وإني أوصي السائل في حال الانضمام لها بالنية الصالحة، والتسلح بالعلم الشرعي، وعرض ما يشكل عليه على المشايخ الثقات، ومناصحة من حوله من الموظفين، فالتحديات كبيرة في الجوانب الاقتصادية، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وفَّق الله الجميع لهداه، وجنبنا ما يسخطه سبحانه، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(10/71)
نقل الموتى من النصارى
المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد
مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 10/6/1425هـ
السؤال
أنا شاب مغربي أسكن في إيطاليا، وأعمل في مؤسسة لنقل الموتى المسيحيين، فهل هذا العمل يجوز من المنظور الإسلامي؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إذا لم تجد وسيلة شرعية تكفي لسد حاجتك المعيشية غير هذا العمل فأرجو أنه لا حرج عليك في ممارسة هذه الوظيفة، فقد كان علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- يشتغل عند يهودي بأجرة. رواه الترمذي (2473) ، وابن ماجة (2447) . والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(10/72)
العمل في النيابة العامة!
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 01/08/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب تخرجت حديثًا في كلية الحقوق وأردت أن أحاول الالتحاق بالنيابة العامة، ولكني قد عدلت عن هذه الفكرة بسبب أن في بلدنا تم تبديل في أكثر الحدود، وأنا تركتها لله -والله على ما أقول شهيد-، ولكن من فترة تكلمت مع بعض طلبة العلم الشرعي، ونصحوني بعدم العدول على أن أحاول الالتحاق بالنيابة؛ وذلك لأن النيابة لا تحكم بل هي تحقق وتدين وتحيل للقضاء، ولكن في بعض الأحيان إذا عرض عليها موضوع ما من الجرائم وكان غير مجرم في القانون لا ترفع الدعوى أمام القضاء، ومن ذلك ما أخافني مثل الزنا إذا كان بالتراضي وكانوا غير متزوجين فالقانون في بلدنا لم يجرم هذه الحالة، وأهدر الحد وحسبنا الله ونعم الوكيل, وبالرغم أن هذا نادر الحدوث, وأنا قد سألت أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية بالكلية، وأنا أحسبه على خير بإذن الله، ونصحني بأن أفعل وألا نترك هذه الأماكن للنصارى والفسقة، وأن الإثم على الحاكم وأن الشاب المسلم سوف يفعل ما بوسعه لإقامة شرع الله والعدل، وقد عرفت إن قدر الله لي الدخول ألا أكون قاضيًا لأحكم بغير ما أنزل الله، ويمكنني البقاء في النيابة بإذن الله. ملحوظة: في بلدنا للنيابة العامة السلطة الأكبر ولذلك رجاءً أفيدونا بالآتي:
ما رأيكم فيما سبق وهل أقدم أم لا؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(10/73)
أرى أن تقدم على التوظف في النيابة العامة؛ عسى الله أن ينفع بك، وعمل النيابة العامة يكاد ينحصر في التحقيق ثم الادعاء العام أمام القضاء، والتحقيق عادة يكون في أمور إجرائية وإدارية، وإن كان فيه قضاء في بعض الأحيان فباستطاعتك -وأنت المسلم الملتزم والحقوقي المتخصص- أن تُكيِّف المادة القانونية وتخرجها تخريجاً لا يخالف الشريعة - إن شاء الله- حيث القاعدة القانونية الشهيرة تقول: (العدل في ضمير القاضي لا في نص القانون) ، أي أن القاضي الناجح يحكم بروح القانون ولا يقف عند نصه، وهذا معنى (الفهم) الذي أوصى به عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- القضاة في عهده، ولعل هذا المعنى استحضره الشهيد عبد القادر عودة، حين تولى القضاء، وكان يقول: (أنا قاض ولكني مسلم) ، ووجود مواد قانونية مخالفة للشريعة الإسلامية يقع إثماً على المشرع لها، والقاضي الحقوقي المسلم يستطيع أن يتجاوز المادة المخالفة للشرع ويحكم بغيرها مما يوافق الشريعة، أو يحمل الخصوم على الصلح أو التنازل عن الدعوى ونحو ذلك.
والعمل بالنيابة العسكرية أو الإدارية أهون وأخف مسؤولية من النيابة العامة، والعمل في هيئة الدفاع عن الدولة جائز؛ لأن أكثر أنظمة الدولة ومؤسساتها لا تخالف الشريعة، والقليل منها عكس ذلك، والحكم دائماً للكثير الغالب، وعملك بالقسم الأول من أقسام مجلس الدولة جائز لا غبار عليه، وهو أولى من القسمين الآخرين.
وأخيراً: تقدم للوظيفة في النيابة العامة لأهميتها، وكونك متخصصاً في الحقوق يضاعف عليك المسؤولية في هذا المجال. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(10/74)
تحضير من لم يحضر للعمل
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 01/10/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: هاني بن عبد الله الجبير- حفظه الله تعالى- القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة، السؤال: أشكل علي أن بعض الإخوة الموظفين، لا يحضر للعمل عدة أيام، ويقوم البعض بتحضيره في الكشوفات الرسمية، ولا ينقص من راتبه شيء، متأولين أن ذلك الغياب بإذن رب العمل (المدير) ، فهل هذا العمل جائز شرعًا؟ وإن كان جائزًا، فهل له من شروط؟ وهل يفرق بين الإذن إذا كان رب العمل هو رب المال أم لا؟ وبين أن يكون منفردًا بالتصرف أم له شريك؟ وهل المال المأخوذ عن هذه الأيام من باب الأجرة أم الهبة؟ وهل هناك فرق بين أن يكون رب العمل وكيلاً عن السلطة (الحكومة) في الإدارة، والراتب تدفعه الدولة؟ وهل يلحق بها أن يحضر الموظف وينجز عمله ثم يأذن له رئيسه المباشر أو من معه من الموظفين بالانصراف لقضاء حوائجه؟ وهل الأجرة في الوظائف العامة الحكومية تستحق بإنجاز العمل ثم الانصراف ولو لم ينتهِ وقت الدوام الرسمي، أم بالعكس، أم بهما معًا؟ وهل يجوز له العمل بوظيفة أخرى خلال وقت الدوام الرسمي، كما لو كان موظفًا في الفترة المسائية من الساعة الرابعة إلى الساعة الثامنة مساءً، فهل يجوز له أن يعمل إمامًا أو مؤذنًا؟ أفتونا بارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فتحضير من لم يحضر للعمل، ولو استأذن رب العمل، حرام؛ لأنه كذب، والواجب أن يدوّن الإنسان الواقع ويترك تقدير العذر أو الاستئذان لمن يحق له هذا.(10/75)
أما إذن المدير فإن كان مخولاً بالإذن للموظف في عدم الحضور فهذا له ولا شيء عليه ما دام يفعل ما أذن له فيه، إلا إن تضمن ضررًا، فإن الضرر مرفوع في الإسلام سواء في العمل الحكومي أو غيره، وإذا كان المدير هو صاحب المال فإن له أن يأذن كما يشاء؛ لأن المال ماله يتصرّف فيه كما يريد.
وراتب الموظف أجرة على عمله سواء كان يعمل لدى الدولة أو لدى القطاع الخاص، والموظف أجير وراتبه أجرة على عمله، والأجير الخاص يستحق الأجرة لقاء تفرغه للعمل ولو لم يعمل فعلاً، ومعنى هذا أنه لا يستحق راتب الساعات التي لم يحضرها ولو كان قد أنجز العمل المطلوب منه، إلا إن أذن له مديره المخوَّل له بالإذن أن يترك مقر عمله، وليس معنى هذا أن حضوره دون أن يعمل ما وكل إليه كاف، بل ترك الموظف للعمل المحال إليه خيانة في عمله، ولا يجوز للإنسان الموظف (الأجير الخاص) أن يعمل في وقت وظيفته عملاً آخر؛ لأن وقته ليس ملكًا له، بل هو لصاحب العمل.
أما الإمامة فلا بأس بها مع ارتباط الموظف بعمل يتخلله وقت صلاة؛ لأن وقت صلاة الفريضة مستثنى من وقت العمل، فيجوز للموظف أن يترك عمله ليصلي، وإذا كان له ترك عمله للصلاة صار وقت الصلاة غير داخل في وقت العمل مع أن الإمامة لا يجوز أخذ الأجرة عليها، وما يستلمه الإمام من ولي الأمر (رزق) أي مكافأة للإعانة على القيام بالأمور الشرعية، فأرجو ألا تعارض.
أما الأذان فإن المؤذن يحتاج للخروج قبل وقت الصلاة، ولهذا فلا أحب له أن يعمل مؤذنًا إلا بإذن الجهة التي يعمل لديها ويتخلل وقت العمل وقت صلاة. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(10/76)
العمل في ترجمة مستندات مسروقة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 24/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا أعمل في شركة أجنبية، وأقوم بترجمة مستندات مسروقة من العراق، وأترجمها إلى اللغة الإنجليزية فهل عملي حرام، علماً بأن ظروفي صعبة ولا أستطيع أن أجد العمل المناسب، حيث إن جنسيتي ليست عربية، وأنا أعمل في دولة عربية أرجو الرد بأسرع وقت ممكن؛ وذلك للضرورة، وشكراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هذه المستندات المسروقة إن كانت ذات قيمة في نظر الشرع فالإثم يقع مباشرة على سارقها، وإذا كانت تلك المستندات محترمة في نظر الشرع، أي لم تشتمل على منكر أو كان فيها نفع للمسلمين فترجمتها جائزة ومشروعة وتثاب على ترجمتها -إن شاء الله- أما إذا كانت تلك المستندات ليست محترمة في نظر الشرع وليست ذات قيمة فقد يشترك المترجم مع السارق في الإثم. وخير لك في دينك ودنياك ألاَّ تترجم ما يظهر لك فيه ضرر للإسلام والمسلمين، وإذا لم تعلم فلا شيء عليك -إن شاء الله- وفقنا الله وإياك إلى ما يحبه ويرضاه. آمين.(10/77)
رفع المؤجِّر للإيجار
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 24/10/1425هـ
السؤال
رجل أجّر من شخص محلاً بمبلغ 150 ديناراً، ثم أصبح صاحب المحل يزيد في الإيجار حتى وصل إلى 400 دينار لعلمه أن الرجل في حاجة إلى هذا المحل بالرغم من أن الاتفاق كان 150 ديناراً فقط فما حكم ذلك؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإنه يجب على المالك أن يفي للمستأجر بما تعاقدا عليه واتفقا عليه من شروط، ومن ذلك مقدار الأجرة، فإذا كان اتفق معه على أجرة محددة لمدة معينة فلا يحل له أن يزيد عليها، فلو كان الاتفاق على تأجير المحل أربع سنوات بـ 150دينارا في السنة، فلا يحل له أن يزيد عليها خلال هذه السنوات الأربع، فأما إذا انتهت مدة العقد فإن تراضى الطرفان على تجديد المدة أو زيادة الأجرة، أو تقليلها فلا بأس بذلك، وللمالك أن يمتنع من التأجير وله أن يزيد في الأجرة، لكن ينبغي له ألا يستغل حاجة أخيه إلى المحل فيشتط في الأجرة، بل يؤجرها بأجرة مثلها أو زيادة قليلة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "رحم الله امرأ سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى" والإجارة بيع منافع، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". والله الموفق.(10/78)
العمل في شركات الإنترنت
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 19/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أعمل في الشركة الرئيسية لتزويد خدمة الإنترنت في البلاد، واستخدام الإنترنت عندنا، كما كل العالم، فيه الاستخدام السيئ والمفيد، والنسبة عندنا هي النصف بالنصف تقريبًا، فهل يجوز لي العمل في هذه الشركة؟ مع العلم أن قوانين الدولة تمنع على الشركة فرض أي قيود على الاستخدام، فهل يجوز لي العمل في هذه الشركة؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأظهر- والله أعلم- جواز العمل في هذه الشركة؛ لأن الخدمة التي تقدمها مباحة في أصلها، وسوء الاستخدام من صنيع المشترك، ولم يحصل منك دلالة ولا إعانة مباشرة على تصفح مواقع محظورة شرعًا، وغاية ما أعنته عليه هو أن وصلته بعالم الإنترنت الفسيح، والمواقع النافعة والمباحة فيه كثيرة جدًّا، ولا يمكن القطع بأن أغلب استخدام الناس للإنترنت في تصفح المواقع المحرمة. وفقك الله وأعانك، والله أعلم.(10/79)
تأجير المباني قبل اكتمال بنائها
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 15/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
سؤالي هو: هل يجوز تأجير أو بيع المحلات التجارية أو الشقق والفلل قبل اكتمال بنائها، حيث إنها في طور الإنشاء (عظم) ؟. ولكم جزيل الشكر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أما التأجير فإنه جائز ولا بأس به؛ لأن مثل هذه المباني معلومة عن طريق الوصف فيجوز تأجيرها، وكذلك أيضًا بالنسبة لبيع رقابها إذا كانت معلومة الوصف مضبوطة، وهي في طور الإنشاء فيظهر أن هذا جائز ولا بأس به؛ لأن الأصل في المعاملات الحل، ولا محذور شرعي يترتب على هذا. والله أعلم.(10/80)
العمل مع المنظمات العالمية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 25/10/1425هـ
السؤال
هل يأثم المسلم الذي يعمل مع المنظمات العالمية للاقتصاد الاجتماعي كالحِلف الدولي التعاوني مثلاً؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
للمنظمات العالمية أعمال حسنة وأخرى سيئة، فمن الأعمال الحسنة دعم الهيئات والمشاريع والبرامج، وربما الدول الفقيرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتربوية، مما يعود نفعه على أفراد المجتمع، ومن الأعمال السيئة نشر بعض مظاهر الفساد والرذيلة، أو تسهيل أمرها، وربما كانت الإعانة مشروطة بمثل هذا، فإذا كان عمل المسلم في المنظمة العالمية لا يباشر فيه أمرًا محرمًا أو يجر إلى محرم فعمله جائز ولا إثم فيه، وعمل المسلم عند الكافر الأصل فيه الإباحة والجواز ما لم يشتمل العقد على حرام، فقد عمل علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، عند يهودي يسقي له من بئر كل دلو بتمرة. والله أعلم.(10/81)
العمل الإداري بالمحاكم القانونية
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 13/08/1425هـ
السؤال
هل العمل في الأعمال الإدارية بالمحاكم القانونية حلال أم حرام؟ خاصة المحاكم الجزئية، علماً بأنها لا تطبق جميع الأحكام الشرعية. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالمحاكم متى كانت تحكم بغير الشريعة الإسلامية فإنه لا يجوز العمل فيها، سواءً كان العمل قضائياً محضاً أو إدارياً مرتبطاً بالعمل القضائي؛ وذلك لأن الحكم بما أنزله الله من الشرائع فرض على المسلمين، وهو أصل من أصول الإيمان، ومن معاني توحيد الله في ربوبيته وتدبيره لعباده، قال تعالى: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، [المائدة: من الآية44] ، وقال تعالى: "أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون" ولقوله تعالى: " [المائدة: 50] ، وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم"، والله -تعالى- من أسمائه الحكيم، ومن معانيه الحاكم بين عباده كما قال تعالى: "إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون" [الزمر: من الآية3] ، وجعل تشريع يخالف شريعة الإسلام من أخطر ما أصيبت به الأمة هذا الزمن، فنسأل الله تعالى أن يوفق الجميع للعمل بشريعته وتحكيم كتابه.
والعمل القضائي في المحاكم التي لا تحكم بالشريعة الإسلامية، أو يخالف أحكامها فيه خطر عظيم على المسلم، والعمل الإداري المرتبط بها ككتابة الأحكام وتسجيلها وتقييدها وترتيب الدعاوى، ونحو ذلك إعانة على العمل المحرم، وقد قال تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: من الآية 2] ، وهو إقرار لها يربأ المسلم عنه، أما العمل الإداري الذي لا يرتبط بالحكم فأرجو ألا حرج فيه. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(10/82)
العمل في هندسة صوتيات الرسوم المتحركة
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 13/08/1425هـ
السؤال
أنا أحب الموسيقى منذ صغري، وعندما كبرت عرضت علي العديد من الفرص للعمل، لكني أعلم كل العلم بحرمة هذا العمل والمال المكتسب منه، لكن أريد أن أسأل: هل العمل في هندسة صوتيات الرسوم المتحركة حرام؟ أريد إجابة وافية أفادكم الله، مع العلم أن هذا العمل سيتضمن (دبلجة صوت) ، ومؤثرات حركية، وبعض الموسيقى التصويرية ... ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نشكر - للسائل- حرصه على البعد عن كل ما يسخط الله من أعمال ومن أموال، وقد قال سبحانه: "قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ... " [المائدة: من الآية100] ، وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- تحريم الموسيقى، كما رواه البخاري تعليقًا في كتاب: الأشربة، باب: ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه مرفوعًا "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف"، وقد أذن النبي -صلى الله عليه وسلم- بالدف في العرس مما يدل على حرمته في غيره، فما بالك بما هو فوقه من أصوات وآلات؟!.(10/83)
والإسلام لم يحرم إلا ما فيه ضرر على الإنسان، سواء علمنا ذلك أم جهلنا، وكثير من المحرمات محبوبة مرغوبة لكثير من الناس كالخمر والزنا والغيبة ابتلاءً للعباد، وقد حفت النار بالشهوات، والموسيقى محرمة عند الأئمة الأربعة وجمهور علماء المسلمين، وقد فصل العلماء كابن القيم في (إغاثة اللهفان) مضار الغناء والموسيقى على القلب، وما تحدثه من صد عن ذكر الله -تعالى- والتقرب إليه وعبادته -سبحانه- وهي الحكمة من خلق الإنسان التي تتعلق بها النجاة يوم القيامة، ومن ترك الحرام خوفاً من الله وتقرباً إليه فهو على باب كبير من أبواب الخير، ونقول - للسائل- هندسة الصوتيات ودبلجة الأصوات والمؤثرات الحركية إذا خلت من الموسيقى فلا شيء فيها، وإذا خالط التصوير الموسيقى فلا يجوز، وما أسكر كثيره فقليله حرام، ونحن نطلب من - السائل- ألا يترك هذا المجال، بل يسعى لإصلاحه والاستعانة بالله -تعالى- ثم بمن يعينه على أداء هذه الأعمال خالية من الموسيقى قدر الإمكان، وهو على باب كبير من الجهاد والعمل الصالح بذلك. والله أعلم. وفقنا الله وإياك لكل خير.(10/84)
تأجير العقار قبل الانتهاء من بنائه
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 08/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز تأجير المحلات والعمائر قبل اكتمال العمل، بمعنى أن يقوم صاحب العقار بالإعلان عن موعد التأجير والعقار لم يكتمل بعد، ويكتب العقود على ذلك؟ والله يحفظكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الذي أراه إذا كان العقار الذي سيؤجر معلوماً لدى المتعاقدين (المؤجر والمستأجر) بأن يكون موصوفاً وصفاً نافياً للجهالة عنه، كأن يكون موضحاً برسم هندسي يوضح فيه كل التفاصيل التي يتأثر الثمن بها وجوداً أو عدماً، فلا حرج في ذلك - إن شاء الله تعالى- ونظير هذا جواز بيع الموصوف في الذمة، ولو لم يكن موجوداً وقت العقد والاستصناع الصادر بجوازه القرار رقم 65 (3/7) في (7-12) ذي القعدة 1412هـ من مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي. والله أعلم.(10/85)
الخروج قبل انتهاء الدوام
المجيب عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 12/02/1426هـ
السؤال
أنا موظف حكومي، وعملي عبارة عن مرشد ديني (كلمات - محاضرات - تدريس للقرآن الكريم - الإشراف على المسابقات) ، فهل يجب علي وجوباً البقاء داخل العمل إذا انتهيت من مهمتي أو المسألة متى ما قدمت الذي يراد مني فلي الخروج حتى وإن بقي من الدوام ساعات، علماً أنه لم يتوفر لي إلى الآن مكتب خاص؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه، وبعد:
الموظف الحكومي أجير خاص، والأجير الخاص هو من قُدّر نفعه بالزمن، أو هو من استؤجر مدة معلومة يستحق صاحب العمل نفعه في جميعها لا يشاركه فيها أحد، فيجب على كل موظف أن يشغل الوقت المخصص للعمل في العمل الذي خُصص له، وهو من الأمانات التي أمر الله -تعالى-، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- برعايتها وحفظها، قال سبحانه: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ... " [النساء: 58] ، قال ابن كثير - رحمه الله-: (يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها، وفي حديث الحسن عن سمرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال: "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك"رواه الإمام أحمد وأهل السنن، وهو يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله -عز وجل- على عباده من الصلاة والزكاة والصيام، والكفارات، والنذور، وغير ذلك مما هو مؤتمن عليه لا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض ... ) .
وقال سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون" [الأنفال: 27] .(10/86)
وقد وعظ الشيخ المعمَّر بن علي البغدادي نظام الملك الوزير موعظة بليغة، ومنها: (معلوم يا صدر الإسلام أن آحاد الرعية من الأعيان مخيرون في القاصد والوافد، إن شاءوا وَصَلَوا، وإن شاؤا فصلوا، وأما من توشح بولاية فليس مخيراً في القاصد والوافد؛ لأن من هو على الخليفة أمير فهو في الحقيقة أجير، قد باع زمنه وأخذ ثمنه، فلم يبق له من نهاره ما يتصرف فيه على اختياره ... ) .
وكما أن الإنسان يرغب في أخذ أجره كاملاً ولا يحب أن يبخس منه شيء فعليه ألا يبخس شيئاً وقت العمل بصرفه في غير صالح العمل، وقد ذمّ الله المطففين في المكاييل والموازين الذي يستوفون حقوقهم ويبخسون حقوق غيرهم فقال: "ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين" [المطففين: 1-2] .
والمرشد الديني يقوم بوظيفة عظيمة، وفي جلوسه خير كثير، يراجع كتاباً، ويعالج مشكلة، ويجيب سائلاً، ويقضي حاجة محتاج، وإذا خرج من مقر عمله فاته هذا الخير، وحرم الناس نفعه الذي طلب منه بذله للناس.
وعليه فلا يجوز خروج الموظف من العمل إلا إذا كان خروجه على ضوء العقد المتفق عليه مع الجهة الحكومية، أو كان بإذن من المدير العام للدائرة التي هو فيها بعد قيامه بما يجب عليه، سواء كان الإذن صريحاً، أو كان غير صريح بأن علم المدير المسؤول بخروجه ولم ينكر عليه، إذا لم يكن عدم الإنكار لمانع ولا محاباة له دون غيره، لاسيما من هم من أمثاله، وإلا لم يجز. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.(10/87)
هل هذا من الإعانة على الإثم؟
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 28/08/1425هـ
السؤال
أنا أعمل مديراً لإحدى مؤسسات الاتصالات أنظمة السنترالات الهاتفية، وكاميرات المراقبة، وإنذار السرقة والحريق، وشبكات الكمبيوتر. وسؤالي هو: هل يجوز لي شرعاً تركيب أحد هذه الأنظمة -أو كلها- للبنوك الربوية.
الجواب
الحمد لله.
أما بالنسبة لتركيب كاميرات المراقبة، وإنذار السرقة والحريق، فلا مانع من تركيبها في البنوك، -وإن كانت ربوية-؛ لكونها من أسباب دفع الضرر وحفظ المال، وكل ذلك مطلوب شرعاً، وأما تركيب شبكات الكمبيوتر والسنترالات الهاتفية التي يتم بها الاتصال بين الأطراف وتبادل العمليات فينظر: فإن كان غالب هذه المعاملات ربا فيمنع للمعونة عليه بهذه الشبكات والأنظمة، وإن لم يكن الربا غالب عملها فلا مانع. والله أعلم، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.(10/88)
دفع مالاً لاستخراج منحة ملكية
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 20/02/1426هـ
السؤال
ما حكم دفع مبلغ مالي إلى شخص، وذلك مقابل العمل على استخراج منحة ملكية (أرض) دون الضرر بالآخرين، مع العلم أن التقديم على المنح مفتوح للجميع ويقوم الشخص بإرجاع المال إن لم يقدر؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
إذا قال الشخص: من عمل لي عملاً كاستخراج منحة مثلاً، فله كذا مبلغ معين، فهذه تسمى جعالة، وهي جائزة بالكتاب والسنة، ومن قال لشخص معين: اذهب وراجع الجهات المعنية وسأعطيك المبلغ المعين إذا أنهيت هذا الأمر كالمنحة مثلاً، فهذه إجارة وهي جائزة بالكتاب والسنة والإجماع، ويشترط فيها كون العمل معروفاً، والعامل والأجرة معينة على أمر مباح فعله.
أما إعطاء المال للشخص لأجل تحصيل أمر من الأمور - كالمنحة مثلاً- على أن يقوم هذا الشخص بالشفاعة (الواسطة) عند صاحب القرار، فهذا لا يجوز؛ لأن الشفاعة ليست من عقود المعاوضات، ولنهيه عليه الصلاة والسلام عن الأخذ على الشفاعة، وقد حسن الحديث سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله-.
وأشد حرمة من ذلك إذا كان هذا الشخص يأخذ المال فيتقاسمه مع من بيده إصدار مثل هذه الأمور، فهي حينئذ تكون رشوة محرمة.
وبهذا يتضح أن الآخذ إنما يأخذ لأجل عمله ومراجعته، فهذا لا بأس به؛ لأنه مقابل عمل. والله ولي التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(10/89)
يعمل في مجال الدش
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 23/11/1425هـ
السؤال
أنا أعمل في مجال الدش في شركة (art وشوتايم وأوربت) ، فهل العمل في هذا المجال حرام أم حلال؟ علماً بأني لا أعرف أتقن عملاً غيره.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نعم العمل في هذه القنوات حرام؛ لما فيها من الشر والفساد، وإفساد العباد والبلاد، وأثرها السيئ لا يخفى عليك، فلا تكن عوناً لشياطين الإنس على إخوانك المسلمين، فقد كان لهذه القنوات الهابطة الدور الكبير في إفساد البيوت والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، فبادر بترك هذا العمل "ومن يتق الله يجعل له مخرجا". والله أعلم.(10/90)
يعمل بشهادة مزورة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 20/04/1426هـ
السؤال
أنا شاب، تحصلت على عمل بشهادة مزورة، وأنا متوقف الآن عن العمل، وتحصلت على مبلغ مالي مقابل جهد عملي، هل يجوز لي العودة إلى العمل مرة أخرى؟ وهل المبلغ المتحصل عليه حلال أم حرام؟ أريد أن أستخدم هذا المال في تجارة ما في حالة عدم العثور على عمل آخر. فهل يجوز هذا؟ والسلام عليكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
المبلغ المتحصل عليه حلال؛ لأنه أجرة مقابل عمل، بشرط أن يكون العمل مفيداً ومما تحسنه أنت، فإذا كان حلالاً جاز لك أن تستثمره في تجارة ونحوها. وأما الرجوع إلى العمل فلا يجوز بالشهادة المزورة. والله أعلم.(10/91)
يتغاضى عن مخالفات المطاعم مقابل أكله بالمجان
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 26/02/1426هـ
السؤال
موظف حكومة، عمله يتعلق بكشف مخالفات المطاعم والمحلات التجارية، فمن خلال عمله يتعرف على أصحاب مطاعم ويصبح صديقاً لهم، مع العلم أن لديهم عمالاً مخالفين لقانون العمل، فطبعا في كل مرة يذهب فيها يأكل في هذا المطعم الذي فيه عمال مخالفون ولا يدفع حساب ما أكله، ولو دفع فإن صاحب المطعم لا يقبل أن يأخذ أجر الطعام. فما حكم ذلك، هل هو حرام؟ ولو دفع شيئًا قليلاً مقابل الطعام، هل يكون حلالاً؟ أفيدوني.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أكله بالمجان في تلك المطاعم التي هو مسؤول بالرقابة عليها سحت؛ لأنه رشوة يراد بها غضّه عن المخالفات الموجودات، وتساهله في رقابته، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به، ويجب عليه أن يؤدي الأمانة بصدق وإخلاص، وأن يقطع هذه العلاقة الحميمة بأصحاب تلك المطاعم، وألا يأكل فيها حتى لا تضعف نفسه فيحمله إحسانهم (وفي الحقيقة رشوتهم) إلى الإغضاء عن مخالفتهم. والله أعلم.(10/92)
هل يلزمنا دفع السعي؟
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 06/04/1426هـ
السؤال
اشترى الوالد -رحمة الله عليه- منزلاً، دلنا عليه مكتب عقار، ثم ترددنا عليه وعلى غيره من المنازل، حتى عرفنا صاحبه، وأصبح بيننا مباشرة أخذ وعطاء، ثم عقدنا الاتفاق مع صاحب المنزل واشتريناه منه.
هل لصاحب المكتب -الذي دلنا عليه في المرة الأولى- حق في مبلغ الدلالة المتعارف عليه 2.5 في المائة من قيمة المنزل؟.
والآن لنا -تقريباً- سنتان منذ نزولنا في البيت، هل ندفع قيمة الدلالة أم لا؟ علماً أن صاحب مكتب العقار لا يعلم شيئاً عن شرائنا للمنزل، ولم نقابله بعدها.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جرى عرف الناس على وجوب استحقاق الدلال على أجرته إذا توسط بين البائع والمشتري، كما أن العرف جرى على ما يستحقه من أجرة، وهي 2.5 في المائة من قيمة البيع، لاسيما في العقارات، والقاعدة الشرعية تقول: العادة محكَّمة، كما أن القاعدة تقول أيضاً: المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً.
وعلى هذا فإن صاحب المكتب المذكور إذا كان هو الوسيط في شراء هذا العقار، أو هو الذي دلكم عليه فيجب له هذا المبلغ، حتى ولو كان الشراء قبل سنين من سؤالكم، فإن الحق لا يضيع بالتقادم في الشريعة الإسلامية، أما كونه لا يعلم بذلك فهذه ليست حجة في عدم إعطاء حقه. وبالله التوفيق.(10/93)
الفنادق الأجنبية في الحرمين
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 16/05/1426هـ
السؤال
السلام عليكم،
أعلم أن في مكة المكرمة، وفي المدينة المنورة، وبجوار الحرم أو المسجد النبوي هناك بعض الفنادق العالمية، مثل هيلتون, وشيراتون، وغير ذلك- وهذه الفنادق تابعة لغير المسلمين، وهي موجودة في جميع أنحاء العالم، وفيها يحدث من المنكرات ما لا يخفى على أحد (باستثناء الفروع التي في السعودية, فليس فيها منكر) ، ولكن بعض الأموال التي يدفعها الحجاج والمعتمرون -الذين يسكنون في هذه الفنادق- تذهب إلى شركات في سويسرا أو نيويورك، وهم يدخلونها في إدارة مشاريعهم في أماكن أخرى فيها المنكر. مثلاً عندما أذهب إلى جزيرة سياحية أجد هناك "هيلتون"، وعندما آتي إلى الحج أيضاً أجد "هيلتون"، فهل هذا من اللائق؟ وهل هذا مقبول؟ فأرجو من فضيلتكم توضيح المسالة إن كانت فيها أمور ملتبسة. وبيان الحكم الشرعي في مثل هذه المسائل، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
لو افترضنا أن الشركات الفندقية التي سميتها -كالهلتون والشيراتون- تنفرد بامتلاك فروعها بمكة والمدينة، فإن جواز استئجارها لا يمنع منه كونها تقدِّم المنكرات وتسهِّلها في فروعها خارج المملكة، والانتفاعُ بالسكن في غرف هذه الفنادق في مكة والمدينة لا يدخل في الإعانة على الإثم، من أجل أن أجور السكن تذهب إلى إدارة الشركة، وتتقوَّى بها على المعصية؛ لأن ما يدفعه الحجاج والمعتمرون من أجور السكن فيها إنما هو لتحصيل منفعة مباحة، وهي السكن والراحة.(10/94)
ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعامل اليهود بيعاً وشراءً، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي. صحيح البخاري (2916) مع أنهم كانوا يأكلون الربا، ويعصون الله بأموالهم، ومع ذلك لم يجعل -صلى الله عليه وسلم- معاملتهم المعاملة المباحة من بيع وشراء ونحو ذلك من قبيل الإعانة على الإثم.
هذا جواب على افتراض أن تلك الشركات الفندقية تنفرد بامتلاك فروعها بالحرمين دون شريك، فكيف إذا علمنا أنها إنما تمتلك نصيباً معيناً تستحق به جزءاً من الربح، وأن المباني التي أقيمت عليها تلك الفنادق في الحرمين مملوكة لمسلمين، وعلى هذا فإن قدراً كبيراً من الأرباح تذهب لمسلمين لهم النصيب الأكبر في ملكية تلك الفنادق.
وأرفق بالإجابة توضيحاً من الأستاذ جميل الفارسي عضو الغرفة التجارية بجدة، يقول فيه:
إشارة للاستفسار الوارد من موقع (الإسلام اليوم) بخصوص فندق هيلتون، وما شابهه، أفيد سعادتكم أنه بالسؤال تبيَّن لي الآتي:
الشركات الفندقية المعروفة - مثل هيلتون وشيراتون- لديها طريقتان في العمل:
أ- تملك فنادق ومنتجعات.
ب- تقديم خدمة الإدارة بعد التملك، وهذه عادة تكون وفق مبلغ مقطوع، أو نسبة من الأرباح، وهذه الاتفاقية تخضع لشروط الطرفين من نوع الخدمة، وما يقدَّم وما لا يقدَّم في الفندق، وبهذه الخدمة كذلك يُدرَج الفندق في دليل سلسلة الفنادق، وتقدَّم الخدمة التسويقية خلال الحجز المركزي لسلسلة الفنادق.
وهذا هو الأمر مع فندق" هيلتون مكة" فهو مملوك لشركة مساهمة سعودية، وتقوم شركة هيلتون بعقد إدارة، وتقدِّم الخدمة التسويقية والتدريبية لموظفي الفندق.
فالشيء المشترى من هيلتون هو الخدمة الإدارية، والخدمة التسويقية، ونتمنى أن ينمو العالم الإسلامي؛ ليكون لديه الخدمة المنافسة- عالمياً- في مجال الإدارة والتشغيل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،(10/95)
العمل في هيئة سوق المال
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 19/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم العمل في هيئة سوق المال في قسم الحاسب الآلي؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأصل أن هيئة سوق المال تعمل بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، كما هو الشأن في جميع الأجهزة الحكومية في المملكة. وإذا وجدت مخالفات أو تجاوزات فهي مسؤولية صاحب القرار بهذا الخصوص.
وبالنسبة لسائر الموظفين فالحكم والله أعلم ينبني على أمرين:
1. الغالب على العمل.
2. السعي للإصلاح والتغيير.
أما الأول فإن كان الغالب على العمل التعاملات المشروعة، فالعبرة بالغالب، خاصة أن هذا هو الأصل في عمل الهيئة، كما سبق.
وأما الثاني فمن كان قصده التغيير والإصلاح بحسب استطاعته اغتفر ما قد يعترضه من التعاملات غير المشروعة إذا كان يسعى في تغييرها ما أمكنه ذلك. وبحسب القدرة على التغيير يغتفر إن شاء الله ما يعرض من الأعمال غير المشروعة.
والواجب على من لديهم القدرة على التغيير من الغيورين على دينهم أن يعملوا ما في وسعهم لأجل شغل هذه المجالات بالخير بدلاً من أن يأتي من يشغلها بالشر. وأن يكونوا عوناً للمسؤولين المخلصين لامتثال الشريعة الإسلامية والاهتداء بهديها والسير على نبراسها. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.(10/96)
يعمل في مؤسسة تتعامل مع بنك ربوي
المجيب د. عبد الرحمن بن عبد الله السند
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 25/06/1426هـ
السؤال
أعمل في مجال تقنية المعلومات، فهل يجوز أن أقوم بتصميم وتنفيذ برامج في الإنترنت متخصصة ببيع منتجات المؤسسة التي أعمل بها بنظام فيزا، أو عن طريق حسابات في بنك ربوي؟ وهل هذا من المشاركة في الربا؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
فإن الله -عز وجل- حرّم التعاون على الإثم والعدوان، فقال سبحانه وتعالى: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] وقيامك بتصميم برامج متخصصة في بيع منتجات المؤسسة التي تعمل فيها، ليس فيه حرج ما دامت هذه المنتجات مباحة ولا شيء فيها، أما أن يتم سداد المبالغ عن طريق بطاقات فيزا أو عن طريق حسابات في بنك ربوي، فلا يظهر في ذلك حرج شرعي؛ لأن السداد عن طريق نظام من مصدرها إلى قابلها يتم بطريق صحيح، ولكن المنظور إليه هو العقد بين مصدر البطاقة وحاملها، فإن كان تم عن طريق عقد مشتمل على شرط ربوي فهو محرم، وإن كان عن طريق عقد خالٍ من المحظور الشرعي -كالشروط الربوية عند التأخير في السداد- فلا يجوز، أما السداد عن طريق حساب في بنك ربوي فكذلك لا يظهر فيه حرج؛ لأن الممنوع هو الإيداع بحساب ذي فوائد بين صاحب الحساب والبنك، أما السداد عن طريق هذا الحساب فلا مانع فيه شرعاً فيما يظهر والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(10/97)
يعمل في منتجع سياحي
المجيب أ. د. صلاح بن محمود العادلي
أستاذ في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 28/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أعمل بأحد المنتجعات السياحية، أعمل كمدير قطاع الغرف، وهذا القطاع هو المسئول عن نظافة الغرف وقسم الاستقبال والحجز، وأنا أحافظ على فرائض ديني من الصلاة في وقتها، والصوم والحج، وكذلك أحاول جاهدًا الدعوة إلي الله من خلال إظهار الشخصية الإسلامية والخلق الإسلامي، وكذلك ليس لدي مورد رزق آخر. فهل هذا حرام؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الهادي الأمين، وبعد:
فاعلم- أخي الكريم- أن السعي على الرزق الحلال هو شرط من شروط قبول الدعاء واستجابة الله تعالى لصاحبه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدُّعَاءِ ". رواه الطبراني في الأوسط (6495) . وأنا أرى من وراء سؤالك- أخي الفاضل- شابًّا مسلمًا حريصًا على تحري الرزق الحلال، والبعد عن الشبهات التي لا تخلو منها مثل هذه المنتجعات إلا قليلًا، لذا فنقول لك إن عملك في المنتجع السياحي حلال ... خاصة بالضوابط التي أشار إليها سؤالك من التزامك بالخلق الإسلامي والسلوك الطيب في أثناء تعاملاتك ... فأنت بعملك بهذه الضوابط:
- تقدم نموذجًا حسنًا للإسلام.
- تقوم بأعمال ليست بحرام من مسئوليتك عن نظافة الغرف وقسم الاستقبال والحجز.
وننصحك- أخيرًا- بتحري البعد عن الأماكن التي تمارس فيها بعض المحرمات حرصًا على دينك، وسلامة لإيمانك.. أسأل الله لنا ولك الثبات على الخير، والعزيمة على الرشد. والله أعلم.(10/98)
المضاربة بالأسهم أثناء الدوام
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 25/05/1426هـ
السؤال
ما حكم القيام ببيع الأسهم والعقار في فترة الدوام الرسمي، أياً كان حكومياًَ أم قطاعاً خاصاً؟
الجواب
الحمد لله، وبعد:
البيع والشراء أثناء الدوام الحكومي أو الخاص ينقسم قسمين:
القسم الأول: أن يكون ذلك عرضاً، ولا يأخذ من الموظف وقتاً أو جهداً كبيراً، فهذا لا بأس به فيما يظهر لي؛ لأنه يسير ولا يضر بعمل الوظيفة.
القسم الثاني: أن يكون البيع والشراء بصفة مستمرة ومتتابعة، كأن يتابع شاشة الأسهم مثلاً أو نحو ذلك، فهذا لا يجوز؛ لأنه قطعاً سيضر بالعمل الأساسي الذي يتقاضى عليه راتباً، وسيؤدي إلى التقصير والتفريط فيه بسبب انشغاله بأعماله الخاصة. والله تعالى أعلم.(10/99)
العمل في شركة الفحص الدوري للسيارات
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 13/06/1426هـ
السؤال
هل العمل لدى شركة الفحص الدوري فيه شبهة من ناحية نشاط الشركة؟ فقد تم قبولي فيها بوظيفة ميكانيكي سيارات، وقد قيل لي إنها من قبيل أكل الأموال بالباطل؛ لأن الناس يجبرون على فحص سياراتهم عند الشركة. فما حكم العمل فيها؟ وما حكم الراتب الذي أقبضه مقابل عملي فيها؟.
الجواب
العمل في شركة الفحص الدوري جائز ولا شيء فيه، وهي في جملتها فيها مصلحة للمسلمين، وهي التأكد من سلامة السيارة وصلاحيتها للسير في الطريق العام، وهذا فيه حفاظ على أرواح المسلمين.
ولو فرض أن فيها شيئاً من الظلم على بعض الناس فلا يلحقك منه شيء، وإنما هو على واضعي نظامها وصاحبها.
والخلاصة: التحق بها وراتبك حلال إن شاء الله. زادك الله تقوى ورعاك. آمين.(10/100)
هل يملك المدير منعي من الدروس الخصوصية؟
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 30/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعمل في مركز لتعليم اللغة العربية، وقال لي المدير إن العقد بيني وبينه كلمة دون أن يكتب شروطًا للعقد، واتفقت مع طالب أن أعطيه درسًا خاصًّا دون إخباره بشيء، وعندما علم ذلك غضب غضبًا شديدًا ورماني بالخيانة، فما الحكم الشرعي لعملي هذا؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الجواب يتمثل فيما يلي:
1- إذا كان تعليمك للطالب في الوقت المخصص للتدريس في المدرسة المذكورة، فهذا لا يجوز، وليس لك فعله؛ لأن الوقت ملك للمدرسة.
2- إذا كان المسؤول عن المدرسة قد اتفق معك على عدم التعليم الخاص في أي وقت ووافقته على ذلك فليس لك أن تدرس خارج هذه المدرسة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ". أخرجه أبو داود (3594) ، والترمذي (1352) .
3- إذا لم يكن اشترط منعك أو لم تقتض لوائح المدرسة ذلك فلا مانع من تعليمك خارج المدرسة؛ لأن الوقت ملك لك، وطلب الرزق المباح أمر مشروع.(10/101)
اشتراك أكثر من شخص في خدمة النت باسم مشترك واحد
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 15/08/1426هـ
السؤال
في الآونة الأخيرة توزع الإنترنت عن طريق شبكات من قبل مشتركين لدى شركات تقدم الخدمة، وكل يعلم أن المواطن البسيط في بلدنا لا يستطيع دفع إيجار النت (DSL) وهو 40 أو 50 ديناراً، فيجتمعون ويتفقون على شخص يشترك والباقون يأخذون منه عن طريق (الكابيلات) التي توزع على أسطح المنازل للوصول للمشتركين، ويشتركون في رسوم الخدمة عند طلب النت من الشركة، يقول بعض الموظفين: إن الشركة تعلم عن اشتراك أكثر من شخص في النت المؤجر من شخص واحد، فهل قوله يبرئ الذمة؟ وماذا عن عقد الاشتراك؟ علماً أن البند الذي بالعقد يقول: (الخدمة مخصصة فقط للاستعمال في نطاق مقر الزبون المبين عنوانه في استمارة تقديم طلب الخدمة، ولا يجوز استخدامها لشبكة خارج عنوان المقر، ويخضع الزبون لأجور استخدام إنترنت إذا استخدم حساب (ADSL) في الاتصال على أي خط هاتفي، بما في ذلك الخطوط غير الموجودة في مقر الزبون) . أرشدونا مأجورين وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الشرط الذي أوردته في سؤالك غير صريح في المنع من اشتراك عدة أشخاص في اشتراك واحد، فهو يحتمل أن الزبون ليس من حقه أن يطالب الشركة بتزويده بالخدمة حال انتقاله إلى عنوان آخر. والتزامها إنما هو بتزويده بالخدمة على العنوان المثبت في استمارة الطلب.(10/102)
ولو افترضنا أن الشرط صريح في منع الزبون من أن يُشرك معه أحداً من جيرانه في الإفادة من الخدمة فإنه شرط غير ملزم، لأنه باطل؛ إذ ليس من حق مقدم الخدمة أن يفرض على المشترك ألا ينتفع معه أحد؛ لأن اشتراك غيره معه في الإفادة من الخدمة لا يثقل كاهل الشركة مقدمة الخدمة، فهي ملتزمة بإيصال خدمة الإنترنت للزبون على مستوى متفق عليه من السرعة، ولا يؤثر في ذلك كون المتصفح واحداً أو أكثر من ذلك، والمتضرر من ذلك -إن كان في ذلك تأثير- هو الزبون نفسه (المستفيد من الخدمة) ، فتصفحه باشتراك غيره معه أبطأ من تصفحه لو كان وحده.
ثم إن اشتراط الشركة لهذا الشرط مخالف لمقتضى العقد، إذ مقتضى العقد أن يملك المشترك منفعة تصفح الإنترنت، ومقتضى هذا -شرعاً- أن له أن يهب من يشاء الإفادة منها معه أو يأخذ عليها عوضاً فهي ملكه، وليس لأحد أن يمنعه من ذلك فقد ملكها بما دفعه من أجور للشركة.
وعلى هذا فيجوز للمشترك في الخدمة أن يُشرك معه آخرين ويأخذ عليهم أجوراً معلومة، ولو اشترطت الشركة ألا يُفيد منها غيره أو غير بيته. والله أعلم.(10/103)
وظيفة المحلل المالي في البورصة
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 04/07/1426هـ
السؤال
سؤالي يتعلق بالمهن التي يمكن احترافها في البورصة (الأسواق المالية) . أولاً: هل يجوز العمل في البورصة؟ علماً بأن الأسهم وصناديق الاستثمار لا يحرمها الإسلام؛ لأن الخسائر والأرباح تقسم وليس في ذلك أي أثر للربا، لكن النقود المكتسبة هي أرباح الشركة. وإذا كان الشخص يعمل كمحلل مالي، والذي هو قبل كل شيء مستشار يدرس داخل شركة بورصة شركات مسعرة في البورصة أساساً، أو في مكاتب الدراسة ليكون لديه تصور عن قيمتها، ويمكنه التدخل في الأسواق المالية أو إعطاء المشورة في إمكانية شراء مؤسسات بنوك تجارية وشركات متخصصة، ويحلل المعلومات التي تأتي من بنوك المعلومات والصحافة من حيث الكمية ومن حيث النوع، ويمكنه كذلك إعطاء المشورة للبائعين في صالة الأسواق الذين بدورهم يوصلون نصائحه إلى زبائنهم كي يقوم بتوجيه حسن لإذنهم بالشراء والبيع.
سؤالي: هل يجوز احتراف هذه المهنة؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
كل عمل نافع فهو مشروع، وإنما يحرم الإسلام الأعمال الضارة أو التي تعين عليها، فالعمل في مجال المقامرات والمجازفات المحرمة في البورصات، كعقود "المستقبليات" و"الخيارات" أو في التمويل الربوي لا يجوز؛ لأنه ضرر على الاقتصاد. وما عدا ذلك فهو جائز.
وأما الأسهم وصناديق الاستثمار، فما كان منها يتعلق بشركات محرمة فهو محرم، وما عداه فهو جائز.
والمحلل المالي إذا كان يشجع المستثمرين على الاستثمار في الشركات المشروعة، ويحذرهم من الشركات المحرمة -كالمؤسسات الربوية وشركات الخمور والقمار ونحوها- فعمله مشروع بل مطلوب. أما إذا كان يشجع المستثمرين على الاستثمار في الشركات المحرمة فهذا لا يجوز؛ لأنه إعانة على الحرام. والله أعلم.(10/104)
تأجير المحل على العمال
المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
عضو البحث العلمي بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 14/10/1426هـ
السؤال
لدي محل تجاري، وقد استقدمت بعض العمال للعمل معي فيه، وقد عرض علي العمال أن أقوم بتأجير المحل لهم مقابل مبلغ مالي شهرياً، على أن أتحمل إيجار المحل، والكهرباء وتجديد إقاماتهم، وأن أقوم بكل الإجراءات التي تخصهم كعمال تحت كفالتي، وخشيت أن أكون آثماً لو وافقت على ذلك. فأرشدوني -أثابكم الله- للصحيح في هذا الشأن.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فظاهر الحال أنك استقدمت هؤلاء العمال للعمل لديك أُجراء براتب شهري وفق عقد بينك وبينهم، وتحت شروط الجهة الآذنة بالاستقدام كوزارة الخارجية أو التجارة أو غيرها، فيجب الوفاء بالعقود، وحتى لو تراضيت أنت والعمال على فسخ الاتفاق الأول، وإبرام عقد إيجار جديد، فإن الجهة الثالثة لا بد من موافقتها، لكونها ترعى المصلحة العامة المتعلقة باقتصاد البلد، ولهذا فإن من يقوم بالطريقة التي تسأل عنها في سؤالك يضطر إلى الكذب على الجهات المسؤولة، ويتظاهر أنه المالك الحقيقي للمحل، والأمر ليس كذلك، والواقع أن العمال هم الذين يشترون من الموزعين، ويبيعون على المستهلكين، ويجنون الأرباح - إن وجدت- ويعطون الكفيل مبلغاً مقطوعاً، وهذا ما يسمى بـ "التستر".
ولو قدرنا أن أرباحهم لا تفي بما يبذلونه للكفيل المتستر ولا تقابل جهدهم، فهنا تزداد الحرمة للضرر والغرر، بالإضافة إلى مخالفة الأنظمة، والله أعلم.(10/105)
توقيع الموظف عن زميله في الحضور
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 8/8/1422
السؤال
هل من الجائز أن يطلب شخص من زميله في العمل أن يوقع عنه توقيع الحضور إلى المؤسسة في الوقت المحدد، علماً أنه يتأخر دون أن يؤثر هذا التأخير على العمل الذي يبدأ في الساعة السابعة، وتوقيع الحضور في الساعة السادسة، مع ملاحظة أن هذا الموظف يسكن بعيداً عن مركز عمله حوالي 80 كلم.
الجواب
لا يجوز له أن يطلب من زميله أن يوقع عنه قبل حضوره، ولا يجوز للزميل أن يوقع عن شخص غائب إلا بإذن ممن يملك ذلك في المؤسسة.(10/106)
العمل في مقاهي الإنترنت
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 3/8/1422
السؤال
أنا أعمل في مقهى إنترنت، وإن أكثر المستخدمين في هذا المقهى أجانب ويستخدمون الاتصال للدردشة مع البنات والنساء، وفي بعض الأحيان يدخلون إلى مواقع العري، هل في ذلك شيء عليَّ مع إني أنكر ذلك في قلبي، وأن صاحب المقهى يعلم ذلك ولا يتكلم.
الجواب
إذا كان الحال كما ذكرت فالعمل في هذا المكان إعانة على المعصية، وعليك أن تسعى للبحث عن عمل آخر، أعانك الله.(10/107)
العمل في القنوات الفضائية
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 3/8/1422
السؤال
هل العمل في المحطات التلفزيونية، أو العمل في المجال الاعلامي يجوز، حيث أعمل بوظيفة محاسب في إحدى القنوات العربية المشفرة، فما موقف الشرع من هذا العمل، خاصة في هذه الأيام بالرغم من أن المحطة تبث برامج منوعة منها ما هو ديني، وما هو تعليمي ورياضي وموسيقي إلخ، أفيدوني أفادكم الله؟
الجواب
أولاً: نشكر السائل الكريم الذي ينم سؤاله عن حرصه على دينه وعلى تقوى الله - عز وجل - وأكل الحلال.
ثانياً: لا يخفى على كل ذي لبّ تأثير وسائل الإعلام المتنوعة لا سيما القنوات الفضائية على الأسر لا سيما الشباب والفتيات، ولما في كثير منها فساد وشرور، وتحبيب للفاحشة، ومن عروض للمناظر المحرمة، والموسيقي والأغاني الماجنة، ولما فيها عموماً من صدّ عن ذكر الله وعن الصلاة، وهي بهذه الصورة عظيمة الخطر؛ لتعدى شرورها إلى بلدان واسعة ومدن كثيرة، فضلاً عن المنازل والأسر.
ثالثاً: فيما يظهر من سؤال السائل أن القناة التي يعمل فيها هي من هذا القبيل، أو قناة يغلب عليها ذلك، أو على الأقل يغلب ما فيها من الفساد على ما بها الصلاح، وهذا هو واقع أغلب القنوات التجارية، فإننا لا نرى جواز العمل فيها حتى لو لم يكن مباشراً للفساد؛ لأنه معين عليه، وخادم له، وضابط لحساباته التي هي قوام عمله، وقد قال - سبحانه -:" ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ".
وننصحه بترك العمل فيها، والبحث عن عمل آخر يكون خيراً له وأتقى لله، وليعلم أن الأرزاق بيد الله، وهي مقدرة سلفاً، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
رابعاً: ننصح جميع المسلمين العاملين في تلك القنوات أن يدركوا خطورة ما هم فيه واشتراكهم في كل إثم تبثه القناة، وكل فساد حصل بسبب ذلك، وليذكروا سؤال الله لهم يوم لا ينفع مال ولا بنون، ويستثنى من ذلك من كان عمله في القناة في الإصلاح، وفي برامج مفيدة دون غيرها، أو من كان ساعياً لزيادة الصلاح، وتقليل الفساد فلا بأس ببقائه ما دام الأمر كذلك، والله أعلم.(10/108)
تقاسم وقت العمل بين الموظفين
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 10/8/1422
السؤال
أنا في العمل أقسم الوقت بيني وبين صديقي في العمل، المفروض أن الدوام 8 ساعات ولكن نحن قسمنا 4 ساعات لي و4 ساعات لصديقي بدل 8 ساعات.
مع علم رئيس القسم، ومن غير أي تقصير وجزاكم الله خيرا..
الجواب
هذا التقسيم الذي ذكرت لا يجوز لأن الموظف في حقيقته لا يعدو أن يكون مستاجراً في هذا الزمان فمنافعه الوظيفية كلها محبوسة على هذا العمل في هذا الزمان وسواء وجد عمل أو لم يوجد.
وإذن الرئيس ليس مسوغاً للجواز لأنك لا تعمل عنده ولا تأخذ راتبك منه وإنما أنت مرتبط بعقد ينص على أن العمل في هذه الساعات شرط لا زم ومن ثم فلا بد من الوفاء بهذا الشرط وهذا العقد.(10/109)
العمل لدى الحكومة الكافرة
المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 22/7/1422
السؤال
ما حكم العمل لدى الحكومات الكافرة؟
الجواب
العمل لدى الحكومة الكافرة - إن لم يكن عملاً بالقانون - جائزٌ مالم يكن فيه إساءة للمسلمين، أو إعانة على ظلم مسلم أو كافر؛ لأنه عمل لأجل المال لا لأجل خدمتهم.
وأما إن كان عملاً بالقانون؛ فما كان فيه متعلقاً بالمصالح المرسلة - وهي التي لم يذكرها شرعنا بمدح ولا ذم - كالمتعلق بتخطيط المدن، وأنظمتها المادية من دوائر مرورية ونحوها فالعمل فيه جائز؛ لأنه لا يتعلق بشرع، ما لم يترتب عليه ظلم لأحد فإنه حينئذ محرم، ومثل ذلك في الجواز، العمل فيما يقدر المسلم من خلاله التخفيف على المسلمين وإعطائهم بعض حقوقهم التي لا يأخذونها لولا وجوده على هذا العمل، ومثل ذلك أيضاً العمل فيما يجد فيه مساغاً لإعمال شريعة الإسلام، كما لو كان في هيئة المحلَّفين، التي تقضي بتجريم المتهم أو ببراءته، ولك أن تقيس على ذلك مجالات العمل الأخرى، والله الهادي إلى سواء السبيل(10/110)
استغلال المدير بعض موظفيه في أموره الخاصة
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد الخريصي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 4/1/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
هل يجوز لمدير إدارة ما أن يستخدم موظفاً رسمياً لقضاء مهمات خاصة به وقت العمل وبسيارة العمل، وتكون خدمات هذا الموظف في الغالب من وقت العمل وأحياناً من خارج وقت العمل، ويُقَيَّمُ الموظف ويعطى ترقيات بسببها بشكل رئيس كما يعطى خارج دوام، ويغيب هذا الموظف معظم ساعات العمل من أجل تقديم هذه الخدمات لرؤسائه؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن العمل بالصورة التي ذكر السائل لا يجوز، وذلك:
(1) لأن مدير الإدارة يستخدم الموظف في أعماله الخاصة مع أنه يتقاضى راتباً من الدولة.
(2) لأن مدير الإدارة يعطل ذلك الموظف عن عمله الأصلي، وهذا فيه إضرار بمصالح الناس- وهو محرم- ونصيحتي لهؤلاء المدراء أن يتقوا الله -جل وعلا- ويتذكروا الوقوف بين يديه، وكذلك بالنسبة للموظف فينبغي أن لا يوافق على هذا العمل وما يتبعه من ترقيات وخارج دوام وغيرها فَيُدْخِلُ في جوفه مالاً حراماً. والله -تعالى- أعلم.(10/111)
أعمل في مؤسسة بها تجاوزات
المجيب سامي بن محمد الخليل
مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 28/6/1424هـ
السؤال
سألني أحد أصدقائي ولم أجرؤ على إجابته، حيث إنه يعمل في مؤسسة تضم عدداً كبيراً من العاملين، ويوجد بهذه المؤسسة بعض التجاوزات التي لا يرضى عنها، ولا يستطيع إصلاح هذه التجاوزات إلا بإخطار الجهات المسؤولة، فهل هذا يعتبر خيانة لعمله، أو عدم محافظة على أسرار العمل؟ خاصة وأن الضرر الذي سيعود على المؤسسة سيؤثر على العاملين بها، وهي مصدر عيشهم الوحيد فأرجو الإفادة.
الجواب
هذه التجاوزات إذا كانت منكرات فلا يمكنك السكوت عنها، بل يجب عليك إنكارها، لكن بالرفق والتدرج، فتبدأ بالنصح والإرشاد، وإذا لم ينفع فيمكن أن تطلب من غيرك من خارج أو داخل المؤسسة تطلب منه التدخل بالرفق لإزالة هذا المنكر، وهكذا تحاول بكل طريقة يمكنك سلوكها لإزالة هذا المنكر، وإذا لم تستطع إزالته بهذه الطرق فلا حرج عليك بإخطار الجهات المسؤولة لرفع هذا المنكر، ولا يعتبر هذا من الخيانة، بل هو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.(10/112)
العمل في برمجة مواقع رسائل الجوال
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 28/12/1423هـ
السؤال
أنا أعمل كمبرمج مواقع الإنترنت وقد قمت ببرمجة موقع لرسائل وشعارات الجوال وصاحب الموقع طلب مني تطوير الموقع لتقديم خدمة إرسال النغمات فاتفقت معه أن أطور الموقع بشرط عدم وضع نغمات موسيقية والاكتفاء بنغمات رنين كالجرس وصوت العصفور وغيرها من النغمات التي لا يطرب لها (غير موسيقية يعني: بدون ألحان) ، هل هذا يكفي لإبراء ذمتي أم أمتنع عن هذا التطوير؟ أقصد إذا قبل الاتفاق وبعد فترة أضاف نغمات موسيقية هل سيلحقني إثم أم لا؟
المستخدم هو من يضع النغمات والصور، أما أنا فلا أضع شيئاً من ذلك.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فما فعلته كاف لبراءة ذمتك -إن شاء الله-، وإنما الإثم عليه؛ لأنه قد نقض الميثاق، وأعان على المنكر.
ولكن كونه قد خالف الشرط فذلك لا يؤثر في براءة ذمتك باشتراطك مستقبلاً على من تنشئ في موقعه خدمة إرسال النغمات والرسائل للهاتف الجوال.
فالسلامة من تبعة الإثم أن تشترط كل مرة هذا الشرط عند عمل هذه الخدمة، والله المستعان.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/113)
أخذ الراتب من غير عمل
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 30/12/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
كنت على وظيفة في إحدى الإدارات الحكومية، وقال لي مديري: لا تأتي للعمل، وظللت على هذه الحالة لمدة سنتين، ويصرف لي الراتب كاملاً، ثم قدمت استقالتي لعدم ارتياحي لهذه الطريقة، ما حكم المبالغ التي تقاضيتها؟ علماً أني تصرفت بجزء من الرواتب.
وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله،
بالنسبة إلى هذا العمل من قبل المدير لا يخلو من أمرين:
الأمر الأول: أن يكون المدير قد فوض له ذلك بمعنى أنه فوض له إذا كثر العمال وقل العمل بحيث أنه لا يحتاج إليهم ونحو ذلك، أن يصرف بعض الموظفين، فإذا كان فوض له من قبل النظام فإن هذا جائز ولا بأس فيه، وتكون هذه الرواتب لا شيء فيها.
وأما القسم الثاني: ألا يكون قد فوض له وإنما هذا اجتهاد من عنده، فهذا العمل لا يصح منه وهو آثم وما أخذته من راتب أو مكافأة فإنك ترده لنفس الدائرة، وإذا لم تتمكن فإنك تصرفه في طرق الخيرات تخلصاً منه.(10/114)
العمل في مصنع للملابس النسائية
المجيب محمد بن صالح الدحيم
القاضي في محكمة الليث
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 23/3/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعمل مديراً لمصنع ملابس، يصنع ملابس نسائية وبناتية إذا خرجت بها من ترتديها صارت متبرجة فهل عليَّ إثم؟ علماً أني لست صاحب قرار في نوع المنتج، ولكم الشكر.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
عليك البقاء في عملك، والملابس التي ينتجها المصنع قد تستعمل في الحلال وقد تستعمل في الحرام، والإثم في استعمالها المحرم على المستعمل ليس على المنتج.
أما إذا أردت أن تترك العمل في هذا المصنع ورعاً منك فلتعلم أنه لا يجوز ذلك إذا كان يلحقك منه ضرر في نفسك أو أهلك ومن تعول، فلأن تبقى في هذا العمل وأنت كاره له خير من أن تصبح أنت وأهلك عالة تتكففون الناس.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/115)
وظيفته في الموسيقى العسكرية
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 2/12/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا سائل يسأل وقد وكلني بالسؤال عنه، يقول في سؤاله: أنا أعمل عسكرياً والوظيفة التي أعمل عليها في الموسيقى العسكرية على إحدى آلات الموسيقى وقد منَّ الله علي بالهداية وأنا الآن أريد التخلص من هذه الوظيفة بأي وسيلة وقد وقفت في وجهي عقبات، أولاً: طالبت بتغيير وظيفتي ولكن المسؤول المباشر رفض ذلك.
ثانياً: فكرت في ترك العمل، ولكن خفت ألا أجد وظيفة أخرى وخاصة أن عندي ديون كثيرة وأعول أسرة.
فأرجو التوضيح خاصة أنني في حيرة من أمري وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي في الله، الموسيقى العسكرية وغيرها محرمة لا يجوز العزف عليها أو تعمد الاستماع إليها، والكسب المترتب عنها سحت محرم لما أخرجه البخاري في باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه من حديث أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" والحديث وإن جاء معلقاً إلا أنه ثابت عن نبينا -عليه السلام-موصولاً وعليه العمل.
وأنت أخي في الله لا تظنن أبواب الرزق وقفاً على هذا العمل الذي تعمله وأشباهه بل ثق بأن مفاتيح الأرزاق بيده سبحانه، وتذكر قوله تعالى:"ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] واعلم -وفقك الله- أن كونك مديناً للناس وتعول أسرة لا يُرخص لك استمرارية العمل في الفرق الموسيقية، فاسع -بارك الله في عمرك- إلى طلب المعاش في أرض الله الواسعة وستنال بإذن الله توفيق الله وإعانته ولو بعد حين، وفقك الله وأعانك وثبتك على طريق الاستقامة والفلاح، والسلام عليكم.(10/116)
حكم فتح المشغل النسائي
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 5/11/1422
السؤال
سؤالي يا فضيلة الشيخ أنني أود أن أفتح مشغلاً للنساء حيث يحتوي على مسرحة للشعر مزينة (كوافير) وخياطة نسائية وسوف أحضر مسلمات. سؤالي: هل يجوز أن أخوض في هذا المجال من العمل؟ وإذا لم أجد عاملات مسلمات. هل يجوز أن أحضر غير مسلمات؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أما خوض هذا المجال من العمل فالأظهر جوازه بشروطه، لا سيما من أهل الصلاح والغيرة على الأعراض وتعظيم الحرمات.
ولعل هذه المشاغل النسائية أن تكون بديلاً يغني الغافلات العفيفات، ويصرفهن عن ارتياد المشاغل الأخرى التي تطاوع على انتهاك الحرمات وتعدي حدود الله، وتعين على ذلك، بل وتحض عليه وتغري به، حتى أصبح بعضها منبت سوء ينفذ من خلاله الفساد إلى نساء المؤمنين.
على أن القول بجواز الاتجار في هذا المجال مشروط بشروط يجب أن تتوافر فيه - كما يفيده ما تقدم-.
الشرط الأول: أن يُراعى في تلك المشاغل حفظ العورات والمنع من كشفها، فضلاً عن مطاوعة النساء على ذلك.
الشرط الثاني: ألا يكون من أعمالها ما يفضي إلى تغيير خلق الله تعالى، كالوشم، والنمص، وتفليج الأسنان؛ لحديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال:" لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمّصات والمتفلجات للحُسن، المغيرات لخلق الله ". رواه البخاري (4886) ومسلم (2152) .
الشرط الثالث: ألا يكون في أعمالها كذلك ما يفضي إلى تشبه نسائنا بالكافرات فيما هو من شعارهن وسيماهن أو التشبه بالرجال كالمبالغة في قص الشعر، ونحو ذلك.
الشرط الرابع: ألا تطاوع النساء على تفصيل ثياب لا تستر العورة، أو تكشف ما تقتضي المروءة والحياء ستره، لا سيما وأن ذلك لا يخلو غالباً من التشبه بالكافرات.(10/117)
ومع توفر هذه الشروط فينبغي كذلك إظهار شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذه المشاغل باللين وقصد النصح.
وأمّا استقدام العاملات فلا يجوز أن يُستخدم إلا المسلمة، لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلاّ مسلماً" أخرجه مسلم (1767) من حديث عمر -رضي الله عنه-.
وفي البخاري (3053) ومسلم (1637) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- أنه -صلى الله عليه وسلم- أوصى بثلاثة أشياء منها:" أخرجوا المشركين من جزيرة العرب.." الحديث.
وقد يبدو للمرء أنه لا يجد من المسلمات من تعمل في ذلك المجال، ولو اجتهد لوجد، ولذا فلا ينبغي أن يستقدم الكافرة إلاّ إذا تحقق -بما بذل من وسعه- أنه لا يجد المسلمة.
ثم إنه يجب أن يكون بقاء الكافرة مؤقتاًَ حتى يجد المسلمة، كما يجب أن يسكنهن حيث تُحفظ أعراضهن عن الفتنة والفاحشة، وأن يلزمهن الحجاب، وعدم مخالطة الرجال. والله أعلم.(10/118)
الأعمال الخاصة للموظفين
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 29/8/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعمل موظفاً حكومياً في التعليم، والنظام يمنع ممارسة أعمال تجارية على الموظف الحكومي، وأنا لدي أعمال تجارية خاصة، ولدي مكتب لأخي أمارس فيه بعضاً من هذه الأعمال، وبعضها عن طريق الهاتف، ويتركز عملي بشكل أساسي في السمسرة، وأنا حريص على عدم الإخلال بالعمل الحكومي، ولذلك فأنا أمتنع تماماً عن التحدث أثناء العمل في أي شيء يخص أعمالي الخاصة، ومن أراد التحدث معي فإني أطلب منه مناقشة الأمر بعد الدوام، وأرفض استغلال وقت العمل؛ اللهم إلا ما يحصل أحياناً قليلة كأن يمر علي شخص ليسلم لي ورقة أو عقدا أو شيكاً وهذا لا يستغرق وقتاً يذكر، وأحرص على عدم إطالة الشخص عندي في العمل، آمل الإفادة، وجزاكم المولى خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فالجواب أن على المسلم إذا التزم بشرط أن يفي به، إذا كان هذا الشرط لا يخالف مقتضى الشرع، وهذا الشرط شرط صحيح، إذ ليس المقصود منه تحريم التجارة، وإنما المقصود منه في الغالب منعك من عمل آخر قد يضر بعملك، وقد يكون مقصود الدولة منه منعك من الجمع بين عملين، وهناك من أفراد الشعب من لم يجد عملاً لسد حاجته ومن يمونه، فكان من المصلحة العامة اشتراط مثل هذا الشرط لفسح المجال لمن لم يجد عملاً، وعلى كل فالغالب هو المقصود الأول، وهو أن العمل خارج الدوام قد يضر بالعمل بل كثيراً ما يحصل ذلك، فنجد من لديه عمل آخر يأتي إلى عمله مرهقاً متعباً، ولهذا نجد بعض الشركات تشترط على عمالها عدم العمل خارج الدوام، قالوا لأن ذلك يقلل من إنتاجه.(10/119)
فإذا علم هذا فالوفاء بالشرط واجب لما رواه الترمذي والدارقطني والبيهقي وغيرهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً. قال الترمذي حديث حسن صحيح.
لكن لو علم أن الجهة المختصة تطلع أو تعلم أن بعض الموظفين يزاولون التجارة وتتسامح معهم أولا تعاقبهم عليه أو أن العرف يدل على ذلك فهذا قد يدل على أن العمل بهذا الشرط موسع فيكون الأمر في ذلك واسعاً، هذا ولعل السائل يسأل الجهة المختصة عن مدى الالتزام بهذا الشرط وما نوع التجارة التي يمنع منها الموظف؟ ليكون على بصيرة من أمره، هذا ما أراه حول هذه المسألة الهامة والتي بسطت فيها سعيا للفائدة العامة، والعلم عند الله تعالى.(10/120)
العمل في شركات التأمين
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 12/1/1424هـ
السؤال
ما حكم العمل في التعاونية للتأمين علما بأن طبيعة الوظيفة ترويج التأمين على الأرواح؟ هذا وإن الدولة كما تعلمون تتعامل مع هذه المؤسسة في أمور كثيرة كما تعلمون.
الجواب
الشركة الوطنية للتأمين التعاوني "التعاونية" مثل بقية شركات التأمين لا يجوز التعامل معها بعقد التأمين إلا لضرورة ملجئة، كحصول الإلزام بالتأمين عندها أو عند غيرها من شركات التأمين التجاري المحرم شرعاً، وذلك لوجود الربا والغرر والجهالة في عقد التأمين هذا.
أما التوظف في شركة التأمين من هذا النوع ففيه تفصيل: فإن كان عمل الموظف في تحديد الأقساط أخذاً أو عطاء أو يقوم بالجباية أو الدعاية لها، أو يعمل محامياً للشركة أمام جهات الاختصاص فلا يجوز فعله؛ لأنه مباشرة للإثم وإعانة على الباطل والله يقول "وتعانوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] وأشد هؤلاء إثماً المحامي فإنه كالمشرع للباطل أو أشد ثم يليه المروج أو السمسار للشركة لأنه يشابه من يدعو إلى الباطل.
أما إن كان الوظيفة ليس لها علاقة مباشرة بالتأمين المحرم كأن يكون مسؤولاً عن الموظفين حضوراً وانصرافا، أو عن صرف أجورهم - مرتباتهم -، أو يدير أو يباشر أملاكاً أخرى للشركة فالتوظف في مثل هذا جائز، والأفضل من هذا كله لهؤلاء وأولئك أن يبحثوا عن عمل لا شبهة فيه، فإن ذلك أتقى لأنفسهم وأصلح لهم وأهلهم وذويهم. والله أعلم.(10/121)
استخدام آلات العمل
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 14/1/1424هـ
السؤال
أنا موظف حكومي وأستعمل أدوات هذه الوظيفة مثل جهاز الحاسوب والطابعات وأوراق الطباعة وذلك لإنجاز أعمال متعددة في معظمها لا تخص العمل بشكل مباشر وذلك مثل: البحث وطباعة مواضيع تتعلق بتنمية مهاراتي الشخصية والتي تنعكس بحال من الأحوال في كثير منها على العمل ولكن بشكل غير مباشر وعلى المدى البعيد. *طباعة مواضيع مثل الأخبار أو أشعار أو أشياء أعجبتني وغير ذلك *طباعة مواضيع متعددة على دسك وأخذها على دسك كنت أقوم بهذه الأعمال منذ سنتين فإن كان هناك إثم فما هي الكفارة؟ كان رؤسائي في العمل قد ظلموني بخصم 20دولاراً ظلما من راتبي هل تجزئ عن هذه الأعمال؟ في أوقات الفراغ وعدم وجود عمل هل من مشكلة في العمل على الإنترنت وشغل الوقت بذلك؟
الجواب
عليك أن تكف عن استخدام الأدوات المذكورة في الأعمال التي لا تخص العمل في وقت العمل، لأن هذا الاستخدام لم يؤذن لك فيه، وهو يؤدي إلى انشغالك عن عملك وتقصيرك فيه، وعليك أن تتوب إلى الله تعالى عما سبق وليس هناك كفارة، وإذا كان قد وقع منك تقصير في إنجاز العمل فعليك أن تتلافى ذلك بتعويضه، وأما العمل في هذه الأشياء في وقت الفراغ فإذا كان العمل لجهة خاصة فإنه يرجع إلى إذن صاحب العمل، وإن كان العمل في جهة حكومية فيرجع إلى ما ينص عليه نظام العمل، وما تذكره من ظلم مسئولي العمل لك بخصم 20 دولاراً فهذا أمر آخر يحق لك أن تطالبهم بما تراه حقاً لك، وتتبع في هذا الإجراءات المعروفة، لكن لا يحق لك أن تقضي لنفسك بجعل الأعمال الشخصية أثناء العمل عوضاً عن هذا الخصم من راتبك، فإن هذه قضية أخرى.(10/122)
حكم العمل في البنوك الربوية
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 5/9/1422
السؤال
إنني مهندس اتصالات وشبكات، عرض عليّ العمل في أحد البنوك التي يغلب على تعاملها المعاملات الربوية كمهندس في قسم الشبكات والحاسب، سمعت عن فتوى تجيز العمل في هذه البنوك حتى لا يسيطر غير المسلمين عليها داخل البلد الإسلامي، وأن العامل فيها يأخذ أجر الاحتباس في أوقات العمل.
الجواب
إن الذي يعمل في البنوك الربوية لا يخلو عمله من أحوال:
الحال الأولى: أن يكون رباً صِرفاً سواء كان للعامل (الموظف) ، أو لغيره (البنك) كالقرض بفائدة مشروطة، سواء كان بالقرض المباشر من إدارة القروض، أو كان طريقه أدوات الائتمان كالكمبيالة من جهة حسمها، وبطاقة الائتمان، ونحو ذلك، فهذا الصنف العمل فيه عمل بالربا، وهو ممنوع لما سيأتي من أدلة.
الحال الثاني: أن يكون عمله مما يدعو، ويؤدي إلى الربا، مثل ما تسميه البنوك بـ " أدوات الائتمان " وهي أعمال خدمية غاية البنوك منها أن تكون وسيلة لتسويق وترويج سلعتها الأساسية " الربا "، ومن أمثلتها: الاعتماد المستندي، فتح الاعتماد البسيط، خطاب الضمان، بطاقة الائتمان، ونحو ذلك، فهذا الصنف العمل فيه إعانة على الربا، فهو ممنوع لهذا الاعتبار، وأدلته ستأتي علاوة على أن جنس هذه الأعمال لا تخلو من مخالفات شرعية على الراجح، كالتكسب بالكفالة وأخذ أجر عليها، وكاصطناع خدمات عدة يلزم العميل بدفع مقابلها على هيئة رسوم، أو عمولة، أو خدمات، ونحوها، ودعوى ما يستحق الأجر بمقابله يضيق عند التحقيق، بحيث يظهر أن مقصودها أكل أموال الناس بالباطل بمجرد ما يدعيه من هذا القبيل، وهو مما يحتج به على منع العمل فيها.(10/123)
الحال الثالث: أن يكون عمله مشروعاً - من حيث الظاهر -، ومثاله: ما تعلن البنوك الربوية القيام به من أعمال مشروعة - على الراجح - كالمرابحة للآمر بالشراء، وصناديق الاستثمار الاسلامية، ونحوها.
وجنس هذه الأعمال علىفرض سلامتها من مخالفة شرعية - والغالب عدمه - فإن غاية البنوك منها أن تتقوى بها على دعم رسالتها الأساسية " الربا " من خلال:
01 منافسة البنوك الإسلامية كيلا تسحب العملاء عنها.
02 تقوية مركزها المالي.
ويترتب على مزاولة البنوك الربوية لهذا الجنس من الأعمال مفاسد منها:
01 منافسة البنوك الإسلامية.
02 إذابة الفروق بين البنوك الربوية والبنوك الإسلامية، ومن مقاصد الشريعة: " تمييز الخبيث من الطيب ".
03 التلبيس على العامة، وهو فرع عن سابقه.
04 التلبيس على بعض المفتين، وطلاب العلم، وهو فرع عن سابقه رقم "2".
05 ويترتب على التلبيس على العامة أن يألفها الناس، فلا يأنفونها ولا يتورعون عن التعامل معها، وهذا فيه ما فيه.
06 ويترتب على التلبيس على الخاصة تغيَّر نظرتهم تجاهها، مما يؤثر على فتاويهم ومواقفهم بشأنها على نحوٍ يكون فيه ما فيه من التسامح.
07 ويترتب على كل ما سبق دعم البنوك الربوية.
وإذا كان الربا هو أساس عمل هذه البنوك، ولا تزال تمارسه وتدعو إليه بجانب ما تقوم به من أعمال تدعي أنها إسلامية.
وإذا كان من شأن هذه الأعمال دعم رسالة البنوك الربوية، وتثبيت قدمها، وإحداث القبول لها من العامة، وبعض الخاصة، وإذا كانت الشريعة المطهرة تعتبر بالمآلات، وتنيط بها أحكامها، وإذا كان من المقرر عند الفقهاء في قواعدهم " المعاملة بنقيض القصد " فالظاهر عندي منع العمل فيما هذا جنسه لدى البنوك الربوية تفويتاً للفرصة عليها، ومعاملة لها بنقيض قصدها، ودفعاً للضرر عن البنوك الإسلامية.(10/124)
الحال الرابع: أن لا يكون عمله من قبيل المعاملات المالية المصرفية المذكورة في الأحوال الثلاثة السابقة، وذلك له أحوال مختلفة، ومن أظهرها موضوع السؤال، وهو العمل في الحاسب الآلي كأن يكون مبرمجاً، ومهندساً لنظم البنك التي تقوم عليها معاملاته، وتنضبط بها شؤونه، فهذه معونة على الربا أظهر من مجرد كتابة عقده المتوعد عليها.
وبكل حال: فإن القيام بعمل الربا، أو المعونة عليه ممنوع شرعاً لما يلي:
01 لتحريم الربا: فإن المحرم لا يجوز للإنسان أن يفعله لنفسه أو لغيره، وإن كان يحرم عليهما معاً، والربا من ذلك.
02 لنهي الله - تعالى - عن التعاون على الإثم والعدوان كما في قوله - تعالى -: ".. ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.."
03 للعن آكل الربا، والمعين عليه، كما في الحديث الذي رواه مسلم (1597) " لعن الله آكل الربا، وَمُؤْكِلِهُ، وكاتبه، وشاهديه ... ". والملعون - عياذاً بالله - في هذا الحديث أربعة أطراف إثنان ركنان في ماهية الربا، لا يتصور وجود الربا دونهما، وهما: الآكل (المقرض) والموكل (المقترض) . واثنان خارجان عن ماهية العقد بمعنى: أن الربا يمكن أن يوجد دون توقف عليهما، وهما: الكاتب، والشهود، ومع ذلك طالهم اللعن لإسهامهما فيه وإعانتهما عليه، والذي يعمل في الحاسب الآلي ليس أقل شأناً من هذا، فإن في الحاسب الآلي ضبط أعمال البنك وتيسير شؤونه.
والمقام يا أخي الكريم مقام فتيا لا يتسع لكثير بسط - ربما - ولمزيد من التفصيل يمكنك الرجوع إلى كتاب: (الربا في المعاملات المصرفية المعاصرة) فثم بغيتك في الجزء الثاني ص 875. لكن: " عليّ لربع العامرية وقفة ". عليّ وقفة لمناقشة احتجاج من يفتون بجواز العمل في البنوك الربوية - كما ذكرت - بقولهم: " حتى لا يسيطر عليها غير المسلمين داخل البلد الإسلامي " أقول: هذا يناقش من وجوه:
الأول: هل نحن نقر هذه الأعمال - أعني المسلمين - حتى ننافس فيها، فإن المنافسة لا تكون إلا في المشروع، أما الممنوع فلا.
الثاني: إن هذا القول أشبه بقول القائل:" بجواز البغاء للمسلمات " كيلا يسيطر غيرهن على هذا العمل في البلد الإسلامي، وهو ظاهر السقوط.(10/125)
رحلات المؤسسات السنوية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 17/6/1423هـ
السؤال
نحن شركة قطاع خاص، وتطبق لائحة الجزاءات، وحصيلة الجزاءات هذه تستفيد منها الدولة بنسبة (33%) ، والباقي للعاملين بالشركة في صورة رحلة إلى أحد الفنادق بالبحر الأحمر به حمام سباحة وشاطئ خاص بالفندق، ما الضوابط الشرعية لهذا؟ وهل يجوز القيام بهذه الرحلة أم لا؟ مع العلم أن كل أسرة لها السكن الخاص بها، الرجاء الإفادة بالرد، وشكراً.
الجواب
لا أعلم عن مواد هذه اللائحة شيئاً، ولكن إذا كانت جميع موادها موافقة للشريعة، فما اقتطع من راتب بعض الموظفين في الشركة جاز للبعض الآخر الاستفادة منه بأي وجه مشروع؛ لوجود التراضي بين الشركة وموظفيها على هذا عند إبرام العقد، ويدخل هذا في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-:"المؤمنون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً" الترمذي (1352) واللفظ له، وأبو داود (3594) .
أما المشاركة في هذه الرحلة المذكورة في السؤال، فإن كانت غير ملزمة بفندق معين من الفنادق المشهورة بالفساد، وكان شاطئ هذا الفندق لا يقع فيه اختلاط بين الرجال والنساء أثناء السباحة أو تكشف فيه العورات المحرمة، ولا يرتكب أثناء الرحلة منكرات شرعية داخل السكن الخاص أو خارجه، فالمشاركة في هذه الرحلة جائز ولا إثم فيه -إن شاء الله-، وإن كانت الحال على خلاف هذا فالمشاركة محرمة حينئذٍ، وأذكرك بمثل هذه المناسبة بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:" ... والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس" مسلم (2553) ، وفقنا الله وإياك إلى كل خير.(10/126)
تخصص الرجال (في طب النساء)
المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 24/3/1423
السؤال
أنا طالب أدرس في السنة الأخيرة في كلية الطب، أرغب في التخصص في قسم النساء والولادة، فهل في ذلك حرج؟
الجواب
إن الله -عز وجل- أمر المؤمنين والمؤمنات بغض أبصارهم وحفظ فروجهم، فقال -عز وجل-: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ... " [النور:30-31] .
وأجاز النبي -صلى الله عليه وسلم- التداوي بقوله: "تداووا عباد الله فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله" الترمذي (2038) ابن ماجة (3436) أبو داود (3855) .
وقد قال أهل العلم: إن تعلم الطب بشكل عام يعد من فروض الكفايات، ويتعين في حق من لا تقوم الكفاية إلا به، ولا شك أن التخصص في طب النساء والولادة مما يحتاج إليه المسلمون ولما كان من مستلزمات هذا النوع من التخصص غالباً الاطلاع على عورات النساء كان الأولى أن يتعلمه النساء المسلمات، إذ إن نظر المرأة إلى المرأة أهون من نظر الرجل إلى المرأة.
ومع ذلك فيجوز للرجل تعلم هذا النوع من الطب، إذ إنه مما يحتاج إليه، وليس في النساء من تندفع بها الحاجة، لكن يجب على من تخصص في هذا النوع خاصة أن يتقي الله -عز وجل-، وأن يخلص النية لله، ويشترط لممارسته هذا العمل أن يكون ثقة مأموناً، ويجب عليه وجوباً عينياً أن يتعلم الأحكام الشرعية التي تتعلق بمداواة الرجل للمرأة، إذ إن هذا النوع من العلوم يعد من أخطر أنواعها، فهو مؤتمن على أعراض الناس، ولذا يشترط فيه من الشروط التي يتم بها غرضه أكثر مما يشترط في غيره، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/127)
الحوافز التشجيعية مع الراتب
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 27/3/1423
السؤال
أنا أعمل طبيباً في مستوصف خاص، وأتقاضى مرتباً (5000) ، وصاحب العمل يحب النشاط في العمل ويكافئ عليه، فهو يعطي الأطباء نسبة من الدخل إذا بلغ الدخل الصافي للعيادة أكثر من (10000) يعطيهم (10%) ، وفوق (20000) يعطي (15%) ، وهكذا بنسبة تصاعدية حتى يتم تشجيع الأطباء على العمل.
هل هناك أي خلل في هذا العقد؟ حيث قال لي أحد الأصدقاء: إن هذا العقد محرم.
نرجو إن كان محرماً بيان سبب الحرمة، وهل هناك تفصيل في المذاهب الأربعة؟
الجواب
الحمد لله، لا يظهر لي مانع من ذلك؛ لأن الراتب الأصلي (الأساسي) محدد معلوم، وما زاد عنه محدد معلوم أيضاً، وما يمكن أن يقال بمنعه لأجله، فهو احتمال الغرر، إذ إن النسبة الزائدة على الراتب الأصلي تحتمل الحدوث، والعدم، لكن ذلك فيما يظهر لي غير مانع، فإن رضى العامل بالأجر الأصلي المحدد بصرف النظر عن حصول الزيادة من عدمها ينتفي به أثر الجهالة في القدر الزائد، وما دام هذا الحافز فيه مصلحة للطرفين، وليس فيه مضرة عليهما ولا بخس لحق أحد منهما، فلا مانع فيه -إن شاء الله تعالى-، والله أعلم.(10/128)
ضوابط العمل مع الكفار
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 13/4/1423
السؤال
ما هي الضوابط الشرعية التي يجب على المسلم الالتزام بها عند العمل في شركة مع الكفار وفي بلد كافر؟
الجواب
أولاً: لا يجوز الإقامة في بلد الكفار إلا لضرورة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين" رواه أبو داود (2645) ، والترمذي (1604) ، والنسائي (4780) من حديث جرير بن عبد الله بإسناد صحيح، ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"لا يقبل الله من مشرك عملاً بعدما أسلم أو يزايل المشركين" رواه النسائي (2568) ، قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: "إسناده جيد". ومعنى يزايل: أي: يزول عنهم ويفارقهم، ويُستثنى من ذلك أن يكون ذا علم وبصيرة فيدعو إلى الله -تعالى-، وأما إذا اضطر إلى الإقامة بينهم والعمل معهم، فإنه:
1- يُحسن معاملتهم من غير مودَّة، ويكون داعياً إلى الله -تعالى- بسلوكه.
2- يعطيهم حقوقهم التي لهم من أداء عمل ونحو ذلك من غير نقص ويكف أذاه عنهم.
3- وإن تألفهم بهدية ونحوها لغرض الدعوة فلا حرج.
4- ولا يدخل معهم في جدال ونقاش إذا كان من غير أهل البصيرة والعلم، بل إن رأى أن يدعوهم عن طريق الكتاب والشريط ونحوهما فهو على خير عظيم.
5-يحذر كل الحذر من ارتياد دور اللهو وأماكن الفتن كالأماكن التي تكتظ بالنساء الكاشفات، وما فيه فتنة وخطر على دينه.
6- يحافظ على عزة المسلم وعدم التبعية والإمعية والتقليد، بل يعتز بشخصيته الإسلامية ويحافظ عليها، ومما يعينه على ذلك القراءة في تاريخ المسلمين في سير السلف، وينبغي له أن يتحصن بالكتاب والسنة وبقراءة الكتب التي تخدمهما، وكذلك يكثر من الدعاء والتضرع إلى الله أن يحفظه ويحفظ عليه دينه، وأن يحميه من الفتن، وألا يزيغ قلبه، وإن كان معه أهله فالواجب عليه أعظم، ثم إذا زالت الضرورة فليبادر بالرجوع إلى بلاد المسلمين، والله -تعالى- أعلم.(10/129)
التستر التجاري
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 15/4/1423
السؤال
ما حكم قيام شركة ما بأخذ أجور سنوية من الوافدين للعمل في البلد؛ لقاء منحهم اسم هذه الشركة كغطاء قانوني للعمل؟ علماً أن هذه الشركة لا تقدم لهؤلاء العاملين أية خدمات.
الجواب
نصت أنظمة الدولة في المملكة العربية السعودية على أنه لا يجوز التستر على عمالة أجنبية ومنحهم اسم المؤسسة أو الشركة أو المحل التجاري، وأخذ أجور شهرية أو سنوية عليهم لقاء هذا العمل.
ومن هذا المنطلق فإنه لا يجوز قيام أمثال هذه الشركات؛ لمخالفتها لتعاليم ولي الأمر الذي دلت النصوص من القرآن والسنة الصريحة الصحيحة على وجوب طاعته فيما لا معصية فيه، قال -تعالى-:"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" [النساء:59] .
ولا شك أن هذا الأمر الذي أمر به ولي الأمر ليس فيه معصية، وإنما فيه مصلحة للمجتمع، واستقرار لاقتصاد الدولة الداخلي والخارجي، والله الموفق.(10/130)
ممارسة الموظف للأعمال الحرة
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 3/5/1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا موظف حكومي، وأنتم تعلمون أن أعباء الحياة ثقيلة، وأنا متزوج والراتب قليل، فتحت مؤسسة مقاولات باسم الوالد -أطال الله في عمره- وهنا أسأل هل القانون يمنع الموظف الحكومي من الأعمال الحرة، فهل ما قمت به صحيح؟ وسؤال آخر: أغلب العمالة لا ترضى بالرواتب الشهرية، وتطلب نسبة معينة من الربح مثلاً أي عمل يقوم به العامل سواء أنا أتيت بالعمل، أو هو الذي أتى به مع العلم أنه هو من قام به فيأخذ مثلاً نسبة (80%) وآخذ أنا صاحب المؤسسة نسبة (20%) ، وأعطيه راتباً شهرياً ولو بسيطاً؛ لأن قوانين العمل والعمال تفرض الرواتب الشهرية، وأن يبصم العامل على أنه تسلّم الراتب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الجواب على السؤال الذي تفضل به السائل حسب التالي:
1- يقول الله -تعالى-:"قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق" [الأعراف:32] ، فالأصل في طلب الرزق الإباحة، ولكن يجب مراعاة عدم تأثير عملك التجاري على عملك الوظيفي وفي حالة تأثره أي عدم قيامك بواجبك الوظيفي بسبب عملك التجاري في فترات خارج الدوام فإن العمل التجاري لا يجوز.
2- أما اتفاقك مع العمالة على نسبة معينة عند قيامه بالعمل أو الدلالة عليه فإن هذا جائز؛ لأنه من باب حثه على العمل وتشجيعه عليه، ولكن يجب أن تكون هذه الزيادة إضافية إلى الراتب الذي يستلمه العامل كما نص على ذلك نظام العمل والعمال، كما يجب ألا يكون هذا المبلغ مقطوعاً، أي محدداً سلفاً كل مدة زمنية؛ لأن هذا من التستر الذي تمنعه الأنظمة التجارية الصادرة من ولي الأمر، والتي تحقق مصلحة عامة للعباد والبلاد، والله الموفق.(10/131)
العمل في هيئة محلفين في محكمة قانونية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 17/2/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
تم اختياري كعضو في هيئة محلفين في إحدى المحاكم، فما نصيحتكم لي؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إن كان دخولك في هيئة المحلفين تستطيع معه أن تنصف المظلومين من المسلمين وغيرهم، فتعيد لهم حقوقهم، وتنتصر لهم من ظالميهم، ولا تحكم على أحد بجور، وتستطيع تحريج أفعالك هذه من خلال مواد القانون فدخولك حينئذ جائز - إن شاء الله-، وتؤجر على فعلك الخير، أما إذا كنت لا تستطيع تحقيق العدل والإنصاف في الحكم فلا يجوز لك الدخول في هيئة المحلفين، أو غيرها، وخير لك أن تبحث لك عن عمل آخر؛ لأنك إن بقيت حينئذ والحالة هذه فأنت تحكم بالطاغوت الذي أمرك الله أن تكفر به، قال - تعالى-: "فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها" [البقرة:256] ، وقال - تعالى-: "ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً" [النساء:60] ، والقاضي الناجح أو الموظف الناجح ينظر إلى روح القانون أكثر من نظرته إلى نصه وحروفه، فالعدل يكمن في ضمير القاضي لا في نص القانون، وبما أن هيئة المحلفين محكمة قضائية عُليا، فنظر القاضي فيها روح القانون وقدرته على إبطال الأحكام الجائزة، وإنصاف المظلومين أظهر وأبين مما دونها من المحاكم. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(10/132)
الخروج من العمل
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 12/11/1422
السؤال
هل يحق لي أن استأذن من العمل إذا غلب على ظني أنه لا يوجد عمل وذلك لقضاء بعض المصالح الشخصية التي لا يمكن قضاؤها مساءً؟
الجواب
إذا أذن لك رئيسك في العمل وكان لا يترتب على خروجك تعطيل لمصالح عملك أو إضرار به فلا حرج -إن شاء الله- لكن هذا يقدر بقدره.(10/133)
توصيل الركاب إلى محل الخمور
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 21/11/1422
السؤال
شخص يعمل سائق سيارة أجرة، وقد يصادف شخصاً يطلب منه أن يوصله إلى محل لبيع الخمور ثم إيصاله إلى بيته أو أي مكان آخر، وسائق الأجرة ليس من حقه أن يرفض إيصال الشخص إلى محل الخمور، لكن من حقه فقط أن يرفض حمل الخمر بنفسه ووضعها في السيارة، فما حكم هذا العمل؟
الجواب
إذا كان المحل الذي يطلب الراكب الوصول إليه يبيع أشياء عديدة من بينها الخمر فلا بأس بنقله إليه، وإذا طلب إيصاله إلى محل مخصص لبيع الخمر، فاعتذر بانشغالك، أو بعذر آخر مقبول ليس في كذب، كأن تذكر حاجتك إلى الذهاب إلى بيتك أو إصلاح السيارة ونحو ذلك، ولا تنقله لمحل الخمر.(10/134)
حكم العمل في بناء البنوك
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 15/1/1425هـ
السؤال
بالنسبة لأعمال البناء والمقاولات قد يعرض أو بالأصح نأمر بالإشراف على بعض المواقع مثل الفنادق والبنوك الخ.... فهل يجوز العمل في هذه الأمور أم لا؟
الجواب
يظهر لي والله أعلم أن العمل في ما ذكرته من الإشراف على ما ذكرته ليس فيه عمل عند البنك ولا تعاملٌ معه بل مجرد إشراف مطلوب من جهة أخرى ومختص بالإشراف على البناء ونحوه. لكن قد يقال إن هذا العمل قد يكون فيه إعانة على إقامة البنك الربوي لكن هذا من بعيد ولا شك إن ترك ذلك أولى لقوله تعالى: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] . ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: "دع ما يريبك إلى مالا يريبك" أخرجه الترمذي (2518) من حديث الحسن بن علي -رضي الله عنه-، والله أعلم.(10/135)
مسابقات الإنترنت
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 1/6/1422
السؤال
ما حكم المشاركة في المسابقات التي تقام عبر الإنترنت، والتي يتحصل الفائز فيها على هدايا وأموال قد تصل إلى آلاف الدولارات مع العلم أن المتسابق فيها لا يكون إلا غانماً أو سالماً ولا يكون فيها غارماً؟
الجواب
لا بأس بالمشاركة في المسابقات التي تقام عبر الإنترنت أو غيره إذا كان المتسابق لا يغرم شيئاً، بحيث لا يكون إلا سالماً أو غانماً؛ لأنه لا يوجد في ذلك ميسر أو قمار، فالميسر والقمار ما يكون فيه الشخص متردداً بين أن يغرم أو يغنم.
ولكن يشترط أن تكون هذه المسابقات غير مشوبة بأشياء محرمة كأن تكون الأسئلة في أشياء إباحية أو غنائية ونحو ذلك مما يحرم لذاته، فتحرم لهذا السبب، لا لكونها قماراً. والله أعلم.(10/136)
اشتراط الاتصال للدخول في المسابقة
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 13/5/1424هـ
السؤال
ما حكم المشاركة في مسابقة أحد المواقع التي تشترط الاتصال الهاتفي؟ ، علماً أن ريع الأرباح يعود لفائدة القدس، فما حكم المشاركة في مسابقة كهذه؟
وجزاكم الله عنا وعن كل المسلمين خيراً.
الجواب
الحمد لله وكفى، يا أخي وفقك الله، إذا كان الاتصال الهاتفي مشروطاً للدخول في مسابقة من أجل الحصول على جائزة، وكان الاتصال الهاتفي المشروط تستفيد منه جهة الجائزة فإن ذلك لا يجوز، وهو من قبيل القمار، ولو كان ريع الأرباح يعود للقدس، فإن الغاية المشروعة لا يوصل إليها بوسيلة ممنوعة، فهل يجوز أن يسرق الإنسان من أجل أن يتبرع للقدس؟ فكذا لا يجوز أن يقامر. والله أعلم.(10/137)
اليانصيب الرياضي
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 5/4/1424هـ
السؤال
أود أن أعرف رأيكم في موضوع جد مهم، ألا وهو ما اصطلح على تسميته "مسابقة التنمية الرياضية" أو "اليانصيب الرياضي، أو ما عرف في الغرب بـ"lotto" هل هو قمار؟ وهل هو حلال أم حرام؟
علماً أن فيه فائدة خاصة، هي أنه مرخص له من قبل الدولة (وهي إسلامية) ، وله قانون ينظمه ويحمي المشاركين، وزيادة على أن جزءاً منه يساهم في رفع مستوى عيش الفقراء، وجزءاً آخر يذهب إلى التنمية، هذا كما هو معلن، والله أعلم.
هذا إضافة إلى أننا في حاجة شديدة إلى المال، خاصة لسداد ديون علينا، فنحن عائلة من أربعة أبناء يتامى، في مراحل التعليم المختلفة، وأغلب أرضنا مرهونة، والمعاش لا يكفي؛ لهذا أتصل بكم أرجو إجابة شافية.
الجواب
مسابقة التنمية الرياضية أو "اليانصيب الرياضي" من العقود القائمة على الحظ المجرد، فهي تحتمل الغرم أو الغنم، وإذا كان العقد دائراً بينهما فإنه من القمار، والذي هو راجع إلى الميسر المحرم، قال -تعالى-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [المائدة:90] .
أما ما ذكرته من أن فيه منفعة للفقراء، وأنكم محتاجون إليه، وأن هناك قوانين تنظمه؛ فإن هذا لا يعتبر مبيحاً لما حرم الله، والله -سبحانه وتعالى- قد بين أن الميسر قد يتضمن فوائد، ولكن إثمه أكبر من نفعه، قال تعالى: "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما" [البقرة: 219] ، فبين -جل وعلا- بأن الميسر له منافع، ووصف الإثم بأنه كبير، وأنه لا مقارنة بين منافعه وإثمه، ثم أكد ذلك بقوله "وإثمهما أكبر من نفعهما".(10/138)
وشبيهاً بما ذكرت أن السائد ما كان عليه العمل في الجاهلية، حيث كان بعض الميسر يعتبر من الأعمال الخيرية التي ينتفع منها الفقراء، فقد ذكر المفسرون للآيات السابقة أن المشركين كانوا يتفقون على شراء جمل ديناً، ثم يذبحونه ويقسمونه بواسطة جزار مختص، ثم يقسمون اللحم إلى عشرة أقسام متساوية وبعد ذلك يعقدون مجلساً للقمار فيما بين المتبرعين لدفع قيمته، ويحضر هذا المجلس سائر الفقراء في القرية، وبعد اللعب المعتمد على الحظ المحض تثبت قيمة الجمل على بعضهم ويربحه الباقون، فيقومون بتوزيعه بين الحاضرين من الفقراء.
فالله -سبحانه وتعالى- حرم الميسر؛ لأن ضرره أكثر من نفعه، بل لا يقارن به، ولذا ننصحك باجتناب هذه الألعاب المعتمدة على الحظ الصرف، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، والله أعلم.(10/139)
حكم المسابقات الهاتفية
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 4/9/1423هـ
السؤال
لقد قمت بالاتصال على برنامج للمسابقات يطرح فيه عدة أسئلة ثقافية تخول من أجاب عليها الفوز بجائزة تبدأ من (200,000) مائتي ألف دولار، حتى مبلغ (1000,000) مليون دولار أمريكي، علماً أن الدقيقة الواحدة تكلف المتصل ستة ريالات وتبدأ مدة الاتصال من خمس عشرة دقيقة فما فوق فهل هذه المسابقات تعد غير شرعية؟
وفي حالة الفوز بأي من هذه المبالغ، ماذا أعمل به؟ وهل أمتنع عن استلامه في حالة أن هذه المسابقة غير شرعية؟ أنا بانتظار ردكم سريعاً -وفقكم الله-، ولكي تفيدوا غيري ممن يجهلون هذا الأمر، جزاكم الله ألف خير.
الجواب
إذا كان الواقع كما ذكره السائل فإن الاشتراك في هذه المسابقات محرم لا يجوز؛ لأن فيه قماراً، فالشخص المتصل دفع مبلغاً زائداً عن تكلفة الاتصال المعتاد لعله أن يحصل على الجائزة التي قد تحصل له وقد لا تحصل، وهذه حقيقة الميسر المحرم، والواجب أن تمتنع شركة الاتصالات عن هذا العمل، وإذا فاز الشخص في هذه المسابقة فلا يجوز له أخذ المبلغ؛ لأنه كسب محرم لكن لو أمكنه أن يأخذ منه مبلغاً يعادل التكلفة الإضافية الزائدة للاتصال التي دفعها فله ذلك؛ لأنه أخذ منه بدون وجه حق وهو يسترده، ولكن من الناحية العملية لا توجد آلية لذلك، ولكن لو أمكن فله أخذه -كما سبق-، والله أعلم.(10/140)
حكم المسابقات التلفازية
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 6/12/1422
السؤال
ما حكم الشرع في المسابقات التي تقام حالياً، وترصد لها جوائز ذات مبالغ كبيرة كالمسابقات التي تقيمها قناة أم بي سي المسماة جائزة المليون. أرجو التكرم بالإجابة، مع إدلالي على أهم المراجع العلمية التي يمكن الرجوع إليها.
الجواب
المسابقات التي تقام ليس لها حكم واحد، بل تختلف باختلاف أحوالها، فمنها المباح، ومنها المحرم، وأما المسابقة التي تقيمها قناة أم بي سي المسماة جائزة المليون، والتي يقدمها/ قرداحي، فهي جائزة في مرحلتها الأولى، بمعنى: أنه يطرح على المتسابق سؤال فإن أجاب عليه رصد له مبلغ معين واستحثه، فهذا لا بأس به بشرط أن تكون موضوعات الأسئلة مباحة، ولا تستلزم المسابقة اختلاطاً محرماً وإلا حرمت ... ، ثم بعد ذلك يدخل المتسابق في سؤال آخر فإن أجاب عليه وإلا خسر استحقاقه أو بعضه، فهذا محرم؛ لأن فيه ميسراً إذ حقيقته أنه يدخل بمبلغ فإن أجاب أخذ مبلغاً زائداً وإلا خسر المبلغ الذي رصد له أو بعضه، وهذه هي حقيقة الميسر المحرم.
وأما المراجع العلمية حول موضوع القمار فمباحث الميسر في كتب الفقه عامة، وهناك كتب متخصصة، مثل: كتاب (الفروسية) لابن القيم: (الميسر والقمار) ، (المسابقات والجوائز) للدكتور رفيق المصري، وكتاب: (بغية المشتاق في حكم اللهو واللعب والسباق) ، ورسالة دكتوراه في كلية الشريعة بالرياض عن الميسر والقمار للدكتور سليمان الملحم، وغيرها.(10/141)
مسابقات الشركات التجارية
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 8/3/1423
السؤال
أنا أعيش في بلد غربية، تسلمت عن طريق البريد ورقة من شركة ما، فيها بعض الأسئلة، عن هل تستخدمين ذلك المنتج أم هذا؟ وكم مرة في الشهر؟ وما هي عيوبه؟ وغير ذلك مما يفيد تلك الشركة من ناحية زيادة المبيعات ونحوها، ووعدت الشركة المشتركين بأن تبعث لهم هدايا رمزية وكوبونات بخصومات على مختلف المنتجات لديها. وفي آخر الورقة سؤال (إن كنت ترغب في الاشتراك في السحب على مبلغ من المال فضع علامة صح على هذا السؤال) . والحمد لله لما حاك الأمر في صدري وخشيت أن يكون في ذلك حرمة، لم أضع علامة واكتفيت بالهدايا والكوبونات. ومع ذلك بعد زمن أرسلت الشركة لي الهدايا والكوبونات، وأرسلت تذكرني أنني لم أشترك في السحب وتحذرني أني إذا لم أرسل إليهم سيسقط اسمي ولن أستحق المشاركة في السحب المالي. ولكني لم أرد عليهم وتناسيت هذا الأمر. وبعد مدة من الزمن أرسلوا إلي أنهم قد أدرجوا اسمي في المسابقة وأنني قد فزت في المرحلة الأولى، وأنني إن بعثت إليهم بالموافقة سيدرجون اسمي في المرحلة الثانية، وقد أعطوني 6 أرقام مختلفة حتى يزيد احتمال فوزي، رغم أنهم لم يعطوا الآخرين سوى رقمين. قلت في نفسي: إنني جاوبت على أسئلتهم بمنتهى الأمانة، فربما فهموا ذلك فكافؤوني.
أنا الآن في انتظار رد فضيلتكم على حلية ذلك الفعل أولا؟ وهل ذلك المال حلال أم لا؟ وإن كان حراماً فهل يجوز أخذه وصرفه في أعمال الخير بدلاً من تركه لمن يصرفه في غير ذلك؟ وهل يجوز الحج منه؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
هذا السؤال لا يخلو من أحوال:(10/142)
الحالة الأولى: إن كان من شرط الدخول في المسابقة أو السحب على الكوبونات هو الشراء من ذات المحل، أو من سلعة معينة، فهذه العملية محرّمة ولا تجوز؛ لأنها داخلة في الميسر الذي حرّمه الله -تعالى- بنص كتابه، قال -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون" [المائدة:90] .
قال أهل العلم: الميسر ميسران:
1-ميسر اللهو، فمنه النرد والشطرنج والملاهي كلها.
2-ميسر القمار وهو ما يتخاطر الناس عليه، وضابطه: وهو أن يكون الداخل في المسابقة إما غانماً وإما غارماً، يعني إما أن يضيع المال الذي قدمه ولا يفوز بالمسابقة، وإما أن يفوز بالمسابقة، فهذه المسابقة محرّمة ولا تجوز، لأجل أنها من القمار وأكل لأموال الناس بالباطل.
والداخل إن كان دخل واشترى رغبة في الفوز في الجائزة ليس إلا ولا حاجة له في الشراء لولا الجائزة، فما أخذه فهو محرّم، وإن كان لم يقصد الجائزة أصلاً، أو قصدها وقصد حاجته للسلعة أيضاً، فهذا لم يكن مقامراً لأنه لم يدخل في التردد بين الغنم والغرم، إلا أن ما أخذه أكل لأموال الناس بالباطل إذا كانت المسابقة بهذا الشرط، وإن كان الداخل في المسابقة قاصداً الجائزة ابتداءً، وما اشترى إلا لأجلها فهذا مقامر، ومرتكب ما نهى الله عنه، ومن الأدلة على تحريم ذلك أمور:
-أن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، والله يقول: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" [البقرة:188] .
-أن فيها من زرع الضغائن والأحقاد في قلوب الخاسرين ما لا يخفى، وقد قال -تعالى-: "إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون.." [المائدة:90] .(10/143)
-أن الذي قد فاز بالجائزة بمثل هذه المسابقات، إن كان إنما دفع واشترى هذه السلعة ليحصل على الجائزة فقط، وربما اشترى أكثر من ذلك فهو داخل في حكم القمار؛ لأنه متردد أمره بين الربح وبين الخسارة فهو محرّم، أما الذي لم يقصد الجائزة أصلاً أو قصدها وقصد السلعة معها، فهذا وإن لم يكن مقامراً إلا أن الجائزة التي أخذها إنما هي من أموال المشتركين، فتكون هذه السلعة من أموال القمار؛ لأن غالب من يفعل هذا من أصحاب الجوائز والمسابقات من أصحاب المحلات التجارية إن لم يكن كلهم إنما يقتطع ثمن الجوائز والهدايا من الأموال التي تحصّلها من المتسابقين، فتكون الجائزة التي تحصّلها الفائز الذي لم يقصد الهدية، من الأموال المحرّمة في الغالب، فالواجب على من أخذ الهدية في مثل هذه المسابقات التصدق بها، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في الشاة التي ذبحت له بغير إذن مالكها فقال فيها: "أطعميه الأسارى" أخرجه البيهقي (ج5صـ335ـ) بسند جيد.
الحالة الثانية: إذا قال أصحاب المسابقات إذا اشتريت بما قيمته كذا من المال (300) ريال مثلاً، فإن لك الحق في الدخول في السحب أو الاشتراك، فهذا القسم كسابقه من الحالة الأولى، ويدخل في ذلك مسابقة أصحاب الصحف اليومية.
الحالة الثالثة: إذا قالوا هدية لكل مشترٍ أو لو قالوا: لو اشتريت بكذا تحصل على طقم من الأواني أو غير ذلك، فهذا القسم وإن كان بعض أهل العلم يمنعه ويحرّمه، إلا أن الأظهر أنه لا بأس به في حق المشتري؛ لعدم وجود القمار والغرر، والهدية متحققة ليس مبناها على الحظ والتردد بين الغنم والغرم، أما في حق البائع فلا بأس به أيضاً؛ لأنه متبرع ولأنه في حكم الدعايات الإعلانية لمحله وبضاعته، بشرط ألاّ يزيد قيمة السلع لأجل الهدية، لأنه يكون غابناً غيره، والغبن من الغش، والله أعلم.
الحالة الرابعة: إذا كان لكل مشترك حق السحب ووضع الكوبونات بلا اشتراط شراء سلعة أو بذل مال أو غير ذلك كما هو ظاهر سؤال السائلة فهذا لا بأس به أيضاً؛ لأنه تبرع وليس فيها أكل لأموال الناس بالباطل، وما أخذه الفائز من ذلك لا بأس به، والله أعلم.
ومع كل هذا فإن الأولى ترك هذه المسابقات من قبل أصحاب المحلات، فإنها أبرأ وأهنأ وأمرأ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(10/144)
مسابقات الصحف
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 23/2/1423
السؤال
ما حكم المشاركة في بعض المسابقات التي تنشر في الصحف؟ وهل يعد ذلك من القمار إذا كنت أشتري الصحيفة لكي أشارك في المسابقة وأقرأ الصحيفة، أما إذا لم تكن هناك مسابقة فلا أشتري الصحيفة؟ وما حكم المشاركة في المسابقات إذا كنت أشتري الصحيفة لأقرأها حتى لو لم تكن هناك مسابقة؟
الجواب
لا بأس بالمشاركة في المسابقات التي تنشر في بعض الصحف - إلا أن يكون موضوعها ممنوعاً لذاته كالأسئلة الفنية الغنائية ونحوها، لا سيما إذا كان الشخص يشتري الصحيفة ليقرأها حتى ولو لم تكن هناك مسابقة، وأما إذا كان يشتري الصحيفة لكي يشارك في المسابقة فقط ولو لم تكن فيها لما اشتراها وقد يقرأ الصحيفة وقد لا يقرؤها، فقد ذهب بعض العلماء إلى المنع من ذلك، ولكن الذي يظهر جواز ذلك؛ لأنه لا يوجد في هذه الحالة قمار؛ لأنه قد اشترى سلعة لها قيمة معتبرة - وهي الصحيفة - بنفس قيمتها المعتادة، ولم يدفع مبلغاً زائداً نظير الاشتراك في المسابقة حتى يقال: إن هناك قماراً، إذ حقيقة القمار المحرم تعني: أن يدفع مالاً لا يقابله عوض يأخذه، وقد يحصل له مبلغ وقد لا يحصل له، والله أعلم.(10/145)
الجوائز في كرة القدم
المجيب د. خالد بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 3/3/1423
السؤال
إذا قال شخص لآخر: إن فزت علي في كرة القدم فلك ذبيحة، وإن فزت أنا فلا شيء عليك، ما الحكم في ذلك؟
الجواب
أرى أنه لا ينبغي لك ذلك؛ لأنه لا يبذل العوض إلا فيما كان من الرياضات معيناً على الجهاد كالرمي، وركوب الخيل، وما يشبهه؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا سبق إلا في خف (كناية عن الإبل) ، أو حافر (الخيل) ، أو نصل (رأس السهم) " أخرجه الخمسة، النسائي (3585) وأبو داود (2574) وابن ماجة (2878) وأحمد (7482) والترمذي (1700) وحسنه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- والسبق -بفتح الباء- معناه: الخطر، وهو العوض المجعول في السباق، فيختص بذله بالمذكور في الحديث، ويقاس عليه ما كان في معناه، وهو ما أعان من التسابق على الجهاد لنشر الدين عوناً مباشراً، كالتسابق في الرمي بالبنادق الآلية، والمسابقات العلمية الشرعية، حفظاً للمتون، أو فهماً للمسائل الفقهية وغير الفقهية.(10/146)
حكم مسابقة موقع (الإسلام اليوم)
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 6/7/1424هـ
السؤال
سبق وأن عرض هذا الموقع المبارك المسابقة الكبرى التي اشتركت فيها، وأخبرت إحدى الأخوات عنها، فبادرتني بالسؤال ما حكم المشاركة في هذه المسابقة؟ حيث كانت حجتها أن المتسابق يخسر قيمة الاتصال، وفي المقابل قد لا يفوز في المسابقة،
وقالت لي أيضا: إن المسابقات التي تعرض في الجرائد لا يجوز المشاركة فيها لنفس السبب، وذلك لأن المتسابق يخسر قيمة الجريدة وقد لا يفوز، قلت لها: إن المسابقة عرضت في موقع الشيخ سلمان العودة، ولا أعتقد أن أمراً كهذا يغيب عنهم، أرجو منكم التوضيح حتى أتمكن من الرد على هذه الأخت.
وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالمسابقات التي تكون جوائزها من أموال المتسابقين أنفسهم هي من القمار بلا شك؛ إذ يدخلها المتسابق ومآله فيها دائرٌ بين احتمالين لا ثالث لهما: إما أن يغرم (يخسر) ما دفعه من الاشتراك في المسابقة حين يفوز غيره، وإما أن يغنم (يربح) أكثر مما دفعه حين يفوز هو.
وهناك احتمال ثالث لا تحتمله هذه المقامرات التي يسمونها مسابقات: وهو أن يخرج من هذه المسابقة لا غارماً ولا غانماً، لا خاسراً ولا رابحاً.
فكل مسابقة يُشترط فيها أن يدفع المتسابق رسوماً للدخول في مضمارها فهي قمار صريح.(10/147)
ومن هنا دخلت الشبهة في مسابقات الجرائد؛ لأن كثيراً من المتسابقين لا يستطيع الاشتراك في مسابقاتها إلا بشراء الجريدة، وبعضهم لا يشتريها إلا لأجل المسابقة، لا لغرض آخر، ولذا حرم بعضُ العلماء هذا النوع من المسابقات، وله في التحريم وجه معتبر. ومن أباحها فلقوله أيضاً حظه من النظر؛ لأن المال الذي يدفعه المتسابق في تلك الجريدة ليس هو قيمة الاشتراك يقيناً، وإنما هو ثمن الجريدة نفسها، وهذا الثمن لم يذهب عليه سدى بلا فائدة، إذ يقابل ما دفعه من ثمنها منفعة الاطلاع على ما نشر فيها من أخبار أو مقالات أو إعلانات، ومن هذا الوجه يستوي من اشتراها ليشترك في مسابقتها ومن اشتراها وليس في نيته الاشتراك في مسابقتها.
أمّا المال الذي يغرمه المتسابق في تصفحه لموقع الإسلام اليوم للإجابة على أسئلة مسابقته فهو كالأجرة التي يدفعها المتسابق لمن يوصله إلى مكان المسابقة.
ومهما يكن فإن مسابقة موقع الإسلام اليوم تختلف عن مسابقات الجرائد ونحوها، وليس فيها أدنى شبهةٍ للقمار، فالمال الذي يدفعه (المتسابق في مسابقة الموقع) إنما هو قيمة الاتصال بالإنترنت، وليس قيمة الاشتراك في مسابقة الموقع، وثمن الاتصال يذهب إلى الشركة التي تقدم خدمة الإنترنت للمشترك وإلى شركة الاتصالات.
أما الموقع فلا يصله شيءٌ مما يغرمه المتصفح حتى في تصفحه للموقع نفسه وإجابته على أسئلة مسابقته. فجوائز مسابقة الموقع قطعاً لم تكن من أموال المتسابقين.
وإذا الأمر كذلك فإن مسابقة الموقع خارجة من شبهة القمار تماماً.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/148)
التسابق بأسماء الإخوة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 28/6/1424هـ
السؤال
ما رأيكم مثلاً بأنني أجبت على مسابقة باسمي وأسماء إخوتي بنية إذا جاء باسم أحد منهم يكون لي؟ وفعلاً حدث بالضبط وجاءت النتيجة باسم أحد إخواني، مع أنني الذي تعبت وعملت كل شيء، ومع العلم بأنني شاب وفي مقتبل حياتي وأريد الزواج من يتيمة، وأريد أن أساعدها، هل المبلغ يكون من حقي، أم ماذا؟ وهل لأخي شيء في جائزة المسابقة؟ أرجو الرد، أم أن المبلغ كله لي؟ أم له شيء منه، مع العلم أنني الذي عملت كل شيء، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإذا كان من شروط المسابقة أن يكون الجواب من صاحب الاسم نفسه، وألا يجيب عنه غيره، ففي هذه الحالة لا يجوز لك أن تأخذ جائزة المسابقة، ولا حتى من ظهر اسمه؛ لأنه لم يجب هو على السؤال، وإنما أجاب غيرُه.
وإذا لم يكن من شروط المسابقة أن يجيب المتسابق نفسه، فيجوز لك ولأخيك أن تأخذا جائزة المسابقة، لكن ليس لك أن تنفرد بالجائزة كلها؛ لأنها باسم أخيك. وليس لأخيك أن ينفرد بجائزة المسابقة؛ لأن المجيب هو أنت، وأرى أنكما شريكان فيها بالنصف أو بما تصطلحان عليه؛ كأن يكون لك الثلثان وله الثلث، أو العكس.
على أني أنبهك إلى أمر مهم لم توردْه أنت في السؤال وقد يخفى عليك حكمه، وهو أن من شروط جواز المسابقة ألا يكون فيها رسومٌ مالية من المتسابقين، فإن كان الاشتراك فيها برسوم مالية فلا يجوز الدخول فيها أصلاً؛ لأنها قمار صريح.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/149)
بيع المسابقات وإجاباتها
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 8/3/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
نشرت هيئة اقتصادية بدولة عربية مسابقة جوائزها 29 ألف دولار لعشرة فائزين، وأسئلتها تدل على رغبتها في تعريف الشعب بجهودها المتصلة في تنميته بالقروض التعاونية لحكومته، هل يجوز تصوير هذه المسابقة وبيعها تحقيقا لغرض الهيئة الواضح من ناحية، وفتحاً لباب كسب للناس من ناحية، واكتساباً للمال من ناحية ثالثة؟ أم لا؟ وهل يجوز بيع حلول المسابقة أم يعد مشتريها كالمقامر وبائعها كبائع يانصيب؟ وهل يجوز بيع صور مسابقات الجرائد والقنوات وحلولها عموما؟
وهل يجوز إعداد وبيع مسابقات معلوماتها النافعة؟ بحيث يحصل المشترك على الحلول مطبوعة كمعلومات مفيدة بعد ظهور النتيجة بموجب مستند الحجز إذا كانت الجوائز بالقرعة وهي جزء من حصيلة بيع الأسئلة والأجوبة؟ وهل يجوز بيع مساحات إعلانية لا تنافي الأخلاق على صفحات كتيب الأجوبة؟ أفتونا بارك الله لنا ولكم في الحلال الطيب.
الجواب
1- إذا كان الدخول في المسابقة لا يلزم منه دفع أي رسوم اشتراك فيجوز الدخول في المسابقة المذكورة.
2- لا يجوز بيع حلول المسابقة، وتحريم بيع حلول المسابقة ليس لأجل أنها مقامرة، وإنما لأن ذلك يخالف شروط المسابقة التي تشترط أن يتولى الإجابة المتسابق نفسه، فمن أعظم أهدافها تعريف المتسابق واطلاعه ببعض المعلومات المستهدفة بالسؤال، وتثقيفه فيما يفيده ويمهمه، وأما القمار فيكون ببذل المال للدخول في المسابقة وهو ما يسمى بـ (رسوم اشتراك) .
3- لا يجوز بيع صور مسابقات الجرائد؛ لأنه يخالف شرط المسابقة، وهو الجواب في (كوبون) المسابقة، ولا يجوز بيع حلولها، وقد سبق التعليل له.(10/150)
4- أيضاً لا يجوز بيع المسابقات على المتسابقين؛ لأن هذا يعني دخول المتسابق في المسابقة بغرم (وهو رسوم الاشتراك في المسابقة) ، وقد يخسر هذا المبلغ كله أو يربح ما خسره الآخرون وغرموه حين يفوز بالمسابقة فيكون قد أكل مال غيره بالباطل.
5- يجوز بيع مساحات إعلانية للشركات والمؤسسات التجارية وغيرها بشرط ألا يُشترط على المتسابق شراء الكتب للدخول في المسابقة بل يوزع بالمجان على المتسابقين حتى لا تنقلب المسابقة قماراً. والله أعلم.(10/151)
المشاركة في المسابقات القرآنية
المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي
رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 2/3/1425هـ
السؤال
هل تجوز المشاركة في المسابقات القرآنية من أجل الجوائز؟ -جزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ينبغي للمسلم أن يحسن قصده في كل شيء حتى تكون أعماله عبادة لله - جل وعلا- فيحسن النية والقصد، خصوصاً فيما يقصد به التقرب إلى الله- جل وعلا- وما هو من العبادات والقرب، ومن ذلك تلاوة القرآن الكريم وحفظه، وحينئذ فيقال للسائل: اجعل نيتك لله ثم لا يضيرك إذا سابقت في المسابقات، وحصلت على جائزة، أما إن كان القصد من القراءة هو الحصول على الجائزة فقط فهذا من إرادة الدنيا بعمل الآخرة وهو محرم، وفيه عدول إلى الماديات في أعمال القربة، أما مع إحسان القصد والنية فلا حرج من أخذ الجائزة والمكافأة، خصوصاً أن هذا في العلم وتعلم كتاب الله -تعالى-. وفقك الله.(10/152)
قتل الكلاب الضالة
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 28/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
هل يجوز قتل الكلاب الضالة بغرض التدريب على الرماية؟ ولكم الشكر.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا يجوز قتل الكلاب لغرض التدريب؛ لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قتلها، بقوله: "لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها الأسود البهيم" أخرجه أبو داود (2845) ، والترمذي (1486) ، وابن ماجه (3205) ، والنسائي (4280) ، وبين أن الأسود البهيم شيطان، أخرجه مسلم (510) ، وماعدا ذلك فلا يجوز قتله، ويمكن التدريب على الرماية برمي غير الحيوانات، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(10/153)
مسابقة جريدة الحياة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 10/05/1426هـ
السؤال
تقدم جريدة الحياة هذه الأيام عرضاً خاصاً، وهو اشتراك سنوي بسعر مخفض، مقداره 300 ريال مع فرصة الفوز بجائزة من جوائز الجريدة المتعددة.
فهل تعتبر هذه المسابقة من القمار.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن ثمن الاشتراك في الجريدة المذكورة أقل من ثمن الاشتراك المعهود في سوق الجرائد اليومية، والذي يتراوح ما بين 550 و730 ريالاً تقريباً، وعلى هذا يكون الدخول في المسابقة دخولاً بالمجان لا مقامرة فيه بالنسبة للمشترك في الجريدة؛ لأن حاله في المسابقة ليس متردداً بين أن يغنم أو يغرم، بل هو غانم على كل حال، سواء أفاز بالجائزة أم لم يفُز؛ لأنه قد غنِم اشتراكاً مخفَّضاً كفى به غنماً لو لم تكن ثمة مسابقة تتبعه، بخلاف حال المقامر الذي يدفع مالاً لأجل الدخول في المسابقات، ويكون حاله متردداً بين أن يغنم جائزة من جوائزها، أو يخسر ما دفعه لأجل الدخول فيها.
أما من يشترك في الجريدة وليس له قصد إلا الظفر بجائزة من جوائزها المقصورة على المشتركين، لا دافع له إلا ذلك، ولا غرض له صحيح في الجريدة، فهذا لا يجوز له شراء الجريدة لأجل المسابقة، ودخوله فيها مقامرة؛ لأن ما دفعه من قيمة الاشتراك إنما هو في حقيقته مقامرة على مسابقة.
والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.(10/154)
مسابقة جريدة الجزيرة
المجيب جمع من العلماء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 19/02/1426هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: ما حكم الاشتراك في مسابقة جريدة الجزيرة، والتي من ضمن شروطها إرسال الإجابة في رسالة بالجوال، علماً أن قيمة الرسالة خمسة ريالات.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
بعد الاطلاع على شروط المسابقة، تبيَّن أن الاشتراك فيها لا يجوز؛ لأنه دخول في مقامرة صريحة؛ فالجريدة المذكورة وإن لم تشترط دفعَ رسوم صريحة للاشتراك في المسابقة، لكنها جعلت رسوم الاشتراك مضمّنة في قيمة الرسالة المبالغ فيها؛ لأن قيمة الرسالة في المعتاد هي خمس وعشرون هللة، وهذا يعني أن ما زاد على قيمتها المعتادة يذهب أكثره إلى الجريدة منظمة المسابقة، تدفع للفائزين في المسابقة جزءاً مما غنمتْه من ثمن رسائل المتسابقين، وهذه الصورة هي عين القمار؛ لأن ثمن الجائزة التي يُعطاها الفائز مُحصَّل في الحقيقة من أموال المتسابقين، وصار هو غانماً من حيث غيره غارم.
وبهذا يتضح جلياً أن حال كل متسابق متردِّد بين أن يغرم ما دفعه بإرسال جواب السؤال في حال عدم فوزه، أو يغنم ما غرمه غيره في حال فوزه، وهذا هو عين الميسر الذي يفعله المشركون في الجاهلية، فنزل القرآن بتحريمه تحريماً صريحاً، فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) .
وقد قال غير واحد من المفسرين -منهم الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى- إن الميسر: هو كل المغالبات التي يكون فيها عوض من الطرفين من النرد والشطرنج، وكل مغالبة قولية أو فعلية، بعوض، سوى مسابقة الخيل والإبل والسهام فإنها مباحة، لكونها تعينه على الجهاد، فلهذا رخَّص فيها الشارع. أ. هـ.
فليتق الله كل مسلم، وليجتهد في إطابة مطعمه وملبسه ومركبه.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
فتاوى ذات صلة:
مسابقات خط (700)
___________
الموقعون:
1- أ. د. سليمان بن فهد العيسى (أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام) .
2- د. سامي بن إبراهيم السويلم (باحث في الاقتصاد الإسلامي) .
3- د. يوسف بن أحمد القاسم (عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء) .
4- د. يوسف بن عبد الله الشبيلي (عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء) .
5- الشيخ: راشد بن فهد آل حفيظ (القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة) .
6- الشيخ: سامي بن عبد العزيز الماجد (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام) .(10/155)
مسابقات خط (700)
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 24/9/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: ما حكم الاشتراك في المسابقات التي تتطلب الاتصال بالرقم 700، حيث تكون قيمة الاتصال على هذا الرقم باهظة الثمن، تترواح ما بين 3 إلى 5 ريالات، وكيف أتصرف لو فزت بالجائزة؟ أفتونا مأجورين
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فكل المسابقات التي تجرى على الرقم (700) هي - بلا شك - من صريح القمار، بل ما هي إلا صورة جديدة لـ (اليانصيب) المعروف بصورته البدائية الساذجة.
والفرق بينهما صوري لا يشغب على اتفاقهما في الحقيقة والمعنى؛ فإن الأجرة التي يتكلفها المتسابق (وهو في حقيقة الأمر مقامرٌ) ؛ بسبب اتصاله بالرقم (700) ، هي بمثابة ثمن قسيمة الاشتراك (الكوبون) في اليانصيب.
والمال الذي يغنمه أحد المتسابقين (المقامرين) في مسابقات الرقم (700) - والمتمثل في الجائزة التي يفوز بها -، هو في الحقيقة جزءٌ من الأموال التي تكبدها المتسابقون الآخرون جرّاء اتصالهم على هذا الرقم، وهو بمثابة المال الذي يغنمه بعض المقامرين في اليانصيب، والذي هو جزء مما تكبّده المقامرون الآخرون في شراء قسائم الاشتراك.
وكلتا الصورتين لليانصيب (الصورة القديمة المتمثلة في قسائم اشتراك (كوبونات) تباع في الأسواق، والصورة الحديثة المعروضة في تقنيتها الحديثة من خلال الاتصال بالرقم (700) كلتاهما قمارٌ داخلٌ في الميسر الذي نزل تحريمه صريحاً في كتاب الله، قال -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون" [المائدة 90-91] .(10/156)
قال القرطبي (الجامع لأحكام القرآن 1/53) : "قال مالك: الميسر مَيْسِران: ميسر اللهو، وميسر القمار؛ فمن ميسر اللهو النرد والشطرنج والملاهي كلها. وميسر القمار: ما يتخاطر الناس عليه" أ. هـ.
وضابط هذه المخاطرة المحرمة:
"أن يخرج المتسابق من المسابقة إما غانماً وإما غارماً، إما أن يغنم ما غرمه غيره من المتسابقين فيكسب الجائزة التي هي من أموالهم، وإما أن يغرم ما دفعه ويذهب عليه".
وعلى هذا فكل مسابقة تحققت فيها هذه المخاطرة فهي حرامٌ، ولا يستثنى منها إلا ما استثناه الرسول- صلى الله عليه وسلم- في قوله: " لا سَبَقَ - بفتح الباء - إلا في نصل أو خف أو حافر" أخرجه أحمد (2/256) والترمذي (1/317) والنسائي (2/122) وأبو داود (2574) ، وصححه غير واحد من أهل العلم.
واستثناء هذه الثلاث دليل على أن ما عداها لا يجوز، وإنما جرت بها الرخصة واستثنيت من التحريم؛ لما فيها من معنى إعداد القوة للجهاد في سبيل الله.
لقد كان ميسر الجاهلية الذي نزل القرآن بتحريمه شبيهاً بهذه المسابقات، بل هو أهون منها من وجه كما سيأتي، وصفته - كما حكاه الأزهري وغيره - أنه كانت لهم عشرة أقداح، لكل واحد منها نصيب معلوم من جزورٍ ينحرونها، ويجزِّؤنها عشرة أجزاء، ثم يجعلون هذه الأقداح في خريطة، ويضعونها على يد عدل، ثم يجلجلها ويدخل يده فيخرج منها واحداً باسم رجل، ثم واحداً باسم رجل..إلخ، فمن خرج له قدح من ذوات الأنصباء أخذ النصيب الموسوم به ذلك القدح، ومن خرج له قدح لا نصيب له لم يأخذ شيئاً، وغرم ثمن الجزور كلِّه. وكانوا يدفعون تلك الأنصباء إلى الفقراء ولا يأكلون منها، ويفتخرون بذلك، ويذمّون من لم يدخل فيه. ينظر الكشاف للزمخشري 1/259.
ولا اعتبار لما يتحجّج به بعضهم من أن هذه المسابقات (بل المقامرات) قد انتفع بها بعض الفقراء، فكم من فقيرٍ اغتنى بسببها في أقل وقت وجهد، فهي فرصة ينبغي ألا يحرم منها الفقراء!(10/157)
وهذه حجة داحضة إنما يُخادَعُ بها الصبيان، فإن العرب في الجاهلية كانوا يدفعون ما غنموه من لحم الجزور الذي تقامروا عليه إلى الفقراء ولا يأكلون منه، ومع ذلك حرَّمه الإسلام، ونهى عنه أشد النهي، ولم يستثنِ هذه الصورة مع أن فيها خيراً للفقراء، فكيف إذا كان المقامر يأكل ما قامر عليه، ولا يدفعه للفقراء؟!.
بل حتى لو صح أن فقيراً انتفع بهذه المسابقات يوماً ما، فكم فيها من ملايين الخاسرين - والذين منهم فقراء يطمعون في الغنى -، الذين غرموا أموالاً طائلة طمعاً في الفوز بالجوائز المغرية.
إن الشرع لم يحرم الميسر (ومنه القمار) لأنه لا منفعة فيه، كيف وقد أثبت القرآن أن فيه منافع للناس، ولكن حرّمه لأن إثمه أكبر من نفعه، (يسألونك عن الخمر والميسر، قل فيهما إثمٌ كبيرٌ ومنافعُ للناس، وإثمهما أكبرُ من نفعهما) ] البقرة: 219 [، فكل ما كانت مضاره وإثمه أكبر من منفعته فهو حرام، عملاً بهذه القاعدة الشرعية.
وقد عدّ العلماء للميسر مفاسد كثيرة قد أشار الله إلى بعضها في قوله -تعالى-: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة) ] المائدة: 90-91 [. وأسهب فيها الشيخ محمد رشيد رضا في تفسيره (تفسير المنار 2/ 331-336) فليراجع.(10/158)
على أنه لو كان الاتصال بالرقم (700) بالمجان، لا يتكبد فيها المشترك رسوماً (المتمثِّلة في أجور الاتصال الباهظة) لكانت حلالاً كالماء الزلال - بشرط أن تخلو من المحذورات الشرعية الأخرى -؛ لأن جوائزها عندئذ تكون من غير أموال المتسابقين قطعاً، فخرجت من شبهة القمار؛ لأن كل متسابق يدخلها وهو بين احتمالين: إما أن يغنم، أو لا يغرم، وما يغنمه ليس من مال المتسابقين (فهم قد سابقوا بالمجان) ، بل هو مال لشخص متبرعٍ غيرهم، ولذا فليس فيه أكلٌ لأموال الناس بالباطل؛ بخلاف القمار الذي يكون حال المقامر فيه متردداً بين أن يغنم ما غرمه غيره من المتسابقين، أو يغرم أجرة اتصاله بالرقم (700) .
هذا بالنسبة للمتسابقين، وأما الجهة التي تقيم هذه المسابقات (المقامرات) ، وتتاجر بأحلام المتسابقين وأمانيهم، وتستأكل من حرصهم وتشوفهم للجوائز - والتي لا تمثل إلا قدراً ضئيلاً من عوائد اتصالات المتسابقين على الرقم (700) - فعليها إثمان:
إثم الإعانة على الإثم، ولا شك أنها معينة على الإثم بإقامتها لهذه المقامرات، وأنها بصنيعها هذا داعيةٌ إلى ضلالة.
وإثمُ أكل أموال الناس بالباطل. وكل ما ربحته من هذه المسابقات فهو سحت، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به.
فعلى المسلم أن يتقي الله سبحانه، وأن يحذر الدخول في هذه المسابقات (التي هي في حقيقتها مقامرات) بعد أن قامت عليه الحجة بحرمتها، وألا يجادل في الحق بعدما تبيَّن، وألا يغترّ بكثرة المسارعين فيها المخدوعين بها، فإن الله قد قال لنبيه (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) ] الأنعام:116 [، وقال: (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنّكم في العذاب مشتركون) ] الزخرف: 39 [.
ومن ربح (وبئس الربح) شيئاً من جوائز هذه المقامرات، فعليه أن يخرجها من ماله بصرفها في أبواب البر تخلّصاً لا تصدقاً.
نسأل الله أن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فتاوى ذات صلة:
الاستفادة من (خدمة 700)
خدمة الرقم الهاتفي (700)
مسابقات الشركات التجارية(10/159)
هل أستحق هذه الجائزة؟
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 30/06/1425هـ
السؤال
أقامت لنا الكلية مسابقة، وفزت بجائزة من الجوائز، لكن إجابة السؤال الأول حلَّها لي أحد زملائي، والإجابات الأخرى نقلتها، وأخذت الجائزة 50 ريالاً، علماً أنني قد صرفت الجائزة، ولم يبق شيئاً منها. هل الجائزة حلال أم حرام؟ وماذا أفعل إذا كانت حراماً؟ أجيبوني، -جزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
إذا كانت الكلية تشترط أن يكون المجيب هو المتسابق نفسه، وتمنع أن يساعده أحد في ذلك، فلا يجوز لك أخذ الجائزة، وإن كنت قد أخذتها وأنفقتها في مصالحك فعليك أن تخرج مثلها، وتنفقها في مصالح المسلمين، أو على الفقراء والمساكين، أما إذا كانت الكلية لا تشترط ذلك، وتعلم أن المتسابقين يستعينون بغيرهم، أو أن غيرهم هم الذين يجيبون على أسئلة المسابقة، فكله هنيئاً مريئاً، وأرى -خروجاً عن الشبهة، واستبراء لدينك- أن تخبر الإدارة عن عملك في المسابقة، فإن أذنوا لك، وبينوا لك ألا بأس أن تستعين بغيرك فالحمد لله، وإلا فكما ذكرت لك. والله أعلم.(10/160)
مسابقات المحلات التجارية
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 17/2/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ذهبت إلى السوق واشتريت أغراضاً بقيمة 275 درهم، واُعطِيتُ قسيمة سحب على ثلاث سيارات (فورد) ، وقد عبأت القسيمة (كتابة البيانات الشخصية والعنوان) ، وشاركت في السحوبات، فما حكم هذه القسيمة التي تعطى عند الشراء بمبلغ معين يتم تحديده للمشاركة في السحب على جائزة مثل سيارة أو غيرها. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هذه الصورة التي ذكرت في سؤالك مختلف فيها بين أهل العلم، والذي أراه أقرب للصواب أنه يجوز المشاركة بهذه السحوبات بشرط ألا تكون اشتريت بقصد الدخول في هذه السحوبات.
فإذا كنت اشتريت هذه الأغراض راغباً فيها قاصداً لها، وكانت قسيمة السحوبات تابعة لها وليست هي المقصودة فهنا لا بأس بالاشتراك، ويجوز أن تأخذ الجائزة، فيما لو ظهر أنها من نصيبك. والله أعلم.(10/161)
مسابقة قرآنية جائزتها من المشاركين
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 09/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نحن مجموعة من الأشخاص نعمل في مكان واحد، نريد إجراء مسابقة في حفظ القرآن الكريم بمناسبة شهر رمضان المعظم، والفائز في المسابقة سيحصل على جائزة رمزية تشترى من مساهمات كل الأعضاء (حوالي 2 دولار للفرد) . ما رأي الشرع في هذه المسابقة؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هذه المسابقة موضع خلاف بين أهل العلم -رحمهم الله- وما ذهب إليه أبو حنيفة -وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله- أن هذا جائز (المسابقات العلمية، أخذ العوض عن المسابقات العلمية) ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ". أخرجه أبو داود (2574) ، والترمذي (1700) ، وابن ماجه (2878) ، والنسائي (3586) . وهذه آلات الجهاد، والجهاد يشمل الجهاد بالعلم والبيان والسيف والسنان، ومنه قصة أبي بكر -رضي الله تعالى عنه- مع المشركين، وأخذه العوض. مسند أحمد (2495) ، جامع الترمذي (3193) ، سنن النسائي في الكبرى (11389) . والله أعلم.(10/162)
زكاة مساهمات الأراضي
المجيب د. سعود بن محمد البشر
عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 2/7/1422
السؤال
ساهمت في قطعة أرض، واستمرت المساهمة أكثر من خمس سنوات ولم تصفى لمشاكل بها، ونظراً لحاجتي الماسة للمال بعتها بخسارة، وأنا مديون الآن، علماً أني لم أخرج زكاتها طوال تلك السنوات، فهل يجب علي إخراج الزكاة عنها الآن؟ مع العلم أني لازلت مديوناً
الجواب
هذه المساهمة التي فيها مشاكل هي بمثابة المال الذي عند مليئ مماطل، فتزكى إذا قبضت لسنة واحدة هي سنة القبض، وإن زكيت لكل ما مضى من السنوات فهو أحوط، وأبرأ للذمة.(10/163)
هل يجوز الاقتراض من الأمانة؟
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 1/6/1422
السؤال
أنا أحد الشباب الذين يجمعون تبرعات للأخوة المجاهدين وأوصلها إليهم ولي فترة من الزمن أجمع التبرعات وأوصلها بنفسي -ولله الحمد- ثم حصل أن أصابتني ظروف شديدة جعلتني أقترض من المبلغ الذي كان عندي من التبرعات مبلغ خمسة وثلاثين ألف ريال بعد أن أفتى لي أحد طلبة العلم بجواز الاقتراض من الأمانة التي عندي وسدادها؟
الجواب
أرجو أن تكون معذوراً باقتراضك من تلك الأمانة؛ لاعتمادك على فتوى من أفتاك، إن كان من أهل الفتوى. وإن لم يكن من أهل الفتوى، فلا تكون عذراً لك؛ فالأصل أنه لا يجوز لك أن تتصرف في الأمانة التي لديك، ولكن الآن حيث حصل ما حصل، عليك سداد هذا الدين بقدر استطاعتك، والله يغفر لك، ويثيبك على جهادك، وسعيك في معاونة المجاهدين.
وإذا لم يكن لديك ما تسدّد منه هذه الأمانة، أو هذا الدَّين الذي في ذمتك، فلا مانع أن تأخذ من الزكاة لذلك. يعني أن من أعطاك لسداد هذه الدين من الزكاة فلا حرج عليك؛ لأنك والحالة هذه من الغارمين. نسأل الله أن يقضي دينك ويصلح حال الجميع بمنّه وكرمه.(10/164)
المتاجرة في الأسهم المستعارة
المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 7/4/1422
السؤال
استثمرت في أسواق الأسهم الأمريكية، ونحن نتناقش كثيراً حول المنظور الشرعي في بعض عمليات البيع والشراء ومنها بيع العارية وهو أن استعير عدداً من الأسهم من الشركة التي أعمل معها لابيعها في السوق اليوم على أن أعيد نفس عدد الأسهم من نفس النوع الذي استعرته خلال فترة من الزمن أو عندما اشتري من هذه الأسهم في وقت لاحق، الذين يرون هذا العمل حلال، هم الذين قاسوه على بيع العارية بحيث تستعير من جارك في المتجر بضاعة لتبيعها على زبون عندك في المحل ثم ترد مثلها على جارك إذا اتتك بضاعتك. والذين يرون حرمة هذا العمل قاسوه على بيع ما لا تملك. . فما رأيكم يا فضيلة الشيخ؟
الجواب
ما أخذه من أسهم الشركة التي ساهم فيها؛ لأجل أن يبيعها ثم يردّ مثلها عدداً ونوعاً ليس من العارية في شيء؛ لأن صورة العارية هي: أخذ مال لينتفع به ثم يرده بعينه مثل استعارة السيارات والأثاث ونحوها مما تبقى عينه بعد استيفاء الانتفاع.
والصورة التي ذكرها السائل تعتبر في الشرع قرضاً، وهذا في غاية الوضوح؛ لأنه يأخذ أسهماً ليرد بدلها، وهذه هي حقيقة القرض.
والمال المقترض يصبح ملكاً بيد المقترض بمجرد قبضه فلا يحق للمقرض أن يتصرف فيه أو يطالب برده عيناً.
وعليه: فيجوز للمقترض أن يبيع ما اقترضه أو يهبه أو يتصدق به.
فالحاصل أن ما ذكره السائل من اقتراض بعض الأسهم من الشركة يجوز بيعه والمتاجرة به؛ لأنه أصبح مالكاً له.
وبالله التوفيق.(10/165)
المندوب لا يسجل التخفيض بالفاتورة
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 1/9/1424هـ
السؤال
أعمل في مجال خدمات الطباعة، حيث يربطنا هذا المجال بمندوبي الشركات والمؤسسات، وبما أن سوق العمل كبير والمنافسة صعبة نقوم بعمل الآتي: تحفيز المندوب وذلك بخفض قيمة المعاملة تخفيضاً له وليس للشركة، وعند كتابة الفاتورة نكتب له قيمة المعاملة مع عدم كتابة التخفيض، مثلاً إذا كانت المعاملة هي طباعة تجديد وبطاقة وعقد عمل وإقامة قيمتها في سوق العمل 50درهماً، نستلم منه 40درهماً ونقوم باستخراج فاتورة له بقيمة 50درهماً، نرجو من فضيلتكم التكرم بمساعدتنا إلى هدي الإسلام وشريعته السمحاء، وإذا كانت هناك شبهة، فما هي المعاملة التي تسمحها لنا الشريعة حفاظاً على منهجنا، وتمسكاً بهدي نبينا -صلى الله عليه وسلم- وألاّ ننسى نصيبنا من الدنيا، والله المستعان؟
الجواب
إذا كان هذا الأمر من باب العرف المستقر بين التجار، وأهل الأعمال، ومن بعث مندوبه للشراء، أو التعاقد يعلم هذا، أو لا ينكره، ولا يرفضه إذا علم به، ولم يترتب على دفع الحافز للمندوب سكوت عن بعض شروط ومواصفات البضاعة، ولا غش للمشتري، فلا حرج في ذلك لانتفاء المحذور الشرعي.
أما إن كان صاحب العمل لا يرضى بهذا، أو كان الحافز مقابل سكوت عن غش ونحوه، فهذا لا يجوز شرعاً؛ لأنه من باب أكل أموال الناس بالباطل، ومن باب خيانة الأمانة بين المندوب ومن أرسله.(10/166)
خان أمانة مالية وهو تارك للصلاة
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 2/12/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
سؤالي عن شاب يعيش في أسرة مسلمة ملتزمة وفي أحد الأيام طلب منه أن يقوم بإيصال مبلغ من المال كزكاة لأحد فروع الجمعيات الخيرية، ولكنه قام بدفع جزء من المال وأخذ الجزء الباقي له وهو الجزء الأكبر، الرجاء إعطائي الحكم الشرعي، مع العلم أن هذا الشاب كان في وقتها لا يصلي أي كافراً، ولكن الأسرة لا تعلم بذلك وهو مكلف شرعاً ومر على هذا الموضوع بضع سنين، فهل يجب عليه بعد أن هداه الله أن يدفع المبلغ الذي أخذه؟ وهل يزكيه عن السنوات التي تلت ذلك. جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب: أن ما فعله هذا الشاب بخصوص أخذه جزءاً من الزكاة والتي كُلِّف بإيصالها إلى أحد فروع الجمعيات الخيرية حرام عليه، ثم هو لا يستحقه بدون إذن من كلفه لأنه إنما أُعطي المبلغ لإيصاله لا ليأخذه له فهو خيانة للأمانة أضف إلى ذلك أنه كافر حيث أنه لا يصلي كما في السؤال، والزكاة لا يجزئ دفعها للكافر غير المؤلف فقد جاء في منار السبيل ما نصه:"ولا يجزئ دفع الزكاة للكافر غير المؤلف لحديث معاذ - رضي الله عنه- "تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم" البخاري (1395) ومسلم (19) وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن الذمي لا يعطى من الزكاة"أ. هـ.(10/167)
هذا ويجب عليه أن يرد المبلغ إلى الذي أخذه منه، هذا ولا تجب عليه زكاته عن السنوات الماضية من حيث أن المال وقف ولا تجب الزكاة في مال الوقف في قول كثير من أهل العلم هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أن الآخذ لهذا المال: كافر كما تقدم والكافر لا يطالب بالزكاة إلا بعد إقراره بالتوحيد وأدائه للصلاة لحديث معاذ - رضي الله عنه- لما أرسله النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن وفيه أنه -صلى الله عليه وسلم- قال:"وليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم" الحديث سبق تخريجه، والله أعلم.(10/168)
تأخير سداد الدين
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 3/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم من استدان من آخر مالاً على أن يتم دفع الدين على شكل أقساط شهرية مريحة جداً؟ وعلى ذلك تم الاتفاق، وكان المبلغ في حدود 10 الآلف ريال، استمر الوضع عدة أشهر، ثم تغير حال المدين، وأصبح يملك مالاً أكثر من الدين -أضعافاً كثيرة- ولم يسدد الدين، حيث اشترى بيتاً بما يعادل 80 ألف ريال، ولم يسدد الدين، وعندما يسأل عن ذلك يقول: إن الدائن غني، وأنا محتاج إلى المال، فيجب على الدائن أن يسامحني!!!!. هل تبرأ ذمته من الدين لمجرد قوله ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
يقول الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا" الآية، [النساء: 58] ، وفي البخاري (2387) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم قال:"من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله" وقال - صلى الله عليه وسلم- "الظلم ظلمات يوم القيامة" رواه البخاري (2447) ، ومسلم (2579) ، من حديث عمر - رضي الله عنه- وعن سعيد بن زيد - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً، طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أراضين" رواه البخاري (3198) ، ومسلم
(1610) وقال - صلى الله عليه وسلم - "مطل الغني ظلم" رواه البخاري
(2287) ، ومسلم (1564) ، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: - صلى الله عليه وسلم-: "لِيّ الواجد يُحِلُّ عرضه وعقوبته" رواه أبو داود (3628) ، والنسائي
(4689) ، وابن ماجة (2427) ، من حديث الشريد بن سويد- رضي الله عنه-، فليحذر هذا وأمثاله، من التعدي على أموال الناس وأكلها بالباطل، وإلا كانت عليه خسارة في الدنيا وعذاب في الآخرة، عياذاً بالله.(10/169)
مؤتمن على صندوق ويأخذ منه
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 5/4/1424هـ
السؤال
أعمل في وحدة عسكرية أمين صندوق، وآخذ أحياناً من المبلغ الذي بالصندوق، مع العلم أن المسؤول عني قد أعطاني الضوء الأخضر بذلك، ومع أنه لم تتم مساءلتي عن أي شيء بخصوص النقص الذي يحصل بالصندوق أحياناً، وأنا في حالة العجز؛ بل يتم تصحيح الوضع عن طريق المسؤول عني، وتنتهي (السالفة) دون أي شيء يذكر، وأعمل أميناً للصندوق منذ أربع سنوات تقريباً، وقد أخذت منه مبالغ كبيرة، ما رأي سماحتكم في ذلك، وجزاكم الله ألف خير.
الجواب(10/170)
عملك هذا حرام لا يجوز لك بأي حال، ومسؤولك المباشر الذي أعطاك الضوء الأخضر شريك لك في الإثم ولا شك، فأنت قد أخذت مالاً بغير حق، وغذيت به نفسك وأهلك وولدك، وفي الحديث: "إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به" رواه الترمذي (614) من حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه-، ولكن من رحمة الله أن الذنوب مهما عظمت تكفرها التوبة الصادقة، قال تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" [الزمر:53] ، ويقول سبحانه: "وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى" [طه:82] ، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "التوبة تجب ما قبلها" ذكره الألباني في السلسلة الضعيفة (1039) ولعل الذي جرّأك وصاحبك على هذه الفعلة أن ما في الصندوق مال عام ليس لأحد بعينه، حيث كل موظف يأخذ استحقاقه، ولكن الحق بخلاف ذلك، فإن الأخذ من المال العام أعظم من الاختلاس والسرقة من المال الخاص لآحاد الناس، فالريال الواحد من هذه السلفة المتبقية في الصندوق حق مشاع لكل منسوبي هذه الدائرة دون تخصيص أحد بعينه، ومن لازم صدق التوبة إعادة الحق إلى محله، فعليك أن تعيد المبالغ التي أخذت بغير حق إلى الصندوق، فإن كان يلحقك وصاحبك أذى أو ضرراً بذلك لاكتشاف الأمر؛ فلتحاولا أن تقدما بقيمة المبلغ من الأعيان ما قد تحتاج إليه هذه الدائرة كتبرع، وإن تعذر ذلك فأخرجه إلى الفقراء والمساكين، ويكفيك أن تدفعه إلى الجمعيات الخيرية؛ كجمعية تحفيظ القرآن، أو البر ونحو ذلك، وعليكما بالتوبة النصوح قبل أن يأتيكما الموت فتندمان، ولات ساعة ندم. أحسن الله لنا ولكم الختام، أمين.(10/171)
الاقتراض من الأمانة
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 14/4/1424هـ
السؤال
هل يجوز لي أن أستلف من أمانة لدي؟ مع أنني أضمن -إن شاء الله- أنني سأردها في وقت قريب جداً.
الجواب
الإنسان المؤتمن على أمانة، يجب أن يحافظ عليها ولا يخون الأمانة، وإذا احتاج أن يقترض منها شيئاً فإن عليه أن يستأذن من مالكها، إن أذن له فله ذلك، وإن لم يأذن فليس له ذلك.(10/172)
الاستخدام الشخصي لأجهزة العمل
المجيب د. سليمان بن صالح الغيث
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 23/8/1424هـ
السؤال
طبيب يعمل في مستشفى ويقوم باستخدام الكمبيوتر الخاص بها في طبع أوراق خاصة برسالة الماجستير له، وكذلك أجهزة التصوير.
فما هو الحكم في استخدام أجهزة العمل في أغراض شخصية؟ علما بأن المستشفى يسمح باستخدامها لأغراض الدراسة والتعليم ولكن إلى حد معين، فما هو الحكم في ذلك؟ وماذا عن الأوراق التي طبعها وصورها سابقا؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
لا يجوز للموظف الاستفادة من أجهزة الدائرة التي يعمل بها لأغراضه الخاصة، سواء كانت هذه الدائرة حكومية أو أهلية، إلا إذا أذن في ذلك من يملك الإذن في الدائرة الحكومية؛ وإذا رأى ولي الأمر مصلحة ظاهرة في ذلك، وكذلك مالك الشركة في الدائرة الأهلية إذ هو حر في ماله، أو من يقوم مقامه في ذلك ممن له تلك الصلاحيات ومخول له فيها.
فإذا كان نظام المستشفى الذي ذكره السائل يسمح باستخدامها لأغراض الدراسة والتعليم ولكن إلى حد معين؛ فيسأل المالك للمستشفى إن كان أهلياً أو من له حق الإذن ومخول له في ذلك إن كان المستشفى حكومياً، ويوضح له ذلك التفصيل، فإن كان النظام يسمح بذلك وأن ما قام به يدخل تحت بند أغراض الدراسة والتعليم إلى حد معين؛ فيكون قد خرج من التبعة، وإن كان ذلك غير داخل وهو الذي يظهر لي، فإن الظاهر أن المراد بأغراض الدراسة والتعليم التي فيها نفع عام ودورات علمية تفيد شريحة كبيرة من المجتمع، وليست مقصورة على شخص بعينه لا تتعداه.
فإن كان النظام يمنع فعليه تقويم تكلفة ما استفاده من أجهزة وأوراق وكهرباء وأحبار، ويحتاط في التقويم ويدفعها للثقات من القائمين على المستشفى، ويبين لهم أنها عوض عما قام به من استفادة من الأجهزة والأوراق التي ذكرها. وبالله التوفيق.(10/173)
استعمال سيارة العمل في غير العمل
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 3/1/1425هـ
السؤال
ما هو الحكم الشرعي في استعمال سيارة العمل داخل مجال العمل وخارجه؟ علماً بأن هذه السيارة تكون من المميزات التي يحصل عليها صاحب الوظيفة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
استخدام سيارة العمل خارج نطاق العمل الأصل فيه عدم الجواز، لأنه استخدام لآلات العمل في غير ما خصص له، اللهم إلا إذا كان هناك نظام يسمح بذلك، فإن هذا جائز، وإن منع ذلك فإنه لا يجوز.(10/174)
المتاجرة بالمال المؤمَّن
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 5/1/1425هـ
السؤال
هل تجوز المتاجرة بأموال الناس؟ حيث إني أمين عليها، وهي لمصالحهم، ولكنها تبقى لفترة طويلة في الخزنة لدي، وأنا زعيم بإرجاعها حين طلبها، حيث أنها -نظاماً- لا تطلب في وقت واحد، ويكون الرصيد يغطي نظاماً لا تبقى الخزنة فارغة بل تغطي الطلب.
الجواب
المتاجرة بأموال الناس لا تجوز إلا بإذنهم، فإن أذنوا لك جاز، وإن لم يأذنوا فالتصرف بالأمانة بالبيع والشراء بلا إذن حكمه حكم الغاصب، والغاصب يقول العلماء -وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد-: إذا اتجر بالمال المغصوب يكون الربح كله لمالكه، والغاصب لا شيء له) ، ومن العلماء كشيخ الإسلام: ابن تيمية - رحمه الله- من يجعل الربح كالمضاربة على قدر النفس، فمثل هذا الرجل لو ضارب في هذا المال يأخذ نصف الربح، أو ربع الربح، أو ثلث الربح، والباقي للمالك.(10/175)
ديون الأقساط على الميت
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 14/1/1424هـ
السؤال
رجل مشترك في جمعية مالية وصرفها في الأدوار المبكرة, وبعد أن صرفها توفي ولم يزل عليه أقساط يسددها, ويريد الورثة سداد هذا الدين لكن لا يستطيعون ذلك فورا لضيق ذات اليد إلا أن يسددوا الأقساط في مواعيدها ,ولكنهم يخشون على أبيهم ألا يبردوا عليه جلده بالسداد الفوري (حسب الحديث) فما الحكم الشرعي في ذلك؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحد والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فالجواب أنه ما دام أن الدين على أبيكم مؤجل على أقساط فلا مانع من أن يبقى على ما كان عليه وتسددوا الأقساط حسب مواعيدها وإن كان الأولى سداد ما عليه لكن لا يجب عليكم ذلك لا سيما وأنتم غير مستطيعين، هذا وليعلم أنه لا يحل الدين المؤجل بالموت عند كثير من أهل العلم، وبناء على هذا فإنه يبقى الأجل على ما هو عليه وليس على أبيكم إن شاء الله شيء في ذلك لأن الأجل حق من حقوقه وقد انتقل إليكم فلا يكون الوالد معلقاً بدينه ما دام أنكم تكفلتم بتسديده في مواعيده التي وافق عليها، والله أعلم.(10/176)
استقراض الوكيل من مال موكله
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 12/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا وكيل عن إخوتي وأخذت بغير علمهم مبلغاً من المال وهذا المال من حقنا جميعاً.
ودونت هذا المبلغ في كراس المصروفات من أجل لا قدر الله إذا صار لي شيء يكون في علمهم أني أخذت المبلغ هذا، والنية عندي إذا توفر المبلغ أسدده فوراً مع العلم أني لا أستطيع أن أبلغهم عن هذا المبلغ حالياً لكي لا يفهمون غلطاً.
أرجو الرد عن هذا المبلغ هل هو حرام أم حلال؟ مع العلم أنه دين في عنقي وبلغت أهل بيتي عن هذا المبلغ.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
لا يجوز للوكيل أن يقترض من المال الذي أؤتمن عليه إلا بإذن صاحبه وموافقته على ذلك فقد جاء إلى ابن مسعود -رضي الله عنه- رجل من همدان على فرس أبلق فقال: يا أبا عبد الرحمن أشتري هذا؟ قال: وما له؟ قال: إن صاحبه أوصى إليَّ. قال: لا تشتره ولا تستقرض من ماله. رواه البيهقي (6/3) والطبراني في المعجم الكبير (9/347) ورجاله رجال الصحيح كما في مجمع الزوائد (4/214) لذا يجب على الأخ السائل إعادة المبلغ الذي اقترضه حالاً أو إخبار موكليه بذلك لإجازة عمله، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(10/177)
التصرف بدين الزوج المتوفى
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 27/7/1424هـ
السؤال
في فترة الخطوبة كان بيني وبين زوجي دين؛ حتى أجهز نفسي للزواج بسرعة، وبعد الزواج لم يطالبني به إلا على سبيل المزاح، ثم توفي زوجي بعد سنة من الزواج، وحتى الآن والده لم يعط كل ذي حق حقه (أنا وابنتي) ، فماذا أفعل في دين زوجي علي؟ هل علي سداده؟ ولمن؟ وهل يجوز أن أخرجه عنه كصدقه جارية؟ أفيدوني أفادكم الله.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد: بما أن الزوج لم يسامحك عن الدين فيجب عليك رده إلى الورثة ولك منه الثمن إن لم يكن له زوجة غيرك، وليس لك التصدق من الدين المذكور إلا بنصيبك منه إن شئت، أما ما يتعلق بنصيبك من تركة زوجك المتوفى فمن حقك المطالبة به حالاً، ولا يجوز لمن هو بيده أن يمنعك منه، فإن أبى فلك التقدم للمحكمة الشرعية لطلب قسمة التركة على الوجه الشرعي، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(10/178)
التصرف في التبرعات
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 22/10/1424هـ
السؤال
أنا إمام ومدرس لحلقة تحفيظ القرآن بأحد المساجد في بلدي، كما أنني المسؤول عن صندوق التبرعات التي ترد للمسجد، فهل يجوز لي أخذ الزائد منها من أجل الدعوة إلى الله، مثل نشر الرسالة والشريط الإسلامي؟.
الجواب
إن كانت هذه التبرعات لجهة مخصوصة فلا يجوز صرفها إلى غيرها إلا بإذن ممن تبرع بها، وإن كانت تبرعات لأعمال البر فيجوز لك الصرف منها على ما ذكرت؛ لأنه من أعمال البر.(10/179)
خارج الدوام مع عدم التقيد بالمدة
المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 29/10/1424هـ
السؤال
صرف لي خارج دوام، وأنا لم أتقيد بكامل المدة المعروفة، والتي هي ثلث وقت الدوام الرسمي. أرجو التفصيل في هذه المسألة؟
الجواب
إذا لم تتقيد بوقت الدوام بلا إذن ولا علم من المسؤول عنك فهذا لا يجوز، وهو منك خيانة للأمانة، وأكل للمال بالباطل، وعليك التخلُّص مما زاد عن راتبك المستحق لك، والله الموفق.(10/180)
دين الميت هل ينتقل الى ذمة الورثة؟
المجيب د. سليمان بن صالح الغيث
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 23/2/1425هـ
السؤال
والدي توفي رحمه الله، وعليه قرض للبنك العقاري سدد منه جزءاً والباقي أقساط متأخرة، وهذه العمارة مستثمرة، هل دين القرض يبقى في ذمة الوالد أم أنه ينتقل لذمة الورثة، وإذا كان في ذمة الوالد هل نستطيع أن نسدده على دفعات كل سنة ندفع كامل أجرة العمارة للبنك العقاري أم يجب دفع الأقساط المتأخرة دفعة واحدة، مع العلم أننا نريد تسديد القرض سواء بقي في ذمة الوالد أو انتقل لذمة الورثة، ولكننا نحرص على أن يكون الوالد رحمه الله مرتاحاً في قبره. أفيدونا جزاكم الله كل خير وجعلها في موازين أعمالكم.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
الميت إذا توفي حلت جميع ديونه ولا يقسم شيء من التركة على الورثة حتى تبرأ ذمة الميت، وأول ما يقدم الحقوق المتعلقة بالتركة بعد مؤنة تجهيز الميت ودفنه هي الديون المرتبطة برهن كحال البنك العقاري، وتسدد جملة واحدة ويستفاد من التخفيض الذي نظمه ولي الأمر في هذا الجانب أن من سدد القرض جملة حُط عنه بعض الدين.
وأنصح السائل إذا كانت أمورهم المالية ضعيفة أن يكتبوا لولي الأمر في ذلك وأن والدهم توفي فقد يقتنع بظروفهم ويسقط الدين الذي للبنك العقاري. وبالله التوفيق.(10/181)
يماطل في تسديد ديونه
المجيب سليمان بن عبد الله القصير
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 06/07/1425هـ
السؤال
والدي رجل في السبعينات من عمره، وعليه ديون متفرقة للناس، وهو يتقاضى قدره 6000 ريال، وأولاده موظفون، -والحمد لله- لا توجد أي ظروف تعيقه عن التسديد، إلا أنه يتمتع براتبه في شراء الإبل وإطعامها وصرفها في متعته غير المحرمة، علماً بأن هناك شخصاً يريد منه مبلغ 15000 ريال، وتوفي هذا الشخص، ولم يعلم أبناؤه عن هذا الدين لأبيهم عند أبي، وقد مضى على ذلك عشر سنوات تقريباً، وأبي لم يهتم لها، علماً بأنه يقول -إن شاء الله- سوف أسدد، لكنه لم يسارع، ويجعلها في أطعمة للإبل، وأنا أرى من الواجب إعادة الحقوق لأهلها، ثم التمتع براتبك دون ضرر غيرك، وللعلم عليه دين آخر عبارة عن أقساط سيارات، وراتبه مرهون لدى صاحب الأقساط بوكالة شرعية، أفيدوني أفادكم الله، وأريد ذكر عقاب مثل هذا التأخر والتجاهل حتى أذكره له؛ لعله يعيد الأموال إلى أهلها، وأدلة من القرآن والسنة. والله يحفظكم.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالواجب على أبيك المبادرة بسداد ما عليه من ديون، وعدم التهاون في ذلك فإنَّ حقوق الناس - ومنها الحقوق المالية - عظيمة عند الله -تعالى-، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - في خطبة حجة الوداع وفي أعظم مجمع للمسلمين-: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ... " الحديث أخرجه البخاري (67) ، ومسلم (1679) .(10/182)
وقد جاءت أحاديث كثيرة تدل على التغليظ في أمر الدَّيْن، والدعاء على من أخذ أموال الناس يريد أكلها عليهم بغير حق، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" أخرجه البخاري (2387) .
ولقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يمتنع عن الصلاة على المدين فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين، فيسأل: "هل ترك لدينه فضلاً "؟ فإن حُدِّث أنه ترك لدينه وفاء صلَّى، وإلا قال للمسلمين: " صلوا على صاحبكم ... " الحديث أخرجه البخاري (6731) ، ومسلم (1619) .
وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- قال: توفي رجل، فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ليصلي عليه، فخطا خطى، ثمَّ قال: "أَعليْه دَيْن؟ " قلنا: ديناران، فقال صلى الله عليه وسلم: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبْكُم". فقال أبو قتادة - رضي الله عنه-: يا رسول الله دَيْنه عَلَيَّ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "هُمَا عَلِيك حَقَّ الغَرِيم، وَبَرئَ المَيَّت؟ " قال: نعم، فصلَّى عليه، ثمَّ لقيه من الغد وقال: "مَا فَعَل الدِّينَارَان؟ " فقال: يا رَسُول الله إنما مات أمس!. ثم لقيه من الغد، فقال: "ما فعل الدِّيناران؟ " فقال: يا رسول الله قد قضَيْتهما، فقال رَسُول الله- صلى الله عليه وسلم-: "الآن برَّدْتَ عليه جِلْدَه" أخرجه أبو داود (3336) ، والنسائي (1961) ، وأحمد 3/ 216.
وجاءت أحاديث أخرى تفيد أن نفس المَدِيْن محبوسة عن دخول الجنة ومرتهنة بما عليه من دين حتى يقضى عنه، ومن هذه الأحاديث:
1- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه-: " يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين". أخرجه مسلم في الإمارة، باب: من قتل في سبيل الله كفرت خطاياه إلا الدين ح (1886) .(10/183)
2- حديث محمد بن عبد الله بن جحش - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "سبحان الله، سبحان الله، ماذا نزل من التشديد؟ قال: فسألت رسول الله ما التشديد الذي نزل؟، قال: "في الدَّيْن، والذي نفْس محمَّد بيده، لو أَنَّ رجلاً قتل في سبيل الله، ثمَّ عاش، ثم قتل في سبيل الله، ثم عاش، ثم قتل في سبيل الله، ثُمَّ عاش، وعليه دَيْنٌ، ما دخل الجنة حتى يُقضَىَ دَيْنهُ" أخرجه النسائي في البيوع، باب التغليظ في الدين ح (4698) وأحمد (4/ 139) .
3- حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه" أخرجه الترمذي (1079) ، وابن ماجة (2413) .
4- حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "من مات وعليه دين، فليس بالدينار ولا بالدرهم، ولكنها الحسنات والسيئات" أخرجه أبو داود (3598) ، وابن ماجة (2320) .
5- حديث سعد الأطول - رضي الله عنه-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال له: "إن أخاك محبوس بدينه، فاقض عنه". أخرجه ابن ماجة ح (2433) وأحمد (5/ 7) .
6- حديث سمرة بن جندب- رضي الله عنه- قال: (خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: "هاهنا أحد من بني فلان؟ فلم يجبه أحد، ثم قال: هاهنا أحد من بني فلان؟ فلم يجبه أحد، ثم قال: هاهنا أحد من بني فلان؟ فقام رجل فقال: أنا يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: ما منعك أن تجيبني في المرتين الأوليين أما إني لم أنوه بكم إلا خيرا، إنَّ صاحبكم مأسور بدينه، قال: فلقد رأيته أدى عنه حتى ما بقي أحد يطلبه بشيء". أخرجه أبو داود (3341) والنسائي (4685) ، وأحمد (5/20) .(10/184)
7- حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من كانت له مظلمة لأحد في عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه" أخرجه البخاري (2449) .
8- وعنه - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "أتدرون من المفلس؟ " قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال- صلى الله عليه وسلم-: "إن المفلس من أمتي، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار" أخرجه مسلم (2581) ، والترمذي (2420) .
9- وعنه - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء" أخرجه مسلم (2582) ، والترمذي في (2422) .
فهذه الأحاديث وغيرها في هذا الباب تبين عظمة حقوق الغير، سواء أكانت في النفس، أو في العرض، أو في المال، وأن من ظلم مسلماً في شيء منها فإنه مؤاخذ به يوم القيامة، وأن الله -تعالى- يقتص منه لخصمه، وأن هذا الأمر سبب عظيم لدخول النار.
ويلاحظ كثرة الأحاديث في الترهيب من الدين وبيان خطر التهاون فيه حتى إن الأحاديث فيه أكثر من الأحاديث الواردة في الترهيب من الزنا والسرقة.
كما ينبغي التنبيه إلى أن الأمر في مثل حال والدك أشد وكونه غني وله راتب ويقدر على تسديد ديونه حيث يعتبر مماطلاً في سداد دينه ولو أدَّى دينه فيما بعد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "مطل الغني ظلم" أخرجه البخاري (2287) ، ومسلم (1564) . ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته" أخرجه أبو داود (3628) والنسائي (4704) وابن ماجة (2427) .
وقد أطلت في ذكر أحاديث هذا الباب لتهاون كثير من الناس في الدَّيْن، والله المستعان. وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(10/185)
اقترض من بنك غربي وعزم على عدم السداد!
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 21/04/1425هـ
السؤال
أثناء دراستي في إحدى البلاد الغربية، مررت بضائقة مالية، فاقترضت عبر حساب بطاقة الائتمان لتسديد رسوم الدراسة، إلا أنني لم أستطع سداد الدين حتى هذه اللحظة، والفوائد قد تضاعفت، وأنا مازلت عاطلا عن العمل، فبالرغم من جميع المحاولات فمازال الدين يطاردني، بالرغم من نيتي بسداد الدين إلا أنني قد عزمت على عدم السداد بعد أن احتجزت الحكومة الأمريكية أموال الصدقات التي دُفعت من أجل نصرة إخواننا بفلسطين تحت مسمى الحرب على الإرهاب، وبالمثل فإنني قد بدأت بمساعدة أهلنا بفلسطين بما أقدر عليه من حين لآخر، بدلا من دفع الدين للبنوك الأمريكية وردعا لهم، فالمسلمون أولى وإن كنت مديناً للبنوك، أرى والله أعلم أن أهلنا بفلسطين أحق بهذه الأموال، بعد أن سرقت أموالهم زورا وبهتانا، ولا أحسب أنني مدين للبنوك الأمريكية، فكلهم شركاء بالجرم الظالم على إخوتنا بفلسطين، بالعراق، بأفغانستان، والقائمة تطول، بما أننا في حرب معهم فلن ينالوا منا فلساً، والمسلمون أحق بها، رجاء عرض الإجابة على صفحة الفتاوى إن أمكن. جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:(10/186)
فتصرفك منذ البداية تصرف خاطئ، حيث إنك دخلت في عقد ربوي حين اقترضت بالبطاقة، وهو عمل لا يجوز، فعليك بالتوبة من هذا العمل، وبالندم على ما مضى والعزم على عدم العودة لمثل ذلك، وعليك أيضاً أن تسدد لشركة البطاقة رأس المال الذي اقترضته فقط دون الفوائد الربوية، وما ذكرته من المبررات لعدم تسديدك الدين الذي عليك غير صحيحة، فقد أوجب الله علينا معشر المسلمين الوفاء بالعقود فقال سبحانه: " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة: 1] ، وهذا يشمل التعامل مع المسلم والكافر، وإذا تعامل كل واحد من المسلمين مع غيرهم بمثل الأسلوب الذي نهجته فإن ذلك سيؤدي إلى الإضرار بعموم الجالية المسلمة هناك، والتضييق عليهم في معيشتهم ومعاملاتهم، وإذا كانت عندك الرغبة لدعم إخوانك المسلمين - (وهي رغبة تشكر عليها، لكن ينبغي أن تكون منضبطة بالضوابط الشرعية) - فأقترح عليك الانتقال إلى إحدى البلدان الإسلامية للإقامة فيها، بدلاً من الإقامة في بلاد الغرب، حتى لا ينتفع أولئك القوم من مالك بفلس واحد. والله أعلم.(10/187)
حاباه فرضي بأجرته المرتفعة
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 25/08/1425هـ
السؤال
تقدمت بعرض لتصميم أعمال هندسية لمؤسسة عامة، وكانت أسعاري مرتفعة، ولكون مدير المؤسسة صديقي لم يرفض الأسعار، وقد طلبت منه أن يوضح لي من بين الأعمال التي تعاقدت معهم عليها ما هو ضروري وما هو غير ضروري دون مجاملة، وبعد أن وضح لي اعتذرت عن كل ما هو غير ضروري من الأعمال، ولكوني معي شركاء في عمل التصميم فقد تم العمل وتقاسمنا الأرباح، فهل في الأمر أي مخالفة للشرع؟ وإن كانت هناك مخالفة، فهل أقوم بترجيع نصيبي من المبلغ كاملاً أم جزء منه فقط؟ مع العلم أن شركائي تصرفوا في حصتهم ولا يعلمون حتى كون الأسعار التي تقدمنا بها مرتفعة. وما رأيكم؟ وجزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
إذا كان صاحبك قبِل العرض الذي تقدمت به مجاملة لك لا لجودة في عملك أو لميزة تمتاز بها عن بقية المصممين فهو آثم في ذلك وأنت كذلك، لأن الواجب عليه أن يتصرف بما هو الأصلح للمؤسسة التي يديرها، لأنه مؤتمن على إدارتها، وعلى هذا فيُنظَر إلى سعر المثل في السوق للعمل الذي قمت به (وهو السعر المتوسط لمثل العمل الذي قمت به) ، ثم تعيد للمؤسسة الفرق بين السعر الذي قبضته وبقية الشركاء وسعر المثل، وإذا رفض شركاؤك دفع الفرق فيكون دينًا في ذمتك لأنك لم تخبرهم بواقع الأمر، وعليك التوبة من هذا العمل والعزم على ألا تعود إليه مرة أخرى. والله أعلم.(10/188)
هل أغرم لأخواتي سهامهن؟
المجيب ناصر بن محمد آل طالب
القاضي بمحكمة عرعر
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 07/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخذت مالاً من أخواتي؛ لكي أعمل به في صفقات في شركتي مقابل نسبة من الربح، إلا أن شريكي سرقني وخسرت خسارة كبيرة، فهل لأخواتي الحق في مطالبتي برأس مالهن؟ وقد أديت لهن هذه النقود لأنهن بنات وأن عدم سدادي للنقود لهن سيسبب قطيعة رحم، ولكن كان ذلك على حساب عدم زواجي وتدهور شركتي وإغلاقها. فهل أنا محق فيما فعلت؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
اتفق الفقهاء على أن يد الشريك يد أمانة، والقاعدة في الأمانات أنها لا تضمن إلا بالتعدي أو التقصير، فإن لم يتعد الشريك أو يقصر، فإنه لا يضمن حصة شريكه، ولو ضاع مال الشركة أو تلف، ويصدق بيمينه في مقدار الربح والخسارة وضياع المال وتلفه كلاًّ أو بعضًا، هذا هو ما اتفق عليه الفقهاء. وعليه فإن كنت مقصرًا في طريقة استثمارك هذا المال أو مفرطًا بحيث لا تتوثق ممن تتعامل معهم فسرقوك أو خانوك، فأنت الضامن، ويكون رأس المال في ذمتك، ولأصحاب المال الحق في مطالبتك برأس المال، أما إن كنت متوثقًا في التعامل ولم تقصر أو تفرط أو تتعدى، فلا يلزمك شيء، وعلى أية حال فحَسنًا فعلت بتأدية أموال أخواتك إليهن، وأنصحك برفع دعوى قضائية على من تتهمه بسرقة المال؛ عسى الله أن يعوضك. والله أعلم.(10/189)
مديرهم يمنحهم ساعات إضافية من غير ضرورة
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 28/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في العمل بالشركات يعطى الموظفون مبلغًا ماليًّا على الساعات الإضافية التي يعملونها بعد الدوام الرسمي بناء على طبيعة العمل وتكليف رئيس العمل أو المدير, فهل هو حلال، وإذا أعطى رئيس العمل موظفي هذه الساعات ليحصلوا على مبلغ من المال, من غير أن يعملوها يعملوها, بحيث تحسب لهم دون عمل، فهل هذا حلال؟ وإن رئيس العمل أعطى الموظفين هذه الساعات، والعمل لا يحتاج إلى ساعات إضافية، فهل يجوز؟ وهل حلال أن نعطل العمل العادي والذي يمكننا إكماله في الدوام الرسمي للحصول على ساعات عمل إضافية؟ وهل حلال أن آخذها وأرضى بها إن أعطاها لي رئيس العمل؟ علمًا أن الشركة التي أعمل بها للدولة، ووضعها المادي متدهور. أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يقول الله تعالى: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ) [النساء: 58] . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا مِن عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهَ رَعِيَّةً يَمُوتُ يومَ يَمًوتُ وهو غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إلاَّ حرَّم اللهُ عَلَيهِ الجنةَ". متفق عليه: البخاري (7151) ومسلم (142) . وقال أيضًا: "كُلُّكُم رَاعٍ، وكلُّكم مَسْؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ". أخرجه البخاري (893) ومسلم (1829) . وهذا يشمل الموظف والمدير أو الرئيس، فكل منهما راع فيما هو مكلف به من أموال الشركة، وهو مسؤول عن ذلك يوم القيامة.(10/190)
فمن أساء في عمله أو احتال ليأخذ مال الشركة بغير حق فقد خان الأمانة التي في عنقه، وغش لصاحب العمل، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا". أخرجه مسلم (102) والترمذي (1315) . فالتحايل على الشركة باحتساب ساعات إضافية خارج الدوام دون وجود حاجة أو مبرر لها، مع التقصير في العمل في أثناء الدوام، يجمع بين سيئتين: التقصير والتعدي. فهو تقصير في وقت العمل الرسمي، وتعد بأخذ عوض عن وقت إضافي لا يستحقه.
فالواجب على المسلم أن يتقي الله، وأن يحرص على أن يكون مطعمه حلالاً ومشربه حلالاً ومصدر دخله حلالاً، فالمال الحرام لا يبارك الله فيه ولا يهنأ صاحبه به، وفوق ذلك فإنه يحرم صاحبه إجابة الدعوة، كما في صحيح مسلم (1015) ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه ذَكَرَ الرَّجُلَ "يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ. وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ ".
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وجنَّبنا ما يغضبه ويسخطه، وهو الهادي إلى سواء السبيل.(10/191)
تصرف المرأة في مال زوجها بغير إذنه لمصحلته!
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 10/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا سيدة متزوجة ووضعي المادي جيد، وأقوم بادخار بعض الأموال التي يملكها زوجي وهو يعلم أني أقوم بأخذ الأموال دون علمه وسمح لي، وعندما أصبح المبلغ كبيرًا هل يجوز لي أن أقوم بشراء قطعة أرض، وتسجيلها باسمه دون علمه؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فالأصل أن الإنسان لا يجوز له أن يتصرف في مال غيره بلا إذنه، ومن شروط صحة البيع المقررة في الشريعة الإسلامية أن يكون العقد من المالك أو من يقوم مقامه، كالوكيل أو الولي أو الوصي، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم" [النساء:29] . وعن حكيم بن حزام أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "لا تبع ما ليس عندك" أخرجه أحمد (15311) وأبو داود (3503) والترمذي (1232) وابن ماجه (2187) والنسائي (4613) ، وقد نقل الشوكاني عن البغوي في تفسير هذا الحديث أن المراد النهي عن بيوع الأيمان التي لا يملكها. ا. هـ.
ولكن إذا كانت هناك قرائن تدل على أنه لا يمانع على مثل هذا العقد، وكان فيه مصلحة ظاهرة له، كأن يكون ثمن الأرض أقل من سعر السوق، وقمتِ بإبرام العقد فلا يخلو الحال من حالين:
الأول: أن تضيفي الشراء أمام البائع لنفسك، فيكون العقد صحيحاً وملزماً، وإذا لم يوافق زوجك صار الضمان عليك، ولزمك أن تدفعي للبائع الثَّمن، وتردي أيضاً المبلغ إلى زوجك.
الثاني: أن تضيفي الشراء له أمام البائع، ويجب عليك حينئذ أن تخبريه بأن العقد موقوف على إجازة زوجك، فإن أجاز الشراء ووافق عليه لزمه؛ لأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة، وأن رفضه بطل العقد.
والدليل على صحة العقد بعد الإجازة والموافقة حديث عروة بن أبي الجعد البارقي عندما أعطاه النبي -صلى الله عليه وسلم- ديناراً يشتري له به شاة، فاشترى له شاتين، فباع إحداهما بدينار، فجاء بدينار وشاة، فدعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالبركة في بيعه، رواه البخاري (3643) .
وهذه المسألة أطلق عليها الفقهاء اسم "بيع وتصرف الفضولي". والله تعالى أعلم.(10/192)
أعطاه مالاً ليشتري به مخدرات، فهل يرده له بعد توبته؟
المجيب سليمان بن عبد الله القصير
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 08/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أحد التائبين عندنا في المسجد سألني سؤالاً مفاده: أنه كان يتاجر في المخدرات، وأعطاه أحد التجار مبلغًا لشراء المخدرات، وأصبح دينًا عليه؛ لأنه شخص ليس عنده عمل، ومن أسرة فقيرة، والآن -بعد توبته- سألني عن هذا الدين، هل يرده أم لا؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. أما بعد:
فأسأل الله تعالى أن يثبت هذا الأخ التائب على الحق، وحول ما أخذه ممن يتاجر في المخدرات، فإن كان ما أخذه هو عبارة عن مخدرات أو خمور ونحوها مما يحرم استعماله والاتجار به فلا يجب عليه ردُّه؛ لأن هذا ليس بمال محترم شرعاً، بل يجب إتلافه لما في تركه من الفساد.
وإن كان ما أخذه من هذا التاجر هو مال محترم -كالأوراق النقدية، أو أي مال مباح- فيجب عليه ردُّه لصاحبه، ولو كان صاحبه تاجر مخدرات؛ فإن ذلك لا يلغي استحقاقه لماله، حتى ولو كان غير مسلم، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستدين من غير المسلمين- من اليهود أو غيرهم - ويرد ما أخذه، مع أن كثيراً من أموالهم فيها الحرام من الربا وغيره، وقد مات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهون عند يهودي؛ لأنه استدان منه ثلاثين صاعاً من شعير. صحيح البخاري (2916) . وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه" أخرجه ابن ماجه (2400) ، فكل من قبض مالاً من معصوم: مسلم أو غيره، فإنه يجب عليه ردُّه إلى صاحبه"، وخرج من هذا الحكم: الكافر المحارب للمسلمين فماله غير معصوم. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(10/193)
الشفعة عند المالكية
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشفعة
التاريخ 1/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
سؤالي هو: ما هي الشفعة حسب المذهب المالكي؟ أحكامها؟ شروط صحتها، وما تعلق بالمدد فيها ودرجات التفعيل؟ جزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمة الله -تعالى- وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: تعريف الشفعة عند المالكية: أخذ الشريك الذي باع شريكه من المشتري بالثمن الذي اشتراه به.
ثانياً: تجب الشفعة عند المالكية بشروط خمسة هي:
(1) أن تكون في العقار، كالدور والأرضين والبساتين.
(2) أن تكون الشفعة فيما لم ينقسم، فإن قسم فلا شفعة.
(3) أن يكون الشفيع شريكاً، فلا شفعة لجار.
(4) ألا يظهر من الشفيع ما يدل على إسقاط الشفعة من قول، أو فعل، أو سكوت مدة عام فأكثر مع علمه وحضوره.
(5) أن يكون الحظ المشفوع فيه قد صار للمشفوع عليه بمعاوضة كالبيع والمهر، والخلع، فإن صار إليه بميراث فلا شفعة.
ثالثاً: أهم أحكام الشفعة عند المالكية.
طلب الشفعة ليس على الفور، وإذا كان الشفيع حاضراً فللمالكية روايتان في انقطاعها: الأولى: أنها تنقطع بعد عام، والثانية: أنها لا تنقطع إلا بأن يأتي عليه من الزمان ما يعلم بأنه تارك لها.
(2) إذا وجبت الشفعة لجماعة اقتسموا المشفوع فيه على قدر حظوظهم، لا على قدر رؤوسهم.
(3) الشفعة حق من الحقوق التي تورث، فينزَّل الوارث منزلة المورِّث في الحق الذي كان له من الأخذ أو الترك.
(4) المسلم والذمي في استحقاق الشفعة سواء.
(5) لا شفعة في العروض والحيوان.(10/194)
(6) إذا بنى المشتري في دار أو غرس، ثم أراد الشفيع الأخذ بالشفعة فإنه يأخذ الشقص بقيمة البناء والغرس، وليس له إجبار المشتري على قلع البناء والغرس.
(7) إذا تصرف المشتري في الشقص المشترى ببيع أو هبة أو وصية بطل ذلك إن قام الشفيع بالشفعة.
(8) للشفيع ترك الشفعة بعوض يبذل له على تركها.
(9) إذا بيع الشقص مراراً فللشفيع أن يأخذ بأي الصفقات شاء.
هذه أهم الأحكام المتعلقة بالشفعة عند المالكية، وهناك أحكام وشروط غير ما ذكر، وكلام المالكية في هذه المسائل طويل ومتشعب، كما أنه قد وقع بينهم خلاف في بعض هذه المسائل، ومن أراد الاستزادة حول هذا الموضوع فليراجع ما كتبه المالكية عن الشفعة في كتبهم الفقهية.
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(10/195)
عجز شريكه عن شراء حصته ويريد منع من بيعها لغيره!
المجيب د. رحيل غرايبة
أستاذ الفقه والتشريع بجامعة الزرقاء بالأردن
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشفعة
التاريخ 10/10/1425هـ
السؤال
رجل اشترك مع آخر في تجارة، وكان من ضمن شروط المشاركة إذا أراد أحد الطرفين أن يبيع حصته أن يبيعها إلى الطرف الآخر، أو يبيعا المحل كلاهما، وحصلت بعض الظروف لأحد الطرفين بأن ترتبت ديون على ذلك الطرف وليس عنده ما يوفي به الدين إلا أن يبيع حصته، فعرضها حسب الاتفاق للطرف الآخر، فرفض الطرف الآخر شراءها؛ لأنه لا يملك مالاً وفي نفس الوقت يمنع الطرف الآخر من عرض حصته لبيعها لشريك جديد، فهل لو باعها الطرف المتضرر لشريك جديد بعد عرضها للطرف الآخر فرفض شراءها، هل يكون خالف الاتفاق وعليه إثم؟ وهل يحق له شرعًا بيعها؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الشرع في هذه المسألة أعطى كل شريك حق الشفعة، وهو حق الأولوية لكل شريك أن يشتري حصة شريكه بدون شرط، ولكن لا يجوز حرمان الشريك من بيع حصته لأجنبي عندما يستنكف الشريك الآخر عن حقه في الشراء، ويصبح الشرط على هذا النحو باطلاً؛ لأنه يخالف مقتضى العقد، ولذلك لا إثم على الشريك إذا باع حصته لأجنبي بعدما عرض على شريكه البيع أولاً. والله أعلم.(10/196)
لمن يكون الربح للسارق أم للمالك؟!
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الغصب والإتلاف
التاريخ 23/04/1426هـ
السؤال
سرق شخص سيارة آخر، وقام بالعمل عليها، وكسب منها مبلغاً معيناً، فتم القبض عليه، فلمن يكون هذا المبلغ، للسارق أم لصاحب السيارة؟. -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذا المبلغ موضع خلاف بين أهل العلم، والرأي المختار ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أنه إذا غصب دراهم، واتجر بها فإن له سهم المثل، بمعنى: أنه ينظر إلى هذا الشخص الذي عمل بهذه الدراهم، فليأخذ عند أهل العرف والتجارة والخبرة بمثل هذه الأمور، فإن قالوا: يأخذ نصف الكسب فيعطى النصف، وإن قالوا: يأخذ الربع فيعطى الربع، والباقي يكون للمالك.
فمثل هذا الذي عمل على هذه السيارة له سهم المثل، فيعطى قيمة عمله، فإذا كان مثله يأخذ النصف أو يأخذ الربع، والباقي يرده على مالكه، وورد ذلك عن عمر - رضي الله تعالى عنه- في قصة ابنه لما أخذ مالاً من بيت المال، فاستشار عمر - رضي الله تعالى عنه- في ذلك، فأشير عليه أن يجعله قِراض، يعني: مضاربة رواه مالك في الموطأ (1396) . والله أعلم.(10/197)
ركوب السيارات المسروقة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الغصب والإتلاف
التاريخ 18/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
ما حكم ركوب (السيارات المسروقة والمنهوبة) التي نهبت بعد الأحداث، والتي ألمت بالعراق إبان سقوط الطاغية ودخول المحتلين لها؟ يذكر أن السيارات منها التي سرقت من الوزارات والدوائر الحكومية، ومنها التي سرقت من رجال الحكومة.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ركوب السيارات المسروقة والمنهوبة فرع عن حكم بيعها وشرائها، والعلماء مختلفون في حكم شراء المنهوب والمسروق والمغصوب، والذي لم يعرف مالكه على قولين: الجواز والمنع، والأرجح الجواز، وقد نص الفقهاء -كابن قدامة في المغني- على أن تصرفات الغاصب -ومثله السارق والمنتهب- كتصرف الفضولي فيه روايتان عن أحمد أصحهما الجواز، وقد صحح شيخ الإسلام ابن تيمية شراء سلعة من أكره على بيعها، مع أن الإكراه ينقض شرط التراضي الذي هو أحد شروط عقد البيع، وإذا كان في حكم البيع والشراء فإن مجرد الركوب وهو نوع من أنواع الانتفاع من باب أولى جوازه، وإن كان للإنسان مندوحة عنه فاجتنابه أولى لحديث: "استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك" رواه أحمد (18001) بإسناد ضعيف وورد صحيحاً بلفظ: "وإن أفتاك المفتون" رواه أحمد (17742) . والله أعلم.(10/198)
استئجار الأملاك المصادرة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الغصب والإتلاف
التاريخ 08/11/1425هـ
السؤال
ما حكم الشرع في عمارة استولت عليها الدولة من صاحبها بحجة أن عليها ضرائب، ورفض صاحبها دفع الضرائب، وقد تحصَّل ابن أخي صاحب العمارة على محل لبيع مواد غذائية من العمارة التي استولت عليها الدولة بتخصيص وتمكين من الدولة، فهل يجوز له البقاء بالمحل أو التصرف بالبيع مثلاً؟
الجواب
لا يجوز لأحد فردًا أو دولة أن يستولي على أموال الغير بغير حق شرعي عليه دليل من كتاب الله أو سنة رسوله، وفاعل ذلك ظالم متعدٍّ، وآكل لأموال الناس بالباطل، والله يقول: (وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة:229] . ويقول: (يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) [النساء:429] . وعامة الضرائب التي تفرضها الحكومات في العصر
الحاضر على الناس هي من الظلم الذي حرمه الله على نفسه وعلى عباده، كما في الحديث القدسي: "يا عِبَادي إنِّي حرَّمتُ الظُّلمَ عَلَى نَفْسِي، وجعَلتُه بينَكم مُحرَّمًا فلا تَظَالَمُوا". رواه مسلم (2577) . واستيلاء الدولة على هذه العمارة- كما في السؤال- حرام لا يجوز، وهي في حكم المغتصب، ولا يجوز لابن أخ صاحب العمارة هذه أن يستأجر دكانًا منها يضعه بقالة له إذا لم يرض مالكها الشرعي، فضلاً عن أن يتصرف فيها ببيع أو هبة أو تأجير؛ لأنه تصرف فيما لا يملك، وعلى المغتصب رد ما اغتصبه ونمائه.(10/199)
البناء من غير ترخيص
المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الغصب والإتلاف
التاريخ 21/5/1424هـ
السؤال
هل يجوز البناء بدون ترخيص من الجهات الحكومية بمنطقة عشوائية أكثر من 90 بالمائة من المباني بها غير مرخص؟ وذلك مع الالتزام بالمواصفات الفنية وأصول الصناعة المعمول بها، علماً بأن الترخيص مكلف جداً، وإجراءاته شديدة التعقيد، وتأخذ وقتاً طويلاً وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن الملك يخول صاحبه التصرف في المملوك إذا لم يكن هناك مانع شرعي، وفي مجال البناء تضع الدول التنظيمات التي من شأنها أن تحقق مصالح العباد ولا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، فمثل هذه التنظيمات يجب احترامها، فإذا كان البناء في منطقة من المناطق تشترط الدولة فيها الحصول على ترخيص للبناء لكون البناء دون ترخيص يفضي إلى أن يضيق بعض الناس على بعض مما يترتب عليه إضرار بالجار، أو عدم ترك شوارع تمر منها السيارات أو عدم ترك مرافق للأبنية يستفيد منها الملاك ونحو ذلك مما يراعى في المخططات التي تعتمدها الجهات المسؤولة، أقول إذا كان الأمر كذلك فلا يجوز لك البناء دون الحصول على ترخيص البناء، وإن احتاج إلى جهد ومال، ثم بالإضافة إلى ما مر قد يتعرض بناؤك الذي أقمته بدون ترخيص للهدم، وذلك إتلاف مال، فليس لك أن تعرض مالك للتلف والإضاعة، هذا ما يظهر لي والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/200)
شراء السيارات المحجوزة لدى الجمارك
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الغصب والإتلاف
التاريخ 16/10/1424هـ
السؤال
في بعض المناطق الحدودية يقوم رجال الجمارك بحجز بعض السيارات بحجة أنها غير قانونية أو وثائقها مزورة، وغالباً ما يكون هذا ظلماً، سببه رفض البعض دفع الرشوة مثلاً، وبعد فترة تقوم مصالح الجمارك ببيع هذه السيارات المحجوزة عن طريق المزاد العلني، وأحيانا عن طريق البيع العادي.
سؤالي هو: هل يجوز شراء مثل هذه السيارات؟ خاصة مع علمنا أن من حجزت منهم حجزت ظلماً فقط كما تقدم. أفيدونا بارك الله.
الجواب
لا يجوز الإقدام على شراء هذه السيارات؛ لأن الأسباب المحرمة في امتلاك الأشياء لا تجعل هذا الشيء مملوكاً لمن حصله، فالسارق - مثلاً- لا يمتلك المسروق، وكذلك الغاصب لا يمتلك الشيء المغصوب، وكذلك الظالم لا يمتلك ما أخذه، وبناء على ذلك فلا تنتقل الملكية من المالك الحقيقي إلى من حصل هذه الأشياء بطرق محرمة، وحينئذ يكون تصرف هذا الظالم في هذا الشيء المملوك تصرفاً باطلاً لا يترتب عليه الأثر الشرعي من انتقال الملكية من هذا الظالم إلى المشتري، وبناء على ذلك فلا يجوز الإقدام على شراء هذه الأشياء مع علم المشتري بأنها انتقلت إلى هذه الجهات بطرق محرمة.(10/201)
التصرف في الممتلكات العامة في العراق بعد سقوط بغداد
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الغصب والإتلاف
التاريخ 15/8/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم، وبعد:
عرض علينا بعض إخواننا الأكراد سؤالاً عن حكم بيع الممتلكات التي أخذها الناس من الأموال العامة كالسيارات وغيرها بعد سقوط حكومة صدام، فهل يجوز لمن أخذها أن يتملَّكها أو يذهب بها؟ نريد جواباً مفصلاً حول هذه القضية من فضيلتكم وفي أسرع وقت، ولكم منا جزيل الشكر.
الجواب
لقد حرَّم الله أكل مال الغير بغير حق، قال تعالى: "وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ" [البقرة: من الآية188] ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه" انظر صحيح الجامع (7662) وفي الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ... " الحديث رواه مسلم (2577) عن أبي ذر - رضي الله عنه-.(10/202)
وعن السؤال أقول: إن كان يعرف عين من سرقت أو نهبت منه تلك السيارة وغيرها من الممتلكات وجب ردها إلى صاحبها أو ثمنها وقت الرد، وإن باعها أو تصرَّف فيها منتهبها فعليه ضمان ثمنها لمالكها الأصلي؛ لأن يد الغاصب (المنتهِب) لا تلم لحديث "وليس لعرقٍ ظالم حقٌ" رواه الترمذي (1378) ، وأبو داود (3073) من حديث سعيد بن زيد -رضي الله عنه- أما إذا كان لا يعرف عين صاحب تلك الآلات المنتهَبة من سيارات ونحوها وجب على المنتهب التصدق بثمنها - وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله عن مثل هذه الحال، فأجاب بما نصه (الأموال التي بأيدي هؤلاء الأعراب المتناهبين إذا لم يعرف لها مالك معين فإنه [أي الناهب] يخرج زكاتها، فإنها إن كانت ملكاً لمن هي في يده كانت زكاتها عليه، وإن لم تكن ملكاً له ومالكها مجهول لا يعرف فإنه يتصدق بها كلها، فإذا تصدق بقدر زكاتها كان خيراً من أن لا يتصدق بشيء منها، انظر مجموع الفتاوى
(30/325) .
والذي يظهر من حال العراق والعراقيين بعد اختلال الأمن عند سقوط صدام ودخول الأمريكان وما حصل من النهب والسلب لعامة الممتلكات يشبه حال الأعراب الجاهلين في نهب بعضهم ممتلكات بعض، وقد اختلف العلماء في جواز شراء تلك الممتلكات المنهوبة إذا لم يعرف مالكها على قولين: الجواز والمنع، والأرجح جواز بيع وشراء السلع المنتهبة والمغصوبة من غاصبها إذا لم يعرف صاحبها والقائم عليها ونص الفقهاء - كابن قدامة في (المغنى) - على أن تصرفات الغاصب في السلعة التي يغصبها كتصرفات الفضولي، وفيه روايتان أصحها الجواز، وقد صحح ابن تيمية شراء السلعة التي أكره مالكها على بيعها، مع أن الإكراه سلب لشرط التراضي الذي هو أحد شروط عقد البيع، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.(10/203)
السكنى فيما استردته الدولة من مواطنيها
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الغصب والإتلاف
التاريخ 6/6/1424هـ
السؤال
اشترت أسرتي شقة بمبلغ 18 ألف دينار، دفعت للساكن الذي كان يقيم بها خلو رجل، أو عتبة، فهو ليس صاحبها الأصلي، وليس كذلك مستأجراً لها، إذ إن صاحبها الأصلي كان قد قام ببناء العمارة عن طريق أخذ قرض من مصرف تابع للدولة في السبعينيات، وفى بداية الثمانينيات قامت الدولة بتأميم الممتلكات، ومن ضمنها هذه العمارة التي أخذتها ووزعتها على المواطنين، هل يجوز لي السكن في الشقة على أساس أن الدولة استردت مالها؟ إذ إن صاحب العمارة لم يكن قد رد كامل قيمة القرض، حينما قامت الدولة بوضع يدها على العمارة، أم أن وجودي في الشقة غير شرعي وهو غصب لحق مسلم؟ أرجو إفادتي بالإجابة، إذ إني أعتزم الزواج بهذه الشقة إذا لم يكن هناك مانع شرعي. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
يا أخي سؤالك فيه إشكال كبير سببه تدخل الدولة في أملاك الغير ومصادرتها بغير حق، ومع هذا أستعين الله في الجواب فأقول:(10/204)
إن المالك الأصلي الذي اقترض من مصرف تابع للدولة ولم يفِ بالسداد فصادرت الدولة العمارة منه، أقول إن تصرف الدولة حينئذ صحيح، ويلزمها أن تدفع له ما سدده من أقساط، إذا كان سدد، كما يلزمها شرعاً أن تدفع له ما زاد عن قيمة العمارة وقت سحبها منه، والمالك الأول الأصلي، ليس له حق أن يؤثم غير من ظلمه وهي الدولة، ثم إن الدولة قد ظلمت مرة أخرى حين أعطت هذه العمارة بعد التأميم لمواطن آخر قبل أن تعطي المالك الأول حقوقه من هذه العمارة، أما حكم تملك المواطن الثاني فصحيح، حيث الذي ملكه العمارة هي الدولة، لأنه مستحق في نظرها باسم التأميم فلا إثم عليه، وإنما الإثم على من ملكه وهي الدولة، ولو كان المملك له غير الدولة لقلت بفساد العقد وعدم صحته أصلاً، ولكن لأن الدولة هي التي عملت ذلك والأصل في تصرفاتها أنها للصالح العام وولي الأمر فيها لا يملك أموالها ملكية خاصة، وإنما له حق التصرف والنظر فيها لما فيه مصلحة الناس لا غير، كل هذا جعل تصرفها مع المالك الثاني للعمارة فيه شبهة لا يفسد منها العقد، وإن كان الإثم على الدولة ممثلة بولي الأمر الآمر بمنح العمارة لهذا المواطن، بعد التأميم، وأخيراً أقول إن شراءك هذه العمارة صحيح، وعدم إذن المالك الأول لا اعتبار له في الشرع، لأنه لم يف بالعقد مع الدولة قبل التأميم، وأخذ العمارة منه جائز وإن كان له مستحقات على الدولة فهي التي ظلمته وليس له طريق عليك بحال، وعليه مطالبتها إن استطاع. أما التأميم فلعل حرمته في الأصل وعدم جوازه وأنه نوع من الغصب وأكل لأموال الناس بالباطل ظاهر بين لكل أحد، فلا يجوز لأحد أن يصادر أموال الناس وممتلكاتهم باسم التأميم أو للمصلحة العامة، وفق الله الجميع إلى كل خير، آمين.(10/205)
هل يحلف كذباً؟
المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب
أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الغصب والإتلاف
التاريخ 20/12/1425هـ
السؤال
أنا من إحدى الدول العربية الإسلامية، ومغترب بدولة عربية، بلدي يفرض ضريبة على كل مغترب، ورسومًا وزكاة يجب أن يدفعها سنويًّا، أنا أصلًا مهندس، وأعمل هنا في وظيفة عمالية، راتبي يبلغ 5100 درهم، الحكومة تفرض علي ضرائب سنوية قرابة 350 دولارًا على أساس مهنتي الأساسية (مهندس) - ضريبة العامل 75 دولار، أنا أعول أبي وأمي وأولادي (زوجتي وولدان) ، وكذلك لدي أخ يدرس بالخارج، وأنا العائل الوحيد لأسرتي، أعمل هنا منذ خمس سنوات ولم أستطع أن أدخر شيئًا، بل كنت كثيرًا ما أستدين، الآن الحمد لله؛ فقد استطعت أن أجمع ما يقرب من 10 آلاف درهم، مع العلم أن هذا حصيلة الخمس السنوات كلها، أنا حاولت أن أتهرب من هذه الضرائب، وأن أدفع ضرائب عامل (أخف الضررين على ميزانيتي) ، وليست ضرائب مهندس، فلابد من دفع الضرائب، ولكن علي أن أقسم وأحلف على كل شيء، كم راتبي، وماذا أعمل، وأنا إذا أبلغتهم براتبي الحقيقي مع الامتيازات (سكن وتذاكر وغيره) ، ربما يزيدون في الضريبة، فهل يمكن القسم كذبًا في هذه الحالة؟ مع العلم أنه لا مجال للتعريض فهم يقومون بإملائك.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
فلا يجوز أخذ أي شيء من المسلم إلا الزكاة، أعلن ذلك مفتي عام المملكة في رابطة العالم الإسلامي، لا رسوم إقامة، ولا رخصة، ولا استمارة، ولا غيرها، وبالنسبة لحالتك، فأقول: لا خير في الكذب، ومبلغ الضريبة 350 دولارًا تدفعه سنويًّا مدخر لك؛ لأنه أخذ بغير حق. والله يعوضك، والله أعلم.(10/206)
وجد كنزاً في أرضه
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/اللقطة واللقيط
التاريخ 18/4/1423
السؤال
ما حكم من يجد كنزاً أثرياً في أرضه؟ مع العلم أنه إذا أبلغ الحكومة سوف تقوم بأخذ الأرض منه مع التعويض بمبلغ لا يساوي ثمن الأرض، وإذا باع هذا الكنز سوف يصبح من الأثرياء.
الجواب
ينظر أولاً في الأرض هل هي مملوكة للسائل أو غيره؟ فإن كانت مملوكة له ملكاً شرعياً نظر في هذا الذي وجد فيها وسمي (كنزاً) ، هل هو محرم أو مباح؟ فإن كان محرماً كالتماثيل والصور المجسمة للإنسان أو الحيوان فهي حرام لا تملك ولا يصح قبول التعويض عنها إلا إذا كانت من ذهب أو فضة، فأجاز بعض الفقهاء الانتفاع بها ببيع أو هبة ونحوه على ألاّ تستخدم بهيئتها (صورة مجسمة) ، وإن كان هذا الكنز من سائر المباحات كمناجم المعادن كمنجم الملح والذهب والفضة والبترول مما تتوقف عليه مصلحة الأمة في الغالب فلا يجوز لصاحب الدار تملكه؛ لأن ملكيته عامة فيجب على ولي الأمر تعويض صاحب الأرض عن كنزه بما يساوي قيمته الحالية ولا ينقص من ذلك شيئاً اللهم إلا إذا كان نظام الدولة لا يمانع في التملك الشخصي لمثل هذا، فلا حرج على صاحب الدار أن يبيعها على من يدفع له مبلغاً أكبر، ثم إن هذا الكنز الذي يجوز بيعه وشراؤه -إن وجد عليه ما يدل على أنه قبل الإسلام فهو ركاز- وهو ما وجد مدفوناً من زمن الجاهلية يجب إخراج خمس قيمته كزكاة؛ لحديث أبي هريرة في الصحيحين البخاري (1499) ومسلم (1710) " ... وفي الركاز الخمس"، أما إذا وجد عليه أو على بعضه دون بعض علامة من علامات المسلمين كتاريخ أو نحوه فليس بركاز، ويزكى كزكاة المال (النقدين) ، والله أعلم.(10/207)
تبني اللقيط
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/اللقطة واللقيط
التاريخ 10/9/1424هـ
السؤال
من المعلوم أن التبني والحصول على اسم العائلة المتبناه غير جائز في الإسلام، فما الحكم الخاص باللقيط الذي وجدته عائلة مسلمة؟ عمر البنت 16 سنة والولد 19 سنة.
الجواب
يستحب تربية اللقيط والإحسان إليه وتعليمه لينشأ بإذن الله نشأة صالحة، ولا يضيره ما حصل من أبويه، ولا بأس بتزويج الذكر بالأنثى إذا لم يكن بينهما رضاع، والذي يتولى تزويج البنت هو الحاكم الشرعي لأنه ولي من لا ولي له، ويعتبرون أجانب ممن تولى تربيتهم، وليسوا محارم إذا لم يوجد رضاع، فإن وجد فالرضاع يحرم ما يحرم النسب، ويحسن أن يسمى اللقيط باسم بعيد عن اسم العائلة، حتى لا يظن أنه منهم.(10/208)
سحب من حسابه ولم يخصم من رصيده
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/اللقطة واللقيط
التاريخ 19/10/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
قام بصرف راتبه من جهاز للصرافة تابع لبنك الرياض، وكان حسابه لدى بنك الراجحي؛ وبعد أن صرف مبلغ 5000 ريال، اتضح أنه لم يحسب ذلك المبلغ من راتبه؛ فذهب في اليوم التالي إلى فرع البنك الذي به الجهاز؛ فأخبرهم بالخبر فقال له الموظف نحن جهة للصرف فقط ولا دخل لنا فيما سواه، لأن حسابك في بنك آخر وهو المسؤول عما يبدر من خطأ في حسابك؛ فذهب إلى بنك الراجحي فأخبرهم بالخبر فقالوا له حسابك لم يخصم منه شيء وكونك سحبت من بنك آخر ولم يخصم من حسابك فإن الخطأ من البنك الذي سحبت منه؛ فأعطيت بنك الراجحي الذي به حسابي رقم هاتفي، وقلت إذا اتضح الخطأ فاتصلوا علي؛ وذهبت ومر على هذا الحال ما يقارب ثلاث سنوات تقريبا، فما هو المطلوب مني الآن؟ هل أتصدق بالمال؟ أو أكرر ذهابي للبنكين للتأكد مرة أخرى؟ وجزاكم الله خيرا.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فالجواب أن ما فعله السائل وفقه الله بخصوص المبلغ الذي استلمه من الصراف ولم يخصم من حسابه من مراجعة للبنكين وإخباره بذلك ووضع رقم هاتفه هو أقصى ما يجب عليه فقد فعل اللازم، هذا وإعادة المراجعة للبنكين إن فعل فهو شيء طيب.
أقول وإضافة إلى احتمال كونه خطأً من أحد البنكين فقد يكون أيضاً قد أدخل مقابل ما سحب بحسابه عن طريق الخطأ من شخص آخر وقد يكون المبلغ الذي سحبه سحب من حساب غيره، كل هذه الاحتمالات واردة وإن كانت بعيدة.
على كل هذا المبلغ المذكور حكمه حكم اللقطة التي يجب تعريفها لمدة سنة ثم بعد السنة يملكها الملتقط بنية ضمانها لصاحبها إن علم، والسائل قام بما يجب عليه نحو المبلغ وقد مضى على ذلك عدة سنوات فهو الآن يدخل في ملكه ملكاً مراعى إن تبين صاحبه سلم له، وعليه أن يكتب عنده شأن هذا المبلغ بأنه قد دخل في حسابه، أو أنه سحب هذا المبلغ ولم يخصم من حسابه، من أجل ما إذا علم صاحبه ولو بعد الوفاة يدفع له، فالخلاصة أن حكمه حكم اللقطة يملك بعد السنة ملكاً مراعى والله أعلم.(10/209)
محرمية اللقيطة
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/اللقطة واللقيط
التاريخ 10/2/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وجدت طفلة لقيطة وربيتها، فهل تكون محرما لأبنائي مثل أختهم؟ أم لا يجوز لأبنائي الرجال الجلوس معها أو محادثتها في حال الخلوة، وهل يجوز لي أن أزوجها أحد أبنائي؟ وكذلك اليتيمة؟
الجواب
اللقيطة ومثلها اليتيمة إذا لم ترضع من زوجتك خمس رضعات محرمة؛ فإنها أجنبية منك ومن أولادك، يجب عليها أن تحتجب منكم أجمعين، ولا يجوز الجلوس معها ومحادثتها إلا في ما فيه مصلحتها، كما لا يجوز الخلوة بها، ويجوز لك أو لأحد من أولادك نكاحها.(10/210)
هل في اللقطة زكاة؟
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/اللقطة واللقيط
التاريخ 08/05/1425هـ
السؤال
ما هو تعريف اللقطة في الإسلام؟ وما نسبة الزكاة المفروضة عليها؟ وهل يعتبر البترول من اللقطة؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فاللُقَطَة في اللغة: بفتح القاف اسم للملتقط؛ لأن ما جاء على فُعَلَة فهو اسم للفاعل، كقولهم: هُمَزَة ولُمَزَة، واللُقْطَة بسكون القاف: المال الملقوط، مثل: الضُّحْكَة: الذي يُضحك منه.
أما في الاصطلاح الفقهي فهي: المال الضائع من ربه، يلتقطه غيره.
وقد بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحكام اللقطة، ووضح الأمر الواجب على من وجد مالاً لغيره، فقد سئل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن لقطة الذهب والورق، فقال: "اعرف وكاءها وعفاصها، ثم عرفها سنةً، ثم استنفق بها (ولتكن وديعة عندك) ، فإن جاء ربها (يوما من الدهر) ، فأدها إليه" فسئل عن ضالة الإبل، فقال: "ما لك ولها، دعها فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها". فسئل عن الشاة، فقال: "خذها، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب" متفق عليه من حديث زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه-. وقد اشتمل هذا الحديث وغيره على عدد من الأحكام المتعلقة باللقطة، ومنها:
أولاً: لقطة الذهب والورق، فيجب على من التقطها أن يعرف وكاءها وعفاصها.(10/211)
والوكاء: الخيط الذي يشد به المال في الخرقة ونحوها، والعفاص: الوعاء الذي يكون الذهب أو الورق فيه، ثم يعرفها سنة كاملة في مجامع الناس وأسواقهم وحول المساجد والجوامع، فإن جاء صاحبها ووصفها كما هي دفعها إليه الملتقط، وإن لم يأتِ صاحبها فإن الملتقط يملكها بذلك، وتكون كبقية ماله، إلا إن جاء صاحبها بعد ذلك فهو أحق بها. وهذا الحكم هو حكم كل مال ثمين ملتقط، كالأوراق النقدية المتداولة اليوم والجواهر والآلات والأجهزة وسائر الأشياء الثمينة والنفيسة.
ثانياً: لا يجوز التقاط ضالة الإبل، وهي الإبل التي ضلت عن صاحبها؛ لأنها لا تتضرر بذلك، فإن معها حذاءها وسقاءها، وحذاؤها: خفها، فإنه لقوته وصلابته يجري مجرى الحذاء، وسقاؤها: بطنها، فإنها تأخذ فيه ماءً كثيراً ويبقى معها ويمنعها من العطش.
ثالثاً: يجوز التقاط ضالة الغنم، ويملكها ملتقطها بعد تعريفها التعريف الشرعي، وجاز التقاط الغنم دون الإبل؛ لأن الغنم ليست كالإبل، بل هي ضعيفة معرضة للموت ما لم يحفظها صاحبها، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:" خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب".
رابعاً: رخص الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما لا تتبعه همة أوساط الناس، فيجوز التقاطه ولا يجب التعريف به، فقد روى أبو داود بإسناده عن جابر -رضي الله عنه-، قال: "رخص لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العصا والسوط والحبل وأشباهه، يلتقطه الرجل ينتفع به".
ولا تختص اللقطة بنسبة معينة للزكاة فيها، بل متى ما ملكها الإنسان أصبحت كبقية ماله، فإن كانت من الذهب والفضة، فزكاتها زكاة الذهب والفضة، وهكذا.(10/212)
وهناك شيء آخر قد يشتبه باللقطة، وهو: الركاز، وتعريفه: ما وجد من دِفن الجاهلية، أي: من أموال الجاهلية، ويعتبر ذلك بأن ترى عليه علاماتهم، كأسماء ملوكهم، أو صورهم، أو صور صُلُبِهم، أو صور أصنامهم، أو نحو ذلك. فإن كان عليه علامة الإسلام، أو اسم النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو أحدٍ من خلفاء المسلمين، أو والٍ لهم، أو آية من قرآن، أو نحو ذلك، فهو لقطة؛ لأنه ملكُ مسلمٍ لم يعلم زواله عنه، فيبقى على ما كان عليه.
وقد أوجب الشارع الزكاة في الركاز بنسبة معينة، وهي الخمس، والأصل فيه ما روى أبو هريرة -رضي الله عنه-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "وفي الركاز الخمس" متفق عليه.
ولا يعد البترول (النفط) من اللقطة؛ لأن اللقطة كما سبق في تعريفها مختصة بالمال الضائع من ربه، والبترول ليس كذلك، فهو موجود في باطن الأرض، ولا يتصور ضياعه، وأغلبه لم يسبق عليه ملكٌ لأحد، وإنما هو من جملة ما يكون في باطن الأرض، مما يطلق عليه أهل العلم: المعادن، وقد تكلم العلماء على المعادن وقسموها إلى قسمين: معادن ظاهرة، ومعادن باطنة، وذكروا أحكام كلٍ من القسمين، وما يجوز امتلاكه منها وما لا يجوز، وما يكون تابعاً للأرض إذا بيعت وما لا يكون كذلك.
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.(10/213)
هل يكف هذا الإعلان عن اللقطة
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/اللقطة واللقيط
التاريخ 09/04/1426هـ
السؤال
وجد أحد الموظفين لدينا مبلغاً من المال قد سقط من أحد الزبائن الذين يرتادون محلنا، والمبلغ أكثر من خمسة آلاف ريال، وقد أعلنا عنه في المحل لدينا بوضع إعلان داخل المحل لمن فقد مبلغاً من المال -في محلنا- عليه مراجعة الإدارة، ولكن حتى الآن لم يطالب أحد بالمبلغ، فماذا نفعل به؟ هل نتصدق به، أو نسلمه لإحدى الجمعيات الخيرية؟ علماً أن محلنا مقهى ومطعم. أفيدونا وفقكم الله.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على من وجد لقطة (وهي المال لا يعرف له صاحب) أن يعرفها سنة كاملة، وهذا التعريف يختلف باختلاف الأزمان والأمكنة، فاللقطة في البلاد المتقدمة ليس كالتعريف في القرى والمدن الصغيرة.
ومما ينبغي الأخذ به -في مثل هذه الأزمنة- إبلاغ قسم الشرطة القريب من الموقع، أو الإعلان في الجريدة التي تصدر في نفس البلد، أو الاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة كالإنترنت، أو تسليم المبلغ إلى الحاكم الإداري كالأمير أو المحافظ ونحوهم، فإذا تم التعريف خلال السنة بما ذكرنا، فإن لمن وجد هذه اللقطة أن يتملكها أو يتصدق بها بالنية عن صاحبها فإذا جاء صاحبها، ووصفها وطالب بها فإنها تسلم إليه، وهذا في غير لقطة الحرم، فإنه تعرف مدى الحياة، ويوصى من بعده تعريفها ولا تملك أبداً، وقد جاءت النصوص في السنة النبوية بمثل ما سبق بيانه، وبالله التوفيق.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(10/214)
نقل المصحف الموقوف على المسجد
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا
التاريخ 10/8/1422
السؤال
ما يفعل رجل أخذ من مسجد مصحفاً، ووضع بدله تفسيراً في داخله المصحف وعلى هامشه التفسير، وذلك أن المصحف كلامه أكبر من جهة الكتابة؛ لسهولة القراءة فيه، مع العلم أن التفسير جديد وثمنه غالٍ، وهو عنده من سنتين، فماذا يفعل؟ أفتونا، وهل عمله هذا جائز، أم لا؟ وجزاكم الله عنا خيراً
الجواب
لا يجوز لك نقل المصحف الموقوف على القراء في المسجد إلى بيتك، وعليك إعادة المصحف الذي أخذته من المسجد إلى مكانه؛ ليقرأ فيه القراء، ولا يسوغ لك أن تبدله بكتاب آخر، أو تفسير، أو غيره.(10/215)
ما حكم تغيير صورة الوقف
المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
عضو الإفتاء سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا
التاريخ 29/4/1422
السؤال
ما حكم تغيير صورة الوقف، بمعنى مال جُمع باسم الأيتام، هل يجوز للمؤسسة تغيير وجه إنفاقه بصرفه على كفالات الدعاة أو حفر آبار مياه الشرب سواء في نفس البلد الذي أوقف له المال أو في بلد آخر، وسواء سدت حاجة الأيتام أم لا؟
الجواب
نرى عدم تغيير صورة الوقف إلا إذا زالت الحاجة فإذا جمعت الأموال لكفالة الأيتام وجب إنفاقها على الأيتام الذين تبرع لهم أولئك المحسنون، فإذا زالت الحاجة أو زال اليُتم جاز صرف ذلك المال في جهات أخرى ككفالة الدُعاة أو حفر آبار مياه للشُرب، ولا يلزم التقيد بالبلد الذي فيه أولئك الأيتام بعد زوال حاجتهم، بل يجوز نقل ذلك المال إلى بلد آخر، فإن وجد في البلد الأولى أيتام من ذوي الحاجات فنرى صرفه لهم وعدم نقله إلى جهة أخرى حتى يتحقق مقصد أصحابه الذين تبرعوا به.(10/216)
الوقف على الأولاد أم الوصية لهم؟
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا
التاريخ 9/4/1422
السؤال
نحن أربعة أخوه اشقاء ولدينا ثلاثة إخوة من الأب، ويرغب والدي تأمين وضعنا قبل مماته بجعل منزلنا وقفاً. فما الأفضل الوقف أم الوصية؟ وماذا يلزم في كلا الحالتين.
الجواب
الفرق بينهما في أن الواقف ناجز حياة والدك، متى وقفه خرج عن ملكه، ثم صرف فيما وقف عليه، وأما الوصية فإنها لا تلزم إلا بعد وفاته، وله أن يرجع فيها ما دام حياً، والوصية لا تلزم للوارث إلا إذا أجازها جميع الورثة، وأما بعد وفاته فإن الوصية تكون بمنزله الوقف تصرف فيما أوصى به ما لم تكن لوارث.
ولوالدكم أن يقف منزلكم عليكم فيقول مثلاً هذا المنزل وقف على أولادي فيصير وقفاً عليهم، لهم سكناه ولهم تأجيره وأخذ أجرته، ثم يكون لأولادهم من بعدهم، وله أن يقول هذا وقف على أولادي ثم على جهة خيرية معينة بعدهم، فإن ماتوا جميعاً صرف ريعه على هذه الجهة..(10/217)
المال المتبقي من الوصية
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا
التاريخ 9/4/1422
السؤال
أنا قائم على وصية أبي - رحمه الله - في الأضاحي ومصدرها بيت مؤجر، والسؤال هو: المبلغ الباقي من كل سنة هل أصرفه في عمل خيري، وهل لي الحق أن اقترض منه عند الحاجة؟
الجواب
المبلغ الباقي يصرف على الورثة على قدر ارثهم، لا سيما إن كانوا محتاجين، وإن رضي الورثة بصرفه في مشاريع الخير فالحق لهم، ولهم الأجر والمثوبة، وهذا قول وجيه وهو المشهور في مذهب الإمام أحمد.
وأما اقتراضك منه فلا يجوز، لأن نظرك نظر مصلحة والحق للورثة فإن أذنوا لك في ذلك وإلا فلا تأخذ شيئاً.
ولك أن تأخذ نسبة معينة مقابل نظارتك على هذه الدار كما يأخذ غيرك من النظراء، والذي يحددا النسبة أهل الخبرة، والأفضل إثباتها عند القاضي دفعاً للتهمة والخصومة.(10/218)
التصرف في الوقف
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا
التاريخ 4/1/1425هـ
السؤال
توفي الوالد وترك بيتاً باسمه، وأفهمنا أن هذا البيت ليس ملكاً له وإنما اشتراه أبوه بنية أن يتم وقفه (من مال سيدة غنية ميتة) ، وهذا الوقف كان بنية إسكان الحجاج الفقراء القادمين من الهند, وقد كان البيت متهدماً غير صالح للسكن, فتم بيعه بعد وفاة الوالد, والمبلغ لا يكفي لشراء بيت في الوقت الحالي، هل يجوز إضافة المال إلى وصية أخرى للوالد (وقف لإسكان فقراء مكة؟) حيث نشعر بعدم إمكانية شراء بيت بالمبلغ وحده بالإضافة إلى الصعوبات في إسكان الحجاج القادمين من الهند بالمجان. أرشدونا إلى الحكم الشرعي. رعاكم الله وحفظكم.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:(10/219)
فإن الوقف على جهات البر والخير من الأعمال الفاضلة التي يرجى منها الأجر العظيم والخير الكثير في الدنيا والآخرة، والواقف إذا حدد جهة معينة لصرف الوقف فإنه يجب العمل وفق ما حدده الواقف؛ لأنه هو الذي تبرع بمال الوقف، فوجب الأخذ بما يريد، ولهذا قال العلماء: إن شرط الواقف كنص الشارع، أي في وجوب الالتزام به فكما أن نص الشارع يجب الالتزام به فكذا شرط الواقف، أما إذا لم يحدد الواقف جهة معينة للوقف وإنما دفع المال إلى من يثق به ليضعه في أي جهة من جهات الخير، فإن هذا الشخص يجتهد في وضع الوقف فيما يرى أنه أنفع الجهات وأكثرها فائدة من غير أن يكون مقيداً بجهة معينة، والحكم فيما سأل السائل عنه تابع لما ذكر، فإن كان الواقف قد حدد هذا المال لبناء أو شراء مسكن من أجل إسكان الحجاج القادمين من الهند فإنه يجب عليكم العمل وفق ما حدده الواقف، وذلك حسب الاستطاعة، ولو كان المسكن صغيراً بقدر المال الموجود لديكم، أما إذا كان الواقف لم يحدد جهة معينة وإنما اجتهد أبوكم أو جدكم في صرفه في تجهيز مبنى لإسكان الحجاج القادمين من الهند، ثم تهدم البيت وأصبحت منافعه معطلة، ثم تم بيعه، فإنه يجوز لكم صرف هذا المال في أي جهة بر أخرى، كما ذكرتم من ضمه مع غيره من المال ووضعه في مساكن لفقراء مكة المكرمة، كما أني أنبه إلى أن الوقف لا يجوز بيعه إلا إذا تعطلت منافعه، وأصبح لا يمكن الاستفادة منه بالشكل المطلوب، فإن تعطلت منافعه جاز بيعه وصرف المال في وقف مشابه للوقف المتعطل، وعموماً إن الواجب عليكم مراجعة المحكمة الشرعية في مكة المكرمة وبيان هذا الأمر للقاضي، لينظر في الحكم الشرعي لهذه المسألة؛ لأن من أعمال القاضي الشرعي: النظر في الوقف وتبيين مصارفه وأحكامه ونحو ذلك. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.(10/220)
الوقف النقدي
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا
التاريخ 11/3/1424هـ
السؤال
ما حكم الوقف النقدي؟ مع ذكر الأدلة في حالة الجواز أو المنع؟ وذكر أقوال الفقهاء -رحمهم الله تعالى-. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وقف النقود لا يصح عند جمهور أهل العلم؛ لأنها لا ينتفع بها إلا بإتلافها وذهابها، وروى ابن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر -رضي الله عنه- أصاب أرضاً بخيبر فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأمره فيها، فقال له: "إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها قال: فتصدق بها عمر - رضي الله عنه-:" أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يوهب ولا يورث" متفق عليه عند البخاري (2737) ، ومسلم (1632) .
وروى عن بعض أصحاب زُفر أنه يجوز وقف الدراهم، وقد شاع في الدولة العثمانية وقف النقود حتى صار هو غالب مجمل الأوقاف، وانهار بسبب التضخم الذي انتشر في العالم بعد تدفق الذهب من القارة الأمريكية، مما أدى إلى تدهور القوة الشرائية للأوقاف النقدية.
وحيث إن معنى الوقف هو تحبيس الأصل، وهذا لا يتحقق في النقود فإنه لا يظهر لي صحة وقف النقود، والله أعلم.(10/221)
طريقة كتابة الوصية
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا
التاريخ 11/3/1424هـ
السؤال
ما هي طريقة كتابة الوصية؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فلا أعلم أن هناك نصاً خاصاً في كتابة الوصية، ولكن جرى العمل أن يبين في الوصية حالة الموصي العقلية والبدنية وقت الوصية، وكذا معتقده كذكر الشهادتين ونحوها وحث ورثته على تقوى -الله تعالى- وبيان ما له من الديون في ذمة الآخرين، وكذا ما عليه من الديون، وكذا ذكر نوع ومقدار الموصى به؛ كبيت أو دكان، وقدره من ماله كالثلث أو الربع، وتعيين الوصي، وكذا تعيين مصرف الوصية، وإن كان له أولاد قُصر يستحب أن يعين وصياً عليهم، يتولى رعايتهم حتى البلوغ، والله - تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(10/222)
الوفاء والصدقة الجارية
المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
عضو الإفتاء سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا
التاريخ 19/5/1424هـ
السؤال
لي صديق قد توفاه الله، وأفكر مع بعض أصدقائي في جمع مبلغ من المال، وأن نضعه باسم المتوفى في صدقة جارية، كحفر بئر أو بناء مسجد أو طباعة المصحف الشريف، فهل تعتبر صدقة جارية له؟ أرجو النصيحة بما يمكن أن نصنع له، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا بأس بذلك، والأفضل حفر الآبار أو بناء المساجد، فإنها التي يبقى أثرها ويستمر الانتفاع بها، وإذا تيسر طباعة المصاحف أو الكتب الإسلامية مع شدة الحاجة إليها فلا بأس بذلك.(10/223)
نقل الوقف واستبداله
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا
التاريخ 7/10/1424هـ
السؤال
لدينا عقار وقف في المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد النبوي بالمدينة المنورة، وقد بعناه بعد التوسعة الأخيرة بهدف شراء عقار آخر أقل ثمناً للاستفادة من المبلغ المتبقي في إعمار العقار الجديد، هل يجوز لنا شراء عقار جديد خارج منطقة المسجد وداخل حرم المدينة المنورة بثمن العقار الموقوف في منطقة المسجد النبوي، لتحقيق الوقف؟
هل يجوز لنا نقل ما يوازي القيمة النقدية للعقار الموقوف الذي بعناه إلى عقار آخر نملكه أعلى سعراً تقديرياً خارج محيط المسجد وداخل حرم المدينة؟ مع استفادتنا من المبلغ السائل الذي حققه العقار الموقوف المباع، نظراً لحاجة الورثة الماسة، -وهم في أغلبهم نساء فيهن أربع أمهات- للمال؟ مع ملاحظة أن العقار المنقول إليه مبلغ الوقف المباع موقوف جزء منه أيضاً، والله يحفظكم.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فالأوقاف والتصرف فيها من اختصاص الحاكم الشرعي المختص الذي يرفع حكمه واجتهاده الخلاف، ويمكن للسائل بمراجعته أن يعرف ما يريد، ولكن إجمال ما سأل عنه الأخ يتضح فيما يلي:
أولاً: لا يجوز نقل الوقف إلا بسبب تعطله، أو لوجود المصلحة والغبطة في نقله حسبما يقرره الحاكم الشرعي بطلب الناظر.
ثانياً: ينقل الوقف إلى ما يكون فيه مصلحة للوقف، ومن الظاهر أن كل ما قرب من منطقة المسجد النبوي فهو أكثر منفعة.
ثالثاً: الوقف غير مملوك لواقفه ولا لورثته، وعينه غير مملوكة للموقوف عليهم، فليس لهم إلا الاستفادة من ريع الوقف حسب شرط الواقف دون قيمة رقبة الوقف نفسها، فقيمة رقبة الوقف يشترى بها وقف آخر، ولا يعطى شيئاً منه للورثة.
رابعاً: ناظر الوقف لا يبيع ولا يشتري من نفسه؛ لأنه متهم في هذا التصرف. هذا مجمل الجواب والله أعلم وأحكم.(10/224)
نقل المصاحف من مسجد إلى آخر
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا
التاريخ 29/05/1426هـ
السؤال
ما حكم أخذ المصاحف من المسجد، ووضعها في مسجد آخر؟ علماً أن بعض المصاحف لا تستخدم، وهل ينقطع أجر صاحبها إذا لم تستخدم؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا كان المصحف وقفه عام لم يخص به مسجد بعينه، كشأن المصاحف التي توزعها وزارة الشؤون الإسلامية، فيجوز نقله من مسجد إلى آخر؛ لأنه قصد به وضعه في المساجد بعامة، ولذا يوزع على كل المساجد، أما المصحف الذي يوقفه بعض الناس تحديداً على مسجد بعينه، فلا يجوز نقله إلى مسجد آخر، ما لم تتعطل منفعته في ذلك المسجد، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/225)
الوالد يوقف جميع أملاكه
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا
التاريخ 11/08/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما الحكم فيمن يوقف كل أمواله وقفًا خيريًّا، مع أن له ذرية، وأمواله تتكون من عقارات مختلفة، وأسهم في كثير من الشركات، وقد وضع أحد أبنائه ناظرًا على هذا الوقف، وآخر مشرفًا، وهما يقومان بتنفيذ ما أوصى به الوالد، من خلال صكوك وقفية صادرة من المحكمة الكبرى بمكة. أفيدونا مأجورين في ما يجب أن نفعله لإقناع الناظر والمشرف في هذا الأمر، وهل يحق لنا الاعتراض؟ أفيدونا مأجورين. وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إذا كان هذا وصية، فإذا أوصى الوالد بوقف عقاراته فإنه لا ينفذ من ذلك إلا الثلث بإجازة الورثة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد، رضي الله تعالى عنه، لما ذكر أنه ذو مال، وأنه لا يرثه إلا ابنة له فقال: أُوصِي بالمالِ كلِّه؟ قال صلى الله عليه وسلم: "لا". قال: فالثلثان؟ قال: "لا". قال: فالنصف؟ قال: "لا". قال: فالثلث؟ قال: "والثُّلُثُ كَثِيرٌ". انظر صحيح البخاري (3936) وصحيح مسلم (1628) . فلا ينفذ إلا الثلث، إذا كان هذا وصية. أما إذا كان أوقفه وقفًا منجزًا في حال حياته مع صحته قبل أن يموت فهذا وقف نافذ. والله أعلم.(10/226)
هل يأخذ حقه من المال الموقوف؟
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا
التاريخ 15/07/1426هـ
السؤال
أوقف شخص مبنى مدرسة وريع مجموعة من الدكاكين على المدرسة ومسجداً بجوارها، وأعطى النظارة والوكالة في بناء المدرسة لشخص، ووعده إذا أتم بناء المدرسة والمسجد والدكاكين أن يعطيه نسبة 15 % من مجموع التكلفة كما هي العادة عندنا، وبعد إتمام البناء مطل الواقف موكله في الأجرة، فهل للموكَّل أن يقتطع لنفسه من حاصل تأجير الدكاكين حتى يوفي أجرته, ثم إن الموكّل قام ببناء فصول أخرى للمدرسة من الرسوم التي يدفعها الطلاب للدراسة فما حكم أخذ الرسوم من الطلاب بما يزيد عن تغطية أجور المدرسين والعاملين وصرفها في توسعة المدرسة وتطويرها إذ تزايد الإقبال عليها؟ لأني قرأت بعض الأقوال لأهل العلم تمنع من تنمية الموقوف لما فيه من الأضرار بالبطون الأولى الموقوف عليها، فهل للموكّل على المدرسة أن يقتطع ما يوفي حصته من أجرة بنائها التي مطله إياها الواقف؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده وبعد:
فإذا وقف الشخص ملكاً له خرج عن ملكه ولم يعد له بعد ذلك؛ للزوم الوقف، وعليه فإن الوقف ليس ملكاً للواقف، فإذا طلب الواقف من شخص أن يشرف على بناء المدرسة والدكاكين والمسجد فإن أجرته تعلقت بذمة الواقف، فليس له أن يأخذ حقه من الوقف لأن للوقف ذمة مالية مستقلة، فلا ترد هنا مسألة الظفر -مع وجود الخلاف فيها- ويمكن لهذا الوكيل أن يطلب حقه من الواقف بالطرق المشروعة.
أما أجرة النظارة على الوقف فإن للناظر أن يأخذ أجرته على نظره من ريع الوقف إذا حددها له الواقف، وإلا أخذ أجرة مثله من الريع.
وأخذ الرسوم من الطلاب لتوسعة الوقف وتنميته وزيادة رقبته لا حرج فيه، وأما ما ذكرته في السؤال من الأضرار بالبطون فغير صحيح، وليس بوارد في هذا الوقف؛ لأنه خيري وليس ذريًا حتى يوجد فيه بطون متعاقبة من المستحقين يتضرر الأوائل منهم بعدم الصرف له، والله الموفق.(10/227)
بيع الموقوف عليهم للوقف
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا
التاريخ 26/07/1426هـ
السؤال
أوقف رجل عمارة مكونة من شقق، وأبلغ أولاده بألا يأخذوا من دخلها شيئاً إلا أن يضطروا اضطراراً شديداً فلهم أن يسكنوا فقط، والآن وقد اضطروا وأصاب بعضهم الفقر فأرادوا بيعها والتصرف بثمنها. فهل يجوز ذلك؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فالوقف عقد لازم لا يباع ولا ينقل لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: أصاب عمر أرضاً بخيبر، فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منه فما تأمرني به؟ قال: "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها". قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يورث ولا يوهب. قال: فتصدق عمر بها في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم غير متمول فيه. رواه البخاري (2737) ومسلم (1632) .
وهذا الوقف إن تعطلت منافعه ولم يمكن عمارته فإنه يباع ويصرف ثمنه في مثله؛ لأنه أقرب إلى غرض الواقف.
أما أن يباع ويتقاسم الورثة قيمته فلا يجوز بحال، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(10/228)
هل يُباع الوقف إذا أُهمل؟
المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد
مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا
التاريخ 26/05/1426هـ
السؤال
كان لوالدي -رحمه الله- وقف من والده، انقطعت منفعته، وتم بيعه بعد موافقة القاضي، ونقل إلى عمارة صغيرة، ولكن لا يوجد من يتولّى الاهتمام بها، السؤال: هل يجوز أن أدفع قيمة هذه العمارة للورثة -الذين هم إخواني وأخواتي وأمي وزوجة أبي- إذا وافقوا، ثم أتولى أنا الاهتمام بالعمارة وتأدية ما على الوقف من قيمة إيجارها، ثم آخذ باقي المبلغ؟ جزاكم الله خيرًا.
الجواب
لا يجوز لك أن تتصرف في الوقف وما آل إليه من نقله إلى تلك العمارة، وجزاك الله خيراً على جهودك، ورأيي أن تظل محتسباً على رعاية الوقف، وتوزع حصيلة استثماره على ما نصَّ عليه الواقف -رحمه الله- وإن لم يكن هناك نص منه فإن مبلغ الاستثمار يوزَّع على الورثة وأنت منهم، ولك زيادة يتفق عليها مع باقي الورثة - مقابل رعايتك لهذا الوقف (إن شئت) فيكون لك نصيبان، نصيب من الإرث ونصيب مقابل رعايتك، إلا إذا كان هناك من الورثة من هو أكثر أهلية لرعاية الوقف - ولو حصل بينكم خلاف في ذلك - لا قدَّر الله ذلك - فلكم الرجوع إلى القاضي ليتولى الفصل في ذلك.
وأشكر لك ما ذكرته لمصلحة الوقف والورثة، وجزاك الله خيراً على جهودك. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/229)
هل يصح هذا الشرط في الوقف؟!
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا
التاريخ 14/10/1426هـ
السؤال
أوقف جدي -رحمه الله- ماله على أولاده وأولاد أولاده، وإذا انقرضت العصبة يعود المال للحرمين الشريفين، وقد ذكر في الوقف أن المرأة إذا ماتت يموت نصيبها بحيث يعود إلى الوقف.
السؤال: هل ما كتبه جدي -رحمه الله- من إيقاف نصيب الأنثى من الوقف بعد وفاتها وإعادته إلى الوقف -صحيح؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإذا نص الواقف على عدم دخول أولاد البنات -لا البنات- صح ذلك، وهو المذهب (الروض المربع 324) .
قال شيخنا العلامة ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: "إن هذه المسألة -أي دخول أولاد البنت من عدم دخولهم- فيها خلاف، فمنهم من قال: يدخلون، وأنه لا يجوز إخراجهم ولو نص على إخراجهم وأبطلوا الشرط. وعندي أنه لا يجب الإبطال، ولا حرج أن نعمل بما مشى عليه المؤلف -رحمه الله- لأن هذا مقتضى القرآن، ثم إن الحاجة داعية إلى هذا ... ولهذا نرى أنه لا حرج على الإنسان إذا أخرج أولاد البنات" ا. هـ (الشرح الممتع 9/568) المكتبة التوقيفية.
وقال العلامة ابن باز رحمه الله تعالى: "الأقرب عندي عدم حرمان أولاد البنات من الوقف، ولكن عندي توقفاً في الحكم بأن حرمانهم جنف وباطل.. ولم أجد ما يطمئن القلب للحكم ببطلان وقف من حرم أولاد البنات"أ. هـ (مجموع الفتاوى 20/18) .
وفي حال وجود نزاع بين الورثة فعليهم مراجعة المحكمة الشرعية للفصل بينهم والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/230)
هل هذا تفضيل لبعض الأولاد في العطية؟
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 24/7/1422
السؤال
باعني والدي أرضاً، ولم يطلب ثمنها مني، ولكن طلب مني أن أحج عنه إذا مات، علماً أن والدي قد حجّ الفريضة، والآن مات والدي. فهل هذه الأرض حرام عليّ؟
الجواب
إذا كانت قيمة هذه الأرض بحدود تكاليف الحجّ، فلا بأس بذلك. وأما إذا كانت قيمة الأرض أكثر من ذلك، وميَّزك والدك بها على إخوانك وأخواتك، فلا يجوز له ذلك، ويجب أن تُردّ الأرض لتكون ميراثاً لجميع الورثة؛ لأن النبي-صلى الله عليه وسلم- سمّى تفضيل بعض الأولاد على بعض جَوْراً كما في حديث النعمان بن بشير- رضي الله عنه- أنه قال إن أباه أخذ بيده فأتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إن أمّ هذا بنت رواحة أعجبها أن أشهدك على الذي وهبت لابنها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا. قال: فلا تشهدني إذاً، فإني لا أشهد على جور)) أخرجه البخاري (2587) ، ومسلم (1623) واللفظ لمسلم. وما فعله الأب خلاف العدل.(10/231)
رشوة أم هبة؟
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 27/6/1422
السؤال
عندما نذهب - مثلاً - إلى مطعم وأردنا دفع فاتورة الحساب نقوم بإعطاء النادل نقوداً، ويُسمّى عند بعضهم إكرامية. فهل هذا حلال أم حرام، وهل يُعد رشوة؟
الجواب
مثل هذا ليس من الرشوة في شيء، وإنما هو من باب الِهبَة والمواساة التي تمنح للخدم والعاملين؛ جبراً لقلوبهم وتحسيناً لأوضاعهم، وهي من المروءة ومكارم الأخلاق والإحسان الذي يرجى ثوابه مع صلاح النية فيه. وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين، أو أكلة أو أكلتين؛ فإنه وَلِيَ علاجه)) أخرجه البخاري (2557) .(10/232)
هدايا الشركات للموظفين
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 28/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فضيلة الشيخ أود أن أستفتيكم في موضوع الهدية، وإليكم المعطيات التالية:
(1) أشتغل بإدارة حكومية تابعة لوزارة المالية، وتعنى بالتأمينات والاحتياط الاجتماعي.
(2) تقوم هذه الإدارة من بين ما تقوم به بمراقبة شركات التأمين الموجودة بالسوق.
(3) في نهاية كل سنة ميلادية تقوم بعض الشركات بإرسال بعض الهدايا لعدد من المسؤولين بهذه الإدارة الحكومية ولبعض الموظفين العاملين بها كذلك.
(4) بعض هؤلاء المسؤولين، وأنا من بينهم، لست مكلفاً بالمراقبة وليس لدي احتكاك دائم أو مباشر مع مسؤولي أو موظفي هذه الشركات.
(5) في نهاية كل سنة ميلادية يقوم عدد من هذه الشركات بإرسال هدايا لعدد من المسؤولين وبعض الموظفين العاملين بهذه الإدارة الحكومية وخصوصاً المراقبين الذين يراقبونها.
(6) هذه الهدايا ترسلها الشركات إلى مقر الإدارة الحكومية في وضح النهار، وتحمل كل هدية اسم صاحبها، وتسلمها لإحدى المصالح بالإدارة التي توقع على التسليم، وتقوم بعد ذلك بإعطائها لمن وجهت إليهم.
(7) هذه الهدايا أنواع:
أ. فبعض الشركات ترسل مذكرات سنوية أو ساعات حائطية أو محافظ أو منتوجات أخرى إشهارية تحمل علامتها التجارية واسمها.
ب. شركات أخرى ترسل هدايا عبارة عن: كؤوس كريستال أو مجموعة صحون أو إبريق شاي أو صينية أو بعض أواني تستعمل للتزيين في المنازل.
ج. شركات أخرى ترسل الحلوى فقط.
الأسئلة:
بعض المسؤولين عن مراقبة الشركات وكذا المراقبين يأخذون هذه الهدايا على اعتبار أنها تأتي في وضح النهار، وأنها لا تؤثر في أدائهم لعملهم بأن يتجاوزوا عن أخطاء بعض الشركات، مثلاً. فهل يجوز لهم ذلك؟(10/233)
بعض المسؤولين وبعض الموظفين الذين ليست لهم علاقة بمجال المراقبة ولا يتعاملون مع هذه الشركات، بل فقط هي التي تأخذ أسماءهم من الوثائق الحكومية العمومية وترسل إليهم الهدايا، يأخذون هذه الهدايا ولا يرون في ذلك بأساً ما داموا لا تربطهم علاقة مباشرة معها، فهل يجوز لهم ذلك؟
البعض الآخر من المسؤولين أو الموظفين لا يرى بأساً بأخذ الهدايا التي تحمل العلامات التجارية للشركات والتي غالباً ما تكون مواد إشهارية، ويجدون حرجاً في أخذ باقي الهدايا. فهل يجوز لهم ذلك؟
البعض الآخر لا يرى بأساً في أخذ هذه الهدايا ما دامت الشركات التي ترسلها تسجلها في حساباتها التجارية، ويسمح لها القانون المحاسبي بذلك، وتعفى المبالغ المالية المرصودة للهدايا من الضرائب. فهل يجوز لهم ذلك؟
وأخيراً كيف يتصرف الإنسان مع هذه الهدايا إذا كانت مما لا يجوز؟ وماذا يعمل من سبق له أن انتفع ببعض هذه الهدايا في سنوات سابقة؟
جزاكم الله خيراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الجواب
يجوز للموظف أخذ الهدايا الرمزية والدعائية، التي تقدمها الشركات، ما دامت الشركات ترسلها للموظفين والمسؤولين في وضح النهار، وهي لا تؤثر على عطاء الموظفين والعاملين في وظائفهم فيتجاوزوا عن أخطاء تلك الشركات التي يقومون بمراقبتها، وما دامت هذه الهدايا يسمح بها القانون المحاسبي للشركة الدافعة، وتعفى المبالغ المالية المرصودة لهذه الهدايا من الضرائب، إذا كان الأمر والحال كما ذكرت يا أخي في سؤالك فلا حرج في قبول هذه الهدية المقدمة من الشركة ما دام عين الهدية حلالاً، لأن هذه الهدايا دعائية (إشهارية) للشركات، وجرت بها العادة للدعاية والمنافسة مع الشركات الأخرى، ولا يدخل هذا في الرشوة المحرمة لجميع من ذكرتهم في سؤالك، والله أعلم - وصلى الله على نبينا محمد-.(10/234)
قبول المساعدة من شركات اليانصيب
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 12/8/1424هـ
السؤال
جمعية إسلامية في بريطانيا، تقيم برامج رياضية للأطفال والشباب، هل يجوز لها قبول مساعدات من مؤسسة تقدم الدعم لمثل هذه البرامج الرياضية، إذا كانت هذه المؤسسة تحصل على الدعم من اليانصب المسمى (لوتري) LOTTERY.
الجواب
إذا كان مال هذه المؤسسة الداعمة للجمعية كله من اليانصب (لوتري) فالأولى عدم قبول تلك المساعدة، أما إذا كان مال هذه المؤسسة مختلطاً من حرام وغيره فلا بأس بقبوله، لعدم تعين الحرام فيما تدفعه من مساعدات لهذه الجمعية، ولأنه لا يدفع ويملك لشخص بعينه، وإنما يدفع للجمعية التي تصرفه في شؤونها فلا بأس حينئذ، هذا كله إذا كانت المؤسسة الدافعة إسلامية، أما إن كانت هذه المؤسسة كافرة فيجوز قبول مساعدتها من باب أولى، فليس بعد الكفر ذنب، وقد عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الكفار والمشركين، وقبل الهدايا من أهل الكتاب والمشركين، كما هو ثابت في كتب السنة النبوية، فقد أهدى ملك (أيلة) للنبي - صلى الله عليه وسلم- بغلة بيضاء وكساه برداً البخاري (1481) ، ومسلم (1392) ، وقبل من المقوقس ملك مصر هديته: مارية القبطية وبغلة انظر الإصابة (6/297) . والهدية للكافر أو أخذها منه تدخل في معنى البر والإحسان، كقوله تعالى:"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" [الممتحنة: 8] ، والله أعلم.(10/235)
هبة المال للأبناء
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 4/4/1423
السؤال
رجل مسن ولديه بنتان إحداهما متزوجة والأخرى لم تتزوج بعد، ويريد أن يهب كل ممتلكاته لابنتيه، أي: يكتب باسمهما عقود بيع وشراء، وذلك حتى لا يرث أقاربه مع بنتيه، حيث إن هؤلاء الأقارب يتمنون موت الرجل المسن حتى يرثوه، بالرغم من أنه يساعدهم ويحنو عليهم كثيراً، فما رأي الدين في ذلك؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
الجواب: إنني أرى أنه يجوز أن يهب ماله لابنتيه في حال حياته ما دام في حالته المعتبرة شرعاً، وليس مريضاً مرضاً مخوفاً أو مرض الموت؛ لأن لكل إنسان عاقل مكلف له حق التصرف في ماله في حال حياته ما دام في حالته المعتبرة شرعاً -كما تقدم-، وليس ما ذكر في السؤال وصية, وإنما هبة لماله في حال حياته إذا روعي فيها العدل بين أولاده حيث سيقسمه بين ابنتيه، لكنني مع هذا أرى أنه لا يستحسن له فعل ذلك، بل قد يكون مكروهاً مع قصد حرمان بقية وارثيه من قرابته؛ لأنه إذا فعل ذلك، فإنه سيحصل قطيعة بينه وبين قرابته، بل وبينهم وبين بناته، والله قد نهى عن قطيعة الرحم قال -تعالى-:"فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ" [محمد:22-23] .(10/236)
هذا وكون قرابته يتمنون موته لا ينبغي أن يكون دافعاً لقطيعتهم ولا مانعاً من صلتهم، فقد روى البخاري في صحيحه (5991) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعت رحمه وصلها"، وروى مسلم في صحيحه (2558) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ، فقال:"إن كنت كما قلت فكأنما تُسفهم المل، ولا يزال معك من الله عليهم ظهير ما دمت على ذلك".
هذا والذي ينبغي أن يترك الأمر على ما هو عليه ولا يعلم من يموت الأول أهو أم ابنتاه أم قرابته؟ وإحسان النية أمر مطلوب، وكذا المحافظة على صلة الرحم، والله أعلم.(10/237)
هبة الجد لأحفاده
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 20/7/1424هـ
السؤال
توفي أب عن ثلاثة أولاد، فكتب لهم جدهم لأبيهم قطعة أرض بيع / شراء -كما يقولون-، فهل يحق للأولاد التصرُّف في هذه الأرض؟.
الجواب
نعم، يحق لهم ذلك ما دام أن جدّهم أعطاهم إياها بطيب خاطر منه.(10/238)
الهدايا التجارية من حق المشتري
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 1/6/1423
السؤال
طلب زميل زوجي من زوجي أن يشتري له مكيفات،
فإذا بالبائع يعطي زوجي هدية على المكيفات، فهل يحق لزوجي أخذها؟ مع العلم أنه لو اشتراها الرجل لما أخذ الهدية؛ لأنه ربما يشتري من غير البائع الذي اشترى منه زوجي.
الجواب
يظهر من السؤال كما هو واضح من آخره أن بعض محلات البيع تعطي هدايا على الشراء وبعضها لا تعطي، وزوجك عرف المحلات التي تعطي هدايا على الشراء فاشترى منها، فأعطي هدية على هذا الشراء وليس من أجل الشخص نفسه، وبناءً على هذا فإن الهدية تتبع الشراء، أي: هي لزميل زوجك الذي دفع قيمة المكيفات وليست لزوجك.
لكن لزوجك أيضاً أن يصارح زميله، ويقول: أنا ذهبت إلى المحلات التي تعطي هدايا، وقد لا تعرفها أنت فأعطيت هدية ولعله يهبها له، أما أخذها بدون إذنه فلا يجوز؛ لأنه إنما أعطي إياها من أجل شرائه لا من أجل سواد عيونه وشخصه، والله أعلم.(10/239)
هدية العامل لرئيسه
المجيب د. سليمان بن قاسم العيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 23/1/1423
السؤال
أحد الأقارب يعمل ضابطاً عسكرياً، قدّم إليه أحد الذين يعملون لديه (أحد الأفراد) هدية، ما حكم أخذه لهذه الهدية؟
الجواب
اعلم أخي السائل أن هدايا العمال لرئيسهم في العمل من الأمور المحرمة شرعاً؛ لما في الصحيحين (البخاري (6636) ومسلم (1832)) من حديث ابن اللتبية حين استعمله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عمل فجاء وقال:" هذا لكم وهذا أهدي لي". فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال:" ما بال العامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا أهدي لي. أفلا قعد في بيت أبيه أو بيت أمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟..". ولما في ذلك من ضرر بالعمل كتساهل معهم في ترك واجب أو عمل ممنوع أو أكل باطل، والله أعلم.(10/240)
هبة البنت على أنها جارية
المجيب أ. د. بكر بن زكي عوض
أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الأزهر
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 29/11/1423هـ
السؤال
قيل لي بأن دين الإسلام يجيز أن يهب الرجل ابنته كجارية (أمة) إلى أي أحد، فهل هذا صحيح؟ هل صحيح أن الإسلام يجيز جعل فتاة حرة مسلمة جارية مسلوبة الحرية بقرار من أبيها؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله، وبعد:
هذا القول غير صحيح، فليس للإنسان أن يهب إلا ما يملك، والولد -ذكراً أو أنثى- أمانة من الله عند الوالدين، فلا يملك الرجل أن يهب ابنته لآخر، بل لا يملك أن يزوجها بدون رضاها، وهو مسؤول عن النفقة عليها وتأديبها وتعليمها وصيانتها من كل أذى، ليكون جاراً للرسول في الجنة كما ورد في الحديث.
والإسلام حرم على الأب أن يأخذ مهر ابنته لنفسه -قل أو أكثر- بل يعطيها إياه، ويكرمها عند الخروج من بيته إلى بيت الزوجية بما تيسر فكيف يمكن القول بالهبة.
ولا يمكن القول إنه يزوجها بالهبة لأن نكاح الهبة باطل ومحرم شرعاً ولا يجيز الإسلام استرقاق الحرائر رجالاً كانوا أو نساءً ومن الذين حرم الله عليهم الجنة رجل باع حراً وأكل ثمنه.
إن بيع البنات من شريعة اليهود مقابل ثمن أو عمل كما في بيع ليئة وراحيل ابنتا لابان لزوجهما يعقوب.
وتزويج الرجل ابنته لا يعني هبتها أو بيعها بل نزولاً على شرع الله مع احتفاظها بكل حقوقها كإنسانة لها كل حقوق الإنسان في الإسلام، والله أعلم.(10/241)
التحايل لأخذ إعانة الدولة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 25/3/1424هـ
السؤال
هنا الدولة تعطي مساعدة رمزية للمرأة حين تلد (30 $ كل شهر لمدة سنة) ،
ولكن إذا كانت عاملة فتعطيها نسبة من معاشها (ما يقارب 90$ كل شهر لمدة سنة) ،
وحين كانت زوجتي حاملاً، قال لي صديقي بأنه يسمح لها أن تعمل عنده، بدون أن تحضر للعمل، ودون أن يعطيها شيئاً، حتى إذا وضعت المولود أعطتها الدولة (90$ كل شهر لمدة سنة) ، مع العلم أننا دفعنا 220$ ضريبة للدولة حتى تستطيع أن تسجل عند صديقي، هل المال الذي سوف آخذه من الدولة مال حرام؟ أرجوكم أفيدوني.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإذا كانت زوجتك لا تذهب إلى العمل وصاحب العمل لا يعطيها شيئاً، فيظهر أن عقد العمل بينهما عقد صوري للتحايل على أخذ الإعانات من الدولة، ولا أراه إلا من قبيل الغش والخداع والتدليس، ولا يجوز للمسلم أن يستأكل الأموال - سواء كانت أموال مسلم أو كافر معاهد- بالغش والكذب والخديعة.
أما إذا كنت قد دفعت للدولة ضريبة على هذا العقد الصوري للعمل، فلزوجك أن تمضي في عقد عملها مع صديقك ولو بالصيغة الصورية، حتى تسترد هذه الضريبة التي دفعتها للدولة على إجراء هذا العقد، ولكن بشرط ألا تأخذ من إعانة الدولة أكثر من قيمة الضريبة (220$) ، وما زاد على ذلك من الإعانات التي تقبضونها فيجب أن تتخلصوا منها وتنفقوها في مصالح المسلمين فحسب.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/242)
أخذ المدرسة لهدايا الطالبات
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 6/7/1424هـ
السؤال
أنا مدرسة في الثانوي وأتلقى هدايا من الطالبات، فهل يجوز أخذها؟ وإذا كنَّ طالبات آخر سنة وأنا لا أدرسهن، فهل هذا جائز؟
الجواب
إذا كنت لا تتولين تدريسهن ولا امتحانهن ولا أي مصلحة متعلقة بهن فلا حرج إن شاء الله تعالى في قبول هداياهن، لا سيما إذا كان دافع ذلك المحبة في الله، وأما إذا كنت تخافين أن يكون المقصود بهذه الهدايا تحقيق غرض عاجلاً أو آجلاً لهن أو لبعض ذويهن فالأولى عدم القبول، ورد ذلك بطريقة مناسبة لا تفسد قلوبهن عليك، وذلك اتقاء للشبهة، وفقك الله في الدنيا والآخرة.(10/243)
تخصيص نسبة من المبيع للفقراء المحتاجين
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 5/5/1424هـ
السؤال
نظراًً للمنافسات التجارية الحالية في الأسواق الإنتاجية، وبحكم عملي كمدير لإحدى المنشآت الكبيرة في هذا البلد قررت خوض هذه المنافسات بشيء يعود مردوده لمصلحة الناس جميعاً، وذلك خلال عرض المنتوجات التي تنتجها المنشأة التي أديرها تحت شعار: (أخي المستهلك: اشتر أي قطعة من...... وأعلم أن نسبة مئوية من سعر المبيع عائدة إلى المنشآت الخيرية ومساعدة الفقراء والمحتاجين) .
ملاحظات:
(1) إن قيمة السلعة التي سوف أدخل بها المنافسة التجارية سعرها بعد المنافسة كما هو قبل المنافسة بدون زيادة، وبدون تعديل على جودة المنتج وصلاحيته.
(2) إن كلمة المنشآت الخيرية تضم:
ـ مساعدة المدارس الشرعية بمبالغ قيمة تسلم بإيصال معتمد.
ـ إقامة بعض المشاريع التي يحتاجها الناس ـ حسب الظرف الراهن ـ.
ـ مساعدة الفقراء من خلال إقامة مراكز لتسجيل عناوين العائلات الفقيرة، وهذه المراكز تقوم بالمساعدات المطلوبة بعد التحقق.
3ـ إن الغاية من هذه المنافسة وهذا الإعلان زيادة حجم المبيعات لمنتجات الشركة مرتبط بمشاريع خيرية تعود على الناس بالمصلحة والمنفعة. أخيراً أرجو من مقامكم الكريم تسجيل ملاحظاتكم إيجاباً أو سلباً بشكل موضح. أدامكم الله منارات للهدى والحق ودمتم باحترام.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد فلا يظهر - من تأمل الطريقة التسويقية التي ذكرها السائل محظور وأرجو أن يكون من جملة الأعمال الصالحة التي تنفع صاحبها إن كانت نيته في ذلك حسنة، وهي نوع من التعاون إذ المشتري اختار هذه السلعة ليكون بعض ما يدفعه مساهمة في المشاريع الخيرية والصدقات هذا ما ظهر لي، والله الموفق والهادي.(10/244)
هل الهدية لا تُهدى؟!
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 19/4/1424
السؤال
هدية أهديت لي من قريبة، وأريد أن أهديها لقريبة أخرى، ما حكم ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
لا بأس بذلك، لأنه لا يلزمك أن تستعملي الهدية، فلك حق التصرف في استعمالها، أو إهدائها، أو بيعها، أو الصدقة بها.(10/245)
تنازل المرأة عن حقها في الميراث
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 27/07/1425هـ
السؤال
الإخوة الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز للمرأة أن تتنازل عن حقها في تركة والدها دون أن تعرف قدرها أو تمتلكه؟ وهل يجوز لها التنازل عن حقها في التركة دون أن تستأذن زوجها أو تأخذ رأيه؟ وهل البيت المسكون يدخل ضمن التركة؟ أفيدوني مما أفادكم الله؛ وجزاكم الله كل خير.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
1- فأكثر العلماء أنه لا تجوز هبة المجهول، وعليه فإذا كانت هذه المرأة تجهل مقدار نصيبها من تركة والدها فلا تصح هبتها إياه، وأما الامتلاك فالصحيح أنه يدخل ملكها بمجرد وفاة والديها، ولا تحتاج إلى قبول لتتملك به نصيبها.
2- يجوز لها التنازل عن حقها في التركة دون أن تستأذن زوجها أو تأخذ رأيه؛ لأنها المالكة ولها حرية التصرف في مالها، لكن إن رأت من حسن العشرة واختيار الأفضل أن تشاوره؛ فذلك خير، على أني أحب أن أنبِّه على أن بعض الأعراف عند بعض الناس تُلزم المرأة بالتنازل لشركائها من الذكور في التركة، وإلا نُظر إليها نظرة معينة، وهذا من الظلم الاجتماعي المخالف للشرع.
3- البيت المسكون إذا كان ملكاً للمورِّث - المتوفى- ولم يجعله وقفاً ولم يخرجه عن ملكه فهو داخل ضمن التركة وله حكمها. والله -تعالى- أعلم.(10/246)
تغيير جهة التبرع
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 13/7/1424هـ
السؤال
هناك عائلة فقيرة بجوارنا وأهل المنطقة قاموا بحملة تبرعات وإجراء صيانة للبيت، ثم زاد مبلغ من المال، وهناك من هو أحق منهم بهذه التبرعات، فهل يجوز لي أن أعطيها لغيرهم؟ حيث إني أنا المسئول عن هذا المبلغ، كما أن هذه العائلة تأتي بعض المنكرات مثل حضور الحفلات الماجنة، رغم نصحنا لهم، وليس هناك من يعولهم ويتولَّى أمرهم، حيث إنهم ثلاث بنات، وأم وأخ متخلفان عقلياً، فهل نتركهم؟ فأهل المنطقة كرهوا مساعدتهم لتعنتهم وإصرارهم على المنكر.
الجواب
إذا أخذت تبرعاً من مسلم بصرفه في شيء معين وجب عليك صرفه فيه، فإن أردت تغيير جهة الصرف وجب عليك الاستئذان من المتبرع، وأما هذه العائلة فإن كانت محافظة على فرائض الدين من صلاة وصوم وزكاة وحج، وهي في حاجة للمال فعليك صرفها لهم، ولا يضر ذلك بعض المخالفات التي لا يسلم منها كل مسلم، فكل ابن آدم خطاء، وإن كانت غير محافظة على فرائض الدين فإن هذه التبرعات تصرف لمن هم أحق بها من أهل الدين والصلاح والأمانة والمحافظة.(10/247)
أخذ الهدية على الشفاعة
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 6/6/1424هـ
السؤال
قد أتى رجل لأحد أصحابي في الشرطة، وعرض عليه إخراج سيارة والتوسط بذلك، وعرض عليه مبلغ (500 ريال) ، ولم يطلبها فتوسط في ذلك وأخذ المبلغ من غير اشتراط، ما حكم هذا المبلغ رغم أنه تصرف بنصفه؟
الجواب
ورد في الشفاعة حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له هدية فقبلها فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا" رواه أبو داود (3541) وحسن إسناده بعض أهل العلم، فالشفاعة تكون لوجه الله - عز وجل- وهي من الأمور التي تبذل مجاناً دون مقابل هذا في الأصل، وبناءً على ذلك فلا يجوز أن يأخذ مقابلاً لهذه الشفاعة حتى لا تسد أبواب المعروف بين الناس.(10/248)
قبول هدية مَن ماله حرام
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 18/7/1424هـ
السؤال
أخي موظف في أحد البنوك وقام بشراء جهاز كمبيوتر محمول لي، مع العلم أني لا أستطيع أن أشتري لنفسي، لأني طالب وأحتاج لهذا الجهاز في دراستي، وأنا استخدم الجهاز في الأمور الشرعية التي أخدم فيها بإذن الله الإسلام بقدر استطاعتي، مثل كتابة مجلة إسلامية للمسجد بهذا الجهاز، هل أرجع الجهاز ولا استخدمه أم ماذا؟ أفيدونا أثابكم الله.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
استخدامك لهذا الجهاز جائز ولا بأس به، وهذا الكمبيوتر الذي وصل لك من عمل أخيك هذا جائز ولا بأس به؛ لأن المال إذا كان محرماً لكسبه فإنما إثمه على الكاسب فقط، أما غيره فإنه لا يأثم، فإذا جاءتك هدية مثل هذا، ولو كان من محرم لكسبه فهذا جائز إن شاء الله، لكن أهل العلم كرهوا ذلك كراهة دون أن يكون هناك إثم، فيظهر لي والله أعلم أن استخدامك له مع الحاجة أن هذا إن شاء الله لا بأس ولا يلزم عليك أن ترده.(10/249)
بذل الهدية درءاً للظلم
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 18/9/1423هـ
السؤال
أنا طالبة في إحدى الجامعات الحكومية، والمشكلة هي: أنني فوجئت في يوم الامتحان لإحدى المواد بقرار من الدكتور المسؤول عنها، والممتحن لها بإلزام كل طالبة بما يسميه الهدية مقابل النجاح، والتي لم تحضر له الهدية جزاؤها الرسوب. أنا غير راضية ومؤمنة بحرمة هذا الأمر خصوصاً أنه يأخذ الهدية ويضع الدرجة، (حسب قيمة الهدية) ولا توجد أسئلة، أريد أن أعرف ماذا أفعل؟ خاصة وأني راسبة في مادتين (بسبب ظلم دكتور آخر) أي: أن الرسوب في أخرى سيؤدي إلى الرسوب عاماً كاملاً، وأنا في العام الثالث وأتمنى أن أتخرج من هذه الكلية، الظالم أهلها، أفتوني في أمري هل علي وزر إذا قدمت له هذه الهدية مضطرة لاتقاء شره؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
إذا كان الأمر -كما ذكرتِ- فأرجو ألاّ حرج عليك في بذل الهدية له؛ لأنك مضطرة لذلك لأجل رفع الظلم عنكِ وأخذ الحق لك، وليس هذا من الرشوة في شيء، -والحمد لله-، وقد روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه أخذ بأرض الحبشة في شيءٍ، فأعطى دينارين حتى خُلي سبيله، وروى عن جماعة من أئمة التابعين أنهم قالوا:"لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم" انظر تحفة الأحوذي (4/471) .
ولكن يجب عليكنَّ - وجوباً كفائياً - أن تشهدن عند المسؤولين في الجامعة على هذا المجرم الظالم بجرمه المشهود، إنكاراً للمنكر، ودفعاً للظلم، ونصرة للحق، ولن تعدمن للحق ناصراً.
والتواطؤ على السكوت خذلان للحق وتمكين للظلم، وهو غرم في الدنيا وإثم في الآخرة.
أسأل الله -سبحانه- أن يجعل لك من كل همّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل بلاء عافية، وأن يعينك على أمور دينك ودنياك، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.(10/250)
استعادة الهبة
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 2/2/1425هـ
السؤال
المال الذي يدفعه الإنسان إلى أخيه على سبيل المساعدة والهبة، هل يجوز له المطالبة بإرجاعه عند حدوث خلاف بينهما؟ وهل يلزم المستفيد إعادته؟ وهل يأثم الذي طلب الإعادة؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:(10/251)
إذا دفع الإنسان لأخيه أو قريبه أو رفيقه مبلغاً من المال على سبيل المساعدة؛ فإن الواجب عليه أن يقصد بذلك التقرب إلى الله - عز وجل- طلباً في ثوابه، كما قال تعالى: "إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً" [الإنسان:9] ، وعلى المسلم أن ينوي بأعماله كلها وجه الله تعالى؛ لأن ما عند الناس ينفد وما عند الله باق، ويصدق هذا الأمر ما حصل بينك وبين أخيك، فإن مساعدتك له ذهب نفعها لما حصل الخلاف بينك وبينه، ولكن إذا نوى الإنسان بعمله وجه الله؛ فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً. أما ما سألت عنه فإنه لا يجوز للإنسان أن يرجع في هبته لأخيه، فإذا دفع الإنسان مبلغاً من المال لغيره من الناس على سبيل التبرع والهبة، فإنه لا يجوز له الرجوع بعد أن يقبضها الموهوب له مهما كان السبب الداعي إلى ذلك؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم-: "العائد في هبته، كالعائد في قيئه"، وفي لفظ: "كالكلب يعود في قيئه"، وفي رواية: "ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه" متفق عليه البخاري (2589) ، ومسلم (1622) ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: "ليس لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها، إلا الوالد فيم يعطي ولده" رواه أصحاب السنن الأربعة الترمذي (1299) ، وأبو داود (3539) ، والنسائي (3690) ، وابن ماجة (2377) ، وإذا كان الإنسان لا يجوز له أن يرجع في هبته لأخيه، فإنه يأثم إن طلب الرجوع؛ لأنه يطلب فعلاً محرماً، ولا يلزم الآخذ (الموهوب له) إعادة ما أخذ، ولا يأثم بذلك، لأن هذا المال أصبح ملكاً خالصاً له لا يشاركه فيه غيره والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(10/252)
التبرع للكفار بالدم
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 24/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم التبرع بالدم للكفار؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هؤلاء الكفار لا يخلو أمرهم من حالتين:
الحالة الأولى: أن يكونوا كفاراً محاربين للمسلمين، فهؤلاء لا يجوز التبرع لهم؛ لأن هؤلاء أعداء لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم-، وهم محاربون للمسلمين، فلا تجوز إعانتهم عليهم.
الحالة الثانية: أن يكونوا كفاراً غير محاربين، وإنما هم مستأمنون أو معاهدون، فهؤلاء في حال الضرورة يجوز التبرع لهم؛ لقول الله - عز وجل-: "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً" [المائدة: 32] . والله أعلم.(10/253)
ينفق عليها من مال مختلط بالحرام
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 13/7/1425هـ
السؤال
إحدى الأخوات تود التبرع لمشروع بناء مسجد، ولكن ولي أمرها الذي ينفق عليها يعمل في بنك ربوي، وليس لها من ينفق عليها غيره، فما الحكم؟ وما حكم صدقة من يعمل في بنك ربوي؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد:
إذا كان ولي أمرها يعطيها نفقتها الشهرية أو اليومية، وتوفر منها لتتبرع للمشاريع الخيرية، فهي مأجورة على ذلك - إن شاء الله- وإذا لم يكن لها دخل إلا من هذا الرجل فليس عليها أن تسأل عن دخله؛ وإنما يحسن منها بذل المناصحة له لتحري الكسب الحلال، والصدقة من كسب حرام لا تقبل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ المؤمنين بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ؛ فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا] (المؤمنون: من الآية51 [. وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ] البقرة: من الآية172 [". ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ "يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ. وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وغُذِّيَ بِالحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟! ". أخرجه مسلم (1015)
فذكر صلى الله عليه وسلم أن أكل الحرام يمنع من إجابة الدعاء.
وأما نفقة هذه المرأة فهي - إن شاء الله- مقبولة؛ لأنها تنفق مما دخل عليها ممن يجب عليه الإنفاق عليها. والله أعلم.(10/254)
هل يعد هذا تمليكًا؟
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 28/08/1425هـ
السؤال
لي إخوة في المهجر منذ فترة طويلة من الزمن، وكنت الوحيد من إخواني الذي يعيش في بلدي مع والدي وأخواتي، وفي سنة من السنوات منذ فترة ليست بالقليلة اشترى إخوتي الذين في المهجر منزلاً، وطلبوا من الشخص الموكل بالشراء إثبات ملكية البيت باسمي؛ لكوني أقوم برعاية والدي الذي كان كبير السن وأخواتي، وبعد فترة من الزمن-خمسة عشر عامًا تقريبًا- فوجئت بطلب من إخوتي بالتنازل عن المنزل، حينها كنت قد بلغت رشدي وتزوجت، ولهذا قابلت طلبهم بالرفض، وكان ذلك من منطلق العقل فحسب، فلا يعقل بعد هذه الفترة الطويلة من الزمن أن أبقى أنا وأولادي من غير منزل، وهم كانوا في المهجر مغتربون، وقاموا ببناء منازل لهم في بلدنا، فهل لي حق الرفض في التنازل؟ وما المخرج المناسب في ذلك شرعًا؟ جزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هؤلاء الإخوة إن كانوا قد وهبوك هذا المنزل فإنه لا يجوز لهم الرجوع فيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "العَائِدُ في هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ في قَيْئِهِ". أخرجه البخاري (2589) ومسلم (1622) . وقوله صلى الله عليه وسلم: "العَائِدُ في صَدَقَتِه كَالْكَلْبِ يَعْودُ في قَيْئِهِ". أخرجه البخاري (1490) ومسلم (1620) ، ولأن الإنسان إذا أخرج لله عز وجل فإنه لا يجوز له أن يرجع، وأما إن كان قصدهم إعارتك هذا المنزل تسكن فيه حتى يرجعوا، أو حتى يطالبوا فلهم الحق. والله أعلم.(10/255)
الخصم لنظام التقاعد
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 24/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعمل في إحدى المؤسسات، ويوجد بها صندوق للتأمين الخاص، ونظامه خصم مبلغ شهري في حدود 66 جم تزيد سنويًّا ثم يتم خصم حوالي 500 جم سنويًّا تزيد أيضًا سنويًّا بزيادة المرتب الشهري، وفى حالة الوفاة يتم إعطاء المشترك 28 شهرًا من قيمة المرتب الذي يصل حاليًّا بالنسبة إلى 240 جم بالإضافة إلى 5 أشهر عن كل عام خدمة بالمؤسسة، أما في حالة خروج الموظف على المعاش يحصل على مبلغ يصل إلى حوالي 300 ألف جنيه، علمًا بأن المبلغ الذي يحصل عليه الشخص في كل حالة لا يصل قيمته إلى ما تم دفعه، ويستثمر هذا الصندوق أمواله في شهادات استثمار مجموعة (أ) ذات العائد الثابت بنسبة 88 % من أمواله. نرجو من فضيلتكم إفادتنا بالرأي عن مدى كون هذا الصندوق الاشتراك به حلال أم حرام؟ جزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ما يحصل عليه الموظف من معاش تقاعدي، بعد تركه للخدمة جبرًا أو اختيارًا جائز شرعًا- سواء زاد أو نقص عمَّا دفعه الموظف؛ لأن هذه الزيادة هي من باب عقود التبرعات وليست من باب المعاوضات، لأن الشركة أو المؤسسة الحكومية مثلاً عملت هذه الزيادة تشجيعًا منها ليدخل الناس في خدمتها، ومن باب الدعاية لها، ومنافسة منها للشركات والمؤسسات الأخرى، مع العلم أن الموظف ليس دائمًا يدفع أكثر مما يأخذ من الشركة، بل إذا طالت خدمته أو تأخرت وفاته فإنه يأخذ أكثر مما دفعه.(10/256)
أما إذا كانت أموال الشركة محتملة لهذا الصندوق المشار إليه في السؤال- تستثمر في البيع والشراء فإن المساهم (الموظف) شريك في الربح والخسارة، وغالب شركات التأمين تمتنع عن ذلك، وإنما تعطيه قسطًا تأمينيًّا ثابتًا أو مقطوعًا، وهذا حرام؛ لأن هذا العمل عقد معاوضة، وعقود المعاوضات يجري فيها الربا عكس عقود التبرعات، وإذا كان الأمر كذلك فإن عمل هذا الصندوق غير شرعي لاشتماله على الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النسيئة، ولما فيه من الجهالة والغرر، فضلاً عما يتعامل به عادة بالبيع والشراء من الأعيان المحرمة غالبًا كالخمور ولحم الخنزير ومشتقاتهما، وإذا كان الأمر كذلك فهذا العمل لا يجوز إن كان لك مندوحة عنه، وإن كنت مجبرًا عليه ولا خيار لك- ولا أظن الأمر كذلك- فدخولك فيه حينئذ جائز من باب الضرورة والقاعدة الشرعية: "الضرورات تبيح المحظورات" تؤيد ذلك، غير أن الضرورة تقدر بقدرها كيفًا وكمًّا، وزمانًا ومكانًا، وأخيرًا أنصحك ألا تأخذ من التأمين أكثر مما دفعت، والأولى لك عدم الدخول في هذا الصندوق التأميني. والله أعلم.(10/257)
تبنَّوه فهل ينتسب إليهم؟
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 08/11/1425هـ
السؤال
إلى شيخنا الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي مشكلة وأريد حلاً لقد نشأت في أسرة ليست أسرتي، حيث إن الأب والأم لا ينجبان، فقاموا بجلبنا وتسجيلنا في الجنسية على أننا أبناءهم، وقد كتمت الأمر في قلبي، أبلغ من العمر الآن 21 عاماً، لقد مات أبى وترك لنا أملاكه التي هي مصدر رزقنا الدنيوي، هل هذه الأموال من حقنا أم أن مطعمنا حرام، وملبسنا حرام، لقد تعبت، لا أعرف من هم أهلي الحقيقيون، وهل أنا ابن حلال أم لا؟ وهل ورد بخصوص ابن الحرام أن لذلك تأثير على دينه؟ وإذا أردت أن أتزوج ماذا أقول لأهل العروس وكيف سأواجه الناس التي لا ترحم؟ أفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الجواب: أنه إن كان هذا الرجل قد وهبكم هذا المال في حياته، أو شيئاً منه فهو حلال لكم بلا إشكال، وكذا إذا وصى لكم به بعد موته، لكن يشترط هنا (في الوصية) أن يكون لا وارث له لا بفرض أو تعصيب أو رحم، فإن كان له وارث فليس لكم من الوصية إلا الثلث فقط. هذا أولاً.(10/258)
ثانياً: أنه إن كان لم يفعل شيئاً مما تقدم فماله لورثته، ويجب أن يرد إليهم كل ما خلفه من مال منقول، أو ثابت، وأنه لمن النادر أن يكون الشخص ليس له وارث بفرض أو تعصيب أو رحم، ومن النادر أيضاً أن يكون منقطعاً ليس له قبيلة أو جماعة ولو من بعيد، وقد مات رجل من قبيلة فدفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ميراثه إلى أكبر رجل في قبيلته. أخرجه أحمد (5/347) ، وأبو داود (2903) ، (2904) ، والحديث وإن كان في سنده مقال إلا أن الأصول تؤيده وتدل عليه، وله حظ من النظر، وبه قال طائفة من العلماء كالإمام أحمد في قول منصوص، لكن يشترط لذلك ألا يكون هناك من هو أقرب منه، أو أولى منه، فإن عدم ذلك كله فماله لبيت المال (بيت مال المسلمين) إن كان منتظماً، وهذا متعذر في بلدكم الآن، وعليه فإذا تحققتم من انعدام ورثته فبالإمكان التواصل معنا عن طريق هذه النافذة بالسؤال والاستفسار مستقبلاً. وهذا ثالثاً.
رابعاً: أنه في حالة وجود ورثة له فتدفع أصول المال وأعيانه إليهم وما نتج عنه مما لا عمل لكم فيه ولا سبب، أما ما نتج بسبب عملكم أو تجارتكم فيه، فأنتم شركاء للورثة فيه، لكم إما ثلث هذا الناتج والربح، أو نصفه، أو ربعه، حسب العرف عندكم فيمن عمل مثل ذلك من الشركاء، بمعنى أنه يعطى حصة المضارب الذي يكون عليه العمل وعلى شريكه دفع رأس مال الشركة، هذا ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-، أو حسب ما تتفقون عليه مع الورثة.
خامساً: أنه قد ورد الوعيد الشديد جداً لمن انتسب لغير أبيه، وعليه فيجب عليكم تعديل ذلك إن استطعتم إلى ذلك سبيلا، وبإمكان أحدكم أن يبقى اسمه الحالي وينتسب إلى أب وجد معبدين لله كعبد الله بن عبد الرحمن آل عبد الكريم.(10/259)
سادساً: أنه لا يصح حديث في ذم ولد الزنا، وكل حديث ورد في ذمه فهو ضعيف لا تقوم به حجة ولله الحمد-، ولا تأثير عليه في دينه بسبب ذلك، بل ولا تأثير على والديه إذا تابا توبة نصوحاً فما بالك بمن لا ذنب له (من ولد بسبب زلة والديه؟!) ، ولا يجوز تعييره أو سبه بذلك، بل ولا يجوز سب والديه لذلك، ومن فعله فعليه العقوبة والتعزير.
سابعاً: أن هذا أمر قدره الله عليك فارض بقضاء الله وقدره، واصبر واحتسب، كل ما يحصل لك من أذى بسبب ذلك، وعليه فلا بد أن تخبر المرأة التي تريد الزواج منها، وأن تخبر أهلها بوضعك، وإن شاء الله سوف يوفقك الله في امرأة صالحة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/260)
وهبت بنتها بيتها دون سائر ولدها مكافأة لمعروفها!
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 24/10/1425هـ
السؤال
السلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
تقدمت لجارتي طالبًا الزواج منها، وكانت في هذا الوقت عمرها 40 عامًا، ولم يسبق لها الزواج، وإخوانها 11 أخًا، منهم ثلاث إناث غيرها، وقد كرسوها لخدمة والدتهم لانشغالهم بأعمالهم بالخارج، إلى أن وصلت لهذا السن، وقد أحضرت الأم الأخ الكبير لها وطلبت منه أن تؤمِّن لأخته هذه حياتها قبل مماتها، فأشار عليها بالتنازل عن الشقة التي تسكن الأم بها لأخته، خاصة أن الشقة باسم الأم، وقد كان، فتنازلت الأم عن الشقة لابنتها قبل زواجي بها بسبعة أعوام دون علمي بهذا، في يوم زواجي بها وبعد وفاة الأم منذ عام طالبها أخوها الكبير برد الشقة لهم مدعيًا بأن الشرع يحكم بذلك، وادعى بأن والدته تعذب في قبرها من أجل ذلك، سؤالي: هل فعلاً ما فعلته حماتي باطل شرعًا؟ وهل يجب علينا رد الشقة لهم باعتبارهم ورثة شرعيين رغم ثرائهم؟ وهل ضاعت خدمة زوجتي لأمها إلى أن وصل سنها للأربعين هباءً رغم رفضهم لخدمة أمهم؟ علمًا بأن الشقة أقيم بها أنا وزوجتي الآن ولا يوجد مأوى لنا غيرها.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إذا كانت الأم تمتلك هذه الشقة وثبت أنها تنازلت عنها في حال صحتها لابنتها نظير قيامها بخدمتها، وكان ذلك برضا إخوتها وأخواتها، فإن عملها صحيح، ولا يحق لأحد من إخوتها أو أخواتها أن يعترض عليها الآن في ملكية هذه الشقة بعد وفاة الأم، وكذلك إذا كانت ملكية الشقة مشتركة وتنازلوا جميعًا عنها لأختهم الكبيرة، فإنها تعد هبة ولا يجوز الرجوع فيها.(10/261)
وأما إن كانت الأم أعطت هذه الشقة لابنتها دون رضا باقي الأولاد، فهذا ينافي العدل الواجب في العطية بين الأولاد، وقد اختلف الفقهاء في حكم إرجاعها بعد وفاة الواهب، فذهب جمهور العلماء إلى ثبوتها للمعطى له وليس لبقية الورثة الرجوع. وذهب طائفة من أهل العلم إلى أن لباقي الورثة أن يرتجعوا ما وهبه. والذي أراه- إذا كان الأمر على ما ذكر- أن على هؤلاء الإخوة أن يتقوا الله تعالى، ويتركوا النزاع في هذه القضية، ويمضوا عطية أمهم، ولا ينسوا ما فعلته أختهم من خدمة وبرٍّ بهم وبوالدتهم إلى أن تقدم بها العمر، وكان الأجدر بهم أن يحسنوا إليها بأن يمنحوها شيئًا من أموالهم بدلاً من منازعتها ومخاصمتها، ولا سيما أن الله تعالى قد أنعم عليهم بالمال والثراء. وإذا لم يتم حل هذا النزاع بطريقة ودية، فيمكن رفع هذه القضية إلى المحكمة ويفصل فيها القاضي الشرعي. وعليك أن تشعر زوجتك أن تحتسب الأجر عند الله تعالى، وألا تظن أن خدمتها لأمها ضاعت هباء، بل هي محفوظة لها- إن شاء الله- في الآخرة، وثواب الآخرة أعظم من ثواب الدنيا وأبقى.(10/262)
هل لهم الحق في أخذ حق نهاية الخدمة؟
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 21/07/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أحد إخواني -الله يرحمه ويتغمده برحمته إن شاء الله- قد عرض عليه أحد أبناء عمي أن يوظفه بوظيفة بإحدى المؤسسات، وقد اتفقوا على أن يأخذ أخي -الله يرحمه- مبلغ وقدره 3500 ريال شهرياً، ولا يأتي لدوام ولا يأتي ليستلم المبلغ، بل يحول إليه عن طريق البنك أو مع الشخص السابق الذكر، على أن يقوم أخي -رحمه الله- بإعطائهم صورة بطاقته ويسجلونه بمكتب العمل والعمال على أنهم موظفون سعوديون، وقد مضى له ستة أشهر بالوظيفة، الآن وقد انتقل أخي إلى -رحمة الله- فقد عرض علي ابن عمي -الشخص الذي وظف أخي بالمؤسسة- أن نعطيه الأوراق التي تثبت وفاة أخي؛ على أن يصرفون لأولاده وزوجته مبلغاً وقدره 1500 ريال شهرياً، ومبلغًا آخر قدره 10000 آلاف ريال كنهاية خدمة، مع العلم أن ذلك (التوظيف والمطالبة بنهاية الخدمة) تم بموافقة المسؤول المباشر عن التوظيف، وقد عرضت الأمر على زوجته، وقالت أسأل أحد المشايخ هل يجوز أن آخذ المبلغ أم لا؟. حفظكم الله ورعاكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(10/263)
هذا العمل من الشركة والمسؤولين فيها أشبه ما يكون هبة منها؛ لتحصل على نسبة السعوديين المحددة لها لدى وزارة العمل، فالشركة لا تريد من أخيك العمل فيها، وإن كان هذا تحايل فهو من الشركة لا من أخيك؛ إذ لو طلبت منه الحضور أو العمل مقابل ما منحته من راتب لاستجاب، والذي يظهر لي جواز أخذ الراتب التقاعدي ومكافأة نهاية الخدمة وتكييف ذلك شرعاً، أن أخاك تعاقدت معه الشركة على استخدام اسمه فيها مقابل مبلغ معين، وهذا مثل من يبيع رقم طلبه في صندوق التنمية العقاري أو غيره إذا كان رقم طلبه حالاً أو متقدماً، والعلماء في هذا مختلفون بين مجيز ومانع، والذي يظهر لي جواز مثل هذا. والله أعلم.(10/264)
التقاعد والفوائد الربوية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 13/09/1425هـ
السؤال
الحكومة في بلدي تحسم من موظفيها مبلغًا شهريًّا لحساب صندوق التقاعد. بعد ذلك تضيف الحكومة فائدة على المبالغ المتجمعة وتدفع للموظف عائدًا صحيًّا عند التقاعد. ويتم استقطاع المبلغ الشهري من الراتب إجباريًّا.
أنا أرغب في جعل المبلغ المستحق لي في صندوق التقاعد خاليًا من الربا. ويمكن عمل ذلك ببساطة عن طريق تقديم طلب بذلك فيصبح المبلغ المستحق لي خاليًا من الربا منذ بداية التعامل. زوجتي تؤيد بقوة مثل هذا الرأي. لكن آخرين لا يؤيدونه. البعض يقول إن الحكومة تضاعف أموال التقاعد هذه عند التقاعد كرمز تقدير لزميل قديم يترك المهنة ولا يمكنه العمل أكثر مما عمل. وهذا واجب على الحكومة أن تعتني بكبار السن. والبعض يقول إن مبلغ 1500 روبية مثلا الآن لن يكون له نفس القوة الشرائية بعد 30 سنة. فتكون هذه الفائدة لازمة لحفظ القوة الشرائية للمال.
الآن عندي فكرة أن أترك حسابي لدى الحكومة كما هو مع الفائدة. وفي كل شهر رمضان أحسب قيمة الذهب الذي يمكن شراؤه بمالي المتجمع على مدار السنة. ثم في كل سنة أستمر في إضافة قيمة الذهب حتى وقت التقاعد. وعند التقاعد آخذ المبلغ الإجمالي من صندوق التقاعد ثم آخذ منه لنفسي المبلغ الذي يمكنه شراء قيمة الذهب المتجمعة كما حسبتها، وأنفق ما تبقى على الفقراء على أنها ليست من حقي. ثم أدفع الزكاة على المبلغ الذي أخذته لنفسي عن جميع السنوات المتجمعة. وبهذا يكون المبلغ المتجمع لي خاليًا من الربا وله نفس القوة الشرائية. فالإسلام يعتمد على القيم الثابتة من الذهب والفضة وليس على الدرهم والدينار كما في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. أرجو التوجيه والنصيحة منكم.
الجواب(10/265)
ما تفعله الحكومة الباكستانية مع موظفيها- كما في سؤالك- وهو النظام التقاعدي في عموم الدول الإسلامية مع موظفيها ليس عقدًا ربويًّا بل عقد من عقود التبرعات؛ لأن الدولة ممثلة في ولي الأمر معنية برعاية الموظف وبمن يعول بعد نهاية خدمته وكبر سنه فما تقتطعه من مرتبه شهريًّا تضيف عليه ن
سبة تماثل لما اقتطعته منه أو نحوها وتقوم بتشغيلها وتنميتها ثم يصرف له كامل النسبتين بعد تقاعده، وإنما أتت شبهة الربا عند بعض الناس من حيث إن الموظف يدفع مالاً على أقساط قليلة فيأخذ أكثر منها عند تقاعده من الوظيفة، وليس كذلك، إذ حقيقة الأمر أن ما دفعته الدولة من نسبة هو تبرع وليس لقاء عمل، إذ مقابل العمل هو الراتب الشهري الذي يستلمه الموظف آخر الشهر، فهذا من الدولة شبيه بالمكافأة، وأيضًا مما يؤكد أن المعاش التقاعدي عقد تبرع لا معاوضة: أن توزيع هذا المعاش بعد وفاة صاحبه لا يوزع حسب المواريث الشرعية بل على نمط خاص مما يدل على أن الدولة لا ترى ما تعطيه للموظف أو ورثته حقًّا ثابتًا له وإنما هو تبرع له ومكافأة، وهذا زائد عن عقد المعاوضة معها الراتب الشهري الصافي بعد الخصم، وإن كان من شبهة في معاشات التقاعد فهو أن أكثر الدول تشغل نسبة ما تقتطعه من راتب الموظف في أعمال ربوية، وهذا حرام على الدولة ولا دخل للموظف فيه، حيث لم يعلم أو يؤخذ رأيه في تشغيل ما يخصه، فهي المرابية وهي الظالمة، والموظف لم يرض بذلك بل هو مجبر عليه- دخلت مع الدولة على هذا الأساس، وللدولة زيادة الراتب أو نقصانه دون أخذ موافقة الموظف. ولو كان عقدًا كسائر العقود لما جاز لها ذلك.(10/266)
أما إخراج الزكاة عن ما يقتطع منك لقرض التقاعد فلا زكاة فيه لأنك لا تملكه، وإنما تملك راتبك بعد أن تخصم منه هذه النسبة، فإذا كان راتب وظيفتك مثلاً (3000) روبية في الشهر، وبعد الخصم ستستلم (2500) روبية، فإن راتبك الفعلي هو هذا لا غير، وتزكي النقود إذا بلغت النصاب، والنصاب هو ربع العشر (½ 2 %) وحال عليها الحول مهما بلغت قوتها الشرائية ارتفاعًا أو انخفاضًا، وتعتبر الزكاة وسائر الحقوق المالية بالدراهم والدنانير، والعملات الورقية القائمة اليوم كالريال والروبية والدولار تقوم مقامها، وكل عملة ورقية قائمة بنفسها في البيع والشراء وليست قائمة مقام الذهب والفضة، وإنما قوتها وضعفها بقوة اقتصاد الدولة وضعفه، وإذا كانت الدولة لا تصرف لموظفيها ذهبًا ولا فضة فالاعتبار للعملة الورقية وليس للذهب ولا للفضة، وإذا كان الأمر كذلك فلا داعي لما أردت فعله من احتسابك قيمة الذهب الذي اشتريته أو تريد شراءه ثم عند دفع الزكاة.
وخلاصة القول: أن ما يصرف لك من معاش تقاعدي كله حق لك في الشرع فلك أن تتبرع به كله أو ببعضه إذا شئت. وفقنا الله وإياك إلى كل خير.. آمين(10/267)
وهب ماله لأولاده دون سائر الورثة
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 02/04/1426هـ
السؤال
والدي ربى إخوته وأنفق عليهم وزوَّجهم، ونحن ثلاث بنات، فهل يجوز له أن يكتب لنا أملاكه؟ وخصوصاً المنزل حتى تعيش فيه أمنا؛ فليس لها مكان آخر.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
يجوز للأب أن يهدي لأبنائه ذكوراً أو إناثاً دون بقية الورثة بشرطين:
الأول: أن يساوي بينهم في الهدية، فلا يجوز له أن يعطي أحدهم أكثر من الآخر بغير موجب، على الراجح من أقوال أهل العلم.
الثاني: أن تكون الهدية منجزة حال الحياة، غير معلقة بموته، وإلا أصبحت الهبة هنا وصية، والوصية لا تجوز لوارث.
ولا تصح الهبة أيضاً إذا كان الواهب مريضاً مرضاً يغلب عليه معه الهلاك، وهو ما يسمى في اصطلاح الفقهاء (مرض الموت المخوف) خصوصاً مع وجود قرينة تدل على أن قصد الواهب حرمان بقية الورثة من الإرث. والله أعلم.(10/268)
هل هذا من الرجوع في الهبة؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الهبة والعطية
التاريخ 04/06/1426هـ
السؤال
السلام عليكم
لي أخ أصغر مني، أقسمت له أن أعطيه جوالا بعد أن يفي لي بوعده، وفعلاً فعل ما كان عليه، وأعطيته إياه، وأعاده لي لكي أصلحه له، وبعد يومين أراد الخروج من البيت للهو فقط، وكنت محتاجاً له ليساعدني في شيء، فأقسمت له ألا أعيد له الهاتف إن لم يبق معي، فأجابني بأنه لا يهمه وخرج، وبدوري لم أعده له، فهل يجوز ما فعلت؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن كنت قد أعطيته الجوال هبة فلا يجوز لك الرجوع فيه لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه" رواه البخاري (2589) ومسلم (1622) ، وإن سلمته له فعليك كفارة اليمين المذكورة في قوله تعالى: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [المائدة:89] .
أما إن كنت أعطيته الجوال إعارة فلك الرجوع في ذلك، ولا شيء عليك، وإن كان أخوك صغيراً بحيث لا يحسن التصرف بالجوال، أو يستخدمه بما لا يليق فالواجب منعه منه حتى يكبر، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(10/269)
التأمين على السيارة والنفس
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 15/5/1422
السؤال
ما حكم التأمين على السيارة وعلى النفس؟
الجواب
التأمين على السيارة أو الروح من الميسر، فهو داخل تحت قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون)) ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((نهى عن الغرر)) رواه مسلم.
والتأمين فيه غرر وميسر؛ إذ الداخل فيه دائر بين الغنم والغرم، وبالله التوفيق..(10/270)
التعامل مع شركات التأمين
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 29/4/1422
السؤال
انتشرت في الآونة الأخيرة شركات التامين منها الشركة التعاونية لتامين حيث تقوم الشركة بتحويل الأشخاص المؤمن عليهم - والذين يحتاجون النظارات الطبية إلى بعض محلات النظارات المتعاقد على أن تقوم الشركة بالتسديد آجلاً لمحل النظارات المتعاقد معه، مبلغ متفق علية أيضاً بين الشركة والمؤمن علية فهل يجوز تعامل محل النظارات مع هذه الشركة علماً بأن الغالبية العظمى منهم مؤمن عليهم عن طريق جهات العمل؟
الجواب
لا يجوز التعامل مع هذه الشركات في أغراضها المحرمة، وهو التأمين القائم على الميسر، لقوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوة لعلكم تفلحون ". ولما في ذلك ممن التعاون على الإثم والعدوان، وهذا لا يجوز، لقولة تعالى:" وتعاونو على البر والتقوى، ولاتعاونو على الإثم والعدوان" ولا يظهر الفرق بين كون المريض مؤمناً علية من جهة العمل أو لا مادام أنة سيتعامل مع هذه الشركات، وبالله التوفيق.(10/271)
التأمينات الاجتماعية
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 7/4/1422
السؤال
ما حكم الاشتراك في التأمينات الاجتماعية؟
الجواب
الذي يظهر من سؤال السائل أنه يسأل عن التأمينات الإجتماعية الشبيهة بالتقاعد، والتي صورتها أن يدفع العامل لهذه المؤسسة نسبة من راتبه الشهري، ويدفع رب العمل، مثل هذه النسبة، ولنفرض أن النسبة 9% فيتحصل من ذلك 18%، 9% من العامل و9% من رب العمل ويدفع ذلك لمؤسسة التأمينات الاجتماعية بصفة شهرية ولسنوات معلومة في نظام هذه المؤسسة، وبعد مضي العامل في عمله عدة سنوات قد تتجاوز العشرين عاماً يجرى له راتب سنوي حسب ما ينص عليه نظام الدخول في هذا التنظيم، ولعل السائل يسأل عن حكم ذلك.
والذي يظهر لي جواز هذا النوع وهو ما يسمي بالتأمينات الاجتماعية وحكمه حكم التقاعد الذي تقوم الدولة بإجرائه مع موظفيها، والواقع أن هذا النوع مع النوع الآخر وهو التقاعد كلا هذين النظامين قد ينطبق عليهما المبدأ العام للتأمين ورأيي أن التأمين لم يبحث من ذوي اختصاص وأهلية للبحث البحث الذي يستحقه، وإنما بحث بحثاً فيه شيء من القصور وعدم التصور لواقعه حيث إن أول الجهات التي بحثته بحثته بحثاً يفتقر إلى تصور واقعه، والتحقيق العلمي فيما قيل عنه من أنه يشتمل على الضرر والغبن والجهالة والربا والقمار وغير ذلك من الصفات التي ألصقت بهذا النوع إلصاقاً يفتقر إلى التحري والتحقيق، وما جاء بعد ذلك من تأييد لأول قرار صدر في التأمين جاء على سبيل التقليد، ولهذا أتجه لي القول: أن الموضوع في حاجة ملحة إلى بحثه من ذوي الاختصاص في النظر والفقه والإقتصاد والجانب التطبيقي حتى يتضح أمره، ويكون الناس على بينه من الحكم عليه.(10/272)
التأمين ودفع الفروق المستحقة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 27/5/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كما للصحة تأمين، فللسيارة تأمين إجباري أيضا, فإذا قدر الله وحصل حادث, وجمعت جميع الدفعات الشهرية لشركة التأمين أكون أنا قد دفعت مبلغاً وقدره 1000$, والحادث قد أسفر عن ضرر بمبلغ 2500 أو 3000، فهل يجب أن أقوم هنا أيضا بدفع الفارق لهيئة إسلامية أو التصدق به؟ وما الفائدة من التأمين هنا إذا أنا سأدفع الفارق في وقت آخر؟ وماذا إذا كنت لا أستطيع دفع الفارق؟ علما بأن شركة التأمين تقوم بأخذ الأموال الطائلة، ولا تحصل حوادث, وهذه المبالغ تذهب في أغلب الأحيان لليهود - لعنهم الله-.أفيدونا -سدد الله- على الحق خطاكم، وزادكم الله علماً وحرصا وإيانا والمسلين أجمعين.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
عقد التأمين التجاري حرامٌ في كل صوره، سواء كان تأميناً طبيّاً أو على السيارة ... إلخ.
وعلى هذا لا يجوز للمسلم أن يدخل في عقد من عقود التأمين التجاري إلا على وجه الاضطرار والإجبار، حتى ولو دخل في عقد التأمين مضطراً فإنه يجب عليه أن يتجنب أكل الربا والقمار، وهذا يقتضي ألا يأخذ أكثر مما دفع، فلو دفع لشركة التأمين 1000 دولار، ثم وقع لسيارته حادث يكلف إصلاحها 2000 دولار، فله أن يأخذ من شركة التأمين هذين الألفين، لكن عليه أن يُخرج من ماله فرق ما بين قيمة عقد التأمين وقيمة إصلاح السيارة (1000دولار) ويصرفها في مصالح المسلمين العامة تخلصاً لا تصدقاً.(10/273)
وإنما نقول له يصرفها في مصالح المسلمين ولا يردها إلى شركة التأمين؛ لأن في ردها للشركة تقوية لها وإعانة لها على باطلها (وهو الاستثمار في عقود التأمين المحرمة) ، ولأنها قد أكلت من المسلمين أضعافاً مضاعفة من أقساط التأمين بلا مقابل.
على أنه يُستثنى مما سبق ما لو كانت له عقود تأمين سابقة مع الشركة نفسها، ولم تغرم الشركة قيمة العقد في إصلاح سيارة أو في علاج طبي..إلخ، ففي هذه الحال له أن يستوفي هذا المبلغ في العقد اللاحق أو القسط التالي (أي ترحيل مبلغ عقد التأمين إلى العقد الذي يليه) ويكون مُستَحَقَّاً له على الشركة.
وبالمثال يتضح المقال: فلو فرضنا أنه تعاقد مع شركة التأمين على تأمين سيارته لمدة سنة، ودفع في هذا العقد 1000 دولار، ثم انقضت السنة ولم يحصل لسيارته أي خلل أو تلف.
ثم في السنة التي تليها دفع 1000 دولار أخرى، وغرمت الشركة أثناء هذه السنة 2000 دولار لإصلاح سيارته.
ففي هذه الحال لا يجب عليه أن يخرج الفرق بين ما دفعه وما غرمته الشركة لإصلاح سيارته وهي (2000- 1000=1000) ؛ لأن له 1000 دولار واجبة على الشركة في العقد السابق لم تغرمها وله أن يستوفيها منها. فهذا المبلغ يُرحَّل إلى العقد التالي، ويكون مستحقّاً له على الشركة.
وهكذا لو كانت عدة عقود ذهبت عليه أقساطها بلا مقابل، تكون مستحقة له على شركة التأمين، فلو دفع ثلاثة أقساط في ثلاث سنوات (كل قسط 1000 دولار) على تأمين سيارته، ولم تغرم الشركة شيئاً في إصلاح سيارته وصيانتها، فتكون الـ3000 دولار مستحقة له عليها، يستوفيها في العقود التالية على غرار المثال الأول.(10/274)
أما سؤالك عن الفائدة من التأمين إذا كنت ستدفع الفارق بين ما دفعته وما غرمته الشركة لك فهو سؤال مبني على افتراض جواز التأمين. ونحن نقول: عقد التأمين لا يجوز، وهو عقد غرر وقمار وربا؛ إذ يدفع المؤمِّن على سيارته ـ مثلاً ـ أقساطاً كبيرةً من التأمين، ولا يدري هل سيحصل على ما يقابل ذلك من المنفعة أم لا، وكذلك الأمر بالنسبة لشركة التأمين، فقد يقع على السيارة المؤمَّن عليها تلفٌ بالغٌ لا تغطيه أقساط التأمين كلها (وهذا قليل) ، وقد لا يقع على السيارة شيءٌ من ذلك (وهو كثير) ، فتذهب الأقساط على صاحبها من غير فائدة، وتأكلها الشركة بالباطل.
ومن هنا نجد أن تجارة شركات التأمين التجاري المتحصلة من أقساط التأمين لا تقوم على الحذق في التجارة، ولا على جهد العمل ومقداره، وإنما هي ترقُّبٌ لما يلده الغيب، وما تجنيه من الأموال الطائلة من المؤمِّنين إنما هي ضربة حظ، وهذا عين القمار المحرَّم في الشرع.
ولا نذهب بعيداً، فهذه بعضُ شركات التأمين في الولايات المتحدة الأمريكية تعلن إفلاسَها بعد حادثة 11 سبتمبر، فقد ذهبتْ هذه الحادثة بأموالها كلها. كما ذهبت أقساط التأمين على أصحابها من قبلُ.
وقد صدر من مجلس مجمع الفقه الإسلامي قراراً بشأن هذا التأمين التجاري، جاء فيه:
أولاً: أن عقد التأمين التجاري ذي القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد، ولذا فهو حرام شرعاً.
ثانياً: أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون، وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/275)
التأمين الشامل
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 26/6/1424هـ
السؤال
أنا أعمل في شركة تعمل في مجال الاتصالات، ومن ضمن المزايا التي تقدمها الشركة للموظف التأمين الشامل للسيارة في حالة وقوع حادث، علماً أن هذا التأمين للموظفين الذين يستخدمون سياراتهم الخاصة لصالح أعمال الشركة، ويتم ذلك بأن يتفق الموظف مع إحدى شركات التأمين ويدفع لهم المبلغ من ماله الخاص، ثم يقدم أوراقه للشركة التي تقوم بعد ذلك بإعطائه المبلغ، شريطة ألا يتجاوز المبلغ الخمسة آلاف ريال، فما حكم هذا التأمين؟ مع العلم أن شركة التأمين تعطي تأمين الرخصة الإلزامي كهدية إذا أمن الشخص تأميناً شاملاً، فهل يجوز لي أن أؤمن تأميناً شاملاً حتى أحصل على تأمين الرخصة، وأتجنب أن أدفع شيئاً من مالي الخاص؟.
الجواب
إذا وقع الحادث لسيارتك الخاصة فلك أن تأخذ من التأمين (الشامل) بقدر قيمة إصلاح ذلك الحادث ولا تزد عليه، وإن كانت قيمة إصلاح السيارة أكثر من المبلغ المخصص للتأمين عليها من الشركة فلك مطالبة الشركة بالقدر الزائد عن المبلغ المحدد من قبلها، أما قبول تأمين الرخصة الإلزامي كهدية من الشركة، لا لأنه في أصله جائز وإنما لوجود الإلزام والجبر عليه (التأمين على الرخصة تجاه الغير) فلا فرق أن تقوم بالتأمين بنفسك، أو يقدم إليك هدية من شركة هي مجرد واسطة، والله أعلم.(10/276)
الفرق بين التقاعد والتأمين
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 5/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم نظام التقاعد؟ وهل هو عقد ربوي؟ وأرجو بيان الفرق بينه وبين نظام التأمين، وإذا أراد الإنسان أن يتقاعد فهل هناك فرق من ناحية شرعية بين أن يصفي الموظف حقوقه أو أن يستلم راتب التقاعد؟ أرجو البيان الشافي؛ حيث أن الأمر اشتبه علي منذ أن تكلم العلماء في إنكار التأمين وأسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم إلى السداد والصواب والإخلاص والتوفيق في الدنيا والآخرة إنه سميع قريب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
نظام التقاعد ليس عقداً ربوياً وليس من التأمين المحرم وإنما استدل من يرى جواز التأمين التجاري بجواز نظام التقاعد، ولا أعرف أحداً من أهل العلم حرم (معاش التقاعد) بدليل معتبر، وإنما جاء اللبس على بعض الناس من العامة حيث كل من عقدي (التأمين والتقاعد) يدفع فيه الشخص أو الموظف مبلغاً من المال مقسطاً ثم يأخذ بعد زمن مبلغاً أكثر مما دفع مقسطاً أيضاً.(10/277)
ووجه جواز معاش التقاعد أن الموظف منحته الدولة مكافأة (9%) تضم مع ما يخصم من راتبه الشهري وهو (9%) ثم يعطى الموظف مجموع النسبتين بعد تقاعده، لأن الدولة ممثلة بولي الأمر مسؤولة عن أسرته تبرعت له بذلك ووضع لصرفها له نظام روعي فيه مصلحته ومصلحة أقرب الناس إليه فنظام التقاعد من عقود (التبرعات) ، أما عقد التأمين فهو من عقود (المعاوضات) ولو فرض أن (التقاعد) فيه جهالة أو غرر فهما قليلان، بخلاف عقد المعاوضة (التأمين) ففيه من الجهالة والغرر وأكل الأموال بغير حق ما هو ظاهر بيَّن، والقاعدة عند أهل العلم يغتفر في عقود التبرعات من الجهالة والغرر ما لا يغتفر في عقود المعاوضات علاوة على أن (9%) المقتطعة من راتب الموظف ليس حقاً خالصاً له بدليل أنه لو أراد ألا تقتطع من راتبه لما قبل قوله وهو داخل في عقده مع الدولة على هذا راضياً، وليس هناك فرق شرعي بين التصفية أو أخذ أقساط التقاعد، والله أعلم.(10/278)
التأمين الإلزامي
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 27/7/1424هـ
السؤال
ما حكم التأمين التعاوني الإلزامي على رخصة القيادة في السعودية، هل هو حلال أم حرام؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
التأمين المنتشر في البلاد باسم: التأمين التعاوني حرام لا يجوز، وتسميته تأميناً تعاونياً غير صحيح وباطل، فهو تأمين تجاري بحت، ومنه التأمين على الرخصة فهو تأمين ضد الغير، والتأمين التعاوني الجائز شرعاً هو ما يقصد به التبرع، ولا يطلب من ورائه ربح مادي؛ مثل أن يجتمع أفراد أسرة من الأسر أو أصحاب مهنة أو وظيفة فيدفع كل منهم مبلغاً معلوماً لمساعدة المحتاجين، أو من تنزل به كارثة منهم، وهذا هو التأمين التعاوني المجمع على جوازه والذي تدل عليه النصوص الشرعية من القرآن والسنة كقوله تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى" [المائدة:2] وحديث: " ... إن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ... " رواه مسلم (2699) ونحوهما، أما عامة شركات التأمين القائمة اليوم ومنها الشركة الوطنية للتأمين المسماة (التعاونية) فهو تأمين تجاري بحت لا يمت إلى التأمين التعاوني الشرعي بصلة، وقد أفتت دور الفتوى والمجامع الفقهية في العالم الإسلامي بحرمة التأمين التجاري وإن سمي بغير اسمه تلبيساً على الناس وتغريراً بهم، وأحيل السائل والقارئ إلى بيان اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية في الرد على الشركة الوطنية للتأمين "التعاونية" ومن يماثلها - الرد باسم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله وقدس روحه منشور في مجلة البحوث العلمية والإفتاء عدد (50) لسنة 1418هـ.(10/279)
والتأمين التجاري - ومنه التأمين على الرخصة - إذا كان إلزامياً لا خيار لأحد فيه أو ربما تعطلت بعض مصالح المسلم إذا لم يؤمن على رخصته فيجوز التأمين حينئذ للضرروة فقط، للقاعدة الشرعية (الضرورات تبيح المحظورات) ، ولكن يجب ويتعين على المؤمن على رخصته والحالة هذه - لو حصل له حادث فلا يأخذ تعويضاً من الشركة إلا بقدر ما دفع فقط، ولو أعطته أكثر من ذلك وأخذه فقد أكل الحرام والعياذ بالله، بدليل القاعدة الشرعية الأخرى (الضرورة تقدر بقدرها ومن زاد عن قدر الضرورة وهي في هذا تمثل المبلغ الذي دفعه للشركة فقط - فقد بغى وتعدى حدود الله، قال تعالى في أكل الشبه للضرورة (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم" [النحل: 115] والباغي هو من يأكل من الحرام من غير اضطرار إليه، والعادي هو من أكل أو أخذ أكثر من حاجته.(10/280)
التأمين على التأمين
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 12/6/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأنا مسلم مقيم بديار الغرب حيث يجبر من أراد أن يقود سيارة على عمل تأمين لها, وتعلمون أن هذا من الغرر الذي لا يجوز، المهم أنا ألجأ إلى الحد الأدنى من صور التأمين المتوافرة التي يطالب بها قانون المرور باعتبار أن ذلك يندرج تحت دائرة الضرورة، لكن إذا وقع لك حادث -لا قدر الله- وكنتَ أنت المخطئ فإنهم يرفعون قيمة التأمين إلى الضعف تقريباً، وتضطر إلى دفع مبلغ كبير مقارنة بالوضع الطبيعي، لكن هناك طريقة تجعلك بعيداً عن حدوث هذا الأمر حتى ولو وقع لك حادث وكنت أنت المخطئ، وذلك بدفع مبلغ صغير لشركة التأمين لتضمن عدم رفع قيمة التأمين إطلاقاً، فهو تأمين على التأمين، أرجو أن تكون الصورة وواقعة السؤال واضحة، السؤال: هل يجوز دفع هذا المبلغ إلى شركة التأمين حتى لا يرفعوا قيمة التأمين في حالة كنت المخطئ؟ مع العلم أن الحادث قد لا يقع أصلاً، لقد وقع لي حادث وكنت المخطئ فرفعوا القيمة إلى أكثر من الضعف، ولو كنت عملت التأمين الآخر ما تغير شيء أصلاً، أفيدونا جزاكم الله كل خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب(10/281)
ما دمت مجبراً على التأمين التجاري بحكم القانون في بلدك التي تسكنها، وتقول إنك لم تدخل في عقد مع شركة التأمين التجاري إلا تحت الضرورة، فإن حكم ما تدفعه مجدداً لشركة التأمين حتى لا تزيد عليك ما يجب عليك دفعه لو حصل منك خطأ وهو المسمى بالتأمين على التأمين، فالحكم فيه هو الحكم في أصل التأمين حيث الفرع يلحق في الشرع بأصله غالباً، فتأمين التأمين هذا جائز لك بحكم الضرورة الشرعية لا غير ما دمت مجبراً عليه ولا خيار لك فيه، وهو حرام على الشركة؛ لما فيه من الغرر والجهالة وأكل المال بغير حق، والله أعلم.(10/282)
أخذ التعويض من شركة التأمين
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 11/12/1422
السؤال
أنا شاب وقع لي حادث سير بالحافلة وأصبت بعض الشيء، وجرت العادة أن تصرف لك شركة التأمين مبلغاً من المال كتعويض عن الإصابة، للإشارة أنا لست مشتركاً في التأمين، ولكن صاحب الحافلة هو المشترك أفتونا.
الجواب
صاحب الحافلة هو المتسبب في إصابتك، ومن حقك الرجوع عليه عما لحق بك من ضرر، وبما أن صاحب الحافلة قد أمّن على حافلته وركابها ضد الغير فإن شركة التأمين قد عوضته عما لحق ركابها من ضرر. وعلى هذا فلا أرى عليك من حرج لو أخذت تعويضاً مقابل ما لحق بك سواء أخذته مباشرة من يد صاحب الحافلة أو أخذته من شركة التأمين؛ لأن الشركة حينئذٍ نائبة عنه في الدفع لك. أما من حيث الدخول في عقد التأمين مع شركات التأمين المنتشرة اليوم فأنا لا أنصح بالاشتراك معها حالياً ما لم تعدل في أنظمتها حتى تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وأعود فأقول: لا حرج عليك في أخذ المبلغ التعويضي مقابل ما لحق بك من ضرر، فالإثم حينئذٍ إنما هو على صاحب الحافلة إن لم تدعه إلى التأمين ضرورة شرعية معتبرة، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.(10/283)
التعامل مع التعاونية للتأمين
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 10/11/1425هـ
السؤال
تذكر الشركة السعودية التعاونية للتأمين أن معاملاتها تتسم بالشرعية وعدم مخالفتها لأحكام الشرع، وأنها حاصلة على إجازة من أعضاء في اللجنة الدائمة للإفتاء، وأن في مجلس إدارتها أحد أعضاء هيئة كبار العلماء.. أود التفصيل منكم- حفظكم الله- في ذلك، وما حكم تأمين السيارة في هذه الشركة؟ وهناك ما يسمى بالتأمين ضد الغير، وهو عبارة عن تحمل الشركة الأعباء المالية المترتبة عن الحوادث المرتكبة من قبل المؤمن لديهم.
الجواب(10/284)
ليس صحيحًا أن الشركة السعودية "التعاونية للتأمين" معاملاتها شرعية، وأنها حاصلة على إجازة من أعضاء في اللجنة الدائمة للإفتاء، بل هذا كذب على اللجنة الدائمة للإفتاء، وقد ردت اللجنة بتوقيع رئيسها آنذاك سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله ورفع درجاته في الجنة- نشر ذلك في مجلة البحوث العلمية العدد (50) سنة 1418 هـ، ومما جاء فيه، بعد أن ذكرت اللجنة أن هيئة كبار العلماء في المملكة أصدروا قرارًا بحرمة التأمين التجاري وجواز التأمين التعاوني الذي يتكون من تبرعات المحسنين، ويقصد به مساعدة المحتاجين والمنكوبين: (ولكن ظهر في الآونة الأخيرة من بعض المؤسسات والشركات تلبيس على الناس وقلب للحقائق، حيث سموا التأمين التجاري المحرم تأمينًا تعاونيًّا، ونسبوا القول بإباحته إلى هيئة كبار العلماء من أجل التغرير بالناس والدعاية لشركاتهم، وهيئة كبار العلماء بريئة من هذا العمل كل البراءة؛ لأن قرارها واضح في التفريق بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني، وتغير الاسم لا يغير الحقيقة) انتهى. وما ذكرته الشركة التعاونية للتأمين- على لسان السائل- بأن في مجلس إدارتها أحد أعضاء هيئة كبار العلماء لا أعلم عنه شيئًا، وأنا أشك في ذلك، وإن صح فالأمر فيه لبس يتعين استيضاحه.
ولا أرى جواز التأمين على السيارة عند شركة التأمين لقيامها على معاملة غير شرعية، حيث يشتمل العقد على الجهالة والضرر الفاحش، وعلى ربا الفضل والنسيئة، أما الجهالة فكلا الطرفين: المؤمن والمستأمن لا يدري كم سيدفع أو يأخذ من النقود، ومثله فاحش الغرر.(10/285)
أما ربا الفضل فيظهر فيما إذا حصل حادث على السيارة فعطبت من بداية العقد، حيث لم يدفع للتأمين عليها غير قسط أو قسطين فتعوضه الشركة عن كامل قيمتها فيأخذ مالًا بغير حق، وربا النسيئة يظهر فيما إذا دفع المؤمن الأقساط كاملة للشركة ولم يحصل للسيارة حادث، أو حصل حادث خفيف عند آخر قسط فيكون صاحب السيارة قد دفع نقودًا على هيئة أقساط حالة أو مؤجلة مقابل نقود مؤجلة، وقد لا يحصل للسيارة حادث أصلًا فتأخذ الشركة الأقساط بغير حق.
ومثل التأمين على السيارة التأمين ضد الغير فلا يجوز. هذا كله إذا كان التأمين اختياريًّا، أما إذا كان إجباريًّا لا خيار للإنسان فيه فالحكم حينئذ جائز للضرورة، حيث القاعدة الشرعية: (الضرورات تبيح المحظورات) . إذا كان التأمين إجباريًّا فيتعين على المسلم ألاَّ يأخذ من الشركة تعويضًا أكثر مما دفع حتى يبتعد عن الربا المحرم وأكل المال بغير حق. والله أعلم.(10/286)
شركات التأمين
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 9/3/1425هـ
السؤال
ما حكم الاشتراك في شركات التأمين؟ ارجو التفصيل في ذلك، وهل يوجد شركات شرعية؟ وهل بالإمكان تحويلها إلى شركات شرعية؟
الجواب
شركات التأمين على نوعين:
1 - شركات تأمين إسلامية جميع أعمالها وعقودها متفقة مع أحكام الشريعة.
2 - شركات تأمين غير شرعية تقوم على التأمين التجاري المحرم، وربما سمت نفسها بشركة تأمين تعاونية وهي ليست من التأمين التعاوني الحلال بشيء، وغالب شركات التأمين المنتشرة في العالم الإسلامي من هذا النوع -مع الأسف- يسمون الشيء بغير اسمه تغريراً بالناس وتلبيساً عليهم، وشركات التأمين التجاري لا يجوز ابتداء الاشتراك فيها؛ لقيامها على الجهالة والغرر والربا وأكل أموال الناس بالباطل، فالاشتراك فيها طوعاً واختياراً إعانة على الباطل، وذلك حرام لا يجوز، أما إذا كان إجبارياً كما في التأمين الطبي لبعض المؤسسات الحكومية والأهلية فالأمر جائز حينئذ للضرورة والإكراه، وعلى الإنسان أن لا يأخذ تعويضاً أكثر مما دفع للشركة أو دفع عنه من قبل مرجعه.(10/287)
أما هل يوجد شركات شرعية للتأمين؟ نعم يوجد شركات تأمين إسلامية، ولكنها قليلة جداً في العالم الإسلامي نظراً لحداثة ظهور التأمين بصفة عامة، فضلاً عن التأمين الإسلامي الذي لا يزال في بداياته. يوجد شركة للتأمين الإسلامي في ماليزيا ولها فرع في البحرين، وسيكون لها فرع في مدينة جدة قريباً. ويوجد شركة إسلامية للتأمين في السودان، وفي الأردن، وبعض البلاد الإسلامية الأخرى، وبالمناسبة كل المصارف الإسلامية في المملكة ودول الخليج والعالم العربي أوصت الهيئات الشرعية فيها بإيجاد شركات تأمين إسلامية منفردة أو مجتمعة، وهذه المصارف تتعامل فيما بينها بالتأمين على ممتلكات المصرف ومدخراته، لكنني لا أعلم في بلادنا شركة إسلامية للتأمين تقوم بالتأمين على ممتلكات الأفراد وفقاً لأحكام الشريعة، ولكنها ستوجد قريباً -بإذن الله- وأنني متفائل بهذا جداً.
أما هل يمكن تحويل شركات التأمين التقليدية (التجارية/الحالية) إلى شركات تأمين إسلامية؟ فالجواب: نعم؛ وبكل تأكيد إذا صحت النية، ووجد العزم الأكيد من قبل المساهمين المؤسسين للشركة، أما كيف يكون ذلك، فالجواب باختصار:-
أولاً: أن يدخل المشتركون (حَمَلة وثائق التأمين) بأقساطهم في الشركة بنية التبرع بما زاد عن حاجتهم فيما لو عوضوا عن بعض ما لحقهم من أضرار، وإن لم يحصل لهم ضرر أصلا، ً فما قدموه تبرع منهم للمحتاجين والمنكوبين ما لم تغطي أقساطهم ما قد يصرف لهم من تعويضات، فبهذا يكون كل المشتركين الذين يحملون وثيقة التأمين شركاء متعاونين فيما بينهم في دفع الضرر أو تخفيفه طلباً للأجر والنفع العام.(10/288)
ثانياً: يجوز لشركة التأمين ممثلة برئيسها أو مجلس إدارتها تشغيل جزء من أقساط المشتركين باستثماره عن طريق المضاربة الشرعية باعتبار أصحاب الأقساط هم الممولون، والشركة هي المضاربة منها بجهد الإدارة ومنهم المال يتفق على نسبة الربح بينهما في وثيقة العقد، ويوزع ربح المشتركين بينهم أو خسارتهم بحسب أقساطهم المدفوعة، ولو أن أحد المشتركين أخذ تعويضاً عن ضرر لحق به يعادل أو يساوي ما دفعه من أقساط، فإنه لا يستحق شيئاً من الربح.
وبعد هذا كله فإن التأمين بمعناه الشامل مما قد تقتضيه الحياة المعاصرة اليوم، وقد عم أو كاد وألزم به كثير من دول العالم الإسلامي، وما لم يلزم به اليوم فسيلزم به غداً أو بعد غد، ومن هنا يلزم بل يجب على أهل العلم والذكر وأهل اليسار والغنى أن يسارعوا في دراسة التأمين وبيان أهميته للناس، والمسارعة في إنشاء شركات تأمين إسلامية بغرض التعاون بين الناس لنفع المحتاجين والمنكوبين، مع تنمية المال واستثماره استثماراً شرعياً حتى تنموا أموالهم بالحلال وتصلح أحوالهم بالأمن والأمان، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(10/289)
التأمين الصحي
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 23/11/1422
السؤال
ما حكم التأمين الصحي في حال عدم وجود بديل إسلامي؟
الجواب
التأمين الصحي من القضايا (النوازل) المستجدة في العصر الحاضر لم يعرف من قبل بهذا الاسم ولا بقريب منه، وفيه شبهة أنه جزء من (التأمين على الحياة) المحرم قطعاً. غير أن التأمين الصحي يختلف عن التأمين على الحياة من عدة وجوه:
1- التأمين على الحياة عقد مبني على جهالة، وفيه غرر في قدر العوض وأجله. أما التأمين الصحي فهو عقد على منفعة موجودة أو في حكم الموجودة وهو خال من الجهالة والغرر المفسدين للعقد.
2- التأمين على الحياة من عقود المعاوضة اللازمة، كالإجارة فلا بد من خلوه من الجهالة والغرر وأكل المال بغير حق. أما التأمين الصحي فهو من عقود الارتفاق ويفتقر فيها من الجهالة والغرر اليسير مالا يفتقر بعقود المعاوضة. والتأمين الصحي يمكن تكييفه الفقهي على عقد الجعالة في كتب الفقه، كما يقول الفقهاء: (من داوى مريضي حتى يبرأ من جرحه أو مرضه أو رمد عينيه فله كذا من المال. صح جعالة) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ودليل ذلك -أي: الجعالة- إذا جعل الطبيب جعلا على شفاء المريض جاز كما أخذ أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- الغنم على شفاء سيد الحي فرقاه بعضهم حتى يبرأ فأخذوا القطيع وأقرهم الرسول قائلاً: أضربوا إليّ معكم بسهم " قال ابن تيمية: "فإن الجعل كان على الشفاء لا على القراءة ولو استأجر طبيباً إجارة لازمة على الشفاء لم يجز؛ لأن الشفاء غير مقدور له فقد يشفيه الله وقد لا يشفى " إ0هـ.(10/290)
وفي الوقت الحاضر انتشرت شركات التأمين بما فيه التأمين الصحي وربما أصبح هذا التأمين من الضروري للرجل وأهل بيته. وغالب هذه الشركات لا تراعي في نظامها الأحكام الشرعية، فالتعامل معها إذا كان ضرورة ملزمة فلا إشكال فيه وإن كان اختيارياً فأرى ألا يأخذ المستأمن من الشركة أكثر من حقه الذي دفعه ولو عوضته بأكثر منه.
ومن أراد التوسع فلينظر بحثي (التأمين الصحي في المنظور الإسلامي) في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة عدد (31) 1417هـ. وبالله التوفيق.(10/291)
التأمين على السيارة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 15/12/1422
السؤال
إنني موظف بشركة أرامكو السعودية وقد حصل لي حادث كنت أنا المخطئ فيه، حينما صدمت سيارة إحدى الشركات. وأودعت في التوقيف لمدة أربعة أيام، كلفني هذا الحادث المال الكثير من تصليح سيارتي ودفع قيمة سيارة الشركة. والآن أريد أن أؤمّن على سيارتي حيث إنه في حالة حدوث حادث سوف تدفع شركة التأمين المبلغ، ولا أودع في التوقيف، فما رأيكم؟
الجواب
التأمين التجاري على السيارات أو على غيرها عقد فاسد لا يجوز؛ لما فيه من الغرر والمقامرة، إذ يدفع المؤمِّن على سيارته - مثلاً- أقساطاً كبيرة من التأمين، ولا يدري هل سيحصل على ما يقابل ذلك من المنفعة أم لا، وكذلك الأمر بالنسبة لشركة التأمين، فقد يقع على السيارة المؤمَّن عليها تلفٌ بالغ لا تغطيه أقساط التأمين كلها (وهذا قليل) ، وقد لا يقع على السيارة شيء من ذلك (وهو كثير) فتذهب الأقساط على صاحبها من غير فائدة، وتأكلها الشركة بالباطل.
ومن هنا نجد أن تجارة شركات التأمين التجاري المتحصلة من أقساط التأمين لا تقوم على الحذق في التجارة، ولا على جهد العمل ومقداره، وإنما هي ترقّب لما يلده الغيب، وما تجنيه من الأموال الطائلة من المؤمّنين إنما هي ضربة حظ، وهذا عين القمار المحرّم في الشرع.
ولا نذهب بعيداً، فهذه بعض شركات التأمين في الولايات المتحدة الأمريكية تعلن إفلاسها بعد حادثة 11 سبتمبر، فقد ذهبت هذه الحادثة بأموالها كلها، كما ذهبت أقساط التأمين على أصحابها من قبل.(10/292)
إن أكثر ما يدفع الناس للتأمين على سياراتهم الخوف من تبعات الحوادث التي قد تقع كضمان المتلفات، أو التوقيف أو التعطيل إلى غير ذلك، ولكن دخولهم في عقد التأمين على سياراتهم قد جرّأ كثيراً منهم على التهاون في القيادة والاستهتار بالنظام، لا سيما مع غياب الرقابة والحزم في معاقبة المخالف، بل وجدنا كثيراً من رجال المرور عند كتابة تقرير حادث ما لا يبالون أن يضعوا نسبة الخطأ على السيارة المؤمن عليها حتى ولو كان الخطأ على السيارة الأخرى.
وقد صدر من مجلس مجمع الفقه الإسلامي قرارٌ بشأن هذا التأمين التجاري جاء فيه:
أولاً: أن عقد التأمين التجاري ذي القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد، ولذا فهو حرام شرعاً.
ثانياً: أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون، وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني، والله أعلم.(10/293)
التأمين على رخصة القيادة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 10/3/1423
السؤال
ما حكم التأمين على رخصة القيادة، وخاصة أنه سيكون إجبارياً في السعودية في بداية العام الجديد؟ وما هو موقف العلماء من هذا الحدث؟
الجواب
لا يجوز التأمين على الرخصة؛ لأنه تأمين على صاحبها عن الحوادث ضد الغير، وهذا النوع من التأمين من التأمين التجاري البحت المحرم شرعاً؛ لأنه مبني على الجهالة والغرر وأكل أموال الناس بغير حق، وفتاوى جمهور العلماء في المجامع الفقهية وهيئات الفتوى تحرم التأمين التجاري القائم اليوم في أغلب دول العالم، إذا كان اختيارياً لا يلزم به أحد من الناس، أما إذا كان التأمين إلزامياً وبغير رضا واختيار فيجوز التأمين على الرخصة مثلاً، فالإثم على من أجبر غيره عليه بناء على قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) ، وعلى الإنسان الذي أجبر على التأمين على الرخصة مثلاً، ألاَّ يأخذ أكثر مما دفع فيما إذا عوضته الشركة عما حصل عليه من ضرر اعتماداً على قاعدة (الضرورات تقدر بقدرها) ، وعلى المسلم أن يتحرى لدينه وعرضه فيبتعد عن الحرام أو ما فيه شبهة للحرام، كما ورد في حديث النعمان بن بشير:" إن الحلال بَيّن والحرام بَيّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام.." رواه البخاري (2051) ومسلم (1599) واللفظ له. والله أعلم.(10/294)
التأمين التكافلي
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 1/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
سؤالي عن التأمين التكافلي. عندنا شركة تأمين على الحياة لمن يأخذ قرضاً، بحيث تقوم الشركة بالتأمين على حياة المدين؛ لسداد القرض عند وفاته، علماً بأن الرسم الذي تتقاضاه الشركة ثابت -أي أنه غير قابل للزيادة أو النقصان- فما رأي الشرع بهذه الصيغة، وهي صيغة التأمين التكافلي؟ علماً أنه إجباري لمن أراد الحصول على قرض. ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا التأمين محرم وإن سُمِّي تأمين تكافلي، لاشتماله على القمار والغرر، حيث إن مشتري التأمين دائر بين الغنم والغرم فيه، فقد يتمكن من تسديد القرض بنفسه، فتكون الأقساط التي دفعها لشركة التأمين بلا عوض، وقد يموت قبل سداد القرض فتتحمل الشركة عنه بقية الدين، والتي قد تزيد عن الأقساط المدفوعة للشركة، فالعقد لا يخلو من الجهالة، بالإضافة إلى أنه إذا كانت الشركة المانحة للقرض هي التي تقوم بالتأمين فالعقد يشتمل على الربا أيضاً. والله أعلم.(10/295)
التأمين على الرخصة
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 21/6/1424هـ
السؤال
يوجد لدينا في السعودية تأمين رخصة القيادة للسيارات من قبل شركة التعاونية للتأمين، وهذا التأمين لحوادث السير للمركبات ضد تلفيات سيارات الغير، هل التأمين ضد حوادث السير للسيارات جائز أم حرام؟.
الجواب
هذه المسألة مسألة خلافية اختلف فيها المعاصرون وأكثر المعاصرين، على تحريم التأمين، لكن متى ألزمت الدولة الفرد بالتأمين على رخصة القيادة، فإن هذا يكون من عقود الإذعان، ويكون المؤمن قد خرج من مسؤولية هذا العقد.(10/296)
الشهادة للحصول على تخفيض ائتماني
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 16/7/1424هـ
السؤال
أنا طالب في إحدى الدول الغربية، ولدي سؤال عن التأمين على السيارة، فشركات التأمين تعطي من لديه تأمين سابق تخفيضاً يصل إلى 65%، وقد اعتاد بعض الإخوة الحصول على شهادة من إحدى الشركات من أجل الحصول على التخفيض، هل هذا جائز؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
التأمين حرامٌ لا يجوز للمسلم أن يدخل فيه إلا على وجه الإكراه والإلزام. وهذا التحايل جائز، ليس فيه غرر ولا ضرر على شركة التأمين، لكنه في مآله غير مفيد؛ إذ لا يجوز للمؤمِّن أن يأخذ من الشركة أكثر مما دفع، سواء دفع 100 باوند، أو 45 بعد التخفيض، وعليه أن يخرج ما زاد على ذلك مما تسلّمه من تعويضاتها في مصالح المسلمين تخلصاً لا تصدقاً، ولا يرده للشركة؛ لأنها تتقوَّى به على الحرام. وبهذا يظهر ألا فرق بين أن يحصل في عقد التأمين على تخفيض أو لا.
على أني أذكرك بقضية أخرى مهمة تتعلق بهذه المسألة، وهي أن المؤمِّن إذا دفع رسوم التأمين، ثم انقضت مدة العقد ولم يقع لسيارته عطل ولا تلف، فإن رسوم التأمين لا تذهب عليه، فله أن يُرحِّلها إلى العقد الذي بعده إذا كان مع الشركة نفسها، وبالمثال يتَّضح المقال:
فلو فرضنا أنه تعاقد مع شركة التأمين على تأمين سيارته لمدة سنة، ودفع في هذا العقد 100 باوند، ثم انقضت السنة ولم يحصل لسيارته أي خلل أو تلف.
ثم في السنة التي تليها دفع 100 باوند أخرى، وغرمت الشركة أثناء هذه السنة 200 باوند لإصلاح سيارته.
ففي هذه الحال يأخذ المئتين كلها؛ لأن له 100 باوند مستحقة على الشركة في العقد السابق لم يستوفها منها. فهذا المبلغ يُرحَّل إلى العقد التالي، ويكون مستحقّاً له على الشركة.
وإنما جاز له ترحيل تلك المبالغ السابقة لأنه دخل العقد مُكرهاً لا مختاراً.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/297)
الراتب التقاعدي
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 9/7/1424هـ
السؤال
سؤالي هو: كما تعرفون فضيلتكم أن النظام التقاعدي فيه أخذ لمبلغ مقطوع من الراتب، في المقابل تأخذ هذا المال بعد التقاعد بشكل مستمر حتى الموت وقد يزيد عما أخذ من الراتب، فهل يعد هذا من صور الربا؟ أرجو التوضيح، والسلام عليكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على ما لا نبي بعده، وبعد: أخي السائل لقد أجبت عن سؤال بنحو الإجابة التي سأدونها لك الآن في سؤال يتضمن نحو هذا الإشكال حول الاشتراك في التأمينات الاجتماعية، حيث إن نظام التقاعد قريب من نظام التأمينات الاجتماعية ومطابق له في أصل الفكرة دون التفاصيل.
فالقصد والنية أخي السائل له أثره البالغ في الأحكام حتى في باب المعاملات المالية، ألا ترى أن القرض إذا نظرنا إليه في الظاهر نجده داخلاً في باب الربا، إذ يتضمن بيع المال بجنسه نسيئة، ومعلوم أن الصنف الربوي إذا اتحدت فيه العلة والجنس يجب أن يكون مثلاً بمثل يداً بيد، ولكن لما كان قصد المتعاقدين الرفق والإحسان لا الربح والتكسب جاز.
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله، (إذا قال قائل ما الذي أخرج القرض عن البيع وهو مبادلة مال بمال؟ قلنا: أخرجه قول النبي - صلى الله عليه وسلم "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" رواه البخاري (1) ، ومسلم (1907) من حديث عمر - رضي الله عنه -، فما الذي نواه المقرض؟ هل نوى المعاوضة والاتجار أو نوى الإرفاق؟ الجواب الثاني، ومن أجل أنه نوى الإحسان صار مقابلاً لنية المرابي؛ لأن الأصل في الربا هو الظلم) أ. هـ. الشرح الممتع على زاد المستقنع (8/113) ولهذا نجد بعض العلماء يرون أن القرض جار على خلاف القياس.(10/298)
ومثال آخر: الجمعيات التعاونية والتي يقوم فيها كل شخص باقتطاع مبلغ مالي من دخله الشهري ويسلم لواحد منهم، وفي الشهر الثاني لآخر حتى تدور الدائرة على الجميع، فنرى أن بعض أهل العلم غلب الجانب الظاهري من هذا التعامل فحرمه بحجة أنه قرض جر نفعاً فهو ربا، ونرى آخرين قد أباحوا هذا التعامل لأنهم رأوا أن قصد المتعاقدين في هذا التعامل هو التعاون على البر والتقوى وتيسير بعضهم لبعض لا قصد الاستغلال الموجود في التعامل الربوي والأقرب هو الرأي الثاني (الجواز) .
وقد عللت (اللجنة المكلفة بإعداد قرار المجلس) المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي حول التأمين بهذا الأمر في معرض ردها على من أباح التأمين واستدل على ذلك بالقياس على نظام التقاعد، وهو يصلح جواباً لإشكالك أخي السائل على ما يلي: (قياس عقود التأمين التجاري على نظام التقاعد غير صحيح، فإنه قياس مع الفارق أيضاً، لأن ما يعطى من التقاعد حق التزم به ولي الأمر باعتباره مسؤولاً عن رعيته وراعى في صرفه ما قام به الموظف من خدمة الأمة، ووضع له نظاماً راعى فيه مصلحة أقرب الناس إلى الموظف ونظر إلى مظنة الحاجة فيهم (فليس نظام التقاعد من باب المعاوضات المالية بين الدولة وموظفيها) ، وعلى هذا لا شبه بينه وبين التأمين الذي هو من عقود المعاوضات المالية التجارية التي يقصد بها استغلال الشركات للمستأمنين والكسب من ورائهم بطرق غير مشروعة ... الخ) .
ولعلك إن تمكنت من الرجوع للبيان ينجلي عنك الإشكال بشكل أكثر.(10/299)
الاشتراك في صندوق التقاعد
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 24/8/1424هـ
السؤال
عندنا في بلدنا يوجد خدمة تقدمها نقابات العمال والمهندسين (وليس الحكومة) ، وهي خدمة اشتراك في صندوق التقاعد، وهو صندوق يدفع كل مشترك فيه مبلغاً معيناً، وعندما يبلغ سن التقاعد يبدأ بقبض تقاعد شهري، فهل هذا حلال أم حرام؟.
الجواب
إن كان الأمر كما ذكرت في سؤالك فإن ما يدفعه صندوق التقاعد في نقابات العمال والمهندسين جائز، وهو تأمين تعاوني مشروع. والله أعلم.(10/300)
التأمين على معارض السيارات
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 25/7/1424هـ
السؤال
لدينا صالة بيع سيارات، وجاءتنا عروض من عدة وكالات للسيارات؛ لنكون لهم وكيلاً أو موزعاً معتمداً، ولكن نتوقف عن نقطة التأمين على هذه الصالة، حيث إننا نرفض ذلك إلا أنهم يصرون على هذا الشرط، ما رأي سعادتكم في هذا الأمر؟ أرجو إفادتنا بالتفصيل.
الجواب
التأمين التجاري على الممتلكات حرام ولا يجوز لاشتماله على الغرر والجهالة والربا المحرم في القرآن والسنة، وعلى هذا عامة فتاوى أهل العلم والمجامع الفقهية والهيئات والمؤسسات الشرعية، وما دام في مكنة السائل ألاَّ يدخل في هذا العقد التأميني بهذه الصالة فلا يجوز له الإقدام حينئذ، أما لو كان ملزماً وإجبارياً كما هو في البلاد الأخرى فربما جاز ذلك، إذ لعله الإكراه والضرورة الشرعية، مع أن الضرورة تقدر بقدرها، ولا يجوز تجاوز الحد الأدنى منها إلى غيره، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(10/301)
التأمين على الحياة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 17/04/1426هـ
السؤال
قمت بشراء بوليصة تأمين على الحياة مبلغها الإجمالي 10000دينار، على أن أدفع قسطاً كل ستة أشهر، والآن موعد القسط 88.5 دينار، وقد دفعت القسط الأول قبل ستة أشهر، والآن موعد القسط الثاني. العقد يلزم الشركة بدفع مبلغ العشرة آلاف في حال الوفاة أو العجز الكلي -لا قدر الله- أو بعد مضي سبع سنوات أستطيع سحب المبلغ كاملاً عشرة آلاف، والآن وقبل دفع القسط الثاني أريد رأي الإسلام (حلال أو حرام ولماذا) لأن قراري بالاستمرار أو الانسحاب سيكون بناءً على ردكم. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
التأمين على الحياة حرام لا يجوز؛ لما فيه من الغرر والجهالة، وأكل مال الغير بالباطل، وكثير ما يؤدي التأمين بين الطرفين إلى مشكلات وخصومات لا تكاد تنتهي في الدوائر والمحاكم. والله يقول: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون" [البقرة:188] .
ومن وجوه التحريم أن الأمن والأمان أمر معنوي لا يملك، فلا يصلح أن يكون محلاً للعقد فضلاً عما فيه من المخاطرة الجسيمة للطرفين وخاصة المؤمّن -طالب التأمين- إما غارم أو خاسر.
وعامة فتاوى العلماء والمجامع العلمية تحرم هذا النوع من التأمين، ومن أجازه للضرورة لما يكون إلزامياً للفرد لا خيار له فيه.
والخلاصة: إن التأمين على الحياة حرام لا يجوز مباشرته اختياراً، وإباحته للضرورة الشرعية في بعض الأحوال-تدل على بقائه في الأصل حراماً.
والله أعلم.(10/302)
حالات يجوز فيها التأمين
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 21/10/1424هـ
السؤال
أنا موظف بإحدى الشركات، وبحكم وظيفتي أتقاضى علاوة سيارة شهرية من الشركة مقابل استعمال سيارتي حسب اللائحة بالشركة، ومن ضمن لائحة العلاوة التأمين على سيارتي تأميناً شاملاً ضد الحوادث والسرقة، على أن تدفع الشركة قيمة التأمين سنوياً بحيث لا تتجاوز قيمة السيارة خمسة آلاف دينار، وإذا زادت قيمة السيارة على الخمسة آلاف دينار أقوم أنا بدفع فارق القيمة حسب ثمن السيارة من قبل التأمين.
فما هو الحكم الشرعي في ذلك؟ وهل يجوز التأمين؟ أم لا؟.وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الأصل في عقد التأمين التجاري أنه محرم لما فيه من الغرر -أي الجهالة -، وفي صحيح مسلم (1513) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر".
ووجه الغرر في عقد التأمين أن طالب التأمين يدفع أقساط التأمين مقابل الحصول على التعويض وهو شيء مجهول، إذ إنه معلق على أمر محتمل الحدوث، فقد تمضي مدة سريان عقد التأمين دون أن يقع عليه شيء من الأضرار التي توجب التعويض المتفق عليه في العقد، فلا يستحق تعويضاً من جهة التأمين.
وإذا وقع عليه شيء من تلك الأضرار فقد توجب تعويضاًَ أقل من قيمة التأمين أو مثلها أو أكثر، فالعقد دائر بين الغنم والغرم.
وقد استثنى أهل العلم من الغرر المحرم عدة حالات، منها: ما إذا كان الغرر الذي في العقد تابعاً غير مقصود بالأصالة، أو اقتضت الحاجة الدخول في عقد الغرر.
وعلى هذا فيجوز التأمين على السيارة في الحالتين الآتيتين:
الأولى: إذا كانت الشركة التي يعمل بها الموظف هي التي تقوم بدفع قيمة التأمين عنه، بحيث يكون ذلك جزءاً من الحقوق التي يأخذها من الشركة، فلا حرج عليه في هذه الحالة في قبول التأمين؛ لأنه أصبح تابعاً لا مقصوداً.(10/303)
الثانية: إذا كان النظام في البلد الذي يسكن فيه الإنسان يلزم بالتأمين على السيارة وإلا عد الشخص مخالفاً، فيجوز التأمين في هذه الحالة؛ لوجود الحاجة المقتضية لذلك، ولكن ينبغي أن يعلم أنه إذا كان النظام يلزم بالتأمين ضد الغير فقط، أو بحد أدنى منه فلا تجوز الزيادة عن ذلك لأن ما زاد عن ذلك لا تقتضيه الحاجة، ومن القواعد المقررة في الشريعة أن الحاجة تقدر بقدرها.
وفي كلا الحالتين المتقدمتين إذا دخل الشخص في عقد التأمين فلا حرج عليه في الحصول على التعويض المستحق عند وجود سببه، لأن المنع من التأمين إنما هو لأجل العقد نفسه لاشتماله على الغرر، فإذا جاز له الدخول في العقد فيجوز له أيضا أخذ التعويض.
وبناء على ما سبق فلا حرج على السائل إن شاء الله في قبول التأمين؛ لأن علاوة السيارة - كما هو مفهوم السؤال- جزء من الحقوق التي يتقاضاها من الشركة. والله أعلم.(10/304)
شبهة حول تحريم التأمين التجاري
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 17/12/1424هـ
السؤال
أرجو توضيح المسألة التالية مأجورين: إذا قلنا إن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، كما هو مقرر في القواعد الفقهية، وإذا عرفنا أن العلة من تحريم الميسر وما يدخل تحته من بيع الغرر هي إثارة العداوة والبغضاء بين المسلم وأخيه، وإذا غلب على الظن أنه في معاملة من المعاملات المنطوية على بيع غرر- التأمين التجاري على سبيل المثال- لا توجد تلك العلة المحرمة، فهل يُقال: بجواز التأمين لعدم العلة الموجبة لتحريمه، وهي إثارة العداوة والبغضاء؟ وكيف نوجه ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية تأييداً لذلك في مجموع الفتاوى (14/460) ؟. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
القاعدة الفقهية: (الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً) هذا في الفرع المقيس على الأصل، وليس في الأصل المقاس عليه، فإن الميسر محرم قطعاً بالنص لا بالتعليل من لفظ "اجتنبوه" في قوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون" [المائدة: 91] .(10/305)
وليس صحيحاً أن العلة في التحريم في الميسر هي إثارة العداوة والبغضاء، وإنما يصار إلى التحريم بالعلة عند قياس الفرع على الأصل عند عدم وجود النص في الفرع، وذكر إيقاع العداوة والبغضاء في الميسر في الآية الثانية تأكيد للتحريم المنصوص عليه في الآية الأولى، وإحالتكم إلى مجموع الفتاوى غير دقيقة والصواب: (14/471) ، ثم فهمك لكلام ابن تيمية غير صحيح، وإنما كلامه في حكم أخذ العوض على المسابقة للإعداد للجهاد في سبيل الله هل يدخل هذا في الميسر أو لا؟ ووجه بأنه ليس من الميسر، ثم إن إلحاق الفرع (المقيس) بحكم يصل المقيس عليه قد يكون معللاً بأكثر من علة أي علتين أو ثلاث، ويثبت الحكم بالحل أو الحرمة ما دامت علة "الأصل" موجودة في "الفرع"، فالتأمين التجاري محرم لأكثر من علة، وهو حرامٌ لعلة الغرر المؤكد وجودها في العقد، وهو حرامٌ لوجود الجهالة فيه أيضاً، حيث لا يدري كم سيأخذ من التعويض فقد يأخذ أكثر مما دفع أو أقل منه أحياناً، وقد لا يأخذ شيئاً إذا رأت الشركة أنه أخل بشرط من شروط العقد، ثم أيضاً في عقد التأمين أكلٌ لأموال الناس بالباطل، علاوة ما يجري فيه من ربا الفضل والنسيئة ما دام كلا الطرفين يتعاملان بالنقد.
ثم هل شركات التأمين القائمة اليوم تريد من فعلها المصلحة العامة للأمة من إعزاز الإسلام ورفع اقتصادياته وللقضاء على سلبيات المجتمع من التضخم والبطالة التي لو كانت حالها هكذا لخرجنا فعلها كما خرج ابن تيمية المسابقة بعوض من الميسر المحرم تحقيقاً للمصلحة، ولكن الشركات تسعى فقط لزيادة أرباحها ومكاسبها لمصلحتها الخاصة وضد المصلحة العامة للأمة، فلو كانت شركات التأمين التجاري بأنواعه مملوكة للدولة ملكية تامة، ولا تأخذ الدولة منها أرباحاً بل تقدم التأمين خدمة لرعاياها كما هو الحال في نظام (التقاعد) للموظفين، لو كان الأمر هكذا لاختلف الحكم الشرعي من الحرمة إلى الجواز. والله أعلم.(10/306)
لا يقرضونه إلا بتأمين
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 19/10/1425هـ
السؤال
أنا أعمل في شركة تعطي قرضًا للموظف لشراء سيارة (القرض بدون فوائد) ، ولكن تشترط أن ترهن السيارة باسم الشركة، وأن تؤمن السيارة تأمينًا شاملاً، فهل يجوز لي تأمين السيارة تأمينًا شاملاً؟ حيث إني مضطر إلى ذلك إن أخذت القرض من الشركة، ولكني لست مضطرًا لأخذ القرض؛ لأني أستطيع شراء سيارة أخرى بثمن رخيص.
الجواب
ما دمت غير مضطر للقرض من هذه الشركة فأنت غير ملزم بالتأمين من قبلها، أما إذا اضطررت ضرورة شرعية إلى التأمين الشامل من قبل الشركة أو غيرها فلا بأس عليك- إن شاء الله- لا لأن التأمين الشامل حلال في الأصل، وإنما هو جائز للضرورة التي لا تستطيع دفعها، ويلحقك ضرر من عدم حصولك على هذا التأمين الشامل، وأذكرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ، والإِثْمُ ما حَاكَ في صَدْرِكَ وكَرِهْتَ أنْ يَطَّلِعَ عليه النَّاسُ". رواه مسلم (2553) ، من حديث النواس بن سمعان، رضي الله عنه، وقوله صلى الله عليه وسلم- أيضًا- في اجتناب الشبهات: "الحَلالُ بَيِّنٌ والحرامُ بَيِّنٌ، وبينَهُما أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كثيرٌ مِن النَّاسِ، فمَن اتَّقَى الشُّبُهاتِ فقد اسْتَبْرَأ لِدِينِهِ وعِرْضِه، ومَن وقَع في الشُّبُهاتِ وقَع في الحَرَامِ". رواه البخاري (52) ومسلم (1599) ، من حديث النعمان بن بشير، رضي الله عنهما. والله أعلم.(10/307)
التأمين على اللاعبين
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 03/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ: أقوم باللعب مع نادٍ رياضي يقوم بتأمين اللاعبين أثناء اللعب، مع العلم أن هذا التأمين يتم بتقديم النادي مبلغاً مالياً عن كل لاعب لشركة التأمين سنوياً، وقد أُصبت في إحدي المباريات، وقام الطبيب بفحصي، وتقديم نسبة مئوية عن الضرر الذي أصبت به، وعلى أساس هذه النسبة تقوم شركة التأمين بتقديم تعويض مالي لي، فهل يجوز لي أخذ هذا التأمين؟.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
القاعدة في أخذ مبلغ التأمين ألا تأخذ من شركة التأمين أكثر مما دفعت لها من أقساط أو دفعها التأمين عنك، ووجه جواز أخذك العوض من الشركة تعويضاً عن الحادث الذي أصابك هو أن النادي يدفع مبلغ التأمين عنك سنوياً تبرعاً منه لك لتشجيع اللاعبين وجذبهم، وإن كان التأمين مشروطاً عند دخولك مع النادي فما فعله النادي إنما هو تحقيق للشرط، وإن لم يشترط فهو جار مجرى العرف، والقاعدة الشرعية تقول: (المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً) ، وعلى هذا فإن أخذ التعويض المالي عما لحقك من الضرر جائز، لا سيما أنك لم تدفع التأمين وإنما دفعه النادي. والله أعلم.(10/308)
صندوق التكافل الاجتماعي
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 23/10/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: يوجد في بلدي ما يعرف بصندوق التكافل الاجتماعي التابع لنقابة الأطباء، وهو قائم على فكرة أن الطبيب المشترك يدفع قسطاً سنوياً تقوم النقابة
باستثماره في أحد البنوك الإسلامية، ثم عند بلوغ سن الستين أو الوفاة يحصل المشترك أو ورثته على مبلغ مالي متفق عليه مسبقاً، وهو بالطبع أكبر بكثير من مجموع الأقساط المدفوعة، فهل ذلك من الربا؟. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد:
الذي يظهر لي أن هذا ليس من التكافل الاجتماعي المبني على التعاون، وعلى تحسين ما ينتج من استثمار من المال، وإنما هو مبني على أن المشترك في هذا الصندوق يدفع أقساطاً شهرية لمدة يجري تحديدها بمضي ستين عاماً على عمر المشترك أو وفاته قبل ذلك، وفي نفس الأمر يعطى مبلغاً جرى الاتفاق على تحديده في عقد الانضمام إلى هذا الصندوق، وهذا المبلغ غير خاضع لمبالغ الأقساط، وغير خاضع لما تنتجه هذه الأقساط من استثمار، وإنما هذه الأقساط وما ينتج عنها من أرباح لقاء استثمارها ملك للصندوق نفسه، وليس للمشترك علاقة به، وإنما علاقته أو حقه فيما إذا توفي قبل ستين عاماً مثلاً أو تجاوزها، وهذا يعني أن المبالغ التي سددها أقساطاً شهرية أو سنوية لقاء الاشتراك بهذا الصندوق سوف يعطى أكثر منها، وهذا في النفس منه شيء، لأن هذا ليس مبنياً على فكرة أو مبدأ التأمين التعاوني، وإنما الواضح أنه معاملة ربوية مبنية على التأجيل، ولهذا لا تظهر لي صحة هذا التصرف، ولا أن هذا الصندوق يعتبر من أنواع التأمين التعاوني، هذا ما ظهر لي. والله أعلم.(10/309)
العمل في مؤسسة معاشات التقاعد
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 21/2/1425هـ
السؤال
ما حكم العمل في المؤسسات والشركات التالية:-1- المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.2- مؤسسة معاشات التقاعد.3- شركة الاتصالات.4- الشركات الأجنبية.5- البنوك التجارية.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
هذا السؤال عام جدا، ومن الصعب الإحاطة بكل تفاصيل تلك الجهات المسئول عنها. وسأحاول الإجابة على كل جهة باختصار.
فأما البنوك التجارية الربوية فلا أرى جواز العمل بها إلا لمضطر. ويستثنى من ذلك من ولي شيئا من أعمالها التي تدار بطريقة إسلامية، من باب مساعدتها على ذلك، والتقليل من الربا والمعاملات الربوية.
أما شركة الاتصالات فلا أرى بأسا في غالب عملها، على الأقل حسب المعلومات المتوفرة لدي.
أما الشركات الأجنبية فلا أرى الجواب العام عنها لأن لكل شركة ظروفها، ولكل موقع فيها حكم يناسبه.
أما مصلحة التقاعد والتأمينات الاجتماعية، فعندي أن أكبر مشكلة تأتي من طبيعة الطرائق التي تشغل أموالها بها. ولذلك فإن عملت في أي منهما فلا تتولى تقييد الأموال التي تشغل في الاستثمارات المحرمة.
وحيث إن تخصصك محاسبة، فمن المهم في أي عمل تعمله ألا تتولى تقييد الفوائد الربوية، حيث إن بعض العلماء يعد ذلك من كتابة الربا، ويدخله في الوعيد باللعن الوارد على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن المهم أن يستشعر الموظف عموما، وأصحاب التخصصات المالية على وجه الخصوص، حجم التحدي الهائل في القطاعات المالية والتجارية، من حيث غربة العمليات الشرعية، وانتشار العمليات المحرمة، وعلى رأسها التمويل الربوي. والله المستعان. ولذلك، فلا بد أن يكون فاعلا في مجال عمله، مغيرا حسب قدرته، مصلحا حسب منهج الأنبياء عليهم السلام.
وفقك الله لكل خير، ونفع بك حيثما كنت.(10/310)
الائتمان في الإسلام
المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 7/6/1425هـ
السؤال
ما حكم الائتمان في الإسلام، رغم أننا نجد تحدياً في القدر، ومن جانب آخر نجد تكافلاً اجتماعياً؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
فلعل الأخ السائل يقصد ما حكم التأمين في الإسلام؟
والجواب: أن التأمين عقد يتعهد بمقتضاه أحد الأطراف أن يعوض الطرف الآخر عن خسارة اجتماعية يتعرض لها مقابل أدائه -أي: الطرف الآخر- قسط التأمين.
والتأمين بهذا المفهوم عقد معاوضة لا عقد تبرع، وبناء عليه:
فإنه يشترط لصحته ما يشترط في عقود المعاوضات، من كون العقد مبنياً، على التراضي بين المتعاقدين، وخلو العقد من الجهالة والغرر، ومن اقترانه بوصف يجعله محرماً كالربا ونحو ذلك. ولكن هذا العقد -أعني: عقد التأمين- عقد تجاري يكتنفه الغرر الفاحش والقمار والربا بنوعيه-فضلاً ونسيئة- إضافة إلى أكل أموال الناس بالباطل؛ لما فيه من الإلزام بما لم يلزم شرعاً، وتوجيه ذلك:
أن المؤمِّن لم يحدث الخطر منه، ولم يتسبب في حدوثه، كما أنه لم يبذل عملاً للمستأمن، والمستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين، ثم يقع عليه حادث فيغرم المؤمِّن فوق ما أخذه من المستأمن، وقد يدفع المستأمن جميع أقساط التأمين ولا يقع عليه شيء، فيغنم المؤمّن بلا مقابل، وقد يقع عليه حادث خفيف، فيكون المال الذي دفعه المستأمن أكثر من الضرر الواقع عليه.(10/311)
وعلى هذا فالتأمين التجاري -تأمين المعاوضة- داخل في مثل قوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" [المائدة: 90] ؛ لأنه نوع من أنواع الميسر والقمار، وداخل، في مثل قوله -تعالى-:"يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم" [النساء: 29] ، وهو أكل لأموال الناس بالباطل.
إلا أن هناك -يا أخي- مفهوماً آخر للتأمين ألا وهو: أن يكتتب بعض الأشخاص -الذين يتعرضون لنوع من الخطر- بمبالغ نقدية ليؤدَّى منها التعويض لأي مكتتب منهم عندما يقع عليه الخطر المؤمَّن منه، فإن زادت الأقساط المدفوعة عن مبالغ التأمين المستحقة كانت هذه الزيادة لجماعة المستأمنين، وإن نقصت طولبوا بتغطية العجز، فهم لا يسعون لتحقيق ربح من وراء هذا التأمين -بخلاف المفهوم الأول للتأمين- فإن فيه سعياً لتحقيق الربح؛ ذلك أنه إن بقيت فضلة من المبالغ المدفوعة للمؤمِّن استأثر بها وحده، وإن نقصت أقساط التأمين عن المبالغ المستحقة تحملها المؤمِّن وحده، فوقعت الخسارة عليه وحده، فالمفهوم الأول للتأمين تأمين تجاري-وقد بينت تحريمه- والمفهوم الثاني للتأمين؛ تأمين تعاوني تبادلي مبني على التبرع لا على المعاوضة، ويغتفر في عقود التبرعات ما لا يغتفر في عقود المعاوضات فكان جائزاً، أخذاً بما يلي:
1- قوله -تعالى-:"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"
[المائدة: 2] .
2- وعن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". رواه مسلم (2586) .(10/312)
3- وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قلّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم" متفق عليه. البخاري (2486) ، ومسلم (2500) .
ويدخل في التأمين التعاوني ما يسمى بالتأمين الاجتماعي ومن صوره نظام التقاعد، فالتقاعد يعتبر حقاً التزمت به الحكومة تجاه رعيتها، تصرفه لمن قام بخدمتها جزاء تعاونه ببدنه وفكره. وللاستزادة في هذا الموضوع أنصحك بمراجعة قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم (51) وتاريخ 4/41398هـ، ومجلة المجتمع الفقهي التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة ج 2 ص731، وقرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في 10/8/1398هـ، والله أسأل أن يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(10/313)
غرامات التأمينات الاجتماعية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 1/6/1425هـ
السؤال
هل يجوز دفع غرامات عدم السداد للتأمينات الاجتماعية، أو التأخير في السداد؟ حيث تطلب التأمينات الاجتماعية دفع المستحقات كاملة مع الغرامات، ولكن حساب تلك الغرامات حساب مركب أي كل شهر تأخير، أو عدم السداد يحسب مضاعفاً، ليس لدينا مانع بدفع المستحقات، ولكن الغرامات قد تصل إلى ضعف المبلغ المستحق مرتين. نأمل الجواب سريعاً، وكيفية الرد على المؤسسات الخاصة بالتأمينات الاجتماعية.
الجواب(10/314)
قبل القول بجواز أو منع دفع الغرامة لعدم السداد أو تأخيره يجب أن ينظر إلى واقع (التأمينات الاجتماعية) ، فإذا كانت تأخذ من الإنسان قسطاً شهرياً لمدة معينة وبعد خدمته مدة معينة أو بلوغه سناً معينة؛ تدفع له مصلحة التأمينات الاجتماعية ربعه أو ثلثه قسطاً شهرياً من مجموع ما دفعه لها من أقساط، أو أضافت إلى ذلك المجموع نسبة معينة -كما هو في نظام تقاعد موظفي الدولة- إذا كان واقع التأمينات الاجتماعية مع منسوبيها كما ذكرنا فلا شيء فيه، والمعاملة صحيحة، ويجب على الفرد دفع المستحقات من الأقساط المتخلفة دفعة واحدة أو على دفعات. يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالا أو أحل حراماً" رواه الترمذي (1352) ، وغيره من حديث عمرو بن عوف -رضي الله عنه-، ولعموم قول الله -سبحانه: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة: 1] ، أما أخذ غرامات مركبة عن كل شهر تأخر سداده، فهو حرام لا يجوز، فهو من الربا المحرم، وأكل لأموال الناس بالباطل، ولو شرطته مصلحة التأمينات فهو شرط باطل لا اعتبار له؛ لأنه (أحل حراماً) فلا يجوز التعامل به، وفي الحديث: "ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط.." رواه البخاري (2735) ، ومسلم (1504) من حديث عائشة-رضي الله عنها-, وينبغي أن يتنبه إلى أن اشتراط تلك الغرامة المركبة عند عدم السداد أو تأخيره -ليس من قبيل ما يعرف بالشرط الجزائي؛ لأن الشرط الجزائي المعتبر يكون في مصلحة العقد ولا يناقضه، أما الشرط المسئول عنه فهو مناقض ومناف لمقتضى العقد؛ لأن المصلحة شرطت على ألا تلحقها خسارة، وعليه فهذا الشرط فاسد، مثل له العلماء بقولهم: "كما لو اشترط أحد الطرفين أن الخسارة عليه، أو لا يبيع أو يهب أو يتصدق.."، وإضافة لما سبق فإن اشتراط الغرامة النقدية عند التأخير، أو عدم السداد للأقساط النقدية أو بعضها - يجعل العقد عقداً ربوياً فيه الربا والنسيئة".
والخلاصة: إن دفع الأقساط المتأخرة أمر واجب متعين، أما دفع الغرامة مركبة أو بسيطة عند التأخير فحرام، ولا يجوز دفعها بحال، ويتعين عليك طلب إحالة الموضوع بينك وبين التأمينات إلى المحكمة الشرعية لتحكم بينكم بحكم الله.
وفق الله الجميع إلى كل خير، آمين.(10/315)
حول التأمين الصحي في البلاد الغربية
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 26/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أحد الطلاب الدارسين في أمريكا، ونظراً لارتفاع تكاليف العلاج ومتابعة الأطباء في هذه البلاد نلجأ إلى الاشتراك مع بعض شركات التأمين الصحي، بحيث نقوم بدفع رسوم شهريه ثابتة (200 دولار) ، إضافة إلى دفع رسوم أخرى (20 دولاراً) عند الذهاب إلى هذه المراكز أو العيادات الصحية لأي حالة علاجية أو فحوصات للعلاج؛ لكي تكون تكاليف العلاج أقل بكثير مقارنة بمن لا يملك هذا الاشتراك، ونقوم بدفع هذه الرسوم الشهرية حتى لو لم يكن هناك أي حالة مرضية أو أي زيارة لهذه المراكز؛ فيتضح من هذا إهدار للمال، فكانت الاتفاقية أن نقوم بدفع هذه الرسوم الشهرية رسوم (200 دولار شهرياًو20 دولاراً لزيارة الطبيب أو الطبيبة) ، وعند إجراء أي عملية جراحية كالولادة، نقوم فقط بدفع (500 أو 1000 دولار لتكاليف الولادة) ، وشركة التأمين تتكفل بدفع بقية المبالغ (4000 دولار تقريبا) ، بعد الولادة.
زوجتي ولله الحمد والمنة قاطعت هذه الشركة ولم أقم بدفع رسوم الولادة. السؤال: هل يجب علي دفع رسوم الولادة المتفق عليها مسبقا (1000 دولار؟) ، أم أكتفي بدفع ما تم دفعه من رسوم شهرية أو دفع فقط جزء منها؟. ولكم جزيل الشكر والاحترام.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فبما أنه يلحق المسلم حرج إذا لم يؤمن تأميناً طبياً في تلك البلاد، نظراً لارتفاع تكاليف العلاج، فإن الدخول في هذا العقد جائز؛ لأن عقد التأمين يجوز عند الحاجة، والرسوم الشهرية التي تدفعها لا تذهب عليك هدراً؛ لأنك ستستفيد منها في تخفيض كلفة العلاج عند الحاجة إليه، وإذا كان دخولك في العقد جائزاً فيلزمك الوفاء بجميع الالتزامات المترتبة عليه، ومن ذلك تسديد رسوم الولادة المتفق عليها؛ لأن هذا من الوفاء بالعقد الذي أمر الله به في قوله: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة:1] . والله أعلم.(10/316)
التأمين على الحياة بدون عوض
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 28/3/1425هـ
السؤال
قامت الشركة التي أعمل بها بالتأمين على الحياة لمستخدميها دون تحميلهم بأي مصروفات نتيجة ذلك، والوثيقة تنقسم إلى شقين:
الأول: حماية، ويتم التعويض بموجبه عن الأضرار الناتجة عن الحوادث والإصابات البدنية.
والثانية: عبارة عن ادخار، بحيث يتم ادخار مبلغ مالي لكل مستخدم خلال مدة معينة، وقامت الشركة بتعديل الوثيقة أخيراً بحيث ألغت شق الادخار مما نتج عنه ترجيع المبلغ المدخر سابقاً، وتم توزيعه على المستخدمين، فهل يجوز أخذ هذا المبلغ المدخر والاستفادة به من قبل الشخص المؤمن عليه؟ وفي حالة عدم جواز الاستفادة منه، هل من الأفضل تركه للشركة أو سحبه وتوزيعه على ذوي الحاجة؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فبما أن الشركة تمنحكم التأمين بدون عوض، فلا حرج عليكم إن شاء الله في قبوله؛ لأن التأمين المحرم ما كان على سبيل المعاوضة بأن تدفع مبلغاً من المال من أجل التأمين، ولا حرج عليك أيضاً في استرداد المبلغ المدخر، ولك الانتفاع به، إلا في حالة واحدة، وهي ما إذا كنت تعلم أنه يتم استثمار المبلغ المدخر في أنشطة محرمة؛ كشراء السندات، أو شراء أسهم الشركات التي يغلب على نشاطها المحرم؛ كأسهم البنوك الربوية ونحوها، ففي هذه الحال تأخذ أصل المال المدخر لك، وهو المال الذي كانت الشركة قد وضعته في الصندوق الادخاري لك، أما الأرباح الناتجة عن هذه الأنشطة فتأخذها وتتخلص منها في المصالح العامة للمسلمين. والله أعلم.(10/317)
هل له الحق في المطالبة بما دفع للتأمينات؟
المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي
رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 10/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ: كنت أنا وأخ لي في الإسلام شركاء في تجارة، وهو متجر لبيع اللحوم وغيرها من الأشياء، وللحكومة نظام وهو، أن الشخص المسجل باسمه المتجر عليه أن يدفع رسوماً للتأمينات الاجتماعية، وعندما يستحق ذلك الشخص المعاش تدفع له الحكومة مبلغاً محدداً شهرياً كمعاش، ونحن دفعنا لسنة كاملة مبلغ مائة وعشرين ألفاً (120000) ، وفي نهاية العام 2003 م تركنا الشراكة، وقسمنا الأرباح بيننا، وبقي المبلغ الذي دفع للتأمينات الاجتماعية، فهو في سجلات الحكومة مسجل باسم شريكي، والسؤال: هل لي أن أطلب من شريكي أن يدفع لي نصف المبلغ الذي دفع للتأمينات الاجتماعية؟ علما بأني طلبت منه أن يدفع لي نصف المبلغ، فما هو حكم الشرع في طلبي هذا؟ وما هو الذي يجب أن يفعله شريكي في ضوء الشريعة؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إن كانت هذه الرسوم بمثابة التأمين، أو تكون في عمل الربا وليس عن طريق المضاربة فهو مال محرم، لكن لك أن تطلب رأس مالك فقط، وإن كانت هذه التأمينات لا تمارس عملاً محرماً في أموالها فلك أن تطالب شريكك بحصتك من هذا المال المدفوع كله. والله أعلم.(10/318)
الانتفاع بعوائد التأمين الإجباري
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 22/7/1425هـ
السؤال
أنا شخص مسافر إلى بلد أوروبي، ويلزم علي أن أقوم بالتأمين، وهو إجباري وليس اختيارياً، وأنا ذاهب لغرض الدراسة. هل يجوز أن أنتفع بنتائج هذا التأمين؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
أولاً: الأصل في التأمين التجاري الذي يمارس في أوروبا الأصل فيه التحريم؛ لما فيه من الغرر والجهالة، وهو عقد يقوم على الغرر؛ لأنه لا يدرى هل المؤمن يقع عليه خطر، أو لا يقع عليه، وبالتالي فهو عقد غرر، فإذا وقع عليه خطر استفاد من التأمين أضعافاً مضاعفة، وإذا لم يقع عليه خطر خسر نقوده التي صرفها في التأمين - هذا هو الأصل، وهو أصل قرارات مجمع الفقه-، حيث لا يوجد تأمين تعاوني، فإذا وجد تأمين تعاوني، وهو التأمين الذي يقوم على أساس التعاون المنظم بين المستأمنين، فهذا هو الأصل.
لكن بناء على أنه في أوروبا لا يوجد التأمين التكافلي أو التعاوني، أو البديل الإسلامي ليس موجوداً، فيجوز للسائلأن يستفيد من التأمين لرفع الحرج والمشقة، ولأن الغرر يجوز إذا اشتدت الحاجة -كما في الكثير من المسائل التي نص عليها العلماء، ونصوا على جواز الغرر فيها لوجود المشقة والحاجة-، وعليه: فيجوز له أن يستفيد من هذا التأمين الإجباري وأن يستفيد من نتائجه، ولا حرج عليه - إن شاء الله- في ذلك، على أنه إذا وجد تأميناً تعاونياً أو تكافلياً يستجيب لمتطلبات الشريعة يجب أن يلتزم به، ويترك التأمين التجاري. والله أعلم.(10/319)
بوليصة التأمين على الحياة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 29/3/1425هـ
السؤال
في حالة قيام والديَّ بعمل بوليصة تأمين على الحياة ومنحها لي، فهل يجوز لي قبولها وإنفاقها على نفسي كلها، أم أقبل جزءًا منها فقط وهو الأقساط الشهرية المسددة؟ أم آخذ كامل قيمة البوليصة من شركة التأمين ثم أحتفظ بمبالغ الأقساط الشهرية المسددة وأتبرع بالزيادة المقدمة من شركة التأمين للجمعيات الإسلامية هنا في كندا؟.أرجو تقديم بعض الحجج المؤيدة.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(10/320)
التأمين على الحياة أحد أنواع التأمين المحرمة؛ لما فيه من الجهالة والغرر، وأكل أموال الناس بالباطل، علاوة على ما يشتمل عليه عقد التأمين التجاري - ومنه التأمين على الحياة- من ربا النسيئة والفضل، ومن عرف الحق وأراد الإقلاع عن الباطل، فله أن يأخذ من شركة التأمين (بوليصة التأمين على الحياة) مقابل ما دفعه من الأقساط فقط؛ لقول الله -تعالى-:"وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ" [البقرة: من الآية279] وهذا الجواب عام في كل عقد محرم تاب منه صاحبه - ومنهم والدك-، أما ما يخصك أنت بعد أن منحك والدك هذه البوليصة التأمينية، فالأمر يختلف، فقبولك لهدية أو منحة والدك جائز تطييباً لخاطره، وإن كان على قيد الحياة فيتعين عليك مناصحته، وكيف يتخلص من الحرام، -كما هو مبين في صدر هذا الجواب-، ومع هذا يجوز لك أن تأخذ كامل قيمة البوليصة من شركة التأمين، وتتصرف بمبالغ الأقساط الشهرية المسددة فقط، وتخرج الباقي في الجمعيات الإسلامية الخيرية لا بنية الصدقة وإنما بنية التخلص منها؛ لأنها حرام، والله طيب لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيباً كما ورد في الحديث الذي رواه مسلم (1015) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وأخذ جميع مال (البوليصة) من شركة التأمين وإنفاقه في المجالات النافعة أولى من تركه لدى شركة التأمين تشغله في الربا، وتصرفه في المصارف المحرمة، إذ بقاؤه لديها إعانة لها على الباطل وتشجيع لها في صرفه على الحرام، والله يقول في محكم كتابه: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] ، وإن كنت - يا أخي- لست بحاجة إلى تلك الأقساط الشهرية المدفوعة، فأخرجها مع باقي البوليصة في المشاريع الخيرية فهو لك أزكى وأتقى، وإن كنت محتاجاً إليها فلا شيء عليك إن شاء الله في أخذ تلك الأقساط والاستفادة منها. والله أعلم.(10/321)
المتاجرة في أسهم التعاونية للتأمين
المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي
مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 17/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعلمون ما أقره مجلس الوزراء ببيع أسهم شركة التعاونية للتأمين، وحيث إن بعض المشايخ قد أجاز التأمين على الرخصة، سؤالي هل يجوز المتاجرة في هذه الأسهم؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شركة التعاونية للتأمين هي من شركات التأمين التجاري، وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في حكم التأمين التجاري على قولين:
القول الأول: يجوز التأمين التجاري، وبهذا قال الدكتور مصطفى الزرقا، والشيخ عبد الله بن منيع، وكذلك الدكتور رفيق المصري.
واستدلوا بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذكرها.
القول الثاني: تحريم التأمين التجاري، وإلى هذا القول ذهبت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، ومن أعضائها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن عثيمين -رحمهما الله تعالى-، وبهذا القول- أعني التحريم - صدر قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي (القرار الخامس بتاريخ14/8/1398) .ووجه التحريم أن عقد التأمين التجاري ينطوي على الجهالة والغرر، وأكل أموال الناس بالباطل.
والقول الثاني هو الراجح، وعليه فلا يجوز المتاجرة بأسهم شركة التعاونية للتأمين؛ لأن من شروط جواز المتاجرة بأسهم الشركات أن يكون أصل نشاط الشركة مباحاً، وهذا الشرط منتف في هذه الشركة.
أما قول السائل أن المشايخ أجازوا التأمين على رخصة القيادة، وبالتالي يجوز المتاجرة بأسهمها. فالجواب على ذلك:
أن من أجاز التأمين على رخصة القيادة فهو أحد شخصين:
الأول: إما أنه يرى جواز التأمين التجاري. وبالتالي يجوز عنده التأمين على الرخصة وكذلك المتاجرة بأسهم هذه الشركة.(10/322)
الثاني: وإما شخص لا يرى جواز التأمين التجاري، ولكن لما ألزمت الدولة بذلك فإنه يكون من باب الحاجة العامة التي تنزل منزلة الضرورة الخاصة، وتكون من باب الضرورات التي تبيح المحظورات.
وهناك فرق ظاهر بين التأمين على الرخصة من شركة تأمين تجارية، وبين المتاجرة بأسهم هذه الشركة، ويظهر الفرق من وجهين:
الأول: أن المتاجر يعد شريكاً في هذه الشركة بخلاف المؤمن؛ فالعلاقة بينهما علاقة معاوضة.
الثاني: المتاجر ساهم في هذه الشركة باختياره، بخلاف المؤمن فهو مضطر إلى ذلك.
وبالتالي لا يصح قياس جواز المتاجرة بأسهم الشركة التعاونية للتأمين على جواز تأمين رخصة القيادة من نفس الشركة، لما سبق من الفروق.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(10/323)
سحب المستحقات من التأمينات الاجتماعية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 16/05/1425هـ
السؤال
عملت في إحدى شركات القطاع الخاص لمدة ثمان سنوات، ثم قررت القيام بمشروع خاص، هل يجوز لي أن أسحب مستحقاتي من التأمينات الاجتماعية لاستخدامها كرأس مال المشروع؟.
الجواب
نعم، يجوز لك أن تسحب مستحقاتك من التأمينات الاجتماعية واستخدامها في مشروعك الخاص إذا لم يكن هناك موانع؛ كالاشتراط عند العقد أنه لا يجوز للعامل أو للموظف أخذ مستحقاته قبل فترة زمنية محددة ونحو ذلك، فإذا لم يوجد مانع فالحكم الجواز. والله أعلم.(10/324)
الاكتتاب بشركات التأمين
المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي
مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التأمين
التاريخ 02/09/1425هـ
السؤال
ما حكم الاكتتاب بشركات التأمين؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، محمد بن عبد الله وآله وصحبه أجمعين.. وبعد:
فالجواب على السؤال يتضح بعد بيان أنواع شركات التأمين:
فشركات التأمين على نوعين:
1 - شركات تأمين إسلامية جميع أعمالها وعقودها متفقة مع أحكام الشريعة. فهذه لا إشكال في جواز الاكتتاب فيها.
2 - شركات تأمين غير شرعية تقوم على التأمين التجاري المحرم، وربما سمت نفسها بشركة تأمين تعاونية، وهي ليست من التأمين التعاوني الحلال بشيء، وغالب شركات التأمين المنتشرة في العالم الإسلامي من هذا النوع -مع الأسف- يسمون الشيء بغير اسمه تغريراً بالناس وتلبيساً عليهم، وشركات التأمين التجاري لا يجوز الاكتتاب فيها؛ لأن نشاطها محرم، لقيامه على الجهالة والغرر وأكل أموال الناس بالباطل، وقد اتفق الفقهاء المعاصرون على أنه لا يجوز المتاجرة بأسهم الشركات ذات النشاط المحرم، كأسهم البنوك الربوية، والقمار والمجون وغير ذلك.
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(10/325)
مسابقات الإنترنت
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المناضلة والمسابقة
التاريخ 1/6/1422
السؤال
ما حكم المشاركة في المسابقات التي تقام عبر الإنترنت، والتي يتحصل الفائز فيها على هدايا وأموال قد تصل إلى آلاف الدولارات مع العلم أن المتسابق فيها لا يكون إلا غانماً أو سالماً ولا يكون فيها غارماً؟
الجواب
لا بأس بالمشاركة في المسابقات التي تقام عبر الإنترنت أو غيره إذا كان المتسابق لا يغرم شيئاً، بحيث لا يكون إلا سالماً أو غانماً؛ لأنه لا يوجد في ذلك ميسر أو قمار، فالميسر والقمار ما يكون فيه الشخص متردداً بين أن يغرم أو يغنم.
ولكن يشترط أن تكون هذه المسابقات غير مشوبة بأشياء محرمة كأن تكون الأسئلة في أشياء إباحية أو غنائية ونحو ذلك مما يحرم لذاته، فتحرم لهذا السبب، لا لكونها قماراً. والله أعلم.(10/326)
القمار في لعب الكرة
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر
التاريخ 13/9/1422
السؤال
نحن مجموعة شباب نلعب كرة القدم، ويكون هناك اتفاق بيننا على أن يضع الخاسر عشاءً، علماً أن الشخص الخاسر يضع العشاء بنفس راضية بلا إكراه، وكل ذلك بهدف جعل اللعب أشد حماساً وتحدياً، فهل في ذلك شيء؟ أفتونا يا فضيلة الشيخ، ولكم خالص الشكر والتقدير؟
الجواب
هذا اللعب يُعدّ عند الفقهاء - رحمهم الله - في حكم القمار؛ لأن الداخل إما غانم وإما غارم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا سبق إلا في خفِّ، أو نصل، أو حافر " أخرجه الخمسة (أبو داود 2574، النسائي 3586، الترمذي 1700، أحمد 10138، وابن ماجه 2878) ولم يذكر ابن ماجه "نصل". والعوض الذي يأخذه أحد المتسابقين هو كل عوض سواء كان نقداً، أو عيناً، أو منفعة، والعشاء لا شك أنه عينٌ أو منفعة.
وقول السائل:"علماً بأن الشخص الخاسر يضع العشاء بنفس راضية " فيقال: رضى الشخص ليس له اعتبار إذا خالف الأحكام الشرعية. أرأيت لو رضي المتعاقدان على الربا، أو على الغرر، أو على الظلم، أيجوز لهما ذلك؟ لا شك أنه لا يجوز فكذلك هنا، والله أعلم.(10/327)
شهادة المليونير
المجيب د. عبد الله بن حمد السكاكر
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر
التاريخ 16/7/1423هـ
السؤال
أحد البنوك أصدر شهادة تسمى (شهادة المليونير) وقيمتها مئة جنيه مصري، ويجري عليها سحب شهرياً قيمته (مليون جنيه) فما حكم شراء هذه الشهادة؟ مع العلم أنني لو لم أكسب الجائزة (المليون) يحق لي استرداد المئة جنيه. وقد سمعت أن القاعدة الشرعية تقول: (إذا كان المسلم إما غانماً وإما سالماً فيجوز، وإذا كان المسلم إما غانماً وإما غارماً فلا يجوز) .
أفيدونا وجزاكم الله خيراً.
الجواب
لا يجوز الدخول في هذه المسابقة لأن القائمين عليها إن كانوا يأخذون هذه المئة ولا يردونها فهي قمار ظاهر.
وإن كانوا يردونها فهذا قرض بفائدة؛ لأنك تقرضهم هذه المائة في مقابل دخولك هذا السحب، وقد أجمع أهل العلم على أن القرض إذا شرطت فيه منفعة فهو ربا. والله أعلم.(10/328)
تراهن المتخاصمين من مالهما
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر
التاريخ 6/7/1424هـ
السؤال
تراهنت أنا وزميلي على معلومة، كل يعتقد أن رأيه صحيح، وقمنا بإعطاء زميل لنا آخر خمسمائة ريال من كل واحد منا على أن يأخذها صاحب الجواب الصحيح, فهل هذا الرهان جائز بين اثنين هما اللذان يدفعان النقود؟ أفتونا جزاكم الله خيرا وسدد خطاكم.
الجواب
هذا الرهان محرم ولا يجوز، وهو من الميسر، إذ إن الرهان الذي يكون فيه العوض من الطرفين إنما هو في آلات الحرب، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "لا سبق إلا في نصلٍ أو حافرٍ أو خفٍّ" رواه الترمذي (1700) ، والنسائي (3585) ، وأبو داود (2574) ، وابن ماجة (2878) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -"، أما هذا فإنه لا يجوز، اللهم إلا إذا كانت هذه المعلومة تتعلق بالعلوم الشرعية كالحديث، والفقه، والتوحيد، ونحو ذلك، فهذا أجازه بعض أهل العلم، لأن الدين قام بالسيف والسنان، وكذا بالعلم والبيان.(10/329)
شهادة "البنتاجونو"
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر
التاريخ 12/6/1424هـ
السؤال
ما حكم الدين في الشهادة المسماة بشهادة (البنتاجونو) ، وهي منتشرة في مصر، وخطوات الاشتراك فيها:
(1) الحصول على الشهادة من المصدر مقابل عشرين جنيهاً مصرياً تدفع لهذا المصدر (حامل الشهادة) .
(2) إرسال حوالة بريدية بمبلغ عشرين جنيهاً مصرياً للمركز الأول، وحوالة أخرى للشركة بنفس المبلغ.
(3) إرسال الشهادة مع كعبي الحوالتين إلى مقر الشركة.
(4) ثم ترسل الشركة ثلاث شهادات يكون فيها المشترك الحالي في المركز الأخير (السابع) ، فيقوم هذا المشترك بتوزيع الشهادات الثلاث لمشتركين جدد مقابل مبلغ عشرين جنيه لكل شهادة.
(5) يقوم كل واحد من المشتركين الجدد بالخطوات السابقة، وهكذا لكي يصعد صاحب المركز السابع إلى المركز الأول، فيصله مبلغ ما يزيد عن 43 ألف جنيه على هيئة حوالات بريدية.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
هذه الشهادة نوع مما يسمى (الرسالة المسلسلة) (chain letter) ، وهي من أكل المال بالباطل، ومن القمار المحرم، ولذلك يجب اجتنابها وعدم الاشتراك فيها، وفق الله المسلمين لما فيه صلاحهم وهدايتهم.(10/330)
التسويق الهرمي للأدوية
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر
التاريخ 29/1/1425هـ
السؤال
أرجو منكم الإفادة بما يأتي:
ما حكم اشتراك مسلم في برنامج التجارة المباشرة direct selling المتداول حاليا، وهو كالتالي: هناك دواء تصدره شركة، تبيعه للصيدلية بثلاثمائة وخمسين ريالا، ولكن الذي يريد أن يكون عضواً مشتركاً في البرنامج تبيعه الشركة له بثلاثمائة وعشرة ريالات فقط، وهو إذا نجح في بيع الدواء لشخصين آخرين وانضما إلى البرنامج يكسب سبعين ريالا جزاء له ثم إذا حصّل كل من الشخصين السابقين شخصين مشاركين آخرين في البرنامج يكسب كل منهما قيمة السبعين ريالا لقاء فعلهما وأجرهما، فالشخص الأول يكسب ضعفهما وهو مائة وأربعون ريالا، وهكذا يستمر البرنامج إلى عشرة أدوار مثلاً في يوم واحد، هنا تتوقف الشركة عن إعطاء المكافأة حفاظًا على ماليتها. فما حكم الاشتراك في مثل هذا البرنامج؟ وما حكم أخذ المكافأة المعطاة؟ والله يجزيكم عني خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله، وبعد:
المعاملة تسمى التسويق الهرمي، وهي مبنية على شحذ همم الناس على التسويق، لكنها تنطوي على تغرير بالناس، فليس كل المتعاملين يحصل على الجائزة الموعودة، ولذلك أرى أنها لا تجوز، وهناك بحث نفيس لفضيلة الشيخ سامي السويلم عن حكم التسويق الهرمي، علماً بأنه يصح للشركة أن تجعل أجر التسويق غير مرتبط بالآخرين، فكل من باع لها أو جاء بزبون لها فله نسبة معنية أو أجر محدد، ولكن ليس بالطريقة الهرمية المتزايدة. والله أعلم.(10/331)
الاشتراك في برنامج (الرسالة المسلسلة)
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر
التاريخ 04/05/1425هـ
السؤال
هل يجوز المشاركة في البرنامج التالي: تقوم بإرسال 20 دولاراً، ثم يقوم البرنامج بإرسال آلاف الدولارات، وهو عبارة عن اشتراك، وتقوم أنت بنشر مقالة تقدم لك من طرف البرنامج، أي تقوم بنشرها؛ لكي تأخذ الأموال، فهي عبارة عن خدمة تقدمها للبرنامج، ويقوم البرنامج بإرسال النقود جراء هذا العمل.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
البرنامج المذكور يظهر أنه من برامج التسلسل الهرمي (pyramid scheme) ، وعلى الأخص ما يسمى الرسالة المسلسلة (letter chain) ، وهو نوع من القمار وأكل المال بالباطل. وأنصح الأخ ألا يغتر به، ويضيع ماله فيما لا يفيد، والوعود التي يقدمها البرنامج وعود زائفة، هدفها استغلال أموال الناس، شأنها شأن اليانصيب أو أسوأ. فالواجب الحذر منها والابتعاد عنها، ومن ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه.(10/332)
شراء بطاقة لدخول مسابقة على الإنترنت
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر
التاريخ 22/2/1425هـ
السؤال
اشتركت في برنامج مسابقات على الإنترنت، ولا أعلم هل هو حرام أم لا، المسابقة تتضمن عدة أسئلة، ويقوم المشترك بشراء بطاقة الدخول للمسابقة، وقد يربح جوائز قد علمها قبل الدخول ووافق على شروطها، وتتضمن السرية، ومقدار الجوائز ونوعيتها، كمثل أن يربح بطاقات مشاركة أخرى أو مبلغاً نقدياً، علما بأنه قبل الشروع بالمسابقة يقوم المتسابق بقراءة جميع معلومات وشروط المسابقة، والموافقة عليها، والمسابقة ثقافية في شتى دروب المعرفة والعلم.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإذا كان من شروط المسابقة أن تشتري بطاقة للدخول فيها، ولا يمكن الاستفادة من البطاقة في منافع أخرى غير المسابقة، وغير الدخول في موقعها، فهي قمار، لا يجوز الدخول فيها، ولا أخذُ جوائزها؛ لأن حال المتسابق متردد بين أمرين: إما أن يذهب عليه ما دفعه من رسوم الاشتراك ويخسر ماله، وإما أن يغنم ما غرمه غيره فيكون قد أكل أموالهم بالباطل.
والقاعدة: أن أي مسابقة يُشترط فيها دفع رسوم، أو شراء بطاقات الأسئلة، أو بطاقات للإجابة لا تقبل الإجابة إلا فيها، فهي قمارٌ لا يجوز الدخول فيها البتة؛ لأن المتسابق يكون حاله فيها إما أن يغرم ما دفعه (في حال عدم فوزه في المسابقة) ، أو يغنم ما دفعه غيره (في حال فوزه بالجائزةا) ، وهذه مخاطرةٌ بالمال لا تجوز، وهي حقيقة القمار المحرَّم.
ولا فرق في ذلك بين أن تكون الأسئلة شرعية، تفقِّه المتسابق في الكتاب والسنة، أو فنيةً تضيع وقته في السخافات والمجون.
أما لو كان الدخول فيها بالمجان، وأسئلتها خارجة عن الأمور المحرمة، فهي حلال خارجة عن صورة القمار. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم.(10/333)
(صورة أخرى للتسويق الهرمي)
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر
التاريخ 8/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
هناك شركة تنتج المجوهرات والألماس، تبيع قطعة الألماس الواحدة بـ 510 دولارات، وزوج الألماس بـ 790 دولارات، وتتبع في بيعها نظام التقسيط، فيدفع المشتري الدفعة الأولى 200 دولار، ثم يقسط الباقي، كل قسط 50 دولاراً حتى يكمل قيمة القطعة الأولى فيستلمها، ثم بعد ذلك يكمل قيمة القطعة الثانية (وهي 280 دولاراً) فيستلمها، وهذه الشركة تتبع نظام العمولات بطريقة (التسويق الهرمي) المعروفة، حيث إن المشتري إذا أقنع ستة أشخاص بشراء هذه القطع الألماسية فإنهم يعطونه عمولة قدرها 100 دولار تقسم قسمين: 50 دولارا لتسديد القسط الخاص بقطعة الألماس، و 50 دولارا تعطى له باعتبارها عمولة إحضار الزبائن، وهكذا حتى تكتمل قيمة الألماس فيرسلونها له، علمًا أن:
- هذه الشركة تعطي العمولات للأشخاص الذين يحضرون الزبائن، سواء اشتروا من الألماس أو لم يشتروا، ولكن بالطبع فإن عمولة المشتركين أكثر من عمولة غير المشتركين.
- أكد شخص أنه وجد قطع الألماس التي بنفس مواصفات ألماسات الشركة عند محلات المجوهرات في بلده بقيمة 600 دولار، وأنها في بلدة أخرى بـ 600 دولاراً أيضا.
- وجدت سعر قطعة الألماس الواحدة بنفس مواصفات الماسات الشركة في بعض المواقع الأجنبية يتراوح ما بين 360 - 420 دولاراً من غير الشحن، وهو سعر مقارب لسعر الشركة إذا افترضنا أن الشركة تبيع القطعة الواحدة بقيمة (790 ÷ 2 = 395 دولاراً) .
- هناك سقف للعمولات المسموحة لكل شخص، فلا يحق له أن يستلم أكثر من 1500 دولار يومياً.(10/334)
- ليس هناك اشتراك سنوي، بل المال المدفوع هو الدفعة الأولى من قيمة الألماس. -تعطيك الشركة أيضاً مبلغ 10 دولارات عن كل شخص تحضره مباشرة عن طريقك. -حددت الشركة فترة زمنية لتسديد الأقساط؛ وهي خمس سنوات من تاريخ الدفعة الأولى.
-بإمكان الشخص المشترك أن يستلم عمولته بشيك، أو بتحويلها إلى حسابه، أو أن يشتري بها منتجات من الشركة.
- الذين لم يستطيعوا أن يأتوا بأي مشترك تحتهم، لا عن اليمين واليسار، وبعد مرور ستة أشهر تعطيهم الشركة حق الانسحاب واستعادة 75 % من مبلغ 200 دولار الذي تم دفعه (باعتبار أن الـ 25% الباقية عربونا) ، أو أن يكمل باقي مبلغ زوج الألماس ويأخذها، وله كامل الحق في التصرف بها.
- ليس هناك من يخسر لمصلحة من يربح، فالكل يدفع قيمة قطعة الألماس فقط. وبعد هذا الكلام عن هذه الشركة، وبيان بعض الفروق بينها وبين بعض شركات التسويق الهرمي، نرجو منكم توضيح حكم الشراء من منتجات هذه الشركة والتسويق لها، أو الشراء دون التسويق، أو التسويق دون الشراء، وإذا كان هنا أكل للمال بالباطل فأرجو توضيحه، والله يحفظكم ويرعاكم.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
1. الشركة المذكورة لها نوعان من الخطط التسويقية (1/1 وله نوعان، أو 3/3 وله ثلاثة أنواع) . كل منها يعطي مقدار عمولات يختلف عن الآخر [1] .
2. تتراوح العمولات التراكمية للنوع الأول (1/1) ما بين 19510 إلى 97550 دولار في السنة. أما النوع الثاني فيتراوح بين 33960 إلى 226400 دولار. علماً أن العمولات يمكن أن تستمر من حيث المدة إلى ما لا نهاية حسب تصريح الموقع [2] .(10/335)
3. كل عاقل يبحث عن مصلحته إذا عُرض عليه ألماس قيمته 790 دولاراً وعمولات تصل إلى أكثر من مائتي ألف دولار، فسينظر إلى العمولات. ولذا فالقول بأن المشترك هدفه الأساسي هو السلعة غير صحيح، بل هو مكابرة للواقع. وأوضح دليل على ذلك أن العمولات هي العامل الأهم في إقناع الناس بالاشتراك [3] .
4. إن إدخال السلعة ما هو إلا ستار لعملية المقامرة، وهذا الستار لا يفيد أصحابه شيئاً من حيث المشروعية، لأنه مجرد حيلة. وقد قرر شيخ الإسلام أن أصول الحيل ترجع إلى أمرين: إما أن يُضم إلى أحد العوضين ما ليس بمقصود، وإما أن يُضم إلى العقد عقدٌ غير مقصود. والنوع الأول هو مسألة مُد عَجوة، والثاني هو المنهي عنه من بيعتين في بيعة وسلف وبيع [4] .
والتسويق الشبكي يدخل في النوع الأول، لأن المقصود هو النقود، ولكن القوانين تمنع التسلسل الهرمي إذا اقتصر على النقود، فاضطروا لإدخال السلعة تحايلاً، وإلا فهي غير مقصودة في الحقيقة.
ومما يوضح ذلك أن حاصل التسويق الشبكي أن المشترك يدفع مبلغاً من النقود مقابل سلعة ومقدار من العمولات النقدية. فهي معاملة في أحد طرفيها نقد وفي الآخر سلعة ونقد. وإذا كان النقد المفرد في المبادلة أقل من النقد الذي انضمت إليه السلعة أو يساويه فهي مبادلة ممنوعة باتفاق الفقهاء. وإنما اختلفوا إذا كان النقد المفرد أكثر من النقد الذي انضمت إليه السلعة، فأجازه الحنفية وبعض السلف [5] . أما إذا كان النقد المفرد أقل، فهي ممنوعة عند الجميع. وهذا هو الحاصل هنا، لأن المشترك يدفع 790 دولاراً مقابل ألماس وعمولات نقدية تعادل أضعاف أضعاف الثمن الذي دفعه.
5. إذا كان المقصود هو العمولات فالمعاملة تصبح ممنوعة لأمرين:
الأول: الغرر الفاحش والمقامرة، لأن المشترك يدفع مقابل عائد لا يدري هل يتحقق أو لا، والغالب - وفق القوانين الرياضية والإحصائية - أنه لا يتحقق. وهذا هو الغرر المحرم شرعاً.(10/336)
الثاني: أنه مبادلة نقد بنقد مع التفاضل والتأخير، وهذا من الربا المحرم.
6. وبناء على أن المقصود هو العمولات فكل من لم يحقق عمولات يعد خاسراً لأنه دفع دون أن يتحقق مقصوده وهدفه. وهو لم يشترك ابتداء رغبة في الألماس بل في العمولات، فلا ينفعه الألماس بشئ. فالطبقات الدنيا تعد خاسرة لمصلحة الطبقات العليا، ولا يمكن أن يستمر التسويق الشبكي إلا بهذه الطريقة، وهذا هو أكل المال بالباطل.
7. هذا الحكم لا يتأثر بما إذا كان سعر المثل أعلى أو أقل من السعر المعلن. لكن ألفت نظر الأخ إلى أن الشركة تشترط شراء زوج من الألماس، حتى لو دفع قيمة قطعة واحدة فهي تعتبره ملتزماً بدفع ما تبقى من ثمن الزوج [6] .
وواضح أن هذه زيادة مبطنة للثمن تجعله في الحقيقة ضعف ثمن المثل.
8. من كان يريد الألماس دون التسويق فينبغي أن يبحث عن جهات متخصصة في هذا المجال لا علاقة لها بالتسويق الشبكي، وبهذا يتبين مَن قصدُه العمولات ومَن قصدُه السلعة. أما من يقصد التسويق دون الشراء فالشركة لا تسمح بالتسويق لمن لم يشتر بحسب لوائحها. وقول الأخ أنهم يعطون عمولات لمن لم يشتر غير دقيق [7] .
9. إن شراء الألماس من خلال الموقع هو شراء لشيء موصوف وليس لشيء معين. والمبيع الموصوف في الذمة يشترط لشرائه دفع الثمن كاملاً عند التعاقد كما هو الحال في بيع السلم، لئلا تصبح المعاملة من بيع الكالئ بالكالئ المحرم بالإجماع. وشراء الألماس الموصوف في الذمة بالتقسيط يتضمن تأجيل بعض الثمن، فتصبح المعاملة من بيع الدين بالدين المحرم بالإجماع.
10. حق استرداد 75% من الدفعة المقدمة المشار إليه في السؤال لا يحل الإشكال الشرعي، لأمور:
الأول: أن المشترك قد خسر 25%. وهذه الخسارة وإن كانت أقل لكنها تظل خسارة. وصغر المبلغ لا يعني الجواز، فثمن تذكرة اليانصيب لا يتجاوز دولاراً واحداً، ومع ذلك فهو قمار محرم.(10/337)
والقول بأن نسبة 25% بمثابة العربون لا يصح هنا، لأن العربون تأجيل لبعض الثمن وهذا لا يجوز في بيع الموصوف في الذمة لأنه يفضي إلى الدين بالدين كما سبق، ولذلك لا يجوز العربون في بيع السلم عند الجميع.
الثاني: أن هذا الحق يثبت إذا لم يحصل المشترك على أي عمولات، ولم يأت بأي مشترك. لكن لو حصل على أي عمولة، أو أتى بمشترك من جهة واحدة فقط ولم يحصل من ثم على عمولة فليس له الاسترداد [8] . ومعلوم أن المشترك لا يعد رابحاً إلا إذا حقق عمولات تتجاوز الثمن الذي دفعه، أي أكثر من 200 دولار. فهذا الحق إذن لا ينفي الخسارة بل تظل قائمة إذا كانت العمولات أقل من الثمن المدفوع، ومن باب أولى إذا لم يحصل على أي عمولة.
الثالث: أن المشترك يتحمل مصاريف التسويق والدعاية والاتصالات والمراسلات من ماله الخاص، وهذه لا يتم تعويضها بحال. وهذه الخسارة محرمة لأنها تتعلق بعمل الغالب عليه الإخفاق، بخلاف عمل العامل في الجعالة، إذ هو طلب للربح فيما يغلب حصوله.
الرابع: أن هذا الحق يجعل المعاملة نقداً بنقد دون وجود السلعة أصلاً، لأن المشترك يدفع 200 دولار وإذا لم يحقق مبيعات استرد 150 منها، وإذا حقق مبيعات حصل على عمولات نقدية، فتصبح المعاملة نقوداً بنقود صرفة، وهذا محرم بلا خلاف.
وهذا يؤكد أن المقصود هو العمولات وليس السلعة، فالمشترك يبدأ التسويق فوراً قبل استلام السلعة بل هي لا تزال في ذمة الشركة البائعة، فكيف يقال بعد ذلك إن السلعة مقصودة؟
11. أخيراً ينبغي التأكيد على أن الشريعة الإسلامية لا تحرم طلب الربح والكسب، بل هذا مأمور به ومطلوب، وإنما تحرم أكل المال بالباطل وبالغرر والربا. ومن اتقى الله تعالى فتح له أبواب الحلال ورزقه من حيث لا يحتسب، ومن ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه.(10/338)
والله سبحانه المسؤول أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يكفينا بحلاله عن حرامه ويغنينا بفضله عمن سواه، والحمد لله رب العالمين.
مواضيع ذات صلة:
(حكم التعامل مع شركة بزنس كوم)
(التسويق الهرمي)
(بزناس والتسويق الهرمي عوداً على بدء)
____________
[1] كما هو مذكور في موقع الشركة: http://www.my7diamonds.com/m7dsystem/R&R.asp.
[2] http://www.my7diamonds.com/m7dsystem/potential.asp
[3] راجع موقع M7D4arab.com واقرأ الدعاية: "هل حلمت في يوم من الأيام أن تصبح من ذوي الثروات الطائلة؟؟؟ هل حلمت يوماً ما بسيارة أنيقة..! أو منزل فاخر؟؟ ... " إلخ.
[4] راجع القواعد النورانية، ص173-174، دار ابن الجوزي.
[5] راجع الموسوعة الفقهية الكويتية، مادة "ربا".
[6] راجع: http://www.my7diamonds.com/faq/faq_mktingplan.asp، تحت عنوان: I have paid for a single diamond. Do I get a free Business Account?.
[7] راجع الرابط: http://www.m7d4arab.com/6.htm، تحت عنوان: "خطة الكسب المادي"، حيث نص على اشتراط الشراء لتحقيق الكسب المادي.
[8] نص الموقع العربي على أن الذين (لم يستطيعوا أن يجمعوا أو يأتوا بأي مشترك تحتهم لا عن اليمين واليسار وبعد مرور ستة أشهر تعطيهم الشركة حق الإنسحاب) http://www.m7d4arab.com/6.htm) ، وهذا يدل على أنه من أتى بمشترك من إحدى الجهتين فقط فليس له الانسحاب، والعمولة لا تعطى إلا لمن أتى بمشتركين من الجهتين.(10/339)
بيع بطاقات التخفيض
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر
التاريخ 15/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعمل في شركة لمستحضرات التجميل الطبيعية، وقد وقعت عندنا شبهة من حيث حرمة العمل فيها أو حله، حيث يتم تسجيل العضو الجديد بأربعين ريالاً، ويعطى (كتلوجات) تحتوي على الأسعار والمنتجات، وله نسبة حاضرة عند البيع، ونسبة تجمع بالنقاط آخر الشهر، ورواتب ثابتة شهرياً، ونسبة على كل من يسجلهم فيما بعد. فأرجو الإفادة.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فقد جرى الاتصال بالشركة المذكورة في السؤال للاستفسار عن طريقة المعاملة، فأفاد أحد الموظفين فيها بما يلي: يتقدم الراغب إلى هذه الشركة فيدفع أربعين ريالاً ليكون عضواً، ويعطى بطاقة بذلك مع (كتلوجات) تحوي صور المنتجات وأسعارها، وكلما أراد شراء سلعة منها لنفسه أو ليبيعها على غيره، وجاء لاستلامها من مستودع الشركة، فإنه يأخذها بسعر أقل من المدون في (الكتلوج) ؛ لأنه عضو، وكلما وصلت مشترياته نسبة معينة في شهر واحد أعطي نسبة من قيمة مشترياته حسب قيمة المشتريات، وإذا أحضر أعضاءً يسجلون في الشركة كأعضاء، فإن النقاط التي سيتحصلون عليها وما يعطون من النسبة الشهرية المذكورة تحسب له أيضاً، ويعطى هو أيضاً عليها مبلغاً، هذا هو إجمال طريقة التعامل المذكورة حسبما فهمت من الموظف المذكور، وبناء عليه فإن الظاهر لي في حكم هذه المعاملة أنها معاملة محرمة للأوصاف التالية:(10/340)
أولاً: وجود الغرر فيها؛ وذلك لأن العضو يدفع قيمة الاشتراك؛ لغرض الحصول على التخفيض، ومقداره يتفاوت بتفاوت عدد السلع المشتراة، إذ قد يشتري سلعاً كثيرة أو سلعاً أقل، وربما لا يشتري شيئاً، وهذا غرر كبير يوجب الفساد؛ لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الغرر. رواه مسلم (1513) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-.
ثانياً: اشتباهها على الميسر، وإيضاحه أن المشترك قد يشتري فيحصل على التخفيض، وقد لا يشتري فيغرم فقط، فهو دائر بين الغرم والغنم الناشئ عن المخاطرة، وهذا هو الميسر.
ثالثاً: ما تشتمله مثل هذه المعاملات (في الغالب- من التغرير بالناس وخداعهم وابتزاز أموالهم؛ لأنها غالباً ما تكون التخفيضات وهمية غير حقيقية، كما حصل لكثير من حاملي (بطاقات التخفيض) .
وأما توصيف هذه المعاملة فيمكن أن توصف على أنها بيع، أو إجارة لمنفعة التخفيض، وهذا يوجب فساد هذه المعاملة؛ حيث المعقود عليه مجهول المقدار.
ويمكن للخروج من الحرمة في هذه المعاملة أن يكون الاشتراك مجاناً، أو بمقابل تكاليف إصدار البطاقة حقيقة (فقط) ، فتكون معاملة مباحة؛ لعدم وجود سبب للتحريم، والأصل في المعاملات الإباحة، ولا يضر الغرر والجهالة؛ لكونها خرجت عن حد معاملات المعاوضات. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين.(10/341)
يانصيب الحصول على الجنسية الأمريكية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر
التاريخ 02/05/1425هـ
السؤال
ما هو الحكم الشرعي في (يانصيب الحصول على الجنسية الأمريكية) بالدليل؟.
الجواب(10/342)
اليانصيب كما عرفها القانون هي: لعبة يسهم فيها عدد من الناس، بأن يدفع كل منهم مبلغاً صغيراً ابتغاء كسب النصيب، وهو عبارة عن مبلغ نقدي كبير، أو سلعة من السلع يوضع تحت السحب، ويكون لكل مساهم رقم، ثم توضع أرقام للمساهمين في مكان، ويسحب منها عن طريق الحظ رقم أو أرقام، فمن خرج رقمه كان هو الفائز بالنصيب، وهذا من القمار المحرم، كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: "من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق" رواه البخاري (4860) ، ومسلم (1647) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- والقمار هو الميسر المحرم بنص القرآن "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ" [المائدة:90-91] ، وسبب تحريم الميسر في الآية هو أن المشركين في مكة كانوا يتقامرون على الجزور ناقة يرونها يتوازعونها أسهماً بينهم تبلغ (29) سهماً، ثم يضعون هذه الأسهم في خريطة - كيسة - ويخبصونها ثم يبدأ كل واحد منهم يسحب سهماً، فمن ظهر له رقم من هذه الأسهم دفع جزءاً من قيمة الجزور يماثل قيمة سهمه الذي خرج له، وهكذا حتى النهاية ثم يدفعون قيمة هذه الأسهم الـ (29) إلى صاحب الجزور، ثم يذبحونها ويتصدقون بلحمها على الفقراء منهم، فجاءت الآية بالتحريم، هذا عن الشق الأول لسؤالك وهو حكم (اليانصيب) .(10/343)
أما الشق الثاني: وهو تجنس المسلم بالجنسية الأمريكية أو غيرها، فأقول إذا كان السفر والإقامة المؤقتة في بلاد الكفار لغير غرض شرعي فمنهي عنها؛ لأحاديث كثيرة منها ما رواه أبو داود (2645) والترمذي (1604) : "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"، قالوا يا رسول الله ولم؟ قال: "لا تراءى ناراهما"، فإن النهي عن التجنس بجنسية الدولة الكافرة من باب أولى؛ لأنها إقامة دائمة، فالنهي عنها أشد وأعظم، وقد تدعوه الحال إلى أن يتحاكم إلى محاكمها وأنظمتها الكفرية، والإقامة بين أظهر الكفار تسبِّب ضعف الدين ورقته وضياع الأولاد والأهل، واستمراء المعاصي والمنكرات؛ لأن كثرة المساس تذهب الإحساس، كما يقال، هذا كله إذا كان التجنس بجنسية الدولة الكافرة أو الإقامة فيها لغير ضرورة شرعية، أما إذا كان هناك ضرورة تدعوه لأخذ جنسية الدولة الكافرة، كأن لا يأمن على نفسه أو أهله، فهو يلاحق ظلماً وعدواناً، أو لا يستطيع طلب الرزق له ولأولاده في بلاده التي نشأ بها، ولم يجد دولة مسلمة تؤيه، كما هو الحال اليوم مع كثير من الدعاة أو المعارضين لحكوماتهم، أو يكون المسلمون (الأقلية المسلمة) في بلاد الكفار بحاجة إلى من يعلمهم دينهم، ولا يحصل لهم هذا إلا إذا تجنَّس من يدعوهم بجنسية دولتهم، ففي مثل هذه الحالات يجوز أخذ جنسية دولة كافرة بشروط منها:
(1) أن يكون ولاؤه الحقيقي ومحبته القلبية لأمته المسلمة، ولو خالط الكفار وعاشرهم في الظاهر إنما لحمله جنسيتهم.
(2) أن لا يترتب على أخذه الجنسية ارتكابه لمحظور شرعي قطعي الدلالة.
(3) أن يتمكن من إظهار شعائره التعبدية من صلاة وصيام وزكاة ونحوها.(10/344)
(4) أن يكون مضطر ضرورة شرعية لا محالة له منها للقاعدة الأصولية (الضرورات تبيح المحظورات) والضرورة تقدر بقدرها، أو يكون طلبه للجنسية باعثه حاجة ملحة لا مندوحة له منها؛ للقاعدة الفقهية (إن الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة) وإذا جازت الإقامة في بلاد الكفار لغرض شرعي جاز أخذ الجنسية؛ لأنها متفرعة عنها في كل حال، وما قد يرد على أخذ الجنسية من التحاكم إلى محاكم الكفر وقوانينه يرد على المقيم في ديار الكفر، فإنه ملزم باتباع أنظمة البلاد وقوانينها، ومثله من أسلم في دار الكفر أو ولد فيها مسلماً.(10/345)
وإذا جاز للمسلم أن يتوظف في حكومة كافرة، ويطبق من أنظمة الدولة ما يوافق شرع الله، كما كان من تولي نبي الله يوسف -عليه السلام- وظيفة المالية والخزانة لفرعون مصر قال تعالى: " قال اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ" [يوسف: من الآية55] ، فإن أخذ الجنسية من الدولة الكافرة أهون من هذا، ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية (السابق لعصره) حيث يقول في مجموع الفتاوى (30/55) : (الولاية وإن كانت جائزة أو مستحبة أو واجبة فقد يكون في حق الرجل المعين غيرها أوجب أو أحب، فيقدم حينئذ خير الخيرين وجوباً تارة واستحباباً أخرى، ومن هذا الباب تولي يوسف الصديق - عليه السلام -على خزائن الأرض لملك مصر، بل ومسألته له أن يجعله على خزائن الأرض، وكان هو وقومه كفاراً، كما قال تعالى: "وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ" [غافر: من الآية34] ، وقال تعالى عنه: "يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ" [يوسف: 39-40] ، ومعلوم أنه مع كفرهم لا بد أن يكون لهم عادة وسنة في قبض الأموال وصرفها على حاشية الملك وأهل بيته وجنده ورعيته، ولا تكون تلك جارية على سنة الأنبياء وعدلهم، ولم يكن يوسف - عليه السلام- يمكنه أن يفعل كل ما يريد وهو ما يراه من دين الله، فإن القوم لم يستجيبوا له، لكن فعل الممكن من العدل والإحسان، ونال يوسف - عليه السلام- بالسلطان من إكرام المؤمنين من أهل بيته، وهم مسلمون، بل وفيهم أبوه نبي الله يعقوب - عليه السلام- ما لم يكن يمكن أن يناله بدون ذلك، وهذا كله داخل في قوله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] ا. هـ.(10/346)
واستنباطاً من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية هذا نقول: إذا كان نبي الله يوسف - عليه السلام- لم يستطع أن يفعل كل ما يريده فيمنع فرعون وجنده، وحاشيته من استئثارهم بالمال العام وتبذيره وحفظه لصالح الأمة، مع أنه -عليه السلام- هو المشرف والمتولي للخزانة العامة لدولة فرعون، وإنما فعل يوسف - عليه السلام- من العدل والإحسان ما تمكن منه وقدر عليه، إذا كان هذا جائزاً في حق يوسف -عليه السلام- وهو نبي يوحى إليه، فإنه في حق غيره من البشر أولى، ومنهم المتجنس بجنسية الكفار اضطراراً، فإن عليه أن يفعل الممكن من العدل والإحسان، وأخيراً ولو كان قليلاً مما اشتملت عليه أنظمة تلك البلاد وقوانينها وإظهار شعائر دينه من صلاة وصيام، وخلاصة الجواب: أن ما تفعله بعض المكاتب التجارية من اليانصيب للاقتراع للحصول على الجنسية الأمريكية أعتقد أنه مزايدة تجارية، ولا يمكن لدولة أن تجعل أنظمتها كالتجنس بأيدي تجار يزيدون عليها، ولو فرض وقوعه في دولة من الدول لامتنع في أمريكا، وبالأخص بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي غيرت مجرى التاريخ أو كادت، والتجنس بالجنسية الأمريكية أو غيرها جائز إذا توفرت في طالبها الشروط السابق ذكرها. والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(10/347)
الاشتراك في شركة (QUEST) للتسويق الشبكي
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/القمار والرهان والميسر
التاريخ 27/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:(10/348)
أود من فضيلة الشيخ توضيح حكم الاشتراك في شركة (QUEST) العالمية للتسويق الشبكي، فهذه الشركة أساس عملها التسويق الشبكي، ومقرها الرئيس في هونج كونج، وعمرها الزمني من بدايتها ست سنوات، وتعتبر بتقييم السوق ترتيبها الثالث في التسويق الشبكي حول العالم، وتجاوزت مبيعاتها المليار دولار, ولها عشرات الآلاف من العملاء حول العالم بما فيها العالم الإسلامي، الشركة حصلت على امتياز تسويق منتجات بعض الشركات منها الشركة الرائدة في إنتاج القطع الذهبية والساعات والمجوهرات, شركة (Mayer) الألمانية، وتعاقدت مع منظمة (RCI) للمنتجعات والفنادق، والتي لها انتشار كبير في العالم العربي والإسلامي بما فيها فنادق في مكة والمدينة وغيرها من البلاد الإسلامية، وتعاقدت مع شركة اتصالات كبرى، ولها كثير من المنتجات الأخرى، علماً أن هذه المنتجات حصريا بيعها وتسويقها على أعضاء هذه الشركة فقط، أي أن هذه المنتجات بذاتها لا تباع في السوق إلا عن طريق عملاء الشركة، وهذه المنتجات مرغوبة بحد ذاتها إما لأن سعرها أقل من مثيلاتها بالسوق أو لأن جودتها أعلى, فلو أخذنا برنامج الرحلات لوجدنا أنه أقل من مثيلاته بالسوق بما لا يقل عن ألفي دولار، وكذا القطع الذهبية والمجوهرات جودتها أعلى بكثير من التي بالسوق، طريقة الاشتراك بالشركة، بعد أن يقتنع الشخص بالشركة وبأحد منتجاتها يقوم بالتسجيل بمقر الشركة الإلكتروني، وذلك بإدخال البيانات الأساسية، وإدخال رقم المعرف (الشخص الذي أخبره عن الشركة) ، ويدفع رسوماً مقدارها عشرة دولارات لقاء التسجيل، ويعطى رقماً خاصا به، ويوضع تحت اسم الشخص الذي عرفه بالشركة (أي في شبكته) ، التسجيل لوحده ليس له نقاط، إذا اشترى هذا الشخص (أصبح عميلا بعد اشتراكه) أحد المنتجات فإنه يحسب نقاط للمعرف، حيث إن كل منتج له عدد من النقاط، وعند وصول عدد النقاط إلى 6 يعطى 250 دولار للمعرف، وهكذا ... وإذا اشترى شخص آخر عن طريق(10/349)
العميل الجديد فإن النقاط تحسب للمعرف الجديد وللمعرف القديم، وهكذا ... حيث إن الشخص مستفيد من هذه الشركة من ناحيتين:
الأولى: المنتج الذي اشتراه.. وهو بحد ذاته هدف ومقصد، من حيث جودته وسعره. الثاني: العمولة التي ستأتيه فيما لو اشترك أحد عن طريقه، أو حتى عن طريق أحد من الذين دخلوا عن طريقه.. حتى تتوقف الشبكة، التي لن تتوقف حتى يتوقف الشخص وجميع من في شبكته عن التسويق، والشبكة ذات مصداقية عالية من حيث منتجاتها، واستلام هذه المنتجات. وأيضاً من ناحية تسليم الوساطات (العمولات) .
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
سبق الكلام في أكثر من مناسبة عن الشركة المذكورة، وأنها من شركات التسويق الهرمي المحرم شرعاً؛ لأنه من الميسر والقمار، وأما المنتجات التي تروج لها الشركة فهي مجرد حيلة على التحريم، وذلك أن العمولات قيمتها أضعاف أضعاف المنتج الذي يشتريه المشترك، وهذا لا يمكن أن يقبل به البائع إلا إذا كانت العمولات قد تحصل وقد لا تحصل، ومن يحصل عليها فهو على حساب من جاء بعده ممن سوق لهم هذه المنتجات، وهكذا، وهذا يجتمع فيه الغرر والتغرير معاً، وإذا كانت العمولات نقدية انضم إلى ذلك الربا؛ لأن المقصود هو مبادلة نقد بنقد، والسلعة أو المنتج ستار لا عبرة به.(10/350)
وقد اتفق الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم على أن المبادلة إذا تضمنت نقداً في أحد البدلين، وسلعة معها نقد في البدل الآخر، وكان النقد المفرد أقل من النقد المضموم للسلعة أو يساويه، فهي محرمة بلا خلاف بينهم؛ لأن المبادلة حينئذ يغلب عليها النقد بالنقد، والحكم للغالب، وإذا كانت المبادلة محرمة ولو كان النقد في البدلين حاضراً، فهي أولى بالتحريم إذا كان في أحدهما مؤخراً، وهذا هو ما يحصل بالضبط في هذه الشركات، حيث تعد المشترك بعمولات نقدية أضعاف ثمن السلعة الذي دفعه، وهذه العمولات قد تحصل وقد لا تحصل، فيجتمع في المبادلة الغرر والربا، فالواجب الحذر من هذه البرامج المضللة، وتحذير المسلمين منها، وتوجيه المال إلى الأنشطة الاقتصادية النافعة، وهي كثيرة بحمد الله. وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.(10/351)
هل يجب كشف السرقات العلمية؟
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية
التاريخ 22/9/1424هـ
السؤال
هل يجوز شرعاً الكشف عن السرقة العلمية؟ حيث إنني أستاذ جامعي، ولي زميلان ألَّفا كتاباً وقررا تدريسه للطلبة، وقد ثبت لدي بعد التدقيق والبحث أن الكتاب مسروق في مجمله من كتابين لمؤلفين من دولة أخرى، فهل يجوز كشف هذه السرقة العملية؟، وإن ترتب عليها ضرر معنوي بالزميلين؟ السرقة ثابتة بنسبة (100%) ، وواضحة وجلية لمن قارن بين الكتب المشار إليها، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد..
فينبغي إذا ضمَّن المؤلف كتابه كلاماً لغيره أن يعزوه له، ولو كان نقلاً يسيراً، من باب نسبة الفضل لأهله، فكيف إذا كان كتاباً بأكمله؟!، هذا لا يسمى تأليفاً، بل يسمى سرقةً، ويخشى على يفعل ذلك أن يصدق عليه قوله - صلى الله عليه وسلم-: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور"، رواه البخاري (5219) ، ومسلم (2130) عن أسماء -رضي الله عنها-.
وأن يصدق عليه قوله تعالى: "لا تحسبن الذي يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم" [آل عمران: 188] .
وينبغي عليكم تجاه هذه المسألة:
أولاً: مناصحة المؤلفَين، وتذكيرهما بالله، وتخوفيهما عذابه، مع وعدكم لهما بالستر عليهما متى ما انتصحا وسحبا كتابهما من السوق، وتصدقا بما كسبت يداهما من بيعه، (لأنه كسب حرام) ، أو يستأذنا صاحب الكتاب المسروق، فإن أذن لهما فالحق لا يعدوه، والأمر يخصه، وهو وما اختار.
ثانياً: إن لم ينتصحا، ويفعلا ما شرطتم عليهما من سحب الكتاب، والتصدق بقيمته، ويتوبا إلى الله، فلكم حينئذ أن تشهروا بهما، وتفضحوهما على رؤوس الأشهاد، وأن تُشعِروا صاحبَ الكتاب المسروق بالأمر، ليقيم دعواه عليهما، ويأخذ حقه منهما، والله أعلم، - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم-.(10/352)
نسخ الأشرطة محفوظة الحقوق
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية
التاريخ 19/1/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: هل يجوز تسجيل الأشرطة ذات الحقوق المحفوظة وتوزيعها بالمجان في الدعوة إلى الله؟ وهل يجوز بيع النسخ المسجلة من هذه الأشرطة بأسعار رمزية لا تتجاوز الريالين؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد قرّر مجمع الفقه الإسلامي (مجلة المجمع العدد الخامس، ج3، ص2267) "أن التأليف والاختراع أو الابتكار هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها. وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها.
وأن حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها" أ. هـ بتصرف.
وعلى هذا فلا يجوز نسخ الأشرطة ذات الحقوق المحفوظة لأجل المتاجرة ببيعها؛ لما في ذلك من الاضرار بمُصدرها الذي قد تكبَّد في سبيل إخراجها وإنتاجها أموالاً ربما تكون طائلة، والترخص في هذا الباب من شأنه أن يُضعف العمل الإسلامي في هذا المجال الذي يحتاج إلى تجنيد المهارات والطاقات لإخراجه في أبهى حلة حتى يكون له الأثر البالغ على المتلقي المشاهد والسامع.
وقد رأينا أن الشريط الإسلامي (مرئيه ومسموعه) لم يُكتب له هذا النجاح والانتشار وقوة التأثير وجودة المستوى والعرض والإخراج إلا بعد أن صارت حقوق النسخ والانتاج والتوزيع محفوظة لأصحابها.
وهذه الإصدارات الماتعة الرائعة إذا ترخَّص الناس في نسخها ولم تحفظ حقوق أصحابها، فلا نشك أن هذا من أشد الأسباب التي ستقوِّض بنيان هذا العمل الإسلامي وتُضعِف من مستوى طرحه وإنتاجه في عصر نجدنا أحوجَ ما نكون إلى هذا البديل النافع.(10/353)
ولذا فالذي يبدو لي أن المنع ينبغي أن يقال به كذلك في شأن النسخ للتوزيع المجاني لأجل الدعوة إلى الله، فضلاً أن تُباع بأسعار رمزية إذا كان في ذلك ضرر بيِّن على من يملك حق نسخها.
وإذا كانت ثمة حاجة لنسخ هذه الأشرطة المحفوظة الحقوق لأجل الدعوة إلى الله فينبغي أن يُستأذن في ذلك من يملك حق نسخها، وفي ظننا أنهم لا يُمانعون في ذلك بالقدر المحدود الذي لا يضرهم.
أما إذا كانت الحاجة ملحة لنسخها وتوزيعها بالمجان؛ لمشقة الحصول على العدد الكافي من النسخ الأصلية، إما لقلتها، أو لكونها في بلاد بعيدة مع ما يكلفه شراؤها وشحنها من الأموال الطائلة غير المستطاعة (كما هو حال بعض الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإسلامية في البلاد الكافرة أو الإسلامية النائية) مع قيام الحاجة إلى هذه الأشرطة، فلا أرى بأساً بنسخها بشرط أن يكون توزيعها بالمجان ولأجل الدعوة إلى الله، ولكن ينبغي أن يُستأذن المالك لحق نسخها.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/354)
نسخ الأشرطة محفوظة الحقوق
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية
التاريخ 12/5/1423
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله.
نحن مجتمع عربي نعيش في أمريكا ومعنا أطفال، والمشكلة أننا نريد أن نربي أطفالنا بعيداً عن الموسيقى، وهنا الكرتون للأطفال بموسيقى، والكرتون العربي ثمنه (25) دولاراً وغير متوافر، والمتوافر بالنظام العربي فلابد من شراء فيديو أو شراء شريط فارغ، ونقوم بتحويله بالنظام الأمريكي، فهل يجوز نسخ الأشرطة بيننا محفوظة الحقوق؟
الجواب
إذا كان هذا الشخص يقدر على شراء النسخة الأصلية دون ضرر من زيادة ثمنها، فعليه ألا يلجأ إلى نسخ هذه الأشرطة، بل يكتفي بالنسخة الأصلية التزاماً بالحقوق المحفوظة، وأما إذا كان لا يقدر على ذلك بسبب ارتفاع ثمنها ارتفاعاً باهظاً أو عدم توافرها في الأسواق بالقدر الكافي، واحتاج إلى هذا الشريط؛ لتعليم أبنائه بسبب كونه يعيش في مجتمع غير إسلامي، فالذي يظهر أنه لو نسخ هذه الأشرطة من أجل هذا الغرض -وليس لغرض تجاري- فإنه لا حرج عليه في ذلك، والله أعلم.(10/355)
نسخ وتوزيع الأشرطة محفوظة الحقوق
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية
التاريخ 4/8/1424هـ
السؤال
سؤالي يا فضيلة الشيخ هو: أنني أقوم بشراء الأشرطة والأقراص المضغوطة الدينية التي تحتوي على محاضرات وخطب لشيوخنا وعلمائنا، وأقوم بنسخها وتوزيعها مجاناً بنية الدعوة إلى الله عز وجل، لكن يا شيخ بعض الأشخاص أخبروني بأن هذا العمل لا يجوز؛ لأن هناك شرطاً على الشريط وهو (أن جميع الحقوق محفوظة) ، أما ما لم يوجد بها ذلك الشرط فيجوز نسخها. هل فعلاً هذا العمل لا يجوز، وأنني بدلاً من أن أكسب الحسنات كسبت السيئات على فعلي ذلك؟ رغم أنني يا شيخ لا أقوم ببيعها، وإنما توزيعها مجاناً. أفتوني في ذلك، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد قرّر مجمع الفقه الإسلامي (مجلة المجمع العدد الخامس، ج3، ص2267) "أن التأليف والاختراع أو الابتكار هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها. وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها.
وأن حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها" أ. هـ بتصرف.
وعلى هذا فلا يجوز نسخ الأشرطة ذات الحقوق المحفوظة لأجل المتاجرة ببيعها؛ لما في ذلك من الأضرار بمنتجها الذي تكبَّد في سبيل إخراجها أموالاً ربما تكون طائلة. والترخُّص في هذا الباب من شأنه أن يُضعف العمل الإسلامي في هذا المجال الذي يحتاج إلى تجنيد المهارات والطاقات لإخراجه في أبهى حلة؛ حتى يكون له الأثر البالغ على المتلقي والمشاهد والسامع.(10/356)
وقد رأينا أن الشريط الإسلامي (مرئيه ومسموعه) لم يُكتب له هذا النجاح والانتشار وقوة التأثير وجودة المستوى والعرض والإخراج إلا بعد أن صارت حقوق النسخ والإنتاج والتوزيع محفوظة لأصحابها.
وهذه الإصدارات الماتعة الرائعة إذا ترخَّص الناس في نسخها ولم تحفظ حقوق أصحابها، فلا نشك أن هذا من أشد الأسباب التي ستقوِّض بنيان هذا العمل الإسلامي، وتُضعِف من مستوى طرحه ونتاجه في عصر نجدنا أحوجَ ما نكون إلى هذا البديل النافع.
ولذا فالذي يبدو لي أن المنع ينبغي أن يقال به كذلك في شأن النسخ للتوزيع المجاني لأجل الدعوة إلى الله، فضلاً أن تُباع بأسعار رمزية إذا كان في ذلك ضرر بيِّن على من يملك حق نسخها.
وإذا كانت ثمة حاجة لنسخ هذه الأشرطة المحفوظة الحقوق لأجل الدعوة إلى الله، فينبغي أن يُستأذن في ذلك من يملك حق نسخها، وفي ظننا أنهم لا يُمانعون في ذلك بالقدر المحدود الذي لا يضرهم.
أما إذا كانت الحاجة ملحَّة لنسخها وتوزيعها بالمجان؛ لمشقَّة الحصول على العدد الكافي من النسخ الأصلية، إما لقلتها، أو لكونها في بلاد بعيدة مع ما يكلفه شراؤها وشحنها من الأموال الطائلة غير المستطاعة (كما هو حال بعض الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإسلامية في البلاد الكافرة أو الإسلامية النائية) ، مع قيام الحاجة إلى هذه الأشرطة، فلا أرى بأساً بنسخها بشرط أن يكون توزيعها بالمجان ولأجل الدعوة إلى الله، ولكن ينبغي أن يُستأذن المالك لحق نسخها.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/357)
نسخ الأشرطة والتصدق بثمنها
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية
التاريخ 23/3/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيكم, أريد أن أعرف حكم من ينسخ الأناشيد أو المحاضرات من الإنترنت، ويبيعها ويضع ثمنها في صندوق المسجد، أو يضعها في عمل خير, لا يأخذ أي فائدة منها، حتى ثمن الأقراص التي ينسخ عليها هي من عنده، وإذا فعل هذا الأمر, هل يترتب عليه أي شيء.؟
بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد قرّر مجمع الفقه الإسلامي (مجلة المجمع العدد الخامس، ج3، ص2267) "أن التأليف والاختراع أو الابتكار هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها. وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها.
وأن حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها" أ. هـ بتصرف.
فالأصل أن نسخ الأشرطة ذات الحقوق المحفوظة لأجل المتاجرة ببيعها لا يجوز؛ لما في ذلك من الإضرار بمُصدرها الذي قد تكبَّد في سبيل إخراجها وإنتاجها أموالاً ربما تكون طائلة، والترخص في هذا الباب من شأنه أن يُضعف العمل الإسلامي في هذا المجال الذي يحتاج إلى تجنيد المهارات والطاقات لإخراجه في أبهى حلة، حتى يكون له الأثر البالغ على المتلقي المشاهد والسامع.
وقد رأينا أن الشريط الإسلامي (مرئيه ومسموعه) لم يُكتب له هذا النجاح والانتشار وقوة التأثير وجودة المستوى والعرض والإخراج إلا بعد أن صارت حقوق النسخ والانتاج والتوزيع محفوظة لأصحابها.(10/358)
وهذه الإصدارات الماتعة الرائعة إذا ترخَّص الناس في نسخها ولم تحفظ حقوق أصحابها، فلا نشك أن هذا من أشد الأسباب التي ستقوِّض بنيان هذا العمل الإسلامي وتُضعِف من مستوى طرحه وإنتاجه، في عصر نجدنا أحوجَ ما نكون إلى هذا البديل النافع.
ولذا فالذي يبدو لي أن المنع ينبغي أن يقال به كذلك في شأن النسخ للتوزيع المجاني لأجل الدعوة إلى الله، فضلاً أن تُباع بأسعار رمزية، إذا كان في ذلك ضرر بيِّن على من يملك حق نسخها.
وإذا كانت ثمة حاجة لنسخ هذه الأشرطة المحفوظة الحقوق لأجل الدعوة إلى الله فينبغي أن يُستأذن في ذلك من يملك حق نسخها، وفي ظننا أنهم لا يُمانعون في ذلك بالقدر المحدود الذي لا يضرهم.
أما إذا كانت الحاجة ملحة لنسخها وتوزيعها بالمجان؛ لمشقة الحصول على العدد الكافي من النسخ الأصلية، إما لقلتها، أو لكونها في بلاد بعيدة مع ما يكلفه شراؤها وشحنها من الأموال الطائلة غير المستطاعة (كما هو حال بعض الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإسلامية في البلاد الكافرة أو الإسلامية النائية، وكما هو حال السائل فيما يظهر) مع قيام الحاجة إلى هذه الأشرطة، فلا أرى بأساً بنسخها بشرط أن يكون توزيعها بالمجان ولأجل الدعوة إلى الله، ولكن ينبغي أن يُستأذن المالك لحق نسخها.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/359)
هل في سرقة حقوق التأليف حد شرعي؟
المجيب عبد الله بن سليمان المخلف
القاضي بالمحكمة الكبرى في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية
التاريخ 27/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سرقة حقوق المؤلف والمخترع، هل هي سرقة أموال توجب حد القطع في الشريعة الإسلامية، أم إنها توجب التعزير؟ وإذا كان الحكم كذلك فما هي طبيعة هذا التعزير وأحكامه وحدوده؟ أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
سرقة الحقوق المعنوية التي لها قيمة مالية لعلها على الأصح انتفاع على حساب حق الآخرين دون إذنهم، وهو ما يؤدي إلى خفض القيمة، وربما خفض المواصفات، والانتفاع بغير إذن صاحب الحق المعنوي لا يعتبر سرقة توجب الحد، ولا تنطبق عليه شروط السرقة، لكنه مال مقوم قد يستحق المتضرر المطالبة بتعويضه مالياً، ومقابل ما يقدر عرفاً من قبل أهل الصنعة، وهذا يتحدد بحسب المكان والزمان من قبل القضاء المختص، وقد يرى القاضي تعزيز الفاعل بما يراه محققاً للمصلحة الشرعية، وباب التعزير واسع، يملك ضوابطه القضاة العالمون بالشريعة. والله أعلم.(10/360)
قدم بحثاً لم يكتبه لتحصيل شهادة عليا
المجيب د. عبد الرحمن بن عبد الله السند
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية
التاريخ 1/1/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أدرس ماجستير حاسوب في جامعة أجنبية، ومطلوب مني عمل رسالة بحث أو مشروع لإكمال الشهادة، وعرض علي شخص مشروعاً له قديماً، وفقط أقوم أنا ببعض التغييرات وأقدمه، فهل هذا يجوز؟ مع العلم أن الدكتور المشرف مطلوب منه إعطاء شهادة، وأن هذا العمل قمت أنا به معه، وسيأخذ مبلغاً من المال على ذلك، الرجاء إفادتنا أنا والدكتور المشرف. ولكم فائق التحية والتقدير.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد: فالذي يظهر أن القيام بعمل المشروع أو البحث من متطلبات الحصول على الشهادة، وأن القيام بتقديم مشروع لشخص آخر لا يفي بالمقصود من إلزام الطالب بكتابة بحث أو مشروع لإكمال الشهادة؛ لأن قدرة الطالب على كتابة البحث أو القيام بالمشروع مما يكون له الأثر في تقويم الطالب وإعطائه الشهادة، لذا فليس لك القيام بتقديم البحث القديم على أنه بحثك، بل عليك القيام بكتابة البحث والمشروع بنفسك مع مساعدة المشرف، وفقك الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/361)
المكتبة الإلكترونية وحقوق الطبع
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية
التاريخ 18/8/1424هـ
السؤال
في الحقيقة لدي فكرة في إنشاء موقع متخصص في الكتب العربية..فكرة الموقع تتركز على وجود كتب متاحة للقراءة من قبل زوار المواقع، ولكن استفساري.. هذه الكتب مطبوعة من قبل دور نشر ومطابع، فهل في عملي وطرحها مجاناً عبر الإنترنت مخالفة أو تضييع لحقوق الآخرين؟ مثلاً بعض الكتب التي سوف تكون في الموقع:
(1) مختار الصحاح.
(2) تقريب التهذيب.
(3) صحيح مسلم.
(4) صحيح البخاري.
(5) الكاشف.
(6) حادي الأرواح.
مع العلم أن الموقع سيكون متاحاً لجميع الزوار، ولن يكون هناك مقابل مادي للكتب، بل هو لوجه الله -عز وجل- ولسهولة الوصول للكتب التي يحتاجاها الباحث وطالب العلم. جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأما الكتب غير المحفوظة حقوق الطبع فيجوز نسخها وطبعها ولا إشكال في هذا.
وأما الكتب المحفوظة الطبع فقد قرّر مجمع الفقه الإسلامي (مجلة المجمع العدد الخامس، ج3، ص2267) (أن التأليف والاختراع أو الابتكار هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها. وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها.
وأن حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها) ا. هـ بتصرف.
والذي أراه: أن الكتب المشهورة التي كثرت طبعاتها بتحقيقات مختلفة أو بلا تحقيق، ككتب الصحاح والسنن والمعاجم ونحوها من أمهات الكتب ـ أنه لا بأس بنسخ متونها لا طبْع الكتاب نفسه، (وينبغي التنبه للفرق بين نسخ متن الكتاب وبين طبعه بنفس صفِّه، الذي هو من عمل الناشر وجهده) .(10/362)
ولا بأس ـ تبعاً لذلك ـ بتنزيلها في شبكة الإنترنت دون ما يلحق بها من تعليقات المحقق أو الناشر وتخريجه للآحاديث، فالمتن ليس من جهد محققٍ بعينه بحيث يكون حق النسخ محفوظاً له، بل هو عمل مشترك، تنقله دور النشر أو المحققون بعضهم من بعض.
وأما الكتب التي لا تعرف لها إلا طبعة واحدة، بحيث يكون الفضل في إخراج نصها من خزائن المخطوطات إلى عالم المطبوعات لمن قام بتحقيقها أو طبعها ـ فأرى أنه لا بد من استئذانه، سواء لأجل نسخ الكتاب أو طبعه، ولو للتوزيع الخيري.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/363)
ترجمة الكتب الإدارية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية
التاريخ 13/9/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم، أبعث إليكم تحية الإسلام الخالدة، علها تصلكم وتجدكم في أتم صحة وعافية، وجزاكم الله خيراً على ما تسدونه لنا من فتاوى تنير لنا الطريق في زمن الفتن، هذا وأسأل المولى -عز وجل- أن يوفقكم لما فيه الخير في الدنيا والآخرة.
أما بعد أتقدم إلى فضيلتكم بهذا السؤال راجيا أن تفتونا مأجورين، والسؤال هو: هل يجوز لرجل يتقن علم الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى العربية أن يترجم بعض الكتب الإنجليزية الإدارية - والتي بها فوائد للمسلمين - إلى اللغة العربية وينشرها بواسطة دور النشر؟ خاصة إذا علمنا أن بعض الكتب ليس مكتوباً عليها (حقوق الطبع محفوظة) ؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا كان الكتاب الذي تريد ترجمته من اللغة الإنجليزية إلى العربية فيه خير ونفع للمسلمين ويغلب على ظنك أنه لن يلحقك من جراء الترجمة ضرر، فلا حرج عليك شرعاً في هذا. المهم أن عدم ذكر جملة حقوق الطبع محفوظة، لا تعفيك غالباً من الطائلة القانونية المدنية، فعليك التثبت من ذلك قبل أن تقدم، أما إذا كان في الكتاب المراد ترجمته إلى العربية فيه مخالفات شرعية فلا يجوز لك ترجمته شرعاً؛ لأنك تكون حينئذ معيناً على الباطل وناشراً له، فعليك التثبت جيداً من مادة الكتاب، ومدى انتفاع المسلمين به. والله ولي التوفيق.(10/364)
تحميل البرامج من الإنترنت بدون شراء
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية
التاريخ 1/1/1425هـ
السؤال
كثر في الآونة الأخيرة اللغط عن حكم جواز أخذ الكراكات والسيريلات لتشغيل بعض البرامج الأميركية، وتفيد هذه الكراكات أنه من يستخدمها لا يشتري البرامج بل يحملها عبر الإنترنت، ويضع الكراك، ويشتغل البرنامج بدون أن يشتريه،
والبعض يقول: إنه يجوز لأننا بشرائنا لهذه البرامج الأميركية نكسب من الأعداء المال،
فما الحكم -جزاكم الله خيراًً-؟
الجواب
نقول وبالله التوفيق: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن كافة البرامج التي لها حقوق لا يسوغ تحميلها إلا أن يأذن أصحابها، وما لم يأذنوا فإنه لا يجوز تحميل البرامج وتشغيلها بالكراكز والسيريلات؛ تهرباً من شرائها.
وكون هذه البرامج لشركات أمريكية فإن هذا لا يسوغ سرقتها وتحميلها، والإسلام يحفظ الحقوق، ويشجع على الابتكار، ويحمي الممتلكات، وهذه الشركات ليست في حكم المحاربين، والمسلم هو أولى بأن يحسن التعامل مع الآخرين، ودين الإسلام هو دين الأخلاق، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" رواه البيهقي في السنن الكبرى (10/191) .
ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهو قدوتنا لم يستحل أمانات قريش مع أنهم أخرجوه من مكة، واستباحوا دمه، بل استخلف أقرب الناس إليه: علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- ليرد الأمانات إلى أهلها.
وإنما نستحل أموال المحاربين في المعارك، فلابد من الوفاء، لا سيما في التعامل التجاري مع الكفار، لا سيما أن هذه الشركات لا تتبع دولها بالضرورة، بل يملكها أناس مختلفون متفرقون.
وعلى المؤمن أن يبتعد عن كل ما يسيء إليه، وألا يغلبه الهوى والتشهي لاستحلال أموال غيره، نسأل الله أن يوفق المسلمين لكل خير، وأن يعينهم لأخذ أسباب العلم والتقدم مع الورع والتقوى، والله الموفق لكل خير.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/365)
الاستفادة من بحوث الآخرين وكتاباتهم
المجيب عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية
التاريخ 25/5/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أجد في بعض المجلات الإسلامية أو المواقع الإسلامية بعض الموضوعات المهمة، وتكون مرتبة بطريقة مبتكرة وجميلة، وأنا بحمد الله أعمل في مجال الدعوة الإسلامية، وأحياناً كثيرة أتناول هذه الموضوعات، وأنشرها بين الناس بطريقة مبسَّطة. فهل تعتبر هذه سرقة فكرية أحتاج فيها لأخذ الإذن من صاحبها؟ أفيدونا أثابكم الله.
الجواب
الحمد لله رب العالمين. وبعد:
سلطة الشخص على شيء غير مادي هو ثمرة فكره أو خياله أو نشاطه، هو ما يعرف بحق الابتكار، أو بالحقوق المعنوية، أو الذهنية، أو الفكرية ... وهذا الحق من قبيل المنافع، فهو من الحقوق التي ترد على أشياء لها قيمة بين الناس، ويمكن حيازته بحيازة أصله، والمنافع داخلة في مسمى المال في مذهب جمهور الفقهاء، المالكية والشافعية والحنابلة، والحنفية، وإن ضيقوا في مسمى المال فإن دخول هذا الحق في مسماه متجه على حسب اصطلاحهم؛ لأن للعرف مجالاً في إدراج بعض الأشياء في حكم الأموال؛ لأن المالية تثبت بتمول الناس كافة أو بعضهم، وهذا الحق في العرف التجاري المعاصر مملوك تجري عليه أحكام الأموال والأملاك الشخصية، فظهر بهذا انطباق حقيقة المال على هذا الحق، كما أن حقيقة الملك وهي: "اختصاص إنسان بشيء يخوله شرعاً الانتفاع به والتصرف فيه وحده ابتداء إلا لمانع"، منطبقة عليه.
وبناء على ما تقدم لا يجوز التعدي على أفكار الآخرين ومبتكراتهم، وإن كان لغرض صالح بغير إذنهم، إلا بشرطين:
1- ألا ينتج على وفق الفكرة المأخوذة من صاحبه بكميات تجارية.
2- ألا يكون في هذا العمل إضرار بصاحب الفكرة بوجه حقيقي.
فإذا كان السائل سيستفيد من هذه الأفكار لنفسه هو ولمن حوله بالقدر الذي يعلم أنه لا يضر بصاحب الفكرة، فلا يظهر لي مانع من هذا التصرف، وإن تيسر أخذ الإذن فهو أولى وأكمل.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/366)
شراء البرامج المنسوخة
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية
التاريخ 09/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندي سؤال بخصوص برامج الكمبيوتر، وهو أن البرامج غير المجانية التي تعرض للبيع على شبكات الإنترنت لا أستطيع الحصول عليها؛ بسبب أنه يشترط أن يكون الشراء عن طريق بطاقات (فيزا كارد) وغيرها، وهي بطاقات بنكية ربوية، لذلك أذهب للمحلات التي تبيع البرامج وكل ما يخص الكمبيوتر، ولكني أجد أن هذه المحلات التجارية هي الأخرى لا تبيع النسخ الأصلية، بل ينسخونها على أشرطة كمبيوتر وتباع بمبلغ بسيط (10 ريال سعودي) ، مع أن سعر البرنامج على موقع الشركة المصنعة له يفوق ذلك بكثير في بعض الأحيان، مع العلم أنه بإمكان أي شخص أن يحصل على هذه البرامج عن طريق الإنترنت بطرق غير شرعية، فهل يجوز الشراء من هذه المحلات المتخصصة في بيع البرامج الموجودة في بلدي؟ مع العلم أنني متأكد أنهم يبيعون سِيدي (CD) منسوخ من الأصلي، وبسعر أقل، وهم لا يبيعونها بخفية، بل يضعون لافتات بأن لديهم جميع البرامج، ومصرح لهم بمزاولة البيع من السلطات في بلدي، مع العلم أيضاً أنني لا أعلم إن كان مصرح لهم من الشركة المصنعة للبرنامج بنسخ البرامج وبيعها أم لا؟ فسؤالي: هل يجوز أن أشتري منهم مع أني أعلم أن البرامج موجودة على أقراص منسوخة وبأسعار منخفضة؟ أم يجب علي أن أبحث عن مكان يبيع نسخ أصلية؟ مع أن جميع المحلات التجارية تبيع نسخ غير أصلية، ولا أدري هل مصرح لهم بذلك من صاحب البرنامج أم لا، مع وجود تحذير على كل برنامج من الشركة المصنعة بأنها تحذر من نسخ أو توزيع البرامج من غير تصريح من أصحابها. أفيدوني ضروري والله يجزيكم عنا ألف خير.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(10/367)
نشكر للسائل حرصه على تحري الحلال في المعاملة، وما يتعلق بالبرامج فإنها حق لأصحابها ولا يجوز نسخها إلا بإذن أصحابها الذين تعبوا من أجلها وأنفقوا الأموال، والإسلام يحافظ على الحقوق ويشجع على الإبداع، والنسخ والسطو على حقوق الغير يعارض هذا، والأصل شراء النسخ الأصلية أو الاستغناء عنها عند عدم القناعة أو عدم القدرة، والتحريم يقع عند العلم بأنها مقلدة أو منسوخة بغير إذن، أما عند شراء الأجهزة مزودة بالبرامج مع عدم العلم فالحرمة واقعة على الناسخ، وكثير من البرامج مأذون لشركات الكمبيوتر تحميلها عند الصناعة. وفقنا الله وإياك لكل خير.(10/368)
تركيب منتديات وبرامج منزوعة الكود
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية
التاريخ 07/08/1425هـ
السؤال
الأخ الكريم: نود أن نسأل عن حكم الدين في تركيب منتديات وبرامج منزوعة كود التبليغ الخاص بترخيص نسخ مثل هذه البرامج، هل يحق لنا أن نستغل معرفتنا في مثل هذه الأمور، من أجل أن نركب نسخ مجانية بدون دفع تراخيصها السنوية للشركات التي تقدم مثل هذه الخدمات لنا، خاصة إن كانت هذه الشركات هي شركات يهودية ويملكها يهود؟ وما حكم من فعل ذلك حقاً؟ مع العلم أن هؤلاء اليهود والنصارى هم من احتلوا أراضينا ودنسوا مقدساتنا، ورملوا نساءنا، وشردوا أبناءنا، ونهبوا خيراتنا، فأموالهم هي في الأصل ملك لنا، استولوا عليها على حين غرة، أفلا يحق لنا أن نسترجع شيئاً منها، كما أن هذه الأموال التي سندفعها لهم سنوياً ستزيد في قوتهم وعدتهم، مما يزيد من بطشهم بنا، فهي ستستخدم ضدنا في جميع المجالات.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الجواب:
لا يجوز هذا العمل؛ لأنه من أكل المال بالباطل، والله -تعالى- قد حرم ذلك في تعاملنا مع المسلمين ومع غيرهم، ثم ما الذي يضمن لك أن ملاك تلك الشركات هم ممن ذكرت، فقد يكون فيهم مسلمون أو معاهدون لا تنطبق عليهم الأوصاف التي ذكرت، هذا فضلاً عن أن شيوع مثل هذه التصرفات بين المسلمين يؤدي إلى رسم صورة سيئة عن المسلمين بأنهم يستبيحون الغش والسرقة والكذب، ومن القواعد المقررة في شريعتنا الغراء أن صحة الغاية لا يبرر فساد الوسيلة. والله أعلم.(10/369)
شراء برامج كتب العلم غير الأصلية
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الملكية الفكرية والحقوق المعنوية
التاريخ 22/7/1425هـ
السؤال
بعض البرامج وضع فيه قسم بالله على أن النسخة أصلية، ووضعوا القسم على الزر التي لا بد من الضغط عليه إذا أردنا مواصلة عملية تثبيت البرامج.. ما موقفنا من هذا؟ مع العلم أن النسخ الأصلية من البرامج معدومة تماماً عندنا أمثال برامج كتب الحديث، والبرامج الإسلامية الأخرى المفيدة للباحثين، هذا ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
برامج الحاسب الآلي تعب فيها أصحابها وأنفقوا فيها الأموال، وهي حق لهم ولا يجوز التعدي عليها، بل الواجب تشجيع برمجة العلوم الشرعية لا السطو عليها، وقد قال سبحانه: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" [البقرة: 188] .
وديننا يأمرنا بالمحافظة على الحقوق والوفاء بالعهود، ويأنف من السلب والسطو على جهود الآخرين، فلا يجوز إلا شراء النسخ الأصلية أو استئذان أصحابها، وهذا الذي يوافق كليات الدين وقواعده.
فإذا لم يتيسر شراء البرامج الأصلية فالكتب موجودة، ولنفترض أن البرامج لم تبرمج، وإذا قام كل منا بما يجب عليه من طلب وشراء النسخ الأصلية فإنها ستوجد، وسيتشجع المبرمجون على الإبداع والابتكار مما يعود في النهاية على طلبة العلم والباحثين بالنفع، وفي المقابل إذا اخترقت البرامج الشرعية وخسر المبرمجون فإنهم لا يتشجعون في خدمتها، بل ربما تحولوا إلى غيرها، فطلبة العلم الشرعي هم أولى من يقدر الجهد والابتكار.
نسأل الله -تعالى- لإخواننا كل خير، وأن يوفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.(10/370)
توزيع الحلوى على المعلمات ليست رشوة
المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
عضو الإفتاء سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 29/4/1422
السؤال
بعض الطالبات بعد نجاحهن يقمن بتوزيع الحلوى على المعلمات أو بعضهن تعبيراً عن فرحتهن بالنجاح، فهل أخذ أي شيء من الطالبات يدخل تحت حكم الرشوة؟
الجواب
لا يدخل في ذلك؛ حيث أن هذه الحلوى وما أشبهها ليست ثمينة وليس لها قيمة رفيعة، ولا تُؤثر على المُعلمات محاباة أو انحيازاً مع أن هؤلاء الطالبات قد عزمن على مُفارقة تلك المدرسة وتوديع المُعلمات والزميلات مما حملهن على هذا العمل. والله أعلم.(10/371)
دفع مبلغ لتحصيل وظيفة
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 30/12/1423هـ
السؤال
أود أن أسأل عن حكم مبلغ من المال يقدم لرجل سعى في توفير الوظيفة، علماً أن المبلغ يدفع بعد التوظيف، وحيث أنني سألت قبل ذلك وقيل لي لا بد من أن أستفسر عن أوجه صرف هذه الأموال المقدمة فإذا كانت في مواصلات وأتعاب تجوز، أما إذا كانت غير ذلك فهي رشوة.
ولكن يصعب علي السؤال عن الجهة التي ستصرف بها هذه الأموال، وأذكر أنني في البداية تركت هذا الأمر خوفاً من الدخول في الحرام لقربها من الرشوة ولكنه تعذر علي الحصول على غيرها ولحاجتي للعمل قررت السؤال في حكمها قبل قبولها، أرجو أن أعرف الحكم فيها.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
أيتها الأخت الذي أجابك عن سؤالك قد أصاب حسب ما أراه وهو إن كان المبلغ الذي دفعتيه لمن سعى لك في توفير وظيفة إن كان مقابل أتعاب ومواصلات فهو جائز، وإن كان غير ذلك فيدخل في الرشوة فلا يجوز، أما ما ذكرتِه من صعوبة السؤال أو معرفة ذلك نقول: إن معرفة ذلك تتضح بمقدار المبلغ المدفوع فإن كان قليلاً ليس إلا في مقابلة المواصلات والأتعاب أو يزيد قليلاً فهو جائز، أما إن كان كثيراً يزيد كثيراً عما يقابل الأتعاب والمواصلات فهذا يتضح منه أنه مقابل توفير الوظيفة فيدخل في الرشوة فلا يجوز لا سيما إذا كان هناك من هو أحق منك بتلك الوظيفة وأعطيتيها من أجل ما دفعت من مال، وليس عدم حصولك على وظيفة ولو مع حاجتك مبرراً لفعل المحظور فرزق الله لا ينال بمعصيته وإنما ينال بطاعته ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، والله أعلم.(10/372)
التحايل على أنظمة العمل
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 7/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقيم في الدول الغربية يحصل على معونة لقاء عدم حصوله على عمل، ولكن هذا المبلغ لا يكفي، والبعض يعمل بدون علم الدولة لتغطية المصاريف وأحياناً لادخار القليل للظروف أو تغطية لنفقات غير متوقعة، ولكن الدولة تحظر العمل إلا بإبلاغها وإذا ما تم إبلاغ الدولة تبدأ بخصم مبلغ ليس بالقليل فيكون العمل لا جدوى مادية منه، فهل هناك رخصة لهذا العمل الخفي أم لا؟ علماً أن المبلغ المتحصل من العمل ليس بالكثير، جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن المسلم مأمور إذا دخل في عهد وميثاق أن يفي به ولا ينقضه، سواء كان العهد مع المسلم أو الكافر؛ لعموم قوله تعالى:"وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً" [الإسراء: 34] وقوله:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة: 1] .
وهذه الدول الغربية قد منحت اللاجئ حق الإقامة وكفلت له بعض الحقوق، ولكن بشروط وعهود بحسب ما تمليه مصالحها، ولها الحق في ذلك، فالبلد بلدها والمال مالها، وهي لا تكره أحداً على الإقامة بديارها.
فمن رغب في الإقامة بها لم يكن له بد من الإذعان لشروطها والوفاء بعهودها، ولا يجوز أن نجعل الدين مطية لتسويغ أكل أموال الناس بغير حق.
أسأل الله أن يغنيك بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه، وأن يجعل لك من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/373)
دعاية أم رشوه
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 3/8/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة والله وبركاته وبعد..(10/374)
أنا صيدلي أعمل في واحدة من أكبر شركات الدواء في العالم، وأنا والحمد لله مسلم ملتزم بصفة عامة، غير أني أعمل كمندوب دعاية، وأنا في حيرة وتساؤل عن مدى جواز عملي، فعملي يتمثل في زيارة الأطباء وتعريفهم بأدوية الشركة الجديدة، وأقوم بتنظيم مؤتمرات للأطباء للتعريف بأدويتي وطرق العلاج الحديثة بها، ومميزاتها عن المنافسين، فدوري يتركز على زيارة الأطباء باستمرار لتذكيرهم بالأدوية لكتابتها عند الحاجة، وأوزع عليهم هدايا وأدوات طبية للرابط بينهم والشركة، وللإجابة عن استفساراتهم، أكون مطالباً من قبل الشركة بتحقيق مبيعات معينة كنتيجة لدعايتي، وأحاسب على ذلك، والمشكلة أنه أحياناً يوجد الكثير من البدائل، وعادة ما تكون أرخص في السعر ومقاربة لدوائي في الكفاءة أو أقل، الله أعلم، كما قد توجد أدوية منافسة ولكن بتركيب مختلف، وقد تتميز بأنها أكثر فاعلية ولكن أقل أماناً أو العكس، أو متقاربة جداً في كل شيء مع تباين في الأسعار بالزيادة أو النقص، المهم أن الأطباء أصبحوا يقولون إنهم يريدون هدايا مالية أو عينية أو سفراً لمؤتمر، كمجاملة في مقابل اختيار دوائك مقابل المنافسين، فالمريض فعلاً يحتاج الدواء للعلاج، ولا فروق كبيرة بين الأدوية، فيكون اختيارهم على هذا الأساس، ويقولون إن هذا لا شيء فيه، لأننا نهتم بصحة المريض وسمعتنا، وعندما لا يوجد فرق نختار دواء من يعطينا هدية، فهل هناك فرق بين الهدايا الدعائية، والدعم العلمي والمؤتمرات، والطلبات الخاصة للأطباء؟ أم كلها خطأ أم كلها صواب؟ وهل أترك عملي بحثاً عن عمل آخر؟ أم أبقى فيه؟ والمال الذي أدخره أهو حرام أم مختلط؟ أفتوني وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:(10/375)
فخلاصة السؤال: أن الأطباء يقبلون الأدوية التي تقوم بتسويقها إذا وقعت لهم هدية أو نحوها، مع أنه يوجد أدوية أخرى تؤدي نفس النتيجة بثمن أقل، وقد يكون هناك تفاوت في الجودة وتسأل عن حكم المال الذي ادخرته؟ والجواب:
إن هذه التي يسمونها هدية هي في حقيقتها رشوة أو تأخذ حكمها، والجواب: لأنه ينبني عليها أن الأطباء لا ينصحون للمريض من جهة اختيار السعر الأنسب، ولولا هذه الهدية لربما اختاروا الأنسب، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- "الدين النصيحة" قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" مسلم (55) ، وهذا الذي تفعله ويفعلونه ليس من النصح لعامة المسلمين، بل فيه تسبب في جلب الأرباح للشركة التي تسوق بضاعتها على حساب المستهلك، لأجل تلك الهدية أو المنفعة، وهذا من الغش، وكذلك الدعايات والمؤتمرات إذا كانت تشتمل على شيء من الغش والكذب والتدليس فهي غير جائزة لذلك، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ومن غشنا فليس منا" مسلم (101) ، فإما أن يقتصر المسوق للسلعة على بيان محاسن سلعته الحقيقية من غير زيادة، ومن غير كذب أو تلفيق على السلع المنافسة، وإلا فهو واقع في النهي فليحذر من ذلك.(10/376)
وأما ما سبق من كسبك فأرجو أن يكون لا حرج فيه بسبب جهلك بالحكم، لكن بعد معرفتك بالحكم فلا يحل لك كسب بهذا السبيل، قال الله -تعالى-:" فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف" [البقرة: 275] ، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وفي الحلال مندوحة عن المشتبهات، واعلم أن المكاسب ليست بالكثرة، ولكن بالكسب الطيب المبارك، فإذا تركت باباً مشتبهاً ورزقت رزقاً أقل من حيث الكثرة فاعلم أن مكاسبك كثيرة فأنت تكسب راحة النفس واطمئنان القلب وطيب الكسب والبركة فيه، وذلك أيضاً سبب للتوفيق والتسديد وإجابة الدعاء، وفيه جواب يوم الحساب حين يسأل المرء عن ماله، من أين اكتسبه وفيم أنفقه، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] .
وفقك الله وسددك وأعانك وأغناك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/377)
تزوير شهادة الثانوية
المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 30/10/1422
السؤال
شخص قام بتزوير شهادة ثانوية ودخل بها الكلية وتم قبوله، فهل يجوز له ذلك أفتونا مأجورين؟
الجواب
هذا الذي زور شهادة الثانوية ودخل بها الكلية لا شك أنه غاش لمسؤولي المرحلتين الثانوية والجامعية، والغش محرم، وصاحبه آثم بإجماع العلماء لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث أبي هريرة عند مسلم (102) :" من غش فليس مني "، وفي لفظ آخر له (101) :" من غشنا فليس منا"، وعليه فهذا الذي زور الشهادة إن لم يكن أنهى شيئاً من مراحل الجامعة فواجب عليه إذا أراد الدراسة في الجامعة أن يرجع إلى الثانوية ويدرس فيها ويأتي بشهادتها باجتهاده؛ لأن تماديه في الدراسة بالجامعة تمادٍ في الغش.
وإن كان قد اجتاز مراحل الجامعة كلها وأخذ شهادتها فله العمل بهذه الشهادة؛ لأنها شهادة تمنح لإنجاز اختبارات على ما يتلقاه الطالب في الجامعة، لا على كل علم لديه.
وإن كان قد اجتاز بعضاً من مراحل الجامعة وهو قادر على اجتياز باقيها كانت حاله موضع نظر واجتهاد؛ لأن استمراره تماد في الباطل، وتركه الدراسة تضييع لمصالح أدركها، نظراً إلى أن الجامعة مرحلة مستقلة عن الثانوية.
وفي كل الأحوال هو آثم، فليبادر بالتوبة، والاستغفار، والإكثار من نوافل الطاعات، والله تعالى أعلم.(10/378)
الغش في الاختبارات
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 27/04/1427هـ
السؤال
ما حكم الغش في الاختبارات؟ تخرجت من الثانوية العامة بتقدير ممتاز، ولكنني غششت في أربعة مواد، وقد قام بعض المدرسين بتغشيشنا، وأدرس في كلية الصيدلة منذ ثلاث سنوات، فهل دخولي لها حرام؟ وماذا أفعل الآن؟ هل أترك الدراسة فيها؟ ولو تخرجت فسيكون راتبي حراماً؛ لأنني لا أستحق دخول الكلية. أفتوني مأجورين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا ريب أن الغش حرام، ومن كبائر الذنوب، ومنه الغش في الاختبارات المدرسية، ولكن باب التوبة مفتوح -بحمد الله-، ولا يلزمك ترك الدراسة بسبب غشك في الثانوية العامة، بل أكثر من الندم والاستغفار، وبادر إلى الأعمال الصالحة، والواجبات الشرعية، وتزود منها ما استطعت فإن الحسنات يذهبن السيئات، وأما المدرس الذي قام بتغشيشكم فلا شك أنه آثم خائن للأمانة، فعليك بمناصحته بلطف ولين، مشافهة أو مكاتبة لعل الله أن يهديه على يديك، ويكتب لك ثواب توبته وإنابته، والله يحفظك ويرعاك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/379)
هل الأموال العامة من الفيء؟
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 26/6/1423هـ
السؤال
السلام عليكم.
عندنا بعض الإخوة -سامحهم الله- بحجة تكفير النظام يستحلون الأموال العامة بسرقتها بداعي الفيء، فهل هذا صحيح؟ نريد منكم التفصيل في الإجابة عن الفيء وما حكمه؟ ومتى يكون حلالاً؟ وبارك الله فيكم.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأموال الكفار مباحة للمسلمين سواء كان كفرهم أصلياً أو عن ردة وسواء كان مالاً حكومياً أو لا، وذلك إذا لم يكن بينهم وبين المسلمين عهد ولا ذمة ولا أمان.
فإن وجد شيء من ذلك فإنه يعصم أموالهم، وكل موظف يلتحق بعمل فإنه يتعاقد مع المسؤول على أداء العمل الموكل إليه ويتعهد الأمانة فيه، إما صراحة وإما ضمن تعهده بأداء واجبات العمل ومقتضياته وهذا يحرم عليه أن يتعرض للأموال.
وكذلك المسلم إذا دخل بلاد الكفار بتأشيرة دخول فإن التأشيرة عهد يمنعه من التعرض لأموالهم.
ثم إن الفيء لا يحل لكل أحد بل يُصرف في المصالح العامة ثم لأهل السابقة والمنافع ومن يقوم بالأعمال العامة كالولاة والقضاة ونحوهم ثم لأهل الحاجات، ويتولى صرفه وتدبيره الإمام دون غيره.
وفي صحيح البخاري (2734) أن المغيرة بن شعبة صحب قوماً في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم أسلم فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-:"أما الإسلام فأقبل وأما المال فلستُ منه في شيء" قال ابن القيم:"في الحديث دليل على أن مال المشرك المعاهد معصوم وأنه لا يملك بل يرده عليه فإن المغيرة كان قد صحبهم على الأمان ثم غدر بهم وأخذ أموالهم" (زاد المعاد 3/304) .
وأحب أن أنبه إلى أن مسائل تكفير الأنظمة والحكومات من المسائل التي خاض فيها كثير بغير حق، وقالوا على الله بغير علم، والواجب أن يقصر القول فيها على أهل العلم المعتبرين، وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله على محمد وآله.(10/380)
بيع الفيز (التأشيرات)
المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 10/6/1423هـ
السؤال
ما حكم بيع الفيز؟
الجواب
سئل سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز -رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب:
سـ/هناك بعض من الناس يستخرج تأشيرات لاستقدام عمالة أجنبية بغرض بيعها، أي: التأشيرات، لآخرين ليستقدموا هؤلاء العمالة في غير الموضع الذي من أجله خرجت هذه التأشيرات، ويأخذون من هؤلاء العمال باتفاق معهم نسبة من المال كل شهر، وكذلك عند تجديد الإقامة، فهل ما يفعله هؤلاء حلال أم حرام؟ وهل هذا المال الذي اكتسبوه من ذلك العمل حلال أم حرام؟ وماذا يجب عليهم فعله إذا كان حراماً؟
جـ/ بسم الله، والحمد لله، هذا العمل لا يجوز، بل هو غش وخداع، وكذب لا يجوز، فلا يأخذ العمال إلا ليعملوا لنفسه، إما ليعملوا لبناء أو لمزرعة أو غيرها، أما أن يكذب ليأخذ تأشيرات ورخصاً ثم يبيعها فهذا لا يجوز؛ لأنه كذب على الدولة، وقد يكون فتح باب شر على المسلمين باستقدامه أولئك العمال، بل على الإنسان أن يطلب من الدولة على قدر حاجته، وعلى حسب نظام الدولة، لا يزيد ولا ينقص ولا يكذب، وقد صدر قرار من هيئة كبار العلماء منذ سنوات في منع هذا وبيان أنه منكر ولا يجوز، وليس له أن يستقدم ولا يأخذ إلا بقدر حاجته من غير كذب، وأخذ المال بهذه الطريقة أخذ للحرام بالكذب والسحت، نسأل الله السلامة.
[كتاب الدعوة، فتاوى ابن باز -رحمه الله- الجزء الثالث صـ198-199] .(10/381)
إعطاء عمولات لمندوبي الشركات
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 16/2/1425هـ
السؤال
أعمل محاسباً، وتركت عملي، وعملت في مكان جديد، وهى شركة توريدات، ووجدت صاحب العمل يقوم بإعطاء عمولات لمندوبي الشركات التي تقوم بالشراء من الشركة، وبعض المندوبين يقوم بطلب فواتير شراء بقيمة أعلى من المدفوع
الفعلي، ويقوم بأخذ الفرق، وللعلم لقد نصحت صاحب العمل بأن هذا حرام،
فقال لي: إنه إن لم يفعل ذلك لن يشترى منه أحد، وهو إلى حد ما مصيب
في هذا، حيث إن مندوبي الشركات لا يقومون بالشراء إلا من الأماكن التي تعطى نقوداً، ما هو حكم الدين في عملي؟ مع العلم أني أعمل فقط في الشركة، لكني أعرف بهذه العمولات، وقد أكلف من قبل صاحب العمل بدفع هذه النقود إلى المندوبين بصفتي محاسب الشركة.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
الواجب الاجتهاد في النصيحة لصاحب العمل بأن يتقي الله ما استطاع، وأن يحاول إقناع مسؤولي المشتريات بالشركات نفسها بألا تعين مندوبين إلا من ذوي الإخلاص والنزاهة. كما ينبغي نصح المندوبين بتجنب المال الحرام، وأن الله سيعوضهم من الحلال أفضل مما يحصلون عليه من الحرام.
وينبغي التنبه إلى أن النصيحة لا تؤتي ثمارها بين عشية وضحاها، بل يحتاج الأمر إلى صبر وتضحية، ولعل بقاء الأخ السائل في العمل مع نصحه للمسؤول أفضل من تركه ومجيء آخر ربما يعين المسؤول على الحرام بدلاً من أن ينصحه، وإذا تيسر للأخ فرصة عمل أفضل وأبعد عن الحرام، فينبغي أن ينتقل إليها. والله أعلم.(10/382)
هل هذه رشوة؟!
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 01/08/1425هـ
السؤال
أنا شاب أعمل في إحدى الشركات في إحدى الدول العربية، أقوم بشراء بعض المستلزمات الخاصة بالمشروع الذي تنفذه الشركة، في أول مرة ذهبت أشتري أغراضًا من أحد المحلات، فوجدته بعد احتساب قيمة الفاتورة وأخذ النقود أعطاني مبلغًا بسيطًا من المال، وقال لي: هذه عمولتك، على أن تشتري من المحل دائمًا. قلت له: هل هذه زيادة على الفاتورة؟ قال لي: لا، هذا هو السعر الموجود في كل السوق، واسأل، ومن يريد من عندكم من الشركة أن يسأل على السعر سيجده نفس السعر المسجل في الفاتورة، وقال: إنما هذا المبلغ عبارة عن عمولة؛ لكي تتعامل مع المحل دائمًا.
السؤال: هل هذا المبلغ حرام ويعتبر رشوة؟ أم هو فعلاً عمولة وحلال أخذه؟ علمًا بأني وجدت كلام الرجل صحيحًا، وأن هذا السعر هو السعر المحدد بكل السوق، وفى حالة أن هذا المال حرام كيف أتخلص منه، وما العمل الذي يجب علي فعله؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله، وبعد:(10/383)
فإن هذا المبلغ يعتبر من باب الرشوة المحرمة وإن سمي عمولة، فإن الأسماء المستعارة لا تغير من الحقيقة شيئًا، ووجه كونه من الرشوة: أنه أعطاك هذا المال لكونك عاملاً في تلك الشركة - المشار إليها- ليستميلك بالشراء من ذلك المحل الراشي، وفي صحيح البخاري (2597) ، ومسلم (1832) , عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ الْأَسْدِ، يُقَالُ لَهُ: ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ. عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي؛ أُهْدِيَ لِي. قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: "مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ، فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي. أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا! وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ ... " الحديث.
وأيضًا فإن العامل في الشركة إذا قبل هذه الرشوة (أو العمولة أو الهدية!!) ، فإنها ربما تؤثر سلبًا على صدقه ونزاهته في مجال عمله ولو على المدى البعيد، بحيث إنه سيقدم على الشراء من ذلك المحل أو السوق طمعًا في تلك العمولة دون مبالاة بجودة البضاعة، ولا بنقص السعر، فحرم الشارع هذه الهدية أو العمولة سدًّا لهذه الذريعة، وقطعًا لمظنة الوقوع في شراك ذلك المال.
وأيضًا فكيف يستأثر العامل بمال أخذه لا بسببه، وإنما بسبب عمله، وهذا ما يشير إليه قول نبينا صلى الله عليه وسلم: "أفلا قعَد في بيتِ أبيه أو في بيتِ أمِّه حتى ينظُرَ أيُهْدَى إليه أم لا! ".(10/384)
وعلى هذا فإنه يجب إعادة المال إلى صاحبه، كما صرح به النووي في شرح صحيح مسلم (12/219) ، وابن قدامة في المغني (14/60) حيث قال: (فإن ارتشى الحاكم، أو قبل هدية ليس له قبولها، فعليه ردها إلى أربابها؛ لأنه أخذها بغير حق، فأشبه المأخوذ بعقد فاسد) . ثم زاد- رحمه الله: (ويحتمل أن يجعلها في بيت المال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر ابن اللتبية بردها على أربابها، وقد قال أحمد: (إذا أهدى البطريق لصاحب الجيش عينًا أو فضة، لم تكن له دون سائر الجيش) . قال أبو بكر: يكونون فيه سواء) ا. هـ. وعلى هذا، فيحتمل أن يقال له أن يسلمه إلى الشركة، باعتبار أنها السبب المقصود من دفع ذلك المال، وهذا ما يشير إليه الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه (1833) ، عن عدي بن عميرة الكندي، رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ... مَن اسْتَعْمَلْناهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَجِئْ بقليلِهِ وكثيرِهِ، فمَا أُوتي مِنْه أخَذ، ومَا نُهِي عنه انْتهَى". فلو قيل بهذا الاحتمال لكان له وجه. والله تعالى أعلم.(10/385)
منح الدرجات للطلاب لتبرعهم للمدرسة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 28/11/1422
السؤال
أعمل مدرساً بإحدى المدارس الثانوية، وسؤالي هو: إذا طلب معلم المادة من طلابه عملاً يعود بالنفع على المدرسة وطلابها مثال: طلب مدرس الحاسب من الطلاب أدوات الحاسب الآلي من دسكات، وفلاتر شاشات، وماسحات ضوئية، وقارئات أقراص، وغيرها، مع التزامه بزيادة الدرجات لهم (درجات أعمال الفصل) ، فهل في ذلك من حرج شرعي؟ وهل له أن يأخذ منها شيئاً بعد استئذان الطلاب الذين أحضروها وموافقتهم؟
الجواب
الذي يظهر لي أنه لا يجوز أن يعطي المدرس درجات في أعمال السنة لمن يأتي ببعض اللوازم للمادة العلمية من الطلاب؛ لأن درجات أعمال السنة تضاف في الامتحان الفصلي إلى درجة الامتحان الفعلي، ولو قيل بجوازها لأصبح نوعاً من الغش المحرم، إضافة إلى أنه ليس كل الطلاب قادرين على أن يأتوا بهذه الطلبات، ولو فرض أن جاؤوا كلهم بطلبات لصالح المادة العلمية فما جاؤوا به يتفاوت قيمةً وأجراً فلا يجوز حينئذٍ إعطاؤهم درجات من أعمال السنة فيحصلوا على تقدير فيه تزويد، ولا يجوز للأستاذ أن يأخذ مما جاؤوا به ولو استأذنهم وأذنوا؛ لأن ما جاؤوا به هو تبرع وهبة للمدرسة، ولا يجوز الرجوع في تبرع الهبة، فتبقى هذه الأشياء التي جاء بها الطلاب ملكاً للمدرسة، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(10/386)
هدايا العمال رشوة
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 6/2/1425هـ
السؤال
هل الأجندات والهدايا التي تقدم للشخص في العمل من بعض المتعاملين تعدّ حراماً؟
الجواب
الهدايا التي تقدم لك إن كانت من شخص تتبادل معه الهدايا قبل العمل فلا بأس بها، أما إن كانت من أجل العمل بعض المتعاملين معك -وهذا الذي يظهر من سؤالك-؛ فهي حرام، إذ لولا عملك ومركزك ما أهدي إليك، ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل الذي ولاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- على بعض الأعمال وقال للرسول: هذا لكم وهذا أُهدي إليّ، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيُهدى له أم لا" رواه البخاري (7174) ، ومسلم (1832) من حديث أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه - والله أعلم.(10/387)
هدايا الطلاب إلى المدرسين
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 5/6/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
ما حكم قبول المعلمة الهدية من طالباتها في المدرسة أثناء مدة الدراسة، وكذلك بعد رصدها للدرجات النهائية، وكذلك بعد تخرج الطالبة وانتقالها من المدرسة؟ سواء كانت ورداً، أو بطاقة شكر، أو هدية تذكارية، ونحو ذلك.
الجواب
إن تقديم هدية للمعلمة أثناء الوقت الذي تكون الطالبة في حاجة إليها لمساعدتها، أو تكون في محل للتهمة لمحاباة المعلمة للطالبة، فإن هذا يدخل في باب الرشوة، وأما بعد تخرجها وانتقالها من المدرسة فهذا لا يدخل في معنى الرشوة، وهو أمر حسن.(10/388)
أخذ العمولة دون علم الطرف الآخر
المجيب د. حمد بن حماد الحماد
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 22/8/1424هـ
السؤال
ما حكم من يأخذ عمولة من شخص إلى آخر دون علم الأول والثاني؟.
الجواب
العمولة يقصد بها ما يأخذه الشخص مقابل قيامه بالبيع أو الشراء لغيره، فهي تزاد على الثمن بالنسبة للمشتري أو تخصم من الثمن بالنسبة للبائع، وعليه فلا بد أن يعلم بها من تفرض عليه أو تخصم منه، أما أخذ شيء بغير علم البائع أو المشتري فليس هذا بعمولة، وإنما هو اختلاس لا يجوز.(10/389)
العمولة على الشراء
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 12/10/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أوصاني أحد الأقارب على البحث له عن أرض ليشتريها، وعندما وجدتها قلت له: إنها معروضة بسعر عشرة ريالات مثلاً للمتر المربع، بالإضافة إلى ريال واحد عمولة للأشخاص الذين ساعدوا في عملية البيع ووافق الشخص وتمت عملية الشراء، ثم بعدها بمدة قصيرة مات هذا المشتري "رحمة الله عليه"، سؤالي: ما الحكم إذا كان مبلغ الريال الواحد لي أنا وحدي؟ وإذا كان هذا المبلغ لا يجوز لي، هل أرده للورثة أم أتصدق به؟ وهل أعد خائناً؛ لأن هذا الرجل لا يعلم أن هذا المبلغ لي؟ وقد اشترى هذه الأرض لمساعدتي ومعي شخصان، علماً أن إجمالي مبلغ الشراء لم يزد عن القيمة السوقية المستحقة لهذه الأرض. أفيدوني جزاكم الله خير.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الجواب: أن العمولة التي أخذتها من صاحبك لا أرى أنها تحل لك؛ لأنك لم تخبر صاحبك الذي اشتريت له الأرض أنك ستأخذ عمولة على شرائك، إذ هو يعتقد أنك ستقوم بذلك بدون مقابل. هذا وبما أن من له الحق قد توفي فإن حقه انتقل إلى ورثته وأصبحوا هم أصحاب الحق، فعليك الاتصال بهم وإخبارهم بحقيقة الأمر، فإن شاؤوا عفوا عنك أو طلبوا حقهم، هذا وعليك مع ذلك التوبة إلى الله مما وقع منك، والندم عليه وعدم العودة لمثله وأسأل الله لنا ولك العفو والمغفرة، والله أعلم.(10/390)
دفع مبالغ لتسهيل إدخال البضاعة
المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 19/5/1423
السؤال
تاجر يشتري السلع من الخارج كالألبسة، وتطلب منه الجمارك سواء في الحدود أو المواني دفع مبالغ لإدخالها (رشوة) ، هل يجوز لي أم لا؟ وللملاحظة أن هذه السلع غير موجودة في الداخل، وجزاكم الله عنا كل خير، والسلام عليكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فما يدفعه هذا الأخ التاجر لعمال الجمارك أو للمسؤولين عن الجمارك بغرض تسهيل أموره، أو التغاضي عن بعض المخالفات، أو السماح له بتوريد السلع الممنوع توريدها ونحو ذلك فإن هذا رشوة، والرشوة محرمة؛ لقول الله - عز وجل -"أكالون للسحت" [المائدة:42] وقوله -عز وجل-:"وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [البقرة:188] ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله الراشي والمرتشي والرائش" الترمذي (1336) أبو داود (3580) ابن ماجة (2313) أحمد (9023) ، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/391)
هل هذا من الرشوة؟
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 8/8/1423هـ
السؤال
أنا موظف عسكري أعمل في مدينة الرياض، وأريد أن أنتقل إلى مدينتي، وقد حاولت مراراً بواسطة وبغير واسطة ولكني فشلت، الشاهد من السؤال: لقد عرض عليّ رجل في مدينتي دفع مبلغ من المال لينقلني بدون مضرة لأحد، هل هذا جائز وشكراً؟
الجواب
لا يخلو هذا الرجل الذي طلب المبلغ من حالين؛ إما أن يصل إلى تحقيق مطلبك بجاهه وشفاعته، وفي مثل هذه الحال نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أخذ المال مقابل الشفاعة.
الحالة الثانية: أنه سيدفعه أو جزءاً منه إلى موظف يملك تحقيق هذا المطلب وفي هذه الحال يكون هذا العمل رشوة، وقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - "الراشي والمرتشي والرائش" رواه الترمذي (1336) ، وأبو داود (3580) وابن ماجة (2313) وأحمد (6532) والرائش هو الساعي بينهما.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى -: "وقد ذكر ابن عابدين - رحمه الله - في حاشيته أن الرشوة هي ما يعطيه الشخص لحاكم أو غيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد، قال الشيخ: والمراد بالحاكم القاضي وبغيره: كل من يرجى عنده قضاء مصلحة الراشي، سواءً كان من ولاة الدولة وموظفيها، أو القائمين بأعمال خاصة، كوكلاء التجار والشركات وأصحاب العقارات ونحوهم، والمراد بالحكم للراشي وحمل المرتشي على ما يريده الراشي: تحقيق رغبة الراشي ومقصده سواءً كان ذلك حقاً أو باطلاً".أ. هـ.
وهناك احتمال ثالث: أن يكون هذا الرجل سيراجع في دائرتك ويتابع ويلح حتى يحصل على المطلوب، وحينئذٍ فلا بأس بذلك لأنه أجره، لكن هذا الاحتمال بعيد.(10/392)
وبكل حال فأنصحك بالابتعاد عن هذا الأسلوب، فإن أقل أحواله أن يكون فيه شبهة - في الاحتمال الأخير - "ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" البخاري (52) ، ومسلم (1599) ومن ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه، وأوصيك يا أخي بإنزال حاجتك هذه بالله - عز وجل - وكثرة الدعاء وأبشر بقضاء حاجتك وتحقيق مطلبك إن شاء الله، كما أوصيك أن تنصح ذلك الرجل بأن يبتعد عن السحت، فإن الرشوة سحت وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لكعب بن عجرة: " كْل يا كعب بن عجرة، كْلُّ جسد نبت من السحت فالنار أولى به" الترمذي (614) ، والنسائي (2580) ، وأبو داود (1640) وأحمد (14441) .
وفقك الله تعالى وسدد خطاك.(10/393)
حكم التعامل مع شركة بزنس كوم
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 14/10/1423هـ
السؤال
ما حكم التعامل مع شركة بزنس كوم biznas.com بالطريقة المشهورة عندهم؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي
بعده، محمد وآله وصحبه، وبعد:
هذه الشركة، وغيرها كثير، تعمل وفق مفهوم "التنظيم الهرميpyramid scheme"، ويسمى أحياناً التسويق الشبكي " network marketing" أو التسويق متعدد الطبقات "multi-layer marketing--MLM". وهذا النوع من التسويق يصنف من حيث المبدأ ضمن صور الغش والاحتيال التجاريbusiness fraud. وقد تناولته دراسات وأبحاث وكتب، تحذّر من هذه الشبكات والوهم والتغرير الذي توقع فيه أتباعها، فتجعلهم يحلمون بالثراء السريع مقابل مبالغ محدودة. وفي نهاية الأمر تصب هذه المبالغ في جيوب أصحاب هذه الشركات والمنظمات، ولا يحصد الأتباع سوى السراب. ولذلك تمنع قوانين العديد من الدول التنظيم الهرمي بشكل أو بآخر. كما تحذر الأجهزة الرسمية الجمهور من الوقوع في مصيدة هذه الشبكات بعد تغليفها بصورة جذابة من خلال الزعم بأنها فرصة لتسويق منتجات مفيدة للجمهور، تعليمية أو غير ذلك.
ومن المهم للقارئ أن يعلم أن هيئة الأوراق المالية بباكستان قد حذرت الجمهور من التعامل مع شركة بزناس العاملة هناك. وقالت في تحذيرها الذي صدر في أغسطس من هذا العام إن الشركة المذكورة وجد أنها "تضطلع بممارسات غير مشروعة وتحايلية وغير أخلاقية" حسب ما جاء في التحذير. (انظر موقع الهيئة: http://www.secp.gov.pk/otherlinks/Biznas/Biznas.com.htm) .(10/394)
كما أن هناك شركة تعمل في نفس المجال، تسمى سكاي بز skybiz.com، وهي شديدة الشبه بشركة بزناس من حيث نوعية المنتجات وآلية التسويق ونظام العمولات، مقرها الولايات المتحدة ولها فروع عبر العالم. هذه الشركة رفعت وزارة التجارة الأمريكية ضدها قضية تتهمها فيها بالغش والاحتيال على الجمهور، وصدر قرار المحكمة بولاية أوكلاهوما في 6/6/2001م بإيقاف عمليات الشركة وتجميد أصولها تمهيداً لإعادة أموال العملاء الذين انضموا إليها. (انظر موقع وزارة التجارة الأمريكية: http://www.ftc.gov/opa/2001/06/sky.htm) .
إن هذا الموقف ضد شركات التسويق الهرمي مبني على قناعة في معظم دول العالم بأن هذا النمط من التسويق ما هو إلا صورة من الصور الاحتيال والتغرير بالناس. سنبيّن فيما يلي كيفية عمل هذه الشبكات، ثم نبيّن مكمن الخلل فيها.
أولا: آلية العمل
الفكرة الجوهرية للتسويق الهرمي بسيطة. وتتلخص في أن يشتري الشخص منتجات الشركة مقابل الفرصة في أن يقنع آخرين بمثل ما قام به (أن يشتروا هم أيضاً منتجات الشركة) ، ويأخذ هو مكافأة أو عمولة مقابل ذلك. ثم كل واحد من هؤلاء الذين انضموا للبرنامج سيقنع آخرين ليشتروا أيضاً، ويحصل الأول على عمولة إضافية، وهكذا. فأنت تدفع لزيد على أن تأخذ من عمرو وعبيد.
وفيما يلي مثال عملي يوضح ذلك.
لنفترض أن "زيداً" قرر أن يشتري منتجات الشركة المذكورة مقابل 100 دولار. تعطيه الشركة بناء على ذلك الحق في أن يسوق منتجاتها لآخرين مقابل عمولات محددة. يقوم زيد بإقناع شخصين بالانضمام للبرنامج، بمعنى أن يشتري كل منهما منتجات الشركة، ويكون لهما الحق في جذب مسوقين آخرين مقابل عمولات كذلك. ثم يقوم كل من هذين بإقناع شخصين آخرين بالانضمام، وهكذا. ستتكون من هذه الآلية شجرة من الأتباع الذين انضموا للبرنامج على شكل هرمي. (انظر الشكل) .(10/395)
لاحظ أن عدد الأعضاء في كل مستوى يساوي ضعف العدد في المستوى الذي قبله، وأن عدد أعضاء المستوى الأخير يزيد قليلاً عن مجموع أعضاء المستويات السابقة كلها. لاحظ أيضاً أن عدد الأعضاء ينمو أسياً، بمعنى أن عدد الأعضاء في المستوى الرابع =42 = 16، وعدد الأعضاء في المستوى العاشر = 102
= 1024، وهكذا.
طريقة احتساب العمولات
تشترط الشركة ألا يقل مجموع الأفراد الذين يتم استقطابهم من خلال زيد ومن يليه في الهرم عن 9 أشخاص من أجل الحصول على العمولة (على ألا يقل عدد الأعضاء في كل فرع عن 3) . وتبلغ العمولة 55 دولاراً. ثم بعد ذلك يتم صرف العمولة لكل 9 أشخاص (ويسمى كل تسعة أشخاص في التسلسل الهرمي "درجة") . ونظراً إلى أن الهرم يتضاعف كل مرة يضاف فيها مستوى جديد أو طبقة جديدة للهرم، فإن العمولة تتزايد كل مرة بشكل كبير. إذا افترضنا أن الهرم ينمو كل شهر، بمعنى أنه في كل شهر ينضم شخصان لكل شخص في الهرم (كما هو افتراض الشركة في موقعها) ، فهذا يعني أن العمولة التي يحصل عليها العضو تصل إلى أكثر من خمسة وعشرين ألف دولار في الشهر الثاني عشر (انظر الجدول) .
الشهر الأعضاء مجموع الأعضاء العمولة بالدولار
1 2 2 0
2 4 6 0
3 8 14 55
4 16 30 110
5 32 62 165
6 64 126 440
000 000 000 000
12 4.096 8.190 25.080
18 262.144 524.286 1.602.040
24 16.777.216 33.554.430 102.527.480
30 1.073.741.824 2.147.483.646 6.561.755.640(10/396)
ويتم حساب العمولة كالتالي: ينظر عدد الدرجات في مجموع الأعضاء، ويتم صرف العمولة بناء على ذلك بعد إسقاط الدرجات في المستوى السابق. في المستوى الثالث يبلغ المجموع 14، وهو يتضمن درجة واحدة (أي تسعة واحدة فقط) ، فيصرف للعضو عمولة واحدة. في المستوى الرابع يبلغ المجموع 30، وهذا يتضمن 3 درجات، تخصم منها درجة واحدة صرفت في المستوي السابق، يتبقى درجتان، فتصرف عمولتان = 110 دولار. في المستوى الخامس يبلغ المجموع 62، وهذا يتضمن 6 درجات. تخصم منها الدرجات في المستوى السابق وهي 3، فيبقى 3 درجات، فيصرف 3 عمولات، أي 3×55=165، وهكذا.
لاحظ أن العضو لا يحصل على أي عمولة قبل الشهر الثالث، أي أنه لا بد من نمو الهرم تحته بثلاثة مستويات قبل أن يحصل على العمولة. ولكن مقدار العمولة، وهو 55 دولار، أقل من المبلغ الذي دفعه وهو 100 دولار. فلا بد إذن من أجل تحقيق أي ربح من نمو الهرم إلى أربعة مستويات تحت العضو على أقل تقدير.
إذا تابعنا نمو الهرم شهرياً (حسب الافتراض المنشور على موقع شركة بزناس) ، سنجد أنه في نهاية السنة تتجاوز العمولة الشهرية للعضو 25000 دولار. وبعملية حسابية بسيطة نجد أن العمولة في منتصف السنة الثانية (الشهر 18) تتجاوز مليون وستمائة ألف شهرياً، بينما تتجاوز في نهاية السنة الثانية مائة مليون دولار شهرياً.
وهذا مصدر الإغراء في هذا النوع من البرامج الهرمية: مقابل مبلغ زهيد لا يتجاوز 100 دولار، يحصل المشترك على آلاف بل ملايين أضعاف المبلغ. ولذلك تسوّق هذه الشركات برامجها من خلال وعود بالثراء الفاحش في مدة يسيرة من خلال النمو المضاعف للهرم.
أين الخلل؟(10/397)
إن مكمن الخلل في هذا النظام هو أنه غير قابل للاستمرار، فلا بد له من نهاية يصطدم بها ويتوقف عندها. وإذا توقف كانت الطبقات الأخيرة من الأعضاء هي الخاسرة، والطبقات العليا هي الرابحة. والطبقات الأخيرة تفوق في العدد أضعاف الطبقات العليا، وهذا يعني أن الأكثرية تخسر لكي تربح الأقلية. ولذلك فإن هذه البرامج في حقيقتها تدليس وتغرير وبيع للوهم للجمهور لمصلحة القلة أصحاب الشركة.
لتتضح الصورة لنتابع نمو الهرم حسب الجدول السابق. في الشهر الثلاثين، أي منتصف السنة الثالثة، يبلغ مجموع أعضاء الهرم أكثر من 2 مليار شخص، أي ثلث سكان المعمورة. في الشهر الذي يليه يبلغ المجموع 4.3 مليار، وفي الشهر الذي يليه (الثاني والثلاثين) 8.6 مليار.
لكنا نعلم أن سكان الكرة الأرضية لا يتجاوز عددهم 6 مليار نسمة، وهذا يعني أن الهرم لا بد أن يتوقف قبل المستوى أو الشهر 32، أي قبل نهاية السنة الثالثة، حيث يتجاوز مجموع الأعضاء 8 مليارات. فإذا توقف النمو، فإن أعضاء المستويات الأخيرة لن ينجحوا في تحقيق أي مبيعات إضافية أو انضمام أعضاء جدد، فهم قد دفعوا ثمن الانضمام للبرنامج دون مقابل. هذه المبالغ تمثل خسارة على هؤلاء وربحاً للمستويات العليا.(10/398)
إن حال الهرم يشبه إلى حد كبير حال نمو الورم السرطاني في الجسم. فالخلية السرطانية تنقسم باستمرار، وبهذا يتضاعف حجم الورم في كل مرة. ونظراً لأن الورم هو أكثر الخلايا نمواً في الجسم، فإنه يستهلك من طاقة الجسم أكثر من بقية أجهزة الجسم العضوية. ومع النمو المتضاعف، يستأثر الورم بالطاقة دون بقية الجسم، لتكون النتيجة توقف أجهزة الجسم عن إنتاج الطاقة، ومن ثم وفاة الجسم. وإذا توقف إنتاج الطاقة فليس بمقدور خلايا الورم النمو، فتموت هي أيضاً. أي أن النمو المضاعف للورم هو نفسه سبب هلاكه في النهاية. وهذا هو الحال في التسويق الهرمي. فالنمو الأسّي للهرم يستدعي دائماً انضمام أعضاء جدد ضعف أعضاء المستوى الأخير، وهذا يجعل حجم الهرم الكلي يتضاعف كذلك كل مرة. وكلما كبر الهرم كلما تضاعف العدد المطلوب للاستمرار. ولكن توافر هذه الأعداد الهائلة متعذر، فتكون النتجية الحتمية هي انهيار الهرم ونهايته، كما كانت نهاية الورم السرطاني.
ومن الناحية العملية سيتوقف الهرم قبل استنفاد الأعداد المطلوبة بكثير، إذ لا يمكن للسوق أن تستوعب هذا العدد الهائل من المبيعات. ومن المعروف في علم التسويق أن لكل منتج درجة معينة من المبيعات تبلغ السوق بعدها درجة التشبع (saturation) ، فيتعذر بعدها تحقيق أي مبيعات إضافية، ومن ثم يتعذر نمو الهرم بعدها.(10/399)
لنفترض أن التسويق توقف عند المستوى 18، حيث يبلغ أعضاء هذا المستوى أكثر قليلاً من ربع مليون. بناء على ما سبق فإن العضو لا يحصل على أي عمولة حتى يبلغ عدد المستويات تحته 3 مستويات. أي أن المستويات الثلاثة الأخيرة (16، 17، 18) لن تحصل على أي عمولة، بينما سيحصل أعضاء المستوى الرابع من الأسفل (المستوى 15) على عمولة لكنها أقل مما دفعوه (العمولة 55 دولار بينما كل منهم قد دفع 100 دولار) . وإذا كان أعضاء المستوى الأخير نحو ربع مليون، والذي قبله 131 ألف، والذي قبله 65 ألف، فهذا يعني أن نحو 450 ألف عضواً قد دفعوا نحو 45 مليون دولار بدون أي مقابل. أما أعضاء المستوى الرابع من الأسفل (وعددهم نحو 32 ألف) فسيحصل كل منهم على عمولة أقل من ثمن المنتجات التي اشتراها لينضم إلى البرنامج.
لاحظ أن نسبة أعضاء المستويات الأربعة الأخيرة (المستويات 15-18) إلى مجموع أعضاء الهرم تعادل 93.8 %. أي أن نحو 94% من أعضاء البرنامج خاسرون، بينما 6% فقط هم الرابحون.
وحتى لو فرض جدلاً استمرار البرنامج الهرمي في النمو، فإن واقع الهرم أن المستويات الأربعة الأخيرة دائماً خاسرة، ولا يمكنها الخروج من الخسارة إلا باستقطاب أعضاء جدد ليكوّنوا مستويات دنيا تحتهم، فتكون المستويات الجديدة هي الخاسرة، وهكذا. فالخسارة لازمة لنمو الهرم، ولا يمكن في أي لحظة من اللحظات أن يصبح الجميع رابحاً بحال من الأحوال.
وبهذا يتبين أن البرنامج الهرمي وهم أكثر منه حقيقة، وأن الأغلبية الساحقة من المشاركين في هذا البرنامج يخسرون لمصلحة القلة القليلة. ولهذا صدرت دراسات وكتابات كثيرة تحذر من هذه البرامج، وسيجد القارئ في نهاية البحث بعض المراجع لهذه الكتابات.
موقف القانون من البرامج الهرمية(10/400)
تمنع القوانين في أكثر دول العالم برامج التسلسل الهرمي (pyramidshemes) حيث يدفع المشترك رسوماً لمجرد الانضمام للبرنامج، دون وجود أي منتج أو سلعة يتم تداولها. أما إذا كانت هناك سلع، فإن القانون الأمريكي حالياً لا يمنع منها، وهذه نقطة ضعف انتقدها كثير من الكتاب الغربيين بناء على أن السلعة في هذه البرامج هي مجرد ستار وذريعة للبرامج الممنوعة، إذ النتيجة واحدة في الحالين. ومع ذلك فإن وزارة التجارة الأمريكية تحذر الجمهور صراحة من أي برامج تسويق أو مبيعات تدعو لجذب مسوقين آخرين (انظر موقع وزارة التجارة الأمريكية:
http://www.ftc.gov/bcp/conline/edcams/pyramid/index.html) . وما القضية المرفوعة ضد سكاي بز، وهي شديدة الشبه ببزناس، إلا مثال عملي لرفض استخدام المنتجات ستاراً للتحايل على الجمهور. وسيأتي مزيد حول هذه النقطة لاحقاً.
ثانياً: التقويم الشرعي
الإسلام هو دين الفطرة، والشريعة الإسلامية قائمة على العدل ومنع الظلم، فإذا أدرك العقلاء ما في هذه المعاملة من الغش والاستيلاء على أموال الآخرين بغير حق ودعوا من ثم إلى منعها، فالإسلام أولى بذلك.
ويمكن تعليل القول بحرمة الاشتراك في هذا النوع من البرامج بالأسباب التالية:
1. أنه أكل للمال بالباطل.
2. ابتناؤه على الغرر المحرم شرعاً.
أكل المال بالباطل
تبين بوضوح مما سبق أن هذا النوع من البرامج لا يمكن أن ينمو إلا في وجود من يخسر لمصلحة من يربح، سواء توقف النمو أم لم يتوقف. فالخسارة وصف لازم للمستويات الأخيرة في جميع الأحوال، وبدونها لا يمكن تحقيق العمولات الخيالية للمستويات العليا. والخاسرون هم الأغلبية الساحقة كما سبق، والرابحون هم القلة. أي أن القلة كسبوا مال الأكثرية بدون حق، وهذا أكل المال بالباطل الذي نزل القرآن بتحريمه. ويسمى هذا النمط عند الاقتصاديين: تعامل صفري (zero-sum game) ، حيث ما يربحه البعض هو ما يخسره البقية.
الغرر(10/401)
أصل الغرر المحرم: هو بذل المال مقابل عوض يغلب على الظن عدم وجوده أو تحققه على النحو المرغوب. ولذلك قال الفقهاء: الغرر هو التردد بين أمرين، أغلبهما أخوفهما (انظر الغرر وأثره في العقود، د. الصديق الضرير، ص 30) . والذي ينضم إلى هذا البرنامج يدفع مبلغاً من المال مقابل أرباح الغالب عدم تحققها.
ولبيان هذه النقطة أكثر، لنفترض أن احتمال نجاح العضو في إقناع آخر بالانضمام للبرنامج هو 80 %. بمعنى أن العضو إذا عرض على شخص شراء بضاعة من الشركة والانضمام إلى التسلسل الهرمي في التسويق، فالغالب أن هذا الشخص سيقبل العرض وينضم للبرنامج. لاحظ أن هذه النسبة أعلى بكثير من الواقع، لكنا نفترض تنفيذ البرنامج على أفضل الأحوال.
ما هو احتمال حصول العضو على عمولات تعوض ما دفعه؟ إذا كان احتمال نجاح كل عضو في الهرم في ضم شخص آخر إليه هو 80 %، فإن احتمال تحقق 18 عملية (لكي يسترد المشترك رأسماله) يساوي:
(80 %) 18 = 1.8 %
أي أنه احتمال تافه من الناحية العملية. أما تحقيق عمولة تساوي 25000 دولار شهرياًفيتطلب انضمام 8190 شخصاً، واحتمال وقوع ذلك هو: (80 %) 8190= صفر. أي أنه بمنطق الاحتمالات الإحصائية يتعذر تحقيق هذه العمولة.(10/402)
لاحظ أن هذه النسبة أقل بكثير من نسبة الفوز باليانصيب (lottery) ، حيث تبلغ النسبة مقلوب مقدار الجائزة. فلو كانت الجائزة عشرة ملايين دولار، لكان احتمال الفوز للتذكرة الواحدة أقل قليلاً من واحد من عشرة ملايين، وهذا الاحتمال أكبر من احتمال تحقيق المسوّق للأحلام التي يعدونه بها. واليانصيب أفضل من التسويق الهرمي من وجه آخر، وهو أن صاحب التذكرة لا يحتاج لبذل أي جهد أو عمل بعد شراء التذكرة. أما المسوّق فهو يتعب ويكد نفسه ويخسر من ماله الخاص أكثر مما دفعه للانضمام للبرنامج الهرمي، مع أن احتمال ربحه وفوزه أقل بكثير من احتمال الفوز باليانصيب. فاليانصيب أكثر احتمالاً بالفوز وأقل كلفة. فإذا كان مع ذلك محرماً، فالتسويق الهرمي أولى بالتحريم.
وإذا علمنا أن الهرم لا بد أن يتوقف مهما كان الحال، فهذا يعني أن الدخول في هذا البرنامج في حقيقته مقامرة: كل يقامر على أنه سيربح قبل انهيار الهرم. ولو علم الشخص أنه سيكون من المستويات الدنيا حين انهيار الهرم لم يكن ليقبل بالدخول في البرنامج ولا بربع الثمن المطلوب، ولو علم أنه سيكون من المستويات العليا لرغب في الدخول ولو بأضعاف الثمن. وهذا حقيقة الغرر المحرم، إذ يقبل الشخص بالدخول على أمل الإثراء حتى لو كان احتمال تحقق هذا الأمل ضعيفاً جداً من حيث الواقع. فالثراء هو الذي يغري المرء لكي يدفع ثمن الانضمام للبرنامج، فهو يغره بالأحلام والأماني والوهم، بينما حقيقة الأمر أن احتمال خسارته أضعاف أضعاف احتمال كسبه.
شبهة وجود المنتج
أما الشبهة التي يتعذر بها المدافعون عن هذه البرامج، وهي وجود منتج حقيقي ينتفع به المشتري ومن ثم لا يعد خاسراً إذا توقف الهرم، فهي شبهة أول من ينقضها المسوّقون والعاملون في هذه البرامج أنفسهم.(10/403)
وذلك أنهم حين تسويق هذه المنتجات نجدهم يعتمدون على إبراز العمولات التي يمكن تحقيقها من خلال الانضمام للبرنامج، بحيث يكون ذكر هذه العمولات الخيالية كافياً لإقناع الشخص بالشراء. فلو لم يكن الهدف هو التسويق لما لجأ الأعضاء إلى إغراء الجدد بعمولات التسويق. ولذلك لا يمكن أن يسوّق العضو هذه المنتجات دون ذكر عمولات التسويق، فهذا يناقض مصلحة العضو نفسها التي انضم للبرنامج ابتداء من أجلها، وهي: جذب مسوقين جدد على شكل متسلسل لتحقيق الحلم بالثراء الموعود.
ومما يؤكد أن المنتج ما هو إلا ستار وهمي، المقارنة السريعة بين عمولات التسويق وبين منافع المنتجات نفسها. فهذه المنتجات قيمتها لا تتجاوز 100 دولار بحسب سعر الشركة المعلن. أما العمولات فتصل كما ذكرنا إلى 25000 دولار شهرياً، أو ما يعادل 50000 دولار في نهاية السنة الأولى فقط. فهل يوجد عاقل يقصد ما قيمته مائة ويدع خمسين ألفاً؟ لو وجد ذلك من شخص لما كان معدوداً من العقلاء. فالعاقل في المعاوضات المالية يبحث عن مصلحته، والمصلحة هي مع التسويق، فلا بد أن يكون القصد هو التسويق.
إن هذه المنتجات، مهما كانت فائدتها، لا يمكن أن تحقق للمشتري منافع تتجاوز في قيمتها تلك العمولات الخيالية الناتجة من التسويق. والعبرة، كما هو مقرر شرعاً، بالغالب. فقصد العمولات هو الغالب على قصد المنتجات، فيكون الحكم مبنياً على ذلك.
ومما يؤكد أن شراء المنتجات غير مراد: أن البرامج والمواد التدريبية لمنتجات ميكروسوفت، خصوصاً أوفيس، توجد بكثرة على الإنترنت، وكثير منها متوفر مجاناً. وهناك برامج تدريبية متخصصة لجميع برامج أوفيس تتراوح قيمتها بين 20-35 دولاراً. أما إنشاء موقع وبريد على الإنترنت، فهذا يمكن الحصول عليه مقابل 10 دولار في السنة بسهولة. بينما تبيع الشركة منتجاتها بـ 99 دولاراً سنوياً. أي أنها تزيد الثمن عن المتاح فعلياً بما لا يقل عن 55 دولاراً.(10/404)
وهذه الزيادة في الثمن لم تكن لتوجد لولا برنامج التسويق الهرمي هذا. فيقال في ذلك كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أفلا أفردت أحد العقدين عن الآخر ثم نظرت هل كنت مبتاعها أو بايعه بهذا الثمن؟ " (بيان الدليل، ص 232-233، ط المكتب الإسلامي) . فلو أفرد الانضمام عن الشراء لما كان سعر السلعة بهذا المقدار.
ولا يتردد المسؤولون في الشركة في التصريح بأن التكلفة الفعلية للمنتجات تعادل 24 دولاراً، أما المتبقي، وهو 75 دولاراً، فهو مخصص لمصاريف "التسويق." ولكن بدلاً من صرف هذا المبلغ على الدعايات والإعلانات كما هو الحال في المنتجات الأخرى، فإن الشركة تصرفها على عملائها الذين يقومون بشراء منتجاتها. وهذا في نظرهم أفضل لمصلحة العميل من الطريقة "التقليدية" في الإعلان.
والحقيقة أن هذا الزعم يناقض الواقع. وبعملية حسابية بسيطة يتبيّن مدى الغبن الذي يقع على العميل أو العضو المسوّق من هذا الأسلوب. إذ تشترط الشركة أن يستقطب المسوق 9 أشخاص قبل أن تصرف له العمولة، وهي 55 دولاراً كما سبق. ولكن مبيعات 9 أشخاص (عدا المسوّق نفسه) تعني أن الشركة حصلت على ربح فوق تكلفة المنتجات يعادل 9×75 = 675 دولاراً، صرف منها 55، فيبقى 620 دولاراً. أي أنه مقابل كل 9 أعضاء جدد يحصل المسوّق على 55 في حين يحصل أصحاب الشركة على صافي ربح 620 دولاراً. وهذا غبن فاحش، فكيف يقال مع ذلك إن تكاليف التسويق تصرف للأعضاء؟! فهذا المبلغ، وهو 75 دولار، هو في الحقيقة رسوم الاشتراك في البرنامج، ومعظمه كما ترى يذهب لأصحاب الشركة.
ومما يبين أن الهدف من الشراء هو الاشتراك في التسويق وليس المنتجات:
1- أن لوائح وأنظمة الشركة معظمها يتعلق بشروط وأحكام الانضمام وصرف العمولات، وأما مجرد الشراء فتحكمه بضعة فقرات. فهل هذا صنيع من هدفه تسويق السلعة فحسب والانضمام تابع لها أم العكس؟(10/405)
2- أن الشركة تشترط للاستمرار في البرنامج لأكثر من سنة دفع نفس المبلغ مرة أخرى. وواضح أن هذا لا لشيء سوى استمرار التسويق، فالبرامج تم شراؤها من المرة الأولى، والبرامج الجديدة إن وجدت لا تعادل في القيمة المبلغ المطلوب.
3- لو كانت الشركة تبيع المنتجات فعلاً لكانت توجه دعمها لمنتجاتها، بينما نجد من خلال لوائح وأنظمة الشركة أنها تبيع المنتجات كما هي ودون أي مسؤولية، في حين تقدم الدعم لبرامج التسويق وكسب الأعضاء، كما تنص عليه اللائحة. فهل هذا صنيع من يبيع منتجات حقيقية؟
4- أن الشركة تسمح لمن يرغب في التسويق دون شراء المنتجات، لكنها لا تتيح له الاستفادة من خدمات موقع الشركة على الإنترنت للتسويق، بل من خلال الفاكس. كما أنها لا تقبل أن يكون من دونه في التسلسل الهرمي هم أيضاً مسوقون بدون شراء، بل لا بد من الشراء ممن يليه لكي يحصل على العمولة. وواضح أن هذا تضييق على التسويق بدون شراء. وتجدر الإشارة إلى أن شركة سكاي بز الأمريكية، التي سبقت الإشارة إليها، تملك نفس التنظيم والترتيب لإجراءات التسويق بدون شراء. ومع ذلك اعتبرت وزارة التجارة الأمريكية الشركة مجرد بناء هرمي ولا قيمة للمنتج (انظر التقرير المنشور في:
http://www.mlmsurvivor.com/resources/sky_biz_pvn-vandernat.pdf) .(10/406)
والحاصل أن المنتجات التي تبيعها الشركة ما هي إلا ستار للانضمام للبرنامج، بينما الانضمام للبرنامج مقابل ثمن من الغرر وأكل المال بالباطل، كما تقدم، ومنعه محل اتفاق بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي. فالتحيل بتقديم المنتج لا قيمة له في الشريعة الإسلامية، لأن العبرة بالمآل، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً. فإذا كانت العلة قائمة سواء وجد المنتج أم لم يوجد، فلن يغير وجوده من الحكم شيئاً. وإذا كان القانون الوضعي عاجزاً عن معالجة هذا الاحتيال، فهو لذلك محل انتقاد من المحللين والكتاب الغربيين، إلا أن الفقه الإسلامي بحمد الله أكمل وأقوم، إذ هو مبني على الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولذلك جاءت النصوص الصريحة عن النبي صلى الله عليه وسلم بسد أبواب التحايل المقيت، مثل نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة، وعن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع. كل ذلك منعاً للالتفاف على أحكام الشريعة المطهرة وإفراغها من مضمونها، فهي شريعة كاملة لا نقص فيها ولا خلل: {ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون} .
الفرق بين التسويق الهرمي والسمسرة(10/407)
ومن خلال ما تقدم يتبيّن أن التسويق الهرمي ليس مجرد سمسرة كما تزعم الشركة في موقعها، وكما حاولت أن توحي بذلك لأهل العلم الذين سئلوا عنها. فالسمسرة عقد يحصل بموجبه السمسار على أجر لقاء بيع سلعة. أما التسويق الهرمي فالمسوّق هو نفسه يدفع أجراً لكي يكون مسوّقاً، وهذا عكس السمسرة. كما أن الهدف من التسويق الهرمي ليس بيع بضاعة أو خدمة، بل جذب مسوّقين جدد ليجذبوا بدورهم مسوّقين آخرين، وهكذا. وقد سبق أن هذا التسلسل لا يمكن أن يستمر بلا نهاية. فهذا التسلسل باطل لأنه لا بد أن يتوقف. وحينئذ فالمسوّق الأخير خاسر بالضرورة لأنه لم يجد من يقبل الانضمام إلى البرنامج الهرمي. لكن لا وجود لهذا التسلسل في السمسرة أو التسويق العادي. فالتسوية بين الأمرين كالتسوية بين البيع والربا من الذين حكى الله تعالى عنهم في القرآن: {ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا} . وهي كالتسوية بين البيع وبين العينة الممنوعة بالنص. فالتسويق الهرمي أخص من مطلق التسويق، وقد تضمن من الخصائص والشروط ما يجعله عقداً باطلاً، فلا يصح قياس أحدهما على الآخر.
ومما يبيّن الفرق بين الأمرين أن السمسرة أو التسويق العادي يتم من خلال ضوابط تنظم العلاقة بين المسوّقين لكي يضمن كل منهم عمولته. فالشركة البائعة للمنتجات تحدد لكل مسوّق (أو لكل موزع لمنتجاتها أو لكل فرع من الفروع) نطاقاً محدداً يختص به، تجنباً لإضرار الموزعين بعضهم لبعض إذا تكدسوا في منطقة واحدة. فهذا التكدس من جهة مضر بمنتجات الشركة لأنه يؤدي إلى تشبع السوق المحلي، كما سبق. كما أنه مضر بالموزعين أو المسوقين أنفسهم، لأنه يحرم بعضهم من البيع ومن ثم من عمولة التسويق.(10/408)
أما في التسويق الهرمي فلا يوجد أي ضوابط للتسويق، ولا توجد حدود تنظم عمل كل موزع أو كل سمسار. والسبب أن الهدف ليس المنتجات وإنما الانضمام للهرم. والانضمام يتطلب أعداداً متزايدة من الأعضاء الجدد دائماً، ولذلك لا توجد مصلحة من تحديد مجال اختصاص لكل مسوّق، بل هذا مضر بنمو الهرم، ومن ثم بعوائد أصحاب الشركة.
وحقيقة الأمر أن النظام الهرمي يجعل السلعة الحقيقية التي يبيعها الأعضاء هي العمولات الموعودة من الانضمام للهرم، وليس المنتجات التي لا تتجاوز قيمتها 0.2% من عمولات التسويق للسنة الأولى فحسب. أما السمسرة أو التسويق المعروف فهو نيابة في البيع مقابل عمولة. فالعائد الحقيقي للسمسار ينبع من المبيعات المباشرة للمنتجات على المستهلكين الفعليين، وليس من مشتريات المسوّقين الجدد.
ولهذا السبب تشترط عدة ولايات أمريكية أن يكون عائد التسويق المباشر للمستهلك النهائي لا يقل عن 70% من إجمالي عوائد التسويق. بمعنى ألا يزيد عائد التسويق على المسوقين الجدد عن 30% من عوائد الشركة. وما ذلك إلا تأكيداً للفرق بين البيع على المستفيد الفعلي من المنتج، وبين البيع على من يريد الانضمام إلى هرم المسوّقين طمعاً في العمولات الهائلة التي يعدونه بها.
الخلاصة
إن البرامج القائمة على التسلسل الهرمي، ومنها البرنامج المذكور في السؤال، مبنية على أكل المال بالباطل والتغرير بالآخرين، لأن هذا التسلسل لا يمكن أن يستمر بلا نهاية، فإذا توقف كانت النتيجة ربح الأقلية على حساب خسارة الأكثرية. كما أن منطق التسويق الهرمي يعتمد على عوائد فاحشة للطبقات العليا على حساب الطبقات الدنيا من الهرم. فالطبقات الأخيرة خاسرة دائماً حتى لو فرض عدم توقف البرنامج. ولا يفيد في مشروعية هذا العمل وجود المنتج، بل هذا يجعله داخلاً ضمن الحيل المحرمة. والعلم عند الله تعالى.
مصادر مفيدة حول الموضوع
http://www.falseprofits.com
http://www.pyramidschemealert.org
http://www.skepdic.com/pyramid.html
http://www.ftc.gov/speeches/other/dvimf16.htm
http://www.impulse.net/~thebob/Pyramid.html
http://www.mlmsurvivor.com(10/409)
العمل بشهادات الخبرة المزورة
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 15/11/1423هـ
السؤال
يعتقد البعض أن العمل بشهادات خبرة مزورة أو بمؤهلات مزورة والحصول على راتب نتيجة لذلك لا شيء فيه حيث أن ذلك الراتب نتيجة لجهده وعرقه. ما حكم الشرع في هذا؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب
التزوير والغش من الكذب المحرم ومن كبائر الذنوب ولا يجوز للمسلم أن يفعل ذلك، وإذا كان من شروط العمل وجود شهادات خبرة فلابد أن تكون صحيحة، غير مكذوبة ولا يعفي من ذلك كون العامل يبذل جهداً أو يقدم عملاً، لأن هذا الجهد، وهذا العمل بني على أساس غير مشروع وهو التزوير والغش، والنبي عليه السلام يقول: "من غشنا فليس منا" مسلم (101) .(10/410)
رشوة لنقل الزوجة الموظفة
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 15/5/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ انتقلت من الرياض للعمل في منطقة أخرى، وزوجتي تعمل مدرسة، وعندما طلبت نقلها تم نقلها، ولكن إلى منطقة بعيدة من منطقتي، وحاولت جاهداً أن ينقلوها إلى منطقتي ولكن بدون فائدة، وحسب ما فهمت أنني أحتاج إلى واسطة ليتم نقلها على الرغم من أنها قديمة في سلك التدريس، وقبل أيام وجدت شخصاً أخبرني بأنه يعرف شخصاً يستطيع نقل زوجتي ولكن بمقابل مادي، سؤالي فضيلة الشيخ: هل أدفع له أم ماذا؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
صح من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- قال:"لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي" رواه أبو داود (3580) والترمذي (1337) وابن ماجة (2313) وغيرهم، وعلى هذا فالرشوة من كبائر الذنوب التي يجب على المسلم أن يحذرها ويجتنبها، ويبعد عنها كل البعد، ونعود إلى سؤال الأخ فإن كان المقابل المادي سيأخذه الوسيط نفسه وهو من خارج الإدارة مقابل جهوده وإحراجه للآخرين ولا يلزم من نقلها ظلم لغيرها، أو هضم لحق الآخرين فلا بأس والحالة هذه، وإن كان المقابل سيعمل الوسيط على أداء جزء منه لأحد الموظفين فهذا عين الرشوة، وكذا الأمر إن كان في إعطاء الوسيط ظلم لغيرها وتجاوز على حق الآخرين فيحرم والحالة هذه. والله أعلم.(10/411)
الشفاعة لمساعدة المختبرين
المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 18/4/1424هـ
السؤال
أنا مشرف في إحدى الدوائر الحكومية على اختبارات اللغة الإنجليزية للوحدة، وأحياناً تأتي إلينا بعض الشفاعات في مساعدات بعض الأشخاص دون أن يكون هناك ضرراً على أحد، فما الحكم الشرعي في هذا النوع من المساعدة؟ أرجو التفصيل والإيضاح، علماً أن رئيسي المباشر لديه خلفية كاملة عن هذا الموضوع.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فما ذكره الأخ السائل من أنه يشرف على اختبار اللغة الإنجليزية، وأنه يأتيه بعض الشفاعات في مساعدة بعض الأشخاص دون ضرر على أحد؛ أقول: لا يحل لأحد أن يشفع مثل هذه الشفاعات، ولا يحل لك قبولها، لأن هذا نوع من الغش المحرم شرعاً، وإن تصورت أنه لا ضرر على أحد فيه، فهذا غير مسلم، لأن هذا ضرره على مجموع الأمة، وفيه ضرر خاص أيضاً، من حيث أن هذا الذي شفع له وتمت مساعدته سوف يتقدم على غيره ممن هو أفضل منه وأجدر، وهذا ضرر بالمسلم الذي لا يجد الشفاعة، فهذا العمل محرم شرعاً؛ للأدلة التي فيها تحريم الغش، والأدلة التي فيها تحريم الضرر، والحمد لله رب العالمين.(10/412)
التحايل لتعديل المهنة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 27/3/1424هـ
السؤال
لقد عزمت على استخراج سيارة أجرة، وذهبت للجهات المختصة، فأفادوني بأنه لابد أن تكون المهنة متسبباً، وأنا أعمل موظفاً ومهنتي في بطاقة الأحوال طالب، وذهبت للأحوال المدنية لتعديل المهنة إلى متسبب فقالوا لي: لابد أن تصدق على الطلب من العمدة، ولكنني رفضت الذهاب إلى العمدة؛ لأنه سيسألني هل أنا موظف أم لا، فقال لي أحد الأقارب الذي يعمل في إدارة الأحوال المدنية أعطني الطلب بدون تصديق العمدة وأنا أشهد عليه أنا وأحد زملائي، ونقدمه للمدير، فتمت العملية بنجاحٍ ووافق المدير وتعدلت المهنة، وأكملت الإجراءات، ولم يبق إلا إجراءات المرور فتوقفت عن إكمالها مع أنها لا تستغرق سوى سويعات، ولكني أخاف أن يدخل بطني أكلاً حراماً، مع العلم أنني ولله الحمد شخص مستقيم، أحافظ على الصلوات في المسجد وأحضر الدروس العلمية، ولا أقرب المحرمات ولله الحمد، فأرجو أن تفيدوني هل أكمل الإجراءات أم لا؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن تكسّبك بسيارة الأجرة عمل مباحٌ في أصله، وما اكتسبته في هذا العمل حلال طيب.
أما ما تحايلتَ به على النظام لأجل استخراج سيارة الأجرة فلا أثر له على طيب كسبك من هذا العمل، ويشبه هذا أن يدخل رجل بلداً بجواز سفر مزوّر، أو يمكث فيها بإقامة مزورة، ويعمل مدة إقامته فيها بعمل مباح في أصله، فعمله مباح، وكسبه من عمله هذا حلالٌُ طيبٌ، وإن كان آثماً بالتزوير ومخالفة النظام والعقود.
لذا أرى أن تمضي فيما أنت مقدم عليه، لا سيما إذا كان راتب وظيفتك لا يكفيك، ولا يفي بمتطلبات الحياة، والتي أصبحت اليوم أصعب من ذي قبل.
وعليك الاستغفار عما سلف، ولا تعد لمثلها.
ويظهر أن النظام حين منع الموظفين من ممارسة هذا النوع من العمل كان يقصد الحفاظ على أدائهم الوظيفي، ويخشى أن يكون الإذن بممارستهم لهذا العمل يفتح باباً إلى التسيِّب الوظيفي.
ولذا يُشرط ألا تتكسب بسيارة الأجرة إلا خارج وقت الدوام؛ لأن ذلك في الغالب يؤثر على أداء العمل.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/413)
الرشوة لتحصيل وظيفة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 22/5/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.(10/414)
شيخي الفاضل لقد اضطرتني الحياة والبطالة المقنعة والمنتشرة في بلدنا بشكل مهول إلى أن أطلب من شخص يعمل في إدارة أن يبحث لي عن عمل طيب، وفعلاً قام بذلك، وأخبرني أن امتحاناً سيجرى في تاريخ محدد، وأخبرني أنني إن أردت أحد المناصب المتوفرة فيجب أن أدفع نقوداً. وهذا الامتحان يصدر كل سنة، وقد اشتهر بأنه من يريد منصباً فيه عليه أن يدفع أو يدافع عنه شخص مسؤول. وحتى وإن فرضنا أن المرشح نجح فيه بدون وساطة وبمجهوده وهذا نادر جداً. فإنه في الاختبارات البدنية الأخرى التي تستمر أربعة أشهر يقومون بطرده، ويباع مكانه لشخص آخر بدعوى عدم كفاءة المرشح. ولا يفلت من ذلك إلا من رحم الله ... ، وأغلب المرشحين الذين يذهبون لاجتياز الامتحان الكتابي متأكدون تماماً أنهم إن لم يدفعوا مالاً فلن ينجحوا أبداً إلا إذا حدثت المعجزة. وهم أيضاً مستعدون تحت وطأة القهر أن يدفعوا ويخافون أن يتعرضوا للنصب. لذلك اضطررت أنا أن أدفع مالاً مقابل هذا العمل، وقلبي وعقلي يرفضان ذلك، ولكن ما العمل؟ المجتمع عندنا لا يرحم، وينظرون إلى العاطل عن العمل ولو كان يحمل شهادات عليا مثله مثل المتسكعين، وأحيطك علماً أن جميع الشروط المطلوبة في هذا المنصب متوفرة فيَّ من شهادات وعُمر، حيث يطلبون أن يكون عمر المرشح لا يتجاوز الخامسة والعشرين. وعمري أنا أربعة وعشرون عاماً ونصف بما يعني أنه إن فاتتني هذه الفرصة هذا العام فلن تكون هناك فرصة أخرى لي في العام المقبل، حيث سيكون عمري خمسة وعشرين عاماً ونصف ... - وأريد أن أعلم إن حصلت على هذا العمل الطيب، هل الرزق الذي يأتي من ورائه وجهدي حلال أم حرام علي؟ وهل أكون أنا من ظلم المرشحين الآخرين؟ أم المسؤولون الذين طلبوا مني المال. وما موقفي من قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:"من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة".- وما موقفي من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الراشي و(10/415)
المرتشي والرائش في النار".- وقوله -صلى الله عليه وسلم-:"إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة" وتجدر الإشارة إلى أن المناصب المتحدث عنها هنا مناصب الوظيفة العمومية. وأطلب منك شيخي الفاضل أن تتأنى في دراسة مشكلتي هذه، والتي هي مشكلة الآلاف في بلادنا، وإن لم نقل الملايين. ونحن نعلم أن ظاهر النصوص الشرعية يقر بحرمة الرشوة. لكن ما العمل وواقعنا يفرضها بشدة بسبب قلة فرص الشغل؟ والتي ربما كما تعلم سيدي دفعت بالكثيرين في بلادنا إلى الهجرة والموت في البحر باتجاه إسبانيا. وفي انتظار ردكم الذي أطلب من الله -عز وجل- أن يأتي سريعاً.
الجواب
حرم الله الرشوة التي بسببها يمنع صاحب الحق من حقه، وسماها الله في محكم التنزيل سحتاً وباطلاً، فقال -تعالى- عن اليهود:"سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ" [المائدة: من الآية42] ، وقال -تعالى-:"وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [البقرة:188] ، ولعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- دافع الرشوة والمدفوعة إليه والواسطة بينهما. انظر ما رواه الإمام أحمد (2399) من حديث ثوبان -رضي الله عنه- والمجتمع الذي تنتشر فيه الرشوة تعم فيه الفوضى والبطالة والمحسوبية، وتعدم أو تندر فيه الأمانة ويفشو فيه الكذب والخيانة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وواجب الحاكم (ولي الأمر) أن يمنع هذا المنكر، ويعاقب المتعاطين له، والمتعاملين فيه، ويقوم بتأمين فرص العمل، والعيش المريح لأفراد الرعية، كل ولي أمر للمسلمين لا يفعل هذا فهو خائن للأمانة ورعيته التي استرعاه الله إياها وسيسأله الله عنها يوم القيامة.(10/416)
وما دامت شروط الوظيفة متوفرة فيك وحال المجتمع كما ذكرته في سؤالك ولو فاتت عليك هذه فلن يسمح لك النظام بالتقديم للوظيفة مرة أخرى، فإذا كان الأمر كما ذكرت فما فعلته جائز، بشرط أنك بذلت السبب في طلب العمل داخل الوظيفة الحكومية وخارجها من الشركات والأعمال الخاصة ولم تجد، فلا شيء عليك إن شاء الله، ووجه ذلك أن الوظيفة حق عام لمن توفرت فيه شروطها وأنت واحد منهم - والوظيفة المعينة التي تقدمت لها لم تثبت لأحد بعينه فحرم منها بسببك ومن أجلك، ولو كان هذا لكان الفعل حراماً لا يجوز بحال.
والأحاديث التي ذكرتها لا تنطبق عليك إن شاء الله، وقد رخص السلف بدفع الرشوة إلى الظالم ليرد الحق إلى صاحبه، وأنت صاحب حق مشاع بينك وبين غيرك قد منعت منه، فقد روى سفيان بن عمرو عن أبي الشعثاء قال: لم نجد زمن زياد أحد أمراء بني أمية - شيئاً أنفع لنا من الرشا) ، وروي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان في الحبشة فرشا بدينارين حتى خُلي سبيله، وقال: إن الإثم عن القابض دون الدافع، وإذا كانت الرشوة المحرمة هي ما يعطى لإبطال حق أو إحقاق باطل فإن أعطي ليتوصل به الإنسان إلى حق أو ليدفع به عن نفسه ظلماً فلا بأس به، والله أعلم.(10/417)
العمل بشهادة مزورة
المجيب د. يوسف بن عبد الله الأحمد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 21/9/1424هـ
السؤال
أنا شاب عاطل عن العمل، وحاولت كثيراً فلم أستطع، فقال لي شخص إذا كنت تريد وظيفة فحاول أن تجد شهادة من شركة معينة أو من معهد خاص لبعض الخبرات المطلوبة لشغل الوظيفة في الشركة التي يعمل بها هذا الشخص، فقلت له أليست هذه الطريقة حراماً؟! يعني آخذ هذه الشهادة وأنا لم أدرسها، أو أعمل بشركة تعطيني خبرة في هذا المجال، فقال لي: الله غفور رحيم ويقبل التوبة، أهم شيء أنك تحصل على وظيفة بدلاً من أن تكون عاطلاً، وربما تنحرف نتيجة للفراغ الذي أنت فيه، فقمت بالبحث عن هذه الشهادة أو الخبرة المطلوبة، فأخذت واحدة منها، فهل أقدمها لهذا الشخص لكي يجد لي وظيفة على الخبرة التي أخذتها من الشركة التي لم أعمل بها سابقا، ولكن بمعرفة أحد الأشخاص قام بإعطائي هذه الشهادة أو الخبرة، أرجو الإفادة ولكم جزيل الشكر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
لا يجوز أن تتحصل على شهادة دورة أو خبرة بأي طريق وأنت لم تعمل ولم تدرس هذه الدورة، ولا يجوز كذلك أن تتقدم للوظيفة بناء على هذه الشهادة المزورة، فهذا كله من الكذب والغش المحرم، وقد نهى عن ذلك كله النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن ذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من غشنا فليس منا" أخرجه مسلم (101) .(10/418)
إملاء الإجابات على الطلاب
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 5/4/1424هـ
السؤال
في بعض المعاهد يدخل مشرف الدور في بعض لجان الامتحان آخر العام, ويملي على جميع طلبة المعهد إجابة سؤال أو سؤالين، فما واجب الطلبة تجاه ما يملى عليهم؟ وهل إذا كتبوا الإجابة كما يمليها عليهم يكون ذلك غشا؟.
الجواب
لا يجوز لأحد أن يقوم بإخبار الطلاب الذين يؤدون الامتحان عن إجابات الأسئلة أو بعضها، لما في ذلك من مخالفة الأمانة المطلوبة منه، والإعانة على الإثم والمعصية، والله -تعالى- يقول: "وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" [المائدة: من الآية2] ، وعلى الطلاب أن ينكروا على من يفعل ذلك، أو يبلغوا عنه إدارة المعهد لكي تمنعه من القيام بهذا العمل، والرضا عن هذا العمل والسكوت عنه يوقع أصحابه في الغش المنهي عنه في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ... ومن غشنا فليس منا" رواه مسلم (101) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- وعلى الطالب أن يكتب في الامتحان ما يعرفه ويتذكره دون التفات إلى ما يملى عليه، والله أعلم.(10/419)
الثراء في أسابيع بستة دولارات
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 19/7/1424هـ
السؤال
ما حكم التعامل مع هذه المقالة (الرجاء قراءتها بتركيز)(10/420)
بسم الله الرحمن الرحيم. من فضلك اقرأ المقال لآخره بعناية؛ فستستفيد إن شاء الله كيف تصبح ثرياً خلال أسابيع برأس مال قدره ستة دولارات؟ عندي الطريقة السهلة والناجحة - إن شاء الله-، بدأت مع هذه الطريقة عندما قابلت صديقاً لي، ورأيت معه كمية كبيرة من الدولارات، وكانت كلها دولارات مفردة (كل ورقة بدولار) ، فسألته ما سر هذه الدولارات؟! فأجابني بالآتي: كل ما عليك أن ترسل (دولاراً واحداً) لكل عنوان من العناوين الموجودة في هذه المقالة، وبعد ذلك يبدأ عملك على الإنترنت، وتنشر هذه المقالة على الأقل في 200 مجموعة إخبارية news group ومجموعات المناقشة Discussion groups، أو مجموعات الدردشة Chat groups، أو أي مكان من الممكن أن تنتشر فيه هذه المقالة على الإنترنت، (وطبعاً هناك آلاف من هذه المجموعات على الإنترنت) ، وبعد التفكير قليلاً والتحدث مع بعض الأصدقاء الذين قال لي معظمهم إن هذا كله (نصب) ، واجتاحني إحساس يمكن أن تكون أنت تشعر به الآن وهو أن العملية غير صحيحة، ولكني في لحظة فكرت وقلت: ماذا سأخسر؟ كل ما سأتحمله 6 دولارات و6 طوابع بريدية، وبعض الوقت لنشر هذه المقالة على الإنترنت.- ولكن توقَّع ماذا حدث (ولك أن تصدق أو لا تصدق) ؟ في خلال 7 أيام بدأت أتلقى خطابات بها الدولارات، لقد صعقت أولاً وقلت إنها ستنتهي فوراً، ولكنها بالعكس بدأت تزداد، في الأسبوع الأول تلقيت 25 دولاراً، في نهاية الأسبوع الثاني جمعت تقريباً 1000 دولار، في الأسبوع الثالث جمعت - والحمد لله أولا - ما يقرب من 10000 دولار، وما زالت تزداد. إنها والله تستحق أن تدفع فيها 6 دولارات. والآن دعني أخبرك كيف يعمل هذا البرنامج؟ والأهم لماذا يعمل؟ إن هذه الطريقة شرعية مائة بالمائة، وليس بها أي شيء غير قانوني، ولك أن تسأل في هذا. من فضلك لاحظ: - اتبع التعليمات التي سأذكرها هنا بدقة، وستجمع إن شاء الله أكثر من 30000 (ثلاثين ألف دوراً) في(10/421)
خلال 20 إلى 60 يوماً - هذا البرنامج يظل ناجحاً بسبب أمانة وصدق المشاركين فيه. هذه هي أربع خطوات سهلة لكي تبدأ في جمع المال إن شاء الله، الخطوة الأولى: احضر 6 ورقات منفصلة، واكتب هذه الجملة في كل ورقة:PLEASE PUT ME ON YOUR MAILING LIST وتحتها اسمك وعنوانك. واحضر 6 دولارات وضع كل دولار بداخل كل ورقة (استعمل ورقاً غامق اللون، واثن كل ورقة وضع بداخلها الدولار حتى لا يظهر في المظروف ويسرق في البريد) ، والآن ضع كل ورقة بداخل مظروف واغلق المظروف، والآن اكتب على كل مظروف واحداً من العناوين التالية: ...
ولنشرها على الإنترنت تابع الخطوة الثانية امسح رقم (1) من هذه القائمة، وحرك الباقية كل شخص لأعلى خطوة (رقم 2 يصبح رقم 1 ورقم 3 يصبح رقم 2 وهكذا) وبذلك لا يصبح هناك شخص سادس، ستصبح أنت الرقم 6 اكتب فيه اسمك وعنوانك. ويكون هكذا:....(10/422)
الخطوة الثالثة: (رجاء لا تغير شيئاً من هذه المقالة حتى يستفيد منها الناس جميعاً إن شاء الله) ، وبعد ذلك انشر هذه المقالة في مجموعات إخبارية news groups أو مجموعات مناقشة discussion groups أو مجموعات دردشة chat أو أي مكان يمكن أن تنتشر فيه، وتذكَّر أنك كلما تنشرها أكثر كلما تلقيت مالاً أكثر وأسرع. وتذكَّر يا أخي أن هذا البرنامج يظل ناجحاً بفضل أمانة وصدق المشاركين فيه. - وسيستمر المال يأتي إليك، وهكذا حتى يصبح اسمك رقم (1) في القائمة ستجد نفسك تتلقى آلاف من الدولارات (من الممكن أن تحتاج إلى إنشاء صندوق بريدي خاص بك لتتلقى عدد الخطابات الهائل الذي ستتلقاه) .كيف تنشر هذه المقالة في المجموعات الإخبارية ومجموعات الدردشة: أنت لا تحتاج لإعادة كتابة هذه المقالة، فقط ضع مؤشر الماوس على بداية المقالة واسحب حتى تصل لآخرها، ثم اختار copy من قائمة edit هذا سوف ينسخ المقالة في الذاكرة.- افتح برنامج المفكرة note pad أو أي برنامج تحرير نصوص وضع المؤشر في بداية الصفحة ثم اختار paste من قائمة edit. هذا سوف يلصق نسخة من المقالة في البرنامج، ثم بعد ذلك يمكنك إنشاء رقم 6 في المكان رقم (6) كما شرحنا، ثم احفظ الملف.- استخدم متصفح الإنترنت الخاص بك لتبحث search عن مواقع المجموعات الإخبارية news groups أو مواقع الدردشة chat أو ما يسمى Forums التي يوجد بها مشاركات القراء، وابعثها لكل أصدقائك وحفزهم لقراءتها. في مواقع Forums أو الـ messege Boards اختر New messege ثم حدد هذه المقالة من الملف (بعد تعديل اسمك طبعاً) والصقها واختر لها subject جيدة، ثم اختر post messege، وتذكَّر أنك كلما نشرتها أكثر كلما جاءك دولارات $$$ أكثر. أخي إنه الوقت لكي تصنع بعض المال بأسهل طريقة سوف تراها، وهذا البرنامج أثبت لي أنني كنت خاطئا عندما فكرت بأنه غير حقيقي، وأذكرك دائما أن كل ما ستتحمله هو 6 دولارات و 6 طوابع وبعض(10/423)
الوقت لنشر هذه المقالة. والله الموفق الرجاء أرسل الرد في أسرع وقت ممكن.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
مرة أخرى يتلقف بعض المسلمين صورة قديمة من صور الاحتيال والغش لأكل المال بالباطل من المجتمعات الغربية، والمجتمع الأمريكي على وجه الخصوص. وصدق المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: "لتتبعن سنن مَنْ قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه". متفق عليه عند البخاري (3456) ، ومسلم (2669) من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه -. وقال أيضاً: "لتركبن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم، وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته في الطريق لفعلتموه" صححه الحاكم في المستدرك (8452) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - (صحيح الجامع 5067) .(10/424)
أخي العزيز: إن هذا الأسلوب في جمع المال هو ما يعرف بـ: "التسلسل الهرمي". وله صور عديدة، لكن هذه الصورة على وجه الخصوص هي أبسطها وأقدمها، وتسمى "الرسالة المسلسلة: Chain Letter". ووجه الإغراء فيها أن إرسال الرسالة إلى 6 أشخاص (كما في السؤال) قد يدر أموالاً طائلة إذا أرسل كل واحد من الستة الرسالة نفسها لستة آخرين، ثم كل واحد من هؤلاء لستة آخرين, وهكذا إلى حد ستة مستويات. فتكون الحصيلة: 46656 دولار. من حيث الواقع أكثر المشتركين في هذه الرسائل يخسرون ما دفعوه ولا يحصلون على شيء. ولأنها مبنية على المبادرة الذاتية، فليس هناك ما يلزم أي شخص بأن يدفع للأسماء الموجودة على القائمة، بل يضيف اسمه ابتداء وينشر الرسالة فوراً توفيراً للمال. وقد تكون العناوين كلها تعود لشخص واحد أو شخصين، ولكن بأسماء وصناديق بريد مختلفة. والغريب أن الفكرة قائمة على التغرير بالناس وأكل مالهم بغير حق، ومع ذلك يطالب صاحب الرسالة الآخرين بـ "الصدق والأمانة"! إن هذه الصيغة، مع كونها ممنوعة نظاماً في أكثر دول العالم، فهي ممنوعة شرعاً للأسباب الآتية:
1. أنها أكل مال بالباطل. فالتسلسل الذي تنشئه الرسالة مصيره التوقف حتماً، وبذلك يكون أكثر من 90% ممن اشترك فيها قد خسر ما دفعه ولم يحصل على عوض، والرابح - إن وجد - هم القلة على رأس الهرم.
2. أنها من القمار، لأن من يدفع لا يدري مقدار ما سيحصل عليه، فقد يكون أقل أو أكثر مما دفعه، فهي مقامرة بحتة.
3. أنها نقد بنقد مع التفاضل والتأخير، فهي من الرباالمحرم بالنص.
والواجب على شباب المسلمين البحث عما ينفعهم وينفع الناس، بدلاً من الجري وراء إغراء الربح السريع الذي لا يعدو أن يكون سراباً، ثم لا يجده شيئاً، بل يجد الله عنده فيوفيه حسابه. وفق الله الجميع لرضاه وجنبنا سخطه وغضبه، إنه - تعالى - الهادي إلى سواء السبيل.(10/425)
أخذ قيمة الساعات الإضافية دون عملها
المجيب محمد بن صالح الدحيم
القاضي في محكمة الليث
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 9/5/1424هـ
السؤال
أحبك في الله يا شيخ سؤالي: عن الحكم في ساعات العمل الإضافية ما يسمى (over time) ، أحيانا رئيسي في العمل يعطيني إياها وتحسب مع الراتب وأنا لم أشتغلها، ولكن كهدية منه أو مثل ذلك، وإذا كان لا يجوز أن آخذها فما الحكم فيما قد أخذت سابقاً؟ وجزاك الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
الذي أراه أنه لا يجوز له أخذ مقابل هذه الساعات الإضافية ما دام أنه لم يعمل فيها حقيقة، وذلك لأمور:
أولاً: أن الباذل للمال جعله مقابل عمل إضافي وهذا لم يحصل.
ثانياً: أن المعطي له "مديره" ليس له ذلك بموجب نظام الشركة هذا هو الأصل. لكن إذا كان العرف العام للشركة، ويعلم من مراجعها أنه يمكن بذل قيمة هذه الساعات للمتميزين في الإدارة كحافز فهذا يجوز بشرط العدل في التقييم الإداري، وقولنا العرف لا يكفي فيه عرف القسم ونحوه، بل لابد من استفاضة الأمر واشتهاره. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(10/426)
الاطلاع على أسئلة الاختبارات المسربة
المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد
مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 18/4/1424هـ
السؤال
أحياناً تتسرب أسئلة الاختبارات من غير أن أسعى إليها كأسئلة الوزارة مثلا, أو تصلني معلومة أثناء الاختبار من غير قصد مني, فهل يجوز الاستفادة من هذه الأجوبة والاطلاع على الأسئلة المسربة؟.
الجواب
لا يجوز استعمال هذه الأسئلة المتسربة، ولا يجوز السكوت عليها، وعلى السائل وكل من تقع في يده هذه الأسئلة من الطلاب والمدرسين والجمهور أن يبلغ إدارة التعليم إما مباشرة أو من خلال مدرسة الطالب إذا لم يترتب على إبلاغ المدرسة أذى يلحق، وفي هذا يلجأ إلى أحد الغيورين من الناس ليتولى الإبلاغ لمن يهمه الأمر. والله أعلم وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه.(10/427)
التظاهر بالمرض
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 22/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أود أن أسأل فضيلتكم؛ هنا في بريطانيا بعض الإخوة يتظاهرون بأنهم مرضى نفسيون أو معاقون، وهم ليسوا كذلك، وهذا لكي يحصلوا على أوراق أو نقود، فما حكم ذلك؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا كذب وتدليس، وغش وخداع، ليس من الإسلام في شيء، وكل مال أخذ من هذا الطريق فهو سحت، وكل لحم نبت من السحت فالنار أولى به.
وأنا أعجب كيف يبيح مسلم لنفسه هذا الكذب والغش، وهو يعلم أن حقيقة الإسلام ترجع إلى الصدق ... الصدق مع الله والصدق مع النفس والصدق مع الناس.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً" رواه مسلم (2607) . من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.
أسال الله أن يهدي هؤلاء إلى طريق الصدق، وأن يعيننا وإياهم على التزامه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/428)
معالجة تجاعيد الوجه بالإبر
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 19/8/1424هـ
السؤال
"تقوم بعض النساء بإدخال دواء في وجوههنّ عن طريق الإبرة، بدعوى تثبيت بشرة الوجه وإبعادها عن التجعد وملامح الشيخوخة والهرم، فهل هذا يعتبر من تغيير خلق الله؟ " والله يجزيكم خيراً.
الجواب
هذه العملية الواردة في السؤال لا تجوز شرعاً لما فيها من تغيير الخلقة التي خلق الله الإنسان عليها - تغييراً باقيا، ولما فيها من التدليس بإظهار الكبيرة في السن بمظهر الشباب، وليس هناك حاجة علاجية أو ضرر حقيقي يراد إزالته، فيكون هذا التصرف ممنوعاً شرعاً، والله أعلم.(10/429)
تسويق العملاء
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 19/6/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله.
هنالك شركة في مدينة جدة، وهي في بداياتها، ولديها تصريح وفقاً للقوانين، تقوم هذه الشركة ببيع برامج كمبيوتر حوالي ستة برامج على ست أسطوانات (أشرطة كمبيوتر) ، وهذه البرامج متعلقة بالحاسب الآلي، وليس بها مشاهد أو أي نوع محرم، وسعر هذه البرامج جميعا 200 ريال سعودي، وإذا اشتريت هذه البرامج بإمكانك أن تقوم بالتسويق لهذه الشركة، وتعطي الشركة المشترك استمارة خاصة به إذا أراد أن يقوم بالتسويق، وإذا أتى بشخص ما واقتنع بالبرامج واشتراها فإنها تكافئ المشترك بمبلغ 50 ريالاً، ولا يشترط بأن يأتي بعدد معين كما في بعض الشركات، أي بإمكانك أن تأتي بواحد وتأخذ عليه 50 ريالاً، أو أن تأتي باثنين وتأخذ 100 ريال، أو 3 أو 4 وهكذا.. بعد ذلك يصبح الشخص الذي أتيت به مثلك (أي يستطيع أن يقوم بالتسويق ويأخذ عمولة)
وهنا افتراض، لنفترض أن هناك أشخاصاً ونرمز لهم بما يلي: أ , ب , ج , د , لنفرض أن الشخص (أ) اشترك وقام بالتسويق لـ (ب) و (ج) ، واشتركوا في شجرة تحت (أ) فإنه سيأخذ عمولة من الشركة مقدارها 200 ريال، ولنفترض أن (ج) و (د) اشتركوا تحت (ب) فإن (ب) سيأخذ 100 ريال، والأول الذي هو (أ) سيأخذ 10 ريالات، عن كل شخص اشترك تحت (ب) أي المباشر تأخذ عليه 50 ريالاً، والغير مباشر تأخذ عليه 10 ريالات، وهكذا تمتد الشجرة.
توضيحات:
(1) البرامج لا يوجد بها ما يخالف الشريعة
(2) تأخذ الشركة من 200 ريال مقدار ربح وهو 60 ريالاً، والباقي يقسم على المشتركين.
(3) لك الحق بأن تشتري البرامج، وأن تشارك بالتسويق أو أن تكتفي بشراء البرامج.
(4) الشركة لها تصريح، ويتم دفع العمولات فوراً بدون تأخير.(10/430)
(5) تختلف هذه الشركة عن غيرها لكونها لا تتعامل بالإنترنت من تسجيل وغيره، كل ما عليك مراجعة الشركة أو مراسلتهم بالفاكس أو البريد وأخذ البرامج والاشتراك، والبيانات من رصيد وغيره يمكن لك أن تستفسر عنها بالحضور أو بالهاتف، ويحدد لك رقم سري وبطاقة اشتراك يمكن بها مراجعة الشركة.
(6) بإمكانك أن تأتي أي تسويق لشخص أو اثنين، أو أي عدد (وهذا ما يميزها عن باقي الشركات التي تشترط عليك عددا معيناً، وأن تساوي الجهات وغيره من التعقيد) .
وسؤالي يا فضيلة الشيخ: هل يجوز التعامل مع هذه الشركة أم لا؟ وإذا كان لا يجوز فما هو السبب؟ وما هي النقاط التي يمكن أن تستبدل لتصبح جائزة؟.
وفقكم الله وجزاك الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
هذا النظام المذكور في السؤال هو نظام التسويق الهرمي، مهما تعددت صوره واختلفت تطبيقاته، وخلاصته أن المشترك يقنع الآخرين بالشراء من أجل الاشتراك في التسويق، وطالما كانت العمولات أكبر من قيمة المنتج، فإن الهدف من الشراء هو العمولات بالدرجة الأولى، وأما المنتج فهو تبع، وبناء على ذلك فهو ممنوع شرعاً لما فيه من الغرر الفاحش وأكل المال بالباطل؛ لأن المشترك لا يدري هل ينجح في إقناع مسوقين آخرين أم لا، فإن نجح كان رابحاً على حسابهم ومن اشتراكهم، وإلا خسر مقدار المخصص للتسويق الذي دفعه ضمن الثمن، ثم الذين اشتركوا عن طريقه ينطبق عليهم ما ينطبق عليه، فكل طبقة في الشجرة أو الهرم التسويقي خاسرة، إلا إذا وجدت تحتها طبقة أو أكثر تتحمل هي الخسارة، وهكذا.(10/431)
الرشوة للجمع بين منحتين
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 16/8/1424هـ
السؤال
سؤالي أنا طالب دراسات عليا حصلت على عقد لدراسة الدكتوراه، من جامعة خاصة مقابل أن أعود أدرِّس فيها، وتم الاتفاق على منحي منحة شهرية وسافرت إلى الدراسة لكن المنحة الشهرية لا تكفي، ولم يوافقوا على رفعها مما اضطرني أن أدفع رشوة للحصول على منحة أخرى من قبل الدولة، علماً أن قانون الدولة كذلك يشترط عدم الجمع بين منحتين من أي جهة، ولعدم التنسيق بين الجهتين فإنهم لا يدرون أني أستلم منحتين؟ فهل تعتبر المنحة الثانية حراماً أو إخلالاً بالعقد؟ وما حكم المال الذي أخذته إلى الآن؟ وهل أستمر في أخذ المنحتين؟ مع العلم أن المنحة الواحدة تكفي بأدنى الحدود.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فعملك مخالف للشريعة؛ بل يتضمن عدة مخالفات؛ أولها كبيرة من الكبائر وهي الرشوة، حيث لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي " وفي رواية "والرائش" وهو الساعي بينهما، وقولك "اضطرني" هذه ليست ضرورة في الشرع، بل دفعت مالاً للتوصل إلى ما ليس لك بحق، كذلك خالفت نظام بلدك الذي يشترط عدم وجود منحتين، والله تعالى يقول: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ" [التوبة:119] ، ولو اتقيت الله تعالى وابتغيت الرزق من طريق الحلال لجعل الله لك مخرجاً ولرزقك من حيث لا تحتسب ولبارك لك في رزقك، فعليك التوبة إلى الله تعالى والاستغفار، ومن مقتضيات التوبة أن تترك المنحة الثانية وتكتفي بالأولى وتندم على ما فات منك، وتعزم على ألا تعود وتكثر من الاستغفار، وتبحث عن أسباب كسب مع المنحة الأولى، وفقك الله وهداك لرشدك.(10/432)
إعداد مشاريع التخرج للطلاب
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 1/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
في الكليات العملية يلزم على الطلاب للتخرج عمل مشروع، وهذا المشروع يمنح عليه درجات، ولا تعطى شهادة النجاح إلا بالحصول على درجة مقبول في المشروع، وأنا مبرمج كمبيوتر، وعرض عليَّ عمل مشروع لمجموعة من الطلاب، وتحفيظهم ما يقولون في حالة السؤال عن كيف قاموا بعمل المشروع نظير مبلغ من المال، فهل هذا العمل جائز؟ فأنا أحس أنه نوع من الكذب والتزوير، لأنهم سوف ينسبوا لأنفسهم عملاً لم يقوموا به، ويحصلوا على درجات لا يستحقوها.
الجواب
الحمد لله، وبعد: فإن ما وقع في نفسك من التردد دليل على أن الأمر فيه محذور شرعي أو فيه شبهة، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث النواس بن سمعان - رضي الله عنه - أنه قال: "الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس" أخرجه مسلم (2553) معنى (حاك) أي تردد.
لأن (عمل المشروع) الذي هو شرط للتخرج إنما يقصد به أن يكون بجهد الطالب بذاته، أما أن يقوم به غيره ثم يدعي أنه عمله فلا شك أن هذا من الكذب والتزوير والغش والتدليس، والمال المأخوذ على هذا العمل لا يجوز، وإذا كان هذا الأمر شائعاً أعني ألا يعمل الطالب المشروع وإنما يأخذه من غيره شراءً أو نحوه فإن ذلك لا يجعل الأمر جائزاً، قال الله سبحانه: "قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [المائدة:100] ، والمسلم مأمور باتقاء الحرام ولو وقع فيه غيره فإنما هو محاسب بعمله.(10/433)
وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن الغش والتزوير، ففي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من غشنا فليس منا " أخرجه مسلم (101) ، وفي حديث أسماء رضي الله عنها: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور" متفق عليه البخاري (5219) ، ومسلم (2130) ومعنى: "المتشبع بما لم يعط" أي: المدعي ما ليس له، أو يظهر للناس عن نفسه ما لم يعمله أو يكتسبه.(10/434)
سرقة بطاقات الائتمان
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 23/3/1425هـ
السؤال
بالنسبة لسرقة بطاقات الائتمان عبر الإنترنت، سبق أن أشرتم إلى أنه يحرم سرقتها سواء كان صاحبها مسلماً أو كافراً غير محارِب، ولكن ما هي العقوبة المترتبة على سرقة هذه البطاقة؟ وهل جريمة السرقة متوفرة الأركان؟ بمعنى أنه يجب إقامة حد السرقة على السارق؟ أم أن الأمر فيه تفصيل؟ نسأل الله تعالى أن يوفقكم إلى ما فيه رضاه. وأن يجزيكم عن الإسلام والمسلمين خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
من سرق مالاً عن طريق تحويل المبالغ، أو صرفها بواسطة بطاقات الائتمان مستغلاً معرفته بأرقامها بأي طريق، فهو آثم بسرقته ما دام المسروق محترماً، لكن لا يتوجه لفاعله قطع يده؛ لأن فعله ليس فيه انتهاك لحرز بطريق الاستخفاء، بل هو نوع اختلاس وتزوير، وهذه لا قطع فيها عند جماهير أهل العلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "ليس على الخائن ولا المختلس قطع" رواه أصحاب السنن الترمذي (1448) والنسائي (4971) وأبو داود (4392) وابن ماجة (2591) وصححه الألباني في الإرواء (8/63) .
ومثل هذا أيضاً من قلّد توقيع شخص على سندات أو شيكات فصرف بها لنفسه أو لغيره أموالاً.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. وصلى الله على محمد وآله.(10/435)
يدفع مالاً ليظفر بوظيفة!
المجيب سامي بن محمد الخليل
مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 24/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم رحمة الله وبركاته.
بحثت في كل مكان عن وظيفة فلم أقبل إلا في وظيفة راتبها لا يكاد يوفر لي أبسط مقومات الحياة في هذا الزمن مقدار راتبها 1573 ريال فقط، فماذا يفعل لي هذا الراتب؟ وأنا متزوج ولدي طفلة، ولدي التزامات أكبر من أن أوفيها، حيث إني أعمل ليل نهار، صباحًا في هذه الوظيفة المتواضعة، وعصرًا إلى منتصف الليل، أقوم بالبحث عن مصدر آخر كالعمل على سيارتي بتوصيل الركاب؛ للحصول على أجور زهيدة لا تكاد تفي بمستلزمات سيارتي، المهم عرض علي أحدهم بأن أدفع إليه مبلغًا من المال وهو المسؤول بأن يوظفني وظيفة تضمن لي الحياة بشكل أفضل، وبجهد أقل، فماذا أفعل؟ وأنا والله العظيم أربأ بنفسي أن أقع في الحرام، أو يكون مصدر رزقي مصدره حرام والعياذ بالله، ولكن ماذا أفعل؟ ليس باليد حيلة، ويعلم الله أني ما تركت بابًا إلا وطرقته، ولكن بدون جدوى، ويعلم الله أن ظروفي صعبة جدًّا. فما أفعل؟ أرجوكم أرشدوني.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخي الكريم: أشكر لك هذا الشعور، وحرصك على ألا تأكل أنت وأولادك إلا من حلال، وثق تمام الثقة أن من اتقى الله فسيجعل له من كل ضيق مخرجًا، فما عليك إلا التوكل على الله والأخذ بالأسباب، أما سؤالك عن حكم دفع مبلغ لشخص مقابل سعيه للوظيفة، فهذا فيه تفصيل: إن كان هذا المبلغ سيدفع رشوة لتوظيفك، فهذا حرام، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم- الراشيَ والمرتشيَ، وإن كان هذا المبلغ مقابل جهد هذا الشخص في السعي للوظيفة فهذا جائز ولا بأس به. والله أعلم.(10/436)
مبلغ مقابل منح غير مستحقة
المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
عضو البحث العلمي بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 19/8/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ الكريم عافاكم الله ورعاكم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فأرجو أن تفيدونا برأي الشرع في القضية التالية:
هناك من الطلاب المبعوثين للدراسة خارج أوطانهم من يسعى في سبيل الحصول على منح مالية من حكومات بلدانهم لزوجاتهم اللائى يرافقنهم، مع العلم أنهن لسن في الأساس موظفات وقد أكملن الدراسة الجامعية في بلدهن قبل أن يسافرن مع أزواجهن، أي أنهن الآن ربات بيوت.
وفي بلد الدراسة انتشر خبر أنه بالإمكان الحصول على منح للزوجات في مقابل دفع مبلغ من المال لبعض السماسرة الذين لهم علاقة بالجهات المختصة في الداخل. فبدأ هؤلاء الزوجات التفكير بالدراسة بعد سماعهن عن المنح المالية، وبدأ الأزواج بالفعل بتسجيل زوجاتهم في كليات مفتوحة (نظام التعليم عن بعد) للدراسات العليا , واستخراج شهادات قيد لزوجاتهم لكي يتم إرسالها لمن سيقوم باستخراج المنح المالية والرسوم الدراسية في البلد، مع العلم أن:
(1) هذه المنح قد تكون من حق طلاب آخرين لكنهم لم يستطيعوا الوصول إلى الطريق المؤدي إلى الحصول على المنحة، أو أنهم لا يمتلكون المال لاستخراجها.
(2) منحة الزوج لا تكفي لمواجهة غلاء المعيشة في بلد المهجر، والأولادكثروا والالتزامات الحياتية كثيرة ومكلفة، ولا توجد هناك زيادة من الدولة لمواجهة هذا الغلاء، لذا فإن مثل هذه المنح الإضافية ستساعد في التغلب على صعوبات الحياة المعاشية، كما أنه سيتم دفع جزء منها تكاليف دراسة الزوجات وتسجيلهن وما إلى ذلك من مصاريف.
(3) هؤلاء الزوجات قد لا يستفدن من الشهادات التي سيحصلن عليها. بمعنى أنهن قد لا يفكرن بالالتحاق بأي وظيفة في المستقبل.(10/437)
فما رأي الشرع في هذا العمل؟ وهل هذه المنحة حلال أكلها أم لا؟ أرجو من فضيلتكم النظر إلى الموضوع بروية وتؤدة وإبداء رأيكم؛ لكي يستفيد منه كل من في قلبه شك في مشروعية هذه المنح المالية من عدمها. وإذا أردتم أن تستوضحوا من بعض الأمور قبل إبداء رأيكم فسأكون سعيداً أن أقوم بذلك جزاكم الله من الخير أجزله ومن الأجر أثوبه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الجواب عن هذا من وجوه:
أولاً: قول السائل: (تفيدونا برأي الشرع في ... ) لا يستقيم. فإن المجيب قد يصيب حكم الشرع وقد يخطئه، ولما كتب الكاتب بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه - حكماً حكم به كتب: "هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه-" فانتهره عمر -رضي الله عنه- وقال: لا بل اكتب، هذا ما رأى عمر -رضي الله عنه- فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان خطأ فمن عمر -رضي الله عنه- رواه البيهقي في السنن الكبرى (10/116) .
ثانياً: أن كل أمر يتوصل إليه الإنسان بطريق الكذب والحيلة فهو حرام، إلا أن يكون حقاً له لا يتمكن من الحصول عليه أو تخليصه إلا بنوع تورية فلا حرج عليه فيه.
فإن لم يكن حقاً له فقد وقع في الحرام من جهتين: من جهة استحلاله ما ليس بحلالٍ له، ومن جهة الكذب.
ثالثاً: أنه لا يحل بذل شيء لموظفي الدولة بغرض تسيير الأمور، ولا يحل لهم قبول ما يبذل لهم، ولو على سبيل الهدية لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هدايا العمال غلول" رواه أحمد (23601) ، وغيره من حديث أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه- والواجب عليهم القيام بأعمالهم دون منَّة أو ابتزاز لأحدٍ من المسلمين.
فإن كان الآخذ مجرد معقب على المعاملة، لا يرشى، ولا يضار بمسعاه ذلك أحداً أحق به من موكله، فهو أجير يستحق العوض المتفق عليه.
وعلى هذا فإن كانت الجهة المانحة لهذه المنح الدراسية للزوجات، لا ترى في فعل هؤلاء النسوة مخالفة نظامية، بالصورة الواقعة المذكورة في السؤال فلا حرج من الاستفادة منها.
وإن كانت الجهة ترى في ذلك غشاً وتلاعباً وحرماناً للمستحق الأصلي فلا يحل هذا العمل. والله أعلم.(10/438)
هل يمتنع عن دفع الرشوة؟
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 22/07/1426هـ
السؤال
أعمل مقاولاً، وأواجه مشكلة مع أغلب الشركات التي أزورها للتعامل معها، فالموظف المخوّل بالاتفاق مع المقاولين يطلب مبلغاً مالياً مقابل إعطائي العمل، فإن رفضت ذلك الأمر يأبى أن يتعامل معي، ويبحث عن مقاول غيري يدفع له، والمشكلة -كما أسلفت- أنها مع أغلب الشركات، فهل إن دفعت له يكون ذلك رشوة؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فلا يجوز دفع هذا المبلغ للموظف المذكور وأمثاله؛ لأنه رشوة ملعون فاعلها، فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي. أخرجه أبو داود (3580) ، والترمذي (1337) ، وابن ماجه (2313) بسند صحيح.
وهو من السحت في قوله تعالى: "أكَّالون للسحت" [المائدة: 42] ، قال ابن مسعود: السحت هو الرشوة، ومن أكل المال بالباطل، قال تعالى: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون" [البقرة: 188] .
والحقيقة أنّه كما قال الأخ السائل إن كثيراً من المصالح لا يتحصل عليها الأكفاء بسبب تعاطي بعض الناس للرشوة، وهذا من المصائب التي يخشى المسلم من عواقبها على المجتمع لآثارها الضارّة.
فكل من دفع شيئاً لغيره ليحمله على ما يريد -سواء كان موظفاً عاماً- أو خاصاً أو تاجراً أو غيره لقصد تحقيق غرض- فهو راش مستحق للوعيد.
وورد في الحديث: "الراشي والمرتشي في النار" قال المنذري: رواه الطبراني [المعجم الأوسط (2026) ] ورواته ثقات.
وأبشر السائل أنه إن لزم جادَّة الصواب، وامتنع عن دفع الرشوة، فإنَّ الله سيخلف عليه بالعوض الطيب في الدنيا والآخرة، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
وفقّ الله الجميع لما يحبّه ويرضاه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم.(10/439)
الفواتير الوهمية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 6/7/1424هـ
السؤال
سؤالي لكم حول مسألة في البيوع قد عمّت بها البلوى (وهذا ما أخبرني به كل من سألتهم عن الموضوع، من أنهم يعانون من نفس المشكلة!) أنا أعمل في شركة أجنبية، يأتينا العملاء - ومعظمهم أجانب - بعد إنجاز العمل ليستلموا ما أعددناه لهم، ويطلبون منا فاتورتين:- فاتورة بالمبلغ الصحيح الذي نتقاضاه منهم لقاء ما قدمناه لهم من خدمات- وفاتورة فيها مبلغ أعلى من المبلغ الذي تقاضيناه منهم، وأغلب الظن أنهم يريدون تقديم الفاتورة الثانية لمرؤوسيهم إيهاما لهم أنهم دفعوا المبلغ الثاني، (نحن عادة لا نسألهم عن الأسباب) وأحياناً يطلبون منا عدة فواتير، كل واحدة منها فيها مبلغ مختلف، سؤالي هو: هل يجوز إعداد هذه الفواتير للزبون؟ علما أن هذا الأسلوب أصبح من الأمور المتعارف عليها الآن في السوق!!! هذا ما لمسته وهذا ما أخبرني به من يعملون في شركات أخرى، كما أنني لا أستطيع أن أرفض إعداد هذه الفواتير، فكما أسلفت، أنا أعمل في شركة أجنبية، وأغلب الظن أن الشركة ستخسر عملاءها لو رفضت تحضير الفواتير كما يطلبون، كما أنني تقريبا الوحيد بالشركة الذي يجيد الفرنسية، فهم يعتمدون عليّ في تحضير كل الوثائق التي باللغة الفرنسية، بانتظار إجابتكم بارك الله فيكم.
الجواب(10/440)
إذا كانت هذه الفواتير التي يطلبها المشتري أو مندوبه لغرض التسعير لمعرفة الأقل سعراً أو الاجود صنفاً فلا بأس، أما إذا كان الأمر خلاف ذلك، ومثل ما تشير إليه في السؤال فإن هذا لا يجوز، بل مساعدة على الاختلاس وأكل الحرام وإعانة على الباطل والله يقول: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" [المائدة: من الآية2] ويقول سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً" [النساء:29] ، وفي الحديث الصحيح: "إنه لا يربو لحمٌ نبت من سحت إلا كانت النار أولى به" رواه الترمذي (614) ، وغيره من حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه -، وإذا كنت تجهل ما يراد بهذه الفواتير المطلوبة فلا إثم عليك، ولا يلزمك شرعاً أن تسأل ماذا تريدون بها، أما إذا سألت وعلمت أنهم يريدون إيهام رؤسائهم بأنهم دفعوا المبلغ الكبير ليحصلوا على الفرق بين الفاتورتين فهذا هو الحرام الذي لا يجوز لك فعله، وفق الله الجميع إلى ما يحبه ويرضاه.(10/441)
المتاجرة بالسلع المدعومة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 24/6/1423
السؤال
تدعم الحكومة بعض السلع الغذائية ومنها الدقيق الذي يباع لأفران الخبز، يقوم بعض أصحاب هذه الأفران ببيع الدقيق بالسوق السوداء، سعر الكيس المدعم (30) جنيهاً، يباع بالسوق السوداء بسعر (50) جنيهاً لتجار الجملة أو ما يسمون بتجار الممنوع، ثم يقومون بعد ذلك بنخله وبيعه للجمهور بأضعاف الثمن الأصلي، السؤال: ما حكم الدين في صاحب الفرن ثم تاجر الممنوع؟ ما حكم الدين في المستهلك الذي يتحمل كل هذا النهب؟ أفادكم الله وبارك فيكم.
الجواب
إذا كانت الحكومة لا ترخص لصاحب الفرن أن يبيع هذا الدقيق الذي تدعمه وتبيعه له بثمن أقل من سعر السوق، فحينئذٍ لا يجوز لصاحب الفرن أن يبيعه، ولا يجوز لتجار السوق السوداء أن يشتروه منه، ولا للمستهلك أن يشتريه منهم؛ لأن ذلك من الغش والخداع وإخلاف العهود ونقض المواثيق، وليس من مصلحة الناس في شيء، وإنما يستفيد من هذه الطريقة الدنيئة الخسيسة بعض ضعاف النفوس الذين استهوتهم الأموال وغلبتهم الأثرة البغيضة، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/442)
العمل بشهادة مزورة
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 14/1/1424هـ
السؤال
ما حكم العمل بشهادة مزورة والحصول على راتب شهري نتيجة لذلك؟
الجواب
إذا كانت الشهادة المزورة في مجال العمل الذي تكلف به فهي من الغش والخديعة، ولا يجوز لك العمل بها، والراتب الذي تحصل عليه بسببها حرام، أما إذا كان المرتب مقابل عمل لا علاقة له بالشهادة، فالأمر أيسر ويمكن التفاهم مع صاحب العمل وبيان الحقيقة له في خصوص الشهادة المزورة التي ذكرتها عند تقديمك لطلب الوظيفة ما دامت لا تؤثر على طبيعة العمل الذي تقوم به لعله أن يتفهم الأمر ويقبل به، وإلا فالخروج من العمل أجدر بك في هذه الحال حتى لا تكون كاذباً.(10/443)
التعاقد الصوري لتجاوز الأنظمة
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 7/4/1424هـ
السؤال
نظام وزارة الصحة في السعودية يلزم المؤسسات الطبية المستشفيات، المستوصفات، مستودعات الأدوية ... ، للحصول على ترخيص بتعيين متخصص: طبيب، صيدلي، فني ... إلخ، ويلجأ كثير من هذه المؤسسات أو الشركات إلى إبرام عقد مع هذا المتخصص لاستكمال المسوغات النظامية، وقد لا يكون لهذا المتخصص أي دور في المؤسسة أو الشركة، بل إنه قد يكون في بلد والمؤسسة المرخصة في بلد آخر ويتقاضى على هذا الأمر راتباً دون أن يكون له دور عملي وكلا الطرفين موافق على هذه الطريقة؛ المتخصص موافق على أن يسير عمل المؤسسة المرخصة باسمه مع تعهده أمام الجهات المختصة بالمسؤولية ولو لم يكن متواجداً، والمؤسسة أو الشركة كذلك لا تمانع من عدم تواجده.
فما الرأي في مثل هذا الأمر؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
أرى أن تتورع عن مثل هذه الأعمال، فإنك دخلت مع الوزارة بعقد فيه هذا الشرط فيجب الوفاء بهذا الشرط لعموم ... والمسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً" رواه الترمذي (1352) ، وابن ماجة (2353) ، والبيهقي (6/65) ، والحاكم (7141) ، والدارقطني (3/27) ، وقوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة: 1] .(10/444)
كتابة البحوث للآخرين
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 12/2/1424هـ
السؤال
تعمل زوجتي موظفة في شركة خاصة. في بعض الأحيان وبعد ساعات الدوام الرسمي تطلب منها بعض طالبات المدارس أن تقوم بكتابة الواجبات المدرسية أو ترجمة أوراق معينة أو كتابة بحوث وتقارير، مقابل الحصول على مبالغ مالية معينة، حيث تقوم الطالبات بتقديم تلك الواجبات والتقارير على أنها من عملهن. تقوم زوجتي في البيت وبعد مغادرتها للعمل ببذل جهدها للقيام بالواجبات وكتابة التقارير والأبحاث المطلوبة. السؤال: هل العمل الذي تقوم به زوجتي فيه مخالفة للشرع حيث إنها تعد تقارير وبحوثاً وترجمات من جهدها، وتقدمها للطالبات اللواتي يقدمن تلك البحوث والواجبات على أنها من عملهن؟ وللعلم فإن زوجتي لا تربطها أي علاقة بالطالبات، فهي لا تعمل مدرسة وليس لها علاقة عمل معهن.
أرجو إفادتي وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فما تقوم به زوجتك من هذه الأعمال يُعد إعانة على الغش وأكلاً للسحت، وهو عمل ينافي المروءة وهو من الأخلاق التي يستقبحها العقل ولو لم يرد بتحريمها الشرع، فاتق الله ولتتق الله زوجتك ولتبادر إلى التوبة النصوح، وينبغي عليها أن تناصح من تسول لها نفسها من الطالبات هذا الغش والتلبيس، ولتذكرهن بقوله -صلى الله عليه وسلم-:"المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور"أخرجه البخاري (5219) ، ومسلم (2130) ، ولا شك أن التي تسأل غيرها أن تكتب لها بحثاً أو تترجم لها كتاباً كلفت هي بترجمته، ثم تقدم ذلك على أنه من جهدها وعملها لا شك أنها داخلة في وعيد الحديث.(10/445)
فإن كانت لا تعلم من قبل حكم تكسبها من هذا العمل فأرجو أن يعفو الله عما سلف منها، ولكن لا يجوز أن تتكسب به فيما تستقبل من أيامها، وقد قال الله:"فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" [البقرة: 275] .
وجزاك الله خيراً على سؤالك عما يريبك ويشكل عليك، ولا شك أن هذا نابع من عظم خوفك من الله وحرصك على إطابة مطعمك.
وفقك الله لكل خير، وأبدلكما -أنت وزوجك- خيراً من هذا المطعم الخبيث.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/446)
الهدية للنجاح في الامتحان
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 10/7/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد فإنني طالب جامعي، وقد قمت باختبار إحدى المواد فأيقنت أني لا يمكن لي أن أنجح فيها (إلا بفضل من الله) ، وذهبت إلى الدكتور لأبين له ظروفي، وأستعطفه لينجحني في المادة، فأمرني أن ألتقي به في مكتبه، فذهبت إليه وسجل اسمي وقال لي تعال لي غداً، فجئت إليه فلم أجده، ثم وجدته بعد ذلك خارج مكتبه، وسألته عن الدرجة (فقال لي الدرجات لم ترصد، ولا تخف لكن لا تنس البشارة، وأمرني أن آتيه غداً في المكتب) ، الآن هل تعد هذه رشوة؟ وإذا كان كذلك فإذا قدمتها له بعد أن ينجحني فهل يختلف حكمها؟ علما أني لم أذهب إليه في اليوم المطلوب.
الجواب
الحمد الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
اعلم - وفقك الله - أن تقديم الطالب هدية لأستاذه من أجل إنجاحه في الامتحان أمر محرم، لأنه ضرب من الخيانة والغش.
كما أن طلب المعلم من تلاميذه هدية أو "بشارة" مقابل إنجاحهم في الامتحان أمر محرم كذلك، وضرب من الخيانة والغلول، وأكل المال بالباطل.
إن مساعدة المعلم لطلابه دون تمييز بينهم أو محاباة لأحد منهم في حدود معقولة أمر لا بأس به، شريطة ألا يترتب على ذلك ابتزاز لهم أو استغلال لحاجتهم.
وأنت - يا رعاك الله - لا يجوز لك أن تدفع لأستاذك هذا أو غيره شيئاً مقابل نجاحك، وعليك أن تتجاهل رغبته تلك بكل حال، وإن استطعت أن تناصحه بأدب، وتعظه بلطف ولو بطريقة الكتابة فهذا أبلغ في الفائدة، وأعظم في الأثر.
وفقك الله وأعانك وسدد على درب الخير خطانا وخطاك، والسلام عليكم.(10/447)
دفع عمولة لمندوب المؤسسة
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 4/12/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا عندي ورشة للحديد، ونقوم بالبحث عن العمل لدى الشركات والمؤسسات، إلا أن الأشخاص المسؤولين في تلك الشركات يطلبون عمولة من قيمة العمل لإعطائنا إياه، وإذا رفضنا يتم إعطاؤه غيرنا، ومثل ذلك تعاقدنا مع مجموعة ورش لدى شركة ويتم إعطاء العمل بالترتيب، إلا أن من لا يدفع للمسؤول يماطله، ويضيق عليه، ولا يأخذ العمل بسهولة، مما يرتب علينا التزامات مالية كالإيجارات ورواتب العمال، وهذا الأمر منتشر في أغلب الشركات إن لم يكن في جميعها، ويقوم به في الغالب الأجانب.
نأمل منكم إفادتنا -والله يحفظكم-.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإن سؤالك من شقين:
الشق الأول: إعطاء عمولة للمسؤول في الشركة؛ ليعطيكم العمل، فهذا فيه تفصيل إن كان المسؤول عن الشركة هو مالك الشركة وليس موظفاً فيها فلا بأس بهذه العمولة.
أما إن كان هذا المسؤول موظفاً في الشركة - وهو الغالب- فهذه العمولة لا تجوز، وهي رشوة وخيانة للشركة؛ لأنه سيتعامل مع من يدفع أكثر لا مع الأصلح للشركة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله الراشي والمرتشي ... " رواه أحمد (8798) ، والترمذي (1336) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
الشق الثاني: إذا تم التعاقد بينكم وبين هذه الشركة وترتب على ذلك مستحقات لكم على الشركة ورفض المسؤول دفعها لكم ولم يمكنكم أخذها بأي طريق فهنا أجاز بعض الفقهاء دفع مال لاستخراج الحق الثابت وتكون جائزة بالنسبة للدافع ورشوة محرمة على الآخذ. والله -تعالى- أعلم.(10/448)
تتعالج باسم غيرها؟
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 20/2/1425هـ
السؤال
امرأة لدى صديقتها بطاقة لأحد المستشفيات، باعتبار أن زوج هذه الصديقة تابع لهم عن طريق عمله، فهل يجوز لهذه المرأة أن تأخذ بطاقة صديقتها وتذهب إلى المستشفى باسمها؟ علماً أن هذه المرأة تدعوها الحاجة إلى ذلك؛ لأن العلاج بهذه البطاقة مجاني.
الجواب
هذه البطاقة أعطيت لصاحبتها باعتبارها زوجة لرجل يعمل في مؤسسة معينة، فلا يحل لغيرها حمل هذه البطاقة والاستفادة منها؛ لأن الاستفادة من هذه البطاقة مشروط بأن يكون حاملها على وصف معين، فمن لم توجد فيه هذا الصفة - مثل الصديقة الواردة في السؤال- فلا يحل لها شرعاً الاستفادة من حمل هذه البطاقة؛ لأن في ذلك تدليس وغش وانتحال لصفة ليست لحامل البطاقة، والغش والاحتيال ممنوع شرعاً، حتى وإن كان الموظف القائم على التحقق من شخصية المتعالج يعلم بهذا التحايل وسمح به، فلا اعتبار بإذنه؛ لأن نظام العيادة أو المستشفى لا يسمح بذلك. والله أعلم.(10/449)
شراء شهادة الخبرة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 18/03/1426هـ
السؤال
صديق حكى لي مشكلته، ذهب ليقدم إلى امتحان درجة علمية، فطلبوا منه - ليتمكن من دخول امتحان هذه الدرجة - شهادة خبرة من جهات معينة، ووجد صعوبة في الحصول عليها، وبعد ذلك عرف أن الزملاء كلهم يشترون هذه الشهادة بالمال، ورغم أنها لا تدل على مستوى الطبيب في شيء، والذي يحدد مستواه للنجاح هو درجة الامتحان الذي سيخوضه، وإذا لم يحصل على هذه الشهادة فلن يدخل الامتحان، فهل شراء هذه الشهادة حرام؟ وإذا كانت حراماً فهل التخلي عنها أفضل؟ وما حكم من حصل على هذه الشهادة بهذه الطريقة؟.
الجواب
شراء هذه الشهادة حرام؛ لأنه كذب وخيانة، فإن هذا الرجل سيكتب في هذه الشهادة أن لديه خبرة مدة سنة أو سنتين أو ثلاث، وسيكذب على من سيتقدم إليهم لدخول الامتحان، وهذا كله لا يجوز، والله - سبحانه وتعالى- يقول: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" [التوبة:119] ، وأيضاً قول الله -عز وجل-: "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون" [المؤمنون:8] ، وأيضاً قول الله - عز وجل-: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة:1] ، والإيفاء بالعقد يتضمن الإيفاء بأصله ووصفه، ومن وصفه الشرط فيه، ومن ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "المسلمون على شروطهم" الترمذي (1352) وأبو داود (3594) وقال الترمذي حسن صحيح، وقد شرط عليك أن تأتي بخبرة وهذه ليست خبرة، وإنما مجرد ورقة، وأيضاً قول النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديث حكيم بن حزام - في الصحيحين البخاري (2079) ومسلم (1532) : "فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما"، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.(10/450)
استغلال شهادات المحاصيل
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 26/8/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: -وفقه الله -
من المعلوم ما تصدره صوامع الغلال ما يسمى شهادات المحصول من القمح والشعير (الكرت) لأصحاب المزارع، وحيث إنني مستأجر مزرعة فإني أستخدم هذا الكرت في شراء القمح من السوق أو من مزارع أخرى, وأدخل هذا القمح في الصوامع،
هل هذا جائز؟ وما موقف صاحب المزرعة من ذلك؟ وهل يؤخذ رأيه في ذلك أم لا؟ أي في استخدام (الكرت) من قبل المستأجر. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الذي يظهر لي أن هذا الكرت حق يخول صاحب المزرعة أو مستأجرها ببيع محصوله على الصوامع، وإذا كان ذلك كذلك فما تعمله تحايل وأكل لأموال الناس بالباطل، فاتق الله ولا تبع إلا ما هو من محصول مزرعتك، وما تبيعه من غير محصولها على الصوامع بموجب هذا الكرت فعليك تبعته وتحاسب عليه، وقد روى الترمذي (614) وأحمد (14441) والحاكم (4/422) من حديث جابر - رضي الله عنه- "أنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت النار أولى به".(10/451)
هل يخبر المشتري بعيوب السلعة كلها؟
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 28/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
إذا أراد أحد بيع سيارته، وكان قد عمل فيها بعض الإصلاحات، وعادت أفضل مما كانت، فهل يلزمه أن يخبر المشتري بذلك؟ مع أنه لا فائدة من إخباره إلا أن ذلك ينقص السعر لو علم المشتري؟ والسيارة -بحمد الله- بحالة ممتازة.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الواجب على البائع الإخبار عن العيوب التي تكون في السلعة، والتي ينقص الثمن بسببها؛ لأن عدم الإخبار بذلك من الغش المحرم، والتدليس على المشتري، أما إذا كان العيب يسيراً لا ينقص الثمن فلا يلزم البائع الإخبار به، كذلك لا يلزمه الإخبار عن عيب كان في السلعة إذا أصلحه، كما ذكر السائل؛ العيب قد زال حينئذ. والله الموفق.(10/452)
هل هذه الحقيبة من الرشوة؟
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد الخريصي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 8/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي عن موضوع الرشوة؛ فأنا شاب -ولله الحمد هداني الله سبحانه وتعالى- بعد أن كنت في غفلة من أمري، فأخذت أحاسب نفسي على أشياء ارتكبتها في الماضي، وخاصة الأشياء التي بيني وبين الناس، منَّ الله علي بوظيفة في جهة حكومية، فأتى يوم من الأيام، فأقامت هذه الجهة مؤتمراً، وكان من متطلبات المؤتمر شراء حقائب له، فكلفت بذلك، وهذا يتطلب إحضار عينات للجهة لاختيار المناسب منها، فطلب مني موظف من اللجنة المنظمة أن أهدي له حقيبة من تلك الحقائب، ويعلم الله أني أعطيتها له على سبيل الهدية ليس إلا كزميل لي فقط، ولم يدر بخلدي موضوع الرشوة، مع العلم أني دفعت ثمن هذه العينة للمورد، ومر ذلك الموقف، ومع مرور الأيام وبعد الهداية -ولله الحمد، أسأل الله لي ولكم الثبات - تفكرت في ذلك الموقف، فأعطتني كل المؤشرات دلالة على أنها عملية رشوة -أعاذنا الله منها- فتأرقت من ذلك، وأصبحت أخاف أن أدخل في لعنة الله، فهل هذا الموقف يعتبر رشوة؟ وإن كان كذلك فكيف أكفِّر عن ذلك الذنب العظيم؟ هل آخذ ثمن تلك الحقيبة- مع أني نسيت كم ثمنها بالضبط-، وأتصدق به، وأُعلِم الذي أخذها مني بالأمر، أم ماذا أفعل؟ دلوني جزاكم الله كل خير عني وعن جميع المسلمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/453)
سؤالي عن موضوع الرشوة؛ فأنا شاب -ولله الحمد هداني الله سبحانه وتعالى- بعد أن كنت في غفلة من أمري، فأخذت أحاسب نفسي على أشياء ارتكبتها في الماضي، وخاصة الأشياء التي بيني وبين الناس، منَّ الله علي بوظيفة في جهة حكومية، فأتى يوم من الأيام، فأقامت هذه الجهة مؤتمراً، وكان من متطلبات المؤتمر شراء حقائب له، فكلفت بذلك، وهذا يتطلب إحضار عينات للجهة لاختيار المناسب منها، فطلب مني موظف من اللجنة المنظمة أن أهدي له حقيبة من تلك الحقائب، ويعلم الله أني أعطيتها له على سبيل الهدية ليس إلا كزميل لي فقط، ولم يدر بخلدي موضوع الرشوة، مع العلم أني دفعت ثمن هذه العينة للمورد، ومر ذلك الموقف، ومع مرور الأيام وبعد الهداية -ولله الحمد، أسأل الله لي ولكم الثبات - تفكرت في ذلك الموقف، فأعطتني كل المؤشرات دلالة على أنها عملية رشوة -أعاذنا الله منها- فتأرقت من ذلك، وأصبحت أخاف أن أدخل في لعنة الله، فهل هذا الموقف يعتبر رشوة؟ وإن كان كذلك فكيف أكفِّر عن ذلك الذنب العظيم؟ هل آخذ ثمن تلك الحقيبة- مع أني نسيت كم ثمنها بالضبط-، وأتصدق به، وأُعلِم الذي أخذها مني بالأمر، أم ماذا أفعل؟ دلوني جزاكم الله كل خير عني وعن جميع المسلمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/454)
التحايل على البرامج العلمية
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 3/6/1425هـ
السؤال
بعض البرامج وضع فيه قسماً بالله على أن النسخة أصلية، ووضعوا القسم على شكل (زر) لا بد من الضغط عليه إذا أردنا مواصلة عملية تنصيب البرامج.. ما موقفنا من هذا؟ مع العلم أن النسخ الأصلية من البرامج معدومة تماماً عندنا أمثال برامج كتب الحديث، والبرامج الإسلامية الأخرى المفيدة للباحثين. هذا ولكم جزيل الشكر.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
إذا كان البرنامج يحتوي على صيغة قسم بأن النسخة أصلية، ولا يمكن أن ينصب البرنامج إلا بإجراء الموافقة على هذا القسم، فلا يجوز للمستخدم أن يقوم بتنصيب برامج منسوخة، بل لا بد أن تكون برامج أصلية؛ حتى يتفادى الكذب عندما يطلب منه الحلف على كونها برامج أصلية، مع أني لا أستحسن أن تقوم شركات البرامج بإلزام الناس بالحلف بهذه الطريقة، لما فيها من ابتذال اليمين في أمور تجارية بحتة، كما أن فيها أخذ الناس بسوء الظن، ويمكن أن توجد طرق فنية مناسبة تحفظ بها الشركات حقوقها دون هذه الطريقة التي يتعرض فيها الناس للوقوع في الإثم، وعلى السائل إذا لم يجد البرامج الأصلية أن يراسل الشركة المنتجة لهذه البرامج لكي تزوده بها، أو يلجأ إلى غيرها من البرامج التي تغني عنها إذا لم يتمكن من ذلك. والله أعلم.(10/455)
رشوة مقابل تملك الأرض
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 7/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
تعرفت على رجل وساعدته في موضوع معين، وبعد ذلك أتاني يعرض علي خدماته ويلح بذلك، فقلت له: إن زوج عمتي، وابنه عندهم أوراق في وزارة الإسكان، ونريد أن تساعدهم في استخراج قطعتي أرض مستحقة لهم في الوزارة، فأخذ (الإيصالات) ، واتصل بأحد الأشخاص هناك، وأعطاه أرقام (الإيصالات) ، وقال إن الشخص يريد مالاً مقابل ذلك، يعني (رشوة) ، فقلت له: هذا رشوة، ونصحته بالإقلاع عن ذلك، ولكن الرجل الثاني قد سعى في الأمر حتى منح عمي وابنه الأرض وصارت بين هذا الرجل والذي يريد مساعدتي مشاحنات بخصوصي؛ لأنه يريد مالاً مقابل الخدمة التي قام بها، فقلت للذي يريد مساعدتي أن يقول له: لن أعطيه أي مبلغ؛ لأنها ستكون رشوة, والأرض الآن قد خرجت باسم عمي وابنه، وضروري أن نذهب لاستلامها، فهل تعتبر حلالاً أم حرامًا، وأيضًا: هل لو أعطاني عمي إحدى هاتين القطعتين من الأرض آخذها، أم ماذا؟ أفتونا بارك الله لكم؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إن ما يدفع رشوة عمل لا يجوز، وما قام به هذا الإنسان من تحصيل حق كان متعثرًا في إدارة حكومية، فوصل صاحب الحق إلى حقه، فهذا حقه ولا يلزمه أن يدفع رشوة؛ لأن الرشوة عمل محرم، ووصول الحق إلى مستحقه عمل سائغ، ومشروع لا يترتب على ذلك مقابل ولا عوض، وهذه الأرض التي خرجت باسم هذين الشخصين فإنها حق لهما شرعي، ولهما أن يتصرفا بها التصرف التام من بيع أو هبة لك أو لغيرك، فهو ملكهم وحقهم، وبالله التوفيق.
وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أن الرشوة حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، بحديث فيه تغليظ، قال فيه: "لعَن اللهُ الرَّاشِي والمُرْتَشِي والرَّائِشَ". أخرجه أحمد (22399) والطبراني (1415) . وهذا اللعن للثلاثة للتنفير من هذا العمل، واللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله، فلا يجوز للإنسان أن يدخل في مثل هذه الأمور، لأن هذا يجعل الرشوة من كبائر الذنوب، ولا يجوز للإنسان أن يتهاون في هذا الأمر، ونسأل الله سبحانه وتعالى- للجميع التوفيق.(10/456)
اضطر للرشوة حتى يحصل على حقه
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 12/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا شخص معاق جسدياً، من حقي الحصول على بطاقة معاش أساسي، ولكن لم يتسنى لي الحصول عليها إلا عن طريق الرشوة، وهذه الرشوة لم أقتطع بها حق إنسان، فهل هذه البطاقة حرام؟ شكراً.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإنه إذا كان الحصول على هذه البطاقة حقًّا من حقوقك بصفتك معاقًا جسديًّا، ولم تتمكن من هذا الحق إلا بطريق الرشوة، فإنه يجوز لك أن تدفع من المال ما يخلص حقك، فيجوز لك الدفع، ويحرم عليهم الأخذ، على قول جمهور أهل العلم؛ استدلالاً بأدلة، منها: ما رواه أبو سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: "أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيُخْرِجُ مَسْأَلَتَهُ مِنْ عِنْدِي يَتَأَبَّطُهَا". يَعْنِي تَكُونُ تَحْتَ إِبْطِهِ، يَعْنِي نَارًا. قَالَ: قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ تُعْطِيهَا إِيَّاهُمْ؟ قَالَ: "فَمَا أَصْنَعُ؟ يَأْبَوْنَ إِلَّا ذَاكَ، وَيَأْبَى اللَّهُ لِي الْبُخْلَ". أخرجه أحمد (11004) . وفي رواية جيدة لأبي يعلى (1327) : "إنَّ أَحَدَهُم يَسْأَلُنِي فَيَنْطَلِقُ بِمَسأَلَتِهِ مُتَأَبِّطَهَا، ومَا هِيَ إلا نَارٌ". ففي هذا الحديث فرق ظاهر بين الأخذ والإعطاء من حيث الحِل والحرمة، وما ذاك إلا للفرق بين الحالين! قال الشيخ أبو محمد بن قدامة في المغني (14/60) في تقرير ما تقدم، ما نصه: (وإن رشاه ليدفع ظلمه، ويجزيه على واجبه، فقد قال جابر بن زيد، والحسن: (لا بأس أن يصانع عن نفسه ... ولأنه يستنقذ ماله، كما يستنقذ الرجل أسيره) ا. هـ. وقد قرر هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (31/286) . والله تعالى أعلم.(10/457)
هل يعطيه شهادة عمل وهو لم يعمل عنده؟
المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 26/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم. أما بعد:
أنا شاب مسلم، ملتزم بأحكام الشريعة الإسلامية، وحريص على تطبيقها. أملك محلًّا تجاريًّا اختصاصه مقهى للإنترنت، قصدني شاب بطال وأخ في الإسلام لكي أساعده في إتمام ملف إداري حتى يتمكن من تجسيد مشروع استثماري، وذلك بأن أقوم بتسليمه شهادة عمل على أساس أنه عامل عندي في محلي، مع العلم أنه لا يعمل عندي.
سؤال1- ما حكم الشريعة الإسلامية في هذا التصرف، هل يجوز لي شرعًا أن أسلمه شهادة عمل على أنه يعمل عندي مع العلم أنه لا يعمل عندي؟ سؤال2- هل يعتبر هذا التصرف شهادة زور؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الغش من الأمور المحرمة في الشرع، لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَن غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي". رواه مسلم (102) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، ولاشك أن إصدار شهادة عمل لمن لا يعمل من الغش والخداع، خاصة إن كان يترتب على ذلك الحصول على عمل أو ترقية أو زيادة في الراتب أو استخلاص شيء لا يستحقه إلا بتلك الشهادة وهو ليس من أهلها.
ولكن قد يوجد في بعض البلاد أنظمة وقوانين ما أنزل الله بها من سلطان، فيها من الظلم والتعسف ومنع الناس من حقوقهم ما لا يعلمه إلا الله. . . فيحتاج الواحد لاستخلاص هذا الحق أو دفع هذا الظلم إلى استعمال بعض الطرق لتجاوز هذه الأنظمة، فهنا تكون المسألة نازلة، وعلى صاحبها أن يستفتي فيها تفصيلاً، وهي فتوى خاصة تصلح لبعض الناس دون غيرهم لما يعتري كل حالة من ظروف وأحوال، والمفتي يقدر ذلك كله، ويتحمل مسؤوليتها أمام الله تعالى. والله أعلم.(10/458)
هل هذه الهدايا رشوة؟!
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 26/12/1425هـ
السؤال
أعمل استشاريًّا لأنظمة الحاسب ونظم المعلومات، وطبيعة عملي كاستشاري تتطلب قبول دعوات لحضور ندوات ومؤتمرات وغير ذلك من أساليب التعرف على إمكانيات الشركات، وذلك لتقديم النصيحة للشركات التي يتم تقديم الخدمة لها، ويتم الشراء عادة عن طريق المناقصات والتي يدخل فيها أدنى سعر للاختيار، وبعد اختيار الأفضل ندخل في مفاوضة مع الشركة التي تم الترسية عليها، وعادة يمكنني الحصول على خصم كبير لصالح الشركة التي أعمل لها استشاريًّا، وعادة تقوم الشركة التي تم الترسية عليها بأقل سعر والحصول منها على خصم إضافي أو مزايا إضافية بدعوتي للسفر إلى الخارج، أو الحصول على مكافأة مادية مجزية، وعادة لا يكون هناك اتفاق مسبق على مثل هذه المكافأة، وحتى إذا كان فعادة الخصم الذي يتم الحصول عليه يكون أضعاف المكافأة ولصالح العميل، والغرض من لجوئي لمثل هذا هو قبولي الاستشارات بسعر منخفض بالنسبة لأسعار السوق على أن يتم استكمال باقي مستحقاتي من باقي الأطراف دون ضرر ولا ضرار ولا مخادعة لأحد، وعادة الأسعار التي يتم الحصول عليها تقل بكثير عما يمكن للعميل الحصول عليه بمفرده. فهل هذا حرام؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:(10/459)
فبما أنك الشخص المفوض بإجراء المفاوضات مع الشركات التي تدخل في المناقصة، ولك شيء من النفوذ في قرار اختيار الشركة المناسبة، فلا يحل لك قبول الهدايا أو المكافآت أو المزايا التي تقدمها لك تلك الشركات، ويعد هذا من الرشوة، ولو لم يكن بينكم اتفاق سابق، والواجب في مثل هذه الحال أن تقوم الشركة التي رست عليها المناقصة بتقديم تلك المكافآت للشركة التي تعمل فيها ثم يكون للشركة الخيار في منحك تلك المكافآت تقديرًا لجهودك في الحصول على أسعار مخفضة أو الاحتفاظ بها للشركة اكتفاءً بالأجر الذي تتقاضاه منها، وفيما عدا ذلك فلا يحل لك أخذ شيء من الشركة التي تتفاوض معها دون علم الشركة التي تعمل بها؛ إذ إن تلك الشركة الأولى لم تكن لتعطيك هذه الهدايا لو لم تكن تعمل مستشارًا لدى الشركة الثانية، وقد جاء في الصحيحين من حديث أبي حميد الساعدي قال: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ الْأَزْدِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ الْأُتْبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ قَالَ: هَذَا مَالُكُمْ، وَهَذَا هَدِيَّةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ، حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا". ثُمَّ خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ، فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي. أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا؟ " الحديث. صحيح البخاري (6979) وصحيح مسلم (1832) . وفي مسند الإمام أحمد (23601) والبزار (3723) عن أبي حميد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هدايا العُمَّالِ
غُلُولٌ". والله أعلم.(10/460)
تخبيب الأجير على مستأجره
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 24/11/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شخص ما يعمل مع شخص في (بقالة) من غير عقد عمل، ولا هو على كفالته، أعجبني في هذا الشخص إتقانه في عمله وأمانته، أغريته بأن يعمل معي، بحيث لو كان يعطيه ألفين أعطيه أنا ثلاثة آلاف، هل يجوز ذلك؟ علمًا بأن هذا الشخص عندما أتى من بلده، لم يأت خصيصًا له ولا من أجلي، إنما أتى لتحسين وضعه. وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فما ذكره السائل- وفقه الله- لا يجوز ولا يحل له؛ لأن الذي استأجره أولًا ولو كان بتلك الصورة المذكورة أحق به، وإغراؤه خطأ، وهو من غش أخيك المسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي". رواه مسلم (102) ، وهو في معنى بيع المسلم على بيع أخيه، وخطبته على خطبة أخيه، وقد ثبت النهي عنهما. أخرجه البخاري (2140) ومسلم (1413) . وهو أيضًا في معنى تخبيب المرأة على زوجها والمملوك على مالكه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن خَبَّبَ زوجةَ امْرِئٍ أو مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا". رواه أبو داود (5170) وصححه الألباني- رحمهما الله- فعليك أن تتقي الله تعالى، وأن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، ولو كنت مكانه وفعل هو معك مثل ما تريد عمله معه لما رضيت، وإذا تركت ذلك ابتغاء وجه الله، وخوفًا من عقابه، فأبشر بأن الله تعالى سيعوضك خيرًا ممن تركته لله، وإن أقدمت ولم تبال، فيخشى أن يكون سببًا لضرر ينالك وعقوبة في الدنيا أو في الآخرة أوفيهما. وفقك الله وسددك وألهمك رشدك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/461)
يتحايل على والده لأخذ نفقته
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 16/11/1425هـ
السؤال
فضيلة العلماء الأجلاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب خريج حديث من الجامعة، والآن أسعى لكي أجد عملاً، وأبي- حفظه الله- لا يعطيني مصاريف، بينما إخوتي متزوجون ولديهم شقق، ويعطيهم فلوسًا على أنه دين، ولكن نادرًا ما يرجعونها له، وبعض الأحيان والدي يرسلني لكي أقضي له بعض الحاجات، ولكن أقوم برفع السعر لكي أحصل على مصاريف، هل يجوز هذا أم لا؟ وجزكم الله خيرًا عن جميع المسلمين، والله الموفق.
الجواب
لا يجوز لك التحايل برفع السعر للحصول على النفقة فهذا غش وخيانة، لكن عليك بعرض حاجتك على أبيك، وبيان ما تعانيه من عدم الحصول على عمل يغنيك عن سؤالك النفقة فلعله أن يتفهّم الأمر، ويرق قلبه لحالك، واعلم أن من هو مثلك في قوة الشباب والنشاط ينبغي عليه أن يبحث عن عمل ولو بأجر زهيد استغناءً عن سؤال الناس، وخير الكسب ما كان من عمل اليد، ولعل الله أن يبارك لك، ويفتح لك أبواب رزقه، أما القعود في البيت لتنتظر الفرج بأن تأتيك وظيفة مناسبة، وأنت قاعد متواكل فهذا كسل لا يليق بك.
ثم تفقَّد حالك، فلعل أباك قد رأى منك عقوقًا أو تقصيرًا في جنب الله، أو رآك تنفق المال في غير حِلِّه وتسرف في المباحات فأراد أن يعزرك بحرمانك من النفقة.
والمقصود أن تتفقد حالك وتجدّ في البحث عن عمل مباح، والتوكل على الله يقتضي السعي، وبذل الأسباب كما تفعل الطير، فإنها تخرج في أول النهار خماصًا ليس في بطونها طعام وتروح في آخر النهار بطانًا (مليئة بطونها بالطعام) ، وقد صح عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُم كمَا يَرْزُقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وتَرُوحُ بِطَانًا". أخرجه الترمذي (2344) وابن ماجه (4164) .(10/462)
نظام التسويق الشبكي
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 30/06/1425هـ
السؤال
شركة تدعى (www.tsweeg.net) تتعامل مع عملائها بنظام التسويق الشبكي النظام الثنائي (binary system) وليس بشرط أن أعمل حيث يمكنني شراء منتجها، وهو عبارة عن ساعات يد، ولا ألتزم بالعمل معها، ولكن عندما أقنع أحداً بهذه الساعة فإني أستحق عمولة، وإذا لم أعمل لا أستحق عمولة، هذا بإيجاز، فهل التعامل مع هذه الشركة يجوز شرعاً أم لا؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
لا يجوز الدخول في التسويق الشبكي الذي تقدمه الشركة المذكورة، وليست العبرة بكون المشتري غير ملزم بالتسويق، وإنما العبرة بإلزام المسوق بالشراء، فإذا كان الشخص لا يحق له التسويق والحصول على عمولات إلا من خلال الشراء فهذا اشتراط محرم؛ لأنه يفضي إلى الغرر وأكل المال بالباطل.
ومعلوم أن العاقل إذا عرض عليه عمولات قد تتجاوز مائة ألف ريال، بينما لا تتجاوز قيمة السلعة ألف ريال، أنه يفضل العمولة على السلعة. فالقول بأنه يريد السلعة ولا يريد العمولة لا يعكس حقيقة الأمر. وإذا كان المقصود العمولة فتصبح المعاملة معاوضة نقد بنقد قد يحصل وقد لا يحصل، والغالب أنه لا يحصل، وهذا يجتمع فيه الغرر والربا.
والله -تعالى- أعلم، وهو الهادي إلى سواء السبيل.(10/463)
دفع مالاً لاستخراج تصريح للزواج
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 13/08/1425هـ
السؤال
أسألك بالله أن تجيبني بالكتاب والسنة.
أنا شاب تقدمت للزواج من خارج بلدي، ولم أوفَّق باستخراج التصريح، فذهبت لبلد إسلامي مجاور، وتزوجت على يد شيخ مأذون، وتم توثيق العقد في المحكمة الشرعية بهذا البلد، وبوجود أهل العروس وأقاربها وأهلي أنا، فهل هذا العقد صحيح، وقد طلب مني مبلغ 30 ألف ريال؛ لكي يتم استخراج تصريح زواجي، هل يعتبر هذا المبلغ رشوة؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقبل كل شيء ليس من الحسن أن تصدر السؤال بقول: أسألك بالله ... إلخ، علماً بأنه لا يلزم المفتي الجواب عن أمر تقتضي المصلحة كتمه، أو عدم التصريح به، حتى لو سئل بالله عن ذلك. هذا أولاً.
ثانياً: المفتي ملزم أن يفتي بما في الكتاب والسنة على كل حال سئل بالله أم لا.
ثالثاً: زواجك بهذه المرأة صحيح لا غبار عليه، إذا كان مستوفياً للشروط، وتام الأركان، لكنك وقعت في مخالفة ولي الأمر وما نظمه في هذا الشأن؛ لأن ولي الأمر قد منع من الزواج بالأجنبية، إلا في حدود، والمصلحة ظاهرة في ذلك، وطاعة ولي الأمر واجبة إلا إذا أمر بمعصية، أو بما يخالف المصلحة العامة للأمة، لكن لا تجوز منابذته في ذلك. وهذا رابعاً.
خامساً: أن دفعك مبلغاً لمن سيخرج لك تصريحاً لا يخلو من حالين:
الأولى: أن يسعى لك هذا الشخص سعياً خالياً من المحظور والشبهات، ولا يقوم بدفع الرشوة للموظفين المختصين، وإنما يستعين بمعارفه وجاهه بما لا ظلم فيه، ولا ضرر، فحينئذ يجوز لك أن تدفع له ذلك، ويعتبر مؤاجرة، أو جعالة حسبما تتفقان عليه.
الثانية: بخلاف ذلك، كأن يرشي موظفاً، أو يكون هو موظف في هذه الدائرة، أو نحو ذلك، فحينئذ لا يجوز لك أن تدفع له ريالاً واحداً. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(10/464)
العمل بشهادة مزورة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 19/05/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي استفسار حول صديق لي أرسل له صاحبه شهادة بكالوريوس من إحدى الجامعات، ودفع ثمنها حوالي 1500 ريال تقريباً، وقد أخبرت صاحبي بأن هذا الشيء لا يجوز، فقال لي: أنا درست سنتين علم الحاسوب، والشهادة في علم الحاسوب، ولكن لم يكمل دراسته في المعهد الذي كان يدرس فيه. السؤال يا شيخ: هل يجوز أن يعمل بهذه الشهادة؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
التقدم بهذه الشهادة للعمل لا يجوز وهو من الغش والتدليس، اللهم إلا إذا كان مؤهلاً حقيقة لما كُلِّف به من العمل، بحيث يحسنه ويتقنه كما يتقنه من يحمل الشهادة، ولا يخل بشيء منه، فالأجرة على ما يقوم به من العمل مباحة، لكن يبقى عليه إثم الغش والكذب. والله أعلم.(10/465)
دفع الرشوة لحفظ النفس والعرض
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 26/12/1425هـ
السؤال
قضيت الخدمة العسكرية، وفى قانوننا العسكري يجب عليك أن تحضر عندهم كل شهر والشهر الذي تحضر فيه يذهبوا بنا رغمًا عنّا إلى الصحراء على الحدود، وهناك في الصحراء مخاطر جمة، حيث يوجد بعض الأفارقة الذين ليس لهم دين، فكل شهر يقتل شخص أو اثنان نتيجة الجرم لكثرة الخمور، والحشيش، والفسوق، والكلام الفاحش، وإن قمت للصلاة حاربوك، ومن الممكن أن يتعرضوا لك- أي يغتصبوك ويفعلون بك اللواط- سؤالي: هناك طريقه لعدم الذهاب إلى هذا المكان، وهي بدفع شيء من المال إلى الضابط المسؤول حتى يعفيك من الذهاب، وهذا ليس من شروط الجيش، إن المال الذي يعطى له يأخذه هو، هل تعتبر هذه رشوة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا؛ لأني حائر وإخواني أيضًا حائرون. والسلام عليكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:(10/466)
لا شك أن دفع المال إلى هذا الضابط رشوة، والرشوة محرمة؛ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَعَنَ اللهُ الرَّاشِي والمُرْتَشِي". أخرجه أبو داود (3580) والترمذي (1337) وابن ماجه (2313) . وفي رواية: "والرَّائِشَ". أخرجها أحمد (22399) . غير أنها في حق الآخذ (المرتشي) محرمة بالإجماع ولا استثناء في ذلك، أما في حق الراشي (الدافع) ، ففيه تفصيل: فإن كانت من أجل إبطال حق شرعي ثابت عليك من مال أو غيره فهي حرام، وإن كان دفعها من أجل استرداد أو إبقاء حق شرعي لك فهي جائزة بحكم الضرورة، والضرورة استثناء من حرام، وهي دفاع عن المال أو النفس بطريق سلمي، وقد أباح الله الأكل من الميتة والخنزير للمضطر بقوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [البقرة: 173] . ومن هذه الآية ونحوها أخذت القاعدة الشرعية: "الضرورات تبيح المحظورات، والضرورة تقدر بقدرها". وذكر عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه (14671) عن الحسن البصري أنه قال: (ما أَعطيتَ مِن مالِكَ مُصانَعَةً عَلَى مالِك ودَمِك، فأنت فيه مأجور) . وكان الناس في المدينة المنورة زمن زياد بن أبي سفيان، وكان أميرًا ظالمًا يدفعون الرشوة، قال أبو الشعثاء، وهو من كبار التابعين: (ما كان شيء أنفع للناس من الرشوة في زمن زياد) . وذكر القرطبي في تفسيره عند الآية: (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) [المائدة: 42] : روي عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، أنه لما أتى أرض الحبشة أخذ بشيء فتعلق به فأعطى دينارين حتى خلي سبيله. أخرجه ابن سعد 3/151، والبيهقي 10/139.
والخلاصة: إن كان الأمر- كما تذكر- فادفع الرشوة لتنجو من انتهاك عرضك بفاحشة اللواط، نعوذ بالله من ذلك، والدفع عن العرض أهم من الدفع لحفظ المال، بل العرض شقيق النفس في الكتاب والسنة. وفقنا الله وإياك إلى الثبات على الحق.(10/467)
هل هذه رشوة؟
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 01/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منَّ الله علي بوظيفة في جهة حكومية، فأتى يوم من الأيام، فأقامت هذه الجهة مؤتمراً، وكان من متطلبات المؤتمر شراء حقائب له، فكلفت بذلك، وهذا يتطلب إحضار عينات للجهة لاختيار المناسب منها، فطلب مني موظف من اللجنة المنظمة أن أهدي له حقيبة من تلك الحقائب، ويعلم الله أني أعطيتها له على سبيل الهدية ليس إلا كزميل لي فقط، ولم يدر بخلدي موضوع الرشوة، مع العلم أني دفعت ثمن هذه العينة للمورد، ومر ذلك الموقف، ومع مرور الأيام وبعد الهداية فكرت في ذلك الموقف، فتأرقت من ذلك، وأصبحت أخاف أن أدخل في لعنة الله، فهل هذا الموقف يعتبر رشوة؟ وإن كان كذلك فكيف أكفِّر عن ذلك الذنب العظيم؟
هل آخذ ثمن تلك الحقيبة- مع أني نسيت كم ثمنها بالضبط-، وأتصدق به، وأُعلِم الذي أخذها مني بالأمر، أم ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، أمَّا بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فأحمد الله -سبحانه وتعالى- على هدايته لك، وأسأل الله لك الثبات حتى الممات.
أمَّا ما سألت عنه: فإن الرشوة في اصطلاح أهل العلم: ما يدفعه الإنسان لغيره، بناءً على طلب منه؛ لدفع حقٍ أو جلب باطلٍ. وفعلك الذي فعلت يختلف حكمه باختلاف قصدك من تقديم هذه الحقيبة لذلك الموظف: فإن كان قصدك تلبية طلبه؛ لصداقته ومعرفته، من غير أن يكون مديراً عليك، ولا ترجو منه بسبب هذا الفعل أمراً محرماً من دفع حق أو جلب باطل، فإنه لا شيء عليك، بشرط أن تدفع قيمتها من عندك، أو تستأذن من صاحب الصلاحية في ذلك.(10/468)
أمَّا إذا كان هذا الشخص مديراً عليك، أو له تأثيرٌ على عملك، وفعلت هذا الفعل طلباً لأمر محرم، من دفع حق أو جلب باطل، أو لتكسب ود هذا الشخص؛ من أجل أن ينفعك مستقبلاً فإنه لا يجوز لك ذلك؛ لأن هذا الفعل إما أن يكون من باب الرشوة، أو من باب هدايا العمَّال، وقد نهى الشارع عنهما، فقد ثبت عند أبي داود (3580) ، والترمذي (1337) ، وصححه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الراشي والمرتشي. وثبت عند أحمد (23601) أنه عليه الصلاة والسلام قال: "هدايا العمال غلول". والمقصود بهدايا العمال: ما يقدمه العمال والموظفون لمديريهم ورؤسائهم من غير طلب منهم؛ ليكسبوا ودهم ومحبتهم؛ لينفعوهم ويقدموهم على غيرهم.
والذي يظهر من سؤالك أنك لم تقصد أمراً محرماً، وإنما قصدت تلبية طلب زميلك، من غير أن ترجو من وراء ذلك أمراً محرماً، لاسيما وأنك قد دفعت قيمة الحقيبة من عندك.
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(10/469)
تهريب اللحم الحلال
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 18/06/1426هـ
السؤال
نحن جماعة نقوم بتهريب اللحم الحلال من أحد البلدان عبر حدود البلد الذي نقيم فيه في أوربا، وذلك لأن اللحم الحلال فيه مشكوك في كونه حلالاً، كما أن كمية اللحم في هذا البلد قليلة وغالية الثمن، فهل يجوز العمل في هذا الأمر، علماً أن الجالية المسلمة ترغب في هذا اللحم الحلال. أفتونا مأجورين.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله، التهريب أيًّا كان موضوعه وأيًّا كان محله ومصدره لا يمكن أن نقول بجوازه، لأنه يعتبر مخالفاً لنظام البلد الذي يعيش فيه المسلمون، والمسلمون أخذ عليهم العهد أن يوفوا بالعهود والوعود، فلا ينبغي أن يخالفوا هذا العهد (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) [المائدة: 1] ، و (أوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً) [النحل: 91] ، مع ذلك لو وجدت طريقة مناسبة لإيصال هذه اللحوم من غير مخالفة صريحة للنظام فإن ذلك قد يكون مناسباً؛ كأن يخرج الإخوة المقيمون في هذا البلد لشراء هذه اللحوم من بلد آخر مجاور، ونحو ذلك من الوسائل التي من شأنها ألا تشوه سمعة المسلمين؛ لأن أحدهم لو ألقي عليه القبض وهو يمارس هذا العمل، فنشرت ذلك وسائل الإعلام فإن من شأن ذلك أن يشوه سمعة المسلمين، والمحافظة على سمعة الإسلام تعتبر مقصداً من مقاصد الشريعة، والله أعلم.(10/470)
هل هذه العمولة من الرشوة؟
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 24/07/1426هـ
السؤال
أدير شركة مقاولات، وأغلب المشاريع تأتي للشركة بترشيح من المكاتب الاستشارية مقابل عمولة من قيمة المشروع يأخذها الاستشاري، وأصبحت عرفًا بين المكاتب والشركات. هذه العمولة تكون زيادة على تكلفة المشروع التي يدفعها المالك، توقفت عن دفع هذه العمولة؛ لإحساسي بوجود شبهة بها، فقلَّت المشاريع وأنا على وشك التصفية، علماً أن الشركة يرتزق منها الكثير من الأسر، أفيدونا يرحمكم الله.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإذا كانت الشركة تستحق المشروع وجديرة بتنفيذه على الوجه المطلوب، وإنما منع من الحصول عليه المكتب الاستشاري الذي يطلب العمولة، فلا بأس -إن شاء الله- من دفعها للمكتب، لأن هذا حق للشركة، ويجوز بذل المال للحصول على الحق المشروع، وإن كان لا يجوز أخذه للمكتب لأنه رشوة وسحت. فحكم الدافع هنا يختلف عن حكم الآخذ، لأن الأول يطلب حقه، والثاني يأخذ بغير حق.
لكن إذا كانت الشركة أصلاً ليست جديرة بالمشروع، ولا تستحق أن تتولى تنفيذه، وإنما يتم ترشيحها بسبب العمولة، فالعمولة في هذه الحالة رشوة محرمة على الطرفين.
والله أعلم.(10/471)
أخذ الأجرة على التبرع بالدم
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 18/1/1423
السؤال
01ما حكم أخذ أجرة (مال) مقابل الدم المتبرع به؟
02 ماذا يفعل من سبق له أن تبرع بدمه وأخذ مالاً مقابله؟
الجواب
01التبرع بالدم لنفع مسلم أو إنقاذه من الهلاك من أعظم القرب والطاعات التي يتقرب بها إلى الله، قال الله -تعالى-:" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] وفي الحديث" والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" رواه مسلم (2699) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أما المعاوضة بأخذ الأجرة مقابل ما يسمى بالتبرع بالدم، فهذا بيع ومعاوضة وليس تبرعاً وهو حرام في الشرع؛ لأن الدم محرم أكله وشربه والانتفاع به بنص القرآن " إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ... " الآية [النحل:115] ، وجاء في صحيح البخاري (2238) أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (نهى عن ثمن الدم، وثمن الكلب ... ) الحديث، وفي الحديث الآخر " إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه " رواه الدارقطني في سننه (3/7) وابن حبان في صحيحه (4938) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- بهذا اللفظ وبغيره عند أبي داود (3488) وأحمد (2221) ، وعلى هذا لا يجوز أخذ المال معاوضة عن التبرع بالدم بحال من الأحوال، والله أعلم.
02 من أخذ مالاً مقابل تبرعه بالدم فعليه أن يتوب إلى الله، ويستغفر لذنبه، وأرجو أن لا شيء عليه بأخذ هذا المال؛ لأنه أخذه وهو يجهل الحكم الشرعي فيه -كما يبدو من سؤال السائل - وذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:"إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" رواه ابن ماجة (2043) من حديث أبي ذر -رضي الله عنه-ورواه أيضاً برقم (2045) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وهو عند الحاكم (2855) وغيرهما. وحال السائل لا تخرج عن هذا الحديث، وإن كان لا يزال في نفس السائل حرج وتردد فعليه بالتصدق بهذا المال على الفقراء والمساكين؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:" دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي (2518) والنسائي (5711) من حديث الحسن بن علي -رضي الله عنهما-، وفقنا الله وإياك إلى العلم النافع والعمل الصالح.(10/472)
تسديد المخالفات المرورية عن الميت
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 13/3/1424هـ
السؤال
توفي أخي وعليه مخالفات مرورية، فهل تسقط عنه، أم أنه يتوجب علينا سدادها؟ بارك الله فيكم على ما تقدمونه من خدمة لنا.
الجواب
الغرامات التي وضعت جزاءً على المخالفات المرورية، إذا نظرت إلى سبب وجوبها وأن الغرامة تجب إذا توفر سببها، قلت: إن هذه الغرامات قد وجد سببها، وتعلقت بذمة من أوجد سببها وسجلت عليه، وعليه فلا تبرأ ذمته إلا بسداد أو إعفاء، وإذا نظرت إلى الهدف والمقصد منها وهو الزجر والردع، فكل مخالفة ترتب عليها غرامة فإنما هذه الغرامة لتنبيه المخالف وزجره عن مخالفة أخرى، وبناء عليه، فالمتوفى لا يتحقق في حقه هذا المقصد والهدف، فلا فائدة من الغرامة في حقه إذن.
وبالنسبة إلى أخيكم أرى أن يطلب إعفاء له بعد وفاته؛ لعدم المصلحة في تحصيل تلك الغرامة، فإن لم يتيسر ذلك فالأحوط والأبرأ سداد تلك الغرامات، ولن يضيع حق أحد عند ربه، والله المستعان.(10/473)
أخذ العوض مقابل الاستقالة
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 12/8/1424هـ
السؤال
تقوم بعض المؤسسات بتحفيز الموظفين على تقديم استقالاتهم؛ لتخفيض المصاريف على المدى الطويل مقابل صرف 20 أو 30 راتب، بالإضافة إلى حقوق نهاية الخدمة، فما حكم هذه المبالغ التي يأخذها الموظف المستقيل دون تقديم عمل يخدم به المؤسسة؟ مع العلم أن تقارير المسؤولين لصرف هذه التعويضات الإضافية تكون مغالطة للحقيقة، مثل قولهم إن الموظف لا ينتج أو أنه معطل للعمل، وذلك لأخذ موافقة المسئولين عن صرف تلك المبالغ، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا حرج على الموظف في أخذ المبالغ المذكورة في السؤال مقابل استقالته، وذلك أن الموظف يأخذ المبالغ مقابل تنازله عن حقه في عقد الإجارة المبرم مع المؤسسة التي تستفيد انخفاض المصاريف، إذ لا تدفع له بعض ما اعتادت دفعه مثل بدل السكن، وبدل الانتقال، ونحو ذلك.
وهذا نظير الخلو إذ يطلب المالك من المستأجر إخلاء العين المؤجرة مقابل مبلغ يدفعه له، ليفسخ العقد معه.
وأما التقرير المخالف للواقع فهو من الكذب ويتحمل إثمه من كتبه. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(10/474)
الشرط الجزائي
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 25/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا: أشهد الله على حبي لكم، وأسأله تعالى أن يجمعني بكم في دار كرامته ومستقر رحمته، سؤالي حفظكم الله: أنا رجل مسؤول عن تأمين احتياجات إحدى الإدارات الحكومية، وأعمل مناقصات عن بعض الأجهزة، ويرسى العرض على إحدى تلك المؤسسات أو الشركات، بموجب تعميد برقم وتاريخ ومدة التوريد بالتعميد، مثلا أسبوع، وفي حال تأخر الشركة عن إحضار الأجهزة خلال الفترة المحددة والمنصوص عليها في التعميد تقوم الجهة المعنية بعد رفع أوراق تلك المناقصة لها بخصم مبلغ محدد عن كل يوم تأخير. وقد رست مؤخراً مناقصة على إحدى الشركات، وفعلاً تأخرت الشركة في توريد المطلوب منها عن الفترة المنصوص عليها في التعميد والطلب، وقد وجب رفع أوراق التعميد للجهات المعنية بالتأخير الوارد..، ولكن رئيسي المباشر طلب مني أن أبلغ الشركة بأن يحضروا لنا شيئا كهدية أو أي شيء مقابل ذلك التأخير، مما يدعونا إلى رفع أوراق التعميد دون ذكر أي تأخير للجهات المعنية بالخصم، هل يجوز لي فعل ذلك؟ وهل يجوز لنا أن نجبر الشركة بإحضار أي شي مقابل ذلك التأخير أو نتغاضى عنهم؟ أم أنه لا بد من رفع أوراق التعميد بالتأخير كما جاء، وهل يحق لي أن أتغاضى عن التأخير رأفة بهم، ودون طلب مقابل لذلك، إلا ابتغاء وجه الله. وفقكم الله.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إنه يجوز لأي جهة حكومية أو أي مؤسسة تطلب إيراد احتياجات أن تشترط خصم جزء معين مقابل التأخير، ويسمى بالشرط الجزائي، هذا ولا يملك المسؤول عن تأمين الاحتياجات ولا الرئيس المباشر التنازل عن مقابل التأخير، ولا أخذ هدية مقابله، ولا التغاضي عن ذلك ولو بدون مقابل، لأن ذلك حق يختص بالإدارة الحكومية الطالبة لتأمين تلك الاحتياجات، ولا يملك التنازل إلا الرئيس الأعلى لتلك الإدارة.(10/475)
التعويض للمؤلف أو المخترع
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 19/6/1424هـ
السؤال
ما هي أحكام التعويض لصاحب حق (التأليف والاختراع) المعتدى عليه في إطار الشريعة الإسلامية والقانون؟ أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالتأليف والاختراع حقان خاصان بأصحابهما، فهما معتد بهما شرعاً، ولا يجوز الاعتداء عليهما، وقد صدر بذلك قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي رقم 43 عام 1409هـ و (إذا اعتدى أحد على حق التأليف أو الاختراع الخاصين بأحد فإن للمعتدى عليه المطالبة بتعويضه عن هذا الاعتداء تعويضاً يجبر الضرر الحاصل فعلاً) .
إما بالمطالبة برد عين الكتاب المؤلف، أو الشيء المخترع سليماً، لم يحدث فيه ضرر، فإن حدث فيه ضرر أو أمسكه عنده حتى نقصت قيمته لزمه تعويض الضرر على خلافٍ بين أهل العلم في نقص القيمة.
أو بالمطالبة بقيمة الكتاب أو الاختراع الذي اعتدي عليه، فيقدر أهل الخبرة قيمة الكتاب أو الاختراع، ويلزم المعتدي بدفعه لصاحب الحق، وهنا يلزم بالتعويض على قدر ما اعتدى عليه فعلاً.
وهذه المسألة من نوازل المسائل الفقهية. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.(10/476)
استيفاء الرسوم من الموكل دون علمه
المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
عضو البحث العلمي بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 20/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: نحن موفدون للعمل خارج المملكة في سفارات وممثليات وملحقيات سعودية في الخارج، وكثير من الأحيان يتصل بنا زملاء في العمل أو أقرباء أو أصدقاء من المملكة ولديهم تأشيرات عمالة من خدم وسائقين وفنيين وغيرهم، بغرض البحث لهم عن المؤهل لمنحه تلك التأشيرة، ونتحمل في سبيل ذلك في أحيانٍ كثيرة مصاريف، وإذا طلبناها منهم يكون في نفوسهم شيء قد يصل إلى القطيعة أو نحو ذلك، ويقوم بعض الزملاء بإضافة تلك المصاريف على ما يتطلبه إنهاء تلك التأشيرة دون إشعار الكفيل صاحب التأشيرة، وإنما يطلب منه المبلغ على أساس أنه للمكتب ورسوم إنهاء إجراءات تلك التأشيرة. فهل يجوز ذلك؟ علمًا بأننا نقوم بذلك دون مخالفة الأنظمة أو الاشتغال بها في أوقات الدوام الرسمية، أو التعقيب عليها في القنصلية أو نحو ذلك، وإنما نقوم بالبحث عن المناسب وإجراء المقابلة له، ثم يتولى المكتب إنهاء كافة الإجراءات دون تدخل منا بذلك. وجزاكم الله كل خير.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، المصاريف التي تبذلونها في سبيل البحث عن المؤهل من عمالة، كأجور النقل، ورسوم مالية يستدعيها البحث، لا حرج عليكم في استيفائها من صحاب الطلب، ولو لم تخبروه بها على سبيل التفصيل، إذ إنها من مقتضى الوكالة.
أما أجرة عملكم وتعبكم بأشخاصكم أو جاهكم فلا تأخذوا لقاءه شيئاً إلا بإخبار صاحب الطلب، لأنه يعتقد أنكم تفعلون ذلك تبرعاً، وربما لو علم أن وكيله سيأخذ عوضاً، لم يُدلِ عليه بذلك، ويسوغ لكم شرعاً أن تطلبوا أجرة المثل لقاء ما تبذلونه من عمل، لكن لابد في هذه الحالة من الإخبار، والله أعلم.(10/477)
شطب المخالفة المرورية
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 27/7/1424هـ
السؤال
كثيراً ما أسمع من بعض الإخوة أنّه ارتكب مخالفة مرورية، ولأنه يعرف شخصاً في المرور يقوم بشطب المخالفة المرورية وفعلاً يتم شطبها، ما الحكم الشرعي بشطب المخالفة المرورية؟ علما أن الشخص الذي ارتكب المخالفة كان فعلاً مخالف باعترافه، ولو كان لا يعرف أحدا في المرور سيدفعها ولا محالة من ذلك، أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
أولاً: يجب أن يعرف السائل وغيره أن نظام المرور ونحوه إنما وضعه ولي الأمر لأجل مصلحة عموم الناس وإصلاح معاشهم وتجنيبهم الحوادث، وهذه الأمور يجب طاعة ولي الأمر فيها لعموم قوله تعالى: "أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ" [النساء: من الآية59] ، وهذا أمر من ولي الأمر لما فيه مصلحة المسلمين، فيجب على الجميع الالتزام بهذه الأنظمة، وعدم مخالفتها حماية لمصالح الناس وأرواحهم، وأما ما ذكره السائل من أنه يذهب إلى أحد معارفه في المرور ويشطب له المخالفة، بحيث إنه لا يدفع الغرامة ونحوها، فنقول: إن هذه الجزاءات إنما وضعت عقوبات تعزيرية لمن يخالف هذه الأنظمة، وإذا كان الإنسان الذي شطب على هذه المخالفة ممن له الصلاحية في هذا فهذا راجع إليه هو (صاحب الصلاحية) ، وأما إذا كان ألغاها وهو ممن ليس يملك هذا الحق فيعتبر الذي ألغاها قد أثم وتعاون هذا الإنسان المخالف معه، والتهاون في مثل هذه الأمور يجرئ بعض الناس على التجاوزات والمخالفات إذا كان يعرف له إنسانا في إدارة المرور ممن لا يلتزم بما وجه إليه ولي الأمر، فإن هذا يجرئ بعض الفسقة على المخالفات التي يترتب عليها كثير من الضحايا في حوادث المرور، وعلى الإنسان أن يتقي الله - تعالى - في نفسه، سواء كان صاحب مركبة أو كان شخصاً مسؤولاً في إدارة المرور، فكل مسؤول عن عمله وسيحاسب عليه، وبالله التوفيق.(10/478)
المال المأخوذ تعويضاً من التأمين
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 20/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله باختصار سؤالي حول التأمين على السيارات، رجل دهسته سيارة فمات بسبب ذلك، ثم بعد ذلك رفعوا دعوى إلى المحكمة، وكلفوا محامياً لمتابعة القضية، ثم بعد ذلك حكمت المحكمة لهم بقدر من المال -وأقصد هنا الورثة-سؤالي هو هل يجوز أخذ ذلك المال وتقسيمه على وفق ما هو معلوم في الإرث؟ أم أنه مال حرام يجوز وضعه في طرق الخير فقط؟ وجزاكم الله كل خير والسلام عليكم.
الجواب
يجوز للورثة أخذ هذا المال واقتسامه، ولأنه ناتج عن التأمين لا يمنع من حله إذا لم يزد المال الذي حكمت به المحكمة عن مقدار الدية الشرعية، وهذا فيما يخص ورثة الميت، أما قائد السيارة الذي تسبب في وفاة الرجل فلا يجوز له الأخذ من الشركة أكثر مما دفع لها من أقساط شهرية أو سنوية، والله أعلم.(10/479)
حق الوسيط التجاري
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 30/3/1424هـ
السؤال
عرض علي شخص عقاراً عن طريقه، ثم حصل التعرف على صاحب العقار مباشرة دون الوسيط المذكور، ثم قمت بالتوسط بين المشتري وصاحب العقار مباشرة وتمت البيعة، فهل يصبح للشخص الذي عرض العقار علينا في بادئ الأمر حق شرعي أو نصيب معين من قيمة السعي؟ بالرغم أنه لم تتم الاستعانة به لتحقيق هذه البيعة، وإن كان له نصيب فما هي النسبة المستحقة شرعاً؟ وإذا كان معه وسطاء آخرون فكيف تكون القسمة؟
الجواب
إذا كان التعرف الذي حصل على المالك للعقار حدث صدفة من دون أن يكون هناك تأثير للوسيط، بأن أتى المالك مثلاً وعرض العقار عند صاحب المكتب بعد أن كان الوسيط قد وضعه عنده؛ ففي هذه الحالة ليس للوسيط سعي، وذلك لانتفاء صفة الوساطة بالنسبة له.
أما إذا كان التعرف على المالك كان بسبب مباشر أو غير مباشر من الوسيط، بأن قام العقاري مثلاً وحاول التعرف على المالك، وطلب منه عرض العقار عنده مباشرة دون هذا الوسيط فإن الوسيط له حق في السعي في هذه الحالة؛ لأنه لم يتم التعرف على هذا المالك إلا عن طريق الوسيط، فالوسيط هو السبب الحقيقي الذي جعل العقاري يدرك أن هذا العقار ملكاً لفلان من الناس.
أما النسبة التي تكون له فهي تختلف باختلاف الأعراف، فالعرف العقاري مثلاً في هذه البلاد على أن لكل وسيط سهم في السعي، فالعقاري له سهم، والوسيط إذا كان واحداً له سهم، وهكذا كل من كان له وساطة في هذا الأمر، فيقسم السعي بينهم على حسب عددهم، وهذا كله إذا لم يكن هنالك اشتراط يقضي بخلاف ذلك، أو كان هناك عرف آخر. والله الموفق.(10/480)
التنقيب عن الآثار وبيعها
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 1/8/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ: يعلم الله بحالي، فأنا شاب تجاوز عمري السابعة والعشرين، ولم أجد عملاً، وأنعم الله علي بموقع أعلم تمام اليقين أن به ركازاً، وهو روماني؛ لأن الآثار الموجودة رومانية، وأعلم بجواز إخراجه، ولكنه في منطقة مشبكة، وعلمت أنه ستأتي شركة ألمانية لاستخراج الآثار، فما حكم إخراجه؟
الجواب
إذا كان هذا الموقع الأثري في أرض مملوكة لك فيجوز لك التصرف فيها، ببيع، أو هبة، أو معاوضة، وإذا وضعت الدولة يدها عليه كما يبدو من سؤالك، فواجب الدولة ممثلة بالجهة التي تعنى بالآثار أن تعوضك عنها بسعر يومها، ويجوز لك أن تقاضيها شرعاً، وإن كنت لا تستطيع فلك أن تبيعها، أو توكل من يقوم بمراجعة الجهة المسؤولة مقابل مبلغ معين أو جزء منها، ويجب أن تعلم أن (الركاز) هو ما وجد عليه علامة تدل على أنه من زمن الجاهلية قبل الإسلام، فهذا هو الذي يسمى ركازاً في الشرع، ويجب إخراج خمس قيمته زكاة، وإن لم يوجد ما يدل على أن هذا المدفون من زمن الجاهلية فليس بركاز ويزكَّى زكاة النقدين إن كان ذهباً أو فضة. والله أعلم.(10/481)
استيفاء الحق من غير قضاء
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 02/09/1426هـ
السؤال
شخص كان يعمل بجدٍّ في متجر، وكان يعرف أن صاحب المتجر يظلمه ولا يعطيه أجره كاملاً، هذا الشخص بدأ يأخذ حقه المسلوب بيده من الخزينة. فما الحكم في هذا؟ جزاك الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". رواه أبو داود (3535) ، والترمذي (1264) ، وهو في صحيح الجامع الصغير للألباني -رحمه الله-
وبهذا يعلم أنه لا يجوز للإنسان أن يأخذ مال غيره ولا يظلمه، ولو كان ذلك الغير ظالماً له، بل عليه أن يسعى في أخذ حقه بالطرق المشروعة، فإن حصل عليه بتلك الطريقة فبها ونعمت، وإلا فلن يضيع عند الله حق. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/482)
دفع الضرائب في البلاد الكافرة
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 2/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعيش أنا وأسرتي في إحدى دول الغرب، وأعمل هناك، وأقوم بدفع الضرائب كاملة تبعاً لنظام البلد، ولكنني أشعر بالحرج الشرعي من دفع الضريبة في بلد تحتل بعضاً من بلاد المسلمين، فما حكم دفع الضريبة؟ وهل يجب علي ترك البلد إن سنحت لي الفرصة وتوفر لدي عمل آخر في بلد آخر؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا حرج عليك -إن شاء الله- بدفع الضرائب؛ لأنك ملزم بذلك، ويجب عليك الانتقال إلى بلد مسلم متى ما سنحت لك الفرصة بذلك؛ لأن الإقامة في غير بلاد المسلمين لا تجوز إلا لحاجة أو لمصلحة راجحة، ومن الحاجة ألا يتوفر للمقيم عمل في بلاد المسلمين، ومن المصلحة الراجحة أن يكون الشخص مقيماً في تلك البلاد لغرض الدعوة إلى الله، ولا شك أن الإقامة في تلك البلاد فيها ضرر كبير عليك وعلى أسرتك، فعليك مضاعفة الجهد في المحافظة على أسرتك، وتنشئة أبنائك النشأة الصالحة، وأن تستثمر فترة إقامتك في تلك البلاد بالقيام بأعمال تخدم بها الإسلام من الدعوة إلى الله، وتعريف غير المسلمين بالإسلام، ريثما يتيسر لك الانتقال إلى بلد مسلم. والله الموفق.(10/483)
هل يطالبه بإصلاح السيارة؟
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 26/5/1425هـ
السؤال
أعيش في كندا، وكنت قد اشتريت سيارة مستعملة بمبلغ من المال، وقد ذكر لي مشافهة التاجر الذي اشتريت منه السيارةَ أنه قام بإصلاح جميع المشاكل التي في السيارة، وأنها تعملُ بشكلٍ جيد، ٍ وأنها خاليةٌ من المشاكل، إلا أنه وبعد استلامي للسيارة ظهرت بها مشاكل رئيسية، وأنها حقاً بحاجة إلى إصلاح سريع، والحقيقة أن القانون في هذا البلد يسمح لي بمطالبة التاجر بعملية الإصلاح، وذلك حسب الأصول القانونية المتبعة هنا، وإن لم يكن قد نص على ذلك في عقد البيع. هل يحق لي -شرعاً- المطالبة بهذا الأمر دون أن يكون منصوصاً عليه من خلال عقد المبايعة؟ أتمنى منكم إفادتي. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت في السؤال من اكتشافك لعيوب في السيارة لم تكن ظاهرة أثناء شرائك لها، ولم يبينها لك البائع، فيثبت لك في هذه الحال خيار العيب، فتكون مخيراً بين أمرين:
الأول: فسخ البيع واستردادك للثمن، وإذا رغبت في هذا الخيار فيلزمك إعلامه بالفسخ فور علمك بالعيب.
والثاني: أن تبقي السيارة معك، وتطالبه بالتعويض، ومقدار العوض الذي يحق لك المطالبة به بقدر الفرق بين قيمة السيارة لو لم يكن فيها ذلك العيب وقيمتها مع وجود ذلك العيب، وهذا العوض عادة ما يكون أكثر من قيمة الإصلاح، فإذا اكتفيت بالمطالبة بقيمة الإصلاح فقط فلك ذلك، ولكن عليك أن تتأكد أن هذا العيب كان موجوداً في السلعة عند بيعها، أما لو حصل هذا العيب بسببك فلا حق لك في التعويض. والله أعلم.(10/484)
هل هي مطالبة بالتعويض؟
المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 24/2/1425هـ
السؤال
أعمل معلمة في مدرسة إسلامية في إحدى دول الغرب، قبل مدة جمعت أموالا من الطلاب لشراء كتب على أن تكون على شكل تأمين ثم نعيد للطلاب الثمن الذي دفعوه عندما يرجعون هذه الكتب للمدرسة، وبتقصير مني وضعت كامل المبلغ المتجمع من الطلاب لدى إدارة المدرسة ولم أطلب منهم أن يضعوه في الخزينة بل في خزانة الملفات، ولم أستلم إيصالا بذلك، وقد كنت أصل إلى المبلغ الأصلي وأضيف مبالغ أخرى إليه. وكان يجب علي الحصول على مثل هذا الإيصال، والذي حصل بعد ذلك أنني تغيبت عن المدرسة عدة أسابيع وعندما عدت وجدت تغيرا في أعضاء إدارة المدرسة. وقد بحثنا عن المبلغ المحفوظ فلم نجده وقمنا باستدعاء الموظفة المختصة فلم تعرف أين ذهب المبلغ. ويعتبر مكتب الإدارة مكاناً آمن ولا أحد يصل إلى الخزانة التي كان المال فيها إلا الموظفين. الآن قام الطلاب بإعادة الكتب ويطالبونني بإعادة المبلغ الذي دفعوه. ماذا أفعل؟ هل أنا ملزمة بإعادة هذا المبلغ من مالي الخاص لأنني لم آخذ إيصالا بالمبلغ من المدرسة؟.
الجواب
إن كنت أخذت الأموال من الطلاب بتوجيه من إدارة المدرسة فلا شيء عليك؛ لأنك في هذه الحال مؤتمنة من قبل إدارة المدرسة على استلام هذه الأموال وتسليمها إليهم، وقد قمت بأخذها من الطلاب وإعطائها المدرسة وعند ذلك تبرأ ذمتك.
وأما إن كنت أخذت الأموال باجتهاد منك ولم تأمرك إدارة المدرسة بذلك فإن الأمر لا يخلو من حالين:
الحالة الأولى: أن تكون إدارة المدرسة لم تفرط في حفظ هذا المال ولم تتعدّ عليه ففي هذه الحال يجب عليك أن تغرمي هذه الأموال للطلاب، وليس لك حق الرجوع على إدارة المدرسة بشيء.
الحال الثانية: أن تكون إدارة المدرسة فرّطت في حفظ هذا المال، فيلزمك إعادة الأموال للطلاب، وأنت تأخذين هذه الأموال من المدرسة.
وأما كونك لم تأخذي إيصالاً من إدارة المدرسة بتسلمها للمبلغ فهذا لا يعدّ تفريطاً في حفظ المال، ولكنه تفريط في توثيق حقك وبراءة ساحتك، ولهذا لو أنكرت إدارة المدرسة استلامها للأموال فإنك في هذه الحال ستقعين في مشكلة لأنه لا يوجد عندك ما يثبت أن إدارة المدرسة استلمت المال إلا إن كان عندك شهود يشهدون بذلك.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(10/485)
هل له أخذ رسوم الدراسة وهو يعمل؟
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 15/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا موظف مبتعث لدراسة الدكتوراه في دولة غربية، ولقد تكفلت الدولة بدفع تكاليف الدراسة كلها، والتي تكلف حوالي 5000 دولار للفصل الدراسي الواحد، وكذلك دفع مرتب شهري، وحسب نظام الابتعاث فإنه يشترط علي عدم العمل أثناء الدراسة إذا كان ذلك يؤثر على سير الدراسة، وهنا وجدت فرصة عمل في التخصص الذي أدرس فيه، مع العلم أن هذا لا يؤثر على دراستي بل يزيدني خبرة، وحسب نظام الجامعة أي طالب يعمل في الجامعة بمهنة التدريس يصرف له راتب شهري وتدفع له رسوم الدراسة، وبما أنه قد دفعت رسوم الدراسة من قبل الملحقية السعودية 5000 دولار، وأيضاً الجامعة دفعت رسوم الدراسة في نفس الوقت 5000 دولار، ما حصل هو أن أصبح في حسابي لدى الجامعة زيادة 5000 دولار، وأستطيع أن آخذ هذه النقود وهي 5000 دولار. فهل يحق لي أخذ هذه النقود التي في حسابي أم لا؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فبما أن عملك لا يؤثر في سير دراستك، فالذي أراه أن عملك مباح ولا يخل بشرط الملحقية الثقافية، وبناء على ذلك فيحق لك أن تأخذ المرتب الشهري الذي تدفعه لك الجامعة، بالإضافة إلى ما يفيض في حسابك لدى الجامعة من الرسوم الدراسية التي تدفعها الجامعة نفسها. والله أعلم.(10/486)
أخذ التعويض على التأمين
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 20/3/1425هـ
السؤال
المرجو توضيح الضرورة الشرعية التي تستدعي التأمين كما هو مذكور في سياق الفتوى المعنونة بـ (أخذ التعويض من شركة التأمين) .
الجواب
إن القواعد الشرعية في الفقه الإسلامي، منها: ما يستند مباشرة إلى دليل شرعي من الكتاب أو السنة، ومنها: يستند إلى اجتهاد واستنباط أصولي أو فقهي (فرعي) ، ومثال النوع الأول: (الضرر يزال) ، و (الضرورات تبيح المحظورات) ، و (المشقة تجلب التيسير) ، ومثال النوع الثاني: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) ، و (ما حرم سداً للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة) ، و (الاجتهاد لا ينقض بمثله) ، وما كان من النوع الأول يجوز الاستدلال بالقاعدة في الفتوى والقضاء لاستناد تلك القاعدة إلى آية من القرآن أو حديث من السنة النبوية، وما كان من النوع الثاني لا يستدل بالقاعدة على إصدار الحكم أو الفتوى، وإنما يستأنس بها؛ لأنها لا تعدو أن تكون أمراً اجتهادياً بحتاً، فهي بحاجة إلى أن يستدل لها لا أن يستدل بها، والتفريق بين هذه القواعد والاستدلال لها أو عليها مبسوط في كتب القواعد، ويعرفه أهل العلم مما لا مجال لذكره هنا.
أما كيف تستدعي الضرورة جواز أخذ التعويض من شركة التأمين فالذي يقدّره المفتي أو القاضي الشرعي بعد النظر في سؤال المستفتي وحاله وحال الشركة التي تقوم بالتعويض له أو عنه، وما في العقد من شروط وما قد يعتريه من صحة وفساد، وهل عقد التأمين إجباري لا خيار للسائل فيه، إن كان كذلك فأخذ التعويض جائز من (باب الضرورات تبيح المحظورات) ، وإن كان اختيارياً فلا يجوز له الدخول فيه، ثم إن (الضرورة تقدر بقدرها) فإذا كان الإلزام بالتأمين على نوع منه كالسيارات مثلاً فيكتفى به ولا يدخل في أنواع أخرى كالتأمين على عموم الممتلكات من بيوت، ومزارع، ومصانع، هذا كلّه إذا كان المفتي أو الحاكم يرى حرمة التأمين، أما لو كان يرى جوازه وحله فلا حاجة للاستدلال بقاعدة الضرورة، بل يستند حينئذٍ إلى قواعد أخرى معتمدة على دليل شرعي كقاعدة (الأصل في الأشياء الإباحة) ، و (الأصل في العقود الجواز) ، وهكذا.
أما العالم وطالب العلم المتمكن الذي لا يحتاج أن يستفتي أو يقلد غيره في مثل هذه المسألة فإضافة إلى ما سبق، عليه أن يستفتي قلبه وخير له أن يأخذ لنفسه بالأحوط والعزيمة وإن أفتى الناس بالجواز والرخصة.(10/487)
ونظراً إلى كثرة النوازل والوقائع المستجدة التي نزلت بالأمة اليوم مما لم يعرف عند السابقين من سلفنا الصالح كالتأمين ضد الغير، والتصوير، وعقود التأجير المنتهية بالتمليك، وبطاقات الائتمان، ونحو ذلك، ينبغي أن يفتى الناس بما لا يشق عليهم ما دام في النصوص والقواعد الشرعية متسع ومخرج، والنوع الأول من القواعد الشرعية التي مثلنا ببعضها تتسع لكل نازلة تنزل بالأمة، وهذا رحمة من الله بعباده، وسر من أسرار التشريع لهذا الدين الخاتم "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" [المائدة:3] ، "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران:85] ، "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" [البقرة:185] ، "الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون" [الأعراف:157] .
فهذه الآية الكريمة ركزت على ست صفات يجب على الموقعين عن رب العالمين وورّاث النبوة -الحكام والمفتون- مراعاتها عند إصدار الأحكام والفتاوى حتى يكونوا من المفلحين، والدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، وما خير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن في ذلك إثم أو معصية، والله أعلم.(10/488)
دفع الدية من التأمين
المجيب محمد الحسن الدَّدَوْ
الداعية الإسلامي المعروف
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 28/10/1426هـ
السؤال
في حالة الدهس بالسيارة؟ هل يجزئ ما تقوم به شركات التأمين من دفع الدية (التعويض) وفي صيام الشهرين: هل يبدأ الصيام من بداية الشهر القمري، أم من أي يوم ولمدة 60 يوماً؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فيقول الله تعالى: "ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا" [النساء:92] . فيجب على من قتل مسلماً خطأ أن يكفر بعتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فبصيام شهرين متتابعين، إذا ابتدأ من أول يوم في الشهر القمري أكمل شهرين، ولم يلزمه قضاء ما فيهما من النقص، وإلا لزمه إكمال ستين يوماً.
وَالدية على عاقلته إن كان له عاقلة، أو على أهل ديوانه إن لم يكن له عاقلة، ولا يجزئ عن الدية ما تدفعه شركة التأمين؛ لأن عقد التأمين من عقود الغرر، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الغرر، وأيضاً هو من تكليف غير المكلف، وقد قال الله -تعالى- في قصة يوسف -عليه السلام- "معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذاً لظالمون" [يوسف:79] . والله أعلم.(10/489)
إلزام المماطل المليء بأجرة المحامي
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 18/10/1425هـ
السؤال
نحن شركة مواد بناء، وقمنا ببيع مواد إلى إحدى الشركات، وامتنعت عن الدفع، فقمنا برفع قضية في المحكمة، وقد حصلنا على حكم من المحكمة الابتدائية والاستئناف والنقض يلزم الشركة بدفع المبلغ لنا، وعند التنفيذ لم تكن الشركة في بلدنا وهي الآن في بلد آخر، وطلبنا التنفيذ في ذلك البلد عن طريق المحامي، والمبلغ المحكوم به ينقسم إلى
1- قيمة أصل المبلغ.
2-رسوم المحكمة في بلدنا وفي بلدهم.
3- فائدة بنكية بنسبة 9% على المبلغ من 1997 وحتى السداد التام.
لذا فالسؤال: هل يجوز أن ندفع إلى المحامي من قيمة الفائدة؟ لأن أتعاب المحامي تعادل 15%من المبلغ الأصلي، ويشترط المحامي أخذ النسب على المبلغ الذي سيتم التنفيذ عليه وهو أصل المبلغ والفائدة البنكية، كذلك نرجو من فضيلتكم التكرم بإفادتنا بالأمر الشرعي وإفتائنا بذلك. وبارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإذا كان امتناع الشركة المدينة عن السداد عن مماطلة بغير حق، فتستحقون تعويضًا عن جميع الأضرار الفعلية التي لحقتكم بسبب تلك المماطلة -كرسوم المحكمة وأجرة المحامي - إضافة إلى أصل الدين، أما إذا كان امتناع الشركة عن السداد لعذر أو كان بسبب الإعسار أو عدم القدرة على الوفاء فلا يحق لكم المطالبة إلا بأصل الدين لقوله تعالى: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) [البقرة:280] .
وعلى كلا الحالين فليس لكم أخذ الفوائد البنكية؛ لأنها من الربا المحرم.
وفي الحال الأولى- أي إذا كان تأخير السداد عن مماطلة- إن كانت المحكمة قد فرضت لكم فوائد بنكية ولم تلزم الشركة المدينة بدفع أتعاب محاميكم فيحق لكم أن تأخذوا من الفوائد بقدر أتعاب المحامي لا على أنها فوائد وإنما لكونها تعويضًا عن أجرة المحامي، وما زاد عن ذلك من الفوائد فلا يحق لكم أخذه.
ويجب أن تكون أجرة المحامي على الوجه المعتاد بدون زيادة حتى لا يكون في ذلك إجحاف بالمدين، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (مجموع الفتاوى 30/25) : إذا كان الذي عليه الحق قادرًا على الوفاء ومطل صاحبه حتى أحوجه إلى الشكاية، فما غرمه بسبب ذلك فهو على الظالم المماطل، إذا كان غرمه على الوجه المعتاد.
وفي الفروع (4/292) : ومن مطل غريمه حتى أحوجه إلى الشكاية فما غرمه بسبب ذلك لزم المماطل.(10/490)
نظم دورة فهل له الحق فيما زاد على تكاليفها؟
المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 25/10/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نظمت لزملائي بالجامعة دورة تدريبية، واتصلت بمدرب مشهور، وطلب مبلغ أربعة آلاف ونصف جنيه إسترليني، وقال إن ثلاثة آلاف له، وألف وخمسمائة لمدرب ثان يحضره في اليوم الأخير، بعد سنة من جهدي أقيمت الدورة واشترك 14 طالب برضاهم برسوم خمسمائة جنيه، تسبب أحد الطلاب بمشاكل أثناء الدورة، وحاول إلغاء دوري كمنظم، وكان مما أثاره التشكيك في المبلغ المالي، واستفسر من المدرب فأجابه أن له ثلاثة آلاف فقط مع ألف وخمسمائة سيوصلها للمدرب الثاني، وأن المنظم حسم المصروفات وسلمه باقي المبلغ باعتبار أن أجوره متدنية بالأساس، إلا أن الطالب بدأ يؤلب الطلاب ويدعو لرد ما تبقى من المبلغ. سؤالي حفظكم الله هل له وللطلاب الآخرين حق المطالبة بما زاد؟ علماً أنهم دفعوا الخمسمائة برضاهم، ويعلمون أنها أقل من نصف الرسوم في السوق. ثانياً أن المدرب الثاني قال إنه لم يستلم سوى خمسمائة جنيه من المدرب، فهل نلزم المدرب برد ألف جنيها أخذها كما يقول احتياطا؟ ثالثاً: أحد الطلاب المشاركين لم يستطع أن يدفع أكثر من مائة جنيه، فهل يجب أن يدفع الباقي ولمن يدفعه أم يسقط عنه؟ رابعاً: أنني لم أجد من يكافئني على جهدي سوى طالب واحد، فهل لي حق شرعي في المبلغ الفائض خاصة وأني ضامن للمدرب حقه؟، فلو لم يسجل سوى طالبين ملتزم أنا للمدرب بدفع ما تبقى من الأربعة آلاف ونصف التي طلبها، وبدون جهدي لم تقم الدورة، أرجو أن تكتبوا ردكم يا فضيلة الشيخ وأن يكون ملزما للجميع، وأخيراً أشير إلى أنه ليس في يدي الآن سوى مبلغ 200 جنيه لا أعلم ماذا أفعل بها. جزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الجواب عن السؤال راجع إلى الصفة التي أخذت المال منهم على أساسها، فهل نظمت الدورة على أساس أنك ستنظم لهم دورة تتحمل خسائرها وتأخذ أرباحها، أم أنك نظمت لهم الدورة على أن تقوم بدور الوسيط بينهم وبين المدرب بالإضافة إلى قيامك بباقي أعمال الدورة من تهيئة المكان وغير ذلك مما تحتاجه الدورات؟
إن كنت قمت بالدورة على الأساس الأول فلك أرباح الدورة، فالرسول - صلى الله عليه وسلم- يقول: "الخراج بالضمان"، وعلى هذا الأساس لا يحق لهم استرجاع الأموال إذا كنت قد قمت بما طلب منك القيام به كاملاً، كما أنه لا بأس أن تأخذ من أحد المشتركين مائة جنيه فقط، وأيضاً لك أن تطالبه بالباقي؛ لأنك أنت القائم على الدورة وستتحمل الخسارة لو وقعت.
أما إن كنت دخلت الدورة على أساس أنك وكيل لباقي زملائك، ففي هذه الحال لا تستحق أخذ الأموال الفائضة، بل تستحق أجرة المثل فقط، إن لم تكن قد ذكرت أنك ستقوم بذلك بلا مقابل، ولا يحق لك أن تأخذ من بعض زملائك أقل مما تأخذ من الآخرين إلا برضاهم.
أما مسألة المدرب الأول والثاني فهذه يُحتاج فيها إلى معرفة طبيعة العقد الذي تم بين المدرب الأول والمدرب الثاني.
أما طلبك إلزام زملائك بهذه الفتوى فهذا غير ممكن؛ لأن الفتوى لا تكون ملزمة بل القضاء هو الذي يكون ملزماً؛ ولهذا فالفتوى يستمع المفتي فيها إلى طرف واحد وبعد ذلك يخبره بالحكم الشرعي الذي يراه من دون أن يستمع إلى الطرف الآخر، وأما القاضي فلا بد أن يستمع إلى الطرفين، فمن المحتمل أن يكون الطرف الأول لم يأت بالتفاصيل كاملة، أو لم يكن صادقاً في المعلومات التي أدلى بها، ونحو ذلك.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(10/491)
تضرر المقاولين من ارتفاع اسعار مواد البناء
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 08/05/1425هـ
السؤال
يشكو كثير من المقاولين ارتفاع أسعار مواد البناء (زيادة للضعف أحيانا) بعد عقود المقاولات مما يؤدي إلى فشل كثير منهم ثم إفلاسهم، ما المخرج؟ وهل من طرق أو صيغ يمكن إضافتها في العقود لحماية المقاول من الفشل أو الإفلاس؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وآله وصحبه، وبعد:
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمَرَ بوضع الجوائح، رواه مسلم (1554) من حديث جابر -رضي الله عنه-. والجائحة هي ما يصيب المال فيهلكه ويتلفه مما هو خارج عن الإرادة البشرية، كما لو باع المزارع ثمراً بعد بدو الصلاح، فهلك الثمر بمطر أو بَرَد أو غيره قبل أن يقبضه المشتري، فالواجب في هذه الحالة تخفيض الثمن بقدر ما هلك من الثمر، كما قال عليه الصلاة والسلام: "لو بعت من أخيك ثمراً فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ " رواه مسلم (1554) من حديث جابر -رضي الله عنه-.
ويدخل في الجوائح والله أعلم الارتفاع الفاحش في أسعار مواد البناء أو المواد الأولية في عقود المقاولات، فالمشروع في هذه الحالة وضع الجوائح، وذلك إما بزيادة قيمة العقد أو بتخفيض الكمية أو القدر المطلوب ليتناسب مع التكلفة.
وأما مقدار الجائحة فهو محل اجتهاد، فالمالكية قدروها بالثلث، فلو هلك ثلث المبيع قبل قبضه وجب إسقاط ما يقابله من الثمن، وبناء على ذلك يمكن تقدير الزيادة أو النقص في عقود المقاولات بالثلث، فإذا كانت الزيادة في السعر تتجاوز الثلث شرع زيادة قيمة العقد بحسبه، وإن كانت بالنقص شرع تخفيضها بحسبه.
ووضع الجوائح ثابت بالسنة المطهرة، ولا يحتاج ليعمل بمقتضاه أن يذكر في العقد، لكن الاتفاق عليه أولى؛ لأنه أبعد عن النزاع. والله تعالى أعلم.(10/492)
هل يضمن ما ذهب من مالها؟
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير
عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/التعويضات المالية
التاريخ 22/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
امرأة أبلغها زوجها أنها لو سلمته مبلغ صداقها كي يتاجر به لتحسين ظروفهم المعيشية عند رجل عرفه أنه ثقة، فلما سلمته المهر اتضح فيما بعد أن ذلك الثقة نصاب وأخذ المبلغ وهرب به، وبعدها أصيبوا بفقر شديد وحرمان، فلو كان مبلغ الصداق موجوداً لأعانها في بلائها، ولكن زوجها وبعد عشرين عاماً وبعد تحسن وضعهم المادي بعدما طالبته بمبلغ صداقها وإضافة إلى تعويض عما حصل لها من الأضرار طيلة الأعوام السابقة التي عاشتها معه، قال لها: أعطيك مهرك ولا تعويض عندي لك عن الضرر الذي لحق بك لفقدانك المهر بسببي، فهل لها تعويض عن الضرر الذي لحق بها طيلة السنوات السابقة لتسليمها المهر لزوجها وعدم تمتعها، به كالنساء، أو حتى لمغالبة الفقر؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يظهر من السؤال أن زوجك لم يجبرك على دفع مهرك، وإنما عرض ذلك عليك عرضا فوافقتيه، ولم يكن يعرف أن الرجل خائن. ولا يخلو الوضع بعد ذلك من حالين:
الأول: أن يكون زوجك ذكر لك اسم الرجل، وعرفه لك، فرضيت بذلك، ثم سلمت المال إلى زوجك كي يوصله للرجل، الذي ظاهرة الاستقامة والأمانة، ثم بان على خلاف ذلك. وفي هذه الحال لا لوم على زوجك، ولا يلزمه تعويضكِ شيئا من المهر، ولا غيره؛ لأن التصرف وقع بعلمك، وزوجك إنما هو واسطة بينك وبين الرجل.
الثاني: أن تكوني دفعتِ المال إلى زوجك ليسلمه إلى رجل ثقة يضارب لك فيه دون أن يعين لك اسم شخص، وفي هذه الحال تكونين قد وكلت زوجك، وهو مؤتمن في ذلك، فإن كان قد فرط في اختيار الرجل، ولم يتثبت من حاله فعليه أن يغرم لك المهر.
أما التعويض عن الضرر الذي لحقك، ومطالبتك بدفع مبالغ زائدة على مهرك فلا أعلم أن لك حقاً في ذلك، وما أصابكم من فاقة في السنوات الماضية إنما هي أقدار الله، فلعلها كانت سبباً في خير "وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيرا كثيراً".
وأنتِ ذكرتِ في السؤال أن زوجك قد وافق على تعويضك بقدر مهرك بعد تحسن وضعه المادي، فعليك أن ترضي بذلك، وتشكريه على وفائه، وتقديره وقبوله بدفع عوض لا يلزمه، وأن تحسني عشرة زوجك، ولا تنسي أنه قد شاركك حالة الضيق التي قد مرت بكم، وستشاركينه بعد تحسن الأوضاع في حالة اليسر إن شاء الله. والله أعلم وأحكم.(10/493)
هل يؤثر تغيّر القيمة الشرائية في رد الدين؟
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 3/8/1422
السؤال
أنا طالب علم أدرس في الجامعة، تمر علينا مسائل تجارية لا نعرف أحكامها الشرعية، مثل مسألة دفع البنك للتضخم المالي من غير أي زيادات ربوية على المال عند تغير القوى الشرائية للمال، مثال: الريال السعودي كانت له قوته فكان الرجل يتغدى بريال واحد فقط، أما الآن فالريال لا يكفي لشيء، فلو استلف رجل منك 1000 ريالٍ قديماً وأعدتها إليه الآن 1000 ريال فأنت لم تعطه مثل ما أخذت منه، فالقوة الشرائية مختلفة فالواجب أن ترد 1000 له 10000 ريال وهذه ال 9000 ليست ربا لأنها ليست زيادة في قيمة المال الحقيقية (الشرائية) وهذا ليس قرضاً جر منفعة فالمنفعة فيه = 0 فأنت لم تعطه أي زيادة على ما كان يستطيع شراءه من قبل.
فالرجاء التفصيل في المسألة، وإعطائي عنوان المفتي حتى يمكنني مناقشته في هذه المسألة التي هي في صلب دراستي.
الجواب
الحمد لله، يا أخي حفظك الله ووفقك: تغير قيمة النقد له جملة أسباب، ومن أظهر أسبابه اليوم "الربا" فإن من مفاسد الربا الاقتصادية اضطراب قيمة النقود، وكسر معيار الثمن.
والفقهاء قديماً اختلفوا في هذه المسألة إلى أقوال ثلاثة:
الأول: يقضي بردّ ما أُخِذَ دون زيادة، أو نقص، وهو قول الجمهور.
الثاني: يقضي بردّ القيمة، فيراعي التغير صعوداً وهبوطاً، وهو قول أبي يوسف.
الثالث: يقضي بردّ ما أُخِذ دون زيادة أو نقص إن كان التغير أقل من الثلث، أما إن كان التغير يبلغ الثلث فصاعداً، فإنه يعتبر فاحشاً يورث الغبن، ولهذا يعتبر بهذا التغير، فترد القيمة، وهو قول المالكية.
إذا علمت هذا، فاعلم أن ما يمكن أن يوجه من اعتراض على القول الأول هو: أن النقود قد تغيرت قيمتها الشرائية، يمكن أن يرد عليه بالقول: إن التغير الذي طرأ على النقود لم يكن بسبب المدين كي يلزمه ضمانه.
وهو سيطرأ عليها سواء كانت عنده أو عند صاحبها.
فإن قيل: لكن النقود لو كانت عند صاحبها لاستفاد منها، وبقائها عند المدين منع صاحبها من الاستفادة منها، أجيب عنه من وجوه ثلاثة:
الأول: أن استفادة صاحبها منها لو كانت عنده أمر غير محقق، فقد تكون عنده دون أن يستفيد منها، وقد تكون عنده فيوظفها في طلب الربح فيخسر والضمان إنما يكون في تفويت شيء محقق، وهو غير وارد ها هنا.
وعليه: فإن المطالبة بضمان غير المحقق إنما هي فرع من المطالبة بالتعويض التي هي من مخلفات الفكر المادي، الذي لا يقوم على أساس الإيمان بالقدر، فإن ما قدِّر سيكون، وما لا فلا.
الثاني: أن الدين إذا كان بسبب عقد بيع مؤجل، فالغالب أن البائع الدائن قد زاد في الثمن فهو قد استفاد.
الثالث: أن هذا الاعتراض غير مناسب فيما موضوعه القرض، وإلاّ لكان الربا سائغاً بدعوى أنه مقابل تعطيل استفادة صاحب النقود منها خلال مدة القرض، وهذا ممتنع شرعاً، وبهذا يتبين أن المناسب: أن يُرد للدائن مثل ما أُخِذ منه دون زيادة أو نقص.(10/494)
ومع هذا لو قيل بالاعتبار بالتغير الفاحش، وخرج ذلك مخرج الإحسان والمعروف لكان له وجه بشرط ألا يكون الدين من باب القرض الربوي فإن كان من قبيله لم يعد مناسباً لما يلي: -
أ - معاملة للبنوك الربوية بنقيض قصدها.
ب - التساهل مع البنوك الربوية في شأن الله - تعالى -، والتساهل لا يصلح سبباً للتسامح، والله - تعالى - يقول:
"فبظلمٍ من الذين هادوا حرمنا عليهم طيباتٍ أحلت لهم. . " الآية.
ويمكنك الرجوع إلى كتب الفقه المعتمدة لدى المذاهب الأربعة في تحرير هذه المسألة، بالإضافة إلى ما كتب في هذه المسألة خاصة مثل:
1. قطع المجادلة عند تغيير المعاملة.
2. تنبيه الرقود.
3. مجلة مجمع الفقه الإسلامي، فإن في بعض أعدادها أبحاثاً خاصة بهذه المسألة، ع5ج3.
هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.(10/495)
إجراء العقود عبر وسائل الاتصالات الحديثة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 5/7/1422
السؤال
هل يجوز إبرام العقود عن طريق الوسائل الحديثة كالإنترنت والفاكس أو الهاتف؟ سواء كانت عقود زواج أو عقود في المعاملات الأخرى؟
الجواب
بُحثت هذه المسألة في مجمع الفقه الإسلامي، وأصدر بشأنها قراراً نكتفي بنشره وفيه الكفاية إن شاء الله.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
قرار رقم: 52 (2/6)
بشأن حكم إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17 ـ 23 شعبان 1410هـ الموافق 14 ـ 20 آذار (مارس) 1990م،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة، ونظراً إلى التطور الكبير الذي حصل في وسائل الاتصال وجريان العمل بها في إبرام العقود لسرعة إنجاز المعاملات المالية والتصرفات، وباستحضار ما تعرض له الفقهاء بشأن إبرام العقود بالخطاب وبالكتابة وبالإشارة وبالرسول، وماتقرر من أن التعاقد بين الحاضرين يشترط له اتحاد المجلس -عدا الوصية والإيصاء والوكالة- وتطابق الإيجاب والقبول، وعدم صدور ما يدل على إعراض أحد العاقدين عن التعاقد، والموالاة بين الإيجاب والقبول بحسب العرف.
قرر مايلي:
أولاً: إذا تم التعاقد بين غائبين لايجمعهما مكان واحد ولايرى الإيجاب إلى الموجه إليه وقبوله.
ثانياً: إذا تم التعاقد بين طرفين في وقت واحد وهما في مكانين متباعدين، وينطبق هذا على الهاتف واللاسلكي، فإن التعاقد بينهما يعتبر تعاقداً بين حاضرين، وتطبق على هذه الحالة الأحكام الأصلية المقررة لدى الفقهاء المشار إليها في الديباجة.
ثالثاً: إذا أصدر العارض بهذه الرسائل إيجاباً محدد المدة يكون ملزماً بالبقاء على إيجابه خلال تلك المدة، وليس له الرجوع عنه.
رابعاً: إن القواعد السابقة لاتشمل النكاح لاشتراط الإشهاد فيه، ولا الصرف لاشتراط التقابض، ولا السلم لاشتراط تعجيل رأس المال.
خامساً: ما يتعلق باحتمال التزييف أو التزوير أو الغلط يرجع فيه إلى القواعد العامة للإثبات.(10/496)
التصرف في تبرعات المسجد
المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ كتاب الزكاة/صدقة التطوع
التاريخ 29/4/1422
السؤال
أنا إمام لأحد المساجد، وأجمع أسبوعياً ريال من الجماعة، وذلك لصرف هذا المبلغ على حاجيات المسجد الثقافية وللصيانة، فهل يحق لي أن أصرفه في جوائز مسابقات المسجد، لكون الجماعة كلهم تقريباً يشاركون في الدفع؟
وفقنا الله وإياكم لكل ما يحبه الله ويرضاه
الجواب
هذا راجع إلى ما يفهمه جماعة المسجد من قولكم " حاجيات المسجد الثقافية "، فإن كانوا يعلمون أن الجوائز للمسابقات الثقافية داخلة فيه فلا حرج إن شاء الله وإن كانوا يفهمون خلاف ذلك فلا بد من إخبارهم به، وفقكم الله.(10/497)
توزيع الحلوى على المعلمات ليست رشوة
المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
عضو الإفتاء سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 29/4/1422
السؤال
بعض الطالبات بعد نجاحهن يقمن بتوزيع الحلوى على المعلمات أو بعضهن تعبيراً عن فرحتهن بالنجاح، فهل أخذ أي شيء من الطالبات يدخل تحت حكم الرشوة؟
الجواب
لا يدخل في ذلك؛ حيث أن هذه الحلوى وما أشبهها ليست ثمينة وليس لها قيمة رفيعة، ولا تُؤثر على المُعلمات محاباة أو انحيازاً مع أن هؤلاء الطالبات قد عزمن على مُفارقة تلك المدرسة وتوديع المُعلمات والزميلات مما حملهن على هذا العمل. والله أعلم.(10/498)
حكم تحويل المرضى مقابل مبلغ مالي
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 29/4/1422
السؤال
عرض علي أحد الأطباء الاستشاريون في طب العيون التعاون معه وذلك بأن يقوم بتحويل المرضى الذين يحتاجون إلى نظارات طبية للمحل مقابل مبلغ مالي أدفعه للطبيب في حال شراء المريض من المحل فما الحكم في مثل هذا الاتفاق؟
الجواب
لا يجوز لك أن تعطي هذا الطبيب شيئاً من المال مقابل إحالة بعض المرضى إليك! لعدة محاذير:
أولاً: أن كان هذا الطبيب تابع لجهة مسئولة، لحديث أبي حميد الساعدي، وفيه قولة صلى الله علية وسلم:" فهلا جلس في بيت أبية وأمة فينظر هل يهدى إلية أم لا؟ رواة البخاري، فدل على أن العلة الوظيفة، وعند الإمام حمد والبيهقي
وغيرها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"هدايا العمال غلول".
ثانياً: أن هذا الطبيب لن ينظر الى مريضة فانه سيحيل المريض إلى من يعطيه شيئاً، ولوكان من هو انفع للمريض، ومن كان خيارة لغيرة خيار مصلحة، لاخيار.
ثالثاً: أن ما سيأخذة الطبيب قد يضيفه التاجر إلى ثمن السلعة.
رابعاً: أن هذا يفتح باب الطمع والجشع لذوي المهن والتجار كما أن فيه نوعا من ااحتكار سوق البيع ومنع الآخرين منة بسبب صاحب المهنة، ولاشك في هذا انه منهي عنة، وبالله التوفيق.(10/499)
احتكار السلع أثناء الحروب
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 5/2/1424هـ
السؤال
أثناء الأزمات والحروب يعمد بعض التجار إلى تخزين بعض السلع، وعدم بيعها على الناس؛ حتى يزيد سعرها وتنقطع من الأسواق، فما حكم فعله هذا؟ نرجو منكم توضيح المسألة لعامة الناس. وفقكم ربي لكل خير، وسدد على طريق الخير خطاكم.
الجواب
أخشى أن يكون عملهم هذا داخلاً في حديث عمر - رضي الله عنه-: "المحتكر ملعون"، رواه الحاكم (2209) وغيره، وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه-: "من احتكر يريد أن يتغالى فيها على المسلمين فهو خاطئ وقد برئت منه ذمة الله" رواه الحاكم (2211) ، والمحتكر من يعترض أسواق المسلمين، بأن ينظر ما يحتاج إليه المسلمون من طعام ليحتكره، حتى إذا نفد من السوق عرضه بسعر غال، وهذا هو عين الإضرار بالمسلمين لتحقيق مصالحه الذاتية، وقد روى الإمام أحمد (20313) وغيره من حديث معقل: "من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقاً على الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة"، وروى ابن ماجة (2155) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-: "من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس".(10/500)
قبول التبرعات للمساجد من غير المسلمين
المجيب
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 28/10/1422
السؤال
لقد قضينا ما يقارب العشر سنوات في محاولة لجمع تبرعات من المسلمين لبناء المسجد الوحيد في إحدى الولايات الأمريكية - والحمد لله -، فقد قطعنا مشواراً كبيراً، واستطعنا تحضير الأرض والمبنى من تبرعات فاعلي الخير بدون أن نلجأ إلى أي مساعدات من أي منظمات أمريكية، أو بنوك ربوية. حالياً نحن في حاجة كبيرة إلى أي مصدر للمال لكي نكمل المشروع، وتكاليف الماء والكهرباء الشهرية، وما إلى ذلك، فنحن حتى الآن لا نستطيع إقامة الصلاة في هذا المسجد لعدم اكتمال الشروط. لقد حاولنا جمع التبرعات من أهل الخير، ولكن في مدة ستة أسابيع لم نستطع جمع المبلغ الكافي.
في محاذاة المسجد يوجد مجمع تجاري وأحد المتاجر في هذا المجمع يبيع الخمور، الأمر في ذلك أن جزء من مواقف المجمع موجود في جزء صغير من أرض المسجد، والمالك قد وعدنا بمبلغ مالي مقابل استخدام المواقف، وفي نفس الوقت فقد أبلغنا بسماحه للمصلين باستخدام مواقف المجمع. نحن الآن لا ندري ما نفعل بسبب بيع هذا الرجل للخمور، وهل يجوز أن نستفيد من هذا المال المعروض لنا؟ مع العلم أننا في هذا المكان والموقف في أشد الحاجة لأي مبلغ مالي لإكمال المسجد والعناية به؟ وهل يجوز لنا بسب حاجتنا أن نلجأ لقبول التبرعات من غير المسلمين.
الجواب
فقد ذكرتم في سؤالكم أن جزءاً من مواقف المجمع والمحاذي للمسجد موجود في جزء صغير من أرض المسجد، وأن صاحب المجمع سيدفع مبلغاً مالياً مقابل استخدام المواقف، وفي نفس الوقت للمصلين أن يستخدموه، فنقول: لا بأس بذلك، ثم ينبغي أن لا يكون عن طريق الملكية، بل عن طريق التأجير ولو مدة طويلة؛ لأن ذلك أصلح للمسجد فقد يستغني المسجد من المال، ويحتاج إلى مواقف خاصة به، هذا ووجود محل واحد لبيع الخمور في المجمع لا يمنع الاتفاق مع صاحب المجمع على ما ذكرناه آنفاً.
أيضاً يجوز لكم اللجوء إلى قبول التبرعات من غير المسلمين عند عدم وجود من يتبرع من المسلمين لإكمال المشروع بشرط أن لا يشترط عليكم شروطاً كأن تكون لهم ولاية خاصة على المسجد، أو يقيموا حول المسجد ما يخالف دين الإسلام من دعايات ونحوها. والله أعلم، وصلى الله على محمد.(10/501)
ضرائب الدولة على المغتربين
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 28/5/1423
السؤال
هل الضرائب التي تفرضها الدولة على مواطنيها المغتربين واجب الالتزام بها؟ وهل يجوز التحايل عليها؟ علماً أنها أحياناً تكون فوق طاقة الشخص، وأحياناً تكون أكثر من حصاد غربته، أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
الأصل في الإسلام أن من أدى الواجبات الشرعية التي عليه في ماله فإنه لا يجوز بعد ذلك التعرض لما في يده من أموال، ولا يحل لأحدٍ أن يأخذ منه شيئاً إلا برضاه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة نفس منه" أحمد (5/27) ، أبو يعلى (1570) ، ابن حبان (5978) بسند صحيح، وجاء في السنة ترهيب من أخذ المكوس، وهي نسبة يأخذها الرؤساء أو المتنفذون من التجار إذا مروا بلادهم.
عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- مرفوعاً:"لا يدخل الجنة صاحب مكس" أبو داود (2937) ، الدارمي (1668) ، الحاكم (1/404) وصححه ووافقه الذهبي، وأخرجه أحمد (4/143) ، وابن خزيمة (4/51) .
وذلك أن أخذ الأموال من الناس والتجار يؤذن بفساد الآمال وكساد الأسواق إلى غير ذلك من المفاسد.
هذا هو الأصل أن أخذ الضرائب من الناس، ومصادرة شيء من أموالهم أو ممتلكاتهم من الظلم المحرم، لكن إن خلت خزينة الدولة من الأموال ولم يكن بيد ولاة الأمور ما يفي بمصالح الأمة فإن جملة من أهل العلم أجازوا أن يرتب الإمام على الأغنياء الموسرين من رعيته مقداراً لا يضرهم يحصل به دفع المفسدة إلى أن تزول الحاجة، وهذا عندهم من باب دفع الضرر العام باحتمال ضرر خاص وهو أصل مقرر في الشرع، واشترطوا لذلك أن يكون تصرف الإمام مبنياً على تحري المصلحة، وأن يكون فعله مؤقتاً بوقت الحاجة وأن يرد الحاكم وحاشيته ما عندهم من أموال فائضة إلى بيت المال وفي هذا القول وجاهة وقوة كما ترى.
وبناء عليه فإن تحققت هذه الشروط فلا يجوز لمن توجهت عليه الضريبة أن يتهرب منها أو يتحايل على إسقاطها، وإن لم تتحقق فإن له أن يتهرب منها أو يتحايل على إسقاطها بما لا يوقعه في ضرر، هذا ما يظهر لي، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(10/502)
فتح محل للحلاقة
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 7/5/1423
السؤال
هل يجوز فتح محل حلاقة رجالي أو الاشتراك فيه؟ وكما تعلمون أن هذه المحلات يتم فيها حلق اللحى وقص بعض القصات الأجنبية، هل المكسب من هذه المحلات حرام؟ وهل أخذ شيء من المكسب من صاحب المحل كأعطية حرام أيضاً؟ أفيدوني، جزاكم الله خيراً.
الجواب
لا يجوز فتح صالون حلاقة أو الاشتراك فيه إذا كان بالصورة المذكورة، أي: يُمارس فيه حلق اللحى، وبعض القصات الأجنبية، فأما حلق اللحى فهو محرم بلا شك؛ لأنه مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة في الأمر بتوفير اللحى وإكرامها، والنهي عن الأخذ منها، وأما القصات الأجنبية فلأن فيها تشبه بالكفار ومسخ لشخصية المسلم، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"من تشبه بقوم فهو منهم" أبو داود (4031) وأحمد (5115) وإذا كان ذلك كله محرم فالإعانة عليه والمشاركة في ذلك وتيسيره محرم؛ لقوله -تعالى-:"ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] ويُخشى على صاحب المحل أن يكون عليه مثل أوزار جميع من حلقوا لحاهم في المحل، ومن تشبهوا بأعداء الله؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه" مسلم (2674) ولا ريب أن حلق اللحى ... إلخ ضلالة، وفتح مثل هذا المحل تشجيع على هذه الضلالة ودعوة إليها.
وأما المكسب الحاصل عن ذلك فهو محرم؛ لأنه ناتج عن فعل محرم وفيه خطر عظيم فإنه سبب لدخول النار -والعياذ بالله- كما قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح:"إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به" الترمذي (614) واللفظ له، وأحمد (14441) وذلك لأنه لحم نبت من كسب خبيث والنار أولى بكل خبيث، قال الله -تعالى-:"لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ" [الأنفال:37] ثم إن من كان مكسبه حراماً فإن مطعمه حرام، ومشربه حرام، ويتغذى بالحرام فلا تستجاب دعوته -كما في الحديث الصحيح- وأيضاً فالمكسب الحرام سبب لعدم التوفيق للصراط المستقيم وللعمل الصالح؛ لأن وقود قلبه وفكره وأعضائه من مكسب حرام فلا يوفق إلى الخير، وهذا خطر عظيم، فالسلبيات في فتح هذا المحل وما ماثله من أسباب الكسب المحرم كثيرة خطيرة، ولكن كثيراً من الناس لا يعلمون أو يعلمون ولا يُبالون، وكل سيلاقي ثمرة عمله وكسبه، والعاقل من كان نظره بعيداً وعمل للمستقبل البعيد الباقي الذي لا يضمنه، وإنما يملك سببه، وأما الحياة الدنيا فرزقها مضمون مكتوب لا بد أن يأتي، وسيستكمله صاحبه في الدنيا لا محالة، والله الموفق.(10/503)
سداد الدين بعملة أخرى
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 14/5/1423
السؤال
السلام عليكم.
علي دين مقداره (4700$) ، وصاحب الدين في أستراليا، وأنا في بريطانيا، والبنك هنا لا يقبل إلا الجنيه البريطاني ويسلم هناك بالأسترالي، وهذا حسب الفتاوى لم يتحقق قيد (يد بيد) فهو ربا، فهل يجوز إرسالها بهذه الطريقة إذا لم يتوفر غيرها، وكان صاحب الدين في حاجة لماله؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
مقصود السائل هو وفاء دينه للدائن المقيم في أستراليا، والمصرف حسب ما ذكر لا يقبل تحويل مبالغ لأستراليا إلا بالدولار الأسترالي، فإذا كان الدائن يقبل وفاء دينه بالعملة الأسترالية فلا حرج -إن شاء الله-من تحويل المبلغ بالأسترالي، لكن يشترط أن يكون مقدار المبلغ بالأسترالي بسعر صرف يوم تنفيذ الحوالة المصرفية، دون أي زيادة.
فإذا كان الدولار الأمريكي مثلاً يساوي (1.74) دولار أسترالي في يوم التسليم للبنك، فيجب أن يحول المدين للدائن مبلغ (8178) دولاراً أسترالياً (تعادل 4700 دولار أمريكي) ، وأما التحويل من دولار أمريكي إلى جنيه بريطاني فهذا يتحدد تبعاً لمقدار الأسترالي المطلوب سداده، ولا علاقة للدائن به.
وأما تكلفة الحوالة المصرفية فيتحملها المدين.
ولا يجوز للدائن أن يشترط على المدين سداد مبلغ أكثر مما يعادل الدين بالعملة الأسترالية بحسب سعر الصرف يوم تنفيذ الحوالة؛ لأن هذه الزيادة من الربا.
وأما ما ذكره السائل حول اشتراط التقابض في الصرف، فهذا صحيح بالنسبة لبيع وشراء العملات، وأما بالنسبة لحالة السؤال فهي من الوفاء بالدين وليست من باب البيع، ومقصود الشرع في الديون، هو: التعجيل بوفائها وإبراء الذمة منها، ولذلك يسهل في الوفاء ما لا يسهل في البيع، فيجوز للمدين أن يوفي دينه بعملة مغايرة لعملة الدين إذا رضي الدائن وكان ذلك بسعر صرف يوم الوفاء، كما في الحديث أن ابن عمر -رضي الله عنه- قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إني أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير وآخذ بالدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء" رواه أبو داود (3354) واللفظ له، والترمذي (1242) ، وصححه الحاكم.
فدل هذا الحديث على جواز الوفاء بعملة مغايرة لعملة الدين، لكن بشرط أن يكون بسعر صرف يوم الوفاء، ولا يكون فيه ربح؛ لأن الربح سيحول المعاملة إلى بيع، والبيع يشترط فيه التقابض يداً بيد.
وبالنسبة لحالة السائل فإن سعر الصرف المعتبر هو سعر يوم تنفيذ الحوالة المصرفية، إذ يتعذر اعتبار سعر صرف يوم وصول الحوالة للدائن بحسب الأعراف المصرفية السائدة، والله -تعالى- أعلم.(10/504)
هل هذا من هدايا العمال؟
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 28/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
طلبت معلمة بإحدى المدارس من الطالبات دفع مبلغ من المال وقدره خمسون ريالاً لعمل (سيراميك لأرضية غرفة التفصيل في المدرسة) مقابل أن تضع لهم درجات المشاركة. فما حكم دفع هذا المال؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالذي يظهر عرفاً أن الدرجات التي تعطى للمشاركة تشمل جميع أنواع المشاركة حسب عرف المدارس، ويدخل في ذلك المال، وليس المال المدفوع لأجل ترميم إحدى غرف المدرسة يكون لصالح المعلمة حتى يكون من هدايا العمال المحرمة، بل هو لنفع عام لعموم الطالبات، وبقية منسوبات المدرسة، كما أن المال دفع بطيب نفس ولا إكراه فيه ولا إلجاء ولا اضطرار، فالأصل الجواز ما دام كذلك، ولا يرد على هذا عدم القدرة من بعض الطالبات وعجزهن عن دفع المال، ومن ثم حرمانهن من درجات المشاركة؛ لأن المشاركة في النشاط لا تنحصر في دفع المال، بل بإمكانها المشاركة بغيره من الأنشطة المعروفة لدى المدارس. والله- تعالى- أعلم.(10/505)
أخذ السعي من البائع والمشتري
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 20/12/1422
السؤال
هل يجوز أخذ السعي من الطرفين؟ مع إشتراطي على البائع والمشتري أخذ السعي منهما جميعاً.
الجواب
أخذ السعي على بيع السلع أو تأجيرها مرجعه إلى العرف، فإن كان المتعارف عليه عند المجتمع الذي تعيش فيه كونه على البائع فهو عليه، وإذا كان على المشتري فإنه يؤخذ منه، ولا شك أن العرف دليل شرعي إذا لم يخالف النص من الكتاب أو السنة، وقد ذكرت في السؤال أنك تشترط السعي على الطرفين، فإذا تم الاتفاق على ذلك جاز لك أخذه من كليهما نظراً إلى الشرط؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - " ... والمسلمون على شروطهم ... " رواه الترمذي (1352) .(10/506)
استقدام الخادمة من غير محرم
المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 25/11/1424هـ
السؤال
إن مما عمَّت به البلوى الخادمات في المنازل، والحاجة إليها لكثرة متطلبات الحياة، وإني بحاجة لإحضار خادمة؛ لتعب أهلي عند الحمل والولادة وظروفهم العملية، ولكني في حرج في إحضار الخادمة -وإن كانت مسلمة- لتعذر المحرم الذي يأتي بها، فأفتوني مأجورين في إحضار خادمة بدون محرم، وتنقلها معنا في بلادنا في الذهاب والإياب، والسفر إلى مكة وهي مع أهلي، وإن كان ثم دليل فلكم الشكر الجزيل.
الجواب
مسألة الخادمة أصبحت من المشاكل الاجتماعية التي لها خطر عظيم، وكم نسمع من أمور يندى لها الجبين جراء استقدام هؤلاء الخدم ذكوراً أو إناثاً، وقد تبين ضررها العظيم في المجتمع مع كونها مظهر ترف، ولا تدفع الحاجة إليه، وفيه من أسباب الفتنة ما يقتضي أن تكون الحكمة منعه.
فأولاً: لا ينبغي لأي عاقل أن يستقدم خادماً لبيته إلا عند الضرورة القصوى، وليس لمجرد الحاجة أو الرفاهية، فهذا ضرر للدين، وسفول في العقل، وضياع للمال.
ثانياً: لا بد أن تكون الخادمة ملتزمة بالشرع، فتتحجب حجاباً كاملاً عن الرجال في البيت، ولا يجوز أن تكون سافرة متبرجة.
ثالثاً: لا بد أن يكون حضورها مع محرم؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم" البخاري (1862) ومسلم (1341) .
هذا الجواب منقول بحرفه من كلام الشيخ محمد بن صالح العثيمين -عليه رحمة الله-، من دروسه في الحرم المكي، راجع (دروس وفتاوى الحرم المكي 3/347) ، وفق الله الجميع لطاعته.(10/507)
البيع على التصريف
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 15/12/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نرجو من فضيلتكم إجابتنا على هذا السؤال وهو: أن كثيرا من إخواننا - لقلة العمل وقلة المادة - يأخذون سلعاً من بعض الناس، ويتفاهمون مع الذي يأخذون منه على أساس أن ما لم يبيعوه يرجع، ويتفاهم الطرفان على سعر معين للبائع ثم يبيع الشاري كيفما شاء، علما أن العقد يتم بين الطرفين، وربما دفع الشاري قليلا من المال، فهل هذا يعتبر عقدا جائزا أم لا؟
وسؤالا شبيها بهذا وهو: هل مثلا من كان متخصصا في بيع الآلات مثلا، ولم تكن حاضرة عنده الساعة يستطيع أن يتفاهم مع الشاري بأن يأتي له بها ثم يرجع الشاري فيأخذها؟ هذا والله الموفق. ثقتنا كبيرة فيكم أن تردوا لنا عبر الأنترنت الإجابة في أسرع وقت.
الجواب
الحمد لله وحده وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الذي فهمته من سؤالك - أخي الكريم - بأن عندكم من يقوم بشراء سلع من تاجر بثمن معلوم ليقوم ببيعها، وما بقي من هذه السلع يرد على البائع هكذا فهمت.
والذي يظهر لي بأن التكييف الفقهي لهذا التعامل هو بيع بشرط الخيار في الفسخ خلال مدة معلومة، وهذا جائز وقد نص بعض الفقهاء على جواز هذا الشرط وإن طالت المدة.
قال ابن قدامة: "الثاني خيار الشرط وهو أن يشترطا في العقد خيار مدة معلومة فيثبت فيها وإن طالت". انظر: الشرح الكبير مع الإنصاف (11/285) ، إلا أن الأولى خروجاً من الخلاف. وهو الأحوط ويقطع النزاع الذي قد يثور بين المتعاقدين - أن تحدد مدة هذا الخيار، فتحدد إن شهراً أو سنة أو أكثر أو أقل، المقصود ألا تترك مدة الخيار مجهولة، فإن تركت المدة مجهولة فهل يصح الخيار؟ قولان لأهل العلم. قال ابن قدامة "إذا شرط الخيار أبداً أو متى شاء أو قال أحدهما ولي الخيار ولم يذكر مدته أو شرطاه إلى مدة مجهولة لم يصح في الصحيح من المذهب، هذا اختيار القاضي وابن عقيل، ومذهب الشافعي، وعن أحمد أنه يصح، وهما على خيارهما أبداً، أو يقطعاه" ا. هـ. (المرجع السابق: 11/286) .
ويصح "أن يشرطا الخيار لأحدهما دون صاحبه"المرجع السابق (11/297) ، ويكون تصرف المشتري بالبيع أو غيره في هذه الحالة مسقطاً للخيار" المرجع السابق (11/15) . فالخلاصة أن هذا عقد جائز، والأولى تحديد المدة القصوى التي ترجع خلالها السلع.
أما الفقرة الثانية من السؤال فلا تخلو - والحال هذه - من حالين:
(1) أن تكون السلعة المراد شراؤها موصوفة وصفاً دقيقاً، بحيث لا تختلط بغيرها ويذكر في أوصافها كل ما يؤثر في الثمن، أو تكون هناك عينة يتعهد البائع بتأمين سلعة مطابقة لهذه العينة، فهذا جائز لأنه بيع موصوفٍ في الذمة.(10/508)
(2) أن تكون السلعة المراد شراؤها لم توصف في العقد وصفاً يرفع الجهالة عن غيرها ولم تذكر أوصاف مؤثرة في الثمن فهذا لا يجوز لوجود الجهالة في العقد أو أن يقوم البائع ببيع سلعة بعينها لا توجد عنده؛ أي أن يطلب المشتري سلعة بعينها لدى تاجر آخر ويطالب البائع بإحضار هذه السلعة بعينها - دون غيرها - المطابقة لها في المواصفات، فهذا لا يجوز، لأنه يدخل في نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع ما ليس عندك". أخرجه الخمسة.- الترمذي (1232) والنسائي (4611) وأبو داود (3503) وابن ماجة
(2187) وأحمد (6628) .(10/509)
الوساطة التجارية
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 26/11/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله، وبعد:
أرجو منكم جزاكم الله خيرا وقيض لنا ولكم علوم هذا العصر وغيره لخدمة الإسلام والمسلمين، أن تفيدونا في هذه المسالة.
السؤال: لدينا شركة وساطة تجارية، وذكر لنا شخص في بلاد أخرى بضاعة بسعر معين وحصلنا على مشتر، ووافق على شراء نفس البضاعة بالسعر الجديد (وهو زيادة عملناها نحن على المصدر الأول) ، علما أن المصدر الأول لا يمانع، لأنه سيستلم مبلغه المحدد لنا سلفا، فهل يجوز لنا مثل هذه المعاملات؟ وهل فيها نوع من الربا؟ أو فساد في صحة البيع؟ ودمتم في حفظ الله.
الجواب
إذا كنتم مجرد وسطاء وسماسرة، وكان البائع هو المصدر الأول، والمشتري هو الطرف الثاني، فلا بأس بالعملية، والزيادة في السعر مقابل الوساطة، وأما إذا كنتم تشترون البضاعة لحسابكم من المصدر الأول وتبيعونها للمشتري فلا يجوز ذلك إلا إذا قبضتموها من البائع الأول، إذ لا يجوز لكم بيع سلع ليست عندكم وفي ملككم، فإذا ملكتموها وقبضتموها جاز البيع حينئذ ولكن يجوز لكم مواعدة الراغب في الشراء قبل شرائكم أنتم من الطرف الأول دون عقد البيع معه، والله أعلم.(10/510)
تسديد الدين المقسط عن الميت
المجيب د. راشد بن مفرح الشهري
القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 15/11/1424هـ
السؤال
والدي توفي -رحمة الله عليه- قريباً، وعليه قرض لصندوق التنمية العقاري (منزل) ، وهو الذي تعيش فيه الآن والدتي وأختي، وبقيت عليه أقساط لم تسدد بعد؛ تقريبا أحد عشر قسطاً، هل يجوز لنا أن نقوم نحن بسداده بالتقسيط لمدة إحدى عشرة سنة؟ أم ماذا نفعل؟ لأننا لا نستطيع سداده مرة واحدة؟ وهل على والدي شيء إذا تأجل السداد لمدة إحدى عشرة سنة؟.
أفيدونا في ذلك بأسرع وقت مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
الصواب أن الدين إذا كان على شخص مؤجل فإنه لا يحل بموته، بل يبقى مؤجلاً، فنصيحتي لهؤلاء الورثة أن يسددوا ما حل منها وبأسرع وقت، وأما ما لم يحل فإن استطاعوا سداده فذلك أفضل، وإن لم يستطيعوا فلا حرج عليهم، لكن ليكن سداد كل قسط في وقته، وإذا سددوا كل قسط في وقته، فأرجو ألا يكون على والدهم شيء، لا سيما وأن الدين معلق بعين التركة، والوفاء ممكن، وفق الله الجميع لطاعته ومرضاته، وأخرج المسلمين مما تحملوا من الديون، إنه سميع مجيب، والله يحفظكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/511)
التنازل عن الدور في صندوق التنمية العقاري
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 9/4/1424هـ
السؤال
أحدهم يريد أن يتنازل عن دوره في صندوق التنمية العقاري لعدم حاجته له, علماً أنه يريد مقابل ذلك مبلغاً مالياً، فما هي الطريقة لجعل العملية شرعية؟ هل أدفع له مالاً أو أعطيه سيارة أو أرضاً؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: التنازل عن دوره في صندوق التنمية العقاري مقابل مبلغ مالي لا بأس به، لأنه تنازل عن حق مالي، والحقوق المالية يجوز بيعها بعوض، لكن لابد من إذن البنك العقاري، فإذا أذن البنك العقاري واتفق الطرفان على أن يدفع له مالاً مقابل أن يقوم مقامه، فإن هذا جائز ولا بأس به.(11/1)
بيع الحاضر للبادي
المجيب د. حمد بن حماد الحماد
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 14/5/1424هـ
السؤال
ما حكم الحراج البدوي؟ مثل أن يجلب البدوي بضاعته في السوق فيأتي إليه الحضري ويقول له: هل أكون لك دلالاً؟ وهل يدخل تحت نهي الحديث: لا يبع حاضر لباد؟
الجواب
هذه مسألة اختلف فيها العلماء، فمنهم من منع ذلك مطلقاً للنهي عن بيع الحاضر للبادي، فيما رواه البخاري (2140) ومسلم (1413) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- ومنهم من أجازه مطلقاً، وحمل النهي على ظرف معين يزال النهي بزواله، ومنهم من اشترط للنهي شروطاً منها جهل البدوي للسعر، وإرادته للبيع في يومه، وأن يأتي الحضري للبدوي وغيرها ولهذا كله يصعب الجزم بمنعه مطلقاً، والله أعلم.(11/2)
إعلانات التهنئة والتعزية في الصحف
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 24/8/1424هـ
السؤال
ما حكم الأموال المبذولة في عمل إعلانات تهنئة أو تعزية بصفة عامة؟ وللمسئولين بصفة خاصة، علما أن هذه الإعلانات تتكلف مبالغ باهظة تصل إلى أكثر من ثلاثين ألف ريال للصفحة الواحدة، وهل يجوز لرؤساء المصالح دفع مرؤوسيهم للمشاركة المادية في هذه الإعلانات بالترغيب أو الترهيب وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إعلان التهنئة أو التعزية في وسائل الإعلام استئجار لها لغرض مباح فلا بأس في المال المبذول فيها ما دامت التهنئة أو التعزية فيما يسوغ.
وإن كان تركها واستعمال غيرها أولى لما فيها من كلفة كبيرة، أما دفع رؤساء المصالح مرؤوسيهم للمشاركة المادية في الإعلانات دون رغبة منفردة منهم فهذا حرام، إذ هو إكراه لهم على بذل أموالهم فيما لا يريدون، وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.(11/3)
تحصيل الوظائف الحكومية بالشفاعات
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 4/8/1424هـ
السؤال
ما حكم تولِّي الوظائف الحكومية بالوسائط؟ كأن يلتحق إنسان بوظيفة حكومية؛ لأنه قريب الوزير مثلاً، وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فحكم تولي الوظائف الحكومية بالوسائط يختلف، وذلك بحسب كفاءة الشخص، وبحسب تخطيه لحقوق الآخرين من عدمه، فإن كان أهلاً للوظيفة ولم يُقدَّم على من هو أحق منه كفاءة أو سبقاً في التقديم، وإنما كان أثر الواسطة تذليل عقبات الإجراءات والروتين ونحو ذلك فلا حرج في ذلك، وأما إن كان هذا الشخص توصَّل بالواسطة إلى وظيفة ليس أهلاً لها، أو هو أهل لها لكن قُدِّم بسبب الوساطة على من هو أحق منه بسبق تقديم للوظيفة أو غيره مع أنه مثله في الكفاءة أو أفضل منه، فلا يسوغ له تولِّي الوظيفة بهذا السبيل، ولا يحل له، والله تعالى أعلم.(11/4)
الاسترباح من موقع أمريكي
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 11/4/1424هـ
السؤال
أما بعد: شيخنا الفاضل، أريد أن أعرف ما حكم التربح من هذا الموقع الأمريكي للإعلان عبر البريد الإلكتروني؟ عنوان الموقع www.zwallet.com مع رجاء سرعة الإجابة.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
خدمة البريد الإلكتروني المقدمة من هذا الموقع نوعان: بريد مجاني، وبريد مقابل رسوم سنوية (19.99 دولار) .
(1) أما البريد المجاني؛ فلا مانع من الاسترباح منه، لأن الأرباح ناتجة عن الدعايات المعلنة في البريد وفي موقع الشركة. ومن شأن الإعلانات أنه كلما زاد عدد المشتركين كلما ارتفع سعر الإعلان، كما أنه كلما كان اطلاع المشترك على الإعلانات أكثر ارتفعت قيمة الإعلان كذلك. فالشركة توزع نسبة من رسوم الإعلانات المدفوعة للمشتركين لهذا السبب. فهذه الخدمة لا حرج فيها إن شاء الله، سواء كان العائد لشخص المشترك أو من خلال الآخرين الذين يشتركون عن طريقه في الخدمة المجانية. لكن يراعى ألا تكون الإعلانات المنشورة مما يخدش الحياء ويناقض العفاف، أو يروج لمحرمات ومنكرات، وذلك لأن الربح الموزع يمثل نسبة من رسوم الإعلان، فإذا كان الإعلان محرماً؛ فالربح الموزع منه محرم كذلك. وإذا كانت الإعلانات تتضمن ما هو محرم وما هو جائز، فالعبرة بالغالب. فإذا كان المحرم هو الغالب؛ كان الاشتراك محرماً. أما إذا كان الجائز هو الغالب؛ فقد يتسامح في الاشتراك، على أن يتم تقدير نسبة عائد الإعلانات المحرمة والتخلص مما يقابلها من الأرباح الموزعة.
(2) أما البريد المدفوع فلا يظهر منه مانع- والله أعلم- طالما كان للاستعمال الشخصي، مع مراعاة ما سبق حول مشروعية الإعلانات نفسها. أما إذا كان لجلب أشخاص آخرين للاشتراك، فهذا يصبح نوعاً من التسويق الشبكي (multi-level marketing) ، ولذلك يخضع للأنظمة الخاصة به، كما تصرح به اتفاقية العميل المنشورة في الموقع (http://www.zwallet.com/agreement.html) . وعليه ينبغي تجنب الاشتراك المدفوع من أجل جذب مشتركين آخرين. والله تعالى أعلم.(11/5)
عمولة مقابل إرسال الزبائن
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 8/1/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
شخص لديه مركز تصليح سيارات، وعرض عليه صاحب محل قطع غيار أن يعطيه خمسين ريالاً مقابل كل عميل يرسله ليشتري من عنده قطع الغيار التي تحتاجها سيارته، فما الحكم في هذا؟ علماً أن صاحب مركز التصليح لن يطلب من العميل سوى القطع التي تحتاجها سيارته فعلاً, وصاحب قطع الغيار لن يكون أرفع سعراً من غيره من أصحاب قطع الغيار. أفتونا مأجورين.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فالجواب: أنه إذا كان صاحب قطع الغيار سعره كسعر غيره فعلاً، وأنه لا يرفع السعر على هذا المشتري مقابل ما يعطيه لصاحب مركز التصليح، وأن بضاعته كبضاعة غيره في الجودة، وأنه أيضاً لا يحصل من صاحب مركز التصليح ترغيب في الشراء من هذا المحل بالذات لأصل ما يأخذه منه كما يفعله كثير من الوسطاء، فأرى والعلم عند الله -تعالى- أنه لا بأس به إذا توفرت هذه الشروط، ويكون ما يأخذه مثل ما يأخذه السمسار (الدلال، الوسيط) على بيع السلع أو شرائها.
لكنني أرى أيضاً أن الأولى أن يخبر صاحب مركز التصليح العميل بأنه يأخذ من صاحب محل قطع الغيار هذا المبلغ كدلالة فقط لتطيب نفسه بذلك، ولئلا يشك لو علم بأن ما يأخذه إنما كان مقابل رفع السعر عليه.
هذا ولا يخفى أن عادة كثير ممن يشترون لغيرهم أو يدلون على محلات خاصة أنهم يوزعون إلى أصحاب البضائع بأن يرفعوا في السعر بالفواتير مقابل شرائهم أو دلالتهم، وقد اطلعت على كثير من ذلك، فيأتون بالفواتير للمشتري، فإذا سأل الحاذق بأحوال هؤلاء الوسطاء عن أسعار تلك السلع بتلك الفواتير وجد فيها زيادة قد لا تقل عن 20%. فالله المستعان، والله أعلم.(11/6)
أجرة استخراج التأشيرات
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 13/11/1424هـ
السؤال
لقد أوكلني شخص (تاجر) بأن استخرج له فيز (تأشيرات) وعددها كثير من مكتب العمل، على أن يعطيني أجراً على أتعابي، وأنا بمعرفتي لصديق لي - له معرفة في استخراج التأشيرات - طلبت منه أن يستخرج التأشيرات من مكتب العمل وسوف نتقاسم الأجر فيما بيننا، هل هذه العملية حرام أم حلال؟ فإن كانت حلالاً فهل أستحق أجراً على هذه العملية، مع أن صديقي هو الذي قام باستخراج هذه التأشيرات (أي هو الذي فعل كل شيء) ، وكنت أنا الواسطة بينه وبين التاجر؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أنت بعملك هذا قد ارتكبت ثلاث معاص:
المعصية الأولى: التعاون على الباطل، حيث أعنت هذا الشخص على أمر ممنوع؛ لأنه لا يستحق هذه الفيز، وإن كان يستحقها لما أحتاج لك.
المعصية الثانية: مخالفة الأنظمة واللوائح، والمسلم متعبد بالتزام جميع الأنظمة واللوائح الصادرة من ولي الأمر، لعموم قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" [النساء:59] .
المعصية الثالثة: الرشوة، وذلك لأن الموظف في قسم التأشيرات لم يسع في إعطائك تلك التأشيرات المخالفة للنظام إلا بمقابل، وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي والرائش كما في حديث ثوبان -رضي الله عنه-، رواه أحمد (21893) وغيره. والرائش هو الوسيط الذي يمشي بينهما. والله أعلم.(11/7)
الإلزام بشراء كراسة المناقصة في المناقصات الحكومية
المجيب د. عبد الله بن مبارك آل سيف
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 08/04/1426هـ
السؤال
ما حكم شراء كراسة المناقصات الحكومية؟.
الجواب
إن هذه المسألة داخلة في عقود الإذعان، وبناءً عليه فيجوز للمشتري شراؤها؛ لأنه مجبر على ذلك، وإلا لم يستطع الدخول في أي مناقصة حكومية، ويترتب عليه ضرر كبير، والضرر يزال، مثلها مثل العقود الإجبارية كعقود الهاتف، والكهرباء، والتي يوافق عليها الشخص مجبراً، كما أن إعراض المقاولين عن الدخول في هذه المناقصات فيه ضرر على البلد والمصالح العامة، لكن لا يجوز للدائرة الحكومية أخذ هذا المبلغ، ويجب عليها إعادته؛ لأنه أكل للمال بغير وجه حق، ويمكن اختبار القدرة المالية للمتقدم للمناقصة بغير هذه الطريقة، مثل كشف الحساب، وعدد العمالة المتخصصة، والسيرة الذاتية، وغير ذلك، وعلى المسئول عن المناقصة التدخل لمنع مثل هذا الظلم، والله أعلم.(11/8)
أخذ أجرة السمسرة من الطرفين
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 22/08/1426هـ
السؤال
ما هو تعريف السمسرة شرعاً، وهل أخذ عمولة من البائع جائز شرعاً، ولو كان دون علم المشتري، وهل أخذ عمولة من الطرفين جائز دون علم الطرف الآخر؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
السمسرة هي ما يأخذه الوسيط في عقود المعاوضات من مبلغ مالي، والأصل فيها الحل؛ لعموم قول الله عز وجل: (وأحل الله البيع وحرم الربا) [البقرة:275] ، وبالنسبة لما يتعلق بقدرها أو بمن تؤخذ منه، فيرجع في ذلك إلى شروط الناس بما يشترطه السمسار على العاقد؛ لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "المسلمون على شروطهم" أخرجه أبو داود (3594) ، والترمذي (1352) . وأيضاً ما ثبت في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" صحيح البخاري (2721) ، وصحيح مسلم (1418) . فدل على أن الشروط يوفى بها، وأن آكدها توفية الشروط التي تكون في النكاح، فإن لم يكن هناك شرط لفظي فيرجع إلى أعراف الناس وعادات التجار، فما تعارف عليه الناس واعتاده التجار فإنه يؤخذ به.
وأما من تؤخذ منه فيرجع إلى الشرط والاتفاق، فإذا اتفقا أن تؤخذ من البائع فلا بأس، وإن اتفقا على أن تؤخذ من المشتري فلا بأس، وإن اتفقا على أن يكون كل منهما يدفع للوسيط فلا بأس، فإن لم يكن فهناك يرجع إلى أعراف الناس وعاداتهم، وعادات الناس وأعرافهم أن تؤخذ من المشتري، وعلى هذا يأخذ السمسار من المشتري، وإذا أراد أن يأخذ من البائع فهذا أيضاً لا بأس به؛ لأن الأصل في ذلك هو الحل والصحة ما لم يكن هناك شرط أنه لا يأخذ إلا من المشتري، أو يكن في ذلك تأثير على الثمن فلا بد من علم المشتري. والله أعلم.(11/9)
عليه دين من شراء خمر فهل يلزمه السداد؟
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 25/05/1426هـ
السؤال
رجل تاب من شرب الخمر، وبقي عليه دين لصاحب الخمر هل يدفعه له؟ وهل يقاس هذا على تارك التدخين؟.
الجواب
لا، لا يدفعه إليه، ومثله بائع الدخان؛ لأنهما لا يستحقان الثمن، لكن إذا حكم عليه قضاء، أو خاف من الضرر أو من الاعتداء عليه، فيدفع اتقاءً لذلك، والله أعلم.(11/10)
مطاعم الأكل حتى الإشباع
المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 17/2/1424هـ
السؤال
ما حكم ما يسمى بالأكل حتى الإشباع (البوفيه المفتوح) ؟ أفيدونا جزاكم الله خير.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: هذه المعاملة يشكل عليها أمران:
(1) الجهالة في مقدار الأكل.
(2) الإسراف في تناول الطعام.
أما الأمر الأول فإن الجهالة الموجودة في العقد لا تؤثر على صحته؛ لأنها مضبوطة بالشخص في وقت معين، والأشخاص وإن كانوا يتفاوتون في أكلهم إلا أن هذا التفاوت يمكن تقديره.
وأما الأمر الثاني: فإن الله سبحانه أباح الأكل من الطيبات، دون إسراف وفي هذا التصرف: ضرر على مال الإنسان، وعلى صحته، وفيه انغماس في الدنيا وركون لها، ويترتب على ذلك الانغماس في الشهوات والغفلة عن الآخرة. فالتمادي في هذا غير مرغوب فيه شرعاً، وأقل أحواله الكراهة، فالأصل فيه الجواز؛ إلا إذا أدى إلى إسراف، والله أعلم.(11/11)
أخذ أجرة على كفالة العمال
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 22/10/1424هـ
السؤال
ما حكم استقدام العمالة وفرض مبلغ شهري بقيمة (200 ريال على العامل الواحد) ، وعدم توفير فرص عمل لهم سوى المطالبة بسداد هذا المبلغ آخر الشهر دون النظر إلى عملهم؟ نرجو بيان الحكم، وخصوصاً أن هذا العمل منتشر بشكل كبير، فالبعض عنده ما يقارب 40 عاملاً, وجزاكم الله خيراً.
الجواب
هذا العمل لا يجوز، والمال الذي يأخذه سحت وذلك لأمرين، أحدهما: أن في فعله هذا مخالفة للأنظمة، ونحن متعبدون بطاعة ولاة الأمر في المعروف، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ" [النساء: من الآية59] .
الأمر الثاني: أنه أكل للمال بالباطل، فبأي حق يأخذ مال أخيه الذي اكتسبه بجهده وتعبه، وما مقابل هذا كله، ولعل عمله هذا داخل تحت قوله تعالى: "وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ" [البقرة: من الآية188] ، وإذا كان المال مال سحت فقد روى الترمذي (614) وأحمد (14441) والحاكم (4/422) وغيرهم من حديث جابر: "إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت النار أولى به".(11/12)
شفاعة صاحب المنصب
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 06/08/1425هـ
السؤال
أنا في منصب رفيع، وأخدم بعض الأصحاب، أتشفع لهم في بعض الأمور بلا ضرر على أحد، كتسجيل أو نقل، وطلبت من أحد الأشخاص أسماء رؤساء في الجهة التي أرغب في تسجيلهم فيها، لكنه رفض ذلك، وقال حرام لا تستغل منصبك واتق الله، حيث إني لا أضر أحدًا، ما الحكم في ذلك؟.
الجواب
الحكم أن الإنسان إذا شفع لغيره ليسجل أو أن ينقل أو نحو ذلك، وليس فيه ضرر على الآخرين، فإن هذا من المعروف والإحسان، والنبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "اشفعوا تؤجروا ويكتب الله على لسان نبيه ما شاء"، رواه البخاري (1432) ، ومسلم (2627) ، لكن إذا كان هناك ضرر بحيث إذا شفعت لشخص سيقدم على غيره في النقل، وهناك من هو أحق منه فينقل، ولكن بسبب شفاعتك أخرج المستحق، وقدم من شفعت له، فهذا لا يجوز؛ لما فيه من الظلم والعدوان، ومثل ذلك يقال في التسجيل ونحو ذلك.(11/13)
اختلاف الأسماء التجارية للمستحضرات الطبية
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 21/11/1424هـ
السؤال
أنا صيدلاني، أحيانًا تأتي وصْفَات تحوي أدوية ذات اسم تجاري معين غير متوفرة لدي، فأضطر لإعطاء المريض دواءً آخر يحتوي نفس المادة الدوائية الفعّالة تمامًا ونفس العيار، ولكنه ذو اسم تجاري آخر، (اختلاف الاسم التجاري يعود لاختلاف الشركة المنتجة فقط) ، فهل يجوز أن أفعل ذلك دون إعلام المريض؟ وذلك لأنه إذا علم سيظن أن الدواء الذي أعطيته إياه درجة ثانية، وسيؤثر ذلك على حالته النفسية، ويظن أن حالته لا تتحسن مهما حاولت أن أشرح له الأمر. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
يظهر لي - والعلم عند الله- أن هذا لا يجوز إلا إذا قام الصيدلي بإعلام المريض باختلاف الدواء الموجود عنده عن الدواء المذكور في الورقة، وفي هذه الحالة الذي يقرر هو الطبيب إما أن يتصل على الطبيب، وإما أن يأمر هذا المريض بمراجعة الطبيب، لكن أن يقرر - وهو متهم في هذا القرار - أنه لا فرق بين هذا الدواء المذكور وبين الدواء الموجود عنده هو متهم في هذا الكلام؛ لأنه قد يكون من باب ترويج هذه البضاعة الموجودة عنده، فالذي يظهر أنه لا يجوز له أن يفعل ذلك إلا إذا أعلم المريض، ورضي بذلك.(11/14)
أخذ أجرة شهرية على العامل
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 22/1/1425هـ
السؤال
أنا صاحب مؤسسة مقاولات، وأجد صعوبة في متابعة العمالة، وأريد أن آخذ من العمال مقداراً معيناً من المال من كل عامل، هذا على حسب طلبهم وهم يلحون علي في هذه المسألة قبل أكثر من سنتين، مع العلم بأني أنا الذي أقوم بمتابعتهم، وأنا المسؤول عند حدوث أية مشكلة لهم في البلد، وأنا الذي كنت أتابع أعمالهم من قبل أربع سنوات حتى تكونت لهم السمعة الطيبة؛ فهل من الممكن أن آخذ منهم مقداراً معيناً من المال عن كل عامل في الشهر؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الإنسان إذا اتفق مع شخص في عقد وجب عليه الوفاء به، والالتزام به من مراعاة المحافظة على الأنظمة المرعية في البلد الذي هو فيه، حيث إنه لم يستقدم هؤلاء للعمل إلا بموجب نظام للعمال وقد التزم به، والواجب عليه أن يلتزم بما اتفق معهم عليه عندما أبرم معهم العقد أولاً ولا يخالفه..
هذا من ناحية. الناحية الثانية: أن كثيراً ممن حالهم مثل حال هذا السائل أنه يأتي بعمال ويطرحهم في البلد ولا يدري عنهم ولا عن مقاولاتهم ولا عن أعمالهم، ولا عن التزاماتهم ووفائهم بالتزاماتهم، وهذا يسبب حدوث مشكلات كثيرة في البلد مما ينتج عنه قضايا حقوقية وأخلاقية وغيرها؛ فالواجب على الإنسان إذا كان لا يستطيع أن يدير عمله أن يبتدئ بالأعمال التي يستطيعها ويدع ما لا يستطيع، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.(11/15)
دفعوا له مالاً مقابل سكوته عن مطالبتهم بحقه
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 12/04/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: - حفظه الله تعالى -أشتغل في الأعمال الحرة، ووقعت في قفص الاتهام في قضية تزوير ظلماً ليس لي علاقة بها، وحكمت عليّ المحكمة بالسجن خمسة شهور تحت التعذيب وتشريد أسرتي وأطفالي، والآن بعد خروجي، وتمتع أصحاب التزوير بالأموال على حساب سجني واتهامي خرجت غاضباً عليهم أحاول الانتقام منهم، فعرضوا علي مبلغاً من المال مقابل سجني تلك الفترة وعلى أن أنسى ذلك الموضوع والواضح لدي أن هذا المال اكتسبوه من تلك الصفقة، فما حكم أخذي لهذا المال؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن كنت سجنت ظلماً، وليس لك تسبب فيما وقع عليك إلا الظلم فقط، وقد تسبب المزورون في سجنك فلا مانع من أن تأخذ تعويضاً عن السجن والتهمة التي لحقتك؛ قال في المقنع: (وإن حبسه مدة فهل تلزمه أجرته على وجهين) ، قال في الإنصاف: (أحدهما يلزمه وهو الصحيح) ، وقال في تصحيح الفروع (وهو الصواب) ، والسبب في هذا الحكم أن من تسبب في سجنك ظلماً توصل إلى تفويت منفعة وإلحاق ضرر، وهي مما يجوز أخذ العوض عنه، فإن اتفقت معهم على عوض مقابل ما تسببوا فيه فلا حرج، وإلا أمكن تحديده بتقدر الأضرار التي ألحقت به بسبب السجن سواء كانت تلفاً لأموال أو أمراض، أو أضرار معنوية وغير ذلك.
أما إن لم يتسببوا هم في سجنك وإنما حصل سجنك ظلماً من الحاكم أو خطأ من القاضي فهو الذي يتحمل التعويض.
وعلى كل حال فإن اتفقت معهم على تعويض تستلمه منهم عن سجن تسببوا فيه، فلا حرج عليك، ولو كان المال داخلاً عليهم بطريق محرم.
وإن اتفقت معهم على أخذ مبلغ لسكوتك عن الإبلاغ عنهم فهذا لا يجوز لك. أسأل الله تعالى لك التوفيق ولكل مسلم، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.(11/16)
الاحتكار والاستغلال
المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 7/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل لكم أن تعطوني نبذة عن الاحتكار والاستغلال في الإسلام, ومتى يكون التاجر محتكراً لمادة ما أو مستغلاً لمادة ما؟ مشكورين ومأجورين إن شاء الله.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فأقول وبالله -تعالى- التوفيق والسداد:
الاحتكار هو حجب السلعة عن البيع في وقت ما، ومكان ما، حتى يرتفع ثمنها أكثر مما تستحق، وذلك استغلالاً لحاجة الناس إليها، والاحتكار قد نهى عنه الإسلام، وخاصة الحاجات والسلع التي تتعلق بحياة الناس وضروريات الحياة؛ إذ احتكارها يؤدي إلى رفع أثمانها أضعافاً، وهذا يشق على الناس، وقد لا يستطيع الكثير منهم شراءها فيلحقهم بذلك الضيق والعنت، لذا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم- موضحاً حكم الاحتكار، إذ قال: "لا يحتكر إلا خاطئ" رواه مسلم (1605) ، والخاطئ هو المذنب العاصي، وقال عليه الصلاة والسلام: "من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقاً على الله أن يقعده بِعُظم من النار يوم القيامة" رواه أحمد (20313) ، والحاكم (2/12-13) ، والطبراني في الكبير (20/479-481) ، والبيهقي (6/30) ، وإسناده جيد، أي بمكان عظيم في النار، وقال عليه الصلاة والسلام: "من احتكر حكرة يريد أن يغلي على المسلمين فهو خاطئ" أخرجه الإمام أحمد (8617) ، والحاكم (2/12) ، والبيهقي (6/30) ، وهو حسن لغيره، وفي رواية بزيادة: "وقد برئت منه ذمة الله" فهذه النصوص تفيد النهي عن الاحتكار الذي يؤدي إلى رفع الأسعار واستغلال حاجة العباد الضرورية مما يتعلق بأقواتهم وأرزاقهم، وبعض العلماء عمم الحكم في جميع السلع، سواء المتعلقة بالأرزاق والمعاش وغيرها. هذا والله أعلم بالصواب.(11/17)
جزء من الأرباح لجهة خيرية، فهل أعلن ذلك؟
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 5/1/1425هـ
السؤال
يوجد لدي مشروع حالياً هو عبارة عن مغسلة ملابس، وتوجد لدي فكرة، وهي على أن أقوم بغسل البطانيات في المغسلة وأن أقتص أو أقطع ريالاً أو ريالين من قيمة الغسيل، وأن يكون هذا لصالح مدرسة تحفيظ القرآن عندنا، ولكن الأمر الذي يؤخر هذا العزم هل أقوم بإعلان ذلك أو أن أجعل هذا الأمر سري بيني وبين المسؤول عن هذه المدرسة حتى لا يدخل في العمل الرياء والسمعة، ولكن القصد من إعلان هذا الشيء حتى يقوم عدد كبير من الناس بغسيل البطانيات حتى يزيد التبرع لصالح مدرسة تحفيظ القرآن. بارك الله فيكم يا شيخنا الفاضل وأرجو منكم أن لا تنسوني من صالح الدعاء. وأن تدعو لي يا شيخ بالصلاح.
الجواب
نشكر هذا السائل على شعوره الكريم لأنه يقتطع جزءاً من استحقاقه أي أجرته على الغسيل ليكون ذلك مخصصاً لجمعيات تحفيظ القرآن فجزاه الله خيراً ونسأل الله أن يثيبه وأن يجزل مثوبته، أقول للأخ السائل إن كان يرى أن إعلانه هذا الاقتطاع سيجعله قدوة لغيره من المغاسل بحيث يكون منهم اقتداء وتقليد له في هذا العمل الصالح فلا شك أن إعلان ذلك أفضل من كتمه؛ لأن إعلان ذلك سيترتب عليه التتابع والتنافس في هذا العمل الخير، وأما إن كان لا يظن أن أحداً سيقتدي به فالأمر راجع إليه في إعلانه أو كتمه، وإن كتم ذلك وقدم ما يقدمه لجمعية تحفيظ القرآن دون أن يخبرهم عن سبب وجود هذا المبلغ، فنسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجزيه أجر عمله وابتغاءه بذلك وجه ربه، والله أعلم.(11/18)
يوزع الصحف وفي بعضها صور العري
المجيب يوسف أبرام
مدير المركز الإسلامي بزيورخ في سويسرا وعضو المجلس الأوروبي للافتاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 10/6/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمه الله ووبركاته.
أنا أملك شركة للنقل الخفيف في دولة أوربية من حوالي سنة أو أكثر قليلاً، تعاقدت مع شركة لتوزيع الصحف اليومية (المجلات الأسبوعية) ، حيث أقوم أنا بنقلها إلى المحلات العامة، لاحظت أن بعض المجلات والصحف تنشر بعض الصور الفاضحة، وبعض هذه المجلات متخصصة في هذه الصور، أنا أنظر إلى هذا العمل على أنه مثل سائق التاكسي ينقل الزبون وما يحمله إلى المكان الذي يريده، فأنا لا أبيعه ولا أشتري ولكنى أقوم بالتوصيل فقط، بالطبع ليس لي حق الاعتراض على ما أحمله، المشايخ الأفاضل من أهل الفتوى والعلم: ما رأي الشريعة السمحة في هذا العمل؟.وتقبلوا فائق الاحترام.
الجواب
الحمد لله وحده. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
اعلم أخي الفاضل أنه لا مجال للعقل أو القياس في مجال النص.
فقياسك نقل المجلات الخليعة على نقل الزبون وما يحمله قياس غير مستقيم؛ لأن سائق التاكسي غير مسؤول عما يحمله الزبون في حقيبته، ولم يحملنا الشرع ما لا طاقة لنا به، بل إن سائق التاكسي له أن يرفض أي زبون ولا يحاسبه أحد؛ لأنه أمير على سيارته، والقانون الأوربي -حسب علمي والله أعلم- لا يوجب على سائق التاكسي أن يحمل الزبون السكران والعنيف، وكل من يهدِّد سلامته.
إن قولك: (وبعض هذه المجلات متخصصة في هذه الصور) تشير بها -إن فهمتُ الإشارة- إلى أن تلك المجلات خليعة جنسية والعياذ بالله. وحينئذ يكون السؤال الرئيس: هل يجوز لك نقل هذه المجلات؟
الجواب:
لا يجوز لأن الله -سبحانه وتعالى- أمرنا بأن نعمل الخير ونتعاون عليه ونترك الشر ونتعاون على تركه، قال -عز وجل-: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] .
إن شراء هذه المجلات الخليعة والاطلاع عليها حرام. وتوزيعها كذلك.
إن العقلاء من الغربيين لا يشترون هذه المفاسد، ولا يتعاونون على نشرها، فما بالك بالمسلمين؟! ومن ثم فما حرم أكله وشربه واستعماله لا يجوز أن نعين على تداوله. ألم تر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-حرم شرب الخمر وبيعها وحملها وتهاديها وغير ذلك من المعاملات؟ فكل ما يعين على الحرام حرام.
وهل يجوز لك أن تؤجر سيارتك لمن يريد أن يستعملها للذهاب للخمارات والحانات وغيرها؟
وهل يجوز بيع السلاح للمجرمين وقطَّاع الطرق؟ الجواب لا، وهل يجوز نشر كتب الفساد والعقائد الباطلة؟ الجواب لا، وعليه فاستعمل سيارتك في الأعمال المباحة وما أكثرها والحمد لله، وإن لم تجد إلا نقل المحرمات فابحث عن شغل حلال، وخذ بنصيحة رسولنا -عليه الصلاة والسلام-فيما رواه جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها فاتقوا الله؛ وأجملوا في الطلب خذوا ما حل ودعوا ما حرم"* رواه ابن ماجة (2144) ، وانظر (صحيح أحاديث البيوع) ، الصحيحة (2607) .
وقال كذلك: "إنه ليس شيء يقربكم إلى الجنة إلا قد أمرتكم به، وليس شيء يقربكم إلى النار إلا قد نهيتكم عنه، إن روح القدس نفث في روعي: إن نفساً لا تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإن الله لا يُدرَكُ ما عنده إلا بطاعته". (حديث حسن انظر السلسلة الصحيحة رقم (2866) . والله أعلم.(11/19)
الوساطة.... والشرك
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 21/07/1425هـ
السؤال
هل تعتبر الواسطة نوعاً من أنواع الشرك بالله؟ يظن أن الواسطة هي التي تساعده وهي التي ترفعه وهي التي تسهل أموره، فهو بهذا يبتعد عن منهج التوحيد الحق، فهل تعتبر الواسطة نوعاً من أنواع الغش؟ من غشنا فليس منا ... غشنا بأنه أحضر لنا شخصًا، وقال إنه مناسب لهذه الوظيفة أو العمل، وهناك من هو أكفأ منه.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فالواسطة هي الشفاعة لإنسان في أمر يترتب عليه خيرٌ له. والشفاعة فيها تسبب لإيصال الخير للناس، ولذا فقد جاء الحث عليها، قال تعالى: "من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها" [النساء: 85] وعن أبي موسى -رضي الله عنه- قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء" أخرجه البخاري (1432) ، ومسلم (2627) ، وهي نوع من السعي في حاجات المسلمين وتفريج الكربات عنهم.
فإن ترتب على الشفاعة اقتطاع حق مسلم أو منع مستحق أو تأخير مَنْ حَقّه التقديم فهذه الشفاعة محرمة، وهي نوع من الغش، وظلم للمستحق وظلم للمجتمع بتقديم غير الأكفاء.
وإذا اعتمد الإنسان على (واسطته) ومن يشفع له اعتماد افتقار يشعر معه بالذلة إليه والعجز التام لولا مساعدته، ويؤدي به لتعلق القلب التام فهذا من الشرك قال تعالى: "وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين" [المائدة: 23] . والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(11/20)
أخل بشرط الحكومة فهل تحل له المكافأة؟
المجيب د. عبد العزيز بن فوزان الفوزان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 24/04/1425هـ
السؤال
لقد تحصلت أنا وزوجي على الإقامة الكندية، ويحق لمن عنده الإقامة أن يدرس حوالي ثلاث سنوات والدولة تعطيه راتباً شهرياً يكفيه للمعيشة، ولكن تشترط عليه الجهة المسؤولة على ذلك عدة أمور، ويتم التوقيع على ذلك للشخص الذي يريد الدراسة، وزوجي فعل ذلك، ومن هذه الشروط ألا يقوم بممارسة أي عمل يتحصل من خلاله على مال وإنما يتفرغ للدراسة، وزوجي عمل عدة شهور، فما حكم ذلك المال الذي تحصل عليه من عمله.
ثانياً: يشترط أيضا أن تكون الزوجة تعمل أو تدرس إذا لم يكن لها أطفال دون السنتين، وفي بداية دراسة زوجي كان عندي طفلة دون السنتين أما الآن فلا، فطلبوا مني أن أخرج للعمل أو الدراسة فلم أفعل، فقطعوا عن زوجي ثلث الراتب، وبعدها وجدنا والحمد لله مدرسة غير مختلطة بالرجال، فذهبت إليها فأعادوا لنا الراتب كما كان بعد أن تسلموا ورقة من المدرسة التي أنا فيها، وسؤالي هو أني لم أذهب إلى هذه المدرسة إلا أياما معدودة، وأخيراً قررت عدم الذهاب، وأنا لي الآن حوالي أربعة أو خمسة أسابيع لم أذهب، والراتب الذي يتحصل عليه زوجي ما زال كاملاً لم ينقص، فما حكم هذا المال الذي يعطونه لزوجي مقابل ذهابي إلى المدرسة وأنا لم أذهب منذ فترة طويلة.
الجواب
يجب الالتزام بهذه الشروط ما داموا قد التزموا بها ووقّعوا عليها، والله -عز وجل- يقول: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة:1] ، وقال -عز وجل- في وصف عباده المؤمنين: "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون" [المؤمنون:8] ، وقال -عز وجل-: "وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً" [الإسراء:34] ، والنبي - عليه الصلاة والسلام- يقول: " المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً" رواه الترمذي (1352) ، وابن ماجة (2353) من حديث عمرو بن عوف المزني -رضي الله عنه-، وما دام أنهم اشترطوا عليهم هذه الشروط وهي في الواقع مما يحقق المصلحة لهما وأيضاً يخدم المصلحة العامة فيجب عليهم الالتزام بهذا الشرط ولا يجوز لها مخالفته.
وأما المال الذي أخذه زوجها وهو يعمل عدّة شهور هو مال حلال -إن شاء الله-؛ لأنه أخذه مقابل عمل لكنه آثم على مخالفة الشرط، وهي الواجب عليها أن تكون صادقة معهم، فإذا سألوها هل ما زالت تدرس أو لا؟ فيجب أن تخبرهم بالواقع، ولا يجوز لها الكذب عليهم.
ولا شك أن كذبها عليهم لو حصل ذلك إمّا أن يشوه صورة الإسلام وأهله، لأنها -مع الأسف- إذا كذبت لا تكذب على نفسها فقط، بل هي تعطي صورة سيئة عن دينها فهي أنموذج له ومثال على الإسلام شاءت أم أبت، فإذا كذبت فقد يظن بأن هذا هو الذي يرخص به دينها أو يأمرها به، فيكون ذلك من أسباب الصد عن سبيل الله وتشويه صورة الإسلام والمسلمين فلا يجوز مثل ذلك.(11/21)
البيع على القوات المحتلة ما لا تتقوى به على حرب المسلمين
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 15/08/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أنا مواطنة عراقية، أعمل في مجال إعداد الأزياء الفلكلورية ذات الطابع التراثي والتاريخي، قبل الاحتلال كنت أبيع منتجاتي للعراقيين والأجانب المقيمين داخل وخارج العراق، ويشكل دخلي من عملي هذا جزءًا كبيرًا في معيشتنا العائلية، والحمد لله، بعد سقوط بلدنا العزيز بيد القوات المحتلة عرض علي بعض الأصدقاء ببيع منتجاتي للأمريكان المحتلين عن طريق شركة عراقية، وبعد مناقشة طويلة سألت بعضًا من رجال الدين، وقد حصلت على إجابات متضاربة، وعدت إلى بعض كتب فقه السنة التي استطعت الحصول عليها ولم أجد بها ما يساعدني على اتضاح الصورة غير نهي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، عن بيع السلاح في الفتنة، وبعد مناقشة الموضوع مع أسرتي عدت إلى استفتاء قلب، ي وقلت بأن الدول المسلمة وخاصة العربية عاشت سنوات طويلة في ظل الاستعمار، فكيف كان حال الناس وقتها؟ وإن أغلب العاملين الآن في العراق إن لم يكونوا كلهم هم بالتالي يتعاملون مع المحتلين سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة شاءوا أم أبوا، إن ما أحصل عليه من مال هو أصلاً مالنا، فكأنني والآخرين من أمثالي نسترجع جزءًا ولو بسيطًا من أموال العراق المسلوبة. أرجو من سماحتكم أن توضحوا لي موقف ديننا الحنيف في حالتي التي ذكرتها. وبارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
إذا كان عملكِ في الأزياء والتراث الشعبي والتاريخي، فلا شيء عليكِ في ذلك، وكذلك بيعها للكفار المحتلين أو غيرهم؛ لأن تعامل المسلم مع الكافر بالبيع والشراء وسائر العقود الشرعية جائز لا شيء فيه- والحمد لله- فإن الرسول صلى الله عليه وسلم تعامل مع المقوقس القبطي ملك مصر، ومع أكيدر أمير دومة الجندل، ومع صفوان بن أمية، وأجرى مع هؤلاء وغيرهم عقود الهدية والهبة والاستعارة وسائر عقود البيع والشراء، وكذلك صحابته، رضي الله عنهم، من بعده، فقد آجر علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، نفسه عند يهودي يسقي له ماء من بئر في كل دلو بتمرة، وعاش رسول الله صلى الله عليه وسلم- جزءًا من حياته في كنف عمه أبي طالب يحوطه ويذود عنه، وهذه الحماية يقصر دونها الطعام والشراب، وإعانة الكفار الممنوعة زمن الفتنة هي ما تتقوى به أو تضعف بدونه قوة الكفار وشوكتهم على المسلمين، ولذلك مثَّل له العلماء ببيع السلاح للكفار وقت الفتنة، أي قيام الحرب بينهم وبين المسلمين، ويلحق به بيع الطعام والشراب لهم إذا لم يستطيعوا جلبه إلا من المسلمين، فيحرم بيعهم حينئذ لتوقف حاجتهم له على المسلمين حينئذ.
وعلى هذا فإن عملكِ الأزياء الفلكورية ذات الطابع التراثي والتاريخي لقوات الاحتلال وغيرهم من الكفار جائز لا شيء فيه- إن شاء الله- حيث الأصل فيه الإباحة وليس فيه إعانة أو تقوية للكفار. والله أعلم.(11/22)
فتح الدكان باسم شخص آخر
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 05/07/1425هـ
السؤال
ما حكم فتح محل تجاري باسم شخص لا يعمل بوظيفة حكومية أو المشاركة فيه؛ لأن النظام لا يسمح لموظفي الدولة فتح محلات تجارية بأسمائهم؟ علماً بأن أغلب المحلات ليست بأسماء أصحابها؛ بسبب أنهم موظفون بوظائف حكومية.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالجواب: أن فتح الموظف محلاً تجارياً باسم شخص آخر غير موظف لا ينبغي؛ لما ينتج عنه من نزاع وخلاف بين الطرفين في الغالب، علماً بأن المحل التجاري يحتاج إلى سجل تجاري، وهو سيكون باسم آخر غير صاحبه الحقيقي، ومعلوم أن تبعات السجل التجاري إنما تكون على الشخص الذي سجل باسمه، وكذا المسؤولية أمام الجهة المختصة، وأيضاً هذا التصرف فيه مخالفة للأنظمة التي وضعها وليُّ الأمر، وهي في صالح المجتمع، حيث النظام منع الموظف من إعطائه سجلاً تجارياً لفتح محل تجاري، من أجل ألا ينشغل عن عمله المنوط به، والذي قد أخذ عليه أجراً، وأجاز ذلك لغير الموظف لإتاحة الفرصة له ليتحصل على لقمة العيش، ففي هذا النظام مصلحة عامة وخاصة.
أما مشاركة الموظف لشخص آخر عنده محل تجاري وسجل تجاري ففي نظري أنه لا بأس به، بشرط ألا تضر هذه المشاركة بعمله الوظيفي. والله أعلم.(11/23)
العروض المنافسة والنهي عن بيع المسلم على بيع أخيه
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 07/04/1426هـ
السؤال
هل تقديم عرض أسعار منافس لسلعة معينة، لشركة قد تعاقدت مسبقاً لشراء نفس السلعة مع مورد آخر، هل هذا العرض يعتبر بيعاً على بيع أخيك؟ أرجو توضيح الأمر لأنه ملتبس علي، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإذا كانت الشركة قد تعاقدت بالفعل مع المورد الآخر لشراء نفس السلعة التي تنوي تقديم عرضك عليها، فتقديم العرض في هذه الحال يعد من بيعك على بيع أخيك، أما إذا كانت الشركة قد تعاقدت مع المورد الآخر في صفقة سابقة، وأرادت تجديد الصفقة لنفس السلعة، أو كانت تستورد من ذلك المورد بشكل دوري دون الالتزام بمدة محددة لعقد الاستيراد، وإنما تجري المحاسبة بينهما عن كل مرة على حدة، فينظر: فإن كان الطرفان قد ركن كل منهما إلى الآخر، بحيث إنهما اتفقا على السلعة وما يقابلها من السعر، فيحرم دخولك في هذه الحال؛ لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن سوم الرجل على سوم أخيه، وهذا مثله، أما إذا لم يجر بينهما تفاوض على الصفقة الجديدة، أو جرى بينهما ذلك ولكن لم يتفقا بعد (أي لم يركن كل منهما إلى الآخر) ، أو كانت الشركة هي التي طلبت تقديم العروض، أو أرادت الشركة البحث عن عرض أفضل، فلا يحرم عليك الدخول في جميع هذه الحالات، ولا يعد ذلك من البيع على بيع أخيك. والله أعلم.(11/24)
حوافز للدخول إلى الموقع
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 13/09/1425هـ
السؤال
يوجد في بلدنا شركة إنترنت، لها رقم للدخول على الإنترنت مثل العديد من الأرقام الموجودة في بلدنا، لدى العديد من الشركات، وهذه الشركة لكي تحقق الدعاية لها تفعل التالي:
1-تجعل من يدخل على الرقم الخاص بها بعد أول 40 ساعة له يكسب يومًا مجانًا في قرية سياحية.
2- بعد أول 100 ساعة يكسب موقعًا مجانًا على الإنترنت، مساحته 5 ميجا بايت.
3-لو جمع 12 رجلاً من أصحابه وعرفهم على الرقم الخاص بالشركة وأقنعهم بالدخول عليه يضاف مجموع الساعات التي يدخلونها من رقم الشركة إلى رصيده، وعندما يصل مجموع ساعاته وساعات أصحابه إلى 1200 ساعة يكسب 100 جنيه. فما حكم الشرع في ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالأصل في الحوافز التجارية التي يضعها التجار لتسويق منتجاتهم الجواز ما لم تشتمل على محظور شرعي من ربا أو غرر أو ظلم، ولا يظهر في الحوافز التي وضعتها هذه الشركة- حسب الوصف المذكور- شيء من هذه المحاذير، ويعد الحافز الذي تقدمه الشركة جزءًا من العقد يلزمها بَذْلُه إذا وفى العميل بشرطه، ويجب أن يكون هذا الحافز محددًا ومعلومًا للمستهلك حتى تنتفي الجهالة عن العقد. وإذا كان الحافز جُعلاً (أي أجرًا) يعطاه العميل في حال قيامه بالتسويق للشركة- كالحافز المذكور في الفقرة الثالثة من السؤال- فالعقد يسمى عقد سمسرة، وهو من العقود الجائزة في الشريعة سواء أكان أجر السمسار نقدًا أو عرضًا أو خصمًا من قيمة المبيع. والله أعلم.(11/25)
يؤجر دكانه ببضاعته
المجيب علي بن سالم بن سعيد بكيّر
عضو مجلس الشورى بالجمهورية اليمنية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 24/11/1425هـ
السؤال
ما حكم المعاملة التالية: رجل يؤجر دكانه ببضاعته التي فيه، ويأخذ على ذلك إيجارًا مثلًا 10000ريال في الشهر، وبعد انتهاء العقد يأخذ الرجل دكانه ببضاعته التي كانت فيه، هل يعتبر هذا ربًا؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إن هذه المعاملة فاسدة وغير صحيحة شرعًا، ولا يجوز التعامل بها، وإن كانت لا تدخل تحت صور الربا، فكل ربًا حرام، وليس كل حرام ربًا، والطريقة الصحيحة لصحة هذه المعاملة أن يؤجر صاحب الدكان دكانه على الرجل الذي اتفق معه بأجرة معلومة ومدة معلومة، ثم يثمن البضاعة التي فيه ويبيعها عليه بيعًا صحيحًا بشروطه؛ لأن الإجارة ترد على المنافع، والبيع يرد على الأعيان. والله أعلم.(11/26)
خلطت المال بعضه ببعض، فكيف تميز؟
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 24/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لي قريبة إذا ذهبت أو سافرت تعطيني مفاتيح الخزنة كي أصرف على البيت -والحمد لله، كنت أقوم بواجبي على أكمل وجه، وذات يوم وجدت ظرفين على كل ظرف اسم أحد أقربائها (يدفعون بالراتب إليها لتحفظها لهم) فدفعني الفضول إلى فتحهما، فوجدت المال وعددته، واختلط المال بعضه ببعضه فوضعت النقود المختلطة بالظروف وذهبت، وبعد ذلك بأشهر قالت لي: إن فلانًا يقول إنني سارقة ولم أدفع له حقه كاملاً. وحصل بسبب ذلك تقاطع، والآن أنا نادمة على ذلك، ولا أعلم كيف أرد له حقه، علمًا أن ذلك حدث منذ أكثر من 20 سنة، وكل الشخصين حصل على وظيفة مرموقة وسكن بمدينة خارج مدينتنا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالذي يظهر من سؤالك أنكِ لم تأخذي شيئًا، وإنما أخرجت النقود من الظرفين، فاختلطت ببعضها، وأنتِ تجهلين كم يحتوي كل ظرف، فوضعتِ في كل ظرف نقودًا ورددتها إلى مكانها، وتبين لأحد الرجلين نقص نقوده، فاتهم قريبتك بالسرقة، وهي في الحقيقة لم تسرق وإنما ذهبت بعض نقوده إلى ظرف آخر، وهي لا تعلم السبب، وفعلك هو السبب، وبناء على ذلك يجب عليك أن تسعي في إزالة آثار هذا الخطأ، وذلك بأن توصلي حقيقة الأمر إلى الشخص الذي ذهب عليه بعض نقوده، إما أن ترسلي له ثقة من الرجال أو ثقة من النساء تخبره بالواقع وتطلب منه أن يجعلك في حِلّ، وإما أن تكتبي له رسالة سريَّة بذلك؛ ولعله أن يعفو بعد هذه المدة ويترك المقاطعة، وكذلك خطؤك جرّ على قريبتك ضررًا وتهمة، فإن استطعت أن تخبريها وتطلبي منها السماح، ولا تخشي في ذلك ضررًا أكبر من موجدة أو قطيعة رحم فافعلي، وإن خشيت ضررًا ومفسدة أكبر، أو كانت توفيت فأكثري من الدعاء والاستغفار لها ولنفسك، وأما الرجل فإن لم يجعلك في حل فيلزمك أن تضمني له نقوده؛ لأنك السبب في ذهابها عليه، وأشكرك على ندمك وإحساسك بخطئك وسؤالك عما يكفره. وفقك الله تعالى، ويسر أمرك وغفر لنا ولكِ. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/27)
هل هذا التزوير مشروع؟!
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 22/11/1425هـ
السؤال
لسلام عليكم.
كنت أعمل في المملكة، وعند خروجي منها أنهيت كافة التزاماتي التعاقدية، وحسب العقد قدمت استقالتي قبل شهر من نهاية العقد وقُبلت استقالتي، وحصلت على تأشيرة خروج نهائي، ولكي أتمكن من العودة إلى المملكة مع شركة أخرى أحتاج خطاب إخلاء طرف من الشركة الأولى تخلي طرفي من أي مسئولية مالية، وتبيح لي العودة للعمل في شركة أخرى، لكن الشركة الأولى رفضت إعطائي إخلاء طرف، وبدون أي وجه حق، فقد كنت موظفًا مثاليًّا عندهم، والشركة كانت قد قدمت لي عقد عمل بلغتين عربي وإنجليزي، لكن كان هناك اختلافًا بين اللغتين، زوجتي غضبت من فعل الشركة وقررت تزوير خطاب إخلاء طرف، ونجحت في ذلك، وتم تصديق الخطاب بصورة رسمية، لكن في نفسي شيء من استخدام هذا الخطاب، وإذا لم أستخدمه أخسر عملًا ممتازًا جديدًا معروضًا علي، ثم يجب علي البقاء سنتين قبل التمكن من الحضور إلى السعودية للعمل. أرجو توضيحًا منكم في ما إذا كان يجوز لي استخدام هذا الخطاب.
الجواب
لحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا يجوز لك استخدام خطاب إخلاء الطرف المزوَّر، ولا يجوز اكتساب الرزق بطريقه؛ لأنه باطل، وما بني على الباطل فهو باطل، ويتعين على زوجتك أن تتوب إلى الله ولا تعود مرة أخرى. وتحرُّجك من استخدام هذا الخطاب علامة على صدق إيمانك- إن شاء الله؛ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ". أخرجه مسلم (2553) . ولقوله: " الْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ". أخرجه أحمد (18006) . وعليك أن تقاضي الشركة عند الجهة المختصة عن هضم حقوقك، والخلاف بين اللغتين العربية والإنجليزية، واصبر يا أخي، واحتسب، وجاء في الأثر: مَن ترَك شيئًا للهِ عوَّضه اللهُ خيرًا مِنه. والله أعلم.(11/28)
استيفاء الحقوق من غير قضاء
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير
عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 19/08/1425هـ
السؤال
إذا كان مدير شركتي ظالمًا، ويأكل حقوق بعض الناس، ويعطي البعض الآخر أموالاً لا تحق لهم. فهل يجوز إذا سنحت لي الفرصة أن آخذ حقي بيدي رغماً عنه، أو دون علمه؟. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا كان مدير الشركة ظالما يحابي بعض الموظفين، ويأكل حقوق بعض الناس، فهو يتحمل مسؤولية ظلمه وتفريطه في حمل الأمانة، لكن هذا غير مسوغ أن يفتح الباب لكل موظف أن يمد يده على أموال الشركة ليأخذ ما يظنه حقًا له، لما في ذلك من تعريض الشركة للفوضى، وتوسيع دائرة الفساد الإداري فيها.
وعليه فلا يجوز للموظف أن يأخذ شيئًا دون علم المسؤول، ويمكنه التوصُّل إلى حقوقه بالطرق النظامية بالتقدم للمسؤول مباشرة، أو عن طريق المحكمة والجهات القضائية. والله أعلم وأحكم.(11/29)
التهرب من الضرائب
المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار
أستاذ جامعي في جامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 21/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا مقيم في دولة غربية، وأعمل وأدفع الضرائب، يقتطع من الراتب بشكل منتظم وكل شخص يعمل هنا يدفع الضريبة، وهذه المبالغ تذهب للعلاج الطبي وللتعليم، وللأشخاص الذين لا يعملون، ويجد نسبة من المسلمين يتاجرون ويتهربون من الضرائب استنادًا لفتوى بعض العلماء، مع العلم أنهم يستفيدون من التعليم المجاني والطب المجاني، ويحصلون على مساعدات من الدولة، وعندما تسألهم كيف تتهربون من الضرائب وأنتم في نفس الوقت تأخذون أموالاً من الدولة، يقولون هذا نظام البلد أفتونا جزاكم الله كل خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا يجوز لهم ذلك، فالعقد شريعة المتعاقدين، والله - جل وعلا- أمر بالوفاء بالعقود "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة: من الآية1] ، فهؤلاء الذين يتهربون من دفع شيء تعاقدوا عليه، ويأخذون أشياء لهم، ويمتنعون من دفع أشياء عليهم أخطأوا من وجهين: الأول: عدم الوفاء بالعقود، والثاني: أنهم يأخذون حقوقاً ليست لهم ويتهربون من دفع حقوق عليهم. فالواجب عليهم أن يدفعوا ما يطلب منهم، وإذا كانوا يتحرجون من ذلك، فلا يستفيدوا من الخدمات التي تقدم لغيرهم مقابل دفع هذه الأموال المطلوبة منهم. والله أعلم.(11/30)
وهبت نصيبها من الإرث للذكور من أحفادها
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 04/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
جدتي قد ورثت من أبي، وترغب في التنازل عن نصيبها لأبناء أبي الذكور، فهل لها الحق في ذلك؟ وهل يلزمها الذهاب لكتابة العدل لتوثيق ذلك، أم يكفي توثيق ذلك خطيًّا وبشهادة الشهود العدول؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
نعم يجوز لهذه المرأة التنازل عن نصيبها من إرث ابنها لأولاده، وذلك لأن الأمر بوجوب العدل جاء في حق الأولاد، بقوله عليه الصلاة والسلام: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" أخرجه البخاري (2587) ، ومسلم (1623) . وقد أخذ منه بعض أهل العلم وجوب العدل في العطية بين الأقارب غير الأولاد.
أما الذهاب لجهات التوثيق ككتابات العدل، فهذا ليس شرطاً شرعياً، وإنما هذا أحسن من جهة حفظ الحقوق، وعدم وجود المشاحنات. والله الهادي إلى سواء السبيل.(11/31)
هل لغير القصر حق في الراتب؟
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 13/09/1425هـ
السؤال
والدي توفي- رحمه الله- ولديه تسعة قُصَّر وزوجتان، وله أبناء وبنات كبار، منهم من يسكن بالمنزل، ومنهم خارجه، الموجودون ليس لهم دخل، فيعيشون من راتب القصَّر، فراتب القصر أصرف عليهم منه وأسدد فواتير الكهرباء والماء منه، وأكلهم وشربهم منه، وبعض من الراتب أعطيه أمهات القصر والمتبقي أوفره لهم، السؤال: هل أنا مخطئ بهذا التصرف؟ وهل إخوتي الذين لا يخصهم الراتب لهم حق أن يأكلوا ويشربوا ويناموا بالبيت مع أصحاب الراتب (القصر؟) جزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
العمل الذي ذكرته بالسؤال عمل صحيح فيما يظهر؛ لأن الراتب المذكور نفقة للقُصَّر، وقد وضعته في موضعه وليس بتركة، فلا حق للكبار الذين لا يحتاجون إليه فيما ذكرت، ولا بأس أن يناموا مع القُصر في البيت المذكور. والله الموفق.(11/32)
تبرعات الكفار لبناء المساجد!
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 09/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
ما حكم أخذ تبرعات من الكفار لصالح مشاريع إسلامية، مثل بناء المساجد أو دور العلم؟ هل يجوز لنا أخذ المال النقدي أو أي نوع من التبرعات؟ قد بدأنا في مشروع ولكن إمكانياتنا محدودة. وما مدى تأثير طلب الدعم من أفراد من الكفار في المجتمع الكافر على سمعة وكرامة الإسلام في عيون الكفار؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بناء المسجد وعمارته نوعان: حسية ومعنوية، وهو ما يشمله لفظ العمارة في قوله تعالى: "ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين" [التوبة:18،17] ، فالعمارة الحسية والمعنوية في حق المؤمن جارية ومقبولة، وهي في حق الكافر جارية ممنوعة غير مقبولة، وأقصد (جارية) أنها قد تقع ولا أجر له في الاثنتين، بدليل قوله تعالى: "وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً" [الفرقان:23] ، فالكافر قد يعمل أعمال البر والخير والنفع العام، ولكن لا أجر له على فعله، وعمارة المسجد المذكورة في الآية فسرت بالعبادة الشرعية التي هي العبادة المعنوية.
وبعض السلف قصر لفظ (المساجد) في الآية على المسجد الحرام خاصة لأنه قبلة المسلمين، ولذا عبر عنه بالجمع، وعلى كل يجوز لكم قبول التبرعات من الكفار لبناء المساجد أو دور العلم ومراكز الدعوة؛ لأن هذا من الكافر بمثابة الهدية للمسلم، وقبول هدية الكافر جائزة، فقد قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- هدية المقوقس النصراني ملك مصر. انظر الآحاد والمثاني (3124) والطبراني في الأوسط (7305) ، وقبل الهدية من ملك الروم. انظر سنن أبي داود (4047) ، وكان إذا قبل الهدية جازى عليها بمثلها وأحسن منها انظر صحيح البخاري (2585) ، والممنوع أن يكون للكافر ولاية أي (مسؤولية) في المسجد، كأن يكون ناظراً في المسجد أو متصرفاً في أوقافه.
أما استئجاره واستخدامه لنحت حجارة المسجد أو البناء والحدادة والنجارة ونحو ذلك فجائز شرعاً ولا شيء فيه.
وإذا جاز قبول الهدية أو التبرع من الكافر لبناء المسجد وخدماته فلا ينظر بعد ذلك إلى حساسية شخصية عند بعض الناس، ولا ينقص ذلك من كرامة المسلم ودينه عند غير المسلمين، بل سترفعه في أعين العقلاء؛ لأنه لا يسعى في طلب التبرع لشخصه، وإنما لمصلحة عامة لدينه، لاسيما إذا كان المسجد أو المشروع الخيري سيقام في ديار الغربة بين ظهراني الكفار. والله أعلم.(11/33)
المتاجرة في العراق حاليًّا
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 06/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق، وفي ظل هذه الحكومة المنصَّبَة من قبل الاحتلال، هل يجوز للتاجر المسلم أن يتاجر بأمواله في العراق بما يخدم الشعب العراقي دون التعامل مع المحتل أو نفعه؟ وهل يجوز له تصدير البضائع إلى هناك للمتاجرة بها وبيعها على العراقيين؟ وإذا كان لابد له من التعامل مع المحتل أو مع الحكومة الانتقالية الحالية ببعض المعاملات الرسمية التي تفسح له المجال للمتاجرة هناك، فهل عليه إثم في ذلك؟ أرجو التفضل بالرد بالتفصيل مع التكرم بذكر المحذورات التي ينبغي تجنبها في حال الجواز، وذكر الأحوال التي يجوز فيها التعامل إن كان الحكم هو الحرمة. وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نعم، يجوز التعامل بالتجارة مع الشعب العراقي، بل لك الأجر إذا وفرت له السلع الضرورية التي يحتاجها، وتعاملك مع الحكومة الانتقالية الحالية جائز أيضًا ما دامت السلع التي تتاجر بها مباحة، وإجراء المعاملات الرسمية معها جائز أيضًا؛ لأنك لا تتعامل معها إلا بحلال، ولأنها هي التي تملك إدخال البضائع التجارية إلى الشعب العراقي، وتعاملك معها من أجل إيصال البضائع إلى الشعب العراقي، فهي بمثابة الوسيلة إلى المباح، والقاعدة الشرعية تقول: (الوسيلة لها حكم الغاية) . فوسيلة المباح مباحة، أما التعامل مع الكافر المحتل المستعمر للبلاد فلا يجوز، والعلماء نصوا على عدم جواز بيع السلاح أو الطعام ونحوه للعدو، أو زمن الفتنة، ووسيلة الحرام حرام. والله أعلم.(11/34)
قراءة الصحف بدون شراء
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 18/05/1426هـ
السؤال
ما حكم من يقرأ ويطَّلع على الصحف والمجلات في (البقالات والأسواق) من غير أن يدفع القيمة، بل ويتصفَّح كل العناوين؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: فإن كان القارئ لا يقرأ إلا مجرد العناوين الكبيرة والبارزة فلا حرج عليه إن شاء الله تعالى؛ لأن هذا مما جرت العادة أن يتسامح به، أما إن كان يريد قراءة الجريدة تفصيلاً فلا ينبغي له ذلك، إلا بإذن من مالكها، هذا إن كانت الجريدة من الجرائد النافعة، أما الجرائد والمجلات غير النافعة فلا ينبغي قراءتها على كل حال، فإن كان في قراءتها مصلحة له فله قراءتها ولو بدون إذن؛ لأنه لا حرمة لها. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/35)
احتساب نسبة التضخم في الديون
المجيب د. خالد بن عبد الله المصلح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 25/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
هل من الرِّبا احتساب سعر التضخم في الديون والمطالبات؟
لتوضيح السؤال: بعض الجهات تطالب المتسلفين منها بسداد الدين، إضافة إلى حجم التضخم (الذي يتغير من عام إلى آخر) جزاكم الله خيراً.
1ـ التضخم: هو تخفيض قيمة النقد.
2ـ يكون هناك تضخم عندما تزداد كمية النقد التي يتداولها الناس بسرعة أكبر من تزايد السلع التي يستطيعون شراءها.
3ـ هناك تضخم عندما يريد الناس أن يستهلكوا أكثر مما ينتجون.
4ـ عندما يكون هناك تضخم، فإن لنا مصلحة في الاقتراض من أجل البناء أو شراء الأرض بشكل خاص.
5ـ التضخم مرض اقتصادي.
6ـ التضخم هو نتيجة الرأسمالية.
7ـ التضخم هو نتيجة التبذير، وسوء إدارة الأموال العامة من قبل الدولة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله
احتساب نسبة التضخم في الديون والمطالبات لا يخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يكون متفقاً عليه عند التعاقد، وذلك بأن يتفق طرفا العقد على أن تراعى نسبة التضخم عند إنشاء الدين، بحيث تحفظ قيمة النقود الشرائية التبادلية للمدفوعات المؤجلة من النقص، فيتضمن العقد شرطاً يضمن به المدين أو من عليه الحق ما يطرأ من نقص في قيمة النقود الورقية التي جرى عليها التعاقد. وهذه الطريقة تعرف في علم الاقتصاد بالربط القياسي. وقد اختلف أهل العلم في جواز هذا الشرط على أقوال، أقربها إلى الصواب جواز مراعاة نسبة التضخم في الديون والمدفوعات المؤجلة، وذلك ربط بمستوى الأسعار، لكن يشترط لجواز ذلك أن يكون التضخم متوقعاً، وأبرز أدلة ذلك:
أولاً: ما روى أحمد (4883) ، وأبو داود (3354) من طريق سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله! إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذا من هذه. وأعطي هذه من هذا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء ".
وجه الدلالة من الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترط لصحة وفاء الدراهم عن الدنانير أو الدنانير عن الدراهم أن يكون ذلك بسعر يوم القضاء، وهذا الشرط يحقق القصد المنشود من اشتراط مراعاة نسبة التضخم.
ومما قيل في علة هذا الشرط: إن أخذ الدراهم عن الدنانير أو الدنانير عن الدراهم جارٍ مجرى القضاء، فيقيد بالمثل كما لو قضاه من الجنس.
والتماثل هاهنا من حيث القيمة؛ لتعذر التماثل من حيث الصورة. فجعل من شروط صحة أخذ الدراهم عن الدنانير أن يكون بسعر يوم القضاء، تحقيقاً للتماثل في القيمة لما تعذرت المثلية في الصورة.
ثانياً: إن مما يدل على جواز مراعاة نسبة التضخم في الديون والمدفوعات المؤجلة إذا كان التضخم متوقعاً أنه وسيلة وأداة لتحقيق العدل الذي هو أصل واجب في جميع المعاملات؛ ومن القواعد: أن الوسائل لها أحكام المقاصد.(11/36)
ثالثاً: إن مما يعضد هذا القول أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة، فلا يحرم على الناس من المعاملات التي يحتاجون إليها إلا ما دل الكتاب والسنة على تحريمه، وليس هناك دليل على تحريم هذه المعاملة، فيبقى على الأصل، كما أن الحاجة داعية إليه، وذلك لما تتسم به النقود الورقية من كثرة التذبذب والتقلب وحدّتها وكثرة المداينات.
رابعاً: أن المصلحة داعية إلى هذا؛ لأن عدم اعتبار نسبة التضخم مع الاضطراب الحاصل في قيمة النقود الشرائية التبادلية يسبب نقص القيمة التبادلية للنقود لا سيما في الديون والقروض الطويلة الأجل فاعتبار نسبة التضخم يدفع هذا الضرر ويحقق المصلحة.
الحال الثانية: أن لا يكون هناك اتفاق بين المتعاقدين على اعتبار التضخم عند التعاقد ويطرأ تضخم أو تزيد نسبته بما يحصل به على الدائن ضرر لا يتسامح به عادة.
وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في وفاء هذه الديون والالتزامات، هل يكون بما جرى عليه التعاقد قبل انخفاض القيمة الشرائية التبادلية للنقود، أو يكون بغير ذلك على ستة أقوال أرجحها القول بمراعاة التضخم الطارئ، ووجوب رد قيمة ما ثبت في ذمة المدين من الأوراق النقدية، لا قدرها. ووجه ترجيح هذا القول ما يلي:
أولاً: أن انخفاض القوة الشرائية التبادلية للنقود الورقية يُعدُّ عيباً مؤثراً يحول دون إلزام الدائن بها؛ لأنها بعد نقص قيمتها الشرائية أصبحت دون حقه الذي رضي به في العقد.
ثانياً: أن الواجب في الديون بذل مثل ما ثبت في الذمة، وانخفاض القيمة التبادلية للنقود الورقية يفوت ذلك، فتجب القيمة للدائن.
ثالثاً: أن الدائن بذل شيئاً منتفعاً به؛ ليأخذ شيئاً منتفعاً به. وفي إعطائه ما انخفضت قيمته الشرائية التبادلية من النقود الورقية تفويت لأهم ما يقصد بالعقد.
هذا بعض ما يستدل به للقول بالجواز، والله تعالى أعلم، ولمزيد تفصيل وتقرير في هذه المسألة طالع ما كتبته في كتاب التضخم النقدي في الفقه الإسلامي.(11/37)
الضرائب الحكومية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 05/05/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ما حكم الضرائب الحكومية على المسلمين من الحاكم المسلم؟ وهل تعتبر رسوم الإقامة وتجديد الجواز ورسوم رخص المحلات ورسوم رخص القيادة وغيرها من الضرائب؟ أم لا؟ وما الدليل؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأصل أن لا توضع الضريبة على المسلمين إلا إذا دعت إليها ضرورة شرعية أو حاجة ملحَّة، كأن يعجز بيت المال أو خزينة الدولة عن تيسير وتسهيل الخدمات، وما يصلح شؤون الرعية، أو أن توضع الضرائب للحد من الإسراف والتجاوز والتعدي على المال والحق العام ونحو ذلك، وفي كل حال يتعين أن تكون الضريبة -إذا وضعت- غير ظالمة أو مكلفة أو مرهقة لأوساط الناس وضعفائهم، وما ذكر في السؤال هو من أنواع الضرائب المتعارف عليها اليوم.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن ما يأخذه الملوك من الكلف - يعني: الضرائب- التي يضربونها على الناس قد أفتى بها طائفةٌ من الفقهاء طائفةً من الملوك، فأجازوا لهم وضع هذه الوظائف (الضرائب) كما فعل أبو المعالي الجويني في كتابه (غياث الأمم) ، وكما ذكر ذلك بعض الحنفية، وما قبض بتأويل - يعني الضرائب هذه- فإنه يسوغ للمسلم أن يشتريه ممن قبضه، وإن كان المشتري يعتقد أن ذلك العقد محرم. انظر مجموع الفتاوى (29/264-265) ، وهذه الكلف دخلها التأويل والشبهة، ومنها ما هو ظلم محض.(11/38)
هل يلزمهم الإعلان عن براءة ذمة ميتهم؟
المجيب سليمان بن عبد الله القصير
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/مسائل متفرقة
التاريخ 22/03/1426هـ
السؤال
والدنا - رحمه الله- لم يذكر قبل وفاته أن عليه ديوناً أو التزامات، ولا نعلم -نحن الأبناء- أن على والدنا ديوناً، وقد مضى على وفاته أكثر من سبعة أشهر، ولم نستقبل أي مطالبات، هل يلزمنا البحث عن الدائنين؟ أم يجوز لنا توزيع التركة دون الإعلان بالجريدة؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. أما بعد:
فإنه والوضع -كما ذكر- من عدم ذكر أبيكم أن عليه ديوناً, ولا تعلمون بأن عليه ذلك, فيجوز لكم توزيع تركته, فإن الأصل براءة ذمته من الحقوق, خصوصاً وقد مضت هذه المدة التي هي كافية لظهور مطالبين لو وجدوا, ولا يلزمكم أن تعلنوا بالجريدة ما دام أن والدكم علاقته كغيره من الناس محدودة في محيطه من أقارب وأصدقاء وزملاء ونحوهم.
أما إذا كان لوالدكم علاقات بعيدة عن محيطه, وتظنون أنه يوجد من له في ذمته دين فينبغي لكم الإعلان بالوسيلة التي تحقق ذلك؛ حرصاً على براءة ذمة والدكم.
والله أعلم, وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.(11/39)
فقه الأسرة(11/40)
النكاح(11/41)
امتناع المسلمة عن الزواج
المجيب د. صالح بن حسن المبعوث
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى وعميد شؤون الطلاب بالجامعة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/حكم النكاح وحكمته
التاريخ 27/3/1424هـ
السؤال
سؤالي عن امتناع الفتاة عن الزواج، هل هو جائز شرعاً؟ وهل تأثم الفتاة بذلك وتعتبر راغبة عن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم-؟ مع العلم أن امتناعها دون سبب أو مانع شرعي لذلك، ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
إن الزواج من نعم الله العظيمة التي شرعها لعباده، وهو من سنن المرسلين ويستمد قواعده من الدين، وفيه رحمة من الله -تعالى- بخلقه، وعناية بشؤونهم قال - تعالى-: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21] ، وقال -تعالى-: "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ" [النور: من الآية33] ، وهي عامة في الرجل والمرأة.
والنكاح له فوائد عظيمة من دخل فيها علمها، وأهمها تحصين فرج الرجل والمرأة، والقيام على المرأة، وغض بصره وبصرها بهذا الزواج، وتكثر الأمة بالتناسل، وتحفظ الأنساب، وتتحقق مباهاة النبي - صلى الله عليه وسلم- بأمته يوم القيامة، انظر ما رواه البخاري (5752) ، ومسلم (220) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- وينتج ما يحصل بين الزوجين من الألفة والمودة والرحمة والسكن، ويكون قيام البيت والأسرة التي هي نواة المجتمع، ومن أعرض عن النكاح بلا مانع ولا سبب شرعي، فإنه يكون ممن فوت على نفسه هذه المصالح والفوائد التي يحصلها من تزوج.
"وقد جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادته فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم- وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟، فقال: أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر، ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء، فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال:" أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" رواه البخاري (5063) ، ومسلم (1401) ، واللفظ للبخاري من حديث أنس - رضي الله عنه-.(11/42)
ومن هنا يعلم في حق الأخت السائلة أن الشريعة الإسلامية بنيت على السماحة واليسر، وإرضاء النفس، وتمتعها بالطيبات، ومنعت التعنت والتشدد، وحرمان النفس مما تريده وتتمناه، وتحتاجه، بحكم الفطرة الإنسانية، وهذا الترك لأمر النكاح خطير جداً قد يصل بصاحبه إلى الخروج عن السنة المطهرة، فديننا ليس دين رهبانية وحرمان، بل هو دين جاء لصلاح الدين والدنيا فأعطى لكل ذي حقٍ حقه، ومنها البدن فله حق إشباع الغرائز الكامنة فيه بالحلال؛ وهو الزواج الشرعي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (الإعراض عن الأهل والأولاد ليس فيما يحبه الله ورسوله، وليس هو دين الأنبياء والرسل فقد قال الله -تعالى-: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً" [الرعد: من الآية38] .
ولو لم يكن في النكاح إلا تحصين فرجي الزوجين، وطلب الولد الصالح الذي يدعو لوالديه بعد وفاتهما ويقوم عليهما إبان حياتهما لكان ذلك كافياً) .
وأدعو الأخت الكريمة أن تتأمل مصالح النكاح وفوائده، وستجد لها في ذلك جواباً شافياً يجعلها بإذن الله تبادر إلى النكاح وتغيير فكرتها نحوه، والله أعلم، - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم-.(11/43)
تعمد تأخير الإنجاب
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/حكم النكاح وحكمته
التاريخ 9/8/1424هـ
السؤال
أنوي الزواج، ثم تأخير الإنجاب حتى تتحسن حالتي الاقتصادية! فهل يجوز هذا؟.
الجواب
الزواج يتردد بين الوجوب والندب، فيجب على من قدر على أعباء الزواج ومؤنه وتكاليفه وخاف على نفسه الوقوع في الفاحشة، ويندب ويستحب في حال الاعتدال، قال الله تعالى: "وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ" [النور: من الآية32] ، وقال المصطفى - عليه السلام: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"رواه البخاري
(5065) ، ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- والزواج يحقق مصلحة كل من الرجل والمرأة، لما فيه من غض البصر، وتحصين الفرج، وحماية الشرف، ومنع ابتذال الجنس، ويحفظ النوع الإنساني، كما أنه يؤدي إلى حفظ الصحة، ويترتب به سرور النفس، وتحصل به اللذة، ويحقق المقاصد النبيلة التي شرع لأجلها، فإن االاتصال المشروع بالمرأة شرع ابتداء لأمور هي مقاصده الأصلية: أحدها: حفظ النسل، ودوام النوع الإنساني على وجه البسيطة، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ويؤدي إلى كف النفس ويعف عن الحرام، والنكاح محقق لمصالح الأمة، فلو لم تأت الشريعة الغراء بالحث عليه لكانت الفطرة السليمة وقواعد السلوك العامة لا تقتضي سواه.
فمن ثمرات الزواج أيضاً الولد؛ لأن الزواج وسيلة العاقل في إبقاء أنواعه، وتخليد ذكراه بالتوالد والتناسل، وإذا كان الإنجاب من أسمى مقاصد الزواج فلا بأس أن يؤجل لعدد من السنين باتخاذ الوسائل التي لا تلحق الأذى بأي من الرجل والمرأة، ولا تؤدي إلى إسقاط الحمل أو عمل إجهاض. وبالله التوفيق.(11/44)
أمقت الزواج، فهل أنا منافق؟!
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/حكم النكاح وحكمته
التاريخ 17/9/1424هـ
السؤال
بعيداً عن منافع النكاح..فقد كرهت الزواج وقررت عدم الزواج حتى أقضي نحبي فهل أصبح منافقا؟ إذ يقول تعالى "ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم"، والزواج مما شرع الله، وهل يحبط عملي وأخرج من الملة؟ إذ يقول رسولنا عليه الصلاة والسلام ما معناه الزواج من سنتي "ومن رغب عن سنتي فليس مني"، علما أنه لا عذر لي في ذلك سوى المقت، أرجو فقط أن يجاب عن سؤالي. وجزاكم الله خيراً ...
الجواب
الحمد لله، وحده، وبعد: فجواباً عن السؤال، أقول:
الذي يظهر من سؤال السائل الكريم، أنه لم يكره الزواج تديناً ورهبانية، ولا كرهه لكونه سنة نبوية أو لكونه من الدين الحنيف، وإنما كره الإقدام عليه لواقع اجتماعي معين، يعيشه في بيته أو في مجتمعه، وهذا الواقع المر - كما يبدو - كان سبباً في ردة فعل غاضبة، جعلته يتخذ هذا القرار، وهو عدم الزواج مدى الحياة، ولو فوت منافع النكاح - كما أشار إليه - وهذا التصرف كما يظهر، لا يعد نفاقاً ما دام أن القلب مطمئن بالإيمان، وما دام أنه يحب الله ورسوله عليه السلام، وما جاء عن الله ورسوله عليه السلام.
وأما الآية الكريمة: "ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله ... " فقد جاءت في ذم الكفار الذين يبغضون ما أنزل الله تعالى، وهكذا كل من أبغض كتاب الله أو ما جاء به كتاب الله - عز وجل فهو كافر ولو ادعى الإيمان، كما قرر ذلك غير واحد من أهل العلم، لهذه الآية الكريمة وغيرها.
ولذا لا ينبغي للسائل أن يقول أبغض الزواج وأمقته، وإنما يقول: لا أريد الزواج أو أكره الإقدام عليه، تأدباً في اللفظ؛ لأن هذا هو مراد السائل كما يبدو، ولأن المؤمن يحب كل ما جاء عن الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولو فرط في بعض ذلك.
وأما الحديث المشهور المشار إليه في السؤال (.. ومن رغب عن سنتي فليس مني) فالمراد بقوله: (فليس مني) يعني: ليس على طريقتي، كحال هذا السائل الذي قرر ترك هذه السنة المحمدية، فهو مخالف لطريقة محمد - صلى الله عليه وسلم - وسنته، كما صرح بهذا المعنى الحافظ ابن حجر في الفتح (9/106) ثم أشار إلى أن هذا الحديث يحتمل معنى آخر، وهو أن الرغبة عن هذه السنة إذا كانت من باب الإعراض والتنطع المفضي إلى ترجيح وتفضيل غيرها عليها فإن المعنى يكون لهذا الحديث (فليس مني) أي: ليس على ملتي، والله تعالى أعلم.(11/45)
عقد النكاح بلا شهود
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 10/2/1424هـ
السؤال
سؤالي عن صحة عقد النكاح التالي:
أخ تزوج امرأة تقيم في السعودية مع محرمها - وليس وليها؛ بل محرماً- لها بعد أن اتصل المحرم بأبيها في بلده وشاوره، فوافق على أن يزوج موليته، وتمت صورة العقد على النحو التالي: جلس الوكيل مع المرأة ومع الزوج - فقط الثلاثة - فقال الوكيل: أنا فلان الموكل من أبي فلانة زوجتك فلانة على كتاب الله وسنة رسول الله، فقال الزوج: قبلت الزواج بفلانة، ومن ثم سلم لهم المهر بدون شهود، وبدون شخص يكتب العقد - فقط إيجاب من الوكيل وقبول من الزوج- وتم بذلك النكاح، ما مدى صحة هذا النكاح؟ حيث أنكرت على الزوج هذه الطريقة، وقال سأتوقف عن هذه المرأة حتى نستفتي، أرجو الإفادة عن مدى صحة هذا النكاح، وعن المهر المسلَّم لهذه المرأة، وهل لها نفقة وعدة؟ علماً أنه لم يجامعها، ولكن خلى بها، أرجو التكرم بالإفادة ولكم الشكر والتقدير.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن من شروط صحة النكاح الشهادة عليه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" رواه ابن حبان (9/386) ، والدارقطني (3/221) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، قال ابن الملقن -رحمه الله- قال ابن حبان: لا يصح ذكر الشاهدين إلا في هذا الحديث، قلت هو كما قال. أ. هـ. (خلاصة البدر المنير 2/176) ، لذا على الزوج إعادة عقد النكاح مرة ثانية بحضور الشاهدين، ولا يلزمه دفع مهر جديد، وليس لها نفقة عن المدة الماضية؛ لعدم صحة العقد، والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/46)
تولي القاضي العقد مع وجود الولي
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 21/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم إني تزوجت في المحكمة في دولة عربيه بحضور شاهدين. ولي أمر الزوجة كان موافقاً وحضر إلى المحكمة, ولكنه لم يدخل إلى غرفة عقد الزواج. سئل القاضي أين ولي أمر الزوجة؟ قلنا إنه ينتظر في الخارج. قال القاضي حسناً إني سأصبح ولي أمرها! ثم تم تحديد المهر المقدم والمؤخر وتم عقد الزواج. هل العقد صحيح؟ وإن لم يكن صحيحاً (لا سمح الله) هل نحن زناة؟ وما العمل؟ والآن عندنا أولاد ونعيش في الغرب، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده وبعد: لا يجوز للقاضي أن يزوج امرأة ووليها حاضر غير ممتنع من تزويجها الكفء، وعلى الأخ الكريم تجديد العقد، أما فيما يتعلق بالأولاد فهم أولاد شرعيون لكون النكاح نكاح شبهة، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/47)
الولي في النكاح
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 27/12/1424هـ
السؤال
أنا رجل أعيش أعزب في دول غربية - والحمد لله - أنني مسلم وملتزم، وقد وجدت امرأة مسلمة ملتزمة، واتفقنا على الزواج، ولكن ليس معها ولي لها، فهل يصح عقد النكاح بها عند مأذون مسلم وشهود مسلمين. وللعلم فإن والدها لا يرغب بتزويجها، ورفض حتى اتصالي به لخطبتها، مع أنني أبديت استعدادي للسفر إلى الوالد ومقابلته وطلب يدها منه مباشرة ولكنه رفض، ولكن والدتها وخالها ينصحوننا بالزواج وعدم الالتفات للأب؛ لعلمهم السابق بتعنته وعدم إحسانه التعامل مع بناته.
الجواب
الحمد لله وبعد، فإن هذه المرأة لها ولي وهو والدها، ولكنه فيما يظهر عاضل لها والعضل حرام، والعاضل يوعظ ويخوف بالله، ويبين له عواقب فعله في الدنيا والآخرة ويكون ذلك بالحكمة، فإن لم يتسجب فإن ولايته تسقط وتنتقل إلى غيره، الأقرب فالأقرب منعاً للظلم، فإن لم يكن للمرأة ولي فإن وليها القاضي الشرعي، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(11/48)
الزواج بلا ولي
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 23/3/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد الزواج من فتاة مسلمة بعقد مكتوب بيني وبينها وبموافقتها وشاهدين ومهر، ولكن دون تسجيل؛ وذلك ابتغاء العفة لنا والبعد عن الزنى، علماً أن الفتاة تتبع مذهباً لا يرى وجوب الولي لصحة النكاح، وهي تعيش في بلد أجنبي بلا محرم وبموافقة أهلها، ونحن نعلم أن هذا الزواج قد لا يستمر لمدة طويلة، ولكن دون تحديد مدة زمنية لهذا الزواج.
الجواب
الزواج لا يصح إلا بولي، ولا تملك المرأة تزويج نفسها ولا غيرها، فإن فعلت لم يصح النكاح، روي هذا عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة وعائشة -رضي الله عنهم أجمعين-، وبه قال كثير من التابعين وعلماء السلف؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"لا نكاح إلا بولي" ذكره البخاري ص (1016) -رحمه الله- في الترجمة في باب (من قال لا نكاح إلا بولي) في كتاب (النكاح) (صحيح البخاري) ، وأخرجه أبو داود (2085) ، والترمذي (1101) ، وابن ماجة (1880) ، والدارمي (2228) ، والإمام أحمد في المسند (2260) ، (19518) ، (19715) ، (19746) في مواضع متعددة، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-:"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فإن أصابها فلها مهرها بما أصاب من فرجها، وإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" رواه أحمد (24372) ، واللفظ له، وأبو داود (2083) ، وغيرهما.
ومما يرجِّح بطلانه قولك أيها السائل:"ونحن نعلم أن هذا الزواج قد لا يستمر لمدة طويلة".(11/49)
الزواج بدون ولي
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 12/5/1423
السؤال
كنت عازماًَ على الزواج من فتاة، وقد عقدنا بوجود الشهود، ولكن بدون ولي، علماً أنها لم تكن بكراً، وقمت بعد سنة من العقد بالذهاب إلى أهلها وطلبتها بشكل رسمي ووافقوا وقرأنا الفاتحة، ولكن حصل بعد ذلك بعض الخلاف ولم يتم ما بدأنا به، السؤال: هل هي زوجتي؟ أنا لم أتركها ولا هي، وكنا قد قرأنا الفاتحة أمام إخوتها جميعاً ومجلس من الشهود ولم أطلقها بعد ذلك، هل هي على ذمتي؟
الجواب
أحب أولاً أن أذكر لك -وفقك الله- أن قراءة الفاتحة أثناء العقد لم يكن يفعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه، وعلى ذلك فهي محدثة مما لا يجوز فعله اتباعاً لسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- حيث تركها، ثم ما يتعلق بالسؤال إن كان العقد الأول تم بدون ولي فهو غير صحيح؛ لأن من شروط صحة النكاح وجود الولي، بناء على ذلك فهي ليست زوجة لك شرعاً.
فإذا أردت الزواج بها بعد ذلك فليكن بحضور ولي وشهود وغير ذلك مما يطلب في النكاح الشرعي، وفقك الله.(11/50)
شروط النكاح
المجيب د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 16/2/1423
السؤال
أريد أن أعرف أحكام وشروط الزواج، وهل يجوز للمطلقة تزويج نفسها بدون ولي؟ وهل يتم الزواج بالقول فقط دون توثيق أو مأذون؟
الجواب
1-إن عقد النكاح من العقود المشروعة، وقد جاءت نصوص الكتاب والسنة على مشروعية عقد النكاح والحث عليه؛ لأن في ذلك حفظ الأنفس من الوقوع بالزنا وما يجر إليه من محرمات، وصيانة الأعراض وحفظ الأنساب، وعفة الأُسر، وطهارة المجتمعات من الدّنس والخبث، قال -تعالى-:" فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع" [النساء:3] وقال -تعالى-: "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله" [النور:32] ، وقال -عليه السلام-: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-، وقال -عليه السلام-: "من أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح" رواه البيهقي في السنن الكبرى (7/77) وعبد الرزاق في مصنفه (10378) وابن حجر في المطالب العالية (1635) وأبو يعلى في مسنده (2748) وعن أنس -رضي الله عنه- في النفر الذين اجتمعوا وقال أحدهم: لا أتزوج النساء فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-" ... وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" رواه البخاري (5063) ومسلم (1401) ، والنصوص كثيرة في بيان فضل النكاح والترغيب به وحث الشباب عليه.
وركن عقد النكاح هو رضا العاقدين، والمتحقق بالإيجاب والقبول من كلا العاقدين، وصورته: أن يقول الخاطب لوالد المخطوبة: زوجني ابنتك فلانة، ويذكر اسمها، ويذكر مقدار الصداق، ويجيب ولي المخطوبة أباً كان الولي أو أخاً على الفور دون انفصال بقول أو فعل: زوجتك ابنتي فلانة على مهر قدره كذا وكذا، ويسميه.
ودليل الرضا قوله -عليه السلام-: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن" رواه البخاري (5136) ومسلم (1419) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وأما عن شروط النكاح:
فأولها: أن يكون العقد على التأبيد، إذ أن هذا الشرط هو الذي يفترق به النكاح عن السفاح، فالعقد إذا لم يكن على سبيل التأبيد فإنه محرم وهو سفاح، وعلى ذلك اتفاق أهل العلم.
الثاني: الولي، لقوله -عليه السلام-: أيما امرأة نُكِحَتْ بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل" رواه الترمذي (1102) وأبو داود (2083) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
الثالث: الإشهاد، أي لا بد من وجود شاهدين، مسلمين، عدلين؛ لقوله -عليه السلام-: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" رواه الدارقطني في السنن (3/227) والطبراني في الأوسط (6366) وابن حبان في صحيحه (4075) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، وقوله -عليه السلام-: "أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف" رواه الترمذي (1089) وابن ماجه (1895) من حديث عائشة -رضي الله عنها- والإشهاد صورة يتحقق بها إعلان النكاح.(11/51)
الرابع: المهر، قليلاً كان أم كثيراً؛ لقوله -تعالى-: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة" [النساء:4] ، وقوله -عليه السلام-: "أدوا العلائق" رواه الدارقطني في السنن (3/244) والبيهقي في السنن الكبرى (239) وانظر تلخيص الحبير (1550) ، والعلائق، هي: المهور، والأفضل أن لا يقل عن عشرة دراهم، والعشرة دراهم، هي: سبعة مثاقيل من الفضة، والسبعة مثاقيل تعدل نحو 30غراماً فضة تقريباً؛ لقوله -عليه السلام-: "لا صداق دون عشرة دراهم" رواه الدارقطني في السنن (3/245) والبيهقي في السنن الكبرى (7/240) وانظر نصب الراية (3/199) وخروجاً من خلاف منع الزواج بأقل من ذلك المهر، ولأن الأعراض يحتاط لها أكثر من غيرها من العقود الأخرى، ولأنه ما لا خلاف فيه مقدم على ما فيه خلاف.
2-الأصل أن الولاية شرط في صحة عقد النكاح، لا فرق بين بكر وثيب، وهذا ما عليه أكثر أهل العلم؛ لعموم النصوص التي تقضي باشتراط الولاية، والتي منها قوله -عليه السلام-: "لا نكاح إلا بولي" رواه الترمذي (1101) وأبو داود (2085) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى -رضي الله عنه-، وغيره مما مر، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الولاية شرط تمام وليست شرط صحة، بحيث إن المرأة لو زوجت نفسها وهي بالغة عاقلة، ورضي أولياؤها بذلك فإن العقد صحيح ونافذ، وإذا لم يرض الأولياء فإنه يكون موقوفاً على رضاهم ولا ينفذ حتى يجيزوه ويأذنوا به، وذلك فهماً من قوله -تعالى-: "فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره" [البقرة:230] ، حيث أسند الشارع أمر الإنكاح إليها، وقوله -تعالى-: "فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن" [البقرة:232] ، وغير ذلك مما يطول ذكره.
وفرق آخرون بين الثيب والبكر فأجازوا للثيب أن تزوج نفسها، والمراد بالثيب: من كانت ذات زوج وتوفي عنها زوجها، أو طلقت وانتهت عدتها، ودليلهم على ذلك قوله -عليه السلام-: "الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن" رواه مسلم (1421) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، ومعنى الأيم، أي: الثيب أحق بنفسها من وليها في تزويج نفسها، والأحوط أن يكون أمر التزويج إلى الأولياء ولو كانت أيماً، خروجاً من خلاف من منع هذا الزواج، وعملاً بعموم النصوص التي توجب الولاية في عقد النكاح، أو وجود إذن الولي، إلا إذا حكم به حاكم أو قضى به قاضٍ فإن العقد صحيحاً والحالة هذه، وبالله التوفيق.(11/52)
3-مما سبق ذكره وتوضيحه في السؤال الأول يتضح لك أنه لابد من توثيق النكاح، وذلك بالإشهاد والإعلان، ومن باب سد الذرائع يتعين توثيقه في المحاكم منعاً للريب ودرءاً للمفاسد، وإثباتاً للزوجية، وإقراراً بنسب الأولاد إذا رزقوا أولاداً، ولهذا ينبغي أن يكون عقد الزواج بمأذون وتوثيق حيطة لحقوق من ذكرنا، ومنعاً للشبه، وحفظاً للأسر من أن تكون تلوكها الألسنة، والشرع يقضي بذلك ويأمر به، ومنه قوله -عليه السلام-: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي (2518) والنسائي (5711) من حديث الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وقوله -عليه السلام-: " فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" رواه البخاري (52) ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-، ولأن قلوب العباد بيد الله فقد تعدل عنها وتعدل عنك، فإذا لم يوثق العقد فقد تتهم أنت أو هي، وقد تضيع الحقوق المترتبة على عقد الزواج من ولد وصداق، ولهذا نقول بأن يكون الزواج بمأذون وتوثيق، مع ما ذكرنا من الشروط السابقة، وبالله التوفيق.(11/53)
ولي الثيب في النكاح
المجيب عبد الله بن سليمان المخلف
القاضي بالمحكمة الكبرى في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 4/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبعد، أسأل عن رأي الدين في امرأة ثيب طلقها زوجها قبل سنوات ولديها منه خمسة أطفال ثلاث بنات وولدان أكبرهم في العشرين من العمر. تقدم لها شاب يريد الزواج منها، ولكن والديها رافضان، بحجة أن زوجها الأول أولى بها، سؤالي: هل يمكنهما الزواج؟ ومن سيكون وكيلها؟ وشكراً جزيلاً.
الجواب
أود أن أنبه السائل الكريم إلى تصحيح عبارة في السؤال، والصواب أن تقول: أسأل عن حكم الدين، أو عن رأيكم، لأن الدين له في كل مسألة حكم، وأما المفتي فقد يكون له رأي لا يصيب الحكم الشرعي.
وجواباً على السؤال فإنه لا يحل للمرأة أن تتزوج إلا بولي شرعي، وهو الأب - كما في هذه الصورة -، كما أنه لا يحل للولي أن يكره المرأة على من لا ترغبه، وإذا خطبها من يرضى دينه وخلقه فلا يحل للولي أن يعضلها ويمنعها منه، وإذا أصر على ذلك فلها أن تلجأ للقضاء الشرعي، والله أعلم.(11/54)
صيغة عقد النكاح
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 13/9/1424هـ
السؤال
ما هو الصحيح في صيغة عقد القران، والذي يتفق مع سنة النبي-صلى الله عليه وسلم-، وذلك لأني أسمع صيغا كثيرة ومختلفة، ومنها أن يقول المأذون للزوج: قل لولى الزوجة: زوجني ابنتك على كتاب الله وسنة رسوله، ثم يأمر الولي أن يقول له: وأنا زوجتك ابنتي ويسميها له على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم-، وعلى مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان وعلى الصداق المسمَّى بيننا: فهذه هي الصيغة التي يتم بها الزواج عندنا، وأرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، وما هو حكم وضع المنديل على يد الزوج وولي الزوجة؟. وبارك الله فيكم. وجزاكم خيراً.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
فهذه الصيغة المذكورة وهو قول الزوج: زوجني ابنتك. ثم قول الولي له: زوجتك ابنتي. قد ورد في السنة ما يدل عليها، كما في الحديث المتفق عليه عن سهل بن سعد -رضي الله عنه- وفيه أن امرأة وهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم- فرغب عنها، فقال رجل: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "زوجتكها- وفي لفظ: ملكتكها- بما معك من القرآن"انظر صحيح البخاري (5029) ، وصحيح مسلم (1425) . وقد صرح الأحناف بانعقاد النكاح بهذه الصيغة، كما في فتح القدير (3/105) وغيره. وقد جاء في السنة أيضاً ألفاظ أخرى، ومنها: "ملكتكها"، "أنكحتها". وعلى كلٍ فالراجح من قولي العلماء أن النكاح يصح بكل لفظ يدل عليه، كهذه الصيغ وما في معناها.
وأما وضع المنديل على يد الزوج وولي الزوجة، فلا أصل له في الشرع، والواجب الاكتفاء بما جاءت به السنة من خطبة العقد، والإيجاب والقبول الصادرين من الزوج وولي الزوجة، وأن يدعى للزوجين بما ورد: "بارك الله لكما وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير". انظر مسند أحمد (8956) ، وسنن أبي داود (2130) ، وجامع الترمذي (1092) . والله تعالى أعلم.(11/55)
تولي الأخ عقد النكاح مع وجود الأب!
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 8/9/1424هـ
السؤال
هل يحل لي الزواج من هذا الرجل بدون موافقة والدي؟ وهل يجوز أن يكون أخي هو ولي نكاحي مع وجود الوالد؟.
الجواب
السؤال فيه تعيين لرجل تقدم لزواج السائلة، حيث تقول: هل يحل لي الزواج من هذا الرجل؟ ونقول من هو هذا الرجل المعين؟ إذ قد يكون غير صالح شرعاً، أما إن كان مضمون السؤال، هو: الزواج من رجل صالح شرعاً بدون موافقة الوالد، فنقول: لا يجوز بدون إذنه، ولا يجوز لأخيك أن يتولى عقد النكاح مع وجود والدك، إلا إذا كان الوالد غير صالح للولاية، ويحصل منه العضل، فهنا تنتقل الولاية إلى الأخ، لكن يكون هذا عن طريق المحكمة الشرعية، والله أعلم.(11/56)
تزوجت بدون ولي
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 01/08/1426هـ
السؤال
لقد تزوجت سراً بدون علم أهلي (أي بدون ولي) من رجل أرضى دينه وخلقه، علماً أن الزواج كان بوجود شاهدين وكاتب؛ حتى لا نقع في الحرام، وعلمنا اليوم أن زواجنا بدون ولي باطل، مع أن العلاقة الزوجية بيننا تمت كاملة، فما الحل؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فمن شروط صحة النكاح الولي؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد (19518) وأبو داود (2085) والترمذي (1101) وابن ماجة (1881) من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله تعالى عنه- لذا عليك ألا تُمَكّني هذا الرجل منك، حتى يعيد العقد بأن يزوجه وليُّك أو وكيله، أما ما سبق من جماع ونحوه فقد تم بناء على اعتقادكما صحة العقد، لذا فإنه لا حرج عليكما فيه؛ لكونكما معذورين بالجهل، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/57)
الزواج بالبنت الصغيرة
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 10/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم
هل يجوز لرجل عمره 35 سنة أن يتزوج فتاة عمرها 10 سنوات؟ وإذا كان ذلك جائزا فهل هناك أية مفاسد؟ أرجو التوضيح بالتفصيل. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فإن النكاح يكون صحيحاً إذا توفرت شروطه كالولي والشهود، وانتفت موانعه، لم يذكر أهل العلم - حسب اطلاعي- سناً لا يجوز فيه التزويج سواء للرجل أو المرأة؛ لأن النصوص جاءت مطلقة غير مقيدة، بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- عقد على عائشة - رضي الله عنها- وهي بنت ست، ودخل بها وهي ابنة تسع أخرجه البخاري (3894) ومسلم (1422) ، هذا من حيث النظر الشرعي، أما من حيث وجود ما قد يكون سلبياً في زواج الرجل الكبير من البنت الصغيرة فهذا ظاهر، فإن الاختلاف في القدرات الجسمية والعقلية قد يكون سبباً في نشأة الخلافات التي تؤدي إلى فشل الزواج، وهذا أمر مشاهد ومعلوم، ولذا فإني لا أنصح به ولا أحث عليه. وما ذكرنا من جواز النكاح بين الكبير والصغير المراد به عقد النكاح، أما أثار عقد النكاح من مثل الخلوة والجماع، ونحو ذلك، فهذا شيء آخر، إن كانت هذه البنت تطيقه وليس عليها منه ضرر جاز، وإلا لم يجز؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" أخرجه أحمد (2865) وابن ماجه (2341) ، ولفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث لم يدخل على عائشة - رضي الله عنها- لصغرها. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.(11/58)
والدها يعضلها فهل لها المطالبة بإسقاط ولايته؟
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 03/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
يوجد لدينا مشكلة عائلية، وهي أن أخواتي قد بلغن سن الزواج، ولكن والدنا يرفض أي شخص يتقدَّم، ويتعذَّر بأعذار واهية، ويقول: (أمهلني كم يوم أفكّر) ، فإن كان من القرابة قال له: (إن المتقدم وابنتي أخوان من الرضاعة) ، وإن كان من غير القرابة فيقول له: (إن بين أهلي وبيني مشاكل عائلية لا أستطيع أن أزوجكم ابنتي حتى يتم الصلح بيني وبين أهلي) ، والحقيقة أن بناته قد بلغت أعمارهن قاربة30 سنة، وقد تقدم أحد الأقارب وتعذر بأنه أخ لابنته من الرضاعة، وهذا الكلام غير صحيح والمتقدم ممن يرضى دينه وأمانته، فهل لهن أن يرفعن للقاضي بالمطالبة بإسقاط ولايته عليهن، وهل هذا من العقوق؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فمن شروط صحة النكاح الولي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي". رواه أحمد (19518) ، وأبو داود (2085) ، والترمذي (1101) ، وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه-، فإذا تقدّم للمرأة من يرضى خلقه ودينه فعضل الولي سواء كان الأب أو غيره انتقلت الولاية إلى من بعده من الأولياء، وهكذا ... فإن عضل الجميع انتقلت الولاية للسلطان أو نائبه، وهو القاضي الشرعي، فتتقدم المرأة إلى المحكمة وسيتم إجراء اللازم وفق القواعد الشرعية.
ثانياً: على البنت قبل التقدُّم للمحكمة محاولة إقناع والدها بما تريد سواء مباشرة منها أو توسيط من تراه مناسباً في الحديث عن هذا الموضوع مع والدها، فإن قَبِل فالحمد لله، وإلا أقدمت.
ثالثاً: يجب على البنت أن تحسن لوالدها وتجتهد في الاتصال به وطلب رضاه، وتصبر على ما قد تلاقيه، قال تعالى: "وقضى ربُّك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً" [الإسراء: 23] .
وأخيراً: أُذكِّر أولياء المرأة بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أتاكم من ترضون خلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" رواه الترمذي (1084) ، وابن ماجه (1967) . وليس من العقوق مطالبة البنت بحقها الشرعي - أعني الزواج- بل لها أن تطالب به بلا كراهة، ومنع الولي موليته من الزواج إلى سن الثلاثين منكر يأثم عليه، وهو صورة من صور ظلم الآباء لبناتهم، والشارع الحكيم قد حثَّ في مواضع كثيرة على الزواج، ورغَّب فيه، وهو أعظم الطرق لحفظ المرء من الوقوع في المحرمات، فالواجب امتثال أمره بلا مماطلة ولا تأخير من قبل الأولياء. والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/59)
النكاح بلا ولي وبلا مأذون أنكحة
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 10/7/1424هـ
السؤال
أنا قررت الزواج من فتاة زواجاً شرعياً مدى الحياة، وطلبت منها الزواج أمام رجلين وامرأة، تم سؤالي وسؤالها ووافقنا بالزواج زواجا شرعيا بالنية والشهود الثلاثة، مع أخذ موافقة أهل الفتاة، ولكن الزواج لم يكن على يد شيخ، فهل هذا الزواج يعد شرعياً أم لا؟ أرجو الإجابة بسرعة لأعلم إن كنت على خطأ، وما الحل إن لم أكن على صواب؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: فإن النكاح إذا توافرت أركانه وشروطه وانتفت موانعه صحَّ، وليس من شروط النكاح ولا أركانه أن يكون عن طريق مأذون، ولكن تم تكليف بعض طلبة العلم للعمل مأذونين ليتم التحقق من توافر الأركان والشروط وانتفاء الموانع، نظراً لكون بعض الناس لا يعرفون ذلك، وأيضاً لتسجيل النكاح وإثباته في أوراق رسمية، ليتمكن الزوج من إضافة زوجته معه في هويته، وتفادياً للخلافات الحاصلة بسبب عدم التسجيل، فهو إجراء نظامي لحفظ الأعراض والأنساب، ويظهر لي من سؤال الأخ السائل أن ولي المرأة لم يعقد له، بل اكتفى بنطق المرأة "الزوجة"، فإن كان الحال كذلك فلا بد من تجديد العقد، لأن النكاح لا يصح بدون ولي، قال عليه الصلاة والسلام: "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد (4/394) وأبو داود (2085) ، والترمذي (1101) من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله تعالى عنه - والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/60)
تزويج النصرانية نفسها
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 3/11/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إخواني أريد أن أعلمكم أن النصرانية بعد السن الثامنة عشر لا يوجد من هو مسؤول عنها فهي في قانونهم وعرفهم هي ولية نفسها - تستطيع هي أن تفعل ما تريد فما رأيكم في مسألة الزواج منها؟
الجواب
الزواج لا يصح إلا بولي وشاهدي عدل، وإذا كانت المرأة غير مسلمة وتقيم في بلاد المسلمين فوليها القاضي المسلم، وإذا كانت في بلاد غير إسلامية فوليها رئيس الجالية الإسلامية أو إمام المسجد يتولى إبرام عقد النكاح بعد توفر شروط صحة العقد وأركانه وتحرير عقد يشتمل على بيانات كاملة عن الزوجين، هذا في حال زواج هذه الفتاة من مسلم والعلم عند الله.(11/61)
زوجت بنتها من رجل يكبرها بعقود
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 07/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
أمي قامت بتزويج أختي، والتي تبلغ من العمر 14سنة، من رجل يبلغ من العمر 50سنة، مع العلم بأن أختي موافقة على الزواج (ولكنها لا تفقه معنى الزواج) ، فهل تكون أمي مذنبة على فعلتها؟ مع العلم بأن الرجل ملتزم ومتدين، ولكن فرق السن بينهما كبير.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن الشارع الحكيم لم يجعل للمرأة حق الولاية في تزويج نفسها أو تزويج غيرها، ثم إنه ليس على ولي الأمر حرج إذا زوَّج موليته على صاحب الدين والخلق الحسن حتى ولو كان يكبرها في السن، أو كانت تكبره هي في سنها، إذ إن الضابط في هذه المسألة كون الرجل صاحب دين وخلق، فإذا وافقت المرأة على هذا الزوج وتوفرت باقي الشروط كان زواجًا صحيحًا ليس لأحد فيه ذنب. والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(11/62)
بعيدة عن وليها فكيف تتزوج؟
المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 3/9/1424هـ
السؤال
أجنبية عندنا وتريد الزواج الشرعي من شخص ترضاه وهو على خلق.
السؤال: هل يكفي أخذ موافقتها فقط مع الشهود أو الاتصال بولي أمرها؟ وما هي الشروط للزواج وهي بعيدة من بلدها جداً؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله تعالى وحده، وبعد:
فكما هو معلوم في الشرع أن النكاح لابد له من شروط، ومن شروطه الولي والشهادة والرضا والكفاءة، فلا يصح نكاح بدون ولي، وفي هذا السؤال لا يكفي أخذ موافقتها مع الشهود فقط، بل لابد من موافقة الولي وأن يتولى الولي بنفسه عقد النكاح أو وكيله الشرعي، والولي هو أبوها، فإن لم يوجد فأخوها وهكذا أقرب العصبات، ولو كان هو أو هي بعيدة عن أهلها جداً فالواجب أن يذهب إليه، أو بأي وسيلة لإتمام عقد النكاح على الوجه المشروع الذي أمر به تعالى، ويلاحظ أنه ولله الحمد والمنة أصبحت وسائل الاتصال والمراسلة والسفر مسهلة ومتيسرة مما لم تكن عليه من ذي قبل، فيمكن من خلالها التنقل والوصول إلى الولي لأجل هذا الأمر المهم في حياة الناس، وهو عقد النكاح الذي سماه الله تعالى ميثاقاً غليظاً، فهو رباط متين ووثيق لابد من الاحتياط له، والعمل على ضوء الشريعة لإتمامه لتسعد الحياة الزوجية، "وإنما الزانية التي تزوج نفسها"، كما ورد بذلك الحديث، والله المستعان، وصلى على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.(11/63)
إجبار الأم ابنتها على الزواج
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 18/6/1424هـ
السؤال
ابنة خالتي تزوجت بدون علم أهلها، أو بمعنى أصح قد فاجأتهم بعقد قرانها وذلك بعد ما علمت بأن أمها بعد رجوعها من السفر قررت أن تزوجها بغير خطيبها، والتي دامت خطوبتهما قرابة الثلاثة أعوام، وليس السبب هو أن هناك عيباً في هذا الخطيب، بل لأنها وجدت رجلاً أكثر منه مالاًًً وغنى، وعندما علم أهلي بالقصة وبالنية الخبيثة التي نوتها الأم لابنتها قرروا أن يقفوا معها، وأن يساعدوها في إشهار هذا القران، سؤالي هو هل هنالك أي ذنب على الابنة وعلينا نحن أهلها (أخوات أمها) ؟ علماً بأنها بذلت كل الجهود لإقناع الأم بلم شملها مع ابنتها بعد الفراق الذي حصل بعد عقد القران، ولكن كل المحاولات باءت بالفشل. وشكراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
الزواج يعتبر من خصوصيات المرء، فليس للأم ولا للأب إجبار ابنه أو ابنته على من لا يريدانه، خصوصاً إذا كان الدافع لهذا الإجبار الطمع في الدنيا ومتاعها الزائل، وهذا الفعل أي إجبار أحد الأبوين الأبناء على الزواج بمن لا يريدانه محرم شرعاً، لأنه ظلم وتعدٍ على حقوق الآخرين، وجمهور أهل العلم على أنه يحرم على الأب إجبار ابنته على الزواج بمن لا ترضاه إذا كانت بالغة عاقلة، فإذا كان هذا في حق الأب فالأم من باب أولى.
وإنما يستحب طاعة الوالدين في اختيار الزوج زوجته أو العكس، ما لم يكن هناك محذور شرعي، ومحاولة الأم هنا تزويج ابنتها بغير خطيبها فيه محذور شرعي وهو نهيه - صلى الله عليه وسلم - أن يخطب الرجل على خطبة أخيه" رواه البخاري (5142) ، ومسلم
(1412) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- فلا يجب على البنت طاعتها في ذلك، بل ولا يستحب لكون كلا الطرفين قد ركن إلى الآخر، ولا يوجد بالخطيب عيب وليس عليها إثم في هذا التصرف.
ولكن ينبغي أن يلاحظ أن المرأة لا يجوز لها تزويج نفسها، بل لابد من أن يتولى عقد المرأة وليها وهو والدها، وإن لم يوجد فأقرب رجل من معصبيها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد (19518) ، وأبو داود (2085) ، وغيرهما من حديث أبي موسى -رضي الله عنه-. والله أعلم.(11/64)
عقد عليها بعد الطلاق بغير ولي
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 13/7/1425هـ
السؤال
شاب عقد القران على فتاة في حضور والدها بعد موافقة أهل الشاب على مضض, ثم اضطر إلى طلاقها قبل الدخول بها؛ لإرضاء أهله، ولكن ظل الطلاق سراً على أهل الفتاة، ظناً منه أنه سيستطيع العقد عليها مرة أخرى بعد إقناع أهله بالموافقة، وبعد فترة وجيزة أعاد العقد عليها مرة أخرى، ولكن في حضور المأذون واثنين من الشهود، وهو الآن مازال متزوجاً منها، وعندهما أولاد في الجامعة، وما زال أهل الفتاة لا يعلمون بأمر الطلاق ثم إعادة عقد القران. أرجو الإفادة بصحة هذا الزواج. -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فمن طلق زوجته قبل الدخول والخلوة بها فقد بانت منه، وليس عليها عدة، وليس له عليها رجعة إلا بعقد جديد مستكمل لشروطه، متضمن للإيجاب والقبول؛ قال -تعالى-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا" [الأحزاب: من الآية49] ، فإن كان قد طلقها قبل أن يقع بينهما جماع ولا خلوة فإن ما أجراه المأذون خطأ، بل لا بد من إيجاب الولي، وتلفظ الرجل بالقبول، ويمكنه إن كان والد المرأة حياً الآن أن يتلفظ بقوله زوجتك فلانة، ويجيبه بالقبول: قبلت هذا الزواج، سواء بحضوره، أو عبر الهاتف، وبذلك يزول الإشكال، ويصح العقد، وإن لم يكن حياً فأحد أبناء المرأة يقوم بذلك، وإن كان قد طلقت بعد أن حصلت الخلوة بينه وبين زوجته فإن ما أجراه المأذون كافٍ، والعقد صحيح. وفقك الله وسددك، وألهم الجميع برشده.(11/65)
هل عقد زواجه صحيح؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 27/11/1424هـ
السؤال
تزوجت امرأة مسلمة. وقد اكتشفت أنها كذبت علي بخصوص أخ لها قائلة إنه يعمل في ناد رياضي، بينما هو يعمل في ناد ليلي، وقد واظبت على أخذ مال مني وإرساله لأهلها بدون موافقة مني على ذلك كما أنها قامت بأعمال أخرى.
عندي منها ابنتان، وهي الآن تطلب مني أن أطلقها ـ على الطريقة الأمريكية ـ بحيث تأخذ نصف ممتلكاتي.
هل عقد زواجي بها صحيح برغم السرقة والغش الذي مارسته. وإذا أرغمت على أن أعطيها نصف ممتلكاتي هل أبقى ملتزماً بسداد مؤخر الصداق؟. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، الصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب أن زواجك من تلك المرأة المسلمة صحيح إذا كان قد توفرت فيه شروط النكاح التي هي الرضا، والولي، وخلو الزوجين من الموانع، وأيضاً الإشهاد على النكاح على قول بعض أهل العلم. هذا وما ذكرته في سؤالك من كذبها عليك وأخذها من مالك بغير إذنك هذا لا يؤثر على عقد النكاح، فالنكاح باقٍ.
وأما ما ذكرته في سؤالك أيضاً من أنها الآن تطلب منك الطلاق ... إلخ. جوابه أنه إذا كان طلب الطلاق منها وبغير سبب منك فليس عليك صداق مؤخر ولا غيره مما ذكرته في سؤالك، أما إذا كان سبب طلبها للطلاق يرجع إليك لسوء عشرتك لها أو عدم إنفاقك أو لعيب يختص بك فإنه يلزمك - والحالة هذه - أن توفي بكل ما اشترط عليك في النكاح مما يصح اشتراطه في الشريعة الإسلامية؛ لما جاء في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" البخاري (5151) ومسلم (1418) من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه-. والله أعلم.(11/66)
شهادة الكافر في عقد النكاح
المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 1/3/1425هـ
السؤال
هل يجوز أن يكون الشاهدان والولي في عقد النكاح من الكفار؟.
الجواب
الحمد لله:
أما الولي: فلا يجوز أن يكون الكافر ولياً لمسلمة؛ وذلك لأن الولاية قد انقطعت بين الكافر والمسلم، والأدلة على ذلك كثيرة، منها قوله تعالى: "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً.." [النساء:141] وقوله: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض.." [التوبة:71] وقوله تعالى:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض.." [المائدة:51] ، وقوله -سبحانه-:"إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا.." [المائدة:55] ، وغيرها من الأدلة التي تدلّ على موالاة المؤمنين بعضهم لبعض دون الكافرين، وهذا مثل الميراث ـ أيضاً ـ فلا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر؛ لانقطاع الولاية بينهم باختلاف الدين، وإنما يرث المسلم المسلم، والكافر الكافر، وكذلك في النكاح يكون المسلم ولياً للمسلمة، والكافر ولياً للكافرة؛ لقوله -تعالى-:"والذين كفروا بعضهم أولياء بعض.." [الأنفال:73] ، ويستثنى من ذلك تزويج السلطان المسلم (الإمام، رئيس الدولة، القاضي) للكافرة التي ليس لها ولي.
وأما مسألة عدالة الشهود ـ عند الجمهور الذين يشترطون الشهادة في عقد النكاح، ولا يكتفون بإظهار النكاح وإشهاره ـ فلا يخلو الأمر من حالين:
الحال الأولى: أن يكون الزواج بين مسلم ومسلمة ففي هذه الحال يجب أن يكون الشاهد مسلماً إجماعاً؛ لأن غير المسلم ليس بعدل في الشهادة على المسلم.
الحال الثانية: أن يكون الزواج بين مسلم وكتابية (يهودية أو نصرانية) ، فمن أهل العلم ـ كأبي حنيفة وبعض الحنابلة ـ من أجاز أن يكون الشاهد كتابياً؛ لأن الكتابي يجوز أن يكون ولياً للكتابية فجواز كونه شاهداً من باب أولى؛ ولأن شهادة الكتابي على الكتابي جائزة ـ عندهم ـ فكذلك شهادته على نكاح الكتابية.
وجمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة وبعض الحنفية يرون عدم جواز شهادة الكافر في عقد نكاح المسلم على الكتابية؛ لأن من شروط الشهادة العدالة والكافر ليس عدلاً، كما أن شهادته على نكاح المسلم للمسلمة لا يجوز فكذلك شهادته على نكاح الكتابية.
والأولى أن يكون الشاهد مسلماً.
وباختصار فإنه يشترط أن يكون الولي والشاهد مسلماً إلا إذا كانت الزوجة كتابية (يهودية أو نصرانية) فإنه يجوز أن يكون الولي كتابياً، وأما الشهود فإنه يشترط أن يكونوا مسلمين وهذا هو قول الجمهور وهو الأولى.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(11/67)
تولي الزوج طرفي عقد النكاح
المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 9/3/1425هـ
السؤال
هل يجوز أن يكون الزوج هو ولي المرأة بالنيابة حال العقد، كأن يكون مثلاً ابن عمها ويوكل من قبل أبيها على أن يكون الولي فيحصل منه الإيجاب والقبول من نفسه؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ما ذكره السائل _وفقه الله_ يعبر عنه أهل العلم بقولهم ولي المرأة التي يحل له نكاحها وهو ابن العم أو المولى أو الحاكم أو السلطان إذا أذنت له أن يتزوجها , فله ذلك, وهل له أن يلي طرفي العقد بنفسه، قد اختلف العلماء في ذلك، لكن الذي يظهر المنع منه وهو قول الإمامين الشافعي وأحمد، وطائفة من أهل العلم.
وعليه فلا يجوز أن يتولى طرفي العقد , ولكن يوكل رجلاً يزوجه إياها بإذنها، قال الإمام الشافعي يزوجهما السلطان أو ولي آخر مثله أو أقعد منه، وقال أحمد في رواية ابن منصور: لا يزوج نفسه حتى يولى رجلا ومن الأدلة على ذلك ما جاء عن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أنه أراد أن يتزوج امرأة وهو وليها فجعل أمرها إلى رجل المغيرة أولى منه فزوجه رواه البخاري تعليقاً في كتاب: النكاح، باب: إذا كان الولي هو الخاطب.
وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (10502) عن الثوري وقال فيه: فأمر أبعد منه فزوجه، وأيضا فإن الولاية شرط في العقد فلا يكون الناكح منكحا كما لا يبيع من نفسه. والله أعلم.(11/68)
يريد أن يتزوجها من غير علم أبيها
المجيب سلمان بن عبد الله المهيني
القاضي بوزارة العدل
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 17/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ: سؤالي كالتالي: أنا شاب عمري 25 عاماً، ومحافظ على الصلاة قدر ما أستطيع، فضيلة الشيخ: تعرفت على فتاة عمرها26 عاماً، وهي جارتنا، وكانت متزوجة من رجل مقيم في بلدنا لمدة ثلاث سنوات من دون الدخول عليها، وبعد الثلاث سنوات طلقت منه، وقد عاشت في ظروف نفسية صعبة بعد الطلاق، وقد تكلمت مع والدها بأن أتقدم لها، فوافق، والزواج من أجنبية في بلدنا شبه مستحيل، والعادات والتقاليد عندنا صعبة للغاية، وقد اتفقت أنا والبنت على أن نبقي زواجنا سرياً ما عدا أهلها، فوافقت وأهلها أيضاً ما عدا والدها، وكلمته مراراً ولم يلتفت، علماً بأني سوف أعلن الزواج لاحقاً، وبعد فترة أتاها من يخطبها، ولكن والدها كان يرفض، علماً أن والدها لا يعمل، وقد اتفقت أنا وأخوها الأكبر بأن تتزوج في بلدهم من غير موافقة الأب، وقد كلمها أخوها الأكبر بالموضوع، فوافقت بشرط أن أكتب لها ورقة بأن أعلن الزواج بعد سنة من العقد، فوافقت على الشرط. علماً فضيلة الشيخ بأن الأب لن يعلم أن بنته متزوجة إلا بعد سنة من العقد، والبنت -فضيلة الشيخ- تتمنى الزواج بأية طريقة. أرجو من فضيلتكم الإفتاء لي من الناحية الشرعية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الواجب على السائل وغيره من المسلمين الالتزام بالشروط المقررة لصحة النكاح، ومن ذلك الولاية في النكاح، فإن الوالد هو صاحب الولاية ما لم يوجد مانع من ذلك، كالسفه والجنون، وعليه فإن انعقاد النكاح لا يتم إلا من صاحب الولاية الشرعية، وهو هنا والد المرأة، وعلى السائل أن يراعي ذلك. أما إذا كان الأب ممتنعاً لسبب غير مبرر شرعاً فإن البنت هي التي تعالج ذلك من جانبها بالتقدم إلى المحكمة المختصة للنظر في امتناع الأب عن ذلك، فإن كان عاضلاً لها فإن ولايته تسقط عن المرأة، وتنتقل لمن بعده ممن هو مستحق الولاية عليها، أما في الواقع الذي تذكر فلا شك أن امتناع الوالد له ما يبرره، حيث إن النواحي النظامية في الوقت الحاضر يمتد أثرها في إثبات النسب وغير ذلك من الأمور المهمة، ولعل السائل يجد في الأمور المسموح بها نظاماً ما يكون منهياً لمشكلته نحو إعلان الزواج. والله أعلم.(11/69)
هل لهذا الأب ولاية على ابنته؟
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 18/04/1425هـ
السؤال
أنا امرأة مطلقة منذ اثني عشر عاما، ً ولي ولد وبنت، وقد اشترط والدهم أن يكون طلاقي مقابل تنازلي عن نفقتهم إلى الأبد، فتنازلت عن نفقتهم، وحصلت على حضانتهم، وأنفقت عليهم طوال هذه السنوات، وسهرت الليالي على راحتهم، وعانيت الأمرّين من أمراضهم عندما كانوا صغاراً، ولم أكلّ ولم أملّ من هذا الأمر، بل أحتسب معاناتي عند الله -تعالى-،حتى أصبحوا الآن في بداية سن الشباب.
وسؤالي هو: هل لأبيهم أن يتحكم في مصير البنت في المستقبل وتزويجها مع تخليه عنها كل هذه السنوات؟ وهل يستطيع عضلها نكاية بي؟ وهل أستطيع تزويجها عن طريق شقيقها إذا عاندني والدها في ذلك؟ وما حكم تخلي الرجل عن نفقة أولاده مع قدرته؟ خاصة أنه ينفق على أولاده من زوجته الثانية.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالذي يتولى تزويج البنت وإيجاب عقد زواجها هو أبوها إن كان موجوداً، ولو كان مقصراً في رعايتها أو نفقتها، ولا يمكن لشقيقها ولا غيره أن يزوجها مع وجود والدها إلا إذا رفع القاضي ولايته عليها، فإذا تقدم الكفء المناسب لها، وطلب من والدها أن يزوجه بها فرده الأب دون مبرر ظاهر، فيمكن لابنتك أن تتقدَّم للقضاء مدعية على أبيها أنه عضلها، فينظر القاضي في ذلك، فإذا تبين له أن والدها منعها من الزواج بهذا الخاطب وهو كفء، فإن القاضي يزوِّج الفتاة لارتفاع ولاية الأب بسبب العضل، وكذلك إن زوجها بمن لا ترغبه ولا ترضاه فإن لها أن تتقدم للقضاء مدعية إجبارها على النكاح ممن لا ترضاه؛ ليفسخ النكاح بينهما.
وأما تخلي الرجل عن نفقة أولاده فهذا لا يجوز، بل الواجب عليه العدل بين أولاده، لكن إن استعدت المرأة بتحمل نفقات أولادها وخالعت زوجها على ذلك فإن نفقتهم تكون على أمهم التي استعدت بتحملها.
وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله عليه وسلم على محمد وآله وصحبه.(11/70)
تنازلت عما اشترط وليها في العقد بغير علمه
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 12/02/1426هـ
السؤال
عندما تقدمت إلى أهل زوجتي الحالية، وكانوا مغاليين في طلباتهم المتعلقة بمؤخر الصداق وقائمة المنقولات التي هي ملكي أصلا، وطلبوا مني أن أكتبها باسمها، ووجدت نفسي لا أستطيع الوفاء بتلك الطلبات إذا حدث بيننا طلاق, لذلك قررت عدم إكمال هذه الزيجة ورفضت الموضوع برمته، وعندما علمت هي برغبتي تلك اتفقت معي بأن أوافق على كل طلباتهم من مؤخر صداق وقائمة منقولات على أن تقوم بإبراء ذمتي (سرا بيننا) بعد ذلك، وبررت ذلك بأنها لا تهتم بالأموال ولا المتاع بقدر اهتمامها بشخصي أنا، وبعد اتمام الزواج, وفى أول يوم لنا معا طلبت منى أن أحضر ورقة وقلما لكي تقوم بكتابة الشهادة التي سوف تبرأ بها ذمتي (كما اتفقنا قبل الزواج) ، وعندما وجدت أنها جادة جدا في هذا الأمر طمأنت بالها وأخبرتها أنها مادامت معترفة بالاتفاق الذي بيننا وتقر به إقرارا تاما فهذا يكفيني، وهو أفضل من أن تقوم بكتابة تلك الورقة وعدم الاعتراف بها عند الاحتياج إليها.
والسؤال الآن: هل يمكن للزوجة أن تتفق مع زوجها (سراً) على إبراء ذمته من جميع حقوقها الشرعية كما في هذه الحالة؟ وهل في هذه الحالة يكون الزواج صحيحا شرعا؟
وعند حدوث ما يستوجب الطلاق وأنكرت الزوجة تنفيذ هذا الاتفاق- بحجة أنها كانت غير جادة في هذا الاتفاق، وأيضاً عدم وجود اتفاق مكتوب يلزمها بالتنفيذ - هل يجب على الزوج أداء حقوقها كاملة في حالة الطلاق أم يتمسك بما تم الاتفاق عليه (سراً) بينهما على أساس أنه كان شرطا لقيام هذه الزيجة؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
قبل الإجابة عن هذا السؤال لا بد من إيضاح ثلاث مقدمات:
الأولى: أن الصداق وسائر الشروط في النكاح التي تطلبها الزوجة هو حق محض للزوجة دون غيرها حتى ولو كان طالب هذه الشروط هو وليها، ولها أن تتنازل عن جميع المهر كله أو بعضه، كما يجوز لها أن تتنازل عن جميع الشروط المنصوص عليها في عقد النكاح أو بعضها، قال تعالى: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً" [النساء: 4] .
الثانية: أن العقد المبرم بين طرفين سواء كان عقداً مالياً أو عقد نكاح أو غيره إذا اشتمل على اتفاق صوري وحقيقي، فالعبرة حينئذ بالاتفاق الحقيقي، وعلى الطرفين أن يلتزما ديانة بالاتفاق الحقيقي دون الصوري، وإن حصل نزاع وأنكر أحد الطرفين الاتفاق الحقيقي فإن القول قول المستمسك بظاهر العقد مع يمينه ما لم يقم خصمه البينة على أن العقد كان صورياً. كما أنه ليس من مبطلات العقد وجود اتفاق صوري غير حقيقي يخالفه.(11/71)
الثالثة: أنه يستحب شرعاً توثيق الديون بالكتابة والإشهاد، ويقاس عليه سائر العقود والتنازلات، وذلك حفظاً للحقوق من الضياع والنسيان، وحسماً للمنازعات التي قد تثار بسوء أو حسن نية من المتعاقدين أو إحداهما أو ورثتهما، كما قال الله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل" [البقرة: 282] ، وقال تعالى: "واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان أن تضل إحداهما فتذكِّر إحداهما الأخرى" [البقرة: 282] ، وقال سبحانه أيضاً: "ولا تسئموا أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا" [البقرة: 282] .
ولعله أخي السائل قد اتضح لك الجواب من خلال ما تقدم، فالزواج والاتفاق الذي دار بينكما صحيح، ويستحب لكما كتابته والإشهاد عليه امتثالاً للتوجيه الإلهي، وإن كانت الثقة متبادلة بينكما الآن، ونسأل الله -تعالى- أن يبارك لكما في زواجكما ويُبارك عليكما ويجمع بينكما في خير، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(11/72)
تريد الزواج ووليها منقطع عنها!
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 24/11/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ المحترم: أنا امرأة أعيش بعد وفاة والدي في بلدي - لدة غربية - بعد أن حصلت على الجنسية، وقد طلب أحد المسلمين الزواج مني فرفض الموثق بمسجد العاصمة أن يعقد قراننا؛ بحجة أن أخي الذي يعيش في بلد آخر ولا يدري عني منذ خمس سنوات هو وليي ويجب موافقته، وقد راسلت أخي أكثر من مرة ولم يرد علي، وإمام الجامع يرفض عقد قراني، وأنا امرأة متواضعة الجمال، وليس لي أحد في هذه البلاد، وسوداء البشرة، ولم أصدق عندما تقدم لي رجل مسلم مصلٍّ ويحترمني، فماذا أفعل؟ وهل أستطيع أن أعقد قراني عن طريق شيخ آخر؟ وهل يجوز ذلك؟ وما هو الدليل الشرعي؟ لأني أريد الحلال حتى وإن مت عازبة وحيدة. حفظكم الله وأعلى قدركم، وسدَّدكم لما فيه خير الإسلام والمسلمين. إن أمكن توجيه السؤال لشيخ مالكي المذهب أو الشيخ أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وجود الولي في النكاح أحد شروطه، لحديث عائشة، رضي الله عنها: "لا نِكاحَ إلاَّ بِوَلِيٍّ وشَاهِدَيْ عَدْلٍ". أخرجه ابن حبان (4075) والطبراني في الأوسط (9291) . وحديثها الآخر: "أيُّما امرأةٍ نكَحتْ بغيرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فنكاحُها باطلٌ فنكاحُها باطلٌ فنكاحُها باطلٌ". أخرجه أبو داود (2083) والترمذي (1102) وابن ماجه (1879) . وبما أنه لا يوجد من أوليائك غير أخيك وهو في بلد بعيد طالت غيبته خمس سنوات، وقد كاتبتِه أكثر من مرة ولم يأتك منه جواب، وقد رفض الموثق في مكتب العاصمة إبرام العقد (وهو في بلاد الغربة بمثابة السلطان الشرعي في توثيق العقود) ؛ إذا كان الأمر كذلك جاز لك أيتها الأخت السائلة أن تعقدي قرانك عند رجل مسلم آخر، والدليل على جواز هذا عموم أدلة الكتاب والسنة، كقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) [التغابن: من الآية16] . وقوله: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة: من الآية286] . وقول النبي صلى الله عليه وسلم- في قصة الرهط الثلاثة الذين جاؤوا إلى بيته يسألون عن سنته: " ... وأَتَزَوَّجُ النِّساءَ فمَن رغِب عَن سُنَّتي فَلَيْسَ مِنِّي". أخرجه البخاري (5063) ومسلم (1401) . وقد أجاز عامة الفقهاء أن يعقد- لمثل حالك- رجل من عامة المسلمين أنت ترتضينه، ففي مذهب الإمام أحمد، كما يقول الإمام ابن قدامة: فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا ذو سلطان، فعن أحمد ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها. وفي مشهور المذهب: إذا عضل الولي موليته- أي منعها من الزواج من كفء- أو غاب غيبة منقطعة لا يصل إليه الكتاب، أو يصل فلا يجيب- زوَّج عنه السلطان إن وجد، وإن لم يوجد فيقوم بتزويجها رجل عدل تختاره هي. وفي مذهب الإمام مالك والشافعي: إذا كانت امرأة في موضع ليس فيه ولي ولا حاكم ففيه ثلاث روايات:
(1) لا يجوز التزويج.
(2) تزوج نفسها للضرورة.
(3) تُوَلِّي أمرها رجلاً يزوجها.(11/73)
قال صاحب الحاوي: والذي نختاره صحة النكاح إذ ولّت أمرها عدلاً وإن لم يكن مجتهدًا.
أما الإمام أبو حنيفة فهو يرى أبعد من ذلك، حيث يرى عدم اشتراط الولي في النكاح أصلاً، فللمرأة عنده أن تزوج نفسها مباشرة، والصحيح ما ذهب إليه الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد، من اشتراط الولي في النكاح، وإذا تعذر الولي أو الحاكم والسلطان، جاز أن يزوجها رجل عدل بإذنها وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، فتوكلي على الله واختاري من ترينه وتختارينه عدلاً من الرجال المسلمين ليقوم مقام الولي في عقد النكاح. وفَّقك الله وجمع بينكما في خير. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.(11/74)
تزويج البكر بغير رضاها
المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه
رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 22/12/1425هـ
السؤال
ما حكم تزويج الفتاة من شخص رغمًا عنها؟ مع ذكر الأدلة على ذلك.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، أما بعد:
سؤال السائل فيه إجمال يحتاج إلى شيء من البيان، وهو كما يلي: من شروط صحة النكاح رضا الزوجين، فلا يجوز للأب ولا لغيره من الأولياء أن يزوِّج الثيب البالغة العاقلة الرشيدة إلا بإذنها، فإن فعل فإن للحاكم الشرعي رد نكاحه. أخرج البخاري (6945) عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِدَامٍ الْأَنْصَارِيَّةِ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ نِكَاحَهَا.
كما أنه لا يجوز لغير الأب من الأولياء تزويج البكر البالغة العاقلة الرشيدة إلا بإذنها، وحُكي في هاتين المسألتين الإجماع، فإن وجد خلاف في ذلك فهو شاذ لا يعتد به، واختلف في تزويج الأب لابنته البكر البالغة العاقلة الرشيدة بغير إذنها، وفي تزويج غير الأب من الأولياء للبكر الصغيرة دون البلوغ.
والراجح في ذلك عندي أنه لا يجوز للأب أن يزوِّج ابنته البكر البالغة العاقلة الرشيدة إلا بإذنها، والدليل على ذلك ما يلي:
أولًا: حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: "أَنْ تَسْكُتَ". أخرجه البخاري (5126) ومسلم (1419) وغيرهما.
ثانيًا: حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يُسْتَأْمَرُ النِّسَاءُ فِي أَبْضَاعِهِنَّ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قُلْتُ: فَإِنَّ الْبِكْرَ تُسْتَأْمَرُ فَتَسْتَحْيِي فَتَسْكُتُ! قَالَ: "سُكَاتُهَا إِذْنُهَا". أخرجه البخاري (6946) ومسلم (1420) .
ثالثًا: حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا". أخرجه مسلم (1421) . وفي رواية: "الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ يَسْتَأْذِنُهَا أَبُوهَا فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا".(11/75)
رابعًا: حديث عبد الله بن بريدة بن الحصيب، عن أبيه، رضي الله عنهما، قال: جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي ابْنَ أَخِيهِ لِيَرْفَعَ بِي خَسِيسَتَهُ. قَالَ: فَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ: قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ إِلَى الْآبَاءِ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ. أخرجه ابن ماجة (1874) وأخرجه أحمد (25043) والنسائي (3269) ، من حديث عبد الله بن بريدة، رضي الله عنه، عن عائشة، رضي الله عنها، وهو حديث حسن. وهناك أحاديث أخرى بنفس المعنى، وفيما سبق كفاية- إن شاء الله تعالى.
خامسًا: أن الشارع لم يجعل البكارة سببًا للحجر في موضع من المواضع، فجعلُ البكر لا يؤخذ بإذنها في النكاح يُعَدُّ حجرًا عليها، وهو مخالف لقواعد الشرع، إذ إن مناط الحجر هو الصغر أو الجنون أو السفه، وهذه بالغة عاقلة رشيدة.
سادسًا: أن البكر الكبيرة، العاقلة، الرشيدة، لا يجوز لأبيها التصرف في مالها إلا بإذنها في الجملة، ومعلوم أن بضعها أهم من مالها، وأن التصرف في مالها أخف ضررًا عليها من التصرف في بضعها، إذ إن ذلك يعني تزويجها من شخص لا ترغب فيه وتبغضه، وينبغي لها أن ترضى به وتعاشره حياتها، وهذه غاية المضرة بها.
سابعًا: أن من مقاصد الشرع في النكاح حصول الألفة والمودة، وانتظام الحياة بين الزوجين، وكون البكر البالغة، العاقلة، الرشيدة، تُزوَّج ممن لا ترضاه ينافي مقصود الشرع من النكاح، فلا يجوز إذًا، فإن حصل أن زوَّج الأب ابنته البكر البالغة، العاقلة، الرشيدة، فإن لها الخيار في رد ذلك النكاح أو إمضائه عند الحاكم الشرعي، ودليل ذلك ما سبق من حديث عبد الله بن بريدة، رضي الله عنه، عن أبيه، وحديث خنساء بنت خدام، رضي الله عنها. والراجح عندي أيضًا أنه لا يجوز لغير الأب من الأولياء أن يزوج البكر الصغيرة، بل ينتظر حتى تبلغ وتستأذن؛ وذلك لورود النصوص السابقة التي تلزم باستئذان البكر في النكاح، ولا يتحقق ذلك منها في حال الصغر، وليس غير الأب من الأولياء كالأب في شفقته وحنوه على ابنته الصغيرة، ولذا ورد النص بجواز تزويج الأب لابنته البكر الصغيرة من الكفء بدون إذنها وهو تزويج أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، لابنته عائشة، رضي الله عنها، وهي ابنة ست سنين من رسول الله صلى الله عليه وسلم. متفق عليه: البخاري (3894) ومسلم (1422) .
والراجح عندي أيضًا جواز تزويج الأب لابنته الصغيرة الثيب، وكذلك المجنونة إذا كانت تميل إلى الرجال ولو بدون إذنهن. وبهذا البيان لعلي أوضحت للسائل ما يريد، وأجبت له عن سؤاله، والله أعلم وأحكم. وصلى الله وسلم على نبينا(11/76)
معنى: "استأمروا النساء في أبضاعهن"
المجيب سليمان بن عبد الله القصير
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 15/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
عن عائشة، رضي الله عتها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "استأمروا النساء في أبضاعهن" (رواه أحمد والنسائي) . الحديث السابق يوضح بجلاء أنه يجب أخذ الإذن من المرأة، ونص الحديث لا يحدد ذلك في عقد الزواج- كما يفهمه البعض أنه يتعلق بعقد الزواج فقط، فكما أرى من الحديث فإن المرأة لها حرية التحكم في جسدها، وعلى الزوج أن يطلب الإذن من زوجته للجماع. فماذا تقولون في ذلك على ضوء الحديث أعلاه؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هذا الحديث أخرجه البخاري (6946) والنسائي (3266) وأحمد (24185) ، ولفظه عند البخاري عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله، يُستأمر النساء في أبضاعهن؟ قال: "نَعَمْ". قلتُ: فإنَّ البِكْرَ تُستأمر فتستحيي فتسكت؟ قال: "سُكَاتُها إِذْنُهَا".
ولفظه عند النسائي وأحمد عن عائشة، رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "اسْتَأْمِرُوا النِّساءَ في أَبْضَاعِهِنَّ". قيل: فإن البكر تستحي وتسكت؟ قال: "هُوَ إِذْنُهَا".
فالحديث ظاهر في أن المراد عقد النكاح، وجميع كتب الحديث وشروحها التي وقفتُ عليها تذكر هذا الحديث في باب عقد النكاح، وأن المراد منه وجوب أخذ إذن المرأة ورضاها في الزوج الذي سيعقد عليها.
أما ما فهمته السائلة فهو يعارض الحديث الصحيح، وهو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا دعَا الرَّجلُ امرأتَه إلى فراشِه فَأَبَتْ، فبات غَضْبَانَ عَلَيْها، لَعَنَتْها الملائكةُ حتَّى تُصْبِحَ". أخرجه البخاري (3237) مسلم (1736) وغيرهما. فهذا الحديث يوجب على المرأة أن تستجيب لزوجها إذا دعاها للجماع، ما لم تكن معذورة بمرض أو نحوه؛ لأن موجب عقد النكاح هو بذل المرأة نفسها لزوجها مقابل تأمين النفقة والسكنى لها. ويفيد الحديث أنه إذا لم يغضب الزوج على المرأة لكونه عَذَرها فأَنَّها لا تلعنها الملائكة لقوله: "فبات غضبان عليها".
والشرع إنما ألزم المرأة بتحقيق رغبة الزوج؛ لأن حاجته لقضاء الشهوة أشد من المرأة، وافتتانه بالنظر إلى النساء أعظم، بسبب كثرة خروجه من المنزل، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا ترَكتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِن النِّساءِ". أخرجه البخاري (5096) ومسلم (2740) . وقال: "اتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ ". أخرجه مسلم (2742) .
ولكن ينبغي للزوج أن يراعي حالة زوجته، فلا يكرهها على أمر لا تريده؛ لأن هذا من تمام العشرة بالمعروف، ومن تمام الخيرية التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُكُم خيرُكم لأَهْلِهِ، وأنا خيرُكم لأَهْلِي". أخرجه الترمذي (3895) . والله أعلم. وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(11/77)
العقد على المرأة بعد الإجهاض
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 08/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم
هل يجوز عقد النكاح على امرأة بعد عملية إجهاض غير شرعية مباشرة؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الإجهاض يختلف، فقد يكون نفاساً، وقد يكون غير نفاس، فإذا كان الجنين قد تبيّن فيه خلق الإنسان -ولو خفيفاً- كتخطيط يد، أو رِجل، أو رأس، أو نحو ذلك، فإذا أُسقط، فهذا له حكم النفاس، فتكون خرجت من عدتها، أو من استبرائها.
أما إذا كان الجنين لم يتبيّن فيه خلق الإنسان وأجهض، فإنها حتى الآن لم تخرج من عدتها واستبرائها، فيجب عليها بعد ذلك أن تعتد -إذا كان هذا الوضع في نكاح ونحوه- ثلاث حيض. وأما إن كان زنى، فإنه يجب عليها أن تستبرئ بحيضة.
وعلى هذا يأتي حكم النكاح، فإن كان النكاح أتى بعد إجهاض يعتبر نفاساً، يترتب عليه أحكام النفاس، فهذا النكاح صحيح، وإن كان أتى بعد إجهاض لا يعتبر نفاساً، فإنه لا يصح النكاح، حتى تنتهي العدة أو الاستبراء. والله أعلم.(11/78)
تزويج المرأة بالوكالة!
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 23/02/1426هـ
السؤال
أولاً: أريد أن أعرف الوضع الشرعي في موضوعي وليس الوضع القانوني، سكرتيرتي حبتني وأرادت الزواج بي، وبما أنني متزوج وخوفاً من جلب المشاكل للعائلة قررنا أن نتزوج عرفي، فأرسلت لأبيها بأن يرسل لها وكالة باسمي، بأن أقوم بتزويجها لمن تراه مناسباً لها حتى ولو لنفسي، وبالفعل أرسل والدها الوكالة، ومضمونها: أني وكلت فلان بأن يقوم مقامي بتزويج ابنتي فلانة لمن ترغب فيه ولو لنفسه، وبهذا وبدون أن نخبر والدها (وهذا لرغبتها) قمنا بكتابة ورقة بيننا وبعلم شاهدين من الناحية الشرعية هل هذا الزواج شرعي؟. ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شروط النكاح وجود الولي للمرأة، وهو أبوها أو وكيله، فإذا وكل شخص على تزويج ابنته جاز ذلك وصحة الوكالة، سواء كانت مقيدة بمعنى تزويجها على فلان بعينه أو كانت الوكالة مطلقة في تزويج من يراه وتتقيد بالكفء؛ لأن الوكيل هنا كالأصل، وليس للوكيل تزويج نفسه إلا إذا نص الأب على ذلك، فإذا توفر هذا الشرط مع وجود الشهود، فإن هذا يكون نكاحاً صحيحاً، أما قول السائل بأنه يريد زواجاً عرفياً فلم يبيّن مراده بذلك، فإن أراد أنه زواج محدد بوقت ثم ينتهي، فهذا نكاح متعة، وهو محرم ولا يجوز، وإن أراد بالعرفي أنه لا يسجله لدى سجلات الجهات المختصة، وهي تمنع ذلك، فهذا أيضاً لا يجوز؛ لأمرين:
الأول: أن فيه مخالفة لأنظمة ولي الأمر، وهذا لا يجوز فيما لا يخالف شرع الله.
ثانياً: أن هذا الأمر يفضي إلى التلاعب والفوضى، لاسيما في أمر عظيم وهو أمر الفروج التي جاءت الشريعة بالمحافظة عليها. والله ولي التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/79)
وليها يرفض خُطّابها، فهل تتزوج بلا ولي؟!
المجيب د. عبد العزيز بن صالح الشاوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 10/10/1425هـ
السؤال
هل أستطيع أن أعقد قراني بدون رضا ولي أمري؟ تقدم لي الكثير من الشباب، ووالدي يرفض بسبب أن لي إخوة ذكورًا أكبر مني، وكل مرة يستشيرهم، فكل واحد يطلع في المتقدم للخطبة ألف عيب، مليت من وضع والدي مع إخواني، وأنا صراحة ما أقدر أصبر، وأخاف أني أقوم بعمل شيء بالحرام، وأهلي لا يسمعون لي بهذا الأمر، فهل أنا أقدر على تزويج نفسي بدون رضا والدي، وإن كان، فكيف الطريقة؟ هل ممكن هنا في السعودية؟ ولاَّ ما يصير إلا خارج البلاد؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ذهب أكثر أهل العلم إلى أن المرأة لا تزوج نفسها ولا غيرها، وأن الولاية شرط في صحة العقد، وهي من اختصاص الرجال، ودليل ذلك ما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أيُّما امرأةٍ نكَحَتْ بِغَيرِ إذْنِ وَلِيِّها فَنِكاحُها باطِلٌ فَنِكَاحُها باطلٌ فنكاحُها باطلٌ". أخرجه أبوداود (2083) والترمذي (1102) وابن ماجه (1879) . وإذا عضل الولي المرأة، فلها أن تتقدم للحاكم الشرعي (قاضي البلد) بشكوى، وإذا ثبت للقاضي عضل الولي للمرأة فإنه يقوم بتزويجها لمن تبرأ به الذمة، يقول ابن قدامة: (لا نعلم خلافًا بين أهل العلم في أن للسلطان ولاية تزويج المرأة عند عدم أوليائها أو عضلهم) ا. هـ. وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "فالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَن لا وَلِيَّ له". أخرجه أبو داود (2083) والترمذي (1102) وابن ماجه (1879) . وبالله التوفيق.(11/80)
اشترطت عليه في عقد النكاح ألا يقربها، فهل يصح العقد؟!
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 05/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي عن الزواج، نظراً لوضع المرأة الصعب والمؤسف في بلادنا، حيث إن نصف حياتها تعتمد على وجود محرم، خاصة هذه الأيام، حيث غاب دور الأب والأخ وجميع المحارم وحل مكانهم (السائق) ، ولذلك تضطر المرأة للذهاب معه وحدها، أريد شخصًا -على سنة الله ورسوله- يلبي احتياجاتي، بحيث يمكنني أن أزور أهلي الذين يسكنون بعيدًا عنا، ويمكنني أن أحج، فلا أكون عبئًا على أهلي، إلخ، ولكن نظرًا لأني أكره الزواج ولا أرغب فيه، رسمت هذه الشروط في مخيلتي، وأريد أن أعرف هل بهذه الشروط سيكون الزواج مباحاً يرضى عنه الرحمن- أن يكون الزواج بدون حفلة، فقط نكتب زواجنا عند المأذون، بدون مهر، لا نعيش في بيت واحد (بالتالي لا يكون هناك صلة، ولا إنجاب، ولا حقوق) يمكنني أن أقاطعه لمدة طويلة، لا أعتقد أن هناك مشكلة لو تزوج الرجل امرأة بهذه الشروط، خاصة أنه ليس فيه أي تكلفة مالية إطلاقاً، والشرع حلّل أربع نساء فيمكنه تعويض هذا كله بأن يتزوج ثانية وثالثة. وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لعقد النكاح شروط إذا تحققت صح النكاح، وأصبح الطرفان زوجين، وهي:
1) أن يتولى تزويج المرأة وليُّها؛ لحديث: "لا نكاح إلا بولي" أخرجه أبواود (2085) والترمذي (1101) وابن ماجه (1881) ، وقال صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل.." أخرجه أبو داود (2083) والترمذي (1102) وابن ماجه (1879) بسند صحيح.
2) أن يحضر العقد شاهدان عدلان من المسلمين: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل". صحيح ابن حبان (4075) .
3) رضا الزوجين بأن يكون كل منهما راضٍ بزواجه من الآخر، ولا يجوز إكراه المرأة على زوج لا ترضاه حتى ولو كانت بكراً، بل يجب استئذانها، فإن أذنت صح، وإلا فلا.
4) الإيجاب والقبول: بأن يقول ولي المرأة: (زوجتك ابنتي) ، ويجيب الرجل الخاطب: (قبلت) .
5) المهر، ولو كان يسيراً كألف ريال أو مائة، أو نحو ذلك.
فإذا تحققت هذه الشروط فالعقد صحيح، لكن إن منعت الزوجة زوجها من استمتاعه بها على الوجه الذي أباحه الله فله أن يُمسك عن نفقتها.
وأما اشتراطك عليه في العقد ألا يقربك، وأن تظلي كالأجنبية عنه، فهو شرط يخالف مقتضى عقد النكاح، إذ مقتضاه استمتاع كل زوج بالآخر.
لكن لو اشترط عليه أن يكون المسيس بينكما بمقدار محدد كل شهر أو أسبوع، بمعنى أن يكون حق الاستمتاع في الأصل مبذولاً لكنه بمقدار محدود لظروف معينة، فهذا الشرط صحيح؛ لأنه لا يحرم الزوجة على زوجها. والله أعلم.(11/81)
الزواج من الحامل من الزنى
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 16/07/1426هـ
السؤال
متزوج من امرأة زانية وكانت حاملاً، ولم أكتشف ذلك إلا بعد ستة أشهر بعد انفضاح أمرها. فهل يعتبر زواجي بها باطلاً؟ وهل ما قمت به من جماع يعتبر زنى؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا كنت عقدت عليها وهي حامل من الزنا فإنّ عقدك عليها باطل عند جمهور أهل العلم، وهو عقد لا يحتاج إلى طلاق، ويلزمك أن تفارق هذه المرأة؛ لأنها حامل من غيرك، قال تعالى: "والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك" [النور: 3] .
وما حصل منك من جماع قبل العلم بالحقيقة أنت معذور فيه لعدم علمك، وأما ما حصل بعد علمك فهو فعل محرم عليك التوبة منه.
أما إن كان زناها وحملها من الزنا بعد أن عقدت عليها فليس عقدك عليها باطلاً، وعليك أن تجتنبها حتى تلد فلا يجوز لك جماعها والحال ما ذكر، وخير لك طلاقها ما دامت غير معذورة في زناها. والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(11/82)
زوَّجها أخوها بغير رضى أبيها!
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 22/09/1426هـ
السؤال
إذا زوَّج شخص شقيقته المطلقة لرجل لا يوافق عليه والدهما، فهل يكون الزواج صحيحاً؟ علما بأن المرأة الآن عندها ولدان من هذا الزوج، فماذا عليها أن تفعل؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإذا تقدم للمرأة رجل يرتضى دينه وخلقه ورضيته فالواجب على وليها تزويجها له، إلا إذا وجد مانع شرعي؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد". قالوا: يا رسول الله وإن كان فيه؟ قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه" ثلاث مرات. رواه الترمذي (1085) ، والبيهقي (7/82) ، من حديث أبي حاتم المزني -رضي الله عنه- وأخرجه الترمذي (1084) ، وابن ماجه (1967) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
فإن كان والد المرأة موجوداً فلا يجوز لأحد أن يعقد النكاح سواه، فإن عضل انتقلت الولاية إلى من يليه من الأولياء الأقرب فالأقرب، فإن زوج الولي البعيد كالأخ الشقيق مع وجود الأب بدون عذر وبلا وكالة من الأب لم يصح النكاح؛ لأن من شروط صحة النكاح الولي؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد (19518) ، وأبو داود (2085) ، والترمذي (1101) وابن ماجه (1881) ، من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- والأخ الشقيق ليس ولياً مع وجود الأب غير الممتنع.
أما ما يتعلق بما جاء في السؤال من ناحية الأولاد فهم أولاد شرعيون ينسبون لوالديهم للشبهة، وهي اعتقادهم صحة النكاح بذلك، ولكن الواجب تجديد العقد -والله تعالى أعلم- وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/83)
تزويج الابن بغير علمه!
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/شروط صحة النكاح
التاريخ 10/10/1426هـ
السؤال
السلام عليكم
إذا قام الوالدان بتزويج ابنهما وهو غير موجود، فهل يصح الزواج؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن زوّج الأب ولده الصغير (غير البالغ) أو المعتوه لمصلحة رآها، ولحاجته إلى الزواج صح العقد، بعد توافر أركان النكاح الأخرى وشروطه وانتفاء موانعه.
أما الابن البالغ العاقل فلا يخلو من حالين:
الأول: أن يوكّل الابن أباه على قبول النكاح فإن وكله صح.
الثاني: أن يقوم به الأب بلا وكالة فلا يصح؛ لأن من شروط صحة النكاح الرضا، وهنا الزوج غير راض به، وكذا لو أجاز الابن الغائب ما أجراه والده بعد التفرق من مجلس العقد لم يصح النكاح، قال البهوتي -رحمه الله تعالى-: "وإن تفرقا قبله -أي قبل القبول- أو تشاغلا بما يقطعه عرفاً بطل الإيجاب للإعراض عنه" أ. هـ. [الروض المربع (363) ] .
أما تزويج الأم ولدها -بحيث تكون هي الولي- فلا ينعقد النكاح بذلك، سواء تم ذلك بوكالة أو بدون وكالة؛ لأن من شروط الولي الذكورية، والمرأة لا ولاية لها على نفسها في النكاح فغيرها أولى، وما لا يصح فعله لنفسها فلا يصح توكيلها فيه. والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/84)
اشترط الطلاق قبل وفاته
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأنكحة المحرمة
التاريخ 21/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فضيلة الشيخ: أرجو الإجابة عن سؤالي التالي: أنا رجل عندي زوجة عاملة، ومنجبة ثلاثة أولاد، وكانت تطالبني هي بخادمة؛ للاستعانة بها على ظروف الحياة، وكنت أمانع بشدة؛ لأني أخشى من الفتنة؛ ولأني كنت آخذ بقول من يرى حرمة السفر بها، وأن الإتيان بها يودي إلى مفاسد كثيرة، ولكن خطرت لي فكرة أن أعقد عليها، والذي حصل أنه كلمني أحد الثقات إن كنت أريد خادمة، فقلت له: نعم، لكن بشرط: أن أعقد عليها، قال لي: موافق، عندي لك خادمة قريبة لي، لكن عقد فقط بشرط عدم قربانها بمعنى جماعها، فقلت: موافق، وكتبت له توكيلاً بأن يعقد لي على أي امرأة مناسبة مع تعليق طلاقها قبل وفاتي، بعد مدة جاءت الخادمة على هذا الأساس، مع التأكيد عليه بموافقتها ووليها دون تحديد مدة؛ حتى لا يكون متعة، الآن ماذا يكون موقفي من هذه الخادمة، وخصوصاً أني لم أتمالك نفسي ووقع مني جماعها؟ فهل هذا العقد صحيح؟ وماذا يجب علي؟ أفتوني مأجورين.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإذا عقد على امرأة، واشترط أن لا يجامعها فهذا شرط باطل لا عبرة به، والعقد صحيح؛ والسبب أنه شرط ينافي مقتضى عقد النكاح، فإن مقتضاه حل الاستمتاع، ولا مانع من العقد على الخادمة أو غيرها، والتوكيل فيه، لكن إذا علق طلاق المرأة بما قبل الوفاة، واتفقا على أنها تكون طالقاً قبل وفاته فهذا نكاح مؤقت، وهو من المتعة، ولو لم يحدد التاريخ والمدة، فإنه لا فرق في توقيت النكاح وتعليق الطلاق سواء كان بوقت معلوم أو مجهول فكله من نكاح المتعة الباطل، وهذا البطلان المتعلق بنكاح المتعة محل إجماع بين أهل السنة، وعليه فإن عقدك المذكور عقد باطل لا تحل به المرأة، ويجب عليك الامتناع عن قربانها، فإن رغبت في الزواج منها فاعقد عقداً جديداً غير مؤقت، والواجب عليك التوبة من الجماع المذكور. ووفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.(11/85)
زواج المتعة
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأنكحة المحرمة
التاريخ 24/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
أرجو بيان حكم زواج المتعة على ضوء الأحاديث الصحيحة.
الجواب
سئل الشيخ: عبد الله بن سليمان المنيع عن حكم زواج المتعة، نذكر لك فيما يلي نص السؤال والإجابة:
لماذا حرم الله زواج المتعة؟
الحمد لله، الذي عليه عموم المسلمين من علماء وفقهاء ومحدثين ومفسرين: القول بتحريم زواج المتعة، وأنه نكاح باطل، وتعليل ذلك أن الزواج الشرعي علاقة مأمول فيها الاستمرار والدوام وابتغاء ما كتب الله للزوجين من معاشرتهما الزوجية من الولد، وأن الله تعالى يهيئ لهما من المودة والرحمة ما يضمن للحياة الزوجية بينهما اللبنة الصالحة لابتغاء أسرة كريمة، فيها تبادل التعاون والتكاتف، تحقيقاً للتوجيه النبوي الكريم:"تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة"، أخرجه أحمد (12613) ، وأبو داود (2050) ، والنسائي (3227) .
وزواج المتعة عار عن هذه المقاصد والمعاني في الزواج الشرعي، وهو ينزل بمستوى المرأة عن إنسانيتها الكاملة إلى سلعة معروضة للأجرة واستيفاء المنفعة، فضلاً عما في ذلك من التخبط في الأعراض وتعريضها للضياع والفوضى، والله أعلم.
[مجموع فتاوى وبحوث الشيخ: عبد الله بن سليمان المنيع (4/263) ] .(11/86)
نكاح المتعة
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأنكحة المحرمة
التاريخ 4/11/1424هـ
السؤال
أريد من فضيلتكم جواباً شافياً كافياً في مسألة نكاح المتعة، وهل القول بأنه كان جائزاً في فترة من فترات الرسول صلى الله عليه وسلم بعد البعثة، وتحديداً في ظل الدولة الإسلامية الأولى ثم حرم بعد ذلك؟ هل هو قول صحيح؟ وإن صح هذا القول فما هو الرد على هذه الشبهة التي تقول إن العلة واحدة، ومع ذلك أحل وحرم ثم أحل وحرم؟ كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:"لا أعلم شيئا أحله الله ثم حرمه, ثم أحله ثم حرمه, سوى المتعة" انتهت الشبه، هل القول المنسوب إلى الشافعي صحيح؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن نكاح المتعة محرم بالاتفاق، كما صرح به الإمام ابن عبد البر في الاستذكار (5/508) ، حيث قال: (اتفق أئمة علماء الأمصار من أهل الرأي والآثار على تحريم نكاح المتعة لصحة نهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندهم عنها) ا. هـ، ومن تلك الأحاديث ما أخرجه مسلم في صحيحه برقم: (1406) ، عن سبرة الجهني: "أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً".
وقد علق النووي في شرحه على صحيح مسلم (9/179) ، على هذا الحديث ونحوه، فقال: ( ... قال المازري: ثبت أن نكاح المتعة كان جائزاً في أول الإسلام، ثم ثبت بالأحاديث الصحيحة المذكورة هنا أنه نسخ، وانعقد الإجماع على تحريمه، ولم يخالف فيه إلا طائفة من المبتدعة - يعني الرافضة-) ثم قال النووي في شرحه هذا (9/181) ، (والصواب المختار أن التحريم والإباحة كانا مرتين، فكانت حلالاً قبل خيبر، ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت يوم فتح مكة، وهو يوم أوطاس لاتصالهما، ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريماً مؤبداً إلى يوم القيامة) ا. هـ.
وهذا يوافق ما نقله ابن قدامة وغيره عن الإمام الشافعي أنه قال: (لا أعلم شيئاً أحله الله ... ) إلخ.. وصحح العلامة ابن القيم في زاد المعاد (5/111) بأن التحليل والتحريم لهذا النكاح وقع مرة واحدة، فقال: (واختلف هل نهي عنها - يعني نكاح المتعة- يوم خيبر؟ على قولين، والصحيح: أن النهي إنما كان عام الفتح، وأن النهي يوم خيبر إنما كان عن الحمر الأهلية ... ) ا. هـ.(11/87)
وأما الجواب عن الشبهة المذكورة: فإن الشارع الحكيم إنما أباح نكاح المتعة لحكم أرادها سبحانه، ومنها اضطرار الصحابة - رضي الله عنهم- في ذلك الوقت إلى هذا النوع من النكاح، لا سيما وأن كثيراً منهم كان حديث عهد بالإسلام، مع شدة العزوبة وقلة النساء، كما يشير إلى هذه العلة حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- أنه قال: "كنا نغزو مع رسول - صلى الله عليه وسلم- ليس لنا نساء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ... ) أخرجه البخاري (4787) ، ومسلم (1404) ، وقد أشار إلى هذه العلة غير واحد من أهل العلم، ومنهم الحافظ ابن حجر في الفتح (9/170-171) حيث قال: ( ... في رواية الإسماعيلي: إنما كان ذلك في الجهاد، والنساء قليل ... وعند مسلم من طريق الزهري عن خالد بن المهاجر أو بن أبي عمرة الأنصاري: قال رجل: - يعني لابن عباس - رضي الله عنهما- وصرح به البيهقي في روايته- إنما كانت يعني المتعة رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها كالميتة والدم ولحم الخنزير) ا. هـ وبهذا تزول الشبهة. والله تعالى أعلم.(11/88)
أيهما أشد إثماً الزنا أم زواج المتعة؟
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأنكحة المحرمة
التاريخ 22/10/1424هـ
السؤال
أيهما أشد إثماً الزنا أم زواج المتعة، وهل زواج المتعة من الكبائر؟
الجواب
زواج المتعة حرام، وقد انعقد الإجماع على ذلك بلا خلاف بين أهل العلم في هذه المسألة، والواجب على المسلم الامتناع عن الحرام والابتعاد عنه، وعدم المقارنة بينه وبين غيره من المحرمات، وأن هذه المقارنة قد تؤدي بالعبد إلى التهاون بهذا المحرم، أو إلى النظر إلى أنه شيء صغير بالنسبة لما هو أكبر، وأقول لا ينبغي للمسلم أن يوجه همه إلى عقد مقارنة بين المحرم وغيره من المحرمات، وإنما الواجب عليه الكف والابتعاد عن هذا الحرام، وكما يقول السلف: لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى من عصيت.(11/89)
هل نكاح المتعة زنا؟
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأنكحة المحرمة
التاريخ 1/07/1425هـ
السؤال
هل من يتزوج زواج المتعة في حكم الزاني؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فمن تزوج زواج متعة وهو عالم بالتحريم فهو آثم مخطئ، وأما بالنسبة للحكم القضائي بحد الزنا، فلا يجب عليه عند جمهور أهل العلم، لأن العقد الحاصل الذي أباحه بعض الناس شبهة تدرأ الحد، ولذا يعزر على فعله بعقوبة دون الحد، علماً أن الزواج الذي ينوي فيه، الزوج الطلاق دون اشتراط في العقد لمدة، فقد اختلف أهل العلم فيه هل هو من المتعة أو لا؟ ولعل الأقرب تحريمه والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(11/90)
تزوج بها وهي حامل منه سفاحًا
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأنكحة المحرمة
التاريخ 13/01/1426هـ
السؤال
رجل شيعي تزوج امرأة سنية زواجًا مؤقتًا (متعة) بسبب مشاكل إدارية في تلك البلد، وحملت المرأة، تحول الزوج إلى المذهب السني بعد ذلك، وتزوج المرأة على السنة، وكان ذلك بحضور قاض وشاهدين، وقد زوَّج القاضي المرأة للزوج، وهو لا يعرف أنها حامل، بعد ذلك تم صدور عقد الزواج الرسمي وعاش الزوجان معًا لعدة سنوات وأنجبا أطفالاً آخرين. هل زواجهما شرعي؟ وإذا لم يكن كذلك ماذا عليهما أن يفعلا؟ وما الوضع الشرعي للطفل من الحمل الأول؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا كان الزوج يعتقد حِلَّ النكاح المتعة قبل ذلك، فيعتبر ما حصل منه وطأ شبهة، وبناء عليه فيجوز له أن يتزوج من هذه المرأة مباشرة في عدتها؛ لأن الماء ماؤه، كما أن الولد الحاصل بسبب هذه الوطء يعتبر ولدًا له، وينسب إليه بلا إشكال، لكن لا يجوز له أن يتزوج بهذه المرأة إلا بعد أن تتوب إن كانت تعتقد حرمة ما حصل بينهما من نكاح. هذا أولاً.
ثانيًا: أنه إن كان الزوجان يعتقدان حرمة هذا النكاح (نكاح المتعة) فيعتبر ما حصل بينهما سفاحًا كالزنا تمامًا، وبناء عليه فلا يجوز لهما الزواج من بعض إلا بعد أن يتوبا من ذلك، فإذا تابا فهل يجوز أن يتزوجها وهي ما زالت حاملًا (يعني لا زالت في العدة) ؟
الجواب أن هذا يبنى على مسألة أخرى، وهي: هل للزاني أن يستلحق ولده وينسبه إليه؟ فنقول: ذهب جماهير العلماء إلى أنه ليس له ذلك شرعًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، ولِلْعَاهِرِ الحَجَرُ". متفق عليه: أخرجه البخاري (2053) ، ومسلم (1457) . وذهب بعض السلف كالحسن، وابن سيرين، والنخعي، وإسحاق إلى جواز ذلك، وأن للزاني أن يستلحق ولده من الزنى إذا لم يدعيه صاحب فراش؛ لأن الحديث السابق لم يتناول ذلك، لم يتناول إذا لم تكن المرأة فراشًا، ولأن عمر، رضي الله عنه، قد ألحق أولادًا ولدوا في الجاهلية بآبائهم. أخرجه مالك في الموطأ (1451) ، وعبد الرزاق في مصنفه (13274) ، والبيهقي 10/263. وهذا هو القول الصحيح الموافق للعقل والشرع، وقد اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، ومال إليه تلميذه ابن القيم، ورجحه الشيخ العلامة محمد بن عثيمين- رحمة الله على الجميع. وهذا ثالثًا.(11/91)
رابعًا: إنه بناء على القول الصحيح- من جواز استلحاق الزاني لولده إذا لم يدعه صاحب فراش- فإنه يجوز لهذا الرجل أن يتزوج من هذه المرأة وهي حامل منه بسبب وطئه السابق، وإلى هذا ذهب بعض الفقهاء حيث أجازوا للزاني أن يتزوج بمن زنى بها بعد التوبة في عدتها منه، أما غير الزاني فلا يجوز له أن يتزوج منها حتى تنقضي عدتها، أما جمهور العلماء فذهبوا إلى أنه لا يجوز للزاني ولا لغيره أن يتزوج بالمزني بها إلا بعد التوبة وبعد انقضاء عدتها، لكن الصحيح خلافه- كما سبق- وهو أنه يجوز للزاني دون غيره أن يتزوج بمن زنى بها في عدتها منه إذا تابا؛ لأن الماء ماؤه، ولأنه يمكنه أن يستلحق ولده منها على الصحيح. وعليه فنقول: إنه يجوز لهذا الرجل أن يتزوج بهذه المرأة وهي حامل، وينسب الولد له (الولد الذي حصل بسبب هذا الوطء) بشرط التوبة من ذلك إن اعتقدا تحريمه، وما حصل لهما من أولاد بعد ذلك يعتبرون أولادًا شرعيين بلا إشكال- إن شاء الله تعالى.
خامسًا: أن الموطوءة بشبهة والمزني بها تستبرءان بحيضة واحدة فقط إلا مع وجود الحمل، فبوضعه- على الصحيح من أقوال أهل العلم- واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، والشيخ العلامة عبد الرحمن بن سعدي، وتلميذه الشيخ العلامة محمد بن عثيمين- رحمة الله على الجميع. والله أعلم.(11/92)
هل ينسب المولود بنكاح المتعة إلى أبيه؟!
المجيب د. يوسف بن عبد العزيز العقل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأنكحة المحرمة
التاريخ 21/09/1426هـ
السؤال
لو أقدم شاب مسلم سني على الزواج من فتاة شيعية عن طريق زواج المتعة، وهو يعلم تحريمه، فهل يعتبر جماعهما زنى، أم هو حرام لكن لا يسمى بزنى؟ وهل يسمى مولودهما مولوداً بالحرام؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فزواج المتعة محرم، وقد أبيحت المتعة في أول الإسلام ثم حرمت إلى يوم القيامة، ونهى -صلى الله عليه وسلم- عنها يوم خيبر، قال القرطبي: "أجمع السلف والخلف على تحريمها إلا من لا يلتفت إليه، وجزم جماعة من الأئمة بتفرد ابن عباس -رضي الله عنهما- بإباحتها".
ورواية إباحتها عن مالك لا يجزم بها؛ لأن أصحابه ينكرون ذلك، أما لو تزوج إنسان متعة، واستكمل النكاح أركانه، فلا يسمى زنى لا لغة ولا شرعاً، وإن كان قد ارتكب جريمة نكراء. واختلف أهل العلم هل يحد متزوج المتعة حد الزنى أو يعزر حسب رأي الإمام على قولين. أما الولد فيلحق بالأب. وبالله التوفيق.(11/93)
النكاح العرفي
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق
التاريخ 11/9/1423هـ
السؤال
أدرس في أوروبا، وأردت أن أتجنب الوقوع في الحرام فتزوجت من شابة عمرها سبع عشرة سنة، وأسلمت، ولكن كان الزواج عرفيا بشهود ووكيل والقاضي (المأذون) وكان بالسر؛ لعدم علم أهلها بإسلامها وزواجها وعدم علم أهلي؛ لأنهم رافضون فكرة الزواج، فهل الزواج مقبول على سنة الله ورسوله - عليه الصلاة والسلام -؟ وبماذا تنصحوني؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد نص العلماء أن الزواج واجب على من خشي على نفسه الفتنة هذا أولاً، أما بالنسبة لما ذكر الأخ السائل فإن النكاح إذا توافرت أركانه وشروطه وانتفت موانعه صح، ومن شروط النكاح الولي، وهذه المرأة التي أسلمت يعقد لها أقرب أوليائها من المسلمين فإن لم يكن لها ولي مسلم وليس في البلد قاضٍ مسلم زوجها رجل عدل بإذنها، وليس من شروط صحة النكاح علم أهل الزوج به، ولكن من البر بوالديه إخبارهما بزواجه بالرفق واللين، وأنصح الأخ السائل بإعلان النكاح وإشهاره خروجاً مما قد ينتج عن كتمانه من المشاكل، والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.(11/94)
الزواج لتحصيل الجنسية
المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق
التاريخ 17/11/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما رأي فضيلتكم بما يدعى: الزواج للحصول على الأوراق الرسمية في الدول الغربية خصوصاً في أمريكا؟
وهل هناك طريقة شرعية ضمن حدود معينة تجيز للمرء الزواج للحصول على الأوراق الرسمية؟ أرجو من فضيلتكم التفصيل في هذا المجال، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
(1) إذا كان الاتفاق بين الرجل والمرأة على الزواج إلى مدة مؤقتة باستخراج أوراق معينة ثم يكون بعد ذلك الانفصال فإن هذا نوع من نكاح المتعة المحرم.
(2) وإذا كان الزواج دون اتفاق مؤقت، وإنما في نية الزوج أنه إذا استخرج الأوراق فإنه سيطلقها فهذه مسألة (النكاح بنية الطلاق) وقد اختلف فيها أهل العلم والراجح أنه إذا وقع النكاح بأركانه وشروطه وانتفاء موانعه فإنه جائز ولو كان بنية الطلاق، لكنه خلاف الأولى وخلاف المقصود من مشروعية النكاح الاستقرار والسكن، وقد يترتب عليه مفاسد من التغرير بالمرأة وفيها من المفاسد، فينبغي لمن يقدم على الزواج أن يختار الزوجة التي ينوي الاستمرار معها وتحقيق مقاصد النكاح. علماً بأنه يشترط أن تكون المرأة مسلمة فإن لم تكن فكتابية عفيفة، والله الموفق.(11/95)
الميراث في زواج المسيار
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق
التاريخ 9/4/1424هـ
السؤال
هل ترث الزوجة من زوجها إذا كانت متزوجة بزواج المسيار؟ أم هذا يعتمد على العقد؟ وهل يجوز شرط عدم الوراثة في العقد؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
زواج المسيار إذا تم بعد أن توافرت شروطه وأركانه وانتفت موانعه فهو نكاح شرعي صحيح، ويرث كل واحد من الزوجين صاحبه، ولا يجوز لأحدهما أن يشترط عدم التوارث بينهما، وإن شرط ذلك فالشرط باطل، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم- "ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق"، رواه البخاري (2168) ، ومسلم (1504) ، من حديث عائشة - رضي الله عنها- من حديث عائشة - رضي الله عنها- والله تعالى أعلم - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/96)
زواج المسيار
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق
التاريخ 29/1/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد تزويدي ببعض المراجع التي تتكلم عن نكاح المسيار.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن نكاح المسيار عقد نكاح كسائر عقود النكاح، لا فرق بينه وبينها في حقيقة العقد، ولا في أركانه وشروطه، وإنما يفترقان في بعض متعلقات العقد، وذلك بتنازل أحد طرفي العقد عن بعض حقوقه المشروعة، ووجه ذلك أن المرأة في نكاح المسيار تتنازل عن بعض حقوقها على زوجها؛ فهي تتنازل عن حقها في النفقة والمبيت بحيث لا يلتزم الزوج بالنفقة عليها ولا المبيت عندها، والإنسان كما يجوز له المطالبة بحقوقه الخاصة به، فإنه يجوز له أن يتنازل عنها أو عن بعضها، وبما أن نكاح المسيار لا يختلف عن غيره من عقود النكاح في الماهية، وإنما يختلف عنها في إسقاط بعض الحقوق؛ فإن كتب الفقه التي تناولت عقد النكاح عموماً تعد من المراجع والكتب التي تتحدث عن نكاح المسيار، وذلك عندما يتعرض مؤلفوها لحقوق الزوج على زوجته وحقوق الزوجة على زوجها، وما يجوز إسقاطه من هذه الحقوق وما لا يجوز ونحو ذلك، ومن الكتب المؤلفة فيما يتعلق بنكاح المسيار بخصوصه كتاب: (زواج المسيار دارسة فقهية واجتماعية نقدية) لعبد الملك بن يوسف المطلق. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.(11/97)
الزواج بنية الطلاق
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق
التاريخ 5/6/1424هـ
السؤال
شاب يعرف عن فتاة أنها كانت في طريق الغواية، وعلى علاقة محرمة مع شخص آخر، وتمكن من أخذ الأشرطة السمعية والمرئية التي بحوزة ذلك الشخص وسلمها للفتاة، وأعلنت توبتها وحفظت نصف القرآن، والسؤال هل يجوز لي أن أتزوج تلك الفتاة بنية طلاقها؟ ولكن هذا العمل يستر عليها من فضيحة الماضي.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فيشكر ذلك الأخ الساعي في صلاح تلك الفتاة وتخليصها وحمايتها، كما يشكر على رغبته في الستر عليها.
إلا أن الزواج بنية الطلاق أصلاً مسألة خلافية بين أهل العلم، والظاهر لي من أقوالهم أنه نكاح غير صحيح، وهذا هو المذهب المعتمد عند الحنابلة وقول للمالكية وقول الأوزاعي واختيار جملة من المحققين، وأنه في حكم المتعة التي نهى عنها النبي - صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنه نوى توقيت النكاح والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" متفق عليه عند البخاري (1) ، ومسلم (1907) من حديث عمر -رضي الله عنه-.
وفي هذه المسألة إضافة لهذا الملحظ غش للمسلمين الذين سيقدمون على نكاح هذه المرأة يظنونها ثيباً بفعل نكاح صحيح والواقع أن ثيوبتها ناتجة عن زنا، والسائل يريد أن يستر عليها بما يضر من سيقترن بها، مع أن ما تعانيه هو من جريرة فعلها.
ولكن يمكن للسائل أن يتزوجها زواجاً لا ينوي توقيته، ويكون بذلك مأجوراً إن شاء الله، أو يرشد غيره ليتزوجها مع شرح حالها وليخبره أن توبتها تجب ذنوبها، ولن تكون أسوأ من المشركات والكافرات إذا أسلمن، وكم ممن يقدم على الزواج ممن أسلمت ولا يسأل عن ماضيها وما فعلته، وذلك بعد أن يتحقق من عدم إصابتها بمرض معدٍ يمنع الاستمتاع. والله الموفق والهادي.(11/98)
الزواج العرفي
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق
التاريخ 5/6/1423
السؤال
ما الزواج العرفي؟ وهل هو حلال أم حرام؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
من شروط صحة النكاح شرعاً أن يكون بولي وشاهدي عدل؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه الدارقطني (3/221-222) :"لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل".
والنكاح العرفي إذا كان يخلو من ذلك، فإنه لا يجوز شرعاً، وهو في حقيقة أمره تحايل على ما حرم الله، وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:"البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة" رواه الترمذي (1103) ، والله أعلم.(11/99)
الزواج العرفي
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق
التاريخ 21/2/1424هـ
السؤال
أريد أن أعلم هل الزواج العرفي إذا تم فيه وجود الولي والشاهدين والموافقة من الطرفين يكون زواجاً جائزاً؟ علماً أنه عرفي يعني أنه لم يعلم الناس به.
الجواب
الزواج إذا تمت شروطه وأركانه وانتفت موانعه فهو عقد صحيح، وأما إعلانه للناس فليس شرطاً في صحته بل السنة الإعلان وصنع الوليمة حتى يدفع الإنسان عن نفسه الريبة، ورحم الله امرأ كف الغيبة عن نفسه.(11/100)
الزواج مدة الدراسة
المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق
التاريخ 24/12/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا مسافر للدراسة في الخارج، وقد تزيد مدة إقامتي عن 7 أشهر، ومن الممكن أن تطول إلى سنة، أنا لست متزوجاً؛ لأنني لا أستطيع تحمل مصاريف الزواج في بلادي، أنا ملتزم -والحمد لله- سؤالي هو: أنني قد أواجه فتناً من النساء هناك، فهل يجوز لي أن أتزوج من فتاة نصرانية إلى أن تنتهي مدة دراستي هناك؟ سمعت بأن هذا جائز، وعندي سؤال آخر: هل أركان الزواج من المسلمة هي نفسها مع الكتابية؟ الفتاة في الغرب تمارس الجنس مع صديقها، فهل يمكن أن أقول لها أن نعمل العقد لكي يكون زواجاً وحتى لا أقع في الزنا؟ ومتى أرادت الطلاق أطلقها، هل هذا جائز؟ ولست أقصد الزواج للمتعة، وإنما لتحصين نفسي، والزواج ليس لأجل محدود، هل هذا جائز؟ أرجو منكم أن تفصلوا في إجابتكم -بارك الله فيكم-.
الجواب
الحمد لله -تعالى- وحده وبعد:
فإن من المعلوم أن الله -تعالى- أباح الزواج من الكتابيات المحصنات وهن العفيفات، كما قال الله تعالى: "يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ... " [المائدة: 4] "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بالإيمان فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [المائدة: 5] .
لكن لا يحل أن يكون العقد مشروطاً إلى أجل، فإن هذا من نكاح المتعة الذي أجمع العلماء على تحريمه، وقد جاءت السنة بتحريم نكاح المتعة، وعلى هذا فإنني أنصح السائل بالزواج بامرأة مسلمة عفيفة تكون سبباً لتحصين فرجه -بإذن الله تعالى-، ولا يكون عقده عليها مشروطاً إلى مدة؛ لأن هذا من نكاح المتعة كما تقدم.
فإن تعذر عليه ذلك فإنه لا مانع من الزواج بالكتابية، وذلك بشرط أن تكون عفيفة، وأن يكون العقد عليها وفق الضوابط الشرعية من الولي والإشهاد، وأن لا يكون هذا العقد مشروطاً إلى مدة، لكن إن عقد عليها وهو ينوي أن يطلقها بعد مدة من غير شرط فإن ذلك لا مانع منه؛ لأنك ربما تنوي ثم ترجع عن النية، مع ملاحظة أنه لا يجوز اتخاذها كمثل الصديقة بعد زواجه بها، بل يعلم أن زواجه بها عقد شرعي، وهو زواج يترتب عليه أن يعلم الزوجان ما لأحدهما عند الآخر من حقوق ومنها صيانة الزوجة من كل فاحشة، أو منكر. والله الموفق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.(11/101)
الزواج العرفي
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق
التاريخ 11/1/1425هـ
السؤال
ما رأي الشرع بالزواج العرفي الذي يتم بين الرجل والمرأة الثيب؟ تولي فيه المرأة الرجل الذي سيتزوجها ليتم الإيجاب منه كوكيل عنها في عقد الزواج فيقبل بصفته الزوج، فيكون أصيلاً عن نفسه ووكيلاً عن زوجته، وبحضور شاهدين وعلى مهر مسمى؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذا لا يجوز؛ لأن من شروط صحة النكاح الولي لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل" من حديث عائشة -رضي الله عنها- في سنن أبي داود (2033) وغيره.
فيشترط الولي، ومن شروط الولي الذكورة لا بد أن يكون الولي ذكراً، فلا يصلح أن تتولى بنفسها لا بالأصالة ولا بالنيابة، فقد ورد في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في سنن الدارقطني (3/227) : "لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها"، والصواب أنه لا فرق بين الثيب والبكر في ذلك خلافاً لمن فرق من أهل العلم، أو لم يشترط الولاية للمكلفة الحرة.(11/102)
زواج المسيار ومقاصد النكاح!
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق
التاريخ 02/06/1427هـ
السؤال
سمعنا بقرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلاميّ في مكة المكرَّمة، والذي صدر في (12 نيسان) . وفيه إجازة ما يعرف بزواج (المسيار) ، وكذلك زواج (الفرند) القائمين أساساً على تنازل المرأة عن حقها في السَّكن والنفقة.
كيف نوفق بين هذه الفتوى وبين قوله تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرون".
أم أن هذه الفتوى مجرد نظرة تحصر علاقة الزّوجين في العلاقة الجنسية فقط؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ما جاء في آية سورة الروم من أمر سكن الزوج لزوجته، مقصد من مقاصد الزواج، وليس بشرط يتوقف عليه صحة عقده، كما أن من أعظم مقاصد الصلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر، ومع ذلك لو أتى المصلي بشروط الصلاة وأركانها وواجباتها، فإن صلاته تصح، حتى ولو لم تنهه عن الفحشاء والمنكر. فلماذا يصح هذا القول في الصلاة ولا يصح في النكاح؟!
بل إن صوراً من الأنكحة التي توافرت فيها حقوق الزوجة كاملة غير منقوصة: من حق السُكنى، والمبيت، والنفقة ... إلخ صحيحة بالإجماع لتوافر شروطها، حتى ولو لم يتحقق فيها سكن الزوج إلى زوجته، ولم تتحق بينهما المودة والرحمة، فهل يصح أن يقال عن هذه الأنكحة التي لم تتحقق فيها المودة الرحمة وسكن الزوج لزوجته: إنها باطلة مع أن المرأة أخذت حقوقها كاملة غير منقوصة؟!
فإذا كان هذا في الأنكحة التي أُعطيت فيها الزوجة حقوقها كاملة، فكذلك الأنكحة التي أسقطت فيه الزوجة بعض حقوقها: كحق المبيت، أو حق النفقة، أو حق السُكنى.
ويمكن أن يستدل لصحة عقد الزواج مع إسقاط حق المبيت أو النفقة أو السكنى، بما جاء في الصحيح أن سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، لما كبرت خافت أنْ يطلقها الرسول -صلى الله عليه وسلم- فوهبت ليلتها لعائشة على أن تبقى في عصمته -صلى الله عليه وسلم-…، صحيح البخاري (5212) ، وصحيح مسلم (1463) ، وأبو داود (2135) . ولم يجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- إسقاطها لحقها في المبيت سبباً لإبطال عقد نكاحه بها.
ثم إن المرأة -غالباً- لا تُسْقِطُ حقًّا لها إلاَّ لظرفٍ تعلم أنه مما يزهد الخُطَّاب فيها، وإلا فإن كل عاقلة رشيدة، تدرك يقيناً أن تنازلها عن بعض حقوقها الممنوحة لها شرعاً من غير مقابل تفريطٌ ليس له أي معنى.
والمقصود أن هذا النوع من النكاح ليس من لوازمه التي لا تنفك عنه: الابتزاز، أو استغلال المرأة والمساومة على بعض حقوقها، فكثيراً ما تتنازل المرأة عن بعض حقوقها طواعية من نفسها من غير إكراه ولا ابتزاز، لما تعلم من حالها وظروفها ما يضطرها لهذا، التنازل، والواقع يشهد بهذا. والله أعلم.(11/103)
هل تأثم إذا رفضت ذا الدين؟!
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 03/04/1426هـ
السؤال
عندما ترفض فتاة الارتباط بشخص ذي دين وعلى خلق؛ لأسباب خاصة بها، فهل عليها وزر، أو تأثم بذلك؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا، لا تأثم، ولكن لا يجوز لها أن تتزوج إلا بكفء في دينه، وكذلك لا يجوز لوليها أن يزوجها إلا بكفء في دينه، فإذا رفضت الكفء فلا تجبر عليه، ولكن لا تتزوج فيما بعد إلا بكفءٍ. والله أعلم.(11/104)
التزوج من العقيم
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 13/4/1423
السؤال
هل يجوز لشاب أن ينكح امرأة يعرف أنها لا تنجب أطفالاً؟
الجواب
نعم يجوز له ذلك، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - رغب بالزواج من ذات الأولاد، فقال:"تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" النسائي (3227) أبو داود (2050) أحمد (12613) ورغب في تكثير النسل، فمن أراد أن يتخير امرأة فإن الأولى والأفضل له أن يتخير ذات الولد، لكن لو أنه تزوج امرأة يعرف أنها عقيماً فله ذلك لتحصيل مقاصد النكاح الأخرى غير الولد كالإعفاف والسكن النفسي وغير ذلك.(11/105)
زواج القاصر عقلياً
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 16/7/1423هـ
السؤال
هل يجوز نكاح الرجل ناقص العقل مع المرأة الموصوفة بالصفات نفسها؟
علماً بأنه قد يأتي الولد ويرث من الوالدين صفات النقص التي يتصفان بها.
أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
يجوز نكاح ناقص العقل ويتولى عقد النكاح نيابة عنه وليه، إذا كان في تزويجه مصلحة له وحماية.(11/106)
مواقع الزواج على الإنترنت
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 15/12/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
تنتشر الآن على الإنترنت مواقع للزواج حيث يقوم الشخص (شاب أو فتاة) بنشر نبذة قصيرة عنه قد تكون مصحوبة بصوره وكذلك ينشر المواصفات التي يرغب في توفرها في الطرف الآخر, وعلى الشخص الذي يجد نفسه مناسبا أن يرسل بريدا إليكترونيا إلى صاحب أو صاحبة الإعلان للتفاهم ... أرجو توضيح مدى صحة هذا الأمر مع العلم أني أخص الأشخاص الذين يشترطون عدم المقابلة أو حتى الدردشة عن طريق الإنترنت، وإنما يطلبون التقدم رسميا إلى ولي الأمر وفي حالة جواز هذا الأمر هل يجوز للفتاة بالذات إرفاق صورتها بالحجاب الشرعي أم لا؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذه المواقع تقدم خدمة جليلة، حيث تدل كل طرف على الآخر بالطريق المشروع لإقامة العلاقة المشروعة، لا سيما لذوي الظروف الخاصة الذين قد لا يجدون من يناسبهم من حيث الظروف إلا في مثل هذه المواقع.
ولا حرج ولا إشكال في طريقة الإعلان من ذكر المواصفات العامة التي لا تسهب إلى حد الابتذال، وفي ذكر الشروط والمواصفات المرغوبة، بل ولا بأس - أيضاً - أن يصل التفاهم في البداية إلى حد المراسلة الجادة التي لا تُجرِّئ على المحادثة فضلاً عن اللقاء، وإنما ترتب للزيارة الأولى (زيارة الخطبة) .
ولكن المشكلة تكمن في مدى جدية المعلنين من خلال هذه المواقع، لا سيما الشباب والذي يتصفح هذه الإعلانات إنما يتعامل مع (أشباح) لا يدري ما حقيقتها، ولا يعلم الصادق من الكاذب، ولذا ينبغي أن تأخذ المرأة بالتأني والاحتياط والحذر وهي تتعامل مع هذه الأشباح فمتى ما رأت من أحدهم حرصاً على توثيق العلاقة، وولوج باب المحادثة قبل خطبتها من ولي أمرها، فعليها أن تقطع كل المراسلات معه؛ لأنه لو كان جاداً في طلبه صادقاً في رغبته، لسارع إلى خطبتها خشية أن يسبقه أحد إليها.
وأما أن تنشر المرأة صورتها كاشفة الوجه في مثل هذه المواقع أو في غيرها فالأظهر أنه لا يجوز، لأن المرأة كلها عورة حتى وجهها على القول الصحيح، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/107)
الزواج بدون موافقة الوالدين
المجيب د. سليمان بن قاسم العيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 13/1/1423
السؤال
أريد الزواج من فتاة ذات دين، غير أن والدتي رفضتها بسبب أن والدها داعية مشهور وهو الآن في السجن، ووالدتي خائفة من الناحية الأمنية، فهل أتزوجها بدون موافقة والدتي؟ وهل يجوز لي الزواج بدون رضا الوالدين إذا كانت الفتاة ذات دين وخلق؟ ولكن الوالدة رفضتها لعدم جمالها، علماً أنني حاولت إقناعها بكل الطرق ولم يبق إلا الزواج بدون موافقتها.
الجواب
لقد أحسنت باختيار الزوجة ذات الدين التي رغّب فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري (5090) ومسلم (1466) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، ولكن إذا كان فعلاً قد يلحق والدتك أو أسرتك ضرر بسبب ما ذكرت فعليك بطاعة والدتك والبحث عن زوجة أخرى ذات دين، وسيوفقك الله.
أما زواج الرجل بدون إذن الوالدين فجائز؛ لأنه لا يشترط لصحة زواج الرجل موافقة الوالدين، ولكن طاعتهما بالمعروف وموافقتهما على ما فيه مصلحة ظاهرة فيه خير وبركة لهذا الزواج، والله أعلم.(11/108)
الزواج بمن لا يصلي
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 04/08/1425هـ
السؤال
تقدم إلى خطبتي رجل ذو مركز وحالته المادية ممتازة، ولكن ترددت في القبول بالزواج به؛ لأنه لا يصلي، فما هو رأيكم؟ ودلوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الزواج رابطة وارتباط بين الرجل والمرأة، وتقوم هذه الرابطة على السكن والمودة، والرحمة، لقوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21] .
ولهذا جاء هدي الإسلام بتوجيه كل من الرجل والمرأة ببذل الجهد في حسن اختيار الآخر، وإذا كان المطلوب في المرأة أن تسره - إذا نظر، وتطيعه فيما أمر، ولا تخالفه بما يكره في نفسها أو ماله، فعلى المرأة وأوليائها أن يقبلوا الرجل متى كان يتصف بخلق حميد واستقامة في الدين، وقدرة على أداء الأمانة، قال عليه الصلاة والسلام: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ... " رواه الترمذي (1084) ، وابن ماجة (1967) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، ولا ريب أن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، والركن الأول من الأركان العملية، ومن ترك الصلاة جاحداً لوجوبها فهو كافر، لا يصح زواجه من مسلمة ابتداء، ولا استمرار الزوجية إذا ثبت منه ترك الصلاة، أما إذا كان ترك الصلاة كسلاً وتهاوناً فلابد من دعوته لأداء الصلاة، فإن التزم صح زواجه من مسلمة ابتداءً واستمراراً، والله ولي التوفيق.(11/109)
هل يتزوج بفتاة أبوها مدير بنك؟
المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد
مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 20/6/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أنا شاب أبلغ من العمر 32 عاماً، وأواجه مشكلة يصعب علي حلها، فلجأت إلى الله - عز وجل - ثم إلى فضيلتكم عسى أن أجد لديكم حلاً شافياً لها. إنني أرغب في الارتباط بفتاة ذات خلق ودين، ولكن المشكلة تكمن في أن والدها يعمل مديراً لأحد البنوك، وللعلم فإن والدها ذو خلق قويم، ولكن كما يعلم فضيلتكم فإن ما يتقاضاه والدها مقابل عمله في هذا البنك تشوبه شبهة الربا، فإذا رغبت في الارتباط بها فإنه من البدهي أن يقوم والدها بتجهيزها بكل ما تحتاج إليه من طلبات العرس من ماله الخاص، وإن يحدث تزاور بيننا مما قد يضطرني إلى مشاركته الطعام، إلى غير ذلك من الهدايا التي سوف يحضرها إلى ابنته. مع العلم أن والدها لديه قطعة أرض ومحل تجاري صغير، ولكني لا أعلم هل مصدر هذا المال من راتب البنك أم من أي مصدر آخر. فهل يحل لي الزواج بهذه الفتاه بنية الجزء الحلال من هذا المال، وأن أنتشلها من هذه البيئة الربوية التي تربت بها، وحتى لا آخذها بذنب أبيها استناداً إلى قول الله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى...." [الأنعام: 164] ، أرجو من سعادتكم إفادتنا في هذا الموضوع، تعجيلاً للخير. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
لا يظهر لي مانع من الزواج بهذه الفتاة التي ذكرت جانباً من صفاتها الطيبة بناء على ما ذكرت عن والدها، مع أنني أتوقع أن أكثر معاملات بنك التنمية الزراعي لا تدخلها المعاملات المحظورة شرعاً، ولئن كان نشاط الأب واقعاً فلا يضركما إن شاء الله، والآية الكريمة: ولا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" [الأنعام: 164] ، والرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يتعامل ويأكل عند اليهود وهم مَنْ هم. انظر مثلاً ما رواه البخاري (2096) ، ومسلم (1603) من حديث عائشة -رضي الله عنها- وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.(11/110)
شبهة الزواج من الأقارب
المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 17/5/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله، أقيم في النرويج ومن خلال مناقشتنا معهم هنا ينتقدون علينا بعض الأشياء مثل زواج الأقارب، ويقولون إنه يسبب أمراضا في الذرية فأرجو إفادتنا في هذا الموضوع..
الجواب
الذي ذكره بعض المتخصصين بعد سؤالهم عن نسبة حدوث هذه الأمراض بين المتزوجين من الأقارب ذكروا أنها في حدود 6% لكل الأمراض الوراثية، والشرع لم يأت بإيجاب الزواج من الأقارب وإنما أباحه، ولو فرض انتشار هذه الأمراض في مجتمع من المجتمعات الإسلامية بسبب الزواج بين الأقارب فلولي الأمر أن ينظم ذلك، بأن يلزم الناس بنوع من التحاليل المساعدة على كشف أسباب هذه الأمراض أو غير ذلك، لأن له سلطة للحد من تعاطي المباحات بناء على ما تجلبه على الناس من مفاسد محققة بعد مشاورة أهل العلم كل في مجال تخصصه.
ثم إن الشرع لم يعهد منه تحريم كل ما فيه ضرر، إلا إذا كان الضرر غالبا متيقناً، أما الذين يجادلونكم في ذلك من أبناء تلك الديار فذكروهم بأن نسبة الذين يصابون بأمراض بسبب تعاطي الخمور والمخدرات، أو بسبب انتشار فاحشة الزنا بينهم أعظم بكثير وأخطر مما يمكن أن يصاب به أبناء المتزوجين من أقارب لهم، ولم نجد منهم إنكاراً لذلك، والله الهادي إلى سواء السبيل.(11/111)
الزواج بمن لها علاقات سابقة
المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 08/10/1425هـ
السؤال
سألني صديق لي عن رأيي بمسألة شائكة وحساسة، ولعظم السؤال؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "المستشار مؤتمن". ولقلة علمي- والله المستعان- آثرت أن أوجه السؤال لكم جزاكم الله خيرًا؛ لعلي أجد الجواب الشافي الكافي، ولقد عرفت أن السؤال طرح في منتدى من منتديات الإنترنت، فأرجو منكم الإجابة، وجزاكم الله خيرًا، السؤال هو: هل أوافق بأن أتزوج فتاة، أو أحب فتاة بقصد الزواج، وأنا أعلم أن لها علاقة سابقة، سواء كانت علاقة حب جادة، أو حتى مغامرة عاطفية غير جادة؟
الجواب
الحمد لله تعالى وحده، وبعد:
فإن الله تعالى- أمر بالنكاح ورغب فيه؛ وذلك لما فيه من مصالح شرعية دينية، وفوائد دنيوية حاصلة، لكن لابد أن تكون من المحصنات، وهن العفيفات؛ كما قال تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [المائدة: من الآية5] . وقوله تعالى: (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [النور:3] . ولذلك فالواجب على الأخ السائل اختيار المرأة العفيفة؛ لأنه غدًا ستكون فراشًا له وأمًّا لأولاده، ولا بد أن تكون أم أولادك امرأة حافظة لعرضها، وإذا كانت غير عفيفة فلا تؤمن على ذلك في نفسها، أو أولادك، والله الموفق. لكن إن علمت أنها تابت وصلح حالها، وثبت لديك هذا الأمر، فلا مانع من خطبتها والتزوج بها. والله الموفق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.(11/112)
الكفاءة في الزواج
المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة
رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 03/11/1423هـ
السؤال
ما هي الكفاءة في الزواج؟ وهل هي فقط في الدين أم في أمور أخرى؟
الجواب
بسم الله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فأقول وبالله التوفيق: لا شك أن الكفاءة في الدين معتبرة شرعاً في الزواج فلا يصح نكاح كافر مسلمة سواء كان مشركاً أو كتابياً أو غير ذلك من الأديان الأخرى؛ لقوله تعالى:"ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا" [البقرة: 221] وقوله تعالى:"ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً" [النساء:141] ولكن يجوز للمسلم الزواج بالكتابية يهودية كانت أو نصرانية لقوله تعالى:"اليوم أحلت لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا أتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين" [المائدة:5] .
أما الكفاءة في غير الدين فهي غير معتبرة شرعاً. فالمسلمون بعضهم أكفاء بعض سواء كانواً عرباً أو موالي لقول الله تعالى:"إن أكرمكم عند الله أتقاكم" [الحجرات:13] وقوله -صلى الله عليه وسلم-:"الناس سواسية لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى" الإمام أحمد (23489) ولأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشار على فاطمة بنت قيس أن تنكح أسامة بن زيد مع أنه مولى -رضي الله عنهم جميعاً-، وقد جاءت تستشيره في معاوية وأبي جهم وهما من أكفائها انظر: مسلم (1480) ، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"يا بني بياضة أنكحوا أبا هند" رواه أبو داود (2102) وكان حجاماً كل هذه النصوص صحيحة، وأما ما ورد من حديث "العرب بعضهم أكفاء بعض" البيهقي (7/174) فهو حديث ضعيف جداً، وقال أبو حاتم أنه منكر ولكن ينبغي أن يعلم أن الأعراف محكمة ما لم تصادم نصاً شرعياً، فإذا أدى الزواج من غير كفء إلى مشاكل أسرية أو قطيعة رحم أو أضرار مادية فينبغي أن يتحاشا ذلك لا لكون النكاح لا يصح وإنما تفادياً للأضرار أو الفتن التي قد تنجم بسبب ذلك، هذا ما أمكن تحريره، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/113)
رغبة الأم في ترك المخطوبة
المجيب د. محمد بن سريّع السريّع
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 20/9/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فإذا خطب الشاب فتاة مع موافقة الأهل من الطرفين، وبعد مدة من الزمن طلبت أم الشاب منه أن يتركها؛ لأنها أصبحت تريده أن يتزوج من أخرى ذات مال ونسب، وأنه حصل جدال بين الأم والخطيبة، فهل يخضع لأمه ويتركها أم ماذا يفعل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
إن كانت الخطيبة ذات خلق ودين ولم يحصل منها إساءة فلا يلزم الرجل تركها لأجل ما قالته الأم، مع أن الأولى أن يحاول الرجل تسوية الأمور فإن لم يتمكن فلعل الرجوع من أول السلم - وخصوصاً أن الرجل لم يتزوج بعد - أولى من الإقدام على الزواج في مثل هذه الظروف، ولعل الله أن يعوضه خيراً ببركة بره بأمه، والله أعلم.(11/114)
اختيار المرأة لزوجها
المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 05/10/1425هـ
السؤال
سؤال يساورني دائمًا وهو: هل يجوز أن تختار الفتاة شريك حياتها؟ بمعنى أن تنظر في الجوار وتلمح له بذلك؟ لأن الأهل فقط ينظرون إلى الرجل من الناحية المادية والثقافية, قد يسألون عن أخلاقه ولكن من خلال أهله.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم) ، وبعد:
يقول تعالى: ( ... فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ ... ) [البقرة: من الآية232] . والعضل: الحبس عن التزويج.(11/115)
وعن أبي سلمة، أن أبا هريرة، رضي الله عنهما، حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حتَّى تُسْتَأْمَرَ، ولا تُنْكَحُ البِكْرُ حتَّى تُسْتَأْذَنَ". قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: "أنْ تَسْكُتَ". أخرجه البخاري (5136) ومسلم (1419) . والمقصود بالأيم الثيب التي فارقت زوجها بموت أو طلاق على الصحيح، وبالبكر من لا زوج لها، ويقصد بالبكر هنا التي أمر باستئذانها هي البكر البالغ؛ إذ لا معنى لاستئذان من لا تدري ما الإذن، ومن يستوي سكوتها وسخطها، واستئمار الثيب يدل على تأكيد المشاورة؛ ولهذا يحتاج الولي إلى صريح إذنها في العقد، فإذا صرحت بمنعه امتنع اتفاقًا، والبكر بخلاف ذلك، فالإذن دائر بين القول والسكوت، بخلاف الأمر، فإنه صريح في القول، وإنما جعل السكوت إذنًا في حق البكر؛ لأنها قد تستحي أن تفصح برغبتها في الزواج. فمن خلال ما سبق من نصوص ندرك أن للمرأة الحق في الزواج، ويحرم على وليها منعها من الكفء إذا تقدم لها. كما أن لها حرية الاختيار في قبول الزوج أو رفضه، ما لم ير الولي أن موليته قد تفسد مالم تتزوج، فإن له، والحالة هذه إجبارها على الزواج صيانة لها، وإعفافًا لفرجها عن المحرم. كما أنه يجب على الولي أن يحسن اختيار الزوج لموليته، ويحرم عليه عضلها أو تزويجها بمن ليس كفؤًا لها، وإن كان الولي على هذه الحالة فإن الحاكم يرفع الولاية عنه، وينقلها للأصلح، أو يتولى الحاكم بنفسه الولاية عليها. وإذا رغبت الفتاة بالزواج، فإن عليها أن تخبر أمها أو أختها، أو من تراه مناسبًا ليخبر أباها برغبتها تلك؛ إذ العادة جارية على استحياء الفتاة في التصريح، بمثل هذه الأمور، كما أن لها أن تعرض بمن ترغب فيه، مثل أن يقال: فلان ما يُرَدُّ. ونحو ذلك، كما على أمها أو خالتها ونحوهن أن يخبرن أم من ترغب الفتاة به أو أخته بالتعريض، كأن تقول أم الفتاة لأم الفتى: فلان ما يرد مثله، ولو تقدّم لقبل. ونحو ذلك. وعلى الولي أن يكون مبتغاه إعفاف موليته، والبحث عن الأصلح لها، فسوف يسأل عن ذلك يوم القيامة، وإذا تقدم إليه يريد موليته من يرضى دينه وخلقه فهي الغاية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم مَن تَرضَوْنَ دينَه وخُلُقَه فأَنْكِحُوهُ؛ إلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنةٌ في الأَرضِ وفَسَادٌ". أخرجه الترمذي (1085) ، وقال: هذا حديث حسن غريب. فالأصل أن ينظر إلى دين الرجل وخلقه، أما المال فهو غادٍ ورائح، وليس في الفقر ما يمنع من الرغبة في النكاح، بل قال الله: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [النور:32] . وقد روي عن قدماء الصحابة، رضي الله عنهم، ما يدل على أنهم رأوا ذلك وعدًا، فعن أبي بكر، رضي الله عنه، قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى. أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 8/2582. وعن عمر- أخرجه عبد الرزاق (10393) - وابن عباس- أخرجه ابن جرير 17/275،274 وابن ابي حاتم 8/2582،2581، رضي الله عنهم، مثله. قال ابن عباس، رضي الله عنهما: التمسوا الرزق بالنكاح.(11/116)
أخرجه الثعلبي- كما في تخريج الكشاف للزيلعي 2/444- وينظر الضعيفة (2487) . وشكى رجل إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الحاجة، فقال: "عَلَيكَ بالبَاءَةِ". رواه الثعلبي- كما في الفيض 3/241، وكشف الخفاء 1/203- ويروى عن جابر، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو إليه الفاقة، فأمره أن يتزوج. أخرجه الخطيب 1/365. وقال طلحة بن مصرف: تزوَّجوا؛ فإنه أوسع لكم في رزقكم، وأوسع لكم في أخلاقكم، ويزيد في مروءتكم.
وهذا الوعد بالغنى إذا نكح مشروط بالمشيئة، ويحتمل أن يكون خاصًّا في بعض دون بعض، ويحتمل أن يكون المراد الغنى بالعفاف فيكون المعنى وقوع الغنى بملك البضع والاستغناء به عن الوقوع في الزنا. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.(11/117)
تزويج المعاقين والمجانين
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 22/2/1425هـ
السؤال
(1) هل يجوز زواج المعاقين والمتخلفين عقلياً؟ ولماذا؟.
(2) هل هناك شروط لتزويجهم؟ وهل تنطبق عليهم شروط الزواج؟.
(3) كيف يمكن للمعوق المتخلف عقلياً القيام بواجباته (واجباتها) الزوجية؟.
(4) هل يقبل الإسلام بذرية معوقة ومتخلفة عقلياً؟.
(5) كيف يمكن أن نتعامل مع زواج المعوقين والمتخلفين عقلياً؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
يحسن بنا قبل الجواب أن نقسم الإعاقة العقلية إلى ثلاثة مستويات: خفيفة ومتوسطة وشديدة، والذي يحدد أنواع إعاقة الأعيان المصابين بها هم أهل المعاق أنفسهم والأطباء المختصون.
أما عن جواب السؤال الأول: فنقول من كانت إعاقته العقلية (تخلفه) خفيفة أو متوسطة فيجوز زواجه بمثله أو بمن هو سليم إذا رضي وقبِل (رضيت وقبلت) بذلك ويقوم أولياؤهم بإجراء مراسيم الزواج لهم -كما نص الفقهاء على ذلك كلهم في المذاهب الفقهية- أما لماذا وكيف يزوجون والحالة هذه؟ فلأن الزواج شريعة إلهية وفطرة إنسانية قال تعالى:"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء ... " [النساء: 1] ، وقال تعالى:"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" [الروم: 21] ، وثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في سنن أبي داود (2050) ، وسنن النسائي (3227) وابن حبان (4056) عن معقل بن يسار - رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني أصبت امرأةً ذات حسب ومنصب إلا أنها لا تلد أفأتزوجها؟ فنهاه، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فنهاه، فقال: "تزوجوا الولود الودود فإني مكاثرٌ بكم"، فهذا نهي من النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل السليم عن نكاح الزوجة العقيم، ومثله المرأة السليمة من الرجل العقيم وفي لفظ:"تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة"، والأنبياء يوم القيامة يتكاثرون ويتفاخرون بكثرة أتباعهم؛ كما في حديث: "يأتي النبي يوم القيامة ومعه الرهط، ويأتي النبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد وإني لأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً" فيقال له: انظر إلى الأفق فإذا سواد يملأ الأفق ثم قيل لي انظر هاهنا وهاهنا في آفاق السماء فإذا سواد قد ملأ الأفق قيل: هؤلاء أمتك" رواه البخاري (5705) ، ومسلم (220) ، فتكثير النسل في الأمة المسلمة مقصود للشارع وإن قل فيهم الفقه في الدين كما عند المتخلفين عقلياً ثم إن هؤلاء المتخلفين عقلياً، قد يكونون سبب نزول البركات والخيرات واندفاع البلايا والمصائب العظيمة عن جميع أفراد المجتمع حيث يدرون ولا يدرون، وقد جاء بالأثر "هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم" رواه البخاري (2896) والمتخلف العقلي -أياً كانت درجته- فهو ضعيف كما هو مشاهد ومعلوم.
جواب السؤال الثاني:
نعم تنطبق أركان الزواج وشروطه على المتخلفين عقلياً كالأسوياء، ويقوم أولياؤهم الشرعيون بإمضائها وإجرائها.
جواب السؤال الثالث:(11/118)
أما كيف يمكن للمعاقين عقلياً - ذكوراً كانوا أو إناثاً- أن يقوموا بواجباتهم الزوجية فمتروك لهم هم ربما يعرفون ذلك كالأسوياء أو أكثر، لأن هذه غريزة فطرية لجميع البشر بل لكل المخلوقات، وإن قدّر وعلم وقوع بعض الممارسات غير الشرعية بينهم كعدم تجنب الوقاع في الحيض ونحوه فينبهون على عدم جوازه -إن كانوا يفهمون- وإن لم ينبهوا فلا شيء عليهم -إن شاء الله- في ذلك؛ لأن هذا حد علمهم و"لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة من الآية: 286] ، أما إذا كان المتخلف عقلياً لا يحسن الصلاة والطهارة فارتكابه لمثل هذه المنهيات والمحرمات معفو عنه أصلاً؛ لعدم تكليفه شرعاً والقاعدة الشرعية تقول: (إذا سلب الله ما وهب (العقل) سقط ما وجب (عموم التكاليف)) .
جواب السؤال الرابع:
أما هل يقبل الإسلام بذرية معوقة فنعم وسبق الإشارة إلى ذلك في الجواب الأول لدخولهم في مفهوم تكثير النسل بتكثير أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، صحيح أن اعتبار الكيف في الأمة من الصلاح والنفع أهم من زيادة العدد المجردة.
هذا فيما يخص رغبة الناس الأسوياء أما في حكم الله فالأمر ليس كذلك، ثم إنه ليس لازماً وحتماً أن تزوج المعاقين عقلياً بعضهم ببعض ينتج ذرية معاقة، وإن كان هذا نسبته ظاهرة في الواقع ولكنها ليست قطعية في كل أحد، فالمشاهد أن بعض المعاقين عقلياً أنجبوا ذرية سليمة وصالحة قال الله سبحانه:"يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليمٌ قدير" [الشورى: 49-50] ، ومشيئة الله سبحانه عامة للأسوياء والمتخلفين عقلياً لأنهم كلهم خلق الله وتحت إرادته وأمره.
جواب السؤال الخامس:
أرى أنه من المناسب أن يتعامل الناس (المجتمع كله) مع زواج المعاقين عقلياً كما يلي:
(1) إن كانت الإعاقة شديدة جداً ولا يمكن التعامل معها سلميا، ً كأن يُقطع أو يغلب على الظن أنها تهدد حياة المعاق ومن حوله فهذه الحالة لا يجوز شرعاً التزاوج بينهما.
(2) وإن كانت حالة المتخلف العقلي (الإعاقة) متوسطة فيمكن أن يعطى بعض العلاجات المهدئة والتي تمنع الإنجاب إذا رضي أولياء الزوجين بعد أن يقرر الأطباء المختصون أنهم سينجبون أطفالاً معاقين مثلهم أو أشد.
(3) من كانت حال تخلفه العقلي خفيفة فيعامل معاملة الأزواج الأسوياء مما يرفع معنوياته حتى يحس أنه مثل غيره من الناس، وعلى كل حال فإن زواج المتخلف عقلياً مما يخفف ضرره على نفسه وتعديه على غيره علاوة على ما قد يسببه من خير للأمة كلها بسبب الرعاية والعناية بهذه الشريحة من الناس من المجتمع.
وفق الله الجميع إلى كل خير وصلى الله على نبينا محمد.(11/119)
اعتبار النسب في الزواج
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 20/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا مطلقة وتقدم لخطبتي رجل قمة في الأخلاق والعلم، ولكن الأهل حالوا بيني وبينه، والعيب -كما قالوا- أنه ليس مكافئًا لنا في النسب، وأنا طلقت مرتين، والأهل لا يستطيعون تهيئة الرجل المناسب، وهمهم أن يكون صاحب مركز، وأنا أجد نفسي هزيمة لتصرفاتهم، لقد رأيته في المنام عدة مرات، ولا زلت متمسكة به، وأخته لا زالت تتواصل معي وأحببتهم كثيراً، أرجو أن ترشدوني وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
الكفاءة بين الرجل والمرأة في الخلق والدين، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"فاظفر بذات الدين تربت يداك" أخرجه البخاري (5090) ، ومسلم (1466) ، وأيضا قول الله -عز وجل-:"إن أكرمكم عند الله أتقاكم" [الحجرات: 13] . وأيضا حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه" أخرجه الترمذي (1084) ، وابن ماجه (1967) . هذا الأصل الذي ينبغي أن يحتكم إليه، وما عدا ذلك من النسب والمال والصناعة والوظيفة وغير ذلك، فهذه الصحيح أنه لا اعتبار لها. وفي قصة الواهبة نفسها قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل وكان فقيراً لا يجد إلا إزاره فقط يستر أسفل بدنه، زوجه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "زوجتكها بما معك من القرآن" أخرجه البخاري (5029) ، ومسلم (1425) . لكن إذا كانت مخالفة الأهل ستؤدي إلى فتنة وشر فنقول: عليها أن تصبر، وتحتسب وأن تكثر من دعاء الله، فلعل الله -عز وجل- أن يهيئ لها خيراً منه، وهي أيضاً عليها أن تجتهد في إقناع أهلها، أو تكلم أناساً من أهل العلم ليقنعوا الأهل.
أما ما ذكرته السائلة من قولها: أنها لا زالت تتواصل مع أخته ... إلخ. فأقول: الأحسن للسائلة ترك مثل هذا الأمر، وأن تعمل على إقناع أهلها بأي طريق، فإن لم تتمكن فتترك هذا الأمر وتلجأ إلى الله -عز وجل- فإنه يعوضها خيراً منه.(11/120)
الكفاءة في النكاح
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 26/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
ما قولكم علماءنا الأفاضل في رجل زوج ابنته لرجل آخر، ليس من طينته، أي أنه عبد، وإن لم يكن مملوكًا، واحتج أهله عليه بأن هذا الأمر لا يجب أن يكون؛ لأن ذلك يعتبر خلطًا في الأنساب، ونحن لا نريد اختلاطًا بأقوام آخرين ليسوا من نفس فئتنا، ليس تكبرًا ولكنهم جبلوا على هذا الأمر منذ صغرهم ومن أباهم، وللتوضيح أكثر فإن الرجل أسود والفتاة بيضاء. أفيدونا أفادكم الله وزاد علمكم سعة بحوله وقوته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الكفاءة في التقوى والدين هي الأصل، لقول الله تعالى: ( ... إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ... ) [الحجرات: من الآية13] . وقوله: ( ... وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [البقرة: من الآية221] . وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ". أخرجه الترمذي (1084) وابن ماجه (1967) . أما اشتراط الكفاءة في النسب، فقد قال بها الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله- في رواية عنه أخذًا بحديث: "النَّاسُ أَكْفَاءٌ قَبيلةٌ بقبيلةٍ وعربيٌّ لِعَربيٍّ ومَوْلًى إلَّا حَائِكٌ أو حَجَّامٌ". أخرجه ابن حبان في المجروحين 2/ 124والبيهقي 7/134 وابن الجوزي في العلل (1019) . قال أبو حاتم، كما في العلل لابنه 1/412: كذب لا أصل له. فالكفاءة عنده شرط لزوم لا صحة، بمعنى أنه لو عقد النكاح دون مراعاة الكفاءة في النسب صح النكاح أي عقده صحيح، ولكن لا يلزم منه الدوام، فقد يفرق القاضي بين الزوجين إذا لم يكن أحدهما كفئًا للآخر، إذا كان سيترتب على هذا العقد نزاع يسبب قطيعة الرحم والصلة بين الأقارب، والأئمة الثلاثة لا يشترطون الكفاءة في النسب شرطًا في النكاح، بل الإمام أحمد سئل عن الحديث: "الناس أكفاء..". أتقول به وأنت تضعفه؟ قال: (إنما ضعَّفه أهل الحديث ونعمل به على طريقة الفقهاء) . والخلاصة: إذا كان سيترتب على الزواج من هذا الرجل مفسدة وقطيعة للرحم فلا يجوز؛ لأن الإسلام جاء برعاية المصالح وتكملتها، وبمنع المفاسد وتقليلها، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح. والله أعلم.(11/121)
هل هذا من العضل؟!
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 28/08/1425هـ
السؤال
هل يجوز لوالدي أن يمنعني من الزواج؟ حيث تقدم لي شخص فيه جميع الصفات التي أتمناها في من سيكون شريك حياتي، فهو محافظ على الصلاة جماعة، وعلى خلق كريم، ومن أسرة طيبة، وعمله ممتاز، وأهم من هذا كله هو دينه، حيث يختلف عن كثير من شباب هذا اليوم، وأرى أنه يناسبني، وقد استخرت الله، إلا أن أبي قال سوف أرفضه، وعندما سألته: لماذا؟ قال إنه لن يزوجني إلا من شخص يعرفه، فقلت له: إن هذا ليس المقياس الصحيح في الإسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير". وقد أخبرت أبي بأني أرفض طريقته هذه في تزويجي، إلا أنه رفض وقال: تريدين هكذا طريقة، أو تجلسي دون زواج لا يهم. أسألكم بالله هل ما يفعله أبي صحيح أم لا؟. وما توجيهكم لنا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن المفاسد التي تترتب على حرمان المرأة من الزواج، أو تأخيرها عنه لا يعلمها إلا الله تعالى، ومن ينظر في أحوال المجتمعات التي يكثر فيها هذا الأمر يَرَ ذلك واضحًا جليًّا. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه المفاسد بقوله: "إذَا خَطَبَ إِلَيْكُم مَن تَرْضَونَ دِينَه وخُلُقَه فَزَوِّجُوه؛ إلاَّ تَفْعَلوا تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأرضِ وفَسَادٌ عَرِيضٌ". رواه الترمذي (1084) عن أبي هريرة. والحديث حسنه الألباني في صحيح الترمذي. ومن منع موليته من التزوج بالكفء المرضي في دينه وخلقه، كان عاضلاً لها، وتنتقل الولاية منه إلى من بعده من الأولياء، ومعنى العَضْلُ: منع المرأة من التزوج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه. قال معقل بن يسار، رضي الله عنه: زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِنْ رَجُلٍ، فَطَلَّقَهَا، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا، فَقُلْتُ لَهُ: زَوَّجْتُكَ وَفَرَشْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ فَطَلَّقْتَهَا، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا! لَا وَاللَّهِ لَا تَعُودُ إِلَيْكَ أَبَدًا. وَكَانَ رَجُلًا لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَة: َ (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ) . فَقُلْتُ: الْآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ. رواه البخاري (5130) .
فإذا رغبت المرأة في كفء بعينه، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته، كان عاضلاً لها. فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك، ولا يكون عاضلاً لها.(11/122)
قال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله: إذا منع الولي تزويج موليته بخاطب كفءٍ في دينه وخلقه فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة الأَوْلَى فالأولى، فإن أبوا أن يزوجوا-كما هو الغالب-فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي، ويزوج المرأةَ الحاكمُ الشرعي، ويجب عليه إن وصلت القضية إليه وعلم أن أولياءها قد امتنعوا عن تزويجها أن يزوجها؛ لأن له ولايةً عامةً على المرأة بعدما سقطت الولاية الخاصة.
وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أن الولي إذا تكرر رده للخاطب الكفء فإنه بذلك يكون فاسقًا وتسقط عدالته وولايته، بل إنه على المشهور من مذهب الإمام أحمد تسقط حتى إمامته فلا يصح أن يكون إمامًا في صلاة الجماعة، وهذا أمر خطير. وبعض الناس كما أشرنا إليه آنفًا يرد الخطاب الذين يتقدمون إلى من ولاَّه الله عليهن وهم أكفاء. ولكن قد تستحي البنت من التقدم إلى القاضي لطلب التزويج، وهذا أمر واقع، لكن عليها أن تقارن بين المصالح والمفاسد، أيهما أشد مفسدة: أن تبقى بلا زوج وأن يتحكم فيها هذا الولي على مزاجه وهواه فإن كبرت وبرد طلبها للنكاح زوجها، أو أن تتقدم إلى القاضي بطلب التزويج مع أن ذلك حق شرعي لها.
لاشك أن البديل الثاني أولى، وهو أن تتقدم إلى القاضي بطلب التزويج لأنها يحق لها ذلك؛ ولأن في تقدمها للقاضي وتزويج القاضي إياها مصلحة لغيرها، فإن غيرها سوف يُقدِم كما أقدمت، ولأن في تقدمها إلى القاضي ردعًا لهؤلاء الظلمة الذين يظلمون من ولاهم الله عليهن لمنعهن من تزويج الأكفاء، أي أن في ذلك مصالح عديدة:
الأولى: مصلحة للمرأة حتى لا تبقى بلا زواج.
الثانية: مصلحة لغيرها من النساء ممن كانت حالهن مثل حالتها.
الثالثة: منع وردع هؤلاء الأولياء الظلمة الذين يتحكمون في بناتهم أو فيمن ولاهم الله عليهن.
الرابعة: مصلحة إقامة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "إذَا جاءَكم مَن تَرْضَوْنَ دينَه وخلقَه فأَنْكِحُوه، إلَّا تفعَلوا تَكُنْ فِتْنَةٌ في الأرضِ وفَسَادٌ". رواه الترمذي (1085) أ. هـ.
وقال الشيخ محمد ابن عثيمين أيضًا: وليت أنَّا نصل إلى درجة تجرؤ فيها المرأة على أنه إذا منعها أبوها من الكفء خُلقًا ودينًا أن تذهب إلى القاضي، ويقول لأبيها: زَوِّجْها أو أُزوجها أنا أو يُزوجها وليٌ غيرك. لأن هذا حقٌ للبنت إذا منعها أبوها، ولها أن تشكوه للقاضي، وهذا حقٌ شرعي. فليتنا نصل إلى هذه الدرجة، لكن أكثر الفتيات يمنعهن الحياء من ذلك. أ. هـ
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.(11/123)
نكاح المرأة الديِّنة في المنبت السوء
المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الكفاءة في النكاح
التاريخ 24/04/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو: ما حكم الارتباط بفتاة تعيش في بيئة سيئة، أي أن لديها أخوات غير مستقيمات، علماً أن الفتاة في غاية الاحترام والأدب؟ وما صحة الحديث الشريف القائل: (تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس) ؟ وهل يتطابق هذا الحديث مع هذه الحالة؟ وما ذنب الفتاة البريئة فيما تفعله أخواتها؟. وجزاكم الله عنا كل خير.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" أخرجه البخاري (5090) ، ومسلم (1466) ، وروي وهو حديث فيه مقال: "إياكم وخضراء الدمن! "، فقيل يا رسول الله: وما خضراء الدمن؟ فقال: "المرأة الحسناء في المنبت السوء" أخرجه القضاعي (957) ، والرامهرمزي في الامثال (84) .
ففي الحديث الأول جاء الأمر بتقديم ذات الدين على بقية الأوصاف، ولاشك أن هذا عند التزاحم، وإلا فكلما جمعت المرأة من الأوصاف الأخرى مع صفة الدين كانت أفضل، وجاء التحذير من المرأة الحسناء التي تنشأ في منبت سوء إن لم تعرف بالاستقامة.
وأما "تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس"، فهو ليس بحديث بهذه الصيغة المشهورة على الألسن، فهو مركب من حديثين، أحدهما حديث عائشة -رضي الله عنها- مرفوعاً: "تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم" أخرجه ابن ماجة (1968) والحاكم (2/176،177) وصححه، وضعَّفه غيره، وقد بوَّب عليه البخاري في صحيحه، قال: "باب إلى من ينكح، وأي النساء خير، وما يستحب أن يتخير لنطفه من غير إيجاب".
والشطر الثاني ما جاء في حديث آخر، وفيه: "وانظر في أي نصاب تضع ولدك فإن العرق دساس" أخرجه ابن عدي (6/178) ، والقضاعي (638) ، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1007) ، وفي لفظ: "تزوجوا في الحجز الصالح فإن العرق دساس" أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (1015) ، وفي لفظ: " في الحي الصالح" أخرجه ابن عدي (7/72) وهي ألفاظ كلها ضعيفة، وضعفها شديد.
وقد جاءت الصيغة الأولى من كلام عمر -رضي الله عنه- والمراد منها أن يتخير الإنسان عند رغبته في الزواج أو التزويج المنبت الصالح، سواء كان في الأسرة أو العشيرة.
وليس كل امرأة في منبت سوء غير صالحة، وليس كل امرأة في منبت صالح غير سيئة، وإنما الحكم للغالب. والله أعلم.(11/124)
الخطبة التي تمنع الخطبة على صاحبها
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 27/3/1424هـ
السؤال
نرجو تحديد المقصود بالخطوبة التي لا يجوز أن يخطب عليها الرجل، وإذا حدث وخطب فوق خطبة أخيه وتزوج فما حكم ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الإنسان إذا خطب امرأة فلا يجوز لغيره أن يخطبها، ومعنى الخطوبة: أن يتقدم إلى وليها ويطلب منه الزواج بها، ولو لم يردوه وإنما سكتوا وانتظروا فهذا هو الخاطب، ولا يجوز لغيره أن يزاحمه في الخطبة، فإن رُد الخاطب الأول فلغيره أن يخطب، أو كان الخاطب الثاني يجهل الحال ولم يعلم بأنها مخطوبة فلا إثم عليه، أو كان الخاطب الأول أذن لغيره أن يخطب فلا بأس للثاني أن يخطب، وعلى كل فإذا خطب هذا الإنسان الثاني وعقدوا له فعقده صحيح، وزواجه صحيح ولا شيء فيه، إنما الإثم في تقدمه بالخطبة على خطبة أخيه، وأما إذا تم العقد له فهذا حقه، والزواج لا إشكال فيه، والنبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه" رواه البخاري (5142) ، ومسلم (1412) ، واللفظ لأبي داود (2081) ، والنسائي (3238) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-، والله أعلم.(11/125)
خطبة المسلم على الكافر
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 17/2/1424هـ
السؤال
هل يجوز للمسلم أن يخطب على خطبة الكافر إذا صرح له بالإجابة؟ وهل تعتبر الكفاءة من حيث أن المسلم أكفأ من الكافر؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب:
أنه لا يجوز للمسلم أن يتزوج الكافرة إلا إذا كانت من أهل الكتاب فيجوز عند جمهور العلماء لقوله تعالى:"اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" [المائدة:5] .
وإذا جاز للمسلم نكاح الكتابية فهل يجوز له أن يخطبها على خطبة الكافر المصرح له بالإجابة كما هو محل السؤال؟ والجواب: أنه قد روى البخاري في صحيحه رقم (5144) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك" قال ابن حجر في (فتح الباري 9/200) ما نصه:"واستدل بقوله:"على خطبة أخيه" أن محل التحريم إذا كان الخاطب مسلماً، فلو خطب الذمي ذمية فأراد المسلم أن يخطبها جاز له ذلك مطلقا، ً وهو قول الأوزاعي، ووافقه من الشافعية ابن المنذر وابن جويرية والخطابي، ويؤيده قوله في أول حديث عقبة بن عامر عند مسلم:"المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه ولا يخطب على خطبته حتى يذر"، وقال الخطابي: قطع الله الأخوة بين الكافر والمسلم، فيختص النهي بالمسلم. وقال ابن المنذر: الأصل في هذا الإباحة حتى يرد المنع، وقد ورد المنع مقيداً بالإسلام فبقي ما عدا ذلك على أصل الإباحة، وذهب الجمهور إلى إلحاق الذمي بالمسلم في ذلك، وأن التعبير بأخيه خرج على الغالب فلا مفهوم له، انتهى محل الغرض منه، والله أعلم.(11/126)
فتاة تعرفت عليها، فهل أزورها؟
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 25/9/1422
السؤال
تعرفت إلى فتاة من خلال الدراسة، وقد طلبت منها أن أقابلها في مكان عام حتى أسلمها هدية بمناسبة ما، ولكنها طلبت مني أن أقابلها في منزل أهلها وبينهم، فوجهت لي الدعوة للذهاب إلى منزلهم، وقالت لي: إنهم بانتظاري يوم الخميس القادم، فهل أذهب أم لا؟ علماً أنني لم أختلي بها قط، بل أحرص كل الحرص على عدم مقابلتها سوى ذلك الطلب، كما أن كل هذه الحوارات بيني وبينها كانت عبر البريد الإلكتروني، هل أذهب؟
الجواب
حسناً فعلت حينما حرصت ألا تقابلها سوى ذلك الطلب، وأحسن من ذلك حذرك من الخلوة بها، وكونُ الحوارات قد دارت بينكما عبر البريد الإلكتروني، وحسناً فعلت هي حينما أبت المقابلة إلا في بيتها وبحضور أهلها، ولا أدري ما الغرض من زيارتها في بيت أهلها، هل هو توثيق الصداقة أو خطبتها من وليها! فإن كانت الأولى، أي: قصد توثيق الصلة والصداقة، فلا ينبغي لك ذلك؛ لأن اتخاذ الصديقات - وإن كان عن حسن نية - قد يجر إلى التساهل في المحرمات، والوقوع فيما لا تحمد عقباه، والشيطان لا ييأس من إضلال العبد، وله نفس طويل، ومكر شديد في إغواء العبد والتسويل له بالمعصية.
فحذار أن تسترسل فيما وقع منك، وعليك أن تجتنب محادثة النساء إلا ما تقتضيه الحاجة غير المتوهَّمة، لا سيما وأنت -كما يفهم من كلامك - تدرس في مدرسة أو كلية مختلطة.
والحاجة إذا كانت قد اضطرتك إلى الدراسة في كلية مختلطة، فيجب أن تقدر الحاجة بقدرها، كما نص على ذلك أهل العلم، وإن كانت الأخرى (أي: قصد خطبتها من وليها) فهو أمر مشروع لا شك في جوازه. على أنني أنصحك بما نصح به رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: " تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبه، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك " رواه الخاري (5090) ومسلم (1466) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وعليك أن تستخير الله -سبحانه- فتصلي صلاة الاستخارة عسى الله أن يخير لك ما فيه الخيرة لك في الدنيا والآخرة. والله أعلم.(11/127)
عدد مرات رؤية المخطوبة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 17/8/1423هـ
السؤال
كم مرة يجوز للخاطب أن يرى مخطوبته الرؤية الشرعية؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
يرى الخاطب مخطوبته مرة واحدة، ولا تجوز الخلوة بها، وإذا تيسر أن يراها بدون علمها فلعله أولى؛ لأنه أصون لحيائها، وخشية ألا يرغب فيها، فإن لم يرغب فيها بعد رؤيتها أثر ذلك في كسر قلبها، فإذا لم تعلم كان أحسن وأرفق بها.(11/128)
الشروط في خاطب المسلمة
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 4/7/1423هـ
السؤال
ما الشروط التي ينبغي توافرها في من يتقدم لخطبة الفتاة المسلمة؟ وهل صلاته في بيته وشربه الدخان عائق في عدم تزويجه؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إذا تقدم إلى خطبة الفتاة من توافرت فيه خصال الكفاءة، وأهمها الدين والخلق فإن على وليها أن يزوجها ولا يتوانى في ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" الترمذي (1084) ، وابن ماجة (1967) وعلى ولي الفتاة أن يتحقق من استقامة المتقدم إلى خطبة موليته، وذلك بالسؤال عنه ممن يعرفه حق المعرفة ولا يعني هذا أنه لا يزوج إلا من بلغ الغاية في الاستقامة؛ لأن هذا قد لا يتحقق بسبب غلبة الفساد وقلة الخطاب، ولهذا فلو فرض أن المتقدم لخطبة موليته شخص واقع في بعض المحرمات المنتشرة عند كثير من الناس بسبب الاعتياد والتساهل كشرب الدخان وحلق اللحية مثلاً فلا بأس بتزويجه إذا لم يجد من هو أفضل منه، فإن هذا أفضل من بقاء المرأة بلا زواج، ولعل هذا الشخص أن يترك هذه المحرمات في المستقبل فيصلح حاله وبخاصة إذا تعاهدته زوجته بالنصيحة والإنكار، والله أعلم.(11/129)
عند الخِطبة، هل يخبر بعيبه؟!
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 17/2/1425هـ
السؤال
أنا شاب أريد الزواج -إن شاء الله تعالى- ولكن حدث لي عارض صحي أثناء الولادة في الخصية، مما أدى إلى تلفها، ولكن ذهبت إلى الطبيب، وحصلت على أدوية، وأنا الآن -الحمد لله- لدي القدرة على الجماع، وخروج ماء الرجل، ولكن عدم إنتاج الحيوانات المنوية، وذهبت إلى أكثر من طبيب، قال لي: لا تستطيع الإنجاب؛ لعدم إنتاج الحيوانات المنوية، وتلف الخصية. إذا أردت الخطبة، فهل أتكلم أم أسكت؟ وهل سكوتي يكون غشًّا؟. أرجو منكم إفادتي، -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن أعظم مقاصد الزواج وأولاها طلب النسل والذرية، والعجز عن تحقيق هذا المطلب ـ وهو العقم ـ عيب لا يجوز كتمه عن الطرف الآخر،، فيجب عليك إذا خطبت أن تبين هذا لأهل المخطوبة، وأن يخبروها هم بذلك، ولا يجوز كتمه؛ لما فيه من الغش ومضارة المرأة.
والأنسب لحالك أن تبحث عن امرأة مثلك - عاقر لا تنجب ـ؛ حتى لا تظلمها ولا تحرمها أمنيةً هي من أعظم أمنياتها في حياتها.
عوضك الله خيراً، وعظم أجرك، وفرج همك، ووفقك في أمور دينك ودنياك، ونور بصيرتك بنور هدايته وطاعته، وجعلك مباركاً أينما كنت.
واقترح عليك أن تتولى بعد زواجك تربية بعض الأيتام، وهم كثير في دور رعاية الأيتام من غير أن تنسبهم إليك، والله الهادي إلى سواء السبيل، وهو المستعان ونعم الوكيل.(11/130)
حدود التعامل مع المخطوبة
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 10/3/1423
السؤال
أريد أن أسأل عن كل ما يباح وما لا يباح بين الخطيبين، وماذا إذا كان الخاطب غير متدين أو ملتزم، ولكن على خلق حسن، وفطرة دينية، هل يجب على المخطوبة فسخ الخطوبة لجهله ببعض الأمور؟ وماذا عليها أن تفعل؟
الجواب
الخطيبان قبل عقد النكاح أجنبيان عن بعضهما لا يجوز بينهما إلا ما يجوز بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه، ولذا فله أن يكلمها بدون خضوع في القول، ولا فحش ولا تفحش، ولهما أن يتحدثا في مستقبل أمرهما ونحو ذلك بالقدر المحتاج إليه.
وله أن يراها الرؤية الشرعية التي يترتب عليها القبول والرغبة أو عدمها.
وليس له بعد ذلك الخلوة بها، ولا التعامل معها بأي نوع من أنواع المتعة الجسدية، ولا الحديث الخاص بين الزوجين ونحو ذلك.
ولا يجب على المخطوبة فسخ الخطبة إذا كان الخاطب يؤدي فرائضه الدينية، وهو على خلق حسن، وإن لم ينطبق عليه وصف الالتزام بمعناه الخاص عند بعض الناس.(11/131)
خطب على خطبة أخيه وتزوج
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 29/04/1426هـ
السؤال
ما حكم من خطب على خطبة أخيه، وتزوج من هذه الخطبة؟.
الجواب
حكم الخطبة على خطبة الأخ محرم ولا يجوز؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "ولا يخطب على خطبة أخيه" رواه البخاري (5142) ومسلم (1412) . وهذا إذا خطب على خطبة أخيه فإنه فعل محرماً، فإن تزوج فحكم العقد هذا موضع خلاف، فجمهور أهل العلم على أن العقد صحيح، وذهب بعض أهل العلم إلى إبطال العقد، والذي يظهر - والله أعلم- أنه صحيح، لكن عليه التوبة ويأثم، وإن تمكن من إرضاء من خطب على خطبته فهذا هو الواجب، وإذا لم يتمكن من ذلك فعليه أن يكثر له من الدعاء والاستغفار لعل الله أن يعفو، وإنما قلت: إن العقد لا يفسد؛ لأنه لا يعود إلى نفس العقد، وإنما يعود إلى أمر خارج.(11/132)
فُسخت الخِطبة، فهل له أن يسترد هداياه؟
المجيب د. سعد بن ناصر الشثري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 19/12/1424هـ
السؤال
كنت قد خطبت زميلة لي، وبعد مضي ثلاث سنوات حدثت بعض المشاكل أدت إلى فسخ الخطبة، وقدم كل طرف إثباتاً أن هذا الفسخ من ناحية الطرف الآخر، وكان نتيجة لذلك بأن أهل الفتاة رفضوا إعطائي الشبكة وجميع الهدايا التي قدمتها خلال المواسم والأعياد، وأنا تركت عوضي على الله، وفوضت أمري إلى الله وحسبنا الله ونعم الوكيل، هل هذا حلال أم حرام؟ وهل هذا من الشرع أم لا؟
وما مصير هذه الشبكة الذهبية التي يزيد ثمنها والهدايا اليوم عن 5000 آلاف جنيه، وهي من حق مَنْ في هذه الحالة؟ أرجو إفادتي من الناحية الدينية، وهل باستيلائهم على هذه الأشياء ظلماً كالذين يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا.
أرجو توضيح ذلك لي مع الشرح والأمثلة المشابهة لهذه الحالة. جزاكم الله عنا خير جزاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أولاً: أشير عليك بإرجاع خطبة الفتاة المذكورة وإصلاح الأوضاع بالطرق المناسبة، ولا يوجد من هو كامل في صفاته.
ثانياً: إذا لم تتمكن من إصلاح الأوضاع فيستحب لك أن تتنازل عن تلك الهبات للزوجة ولعل الله أن يعوضك خيراً منها.
ثالثاً: هدايا الخطيب لمخطوبته تعد جزءاً من المهر عند جمهور العلماء، وخالف في ذلك بعضهم، والمرجع في ذلك إلى القضاء؛ لأن قضاء القاضي يرفع الخلاف، ونسأل الله أن يصلح الأحوال. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/133)
زوجها أخوها بمن زنى بها للستر عليها
المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه
رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 05/02/1426هـ
السؤال
رجل ارتكب الحرام مع خطيبته وحملت منه وتوفي الجنين في بطن أمه، بلّغ الخطيب أخا البنت، فقام أخوها بعقد قرانهما دون علم عائلته وبعلم عائلة الخطيب، والآن يريد أخو البنت أن يستر على أخته ويقيم لها عرساً أمام الناس وأمام عائلته، ولا يريد أن يخبر عائلته بأنه عقد قران أخته على خطيبها يريد أن يعقد قراناً آخر أمام الناس فما هو الحل، هل يطلق طلقة واحدة ثم يعقد قراناً آخر أو يعقد قراناً آخر على القران الأول، أفيدوني، علماً بأنه إذا تسرب هذا الموضوع، فسوف تحدث كارثة أو جريمة قتل. أفيدوني ستركم الله.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
بداية أود أن أنبه إلى أمرين مهمين:
أولاً: أنه لا يجوز التساهل والتوسع في الحديث والخلوة بين الخاطب ومخطوبته؛ حتى لا يقعا في المحظور، كما في هذه الواقعة، فإن كان ولا بد فاعلاً لأمر يتعلّق بزواجهما فليكن التواصل عن طريق وليها أو قريبها، ونحو ذلك؛ لأن المخطوبة ما دام لم يعقد عليها حكمها كحكم الأجنبية، وما حصل هنا بين الخاطب ومخطوبته هو صريح الزنا، يجب عليهما المبادرة بالتوبة النصوح منه.
ثانياً: أنبه على أمر مهم لم يتطرق له السائل وهو موت الجنين؛ حيث لا بد من السؤال عن حاله والتأكد من سبب وفاته هل كان بسبب جناية أو لا؟ فإن كان بجناية عمداً أو خطأ ولو من الحامل نفسها أو غيرها، فإن كان هذا الجنين لم يمض عليه أربعة أشهر فليس عليها إلا التوبة إلى الله - سبحانه- والندم، وإن مضى عليه أربعة أشهر فهو قتل نفس إن كان عمداً فليس فيه إلا دية الجنين: غرة عبد أو أمة؛ لقضاء النبي - صلى الله عليه وسلم- كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- الذي رواه البخاري (5758) ، ومسلم (1681) ، والغرة قدّرها الفقهاء بنصف عشر الدية، وهي خمس من الإبل، وإن كان خطأ أو شبه عمد ففيه الدية، كما سبق، والكفارة وهي: عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله.
وأما بالنسبة لعقد النكاح عن طريق أخيها دون علم أهله، فهذا عقد باطل لا يصح إلا بأمرين:
الأمر الأول: أن يكون عقد النكاح بعد توبتهما توبة نصوحاً؛ لقوله تعالى: "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحُرِّم ذلك على المؤمنين" [النور:3] ، فلا يصح العقد بينهما حتى يتوبا إلى الله -عز وجل-.(11/134)
الأمر الثاني: أن من شروط عقد النكاح: الولي والإشهاد مع الإعلان؛ فهو الزواج في الإسلام مبني على الإعلان؛ لأنه عقد لا يجوز إخفاؤه، ويكون الإعلان بإظهاره وإشاعته بين الناس وبضرب النساء الدف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "فصل ما بين الحرام والحلال الدف والصوت" رواه الترمذي (1088) ، والنسائي (3369) ، وابن ماجة (1896) بسند حسن، أما نكاح السر -وهو ما كان بلا إشهاد ولا إعلان- فهو نكاح باطل محرم شرعاً، وكذا تواطؤ الزوجين والولي والشاهدين على كتمان الزواج يجعل العقد باطلاً على الصحيح من أقوال العلماء، وإذا كان العقد غير صحيح فلا بد من تصحيحه.
وأيضاً العقد يكون باطلاً من جهة أخرى، إذا كان الأخ تولى عقد النكاح مع وجود الولي الأقرب وهو الأب، ثم الجد، فإن أرادوا تصحيح العقد فلا بد أن يعقد لها أبوها عقداً جديداً أو يوكل من يعقد لها، ولا داعي أن يعلم كل أحد بما وقع، فالأولى الستر والتوبة والندم على ما مضى، ولا يصح أن يطلق هذا الخاطب ثم يجدد العقد؛ لأن العقد غير صحيح أصلاً. أسأل الله أن يتقبل توبتهما ويوفقهما لما يحب ويرضى. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(11/135)
هل يجب عليها أن تخطب لأخيها
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 15/7/1425هـ
السؤال
هل يجب على الأخت أن تبحث لأخيها عن زوجة إذا طلب منها؟ علماً أنه لا يجد من يبحث له عن زوجة غير أخواته؟ وهل تأثم إن رفضت أخته البحث له عن زوجة؟ أو قالت: لا أعلم، وهي تعلم؟ وهل تدخل في قوله -صلى الله عليه وسلم-:"من كتم علماًً ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار". -والله يحفظكم ويرعاكم-.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فليس في كتاب الله، ولا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إيجاب على المرأة أن تبحث عن زوجة لأخيها، ويتفرع على هذا أنها لا تأثم إذا رفضت ذلك.
وكون أختك تعرف امرأة صالحة خيرة، ثم لا تدلك عليها فليس ذلك من كتم العلم المقصود في قوله - صلى الله عليه وسلم-: "من كتم علماً ... " رواه أحمد (10219) ، والترمذي (2649) ، وأبو داود (3658) ، وابن ماجة (261) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فإن المقصود بالعلم في الحديث هو العلم الشرعي الذي لا يجوز كتمه.
ولا يعني هذا بحال أن سعيها في حاجة أخيها لا فضل فيه، ولا أنها غير ملومة مطلقاً، بل هي تُلام من جهة تقصيرها في نفع أخيها الذي هو أقرب الناس إليها بعد والديها، وبحثها عن امرأة صالحة هي من تنفيس كربته، وتفريج همه، ودلالته على ما يعينه على غض بصره، وتحصين فرجه، والأجر فيه عظيم، إنْ هي احتسبت النية الصالحة، ويمكن تحريضها على ذلك من هذا الباب، لا من باب أنه واجب عليها بإيجاب الشرع. وصلى الله على نبينا محمد وصحبه وسلم.(11/136)
الخطبة على الخطبة
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 25/4/1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قمت بخطبة فتاة مخطوبة منذ عام لشخص آخر ولم أكن أعلم بذلك، ثم علمت أن العلاقة بين أهليهما قد انقطعت منذ عام لدرجة أنهم لا يتحدثون هاتفياً، لكنهم لم يصرحوا بفسخ الخطبة، واشترطت عليهم سؤال أهل الخاطب قبل أن يقبلوا بخطبتي أو يرفضوها، فهل هذا محرم؟
الجواب
إذا علم الرجل أن المرأة مخطوبة لرجل آخر لم يجز له أن يتقدم لخطبتها؛ لحديث أبي هريرة في مسلم (1408) :"لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ولا يسوم على سومه"، لكن إن علم الرجل أن أهل المرأة قد ردوا الخاطب أو لم يقبلوا به جاز له خطبتها.(11/137)
خطبة المسلم على أخي
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد الخريصي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 18/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... أما بعد: فضيلة الشيخ لقد تقدمت لخطبة إحدى قريباتي وهي ابنة عمتي، وبينما كان والدي يتحدث مع أم الفتاة عن موضوع الخطبة أخبرتنا عمتي أن البنت قد تقدم إليها شخص لخطبتها, وهي لا تعرف ماذا حصل في موضوع خطبة هذا الشخص من ابنتها مع والد الفتاة. وقد قالت لنا من جهتي ليس لدي أي مانع, وإنما الكلام عند والد الفتاة. فقد تقدم إليها شخص ولا أدري ماذا حصل في موضوعها. المطلوب من سماحتكم هل خطبتي هذه جائزة, وهل تجوز خطبة على أخرى؟ وما الحكم في هذا؟ جزاكم الله خير الجزاء وكفر عنكم خطاياكم.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالأصل في هذه المسألة المنع؛ لورود ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم من عدة روايات، ففي رواية البخاري (5142) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه، حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب".
والمنع في المسألة أو السؤال للكراهة، لأن الخطبة الأولى لم تتم، وإنما الأمر في حال المشاورة والتردد كما ذكر السائل: والتحريم يكون بعد تمام الموافقة على الخطبة الأولى لخطيب آخر، لما فيه من إيذاء الخاطب الأول، وتوريث عداوته، وزرع الضغينة في نفسه، وعلى كل حال أنصح السائل بالتريث إلى أن تنتهي فترة التردد والمفاوضات والمشاورات حفاظاً على صلة الود والمحبة بين الناس، وبعداً عن إيجاد العداوة وزرع الأحقاد في النفوس، والله أعلم.(11/138)
هل تملك المرأة أن تفسخ خِطبتها؟
المجيب د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 18/1/1425هـ
السؤال
أود أن أطرح مشكلتي جزاكم الله خيراً.
مشكلتي هي أني خُطبت من شاب لم أعرفه من قبل لمدة 8 شهور، مع الوقت حدثت خلافات بيننا، لا يسأل عني كما لو كنت خطيبته، ثم قررت فسخ الخطوبة، وهي رسمية بقراءة الفاتحة، ولكني فسخت الخطوبة بالهاتف فقط مع عائلة الخاطب، سؤالي هو: هل يجب إعادة اجتماع الرجال وعائلة الخاطب مرة ثانية لفسخ هذه الخطوبة؟ أم يكفي ذلك بالهاتف فقط؟. وشكراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد:(11/139)
فبالنسبة لسؤال الأخت الجزائرية عن فسخ الخطوبة بالهاتف، وبسبب عدم الاتصال بها كما لم تكن خطيبته، فنقول للأخت الفاضلة: إن الخطبة من الأمور المستحبة في عقد النكاح، فهي ليست بركن، ولا بشرط، ولا بواجب، وإنما هي وسيلة معرفة ومقدمة لعقد النكاح، وفرصة تعطى للخاطبين في الموافقة على إنشاء وإبرام العقد، أو فسخه بعدها، وهي تبيح للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته، وتنظر إليه لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل" رواه أبو داود (2082) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- وقوله - صلى الله عليه وسلم- لآخر " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" رواه الترمذي (1087) ، والنسائي (3235) ، وابن ماجة (1866) من حديث المغيرة ابن شعبة -رضي الله عنه-، وقوله - صلى الله عليه وسلم- لآخر: "انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً" رواه مسلم (1424) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، والأحاديث مشتهرة بين أهل العلم، وهي ثابتة بجملتها، ولأجل أن يكون كل من الخاطبين على معرفة بالآخر من حيث الشكل والهيئة، فالخطبة مشروعة ونظر الخاطبين لبعضهما مشروع كما تفيده النصوص السابقة، والحكمة من مشروعيتها من أجل أن يبرم عقد النكاح بعد تبصر ورؤية ودراية بحال كل من العاقدين بالآخر، ولكنه لا يجوز للرجل أن يتصل بمخطوبته ولا المخطوبة أن تتصل بخطيبها؛ لأن كلاً منهما أجنبي على الآخر، حيث الخطبة ليست بعقد نكاح، وإنما شرع النظر بحضور أوليائها، ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها، وبعد حصول ذلك فلا يجوز لا له ولا لها أن يجتمعا ويختلطا ويخرجا مع بعضهما، بل ولا يجوز له أن يتصل بها بالهاتف من غير حاجة؛ لأن كلاً منهما أجنبي عن الآخر، فعدم اتصاله بك ليس معناه عزوف عن الخطبة، فالأصل أن لا يتصل بعدما حصلت المعرفة في المرة الأولى، وله ولك فسخ الخطبة حتى ولو تمت الرؤية بينكما إذا تحصلت القناعة لديك أو لديه، أو لأوليائك، فللجميع العدول عن الخطبة، لأن الخطبة طلب، والطلب قد يجاب إليه وقد لا يجاب، فالخطبة ليست عقد إلزام، وليست من تمامها قراءة الفاتحة، ولا يشترط لفسخها اجتماع الرجال من الطرفين، ولهذا لا يستحب إعلان الخطبة بخلاف عقد النكاح، ولهذا يرى كثير من أهل العلم إخفاءها ليتسنى لكل من الخاطبين العدول من غير أن يلحق ضرراً بالآخر. فالمهم يجوز الفسخ بأي وسيلة: مشافهة أو مكاتبة أو مهاتفة, ويلزم رد ما تقدم به من مال أو حلي أو ملابس، وبخاصة إذا كان العدول من المخطوبة، أو أوليائها وبالله التوفيق.(11/140)
رفضوا رؤية مخطوبته
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 06/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله. أما بعد:
تقدمت لخطبة فتاة ذات خلق ومن عائلة محترمة، ووافق وليها على تزويجي، وعندما طلبت النظر إليها، وفقًا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رفض أهلها ذلك؛ بحجة أن هذا مخالف لتقاليدنا وعاداتنا، وعبثًا حاولت إقناعهم بأن هذا الأمر من السنة. فهل يعتبر رفضهم سببًا كافيًا لانصرافي عنها وفسخ الخطبة؟ علمًا بأنه لا عيب آخر أجده في الفتاة أو أهلها. أفيدونا أفادكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإنه إذا كان الحامل لك على الرفض هو عدم مراعاتهم لهذه السنة، فلا أرى ذلك مسوغًا له؛ لأن الأمر يبقى في دائرة المشروع، لاسيما وأن الحامل عليه عادات وتقاليد ألفها كثير من الناس، وإن كان الواجب إخضاع هذه العادات للسنة النبوية، لا العكس، أما إذا كان الحامل لك على الرفض هو عدم تمكينك من رؤية الفتاة التي قد لا تحظى باستحسانك ليلة الزفاف، فهذا ربما كان سببًا مقنعًا لانصرافك عنها، لاسيما إذا لم تكن الفتاة على قدر كبير من الدين والخلق، ما لم تجد سبيلاً آخر يمكنك من رؤيتها، فقد ثبت عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، أنه قال: خطبتُ جارية، فكنت أتخبَّأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها. أخرجه أحمد (14586) ، وأبو داود (2082) . وبنحو هذه القصة جاء عن محمد بن مسلمة، رضي الله عنه. انظر سنن ابن ماجه (1864) . ولا تنس أيها الأخ السائل أن تطلب الخيرة من ربك عبر صلاة الاستخارة كلما وقع منك تردد في أمر مهم كهذا.
وأخيرًا: فإنه ينبغي على الآباء وأولياء أمور الفتيات أن تتسع صدورهم لهذه السنة، لا سيما وأنها تحقق المصلحة لكلا الطرفين (الخاطب والمخطوبة) ، كما يشير إليه الحديث النبوي الشريف: "انْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا". أخرجه الترمذي (1087) ، والنسائي (3235) ، وابن ماجه (1866) . وللمحدث الألباني- رحمه الله- كلام قيم حول هذا الموضوع حيث قال في السلسلة الصحيحة1/158-159، ما نصه: (هذا، ومع صحة الأحاديث في هذه المسألة- مسألة نظر الخاطب- وقول جماهير العلماء بها، فقد أعرض كثير من المسلمين في العصور المتأخرة عن العمل بها، فإنهم لا يسمحون للخاطب بالنظر إلى فتاتهم- ولو في حدود القول الضيق- تورعًا منهم، زعموا، ومن عجائب الورع البارد أن بعضهم يأذن لابنته بالخروج إلى الشارع سافرة بغير حجاب شرعي، ثم يأبى أن يراها الخاطب في دارها وبين أهلها بثياب الشارع!! ... ) ا. هـ. والله تعالى أعلم.(11/141)
محادثة الخطيبة بعد قراءة الفاتحة
المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه
رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الأحكام المتعلقة بالخطبة
التاريخ 08/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب، من دولة عربية، مقيم في دولة إسلامية، كنت أتكلم مع فتاة من بلدي، واتفقنا -أنا وهي- على أن أتقدم لخطبتها، علماً أن كل هذا بعلم أختها الكبرى، والتي هي زوجة أخي الأكبر، وكانت بعض المكالمات تكون بدون علم أختها بيني وبين هذه الفتاة التي أحببتها، علماً أن حبنا خالص لوجه الله، وليس عبارة عن مراهقة أو تسلية، وغير هذا من الأمور التافهة، وبحمد الله تمت قراءة الفاتحة بين والدها وعمي لظروف والدي بأنه لا يقدر الدخول إلى بلده لبعض المشاكل، علماً أننا من عائلة ملتزمة كثيراً، وقد قرأت الفاتحة ولكن والدها أصر ألا نتكلم مع بعضنا أبدًا، لحين رجوعي إلى بلدي، علماً أني أكلمها شهرياً، ولا يخلو حديثنا من التفاهم فيما بيننا من أجل مستقبلنا وحياتنا المشتركة، وبصراحة لا يخلو أيضا من الكلام الغزلي، حيث إننا اتفقنا أن نبعد الخجل عن بعضنا.
سؤالي: هل في هذا إثم علي وعليها؟ وهل سيعاقبنا الله على ذلك؟ وأنتم تعرفون ما يمر به الشباب في هذه الأوقات من إغراءات إعلامية. وجزاكم الله خيراً، ونفع بكم.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فإن من خصال الخير والإيمان فيك خوفك من الإثم ومن عقوبة الله -تعالى- لك على ما حصل منك مع الفتاة التي ذكرت، كما أن من خصال الخير فيك خوفك من التأثر بمغريات هذا العصر، مما جعلك تسأل طالباً للحق، باحثاً عن الصواب، ولذا فإني أجيبك قائلاً:
إن ما قمت به -من التحدث مع هذه الفتاة بدون خجل، والكلام معها حتى في الأمور الخاصة والغزل- عمل محرم لا يجوز في الإسلام، وهو من الوسائل الموصلة للوقوع في فاحشة الزنا، وقد حرم الله الزنا والوسائل المرسلة إليه فقال تعالى: "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا" [الإسراء:32] فنهى عن الاقتراب من الزنا منعاً من الوقوع فيه، كما أنه أمر الرجال والنساء بغض البصر وحفظ الفرج، فقال: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن" [النور:31،30] ، وأمر النساء بعدم الخضوع بالقول، فقال: "لا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً" [الأحزاب:32] .
والخضوع بالقول هو تحسين الصوت وترقيقه لاستمالة قلب الرجل، كما أنه أمر النساء بالحجاب الشرعي الذي يشمل عدم اختلاطهن بالرجال، وتسترهن عند الخروج من المنازل، كل ذلك درءاً للفتنة بهن، إذ إن الرجل يميل إليهن ويضعف أمامهن، قال تعالى: "وخلق الإنسان ضعيفاً" [النساء:28] أي في أمر النساء. قال بعض السلف: يذهب عقله عندهن.(11/142)
والشيطان يأتي الإنسان من نقاط الضعف عنده، ويأخذه خطوةً خطوة، قال تعالى: "ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" [البقرة:169،168] ، فتبدأ المسألة بنظرة وكلمة، ثم تتطور إلى مشاعر حب وغرام وهيام، وكلام معسول ووعود، وقد ينتهي الأمر بالوقوع في الفاحشة، قال صلى الله عليه وسلم: "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه" متفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- صحيح البخاري (6243) ، وصحيح مسلم (2657) .
ولا يشفع لك - يا أخي- كونك تحبها، فإن ذلك لا يجيز لك المحرم، كما أنه لا يشفع لك كونكم قرأتم الفاتحة التي تعني بها الخطبة -كما في بلدك- أن العادة جرت عندكم بقراءة الفاتحة عند الخطبة والاتفاق على أمور الزواج، وذلك قبل العقد، فهي لا تزال أجنبية عنك حتى يتم العقد عليها بشروطه، وإنما يحل لك منها بعد الخطبة النظر إليها، بل هو مستحب في حق الخاطب، ومن أسباب نجاح الزواج، فلتتق الله -يا أخي- ولتدع عنك المحرمات، ولتستعفف حتى ييسر الله لك الزواج، وبعد ذلك تفعل كلما أباح الله لك مع زوجتك، أما وهي أجنبية عنك، فلا يجوز لك التغزل معها، والكلام في كل شيء من أمور الزواج، وقد بلغت الحجة، فتب إلى الله تعالى مما سلف، وأبشر بالخير، وانشراح الصدر وتيسير الأمور، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويزرقه من حيث لا يحتسب".
أسأل الله -سبحانه- أن يوفقك ويسددك ويصلح قلبك، ويرزقك الزوجة التي تسعدك وتحبها ويحصن فرجك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/143)
هل يرث الزوج مؤخَّر الصداق؟
المجيب بندر بن محمد الرباح
عضو الدعوة والإرشاد بالقصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر)
التاريخ 01/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
امرأة توفيت وتركت مؤخر صداقها، فهل يرث زوجها منه، أم أنه لأولادها وأمها وأبيها فقط، باعتبار أن زوجها لا حق له في صداقها؟.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يرث الزوج من زوجته النصف إن لم يكن لها ولد، فإن كان لها ولد فإنه يرث الربع، وذلك من جميع تركتها، سواء أكان ذلك من صداقها أو من غيره لا فرق في ذلك؛ لأن الصداق أصبح ملكاً لها؛ فيضم مع كل ما تملكه من ممتلكات، ثم يقسم على جميع ورثتها من دون استثناء أحد منهم، لا الزوج ولا غيره، ويعطى كلاً منهم على حسب فرضه المقدر له شرعاً. والله أعلم.(11/144)
حكم المهر
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر)
التاريخ 02/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم
أكد بعض العلماء عندنا في باكستان أن المهر سنة مؤكدة، وقد بنوا حكمهم على ثلاثة أحاديث:
الأول: الحديث المروي في النسائي وأبي داود وصحيح ابن حبان بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطى مهرا لابنته.
الثاني: الحديث الذي في البخاري بأن أم المؤمنين خديجة- رضي الله عنها- قدمت لابنتها عقدا كمهر.
الثالث: الحديث في مسند الإمام أحمد بأن النجاشي ملك الحبشة رتب مهر أم المؤمنين زينب-رضي الله عنها- عندما تم زواجها من -النبي صلى الله عليه وسلم-.
أرجو التكرم بالتعليق على ما ذكر مع الأخذ بالاعتبار أن علماء الحديث ذكروا هذه الأحاديث في فصول تتعلق بالمهور.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المهر واجب من واجبات عقد النكاح لعموم حديث: "التمس ولو خاتماً من حديد" متفق عليه: صحيح البخاري (5121) ، وصحيح مسلم (1425) ، بل يرى بعض أهل العلم أنه شرط لصحة النكاح، ولذلك فسد نكاح الشغار حيث لا مهر فيه، ولو كان بين المتبادلين مهر لصح. وبالجملة فالذي نقله أهل العلم: (أن صداق بنات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أربعمائة درهم من فضة) ، وما ذكره السائل من نصوص محمولة على ما يقدمه الوالدان أو غيرهما. للبنت من مساعدة وعون مادي على سبيل الصلة والتكريم.
ولا أعلم من السنة نصاً يشير إلى أن العاص بن الربيع تزوج ابنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غير أن يقدم بين يدي نكاحه شيئاً من المهر. ولا يصح أن يقع مثل هذا حيث أن تقديم المهر من الرجل للمرأة من شيم العرب، ثم لو صح من السنة أن العاص بن الربيع لم يقدم مهراً فليس بحجة لأن هذا قبل التشريع، ولو اعتبرنا عمله حجة لقلنا -أيضاً- بجواز نكاح المشرك لأن العاص بن الربيع حين نكاحه لزينب كان مشركاً، وعلى اعتبار التسليم بما ذكروه على ظاهره فإنه منسوخ بما تأخر من وجوب المهر لما بيناه من أدلة، والله -تعالى- أعلم.(11/145)
استحقاق المريضة لمؤخر الصداق
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر)
التاريخ 30/1/1425هـ
السؤال
السؤال: امرأة متزوجة تبين بعد مرور 7 أشهر من الزواج أن عندها قصوراً كلويًّا، ووضعها الصحي حاليًّا لا يسمح بالإنجاب، بعد استقرار وضعها الصحي قد يكون الإنجاب ممكناً، والاحتمال الآخر هو أن يزداد المرض مما يتطلب زرع كلية، وبعد سنة من الزرع يكون الإنجاب ممكناً، لكن زوجها لا يريد الاستمرار في هذا الزواج، مع العلم أنه لم تمض سنة عليه بسبب حالتها الصحية وبسبب عدم الإنجاب حالياً، مع العلم أنها تقوم بكل واجباتها المنزلية، فالمرض لا يمنعها من العمل. السؤال: هل تستحق المتأخر كاملاً؟ وهل تستحق ما يسمى بغير المقبوض؟ ولكم الشكر.
الجواب
ظاهر سؤالك أن المرض الذي أصيبت به هذه المرأة يمكن شفاؤه، وعليه فإذا ثبت طبيًّا أنه من الأمراض الممكن علاجها وتستطيع المرأة إنجاب الأولاد بعد العلاج؛ فإن هذا المرض لا يعد عيباً يوجب فسخ النكاح أصلاً، والزوج بالخيار إذا أراد طلاقها فيجب عليه أن يوفي المرأة مهرها كاملاً بأن يسلم لها المؤخر، أما لو ثبت طبيًّا أن هذا المرض يمنع المرأة من الإنجاب فإنه حينئذ لا يخلو الحال من أن يكون هذا المرض موجوداً قبل عقد الزواج أو بعده. فإن كان هذا العيب موجوداً قبل العقد وعلمت الزوجة أو وليها به وكتماه عن الزوج أو كتمه أحدهما فإن الزوج يثبت له خيار فسخ النكاح، ويرجع على من غره بالمهر الذي سلمه للزوجة وسقط المؤخر الذي لم يسلمه، فإن كانت المرأة هي التي أخفت هذا العيب فيرجع عليها به، وإن كانت لا تعلم وكان وليها عالماً بالعيب وكتمه رجع عليه به، وإن لم يكن قد سلمه لها سقط مهرها، أما إذا كانت الزوجة والولي لا يعلمان بهذا العيب فلا يرجع الزوج بشيء مما أصدقها به على أي واحد منهما؛ لأن المهر استقر بالدخول وليس ثم مغرر يرجع إليه في المهر، وكذا لو حدث العيب وطرأ هذا المرض بعد عقد الزواج والدخول، فلا يرجع الزوج بشيء، لأن المهر يجب بالعقد ويستقر بالخلوة فلا يسقط بحادث بعده بدليل أنه لا يسقط بردتها، وفيه مسمى صحيح، فوجب المهر كغير المعيبة والمعتقة تحت عبد، فإذا أراد الزوج طلاقها في هذه الحالة؛ فيجب عليه أن يسلم للزوجة جميع مهرها المسمى المتأخر ولا يأخذ منها شيئاً من المقدم. والله تعالى أعلم.(11/146)
هل له استرجاع المهر من زوجته التي رضع معها؟
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر)
التاريخ 25/06/1425هـ
السؤال
تزوج رجل بامرأة ودخل عليها، ثم اكتشف بعد ذلك أنها رضعت معه، هل المهر من حقها أم يحق للرجل استرجاعه؟.
الجواب
الحمد لله وحده. وبعد:
إذا ثبتت الرضاعة ثبوتاً شرعياً، وتحقق الدخول عليها فلا يحق له استرجاع المهر منها إلا في حالتين:
الأولى: إذا ثبت أن الزوجة عالمة بذلك، إلا أنها سكتت حتى يدخل عليها، فإنه يحق له مطالبتها باسترجاع المهر؛ لأنها غرته بسكوتها.
الثانية: أن يوجد من يعلم بذلك ويسكت حتى ينقضي الزواج من غير عذر مقبول شرعاً، فله الرجوع عليه، وخصوصاً إذا كان ممن أثبت أو أخبر بالرضاعة، وتسبب في إفساد العقد؛ لأنه لم يقم بالواجب عليه في إنكار المنكر. والله أعلم.(11/147)
رضيت بمهر يسير ثم طالبته بمهر المثل
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر)
التاريخ 25/5/1425هـ
السؤال
تزوج مسلم من نصرانية، وكان مهرها يسيراً جدًّا، الآن تطالبه في المحكمة الشرعية بمهر المثل. فهل تستحق ذلك؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
المهر على ما يتفق عليه الزوجان، فإن اتفقا على قليل أو كثير فهما على ما اتفقا عليه، ولا يجوز للمرأة أن تطالبه بزيادة على المتفق عليه، اللهم إلا أن يؤديها زوجها عن طيب نفس منه؛ لحديث عوف المزني، أن النبي صلى الله عليه وسلم, قال: "المُسْلِمونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إلَّا شَرْطاً حرَّم حَلالاً، أوْ أَحَلَّ حَرَامًا". رواه الترمذي (1352) ، والحاكم (4/113) وغيرهما.(11/148)
هل للمهر حد في الشرع
المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر)
التاريخ 17/06/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أحاول أن أعيد الناس للسنة النبوية في المهر، فكم أخصص تقريباً؟ وكيف المقدَّم والمؤخَّر؟ وهل يجوز أن يكون المقدَّم غير مقبوض بموافقة الطرفين ووليهما؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فليس في الشرع حد لأكثر المهر ولا لأقله، فإن الله -تعالى- قال: "وآتيتم إحداهن قنطارا" [النساء: 20] ، وقال: "فآتوهن أجورهن فريضة" [النساء: 24] ، وقال: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة" [النساء: 4] ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال للذي رغب في الزواج من التي وهبت نفسها للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "التمس ولو خاتماً من حديد"، ثم زوجه - صلى الله عليه وسلم- بما معه من القرآن، رواه البخاري (5135) ، ومسلم (1425) عن سهل بن سعد -رضي الله عنه-، وإن كان في بعض المذاهب حد لأقل ما يجزئ في الصداق، وهو اجتهاد ليس بنص يرجع إليه أو يوقف عنده.
والذي يحكم مهور الناس الأعراف، ما لم يخالف هذا العرف نصوص الشرع وقواعده، أو يؤدي إلى مفاسد، بحيث يلزم من العمل بهذا العرف مثلا تعطُّل النكاح، أو تأخر سن الزواج بسبب عدم القدرة على الوفاء بمتطلبات المهر.
وقد ورد في الشرع الحث على تيسير أمر النكاح وتسهيله وعدم المغالاة في المهور، فعن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة" رواه أحمد (44595) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، وما أصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- امرأة من نسائه ولا أُصدِقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية كما جاء عن عمر -رضي الله عنه- فيما رواه الترمذي (1114) ، والنسائي (3349) ، وأبوداود (2106) ، وابن ماجة (1887) .
وأما المهر فيجوز تعجيله كله، وتأجيله كله، وتعجيل بعضه، وتأجيل الباقي، ولا حرج في ذلك إن شاء الله.(11/149)
الديون وتغير قيمة العملة
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر)
التاريخ 03/05/1425هـ
السؤال
امرأة كان مهرها عشرة ريالات سعودية قبل أربعين سنة! فأردت أن أعطيها الآن، فماذا أدفع الآن؟ علماً بأن قيمة العملة قد تغيرت.
الجواب
مسألة تغيّر قيمة النقود الورقية اختلف فيها الفقهاء، فجمهورهم على أنه لا يجب على من ترتب في ذمته شيء منها إلا مثلها من غير زيادة أو نقصان، وذهب آخرون إلى أن على من تعلق في ذمته شيء منها أن يدفع القيمة لا المثل، وتوسّط بعضهم فرأى أن الأصل هو الوفاء بالمثل، إلا إذا تغيرت قيمة النقود تغيراً فاحشاً، فليلجأ حينئذ إلى القيمة؛ لأن المال حينئذ يصبح في حكم الكاسد.
وقد اعتمد الرأي الأول مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الخامس بالكويت، حيث قرر أن العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل، وليس بالقيمة؛ لأن الديون تقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة، أياً كان مصدرها بمستوى الأسعار.
وبناءً على رأي الجمهور فلا يلزم الزوج أن يدفع لهذه المرأة إلا عشرة ريالات سعودية فقط، لكن إن أحب أن يزيدها إحساناً منه دون إلزام فليس في ذلك حرج، ولو فرض أنه حصل نزاع في هذه القضية بين الزوجين، فإنها ترفع إلى المحكمة والقاضي يحكم فيها بما يؤديه إليه اجتهاده، ويكون حكمه ملزماً. والله أعلم.(11/150)
هل يحق له أن يأخذ شيئًا من صداقها؟!
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر)
التاريخ 24/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة متزوجة، وقد حصل لي مع زوجي خلافات كثيرة الله بها عليم، ولم أرزق منه بأطفال، وأخيراً -برغبة مني- اتفقت أنا وإياه على الطلاق، فهل يحق له أن يأخذ شيئاً من المهر الذي أعطاني إياه رغم أنه حصل دخول؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أخذ الزوج لشيء من المهر بعد استقراره بالدخول أو الخلوة، أو غير ذلك مما ذكره أهل العلم - رحمهم الله- لا يخلو من أمرين:
الأمر الأول: أن يكون سبب الفراق من الزوجة، إما عيبها، وإما رغبتها في الفراق لسبب من غير رغبة من الزوج، فهذا الزوج له أن يأخذ من المهر.
الأمر الثاني: ألا يكون هناك سبب من الزوجة وإنما هو من الزوج، ويرغب في الفراق فإنه لا يجوز له أن يعضل المرأة لتفدي نفسها لقول الله - عز وجل-: "ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة" [النساء من الآية: 19] . والله أعلم.(11/151)
رضيتْ بمهرٍ أقل مما طلب وليها
المجيب سليمان بن إبراهيم الأصقه
رئيس المحكمة العامة بمحافظة بلقرن
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الصداق (المهر)
التاريخ 29/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
إذا طلب ولي أمر المرأة مبلغاً معيناً كمهر، ووافقت المرأة على مبلغ أقل، فمن يكون له الحق في تقرير مبلغ المهر، المرأة أم الولي؟.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
إذا طلب ولي المرأة قدراً معيناً من المهر بناء على نظر مصلحي لموليته، فإن له ذلك، وهو الذي سيقابل الخطاب ويتفاهم معهم، فإذا وافقت موليته على بعض هذا المبلغ فهو حقها وتنازلت عن بعضه، ويكون هذا الذي تنازلت عنه للولي، قال تعالى: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً" [النساء:4] ، وأما إذا أصر الولي على مبلغ معين والمرأة على مبلغ أقل، والخاطب سيترك هذه الخطبة إذا كان المبلغ هو الأكثر، وهو مع ذلك كفء في دينه وخلقه، فلا يجوز للولي أن يرده لهذا السبب، بل يجب عليه قبوله؛ لأنه إنما ينظر في مصلحة موليته، وهي قد رضيت بالمهر الأقل، وهو حقها، والرجل كفء، فلا يجوز رده لأجل زيادة المهر الذي لا تريده المرأة، قال تعالى: "فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر" [البقرة:232] . هذا والله أعلم.(11/152)
الزواج مع اشتراط عدم المبيت والنفقة
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح
التاريخ 9/3/1422
السؤال
أنا أريد الزواج من امرأة، لكن سأشترط عليها توفير المنزل وعدم المبيت معها يومياً؛ لأنني سأتزوج بدون علم الأهل وذلك لأنني أخشى العنت، وزواجي سيتأخر بضع سنين.. هل العقد صحيح.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد، فما ذكرته من الشروط على من تريد تزوجها جائز متى ما تم العقد بشروطه التي هي: تعيين الزوجة، والرضا، والولي إذ لا نكاح إلا بولي مع شاهدي عدل. هذا ولا يُشترط علم الأهل لكن يستحسن إعلام ولو بعضهم لئلا يتهموك بالسوء. هذا ولا ينبغي أن يكون هذا الزواج بنية الطلاق بل ينبغي أن يكون زواج رغبة ثم إذا أردت الزواج الثاني وجب عليك إبلاغ من تريد تزوجها عن الزوجة الأولى إن كانت في عصمتك والله أعلم.
نصيحة: اتضح من سؤالك أنك لجأت إلى ما ذكرت من أجل عدم القدرة على تكاليف الزواج، وإني أنصحك مع ذلك - لا سيما وأنت شاب أعزب - بالصبر والاستعفاف عملاً بقوله تعالى: " وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله " ولقوله - صلى الله عليه وسلم - " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " أخرجه البخاري (5066) ، ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود والله أعلم - وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعيين -.(11/153)
الزواج من الكتابية بدون إذن وليّها
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح
التاريخ 5/7/1422
السؤال
هل يجوز الزواج من امرأة نصرانية بدون وليها؟ وهل يجوز أن توكل المركز الإسلامي في ذلك؟
الجواب
لا يجوز نكاح الكتابية من غير إذن وليها؛ لأن الكافر له ولاية على الكافرة، ولا تسقط ولايته عليها إلا إذا أسلمت، فحينئذٍ لا ولاية له عليها، وتنتقل الولاية إلى المسلم من أوليائها، فإن لم يكن لها ولي مسلم تولى أمرها المركز الإسلامي؛ لأنه في حكم السلطان، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((السلطان ولي من لاولي له)) أخرجه الخمسة إلا النسائي، والله أعلم.(11/154)
اشتراط المرأة عدم الزواج عليها
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح
التاريخ 9/1/1424هـ
السؤال
أبي يريد أن يكتب في وثيقة الزواج شرطاً وهو أن أكون الزوجة الأولى والأخيرة، هل هذا جائز شرعاً؟
الجواب
الحمد لله وحده وبعد: يجوز للمرأة في أصح قولي العلماء أن تشترط في عقد النكاح أن لا يُتزوج عليها، وهو شرط صحيح لازم، فإن وفّى به الزوج وإلا فلها الفسخ، لحديث
عقبة بن عامر - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" رواه البخاري (2572) ومسلم (1418) وانظر: مختصر الخرقي /94 المحرر 2/23 مجموع فتاوى بن تيمية 32/169 أعلام الموقعين 1/316 الفروع 5/162 الإنصاف 8/155 المبدع 7/81 دليل الطالب 1/231 كشاف القناع 5/91 والله تعالى أعلم - وصلى الله علي وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.(11/155)
الزواج بامرأة رضيت بإسقاط حق النفقة والسكن
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح
التاريخ 18/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا طالب، وأخشى على نفسي من الوقوع في الزنا، وقد رفض والداي زواجي؛ لأني غير قادر على توفير النفقة والسكن، فهل يجوز لي الزواج من امرأة تتنازل عن حق النفقة والسكن، بدون علم الأهل لرفضهم ذلك؟ وهل يجوز استخدام موانع الحمل خوفًا من المشاكل عند علم الأهل بالزواج وعدم القدرة على التواجد الكافي لتربية الأبناء، من باب أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح؟ والسلام عليكم ورحمة الله.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أما ما يتعلق بإسقاط النفقة والسكن من قبل المرأة فإن هذا جائز ولا بأس به؛ لقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) [المائدة: 1] . والأمر بإيفاء العقد يتضمن الإيفاء بأصله ووصفه، ومن وصفه الشرط فيه، ولحديث: "المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِم". أخرجه أبو داود (3594) ، ويشترط ألا يكون هذا النكاح بنية الطلاق، فإن النكاح بنية الطلاق فيما يظهر لي أنه محرم ولا يجوز؛ لما فيه من الغش والتدليس.
أما ما يتعلق باستخدام الموانع التي تمنع من الحمل فهذا ينقسم إلى قسمين: إن كانت هذه الموانع لمنع النكاح بالكلية فإن هذا لا يجوز، فإن من أعظم مقاصد النكاح تحصيل الولد.
أما إن كان هذا لفترة ثم بعد ذلك تزول، كتنظيم النسل ونحو ذلك، فإن هذا جائز؛ لحديث جابر، رضي الله عنه، قال: كنَّا نَعْزِلُ والقرآنُ ينزِلُ. أخرجه البخاري (5209) ومسلم (1440) . فالصحابة، رضي الله عنهم، كانوا يعزلون والقرآن ينزل، وقال: لو كان شيئًا يُنهى عنه لنهانا عنه القرآن. يعني: العزل. أخرجه مسلم (1440) . فدل ذلك على أن اجتناب الحمل لفترة مؤقتة جائز ولا بأس به.
وأيضًا كما ذكرنا أن هذا النكاح يشترط له شرطان:
الشرط الأول: ألا يكون بنية الطلاق.
الشرط الثاني: ألا يكون سرًّا، بحيث يتواصون على كتمانه، فإنه لا بد من إعلان النكاح، فإعلان النكاح هذا أمر واجب.(11/156)
ولي خطيبتي الجديد يشترط زواج أختي من ابنه
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح
التاريخ 09/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
خطبت امرأة ثم توفي والدها، واشترط علي ولي أمرها الجديد، وهو عمها، أن أزوج أختي لابنه؛ لهذا أحجمت عن الزواج بهذه المرأة؛ لأنهم يريدون المبادلة بين المرأتين، وأنا لا أؤمن بمثل هذا العمل، لكن خطبت هذه المرأة قبل ثلاث سنوات، ولا أدري ماذا أفعل الآن؟ هل أترك هذه المرأة وهي لا ذنب لها؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالجواب: يجوز لك أن تتزوج هذه المرأة بثلاثة شروط:
الأول: أن يسمى في العقد لكل واحدة منهما مهر مثلها، وتعطى إياه.
الثاني: رضا الزوجتين بذلك.
الثالث: أن يكون الزوجان كفئين في دينهما وخلقهما، هذا هو القول الأول في هذه المسألة.
والقول الثاني: عدم صحته، ولو سمي مهر لهما، وهو رواية عن الإمام أحمد - رحمه الله- اختارها العلامة الخرقي، والشيخ العلامة عبد العزيز ابن باز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح الشّغَار. أخرجه البخاري (5112) ومسلم (1415) . ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا شِغَارَ في الإسلامِ". أخرجه مسلم (1415) . وقد احتج بذلك معاوية, رضي الله عنه، لما أمر بفسخ النكاح مع تسمية المهر.
أما قوله في الحديث السابق: والشغارُ: أنْ يُزَوِّجَ الرَّجلَ ابنتَه، على أنْ يُزَوِّجَه الآخرُ ابنتَه، ولَيْسَ بينَهما صَدَاقٌ. وهو ما احتج به الجمهور على صحته بهذا الشرط، وهو القول الثالث، فأجابوا عنه بأنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من كلام نافع مولى ابن عمر، رضي الله عنهما، وبهذا تكون الأقوال ثلاثة، أقربها إلى الصواب القولُ الأول، وهو القول بالتفصيل، لكن القول الثاني قوي جدًّا، وفيه سد للباب في هذا الزمان، ودرء للمفسدة؛ لأن الأمانة قد ضعفت، فقد يزوج الرجل ابنته وإن كرهت، وهذا أولاً.
ثانيًا: أن علة التحريم عند الجمهور هي خلوه من المهر وعلى القول الثاني الاشتراط.
ثالثًا: يجوز لك أن تترك الزواج من هذه المرأة، ولا إثم عليك. وبالله التوفيق.(11/157)
اشتراط أحد الزوجين عدم التوارث
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح
التاريخ 16/1/1424هـ
السؤال
ما حكم هذا الشرط في النكاح إذا اشترط أحد الزوجين عدم التوارث بينهما ورضي الآخر؟ وما حكم العقد؟
الجواب
إذا اشترط أحد الزوجين عدم التوارث فإن العقد صحيح والشرط باطل، لأن الإرث حق أثبته الله تعالى للزوجين، ولا يملك أحد إسقاطه، والله أعلم.(11/158)
هل اشتراط المرأة إكمال دراستها يدخل فيه عملها؟
المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح
التاريخ 19/11/1424هـ
السؤال
تزوجت امرأة واشترط علي وليها أن أسمح لها بإكمال دراستها، وقمت بتنفيذ الشرط، وقد تيسرت لها وظيفة تدريسية في إحدى المدارس، وقد حصل خلاف بيني وبينها بخصوص العمل، حيث تزعم أن الشرط بإكمال دراستها يلزم منه السماح لها بالعمل.
فهل شرط الدراسة ينسحب على العمل أم لا؟ وهل يصح لي أن أشترط عليها جزءاً من راتبها مقابل خروجها من بيت الزوجية؟
الجواب
الحمد لله تعالى وحده وبعد، فإن الشروط قد أمر الله تعالى بإنفاذها، إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً، وذلك لما جاءت به السنة المطهرة: "المسلمون على شروطهم"، وكذلك: "إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً"، وفي حديث بريرة - رضي الله عنها - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل شرط ليس من كتاب الله فهو باطل، ولو كان مائة شرط" رواه مسلم، وما ذكر من شرط الدراسة فهذا أمر واضح، أمّا بالنسبة لمواصلة العمل أو العمل فإن هذا لا يلزم، لأنه لم يكن شرطا سابقا عند العقد، وحيث لا يوجد فلا يلزم، لأن مقاطع الحقوق عند الشروط، كما قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وما ذكرته من اشتراط مبلغ من راتبها مقابل خروجها من بيت الزوجية لأجل العمل فلا مانع من ذلك، لكن أرى ترك ذلك، ما دامت قد سمحت لها بالعمل، وهي إن شاء الله تعالى سوف تعينك على كثير من الأمور المالية في منزلك إذا صلح حالكما، والله هو الموفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.(11/159)
لم يَفِ بالشرط، فهل ينفسخ عقد النكاح؟
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح
التاريخ 13/2/1425هـ
السؤال
اشترط والدي على زوجي أن يكون لي حرية العمل والدراسة، وكتب ذلك في وثيقة الزواج، والآن زوجي رفض أن أدرس اللغة في البلد التي أقيم بها، بحجة طفلي الصغير وأنه لا يريد إدخاله الحضانة، مع العلم أني قلت له: إنني سأدرس في مدرسة بها حضانة وسأتفقد طفلي بين الدروس، وإن لم يعجبني وضع الحضانة أو تأثرت نفسية الطفل فسأترك، رفض زوجي رفضا قاطعا حتى أن أفتح الموضوع معه، فتركت المنزل بناء على كلام والدي أن عقد زواجي به قد فسخ، فهو لم يعد زوجي حتى نجدد العقد، أفتوني أرشدكم الله، هل ما قمت به يعد مخالفة شرعية؟ وهل كلام والدي صحيح؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا شرط أحد الزوجين على الآخر شرطاً في صلب عقد النكاح فإن عليه الوفاء به، ما دام شرطاً صحيحاً، كالشرط المذكور في السؤال، عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" صحيح البخاري (5151) ، صحيح مسلم (1418) .
فإن لم يف أحد الزوجين بما التزم كان لمن فات غرضه أن يفسخ النكاح، فيتقدم للقاضي الشرعي الذي يتولى فسخ عقد النكاح، والحكم بذلك.
وعليه فإن ما أخبرك به والدك من أن زوجك قد انفسخ العقد بينك وبينه خطأ، وإنما يمكنك أن تطلبي الفسخ منه، ولا يحصل إلا بحكم حاكم.
وما قمت به من ترك المنزل أرى أن الأولى منه محاولة إقناع زوجك أو الوصول لحل مرضي لكما، فإن أمكن وإلا فتقدمي للحاكم الذي ينظر في موضوعكما، ويمكن فسخ النكاح عند تحقق مقتضاه. والله الموفق.(11/160)
اشترط عليه وليها ألا يدخل بها حتى تكمل أوراقها
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح
التاريخ 15/10/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله.
أرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة عن السؤال التالي:
قبل العقد اشترط ولي أمر الزوجة أن لا يتم الدخول حتى تنتهي أوراق سفر الزوجة للبلد الأجنبي الذي يقيم فيه الزوج، حيث إنه تزوج من امرأة من غير بلده الذي يقيم به، (بحيث قال بالحرف الواحد لا أريد أن يتم الدخول حتى تأتي تأشيرة الفيزا، وقال الزوج موافق، وبعده بأيام تم العقد ولم يذكر هذا الشرط في العقد، إنما فقط قاله قبل العقد شفوياً) ، هل هذا الشرط صحيح في كتاب الله؟ وهل يجب الإيفاء به؟ وماذا على الزوج لو أخلّ بالشرط ودخل بزوجته؟ هل يشترط أن يكون الاشتراط مذكوراً حال كتابة العقد؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فهذا الشرط صحيح، ويلزم الزوج الوفاء به، لحديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" رواه البخاري (2572) ، ومسلم (1418) ، فإن لم يف به الزوج فللمرأة الفسخ إن رغبت بذلك، فقد قضى عمر - رضي الله عنه- على رجل بلزوم الشرط فقال الرجل: إذا يطلقننا، فقال عمر - رضي الله عنه-: "مقاطع الحقوق عند الشروط"، رواه ابن أبي شيبة (3/499) ، وسعيد بن منصور (1/211) ، والبيهقي (7/249) ، ولا يشترط ذكر الشرط عند إجراء العقد إن كانوا قد اتفقوا عليه قبل العقد كما نص عليه العلماء، انظر: الروض المربع (524) ، والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/161)
الكفاءة في النكاح
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح
التاريخ 04/08/1425هـ
السؤال
ما أسس الكفاءة بين الزوج والزوجة؟ وهل ضروري أن تكون هناك كفاءة في مستوي التعليم؟ وهل يمكن أن أرتبط بزوج لا يصلي؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أسس الكفاءة بين الزوجين هي الدين والخلق، كما قال الله عز وجل: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات:13] . وكما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ". أخرجه البخاري (5090) ومسلم (1466) . وفي حديث أبي هريرة، رضي الله عنهن أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَه ودِينَهُ فَزَوِّجُوهُ". أخرجه ابن ماجه (1967) والترمذي (1084) . هذه الكفاءة، أما ما عدا ذلك من أمر الصناعة أو النسب، أو الحرية، أو الغنى، فهذا كله لا اعتبار له بميزان الله سبحانه وتعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا إذا تزوج الرجل امرأة، وكان أحدهما لا يصلي فإن النكاح لا يصح؛ لأن الذي لا يصلي خارج من الإسلام مرتد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَ الرَّجُلِ وبينَ الشِّرْكِ والكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ". اخرجه مسلم (82) . ولحديث بريدة: "العَهْدُ الذي بينَنَا وبَيْنَهم الصَّلاةُ، فمَن ترَكَها فقَدْ كفَر". أخرجه ابن ماجه (1079) والترمذي (2621) والنسائي (463) . وكذلك الأمر الثاني: إذا تزوج الرجل امرأة زانية، أو كان هو زانيًا لم يتب من الفواحش، من الزنى واللواط، فإن هذا العقد لا يصح؛ لقول الله عز وجل: (الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) [النور:3] .
الأمر الثالث: إذا تزوج المرأةَ رجلٌ خفيف الدين، وخفة هذا الدين تضرها، كما لو كان يتعاطى الخمر أو المسكرات والمفتِّرات، فالعقد صحيح إذا كان عفيفًا مصليًا، لكن إذا كانت تتضرر فلها الفسخ. والله أعلم.(11/162)
شرطت عليه ألا يتزوج عليها
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح
التاريخ 26/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي لفضيلتكم: لقد اشترطت على زوجي قبل كتابة العقد بألا يتزوج ثانية، وقد وافق على الشرط، ولكن يوم كتابة العقد أرسل ورقة العقد مع أبي إلي لأكتب الشرط، فأصابني خجل شديد من أبي، وخفت عليه من الحرج من هذا الشرط أمام أهله وأمام الناس، وارتبكت كثيرًا فلم أكتب الشرط، فهل يحق لي طلب فسخ العقد إن تزوج من ثانية؟ مع العلم أنه لا يزال يذكر أني شرطت عليه هذا الشرط ويعلم سبب عدم كتابته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب: أن المرأة إذا اشترطت على الزوج في العقد ألا يتزوج عليها صح الشرط في قول جمع من أهل العلم، وهو المشهور من مذهب الحنابلة، فإن خالف الشرط فتزوج عليها فلها الفسخ لحديث: "أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ". أخرجه البخاري (2721) ومسلم (1418) . ولأن هذا الشرط لا ينافي العقد ولها فيه منفعة، فقد جاء في (الروض المربع) للبهوتي (ص524) في باب الشروط في النكاح ما نصه: (إذا شرطت المرأة طلاق ضرتها أو ألا يتسرى، أو ألا يتزوج عليها ... صح الشرط، وكان لازمًا، فليس للزوج فكه بدون إبانتها، ويُسن وفاؤه به، فإن خالفه فلها الفسخ على التراخي؛ لقول عمر، رضي الله عنه- للذي قضى عليه بلزوم الشرط حين قال: إذًا يطلقننا-: مقاطع الحقوق عند الشروط) انتهى. هذا وما ذكرت السائلة من عدم كتابة هذا الشرط، نقول: إذا ثبت هذا الشرط على الزوج ببينة أو إقرار منه لزم ولو لم يكتب؛ إذ الكتابة ليست شرطًا لثبوته أو لزومه. والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.(11/163)
تزوجت من غير توثيق في المحكمة
المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح
التاريخ 30/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أما بعد:
امرأة مات زوجها وصارت تقبض منحة من الدولة، ثم تزوجت بدون أن يعقد عليها الزوج الثاني بقصد استمرار المنحة، هل زواجها من الثاني حلال بدون توثيقه لدى المصالح الرسمية؟ وهل الأموال التي تحصل عليها حلال؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فسؤالك يتضمن أمرين:
الأول منهما: صحة عقد الزواج الثاني بدون توثيق رسمي.
والأمر الثاني: كون ما تحصل عليه منحة من الدولة حلالاً.
أما الأمر الأول، فالجواب عنه: بأن الزواج صحيح إذا توافرت أركانه وشروطه، وليس من شروطه التوثيق الرسمي، ولكن التوثيق الرسمي ينبغي الالتزام به من جهتين:
طاعة ولي الأمر الذي ألزم به المواطنين، وهو سياسة يتخذها ولي الأمر من أجل القيام بشؤون رعيته، والله قد أوجب طاعته بالمعروف، وهذا الأمر منه.
حفظ حقوق الرعية، والزوجين على وجه الخصوص، ومما يحفظ لكلا الزوجين بسبب هذا التقييد حق الميراث، والنسب للأولاد، والولاية على الزوجة وعلى أولادها، ونحو ذلك. لذا فإن عدم التوثيق حرام من جهة المخالفة؛ لما قرره ولي أمر المسلمين، ومن جهة ما يترتب عليه من ضياع الحقوق.
أما الأمر الثاني: وهو كون ما تحصلت عليه من منح من الدولة حلالاً، فالمرجع فيه إلى ما سنه ولي الأمر من شروط وضوابط فيمن يتقاضى أموالاً من الدولة على أي سبيل كان، من نحو كون المرأة لم تتزوج أو يتوفاها الله، ومن نحو كون الأولاد لم يتوظفوا حتى تصرف العوائد لهم ... الخ، فالواجب عليك السؤال عن هذه الأمور المرعية والعمل بها، والحرص على إطابة المطعم؛ فإنه من أسباب إجابة الدعاء، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به، ولتعلم أن أخذك مالاً من غير مراعاة هذه الضوابط يعد تعدياً على حق غيرك ممن يستحقه، وقد منع منه بسببكِ، والله تعالى يقول: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم" [النساء:29] . والله أعلم(11/164)
هل له أن يخالف شرط العقد؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح
التاريخ 19/10/1425هـ
السؤال
أعمل طبيبًا، وزوجتي معلمة بالمدينة نفسها، حصلت على بعثة لإكمال دراساتي العليا بمدينة أخرى، ولكن لم يتيسر نقل زوجتي رغم طَرقي كل باب مشروع في سبيل ذلك، فهل يحق لي إجبارها على ترك عملها؟ رغم أن عقد النكاح فيه شرط بعدم فعل ذلك، ولكني أخاف على نفسي الفتنة، وأيضًا لا أستطيع العيش بعيدًا عن أولادي. وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فالجواب: أنه لا يحق لك إجبار زوجتك على ترك عملها؛ لاسيما وقد اشتُرط عليك بعقد النكاح عدم فعل ذلك، لكن لو رضيت بذلك فلا مانع من ذلك، وعليك أن تطلب رضاها لتترك العمل نظرًا لظروفك القاهرة التي ذكرتها، ولو بإعطائها جزءًا من راتبك تتفق معها عليه إن لم ترض بدون مقابل. نسأل الله سبحانه- أن ييسر أمركما ويحقق منيتكما، إنه قريب مجيب، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.(11/165)
هل من العضل الامتناع من تزويج البنات من غير القبيلة؟
المجيب سالم بن ناصر الراكان
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح
التاريخ 21/10/1426هـ
السؤال
ما حكم تزويج الآباء لبناتهم من نفس القبيلة، ورفضهم دون أي سبب لأي شاب من خارج القبيلة؟ علماً أنه قد تقدم لي أكثر من شخص من خارج القبيلة.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فلا يجوز للآباء -وغيرهم من الأولياء- عضل بناتهم ومولياتهم ورد الخطاب الأكفاء لأعراف قبلية مناهضة للشرع؛ لأن البنت أمانة عند وليها، وهو مسؤول عنها عند الله -عز وجل- فعليه تقوى الله -سبحانه- واتباع السنة في تزويج الخاطب الكفء، سواء كان من نفس القبلية أو من خارجها، كما يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض". أخرجه الترمذي (1084) ، وابن ماجه (1967) ، والحاكم (2742) . والعلم عند الله تعالى.(11/166)
تزوجها فاكتشف أنها تصرع
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح
التاريخ 27/6/1424هـ
السؤال
رجل خطب امرأة وتزوجها، واكتشف بعد الزواج أنها مصابة بمرض الصرع الذي يوجب عليه أن يكون ملازماً لها، أو أي أحد آخر خشية حصول أزمة لها، وهي الآن حامل, فماذا يمكنه أن يفعل؟ علما أن الوالد والوالدة يعلمان إصابتها من قبل بهذا المرض، وأخفيا ذلك، وإن كان سيطلقها، هل عليه أن يدفع لها المهر؟ على الرغم من أنهم أخفوا عنه أمراً كبيراً. وشكراً.
الجواب
يتعين على كل من الرجل والمرأة أن يكون على علم بأحوال الآخر، وما به من علة أو مرض، وما يعتريه مما يخل بالحياة الزوجية، وإذا أخفى أحد الزوجين على الآخر ما به من أذى أو ما يعتريه من أحوال تؤثر على مسيرة الحياة الزوجية فإذاً هذا يعد شرعاً من باب التدليس والغش، وإذا علم أحدهما بما لدى الآخر من أمراض، أو صفات تؤثر على الحياة الزوجية فله فسخ النكاح، ومتى تم الفسخ قبل أن يتم الاتصال بينهما فلا حق للمرأة على زوجها إذا كان العيب فيها، وإن كان العيب فيه فلها نصف الصداق، أما في مثل حالتك هذه فلها المهر كاملاً، ولك حق الرجوع في المهر على من غرك وخادعك، سواء جاءت الخدعة من المرأة، أو أهلها، غير أن الحمل الموجود الآن يثبت نسبه منك، وينسب إليك ابناً كان أو بنتاً، ويجب أن تعلم إن كنت قد علمت بالعيب ورضيت به فلا يحل لك الفسخ، ولا استرداد ما دفعت إليها، ونرجو السلامة والعافية.(11/167)
هل العلة في شريان القلب من عيوب النكاح؟
المجيب د. محمد العروسي عبد القادر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح
التاريخ 20/3/1423
السؤال
أنا شاب مقبل على الزواج، ووجدت -والحمد لله- ذات الدين التي أسأل الله أن أظفر بها، ولكني عندي مشكلة حساسة قليلاً وهي أن بي علة في شريان القلب، ولكن الأطباء -والحمد لله- أخبروني بإمكانية الزواج دون مشاكل، ولكني لم أطلع هذه الفتاة على هذا الأمر إلى الآن، وأخشى إن أطلعتها عليه أن تتراجع، فماذا أفعل في هذا الموقف بما يجعلني لا أكون مخالفاً لشرع الله وشريعته؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فليس وجود علة في شريان القلب، من العيوب التي يجب بيانها وكشفها، ولا يجوز للمرأة دعوى الطلاق بعد اكتشافها؛ لأن وجود هذا العيب لا تتضرر منه المرأة، ولا يسبب عدوى، وليس هو من العيوب المجوزة للفسخ، فليعزم هذا السائل على بركة الله، والله الموفق.(11/168)
هل الإيدز من عيوب النكاح؟
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح
التاريخ 3/6/1423
السؤال
هل يمكن اعتبار مرض الإيدز من الموانع الشرعية التي تبيح فسخ العقد؟ وما الحكم فيما لو علم أحد الزوجين بهذا العيب ورضي به؟
الجواب
الحمد لله، لا ريب أن مرض الإيدز من أعظم العيوب التي يملك بها أحد الزوجين الفسخ، وإذا كان الفقهاء قد ذكروا جملة من العيوب التي يفسخ بها عقد النكاح فإن كثيراً منها دون مرض الإيدز في الخطورة، لا سيما وأنه من الأمراض المعدية -نسأل الله السلامة منه-.
وعمدة الفقهاء في باب العيوب ما ثبت عن عمر -رضي الله عنه- في الموطأ من التفريق بالبرص والجنون والجذام روي عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال:"أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملاً وذلك لزوجها غرم على وليها" (2/78) ، والإيدز شبيه بالجذام بل هو أقبح وأخطر منه، ولكن مما ينبغي معرفته أن العيب الذي يملك به أحد الزوجين الفسخ حين يوجد في الآخر هو ما كان موجوداً قبل العقد لا بعده، فإن وجد العيب بعده فلا يملك أحد الزوجين الفسخ، وإنما للزوج الطلاق وللمرأة الخلع، هذا أحد القولين، وفي المسألة قول آخر: أن العيب يثبت به الفسخ سواءً كان قبل العقد أو بعده، وهو المشهور عند الشافعية والحنابلة.
فعلى القول الأول إن كان هذا المرض قد نشأ بعد العقد لأي سبب من الأسباب فلا يثبت به الفسخ.
وننبه هنا إلى أن الفسخ في هذه الحال يرجع إلى القاضي، وكثير من أهل العلم يجعل الفسخ في هذه الحال متوقفاً على حكمه ولا يملك أحد الزوجين مستقلاً ذلك.
وأما لو علم أحد الزوجين بهذا العيب ورضي به فله ذلك لأن الحق له، ومع ذلك فيجب أن يدرك من رضي به خطورته وأنه معدٍ وحينئذٍ فقد يقال بأنه يلقي بنفسه إلى التهلكة.
والأمر الآخر أن هذا المرض إن كان ناشئاً عن علاقة محرمة فإن الرضا بمن فعل ذلك قبل أن يتوب ليس من سمات ذوي العفاف والإيمان، والله أعلم.(11/169)
لم يجد زوجته بكرًا
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح
التاريخ 10/11/1425هـ
السؤال
كيف يتصرف شخص ما دخل على زوجته ليلة الزفاف فوجدها ليست بكرًا؟ علمًا أنه عقد على أساس أنه متزوج ببكر، وعندما ناقش المرأة اعترفت بخطئها وذكرت أنها تابت.
الجواب
يحسن منه أن يستر عليها، ولا يفضحها، فلعلها مكرهة، أو أخطأت وتابت، ثم إن شاء أمسكها إن ظهر له استقامتها، وإن شاء طلقها وستر عليها، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة.(11/170)
هل هذه الأمراض من عيوب النكاح؟
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح
التاريخ 03/04/1426هـ
السؤال
هل المرض غير المعدي -مثل أمراض السكر، والضغط، وحساسية الصدر -يعد من العيوب التي ترد بها الزوجة؟ خاصة أن هذه الأمراض يمكن أن تنتظم حياة المريض بها بانتظام العلاج، وإذا كانت الإجابة بلا، فهل هذا يعني أنه يجوز أن تكتم المرأة مثل هذه الأمراض على خطيبها، باعتبار أنها من الأمراض العادية التي يمكن أن يصاب بها الإنسان في مرحلة من العمر، وكذلك لأن المرأة إن أطلعت خطيبها على مثل هذه الأمراض فقد يعدل عن الزواج بها؟ وكم هن العوانس بسبب النفور من الزواج بهن بسبب الإصابة بمثل هذه الأمراض. أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
من موجبات فسخ عقد النكاح وجود عيب في أحد الزوجين، وكذلك وجود مرض في أحد الزوجين، وقد ذكر أهل العلم ضابطاً للمرض وهو: أن يكون المرض منفراً من العشرة الزوجية، أو أن يكون المرض مانعاً من الوطء، وذكروا الأمراض التي تمنع الوطء، كما أنهم ذكروا أمراضاً تنفر كل واحد من الزوجين عن الآخر، وما ذكره السائل ليس من القسم الأول، ولا من القسم الثاني، فبالنسبة للضغط والسكر، فهي لا تؤثر لا على العشرة الزوجية، ولا على الوطء، ولا يسلم منها أحد من الناس في الغالب.(11/171)
تزوجها من غير أن يخبروه بمرضها
المجيب محمد بن سليمان المسعود
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح
التاريخ 25/04/1425هـ
السؤال
أنا مقيم في بلاد الغرب، أريد الزواج، فعرضت علي امرأة عن طريق زوج أختها، وهي مقيمة في بلدي الأصلي، فخطبتها منه بدون أن أراها، ولكن وصفها لي، وبعد وقت أتوا بها إلي وتزوجت بها، ولكن بعد فترة أكثر من سنة عرفت بأنها مريضة تعاني من مرض في الجهاز التناسلي، ولقد أجريت لها عملية في الماضي واستئصلت قناة المبيض، والآن محتاجة إلى عملية أخرى لاستئصال قناة المبيض الثاني، وهذا يعنى أنها لا تستطيع الإنجاب إلا عن طريق طفل الأنبوب.
شيخنا الفاضل: أثناء خطبتي لها لم يقل لي بأنها أجرت عملية، بل كان يقول أنها بحالة جيدة. كيف أتصرف؟ هل إذا طلقتها أكون آثماً؟ وهل هذا يعتبر غشاً؟ وإذا طلقتها هل يلزمني أن أرد عليها كل شيء؟ أفتونا مأجورين إن شاء الله، وما هي نصيحتكم لي وإلى أمثال زوج أختها؟
الجواب
الحمد لله -تعالى- وحده، وبعد:
ما ذكره السائل مما وقع من كتمان عيوب زوجته فأقول: كان الواجب أن يوضحوا ويبينوا حالتها؛ لأن ذلك مما أمر الله -تعالى- به سواء في حق الخاطب أو المخطوبة، فإن كان هناك عيوباً أوضحها الولي في موليته حتى لا يفاجأ الزوج بعد ذلك بهذه العيوب فينشأ الخلاف وتحصل الكراهية من الزوج لزوجته، لكن حين توضح هذه العيوب قبل الزواج فحينها سيقدم الزوج عن رغبة أو يحجم حتى لا يقع منه ظلم عليها، وعلى كل حال فإن عليك أيها الأخ السائل أن تصبر، وأرى عدم التعجل في طلاقها لأن الله -تعالى- يقول: "عَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً" [النساء: من الآية19] .
وأيضاً لعلها -إن شاء الله تعالى- أن ترزق منك بولد، ويجعله الله -تعالى- صالحاً وما ذلك على الله -تعالى- بعزيز، فإن الله -تعالى- على كل شيء قدير، ولعل أن يحصل لها من التطبيب المشروع ما يكون سبباً بإذن الله -تعالى- للحمل والإنجاب، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال: "ما أنزل الله داءاً إلا أنزل له الدواء علمه من عمله وجهله من جهله"البخاري (5678) ، وأحمد (3912) ، والفظ له، فاصبر واحتسب، وأما إذا كنت لا تريدها وطلقتها فما كان لها من حقوق شرعية فتعطيها إياها من نفقة العدة ونحو ذلك. وأسأل الله -عز وجل- أن يوفقنا جميعاً لما فيه رضاه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.(11/172)
مصابة بفيروس الكبد فهل له الفسخ؟
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح
التاريخ 21/07/1425هـ
السؤال
زوجة غير مدخول بها، اكتشف زوجها عند السفر أنها مصابة بمرض معدٍ. (فيروس الكبد C) ، وخشي الزوج من انتقال المرض إليه وإلى الذرية، كما أن هذا المرض مانع لسفر الزوجة للسعودية حيث يقيم الزوج، هل يحق للزوج فسخ العقد للغش والتدليس، علماً بأنه يوجد تقرير طبي شرعي يؤيد هذا الكلام؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ... أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى القول بثبوت حق التفريق بين الزوجين لوجود عيب في أحدهما، وهذا القول ذهب إليه بعض الصحابة - رضي الله عنهم- والتابعين، وهو المتفق مع مقصد الشارع الحكيم من شرع الزواج، كما أنه يترتب عليه دفع الكثير من المفاسد التي قد تنشأ بين الزوجين، ولا شك أن الأمراض المعدية من العيوب التي يفسخ بها النكاح؛ لأن عيوب النكاح هي كل عيب لا يمكن معه تحقيق مقاصد النكاح، أو ما يعبر عنه بأنه كل عيب يمنع الاستمتاع أو كمال الاستمتاع، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم فإن لم يكن دخل بالمرأة فلا شيء لها، وإن كان دخل استقر المهر ورجع على من غره، ويشترط لثبوت الحق في طلب الفسخ بالعيب عدم العلم بالعيب وقت العقد أو قبله، وكذلك عدم الرضى بالعيب بعد العلم به.
ثالثاً: أن يكون التفريق بين الزوجين بحكم القاضي؛ لأنه من جملة النزاعات التي تحتاج إلى اجتهاد القاضي بخلاف الطلاق، إذ لا يحتاج إلى ذلك. والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(11/173)
هل يلزمها إخبار خطيبها بهذا؟
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/العيوب في النكاح
التاريخ 16/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد أُجريت لي جراحة في الثدي (تجمعات ليفية) ، ولم أكن أعرف طبيبة، ومع ضغط أهلي قررت أن أجريها على يد طبيب؛ حيث إني لم أستطع أن أسأل أحداً على طبيبة نظراً لتكتم الأمر، لأني لم أتزوج بعد، والآن أنا مضطرة أن أتابع مع نفس الطبيب، فهل علي ذنب؟ هل إذا تقدم لي شخص لارتباط هل يجب علي إخباره؟ مع العلم أن رأى الطبيب أنها لا تؤثر علي في المستقبل في الزواج أو الإنجاب، ولا يجب علي إخباره، ولكن أثر الجروح ما زال موجوداً، فهل يجب علي إخباره؟ وقال الطبيب مع الزمن ممكن أن يكون -أثر الجروح- ضئيلة. وجزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أولاً: كان يجب البحث عن طبيبة لتجري لك العملية، فإن تعذر وجود الطبيبة جاز ما فعلتِ إن كانت العملية محتاجاً إليها.
ثانياً: ما دام أنه قد تمت العملية فينبغي البحث بقدر الإمكان عن طبيبة للمتابعة، فإن لم يمكن جاز عند الطبيب السابق.
ثالثاً: إذا كانت هذه العملية لا تؤثر على الإنجاب - بحسب قول الأطباء - والجروح في سبيلها للشفاء، ولم تحدث لديك عاهة أو مرضاً منفّراً فلا يلزم إخبار الخاطب عند التقدم للخطبة؛ لأن ذلك أمر معتاد حصوله. والله أعلم.(11/174)
حكم سماع الدف
المجيب عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ وسائل الإعلام والترفيه والألعاب والتصوير والتمثيل /الترفيه والألعاب
التاريخ 10/8/1422
السؤال
ما حكم سماع الدف؟
مع أنه يشكل عليّ سماع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصغيرات، وأيضاً استقبال المسلمين له - صلى الله عليه وسلم - بعد رجوعه من تبوك.
الجواب
الحمد لله، وبعد: فيا أيها المحب، لا إشكال فيما تذكر - بحمد الله تعالى - لأن العلماء يفرقون بين السماع والاستماع، فالاستماع في هذا المقام - وهو المنهي عنه - هو أن يصغي له إصغاء المتلذذ والمستطرب له فهذا إنما يجوز لمن أُذن له فيه كالنساء والصبيان في الأعراس أو عند قدوم الغائب ونحو ذلك مما جاءت الشريعة بالترخيص فيه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في "الاستقامة" (1/275) : "يرخص للنساء في الغناء والضرب بالدف في الأفراح، مثل قدوم الغائب، وأيام الأعياد، بل يؤمرون بذلك في العرسات ... " أ. هـ.
بينما السماع الذي يعرض للإنسان، بحيث يسمع أناساً أُذِنَ لهم في الغناء - كالنساء والصبيان، في العرس مثلاً - ثم يصل صوته للشخص الذي لم يؤذن له بالسماع - كالرجال - فإن الإنسان يؤمر بعدم الإصغاء والتلذذ بذلك، وأما مجرد وصول الصوت، فلا يؤمر الرجل بسدِّ أذنيه، أو مغادرة مكان حفل العرس - مثلاً - لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذِن لعائشة - رضي الله عنها - أن ترقى على ظهره لتستمع إلى غناء الحبشة، انظر ما رواه البخاري (454) ، ومسلم (892) ، ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسمع له، ولكن لم يكن يستمع له، ولهذا لم يقر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر على إنكاره على وصول هذا الصوت إلى بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل قال: "دعهما يا أبا بكر: إن لكل قوم عيداً، انظر ما رواه البخاري (3931) ، ومسلم (892) وهذا عيدنا ".
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية - كما في مجموع الفتاوى (11/565) : " وليس في حديث الجاريتين أن النبي - صلى الله عليه وسلم استمع إلى ذلك، والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع لا بمجرد السماع، كما في الرؤية، فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار، وكذلك في اشتمام الطيب، إنما ينهى المحرم عن قصد الشم، فأما إذا شم ما لم يقصده فإنه لا شيء عليه، وكذلك في مباشرة المحرمات كالحواس الخمس من السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس، إنما يتعلق الامر والنهي من ذلك بما للعبد فيه قصد وعمل، وأما ما يحصل بغير اختياره فلا أمر فيه ولا نهي، وهذا مما وجه به الحديث الذي في السنن عن ابن عمر أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمع صوت زمارة راع فعدل عن الطريق، وقال: هل تسمع؟ هل تسمع؟ حتى انقطع الصوت انظر ما رواه أبو داود (4924) ، وأحمد (4535) فإن من الناس من يقول - بتقدير صحة هذا الحديث - لم يأمر ابن عمر بسد أذنيه.(11/175)
فيجاب بأنه كان صغيراً، أو يجاب بأنه لم يكن يستمع وإنما كان يسمع، وهذا لا إثم فيه وإنما النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك طلباً للأفضل والأكمل، كمن اجتاز بطريق فسمع قوماً يتكلمون بكلام محرم فسد أذنيه كيلا يسمعه فهذا حسن، ولو لم يسد أذنيه لم يأثم بذلك، اللهم إلا أن يكون في سماعه ضرر ديني لا يندفع إلا بالسد" أ. هـ.
وقال في موضع آخر (29/522) : "غناء الإماء الذي يسمعه الرجل قد كان الصحابة يسمعونه في العرسات".
وبما سبق يتبين للأخ السائل الجواب عما أورده، والله تعالى أعلم.(11/176)
ليست بمنكرات في الأفراح
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/وليمة النكاح
التاريخ 8/5/1423
السؤال
تكثر في الإجازات المناسبات -ومناسبات الزواج بصفة خاصة-، والتي لا تخلو في كثير منها من الرقص والطبل (الطق) ، لذا يحتدم الخلاف بين طائفة من الناس في حكم هذا الصنيع، هل هو جائز أم لا؟ والسؤال يبرز في النقاط التالية:
هل الرقص والطق مشروع أم لا؟ وهل الأفضل فعله أم تركه؟ ما المراد بالدف؟ وما الضابط في تحديده؟ إذا كان ذا وجه واحد أو وجهين، فهل بينهما فرق من حيث الجواز؟ وعلى القول بمشروعيته، فهل يجوز في غير يوم العرس كاليوم التالي للعرس (الرحيل مثلاً) ؟ وما الحكم لو وصل صوت للرجال؟ وما الحكم لو وصل صوت الطبل فقط؟ ما الحكم لو وصل صوت المنشدة ومعه صوت الطبل؟ وهل هناك فرق في هذا بين المنشدة الصغيرة والكبيرة؟ ما حكم الزغردة والتصفيق؟ وهل يجوز استئجار الطقاقات، أم أنه من إضاعة المال؟ وإذا ارتفع الصوت ووصل الرجال فهل الأفضل الانصراف أم عدمه؟ وجزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فلا خلاف في مشروعية الوليمة في العرس، وقد فعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمر بها، فقد قال لعبد الرحمن بن عوف حين قال تزوجت:" أولم ولو بشاة" أخرجه البخاري (5155) ومسلم (1427) .
والدف عند وليمة النكاح ليس بمنكر؛ أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث، منها: عن محمد بن حاطب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"فصل ما بين الحلال والحرام: الصوت بالدف" النسائي (3371) الترمذي (1088) ابن ماجة (1896) أحمد (3/418) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في (إرواء الغليل 1994) وقد قيل بإباحته، قال الشوكاني:" لا يبعد أن يكون مندوباً؛ لأن ذلك أقل ما يفيده الأمر في قوله أعلنوا النكاح" (نيل الأوطار 6/212) ، والندب إليه واستحبابه هو مذهب أحمد (كشاف القناع 5/183) واختيار العلامة الصنعاني، والشيخ: محمد بن إبراهيم (مجموع فتاواه 10/218) .
هذا حكم الدف الذي يسمى الطق، وأما حقيقة الدف، فقد جاء في اللسان:"الدَّف، والدُّف: الذي يضرب به النساء والجمع دفوف، والدَّفاف صاحبها، المدفف صانعها، والمدفدف ضاربها" (لسان العرب 9/106) دفف.
وكلام النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما يحمل على ما كان معهوداً على عهده.
وقد قال مشايخنا: إن الدف المعهود في العهد النبوي هو المختوم من وجه واحد، وليس فيه صنوج ولا حِلق ولا أجراس. (فتاوى ابن إبراهيم 10/215) ، ابن عثيمين (فتاوى إسلامية 3/186) .
ولم أجده في كتب اللغة التي اطلعت عليها، وهذا الدف هو الذي يسمى في بلاد نجد وما جاورها الطار.
أما باقي المعازف سواء منها الهوائي كالمزمار والناي أو الوتري كالعود والرباب أو الطبول فكلها محرمة على الصحيح من أقوال أهل العلم، سواء في الأعراس وغيرها، عن أبي عامر الأشعري -رضي الله عنه- مرفوعاً "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" صحيح البخاري (5590) .(11/177)
وهذا يدل على تحريم سائر أنواع المعازف، وخصّ الدليل الدف فيفرد عنها، ولكن هل تختص إباحة الدف بالأعراس فقط، أو يجوز أيضاً في الأعياد ونحوها، أم أنه مباح مطلقاً؟ هذه ثلاثة أقوال، الظاهر منها إباحته في الأعراس والأعياد ونحوها.
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إني نذرت إن رجعت سالماً أن أضرب على رأسك الدف. قال:"أوفي بنذرك" سنن أبي داود (3312) سنن الترمذي (3690) مسند أحمد (5/353) ، ولو كان محرماً لم يأذن به.
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدفان وتضربان، والنبي -صلى الله عليه وسلم- متغشٍّ بثوبه، فانتهرهما أبو بكر، فكشف النبي -صلى الله عليه وسلم- وجهه فقال:"دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد" صحيح البخاري (949) ومسلم (892) ، ومثل ذلك اليوم الذي يلي العرس عن الربيَّع بنت معوَّذ -رضي الله عنها- قالت: دخل عليَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- صبيحة بُني بي، فجعلت جويريات يضربن بدف لهن ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر" الحديث، صحيح البخاري (5147) .
إذاً لا يضرب بالدف إلا النساء على الصحيح من أقوال أهل العلم، فقد أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء كما في حديث عائشة لما زفت امرأة إلى رجل من الأنصار قال:" فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني.." الحديث، الطبراني (1/167/1) وأصله في البخاري (9/184) انظر إرواء الغليل (1995) ، قال ابن قدامة:" في ضرب الرجال بالدف تشبه بالنساء، وقد لعن النبي المشتبهين من الرجال بالنساء" (المغني 14/159) .
وقال الحافظ ابن حجر:"الأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء فلا يلتحق بهن الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن" (فتح الباري 9/134) .
أما استماعه في العرس ونحوه فهو مباح للرجال والنساء على السواء؛ للأدلة السابقة، وقد قال عامر بن سعد البجلي: دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود وجوار يضربن بالدف ويغنين، فقلت: تقرون على هذا وأنتم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-؟ قالوا: إنه قد رُخص لنا في العرسات" أخرجه الحاكم والبيهقي انظر (آداب الزفاف للألباني صـ182) .
والغناء المصاحب له إذا اشتمل على محرم أو منكر ووصف للفجور فهو محرم، وما لم يكن كذلك فهو مباح للنساء.
أما استماع الرجال له فإن كان من أمة مملوكة أو من صغيرة فهذا مباح كما تقدم من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر، أما الحرة البالغة فإنه ليس لها التغنج بصوتها ولا الغناء للرجال، أما لو وصل صوت النساء مجتمعات بحيث لا يتميز صوت معين منهن فلا بأس بسماعه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-:"غناء الإماء الذي يسمعه الرجل قد كان الصحابة يسمعونه في العرسات كما كانوا ينظرون إلى الإماء لعدم الفتنة في رؤيتهن وسماع أصواتهن ... أما غناء الرجال للرجال فلم يبلغنا أنه كان في عهد الصحابة. يبقى غناء النساء للنساء في العرس، وأما غناء الحرائر للرجال بالدف فمشروع في الأفراح كحديث الناذرة وغناها مع ذلك، لكن نصب مغنية للنساء والرجال هذا منكر بكل حال، بخلاف من ليست صنعتها" (مجموع الفتاوى 29/552) .(11/178)
فاتخاذ ذلك حرفة لا ينبغي، قال ابن قدامة:"أما اتخاذ الغناء في الأعراس وضرب الدف فيه حرفة فهو دناءة وسقوط مروءة والكسب فيه خبيث" (المغني 10/206) .
بخلاف إعطاء جُعل أو هدية لمن قام بذلك فهذا جائز، بقي من مسائل المستفتي الزغردة والتصفيق والرقص في الأعراس، والأصل في ذلك كله كما قال ابن سعدي -رحمه الله-:"الأصل في جميع العادات القولية والفعلية الإباحة والجواز، فلا يحرم منها ولا يكره إلا ما نهى عنه الشارع، أو تضمن مفسدة، وهذا أصل الكتاب والسنة فإن الناس لم يقصدوا التعبد بها، وإنما هي عوائد جرت بينهم في المناسبات لا محذور فيها، والعادات المباحة قد يقترن بها من المصالح والمنافع ما يلحقها بالأمور المستحبة بحسب ما ينتج عنها" (نيل المآرب 4/406) .
ولم يزل النساء يرقصن في الأعراس ونحوها قال ابن عبد السلام:"الرقص ... لا يصلح إلا للنساء" (قواعد الأحكام 2/220) .
وكذلك الزغردة ونحوها والتصفيق في الأعراس كله مما لا أرى كراهته للنساء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"الضرب بالدف والتصفيق بالكف من عمل النساء" (مجموعة الرسائل المنبرية 2/171) .
إلا إن ارتبط بذلك فتنة كما قد يحصل في بعض المجتمعات من تعلق وتعشق فإن لهذا حكم يخص مواطنه.
أسأل الله -تعالى- التوفيق والسداد والهداية للرشاد لنا ولسائر المسلمين والمسلمات، وصلى الله على محمد وآله.(11/179)
لا يريد الإسراف في زواجه
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/وليمة النكاح
التاريخ 20/7/1424هـ
السؤال
أنا مقدم على الزواج قريباً بإذن الله، وأردت أن أقتصد في أمور زواجي، وأبتعد عن التبذير والإسراف؛ لكي يبارك الله لي زواجي، ولكن أبي تكفَّل بكامل مصروفات زواجي، ومنها أنه دفع لحفل زواجي فقط ما لا يقل عن مئة وثلاثين ألف ريال، وعند اعتراضي أجاب بأننا أسرة ثرية، ولم نخرج عن المتعارف عليه عند الناس، ولم تنفع معهم نصائحي، وأخشى أن يمحق الله البركة من زواجي بسبب هذا الإسراف، أرجو مساعدتي ماذا أفعل؟
الجواب
عليك أن تستمر في نصح والدك وإظهار مضار التبذير والإسراف، وذكر مساوئ الحفلات القائمة على البذخ والتي تستهلك كثيراً من المال وتنتهي في سويعات معدودة دون نفع أو فائدة، واحرص على الاستشهاد بالنصوص الشرعية من الكتاب والسنة الواردة في هذا الشأن مع إرفاق هذا بفتاوى العلماء المعاصرين الذين يعرفهم والدك ولهم قبول عنده، وذكره بنعمة المال وضرورة شكرها بصرف المال على حسب الضوابط الشرعية، وأنه مسؤول عن كيفية إنفاقه لماله، ويفضل أن تذكر لوالدك البدائل الحسنة لصرف ما زاد من هذا المال مثل صرفه على بعض المحتاجين من الأقارب وغيرهم، أو إرساله إلى البلاد الفقيرة أو على الأقل صرفه فيما يفيد الزوجين ويبقى لهما ينتفعان به مدة طويلة، وأشعر والدك أنك المعني بالأمر، ولابد أن يؤخذ رأيك في هذا الزواج وطريقة الاحتفال به، وأنت إذا قمت بهذا وتذرعت بالصبر وتلطفت في النصيحة وسألت الله تعالى الإعانة فحري بك أن تصل إلى غايتك ومرادك، وتكون أديت الذي عليك وبرئت ذمتك إن شاء الله تعالى.(11/180)
هل زوج المرأة محرم لبناتها من غيره؟
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/المحرمات
التاريخ 10/8/1422
السؤال
إذا تزوج رجل بامرأة مطلقة ولها بنات بالغات فهل يعتبر محرماً لهن، وهل يجوز لهم السكن مع والدتهم وزوجها في نفس البيت؟
الجواب
إذا تزوج الرجل امرأة ودخل بها ولها بنات من غيره فهو محرم لهنّ؛ لأنهن محرمات عليه بسبب زواج أمهن، ولهن في هذه الحال السفر معه والسكن في بيته.(11/181)
نكاح زوجة الأب
المجيب د. ناصر بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/المحرمات
التاريخ 22/9/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في الآية الكريمة في سورة النساء، والتي تعني تحريم زوجات الأب (إلا ما قد سلف) .
(1) كلمة ما قد سلف هل تعني الذنب مع التفريق بين الرجل وزوجة أبيه أم
بدون تفريق؟
(2) هل التفريق (إذا كان هناك تفريق) عليه دليل شرعي من التفريق بين الأختين كما دل عليه الحديث الشريف؟ وهل هو مثل التفريق بين الذي عنده أكثر من أربع زوجات كما دل عليه الحديث الشريف أيضا؟ وهنا ما هو الدليل من السنة؟ لأن هذه الآية غير مجملة وغير مبينة.
أرجو أن يتم عرضها على من له باع طويل في الفقه والتفسير، لأن هذه الآية لبست علي كثيراً، وأرجو توضيحها بالتفصيل من أحد المعروفين بالعلم والفقه والثقة. منتظر ردكم الكريم على أحر من الجمر. والله يحفظكم.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد كان نكاح زوجات الآباء بعد موتهم مما عرف عند بعض أهل الجاهلية قبل الإسلام، ويذكر من كتب في تاريخ العرب قبل الإسلام أن العرب أخذوا هذه العادة من أهل فارس الذين عرفوا بنكاح المحارم، على أن عامة العرب قد كانت تمقت هذا النوع من النكاح ويسمونه نكاح المقت، حتى إنهم قد سموا الولد من هذا النكاح الضيزن، يقول الشاعر أوس بن حجر معيراً ثلاثة من الرجال تناوبوا على امرأة أبيهم:
والفارسية فيهم غير منكرة فكلهم لأبيه ضيزن سلف(11/182)
فأبطل الله تعالى هذه العادة الجاهلية، وأنزل قوله: "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف ... "، فحرم نكاح زوجات الآباء، قال ابن عباس -رضي الله عنهما ـ فيما أخرجه الحاكم وصححه ـ: حرم من النسب سبع ومن الصهر سبع ثم قرأ "وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم" حتى بلغ وأن تجمعوا بين الأختين"، وقرأ "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء" فقال هذا الصهر. أ. هـ، وعلى هذا المعنى ـ أعني تحريم نكاح زوجات الآباء ـ فسر أهل العلم قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها" فقد أخرج ابن جرير وغيره، عن مجاهد في قوله:"يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها" قال كان إذا توفي الرجل كان ابنه الأكبر هو أحق بامرأته ينكحها إذا شاء إذا لم يكن ابنها أو يُنْكِحها من شاء أخاه أو ابن أخيه. وأما الاستثناء في قوله: "إلا ما قد سلف" فالمراد به، أن الله تعالى لا يؤاخذ من وقع في هذا الأمر ـ أي نكاح زوجات الآباء ـ من المسلمين جريا على ما كان يفعله أهل الجاهلية قبل نزول التحريم، وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم بحمد الله، أخرج البيهقي وغيره عن مقاتل بن حيان قال: كان إذا توفي الرجل في الجاهلية عمد حميم الميت ـ يريد قريبه ـ إلى امرأته فألقى عليها ثوبا فيرث نكاحها فيكون هو أحق بها، فلما توفي أبو قيس بن الأسلت عمد ابنه قيس إلى امرأة أبيه فتزوجها ولم يدخل بها، فأتت النبي فذكرت ذلك له، فأنزل الله في قيس "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف" قبل التحريم حتى ذكر تحريم الأمهات والبنات حتى ذكر "وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف" قبل التحريم "إن الله كان غفورا رحيما" فيما مضى قبل التحريم. وقال الإمام الشافعي رحمه الله: كان أكبر ولد الرجل يخلف على امرأة أبيه، وكان الرجل يجمع بين الأختين، فنهى الله تعالى عن أن يكون أحد منهم يجمع في عمره بين أختين أو ينكح ما نكح أبوه إلا ما قد سلف في الجاهلية قبل علمهم بتحريمه، ليس إنه أقر في أيديهم ما كانوا قد جمعوا بينه قبل الإسلام. أ. هـ، وقد ذكر أهل السير والأخبار وقائع تدل على وقوع التفريق بين الرجل وزوجة أبيه، كالذي ذكره ابن حجر في ترجمة امرأة يقال لها حمينة بنت أبي طلحة، قال كانت زوجَ خلف بن أسد، فمات فخلف عليها ولده الأسود بن خلف، ففرق الإسلام بينهما، قال ابن حجر: وأخرجه المستغفري من طريق محمد بن ثور عن بن جريج عن عكرمة قال: لما نزل قوله تعالى: "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف" ففرق الإسلام بين أربع نسوة وبين أبناء بعولتهن منهن حمينة هذه. والله أعلم.(11/183)
هل بنات المرأة من زوجها الثاني ربائب للزوج الأول ?
المجيب د. سعد بن تركي الخثلان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/المحرمات
التاريخ 18/10/1422
السؤال
إذا طلق رجل امرأة، هل بناتها من الزوج الثاني يكشفن لزوجها الأول؟
الجواب
إذا كان الزوج الأول قد دخل بالمرأة أي: وطئها، فإن بناتها لا تحل له سواء كن من زوج قبله أو من زوج بعده؛ لأن البنات حينئذٍ يكن ربائب قد دُخِل بأمهنّ، وقد قال الله - تعالى -: " وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن " [النساء: 23] ، وبهذا يتبين الجواب عن سؤال الأخ، فيقال: نعم يجوز لبنات المرأة من الزوج الثاني أن يكشفن للزوج الأول، بشرط أن يكون الزوج الأول قد دخل بأمهنّ، أي: وطئها.... والله ولي التوفيق.(11/184)
أسلم وهو متزوج بامرأة أبيه
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/المحرمات
التاريخ 23/9/1424هـ
السؤال
إذا أسلم الرجل وهو متزوج من زوجة أبيه المتوفى، فهل يجب عليه مفارقتها أم يجوز أن تبقى في ذمته زوجة له؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا أسلم رجل وهو متزوج من زوجة أبيه فإنه يجب عليه مفارقتها ولا تحل له، قال تعالى: "وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً" [النساء:22] .
وما حرم ابتداء النكاح فيه حرم استمراره والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(11/185)
مُتَزَوِّجٌ بإحدى محارمه ويرغب الدخول في الإسلام!
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/المحرمات
التاريخ 25/11/1424هـ
السؤال
شخص هندوسي يرغب في اعتناق الإسلام، والمشكلة أنه متزوج من إحدى محارمه (زوجة سابقة لابنه) ، وله منها أولاد، فماذا عليه أن يفعل إذا اعتنق الإسلام؟ هل يكون أمامه طريق آخر سوى الانفصال عن زوجته؟.
الجواب
أولاًً: نسأل الله - سبحانه وتعالى- أن يهديه، وأن يوفقه، وأن يقوي عزيمته على اعتناق الإسلام؛ لينقذ نفسه من حظيرة الضلال والشرك بالله إلى سعادة الإسلام، وما فيه من أسباب الخير والبركة، والسعادة في الحياتين الدنيا وفي الآخرة، ولا شك أن هذا العزم من هذا الهندوسي الذي يريد الآن أن ينتقل إلى الإسلام لا شك أنها عزيمة مباركة وفي نفس الأمر لا شك أنه - إن شاء الله تعالى - موفق، نسأل الله أن يقويه على هذه العزيمة.
وفي نفس الأمر إذا تم منه الدخول في الإسلام فيجب عليه أولاً: أن يفارق محرميته؛ لأنها طالما أنها من محارمه فلا يجوز له بحال من الأحوال أن يتزوجها، أو أن تكون زوجة له، بل إن ذلك من الأمور المحرمة: "حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم ... الآية"، فينبغي له أن يفارقها المفارقة التامة، وأما ما يتعلق بالأولاد الذين ولدوا منها فهؤلاء الأولاد منسوبون إليه، وفي نفس الأمر لعله أن يقوم بدعوتهم؛ لعل الله أن يهديهم كما هداه - سبحانه وتعالى -
وخلاصة القول: إننا نشجعه على هذا العزم المبارك، اعتناق الإسلام، وفي نفس الأمر ندعو الله أن يقويه على هذه العزيمة، وفي نفس الأمر كذلك نقول: يجب عليه أن يفارق هذه الزوجة التي هي من محارمه، فلا يصح أن تكون زوجة له، وفي نفس الأمر أولاده ملحقون به، ولا يقال بأنهم غير أولاده، هم أولاده، وزواجه بمجرد ما يعتنق الإسلام يبتعد عن هذا الزواج، ويعرف أنها محرمة عليه تحريماً أبدياً. والله أعلم.(11/186)
تزوج ابنة أخته من الرضاعة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/المحرمات
التاريخ 12/3/1425هـ
السؤال
تزوج رجل من ابنة أخته من الرضاع دون أن يعلم، ومع علم المرضعة ولكنها لجهلها تظن أن ذلك جائز، ولكن بعد بضع سنوات وبعد أن رزق هذا الرجل منها ثلاثة أولاد عرف أن زوجته هي ابنة أخته في الرضاع.
01 ماذا يفعلان في هذه الحالة؟
02 ما حكم الأولاد بالنسبة للنسب وبالنسبة للتربية؟
03 هل يرث الأولاد في هذه الحالة من أبيهم ومن أمهم؟
04 هل يثبت للوالدة حكم البر وكذلك للأب؟
05 ماذا يثبت للوالدة هذهِ من الحقوق المالية على من كان زوجها (خالها من الرضاع) في حالة الفسخ؟
أفتونا - حفظكم الله ورعاكم - وبأسرع وقت؛ لأن الوقت يدركنا ونحن بحاجة ماسة إلى الفتوى لنعرف المخرج من هذه الطامة التي ألمت.
الجواب
عليهما أولاً التأكد من الرضاعة هل حصلت فعلاً أم لا، وهل هي خمس رضعات أم لا، وهل هي في الحولين أي: السنتين الأوليين من عمر الطفل أم لا، فإذا تأكد فيجب أن يتفرقا حالاً ما دام أن الرضاع لا شك فيه، ومحرَّم خمس رضعات فأكثر، وفي الحولين، فيجب التفريق بينهما حالاً، والأولاد أولادهما معاً ويرثون من أبيهم وأمهم، ونفقتهم على أبيهم، ويثبت لكل من الوالدين البر والصلة، ولا شبهة في الأبوة والأمومة، وإنما الواجب التفريق بين الرجل والمرأة، لأنه لا يصح أن تبقى زوجة له وهي بنت أخته من الرضاعة، ولا يثبت للمرأة شيء من الحقوق المالية بعد التفرق.(11/187)
الزواج من الكتابية بدون إذن وليّها
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/الشروط في النكاح
التاريخ 5/7/1422
السؤال
هل يجوز الزواج من امرأة نصرانية بدون وليها؟ وهل يجوز أن توكل المركز الإسلامي في ذلك؟
الجواب
لا يجوز نكاح الكتابية من غير إذن وليها؛ لأن الكافر له ولاية على الكافرة، ولا تسقط ولايته عليها إلا إذا أسلمت، فحينئذٍ لا ولاية له عليها، وتنتقل الولاية إلى المسلم من أوليائها، فإن لم يكن لها ولي مسلم تولى أمرها المركز الإسلامي؛ لأنه في حكم السلطان، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((السلطان ولي من لاولي له)) أخرجه الخمسة إلا النسائي، والله أعلم.(11/188)
الزواج في المحكمة
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات
التاريخ 23/7/1423هـ
السؤال
تزوجت من نصرانية مسيحية عن طريق المحكمة ولم نذهب إلى كنيسة أو مسجد، فما الحكم؟ علماً أنه مضى على زواجنا أكثر من سنة، فهل هذا الزواج جائز أم أنه يعد زنى؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
إذا كان الزواج المذكور تم بعد أن توافرت أركانه وشروطه وانتفت موانعه فالعقد صحيح، وأشير إلى أن من شروط النكاح الولي؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"لا نكاح إلا بولي" رواه أبو داود (2085) والترمذي (1101) من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-، فإن كانت المرأة قد زوجت نفسها لك فلا بد من تجديد العقد، بحيث يعقد لك وليها، وليس من شروط النكاح أن يعقد في المسجد، والله -تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/189)
نكاح الكتابية
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات
التاريخ 16/11/1424هـ
السؤال
أريد بعض الفتاوى من العلماء المعاصرين في حكم الزواج من نساء أهل الكتاب، وضوابط هذا النكاح.
الجواب
الزواج من نساء أهل الكتاب جائز؛ لقوله -تعالى-: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان" إلاّ أن يمنع ولي الأمر ذلك، فيجب حينئذ الامتناع؛ لأن الله -تعالى- يقول: "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".(11/190)
نكاح النصرانية بغير إذن أبيها
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات
التاريخ 6/7/1424هـ
السؤال
أرغب في الزواج من فتاة نصرانية، لكن والدها لا يوافق على الزواج (الأم موافقة) ، لذلك لا يمكن أن يكون ولي الفتاة في الزواج، مع أن عمها موافق على الزواج، فهل يمكن لنا أن نتزوج بموافقة العم؟ علماً بأننا لا نعيش في دولة إسلامية، وهل يمكن للعم إرسال موافقته بالبريد الإلكتروني؟ حيث إن التوقيع بواسطة البريد الإلكتروني مقبول في القانون، أم هل يمكن ذلك بواسطة الهاتف، وهل يستطيع أن يكلف غيره بالتوقيع على عقد الزواج، وهل يجب أن يكون الشهود في نفس المكان وفي نفس الوقت عند إجراء العقد، أم يمكنني الحصول على توقيع العم ثم توقيع الشاهدين في وقت آخر؟ وشكراً لكم.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
أولاً: لا شك أنه يجوز للمسلم الزواج من نصرانية إذا كانت محصنة؛ لقوله تعالى: "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [المائدة:5] ، ولكن نظراً لكثرة المشاكل التي تقع خاصة في هذا الوقت وهذا الزمن الذي لا يستطيع الرجل أن يتحكم في تربية أولاده وفق الشريعة الإسلامية إن كانت زوجته كتابية بسبب تدخل جهات أخرى في منعه من ذلك مما يتسبب في أن يعتنق الأولاد دين أمهم، وتلك هي الطامة الكبرى والمصيبة العظمى، لذا أنصح الأخ السائل أن يراعي هذا الجانب ولا يستعجل في الزواج من كتابية، وعليه بالبحث عن زوجة مسلمة تعينه على نفسه وعلى تربية أولاده التربية الإسلامية، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، والله أعلم.
ثانياً: من شروط صحة الزواج: الولي، والولي هو أبو المرأة إن كان حياً، فإن عضل وامتنع من التزويج بلا مبرر فعلى الأخ التقدم للمحكمة الشرعية للنظر في إثبات عضله، فإن ثبت ذلك انتقلت الولاية إلى من يليه. وكذا لابد من حضور الشهود عند إجراء العقد، كما يجوز للولي أن يوكل غيره في الإيجاب، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/191)
الزواج من الكتابية في السر وبلا ولي
المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات
التاريخ 4/11/1424هـ
السؤال
أريد أن أتزوج من كتابية لكن أهلي يعارضون ذلك، وهي قادمة لبلدي مصر بعد شهر تقريبا، المشكلة أنني أخاف أن أزني بها؛ لأنني أحبها كثيراً وهي تبادلني نفس الشعور، لذلك قررت أن أتزوج بها سراً مع كتمان أنني أعتزم تطليقها بعد فترة سنة أو نحوه وهي لا تعلم ذلك، الزواج سيكون عرفياً بشهود، وطبعا دون ولي للعروس، أنا أريدها في الحلال ولا أريد الزنا، وطبعا لا أريد أن أخبر أهلي بالموضوع، فهل في ذلك حرج؟ وإن كان فما العمل؟ وماذا يمكن أن أفعل إن عرفتم أن تزوجي بها زواجاً موثقاً هو أمر صعب، وإن لم أتزوجها صعب أيضا؟ أنا حائر ما بين من يقول لي: تزوج ولا حرج. ومن يقول لي العكس. أرجو المساعدة وعذراً للإطالة.
الجواب
الزواج من الكتابية حقيقة - بمعنى أنها غير ملحدة، وغير منكرة للدين والشريعة، وملتزمة إجمالاً بدينها - يجوز بشرط توفر شروط النكاح الشرعية في ديننا، ومنها وجود الولي والإيجاب والقبول من الطرفين وغيرها من شروط النكاح، هذا من حيث الحكم، أما من حيث المصلحة الاجتماعية والأسرية فما دامت أسرتك وأهلك غير راضين بذلك والداعي للعلاقة بها ليس إقامة أسرة وتحقيق حياة زوجية وإنما مجرد تمتع جسدي، بدليل أنك عازم على مفارقتها بعد فترة.
ووجه تربوي آخر فلربما تكون هذه الفتاة يهودية أو نصرانية مبشرة، فاحتمال تأثيرها عليك دينياً وخلقياً أمر وارد جداً، واستعن بالله واعتصم به يعصمك، وابحث عن مؤمنة صالحة فربك يرشدك بقوله: "ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم" [البقرة من الآية:221] ، والرسول - صلى الله عليه وسلم- يقول: "فاظفر بذات الدين تربت يداك" رواه البخاري (5090) ومسلم (1466) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، حفظنا الله وإياك من المحرمات والشبهات. والله الموفق.(11/192)
الزواج من الكتابيات
المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
عضو البحث العلمي بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات
التاريخ 9/5/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد الصادق الأمين، ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.......سلام الله عليكم، أما بعد: عندي موضوع أحتاج لفتوى فيه راجياً منكم الوصول لحل يرضي الله ورسوله -عليه السلام- عندي صديق مسلم سوف يتزوج من امرأة أمريكية مسيحية الديانة، ونحن نعلم أن مسيحيي اليوم ليسوا من أهل الكتاب، لأنهم يقولون إن عيسى ابن الله - تعالى الله عما يصفون - وبالتالي فهذا كفر، وهي لا تحل له شرعاً.....هل هذا صحيح؟؟ لكنها من المجتمع الأمريكي المحافظ نوعاً ما، وعندي أنا وصديقي أمل أن ندخلها في دين الله الحنيف (الإسلام) ، فبماذا تنصحوننا؟ وما هي الطريقة أو الأسلوب الأمثل الذي سوف نتبعه لهدايتها؟ وهل هناك أي كتاب باللغة الإنجليزية يمكن أن يؤثر فيها؟ وإذا كان هناك أحد من الدعاة سوف يذهب إلى أمريكا في المدة القادمة فأرجو إخبارنا عن موعده ومكان إلقاء محاضرته في أمريكا. وفي الختام أرجو أن لا أكون قد أطلت عليكم، ولكم مني جزيل الشكر وخالص الدعاء بالتوفيق لما تقدمونه من علم من أجل المسلمين.
الجواب(11/193)
أهل الكتاب، هم اليهود والنصارى، وقد بُعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم وهم يعتقدون عقائد كفرية؛ كالقول بألوهية المسيح، وبنوته لله، ومقالة التثليث عند النصارى، والقول ببنوة عزير لله عند اليهود وغيرها من كفرياتهم، ومع ذلك سماهم الله "أهل الكتاب"، فقال: "لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ" [البينة:1] ، وكان من آخر ما نزل من القرآن سورة المائدة، وفيها كفر الله النصارى في ثلاث آيات صريحة، وهي قوله: "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ" [المائدة: من الآية72] ، في موضعين، وقوله: "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ" [المائدة: من الآية73] ومع ذلك، فإن الله -سبحانه وتعالى- أحل ذبائحهم ونساءهم في نفس السورة، فقال: "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [المائدة:5] ، وبهذا يتبين أن نصارى اليوم هم نصارى الأمس، من حيث الجملة، ما داموا ينتسبون لدينهم، ولم يعتنقوا المذاهب الإلحادية، ويتبين أن أحكام أهل الكتاب التي خصهم بها الكتاب والسنة دون سائر ملل الكفار تشملهم، ومن ذلك حل نكاح الكتابية من يهودية أو نصرانية، لكن بالشرط الذي نصت عليه الآية الكريمة، وهي أن تكون (محصنة) أي حرة عفيفة، فأما الحرية فتكاد أن تكون وصفاً متحققاً اليوم، وأما العفة في نساء النصارى كالأمريكان فتكاد أن تكون منعدمة، إلا ما شاء الله.
وعلى فرض وجودها على المسلم المقيم في البلاد الغربية أن يحسب حساب القوانين المدنية التي تحكم الحياة الاجتماعية هناك، حيث لا يتمكن الزوج من القوامة الشرعية على زوجته، فلها أن تخلو بمن شاءت، وتصحب من شاءت، وتتحدث إلى من شاءت، دون تدخل من زوجها، وأشد من ذلك أثراً، لو وقع بينهما طلاق لذهبت بولده منها، ونصف ثروته ... إلخ.
ومع وجود هذه المحاذير يتوجه القول بمنع نكاح الكتابيات في ظل هذه الظروف، مع بقاء أصل الحكم على الإباحة، ولعل الله أن يغني صاحبك بمسلمة حنيفة عفيفة عن الكافرات الفاجرات، فإن اضطر صاحبك إلى نكاحها فليحرص ألا تنجب منه إلا أن يهديها الله للإسلام، فقد وقفنا على عدد من القضايا المؤلمة التي خسر فيها مسلمون موحدون أبناءهم وبناتهم، وساقتهم أمهاتهم النصرانيات إلى الكنائس.
وأما باب الدعوة إلى الله فواسع، فاجتهدوا في دعوتها ودعوة غيرها من الكفار إلى الإسلام، ويمكن أن تسترشدوا بتجارب المراكز والمساجد الإسلامية الموثوقة في أمريكا لتوفير الكتب المناسبة، والأشرطة المناسبة للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وفقكم الله.(11/194)
تعامل الرجل مع زوجته الكتابية
المجيب د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات
التاريخ 25/3/1424هـ
السؤال
إني أعرف أن المسلم من حقه أن يتزوج امرأة من أهل الكتاب، لكن أريد أن أعرف كيفية التعامل معها، خاصة أنها لا ترتدي الحجاب، وقد يكون لبسها غير إسلامي، ولكن (متحشمة) ، كمال يقال.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن الزواج من الكتابيات مسألة خلافية بين العلماء، أجازها قوم، ومنعها آخرون، منهم ابن عباس - رضي الله عنهما - وجمع من الشافعية والمالكية، والذين أجازوا ذلك اشترطوا شرطين:
(1) أن تكون كتابية، ومن لا تؤمن بكتاب لا ينطبق عليها هذا الوصف، كما هو شأن كثير من نساء الغرب اليوم.
(2) أن تكون محصنة، وهذا الشرط يكاد يكون معدوماً عند كثير من النساء الكافرات.
وانعدام هذين الشرطين يجعل الزواج بالكتابية باطلاً باتفاق المسلمين، وبنص القرآن الكريم في قوله تعالى: "وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ" [المائدة: من الآية5] ، فإذا توفر الشرطان وأقدم المسلم على الزواج بعد أن تأمل في المسألة، ووازن بين المصالح والمفاسد سيما فيما يتعلق بمستقبل أولاده منها، فإنه يلزمها أن تحترم مشاعر المسلمين، ويلزمها زوجها بذلك، فلا يخرجها أمام الناس متبرجة، لأن القوامة له، والمرأة إليه تنسب، والناس لا يعرفون أنها كتابية، فإن رضيت وإلا فلا.(11/195)
الزواج من النصرانية
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات
التاريخ 16/11/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
هل يجوز الزواج من امرأة غير مسلمة -نصرانية- سراً
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نكاح نساء أهل الكتاب جائز شرعاً؛ لقوله -تعالى-: "وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ" [المائدة:5] ، لكن إذا منع ولي الأمر - وهو السلطان - من نكاحهن وجب امتثال ذلك؛ لعموم قوله -تعالى-:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ" [النساء:59] .(11/196)
زواج المسلم من هندوسية
المجيب د. محمد بن عبد الله الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات
التاريخ 9/1/1425هـ
السؤال
أنا مسلم متزوج من امرأة كانت هندوسية وأسلمت، لكنها اشترطت الاستمرار في الذهاب لمعبد الهندوس، وما زالت تذهب إلى هناك حتى الآن وترفض كل محاولاتي في منعها لعدم الذهاب، وهي تصلي في بعض الأحيان وتقرأ القرآن، لدي بنت وولد منها، البنت اسمها عائشة والولد اسمه محمد أديتا (خليط من الثقافة الإسلامية والهندوسية ومعنى: أديتا في الهندوسية الشمس) ، وأنا أعلِّم أولادي الإسلام وقراءة القرآن بالعربية، وهي لا تمانع في ذلك، لكنها ما زالت تذهب للمعبد ولكنها لا تسجد أمام الأوثان هناك. وسؤالي هو:
(1) ما الحكم في زواجنا؟.
(2) هل علي إثم في الزواج بمثل هذه المرأة؟.
(3) لا أرغب في تطليقها لأنني بخلاف الناحية الدينية سعيد معها.
(4) في حالة انفصالي عنها كيف يكون مصير أبنائي؟ أخشى أن هنا في كندا سيدخلان في الهندوسية إذا طلقت أمهما.
الجواب
الأصل أن المسلم لا يتزوج إلا بمسلمة، قال تعالى: "ولا تمسكوا بعصم الكوافر" [الممتحنة: 10] ، ويجوز أيضاً الزواج من الكتابية.
وما دام أنك تزوجت من هذه المرأة الهندوسية ثم أسلمت بعد ذلك فلا حاجة إلى تجديد العقد بينكما إن شاء الله؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقر جميع من أسلم على نكاحهم ولم يؤثر عنه أنه أمر أحداً من الصحابة - رضي الله عنهم- الذين أسلمت زوجاتهم بإعادة عقد النكاح، وما دامت قد أسلمت وحسن إسلامها فعليك أخي أن تيسر لها التعلم والتفقه في الدين وإقامة الفرائض والواجبات.
والواجب عليك نصحها وتحذيرها من الذهاب إلى تلك المعابد لأن مجرد الذهاب إليها منكر ظاهر ووسيلة إلى الشرك، فإن كانت لا تتلبس بشيء من عباداتهم وشركياتهم فالأمر كما تقدم محرم ومنكر، لأنه نوع من الزور الذي قال الله فيه: "والذين لا يشهدون الزور" [الفرقان: 72] ، وإن كانت تدعو آلهتهم أو تعتقد صحة دينهم ومشروعية عبادتهم أو أن معبوداتهم تستحق العبادة والصلاة والدعاء والنذر فذلك يعتبر رجوعاً إلى دينها الأول ومفارقة لدين الإسلام، فكرر دعوتها والتأثير عليها حتى ترجع وتتوب، وإن أصرت على تلك الأمور الكفرية الوثنية واتضح لك عنادها ورضاها بالكفر فلا يجوز لك البقاء معها ولا إبقاؤها، وقضية الإيمان والكفر قضية أساسية لا يصح إهمالها بحجة الرغبة فيها أو وجود الأولاد، قال تعالى: "ذلكم حكم الله يحكم بينكم" [الممتحنة: 10] ، والولاية على الأولاد لك؛ لأنهم أبناؤك ولا يجوز أن تتولى الأم حضانتهم إذا ثبت كفرها وردتها، وإنما تتولاهم أنت لإسلامك والأبناء يتبعون أعلى الوالدين ديناً، ودين الإسلام يعلوا على سائر الأديان. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.(11/197)
الزواج من الملحدة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات
التاريخ 29/05/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ، رجل كان يدرس في بلد أجنبي، فتزوج هنالك بزوجة ليس لها دين
(ملحدة) وأنجب منها بنتاً عمرها الآن 12 سنة، فنرجو توضيح حكم هذا الزواج.
الجواب
زواج المسلم لا يصح إلا من المسلمة أو الكتابية، إذا توفرت الشروط، أما زواج الملحدة أو المرتدة أو الوثنية أو الهندوسية فهذا كله محرم ولا يجوز، وذلك لقول الله عز وجل: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) [البقرة: 221] . وقوله أيضاً: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) [الممتحنة: 10] . وحكي الإجماع على ذلك.
وحال هذا الرجل الذي تزوج ملحدة لا يخلو من أمرين، الأمر الأول: أن يكون عالماً بالتحريم، فنكاحه في حكم الزنا، وهذا الولد الذي ولد له لا ينسب إليه، ولا يكون ابناً له إلى آخره، وإنما يكون حكمه حكم ولد الزنا.
والأمر الثاني: أن يكون جاهلاً بالتحريم، فهذا يكون من وطء الشبهة، ويلحق الولد به؛ فإن وطأ الشبهة يلتحق به الولد عند العلماء -رحمهم الله-.(11/198)
إشهار نكاح المسلم في الكنيسة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات
التاريخ 10/07/1426هـ
السؤال
أنا فتاة نصرانية مخطوبة لشاب مسلم، وقد اتفقنا على الزواج، ووافقتُ أن الأولاد سيكونون على الإسلام.
وعلاقتي مع خطيبي مبنية على احترام كل منا لدين الآخر واتباعه له، وأعرف أن للمسلم أن يتزوج المرأة النصرانية، ولكن هل في القرآن ما يمنع أو يحرم الاحتفال بهذا الزواج في الكنيسة؟ لأنه في ديننا أي زواج لا يكون في كنيسة ولا يباركه الراهب فلا يعتبر زواجاً، بل وقوعا في الفاحشة، فيجب أن يتم الزواج بحفل ديني، وبخلاف ذلك تعتبره الكنيسة الكاثوليكية زواجاً باطلاً.
وإذا كان المسلم لا يحق له الاحتفال في الكنيسة فسوف ننهي علاقتنا ولن نتزوج. وأنا موافقة على إجراء الزواج على يد الإمام ومباركته له، ولا نعلم أنا وخطيبي عن حكم الإسلام في ذهابنا للكنيسة لمباركة زواجنا. فما الحكم في ذلك؟
الجواب
ليس ذهاب المسلم -عند تزوجه الكتابية- إلى الكنيسة أو المسجد شرطاً من شروط النكاح في الإسلام، والبركة تطلب من الله مباشرة لا من الراهب أو الإمام أو غيرهما،
وعندي -في هذا المقام -نصيحتان، أوجه أولاهما لهذه المرأة النصرانية وأنا ألمس من سؤالها العقل ومحبة الطهر والعفاف -ألا تصر على الذهاب إلى الكنيسة. ونصيحتي الثانية لهذا الرجل المسلم أن يحرص ويحاول إقناعها بعدم الذهاب إلى الكنيسة لهذا الغرض، ويسمح لها بالذهاب إليها بعد ذلك لو رغبت ويعرفها على الدين الإسلامي بخلقه وسلوكه وتعامله أكثر من الكلام والقراءة بالكتب، وأقول له: إن أصرت الزوجة على عقد الزواج بالكنيسة أو تعطيل الزواج أصلاً فلا حرج عليك في الذهاب معها إلى الكنيسة بشرط أن تعتقد في قلبك بأن ذهابك ليس لشرعية العقد، وإنما هو مجرد إجراء من الإجراءات المدنية البحتة، ولا علاقة للحل والحرمة بذلك.(11/199)
زواج الكتابية بدون إذن وليها
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الكتابيات
التاريخ 17/07/1426هـ
السؤال
بعض أئمتنا يقومون أحياناً بعقد زواج بين مسلم وامرأة غربية (من أهل الكتاب) وبكل تأكيد لا تعرف هذه المرأة شيئاً عن دينها ولا عن الإسلام. فهل يحق للإمام عقد مثل هذا الزواج دون علم ولي المرأة؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلا حرج في زواج المسلم بالكتابية، لقوله تعالى: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" [المائدة: 5] إذا كانت عفيفة، ولو لم تعلم شيئاً عن دينها أو عن الإسلام؛ لإطلاق الأدلة وعدم تقييدها.
لكن الأولى بالمسلم -وخاصّة في بلاد غير المسلمين- أن يحرص على نكاح المسلمة؛ لتعينه على الثبات على دينه، وليساهم في إحصان مسلمة قد لا تجد كفئاً يتزوجها.
وكل زواج لا بد فيه من ولي للمرأة سواء كانت مسلمة أو كتابيّة فيزوّجها أبوها إن كان موجوداً وعلى نفس دينها، ولا مانع من أن يعقد الإمام هذا العقد.
أما الزواج بغير ولي فهو زواج فاسد؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل". أخرجه أبو داود (2083) ، والترمذي (1102) ، وابن ماجة (1879) بسند صحيح. فإن لم يكن أبوها موجوداً فالأقرب من أوليائها ممن على نفس دينها. فإن لم يكن لها وليُّ بأن كانت منقطعة أو كان أقاربها على غير دينها فإني أرجو أن لا حرج في أن يتولى إمام أو رئيس المركز الإسلامي دور الولي في عقد النكاح بإذنها، والله الموفق والهادي وهو أعلم بالصواب.(11/200)
مسلمة تزوجت من نصرانى فما الحكم؟
المجيب د. عبد الله بن محمد الغنيمان
رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج الكافر والمرتد من المسلمة
التاريخ 22/7/1422
السؤال
تزوجت مسلمة من مسيحي (أمريكي) . فما حكم الشرع في ذلك؟ حيث إن كثيراً من الناس أفتوا بكفرها، وهل إذا تابت ورجعت تُقبل توبتُها أم لا؟
الجواب
ج: هذا الزواج من المحرّمات؛ لأنه مخالف لقوله تعالى ((لا هن حلّ لهم ولا هم يحلُّون لهنّ)) أما كونه كفراً فليس بكفر. وإذا تابت وصدقت بتوبتها فإنه يُغفر لها إن شاء الله؛ لقول الله تعالى: ((قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً..)) وقوله: ((إنّ الله لا يغفر أن يُشْرَكَ به ويغفر ما دون ذلك)) فقد استثنى الله الشرك.(11/201)
بقاء الزوجة مع من يسب الدين
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج الكافر والمرتد من المسلمة
التاريخ 7/6/1424هـ
السؤال
ما حكم رجل سبَّ الدين؟ وما حكم بقاء زوجته معه؟ مع العلم أنها قامت بنصيحته ووعدها بألا يعود ولكنه يحنث. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، سب الدين يتضمن بغض دين الإسلام الذي هو دين الله، ومن يبغض دين الإسلام فإنه كافر، وإذا وقع ذلك من مسلم صار مرتداً، وحرمت عليه زوجته لأنها مسلمة وهو كافر، ولا يجوز للكافر أن ينكح المسلمة بحال، لكنه إذا تاب ورجع إلى الله وتاب توبة نصوحاً فهما على نكاحهما، يعني فهي زوجته على ما كانت عليه، إلا أن يتمادى في كفره حتى تنقضي العدة، فإذا انقضت العدة فإن أهل العلم يختلفون في بقاء النكاح، ولهم في ذلك استدلالات وتفصيلات ليس هذا موضع ذكرها، فالواجب على المسلم أن يعظم دين الإسلام وأن يحترمه بقلبه وبلسانه وبجوارحه، ولا يتهاون بالكلام المنكر، فرب كلمة يطلقها العبد لا يلقي لها بالاً يشقى بها أبد الآباد، كما جاء في الحديث الصحيح: " ... إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله - عز وجل- لا يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله - عز وجل- بها عليه سخطه إلى يوم القيامة" رواه أحمد (15852) ، والترمذي (2319) وابن ماجة (3969) فالحذر الحذر، نسأل الله السلامة والعافية، ونعوذ بالله من زيغ القلوب ومن طاعة الشيطان، فهو العدو المبين الذي من استجاب له قاده إلى عذاب السعير نعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن عذاب الله وهو سبحانه وتعالى حسبنا ونعم الوكيل.(11/202)
بقاء المسلمة في عصمة الكافر
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج الكافر والمرتد من المسلمة
التاريخ 29/4/1423
السؤال
قرأت فتوى تجيز للمرأة التي أسلمت أن تبقى مع زوجها النصراني لا بقاء عقد الزواج فحسب، وإنما يجوز له معاشرتها وهو على كفره، واستدل بأثرين عن علي -رضي الله عنه- وعن الزهري، فهل يحمل الأثران على بقاء العصمة مع التربص دون المواقعة كما هو مذهب شيخ الإسلام وابن القيم؟ أرجو التوضيح والله يرعاكم.
الجواب
عدم جواز بقاء المرأة المسلمة في عصمة الكافر قول جمهور أهل العلم، بل نقله بعضهم إجماعاً كابن المنذر وابن عبد البر، وإنما الخلاف بينهم هل تقف الفرقة على انقضاء عدة المرأة أو أنها تقع في الحال؟ قال الموفق في المغني:"فأما إن أسلمت الكتابية قبله وقبل الدخول تُعجلت الفرقة سواء كان زوجها كتابياً أو غير كتابي، إذ لا يجوز لكافر نكاح مسلمة. قال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من أحفظ عنه من أهل العلم" وإن كان إسلامهما بعد الدخول فالحكم فيه كالحكم فيما لو أسلم أحد الزوجين الوثنيين، وقال الحافظ ابن حجر:"ولم يذهب أحد إلى جواز تقرير المسلمة تحت المشرك إذا تأخر إسلامه عن إسلامها حتى انقضت عدتها، وممن نقل الإجماع في ذلك ابن عبد البر".
والناظر في كلام أهل العلم في هذه المسألة يرى أنها لا تخرج عن قسمين، أحدهما: أن يكون إسلام المرأة قبل الدخول، وفي هذه الحالة تقع الفرقة على الفور بالإجماع -على ما تقدم-.
والثاني: أن يكون إسلامها بعد الدخول وفي هذه الحالة اختلف الفقهاء على قولين، أحدهما: تقف الفرقة على انقضاء العدة؛ لما أخرجه مالك (1178) والبيهقي (7/186) عن ابن شهاب قال:"كان بين إسلام صفوان بن أمية وامرأته بنت الوليد بن المغيرة نحو شهر، أسلمت يوم الفتح، وبقي صفوان حتى شهد حنيناً والطائف وهو كافر، ثم أسلم، فلم يفرِّق النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهما، واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح" ...
وقال ابن عبد البر: وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده.
وهذا القول هو الظاهر عندي؛ لما تقرر عن السلف من عصر الصحابة ومن بعدهم، قال ابن شهاب:" أسلمت أم حكيم يوم الفتح، وهرب زوجها عكرمة حتى أتى اليمن، فارتحلت حتى قدمت عليه اليمن فدعته إلى الإسلام فأسلم، وقدم فبايع النبي -صلى الله عليه وسلم- فثبتا على نكاحهما مالك في الموطأ (1180) والبيهقي (7/187) . وقال ابن شبرمة: كان الناس على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسلم الرجل قبل المرأة، والمرأة قبل الرجل فأيهما أسلم قبل انقضاء عدة المرأة فهي امرأته، وإن أسلم بعد العودة فلا نكاح بينهما، ولأن أبا سفيان خرج فأسلم عام الفتح قبل دخول النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة ولم تسلم هند امرأته حتى فتح النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة فثبتا على النكاح، وخرج أبو سفيان بن الحارث وعبد الله بن أبي أمية فلقيا النبي -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح بالأبواء فأسلما قبل نسائهما، ولم يُعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فرَّق بين أحد ممن أسلم وبين امرأته، ويبعد أن يتفق إسلامهما دفعة واحدة.(11/203)
زوجوا ابنتهم لرافضي
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج الكافر والمرتد من المسلمة
التاريخ 26/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نحن عائلة من أهل السنة والجماعة- والحمد لله- قبل عام تقريبًا تقدم لخطبة أختي شخص من عائلةٍ روافض، فرفضنا طلبهم، فأعادوا الكرة وبإلحاح، فأردنا أن نصرفهم، فقلنا لهم: أمهلونا مهلة للتفكير، وبعد فترة استجبنا لطلبهم، فسارعوا إلى العقد بصورة غير معقولة، ولا نعلم كيف وافقنا على ذلك، وكأننا قد سحرنا، والله الذي لا إله إلا هو لم نشعر بعظم الجريمة إلا بعد فترة من زواجها، فندمنا ولات ساعة مندم، حتى أبي الذي يحمل أفكار مخالفة للدين تندَّم على ذلك، وهي الآن حامل، وأعلمكم حفظكم الله أنهم يتعاملون بالسحر لأننا لا ندري كيف حدث هذا. فهل هذا الزواج صحيح؟ وهل نحن آثمون، وهل تنفع لنا توبة؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن من أعظم حقوق المولية على وليها، سواء كانت بنتًا أو أختًا، اختيار الزوج الصالح لها؛ رعايةً لدنياها وأخراها، يدل على ذلك ما أخرجه سعيد بن منصور (591) والبيهقي في سننه 7/82، من طريق أسماء بنت أبي بكر، رضي الله عنهما، قالت: إنما النِّكاحُ رِقٌّ فَلْيَنْظُر أحدُكم أين يُرِقُّ عَتِيقَتَهُ.
وقد حذر صلى الله عليه وسلم من رفض صاحب الدين والخلق، وأخبر أنه سبب للفتنة في الأرض والفساد العريض. انظر جامع الترمذي (1084) وسنن ابن ماجه (1967) .
ومن أعظم الفساد تزويج المؤمنة لكافر لا يؤمن بالله واليوم الآخر، أو تزويجها لمبتدع في الدين، أما الكافر فلا يجوز للمسلمة البقاء في عصمته باتفاق المسلمين؛ لقوله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكين حَتَّى يُؤْمِنوا ... ) [البقرة: من الآية221] . وإذا كان المبتدع عنده بدعٌ مكفِّرة فكذلك لا يجوز البقاء معه، وأصل النكاح فاسد، يفرق بينهما، ولو كانت المرأة حاملًا؛ فإن هذا يكون كنكاح الشبهة، كما أنه لا يؤمّن على المرأة أن يفسد عقيدتها، ولا شك أن من زوَّج المبتدع أو رضي بذلك فهو آثم، وأما التوبة فبابها مفتوح إلى قيام الساعة، وأما المبتدع بدعة غير مكفِّرة فإنه يختلف حاله بحسب البدعة، وإذا كنتم تدعون أن تزويجكم جاء عن طريق السحر، فإن هذه المسألة مردها المحكمة الشرعية، فإذا ثبت ذلك فإنه نكاح باطل؛ لأن الرضا شرط من شروط النكاح. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(11/204)
نصراني يريد الزواج بمسلمة
المجيب محمد بن عبد الله المجلي
قاضي بالمحكمة العامة في محافظة دومة الجندل
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج الكافر والمرتد من المسلمة
التاريخ 16/11/1425هـ
السؤال
أنا نصراني، متزوج، وعندي ولدان، لكنني أحب فتاة مسلمة وهي تحبني، أريد الزواج منها سرًّا دون أن يعرف أحد؛ لأن أهلي سيقتلوني إن عرفوا أنني تزوجت مسلمة، وزوجتي ستأخذ الأولاد وتهرب مني معهم. ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، أما بعد:
أولًا: أدعو السائل إلى التعرف على دين الإسلام والدخول فيه، فهو الدين الذي لا يقبل الله من أي إنسان سواه بعد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الدين الذي بشر به عيسى، عليه الصلاة والسلام، النصارى حين قال: (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) [الصف: 6] . وأقول للسائل ما قاله ربنا عز وجل: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللهِ) [آل عمران: 64] . وإن المؤمن بعيسى، عليه السلام، حق الإيمان والمتبع له حق الاتباع يجب عليه الإيمان بدين محمد صلى الله عليه وسلم، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم قد بعث إلى الناس كافة؛ العربي منهم وغير العربي، حتى اليهود والنصارى؛ لأن عيسى عليه السلام، أخبر عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه باتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان به، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؛ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ". أخرجه مسلم (153) . لذا فإني من حبي للخير لهذا السائل ومن الشفقة عليه، أدعوه إلى طاعة عيسى عليه السلام في أمره باتباع النبي محمد عليه الصلاة والسلام، والإيمان بدينه الإسلام؛ حتى ينجو من عذاب الله يوم القيامة.
ثانيًا: الجواب على سؤال السائل، هداه الله، هو أن الشريعة الإسلامية تحرم زواج المرأة المسلمة من غير المسلم؛ لقوله تعالى: (وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ) [البقرة: 221] . وقوله عز وجل: (وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) [النساء: 141] . والزواج الذي أباحه الإسلام من غير المسلمين هو زواج الرجل المسلم من المرأة غير المسلمة النصرانية أو اليهودية فقط؛ لقوله سبحانه وتعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ) [المائدة: 5] . أما زواج المرأة المسلمة من رجل غير مسلم حتى لو كان يهوديًّا أو نصرانيًّا فإن الإسلام لا يبيحه لما سبق ذكره، لذا فإنه لا سبيل إلى الزواج من المرأة المسلمة التي ذكر السائل إلا بدخوله دين الإسلام، وعليه ألا يمنعه الخوف من أهله أو مما يترتب على دخوله الإسلام- من الدخول في الإسلام، لأن الخوف من ذلك ليس عذرًا مقبولًا عند الله، ولأن الدخول في دين الإسلام فيه سعادة الدنيا والآخرة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/205)
زواج الزاني بمن زنى بها وما يترتب عليه
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية
التاريخ 20/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إلى فضيلة المشايخ العلماء:- حفظهم الله تعالى ونفع بعلمهم-.
هذا السؤال موجه إليكم من بعض إخوانكم من طلبة العلم المقيمين في بلاد الغرب، وهو سؤال فقهي، ونصه: هناك بعض الشباب ممن قدم إلى هذه البلاد يرتبط حال قدومه بامرأة من النصارى ارتباطاً غير شرعي، ويقدر أن يرزقا أولاداً من هذه العلاقة، وبعد مرور فترة من الزمن يصحو ذلك الشاب من غفلته، ويريد أن يرجع إلى الله ويتوب إليه، ولكن يجد أمامه بعض العراقيل التي تجعله يبعد عن درب النجاة.
فهل يجوز لهذا الرجل أن يستمر مع هذه المرأة؟ وإذا كانت الإجابة بنعم هل يلزمه إنشاء عقد جديد عليها؟ وكم هي مدة الاستبراء أهي شهر أو أكثر؟ وما حكم أولاده منها قبل هذا العقد؟ هل ينسبون إليه أم لا؟ إذا كانت الإجابة لا فكيف يتعامل معهم؟ وهل يرثونه في حال موته أو العكس؟ علماً أن هؤلاء الشباب في تلك الفترة قد لا يصلون أصلاً، وبعضهم قد يصلي، فما هي الإجابة في الحالتين؟ هذا السؤال في غاية الأهمية، فأفتونا مأجورين إن شاء الله وبارك الله فيكم، ولا تنسونا من صالح نصحكم لنا ولمثل هؤلاء الشباب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فمن زنا بامرأة وارتبط معها ارتباطاً يعلم أنه ليس نكاحاً بل مجرد علاقة غير شرعية لا يعتبرها نكاحاً، فهو آثم في فعله عليه التوبة منه، وإذا أراد الزواج من هذه المرأة فعليه التحقق من عدم رغبتها في الزنا واجتنابها حتى يستبرئ رحمها بأن تحيض أو تضع حملها إن كانت حاملاً، ثم يعقد عليها بعد ذلك.
وأما إن ارتبط بها معتقداً أن ارتباطه بها يكفي عن عقد النكاح وكان لا يصلي، فعلاقته تكفي عن عقد النكاح، أما المصلي فلا يكفي الارتباط ليكون زواجاً إلا بالإجراء الشرعي من الإيجاب والقبول.
والسبب في التفريق بين المصلى وغيره أن غير المسلمين يقرون على أنكحتهم إذا اعتقدوا صحتها، سواءٌ في ذلك المرتد والكافر الأصلي.
وليحذر المسلم من الزنا فإنه من كبائر الذنوب، قال تعالى: "والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب" [الفرقان:68-69] ، وعليه أن يتوب وليحرص أن يعقد نكاحه على من تكون معنية له على دينه وهو في أوساط الكفار بأن يتزوج المسلمة ويترك غيرها، مع أن نكاح الكتابية جائز إذا كانت عفيفة، لكن المسلمة أولى منها.(11/206)
أما الأولاد الذين يكونون ثمرة العلاقة فإن كانت علاقة يعتقدها الشخص كافية عن النكاح فهم أولاده لا شك، وأما إن كان يعتبر علاقته زنا، أو كان مسلماً فإن الأولاد أولاد زنا، وولد الزنا ينتسب لأمه دون شك، وهل يصح انتسابه للزاني؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم، والذي يظهر أن المرأة إذا كانت لا تزني بغير هذا الزاني، ولا ترتكب الزنا مع غيره ولم يجامعها سواه، وهي غير متزوجة فإن للزاني أن يستلحقهم بنسبه، ويكونون أبناءً له، وهذا هو مذهب الحسن البصري وإسحاق وسليمان بن يسار، ومال إليه العلامة ابن القيم في زاد المعاد (5/425) ، ويشهد له ما في حديث جريج، لما قال للغلام الذي زنت أمه بالراعي من أبوك يا غلام؟ قال: فلان الراعي، متفق عليه عند البخاري (2482) ومسلم (2550) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. هذا ما يظهر لي في هذه المسألة، سائلاً الله التوفيق للجميع.(11/207)
اكتشف حملها بعد الزواج
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية
التاريخ 18/6/1424هـ
السؤال
لقد سبق لي الزواج من فتاة أوربية مسلمة، ويعلم الله سبحانه وتعالى لم أتزوجها إلا لأنها مسلمة، ولم يكن الهدف إلا العفاف, فإذا هي حامل في الشهر الثاني، لقد اكتشفت بأنها تخونني في فراش الزوجية، ولقد وجد الدليل، وتم اعترافها ضمنيا على هذه الفعلة الدنيئة, أفيدوني جزاكم الله ألف خير، ماذا أفعل؟ وما هو رأي الدين في ذلك؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: إن ثبت أن المرأة كانت حاملاً قبل العقد عليها فالنكاح باطل، لما رواه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا توطأ حامل حتى تضع" رواه أحمد 3/28 وأبو داود (2157) والدارمي (2295) ، والبيهقي (9) والحاكم (2/212) وقال: صحيح على شرط مسلم (1240) ، قال الحافظ ابن حجر إسناده حسن التلخيص الحبير (1/171) ، أما إن حملت بعد العقد فالأصل أن الولد للزوج لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" رواه البخاري (2105) ، ومسلم (1457) ، من حديث عائشة - رضي الله عنها - أما إن قذف الرجل زوجته فيسقط عنه الحد باللعان، وكذا نفي الولد لابد فيه من اللعان لنفيه، قال تعالى: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ" [النور: 6-9] . وروى سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - أن عويمرا العجلاني قال: يا رسول الله أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها، قال سهل فتلاعنَا وأنا مع الناس، رواه البخاري (5002) ، قال ابن شهاب: فكانت السنة بعدهما أن يفرق بين المتلاعنين، وكانت حاملاً وكان ابنها يدعى لأمه، قال ثم جرت السنة في ميراثها أنها ترثه ويرث منها ما فرض الله له، انظر صحيح البخاري (5/2033) ، وعلى الأخ السائل أن يتقي الله تعالى، ولا يستعجل في قذف أهله حتى يتحقق من صحة ذلك، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/208)
حكم عقد الرجل الزاني على من زنى بها
المجيب د. خالد بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية
التاريخ 8/9/1422
السؤال
رجل محصن زنى بامرأة بكر، وبما أنه يعيش في بلد علماني فالحل عندهم هو الزواج بالمزني بها إذا كانت بكراً، وهذا ما ينوي فعله، فزوجته الأولى تسأل عن حكم علاقتها بهذا الزوج الزاني سواء إذا تزوج بهذه المرأة أو لم يتزوج بها.
الجواب
أما حكم علاقة الزوجة الأولى به فهو بقاء عقد الزوجية صحيحاً وهي في عصمته، ولها أن تطلب الطلاق إن لم يتب؛ لأن الزنى من سوء الخلق المجيز للمرأة طلب الطلاق، وهذا الحكم لا يختلف سواء تزوج بمن زنى بها أم لم يتزوج، وأما زواجه بمن زنى بها فهذا حسنُُ إصلاحاً لما أفسدا، لكن عليهما التوبة من الزنى لقوله - جل وعلا -: " وتوبوا إلى الله جميعاًأيهاالمؤمنون لعلكم تفلحون " " (النور: 31) وينبغي أن تكون التوبة قبل إبرام عقد الزواج، لأن طائفة من أهل العلم يشترطون على الزانيين التوبة ليصحّ زواجهما، لقوله - جل وعلا -: " الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين " (النور: 2) .(11/209)
الزواج بالحامل من زنى
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية
التاريخ 4/7/1423هـ
السؤال
رجل تزوج بامرأة حامل من زنى، هل العقد صحيح؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
لا شك أنه يجدر بالمسلم أن يحرص على الاقتران بالزوجة الطيبة العفيفة، التي تعينه على دينه وتحفظه في غيبته.
وإذا زنت المرأة فإنه لا يجوز للمسلم أن يتزوجها ولا يصح عقده عليها إلا أن تنتهي عدتها بوضع الحمل إن كانت حاملاً أو بالحيض إن لم تكن حاملاً، ولو كان الزنى من الخاطب نفسه كما هو مذهب أحمد وأهل المدينة وجمهور أهل العلم، وهو الأحوط والأبرأ للذمة.
وهذا إن كانت معذورة في الزنى كأن تكون مكرهة، فإن كانت آثمة فإنه يضاف شرط آخر، وهو: أن تتوب من الزنى؛ لقوله -تعالى-:"والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحُرم ذلك على المؤمنين" [النور:3] .
والحاصل أن الزواج بالمرأة الحامل من الزنى نكاح باطل على الصحيح من أقوال أهل العلم، وعلى من عقد على حامل أن يجتنبها حتى تضع حملها ثم يعقد عليها مرة أخرى بعد وضعها للحمل -إن رغب-، وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.(11/210)
زواج الزاني من المزني بها
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية
التاريخ 25/2/1423
السؤال
السؤال: تعرفت على فتاة وحدث بيني وبينها اتصال وحملت مني، فعقدت عليها، وبعد العقد قمت بالذهاب بها لطبيب، وقام هذا الطبيب بإجهاض الحمل حيث كانت حاملاً في الشهر الرابع أو الخامس، وبعد الإجهاض بسنة أعلنت الزواج منها، ورزقني الله منها أولاداً. أرجو أن تنبهوني ماذا أفعل؟
الجواب
أولاً: زواج الزاني من المزني بها فيه خلاف بين أهل العلم على قولين: أرجحها أنه لا يجوز إلا أن يتوبا من هذه الفعلة الشنيعة، كما هو ظاهر القرآن الكريم قال -تعالى-:" الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" [النور:24] .
ثانياً: أن الزاني والزانية لو تابا من الفاحشة وأحبّا أن يتزوجا فإن أهل العلم اشترطوا ألا يكون ثمَّ حمل من الزنى، بمعنى أنه لا بد من استبراء الزانية بحيضة يُعلم بها طهارة رحمها؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:" لا يحل لامرئٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره" رواه أبو داود (2158) من حديث رويفع بن ثابت الأنصاري. والولد من الزنا لا ينتسب إلى أبيه شرعاً.
والعقد بهذا يكون عند الجمهور باطلاً، وحينئذٍ يجب عليكما أن تجدّدا العقد بينكما، والعقد السابق تكون آثاره من انتساب الولد والذرية صحيحاً؛ لأن الموطوءة بشبهة حكم آثارها كحكم الموطوءة بعقد صحيح عند أهل العلم.
وعليه فأولاد المرأة هم أولادك شرعاً وديانةً وقضاءً، إلا أنه يجب عليك من حين العلم أن تجدد عقدك السابق؛ لأنك عقدت عليها ولمّا تعتد المرأة؛ لقوله -تعالى-: " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله" [البقرة:235] وهي العدة.
ثالثاً: إجهاض الجنين بعدما يتخلّق في بطن أمه وبعد نفخ الروح فيه محرم بإجماع أهل العلم؛ لأن الجنين أصبح نفساً، وقد قال -تعالى-:" ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" [الأنعام:151] ويجب على الزوجة وعلى المسقط عتق رقبة كفارة لقتل الخطأ، فإن لم يجدا فصيام شهرين متتابعين لآية القتل الخطأ المذكورة في سورة النساء.
وكذلك يجب على المسقط أيضاً غرة (عبد أو وليدة) أو نصف عشر الدية، وهي خمس من الإبل أو خمسون ديناراً، وهذا مذهب الأئمة الأربعة -رحمهم الله- أو ما يعادلها من النقود الورقية.(11/211)
الزواج بمن زنى بها
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية
التاريخ 26/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وقعت في الزنى من فتاة بكر، والآن ندمت وتبت إلى الله، ولكن الفتاة قالت لي يجب أن تتزوجني، والمشكلة أني لا أحبها.
(1) لا أملك المادة للزواج الآن.
(2) هي ليست متدينة، وأنا أبحث عن فتاة متدينة تعينني على ديني.
(3) هي من عائلة مسلمة بعيدة عن الإسلام فوالدها يشرب الخمر، وعائلتي متدينة والحمد لله، ولذلك سأقع في مشاكل مع عائلتي، فسؤالي هل يجب علي الزواج منها أم ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله وحده وبعد: لا يلزمك الزواج بالمرأة المذكورة، بل إذا كانت لا تزال تقع في الزنا فإنه يحرم عليك أن تتزوجها، وأوصيك بعدم الخلوة بالنساء الأجنبيات عنك، وعدم مشاهدة ما يثير الغرائز من المحرمات، وعليك بكثرة الصيام، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/212)
زواج الزاني بالزانية
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية
التاريخ 24/10/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم تعرفت على فتاة وعاشرتها معاشرة الأزواج ولم أجدها بكرا، وقبل أن أخطبها أخبرتني أنها سبق لها الزواج وهي في التاسعة عشرة من شخص اغتصبها وحملت منه وكان الزواج عبارة عن إقرار من الرجل بأنها زوجته. وقد أجهضت عن طريق الطبيب في الشهر الثالث لأن الزواج كما قالت كان سريا، وبعد فترة انفصلوا وأعادت الكرة مع مسيحي بإقرار أيضا أنها زوجته، ومات منذ أربع سنوات. فهل يجوز الزواج منها؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين.
فبعد فالجواب: أنه قد اتضح من سؤالك أيها السائل أنك وتلك المرأة كل منكما زان، فإنك تقول بأنك عاشرتها معاشرة الأزواج، ثم هي قد رضيت بذلك، وأعادت زناها مع غيرك، والزنا جريمة عظيمة قد حرمها الإسلام، قال تعالى: "وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً" [الإسراء:32] .
لكن إن تاب كل منكما توبة نصوحاً جاز الزواج منكما، فيجوز لك الزواج أيها السائل من تلك المرأة، وقد نص العلماء على ذلك، فقد جاء في منار السبيل في شرح الدليل ما نصه (وتحرم الزانية على الزاني وغيره حتى تتوب وتنقضي عدتها، لقوله تعالى: "َالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ" الآية، [النور: 3] فإذا تابت وانقضت عدتها حلت لزان كغيره في قول أكثر أهل العلم؛ منهم أبو بكر وعمر وابنه وابن عباس وجابر - رضي الله عنهم - " انتهى، والله أعلم.(11/213)
أرغم على الزواج ممن زنى بها
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية
التاريخ 2/5/1424هـ
السؤال
ما حكم من تزوج بفتاة كان على معرفة غير شرعية بها؟ فلما انكشف أمرهما عرض عليه أهل الفتاة إما الزواج بها أو إبلاغ الجهات المختصة، فوافق هذا الشاب على الزواج وهو مرغم، وعلى نية تطليقها بعد فترة.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: فإن كان الأخ السائل قد عقد على المرأة المذكورة قبل الحمل فقد صحح هذا العقد بعض العلماء، أما إن كانت حاملاً بسبب زناه بها فلا يصح العقد، وعليه تجديده بعد وضعها إذا تحقق توبة المرأة مما فعلته، قال تعالى: "الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِين"َ [النور:3] ، وأشير هنا أن الزنا من كبائر الذنوب، قال تعالى: "وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً" [الفرقان:69] ، فعلى الأخ السائل التوبة لعل الله تعالى أن يتوب عليه، قال تعالى: "إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" [الفرقان:70] ، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/214)
الزواج بالزانية المطلقة
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية
التاريخ 01/11/1425هـ
السؤال
ما حكم الزواج بالزانية المطلقة؟ علمًا بأن الزاني زنا بها وهي متزوجة، وأنها حملت من الزاني وأنجبت، فهل يحل للزاني الزواج بها؟ علمًا بأنه زنى من دون أن يعلم أنها متزوجة.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: فالجواب على ذلك كالتالي:
أولًا: الزنا كبيرة من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) [الفرقان:68] . وعقوبة الزاني البكر جلد مائة وتغريب عام، قال تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [النور:2] . وجاء التغريب في جملة أحاديث رواها البخاري (2696) ومسلم (1698) . وأما الزاني الثيب فحدّه الرجم حتى الموت، كما صحت بذلك الأخبار عنه- صلى الله عليه وسلم- فقد رجم ماعزًا- أخرجه البخاري (6824) ومسلم (1693) - والغامدية، رضي الله عنهما. أخرجه مسلم (1695) .
ثانيًا: ما يتعلق بالحمل فإنه لصاحب الفراش، وهو الزوج، ما لم ينفه، لما روته عائشة، رضي الله عنها، قالت: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ. قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَقَالَ: ابْنُ أَخِي، قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ. فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَسَاوَقَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ أَخِي، كَانَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ. فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ". ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ". رواه البخاري (2053) ومسلم (1457) .(11/215)
ثالثًا: لا يجوز للزاني أن يتزوج من زنى بها إلا إذا تحققت توبتهما مما فعلاه، قال تعالى: (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [النور:3] . فعلى الأخ السائل التوبة والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة لذلك، قال تعالى: (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الفرقان:70] . والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/216)
تزوجها قبل توبتها من الزنا
المجيب سليمان بن عبد الله القصير
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية
التاريخ 16/6/1425هـ
السؤال
سؤالي: أجاز الله -تبارك وتعالى- الزواج من الكتابيات, لكنه اشترط فيهن الإحصان والعفة, قال تعالى: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم"، فهل يصح أن يقال لرجل عاشر امرأة نصرانية، وزنا بها بأن عقده على هذه النصرانية غير صحيح؛ لأنه أخل بشرط من شروط الصحة وهو العفة, لأنها عند عقد النكاح لم تكن قد تابت من الزنا معه, مع العلم أن هذا الرجل وفقه الله لإسلام زوجته, وهي الآن مسلمة وحسن إسلامها, وقد بقيت مع زوجها هذا فترة ليست بالقليلة, وله منها أطفال, السؤال تحديداً: هل يجب عليهما إعادة عقد النكاح؟ وإذا كان الجواب بنعم, هل يؤمر بفراقها حتى يجدد العقد؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
الجواب: أولاً - نحمد الله -تعالى- أن منَّ على هذه المرأة بالهداية للإسلام، والإسلام يجبّ ما قبله من الذنوب. ونسأل الله لنا ولها الثبات عليه.
ثانياً - لا يجب عليه إعادة عقد النكاح، ولو كان زانياً بالمرأة المعقود عليها عند العقد؛ لأن نكاح الزانية صحيح عند جمهور العلماء، فقد قال بصحته أبو حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم، وقد سئل ابن عباس -رضي الله عنهما- عن نكاح الزاني للزانية فقال: أوله حرام وآخره حلال، وروي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- ضرب رجلاً وامرأة بسبب زناهما، ثم حرص أن يزوجهما من بعضهما. (انظر: الشرح الكبير لابن قدامة 20/ 337) .
والمرأة الكتابية حكمها حكم المرأة المسلمة في كل ما يتعلق بالنكاح كما قَالَ الإمام الشَّافِعِيُّ - رحمه الله - في كتاب الأم (ج 5:ص 9) : (الكِتابية فِي جَمِيعِ نِكَاحِهَا وَأَحْكَامِهَا الَّتِي تَحِلُّ بِهَا وَتَحْرُمُ كَالمسْلِمَةِ لا تُخَالفها فِي شيء وفيمَا يَلْزَمُ الزَّوْج لها.. الخ) .
أما الآية التي ذكرها السائل، وهي قوله تعالى: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" [المائدة: 5] ، فقد نصت على المحصنات، وقد فسَّر جمهور العلماء الإحصان بالعفة , وذهب آخرون ومنهم ابن عباس - رضي الله عنهما- إلى تفسيرها بالحرية، وأن المراد بالمحصنات الحرائر وليس المملوكات، وكلا التفسيرين صحيح وموافق للغة القرآن، وليس المراد بيان هذا الآن.
والمقصود أن اشتراط الإحصان في المرأة الكتابية، وكذا التوبة من الزنا بالنسبة للمرأة الزانية هذا كله قبل إجراء عقد النكاح، أما وقد تم العقد - بالنسبة لصاحب هذا السؤال - وحصل إنجاب وغيره فلا يجب تجديد العقد، ولو كان السؤال قبل العقد لتغير الحال، والله أعلم.
وعلى السائل التوبة إلى الله مما وقع منه، والإكثار من الاستغفار حتى يكفر الله عنه ما فعل، وليبشر بالخير، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(11/217)
حملت منه سفاحاً ثم أراد نكاحها
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية
التاريخ 05/07/1425هـ
السؤال
لقد تعرفت على امرأة نصرانية وجامعتها بالحرام عدة مرات، وفوجئت بأنها حامل، واتفقنا على الزواج في بلدها، فهل يجوز عقد النكاح المتعارف عليه في بلدها؟ (أي طريقتهم في النكاح) ، وما حكم الولد بعد الزواج أثناء الحمل؟ أو ما حكم الزواج بعد وضع الحمل؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
أخي السائل: تاب الله -تعالى- عليك، لقد تضمن سؤالك ثلاثة أسئلة، وإليك الجواب عنها:
أولاً: سؤالك هل يجوز عقد النكاح المتعارف عليه في بلدها (أي طريق في النكاح؟) .
الجواب: في الحقيقة أن في هذا السؤال إجمالاً، فما هو المقصود بطريقتهم في النكاح؟ فإن كان المقصود طرق توثيقه رسمياً فالأصل جواز ذلك؛ لأن توثيق عقد النكاح أمر خارج عنه، أما إذا كان مراد السائل الطقوس الدينية التي يمارسونها عند إبرام عقد النكاح، فهذا لا يجوز للمسلم أن يرضى به؛ لأن فيه موافقة لما هم عليه من كفر، وهذا وإن لم يكن فيه أثر على عقد النكاح إذا تحققت أركانه وشروطه، إلا أن فيه خطراً على عقيدة الزوج ودينه، قال الشيخ خالد عبد القادر في كتابه فقه الأقليات المسلمة صحيفة (452) : من المعلوم أن العقد يتم فيما يسمى (بمكتب الزواج المدني) ، المتخصص في شئون توثيق الزواج قبل أن يتم في المعابد، فإن تم قبله وكان مستكملاً للأركان، مستجمعاً للشروط، فالعقد صحيح، وما يتم بعد ذلك من حضور احتفال في المعبد فلا تأثير له في صحة العقد أو فساده، وإنما تأثيره على عقيدة الزوج؛ فقد يسبب له ذلك الكفر إن رضي به؛ لأن الرضا بالكفر كفر بإجماع الأمة، أو قد يطلب منه ترديد عبارات، أو القيام بممارسة أعمال تعتبر ردة في ذاتها، والمسلم ينأى بنفسه عن ذلك، ولو خسر متاع الدنيا بأكمله، قال تعالى: "وما عند الله خير وأبقى" [القصص:60] ، وليكن معلوماً أن من ضحى بمصلحة دنيوية في سبيل حماية دينه وعقيدته فإن الله -سبحانه- سيجعل له فرجاً ومخرجاً من حيث لا يحتسب، وأما من تم عقده في معبد لأهل الكفر ... ، إلى أن قال: (وليبين على من فرط في حق الله وليبين لإخوانه ضرر هذا المسلك ومفاسده حتى لا يسلكه غيره ممن حوله، وإن كان حضوره في المعبد لمجرد إشهاره أمام القسيس الحبر، فقد ارتكب إثماً عظيماً؛ لما في ذلك من مشابهة الكفار في شعائر الزواج وتعظيم مشاعرهم ومعابدهم، ونبينا - عليه الصلاة والسلام- يقول: "من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أبو داود (4031) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - ا. هـ، والمقصود أن عقد الزواج سواء كانت الزوجة مسلمة أو كتابية لا بد أن يكون وفق أحكام الشريعة الإسلامية، ومن ذلك تحقق الشروط، وانتفاء الموانع، ومن الشروط الواجب توفرها:
1- أن يلي إنكاحها ولي كتابي على الصحيح من كلام أهل العلم؛ لأن غير المسلم له ولاية على مثله ولا يسلبها عنه كفره (راجع فقه الأقليات المسلمة للشيخ خالد عبد القادر صحيفة (441) ، وذكر أنه اختيار ابن قدامة، وقال بجوازه جماهير علماء الأمة) .(11/218)
2- أن يُشْهِدَ على العقد شاهدين مسلمين عدلين، أو يعلن العقد للناس، فلا يجوز نكاح السر، وقال بعض أهل العلم إنه لا ينعقد - أي نكاح السر-.
3- من الشروط المهر وتسميته في العقد سنة إسلامية، ويصح كونه مؤجلاً، ويصح أيضاً تنازل المرأة عنه، والمهر حق خالص للمرأة؛ قال تعالى: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً" [النساء:4] .
ثانياً: حكم الزواج بها بعد وضع الحمل: فالجواب: الأصل جواز نكاح المرأة الكتابية إذا كانت محصنة؛ قال تعالى: "اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان"، الآية [المائدة:5] ولقد اختلف الفقهاء والمفسرون في معنى كلمة (الإحصان) في الآية، فمعظمهم قال إن معنى الإحصان هو الحرية، وممن اختار هذا ابن جرير الطبري في تفسيره لهذه الآية، ومنهم من فسر معنى الإحصان بالعفة، وقال إن المحصنات في الآية من العفة، وعليه فإنه يحرم على المسلم نكاح البغايا من الكتابيات، وهو قول جمع من أهل العلم، والواقع أن المسألة مختلف فيها، والأدلة فيها بالنسبة لي أمر محير؛ وذلك لأن الفقهاء اختلفوا أيضاً في حكم الزواج بالمسلمة الزانية التي لم تتب، قال ابن قدامة في الشرح الكبير (ج20) صحيفة (237) ، الشرط الثاني أي شروط الزواج بالزانية أن تتوب من الزنا، وبه قال قتادة وإسحاق وأبو عبيد، وقال أبو حنيفة والشافعي ومالك: لا يشترط ذلك) ا. هـ، ثم ذكر أدلة موجزة، ولكنهم اتفقوا في الجملة على جواز نكاحها إذا تابت، ونصيحتي لكما أن تتوبا من هذه المعصية فإذا حققتما ذلك فيجوز لك أن تتزوجها بشرط أن يثبت أن الحمل منك، فإن كان من غيرك فلا يجوز لك أن تتزوجها وهي حامل.
ثالثا: سؤالك عن حكم الولد.
فالجواب: الراجح من كلام أهل العلم أنه إذا استلحق الرجل ولده من الزنا ولا فراش لغيره، أنه يلحق به والمراد بهذا أنه إذا كان المزني بها غير متزوجة فلم تكن فراشاً لأحد، فإن حملت من شخص من الزنا فإنه يجوز له استلحاقه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ففي استلحاق الزاني ولده إذا لم تكن المرأة فراشاً قولان لأهل العلم، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر"، فجعل الولد للفراش دون العاهر، فإذا لم تكن المرأة فراشاً لم يتناول الحجر، مجموع الفتاوى (32/112/113-139) . والله أعلم.(11/219)
نكاح الزانيين بعد التوبة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/نكاح الزانية
التاريخ 22/08/1426هـ
السؤال
سمعت خلافاً في تصحيح العلاقة المحرمة بين الرجل والمرأة وذلك بتزويجهما، فهل صحيح أن الصحابي عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- حرم ذلك، وقال: إن الذنب موجود وإن حصل التزويج بين الرجل والمرأة بعد وقوع الزنا؟! آمل إفادتي، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فجمهور أهل العلم على صحة نكاح الزانية بعد توبتها واستبراء رحمها من ماء السفاح، وقد روي عن بعض أهل العلم كما روي عن ابن مسعود -رض الله عنه- أنه جعل النكاح بين الزانيين محرماً على التأبيد حتى ولو تابا توبةً نصوحاً، ولعله أخذ بظاهر الآية: (الزاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً) [النور: 3] . لكن جمهور أهل العلم يخصونها بغير التائبَين، فهي عامة في كل زانٍ لم يتب؛ وإلا فإن من تاب من الزنا لا يقال: إنه زانٍ، والتائبة من الزنا لا يقال: إنها زانيةً، وعمومات أدلة الشريعة في الكتاب والسنة تدل على جواز نكاح الزانيَيْن بعد توبتها؛ فإن التوبة تجبّ ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
ومعنى قول ابن مسعود -رضي الله عنه-: إذا زنى الرجل بامرأة ثم تزوجها فهما زانيان أبداً؛ أي أن النكاح بينهما فاسدٌ لا اعتبار له، فصار ما بينهما سفاح لا نكاح؛ لأنه بغير عقد شرعي صحيح، وليس معنى كلامه أنه لا تقبل منهما توبة أبداً، بل التوبة منهما صحيحة، لكنه -رضي الله عنه- يحرم بينهما النكاح على التأييد.
والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/220)
السفر بالمرأة بعد العقد عليها
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 7/4/1422
السؤال
أنا شخص عقدت قراناً على ابنة خالتي (عقد قران فقط) ، فهل يجوز أن تسافر بصحبتي؟ شاكرين لفضيلتكم تعاونكم.
الجواب
لا بأس بذلك؛ لأنها بعد عقد الزواج عليها زوجة يحل لزوجها منها ما يحل للزوج من زوجته.(11/221)
الجلوس مع المخطوبة
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 16/9/1422
السؤال
هل يجوز تكرار الجلوس مع مخطوبتي في وجود محرم؟
الجواب
يجوز تكرار الجلوس إذا كانت ساترة لجميع بدنها، ولم يكن هناك خلوة، أمّا إذا أظهرت شيئاً من بدنها، أو خلا بها فيحرم؛ لأنها لا تزال أجنبية مادام لم يحصل العقد، فإذا حصل العقد فهي زوجته، ولو لم يعلن الزواج.(11/222)
ما يسن ليلة الزفاف
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 1/4/1423
السؤال
ما هي السنة الصحيحة والواجب اتباعها في ليلة الدخلة؟ وهل هناك دعاء معين يقال في تلك الليلة؟ وهل يؤم الرجل زوجته في صلاة ركعتين في تلك الليلة؟ وهل يجلس في بيته سبعة أيام لا يخرج للصلاة أو مقابلة الناس؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وبعد: ممّا يسن فعله ليلة الدخول على الزوجة السلام عليها، وملاطفتها بالحديث حتى تزول وحشتها، ولو وضع يده على جبهتها ودعا بالمأثور من مثل " اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلت عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه" أبو داود (2160) الحاكم في مستدركه (2/543) واللفظ له، لكان حسناً.
ولا بأس بصلاة ركعتين منفرداً أو آمّاً لزوجته على أن تكون خلفه إلا أنه لا يعتاد فعل هذه النافلة معها أو مع غيرها؛ لأنَّ النوافل لا تفعل جماعة على سبيل الدوام إلا في حدود الوارد كالتراويح في رمضان مثلاً.
وأما عدم الخروج لأداء الصلاة سبعة أيام، أو أقل فأمر محرم لا يجوز فعله إذ إنَّ أداء الصلاة جماعة في المساجد واجب لا يعذر بتركه من أجل الزواج، وأما ترك مقابلة الناس سبعة أيام كذلك فأمر محدث لا أصل له في الإسلام فليحذر، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.(11/223)
زواج الإنسي من الجنية
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 12/6/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم زواج الإنسان المسلم من المرأة الجنية المسلمة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
هذا سؤال فضولي لا فائدة فيه، ولا ينبغي الاشتغال بالكلام فيه، وهذا مخالف لسنة الله في التزاوج، فالله -تعالى- إنما امتن على عباده بأن خلق لهم أزواجاً من أنفسهم "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها" [الروم:21] فقوله:"من أنفسكم" يعني: من جنسكم، من بعضكم، فهذا يدل على أن زواج الإنس من الجن هذا مخالف للسنة الكونية، وليس الشأن في حكمه وجوازه، لكن هل ذلك ممكن، نعم هناك تزاوج يكون بعدوان الجن على الإنس، فإنه كثيراً ما يداخل المرأة الرجل من الجن، ويداخل الرجل من الإنس جنية، هذا هو الغالب ويكون من دوافع هذا العدوان وهذا المس العشق، كما عُلم من حال كثير من المصابين بمس من الجن نعوذ بالله من شياطين الإنس والجن، وهذا إنما يكون من فسقة الجن أو كفارهم، فإن مس الجن ودخولهم في الإنسان هو ضرب من الظلم والعدوان، فعلى الإنسان أن يتحصن من شياطين الإنس والجن بالأذكار الشرعية المختلفة المشروعة في سائر الأوقات، وأن يستعيذ بالله، الذي لا يقدر على دفع شرهم إلا هو -سبحانه وتعالى-، والله أعلم.(11/224)
تزويج القاضي للفتاة المعضولة
المجيب محمد بن صالح الدحيم
القاضي في محكمة الليث
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 29/2/1425هـ
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر السابعة والعشرين، تقدم لخطبتي فتى من أقاربنا وتمت الموافقة عليه من قبل جميع أهلي ما عدا والدي لم يكن هنالك أي سبب مقنع لرفضه لهذا الفتى. علماً بأن الفتى يعد ابن خالة والدي، وهو شخص ملتزم ومتعلم.
سؤالي هو: ما حكم عقد قرانه عليِّ من قبل المحكمة الشرعية دون علم والدي؟
الجواب
الحمد لله وحده وبعد:
المرأة إذا تقدم لها الرجل الصالح ديناً وخلقاً فإن على وليها أن يزوجها قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ... ". وإذا رفض الولي من والد أو أخ أو غيرهما تزويجها فلْيُتَلَطَّفْ معه، ولْيُحَاور ويُجادَل بالتي هي أحسن، ويُستمع إلى وجهة نظره فإن كانت صواباً أُخذ بها، وإن كانت غير ذلك فيُدَلُّ على الصواب. أما إن كان رفضه لسبب غير مقبول شرعاً فإن عمله هذا عضل وقد قال الله - تعالى-: "ولا تعضلوهن" [النساء:19] ، والعضل أحكامه، فعلى المرأة - والحالة هذه - أن تتقدم للحاكم الشرعي (القاضي) والذي بدوره يسقط ولاية العاضل، ويقيم ولياً صالحاً، فإن لم يكن لها ولي فالقاضي وليها. وبالمناسبة فإنني أدعو كل امرأة يمارس عليها العضل أن تأخذ بما تقدم، وعلى القضاة أن يتقوا الله في حل هذه المشكلة التي أصبحت ظاهرة اجتماعية خطيرة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(11/225)
خاتم الخطوبة (الدبلة)
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 21/11/1422
السؤال
ما حكم لبس خاتم الخطوبة أو الزواج للرجل والمرأة - الدبلة؟
الجواب
أصل هذه الدبلة من معتقدات النصارى ثم انتقلت مع الأسف للمسلمين من غير علم ومعرفة بأصلها وصار هذا عادة عند كثير من المسلمين. فإذا لم يكن في لبسها أي اعتقاد كاعتقاد أنها سبب للمحبة أو دوام العشرة فلا حرج في لبسها للمرأة. وإن كان فيها اعتقاد فلا يجوز لأن تعليق الأسباب بغير الله لا يجوز. وأما الرجل فلا يليق به مثل هذا. وإنما يجوز له لبس الخاتم.(11/226)
كراهية الزواج بين العيدين
المجيب د. حمود بن غزاي الحربي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 24/8/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أفيدونا مأجورين.
كثيراً ما نسمع بكراهة من يكبروننا سناً للزواج في فترة ما بين العيدين، مبررين ذلك بوجود تشاؤم، فهل يوجد مانع شرعي يؤيد ذلك؟ أم هي مجرد عادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان؟
الجواب
ما ذكره السائل يشتهر بين العامة من الناس، وهو ما يسمى بالتطير، والتطير: هو التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم، فالتشاؤم بالمرئيات؛ مثل لو خرج من بيته فرأى غراباً فتشاءم منه، والتشاؤم بالمسموع؛ مثل لو أراد الإنسان سفراً فسمع إنساناً يقول لآخر: يا خسران فتشاءم من السفر، أما التشاؤم بالمعلوم؛ كتشاؤم البعض من السفر أو الزواج في بعض الأيام أو الشهور أو السنوات، ومنه ما ذكره السائل عن كبار السن في بلده أنهم يتشاءمون من الزواج بين العيدين؛ وهذا ينافي التوحيد؛ لأن المتشائم قطع توكله على الله وتعلق بأمر لا حقيقة له، وقد تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائشة - رضي الله عنها - في شوال وبنى بها في شوال وكانت أحظى نسائه عنده وأحبهن إليه، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم (1423) في كتاب النكاح؛ باب: استحباب الزواج والتزويج في شوال واستحباب الدخول فيه، وكانت عائشة - رضي الله عنها- تستحب أن تدخل نساءها في شوال، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(11/227)
الزواج وفق السنة
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 6/8/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب زواجي قريب، وأريد أن يكون زواجاً كما أحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - من كل النواحي، أريد أن أعرف كيف كان زواج الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة - رضوان الله عليهم - والسلف - رحمهم الله - من بعدهم؟ وما هي السنن التي علي أن أفعلها؟ .. وهل أجعل يوم العرس وليمة صغيرة تقدم فيها للنساء محاضرة من إحدى الأخوات؟ أم أن الأفضل أن يكون يوم فرح؟ ويكون هناك مسجل للأناشيد؟ أو دف إسلامي؟
الجواب
الزواج من المناسبات السعيدة الكريمة التي يتعين فيها إظهار السرور والفرح والغبطة والبهجة، فقد قال عليه السلام: "أعلنوا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف"الترمذي (1089) واللفظ له، وابن ماجة (1895) وأحمد (16130) ، وقال - عليه السلام - لعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -: "أولم ولو بشاة" البخاري (2048) ، ومسلم (1427) ، فالوليمة في الزواج سنة مؤكدة بلا إسراف ولا تبذير، ولا خيلاء، فلا مانع من الجمع بإقامة وليمة للأقارب والجيران والأصدقاء، وإلقاء محاضرة لبيان منهج الإسلام في إقامة الزواج، وإظهار نعمة الله على الأمة بهذا المنهج القويم، وبيان أن الزواج للخلق آية، وهو من الله نعمة، وأنه يفتح أبواب الرزق، ويحفظ نصف الدين، وعقده ميثاق غليظ، مع الاستشهاد بالنصوص الواردة في هذا، ولا مانع من إضافة الأناشيد التي فيها ثناء على العريسين وأسرتيهما، وإظهار الفرح بهذا الزواج، فقد كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يصنع شيئاً لإطعام من حضر من الصحابة - رضوان الله عليهم -، وكان عبارة عن تمر وشيء من الزبد، انظر: البخاري (5169) ، ومسلم (1365) وفي زواجه من زينب - رضي الله عنها - كانت المائدة من الثريد واللحم، البخاري (5168) ، ومسلم (1428) ولا شك أن الشعور بالغبطة والبهجة والتحدث بنعمة الله على الناس بالزواج أمر مطلوب، ولا ريب أن البعد عن الإسراف والتبذير والخيلاء واختلاط الرجال بالنساء، لا ريب أن البعد عن هذه الأشياء سعى إليه الإسلام. ونرجو لكم التوفيق.(11/228)
زواج عن طريق "الماسنجر"
المجيب د. رياض بن محمد المسيميري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 12/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لي علاقة عمل بالماسنجر مع أحد الأشخاص وهو إمام مسجد.
المشكلة الآن أنه بدأ يرمي ألفاظاً غريبة، يشعرني من خلالها بأنه يحبني ومعجب بي، وسبق أن سألني بشكل صريح هل نتزوج من خارج عائلتنا أم لا؟
مع العلم أنني غير متزوجة وهو كذلك! لم يصرح بالطلب لكن التلميحات واضحة.
حاولت منعه من التلميح، لكنني فشلت في ذلك، المشكلة الكبرى أنه إن تقدم رسمياً فقد يُرفض، وهو الأرجح، وعندها سوف تتلطخ سمعتي بأقاويل ليس لها أساس من الواقع! وإن وافقوا عليه أخشى من الفشل.. فماذا أفعل؟ أرجو الرد بسرعة!!!.
الجواب
الحمد لله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد، فما زلنا نحذر مراراً أخواتنا الفتيات - على وجه الخصوص - من مغبة إقامة علاقات مع الشباب مهما كانت الدوافع أو المبررات، ومهما أظهر الطرف الآخر حسن النية وسلامة القصد، وقد أثبتت التجارب والحالات المشابهة سقوط الطرفين في مصيدة العشق والغرام، ومن ثم الانزلاق المهين في أوحال الفاحشة النجسة.
وإن إثارة هؤلاء الشباب لقضية الزواج في خضم العلاقة القائمة بينهم وبين الفتيات، هو في شقه الأكبر ضرب من التخدير العاطفي، وكسب ثقة الطرف الآخر، وحتى لو صدقوا في دعواهم الزواج فإن دوام العشرة وقيام الأسرة الصالحة آخر ما يفكرون به، فالمقصود إذا هو قضاء الوطر، وتحقيق الوصال، ومن ثم قطع العلاقة بورقة الطلاق المعدة سلفاً.
إن هذا الإمام الذي وصفتيه بالصلاح لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد ما ينفقه ماعز - رضي الله عنه - أو نصيفة، ورغم ذلك وجدنا ماعزاً يقع ضحية نفسه الأمارة، وشهوته الثائرة، فيقارف الزنا في الحادثة الشهيرة، فهل بعد هذا تأمنين أمثال هذا الإنسان الذي لم يتورع عن إقامة علاقة بفتاة أجنبية بلا حياء أو وجل من الله تعالى؟
وإني أتساءل متحيراً ما الذي عرفكما ببعضكما أصلاً؟ وما الذي جرأك أنت بالذات لتبادل الحديث مع شاب أجنبي لا يمت لك بصلة؟
وإني أنصحك بسرعة المبادرة إلى التوبة وقطع الصلة بهذا الإنسان تماماً، واحمدي ربك أن الأمور لم تتجاوز هذا الحد ... ، هذه هي نصيحتي أسوقها بأمانة، فإن أخذت بها قرت عينك بحفظ عرضك وشرفك، واطمأن قلبك بإرضائك ربك، وأما ما سيحدث لك مستقبلاً فلا أراه إلا خيراً إذ هو وعد الله القائل: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] وفقك الله والسلام.(11/229)
إطلاع المخطوبة خطيبها على علاقاتها السابقة
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 24/3/1424
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تقدم لي شاب ممتاز، وسألني عن علاقاتي السابقة وأجبته بالنفي، بالرغم من أنه كان يوجد ذلك لأني لا أريد مشاكل، وكلام في موضوع تم إنهاؤه، وأنا أريد استكمال ارتباطي بهذا الشاب. هل من حقه معرفة هذا الموضوع أم لا؟ مع العلم بأنه انتهى منذ أكثر من أربعة أشهر. ولكم خالص الشكر والتقدير.
الجواب
الزواج في الإسلام عظيم الخطر بعيد الأثر، له من السمو وعلو المنزلة ما جعله في الخلق آية [الآية 21 من سورة الروم] ، وهو من الله نعمة [النحل: 72] ، وعقده ميثاق غليظ [النساء: 21ٍ] ، ويفتح أبواب الرزق [النور:32] ، ويرقى بصاحبه إلى مرتبة المتقين [النساء:1] ، ويحفظ الله به نصف الدين (حديث شريف) ، والعلاقة بين الزوجين من أقوى العلاقات وأسماها؛ "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن" [البقرة: 187] ، ولهذا يتعين أن يبنى الزواج على الأمانة والصدق ومنع الغش والخيانة، ولا يلزم المرأة أن تخبر خاطبها بالتفاصيل الدقيقة من أحوالها السابقة، غير أنه يحرم عليها الغش والتدليس والكذب، فلا تدعي أنها بكر وهي ليست كذلك، أو تخفي شيئاً من صفاتها الخَلقية أو الخُلقية من مرض أيا كان نوعه أو عمقه، أو حالات نفسية تطرأ أحياناً، وعليك أن تتوبي توبة نصوحاً، وذلك بالندم على ما فات والشعور بالمرارة والألم على ما حصل، والعزم على عدم العودة إلى أي سلوك سيئ أو انحراف مشين، فإذا صحت منك التوبة وصدقت وأخلصت في الزواج وتفانيت في خدمة زوجك فلعل الله أن يغفر لك ما مضى، (فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له) ، وبالله التوفيق.(11/230)
أحكام في عقد النكاح
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 27/2/1425هـ
السؤال
أرجو بيان تفاصيل عقد النكاح؛ أين يعقد؟ ومتى يعقد؟ وكيف يعقد؟ وماذا يقال عند العقد من الأدعية؟ ومن يحضر عقد النكاح؟ وإذا وُعِظ الزوجان فكيف يتم ذلك طبقاً للسنة النبوية؟
إننا عازمون على إصدار نشرة صغيرة لكل من يتولى عقد النكاح من المفوضين بكتابة عقود الأنكحة؛ حتى يكونوا على بصيرة من أمر دينهم، فلذا نرجو مساعدتنا في الأمر، حيث لا يوجد في بطون الكتب الفقهية إلا ذكر أحكام النكاح وشروطه، وما إلى ذلك دون تعرض للشكليات، فالرجاء إلقاء الضوء على صورة عقد النكاح في بلدكم؛ لتكون قدوة لنا.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن شريعتنا السمحة لم تشترط أن يعقد النكاح في زمان معين، ولا في مكان معين، كما لم تشترط عقده على يد عالم أو فقيه، وإنما اشترط فيه تحقيق أركانه وشرائطه المعروفة في باب النكاح، علماً بأن جمهور الفقهاء قد ذهبوا إلى استحباب عقد النكاح في المسجد، وهم الحنفية كما في فتح القدير (3/189) ، والشافعية كما في إعانة الطالبين (3/273) ، والحنابلة، كما في الروض المربع (6/243 مع الحاشية) ، وقرره شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (32/18) ، وابن القيم في إعلام الموقعين (3/126) ؛ استدلالاً بالحديث الوارد في سنن الترمذي (1089) من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد ... " ثم قال أبو عيسى الترمذي: "هذا حديث غريب.. وعيسى بن ميمون الأنصاري يضعف في الحديث" ا. هـ، وهو كما قال، فقد ضعفه من هذا الطريق الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (4/201) ، وغيره، وللحديث شواهد دون قوله: "واجعلوه في المساجد"، ولذا فلا يصلح حجة للقول بالاستحباب، وقد أشار إلى هذا الضعف: الشوكاني في السيل الجرار (2/247-248) ثم قال: "فالمساجد إنما بنيت لذكر الله والصلاة، فلا يجوز فيها غير ذلك إلا بدليل يخصص هذا العموم، كما وقع من لعب الحبشة بحرابهم في مسجده - صلى الله عليه وسلم-،وهو ينظر، وكما قرر من كانوا يتناشدون الأشعار فيه" ا. هـ، ثم صرح بضعف الحديث في نيل الأوطار (6/211) .
وذهب عامة الفقهاء إلى استحباب عقد النكاح مساء يوم الجمعة، وقيل: أو ليلتها، كما في فتح القدير للحنفية (3/189) ، والفواكه الدواني للمالكية (2/11) ، وإعانة الطالبين للشافعية (3/274) ، والإنصاف للحنابلة (8/38) ؛ وذلك تبركاً بهذا اليوم؛ ولأن فيه ساعة استجابة؛ ولأن جماعة من السلف استحبوا ذلك، منهم: سمرة بن حبيب، وراشد بن سعيد، وحبيب بن عتبة..، والحقيقة أن هذه التعليلات والآثار لا تنهض دليلاً للقول باستحباب هذا التوقيت أو سنته؛ حيث لا نص من الشارع هنا.
وذهب المالكية (كما في مواهب الجليل (3/408) ، والشافعية كما في روضة الطالبين(11/231)
(7/19) ، والحنابلة في قول كما في الإنصاف (8/38) ، إلى أنه يسن عقد الزواج في شوال؛ استدلالاً بحديث عائشة - رضي الله عنها- قالت: "تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شوال، وبنى بي في شوال، فأي نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كان أحظى عنده مني، قال: وكانت عائشة - رضي الله عنها- تستحب أن تدخل نساءها في شوال" أخرجه مسلم في صحيحه (1423) .
وكذا استدل النووي في شرح صحيح مسلم (9/209) ، وغيره، بهذا الحديث على الاستحباب، وهذا الاستدلال محل نظر، وذلك أن هذا الحديث إنما يدل على الاستحباب لو تبين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قصد ذلك الوقت؛ لخصوصية له لا توجد في غيره، لا إذا كان وقوع ذلك منه - صلى الله عليه وسلم- على سبيل الاتفاق، لا سيما وأنه -صلى الله عليه وسلم- قد تزوج بنسائه في أوقات مختلفة على حسب الاتفاق، ولم يتحر وقتاً مخصوصاً، ولو كان مجرد الوقوع يفيد الاستحباب لكان كل وقت من الأوقات التي تزوج فيها النبي - صلى الله عليه وسلم- يستحب الزواج فيها، وهذا غير مسلم به كما أفاد ذلك كله الشوكاني في نيل الأوطار (6/339) .
هذا بالنسبة لمكان العقد، وزمانه، فإنه لم يرد فيه نص من الشارع، فيبقى تحديده خاضعاً لرغبة العاقدين.
أما بالنسبة لسؤالك عن كيفية العقد، ومن يحضره، فالنكاح ينعقد بالإيجاب والقبول الصادرين من الزوج وولي المرأة، أو وكيلهما، أو وكيل أحدهما، وصفة ذلك: أن يقول ولي المرأة: زوجتك ابنتي فلانة أو أختي أو ... ، فيقول الزوج: قبلت الزواج بها، فينعقد بهذا اللفظ، أو بمعناهما الخاص بكل لسان لمن لا يحسنهما.
ويجب أن يحضر هذا العقد شاهدان عدلان، وبذلك يصح النكاح، وينعقد، مع مراعاة تحقق الشروط التي ذكرها الفقهاء في الصيغة، وفي الولي، والشاهدين.
وذهب بعض أهل العلم إلى عدم وجوب الشهادة، وإلى وجوب إعلان النكاح- سواءٌ كان بالشهادة، أو غيرها- وهو مذهب مالك كما في الكافي لابن عبد البر (1/229) ، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (32/127-131) ، وانتصر له بأوجه كثيرة.
وأما بالنسبة لسؤالك عن الأدعية التي تقال عند العقد، فإنه لم يثبت في هذا حديث صحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سوى ما يقال للمتزوج بعد العقد، فإنه قد ثبت في الصحيحين البخاري (5155) ومسلم (1427) ، عن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له حين رأى عليه أثر صفرة - من عرس-: "بارك الله لك"، وفي سنن أبي داود (2130) ، والترمذي (1091) ، وابن ماجة (1905) ، ومستدرك الحاكم (2/183) ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رفأ الإنسان، إذا تزوج، قال: "بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير"، ثم قال الترمذي: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- حديث حسن صحيح، ا. هـ، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه" ا. هـ، وأقره الذهبي، وكذلك صححه النووي في الأذكار ص406) .
ويسن للزوج إذا دخل بزوجته أن يأخذ بناصيتها، ثم يدعو بالبركة، فيقول: "اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه"، كما جاء بذلك الحديث المرفوع عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، كما في سنن(11/232)
أبي داود (2/248) ، وابن ماجة (1/617) ، وصحح إسناده النووي في الأذكار ص407.
وأما بالنسبة لسؤالك عن وعظ المتناكحين كيف يتم؟ فالجواب: إنه قد جاء في السنة ما يدل على استحباب أن يبدأ العاقد بخطبة الحاجة، وهي الواردة في سنن أبي داود (2118) ، والترمذي (1105) ، والنسائي (3277) ، وابن ماجة (1892) ، عن ابن مسعود - رضي الله عنه- قال: "علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خطبة الحاجة: إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، من يهد الله فلا مضل له ... " الحديث قال الترمذي: "حديث عبد الله - رضي الله عنه- حديث حسن"ا. هـ، أقره ابن حجر في بلوغ المرام ص241، وكذا صححه النووي في الأذكار ص404، واستحب الشافعي كما في الأم (5/34) ، أن يقول الولي ما قال ابن عمر - رضي الله عنهما- "أنكحتك على أن تمسك بمعروف، أو تسريح بإحسان"، وهذا الأثر في مصنف عبد الرزاق (10453) . والله - تعالى - أعلم.(11/233)
قراءة الفاتحة عند عقد النكاح
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 02/04/1427هـ
السؤال
هل يجوز النكاح في عصرنا هذا بدون عقد أو مستندات قانونية تثبت حقوق الزوج والزوجة في حال حدوث مكروه -لا قدر الله- والاكتفاء بقراءة الفاتحة مع والد العروس، وإشهار الزواج في عائلتها، وإبقاء الأمر سرًّا على عائلة الزوج بناء على رغبته؟ وهل هذا الزواج يجوز شرعًا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
النكاح إذا تمت أركانه وشروطه المعتبرة شرعًا، وانتفت موانعه كان نكاحًا شرعيًّا يترتب عليه جميع الحقوق والواجبات الشرعية بين الزوجين من النفقة والسكنى والميراث، وتسليم المرأة نفسها، وبذلها لزوجها، وغير ذلك، وأما سرية الزواج وإعلانه فليس من شروط النكاح، ولا من أركانه، بل هو سنة، ولذلك حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم
عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، حين تزوج أن يُولِمَ ولو بشاة، كما رواه البخاري (2049) ومسلم (1427) ، من حديث أنس، رضي الله عنه، وذلك حتى يتم دعوة الجميع ويعلن النكاح، وتنتفي الشبه، وأما كتابة العقد وتسجيل مستنداته إن كان يترتب على عدم تسجيله حرمان المرأة من حقوقها في حياة زوجها أو بعد وفاته فهذا لا يجوز، ويأثم على تركه ويتحمل وزره، وإن لم يكن الأمر كذلك فلا بأس، إلا أن تقتضي القوانين في تلك البلد إلزامية الكتابة، فيجب -والحالة هذه- لعموم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) ] .النساء: من الآية59 [.
وأما قراءة الفاتحة بعد العقد فليس مشروعًا، بل هو خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يؤثر عنه صلى الله عليه وسلم, ولا عن صحابته - رضوان الله عليهم أجمعين- قراءة الفاتحة بعد العقد، وإنما هو من أحداث الخلف التي ينبغي الحذر منها. والله أعلم.(11/234)
الأحق بولاية المرأة بعد وفاة والدها
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 02/04/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
سؤالي: من هو الولي الشرعي الذي يحق له تزويج المرأة بعد وفاة والدها؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الولي الذي يحق له تزويج المرأة بعد وفاة زوجها هو جدها لأبيها، ثم ابنها، ثم بنوه وإن نزلوا، ثم أخوها لأبوين، ثم لأب، ثم بنومها كذلك، فيقدم ابن الأخ لأبوين على ابن الأخ لأب، ثم أقرب عاصب نسباً كالإرث، فإذا لم يوجد لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له. فإن قيل: أليس الفقهاء يقدِّمون وصي الأب على كل من ذكر أعلاه؟ [والوصي هو الذي يقوم مقام الميت بعد موته، أما الوكيل، فهو الذي يقوم مقامه في حياته] .
فالجواب: بلى، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة، ولكن الصحيح أن ولاية النكاح تنقطع بالموت، وإن أوصى بعد موته فالوصية باطلة؛ لأن ولاية النكاح لا تستفاد بهذا، وإنما هي مستفادة من الشرع، وليس هذا كالمال، وبناء عليه فلا يحق لهذا الوصي أن يزوج أحداً، وإنما الذي يزوج هو الأقرب ممن له ولاية النكاح شرعاً. والله أعلم.(11/235)
عقود الزواج في المراكز الإسلامية بالغرب
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 29/1/1424
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هذه مجموعة من الأسئلة نرسلها لكم من أحد المراكز الإسلامية، ونحب الحصول على فتوى مكتوبة لأمور تشكل علينا لكي نعمل بها ونعرضها على من يسألنا عنها والاستفسارات كالتالي:
أولاً: نحن في المركز الإسلامي نعقد للمتزوجين حديثاً عقد النكاح، وطريقة العقد أن يحضر الزوجان وشاهدان، وتكون المرأة أحياناً مسلمة وأحياناً كتابية، فتختار من مسئولي المركز الإسلامي من يكون وكيلاً عنها فيلي أمر تزويجها، وسبب هذا العمل عدة أمور: أحدها: أنه أحياناً تكون المرأة مسلمة حديثاً، وعصبتها على غير دينها.
ثانيها: أن عصبتها غالبا يرفضون زواجها من مسلم أو من عربي على وجه التحديد، لذا فلا يحضرون.
ثالثها: أن العلاقات الأسرية متفككة بينهم، فالأب لا علاقة له بابنته بعد بلوغها، وهي لها الحق في اختيار الطريق الذي تراه، سواء أكان عن طريق الزواج أو غيره من سبل الحرام، ولو وافقوا على زواجها من المسلم فإنهم يرفضون الحضور معها للمركز الإسلامي لتزويجها.
وينبني على ما سبق أنه إن لم يتم عقد الزواج بالطريقة السالفة الذكر فلن يمنعهم ذلك من ابتداء العشرة الزوجية بينهم، اكتفاء بالعقد المدني، وذلك لعدم استيعابهم لمسألة الولي، وقد يؤدي ببعضهم للنفور عن الإسلام؛ اعتقاداً منه بأنه يقف أمام طريق حياته.
والسؤال كالتالي:
أولاً: ما حكم أن يلي نكاح المرأة المسلمة وليها الكافر إن حضر معها، سواء أكان وليها كتابيا أو لا ديني؟ وهل يشترط اتفاق الدين بين الولي وموليته؟
ثانياً: إن كانت المرأة كتابية، فهل يجوز أن يلي نكاحها وليها الكافر إن حضر معها؟
ثالثاً: في الحالتين السابقتين هل يجوز للمرأة المسلمة أو الكتابية توكيل رجل مسلم من أعضاء مركزنا ليلي عقد نكاحها، وإذا لم يجز فما المخرج الشرعي في ذلك؟ وهل يكون المسئول عن عقود الزواج بالمركز بمنزلة السلطان الوارد فيه الحديث (السلطان ولي من لا ولي له) ؟
رابعاً: ما حكم الأنكحة الماضية التي تمت في المركز الإسلامي على الحالتين السالف ذكرهما؟
الحالة الأولى: أن توكل المرأة من أعضاء المركز من يلي عقد نكاحها.
الحالة الثانية: أن يلي عقد نكاحها من يحضر معها من عصبتها، سواء أكان والدها أو أخاها، علماً أن وليها في هذه الحالة كافر وهي مسلمة.
خامساً: إذا أسلمت المرأة حديثاً، فهل يحرم عليها البقاء مع زوجها الكافر ومعاشرته، وهل يلزمها فراقه بعد أن تكرر عرض الإسلام عليه، ويرفض الدخول فيه؟ وإن كان يجب عليها فراقه إن لم يسلم، وتبين لنا من مناقشتها قبل إعلان إسلامها بأنه إن كان يجب عليها فراق زوجها، فإنها تفضل البقاء مع زوجها، وتصرف النظر عن الإسلام، فهل هناك مخرج شرعي لذلك؟
شكر الله لكم سعيكم، وجزاكم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، والله يحفظكم والسلام.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد..(11/236)
أولاً: ليس للكافر ولاية على المسلمة، ولو كان أباها بإجماع أهل العلم، وليس للمسلم ولاية على الكافرات، ولو كنَّ بناته كذلك (الإجماع لابن المنذر 74) ويشترط في الولاية اتفاق الدين بين الولي وموليته، قال تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض" [التوبة: 71]
ثانياً: الكافر هو الذي يلي نكاح الكافرة ويزوجها.
ثالثاً: إذا عضل الكافر موليته الكافرة، ومنعها من الزواج بمن اختارته، وكان المتبع عندهم أن المرأة تزوج نفسها ولا تحتاج إذن وليها، فإنها تنتقل إلى ولي آخر من عصبتها ليزوجها، فإن لم تجد فإنها تختار رجلاً على دينها يزوجها اعتباراً بحال المسلمة، وقد سبق في الجواب السابق.
أما المسلمة فقد سبق في الجواب السابق بيان أنها إن لم يكن لها ولي فإن وليها من كان له نوع ولاية أو تقديم، ككبير المسلمين أو مدير المركز الإسلامي، فإن عدم أو لم يمكن وكلت مسلماً ليزوجها.
رابعاً: إذا زوج الولي الكافر موليته المسلمة فهذا لا ينبغي، لكن لا يظهر أن العقد يبطل، قال شيخ الإسلام: (الكافر لا يزوج مسلمة بولاية ولا وكالة ... ، ولكن لا يظهر بطلان العقد فإنه ليس على بطلانه دليل شرعي) (الاختيارات ص206) .
وإن كانت مسلمة فإن كان وليها كافراً، وزوجها مسلماً فهذا عقد صحيح وإن لم يزوجها ولي مطلقاً أو زوجها ولي كافر، وكذلك الكافرة لو تزوجت بغير ولي مطلقاً فهذا نكاح مختلف فيه، وهو عند جمهور أهل العلم فاسد فيصحح بإعادة التلفظ، بموجب العقد من الولي حسب التفصيل المذكور، ولا شيء على الزوجين لكونه مختلفاً فيه.
خامساً: يحرم على من أسلمت أن تمكن زوجها الكافر من نفسها؛ لقوله تعالى: "لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن" [الممتحنة: 10] ، وعليها العدة ولها بعد انقضاء العدة أن تنكح غيره أو تتربص إسلامه، فيبقيان على نكاحهما في العقد السابق بينهما على الصحيح من أقوال أهل العلم، والمخرج الشرعي أن يعلم المسلم أنه إن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ويمكن أن تفهم أن امتناعها منه سبب لدخوله في الإسلام، والله الموفق والهادي.(11/237)
آداب شرعية في ليلة الزفاف
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 8/5/1424هـ
السؤال
أنا شاب أنوي الزواج قريباً، فما هي الآداب الشرعية التي ينبغي مراعاتها في ليلة الزفاف، وبماذا تنصحونني حتى تكون ليلة موفقة وناجحة؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن ليلة الدخول بالزوجة والبناء بها هي ليلة ليست كمثلها ليلة....إنها ليلة الدخول إلى عالم جديدٍ له مذاقه الخاص وطبيعته الخاصة.
إنها بابٌ يُشرَعُ أول مرة؛ ليستمتع الزوج بما كان محرَّماً عليه من قبل، ولكن مع شخصٍ واحدٍ ... إنها زوجته وحليلته وأم ولده!
أفلا تستحق هذه المرأة أن يوليها الرجل اهتمامه منذ أول لحظة تجمعه بها؟!
صحيح أن هذا اللقاء ليس أول لقاء يقع لهذا الرجل (الذي سيصبح زوجاً) مع جنس النساء، فقد عاشر أمه وأخواته عمراً من قبله، ولكن على طول ما لبث فيهن إلا أنها ظلت معاشرته لهن معاشرةً محدودة، دونها ستور تحجب خفايا وأسرار وعورات لا يكشفها مَرُّ الأيام ولا كرُّ السنين.
ولكن هذا اللقاء ـ لقاء الزوج بزوجته أول مرة ـ هو نقطة البداية لبناء علاقة خاصةٍ جداً، هي أعمق وأخص من كل علاقة! علاقة تقتحم الخصوصيات، وتكشف بين الزوجين كل شيء، فلا يقف دونها سِتر ولا حجاب، ولا تعرف عورة، كيف؟! والزوج لباسٌ لزوجه وهي لباسٌ له، يفضي إليها وتفضي عليه، ويسكن إليها وتسكن إليه.
ماذا تعني ليلة الدخلة لدى الزوج؟! إنها الليلة التي ينسلخ فيها من حياةٍ ليتلبس بحياةٍ جديدةٍ تستغرق حياته الباقية، وهذا يتقاضاه أن تكون بدايتها صحيحة، لا يخطو فيها خطوةً إلا وقد اتأدَ وفكَّر وتأنّى، وعرف أين تتوجّه به خطواته؟
ليلة الدخول والبناء بالزوجة هي ليلة ينبغي أن يغلبها أسلوب الملاطفة والأُنس والتودد والبهجة، يمد فيها الزوج حبل المودة والمحبة ليصله بزوجه، فيذهب عنها الروع والرهبة، وتسكن نفسها إليه.
وهذه جملة آداب مأثورة نذكر بها كل مدلفٍ إلى هذه الحياة الجديدة عسى أن تنفعه:
(1) وضع اليد على رأس الزوجة والدعاء لها:
وينبغي أن يضع يده على مقدمة رأسها عند البناء بها أو بعد ذلك، وأن يسمي الله تبارك وتعالى، ويدعو بالبركة، ويقول ما جاء في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا تزوج أحدكم امرأة، أو اشترى خادماً، فليأخذ بناصيتها، وليسم الله عز وجل، وليدع بالبركة، وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرّها وشر ما جبلتها عليه". أخرجه أبو داود (2160) وابن ماجه (1918) والحاكم في المستدرك (2811) والبيهقي في السنن الكبرى (7/148) .
ولا بأس أن يترك الرجل بعض السنن ـ كالأخذ بالناصية ـ إذا ترتّب على فعلها مفسدة كنفرة الزوجة ومغاضبتها له، والذي قد يقع منها بسبب جهلها بالسنة وتفسيرها الخاطئ للفعل.
كما لا يُشترط في هذا الدعاء المأثور أن يقوله بحيث تسمعه زوجته، بل له أن يخافت به بحيث لا يُسمع إلا نفسه، فليس في الحديث ما يدل على استحباب المجاهرة به.
(2) صلاة الزوجين معاً:
قد أُثر عن بعض السلف استحباب أن يصلي الزوجان ركعتين معاً، وفيه أثران:(11/238)
الأول: عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: ((تزوجت وأنا مملوك، فدعوت نفراً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- فيهم ابن مسعود وأبو ذر وحذيفة -رضي الله عنه-، قال: وأقيمت الصلاة، قال: فذهب أبو ذر - رضي الله عنه- ليتقدم، فقالوا: إليك! قال: أو كذلك؟ قالوا: نعم، قال: فتقدمت إليهم وأنا عبد مملوك، وعلّموني فقالوا: "إذا أدخل عليك أهلك فصلّ ركعتين، ثم سل الله -تعالى- من خير ما دخل عليك، وتعوذ به من شره، ثم شأنك وشأن أهلك". أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (17147) . وعبد الرزاق في مصنفه
(3822) .
الأثر الثاني: عن شقيق قال: "جاء رجل يقال له: أبو جرير، فقال: إني تزوجت جارية شابة (بكراً) ، وإني أخاف أن تفركني، فقال عبد الله (يعني ابن مسعود -رضي الله عنه-) : "إن الإلف من الله، والفرك من الشيطان، يريد أن يكرّه إليكم ما أحل الله لكن؛ فإذا أتتك فمرها أن تصلي وراءك ركعتين". زاد في رواية أخرى عن ابن مسعود -رضي الله عنه-: "وقل: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لهم فيّ، اللهم اجمع بيننا ما جمعت بخير؛ وفرق بيننا إذا فرقت إلى خير". أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (10460-10461) وسنده صحيح، والطبراني بسندين صحيحين في المعجم الأوسط (4018) والكبير (9/204) .
ومن المهم أن يتنبَّه الزوج إلى أن المسألة ليس فيها سنة ثابة عن النبي -صلى الله عليه وسلم--، فلا ينبغي التشديد فيها، أو التثريب على من تركها، وكأنها سنة راسخة لا تقبل الخلاف.
والمسألة فيها سعة، فله أن يؤخر أداء هذه الركعتين بعد أن يجلس مع زوجته ويلاطفها ويحادثها ويؤانسها؛ ليذهب عنها الخجل والرهبة.(11/239)
استرقاق الخادمة لتصبح جارية
المجيب د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 16/10/1424هـ
السؤال
هل يجوز أن أدفع لخادمتي مبلغاً من المال بعد موافقتها لتصبح جاريتي بدلاً من خادمتي؛ كي أستطيع معاشرتها؟ لأني شاب لا أستطيع الزواج، وأخاف الوقوع فيما يغضب الله.
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد:
فإن بعض الناس يخطئون خطأ كبيراً، ويرتكبون إثماً عظيماً في معاملتهم للخادمات، فيستبيحون لأنفسهم الخلوة بهن، والنظر إليهن، بل بعضهم يعاشرهن كمعاشرة الزوجات، أو الإماء، بدعوى أنهن كالجاريات، وهذا منكر وتزوير للحقائق، فالخادمات من الحرائر، لكن وضعهن المالي وشدّة فقرهن يلجئهن إلى احتراف مهنة الخدمة، وبناء على ذلك فالواجب على المسلمين أن يكرموا مثواهن، ويحسنوا إليهن، ويحافظوا على آدميتهن وكرامتهن، ويتقوا الله في معاملتهن، فهن حرائر أجنبيات لا يحل بحال من الأحوال معاملتهن كالجواري، وبالتالي فلا تحل معاشرتهن، ولا النظر إليهن، ولا الخلوة بهن، وما يقوله الأخ من أنه يدفع لها مبلغاً من المال ليسترقها، ويعاشرها معاشرة الإماء ليستبيح معاملتها جنسياً على اعتبار أنها من الإماء فهذا لا يصح شرعاً، والحقوق الإنسانية تأباه، ولأنها إذا رضيت بما يدفعه لها من مال فإنه نوع من الخديعة منها له بحصولها على المال، فإذا حصلت على المال وتمكنت، إما هربت، وإما اشتكت، وإما غدرت، فهذا الأمر لا يحل بحال، وإن كان ولا بد فسبيل الشرع واضح, وهو العقد عليها إذا رضيت بمهر وشاهدين، بإذن وليها أو وكالة إن لم يمكنه مباشرته للعقد. وبالله التوفيق.(11/240)
الزواج بمن أتاها في دبرها
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 18/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نعلم أن حكم الرجل الذي يأتي زوجته من غير ما أمر الله هو التفريق بينهما، ولكن هل يجوز أن يعقد شاب على فتاة كان قد أتاها من غير ما أمر، ولكنها لا تزال بكراً والآن يريد أن يقترن بها في الحلال؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإتيان الرجل لزوجته في دبرها حرام عند جماهير أهل العلم، ويدل لذلك قوله تعالى:"نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" [البقرة:223] ، والدبر ليس موضع حرث، قال ابن عباس الحرث: الفرج موضع الولد. أخرجه ابن جرير (4/398) بإسناد حسن.
وقد وردت أحاديث كثيرة تنهى عن إتيان المرأة في دبرها. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"ملعون من أتى امرأة في دبرها" أحمد (2/444) وأبو داود (2162) ، وعنه أيضاً مرفوعاً:"من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد" الترمذي (135) وابن ماجة (639) الدارمي (1/259) ، قال ابن حجر عن هذه الأحاديث:"طرقها كثيرة فمجموعها صالح للاحتجاج به" فتح الباري (8/242) .
وقد ذكر العلامة ابن القيم -رحمه الله- لتحريم الوطء في الدبر قرابة العشرين وجهاً (زاد المعاد 4/257) ، منها أنه لو كان مباحاً لما نهينا عن إتيان النساء حال الحيض، إذ إتيان الدبر يكفي عن إتيان الفرج حال الحيض.
وأن الله تعالى حرم الفرج حال الحيض لأجل النجاسة العارضة في الحيض، فأولى أن يحرم الدبر بالنجاسة اللازمة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وطء المرأة في دبرها حرام في قول جماهير العلماء ومتى وطئها في الدبر وطاوعته عُزرا فإن لم ينتهيا فرِّق بينهما" مختصر الفتاوى المصرية صـ (37) .
وإتيان الرجل لامرأة لا تحل له في دبرها زنا عند أكثر أهل العلم، وإذا زنى الرجل بامرأة فإنه لا يحل له نكاحها حتى يتوبا من الزنا ويندما على فعلهما ويعزما على تركه وعدم العودة إليه.
قال تعالى:"الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" [النور:3] ، فإذا تابا من الزنا فإن لهما أن يقترنا بالحلال.
وفق الله الجميع لهداه وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.(11/241)
تزويج الصغيرة غير البالغة
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 17/04/1425هـ
السؤال
ما حكم زواج الصغيرة قبل بلوغها؟ وهل يكون لها خيار البلوغ ما إذا لو زوجها أبوها أو جدها؛ لأنه من المعلوم أنه لو زوجها غير الأب والجد من الأولياء فيكون لها الخيار؟ وهل من الصحابة -رضي الله عنهم-، والتابعين، من يقول: بأن لها الخيار بعد بلوغها؟ أي في حالة تزويجها من قبل أبيها أو جدها؟ وإن لم يكن لها الخيار، فماذا لو لم تحب زوجها أو تكرهه لأي سبب؟ حيث إنها أصبحت مثل البكر البالغة، ولها رأيها، فلماذا تحرم من إرادتها مع أن الله يقول: "ولاتزر وازرة وزر أخرى"، ومتى يتم الدخول بها؟ ومتى يجوز وطأها؟ وهل يجوز الدخول بها وهي كارهة؟ أرجو الجواب بالأدلة والتفصيل. وشكراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على ما لا نبي بعده، وبعد:
أما زواج البنت قبل بلوغها تسع سنوات، فيقول ابن قدامة في الشرح الكبير (ج20/119) ما نصه: (فصل: فأما الإناث فللأب تزويج ابنته البكر الصغيرة التي لم تبلغ تسع سنين بغير خلاف إذا وضعها في كفاءة) ، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن نكاح الأب ابنته الصغيرة جائز إذا زوجها من كفء، ويجوز له ذلك مع كراهتها وامتناعها، وقد دل على جواز تزويج الصغيرة قول الله -تعالى-: "وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ"
[الطلاق: من الآية4] ، فجعل للائي لم يحضن عدة ثلاثة أشهر، ولا تكون العدة ثلاثة أشهر إلا من طلاق في نكاح أو فسخ، فدل ذلك على أنها تزوج وتطلق، ولا إذن لها يعتبر، وقالت عائشة - رضي الله عنها-: "تزوجني النبي - صلى الله عليه وسلم- وأنا ابنة ست وبنى بي وأنا ابنة تسع" متفق عليه البخاري (3894) ومسلم (1422) ، ومعلوم أنها لم تكن في تلك الحال ممن يعتبر إذنها" ا. هـ.
ومما سبق من الأدلة التي ذكرها ابن قدامة -رحمه الله- يتضح لك أنه لا خيار لها في الفسخ إلا إذا بلغت إذا كانت مزوجة بكفء، بخلاف ما إذا زوجها غير الأب والجد، فيكون لها الخيار، وهذه رواية عن الإمام أحمد، وذكر ابن قدامة أنه قول الحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهما، والبعض يرى أن العقد من أصله غير صحيح.
أما إذا لم تحب الزوج، وكانت تكرهه لأي سبب كأن يكون دميم الخلقة، أو كبيراً في السن، أو غير ذلك، فلها أن تطلب منه الخلع، فإن رفض أجبره القاضي عليه، فإن أصرَّ قام القاضي بإصدار حكم الفسخ، ولكن هذا الإجراء، وكما قلت يكون خلعاً، فتقوم المرأة برد ما دفعه لها من مهر، ويجوز أن يدخل بها في أي وقت شاء، أما الوطء (الجماع) فلا يجوز له ذلك؛ حتى تطيقه، أما إذا كانت لا تطيقه فيحرم ذلك؛ لحرمة أذية المسلم بغير حق، والقول في الدخول كالقول في أصل الزواج، وأما سؤالك: هل هناك من لم يجوِّز قيام الأب تزويج ابنته الصغيرة، فإن الشوكاني في نيل الأوطار، نقل عن الطحاوي وابن حزم -رحمهما الله- أنهما ذكرا أن ابن شبرمة منع من ذلك فيمن لا توطأ. والله -تعالى- أعلم.(11/242)
هل الزنى يبيح نكاح المشركين؟
المجيب د. سعد بن ناصر الشثري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 14/11/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
ورد في سورة النور [آية 3] قوله تعالى: "الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" [النور:3] ، السؤال: هل الزنا يبيح نكاح المشركين؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
فإن قوله تعالى:"الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً" [النور:3] خبر من الله تعالى بذلك، وليس إقراراً على فعل ذلك، والآية جاءت في سياق الذم لهذا الفعل والإنكار على فاعله، فتكون الآية دالة على تحريم نكاح المشركات والزواني، ولذا جاء في آخر الآية:"وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" [النور:3] ، والمرء المسلم - حتى الزاني - يجب عليه امتثال ذلك، وقوله:" لا يَنْكِحُ" أي: لا يجامع، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-:"إنما هو الجماع لا يزني بها إلا زان أو مشرك"، وقد جاء في سبب نزول هذه الآية أن رجلاً استأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينكح امرأة معروفة بالزنا، فنزلت هذه الآية لبيان تحريم ذلك، رواه أهل السنن بأسانيد جيدة عند الترمذي (3177) والنسائي (3228) وأبو داود (2501) ، ومن هنا نفهم أن الآية لا تبيح للزاني نكاح المشركات، بل قد ورد النهي عن نكاح المشركات صريحاً، قال تعالى: "وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ" [البقرة: من الآية221] . والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.(11/243)
تزوجا ثم أسلما
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 08/05/1426هـ
السؤال
نرجو من سماحتكم بيان هذه المسألة -وجزاكم الله خير اً-
شخص تزوج من امرأة، وبعد فترة من الزواج أسلما، فهل عقد الزواج صحيح، أم عليهما عقد جديد؟ وماذا عن الأبناء؟. -وجزاكم الله عنا خير الجزاء-.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا أسلم الزوجان فالعقد صحيح، ولا حاجة إلى أن يُجدَّد مرة أخرى؛ بدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ردَّ ابنته زينب على زوجها أبي العاص بن الربيع- رضي الله عنهما- دون تجديد العقد. انظر سنن أبي داود (2240) ، وجامع الترمذي (1143) . والصحابة - رضي الله عنهم- أسلم جَمْعٌ منهم، فمنهم من أسلم قبل زوجته، ومنهم من أسلمت زوجته قبله، ولم يرد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جدّد لهم عقد النكاح، وأما بالنسبة للأولاد فأولادهم شرعيون ينسبون إليهم. والله أعلم.(11/244)
نكاح الجني للإنسية
المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 7/6/1425هـ
السؤال
هل يستطيع الجن أن ينكح المرأة من الإنس؟.
الجواب
إمكانية المناكحة بين الإنس والجن لا يمكن الوقوف عليها قطعاً, وما يذكر فيها مجرد ادعاء ليس عليه دليل صحيح بل الظاهر عدم الإمكانية؛ نظراً لاختلاف الحقيقة والماهية والجمهور من أهل العلم يرون حرمة هذا النكاح (على فرض إمكانيته) .
والأدلة على حرمته ظاهرة ومن أهمها:
1- قول الله -تعالى- في سورة النحل: "والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا" [النحل: 72] ، وقوله في سورة الروم: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا" [الروم: 21] ، قال المفسرون في معنى الآيتين: "جعل لكم من أنفسكم" أي: من جنسكم ونوعكم وعلى خلقكم، كما قال تعالى:"لقد جاءكم رسول من أنفسكم" [التوبة: 128] أي: من الآدميين.
2- أن النكاح شرع للألفة، والسكون، والاستئناس، والمودة، وذلك مفقود في الجن، بل الموجود فيهم ضد ذلك، وهو العداوة التي لا تزول.
3- أنه لم يرد الإذن من الشرع في ذلك، فإن الله -تعالى- قال:"فانكحوا ما طاب لكم من النساء" [النساء: 3] ، والنساء: اسم لإناث بني آدم خاصة، فبقي ما عداهن على التحريم؛ لأن الأصل في الأبضاع الحرمة، حتى يرد دليل على الحل.
4- ما يترتب عليه من كثرة الفساد؛ فإنه لو فتح هذا الباب لأمكن المرأة التي لا زوج لها من الإنس أن تدعي عند حملها أنه من زوج جني , وهذا فيه من الفساد ما لا يخفى.
ولمزيد الفائدة يمكن للسائل الرجوع إلى: الأشباه والنظائر للسيوطي ص435-438(11/245)
زواج المعاقين والمتخلفين وما يترتب عليه
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 05/04/1425هـ
السؤال
(1) هل يجوز زواج المعاقين والمتخلفين عقلياً؟ ولماذا؟.
(2) هل هناك شروط لتزويجهم؟ وهل تنطبق عليهم شروط الزواج؟.
(3) كيف يمكن للمعوق المتخلف عقلياً القيام بواجباته الزوجية؟.
(4) هل يقبل الإسلام بذرية معوقة ومتخلفة عقلياً؟.
(5) كيف يمكن أن نتعامل مع زواج المعوقين والمتخلفين عقلياً؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
(1) يجوز زواج المعاقين والمتخلفين عقلياً، وسدُّ احتياجاتهم العضوية والنفسية حق مكفول لهم كغيرهم، وإن كان هذا ضمن ضوابطه التي ستأتي، وهذا من أصول رعاية المعاق ومساعدته على ممارسة حياته بأقرب صورة إلى الحالة الطبيعية للإنسان.
(2) الإعاقة أنواع متفاوتة، ولكن القول الجامع فيها أن كل إعاقة لا يكون العقل فيها زائلاً مثل الصمم، والبكم، وشلل اليد أو الرجل، فهذه يجوز لصاحبها الزواج، وحكمه حكم الصحيح سواء، إلا أنه يشترط أن يطلع الطرف الآخر على الإعاقة، ويرضى بها، حتى ولو كان مصاباً بمثل تلك الإعاقة، فإن إصابته بإعاقة مماثلة لا تكفي عن أخذ رأيه في الزواج من معاق.
ومن صحابة نبينا - عليه الصلاة والسلام- من كان أعمى، أو أصم، ولم تمنعه إعاقته من الزواج، أما المتخلف عقلياً وصاحب الإعاقة التي تزيل العقل، فالمصاب بها حكمه حكم المجنون، والمجنون يجوز له الزواج، لكن يشترط في زواجه مع شروط الزواج المعلومة شروط أخرى هي:
أ- اطلاع الطرف الآخر على حاله ومعرفته بوضعه تماماً فإن عدم اطلاعه غش له وخيانة محرمة.
ب- ألا يكون الطرف الآخر مجنوناً ولا زائل العقل، بل يتزوج المتخلف عقلياً امرأة سليمة العقل، وتتزوج المتخلفة عقلياً برجل سليم العقل، وسبب ذلك أن اجتماع زائلي العقل لا يحقق أي مصلحة، وهو مع ذلك سبب لضرر بينهما كما هو ظاهر.
ج- أن يكون سقيم العقل منهما مأموناً، أما الذي يتصف بالعدوانية بالضرب أو الإفساد فلا يجوز له الزواج؛ لأن زواجه سبب لحصول الضرر، والضرر مرفوع في الشريعة الإسلامية.
د- وآخر الشروط أن يرضى أولياء المرأة بهذا الزواج؛ لأن فيه ضرراً قد يلحقهم.
هذه شروط زواج المعاق المتخلف حسبما استقرأه الفقهاء من نصوص الشرع وقواعده، وهي -كما هو ظاهر- محققة للمصلحة، مانعة للمفسدة، يتضح بها تحقق الشرعية لمصالح العباد واحتياجاتهم. والله الموفق.
(3) في زواج المعاق أياً كانت نوعية إعاقته تحقيق لمصلحة مهمة، وهي أن يوجد للسقيم منهما من يعتني به، ويقوم بشؤونه، ويهتم به، فإن عقد النكاح في الإسلام يهدف إلى ما هو أكبر من مجرد الاستمتاع، الذي هو من مقاصد النكاح المهمة، بل يراد معه أيضاً تحقيق الرعاية والتكافل، التراحم بين الزوجين: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" [الروم: 21] .(11/246)
والذي يزوج سقيم العقل وليه؛ لأنه هو الراعي لمصلحته، وهذا من محاسن الشرع أن أسندت الولاية إلى بعض أقارب الصغير والمجنون، ومن في معناهم؛ لعدم قدرتهم على إدارة شئونهم، ولا تصريف أحوالهم، ورعاية المعاق فرض كفاية على المجتمع لمساعدته ليعود عضواً فعالاً في المجتمع، وليتخلص من الآثار النفسية التي قد تنشأ عنده.
(4) الأمراض والابتلاءات التي تصيب بعض العباد طريق للأجر إن صبر المبتلى بل ورد في بعض أنواع الإعاقات أجر عظيم جداً ففي الحديث الذي أخرجه البخاري (5653) عن أنس ابن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الله قال: "إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوّضته منهما الجنة" يريد عينيه، وهذه الأمراض لا يمكن للإنسان دفعها؛ فهي من قدر الله الذي لا ينجي منه الحذر، كما هو معروف، ومع عدم رغبة الشرع في الذرية الضعيفة أو المريضة إلا أن الزواج الذي قد ينتج عند ذرية ضعيفة أو مريضة لم يأت نص من الشرع بمنعه وتحريمه؛ ولعل السبب في هذا أن الزواج هذا لا يتحتم أن يكون نتيجته ذرية مريضة، وهذا معلوم لمن قرأ علم الوراثة.
ولأن السلف لما لمحوا أثر الوراثة في حدوث الإعاقات فقد نقل عنهم عدة مقولات تحث على الزواج من غير الأقارب؛ لمنع حصول الذرية الضعيفة، ومن ذلك قولهم: اغتربوا ولا تضووا يعني: تزوجوا الأجنبيات غير الأقارب لئلا تكون ذريتكم ضعيفة.
ويمكن إعمالاً لمبدأ السياسة الشرعية أن يمنع ولي الأمر زواج من يكون الغالب عليه أن ينتج من زواجه المرضى، لكن هذا من باب السياسة التي تحقق المصلحة بمنع بعض المباح، وليس من باب الحكم بتحريم النكاح وفساده، ومثل هذه المسألة تحتاج مزيداً من النظر الشرعي والواقعي؛ ليمكن الحكم فيها بالحكم الصواب.
(5) يُتعامل مع زواج المعاقين والمتخلفين عقلياً بالضوابط التي تقدمت، والنظرة التي سبق أن ذكرناها، وليراع من ينظر إليهم أن هذه الإعاقة لم تمتنع عن أحد من البشر مهما كان. والله الموفق.(11/247)
تلقيح المرأة بماء زوجها بعد وفاته
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 22/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماذا يقول العلماء في رجل ادخر منيه لدى الجهات المختصة في المستشفيات لتستعين به زوجته وتنجب له أولادًا بعد وفاته؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عقد الزوجية ينتهي إما بحصول الطلاق، وإما بوفاة الزوج، وهذا باتفاق أهل العلم، فإذا مات الزوج انحل عقد النكاح وصار رجلًا أجنبيًّا من الزوجة، فإنها تعتد منه، فيجوز لها أن تتزوج إذا انتهت عدتها، وإذا قامت بنقل ماء الزوج إلى رحمها فهذا الحمل محرم؛ لأن هذا الماء يعدُّ ماء أجنبيًا بانتهاء عقد الزوجية بوفاة هذا الزوج، ولا يثبت بهذا الحمل نسب من الزوج الميت، كما أن حفظ المني في بنوك معدة لهذا الأمر يعدُّ محرمًا؛ لأنه لا يؤمن من اختلاط هذا المني بغيره؛ إما على سبيل الخطأ، وإما على سبيل العمد، نظرًا لعدم وجود رقابة دينية وطبية عليها، كما أن القصد من إنشاء هذه البنوك هو الربح المادي، وقد تفعل هذه البنوك ما يؤدي إلى تحقيق هذا المقصد، وإن كان بطريق محرم، كما أن وجود النطف في البنوك يكون ذريعة لكثرتها مع مرور الزمن، مما لا يؤمن معه أن تختلط بغيرها، وبناء على ما تقدم فإنه يحرم حفظ المني في بنوك أسست لهذا الغرض، وكذلك يحرم استعمال هذا المني في إحداث حمل فيمن كانت زوجة لهذا الرجل بعد وفاته. والله أعلم.(11/248)
هل لها أن تختار وليها؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 4/6/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
هل يحق للمرأة اختيار من يكون ولي أمرها من إخوانها بعد وفاة والدها، وخصوصاً أن لديها خلافات معهم؟ وإن اختارت أحسنهم خلقاً ومعاملة لها، ولكن لديه بعض المنكرات التي ليست لديهم (كتقصير اللحية وتفويت الصلاة مع الجماعة وإدخال الدش، مع العلم أن معظم مشاهدته للأخبار والبرامج السياسية) وهي مهتمة بأمور دينها، وتخشى من العيش مع إخوتها من أن ينفروها - والعياذ بالله - من الدين بخلقهم ومعاملتهم. وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالجواب: أن ولي المرأة في النكاح أو غيره هو الأب ثم أبوه، وإن علا، ثم ابنها ثم ابنه وإن نزل، ثم أخوها لأبويها ثم لأبيها، ثم الأقرب فالأقرب في الميراث، وللولي شروط من أهمها: البلوغ والعقل والعدالة ولو ظاهراً، والرشد من كونه عالماً بمصالح موليته، وإذا كان الأقرب ليس أهلاً للولاية انتقلت إلى من بعده.
وبخصوص السؤال وهو: هل يحق للمرأة اختيار من يكون ولي أمرها من إخوتها بعد وفاة والدها؟ نقول: نعم، إذا كان إخوتها في درجة واحدة، كأن يكونوا كلهم أشقاء أو كلهم لأب، فيحق لها أن تختار من تراه صالحاً لولايتها إذا توفرت فيه شروط الولاية المذكورة آنفاً وكان أهلاً للولاية، والأولى تقديم أفضلهم علماً وديناً وخلقاً، ثم إن استووا في الدين قدم أكبرهم؛ قال البهوتي في كشاف القناع (ج5 ص59) ما نصه: (فصل: وإن استوى وليان فأكثر لامرأة في درجة كإخوة لها كلهم لأبوين أو لأب، أو أعمام كذلك، أو بني إخوة كذلك، فإن أذنت لواحد منهم بعينه تعين، ولم يصح نكاح غيره ممن لم تأذن لعدم الإذن) . والله أعلم.(11/249)
يرغب في الزواج من غير بلده
المجيب حمد بن عبد الله الخضيري
القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 07/09/1425هـ
السؤال
شاب يرغب في عقد نكاحه على فتاة من دولة أخرى، ولازالت معاملة الموافقة على الزواج في أمارة تلك المنطقة، فهل يصح العقد الشفهي بينهما بالشروط الشرعية، وإذا كان يصح، فهل يجوز أن يجدد العقد مرة ثانية بعد الحصول على الموافقة؟ وما التاريخ الشرعي المعتمد في العقد؟
الجواب
الأولى أن لا تعقد عليها حتى تخرج الموافقة على الزواج لما يترتب على عدم الموافقة مع عقدك عليها قبل ذلك من الإشكالات المستقبلية، وخاصة إذا ترتب على زواجكم حصول الأولاد، فالذي أنصحك به التريث وعدم الاستعجال في إجراء مراسم النكاح، وإذا عقدت عليها قبل الموافقة ثم خرجت الموافقة فلا مانع من إعادة العقد بصفة رسمية وتاريخ الزواج المسجل في العقد الرسمي.(11/250)
عقد الزواج عبر الإنترنت
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 06/11/1425هـ
السؤال
ما حكم عقد الزواج عبر الإنترنت؟ ملاحظة: لو عندك كتاب خاص بهذا الموضوع أرجوك تخبرني باسم الكتاب.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فبتأمل الزواج عبر النت نجد أنه لا يخلو من صور، وهي:
الأولى: أن يتم النكاح عن طريق البرامج المتضمنة للصوت والصورة كالماسنجر والبالتوك، وغيرها؛ فهذا إن توافرت أركان النكاح وشروطه الأخرى، وانتفت موانعه، فالذي يظهر لي- والله تعالى أعلم- صحته.
الثانية: أن يتم النكاح عن طريق البرامج الصوتية فقط، فهذا متى ما تحقق وأيقن الشهود صحة صوت الولي والزوج، فالذي يظهر صحته، أما إن كان الشاهدان لا يعرفان صوت الولي أو الزوج فلا يصح؛ لأن من شروط صحة النكاح: تعيين الزوجين، وهنا الزوج غير معروف عند الشاهدين، فهو بمنزلة غير المعيَّن.
الثالثة: أن يتم النكاح عبر البريد الإلكتروني، فالذي يظهر لي عدم الاعتماد عليه؛ لما يلي:
(1) سهولة اختراق البريد من قبل الهاكرز وغيرهم.
(2) عدم الجزم والتحقق من صحة مرسله، فقد ينتحل أحد المخترقين شخصية صاحب البريد.
(3) النكاح عبر البريد الإلكتروني ينقصه إعلان النكاح.
(4) وهو أهمها: عدم اقتران قبول الزوج للنكاح بإيجاب الولي، لذا فالذي يظهر لي عدم صحة النكاح عبر البريد الإلكتروني.
أما طلب الأخ السائل اسم كتاب يتحدث عن هذا الموضوع فلا أعرف كتابًا تحدث عن هذه المسألة. والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/251)
تزويج المعاقين والمختلين عقليًّا
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 05/08/1425هـ
السؤال
الأسئلة:
(1) هل يجوز زواج المعاقين والمتخلفين عقليًّا؟ ولماذا؟.
(2) هل هناك شروط لتزويجهم؟ وهل تنطبق عليهم شروط الزواج؟
(3) كيف يمكن للمعاق المتخلف عقليًّا القيام بواجباته (واجباتها) الزوجية؟
(4) هل يقبل الإسلام بذرية معاقة ومتخلفة عقليًّا؟
(5) كيف يمكن أن نتعامل مع زواج المعاقين والمتخلفين عقليًّا؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالأسئلة الخمسة متداخلة، ولكن نظرًا لتفريق السائل بينها نجيب عن كل واحد منها على حدة، فجواب السؤال الأول: أنه يجوز زواج المعاقين والمتخلفين عقليًّا كغيرهم، فيما إذا كانت لهم قدرة على النكاح ماديًّا وبدنيًّا؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:"يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَن اسْتطاعَ مِنْكُمُ الباءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ... " الحديث. أخرجه البخاري (1905) ومسلم (1400) . هذا عن السؤال الأول.
أما السؤال الثاني فجوابه: أنه ليس هناك شروط خاصة بهم، بل تنطبق عليهم شروط الزواج، إلا أنه لا بد من معرفة كل من المتزوجين عيب الآخر، سواء الإعاقة أو التخلُّف العقلي.
وأما السؤال الثالث فجوابه: أنه إذا لم يمكن للمعاق القيام بالواجبات الزوجية المالية، وليس هناك من يقوم بتلك الواجبات عنه لم يجز له الزواج والحالة هذه.
وأما السؤال الرابع فجوابه: أنه لا يلزم أن يكون أولاد المعاق أو المتخلِّف عقليًّا مثل آبائهم، بل في الغالب أنهم يولدون أصحاء كاملي الخلقة والعقل إلا ما ندر، ولهذا نجد أولادًا فاقدي البصر يولدون سالمي البصر.
وأما السؤال الخامس: فجوابه أن التعامل مع زواج المعاقين والمتخلفين عقليًّا كغيرهم، بل ينبغي أن تُقدر ظروفهم الصحية، ويتعامل معهم بالعطف والرحمة والمساعدة قدر الإمكان. والله أعلم.(11/252)
هل في الزواج من الأرملة أو المطلقة فضل؟
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 14/08/1425هـ
السؤال
ما هو أجر الزواج من أرملة أو مطلقة، من حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ هل هناك أي بركة أو شيء آخر من الأجر من الله على ذلك؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أنا لا أعرف حديثًا يخص هذه المسألة بذاتها، لكن هناك عمومات تعود إلى مقاصده من عقد النكاح بهذه المرأة، إذا كان قصده من عقد النكاح بهذه المرأة هو إعفافها وصيانتها، والقيام بحقوقها وحفظها، فإن كل واحدة منها له فيها أجر، والنبي صلى الله عليه وسلم- بيَّن أن ما يضع الإنسان في في امرأته له فيه أجر. كما في صحيح البخاري (1296) وصحيح مسلم (1628) . كما أن جماعه لزوجته يكون له فيه أجر، ولما قال له الصحابة، رضي الله تعالى عنهم: (أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: "أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا". أخرجه مسلم (1006) ، والإنسان يؤجر على كل عمل أو قصد، سواء كان ظاهرًا أو خفيًّا، إذا كان هذا الأمر من أمور الخير والصلاح، وجاء في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرئٍ مَا نوَى". أخرجه البخاري (1) ومسلم (1907) . وبالله التوفيق.(11/253)
تزوجت على زوجها الأول!
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 12/01/1426هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: تزوج رجل بامرأة زواجاً بدون أوراق رسمية، وبعد ستة أشهر دبت بينهما الخلافات التي أدت لأن يتركها، وعلى مدار سنة طالبته بالطلاق، وكان يعدها أنه سيفعل، ولكن بعد أن يستوفي حقوقه المادية منها، ثم تعرفت على رجل آخر وتزوجته دون أن تخبره بالزواج السابق باعتباره كان نصباً واحتيالا عليها، وهي الآن حامل من الزوج الثاني، والزوج الأول يؤكد أنه لم يطلقها، والثاني يؤكد أنه لم يعلم بهذا الزواج السابق، وكل من الثلاثة يسأل عما يلزمه شرعاً؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن ما فعلته هذه المرأة منكر عظيم، وذنب كبير، وفعل شنيع، وزيجة باطلة، لا شك في بطلان عقد نكاحها من الثاني بإجماع أهل العلم كما قال تعالى: "حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم ... " إلى أن قال: "والمحصنات من النساء إلا ما ملكت إيمانكم كتاب الله عليكم" [النساء:24،23] ، قال ابن كثير - رحمه الله- في تفسيره (2/256) : (أي وحُرم عليكم الأجنبيات المحصنات وهن المتزوجات "إلا ما ملكت أيمانكم" يعني: إلا ما ملكتموهن بالسبي فإنه يحد لكم وطؤهن إذا استبرأتموهن ... ) ، فما دام أن عقد المرأة بزوجها الأول صحيح مستوفٍ لشروطه وأركانه الشرعية من الزوجين الخاليين من الموانع، وحصول الإيجاب والقبول مع توافر شروط النكاح الأربعة وهي تعيين الزوجين ورضاهما، والولي والشاهدان، فإنه يحرم على المرأة أن تبذل فرجها لرجل آخر بحيلة الزواج منه، فهذا محرَّم بالنص والإجماع، وبناء على ما حصل فإنه يترتب على هذا الفعل الأمور التالية:
أولاً: يجب على المرأة التوبة الصادقة النصوح لله -تعالى-، والندم على ما فعلت من ذنب كبير وخطيئة عظمية، وأن تصلح من حالها وتستقيم على طاعة ربها، وتكثر من الأعمال الصالحة.
ثانياً: ما دام أن الزوج الأول لم يطلقها وهي كذلك لم تدع طلاقه لها -كما هو ظاهر السؤال- فهي لا زالت زوجة للأول وفي عصمته، ويجب التفريق بينها وبين الثاني، فلا يقربها؛ فهي أجنبية عنه لكونها في عصمة رجل سابق في عقد صحيح ولا يحتاج هذا النكاح الثاني إلى فسخ؛ لأنه باطل أصلاً لا حكم له.(11/254)
ثالثاً: إن كانت المرأة عالمة بصحة نكاحها من الأول وفي عصمته فإنه يتوجه إقامة الحد الشرعي عليها لقاء ما أقدمت عليه من الزنا، وإن ادعت الجهل والتأويل لكونها انفسخ نكاحها فيه بمماطلته، ونحو ذلك، فتعزر بما يردعها ويزجرها ويُدرأ عنها الحد لكون الحدود الشرعية تدرأ بالشبهات، ولكنها تعزر عند انتفاء الحد الشرعي، وكان الواجب في حقها على فرض تأويلها وجهلها سؤال أهل العلم والرجوع إليهم قبل الإقدام على الزواج من الثاني، فإن الأبضاع أمرها عظيم يجب الاحتياط لها وحفظها ورعايتها، كما كان الواجب عليها بيان حالها للزوج الثاني، لا أن تدلس عليه وتغشه وتخدعه، لكن بما أنكم في بلد الكفار لا يحكم فيها بشرع الله مما يتعذر معه إقامة الأحكام والحدود الشرعية فإنني أنصح هذه المرأة بضرورة وسرعة التوبة النصوح لله -عز وجل- ومن تاب تاب الله عليه إن صدق في توبته وأخلص في أوبته.
رابعاً: يجب على المرأة العدة الشرعية لوطء الزوج الثاني لها، فلا يحل لزوجها الأول وطؤها حتى تعتد من الثاني.. وعدتها هنا بوضع حملها لعموم قوله تعالى: "وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن" [الطلاق:4] ، فهي حامل فلا يقربها الأول حتى تضع حملها من الثاني، فإن وضعته حلَّ للأول جماعها.
خامساً: أما إلحاق الولد نسباً، فما دام الزوج الثاني يعتقد حل هذا النكاح من المرأة لجهله بكونها في عصمة رجل قبله فإن هذا الحمل يلحق به؛ لكونه وطئها وطء شبهة، والنسب يلحق الواطئ في وطء الشبهة، كما قرره أهل العلم، فقد ذكر ابن قدامة - رحمه الله- في المغني (9/431) فيما لو زوج المرأة وليان فالنكاح للأول، فإن دخل بها الثاني وهو لا يعلم أنها ذات زوج فرق بينهما ولحق حملها منه به لكونه وطء شبهة وعليها العدة الشرعية فلا يحل وطؤها للأول إلا بعد انقضائها، وكما ذكر ابن قدامة وغيره من الفقهاء - رحمهم الله- هذا المعنى فيمن تزوج امرأة في عدتها وهو لا يعلم أنها معتدة أو يجهل تحريم نكاح المعتدة مع أن نكاحها باطل بإجماع أهل العلم، ومع ذلك إن كان وطئها بشبهة الجهل فيلحقه النسب، والأدلة الشرعية دلت على رغبة الشارع في حفظ الأنساب وعدم إضاعتها توجب أن يعتنى بذلك وألا يضاع أي نسب مهما وجد لذلك سبيل شرعي.
وأما إن كان الزوج الثاني عالماً بأن المرأة ذات زوج فلا يلحقه نسب هذا الحمل لكونه زانياً ويتوجب عليه إقامة الحد الشرعي حسب حاله من كونه محصناً أو غير محصن، ولكن - ظاهر السؤال- أن الزوج الثاني لا يعلم بحال المرأة فهو معذور ويلحقه نسب الحمل الذي حملته المرأة منه.
سادساً: ليس للمرأة المهر على الثاني؛ لأنها مكنته من نفسها مطاوعة عالمة بزواجها من الأول فليس لها عليه المهر. (المغني 9/528) . والله -تعالى- أعلم.(11/255)
هل أعترض على زواج أمي
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 17/03/1426هـ
السؤال
أنا شاب مشكلتي أني لم أجد أبي بجواري؛ حيث إنه ترك البيت في ظروف غامضة، ولا أحد يعرف عنه شيئاً حتى الآن، وتزوجت أمي من رجل آخر، ثم رجل ثان، لكن هنا مشكلة، حيث إنها استطاعت شراء شقة، لكن من أين جاءت بالمال وهي لا تعمل، ولا يوجد أي مصدر آخر قد تحصل منه على هذا المال، حتى من زواجها السابق، هل أشك أن هذا المال حرام؟
والمشكلة الثانية أيضاً في أمي حيث إنها منذ فترة قريبة تزوجت مرة أخرى من رجل غني قريبنا، لكن هذا الزواج اكتشفت أنه (عرفي) ، وتريد تحويله لزواج رسمي، وتتزوج في شقتها، أليس هذا حرام؟ لكن أنا أعترض على هذا الزواج حتى لو تحول لرسمي. هل باعتراضي على هذا الزواج أصبح عاقاً للوالدين؟ أفتوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فالواجب عليك -أخي السائل- أن تحسن الظنّ بوالدتك؛ فهي أحق الناس ببرك وحسن ظنك، وقيمة الشقة المذكورة قد تكون اكتسبته من أعمال مشروعة، وأنت لا تدري، وقد تكون من زوجها السابق، أو غير ذلك من المكاسب المباحة، لذا لا تشغل بالك كثيراً بما لا طائل تحته، خاصة أنها ظنون لا حقائق، ولكن متى ما ثبت لديك -ثبوتاً قطيعاً لا شكاً وظنًّا- أن المال اكتسبته والدتك من طريق محرم، فالواجب عليك التلطُّف في نصحها، وتذكيرها بحرمة ذلك، وأهمية الكسب الحلال.
أما سؤالك عن الزواج العرفي، فالزواج العرفي إذا توافرت أركان النكاح وشروطه فيه، فهو نكاح صحيح، وأركان النكاح ثلاثة:
الأول: الزوجان الخاليان من الموانع.
الثاني: الإيجاب من الولي.
الثالث: القبول من الزوج.
وشروط النكاح أربعة:
الأول: تعيين الزوجين.
الثاني: رضاهما.
الثالث: الولي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد (19518) ، وأبو داود (2085) والترمذي (1101) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه-.
الرابع: الشهادة، فلا يصح النكاح إلا بشاهدين، ومن تزوجت بلا ولي- وهو الغالب في الزواج العرفي- فنكاحها باطل في أصح قولي العلماء سواء كان النكاح عرفياً أو لا، ويلزم الزوجين تجديد العقد.
أما ما يتعلّق باعتراضك على زواج والدتك، فإن كان الزوج المتقدم كفئاً مرضي الدين والخلق، فليس لك الاعتراض؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض". رواه الترمذي (1084) ، وابن ماجة (1967) ، والحاكم 2/179، وصححه. والله -تعالى- أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/256)
تزويج المعاقين والمجانين
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 29/10/1425هـ
السؤال
الأسئلة:
(1) هل يجوز زواج المعاقين والمتخلفين عقليًّا؟ ولماذا؟
(2) هل هناك شروط لتزويجهم؟ وهل تنطبق عليهم شروط الزواج؟
(3) كيف يمكن للمعوق المتخلف عقليًّا القيام بواجباته (واجباتها) الزوجية؟
(4) هل يقبل الإسلام ذرية معوقة ومتخلفة عقليًّا؟
(5) كيف يمكن أن نتعامل مع زواج المعوقين والمتخلفين عقليًّا؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
فقد ذهب جماهير أهل العلم إلى جواز تزويج المجنون أو المجنونة، فضلًا عمن دونه كالمعتوه- وهو ناقص العقل- إذا احتاجوا له، ونص بعضهم على الوجوب إذا ظهرت رغبته في النساء بظهور أمارات توقانه بدورانه حولهن، أو يتوقع شفاؤه بالوطء بقول طبيب عدل، أو يحتاج إلى متعهدة ولا يوجد في محارمه من يقوم بذلك- انظر شرح البهجة لزكريا الأنصاري (4/111) ونهاية المحتاج (6/246) - وكذا المجنونة إن احتاجت للوطء أو النفقة- كما في المغني (7/36) ونهاية المحتاج (6/246) - ونص بعض المالكية على أنه إن كان لا يخشى منه فساد لم يزوَّج، وإن خُشي منه ذلك زُوِّج- انظر مواهب الجليل (3/458) . والمراد بالمجنون: المطبق جنونه، وإلا فلا يزوج إلا في حال إفاقته وإذنه- انظر حاشيتي قليوبي وعميرة (3/238) - كما أنه ليس لولي المجنون أن يزوجه أكثر من واحدة لاندفاع الحاجة بها لكون الضرورة تُقدر بقدرها- انظر الأشباه والنظائر (85) وحاشية ابن عابدين (3/84) - وقد أجاز زواج المجنون بعض الصحابة، رضي الله عنهم، قال علي، رضي الله عنه: (أيما رجل تزوج امرأة مجنونة أو جذماء أو بها برص أو بها قرن فهي امرأته إن شاء أمسك وإن شاء طلق) . رواه الدارقطني 3/267. فهنا لم يُبطل النكاح ابتداء، بل وقفه على رضا الطرف الآخر.
أما ما يتعلق بالإعاقة البدنية كالشلل وغيره فهذا بلا شك أنه غير مانع من موانع صحة النكاح، ولا مبطل له إن علم الطرف الآخر بذلك قبل النكاح أو بعده ورضي به، أما إن لم يرض بذلك فله فسخ النكاح.
أما ما يتعلَّق بشروط وأركان النكاح فلابد أن تتوافر بهذا العقد، وإن تخلَّف أحدها لم يصح النكاح. وأشير إلى أن من شروط صحة النكاح الإيجاب والقبول، ولكن إن كان الزوج مجنونًا فالقبول يكون من وليه الشرعي كوالده، وإن لم يكن له ولي شرعي فوليه الحاكم أو من ينيبه؛ لما روته عائشة، رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَن لَا وَلِيَّ لَهُ". رواه أبو داود (2083) وابن ماجه (1879) والترمذي (1102) وحسنه.
أما ما يتعلق بكيفية قيام المعوق أو المعوقة بالواجبات الشرعية فكل منهما يقوم بما يستطيع القيام به؛ (لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) [البقرة:286] . أما ما لا يستطيع القيام به فالواجب على وليه القيام به، أو تأمين من يقوم به كخادم أو غيره، وإن لم يكن له ولي فتأمين ذلك واجب على ولي أمر المسلمين، فعليه القيام بذلك وتأمينه من بيت مال المسلمين.
أما هل يقبل الإسلام بذرية معوقة ومتخلِّفة عقليًّا؟(11/257)
أقول: ليت السؤال لم يطرح بهذه الصياغة؛ لأن الذرية المتخلفة عقليًّا ليست مقصورة على أولاد المتخلفين عقليًّا، فكم رأينا من أولاد متخلفين عقليًّا مع كون والديهم من أصح الناس عقلًا وبدنًا، كما أنه يوجد أولاد أصحاء بدنيًّا وعقليًّا مع تخلف والديهم، فلا يمكن القطع بأن أولاد المتخلفين عقليًّا سيكونون كذلك، ولكن قد يكونون، ومن هنا نقول إنه إذا ثبت طبيًّا أن زواج المتخلفين عقليًّا سينتج عنه أولاد متخلفون فهنا لا بأس بمنع الإنجاب، بحيث يقضيان وطرهما من غير أن يترتب على ذلك حمل، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا ضَرَرَ ولَا ضِرَارَ". حديث حسن رواه أحمد (2865) وابن ماجه (2341) وغيرهما من حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، وبهذا نحصِّل مصلحة قضاء المعوق حاجته الجنسية، وندفع ما قد يترتب على ذلك من ذرية متخلفة، وأشير هنا إلى أن لله تعالى حكمًا في خلقه للمتخلفين، فهو سبحانه لا يخلق شرًّا محضًا- كما في الحديث: "والشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ". رواه مسلم (771) ، من حديث علي، رضي الله عنه- بل لحكمة علمها سبحانه وتعالى، ولعل منها امتحان والديه بذلك، قال تعالى: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء:35] . وكذا ظهور عبادة الإيمان بالقضاء والقدر والرضا بذلك وغيرها كثير.
أما كيف نتعامل مع زواج المعوقين والمتخلفين عقليًّا؟
فأقول: إن هؤلاء المعوَّقين والمتخلِّفين عقليًّا هم جزء من المجتمع لا محالة، ولا يجوز بأي حال من الأحوال التخلص منهم، وحيث تقرر ذلك فلابد من التعايش معهم وقضاء حاجاتهم، وقد أوجب علينا ديننا الحنيف الإحسان في كل شيء، قال تعالى: (وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [البقرة:195] . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ كتَب الإِحْسَانَ علَى كلِّ شَيْءٍ". رواه مسلم (1955) ، من حديث شداد بن أوس، رضي الله عنه. ومن الإحسان بهم تزويجهم إن احتاجوا لذلك على ما فصلته أعلاه، وتزويجهم مع القيام برعايتهم خير من تركهم يتضورون ألمًا مع آلامهم. أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين إنه جواد كريم. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/258)
عقد النكاح في المسجد الحرام
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 25/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم
ما حكم إجراء عقد النكاح في المسجد الحرام؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإجراء عقد النكاح في المسجد الحرام شائع بكثرة عند أهالي مكة وجدة؛ لقرب الحرم منهم، ويحصل السؤال من بعض الغيورين الحريصين على اتباع السنة والسلامة من البدعة، والجواب عن حكم إجراء العقد المذكور يتضح من خلال النقاط الآتية:
أولاًً: ورد في جامع الترمذي (1089) ، والبيهقي (7/290) من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة - رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف".
وهو ضعيف الإسناد، قال البيهقي بعد إخراجه: (عيسى بن ميمون ضعيف) ، قال الترمذي: (هذا حديث غريب حسن في هذا الباب، وعيسى بن ميمون الأنصاري يُضَعَّف في الحديث) ، وفي ميزان الاعتدال (3/326) : قال البخاري: (عيسى بن ميمون الذي يروي "أعلنوا النكاح" ضعيف ليس بشيء، وقال عبد الرحمن بن مهدي: استعديت عليه، وقلت: ما هذه الأحاديث التي تروى عن القاسم عن عائشة - رضي الله عنها- فقال: لا أعود!) . وقد ضعفه الألباني في الإرواء (1993) (7/50) ، وفي السلسلة الضعيفة (978) .
ولا أعلم أنه ورد في السنة القولية أمر، ولا نهي عن إجراء عقد النكاح في المساجد حسب بحثي القاصر، ووجدت الشيخ محمد بن عثيمين في شرحه للزاد عند تناوله لاستحباب العقد يوم الجمعة مساء قال: (وذكر ابن القيم أنه ينبغي أن يكون في المسجد أيضاً لشرف الزمان والمكان، وهذا فيه نظر في المسألتين جميعاً إلا لو ثبتت السنة بذلك، فبها ونعمت، لكني لا أعلم في هذا سنة) (5/132) ، طبعة مركز فجر للطباعة ودار الآثار للنشر- مصر-.
أما السنة الفعلية فقد ورد في حديث الواهبة الذي أخرجه البخاري (5149) ، ومسلم (1425) عن سهل بن سعد الساعدي إني لفي القوم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا قامت امرأة فقالت يا رسول الله: إنها قد وهبت نفسها لك فلم يجبها، فقام رجل فقال: يا رسول الله أنكحنيها، قال صلى الله عليه وسلم: هل عندك من شيء؟ قال: لا، قال صلى الله عليه وسلم: اذهب فاطلب ولو خاتماً من حديد، فذهب ثم جاء، فقال: ما وجدت شيئاً ولا خاتماً من حديد، قال: هل معك من القرآن شيء؟ قال: معي سورة كذا وسورة كذا، قال: اذهب فقد أنكحتها بما معك من القرآن") .
قال الحافظ في الفتح (9/113) : (وفي رواية سفيان الثوري عند الأصيلي (جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في المسجد) ، فأفاد تعيين المكان الذي وقعت فيه القصة) . ففي هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أجرى عقد النكاح في المسجد، وإن كان السياق يفهم منه وقوعه دون تقصد لذلك كما هو ظاهر.(11/259)
ثانياً: اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على سنية عقد النكاح في المسجد. انظر مثلاً فتح القدير لابن الهمام (3/184) ، حاشية الروض المربع لابن قاسم (6/243) ، ففي مختصر خليل: (وجاز بمسجد..عقد نكاح) انظر جواهر الإكليل (2/302) ، التاج والإكليل (6/12) ، وفي مجموع الفتاوى لشيح الإسلام ابن تيمية (32/18) : (ويستحب عقده في المساجد) ، وفي الروض مع حاشيته: (ويسن بالمسجد ذكره ابن القيم - رحمه الله- وهو إمام ثقة لا يذكر ما يسن إلا بأصل شرعي للسنية) .
ثالثاً: المقصد من جعل العقد في المسجد أنه رجاء الحصول على بركة المكان، وقد صرح بذلك في تحفة الأحوذي (4/210) ، إذ قال: (واجعلوه في المساجد وهو إما لأنه أدعى للإعلان أو لحصول بركة المكان) .
ولا شك أن هناك أمكنة جعل الله فيها بركة عظيمة ومنها المساجد.
وفي صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها". والمسجد الحرام حظه من ذلك أوفر؛ وقد قال تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله" [الإسراء: 1] .
وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن مكة: "إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله" رواه أحمد (4/305) ، والحاكم (3/7) ، بسند صحيح، ولكن يبقى النظر في طريقة استمداد هذه البركة من المكان.
وفي صحيح مسلم (1423) ، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شوال وبنى بي في شوال، فأي نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أحظى عنده مني؟) .
قال عروة: (وكانت عائشة - رضي الله عنها- تستحب أن تدخل نساءها في شوال) . وفي هذا الحديث أمران: أحدهما: نبذ ما كان عليه أهل الجاهلية من كراهية التزويج والدخول في شوال.
والثاني: متابعة الفعل المجرد للنبي -صلى الله عليه وسلم- الذي لم يظهر تقصده له؛ إذ لو تقصده لصرحت بذلك، إذ إن استدلالها به أبلغ من استدلالها بمجرد فعله.
وإذا ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم- عقد زواجاً بالمسجد كما سبق في حديث الواهبة، كان فعله المجرد مانعاً من اعتبار تقصد عقد النكاح في المسجد محدثاً إذ الزمان الفاضل كالمكان الفاضل.
والخلاصة مما سبق: أن تقصد إجراء عقد النكاح في المسجد الحرام مباح ليس من البدع ولا المحدثات، وأما الحكم باستحباب عقد النكاح في المسجد، فهذا مما لم يرد فيه دليل فلا يحكم فيه بسنية، كما لا ينكر على من استحبه لوجود من قال بذلك من كبار العلماء. والله أعلم.(11/260)
ترغب في الإسلام ولا تريد فراق زوجها الكافر!
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 17/08/1426هـ
السؤال
امرأة أمريكية ترغب الدخول في الإسلام، ولكن زوجها لا ديني، وقد أخبرته برغبتها العارمة في دخول الإسلام، فلم يمانع بتاتاً، لكنه أخبرها أنه لا يرغب في اعتناق أي دين، رغم أنها حاولت أن تكلمه عن الإسلام وتجذبه إليه، ولكنه لم يقتنع. قالت لي: إنها قرأت أن الإسلام يحرم على المسلمة الزواج بغير المسلم، وهنا مكمن المشكلة فهي تحب زوجها كثيراً، وتقول: إنه شخص طيب ولطيف، وإن الله لو شرح قلبه لأسلم بكل تأكيد، كما أنها لا تريد أن تفرق بين زوجها وأبنائها، فهي محتارة هل تبقى على الكفر حتى يهدي الله قلب زوجها إليه، أم تسلم، وبالتالي تصبح العلاقة بينها وبين زوجها علاقة زنا -والعياذ بالله- خياران أحلاهما مر؟
أتمنى من فضيلتكم إيجاد حلٍ لمشكلتها، والله يحفظكم ويرعاكم.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن أسلمت المرأة وأبى زوجها الإسلام انتظرت مدة العدة لا تمكنه من نفسها، فإن انتهت عدتها ولم يسلم انفسخ العقد، ولا يحل لها البقاء مع زوج غير مسلم لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم" [الممتحنة: 10] ، وإسلامها لا يعني حرمانها من أولادهما، فهم أولاد شرعيون لها، ولها حق حضانتهم ورعايتهم والقيام بشئونهم، وسيخلف الله -تعالى- عليها زوجاً آخر إن لم يسلم زوجها؛ فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
والخلاصة أن الواجب عليها الدخول في الإسلام؛ لأنه هو الدين الحق، وما سواه منسوخ به أو باطل، قال تعالى: "إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب" [آل عمران: 19] ، وقال تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران:85] ، ولتطلب النجاة من النار فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" رواه مسلم (153) ، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/261)
الدخول بالزوجة قبل الزفاف
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 29/06/1426هـ
السؤال
تم عقد نكاحي، وتم الاتفاق على أن يكون الزفاف بعد ثلاث سنوات بعد أن أتم دراستي، وخطيبي يطلب مني أن أزوره في بعض المناسبات، وأن زيارتي ستكون في وجود أهله، ولنا غرفة ننام فيها سويًّا. ولكنني خائفة وأشعر بعدم الارتياح؛ لأنني أريد أن نعيش كزوجين فقط إلى أن يتم الزفاف، وأخشى أن يتم الدخول بي وأحمل وأنا في دراستي، مما سيسبب لي حرجًا شديدًا؛ لأنه ظهر قبل الوليمة. كما أن والديَّ يريان أنه من غير المناسب لي أن أزوره أو أن أقضي معه وقتًا طويلاً قبل وقت وليمة الزفاف. فما هو واجبي من الناحية الشرعية؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن المرأة إذا عقد نكاحها على الرجل بتوافر شروط النكاح من الولي والشاهدين والإيجاب والقبول فإنها تصبح زوجة له وهو زوج لها يحل له الخلوة بها بل وجماعها.
ولكن لا ريب أنه ينبغي مراعاة العرف في هذا المقام فإن من المتعارف عليه في كثير من المجتمعات أن الزوج لا يدخل بزوجته ولا يطؤها إلا بعد ليلة العرس (الزفاف) .
وعلى هذا فأنصحك أن تقنعيه بأن لا يجامعك إلا بعد حفل الزفاف، حتى يُراعى كلام الناس وعادتهم، ولئلا تحصل أمور تسيء إليك أو إلى زوجك، مع أنه شرعاً يجوز له جماعك لكن لا ينبغي ذلك إلا بعد ليلة الزفاف، بل قد يكون الجماع في بعض الأحيان ممنوعاً إلا ليلة الزفاف؛ لما يترتب على فعله قبل الزفاف من آثار ومفاسد ينكرها المجتمع وتسيء للفتاة ولأهلها. فما رآه والداك هو عين الصواب فاقبلي نصيحتهما وخذي برأيهما.
ولعلك تتفقين مع زوجك على التعجيل في ليلة الزفاف، وهذا خير وأحسن. وفقك الله وسدد خطاك, والله أعلم.(11/262)
رغبة المرأة عن الزواج مطلقاً!
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/مسائل متفرقة
التاريخ 03/11/1426هـ
السؤال
هل هناك ما يبيح للبنت المسلمة أن تقرر عدم الزواج أبداً، إذا رفض والدها تزويجها من رجل أعجبها تقدم للزواج؟ وهل هناك أمثلة من التاريخ الإسلامي على ذلك؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فما ذكرته السائلة غير مشروع، حيث إن البنت يجب أن تتفاهم مع والديها بطريقة غير التي تطرحها.
ومع افتراض أن الذي تقدم لها كفؤٌ لها ومناسبٌ، وأن والدها أخطأ برده عنها، فإن ذلك لا يستوجب أن تمتنع من الزواج مطلقاً.
بل تتفاهم مع والديها فيمن يتقدم مستقبلاً لخطبتها، أو تحاول إقناعهما بمن تريد، فليس لها أن تتزوج دون موافقة وليها، وليس لوليها أن يرغمها على الزواج من أحد لا تريده، وقد جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكرت أن والدها أرغمها على الزواج، فرد عليه الصلاة والسلام نكاحها، كما جاء في صحيح البخاري: (6945) عن خنساء بنت خذام الأنصارية -رضي الله عنها- أن أباها زوجها وهي ثيِّب فكرهت ذلك، فأتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فردَّ نكاحها.
فالأصل في ولاية الولي ابتغاء الصلاح لمن ولاه وطلب مصلحة موليته، وهذا هو الحاصل في الأغلب، لاسيما في الآباء وهم أعرف بمن يصلح لبناتهم، وأعلم بحال الرجال المتقدمين، ومع ذلك فلابد من إذن البنت بصماتها إذا كانت بكراً، أو بأمرها إذا كانت ثيباً، كما جاء في صحيح البخاري (5136) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن". قالوا يا رسول الله! كيف إذنها؟ قال: "أن تسكت".
وهذا التشريع إنما تراد من ورائه مصلحة المرأة، وفي الحالات النادرة التي يثبت فيها خيانة الولي للأمانة بتقديم مصلحة نفسه على مصلحة موليته، أو قصد الإضرار بها، فإن المسألة ترفع إلى القاضي الشرعي الذي يرفع عنه الولاية إلى غيره.
ولكن الأغلب والمظنون أن الولي إنما ينطلق من مصلحة وليته لا سيما والدها.
وعلى الواقعة في تلك الحالة أن تحسن الظن بوالدها، كما أن عليها أن تعلم أن الإعجاب ليس هو المقياس الوحيد، وأن الخير فيما يختاره الولي ويقدره، وأن الله ربما اختار لها خيراً منه.
نسأل الله -تعالى- أن يصلح أحوال المسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(11/263)
ضرب الزوجة هل يجوز؟
المجيب د. سليمان بن قاسم العيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 6/9/1422
السؤال
أنا رجل عندي زوجة مدللة جداً، وسئمت من مراعاة شعورها الذي يعيقني أحياناً عن تربيتها وتربية أطفالي، فهل لي بضربها؟ وما حدود ذلك الضرب؟ الرجاء التوضيح بالأمثلة لحدود الضرب المبرح.
الجواب
أخي السائل أسأل الله - سبحانه وتعالى - أن ييسر لك أمرك، وأن يصلح لك أهلك وذريتك، وأما ما ذكرت من حال زوجتك، فإني ابتداءً أسأل الله - سبحانه وتعالى - لها الهداية والسلامة في دينها ودنياها، واعلم أن الحياة في الغالب لا تصفو بين الزوجين، فلا بد من أن يشوبها شائبة على اختلاف في الدرجات وتنوع في تلك الشوائب، واعلم أن الرجل مأمور ومأجور على الصبر على زوجته، وكذلك الزوجة، واعلم أن الشرع المطهر جعل لعصيان المرأة لزوجها علاجاً متدرجاً، كما في قوله - سبحانه وتعالى -:" واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً " [النساء:34] ، فلا بد أولاً من الموعظة بالترغيب والترهيب، والتعريف بحق الزوج على زوجته، وإثم معصيتها له، ولا تكون الموعظة من قبلك وحدك، بل تكون أيضاً من قبل من يناسب من أقاربها وأقاربك، ثم الانتقال بعد ذلك إلى الهجران بالفراش بأن يوليها دبره في فراشه، أو يجعل له فراشاً مستقلاً عنها، ويترتب على ذلك ترك مجامعتها وقت الهجران، ثم إذا لم تُجدِ تلك الوسائل ينتقل إلى وسيلة الضرب التي حددها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يُوطئْن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح " الحديث، أخرجه مسلم (1218) ، والضرب غير المبرح هو غير الشاق أو الضار، ومن أمثلة ذلك أن يكون الضرب على الكتف، أو اليد، أو الرجل، أو الأماكن التي لا تكون معرضة للكسر، أو تعطل الأعضاء، أو تؤدي إلى الإهانة كالضرب على الوجه، فإن هذه الحالات من الضرب ضررها أكثر من نفعها.(11/264)
هل يضرب الرجل امرأته؟
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 29/3/1423
السؤال
ما هو النشاز؟ ومتى يضرب الرجل امرأته؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الزواج في الخلق آية من آيات الله الذي نخر له ساجدين، ويقوم على أركان ثلاثة: السكن، المودة، الرحمة. قال -تعالى-:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21] .
والعلاقة بين الزوجين تسمو على كل العلاقات "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ" [البقرة:187] ، فالزواج إذن ضرورة دينية وضرورة مدنية وجاء وصف عقد النكاح وصفاً متميزاً على جميع العقود "وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً" [النساء:21] وللرجل حق القوامة على المرأة "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ" [النساء:34] ، وقال المصطفى - عليه السلام - في بيان أفضل النساء:"هي التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله" أبو داود (1664) وابن ماجة (1857) وأحمد (7421) واللفظ له، وقال -عليه السلام-:"إن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله" البيهقي في الشُعَب (15/248) والدر المنثور للسيوطي (2/483) ويعنى بذلك ما يقوم به الرجال من الأعمال من صلاة وجهاد في سبيل الله.
الناشز هي التي تبرز وتستعلي بالعصيان والتمرد، والمنهج في الإسلام لا ينتظر حتى يقع النشوز بالفعل وتعلن راية العصيان وتسقط مهابة القوامة، بل لابد من المبادرة في علاج مبادئ النشوز الذي لا يستقر معه سكن ولا طمأنينة، ومآله بعد ذلك تصدع وانهيار ودمار وتشرد، ولا بد من المبادرة باتخاذ الاجراءات المتدرجة في علاج علامات النشوز وحينئذٍ يباح أن يزاول الزوج بعض أنواع التأديب المصلحة في حالات كثيرة لا للانتقام ولا للإهانة ولا للتعذيب، ولكن لرأب الصدع والإصلاح في هذه المرحلة المبكرة من النشوز، وذلك بالوعظ، وبيان مزايا استمرار الزوجية، وبيان مساوئ الفرقة والاختلاف فإذا لم يجدِ هذا انتقل إلى مرحلة أخرى في التأديب والتهذيب، وهذه المرحلة تتمثل في الهجر في الكلام ثلاثة أيام، وفي المضجع ما شاء على ألا يضر بها، فإذا لم يجدِ هذا الأسلوب انتقل الزوج إلى التأديب الخفيف فلا يضرب الوجه ولا يقبح.
عن معاوية القشيري أنه قال: يا رسول الله ما حق امرأة أحدنا عليه؟ قال:" أن تطعمها إذا طَِعمْت وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت" أبو داود (2142) وأحمد (20011) .(11/265)
قانون (بيت الطاعة) ومفارقته لإنصاف المرأة
المجيب محمد بن صالح الدحيم
القاضي في محكمة الليث
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 14/11/1424هـ
السؤال
متى يحق للزوج أن يطلب زوجته في بيت الطاعة؟ وهل يحق لها أن ترفض؟ وإذا رفضت ماذا يترتب على هذا الرفض؟ خاصة إذا كان الزوج قد تزوج على زوجته خداعاً، ومن ثم امتنع عن دفع النفقات لزوجته ولأولاده، وإذا ذهبت الزوجة لبيت أهلها، هل تعد ناشزاً وتُطلب لبيت الطاعة؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
(بيت الطاعة) قانون وضعي أصدرته بعض الدول، وخلاصته أن للقاضي الحكم على الزوجة بلزوم بيت الزوجية (بيت الطاعة) ، فإذا لم تقم بذلك فإن للقاضي تحديد العقوبة المناسبة واستخدام القوة، وعلى ما تقدم فإن هذه القوانين فيها ظلم للمرأة، فقد جعل الإسلام للمرأة مخرجاً، فإذا كانت كارهة لزوجها ونحو ذلك فيفرق بينهما بالمخالعة، وإن كان الزوج فاسداً أو كان به عيب فرق بينهما.
أما إذا كانت الزوجة ناشزة عن طاعة زوجها ولا مبرر لديها فيحكم عليها بالانقياد لطاعة زوجها بالمعروف، فإن لم تفعل فإنه يسقط حقها في النفقة والسكنى وغيرها، أما نظام (بيت الطاعة) فإنه يسقط حق الحرية للمرأة، والعجب أنه صادر من أدعياء تحرير المرأة، فتأمل كيف توصلوا إلى هذه النتيجة، الأمر الذي يدعونا إلى الاعتزاز بديننا والتحاكم إليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(11/266)
هجرها وخانها
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 01/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هجرني زوجي بالفراش سنتين دون سبب يذكر، وتبيّن لي أنه خلالها وربما قبلها قام بخيانتي بالحرام والله أعلم, بعدها حاول الرجوع إلي فلم أقبل؛ اعتمادًا على كلام الله في الآية الكريمة: (الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) . وأنا لست بتلك ولا تلك، والحمد لله،، ما زلنا على هذا الحال حوالي أربع سنوات، ونحن نعيش في بيت واحد، نتكلم مع بعض حين الضرورة في شؤون البيت، الطلاق صعب جدًّا، خاصة أن الأولاد في جيل التعليم العالي والزواج، ولتفادي الفضيحة الاجتماعية. السؤال هو: ما حكم الدين بحالنا هذا؟ وما حقه علي ونحن بهذا الوضع؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عقد النكاح من أعظم العقود التي جاءت بها الشريعة الإسلامية، وقد سماه الله: (مِيثَاقًا غَلِيظًا) . وهذا العقد له آثار، منها ما هو للزوج على زوجته، وهي:
(1) الطاعة: "إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ؛ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ". أخرجه أحمد (1661) .
(2) القرار في البيت وعدم الخروج إلا بإذن الزوج: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) [الأحزاب: 33] .
(3) ألا تأذن لأحد أن يدخل منزله إلا بإذنه: " ... وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ.." الحديث. أخرجه مسلم في صحيحه (1218) .
(4) القيام بخدمته بالمعروف، فإن هذا من مقتضيات القوامة، وهو فعل نساء الصحابة، رضي الله عنهن، وهو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية.
(5) أن تحفظ ماله وعرضه، عما يدنسه، وأن تحفظ زينتها حتى لا تظهر عند الأجانب.
(6) أن تطيع المرأة زوجها إذا دعاها إلى فراشه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذَا بَاتَتِ المَرأةُ هَاجِرةً فِرَاشَ زَوْجِها لَعَنَتْها الملائكةُ حتَّى تُصْبِحَ". صحيح البخاري (5194) وصحيح مسلم (1436) . وفي لفظ لمسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا". فلا يجوز للمرأة أن تمتنع عن زوجها لأجل حصول المعصية منه، بل إن امتناعها عن ذلك قد يكون سببًا في استمراره على ذلك الأمر، هذا في حال كون الزوج قد تاب إلى الله من هذه المعصية- أي الزنا- أما إذا كان مستمرًّا على هذه المعصية، فإنه لا يجوز للمرأة البقاء مع من هذه حاله؛ للآية: (الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ... ) [النور: 3] .(11/267)
أما بقاء الزوجين متهاجرين هذه المدة الطويلة، فهذا أمر لا يجوز؛ لأن الهجر دواء يستخدم لوقت محدد.... إصلاح المهجور، ولا يجوز أن يزيد الهجر في الكلام والسلام عن ثلاثة أيام، أما الهجر بالسنوات فهذه قطيعة لا يحل فعلها، فالواجب على الزوجة أن تتقي الله تعالى، وأن تصلح زوجها بالنصيحة والكلمة الطيبة، وتوسيط أهل الخير من الأقارب، وغيرهم لحل مثل هذه المشكلة، كما يجب على الزوج أن يتقي الله في زوجه، وأن يؤدي لها حقوقها المالية، كالمهر، والنفقة بالمعروف، وأن يؤدي الحقوق غير المالية، وهي المعاشرة الحسنة؛ لقوله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة: 228] . وقوله: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ... ) [النساء: 19] . وقوله صلى الله عليه وسلم: "اسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْرًا ... ". وقوله: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ ... ". أخرجه الدارمي (2260) والترمذي (3895) . وفي لفظ: "خِيَارُكُمْ خِيارُكم لِنِسائِهِمْ". أخرجه الترمذي (1162) . ومن حقها على زوجها إعفافها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام لعثمان بن مظعون، رضي الله عنه: "فإنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا". أخرجه أبو داود (1369) . وقال لعبد الله بن عمرو: " وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا". أخرجه البخاري (1974) ومسلم (1159) . وعلى الجميع الزوج والزوجة أن يتذكروا أن الله سائل كل واحد منهما عن الآخر، فليعدوا للسؤال جوابًا. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(11/268)
هل مبيتها خارج بيته بغير إذن من النشوز؟
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 24/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما النشوز؟ وهل ترك المرأة لبيت زوجها أيام الخميس والجمعة والمبيت عند أهلها وهو يوافق مكرهًا يعتبر نشوزًا؟ علمًا أن المرأة تذهب لأنها لا ترتاح كثيرًا لزوجها وعندها أولاد منه. بارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
النشوز في اللغة: الارتفاع، وأما في الاصطلاح فهو: معصية الزوجة زوجها فيما يجب عليها، وخروج المرأة من بيتها هذا لا يخلو من أمرين:
الأمر الأول: أن يكون برضى الزوج، فإن هذا جائز ولا بأس به؛ لأن الزوج هو الذي له القوامة، والله عز وجل يقول: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء: 34] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُم". أخرجه الترمذي (1163) وابن ماجه (1851) . يعني النساء، يعني أسيرات، والأسير في حكم مَن أسره، وأيضًا أمهات المؤمنين لما أردن الاعتكاف استأذنَّ النبي صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري (2045) ومسلم (1173) . فدل على أنه لابد من إذن الزوج.
القسم الثاني: أن يكون خروج المرأة بغير إذن الزوج، أو هو مكره لهذا، فهذا لا يجوز ويعتبر نوعًا من النشوز، لما تقدم من إذن الزوج بالرضى، فلا يجوز لها أن تخرج حتى يأذن لها زوجها، وتتفق معه على ذلك، وألا تطيل الخروج، فهذه المدة طويلة وإنما تكون المدة مناسبة للزوج كيوم، أو نصف يوم ونحو ذلك. والله أعلم.(11/269)
المدة المباحة لهجر الزوجة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 20/02/1426هـ
السؤال
ما المدة المباحة للهجر في حالة غضب الزوج على زوجته؟.
الجواب
يقول الله -عز وجل-: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ... " [النساء: 34] .
فمراحل تأديب الزوجة: أولاً: الوعظ والإرشاد، فإن لم يجد هذا فالهجر، والهجر يكون في المضجع؛ لأن الله -عز وجل- قال: "واهجروهن في المضاجع"، وليس هجر عن المضجع أو هجر عن البيت، وإنما يضاجع زوجته ويهجرها بحيث لا يلتفت إليها ولا يكلمها..إلخ، وهذا ليس له حد بل هو معلق بالمصلحة، فإذا كان ردعها يكون بهجر يومين أو ثلاثة أو أربعة.... فإنه كما سلف معلق بالمصلحة.(11/270)
تأديب الزوجة في القرآن
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد الخريصي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 2/3/1425هـ
السؤال
لماذا يؤمر بضرب المرأة وهجرها في المضاجع حتى الموت لمجرد الخوف من نشوزها في (سورة النساء: 34) ، ولماذا تلعنها الملائكة إلى الصباح إذا أبت الجماع مع زوجها؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الله - وهو الحكيم- شرع للزوج إذا رأى عصياناً من زوجته، وتأكد منه أن يسلك طرقاً ثلاثة على الترتيب، لا على التخيير كما ذكر العلماء، فيبدأ بوعظ زوجته- أي تذكيرها- بحق الزوج عليها من الطاعة، وحسن العشرة، فإن لم تستقم فينتقل إلى الهجر في الفراش؛ لأنه أقوى أثراً، فإن لم ينفع فيباح له أن يضربها ضرباً غير مبرح -أي غير شديد وشاق - مع تقوى الله في ذلك.
أما ما ذكرته السائلة من الضرب والهجر حتى الموت للزوجة الناشز فلا وجود له في الآية، ولعلها تعني حد الزنا الوارد في سورة النساء (15) ، من حبس الزانية حتى الموت، وكان هذا في أول الإسلام، ثم نسخ بقوله تعالى: "الزانية والزاني فاجلدوا.." [النور:2] .
أما مسألة لعن الملائكة للمرأة التي تأبى إجابة دعوة زوجها فقد ذكر العلماء أن السبب في ذلك حاجة الرجل إلى زوجته، ولذلك قد يبيت غاضباً عليها، كما في رواية مسلم (1436) : "ما من رجل يدعو امرأته ... إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها"، وفي رواية: "فبات غضبان عليها ... "، فجعل الله ملائكته تلعن من أغضب عبده، منع شهوة من شهواته، وهذا يدل على فضل الزوج، وعظيم حقه على زوجته. والله أعلم.(11/271)
هجر زوجته أربع سنين
المجيب ماجد بن عبد الرحمن آل فريان
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 1/3/1425هـ
السؤال
رجل متزوج وله أولاد كبار، حصل بينه وبين زوجته خلاف، فعزم في نفسه أن يطلقها، لكنه لم يطلق؛ خشية وقوع مشاكل وأن يمتد الطلاق في العائلة بحكم أن أخواته متزوجات مع إخوان زوجته، ولذا هو قرر أن يعيش مع زوجته دون أن يقربها في منزل واحد بعد أن انقطع عن البيت أكثر من أربع سنين؟ ما حكم هذا الفعل؟ وما حكم نفقتها؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة على محمد وآله وصحبه.
أخي الكريم. . .
حلمك وتقديرك للمصالح والمفاسد أمر مشكور لك، وقدرتك على التحمل طوال هذه السنين يدل على مقدرتك بإذن الله أن تتجاوز هذه العقبة بالإصلاح.
أما خروجك من البيت لأربع سنوات فهو أمر غير سائغ.
وكذلك بقاؤك في البيت دون اجتماع مع زوجتك في مضجع واحد أمر غير سائغ هو الآخر؛ إلا إذا كانت الزوجة ناشزاً وهي التي تعصي زوجها فيما يجب عليها من حقوقه ففي هذه الحالة يجوز الهجر في المضجع.
والشرع لم يجعل الهجران في المضجع إلا حالة استثنائية مؤقتة لا تستمر، يلجأ المرء إليها لمعالجة وضع راهن، أما أن يستمر عليها فهذا إخلال بالواجب على الزوج تجاه المرأة؛ ولذلك نص الفقهاء على وجوب المبيت عند الحرة ليلة من كل أربع ليال، إذا طلبت، ولم يكن عذر يمنعك من ذلك.
وهذا يتضمن وجوب شيئين:
أحدهما: الاجتماع في المنزل.
ثانيهما: الاجتماع في المضجع، وقوله تعالى: "واهجروهن في المضاجع" [النساء:34] مع قوله صلى الله عليه وسلم عند أحمد (19511) وأبو داود (2142) وابن ماجة (1850) وغيرهم. وغيره بسند حسن:"ولا تهجر إلا في البيت" دليل على وجوب المبيت في المضجع، ودليل على أنه لا يهجر المنزل.
ويلزم الزوج أن يطأ زوجته كل ثلث سنة مرة إن قدر على ذلك؛ لأن الله تعالى قدر ذلك في حق المولي فكذلك في حق غيره، قال تعالى "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم" [البقرة:226-227] ، وهذا حق لها ومن تركه فهو مقصر فيما يجب عليه من حقوق.
ومن ترك وطء زوجته إضراراً بها ولو بلا يمين أكثر من أربعة أشهر وهو غير معذور، فهو ملحق عند العلماء بالمولي، يأمره القاضي بطلب المرأة بالوطء أو الطلاق، فإن أبى من الأمرين طلق عليه القاضي.
وأما النفقة فهي واجب على الزوج مع بقاء الزوجية بقوله تعالى: "لينفق ذو سعة من سعته" [الطلاق:7] وقوله: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة:228] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" رواه مسلم (1218) من حديث جابر - رضي الله عنه-.
ولا تسقط النفقة عن الزوجة الباقية في عصمة الزوج إلا أن تكون ناشزاً، أو محبوسة عنه ممتنعة منه في بيت أهلها مثلاً، أو مسافرة عنه لحاجتها، ففي هذه المواضع تسقط النفقة أما غيرها فلا يجوز للزوج أن يحبس النفقة عن زوجته ومن فعل ذلك فهو ممسك عما يجب عليه.
والله أسأل أن يجمع شمل أسرتكم ويوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى. وصلى الله على محمد وآله.(11/272)
هل في كرهي للتعدد إساءة للشرع؟!
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/النشوز
التاريخ 27/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أنا زوجة ثانية منذ أكثر من سنتين وقد اخترت ذلك رغبة مني؛ لأني أرى أنه لا يحق لي رفض زوج صالح لأنه متزوج، حيث إن التعدّد جائز في شرع الله، ولا يحق لي الاعتراض، ولكن في الآونة الأخيرة أصبحت أشعر بغيرة قاتلة لأسباب أرى أنه من حقي هذا الشعور، وأصبحت أعيش في عذاب، وأدعو الله أن يفرّج همي، وبدأت أشعر بأن التعدّد لا يفرض على المرأة، وأن النساء يختلفن في تحمله. فهل يجوز لي النظر في التعدد على أنه لا يناسبني؟ وهل من دعاء يخفف من غيرتي؟ وهل أستطيع تخيير الزوج إما أنا أو زوجته الأخرى؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أختي السائلة: قد تضمن سؤالك طلب الجواب عن ثلاثة أمور:
الأمر الأول: قولك هل يجوز لي النظر في التعدد على أنه لا يناسبني؟.
وسوف أجيب على هذا السؤال من خلال النقطتين التاليتين:
أولاً: لا شك أن التعدد مباح ومشروع للرجال بنص القرآن الكريم، قال تعالى: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم" [النساء: 3] ، ومن المعلوم أن إباحته للرجال مشروط بالعدل بينهن بنص الآية، وعلى المسلم والمسلمة أن يسلّم بهذه المقدمة، ولا ينازع فيها، قال تعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب: 36] .
ثانياً: لا يفهم مما تقدم أن على المرأة أن تزيل ما في قلبها من شعور بالغيرة تجاه زوجها، إذا حصل ما يوجب ذلك؛ لأن هذه فطرة وغريزة قد لا تملك المرأة السيطرة عليها، ولا يفهم أيضاً أن على المرأة أن ترضى بالتعدد على نفسها، فلا تُلام على شعورها بذلك ما دامت لم تتجاوز حدودها التي رسمها لها الشارع، بحيث لا يحملها فرط غيرتها على ارتكاب ما يحرم عليها من سب وشتم للآخرين أو أذية للزوج.
ولقد كانت الغيرة تندلع في قلوب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج من عندها ليلاً، قالت: فغرت عليه، فجاء فرأى ما أصنع، فقال: "مالك يا عائشة؟ أغرت؟ " فقلت: ومالي لا يغار مثلي على مثلك؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أقد جاءك شيطانك"؟ الحديث أخرجه مسلم (2815) .
وعن عائشة - رضي الله عنها- أيضاً قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأقول: وتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله -عز وجل- "ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت" [الأحزاب: 51] ، قالت: ... والله ما أرى ربك إلا يسارع لك في هواك. أخرجه البخاري (4788) ومسلم (1464) .(11/273)
كما تروي لنا عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أيضاً موقفاً من ضرتها صفية -رضي الله عنها- فتقول: ما رأيت صانعاً طعاماً مثل صفية، صنعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- طعاماً فبعثت به، فأخذني أَفْكَلٌ فكسرت الإناء، فقلت: يا رسول الله ما كفارة ما صنعت؟ قال: "إناء مثل إناء وطعام مثل طعام". أخرجه أبو داود (3568) ، والنسائي (3957) ، وقال محقق جامع الأصول. إسناده حسن.
وأَفْكَلٌ: الرعدة، والمراد أنها لما رأت حسن الطعام أصابتها رعشة من شدة الغيرة.
وقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- أيضاً كانت تغار من خديجة-رضي الله عنها- لكثرة ما يذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه مسلم (2437) .
ومما تقدم وغيره من النصوص وما تمليه الفطرة الإنسانية يظهر بأنه لا حرج من شعور المرأة أن التعدد لا يناسبها إذا كانت تؤمن بأنه شُرِعَ من الحكيم الخبير.
الأمر الثاني: قولك: هل من دعاء يخفف غيرتي؟
فالجواب أني لم أقف على دعاء خاص لهذا الشأن.
الأمر الثالث: هل أستطيع تخيير الزوج، إما أنا أو زوجته الأخرى؟
فالجواب: هذا الطلب حرام؛ لأن فيه إضرار بالغير من غير وجه حق، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح، فإن لها ما قدر لها" أخرجه البخاري (6601) .
ولكن يجوز لها أن تشترط ألا يتزوج عليها قبل أن يعقد عليها، فإن نكث فيحق لها أن تطلب الفسخ لنكثه الشرط، كما يجوز لها أن تطلب منه أن يخالعها بعد أن ترد إليه مهره إذا خشيت ببقائها معه أن تضيع حدود الله -تعالى- بعصيان زوجها ... لفرط غيرتها أو كراهيتها له بدون أن تطلب طلاق ضرتها؛ لقول الله -تعالى-:"فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به" [البقرة: 229] . وعن ابن عباس - رضي الله عنهما- أن امرأة ثابت بن قيس - رضي الله عنهما- أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله: ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتردين عليه حديقته"؟ فقالت: نعم. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة" رواه البخاري (5273) وغيره.
ولكني أنصحها بألا تستعجل باتخاذ هذا القرار إلا بعد استخارة الله -تعالى- واستشارة العقلاء من أهلها واستنفاذ كافة السبل الممكنة لتخفيف غيرتها لعلها تعود إلى دائرة الاعتدال، وأنصحها بصدق الالتجاء إلى الله -تعالى- والإلحاح عليه أن يطمئن ما في قلبها، والله -سبحانه وتعالى- قريب مجيب، وأسأل الله -تعالى -لك التوفيق والسعادة في حياتك الأسرية، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(11/274)
الطلاق(11/275)
طلاق الحيض
المجيب سلمان بن عبد الله المهيني
القاضي بوزارة العدل
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي
التاريخ 3/2/1424هـ
السؤال
طلقت امرأتي وهي في فترة الحيض، فهل تعتبر طلقة؟ وهل يشترط شاهدان لرجعتها؟ مع العلم أنها لم تخرج من البيت حتى الآن وأنا أريدها، فما العمل؟ وما الحكم؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
يحرم على الزوج طلاق الحائض حال حيضها؛ لقوله تعالى:"يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن" [الطلاق:1] ، أي في حالة يستقبلن بها عدة معلومة حين الطلاق، ولا يكون ذلك إلا إذا طلقها حاملاً أو طاهراً من غير جماع؛ لأنها إذا طلقت حال الحيض لم تستقبل العدة، حيث إن الحيضة التي طلقت فيها لا تحتسب من العدة، وإذا طلقت طاهراً بعد الجماع لم تكن العدة التي تستقبلها معلومة، حيث إنه لا يعلم هل حملت من هذا الجماع؟ فتعتد بالحمل، أو لم تحمل فتعتد بالحيض، فلما لم يحصل اليقين من نوع العدة؛ حُرِّم عليه الطلاق حتى يتبين الأمر.
فطلاق الحائض حال حيضها حرام للآية السابقة، ولما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض، فأخبر عمر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فتغيظ عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال:"مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" البخاري (5252) ، ومسلم (1471) وعليه فلو طلق الرجل امرأته وهي حائض فهو آثم، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى، وأما الطلاق فإنه لا يقع لأنه خلاف أمر الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وقد جاء قوله -صلى الله عليه وسلم-:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" مسلم (1718) والطلاق في الحيض ليس عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود، والله أعلم.(11/276)
طلاق النفساء
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي
التاريخ 15/11/1423هـ
السؤال
هل يقع طلاق على المرأة النفساء مع الدليل أو التعليل؟ أرجو الإسراع في الإجابة.
الجواب
الحمد لله وحده وبعد: فإن طلاق النفساء والحائض محرم وقد اختلف العلماء في وقوعه واحتسابه فذهب جمهور العلماء إلى وقوعه مع الإثم مستدلين بأدلة منها أن ابن عمر - رضي الله تعالى عنه - طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر - رضي الله عنه - رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: "مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" رواه البخاري (5252) ومسلم (1471) قالوا: فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمراجعة وهي لم شعث النكاح وإنما شعثه وقوع الطلاق ... وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يقع مستدلين بما رواه أبو داود (2185) بإسناد صححه ابن حزم وابن القيم وغيرهما من حديث ابن عمر السابق وفيه: فردها علي ولم يرها شيئاً، انظر تفصيل ذلك في المحلى (9/381) وزاد المعاد (5/218 - 241) والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/277)
طلاق الحامل
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي
التاريخ 14/1/1424هـ
السؤال
طلق رجل زوجته، وهو بكامل قواه العقلية طلقة واحدة، وهي حامل في الشهر الأول، فما الحكم جزاكم الله خيراً؟ وهل لها عدة؟ وكم مدتها؟ وهل يجوز لها الخروج من المنزل إذا كانت معلمة؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
من طلق زوجته وهي حامل طلقة واحدة فطلاقه طلاق سنة، وعليها العدة الشرعية حتى تضع حملها، قال تعالى:"وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً" [الطلاق:4] ، وللزوج مراجعتها ما دامت في العدة إن كانت هذه الطلقة الأولى أو الثانية وكان الطلاق بدون عوض، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- إذا طلق الرجل امرأته تطليقة أو تطليقتين وهي حامل فهو أحق برجعتها ما لم تضع حملها، وهو قوله:"ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر" [البقرة:228] رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (2/448) والبيهقي (7/367) ، ولا يجوز للمطلقة الرجعية الخروج من بيت زوجها، ولا يجوز إخراجها حتى تنتهي عدتها، لقوله تعالى:"يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً" [الطلاق:1] ، أما الخروج للحاجة فلا بأس به مع التزام الحجاب الشرعي والرجوع لمنزل الزوجية بعد انتهائها، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/278)
التأديب بالطلاق
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي
التاريخ 7/4/1424هـ
السؤال
أنا شاب متزوج، ولي ولد وبنت من زوجتي، وحصلت مشادة كلامية عنيفة بيننا، وحاولت خلالها ضبط النفس ما أمكن، ولكن مع الإصرار الشديد والتكرار الملح في طلب الزوجة للطلاق، أردت بادئ ذي بدء أن أردعها بطلاق مشروط، كأن أقول لها إذا فعلت كذا فأنت طالق، ولكن تملكني الغضب إلى درجة أن ضربتها ورفعت صوتي عليها وقلت لها أنت طالق؛ -أي أنني لم أشترط-، والمشكلة أنني عندما تلفظت بالطلاق كنت أريد قول الشرط ولكن لم أقله.
مع العلم أنني طلقتها في طهر بعد جماع بيننا، وأن هذه الطلقة الأولى.
أفيدونا، ما الحكم أثابكم الله؟
الجواب
الزواج رابطة مقدسة تقوم على أركان ثلاثة (السكن - المودة - الرحمة) ، ويتعين على كل من الزوجين المعاشرة بالمعروف، وبذل الجهد في حسن الصحبة، وإزالة ما يسبب الأذى وينغص العيش، ولا يحل للزوج إيذاء زوجته بلسانه أو بيده، وعليه أن يتقي الله فيها، ويتأسى بالمصطفى -عليه الصلاة والسلام-"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" الترمذي (3895) وابن ماجة (1977) ، وقوله -عليه الصلاة والسلام-:"استوصوا بالنساء خيراً" البخاري (5186) ومسلم (1468) وقوله -عليه الصلاة والسلام-:"لا يفرك مؤمن مؤمنة إن ساءه منها خلق سره منها آخر" مسلم (1469) ومعناه "لا يمقت ولا يسخر".
وإذا عاملت الزوجة زوجها بالمعروف، وبذلت الجهد في حسن الصحبة فإن إيقاع الطلاق عليها يعتبر جناية، بل جريمة في حقها؛ لقوله -تعالى-:"فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً" [من 32سورة النساء] .
يعتبر الطلاق في مثل هذه الحالة محظوراً، والمطلق آثماً، على أن الطلاق في العادة الشهرية أو في الطهر الذي حصل فيه اتصال جنسي يعتبر طلاقاً بدعياً، ويرى بعض العلماء أن الطلاق البدعي لا يقع، ولكن خروجاً من الخلاف فلك أن تراجع زوجتك ما دامت في العدة، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(11/279)
يريد إرجاعها بعد الثلاث
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي
التاريخ 14/10/1424هـ
السؤال
لقد قمت بتطليق زوجتي على ثلاث مراحل متفرقة، وذلك لاستحالة العيش بيننا، ولي منها بنتان صغيرتان وإليك تفصيل ذلك:
في المرة الأولى قمت باللجوء إلى والدها، وقلت له إنني قد طلقت ابنته، ثم بعدها رجعت إلى البيت وأعلمتها بذلك -أنني طلقتها بحضرة والدها- ولم أتلفظ لها، بل أعلمتها فقط وتركتها بالبيت وغادرته أنا.
في المرة الثانية وبعد ثلاثة أو أربعة أيام من الطلقة الأولى رجعت إلى المنزل وزاد الشجار بيننا، فتلفظت بكلمة الطلاق، ثم خرجت وأنا في غضب كبير.
ثم بعدها في المرة الثالثة رجعت إلى المنزل لأحثها أن تلتزم بيت أهلها، فرفضت ورفضت حتى الطلاق، وكنت أقول لها وبالكلمة المؤكدة أن ما بيننا مستحيل وأنها طالق ولم أنو طلقة، ولكن تأكيداً للطلقات الأولى والثانية.
لجأت بعدها للقضاء وتم التطليق عن طريق القاضي، وهي وإلى اليوم في البيت لم تغادره تعيش الإهمال هي وبنتاي الصغيراتان، أهملت تماما من طرف أهلها الذين رفضوا عودتها أو حتى السؤال عنها.
وفرضت علي تعويضات خيالية جراء تطليقي لها، ولم أستطع تسديد ما ترتب عليّ من غرامات، وحرمت من العودة إلى بيتي إذ إنني خارجه ومضطر لذلك،
والسؤال:
هل أُعَد قد طلقتها ثلاث مرات؟ مع العلم أنني تلفظتها لوالدها أولا وأعلمتها بذلك، ثم تلفظت لها ثانياً: وبتصريح منها أنها كانت في فترة الحيض-، ثم تأكيداً بأنها مطلقة.
ثالثا: كنت أنوي الطلقات الأولى والثانية.
وماذا بعد أن طلقتها عن طريق القاضي، فهل أحتكم إلى القاضي أم إلى ما بدر مني من طلقات؟ أنتم أملنا والأمل في الله أولا وأخيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد ذكر الأخ السائل أن إحدى الطلقات وقعت على زوجته وهي حائض بإقرارها بذلك، فإن صدقها على ما ادعته فإن طلاق الحائض المدخول بها محرم، وقد اختلف العلماء في وقوعه، فذهب أكثر العلماء إلى وقوعه مع الإثم، مستدلين بأدلة منها حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:"مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" رواه البخاري (5252) ومسلم (1471) قالوا: فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمراجعة والمراجعة لا تكون إلا بعد وقوع الطلاق.(11/280)
وذهب جمع من العلماء منهم ابن حزم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني وغيرهم رحمهم الله تعالى إلى أن الطلاق المحرم لا يقع ومنه طلاق الحائض، مستدلين بأدلة كثيرة منها ما رواه أبو داود (2185) بإسناد صححه ابن حزم وابن القيم في الهدي (5/226) وغيرهما من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- المذكور أعلاه وفيه:"فردها علي ولم يرها شيئاً"، قال الشوكاني رحمه الله تعالى:"إسناد هذه الرواية صحيح، ولم يأت من تكلم عليها بطائل" أ. هـ (وبل الغمام 2/70) وقد سئل ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رجل طلق امرأته وهي حائض فقال:"لا يعتد بذلك" رواه ابن حزم (10/163) بإسناده إليه، قال ابن القيم:"إسناده صحيح" زاد المعاد (5/236) ، كما صححه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في التلخيص الحبير (3/206) ، وعدم وقوع الطلاق على الحائض أفتى به شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى-، انظر: الفتاوى (21/383) ، ومن تأمل الأدلة وجمع بينها تبين له قوة هذا القول والله تعالى أعلم، انظر: المحلى (10/163) زاد المعاد (5/218) وبل الغمام للشوكاني (2/69) الروضة الندية (2/105) جلاء العينين (268) .
أما فيما يتعلق بطلاق الغضبان فالغضب ينقسم إلى ثلاثة أقسام كما ذكر العلماء: الأول: غضب يزيل العقل فلا يشعر صاحبه بما قال وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع. الثاني: ما يكون في مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده فهذا يقع طلاقه. الثالث: أن يستحكم الغضب ويشتد به، فلا يزيل عقله بالكلية، ولكن يحول بينه وبين نيته بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال قال ابن القيم:"وهذا محل نظر وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه" انظر: زاد المعاد (5/215) ورجحه شيخنا العلامة ابن باز رحمه الله تعالى. الفتاوى (21/373) وذلك لما رواه أحمد (6/276) وأبو داود (2193) والحاكم (2/216) وصححه من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا طلاق ولا عتاق في إغلاق"، وفسر جمع من أهل العلم الإغلاق بالغضب، وما ذكره الأخ السائل من أنه أخبر مطلقته بأنها طالق ولم يُرد إيقاع الطلاق، ولكن أراد التأكيد فهذا يُقبل منه ديانة فيما بينه وبين الله تعالى، أما قضاء فلا يقبل، وقد ذكر الأخ السائل أنه طلب من مطلقته الخروج من البيت بعد طلاقه، لها وهذا لا يجوز لقوله تعالى:"يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا" [الطلاق:1] ، فلا يجوز للرجل أن يخرج مطلقته الرجعية من بيته حتى تنتهي عدتها، وقد ذكر الأخ السائل أن القاضي قد طلق عليه، فإن كان القاضي يحكم بالشرع المطهر لا بالقوانين الوضعية فعليه مراجعته للنظر فيما ادعاه، فإن أمضى الثلاث عليه فقد لزمته لكون هذه المسائل المذكورة من المسائل الخلافية، وحكم القاضي الشرعي يرفع الخلاف، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(11/281)
صفة طلاق السنة
المجيب راشد بن فهد آل حفيظ
القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي
التاريخ 24/02/1426هـ
السؤال
إذا أراد الرجل أن يطلق زوجته، فما هي الشروط والإجراءات، وماذا عليه أن يفعل؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا أراد أن يطلق الإنسان زوجته فليطلقها طلقة واحدة، وهي طاهر في طهر لم يجامعها فيه، أو حاملاً قد تبين حملها، هذا إن كانت ممن يحيض، أما إن كانت ممن لا يحيض، أو كانت آيسة من الحيض، فيجوز طلاقها في أي وقت طلقة واحدة، ويجوز أن يطلق غير المدخول بها أيضاً في أي وقت، وكذلك المطلقة على عوض تطلق في أي وقت، لكن طلقة واحدة في الجميع.
والصحيح أن الطلاق على عوض يعتبر خلعاً لا طلاقاً، ويجوز طلاق الحامل وإن كانت حائضاً على القول بأن الحامل قد تحيض؛ لأن عدتها بوضع الحمل. والله أعلم.(11/282)
طلاق الحامل
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي
التاريخ 25/5/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
بعد زواجي وجدت معاملة سيئة من أهل الزوجة، وحلفت بالطلاق أنني لا أذهب إليهم، وللعلم أنا أوافق على أن تذهب زوجتي إلى عائلتها وهم يأتون في أي وقت، المشكلة أنني وجدت بعد الزواج عندها تعب لا يظهر إلا في الليل، فقلت لوالدتها على هذا المرض، فقالت: السبب في هذا المرض هو أنت، وذهبت إلى مجموعة من الأطباء، فقالوا لي إن المرض سوف يستغرق علاجه حوالي سنة إلى سنتين، وأنا ليست لي القدرة على هذه المصاريف، فماذا أفعل؟ سكت على هذا المرض لأنه مكلف جداً، وابنتهم الآن عندهم بحجة أنها مريضة، فبعثت والدتي لتأتي بها، فأهانوها وطردوها من البيت، وبعثت أكثر من واحد للإصلاح وهم لا يردون، وسبوني وسبوا العائلة كلها، أنا الآن قررت أن أطلقها، لا أريدها، وأريد أن أطلقها لأني كرهتها جداً، وهناك سبب آخر اكتشفت أن والديها يتعاملان بالربا منذ عشرين عاماً، وأن والدها سيئ جداً، وأنا أريد منك أن أعرف الآتي: لو أني طلقتها - مع العلم أنها حامل - فهل حرام علي؟ وجعلكم الله ذخراً للإسلام.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الذي أراه في مثل حالتك أن تحرص على أن تصلح ما بينك وبين زوجتك وأهلها، وأن تجلسوا جميعا وتزيلوا كل أسباب الخلاف، ولو كان ذلك بوساطة بعض قرابتك أو قراباتها، ولا تستعجل في اتخاذ قرار الطلاق حتى تستنفد وسائل الإصلاح، وإذا قدرأنها رجعت إليك فإن أمر علاجها من المرض يمكن تدبيره من قبل بعض المحسنين إذا كنت غير قادر على تكاليف العلاج، وأما تعامل والدها بالربا فيعالج بمناصحته وتذكيره بحرمة الربا وضرره لعله يكف عنه، وإن قدر أن كل مساعي الإصلاح لم تجد شيئاً، ولم تحقق استقامة الحياة الزوجية، فلك حينئذ أن تطلقها طلقة واحدة ولو كانت حاملاً، وتنقضي عدتها بوضع الحمل، وإن كان الأفضل أن تنتظر حتى تضع حملها وتطهر من نفاسها، إذ قد تتغير الأحوال بعد قدوم المولود الجديد، وتعدل عن قرار مفارقتها. والله أعلم.(11/283)
الطلاق في فترة النفاس
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي
التاريخ 18/07/1426هـ
السؤال
رجل طلق امرأته وهي في فترة النفاس وبضغط من أهله، وتحت ظروف نفسية سيئة، والآن يريد العودة إليها، فهل تكون العودة بعقد وصداق جديدين، أم ماذا؟.
الجواب
اختلف أهل العلم فيمن طلق امرأته وهي حائض، ومثلها إذا كانت نفساء، أو في طهر جامعها فيه هل يقع طلاقه أم لا؟
فذهب جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة -أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد- إلى وقوعه، مع أنه محرم ولا يجوز؛ احتجاجاً بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- لما طلق امرأته وهي حائض فتغيظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمره بالمراجعة. أخرجه البخاري (5252) ، ومسلم (1471) .
قالوا: فلما أمره بالمراجعة دل على أن الطلقة وقعت.
وذهب جمع آخر من أهل العلم إلى عدم وقوع هذا الطلاق؛ لأن المراجعة معناها الرد إلى عصمته وإلى بيته، ولا يلزم فيها المراجعة الشرعية بدليل أنه عليه الصلاة والسلام قال: " ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إذا شاء طلق وإذا شاء أمسك" فالرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يأمر بتكرار الطلاق وتكثيره، وإنما أراد إيقاع الطلاق الذي أراده ابن عمر -رضي الله عنهما-.
وأما الطلقة الأولى فهي لاغية؛ لكونها وقعت على غير الوجه الشرعي؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قال ذاك الكلام لابن عمر -رضي الله عنهما- قال بعد ذلك "فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء".
فالعدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء هي: كون المرأة طاهراً من غير الجماع. فإذا طلقها وهي حائض أو نفساء أو في طهر جامعها فيه لم يطلقها على أمر الله، فيكون مردوداً لقوله عليه السلام: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" يعني مردوداً. أخرجه مسلم (1718) .
وقد سأل ابنَ عمر -رضي الله عنهما- عن ذلك رجلٌ فقال: يا أبا عبد الرحمن رجل طلق امرأته وهي حائض أيعتد بها؟ فقال له: "لا يعتد بها". وهو نفسه الذي وقعت عليه القضية، وجاء في رواية حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: فردها علي ولم يعدها شيئاً، وقال: "إذا طهرت فأمسكها أو طلقها" وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما من أهل العلم.
وبناء على ما سبق فإن كانت هذه الطلقة هي الأولى أو الثانية فيقع طلاقك، ولك مراجعتها ما دامت في العدة على القول الأول، وأما إن كانت الثالثة فقد بانت منك بينونة كبرى، لا تحل لك إلا من بعد أن تنكح زوجاً غيرك ويطأها ويفارقها.
وعلى القول الثاني لا يقع هذا الطلاق مطلقاً؛ لكونه طلاقاً بدعياً على خلاف أمر الله وشرعه، فيكون لا غياً وغير معتبر. والله أعلم.(11/284)
طلاق الحائض
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ الطلاق /الطلاق السني والبدعي
التاريخ 26/10/1426هـ
السؤال
قرأت أن طلاق المرأة وهي في الحيض لا يقع، فهل في حالة التلفظ بالطلاق في الحيض يحسب ذلك طلقة من الثلاث طلقات، برغم أن الطلاق لا يقع؟ والمرأة هي الأدرى بواقع الحيض وبدايته ونهايته في حقها، فهل يأخذ الرجل بقول المرأة في حيضها وقت تلفظه بالطلاق؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن طلاق الحائض غير المدخول بها لا بأس به؛ لعدم الضرر لأنه لا عدة عليها، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً" [الأحزاب:49] .
أما طلاق الحائض المدخول بها فمحرم، وهو طلاق بدعي، قال ابن قدامة -رحمه الله تعالى: "وأما المحظور فالطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه، أجمع العلماء في جميع الأمصار وكل الأعصار على تحريمه، ويسمى طلاق البدعة؛ لأن المطلق خالف السنة وترك أمر الله تعالى ورسوله". المغني (7/277) .
وقد اختلف العلماء في وقوعه، فذهب أكثر العلماء إلى وقوعه مع الإثم، مستدلين بأدلة منها حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمرُ -رضي الله عنه- رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "مره فليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" رواه البخاري (5252) ، ومسلم (1471) .
قالوا: فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمراجعة، والمراجعة لا تكون إلا بعد وقوع الطلاق. وقد ادعى بعضهم الإجماع على ذلك.
وذهب جمع من العلماء، منهم ابن عمر -رضي الله عنهما- في أحد قوليه، وطاوس وخلاس بن عمرو وابن حزم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني وغيرهم -رحمهم الله تعالى- إلى أن الطلاق المحرم لا يقع، ومنه طلاق الحائض، مستدلين بأدلة كثيرة، منها ما رواه أبو داود (2185) بإسناد صححه ابن حزم وابن القيم في زاد المعاد (5/226) وغيرهما من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- المذكور أعلاه، وفيه: "فردها عليَّ ولم يرها شيئاً".
قال الشوكاني -رحمه الله تعالى-: "إسناد هذه الرواية صحيح، ولم يأت من تكلم عليها بطائل" وبل الغمام (2/70) .
وقد سئل ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رجل طلق امرأته وهي حائض، فقال: "لا يعتد بذلك" رواه ابن حزم (10/163) بإسناده إليه، قال ابن القيم: "إسناد صحيح" زاد المعاد (5/236) ، كما صححه الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في التلخيص الحبير (3/206) .
وعدم وقوع الطلاق على الحائض أفتى به شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز -رحمه الله- انظر الفتاوى (21/383) .
وهو مقتضى قواعد الشريعة، فإن الطلاق لما كان منقسماً إلى حلال وحرام كان قياس قواعد الشرع أن حرامه باطل غير معتد به كالنكاح وسائر العقود التي تنقسم إلى حلال وحرام.
أما دعوى الإجماع على الوقوع فمحل نظر، قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "وتوهم من توهم أنا خالفنا الإجماع في هذه المسألة غلط؛ فإن الخلاف فيها أشهر من أن يجحد وأظهر من أن يستر" أ. هـ.(11/285)