعدل والمحبة والسلام، وأنه دين الرحمة والإحسان إلى الخلق، وأنه يأمر بكل معروف وينهى عن كل منكر. ولا يحتاج معه إلى غيره.
وأفضل مؤلف في ذلك كتاب (مبادئ الإسلام) لأبي الأعلى المودودي رحمه الله، وهو مترجم إلى الهندية، وإذا كان السائل لديه رغبة في الاطلاع على أديان الهند لا سيما الهندوسية فإن أفضل مؤلف في ذلك كتاب (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة) للبيروني، وهناك كتب حديثة أخرى (كأديان الهند) لأحمد شلبي، و (الموسوعة الميسرة للأديان والمذاهب المعاصرة) للندوة العالمية للشباب الإسلامي، وهي موسوعة مهمة لكل داعية.
وفق الله السائل لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على نبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(12/400)
التعامل مع الكفار أثناء العمل
المجيب د. أحمد بن محمد أبا بطين - رحمه الله -
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها
التاريخ 7/7/1423هـ
السؤال
أنا أعمل في مستشفى، ويعمل معنا كفار من نصارى وهندوس، ما الطريقة المثلى لدعوتهم إلى الإسلام؟ وهل آثم إذا تبسمت في وجوههم ورديت عليهم السلام؟ وكذلك يعمل معنا نساء متبرجات كيف أنصحهن وأنكر عليهن؟ وجزاكم الله خيرا.
الجواب
أولاً: الطريقة المثلى تندرج تحت قوله -تعالى-:"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" [العنكبوت: 69] ، "إن عليك إلا البلاغ" [الشورى: 48] ، "ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء" [البقرة: 272] .
ثانياً: التعريف بالإسلام عن طريق الكتب المترجمة للغاتهم.
ثالثاً: القدوة الحسنة في التعامل.
رابعاً: الدعاء لهم بظهر الغيب بأن يهديهم الله.
خامساً: عدم البدء بلفظ السلام، وإذا سلم أحدكم فيرد عليه بقول: وعليكم، أو تبدأ معهم بقولك لهم: كيف أصبحتم؟ كيف حالكم؟
سادساً: البدء بالأولويات وهي العقيدة أولاً، حيث ينبغي تقريبها لأذهانهم قبل مسألة التبرج.(12/401)
قراءة القرآن والدعاء لأمريكا
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها
التاريخ 3/8/1424هـ
السؤال
أنا شاب عربي مسلم أعيش بولاية تكساس الأمريكية، وسؤالي هو كالتالي: لقد ذهب مسؤولو المنطقة التي أعيش فيها لحضور حفل افتتاح البرلمان المحلي لولاية تكساس، وقام أحد الزملاء بقراءة آيات من القرآن وبعض الأدعية للدولة الأمريكية، فكالعادة اعترض البعض وأيد البعض هذا التصرف، فما رأي الشرع بهذه المسألة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
قراءة القرآن مشروعة، وإسماعه لمن يظن به الإفادة منه كذلك، وقد كان النبي - عليه الصلاة والسلام -يقرؤه على المشركين، ومن ذلك قراءته -عليه السلام- لسورة فصلت على عتبة بن ربيعة وكان مشركاً. انظر ما رواه أبو يعلي في مسنده (1818) ، والدعاء للكافر لا بأس به، ولكن يدعى له بما يناسبه، فلا يدعى له بالنصر والتمكين، أو بالدرجات العلى من الجنة، وإنما يدعى له بالهداية، والصلاح، ونحو ذلك.
وعلى هذا فإن كانت قراءة القرآن من هذا القبيل، ووجد من ينتفع بها من المسلمين فلا بأس بذلك، أما إن كانت القراءة لمجرد طقوس الاحتفال أو ما يسمى بـ (البروتوكول) من غير أن يوجد من ينتفع بها من المسلمين ومن غيرهم من الحضور فإنها لا تجوز، وكذلك الدعاء على ما تقدم.(12/402)
إقناع من يرى تعارضاً في النصوص
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها
التاريخ 30/4/1424هـ
السؤال
كيف أرد على من يقول: صحيح أن النقل مقدم على العقل ولكن ليس كل تفسير للنقل هو المقصود، ويقول على سبيل المثال أثبت لي أن المقصود بلهو الحديث في القرآن معناه عند الله الغناء، وقلت إن ابن مسعود - رضي الله عنه- أقسم أنه الغناء، قال كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويرى أننا لو أخذنا بكل ما يقول العلماء واستسلمنا له كتحريم إدخال الدش للبيت فإننا سنعود للوراء، ولا يمكن أن يقتنع بحرمة السفر للدول الكافرة من أجل السياحة، وإذا استشهدت بحديث "أنا بريء ممن يعيش بين ظهراني المشركين" قال: أكيد أن له مناسبة خاصة ولا أعتقد أن تفسيره يعني تحريم السفر لبلادهم، ويرى التسهيل وعدم التشدد، ولا يقتنع أحياناً بحرمة بعض الأشياء التي انغمس الناس فيها وأصبحت عادة، ولا سيما إذا كان المجتمع عنده أن الأمر عادي وليس بمحرم، ودائماً يكرر قد يكون هناك أقوال أخرى للعلماء وتفسيرات أخرى للأدلة فلا تجبرونا على الأخذ بما يرويه علماؤنا في السعودية فقط، كالحجاب وقيادة المرأة للسيارة، والاحتفال بمولد الرسول - صلى الله عليه وسلم -مع أنه لا يفعل ذلك ولا يحبه، وعلى هذا قس الرجل محب للخير يتضايق عندما يهاجم الصالحون عبر وسائل الإعلام، يؤمن بأن النقل يجب أن يقدم على العقل، ذكي وعقليته فذة، مجتهد، ومخلص في أداء عمله، صاحب خلق عال. الرجل يقبل الحوار، وعجزت أن أقنعه فأرجو الإجابة الشافية.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: من الأمور المسلمة عند أهل العلم أنه لا يمكن ولا يتصور أن يتعارض النقل الصحيح مع العقل الصريح؛ لأن العقول الراجحة تؤيد ما جاء في الشريعة من أحكام، وتنقاد لها مسلمة راضية بذلك، كما أن من المقرر عندهم كذلك أنه إذا حصل عند الإنسان تعارض بينهما أن هذا التعارض في نظر الإنسان وليس في نفس الأمر وحقيقته، وإذا حصل عند الإنسان هذا التعارض فإن النقل مقدم على العقل؛ لأن النقل لا يعتريه ما يعتري العقل من الأهواء والآفات والأمراض.(12/403)
ثانياً: كثير من الأدلة الشرعية الواردة في الكتاب والسنة لم تأتِ لبيان وقائع محددة تبين حكمها من جميع الجوانب، وإنما جاءت متصفةً بالعموم والإطلاق؛ ليدخل تحتها ما لا يحصى من الوقائع والحوادث - ما كان منها موجوداً وقت نزول الوحي، وما استجد منها بعد ذلك - وهذه الأدلة لا يتيسر لكل الناس تحديد المراد منها، ولا معرفة ما يدخل فيها من الحوادث وما يخرج عنها؛ لأن هذه الأدلة -كما سبق ذكره- متصفة بالعموم والإطلاق وما إلى ذلك، وإنما يفهم المراد منها وما يدخل تحتها وما يخرج عنها أهل العلم الذين أخذوا منه بحظٍ وافر، ولو جعل الأمر لأفهام الناس عموماً لحصل التناقض والتضاد في شريعة رب العالمين؛ لأن كل إنسان يفسر النصوص حسب فهمه القاصر، وبناءً على إدراكه الناقص، وهذا باطل؛ لأن ذلك قدح في شرع الله، وقد نزه الله شرعه عن أن يكون كذلك.(12/404)
ثالثاً: إذا تقرر أن أهل العلم هم الذين يبينون المراد بالأدلة الشرعية التي تحتاج إلى تفسير وإيضاح وبيان، فيجب على الناس قبول قولهم، ولا يجوز لهم العدول عنه إلا إذا كان الإنسان أهلاً للاجتهاد، فيأخذ بالقول الذي أداه إليه اجتهاده، أما من لم يكن من أهل الاجتهاد والنظر فإنه يحرم عليه الانفراد برأيه، ويجب عليه سؤال أهل العلم، استجابةً لقوله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" [النحل: 43] . ولذلك فإن الواجب علينا أن نفهم النصوص الشرعية كما فهمها سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - ومن سار على طريقتهم، ومن ذلك تفسير ابن مسعود -رضي الله عنه- لقوله تعالى: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله" [لقمان: 6] حيث قال -رضي الله عنه-: إن لهو الحديث هو الغناء، فتكون هذه الآية دالةً على تحريم الغناء. وليس من الصحيح أن يأتي إنسان ليس من أهل العلم ويقول: لا نأخذ بكلام ابن مسعود - رضي الله عنه- لأن كل الناس يؤخذ من كلامه ويرد إلا الرسول -صلى الله عليه وسلم -؛ لأن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن المقرر عند أهل العلم أن لقول الصحابي حظه من الحجية على اختلاف بينهم، لكن قول الصحابي فيما لا مدخل للرأي فيه كتفسير ابن مسعود - رضي الله عنه- للهو الحديث معتبر عند أكثر العلماء؛ لأنهم يعطونه حكم الرفع، فالصحابي لم يتكلم في مسألة لا مدخل للرأي فيها إلا لكونه سمع ما قاله من الرسول - صلى الله عليه وسلم - ; أما الاستدلال بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي رواه أبو داود (2645) والترمذي (1604) والنسائي (4780) "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين " على تحريم السفر إلى بلاد الكفر من أجل السياحة فهو استدلالٌ قوي؛ لأن تبرؤ الرسول- صلى الله عليه وسلم - من أي فعل يدل على تحريمه، أما ما تنقله عن صاحبك من قوله:" أكيد أن له مناسبة خاصة ولا أعتقد أن تفسيره يعني تحريم السفر لبلادهم"، فهذا كلام باطلٌ، وهو صادرٌ من إنسان جاهل؛ لأن هذا الكلام خطير قد يؤدي إلى إبطال جميع الأدلة الشرعية بحجة أنه قد يكون المقصود منها خلاف ما هو ظاهر منها، والكلام في الأدلة الشرعية لا يكون مبنياً على الاحتمالات والأوهام - كما هو فعل صاحبك - وإنما يكون مبنياً على العلم المسبق والمعرفة المتيقنة أو المظنونة ظناً غالباً.
رابعاً: المرجع في بيان الأحكام الشرعية هو الأدلة الشرعية المعتبرة من الكتاب والسنة وما يُلحق بذلك كالإجماع والقياس وقول الصحابي ……إلخ، أما كون ذلك الحكم يساير العصر أو يوافق ما عليه حال الناس والمجتمعات فهذا لا أثر له ولا اعتبار له البتة، بل ما دلت عليه الأدلة الشرعية هو المعتبر سواءً وافق العصر وسايره أم خالفه، ولو كان الحاكم في هذا الأمر هو حياة الناس فما وافقها أخذنا به وما خالفها رددناه لما كان هناك تكليفُ ولا ابتلاء ولا امتحان، والله - سبحانه وتعالى- قد كلفنا بهذه الأحكام وابتلانا ليعلم المؤمن المتبع من الكافر المعاند.(12/405)
خامساً: هذه الشريعة مبنية على التيسير والتسهيل في أحكامها وتشريعاتها، قال تعالى: "وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج: 78] وقال تعالى: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" [البقرة: 185] ، وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -;:" إن الدين يسرٌ ولن يشادّ الدين أحدٌ إلا غلبه" رواه البخاري (39) ومسلم (2816) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-.وليس المقصود من هذه النصوص وأمثالها أن جميع الأحكام والتكاليف الشرعية يجب أن تكون يسيرة وسهلة في نظر الإنسان، وإنما المقصود أن تكاليف هذا الدين كلها في حدود قدرة المكلف، ولا يترتب على أدائها ضررٌ في نفسه أو ماله، أو مشقةٌ فادحة تعود على الإنسان بكراهية ما أُمر به أو بالانقطاع عنه وعدم العودة إليه.
سادساً: من رحمة الله بعباده أن جعل منهم علماء يبينون للناس ما يحتاجون إليه من أمور دينهم، ويوضحون لهم ما أشكل عليهم فهمه من النصوص الشرعية، وتعبد الله الناس عموماً بالرجوع إلى العلماء، وأوجب على من لم يكن من أهل العلم أن يسأل العلماء أينما كانوا وحيثما وجدوا، سواءٌ أكان العلماء في هذا البلد أم في غيره من البلاد، ولكن المهم جداً أن يثبت أن هذا الإنسان عالمٌ بأحكام الشرع، فإذا ثبت ذلك أصبح من أهل العلم الذين يرجع الناس إليهم ويعملون بفتواهم، ولا يتحدد ذلك بزمن محدد أو مكان معين. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(12/406)
الدعوة عبر الإنترنت
المجيب د. صالح بن حسن المبعوث
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى وعميد شؤون الطلاب بالجامعة
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها
التاريخ 9/5/1424هـ
السؤال
أنا أدير ساحة حوار لغير المسلمين على الإنترنت، وبفضل الله أسلم عن طريقها عشرات، ولكن يمر علي أناس من غير المسلمين لأول مرة يسمعون عن الإسلام ويقبلون المعلومات الأساسية للإسلام، فأنطقهم بالشهادة وأعطيهم بريد الموقع وآخذ البريد لمراسلتهم ضمن المجموعة، فهل تنفعهم هذه الشهادة التي قالوها؟ وهل فعلي صحيح من عرض الشهادة عليهم بدون سؤالهم الدخول في الإسلام؟ نظراً لأن ذلك فيه صعوبة، وصدمة من البداية لإنسان لا يعرف شيئاً عن الإسلام.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
هذا العمل الذي يقوم به السائل هو أسلوب من أساليب الدعوة الحديثة التي اقتضاها العصر، ونفعه عظيم بإذن الله، وفاعله له من الأجر مثل أي داعية في أي مجال آخر، ويكفيه فخراً قول الله تعالى: "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" [فصلت:33] ، وفعل السائل مع أولئك القوم من عرضه الإسلام عليهم فعلٌُ صحيح، ولا أرى أن فيه صعوبة ولا صدمة كما توجس السائل، بل فيه رحمة بهم وإحسان إليهم، لكون السائل حرص على إنقاذهم من النار، ومن عبادة غير الله إلى عبادة الله وحده، أما كون نطق الشهادة ينفعهم إذا نطقوها فجوابه نعم ينفعهم إذا فهموا معناها، يدل على ذلك قصة الكافر الذي كان يقاتل أهل الإسلام في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أدرك أنه يمكن أن يقتل قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله فقتله أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - بعد أن قالها، فأنكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له: "أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله"، وقال أسامة: إنما قالها تعوذاً، فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - يكرر مع أسامة -رضي الله عنه- إنكاره لذلك الفعل حتى شعر أسامة رضي الله عنه- بالندم فقال: حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم. رواه البخاري (4269) ، ومسلم (96) من حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- فهذا يدل على أن الشهادة تنفع قائلها، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول لعمه: "يا عم قل: لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله"، فلم يقلها رواه البخاري (1360) ، ومسلم (24) من حديث المسيب بن حزن -رضي الله عنه-، وبالله التوفيق.(12/407)
اتخاذ أمير في الاعتكاف
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها
التاريخ 1/9/1424هـ
السؤال
اعتدنا أثناء اعتكافنا في شهر رمضان الكريم في العشر الأواخر منه أن ننتخب أميراً لنا، ينظم لنا برنامجاً معينا للاستغلال الأمثل لهذه العشر الأواخر، حيث يتضمن البرنامج القرآن الكريم وصلاة التهجد ودروساً ومحاضرات.
والسؤال هو: ما حكم الشرع في اتخاذ أمير وبرنامج محدد للاعتكاف؟
الجواب
ليس في هذا حرج إذا كان مقصودكم هو مجرد تنظيم الوقت واستثماره فيما ينفع ويفيد، واستقطاب أهل العلم لإلقاء الدروس والمحاضرات، وتعويد الشباب على كيفية الاستفادة من أوقاتهم، ومرادكم بالأمير هو من يشرف على هذا البرنامج، ويرتب لكم الدروس والمحاضرات، فهذا يدخل في قول الله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى" [المائدة: من الآية2] ، على أنه يجب أن يكون هذا منضبطاً بالوجه الشرعي الذي لا يتضمن بدعة كالذكر الجماعي، ونحو ذلك مما يفعله بعض المبتدعة.(12/408)
التبرع لجمعيات غير إسلامية
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها
التاريخ 01/08/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: نحن طلبة مبتعثون إلى إحدى الدول الغربية، وقائمون على جمعية إسلامية في الجامعة التي ندرس بها، ويتوفر لدى عدد من المسلمين الموجودين في المدينة (عددهم محدود) ملابس وحاجيات مختلفة للتبرع، ولا يوجد في مدينتنا من هو مستحق لها من المسلمين، وقد اتصلنا بعدد من الجمعيات الإسلامية في المدن الأخرى، ولم يتمكنوا من الحضور إلينا، وأيضًا من تجربة سابقة فإن إرسال هذه الملابس والحاجيات إلى المدن التي فيها تجمعات إسلامية مكلف جدًّا، ولاتوفي بقيمتها المادية، والإخوة هنا يسألون فضيلتكم: هل يجوز التبرع بها للجمعيات غير الإسلامية، وبالأخص جمعية مرض السرطان بالمدينة؟ وذلك لتعذر توصيلها لمن هو يستحقها من المسلمين. أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يجوز أن تدفع هذه الأشياء إلى من يحتاجها من غير المسلمين؛ فقد جاء في الحديث: "في كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ". أخرجه البخاري (2466) ومسلم (2244) . والأجر في كل مخلوقات الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًاوَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) ] الإنسان:8 [. ومعلوم أن الأسير في هذه الآية هو الأسير غير المسلم، ومع ذلك فالله سبحانه وتعالى امتدح هؤلاء بأنهم يطعمون الأسير، حتى وإن كان غير مسلم، وقد قال أبو حنيفة -رحمه الله تعالى: (إن الزكاة تجوز على غير المسلمين) . طبعًا في عهد المسلمين وذمتهم، فالصدقة على غير المسلمين من المحتاجين والمرضى هي صدقة مقبولة - إن شاء الله سبحانه وتعالى- ولا مانع منها، وجاء في الحديث الصحيح أن أسماء، رضي الله عنها، قد جاءتها أمها - والكلام هنا عن أسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنهما- قدمت عليها أمها، وكانت مشركة، فقالت أسماء، رضي الله عنها، للنبي صلى الله عليه وسلم: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وهي راغِبةٌ، أَفَأَصِلُهَا؟ قال صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ، صِلِي أُمَّكِ". أخرجه البخاري (2620) ومسلم (1003) . فأمرها بصلتها مع أنها كافرة، فالكفر ليس مانعًا من الصدقة على الناس المحتاجين والمرضى، فإذا كان الأمر على ما ذكر السائل من أنهم لا يستطيعون إيصالها، ولا يستطيعون بيعها لإيصال مالها إلى المحتاجين المستحقين، فإنهم يعطونها إلى هذه الجمعيات، وذلك أمر حسن مرغوب فيه، وأيضًا من شأنه أن يصلح العلاقة بين المسلمين وغيرهم، وأن يظهر للناس سماحة الإسلام وفضله، وأن المسلمين يواسون كل المحتاجين، حتى ولو كانوا غير مسلمين. والله أعلم.(12/409)
معرضون عن النصيحة
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها
التاريخ 21/5/1423
السؤال
عندما أدعو بعض العصاة، وأقوم بإعطائهم بعض الكتيبات يقولون لي: إننا لا نريد أن نقرأها حتى لا تكون حجة علينا، وحتى لا نكون ممّنْ قالوا: سمعنا وعصينا. فأريد من فضيلتكم رداً شافياً لهؤلاء المساكين. علماً أنني سأطبعه مباشرة وأعطيهم إياه، وبارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
فأولاً: أشكر الأخ السائل على غيرته الدينية، وقيامه بواجبه الدعوي تجاه إخوانه، ممن لا زالوا متلبسين ببعض الذنوب والمعاصي، عجَّل الله بتوبتهم، ومنَّ بهدايتهم، آمين.
وثانياً: اعلم -حفظك الله- أن من سلك طريق الدعوة إلى الله فلا بد أن تقف في طريقه العقبات، وتصادفه المعوقات والمثبطات، ولا مناص من الحلم والصبر والاحتساب سيما في هذا الزمان الذي تكاثرت فيه الفتن، وتشعبت الأهواء، وغلب على الناس حب الدنيا وتفضيلها على الآخرة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أخي الكريم، لقد أحسنت كثيراً حين حاولت إهداء هؤلاء الإخوة بعض الكتيبات والأشرطة؛ لينتفعوا بها، ويتركوا ما هم فيه من الذنوب والمعاصي، إلا أن الذي يظهر لي أنهم بحاجة إلى الحوار المباشر؛ لإزالة الشبهة التي أشرت إليها في معرض سؤالك.
ولا بد أن يدرك إخواننا هؤلاء أن امتناعهم عن قراءة الكتيبات المفيدة حتى لا تقوم عليهم الحجة، وهمٌ وخداع للنفس، وتلبيس من الشيطان أراد من خلاله تفويت فرصة الهداية والاستقامة عليهم. قال الله عن ذلك العدو اللئيم "فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين" [ص:82-83] وقال -سبحانه- محذراً من عداوته "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً" [فاطر:6] أفيليق بالمسلم بعد هذا أن يكون دمية في يد الشيطان يتلاعب به كيف يشاء، ويقذف في قلبه الشبهة تلو الشبهة؟ اللهم لا.
ثم ليكن هؤلاء الإخوة على يقين بأن الحجة قد قامت عليهم قرؤوا الكتيبات أم لم يقرؤوها، فهم يعلمون أن بعض ما يفعلونه هو ضرب من المعاصي المحرمة، وأن إخلالهم بشيء من الواجبات هو نوع من الذنوب المهلكة، فالعلم الشرعي -بحمد الله- منتشر، والدعاة والعلماء متوافرون، وأعلام الدين ظاهرة، فالكل يعرف تحريم الكذب والغش والخديعة والربا والزنى والفواحش والتبرج وغيرها، والكل يعرف وجوب صلاة الجماعة، ووجوب الزكاة والصيام والحج وبر الوالدين وصلة الرحم وغيرها، فما الحجة إذاً التي يخشون قيامها عليهم؟(12/410)
وأما دعواهم أنهم لا يريدون قراءة الكتيبات حتى لا يكونوا كالذين قالوا سمعنا وعصينا، فهي كسابقتها مكيدة إبليسية، لن تغني عنهم من الله شيئاً ويؤسفني أن أقول لهم بكل صدق لقد وقعتم فيما فررتم منه، فقد سمعتم أخاكم الداعية يدعوكم إلى قراءة النافع المفيد فأبيتم وعصيتم لعلمكم بما فيها من الدلائل البينات والحجج الواضحات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما أشد خوفي أن يكون هؤلاء مشابهين في وجه من الوجوه لحال الذين ذكرهم الله من قوم نوح على لسان نبيهم -عليه السلام- "وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً" [نوح:7] ، نسأل الله لنا ولهم العافية والسلامة.
وأما أنت أيها الأخ الكريم فلا تيأس من استجابتهم واستجابة غيرهم من الناس، واستعن بالله وسله التثبيت والسداد، وأبشر بكل خير وتوفيق، وحسبك منه قوله -جل وعز-:"ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين" [فصلت:33] ، وفقك الله، وأعانك، والسلام عليك.(12/411)
فرقة غنائية إسلامية!
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها
التاريخ 5/10/1424هـ
السؤال
سمعت بفرقة غنائية مسلمة، نعم مسلمة، تغني عن القضايا الإسلامية بالأسلوب المعروف بالراب والهب هوب) أطلقت هذه الفرقة على نفسها اسم (جنود الله) ، وصرحوا في بداية أحد أقراصهم أنهم يعلمون أن الإسلام له موقف متشدد من الغناء والموسيقى وخصوصاً بهذا الأسلوب، ولكنهم رأوا أن معظم الشباب هذه الأيام منجذبون إلى هذا النوع من الموسيقى، فرأوا أن الدعوة بهذا الأسلوب ستوفر بديلاً للشباب المسلمين، وفي نفس الوقت تحمسهم للاهتمام بقضايا أمتهم، وأنا في الواقع حين سمعت أغانيهم أحسست أنها أناشيد إسلامية بالإنجليزية مع موسيقى، ومن الأمور التي يركِّزون عليها في أغانيهم أن المسلمين عددهم كبير ولكن خلافاتهم تحد دون اتحادهم، ويركزون على قضايا المسلمين في فلسطين وكشمير والبوسنة، وعلى موضوع الخلافة الإسلامية، وعلى علماء السلاطين وعلى سياسة الدول الإسلامية تجاه الغرب، وغير ذلك. أرجو من سعادتكم التكرم بإبداء رأيكم في هذا الموضوع.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
ليس لديَّ تصور كافٍ حول تلك الفرقة وفوائدها ومضارها، حيث لا يكفي الاطلاع على الوضع المذكور نظراً للحاجة إلى معرفة فوائد تلك الفرقة على المدعوين وحالهم، وعليه فلا أستطيع الحكم عليها خصوصاً، وعموماً فيجب النظر إلى أمرين:
الأول: الغناء والموسيقى في الإسلام محرم، والدعوة إلى الإسلام لا تكون بالحرام، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-:" ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" البخاري (5590) وقد أفتى أكثر من صحابي أنه لغو الحديث الذي ذكره الله بقوله: " ومن الناس من يشتري لهو الحديث" [لقمان: 6] ، أما الأناشيد المباحة وهي ما خلت من أدوات الموسيقى وحوتْ كلاماً مباحاً أو مفيداً فلا بأس، وهي من قبيل الشعر والحداء.
الثاني: أن أي طائفة تجمع بين إثم ونفع فإنه لا يجوز الفتوى باتباعها أو الصد عنها حتى يتبين أن الإثم أكثر، وأن يتحمل الضرر اليسير من أجل النفع الكثير.
وعليه فإذا كنا لا نستطيع إيضاح الحق لهذه الطائفة وتبصيرهم بأساليب الدعوة فلا يجوز تشويههم أو الصد عنهم ممن يستفيد منهم؛ لأنه ربما أفادوا بعض الجهلة أو نفعوا العوام كمرحلة أولى لا سيما الشباب كما أفاد السائل.
أما إذا كان نشاطهم لا فائدة منه أو احتوى ضرراً، أكبر أو كان بالإمكان صرف جمهورهم إلى المراكز الإسلامية المعروفة فالواجب في هذا المجال توجيه الشباب عنهم وإظهار خطئهم، وإذا لم يكن الأمر كذلك فلا يجوز تشويههم أو الصد عنهم إلا ببرهان، وبحسب سؤال السائل فإنه يظهر أن لديهم كثيراً من الخير، فالواجب دخول بعض المحتسبين معهم وطلبة العلم والتواصل معهم بغرض استكمال الفوائد وتخفيف المضار، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(12/412)
إنشاء مدرسة لتعليم الإنجليزية
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها
التاريخ 27/12/1424هـ
السؤال
ما حكم فتح معهد لتعليم اللغة الإنجليزية، ليس للربح المادي فقط ولكن للمشاركة قدر المستطاع في إعداد جيل مسلم متحصن بعقيدته ومعتزاً بثقافة أمته، يحمل هم نشر دينه، ويدعو إليه باللغة الإنجليزية، ويواجه عصر العولمة مع وجود عقبات كثيرة مثل المناهج أحاول حلها مع مرور الزمن بتكوين لجان لتعديلها والاستفادة منها؟ وجزاكم الله كل خير.
الجواب
تعليم اللغات الأجنبية أمر لا بأس به، وليس حراماً ولا مكروهاً، إلا إذا وقع عارض أو لسبب آخر غير تعلم اللغة، بل قد يكون مندوباً وقد يكون واجباً، فقد جاء في الحديث: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أن يتعلم كتاب اليهود ومعنى كتاب: (لغة) ، وهذا الحديث رواه البخاري تعليقاً كتاب: الأحكام، باب: ترجمة الحكام، وهل يجوز ترجمان واحدٌ، وهذا أصل في تعلم اللغات؛ لأن تعلم اللغة كما يقول السائل قد يساعد الأجيال على الدعوة، وعلى الوقوف أمام الشبهات التي يثيرها الأعداء، وعلى التعرف على آرائهم وتوجهاتهم الفكرية، وعلى مخططاتهم أيضاً وما ينوونه للأمة الإسلامية، وعلى العلوم النافعة التي قد تكون عند هؤلاء فلا مانع من ذلك إن شاء الله -تعالى-، وفيه الأجر إذا خلصت النية وصلح العمل.(12/413)
المخيمات الدعوية هل هي بدعة
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها
التاريخ 23/1/1425هـ
السؤال
ما حكم المخيمات الجماعية؟ والتي يجلس فيها الشباب للذكر، والقيام، والمحاضرات، وفيها تعالج بعض قضايا الفكر والتربية، علماً أنها قد تكون من أهم الوسائل الدعوية التي يستعان بها في تربية الإخوة والشباب، وليس فيها شيء من البدع، ثم ماذا عمن يريد منا تأصيلاً شرعيًّا لها؟ ماذا نقول له؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ما يقوم به بعض الشباب من مخيمات دعوية، ورحلات علمية تهدف إلى العلم والدعوة، والعمل الصالح دلت عليه النصوص الكثيرة في كتاب الله من فضل العلم والعمل والدعوة، ومن شكك فيها أو نهى عنها هو المطالب بالدليل؛ علماً أن العلم والدعوة، والتربية والجهاد هي مطالب شرعية، وكل وسيلة متاحة محققة للمطلب هي وسيلة مشروعة، ولا يحتاج معها إلى دليل مخصوص، ففتح المدارس والجامعات، وما فيها من تنظيمات وشهادات وامتحانات، وكذلك الدورات الشرعية، والرحلات العلمية والمخيمات الدعوية، وأخذ العلم عن الكتب، والمكتبات، والإذاعة، والإنترنت، كل ذلك داخل في قوله - عليه الصلاة والسلام-: "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة" رواه مسلم (2699) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، والبعض لا يفرق بين العبادات التي تحتاج إلى دليل خاص بها، وإلا كانت بدعة، وبين وسائل العلم، ومثلها وسائل الجهاد، ووسائل الحج التي تفتقر إلى دليل بل يكفيها عموم الأدلة. نسأل الله -تعالى- أن يوفق الجميع لكل خير.(12/414)
وسائل الدعوة الحديثة
المجيب د. سليمان بن قاسم العيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها
التاريخ 13/7/1425هـ
السؤال
أريد توضيح القول في وسائل الدعوة الحديثة ومدى شرعيتها.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
أشكر الأخ السائل على سؤاله الذي يوحي بأنه يحمل هم الدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى-، وأسأل الله لنا وله التوفيق لكل خير، وأبشره ببشرى الله للدعاة بقوله: "ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين".
أما ما يتعلق بوسائل الدعوة الحديثة ومدى شرعيتها فأقول -وبالله التوفيق- إن الإسلام لم يجعل وسائل الدعوة أمراً محدداً لا يمكن تجاوزه، بل جاء بالإطار العام لمنهج الدعوة ووسائلها بقوله سبحانه وتعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"، فالمطلوب في الدعوة هو الحكمة، ومنها الحكمة في استخدام الوسيلة المناسبة، ومن المعلوم أن الزمن يتغير، والوسائل تتنوع، فعلى سبيل المثال بينما كانت الكتب قديماً تنسخ باليد على الجلود أو أوراق الشجر، ولا ينتج من ذلك إلا نسخ قليلة، أصبحت بعد ذلك تطبع بالمطابع على الورق، وينتج منها الكثير جداً ليصل للمستفيدين، ثم تطور الأمر إلى أن ظهرت الكتب على الأقراص المدمجة، ومثل ذلك يقال في شأن المراسلات والاتصالات ووسائل المواصلات.
ووسائل الدعوة شأنها كذلك، بينما كان الداعية لا يصل بدعوته إلا إلى أناس محدودين، وربما في بقعة واحدة، أصبح اليوم أفضل -بفضل الله سبحانه وتعالى- بإمكانه أن يصل إلى الآلاف من البشر وربما الملايين لما ظهرت هذه الوسائل الحديثة، والتي ظهرت واخترعت ليس من أجل الدعوة، ولكن لمصالح أخرى حسب نوايا مصنعيها، وربما يكون بعضها ظهر أصلاً لمعارضة الدعوة.
فأقول: إن الجدير بالدعاة ألا يقفوا جامدين إزاء هذه الوسائل، فهي سلاح ذو حدين، فللأسف أن أهل الشر يستفيدون منها أكثر في نشر باطلهم، لذا فإن على الدعاة أن ينتفعوا من هذه الوسائل العالمية التي أصبحت في هذا الزمان هي وسيلة الاتصال بين العالم.
والوسائل الدعوية الحديثة كثيرة جداً لا تحصر، ولقد ذكرت بعض المواقع التي تهتم بالدعوة على الإنترنت المئات منها، فأحيل السائل إليها لمعرفة تفاصيل هذه الوسائل، ومن هذه المواقع على سبيل المثال: (صيد الفوائد - أفكار دعوية) .(12/415)
وهناك كثير من الوسائل الدعوية الحديثة، والتي لا حرج فيها من الناحية الشرعية، ومنها على سبيل المثال رسائل الجوال، وهناك الكثير من الوسائل الدعوية المبتكرة التي ظهرت في معرض (كن داعياً) المقام في المدينة المنورة، ولعل ما يشغل السائل هو استخدام بعض الوسائل الدعوية الحديثة التي لا تخلو من المحاذير مثل الإنترنت بجميع استخداماته، وكذلك التلفاز أو القنوات الفضائية، أقول إن الأمر في ذلك لا يمنع على إطلاقه، ولا يباح على إطلاقه، بل إن الداعية يستفيد من هذه الوسائل ليبث الدعوة إلى الناس، ولكن لا يكون ذلك سبباً للتسويق لبعض القنوات أو البرامج بحجة أن الشيخ الفلاني أو الداعية الفلاني ظهر في هذه القناة أو تلك، أو شارك في ذلك البرنامج أو ذاك.
أما المدعو أو المتلقي فالسلامة له من تلك القنوات هو المتعين؛ لأن شرها أكثر من خيرها، فإن كان ولا بد فهناك قنوات خيرة، وهي رائدة في المجال الدعوي كقناة المجد الفضائية بقناتيها للكبار والصغار ففيها خير كثير، وهي نافعة - بإذن الله- للأسرة بجميع مستوياتها، جزى الله القائمين عليها كل خير.
كما أن الإنترنت يقال فيه ما يقال في القنوات الفضائية، ففيه الخير والشر، فالداعية يستفيد منه لبث الدعوة والحذر من شره، والمدعو أو المتلقي يستفيد مما فيه من العلم من القرآن والسنة والمحاضرات وغير ذلك من البرامج النافعة، مع الحذر مما فيه من الخبث. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.(12/416)
دخول غرف البالتوك للدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/وسائل الدعوة وأهدافها
التاريخ 21/05/1426هـ
السؤال
هنالك غرف في (البالتوك) تسب الرسول -صلى الله عليه وسلم-. هل يجوز دخول هذه الغرف؛ بقصد الدفاع عن رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-؟.
الجواب
لا أنصحك بدخول هذه الغرف، فعدد من يدخلها محدود جدًّا، والأولى والأنفع للإسلام أن تبذل وسعك في نصح الناس والأمر بالمعروف والدعوة إلى الله على بصيرة، وهذا يتطلب منك سعياً جاداً في طلب العلم والتفقه في دين الله، وما أكثر الذين يسبون الإسلام والنبي -صلى الله عليه وسلم- في أمثال هذه الغرف، ولو تتبعناهم في منتدياتهم وغرف محادثاتهم لاستغرق ذلك أعمارنا ولكُنَّا قد اشتغلنا بمفضول عن فاضل، وبدَّدنا جهودنا وطاقاتنا في أمور لا تكاد تنتهي.
لكن لو سبَّ رجل النبي - صلى الله عليه وسلم- علانيةً في ملأ من الناس أو في صحيفة سيّارة أو في قناة مشهورة وليس في غرفٍ متوارية، فيجب على من حضر أن ينكر، ويذب عنه صلى الله عليه وسلم, ويجب على المسلمين وجوباً كفائياً أن يدحضوا شُبه أولئك الشانئين بحملة عالمية تعرِّف الناس بنبي الإسلام -صلى الله عليه وسلم- وتجيب عن أقاويل المبغضين ودعاوى المناوئين. والله الموفق.(12/417)
مناصحة الرجل للنساء
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه
التاريخ 7/5/1423
السؤال
ما رأيكم فيمن ينصح النساء ويأمرهن بالمعروف دون الرجال, وهو رجل شاب يخشى عليه وعليهن الفتنة، وخصوصاً أنهن غالباً ما يكنَّ لابسات البناطيل الضيقة، وسافرات، ومتبرجات، وفوق هذا غير متزوجات وفي أوج الصبا؟ وإذا قيل له: لم لا تنصح الشباب الذين معهن كما نصحتهن وتهدي لهم أشرطة وكتيبات كما أهديت البنات، قال: إن الفتنة والخطر من البنات أكبر، فإذا اهتدين صلحت كثير من الأمور، وأنه قد يحادث الشباب فيما بعد.
وأخيراً ينوي عمل درس أسبوعي للشباب والبنات معاً أو قد يكونون منفصلين يعظهم فيه, فهل هذا جائز؟
ما حدود الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من الرجال للنساء أو العكس؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
لا يجوز للشاب الذي يخشى على نفسه الفتنة مناصحة الفتيات سيما المتبرجات منهن والسافرات؛ لأن القاعدة الأصولية عند أهل العلم تنص على أن "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول كما في الصحيح:"ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء" رواه مسلم (2741) من حديث أسامة بن زيد، وسعيد بن زيد -رضي الله عنهم-.
وأما من كان ذا علم وبصيرة، ومعرفة بأساليب الدعوة، ومناهج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأمن على نفسه الفتنة فيجوز، بل قد يجب عليه أمر النساء بالمعروف ونهيهن عن المنكر في الأسواق والمجامع العامة، كما يجوز أن يعقد لهن درساً أو محاضرة من غير اختلاط بهن، بل يكن معزولات في مكان خاص بهن، ويحدثهن عن مكبر الصوت مثلاً، ويجيب على أسئلتهن بما يعلم في جو من الحشمة والوقار والأدب.
والأصل في هذا ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يعقد للنساء مجالس خاصة بهن يعظهن ويناصحهن ويفتيهن، فقد جاء في الصحيح أن النساء قلن: يا رسول الله غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا من نفسك يوماً فواعدهن يوماً فوعظهن وذكرهن.. الحديث انظر البخاري (102) ومسلم (2633) .
ولعل الجواب اتضح الآن عما إذا كان يجوز عقد درس للنساء أو لا يجوز، وأما الدروس المختلطة بين الرجال والنساء فلا تجوز بتاتاً لما للاختلاط من آثار مباشرة في إشاعة الفواحش وجرائم الأخلاق والأعراض.
وبهذه المناسبة أود التنبيه بأن الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تقتصر على الوعظ المباشر، والاحتكاك الظاهر، ولكنها تتيسر عبر وسائل عديدة، منها: شراء الأشرطة والكتيبات، وإهداؤها للمراكز الدعوية وأئمة المساجد ونحوهم ليقوموا بدورهم بإيصالها لمستحقيها، ومنها دعوة الدعاة والوعاظ إلى أماكن تجمعات الناس من مساجد ومراكز صيفية ومدارس ودور تحفيظ لإلقاء المحاضرات والدروس، وبهذا يأمن الشاب على نفسه الفتنة، ويقوم في الوقت نفسه بدور أكثر إيجابية وأظهر فاعلية. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.(12/418)
أدعو في معهد مختلط
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه
التاريخ 7/10/1424هـ
السؤال
أنا فتاة مسلمة ومتمسكة بديني ولله الحمد، وأعيش في بلد كافر مع زوجي لغرض بعثة زوجي إلى هذا البلد ولفترة تزيد عن سبع سنوات، ولقد التحقت بأحد المعاهد ويوجد فيه اختلاط، وبدأتُ الدراسة لغرض تعلم اللغة لكي أعلّم بعض إخوتي في الله بعض أمور دينهم في أحد المراكز الإسلامية، علماً أني أذهب وأنا أغطي جميع بدني ووجهي، لاأظهر إلا عينّي، ولا أختلط مع الرجال ولا أتحدث إليهم، ووضحت لكثير منهم بعضاً من الأمور الخاطئة التي تنشر عن الإسلام ومنهم من يستجيب، فنود من فضيلتكم أن تفتوني مأجورين في عملي هذا، وما حكم تعليمي لأطفال المسلمين المقيمين في بلاد الكفر؟
الجواب
زادك الله حرصاً على الخير يا أخيّة ونفعك، ونفع بك، إذا كان الحال كما ذكرت من دراستك في هذا المعهد المختلط، وأنت ملتزمة بالحجاب الشرعي وبالحشمة، فلا حرج عليك في ذلك بإذن الله، ما دام أنه لا يترتب على ذلك ضرر في دينك ولا خلقك، وما تقومين به من توضيح بعض الأمور الخاطئة التي تنتشر زوراً وبهتاناً عن الإسلام، وما تقومين به من تعليم أطفال المسلمين في تلك الديار عمل مبرور أرجو أن يثيبك الله عليه أجزل الثواب، وأن ينفع بعملك، وأسأل الله لك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد.(12/419)
التشدد في الأحكام الشرعية (قضية الحجاب)
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه
التاريخ 9/9/1424هـ
السؤال
شيخي الفاضل أنا أكره بعض المشايخ الذين يتشددون في بعض المسائل، مع أن بعض المذاهب لا يرون ذلك، ولنضرب مثلاً في المملكة قضية النقاب، والتي أحدثت خللاً في نفسي، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا بلغت المرأة لم ير منها إلا هذا وهذا (يعني وجهها وكفيها) فنجد بعض المشايخ - هداهم الله - يحرمون النقاب!!.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الحبيب سلَّمك الله، التشدِّد فيما لم يشدد فيه الشرع مذموم كله، وديننا إنما جاء بالحنفية السمحة، وما كان الرفق في شيء إلا زانة.
أما المثال الذي ذكرته فليس دقيقاً، فأنت تتبنى فيه رأياً تضيق بمن يخالف، وبهذا رجعنا إلى ما كنّا نحذر، ومسألة الحجاب فيها أدلة لكلا القولين، وجواب من كل فريق على الآخر.
والحديث الذي ذكرته ضعيف لا يصلح الاستدلال به، والقائلون بتحريم كشف الوجه لهم أدلة لا يمكن تجاهلها، منها حديث عائشة الصحيح عن قصة الإفك، وفيه قولها عن صفوان (وكان يعرفني قبل أن ينزل الحجاب) ، فدل على أنه لو لم يعرفها قبل الحجاب لما كان من الممكن أن يعرفها بعده.
وبكل حال، فرأيي لك مزيد القراءة المفيدة النافعة، بعيداً عن التوتر واتخاذ المواقف الحادة.
وأبشر بالخير من الله، والله يوفقك ويسددك ويبارك فيك ولك.(12/420)
يمارس الدعوة سراً بغير اسمه
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه
التاريخ 16/4/1424هـ
السؤال
هل أنا كاذب؟ لقد بدأت منذ سنوات طويلة العمل بدعوة إلى الله بسرية كاملة لدرجة لا أحد يعلم إلا اثنان أو ثلاثة فقط. وكنت أوزع الأعمال في جميع مناطق البلاد باسم معين لا أريد أن أذكره، اشتهر هذا الاسم وبدأ يسطع، ولضيق الحالة المادية كنت أعمل أعمالاً دينية لبعض المراكز والجمعيات الإسلامية. اعتقد البعض أن هناك مجموعة من الدعاة تعمل بهذا الاسم الذي قد يكون كمركز إسلامي صغير، ولكن في الحقيقة لا يوجد إلا أنا وحدي يعمل هذه الأعمال الدينية ويفكر ويخطط، ولكن عندما يسألني البعض من هم هؤلاء الذين يعملون هذه الأعمال؟ أقول: مجموعة شباب ويصر البعض، وأنا أقول مجموعة شباب. ثم أسمي أسماء مثل أحمد وغيره من الأسماء. من يجمع المال؟ أقول: فلان وهكذا. أين تجتمعون؟ أقول: في بيت أحد الشباب. وكثير من الأسئلة مثل ذلك تدور من شخص إلى شخص. فهل أنا كاذب؟ وهل أقول الحقيقة أم أسكت؟
الجواب
السلام عليكم وبعد:
شكراً لك على مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله لك التوفيق والسداد، كما نسأل الله أن يكتب لك أجر جهدك في الدعوة إلى الله، ويجعل ذلك في موازين حسناتك، ويصيرك مفتاحاً للخير دائماً وأبداً، ومثلك تحتاج الأمة إلى أمثاله كثير، فواصل في الدعوة، وأر الله من نفسك خيراً.
أما ما سألت عنه فهذا يرجع إلى مقدار الضرر بذكرك لمن يقوم بتلك الأعمال على وجه الحقيقة، فإن كان هناك ضرر عظيم سيحصل من جراء ذلك؛ ففي المعاريض مندوحة، كأن تقول: فعله عبد الله أو عبد الرحمن أو عبد اللطيف وأمثالها من الأسماء التي في عبد، لأنك داخل فيها لا محالة، ولو كان اسمك الحقيقي غير هذا، وبهذا تدفع ما خفت منه من الرياء أو الضر عن الآخرين، أما إذا كنت لا تخاف على نفسك من الرياء ولا من الآخرين فلا حاجة لمثل هذا، لأن الله يقول "إن تبدوا الصدقات فنعما هي" [البقرة: 271] ، فقد يكون من المصلحة ذكر الفاعل للاقتداء ونشر الفضيلة، أما إذا كنت تخاف على نفسك من الرياء وتريد العمل يكون أخلص فقد تكون في غنية أن تتكلم أصلا، ولو فرضنا من سأل، فبإمكانك أن توري كما أشرت آنفا، وبالتالي لا يحل لك الكذب في مثل هذه الأحوال. والله يوفقك ويفتح عليك والسلام عليكم.(12/421)
من له الحق في التحذير من المبتدعة؟
المجيب أ. د. ناصر بن عبد الكريم العقل
أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه
التاريخ 22/4/1424هـ
السؤال
قال البربهاري كما في شرح السنة: "وآخر عاند الحق وخالف من كان قبله من المتقين، حقيق على من يعرفه أن يحذر الناس منه ويبين قصته"،. هل العموم المستفاد من قول هذا الإمام في قوله: "من يعرفه" أي (مَنْ الموصولة) يدخل فيه العالم وطالب العلم وغيرهم من عوام المسلمين ممن عرف حال المبتدع عن طريق العلماء؟ أفيجوز له أن يحذر منه أم هذا خاص بالعلماء؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن هذا الكلام من البربهاري وما يشبهه من كلام العلماء كلام مجمل، ويظهر أنه يقصد به المخالف للسنة المعاند في أصول الاعتقاد وأمور الدين الكبرى، الذي يخرج عن منهج السنة والجماعة في القطعيات لا الاجتهاديات ومسائل النزاع الخلافية.
والتحذير ليس له ضابط معين، لكنه محكوم بقواعد الدين وقواعد الإنكار، وهي تختلف من شخص إلى آخر ومن زمان لآخر، ومن حال لأخرى، ومن مكان لآخر، وهذه الأمور ليست لصغار طلاب العلم ولا العامة، فالراسخون في العلم في كل زمان وكل مكان هم المرجع في تقدير المناهج العلمية والعملية، في التعامل مع المخالف حسب الظروف والأحوال وتحقيق المصالح ودرء المفاسد، أو مناهج العلماء هي المعتبرة في ذلك كله، وليس كل ما يقال ويعمل في زمن أو مكان ما يصلح تطبيقه في كل حال، والله أعلم.(12/422)
الموظف الداعية والأعمال الخاصة
المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
عضو الإفتاء سابقاً
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه
التاريخ 2/9/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، داعية يذهب للدعوة في بعض المناطق ويأخذ تكاليف السفر من الأموال الدعوية، فهل يجوز له أن يؤدي بعض الأعمال الخاصة به في بعض المناطق التي يذهب للدعوة فيها، والتي ذهب إليها على نفقة الدعوة؟ وسؤال آخر: هل إذا أخذ الداعية أو طالب العلم أجرة السفر إلى البلد التي يذهب للدعوة أو التعليم فيها، هل يعتبر بذلك يأخذ أجراً على الدعوة أو على تعليم العلم الشرعي أم لا؟. جزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
(1) يجوز له إذا ذهب إلى تلك المناطق وأخذ تكاليف السفر من مكاتب الدعوة في النفقة وأجرة الإركاب وأجر السكن هناك، ولا مانع من أن يؤدي بعض الأعمال الخاصة به في تلك المناطق، كشراء سلع لنفسه، وقبض حقوق له، واستيفاء دين عند غرمائه، ولو كان سفره على نفقة مكتب الدعوة إذا لم تشغله الأعمال الخاصة عن مهمة الدعوة وأداء ما كلف به من مزاولة إلقاء الكلمات والنصائح، وتفريق الأشرطة والرسائل، وبذل النصيحة وإلقاء المحاضرات والخطب ونحو ذلك من أنشطة الدعوة.
(2) له أجر على نيته وعلى ما يقوم به من الدعوة، ولا يعتبر آخذا أجراً على الدعوة أو على العلم الشرعي الذي يبذله، كما يحصل للمدرسين والخطباء ونحوهم، فإنه قد يكون عاجزاً عن السفر من ماله أو مشتغلاً بالتكسب لعياله، فإذا بذلت له هذه الأجرة استعان بها على القيام بالدعوة وأخذ ما يبلغه، ولعل ذلك لا ينقص أجره بفضل الله، والله أعلم.(12/423)
قلة القدوة المؤثرة
المجيب د. أحمد بن عبد العزيز الحليبي
رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل
التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/صفات الداعي ووظائفه
التاريخ 17/6/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قال أنس -رضي الله عنه-:"ما رأيت يوماً قط أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, وما رأيت يوماً أظلم من يوم مات فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
إن الناظر في الأوساط التربوية اليوم ليلحظ فقدان القدوة المؤثرة في الوسط، السؤال: ما السبب في قلة القدوة المؤثرة إيجابياً في الوسط التربوي في نظركم؟ حبذا أن تكون الإجابة مختصرة.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
وبعد:
فإن الشكوى عن فقدان أثر القدوة في الوسط التربوي في الوقت الحاضر في ظلال حديث
أنس -رضي الله عنه- يمكن استيضاحه فيما يلي:-
أولاً- الحديث رواه الحاكم رقم (4281) عن أنس -رضي الله عنه- بلفظ قال:"شهدت يوم دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة فلم أر يوماً أحسن ولا أضوأ منه"، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه، ورواه أحمد (3/287) عن أنس -رضي الله عنه- قال: فشهدته يوم دخل المدينة فما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه، وشهدته يوم مات فما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه -صلى الله عليه وسلم-، ورواه الدارمي رقم (89) عن أنس -رضي الله عنه-:"شهدته يوم دخل المدينة فما رأيت يوماً قط كأن أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وشهدته يوم موته فما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
ثانياً - الحديث يدل على حب أنس -رضي الله عنه- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد فرح بقدومه -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وعدّ يوم قدومه أحسن يوم في حياته وأضوأه، وحزن لوفاته -صلى الله عليه وسلم-، وعد يوم موته أقبح يوم على نفسه وأشده ظلمة.
ثالثاً: مشاعر أنس -رضي الله عنه- كانت مشاعر صادقة؛ لأن محبة الرسول -صلى الله عليه
وسلم- أصل من أصول الإيمان الذي لا يتم إلا به، قال -صلى الله عليه وسلم-:"لا يؤمن
أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" رواه البخاري (15) .
رابعاً: مشاعر الفرح والحزن عند أنس -رضي الله عنه- كانت جزءاً من مشاعر مشتركة غمرت نفوس الصحابة -رضي الله عنهم-، وفاضت شوقاً إلى لقياه في حياته وحزناً على فراقه، فيوم دخوله المدينة خرج أهلها لاستقباله فرحاً بقدومه وشوقاً إلى رؤيته، حتى العواتق كن يتراءينه من فوق البيوت، يقول أنس -رضي الله عنه-:"فما رأينا منظراً شبيهاً به" رواه(12/424)
أحمد (13318) ، ويقول البراء بن عازب -رضي الله عنه-:" قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى جعل الإماء يقلن: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" رواه البيهقي (9/10) ، ويوم وفاته كان مظلماً في نفوسهم حتى إنه لم يكد أحدهم يصدق النبأ من شدة حبهم له، وعظم مصاب فراقه -صلى الله عليه وسلم- على نفوسهم التي امتلأت حباً له؛ حتى إن عمر -رضي الله عنه- وهو من أعظم الصحابة -رضي الله عنه- إيماناً وأشدهم بأساً أول ما بلغه الخبر أنكر على من قال: مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
خامساً: وراء مشاعر الفرح والحزن عند أصحاب رسول -صلى الله عليه وسلم- حب صادق لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حملهم على التأسي به واتباع أمره واجتناب نهيه رغبة في صحبته ومرافقته في الجنة، قال -تعالى-:"ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً" [النساء:69] وفي الحديث "المرء مع من أحب" رواه البخاري (6168) .
سادساً: شخصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- في إيمانه وعبادته وخلقه وتعامله مع غيره
وفي جميع أحواله كانت شخصية مثالية في الواقع، ومؤثرة في النفوس؛ لأنها شخصية اجتمعت فيها صفات الكمال وإيحاءات التأثير البشري، واقترن فيها القول بالعمل؛ ولا ريب أن الإيحاء العملي أقوى تأثيراً في النفوس من الاقتصار على الإيحاء النظري؛ لهذه العلة أرسل الله الرسل ليخالطهم الناس ويقتدوا بهداهم، وأرسل الله الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليكون للناس أسوة حسنة يقتدون به، ويتأسون بسيرته، قال -تعالى-:"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم والآخر وذكر الله كثيراًَ" [الأحزاب:21] ، وقد أمرهم -صلى الله عليه وسلم- بالتأسي به فقال:"صلوا كما رأيتموني أصلي" البخاري (631) ومسلم (674) ، وقال -صلى الله عليه وسلم-:"لتأخذوا مناسككم" مسلم (1297) .
سابعاً: شخصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانت شخصية حية أمام أصحابه في حياته
وأمام أتباعه بعد وفاته، وكانت نموذجاً بشرياً متكاملاً في جميع المراحل وفي جميع جوانب الحياة العملية، ونموذجاً عملياً في صياغة الإسلام إلى واقع مشاهد يعرف من خلال أقواله وأفعاله وسيرته فيتبع؛ لذا اصطفى -الله العليم بدواخل النفوس التي خلقها- رسوله محمداً -صلى الله عليه وسلم- ليسهل على الناس امتثال أوامره والعمل بشرعه، وجعل اتِّبَاعَه دليلا على صدق محبته -سبحانه-، قال -تعالى-:"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم" [آل عمران:31] .
ثامناً: شخصية الصحابة والصالحين والعلماء والدعاة وأهل الفضل والتقى على مر العصور خلفت شخصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاته في عطائها وإيحائها وتأثيرها؛ لأنهم ورثة الأنبياء، يقتدي بهم الناس في اتباع هدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- والعمل بسنته، وبقيت سيرهم بعد وفاتهم نبراساً يضيء طريق محبيهم إلى الخير، ويرغبهم في السير على منهج الحق والهدى.(12/425)