المعاملات(8/242)
البيوع(8/243)
التجارة في الإلكترونيات
المجيب د. حمد بن حماد الحماد
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيع وشروطه (الصحيحة والفاسدة)
التاريخ 28/7/1423هـ
السؤال
لي أخ ملتزم بالشرع، يزاول تجارة بيع المواد الإلكترونية، مثل: التلفزيونات، والفيديو، والستلايات، يبيع هذه الأجهزة للمسلمين ولغير المسلمين، ومعلوم أن أغلب البرامج كما لا يخفى منافية للشرع، وأن غير المسلمين يشاهدون كل شيء، لا يبالون، فهل عليه إثم في بيع هذه الأجهزة؟ وهل المال المكتسب حلال أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
هذه الأشياء المذكورة في السؤال وسائل يمكن أن تستعمل في الشر ولغيره، وحكمها يختلف بحسب المقاصد، والأصل في بيعها الجواز، مع الكراهة لغلبة استعمالها في غير المشروع.(8/244)
هل يشترط إفراغ الصك في بيع الأرض؟
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيع وشروطه (الصحيحة والفاسدة)
التاريخ 04/05/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل كتابة مبايعة بين شخصين اشترى أحدهما من الآخر أرضاً تعني حيازة المبيع؟ أم يشترط نقل الملكية في الصك للأرض المشتراة؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإذا قال البائع: بعتك كذا، وقال المشتري: قبلت أو اشتريت، أو حصلت بينهم معاطاة للثمن والمثمن (البضاعة) فقد تم البيع، لكن يبقى لكن منهما الخيار في إمضاء البيع أو فسخه، ما داما في مجلس العقد، فإذا تفرقا بأبدانهما بأن كانا - مثلاً- في مجلس ما، فخرج أحدهما فقد وجب البيع ولزم لكل منهما تسليم ما وجب عليه للآخر؛ فيجب على البائع أن يسلم البضاعة، ويجب على المشتري أن ينقد للبائع الثمن، إلا إذا اتفقا على التأجيل، على أنه لا يجوز للمشتري أن يبيع ما اشتراه حتى يقبضه ويحوزه، فقد ثبت النهي عن ذلك في أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقبض العقار، وما لا يمكن نقله بتخليته، ولا يتصور القبض بأدنى من ذلك، وأما المنقول فقبضه يتحقق بنقله، وأما نقل الملكية في الصك فلا يعدو أن يكون مجرد إجراء نظامي إداري، لا علاقة له بلزوم البيع، وليس من تمام شروطه أو صورته، فإذا اشتريت أرضاً ثم خلى البائع بينك وبينها، وأخذ ما له في الأرض من أثاث أو متاع، فإنه عندئذ يجوز لك بيعها، حتى ولو لم تنقل ملكيتها في الصك. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(8/245)
هل هذا من بيع ما لا يملك؟!
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/البيع وشروطه (الصحيحة والفاسدة)
التاريخ 02/03/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هل في هذا البيع حرمة، وإليكم تفصيله:
(1) يقوم العميل بإرسال طلب تسعير الأحبار.
(2) نقدم العرض المناسب بفترة توريد ومدة صلاحية محددة للعرض.
(3) إذا كان عرضنا هو الأقل سعراً فسيقوم العميل بإرسال أمر شراء عن طريق الفاكس أو البريد، أو يحضره إلينا مندوب المشتريات.
(4) عند استلامنا أمر الشراء فإننا نتفحص المخزون، فما نقص من البنود المطلوبة قمنا بشرائه وحوزته إلى مستودعنا ثم نجهز البضاعة ونضعها في كراتين ونرسلها للعميل، في كثير من الأحيان تكون جميع الأصناف المطلوبة غير متوفرة لدينا؛ لأننا لا نخزن إلا الأصناف سريعة الحركة؛ وذلك لأن لها مدة صلاحية تكون بعدها غير صالحة للاستخدام.
(5) عندما نسلم البضاعة يتم فحصها من قبل العميل وإعطاؤنا سند استلام البضاعة، وبناءً عليه نرسل خطاب مطالبة للقسم المالي يرفق معه صور من شهادة الزكاة وانتساب الغرفة التجارية والسجل التجاري، وشهادة السعودة، وشهادة التأمينات الاجتماعية، ثم بعد ذلك يتم صرف مستحقاتنا في فترة تتراوح بين الشهر والثلاثة أشهر، أحياناً نسلم البضاعة على مراحل أو نتأخر في التسليم، فيتم حساب غرامة تأخير بنسبة 1% من قيمة البضائع المتأخرة عن كل أسبوع تأخير بحد أقصى 4%.
والسؤال يا - شيخ- هل فيما سبق بيع ما لا نملك؟ وهل في تأجيل الثمن والمثمن محذور شرعي؟ وماذا عن غرامة التأخير المتزايدة، وعدم صرف مستحقاتنا حتى نستكمل الوثائق السابق ذكرها؟.(8/246)
وهذا سؤال آخر خاص بالمشاريع الكبيرة مع إحدى الشركات، حيث نقدم عرض أسعار بحيث يكون صالحاً لمدة لا تقل عن سنة، ونقدم مع العرض ضماناً بنكياً ابتدائياً بقيمة 5% من إجمالي قيمة المشروع، ثم تعيد لنا الشركة أسعاراً مقترحة من عندها، فإذا وافقنا على هذه الأسعار نقدم الضمان النهائي ونحصل على عقد توريد إطاري لمدة سنة أو سنتين، وهذا العقد يوزع على ثلاث أو أربع شركات، ويوضح فيه لكل شركة المبلغ الذي فازت به، والأصناف التي وافقت عليها تلك الشركة وسعر كل صنف، ويكون العقد موزع على ثلاث أو أربع شركات، وينص في العقد أن هذا المبلغ تقريبي قد يزيد أو ينقص، ثم تبدأ المناطق المختلفة والتابعة بإرسال أوامر الشراء والتي بناءً عليها يتم التوريد لهذه المنطقة والمطالبة بالمستحقات المالية من المركز الرئيسي.
فهل فيما سبق ذكره محاذير شرعية أو شبهات يحسن تركها؟ فأنا شاب لا أريد إلا الكسب الحلال، وقد عُرضت علي بعض الوظائف بعدما تخرجت من كلية الهندسة، ولكني تركتها وبدأت هذه المؤسسة بدعم من والدي - حفظه الله- لما في الوظائف من القيود الكثيرة ورغبة في الحصول على وقت أكبر لحفظ القرآن الكريم وطلب العلم الشرعي. حفظك الله ورفع درجتك وجزاك عنا خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فالعقد بالصفة المذكورة في السؤال هو عقد توريد، وهو عقد جائز على الصحيح من أقوال أهل العلم، وأما المحظورات التي قد يتوهم اشتمال العقد عليها فهي غير مؤثرة.(8/247)
1- فكون المورد يبيع ما لا يملك لا يدخل في نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده، لأنه يستثنى من النهي ما إذا كان المبيع موصوفاً في الذمة مؤجلاً، بدليل تجويزه عليه الصلاة والسلام لعقد السلم، ففي الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال: "من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم". صحيح البخاري (2241) ، وصحيح مسلم (1604) ، وجامع الترمذي (1311) .
ومن المعلوم أن المعقود عليه في عقود التوريد - ومنها العقد المشار إليه في السؤال- موصوف في الذمة مؤجل، وعلى هذا فيشترط في المعقود عليه أن يوصف وصفاً منضبطاً، وأن يكون موعد التسليم محدداً ومعلوماً للطرفين.
2- وأما كون العوضين - الثمن والمثمن - مؤجلين في عقد التوريد فهذا أيضاً لا يؤثر في صحة العقد؛ لأن النهي عن بيع المؤجل بالمؤجل إنما ثبت بالإجماع دون النص، والإجماع لم يقع على كل صور بيع المؤجل بالمؤجل بل وقع على بعض الصور دون بعض، وحينئذٍ فإن التحريم يثبت في الصور التي وقع الاتفاق عليها دون التي وقع الخلاف فيها، وهذا العقد مما وقع فيه الخلاف فلا يثبت له التحريم، ومما يدل على ذلك أن أهل العلم جوزوا عقوداً متعددة يكون فيها العوضان مؤجلين، فمن ذلك:
أ- عقد الاستصناع (المقاولة) وقد نص على جوازه فقهاء الحنفية وحكوا فيه الإجماع العملي، وهو عقد صحيح ولو كانت السلعة المستصنع فيها مصنوعة قبل العقد، وفي هذه الحال لافرق بينه وبين عقد التوريد.(8/248)
ب- بيعة أهل المدينة، وهي الشراء من دائم العمل حقيقة أو حكماً، قال في مواهب الجليل - نقلاً عن المدونة – (4/538) : وقد كان الناس يتبايعون اللحم بسعر معلوم يأخذ كل يوم شيئاً معلوماً، ويشرع في الأخذ ويتأخر الثمن إلى العطاء وكذلك كل ما يباع في الأسواق، ولا يكون إلا بأمر معلوم يسمى ما يأخذ كل يوم، وكان العطاء يومئذ مأموناً، ولم يروه ديناً بدين واستخفوه.. وليس ذلك محض سلم، ولذلك جاز تأخير رأس المال إليه فيه، ولا شراء شيء بعينه حقيقة) .
وفي المدونة (3/315) عن سالم بن عبد الله: كنا نبتاع اللحم كذا وكذا رطلاً بدينار يأخذ كل يوم كذا وكذا، والثمن إلى العطاء فلم ير أحد ذلك ديناً بدين، ولم يروا به بأساً) .
فهذا إجماع أهل المدينة على جواز تأجيل البدلين.
ج- بيع الموصوف في الذمة غير المعين، وهو جائز في أحد الأقوال في المذهب الحنبلي، وجوزه بعضهم من غير اشتراط قبض الثمن.
فجميع هذه العقود نص الفقهاء على جوازها مع أن العوضين فيها مؤجلان وهو يؤكد أن الإجماع المحكي على تحريم ابتداء الدين بالدين لا يشمل جميع صوره، لا سيما إذا كان العقد مما تقتضيه المصلحة وتدعو إليه الحاجة.
3- وغرامات التأخير التي يضعها المستورد على المورد في حال تأخيره إذا كانت خصماً من قيمة العقد فهي جائزة لأنها ليست زيادة في دين ثابت في الذمة بل هي خصم منه، وهي نوع من الشروط الجزائية، وقد أفتى مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة بجوازها وبأن: (الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح معتبر يجب الأخذ به، ما لم يكن هناك عذر في الإخلال بالتزام الموجب له يعتبر شرعاً، فيكون العذر مسقطاً لوجوبه حتى يزول.(8/249)
وإذا كان الشرط الجزائي كثيراً عرفاً بحيث يراد به التهديد المالي، ويكون بعيداً عن مقتضى القواعد الشرعية، فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة أو لحق من مضرة، ويرجع تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر) .
4- وبالنسبة للضمان البنكي الذي تشترطه بعض الجهات المتعاقد معها فإن كان البنك يأخذ أجراً مقابل إصداره للخطاب فينظر:
- فإن كان الأجر مبلغاً ثابتاً بقدر تكلفة إصدار الخطاب فهو جائز.
- وأما إن كان نسبياً مثل ما لوكان الأجر بمقدار 2% من مبلغ الضمان فيشترط لجوازه أن يكون مغطى أي بأن يكون للعميل رصيد لدى البنك يعادل المبلغ المضمون أو يزيد عليه، فإن لم يكن مغطى فلايصح أخذ الأجر عليه لأن هذا الضمان قد يؤول إلى قرض من البنك للعميل في حال تعثر العميل، فإذا شرط فيه الأجر تحول إلى قرض جر منفعة للمقرض، وإذا لم يكن للعميل رصيد يغطي مبلغ الضمان وهو يعرف من نفسه المقدرة على تنفيذ ما التزم به فيمكن أن يتفق مع البنك على أن إصدار الخطاب بأجر وبدون تغطية على أنه لو تعثر في السداد واضطر البنك للتسديد عنه فيسترد العميل الأجور التي دفعها للبنك، وذلك حتى تنتفي شبهة القرض بمنفعة.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياك الرزق الطيب الحلال وأن يبارك لك في مالك وعملك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(8/250)
الجمع بين بيع وشرط!
المجيب د. يوسف بن عبد العزيز العقل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/البيع وشروطه (الصحيحة والفاسدة)
التاريخ 02/09/1426هـ
السؤال
ما هو البيع المشروط؟ وما حكمه؟ وما دليل ذلك؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فالأصل في الشروط الحل واللزوم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً" أخرجه أبو داود (3594) ، والترمذي (1352) .
والبيع يصح، ويصح الشرط معه إذا لم يخالف مقتضى العقد، أما حديث: "نهى عن بيع وشرط" فقد أنكره أهل العلم، كالإمام أحمد والنووي وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم. وأما حديث النهي عن شرطين في بيع، فقد أخرجه أبو داود (3504) ، والترمذي (1234) ، والنسائي (4611) . وقد اختلف أهل العلم في تفسيره، فحمله بعضهم -كالإمام أحمد- على ظاهره، وأنه لا يجوز الجمع بين شرطين ولو كانا صحيحين، والجمهور على غير ذلك، وفسر بأن يقول بعتك بألف نقداً أو بألفين نسيئة.
وأما النهي عن "بيعتين في بيعة" أخرجه أبو داود (3461) ، والترمذي (1231) ، والنسائي (4632) . فمحمول على بيع العينة، أو البيع بشرط أن يبيعه أو يشتري منه كذا.
وللتفصيل ننصحك بالرجوع إلى كتب الفقه، والله الموفق.(8/251)
المتاجرة بأدوات التجميل
المجيب محمد بن صالح الدحيم
القاضي في محكمة الليث
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 5/7/1422
السؤال
أنا رجل مستقيم أريد أن أفتح محل أدوات تجميل، فهل يجوز لي بيعها وشراؤها، وإذا كان جائزاً، فهل هي من خوارم المروءة؟
الجواب
المتاجرة في أدوات التجميل تجوز من حيث الجملة، أما إذا أردت نوعاً معيناً منها، فعليك الإيضاح.
أما هل هو من خوارم المروءة، فهذا يرجع إلى العرف، فإن كنت في وسط يعد عقلاؤه أن هذا من خوارم المروءة، فهو كذلك، ولاعبرة بالسفهاء وقاصري النظر.(8/252)
حكم الصندوق الاستثماري التعاوني المغلق
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 10/8/1422
السؤال
نحن مجموعة من الأشخاص مشتركون في صندوق تعاوني استثماري مغلق (أي لا يحق لغيرنا الاستفادة من الصندوق إلا عن طريق أحد الأعضاء المشاركين في الصندوق) وكل منا مشارك بسهم أو أكثر، ويدار الصندوق عن طريق هيئة إدارية لها 10% من الأرباح، وكذلك فإن كل عضو يأتي بعملية تجارية فإن له 3% من أرباح هذه العملية، والصندوق غير ملزم بإتمام أي عملية تجارية لأي عضو ويكون القرار بيد الهيئة الإدارية. ونقوم بشراء وبيع العقارات والسيارات والأثاث نقداً وبالتقسيط، بحيث يقوم من يرغب في شراء أي سلعة بتعيين السلعة فيشتريها الصندوق عن طريق أحد أعضائه ثم يعرضها على الراغب في الشراء فإن كانت رغبة الشراء ما زالت قائمة لديه حدد للسلعة سعراً ويتفق الصندوق مع المشتري على طريقة الدفع، ولنا عدد من الأسئلة نرجو من فضيلتكم الإجابة عليها جزاكم الله خيراً.
س1. ما حكم إقامة مثل هذا النوع من الصناديق من الناحية الشرعية؟
س2. هل يحق لأي عضو راغب في شراء سلعة أن يأخذ نسبة 3% التي وضعها الصندوق لكل من أتى بعملية تجارية للصندوق؟
س3. هل يجوز للصندوق أن يشتري السلعة باسم العضو الراغب في شرائها أصلاً بصفته ممثلاً للصندوق ومن ثم يبيعها الصندوق عليه بالتقسيط؟
س4. إذا اشترى الصندوق سلعة يمكن نقلها كالسيارات والأثاث، هل يجوز له بيعها قبل أن يخرجها من عند البائع الأول بالرغم من أنه قد دفع قيمتها وأكمل جميع إجراءات البيع القانونية؟
الجواب
جواب السؤال الأول: الذي يظهر هو جواز هذا النوع من الاستثمار - بالصورة هذه -، وهو في حقيقته شركةٌ، وإنْ سمّي صندوقاً استثمارياً تعاونياً.(8/253)
جواب السؤال الثاني: نعم، يحق لأي عضو يرغب في شراء سلعة من الشركة نفسها أن يأخذ هذه النسبة لتحقق الشرط (المتفق عليه) فيه.
جواب السؤال الثالث: نعم، يجوز للصندوق ذلك؛ لأن ذلك العضو (الذي سُجلت السلعة باسمه) إنما هو وكيل عن الصندوق في الشراء، وتسجيل السلعة باسم هذا العضو لا يعني انفراده بملكيتها، وإنما هي إجراءات نظامية لإثبات الملكية وحماية الحقوق.
وعليه فيجوز للصندوق أن يبيعها عليه بالتقسيط بعد تملُّكه وقبضه.
جواب الرابع: إذا اشترى الصندوق سلعةً مما يُنقل - كالسيارات، والأثاث - فلا يجوز له أن يبيعها حتى يقبضَها، وإنْ تمّ البيع واستوفى البائع الثمن، وقبضُ هذه المنقولات يكون بنقلها.
والدليل على تحريم بيع السلعة قبل قبضها حديث ابن عباس - رضى الله عنه - أن النبي r قال: (من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه) قال ابن عباس - رضى الله عنه - وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام. أخرجه البخاري في البيوع / باب بيع الطعام قبل أن يُقبض (2135) ، ومسلم في البيوع / باب بطلان بيع المبيع قبل القبض (1525) .
وعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قد رأيت الناس في عهد رسول الله r إذا ابتاعوا الطعام جُزافاً يُضربون في أن يبيعوه في مكانهم ذلك حتى يؤووه إلى رحالهم. أخرجه البخاري في البيوع (2137) .
ويقاس على الطعام في ذلك (أي في تحريم بيعه حتى يقبضه) كل ما يباع مطلقاً في القول الراجح، وهو مذهب ابن عباس - رضي الله عنه - وجماعة من السلف والخلف، منهم ابن تيمية وابن القيم وابن عثيمين وآخرون.(8/254)
وعلة النهي عن ذلك ما ذكره ابن القيم (تهذيب سنن أبي داوود - المطبوع في ذيل عون المعبود 9/388) حيث قال: "فالمأخذ الصحيح في المسألة: أن النهي معلل بعدم تمام الاستيلاء وعدم انقطاع علاقة البائع عنه، فإنه يطمع في الفسخ والامتناع من الإقباض إذا رأى المشتري قد ربح فيه، ويغره الربح وتضيق عينه منه، وربما أفضى إلى التحيل على الفسخ ولو ظلماً وإلى الخصام والمعاداة، والواقع شاهد بهذا.
فمن محاسن الشريعة الكاملة الحكيمة منع المشتري من التصرف فيه حتى يتم استيلاؤه عليه، وينقطع عن البائع وينفطم عنه، لا يطمع في الفسخ والامتناع من الإقباض، وهذا من المصالح التي لا يهملها الشارع، حتى إن من لا خبرة له من التجار بالشرع يتحرى ذلك ويقصده لما في ظنه من المصلحة وسد باب المفسدة" أ. هـ.(8/255)
بيع المرابحة للآمر بالشراء
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 15/11/1423هـ
السؤال
رجل اشترى لرجل بضاعة من دبي وحول له البضاعة إلى ليبيا فطلب الرجل الذي حول البضاعة المبالغ التي دفعها عنه في دبي وزاد عليها عمولة التحويل ومكسبه جراء شرائه للبضاعة علماً أن الدفع يكون بالتقسيط، أي: التحويل على دفعات وعلى جراء هذا التأخير زاد نسبة (2%) .
وهناك صورة أخرى يبعث الشاري الذي في دبي الفاتورة للرجل الذي في ليبيا ويبعث له عمولة (3%) على ثمن الفاتورة.
الجواب
هذا البيع يعتبر من صور البيوع المستجدة ويطلق عليه بيع المرابحة للآمر بالشراء، فهذا الآمر في ليبيا يريد بضاعة في دبي ولا يملك قيمتها أو يملك بعضاً منها فأمر شخصاً آخر وبيَّن له رغبته في شراء بضاعة معينة من دبي، فقام هذا المأمور بشراء هذه البضاعة ثم بيعها على الآمر في ليبيا.
وهذا البيع صحيح شرعاً بالشروط التالية:
(1) أن يقوم المأمور بشراء السلعة وضمها إلى ملكيته الخاصة.
(2) أن يتم الاتفاق من جديد على عقد البيع إذا حازها المأمور ثم بيعها على الآمر سواء كان ذلك بثمن حال أو مقسط.
فيلزم أن يكون كل من الطرفين من البائع والمشتري غير ملزم في البيع أو الشراء.
ولذا فإن الصورة التي ذكرها السائل غير صحيحة شرعاً إلا إذا توفرت فيها الشروط المذكورة، والله أعلم.(8/256)
بيع المرابحة
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 24/9/1422
السؤال
لقد قمت بشراء سيارة عن طريق أحد البنوك، حيث قمت أنا بالبحث عن السيارة، ثم اتفقت مع صاحب المعرض على السعر، ثم ذهبت إلى البنك وأكملت الأوراق، وطلب البنك أن يأتي صاحب المعرض، أو من ينوب عنه لإكمال الإجراءات، واستلام قيمة السيارة البالغة (63000) ريال فتم ذلك، وأحضرت كاتب المعرض إلى البنك مع أحد الزملاء أنهي الأوراق، وتم بيع السيارة للبنك، وهذا على حد علمي حيث إني لم أوقع أية أوراق للمعرض تفيد بشرائي للسيارة منهم، وتم بناء على أمر البنك للمعرض تسليمي السيارة على أن أسدد للبنك (1449) ريال لمدة 5 سنوات، وتم ذلك، وتسلمت السيارة من المعرض، وركبتها، وقمت بالدوران بها في المعرض، ثم عدت إلى صاحب المعرض لبيعها، فبعتها له ب (61000) ريال، ثم قمت بعد فترة بشراء سيارة أخرى من مدينة أخرى، ودفعت قيمتها نقداً (59000) ريال من قيمة السيارة الأولى وأكلت وشربت واشتريت بالباقي.
سؤالي هل في طريقة البيع والشراء ربا، وما هو الحل جزاكم الله خيراً.
الجواب
هذه المسألة تسمى عند الفقهاء المعاصرين " بيع المرابحة للآمر بالشراء " ويظن بعض طلبة العلم أن هذه المسألة من المسائل الحادثة في هذا الزمان، والحقيقة أن هذه المسألة معروفة عند الفقهاء المتقدمين، فقد تكلم فيها محمد بن الحسن الشيباني كما في كتاب (الحيل) ، وكذا المالكية في كتبهم، وكذا الإمام الشافعي في كتابه (الأم) والعلامة ابن القيم في كتابه العظيم (إعلام الموقعين) ، وبعض الحنابلة، وجوّزها ابن القيم -رحمه الله- بشروطها المعتبرة التي سنذكرها -إن شاء الله- خلافاً للمالكية وبعض الفقهاء المعاصرين، حيث منعوا ذلك.(8/257)
وهذه المسألة تختلف عن مسألة التورّق، والفرق بين البيعتين هي أن السلعة في مسألتنا وهي "بيع المرابحة للآمر بالشراء " ليست عند البنك أو الشخص الذي يراد منه بيعها على العميل بالتقسيط، أما مسألة بيع التورّق فإن البائع يملكها أصلاً، ولم يشترها لأجل أن بيعها على العميل بزيادة الثمن لأجل الأجل، لهذا اتفق الأئمة الأربعة على جواز بيع السلعة مؤجلة بزيادة الثمن لأجل الأجل، سواء باعها العميل بعد ذلك ليحصل على الثمن وهي مسألة التورّق، أو أبقاها عنده للاستعمال، مع أن في المسألة خلافاً أيضاً، والشروط المعتبرة لصحة بيع المرابحة، هي كالأتي:
الشرط الأول: أن لايبيع المصرف (البنك) السيارة، أو أي سلعة اتفق عليها على العميل حتى تدخل السيارة المأمور بشرائها في ملكية المصرف (البنك) وتدخل في ضمانه، ويحصل القبض الشرعي من البنك مع صاحب المعرض.
وعلة الشرط: هو حتى لا يدخل البنك في بيع ما لا يملك، وقد روى أهل السنن وأحمد من طريق عمروبن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال:" لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك " صححه الترمذي (1234) ، وابن خزيمة، وروى الخمسة، أيضاً من حديث حكيم بن حزام أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تبع ما ليس عندك " (الترمذي 1232، النسائي4613، أبو داود 3503، ابن ماجه 2187، أحمد 15311) وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وعلى هذا فإذا تمت المبايعة مع البنك والعميل على شراء السيارة بأقساط معلومة قبل أن يملكها كان بيعاً محرماً، ومثل ذلك أيضاً أن يتصل البنك على صاحب المعرض الذي وجد العميل السيارة عنده ـ فيقول البنك لصاحب المعرض: احجز السيارة الفلانية، ثم بعد ذلك يبرم مبايعته مع العميل، فكل هذا بيع غير صحيح؛ لأن السيارة لم تدخل في ملك البنك.(8/258)
الشرط الثاني: أن لايتم بين البنك والعميل وعدٌ ملزمٌ بالشراء قبل تملك البنك للسيارة من صاحب المعرض، وأن لا يدفع العميل مالاً قبل تملك البنك للسلعة، وأن لا يشترط البنك على العميل أنه في حالة نكوله في صفقة البيع وعدم الالتزام بالشراء من البنك، فإن العميل يلتزم بدفع مبلغ مقابل تضرر البنك من آثار النكول عن الوفاء بالوعد، فكل ما سبق داخل في بيع ما لا يملك؛ لأن الوعد الملزم هو بحد ذاته عقد ومعاهدة، كما فسر ذلك الشافعي -رحمه الله- في تفسيره لأحكام القرآن، وكذا أحمد كما نقله أبو العباس ابن تيمية في (القواعد النورانية) .
وليس هذا الوعد داخلاً في حكم الوعد الملزم والشرط الجزائي الذي تكلم فيه المعاصرون؛ لأن الشرط الجزائي، أو الوعد الملزم مشروط جوازه بأمرين:
الأول: أن لا يكون الدخول في الوعد الملزم الذي فيه أثر مالي يترتب عليه معاملة ممنوعة من الشارع، مثل بيع مالايملك.
الثاني: ألا يكون الشرط الجزائي، أو الوعد الملزم الذي فيه أثر مالي في العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها ديناً، لأن هذا من الربا الصريح، فعليه إذا اشتُرط الشرط الجزائي في التأخير عن سداد الأقساط، فهو من الربا.
أما لو تم بين البنك والعميل وعدٌ غير ملزم، ولو اشتمل الوعد بالشراء على نسبة الربح بين الطرفين، وعدد الأقساط ومعلوميتها، ويحدد فيه السعر للسلعة، أو أن تطلب إدارة البنك من العميل بعض الضمانات الشرعية التي تراها فكل هذا لا بأس به.
الشرط الثالث: أن لايكون بيع المرابحة ذريعة إلى الربا، بأن يقصد المشتري الحصول على المال، ويتخذ السلعة وسيلة لذلك، كما في بيع العينة بأن يبيعها المشتري بعد ذلك على البائع بسعر أقل حالاً، فهذا من المحرم لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيعتين في بيعة كما عند أهل السنن بسند جيد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي رواه الترمذي (1213) والنسائي (4632) .(8/259)
وبهذا التفصيل الذي أراه من الأهمية لكثرة من يسأل عن حكم الشراء من مصرفٍ معين، فيجب على طالب الشراء أن يتثبت حين الإقدام مع المصرف بتطيبقه لهذه الشروط، مع العلم أن بعض البنوك لا تملك السيارة أصلاً لا قبل إبرام عقد المرابحة مع العميل ولا بعده، بل تكتفي بالاتصال على صاحب المعرض للتأكد من صحة البيانات التي أتى بها العميل، فإذا تبين للبنك صحة ذلك أبرم مع العميل عقد المرابحة، ثم أعطى العميل شيكاً بقيمة السلعة التي حددها المعرض مكتوباً باسم العميل، ثم يقوم العميل بصرفه، وإعطائه صاحب المعرض، فهذا هو الربا الجلي المحرم الذي أجمع أهل العلم على تحريمه، وأنه إيذان بحرب من الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
إذا تبين هذا، فإن السائل لم يوضح في سؤاله، هل البنك أبرم معه عَقْدَ مواعدة بالشراء،، وما نوع هذا الوعد؟ فإن كان وعداً ملزماً يدفع بموجبه العميل مبلغاً مالياً أو نحوه كما سبق تفصيله فإن ذلك محرم ولا يجوز؛ لأنه داخل في بيع ما لا يملك، إلا أنه إذا تمّ البيع بهذه الصفة، ولم يخُلّ العميل بالتزامه، فإن العقد يكون صحيحاً، ويكون هذا الشرط -أعني به: الوعد الملزم أو الشرط الجزائي- باطلاً والعقد صحيح. وأبو العباس ابن تيمية -رحمه الله- قد ذكر أن العلة في بيع ما لا يملك الإنسان هو لأجل القدرة على عدم التسليم، فإذا وجد التسليم بعد فالمرجو أن تكون المعاملة صحيحة مع الإثم، والله أعلم. فالواجب حينئذ التوبة.(8/260)
ويظهر أيضاً من سؤال السائل أن البنك بعدما أبرم عقد البيع مع من كاتب المعرض -وهو الوكيل لصاحب المعرض- لم يقبضها القبض الشرعي بإبرام عقد المبايعة مع العميل بعد المبايعة مع صاحب المعرض، ولم يتسلمها البنك من المعرض، وهذه العملية داخلة في مسألة بيع السلعة قبل قبضها، ونحن قد ذكرنا أن من شروط بيع المرابحة أن لا يبيع البنك السلعة للعميل طالب الشراء إلا بعد قبضها القبض الشرعي، ودخولها في ضمانه، وهذا هو مذهب ابن عباس وزيد بن ثابت - رضي الله عنهما -، وأبي حنيفة، والشافعي، ورواية عن أحمد، وهو اختيار أبي العباس ابن تيمية -رحمه الله-، وهو: أن النهي عن بيع الشيء قبل قبضه عام في كل السلع، والخلاف في هذه المسألة مشهور ومعروف، حيث إن السائل قد أبرم العقد مع الجهالة في الحكم، والسلعة بيعت وتُصُرَّف بها ولا يستطيع إرجاعها، فالذي يظهر -والله أعلم- صحة ذلك مع التوبة وعدم الرجوع لمثل ذلك؛ لأن النهي ليس عائداً على ذات العقد، ولا على صفة لازمة بالعقد، وكل ماكان النهي كذلك فالنهي لايقتضي الفساد -والله أعلم- كما هو مذهب الشافعية، والحنفية، والمالكية، والحنابلة.
ثم أن بيع الشخص (العميل) السيارة التي قبضها من المعرض على نفس صاحب المعرض لا بأس به؛ لأنها ليست من باب العينة على الصحيح -إن شاء الله-؛ لأن المعرض ليس هو البائع على العميل، وإنما هو بائع على البنك، مع أن الأحوط خروجاً من الشبهة أن لا يبيعها على صاحب المعرض لقوله -صلى الله عليه وسلم-: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " رواه الترمذي (2518) والنسائي (5711) ، والله أعلم.(8/261)
حكم بطاقات الاتصالات
المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 14/9/1422
السؤال
ما حكم الاشتراك بباقات الاتصالات الفضية والذهبية، مع العلم أن الباقات هي مجموعة دقائق اتصال محلي تحصل عليها بسعر مخفض، وتسدد ثمنها مسبقاً مع رسم الاشتراك الشهري (شهرين مقدماً) وبدون تغيير الشريحة، هذا هو تعريفها حسب ما ورد في إعلان الشركة في الصحف؟
الجواب
هذه المعاملة بهذا التصور جائزة، وفيها منفعة للبائع والمشتري، فالمشتري يحصل على منفعة الاتصال بثمن أقل، والبائع يحصل على عدد مضمون من المبيع (الاستهلاك) . والله أعلم.(8/262)
تخفيض قيمة الدين مقابل تعجيله
المجيب د. حمد بن حماد الحماد
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 11/4/1423
السؤال
لدي سيارة قيمتها خمسون ألف ريال نقداً، وبعتها بستين ألف ريال، على أن يتم السداد بعد عام من تاريخ البيع، وبعد مضي ستة أشهر من البيع أصبح المبلغ متوافراً مع المشتري، فقام بتسديد خمسة وخمسين ألف ريال، ورضي الطرفان، مع العلم أن هذه الطريقة متعارف عليها بين الناس، ما حكم الشرع في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
هذه المسألة تسمى عند الفقهاء مسألة: (ضع وتعجّل) ، وقد اختلف السلف فيها، فبعضهم منعها لشبه الربا من جهة أنه جعل للأجل قيمة، والأكثر على الجواز؛ لأن هذا ليس مقصوداً في بداية العقد، وفي هذا لا يشبه الربا، ولعل هذا هو الراجح على أن يكون هذا عند التقاضي ولا يذكر عند بداية العقد، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.(8/263)
شراء الطيب غالي الثمن
المجيب د. صالح بن عبد العزيز المنصور
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام سابقاً
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 29/6/1423هـ
السؤال
ما حكم شراء البخور والأطياب بأسعار باهظة الثمن؟ وفي أي مواضع كتب الفقه أجد الإجابة؟
الجواب
الأصل في ذلك الحل والإباحة إلا إذا ترتب على ذلك مفسدة، وذلك كأن يصل إلى حد السرف ممن يضر في ماله شراؤه، أو يحصل فيه خيلاء ومباهاة، أو يضر في نفقته على نفسه، أو من ولاه الله أمر الإنفاق عليهم فيحصل بذلك تقصير عليهم، أو كان هناك حاجة إلى الإنفاق في سبيل الله كالجهاد، أو على فقراء أو مساكين أو أرامل أو أيتام ونحوهم، أو مشاريع في الناس حاجة إليها، كبناء مسجد أو مستشفى أو مساعدة في علاج أو أجهزة طبية أو غير ذلك مما يحتاج إليه، أو يضطر إليه المسلمون فإنه والحالة هذه أرى والله أعلم أن شراء مثل هذه البخور والأطياب باهظة الثمن حرام، أما إذا كان الناس ليسوا في حاجة إلى ذلك، أو لم يحصل منه تقصير ولا خلل في الإنفاق في مثل هذه الوجوه بل ذلك أمر فائض فلا أرى بذلك بأساً -إن شاء الله تعالى-، والله أعلم، لأن الله أباح الأكل والشرب واللبس، والطيبُ يدخل في ذلك -والله أعلم- وقيّد ذلك بقيود كعدم السرف، والخيلاء، قال الله -تعالى-:"وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" [الأعراف: 31] ، وقال في وصف عباد الرحمن -جعلني الله وإياكم ووالدينا منهم- قال:"والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً" [الفرقان: 67] ، وقال -تعالى-:"ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً" [الإسراء: 29] وذكر الإمام ابن كثير في تفسيره ما رواه البخاري في صحيحه في كتاب اللباس (ص: 1132) عن ابن عباس في تفسيره لقوله -تعالى-:"وكلوا واشربوا ولا تسرفوا" قال:"كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة".(8/264)
وذكر ذلك مرفوعاً بأسانيد، قال الإمام أحمد (6708) : حدثنا بهز حدثنا همام عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا سرف فإن الله يحب أن يرى نعمته على عبده" ورواه النسائي (2559) وابن ماجة (3605) من حديث قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بدون ذكر "فإن الله يحب أن يرى نعمته على عبده".(8/265)
رسم وبيع الصور الفرعونية
المجيب د. علي بن حسن الألمعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 20/3/1423
السؤال
رجل مسلم وحريص على دينه يقوم برسم الآثار الفرعونية على ورق البردي، وتباع للأجانب من غير المسلمين. أرجو الإفادة.
الجواب
إن من المعلوم أن الآثار الفرعونية صور محرمة وتماثيل باطلة، وقد اعتنى بها وعظمها من صنعها وتتابعت العناية بها تعظيماً لشأنها، بل وربما عبدت من دون الله في الأزمنة الماضية، أي قبل الإسلام، ولهذا فإن رسمها وبيعها محرم ولا يجوز بحال من الأحوال حتى لو بيعت لغير المسلمين، وحرمة هذا العمل من وجوه متعددة، منها: أنها صور وتماثيل، وفيها مضاهاة لخلق الله، والرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله" البخاري (5954) مسلم (2107) ، ومنها: أنها أوثان، والعمل المشار إليه إحياءٌ للوثنية، فالحذر كل الحذر من هذا العمل، والأجدر بالمسلم أن يذكر غير المسلم بما يدعوه للإسلام مثل: الكعبة، والمساجد، ونحو ذلك مما ليس فيه روح ولا محظور في عمله، ويكون بهذا دعوة من جهة ومكسباً دنيوياً من جهة أخرى، والله أعلم.(8/266)
بيع أوانٍ عليها صور مجسمة
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 30/1/1425هـ
السؤال
نقوم ببيع أوانٍ عليها صور أشخاص وأشكال جمالية لامرأة مجسمة تحمل إبريقاً يصب الماء، هل عملنا هذا جائز؟ وإذا لم يكن جائزاً ماذا نفعل بآلاف القطع التي نملكها منها؟
الجواب
تنقسم هذه الأواني إلى قسمين:
القسم الأول: أن تكون هذه الأواني التي عليها صور تتخذ للزينة أو للاستعمال والزينة معاً، فهذه الأواني محرمة، ولا يجوز بيعها ولا شراؤها للأدلة التالية:
أولاً: عموم قوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته" رواه مسلم (969) من حديث علي - رضي الله عنه -، فهذا الحديث يدل على وجوب طمس الصور ومحوها، لا ترويجها ونشرها عن طريق البيع، والله - تعالى- إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، يدل على هذه القاعدة قوله - صلى الله عليه وسلم-: "قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها" رواه البخاري (2223) ، ومسلم (1582) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - فهذا الحديث يدل على أن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، وإذا كانت هذه الصور التي على الأواني محرمة فثمنها أيضاً.
ثانياً: قوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تصاوير" رواه البخاري (3322) ، ومسلم (2106) من حديث ابن عباس وأبي طلحة - رضي الله عنهم-، وهذا يدل على تحريم وجود التصاوير في البيوت لما يترتب عليه من عدم دخول الملائكة، ومعلوم أن عدم دخولها من العقوبات الشرعية، والعقوبة لا تكون إلا على محرم، والحديث عام يشمل الصورة المفردة والتابعة للأواني، أي: المرسومة عليها.(8/267)
القسم الثاني: أن تكون هذه الأواني التي عليها صور تتخذ للاستعمال الذي يؤدي بها إلى الامتهان والابتذال، فهذه يجوز استعمالها عند جماهير العلماء من الصحابة - رضي الله عنهم- وغيرهم، فهم يرون جواز استعمال الممتهن من الصور، وبناء على ذلك يجوز بيعها وشراؤها لجواز استعمالها، ولكن مع ذلك أنصحك -أخي- أن تبتعد عن الأواني التي فيها صور؛ لما فيها من الشبهة، وقد جعل الله لك فيما أحل من الأواني غنية عنها إن شاء الله، والله أعلم.(8/268)
بيع الرجل على بيع أخيه
المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 20/8/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
هل يجوز البيع فوق البيعة الأولى، وإن كانت تلك البيعة تمت عن طريق الكلام؟ مع العلم أن المشتري الثاني قد تقدم بطلب الشراء بسعر زائد عن الأول.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
أقول وبالله التوفيق والسداد:
بيع الرجل على بيع أخيه لا يجوز؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"وأيما رجل باع بيعاً من رجلين فهو للأول منهما" أبو داود (2088) واللفظ له، وابن ماجة (2190) ، وأحمد (20208) ، والدارمي (22390) .
ولقوله -صلى الله عليه وسلم-:"ولا يبيع الرجل على بيع أخيه" البخاري (2140) ، واللفظ له ومسلم (1413) ، فالجواب إذاً: لا يجوز البيع للثاني بعد أن تم مع الأول حتى ولو كان ذلك عن طريق الكلام، والله أعلم بالصواب.(8/269)
التسويق الهرمي
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 4/4/1423
السؤال
هناك شركة تقوم ببيع برامج كمبيوتر تعليمية إلكترونية, تتضمن برامج تعليم الحاسب الآلي والإنترنت، ولغة الكمبيوتر، وغيرها من برامج تعليمية مصاحبة, علماً أن هذه البرامج لا تحتوي على مواضيع أو مشاهد محرمة شرعاً، وهذه الشركة تعطي لزبائنها فرصة لتسويق هذا المنتج إلى أشخاص آخرين مقابل عمولة يحصل عليها الزبون عند اكتمال عدد محدد من المبيعات, والملاحظ أن الشركة تشترط الشراء ولو مرة للحصول على فرصة التسويق، ولهذا فمن الملاحظ أن العديد من الزبائن يشترون من الشركة لمجرد الحصول على فرصة التسويق وطلب الرزق.
السؤال: هل يجوز للشخص أخذ هذه الأموال على أساس أنها عمولة مقابل الجهد الذي يبذله في عملية التسويق ومتابعة الزبائن الجدد؟ مع العلم أن العديد من الزبائن لم يشتروا عن طريقه إلا للتسويق والربح؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
اشتراط الشراء للحصول على فرصة التسويق يندرج ضمن اشتراط عقد في عقد أو بيعتين في بيعة، الذي ورد النهي عنه في السنة المطهرة، والعقدان هنا، هما: عقد الشراء وعقد السمسرة، وهذا الاشتراط يخفي عادة نوعاً من الاستغلال من أحد الطرفين، وهو: المشترِط، (بكسر الراء) للآخر، فالمسوق ليس له مصلحة في المبيع، لكنه مضطر للشراء لكي تتاح له فرصة التسويق، ولهذا فإن الأصل في اشتراط بيعة في أخرى هو المنع.(8/270)
واستعمال هذا النوع من التعاقدات شائع فيما يسمى (التسويق الهرمي) ، حيث يشتري الشخص من الشركة لكي تتاح له فرصة التسويق، ثم هو بدوره يشترط على من يبيع له أن يشتري لكي يسوق هو الآخر، فكل مسوق يجذب مسوقين آخرين، على شكل هرمي، والمسوق الأول يحصل على عمولة من كل من يشتري من المسوقين في المستويات التي تليه في الهرم، وعادة ما تغري هذه الشركات عملاءها بمبالغ طائلة خلال فترات قصيرة، نظراً لأن العمولة تتضاعف بشكل أسّي كلما زاد عدد مستويات الهرم، وقد أشار السائل إلى أن الزبائن يشترون ليسوقوا بدورهم أيضاً، وهذا يرجح أن الشركة المذكورة تتبنى هذا النوع من التسويق الهرمي.
وهذا النوع من شركات التسويق شائع في الغرب، وقد تناولتها عدة دراسات وأبحاث وكتب، كلها تحذر منها ومن والوهم والتغرير الذي توقع فيه أتباعها، فتجعلهم يحلمون بالثراء السريع مقابل مبالغ محدودة، وفي نهاية الأمر تصب هذه المبالغ في جيوب أصحاب هذه الشركات والمنظمات، ولا يحصد الأتباع سوى السراب، وقد سبق بيان آلية عمل هذه الشبكات بالتفصيل، وما تتضمنه من أكل المال بالباطل، في إجابة سابقة، فأحيل السائل على الجواب المذكور، وأنصحه بعدم الانسياق وراء الوهم الذي تبيعه هذه الشركات، فهي محارَبة في بلادها التي نشأت وترعرعت فيها، في الغرب، فالمسلمون أولى وأحرى أن يحاربوها ويقاطعوها، والله أعلم.(8/271)
بيع المغيبات
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 13/4/1423
السؤال
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أرجو من فضيلتكم الإجابة على الأسئلة التالية، علماً أنها ستُدرج ضمن رسالة ماجستير بعنوان: (بيع المغيبات) ، ومن هذه الأسئلة: ما مراد علماء الشريعة ببيع المغيبات؟ وما الألفاظ ذات الصلة به، وما العلاقة بينهما؟ ما حكم بيع الدور على الخرائط؟ ما حكم بيع المعلبات؟ ما حكم البورصة؟ وما علاقتها ببيع المغيبات؟
الجواب
-المغيبات هي: الأشياء التي يكون المقصود منها مدفوناً في الأرض غير ظاهر للعيان كالبصل والثوم والبطاطس والجزر والفجل والبنجر، ويجوز بيعها لما في ذلك مصلحة للبائع والمشتري.
-أما بيع الدور على الخرائط المحكمة والمواصفات الفنية الدقيقة فهو جائز، ويكون من باب الاستصناع على أن يلتزم البائع بتطبيق الخرائط وتنفيذ المواصفات بالدقة التي تبعد المتبايعين عن الخصومة والنزاع، وهو من جنس بيع الموصوف في الذمة، وقد جرى العرف بالتعامل بهذا الأسلوب سواءً كان من باب السلم أو من باب الاستصناع على أن يجري الالتزام بالدقة والضبط.
أما بيع المعلبات المنضبطة بالجنس، والنوع، والقدر، وسلامة الصناعة، ونظافة المحتوى، ومعرفة زمن التصنيع، وبيان انتهاء مدة الصلاحية بطريقة بعيدة عن الغش والتدليس، بحيث تتوافر الأمانة، ويحافظ الناس على كافة الحقوق فهو بيع جائز؛ لأن الحاجة تدعو إليه ولا سيما مع توافر الخضراوات والفواكه والتوابل في بلاد وندرتها في بلاد أخرى. وبالله التوفيق.(8/272)
بيع المجلات والجرائد
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 14/11/1422
السؤال
ما حكم بيع المجلات والجرائد في الأسواق التجارية؟
الجواب
الذي يظهر لي - والله أعلم - ضرورة التفريق بين المطبوعات التي يغلب على طابعها نشر المباح والقضايا الجادة والنافعة - وإن كانت لا تخلو غالباً من بعض المنكرات والتفاهات- كصور المتبرَّجات وأخبار الفنانين والرياضيين، وبين المطبوعات التي يغلب على طابعها نشر الرذائل كالمتاجرة بإثارة الغرائز وبث الفكر الفاسد، وتضيق صفحاتها عن نشر الفضائل والصالح المفيد.
فالأولى وإن كانت لا تخلو - غالباً - من بعض المنكرات، لكن الأظهر جواز بيعها لغلبة النافع فيها على الضار، بخلاف الثانية: فإنه لا يجوز بيعها؛ لأن المفسدة فيها أعظم من المصلحة، على أنه ليس من منطوق هذا ولا من مفهومه إقرار ما فيها من المنكرات أو السكوت عليه فضلاً عن الرضا به. والله أعلم.(8/273)
بيوع المرابحة التي تجريها البنوك الإسلامية
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 29/11/1424هـ
السؤال
قد اشتبهت علينا مسألة البيوع التي تجريها البنوك الإسلامية التي تسميها بيع المرابحة، ما بين محرم لها ومجيز، حيث يتم بيع السلع في نفس مكان الشراء، أي يشتريها البنك للشخص الذي يشتريها عن طريق البنك، ويبيعه إياها في نفس مكان البيع، وما بين القول بالحرمة إذا كان المبيع طعاماً، أما إذا كان سلعة أخرى فجائز، ووجدت ما يؤيد ذلك من الأقوال عند الحنابلة -المغني- وعند المالكية -الزرقاني وغيره-.
وقد ابتلينا في هذه المسألة ما بين دكاترة الشريعة الذي يفتون بالجواز، وما بين علماء آخرين يفتون بالحرمة، وقد ابتلي بهذه المسألة كثير من الناس، وحاولت دراستها من الكتب، والرجوع إلى أقوال العلماء الأقدمين فيها، فوجدت الاختلاف فيها بالتفريق بين كونه طعاماً أم لا وغير ذلك، فلعل شيخنا يبين لنا فيها بياناً شافياً، أو أن يحيلنا إلى بحث في المسألة قد استوفاها وفصّلها، علماً أني خطيب في بلدتي وإمام فيها، وما أكثر ما أتعرض لهذه المسألة من قبل الناس، وأجيبهم بما يرجحه الشوكاني والصنعاني وما ذكره الشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرحه على الزاد بأن هذه الطريقة من البيع غير شرعية، وهي من التحايل على الربا، والناس دائما يجيبونني بأن العالم فلان من علماء الشريعة قد أفتى بجوازه على أجهزة التلفزيون.
الجواب(8/274)
لا ينبغي أن يضيق صدرك من وجود الاختلاف الفقهي العلمي بين العلماء والباحثين، فذلك موجود قديماً وحديثاً، ولا يسوغ لك التهجم والتجني على من ذكرت أنهم يفتون بالجواز عن اجتهاد وتحرٍّ، ومسألة المرابحة للآمر بالشراء اختلف فيها العلماء المعاصرون فمنهم من منعها، ومنهم من أجازها -وهم الأكثرون-، وهو الراجح -إن شاء الله تعالى- لكن لها شروط لا بد من توفرها، فلا يجوز عقد البيع على السلعة قبل شرائها من قبل البنك، ولا يجوز له بيعها قبل قبضها، فلا يصح أن تباع السلع حيث تبتاع، وغير الطعام كالطعام على الراجح، بل لا بد من الحيازة.
وعلى وجه العموم فما تجريه البنوك الإسلامية الأصل صحته حتى يثبت العكس، والأصل أنه مبني على فتوى شرعية من هيئة أو لجنة الرقابة الشرعية لدى البنك.
وكون الإنسان يرجح رأياً آخر غير ما رجحه عالم آخر فإنه لا يدفعه ذلك أن يؤثم الآخرين، وأن يمنعهم من الأخذ به، ما دام له وجه سائغ، فهذا مما يتعين فهمه في (فقه الخلاف) .
ومسألة المرابحة للآمر بالشراء كتبت فيها بحوث ودراسات ومنها: "بيع المرابحة" للدكتور/ القرضاوي، و"فقه المرابحة" للدكتور/ عبد الحميد البعلي، و"بيع المرابحة وتطبيقاتها في المصارف الإسلامية" لـ: أحمد ملحم، وبحوث في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، كما أصدر المجمع قراراً بجوازها بشروطها، والله أعلم.(8/275)
الاتّجار في الملابس النسائية الفاضحة
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 10/3/1423
السؤال
أرجو من فضيلتكم إبداء حكم الشرع في أمر بيع الألبسة النسائية الجاهزة، والتي تتضمن الكثير من الألبسة والأزياء الأوروبية الفاضحة، من القصير الذي يكشف جزءاً من عورة المرأة، أو يجسّمها بشكل فاضح، مع العلم أني في بلد عربي مسلم، وأن زبائني هنَّ مسلمات بالغالب غير ملتزمات أصلاً بالحجاب، (مع وجود قلة من المحجبات) يأخذن هذه الأزياء ويلبسنها في الطريق.
فهل يجوز عملي هذا من أصله؟ وهل تنصحوني بترك هذا العمل؟ مع العلم أني ذو حالة مادية جيدة - ولله الحمد -، وأستطيع - بمشيئة الله - التغيير لعمل آخر إذا كان حكم الشرع كذلك. أفتونا مأجورين، فالأمر يؤرقني ليل نهار، وأنا شديد الشوق لمعرفة حكم الشرع، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
جزاكم الله خيراً على حرصك على البعد عن الشبه، وهذه الملابس إن كانت مما تلبسه المرأة لزوجها في غرفتها، وليس فيه تشبه فلا حرج عليك في بيعه، وإن كان مما يلبس في الخارج، وهو على النحو الذي ذكرت مما يكشف العورة أو يبرزها لضيقه أو نحو ذلك، فلا يجوز لك الاتجار فيه، لما في ذلك من الترويج والدعوة للأمور المحرمة، وتستطيع في هذه الحال البيع والشراء في الألبسة التي تخلو من هذه المحاذير، ولا أنصحك بترك هذا العمل، بل عليك أن تبقى فيه، وتجتهد في توفير الألبسة المتفقة مع الشروط الشرعية، وأنت مأجور على ذلك، وخير لهذا العمل بقاؤك فيه أنت وأمثالك ممن يتمتعون بهذا الحس الخير، وفقك الله.(8/276)
بيع الدجاج بالميزان
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 6/8/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
من أخيكم في الله ومحبكم فيه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي كالآتي: ينتشر عند الناس بيع الدجاج حيا بالميزان، فالسؤال: هل في ذلك غرر؟ فلا تكاد تجد بائعا للدجاج في الغالب إلا ويبيعك بالوزن حيا ثم يذبح لك الدجاجة، علما أن الجميع ـ البائع والشاري ـ يعلمان أن هناك ما سيرمى من هذه الدجاجة.
نرجو سرعة الرد، كما نرجو في حالة عدم الجواز إعطاء حل شرعي ممكن لكيفية البيع، والله الموفق.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد: فالذي يظهر لي هو جواز بيع الدجاج بالوزن، ولا يظهر لي أن هناك غررا، لأن الغرر المحرم في الشريعة يكون بجهالة الحال أو المآل، ولا جهالة هنا، ولا يؤثر وجود أجزاء توزن وترمى لما يلي:
أ. أن هذه الأجزاء معلومة بالرؤية، إذ أن المشتري يراها أمامه، ومن المعلوم أن أحد طرق معرفة المبيع الرؤية.
ب. إن هذه الأجزاء التي ترمى يسيرة، لها حكم التابع، ويغتفر فيما هو من التبع ما لا يغتفر في الأصل.
ج. أن البيع بهذه الصفة أقل جهالة، إذ من المعلوم أن اللحم هو المقصود، وهو أثقل ما يوزن في الحيوان، ووجود الريش والصوف ونحوه قد يدلس على البصر، فيعجز الناظر عن تحديد كمية اللحم فيه، وهذه الطريقة تمكنه من معرفة ذلك بدقة.
فالحاصل أن التعامل بهذه الطريقة جائز، وليس من باب أن هذا التعامل عمت به البلوى، وقرره العرف، بل لعدم وجود مانع شرعي أصلاً. والله أعلم.(8/277)
بيع الموزونات بثمن مؤجل
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 2/1/1425هـ
السؤال
عندنا بعض الإخوة في الجزائر يحرمون بيع الدقيق، أي: القمح، والتمر، والملح بالدين، أي: لا يسدد البائع ثمنه في نفس المجلس، لكن يمهله البائع بعض الوقت؛ رأفة بهم حتى يجمع الثمن؛ لأن أغلبهم فقراء.
وحجتهم في ذلك حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الذهب بالذهب، والفضة ... ، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" رواه مسلم وأحمد. نرجو الجواب بسرعة، والسلام عليكم ورحمة الله.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب عما أشكل على بعض الإخوة حول حديث عبادة بن الصامت كالتالي:
فالحديث نصه: عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" رواه مسلم (1587) .
هذا ويعلم أن بيع القمح، أو التمر، أو الشعير، أو الملح بدراهم مؤجلة جائز، وليس بمحرم كما اعتقده بعض الإخوة. هذا والعلماء - رحمهم الله - اتفقوا على أن هذه الأعيان المنصوص عليها يثبت الربا فيها.(8/278)
هذا وقسموا هذه الأشياء الستة المذكورة في الحديث قسمين: الأول: الذهب والفضة، ولهما علة خاصة بهما، والثاني: الأربعة الباقية، ولها علة خاصة بها، ولهذا قال ابن قدامة في (المغني (4/5) في باب الربا والصرف) ما نصه: واتفق المعللون على أن علة الذهب والفضة واحدة، وعلة الأعيان الأربعة واحدة، وقال في (ص:12) : ولا بأس ببيع البر بالشعير، والشعير أكثرهما يداً بيد، وأما النسيئة فلا إلا أن يكون أحد العوضين ثمناً والآخر مثمناً، فإنه يجوز النّسَاء بلا خلاف؛ لأن الشرع أرخص في السلم، والأصل في رأس المال الدراهم والدنانير، فلو حرم النّسَاء هنا لفسد باب السلم في الموزونات". انتهى.
أقول: ومحل السؤال هو شراء تمر بدراهم، فهنا يجوز بين جنسين ربويين لم يتفقا في العلة، فيجوز الفضل والنساء، وجاء في الروض المربع، (ص: 258) ما نصه: يحرم ربا النسيئة في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل ليس أحدهما نقداً فإن كان أحدهما نقداً جاز النساء، وإلا لفسد باب السلم في الموزونات غالباً.
فاتضح مما تقدم جواز بيع القمح، أو التمر، أو غيرهما بالدرهم مؤجلاً، هذا وقد أطلت في بيان هذه المسألة للحاجة إلى ذلك لا سيما وجود الإشكال عند بعض الإخوة، والله أعلم.(8/279)
بيع الكلب وشراؤه
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 14/2/1423
السؤال
أريد أن أسأل عن حكم اقتناء الكلاب -أكرمكم الله-، وذلك لأني أسكن في منطقة غير مأهولة نوعاً ما، وأخاف على زوجتي في الوقت الذي أكون فيه في العمل أو إذا تأخرت عليها، وإذا كان مباحاً، فهل يجوز شراؤها؟ لأني سمعت أنه لا يجوز دفع ثمن في كلب، فما صحة ذلك؟ وأخيراً هل يجوز إدخالها إلى العمارة السكنية التي تقع بها الشقة التي نقطن بها أم لا؟ لن ندخلها إلى الشقة، ولكن مثلاً إذا جلست أمام باب الشقة.
الجواب
النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن اقتناء الكلاب وعن ثمنها، ففي الصحيحين (البخاري 2237) ومسلم (1567)) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "نهى عن ثمن الكلب"، وقال أيضاً:"ثمن الكلب خبيث" رواه مسلم (1567) وروى أبو داود (3482) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ثمن الكلب، وإن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه تراباً.
أما محل السؤال وهو اقتناؤه لحفظ البيوت، فقد قال ابن قدامة في (المغني ج4 صـ281) ما نصه:"ولا يجوز اقتناء الكلب إلا كلب الصيد، أو كلب ماشية، أو حرث؛ لما روى عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من اتخذ كلباً إلا كلب ماشية، أو صيد، أو زرع ينقص من أجره كل يوم قيراط" رواه مسلم (1575) إلى أن قال: وإن اقتناه لحفظ البيوت لم يجز للخبر، ويحتمل الإباحة وهو قول أصحاب الشافعي؛ لأنه في معنى الثلاثة فيقاس عليها، والأول أصح" انتهى.(8/280)
قلت: وإذا كان الأمر كما ذكر السائل أن مسكنه في منطقة غير مأهولة نوعاً ما، فقد يبرر القول بالجواز للحاجة وللضرورة، وهذا وكما تقدم قول أصحاب الشافعي واحتمال في مذهب الحنابلة، هذا ودفع ثمن الكلب إذا جاز اقتناؤه للحاجة والضرورة رخص فيه بعض أهل العلم، قال ابن قدامة في (المغني ج4 صـ278) ما نصه:" وجوّز أبو حنيفة بيع الكلاب كلها وأخذ ثمنها ... " إلى أن قال:" واختلف أصحاب مالك، فمنهم من قال: لا يجوز، ومنهم من قال: الكلب المأذون في إمساكه يجوز بيعه، ويكره"انتهى. أقول: وإذا جاز اقتناء الكلب فيما تقدم للضرورة، فينبغي ألا يدخل في الشقة، ولكن خارجها أمام الباب، والله أعلم.(8/281)
بيع الثمار الملوثة
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 17/5/1423
السؤال
لدي مزرعة بها مزروعات تحت البيوت المحمية, وهي تحتاج إلى رش بالمبيدات الحشرية وبعضها مدة تحريمه 15يوماً [أي: المدة الممنوع استخدام الثمار خلالها من الشركة المنتجة] ولكن لابد من قطف الثمار كل يومين أو ثلاثة أيام كي لا تتلف، فهل يجوز لي بيع هذه الثمار والحال كذلك بين فساد الثمار ومنع من الاستخدام لما له من الضرر على المستخدم؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الخضروات والثمار التي يمتنع جنيها أو قطفها لكونها ملوثة بالمبيدات السامة لا يصح بيعها على الناس، بل ولا يصح توزيعها على الناس مجاناً ما دامت ملوثة، وأكلها يضر بالصحة ويجلب الأمراض ويلحق الضرر بالآخرين، لأن المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.
ولقد منع النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام- من ورود المريض على الصحيح في الحديث:" لا يورد ممرض على مصح" البخاري (5771) ومسلم (2221) وقال -عليه الصلاة والسلام-: "فر من المجذوم فرارك من الأسد" البخاري (5707) ، وقال أيضاً للمجذوم:" إنا قد بايعناك فارجع" مسلم (2231) ، وقال -عليه السلام-: "من غشنا فليس منا" مسلم (101) .
ولا ريب أن بيع الأشياء الملوثة بالسم وبالضرر محرم شرعاً، وبالله التوفيق.(8/282)
بيع المواعدة
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 25/1/1423
السؤال
إذا ذهبت إلى بنك لمساعدتي في شراء قطعة أرض فقال لي البنك: حدد موقع هذه القطعة ثم بعد ذلك يقوم البنك بشراء هذه القطعة ثم يبيعها عليّ بثمن مؤجل (أقساط) ، ولكنه لا يلزمني بشرائها في حال لو أردت العدول عنها، وفي هذه الحالة لا يأخذ مني سوى مبلغ بسيط مقابل معاملاته الورقية (كما يقول البنك) ، أما إذا اشتريت الأرض فلا يأخذ من هذا المبلغ البسيط فهل في ذلك شيء؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد، فالجواب: أن ما ذكرته يُسمى بيع المواعدة (وهي التي تصدر من الطرفين) وهي جائزة بشرط الخيار للمتواعدين كليهما أو أحدهما، أما إذا لم يكن هناك خيارات ملزمة فإنها لا تجوز، وما ذكرته في سؤالك يدل على أن لك الخيار حيث قلت (لكنه لا يلزمني فيما لو أردت العدول عن شراء الأرض) فإذا لم يكن البيع ملزماً للطرفين أوأحدهمافإنه يجوز؛ لأنه بيع مواعدة، وينبغي لكل من الطرفين الصدق في المواعدة أي بأن يحقق ما وعد، والله أعلم.(8/283)
حكم التورق
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 1/3/1423
السؤال
ما حكم أخذ سيارة من البنك (السعودي للاستثمار) بالتقسيط (عملية التورق) وبيعها، ومن ثم استثمار مبالغها في مساهمات الأراضي؟
الجواب
سؤالك منطبق تماماً على مسألة التورق، وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- فيها، فمن العلماء من قال بجوازها؛ لأن الرجل يشتري السلعة ويكون غرضه إمّا عين السلعة، وإما عوضها، وكلاهما غرض صحيح، ومن العلماء من قال: إنها لا تجوز؛ لأن الغرض منها هو أخذ دراهم بدراهم ودخلت السلعة بينهما تحليلاً، وتحليل المحرم بالوسائل التي لا يرتفع بها حصول المفسدة لا يغني شيئاً، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ... " (البخاري (1) ومسلم (1907) واللفظ للبخاري) ، والقول بالتحريم لمسألة التورق هو رواية عن الإمام أحمد، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، هذا وأرى التحريم في الصورة التي هي محل السؤال؛ لأن السائل إنما لجأ إلى هذه العملية لا للحاجة في السلعة، ولا أيضاً للحاجة إلى دراهمها ليقضي بها لزومه من زواج، أو قضاء دين، ونحوه، وإنما ليتاجر بها في مساهمات الأراضي، ولهذا جاء في رسالة للشيخ محمد العثيمين -رحمه الله- في أقسام المداينات، وقد ذكر فيها مسألة التورق، وذكر خلاف العلماء فيها، ثم قال: ولكن نظراً لحاجة الناس، وقلة المقرضين ينبغي القول بالجواز بشروط:
أ- أن يكون محتاجاً إلى الدراهم، فإن لم يكن محتاجاً فلا يجوز كمن يلجأ إلى هذه الطريقة ليدين غيره.
ب- أن لا يتمكن من الحصول على المال بطرق أخرى مباحة كالقرض، والسلم، فإن تمكن من الحصول على المال بطريقة أخرى لم تجز هذه الطريقة؛ لأنه لا حاجة به إليها.(8/284)
ج- أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الربا، مثل أن يقول: بعتك إياها العشرة أحد عشر أو نحو ذلك.
د-أن لا يبيعها المستدين إلا بعد قبضها وحيازتها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم، انظر ما رواه البخاري (2137) ومسلم (1527) وهذا اللفظ عند أبي داود (3499) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- فإذا تمت هذه الشروط فإن القول بجواز مسألة التورق متوجه كيلا يحصل تضييق على الناس، انتهى كلام الشيخ العثيمين-رحمه الله-.
فالشرط الأول لم يتحقق في سؤال السائل حتى يقال بالجواز فلم تتم الشروط الأربعة.
هذا وقد بسطت الكلام، ونقلت كلام الشيخ فيها لأهمية المسألة، ولكثرة من يسأل عنها، وليعلم السائل أن الشرط الأول من الشروط الأربعة المذكورة ينطبق على سؤاله إذ هو يريد أن يساهم ويتاجر بالمبلغ الذي استلمه من بيع السيارات، فهو مثل الذي يعمل هذه العملية ليدين غيره، فالقول بالتحريم في هذه الصورة واضح، والله أعلم.(8/285)
شراء الأرض بالتقسيط
المجيب د. محمد بن مكي الجرف
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 16/3/1424هـ
السؤال
سؤالي: أرغب في شراء قطعة أرض، فذهبت لأحد مكاتب العقار وأعلمته بأني أود أن أحصل على أرض بالتقسيط، حيث إنه ليس لدي إمكانية السداد بالنقد، فأخبرني بوجود شركة تقسط الأراضي، وطريقتها كالتالي: إذا جاء العميل يعطى استمارة بيانات يقوم بتعبئتها وتحديد السلعة كعقار مثلاً، فيحددون السعر الأصلي بزيادة (7%) ويطلبون دفعة (30%) من سعرها كدفعة، ومدة الأقساط، وقيمة القسط الشهري، وبعد ذلك توقيع العقد بين الشركة والعميل، ويقومون بشراء الأرض من الشخص الذي يعرض الأرض للبيع وتحويلها باسم الشركة، ولا يتم الإفراغ للعميل إلا بعد استلام آخر قسط من العميل؟ أفيدونا مأجورين، والله يرعاكم.
الجواب
أقول وبالله التوفيق:
هذه المسألة تسمى بيع المرابحة للآمر بالشراء، ولكن تطبيقها هنا فيه خطأ، فالأصل أن يذهب العميل إلى شركة التقسيط، ويطلب أن تشتري له الشركة قطعة أرض معينة، ويتفق مع الشركة على سعر البيع، وطريقة سداد الأقساط، والثمن بالطبع يكون معروفاً من قبل، فيتفق مع الشركة على نسبة ربح معينة، وتضاف إلى الثمن الأصلي، ليتكون بعد ذلك ثمن الشراء من شركة التقسيط، ثم تقوم الشركة بشراء الأرض وتسجيلها باسمها، ثم يتم التعاقد مع العميل على البيع، وبعد ذلك يتم الإفراغ باسم العميل، ولا تحتفظ الشركة بملكية الأرض إلا بعد الانتهاء من الأقساط، ويمكن للشركة لضمان حقها أن تطلب رهن الأرض لديها مقابل الدين أو الحصول على ضمان آخر يتفق عليه بينهما، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.(8/286)
التسويق الشبكي
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 25/4/1424هـ
السؤال
أريد أن أسأل عن حكم تسويق منتجات (شركة برامج كمبيوتر) وأحب أن أوضح لفضيلتكم النشاط، وجزاكم الله خيراً، فضيلة الشيخ: الشركة عبارة عن ثلاث شنط كل واحدة بها ثمانية أقراص ليزر تحتوي على برامج وهي شنطة (العائلة-اللغة-الكمبيوتر) ، وقد اشتريت شنطة العائلة بعد إعجابي بالمنتج الذي تحويه، ثم راودتني فكرة التسويق الموضحة بالموقع، وأنا على اقتناع تام به، ولم يسبب لي غبنا في عدم حصولي على الفائدة المادية من ورائه، مع العلم أنك عند شراء المنتج تتمكن من استخدام البرامج المتنوعة الموجودة في الموقع، فهو شراء عن اقتناع بالمنتج، فهل يحرم علي بعد ذلك تسويقه؟ وجزاكم الله عن المسلمين الجزاء العظيم.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
إذا كان التسويق يعتمد على خصائص المنتجات فحسب، وليس فيه إغراء بالعمولات التي يمكن تحصيلها من خلال التسويق الشبكي، فلا بأس بالتسويق. أما إذا كان التسويق يعتمد على إقناع العملاء بالشراء من خلال العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصلوا عليها إذا انضموا إلى هرم التسويق الشبكي، فهذا محرم ولا يجوز، لأنه من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى عنه القرآن. وأدعو الأخ الكريم إلى أن يوجه طاقاته ومهاراته في جوانب مفيدة ومثمرة، بعيداً عن إغراءات الربح السريع التي لا تعدو أن تكون سراباً يضلل صاحبه، ويجعله ينفق من ماله ووقته وجهده ما لا طائل تحته، فضلاً عما ينتظره من الجزاء الإلهي سواء في الدنيا أو الآخرة. وفقنا الله جميعاً لما يحبه ويرضاه.(8/287)
ممارسة التجارة دون ترخيص تجاري
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 14/5/1424هـ
السؤال
ما حكم ممارسة التجارة دون الحصول على الأوراق المطلوبة النظامية؟ أو بمعنى آخر كيف يمكن توجيه قصر البيع والشراء (احترافاً) على الحصول على سجل تجاري؟ وهل يختلف الحكم في البلاد الإسلامية عن غيرها؟ وفقكم الله.
الجواب
إذا كانت التجارة تمارس بين الطرفين في أمور مباحة بعقد صحيح لا غش فيه ولا تزوير فهذه الممارسة جائزة، ولو لم يكن لصاحبها سجل تجاري، ولا يجوز لأحد كائناً من كان أن يحرم أو يبطل ما أباحه الله، كما لا يجوز له أن يبيح ما حرمه الله، بعد قوله تعالى: "وأحل الله البيع" [البقرة: 275] ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" رواه البخاري (2079) ، ومسلم (1532) من حديث حكيم بن حزام -رضي الله عنه-، وإجماع المسلمين قائم عليه، والقاعدة الشرعية تقول: (الأصل في المعاملات وأنواع التجارات هو الحل والإباحة) ، فلا يمنع إلا ما حرم الله ورسوله - عليه السلام -، فالألف واللام في لفظ (البيع) في الآية، و (البيعان) في الحديث يعمان كل بيع حلال وكل بائع ومشتر مسلماً كان أو كافراً، واشتراط السجل التجاري من الدولة شرط كمال، لا يؤثر في صحة عقد البيع وجوداً ولا عدماً، وإنما تشترطه الدولة لمزاولة أنواع من التجارة الكبيرة، لغرض ضبط رؤوس الأموال التي يتاجر بها في الداخل أو الخارج، ومعرفة أصحابها، ووضع الرسوم عليها مقابل تسهيل أو تقديم بعض الخدمات.(8/288)
والخلاصة: إن ممارسة التجارة في أمور مباحة وبعقد صحيح لا غش فيه ولا تزوير جائزة شرعاً، والسجل التجاري لا يؤثر في شرعية هذه الممارسة من حيث الديانة بينك وبين الله، ومع هذا فإني أنصحك بأخذ السجل التجاري حتى لا تتعرض لقائمة المخالفة الإدارية والجزائية من قبل الدولة إسلامية كانت أو غير إسلامية، والله أعلم.(8/289)
بيع قسيمة الشراء بأقل من قيمتها
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 7/11/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ:
أعطت الشركة التي أعمل فيها قسيمة كمكافأة بمقدار خمسمائة ريال، على أن يتم الشراء فقط من محل واحد، والقسيمة باسم ذلك المحل، السؤال: هل يجوز بيع تلك القسيمة إلى شخص آخر بأقل من قيمتها؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: هذه القسيمة حق مالي، يجوز لك أن تبيع هذه القسيمة بأقل من ثمنها ما لم يكن هناك شرط ألا تبيع هذه القسيمة وتشتري بها من ذلك المحل.(8/290)
بيع المرابحة الإسلامية وبعض الإشكالات
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 3/2/1425هـ
السؤال
أود السؤال عن موضوع المرابحة الإسلامية التي تقوم بها بعض الجهات الحكومية، أو البنوك الإسلامية، حيث يقوم فيها البنك أو الجهة بتمويل شخص بقرض؛ بهدف فتح مشروع استثماري؛ بحيث يشترون له المواد اللازمة لبدء المشروع، وفي الغالب لا يزودونه بمبلغٍ للبنية التحتية؛ فمثلا، لو أراد إنسان أن يفتح مزرعة تسمين أبقار، ربما يشترون له الأبقار، ويبيعونه إياها بسعر آخر، يتضمن ربحهم، ويسدد لهم أقساطاً، غير أنهم لا يزودونه بالبنية التحتية للمشروع، من مستلزمات المزرعة، وغيرها، سؤالي إليكم أيها الإخوة من شقين:
الأول هو: أنهم يشترون المواد ويبيعونها مباشرة دون حيازة، ودون أن يملكوها بمخزن خاص لهم، فهل هذا بيع شرعي؟ وهل يصح التعامل معهم؟.
السؤال الثاني هو: لو أن الشخص أخذ بعض الأموال التي زودوه إياها لشراء المواد، وتصرف بها للبنية التحتية، فهل يجوز ذلك؟ أنا أعرف أنهم لا يعطون المال نقداً، ولكن ما قصدته هو أنه مثلاً في حالة مزرعة الأبقار، هل يجوز له أن يبيع بعض الأبقار بدون اتفاق مسبق مع البائع الرئيسى الذي اشترت جهة التمويل منه؟ يعني يبيعها لشخص آخر مثلاً، ويأخذ هذه النقود، ويدعم بها مشروعه، وهل يجوز أيضاً أن يأخذ النقود لمشروع مثل مشروع محل مواد بناء، فيبيع المواد بدون اتفاق مسبق مع البائع الرئيسى؟ أي أنه يبيعها لشخص آخر دفعة واحدة، ومن ثم يفتح بالنقود التي حصل عليها مشروعاً آخر؟ أو يتزوج بها أو غيره؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب(8/291)
اعلم -أخي وفقك الله- أن بيع المرابحة الذي تجريه البنوك الإسلامية اليوم محل خلاف بين الفقهاء، منهم من يرى جوازه بشروط، ومنهم من يرى تحريمه مطلقاً، والأقرب للصواب فيما يظهر لي أنه عقد محرم؛ لأنه حيلة على الربا، فقد كانت البنوك تقرض قروضاً ربوية صريحة، ثم أصبحت تشتري سيارة أو نحوها لمن يطلبها من العملاء، ثم تبيعها لهم بأقساط مؤجلة، فكأنه مال بمال، دخلت بينهما هذه السلعة التي ليست مقصودة قصداً حقيقياً لا من البنك ولا من العميل، بل المقصود الحقيقي الحصول على المال، ولذلك لا يهتم البنك مطلقاً بالسلعة التي سيشتريها لعملية المرابحة، ولهذا تجد الذين يتعاملون بهذه المعاملة من الناس لا يسمونها بيعاً وشراء، إنما يسمونها اقتراضاً واستدانة؛ نظراً منهم لحقيقة العقد، ومن هؤلاء الناس أنت -أخي السائل-، فإنك تقول في سؤالك: يقوم فيها البنك، أو الجهة بتمويل شخص بقرض بهدف ... ، ومما سبق تعلم أن هذه المعاملة لا تجوز أصلاً، مما يغنينا عن الدخول في تفصيلات هذه المعاملة، ومع هذا اعلم أن القائلين بجواز هذه المعاملة يشترطون شروطاً فيها لا تجوز بدونها، منها:
(1) عدم الإلزام بالشراء، أي إلزام البنك للعميل، وعدم ترتب أي غرامات مالية في حال العدول عن الشراء.
(2) ألا يبيع البنك أي سلعة إلا بعد شرائها وتملكها وحيازتها، بحيث تدخل في ضمانه، وبذلك تعرف الجواب عن سؤالك الأول، وهو أنه لا يجوز لهم بيع أي سلعة إلا بعد حيازتها.
أما الجواب عن سؤالك الثاني: على القول بجواز هذه المعاملة، فهو أنه يجوز لك أن تتصرف في هذه الأبقار التي اشتريتها حسب ما تريد؛ لأنك اشتريتها شراءً شرعيًّا، فيجوز لك أن تبيعها أو تهبها، أو تفعل فيها ما تشاء من المعاملات الجائزة.
والذي أنصحك به أن تبتعد عن المرابحة، وأن تبدأ مشاريعك التجارية بطريق جائز بعيد عن الشبهات. والله أعلم.(8/292)
صورة بيع العينة
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 21/9/1424هـ
السؤال
ما هو بيع العينة؟ وما حكمه؟ وما معنى الحديث الشريف الذي ورد فيه قوله صلى الله عليه وسلم "إذا تبايعتم بالعينة وتبعتم أذناب البقر ... "؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب عن السؤال يستلزم: أ- ذكر لفظ الحديث. ب- بيان درجته. ج- بيان معناه. د- بيان معنى العينة. هـ- حكم بيع العينة.
أ. لفظ الحديث: روى أبو داود في سننه (3462) عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه شيء حتى ترجعوا إلى دينكم".
ب. درجة الحديث: قال المنذري في مختصر سنن أبي داود (5/102-103) : في إسناده إسحاق بن أسيد أبو عبد الرحمن الخراساني نزيل مصر، لا يحتج بحديثه. وفيه أيضاً عطاء الخراساني وفيه مقال.
وقال ابن حجر في بلوغ المرام (2/24) عن حديث ابن عمر هذا رواه أبو داود في رواية نافع عنه وفي إسناده مقال. ولأحمد نحوه من رواية عطاء ورجاله ثقات وصححه ابن القطان. وقال أيضاً في التلخيص الحبير (3/973) : وعندي أن إسناد الحديث الذي صححه ابن القطان معلول لأنه لا يلزم من كون رجاله ثقات أن يكون صحيحاً ... انتهى. هذا ومن العلماء من صحح الحديث بطرقه كالألباني -كما في السلسلة الصحيحة (11) -، هذا وأرى ضعف الحديث لما تقدم من أن في إسناده أبا عبد الرحمن الخراساني عن عطاء الخرساني، قال الذهبي في الميزان (4/547) : هذا من مناكيره. قلت والحديث له عدة طرق بين عللها البيهقي في سننه ج5، ص: 316.(8/293)
ج. معنى الحديث باختصار: يدل الحديث على تحريم الركون إلى الدنيا والانشغال بها عن أمور الدين التي من أعظمها الجهاد في سبيل الله، الذي هو ذروة سنام الإسلام. كما يدل أيضاً على أن المسلمين إذا اشتغلوا بالحراثة ورضوا بها وبجمع الأموال عن الجهاد في سبيل الله فإن الله يجازيهم بالذل والهوان على أعدائهم، فيكونون مهانين أذلاء جزاءً لهم على إعراضهم عن دينهم كما هو واقع المسلمين اليوم فالله المستعان.
د. بيع العينة: تصور أن يبيع شخص على آخر سلعة مثلاً بألف ريال أو ألف دينار مؤجلة إلى مدة معلومة ثم يرجع البائع فيشتريها منه نقداً بأقل من ثمنها الذي باعها به عليه. وهذا في الحقيقة ليس بيعاً ولا شراء، بل هو قرضاً ربوياً جاء في صورة البيع والشراء هذا ويسمى بيع العينة لحصول العين وهو النقد فيه، ولأنه يعود إلى البائع عين ماله.
هـ. حكم بيع العينة: جمهور العلماء ومنهم الحنفية والمالكية والحنابلة على تحريمه للحديث السابق وغيره مما في معناه، ولأنه صريح الربا، ومن العلماء كالشافعي من أجازه، لكن في نظري أن القول الأول أي القول بالتحريم أرجح بل أصح لما تقدم. والله أعلم.(8/294)
توريد السلعة على دفعات
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 16/9/1424هـ
السؤال
هل يجوز الاتفاق مع شركة على توريد سلعة معينة (مباحة) بسعر معين سارٍ لمدة شهر، وتوريد السلعة يكون متفرقاً على مدار الشهر، مع العلم شبه اليقيني بأن سعر السلعة يمكن أن يتغير صعوداً أو نزولاً، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
مثل هذا العمل جائز إن شاء الله ولا بأس به، لكن هذا مبني على خلاف أهل العلم فيما يتعلق بعقد التوريد هل هو عقد مستقل أو أنه عقد سلم، فإذا قلنا بأنه عقد سلم فإنه لابد من قبض رأس المال مقدماً، وإذا قلنا بأنه عقد مستقل وأنه ليس عقد سلم فإن ذلك لا يشترط، فإن هذا جائز.(8/295)
السَّلَم من غير تحديد قيمة المثمن
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 13/2/1425هـ
السؤال
طلب الفلاح مني مبلغاً معيناً ليدفع لي بدله قطناً عند الحصاد، إلا أنه اشترط تعيين قيمة الكيلو من القطن يوم الحصاد، وقال إنه سيعطيني القطن بأقل من سعره يوم الحصاد، مثلاً: لو كان السعر يوم الحصاد الكيلو بعشر سيعطيني بثمانية، وإن كان بستة عشر سيعطيني بأربعة عشر، والسبب في عدم تعيين السعر أن الأسعار غالباً تكون في يد أصحاب المصانع، فهم يلعبون بالأسعار كيفما يريدون، فإذا اتفق على سعر معين ربما يتضرر الفلاح أو المسلف، والسؤال: هل تجوز السلف في مثل هذه الحال بدون تعيين السعر؟ ولا شك أن الكيلو الذي يعطيه الفلاح لا يكون كيلا معلوماً إذا لم يتفق على سعر معين، وهذا العقد يكون برضا الطرفين الفلاح والمسلف. أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:(8/296)
في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قدم المدينة فوجدهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزنٍ معلوم، إلى أجلٍ معلوم" البخاري (2241) ، ومسلم (1604) ، فإذا كان كذلك فلا بد أن يكون الثمن معلوماً وأن يكون المسلم فيه معلوماً، وأن يكون الأجل معلوماً، وعلى هذا يعطيه كذا وكذا من الدراهم المُسلِم يعطي الُمسلَم إليه - وهو الفلاح- كذا وكذا من الدراهم بكذا وكذا من القطن، أما كونه لا يحدد القيمة فإن الثمن لا يكون معلوماً بل يكون مجهولاً وفي هذا غرر، والنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الغرر كما في صحيح مسلم (1513) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فلا بد أن يتفقا على ثمن معلوم، وكيل من القطن معلوم، وإذا حل الأجل واتفقا على شيء فالواجب أن يتفقا في العقد على كيلٍ معلوم، ووزنٍ معلوم، وثمنٍ معلوم، لكن إذا حل الأجل وأرادا أن يتفقا على شيء وتنازل أحدهما للآخر عن شيء من حقه فهذا راجع إليهما، لكن العقد الذي يجب امتثاله لا بد أن يكون بيناً في أول العقد.(8/297)
أخذ الأجرة على تلقيح البهائم
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 26/7/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
عند قريبي بقرة حلوب، وحان وقت عشارها، وليس عنده عجل للعشار، وهناك بيطري يبيع نطف العجول، هل يستطيع أن يشتري النطفة ليقوم البيطري بتلقيح البقرة، وهناك حديث نهى عن عسب الفحل؟ والله ولي التوفيق.
الجواب
نعم، جاء في صحيح البخاري (2284) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن عسب الفحل" وكذلك ورد في صحيح مسلم (1565) من حديث جابر -رضي الله عنه- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع ضراب الجمل"، وبناء على ذلك نص أهل العلم على أنه لا يجوز استئجار الفحل من بهيمة الأنعام من أجل الضراب -التلقيح-، لكن إذا كان البيطري يأخذ أجرة على أتعابه على ما يؤديه من عمل فهذا جائز، على ألا يحسب من ذلك أجرة هذه النطف، فإذا كان الطبيب البيطري يريد أجرة على خروجه من محله وذهابه إلى مكان هذا الشخص، وعلى الوقت الذي يقضيه في إجراء عملية التلقيح، وعلى ما يقوم به من أعمال فهذه الأجرة فيما يظهر أنها جائزة، لأنها أجرة على عمل يقوم به وهذا العمل مباح، أما الأجرة على النطف وعلى التلقيح فهذا لا يجوز.(8/298)
بيع المصحف
المجيب د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري
المشرف العام على شبكة التفسير والدراسات القرآنية
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 08/03/1426هـ
السؤال
ما الحكم الوافي بموضوع التجارةِ بالمصحف بيعاً وشراءً؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
خلاصة الحكم في المسألة أنه يجوز بيع المصحف للمسلم، وذلك أنه لا يمكن تداوله وحصول الناس عليه إلا بدافع يدفع بعضهم للتجارة فيه، والثمن إنما هو ثمن الورق والحبر والنقل ونحو ذلك، وأما المحتوى فهو كلام الله، وهو أغلى وأنفس من أن يتاجر فيه.
والذين أجازوا بيعه والاتجار فيه نظروا إلى الأمر من هذه الزاوية، مع تعظيمهم للمصحف، وحرصهم على عدم امتهانه.
وأما الذين منعوا الاتجار فيه فخوفاً عليه من الامتهان، وكلهم يرون تحريم بيع المصحف لغير المسلم؛ لما في ذلك من الامتهان للمصحف، وقد تساهل العلماء في بيع المصحف المرفق به ترجمة لمعانيه لغير المسلم رغبة في دعوته إلى الإسلام، والأفضل أن يعطى غير المسلم ترجمة لمعاني القرآن بلغته، خالية من نص القرآن حتى يكون بمنأى عن الابتذال والامتهان.
وأما تفصيل الأقوال في حكم التجارة بالمصحف فقد ذكرها الباحثون، وهي أن للعلماء في حكم بيع المصحف أربعة أقوال:
- القول الأول: أنه يجوز بيع المصحف للمسلم؟
وبهذا قال الحنفية، كما نقله عنهم الشافعي وابن قدامة والمالكية، وهو وجه في مذهب الشافعية، وبه قال الإمام أحمد في رواية عنه وابن حزم.
واستدلوا على ذلك بأدلة من الكتاب والآثار والمعقول:
أولاً: من الكتاب:
1- قول الله تعالى:"وأحلَّ اللهُ البيعَ وحرَّمَ الربا" [البقرة:275] ، ويمكن توجيه الاستدلال بهذه الآية بأَنَّ اللهَ أَباحَ البيعَ إباحةً عامةً فيدخلُ فيه بيعُ المصحف.(8/299)
2- قوله تعالى: "وقد فَصَّلَ لكم ما حَرَّمَ عليكم إلا ما اضطررتم إليه" [الأنعام:119] ووجه الاستدلال أن الله ذَكرَ أنه فَصَّلَ كُلَّ مُحرَّمٍ ولم يذكر تَحريم بيع المصحف، فيكون بيع المصحف حلالاً، لأَنَّه لم يُفَصِّلْ لنا تَحريمَه (وما كان ربك نسياً) ، ولو فَصَّلَ تحريمه لَحفظه اللهُ حتى تقومَ به الحُجةُ على العبادِ.
ثانياً: من الآثار:
1-ما رُوي أَن ابن مصبح كان يكتب المصاحف في زمن عثمان -رضي الله عنه- ويبيعها ولا ينكر عليه ذلك. المدونة 11/418.
وقد رده ابن حزم بأن في سنده عبد الملك بن حبيب وابن مصبح وطلق بن السمح ولا يدري من هم من خلق الله، وعبد الجبار بن عمر الأبلي وهو ساقط لم يدرك عثمان، وأنه ليس في الأثر أن عثمان -رضي الله عنه- عرف بذلك، ولا أحد من الصحابة.
2- ما رُوي أَنَّ عبد الله بن عباس ومروان بن الحكم سُئِلا عن بيع المصاحف للتجارة فيها فقالا: لا نرى أنْ نَجعلَه مَتْجَراً، ولكن ما عملتَ بيديكَ فلا بأس به. أخرجه البيهقي 6/16.
وهذا الأثر واضح الدلالة. وقد ناقشه ابن حزم بأن في سنده بكير بن مسمار وهو ضعيف، والحارث بن أبي الزبير وهو مجهول.
ثالثاً: من المعقول:
1- أن الذي يباع هو القرطاس والمداد والأديم إن كانت المصاحف مجلدة، وما عليها من حلية إن كانت محلاة، وهذا جائز، وأما ما فيها من العلم فإنه لا يباع.
هذه هي الأدلة التي استدل بها من أجاز بيع المصحف للمسلم دون بيعه لغير المسلم.
القول الثاني: أنه يكره بيع المصحف للمسلم.
وبهذا قال الإمام الشافعي، وهو الوجه الصحيح عند أصحابه، والإمام أحمد في رواية عنه، وبها أخذ بعض أصحابه.
واستدلوا على ذلك بما يلي:
1- ما رواه سالم بن عبد الله بن عمر قال: كان ابن عمر يمر بأصحاب المصاحف، فيقول: بئس التجارة أخرجه عبد الرزاق (14529) والبغوي في الجعديات (2245) وابن حزم 9/46 والبيهقي 6/16.(8/300)
2- ما رواه عبد الله بن شقيق، قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكرهون بيع المصحف أخرجه سعيد بن منصور في سننه (104- تفسيره) وابن حزم 9/45 والبيهقي 6/16.
3- ما روي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه كره شراء المصاحف وبيعها. انظر مصنف ابن أبي شيبة 4/287، وسنن البيهقي 6/16.
وهذه الآثار واضحة الدلالة.
والكراهة في هذه الآثار كراهة تنزيه كما ذكر البيهقي، حيث قال بعد روايته لها: وهذه الكراهة على وجه التنزيه تعظيماً للمصحف عن أن يبتذل بالبيع أو يتخذ متجراً.
مناقشة هذه الدلالة:
الوجه الأول: أنها أقوال وأفعال صحابة، وهو مختلف في الاحتجاج بها. كيف وقد عارضت عموم الدلالة على إباحة البيع كما سبق في أدلة أصحاب القول الاول.
الوجه الثاني: يمكن حملها على ما إذا اتخذت للتجارة، أو بطريقة تؤدي إلى إهانته وامتهانه.
القول الثالث: أنه يحرم بيع المصحف للمسلم.
وبهذا قال الإمام أحمد في الرواية المشهورة عنه، وبها أخذ بعض أصحابة.
واستدلوا على ذلك بآثار الصحابة والمعقول:
أولاً: من آثار الصحابة:
ما رواه سالم بن عبد الله، قال: قال ابن عمر: لوددتُ أن الأيدي قطعت في بيع المصاحف أخرجه سعيد بن منصور في سننه (124- تفسيره) وابن أبي شيبة 4/287 والبيهقي 6/16.
وجه الاستدلال: يمكن توجيه الاستدلال به بأن ابن عمر ذكر أنه يود قطع اليد في بيع المصاحف. والقطع عقوبة كبيرة لا تكون إلا على فعل محرم، فدل ذلك على حرمة بيع المصاحف.
مناقشة هذا الدليل: يمكن مناقشته بما سبق من مناقشة أدلة أصحاب القول الثاني.
ثانياً: من المعقول:
أن تعظيم المصاحف واجب؛ لأنه كلام الله، وفي بيعه إهانة وابتذال له فيحرم.
مناقشة هذا الدليل: يمكن مناقشته بعدم التسليم بأن في بيع المصحف إهانة له مطلقاً، بل إنما يكون ذلك إذا قُصِدَ به التجارة أو بطريقة تقتضي ذلك.(8/301)
الترجيح: الذي يظهر رجحانه في هذه المسألة -والله أعلم بالصواب- هو القول الأول القائل بجواز بيع المصحف للمسلم. لقوة ما استدلوا به من عموم الأدلة، لكن لا يجوز أن يقصد ببيعه التجارة، أو يكون بطريقة تقتضي إهانته وابتذاله، لما في ذلك من الإخلال بمنزلته الشريفة.
مراجع للاستزادة:
فقه القرآن وخصائصه للدكتور فرج توفيق الوليد. ط. مطبعة الرشاد ببغداد.
المتحف في أحكام المصحف، للدكتور صالح الرشيد. ط. مؤسسة الريان.
الأحكام الفقهية الخاصة بالقرآن الكريم، للدكتور عبد العزيز الحجيلان. ط. دار ابن الجوزي.(8/302)
بيع خدمة الإنترنت
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 28/10/1423هـ
السؤال
أعمل في مجال شبكات الكمبيوتر ومن ضمن أنشطتي بيع أجهزة الكمبيوتر وعمل شبكة الربط وبيع خدمة الإنترنت لما يسمى مقاهي الإنترنت internet coffee والسؤال ما هو الحكم الشرعي لبيع خدمة الإنترنت لمثل هذه المقاهي والحال أن كثيراً من هذه المقاهي يقوم على تأجير الأجهزة المتصلة بالإنترنت إلى الأفراد وقد يكون منهم من يسيئ استخدام الجهاز وذلك بعمل دردشة صوتية chat مع نساء أجنبيات لأغراض أغلبها غير شرعي وقد يكون منهم من يستخدم الأجهزة والخدمة في تصفح مواقع خارجة علماً بان الضوابط القانونية الوضعية تجرم فقط تصفح المواقع الخارجة وهى تجرم ولا تراقب بمعنى أن القانون يمنع ولكن لم يضع الآلية والأدوات اللازمة لمنع تصفح مثل هذه المواقع ... وهل العمل في بيع خدمة الإنترنت للشركات والهيئات والأفراد في مثل هذه الحال كما أسلفت حلال أم حرام؟ وما هي الضوابط الشرعية التي يجب اتباعها للخروج من المخالفات في مثل هذه المهنة؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:(8/303)
الأصل في استخدام الإنترنت كسائر الأجهزة التي ينبني الحكم عليها بحسب استخدامها، فإذا كان الأغلب في استخدامه الأمور المفيدة والمباحة حكم بالأغلب، بالإباحة والاستحباب ومن أساء فعليه إثم إساءته، فعمل الخدمة للشركات التجارية والمؤسسات الخيرية والأفراد الذين يغلب على استخدامهم المنفعة لا شيء فيه، أما خدمة المقاهي التي يغلب على المستخدمين فيها الاطلاع على المواقع السيئة -وهذا نادر- فلا يجوز، وقد تحدث العلماء عن تحريم أمور مباحة حال الاستخدام المحرم ومن ذلك بيع السلاح زمن الفتنة أو البيض للمقامرين أو العنب لمن يصنع الخمر ونحو ذلك، وأما إذا جهل ذلك فالأصل حسن الظن بالآخرين ويأخذ حكم الأصل وهو الإباحة، والله أعلم.(8/304)
بطاقات التخفيض
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 9/7/1424هـ
السؤال
بعض مكاتب تسويق العطور تطلب من العميل اشتراكا يحصل بموجبه العميل على تخفيض 20% على ألا يمضي على العميل ستة أشهر دون أن يشتري، وإلا يلغى الاشتراك، فما حكم ذلك جزاكم الله خيراً؟ مع أن الاشتراك يكون مقابل مبلغ مادي.
الجواب
هذه ما تسمى ببطاقات التخفيض الخاصة، إذ إن بطاقات التخفيض تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: بطاقة تخفيض عامة وهي التي تقوم بإصدارها شركات الدعاية والإعلان، أو الشركات السياحية، ويستفيد منها العملاء عند جهات تجارية عديدة، فهذه محرمة ولا تجوز، وقد أفتى بتحريمها اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء، إذ إن المنفعة التي تأخذ جهة الإصدار عليها مقابل ليست مقدورة عليها، وإنما هي عند جهة أخرى، وأيضاً قالوا بأن هذه المنفعة فيها غرر قد يتحصل عليها وقد لا يتحصل.
القسم الثاني: بطاقات التخفيض الخاصة وهي مثل ما ذكره السائل هنا، فبعض العلماء ألحقها ببطاقات التخفيض العامة وحكم عليها بالتحريم، وقال: لأن المنفعة فيها غرر قد يشتري وقد لا يشتري، وبعض العلماء أجازها وبعضهم قيد الجواز بشرطين:
الشرط الأول: أن تكون نسبة التخفيض معلومة.
الشرط الثاني: أن تكون المشتريات محدودة السلع.
التي مثلاً من مشتريات كذا أو من مشتريات كذا فلعل إذا توفر هذان الشرطان أن تكون ـ إن شاء الله ـ صحيحة.(8/305)
صورة من بيع العينة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 2/8/1424هـ
السؤال
أنا مشارك مع صاحب معرض للبيع بالتقسيط، عندما أبيع سيارة على زبون يشتريها شريكي صاحب المعرض من الزبون ويعطيه المبلغ دون علمي، هل هذا صحيح؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذا العمل لا يجوز، وهو من بيع العينة، إذ إن بيع العينة أن يبيع السلعة بثمن معين ثم يشتريها البائع نفسه بأقل من ثمنها نقداً، فنقول بأن هذا محرم، وبيع العينة دل على تحريمه أحاديث كثيرة منها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلَّط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم" رواه أبو داود (3462) وغيره من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - وكذلك أيضاً قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ولا شرطان في بيع" رواه الترمذي (1234) والنسائي (4611) وأبو داود (3504) من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - حمله ابن القيم على بيع العينة، وأيضاً النهي عن بيعتان في بيعة حمله ابن القيم على بيع العينة، وكذلك أيضاً هذا هو الوارد عن الصحابة - رضي الله عنهم - كعائشة وغيرها، ولأنه دراهم بدراهم بينهما سلعة.(8/306)
هل هذا داخل في (لا تبع ما ليس عندك) ؟
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 08/11/1425هـ
السؤال
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
سؤالي هو: نحن مجموعة من التجار، ونعمل في مجال استيراد وبيع الأقمشة الرجالية، وعندما ترسل لنا الشركات التي نستورد منها الأقمشة عينات أو نماذج من البضاعة التي اشتريناها منها لكي نعرضها على الزبائن، يقوم زبائننا بتثبيت واختيار الأقمشة التي تناسبهم، وذلك يكون غالبًا قبل استلامنا للبضاعة، أي البضاعة إما تكون قيد الشحن أو لم تشحن بعد، نحن طبعًا نخبرهم بأن البضاعة لم تشحن، أو تبقى لها 15 يومًا إلى إن تصل إلى المرفأ أو إلى مستودعاتنا، الكمية، المواصفات، ونوع القماش الذي يختاره زبائننا محدد ومعلوم، نتفق مع الزبائن على أن يتم التسليم في تاريخ محدد، وفي حال:
1- تأخرنا عن التسليم حسب الموعد المتفق عليه، لكلانا الخيار في إتمام البيع والتسليم والاستلام، أو رفض ذلك من أحد الطرفين أو كليهما، بدون أي إلزام من قبلنا بإجبار المشترين باستلام البضاعة أو أي تعويض يدفع من قبلنا إلى المشترين بسبب التأخر في التسليم.
2- أن يكون هناك شروط أو شرط على كل من البائع والمشتري في حال حدوث أي تأخير في موعد تسليم البضاعة.
المطلوب معرفته:
1- أي من الحالتين المذكورتين أعلاه صحيح وموافق للشرع.
2- ماذا تسمى كل حالة منهما في الشرع؟
3- وهل هاتان الطريقتان تندرجان تحت مبدأ (لا تبع ما ليس عندك؟) . أفيدونا جزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:(8/307)
فإنه لا يجوز للإنسان أن يبيع ما لا يملكه كما دلت عليه النصوص الشرعية؛ لما في ذلك من إشاعة النزاع والخصومة بين الناس، والشرع الشريف يأمر بمنعهما وقطع دابرهما. وهذا الأمر يُطبق على جميع العقود، ومنها ما جاء في السؤال، وحكم العقد المسئول عنه لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: إذا كنتم قد اشتريتم هذه الأقمشة ودخلت في ملككم وأصبحت تحت ضمانكم، ولكنها قيد الشحن أو لم تُشحن بعد، فإنه يجوز لكم بيعها وإن كانت لم تصل إليكم؛ لأنكم اشتريتموها وملكتموها ملكًا صحيحًا فجاز لكم بيعها. وإذا كان بيعكم للأقمشة بعد ملكها ملكًا شرعيًّا فما جاء في الصورة الأولى المتعلقة بالخيار جائزةٌ؛ لأن لكل من الطرفين الحق في اشتراط الخيار مدةً من الزمن، وكذلك ما جاء في الصورة الثانية فإنه جائزٌ إذا كانت الشروط لا تخالف النصوص الشرعية؛ لأن هذا من باب الشروط في البيع، وهي جائزة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المُسلِمون علَى شُرُوطِهم". رواه الترمذي (1352) وصححه. ومن الشروط التي لا تجوز أن يُشترط زيادة السعر على المشتري مقابل التأخير في السداد؛ لأن هذا من الرِّبا.
الحالة الثانية: إذا كنتم لم تملكوا هذه الأقمشة، وإذا جاءكم من يرغب في شرائها بعتموها عليه ثم سعيتم في شرائها، فإنه لا يجوز لكم هذا الأمر؛ لأن هذا من بيع ما لا يملكه الإنسان، والرسول صلى الله عليه وسلم قال لحكيم بن حزام: "لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِندَك". رواه أصحاب السنن: أبو داود (3503) والترمذي (1232) وابن ماجه (2187) والنسائي (4613) .
وإذا كنتم لا تملكون هذه الأقمشة فإنه يمكنكم التعامل بعدد من العقود الشرعية التي تحقق مقصودكم وليس فيها مخالفةٌ لشيءٍ من أحكام البيع التي بيَّنها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومنها:(8/308)
1- التعامل ببيع السَّلَم، وذلك بأن يتم التعاقد بينكم وبين من يريد شراء هذه الأقمشة على بيع نوعٍِ موصوفٍ منها، ويُسلِّم المشتري الثمن في مجلس العقد، على أن يتم الاتفاق على وقت التسليم ومكانه، وبعد ذلك تسعون أنتم في تحصيل الأقمشة وجلبها من أماكن وجودها أو تصنيعها على الصفة المشترطة بين الطرفين، وهذا العقد جائز كما دلت عليه النصوص الشرعية، وإن كان من باب بيع مالا يملكه الإنسان إلا أن الشارع رخَّص فيه لحاجة الناس إليه، وفي هذا العقد يجوز لكل من الطرفين اشتراط بعض الأمور الشرعية على الطرف الآخر، ويجب الالتزام بها؛ لأن المسلمين على شروطهم.
2- أن يكون بين الطرفين مواعدة على البيع والشراء في وقت معين، حيث يَعِدُ البائع بالبيع إذا ملك السلعة بثمن معين، ويَعِدُ المشتري بشرائها بالثمن نفسه، من غير أن يكون هناك عقدٌ ملزمٌ بين الطرفين، ولكل من الطرفين الخيار في التعاقد أو عدمه ولا يُجبر أحدهما بإتمام التعاقد؛ لأن المواعدة ليس فيها التزامٌ حقيقيٌّ وإنما هو التزامٌ أدبيٌّ، فإذا ملك البائع السلعة ملكًا شرعيًّا ثم تعاقد مع المشتري على البيع أصبح العقد لازمًا للطرفين ويأخذ أحكام البيع المعروفة. والبيع بالمواعدة بهذه الصورة لا بأس به عند أهل العلم. وإذا تمت المواعدة بين الطرفين على وقت معين وتأخر البائع أو المشتري أو لم يتأخر أحدٌ منهما فلكلٍ منهما الخيار؛ لأن المواعدة لا إلزام فيها.
أما ما يتعلق بالشروط على البائع أو المشتري إذا تأخر أحدٌ منهما، فإن كانت الشروط شرعية وكان المبيع مملوكًا للبائع فهي شروط صحيحة، أما إذا لم يكن المبيع مملوكًا للبائع فإنها شروطٌ باطلة؛ لأنه من باب بيع مالا يملكه الإنسان المنهي عنه، وإذا كان هذا البيع باطلًا فما بُني عليه من الشروط فهو باطلٌ، ويُستثنى من ذلك ما لو تم التعاقد بين الطرفين على وجه السلم المذكورة صفته قريبًا، فإن الشروط فيه صحيحة إذا كانت شرعيةً.(8/309)
والله الموفق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(8/310)
مشروع هبة الجزيرة
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 7/11/1424هـ
السؤال
نرجو من فضيلتكم أن تفتونا عن المشروع الذي ظهر حديثاً، والخاص بشركة (هبة الجزيرة) ، وهي فكرة قريبة من فكرة شركة (بزناس) .
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه، وبعد:
هذه الشركة تقدم نظامين للعمولات:
(1) نظام السمسرة: وهو 75 ريالاً للمسوّق عن كل عميل يشتري منتج الشركة (وهو أسطوانة برامج قيمتها 500 ريال) ،ولا يلزم المسوّق أن يشتري هو هذا المنتج ليحصل على العمولة.
(2) نظام التسويق الشبكي: وهذا يمكن أن يحقق للمشترك عمولات كبيرة (تصل إلى 42500 ريال) ، وهذا يتطلب أن يشتري المسوّق منتج الشركة.
أما التسويق من خلال السمسرة فهذا مشروع ولا إشكال فيه، أما التسويق من خلال النظام الشبكي فهو محرم؛ لأنه من الميسر والغرر المحرم شرعاً، وقد سبق في مناسبات كثيرة بيان وجوه التحريم في هذا النظام، وما يتضمنه من المفاسد والتغرير بالآخرين وأكل أموالهم بالباطل. والله أعلم.(8/311)
التبايع بعد أذان الصلاة غير صلاة الجمعة
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 17/12/1424هـ
السؤال
هل يجوز إبرام عقد بيع أو شراء وقت الصلاة (أي بعد الأذان) خلاف الجمعة؟ وما حكم العقد في هذه الحالة؟ وهل يختلف الحكم في حال كان أحد الطرفين أو كلاهما غير مسلم. أفتونا مأجورين.
الجواب
النهي الذي ورد يتعلق بصلاة الجمعة بقول الله - جل وعلا-: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع" [الجمعة: 9] ، فهذا النهي عن البيع خاص بصلاة الجمعة، أما غيرها من الصلوات فيجوز عقد البيع أما إذا كان يشغل عن الصلاة ويلهي عنها فشغله عن الصلاة غير جائز، لكن هذا لا يؤثر على العقد بين مسلمين أو بين مسلم وغيره، فالعقد صحيح ولا إشكال في ذلك.(8/312)
صفة بيع الشورت وحكمه
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 4/12/1424هـ
السؤال
هناك بيع من البيوع في سوق الأسهم ويسمى بيع الشورت short sell ومثاله موضحاً كالتالي: صفة بيع الشورت short sell
أنت تقترض أسهم شركة ما من سمسارك، فرضاً أسهم مايكروسوفت، تقترض 1000 سهم مايكروسوفت ويكون وقتها سعر السهم فرضاً 28 دولاراً، وتبيعها في سوق الأسهم بشكل مباشر؛ لأنك تتوقع أن سعر السهم سوف ينخفض، وتقبض 28 ألف دولار في حسابك نتيجة البيع، ومن ثم عندما يصدق توقعك، وينخفض سعر السهم إلى 24 دولاراً فرضاً تقوم بإعادة شراء أسهم مايكرو سوفت من السوق بـ 24 ألف دولار، والفرق 4 آلاف دولار هو مكسبك.
الرجاء توضيح شرعية التعامل مع هذا النوع من البيوع. وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
عملية البيع على المكشوف (short selling) المشار إليها تتكون من جزئين:
(1) قرض من السمسار للعميل بالأسهم محل التعامل.
(2) ثم بيع السمسار لهذه الأسهم نيابة عن العميل.
وهذا التعامل يتم من خلال حساب الهامش (margin account) ، ويحتسب السمسار فوائد على رصيد حساب الهامش، الذي يمثل في هذه الحالة قيمة الأسهم التي تم إقراضها فالمعاملة في جوهرها قرض بفائدة، وهذا ربا بلا خلاف. والله أعلم.
انظر الروابط:
http://www.investopedia.com/university/shortselling/shortsellingl.asp
https;//us.etrade.com/e/t/estation/help?id=201010700(8/313)
إنتاج وبيع الطيور المهجنة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 29/08/1426هـ
السؤال
أنا أمارس تجارة الصقور منذ زمن، وقد ظهرت في السنوات القليلة الماضية صقور جديدة، تأتينا من الخارج منتجة في الأسر عن طريق (التهجين) ، حيث يعمد أصحاب مراكز إنتاج تلك الطيور إلى خلط فصائل مختلفة من أنواع الصقور من بعضها، يصل عددها في بعض الأحيان إلى خلط أربع فصائل مختلفة مع بعض؛ حتى يتم إنتاج فصيلة جديدة تختلف -في الشكل واللون والطبائع- عن الفصائل الرئيسة الطبيعية التي عرفناها نحن وأسلافنا من قبل.
وقد لاحظت في هذه الطيور المهجنة أموراً أريد معرفة الحكم فيها، أختصرها فيما يلي:
1- تكون في هذه الطيور حالات من الشراسة غير الطبيعية التي تجعلها تقتل لمجرد القتل وليس للغذاء فقط، وقد شهد إخوان لنا أنها تهاجم بني جلدتها من الصقور وتحاول قتلها، كما شهد لنا آخرون بأنهم فقدوا أحد هذه الطيور في الخلاء، ثم وجدوه بعد فترة وهو قد قتل كثيراً من الفرائس، يأكل منها الرأس فقط، ويترك باقي الجسد، ولما تتبعوا تلك الحالة غير الطبيعية وجدوا طيرهم الذي سبق أن أضاعوه هو المتسبب في ذلك.
2- توجد أنواع من هذه الطيور تنتج، وقد أصابها العقم بسبب خلط الأنواع المختلفة.
3- خلال الإنتاج يخرج عدد من تلك الطيور وقد أصيبت بتشوهات أو خلل عقلي يعيبها، فيعمد أصحاب تلك المراكز التي تنتجها إلى (إتلافها) ؛ حيث لا تكون ذات جدوى اقتصادية.
4- متوسط أعمار تلك الطيور يعادل نصف متوسط عمر الصقور الطبيعية.
الجهاز المناعي في تلك الطيور يكون ضعيفاً على الأغلب، مما يتسبب في سرعة إصابتها بالأمراض، كما قد عزا بعض العلماء أن بعض الأمراض التي ظهرت حديثاً هي بسبب عمليات الخلط بين الفصائل المختلفة.(8/314)
5- يكاد يكون هناك إجماع بين جميع الدول المنتجة لتلك الطيور على أنه يمنعاً منع باتاً إطلاق سراح هذه الطيور في الخلاء، أو تركها تخالط الحياة الطبيعية؛ نظراً لما قد تسببه من تلوث بيئي.
سؤالي على ثلاثة أقسام كما يلي:
1- ما حكم القيام بإنتاج مثل هذه الطيور، أو المساهمة المالية في مراكز إنتاجها؟
2- ما حكم الاتجار في هذه الأنواع بعد أن تصل لدولنا بيعاً أو شراء؟
3- ما حكم استخدام هذه الطيور خصوصاً إذا علم أن هواية الصقارة لم تعد سوى هواية للترفيه، وليست لسد الرمق كما كان في الماضي؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
أخي السائل الكريم -حفظه الله- لقد اطلعت على سؤالك واستفسارك عن حكم المتاجرة، واستخدام الطيور (الصقور) المهجنة التي تتغير أشكالها وطباعها نتيجة التدخل في تغيير (الجينات) عن الصقور العادية، فأقول:
أولاً: لا يجوز إنشاء أو المساهمة في المراكز المالية لتهجين وتغيير جينات الطيور -كالصقور- ما دام ذلك التهجين يغير من طباعها إلى الحال الأسوأ كشراسة الصقر ونحوه، وأكله لصيده وقتله لمثله، أو إلحاقه الضرر بالتشويه ونحو ذلك.
والدليل على عدم جواز الدخول في هذه المراكز المالية عامة النصوص الشرعية، كحصول الضرر العضوي للطير، مع تقصد ضرر الإنسان للآخر، ولما في ذلك من الغش والتزوير والكذب على العامة الذين لا يدرون عن حقيقة هذا الطير المباع (الهجين) .(8/315)
ومن الأدلة الشرعية قوله تعالى: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون" [البقرة:188] ، وحديث الرسول –صلى الله عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار" أخرجه أحمد (2865) ، وابن ماجة (2341) . وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: "من غشنا فليس منا" أخرجه مسلم (101) ، وقوله –صلى الله عليه وسلم-: "كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به" أخرجه الترمذي (614) وغيره، إلى غير ذلك من النصوص الشرعية، ولما في ذلك من تغيير لخلق الله.
ثانياً: البيع والشراء في هذا النوع من الطيور الأصل فيه الحل والجواز؛ لأنه كالسلعة المقلدة أو الرديئة مع الجيدة، فيتعين بيعهما على حقيقتهما، وإذا استفصل الزبون من البائع وجب عليه شرعاً أن يبين العيب، وإذا سكت المشتري أو كان عارفاً بالعيب فلا شيء حينئذ على البائع. ومعلوم أن الناس يتفاوتون في رغبتهم لنوع وشكل السلعة، كما تختلف قدرتهم على القيمة في شراء السلعة.
والشرع لا يلزم الناس كلهم بأن يشتروا السلعة الجيدة أو المتوسطة أو الرديئة، بل لكل سلعة ثمنها، وإنما جعل الشرع الخيار بأنواعه (كخيار العيب والغبن، إذا تبين للمشتري أن السلعة فيها عيب أو زيادة فاحشة في الثمن وجب الرد، ومع هذا فإني أنصح لإخواني المسلمين عدم تعاطي هذا النوع من السلع المباعة؛ ليبتعدوا عن الشبهة، وليأخذوا بالأحوط؛ لقوله –صلى الله عليه وسلم-: " ... فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات -أي عن علم ومعرفة- وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه".(8/316)
ثالثاً: استخدام الصقارين هذا النوع من الطيور المعدلة جيناتها للمتعة الأصل فيه الحل والجواز، ما لم تصرف هذه الهواية صاحبها عن الطاعة، كالصلاة بأن يؤخرها أو يقدمها عن وقتها، أو تصنييع أمور البيت والأولاد بمتابعة الصيد، فحينئذ يكون من اللهو المحرم شرعاً. وجاء في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً: "من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل". أخرجه أبو داود (2859) والترمذي (2256) والنسائي (4309) . والله أعلم.(8/317)
الشراء بالتقسيط من البنوك
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 14/11/1424هـ
السؤال
لقد قمت بشراء سيارة عن طريق أحد البنوك، حيث قمت أنا بالبحث عن السيارة، ثم اتفقت مع صاحب المعرض على السعر، ثم ذهبت إلى البنك وأكملت الأوراق، وطلب البنك أن يأتي صاحب المعرض، أو من ينوب عنه لإكمال الإجراءات، واستلام قيمة السيارة البالغة (63000) ريال، فتم ذلك، وأحضرت كاتب المعرض إلى البنك مع أحد الزملاء لإكمال الإجراءات، وتم بيع السيارة للبنك، وهذا على حد علمي، حيث إني لم أوقع أية أوراق للمعرض تفيد بشرائي للسيارة منهم، وتم بناءً على أمر البنك للمعرض تسليمي السيارة على أن أسدد للبنك مبلغ (1449) ريال لمدة 5 سنوات، وتم ذلك، وتسلمت السيارة من المعرض، وركبتها، وقمت بالدوران بها في المعرض، ثم عدت إلى صاحب المعرض لبيعها، فبعتها له بمبلغ (61000) ريال، ثم قمت بعد فترة بشراء سيارة أخرى من مدينة أخرى، ودفعت قيمتها نقداً (59000) ريال من قيمة السيارة الأولى وأكلت وشربت واشتريت بالباقي.
سؤالي هل في هذه الطريقة من البيع والشراء ربا، وما الحل جزاكم الله خيراً؟.
الجواب
هذه المسألة تسمى عند الفقهاء المعاصرين "بيع المرابحة للآمر بالشراء"، ويظن بعض طلبة العلم أن هذه المسألة من المسائل الحادثة في هذا الزمان، والحقيقة أن هذه المسألة معروفة عند الفقهاء المتقدمين، فقد تكلم فيها محمد بن الحسن الشيباني، كما في كتاب (الحيل) ، وكذا المالكية في كتبهم، وكذا الإمام الشافعي في كتابه (الأم) والعلامة ابن القيم في كتابه العظيم (إعلام الموقعين) ، وبعض الحنابلة، وجوّزها ابن القيم -رحمه الله- بشروطها المعتبرة التي سنذكرها -إن شاء الله- خلافاً للمالكية وبعض الفقهاء المعاصرين، حيث منعوا ذلك.(8/318)
وهذه المسألة تختلف عن مسألة التورّق، والفرق بين البيعتين هو أن السلعة في مسألتنا وهي "بيع المرابحة للآمر بالشراء" ليست عند البنك أو الشخص الذي يراد منه بيعها على العميل بالتقسيط.
أما مسألة بيع التورّق فإن البائع يملكها أصلاً، ولم يشترها لأجل أن يبيعها على العميل بزيادة الثمن لأجل الأجل، لهذا اتفق الأئمة الأربعة على جواز بيع السلعة مؤجلة بزيادة الثمن لأجل الأجل، سواء باعها العميل بعد ذلك ليحصل على الثمن وهي مسألة التورّق، أو أبقاها عنده للاستعمال، مع أن في المسألة خلافاً أيضاً، والشروط المعتبرة لصحة بيع المرابحة، هي كالآتي:
الشرط الأول: ألاَّ يبيع المصرف (البنك) السيارة، أو أي سلعة اتفق عليها على العميل حتى تدخل السيارة المأمور بشرائها في ملكية المصرف (البنك) وتدخل في ضمانه، ويحصل القبض الشرعي من البنك مع صاحب المعرض.
وعلة الشرط: هو حتى لا يدخل البنك في بيع ما لا يملك، وقد روى أهل السنن وأحمد من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك" انظر مسند أحمد (6671) ، وسنن أبي داود (3504) ، وجامع الترمذي (1234) ، وسنن النسائي (4611) ، وسنن ابن ماجه (2188) . صححه الترمذي، وابن خزيمة، وروى الخمسة أيضاً من حديث حكيم بن حزام أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تبع ماليس عندك"انظر مسند أحمد (15311) ، سنن أبي داود (3503) ، وجامع الترمذي (1232) ، وسنن النسائي (4613) ، وسنن ابن ماجة (2187) وقال الترمذي: حسن صحيح.(8/319)
وعلى هذا فإذا تمت المبايعة بين البنك والعميل على شراء السيارة بأقساط معلومة قبل أن يملكها كان بيعاً محرماً، ومثل ذلك أيضاً أن يتصل البنك على صاحب المعرض - الذي وجد العميل السيارة عنده ـ فيقول البنك لصاحب المعرض: احجز السيارة الفلانية، ثم بعد ذلك يبرم مبايعته مع العميل، فكل هذا بيع غير صحيح؛ لأن السيارة لم تدخل في ملك البنك.
الشرط الثاني: ألاَّ يتم بين البنك والعميل وعدٌ ملزمٌ بالشراء قبل تملك البنك للسيارة من صاحب المعرض، وألاَّ يدفع العميل مالاً قبل تملك البنك للسلعة، وألاَّ يشترط البنك على العميل أنه في حالة نكوله في صفقة البيع وعدم الالتزام بالشراء من البنك، فإن العميل يلتزم بدفع مبلغ مقابل تضرر البنك من آثار النكول عن الوفاء بالوعد، فكل ما سبق داخل في بيع ما لا يملك؛ لأن الوعد الملزم هو بحد ذاته عقد ومعاهدة، كما فسَّر ذلك الشافعي -رحمه الله- في تفسيره لأحكام القرآن، وكذا أحمد، كما نقله أبو العباس ابن تيمية في (القواعد النورانية) .
وليس هذا الوعد داخلاً في حكم الوعد الملزم والشرط الجزائي الذي تكلم فيه المعاصرون؛ لأن الشرط الجزائي، أو الوعد الملزم مشروط جوازه بأمرين:
الأول: ألاَّ يكون الدخول في الوعد الملزم الذي فيه أثر مالي يترتب عليه معاملة ممنوعة من الشارع، مثل بيع ما لا يملك.
الثاني: ألا يكون الشرط الجزائي، أو الوعد الملزم الذي فيه أثر مالي في العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها ديناً، لأن هذا من الربا الصريح، فعليه إذا اشتُرط الشرط الجزائي في التأخير عن سداد الأقساط، فهو من الربا.
أما لو تم بين البنك والعميل وعدٌ غير ملزم، ولو اشتمل الوعد بالشراء على نسبة الربح بين الطرفين، وعدد الأقساط ومعلوميتها، ويحدد فيه السعر للسلعة، أو أن تطلب إدارة البنك من العميل بعض الضمانات الشرعية التي تراها فكل هذا لا بأس به.(8/320)
الشرط الثالث: ألاَّ يكون بيع المرابحة ذريعة للربا، بأن يقصد المشتري الحصول على المال، ويتخذ السلعة وسيلة لذلك، كما في بيع العينة بأن يبيعها المشتري بعد ذلك على البائع بسعر أقل حالاً، فهذا من المحرم؛ لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيعتين في بيعة، كما عند أهل السنن بسند جيد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- انظر سنن أبي داود (3461) ، وجامع الترمذي (1231) وسنن النسائي (4632) .
وبهذا التفصيل - الذي أراه من الأهمية بمكان؛ لكثرة من يسأل عن حكم الشراء من مصرفٍ معين - فيجب على طالب الشراء أن يتثبت من تطبيق المصرف لهذه الشروط، مع العلم أن بعض البنوك لا تملك السيارة أصلاً، لا قبل إبرام عقد المرابحة مع العميل ولا بعده، بل تكتفي بالاتصال على صاحب المعرض للتأكد من صحة البيانات التي أتى بها العميل، فإذا تبين للبنك صحة ذلك أبرم مع العميل عقد المرابحة، ثم أعطى العميل شيكاً بقيمة السلعة التي حددها المعرض مكتوباً باسم العميل، ثم يقوم العميل بصرفه، وإعطائه صاحب المعرض، فهذا هو الربا الجلي المحرم الذي أجمع أهل العلم على تحريمه، وأنه إيذان بحرب من الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.
إذا تبين هذا، فإن السائل لم يوضح في سؤاله، هل البنك أبرم معه عَقْدَ مواعدة بالشراء، وما نوع هذا الوعد؟ فإن كان وعداً ملزماً يدفع بموجبه العميل مبلغاً مالياً أو نحوه - كما سبق تفصيله فإن ذلك محرم؛ لأنه داخل في بيع ما لا يملك، إلا أنه إذا تمّ البيع بهذه الصفة، ولم يخُلّ العميل بالتزامه، فإن العقد يكون صحيحاً، ويكون هذا الشرط -أعني به: الوعد الملزم أو الشرط الجزائي- باطلاً والعقد صحيح.
وأبو العباس ابن تيمية -رحمه الله- قد ذكر أن العلة في بيع ما لا يملك الإنسان هو لأجل عدم القدرة على التسليم، فإذا وجد التسليم بعدُ فالمرجو أن تكون المعاملة صحيحة مع الإثم، فالواجب حينئذ التوبة، والله أعلم.(8/321)
ويظهر أيضاً من سؤال السائل أن البنك بعدما أبرم عقد البيع مع كاتب المعرض -وهو الوكيل لصاحب المعرض- لم يقبضها القبض الشرعي بإبرام عقد المبايعة مع العميل بعد المبايعة مع صاحب المعرض، ولم يتسلمها البنك من المعرض، وهذه العملية داخلة في مسألة بيع السلعة قبل قبضها، ونحن قد ذكرنا أن من شروط بيع المرابحة ألاَّ يبيع البنك السلعة للعميل طالب الشراء إلا بعد قبضها القبض الشرعي، ودخولها في ضمانه، وهذا هو مذهب ابن عباس -رضي الله عنه- وزيد بن ثابت، وأبي حنيفة، والشافعي، ورواية عن أحمد، وهو اختيار أبي العباس ابن تيمية -رحمه الله-، وهو: أن النهي عن بيع الشيء قبل قبضه عام في كل السلع، والخلاف في هذه المسألة مشهور ومعروف، حيث إن السائل قد أبرم العقد مع الجهالة في الحكم، والسلعة بيعت وتُصُرَّف بها ولا يستطيع إرجاعها.
فالذي يظهر -والله أعلم- صحة ذلك مع التوبة وعدم الرجوع لمثل ذلك؛ لأن النهي ليس عائداً على ذات العقد، ولا على صفة لازمة بالعقد، وكل ما كان النهي كذلك فالنهي لا يقتضي الفساد -والله أعلم- كما هو مذهب الشافعية، والحنفية، والمالكية، والحنابلة.
ثم إن بيع الشخص (العميل) السيارة التي قبضها من المعرض على نفس صاحب المعرض لا بأس به؛ لأنها ليست من باب العينة على الصحيح -إن شاء الله-؛ لأن المعرض ليس هو البائع على العميل، وإنما هو بائع على البنك، مع أن الأحوط خروجاً من الشبهة ألاَّ يبيعها على صاحب المعرض لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" أخرجه الترمذي (2518) ، والله أعلم.(8/322)
يقرضهم على نضج زرعهم
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 20/3/1425هـ
السؤال
أعمل في تجارة الحبوب، ويأتيني المزارعون في طلب الأموال لحين نضج زرعهم، وبعضهم يشترط على نفسه أن يعطيني بسماحة نفس حبوبه بأقل من السعر في وقت حصاده بعض الشيء، فهل هذا حلال أم حرام؟ -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
الطريق الصحيح في هذا هو طريق السَّلم، وذلك بأن تعطيهم مالاً على أن يعطوك كذا وكذا من الزرع، فتتفق أنت وإياهم على أن تعطيهم كذا وكذا من النقود، على أن يعطوك كذا وكذا، من الزروع حتى ولو كانت هذه الزروع زائدة على ما يشترى به بهذه النقود، ولو كان هذا الزرع حاضراً هذا هو الطريق الصحيح؛ لحديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم" رواه البخاري (2241) ومسلم (1604) ، وأما كونك تعقد على زروع معينه لم يبد صلاحها وتشتريها منهم فنقول بأن هذا محرم ولا يجوز؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- "نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه" رواه البخاري (1487) ومسلم (1536) من حديث جابر - رضي الله عنه - وفي لفظ "نهى عن بيع الحب حتى يشتد" رواه أبو داود (3371) والترمذي (1228) وابن ماجة (2217) من حديث أنس - رضي الله عنه -. ولكن عليك العقد على قدر معين من الحبوب مقدر بنوعه وكيله أو وزنه يسلمونه لك مقابل المال الذي تدفعه. والله أعلم.(8/323)
صورة جديدة من بيع الدَّين
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 25/04/1425هـ
السؤال
السلام عليكم، وبعد:
توجد عندنا في مانشستر في هذه الأيام شركات عملها شراء دينك من الشركة الدائنة على ألا يكون الدين أقل من عشرة آلاف دولاراً، وتبرأ ذمتك من الشركة الأولى، بل وينخفظ دينك بنسب قد تصل للنصف وأكثر, ولك فترة سماح من دفع الفوائد! إذا دفعت الأقساط في وقتها, إلا أنهم يضيفون للمبلغ بعد تخفيضه مبالغ بسيطة تصبح من أصل الدين يسمونها أجرة المفاوضات مع الشركة الأولى لتخفيض دينك، وإبراء ذمتك.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فإن بيع الدين بالصورة المذكورة محرم؛ لأنه بيع نقد بنقد من جنسه، ومن شروط صحة بيع النقد بجنسه، التساوي، والتقابض في الحال، وكلا هذين الشرطين لم يتحققا في هذه المبايعة؛ لأن الشركة التي تشتري الدين تشتريه عادة نقداً بثمن أقل من قيمته المؤجلة، فهنا اختل شرط التساوي، كما أنها تدفع الثمن حالاً للشركة الدائنة الأولى، ثم تحصل على ثمنه مقسطاً (مؤجلاً) من الشخص المدين، وهنا اختل شرط التقابض في الحال، وقد قال- عليه الصلاة والسلام-: "الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء، والفضة بالفضة ربا إلا هاء وهاء"، يعني يداً بيد، انظر ما رواه البخاري (2134) ، ومسلم (1586) من حديث عمر-رضي الله عنه-، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تُشِفُّوا - أي تزيدوا- بعضها على بعض، ولا تبيعوا الفضة بالفضة إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز" رواه البخاري (2177) ، ومسلم(8/324)
(1584) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- ومن المعلوم أن الأوراق النقدية المعاصرة لها حكم الذهب والفضة كما ذهب إلى ذلك عامة العلماء المعاصرين، لاشتراكها معها في العلة وهي الثمنية.
ولو قامت الشركة الدائنة ببيع الدين على شركة أخرى بدون طلب المدين فلا حرج عليه في هذه الحال -إن شاء الله- لأنه لم يشترك في هذه المعاملة المحرمة، وأي خصم يحصل عليه من جراء ذلك فلا حرج عليه فيه، وأما الزيادة فإنها محرمة حتى ولو قالوا إنها أجرة المفاوضات، إذ لا ينبغي أن يكون منه أي إعانة على إتمام هذه المعاملة, والله أعلم.(8/325)
هل هذا من بيع ما لا يملك؟
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 18/04/1425هـ
السؤال
ما الحكم عندما يشتري رجل مني بضاعة بثمن معين، وقد لا يكون بعض البضاعة موجوداً عندي، وأنا أقوم بأخذ الثمن منه كاملاً، ثم أطلب منه العودة إلينا بعد ذلك لأخذ بضاعته، فهل يدخل في هذا بيع ما لا نملك؟ نرجو الرد علينا كتابياً حتى نقوم بنشره. والله أسأل لكم التوفيق والسداد.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلىآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد روى الترمذي (1232) والنسائي (4611) وأبو داود (3503) وابن ماجة (2187) من حديث حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال: قلت يا رسول الله: يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي فأبيعه منه ثم أبتاعه له من السوق؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تبع ما ليس عندك."
وللعلماء أقوال في معنى الحديث، أظهرها، وهو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أن قوله عليه السلام: "ما ليس عندك" أي ما لا تتيقن القدرة على تسليمه أو لا يغلب ذلك على ظنك. فإذا باع الرجل سلعة موصوفة على أساس أنه سيشتريها من السوق، فقد لا تكون متوفرة، أو قد تكون بسعر أعلى من السعر الذي باع به، فيتضرر إما البائع أو المشتري. [ (زاد المعاد 5/807-812) ] .
وبناء على ذلك فإذا كانت السلعة ليست عند التاجر، أي ليست في متناوله، وليست تحت تصرفه لا حقيقة ولا حكماً، فلا يجوز له بيعها. والبديل في هذه الحالة أن يطلب التاجر مهلة ليتأكد من توافر السلعة ومن ثمنها، فإن رغب العميل بعد ذلك في الشراء فله ذلك.
أما إذا كانت السلعة في متناول التاجر، ولو من متجر آخر، وكان متيقناً من الثمن، فالسلعة في هذه الحالة تعتبر عند التاجر حكماً، فلا يدخل بيعها في النهي النبوي، والله أعلم.(8/326)
بيع التمر قبل أن يحمر أو يصفر
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 13/01/1426هـ
السؤال
ما حكم بيع التمر قبل أن يحمر أو يصفر وهو في النخل لمن يستفيد منه؟ علمًا أنه راض بذلك ويرغب بذلك ليشرف هو بنفسه على سقيه وريه حتى ينضج.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
بيع الثمار قبل بدو صلاحها محرم وباطل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه. أخرجه البخاري (2184) ومسلم (1534) . ونهى عن بيع الثمار حتى تَزْهُوَ، قال: "يَحْمَارُّ أوْ يَصْفَارُّ". أخرجه البخاري (2197) ومسلم (1555) ، ولكن يستثنى من ذلك ما إذا باعها مع أصلها، فإنه لا بأس، فإذا باع النخيل وعليه ثمار، أو باع الأرض مع النخيل وعليها ثمار فإنه يجوز له والبيع صحيح.
والمسألة الثانية: إذا باعها لمن يقطعها وينتفع بها في الحال، كأن يقطعها ويجعلها علفًا للبهائم فيقطعها في حالها، فإن هذا جائز. والله أعلم.(8/327)
شركات التقسيط والتملك الصوري
المجيب إبراهيم بن مهنا المهنا
مدير قسم التوعية الإسلامية بجهاز الإرشاد والتوجيه بالحرس الوطني بجدة
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 03/01/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
اشتريت جهاز كمبيوتر من شركة أقساط، وهذه الشركة لا تمتلك هذه السلعة، بل تتفاوض معك على السعر والأقساط، ثم تتملكه بالأوراق فقط، أي لا تأتي به إلى مقرها، وعلمت الآن أن هذا الوضع لا يجوز. ماذا علي أن أفعل، هل أبيع هذا الجهاز؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا.
الجواب
إذا كانت الشركة لم تتملك الجهاز إلا بعد تمام العقد وقبض جزء من الثمن فإن هذا البيع لا يصح لأن الشركة باعت ما لم تملك، وهو من البيوع المنهي عنها، أما إن كانت الشركة قد تفاوضت معك تفاوضًا غير ملزم، ولا يترتب عليه أي أثر من آثار البيع، ثم تملكت الجهاز، وقامت بإبرام عقد البيع بعد تملكه فالبيع على هذه الصورة صحيح، وتترتب أثاره عليه فإن كان ما تم بينك وبين الشركة على الصورة الأولى ولا يمكنك إعادة الجهاز إلى الشركة لأنها لا تتقبل منك ذلك فما عليك إلا التوبة والاستغفار؛ لأن ما وقع لك وقع بسبب الجهل في الحكم، ونسأل الله أن يعفو عنا وعنك، وأوصيك بالحرص على طلب العلم والسؤال عما تجهل.(8/328)
بيع الذهب عيار (21) بـ عيار (18)
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 20/12/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي يا شيخنا- بارك الله فيك- أسأل عن عبارة في إحدى المتون العلمية الفقهية: (لا يجوز بيع الرطب من الشيء بيابسه ولا خالصه بمشوبه) . فهل يدخل في عدم بيع الذهب 21 مع الذهب 18؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(8/329)
المال الربوي إذا بيع بجنسه فإنه يشترط التساوي، ولا يتحقق التساوي إلا إذا بيع الرطب بالرطب، واليابس باليابس، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم- عن المزابنة، والمزابنة هي: بيع الرطب على رؤوس النخل بالتمر اليابس. أخرجه البخاري (2186) ومسلم (1546) . وفي حديث سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن بيع الرطب باليابس، فقال: "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذا يَبِسَ؟ ". قالوا: نعم. فنهى النبي صلى الله عليه وسلم- عن ذلك. أخرجه أبو داود (3359) والترمذي (1225) وابن ماجه (2264) والنسائي (4545) . وكذلك- أيضًا- الخالص بالمشوب لا يجوز، فلو كان عندنا برّ خالص، وبرّ مشوب بشعير، فإن هذا غير جائز، أما بالنسبة لبيع الذهب بالذهب فهذا من باب بيع الجنس بالجنس، عيار إحدى وعشرون مع عيار ثمانية عشر، أو أربعة وعشرين، هذا الجنس واحد، وإنما اختلف النوع، فيصح البيع، لكن لابد أن يكون مثلًا بمثل بالوزن يدًا بيد، فالقاعدة أنه إذا اتحد الجنس الربوي، يعني: بادلنا ربويًّا مثل الذهب بجنسه، والدولارات بجنسها، والريالات السعودية بجنسها، والشعير بجنسه، واللبن بجنسه ... إلخ، فإنه يشترط شرطان: الشرط الأول: التساوي. والشرط الثاني: الحلول والتقابض. أما بالنسبة لما هو الجنس الربوي الذي إذا بُدل بجنسه فيُشترط له الشرطان السابقان، فنقول: المال الربوي يشمل على أمرين:
الأول: ما كان ثمنًا للأشياء.
الثاني: كل مطعوم مكيل، وكل مطعوم موزون. والله أعلم.(8/330)
يدفع لهم مالاً حتى لا يدخلوا المزاد فيزايدوا عليه
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 04/02/1426هـ
السؤال
سؤالان يرتبطان ببعضهما:
الأول: ما حكم البيع عن طريق المزاد، وهو أن يعرض الشيء المباع ويتزايد الناس في السعر إلى أن يصلوا لسعر لا يمكن لأحد أن يزيد عليه، فيأخذ صاحب أعلى سعر الشيء المباع، وفى هذه الطريقة قد تتزايد أسعار الأشياء لمجرد التنافس والاحتكار، فما صحة هذا البيع شرعًا؟
الثاني: وبفرض صحة هذا البيع عن طريق المزاد، فبعض الناس يعطي للراغبين في دخول المزاد مبالغ مالية حتى لا يدخلوا فلا يتزايد عليه السعر ويسمى هذا (تعريق) فما الموقف الشرعي هنا من الآخذ والعاطي، وهل يجوز أخذ هذه المبالغ وعدم الدخول؟ أرجو الإفادة منكم، وشكرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أما السؤال الأول فجوابه: أنه لا حرج من هذا التزايد إلا أن يزيد في السلعة وهو لا يريد الشراء، فهذا هو النَّجَشُ المنهي عنه- صحيح البخاري (2142) وصحيح مسلم (1516) -ومثله إن كان يريد احتكار السلعة على الناس والتضييق عليهم فيها، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم، عن الاحتكار- صحيح مسلم (1605) .
وأما السؤال الثاني فجوابه: أن هذا العمل لا يجوز؛ لما فيه من الإضرار بصاحب السلعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ". أخرجه أحمد (2865) وابن ماجه (2341) . وما يأخذه من هذا العمل فهو سحت وكسب خبيث. والله أعلم.(8/331)
بيع جوالات الكاميرا والبلوتوث
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 26/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اشتريت جوال (الباندا) منذ فترة بسعر مرتفع، والآن لم أعد أحتاجه، وأعلم أني إذا بعته لأحد المحلات التي ترحب بشرائه فسوف يستعمله أحدهم استعمالا سيئاً، كتبادل الأفلام الإباحية وما شابه ذلك، فاحترت ماذا أفعل به هل أكسره وأرميه، أم أبيعه وأستفيد من نقوده؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يجوز لك بيع هذا الجوال ولو كان بعض من يقتنيه يستخدم شيئًا من خدماته وتقنياته في الحرام؛ لأن هذه التقنية والخدمة مباحة في أصلها، ولا يصح أن توصف بالحرمة ما لم تكن هي حراماً في ذاتها، ثم إنها خدمة وتقنية ملحقة بالجوال ليست مستقلة حتى يقال إنك قد أعنت من اشترى هذا الجوال على الحرام. فالحقيقة أنها مضافة مضمنة في جهاز الجوال ويجوز تبعًا ما لا يجوز استقلالاً، والذي لا يشك أحد في جواز بيعه مع علمنا أن بعض من يشتريه يشتريه للمعاكسات الهاتفية، فهل قال أحد بتحريم بيع الجوال لأجل هذا؟!
أما إتلاف الجوال خشية أن يكون في بيعه إعانة على الإثم فهو إتلاف للمال وتضييع له، والشرع قد نهى عن إتلاف المال. ولم يأمر بإتلاف شيء منه إلا ما كان حرامًا في نفسه كالخمر.
ثم إن الجيل القادم من الجوالات سيكون غالبها مزودًا بهذه التقنيات، فهل سيكون بيعها جائزًا لمرة واحدة؟! أي تشترى جديدة ثم لا تباع مستعملة!
فبعْ هذا الجوال، واستفد من ثمنه، أو أهده إن شئت.(8/332)
زيادة في ثمن السلعة مقابل الضمان
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 29/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
ما الحكم في شراء بضائع توضع عليها زيادة في قيمتها مقابل الضمان وإصلاح واستبدال المنتج خلال فترة محددة إذا حصل فيها شيء مثل العطل أو السرقة أو الخلل الفني وما شابه ذلك؟ ألا يكون في ذلك دفع مبلغ محدد مقابل مقدار مجهول من الخدمات؟.
الجواب
الحمد لله:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا حرج إن شاء الله في دفع الزيادة مقابل الضمان على الخلل الفني حين الشراء، لأن هذا الضمان يتعلق بجودة المنتج وسلامته، فيكون تابعاً للشراء. أما ضمان السرقة فهذا لا علاقة له بجودة المنتج لأنه ناتج عن تصرف طرف ثالث لا صلة له بالبائع، فهو يدخل في باب التأمين التجاري، وهو ممنوع شرعاً.
والله أعلم.(8/333)
بيع حق الاختصاص
المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/البيوع المنهي عنها
التاريخ 08/09/1426هـ
السؤال
أريد من فضيلتكم إعطاء لمحة كاملة عن بيع الاختصاص، حكمه وأمثلة عليه وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فحق الاختصاص هو شيء يختص مستحقه بالانتفاع به، ولا يملك أحد مزاحمته فيه، مع أن صاحبه لا يملك العين المنتفع بها.
مثال ذلك: أماكن البيع التي في السوق، إذا حدد مكان معين لإنسان، كأن يتقدم إلى بلدية المدينة طالباً البيع في هذا المكان، فتحدد هذا المكان له من دون أن تأخذ منه مقابلاً، فإن هذا الإنسان يختص بالانتفاع بهذا المكان دون غيره، ولا يملك أحد أن ينازعه في هذا المكان ويقيمه منه ليجلس مكانه، مع أن صاحب هذا الاختصاص لا يملك المكان الذي يجلس فيه.
وسمي بذلك، لأن صاحب الحق يختص بالانتفاع به دون غيره.
والفقهاء -رحمهم الله- مختلفون في حكم بيع هذا الحق وأمثاله، والذي أراه -والعلم عند الله- أن للعرف تأثيراً كبيراً في الحكم على جواز بيع الاختصاص، فإذا كان الناس يتبايعون هذا الحق، ولا يوجد مانع يمنع من الاعتياض عنه شرعاً، فإن الأقرب -والله أعلم- جوازه. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(8/334)
التقسيط مع البنوك لشراء المنزل
المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
عضو الإفتاء سابقاً
المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط
التاريخ 29/4/1422
السؤال
ألجأت الظروف بعض الإخوان للعيش في بلاد الكفار، ويقوم هؤلاء بدفع إيجارات المساكن التي يسكنونها، غير أنه يمكنهم تملك هذه المساكن والطريقة التي يتم بها ذلك كالتالي: يقوم أحد البنوك بتسديد رسوم الإيجار عن المستأجر بعد اتفاقه مع المالك، ويقوم المستأجر الأصلي بدفع الأقساط إلى البنك بعد التفاهم معه على القيمة الإجمالية للبيت، غير أن المشتري من البنك إذا تأخر في تسديد أقساطه فإن البنك يزيد في المبلغ. علماً بأن هذه الطريقة هي الطريقة الغالبة لأصحاب الدخل المحدود، والغالبية من المسلمين لا يمكنهم تملك منزل إلا بهذه الوسيلة. وهل هناك فرق بين استعمال هذه الطريقة في الحاجات الضرورية للناس مثل السكن وبين غيرها من الكماليات أم الحكم عام في الجميع؟
الجواب
يجوز هذا التعامل للحاجة الضرورية مع الحرص على عدم تأخر الأقساط حتى لا يزيد البنك في المبالغ مقابل التأخر، فإن الزيادة ربوية، فلا يجوز إقرارها، وإن كان بعض العلماء كالحنفية أجازوا الربا مع الكفار، ولعلهم خصوا ذلك بالضرورة فيُقتصر على قدر الضرورة على هذا القول، والله أعلم.(8/335)
أختر السيارة ثم أخبر الشركة
المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
عضو الإفتاء سابقاً
المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط
التاريخ 29/4/1422
السؤال
هناك سيارة أرغب في شرائها بالتقسيط عن طريق إحدى الشركات الوطنية التي تعمل في مجال البيع بالتقسيط علماً بأن هذه السيارة ليست موجودة لديهم وإنما أنا الذي أدلهم عليها، ويقومون بشرائها باسمهم، ثم يقسطونها علي وتبقى السيارة باسمهم إلى أن تنتهي الأقساط، ويكون الاتفاق مع الشركة على أن يعطوني وعداً مكتوباً بامتلاك السيارة ويفيد بتملك السيارة بعد سداد كامل الأقساط ونقلها باسمي مع العلم أن لي حرية الاختيار في الشراء أو ترك السيارة بعد نقل ملكية السيارة باسمهم، كما أن شروط بيعهم للسيارة دفعة مقدمة والباقي أقساط شهرية حتى تنتهي القيمة المتفق عليها، ولا يوجد دفعة أخيرة.
أفيدونا جزاكم الله خيراً عن صحة هذا الشراء، وهل يجوز رهن الاستمارة باسمهم حتى تنتهي الأقساط؟
الجواب
الجائز في هذه الحالة أن تختار السيارة التي تُناسبك وتُخبرهم بمكانها، ثم هم يتصلون بصاحبها لشرائها منه، ثم يُرسلون أحد عُمّالهم بثمنها، وذلك العامل يدفع الثمن ويستلم مفاتيحها وأوراقها، ثم يُغير موضعها إلى آخر ولو داخل المعرض، وبذلك تدخل في مُلكهم وينقطع خيارهم، فبعد ذلك لك الخيار من غير إلزام إن شِئت أخذتها بالتقسيط ودفع المقدم، وإن لم تشأ فلا إكراه عليك، ولهم في هذه الحالة أن يكتبوا عقد المبايعة وأن يُمسكوا استمارتها رهناً حتى يتم دفع آخر الأقساط، وبعد ذلك تستلم أوراقها، والله أعلم.(8/336)
بيع أم ربا؟
المجيب محمد بن عبد العزيز العامر
القاضي بمحكمة جدة
المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط
التاريخ 7/4/1422
السؤال
لدي محل بيع أجهزة كهربائية، ولدي شركاء مستثمرون لتمويل البيع بالتقسيط يودعون مبالغ في المحل، وأقوم بتشغيلها في التقسيط، حيث يكون لهم نسبة الأجل ولا أضمن لهم الربح بل من الممكن أن المشتري لا يسدد الأقساط والمبالغ الواردة من الأقساط نقوم بتدويرها مرة أخرى في بند التقسيط وهكذا، فهل هذه المعاملة جائزة؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
لا نرى حرجاً في البيع على الصفة المذكورة، ورفع ثمن المبيع مقابل التأجيل صحيح، كرفع المثمن مقابل تأجيله كما في بيع السلم، وهو بيع صحيح بالإجماع.(8/337)
عقد الإيجار مع البيع
المجيب د. سعد بن ناصر الشثري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط
التاريخ 7/3/1425هـ
السؤال
ما حكم عقد شركة تويوتا وهو: عقد الإيجار مع البيع إذا أراد العميل، وليس وعد بالبيع بل بيع، وهذا ما ينص عليه عقد شركة عبد اللطيف جميل (تويوتا) ، ولدي جميع شروط العقد إن أراد المشايخ كتابتها جميعها وإرسالها (وهي طويلة جداً) فبالإمكان.. أفتونا مأجورين وما حكم الموظف الذي يكتب البيع بين الطرفين؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد اطلعت على عقد الإيجار الصادر من الشركة المتحدة للبيع بالتقسيط المحدودة - قسم التأجير المنتهي بالتمليك-، وقد ظهر لي عدم صحة هذا العقد لكونه من باب العقدين في عقد واحد حسبما نصت عليه المادة السابعة من العقد، وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "نهى عن بيعتين في بيعة" رواه الترمذي (1231) ، والنسائي (4632) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وورد أنه - صلى الله عليه وسلم- "نهى عن صفقتين في صفقة" رواه أحمد (3774) من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، وقد حكى طائفة الإجماع على ذلك.
ويمكن تصحيح هذا العقد من خلال أحد الطرق الآتية:
أولاً: جعله عقد بيع بالتقسيط فيه شرط جزائي عند عدم سداد الأقساط تنقلب الأقساط السابقة إلى أجرة عن المدة السابقة ويلغون البيع بها.
ثانياً: جعله عقد بيع بالتقسيط على أن تكون السيارة مرهونة، فتقوم الشركة ببيعها عند عدم السداد وتستوفي بقية الثمن من قيمتها.
ثالثاًً: أن يمتلك المشتري جزءاً من السيارة عند كل قسط يدفعه.(8/338)
رابعاً: أن يكون عقد الإجارة ينقلب بسداد جميع الأقساط إلى كونه عقد بيع ذاتياً بلا حاجة لعقد جديد، فهذه الصورة أرى جوازها وإن كان الأغلبية يرون المنع منها، ولا أنصح باستعمال هذه الطريقة داخل المملكة لكون القضاة لا يحكمون بها. أسأل الله للجميع التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(8/339)
أبيع بالتقسيط وأشترط
المجيب د. حمد بن حماد الحماد
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط
التاريخ 6/4/1423
السؤال
لدي مبلغ من المال أتاجر به بالطريقة الآتية: أشتري مجموعة من قطع الأراضي، ثم أسدد المبلغ كاملاً، ثم أعرض تلك الأراضي للبيع بالأقساط، بحيث لا يتم الإفراغ للمشتري إلا بعد تسديد كامل المبلغ المقسط، وعند تأخره عن قسطين يحق لي بيع الأرض أو التصرف بها، وتحسب المدة التي قضاها في الأرض إيجاراً مضاعفاً للحيلولة دون محاولة التلاعب، علماً أنه يحصل معي ذلك عند شراء الأرض ولا يتوافر لدي المبلغ اللازم لتسديدها، وبالنسبة للعقد يوضح فيه جميع الشروط المطلوبة، ويوقع عليها المشتري، ويعلم علماً تاماً عما يترتب على التأخر في التسديد. فضيلة الشيخ: أرجو الإجابة بالتفصيل، وإذا كان هناك أي خلل شرعي، فماذا أفعل بما لدي الآن أو كيف أتصرف في عمليات البيع الجاري أقساطها؟
ملاحظة: إذا كان السؤال يحتاج إلى إيضاح بعض النقاط، فأرجو طلبها قبل إصدار الفتوى.
الجواب
الإجابة بالتفصيل كما طلب السائل، شراء قطع الأراضي ثم بيعها بالتقسيط جائز واشتراط عدم الإفراغ إلا بعد تسديد المبلغ كاملاً شرط صحيح، وأما بيع الأرض عند تأخر المشتري عند تسديد قسطين أو أكثر أو أقل فلا يجوز لك إلا في حالة اشتراط كون الأرض رهناً بالثمن الذي هو الأقساط، وأخذ توكيل من المشتري بالبيع نيابة عنه، وسأعود إلى موضوع الرهن.
وأما احتساب المدة التي قضاها في الأرض إيجاراً فلا يحل له؛ لأن الأرض بعد عقد البيع صارت ملكاً للمشتري وفي ضمانه وزيادتها وإيجارها له ونقصها عليه، حتى ولو كان الثمن مؤجلاً أو مقسطاً، وكون ذلك مكتوباً في العقد ويوقع عليه المشتري مع علمه بما يترتب على هذا لا يحل.
وما أخذته كإيجار يجب رده على صاحبه، وعمليات البيع الجاري تسقط هذا الشرط المتعلق بالإيجار.(8/340)
وأعود لاشتراط الرهن، فيمكنك اشتراط رهن الأرض نفسها بالثمن وتوكيلك بالبيع، وإن تأخر المشتري عن قسطين مثلاً ففي هذه الحالة يحق لك بيع الأرض على ملك المشتري بحيث إذا زادت قيمتها تحسب زيادتها له ولو نقصت يتحمل النقص وأنت تستوفي حقك فقط، وبهذا يمكنك اعتياض حقك ومنع التلاعب.(8/341)
زيادة قيمة القسط عند التأخر في السداد
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط
التاريخ 3/9/1424هـ
السؤال
اشترى والدي شقة في المدن الجديدة باسمي دفع مقدمها وإجمالي المبلغ المتبقي حوالي 25 ألف جنيه بأقساط على 28 سنه ولو دفعت مرة واحدة تساوي نفس القيمة ولو تأخر قسط فهناك غرامة. الشقة هي المكان الوحيد الذي باسمي وإلا فسوف أكون مستضاف عند أبي. لو كان فيه ربا ما الحل؟ علماً أنه ممنوع أن أبيع الشقة قبل سداد أقساطها.
الجواب
شراء الشقة بهذه الطريقة هو من البيع بالتقسيط، وهو بيع جائز شرعاً سواءً كان سعر البيع بالتقسيط بسعر النقد (الدفع حالاً) أو أكثر منه.
ولكن الاتفاق مع الشركة البائعة على أنه في حال التأخر بدفع التقسيط يكون عيه غرامة تأخير فهذا يسمى بالفوائد التأخيرية وهي لا تجوز لأنها من الربا المحرم، فالدين إذا استقر في ذمة المدين لا يجوز تأجيله مع اشتراط الزيادة عليه أو أخذ غرامة على تأخيره.
والذي أنصحك به أن لا تتأخر مع والدك في دفع هذه الأقساط بل تسدد كل قسط بوقته حتى لا تضطر إلى وضع هذه الزيادة المحرمة.(8/342)
الفوائد في البيع بالتقسيط
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط
التاريخ 12/1/1424هـ
السؤال
قرأت عن جواز البيع أو الشراء بالتقسيط. وأرغب في شراء سيارة بالتقسيط. ولكن ما حيرني هذا الشرط من مجمع الفقه حيث يقول: ثانياً: لا يجوز شرعاً في بيع الأجل، التنصيص في العقد على فوائد التقسيط، مفصولة عن الثمن الحال، بحيث ترتبط بالأجل، سواء اتفق العاقدان على نسبة الفائدة أم ربطها بالفائدة السائدة. السؤال هو: هل يجوز لي أن أشتري سيارة بالتقسيط إذا كان العقد بالمبلغ الإجمالي فقط بدون ذكر كيف حسبت الزيادة عن القيمة الآنية. هل في ذلك شبهة؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: أخي السائل بارك الله فيك لا مانع من ذلك إن كان العقد ينص على المبلغ الإجمالي فقط، والفقرة الثانية من قرار المجمع الفقهي رقم 51 (2/6) والتي تنص على أنه "لا يجوز شرعا ... إلخ" المراد بها ألا ينص في العقد بأن المبلغ هو كذا وأن الفائدة كذا مقابل الأجل، أما إذا قيل في المساومة وقبل البت في العقد بأن سعر السيارة مثلاً خمسين ألفاً، وسعر التقسيط لمدة سنة ستين ألفا ولمدة سنتين سبعين ألفا، ثم يبرم العقد على أحد هذه القيم دون غيرها فلا مانع من ذلك، والمحرم بأن يقال سعر السيارة خمسين ألفا وتحسب 10% فائدة على هذا السعر مقابل كل سنة ويبرم العقد على هذه الصيغة، لما فيها من التردد أو على حسب ما جاء في قرار المجمع بأن ينص في العقد بأن المبلغ كذا والأجل كذا، والله أعلم.(8/343)
تدوير سلع التقسيط
المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط
التاريخ 5/1/1424هـ
السؤال
في معارض السيارات يقوم مجموعة من الأشخاص بشراء عشر سيارات أو عشرين ويبيع الواحد منهم بالتقسيط على مشترٍ خارج المعرض ويقوم المشتري ببيعها داخل المعرض نقداً على مشترٍ آخر غير البائع وقد يبيعها خارج المعرض إن أراد، الحاصل أن السيارة قد تباع عشرين مرة وهي لم تخرج من المعرض.
وقد تعود لنفس الشخص أكثر من مرة ما حكم ذلك؟ بل بعض المعارض تضع أجهزة كهربائية للتقسيط تظل طول السنة في المعرض تباع وتشترى بالتقسيط إذا لم يجز هذا التعامل فكيف يكون جائزاً؟ هل بخروجها من المعرض؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
إذا ملك الشخص السلعة وقبضها فإنه يجوز له أن يبيعها بالنقد أو بالتقسيط، وإذا ملكها المشتري وقبضها فإنه يجوز له بيعها لطرف ثالث (غير من اشتراها منه) حالاً سواء باعها للمعرض أو في الخارج ما دامت في ملكه وضمانه.
ولا يجوز للمشتري التصرف في السلعة قبل قبضها، والقبض المعتبر هو ما يعد قبضاً عرفاً، بحيث يكون في ضمانه.
هذا هو حكم المسألة وهو الجواز، لكن إذا كانت الطريقة التي تحصل بها مثل هذه العقود ما هي إلا حيلة للحصول على السيولة النقدية دون أن يتحمل ضمانها، وإنما توضع السلعة محللة فقط، فإنها تحرم في هذه الحالة، ومن القواعد التي ذكرها الفقهاء والتي يمكن أن تكون معياراً في مثل هذه المعاملات (ما خرج عن اليد وعاد إليها يعد لغواً) ، والله أعلم.(8/344)
التورق والمرابحة
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط
التاريخ 14/10/1424هـ
السؤال
أيهما أفضل: التورق (يتم بيعه مع عدم نقصان قيمته) ، أم المرابحة: شراء سيارة بالتقسيط من الناحية الشرعية وأبعد عن الشبهة؟.
الجواب
ليس هناك أثر تفريقي بين التورق وبين المرابحة، فكل واحد من هاتين المعاملتين هو بيع، والله سبحانه وتعالى قال: "وأحل الله البيع وحرّم الربا" [البقرة:275] ، فالتورق هو أن يحتاج الإنسان إلى مبلغ من المال فيذهب إلى من عنده هذا المال، ويشتري منه سلعة بقدر حاجته ثم يبيع هذه السلعة، ويقضي حاجته من ثمنها، لكن بشرط ألا يبيع هذه السلعة على من اشتراها منه، بل يبيعها على طرف ثالث هذا هو نوع التورق، وفي نفس الأمر قد يكون طريقه طريق المرابحة، بمعنى أن يأتي إلى الرجل أو المؤسسة أو البنك الذي عنده هذه البضاعة ويقول: أنا أشتريها منك مرابحة بمبلغ كذا وكذا مؤجلة، ثم بعد أن يتم شراؤه هذه البضاعة يقوم ببيعها ويقضي بثمنها حاجته فلا فرق بين المعاملتين، وقد يكون التورق طريقة للمرابحة، وقد تكون المرابحة مستقلة، فالمرابحة مثلاً رجل يريد أن يشتري سيارة ليستخدمها فيأتي إلى البنك ويطلب منه أن يتملك هذه السيارة ثم يبيعها عليه مرابحة بثمنها بما قامت عليه وزيادة خمسة في المائة أو عشرة في المائة على ما يتفقان عليه، وهذا نوع من المعاملة الشرعية، والتورق كذلك نوع من المعاملة الشرعية ولا غبار على أي واحدة من هاتين المعاملتين.(8/345)
التورق من بنك ربوي
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط
التاريخ 6/11/1424هـ
السؤال
هل يجوز أخذ قرض من بنك ربوي بطريقة إسلامية (التورق، المرابحة) ؟ إذا كان لا يجوز، فهل يجوز عند الحاجة (الزواج؟) ، لأن البنوك الإسلامية تطلب أن تكون الخدمة في العمل لا تقل عن سنتين، وهي أيضا تأخذ فائدة أكثر.
الجواب(8/346)
أولاً: التعبير عن التورق بالقرض تعبير باطل وتعبير سيئ، فالقرض هو أن يأخذ من البنك مبلغاً من النقود مقابل مبلغ زائد لمدة مؤجلة هذا هو القرض، وأما التورق فهو بيع يتمثل في أن يأتي العميل ويشتري من البنك سلعة معينة، كأن يشتري سيارة أو يشتري أرضاً، أو يشتري منزلاً، أو يشتري أي نوع من المعادن المعروفة الموصوفة وصفاً تنتفي معه الجهالة، فحينما يشتري هذه البضاعة ممن يملكها ثم يبيعها بعد ذلك وينتفع بثمنها في زواج أو تشطيب بيت، أو أي حاجة من الحاجات التي لا يستطيع تأمينها عن طريق المرابحة أو المشاركة، وإنما تحتاج النقد نفسه ليصرفه في مصرفه الذي هو في حاجة إليه، ويكون حصوله على هذا النقد عن طريق التورق فنقول: لا بأس بذلك إن شاء الله تعالى ولا يعتبر ذلك من الربا، وإنما نؤكد ونقول: لا يجوز لك أيها السائل أن تعبر عن التورق أو المرابحة أو عن بيوع التقسيط بأنها قرض فهذا خطأ، القرض هو أن يأخذ النقد بنقد أكثر منه لمدة مؤجلة وهذا حرام وربا ولا يجوز، وأما أن يشتري سلعة معينة بثمن وإن كان مرتفعاً عن ثمنه الحالي وذلك بمقابلة الأجل، فنقول: لا بأس بذلك ولا يعتبر هذا قرضاً، وإنما هو بيع والله تعالى يقول: "وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة:275] . فإذا اشترى من البنك شراءً صحيحاً؛ سلعة مثلاً اشتراها بثمن معين سواء أكان ذلك الثمن معجلاً أو مؤجلاً، أو مقسطاً، فلا يؤثر عليه أنه اشتراه من بنك ربوي، بدليل أن المسلم يجوز له أن يشتري سلعة من يهودي، أو من نصراني، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- توفي ودرعه مرهونة عند يهودي، يعني أنه - صلى الله عليه وسلم- اشترى من اليهودي شعيراً وارهنه درعه، فالتعامل بطريقة شرعية عن طريق البيع سواء أكان البيع بيع تورق أو بيع تقسيط، أو بيع مرابحة، أو نحو ذلك لا يؤثر في صحته أن الطرف الثاني أو الطرف البائع هو بنك ربوي أو يهودي أو نصراني.(8/347)
نطالب بالتحقق من أمرين: الأمر الأول لا بد أن يكون المبيع معلوماً برؤية أو صفة، فالرؤية لا شك فيها، والصفة ينبغي أن تكون صفة واضحة، وأن تكون هذه الصفة صفة دقيقة تمنع دعوى الغرر والجهالة والغبن، الأمر الثاني: لا بد من التحقق أن المبيع مملوك للبائع وقت العقد، فإذا تم لنا التحقق من هذين الأمرين وكان المبيع مباحاً فلا يؤثر على صحة البيع أن يكون البائع بنكاً ربوياً، أو أن يكون البائع يهودياً أو نصرانياً.(8/348)
البنوك الربوية وخديعة التورق الإسلامي
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط
التاريخ 22/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تقدمت بطلب شراء سيارة من أحد البنوك وتقسيطها علي لغرض بيعها والاستفادة من قيمتها، وكان التمويل بحدود 100 ألف ريال، وعند تقديم الطلب طلب مني تقديم عرض بقيمة السيارة التي سوف أشتريها، وذهبت إلى المعرض، وقدم لي عرض بسيارتين من نوع (داتسون) ، وهذا المعرض يتعامل معه البنك الأمريكي ويوجد به موظف من البنك، وتم إعطاء الموظف التابع للبنك قيمة العرض ونوع السيارة على أن يشتريها البنك، وبعد أسبوع اتصل بي الموظف، وقال: تمت الموافقة وتم شراء السيارتين. وبعد حضوري سألت موظف البنك الموجود بالمعرض: هل البنك فعلاً يملك السيارة؟ فقال: نعم، وهذه بطاقتها الجمركية، وأن البنك قد دفع قيمتها للمعرض. وذهبت قبل إتمام عملية البيع وعاينت السيارة في موقعها في المستودع الخاص بالمعرض وليس للبنك، وبعد ذلك قمت بالتوقيع على شراء السيارة وتوقيع الأوراق، وأخذت بطاقتها الجمركية وأصبحت ملكي، فذهبت للمعرض نفسه وعرضتها عليه وأعطاني سعرًا طيبًا وبعتها عليه وأخذت من المعرض شيكًا بقيمتها. فما حكم ذلك؟ جزاكم الله خيرًا، وماذا أفعل في حالة أن البيع كان فيه شيء من الخلل؟ والله يوفقكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(8/349)
فالجواب: أنه يظهر من السؤال أن القبض لم يتم لا في بيع المعرض للسيارة على البنك، ولا في بيعك على صاحب المعرض، فالسيارة كما جاء في السؤال في موقعها في المستودع الخاص بالمعرض وليس للبنك. هذا، والبيع قبل القبض الشرعي لا يصح، في الأصح من أقوال أهل العلم؛ لما رواه أبو داود (3499) ، عن زيد بن ثابت، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم "نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ". وقد صححه ابن حبان (4984) . وهذا قول الشافعي، وأحمد في رواية، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وغيرهما من المحققين من أهل العلم، وبه صدرت فتوى اللجنة الدائمة في السعودية، وعلى رأسهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله، فقد جاء في الفتوى رقم (10848) [في المجلد رقم (13 ص 247) جمع الدويش] إجابة عن سؤال عن كيفية قبض السيارة في حال شرائها، وهل تحريكها يكفي في القبض؟ فأجابت اللجنة بما نصه: (وأما تحريك السيارة داخل المعرض فلا يعتبر حيازة، وعلى ذلك لا يكون البيع صحيحًا لكونه قبل قبض السيارة) انتهى.
قلت: وإذا كان تحريك السيارة وتشغيلها لا يعتبر قبضًا ولا حيازة فمن باب أولى ألا يعتبر استلام الاستمارة ومفاتيح السيارة قبضًا ولا حيازة.(8/350)
هذا، وأما قول السائل: ماذا أفعل في حالة أن البيع فيه شيء ... إلخ. نقول: إن تيسر استرجاعك البيع والشراء فهو المطلوب، لكنني أرى صعوبة ذلك؛ إذ في الغالب أنك تصرفت في القيمة، وقد لا يوافق كل من البنك وصاحب المعرض على ذلك، وقد فعلت هذا عن غير علم، فالله يعفو ويسامح بمشيئته تعالى، لاسيما وأن بعض أهل العلم أجاز التصرف في المبيع قبل القبض إلا إذا كان قليلًا ونحوه، فلا يجوز، وهو قول للحنابلة، وبناءً عليه، فيكون التصرف الوارد في السؤال صحيحًا، لكن القول الأول هو الذي تسانده الأدلة في نظري، فعلى المؤمن أن يتجنب التصرف في بيع ما اشتراه حتى يحوزه إلى رحله، كما جاء بذلك الحديث المتقدم ذكره. والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.(8/351)
شركة تبيع الذهب (المؤجل) بنقد (حاضر) فما الحكم؟
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه
التاريخ 3/8/1422
السؤال
: نود من فضيلتكم توضيح الحكم الشرعي فيما يلي:-
توجد شركة تسويقية تعرض منتجات ذهبية ذات نقاوة عالية ومضمونة (99.99%) وتقدم بعض الطرق التسهيلية لبيع منتجاتها وهي على النحو التالي:
أولاً: طريقة الدفع: هناك خيارين لطريقة الدفع.
(أ) دفع كامل المبلغ واستلام المنتج بعد أسبوعين عبر البريد.
(ب) دفع 52% مقدم وبعد فترة غير محددة يتم دفع 48% بدون فوائد واستلام المنتج بعد أسبوعين عبر البريد.
ثانياً: أخذ عمولة:
(أ) تدفع مبلغ وقدره (400 دولار) الشركة لكل زبون بعد شراء أحد المنتجات وجلب عشرة زبائن جدد عن طريق المشتري الأول بعد شراء كل زبون أحد منتجاتها.
(ب) تدفع مبلغ وقدره (400 دولار) للزبون الأول وأحد الزبائن الذين جلبهم إذا جلب الأخير عشرة زبائن جدد وهكذا.
ثالثاً: هل يجوز أن نشتري ونزاول بيع القطع الذهبية التي بها صور؟
الجواب
يا أخي الكريم حفظك الله ورعاك، الذهب والنقد الورقي من الأموال الربوية المتفقة في العلة المختلفة في الجنس، وما كان هذا شأنه يشترط لصحة المعاملة فيه: قبض العوضين في الحال، بمعنى أن تسلَّم النقود كاملة للشركة، وتُسلِّم الشركة الذهب كاملاً للمشتري، ويكون ذلك حال العقد دون تأخير.
وعليه فإن صورتي البيع أ، ب اللتين ذكرتهما في السؤال ممنوعتان لمخالفتهما شرط التقابض في الحال "المناجزة".(8/352)
أما بالنسبة للعمولة التي تدفعها الشركة لمن يحضر لها زبائن مكافأة له على ذلك، فلا يظهر لي ما يمنعها فإنها من قبيل الجعالة، غير أنه يشترط أن يكون العمل الذي يساعد عليه الإنسان مشروعاً، وطرق البيع المذكورة غير مشروعة لما فيها من مخالفة تقدم بيانها، وعليه فلا تجوز الإعانة ولا المساعدة على البيع الممنوع.
والله تعالى أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.(8/353)
شراء الذهب بالتقسيط
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه
التاريخ 5/7/1422
السؤال
ما حكم شراء الذهب بالتقسيط أو عن طريق بطاقات الائتمان الفيزا والماستر؟
الجواب
يظهر أن السائل يقصد بالذهب حلي النساء، وقد ذهب جماهير أهل العلم قديماً وحديثاً إلى المنع من ذلك، واشترطوا فيه ما اشترط في نقود الذهب والفضة من الحلول والتقابض في مجلس العقد، فلا يشتري بالأجل أو الآجال " التقسيط "
وذهب بعض الفقهاء إلى جواز ذلك، واعتبروا حلي الذهب والفضة قد خرجت من نطاق النقود، وأصل النقود إلى نطاق السلع؛ وبالتالي فيجوز شراؤها وبيعها بالأجل أوالآجال، وبطاقات الائتمان، والرأي الأول أحوط.
وعلى القول بمنعها فإنه لا يجوز شراؤها ببطاقات الائتمان كالفيزا، وماستركارد وأمريكان إكسبريس ونحوها؛ لأن الدفع بهذه البطاقات ليس فورياً، بل يحتاج إلى أيام حتى يقبضها البائع، وهذا خلاف اشتراط الحلول والتقابض في مجلس العقد.
ولكن لو تطورت التقنية المصرفية مستقبلاً، فصار يقبضها البائع فوراً، وتضاف إلى حسابه في الحال جاز ذلك.
وأما شراء الذهب والفضة والعملات، أي: ما يشترط فيه الحلول والتقابض في مجلس العقد ببطاقات الصراف، فهو جائز إذا كان البائع يقوم بإجراء ما يسمى بعملية الموازنة، والتسوية فوراً، وذلك لأن بطاقة الصراف التي يتم الشراء بها عن طريق نقاط البيع في داخل الدولة يتم خصم المبلغ من حساب المشتري صاحب البطاقة فوراً، ولكنه لا يلحق بحساب البائع إلا بعد أن يجري ما يسمى بعملية الموازنة والتسوية، فإذا أجراها فوراً فقد حصل القبض تماماً إذ إدخالها في حسابه من أجلا صور القبض، فيتحقق الشرط الشرعي في التقابض.(8/354)
والبائعون يلجؤون عادة إلى إجراء هذه العملية في نهاية اليوم حتى لا يخسروا ورقاً في كل إجراء، ولا يتكلفوا تعباً من إجراء العملية، بل يجمعون كل العمليات البيعية التي تمت في ذلك اليوم في عملية تسوية وموازنة واحدة لتضاف إلى حسابهم ورصيدهم في البنك، وبهذا نعلم أنه إذا لم يجر البائع الموازنة والتسوية فإن شراء الذهب والفضة والعملات لايجوز؛ لأنه لم يتحقّق القبض المطلوب شرعاً. والله أعلم.(8/355)
بيع الذهب وتأجيل جزء من ثمنه
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه
التاريخ 17/2/1424هـ
السؤال
ما حكم بيع الذهب للجمهور مع بقاء جزء من الثمن يسدد بعد فترة؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
بيع الذهب سواء كان للذكر أو للأنثى لا بد أن يكون يداً بيد؛ لحديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-، وفيه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"فإذا اختلفت هذه الأشياء فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" مسلم (1587) ،فإذا بعت الذهب بدراهم أو بالريالات أو بالدولارات أو بالدينارات ... إلخ، لا بد أن يكون يداً بيد ولا يجوز تأخير القبض.(8/356)
شراء الذهب بالورق نسيئة
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه
التاريخ 21/08/1425هـ
السؤال
إحدى قريباتي اشترت أسورة من الذهب (على أن يتم تبديلها إذا لم تعجبها) ، المهم تم ردها، وأعطاهم صاحب المحل ورقة فيها المبلغ المعين إذا أرادت أن تأتي فيما بعد للشراء، سألت عن ذلك فكان الجواب أنه لا يجوز إذا أرادت أن تشتري؛ وذلك لأن الذهب لا يباع بالورق بدين للحديث الذي في البخاري سؤالي: إذا أردنا التبديل مثلا ماذا علينا أن نصنع؟ وكيف يتم ذلك؟ فأنا درست الدليل لكن لا أدري ما نصنع. أرجو أن يكون سؤالي واضحاً، وجزاكم الله خيراًَ.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا اشترت المرأة من الصائغ حلياً فالواجب والحالة هذه التقابض في المجلس، ولكن لا يجوز أن يتفرقا وبينهما شيء؛ لحديث البراء - رضي الله عنه-: (نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن بيع الورق بالذهب ديناً) رواه الشيخان، فإن شرطت المرأة الخيار بعد التقابض فلا مانع من ذلك فيما يظهر، إذ لا محذور من أن تعيد المرأة الحليّ وتسترجع المال أو تستبدله بآخر. والله أعلم.(8/357)
شراء الذهب بالذهب
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه
التاريخ 11/2/1423
السؤال
منذ عامين تقريباً ذهبت لصائغ ذهب لكي أبيع إسوارة ذهب، فقال لي أن سعرها ألف وخمسمئة درهم، ثم قلت له: أريد سلسلة، وقال لي: إن سعرها ألف وسبعمئة درهم، فقلت له: أريد هذه السلسلة بدلاً من هذه الإسورة، فهل هذا جائز أم لا؟ إذا كان هناك شيء من الحرام أخبروني ماذا أفعل؟ وكيف أتعامل في بيع وشراء الذهب؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب أن شِرائكِ سلسلة ذهب بسوارة ذهب يجوز إذا كان وزنهما سوار، أي: وزن السلسلة يساوي وزن السوارة، أما إذا كانتا غير سواء فلا يجوز؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -:" الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي فيه سواء" رواه البخاري (2176) ومسلم (1584) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- وبناءً على هذا فيشترط في بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة التساوي والقبض، أما لو اختلف الصنف كبيع ذهب بفضة فيجوز ولو مع عدم التساوي، لكن بشرط القبض، وبناء على هذا فإنه يجوز لك أن تبيعي على الصائغ سوار ذهب بدراهم فضة أو ورق ثم تشترين منه السلسلة من غير تواطئ أو حيلة، وفي هذه الحالة لا يشترط التساوي وإنما القبض فقط، هذا في المستقبل الذي لك فعله في بيعك وشرائك للذهب، أما ما فعلتيه سابقاً فلعل سوارة الذهب مساوية للسلسلة؛ لأنك لا تعلمين عدم مساواتها، والله يعفو ويسامح، والله أعلم.(8/358)
استبدال الذهب المستعمل بالجديد
المجيب د. حمد بن حماد الحماد
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه
التاريخ 6/3/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله.
ما حكم استبدال الذهب المستعمل بالذهب الجديد في بيعة واحدة؟
الجواب
لا يجوز ذلك، لأنه وسيلة إلى الربا، فالواجب بيع الذهب المستعمل بعقد مستقل، وشراء الذهب الجديد بعقد مستقل، ولا يجوز ربط أحد العقدين بالآخر.(8/359)
شراء الذهب بالتقسيط
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه
التاريخ 3/4/1424هـ
السؤال
هل شراء الذهب بالتقسيط عند الضرورة حرام؟ مع العلم أنني مقبل على زواج، ومن العادات أن نقدم شيئاً من الذهب للعروس، ولا يمكنني أن أدفع يداً بيد لأنني موظف مرتبي الشهري لا يكفي ثمن الذهب = 3 مرات مرتبي.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد أخي السائل بارك الله فيك وأعانك على زواجك، فإنه لا يجوز شراء الذهب بالتقسيط، لأن الذهب والأوراق النقدية وإن كانا جنسين مختلفين إلا أنهما اتحدا في العلة الربوية، وهي الثمنية، فيجب عند شراء الذهب بالأوراق النقدية التقابض في المجلس، لاتحاد العلة في كل من هذين المالين.(8/360)
ولكن يمكنك أن تحصل على الذهب الذي تريده بطريقة أخرى مشروعة، وهي أن تقوم بشراء سلعة بالتقسيط على أن تكون هذه السلعة لا تتحد مع الأوراق النقدية في علة الربا، كشراء سيارة أو طعام أو غير ذلك، ثم تقوم ببيع هذه السلعة بنقد، ثم تشتري بهذا النقد الذهب الذي تريده، وهذه المسألة يطلق عليها الفقهاء مسألة (التورق) ، وهي أن يقوم المشتري بشراء سلعة ثم يقوم ببيعها لقصد الدراهم، ولم يقصد ذات السلعة، وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين: والراجح أن هذه المعاملة جائزة، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة؛ لأن هذا يعد ضرباً من ضروب التجارة، للتوصل للربح المادي، فالتاجر عندما يشتري سلعة لا يريدها لنفسه إنما يريدها للتكسب، وقد أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قريب من هذا، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم، استعمل رجلاً على خيبر فجاءه بتمر جنيب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أكل تمر خيبر هكذا"، قال: لا والله يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "لا تفعل بع الجَمْعَ بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيباً " أخرجه البخاري (2201-2202) ، ومسلم (1593) ، من حديث أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما- فلاحظ كيف أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - من ليست لديه دراهم يشتري بها جنيباً بأن يقوم ببيع التمر الذي عنده بالدراهم، وهو هنا لا يريد الدراهم لذاتها، وإنما يريدها ليشتري بها تمراً، والله -تعالى- أعلم.(8/361)
بيع وشراء الذهب عن طريق البنك
المجيب د. حمد بن حماد الحماد
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه
التاريخ 30/3/1424هـ
السؤال
السؤال عن بيع وشراء الذهب عن طريق البنك، وسيكون ذلك بالصورة التالية: وهي مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالبورصة العالمية، يعني أنه قابل للزيادة والنقص، حيث تذهب إلى البنك وتفتح حساباً عندهم، وهذا البنك له علاقات مع البنوك العالمية، فإذا نقص سعر الكيلو في هذه البورصة اتصلت على المسؤول في البنك، وقلت له اشتر لي 10كيلو من الذهب فيشتري لي من حسابي النقدي، ويضعها في حسابي وبذلك أصبحت مالكاً للذهب وعند زيادة السعر -أعني سعر الكيلو- في البورصة، أتصل على مسؤول البنك وأطلب منه أن يبيع الكمية التي اشتريتها في السابق، وأكون بذلك قد كسبت فرق السعر، فهل هذه الصورة جائزة من التجارة؟ أرجو الرد، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بيع الذهب وشراؤه من شرطه حصول التقابض في الحال في الثمن والمثمن، فإن كان هناك ذهب فعلاً يتم قبضه لك ولو بواسطة وكيلك، ويتم سداد ثمنه في الحال فمثل هذا قد تحقق فيه الشرط المذكور؛ فيجوز.(8/362)
تداول الذهب بين المحلات التجارية
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه
التاريخ 05/08/1425هـ
السؤال
أنا أعمل في محل بيع ذهب، وأحياناً يأتي جارنا ويطلب قطعة ذهب مصاغ، ويقول أريدها لزبون عندي، وإذا لم يشترها سوف أرجعها لك، مع العلم أن السعر معروف، وفي بعض الأوقات يتصل بنا العميل من منطقة بعيدة، ويحجز (كيلو) ذهب صاف عيار 24، ونتفق على السعر، ويقوم بتحويل القيمة على البنك، ونحن بعد التأكد من أن المبلغ في حسابنا نقوم بتسليم الذهب إلى وكيله أو نحتفظ به إلى أن يأتي، ولكن نحن نشتغل فيه وهو موجود في أي لحظة يريده، مع العلم أن كيلو الذهب الصافي معروف عالمياً من ناحية العيار أو الجودة أو الوزن. السؤال: ما هي الطريقة الصحيحة؟ وجزاكم
الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فهذا السؤال يحتوي على مسألتين:
الأولى: ما يأخذه جارك من متجرك، فإنه لا يخلو إما أن يكون معه سابق اتفاق على أن يبيع لك تلك القطعة من الذهب بأجرة محددة، بحيث يكون هو وكيلاً في بيعه عنك، فتجوز المعاملة ويصح البيع، وإما لا، فيأخذ ذلك الذهب فيبيعه، ثم يعطيك قيمته، ويأخذ هو ما بدا له من الربح، فهذه المعاملة محرمة، ولا يصح فيها البيع؛ لأن بيع الربوي بما يتفق معه في العلة - وهي الثمنية هنا- لا بد فيه من التقابض في مجلس العقد، وهذا الشرط قد تخلف في هذه الصورة.
والمسألة الثانية: اختل فيها شرط التقابض أيضاًً، فلا يجوز تسليم الثمن إلا مع تسليم المثمن، لاشتراكهما في العلة الموجبة للتقابض قبل التفرق. والله -تعالى- أعلم.(8/363)
تسويق الذهب مقابل عمولة أو أجر
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه
التاريخ 27/7/1424هـ
السؤال
أنا تاجر ذهب أقوم بتسويق الذهب لصالح تاجر الجملة، وأربح على كل جرام مبلغاً من المال، والذي لم يتم تسويقه أقوم بإرجاعه إلى تاجر الجملة، والذهب الذي آخذه من تاجر الجملة هو ملك له، أي أنا أقوم بدور الوسيط بين تاجر الجملة والجمهور في دكاني، أي أني لم أشتر منه الذهب، وعملية التسويق تخرجني من المعاملة بالدين مع تاجر الجملة؛ وذلك لنقص السيولة عندي فهل هذه معاملة بالدين؟ علماً أني مضطر لذلك لنقص السيولة أرجو توضيح عملية التسويق. وأرجو الرد السريع.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: اعلم وفقك الله، وأرشدك، وفتح عليك، أنك إذا كنت تقوم بالتسويق لصالح تاجر الجملة، وما تأخذه منه من ذهب لتسويقه ليس ملكاً لك، بل للتاجر، فأنت والحال ما ذكر تعتبر سمساراً "وكيلاً" وعليه:
أ. فلا بأس بأن تأخذ أجراً لقاء عملك هذا، سواء كان متطوعاً أو منسوباً إلى الجرام مما تبيعه.
ب. هذه المعاملة تعتبر وكالة بالبيع، وليست ديناً، ويلزمك حينئذ مراعاة أحكام البيع، ومن أهمها في بيع الذهب:
أن تسلم الذهب للمشتري، وتستلم منه الثمن "النقد" في الحال دون تأخير في أي من العوضين.
والله يوفقك، وهو تعالى أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.(8/364)
من أحكام بيع الذهب
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه
التاريخ 01/11/1426هـ
السؤال
ما حكم من يعمل في شركة تعمل في مجال بيع وتصنيع الذهب والفضة، وهي تتعامل كما يلي:
1- تبيع المصنوعات الذهبية والفضية للسائحين الأجانب غير المسلمين.
2- المصنوعات على التراث الفرعوني.
3- تبيع بالآجل إلى العملاء.
4- تشتري بالآجل من الموردين، وليس هناك حل للبيع والشراء بالآجل، حيث إن حجم التعامل كبير جداً، ولا يمكن الدفع نقداً، سواء في البيع أو الشراء فهل يعتبر من يعمل في هذه الشركة -من محاسبين وصناع وعاملين- آثماً وماله حرام؟ أو أن الإثم يقع فقط على صاحب الشركة؟ وإن كان العاملون آثمين، فهل لهم من مخرج غير ترك العمل في ظل هذه الظروف الاقتصادية؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
أخي السائل، لكي أجيبك على سؤالك أعتقد أنه يجب بيان حكم ما أشرت إليه من معاملات، وإليك البيان:
أولاً: المعاملة الأولى، وهي قيام الشركة بالبيع إلى سائحين أجانب غير مسلمين.
فأقول: لا يظهر لي مانع من ذلك؛ لأن الأصل في التعامل التجاري مع الكفار أيًّا كان معتقدهم الجواز، وكما يجوز بيع المصنوعات الذهبية والفضية للرجال والنساء للمسلمين، فيجوز ذلك أيضاً لغيرهم.
ثانياً: صياغة الذهب على التراث الفرعوني.
فأقول: الأصل في التعاطي مع أي تراث جاهلي أو غير مسلم الجواز، ما لم يصحبه ما يخالف شرعنا، كتصوير ذوات الأرواح مثلاً، أو أن يشتمل على رمز ديني عندهم كالصلبان مثلاً، فيحرم حينئذٍ، أما إذا خلا من ذلك فلا يظهر لي مانع من ذلك شرعاً؛ لأن هذا من جنس العادات وليس فيه تشبهٌ ولا يدخل في معناه، فلم يحرم علينا الأكل من طعام اشتهروا بصناعته ما لم يكن فيه ذبح، فلا يحل منه إلا ذبح الكتابي، وكذا الألبسة والتحدث ببعض كلمات لغتهم مالم يكن في ذلك تشبه.(8/365)
واتخاذ بعض المصوغات الذهبية أو الفضية التي تحتوي على بعض الأشكال الهندسية، والنقوش التي اشتهر بها بعض الأمم الكافرة بالشرطين السابقين لا أرى فيه حرجاً، فلا حرج مثلاً من عمل هرمٍ على شكل الإهرامات في مصر، أو إناءٍ عليه بعض النقوش الصينيه؛ لأن الصحيح أيضاً من كلام أهل العلم جواز اتخاذ آنية الذهب والفضة، والمحرم فقط استعمالها، سواء كان الاستعمال بمباشرة الأكل والشرب فيها أو سائر أنواع الاستعمالات، أما مجرد الاتخاذ فلا أرى في ذلك حرجاً. والله أعلم.
ثالثاً: بيع الذهب بالآجل.
فأقول: في هذا تفصيل: فإذا كان الذهب خالصاً غير مصوغ كالسبائك فلا يجوز بيعه بالآجل بنقد، ويجوز بغير الذهب والفضة والأوراق النقدية.
أما إذا كان الذهب حليًّا فالصحيح جواز بيعه نسيئة (بالآجل) ، ولو كان العوض ذهباً أو فضة أو أوراقاً نقدية، وللشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة بحث في هذه المسألة، وقد بسط فيه القول وناقش القولين، ورجح في نهاية بحثه الجواز، وقد كان البحث عبارة عن جواب لسؤال سئل فيه عن جواز بيع الذهب بالتقسيط، ومن أراد التوسع في هذه المسألة فليراجع بحث الشيخ وهو منشور عبر هذا الرابط. (بيع الحلي بالتقسيط)
رابعاً: الشراء بالآجل من الموردين.
أقول: الجواب عن هذه الفقرة قد أشير إليه في الفقرة السابقة.
فبناءً على ما تقدم فإني أرى جواز العمل في هذه الشركة؛ لأن أصل نشاطها مباح، إلا أنه يجب التنبيه على أنه لا يجوز لأي عامل فيها عمل أي عمل خارج عن دائرة المباح، فلا يجوز للمحاسب فيها أن يوثق أو يجري حسابات لعقود محرمة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه " أخرجه أحمد (3725) ومسلم (1597) من حديث ابن مسعود –رضي الله عنه- وبعضه في صحيح البخاري (5347) من حديث أبي جحيفة –رضي الله عنه-.(8/366)
ولا يجوز لصانع أن يصنع حليًّا تحتوي على صور لذوات الأرواح، أو يحمل شعاراً دينياً كافراً أو غير ذلك مما هو محرم في شرعنا، فإن أجبر على ذلك ولم يجد مخرجاً فعليه الاجتهاد في البحث عن عمل آخر، ومتى توفر له عمل يؤمن له قوته وقوت من يعول فعليه ترك عمله المحرم، هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(8/367)
ضوابط في بيع الذهب
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه
التاريخ 09/04/1426هـ
السؤال
ما هو الضابط في بيع الذهب في محلات المجوهرات، وما الذي يشترط تجنبه لكي يكون البيع حلالاً؟ ومن باعت ذهباً واشترت ذهباً في الوقت نفسه، ولم تستلم قيمة الذهب الذي باعته، لكنها دفعت الفرق، فما الحكم في المسألتين؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
1- إذا كان الذهب حلياً فيجوز بيعه وشراؤه نقداً وبالتقسيط، كما أفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام ابن قيم الجوزية، رحمه الله على الجميع. كما يجوز مبادلته بحلي أخرى مع دفع الفرق، ولو اختلف الوزن، لأن الحلي خرجت بالصنعة عن كونها أثماناً، فلا تخضع لأحكام الصرف.
2- إذا كان الذهب سبائك فيشترط عند بيعه أو شرائه بالنقود الحلول والتقابض، أي يجب أن يكون الذهب والثمن النقدي كلاهما حاضراً مقبوضاً عند التعاقد؛ لأن الذهب نوع من النقود.
3- يجوز بيع الذهب السبيكة بسلعة مؤجلة، كبيعه بأسهم أو طعام أو حلي، بناء على ما سبق. ويجوز العكس، أي بيع الأسهم أو الطعام أو الحلي بذهب سبيكة مؤجل.
4- من باع ذهباً بذهب ودفع الفرق فينظر: إن كان البدلان أو أحدهما من الحلي فلا حرج -إن شاء الله-. وإن كانا سبائك فتنطبق عليها قاعدة مد عجوة، وحاصلها هنا أنه يجب أن يكون وزن الذهب المفرد أكبر من وزن الذهب المضموم إلى النقد. فيجوز مبادلة جرام من الذهب مقابل نصف جرام + 1000ريال مثلاً، بشرط التقابض في الحال، لكن لا يجوز مبادلة نصف جرام مقابل جرام +1000ريال، باتفاق الفقهاء.
وإذا كانت المعاملة قد وقعت على الوجه المحذور فعفا الله عما سلف، ولا يجوز فعلها مستقبلاً. والله أعلم.(8/368)
أسهم الشركات المتعاملة بالربا
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 27/6/1422
السؤال
ما حكم الاستثمار بأسهم الشركات التي تتعامل بالربا أحياناً بالأخذ والعطاء؟ وما حكم الأسهم المملوكة بأيدي المستثمر الآن؟
الجواب
لا يجوز شراء أسهم الشركات التي يكون أصل نشاطها محرماًُ كأسهم شركات لحوم الخنزير، أو تصنيع الخمور ونحوها مطلقاً، ولا يجوز مطلقاً شراء أسهم الشركات القائمة على الربا كأسهم البنوك (الربوية) .
وأما الشركات التي يكون أصل نشاطها مباحاً كالشركات الزراعية، أو الصناعية، أو الخدمية التي تزرع ما يباح، أو تصنعه، أو تقدم الخدمات المباحة الجائزة فلا بأس بشرائها، والمتاجرة فيها. ولكن إن كانت هذه الشركات تتعامل بالربا أحياناً أخذاً أو إعطاءً، وذلك بأن تقوم بتوظيف السيولة النقدية المتوفرة لديها في بعض الأوقات في البنوك وتأخذ فائدة (ربا) عليها، أو تحتاج مثلاً إلى توسعة نشاطها ومصانعها فتقوم بالاقتراض من البنوك بفائدة (ربا) ؛ فهذا النوع من الشركات اختلف فيه العلماء والباحثون، فمن العلماء من منع شراء أسهمها؛ نظراً لوجود الربا فيها، وإن كان عارضاً غير أصيل في نشاطها. ومن العلماء من أجازها بشروط تتمثل فيما يلي:
الشرط الأول: ألا ينصّ نظام الشركة على أنها سوف تفعل ذلك، بأن تقرض بالربا أو تقترض به.
الشرط الثاني: ألا يتجاوز المبلغ المقترض لتمويل النشاط أو المبلغ المقترض ثلث رأسمال الشركة، وإنما حددوا نسبة الثلث قياساً على تحديد الشريعة لهذه السنة في بعض المعاملات المالية.(8/369)
الشرط الثالث: أن يتم التخلّص من الأرباح المتولدة والناشئة عن هذه العمليات الربوية. فهذا النوع من الشركات تتولّد أرباحه من عمليات جائزة، ومن هذه العمليات المحرمة. وأما كيف يعرف مالك الأسهم مقدار الربح المحرم من الربح المباح حتى يتخلص منه، ويصرفه في المجالات الخيرية فهذا صعب جداً، ويستلزم دراسة محاسبية دقيقة لكل شركة على حدة، وتختلف هذه النسبة من عام لآخر، ومن شركة لأخرى، ولكن غالب الأرباح الربوية لا تتعدى نسبة 20% في الأحوال العادية. فإذا أخرج المساهم هذه النسبة -وكانت الأحوال عادية في الشركة- فأرجو أن تكون قد برئت ذمته. والمقصود بالأحوال العادية ألا تكون الشركة استثمرت كل أموال المساهمين في بنوك ربوية كما حصل في بعض الشركات العقارية في بداية تأسيسها، حيث كانت كل أرباحها من الربا؛ لأنها لم تباشر نشاطها إلا بعد مضي فترة زمنية طويلة، وقد نص الفقهاء -رحمهم الله تعالى- على أنه إذا اختلط الربح المحرم بالربح المباح، وجهلت النسبة مطلقاً بحيث لم تعرف تحديداً أو تقريباً، فإن الشخص يقسم الأرباح إلى نصفين: فيتخلص من النصف أي 50%، ويأخذ 50% وبهذا تبرأ ذمته.
وأرباح المساهمين تكون من طريقين: الطريق الأول: الأرباح السنوية التي توزع في نهاية كل سنة. والطريق الثاني: الفرق بين سعر شرائه للأسهم وسعر بيعه لها. فكل هذين الطريقين يتعين على المساهم أن يتخلص من الربا الموجود منهما.
وينبغي أن يعلم أن أكثر من 90% من الشركات العاملة في السوق الصناعية والكهربائية والزراعية والخدمية هي من هذا النوع الذي يحصل فيه التعامل بالربا أخذاً وإعطاء على النحو المذكور، ولا توجد سوى شركات معدودة لا تتعامل بالربا.(8/370)
وأما حكم الأسهم الموجود عند المساهم في الوقت الحالي فهو على الخلاف الفقهي الذي ذكرناه، فمن أجاز التعامل بأسهمها قال بأنه يجوز له أن يبقيها بيده بالشروط المذكورة، ومن أهمها ضرورة التخلص من الأرباح الربوية فيها وصرفه في المجالات الخيرية. ومن منع منها مطلقاً أوجب على المساهم فسخ البيع ورجوعه على البائع الأول، وأخذ رأسماله أو طلب استقالة البيع من إدارة الشركة. ولكن هذا الجواب نظري غير عملي، ولا توجد آلية لتطبيقه وهو متعذر من الناحية العملية. وعلى هذا فإننا نقول: إنه يبيعها في السوق ويتخلص من الربح الربوي المتحصل منها ويكون المساهم قد اتقى الله ما استطاع كما قال تعالى: ((فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا)) . والله أعلم.(8/371)
المتاجرة في الأسهم المستعارة
المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 7/4/1422
السؤال
استثمرت في أسواق الأسهم الأمريكية، ونحن نتناقش كثيراً حول المنظور الشرعي في بعض عمليات البيع والشراء ومنها بيع العارية وهو أن استعير عدداً من الأسهم من الشركة التي أعمل معها لابيعها في السوق اليوم على أن أعيد نفس عدد الأسهم من نفس النوع الذي استعرته خلال فترة من الزمن أو عندما اشتري من هذه الأسهم في وقت لاحق، الذين يرون هذا العمل حلال، هم الذين قاسوه على بيع العارية بحيث تستعير من جارك في المتجر بضاعة لتبيعها على زبون عندك في المحل ثم ترد مثلها على جارك إذا اتتك بضاعتك. والذين يرون حرمة هذا العمل قاسوه على بيع ما لا تملك. . فما رأيكم يا فضيلة الشيخ؟
الجواب
ما أخذه من أسهم الشركة التي ساهم فيها؛ لأجل أن يبيعها ثم يردّ مثلها عدداً ونوعاً ليس من العارية في شيء؛ لأن صورة العارية هي: أخذ مال لينتفع به ثم يرده بعينه مثل استعارة السيارات والأثاث ونحوها مما تبقى عينه بعد استيفاء الانتفاع.
والصورة التي ذكرها السائل تعتبر في الشرع قرضاً، وهذا في غاية الوضوح؛ لأنه يأخذ أسهماً ليرد بدلها، وهذه هي حقيقة القرض.
والمال المقترض يصبح ملكاً بيد المقترض بمجرد قبضه فلا يحق للمقرض أن يتصرف فيه أو يطالب برده عيناً.
وعليه: فيجوز للمقترض أن يبيع ما اقترضه أو يهبه أو يتصدق به.
فالحاصل أن ما ذكره السائل من اقتراض بعض الأسهم من الشركة يجوز بيعه والمتاجرة به؛ لأنه أصبح مالكاً له.
وبالله التوفيق.(8/372)
برنامج تقسيط الأسهم
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 03/04/1427هـ
السؤال
سمعنا أن هناك برنامجاً للتقسيط، ولكن البضاعة المباعة ليست سيارات، وإنما يشترون لك أسهماً ثم يبيعونها لك ويقسطون عليك قيمتها، فما حكم هذه المعاملة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
إذا اشترى العميل سلعة بثمن مؤجل على أن يوكّل البائع ببيعها عنه نقداً بثمن أقل من الثمن الذي اشتراها به، فالصحيح أن هذه الوكالة لا تجوز؛ لأنها تجعل المعاملة من جنس العينة المحرمة بالنص. فإذا كان لا يجوز للبائع أن يشتري السلعة لنفسه نقداً بعد أن باعها على العميل بأجل لأن ذلك من العينة، فلا يجوز له أن يتوسط في شرائها من خلال الوكالة، لأمور:
(1) أن الأمور بمقاصدها والعبرة بالمآل، ومقصود هذه المعاملة الذي تؤول إليه هو أن يقبض العميل من البائع ثمناً حاضراً مقابل ثمن مؤجل في ذمته أكثر منه، وهذا عين الربا المحرم بالنص والإجماع.
(2) أن المتسبب العامد كالمباشر، فإذا تسبب البائع في بيع السلعة نقداً بعد بيعها بأجل ناوياً تحصيل النقد للعميل مقابل ما ثبت له في ذمته، كان حكمه كما لو باشر شراءها لنفسه، وهي العينة المحرمة.
(3) إذا اتفق الطرفان ـ صراحة أو ضمناً ـ على أن يكون البائع وكيلاً عن المشتري في بيع السلعة بثمن أقل من الثمن المؤجل الذي باعاها إياه به، كان ذلك جمعاً بين أمرين متنافيين: البيع على العميل بربح والوكالة عنه في بيعها بخسارة. فالجمع بينهما جمع بين متنافيين، وهو ممنوع شرعاً خاصة في حال التهمة. وأي تهمة أعظم من الربا؟
وقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل احتاج إلى مئة درهم، فجاء إلى رجل فطلب منه دراهم، فقال الرجل: ما عندي إلا قماش، وأرادا أن يوسطا السلعة لتحصيل الدراهم، فأجاب:(8/373)
"متى قال له الطالب: أريد دراهم، فأيَّ طريق سلكوه إلى أن تحصل له دراهم ويبقى في ذمته دراهم إلى أجل فهي معاملة فاسدة، وذلك حقيقة الربا. ... وقد قال -صلى الله عليه وسلم-:"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى". فمتى كان المقصود ما حرّمه الله ورسوله -عليه الصلاة والسلام-، فالتوسل إليه بكل طريق محرمٌ. وإنما يباح للإنسان أن يتوسل إلى ما أباحه الله ورسوله -عليه الصلاة والسلام- من البيع المقصود والتجارة المقصودة، فإن الله أحل البيع وحرم الربا." جامع المسائل، عالم الفوائد، المجموعة الأولى، ص223-224. وانظر مجموع الفتاوى ج29 ص432-434، 446-448.
والعلم عند الله تعالى.(8/374)
أسهم شركة الكهرباء
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 4/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود أن أسأل عن أسهم شركة الكهرباء تحديداً؛ لأنني مساهم في هذه الأسهم، فأرجو أن تكون الإجابة مقتصرة على هذه الأسهم فقط، هل المساهمة فيها حرام أم حلال خاصة أن شركة الكهرباء أخيراً اقترضت من البنوك 6 مليارات؛ ما رأيكم حفظكم الله؟ .
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن حكم التعامل بأسهم الشركات عموماً يختلف باختلاف أغراض الشركات ونشاطها وما يتصل بذلك من معاملات، ويمكن تقسيم الشركات المساهمة من هذه الحيثية إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الشركات المساهمة التي تعمل في نشاط مباح، ولم يخالط هذا النشاط شيء من التعامل المحرم، وهذه الشركات تجوز المساهمة فيها والمتاجرة بشراء أسهمها وبيعها؛ لأن الأصل في المعاملات الإباحة، ولم يوجد ما ينقل عن هذا الأصل.
القسم الثاني: الشركات المساهمة التي تعمل في نشاط محرم، كالبنوك الربوية وشركات الخمور، والتبغ، والقمار، والأفلام الخليعة، ونحو ذلك، فهذه الشركات لا يجوز المساهمة فيها ولا المتاجرة بشراء أسهمها وبيعها؛ لأن الشريعة حرمت هذه الأمور ونهت عنها، ولا يجوز اقتراف ما نهى الشارع عنه.
القسم الثالث: شركات تعمل في نشاط مباح، ولكن خالط هذا النشاط شيء من التعامل المحرم، كالتعامل بالربا اقتراضاً أو إيداعاً، وما إلى ذلك من الأمور المحرمة، وهذا النوع من الشركات يطلق عليه الباحثون مصطلح الشركات المختلطة، والعلماء مختلفون في حكم الاستثمار والمتاجرة بأسهم هذه الشركات، وفيما يلي بيان مختصر لهذا الخلاف:(8/375)
القول الأول: تحريم التعامل بهذه الأسهم؛ لاشتمالها على ما حرمه الشارع، والمسلم لا يجوز له الإقدام على ما حرمه الشارع مهما كان مقداره.
القول الثاني: جواز التعامل بها؛ لأن هذه الشركات لا يمكن للناس الاستغناء عنها، والناس في حاجة ماسة إليها، والشارع يراعي حاجات الناس، ويبيح لهم ما تعم به البلوى، وقد أفتى بهذا القول عدد من أهل العلم ومن الهيئات الشرعية، كالهيئة الشرعية في شركة الراجحي المصرفية للاستثمار بقرارها رقم (485) بتاريخ 23/8/1422هـ، حيث أجازت الهيئة الاستثمار والمتاجرة بأسهم الشركات المختلطة بضوابط معينة، أهمها:
1- ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا 25% من إجمالي موجودات الشركة.
2- يجب التخلص من العنصر المحرم الذي خالط تلك الشركات، وذلك بالرجوع إلى القوائم المالية للشركة، ومعرفة مقدار التعامل المحرم، وإخراج ما قابله من الأرباح، ومن خلال هذا التقسيم يتبين لنا أن شركة الكهرباء هي من القسم الثالث، فهي من الشركات المختلطة؛ لأن أصل نشاطها مباح (وهو الكهرباء) ، لكن خالط هذا النشاط شيء من المعاملات المحرمة كالاقتراض الربوي كما هو معلوم، فيطبق عليها الحكم المذكور بضوابطه المحددة، ومن أجل تطبيق هذه الضوابط ونحوها مما هو مذكور في قرار الهيئة يمكن للسائل أن يتصل بالهيئة الشرعية في شركة الراجحي المصرفية للاستثمار. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.(8/376)
التعامل بالأسهم في الشركات التجارية
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 21/2/1423
السؤال
سؤالي عن التعامل في الأسهم ما عدا أسهم البنوك الربوية، هل يجوز التعامل معها، والبيع والشراء فيها؟ وعن طريق بنك ربوي، حيث أفتح عندهم حساباً جارياً لآخذ منهم فوائد، وبالتالي يفتحون لي حساباً في الأسهم، ومن ثم أستطيع البيع والشراء في الأسهم، وقد يكون هذا البيع في نفس الوقت، حيث أشتري ثم إذا تمت الموافقة على البيع يمكن أن أبيع ما اشتريته في نفس الوقت على من لا أعرفه حسب نظام تداول الجديد.
الجواب
شراء الأسهم في الشركات يختلف حكمه بحسب نوع الشركة وتعاملاتها، وذلك حسب الأنواع التالية:
النوع الأول: شركات أصل عملها حرام، بأن تكون تتعامل بالربا، أو بتجارة الخمور، فهذه لا يجوز التعامل معها ولا شراء أسهمها.
النوع الثاني: شركات أصل عملها حلال ولا تتعامل بالحرام، بأن تستثمر في الصرافة، أو الزراعة، أو الصناعة، ونحوها، وتودع في البنوك ولا تأخذ أو تعطي فائدة على ذلك، فهذه يجوز شراء أسهمها وتداولها، ومن أمثلة ذلك شركة الراجحي المصرفية للاستثمار، وذلك لوجود هيئة شرعية فيها تراقب أعمالها الاستثمارية.
النوع الثالث: شركات أصل عملها حلال، ولكنها تتعامل عرضاً بالحرام، كالإقراض والاقتراض من البنك بفائدة، فتودع المبالغ المتوافرة عندها في البنوك، وتأخذ عليها فائدة، وتستقرض إذا احتاجت إلى سيولة مؤقتة من البنك وتعطي عليها فائدة، وهذا النوع هو أكثر الشركات الموجودة اليوم في المملكة أو غيرها من دول العالم.
وقد اختلف العلماء المعاصرون في حكم تداول أسهمها على قولين: فبعض العلماء يرون حظر شراء هذه الأسهم؛ لأنها تتضمن أمراً محرماً، وهذا ما صدر به قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي.(8/377)
وبعض العلماء يرون جواز شراء هذه الأسهم لحاجة المجتمع إلى ذلك، ولغلبة الحلال على الحرام في نصيب السهم.
وكان المجيزون يشترطون للتعامل مع هذه الشركات شروطاً، هي:
1-إذا أخذ المشتري أرباح السهم فإنه يجب عليه أن يتخلص من نسبة الفائدة الربوية التي أضيفت إلى الأرباح عن طريق سؤال المختصين في الشركة عن مقدار هذه النسبة.
2-أن يكون تعامله عن طريق البنوك الشرعية كشركة الراجحي، والبنك الأهلي الإسلامي، ونحوها، وذلك لأن الشراء عن طريق البنك الربوي فيه تقوية له، والله يقول: "وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" [المائدة:2] .
ولذا أنصح السائل إذا أراد أن يأخذ بقول المجيزين أن يراعي الشرطين المذكورين، والله أعلم.(8/378)
أسهم الخيار في البورصة العالمية
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 3/3/1423
السؤال
ما حكم شراء أسهم الخيار في البورصة العالمية، حيث إنني من المضاربين فيها، وأتحرى موافقة الشرع في ذلك، وسهم الخيار يعطي المضارب عند شرائه لهذا السهم أن يبيع السهم بعد مدة بالسعر الذي اشترى به حتى لو نزل السعر؟
الجواب
خيارات الأسهم المتداولة في الأسواق العالمية، سواء كانت خيارات شراء (call options) أو خيارات بيع (put options) هي من عقود الغرر المنهي عنها شرعاً، وبذلك صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة عام 1992م برقم 63.
والذي جعل هذه العقود من الغرر أن وظيفتها مرهونة بتغير السعر، بحيث لا تسمح بربح كلا طرفي العقد، ففي خيار الشراء يدفع المشتري مبلغاً معيناً (premium) ، بحيث يكون له الحق في شراء السهم، أو الأسهم بسعر ثابت طوال مدة الخيار، فإذا ارتفع سعر السوق لهذه الأسهم عند الأجل، نفذ المشتري البيع فيربح الفرق بين سعر السوق وسعر التنفيذ (strike price) ، وكذلك الحال بالنسبة لخيار البيع، حيث يدفع مالك الأسهم مبلغاً محدداً مقابل أن يكون له الحق في بيع الأسهم بسعر ثابت طوال مدة العقد، فإذا هبط سعر السوق عند الأجل نفذ المالك البيع فيربح الفرق بين سعر السوق وسعر التنفيذ، وبطبيعة الحال فإن هذا الربح بعينه يمثل خسارة للطرف الآخر، إذ لو كان اتجاه تغير السعر معلوماً مسبقاً لما تم العقد؛ لأنه سيمثل خسارة محققة لأحدهما.
فالاختيارات من أدوات المجازفة على الأسعار، وهي من ضمن العقود التي جعلت الاقتصادي الفرنسي موريس آلية يصف البورصات العالمية بأنها "كازينوهات قمار ضخمة"، وذلك أن حقيقة القمار هي أن يربح أحد الطرفين على حساب الآخر، وهذا بالضبط ما يحصل في عقود الاختيارات في الأسواق الدولية.(8/379)
وهذا بخلاف عمليات البيع والشراء العادية للأسهم (التي لا تنطوي على محظور شرعي) ؛ لأن عقد البيع عقد فوري ينتهي بمجرد إبرام الصفقة، فيكون لكل طرف كامل الحرية في التصرف بعد التعاقد، دون أي التزام من أحد الطرفين للآخر، أما عقد الاختيار فهو عقد مؤجل يلتزم فيه أحد الطرفين للآخر بتحمل مخاطر السعر مدة الخيار، فحقيقة العقد أن مُصدر الخيار يقدم التزاماً أو ضماناً للطرف الآخر بتنفيذ العقد عند السعر المتفق عليه، فهو عقد معاوضة على ضمان السعر، ولذلك يعد الاختيار من عقود التأمين في واقع الأمر، ولذلك يستخدم للتأمين على المحافظ الاستثمارية (portfolio insurance) ، ومعلوم أن عقد التأمين (التجاري) عقد غرر باتفاق المجامع الفقهية، والعلة واحدة في الأمرين، والعلم عند الله -تعالى-.(8/380)
المتاجرة في الأسهم السعودية
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 10/11/1423هـ
السؤال
أنا تجارتي المضاربة بالأسهم السعودية يعني أشتري أسهماً بسعر وأبيعها إذا ارتفع سعر السهم..فهل هذا حلال أم حرام أم مشتبه به؟ أفتوني أثابكم الله.
الجواب
لقد أحل الله البيع وحرم الربا وجاءت الشريعة الإسلامية بمشروعية التجارة قال تعالى: "يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا إن تكون تجارة عن تراض منكم" [النساء: 28] . وقال تعالى: "ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا" [البقرة من الآية:282] ، فالتعامل في التجارة بشتى أنواعها من الأعيان والأسهم متى تم التبايع وحصل القبض وانتقلت الأسهم من البائع إلى المشتري فللمشتري الحق في بيعها، والذي يبدو أن التعامل بالأسهم على هذه الحال بيع مشروع ومعاملة صحيحة والله أعلم.(8/381)
البيع على المكشوف
المجيب د. سعد بن حمدان اللحياني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 18/12/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
ظهرت في الآونة الأخيرة وبشكل ملفت للنظر بعض المكاتب التي تمثل دور الوسيط بين المستثمر وبعض شركات الاستثمار الكبرى العالمية، ومن خلال هذه الشركات التي تمثل دور الوسيط يقوم المستثمر:
(1) بالبيع والشراء والمتاجرة في العملات العالمية مثل: الدولار واليورو والين والفرنك السويسري والمارك الألماني وبقية العملات الأخرى.
(2) البيع والشراء في المؤشرات (مؤشرات الأسهم العالمية) مثل: مؤشر الداو جونز والناسداك وإس آند بي والكاك والفوتسي والداكس ... إلخ.
(3) البيع والشراء في الأسهم العالمية، مثل: أسهم البنوك والشركات الأمريكية المدرجة في البورصة العالمية. علماً أن طريقة البيع والشراء تتم من خلال الطرق التالية:
(1) يتم البيع أو الشراء من خلال (عقد بيع) أو (عقد شراء) وهذا العقد يدفع المستثمر جزءاً من المبلغ والباقي يقوم البنك أو الشركة الاستثمارية بدفع الجزء المتبقي، مثلاً يدفع المستثمر (2%) (2000) دولار والبنك أو الشركة تدفع (98%) (98000) دولار هذا في البيع والشراء في العملات أو المؤشرات (والمؤشرات لا تمثل شركة بعينها وإنما تمثل مجموع الشركات التي تندرج تحت اسم المؤشر) .
(2) يحق للمستثمر البيع (حتى وإن لم يكن يملك أي سهم أو عملة إذا توقع أو ظن أن الأسعار ستنزل) .
(3) يحق للمستثمر الشراء إذا توقع أو ظن أن السهم أو العملة أو المؤشر سيرتفع.
(4) يحصل المستثمر في كل نقطة من العملات أو المؤشرات على 100 (مائة) دولار أو 10 (عشرة) دولار مثلاً وهي تختلف حسب كل مؤشر أو عملة.(8/382)
(5) لا تتحمل الشركة أو البنك أي خسارة لأنها تخصم الخسارة من المبلغ المدفوع مسبقاً وهو مثلاً (2000) دولار (ويسمى هذا المبلغ تأمين) لكي تضمن الشركة أو البنك عدم الوقوع في الخسارة بأي حال من الأحوال ويتحمل المستثمر أو العميل كامل الخسارة لوحده حيث يتم إنذار العميل بأن عليه الدعم المالي للحساب وإلا سيتم الخصم من المبلغ المؤمن عليه عند توقيع العقد وهو المبلغ (2000) دولار.
نرجو منكم التكرم بدراسة هذا الموضوع والإجابة عليه وموافاتنا بالحكم الشرعي.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذه المعاملات تدخل تحت إطار ما يعرف بالبيع على المكشوف والشراء بالهامش والتعامل بالمؤشر، وجميعها تتضمن تعاملات محرمة شرعاً، إما لكونها بيع الإنسان ما لا يملك أو لتضمنها الاقتراض بالربا أو لكون المعاملة في ذاتها ليست سوى نوع من المقامرة والمراهنة
على الأسعار، وفيما يلي توضيح لذلك:
في حالة الشراء بالهامش يدفع المشتري جزءا من الثمن ويقترض باقي الثمن من السمسار (الوسيط) أو من بعض المؤسسات التمويلية ليتمكن من شراء عدد أكبر من الأسهم، فالشراء بالهامش يتضمن في العادة قرضا بفائدة يدفعها المستثمر للمقرض.(8/383)
في حالة البيع على المكشوف (ويعرف بالبيع القصير) يبيع المستثمر أوراقاً مالية (أسهماً) لا يملكها على أن يتم تسليمها خلال فترة قصيرة من الزمن حيث يقترض الأوراق المالية من السمسار أو من غيره ويسلمها للمشتري ويبقى ثمن الأوراق المالية في يد مقرض تلك الأوراق ضمانا لتسديد الأسهم وعند انخفاض ثمن الورقة المالية بشكل مناسب يقوم المستثمر بشرائها من السوق وتسديدها للمقرض وقبض المبلغ الذي في يده، فيكسب المستثمر الفرق بين ثمن شراء الورقة المالية (عند انخفاض ثمنها) وثمن بيعها الذي كان بسعر أكبر، أما مقرض الورقة المالية فيستفيد من بقاء المبلغ في يده لفترة من الزمن يمكن له خلالها أن يحقق عائدا باستثمارها أو إيداعها بفائدة، وهكذا فإن البيع على المكشوف يتضمن بيع الإنسان ما لا يملك ابتداء ثم الاقتراض بشرط انتفاع المقرض بالثمن مدة القرض.
أما في حالة الشراء أو التعامل بالمؤشر (وهو يمثل أسهم مجموعة شركات تختلف حسب
المؤشر) فهو مجرد مقامرة على تحرك المؤشر إذ لا يتم قبض أو تسليم لأسهم وإنما مجرد المقامرة حيث تتم المقاصة بين المتعاملين ويستفيد من صح توقعه ويخسر من خاب توقعه وقد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته السابعة بعدم جواز بيع وشراء المؤشر لأنه مقامرة بحتة وهو بيع شيء خيالي لا يمكن وجوده.
والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(8/384)
بيع الاسم التجاري
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 18/02/1426هـ
السؤال
ما هو حكم بيع الاسم أو الأصل التجاري؟ جزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
بيع مثل هذه الأسماء التجارية، يظهر لي أنه جائز، بشرط ألا يتضمن ذلك تدليسًا وغررًا بالنسبة للمستهلك، وأما الجواز فإن الأصل في المعاملات الحل، وأما التدليس والغرر فإن كلاًّ منهما مذموم شرعًا ويندرج تحت الغش؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ غَشَّنا فَلَيْسَ مِنَّا". أخرجه مسلم (102) . والله أعلم.(8/385)
التعامل بالأسهم في بورصة الأوراق المالية
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 23/3/1424هـ
السؤال
هل شراء الأسهم وبيعها من خلال بورصة الأوراق المالية حلال أم حرام؟ وإن كان التعامل في البورصة حلالاً فهل يشترط التعامل في أسهم محددة؟ فمثلاً هل التعامل في أسهم شركة مدينة الإنتاج الإعلامي حلال أم حرام، وأسهم شركات التأمين وأسهم البنوك.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
شراء وبيع أسهم الشركات يتوقف حكمه على أمرين:
(1) طبيعة الشركة ونشاطها وتعاملاتها.
(2) نوع العقد المبرم على السهم.
فالشركات التي تعمل في مجالات مشروعة، ولا تتعامل بالربا أو غيره من التعاملات المحرمة، شراء أسهمها وبيعها جائز.
أما إذا كانت الشركة تعمل في مجال محرم، مثل إصدار الأفلام الماجنة والأغاني المحرمة، أو إنتاج أو تسويق مواد محرمة كالخمور والخنزير والميتة ونحوها، أو تعمل في مجال التأمين التجاري أو القمار، أو الربا مثل البنوك، فيحرم شراء أسهم هذه الشركات.
أما إذا كان نشاط الشركة مشروعاً لكنها تتعامل بالربا لغرض التمويل فحسب، فهذا مما فصل فيه الفقهاء المعاصرون، نظراً لعموم البلوى بالربا اليوم، مع حاجة الناس لقنوات استثمارية لتنمية أموالهم. واجتهدوا في تحديد نسبة معينة من أصول الشركة يتسامح في أن تكون ممولة بالربا، وهي الثلث، بحيث تكون المديونية الربوية لا تتجاوز ثلث أصول الشركة. وهذا محض اجتهاد مبني على المصلحة، وإلا فإن الربا قليله وكثيره محرم بالنص والإجماع.(8/386)
وأخذاً بهذا الاجتهاد فلا بأس من التعامل بأسهم شركات نشاطها مشروع على ألا تتجاوز مديونيتها الربوية ثلث أصولها، وفق أحدث قوائم الميزانية الصادرة عنها. وفي هذه الحالة يجب على المستثمر إخراج ما يقابل هذه المديونية الربوية من الأرباح. فإذا كانت المديونية تعادل ثلث الأصول، فيجب إخراج ثلث الأرباح الموزعة تبعاً لذلك.
وإذا كان نشاط الشركة اختلط فيه الحلال بالحرام، بحيث إنها تسوق أو تنتج منتجات محرمة ومشروعة، فالعبرة بالغالب. وفي تحديد نسبة الغالب أيضاً اجتهاد بألا يتجاوز الإيراد المحرم نسبة معينة من إجمالي الإيرادات، يقدره البعض بـ 5% إلى 10%. وهذا كالذي سبقه، محض اجتهاد، وإلا فإن ثمن المحرم محرم قل أو كثر. وأخذاً بهذا الاجتهاد يجب إخراج ما يقابل هذه النسبة من الأرباح الموزعة.
أما من حيث نوع العقد المبرم، فالمشروع هو البيع والشراء، أما الخيارات (options) أو المستقبليات (futures) فهي ممنوعة، لأنها من القمار المحرم شرعاً. والعلم عند الله تعالى.(8/387)
السندات الحكومية
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 12/08/1425هـ
السؤال
ما هي المستندات الحكومية؟ وما هي كيفية عملها بالتفصيل إن أمكن؟ وما حكم شرائها وبيعها والتعامل بها؟
الجواب
السندات الحكومية عبارة عن ورقة تطرحها الحكومة عن طريق البنوك، وهي تمثل مبلغاً محررة قيمته في تلك الورقة، يستحق دفعه بعد أجل معين محرر وقته في تلك الورقة، وهذا المبلغ المؤجل المحرر في تلك الورقة يستحقه حاملها عند حلول أجله، والغرض من السندات الحكومية قد يكون حصول الحكومة على قرض، فإنها من خلال بيعها لهذه القيمة المؤجلة المحررة في السند تحصل على نقد وسيولة حاضرة ثمناً لها، وقد يكون الغرض منها: امتصاص السيولة الفائضة في السوق للحد من التضخم.
أما حكم تداولها بيعاً، وشراءً، ووساطة، فهو محرم؛ لأنها ربا، فإنه من خلال هذه السندات يحصل محررها على نقد عاجل حال، ومن ثم يدفع عوضاً عنه نقداً مؤجلاً أكثر منه، ومما هو معلوم عند المسلمين: أن الربا من الكبائر - نسأل الله العافية- فينبغي توقيه والحذر منه، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] . هذا والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.(8/388)
وساطة مالية لتداول الأسهم ببنك ربوي
المجيب د. عبد الرحمن بن عبد الله السند
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 19/12/1424هـ
السؤال
أنا أتعامل مع شركة وساطة مالية للتداول بالأسهم في البورصة الأمريكية، وهذه الشركة تابعة لبنك ربوي، فهل يجوز التعامل معها؟ مع العلم أن الشركة تعمل كسمسار، وتأخذ عمولة لبيع وشراء الأسهم. أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
إذا كان هناك مؤسسة مالية تكون وسيطاً ولا تتعامل بالربا فهو الأولى، وإن لم يوجد إلا هذه الشركة فلا حرج على ألاَّ تأخذ أي فوائد ربوية يقدمونها لك على حسابك الذي عندهم، وإذا كانوا يقدمون فوائد ربوية فعليك التخلص منها في وجوه الخير، على أني أذكرك بحرمة التعامل بالأسهم المحرمة، كأسهم البنوك الربوية والشركات التي تكون للقمار أو للخمور أو غيرها من المحرمات. وفقك الله وأعانك.(8/389)
شراء الأسهم بالتقسيط وبيعها
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 27/5/1424هـ
السؤال
أرغب في شراء أسهم من إحدى شركات الاستثمار الإسلامية، وسيكون شراؤها عن طريق التقسيط من الراتب، وفي نيتي أن أبقيها في ملكي ثم أبيعها متى ارتفع سعرها، وربما يتم بيعها والأقساط لم تنته بعد، وسؤالي هو عن حكم هذه المعاملة، وهل تكون داخلة في بيع الدين بالدين؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حكم هذه المعاملة جائزة ولا بأس بها إن شاء الله، لكن بشرط أن تكون هذه الشركة لا تتعامل بالربا، فمثلاً إذا اشتريت أسهماً لمصنع من المصانع أو شركات تبيع عروضاً تجارية أو نحو ذلك، وهي لا تتعامل بالربا فإن هذا جائز ولا بأس به، ولابد أن تكون الشركة من شركات عروض التجارة أو المصانع المباحة، ونحو ذلك.(8/390)
المشاركة في الأسهم العالمية
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 12/6/1424هـ
السؤال
ما حكم المشاركة في الأسهم العالمية من خلال شركة الراجحي؟ علماً بأنها تقوم كل فترة بإلغاء بعض الشركات، حيث إنه يكتشف أنها شركات ربوية أو محرمة فما الحكم في المشاركة في بيع وشراء الأسهم العالمية؟
الجواب
يظهر أن مقصود السائل: ما حكم بيع وشراء أسهم الشركات التي تتعامل بالفائدة أخذا وإعطاء. وهناك خلاف بين العلماء المعاصرين في هذه المسألة، بين من يرى جواز ذلك بالضوابط التي يقترحها، ومن يرى تحريم ذلك. ولا أعرف من يجيز ذلك بدون ضوابط. وممن يرى الجواز بالضوابط الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية، حيث فصلت ضوابطها في القرار ذي الرقم 310، ثم عدلته بالقرار ذي الرقم 485. وأرفق القرار للفائدة ففيه غنية عن الكلام. ومن المهم الإشارة إلى ما نصت عليه الهيئة من "إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك". والضوابط باختصار، هي:
(1) أن يكون نشاط الشركة مباحا.
(2) ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا - سواء أكان قرضاً طويل الأجل أم قرضاً قصير الأجل- (25?) من إجمالي موجودات الشركة، علماً أن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه.
(3) أن يتخلص من نصف ريع القرض الربوي من صافي الربح سواء وزع الربح أم لم يوزع، فإن لم يوجد ربح فلا يجب تخلص.(8/391)
(4) ألا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم (5?) من إجمالي إيراد الشركة سواء أكان هذا الإيراد ناتجاً عن الاستثمار بفائدة ربوية، أم عن ممارسة نشاط محرم، أم عن تملك لمحرم أم عن غير ذلك. ويكون التخلص من منفعة القروض قصيرة الأجل بقدر مدة بقائها في الفترة المالية محل التخلص.
(5) ألا يتجاوز إجمالي حجم العنصر المحرم - استثماراً كان أو تملكاً لمحرم- نسبة (15?) من إجمالي موجودات الشركة.
القرار (485)
الدورة الثالثة-السنة الثانية 23/8/1422هـ
الموضوع: ضوابط الاستثمار والمتاجرة في أسهم الشركات المختلطة بمحرم والتخلص من المحرم فيها.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار في اجتماعها السابع والأربعين، السنة الثالثة، الدورة الثانية، أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس 21و22و23/8/1422هـ-6و7و8/11/2001م، في مدينة الرياض، مبنى الإدارة العامة، قاعة اجتماعات الهيئة، بعد اطلاعها على مذكرة العرض المعدة من أمانتها بشأن الخطاب الوارد من نائب المدير العام للمجموعة الشرعية؛ للنظر في الضوابط الشرعية للتعامل في أسهم الشركات بيعاً وشراءً وتوسطاً المرفق به ملخص ما ورد في قرارات الهيئة في الموضوع، والأوراق والإحالات ذات الصلة.
وبعد الاطلاع على الاستفسار الوارد من مجموعة الاستثمار والعلاقات الدولية.
وبعد دراسة الهيئة لهذه الضوابط والنظر فيها في اجتماعاتها الثامن بتاريخ 5و6/6/1420هـ، والتاسع بتاريخ 19و20/6/1420هـ، والعاشر بتاريخ 10و11و12/7/1420هـ، والسابع والعشرين بتاريخ 14و15/7/1421هـ، والثامن والعشرين بتاريخ 27و28و29/7/1421هـ، والرابع والثلاثين بتاريخ 24و25/11/1421هـ، والسادس والأربعين بتاريخ 8و9و10/7/1422هـ.
وبعد الاطلاع على قرارات وفتاوى الهيئات والمجامع الفقهية ذات الصلة.(8/392)
وبعد الاطلاع على إيضاحات الجهات المعنية في الشركة، وإجاباتها عما وجه إليها من الهيئة.
وبعد التأمل والنظر في الشركات المساهمة، وأنها من حيث غرضها ونشاطها وضوابط التعامل في أسهمها أنواع ثلاثة هي:
النوع الأول: الشركات المساهمة ذات الأغراض والأنشطة المباحة.
وهذه الشركات يجوز الاستثمار والمتاجرة بأسهمها وفق شروط البيع وأحكامه.
النوع الثاني: الشركات المساهمة ذات الأغراض والأنشطة المحرمة، مثل شركات الخمور والتبغ ولحوم الخنزير وشركات القمار والبنوك الربوية، وشركات المجون والأفلام الخليعة، وصناديق الاستثمار في السندات الربوية، والشركات المتخصصة في تداول الديون والتعامل بها.
وهذه الشركات لا يجوز الاستثمار والمتاجرة بأسهمها مطلقاً.
النوع الثالث: الشركات المساهمة التي أغراضها وأنشطتها مباحة، ولكن قد يطرأ في بعض تعاملاتها أمور محرمة، مثل تعاملها بالربا اقتراضا أو إيداعاً. وهذا النوع من الشركات قد أقرت الهيئة جواز الاستثمار والمتاجرة بأسهمها بضوابط معينة، بينتها في قراراتها ذوات الأرقام (53) والتاريخ 2/4/1411هـ، و (182) والتاريخ 7/10/1414هـ، و (310) والتاريخ 6/4/1419هـ، واستندت في جواز ذلك إلى عموم البلوى ورفع الحرج، والحاجة العامة.
وبعد الدراسة والمناقشة والنظر والتأمل، واستكمالاً لما ورد في القرارات المذكورة آنفاً، فقد قررت الهيئة بشأن هذا النوع (النوع الثالث) من الشركات المساهمة ما يأتي:
أولاً: يجب أن يراعى في الاستثمار والمتاجرة في أسهم هذا النوع من أنواع الشركات المساهمة الضوابط الآتية:
(1) إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك.(8/393)
(2) ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا – سواء أكان قرضاً طويل الأجل أم قرضاً قصير الأجل- (25?) من إجمالي موجودات الشركة، علماً أن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه.
ويعد هذا معدلاً للنسبة المذكورة في القرار ذي الرقم (310) من تحديد المحرم بأن يكون أقل من ثلث مالية الشركة.
(3) ألا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم (5?) من إجمالي إيراد الشركة سواء أكان هذا الإيراد ناتجاً عن الاستثمار بفائدة ربوية، أم عن ممارسة نشاط محرم أم عن تملك لمحرم أم عن غير ذلك. وإذا لم يتم الإفصاح عن بعض الإيرادات فيجتهد في معرفتها، ويراعى في ذلك جانب الاحتياط.
(4) ألا يتجاوز إجمالي حجم العنصر المحرم - استثماراً كان أو تملكاً لمحرم- نسبة (15?) من إجمالي موجودات الشركة.
والهيئة توضح أن ما ورد من تحديد للنسب في هذا القرار مبني على الاجتهاد، وهو قابل لإعادة النظر حسب الاقتضاء.
ثانياً: إذا تغيرت أوضاع الشركات بحيث لا تنطبق عليها الضوابط السابقة وجبت المبادرة إلى التخلص منها ببيع أسهمها حسب الإمكان، على ألا تتجاوز مدة الانتظار تسعين يوماً من تاريخ العلم بتغيرها.
ثالثاً: يرجع في معرفة أنشطة الشركة والنسب المقررة لجواز الدخول في الاستثمار والمتاجرة فيها إلى أقرب قوائم مالية صادرة موضحة للغرض؛ سنوية كانت أو ربع سنوية أو شهرية، سواء أكانت مدققة أم غير مدققة.
رابعاً: لا يجوز الاشتراك في تأسيس الشركات التي ينص نظامها على تعامل محرم في أنشطتها أو أغراضها.(8/394)
خامساً: تطبق الشركة الضوابط المذكورة في الاستثمار وفي المتاجرة في الأسهم، -ويعني الاستثمار: اقتناء السهم بقصد ريعه، أي ربحه السنوي، وتعني المتاجرة: البيع والشراء بقصد الربح من الفرق بين السعرين- سواءٌ قامت الشركة نفسها بذلك أم بواسطة غيرها، وسواءٌ أكان تعامل الشركة لنفسها، أم كان لغيرها على سبيل التوسط (السمسرة) كما في حالة الوساطة في التداول، أو على سبيل الإدارة لأموال الغير كما في الصناديق الاستثمارية إجارة كانت أم مضاربة، أو على سبيل الوكالة عن الغير والتوكيل للغير كما في إدارة المحافظ الاستثمارية.
سادساً: يجب التخلص من العنصر المحرم الذي خالط تلك الشركات، وذلك وفقاً لما يأتي:
(1) الذي يجب عليه التخلص هو من كان مالكاً للأسهم –فرداً كان أو شركة أو صندوقاً أو غير ذلك- حين صدور القوائم المالية النهائية، سواء كانت ربعية أو سنوية، وذلك في حالتي الاستثمار والمتاجرة. وعليه فلا يلزم التخلص من باع الأسهم قبل صدور تلك القوائم؛ لأنه لا يتبين العنصر المحرم إلا بعد صدورها، والبائع قد باعها بغرمها وغنمها. كما لا يلزم الوسيط والوكيل والمدير تخلص في عمولته أو أجرته؛ لأن ذلك حق لهم نظير ما قاموا به من عمل، والتخلص إنما يكون فيما عاد على التعامل بالأسهم من إيراد ونفع محرم.
(2) يرد التخلص على شيئين:
أولهما: منفعة القرض الربوي في حالة اقتراض الشركة المساهمة بفائدة.
ثانيهما: الإيراد المحرم أياً كان مصدره.
(3) يكون التخلص على النحو الآتي:(8/395)
أ- في حالة الاقتراض الربوي: فإنه يتم تجنيب منفعة المال المقترض بالربا بالنظر إلى صافي الربح، ويكون احتساب تلك المنفعة وفقاً للقرار ذي الرقم (310) ، الذي جاء فيه: "وبما أن الربح ينتج من عنصرين هما: رأس المال والعمل، وأن الخبث في ربح السهم إنما جاء من الجزء المأخوذ بالربا" ويستأنس لذلك بما روى مالك في الموطأ (1396) عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم- في جيش إلى العراق، فلما قفلا مرّا على أبي موسى الأشعري وهو أمير البصرة فرحب بهما وسَهَّلَ ثم قال: لو أقدر على أمرِ أنفعكما به لفعلت، ثم قال: بلى. ههنا مالٌ من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين، فأسلفكماه، فتبتاعان به متاعاً من متاع العراق، ثم تبيعانه بالمدينة، فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين، ويكون الربح لكما، فقالا: وددنا ذلك، ففعل وكتب إلى عمر -رضي الله عنه- أن يأخذ منهما المال، فلما قدما المدينة باعا فأربحا، فلما رفعا ذلك إلى عمر -رضي الله عنه- قال: أَكُلُّ الجيش أسلفه مثل ما أسلفكما؟ قالا: لا، فقال عمر -رضي الله عنه-: ابنا أمير المؤمين فأسلفكما، أدِّيا المال وربحه، فأما عبد الله فسكت، وأما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا: لو نقص هذا المال أو هلك لضمناه، فقال: أدِّياه، فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله، فقال رجلٌ من جلساء عمر بن الخطاب –رضي الله عنه-: يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضاً، فقال: عمر –رضي الله عنه-: قد جعلته قِرَاضاً، فأخذ عمر -رضي الله عنه- رأس المال ونصف ربحه وأخذ عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- نصف ربح المال. أ-هـ(8/396)
وعليه فلو كانت نسبة القرض الربوي إلى الموجودات (20?) مثلاً، فإنه يتم التخلص من (10?) من صافي الربح سواء وزع الربح أم لم يوزع، فإن لم يوجد ربح فلا يجب تخلص. ويكون التخلص من منفعة القروض قصيرة الأجل بقدر مدة بقائها في الفترة المالية محل التخلص.
ب- في حالة وجود إيراد محرم: فإنه يتم تجنيب مبلغ الإيراد المحرم كله، أياً كان مصدره، وسواء حصل ربح أم لا، وسواء وزعت الأرباح أم لم توزع، وإذا لم يعرف الإيراد على وجه الدقة احتسب على وجه التقريب بما يبرئ الذمة.
ويتم التوصل إلى ما يجب على المتعامل التخلص منه: بقسمة مجموع الإيراد المحرم للشركة المتعامل في أسهمها على عدد أسهم تلك الشركة، فيخرج ما يخص كل سهم، ثم يضرب الناتج بعدد الأسهم المملوكة لذلك المتعامل - فرداً كان أو شركة أو صندوقاً أو غير ذلك- وما نتج فهو مقدار ما يجب التخلص منه.
(4) لا يجوز الانتفاع بالعنصر المحرم بأي وجه من وجوه الانتفاع ولا التحايل على ذلك بأي طريق كان، فلا يحتسبه من زكاته، ولا من صدقاته، ولا يدفع منه ضريبة، ولا يستخدمه في دعاية أو إعلان، ولا غير ذلك.
(5) تقع مسؤولية التخلص من العنصر المحرم على شركة الراجحي في حالة تعاملها لنفسها، أو في حالة إدارتها للصناديق أو المحافظ الاستثمارية، أما في حالة الوساطة (السمسرة) فيجب على الشركة أن تخبر المتعامل بآلية التخلص من العنصر المحرم حتى يقوم بها بنفسه، وللشركة أن تقوم بتقديم هذه الخدمة لمن يرغب من المتعاملين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الهيئة الشرعية
عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل [رئيساً] عبد الله بن سليمان المنيع [نائباً للرئيس] عبد الله بن عبد الرحمن البسام [عضواً] عبد الله بن عبد الله الزايد [عضواً] صالح بن عبد الله بن حميد [عضواً] أحمد بن علي سير المباركي [عضواً]
عبد الرحمن بن صالح الأطرم (عضواً وأميناً)(8/397)
رفع سعر السهم طلباً للربح
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 15/6/1424هـ
السؤال
هل يجوز شرعاً محاولة رفع سعر السهم لكي أربح؟ عندما أشتري بسعر أعلى يرتفع السعر، وبعد الارتفاع أبيع ما لديّ من أسهم.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
إذا كان الشراء بقصد رفع سعر السهم فقط، ثم إذا ارتفع بعت أسهمك فالذي يظهر لي أن هذا لا يجوز، لأن فيه خداعاً للآخرين وإضرارهم، والله أعلم.(8/398)
حكم الاكتتاب في شركة سدافكو
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 13/03/1426هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: أرجو منكم بيان الحكم الشرعي للاكتتاب في شركة سدافكو.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد
فمن المعلوم أن نشاط شركة سدافكو قائم على إنتاج المواد الغذائية من الألبان ومشتقاتها والعصائر وغيرها، وهذا النشاط مباح من حيث الأصل. ومن خلال النظر في نشرة الإصدار الخاصة بالشركة وقوائمها المالية المعلنة في موقعها على الانترنت تبين ما يأتي:
1- أن إجمالي موجودات الشركة يبلغ 844.664.000 ريالاً.
2- وأن الشركة حصلت على تمويلات بنكية أغلبها بطريق المرابحة الشرعية وبعضها بقروضٍ ربوية، وتبلغ هذه التمويلات 134.300.000 ريالاً، ومجموع الفوائد المستحقة على القروض الربوية لا يتجاوز 1.3% من إجمالي مطلوبات (موجودات) الشركة.
3- وأن الشركة حصلت على إيرادات من ودائع بنكية بمقدار 112.500 ريالاً، من صافي ربحها البالغ 108.066.000 ريالاً، أي ما نسبته 0.1% من صافي أرباح الشركة.
وبناء على ما سبق فالذي يظهر لي هو جواز الاكتتاب في هذه الشركة إذ إن نسبة العنصر المحرم في الشركة لا تتجاوز 1.5% من إجمالي نشاط الشركة، وهي نسبة يسيرة مقارنة بنشاطها المباح، لاسيما وأن القوائم المالية للشركة تظهر أنها تتجه في السنوات الأخيرة نحو تمويل مشاريعها عن طريق المرابحة الشرعية.(8/399)
وجواز الاكتتاب في الشركة لا يعني أن الربا الذي فيها أصبح مباحاً، فالربا محرم قل أو كثر، والإثم على من باشر تلك المعاملة المحرمة أو أذن أو رضي بها، أما المساهم فإنه إذا أخذ شيئاً من الأرباح التي توزعها الشركة فعليه أن يتخلص من هذه النسبة المحرمة بصرفها في المشاريع الخيرية، أما الأرباح الناتجة من بيع الأسهم فلا يلزم التخلص من شيءٍ منها، والله أعلم.(8/400)
تداول الأسهم عبر الإنترنت
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 21/10/1424هـ
السؤال
أنا أعمل في تجارة الأسهم من خلال صالات الراجحي، ولكن نظراً لبعد منزلي عن الصالة، وكذلك الزحام في الصالة والبطء، فقد ذكر لي أن البنك السعودي الأمريكي لديه خدمة التداول عبر الإنترنت، وكما يقولون إنها خدمة ممتازة مقابل 500 ريال في السنة، وفتح حساب جارٍ، هل يجوز لي فتح حساب استثماري للأسهم في هذا البنك الربوي؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
أولاً: معروف أن البنك الأمريكي له إدارة مستقلة إسلامية، وإن كانت مملوكة للبنك لكنها مستقلة عنه من حيث أعمالها ومن حيث جميع ما يتعلق بشؤون تصرفها ومزاولتها التجارة، ولها موظفون مختصون بها يزاولون ويراقبون العمل بالإسلام في هذا الشيء، فننصح هذا السائل أنه إذا أراد أن ينتقل من صالة الراجحي إلى صالة البنك الأمريكي فنقول: أولاً ينبغي له أن يكون ذلك تابعاً للإدارة المصرفية الإسلامية لهذا البنك، وفي نفس الأمر يستطيع أن يفتح حسابه الجاري لدى هذه الإدارة الإسلامية التي هي جزء من البنك لكنها منفصلة عنه في جميع ما يتعلق بأعمالها والرقابة عليها، ووجود موظفين مختصين بها. والله أعلم.(8/401)
شراء الأسهم بالتقسيط
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 25/6/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: شخص أراد شراء أسهم بالتقسيط عن طريق شخص آخر، بحيث يشتري الشخص الآخر الأسهم المطلوبة ثم يبيعها بالتقسيط على الشخص الأول، ما حكم هذه العملية؟ وما الحكم إذا أراد المشتري تفويض البائع في بيع هذه الأسهم؟ علماً بأن الأسهم لم تكتب فعلياً باسم المشتري النهائي.
الجواب
إذا كانت هذه الأسهم، أو هذه الشركات التي يراد شراء أسهم منها شركات مباح التعامل والمتاجرة بأسهمها، بحيث يكون أصل نشاطها مباحاً، وبحيث تكون منطبقة على الضوابط والقيود التي أوجدتها الهيئات الرقابية الشرعية على المتاجرة بأسهم الشركات إذا كان هذا الأمر متحققاً في ذلك، فنقول: لا بأس أن يشتري الإنسان أسهماً من شركات مباح المتاجرة بأسهمها، ثم بعد ذلك يبيعها بثمن مؤجل على أحد عباد الله، ثم بعد ذلك يقوم هذا المشتري ببيع الأسهم على غير من اشتراها منه، ولا يجوز أن يبيعها على من اشتراها منه؛ لأن هذا يسمى العينة، والعينة ضرب من ضروب الربا، فإذا باعها على طرف ثالث، وتحملت ذمته قيمة هذه الأسهم لمن باعها عليه مؤجلة فنقول هذا تصرف صحيح، ولا يعترض عليه بأي شيء من أمور الاعتراض.(8/402)
الإجابة عن الشق الثاني من السؤال: لا بأس بذلك طالما أنه هو الذي تولى شراءها بنفسه، ثم بعد ذلك قال لمن اشتراها منه وهو بائعها عليه: أوكلك على أن تبيعها لي على من ترى، فنقول: لا بأس بذلك، وإنما المحذور أن يبيعها المشتري على البائع بمعنى تعود على البائع مرة ثانية، فهذا لا يجوز، وهذه هي العينة الممنوعة، وأما إذا وكله على أن يبيع هذه السلعة لأحد الناس، فنقول: لا بأس بذلك؛ لأن المشتري أولاً يملك هذه السلعة، وفي نفس الأمر يملك التصرف بها سواء استخدمها يعني: أبقاها للاستغلال، أو باعها بنفسه، أو باعها عن وكيل آخر، أو وكل البائع على بيعها على طرف ثالث نقول: لا بأس بذلك إن شاء الله -تعالى -.(8/403)
بيع أسهم بنك البلاد قبل بدء التداول
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 11/02/1426هـ
السؤال
ما حكم بيع أسهم بنك البلاد قبل بدء التداول؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فيجوز لمن امتلك أسهماً في البنك أن يبيعها على غيره، ولو كان ذلك قبل بدء التداول، لأن هذه الأسهم قد ملكها وقبضها القبض المعتبر شرعاً، لكونها مسجلة باسمه، فجاز له التصرف فيها، ولكن المشتري لتلك الأسهم لا يجوز له بيعها على طرفٍ آخر قبل أن تنقل الأسهم باسمه؛ وذلك لأمرين:
الأول: أن المشتري وإن كان قد تملك هذه الأسهم إلا أنه لم يقبضها لكونها ما تزال مسجلة باسم البائع، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع السلع قبل قبضها.
والثاني: أن الأسهم إذا جرى تداولها بين أطراف متعددين وهي ما تزال مسجلة باسم البائع الأول فإن ذلك يكون مظنة النزاع والاختلاف وضياع الحقوق، والله أعلم.(8/404)
بيع أسهم الشركات قبل التداول
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 18/02/1426هـ
السؤال
ما حكم بيع أسهم الشركات والبنوك قبل التداول؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
سهم الشركة إذا لم يطرح للتداول لا يجوز بيعه ولا شراؤه؛ لأمور منها:
1) وجود الربا بنوعيه: الفضل والنساء؛ لأن السهم يمثل نقداً، ورصيد الشركة معظمه أو كله نقد أيضاً - وإن وجد في رأسمال الشركة أعيان وممتلكات فهي بحكم المعدوم لوقف التعامل فيها المتمثل بعدم التداول لأسهمها.
2) إن ملكية الأسهم وإن تعينت عدداً وقيمة، فهي موقوفة حكماً بعدم تداولها، فالسهم -حينئذ- يشبه العين المرهونة لا يجوز بيعها عند جمهور العلماء إلا بموافقة الطرفين، وهما الشركة والمساهم - أو بأمر الحاكم.
3) البيع والشراء للأسهم قبل تداولها - فيه جهالة وغرر، إذ قد يباع السهم قبل التداول بسعر مرتفع عن سعره بعد طرحه أو العكس، فيلحق الضرر بالاثنين البائع والمشتري.
4) قد يقع بسبب هذا البيع منازعات وخصومات بين الطرفين، ولن يوثق عقد البيع قبل التداول بين الجهات ذات العلاقة، خاصة إذا كان المبلغ كبيراً، مما قد يسبب ضياع حقوق الناس.
5) في هذا البيع مخالفة لنظام بيع الأسهم الموضوعة للصالح العام، علاوة على ما في هذا من افتئات على ولي الأمر الذي أقر نظام هذه الشركات على هذا النحو لمصلحة الناس عامة.
والخلاصة: إن بيع أسهم الشركات والبنوك قبل السماح بتداولها - ولو بعد التخصيص- لا يجوز؛ والبنوك الإسلامية كالشركات، أما البنوك الربوية فلا يجوز تعاطي أسهمها بالبيع أو الشراء مطلقاً، لا قبل التخصص والتداول ولا بعده.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(8/405)
المتاجرة عبر الإنترنت
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 27/11/1424هـ
السؤال
أخي الكريم: أنا صاحب شركة للتجارة على الإنترنت، تقوم ببيع أسهم بقيمة معينة، وهذه القيمة تشمل أيضا منح المشتري صفحة إعلانية يحق له أن يستخدمها في الإعلان له، أو الإعلان عن أي منتج خاص به أو بغيره، وتكون هذه الصفحة الإعلانية ملكاً له مدى الحياة، يحق التصرف فيها كما يشاء، ويمنح المشتري عمولة عن أي شخص يشتري من خلاله، فأريد أن أعرف مدى مشروعية هذا العمل. وشكراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد:
الأصل في المعاملات الحل، وليس هناك ما يمنع من بيع أسهم مشروعة، أو إعطاء عمولة مقابل الإعلان عن منتج مشروع، لكن ينبغي الحذر من الأسهم غير المشروعة، أو الإعلان عن منتجات محرمة، أو أن تكون العمولات وفق النظام الشبكي؛ لما فيه من التغرير وأكل المال بالباطل. والله أعلم.(8/406)
المتاجرة بالأسهم عبر صالات البنوك الربوية
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 4/11/1424هـ
السؤال
أنا رجل أتاجر في الأسهم السعودية، وكنت أتعامل مع أحد البنوك في عمليات البيع والشراء، ولكن لكثرة الأعطال في البنك، وكذلك لتأخر تنفيذ عمليات البيع والشراء قمت بفتح حساب في بنك آخر، وأصبحت أتعامل معه في تنفيذ عمليات البيع والشراء، فهل في ذلك شيء؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
لا يظهر أن في ذلك بأس، لكن تأكد من أن العقد الموقع مع البنك المتعامل معه مطابق للشرع، وأن الأسهم محل التعامل مما أفتى العلماء بجوازه حسب الضوابط المشتهرة الآن.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(8/407)
المتاجرة بالأسهم بواسطة البنوك
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 21/07/1425هـ
السؤال
ما رأي فضيلتكم في المتاجرة بالأسهم السعودية عن طريق المضاربة باستخدام الإنترنت؟ حيث إن لدي حسابًا في أحد البنوك، فأدخل على سوق الأسهم، وأدخل أوامر الشراء بسعر معين، ثم أبيعها بسعر مرتفع أو منخفض وهكذا.. مع العلم أن البنك يأخذ مبلغاً وقدره 500 ريال بالسنة لتقديم الخدمة، بالإضافة إلى نسبة معينة في كل عملية شراء أو بيع تتم عن طريقه، سواء ربحت أو خسرت.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
لا بأس بالمتاجرة في الأسهم السعودية من خلال خدمة البنك، لكن يجب تجنب المتاجرة بأسهم البنوك الربوية؛ لأنها محرمة شرعاً، كما ينبغي تجنب أسهم الشركات التي يكثر فيها التعامل بالربا أخذاً أو عطاء.
وأما رسوم البنك فهي جائزة؛ لأنها مقابل خدمة الوساطة، ولا مانع من ذلك حتى لو كان البنك المقدم للخدمة ربوياً، فقد ثبت أن علياً - رضي الله عنه- آجر نفسه من يهودي، وتعامل النبي - صلى الله عليه وسلم- مع اليهود بالبيع والشراء. انظر ما رواه البخاري (2068) ، ومسلم (1603) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. والله أعلم.(8/408)
السندات الادخارية
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 7/3/1425هـ
السؤال
الرأي في السندات الادخارية التي تصدرها الحكومة، تصدر الحكومة هذه السندات لتشجع المواطنين على الادخار للتقاعد، ويحق لكل مواطن الاشتراك حسب القرار الحكومي الذي يحكم هذه السندات الادخارية، الحكومة حددت الحد الأقصى لمشاركة بـ 15000سنوياً؛ لتمنح الفرصة للمشاركة بالتساوي لكل المواطنين، الدولة أيضا قررت مكافأة المشترك تشجيعاً على الادخار بالمحافظة على مدخراتهم من التضخم، بإضافة مبلغ يعوض عن التضخم في حال حصوله، ويقرر مقدار التضخم كل 6 أشهر حسب مؤشر التضخم الذي يتغير كل 6 أشهر، المال المودع لا يمكن اعتباره قرضاً لانعدام هذه النية من الطرفين، بالإضافة لانعدام الزمن المحدد لاسترداد المبلغ الذي يمكن أن يكون في أي وقت، وليس هنالك تحديد مسبق لمبلغ المكافأة الذي ستصرفه الدولة للمشارك، والذي يعتمد على التضخم؛ تشجيعاً للادخار هبة من الحكومة للمواطن المشارك، وأيضاً تحديد الحكومة للمبلغ السنوي الذي يمكن للمواطن الاشتراك به يثبت نية الحكومة المعلنة لأن هذه السندات لتشجيع كل المواطنين على الادخار كفائدة موهوبة من الحكومة لكل مواطن، وأن المبلغ الممنوح هو هبة متوفرة من الحكومة لكل مواطن، هذا مشابه لما تفعله الشركات الخاصة للموظفين بإضافة مبلغ مماثل للمبلغ الذي يضعه الموظف في حساب تقاعده الخاص، والذي يحصل عليه الموظف فقط في حال مشاركته بمبلغ شهري، هذا أيضاً مشابه للضمان الاجتماعي الذي تموله الدولة بقسم منها بعد مشاركة المواطنين دون استثناء.
الجواب
الحمد لله، وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:(8/409)
الصيغة المذكورة في السؤال صيغة ربوية لأنها معاوضة نقد بنقد مع التفاضل والتأخير. وقول الأخ السائل إن نية القرض غير موجودة، ليس صحيحاً. لأن الحكومة تتصرف في المال لمصلحتها، وتلتزم بسداده عند الطلب مضافاً إليه معدل التضخم. فالحكومة تصبح بذلك مقترضة. والقرض معاملة ذات خصائص محددة؛ متى وجدت فهي قرض، ومتى قصد الطرفان هذه المعاملة فقد قصدا القرض، وليس العبرة بالأسماء والألفاظ. فالمشترك يقدم المال للحكومة لتتصرف فيه لمصلحتها وتلتزم بسداده مستقبلاً، وهذا هو القرض. فإذا انضم لذلك أي زيادة أو نقص مشروط دخل في الربا.
ولا يلزم في القرض أن يكون لأجل، بل إن جمهور الفقهاء يرون عدم جواز تحديد أجل للقرض. فانعدام الأجل لا ينفي كون المعاملة قرضاً.
وأنصح الأخ السائل بأن يتعاون مع إخوانه المسلمين لإنشاء صناديق ادخار إسلامية تغنيهم عن الوقوع في الربا، وإذا اجتهدوا في ذلك فسيعينهم الله تعالى ويسدد أعمالهم، والله تعالى يقول: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين" [العنكبوت:69] .(8/410)
حكم سندات الخزينة
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 24/5/1425هـ
السؤال
ما حكم سندات الخزينة الصادرة عن بعض الدول العربية؟ وهل لجميعها نفس الحكم أم أن هناك تفصيلاً؟ -جزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
مصطلح "سندات الخزينة" يراد به -عادة- سندات اقتراض بفائدة، وقد تكون الفائدة مبلغاً مقطوعاً على القرض (وتسمى في هذه الحالة كوبونات coupons) ، وقد تكون نسبة محددة (fixed rate) ، وقد تكون نسبة عائمة أو متغيرة (floating rate) ، وقد يكون السند بلا فائدة (zero-coupon bond) لكنه يطرح للبيع بأقل من قيمته الاسمية، وجميع هذه الصور من الربا المحرم شرعاً؛ لأنه نقد حاضر مقابل نقد مؤخر مع التفاضل، وهذا هو ربا النسيئة، والله أعلم.(8/411)
السندات الادخارية الحكومية
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 15/3/1425هـ
السؤال
الحكم في السندات الادخارية التي تصدرها بعض الدول؟، ففي الولايات المتحدة تصدر الحكومة هذه السندات لتشجيع المواطنين على الادخار الذي يستطيع الاستفادة، يجب أن يكون مواطن أمريكي الجنسية، وهنالك تحديد للمبلغ الممكن الاشتراك به سنوياً لتعطى الفرصة للجميع للاشتراك في هذا الصندوق الادخاري التقاعدي، الحكومة قد وعدت فقط بالمحافظة على هذا المال من نقص قيمته بالتضخم الذي يحصل بمرور الزمن لا أكثر ولا أقل، ففي حال عدم حصول تضخم فإن كمية المال تبقى على حالها، وهكذا إذا زاد التضخم زاد المال، وإذا نقص التضخم نقص المال.
علماً أن الحكومة هي المسؤولة الأكبر عن التضخم، فمن العدل أن تعوض الحكومة عن هذا التضخم، وهي تعطي الفرصة لكل المواطنين للاشتراك، ليس هنالك أجل محدد، أو فوائد محددة كما هي الحال في السندات التقليدية، تخرج هذه السندات عن تعريف القروض الذي هو بأجل محدد وفائدة محددة، وخاصة أن الحكومة لم تحدد فائدة محددة لهذه السندات، أو مدة محددة يجب فيها إبقاء المال في هذه السندات كما في القروض، حيث يمكن سحب المال في أي وقت، وأيضاً تحديد مبلغ الاشتراك يتنافى مع نية الاقتراض، فقط المقترض يأخذ كل ما يستطع من أي شخص ليكفي حاجته دون تحديد، بالإضافة إلى أن الحكومة قالت إنها أصدرتها للتشجيع على الادخار فقط للمواطن حين تقاعده، وهي لا تعطيك أي شيء فوق معدل التضخم إن حصل، وهذا يحدد كل 6 أشهر.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:(8/412)
فهذه السندات حقيقتها أنها قروض؛ لأن الدولة تضمن رأس المال لمشتري السند، وكون الفائدة على هذه السندات غير محددة، أو أن مدة بقائها بيد المشتري غير مؤقتة بفترة معينة، أو أن المقصود منها التشجيع على الادخار، كل ذلك لا يخرجها عن كونها قرضاً، لأن حقيقة القرض: أنه دفع مالٍ ينتفع به ويرد بدله، وهذا التعريف ينطبق على السندات المذكورة، لأن آخذ المال متى ما ضمن قيمته للمعطي فهذا الأخذ يسمى قرضاً، فإذا شرط الدائن زيادة عند استرجاعه فهذه الزيادة من الربا سواء أكانت محددة أم غير محددة، لقوله تعالى: "فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم" [البقرة:279] ، فأمر الله الدائن بالاقتصار على رأس ماله دون زيادة، وقد أجمعت الأمة على أن كل قرض جر نفعاً للمقرض فهو ربا، وأما تبرير الزيادة بأنها مقابل التضخم فهذا الافتراض لا يبيح أخذها، وقد قيل مثل ذلك في الفوائد الربوية، فإن من النظريات التي قيلت في تبريريها: نظرية التضخم، أي أنها تعويض للدائن عما يحصل له من نقص في دينه بسبب التضخم، وهذا غير صحيح فإن الفوائد في الواقع هي وقود التضخم وسببه الرئيسي، والبديل الشرعي للتخلص من التضخم هو استثمار المال بالربح الحلال بدلاً من الفوائد المحرمة. والله أعلم.(8/413)
بيع الشيكات بزيادة
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 17/2/1425هـ
السؤال
ما حكم ما يجري في مكاتب الخدمات في السعودية؟ حيث تشتري شيكات مدفوعة من بنك الرياض لصالح الجوازات من فئة 500ريال مثلاً، ثم يأتي المكتب عند باب الجوازات ويبيعها بالسعر نفسه، ويزيد عشرة ريالات فقط كخدمة لمكتب الخدمات.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
الذي يظهر والعلم عند الله -عز وجل- أن هذا العمل لا يجوز؛ لأنه بيع نقد بنقد بزيادة مع اتحاد الجنس، فهذا الشيك لا يقال إنه من جنس آخر، بل هو يقوم مقام النقد، وإذا كان كذلك فهو من جنس النقد، والنبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه- بين أن بيع الأصناف الربوية الستة بنفسها لا يجوز إذا وقع ذلك متفاضلاً، ثم قال: "فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم" رواه مسلم (1587) ، فالنقد جنس واحد، فلا يجوز أن يباع بجنسه مع حصول زيادة، فعلى هذا فلا يجوز أن يباع هذا الشيك إلا بالنقد الذي هو موجود فيه دون زيادة. والله أعلم.(8/414)
المضاربة في سوق الأسهم العالمية
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 22/11/1425هـ
السؤال
أرجو التكرم ببيان الحكم الشرعي للتعامل بالمضاربة بالأسهم في سوق الأسهم العالمية والأمريكية، مع العلم بأن عملية الربح والخسارة تكون (عملياً) من خلال ارتفاع وانخفاض قيمة السهم فقط، دون أن يكون لهذه الأسهم أية عوائد في نهاية السنة المالية نتيجة للنشاط الجاري للشركة التي تطرح هذه الأسهم في السوق، وكأن هذه الأسهم ما هي إلا سلعة تطرحها الشركات تنخفض وترتفع قيمتها حسب العرض والطلب، ودون أن تمثل هذه الأسهم أية قيمة من أصول الشركة أو نشاطها، لقد أفتيت من بعض العلماء أن هذه التجارة في حقيقتها ما هي إلا نوعٌ من أخطر أنواع الميسر، حيث يرون أن الأسهم تحولت فعلياً في البورصة العالمية إلى سلع ذات قيمة وهمية تتلاعب بها الأسواق كما تشاء، بينما أرى العديد من فقهاء المملكة يجيزونها بشروط (النشاط الحلال وعدم التعامل بالربا) ومنهم من ذهب أكثر من ذلك فأباح شراء أسهم الشركات العالمية والأمريكية التي تستفيد من الربا بشرط تصفية الجزء الربوي من الأرباح (توزيع 20% من الربح في منافع المسلمين) .أرجو التفصيل في بيان الفتوى، وشرح كيف يمكن أن يظهر الاختلاف الكبير بين فتاوى العلماء في مسألة واحدة تهم النشاط التجاري لشريحة كبيرة من الناس؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
السهم يمثل ملكية شائعة في الشركة المساهمة، وهو يستمد قيمته من موجودات الشركة وربحيتها وأدائها، ولولا ذلك لكان عديم القيمة. لكن كأي سلعة أخرى، قد يساء استخدام الأسهم، وقد تخضع لمجازفات تصل إلى المقامرة، كما يحصل ذلك في أسواق السلع والعقارات وغيرها.(8/415)
أما ما يتعلق بالشركات التي تتعامل بالربا، فلا خلاف بين الفقهاء، القدامى والمعاصرين، أن الربا محرم قليله وكثيره. وإنما وقع الخلاف في أن الشركة إذا اختلطت أموالها الحلال بمال حرام، كالربا وغيره، فهل يجب اجتنابها كلياً أو تكون العبرة بالغالب؟ فهناك من منع كلياً، وهناك من أجاز بشرط غلبة الحلال على الحرام ترجيحاً لمصلحة الاستثمار وتنمية المال على مصلحة التورع وترك الشبهات. ولا غضاضة في الاختلاف في هذه المسائل، لأن الاختلاف هنا ليس في أصل الحكم الشرعي، وإنما في تنزيله على الواقع وتطبيقه عليه، أو ما يسمى "تحقيق المناط". والشريعة الإسلامية تتسع لتعدد الآراء وتنوع الاجتهادات طالما كان ذلك وفق المنهج العلمي في الاجتهاد والاستدلال، وهذا من رحمة الله بهذه الأمة. والله الهادي إلى سواء السبيل.(8/416)
المضاربة في الأسهم العالمية
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 19/08/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
ما حكم المضاربة في الأسهم المحلية والعالمية (وهي عملية الشراء والبيع دون أخذ أي أرباح من امتلاك الأسهم) والله يحفظكم ويرعاكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يجوز ذلك بشرط أن يكون نشاط الشركة مباحاً، أما إن كان نشاطها محرماً كالبنوك التجارية وشركات التأمين والتبغ ونحوها فتحرم، وإن كان معظم نشاطها مباحاً لكنها قد تتعامل ببعض الأنشطة المحرمة العارضة (أي التي ليست من صميم نشاط الشركة) كالإيداع لدى البنوك بفوائد، والاقتراض منها بفوائد، فهذا محل خلاف بين العلماء المعاصرين، والذي عليه كثير من أهل العلم هو جواز التعامل بأسهم تلك الشركات بشرط ألا يكون الدخل المحرم في تلك الشركات كثيراً. والله أعلم.(8/417)
بيع وشراء الأسهم في البُرصة
المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي
مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 14/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
هل يجوز بيع وشراء الأسهم في البورصة؟ وشكرًا لكم.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
هذا السؤال من الأسئلة العامة، ولكي يجاب عليه لابد من التفصيل، فنقول وبالله التوفيق:
هناك شرطان إذا توفرا في عقود البورصة جاز التعامل بها، وهما:
الشرط الأول: أن يكون الأصل محل التعاقد جائزًا شرعًا.
ومعنى ذلك أن العقود في البورصة تجري على الأسهم والسندات والسلع والعملات وغيرها.
فلا يجوز التعامل بالسندات الربوية، ولا يجوز التعامل بأسهم شركات البنوك الربوية، وشركات التأمين التجارية، وكذلك شركات الخمور وغيرها من المحرمات.
أما الشركات ذات النشاط المباح، فيجوز شراء أسهمهما بشرط ألَّا تتعامل بالربا إيداعًا أو اقتراضًا.
الشرط الثاني: أن يكون إجراء العقد جائزًا شرعًا.
والحكم على عقود البورصة يختلف باختلاف أنواعها، وسوف أذكر أنواعها وأقسام كل نوع، بذكر تعريف مختصر، والحكم الشرعي، بدون ذكر الأدلة طلبًا للاختصار.
وإجراء العقود في البورصات ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: العقود العاجلة.
ويراد بها: المعاملات التي يتم فيها تسليم الأوراق المالية المباعة، وتسليم ثمنها بعد تنفيذ العقد مباشرة، أو خلال مدة قصيرة.
وهذه العقود لها ثلاثة أنواع:
النوع الأول: البيوع العادية.
وهي البيوع التي يلتزم فيها كل من البائع والمشتري بإتمام الصفقة نقدًا، وذلك بأن يستلم المشتري الأوراق المالية، ويسلم ثمنها حالًا، أو خلال مدة وجيزة جدًّا، تقدر في بعض الأسواق الغربية بيومين، وفي مصر بأربعة أيام، وفي بورصة نيويورك يلزم أن تصفى العملية في موعد أقصاه ساعة قبل افتتاح الجلسة التالية.(8/418)
الحكم الشرعي:
البيع بهذه الطريقة جائز لا غبار عليه، بل إنه الأصل في البيوع في الشريعة الإسلامية. فإذا كان السهم المراد بيعه مستوفيًا لشروطه وضوابطه المعتبرة شرعًا فالبيع صحيح. وممن أفتى بجواز تداول هذا النوع من الأسهم: سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، واللجنة الدائمة للإفتاء، ومجمع الفقه الإسلامي بجدة، والحلقة الفقهية الأولى للبركة.
النوع الثاني: الشراء بالهامش (Margin Buying)
فالشراء بالهامش: شراء الورقة المالية بسداد جزء من قيمتها نقدًا، بينما يسدد الباقي بقرض، بشرط ضمان الأوراق محل الصفقة.
الحكم الشرعي:
وقد تتبعت صور الشراء بالهامش في البورصات فلم أجد إلا صورة واحدة هي الجائزة، وهي:
أن تكون الأسهم مملوكة للسمسار، وصورتها:
أن يقوم العميل بشراء الأسهم محل الصفقة من السمسار، وهذه الأسهم مملوكة له، وذلك بدفع 60 % من قيمتها نقدًا، والباقي مؤجلًا، ومن ثم يقوم السمسار برهن جميع الأسهم محل الصفقة، إلى أن يسدد العميل المبلغ المتبقي عليه.
وأما باقي الصور فهي محرمة؛ لاشتمالها على الربا.
النوع الثالث: البيع على المكشوف (البيع القصير Short Sell)
والمراد به: (قيام شخص ببيع أوراق مالية لا يملكها، عن طريق اقتراضها من آخرين، مقابل الالتزام بإعادة شرائها، وتسليمها للمقرض، في وقت محدد) .
وهذا النوع محرم لاشتماله على الربا والغرر.
القسم الثاني: العقود الآجلة.
وهي: (عمليات تنعقد في الحال، ولكن يتراخى تنفيذها لتاريخ تالٍ، هو ما يعرف بيوم التصفية) .
وهي على نوعين:
النوع الأول: العقود المستقبلية.Futures
تعريفها: عقود تعطي لحاملها الحق في شراء أو بيع كمية من أصل معين، (قد يكون سلعة أو ورقة مالية) بسعر محدد مسبقًا، على أن يتم التسليم والتسلم في تاريخ لاحق في المستقبل.
الحكم الشرعي:(8/419)
وقد صدرت قرارت المجامع الفقهية والهيئات الشرعية بتحريم هذا النوع من العقود، لاشتماله على الربا والغرر والقمار.
النوع الثاني: عقود الخيارات.
وهي: (عقود تعطي لحاملها الحق في شراء أو بيع ورقة مالية في تاريخ لاحق، وبسعر يحدد وقت التعاقد، على أن يكون لمشتري الاختيار الحق في التنفيذ من عدمه، وذلك في مقابل مكافأة يدفعها للبائع، والذي يطلق عليه محرر الاختيار) .
الحكم الشرعي:
وقد صدرت قرارت المجامع الفقهية والهيئات الشرعية بتحريم هذا النوع من العقود، لاشتماله على الربا والغرر والقمار.
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(8/420)
هل يجوز الاكتتاب في هذه الشركات؟
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 12/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كما تعلمون أنه سيكون خلال الأشهر القادمة اكتتاب في بعض الشركات والبنوك، نريد الحكم الشرعي بالتفصيل بدون إجابات عامة وهي كالتالي:
1- بنك البلاد، وكما يقولون إنه سيكون بنكًا إسلاميًا أو يعمل بالطريقة الإسلامية. 2- شركة معادن.
3- شركة التعاونية وحبذا لو توضح بالتفضيل الحكم بها؛ لأن الأمر اختلط حول أصل عمل الشركة هل هو حلال أم حرام؟.
4- شركة اتحاد الاتصالات.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأصل في الأسهم هو جواز التعامل بها بيعاً وشراء، ما لم يكن نشاط الشركة المصدرة لها محرماً، وبالنسبة للشركات المذكورة فيجوز الاكتتاب في بنك البلاد، وفي شركة اتحاد الاتصالات؛ لأن نشاط هاتين الشركتين مباح.
وأما شركة التعاونية فإن كان السائل يقصد التعاونية للتأمين فنشاطها في التأمين التجاري، وهو محرم على رأي جمهور العلماء المعاصرين، وإن كان يقصد غيرها فلا أعلم عنها شيئاً، وكذا لا علم لي بنشاط شركة معادن. والله أعلم.(8/421)
التعامل بشاشات الأسهم
المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي
مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 16/11/1425هـ
السؤال
ما حكم التعامل بشاشات الأسهم التي في البنوك، أو عن طريق الإنترنت؟ علمًا بأن الشراء والبيع يتم عن غير التقابض. وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
يجوز التعامل بشاشات الأسهم التي في البنوك، وكذلك من خلال الإنترنت، بشرط أن تكون الأسهم محل الصفقة جائزة شرعًا.
وأما قولك: (إن البيع يتم من غير تقابض) . فهذا غير صحيح؛ لما يلي:
1- أن البيع وقع فيه قبض من خلال القيد المصرفي.
والقيد المصرفي هو (العملية الآلية التي تتم في المصارف بنقل النقود أو الأوراق المالية من حساب (محفظة استثمارية) إلى حساب آخر) ، والقيد المصرفي بمنزلة القبض الحقيقي، وبهذا صدر قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، والمجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وكذلك اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
2- أن المرجع في تحديد القبض إلى العرف، كما نص على ذلك أهل العلم، والعرف في العصر الحاضر يقضي بأن القيد المصرفي له قوة القبض الحقيقي.
3- أن المقصود من القبض الحقيقي، الحسي: إثبات يد العاقد على المال، وتمكنه من التصرف فيه تصرفًا مطلقًا، وانتهاء صلته بالطرف الآخر، بحيث لا يبقى في ذمة أي منهما للآخر شيء، وجميع هذه الأمور متحققة في القيد المصرفي، فإن الطرف المقيد له تثبت يده على المال ويتمكن من التصرف فيه بمجرد قيد المبلغ لحسابه.(8/422)
4- أن الصفقات إذا كانت تتم بمبالغ ضخمة فإن من المستحيل في مثل هذه الحالات التسليم الفعلي، فإما أن يقال بتحريم هذه المعاملات مطلقًا، وهذا أمر تأباه الشريعة؛ لأن مصالح الناس لا تقوم إلا بهذه المعاملات، فمقاصد الشريعة تقتضي التيسير على الناس فيما لهم فيه مصلحة، ولا يتعارض مع نصوص الشريعة.
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(8/423)
المساهمة في شركات أصل نشاطها مباح
المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي
مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 28/12/1425هـ
السؤال
ما حكم بيع وشراء أسهم شركات أصل نشاطها مباح، ولكن عليها قرض ربوي أو استثمار ربوي أو الاثنان معًا؟ ما حكم بيع وشراء هذه الأسهم بدون أخذ أرباح؟ ما حكم الاستثمار بهذه الأسهم وأخذ الأرباح؟ عندي أسهم من التأسيس ما الذي يجب علي فعله بهذه الأسهم، مع العلم أن سعرها الآن أعلى من سعر شرائي لها قبل أكثر من 10 سنوات؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين محمد بن عبد الله وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
هذه المسألة من المسائل النازلة التي تحتاج إلى بسط في إجابتها، فأقول وبالله التوفيق:
هذا النوع من الشركات اختلف فيه العلماء المعاصرون اختلافًا كبيرًا، وقبل أن نبدأ في ذكر الأقوال في هذا النوع من الشركات يحسن بنا أن نحرر محل النزاع في هذه المسألة: أن المساهمة في الشركات التي يغلب عليها المتاجرة بالأنشطة المحرمة، محرمة ولا تجوز لما فيها من الإعانة على الإثم والعدوان.
وأن من يباشر إجراء العقود المحرمة بالشركة- كأعضاء مجلس الإدارة الراضين بذلك- أن عملهم محرم، قلّت نسبة الحرام في الشركة أم كثرت.
وأن الاشتراك في تأسيس شركات يكون من خطة عملها أن تتعامل في جملة معاملاتها بالعقود المحرمة، أو كان منصوصًا في نظامها على جواز ذلك، فإن هذا الاشتراك محرم.
وأن المساهم لا يجوز له بأي حال من الأحوال أن يدخل في ماله كسب الجزء المحرم من السهم، بل يجب عليه إخراجه والتخلص منه، حتى على القول بجواز مساهمته.
واختلفوا في حكم المساهمة في الشركات المشروعة من حيث الأصل لكنها تتعامل في بعض معاملاتها بالأنشطة المحرمة أو تقترض أو تودع بالفوائد على قولين:
القول الأول: الجواز.(8/424)
وممن ذهب إلى هذا القول: الهيئة الشرعية لشركة الراجحي، والهيئة الشرعية للبنك الإسلامي الأردني، والمستشار الشرعي لدلة البركة، وندوة البركة السادسة، وعدد من العلماء المعاصرين منهم الشيخ عبد الله بن منيع حفظه الله.
وقد اشترط أصحاب هذا القول شروطًا؛ إذا توفرت جاز تداول أسهم هذا النوع من الشركات، وإذا تخلف منها شرط لم يجز، ومنها:
ما جاء في قرار الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية رقم (485) :
(يجب أن يراعى في الاستثمار والمتاجرة في أسهم هذا النوع من الشركات المساهمة الضوابط التالية:
إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك.
ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا- سواء أكان قرضًا طويل الأجل أم قرضًا قصير الأجل- (25%) من إجمالي موجودات الشركة، علمًا أن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه.
ألا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم (5%) من إجمالي إيراد الشركة، سواء أكان هذا الإيراد ناتجًا عن الاستثمار بفائدة ربوية أم عن ممارسة نشاط محرم أم عن تملك المحرم أم عن غير ذلك. وإذا لم يتم الإفصاح عن بعض الإيرادات فيجتهد في معرفتها، ويراعي في ذلك جانب الاحتياط.
ألا يتجاوز إجمالي حجم العنصر المحرم- استثمارًا كان أو تملكًا لمحرم- نسبة (15%) من إجمالي موجودات الشركة.
والهيئة توضح أن ما ورد من تحديد للنسب في هذا القرار مبني على الاجتهاد، وهو قابل لإعادة النظر حسب الاقتضاء)
وذهبت الهيئة الشرعية لدلة البركة إلى التفريق بين الأنشطة المحرمة التي تزاولها الشركة:
فإن كان أصل نشاطها مباحًا، ولكنها تتعامل بجزء من رأس مالها مثلًا بتجارة الخمور، أو إدارة صالات القمار، ونحوها من الأنشطة المحرمة، فلا يجوز تملك أسهمها ولا تداولها ببيع أو شراء.(8/425)
أما إن كانت تودع أموالها في البنوك الربوية، وتأخذ على ذلك فوائد، أو أنها تقترض من البنوك الربوية، مهما كان الدافع للاقتراض، فإنه في هذه الحالة يجوز تملك أسهمها بشرط احتساب النسبة الربوية وصرفها في أوجه الخير.
واستدل أصحاب هذا القول بقواعد فقهية عامة، منها:
1- قاعدة: "الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة". وقالوا: إن حاجة الناس تدعو للمساهمة بهذه الشركات.
2- قاعدة: "يجوز تبعًا ما لا يجوز استقلالًا". وقالوا: إن الربا في هذه الشركات تابعٌ غير مقصود فيعفى عنه.
3- قاعدة: "اختلاط الجزء المحرم بالكثير المباح لا يصير المجموع حرامًا". فقالوا: إن الربا في هذه الشركات يسير جدًّا فيكون مغمورًا في المال المباح الكثير.
القول الثاني:
يرى جمهور العلماء المعاصرين، وعدد من الهيئات الشرعية تحريم المساهمة في الشركات التي يكون أصل نشاطها مباحًا، إذا كانت تتعامل ببعض المعاملات المحرمة كالإقراض والاقتراض بفائدة، فيحرم الاكتتاب بها، وبيعها وشراؤها وامتلاكها.
وممن ذهب إلى هذا القول: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة، وعلى رأسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله، والهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي، والهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي، وهيئة الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي السوداني، وعدد من الفقهاء المعاصرين.
وأصدر مجمعان فقهيان مشهوران قرارين يقضيان بتحريم هذا النوع من الشركات، وهذان المجمعان يحويان ثلة من علماء العصر المعتبرين، فأما المجمع الأول فهو:
المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، ونص قراره هو:
(الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحيانًا بالمحرمات، كالربا ونحوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة) .
وأما المجمع الثاني فهو:
المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، ونص قراره هو:(8/426)
(لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالمًا بذلك) .
واستدل أصحاب هذا القول:
1- أدلة تحريم الربا في الكتاب والسنة، وقالوا: إن هذه الأدلة لم تفرق بين قليل أو كثير، وبين تابع أو مقصود.
2- قول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة: 2] .
وعن جابر، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم "لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ". رواه مسلم (1598) .
ووجه الدلالة من هذين النصين: أن الذي يساهم في الشركات التي تتعامل بالمحرمات معين لها على الإثم، فيشمله النهي.
3- قوله عليه الصلاة والسلام: "دِرْهَمُ رِبًا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ، وَهُوَ يَعْلَمُ، أَشَدُّ مِن سِتٍّ وثَلاثِين زَنْيةً". أخرجه أحمد (21957) ، والدارقطني 3/16، والطبراني في الأوسط (2628) . ووجه الدلالة منه: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، عد أكل درهم واحد من الموبقات، ورتب عليه هذا الوعيد الشديد، فكيف بمن يضع المئين والآلاف من أمواله في المصارف الربوية؟ وإخراج قدر الحرام تخمين، فمن غير المستبعد أن يدخل ماله شيء من الحرام.
بقي أن يقال:
إن أصحاب القول الأول اشترطوا في جواز المشاركة بمثل هذه الشركات: أن يتخلص المساهم من الكسب المحرم.
ومما يؤكد أن هذا الاشتراط افتراضي وليس واقعيًّا، أنه يستحيل تحديد مقدار الكسب المحرم من عوائد السهم.
ونحن هنا في مقام لا يحتمل الظن والتخمين، بل لا بد من القطع واليقين.
وإيجاب البعض- عند الجهل بالحرام- إخراج نصف ربح السهم أو ثلثه فهم قالوا به من باب الاحتياط، وهو نافع في حالة وجود أرباح حقيقية للشركة من النشاط المباح، وهو أيضًا غير شاق من الناحية العملية، إلا أنه غير عملي ولا يفي بالغرض في صورتين:(8/427)
الأولى: عندما لا تحقق الشركة أرباحًا تذكر من مبيعاتها في بعض السنوات، فتبقى معتمدة في توزيعات الأرباح على فوائد الودائع، والسندات البنكية والأوراق قصيرة الأجل ذات الدخل الثابت.
الثانية: كما أن بعض الشركات تقوم بتوزيع الأرباح قبل البدء بتشغيل منشآتها، وهذه الأرباح تحصلت عليها من إيداع رأس المال في البنوك.
وعليه: إذا كان الأمر محتملًا فلا يكفي التقدير في هذه الحالة.
أما تحديد مقدار الكسب الحرام، كما تفعله بعض الهيئات الشرعية، من أجل دقة التخلص من الحرام فهو متعذر؛ لأمور، منها:
- أن جميع المجيزين يفترضون أن الشركة تودع وتأخذ فوائد، فيوجبون على المساهم إخراج ما يقابل نصيب الودائع من الأرباح.
فإذا كانت الشركة تقترض من البنوك لتمويل أعمالها، أو لإجراء توسعات رأسمالية ونحو ذلك، فما السبيل لتحديد ما يقابل هذه القروض من الأرباح؟
- أن أغلب المستثمرين يشترون الأسهم بقصد الحصول على الأرباح الرأسمالية، أي فرق السعر بين الشراء والبيع، ومن المتعذر في هذه الحالة تحديد مقدار الكسب الحرام، لاسيما وأن من العوامل المؤثرة على القيمة السوقية للسهم مدى قدرة الإدارة على الحصول على التسهيلات والقروض البنكية.
- إذا خسرت الشركة، فما هو نصيب الكسب الحرام من هذه الخسارة؟ إذا علمنا أن إيرادات الودائع والسندات ثابتة، فهذا يعني أن الخسارة على من يريد التخلص من الربا ستكون مضاعفة.
- ومن المعتاد أن الشركة تستثمر جزءًا من أموالها في شركات تابعة أو شركات زميلة أو في صناديق استثمارية بالأسهم أو السندات، وقد تكون تلك الأسهم لشركات ذات أنشطة محرمة أو ذات أنشطة مباحة وتتعامل بالفوائد، وهكذا تمتد السلسلة إلى ما لا نهاية، ويصبح تحديد الحرام في هذه السلسلة من الشركات أشبه بالمستحيل.(8/428)
وأيضًا لو فرضنا أنه يمكن التخلص من الأرباح المحرمة الربوية، فهو تخلص من الأكل للربا، لكن هذا المساهم قد شارك في دفع الربا للممولين للشركة، فهو وإن لم يأكله فقد آكله، والنبي صلى الله عليه وسلم حرم الأمرين فهو لعن آكل الربا ومؤكله. أخرجه مسلم (1597) .
الترجيح:
من خلال استعراض بعض أدلة القولين يتبين ما يلي:
أن القول الأول يتوجه القول به بالشروط التالية:
- إذا لم توجد شركة مساهمة لا تتعامل بالربا إيداعًا واقتراضًا، حيث كانت جميع شركات السوق مما يتعامل بالربا.
وهذا الشرط منتف في هذا العصر حيث أثبتت دراسة أجريتها نشرها الموقع، أنه توجد شركات مساهمة معاملاتها حلال بالكامل، ومما يؤيد هذا الشرط أن الهيئة الشرعية للراجحي ذكرت في قرارها رقم (485) : (إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك) .
- إذا كان نظام الدولة يجبر الشركات أن تودع جزءًا من أموالها في البنوك الربوية ويجبرهم أيضًا بأن تدخل الفوائد ضمن أرباح المساهمين.
وهذا الشرط حسب علمي غير موجود في هذا العصر، لانتشار البنوك الإسلامية، ومن ثم انتشار المعاملات الإسلامية المصرفية.
- ألَّا تجد الشركة بدًّا من إتمام عملياتها إلا عن طريق الاقتراض بالربا.
وهذا الشرط منتف في هذا العصر؛ إذ وجدت بنوك إسلامية تمول الشركات بالطرق المباحة: كالمرابحة، وعقود الاستصناع، والسلم، والمشاركة المنتهية بالتمليك، والإجارة المنتهية بالتمليك، وغير ذلك مما جاءت شريعتنا بإباحته.(8/429)
ثم إن المتأمل في القول الأول يجد: أن القول به كان في فترة فشا فيها الربا، والبنوك الإسلامية لم تقم على ساقيها، أما في هذه المرحلة فالأمر عكس ذلك، فنحمد الله عز وجل أن انتشرت هذه البنوك الإسلامية في أنحاء الأرض، فأيهما أسهل بالله عليكم تحويل بنك ربوي إلى بنك إسلامي أم تحويل شركة تتعامل بالربا إلى شركة خالية من ذلك؟ لاشك أنه الثاني.
فالذي يظهرلي رجحان القول الثاني، وهو حرمة المساهمة في الشركات التي يكون أصل نشاطها مباحًا، وتتعامل بالفوائد أو بغيرها من المعاملات المحرمة، لعموم الأدلة الشرعية في تحريم الربا قليله وكثيره، فلم تستثن تلك الأدلة ما كان تابعًا أو مغمورًا أو يسيرًا.
وبالتالي يحرم المتاجرة والاستثمار بهذه الأسهم من هذا النوع من الشركات.
وأما الأسهم التي عندك من التأسيس فما استلمته من أرباح سابقة، وهي أرباح ربوية وأنت لا تعلم عنها فلا بأس عليك فيها، ويجب عليك التخلص من هذه الأسهم وبيعها. والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(8/430)
حكم الاكتتاب في شركة " اتحاد اتصالات "
المجيب جمع من العلماء
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ
السؤال
ستطرح قريبًا أسهم شركة "اتحاد اتصالات" فما حكم الاكتتاب بأسهم هذه الشركة وجزاكم الله خيرا؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، أما بعد:
1- الأصل في الاكتتاب في الشركات المساهمة هو الحل، عملاً بالقاعدة الشرعية "أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة"، بدليل قوله تعالى: "وأحل الله البيع".
2- يَخرج عن الأصل السابق ما إذا كان نشاط الشركة في أعمال محرمة، فيحرم الاكتتاب فيها حتى وإن لم تبدأ الشركة في مزاولة نشاطها المحرم، لأن ما بني على باطل فهو باطل، وذلك مثل البنوك الربوية وشركات التبغ، وشركات القمار، وشركات الإعلام الهابط.
3- وبناء على ما سبق فإذا كان النشاط المعلن للشركة مباحاً، ولم يتضمن نظامها الأساسي أو نشرة الاكتتاب أو طريقة التمويل لبدء النشاط محظوراً شرعياً، فلا حرج على المسلم من الاكتتاب فيها، أخذاً بمبدأ البراءة الأصلية. ويدخل في هذا الصنف شركة " اتحاد اتصالات"، حيث قام عدد من المتخصصين - ومن بينهم فريق العمل الشرعي ببنك البلاد - مشكورين - بفحص النظام الأساسي للشركة ونشرة الاكتتاب، والاستفسار من بعض الأعضاء المرشحين لمجلس إدارة الشركة عن بعض ما أشكل في النظام الأساسي ونشرة الاكتتاب، ولم يتبين لهم من خلال ما اطلعوا عليه ما يمنع من الاكتتاب فيها، لاسيما وقد صرح القائمون عليها عبر بعض وسائل الإعلام بأن تمويل بدء نشاط الشركة كان بالمرابحة الإسلامية.(8/431)
4- يجوز للمكتتب اقتراض قيمة الاكتتاب بقرضٍ حسنٍ يرده للمقرض بمثله بدون زيادة، فإن كان القرض مشروطاً بزيادة يدفعها المقترض للمقرض فهو محرم، سواء أكانت الزيادة المشروطة نسبية أم بمبلغ مقطوع، وسواء سمي ذلك تمويلاً أم تسهيلات بنكية أم غير ذلك، لأنه من الربا. وعوضاً عن ذلك يجوز للمكتتب الذي لا يجد ما يكفي من المال الدخول مع صاحب المال في عقد مشاركة، وما يتحقق من ربح بعد بدء التداول يتقاسمانه بينهما بحسب اتفاقهما، ويشترط أن تكون الحصة المشروطة لكل منهما من الربح شائعة كأن يقول: خذ هذا المال وما كان من ربح فيه فلك 20% منه، ولي 80%، أما لو حددت حصة الواحد منهما فلا يجوز كما لو قال: خذ هذا المال فاكتتب به ولك ألف ريال من الربح ولي ما زاد على ذلك، لأن هذا يؤدي إلى قطع المشاركة في الربح، فقد لا تربح تلك الأسهم إلا المبلغ المذكور أو أقل، أو قد تربح أرباحا كبيرة فيشعر بالغبن.
ولا يخفى أن دخول صاحب المال في عقد مشاركة مع من سيسجل السهم باسمه أقرب إلى تحقيق العدل بينهما من استئثار صاحب المال بكامل الربح، لا سيما أن هذا التصرف لا يظهر ما يمنع منه نظاماً، فقد نص النظام الأساسي للشركة على جواز أن يكون السهم مملوكاً بالاشتراك لشخصين فأكثر، على أن يكون مسجلاً باسم شخص واحد في مقابل الشركة، ولا تمنع الإجراءات المنظمة لسوق المال من اقتراض قيمة الاكتتاب، وغير خافٍ أن المشاركة أفضل من كل وجه من الاقتراض.(8/432)
5- يجوز بيع أسهم الشركة وشراؤها بعد الإذن بتداول الأسهم في السوق، لأن الشركة تمتلك موجودات أخرى غير النقود وهي ذات قيمة معتبرة شرعاً، فمن ذلك قيمة الترخيص للعمل في قطاع الاتصالات الذي تجاوزت قيمته اثني عشر مليار يال، ولأن التغيرات في قيمة السهم بعد بدء التداول لا ترتبط ارتباطا كليا بالتغير في قيمة موجودات الشركة نفسها أو مطلوباتها، وإنما ترجع إلى عوامل أخرى كالعرض والطلب على الأسهم والمؤشر العام وغير ذلك. والله أعلم
وفي الختام، نهتبل هذه الفرصة لحث القائمين على الشركات المساهمة على البعد عن التمويل والاستثمار الربوي، كما نحث المتعاملين في سوق المال على دعم الشركات المساهمة التي تتجنب في معاملاتها ما يخالف أحكام الشريعة، ونوجه النصح لجميع الإخوة المكتتبين بالحذر من أخذ قروض أو تسهيلات بنكية بفوائد لتغطية قيمة الاكتتاب.
نسأل الله تبارك وتعالى يلهمنا الرشد والصواب، ويفقنا للخير والسداد.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
______________________
الموقعون:
1- د. محمد بن سعود العصيمي. مدير عام المجموعة الشرعية ببنك البلاد.
2- د. عبد الله بن موسى العمار. عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام.
3- د. عبد العزيز بن فوزان الفوزان. عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام.
4- د. يوسف بن عبد الله الشبيلي. عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام.
5- د. سلمان بن فهد العودة. المشرف العام على مؤسسة الإسلام اليوم.(8/433)
شراء أسهم البورصة
المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي
مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 27/01/1426هـ
السؤال
ما حكم شراء أسهم في البورصة؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
هذا السؤال من الأسئلة العامة، ولكي يجاب عليه لابد من التفصيل، فنقول وبالله التوفيق:
هناك شرطان إذا توفرا في عقود البورصة جاز التعامل بها، وهما:
الشرط الأول: أن يكون الأصل محل التعاقد جائزًا شرعًا.
ومعنى ذلك أن العقود في البورصة تجري على الأسهم والسندات والسلع والعملات وغيرها.
فلا يجوز التعامل بالسندات الربوية، ولا يجوز التعامل بأسهم شركات البنوك الربوية، وشركات التأمين التجارية، وكذلك شركات الخمور وغيرها من المحرمات.
أما الشركات ذات النشاط المباح، فيجوز شراء أسهمها بشرط ألاَّ تتعامل بالربا إيداعًا أو اقتراضًا.
الشرط الثاني: أن يكون إجراء العقد جائزًا شرعًا.
والحكم على عقود البورصة يختلف باختلاف أنواعها، وسوف أذكر أنواعها وأقسام كل نوع، بذكر تعريف مختصر، والحكم الشرعي، بدون ذكر الأدلة طلبًا للاختصار.
وإجراء العقود في البورصات ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: العقود العاجلة. ويراد بها: المعاملات التي يتم فيها تسليم الأوراق المالية المباعة، وتسليم ثمنها بعد تنفيذ العقد مباشرة، أو خلال مدة قصيرة.
وهذه العقود لها ثلاثة أنواع:
النوع الأول: البيوع العادية.
وهي البيوع التي يلتزم فيها كل من البائع والمشتري بإتمام الصفقة نقدًا، وذلك بأن يستلم المشتري الأوراق المالية، ويسلم ثمنها حالًا، أو خلال مدة وجيزة جدًّا، تقدر في بعض الأسواق الغربية بيومين، وفي مصر بأربعة أيام، وفي بورصة نيويورك يلزم أن تصفى العملية في موعد أقصاه ساعة قبل افتتاح الجلسة التالية.
الحكم الشرعي:(8/434)
البيع بهذه الطريقة جائز لا غبار عليه، بل إنه الأصل في البيوع في الشريعة الإسلامية. فإذا كان السهم المراد بيعه مستوفيًا لشروطه وضوابطه المعتبرة شرعًا فالبيع صحيح. وممن أفتى بجواز تداول هذا النوع من الأسهم: سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم- رحمه الله- واللجنة الدائمة للإفتاء، ومجمع الفقه الإسلامي بجده، والحلقة الفقهية الأولى للبركة.
النوع الثاني: الشراء بالهامش (Margin Buying)
فالشراء بالهامش: شراء الورقة المالية بسداد جزء من قيمتها نقدًا، بينما يسدد الباقي بقرض، بشرط ضمان الأوراق محل الصفقة.
الحكم الشرعي:
وقد تتبعت صور الشراء بالهامش في البورصات فلم أجد إلا صورة واحدة هي الجائزة، وهي: أن تكون الأسهم مملوكة للسمسار، وصورتها:
أن يقوم العميل بشراء الأسهم محل الصفقة من السمسار- وهذه الأسهم مملوكة له- وذلك بدفع 60 % من قيمتها نقدًا، والباقي مؤجلًا، ومن ثم يقوم السمسار برهن جميع الأسهم محل الصفقة، إلى أن يسدد العميل المبلغ المتبقي عليه.
وأما باقي الصور فهي محرمة؛ لاشتمالها على الربا.
النوع الثالث: البيع على المكشوف (البيع القصير Short Sell)
والمراد به: قيام شخص ببيع أوراق مالية لا يملكها، عن طريق اقتراضها من آخرين، مقابل الالتزام بإعادة شرائها، وتسليمها للمقرض، في وقت محدد.
وهذا النوع محرم لاشتماله على الربا والغرر.
القسم الثاني: العقود الآجلة.
وهي: عمليات تنعقد في الحال، ولكن يتراخى تنفيذها لتاريخ تال، هو ما يعرف بيوم التصفية.
وهي على نوعين:
النوع الأول: العقود المستقبلية Futures.
تعريفها: عقود تعطي لحاملها الحق في شراء أو بيع كمية من أصل معين (قد يكون سلعة أو ورقة مالية) بسعر محدد مسبقًا، على أن يتم التسليم والتسلم في تاريخ لا حق في المستقبل.
الحكم الشرعي:
وقد صدرت قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية بتحريم هذا النوع من العقود، لاشتماله على الربا والغرر والقمار.(8/435)
النوع الثاني: عقود الخيارات.
وهي: عقد يعطي لحامله الحق في شراء أو بيع ورقة مالية في تاريخ لاحق، وبسعر يحدد وقت التعاقد، على أن يكون لمشتري الاختيار الحق في التنفيذ من عدمه، وذلك في مقابل مكافأة يدفعها للبائع، والذي يطلق عليه محرر الاختيار.
الحكم الشرعي:
وقد صدرت قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية بتحريم هذا النوع من العقود، لاشتماله على الربا والغرر والقمار.
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(8/436)
حكم الاكتتاب في الشركة التعاونية للتأمين
المجيب جمع من العلماء
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 07/11/1425هـ
السؤال
ستطرح قريبًا بعض أسهم الشركة الوطنية للتأمين التعاوني (التعاونية للتأمين) للاكتتاب العام، فما حكم الاكتتاب بأسهم هذه الشركة؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فنوجز الحكم الشرعي من خلال النقاط الآتية:
1- الحكم الشرعي للتأمين:
ذهب عامة العلماء المعاصرين إلى تحريم التأمين التجاري وجواز التأمين التعاوني، وقد أخذ بهذا القول معظم هيئات الفتوى الجماعية، كهيئة كبار العلماء بالمملكة، واللجنة الدائمة للإفتاء، ومجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، وغيرها؛ لما يشتمل عليه التأمين التجاري من الغرر والمقامرة وأكل المال بالباطل، بخلاف التأمين التعاوني فإن مبناه على التكافل والتضامن. وإن الناظر بعين الإنصاف في واقع صناعة التأمين اليوم ليدرك ما في هذا القول من التوسط والاعتدال، ومدى موافقته لمقاصد الشريعة الإسلامية، بتحقيق مصالح الناس وسد حاجاتهم دون غبن أو ضرر. وإحصائيات التأمين أوضح شاهدٍ على ذلك، ففي نظام التأمين التجاري تتكدس الأموال الطائلة لدى شركات التأمين في مقابل تعويضات تعد يسيرة مقارنة بما تحققه من أرباح، مما نتج عنه استئثار الأقلية الثرية بمزايا التأمين وخدماته، بينما الأكثرية الفقيرة محرومة منها لكونها غير قادرة على تحمل أقساط التأمين. وقد أوهمت تلك الشركات الناس أن لا مجال لتفتيت المخاطر إلا بهذا الأسلوب، وهو أمر تكذبه تجارب التأمين التعاوني التي طبقت في عددٍ من الدول المتقدمة فكانت أكثر نجاحاً وتحقيقاً لأهداف التأمين من شركات التأمين التجاري.
2- الفرق بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني:(8/437)
في التأمين التجاري تتولى إدارة التأمين شركة لها ذمة مستقلة عن ذمم المؤمن عليهم، وتستحق هذه الشركة جميع أقساط التأمين في مقابل التزامها بدفع مبالغ التأمين عند استحقاقها، وما يتبقى لديها من فائض أقساط التأمين فإنها لا تعيده للمؤمن لهم، لأنها تعتبره عوضاً في مقابل التزامها بالتعويضات المتفق عليها، وإذا لم تفِ الأقساط المحصلة لدفع كل التعويضات فلا يحق لها الرجوع عليهم بطلب زيادة أقساط التأمين. وهذا هو عين المتاجرة بالغرر المنهي عنه، وأكل أموال الناس بالباطل.
بينما في التأمين التعاوني يجتمع عدة أشخاص معرضين لأخطار متشابهة، ويدفع كل منهم اشتراكاً معيناً، وتخصص هذه الاشتراكات لأداء التعويض المستحق لمن يصيبه الضرر، وإذا زادت الاشتراكات على ما صرف من تعويض كان للأعضاء حق استردادها، وإذا نقصت طولب الأعضاء باشتراك إضافي لتغطية العجز، أو أنقصت التعويضات المستحقة بنسبة العجز.
ولا مانع من أن يتولى إدارة التأمين التعاوني جهة مستقلة عن المؤمن لهم أنفسهم وأن تتقاضى أجوراً أو عمولات مقابل إدارتها للتأمين، ولا يمنع كذلك من أن تأخذ جزءاً من أرباح استثمارات أموال التأمين بصفتها وكيلاً عنهم في الاستثمار.
وبهذا يظهر أن شركة التأمين في كلا النوعين قد تكون كيانا منفصلا عن المؤمن لهم، كما أنها في كليهما قد تكون شركة ربحية – أي أنها تهدف إلى الربح-، ويظهر الفرق بين النوعين في أمرين أساسيين:
الفارق الأول: في التأمين التجاري هناك التزام تعاقدي بين شركة التأمين والمؤمن لهم، إذ تلتزم الشركة تجاه المؤمن لهم بدفع التعويضات، وفي مقابل ذلك تستحق كامل الأقساط المدفوعة. بينما في التأمين التعاوني لا مجال لهذا الالتزام، إذ إن التعويض يصرف من مجموع الأقساط المتاحة، فإذا لم تكن الأقساط كافية في الوفاء بالتعويضات طلب من الأعضاء زيادة اشتراكاتهم لتعويض الفرق، وإلا كان التعويض جزئياً بحسب الأرصدة المتاحة.(8/438)
الفارق الثاني: لا تهدف شركة التأمين التعاوني إلى الاسترباح من الفرق بين أقساط التأمين التي يدفعها المؤمن لهم وتعويضات الأضرار التي تقدمها الشركة لهم، بل إذا حصلت زيادة في الأقساط عن التعويضات المدفوعة لترميم الأضرار ترد الزيادة إلى المؤمن لهم. بينما يكون الفائض في التأمين التجاري من استحقاق شركة التأمين في مقابل التزامها بالتعويض تجاه المؤمن لهم.
3- حكم الاكتتاب في التعاونية للتأمين:
من خلال دراسة القوائم المالية للسنوات الخمس الماضية للشركة الوطنية للتأمين التعاوني تبين عدم جواز الاكتتاب في هذه الشركة لما يأتي:
أولاً: أن عقد التأمين في الشركة من التأمين التجاري وليس التعاوني:
فمع أن الشركة قامت بفصل المركز المالي للمساهمين عن المركز المالي لأعمال التأمين -كما هو المعهود في التأمين التعاوني-، إلا أن نظام التأمين الذي تمارسه لا يعدو أن يكون تأميناً تجارياً، خلافاً لما يوحي به اسم الشركة، ويتضح ذلك من خلال النقاط الآتية:
أ. نص النظام الأساسي للشركة على أن يصرف فائض التأمين الذي يمثل الفرق بين مجموع الاشتراكات ومجموع التعويضات بإعادة 10% للمؤمن لهم، وأما الباقي وهو ما يعادل 90% من الفائض الصافي فيكون من نصيب المساهمين نتيجة تعريض حقوقهم لمخاطر التأمين. (المادة 43 من النظام الأساسي للشركة، والمادة70 من اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني) . وهذا يعني أن نظام التأمين في الشركة قائم على الالتزام التعاقدي، فالأقساط يستحقها المساهمون عوضاً عن التزامهم بالتعويض، وهذا هو حقيقة التأمين التجاري. وما إعادة جزء من الفائض إلا محاولة لإضفاء الصبغة الشرعية على العقد. والواجب في التأمين التعاوني أن يكون جميع الفائض من نصيب المؤمن لهم، فيعاد إليهم أو يرحل في حساب احتياطيات عمليات التأمين.(8/439)
ب. وتطبيقاً لما سبق فقد حققت الشركة فائضاً مالياً من عمليات التأمين في العام 2003 قدره (178.914.000-مائة وثمانية وسبعون مليون وتسعمائة وأربعة عشر ألف ريال) أعيد منها للمؤمن لهم (18.000.000 ثمانية عشر مليون ريال) أي ما نسبته 10% من الفائض، وأضيف المبلغ المتبقي بعد أخذ الاحتياطيات منه إلى إجمالي الفائض المتراكم، ليصل بذلك إجمالي الفائض المتراكم من عمليات التأمين لدى الشركة إلى (548.452.000-خمسمائة وثمانية وأربعين مليون وأربعمائة واثنين وخمسين ألف ريال) ووفقاً لما نص عليه النظام الأساسي للشركة فإن هذا الفائض يعد من نصيب المساهمين.
ث. ترتبط الشركة بعقود إعادة تأمين مع بعض شركات إعادة التأمين، وهي في الغالب شركات أجنبية وتقوم على طريقة التأمين التجاري. ومن اللافت للنظر أن مبالغ إعادة التأمين تمثل أكثر من نصف مجموع أقساط التأمين، كما هو موضح في الجدول:
العام 1999 2000 2001 2002 2003
مبلغ إعادة التأمين (آلاف) 424.671 498.845 735.523 663.152 716.584
مبلغ الأقساط (آلاف) 628.742 716.983 1.023.206 1.081.173 1.545.797
ويتضح من الجدول أن أكثر من نصف مجموع أقساط التأمين تحول إلى خارج المملكة، وهو من طبيعة عقد التأمين التجاري.
ثانياً: استثمارات الشركة في بعض الأنشطة المحرمة:
حيث قامت الشركة باستثمار أموال المؤمن لهم في سندات محرمة، وبلغت قيمة هذه السندات في العام المالي2003 (430.525.000 أربعمائة وثلاثين مليوناً وخمسمائة وخمسة وعشرين ألف ريال) وهي تعادل ما نسبته 24% من إجمالي موجودات عمليات التأمين.
كما قامت الشركة باستثمار أموال المساهمين في سندات محرمة، بلغت قيمتها في العام المالي 2003 (34.981.000 أربعة وثلاثين مليوناً وتسعمائة وواحد وثمانين ألف ريال) . وهي تعادل حوالي 8% من إجمالي حقوق المساهمين.
وفضلاً عن ذلك فإن الشركة تمتلك 50% من إحدى شركات التأمين التجاري.(8/440)
1. مقترحات لصيغة تأمين تعاوني تتفق مع الضوابط الشرعية، وتحقق أهداف التأمين:
أ. أن يتولى إدارة التأمين التعاوني شركة مساهمة، يكون للمساهمين فيها مركز مالي منفصل على وجه الحقيقة عن المركز المالي لعمليات التأمين.
ب. للشركة المساهمة أن تخصم جميع المصاريف الإدارية والتشغيلية من مجموع أقساط التأمين، وأن تتقاضى أجوراً مقابل إدارتها لعمليات التأمين بصفتها وكيلاً بأجر، ولها كذلك أن تستثمر أموال المؤمن لهم في استثمارات مباحة، وتستحق بذلك نسبة من أرباح تلك الاستثمارات بصفتها شريكاً مضارباً.
ت. على الشركة أن تتجنب الدخول في استثمارات محرمة كالسندات وغيرها، سواء أكان ذلك في الاستثمارات الخاصة بالمساهمين أم بالاستثمارات الخاصة بعمليات التأمين.
ث. التزام الشركة تجاه المؤمن لهم بالتعويض على نوعين؛ جائز وممنوع. أما الجائز فأن تلتزم الشركة بإدارة أعمال التأمين بأمانة واحتراف، ومتى قصرت في ذلك فإنها تتحمل تبعات ذلك التقصير والتعويض عنه. وأما الممنوع فأن تلتزم التزاماً مطلقاً بالتعويض سواء أكانت الأضرار من الشركة أم من غيرها، فهذا يتعارض مع قاعدة التأمين التعاوني. وبدلاً عن ذلك فللشركة أن تكّون احتياطيات من فائض أقساط التأمين، ولا تدخل هذه الاحتياطيات ضمن قائمة حقوق المساهمين بل تكون خاصة بأعمال التأمين.
ج. للشركة أن ترتبط بعقود إعادة تأمين لتفتيت المخاطر، بشرط أن تكون هذه العقود من قبيل التأمين التعاوني.
وختاماً نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفق القائمين على الشركة لكل خير، وأن يهدينا وإياهم وجميع المسلمين إلى ما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
__________________
الموقعون:
1- د. محمد بن سعود العصيمي. مدير عام المجموعة الشرعية ببنك البلاد.
2- د. يوسف بن عبد الله الشبيلي. عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام.
3- أ. د. سليمان بن فهد العيسى. أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
4- أ. د. صالح بن محمد السطان. أستاذ الفقه بجامعة القصيم.
5- د. عبد العزيز بن فوزان الفوزان. أستاذ مشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
6- د. عبد الله بن موسى العمار. أستاذ مشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.(8/441)
حكم الاكتتاب في بنك البلاد
المجيب جمع من العلماء
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 03/01/1426هـ
السؤال
سوف تطرح أسهم بنك البلاد قريبا، فما حكم الاكتتاب بأسهم هذا البنك؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد درس فريق العمل الشرعي في بنك البلاد في اجتماعه (المائة) المنعقد يوم الخميس 01/01/1426هـ، ما ورد إليه من أسئلة عديدة حول حكم الاكتتاب في بنك البلاد، وقرر ما يأتي:
أولاً: يجوز الاكتتاب في بنك البلاد؛ لأن البنك يخضع لسياسة شرعية تلزمه بعرض جميع أعماله على الهيئة الشرعية والالتزام بقراراتها، ومراقبة تطبيقها من خلال إدارة الرقابة الشرعية، وتنص السياسة الشرعية للبنك على ما يأتي: "بتوفيق من الله التزم بنك البلاد على نفسه منذ بداية تأسيسه تطبيق الشرع المطهر في جميع معاملاته. كما يحمل على عاتقه مراعاة مقاصد الشريعة وغايات الاقتصاد الإسلامي. ولتحقيق هذا الهدف السامي التزم في نظامه بوجود هيئة شرعية مستقلة عن جميع إدارات البنك، يعرض عليها البنك جميع أعماله؛ للتأكد من مدى موافقتها لأحكام الشريعة الإسلامية. وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى الآتي:
1. قرارات الهيئة الشرعية ملزمة لكل إدارات البنك.
2. لا يقدم أي منتج للعملاء إلا بعد عرضه على الهيئة الشرعية، وموافقتها عليه.
3. تقوم الهيئة بمراقبة أعمال البنك؛ للتأكد من موافقة الأعمال لقراراتها. وتتولى ذلك إدارة الرقابة الشرعية.
4. تعمل الهيئة الشرعية على تطوير المنتجات بما يتفق مع القواعد الشرعية، ويحقق أهداف الاقتصاد الإسلامي وغاياته.
5. على الهيئة الشرعية تحمل مسؤولية نشر الوعي المصرفي الإسلامي في البنك، وفي مختلف جهات المجتمع." أ. هـ نص السياسة الشرعية للبنك.(8/442)
وقد بدأ فريق العمل الشرعي في تنفيذ هذه السياسة منذ تشكيله في شهر ربيع الآخر لعام 1425هـ فدرس النظام الأساسي للبنك، وعقد التأسيس، ونشرة الاكتتاب المفصلة، ونشرة الاكتتاب المختصرة، ونموذج الاكتتاب، واتفاقية البنوك المشاركة في الاكتتاب، واتفاقية البنك مع مدير الاكتتاب؛ فلم يجد فيها ما يمنع من جواز الاكتتاب فيه والتعامل معه.
هذا وقد فرغ فريق العمل الشرعي من دراسة عدد من عقود البنك وإجازتها، وأنهى عدداً من الضوابط الشرعية لمعاملاته.
ثانياً: يجوز بيع أسهم البنك وشراؤها وتداولها بعد الإذن بتداول الأسهم في السوق؛ لأنه يملك موجودات ذات قيمة معتبرة شرعاً، ومنها: التراخيص الممنوحة للعمل كبنك، ووجود مبنى رئيس للإدارة العامة للبنك، وعدد من الفروع العاملة للبنك بتجهيزاتها يعمل فيها أكثر من ستمائة موظف، فضلاً عن وجود العديد من الأنظمة والأجهزة، إضافة للعلاقات التعاقدية مع مؤسسة النقد العربي السعودي، ومع أكثر من مئة بنك مراسل على مستوى العالم، ولأن التغيرات في قيمة السهم بعد بدء التداول لا ترتبط ارتباطا كليا بالتغير في قيمة الموجودات العينية للشركة أو مطلوباتها فحسب، بل يؤثر فيها عوامل أخرى كالعرض والطلب على الأسهم والمؤشر العام، والحقوق المعنوية وغير ذلك.(8/443)
ثالثاً: لا يجوز للمكتتب أن يستعمل اسم شخصٍ آخر في الاكتتاب، سواء أكان ذلك بعوض يدفعه لصاحب الاسم أم بغير عوض، لما في ذلك من تجاوز الحد المستحق له نظاما، وتعديه على حق غيره ممن التزم بالنظام، إذ إن مقتضى العدالة أن تتكافأ فرص المساهمين في الحصول على الأسهم، ولا يتحقق ذلك إلا بأن يحدد لكل واحد من المكتتبين سقف أعلى لا يتجاوزه، فالمنع من استخدام الشخص اسم غيره من السياسة الشرعية التي تتفق مع مقاصد الشريعة من جعل المال دولة بين الناس كلهم فقيرهم وغنيهم، لا أن يكون محصوراً بأيدي فئة قليلة. وفضلا عن ذلك، فإن هذا التصرف نوع من التدليس، وهو مظنة الخلاف والخصومة بين الأطراف.
رابعاً: يجوز للمكتتب اقتراض قيمة الاكتتاب بقرضٍ حسنٍ يرده للمقرض بمثله بدون زيادة، فإن كان القرض مشروطاً بزيادة يدفعها المقترض للمقرض فهو محرم، سواء أكانت الزيادة المشروطة نسبية أم بمبلغ مقطوع، وسواء سمي ذلك تمويلاً أم تسهيلات بنكية أم غير ذلك، لأنه من الربا. وعوضاً عن ذلك يجوز للمكتتب الذي لا يجد ما يكفي من المال الدخول مع صاحب المال في عقد مشاركة، وما يتحقق من ربح بعد بدء التداول يتقاسمانه بينهما بحسب اتفاقهما. ويشترط أن تكون الحصة المشروطة لكل منهما من الربح شائعة كأن يقول: خذ هذا المال وما كان من ربح فيه فلك 20% منه، ولي 80%، أما لو حددت حصة الواحد منهما بمبلغ مقطوع فلا يجوز كما لو قال: خذ هذا المال فاكتتب به ولك ألف ريال من الربح ولي ما زاد على ذلك؛ لأن هذا يؤدي إلى قطع المشاركة في الربح، فقد لا تربح تلك الأسهم إلا المبلغ المذكور أو أقل، أو قد تربح أرباحا كبيرة فيشعر بالغبن.(8/444)
ولا يخفى أن دخول صاحب المال في عقد مشاركة مع من سيسجل السهم باسمه أقرب إلى تحقيق العدل بينهما من استئثار صاحب المال بكامل الربح، لاسيما أن هذه المشاركة لا يظهر ما يمنع منها نظاماً، فقد نص نظام الشركات على جواز أن يكون السهم مملوكاً بالاشتراك لشخصين فأكثر، على أن يكون مسجلاً باسم شخص واحد في مقابل الشركة.
وفي الختام، نسأل الله أن يوفق القائمين على بنك البلاد للاستمرار بالالتزام بأحكام الشريعة، كما نحث القائمين على الشركات المساهمة على البعد عن المعاملات المحرمة في التمويل والاستثمار وغيرهما، ونحث المتعاملين في سوق المال على دعم الشركات المساهمة التي تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية.
وفق الله الجميع لهداه، وجعل العمل في رضاه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أعضاء فريق العمل الشرعي في بنك البلاد:
الشيخ أ. د. عبد الله بن موسى العمار
الشيخ د. عبد العزيز بن فوزان الفوزان
الشيخ د. محمد بن سعود العصيمي
الشيخ د. يوسف بن عبد الله الشبيلي(8/445)
صناديق الاستثمار بالأسهم المحلية
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 04/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو من فضيلتكم بيان الشركات المساهمة المحلية التي يجوز الدخول فيها والتي يحرم، وحكم الدخول في صناديق الاستثمار بالأسهم المحلية.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فمن خلال دراسة القوائم المالية الأخيرة للشركات المحلية فإن أسهم هذه الشركات تصنف إلى ثلاث فئات:
أولاً-الأسهم المباحة، لشركات لا تقترض ولا تودع بالربا، وعددها (19) ، وهي أسهم لشركات أنشطتها في أغراض مباحة، ولم يظهر في آخر قائمةٍ ماليةٍ لها أي قروض أو ودائع ربوية، فيجوز شراؤها سواء أكان الشخص مضارباً أم مستثمراً.
وهي:1-البلاد-2- الراجحي-3-الصحراء-4- مكة-5-الغذائية-6-النقل الجماعي-7- اتحاد اتصالات-8- اللجين-9-الجبس-10-فيبكو-11-طيبة-12-القصيم الزراعية-13-نادك-14-تبوك الزراعية-15-الجوف-16-حائل-17-مبرد-18-إسمنت العربية-19-التعمير.
ثانياً-الأسهم المختلطة، وهي أسهم لشركات أنشطتها في أغراض مباحة، لكن قوائمها المالية لآخر فترة لا تخلو من معاملات محرمة لا تعد من نشاطها وإنما هي طارئة عليه. فهذه الأسهم اختلف العلماء فيها، فذهبت اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة إلى تحريمها، وذهب بعض العلماء كالشيخ محمد العثيمين رحمه الله ومعظم الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية إلى جوازها. والأقرب - والله أعلم- أنه إذا كانت الشركة لا تعتمد في نشاطها على تلك المعاملات المحرمة فإن ذلك لا يقتضي حرمة السهم كله، بل يتخلص من الجزء المحرم منه ويبقى ما عداه مباحاً، ومن تورع عنها فهو الأفضل؛ خروجاً من الخلاف، واتقاءً للشبهة، ودعماً للشركات النقية.(8/446)
وعدد هذه الأسهم (39) ، جميعها لم تتجاوز الإيرادات المحرمة في الشركات المصدرة لها 5% من أرباحها، فيجب على المساهم إذا كان مستثمراً أن يتخلص من هذه النسبة المحرمة بإخراج 5% من الأرباح السنوية الموزعة، وصرفها في المشاريع الخيرية كجمعيات البر وغيرها بنية التخلص منها، أما الأرباح الناتجة من بيع الأسهم - (أي أرباح المضاربة) - فلا يجب إخراج شيءٍ منها؛ لأنها أرباح لم تكتسب من نشاط الشركة.
وهذه الأسهم هي: 1-سابك -2-سافكو-3-المصافي-4-الخزف-5-صافولا-6-الدوائية-7-صدق-8-زجاج-9-سيسكو-10-أنابيب-11-نماء-12-معدنية-13-كيميائية-14-الزامل-15-إسمنت اليمامة-16-إسمنت السعودية-17-إسمنت الشرقية-18-إسمنت تبوك-19-الفنادق-20-العقارية-21-المواشي-22-عسير-23-الباحة-24-ثمار-25-شمس-26-فتيحي-27-جرير-28-الكهرباء-29-الاتصالات-30-الأسماك-31-الشرقية الزراعية-32-بيشة-33-سدافكو-34-الغاز-35-إسمنت القصيم-36-إسمنت ينبع-37-المراعي-38-السيارات-39-ينساب.
ثالثاً-وأما بقية الأسهم، وهي ما عدا الأسهم المذكورة في النوعين السابقين، فقد أظهرت القوائم المالية للشركات المصدرة لها قروضاً أو استثماراتٍ محرمة تعد كثيرة بالنظر إلى أنشطتها، فلا أرى جواز شرائها لا على سبيل الاستثمار ولا المضاربة، ولو بنية التخلص من الجزء المحرم فيها؛ لأن الأسهم في ذاتها أصبحت عروضاً محرمة؛ لغلبة الحرام فيها.
ويجدر التنبيه إلى ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن بعض الشركات أعلنت عن التخلص من الاستثمارات والقروض المحرمة لديها، وهو أمر يشكر عليه القائمون على تلك الشركات، ويدل على حرصهم على توقي الحرام، فنسأل الله لهم الثبات على ذلك، إلا أن المنهج المتبع في الحكم على أي شركة بأنها نقية هو الاعتماد على القوائم المالية المدققة؛ وذلك لتحري الدقة، وللتأكد من خلو الشركة في الفترة القادمة من أي آثار عقودٍ محرمة أبرمت في الفترة السابقة.(8/447)
فلو كان على الشركة قروض ربوية مثلاً فلا سبيل لأن توصف بأنها خالية من آثار تلك القروض إلا بتوقفها عن الاقتراض المحرم وأن تكون قد سددت كل القرض أو تم تحويله إلى قرض حسن أي بلا فوائد، أما ما تفعله بعض الشركات من الاتفاق مع البنك الدائن على قلب الدين الذي له عليها إلى دين تورق، على أن يبقى الدين كما هو بفوائده باسمٍ جديد فهذا لا يغير من حقيقة الأمر شيئاً؛ لأنه حيلة ظاهرة على الربا، وهو محرم بإجماع العلماء، بل ذهب كثير منهم إلى أنه أعظم من الربا الصريح؛ لأنه جمع بين الربا والمخادعة. يقول أيوب السختياني -رحمه الله-: " يخادعون الله كما يخادعون الصبيان، لو أتوا الأمر من بابه لكان أسهل". وبإمكان الشركة التي تورطت بمثل هذا القرض وتريد التخلص منه -بدلاً من الوقوع في هذه الحيلة- أن تجري عملية تمويل شرعية مع جهة أخرى غير البنك الدائن، ثم تسدد بذلك المال دينها الأول.(8/448)
الأمر الثاني: أن البعض يضارب في أسهم جميع الشركات ما عدا البنوك بحجة أن نشاط تلك الشركات مباح، وهذا فيما أرى تناقض بيّن؛ فإن البنوك الربوية إنما حرمت المساهمة فيها لما فيها من الاستثمارات المحرمة لا لمجرد كونها بنوكاً، ولا فرق في هذا بين البنوك والشركات التي تعتمد في نشاطها على الاستثمار المحرم، بل إن بعض الشركات تزيد نسبة الاستثمارات المحرمة فيها على تلك التي في البنوك، والسبب في ذلك أن كثيراً من الشركات تعتمد في أنشطتها على الاستثمارات المالية لقلة تكلفتها وارتفاع عوائدها مقارنة بالأنشطة التشغيلية التي أنشئت الشركة من أجلها. فعلى سبيل المثال، لم تنقص الاستثمارات المالية المحرمة لإحدى الشركات منذ إنشائها عن 65% من إجمالي نشاطها في حين أن الاستثمارات المحرمة لدى بعض البنوك المحلية لا تصل إلى النصف، وذلك لأن من الأعمال البنكية ما هو مباح شرعاً، كأعمال الصيرفة الاعتيادية والحوالات والمقاصة وتحصيل الشيكات وخطابات الضمان غير المسيلة والوساطة المالية ونحو ذلك، وهذه الأعمال لا تقل عادة عن ثلث النشاط البنكي التقليدي، يضاف إلى ذلك ما تقدمه بعض البنوك من خدمات تمويلية إسلامية، مما يجعل الاستثمارات المباحة لديها أكثر من تلك التي لدى بعض الشركات غير البنكية. وهذا الأمر يستوجب مراجعة القوائم المالية للشركات قبل الحكم عليها وعدم الاكتفاء بالتصنيف العام للشركات، إذ إن بعض الشركات وإن صنفت على أنها شركات زراعية أو صناعية أو غير ذلك إلا أن لها استثمارات مالية قد تفوق استثماراتها في نشاطها الرئيس.(8/449)
الأمر الثالث: أن جواز شراء الأسهم المختلطة لا يعني أن الربا الذي في الشركة مباح، فالربا محرم كله، قليله وكثيره، وإنما الإثم على من باشر تلك المعاملة المحرمة أو أذن أو رضي بها، لا على المساهم؛ لأن للشركة المساهمة شخصية اعتبارية مستقلة عن المساهمين، وموجوداتها – بما في ذلك الموجودات المحرمة- مملوكة للشركة ما دامت قائمة ولا حق للمساهمين فيها، ولهذا لو نقصت القيمة السوقية للسهم عن قيمة ما يقابله من موجودات في الشركة فليس للمساهم حق إلا في السهم فقط. وبناءً عليه، فتأخذ الأسهم حكم عروض التجارة؛ لأنها صكوك مالية قابلة للتداول، فإذا اختلط فيها الحرام اليسير بالحلال الكثير فإن ذلك لا يقتضي حرمة السهم كله، بل يلزم المساهم أن يتخلص من الجزء المحرم من عوائده، ويبقى أصل السهم مباحاً. ومما يؤيد ذلك أن تداول الأسهم منفصل عن نشاط الشركة، فلا ترتبط قيمة الأسهم بنشاط الشركة بل بالعرض والطلب، كما أن ارتفاع قيمة الأسهم أو انخفاضها لا يؤثر بشكلٍ مباشرٍ إيجاباً أو سلباً على نشاط الشركة؛ لأن ما يدفعه المساهم لشراء الأسهم بعد طرحها للتداول لا يذهب منه للشركة شيء، ولا يدعم به نشاط الشركة، بل يذهب جميعه للمساهم البائع، وكذلك المساهم البائع لا يأخذ ثمن أسهمه التي باعها من الشركة بل من المساهم المشتري.(8/450)
وختاماً، فهذه كلمة أوجهها لإخواني القائمين على الشركات المساهمة بأن يتقوا الله تعالى فيما استرعاهم الله عليه، وأن يطهروا شركاتهم من الربا، فهذه أمانة، وسيسألون عنها يوم القيامة، وإن من خيانة هذه الأمانة الدخول في العقود الربوية ولو صغرت. ولا عذر لهم في ذلك فنحن -ولله الحمد- في بلدٍ قائمٍ على تحكيم شريعة الله. وكل ما يخالف هذه الشريعة الغراء فهو مرفوض شرعاً ونظاماً، بل إن النظام في المملكة يمنع أي شركة محلية من أن يشتمل نظامها الأساسي على بنودٍ تخالف الشريعة، وما تمارسه الشركة من اقتراضٍ أو إيداعٍ بالفائدة يعد من التجاوزات غير النظامية التي يحق لأي مساهمٍ أن يعترض عليها، وهذا هو الحد الأدنى من الواجب على من ساهم في الشركات المختلطة، أن يعترض على تلك التجاوزات عند حضوره الجمعية العمومية للشركة.
وها نحن الآن نسمع -ولله الحمد- عن توجه كثير من الشركات لتطهير معاملاتها من الحرام، وهو أمر يبشر بالخير. فقبل سنواتٍ معدودة لم تكن الشركات النقية تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وهاهي الآن بهذه الكثرة، وستكون بازدياد بمشيئة الله، وأشيد هنا بالجهود التي يبذلها أهل العلم في تبيين الشركات الجادة في هذا الأمر لاسيما قائمة الشركات النقية للدكتور محمد العصيمي -وفقه الله-، فأرجو أن يكون له نصيب من قوله عليه الصلاة والسلام:" من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة".
والأمل بالله كبير في أن يكون هذا التحول عاماً في كل الشركات. والله الموفق.(8/451)
تداول أسهم شركة إعمار الإمارتية
المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي
مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 23/05/1426هـ
السؤال
ما حكم تداول أسهم شركة إعمار الإماراتية؟
الجواب
الحمد الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده: وبعد:
فهذه دراسة شرعية عن شركة إعمار الإمارتية، نجملها في النقاط الآتية:
أولاً: نشاط الشركة:
تمارس الشركة عدة نشاطات متنوعة منها: الاستثمار في العقارات وتطويرها، وخدمات إدارة العقارات والأعمال البنكية التجارية، وتقديم خدمات تكنلوجيا المعلومات والاتصالات.
ثانياً: موجودات الشركة:
بلغت موجودات الشركة لعام 2004م (12.755.857.000) درهم إماراتي.
ثالثاً: الموجودات الربوية للشركة:
1- الاستثمارات المحرمة:
تمارس الشركة جميع الاستثمارات المحرمة من قروض ربوية وإيداعات ربوية وكذلك استثمار في السندات المجمع على تحريمها، بالإضافة إلى التعامل بالعمليات الآجلة على العملات مثل عقود الخيارات والمستقبليات وهذه محرمة بالإجماع، وتفصيل ذلك ما يلي:
أ- قروض من الشركة للأفراد والهيئات بفوائد ربوية بلغت هذه القروض (1.338.926.000) درهم إماراتي. ونسبته للموجودات 10.50%.
ب- ودائع ربوية (47.474.000) درهم ونسبتها للموجودات 0.37%.
ج- سندات وشهادات استثمارية محرمة (2.614.043.000) درهم ونسبتها للموجودات 20.5%.
د- استثمارات بالعملات في الأسواق الآجلة بمبلغ قدره (586790000) درهم، ونسبته للموجودات 4.6%.
2- القروض الربوية:
اقترضت الشركة مبلغاً قدره (638.693.000) ونسبته للموجودات 5%.
3- الإيرادات المحرمة
بلغ صافي إيرادات الشركة 1.690.557.000 درهم، وبلغت الإيرادات المحرمة المفصح عنها 115.984.000 درهم، ونسبتها للإيرادات 7%.
رابعاً: زكاة المستثمر والمضارب في الشركة:(8/452)
بلغت حقوق المساهمين في الشركة (8031898000) درهم، وعدد الأسهم المصدرة (2.650.000.000) سهم، فتكون القيمة الدفترية للسهم (3 درهم) ، وعليه تكون زكاة السهم الواحد: (0.075 درهم) . فتكون قاعدة إخراج زكاة المستثمر كالتالي:
(0.075) × (عدد الأسهم المملوكة) .
أما زكاة المضارب فهي: 2.5% من القيمة السوقية للسهم يوم إخراج الزكاة.
خامساً حكم تداول أسهم الشركة:
من خلال ما سبق فإنه لا يجوز تداول أسهم شركة إعمار الإمارتية سواء كانت مضاربة أو استثماراً، للأسباب الآتية:
أولاً: ارتفاع استماراتها الربوية فقد تجاوزت 37%، وضابط الهيئات الشرعية في عنصر الاستثمارات لم يتجاوز 15%.
ثانياً: ارتفاع إيرادات الشركة المحرمة البالغة 7%، فهو أعلى من ضابط الهيئات الشرعية البالغ 5%.
ثالثاً: وكذلك من خلال النظر في نشاط الشركة نجد أنها تمارس الأعمال البنكية التجارية التقليدية وهذا إقرار منها في نظامها الأساسي وقد أجمع الفقهاء المعاصرون على أنه إذا نص في النظام الأساس للشركة أنها تمارس الربا فإنه لا يجوز المشاركة فيها.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(8/453)
أسهم الشركات الإماراتية (إعمار وأملاك وغيرهما)
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 23/6/1426هـ
السؤال
أنا أستثمر في أسهم الشركات الإماراتية، فما هي الشركات التي تجوز المتاجرة بأسهمها. وما حكم المتاجرة بأسهم شركة إعمار؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد، فالواجب على المسلم تحري الكسب الطيب، والبعد عن المال الخبيث عملاً بقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ" [البقرة: 172] ، وإن من أخطر المكاسب الخبيثة الربا، حيث آذن الله من تعامل به بحربٍ منه ومن رسوله صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ " [البقرة: 278-279] ، ولذا كان من الواجب على المساهم أن يحتاط لهذا الجانب أشد مما يحتاط لمعايير الربح والخسارة في الأسهم. فالربح الحقيقي أن يسلم للمرء دينه.
ومن خلال دراسة آخر القوائم المالية للشركات المدرجة في السوق الإماراتية يمكن تصنيف هذه الشركات إلى ثلاث فئات:
أولاً- الشركات الخاضعة لهيئات رقابة شرعية: وعددها (7) شركات، وهي:
1- بنك دبي الإسلامي 2- مصرف الشارقة الإسلامي 3- مصرف أبوظبي الإسلامي 4- مصرف الإمارت الإسلامي 5- أمان للتأمين 6- تكافل للتأمين 7- أملاك.
فهذه الشركات تجوز المتاجرة بأسهمها والاستثمار فيها، بناءً على رقابة هيئاتها الشرعية.(8/454)
ثانياً- الشركات المختلطة: وعددها (25) شركة، وهي شركات أنشطتها في أغراض مباحة، لكن قوائمها المالية لآخر فترة لا تخلو من بعض المعاملات المحرمة اليسيرة التي لا تعد من نشاط الشركة وإنما هي طارئة عليها، ولا تزيد نسبة الإيرادات المتحققة منها عن 5% من أرباح الشركة. فمن الورع تجنب أسهم هذه الشركات إذ إنها من المشتبهات، ولكن من لم يأخذ بسبيل الورع فلا حرج عليه إن شاء الله في المتاجرة بها بشرط أن يكون غير راضٍ بما فيها من الحرام ولو كان قليلاً، والإثم على من أذن أو باشر تلك المعاملة المحرمة. ويجب على المساهم أن يتخلص من هذه الإيرادات المحرمة بإخراج 5% من الأرباح السنوية الموزعة، وصرفها في أوجه البر بنية التخلص منها، أما الأرباح الناتجة من بيع الأسهم – أي المتاجرة بها- فلا يجب إخراج شيءٍ منها. وهذه الشركات هي:
1- الدار العقارية 2- اللوجستية 3- الفنية للإنشاءات 4- دبي للاستثمار 5- الإمارت للاتصالات 6- الخليجية للاستثمارات العامة 7- الجرافات 8- الواحة 9- كيوتل 10- السودانية (سوداتل) 11- تبريد 12- الاتحاد العقارية 13- السفن 14- الأغذية 15- البناء (بلدكو) 16- إسمنت الفجيرة 17- فودكو 18- إسمنت الخليج 19- الدوائية (جلفار) 20- إسمنت أم القوين 21- إسمنت رأس الخيمة (الأسود) 22- سيراميك رأس الخيمة 23- رأس الخيمة للإسمنت الأبيض 24- رأس الخيمة للدواجن 25- إسمنت الاتحاد.
وجواز المتاجرة في أسهم هذه الشركات لا يعني أن الربا اليسير مباح، فالربا محرم كله، قليله وكثيره، وإنما الإثم على من باشر تلك المعاملة المحرمة أو أذن أو رضي بها.
وأما المساهم فليس بشريك في ذلك العمل المحرم؛ لأن الأسهم صكوك قابلة للتداول، فهي في حكم عروض التجارة، فإذا اختلط فيها الحرام اليسير بالحلال الكثير فإن ذلك لا يقتضي حرمة السهم كله؛ بل يلزم المساهم أن يتخلص من النسبة المحرمة من عوائد السهم، ويبقى أصل السهم مباحاً.(8/455)
ثالثاً- وما عدا الشركات السابقة، لا تجوز المتاجرة بأسهمها؛ لاشتمال أعمالها على أنشطة محرمة ليست باليسيرة، وعدد هذه الشركات (35) شركة، وهي كالتالي:
أ- البنوك التجارية، وهي: 1- بنك دبي التجاري 2- الإمارات الدولي 3- دبي الوطني 4- المشرق 5- الإمارات العربية للاستثمار 6- أبوظبي التجاري 7- الاتحاد الوطني 8- الاستثمار 9- العربي المتحد 10- التجاري الدولي 11- الخليج الأول 12- الشارقة 13- التجاري الدولي (مصر) 14- دار التمويل 15- أبو ظبي الوطني 16- أم القوين الوطني.
ب- وشركات التأمين التجاري، وهي: 17- العين 18- البحيرة 19- أبو ظبي الوطنية 20- الخزنة 21- أريج 22- العربية الاسكندنافية 23- الوثبة 24- الظفرة 25- دبي للتأمين 26- دبي الوطنية للتأمين 27- الإمارات 28- عمان 29- رأس الخيمة 30- الاتحاد 31- المتحدة 32- الوطنية للتأمينات العامة.
ت- وشركات أخرى، وهي: 33- شعاع كابيتال (في الوساطة المالية) 34- أبو ظبي للفنادق 35- الوطنية للفنادق.
وأما شركة إعمار فهي من الشركات العقارية العملاقة، نشاطها الرئيس في بناء العقارات وتطويرها وبيعها. ومن خلال النظر في التقرير السنوي للشركة لعام 2004 والتقرير الربعي والنصفي لعام 2005، وبالاستفسار عن بعض ما ورد في هذه التقارير مع بعض مسئولي الشركة، فقد تبين ما يلي:
1- تبلغ قيمة أصول الشركة بسعر التكلفة أكثر من (20) مليار درهم، وبالقيمة العادلة - (الجارية) - ما يربو على (40) مليار درهم، كما بلغت القيمة السوقية لأسهمها ما يزيد على (90) مليار درهم. وحققت الشركة في النصف الأول لهذا العام أرباحاً تزيد على (2.5) مليارين ونصف المليار درهم.(8/456)
2- تمتلك الشركة أكثر من ستين شركة أخرى تملكها ملكية كاملة، وجميع هذه الشركات في أغراض مباحة عدا شركة واحدة، وهي عبارة عن بنك تجاري يقدم معاملات ربوية، وهذا البنك مستقل في مركزه المالي وإدارته عن شركة إعمار، وبناء على التقرير السنوي لهذا البنك لعام 2004 فقد بلغت أرباح البنك (4) ملايين درهم، ونسبة هذه الأرباح إلى أرباح إعمار لا تكاد تذكر (أقل من ثلاثة بالألف) .وحسب إفادة بعض المسئولين في إعمار، فقد شرعت الشركة في اتخاذ خطوات لبيع 70% من ملكيتها في البنك لشركة دبي القابضة، ووقعت مذكرة تفاهم لذلك.
3- تستثمر الشركة فائض السيولة لديها في سندات، وودائع استثمارية لدى بنوكٍ إسلامية، وودائع بالأجل لدى بنوكٍ تقليدية، وقد بلغت الإيرادات المحرمة المتحققة من هذا النشاط في نهاية العام الماضي ما يعادل 4% من أرباح الشركة. كما بلغت مدفوعات الشركة من الفوائد الربوية 1/4 (ربع الواحد بالمائة) من إجمالي مصروفاتها.
وبناء على ما سبق، فإن الشركة ليست من الشركات النقية، ولهذا اختلفت هيئات الفتوى في حكم المتاجرة بأسهمها، فذهبت بعض هيئات الفتوى إلى تحريمها لأن بعض أنشطة الشركة محرمة، وذهب عددٌ من هيئات الفتوى والرقابة الشرعية في الشركات الإماراتية الإسلامية - كالهيئات الشرعية لكلٍ من شركة أملاك وبنك دبي والشارقة الإسلاميين- إلى جواز المتاجرة بأسهم إعمار؛ لأن النشاط المحرم للشركة يعد يسيراً مقارنة بنشاطها المباح وهو الاستثمار العقاري. وعلى هذا القول فيلزم التخلص من 5% من الأرباح السنوية التي توزعها الشركة. والله أعلم.(8/457)
أسهم شركة دانة غاز الإماراتية
المجيب جمع من العلماء
المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 20/08/1426هـ
السؤال
ما حكم الاكتتاب في شركة دانة غاز الإماراتية؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن نشاط هذه الشركة في مجال الاستثمار في الغاز الطبيعي، ويبلغ رأسمالها ستة مليارات درهم، طرح منها مليارا درهمٍ للاكتتاب العام، واكتتب المؤسسون في الشركة بحصصٍ نقدية تبلغ ملياري درهم، وبحصصٍ عينية، وهي عبارة عن أسهم في ثلاث شركاتٍ ذات أنشطة مباحة تعادل قيمتها ملياري درهمٍ تقريباً. كما أصدرت الشركة سندات بدون فوائد قابلة للتحويل إلى أسهمٍ وغير قابلة للتداول لصالح ملاك الشركات الثلاث وذلك لشراء بقية أسهمهم فيها.
ومن خلال قراءة النظام الأساسي للشركة وعقد التأسيس ونشرة الإصدار الخاصة بها لم يظهر ما يمنع شرعاً من الاكتتاب فيها. كما يجوز للمساهم أن يبيع الأسهم التي اكتتب بها بعد طرحها للتداول؛ لأن الشركة تمتلك موجودات أخرى غير النقود وهي ذات قيمة معتبرة شرعاً وذلك من خلال الشركات الثلاث التابعة لها. والله اعلم.
نسأل الله أن يوفق القائمين على الشركة وجميع المسلمين إلى الخير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
كتب الفتوى:
د. محمد بن سعود العصيمي (أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)
د. يوسف بن عبد الله الشبيلي (عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء)(8/458)
حوافز العملاء
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/جوائز المحلات التجارية
التاريخ 2/3/1424هـ
السؤال
أنا محاسب ومدير معرض للأجهزة المنزلية، ونتعامل مع شركات لتوريد الأجهزة من ثلاجات ومكيفات وغيره، وبعض هذه الشركات تقدم حوافز بيع نقدية وعينية لي؛ تقدم على القطعة أو بأي شكل آخر، فهل في ذلك مخالفة للشرع؟
الجواب
لا بأس بذلك، لأن هذه تعتبر هدية ولا بأس بها، غير أنه إذا كان المحاسب هو صاحب المحل وهو المدير المالك فهذا لا إشكال فيه، أما إن كان موظفاً عند مالك فإنه لا يملكها إنما هي للمالك ويتفاهم هو والمالك في قسمتها بينهم أو غير ذلك، وأما استئثاره بها وحده فهذا لا يجوز لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"من استعملناه منكم على عمل فليجيء بقليله وكثيره" مسلم (1833) .
وقال -صلى الله عليه وسلم-:"أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقاً" البخاري (6979) ، ومسلم (1832) ، والله أعلم.(8/459)
بطاقات التخفيض
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/جوائز المحلات التجارية
التاريخ 6/3/1424هـ
السؤال
أود أن أستفسر عن حكم بيع أو شراء البطاقات التي تعطي تخفيضات على مجموعة من المحلات، أي أن هناك بطاقة سعرها حوالي ثلاثمئة ريال بموجب هذه البطاقة تحصل على تخفيضات معتمدة لدى أكثر من خمسين محلاً تصل التخفيضات بها إلى (20%) ، أرجو التفصيل في المسألة، وشكراً.
الجواب
بطاقات التخفيض محرمة لوجوه:
أولاً: لما فيها من القمار والغرر، وذلك لأن الإنسان يشتري هذه البطاقة بثلاثمئة ريال مثلاً على أن يأخذ قيمتها بعد التخفيض، أو أكثر منها، أو أقل منها وذلك لأن بطاقة التخفيض لها مدة معينة فلربما لم يستطع أن يغطي هذه القيمة وهي الثلاثمئة في هذه المدة فحينئذ يدخل في القمار، والقمار هو الغرم المتحقق والغنم المتوقع، وكل من دخل في معاملة إما أن يغنم وإما أن يغرم، فهذا حكمه حكم الغرر.
ثانياً: فيه شبهة الربا، وذلك لأن الإنسان ربما يدفع ثلاثمئة على أن يأخذ أكثر أو أقل على افتراض أن التخفيض قيمة مالية، وهذا الربا إما أن يكون ربا نسيئة مثل التأجيل، وإما أن يكون ربا نسيئة وفضل، فمن كان يأخذ قيمتها ثلاثمئة فهي ربا نسيئة، وإن كان يأخذ بأكثر فهو ربا نسيئة وفضل.
وقد صدر من المجمع الفقهي الإسلامي قرار بتحريم بطاقة التخفيض إذا كانت عن عوض، أما بطاقة التخفيض التي يحصل عليها الإنسان مجاناً فهذه من باب الهبة، بشرط ألا يكون حصوله على هذه البطاقة بطريق المسابقة التي يفعلها بعض الشركات التسويقية أنه في حالة شرائه سلعة بقيمة كذا فإنه يدخل في الوعد بالجائزة، والجائزة هي بطاقة التخفيض فهذا كله داخل في هذا الأمر، والله أعلم.(8/460)
مسابقات ترويج السلع
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
المعاملات/ البيوع/جوائز المحلات التجارية
التاريخ 11/1/1423
السؤال
مركز لبيع الأشرطة الإسلامية ينوي القيام بحملة دعائية لترويج الأشرطة الإسلامية بهدف نشرها بين أكبر قدر من المجتمع (علماً بأن المركز خيري) وذلك من خلال ما يلي:
- حصول المشتري على قسيمة (كوبون) سحب لكل شريط يشتريه.
- يتأهل كل صاحب قسيمة للسحب والذي يحتوي على عشر جوائز هي:
- سيارة، تذكرة سفر للعمرة، طقم ذهب، أدوات منزلية: مثل مكيف، ثلاجة، طباخة، غسالة.
- مدة العرض خمسة وأربعون يوماً.
- يتم تجميع الكوبونات في صندوق مخصص بعدها تتم عملية السحب العشوائي.
أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده وبعد،
فالطريقة الترويجية المذكورة في السؤال، والتي هي حصول كل من يشتري شريطاً على قسيمة ثم يتم السحب العشوائي من هذه القسائم ليتحدد الفائزون، ولا يحصل على قسيمة السحب إلا من اشترى شريطاً فهذه من المسائل المعاصرة والراجح فيها أنها لا تجوز؛ لكونها قماراً أو شبيهة بالقمار؛ إذ المشتري يبذل مالاً للحصول على سلعة قد يُحَصّل معها جائزة وقد لا يُحَصّل، فهو بين غُنْم بتحصيل الجائزة وبين غُرْم بفواتها عليه.
والميسر (القمار) هو الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانماً أو غارماً- وتحريم الميسر أصل من أصول الشريعة أجْمَعَ عليه أهل العلم إجماعاً قطعياً. قال - تعالى-:" إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون" [المائدة:90] . وبهذا أفتى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله-.
وإذ حرم أخذ الجائزة لهذا التعليل فإن ما حرم أخذه حرم إعطاؤه، وإن أراد صاحب السؤال مخرجاً شرعياً فإنه يمكنه أن يُدخل في السحب كل من يزور المركز، أو يضع مسابقة علمية على ما احتوته بعض الأشرطة فهذه تختلف في حكمها عما ذكر. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.(8/461)
حكم بطاقات التخفيض
المجيب د. سعد بن حمدان اللحياني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
المعاملات/ البيوع/جوائز المحلات التجارية
التاريخ 30/12/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل بطاقات التخفيضات التي تشترى من بعض الشركات جائزة؟ وخاصة أنها تتعامل مع شركات وخطوط طيران وغيرها من المحلات التجارية، وتخول لحاملها التمتع بالتخفيض الموضح في البطاقة.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن كانت هذه البطاقة تصدر عن الشركة مقدمة الخدمة (المخفضة القيمة) فلا يجوز التعامل بهذه الصورة؛ لما في ذلك من الغرر والجهالة، وربما دخله بيع النقد بالنقد مؤجلاً مع جهالة التماثل، وإن كانت البطاقة تصدر عن شركة خاصة غير مقدمة الخدمة فهذه الصورة أولى بعدم الجواز، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(8/462)
الترويج للبضاعة بوضع الهدايا في بعضها
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
المعاملات/ البيوع/جوائز المحلات التجارية
التاريخ 26/10/1424هـ
السؤال
نقوم بتصنيع مناديل الورق، ولغرض الدعاية نضع بطاقات في بعض العلب تعطى هدايا قيمة لمن يجدها، هل يجوز شرعاً استخدام هذا الأسلوب كدعاية؟. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
إذا كانت هذه الهدايا، هدايا ذات قيمة عالية، ويعلن عنها بأن في بعض هذه المناديل بطاقات هدايا ذات قيمة، ويكون ممن يتأثر بهذه الإعلانات أن يكثر من شراء هذه المناديل، لا لغرض استخدامها وإنما لأمل أن يحصل على جوائز منها، نقول: هذا لا يجوز، وهذا من المسابقات المحرمة التي بعضها صريح أنه من القمار، وبعضها فيه الشبه القوي بالقمار ونحوه، وهو من أنواع المسابقات المحذورة والممنوعة. والرسول - صلى الله عليه وسلم- قال: "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" متفق عليه أخرجه البخاري (52) ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-.
وأما إذا كانت هذه الهدايا هدايا ليست ذات قيمة، وإنما هي هدايا متدنية القيمة، وفي نفس الأمر لا يعلن عن هذه الهدايا على سبيل أن يستكثر الناس من شرائها لطلب الهدايا لا لرغبة، أو لا لقصد الاستخدام، فنقول: إذا لم يكن شيئاً من ذلك فلا بأس بذلك.(8/463)
بطاقة التخفيض
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/جوائز المحلات التجارية
التاريخ 14/3/1425هـ
السؤال
عندي سؤال من أحد أصحابي: (وهو صاحب محل)
السؤال هو: أن إحدى الشركات قدمت له عرضاً أن يوزع لهم بطاقات تمنح صاحبها خصماً من بعض الشركات، ويجب أن تكون الشركة مساهمة في هذه الخدمة، وتتفاوت بعض الخصومات من شركة إلى أخرى.
كيفية الاشتراك: يكون عن طريق شراء هذه البطاقة، وتكون مدتها سنة واحدة, وإذا انتهت تنتهي صلاحيتها سواء استفدت منها أو لم تستخدمها البتة، وتكون النسب في الخصم تختلف من شركة إلى شركة أُخرى.
مثال: لنفرض أني استأجرت سيارة بشرط أن تكون هذه الشركة مساهمة في هذه الخدمة، وتعطيني خصم ما بين 5 % إلى 40%، وبعض الشركات الأُخرى يكون الخصم من 10% إلى 20%، وهكذا. فما هو الحكم؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد وآله وصحبه، وبعد:
البطاقة المشار إليها تسمى بطاقة التخفيض، وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في حكمها، فهناك من يرى منعها؛ لأنها من باب الغرر والميسر؛ إذ يدفع المشترك ثمن البطاقة، ولا يدري هل ينتفع بها أو لا، فهو متردد بين الغنم والغرم.
وهناك من يرى جوازها نظراً إلى أن ثمن الاشتراك مقابل وساطة مصدر البطاقة لدى المحل وإقناعه بالتخفيض للمشتري، فهي أجرة على عمل. (انظر: الحوافز التجارية، خالد المصلح، ص179-192) ، والأظهر والله أعلم التفصيل، وذلك أنه لا حرج شرعاً أن يقول شخص لآخر: احصل لي على تخفيض من المحل الفلاني، ولك كذا، وقد نص الإمام أحمد على جواز أن يقول الرجل لآخر: اقترض لي من فلان مائة ولك عشرة (المغني، دار هجر، 6/441) . فإذا جاز العوض مقابل التوسط للحصول على القرض، فالعوض مقابل التوسط للحصول على التخفيض أولى بالجواز.(8/464)
وهدف بطاقة التخفيض هو تحقيق مصالح الأطراف الثلاثة: التاجر والمشترك والوسيط. فالتاجر ينتفع بتسويق بضاعته، والمشترك ينتفع بالتخفيض، والوسيط بالاشتراك، وإنما نشأ الإشكال من جهة أن المشترك قد يشتري، وقد لا يشتري، فإن اشترى تحققت المصلحة، وإلا خسر هو قيمة الاشتراك، وخسر التاجر أيضاً إن كان قد دفع مبلغاً محدداً للوسيط. وهذا التردد أورث شبهة الغرر.
لكن ليس كل ما تردد بين الغنم والغرم، أو بين الانتفاع وبين الخسارة يدخل في باب الغرر الممنوع، ففي بيع العربون يتردد المشتري بين أن يملك السلعة وينتفع بها، وبين أن يغرم إذا لم يشترها ويخسر العربون، وهو مع ذلك جائز عند الإمام أحمد وجمع من السلف، وذلك أن الهدف من العربون ليس المقامرة، وإنما الانتفاع بالسلعة، والتردد بين إمضاء الشراء وعدمه راجع للمشتري، وليس معتمداً على الحظ أو ما لا يتحقق غالباً.
وحقيقة الغرر المحرم أنه معاوضة احتمالية نتيجتها انتفاع أحد الطرفين على حساب الآخر، فإن كانت المعاملة تحتمل انتفاع كلا الطرفين، وتحتمل مع ذلك انتفاع أحدهما وخسارة الآخر، أي أن المعاملة تحتمل الغرر وتحتمل عدمه، فينظر في احتمال كل واحد من الأمرين. فإن كان الغالب هو انتفاع الطرفين، وهذا هو مقصود المعاملة، فهي جائزة، ويغتفر ما فيها من الغرر، وهذا هو ضابط الغرر اليسير الذي نص عليه الفقهاء. أما إن كان احتمال انتفاع أحدهما وخسارة الآخر هو الغالب، وهو مقصود الطرفين، فهذا من الغرر الفاحش الذي لا يغتفر.
وشراء بطاقة التخفيض معاملة تحتمل انتفاع الطرفين: المصدر والمشترك. وتحتمل مع ذلك انتفاع المصدر وخسارة المشترك. فإن كان المشترك يحتاج غالباً للسلع محل التخفيض، وينتفع بحصول التخفيض على أسعارها، فالغالب في هذه الحالة هو انتفاع الطرفين، فيغتفر ما فيها من الغرر؛ لأنه من اليسير المعفو عنه. فشراء البطاقة في هذه الحالة لا حرج فيه -إن شاء الله-.(8/465)
أما إن كان الغالب أنه لا يحتاج لهذه السلع فالشراء في هذه الحالة ممنوع؛ لدخوله في الغرر الكثير، وهو من باب إضاعة المال المحرم شرعاً. وهكذا القول في علاقة التاجر بمصدر البطاقة.
وينبغي التحذير من بطاقات التخفيض الوهمية التي تغري المشترك بالتخفيض، لكنها لا تحقق منه شيئا، ً ويرفض التاجر قبولها أو تقديم التخفيض المتفق عليه، فهذا من الغش والخداع وأكل المال بالباطل. والله أعلم، وهو الموفق للصواب.(8/466)
البيع بشرط الخيار
المجيب د. حمد بن حماد الحماد
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
المعاملات/ البيوع/الخيار في البيع
التاريخ 26/10/1424هـ
السؤال
هل الشرط عند الشراء جائز؟ صورتها: يشتري تاجر سلعة ما، ويشترط على البائع أن يكون له شرط الإرجاع خلال أسبوع أو أكثر، فهل هذا البيع جائز؟
الجواب
البيع بشرط الخيار جائز بالإجماع، والصورة المذكورة جائزة، والله سبحانه وتعالى أعلم.(8/467)
البيع بالتصريف
المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/الخيار في البيع
التاريخ 02/04/1427هـ
السؤال
ما الحكم الشرعي في مسألة بيع التصريف المنتشر في الآونة الأخيرة، وهل يدرج من البيوع الفاسدة؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا كان المقصود ببيع التصريف في السؤال هو ما يضعه المنتج (شركة أو مصنع ونحوهما) عند التاجر ليقوم ببيعه فإن باعه وإلا فإن التاجر يقوم بإرجاع السلعة إلى المنتج، إذا كان هذا هو المقصود في السؤال فإن هذا البيع يمكن تخريجه على إحدى ثلاث مسائل ـ وذلك بحسب طبيعة العقد الذي تمّ بين المنتج والتاجر ـ:
المسألة الأولى: الشروط في البيع، وذلك لأن البائع (المنتج) باع المشتري (التاجر) هذه السلعة واشترط المشتري فيها شرطاً وهو أنه إن نفق (تم بيعه) وإلا رده المشتري على البائع، وهذا يسمى عند الفقهاء الشرط المنافي لمقتضى العقد، والمسألة عموماً فيها خلاف طويل بين الفقهاء، فإذا اشترط شرطاً واحداً مخالفاً لمقتضى العقد:
فالجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن أحمد على بطلان الشرط والعقد، والمذهب عند الحنابلة على بطلان الشرط دون العقد،
ورواية عن أحمد اختارها ابن تيمية وابن القيم صحة العقد والشرط في جملة من المسائل التي يمنعها كثير من الفقهاء لأن فيها شروطاً تخالف مقتضى العقد؛ ما لم تتضمن تلك الشروط محرماً كالظلم والربا والغرر، وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عند شروطهم" رواه البخاري تعليقاً بهذا اللفظ، في كتاب الإجارة باب أجر السمسرة، ورواه أبو داود (3594) ، والترمذي (1352) بلفظ: "على شروطهم". وقد انتصر شيخ الإسلام ابن تيمية لهذا القول في عدة مواضع من كتبه، ومنها: ما في مجموع الفتاوى (29/126ـ180) .(8/468)
المسألة الثانية التي يمكن إرجاع هذا البيع إليها: هي البيع مع اشتراط الخيار مدة معلومة أكثر من المدة المتوقعة لتسويق السلعة، فعلى سبيل المثال: إذا افترضنا أن التاجر اشترى اللبن من شركة الألبان وكان اللبن يفسد في ستة أيام فإنه يشتري اللبن مع اشتراط الخيار سبعة أيام، وفي هذه الحال يجوز بيع اللبن لأنه ملكه وإذا انتهت المدة ولم يبع اللبن فإنه يجوز له أن يرجع اللبن إلى الشركة لأنه اشترط على الشركة ذلك، والقول بجواز الشرط وإن كان المبيع يفسد في مدة الشرط قول بعض الحنابلة. وهذه المسألة هي الأنسب لهذا البيع، ويشترط لها تحديد مدة الخيار، سواء أكان التحديد مذكوراً في العقد، أو معروفاً عرفاً، كموعد إرجاع الألبان والصحف والمجلات ونحوها.
المسألة الثالثة: أن يوكل المنتج التاجر في بيع هذه السلعة، ويأخذ التاجر على بيع هذه السلعة نسبة معينة، وهي أجرة تسويقه لهذه السلعة.
وباختصار لعل الأقرب أن يكون البيع بالتصريف بيع مع اشتراط الخيار، وعلى ذلك فيراعى حين العقد الأحكام الشرعية المتعلقة بخيار الشرط.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.(8/469)
المراد بخيار المجلس
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
المعاملات/ البيوع/الخيار في البيع
التاريخ 09/07/1426هـ
السؤال
أحب أن أعرف المراد بخيار المجلس، وحبذا لو ذكرتم أحكامه على المذاهب الأربعة.
الجواب
الخيار: الأخذ بخير الأمرين من الإمضاء أو الفسخ، سواء كان للبائع أو للمشتري والمجلس هو مكان التبايع، حتى لو وقع العقد وهما قائمان أو مضطجعان فإن الخيار يكون لهما، وخيار المجلس يثبت في البيع، لحديث "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" رواه البخاري (2110) ، ومسلم (1532) من حديث حكيم بن حزام، وكذا يثبت في الصلح والإجارة والصرف والسلم دون بقية العقود. ويجب خيار المجلس لكل واحد من البائع والمشتري ما داما في المجلس مالم يتفرقا، فإن تفرقا فالعقد لازم ولا خيار، والتفرق إنما يكون بالأبدان لا بالأقوال وإن أسقطاه سقط، وإن أثبتا الخيار لأحدهما دون الآخر ثبت له الخيار ولا خيار للآخر، وإذا تفرقا كان العقد لازماً، ولا يجوز الفسخ إلا بالتراضي بينهما.
وأما طلب السائل أحكام خيار مجلس على المذاهب الأربعة فهذا لا مصلحة له فيه، فإن اللازم في حق المسلم سؤال أهل الذكر؛ لقوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) [النحل: 43] ويوم القيامة يقال: ماذا أجبتم المرسلين، وعلى هذا فطالب العلم الشرعي يجب أن يأخذ بما صح فيه الدليل وغيره يلتزم بفتوى من استفتاه ولا يجاوزه إلى غيره؛ لأن تتبع الرخص مذموم محرم كما نبه إلى ذلك غير واحد من أهل العلم.(8/470)
بيع تأشيرات الحج
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 1/6/1422
السؤال
ما حكم بيع تأشيرات الحج التي تستخرج بشِقّ الأنفس؟
الجواب
لا يجوز للإنسان أن يأخذ تأشيرة لنفسه وهو لا يريد الحج، فإن أخذ تأشيرة لنفسه وهو يريد الحج ثم عدل عن ذلك، فليس له أن يبيعها إلا بنفس التكلفة التي بذلها في سبيل الحصول عليها. ومعنى ذلك أنه لا يجوز أن تتخذ تأشيرات الحج تجارة يستغلّ بها ضعفاء المسلمين والحريصين على الحج، بل ينبغي للمسلم أن يكون معيناً على الخير، وأن يساعد إخوانه المسلمين لا أن يستغلهم والله أعلم.(8/471)
التجارة الإلكترونية
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 5/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود أن أسأل عن حكم البيع بالإنترنت أو ما يسمى بالتجارة الإلكترونية وأود لو تزودوني مشكورين بأسماء كتب أو مواقع إلكترونية عن هذا الموضوع.
وجزاكم الله خيرا.
الجواب
الحمد لله وحده، - والصلاة والسلام - على من لا نبي بعده، وبعد:
البيع عن طريق الإنترنت كالبيع عن طريق وسائل الاتصال المعاصرة الأخرى: كالهاتف والفاكس، والتلكس، ونحوها، وقد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 52 بصحة التعاقد إذا التقى الإيجاب والقبول، وللسائل الرجوع إلى مجلة المجمع، العدد السادس ج1، لمزيد من الدراسات حول الموضوع، والأصل المقرر أن البيع ينعقد بما دل عليه، وليس هناك صيغة محددة للبيع، كما أن الأصل في المعاملات الحل، ولا يحرم منها شيء إلا بدليل. والله أعلم.(8/472)
الشراء والتسلسل الهرمي
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 16/1/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود استشارة فضيلتكم في مسألة:
توجد شركة إنتاج إعلامي إسلامية تعرض مجموعات من شرائط الكاسيت والاسطوانات بقيمة (100) جنيه، وعندما تشتري منها تسجل رقماً فإذا أقنع المشتري مشتر آخر ليشتري مجموعة بقدر (100) جنيه فإن الداعي يأخذ عمولة (12%) وإذا أحضر الذي دعاه فرداً جديداً يشتري يأخذ الأول نسبة (8%) عن الثاني أي حلقة متسلسلة وهكذا كلما أتى فرد جديد يأخذ المشتري للأول نسبة ما، فهل يجوز للمرء ترويج هذه الفكرة؟ علماً بأن المنتجات كلها إسلامية، كما أن المشتري يأخذ عمولة بدون شرط، أي: لا يشترط إتيانه بعدد معين.
لمزيد من التفاصيل عن مدار النور اضغط على الرابط
http://www.elnoor.com/mdar
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
هذا البرنامج يشترط للتسويق أن يتم شراء منتجات الشركة، وبدون شراء المنتجات لا يستحق الشخص العمولات، وهذا اشتراط لعقد الشراء في عقد السمسرة، ومعلوم أن السمسار لا يهدف أساساً لشراء المنتجات التي يسوقها، بل هو مجرد سمسار، ولذلك فإن هذا الشرط ينافي مصلحة المسوق، فيكون داخلاً في النهي النبوي عن بيعتين في بيعة.(8/473)
وحقيقة الأمر أن اشتراط الشراء في السمسرة، يعني: أن من يرغب في السمسرة لا بد أن يدفع مالاً لكي يسوق، وهو يسوق لكي يحصل على عمولات من الشركة المنتجة، فيؤول الأمر إلى أن يدفع المسوق نقوداً للشركة مقابل نقود لا يدري هل يحصل عليها أم لا، فهو بهذا عقد غرر من جهة، وربا من جهة أخرى، فإذا أرادت الشركة تجنب هذه الإشكالات يجب ألا تشترط شراء المنتجات على من يريد التسويق، فمن يرغب في الشراء فقط يمكنه الشراء، ومن يرغب في التسويق فقط يمكنه التسويق دون دفع أي رسوم أو مبالغ مالية، حتى لو كانت مقابل المنتجات، والعلم عند الله تعالى.(8/474)
البدائل الشرعية للقرض الربوي
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 27/6/1424هـ
السؤال
قرأت هذا المقطع في أحد المواقع، وفي نفسي منه شيء، أرجو توضيح الأمر في كل هذه الصور، ولكم جزيل الشكر والتقدير، البديل الإسلامي للتمويل العقاري من الممكن أن تتم عملية التمويل العقاري في صورة بيع بالتقسيط ورهن العقار بالثمن، ويتم ذلك في اتفاقية واحدة بأن يشتري المقترض - بنكًا أو شركة من شركات التمويل العقاري - الوحدة السكنية من البائع ويسلم له الثمن، ثم في نفس الاتفاقية يبيع الوحدة إلى المشتري بالأجل على أقساط، وبثمن يزيد على ثمن الشراء مع تعهد المشتري برهن الوحدة لصالح الممول البائع ضمانًا لسداد الثمن، من الممكن أن تتم عملية التمويل العقاري في صورة تأجير تمويلي تتضمنها اتفاقية تنص على أن يشتري الممول العقار من البائع، ويؤجره للعميل في صورة عقد تأجير تمويلي مقابل أقساط، يراعى في تحديدها بجانب تغطية مقابل الانتفاع استرداد الممول لثمن العقار، وبحيث يمتلك العميل العقار في نهاية المدة، ويسمّى هذا في الشريعة الإسلامية "الإجارة المنتهية بالتمليك"، ومن الممكن أن يتم التمويل في إطار عقد "الاستصناع" المعروف في الشريعة الإسلامية؛ حيث يقوم على طلب شخص من شخص آخر إنشاء مبنى أو صناعة شيء مقابل ثمن معين دون شرط تعجيل الثمن، بل يجوز تأجيله بأقساط يتفق عليها.
الجواب
الصور التي ذكرها السائل هي بدائل شرعية للاقتراض بفائدة من البنوك الربوية.(8/475)
فالصورة الأولى تسمى ببيع المرابحة للآمر بالشراء، وتقوم على أساس أن الراغب في شراء سلعة أو عقار ما يبدي رغبته للممول الذي هو البنك أو شخص ثالث - سواء كان فرداً أو شركة أو غير ذلك - في أن يشتري شيئاً معيناً أو محدداً بأوصاف يذكرها، ثم يقوم الممول بشرائه من المالك الأصلي، وبعد حيازته يقوم ببيعه بعقد مستقل على الآمر بالشراء، وهو العميل بثمن مؤجل يناسب قدرته المالية، وحيث إن الثمن دين في ذمة المشتري مؤجل إلى أقساط محددة فإن البائع يقوم برهن هذا العقار وفاء بهذا الدين، وهذه الصورة جائزة بالشكل المذكور، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي يبين جواز هذه الصورة.
أما الصورة الثانية فهي: الإجارة المنتهية بالتمليك، وهذه الصورة ظهرت نتيجة تطوير الصورة السابقة، وذلك لأن الممول الذي اشترى العقار أو السلعة يريد أن يضمن حقه أكثر فيجعل العقار باسمه ويؤجره على العميل الذي أمره بالشراء بأقساط سنوية تكون مرتفعة حتى تناسب القسط، وعند انتهاء الأقساط يقوم البائع وهو المؤجر بتمليك العقار للمستأجر وهو المشتري.
وهذه الصورة حصل خلاف في جوازها بين الفقهاء المعاصرين ويرى الكثير منهم عدم صحتها شرعاً، لأنها لا تتفق مع المقاصد الشرعية للمعاملات، فهي تحتوي على ظلم المستأجر، ذلك أن المستأجر لو لم يستطع سداد بعض الأقساط لترتب على ذلك ضياع حقه، وفي ذلك ظلم عليه، والذي يظهر لي أن هذه الصورة لا تختلف في حقيقة الأمر عن الصورة السابقة، فهي بيع مرابحة، وتنطبق عليها أحكامه وشروطه، وإن سميت بالإجارة المنتهية بالتمليك، إذ العبرة في العقود بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني كما هي القاعدة الشرعية، وعلى ذلك فإن التعامل بينهما يخضع لأحكام عقد البيع، وتكون العلاقة بينهما علاقة بيع مع رهن السلعة كما هو الشأن في الصورة الأولى.(8/476)
أما الصورة الثالثة فهي عقد الاستصناع، وهو من العقود الجائزة شرعاً عند جمهور الفقهاء، وصفته في مثال التمويل العقاري أن يتفق المالك للأرض مع شركة مقاولات على أن تقوم ببناء الأرض وفق مخطط معين، وتكون المواد على الشركة وهو يقوم بعد ذلك بسداد القيمة على أقساط يتفق عليها مع الشركة.
وهذه الصورة جائزة إذا تمت شروطها الشرعية، وهي من البدائل المناسبة للربا المحرم، والله أعلم.(8/477)
تقاضي عمولة على تجارة الإلكترونيات
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 24/1/1424هـ
السؤال
هل يجوز العمل لمصلحة شركات التجارة الإلكترونية كموزع لاشتراكاتها وخدماتها وتقاضي عمولة على ذلك؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
إذا كان مجال عمل هذه الشركات مشروعاً وخالياً من المحرمات، فالعمل موزعاً لها مشروع، وإذا كان مجالها يختلط فيه الحلال بالحرام، فالعمل لها يخضع لأمور:
1- الغالب على نشاطها فإن كان الغالب هو الحرام فالعمل فيها محرم، وإن كان الغالب هو الحلال فلا بأس بالعمل مع مراعاة الشرطين الآخرين، وهما:1- نية الإصلاح والتغيير للمنكرات والمحرمات التي تشوب نشاط الشركة، ولا يضر إن كان التغيير يأخذ وقتاً، فالإصلاح لا يتأتى بين عشية وضحاها.2- عدم وجود فرص أفضل بعيدة عن الحرام.
فإذا اجتمعت هذه الاعتبارات، بحيث كان الغالب على نشاط الشركة هو الحل، وكانت نية العامل هي التغيير والإصلاح لما يراه من المنكرات قدر الإمكان وعدم الرضا عنها، ولم توجد فرصة أفضل، فلا حرج إن شاء الله من العمل فيها، وذلك أن العمل واجب لكي يستغني المرء عن الاحتياج للناس، ولكي يعف نفسه وأهله ومن يعولهم، فقد ثبت أن رجلاً مر على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فرأوا من جلده ونشاطه ما أعجبهم، فقالوا: لو كان هذا في سبيل الله؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان" (صحيح الجامع 1/301) .(8/478)
وإذا كان السعي لكسب الرزق بهذه النية في سبيل الله، فهو مصلحة مطلوبة شرعاً إلا إذا عارضتها مفسدة أعظم منها، وإذا أخذت الشروط السابقة في الاعتبار، كانت مفسدة المنكرات التي تشوب العمل أقل إن شاء الله مما فيه من المصالح، والله تعالى أعلم.(8/479)
تحديد الربح في التجارة
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 3/2/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
ما هو حكم زيادة سعر سلعة معينة؛ لأنها متوفرة فقط في ذلك المعرض؟ مع العلم أن سعرها عالمياً أقل مما هي معروضة به لدى هذا المعرض.
وهل هناك نسبة للربح نص عليها الإسلام؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب أنه لا مانع من زيادة السعر في سلعة ما لم تكن طعاماً فيدخل في الاحتكار المنهي عنه، لكن ينبغي ألا يخرج في زيادته عن السعر المعتاد، فيدخل في الغبن الذي يكون للمشتري فيه الخيار بعد ثبوت البيع، وقد حدده بعض أهل العلم بالثلث؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري (1296) ، ومسلم (1628) :"الثلث؛ والثلث كثير" وهذا كما أسلفت على رأي بعض أهل العلم.
هذا ولا يظهر لي -والعلم عند الله تعالى- نسبة محددة للربح لا يجوز تجاوزها؛ لأن الإنسان قد يشتري سلعة برخص، فيبيعها بضعف ما اشتراها به، أو ينتظر فيها حلول وقتها المناسب لها فيبيعها بربح كثير، وقد روى البخاري (3641) وأبو داود في سننه (3384) "عن عروة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاه ديناراً ليشتري له به شاة، فاشترى به شاتين فباع إحداهما بدينار، فجاء بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه. وكان لو اشترى التراب لربح فيه". فهذا الحديث فيه: أن عروة ربح الضعف، حيث باع إحدى الشاتين بدينار، وكان قد اشترى به شاتين: فربح في نصف الدينار مثله، وقد أقره النبي -صلى الله عليه وسلم- على فعله ودعا له بالبركة، والله أعلم.(8/480)
هل يجوز أن يربح في السلعة أضعاف قيمتها؟
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 29/10/1424هـ
السؤال
سؤالي عن قيمة الفائدة في البيع، وهل تقدر بالثلث؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
أجمع أهل العلم من الأئمة الأربعة على أن الإنسان ليس له قيمة معينة في ربحه، فله أن يربح (100%) أو أقل أو أكثر، إلا أن المالكية والحنابلة قالوا في حق من اشترى ولم يعلم السعر لا يجوز أن يغبن، ومن غبن فله حق الخيار، وقدره المالكية وبعض الحنابلة بالثلث، فإن زاد المال على الثلث فله حق الخيار، وذهب ابن قدامة على أن القيمة الفاحشة عرفاً قد تقدر بالثلث أو أقل أو أكثر على حسب ما تعارف الناس عليه، والغبن يحصل للذي لا يحسن أن يماكس، أي الذي لا يعرف أن يشتري، أو لا يعرف قيمة السلعة، وقاسوه على الذي يتلقاه الركبان، والله أعلم.(8/481)
تصفية أرباح أموال التشغيل
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 25/12/1423هـ
السؤال
سؤالي عن أموال التشغيل.
أنا أعمل في محل قد استأجرته من والدتي وعندما بدأت العمل به أخذت بعض الأموال للتشغيل من بعض الناس لكي أستطيع فتح المحل وبدء التجارة الآن أريد أن أعرف بعد أن أخرج الربح الصافي من المصاريف المتعلقة بالعمل هل أخرج من الأرباح ما يلي:
(1) ضريبة الدخل والضرائب الأخرى المتعلقة بالمحل، مع العلم أنه إذا كان المحل مغلقاً لا تلحقه ضرائب.
(2) الديون المعدومة المتعلقة بالتجارة في المحل وكل ما يتعلق به.
(3) راتب لي لقاء قيامي بالعمل.
(4) خسائر البضائع القديمة.
(5) ضريبة اهتلاك لديكورات المحل وأثاثه.
(6) رواتب للموظفين العاملين في هذه التجارة في المحل.
وإذا كان المال المدفوع للتشغيل يعادل نسبة (40%) مثلاً من قيمة رأس المال هل يوزع الربح على أموال التشغيل بعد خصم نسبة (60%) أم يوزع على كامل المبلغ؟
يعني مثلاً إذا كان الربح 100000 هل نوزع 40000 فقط على أموال التشغيل أم توزع النسبة على كامل رأس المال؟
وجزاكم الله عنا كل خير وشكراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
(1) فيما يتعلق بالضرائب (سواء ضريبة الدخل أو ضريبة الاهتلاك) فيجب الرجوع إلى الأنظمة المتعلقة بها لتحديد كيفية إخراجها. لكنها تعتبر من التكاليف التي يجب دفعها قبل التوصل لصافي الربح.
(2) الديون المعدومة تخصم من الإيرادات باعتبارها نوعاً من الخسارة.
(3) لا ينبغي أن تأخذ راتباً لأنك تعمل بمثابة المضارب، وإنما تأخذ نسبة من صافي الأرباح.
(4) خسائر البضائع القديمة تخصم من الإيرادات.
(5) تخصم رواتب الموظفين من الإيرادات كذلك.(8/482)
وبناء على ذلك، يجب أن تخصم الديون المعدومة، وخسائر البضائع، ورواتب الموظفين، والضرائب حسب النظام، لتحصل على صافي الربح. ثم تحتجز من صافي الربح النسبة التي تعادل حصتك من رأس المال، وبعد ذلك يتم توزيع باقي الربح بينك وبين المستثمرين أو أصحاب المال حسب النسبة المحددة سلفاً بينك وبينهم. وإذا لم يتم تحديد نسبة فالأصل المناصفة، أي تحصل على (50%) من صافي الربح الناتج من أموالهم، وهم يحصلون على الـ (50%) الأخرى. وإذا كانت أموال المستثمرين تعادل (40%) من رأس المال، والباقي منك أنت، فيتم توزيع صافي الربح الناتج عن إجمالي رأس المال كالتالي:
60% من الربح لك أنت مقابل حصتك من رأس المال.
20% من الربح لك مقابل العمل. (50% × 40% = 20%)
20% من الربح للمستثمرين.
هذا إذا لم يتم تحديد حصتك من الربح مقابل العمل، لكن إذا تم الاتفاق بينك وبين المستثمرين على نسبة محددة، فتخصم هذه النسبة من المتبقي من صافي الربح بعد خصم
(60%) الخاصة بحصتك من رأس المال. مثلاً إذا اتفقت مع المستثمرين على أن يكون لك (70%) من ربح أموالهم، فيتم توزيع صافي الربح الناتج من إجمالي رأس المال كالتالي:
60% من صافي الربح لك مقابل حصتك من رأس المال.
28% من صافي الربح لك مقابل العمل. (70% ×40% = 28%)
12% من صافي الربح للمستثمرين. (30% × 40% = 12%) ، والعلم عند الله تعالى.(8/483)
حكم بيع العربون
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 5/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
ما هو حكم العربون في الإسلام؟ أي إذا تم الاتفاق على شراء شيء ما ودفع العربون عنه وبعد مدة ليست بالقصيرة أحد المتفقين عاد من الاتفاق هل يعود العربون للشاري أم يكون من حق البائع؟ مع العلم أنه وقع ضرر، ولكنه ليس كبير. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
العربون لا بأس به وهو الصواب، وهو مذهب الإمام أحمد أنه لا بأس به، والعربون يكون للبائع هذا هو الصواب؛ لقول الله - عز وجل- "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة: 1] ، الأصل في المعاملات الحل، البائع يستحق العربون مقابل حبس السلعة في هذا الزمن عن التصرف.(8/484)
فتح مكتب للاستقدام
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 20/7/1424هـ
السؤال
أنوي فتح مكتب لاستقدام العمالة، فهل يجوز ذلك؟ علماً أن المكتب قد يستقبل غير المسلمين بناء على طلب الزبائن، وما هي نصيحتكم لي في ذلك؟.
الجواب
لا مانع من افتتاحك مكتباً للاستقدام، ولكن عليك النصح في اختيار العمالة المسلمة أولاً، ثم النصح للعاملين معك في داخل المملكة وخارجها، ونصحهم بتفضيل العمالة المسلمة على غيرها، وإن اضطررت إلى جلب عمالة غير مسلمة فاحرص على نصيحتهم عند قدومهم، ونصيحة كفلائهم بأن يعاملوهم معاملة حسنة، فيعرفونهم بالإسلام ويحببونه إليهم، من خلال الكتاب والشريط والقدوة الحسنة، عسى الله أن يهديهم على أيديهم، وإن حصل ذلك فلك من الأجر مثله، ولتعلم أن دخولهم جزيرة العرب جائز ما دام بعهد وأمان وحاجة المسلمين إليهم، فلا حرج حينئذٍ، وأذكرك مرة أخرى بأن تحرص على استقدام العمالة المسلمة المدربة فهي خير من العمالة السائبة التي لا خبرة لها، وعليك أن تشير على من يأتي لمكتبك لغرض الاستقدام، وأن تنصحه باستقدام المرأة مع زوجها إن كان ولا بد مستقدماً، والله الهادي إلى سواء السبيل.(8/485)
شراء الأرض الموقوفة
المجيب د. محمد العروسي عبد القادر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 16/12/1424هـ
السؤال
اشتريت قطعة أرض وقف من الجهة المسؤولة عن الوقف، وبنيت عليها منزلاً بقرض مصرفي بفوائد فما الحكم؟ مع ملاحظة أنني من ذوي الدخل المحدود.
الجواب
الذي اشترى أرضاً وقفية وبنى عليها بقرض ربوي يسأل عن حكم ذلك، أي حكم شراء أرض الوقف، وعن حكم القرض، وعن حكم سكنى هذه الدار التي بنيت على أرض وقف وبقرض ربوي.
أما الجواب عن شراء هذه الأرض، فاعلم أيها السائل أنه لا يجوز بيع الوقف إلا في حالة استبداله بما هو أصلح وأنفع منه، أو كانت الأرض بحالة لا ينتفع منها أهل الوقف بشيء، كما لو باع جزءاً من الأرض ليعمر به الباقي. ففي مثل هذه الحالات يجوز بيعه، ولا يتولى بيع الوقف في هذه الحالة إلا الحاكم وهو القاضي؛ لأن بيع الوقف فسخ لعقد لازم مختلف فيه اختلافاً قوياً، فيتوقف بيعه على الحاكم، ولا يجوز شراؤه إلا في هذه الحالة وما في معناها، وإلا فالمشتري معين على الظلم، وهو آثم، والله - سبحانه وتعالى- يقول في شأن استبدال الوصايا والأوقاف:" فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم" [البقرة: 181] .
فإن وقع الشراء في غير الحالة التي أشرنا إليها، فالعقد باطل، ويجب عليه إعادة المبيع واسترداد الثمن، وإلا فالمشتري سكن في أرض لا يجوز له سكناها، أشبه ما يكون بالأرض المغصوبة ولا تبرأ الذمة، ولا يخرج عن الإثم إلا بعد إعادتها إلى أصحابها، ولا يعيدها إلى من اشتراها منه إذا كان ممن يخون الأمانة، وأهل الوقف إما أن يعوضوا السائل عن المباني، أو هو مسؤول عن إزالتها، والله أعلم.
ولأجل أن يسلم من الإثم أو التعسف ممن اشتراها منه، يعرض الموضوع على ذوي الفضل من القضاة فيرشدونه إلى السبيل التي تخلصه من الإثم.(8/486)
وأما إقراضه من البنك بالفائدة، فهذا لا يجوز له، وكونه من ذوي الدخل المحدود لا يبيح الإعانة على الربا، فليتب إلى الله وليستغفره.
وأما السكن في هذا البناء، فإن اشتراها على الوجه المشروع، وإلا فلا يجوز له سكناها، والله أعلم.(8/487)
إبدال سلعة قديمة بجديدة
المجيب د. حمد بن حماد الحماد
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 8/9/1423هـ
السؤال
ما حكم إبدال سلعة قديمة بجديدة، مع دفع الفرق؟
الجواب
الأصل في استبدال سلعة بسلعة مع دفع فرق أو بدون فرق الجواز، إلا إذا كانت السلعة من الأموال الربوية وتستبدل بجنسها فإنه في هذه الحالة يلزم التماثل والتقابض، أما ما عدا ذلك فعلى الجواز.(8/488)
بيع السلع قبل قبضها
المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 22/8/1424هـ
السؤال
لقد طلبت من أحد البنوك شراء سيارة لكي أبيعها وأستفيد بثمنها، فطلب البنك مني التوقيع على الاتفاقية قبل أن يمتلك السيارة، فوافقت وصدرت الموافقة بشراء السيارة، ولكني سمعت أن ذلك حرام فطلبت التراجع عن البيع، ولكن البنك أخذ يماطلني ويقول: إنني سوف أتكلف مبلغاً كبيراً من المال عند التراجع، هل هذه البيعة حرام؟ وما درجة حرمتها، وما هي الكفارة إذا تمت البيعة؟
الجواب
هذا العقد بهذه الطريقة محرم وذلك للآتي:
(1) لأنه باع ما لا يملك.
(2) أن إجراء العقد الأول قبل الثاني بهذه الصورة حيلة على الربا، فالعقد في هذه الحالة عقد ربوي محرَّم.
والواجب عليك فسخ العقد، فإن لم تستطع فعليك التوبة إلى الله -سبحانه- وعدم العودة إلى ذلك مرة ثانية، وإجراء مثل هذا العقد في المرات القادمة بصيغة شرعية عند جهات موثوقة، فالواجب عليك التوبة؛ لأن هذا مما قد يخفى على عموم العامة، خاصة مع ما يصدر من مثل البنوك الربوية من تضليل للناس وإخفاء لحقائق العقود، والله الموفق.(8/489)
رد المبيع بعد استعماله
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 7/2/1423
السؤال
في غالبية محلات الملابس هنا في أمريكا عندما تشتري بضاعة تستطيع إرجاعها ما دامت الفاتورة معك، سواء يوم أو شهر أو سنة، ويرجعون لك نقودك كاملة لا زيادة ولا نقصان حتى لو كنت لبست الثوب مع علمهم بذلك، أهم شيء الفاتورة معك وورقة الثوب (السعر ورقم البضاعة) معك سواء ملصقة في الثوب أو مقطوعة منه، هل يجوز لي شراء الملابس ولبسها وإرجاعها لهم؟ مع العلم أن صاحب المحل يعلم ذلك وراضٍ، ومكتوب خلف الفاتورة: يحق للمشتري إرجاع البضاعة ما دامت الفاتورة معه.
الجواب
إذا كان المشتري اشتراها أي الملابس بقصد تملكها وبقائها عنده ثم بدا له إرجاعها فهذا يجوز حتى بعد اللبس؛ لأن صاحب المحل رضي بذلك حسب العقد أو العرف الذي ذكر في السؤال.
وأما إن كان المشتري من حين اشتراها وهو قاصد أن يلبسها مدة من الزمن ثم يرجعها فهذا لا يجوز، إلاّ إن كان صاحب المحل يرضى بذلك، أي يرضى حتى لو كان المشتري عازماً من الأصل على إرجاعها، والله الموفق.(8/490)
بيع عمارة جزء منها وقف
المجيب أ. د. حسين بن خلف الجبوري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 7/1/1424هـ
السؤال
رجل توفي وترك عمارة فيها أربع شقق وأوصى قبل وفاته بأن تكون له بعد وفاته شقة واحدة وقف من العمارة، والآن يريد الورثة بيع العمارة للحاجة فكيف يتصرفون؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فأقول وبالله التوفيق والسداد، الوقف من الأمور الشرعية التي حث الإسلام على عدم التفريط فيها، بل أوجب المحافظة عليه واستثماره في الوجوه التي أوقف من أجلها، لذلك لابد من المحافظة على هذه الشقة الموقوفة، وإن كان لابد من بيع العمارة فإما أن يعرض على المشتري استثناء هذه الشقة من البيع، وتبقى وقفاً على صاحبها وتستثمر لصالح الجهة الموقوفة لها.
وإذا تعذر الاستثناء من البيع؛ وبيعت العمارة كاملة فيلزم - شرعاً - الورثة أن يشتروا شقة أخرى بثمن الشقة الموقوفة، لتكون وقفاً على الجهة التي حددها الواقف في وصيته، ولا يجوز التفريط بثمن الشقة، ولا استعماله في أي شيء آخر يمكن أن يؤدي إلى ضياع الثمن، فلابد من شراء شقة عوضاً عن الشقة المباعة، ومن يفرط بهذا الوقف عليه الوزر الكبير والذنب العظيم الذي توعد الله به عباده المقصرين. والله أعلم بالصواب.(8/491)
تصنيع أكعب الأحذية النسائية
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 14/2/1424هـ
السؤال
أملك مصنعاً لإنتاج أكعب الأحذية النسائية وسمعت من بعض الإخوة أن هناك شبهة في هذا الأمر، فهل يجوز شرعاً تصنيع وبيع أكعب الأحذية النسائية مهما اختلفت أطوالها وأشكالها؟
الجواب
أرى ألا حرج عليك في هذا، ولكن عليك أن تبتعد عن تصنيع ما فيه تشبه المرأة بالرجال، أو بمن لا يجوز للمسلمة التشبه بهم، وكذلك الأكعب التي تحتوي على مواد صلبة لها صوت صارخ يلفت النظر إلى المرأة وهي تمشي، ويحرك دواعي الرجال نحوها، فإن ذلك مما ينافي ستر المرأة وحفاظها على زينتها عن الرجال الأجانب، وقد نهى الله عن ذلك "ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن" [النور: 31] .(8/492)
المتاجرة بتأشيرات العمل
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 27/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود أن أسأل عن الفيزة، حيث إنها تؤخذ من الدولة بألفي ريال، وتتفق أنت ومن يشتريها على مبلغ معين قد يصل إلى السبعة آلاف، راجياًَ من الله إفادتي وإعلامي بالشيخ الذي سيجيب عن سؤالي، تحياتي لكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
لا يجوز ممارسة هذا العمل لوجوب طاعة ولي الأمر من جهة، ولأنه متاجرة بحقوق لم يقصد الاتجار بها، بل قصد الانتفاع منها في دعم النشاط الاقتصادي الذي ينفع الناس. والله أعلم.(8/493)
شراء صكوك التعويضات المالية
المجيب د. سعد بن حمدان اللحياني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 13/5/1424هـ
السؤال
سبق وأن تمت مناقشة موضوع التعويض المالي المسجل لدى وزارة المالية لصالح بعض الأشخاص الذين تم تعويضهم أثناء توسعة الحرمين أو غيرهما، فهل يجوز شراء هذه التعويضات المالية من أصحابها؟ وما رأيكم بمن يقول أن التنازل هذا ليس ربا؟ وقد أفتى في ذلك مجمع الفقه الإسلامي. فهل هذا صحيح مع كامل الأدلة.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
هذا التعويض دين للشخص في ذمة الدولة، ولا يجوز بيعه بأقل من مقداره لطرف ثالث، لأن ذلك إما أن يكون قرضاً بزيادة؛ لأن بائع التعويض يكون كمن اقترض من المشتري، ويدفع لسداد ذلك مبلغ التعويض الذي هو أكبر مما أخذ، أو يكون ذلك بيع نقد بنقد مؤجل أكثر منه، فالمشتري يبيع نقده (ثمن الشراء) بنقد مؤجل أكثر منه (مبلغ التعويض) ، فيجتمع فيه ربا الفضل وربا النسيئة، وعلى كلا التخريجين فإن بيع التعويض على شخص آخر بأقل من مبلغه يشتمل على الربا المحرم، وهو شبيه بما يعرف في المصارف التجارية بحسم الكمبيالات التي يبيع فيها الشخص على المصرف كمبيالة بدين على شخص آخر بأقل من مبلغ الكمبيالة، وهو ما صدرت فتوى المجمع الفقهي الإسلامي بعدم جوازه - أعني حسم الكمبيالة - (الدورة السادسة عشرة عام 1422 هـ حول موضوع بيع الدين) ، وكذلك مجمع الفقه الإسلامي (في دورة مؤتمره السابع لعام 1412 هـ في قراره حول بيع التقسيط) . أما عن وجود فتوى من مجمع الفقه الإسلامي بجواز بيع التعويض على نحو ما ذكر السائل فلا أعلم عن ذلك.(8/494)
بيع الحرير مع الأقمشة الرجالية
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 13/5/1424هـ
السؤال
أرجو منكم الإفادة على سؤالي هذا ولكم جزيل الشكر، هل يجوز بيع الحرير في أماكن بيع الأقمشة الرجالية؟ أرجو منكم الإفادة، ولكم جزيل الشكر. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، - والصلاة والسلام- على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فالجواب: إنه معلوم أن الحرير ليس محرماً مطلقاً، بل يجوز للنساء مطلقاً، انظر ما رواه الترمذي (1720) ، والنسائي (5148) من حديث أبي موسى -رضي الله عنه- وللرجال في حال الضرورة؛ كحكة ونحوها، انظر ما رواه البخاري (2919) ومسلم
(2076) من حديث أنس -رضي الله عنه- وبناء على هذا فلا أرى مانعاً من بيع الحرير في أماكن بيع الأقمشة الرجالية، إذ قد يكون المشتري إنما اشتراه لأهله (زوجته أو قريبته) ، وكما يجوز بيع الذهب المحرم على الرجال في أماكن بيع الحاجات الرجالية، يجوز بيع الحرير كذلك، لكن إذا كان البائع يعلم أن مشتري الحرير من الرجال إنما اشتراه ليلبسه من غير ضرورة أو يغلب على ظنه ذلك فإنه والحالة هذه لا يجوز أن يبيعه عليه، لأن في ذلك إعانة على الإثم والعدوان، والله يقول: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ" [المائدة: من الآية2] ، والله أعلم.(8/495)
شراء الساروت (نقل القدم)
المجيب د. سليمان بن صالح الغيث
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 22/4/1424هـ
السؤال
في بلدي لك أن تشتري مفتاح المنزل، ويطلق عليه في المعاملات العقارية عندنا "شراء الساروت"، فمثلاً تشتري مفتاح شقة بما يعادل في أغلب الأحيان خمس ثمنها_ إن بيعت البيع العادي والمتعارف عليه - وتدفع قدراً من المال كإيجار شهري لصاحب الملك الحقيقي، غير أنه يكون لك الحق في بيع المفتاح لمن ترغب، وتربح من هذا البيع قدراً من المال دون تدخل مالك الشقة، وله أن يستخلص الإيجار من المشتري الجديد للساروت. هل هذه المعاملة حلال أم حرام؟ جزاكم الله عنا كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
ما ذكرته السائلة هو ما يسمى "بالخلو" أو "نقل القدم" أو "التقبيل للمحل أو الشقة" ولا يظهر أن به بأساً، لكن بشروط:
(1) أن يكون مالك العقار الأصلي غير معترض على المستأجر الجديد، إذ يخشى أن يكون المستأجر الجديد أكثر ضرراً على العقار من المستأجر الأول، بل إن بعض الملاك أصلاً يشترط في عقد الإجارة أن لا يؤجر المستأجر العقار، إلا بعد الرجوع إليه، فلو أخذ العوض على الخلو والمالك معترض ودافع الخلو لا يعلم بذلك لتضرر ضرراً ظاهراً لا يخفى.(8/496)
(2) أن يعلم دافع الخلو في حالة ما لو لم يشترط المالك عدم التأجير بغير إذن، وكون المستأجر الجديد مماثلاً أو أقل ضرراً من المستأجر الأصلي أن يعلم المدة المتبقية في العقد، إذ يخشى أن تكون يسيرة جداً، ويكون مالك العقار الأصلي لا يرغب في التجديد للمستأجر الجديد بعد نهاية العقد، فيكون دافع الخلو عندما دفعه كان متصوراً أن العقد سيستمر ودفع ذلك العوض بناء على ذلك فيفاجأ بهذا القرار غير المتوقع من المالك، بل ربما طالب المالك الأصلي بالخلو إذ إن المستأجر الأول انتهت مدته ولا علاقة له شرعاً بالعقار، لهذا أرى أنه لابد من استحضار هذه الأمور كلها، فإذا رضي جميع الأطراف بذلك؛ المالك الأصلي والمستأجر الأول الذي شرى ما يسمى بالساروت أو الخلو وكذا المستأجر الثاني، وتم توقيع عقد يلائم الجميع ليس فيه أي جهالة ولا غرر فلا يظهر لي أن به بأساً وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(8/497)
البيع للآمر بالشراء
المجيب د. سليمان بن صالح الغيث
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 15/8/1424هـ
السؤال
تقوم بعض الشركات بشراء بعض السيارات وغيرها بعد طلب المشتري، حيث يتقدم بطلب شراء السلعة ولا تؤخذ عليه أية ضمانات، فتقوم الشركة بتملك السلعة ثم تبيعها عليه، وله الخيار في إتمام الشراء أو رفضه، فإذا كانت سيارة تملكها ببطاقتها الجمركية ثم قام ببيعها على مشتر آخر، وقد يكون نفس المعرض الذي تتعامل معه الشركة المقسطة، وقد لا يرى السيارة نظراً لوجودها في المستودع، ما حكم هذا الشراء؟ وهل يعتبر من الربا؟ وهل هناك اختلافات فقهية في ذلك؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: ما ذكره السائل محل خلاف بين أهل العلم، إذ منهم من رأى أن السيارة لا تملك بمجرد البطاقة الجمركية، وأنه لابد من نقل السيارة من مكان لآخر وحيازتها الحيازة التامة.
ومنهم من رأى أن حيازة السيارة تكون بمجرد البطاقة الجمركية، وأن بقاءها في المعرض إنما هو بمثابة الأمانة لديه والبيع يصح بالرؤية أو بالصفة المعلومة، وهذه السيارة وإن لم يرها المشتري فهي معلومة لديه، وحيازته لبطاقتها الجمركية هو قبضها، إذ معلوم لدى تجار السيارات أن الاستمارة لا تخرج إلا بموجب البطاقة الجمركية، ومن سجلت هذه البطاقة باسمه فقد ملكها، وهذا هو الذي يترجح لدي، ولا يظهر لي أن ما ذكر في السؤال به بأس، بشرط أن لا يكون ثمة تواطؤ بين الأطراف.
أيضاً أود أن أنبه إلى أن الصورة التي ذكرها السائل هي ما يسمى عند الفقهاء: مسألة التورق، وهي أن الإنسان يحتاج للورق أي (الفضة) وغالباً لا يجد من يقرضه، فيلجأ إلى مثل هذه الصورة ليحصل على السيولة التي يريدها، وهذه الصورة قد أجازها جمع من أهل العلم وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(8/498)
أقساط شقة انهارت في الزلزال
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 30/3/1424هـ
السؤال
الشيوخ الأفاضل حفظهم الله ونفع بهم الإسلام والمسلمين؛ سؤالي: رجل اشترى شقتين بالقسط من رجل آخر يملك العمارة التي فيها الشقتان. ولما انتهى من دفع ثمن الشقة الأولى وقبل أن يبدأ بدفع الأقساط للشقة الثانية إنهدمت العمارة بسبب الزلزال. فهل يطالب المشتري بدفع أقساط هذه الشقة الثانية لبائعها بعد انهدام العمارة؟ ثم ما الحكم إن كان هناك احتمال وجود عيب خفي في تلك العمارة؟ بأن ظهر مثلاً أنها هي الوحيدة التي انهدمت من بين العمارات المحيطة بها، مما قد يكون قرينة على الإساءة في طريقة البناء واستعمال مواد البناء المغشوشة، مع الإشارة إلى أن البائع لم يكن على علمٍ بهذا الأمر، وقد خسر هو نفسه العمارة كلها. أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
فإن كان سقوط العمارات بسبب الإساءة في طريقة البناء واستعمال مواد مغشوشة، لم يبينها للمشتري أو لم يعلم بها فإنه لا يلزم المشتري أن يسدد ثمنها للبائع، وله أن يطالبه بقيمة الشقة الأولى، لأن المبيع معيب، ومن اشترى معيباً فله الفسخ، وأما البائع فإنه يرجع على من غشه.
وأما إن كان سقوطها بسبب الزلازل فقط؛ فإن كان المشتري قد قبض الشقة الثانية بأن استلمها أو سجلت باسمه حسب إجراءات تسجيل ملكية العقار فإنه يلزمه دفع قيمة الشقة لبائعها.
وإن لم يستلم الشقة ولم تسجل باسمه؛ فإنه لا يلزمه دفع شيء من القيمة للبائع على الصحيح من أقوال أهل العلم، خلافاً لأبي حنيفة وأحمد، فعندهما أن العقار متى تم بيعه فهو من ضمان المشتري وإن لم يقبضه المشتري فعلاً، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(8/499)
بيع الروائح والعطور
المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 16/4/1424هـ
السؤال
أود أن أسأل عن العمل في الروائح والعطور هل هي حرام أم حلال؟ خاصة وأن الكثير من السيدات والبنات يستعملنها ويشترينها، ومن المعروف أن استخدام النساء للعطور خارج المنزل حرام فهل يقع علي وزر في إقامة مثل هذا المشروع واستيراد العطور ونشرها في الأسواق؟
وهل يسري نفس الحكم على الشامبو و (gel) الذي تشتريه المرأة المتبرجة؟ وجزاكم الله خيراً على مجهودكم معنا.
الجواب
بيع العطور والطيب من حيث الأصل جائز، وإن كان بعض النساء يستعملن العطور خارج المنزل فالإثم عليهن.
لكن إن علمت أن المشترية لا تستعمل هذا العطر إلا عند خروجها من المنزل لم يجز البيع لها؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه في قوله تعالى: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" ٌ [المائدة:2] .
ويدخل في هذا ما تشتريه المرأة المتبرجة إذا علم أنها تستعمله في تبرجها المحرم. والله أعلم.(8/500)
بيع السلاح وشراؤه
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 13/9/1424هـ
السؤال
ما حكم بيع السلاح وشرائه؟.
الجواب
بيع السلاح وشراؤه له أحكام، فإذا كانت الحال حال فتن وحال اضطرابات، وحال اعتداءات ونحو ذلك، فهذا لا يجوز، لأن هذا سبباً من أسباب إشاعة الشر، ومن أسباب تطويل وتوسيع دائرة الفتن، وأما إذا كانت الحال حال أمن واستقرار ونحو ذلك فهذا لا يظهر لي فيه مانع إن شاء الله.(8/501)
هل هو شريك في إثم الربا؟
المجيب د. عبد العظيم بن إبراهيم المطعني
رئيس قسم التفسير والحديث بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 03/01/1426هـ
السؤال
لدينا مصنع حكومي لتوزيع الإسمنت، وهذا المصنع لا يقوم بإعطاء مادة الإسمنت إلا لمن لديه رخصة بناء ومتحصل على قرض من المصرف (القرض طبعاً بفوائد) ، ولدي صديق يقوم بشراء الحصص الزائدة عمّن لديهم قروض لكي يقوم ببيعها، والربح فيها، وسؤالي: هل يعتبر هو كذلك مشترك بالاستفادة من القرض؟ حيث إنه لا يمكن الحصول على الإسمنت إلا إذا كان لديك قرض عقاري.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
فصديقك الذي يقوم بشراء الكميات الزائدة عن حاجة أصحابها ثم يتاجر فيها فعمله هذا مباح ومنفصل تماما عن الوسائل التي اشترى بها البائعون كميات الأسمنت المشار إليه ودخله منه حلال وهو غير مسؤول أمام الله عن القروض المدفوع عنها فوائد ربوية والله عز وجل يقول: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" [فاطر:18] ، ويقول: "كل نفس بما كسبت رهينة" [المدثر:38] . والله -تعالى- أعلم.(8/502)
بيوع المرابحة
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 8/11/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم الاقتراض من المصارف الإسلامية التي تتعامل بنظام المرابحة، من حيث قرض شراء بيت أو بناء بيت؟ فهناك عدد من مشايخنا في بلدنا يجيزونه مطلقاً والبعض يحرمه من حيث العهد الذي يأخذه البنك على المقترض بأن يلتزم بشراء البيت أو مواد البناء وعدم الرجوع في البيعة، أرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي بالتفصيل، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
لا يجوز إلزام العميل في المرابحة المصرفية بالشراء قبل تملك المصرف للسلعة المطلوبة؛ لأن هذا بمثابة التعاقد على بيعها قبل تملك المصرف لها إن كانت السلعة معينة، وإن كانت موصوفة في الذمة فيكون من باب الدين بالدين، وكلاهما ممنوع بالنص والإجماع.
وقد صرح الإمام الشافعي -رحمه الله- بعدم جواز الإلزام في كتابه الأم فقال:" وإذا أرى الرجلُ الرجلَ السلعة فقال: اشتر هذه وأربحك فيها كذا، فاشتراها الرجل، فالشراء جائز، والذي قال أربحك فيها، بالخيار: إن شاء أحدث فيها بيعاً وإن شاء تركه".
قال:"وإن تبايعا على أن ألزما أنفسهما الأمر الأول -أي: الالتزام ببيع السلعة قبل تملكها- فهو مفسوخ من قبل شيئين: أحدهما أنه تبايعاه قبل أن يملكه البائع، والثاني: أنه على مخاطرة أنك إن اشتريته على كذا أربحك فيه كذا" (الأم 3/39) ولا يعرف بين الفقهاء المتقدمين من يخالف الإمام الشافعي في هذه المسألة.(8/503)
والعبارة الأخيرة من كلام الشافعي معناها -والله أعلم- أن المأمور بالشراء التزم بالبيع على الآمر، لكنه قد يتمكن من شراء السلعة بالثمن المحدد وقد لا يتمكن إلا بثمن أكثر، فإن اشتراها بالثمن الأقل ربح وإن اشتراها بالثمن الأكثر خسر، فهي من هذا الوجه غرر، وهذا يحصل اليوم في المرابحات الدولية حيث يشتري المصرف السلعة بعملة ويبيعها على العميل بعملة أخرى.
وقد يتغير سعر الصرف بين العملتين بعد الشراء وقبل البيع، فيكون المصرف تحت الخطر، ولذلك يفضل المصرف في مثل هذه الحالات عدم الالتزام ليسمح لنفسه ببيع السلعة بثمن جديد بناء على تغير سعر الصرف، وإذا كان من حق المصرف أن يحمي نفسه بعدم الالتزام، فكذلك من حق العميل حماية نفسه أيضاً بعدم الالتزام، والعلم عند الله تعالى.(8/504)
بيع بطاقات توريد القمح
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 29/10/1425هـ
السؤال
لدي كرت مخصص به كمية من القمح لتوريدها إلى صوامع الغلال، ولكنه زائد عن حاجتي، ما حكم بيع الكرت لشخص آخر ليقوم بتوريد كمية القمح الموجودة في الكرت من مزرعته؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالكرت حق للمزارع له أن يتنازل عنه بعوض وبغير عوض؛ لأن الكرت من الحقوق المجردة، وقد جوَّزت الشريعة بيع الحقوق المجردة، وعلى ذلك فلا مانع من بيعه إلا إذا كان نظام الصوامع يمنع من ذلك، فلا يجوز حينئذٍ عملًا بقوله صلى الله عليه وسلم: "المُسلِمون علَى شُرُوطِهِم". أخرجه أبو داود (3594) . فإذا كان مصدر الكرت يشترط على الآخذ عدم بيعه لغيره فيحرم ذلك، سواء كان المنع منصوصًا أو متعارفًا عليه. والله أعلم.(8/505)
بيع قرض الصندوق العقاري نقداً
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 1/8/1424هـ
السؤال
حصل شخص على قرض من الصندوق العقاري، ويريد أن يتنازل عنه لشخص آخر مقابل مبلغ خمسين ألف ريال، وأن يتنازل له هذا الشخص عن القرض الذي قدمه على الصندوق، وقد يتأخر خروج هذا القرض 10 سنوات. أرجو التكرم بالإجابة سريعاً.
الجواب
لا يخفى أن منح القرض لأي مواطن من المواطنين يعتبر اختصاصاً له من ولي الأمر، ومساعدة له في تأمين مسكن له كما تقتضيه المصلحة المقتضية لرعاية مصالح المواطنين، وإذا وجد اتفاق بين من كان مختصاً بهذا القرض مع آخر على أساس أن يتنازل له عن هذا الاختصاص في مقابل مبلغ من المال، أو على غير مقابل فذلك جائز، بشرط أن يكون البنك العقاري طرفاً في هذا التنازل بحيث يجيزه ويجري إجراءاته نحو تحويل هذه المنحة أو هذا الاختصاص من شخص ذلك الرجل المختص بهذه المنحة، أو بهذا القرض إلى الرجل الذي تم التنازل له، فإذا كانت هناك موافقة من البنك العقاري وإجراء نحو هذا التحويل فلا بأس بذلك، وهذا الشرط مبني على أن البنك العقاري طرف مع من منح هذا القرض فلا يجوز أن يتصرف الممنوح بهذا القرض تصرفاً فردياً؛ بل يجب أن يكون ذلك مبنياً على اتفاقه مع البنك في هذا التنازل، فمتى تم التنازل برضا البنك العقاري وتحويله هذا الاختصاص إلى المتنازل له فلا بأس بذلك، ولا يظهر لي مانع من أخذ عوض عن هذا التنازل لأنه اختصاص، والاختصاص ملك لمن اختص به، وله أن يعتاض عنه بما يجري الاتفاق فيما بينه وبين من اختص به.(8/506)
توريد مواد إلى العراق وفلسطين
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 20/11/1424هـ
السؤال
طلب مني أحد المقاولين توريد مواد البناء إلى العراق وفلسطين دون علمي من سيستعملها، فما حكم ذلك؟.
الجواب
طالما أنه الآن يريد أن يعقد صفقة تجارية بينه وبين جهة معينة في العراق، أو في فلسطين ويبيعهم هذه المواد، (مواد البناء) سواء كانت إسمنتاً، أو كانت حديداً، أو كانت أخشاباً، أو نحو ذلك، فنقول: لا بأس بذلك، ولا يلزم منه أن يتعرَّف أو يتحقَّق من الجهة التي تريد أن تستخدم هذه المواد البنائية، فطالما أنها صفقة تجارية في أمر مباح بينه وبين أحد إخوانه المسلمين، أو من غير إخوانه المسلمين، فنقول: طالما أنه بيع مشتمل على شروط وأحكام صحة المبايعة، فلا بأس بذلك، ولا يلزم من ذلك أن يعرف الطريقة، أو يعرف المشروع الذي ستستخدم فيه هذه المواد البنائية.(8/507)
دخول الأسواق التي يعلو فيها صوت الموسيقى
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 20/09/1426هـ
السؤال
ما حكم الذهاب إلى المحلات التجارية لغرض الشراء؟ علماً أن هذه المحلات تشغل الأغاني، وأحياناً يكون فيها اختلاط. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالذهاب إلى المحلات التجارية لغرض شراء ما تحتاجه جائز إذا لم تجد حاجتك إلا فيها حتى ولو كانت تشغل الأغاني؛ لأن المحرم هو قصد الاستماع لها لا مجرد سماعها، ثم إن ذهابك ليس لأجل الأغاني والطرب لها، وإنما لأجل شراء الحاجيات، وعليك باجتناب الأماكن المزدحمة، وغض البصر عن المتبرجات وعن النظر في العورات والمغريات. وفقك الله.(8/508)
شراء السلع ممن يُشك أنه يملكها
المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي
رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 24/1/1425هـ
السؤال
أنا أعيش حالياً في دولة غربية، ويقوم بعض الأشخاص الذين أعرفهم في كثير من الأحيان بعرض أجهزة حاسب آلي محمولة للبيع، وأسعار هذه الأجهزة زهيدة مقارنة بأسعار السوق التي تجدها في المحلات المختصة، وعند سؤالي عن السبب تبين لي أنه في بعض الأحيان تكون هذه أجهزة مستعملة أو أنها عروض خاصة أو أنها أجهزة مسروقة، وقام هؤلاء الأشخاص بشرائها ليقوموا ببيعها، وهكذا فلا يمكنني تحديد مصدرها بشكل أكيد لأن الوسيط لن يخبرني من أي واحد من تلك المصادر الثلاثة أتى بهذه الأجهزة. فهل هذا الشك في المصدر يؤثمني في حالة شراء هذه الأجهزة؟ وشكراًً لكم.
الجواب
أيها السائل الكريم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فالأصل أن ما بين الإنسان والأمتعة والسلع ملك له وحينئذ يجوز الشراء منهم وإن لم تعلم مصدره، إلا إذا تيقنت أو غلب ظنك أن هذه السلعة مسروقة فلا تشتريها، أما مع عدم العلم فيجوز لك الشراء. وبالله التوفيق.(8/509)
أرباح دكاكين الحلاقة
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 13/10/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بالنسبة لمحلات الأخ الخاصة بالحلاقة، لقد أخبرته بحرمة حلاقة اللحى وعمل قصات غربية للشباب، وحرمة المال الذي تدره المحلات، وقد عرضها الآن للتقبيل، والحمد لله، فهل يجوز له ذلك؟ أم أن مال التقبيل يعتبر حراماً عليه، وذلك لأن الشخص الذي سيشتري المحلات سيعيد فتحها على الأرجح لحلاقة اللحى وعمل القصات؟ أرجو توجيهي على وجه السرعة، والله يحفظكم جميعا ويحسن لي ولكم وللمسلمين الختام.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
يجوز لصديقك أن يعرض محلات الحلاقة التي عنده للتقبيل؛ لأن فتح محل الحلاقة في حد ذاته أمر مباح، فالعقد وقع على شيء مباح، وكون المشتري قد يستخدم المحل في شيء محرم كحلق اللحى وعمل القصات المحرمة لا يجعل هذا البيع محرماً لأمرين:
الأول: أن هذا ظن وليس بشيء مقطوع به.
والثاني: أن الأغلب في عمل الحلاقين الإباحة، والمعتبر من حيث النظر الشرعي بالمنفعة الغالبة.
وعند بيع المحل لا يجوز بيع الأدوات المخصصة للاستعمال المحرم كالأدوات الخاصة بحلق اللحى أو عمل القصات، لأن في بيعها إعانة على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى:"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] ، وهذه الأدوات يجب إتلافها لأن منفعتها محرمة.
وعلى صاحبك الحرص قدر الاستطاعة على أن يبيع هذه المحلات على من يغلب على ظاهره الاستقامة والبعد عن أكل المال الحرام، والله أعلم.(8/510)
المتاجرة بالأدوية الأقل جودة
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 14/2/1425هـ
السؤال
حول مشروعية التجارة بأحد الأدوية التي تنتج من نبات الصبّار، وهذه الأدوية لا تنتج إلا في الولايات المتحدة الأمريكية، وصفات هذه الأدوية لا تحتوي على مواد كيمياوية، وفعالة، وعليها إقبال من الناس؛ لسرعة تأثيرها، بالرغم من أن أسعارها مرتفعة، توجد هناك شركة صينية، ولكن سيئة، وليست بالمستوى المطلوب.
السؤال هو: هل ممكن شراء هذا الدواء لمن كان له حاجة له؟
ثانياً: هل يمكن المتاجرة به؟ بحيث أكون ممثل الشركة في إحدى الدول العربية.
ثالثاً: هل يمكن أن أتعاقد مع إحدى الصيدليات على مستوى مدينة معينة؛ لكي أبيع منتجات الشركة؟.وشكراً.
الجواب
إذا كانت هذه الأدوية الصينية تلحق ضرراً بالمستخدم لها لم يجز بيعها واستيرادها؛ وذلك لحرمة الضرر، وقد صح في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار" رواه أحمد (2862) وابن ماجة (2341) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - وانظر صحيح الجامع للألباني (2/1249) .
وكذلك لا يحل استيرادها، ولا بيعها إن لم يكن فيها نفع وفائدة؛ لما في ذلك من إضاعة المال، وقد نهى عن ذلك شرعاً.
لكن لو كان مستوى هذه الأدوية أقل من غيرها؛ فيجوز استيرادها إذا لم يكن في ذلك تدليس على المشتري، بحيث يوضح بلد إصدارها، والشركة المصدرة لها؛ حتى لا يلتبس الأمر على المشتري، فالغش حرام؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم-"ومن غشنا فليس منا" رواه مسلم (101) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، فإذا خلا المنتج من الملحوظات السابقة جاز بيعه، والتعاقد مع الشركة لأخذ التوكيل عنها. والله أعلم.(8/511)
بيع بطاقة (كاش يو)
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 13/3/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم بيع بطاقة: (كاش يو) ، بطاقة التسوق عبر الإنترنت، وهي بطاقة مدفوعة الثمن مسبقاً. أفيدونا -بارك الله فيكم-.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأظهر أن هذه البطاقة جائزة ولا محذور فيها، بشرط ألا تستخدم في شراء عملات، أو ذهب، أو فضة؛ لئلا تصبح المعاملة نقداً بنقد مع التفاضل والتأجيل، فتكون من الربا المحرم، أما إذا استخدمت في شراء سلع وخدمات مشروعة فلا حرج فيها -إن شاء الله-. والله أعلم.(9/1)
شرط براءة السلعة من كل عيب
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 30/04/1426هـ
السؤال
ما حكم لبراءة من كل عيب في السلعة عند البيع؟ مثل أبيعك هذه السيارة بشرط البراءة من كل عيب فيها.
الجواب
البراءة من العيوب المجهولة موضع خلاف بين أهل العلم - رحمهم الله تعالى- وأصوب الأقوال ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - أنه إذا كان البائع يعلم بالعيب فإن ذمته لا تبرأ، وإن كان لا يعلم فإن ذمته تبرأ، والدليل على ذلك:
أولاً: أن هذا هو الوارد عن الصحابة - رضي الله تعالى عنهم-.
الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "من غش فليس منا" رواه مسلم (102) . من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وهذا فيه غش وتدليس؛ لكونه كتم هذا العيب. والله أعلم.(9/2)
مخالفة التسعيرة الرسمية
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 07/04/1425هـ
السؤال
ما حكم مخالفة التجار أو الحرفيين للتسعيرة التي حددتها الحكومة.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن الأصل في البيع ألّا يحدد بسعر معين، وإنما يترك الأمر لوضع السوق والمعادلة القائمة بين العرض والطلب، فإذا زاد العرض انخفض السعر، وإذا زاد الطلب ارتفع السعر، وفي هذا الأمر مصلحة لكل الأطراف، وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على أن الأصل في التسعير هو الحرمة، فلا يجوز إلزام الناس بالتسعير وإنما يتركون يبيعون أموالهم على ما يختارون، والدليل على تحريم التسعير: حديث أنس -رضي الله عنه-، حيث قال: "غلا السعر على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسول الله غلا السعر، فسعّر لنا، فقال: "إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق , إني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد يطلبني بمظلمة في دم ولا مال" رواه أبو داود (3451) وابن ماجة (2200) والترمذي (1314) , وقال: حسن صحيح. والمقصود بالتسعير: أن يقدر السلطان أو نائبه للناس سعراً، ويجبرهم على التبايع به.(9/3)
هذا هو الحكم العام للتسعير، لكن قد تدعو الحاجة إليه، وذلك في السلع والبضائع التي لا يمكن الناس الاستغناء عنها ولابد أن تكون متوفرة بسعر ثابت: كبعض أنواع الطعام، والسلاح عند قيام الجهاد، وبعض الأدوية، ونحو ذلك، فهذه الأمور الضرورية قد تدعو المصلحة إلى تسعيرها ووضع سعر معين لها لا يُزاد عليه ولا يُنقص منه. وقد أجاز جمع من أهل العلم هذا الأمر، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: (إن لولي الأمر أن يكره الناس على بيع ما عندهم بقيمة المثل عند ضرورة الناس إليه) ا. هـ.
وقد ذكر أهل العلم عدداً من الحالات التي يجوز فيها التسعير؛ تحقيقاً لمصالح الناس ودفعاً للضرر عنهم، ومن أهمها:
1- إذا زاد أرباب الطعام في ثمن الطعام زيادة فاحشة.
2- إذا كان الناس في حاجة إلى السلعة.
3- إذا حصل احتكار من المنتجين أو التجار.
4- إذا حُصِر البيع لأناس معينين، وهم من يسمون بالمتعهدين.
ونحو ذلك من الحالات التي يحقق التسعير فيها مصلحةً للمسلمين، ونستطيع أن نضع ضابطاً لجواز التسعير، وهو: كلما كانت حاجة الناس لا تندفع إلا بالتسعير , ولا تتحقق مصلحتهم إلا به كان واجبا على الحاكم حقا للعامة.
وبناءً عليه فإن ولي الأمر إذا قام بالتسعير الجائز المذكور قريباً فإنه لا يجوز للبائع ولا للمشتري مخالفته؛ لأنهما إذا خالفا التسعير الجائز لم يحصل المقصود من مشروعية التسعير وأدى فعلهم هذا إلى الإضرار بعموم الناس، حيث يحجم البائع عن البيع بالسعر الذي وضعه الحاكم طمعاً في بيعه بأكثر منه، ويترتب على هذا إضرار بعموم المشترين الذي سعّر الحاكم لأجلهم.
أما إذا كان تسعير الحاكم غير جائز، وإنما هو من باب ظلم الناس وأكل أموالهم بالباطل، وذلك عندما يفرض التسعير لأغراض فاسدة، فإنه لا عقوبة على من خالفه؛ لأن التسعير في هذه الحالة غير جائز، فلا تحرم مخالفته.(9/4)
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.(9/5)
الشراء من المزاد
المجيب د. عبد الرحمن بن عبد الله السند
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 28/11/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
هل يجوز الشراء من المزاد (الحراج) ؟ ربحت بعض الأشياء عن طريق شبكة المعلومات (الإنترنت) ، وسبب الربح أنني كنت أكثر المزايدين على ذلك الشيء، هل هناك أي تحريم لذلك؟ أرجو الرد لأنني يجب أن أسدد عن الأشياء التي ربحتها بعد عدة أيام.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإن الشراء من المزاد جائز، ولا حرج فيه، أما إذا لم تكن للإنسان رغبة في الشراء وإنما يزيد في السلعة ليضر غيره أو غير ذلك فهذا لا يجوز، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "ولا تناجشوا" رواه البخاري (1) ومسلم (1413) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، ولحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "نهى عن النجش" أخرجه البخاري (2142) ومسلم (1516) ، والنجش هو: أن يزيد في سلعة وليس قصده أن يشتريها.
أما ما ربحته عن طريق الإنترنت بسبب أنك أكثر المزايدين فلا يظهر لي مانع من ذلك، إذ هو من باب الهبة من البائع أو الوسيط بينك وبين البائع، ولا يظهر في ذلك مانع. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(9/6)
بيع البرامج للبنوك الربوية
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 11/10/1425هـ
السؤال
ما حكم بيع برامج كمبيوتر تتعلق بالإدارة إلى بنوك ربوية؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
إذا كانت البرامج تتعلق بالتمويل وحساب الفوائد والأقساط، وما يتصل بذلك فلا يجوز بيعها، أما إذا كانت لا تتصل مباشرة بالتمويل، كأن تختص بالإدارة كما في السؤال، فلا حرج إن شاء الله. والله أعلم.(9/7)
الاتجار في العراق المحتل
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 19/5/1425هـ
السؤال
بارك الله فيك يا شيخ، ما حكم التجارة في العراق في هذا الوقت؟ وما حكمها إذا كانت بحماية الأمريكان؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:(9/8)
التجارة في الأشياء المباحة والحلال جائزة شرعاً في كل زمان ومكان لعموم قوله -تعالى-: "وأحل الله البيع وحرم الربا ... " الآية [البقرة: 275] ، وأنزل الله في كتابه آية الدين وهي أطول آية في كتاب الله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ... " الآية [البقرة: 282] بيَّن الله فيها عامة أحكام البيوع العاجلة والآجلة، من كتابة العقد وحكم الانتهاء، والإشهاد عليه وأنواع الشهود ووجوب العدل في هذا كله، ومبايعة الكفار المشركين الصرحاء، وأهل الكتاب ثابتة في عموم القرآن والسنة، فقد عامل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل الكتاب بالبيع والشراء، وتبادل معهم الهدايا، فقد استعار من يهودي أدرعاً للحرب، عارية مضمونة، انظر ما رواه أبو داود (3563) ، وأحمد (14878) من حديث صفوان بن أمية -رضي الله عنه-، وشرب -صلى الله عليه وسلم- من مزادة (قربة) يهودية، انظر ما رواه البخاري (344) ، ومسلم (682) من حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه- ومات -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير، انظر ما رواه البخاري (2916) ، ومسلم (1603) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، أما إذا كانت التجارة بشيء محرم بذاته كالمخدرات أو كان حلالاً وفيه إعانة للكفار كبيع السلاح لهم وقت الفتنة ليقتلوا به المسلمين، أو كان فيه تشجيع لبضاعتهم، وتقوية لاقتصادهم، فلا تجوز التجارة معهم حينئذ، ويتعين مقاطعة منتجاتهم، ولو كانت في الأصل حلالاً؛ لأن هذا فيه تقوية لهم وإضعاف للمسلمين، والخلاصة أن معاملة الأمريكان في الأمور التجارية المباحة حلال، لا إشكال في ذلك كغيرهم من الكفار. والله أعلم.(9/9)
هل يشتري شقة من العقار المؤمم؟
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 16/7/1425هـ
السؤال
شيخنا الكريم: سؤالي كما يلي: قامت الدولة بتأميم ممتلكات أصحاب العقارات، ومن ضمن ما أممته عمارة بها أربع شقق، وقامت الدولة بتعويض المعني (صاحب العقار بناء على طلب تقدم به المعني، وبقيمة تتجاوز قيمة إنشائه، ثم تقدم بطلب لزيادة هذا التعويض، فوافقت عليه الجهات المختصة، ورفعت قيمة التعويض، وقامت الدولة بتسليم المبنى إلى مواطنين آخرين مقابل دفع قيمة كل شقة على دفعات مريحة. هل يجوز لي شراء إحدى هذه الشقق من مالكها الجديد أم لا؟ وهل من الضروري أخذ موافقة صاحب العقار السابق أم يعتبر قد باع العقار للدولة؟ أفيدونا أفادكم الله، والله الموفق.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
إذا كان العقار قد أمم للمصلحة العامة الصحيحة التي يقررها أناس عادلون عندهم الخلفية الشرعية والعلمية المناسبة، ثم أعطى صاحبه التعويض المناسب، بحيث لا يظلم في ملكه، ولا يظلم المال العام، فإن ذلك سائغ إن شاء الله. ويصح الاستئجار من المالك الجديد إذا كان النظام يسمح بذلك، حيث إن بعض الأنظمة توجه تلك المساكن لقليلي الدخل فقط، وتشترط عليهم عدم تأجيرها للغير. ولا حاجة لأخذ موافقة المالك السابق إذا كان التأميم قد تم حسب الشروط الشرعية السابق ذكرها.
ولا يصح لمالك العقار أن يطلب أكثر من سعر المثل (سعر السوق) لما يملك، خاصة إذا صاحب ذلك الاستفادة من القرابات أو المحسوبيات أو العلاقات الخاصة بالمسؤولين. وإثم ذلك عظيم عند الله على كل طرف مشارك فيه. والله سبحانه وتعالى أعلم.(9/10)
شراء الحيوان بوزنه
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 23/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
عندنا في إحدى دول الغرب نقوم بشراء الأضحية من المزارع على أساس الوزن فيكون الحساب مثلاً 4 دولار لكل كيلو، (ويتضمن السعر التقطيع والتجهيز) ولا يعرف الوزن عند ذلك، وبعد الاتفاق نختار الأضحية ونذبحها، ثم يقوم الجزار بتنظيفها وسلخها ونزع أحشائها، ثم يقوم بوزن الحيوان، ويكون تسديد الثمن له على أساس هذا الوزن.
هل هذه الطريقة شرعية؟ وإذا لم تكن كذلك، ماذا علينا عن السنوات الماضية التي ضحينا فيها ونحن لا نعرف الحكم الشرعي؟ نرجو تبيين الأمر بجلاء لأنه يهم كثيراً من المسلمين هنا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يجوز شراء الأضحية على أساس الوزن، ولا محذور في ذلك، ولكن عليكم أن تتأكدوا من توفر الشروط في هذه الأضحية من حيث السن وانتفاء العيوب، فمن حيث السن لا بد أن تبلغ نصف سنة للضأن، وسنة للماعز، وسنتين للبقر، وخمس سنين للإبل، أما العيوب المانعة من الأجزاء فهي مذكورة في حديث البراء، العوراء البين عورها، المريضة البين مرضها، العرجاء البين ضلعها، العجفاء - أي الهزيلة- التي لا تنقي فهذه أربع لا تجزئ، وكذلك ما كان بمعناها أو أولى فيلحق بها. والله تعالى أعلم.(9/11)
التصرف في المبيع قبل قبضه
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 7/07/1425هـ
السؤال
السؤال: تاجر يأتيه الزبون ليشتري حاجته من قطع السيارات فلا يجدها عنده، فيرسله إلى التاجر الآخر في بلد آخر، ويقول: أعط فلانًا القطعة الفلانية، وأنا أحاسبك. فيعطيه ويسجل الفاتورة باسم التاجر، والزبون يحاسب التاجر الأول، ما حكم هذا البيع؟ وهل يدخل تحت: "لا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ؟ " وهل يكفي في امتلاك البضاعة تسجيلها في الفاتورة؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب: أنه إذا كان التاجر الأول (المُرْسِل) قد حدد قيمة القطعة للزبون واتفق معه عليها ثم بعد ذلك أرسله إلى التاجر الثاني (المرسل إليه) ليعطيه تلك القطعة، فهذا تصرف في المبيع قبل تملكه، لاسيما إذا كان هناك فارق في السعر على الزبون، كأن يكون قد باع تلك القطعة على الزبون بمائة ريال، مثلاً، وقد قيدها التاجر (المرسَل إليه) بثمانين ريال، فهذا كله لا يجوز، وهو يدخل في بيع ما ليس عندك وبيع ما لا تملك، هذا والتصرف السليم في مثل هذا أن يشترى تلك السلعة للزبون، ويأخذ عليه نسبة مئوية عن أتعابه مقابل الشراء، أو يأخذ ذلك من البائع مقابل بيعه.(9/12)
هذا وما ذكره السائل، بقوله: وهل يكفي في امتلاك البضاعة تسجيلها في الفاتورة؟ نقول: نعم، إذا تم الإيجاب والقبول بين البائع والمشترى، ولو عن طريق الكتابة أو الهاتف، ونحو ذلك، لكن ليعلم أنه لا يجوز التصرف في المبيع قبل قبضه، في قول جمهور العلماء؛ لحديث زيد بن ثابت، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تُباعَ السلعُ حيث تُبْتَاعُ حتَّى يَحُوزَها التُّجارُ إلى رِحَالِهم. أخرجه أبو داود (3499) . ولحديث حكيم بن حزام, رضي الله عنه: "إذَا اشْتَرَيْتَ شَيْئًا فَلا تَبِعْهُ حتَّى تَقْبِضَه". رواه أحمد (15316) . هذا والقبض يختلف باختلاف المبيعات، فقبض كل شيء بحسبه، فقبض ما ينقل بنقله، وما يكال ويوزن ويعد فبكيله ووزنه وعده مع نقله، على القول الراجح من أقوال أهل العلم، وما يُتناول فبتناوله كالجواهر ونحوها، وما لا ينقل كالعقارات والأراضي والبساتين ونحوها، فقبضه بتخليته. والله أعلم.(9/13)
بيع أوامر المنح
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 7/07/1425هـ
السؤال
أنا أعمل سمسار عقار، أي وسيطًا بين البائع والمشتري, ومن ضمن المبيعات التي أقوم بها بيع أوامر المنح, ويكون دوري وسيطًا بين البائع والمشتري, يعني أبيع أمر منحة في أي مدينة، ومن ثم المشتري يطبق بعد شرائه الأمر على أرض لاحقًا، فما رأيكم في ذلك؟ , وإن كان هناك خلل فما حكم الأموال التي جنيتها من هذا العمل؟. وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
بيع مثل هذه الحقوق جائز، بشرط أن يكون المشتري قادرًا على تحصيل السلعة، فإذا كان قادرًا على ذلك، فإن هذا جائز - إن شاء الله- لأن الأصل في مثل هذه المعاملات الحل، وما تأخذه من سمسرة على ذلك فهو مباح، وإن كان المشتري غير قادر، أو كان سيخاطر ربما يستطيع أن يحصل على السلعة التي اشتراها أو لا يستطيع، فإن هذا لا يجوز؛ لحديث أبي هريرة، رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر. أخرجه مسلم (1513) . والله أعلم.(9/14)
تسعير الخبز
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 19/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا صانع وبائع خبز، والحكومة محددة وزن الخبز 400 جرام، ولكنها رفعت سعر المواد ما عدا الدقيق، وكذلك قطع الغيار، ولم ترفع سعر الخبز، وكذلك الأسعار قد ارتفعت في كل شؤون الحياة، ما عدا الخبز، مما عاد بالضرر على أصحاب المخابز، فقمنا بخفض وزن الخبز مع علم الحكومة والمواطنين، ولكنهم غير راضين، أي أن الأمر ليس فيه غش. فما الحكم في البيع مع علم الناس بنقص الوزن؟ والسلام.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هذه المسألة تعود إلى مسألة حكم التسعير، هل هو جائز أم حرام؟ ولقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:(9/15)
القول الأول: أنه محرم مطلقًا، وهو قول الجمهور، واستدلوا بما أخرجه أبو داود (3451) والترمذي وصححه (1314) ، عن أنس، رضي الله عنه، قال: قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، غَلَا السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلِمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ ". ونقل الشوكاني عن الحافظ ابن حجر أن إسناده على شرط مسلم، وقد علق الشوكاني- رحمه الله تعالى- في نيل الأوطار (5/220) على هذا الحديث بما نصه: وقد استدل بالحديث وما ورد في معناه على تحريم التسعير، وأنه مظلمة، ووجهه أن الناس مسلطون على أموالهم، والتسعير حجر عليهم، والإمام مأمور برعاية مصلحة المسلمين، وليس نظره في مصلحة المشتري برخص الثمن أولى من نظره في مصلحة البائع بتوفير الثمن، وإذا تقابل الأمران وجب تمكين الفريقين من الاجتهاد لأنفسهم، وإلزام صاحب السلعة أن يبيع بما لا يرضى به منافٍ لقوله تعالى: (إِلاَّ أَن
تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) [البقرة: 282] . وإلى هذا ذهب جمهور العلماء، وروي عن مالك أنه يجوز للإمام التسعير، وأحاديث الباب ترد عليه، وظاهر الأحاديث أنه لا فرق بين حالة الغلاء وحالة الرخص، ولا فرق بين المجلوب وغيره، وإلى ذلك مال الجمهور، وفي وجهه للشافعية جواز التسعير في حالة الغلاء وهو مردود. ا. هـ
والقول الثاني: جواز التسعير بشروط، وإذا لم تحقق هذه الشروط صار التسعير ظلمًا، وهذه الشروط هي:
(1) أن توجد مصلحة عامة موجبة لغرض التسعير كوجود الغلاء الفاحش أو احتكار سلعة تتعلق بها حاجات الناس، أو تواطؤ أهل سلعة على رفع الأسعار ظلمًا.(9/16)
(2) ألا يكون هناك إجحاف بالمسعَّر عليه (التاجر- البائع) ، وذلك بأن يجبر على البيع بسعر المثل، فإن كان هناك إجحاف على البائع فيحرم، وهذا هو مذهب مالك واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، قال في مجموع الفتاوى (28-76) ، في معرض كلامه عن التسعير ما نصه: وإذا تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ زيادة على عوض المثل فهو جائز، بل واجب. ا. هـ، وقد أجاب أصحاب هذا المذهب عن حديث أنس، رضي الله عنه، بأن هذه القضية قضية معينة ليست لفظًا عامًّا، وأن المصلحة الشرعية تقتضيه أحيانًا، وهذا الرأي هو الراجح عندي، ونعود إلى سؤالك، فالجواب عليه أن نقول إن فعلك هذا- أي مخالفتك للتسعير المقرر من قبل الدولة- غير جائز إلا بشرطين:
(1) أن يكون هذا التسعير لم يرد به تحقيق مصلحة عامة، أو أن يكون في هذا التسعير إجحاف عليك، بحيث تجبر بموجبه على البيع بأقل من ثمن المثل.
(2) أن يعلم المشتري بنقص الوزن لئلا يكون في البيع غش وغرر وتطفيف، وأقترح عليك الرجوع إلى من تثق به من علماء بلدك لمعرفة تحقق هذه الشروط في حقك من عدمها. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(9/17)
الفرق بين المضاربة في الأسهم والاستثمار في الشركات
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 22/08/1425هـ
السؤال
هل هناك فرق في الأحكام الشرعية بين المضاربة في الأسهم (أي أبيع وأشتري في الأسهم حسب ارتفاعها وانخفاضها في السوق، وعدم أخذ الأرباح السنوية للشركة) والاستثمار في الشركات؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هناك عدد من الفروق بين المضاربة في الأسهم وبين الاستثمار أو الاكتتاب في الشركات. منها:
1. إن الاكتتاب أو الاستثمار عقد مشاركة، أما المضاربة فهي بيع وشراء، وهناك فرق بين المشاركة وبين البيع.
2. من يضارب في الأسهم بالبيع والشراء يجب عليه إخراج زكاة عروض التجارة. أما من يستثمر أو يكتتب ويحتفظ بأسهمه فهو يخرج الزكاة بحسب نشاط الشركة. والغالب أن الشركة نفسها تخرج زكاة عملها، فلا يجب في هذه الحالة على المستثمر إخراج الزكاة مرة أخرى.
3. المضاربة في الأسهم قد تفضي إلى تصرفات غير مشروعة إذا كان البيع والشراء يتم قبل القبض أو قبل وجود مبررات الربح (قبل بدو الصلاح) . وكثير من المضاربين يتصرف دون علم ولا بصيرة، وإنما على محض الظن والتخمين بصورة تؤدي إلى تعريض المال إلى مخاطرة عالية. وهذا يناقض مقصد الشريعة من حفظ المال وعدم تعريضه للهلاك أو التلف. بخلاف الاستثمار طويل الأجل فهو بعيد عن هذه المحاذير.
والله أعلم.(9/18)
هل له بيع سيارة قبل دفع ثمنها؟
المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب
أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 21/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اشتريت سيارة من شخص ولم أدفع ثمنها، فوجدت سعراً أعلى من شخص آخر، فقبضت المال من الشخص الآخر، ودفعت للشخص الأول ماله، وعند تحويل ملكية السيارة تم تحويل السيارة من اسم الشخص الأول إلى اسم الشخص الثاني دون أن تحول إلى اسمي، مع أنني المشتري الثاني في البيعة. فهل يجوز هذا؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إذا كنت لما اشتريت السيارة من الأول حزتها، بمعنى أنك استلمتها وحولتها من مكانها إلى مكان آخر، فهي ملكك ولو لم تحولها باسمك، ويحق لك أن تبيعها بسعر أعلى، والعملية لا بأس بها - إن شاء الله تعالى-. والله أعلم.(9/19)
هل هذه المعاملة من الربا؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 13/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
هل هذه الصورة من الربا وهي: أن يأتي سائق المطعم بالطلب، ويطلب منك الثمن، مثلاً (عشرة ريالات!) ، فلا يجد أحيانًا صرف خمسين أو مئات، فيقول لك هذا السائق: هات الخمسين، وآتيك بالباقي بعد حين، فهل هذه المعاملة حرام؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالجواب، والله أعلم، جواز الصورة التي جاءت في السؤال، فلا تدخل في الربا في نظري؛ لأنها ليست صرفًا، ولا هي بمعناه، وليست أيضًا حيلة إليه، وإنما هي شراء شيء أو طلبه بثمن معلوم بقي لأحد المتبايعين مبلغ غير مقبوض، فالصرف الممنوع صورته أن يقول شخص لآخر: اصرف لي هذه العملة من فئة الخمسين مثلاً. فيقول المطلوب منه الصرف: ما عندي إلا عشرة فخذها وآتيك بالباقي. ويفترقا من غير قبض الباقي، ويدخل في ذلك أيضًا ما كان حيلة إلى الربا، هذا وليس في الصورة المذكورة في السؤال شيء من ذلك، بل هي شراء لشيء غير ربوي كما تقدم إيضاحه، ولهذا يظهر لي جوازها. والله أعلم.(9/20)
بيع الأراضي من غير صكوك
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 20/04/1426هـ
السؤال
يقوم بعض البدو الساكنين في بعض الأماكن الصحراوية والجبلية ببيع أراضيهم بوثائق وبدون صكوك، وتتم المبايعة في المكاتب العقارية، ويكتب صاحب الأرض في نهاية العقد بأنه يحمي المشتري من أي أحد -بعد الله- إلا الحكومة، فهل يصح شراء الأراضي منهم وبيعها؟ وإذا كان الجواب بالمنع، فماذا يفعل من اشترى منهم وباع؟ أسأل الله أن يبارك فيكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا كان البائع قد ملك السلعة، إما بشراء أو إرث، أو إحياء، ونحو ذلك، ثم بعد ذلك باعها، فإن هذا بيع صحيح؛ لأن الأصل في المعاملات الحل، ما لم يخالف هذا البيع النظام؛ لأنه يشترط أن تكون السلعة موثقة بصك ونحو ذلك. والله أعلم.(9/21)
المرابحة للآمر بالشراء
المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي
مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 10/10/1425هـ
السؤال
ذهبت لأحد البنوك لشراء سيارات بالتقسيط لبيعها والحصول على النقد، فقال البنك: بكم تريد أن نشتري لك؟ فقلت 350000ألف ريال، فقال: اذهب للمعرض الفلاني وخذ منه تسعيرة سيارات بنفس القيمة التي تريد، ومن ثم نشتريها نحن ونمتلكها بعقد شراء من المعرض ثم نبيعها لك بفائدة قدرها خمسة ونصف في المائة، وتستطيع أنت أخذ السيارات وبيعها كما تريد، أو تبيعها على المعرض الذي اشتريناها نحن منه بأقل من سعرها بألفين أو ثلاثة، ولك الحق في الانسحاب في أي وقت قبل شرائك. هل هذا جائز؟ أنا مرتاب في الموضوع من منطلق أن في حالة انسحابي بعد توقيع البنك لشراء السيارة من المعرض أن هناك اتفاقًا بين البنك والمعرض أن تلغى العملية بكاملها وتقطع النقود وكأن شيئًا لم يكن.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد:
هذه الصورة تسمى عند الفقهاء المعاصرين (المرابحة للآمر بالشراء) ، وتجوز هذه المعاملة بثلاثة شروط:
الشرط الأول: أن يكون البائع مالكًا للسلعة، فيجب على بنك الرياض تملك السلعة قبل تنفيذ العقد، وقد ذكرت في سؤالك أنهم سوف يشترون السيارات ويمتلكونها بعقد شراء، وهذا شرط في صحة هذه المعاملة.
الشرط الثاني: أن تكون العين مقبوضة للبائع، ومعنى هذا الشرط، أنه يجب على البنك أن يقبض السيارات التي امتلكها، واختلف الفقهاء المعاصرون في حقيقة قبض السيارات، والذي يظهر لي أن قبض البطاقة الجمركية كاف في قبض السيارات، فعليك أن تتأكد من قبض البنك للبطاقات الجمركية للسيارات التي تريدها وتمت المواعدة عليها.(9/22)
الشرط الثالث: ألا يكون القصد من المعاملة التحايل على الربا، ومن صور التحايل على الربا: أن يتفق الآمر- العميل- والبنك على أن يبيعه السلعة ثم يبيعها الآمر- العميل- إلى البائع الأصلي، فهذه هي الحيلة الثلاثية.
قال ابن القيم: (وللعينة صورة خامسة- وهي أقبح صورها وأشدها تحريمًا) فذكر الحيلة الثلاثية. (تهذيب السنن 5/109) . وهذا من أهم الشروط، وعليه فلا يجوز لك بيعها على المعرض الذي اشتراها البنك منه، وهم قد جانبوا الصواب عندما قالوا لك: أنت مخير ببيعها على المعرض.
فإذا باع عليك البنك السيارات وقبضت البطاقات الجمركية، فبعها على أي معرض سوى المعرض الذي اشتراها منه البنك. والله أعلم.(9/23)
تاب من الغناء فهل يبيع معازفه؟
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 14/11/1425هـ
السؤال
أنا تبت، ولله الحمد، ولكن عندي جهاز موسيقي (أورجن) ، والصراحة قيمته غالية 3500 ريال، وأنا عارضه للبيع، هل من الممكن أن أستفيد من ماله، وماذا أفعل به؟ مع العلم أن مالي قبل أن أشتري الجهاز كان حلالًا، أنا كنت ملازمًا للوالد قبل وفاته، أذهب معه للعلاج، وكان يحبني، وكنت أغنى عياله، المهم قبل أن يتوفى بأسبوع أتيت أنا وإياه من رحلة علاجية، فشفي، ولله الحمد، فاستأذنته في السفر فأبدي عدم رغبته، ولكن سافرت ثم أخبرت أنه أدخل المستشفى. فرجعت وأدركته وهو في غيبوبة، وبعد أسبوع توفي، أنا الآن نادم وتائب إلى الله وناو أن أحج لله في هذه السنة، إن شاء الله، مع العلم أن عمري 23 سنة، أريد أن أعمل شيئًا أبر به والدي بعد وفاته. كيف تتم زيارة القبور وهل يلزم أن أقف عند قبر المتوفى؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:(9/24)
نسأل الله عز وجل، أن يقبل توبتك، وأن يثبتك على طاعته، أما هذا الجهاز فإنه لا يجوز بيعه؛ لأن في بيعه تعاونًا على الإثم، والله عز وجل، يقول: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان) [المائدة: 2] . وإذا كانت قيمته مرتفعة فإن الله عز وجل سيعوضك خيرًا منه، وقد قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ". أخرجه أحمد (20739) . ولاشك أن إتلافه من تمام التوبة ومن علامات صدقها، أما ما يتعلق بوالدك، فلا شك أن الواجب طاعته في غير معصية، لاسيما التي فيها خير لك، أما ماذا تفعل، فعليك بالدعاء له؛ لقوله عليه السلام: "إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ". أخرجه مسلم (1631) . وإذا أردت أن تحج عن أبيك، وقد سبق وأن حجيت عن نفسك، فلا مانع، وإن كان الأولى أن تحج عن نفسك وتدعو له، أما ما يتعلق بزيارة القبور، فإذا دخل الرجل إلى المقبرة سلم على جميع أهلها بالدعاء المأثور، فإذا وقف عند قبر قريبه أو صديقه فلا بأس أن يسلم عليه ويدعو له بما شاء، ولا يلزم الوقوف عند القبر. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(9/25)
الشراء من متجر يبيع الخمر
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ البيوع/مسائل متفرقة
التاريخ 17/03/1426هـ
السؤال
افتتح أخيراً بمدينتنا سوق ممتاز: (سوبر ماركت) ، ومن جملة ما يباع فيه الخمور. فهل يجوز لنا أن نتسوّق من هذا السوق؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
نعم يجوز لك أن تتسوّق من هذا السوق؛ لأن ما تشتريه مباح، ولا يضيرك كون البائع يبيع الخمر أو غيره من المحرمات في المتجر نفسه، فأنت لم تُعنه على بيعه ولا على شرائه قولاً ولا عملاً، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتعامل مع يهود المدينة بيعاً وشراءً، مع أنهم كانوا يعاملون آخرين بالربا. انظرصحيح البخاري (2916) ومسلم (1603) . لكن ينبغي مقاطعته إذا كنتم تجدون البديل، وكانت مقاطعته مُجدية. والله أعلم.(9/26)
الصرف وبيع العملات(9/27)
شراء العملة في المستقبل
المجيب د. خالد بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 17/3/1423
السؤال
ما حكم شراء العملة الأجنبية في المستقبل، حيث إنه يتم الاتفاق على السعر في الوقت الحاضر بالرغم من أنه قد يزيد أو ينقص في المستقبل؟
الجواب(9/28)
حسب قولك في سؤالك فإن ما تسأل عنه شراء وقع في الحاضر، اتفق فيه على تأخير تسليم الثمن –وهو نقد البلد- والمثمن –وهو العملة الأجنبية-، أو تعجيل أحدهما وتأخير الآخر إلى المستقبل، الذي يتحدد زمنه بحسب ما يتفق عليه المتعاقدان، فإن كان هذا هو صورة ما تسأل عنه فإن الشراء يعد من مسائل الصرف، وهو شراء غير جائز، معدود من عقود الربا؛ لعدم توافر شرط جواز الصرف، وهو التقابض في مجلس العقد، الثابت اشتراطه في بيع الذهب بالذهب، أو الفضة بالفضة، أو أحدهما بالآخر، في الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تبيعوا الذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا –أي: تفضلوا- بعضها على بعض، ولا تبيعوا غائباً منها بناجز" البخاري (2175) ومسلم (1584) فالجملة الأخيرة في الحديث تشترط التقابض، وكذلك ثبت في الحديث المشهور عن عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- الذي رواه مسلم –رحمه الله- (1587) قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مثلاً بمثل يداً بيد"، فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يداً بيد فقوله: "إذا كان يداً بيد" نص في اشتراط التقابض، ويقاس على الذهب والفضة قياساً جلياً ما اشترك معهما في علة وقوع الربا فيهما –وهي: الثمنية-، كالعملات محلية كانت أو أجنبية؛ لأنها أثمان فيشترط لصحة شراء بعضها بجنسه كالريال السعودي بالريال السعودي التماثل والتقابض، ويشترط لصحة شراء بعضها بغير جنسه كالريال السعودي بالجنيه المصري التقابض فقط، وكذلك يشترط التقابض في شراء الذهب أو الفضة بالعملة.(9/29)
وإن كان الاتفاق بمجرد وعد بالبيع أو الشراء، فالوعد لا يعد عقداً، فلا يقع به بيع، ولا شراء، ولا يلزم أحدهما بذلك، ولكل منهما إذا عزم على الشراء، أو البيع في المستقبل حق المفاوضة في تغيير السعر عن الاتفاق السابق أو تركها.(9/30)
تحويل النقود مع صرفها
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 20/4/1423
السؤال
هل يجوز تحويل النقود بين شخصين في بلدين مختلفين، بحيث يتم تسليمها لشخص أو جهة رسمية -بنك- بعملة البلد الأول ثم تسلمها في البلد الثاني بعملة هذا البلد وبسعر التصريف في يوم الاستلام؟ علماً أنه لا يوجد طريقة أخرى لتبادل النقود بين هذين الشخصين، ما الشروط الشرعية في ذلك؟ أو ما الطريقة الشرعية لتبادل النقود في أسوأ الظروف؟
الجواب
يجوز ذلك بشرط الحلول والتقابض في مجلس العقد؛ لأنها عملية مصارفة بين عملتين، والقبض يكون حقيقياً بقبض العملتين من الطرفين، ويمكن أن يكون حكمياً بقبض أحد الطرفين إيصالاً أو شيكاً بالمبلغ مع قدرته على التصرف في المبلغ، أو قدرة وكيله أو من حُوّل له المبلغ في البلد الآخر، والشيك يقوم مقام القبض الحقيقي عند أكثر العلماء والباحثين، وهذا هو الراجح -إن شاء الله تعالى-، وهو كذلك رأي مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، والله أعلم.(9/31)
بيع الريال بالدينار نسيئة
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 3/5/1423
السؤال
لي صديق مقيم بالمملكة، ويشتري من الإخوة السودانيين الريال السعودي بالدينار السوداني، ويتم الاتفاق على السعر بينهما، ولكن التسليم يكون عن طريقي في السودان بواسطة أحد أقرباء البائع أيضاً في السودان بالدينار، فما حكم ذلك؟
وهل الريال والدينار يدخلان تحت مسمى (إذا اختلف البيعان أو الصنفان) ؟
ملحوظة: هذا الفعل شائع جداً عندنا في السودان مع الإخوة المقيمين في المملكة، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
الجواب: أن بيع أو شراء الريال السعودي بالدينار السوداني أو العكس جائز شرعاً بشرط القبض في مجلس العقد؛ لما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"الذهب بالذهب والفضة بالفضة ... مثلاً بمثل يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى ... فإذا اختلفت الأشياء فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" البخاري (2176) ومسلم (1587) ، هذا وبناءً على هذا فإن ما جاء بالسؤال لا يجوز؛ لأنه لم يتم القبض في مجلس العقد، حيث يتم الدفع في السودان لا في مجلس العقد.
والطريقة الجائزة السليمة هي: أن يجعل المشتري له وكيلاً في السعودية لديه دنانير سودانية يشتري إن شاء ريالات سعودية ويتم القبض في مجلس العقد فهذا جائز، ومثله لو اشترى بالريالات السعودية دولارات أمريكية، أو جنيهات مصرية، أو أي عملة أخرى فيجوز التفاضل بشرط القبض في مجلس العقد، والله أعلم.(9/32)
التعامل في السوق السوداء
المجيب د. إبراهيم البشر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 17/6/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
الشيخ الفاضل جزاك الله خيراً ونفع بعلمك جميع المسلمين. سؤالي يا شيخ هو:
ما حكم التعامل مع السوق السوداء من الناحية المادية، أي: تبديل العملة من تجار السوق السوداء خارج البنوك الحكومية، علماً أن البلد غير مطبق للشريعة الإسلامية، ويفرض علينا ضرائب وجمارك دون وجه حق، أرجو يا فضيلة الشيخ الاهتمام بهذا السؤال والإجابة عليه؛ لأني أسعى من خلاله فقط لرضا الله والبعد عن الشبهات، وجزاكم الله عنا خير الجزاء؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
أخي الكريم وفقني الله وإياك وسائر أمة محمد إلى صراط الله المستقيم، الذي يظهر لي -والله أعلم- أنه لا يجوز مخالفة ولي الأمر فيما يرى فيه مصلحة وإن جار وظلم، إلا فيما خالف فيه مخالفة واضحة لنص شرعي صريح الدلالة بلا تأويل، فلا يتابع فيه بخصوصه فقط، ويجب السمع والطاعة -فيما عداه- ولو وجدت منه مخالفات شرعية وكبائر، فالأمر يتعلق بأصل من أصول الدين وهو وجوب السمع والطاعة ولو خالف حتى نرى كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان عند السؤال، ثم إن الأمر متعلق بحقوق الأمة عامة، وحفظها من أهم مقاصد الشرع، فإن حفظ الدين والنفس والمال والعرض والعقل عليها مدار أحكام الشريعة، وترك تحكيم الشريعة جاء على درجات: ظلم وفسق وكفر كما جاء في كتاب الله - عز وجل-، وفقنا الله وإياك لهداه وثبتنا عليه، ووفقنا للكسب الحلال، وهدى الله ولاة الأمة لما فيه صلاح الدنيا والآخرة، إنه سميع مجيب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(9/33)
تجارة العملات
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 12/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/34)
فضيلة الشيخ: أنا أتاجر بالعملات عن طريق وسيط لشركه أجنبية، وهذا نظام التداول عن طريق الشركة، ومن خلال نظام الوسيط: تفتح حساباً لدى الشركة بحد أدنى تحدده الشركة، فلنقل 2000 دولار مثلاً، تدخل بهذا الحساب السوق وتشتري وتبيع بعقد قيمته مئة ألف دولار، وذلك بتسهيل من الشركة، وربما تكون أنت لا تملك سوى 2000 دولار أو أقل، ولكن بإقراض وتسهيل من الشركة تدخل هذه القيمة الكبيرة مقابل تأمين يكون لديك بالحساب لدى الشركة، فالشركة لا تتحمل الخسارة ولا تأخذ من الربح، وعندما تنتهي من الصفقة أو العقد - سواء بربح أو خسارة - تنتهي العملية وتأخذ الشركة عمولة تداول، والفارق بين سعر البيع والشراء التي تحددها الشركة كأجور للتداول وفي كل الحالات - سواء البيع أو الشراء - تسجّل العملية بحسابك في الحال، بل وترى العقد المفتوح أمامك وهو يأخذ الخسارة أو يعطي الربح، وبدقة من حسابك في الحال وعند إغلاق العقد كذلك تسجل العملية بحسابك في الحال دون تأخير، علاوة على ذلك فهو يتم إزالة أي علاقة للحساب بالفوائد البنكية - سواء المقبوضة أو المدفوعة - تدخل الفائدة بالنسبة للتعاملات الأخرى: فيما لو قام المتداول بتبييت العقد إلى اليوم التالي فإنه هنا عليه دفع فائدة القرض، أو يأخذ فائدة الإقراض، ويتم إما إضافة أو طرح فرق الفائدة من حساب العميل، وهذا مستبعد مع الشركة التي أتعامل معها، هذا كلام عام، صحيح أنهم استبعدوا الفوائد، ولكن هناك تفاصيل لا تذكر عند سؤال المشايخ عن هذا السوق المجهول: الشراء والبيع يتمان عن طريق بنك التصفية بمعنى أن الشركة الأجنبية تتعامل مع بنك تصفية، وتضع به رصيداً لحظة الشراء أو البيع، وتتم تصفية الصفقة عن طريق البنك، ولكن أنت كمتداول بمجرد ضغطك على زر الشراء أو البيع تتم العملية في أقل من 30 ثانية ويخصم منك في الحال التأمين، ولك أن تبيع حتى لو بعد دقيقه أو ثوانٍ. ولكن الملاحظ يا شيخ - حفظك الله(9/35)
- أن التداول إلكتروني والسوق يعمل 24 ساعة، ولم يحصل مرة أن طلبت بيعاً أو شراءً ويقولون لم نحصِّل بايعاً أو شارياً بل بعد30 ثانية تتم العملية، ولما سألت الشركة يقولون إن هذا سوق التعامل اليومي، به أكثر من ترليون من الدولارات، وهذه عملات دول، والسوق خليط من المضاربين والبنوك والصرافة، فمستحيل ألا تحصِّل شارياً أو بايعاً كذلك لو أردت البيع بعد ثوانٍ من فتح العقد تجد أن التأمين رجع ووضع في حسابك في اللحظة نفسها الربح أو الخسارة، هل في هذه العملية تحقق شرط التقابض كيف شريت وبعت في ثوانٍ نعم نحن في زمن السرعة وأكثر البورصات اليوم تتم إلكترونياً ولكن الله رزقنا العقل فهل يعقل أن تشتري وتذهب الصفقة لبنك التصفية، وتبيع بعد ذلك عن طريق بنك التصفية، وكل هذا في ثوانٍ؟ علما أنك لا تعلم من الشاري منك أو البائع لك، كل هذه المسألة عن طريق بنك التصفية، أفتونا مأجورين؛ لأن كل شركات التجارة في العملات بهذا النظام، حتى التي لا تتعامل إلكترونياً وتعاملها عن طريق التلكس أو الهاتف تتم بالعملية نفسها، وهذا من واقع تجربة ولكم الشكر.
الجواب
متاجرتك بالعملات كوسيط مع شركة أجنبية، وما ذكرته شرحاً في سؤالك يتعين عليك أن تتمعن في جوابي لك فأقول:(9/36)
إقراض الشركة لك مبلغاً من المال - كبيراً أو صغيراً - مقابل أن تفتح عندها حساباً وأن تؤمن عندها ما يضمن لها حقها لو لحقتك خسارة، هذا العمل حرام لا يجوز التعامل به بين الطرفين لأنه قرض جرّ نفعا. والقاعدة الشرعية "كل قرض جرّ نفعاً فهو ربا" ولو لم يلحق الشركة ربح أو خسارة من العملية المنفذة باسمك أو فائدة بنكية (ربا) مدفوعة أو مقبوضة على الحساب. وهذا الربا هو ربا الفضل، أما إذا قامت الشركة بأخذ فائدة - بطرح أو إضافة إلى حساب العميل - مقابل تبييت العقد (تأجيله) إلى اليوم التالي، ليوم التداول فهذا العمل حرام لا يجوز فهو ربا النسيئة، وكون هذه الشركة تتعامل مع بنك يقوم بالتصفية لعمليات التداول مع العملاء والوسطاء لا دخل له في التحريم في هذا العقد؛ لأن عقدك كوسيط تجاري هو مع الشركة لا مع البنك، ولا يلزم في البيع أن تعرف عين البائع أو المشتري، إنما يشترط فيها أن يكونا جائزين للتصرف فقط، وكون عملية البيع أو الشراء تتم بسرعة خلال ثوانٍ أو دقائق معدودة، لا يؤثر على العقد صحة أو لزوماً - إذا توفرت أركان البيع وشروطه، حيث إن قبض السلعة يختلف حسب العرف والعادة، فإذا كان بمجرد ضغطة زر في جهاز الإنترنت يتحول المبلغ من حسابك أو إليه بثوانٍ معدودة، فقد تم البيع وتم قبض الثمن أو السلعة (العملة) ، ونظراً للتطور السريع في التقنية اليوم، فمن الطبيعي أن تتطور وسائل البيوع تبعاً لذلك، والخلاصة: أن عمل مثل هذه الشركة حرام؛ لاشتماله على نوعي الربا (الفضل والنسيئة) ، ومعاملتك معها فيها ربا الفضل - لا محالة - فعليك اجتنابها وإذا أردت المتاجرة في مثل هذا العمل ليكن بمالك الخاص أو خذ من غيرك مالاً مشاركة تضارب به، وتتفقان على نسبة الربح بينكما. وفقنا الله وإياك بما علمنا وأغنانا بحلاله عن حرامه.(9/37)
صرف العملة مع الزيادة
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 18/1/1423
السؤال
إذا صرفت عملة سعودية بالدولارات -مثلاً- ثم حولتها إلى جنيهات مصرية بحيث يكون المبلغ قد زاد، وأنا أريد هذه الزيادة، فهل هذا جائز؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب: أن ما ذكرته في سؤالك جائز لاختلاف العملة، لكن بشرط القبض قبل التفرق؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:" فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" رواه مسلم (1587) وغيره. والله أعلم.(9/38)
حكم المضاربة بالعملات
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 9/2/1423
السؤال
ما حكم المضاربة بالعملات، وذلك عن طريق فتح حساب مع وسيط مالي (مع أحد البنوك العالمية) ، ومن ثم ممارسة البيع والشراء والمضاربة على العملات، وذلك بالحصول على هامش من البنك، ويكون للوسيط رسوم على عملية البيع أو الشراء؟
الجواب
المضاربة بالعملات إن كان مقصودها هو الاستثمار من خلال بيع وشراء العملات والحصول على فارق السعر بين العمليتين، فهذا هو الصرف عند الفقهاء.
ويشرط لصحته شرطان عند اتحاد الجنس كصرف دينار بدينار، هما: المماثلة والمناجزة،
والمراد بالمماثلة: عدم الزيادة، والمراد بالمناجزة: قبض العوضين فوراً دون تأخير.
وعند اختلاف الجنس كصرف دينار بدولار يشترط شرط واحد، هو: المناجزة، يعني: الاستلام والتسليم فوراً -كما تقدم-.
والصرف عند لزوم شروطه لا مانع منه، لكن إذا كانت هذه المعاملة تتم عن طريق بنوك عالمية تقوم على الربا فإنه يمنع التعامل معها نظراً للربا.
أما الوسيط المالي بين المستثمر والبنك -على فرض أن البنك لا يتعامل بالربا-.
فإنه وكيل عن المستثمر، فإذا طالب بأجر على وكالته فلا مانع منه، لكنه ليس مضارباً يستحق ربحاً من المضاربة.(9/39)
وسيط لبيع وشراء الدولار
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 14/5/1424هـ
السؤال
أريد أن أستفتي فضيلتكم في أمر وهو: إذا تسنى لي أن أكون وسيطاً بين شخص يريد أن يشتري مبلغاً من الدولار، وشخص يريد أن يبيع مبلغاً من الدولار، ويمكن أن أحقق ربحاً من هذا التعامل، فهل هذا حلال أم حرام؟ مع العلم أنني لا أحترف هذه المعاملات ولا علاقة لي بالسوق السوداء، وإنها مجرد صدفة؛ لأنني أعمل في شركة يتم إعطاء جزء من المرتب بالدولار، وتتوفر أمامي عروض شهرية من هذا القبيل، فهل أقبل أن أكون وسيطاً؟ وأعتبر هذا رزقاً حلالاً أم لا؟ وإذا قبلت وتكرر حدوثه كل شهر هل هذا من قبيل تجارة الأموال؟ مع العلم أنها ليست مبالغ كبيرة فهي لا تتعدى مثلاً 1000دولار شهرياً، فهل هذا يضر باقتصاد البلد وبمكانة عملتها؟
وشكراً أفادكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده - والصلاة والسلام - على من لا نبي بعده، وبعد:
الوساطة في مجال العملة وشرائها لا تصح إلا إذا كان الوسيط يقبض العملة المراد شراؤها ويسلم العملة الأخرى المراد بيعها فوراً دون تأخير، لأن تبادل العملات المختلفة يخضع لأحكام الصرف التي نص عليها النبي - صلى الله عليه وسلم- بقوله: "فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد" رواه مسلم (1587) من حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-.ومعنى يداً بيد أي: أن يكون التسليم والاستلام فوراً في مجلس العقد.(9/40)
هذا هو الأصل المقرر شرعاً، أما من الناحية النظامية التي يقررها ولي الأمر، فيجب على السائلة أن تتحرى بنفسها أن هذا التعامل غير ممنوع، كما يجب أن تتأكد من سلامة العملية، لأن البيع والشراء في هذا المجال إذا كان خارج الإطار النظامي فقد يوقع المرء في إشكالات من ناحية ترويج عملات مزورة، أو غسيل أموال، أو غيرها من المحاذير المحتملة، فإذا سلمت المعاملة من هذه المحاذير، وكانت وفق أحكام الصرف الشرعية فهي جائزة، لا حرج فيها، والربح منها مشروع، والله أعلم.(9/41)
رفع السعر عند إصدار الشيكات
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 8/2/1425هـ
السؤال
أعمل الآن في مؤسسة تجارية مصرفية، وهذه المؤسسة تقوم بعدة نشاطات منها: تبديل العملة النقدية، وإصدار شيكات وحوالات للخارج والداخل، ويوجد بها أيضا حسابات جارية واستثمارية، مع العلم أن معظم عملها هو في العملات، فعند إصدار شيك يتم احتساب سعر عالٍ للعملة، وعند إلغاء الشيك، أو صرفه يتم بسعر منخفض، هذا بجانب عمولة إصدار الشيك أو الحوالة، فما الحكم في هذا؟ ومن ناحية أخرى يوجد بها حسابات تسمى توفير إسلامي يكون عليها عائد شهري، وفي العادة تكون تلك النسبة ثابتة، وقد تكون مختلفة قليلاً عن الأشهر السابقة، وأيضا هذا الشيء منطبق على بقية الحسابات الاستثمارية بها، ولأننا مطالبون بفتح حسابات نحاول إقناع العملاء بأن هذه الحسابات خالية من الربا، وذلك بعدم تحديد نسبة معينة وبإمكانية سحب المبلغ أو جزء منه في خلال ثلاثة أيام، فأرجو إفادتي في ذلك. كما أننا نقوم أيضاً بصرف شيكات الرواتب الحكومية قبل موعد صرفها لبعض الجهات الحكومية، بمقابل تقريبا 1.5% أفتوني مأجورين.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد ذكر السائل مجموعة من الأسئلة، وسأذكر الإجابة مختصرة على ما ذكر:
(1) من المعلوم أن بيع العملات النقدية (الورقية والمعدنية) جائز، بشرط التقابض ما دامت من صنفين مختلفين، فإن كان عملكم كذلك فلا بأس، ولا يصح بيعه مع عدم التسليم أو التسلم من أي طرف.(9/42)
(2) أما إذا كان أحد العملتين قيد بنكي، فيشترط توفر العملة في البنك، ولا يكفي القيد المصرفي، وإن كان أكثر عمل الناس على عدم ذلك، حتى في البنوك الإسلامية، وهذه مسألة شائكة تحتاج نظراً فقهيًّا موسعاً، والله المستعان.
(3) إصدار الشيك مقابل رسم غير مبالغ فيه أمر جائز إن شاء الله؛ لأنه مقابل الخدمة.
(4) شراء الشيك والحوالة وبيعه بسعر مختلف عن المبلغ الاسمي المرصود فيه أجازه كثير من المعاصرين إذا كان بين عملتين مختلفتين، ولعله يجوز لأنه من الخدمة المصرفية الجائزة.
(5) حسابات التوفير الإسلامي إذا كانت مجازة من هيئة شرعية معتبرة، فلا بأس بها، ولا يصح التغرير بالناس في ذلك، أما كون العائد ثابتاً، فإن كان المقصود كونه نسبة مئوية من الربح فلا بأس بذلك، وإن كان المقصود ضمان الربح فلا يصح، ولا يصح ضمان رأس المال أيضاً، وأما قدرة العميل على سحب المبلغ خلال مدة يسيرة، فهذا راجع إلى نوع الاستثمار؛ فقد يصح في نوع ولا يصح في نوع آخر.
(6) أما صرف الرواتب الحكومية قبل موعدها فهذه صورة من صور التعامل الربوي، حيث يقوم البنك (المؤسسة) بشراء الشيكات المصدرة بالريال بريالات أقل من القيمة المرصودة عليها، وهذا لا يصح.
(7) لا أنصحك بترك العمل؛ بل قم بالإصلاح ما استطعت في موقعك، وناصح المسؤولين صغاراً وكباراً، فإن رأيت لعملك ونصحك ثمرات في المستقبل فاستمر عليها، وإلا فابحث عن عمل آخر أثناء عملك ثم انتقل إليه على بركة الله.(9/43)
المتاجرة في صرف العملات الأجنبية
المجيب د. سعد بن حمدان اللحياني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 12/11/1424هـ
السؤال
هناك شركات تعمل في تجارة صرف العملات الأجنبية، فيأخذون بعض المال من حساب الشخص، (يجب فتح حساب مصرفي للشخص) ، ثم يتاجرون في السوق الدولي، وعندما يحصلون على الربح يدفعون مبلغاً لأصحاب الحسابات بإحدى طريقتين:
أ. 4% نسبة ثابتة كل شهر بدون خسارة.
ب. من 5 إلى 10% كل شهر معرضة للخسارة، وخسارة شهر واحد (هذا يعتمد على خسارة الشركة) .
في الطريقة الأولى ليس هناك خسارة على صاحب الحساب، والشركة تدفع الخسارة كاملة، ولكن في الطريقة الثانية يتعرض صاحب الحساب لما تتعرض له الشركة، ويدفع خسارة بقيمة 5% في ذلك الشهر. هل يحل التعامل في مثل هذا النوع من الاستثمار؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن المشاركة مع هذه الشركة وفقاً للطريقة الأولى لا تصح؛ لأنهم يعطون نسبة ثابتة من المبلغ المستثمر دون أن يتحمل المستثمر خسارة، وهذه حقيقة القرض بفائدة ربوية، فما يقدمه الشخص للشركة ليس من قبيل المشاركة معهم؛ بل هو قرض بفائدة ربوية مقدارها 4%.
أما الطريقة الثانية فهي غير واضحة لي، ويلاحظ أنه إن كانت الشركة لا تراعي في تعاملها في الصرف وبيع وشراء العملات الأجنبية الضوابط الشرعية للصرف، من حيث الحلول والتقابض فلا يصح المشاركة معهم، بغض النظر عن طريقة توزيع الربح والخسارة؛ لأن النشاط في هذه الحالة لم يعد نشاطاً مشروعاً، بل تضمَّن التعامل بالربا. والله أعلم.(9/44)
تداول العملات على الشبكة
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 07/04/1425هـ
السؤال
ما حكم تداول العملات؟ هناك موقع في الإنترنت يستطيع المشتركون عن طريقه تداول العملات، وذلك بإيداع مبلغ مالي يتراوح بين 300 دولار أمريكي وحتى 50000دولار أمريكي، وتقوم بإيداع ذلك المبلغ عن طريق أي بنك لحساب شركة حيث إن هذه الشركة تقوم بإيداع ذلك المبلغ في حسابك الذي تقوم بفتحه هي عن طريقها وإعطاء المشترك الرقم السري واسم المستخدم ليقوم بعملية التداول هو بنفسه، وتلك العملية هي نفس عملية تداول الأسهم. فما الحكم في التداول في العملات عن طريق تلك الشركة أرجو الإفادة مأجورين.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصبحه ومن والاه، وبعد:
يخضع تداول العملات لأحكام الصرف الثابتة بقوله صلى الله عليه وسلم: "يداً بيد، مثلاً بمثل سواء، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد"رواه مسلم (1587) من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -. فبيع عملة بعملة أخرى يشترط فيه أن يكون يداً بيد، أي أن يتم القبض فوراً عند التعاقد دون تأخير.
وتبادل العملات في الأسواق الدولية وأسواق الصرف الأجنبي، بما فيها التي أشار إليها الأخ السائل، تكتنفها محاذير، منها:
1. إن التقابض (أو التسوية settlement) لا يتم فوراً بل يتأخر عن وقت التعاقد لمدة يومين، وهذا يخالف أحكام الصرف. وقد يغتفر هذا المحذور في حالات التجارة الدولية حيث لا يوجد بديل آخر للتجار لصرف العملات إلا مع تأخير التسوية. لكن المتاجرة بالعملات لا تحقق من المصالح الحقيقية ما يمكن معه اغتفار هذا المحذور، إذ هي مضاربات بهدف الربح دون تحقيق قيمة مضافة.(9/45)
2. إن المتاجرة في العملات بنظام الهامش (margin) الذي أشار إليه الأخ يتضمن اقتراض العميل للفرق بين المبلغ الذي أودعه وبين الحد الأدنى المطلوب. فالحد الأدنى في الحساب العادي هو مائة ألف دولار، فإذا أودع العميل ألف دولار، فإنه يقترض الباقي وهو تسعة وتسعين ألف دولار. وهذا التعامل يتضمن نوعين من المحذور:
(أ) إن المصرف أو السمسار لا يقدم القرض مجاناً، بل يربح من خلال فوائد على الحساب ومن خلال عمولات البيع والشراء التي تنفذ عن طريقه.
وإذا فرض أنه لم يكن هناك فوائد، تبقى العمولات محل شبهة لأنها مشروطة في القرض فتكون من باب سلف وبيع.
(ب) إن السمسار يقدم القرض بالدولار لتمويل شراء عملات أجنبية، وهو لا يسلم الدولارات للعميل بل يودعها في حسابه لديه بشرط أن يشتري بها عملات أخرى، فيكون على أحسن الأحوال كما لو باعه العملة الأجنبية بدولارات مؤجلة، وهذا أيضاً ينافي شرط التقابض في الصرف.
والحاصل أن المحذور في تبادل العملات الدولية يرد من جهتين: من جهة تأخير التسوية ومن جهة التعامل بالهامش. والله أعلم.(9/46)
بيع العملات عبر الانترنت
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 30/3/1425هـ
السؤال
ما حكم تداول العملات عبر "الانترنت"؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
التعامل في بيع وشراء العملات الدولية يكتنفه محذوران:
1. تأخر القبض أو التسوية (settlement) لمدة يومين عن تاريخ العقد، وهذا يخالف شرط التقابض المجمع عليه والذي نص عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله:"يداً بيد" رواه البخاري (2061) ، ومسلم (1589) . وقد يغتفر التأخير فيما يتعلق بالتجارة الدولية للسلع الحقيقية، والتي تستلزم شراء وبيع عملات أجنبية، بحكم الضرورة ولعدم وجود بديل آخر. أما المضاربة أو المجازفة على فروقات الأسعار فلا تأخذ نفس الدرجة من الضرورة.
2. التعامل بالهامش (margin) يرد عليه أنه قرض جر نفعاً، لأن السمسار لا يقرض إلا بشرط أن يتم البيع والشراء من خلاله ومقابل عمولات، وهذا يجعله داخلا ضمن النهي النبوي عن بيع وسلف. كما أن هذا الاشتراط يجعل المعاملة على أحسن الأحوال تؤول إلى مبادلة نقد بنقد مع التأجيل، وهذا يخالف شرط التقابض.
ولذا فإني أنصح الأخ بالبحث عن وسائل للتجارة والربح أبعد عن الشبهات، والله الهادي إلى سواء السبيل.(9/47)
الصرف نسيئة
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 11/6/1425هـ
السؤال
نحن شركة تعمل في مجال تصدير الأسماك إلى الخارج، فبعض الأحيان نحتاج إلى نقد محلي (ريال يمني) بسبب تأخير الحوالات من زبائننا، فنقوم بشراء ريال يمني من البنك أو الصراف بسعر الدولار، بحيث يكون أنقص من سعر اليوم في السوق بـ 2.5% ويتم بذلك عقد مكتوب بين الشركة والبنك أو الصرّاف، ويتم التسديد بالدولار خلال ثلاثة أشهر بعد إبرام العقد في كل شهر ثلث المبلغ الموقع عليه، كل ذلك بعد وجود ضمان للشركة لدى البنك يسمح للشركة بشراء الريال المطلوب من البنك، وقد سمعنا من بعض الناس أن الشيخ ابن عثيمين أفتى بجواز ذلك، هل صحيح ذلك؟. أفتونا؛ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
يا أخي -وفقك الله- ما ذكرته من مسألة هي صرف ريال يمني بدولار أمريكي يشترط لصحتها التقابض في الحال بين الطرفين.
وهذا الشرط غير متحقق في الصورة المسؤول عنها، فلا تصح، لاشتمالها على الربا - ربا النسيئة-.
أما الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- فلا أعلم عنه قولاً يبيح ربا النسيئة. هذا وإني أنصح كل مسلم أن يحرص على مصلحته الأخروية أشد من حرصه على مصلحته الدنيوية، فإن الدنيا فانية، والآخرة باقية، فلنعامل كلاّ منهما بما يناسبه.
وإن من أعظم الإثم الكسب الحرام، فهو يمنع قبول الدعاء، ويعرض الجسد للنار، فإن كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد.(9/48)
التداول في بورصة العملات
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 24/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فضيلة الشيخ: أريد أن أتاجر في سوق العملات العالمي (بورصة العملات) ، وهذا السوق المجهول والغامض لا أعلم عنه الكثير، وعند سؤالي لإحدى الشركات تبين لي ما يلي: تقوم الشركة الوسيطة بفتح حساب لي عن طريق بنك عندنا متصل بالسوق الموجود في دولة غربية, وتحدد الشركة الوسيطة المبلغ المسموح به، مثلاً كحد أدنى 25000 دولار, تدخل بهذا الحساب بورصة العملات العالمية الموجودة في الدولة الغربية, تشتري وتبيع أي (تتداول بيع وشراء الجنيه الإسترليني مقابل الدولار، الفرنك السويسري مقابل الدولار الأمريكي 00000 الخ) ، والشراء والبيع يتم باسم عقد، وقيمة العقد مائة ألف دولار، وذلك بتسهيل وتأمين من الشركة, وربما تكون أنت لا تملك سوى 25000 دولار أو أقل, فالشركة لا تتحمل الخسارة ولا تأخذ من الربح, وعندما تنتهي من الصفقة أو العقد سواء بربح أو خسارة تنتهي العملية وتسترجع الشركة التأمين، وتأخذ عمولة التداول التي تحددها الشركة كأجور, ويتم التداول عن طريق الكمبيوتر, وعند الضغط على زر الشراء أو البيع أو إنهاء العقد تتم العملية في أقل من 30 ثانية، وبدقة في الحال تدخل حسابك سواء الربح أو الخسارة, ولك أن تشترى أو تبيع ولو بعد ثوانٍ من إنهاء العملية السابقة، علما بأن السوق يعمل 24 ساعة، ولم يحصل مرة أن طلبت بيعا أو شراء، ويقولون لم نحصل بايعاً أو شارياً، بل بعد 30 ثانية تتم العملية، ولا نعرف من المشتري أو البائع لك، هل هذا التداول أو التعامل به حرام أو شبهة أو ربا لا سمح الله، أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(9/49)
تداول العملات في الأسواق الدولية يكتنفه محاذير: منها أن تسوية الصفقة (settlement) لا تتم إلا بعد يومين من التعاقد، وهذا يعني تأخر التقابض عن وقت المبايعة، وهذا محرم شرعاً.
ومنها: أن التسهيل الذي يحصل عليه المستثمر من الوسيط في حقيقته قرض، وهذا القرض ليس مجانياً، بل هو مقابل العمولات التي يأخذها الوسيط من عمليات البيع والشراء. فهو إذن قرض جر نفعاً، وهذا ربا. وعلى أحسن أحواله يكون حكمه حكم بيع العملة بثمن مؤجل، وهذا أيضاً محرم؛ لما فيه من تأخير التقابض المحرم شرعاً. والله أعلم.(9/50)
بيع وشراء العملة بواسطة الإنترنت
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 22/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما الحكم في بيع وشراء العملة على الإنترنت.
الجواب
الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأصل في التعامل ببيع وشراء العملات عن طريق الوسطاء الحل بالشروط الشرعية المعتبرة. ولكن، ما يجري في مثل تلك المواقع لا تنطبق عليه الشروط الشرعية. وهناك صور متعددة لتلك الأعمال، ولكنها لا تخلو من المحرمات في نظري. وأجمل الإجابة في نقاط.
1. قد يتم العمل بناء على ما يسمى ببيع الهامش (margin trading) ، ويقوم فيه السمسار بإقراض العميل -كما ذكر السائل- مبلغا من المال يوازي أضعافا محددة من المبلغ الأساس الذي وضعه العميل. وهذا محرم لأن القرض ربوي، ويشترط السمسار على العميل أن يتاجر بالعملات من خلاله، فقد استفاد السمسار من جراء القرض، وهذا محرم لأنه من القرض الذي جر نفعا.
2. إذا لم يكن البيع على طريقة الهامش، فإن من المعلوم من واقع كثير من الممارسات المعاصرة في بيع العملات أنها لا تتفق مع الضوابط الشرعية في القبض. بل غالب ما يتم ليس بيعا للعملة ذاتها، بل بيع لها على المكشوف. وهذا مما لا يصح.
3.إن جعل العملات مجالا للمضاربة أمر فيه ضرر بالغ للاقتصاديات التابعة للعملة. وما آثار الاضطرابات في العملات المحلية والدولية في الغالب إلا من جراء جعل العملات مجالا للمضاربة. وقد نهى السلف رحمهم الله عن جعل العملات مجالا لذلك. ولذلك لا أتردد في القول بتحريم المضاربة في عملات البلدان الإسلامية خاصة الفقيرة؛ لما فيها من الضرر المتعدي على جميع مسلمي تلك الديار.(9/51)
في العمل مع السماسرة غير المسلمين محاذير أخرى، من التوقيع على اتفاقيات فيها شروط غير صحيحة من الناحية الفقهية، وفيها نص على التحاكم إلى المحاكم غير الشرعية. والله أعلم وأحكم.(9/52)
العمل في الشركات الوسيطة في البورصة العالمية
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 13/08/1425هـ
السؤال
أنا أعمل في شركة للبورصة العالمية، وهذه الشركة عبارة عن بيع للعملات الأجنبية؛ كاليورو والذهب والفضة وغيره، وطبعاً يتم هذا من خلال البرنامج الموجود على جهاز الكمبيوتر، وفي هذه العملية طبعا ربح وخسارة -ولا يوجد فيها أي فوائد-، وأتمنى أن أعرف هل عملي في هذا المجال جائز أم لا؟ لأنني محتارة جداً، علمًا أنني قبل أن أبدأ العمل به سألت وقيل لي بأنه جائز، ولكنني ما زلت محتارة، وأود أن أعرف الإجابة. وجزاكم الله عنا كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله.
الجواب
الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فبعد التأكد من مقصود السائلة في العمل، تبين أنها تعمل وسيطة لتنفيذ رغبات المشترين للعملات.
وأؤكد لها أن الأصل في التعامل ببيع وشراء العملات عن طريق الوسطاء الحل بالشروط الشرعية المعتبرة. ولكن، ما يجري في كثير من الشركات لا تنطبق عليه الشروط الشرعية. وهناك صور متعددة لتلك الأعمال، ولكنها لا تخلو من المحرمات في نظري. وأجمل الإجابة بنقاط.
1.قد يتم العمل بناء على ما يسمى ببيع الهامش (margin trading) ، ويقوم فيه السمسار بإقراض العميل مبلغا من المال يوازي أضعافًا محددة من المبلغ الأساس الذي وضعه العميل. وهذا محرم؛ لأن القرض ربوي، ويشترط السمسار على العميل أن يتاجر بالعملات من خلاله، فقد استفاد السمسار من جراء القرض، وهذا محرم؛ لأنه من القرض الذي جر نفعًا.(9/53)
2. إذا لم يكن البيع على طريقة الهامش، فإن من المعلوم من واقع كثير من الممارسات المعاصرة في بيع العملات أنها لا تتفق مع الضوابط الشرعية في القبض. فقد يكون القبض بعد يومي عمل، وهو الغالب، وهو الذي يسمى الفوري، وهناك قبض بعد يوم عمل، ولا يصحان، وهناك قبض في اليوم نفسه، وهو الذي يجوز إن شاء الله تعالى.
3.أما إن كان أحد العوضين مؤجلاً، فلا يصح؛ لأن العملات لا يصح أن تشترى بالأجل. وأشنع منه بيوع المستقبليات (future tradings) في العملات، وتلك يؤجل فيها العوض والمعوض.
4.وهناك عمليات خيارات على العملة (option tradings) ، وهي أيضا لا تصح.
5.وهناك عمليات تسويات على العملة، أو بيع السواب (swap tradings) ، وهي لا تصح مثل المستقبليات.
6. بل إن من المعلوم أن كثيرًا من الشركات والبنوك تبيع ما لا تملك من العملات على المكشوف. وهذا مما لا يصح في العملات، ويصح في السلع بشروط بيع السلم.
7. أخيراً، وليس آخر: إن جعل العملات مجالاً للمضاربة أمر فيه ضرر بالغ للاقتصاديات التابعة للعملة. وما آثار الاضطرابات في العملات المحلية والدولية في الغالب إلا من جراء جعل العملات مجالا للمضاربة. وقد نهى السلف رحمهم الله عن جعل العملات مجالا لذلك. ولذلك لا أتردد في القول بتحريم المضاربة في عملات البلدان الإسلامية -خاصة الفقيرة- لما فيها من الضرر المتعدي على جميع مسلمي تلك الديار.
8.في العمل مع السماسرة غير المسلمين (والشركات المالية الأجنبية) محاذير أخرى، من التوقيع على اتفاقيات فيها شروط غير صحيحة من الناحية الفقهية، وفيها نص على التحاكم إلى المحاكم غير الشرعية.
والخلاصة، أني لا أرى أن تعمل الأخت الكريمة في ذلك المجال، وتبحث عن مجال آخر. ولعل مجال الأسهم أكثر مناسبة من الناحية الشرعية.
وفق الله الجميع لهداه، وجعل العمل في رضاه، والله أعلم وأحكم.(9/54)
تجارة العملات على الإنترنت
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 03/04/1426هـ
السؤال
فضيلة الدكتور سامي السويلم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما الحكم في تجارة العملة على الإنترنت في المواقع ذات التعاملات الفورية، فبمجرد موافقة العميل على السعر يتم البيع في 15 ثانية، وتضاف لحساب العميل فوراً؟
وهل إضافة المبلغ لحساب العميل تغني عن التقابض مع البعد عن استخدام الهامش (أو المارجن) ، والتعامل في حدود الرصيد المودع بالحساب، وعدم أخذ فوائد ربوية على المال المودع في الحساب؟. وشكراً.
الجواب
أجاب عن السؤال الشيخ/ د. سامي بن إبراهيم السويلم (باحث في الاقتصاد الإسلامي) .
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هناك فرق بين إجراء البيع والشراء وبين التسوية، فإجراء العقد يتم في ثوان كما أشار الأخ الكريم. أما التسوية (settlement) ، فهي تعني دخول المبلغ في حساب المشتري، ودخول العوض في حساب البائع، بحيث يمكن لكل طرف أن يتصرف في المبلغ لمصلحته الخاصة بالسحب وغيره، وبهذا يتحقق التقابض بين الطرفين.
لا يوجد حتى الآن في سوق العملات الدولية تقابض أو تسوية فورية تتم في لحظة إنجاز العقد، بل يتأخر التقابض لمدة يومين (ويشار إليه بـ T+2) أو أكثر. في بعض الحالات يمكن للمتعامل اشتراط أن تتم التسوية في نفس اليوم (T+0) لكن الأصل هو التأخر.
وقول الأخ: إن المبلغ يضاف لحساب العميل في ثوان، ربما يقصد أن حسابه لدى السمسار يظهر تنفيذ العقد (البيع أو الشراء) ، بحيث يمكنه إجراء عملية أخرى. لكن هذا ليس هو التسوية المشار إليها. وأقترح أن يتأكد الأخ من السمسار عن موعد إتمام التسوية، ومتى يمكنه أن يتصرف في المبلغ بالسحب وغيره، وليس مجرد إجراء صفقة أخرى.(9/55)
التصارف بالخصم من الحساب
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 08/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
لقد قمت مؤخرًا بالسفر خارج المملكة، وقبل سفري سألت البنك عن الرسوم التي يأخذها نظير السحب النقدي عبر مكائن الصرف الآلي، والتي أقوم بها خارج المملكة في أثناء سفري، فأفاد البنك حينها بأنه يقوم بأخذ مبلغ يقارب 45 ريالًا عن كل عملية شراء مهما زادت أو نقصت، ونظرًا لارتفاع المبلغ صرفت النظر عن ذلك، ولكن بعد وصولي هناك وجدت بعض محلات الصرافة تقدم خدمة وهي أن يقوم بإعطائك المبلغ الذي تريده مقابل أن يقوم بخصم مبلغ من حسابي باستخدام نقطة البيع في هذا المحل أي أتعامل معه كأنني اشتريت منه سلعة معينة، ولكنها في الحقيقة مبلغًا معينًا من عملة البلد، وأسدد بالخصم من حسابي عبر هذه البطاقة في الحال، فما حكم هذه المصارفة؟ وما الحكم في هذه الحالة التي ترددت قبل القيام بها نظرًا لأن أحد أصدقائي نصحني وقال إن العملية مشبوهة، وهو غير مرتاح لها؟ وإذا كانت العملية غير جائزة ما الفرق بينها وبين عملية السحب من الصراف الآلي؟ والسلام عليكم ورحمة الله.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:(9/56)
إذا كان المبلغ النقدي الذي تحصل عليه من عملة مغايرة لعملة الحساب المصرفي، فلا حرج من احتساب رسوم مقابل الحصول على النقد، سواء من البنك أو من أي جهة أخرى، لأن اختلاف العملتين يسمح بالتفاوت في المبالغ ما كانت العملية فورية، بمعنى أن الخصم يتم من الحساب فورًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فإذا اخْتلَفتْ هذه الأصنافُ فَبِيعُوا كيفَ شِئْتُمْ إذا كان يَدًا بِيَدٍ". أخرجه مسلم (1587) . أما إذا كان النقد من نفس عملة الحساب المصرفي فلا يجوز أخذ رسوم إضافية لأن تماثل العملة يقتضي تساوي الكمية مع الفورية، كما قال عليه السلام: "مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ". أخرجه مسلم (1587) . ولا فرق في هذا بين البنك وغيره. والله أعلم.(9/57)
سعر الفائدة في العملة الورقية
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 04/02/1426هـ
السؤال
هل سعر الفائدة في العملات الورقية حرام كالفائدة في الذهب والفضة؟ فمن المعلوم أن العملة الورقية نقد فقط بخلاف الذهب والفضة فهما سلعتان قبل أن يكونا نقدين، فكيف تجعلون الفائدة في العملة الورقية كالفائدة في الذهب والفضة؟!
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الفائدة محرمة؛ لأنها من الربا الذي نزل القرآن بتحريمه. والقول بأن العملات الورقية تختلف عن الذهب والفضة لا يعني أن الحكم يختلف. فالفقهاء من جميع المذاهب مجمعون على أن أية زيادة مشروطة على القرض فهي ربا، أيًّا كان نوع المادة محل القرض، سواء كانت من الذهب أو الفضة أو النحاس أو الحديد أو القطن أو الورق ... إلخ. فتحريم الزيادة على القرض لا يختص بنوع معين من الأموال، بل عام لكل أنواع المال مما يكال أو يوزن، بلا خلاف بين الفقهاء (انظر: تفسير آيات أشكلت، لشيخ الإسلام ابن تيمية، 2/668) .
والله الهادي إلى سواء السبيل.(9/58)
المتاجرة في سوق العملات
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/بيع وشراء العملات
التاريخ 11/10/1426هـ
السؤال
هل المتاجرة في أسواق العملات الأجنبية جائزة؟ حيث توجد بعض الشركات الآن يمكنك أن تفتح عندها حساباً بمبلغ لا يقل عن (10000) ريال، وهم يديرون لك هذا الحساب ويبيعون ويشترون في العملات بالنيابة عنك مع الشركات العالمية في أسواق العملات بمقابل 45 دولاراً عن كل عملية يجرونها، سواء ربحت أم خسرت.
النقطة المهمة في الموضوع أنه يمكنك أن تضع حداً للخسارة، وأنهم يضمنون لك الربح بنسبة كبيرة.
فهل هذا العمل صحيح؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالمتاجرة في أسواق العملات الأجنبية جائزة إذا كان يتم فيها الحلول والتقابض في مجلس العقد أي يداً بيد، والقبض الحكمي يلحق بالقبض الحقيقي، أي إذا كانت تستخدم الشيكات المضمونة التحصيل (المصدقة) ، وإذا كانت هذه الشركة التي تعمل بالنيابة عنك تلتزم بهذه الضوابط فلا حرج، ويكيف أخذهم لمبلغ (45) دولاراً على أنها أجرة على العمل.
وأما قولك إنهم يضمنون لك الربح بنسبة كبيرة، فإن كان المقصود به أنهم يقولون إن الغالب على عملياتهم الربح فهذا لا يؤثر، ولا يجعل العملية ممنوعة شرعاً.
ولكن ينبغي أن تعلم أن المتاجرة في أسواق العملات لا يتم الالتزام فيها بالضوابط الشرعية غالباً.(9/59)
شراء الشيكات السياحية
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/الشيكات والحوالة البنكية
التاريخ 25/6 /1422
السؤال
ما حكم شراء الشيكات السياحية؟ حيث يقوم البنك بأخذ المال (بالريال) المساوي لقيمة العملة المراد شراؤها، بالإضافة إلى أخذ مبالغ إضافية مقابل خدماته التي يقدمها للعميل؟
الجواب
1- الشيكات السياحية:
من الخدمات المصرفية التي تقدمها المصارف والشركات لعملائها -الذين يرغبون في السفر دون حمل نقود عادية يمكن أن تتعرض للسرقة والضياع، ولا يرغبون في زيارة المصارف لانتظار الحوالات التي ترد من حساباتهم الجارية في بلدانهم- إصدار الشيكات السياحية.
وسميت هذه الشيكات بالشيكات السياحية رغم أنه يمكن أن يستخدمها غير السائحين؛ لأن الغالب في استخدامها هذا الصنف من المسافرين. وهو أيضاً من باب تسمية الجزء وإرادة الكل.
وقد ظهر الشيك السياحي عام 1891م عن طريق شركة (أمريكان إكسبريس) وشركة (توماس كوك) .
ويمكن تعريف الشيكات السياحية بأنها: (أوامر موقع عليها من المحولين بالمصارف أو الشركات المصدرة إلى وكلائها المفوضين بالصرف، لدفع القيمة للمستفيدين خصماً من حساباتها لدى هؤلاء الوكلاء) .
ويوجد على الشيك السياحي مكان يوقع فيه العميل عند استلامه للشيك، ومكان آخر يوقع فيه عند قبض قيمته أمام المصرف أو الجهة التي تدفع هذه القيمة؛ وذلك للتثبت من صحة التوقيع بمقارنته مع التوقيع السابق للعميل، والتأكد من أن الذي يقبض قيمة الشيك هو نفس المستفيد الذي استلم الشيك من المصرف الذي أصدره. وتسوّى العملية بين المصارف المشتركة في إصدار الشيك السياحي وتنفيذه بطريق المقاصة بعد الوفاء بقيمته.
2. تكييفها الشرعي:(9/60)
وسيلة إصدار الشيك السياحي هي عملية تحويل مصرفي خارجي، فالعميل يريد تحويل مبلغ معين من عملة بلاده على أن يتسلمه خارج بلاده بعملة البلد الذي يرغب بالسفر إليها، فالعملية تنطوي على عقدي الوكالة والصرف.
أما الوكالة؛ فالمصرف يوكل المصرف المراسل أو الجهة التي يعينها كالمحلات التجارية والشركات السياحية وغيرها بأن يدفعوا لحامل الشيك السياحي-أي المستفيد منه- المبلغ المحدد. والوكالة من العقود الجائزة، ويجوز أخذ الأجر عليها.
ويدخل الصرف أيضاً في عملية الشيك السياحي؛ فالعميل يشتري من المصرف المبلغ الذي يحتاجه خارج بلاده، أي يشتري نقداً أجنبياً، وإذا كان من شروط الصرف التقابض في مجلس العقد، فيمكن تصور حدوث التقابض بأن العميل - طالب النقد الأجنبي- يدفع للمصرف قيمة النقد الأجنبي الذي يريد شراءه، فيقوم المصرف في مجلس العقد بتحرير الشيك وتسليمه للعميل بعد أن يتسلم منه القيمة المعادلة للنقد الأجنبي المطلوب، وبقبض العميل للشيك السياحي من المصرف يكون التقابض قد تم في مجلس العقد، فالعميل قبض بدل الصرف في المجلس، إذ إن الشيك السياحي يقبل في كثير من الأحيان بدلاً عن النقود.
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كانت القيمة التي ترد على الشيك السياحي بعملة معينة كـ (الدولار) أو (الجنيه الإسترليني) مثلاً، وسافر المستفيد إلى بلد له نقد مختلف، بحيث يتعين عليه صرف قيمة الشيك بعملة ذلك البلد، فيجب في هذه الحالة تحديد سعر الصرف بين العملة الواردة في الشيك السياحي -الدولار أو الإسترليني- وبين عملة البلد الذي يرغب المستفيد في الصرف إليه في مجلس العقد.
وبناءً على ما تقدم فقيام المصرف بإصدار الشيكات السياحية جائز شرعاً، وأخذه عمولة أو أجراً نظير ذلك جائز أيضاً، إلا أنه لا يجوز أن تباع بأكثر أو أقل من قيمتها الإسمية إذا كانت العملة التي يشتري بها العميل ذلك الشيك هي العملة نفسها التي صدر بها الشيك. والله أعلم.(9/61)
بيع الشيكات بأقل من قيمتها
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/الشيكات والحوالة البنكية
التاريخ 21/10/1423هـ
السؤال
باع زيد لعمرو بضاعة واستلم زيد قيمتها شيكات مؤجلة وعند تقديمها كانت بغير رصيد فطالب زيد عمرا بسداد ما عليه فبدأ بمماطلته ومضى عليها نصف عام وتدهور عمرو مادياً وكثرت ديونه لأكثر من شخص حتى قيل إنه هرب من البلاد وهنا أصبح هذا المبلغ (10000دولار) في عداد الدين الهالك.
هناك أشخاص يقبلون هذه الشيكات ولكن بأقل من قيمتها (بحيث يدفعون نقدا 7000 دولار مقابل استلامهم الشيكات التي قيمتها 10000) ويقومون بتحصيلها بطريقتهم الخاصة من عمرو أو يعجزون، ولكن ليس لزيد أي علاقة بالموضوع.
ويعتبر المبلغ المخصوم (3000دولار) عمولة أو أتعاب للشخص الذي سيتحصل على هذه المبالغ.
هناك ملاحظتان:
(1) إما أن يعتبر هذا الفرق 3000 خسارة لزيد.
(2) ويمكن لزيد أن يحملها لعمرو لأنه لديه شيكات زيادة من مبلغه المستحق من عمرو فما حكم هذه العمليات بالتفصيل لكل عملية على حدة؟ مع ذكر الأدلة إن تكرمتم وذكر الآراء المختلفة في ذلك وأقواها دليلاً، وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
لا يجوز بيع الشيكات التي تمثل ديناً معدوماً أو هالكاً بنقد أقل من قيمتها، حسب ما ورد في السؤال، لأمرين:
1) أنه بيع دين بنقد مع التفاضل وعدم التقابض، وهذا ربا النسيئة المحرم بالنص والإجماع.(9/62)
2) أنه من بيع الغرر، لما فيه من جهالة القدرة على تحصيل الدين من المدين، فهو نظير بيع البعير الشارد والعبد الآبق. وهذا محرم أيضاً، لأن المشتري إن حصل الدين كاملاً كان ربحاً له وخسارة على البائع (أو زيد كما ورد في السؤال) ، وإن لم يحصلها كان خسارة على المشتري وربحاً للبائع. فلا يربح أحد الطرفين إلا إذا خسر الآخر، وهذا حقيقة القمار والميسر المحرم بالنص والإجماع.
لكن يجوز لصاحب الشيكات (وهو زيد في السؤال) أن يتعاقد مع طرف آخر عقد جعالة، بحيث إذا استطاع الأخير تحصيل الشيكات فله ثلث قيمتها مثلاً. والفرق بين الجعالة وبين البيع أن الطرف الآخر في حالة الجعالة لا يدفع لزيد إلا إذا حصّل الدين من المدين. أما في البيع فزيد لا علاقة له بذلك، ومخاطرة التحصيل يتحملها المشتري وحده، كما أشار لذلك في السؤال. والجعالة جائزة بنص القرآن، وهو قوله -تعالى-:"ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم" [يوسف:72] ، وهو قول جمهور أهل العلم، خلافاً للأحناف، والله تعالى أعلم.(9/63)
ضوابط الحوالات المالية
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/الشيكات والحوالة البنكية
التاريخ 24/8/1424هـ
السؤال
أقوم شهريا بإرسال حوالة مالية إلى خطيبتي، عن طريق بنك مختص بالحوالات، والطريقة هي كالآتي: يقوم البنك بتسجيل حساب خطيبتي لديه برقم معين أراجعه فيه كل مرة، فأقوم بتحديد المبلغ ونوع العملة، مثلا أقول له (أريد تحويل مبلغ 100 دينار) ، فيقوم البنك بإرسال الحوالة إلى حساب خطيبتي، حيث تجد هي في حسابها مبلغ (100 دينار) ، وأقوم أنا بدفع المبلغ بالريالات للبنك بسعر الصرف الحالي للعملة (الدينار) (100 دينار تقريبا 500 ريال) ، بالإضافة إلى مبلغ رمزي مقابل عملية التحويل (25 ريال تقريبا) ، فهل هذه العملية شرعية؟!
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
عملية التحويل تتكون من شقين:
(1) عملية صرف الريال بالدينار.
(2) عملية تحويل الدنانير من المصرف المحلي إلى المصرف الخارجي.
ولا بأس بكل من هاتين العمليتين إذا نفذتا على الوجه المشروع. فعملية الصرف يشترط فيها أن يكون لدى المصرف الدنانير المطلوبة حاضرة، ويتم قبضها من قبل العميل قبضاً حكمياً من خلال تفويض البنك بتحويلها.
أما عملية التحويل فهي في الأصل عمل يستحق عليه البنك أجرة، فلا بأس بالمبلغ الذي يحتسبه المصرف مقابله بناء على ذلك. والله أعلم.(9/64)
بيع الشيكات بأقل من ثمنها
المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/الشيكات والحوالة البنكية
التاريخ 2/9/1424هـ
السؤال
رجل لديه شيكات مؤجلة يريد بيعها بسعر أقل من قيمتها، وبالمقابل فإن الذي يشتريها عليه تحصيلها بقيمتها الحقيقية. فهل يجوز الشراء والتحصيل هنا؟.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
هذه المسألة من المعاملات الربوية المحرَّمة، والمشهورة بخصم الأوراق التجارية، والعلاقة هنا ثلاثية الأطراف، وتكييفها الفقهي:
1. أنها بيع دين بنقد أقل من جنسه، وهذا ربا، حيث يشترط في النقدين من جنس واحد التماثل والتقابض وهما غير متوافرين في هذه المعاملة.
2. والتكييف الآخر أنها من قبيل القرض الذي يجر نفعاً محرماً، وكلا التكييفين يدل على أن المعاملة من المعاملات الربوية المحرمة.
وأما لو كانت العلاقة ثنائية الأطراف بين الدائن والمدين، فهي مسألة ضع وتعجل وهي جائزة على الراجح من قول العلماء، ولكن المعاملة المسؤول عنها ثلاثية، فالخاصم طرف ثالث وهذا لا يجوز، والله الموفق.(9/65)
شراء الشيكات بأقل من قيمتها
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/الشيكات والحوالة البنكية
التاريخ 26/5/1425هـ
السؤال
السلام عليكم
عندي محل صغير في أمريكا، والمحل الذي بجانبي يعمل في تحويل الشيكات إلى نقد، مقابل نسبة معينة، وقد يحضر بعض الناس لهذا المحل فيجدونه مغلقاً فيأتون إلي لصرف شيكاتهم، وقد يأتينا آخرون بدلاً من الذهاب إلى ذلك المحل بسبب قلة النسبة التي نتقاضاها منهم مقابل صرف الشيك، وكذلك بسبب التشديد الذي يقوم به المحل المذكور في التعريف بهوية الأشخاص، وأنا أيضاً أقدر حاجة الناس، وأحب أن أساعدهم، ولا يمكن أن أساعدهم بدون مقابل للأسباب التالية:
محدودية النقد في يدي.
التكلفة التي أدفعها للبنك عند إيداع الشيك، حيث يوضع مثل هذا الشيك في حساب خاص عليه عمولة صرف.
وجود الاحتمال برجوع مثل هذا الشيك؛ لعدم كفاية رصيد مصدر الشيك.
علماً بأنني أتقاضى نسبة من 1-2% على الشيك، وفقاً لمصداقية الشيك أو صاحب الشيك. هل عملي هذا جائز؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وآله وصحبه، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا يجوز شراء الشيك بنقد مع خصم نسبة من قيمته؛ لأن هذا بيع للنقد بالنقد مع التفاضل والتأخير، وهو من الربا المحرم شرعاً. كما أنه يحرم من جهة الغرر والجهالة، إذ لا يدري المشتري هل يصرف الشيك أو لا، فهو كبيع البعير الشارد الذي ذكره الفقهاء.(9/66)
لكن يمكن للأخ أن يساعد الناس بأن ينوب عنهم في تحصيل الشيك، فيأخذ الشيك ويودعه في المصرف، ويحصل منه على النقد ثم يسلمه للعميل، ويأخذ مقابل ذلك عمولة مناسبة. وهذه الصورة جائزة؛ لأن الأخ يتصرف باعتباره نائباً أو وكيلاً عن العميل في تحصيل الشيك، وليس مشترياً له، فهو لا يبيع النقد بالنقد، بل يبيع عمله بالنقد، كما أنه لا يتحمل مخاطر صرف الشيك فينتفي الغرر. والله أعلم.(9/67)
هل تصح هذه الحوالة المشتملة على الصرف؟
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/الشيكات والحوالة البنكية
التاريخ 15/03/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أرجو إفتائي في هذه المسألة، وهي أني عندما أريد تحويل مبلغ إلى تونس أذهب لشخص وأعطيه مثلاً عشرة آلاف ريال، على أن يقبضها أخي دنانير في بلدي وبسعر الصرف في ذلك اليوم، فكأني قد صرفت الريالات وحوّلتها دنانير لأخي هناك، فهل تصح هذه الصورة من الحوالة؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا كان تسليم الريالات في الرياض واستلام الدنانير في تونس يتم في الحال وفي نفس اللحظة بواسطة وكلاء للطرفين، ومن خلال التنسيق بوسائل الاتصال الحديثة كالهاتف، فلا حرج في المعاملة؛ لأن هذا صرف مع التقابض الفوري. وللطرفين الاتفاق على سعر الصرف الذي يتراضيان عليه.
أما إذا كان التسليم يتأخر عن الاستلام، كأن يتم تسليم الريالات اليوم، ويتم تسليم الدنانير بعد يوم أو يومين، فلا تجوز المعاملة؛ لأنها صرف مع التأخير، وهذا يخالف حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "يداً بيد". أخرجه البخاري (2061) ومسلم (1589) .
والله أعلم.(9/68)
تسديد الدين بعملة أخرى
المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/مسائل متفرقة
التاريخ 9/7/1424هـ
السؤال
اقترضت مبلغ 1000 جنيه مصري (ما يساوي 74 ديناراً كويتياً في ذلك الوقت) من أحد الإخوان معي في مصر على أن أردها له في الكويت بالدينار بعد عدة أسابيع، والآن سعر الصرف تغير (1000 = 65 دينار) السؤال كم أرجع له، وهل طريقة الاقتراض بهذا الشكل جائزة؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ما اشترطه عليك المُقْرِضُ من أن الألف جنيه يجب أن ترد بالدينار الكويتي شرط غير صحيح، لما فيه من الغرر بسبب التقلبات الكبيرة في أسعار العملات، بل المستقر في ذمتك ألف جنيه، وأما بيع الدين لمن هو عليه بثمن حالٍّ فلا بد أن يكون بسعر يومه دفعاً للغرر، وقد جاء في ذلك حديث لم يثبت رفعه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عند الترمذي (1242) ، وأبو داود (3354) ، والنسائي (4582) ، وابن ماجة (2262) قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ بالدنانير، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء"، فإذا اتفقتما على أن يكون تسديد الدين بعملة غير التي في الذمة كان ذلك بيعاً للدين لمن هو عليه، ووجب التقابض في ذلك المجلس، فتدفع له من الدنانير الكويتية ما يساوي ألف جنيه في وقت ذلك الاتفاق، هذا هو الموافق للمقرر في مذهب الأئمة الأربعة في الفلوس النحاسية إذا تغيرت قيمتها عند وفاء القرض، والله تعالى أعلم.(9/69)
ما يدخله الربا من صرف النقود
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/مسائل متفرقة
التاريخ 22/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نود من فضيلتكم إيضاح هذه المسألة: سمعت من بعض الناس أن هناك بعض المعاملات في صرف النقود تدخل في الربا، أو إنها ربا صريح، فسأعطيكم هذا المثال لأوضح المقصود، مثلا رجل معه 500 ريال فذهب لشراء شماغ، فعندما اختار أحد الأنواع، قال له البائع إنه ليس لديه صرف، فذهب هذا الرجل إلى البقالة المجاورة لهذا المحل، فصرف ال500 ريال، فعند الصرف قال صاحب البقالة إني الآن معي 400 ريال، خذها واشتري الشماغ، وتعال إلي بعد نصف ساعة، حتى أعطيك المئة المتبقية.
مثال آخر وهو يحصل دائما عند من يبيعون الذهب، وهو أن تأتي المرأة لشراء ذهب، فلا يكون مع البائع صرف، فيقول لها اذهبي تجولي في السوق، وتعالي إلىّ بعد نصف ساعة لكي تأخذي الباقي، هل يعتبر هذا فيه ربا لأن التقابض لم يكن في نفس الوقت؟
الله يجزيكم خيراً، نريد التفصيل في مسألة صرف النقود.
والسلام عليكم.
الجواب(9/70)
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فقد روى مسلم في صحيحه (1587) ، وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة..مثلاً بمثل سواءً بسواء يداً بيد". الحديث، فبين النبي - صلى الله عليه وسلم- أن بيع الشيء بجنسه لابد فيه من أمرين: الأول القبض من الطرفين في مجلس العقد، والثاني التساوي، وفي نهاية الحديث قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد"، هذا ومعلوم أن أكثر المعاملات في هذا الزمان بالعملات الورقية، وهي بدل الذهب والفضة، والبدل له حكم المبدل، فيكون حكمها حكم الذهب والفضة، وبناء على هذا فإنه مثلاً عند صرف فئة خمسمائة من هذه الورق لا بد من التقابض بين الطرفين في مجلس العقد، فلا يجوز أن يأخذ البعض ويؤخر البعض الباقي للحديث السابق، وأيضاً في المثال الآخر الذي ذكره السائل لا يجوز، كما في المثال الأول للصلة السابقة في المثال الأول، وهي عدم القبض في مجلس العقد، وعلى المشترية في هذا المثال أن تؤخر الشراء والاتفاق مع صاحب الذهب حتى يكون لديه الصرف، ليتحقق شرط القبض في مجلس العقد، والله أعلم.(9/71)
الصرف والحوالة قبل التقابض
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/مسائل متفرقة
التاريخ 25/4/1424هـ
السؤال
أكثر عمل أهل البلد التجارة بين سوريا والأردن، وتحصل صور كثيرة بحاجة إلى بيان فأرجو أن تفيدونا مما علمكم الله.
صورة السؤال: تاجر يستورد البضائع من سوريا، ويحول للمصنع ثمن البضاعة عن طريق وسيط وهو تاجر عملة، حيث يقول: لتاجر العملة حول لي مليون ليرة سوري ـ مثلا ـ هذا اليوم للتاجر في سوريا، وسأعطيك ثمنها في الغد أو بعد أسبوع، أو يتصل هاتفياً به ويقول: حول لي إلى سوريا مبلغاً بقيمة خمسة آلاف دينار أردني.
هل هذا توكيل بالسداد؟ أم هو تبديل عملة مع النسيئة؟ فقد اختلفت الأقاويل بين الناس، ونريد أن نستأنس برأيكم أفادكم الله. والسلام عليكم.
الجواب
الحمد لله وحده وبعد:
فإن ما ذكرت في سؤالك من قول التاجر للمصرف: (حول لي مليون ليرة سورية مثلاً للتاجر في سوريا) أو قوله: (حول لي إلى سوريا مبلغاً بقيمة خمسة آلاف دينار أردني مثلاً) . يحتمل وجوهاً حسب الأحوال الآتية:
الحالة الأولى: أن يكون للتاجر الآمر حساب لدى المصرف بالدينار الأردني، ففي هذه الحالة تكون المعاملة صرفاً ووكالة.
أما وجه كونها صرفاً فلأن التاجر طلب من المصرف أن يصرف له الدينار الأردني ليرة سورية.
وأما وجه كونها وكالة؛ فلأن التاجر وكَّل المصرف بتحويل هذا المبلغ بعد الصرف إلى حساب المصنع في سوريا.(9/72)
وفي هذه الحالة يلزم لصحة الصرف أن يقبض التاجر المبلغ بعد صرفه مباشرة، إما بتسجيله في حسابه لدى المصرف، أو بقبضه مناولة قبل تحويله إن كان المصرف في بلده، ولا يمكنه تسجيله في حساب لديه أو أمر بتوكيله لطرف ثالث يقوم بالقبض مناولة نيابة عنه قبل تحويله إن لم يكن المصرف في بلده، ولا يمكنه تسجيله في حساب لديه، كما يوكِّل الطرف الثالث بتحويل المبلغ عن طريق المصرف لصالح المصنع.
الحالة الثانية: ألا يكون للتاجر لدى المصرف حساب، ففي هذه الحالة تكون المعاملة قرضاً، ووكالة، أما وجه كونها قرضاً فلأن المصرف لم يكن متبرعاً بما دفعه، بل دفعه بنية الرجوع به على التاجر.
وقد يقال إن المعاملة صرف؛ لأن التاجر طلب من المصرف أن يحول له دنانير أردنية إلى ليرة سورية، والجواب: أن هذا صرف غير صحيح لتخلف شرط صحته وهو التقابض في الحال، فيؤول قرضاً. وفي هذه الحالة لا يستحق المصرف الوسيط على التاجر إلا مثل ما أقرضه قدراً وجنساً، فإن كان المصرف حول للمصنع في سوريا ألف ليرة سورية مثلاً، فإنه لا يستحق على التاجر إلا ألف ليرة سورية، ولا يحق للمصرف أن يطالب بالمصارفة، فيطلب منه أن يرد له بدل الليرة السورية دنانير أردنية، ليقوم بالمصارفة، فيستفيد فارق سعر الصرف، والذي أؤكده هو:
(1) أن الزيادة على القرض ربا، لذا لزم محاذرة الربا، وما يؤدي إليه في القرض، ومن أجل ذلك لزم أن يرد القرض بمثله قدراً وجنساً.
(2) أن المصارفة يجري فيها الربا، فيلزم التقابض بين الطرفين في الحال. والله أعلم.(9/73)
صرف العملات وتأخير بعض القيمة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/مسائل متفرقة
التاريخ 21/6/1424هـ
السؤال
ذهب رجل إلى صاحب دكان يطلب منه أن يصرف له عشرة دنانير إلى دنانير أردنية، فقال له صاحب الدكان ليس عندي إلا خمسة دنانير، إذا أردت خذها الآن وارجع بعد وقت معين وخذ الباقي حتى يصير عندي، وأخذ الرجل الخمسة دنانير وذهب، فما هو الحكم الشرعي لهذه المسألة؟ وجزاكم الله خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين، أرجو عرض سؤالي على أكثر من شيخ.
الجواب
هذا لا يجوز، لا بد إذا صرف عملة بعملة (إذا بادل عملة بعملة) ، فهذا لا يخلو من أمرين:
الأمر الأول: أن تتفق العملتان في الجنس مثل ريالات سعودية بريالات سعودية، دنانير كويتية بدنانير كويتة، دنانير أردنية بدنانير أردنية، جنيهات مصرية بجنيهات مصرية، دراهم مغربية بدراهم مغربية، فهذا إذا اتحد في الجنس لا بد أن يتوفر شرطان:
الشرط الأول: الحلول والتقابض أن يكون يداً بيد.
الشرط الثاني: التماثل عشرة بعشرة.
الأمر الثاني: هو ما إذا اختلف الجنس مثلاً: دنانير كويتية بدنانير أردنية فهذا يشترط شرط واحد وهو: الحلول والتقابض، فلا يشترط التساوي حتى لو تفاضلا، مثلاً عشرة بعشرين عشرة دنانير كويتية بعشرين دينار أردني هذا لا يشترط فيه التساوي، وإنما يشترط أن يكون يداً بيد.
فعلى هذا فالمعاملة المذكورة محرمة ولا تجوز، وهي من الربا، وعقدها باطل، وهو من ربا النسيئة، والله أعلم.(9/74)
العمل في شركات تحويل الأموال
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/مسائل متفرقة
التاريخ 28/4/1424هـ
السؤال
أود أن أسأل عن العمل في شركات تحويل الأموال؛ هل يجوز أم لا؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
القاعدة المقررة شرعاً هي أن الأصل في المعاملات الحل ما لم يثبت ما يدل على التحريم. وتحويل الأموال عمل نافع لا حرج فيه إن شاء الله من حيث المبدأ، لأن التحويل يتكون من صرف ونقل للمال، وكلاهما جائز. إنما على شركة تحويل الأموال مراعاة شروط الصرف؛ وهي وجود البدلين حاضرين ليتحقق القبض الحكمي، والله أعلم.(9/75)
السمسرة في بيع وشراء العملات
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/مسائل متفرقة
التاريخ 15/6/1423هـ
السؤال
ما حكم العمل كوسيط (محلل مالي) أقوم ببيع وشراء العملات الأجنبية في الأسواق العالمية، ويكون لي نسبة على كل عملية شراء أو بيع؟ حيث تتعامل المؤسسة التي أعمل بها مع بنك nord في السويد وهذه المؤسسة موجودة في الأردن، أساس عملي أنه يأتي عميل يريد أن يستثمر فيها فيوضع المستثمر مبلغ (10000) دينار في البنك، وأقوم أنا باستخدام هذا المبلغ في شراء وبيع العملات بناءً على تحليلي المالي لأسعار العملات، وآخذ نسبة من عمليات البيع والشراء ويتحمل المستثمر الربح والخسارة، أي: أنا آخذ عمولة على عمليات البيع والشراء، بغض النظر هل حققت الربح أو لم أحقق الربح؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
لا بأس أن تكون أجرة السمسار أو الوسيط نسبة من عمليات البيع والشراء؛ لأن الأجرة يجوز أن تكون مقطوعة ويجوز أن تكون نسبة من قيمة الأصل أو العمل، لكن يجب أن يكون المستثمر على علم بطريقة الاستثمار التي يتبعها الوسيط وأن يوافق عليها؛ لأنه هو الذي يتحمل الخسارة حين وقوعها.
كما أنه من الضروري أن تكون عمليات بيع وشراء العملات فورية ولا يتأخر القبض عن الصفقة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:"يداً بيد" البخاري (2061) ومسلم (1584) ، والله أعلم.(9/76)
هل تجوز هذه المصارفة؟!
المجيب د. سعد بن حمدان اللحياني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
المعاملات/ الصرف وبيع العملات/مسائل متفرقة
التاريخ 15/3/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
خالي يسكن في دولة غربية، وقد كان يرسل إلينا بعض النقود بالطريقة التالية: له صاحب يسكن (بِجانِبِنَا) ولهذا الصاحب بيت في تلك الدولة فيعطي خالي لبيت صاحبه مبلغاً بالعملة الأوربية، ويعطينا صاحبه مبلغاً بعملتنا يعادل ذاك المبلغ الذي أعطاه خالي لبيت صاحبه, فما حكم هذه العملية؟ وإذا كانت حراماً هل أستطيع أن أفتح رصيداً بالعملة الأوربية أضع فيه مبلغاً ثابتاً كرصيد أوّلي: 50 ون، بحيث كلما أرسل لنا خالي بعض النقود أسحبها مباشرة ماعدا الرصيد الأول, ناويا أن ذلك الرصيد الأوّلي هو مقابل خدمة النقل أو الإيصال؟ وإذا كان الجواب بلا فأرجو بيان الطريقة الجائزة المشروعة، وإذا كان الجواب بنعم فهل أستطيع أن يكون لي رصيد خاص بي ولجدتي رصيد خاص بها؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
تحويل النقد من بلد إلى بلد عن طريق دفعه لشخص في مكان ما وقبضه في مكان آخر لا بأس به على قول مجموعة من أهل العلم الذين أجازوا ما يعرف بالسفتجة (وهي أن يقرض الشخص مبلغا في مكان ليستوفيه في مكان آخر فيه مال للمقترض) ، هذا إذا كان النقد من جنس واحد، فيعطي مثلا مائة ريال في مكة ليستوفيها مائة ريال من مال للمقترض في الرياض.(9/77)
أما إذا كان النقد من جنسين مختلفين فقد انطوت المعاملة إلى جانب ذلك على صرف بين النقدين، ومن المعلوم أنه لابد في صرف النقود بعضها ببعض من الحلول والتقابض بين البدلين لحديث: " الذهب بالذهب والفضة بالفضة ... " الحديث البخاري (2134) ، ومسلم (1587) . فهل هناك حلول وتقابض في هذه المعاملة ونحوها؟ أما على الحقيقة فلا! لأن هناك أجلا زمنيا بين دفع العملة الأوربية وقبض العملة الجزائرية، لكن اعتبر بعض الفقهاء أنه إن كان للشخص مال موجود حقيقة في البلد الآخر عند عملية المصارفة وتمت المصارفة بسعر يومها فإن ذلك يكون في قوة المصارفة يدا بيد، ومن ذلك اعتبار تسليم الشيك المصدق في مقام القبض.
والخلاصة أنه إن كان عند الشخص، الذي يأخذ العملة الأوربية في فرنسا، ما يقابلها من العملة الجزائرية وتمت المصارفة في فرنسا بسعر يوم قبض العملة الأوربية فالقول بجواز المعاملة وارد. وإن أراد الشخص الخروج من الخلاف وصرف العملة الأوربية بعملة جزائرية في فرنسا (إن أمكنه ذلك) وأعطاها لبيت صديقه في فرنسا ليتم قبضها في الجزائر فهذا في نظري أقرب للجواز وأبعد عن الخلاف.
أما الشطر الثاني من السؤال فليس واضحا لدي. والله أعلم.(9/78)
الربا والقرض(9/79)
شبهات لأكل الربا
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ الربا والقرض/ربا الفضل وربا النسيئة
التاريخ 14/04/1425هـ
السؤال
ما رأي الدين فيمن لا يجد حرجاً في أكل مال الفائدة العائد من البنوك الربوية، مبرراً ذلك بكون الإسلام حرّم الربا حتى يحمي الفقير من جشع وطمع الغني، وحتى يتم التكافل بينهما؟
الجواب
دلت النصوص الصريحة من القرآن والسنة على حرمة الربا أخذاً وإعطاءً وتعاوناً، ومن ذلك قوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة" [آل عمران:130] وقوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين" [البقرة:279] .
والربا الذي ورد في السؤال هو ربا القرض وهو: اشتراط الزيادة في رد بدل القرض.
حيث يتفق المقرض -وهو هنا العميل- مع المقترض -وهو البنك- على أن يقرضه مبلغاً من المال -وهو الذي يودعه عنده- مقابل نسبة مئوية محددة كـ 6% مثلاًَ، وسواءً في ذلك كان الاتفاق صريحاً أو ضمنياً أو كانت الزيادة بمبلغ مقطوع أونسبة مئوية محددة، أو كان المقرض غنياً أو فقيراً.
أما ادعاء التفريق بين القرض الإنتاجي والاستهلاكي فيجوز الربا في الأول دون الثاني؛ لأن الأول يقترض لينتج ويستثمر -كما هو الشأن في البنك- ومن ثمَّ يجوز أخذ الربا عليه فإن هذا غير صحيح لما يلي:
1-عموم النصوص القرآنية والأحاديث النبوية المحرمة للربا من دون تفريق بين نوع وآخر.
2-أن العباس بن عبد المطلب عم النبي -صلى الله عليه وسلم- ورضي عنه- كان يقترض في الجاهلية لأجل استثمار الأموال، فيعطي المقرض نسبة محددة والباقي له، ومع ذلك حرمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ووضعه كما ورد في حديث حجة عام الوداع. فيما رواه مسلم (1218) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-(9/80)
أما حكم الذي يأكل الربا فإنه فاسق؛ لأنه خالف النصوص الشرعية، ولما ورد في الربا من وعيد لآكله وللمتعاونين فيه، منها حديث: "اجتنبوا السبع الموبقات وذكر منها: "وأكل الربا"رواه البخاري (2767) ، ومسلم (89) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وكذلك حديث جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "لعن آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه" رواه الترمذي (1206) ، وأبو داود (3333) ، وغيرهم من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-.
ولذا فإنني أنصح هذا الأخ بأن يتوب إلى الله وينتهي عن أكل الربا، ولا يستدل بهذه الشبهات التي دلت النصوص الصريحة على بطلانها، والله أعلم.(9/81)
دفع متبقي الأقساط دفعة واحدة
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ الربا والقرض/ربا الفضل وربا النسيئة
التاريخ 12/1/1425هـ
السؤال
اشتريت سياره بالتقسيط عن طريق البنك باسم أحد الأصدقاء، وأنا أقوم بدفع الأقساط الشهرية، وتبقى الآن نصف المدة وأريد أن أدفع كامل المستحقات، فهل يجوز أن أدفع باقي المبلغ إلى صديقي ويتولى هو تسديد باقي الأقساط؟ مع العلم أن البنك سيلغي الزيادة عن باقي المدة لصالحي. وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
مثل هذا العمل لا يجوز لما فيه من بيع الدراهم بالدراهم مع عدم التقابض، وهذا هو ربا النسيئة. والله أعلم.(9/82)
هل هذه أجور خدمة أم فائدة ربوية؟
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ الربا والقرض/ربا الفضل وربا النسيئة
التاريخ 08/11/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عرض علي مشروع تجاري مع أحد مخلصي الديون لدى البنوك، والمشروع كالتالي:
عندما يكون أحد العملاء في حاجة لأي قرض من أي بنك، وكان عليه قرض من السابق كمبلغ وقدره عشرون ألف ريال، ولا يستطيع استلام قرض جديد حتى يقوم بسداد الأول، نقوم نحن بتسديد المبلغ وتقديم طلب قرض له وتسهيل معاملته وإنهاء جميع متطلباته والتزاماته في البنك، ونتفاوض معه إذا أنهينا معاملته وسددنا دينه يكون لنا مبلغ وقدره خمسة آلاف ريال مقابل هذه الخدمات أو حسب الاتفاق بيننا وبينه، فعندما ينزل القرض يحول المبلغ المتفق عليه مقابل الخدمة مع تسديد الدين الذي قمنا بسداده على حساب خاص لنا في البنك ويستلم هو المبلغ المتبقي من القرض الجديد الذي قمنا له بتسهيله تحت الاتفاق ورضى الطرفين، فنحن في المختصر قد سددنا عشرين ألف ريال، واستلمنا مبلغ وقدره خمسة وعشرون ريالاً، هل هذه العملية عملية ربوية أم أنها تحسب عليه كأتعاب وتسهيل معاملته كما أخبرني مخلص الديون؟ أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرًا، حيث إن لدي شكوكًا في هذا الأمر.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فهذه المعاملة محرمة لاشتمالها على عدد من المحاذير الشرعية، ومنها:(9/83)
1- القرض بفائدة، حيث إن الدائن (وهو الذي سميته مخلص الدين) يقرض المدين مالاً ويشترط عليه رده بأكثر منه، وهذا هو الربا، ولا يصح تسمية ذلك أتعابًا أو أجور تخليص ونحو ذلك؛ لأن الخدمة التي يقدمها الوسيط في حقيقة الأمر هي خدمة الإقراض وسداد الدين عنه، وهذه الخدمة لا يجوز الاسترباح فيها، بخلاف ما لو كانت الخدمة المقدمة غير مرتبطة بالتسديد عنه (أي لا قرض فيها) فيصح عندئذٍ أخذ الأجر.
2- قلب الدين على المدين، فهذا التصرف حيلة لزيادة مدة السداد على المدين وفي المقابل تزداد قيمة الدين، فبعد أن كانت ذمته مشغولة بعشرين ألف ريال تحل في شهرين مثلاً، أصبحت ذمته مشغولة بمبلغ أكثر ولمدة أطول، لنفس الدائن الأول، وهو أمر محرم، ويشابه الربا الذي كان يتعامل به العرب في الجاهلية حيث يكون الدين على الرجل فيقول له الدائن: زِدْني أُنظِرْكَ. أي زدني في قيمة الدين وأعطيك مهلة أكثر، ولو تأملت لوجدت أنه لا فرق بين المعاملة التي ذكرتها ومسألة "زدني أنظرك" سوى أن العرب في الجاهلية كانوا يأتون الأمر صراحة، بينما في هذه المعاملة أدخل طرف ثالث (الوسيط) حيلة، وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام النهي عن الحيل فقال: "لا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتكَبتِ اليهودُ فتَسْتحِلُّوا مَحَارِمَ اللهِ بأَدْنَى الحِيَلِ". رواه ابن بطه-كما في تفسير ابن كثير 1/108- وقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ؛ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا! ". أخرجه البخاري (2223) ومسلم (1582) . والله أعلم.(9/84)
هل هذه الشراكة صحيحة؟
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ الربا والقرض/ربا الفضل وربا النسيئة
التاريخ 20/12/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود معرفة ما حكم الدخول في مشروع تجاري بحيث أكون شريكاً لمدة محدودة ولنقل سنتين أدفع للشريك الأساسي مبلغ وقدره على سبيل المثال (مائة ألف ريال) بحيث يعطيني نصف صافي الربح الشهري بعد شهرين من التشغيل، وعند انقضاء فترة الشراكة التي تم تحديدها وهي سنتين يعطيني المبلغ الذي دفعته لدخول هذه الشراكة (100.000) بالإضافة إلى ضعف هذا المبلغ وهو (200.000) . علماً بأن كلا الطرفين راضٍ. وجزاكم الله ألف خير.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هذا التصرف لا يجوز؛ لأن حقيقة الأمر أنك أقرضته المال واشترطت عليه أن يضمنه لك ويرده بزيادة، والقرض إذا شرط فيه منفعة للمقرض فهو ربا ولو تراضى الطرفان، والطريق الأسلم للاستثمار هو المضاربة بأن تعطيه المال ليتاجر به مدة معينة ولك جزء من الربح (كالنصف أو الربع..ونحو ذلك) من دون أن يضمن لك رأسمالك أو أن يلتزم برده ورد زيادة معه بل تشتركان في الربح والخسارة. والله أعلم.(9/85)
دفع رسوم عند تأجيل أحد الأقساط
المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار
أستاذ جامعي في جامعة القصيم
المعاملات/ الربا والقرض/ربا الفضل وربا النسيئة
التاريخ 10/10/1425هـ
السؤال
شيوخنا الأفاضل: أخذت من البنك ما يسمى (بالتورق) ، ويمكن المقترض أن يؤجل أحد الأقساط إلى آخر المدة، ولكن يأخذ البنك مبلغ وقدره من 200 إلى 250 ريالاً تقريبًا للتأجيل، فهل المبلغ هذا يعتبر ربًا، أو أنه جائز؟ أفتونا جزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فإذا كانت هذه الزيادة في الثمن مقابل التأجيل الطارئ عند عدم السداد أو العجز عنه، فهذا هو ربا الجاهلية المحرم بالاتفاق، فهم عند حلول السداد كانوا يقولون إما أن توفي، وإما أن تربي، أي إما أن تسدد، وإما أن تزيد في الثمن، والخيار الشرعي في هذا هو الإنظار للمعسر، كما قال الله تعالى: (وَإِن كَانَ
ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) [البقرة:280] . أما أن يزيد عليه الثمن، فهذا لا يجوز بحال. كان على البنك أو غيره من أصحاب الحقوق أن يحتاطوا لأموالهم بغير الطريق المحرم، كأخذ ضمان معين أو رهن، أو كفيل، وبهذا يحفظ صاحب الحق حقه. والله أعلم.(9/86)
شبهة جريان الربا في العملات الورقية!
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ الربا والقرض/ربا الفضل وربا النسيئة
التاريخ 21/07/1425هـ
السؤال
طرح أحد الإخوة هذا الموضوع، وأتمنى أن أجد توضيحًا؛ جزاكم الله خيرًا، هل هناك ربا في العصر الحالي؟ أنا أرى أنه لم يعد هناك ربا بالمعنى الديني، وبالتالي أرى أن من حق أي إنسان أن يستفيد من إيداعاته بالبنك، وأن يتقاضى أرباحها حلالًا زُلالًا، وأرجو من علماء الدين مناقشة هذا الرأي، وإليكم التوضيح: حرم الربا عندما كانت العملة ذات سعر ثابت، حيث كان الدينار يشتري لك مثلًا عشرة من الإبل، الآن أو بعد 50 عامًا، وذلك لأن الدينار كان مسكوكًا من الذهب أو الفضة، وقيمته ثابتة لا تتغير، كما أن الدينار كان عملة لا سلعة تتداول في الأسواق، أما اليوم فقد أصبحت جميع العملات تشترى وتباع في الأسواق مثل الخضار والفواكه والملابس، وبالتالي وكما يحق لتاجر الخضار أن يضع الربح المناسب لبضاعته، يحق لرجل أودع نقوده في بنك يمارس بيع العملة أن يحصل على أرباح بضاعته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد:
الرأي أن حديث أبي سعيد وحديث عبادة - رضي الله عنهما- أخرجهما مسلم (158، 1587) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الذَّهَبُ بالذَّهبِ، والفِضَّةُ بالفضةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرُ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والمِلْحُ بالمِلْحِ مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بسَوَاءٍ، فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى".
وقولك في السؤال: بأن الدينار قيمته ثابتة لا تتغير، فهذا غير صواب، بل الدينار يتغير من قديم الزمن، وكذلك درهم الفضة، ولو فرضنا أنه لا يتغير فإن الشارع أثبت الربا فيه: "الذهبُ بالذهبِ والفضةُ بالفضةِ ... " إلى أن قال صلى الله عليه وسلم: "مثلاً بمثلٍ، سواءً بسواءٍ".(9/87)
وأما قولك: إن العملات أصبحت الآن تباع وتشترى، فكذلك - أيضًا- في الزمن السابق كانت الدنانير والدراهم تباع وتشترى، ولهذا ورد في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: كنتُ أبيعُ الإِبلَ بالبَقِيعِ فأبيعُ بالدَّنانيرِ وآخُذُ الدراهمَ، وأبيعُ بالدراهمِ وآخُذُ الدنانيرَ. أخرجه أحمد (6427) ، وأبو داود (3354) . يعني: يبيعون بالدراهم ويبدلون بالدراهم دنانير، "ونبيع بالدنانير ونأخذ عليها الدراهم". والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة.." إلى أن قال: "مثلا بمثل سواء بسواء". وهذا المضروب وغير المضروب، فثبوت الربا في الذهب والفضة (الدراهم والدنانير) ، وما ذكره السائل- من شبهتين، هذا غير مسلَّم كما ذكرنا، وإذا ثبت هذا في الذهب والفضة، فإن الشريعة لا تفرق بين المتماثلات، فالعلة - كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وغيره- في الذهب هي كونه ثمن الأشياء، وهذا يرد الآن على العملات الورقية، أنها ثمن للأشياء فيسري فيها الربا. والله أعلم.(9/88)
يقترض عملة ثم يؤدي بعملة أخرى
المجيب أحمد بن حسن المعلم
رئيس مجلس علماء أهل السنة بحضرموت
المعاملات/ الربا والقرض/ربا الفضل وربا النسيئة
التاريخ 24/11/1425هـ
السؤال
ما حكم من له أعمال تجارية عظيمة ومقاولات كبيرة، يَعْمِدُ إلى صرّاف معروف لديه، فيأخذ منه أموالًا طائلة كبيرة بمختلف أنواع العملة (المحلية، والدولار، والأردني، والسعودي..) من أجل هذه السيولة المالية التي عنده، ومن أجل تسيير العمل من غير انقطاع ولا عرقلة، علمًا بأن أموال هذا الصراف تُعاد له بالدولار، وبسعر ناقص عن السوق.
فهل هذا الفعل جائز أم محظور؟ أفيدونا مأجورين مشكورين بالأدلة الشرعية الموضِّحة للحكم في هذه المسألة.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فهذه المعاملة فيها مخالفتان تعدان من أنواع الربا:
أما الأولى: فهي اشتراط أن يكون تسديد الدين بالدولار، وهذا شرط باطل؛ لأن الأصل أن يكون تسديد الدين بنفس العملة التي أخذ بها.
الثانية: أنه إذا أريد تبادل العملات فلابد من أن يتم التقابض في نفس المجلس دون تأخير وإلا فهو ربا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الذَّهَبُ بِالفِضَّةِ رِبًا إلا هَاءَ وهَاءَ". أخرجه الترمذي (1243) وابن ماجه (2260) وأبو يعلى (209) . وقد صدرت قرارات المجامع الفقهية المعاصرة أن حكم العملات من حيث الربا هو حكم الذهب والفضة، وأنه لا يجوز بيعها ببعضها البعض إلا إذا كان يدًا بيد.(9/89)
وهناك أمر ثالث صريح في الموضوع: وهو أن من كان عليه دين لأحد بعملة معينة فلم يجد تلك العملة، وإنما أراد أن يسددها بعملة أخرى أنه يجوز ذلك بشرط أن تكون بسعر يومها- أي لا يستفيد الدائن ولا المدين من جراء ذلك التبديل، ومن هذا حديث عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أنه قال: (كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ؛ آخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ وَأُعْطِي هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رُوَيْدَكَ أَسْأَلُكَ، إِنِّي أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، آخُذُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ وَأُعْطِي هَذِهِ مِنْ هَذِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ ". أخرجه أبو داود (3354) والترمذي (1242) والنسائي (4582) . فمن أخذ عن العملة التي في الذمة عملة أخرى بغير سعر يومها فقد وقع في المخالفة، بل في الربا.
وعلى هذا أنصح الأخ السائل أن يتقي الله تعالى، ويتجنب هذه الأمور المحرمة، أو على الأقل المشتبه فيها؛ حتى لا يعصي الله في هذه المعاملة؛ فيترتب على ذلك محق البركة، وسخط الله سبحانه، وربما تعجيل عقوبة. على أن ترك مثل هذه المعاملة متيسر، ولو لم يكن متيسرًا فإن من ترك شيئًا لله عوَّضه الله عزّ وجل خيرًا منه. فأسأل الله تعالى، أن يوفق الجميع للعمل بالحق، وتجنب الخطأ، وأن يبارك للإخوة السائلين في أنفسهم وأموالهم. إنه سميع مجيب.(9/90)
أخذ قرض ربوي لبناء مسكن
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 3/7/1422
السؤال
: أنا شابٌ متزوج، وعندي أطفال، وأعيش مع أهلي في بيتٍ ضيق ممتلئ، واستطعت أنا وأخي تدبُّر النقود، واشترينا قطعة أرض صغيرة، وحاولنا جاهدين أن نقترض من أهل الخير لنبني بيتاً متواضعاً نعيش فيه نحن وأطفالنا، لكننا لم نستطع، والآن نحن نمرّ بأزمة؛ لأننا جميعاً في البيت، ونعاني من مشاكل كثيرة جداً، وآلام نفسية واجتماعية تؤثر علينا وعلى أطفالنا، فهل من الممكن أن تفتونا في أخذ قرض من البنك، لنبني فيه مسكناً متواضعاً يسترنا، وأطفالنا من الضياع.
الجواب
لا يجوز لكم ذلك؛ لأن الله _ جلّ وعلا _ قد توعّد المرابين بما لم يتوعّد غيرهم. فأخذ القرض بفائدة ربويّة محرّم بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين الذين يُعتدّ بقولهم.
وإذا لم يتيسّر القرض الحسن، فليعمل بيعاً وشراءً وكسباً حلالاً حتى ييسّر الله له ما يقضي به حاجته.
وله أن يتّفق مع من يتولّى عمارة البيت بقيمة مؤجّلة، أو مقسّطة بأقساط عديدة يتيسّر له سدادها من كسبه. ولو كان في السعر زيادة من أجل تعدّد الأقساط، فلا بأس بذلك. فما من معاملة محرّمة إلا وقد شَرَع الله لنا ما هو خيرٌ منها حلالاً لا شُبهة فيه، وعلى المرء أن يحرص على تلمّس الحلال في أكله، وشربه، وبيعه، وشرائه، وسائر عقوده.
ومن تحرّى الحلال وفّقه الله لاستجابة الدعاء، كما أن الكسب الحرام سبب لعدم القبول، وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ((الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه على السماء، ياربّ ياربّ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذّي بالحرام فأنى يستجاب له)) أخرجه مسلم (1015) .(9/91)
هل هذا النظام البنكيّ مشروع؟
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 3/8/1422
السؤال
يوجد في أحد البنوك نظام يدعى نظام (تيسير) يعطونك مبلغاً من المال ويأخذون الزيادة لكن بطريقة البيع والشراء، ولديهم توقيعات بعض المشايخ بصحة النظام. أرجو إفادتي جزاكم الله خيراً عن هذا النظام ومدى شرعيته، أثابكم الله وسدد خطاكم على التقوى؟
الجواب
بسم الله والحمد لله، أخي الكريم لم تبين ماهية هذا النظام، غير أنك أخبرت أنه بطريقة البيع والشراء، فإن كان مقصودك أن البنك يبيع عليك سلعة بثمن مؤجل يكون أكثر من الثمن الحال "نقداً" فهذه لا بأس بها إن كان البنك قد ملك السلعة قبل بيعها ولم يشترط عليك الالتزام بشرائها بعد ما يملكها.
أما إن كان البنك لا يمتلك السلعة، وإنما يقوم بدفع ثمنها للتاجر، وتقوم أنت برد هذا الثمن إلى البنك مع زيادة عليه مقابل الأجل، فهو ربا، والله أعلم.
وبكل حال: فإن نصيحتي لكل مسلم ألا يتعامل مع البنوك الربوية، ولو كانت معاملة شرعية حسب الظاهر لما يلي: -
1. أن من شأن ذلك منافسة البنوك الإسلامية، وهو مقصود.
2. أن من شأن ذلك دعم البنوك الربوية.
3. أن البنوك الربوية فيما تظهره من معاملات إسلامية لا تؤمن في جانب التطبيق من المخالفة الشرعية.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.(9/92)
التقسيط مع البنوك لشراء المنزل
المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين
عضو الإفتاء سابقاً
المعاملات/ البيوع/بيع التقسيط
التاريخ 29/4/1422
السؤال
ألجأت الظروف بعض الإخوان للعيش في بلاد الكفار، ويقوم هؤلاء بدفع إيجارات المساكن التي يسكنونها، غير أنه يمكنهم تملك هذه المساكن والطريقة التي يتم بها ذلك كالتالي: يقوم أحد البنوك بتسديد رسوم الإيجار عن المستأجر بعد اتفاقه مع المالك، ويقوم المستأجر الأصلي بدفع الأقساط إلى البنك بعد التفاهم معه على القيمة الإجمالية للبيت، غير أن المشتري من البنك إذا تأخر في تسديد أقساطه فإن البنك يزيد في المبلغ. علماً بأن هذه الطريقة هي الطريقة الغالبة لأصحاب الدخل المحدود، والغالبية من المسلمين لا يمكنهم تملك منزل إلا بهذه الوسيلة. وهل هناك فرق بين استعمال هذه الطريقة في الحاجات الضرورية للناس مثل السكن وبين غيرها من الكماليات أم الحكم عام في الجميع؟
الجواب
يجوز هذا التعامل للحاجة الضرورية مع الحرص على عدم تأخر الأقساط حتى لا يزيد البنك في المبالغ مقابل التأخر، فإن الزيادة ربوية، فلا يجوز إقرارها، وإن كان بعض العلماء كالحنفية أجازوا الربا مع الكفار، ولعلهم خصوا ذلك بالضرورة فيُقتصر على قدر الضرورة على هذا القول، والله أعلم.(9/93)
التعامل مع البنوك الإسلامية
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 22/7/1422
السؤال
أريد أن أعرف حكم التعامل مع البنوك الإسلامية الموجودة داخل مصر؟
الجواب
الأصل في التعامل مع البنوك الإسلامية الجواز، مالم يتضح أن عملية بعينها ممنوعة شرعاً، فتحرم هذه العملية، ويبقى الباقي على الأصل.(9/94)
هل هذا من الربا؟
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 13/7/1425هـ
السؤال
شيخي الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أرجو إفتائي في بعض المسائل المتعلقة بالقروض وهي كالتالي:
1- إذا أردت شراء سيارة بنظام القسط (وطبعاً سوف يخبرني البائع عن سعر الفائدة
الذي سوف يحسب على أساسه القسط، وهذا تبعاً للضمانات التي سوف أقدمها له) ، هل هذا يعتبر رباً أم لا؟
إذا كنت قد أخذت بالفعل قرضاً من بنك ما، لحاجتي له في عملي ومعاشي، وقد كنت
أخذت جزءاً منه لشراء سيارة، هل هذا ربا؟ وإذا كان كذلك، ماذا أفعل للتخلص منه ومن ذنبه؟ -ولكم جزيل الشكر وجعلكم الله نفعاً للمسلمين-.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
طالما أن السائل قد اشترى، أو قد اتفق مع مريد بيع السيارة على الشراء، وعلى ثمن الشراء، وعلى تحديد الأجل، وعلى تحديد الثمن، ثم جرى العقد بينهما على هذا الاتفاق، بعد أن تم التأكد بأن البائع مالك للذي باعه وهو السيارة مثلاً، فلا يظهر في ذلك بأس، ولا يعتبر ذلك من الأمور المنهي عنها، أو من الأمور الربوية، وإنما هذا بيع، والله - سبحانه وتعالى- يقول: "وأحل الله البيع وحرَّم الربا" [البقرة: 275] ، وقال - سبحانه وتعالى- في ذكر أحكام البيوع المؤجلة: "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ... " [البقرة: 282] ، فهذا يدل على أن البيع إذا كان مؤجلاً فهو بيع صحيح، ولو كان الثمن زائداً عن قيمته أو ثمنه في الحال، فإن هذه الزيادة في مقابل تأجيل الثمن إلى ما يتفقان عليه.(9/95)
أما ما ذكر السائل من أنه أخذ من البنك قرضاً بفائدة ربوية وليس شراء سلعة ونحوها، فهو حرام، وقد قال - سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: "وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة: 275] ، وقال -سبحانه وتعالى-: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله" [البقرة: 278-279] ، وقال - صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه" رواه مسلم (1597) ، وعليه أن يتقي الله - سبحانه- وأن يتوب، وأن يستشعر ذنبه في ذلك، وألا يعود إلى مثل هذا، ونظراً إلى أن القضية قد انتهى أمرها، وليست الآن بمقدوره حتى يحتاط، وحتى يقلع، ويبتعد، بل حسبما جاء في سؤاله أن اقتراضه قد تم، وأنه قد أخذ المبلغ، واشترى ببعضه سيارة وباقيه قضى به حوائجه، وقد استقرت ذمته بذلك المبلغ، وبما عليه من فوائد ربوية، وهذا لا شك أنه إجرام، ولا شك أنه معصية منه، فعليه أن يستغفر الله، وأن يتوب إليه، ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يتجاوز عنه، ويغفر له.(9/96)
العمل في البنوك
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 23/3/1424هـ
السؤال
ما حكم العمل في البنوك؟ فأنا كنت أعمل في بنك ببلدي فيها يطلق عليها البنوك الإسلامية، لكنها في حقيقة الأمر ليست كذلك، فكيف أكفر عن هذا العمل الذي كنت أعمل به؟ فأرجو من فضيلتكم الإفادة، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
المال إذا كان محرماً لكسبه، فلا يخلو الكاسب من أمرين، الأمر الأول: أن يعلم وجه التحريم، وأن هذا الكسب محرم فإن عليه أن يتخلص منه بوجوه القربات، حيث يتصدق به على الفقراء والمساكين، ويجعله في الجمعيات الخيرية وبناء المساجد، والمدارس الشرعية وغير ذلك.
الأمر الثاني: أن يجهل أن هذا الأمر محرم، أو يظن أنه حلال.. إلخ، ثم يتوب فهذا ليس عليه شيء.(9/97)
التقسيط بين البنك والمعرض
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 6/3/1424هـ
السؤال
عندي معرض سيارات، وأمتلك فيه سيارات، وأبيعها لمن جاء بالكاش، ومن أراد أن يشتري بالتقسيط أقول له: اذهب لأي بنك راتبك محول عليه، ما عدا الراجحي، وأطلب منه أن يحضر مشهداً براتبه، ثم أعطيه تسعيرة للبنك المحول راتبه عليه، ليشتري البنك السيارة، والبنك يرسل خطاباً بالموافقة على أن يشتري السيارة ويبيعها بالأقساط على الزبون، وقد يحدث بيننا وبين البنك تفاوض على السعر، وإذا تم الاتفاق نبعث بيانات السيارة ثم يبيعها للزبون، وتصبح في ملكية الزبون، ثم يعرضها الزبون للبيع وهي عندنا في المعرض، فنتفاوض معه على شراء السيارة منه، وقد نتفق وقد لا نتفق، ويسحب سيارته ويبيعها على غيرنا.
الجواب
هذا العمل لم يستوف الإجراءات الشرعية، وبالتالي فلا يسوغ شرعاً، والإجراءات الشرعية كما يلي: إذا جاء من يرغب الشراء بالتقسيط فلا بأس أن يعطي إفادة بالبنك المحول راتبه عليه، ويُعْطَى تسعيرة للسيارة، ثم يتعين على البنك أن يشتري السيارة من المعرض ويخرجها منه، ويحوزها بأوراقها النظامية، ثم بعد ذلك يعقد مع المشتري عقد البيع بالتقسيط، ثم بعد أن يقبضها المشتري ويحوزها بأوراقها النظامية، ويستلمها من البنك، ويخرجها عن موقع البيع، له أن يبيعها في أي مكان وعلى أي شخص عدا البنك، ولو كان المعرض الأول، والله أعلم.(9/98)
شراء منزل عليه أقساط ربوية
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 19/11/1424هـ
السؤال
أخذ أحدهم قرضا من البنك، واشترى بهذا القرض منزلاً، وبقي في ذمته جزء مستحق للبنك، السؤال: هل أستطيع أن أشتري هذا المنزل من صاحبه، على شرط دفع المبلغ المستحق المتبقي للبنك؟ ملاحظة: البنك ربوي.
الجواب
نظراً لأن العلاقة بين المشتري الأول وبين البنك هي علاقة اقتراض بفائدة أي عقد ربا، فإن الحلول محله في شراء هذا البيت وسداد هذه الأقساط لا يجوز؛ لوجود الزيادة الربوية في الدين، وبيان ذلك: أن العلاقة السابقة في العقد كانت غير صحيحة أي هي فاسدة أو باطلة حسب الخلاف بين الحنفية والجمهور، فيكون ما يبنى عليها وهو الشراء من هذا المقترض والحلول محله في الأقساط غير صحيح؛ لأنه عقد فاسد أو باطل، والقاعدة هي أن ما بني على الباطل باطل، ولذا ننصح السائل بعدم الحلول محله في تحمل هذه الأقساط، وعليه بالبدائل الشرعية الجائزة، والله الموفق.(9/99)
استخدام (الكريد كارد)
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 2/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي: ما هو حكم استخدام بطاقة ما يسمى بالكريدت كارد؟ مع العلم أنني حولت عملياتي في هذه البطاقة مباشرة إلى الحساب، أي بدون الانتظار ومن ثم تبدأ الفوائد، وشكراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
إذا كنت تقيم في الغرب ولا يمكنك الحصول على بطاقة ائتمان إسلامية، فلا حرج إن شاء الله من استعمالك لبطاقة الائتمان التي تصدرها البنوك الأجنبية بشرط عدم التأخر في السداد لتجنب احتساب الفوائد كما أشرت في السؤال، والله أعلم.(9/100)
خدمة (كاش يوكارد)
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 30/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي هو عن خدمة جديدة مطروحة على الإنترنت وتدعى (كاش يو كارد) وهي خدمة تابعة لموقع مكتوب (دوت كوم) على الإنترنت:
(www.maktoob.com) وعنوان هذه الخدمة هو: (comwww.cashucard) ويقوم هذا الموقع بفتح حسابات ماستر كارد جديدة للزبائن (بالتعاون مع البنك الأهلي الأردني) وذلك مقابل رسوم سنوية تقدر بسبعة دولارت فقط، ولا يستطيع الزبون استخدام الماستر كارد هذه إلا في تعاملات على شبكة الإنترنت، مثل: شراء الكتب ... إلخ، ولا يستطيع الحصول على البطاقة نفسها، ولكن على الرقم السري للبطاقة ليستخدمها في التعاملات على الشبكة (لكن الماستر كارد تكون ملك له) ، ولتعبئة رصيد البطاقة يقوم الزبون بشراء بطاقات بقيم مختلفة 10 دولارات-30دولاراً -50دولاراً-100دولار-300دولار من موقع cashucard فيتم تعبئة رصيده بقيمة هذه البطاقة، حالها كحال البطاقات المدفوعة مسبقا الخاصة بالهاتف المتحرك مثلاً، فما صحة هذا التعامل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
الأظهر أن هذه الخدمة جائزة ولا محذور فيها، بشرط ألا تستخدم في شراء عملات أو ذهب أو فضة لئلا تصبح المعاملة نقداً بنقد مع التفاضل والتأجيل فتكون من الربا المحرم، أما إذا استخدمت في شراء سلع وخدمات مشروعة فلا حرج فيها إن شاء الله.(9/101)
الإيداع في البنوك الربوية
المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 3/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب جامعي أعيش مع أمي فقط، كانت تعمل ثم تركت العمل، وكانت تضع أموالها في البنك ولقد علمت أن أموال البنوك ربوية، وخصوصاً الفوائد، فما حكم طعامي؟ وإن كان يجوز فهل له كم معين أو كيفية معينة؟ علماً أني أخبرتها بحرمة هذه المعاملة، وأسأل الله أن يهديها، أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن الربا محرم شرعاً، وهو من كبائر الذنوب، يقول الله عز وجل:"الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون*يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم" [البقرة:275-276] ، وقال:"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين*فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلِمون ولا تُظلَمون" [البقرة:278-279] ، وقال -عليه الصلاة والسلام-:"اجتنبوا السبع الموبقات" (2767) ، ومسلم (89) ، وعد منها أكل الربا، وقال -عليه الصلاة والسلام-:"لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه" مسلم (1597) ، والفوائد التي تعطيها البنوك على الودائع التي عندها هي من الربا المحرم، ولذلك لا يجوز أخذها، وآكلها آكل للربا المحرم شرعاً، ولا فرق في ذلك بين القليل والكثير، وعليه أن يتوب إلى الله عز وجل، وشروط التوبة هي:
(1) الإقلاع عن الذنب.
(2) الندم على ما فات.
(3) العزم على عدم العودة إليه.(9/102)
(4) وأن يكون ذلك في الوقت الذي تقبل فيه التوبة (وهو ما لم تقم الساعة، أو تبلغ الروح الحلقوم) .
(5) رد الحقوق إلى أهلها.
وما فعلته أمك إن كان مجرد أنها تضع أموالها في البنك وديعة خوفاً عليها، وتأخذها كما هي بدون زيادة فهذا لا بأس به، والأولى أن تضعها لدى البنك الذي لا يتعامل بالربا، وإن كانت تأخذ عليه الفائدة، فهذه الفائدة ربا كما ذكرت لك، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(9/103)
الاقتراض من بنك: إسلامي
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 22/12/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أنا تاجر أتعامل مع بنك إسلامي وهو يتعامل بالمرابحة والمشاركة والتي تتمثل في شراء الآلات للمستثمر ويأخذ عليها أرباحاً باتفاق مسبق، أي بمعنى أن المستثمر يقدم فاتورة للبنك تمثل سعر الآلات فيقرضه هذا سعراً زائداً بمثل الربح الذي يأخذه على هذه الآلات، ما رأي فضيلتكم في شرعية هذا التعامل؟ وشكراً.
الجواب
إذا كان الحال كما ذكر السائل من كون البنك يقرض العميل قيمة السلعة التي رغب في شرائها ويرجع إليه العميل هذا المبلغ بأقساط شهرية تكون في مجموعها أكثر من قيمة القرض فهذا من الربا المحرم الذي لا يجوز فعله للبنك ولا للمقترض.
وأخشى أن يكون السائل لم يفهم العلاقة التي تكون بين العميل وبين البنك المذكور.
فإذا رغب الشخص في شراء سلعة معينة وذهب إلى البنك وأخبره بها وطلب منه شراءها ثم يشتريها منه هو بثمن مؤجل فإن هذا يسمى (بيع المرابحة للآمر بالشراء) وهو من البيوع الجائزة -إن شاء الله-، ولكن يشترط لجوازها وصحتها ما يلي:
(1) أن يشتري البنك السلعة المأمور بشرائها ويقبضها قبضاً شرعياً بحيث تكون تحت ضمانه.
(2) أن يبيعها على العميل بعقد مستقل، ولا يلزم العميل الآمر بالشراء بشراء هذه السلعة.
فإذا تحققت هذه الشروط فإن العقد صحيح وجائز شرعاً حتى لو كان البيع بثمن مؤجل أكثر منه حالاً لأن هذا هو الغالب.
ولكن يجب التأكد ألا يكون البنك متحايلاً في هذه المعاملة بحيث يعطي العميل شيكاً أو كمبيالة للجهة المالكة للسلعة فيشتريها منها ثم تتوجب الأقساط في ذمة العميل، فهذا من الربا المحرم، والله الموفق.(9/104)
الاستثمار في بنك إسلامي
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 19/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
معي مبلغ من المال وقد أخبرني صديق لي بأن أضعه في بنك إسلامي من أجل الاستثمار الحلال، فقابلت مدير البنك وسألته عن نشاطهم الاستثماري، فقلت له: ماذا تشترون بهذه النقود؟ فأجاب بأنهم يشترون كل شيء ما عدا الخمر ولحم الخنزير وكل ما هو معلوم بأنه حرام فإنهم لا يشترونه، وسألته إذا أردت أخذ قرض منكم فهل تمانعون؟ فقال: إننا لا نعطي قروضاً، ولكن إذا أراد أحد شراء شيء فإننا نشتريه ونبيعه له بالأجل بسعر أعلى، وسألتهم عن معدلات الأرباح خلال الثلاث سنوات الماضية، فأعطوني أرقاماً متغيرة.
ولكن بالنظر في تلك الأرباح وجدتها متقاربة إلى البنوك الأخرى المعروفة بأنها ربوية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله، بداية نشكر لك اهتمامك وحرصك على استثمار مالك بما أباح الله، ولا شك أن هذا مطلب لكل مسلم في هذه الحياة.
واستثمار المال في البنك الذي ذكرت في مصر خير لك من وضعه في بنوك ربوية تعلن الحرب على الله جهاراً نهاراً عياذاً بالله.
وكون الشخص يضع ماله في البنك للمضاربة والاستثمار يعتبر من عقد المضاربة وهو من العقود الصحيحة ويشترط له حتى يكون جائزاً وصحيحاً شرعاً:
(1) ألا يشتري المضارب إلا حلالاً وهذا تحقق في سؤالك لهم.
(2) ألا يرابي البنك المضارب بالمال وكذا لا يتعامل بالميسر وبيع الغرر.
(3) ألا يتعامل بالغش وأكل المال بالباطل، أي: الظلم.
فإذا تحققت هذه الشروط في المضاربة فإنها صحيحة بإذن الله.(9/105)
وكون النسبة التي يعطيها البنك من الربح مقاربة للنسبة التي يعطيها البنك الربوي لا يضر إذا لم يثبت فعلاً أن البنك يتعامل بالربا سراً ويعطي الفوائد على القروض أو يودع في البنوك الربوية الأخرى.
فإذا ثبت ذلك فإنه لا يجوز التعامل معه ويجب نصحه وبيان ذلك للمتعاملين معه، ولكن يجب -وأكرر ذلك- التأكد من ذلك وعدم الاعتماد على كلام الآخرين من سائر أصناف المجتمع، إلا من علم ذلك من أهل العلم بطريق مباشر.
والأصل أن المسلم مكلف بالظاهر والله يتولى السرائر فإذا اجتهدت في تحري ذلك ولم يتبين لك شيء من المحظورات فاستثمر مالك معه، وإن تبين لك خلاف ذلك فاستثمر مالك مع غيره أو بنفسك، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.(9/106)
التعامل مع بنك البركة
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 21/2/1424هـ
السؤال
أتعامل مع بنك إسلامي سعودي جزائري ولديهم في معاملاتهم المرابحة والمشاركة، أي يأخذ الربح على الفائدة لكن إذا لم تحصل على فوائد ولم تدفع المستحقات في وقتها المحدد يطبقون عليك قانون الحجز بمعنى لا يعترفون بالخسارة، هل يجوز أن أقترض من هذا البنك لإنجاز مشروع استثماري مهم ويعود بالفائدة على الناس جميعاً أم لا؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
إذا كان الحال كما ذكر السائل من كون البنك يقرض العميل قيمة السلعة التي رغب في شرائها ويرجع إليه العميل هذا المبلغ بأقساط شهرية تكون في مجموعها أكثر من قيمة القرض فهذا من الربا المحرم الذي لا يجوز فعله للبنك ولا للمقترض.
وأخشى أن يكون السائل لم يفهم العلاقة التي تكون بين العميل وبين البنك المذكور.
فإذا رغب الشخص في شراء سلعة معينة وذهب إلى البنك وأخبره بها وطلب منه شراءها ليشتريها منه بثمن مؤجل فإن هذا يسمى (بيع المرابحة للآمر بالشراء) وهو من البيوع الجائزة -إن شاء الله-، ولكن يشترط لجوازها وصحتها ما يلي:
(1) أن يشتري البنك السلعة المأمور بشرائها ويقبضها قبضاً شرعياً بحيث تكون تحت ضمانه.
(2) أن يبيعها على العميل بعقد مستقل، ولا يلزم العميل الآمر بالشراء بشراء هذه السلعة.
فإذا تحققت هذه الشروط فإن العقد صحيح وجائز شرعاً حتى لو كان البيع بثمن مؤجل أكثر منه حالاً لأن هذا هو الغالب.
ولكن يجب التأكد ألا يكون البنك متحايلاً في هذه المعاملة بحيث يعطي العميل شيكاً أو كمبيالة للجهة المالكة للسلعة فيشتريها منها ثم تتوجب الأقساط في ذمة العميل، فهذا من الربا المحرم، والله الموفق.(9/107)
الإيداع في البنك الربوي
المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 7/2/1425هـ
السؤال
أنا موظف في قطاع حكومي، وراتبي أحصل عليه من أحد البنوك الربوية (لأنه لا يوجد لدينا بنك إسلامي) ، وعند فتح الحساب في هذا البنك؛ عرض البنك عليّ إما (حساباً بفائدة، أو حساباً بدون فائدة) ففضلت بدون فائدة بعداً عن الربا، ولكن سمعت آراء بعض العلماء تفضل الحساب بفائدة، ثم الاستفادة من هذه الفائدة بتوزيعها في وجوه الخير، فما رأيكم؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
01 لا يجوز لك الإيداع في البنك الربوي إلا في حال الضرورة، مثل: أن تعلم أو يغلب على ظنك عند عدم الإيداع أن يسرق مالك، أو تخشى على نفسك، ولا يوجد طريق غير البنك الربوي للتعامل معه، والضرورة تقدر بقدرها؛ لأن الإيداع في البنك الربوي إعانة له على الربا، وتقوية له على ذلك.
02 لا يجوز لك الدخول في العقد الربوي (وهو هنا: الحساب بفائدة) من أجل الاستفادة منها بتوزيعها على الفقراء؛ لأن الدخول في العقد الربوي تعامل بالربا الذي هو محاربة لله ولرسوله، وهو من أكبر الكبائر.
03 إذا لم تكن تعلم ذلك، وأعطاك البنك فوائد فلا تدعها عنده ليتقوى بها، وإنما خذها في مثل هذه الحالة، واصرفها في وجوه الخير، والله الموفق.(9/108)
حكم الإعلان عن البنوك الربوية في مواقع الإنترنت
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 18/10/1422
السؤال
لدي موقع على الإنترنت عبارة عن دليل للمواقع، وضمن تلك المواقع التي في الدليل العديد من البنوك، -وكما تعلم- أن البنوك معظمها إن لم يكن جميعها تتعامل بالربا - أعاذنا الله وإياكم منه - فهل وجودها في موقعي يعتبر مساعدة لهم في أعمالهم الربوية؟ وهل يجب عليّ أن أزيلها من الدليل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
إن غالب البنوك تعتمد في عملياتها على الربا، وقليل منها بل والنادر من يسلّم من ذلك، ومعلوم أن وضع عناوين البنوك هو دلالة عليها ودعاية لها، ومعلوم أن الربا محرم في الكتاب والسنة والإجماع، بل جاء التشديد فيه في أكثر من آية في كتاب الله - تعالى - ومن ذلك قوله - سبحانه -:" الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " [البقرة: 275] . وقوله - سبحانه -:" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله " [البقرة: 278 - 279] . كما حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - وجعله من السبع الموبقات.
وعلى ذلك لا يجوز الدلالة على البنك أو الدعاية له، وفي ذلك مشاركة له في الإثم والعدوان، كما أن في ذلك خيانة للمسلمين المطلعين على موقعك الذي يفترض منك كمسلم أن تنصح لكل مسلم، لا أن تدلهم على ما حرم الله - سبحانه وتعالى -.(9/109)
وإني أنصح الإخوة في وسائل الإعلام المتنوعة أن يتجنبوا الدعاية للبنوك الربوية، وهي لا تبذل أموالها في ذلك إلا لمعرفتها ما تجنيه من وراء ذلك من عملاء، وأرباح، وسمعة. وفي ترك الدعاية لها خوفاً من الله - تعالى - واتقاءً لسخطه تقديم لمرضاة الله - سبحانه - على عروض الدنيا. والأرزاق بيد الله - سبحانه وتعالى - وهي مقدرة مكتوبة، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ونحن مسؤولون أمام الله - تعالى - عما استرعينا، لا سيما تلك الوسائل الإعلامية، فإن خطرها عظيم لسعة انتشارها. والله أعلم.(9/110)
معاملتكم ليست ربوية
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 11/9/1422
السؤال
مجموعة من الشباب الملتزمين لهم أعمال تجارية على أساس إسلامي يحتاجون إلى دَيْن لأحد مشاريعهم، ويوجد صاحب البنك يحب التعامل على أساس الإسلام لكنه مقيد بقوانين الدولة فلا يستطيع ذلك رسمياً لذا قدم لهم حلاً كالآتي: أن يقوم بتسليفهم مبلغ (000ر100) مائة ألف مارك ألماني لمدة سنة بفائدة 6% حسب قانون البنك على أن يقوم هو برد هذه الفائدة لهم من ماله الخاص، أي: يعطيهم ألف في بداية العقد وأن يردوا له (000ر106) ألف بعد مضي سنة، علماً أنه يشاركهم في هذه التجارة، نرجو إفادتنا بالحكم الشرعي، أو أي حل آخر في إطار الشريعة. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
القاعدة الشرعية هي أن القرض يرد بمثله ولا يجوز اشتراط الزيادة عليه في القدر أو الصفة، وحيث إن صاحب البنك سيقدم المبلغ المقترض وهو مائة ألف مارك من البنك الذي يملكه، وستة آلاف من عنده ثم يستردها بعد سنة مائة وستة آلاف (حسب ما يتضح من السؤال) ، فإن العقد صحيح ولا يوجد ربا في المعاملة.
ولا يهم اختلاف الذمتين، ذمة البنك، والذمة الشخصية المباشرة للتاجر صاحب البنك؛ لأن مرجعهما واحد وهي ذمة الشخص صاحب البنك.
كما لا يهم كونه شريكاً لهم في التجارة؛ لأن ذمته مختلفة عن ذمة المؤسسة التي سيشاركهم فيها. وفقكم الله للرزق الحلال الطيب المبارك.(9/111)
حكم العمل في البنوك الربوية
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 5/9/1422
السؤال
إنني مهندس اتصالات وشبكات، عرض عليّ العمل في أحد البنوك التي يغلب على تعاملها المعاملات الربوية كمهندس في قسم الشبكات والحاسب، سمعت عن فتوى تجيز العمل في هذه البنوك حتى لا يسيطر غير المسلمين عليها داخل البلد الإسلامي، وأن العامل فيها يأخذ أجر الاحتباس في أوقات العمل.
الجواب
إن الذي يعمل في البنوك الربوية لا يخلو عمله من أحوال:
الحال الأولى: أن يكون رباً صِرفاً سواء كان للعامل (الموظف) ، أو لغيره (البنك) كالقرض بفائدة مشروطة، سواء كان بالقرض المباشر من إدارة القروض، أو كان طريقه أدوات الائتمان كالكمبيالة من جهة حسمها، وبطاقة الائتمان، ونحو ذلك، فهذا الصنف العمل فيه عمل بالربا، وهو ممنوع لما سيأتي من أدلة.
الحال الثاني: أن يكون عمله مما يدعو، ويؤدي إلى الربا، مثل ما تسميه البنوك بـ " أدوات الائتمان " وهي أعمال خدمية غاية البنوك منها أن تكون وسيلة لتسويق وترويج سلعتها الأساسية " الربا "، ومن أمثلتها: الاعتماد المستندي، فتح الاعتماد البسيط، خطاب الضمان، بطاقة الائتمان، ونحو ذلك، فهذا الصنف العمل فيه إعانة على الربا، فهو ممنوع لهذا الاعتبار، وأدلته ستأتي علاوة على أن جنس هذه الأعمال لا تخلو من مخالفات شرعية على الراجح، كالتكسب بالكفالة وأخذ أجر عليها، وكاصطناع خدمات عدة يلزم العميل بدفع مقابلها على هيئة رسوم، أو عمولة، أو خدمات، ونحوها، ودعوى ما يستحق الأجر بمقابله يضيق عند التحقيق، بحيث يظهر أن مقصودها أكل أموال الناس بالباطل بمجرد ما يدعيه من هذا القبيل، وهو مما يحتج به على منع العمل فيها.(9/112)
الحال الثالث: أن يكون عمله مشروعاً – من حيث الظاهر –، ومثاله: ما تعلن البنوك الربوية القيام به من أعمال مشروعة – على الراجح – كالمرابحة للآمر بالشراء، وصناديق الاستثمار الاسلامية، ونحوها.
وجنس هذه الأعمال علىفرض سلامتها من مخالفة شرعية – والغالب عدمه – فإن غاية البنوك منها أن تتقوى بها على دعم رسالتها الأساسية " الربا " من خلال:
01 منافسة البنوك الإسلامية كيلا تسحب العملاء عنها.
02 تقوية مركزها المالي.
ويترتب على مزاولة البنوك الربوية لهذا الجنس من الأعمال مفاسد منها:
01 منافسة البنوك الإسلامية.
02 إذابة الفروق بين البنوك الربوية والبنوك الإسلامية، ومن مقاصد الشريعة: " تمييز الخبيث من الطيب ".
03 التلبيس على العامة، وهو فرع عن سابقه.
04 التلبيس على بعض المفتين، وطلاب العلم، وهو فرع عن سابقه رقم "2".
05 ويترتب على التلبيس على العامة أن يألفها الناس، فلا يأنفونها ولا يتورعون عن التعامل معها، وهذا فيه ما فيه.
06 ويترتب على التلبيس على الخاصة تغيَّر نظرتهم تجاهها، مما يؤثر على فتاويهم ومواقفهم بشأنها على نحوٍ يكون فيه ما فيه من التسامح.
07 ويترتب على كل ما سبق دعم البنوك الربوية.
وإذا كان الربا هو أساس عمل هذه البنوك، ولا تزال تمارسه وتدعو إليه بجانب ما تقوم به من أعمال تدعي أنها إسلامية.
وإذا كان من شأن هذه الأعمال دعم رسالة البنوك الربوية، وتثبيت قدمها، وإحداث القبول لها من العامة، وبعض الخاصة، وإذا كانت الشريعة المطهرة تعتبر بالمآلات، وتنيط بها أحكامها، وإذا كان من المقرر عند الفقهاء في قواعدهم " المعاملة بنقيض القصد " فالظاهر عندي منع العمل فيما هذا جنسه لدى البنوك الربوية تفويتاً للفرصة عليها، ومعاملة لها بنقيض قصدها، ودفعاً للضرر عن البنوك الإسلامية.(9/113)
الحال الرابع: أن لا يكون عمله من قبيل المعاملات المالية المصرفية المذكورة في الأحوال الثلاثة السابقة، وذلك له أحوال مختلفة، ومن أظهرها موضوع السؤال، وهو العمل في الحاسب الآلي كأن يكون مبرمجاً، ومهندساً لنظم البنك التي تقوم عليها معاملاته، وتنضبط بها شؤونه، فهذه معونة على الربا أظهر من مجرد كتابة عقده المتوعد عليها.
وبكل حال: فإن القيام بعمل الربا، أو المعونة عليه ممنوع شرعاً لما يلي:
01 لتحريم الربا: فإن المحرم لا يجوز للإنسان أن يفعله لنفسه أو لغيره، وإن كان يحرم عليهما معاً، والربا من ذلك.
02 لنهي الله - تعالى - عن التعاون على الإثم والعدوان كما في قوله - تعالى -: ".. ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.."
03 للعن آكل الربا، والمعين عليه، كما في الحديث الذي رواه مسلم (1597) " لعن الله آكل الربا، وَمُؤْكِلِهُ، وكاتبه، وشاهديه ... ". والملعون - عياذاً بالله - في هذا الحديث أربعة أطراف إثنان ركنان في ماهية الربا، لا يتصور وجود الربا دونهما، وهما: الآكل (المقرض) والموكل (المقترض) . واثنان خارجان عن ماهية العقد بمعنى: أن الربا يمكن أن يوجد دون توقف عليهما، وهما: الكاتب، والشهود، ومع ذلك طالهم اللعن لإسهامهما فيه وإعانتهما عليه، والذي يعمل في الحاسب الآلي ليس أقل شأناً من هذا، فإن في الحاسب الآلي ضبط أعمال البنك وتيسير شؤونه.
والمقام يا أخي الكريم مقام فتيا لا يتسع لكثير بسط - ربما - ولمزيد من التفصيل يمكنك الرجوع إلى كتاب: (الربا في المعاملات المصرفية المعاصرة) فثم بغيتك في الجزء الثاني ص 875. لكن: " عليّ لربع العامرية وقفة ". عليّ وقفة لمناقشة احتجاج من يفتون بجواز العمل في البنوك الربوية - كما ذكرت - بقولهم: " حتى لا يسيطر عليها غير المسلمين داخل البلد الإسلامي " أقول: هذا يناقش من وجوه:(9/114)
الأول: هل نحن نقر هذه الأعمال - أعني المسلمين - حتى ننافس فيها، فإن المنافسة لا تكون إلا في المشروع، أما الممنوع فلا.
الثاني: إن هذا القول أشبه بقول القائل:" بجواز البغاء للمسلمات " كيلا يسيطر غيرهن على هذا العمل في البلد الإسلامي، وهو ظاهر السقوط.(9/115)
شراء البيوت بالقرض الربوي
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 22/4/1423
السؤال
لقد تفاقم عندنا في هذه البلاد شراء البيوت عن طريق البنوك الربوية بسبب فتوى بعض العلماء، فهل يمكن أن توضحوا لنا هذه المسألة بالأدلة الشرعية؟
الجواب
قال الله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم، لا تَظلمون ولا تُظلمون" [البقرة: 278-279] .
من الذي لديه القدرة على محاربة الله ورسوله؟ من الذي يجرؤ على أن يعلن الحرب على الله ورسوله؟ كيف نطلب من الله النصر على الأعداء ونحن نعلن الحرب على الله من خلال الربا، ونقدم الدعم لأعدائنا من خلال الاقتراض منهم بربا؟
هذه المسألة ليست بحاجة إلى فتوى، فكل مسلم يقرأ القرآن يعلم أن الربا من أكبر الكبائر، وأنه أكل للمال بالباطل، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعن آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال:" هم سواء" مسلم (1598) . فالمقرض والمقترض جميعاً ملعونان على لسان نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فهل يوجد مسلم يقبل أن يكون مطروداً من رحمة الله؟
وأما الفتوى بجواز الاقتراض بالربا، فهذا لمن كان في حالة اضطرار، فيكون حاله مثل حال من أشرف على الهلاك من الجوع، فيجوز له أكل الميتة والخنزير لينقذ حياته، وشراء منزل للسكن لا يعد ضرورة ملجئة مع إمكان الحصول على السكن بالأجرة.(9/116)
لقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يقربه شيطان" مسلم (780) . إن آيات الوعيد على الربا جاءت في سورة البقرة، فإذا قرأها القارئ وجدها تهدد وتتوعد من يتعامل بالربا، فبدلاً من أن تكون سورة البقرة سبباً للوقاية من الشيطان، إذا بها سبباً لوعيد المتعامل بالربا وطرده من رحمة الله، فهل يرضى المسلم أن يسكن بيتاً تلعنه سورة البقرة بدلاً من أن تحميه؟ وتخوفه بدلاً من أن تؤمنه؟ وتبعده عن رحمة الله بدلاً من أن تدخله في رحمة الله؟
وقد وعد الله -تعالى- من يتقيه ويلتزم بأمره بالفرج والرزق في الدنيا، والسعادة والنجاة في الآخرة: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً" [الطلاق:2-3] ، فمن ترك الحرام مخافة الله عوضه الله بالحلال أضعاف ما فاته من الحرام، و"من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه" (كشف الخفاء 2/239) ، كما صح ذلك عن النبي -صلي الله عليه وسلم-، وفقنا الله وإياكم لامتثال شرعه، والتزام أمره، وجعلنا من عباده المتقين، إنه سميع مجيب.(9/117)
الاقتراض من البنوك الأمريكية
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 3/6/1423
السؤال
رجل عنده مال، ويعمل في أمريكا، ويريد عمل مشروع تجاري ويرغب في تمويل هذا المشروع من البنوك الأمريكية، ويدفع على هذه المبالغ فائدة، وذلك حتى يخصم هذا المبلغ المأخوذ من البنك من حصيلة المبلغ المستحق للضرائب.
هل هذا يعد ربا؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وآله وصحبه، وبعد:
الاقتراض بالربا محرم بالنص والإجماع، وأما ميزة الإعفاء الضريبي فإنها لا تجيز الاقتراض بالربا؛ لأن الغاية لا تبرر الوسيلة فلا يجوز التوصل بمحرم لأمر مشروع، بل لا بد أن تكون الوسيلة مشروعة ابتداء، وإذا اجتهد السائل في تحري الحلال فسيغنيه الله -تعالى- عن الحرام؛ لأن الله -تعالى- يقول:"ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق:2-3] ، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"من ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه" رواه بمعناه الإمام أحمد في مسنده (20739) والبيهقي في السنن الكبرى (5/335) .
ويجب أن ينتبه السائل إلى أن الفوائد الربوية لا تقف عند حد، فهي تنمو كلما تأخر المدين في السداد، ولا يستطيع المرء أن يعلم الغيب، فقد تعرض له ظروف تمنعه من السداد في الوقت المحدد، ومن ثم تتزايد الفوائد المستحقة إلى درجة قد تتجاوز مقدار ما وفره من الإعفاء الضريبي، فيصبح حال المدين حينئذٍ "كالمستجير من الرمضاء بالنار"، وقد يجد السائل بالبحث والتحري وسائل أخرى للإعفاء الضريبي لا محذور فيها شرعاً، والله أعلم.(9/118)
فوائد البنوك الإسلامية
المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 18/4/1423
السؤال
ما حكم الدين في الفوائد البنكية الإسلامية، مثل: بنك فيصل الإسلامي؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن البنوك الإسلامية تقوم معاملاتها -فيما أعلم- على أساس المضاربة الشرعية، وما تعطيه هذه البنوك للمساهمين فيها هو جزء من الربح، والمضاربة جائزة شرعاً إذا توافرت شروطها الشرعية، وهو ما يظهر من معاملات هذه البنوك.
والفرق بين هذه الأرباح والفوائد البنكية التي تدفعها البنوك التي تقوم معاملاتها على الربا أنك تجد أن هذه الأرباح ليست ثابتة بل تزيد وتنقص بحسب مقدار الربح، وقد لا يحصل المساهم على شيء إذا لم يكن هناك ربح، بل هو يشترك في الخسارة إن حصلت بخلاف فوائد البنوك الربوية فإنها ثابتة لا تخضع لمقدار الربح، ثم إن رأس المال مضمون وهذا يدل على أنها لا تقوم على نفس الأساس الذي تقوم عليه البنوك الإسلامية من المضاربات الشرعية، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(9/119)
عقد مرابحة تضمن شراء بضاعة وأخذ ثمنها
المجيب د. أحمد بن عبد العزيز الحليبي
رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 3/8/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
تقدم أحد الإخوة إلى أحد البنوك الإسلامية بطلب مرابحة، فطلب منه البنك فواتير للبضاعة التي يريدها، على أن تكون باسم البنك، بالإضافة إلى كفيل يضمن تحويل راتبه على البنك نفسه، وبعد أن تمت الموافقة والتوقيع على عقد البيع بين المؤسسة -أو التاجر- والبنك، ووقع الأخ على الشيكات أو التعهدات بالدفع على شكل أقساط شهرية، علماً أنه إن تراجع بعد التوقيع فستكون الأرباح (7%) من قيمة الفواتير ثابتة، استلمت المؤسسة أو التاجر الشيك بقيمة البضاعة من البنك، وحينها تم اتفاق آخر بينهما على أخذ قيمة البضاعة من البنك وليس البضاعة، وقد يكون هذا بعلم مندوب البنك نفسه، فما حكم ذلك؟ وفي حالة استلام المؤسسة أو التاجر البضاعة وبيعها على مؤسسة أو تاجر آخر بخسارة من أجل الاستفادة من ثمنها، رغم تبييت النية يعمل ذلك للحاجة للقيمة وليس للبضاعة، فما حكم ذلك؟ وأرجو أن تعرض الفتوى للجميع؛ لأني قد صادفت كثيراً من الشباب الملتزمين قد وقعوا في مثلها. وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الهادي الأمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:(9/120)
فإن صورة السؤال من صور المرابحة، وإجراء البنك من جهة شرائه البضاعة بـ (7%) من قيمتها من التاجر أو الشركة أو المؤسسة لطالبها بربح محدد بحسب الفواتير التي يتقدم بها طالبها إلى البنك، على أن يدفع قيمتها بعد إبرام العقد أقساطاً شهرية - إجراء صحيح، وتصرف طالب البضاعة أو المرابحة بمثابة تصرف الوكيل عن البنك في تحديد نوع البضاعة، ويده عليها فيما لو قبضها عن البنك يد أمين؛ لأنه وكيل، ولا يكون مشترياً ولا مالكاً للبضاعة إلا بعقد بيع بينه وبين البنك، ولا يعد اتفاقه مع البنك على المرابحة وشراء البضاعة عقداً؛ لأن البنك حينئذ لا يملك البضاعة، فكيف يبيع ما ليس في ملكه؟ فهذا البيع لو حصل باطل؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- لحكيم بن حزام -رضي الله عنه-:"لا تبع ما ليس عندك" رواه ابن ماجة (2187) ، ويبدو من السؤال أن اتفاق الطرفين عبارة عن وعد بالشراء من جهة طالب البضاعة، إذ أشير في السؤال إلى أن هذا الاتفاق بين طالب المرابحة والبنك غير ملزم إذ بإمكانه التراجع عنه بعد التوقيع عليه، ويظهر من السؤال أن البنك يمنح حق التراجع للمتعاملين معه في هذه الصورة من المرابحة، وإلا لكان هذا الوعد ملزماً لطالب المرابحة؛ لأن الوفاء به من مكارم الأخلاق، ويلزم حتى تكون صورة هذه المرابحة صحيحة إجراء عقد بعد شراء البنك للبضاعة، وقبضها إن كانت من المطعومات وما في حكمها؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-:"من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه" متفق عليه البخاري (2126) ، ومسلم (1525) ، وإن كانت البضاعة غير طعام جاز للبنك أن يبيعها لطالب البضاعة قبل قبضها؛ لقول ابن عمر -رضي الله عنهما-:"وكنا نبيع الإبل بالبقيع بالدراهم فنأخذ عنها الدنانير وبالعكس، فسألنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:"لا بأس أن تؤخذ بسعر يومها ما لم يفترقا وبينهما شيء" رواه الخمسة النسائي (4582) ، وأبو داود (3354) ، وأحمد (6239) ورواه بنحوه(9/121)
الترمذي (1242) ، وابن ماجة (2262) ، وإذا تم العقد مع البنك ملك البضاعة المشتري، يقبضها من التاجر أو الشركة أو المؤسسة ويحوزها؛ فإن أراد بيعها لحاجته إلى قيمتها جاز له أن يبيعها عليه أو عليها دون تواطؤ بينهما، ولو بأقل من قيمتها؛ لأن المشتري وهو التاجر أو الشركة أو المؤسسة طرف ثالث، وهذا البيع يسمى عند الفقهاء بالتورق، وقد أجيز لمسيس الحاجة إليه، إلا إن كان القصد من هذا العقد أخذ بدل البضاعة نقداً حاضراً، والتعاقد على شراء البضاعة صورياً، وكل من المشتري والبنك والتاجر أو الشركة أو المؤسسة متواطئون على هذه الصورة لإجازة العقد؛ فالمشتري قصده الحصول على المال لا البضاعة، والبائع وهو البنك قصده الحصول على الزيادة في مقابل الانتظار، وبائع البضاعة على البنك متعاون معهما أو متعارف على أنه يشتري البضاعة من مشتريها بأقل من قيمتها، أو متفق مع البنك على ذلك ويعلمه المشتري، فإن هذا البيع في معنى العينة، وبيع العينة غير جائز عند أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم، وهو المأثور عن الصحابة كعائشة وابن عباس وأنس -رضي الله عنهم-، فإن ابن عباس سئل عن الحريرة بيعت إلى أجل ثم اشتريت بأقل، فقال: درهم بدرهم، دخلت بينهما حريرة؛ لأن في ذلك تحايلاً على الربا، هذا ما تبين لي من السؤال، والله -تعالى- أعلم.(9/122)
الجوائز البنكية
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 19/11/1422
السؤال
هل الجوائز البنكية حرام ولماذا؟ علماً أني ربحت مائة ألف دينار فماذا أفعل؟ وقد ربحتها عن طريق فتح حساب في البنك منذ ثلاثة أعوام.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.
1. إذا كان الحساب البنكي - المشار إليه - حساباً جارياً، فهو قرض لأنه في ضمان البنك، ولا يجوز أن يحصل المقرض - وهو صاحب الحساب الجاري - على منفعة مقابل القرض، سواء كانت هذه المنفعة على شكل فوائد أو هدايا أو جوائز، لأنه قرض جرَّ نفعاً وهو من الربا المحرم بالنص والإجماع.
2. أما إذا كان حساباً استثمارياً، بمعنى أن البنك مجرد مدير للحساب، وربح الحساب وخسارته على صاحبه وليس على البنك، فلا يعد قرضاً، ولا تعد الجائزة من ثم من الربا. لكن إذا كان الاشتراك في الجائزة مقابل رسوم دفعها صاحب الحساب، فهذا من اليانصيب وهو من القمار المحرم.
3. أي أن الجائزة إن كانت على حساب جارٍ أو كانت مقابل رسوم، فهي محرمة. أما إذا كانت بدون رسوم وكانت على حساب استثماري، فلا حرج فيها - إن شاء الله-.
4. وإذا كانت الجوائز التي يوزعها البنك من النوع المحرم فيجب على السائل تجنب التعامل الذي يؤدي إليها، حتى لا يقع في المحرم.
5. وإذا كان السائل قد قبض الجائزة المحرمة أو استلمها وأراد أن يتوب ويتخلص منها فماذا يفعل بها؟ هل يردها للبنك أم يتصدق بها؟
لا ينبغي أن يردها للبنك، لأن في ذلك إعانة للبنك وتشجيعاً له على الاستمرار في المعاملات المحرمة.(9/123)
بل ينبغي أن يتصدق بها. ويشهد لذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "من قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق" (متفق عليه، البخاري 4860 ومسلم 1647) ، فإذا كان مجرد العزم على المقامرة يستلزم الصدقة، فمن باب أولى أن يتصدق بما كسبه فعلاً من القمار، والربا أولى لأن حرمته آكد. وقال عليه الصلاة والسلام: "يا معشر التجار إن هذا البيع يحضره اللغو والحلف، فشوبوه بالصدقة" (رواه أحمد 16135 وغيره) . فإذا كان مأموراً بالصدقة مع حل العقد إذا خالطه اللغو والحلف، فمن باب أولى أن يتصدق إذا كان العقد نفسه محرماً. وروى ابن أبي حاتم في تفسيره أنه- صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر لما راهن المشركين على ظهور الروم على الفرس وكسب الرهان: "هذا سحت فتصدق به" (تفسير ابن كثير والدر المنثور، سورة الروم) . فالواجب التصدق بهذا المال على الفقراء والمحتاجين ليطهر بذلك السائل نفسه وماله وتصدق توبته.
6. وإذا كان السائل - إذا قبض المال الحرام وتاب من ذلك - هو نفسه فقيراً، فهو أولى بهذا المال من غيره من الفقراء، كما أفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ولأن في هذا إعانة له على التوبة وعدم الوقوع في المحرم مرة أخرى (تفسير آيات أشكلت، ص 595) . فيأخذ منه قدر حاجته ويتصدق بالباقي، وبهذا أفتى فقهاء الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة (انظر: أحكام المال الحرام، د. عباس الباز، ص 284-285) ، مع وجوب العمل الجاد على اجتناب أسباب الحرام وعدم تكرار الوقوع فيه مستقبلاً.
7. وينبغي للمسلم أن يتقي الله - تعالى - في مصادر ماله، وأن يجتهد في تحري الحلال ففيه غُنية عن الحرام، ومن الدعاء الذي أمر به النبي- صلى الله عليه وسلم-: "اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عن سواك." والله الهادي إلى سواء السبيل.(9/124)
حكم البيع على البنوك الربوية
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 8/12/1422
السؤال
أعمل في التجارة، هل يجوز بيع مكائن الطباعة والتصوير لبنك ربوي قياساً على حل التجارة مع اليهود والنصارى مثلاً؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
تجوز معاملة الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- اشترى من يهودي طعاماً ورهنه درعاً من حديد، رواه البخاري (2068) ومسلم (1603) من حديث عائشة -رضي الله عنها-. أما ما ذكرت في سؤالك عن حكم بيع مكائن الطباعة والتصوير لبنك ربوي، فالجواب أنه إن كان البنك لا يجد تلك المكائن والآلات إلا عندك فإني لا أرى أن تبيع عليهم لأن في ذلك إعانة على الإثم والعدوان. أما إن كانت تلك المكائن والآلات متوفرة عند غيرك، وأنك إن لم تبع عليه فإنه سيجدها عند غيرك - وهذا هو الغالب - فأرجو ألا يكون عليك في بيعك عليه بأس، والله أعلم.(9/125)
ضوابط التعامل مع البنوك التي تحولت إلى بنوك إسلامية
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 6/9/1424هـ
السؤال
أسأل عن طبيعة العمل في البنوك في الوقت الحالي، وأنا أقصد البنوك التي بدأت تتحول معاملاتها إلى إسلامية، بل إن بعض البنوك تحولت إلى بنوك إسلامية بحتة في معاملاتها واستثماراتها.
الجواب
البنوك التي تزاول المعاملات الإسلامية اليوم على أقسام:
الأول: بنوك مصرة على مزاولة الربا، لكنها بجانب ذلك تزاول شيئاً من المعاملات الإسلامية، ومزاولتها للعمل الإسلامي ليس من باب التوبة والاستغفار، لكن من باب التزود والاستكثار، فمقصودها منه الكسب والمنافسة التجارية.
فهذه أرى مقاطعتها، وعدم العمل فيها، أو التعامل معها، ولو في المعاملات الإسلامية.
الثاني: بنوك تريد أن تتحول من العمل الربوي إلى العمل الإسلامي، كالبنك الأهلي الإسلامي المستقل بمعاملاته وخزينته عن البنك الربوي.
فهذه ينبغي تشجيعها، والتعاون معها على البر والتقوى، ومن ذلك العمل فيها في المعاملات الإسلامية.
الثالث: بنوك الأصل فيها أن معاملاتها إسلامية منذ قيامها مثل: شركة الراجحي المصرفية وبيت التمويل الكويتي، فهذه لا مانع من العمل فيها.
على أن العبرة ليست بالأسماء لكن الحقائق، فليس كل من تسمى بإسلامي صار عمله إسلامياً، وليست كل أعمال البنوك الإسلامية إسلامية حقاً، لكن العبرة في الغالب.
ومع ذلك ينبغي للعامل في البنك الإسلامي أن يتقي العمل في مواطن الشبهة، كالعمل في تداول الأسهم، وعليه أن يسأل عما أشكل عليه أمره، هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.(9/126)
استخدام أجهزة الصرف للبنوك الربوية
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 11/1/1423
السؤال
إذا كان لي حساب في بنك الراجحي مثلاً، فهل يصح أن أسحب ببطاقة الراجحي من مكائن الصرف التابعة للبنوك الأخرى؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
يجوز للشخص أن يسحب ببطاقة الراجحي من مكائن صرف البنوك الأخرى ولو كانت تلك البنوك ربوية؛ لأن تلك العملية تكيف على أنها استئجار لماكينة الصرف الآلي التابعة لهذا البنك الربوي، وتدفع شركة الراجحي أجرة عن كل عملية سحب واحدة مبلغ أربعة ريالات للبنك صاحب الماكينة ولا يدفع العميل منها شيئاً، وذلك في إطار الاتفاق بين البنوك السعودية المشتركة فيما يسمى (بالشبكة السعودية لأنظمة المدفوعات) ((SPAN.
وهكذا تدفع لها البنوك في حال السحب ببطاقاتهم من مكائنها، والاستئجار من المتعامل بالربا جائز، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه يتعاملون مع اليهود بيعاً وشراءً واستئجاراً -في أمور مباحة- واليهود يتعاملون بالربا، ولكن لو قيل للشخص أنه ينبغي له -على سبيل الاستحباب- ألا ينفع البنوك الربوية بهذه الأجرة، وأن يسحب من مكائن البنوك الإسلامية لكان قولاً وجيهاً راجحاً، والله أعلم.(9/127)
بطاقة الفيزا
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 15/12/1423هـ
السؤال
هل يجوز استخدام بطاقة فيزا مع العلم بأني أربطها مع حسابي الجاري أي أني أسددها أولاً بأول. وهل يجوز الاستفادة من النقاط المحسوبة لي عند استخدامها (أي استبدالها بهدية محددة من قبلهم) ؟
الجواب
الحمد لله، بطاقة الائتمان تتضمن أموراً ممنوعة، منها:
(1) شرط الزيادة عند التأخير في الوفاء عن الأجل المحدد.
(2) شرط المصارفة بين البنك والعميل عند استخدامها في الخارج.
(3) رسوم التأسيس، أو التجديد.
(4) ما يؤخذ علاوة على ذلك باسم رسم، أو عمولة، مما ليس له مقابل في الحقيقة وإنما غايته ابتزاز الناس بهذه البطاقة، حتى وصلت نسبة فائدة البنك منها 150% تقريباً، وهذا يفوق الفائدة على القرض من خلال عملية القرض العادية بأضعاف مضاعفة.
(5) إعانة البنوك الربوية على الربا و"حق الائتمان" من خلال الاستغناء بهذه البطاقة عن عمل النقود.
ومن أجل هذا يمنع التعامل بها إلا للضرورة، وما في حكمها، ولو كانت مربوطة بالحساب الجاري.
أما بالنسبة لاستبدالها بهدية، فمقصودك منه لم يتضح لي، لكن المعلوم أن الجوائز الغاية منها - غالباً - إغراء المستهلكين، فإذا كانت هذه الهدية غايتها إغراء الناس باستخدام البطاقة، وكان استخدام البطاقة ممنوعاً لما ذكرت، فإن الهدية تكون ممنوعة، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.(9/128)
الاستثمار في البنوك
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 15/3/1423
السؤال
أنا أملك -ولله الحمد- مليون ريال سعودي، وأريد أن أستثمرها مع البنوك، فسمعت أن البنك لا يحدد مكسباً أو ربحاً معيناً، ولكن لا توجد خسارة، ورأس المال يبقى كما هو، مثال: أعطيت البنك مليون ريال، ونهاية السنة تأتي إضافية 100ألف ريال أو أقل، ولكن لا توجد خسارة في رأس المال 100%.
الجواب
الأصل في البنوك أنهم أداة ائتمانية، وقد يعملون بالاستثمار، والأصل في البنوك التقليدية أنها تتعامل في استثمار أموالها بنظام الفائدة وهو الربا الصريح، غير أنه وجد في الآونة الأخيرة في البلاد العربية نظام يسمى بـ (صناديق الاستثمار) ، وهي محافظ تجتمع فيها أموال المساهمين لتكون حجماً من الأموال، يمكن أن يستفيد من ميزات التنويع الذي يؤدي إلى تقليل مخاطر الاستثمار، وتؤسس هذه الصناديق على صفة شركة استثمار، تشرف عليها جهات حكومية متخصصة لغرض الرقابة والتوجيه، وتقوم هذه الصناديق بجمع الاشتراكات عن طريق إصدار وحدات استثمارية متساوية القيمة عند الإصدار شبيهة بالأسهم، وهي أنواع كثيرة، وهذه الصناديق بعضها يستثمر في العقارات، وبعضها في الأسهم التجارية، وبعضها في المحرمات، وبعضها في الأوراق التجارية، وغير ذلك.(9/129)
والأصل فيها أن البنك الذي يجمع الأموال مع المستثمرين يكون عامل مضاربة مع المستثمرين الذين يكونون هم رب المال، وعلى هذا فيجب أن تكون الخسارة على رأس المال وليس على البنك، وإلا كانت مضاربة فاسدة، وهذا ما تتعامل به غالب البنوك التقليدية -إن لم يكن كلها- وإذا كان الأمر كذلك فالأصل في التعامل معها أنه محرّم ولا يجوز، وهناك طريقة يتعامل بها بعض البنوك الإسلامية من بيعهم (75%) من أسهم هذه المحافظ الاستثمارية على شركة عالمية بيعاً آجلاً مع ربح لأجل، وهذه النسبة (75%) على حسب اختلاف بعض البنوك والباقي من رأس المال في هذا الصندوق وهو (25%) يتم بجعل هذه الشركة التي اشترت غالب أصول أسهم هذه الصناديق وهو (75%) كما في هذا المثال مثلاً جعلها أجيراً لإدارة (25%) من رأس المال أو عامل مضاربة على حسب اتفاقهم، وعلى هذا فيكون رأس المال في هذه الصناديق أو المحافظ محفوظاً بقدر (75%) من الخسارة المتوقعة؛ لأن هذه النسبة من الأسهم تم بيعها آجلاً، وإذا تم البيع بهذا الطريقة فإن رأس المال بهذا النسبة (75%) مع ربحه مضمون، ولا بأس بهذه الصناديق والاستثمار فيها، وهذا ما تتعامل فيه صناديق الاستثمار في شركة الراجحي المصرفية.
وعلى هذا فإذا كنت أعطيت البنك (مليون) ريال على أن يعيدوا إليك هذا المليون وزيادة، ولم تدخل معهم بعقد من العقود، أو دخلت بنظام صناديق الاستثمار لدى بعض البنوك التقليدية التي أساس عملها على نظام الفائدة وتضمن استعادة رأس المال فهذا محرّم ولا يجوز بإجماع أهل العلم في القديم والحديث، ولا عبرة بمن خالف من المعاصرين.
وإن كنت دخلت بنظام صناديق الاستثمار الشرعي، الذي توجد فيه هيئة شرعية لمراقبة أعمال المؤسسة المصرفية، مع عدم ضمان رأس المال، أو ضمانه بطريقة شرعية –كما سبق بيانه- فهذا لا بأس به.(9/130)
وهذا كلّه مشروط -كما سبق- بأن تكون هذه الصناديق تتعامل أو تضع أموالها في شركات عملها الأساس عملٌ مباح، ولا تتعامل بالربا قرضاً واقتراضاً على القول الراجح، ونوصي الأخ الكريم أن يترك استثمار أمواله مع البنوك التي تحدد هذه الطريقة التي جاءت مع هذا السؤال، والاستثمار الشرعي الطيب موجود بكثرة، وفرص الاستثمار كثيرة "وإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً" كما قال -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم (1015) "كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به" الحديث عند أحمد (14441) والترمذي (614) كما أخبر بذلك الصادق المصدوق، وصلى الله على نبينا محمد.(9/131)
امتلاك الشقق عن طريق البنك
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 27/8/1423هـ
السؤال
نرجو من فضيلتكم إفادتنا بالحكم الشرعي في هذه المسألة: فإني أعول أسرة وليس عندي شقة أمتلكها، ويوجد لدينا بنك إسلامي أستطيع امتلاك شقة بالتقسيط عن طريقه بواسطة المرابحة -كما يقول البنك-، والصفقة المذكورة صيغتها كالتالي:
سأقوم بالبحث عن شقة مناسبة، ثم أذهب بمالكها إلى البنك الذي يخرج أحد موظفيه ليعاينها ثم يتعاقد معه، وبعد ذلك يتعاقد معي بالتقسيط نظير نسبة زيادة ويخرج معي مندوب البنك ليسلم لي الشقة، مع العلم أن البنك يحصّل غرامة تأخير عن كل يوم أتأخر فيه عن دفع القسط، ويقول إنه يضع حصيلة هذه الغرامات في صندوق الزكاة الخاصة بالبنك، ثم إنه عندما يجد المدين عاجزاً عن الدفع، ويثبت هذا المدين أن لديه ظروفاً تعجزه عن الدفع، فإن البنك يعذره ولا يقوم بتحصيل الغرامة. نرجو إفادتنا عن حكم هذه المعاملة وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إذا كانت الطريقة -كما ذكر السائل- في سؤاله من أن البنك يتعاقد مع صاحب الشقة ويشتريها لنفسه، ثم يتعاقد مع السائل بمعنى أنه لا يتم العقد بينك أيها السائل وبين البنك قبل شرائه للشقة.(9/132)
وأن البنك أيضاً لا يلزمك بالعقد، بل مجرد مواعدة بينك وبينه، ولك الخيار فهذا لا بأس به، وعليك أن تسدد الأقساط في مواعيدها، أما ما ذكرت من أن البنك يأخذ غرامة عن تأخير الأقساط فيما لو تأخرت بالتسديد من غير عذر، فهذا في نظري يدخل في حكم الشرط الجزائي الذي يشترطه بعض المتعاقدين وخاصة الدائن إذا لم ينفذ المدين التزامه، وقد صدرت فتوى هيئة كبار العلماء في السعودية بالقرار التالي: إن المجلس يقرر بالإجماع أن الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح معتبر يجب الأخذ به ما لم يكن هناك عذر - في الإخلال بالالتزام الموجب له - يعتبر شرعاً، فيكون العذر مسقطاً لوجوبه حتى يزول ... إلخ. (مجلة البحوث الإسلامية، العدد الثاني، صـ141 عام 1394هـ) ، والله أعلم.(9/133)
عدم التسديد للبنك العقاري
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 25/7/1423هـ
السؤال
أنا مشترك في نظام البنك العقاري ولا أسدد بحجة أن لي نصيبا في بيت مال المسلمين (وزارة المالية) وهم لا يعطوننا إياه.
الجواب
لا يجوز لك الامتناع عن تسديد أقساط البنك العقاري لأنه حق واجب متعين عليك حسب العقد الذي أبرمته مع البنك لقوله - تعالى - "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ الآية، [المائدة: 1] ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - "المؤمنون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً" الترمذي (1352) ، أبو داود (3594) ، مالك (2/273) ، وهذا العقد مع البنك لم يحل حراماً ولم يحرم حلالاً فهو لازم التنفيذ، نعم لك حق ثابت في بيت مال المسلمين، ولكنه حق شائع غير معين لفلان وفلان، أما الحق الذي عليك - الأقساط - فهي معينة تخصك دون غيرك، وكونك لم تحصل على حقك من بيت المال فهذه ديون محتملة الصدق والكذب، إذ يحتمل أن تكون حصلت عليها مقابل الخدمات المجانية، ولا يجوز لك الامتناع عن التسديد بدعوى المقاصة، لأن حقك لم يثبت بعينه، وإن منعت منه فالإثم على من منعك، والحساب والمقاصة غداً عند الله سبحانه.(9/134)
الانتفاع بفوائد البنوك
المجيب د. جبريل بن محمد البصيلي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 2/1/1425هـ
السؤال
هل يجوز لي أن أعطي الفائدة المحرمة فائدة البنوك لشخص يريد الاعتمار ومن ثم الدراسة هناك، أو إعطاؤها لشخص مقبل على الزواج مثلاً أخي وهل يمكن سداد دين لي أو لأمي أو لأخي، علماً أني لا أتحصل على أجر منها، وهل أبقيها في البنوك؟
الجواب
أولاً: حاول أن تستثمر أموالك في المضاربات الشرعية أو غيرها من الاستثمارات المباحة وهي كثيرة -والحمد لله-.
ثانياً: لا تضع أموالك في بنوك ربوية، وهناك بدائل اسلكها.
ثالثاً: إذا كنت قد وضعتها فخذ الفوائد واصرفها في منافع عامة كالطرق ونحوها والتي تكون بعيدة عن وجوه القربة، أو اصرفها لفقراء المسلمين المضطرين ضرورة للغذاء والمسكن واللباس.
رابعاً: بادر بسحب أموالك من البنوك الربوية وتب إلى الله، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق:2-3] ، ومن تاب تاب الله عليه، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(9/135)
قروض مؤسسة تشغيل الشباب
المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 15/8/1423هـ
السؤال
مؤسسة تشغيل الشباب, تدفع للشاب العاطل نسبة 30 بالمئة مجاناً، وتطلب منه إحضار نسبة30 بالمئة، ويأخذ من البنك قرضاً نسبته 40 بالمئة, البنك يطلب عليها الفائدة بنسبة 5 بالمئة. هل تجوز المساهمة في هذه المؤسسة؟ علماً أنها تأخذ المبلغ المجموع وتعطي المستفيد إما سيارة، أو شاحنة، أو جراراً، أو عتاد مخبز ... إلخ, للتذكير فإن صاحب السؤال بدون عمل.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن المعاملة التي ذكرها الأخ في سؤاله مشتملة على الربا، ذلك أن البنك يقدم فيها قرضاً بنسبة 40%، وترد إليه مع فوائد بنسبة 5%، وهذه الفوائد هي فوائد ربوية، وقد أجمع أهل العلم على أن الزيادة المشروطة التي يأخذها المقرِض (بكسر الراء) هي ربا، والربا محرم بدلالة الكتاب والسنة وإجماع الأمة:
قال الله -تعالى-:"وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة:275] .
وقال -عز وجل-:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ" [البقرة: 278-279] .
وقال:"الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ" [البقرة:275] .
وأما السنة فأحاديث النهي عن الربا كثيرة، منها: قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اجتنبوا السبع الموبقات" البخاري (2767) ، مسلم (89) ، وذكر منها أكل الربا.(9/136)
ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -:"لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه" مسلم (1598) ، وأحمد (3725) ، ابن ماجة (2277) ، أبو داود (3333) .
والإجماع منعقد على تحريم الربا.
فما ذكره الأخ السائل هو صورة من صور الربا.
وأما ما ذكره من عدم وجود عمل لديه فإن هذا السبب لا يبيح له التعامل بالربا، ثم إن في الحلال ما يغنيه عن مثل هذا، فأنصحه بأن يبحث ويجتهد في طلب الحلال ويتوكل على الله، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً" الترمذي (2344) ، ابن ماجة (4164) ، أحمد (205) والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(9/137)
فتح اعتماد عن طريق البنك
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 22/4/1424هـ
السؤال
يا شيخ نحن نعمل في مجال تجارة الأواني المنزلية ونستورد من الخارج، ونحول حوالة لهم بقيمة البضاعة، ولكن الأفضل لنا من ناحية الالتزام بالمواعيد هو فتح اعتماد عن طريق البنك، وعندما طلبت من شركة في تايلند مهلة للسداد 60 يوماً طلبوا مني فتح اعتماد عن طريق البنك، وهذا الاعتماد عن طريق البنك لكي يكون البنك ضمينا عني للشركة، وحتى الشركة ترسل البضاعة، وفي هذه الحالة البنك يأخذ مني ربع في المائة عمولة من قيمة الفاتورة + واحد في المائة أيضا رسوم تأجيل 60يوماً +250 مصاريف التلكس ومراسلات البنك. وهذا تعامل شائع في نظام الاستيراد للبضاعة، فهل يجوز لي يا شيخ أن أوافق على شروط البنك لفتح هذا الاعتماد أم لا؟ حيث إن هذه العمولة ورسوم التأجيل لا تؤثر علينا كثيراً، فهي مقابل واحد وربع في المائة من قيمة الفاتورة فقط. هل هذا جائز أم لا؟ هذا إذا تفضلتم بالرد علينا عاجلاً، وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب(9/138)
الحمد لله وحده، وبعد: أخي السائل تسأل عن حكم الاعتماد المستندي، وهو أن يطلب المستورد من البنك أن يعتمد للمصدر بدفع الثمن له متى قدم للبنك مستندات شحن البضاعة في الميعاد المتفق عليه والفاتورة التي تثبت كمية البضاعة ووصفها حسب ما طلبه المستورد. فالبنك يقوم بعملية يستفيد منها الطرفان المستورد والمصدر، والبنك يستفيد من هذه العملية من ناحيتين، الأولى: ما يأخذه من أجر مقابل هذه العملية، وهذا لا بأس فيه في الأصل، الثانية: الفائدة على المبلغ الذي دفعه للمصدر على حساب المستورد إذا لم يقم المستورد بتأمين هذا المبلغ لدى البنك وقت فتح الاعتماد، وهنا يقع الإشكال؛ لأن هذا ربا محرم، كما أن البنك يقوم بإضافة فوائد أخرى على المبلغ في حالة تأخر المستورد عن دفع المبلغ الذي عليه، فالاعتماد المستندي لا يخلو إما أن يكون بعد تأمين المستورد الثمن لدى البنك فيكون البنك بالنسبة له وكيلاً وهذا جائز شرعاً، ولو أخذ البنك عمولة مقابل أتعابه.
وإما أن يكون بدون تأمين المستورد لدى البنك الثمن، فهنا يكون البنك مقرضاً الثمن للمستورد، والقرض لا يجوز بفائدة، والله تعالى أعلم.(9/139)
الاقتراض الربوي للزواج
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 9/1/1424هـ
السؤال
يعلم الله أنني لم أجد من يقرضني قرضاً حسناً لكي أتزوج وسط كل هذه المغريات التي تحيط بنا نحن الشباب وخفت على نفسي من الانحراف فتقدمت بطلب قرض إلى البنك السعودي الأمريكي وأعطاني مبلغ 75000 + 20000 عمولة له لخمس سنوات وتزوجت واليوم وقد أنهيت سداد القرض يعلم الله أني ندمان على ما فعلت.
فما هي الكفارة؟ أدعو لي الله أن يسامحني يا شيخ وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
أنت بفعلك ارتكبت كبيرة من كبائر الذنوب، قال تعالى: "الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ" [البقرة:275] ، وفي مسلم
(1598) من حديث جابر: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه، وقال: "هم سواء" وكفارة ما فعلت التوبة النصوح وكثرة الاستغفار، ولا تجعل حاجاتك قائدة لك إلى نار جهنم، والله تعالى أعلم.(9/140)
الاقتراض ببطاقة الفيزا
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 3/2/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قمت بتأسيس مؤسسة لبيع الأسماك الطازجة، وبعد اكتمال كافة المصاريف من استقدام عمال وتجهيز محل، بقي علي توفير المال لشراء الأسماك، وقد كنت أحتاج إلى 25000 ريال لشراء هذه الأسماك، وكان المتوفر لدي هو 9000 ريال، وأحتاج إلى 16000 ريال، فبحثت عن من يقرضني هذا المبلغ ولم أجد، وحيث إنني أملك بطاقة (فيزا) قمت باستخدامها، فقمت بسحب مبلغ 16000 ريال، عن طريق هذه البطاقة (سحب كاش) ووضعت هذا المبلغ مع 9000 ريال الموجودة لدي لتصبح 25000 ريال، وأعطيتها أحد العمال لدي ليقوم بشراء الأسماك بهذا المبلغ.
وتم شراء الأسماك بهذا المبلغ، ومن ثم استمرت تجارة الأسماك، وكان هذا المبلغ هو البداية.
وحيث إنكم كما تعلمون أن البنك سيأخذ فائدة على استخدام الفيزا -حيث إنه في حالة سحب الكاش بالفيزا سيأخذ البنك نسبة 3% على المبلغ المسحوب، وأيضاً سيأخذ نسبة أخرى مع انقضاء كل شهر وعدم تسديد كامل المبلغ-، فما هو الحكم في هذه الحالة؟ وماذا يترتب علي فعله؟ فنحن الآن لنا 11 شهراً منذ بداية العمل بهذه المؤسسة. وجزاكم الله خيراًً.
الجواب(9/141)
فعلك هذا حرام؛ لأنك اقترضت من البنك بفائدة هي الربا المحرم، وعليك أن تتوب، وتستغفر الله من ذنبك، والربا أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، ويظهر من حال سؤالك أنك نادم على ما فرط منك، ومن هذه حاله بينته آية سورة البقرة بقوله تعالى:"وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلِمون ولا تُظلَمون" [البقرة: 279] ، فلا يجوز للبنك أن يأخذ أكثر مما دفع، ولا يجوز لك أن تدفع أكثر مما أخذت، ومعلوم أن البنك لن يقبل بحكم الشرع هذا، فإن كان لديك مبالغ أخرى اكتسبتها من حرام قبل أن تتوب فلا بأس أن تعطي البنك منها هذه الفائدة الربوية التي يطالبك بها، تعطيها البنك بنية التخلص منها؛ لا بنية قضاء الدين؛ لأنه لا دين عليك للبنك في نظر الشرع إلا ما اقترضت منه لا غير، وإن لم يكن عندك مال تتخلص منه؛ فأنصح لك بألا تبادر إلى تسديد الفائدة المحرمة حتى يلاحقك البنك ملاحقة شديدة، وحينئذ لا بأس بتسديد ما يطلبه منك عن الفائدة، لأنك مضطر حينئذ والضرورات تبيح المحظورات، والله أعلم.(9/142)
الإيداع في البنوك الربوية
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 26/6/1424هـ
السؤال
فتحت حساب توفير في أحد البنوك هنا؛ وذلك لأضع فيه مبلغاً قليلاً لادخاره، وذلك كل شهر، ولكن البنك يلزمني بفائدة سنوية تعادل 3% عن المبلغ الموجود في الحساب كل سنة بغير طلب مني، فهل يكفي أن أتخلص من الزيادة حال ورودها في الحساب، وذلك أني محتاج لهذا الحساب لأضع فيه قيمة إيجار المنزل؟ أفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله وحده وبعد: فإن وضع الأموال في البنوك التي تتعامل بالربا على قسمين:
القسم الأول: أن يضعها على أنها وديعة محضة تبقى لصاحبها بأعيانها لا يتصرف فيها البنك ولا تدخل هذه الأموال في أنشطته الاستثمارية، كوضع المال في الصناديق الحديدية فهذا جائز، ولو كان بأجرة متفق عليها، لعدم وجود عنصر المشاركة والإعانة.
القسم الثاني: أن يفتح حساباً جارياً، وهذا يعني أن يقوم بإقراض البنك هذا المال الذي يودعه، لأن التكييف الشرعي لإيداع المال في الحساب الجاري هو القرض، ويلتزم البنك برد بدله لا عين المال، فهذا حرام لا يجوز إذا كانت معظم معاملات البنك واستثماراته ربوية، لأنك تقرض البنك ليعود باستخدامه بالربا، وهو لا يقل إثماً عن إقراضك شخصاً ليقوم بشراء خمر ونحوه.
أما إذا كانت تصرفات البنك مختلفة بعضها حلال وبعضها حرام، وكان الحرام فيها أقل من الحلال فوضع الأموال فيه غير محرم، خصوصاً مع وجود الحاجة، لكن اجتنابه أولى وأورع.
فإذا احتاج الشخص إلى إيداع ماله في هذه البنوك جاز بشرط أن لا يأخذ الفائدة لنفسه بل يصرفها في وجوه الخير والبر، كبناء الطرق أو إعطاء الفقراء ونحو ذلك، مع التنبيه على أنه إذا وجد بنك إسلامي يمكن أن يودع فيه ماله ويحفظه له فلا يجوز له أن يودع ماله في بنك ربوي مطلقاً، والله تعالى أعلم.(9/143)
مصداقية تحول البنوك الربوية إلى إسلامية
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 30/3/1424هـ
السؤال
سمعنا في الأخبار عن نية أحد البنوك الربوية التحول إلى بنك إسلامي، فما شرعية هذا التحول؟ وهل هو تحول صحيح، أم فيه شبهة؟ وما حكم التعامل مع هذا البنك إذا تحول إلى بنك إسلامي؟ أرجو التفصيل في الإجابة حتى يلتبس الأمر على المسلمين، إذا كان هذا التحول حيلة. كما أن الكثير من البنوك الربوية أصبحت تعلن عن بعض برامجها، وتقول إنها معتمدة من قبل الهيئة الشرعية للبنك، فكيف يكون ذلك ورأس المال واحد؟ وماذا عن المشايخ الذين يعملون في الهيئات الشرعية لهذه البنوك؟ أليس هذا من خداع الناس؟ وفقني الله وإياكم للخير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
كان الناس يسلمون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأغراض شتى، ولم يكن النبي عليه الصلاة والسلام يسألهم: أسلمتم لله أم للدنيا؟ وذلك لأن الإسلام يقود صاحبه إذا اتبعه إلى إحسان العمل وإخلاص النية. وفي المسند للإمام أحمد (14673) وسنن أبي داود (3025) من حديث جابر - رضي الله عنه- بإسناد صحيح أن وفد ثقيف لما بايعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- اشترطوا ألا صدقة عليها ولا جهاد، فقبل منهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال: "سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا".
وقد قال بعض السلف: طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله.(9/144)
وهذه المصارف التي تعلن التحول للتمويل الإسلامي يجب أن تكون موضع دعم وتأييد وتوجيه وترشيد، لا موضع استنكار واتهام؛ لأن هذا صد عن سبيل الله وعن التوبة من الكبائر. وقاعدة الشرع هي تيسير طريق التوبة بكل ما يمكن. قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "ومن تدبر أصول الشرع علم أنه يتلطف بالناس في التوبة بكل طريق" [تفسير آيات، ص595] . فمهما صاحب عملية التحول من ثغرات أو نواقص فمصيرها إن شاء الله إلى الزوال.
لكن الواجب على هذه المصارف أن تتبنى التمويل الإسلامي بجد، وأن تقدم أدوات تمويل إسلامية بعيدة عن الحيل المذمومة.
أما النوافذ الإسلامية التي تقدمها البنوك الربوية، فهي خير من عدمها إذا كانت منضبطة بالمعايير والقواعد الشرعية، والواجب أن تتوسع في هذا الجانب إلى أن تتحول بالكامل إن شاء الله للتمويل الإسلامي. وكل من يسهم في هذا من العلماء وطلبة العلم فهم إن شاء الله رواد خير ودعاة هدى، وهؤلاء العلماء لم يقولوا للناس إن الربا مشروع، ولا أن جميع المعاملات في البنك الربوي مشروعة؛ بل يقيدون فتاواهم بمعاملات خاصة تنطبق عليها الضوابط الشرعية بحسب اجتهادهم، فليس في عملهم تضليل ولا خداع، ولا يجوز اتهامهم بذلك؛ بل هذا الاتهام منكر صادر عن جهل بالفقه وبالواقع.(9/145)
وأما كون رأس المال واحداً للنافذة الإسلامية والخدمات الربوية؛ فهذا لا يضر المتعاملين مع المصرف. فقد تعامل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع اليهود مع كونهم يأكلون الربا بنص القرآن. انظر مثلاً ما رواه البخاري (2916) ، ومسلم (1603) من حديث عائشة - رضي الله عنها-،فإذا جاز التعامل المشروع مع المرابي الكافر، فالمرابي المسلم أولى بذلك. لكن السؤال هنا يتوجه للمساهمين في البنك، ويقال لهم: إن الربح الذي يحققه البنك لا يحكم بمشروعيته لمجرد وجود نافذة إسلامية؛ بل لا بد من تحول البنك بالكامل إلى التعامل الإسلامي. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، والله -تعالى- أعلم.(9/146)
عرض بوضع ماكينة صراف
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 14/5/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: أملك عقاراً، وجاءني عرض من البنك لوضع (ماكينة صراف سيارة) علماً أن البنك أفادني بأنهم الآن يقومون بجعل التعامل (إسلامياً) وسوف يتركون التعاملات الربوية، فضيلة الشيخ: هل قبول العرض حلال أم حرام؟ شاكرين لكم ردكم. بارك الله فيكم وحفظكم للإسلام والمسلمين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب أنني أرى أن لا تؤجر عقارك على بنك يتعامل بالربا، ولو موقع مكينة صراف، لأن في ذلك إعانة على الإثم والعدوان، والله -سبحانه وتعالى- يقول: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] .
أما إن تحقق ما ذكرته في سؤالك فالتأجير سائغ، لكن في نظري بُعْدَ تحققه، هذا وأرى لك أن تبحث لتأجير محلك عن بنوك إسلامية لا يظهر منها التعامل بالربا؛ كبنك الراجحي أو غيره ممن عينوا هيئات شرعية تمر بها معاملاتهم، والله أعلم.(9/147)
تسديد الأموال المسحوبة بالفيزا
المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد
مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 25/4/1424هـ
السؤال
أنا أعمل سكرتيراً مع أحد رجال الأعمال، وهو يستعمل بطاقة الفيزا، وهو يطلب مني تسديد المبالغ المطلوبة من حسابه، بحيث أقوم بتعبئة استمارة التسديد والذهاب للبنك ودفع المبلغ، علماً أنه يقوم بتسديد المبالغ المستحقة عليه كاملة دون تأخير، وكما تعلمون لما هذه البطاقات من شبهات في التعامل بها، لذا أرجو إفادتي عن حالة وضعي، فهل علي إثم في تسديد مستحقات هذه البطاقة؟ وهل يكون راتبي في هذه الحالة حراماً؟ رغم أنني أقوم بأعمال سكرتارية أخرى غير هذا العمل من مساعدات خيرية وخلافه، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
(1) الحمد لله الذي جعل في الأمة من يصبو إلى التحرز من الحرام، والحمد لله الذي يسر من وسائل الاتصال ما يكون سبباً لسهولة منح طمأنينة النفوس إلى السلوك الأقوم بمعرفة الحلال والحرام.
(2) لا أعلم حرمة ما ذكر السائل، إذ إن موضع الفيزا ليس كله حراماً، ولا كله حلال، وإنما الحرام في أخذ الفوائد على المبالغ المسحوبة والفوائد المركبة، أما قضية استعمال الفيزا وما يؤخذ على السحوبات فأمر جائز إن شاء الله، إذ إن ما يؤخذ على السحوبات من مبلغ فإنه لقاء خدمات بالنسبة للبنك، وكذلك بالنسبة للفيزا العالمية على كل حال لا عليك من بأس - إن شاء الله- وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(9/148)
لا تتوفر جهة إقراض إلا البنك
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 27/7/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الناس في بلدنا قلّ منهم من يقرض الناس قرضاً حسناً، فالناس يحتاجون إلى قرض ولا يجدون من يقرض إلا البنوك الربوية التي تشترط الفائدة عند السداد، وهذا يظهر جلياً في المشاريع الكبيرة كالشركات، حيث لا مناص من الاستعانة بالبنوك، فأفتونا في هذا مأجورين، وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد حرَّم الله تعالى الربا وتوعَّد متعاطيه بحرب منه سبحانه، فلا يجوز للمسلم أن يعقد عقداً يتضمن الربا أخذاً وعطاءً، إلا من اضطر إلى ذلك فإن الضرورات تبيح المحظورات، قال تعالى: "وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ" [الأنعام: من الآية119] .
فإذا اضطر المسلم إلى الاقتراض بفائدة، بأن كان عدم اقتراضه يوقعه في ضرر فلا يجد طعاماً يأكله، أو لا يجد لباساً يستر عورته، أو لا يجد علاجاً يدفع به مرضه ونحو ذلك، فإنه يجوز له أن يقترض قرضاً ربوياً.
ولا يظهر لي أن إنشاء المشاريع مسوغ لأخذ القروض الربوية، ويمكن أن يجتمع عدد من أصحاب رؤوس الأموال كشركاء في المشاريع الكبيرة، أو أن يقنعوا البنوك في الدخول كشريك في المشروع والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(9/149)
هذا القرض ربا
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 29/6/1424هـ
السؤال
أعيش في إحدى الدول لدراسة تخصصي الدقيق في الطب، وهذا يستغرق من 6-8 سنوات، أريد شراء بيت في المدينة التي أسكن بها؛ لأن الإيجار غالٍ وخسائره كثيرة، طريقة الشراء لديهم هنا تُدعى ب mortgage وطريقته هي أن أقوم بدفع 25% من سعر البيت لصاحبه، ثم وبالإتفاق مع أحد البنوك يقوم الأخير بدفع المبلغ المتبقي على أن أقوم أنا بتقسيط المبلغ على عدد من السنوات، بموجب عقد مشترك بيني وبين البائع والبنك. من خلال العقد يكون البيت باسمي ويكون صاحب البيت قد استلم المبلغ كاملاً وأقوم بتسديد الـ 75% على عدد من السنوات ولكن بزيادة تتراوح من 10 إلى 25 ألف دولار، علماً بأن هناك شركة تقول: إن طريقتها إسلامية ولكن - وكالعادة - تأخذ زيادة مادية بحوالي 10 آلاف دولار ولا يكون البيت باسمي بل مشتركٌ بيننا، فما الحكم في ذلك؟ أفيدونا أفادكم الله، حيث إن هذا الموضوع يهم شريحة كبيرة من المبتعثين هنا في الخارج.
الجواب
طريقة شراء البيت المذكورة عن طريق البنك من ربا الدين المحرم شرعاً. وبيان ذلك: أن البنك دفع عنك المبلغ 75% المتوجب في ذمتك ثمناً للبيت، فهو قرض منه لك قام بتسليمه للبائع نيابة عنك. وربا القرض هو: اشتراط الزيادة في رد بدل القرض، ذلك أن القرض من عقود الإحسان والبر وليس من عقود المعاوضة كما هو مقرر في الشريعة الإسلامية. والطريقة السليمة التي نقترحها لك هي:
(1) أن تبحث عن البيت المناسب لك، وتأخذ المعلومات الكاملة عنه.
(2) تتفق مع البنك المذكور أو غيره على أن يقوم بشراء البيت، وأنك ستشتري منه هذا البيت بعد ذلك بثمن بعضه مقدم وبعضه مؤجل حسب الاتفاق.
(3) يقوم البنك بشراء البيت ويضمه إلى ملكيته.(9/150)
(4) تقوم بشراء البيت من البنك مباشرة ودفع 25% نقداً له ثم تقسيط 75% من ثمنه على الأقساط المناسبة لك.
وإذا رغب البنك في ضمان حقه فلا مانع من رهن البيت وفاء بالثمن بعد أن تنقله إلى اسمك، كما أنني أطلب من السائل المذكور التأكد من الطريقة التي يتعامل بها هذا البنك الإسلامي وشرحها؛ حتى يتبين مصداقية هذا البنك من عدمها.(9/151)
التسهيلات البنكية للمساهمة باتحاد الاتصالات
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 05/09/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: ذهبت لأحد البنوك في السعودية للاكتتاب في اتحاد الاتصالات، فعرض عليَّ البنك قرضاً يبلغ أكثر من مئتي ألف ريال، وأفادني أن القرض بغير فوائد ربوية، لكنه اشترط عليَّ أن أدفع له لإتمام القرض ألفاً وخمسمائة ريال، سمّاها أتعاباً إدارية، فهل يجوز هذا القرض؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا القرض - الذي عرضه عليك البنك المذكور - من الربا؛ لأنك ترد القرض ومعه زيادة، وهي الألف والخمسمائة ريال، والتي يسمونها أتعاباً إدارية، استغفالاً للناس وتمويهًا وتدليساً، يسمونها بغير اسمها، وحقيقتها فائدة ربوية، فالأسماء لا تغيِّر من الحقائق شيئاً. ولو كان المبلغ ـ الذي يسمونه أتعاباً إدارية ـ زهيداً كعشرة ريالات، أو خمسين، أو نحو ذلك، وفي عملية مصرفية تتطلب جهداً وتفرغاً من بعض الموظفين، واستهلاكاً للأجهزة والأوراق، بحيث يتناسب المبلغ مع الخدمة المقدَّمة لكان مما يحتمل أن يكون أتعاباً إدارية أو رسومًا عملية.
والحاصل أن أخذ هذا القرض بهذه الصورة لا يجوز، وبالله التوفيق.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم(9/152)
تمويل الدولة للمشروعات بفوائد ربوية
المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 08/07/1426هـ
السؤال
استفدت من الدولة -في إطار برنامجها للدعم الفلاحي- مبلغاً من المال لاستخدامه في مزرعتي، لكن جزءاً من هذا المبلغ هبة من الدولة ولا يسترجع. أما الجزء الباقي فيسترجع بعد خمس سنوات، وبفائدة قدرها 6.5%، فهل هذه العملية مشروعة؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ومثل هذه المعاملات يحتاج للحكم عليها أن يأخذ الإنسان تصوراً كاملاً عن طبيعتها من حيث ماهية العقد هل هو مفرد أو مركب، ومن حيث المبلغ هل هو قرض أو تمويل ...
وقد استفسرت من بعض المستفيدين من البرنامج الذي وضعته الحكومة في بلدكم لدعم بعض الفئات من الناس أو بعض الأنشطة، فكان الجواب أنه تمويل، وصورته أن تقوم الدولة بتمويل المشروع التجاري بدفع تكاليف الاحتياجات من آلات وغيرها، ولا تدفع للمستفيد نقداً، وإنما تسدد للجهات الموردة، ويكون جزء من هذا التمويل هبة ومساعدة من الدولة للتاجر، والجزء الآخر قرضا يسترد بعد عدد من السنوات بفائدة ربوية.
وهذا العقد لا يخلو إما أن يكون عقداً واحداً اشتمل على هبة وقرض ربوي، أو على عقدين منفصلين، عقد الهبة وعقد القرض. والغالب أن يكون عقداً واحداً.
فيأتي الإشكال الأول في الدخول في عقد فيه شرط الربا ابتداء، وهذا لا يجوز. ثم إن العقد يكون فاسداً؛ لاشتماله على قرض ربوي.(9/153)
فإن وقع واستلم الشخص التمويل وبدأ في المشروع، فليستغفر الله -تعالى- مما بدر منه، فإن الربا من المعلوم تحريمه في دين الله -تعالى- ضرورة، وإن أشكل على الناس بعض تفاصيله، ثم عليه أن يسعى إلى تصحيح هذا العقد، ومن ذلك أن يحاول الاتفاق مع الدولة على إعادة صياغة العقد بإحدى طريقين:
إما أن تحسب الدولة ما تريد استرجاعه من المستفيد وتطرحه من الهبة، فبدل أن تكون الهبة 53% من أصل العقد فلتجعلها 45% مثلا، ويكون الباقي وهو 55% قرضاً حسناً يستحق بعد المدة المتفق عليها.
أو تعمل بطريق المرابحة للآمر بالشراء، ويخرج الطرفان من المحذور.
فإن امتنعت الدولة وأصرت على إبقاء العقد على صيغته، فليسدد للدولة ما لها عليه من أصل العقد، ولا يسدد لها الفوائد الربوية إلا إذا غلب بقوة النظام.
وهذا في حق من أخذ التمويل وبدأ في العمل، أما من لم يدخل في العقد إلى الآن فليس له ذلك، وعليه أن يسعى لإقناع الجهات المعنية بتعديل العقد قبل الدخول فيه إلى واحدة من الصيغتين المذكورتين أعلاه، أو غيرهما من الصيغ الجائزة شرعاً، والله تعالى أعلم.(9/154)
الفروع الإسلامية في البنوك الربوية
المجيب د. خالد بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 19/5/1423
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
بعض البنوك الربوية افتتحت فروعاً للتعاملات الإسلامية، ولكن لا ندري هل هم صادقون في ذلك أم لا؟ فقد تكون حقيقة الحال أنهم يتلاعبون بالفائدة بالزيادة والنقصان على غير أساس المضاربة الشرعية، فهل يجوز التعامل مع هذه الفروع؟
أفيدونا، جزاكم الله خيراً.
الجواب
التعامل مع البنوك جائز إذا خلا من المحرم كالربا، سواء أكان البنك -من حيث أصله- غير ربوي، أم كان ربوياً، وقد تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- مع اليهود التعامل المباح فباع منهم، واشترى، وهم أكثر الناس أكلاً للربا، إلا أنه يجب على كل من يدخل في معاملة مع أي طرف أن يفقه حكمها، فيعلم أنها مباحة، وإلا لم يجز له أن يدخل فيها؛ لكثرة دخول الحرام في التعاملات المعاصرة، ومنها تعاملات البنوك.
وما يعرف اليوم بالفروع الإسلامية أو التعاملات الشرعية في البنوك الربوية نجاح للاقتصاد الإسلامي ينبغي تشجيعه، سواء أساءت نية القائمين على تلك البنوك، أم حسنت؛ لأن هذا تقليل للمنكر، وهو الطريق العملي المتاح الآن لتحول اقتصاد المسلمين من الاقتصاد الربوي المحرم إلى الاقتصاد الإسلامي المباح.
غير أن من الواجب على المسلمين الحذر من مكر تلك البنوك وخداعها، ويحصل الحذر بالتأكد التام من مشروعية تعاملاتها التي تسميها إسلامية، ولا يتم ذلك إلا بأمرين:
الأول: أن يوجد في كل بنك منها فقهاء مؤهلون؛ لإقرار الصيغ الشرعية لتلك التعاملات، ومراقبة البنك في تطبيقها مراقبة دقيقة، وعدم العهد بذلك إلى البنك.(9/155)
الثاني: تأكد المتعامل معها من شرعية كل تعامل يجريه، وعدم الوثوق بمجرد قول موظفيها، بل لا بد أن يسأل -إن لم يكن هو من أهل العلم- من يثق في دينه وعلمه.(9/156)
القرض بفائدة
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 19/8/1424هـ
السؤال
أنا موظف بإحدى الشركات الحكومية، وأرغب في أخذ سلفة من الشركة، حيث إن الشركة لا تأخذ فائدة على السلفة بل يتم خصمها من المرتب على دفعات شهرية. وحيث إن الشركة ليس لديها مبلغ يغطي كل السلف، أي لي ولموظفين غيري فقد قامت بتحويلنا على مصرف تتعامل معه، غير أن هذا المصرف يأخذ فوائد على هذه السلفة.
ولكن الشركة هي التي ستتكفل بدفع الفوائد ودون خصمها من المرتب، والمصرف يطلب منا إحضار كمبيالة من مصلحة الضرائب، أي تخليص قيمة ضريبة السلفة لنتمكن من أخذ المبلغ، فما هو حكم الشرع في ذلك؟ وما الحكم إذا كانت الشركة قد أخذت قرضاً مسبقاً من المصرف، وقامت هي بإعطائنا السلف وبنفس الكمبيالة؟ الشباب الحريصون على أكل الحلال في انتظار إجابتك، أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فالجواب أنه تبين من السؤال أن الشركة المذكورة ليست مقتصرة على إعطائكم سلفة وخصمها من الراتب على دفعات بدون فائدة، إذ إن هذا التصرف جائز، لكن من خلال السؤال تبين أن الشركة تتعامل بالربا، حيث إنها تعطي البنك فوائد على تلك السلف، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه. وقال: "هم سواء" رواه مسلم
(1598) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما-.(9/157)
ثم أيضا أنتم متعاونون مع البنك على هذه المعاملة، حيث البنك يطلب منكم إحضار كمبيالة من مصلحة الضرائب لتخليص قيمة ضريبة السلفة لتتمكنوا من أخذ المبلغ، وهذا فيه تعاون على الإثم والعدون والله تعالى يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 20] هذا ونصيحتي محاولة التخلص من العمل لدى تلك الشركة لتعاملها بالربا حيث هي موكلة له، والإثم لا يقتصر على آخذ الربا بل وعلى معطيه وكاتبه وشاهديه كما صح بذلك الحديث، وقد تقدم هذا وهو رأيي الخاص في هذه المسألة. والله أعلم.(9/158)
التعامل بالهامش
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 27/10/1424هـ
السؤال
أرجو منكم أن تتفضلوا بالرد على سؤالي بخصوص مشروعية التعامل مع: www.forexme.com أثابكم الله، وجزاكم خير جزاء.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
هذا العمل يسمى التعامل بالهامش (margin trading) ، ويقوم فيه السمسار بإقراض العميل -كما ذكر السائل- مبلغا من المال يوازي أضعافا محددة من المبلغ الأساس الذي وضعه العميل. وقد اتصلت أكثر من مرة على الشركة المسؤول عنها، ولم يوفروا لي ما طلبت من الاتفاقيات. لكن من الناحية الإجمالية في هذا العمل المحاذير الآتية:
(1) بما أن السمسار يقرض العميل، ويشترط عليه أن يعمل من خلاله، فقد استفاد السمسار من جراء القرض، وهذا محرم؛ لأنه من القرض الذي جر نفعاً.
(2) لا تتفق كثير من طرائق التعامل بالعملات الدولية بيعا وشراء المطبقة في الأسواق المالية المعاصرة مع الضوابط الشرعية في القبض. بل غالب ما يتم ليس بيعاً للعملة ذاتها، بل بيع لها على المكشوف، وهذا مما لا يصح.
(3) إن جعل العملات مجالا للمضاربة أمر فيه ضرر بالغ للاقتصاديات التابعة للعملة. وما آثار الاضطرابات في العملات المحلية والدولية في الغالب إلا من جراء جعل العملات مجالاً للمضاربة. وقد نهى السلف - رحمهم الله - عن جعل العملات مجالا لذلك. ولذلك لا أتردد في القول بتحريم المضاربة في عملات البلدان الإسلامية خاصة الفقيرة؛ لما فيها من الضرر المتعدي على جميع مسلمي تلك الديار.
(4) في العمل مع السماسرة الغرببين محاذير أخرى، من التوقيع على اتفاقيات فيها شروط غير صحيحة من الناحية الفقهية، وفيها نص على التحاكم إلى المحاكم غير الشرعية.(9/159)
(5) أنصح السائل إن كان لا بد فاعلا أن يعمل في بيع الهامش في المعادن والسلع الدولية، على ألا يكون رسم السمسار من العمل مبالغاً فيه؛ لأنه مظنة للفائدة على القرض، مع تحفظي على أصل الموضوع؛ لأن فيه مقامرة كبيرة.
والله أعلم وأحكم.(9/160)
بيع العقارات للبنوك الربوية
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 12/05/1425هـ
السؤال
لدي عقار يرغب أحد البنوك التجارية بشرائه لإنشاء مركز فيه، فما حكم ذلك؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
الله - عز وجل - يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] .
والله - عز وجل - إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، كما في الحديث الذي رواه أبو داود (3488) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- ومما لا يخفى أن مثل هذه البنوك تغلب عليها المعاملات الربوية، وإذا كان كذلك فإنه لا يجوز بيع مثل هذا العقار لمثل هذا البنك الربوي.(9/161)
الاقتراض بطريقة قلب الدين
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 30/07/1426هـ
السؤال
عليَّ دين من بنك ربوي، وأريد أن آخذ منهم مرة أخرى، لكن عندهم طريقة قلب الدين، وأنا مضطر لهم، حيث علي دين 120 ألفاً، ولا أستطيع سدادها، فهل يجوز لي أن آخذ منهم بطريقة قلب الدين؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
قلب الدين هو ربا الجاهلية الذي توعّد عليه بالحرب، فإذا كان بإمكانك إعلان الحرب على الله -تعالى- فيمكنك أن تقترض بطريقة قلب الدين، وإلا فليس لك أي خيار سوى اجتناب هذا المزلق الذي لا يؤدي إلا إلى المزيد من الديون، والمزيد من المتاعب في الدنيا قبل الآخرة.
وإذا كنت لا تستطيع السداد فأنت معذور عند الله تعالى: "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة" [البقرة:280] . فليس للبنك إلزامك بأي رسوم إضافية.
ويجب على المسلم أن يتجنب الاستدانة قدر الإمكان، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يصلي على من مات وعليه دين. انظر سنن أبي داود (3343) ، وسنن النسائي (1962) ، وأصله في صحيح مسلم (867) ، وكان عليه الصلاة والسلام يقول: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه" أخرجه الترمذي (1078) ، وابن ماجه (2413) . ويقول صلى الله عليه وسلم: "من مات وهو بريء من ثلاث: الكبر والغلول والدَّين، دخل الجنة" أخرجه الترمذي (1572) ، وابن ماجه (2412) . وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.(9/162)
الشراء ببطاقة الفيزا ورسوم عملية الشراء
المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 14/2/1425هـ
السؤال
سؤالي هو: أنا عميل لأحد البنوك، وعندي حساب جاري فيه، ومعي بطاقة صراف، وأنا أذهب إلى الخارج، وعندما أقوم بعملية شراء عن طريق الشبكة يقومون بإضافة مبلغ 5 دولارات على العملية. أفيدونا هل فيه شيء أم لا؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
حقيقة الحساب الجاري أنه قرض من العميل للبنك، فالعميل مقرض والبنك مقترض، لأن البنك يتصرف في هذا المال ويضمنه بخلاف الوديعة في الفقه الإسلامي، والتي هي أمانة تحفظ ولا يتصرف فيها، ولا تضمن إلا بالتعدي أو التفريط.
إذا تقرر هذا فينظر في المبالغ المأخوذة في هذه العملية هل هي في جانب المقرض أو المقترض، (مقابل السحب ببطاقة الصراف) ، وفي هذه المعاملة المبالغ المأخوذة على العملية هي في جانب المقترض وهو البنك، وعلى ذلك فإنه لا شبهة ربوية في هذه المعاملة، لأن المنفعة المحرمة في القرض تكون في جانب المقرض يأخذها المقرض عوضاً عن القرض.
وعلى ذلك فإن هذه المبالغ المأخوذة تكون أجرة للبنك مقابل المصاريف والأعمال التي يقوم بها، لكن ينبغي أن تكون الأجرة عادلة كأجرة المثل، علماً بأن الحكم هنا يختلف عن بطاقة الائتمان.
ثانياً: إذا كان السحب ببطاقة الصراف في عملية شراء عن طريق الشبكة فصاحب البطاقة مقرض للبنك، وفي نفس الوقت مشتر للسلعة، وإضافة مبلغ عليه أجرة مقابل المصاريف ونحوها جائز كما سبق. والله الموفق.(9/163)
المشاركة في مشروعات الدولة الربوية
المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 15/07/1426هـ
السؤال
هناك مشروع تقوم به الدولة في إطار النهوض بتشغيل الشباب العاطل عن العمل ويتضمن المشروع إقراض الشباب عن طريق بنك الدولة المال اللازم للمشروع قرضا ربوياً يتم تسديده على فترة من الزمن متفق عليها، والمشكلة هي: نحن مؤسسة خاصة تبيع العتاد اللازم للمشروع علماً أننا لسنا المؤسسة الوحيدة في الميدان ,يقصدنا الشباب دوماً طالباً فاتورة نموذجية لقائمة العتاد اللازم لمشروعه، وتعتبر هده الفاتورة أهم وثيقة لدراسة نجاح المشروع، وبعد اعتماده من طرف البنك يستلم الشاب العتاد من مؤسستنا بعد أن نستلم نحن المبلغ كاملاً من البنك.
والسؤال هو: هل يعتبر تعاملنا مع مثل هذه المشاريع -وذلك بإعطاء الشاب هذه الفاتورة النموذجية- تعاوناً على الإثم؟ وهل المال الذي تستلمه الشركة من البنك حرام أم لا؟ وهل الشاب المتجه إلى مثل هذه المشاريع تحت قسوة الظروف التي يمر بها يعتبر آثماً؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:(9/164)
إذا كان أساس نشاط شركتكم حلالاً ولا تتعاملون بالربا في أصل عملكم، فإنه لا حرج عليكم في البيع والشراء مع من لا يتوقى الحرام ويتحرى الحلال في معاملاته، وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- والنبي -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرهم في المدينة يبيعون ويشترون من اليهود، واليهود يتعاملون بالربا وقتها ولا يتحرون الحلال.. وتقديم دراسة مشروع سواء كانت مجانية أو بمقابل لمن يقيمه بمال حرام لا يجعل عملكم حراماً، اللهم إلا إذا كان أساس المشروع محرماً، كمن يقدم دراسة لإقامة مصنع خمر أو تبغ مثلاً أو إنشاء مزرعة خنازير فهذا لا شك في عدم جوازه، وقد يقع الحرج فيما لو كانت موافقة البنك على إعطاء القرض الربوي متوقفة على تقريركم فقط، ولا يؤثر في العملية شيء آخر، ولا يمكن الحصول عليه إلا من جهتكم، ففي هذه الصورة الأحوط -والله تعالى أعلم- أن يتجنب الإنسان ذلك.
أما استلام الثمن من البنك، وتسليم البضاعة لصاحب المشروع فلا حرج عليكم فيه، لأنكم لستم طرفاً في العقد الربوي.
أما حكم الدخول في مثل هذه المشاريع والاقتراض من البنوك بالربا لأجل إقامتها فهو من الحرام البين.. وعلى المسلم أن يتقي الله -تعالى- ويبحث عن الحلال، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه" [سورة الطلاق: 2-3] .(9/165)
البطاقات البنكية
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 24/1/1425هـ
السؤال
أرغب في معرفة الوضع بالنسبة للبطاقات التي تصرفها البنوك للناس بجميع أنواعها ومواصفاتها، وما هو الجائز منها وما هو المحرم؟ حيث إنه قد عمت البلوى بها.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
البطاقات التي تقدمها المصارف لعملائها تتركز غالباً في نوعين:
(1) بطاقة الصراف، وهي التي تخصم من الرصيد مباشرة، وهذه لا حرج فيها إن شاء الله.
(2) بطاقة ائتمان: تسمح لحاملها بالشراء أو السحب النقدي مع تأجيل السداد، ويشترط في هذه البطاقة في حال السحب النقدي عدم وجود أي عمولات إضافية، لأن هذا مخالفة لعقد القرض المشروع، ولأن أي زيادة تصبح من باب قرض جر نفعاً، كما أنها تحيل المعاملة إلى سلف وبيع.
عدم الوقوع في (أنظرني أزدك) ، أي تأخير أجل السداد مقابل زيادة مقدار الدين، مهما كانت الطريقة التي تؤدي لذلك، بتورق أو غيره؛ لأن هذا هو ربا الجاهلية الذي لم تختلف الأمة في تحريمه. والله أعلم.(9/166)
تقاضي الراتب ببطاقة الصراف الآلي
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 26/11/1424هـ
السؤال
أعمل في إحدى شركات النفط، ونقوم بتقاضي مرتباتنا من خلال البنك حيث يوجد فرع له داخل الشركة، تقوم الشركة حالياً بتخيير الموظفين بين تقاضي المرتب من المصرف وبين سحبه من خلال ماكينات سحب بواسطة بطاقات تسمى: (ATM) ، ما طبيعة هذا النوع من البطاقات؟ وما حكمها؟ مع العلم أنها تصدر بدون مقابل أو أي استقطاعات. أفتونا - مأجورين - وإذا كان هناك مباحث تفصيلية حول هذا النوع من البطاقات وغيرها فرجاء إرشادي إليها. وجزاكم الله خيراً، ونفعنا بعلمكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه، وبعد:
بطاقة الصرف المشار إليها تصدر من البنك، وسيكون غالباً نفس البنك الذي تتعامل معه الشركة، وفي هذه الحالة لا فرق بين الحصول على الراتب من الفرع أو من جهاز السحب الآلي؛ لأن البطاقة مجرد وسيلة لتحصيل ما لديك من مال لدى البنك، فلا حرج - إن شاء الله - من استعمال هذه البطاقة. والله أعلم.(9/167)
التورق من البنك الإسلامي
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 7/11/1424هـ
السؤال
أريد أخذ مرابحة من بنك إسلامي لشراء سيارة، وأحتاج إلى أموال للزواج، وسعر السيارة 20000 درهم، ولكني سأقدم للبنك عرض سعر السيارة 30000 درهم، وأستفيد بالفرق لإتمام الزواج فهل هذا الفرق يعتبر ربا؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد:
بالنسبة لسؤال الأخ فيما يتعلق برغبته في نقود تغطي حاجته، ويريد أن يأخذ مرابحة، أو تورقاً ليتمكن من قضاء حاجته، ويسأل هل يجوز له أن يتصل ببنك من البنوك الإسلامية، ليشتري منه سلعة كسيارة مثلاً أو سيارتين، أو أكثر بثمن مؤجل ليبيع هذه السيارات، ويقضي حاجته منها لعل هذا هو السؤال، والجواب عليه: نعم يجوز لك - أيها الأخ الكريم- أن تغطي حاجتك عن طريق التورق، وذلك بأن تشتري من أحد البنوك الإسلامية، أو من أي متجر من التجار الإسلاميين، ونحو ذلك، أن تشتري منهم سلعة كسيارة، أو سيارتين، أو أرضاً، أو منزلاً، أو كذلك معادن ونحو ذلك مما يُعرض للبيع بقدر حاجتك، ثم يكون هذا الشراء بثمن مؤجل، ولا شك أنه سيكون أكثر من الثمن الحال وفي نفس الأمر بعد ذلك تبيع هذه السلعة، وتقضي حاجتك من ثمنها، نقول: لا بأس بذلك؛ لأن هذه هي الطريقة التي تستطيع أن توفر لك النقد الذي تستطيع أن تغطي به حاجتك من غير أن يترتب على ذلك تصرف أو فوائد ربوية، ونحو ذلك، فهذا التورق وسيلة من وسائل الحصول على السيولة وقضاء الحاجة منها، دون أن يكون طريق ذلك الطريق الربوي المبني على الاقتراض، أو الإقراض بفوائد ربوية. - والله أعلم -.(9/168)
هل أقيم دورات تدريبية لموظفي البنوك الربوية؟
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 18/04/1425هـ
السؤال
أمْلُك مركزاً للتدريب، ولتنمية الطاقة البشرية، ولقد طلب من مركزنا بعض البنوك تقديم دورات لموظفيهم في مهارات التفاوض مع العملاء، ونحو ذلك من الدورات؛ وذلك مقابل عقد تتقدم به إدارة البنك, فهل يجوز إعطاؤهم هذه الدورات؟ أرجو التوضيح.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
إن علمت أو غلب على ظنك أن تلك الدورة سَتُقَدم لمن يقنع العملاء بأمر محرم فلا يصح لك ذلك، ولعل الدورة تقدم لأمور يقدمها البنك من الخدمات الجائزة في الأصل، أو لعملاء النوافذ الإسلامية، ولا يصح أن تتضمن الأمثلة والتطبيقات المستخدمة في الدورة نماذج ربوية، أو مهارات لا تصلح إلا في الإقناع بأمر محرم، والأفضل أن تتضمن الدورة التأكيد على المثل والقيم الإسلامية، والتحذير من العمل المحرم، وعلى الخصوص الربا. والله أعلم.(9/169)
توسط البنك في بيع التقسيط
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 17/2/1425هـ
السؤال
أنا مسلم، مقيم في دولة غربية، وسؤالي هو: تفصل هناك بعض المحلات التجارية تبيع بالتقسيط بدون فوائد، والمشكلة هي أنه عند الشراء تطلب بعض الأوراق التي تثبت العمل وغيره، ثم ترسلها إلى أحد البنوك، فإن جاء الرد بالموافقة أستطيع أخذ السلعة، على أن أسدد الأقساط لهذا البنك الذي يعتبرونه ضامناً، والذي هو بدوره يدفع قيمة السلعة فوراً لهذا المحل، والمشكلة هي أن هذا البنك يأخذ بعض المال القليل جداً زيادة، ويسميها مصاريف إدارية، فهل هذا النوع من المعاملة جائز شرعاً؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه، وبعد:
إذا كان البنك حين يدفع ثمن السلعة النقدي للمحل التجاري يصبح مالكاً للسلعة، ثم يبيعها بعد ذلك للعميل، فلا حرج في المعاملة ولا في الرسوم التي يأخذها البنك.
أما إذا كان البنك لا يمتلك السلعة، وإنما يدفع الثمن النقدي للمحل بعد تملك العميل للسلعة، فإن البنك يكون قد أقرض العميل ثمن السلعة. فكل زيادة يأخذها البنك فوق أصل القرض فهي من الربا، والله أعلم.(9/170)
الاقتراض من بنك ربوي بصيغة إسلامية
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 29/11/1424هـ
السؤال
ما هو حكم القرض من بنك ربوي بطريقة إسلامية (جائزة شرعا) ؟ حيث إني أريد قرضاً لزواج، والبنك الإسلامي يشترط أن أكون قد خدمت مدة سنتين، أما بعض البنوك الأخرى تشترط سنة واحدة، وأنا على وشك إكمال السنة؟. جزاكم الله خيراً على هذا الموقع المبارك.
الجواب
الحمد لله، لا يخفى أن القرض الربوي المبني على أخذ الفائدة الربوية لقاء القرض لا يجوز، وهو محرم مطلقاً سواء أصدر من بنك ربوي، أم صدر من بنك إسلامي، أم صدر من مؤسسة مالية، أو فرد من التجار أو غيرهم، ولا يخفى أن البنوك الإسلامية لا تتعامل بالقروض الربوية مطلقاً، وعلى البنوك الإسلامية رقابات شرعية تراقبها، وتتابع أعمالها، وتوجهها إلى ما يجب أن يكون متفقاً مع أصول ومبادئ أحكام الشريعة الإسلامية، وإذا وجد أي مخالفة كان من الهيئة الرقابية تنبيهٌ وتأكيدٌ على ضرورة تجنب مثل هذه المخالفات. هذا ما يتعلق بالقرض المحض، أما إذا كان القرض عن طريق المرابحة الشرعية فهذا لا بأس به.(9/171)
إعداد البحوث والدراسات للبنوك
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 12/04/1425هـ
السؤال
لدي مكتب بحوث تسويقية، ومن أساسيات عملنا البحوث والدراسات حسب طلب الشركات لمعرفة مدى إيجابية أو سلبية السلعة، أو الخدمة لدى المستهلك، ويتم عمل البحث باختيار شريحة من المجتمع وسؤالهم عن المنتج أو الخدمة المقدمة من الشركة طالبة البحث لإبداء آرائهم، ومن ثم يعد تقرير يرفع للشركة طالبة البحث أو الدراسة لاتخاذ القرار بما تراه مناسباً، سؤالي جزاكم الله خيراً: هل يجوز التعامل مع البنوك في حال طلب البنك رأي شريحة من المجتمع عن طريق مكتبنا لأي سلعة أو خدمة يقدمها البنك، كما أنه يمكن أن يتخذ البنك قراراً إيجابياً (كإلغاء أو تغيير عملية غير مشروعة لملاحظة عدم رغبة الجمهور عليها) أو سلبي (كتجاهل التقرير المقدم لهم أو النظر مستقبلاً فيه) ، وكما أنه من الممكن أن يتم الطلب من البنك لدراسة في موضوع لا يمس الأمور الربوية، حسب التوضيح أعلاه ما مشروعية التعامل مع البنك وخصوصاً أنه لا يدرج ضمن التعاملات ذات الطابع المالي المقدم فيه الفوائد والتسهيلات وخلافه المشكوك فيها أو المحرمة أصلاً وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
إذا كانت الدراسة التسويقية تشمل الرأي الشرعي في المنتج، وتستطلع آراء الجمهور من هذا الجانب، ومدى تفضيلهم للمنتج الإسلامي بدلاً عن الربوي، فلا حرج إن شاء الله في التعاقد مع المصرف، لأن في هذا إعانة لهم إن شاء الله على الخير. أما إذا كانت الدراسة لمجرد تسويق منتجات ربوية، فلا يجوز إجراؤها ولا التعاقد لأجلها.(9/172)
أما إذا كانت المنتجات المدروسة غير محرمة ولا صلة لها بالربا، فلا بأس بالتعاقد مع البنك لإجرائها. والله أعلم.(9/173)
التورق الباطل والتورق الصحيح
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 30/3/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: عبد الله المنيع ـ حفظه الله ـ: هل تتم عمليات البيع والشراء بنظام التورق تحت إشرافكم كهيئة شرعية، لأني قمت بتعبئة البيانات في فرع أحد البنوك الذي تشاركون في هيئته الشرعية ثم تم إبلاغي بأن المبلغ قد نزل في حسابي دون أن أرى بيعاً أو شراء ولكن أخبرت آنذاك أن ذلك يتم بمتابعة منكم أرجو إفادتي. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ما ذكره الأخ السائل الكريم بأنه صدر منا جواز التورق، نقول: نعم، والتورق لم يصدر جوازه منا فقط، وإنما هو رأي جمهور أهل العلم، فيما يتعلق بصحته، فقال به مجموعة كبيرة من علماء المذاهب المختلفة كالمذهب الحنفي والمالكي، والشافعي والحنبلي كما، صدر من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبد العزيز بن باز - رحمهما الله- واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وكذلك مجمع الفقه التابع لرابطة العالم الإسلامي، وغيرهم والكثير من الهيئات الرقابية الشرعية للمؤسسات المالية، كلهم صدر منهم الحكم بجواز التورق.(9/174)
ولكن التورق الذي ذكر السائل طريقته في سؤاله بأنه جاء للبنك وقال لهم أنا بحاجة إلى مبلغ خمسين ألف – مثلاً-، وأنهم قاموا بإجراء التورق بأنفسهم، ولم يعلم إلا والمبلغ مسجل في حسابه، نقول: هذا باطل، وليس صحيحاً فهو لم يتول لا بيعاً ولا شراء ولا مقابلة شيء من ذلك، ولا مباشرة أي شيء من هذا، فهذا أشبه ما يكون بشخص احتاج مبلغ خمسين ألف، فقالوا: لا بأس فنحن نعطيك الخمسين ألف ونضعها في حسابك ونقيدها عليك بستين ألفاً أو سبعين ألفاً أو أقل أو أكثر، نقول هذا باطل، ولا يصح، وليس هذا هو التورق وإنما التورق أن يأتي المريد للمبلغ، ويقول أيها البنك أنا أريد أن أشتري منكم سلعة بمبلغ كذا وكذا، ثم بعد أن يقوم البنك المعروض عليه البيع بتملك هذه السلعة يقوم ببيعها على هذا العميل، والعميل يتولى قبول البيع، والأول يتولى الإيجاب في البيع ثم تتم العملية بيعاً وشراء، وتنتقل السلعة إلى ملكية العميل وتستقر في ذمته المديونية، أي قيمة هذه السلعة ثم يقوم العميل بالتصرف بسلعته سواء كانت سيارة أو كانت أسهماً، أو كانت إسمنتاً، أو أي سلعة من السلع التي يجوز بيعها وشراؤها، بعد ذلك يتسلم سلعته ويتصرف فيها ببيعها أو يوكل من يبيعها، أو نحو ذلك.(9/175)
هذه هي الطريقة التي أفتينا بها، أما أن يكون الأمر مثل ما ذكره السائل فنبرأ إلى الله من ذلك، ولا يمكن أن تكون هناك جهة شرعية تقول بجواز هذا التصرف الذي ذكره السائل بأنه بمجرد أن يبدي الشخص للبنك رغبته بأنه بحاجة إلى خمسين ألفاً، فيقال له خلال ساعة أو نصف ساعة أو شيء من هذا نقوم بالقيام بإجراءات شكلية، ثم نقيد ذلك في حسابك، فهذا باطل، ولا يصح، ولم يصدر منا فتاوى، ولا من إخواننا القائمين على الهيئات الرقابية بجواز ذلك، فعلى إخواننا العملاء أن يتقوا الله، وأن يعرفوا كيف يتعاملون، وينبغي للعميل إذا أراد سلعة أن يتولى شراءها بنفسه بعد التأكد من ملكية بائعها عليه، ثم يتصرف بسلعته يبيعها، ويقبض ثمنها، ويقضي بها حاجته، ويستقر ثمنها المؤجل في ذمته للذي باعها، ولا يجوز أن يبيع هذه السلعة إلى من باعها عليه؛ لأن هذه هي العينة، فينبغي أن يكون منا هذا التأكد وهذا النظر حتى تكون المبايعة صحيحة، وحتى تكون الفتاوى الصادرة منطبقة على هذا التصرف الصحيح.
وأما ما ذكره السائل فنبرأ إلى الله منه، ولا يمكن أن يتم تحت إشرافنا، وإذا تم ذلك من موظف جاهل لا يعرف فهو الذي يتحمل إثم هذا العمل مع العميل الذي يساعده على إتمام هذه العملية الصورية التي ليس لها علاقة بالتورق. والله أعلم.(9/176)
البنوك الربوية ودعوى التورق الإسلامي
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 9/3/1425هـ
السؤال
ذهبت إلى أحد البنوك للحصول على قرض، وطلبت منهم أن يكون إسلامياً, فأروني أختاماً عديدة من كبار العلماء (بعضهم من هيئة كبار العلماء) بجواز قرضهم, فحصلت على القرض اعتمادا على ذلك، الآن أنا غير مرتاح، وتناوبني وساوس كثيرة لما لم أتأكد من القرض بنفسي؟ فهل يجب علي بعد هذا أن أتأكد بنفسي رغم قلة علمي؟ أم أتوكل على الله وآخذ بكلام البنك وأختام العلماء؟ بعض الناس يقولون إن البنوك لا تطبق الفتوى كما هي.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.
أولاً: لقد صدق الأخ السائل حين وصف هذه المعاملة بأنها "قرض"، لأن حقيقتها أن يحصل من المصرف على نقود حاضرة على أن يدفع له نقوداً مؤجلة، وهذه حقيقة القرض. وأصاب في شكه وارتيابه من هذه المعاملة، لأنه يدفع نقوداً أكثر من التي قبضها أول الأمر، وهذا هو الربا. وكل ذي فطرة سليمة ينفر من هذه المعاملة، أياً كان اسمها ومهما ألبست من لبوس تستر حقيقتها. وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال: "البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك" صحيح أخرجه الإمام أحمد (17742 - 18001) من حديث وابصة الأسدي - رضي الله عنه-.
ثانياً: إن هذه المعاملة تعرف باسم "التورق المصرفي." وقد عقد بشأنها ندوات ومؤتمرات، آخرها مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة هذا العام (1424هـ) ، حيث صدر قرار المجمع بتحريم هذه المعاملة ومنعها. فهي لا تعدو أن تكون حيلة على الربا، لأن حصيلتها وغايتها أن يقبض العميل نقوداً حاضرة من المصرف ليرد له في المقابل نقوداً مؤجلة أكثر منها، وهذا هو الربا المحرم بالنص والإجماع.(9/177)
ولا يغير من حقيقة المعاملة وجود سلع غير مقصودة لا للبائع ولا للمشتري وإنما هي ذريعة لحصول النقد مقابل زيادة في الذمة، فالعبرة بالحقائق والمعاني لا بالصور والمباني. وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الحيل بقوله: "لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل." رواه العكبري بإسناد حسن انظر إرواء الغليل (1535) .
ثالثاً: إن قول بعض الفقهاء المعاصرين بجواز هذه المعاملة اجتهاد منهم، وهم في ذلك مأجورون إن شاء الله، لكن ذلك لا يغير من حقيقة المعاملة شيئاً، وما كل مجتهد مصيب. فها هو الإمام الشافعي رحمه الله، الذي أطبقت الأمة على إمامته وعلمه وورعه، يرى جواز المعاملة التي تسمى العينة الثنائية، ولم يكن ذلك مانعاً لغيره من العلماء أن يقولوا بخلاف قوله ويمنعوا العينة الثنائية؛ لأنها حيلة على الربا. وهكذا القول في التورق المصرفي الذي لا يختلف في حقيقته عن العينة ولا يعدو أن يكون حيلة على الربا.
رابعاً: إذا كان الأخ السائل قد أخذ القرض بناء على الفتوى الصادرة بشأنه، فالأظهر أن عليه الوفاء بما ترتب عليه من التزام حتى لو تبين له حرمة هذه المعاملة لاحقاً؛ لأنه كان عند إنشائها يعتقد صحتها. لكن إن استطاع التعجيل بالوفاء وإقناع المصرف بإسقاط الزيادة لقاء التعجيل فيجب أن يبادر لذلك إن أمكن. كما يجب عليه من الآن فصاعداً أن يتجنب المعاملات المشبوهة وأن يتحرى لدينه أعظم مما يتحرى لدنياه، والله تعالى يقول: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق:2، 3] . والله الهادي إلى سواء السبيل.(9/178)
بيع برمجيات لبنوك ربوية
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 09/05/1425هـ
السؤال
هل يجوز لشركة برمجيات أن تبيع برمجيات لبنك ربوي؟ مع العلم أن هذه البرمجيات لا علاقة لها بالعمليات الربوية.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
يجوز التعامل بيعاً وشراءً مع من يتعاملون بالربا، سواء بنوك ربوية أو غيرها؛ وقد ثبت في الصحيحين عند البخاري (2916) ، ومسلم (1603) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اشترى طعاماً من يهودي، ورهنه درعه، وفي صحيح مسلم (1551) أنه دفع إلى اليهود نخل خيبر وأرضها على أن يعتملوها من أموالهم، ومعلوم أن اليهود مرابون، وأن أموالهم يكثر فيها الربا، فدل على جواز التعامل مع المرابي بشرط أن يكون هذا التعامل مشروعاً في نفسه. والله أعلم.(9/179)
التعامل بالربا مع بنوك الكفار
المجيب د. مصطفى بن كرامة مخدوم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 23/12/1424هـ
السؤال
ما هي الأدلة الشرعية المقنعة على تحريم التعامل بالربا مع البنوك التي يملكها الكفار في الوضع الاقتصادي العالمي الحالي مع كون الكفار أصلاً غير ملزمين بالخضوع لشريعة الإسلام حال كفرهم؟.
الجواب
الجواب: يحصل ببيان أمرين:
(1) حكم التعامل بالربا مع بنوك الكفار.
(2) تكليف الكفار بالأحكام العملية.
أما الأول: فإن جمهور العلماء ومنهم أبو يوسف من فقهاء الحنفية يذهبون إلى تحريم التعامل بالربا تحريماً عاماً فيشمل الربا مع البنوك التي يملكها غير المسلمين، وذلك لأمور:
أ- أن الأدلة الشرعية تحرم الربا تحريماً عاماً لم يفرق فيه بين المسلمين وغيرهم كقوله -تعالى-: "وحرم الربا" [البقرة: 275] وقوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين" [البقرة: 278] ،، وقوله - صلى الله عليه وسلم-: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- آكل الربا ومؤكله وكاتبه، وشاهديه" رواه مسلم (1598) من حديث جابر -رضي الله عنه-.
وقد تقرر عند علماء الأصول أن الأدلة العامة لا يجوز تخصيصها بغير دليل، ولم يثبت تخصيصاً لهذه الأدلة يستثني الكفار.
كما تقرر في علم الأصول أن الدليل العام عام في متعلقاته من الزمان والمكان، والحال، والأشخاص فمعنى الآية الأولى: (إن الله حرم الربا في كل مكان وفي كل زمان وعلى أية حال ومع كل أحد) .
ب- إن الله -سبحانه وتعالى- يحرم الفعل لما فيه من المفاسد الراجحة، ومعلوم أن مفسدة الظلم وأكل أموال الناس بالباطل موجودة في الربا مع غير المسلمين، كما هي موجودة في الربا مع المسلمين.(9/180)
والمسلم مأمور بالعدل والإنصاف، ومنهي عن الظلم حتى مع الكفار، كما قال سبحانه: " وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى"
[المائدة: من الآية8] .
إن الأصل في المحرمات الامتناع عنها مطلقاً، كما هو الحال في الزنا والقمار، فإنهما محرمان تحريماً عاماً لا فرق فيه بين المسلمين وغيرهم، ولو أجزنا الربا مع الكفار في بلادهم للزم إباحة سائر المحرمات في حقهم كالزنا والقمار وهذا باطل بالإجماع.
وأما الأمر الثاني وهو تكليف الكفار بالأحكام العملية كتحريم الربا ونحوه، فإن جمهور العلماء على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وأحكامها العملية، كما هم مخاطبون بأصول الإيمان ولكن لا يصح منهم ذلك إلا بتقديم الإيمان، وأنهم سيحاسبون يوم القيامة على جميع أعمالهم، ويعاقبون عليها، ومنها ترك الأحكام العملية.
ويدل على ذلك قوله تعالى: " ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين" [المدثر: 42-46] فأخبروا أنهم يعذبون على الكفر وعلى ترك الأحكام العملية.
ومثله قوله -تعالى-: " وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ" [فصلت:6-7] . فتوعدهم على ترك الزكاة كما توعدهم على ترك الإيمان بالآخرة.
فالكفار ملزمون شرعاً ومأمورون ديانة بالخضوع لشريعة الإسلام حتى في حال كفرهم، والله أعلم.(9/181)
الأرباح من شركة اقترضت بالربا
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 18/06/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: لقد ساهمتُ في عام 1990م بعدد من الأسهم في شركة تعمل في مجال الاستثمارات العقارية، وكانت قيمة الأسهم 3000 دينار ليبي، في عام 1995م عقد مجلس إدارة الشركة اجتماعاً بحضور جميع المساهمين؛ لاستعراض أهم نشاطات الشركة والأرباح التي جنتها، خلال هذا الاجتماع أفادنا المستشار المالي للشركة بأن الشركة مرت في الفترة الأخيرة بضائقة مالية اضطرتها إلى الاقتراض من المصرف (قرضاً ربوياً) قررت بعد هذا الاجتماع سحب قيمة الأسهم الخاصة بي والأرباح (3000 دينار قيمة الأسهم + 7000 دينار أرباح) ، وحيث إني قد ساورني الشك في مدى حل هذه الأرباح بسبب القرض الربوي، لذا لم أتصرف فيها حتى الآن. سؤالي هو: ما مدى حل هذه الأرباح؟ علماً بأني لا أعرف متى -تحديداً- تم هذا الاقتراض، ولا أستطيع أن أعرف الآن؛ لأن الشركة قد تم تصفيتها ولم يعد لها وجود.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
إذا كان الأخ قد سحب مساهمته فور علمه بالاقتراض الربوي، كما في السؤال، فلا حرج إن شاء الله في انتفاعه بالأرباح، لعموم قوله تعالى "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة: 275] . فإذا كان من أكل الربا باختياره إذا انتهى عنه طاعة لله جاز له الانتفاع بما قبضه من الربا، فلأن يجوز ذلك لمن وقع في الربا دون اختياره ودون علمه من باب أولى.
وهذا التصرف من قبل الإدارة حصل بدون علم المساهمين أو موافقتهم، كما يفهم من السؤال، فهي إذن المسؤولة عن هذا التصرف، ولا يلحق المساهمين من ذلك شيء إلا إذا علموا بذلك ورضوا به، أما من لم يرض به ولم يستمر في الشركة بعد علمه فلا شيء عليه إن شاء الله.(9/182)
لكن الأفضل أن يتصدق بما يغلب على ظنه أنه حصل عن طريق القرض الربوي، وإذا لم يترجح لديه شيء فليتصدق بنصف الربح، من باب اتقاء الشبهات، إلا إذا كان الأخ هو نفسه محتاجاً، فهو في هذه الحالة أولى بها من غيره. والله أعلم.(9/183)
الاقتراض الربوي بنية عدم تسديد الفوائد
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 8/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أريد أخذ قرض من بنك، علما أن هناك نية لتسديد البنك رأس المال دون الفوائد حتى لو أدى ذلك للمماطلة في دفع رأس المال المدين دون الفائدة هل هو حلال أم حرام؟ علما أني مدين وطرقت أبواب كثيرة هل يجوز أم لا؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
العقد على الربا محرم ولا يجوز، وكون الإنسان يوقع على عقد الربا حتى وإن كان يريد ألا يعطي الفوائد، فأصلاً هذا محرم ولا يجوز، مع أنه أيضاً سيكذب في هذا، ولن يوفي عقده، فإنه دخل مع البنك على أنه سيعطيه الفوائد وهو سيكذب عليه، فهذا تعتريه هذه المحاذير.
أولاً: أصل الدخول في عقد الربا محرم ولا يجوز التوقيع عليه.
ثانياً: الكذب على الآخرين، وهو محرم ولا يجوز، وحتى لو كان السائل مدين فإنه لا يجوز، وإنما عليه أن يسلك الطرق المباحة.(9/184)
السحب النقدي ببطاقة فيزا
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 16/1/1425هـ
السؤال
لدي بطاقة فيزا من شركة الراجحي المصرفية مميزاتها التالي:
أولاً: 80% من قيمة المبلغ المعطى لي حسب راتبي يمكنني أن أسحبه على شكل مشتريات حتى لو كان رصيدي صفراً. يسترد هذا المبلغ من راتبي بعد 45 يوماً أي من يوم 15 من كل شهر ميلادي. وهنا لا توجد مشكلة لأن المبلغ يسترد بدون زيادة ولا نقصان.
ثانياً: 20% من قيمة المبلغ المعطى لي حسب راتبي يمكنني أن أسحبه سحباً نقدياً من أي صراف آلي والمبلغ المسحوب لي بسحبه 1800 ريال خلال الشهر الميلادي، يمكنني سحبها دفعة واحدة أو على دفعات أو عدم سحبها نهائياً، لأنها ستخصم من راتبي بعد 45 يوماً كما أسلفت.
المشكلة تكمن في أن كل مرة أدخل على الصراف الآلي لسحب 100ريال أو 200 ريال أو أي مبلغ حتى 1800 ريال كحد أعلى، يخصم من راتبي 18 ريال إضافية عن كل عملية سحب. مثال سحبت 1800 ريال وخصمت بعد 45 يوماً 1818 ريال. وعند سؤالي واستفساري من البنك عن المبلغ الإضافي هذا أفادوني بأنها رسوم للشبكة الدولية (الفيزا الدولية) وليس للراجحي أي فائدة من هذا المبلغ الإضافي. فما رأيكم في هذا المبلغ الإضا
الجواب
الرسوم الذي يذكرها الأخ السائل تتعلق بتكلفة أجهزة السحب والعمولات التي تتقاضاها شركة فيزا العالمية من شركة الراجحي مقابل خدمات الاتصال ونحوها، وقد صدر قرار الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية رقم 466 بجواز هذه الرسوم المقطوعة، وقد تحفظ بعض أعضاء الهيئة حول مقدار هذه الرسوم، وهل تقتصر على الخدمة الفعلية أم لا؟(9/185)
لكن أنصح الأخ أن يتجنب السحب النقدي ببطاقة الفيزا، لارتفاع التكلفة من ناحية، وتجنباً لمواطن الإشكال الشرعي من ناحية أخرى، كما أن الأوْلى هو اجتناب الاستدانة إلا لحاجة شرعية، للأحاديث والأثار الكثيرة في التشديد في الدين، واستعمال البطاقة الائتمانية أحد أساليب الاستدانة فينبغي الاقتصار به على المصالح الملحة والحاجات اللازمة قدر الإمكان. وفق الله الجميع لما يرضيه، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.(9/186)
هل يتوقفون عن بناء المصرف الربوي؟
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 10/04/1426هـ
السؤال
نحن شركة مقاولات، اتفقنا مع مصرف لبناء مقر له، وبعد أن وقعنا العقد وبدأنا في العمل أخبرنا بعض الإخوة أن بناء المصارف الربوية غير جائز شرعاً، والآن لم نستطع إيقاف العمل؛ لأننا ملتزمون بالعقد، فما الحكم الشرعي لهذه المسألة؟ وهل العائد المادي من المبنى جائز أم غير جائز شرعاً؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فما أخبركم به بعض الإخوة من حرمة بناء المصارف التجارية التي تتعامل بالربا صحيح؛ لأن في ذلك إعانة على المعصية، ويجب عليكم إيقاف البناء ما أمكنكم ذلك، فإن كان يلحقكم ضرر من إيقاف العمل فلا حرج عليكم -إن شاء الله- من إكماله؛ لأن البناء في حد ذاته عمل مباح، وإنما حرم لكونه وسيلة إلى المعصية، والقاعدة عند أهل العلم (أن ما كان محرماً تحريم وسائل فيباح عند الحرج والمشقة) ، وعليكم بالتوبة الصادقة من هذا العمل، بأن تعزموا النية على عدم تنفيذ مشاريع من هذا النوع، فإذا صدقتم النية في ذلك فلا حرج عليكم أيضاً من أخذ العائد المادي من المشروع الذي أنتم بصدد تنفيذه. والله أعلم.(9/187)
شراء الشقق التي يحجزها البنك لعدم تسديد أصحابها
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 27/08/1425هـ
السؤال
يقوم البنك -عادة- بالحجز على الشقق التي لا يتمكَّن صاحبها من سداد أقساطها ويعرضها للبيع، هل يجوز لي أن أشتري إحدى هذه الشقق من البنك؟ علماً بأن البيع والشراء نقدي بدون أقساط أو فوائد أو أي معاملات بنكية.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
إذا كانت المعاملة في الأصل بين البنك ومالك الشقق صحيحة من الناحية الشرعية، وكان البنك يملك حق بيع الشقة في حال تخلُّف العميل عن السداد، وكان البيع بسعر السوق، فلا مانع من الشراء من البنك بطريقة شرعية.
والله أعلم.(9/188)
اقترض لغيره قرضاً ربوياً فلم يسدد!
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 27/3/1425هـ
السؤال
اقترضت مبلغاً من أحد البنوك الربوية، ولكن ليس لي بل لصديق أعطيته المبلغ كاملاً كما أخذته من البنك، وأخذت منه إقراراً خطياً بتوقيعه على أن يسدد الأقساط المستحقة علي من البنك شهرياً مع وجود شاهد بذلك، وهو الآن يمتنع عن التسديد، فقمت برفع شكوى إلى المحكمة، المشكلة لدي أنا وشاهدي أننا غفلنا عن أن هذا القرض هو ربا في حقيقة الأمر، مع العلم أنني لست المستفيد من المبلغ، وأن ما فعلنا هو الخطأ بعينه، كما في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه"،
سؤالي هو: ماذا أفعل حيال ذلك الأمر؟ وما هي نصيحتكم لي؟ علما بأنه لم يصدر حكم من المحكمة حتى الآن.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
فجوابك ما يلي:
1- اقتراضك بالربا كبيرة من الكبائر سواء لك أو لغيرك، فعليك التوبة النصوح، والتضرع إلى الله؛ "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ... " [التحريم: من الآية8] .
وكذا تجب التوبة على الشاهد للحديث الذي ذكرت، ومن باب أولى تجب أيضاً على المستفيد من هذا القرض، كما ندعو البنك أيضاً إلى التوبة من التعامل بالربا؛ فهو أصل البلاء؛ قال الله - سبحانه-: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [البقرة:278] .
وأما قولك إننا غفلنا عن كون القرض ربا، فهذا غريب إذ هذا لا يغفل عنه أحد من المسلمين لا سيما في مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم-! فكل يعلم بأن هذه المعاملة هي عين الربا لا يختلف فيه أحد، ولكن لعلها هفوة وخطيئة.(9/189)
2- أما صاحبك المستفيد من القرض فقد جمع كبيرتين عظيمتين؛ الربا وأكل أموال الناس بغير حق، ويلزمه شرعاً وقضاءً أن يسدد كامل المبلغ - أي لا يلزمك أنت شيء من ذلك-، وإن كان بالنسبة للبنك لا يلزمه إلا القرض فقط دون زيادته، ولكن قد يلزمه القاضي بسداده كله عقوبة له لدخوله على بصيرة، ويصرف الزائد في عمل خيري.
3- إذا لم يسدد صاحبك المبلغ وجب عليك تسديده للبنك؛ لأن البنك ليس له حق على صاحبك وإنما حقه عليك وحدك إذ الاقتراض باسمك، وإذا طالب البنك بحقه، فالقضاء يحكم عليك بالسداد، ويقال فيك كما قيل في صاحبك أنه لا يلزم سوى تسديد أصل القرض، ولكن قد تؤخذ منك الزيادة عقوبة على تعاملك بالربا وتصرف في أوجه البر، وأما البنك فليس له إلا رأس ماله؛ كما في الآية السابقة: "فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ... " [البقرة: من الآية279] .
4- يجب أن تتعلم من هذه الحادثة دروساً منها ما شاهدته بعينك من عقوبة الربا الدنيوية، فكيف بالأخروية، والله - جل وعلا- قد يجعل في بعض المصائب تذكيراً للعبد، ومنها أن الاقتراض باسمك لشخص آخر فيه مخاطرة، وكثير من الناس اليوم يماطل في حقوق الآخرين حتى وإن أحسنوا إليه، وها أنت شاهدت هذا الإحسان كيف انقلب سوء تفاهم بينكما، ولذا لا ينبغي التساهل في وضع اسم مكان آخر في مثل هذه المعاملة، وغيرها مما قد يتساهل فيه الناس لما يترتب عليه من النزاع والشقاق. والله أعلم.(9/190)
التعامل مع البنوك الربوية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 28/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أريد أن أعرف حكم التعامل مع البنوك، وإن كان فيه شبهة فما البديل الإسلامي؟ جزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
التعامل مع البنوك الربوية: إن كان التعامل معها بالربا المسمَّى بالفائدة تضليلاً على الناس، كالمساهمة في رأس مالها أو شراء أسهمها، أو التعامل بالربا (الفائدة) أخذًا أو إعطاءً، فهذه المعاملة حرام قطعًا وليست مجرد شبهة، أما التوظُّف فيه- وأنت تجد في غيره عملاً يدر عليك رزقًا- ففي هذا شبهة خيرٌ لك أن تبتعد عنها، كما في حديث النعمان بن بشير، رضي الله عنهما: " ... فَمَن اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَد اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَن وقَع في الشُّبُهَاتِ وقَع في الحَرَامِ ... ". أخرجه البخاري (52) ومسلم (1599) .(9/191)
أما إن كان التعامل مع البنك الربوي بفتح حساب جارٍ لا تأخذ عليه فائدة، أو كان شراء سلعة عن طريقه فهذا لا شيء فيه- إن شاء الله-؛ لأن معاملة الكافر بالبيع والشراء ووضع الوديعة عنده نقودًا كانت أو عينًا جائز شرعًا، فقد كان المسلمون والكفار في مكة والمدينة يتعاملون بالبيع والشراء من إجارة ووديعة وضمان- بلا نكير، وما زال عمل المسلمين عليه، مع أن الكافر يتعامل بالحرام ويستحله- وإذا كان هذا مع الكافر فإنه مع المسلم (البنك في بلد مسلم) من باب أولى، ومن باب الأحوط والأولى لك أن تبحث عن مصرف لا يتعامل بالفائدة مع أحد، وإن تعذر عليك شيء من هذا فخير لك أن تشغل ما لديك من نقود في شراء سلعة أو مشاركة في أرض ونحو ذلك، وتقوم ببيعها مباشرة أو بواسطة شريك لك ساهمت معه، وهذا باب واسع للحلال جعله الله بديلاً عن الحرام وليست فيه شبهة. وفقنا الله وإياك إلى كل خير، آمين.(9/192)
بعثات البنوك الدراسية
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 11/6/1425هـ
السؤال
هناك بنكاً لا تزال بعض معاملاته ربوية، ولديه برامج بعثات دراسية مجانية للطلاب، هل يجوز لي أخذ بعثة دراسية من هذا البنك؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
لا يظهر لي ما يمنع من ذلك؛ حيث إن أرباح البنوك ليست كلها من الربا، خاصة البنوك التي عندها نوافذ إسلامية، لكن ذلك مشروط بأن لا تعمل عند البنك في مجال محرم شرعاً بعد التخرج، وأوصيك بتقوى الله -عز وجل- واختيار التخصص الذي ينفع المسلمين. بارك الله فيك. والله أعلم.(9/193)
الاستقطاع.. وبرنامج الادخار
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 14/7/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعمل في الإدارة العامة لأحد البنوك المحلية، ولدينا برنامج يطلق عليه الادخار، ومفاده هو: يتم استقطاع نسبة من الراتب كل شهر (هذه النسبة محددة وهي 5%) ، ويتم ادخاره، حتى إذا ما بلغت سنوات الاشتراك ثلاث سنوات تستحق مكافأة قدرها 30% من قيمة الادخار، وهكذا كلما زاد عدد سنوات الاشتراك تزيد المكافأة، حتى تصل إلى 200% عند اكتمال سنوات الاشتراك الـ10 سنوات. ملاحظة: لا يتم صرف المكافأة إلا عند نهاية التقاعد، أما في حالة رغبتي في الخروج من البرنامج فلا أستحق سوى نصف المكافأة. فهل يعتبر هذا البرنامج ربويا؟ وفقكم الله لما فيه الصلاح والخير للجميع.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
(1) إذا كان البنك يتصرف في مبلغ الادخار لمصلحته وعلى مسؤوليته ويلتزم برد مثله لاحقاً، فإنه بذلك يكون مقترضاً من الموظف. فإذا التزم البنك مع ذلك بالزيادة كان هذا من ربا النسيئة المحرم بالنص والإجماع.
(2) أما إذا كان البنك لا يتصرف في مبلغ الادخار لمصحلته، وإنما يتصرف لمصلحة المشتركين وفقاً للضوابط الشرعية، فلا حرج في مكافأة الادخار؛ لأنها في هذه الحالة تبرع. والله أعلم.(9/194)
التبايع مع البنك الربوي
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 12/01/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي سؤالان:
السؤال الأول: شخص يبيع للبنوك الورق والمظاريف (الأظرف الفارغة) ، والأدوات الكتابية التي تحتاجها واللازمة لها، وبعض الأوراق والأظرف يكون مطبوعًا عليها اسم البنك، فهل هو يساعد في عملية الربا بين البنك وبين العملاء باستعمال البنك لهذه الأظرف والأوراق، مع العلم أني لا آخذ مرتبي من البنك ولا أتعامل معهم بالربا، ولكن تجارة، أي بيع وشراء فقط.
السؤال الثاني: يطلب مني البنك أن أصمِّم له ورقة دعاية عن شهادات الادخار ذات الجوائز، وهذه الشهادة يشتريها الشخص بمبلغ مثلاً 10 جنيه أو 50 جنيه، أو 100 أو 1000جنيه، ويتم السحب عليها وممكن يفوز بـ 100 ألف جنيه، ومدة الشهادة خمس سنوات تجدد تلقائيًّا، ويسترد الشخص قيمة الشهادة بعد مرور 6 أشهر من تاريخ شرائها، وتكون نفس القيمة التي دفعها، فهل هذه الشهادة تعتبر ميسرًا، وأنا أساعد بعملي هذه الورقة على هذا الميسر (إن كان كذلك) . وجزاكم الله عنا كل خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
1. لا حرج، إن شاء الله، في بيع منتجات مكتبية وورقية للبنك الربوي، فقد تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود بيعًا وشراءً مع كونهم مرابين.
2. إذا كان اسم البنك الربوي مطبوعًا على الورق فلعله لا حرج أيضًا في بيعه إذا كان المطبوع هو اسم البنك مجردًا، لكن لا يجوز إذا كان المطبوع يتضمن ذكر الربا أو أية منتجات مالية محرمة.(9/195)
3. لا يجوز طباعة أو تصميم شهادات الادخار ذات الجوائز المشار إليها، لأنها تجمع بين الربا والميسر، ولأن طباعتها أو تصميمها دعوة لها وتشجيع مباشر على شرائها، فيدخل في كتابة الربا والإعانة عليه.
4. إذا استطاع الأخ أن يتجنب التعامل مع البنك الربوي فهو أفضل، وإلا فلا حرج، إن شاء الله، حسب الضوابط المذكورة أعلاه.
والله أعلم.(9/196)
رسوم السحب من الحساب الجاري!
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 02/11/1426هـ
السؤال
عندما أريد سحب مبلغ نقدي من حسابي الجاري من داخل البنك عبر الصرافين يجب دفع مبلغ 10 ريالات، لإتمام هذه العملية، وفي بعض البنوك لا يتم السحب إلا عبر إصدار شيك مصرفي قيمته 10 ريالات، أرجو توضيح هذا الأمر في كلتا الصورتين من حيث صحة المعاملة، وهل فيها ربا؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلا فرق بين الصورتين في الحكم، المسألة بصورتيها بالنسبة إلى صاحب الحساب ليست ربا، بل هي عكس الربا؛ فإن الربا زيادة يأخذها الدائن "صاحب الحساب"، وها هنا صاحب الحساب لا يأخذ شيئاً، بل يدفع رسماً للبنك مقابل استرداده لشيء من ماله في حسابه الجاري.
وهي بصورتها بالنسبة للبنك أكل المال بالباطل، فإن الحساب الجاري دين في ذمة البنك يجب عليه أن يرده إلى صاحبه عند طلبه، وأخذه أجراً على رده يعتبر أجراً على قيامه بعمل واجب عليه، فيكون أكلاً للمال بالباطل، لا ينبغي أن يقر عليه البنك من جهات الاختصاص.
وإذا كان صاحب الحساب الجاري لا يمكنه أخذ شيء من حسابه إلاّ بدفع هذا الرسم، فهو معذور في هذا، وينبغي أن ينقل حسابه إلى بنك لا يأخذ رسماً، والله أعلم.(9/197)
صرف الفوائد الربوية في احتياجات المسجد
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/الفوائد الربوية وكيفية التخلص منها
التاريخ 26/10/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ حفظه الله ورعاه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤال موجه من إدارة مسجد بجنوب هولندا نرجو منكم الإجابة العاجلة عليه، رفع الله درجاتكم، الشق الأول من السؤال: للمسجد مبلغ مودع باسمه في البنك يقدر بحوالي (خمسين ألف يور) ونظرا لأن البنوك هنا تمشي بنظام الفوائد فإن هذا المبلغ تخرج عليه فوائد ربوية والسؤال هنا كيف نتصرف بهذه الفوائد؟؟ وهل يمكن صرفها على المسجد ومرافقه ومرتبات عامليه؟؟ وهل في هذا الرصيد وفوائده زكاة؟؟ نرجو الإجابة التفصيلية مع النصح مأجورين، الشق الثاني من السؤال: جاء إلينا رجل مبعوث من أحد الأشخاص وقال إن فلاناً بعثني وهو يتبرع لكم بفرش المسجد كاملا!! ونحن نعرف أن الشخص الذي بعثه شخص يتعامل ببيع الحشيش والمخدرات ونعلم أيضا أن له مكسباً آخر غير المخدرات وهو مساعدات اجتماعية من حكومة هولندا، وله مصدر تجاري آخر فلهذا قلنا لهذا الشخص المبعوث أخبر فلاناً الذي بعثك بأننا لن نقبل منه حتى نستفتي العلماء في القضية، بالرغم من أن الذي بعثه يصر على أن الفرش من المال الحلال لا من ماله الحرام؟؟؟ نرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة مشكورين.
الجواب(9/198)
المال المودع في البنك باسم المسجد الواقع بجنوب هولندا لا زكاة فيه لأن من شروط الزكاة: الملكية، وهذا المبلغ لا يملكه أحد وإنما هو وقف على هذا المسجد وأما الربا (الفائدة) فهي في الأصل حرام في القرآن والسنة، غير أن فتاوى العلماء وعدد من المجامع الفقهية المعاصرة أجازوا أخذ الفائدة التي تدفعها البنوك الربوية على أن تنفق بنية التخلص منها - لا بنية التقرب إلى الله وطلب الأجر، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وهي خبيثة وحرام وإنما جاز أخذها حتى لا يأخذها الكفار والمرابون ويتقوون بها على المسلمين، ولا بأس أن تنفق هذه الفائدة (الربا) على شئون المسجد من فرش وتكييف وصيانة، ولا يعطى العاملون في المسجد - مرتباتهم منها، لأنها سحت وأي جسم نبت من الحرام فالنار أولى به كما جاء في الحديث انظر: المسند (14441) والترمذي (614) ، فصرفها في المرتبات لا يجوز لأنه إعانة على الباطل وتعريض الآخذ لعدم إجابة دعائه إذا دعا، كما في الحديث "رب أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام فأنى يستجاب لذلك" مسلم (1015) .(9/199)
2. أما قبول التبرعات للمسجد ونحوه ممن ماله كله أو بعضه حرام فجائز لا شيء فيه، فالمتبرع إن كان كافراً يجوز للمسلم قبول تبرع الكافر ولا أجر له على تبرعه، فقد قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - الهدايا التي تهدى إليه من الكفار كما هو ثابت في الصحيحين وقد بوب البخاري في صحيحه (باب قبول الهدية من المشركين) وساق فيه أحاديث ثم إن قبولها من الكافر من حسن الخلق والمعاملة بالبر والإحسان الذي دلت عليه الآية: "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [الممتحنة:8] ، فالآية وإن كانت في إحسان المسلمين إلى الكفار نصاً فإنها دالة على قبول المسلم لتبرع الكافر.(9/200)
أما لو كان المتبرع مسلماً يتعامل بالمحرمات وكل ماله أو بعضه حرام فقبوله جائز ويثاب المسلم على تبرعه ويحاسب في الوقت ذاته عن ماله هذا من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ فإذا كان من حرام أو مختلطاً بالحرام وأنفقه في وجوه الطاعة فهو محاسب معاقب على الحرام ومثاب على الصدقة، وقد صح عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - وعدد من كبار التابيعن جواز الأكل ممن مطعمه حرام، فقد سئل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن رجل يدعو جيرانه إلى طعامه وهو يأكل الربا علانية ولا يتحرج من مال خبيث يأخذه؟ فقال للسائل: أجيبوه فإنما المهنأ لكم والوزر عليه، وإذا كان الأمر هكذا فإن قبول تبرعات المتبرعين للمسجد جائزة من باب أولى، وعمارة المسجد الحسية المادية تصح من الكافر والمسلم، أما العمارة الحقيقية فهي عمارتها بالعبادة ولا تصح ولا تجوز من كافر، قال تعالى: "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" [التوبة:19] فدلالة الآية على جواز العمارة الحسية والمادية واضحة، وإنما العمارة الحسية لا تقارن بعمارتها بالعبادة لله وحده والجهاد في سبيله، ومثل هذه الآية قوله تعالى: "مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ" الآية، [التوبة:17] والمراد منع المشركين من دخول المسجد الحرام بعد عام الحديبية، وهي مرتبطة بأول سورة التوبة " بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" [التوبة:1] فهي عن الدخول وليس أفعال السقاية والرفادة، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.(9/201)
التخلص من الفوائد الربوية
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/الفوائد الربوية وكيفية التخلص منها
التاريخ 5/5/1423
السؤال
يوجد لدي فضلة مال مودعة في أحد البنوك كحساب جارٍ من دون فوائد، وكما تعلمون أن البنك يستفيد من ذلك بأخذ الفوائد من الإيداع وإعطائها للفاتيكان، السؤال: هل يجوز الإيداع مع أخذ الفائدة، ومن ثم التخلص منها بإعطائها المستحق من المسلمين وذلك بنية التخلص؟ مع أنه لا يمنع ذلك من أن أزكي مالي الخالص كلما دار عليه الحول. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
سئل فضيلة الشيخ: عبد الله بن منيع -حفظه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب:
سـ/ ما حكم أخذ الفوائد الربوية من الحساب البنكي الخاص بي، وذلك لصرفه للمركز الإسلامي الموجود في المدينة أو توزيعها على المحتاجين من المسلمين؟ علماً أنه يوجد حساب بنكي بدون فوائد ربوية.
جـ/ الحمد لله، الفوائد البنكية ربا صريح، وإذا كان للمسلم حساب في بنك ربوي في مثل أمريكا، وليس هناك بنوك إسلامية يمكن فتح حسابات فيها، فهذا مسوغ للإيداع فيها؛ حفظاً للمال من عوارض الإضاعة والتسلط، وليس لغرض أخذ الفائدة، فإذا ظهر في الإيداع فائدة ربوية فيجب أخذها وصرفها في وجوه البر، تخلُّصاً منها، ومنعاً من أن تصرف إلى جهة غير إسلامية.
ولكن لا يجوز الإيداع في البنوك الربوية لغرض الاستثمار الربوي؛ لصرفه في وجوه الخير، حيث قد ينطبق على ذلك قول الشاعر فيمن تزني وتدفع أجرة زناها للأيتام:
أمطعمة الأيتام من كدِّ فرجها لكِ الويل لا تزني ولا تتصدقي
والله أعلم.(9/202)
اشتراط الخسارة على صاحب المال دون المضارب
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/الفوائد الربوية وكيفية التخلص منها
التاريخ 22/8/1424هـ
السؤال
هل فائدة البنوك غير المحددة بكمية معينة تعد حراماً؟ وإذا كان العقد بيني وبين البنك فيه شرط أن الخسارة على صاحب المال والربح مشترك، وإذا كانت حراماً، فما هو التصرف الصحيح في الربح الذي قد حصلت عليه سابقاً؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، الفائدة مصطلح مصرفي يطلق على ما يأخذه صاحب المال من زيادة على ماله الذي يودعه لدى البنك في صورة وديعة مؤجلة، وقد تسمى استثمارية وإن لم يكن استثمار سوى الفائدة.
والفائدة في هذه الصورة تُعدّ من قبيل الربا، فلا تجوز سواء كانت محددة، أو غير محددة.
وقد تطلق الفائدة على الكسب والربح، فيسمى فائدة، فإذا كان الربح سببه مشروعاً كالتجارة والصناعة. والزراعة فلا مانع منه، سواء كانت هذه التجارة عن طريق البنوك أو غيرها، لكن ينبغي أن تكون البنوك إسلامية؛ لأن البنوك الربوية غير مؤتمنة؛ ولأن في التعامل معها على فرض سلامة معاملتها دعماً لعملها الربوي.
أما شرط أن الخسارة على صاحب المال، والربح مشترك فحكمه مختلف باختلاف العقود، فإن كان العقد مضاربة بمعنى أن المال يكون من طرف هو العميل والعمل من طرف هو البنك -ويظهر أن هذه الصورة هي المقصود- فمقتضى ذلك أن الخسارة على صاحب المال، والربح مشترك، فاشتراطه يكون من قبيل تأكيد ما يقتضيه العقد فلا يضر.
أما التصرف الصحيح فيما يحصل عليه الإنسان من كسب حرام، فهو أن يصرفه في المصارف العامة كالفقراء والمساكين ودور الرعاية الاجتماعية، وجمعيات المعاقين ونحو ذلك؛ بقصد التخلص منه والخروج من عهدته لا بقصد التقرب والصدقة.
ويلزم مع ذلك التوبة إلى الله، والندم على ما فات، والعزم على عدم العود إليه، والله أعلم.(9/203)
أموال الربا بعد التوبة
المجيب محمد بن صالح الدحيم
القاضي في محكمة الليث
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/الفوائد الربوية وكيفية التخلص منها
التاريخ 8/3/1423
السؤال
يقول الله -سبحانه وتعالى- في سورة البقرة في آية الربا: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة:275] الآية، هل هذا يعني أن المرابي إذا تاب عن الربا ولديه أموال مختلطة تكون حلالاً له، ويعفى عنه؟ أم يجب عليه إخراج أموال الربا والتخلص منها؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: فهذه مسألة من المسائل الكبار وتحتاج إلى فتوى محررة، ولذا فإنني سأنقل هنا كلام شيخ الإسلام/ ابن تيمية -رحمه الله- حيث حرر وشفى.
قال -رحمه الله-: " ... وأما ما كان قبضه، فقد قال: "فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة:275] ، فاقتضى أن السالف له للقابض، وأن أمره إلى الله وحده لا شريك له، ليس للغريم فيه أمر، وذلك أنه لما جاءه موعظة من ربه فانتهى كان مغفرة ذلك الذنب والعقوبة عليه إلى الله، وهذا قد انتهى في الظاهر "فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة:275] إن علم من قلبه صحة التوبة غفر له وإلا عاقبه.
ثم قال: "اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين" [البقرة:278] ، فأمر بترك الباقي ولم يأمر برد المقبوض.(9/204)
وقال: "وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم" [البقرة:279] لا يشترط منها ما قبض ... ، والقرآن يدل على هذا بقوله: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف" [البقرة:275] ، وهذا عام في كل من جاءه موعظة من ربه، فقد جعل الله له ما سلف ... ، وهذا وإن كان ملعوناً على ما أكله وأوكله فإذا تاب غفر له، ثم المقبوض قد يكون اتجر فيه وتقلب، وقد يكون أكله ولم يبق منه شيء، وقد يكون باقياً، فإذا كان قد ذهب وجعله ديناً عليه كان في ذلك ضرر عظيم، وكان هذا منفراً عن التوبة ... ، وكثير من العلماء يقولون: إن السارق لا يغرم لئلا يجتمع عليه عقوبتان ... وهذا أولى لئلا يجتمع على المرابي عقوبتان إسقاط ما بقي والمطالبة بما أكل وإن كان عين المال باقياً فهو لم يقبضه بغير اختيار صاحبه ... ، بل قبضه باختياره ورضاه بعقد من العقود، وهو لو كان كافراً ثم أسلم لم يرده، وقد قال -تعالى-: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ... " [البقرة:275] ، ومن تدبر أصول الشرع علم أنه يتلطف بالناس في التوبة بكل طريق.
من كتاب (تفسير آيات أشكلت 2/574-595)(9/205)
أموال أصلها ربا
المجيب محمد بن صالح الدحيم
القاضي في محكمة الليث
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/الفوائد الربوية وكيفية التخلص منها
التاريخ 19/2/1424هـ
السؤال
لي أخ في أمريكا بعث لنا مبلغاً من المال قام بسحبه من البنك ليقوم والدي بالعمل به في أي مشروع، مع أن وضع أبي المادي في ذلك الوقت كان سيئاً جداً مع وجود عائلة مكونة من عشرة أشخاص جميعهم لا يعملون باستثنائي أنا وأخي، كنا نحصل على مبلغ لا يكفي كمصروف لبداية الشهر، وفعلاً بدأ أبي يعمل بهذه النقود وتحسنت الأمور المادية، فما هو موقفنا من هذه النقود الربوية؟
الجواب
الحمد لله، وبعد:
التعامل بالربا محرم قال الله تعالى:"وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة: 275] ، والملعون فيه خمسة كما قال -صلى الله عليه وسلم-:"لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه" مسلم (1597) فهو من كبائر الذنوب.
لكن إذا تاب الإنسان من الربا فالله يفرح بتوبته قال تعالى:"فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة: 275] .
وهذه الآية تبين الموقف من المال الربوي بعد التوبة فهو له "فله ما سلف" وأما قوله تعالى:"وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم" [البقرة: 279] ، فهذا فيما لم يقبض، وهذا هو القول الصواب في المسألة، وللاستزادة يراجع كتاب (تفسير آيات أشكلت) لابن تيمية -رحمه الله-.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(9/206)
التخلص من الفوائد الربوية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/الفوائد الربوية وكيفية التخلص منها
التاريخ 29/4/1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
سؤالي حول الفوائد الربوية ووجوه صرفها وحددت بعضها، مثل: أعمال الصيانة في المركز، تسديد فواتير الهاتف والكهرباء ... إلخ، ترميم أو صباغة المركز منها، تقديم مساعدات لبعض المسلمين منها أو غير المسلمين، الصرف منها على بعض أنشطة المركز، -أرجو التكرم بتحديد الأنشطة إذا كان الأمر ليس على إطلاقه- ومن الأنشطة إصدار مجلة، قيمة البريد وخصوصاً البريد المرسل لأغراض الدعوة كإرسال نشرات تعريفية عن الإسلام، أو إرسال نسخ القرآن الكريم للمسلمين إلى غير ذلك.
الجواب
اعلم يا أخي إن إيداع النقود أو فتح حساب في البنك بنية أخذ ربا (فوائد) حرام لا يجوز ولو بنية صرف هذه الفوائد في سبيل الدعوة إلى الله؛ لأن الله حرم الربا بنص كتابه، وحرم رسوله -صلى الله عليه وسلم- كل وسيلة تعين عليه "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه" البخاري (2238) مسلم (1598) واللفظ له.(9/207)
أما إذا كان البنك لا يتعامل إلا بالربا كحال عامة البنوك في الدول الغربية، والإيداع في مثل هذه البنوك ضرورة لا بد منها فهل تؤخذ هذه الفوائد الربوية أم لا؟ اختلف أهل العلم اليوم في هذا فمنهم من منع ذلك أخذاً بظاهر نصوص القرآن كقوله -تعالى-:"الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المسّ ... " [البقرة:275] ، وقوله:" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين.." [البقرة:278] ، وقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث:"إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.." البخاري (1410) ومسلم (1015) واللفظ له، وقال بعض العلماء بجواز أخذ هذه الفوائد الربوية من تلك البنوك وصرفها في مصارف الخير بنية التخلص منها لا بنية الصدقة لأنها مال خبيث، ولعل هذا القول هو الأرجح عندي -إن شاء الله-؛ لأن هذه الفوائد مع ضخامتها لو تركت عند البنوك الربوية في مثل هذه البلاد الكافرة لتقوى بها اقتصادها، وعاد ضررها على المسلمين، وإذا كان الأمر كذلك على هذا القول فالواجب عليك -أخي السائل- أن تجتهد في صرف هذا المال المسؤول عنه في أولويات أعمال المركز عندكم وأنشطته ما دامت في خدمة الدعوة إلى الله في بلاد الغربة، من دعوة غير المسلمين وتأليف قلوبهم ونشر الكتب والأشرطة التي تشرح العقيدة والأحكام الضرورية، وأنصح المسلمين بألا يأكلوا أو يشربوا مما صرف من هذه الفوائد على الطعام والشراب مما قد يوضع في المركز وهذا من باب قول الله:"فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [التغابن:16] .
فالله الله في تدبر هذه الآية على وفق جوابي لسؤالك، وفقنا الله وإياك إلى كل خير.(9/208)
شبهة في تحليل الفوائد البنكية
المجيب د. يوسف بن عبد الله الأحمد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/الفوائد الربوية وكيفية التخلص منها
التاريخ 08/11/1426هـ
السؤال
جدي يقول: إن الفوائد البنكية ليست حراماً تحديداً، لكنها مسألة مشتبهة.
ويبرّر هذا بقوله: "إن الخليفة عمر -بحسب رواية ابن كثير- شعر ببعض الصعوبة في المسألة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- توفّي قبل أن يفصّل هذه المسألة.
وهذه المسألة كانت واحدة من ثلاث مسائل تمنّى أن يكون سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها أكثر. وبناءً على هذا التعليل يقوم بعض المسلمين -بمن فيهم جدي- بأخذ الفوائد البنكية. فكيف نردّ على هذه الدعوى؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فأخذ الفوائد مقابل الإيداع في البنك ربا محرم بإجماع المسلمين، فهو قرض جر نفعاً، ومال بمال من جنس واحد متفاضلاً ومؤجلاً فاجتمع فيه أنواع الربا المتفق على حرمته؛ ربا الفضل، وربا النسيئة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة.. مثلاً بمثل، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي سواء "أخرجه مسلم (ح:1584) من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدينار بالدينار لا فضل بينهما، والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما" أخرجه مسلم (صحيح مسلم ح:1588) .
والإيداع البنكي هو في حقيقته قرض، والقرض هو: دفع مال لمن ينتفع به، ويرد بدله. واقتراض الربويات في أصله محرم، لكن الشرع استثناه للإرفاق، ولذلك أجمع العلماء على أن القرض إذا جر نفعاً فهو رباً.
أما قول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الذي أخرجه البخاري: "وددت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يفارقنا حتى يعهد إلينا عهداً في الجد والكلالة، وأبواب من أبواب الربا".
فمعناه أن عمر -رضي الله عنه- لم يكن عنده نص في بعض أبواب الربا، كما ذكر ذلك ابن حجر في الفتح، وهذا وارد؛ أي ألا يصل بعض العلم إلى بعض الصحابة حتى لو كانوا من الخلفاء الراشدين، فهذا لا يعني بحال أن شريعة الله ناقصة، بل كاملة بينة في مجموع الأمة. وبالله التوفيق.(9/209)
شراء الذهب بالتقسيط
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ البيوع/بيع الذهب وشراؤه
التاريخ 5/7/1422
السؤال
ما حكم شراء الذهب بالتقسيط أو عن طريق بطاقات الائتمان الفيزا والماستر؟
الجواب
يظهر أن السائل يقصد بالذهب حلي النساء، وقد ذهب جماهير أهل العلم قديماً وحديثاً إلى المنع من ذلك، واشترطوا فيه ما اشترط في نقود الذهب والفضة من الحلول والتقابض في مجلس العقد، فلا يشتري بالأجل أو الآجال " التقسيط "
وذهب بعض الفقهاء إلى جواز ذلك، واعتبروا حلي الذهب والفضة قد خرجت من نطاق النقود، وأصل النقود إلى نطاق السلع؛ وبالتالي فيجوز شراؤها وبيعها بالأجل أوالآجال، وبطاقات الائتمان، والرأي الأول أحوط.
وعلى القول بمنعها فإنه لا يجوز شراؤها ببطاقات الائتمان كالفيزا، وماستركارد وأمريكان إكسبريس ونحوها؛ لأن الدفع بهذه البطاقات ليس فورياً، بل يحتاج إلى أيام حتى يقبضها البائع، وهذا خلاف اشتراط الحلول والتقابض في مجلس العقد.
ولكن لو تطورت التقنية المصرفية مستقبلاً، فصار يقبضها البائع فوراً، وتضاف إلى حسابه في الحال جاز ذلك.
وأما شراء الذهب والفضة والعملات، أي: ما يشترط فيه الحلول والتقابض في مجلس العقد ببطاقات الصراف، فهو جائز إذا كان البائع يقوم بإجراء ما يسمى بعملية الموازنة، والتسوية فوراً، وذلك لأن بطاقة الصراف التي يتم الشراء بها عن طريق نقاط البيع في داخل الدولة يتم خصم المبلغ من حساب المشتري صاحب البطاقة فوراً، ولكنه لا يلحق بحساب البائع إلا بعد أن يجري ما يسمى بعملية الموازنة والتسوية، فإذا أجراها فوراً فقد حصل القبض تماماً إذ إدخالها في حسابه من أجلا صور القبض، فيتحقق الشرط الشرعي في التقابض.(9/210)
والبائعون يلجؤون عادة إلى إجراء هذه العملية في نهاية اليوم حتى لا يخسروا ورقاً في كل إجراء، ولا يتكلفوا تعباً من إجراء العملية، بل يجمعون كل العمليات البيعية التي تمت في ذلك اليوم في عملية تسوية وموازنة واحدة لتضاف إلى حسابهم ورصيدهم في البنك، وبهذا نعلم أنه إذا لم يجر البائع الموازنة والتسوية فإن شراء الذهب والفضة والعملات لايجوز؛ لأنه لم يتحقّق القبض المطلوب شرعاً. والله أعلم.(9/211)
الوفاء بدين الربا
المجيب د. حمد بن حماد الحماد
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان
التاريخ 17/10/1423
السؤال
قبل سنوات كان لدي عدد من بطاقات الائتمان) (Credit Cards)) ، وبعد مدة طويلة من الاستخدام والتسديد جاء وقت لم أستطع فيه الوفاء بالاستحقاقات الشهرية، فبدأت لا أدفع، وكنت أظن أنه لا ذنب علي؛ لأن شركات بطاقات الائتمان لم تكن شركات إسلامية. وبعد محادثة مع صديق لي أحسست بالندم على ما فعلت. فماذا يجب علي الآن أن أفعل؟ إذ من الصعب الاتصال بجميع الشركات، كما أنها ستطالب بتسديد المبالغ إضافة إلى غرامات التأخير في السداد، وكذلك الفوائد الربوية (interest) ، فماذا أفعل لكي تبرأ ذمتي، وتقبل توبتي؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
فيما يتعلق بالاستحقاقات المترتبة عليك بسبب بطاقات الائتمان -كما ورد في السؤال-، أولاً: يجب عليك التوبة والندم وعدم العودة؛ لأنك ارتكبت أمراً عظيماً باشتراكك في عقود تعلم أن فيها ربا.
وثانياً: يجب عليك أن ترد الحقوق لأهلها -وإن كانوا غير مسلمين-، لكن إن استطعت أن تعطيهم حقوقهم فقط بدون زيادة بسبب ربا، أو عقد باطل فلك ذلك، أقول: إن استطعت ولم يلحقك مسؤولية، أو ضرر فلك ذلك، والله - سبحانه وتعالى - أعلم.(9/212)
استخدام بطاقة الفيزا
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان
التاريخ 25/3/1424هـ
السؤال
أنا أستخدم بطاقة الفيزا؛ لأن زوجتي تعيش في أوربا وأنا أعيش في السعودية، فهي تقوم بالشراء بها، وأنا أقوم بالسداد قبل أن يبدأ حساب أي فائدة علي، هل علي حرمة؟
الجواب
إذا كان هناك حاجة ماسة لبطاقة الفيزا وكان مستخدمها حريصاً على التسديد أول بأول ليس فقط قبل حلول القسط والفائدة الربوية المترتبة عليه، وإنما أيضاً يقوم بإيداع مبلغ إضافي إذا أمكنه، بحيث إنه فيما لو حصل تأخر في وقت من الأوقات عن السداد فإن المبلغ الإضافي الموجود في رصيده يغطي العجز، ومن ثم يحميه من الفائدة الربوية، فلا بأس إن شاء الله ولا حرج عليه، لأن زوجته في بلد أجنبي، وقد لا يتيسر له الحصول على بطاقة ائتمان تخلو من الفوائد، والعلم عند الله تعالى.(9/213)
فوائد الفيزا ورسومها
المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد
مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان
التاريخ 3/9/1424هـ
السؤال
قرأت فتوى فضيلة الشيخ بخصوص استعمال بطاقة الفيزا تحت هذا العنوان (تسديد الأموال المسحوبة بالفيزا) ، ولكن كلامه غير واضح في الموضوع، أنت إذا أردت استصدار بطاقة الفيزا من جهة معينة فإن من بنود استمارة العقد الذي توقعه للحصول على البطاقة أنك إذا تأخرت بتسديد ما عليك بعد تاريخ معين من كل شهر، فإن هناك فائدة ستحسب عليك وتضاف إلى القيمة التي تدفعها، أليس وجود هذا الشرط يبطل العقد أصلاً؟ وأليس هذا الشرط هو الشرط الذي يفرضه المترابون إذا داينوا الناس ... ؟
الجواب
أخي السائل عن حكم الفيزا فمع وضوح الجواب السابق للسؤال:
أولاً: أني لا أتبرم من أي استيضاح عن السائل يريد التأكد من الإجابة؛ لأنه ليس من حقي إلا السير مع السؤال إلى النهاية، إلا في حال العجز من المجيب على المزيد.
ثانياً: أخذ الفائدة على القرض إذا لم يسدد بعد مهلة الاتفاق لا يجوز في الشرع شيء من ذلك لا مركبة ولا بسيطة.
ثالثاً: أخذ مبلغ مثلاً 6 ريالات أو 36 ستة وثلاثون ريالاً على السحب من الصراف الآلي لا بأس فيه؛ لأن ذلك لقاء خدمة تيسر على الساحب الاستفادة من ماله وتعود على صاحب الآلة بالفائدة المباحة مع ما يقوم به موظفوه من عناء بالقيودات متعددة الجوانب، والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.(9/214)
بطاقة الشراء عن طريق الإنترنت
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان
التاريخ 1/9/1423هـ
السؤال
ظهرت في الآونة الأخيرة بطاقة بنكية تمكَّن الشخص من الشراء عن طريق الإنترنت دون أن يكون له حساب في ذلك البنك، ولكن قيمة البطاقة 60 دولاراً في حين أنه يتمكن من الشراء بخمسين فقط، بمعنى أن سعر بطاقة الخمسين دولاراً ستون دولاراً، أفتونا في هذا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
الفرق بين قيمة البطاقة وبين القدرة الشرائية يقابل تكلفة إنتاج البطاقة وإدارة حساباتها، ولا يظهر في ذلك محذور؛ لأن شراء البطاقة ليس شراء لنقد بنقد، بل هو نقد مقابل سلع وخدمات تعادل قيمتها 50 دولاراً، ولا حرج في ذلك إن شاء الله، طالما كان استعمالها فيما هو جائز شرعاً، لكن يشترط ألا يسمح لحامل البطاقة بالسحب النقدي، ولا بشراء عملات، ولا بشراء ذهب أو فضة، حتى لا تصبح المعاملة نقوداً بنقود، فيدخلها حينئذٍ الربا، لوجود التفاوت تارة في الأجل، وتارة في الأجل والقدر، والله أعلم.(9/215)
بطاقة سعودي تك
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان
التاريخ 12/11/1424هـ
السؤال
بسبب مجال دراستي (كمبيوتر) ، أحتاج إلى شراء بعض البضائع عبر الإنترنت، مثل مساحة أضع من خلالها موقعي الخاص، ولكن أغلب المواقع التي تحتاج إلى شراء بضائع منها تطلب بطاقات الائتمان كوسيلة للتعامل المالي، وعندما بحثت عن أفضل البطاقات التي تمكنني من الشراء وجدت عرضاً من شركة تتميز بالثقة والشهرة والسهولة في التعامل، وكان عرضها كالتالي:
بطاقة سعودي تك ومميزاتها: توفر إمكانية التسوق العالمي من خلال شبكة الإنترنت،
بطاقة سعودي تك هي بطاقة ماستركارد في جميع خصائصها، باستثناء أنه لا يمكن استخدامها كبطاقة ملموسة في عمليات الشراء.
بطاقة سعودي تك صالحة للاستعمال خلال الإنترنت فقط، وهي بطاقة مرجعية تحتوي على رقم الحساب وتاريخ الانتهاء والرمز الخاص بسريان البطاقة.
لن يستلم حامل البطاقة كشف حساب في نهاية الشهر، ولكن يمكنه استعراض ملخص للحساب عن طريق دخوله إلى موقع البطاقة في الإنترنت وطلب أي كشف حساب.
عند حلول تاريخ الانتهاء الموجود على البطاقة، فإن البطاقة سوف تجدد تلقائياً لمدة سنة، وسوف تخصم القيمة من حساب البطاقة ما لم يبلغ حامل البطاقة عدم رغبته في ذلك قبل شهر على الأقل من تاريخ الانتهاء.
بطاقة سعودي تك هي بطاقة مدفوعة مسبقاً بدون خصائص الائتمان، أي لا يمكن السحب بأكثر من المبلغ المودع في حسابها. ويتم الخصم منها عن طريق العمليات التي ترسل عليها أو تخصم منها. ويمكن لحامل البطاقة إيداع المبالغ في أي من البنوك المشاركة لإعادة شحن البطاقة.(9/216)
سعودي تك هي بطاقة ماستركارد مدفوعة مسبقاً ذات اشتراك سنوي مقداره 165 ريالاً، وهي عبارة عن رقم ماستركارد مرجعي مكون من 16 خانة، وتاريخ الانتهاء والرمز الخاص بسريان البطاقة، وتحمل رصيداً منخفضاً.
بطاقة سعودي تك هي حساب سنوي قابل لإعادة الشحن والشراء أي عدد من المرات، وكذلك يجدد سنوياً إذا رغب حامل البطاقة في التجديد بعد دفع الرسوم السنوية.
ملاحظة: قدمت لي الشركة عرض عبارة عن التالي:
قيمة العرض 265 ريالاً سعودياً، تحصل من خلاله على:
بطاقة سعودي تك بقيمة 25 دولاراً + اشتراك إنترنت مجاني 10 ساعات.
يتضح من العرض أنني أستطيع شراء أي منتج تكون قيمته 25 دولاراً فأدنى.
أرجو أن تفتوني هل يجوز لي هذا التعامل المالي؟ علماً أنه لا توجد طريقة أخرى للشراء عبر الإنترنت إلا هذه الطريقة مع احتياجي لذلك، والتي عرضت نموذجاً لها، وهي بطاقة (سعودي تك) .
ملاحظة2:
في نظري أن اختلاف السعر (أي سعر شراء البطاقة، والسعر المتاح استخدامه بواسطة البطاقة) عائد إلى أنهم يقدمون هذه الخدمة وأنها غير مجانية.
أرجو السرعة في الرد ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإني قد زرت موقع الشركة المذكورة في السؤال قبل مدة، وزرته الآن بعد السؤال، ولم يظهر لي صحة بعض المعلومات الموجودة في السؤال، خاصة الربط بين هذه البطاقة وشركة ماستركارد المعروفة، مع استخدام هذه الشركة لعلامة ماستركارد (الدائرتين المتقاطعتين) .
وهناك أشياء مريبة في الموضوع، مثل وضع حساب شخصي للإيداع، وعدم الارتباط بين الشركة والمنظمة العالمية، وعدم وجود دليل على إجازة النشاط من البنك المركزي.
وعلى فرض جواز التعامل مع تلك الشركة فإني لا أنصح بها، خاصة أن البنوك التجارية التي تقدم بطاقات ائتمان تقدم في الوقت نفسه بطاقة خاصة للتعامل مع الإنترنت.(9/217)
وهناك نقاط في العقد لا تصح، مثل الفقرة الثالثة التي تنص على أن (حامل البطاقة يكون مسؤولاً تماماً عن جميع العمليات التي تتم على الحساب، سواء علم بها أو لم يعلم. وليس له الحق في إرجاع العملية أو المبالغ نتيجة ظهورها في حسابه، سواء تمت بتفويض منه أو لا) . والذي تتيحه منظمات البطاقات من الاعتراض على العملية التي يظن الشخص عدم القيام بها أولى وأكثر عدالة.
ثم إن العقد لم ينص على التحاكم إلى مرجعية شرعية في الخلاف ولا غير شرعية، وهذا من قرائن العمل غير المنظم، ثم إن البطاقة المزعومة تحسب الدولار الواحد بأربعة ريالات، ومع افتراض علم العميل بذلك، إلا أن 15% ربح فاحش.
والخلاصة أني لا أنصح السائل بالتعامل بهذه البطاقة؛ لأسباب غير شرعية في المقام الأول، فقد تكون من شركات النصب والاحتيال.(9/218)
بطاقة الخير الائتمانية
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان
التاريخ 17/05/1425هـ
السؤال
أفتى بعض طلبة العلم بأن الاقتراض بواسطة بطاقة الخير الائتمانية (سامبا) إلى أجل، ثم طلب تورق هو قلب الدين المحرم، وكذلك بيعتان في بيعه المنهي عنه، وقد اشتبه الأمر علي وأريد الإيضاح.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
الفتوى المشار إليها صحيحة، واستخدام التورق لقلب الدين لا يدخل ضمن التورق الذي اختلف الفقهاء في جوازه قديماً، بل هو حيلة للوقوع في "أتقضي أم تربي" المجمع على تحريمه، وهو عين ربا الجاهلية الذي توعد الله -تعالى- عليه بالحرب. فيجب على كل مسلم اجتناب الربا بكل صوره ومظاهره، والحذر مما يعرضه لغضبه وسخطه. وهو -سبحانه- الهادي إلى سواء السبيل.(9/219)
بطاقة الصرف مدفوعة الثمن
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان
التاريخ 23/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
سؤالي هو: يقوم البنك الأهلي بتوفير خدمة مصرفية، وهي بطاقة صرف آلي مدفوعة الثمن بالقيمة التي أحدُّدها أنا، ويقوم بأخذ 100 ريال سنوياً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا حرج إن شاء الله في البطاقة المشار إليها، بشرط ألا تستخدم لشراء عملات أو ذهب أو فضة. والله أعلم.(9/220)
بطاقات الائتمان
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان
التاريخ 8/2/1425هـ
السؤال
ما حكم التعامل بما يسمى: الفيزا كارد؟
الجواب
بطاقات الائتمان (فيزا كارد، وماستر كارد، وأمريكان أكسبريس، ونحوها) ، وتكييفها الشرعي:
بطاقات الائتمان:
أصبح من الشائع الآن استخدام بطاقات الائتمان، والتي يطلق عليها في بعض الأحيان "النقود البلاستيكية"، وأصبحت أغلب المحلات التجارية، ووكالات السفر، والفنادق، ونحوها تقبل الدفع بوساطة هذه البطاقة دون أن يحتاج الشخص لحمل نقود، أو شيكات سياحية، خصوصاً في حالات السفر، وقد بدأ استخدام بطاقات الائتمان على نحو واسع بعد الحرب العالمية الثانية أي قبل نحو خمسين سنة.
وقد أخذت فكرة بطاقة الائتمان من طريقة الشراء على الحساب التي كان يستعملها أصحاب المتاجر مع فئة معروفة من عملائهم يسمح لهم بالشراء الآن، ثم الدفع في نهاية الشهر، ثم تطورت هذه الفكرة لدى بعض المتاجر الكبيرة ذات الفروع المتعددة في أنحاء البلاد، فبدأت بإصدار بطاقات بلاستيكية تحمل اسم العميل ورقم حسابه مع المتجر، ويسمح لحامل هذه البطاقة أن يشتري على الحساب، ثم يدفع كل المبلغ عندما ترسل له الفاتورة، أو يقوم بدفع المستحق عليه على أقساط شهرية بالإضافة إلى رسم يسمى رسم التحويل مقابل هذه الخدمة.
وعندما تعددت المتاجر التي تصدر بطاقات الائتمان أصبح العميل مضطراً إلى أن يحمل معه عدة بطاقات لعدد كبير من المتاجر إذ لا يستطيع أن يستخدم بطاقة متجر معين في متجر آخر، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى بطاقة واحدة على مستوى الدولة تقبل في جميع المحلات داخل حدودها، ثم قامت الشركة المصدرة بتوسيع قبول البطاقة إلى خارج حدودها، وذلك بعمل اتفاقات مع الجهات الأخرى بضمان حصولهم على قيمة مبيعاتهم، وحسب السعر السائد لعملة كل دولة.(9/221)
فبطاقة الائتمان تنشأ عن علاقة متعددة من أطراف مختلفة هي:
* الشركة التي ترعى البطاقة وهي عادة شركة عالمية.
* وكالات ومصارف محلية للوساطة في منح البطاقة.
* أصحاب المتاجر والخدمات (عملاء بيع البطاقة) .
* حملة البطاقة (عملاء شراء البطاقة) .
إذ تقوم شركة البطاقة بالاتفاق مع الوكالات والمصارف المحلية لتسويق البطاقة للطرفين المتعاملين بها مباشرة، وهما أصحاب المتاجر والخدمات وحملة البطاقة، وبعد حصول العميل على البطاقة وفي حال رغبته بالشراء عن طريقها يقوم بتقديمها إلى صاحب المتجر أو الخدمة الذي يقوم بإدخال البطاقة في جهاز خاص عنده من أجل تصويرها على فاتوة البيع، ويكتب المبلغ، ويوقع عليها العميل إقراراً بشراء البضاعة أو الخدمة، وبعد إتمام العميلة يتسلم العميل البضاعة التي اشتراها، أو يستوفي الخدمة ويأخذ نسخة من الأنموذج الورقي الذي وقع عليه (فاتورة الشراء) ، ويرسل صاحب المتجر أو البنك الذي يتعامل معه صاحب المتجر النسخة الثالثة إلى الجهة المصدرة للبطاقة (وهي الشركة العالمية) ، وتسدد تلك الجهة قيمة الفاتورة وتأخذ عمولة على صاحب المتجر، تقارب (3%) من قيمة الفاتورة، ثم ترسل صورة من تلك النسخة الموقعة من العميل إلى البنك الذي يتعامل معه العميل، وصدرت من خلال وساطته البطاقة، من أجل التسديد عنه أو خصم المبلغ من حسابه.
فوائد البطاقات:
يحقق مستعمل البطاقات عدة مزايا وفوائد منها:-
1. الأمان: فلا يحتاج الشخص إلى حمل مبالغ نقدية كبيرة معه في كل الأوقات سواء كان داخل حدود بلده أو متجولاً في البلاد الأخرى، وبذلك يقل تعرضه للسرقة، أو فقدان ما يحمله من نقود.
2. سهولة التعامل: إذ يؤدي التعامل بالبطاقة إلى سهولة إجراء التعاملات التجارية، وكذلك دفع فواتير الفنادق وإيجار السيارات، كما تستخدم البطاقة كأداة تعريف لحاملها، وكضمان لقدرته على الوفاء بالمستحقات التي عليه.(9/222)
3. الاحتفاظ بحساباته المنتظمة: إذ يستطيع رجال الأعمال ومعظم الأفراد الاحتفاظ بحسابات منتظمة لجميع مدفوعاتهم، وخصوصاً في الدول التي توجد بها أنظمة للضرائب الشخصية وضرائب الدخل، بحيث يكون لدى مستعمل البطاقة كشف شهري بجميع المبالغ التي دفعها والجهات التي دفعت إليها والتواريخ والعناوين ونحو ذلك.
عيوب البطاقات:
ولا تخلو هذه البطاقات من بعض العيوب، ومنها:
1. الإسراف في الاستهلاك: إذا تؤدي سهولة الشراء الآن والدفع المؤجل إلى اتجاه بعض الأفراد إلى الإسراف في الإنفاق بدون حساب، بحيث لا يشعر المرء بتلك المدفوعات إلا عندما يتسلم كشف الحساب ويستحق عليه الدفع، كما أن في هذا مشكلة بالنسبة لشركات البطاقات عندما يعجز الشخص عن الوفاء بالدفع في المواعيد المحددة.
2. رسوم الاشتراك: إذا هناك رسم اشتراك للحصول على هذه البطاقات، وتتراوح هذه الرسوم حسب نوع البطاقة من (300) ريال إلى (1000) ريال، كما أن هناك رسوم تجديد سنوية تتراوح من (300) إلى (700) ريال حسب نوع البطاقة، وفي بعض الأحيان لا يستعملها العميل مطلقاً.
3. الفوائد الربوية على الرصيد المتبقي: إذا لم يستطع العميل أن يدفع كامل المبلغ عند استلام كشف الحساب، وأراد أن يقوم بتقسيط ذلك المبلغ على عدة فترات، فإن البنك يتقاضى (فائدة) مقدارها يتراوح ما بين (1.5 %) إلى (2%) شهريًّا على الرصيد المتبقي، أي أن سعر الفائدة المستحق في هذه الحالة يتراوح ما بين (18%) إلى (24%) سنوياً، وبالرغم من ذلك فإن مزايا البطاقات تفوق عيوبها - إذا تخلصت من الأمور المحرمة -، ولذلك زاد انتشارها، وأصبح لا غنى عنها في هذا الزمن.
تكييفها الشرعي:(9/223)
يختلف التكييف الشرعي لبطاقات الائتمان حسب طبيعتها والشروط المقترنة بها واستخدامها، فإذا تم استخدام البطاقة في الاقتراض من البنك المصدر لها، حيث يقوم بالتسديد نيابة عن العميل لعدم وجود رصيد في حسابه ويحتسب عليه فوائد ربوية فهذه لا شك في حرمتها؛ لأنها قرض بفائدة، وهذا هو الغالب في تعامل البنوك غير الإسلامية مع عملائها؛ فإن سدد البنك عنه ولم يحتسب عليه فائدة فهذا قرض حسن، وبالتالي لا تمنع البطاقة - شرعاً - لأجل هذا السبب، لانعدام الربا فيه.
ويبقى النظر في الجوانب والشروط الأخرى للبطاقة ومدى شرعيتها؛ فإذا تضمنت شروط البطاقة بين البنك المصدر لها والعميل شرطاً يلتزم فيه العميل بالتسديد من رصيده، وفي حال خلوه أو نقصه يقوم البنك بإقراضه واحتساب فائدة عليه ثم لم يحصل ذلك - بمعنى أن العميل جعل رصيده أكثر مما يستحق عليه نتيجة الشراء بالبطاقة -؛ فإن هذا الشرط يجعل العملية محرمة لما فيه من التزام الربا والرضا به والتوقيع عليه وهذا لا يجوز، وذهب بعض الباحثين إلى جواز ذلك إذا اتخذ العميل من الاحتياطات ما يكفل عدم تطبيق هذا الشرط المحرم؛ لأن هذا الشرط في معرض الإلغاء شرعاً وهو مستنكر ومعمول على استبعاد مفعوله، فالشروط التي تناقض كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - باطلة مهما كانت، وكذلك إذا تضمنت الاتفاقات بين الشركة العالمية راعية البطاقة والبنك المصدر شرطاً أو تنفيذاً لأي فائدة ربوية ظاهرة أو مستترة، فهاهنا تحرم البطاقة لهذا السبب.
كما تحرم البطاقة - في هذه العملية بالذات إذا استخدمها العميل في السحب من البنوك التي تتعامل بالربا وليس السحب من الأجهزة الآلية؛ إذ يترتب على هذه العملية التزام العميل بدفع فوائد ربوية نتيجة لهذا السحب الذي يُكيَّف على أنه إقراض من قبل البنك المسحوب منه للعميل، ثم يسحب من حسابه الجاري الموجود في البنك المصدر للبطاقة.(9/224)
كما أن بعض الباحثين ذهب إلى تحريم أخذ البنك المصدر للبطاقة من العميل رسم إصدار للبطاقة، على اعتبار أن ذلك ربا، فكأن هذا الرسم فائدة على دفع البنك في حال انكشاف الحساب للعميل، وإلى أن فيها غرراً وجهالة؛ لأن العميل يدفع رسماً ولا يعلم هل يستخدمها أم لا؟ وكم عدد المرات التي سوف يستعملها؟ ولكن لا يظهر في هذا الرأي حجج مقنعة؛ لأن الرسم الذي يتقاضاه البنك المصدر يمكن تكييفه على أنه قيمة لتلك البطاقة وأجر على الخدمات والمنافع التي تقدمها - أو يمكن أن تقدمها تلك البطاقة - للعميل من تعريف به بواسطتها، وإرسال الإشعارات وعمل القيود ونحو ذلك. وأما الغرر والجهالة فغير موجودة نظراً لأن العميل متاح له استخدامها بعدد مرات لا حد لها، فإذا لم يستخدمها فهذا حقه لم يمارسه، وليس ملزماً بممارسته، وعدم استيفائه له لا يجعل في العملية غرراً ولا جهالة.
وتُكيَّف الرسوم المأخوذة من أصحاب المحلات التجارية أنها مقابل استخدام الجهاز الخاص الذي تمرر فيه البطاقة، وكذلك لقاء خدمات الوساطة والسمسرة بين العملاء، وأصحاب المحلات التجارية الذي تم عن طريق البنوك.
وأما حسم نسبة مئوية من قيمة فاتورة السلع والخدمات المشتراة والتي تحصل عليها شركة البطاقة فلا يتحصل أصحاب المحلات التجارية على كامل قيمة الفاتورة؛ فهذه عمولة على تحصيل الثمن من العميل حامل البطاقة، ويجوز أخذ الأجر على تحصيل الدين؛ لأنها إجارة على تحقيق منفعة مباحة، وهي جائزة شرعاً.
والكلام يطول جداً في تفصيل هذه الأمور.(9/225)
والخلاصة في حكم بطاقة (فيزا كارد) ونحوها: أنها إذا كانت صادرة عن المصارف الإسلامية فلا بأس بها شرعاً، وأما إن كانت صادرة عن البنوك الربوية فإنها محرمة؛ لأن العميل (صاحب البطاقة) إما أن يدفع الربا فعلاً وذلك إذا اشترى بها وكان حسابه أو بعضه مكشوفاً، وهذا دفع للربا المحرم بالإجماع، أو أن يلتزم بدفعه؛ لأنه يوقع في عقد منحه للبطاقة من البنك الربوي على استعداده لدفعه إذا انكشف رصيده أو بعضه، والرضا بهذا التوقيع عليه محرم بحد ذاته ولو لم يدفع فعلاً، إلا أن يكون الترافع إلى محكمة شرعية ستحكم ببطلان هذا الشرط، فكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث بريرة عندما اشترتها عائشة - رضي الله عنها -، وأعتقتها واشترط ملاكها السابقون أن الولاء لهم فأخبرته عائشة بذلك؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " خذيها واشترطي لهم الولاء إنما الولاء لمن أعتق " ثم خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان مما قال:" كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط " رواه البخاري (2168) ومسلم (1504) . فاشتراط الربا مثله، لكن هذا مقيد بالترافع لمحكمة شرعية، والواقع أن الترافع في هذه المسائل يكون إلى هيئات حسم منازعات تجارية لا تبطل هذا الشرط الربوي، بل تحكم بمقتضاه وتلزم العميل بدفع الربا، فعلى هذا تحرم البطاقة الصادرة من البنوك الربوية، والله أعلم.(9/226)
الاشتراك في عضوية (Hotel Xpres International)
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان
التاريخ 17/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم.
سؤالي هو عن حكم الاشتراك في عضوية بطاقة (هوتيل إكسبريس العالمية) ، وطريقة هذه البطاقة هو أنه بمجرد الحصول عليها فإنه يحصل المستفيد على خصم في فنادق محددة حول العالم يصل إلى 50 % من القيمة الأساسية، ورسم هذه البطاقة السنوي هو 750 ريالاً، هل تعتبر هذه البطاقة من الجهالة والغرر؟، حيث إن المستفيد قد لا يسافر خلال هذه السنة، فلا يستفيد من هذا الخصم، أو قد يكون كثير الأسفار فتصبح خسارة على هذه الشركة. أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأظهر والله أعلم أنه لا حرج في الاشتراك في بطاقة التخفيض إذا سلمت من التدليس أو التغرير والخداع. لأن الخصم يحقق مصالح الأطراف المشتركة: فالمشترك يحصل على الخدمة بثمن أقل، والبائع يستفيد من زيادة مبيعاته بسبب الخصم، ومصدر البطاقة يستفيد من وساطته بين الطرفين.(9/227)
لكن أنبه الأخ إلى أن الخصم الذي تروج له كثير من البطاقات قد يكون غير حقيقي، فهو خصم من السعر الرسمي للفندق أو لصاحب الخدمة. بينما السعر الفعلي الذي يدفعه الشخص العادي الذي لا يحمل البطاقة أقل بكثير من السعر الرسمي. وفي كثير من الحالات يكون السعر الفعلي أقل من السعر الرسمي بعد الخصم المذكور في البطاقة (فقد يكون السعر الرسمي للغرفة مثلاً 800 ريال بينما السعر الفعلي هو 350. والخصم الذي يحصل عليه صاحب البطاقة هو 50%، فيكون السعر الذي يدفعه صاحب البطاقة هو 400، بينما يدفع الشخص العادي بدون البطاقة أقل من ذلك، فلا يكون هناك فائدة من البطاقة) . فأدعو الأخ إلى أن يقارن بين سعر خدمات الفندق بدون البطاقة وسعرها في وجود البطاقة ليتأكد من جدوى الاشتراك.
والله أعلم.(9/228)
بطاقة (فيزا) من بنك ربوي
المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي
مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/بطاقات الائتمان
التاريخ 16/02/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد حصلت على بطاقة (فيزا) من بنك ربوي، وهي مجانية بدون رسوم سنوية، ولا يتقاضون أي رسوم على المشتريات مهما كان نوعها، يتم تسديد الفاتورة بقيمة (المتجر) دون زيادة أو نقصان، وأستخدمها فقط للمشتريات، وقد سمعت بأن البنك يتقاضى 2% من العميل مثلا: سوبر ماركت (بندة) مقابل استخدام البطاقة، فهل أنا على حرام مقابل استخدامها؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ليس عليك إثم في استخدامها ما دمت تسدد الفاتورة بقيمة مشترياتك من غير زيادة - كما بيّنت في سؤالك-، أما ما يتقاضاه البنك من التاجر فهذه العمولة فيها خلاف بين الفقهاء المعاصرين، والذي يظهر لي أنها جائزة وتكيفها الفقهي أنها عمولة سمسرة، وعليه فلا بأس في هذه البطاقة بشرط أن تسدد الفاتورة بقيمتها من غير زيادة. والله -تعالى- أعلم.(9/229)
الشهادات الاستثمارية في البنوك الربوية
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/شهادات الاستثمار
التاريخ 01/08/1426هـ
السؤال
أستثمر جزءاً من أموالي في شهادات استثمار أحد البنوك التجارية ببلدي، فهل هذا حلال أم حرام؟ وهل استعمال الفيزا حلال أم حرام؟ وهل استثمار الأموال في شراء وبيع الأسهم الخاصة بالشركات مثل شركات الهاتف المحمول حلال أم حرام؟ وإذا كانت شهادات الاستثمار حرام فأرجو إفادتي بما يمكن عمله، وأي البنوك أستطيع التعامل معها؟ مع العلم أني لا أجد من أتاجر معهم، أو أستأمنهم على أموالي.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
(1) شهادات البنوك التجارية من الربا المحرم شرعاً، فيجب تجنبها وعدم التعامل بها. وما سبق أن حصلت عليه منها فهو معفو عنه إن شاء الله؛ لعموم قوله تعالى: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة:275] . وهذا العفو مشروط بالثبات على التوبة، وعدم العودة للتعامل بالربا. ويفضل التصدق بما يتيسر لك، لكن ليس هناك كفارة خاصة فيما أعلم عدا التوبة والانتهاء عن الربا.
(2) إذا كان استعمال الفيزا للشراء بالدين ودفع رسوم على التأخير فهذا ربا، ولا يجوز استعمال البطاقة فيه. أما إذا كان السداد يتم فوراً دون أي رسوم أو فوائد تأخيرية فلا حرج إن شاء الله.
(3) لا حرج من المتاجرة في أسهم الشركات التي تقدم منتجات وخدمات مشروعة تنفع المسلمين، إذا سلمت من المحرمات والمحاذير الشرعية.
(4) يمكنك التعامل مع البنوك الإسلامية؛ لأنها تجتهد في اجتناب الربا والمحرمات الشرعية. وسيقدمون لك النصح -إن شاء الله- في مجالات الاستثمار المفيدة. وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.(9/230)
الاشتراك في الجمعية التعاونية
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/جمعية الموظفين
التاريخ 1/7/1422
السؤال
: ما حكم الاشتراك في جمعية تعاونية صورتها كالآتي: يجتمع عدد من الأفراد (ستة أفراد مثلا) ويدفع كل واحد منهم مبلغا أسبوعياً (وليكن 300ريال مثلاً) ثم يأخذ أحدهم المبلغ الكلي (1800) كل أسبوع وهكذا إلى أن يمر الدور على الكل ثم تعاد الكرة من جديد وهكذا دواليك علما أن الغرض من هذه الجمعية هو مساعدة الإخوة بعضهم البعض.
فما الحكم الشرعي في هذه المسألة راجيا التفصيل وذكر الأدلة وجزاكم الله خيراً.
الجواب
تسمى هذه الطريقة عند الباحثين بجمعية الموظفين لانهم هم غالب من يطبقها لمناسبتها لرواتبهم وان كان غيرهم يمكن أن يتفق عليها ويطبقها، ويمكن القول أن لها عدداً من الصور منها:
الصورة الأولى: أن يتفق عدد من الأشخاص على أن يدفع كل واحد منهم مبلغاً من المال مساوياً لما يدفعه الآخرون في نهاية كل أسبوع أو شهر ونحو ذلك ثم يدفع المبلغ لواحد منهم ثم يدفع المبلغ للثاني في المرة القادمة وهكذا دون اشتراط الاستمرار منهم حتى اكتمال الدورة فمن أراد أن ينسحب من المشتركين قبل أن يقترض فله ذلك.
الصورة الثانية: وهي كالصورة الأولى إلا أنه يشترط على جميع المشاركين فيها الاستمرار في هذه الجمعية حتى تستكمل دورة كاملة.
الصورة الثالثة: وهي تشبه الصورة الثانية، وتزيد عليها بأن يشترط على جميع المشاركين فيها الاستمرار في هذه الجمعية حتى تدور دورة ثانية أو أكثر ويكون ترتيب الاقتراض في الدورة الثانية عكس ترتيبه في الدورة الأولى فأول من أقترض في المرة الأولى يكون آخر من يقترض في المرة الثانية وهكذا.(9/231)
هذا وقد اختلف العلماء في هذه الصور فذهب بعض العلماء إلى منعها وتحريمها؛ لأنها صورة قرض جرّ منفعة وذلك محرم، ولأن هذا القرض لا يراد به وجه الله بل الاقتراض ممن أقرضهم على سبيل الشرط وخصوصاً في الصورة الثانية فاشتراط المقرض على المستقرض زيادة أو منفعة لا يقابلها سوى مجرد القرض ممتنع شرعاً.
وذهب المحققون من العلماء المعاصرين إلى جواز هذه الصور كسماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله- دون أن يفصل في هذه الصور بل على سبيل الأجمال. وذهب إلى جوازها مع تفصيل كل هذه الصور فضيلة الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-،وفضيلة الشيخ ابن جبرين -حفظه الله- وهذا هو الرأي الراجح إن شاء الله تعالى.
وليراجع السائل وغيره -إن أراد- بحثاً جيداً عن هذا الموضوع نشر في مجلة البحوث الإسلامية عدد (43) الصادرة عن رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء بالرياض بعنوان (جمعية الموظفين وأحكامها في الفقه الإسلامي) وقد طبع هذا البحث في كتاب مستقل وفيه تفصيل ما طلبه السائل من الأدلة ومناقشتها. والله أعلم.(9/232)
التأمين التعاوني بين الموظفين
المجيب سامي بن محمد الخليل
مدير مركز الدعوة والإرشاد بعنيزة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/جمعية الموظفين
التاريخ 27/09/1427هـ
السؤال
في إحدى الشركات توجد جمعية تعاونية بين الموظفين, قامت أساساً لتقديم المساعدة للموظفين والتكافل بينهم. وتقوم الجمعية على الآتي:
1- يدفع المشتركون في الجمعية رسوماً شهرية تستقطع من رواتبهم.
2-يتم جمع الاشتراكات وإيداعها في حساب الجمعية في البنك.
3- يتم دفع مساعدات مالية لكل من يريد الزواج أو من رزق بطفل أو من توفي أحد والديه, وهذه المساعدات تكون قاصرة فقط على أعضاء الجمعية الذين يدفعون الاشتراكات.
4- في آخر السنة تظل الأموال في حساب الجمعية، ولا يرد منها شيء للأعضاء.
5- إذا ترك أحد الموظفين الشركة فإنه لا يرد إليه شيء مما دفعه.
6- تقوم الجمعية بتوظيف بعض الموظفين لإدارة شؤون الجمعية، وتعطيهم مرتبات من مال الجمعية (أي من اشتراكات الموظفين) .
7- عندما نوقشت مسألة شرعية الجمعية، قال بعض المشتركين في الجمعية: إنهم يدفعون الاشتراكات لأعمال الخير، ولا ينتظرون رد ما تبقى من المال إليهم.
السؤال هو: هل قيام الجمعية بهذه الطريقة أمر شرعي؟ وإذا لم تكن الجمعية شرعية فما هي التغييرات التي تجعلها شرعية؟ وما الفرق بين هذه الجمعية وفكرة التأمين التجاري؟ إذا كان هناك فرق فنرجو ذكر ما أمكن من الأدلة وأقوال أهل العلم. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقيام الجمعية بهذه الطريقة أمر جائز ولا بأس به، وهو من التأمين التعاوني والذي اتفق المعاصرون على جوازه من حيث الأصل، وهو يختلف تماماً عن التأمين التجاري، فالتأمين التعاوني قائم على التبرع والتعاون، وليس المقصود منه الأرباح، ولذلك لا يعتبر المشترك فيه داخلاً في مخاطرة أو ضرر.
أما التأمين التجاري فهو عقد معاوضة مالية للتجارة؛ لذلك يدخل فيه الغرر والمغامرة والربا من خلال إيداع أموالها في البنوك الربوية وأخذ الفوائد الربوية، وقد يدخل عليه الربا من أوجه أخرى قد يطول تفصيلها، المهم أن الفرق بينهما واضح ولا إشكال فيه.(9/233)
رد القرض بعملة أخرى
المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/سداد القرض بعملة أخرى
التاريخ 10/8/1422
السؤال
هل يصح رد القرض بعملة أخرى، وإذا صح ذلك فهل يؤخذ بسعر الصرف وقت الإقراض أو وقت السداد؟ وجزاكم الله خيرا؟
الجواب
الذي يظهر لي عدم المانع، فله أن يأخذ بدل الريال السعودي مثلاً ريالاً يمنياً، أو ديناراً كويتياً، على أن يكون ذلك بسعر الصرف وقت السداد، وأن لا يكون ذلك حيلة على مبادلة نقد، بنقد، مع التأجيل.
وقد روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نبيع الإبل بالبقيع بالدراهم ونأخذ عنها الدنانير، أو بالدنانير ونأخذ عنها الدراهم فنسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: لا بأس ما لم تتفرقا وبينكما شيء.(9/234)
هل يؤثر تغيّر القيمة الشرائية في رد الدين؟
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 3/8/1422
السؤال
أنا طالب علم أدرس في الجامعة، تمر علينا مسائل تجارية لا نعرف أحكامها الشرعية، مثل مسألة دفع البنك للتضخم المالي من غير أي زيادات ربوية على المال عند تغير القوى الشرائية للمال، مثال: الريال السعودي كانت له قوته فكان الرجل يتغدى بريال واحد فقط، أما الآن فالريال لا يكفي لشيء، فلو استلف رجل منك 1000 ريالٍ قديماً وأعدتها إليه الآن 1000 ريال فأنت لم تعطه مثل ما أخذت منه، فالقوة الشرائية مختلفة فالواجب أن ترد 1000 له 10000 ريال وهذه ال 9000 ليست ربا لأنها ليست زيادة في قيمة المال الحقيقية (الشرائية) وهذا ليس قرضاً جر منفعة فالمنفعة فيه = 0 فأنت لم تعطه أي زيادة على ما كان يستطيع شراءه من قبل.
فالرجاء التفصيل في المسألة، وإعطائي عنوان المفتي حتى يمكنني مناقشته في هذه المسألة التي هي في صلب دراستي.
الجواب
الحمد لله، يا أخي حفظك الله ووفقك: تغير قيمة النقد له جملة أسباب، ومن أظهر أسبابه اليوم "الربا" فإن من مفاسد الربا الاقتصادية اضطراب قيمة النقود، وكسر معيار الثمن.
والفقهاء قديماً اختلفوا في هذه المسألة إلى أقوال ثلاثة:
الأول: يقضي بردّ ما أُخِذَ دون زيادة، أو نقص، وهو قول الجمهور.
الثاني: يقضي بردّ القيمة، فيراعي التغير صعوداً وهبوطاً، وهو قول أبي يوسف.
الثالث: يقضي بردّ ما أُخِذ دون زيادة أو نقص إن كان التغير أقل من الثلث، أما إن كان التغير يبلغ الثلث فصاعداً، فإنه يعتبر فاحشاً يورث الغبن، ولهذا يعتبر بهذا التغير، فترد القيمة، وهو قول المالكية.(9/235)
إذا علمت هذا، فاعلم أن ما يمكن أن يوجه من اعتراض على القول الأول هو: أن النقود قد تغيرت قيمتها الشرائية، يمكن أن يرد عليه بالقول: إن التغير الذي طرأ على النقود لم يكن بسبب المدين كي يلزمه ضمانه.
وهو سيطرأ عليها سواء كانت عنده أو عند صاحبها.
فإن قيل: لكن النقود لو كانت عند صاحبها لاستفاد منها، وبقائها عند المدين منع صاحبها من الاستفادة منها، أجيب عنه من وجوه ثلاثة:
الأول: أن استفادة صاحبها منها لو كانت عنده أمر غير محقق، فقد تكون عنده دون أن يستفيد منها، وقد تكون عنده فيوظفها في طلب الربح فيخسر والضمان إنما يكون في تفويت شيء محقق، وهو غير وارد ها هنا.
وعليه: فإن المطالبة بضمان غير المحقق إنما هي فرع من المطالبة بالتعويض التي هي من مخلفات الفكر المادي، الذي لا يقوم على أساس الإيمان بالقدر، فإن ما قدِّر سيكون، وما لا فلا.
الثاني: أن الدين إذا كان بسبب عقد بيع مؤجل، فالغالب أن البائع الدائن قد زاد في الثمن فهو قد استفاد.
الثالث: أن هذا الاعتراض غير مناسب فيما موضوعه القرض، وإلاّ لكان الربا سائغاً بدعوى أنه مقابل تعطيل استفادة صاحب النقود منها خلال مدة القرض، وهذا ممتنع شرعاً، وبهذا يتبين أن المناسب: أن يُرد للدائن مثل ما أُخِذ منه دون زيادة أو نقص.
ومع هذا لو قيل بالاعتبار بالتغير الفاحش، وخرج ذلك مخرج الإحسان والمعروف لكان له وجه بشرط ألا يكون الدين من باب القرض الربوي فإن كان من قبيله لم يعد مناسباً لما يلي:
أ - معاملة للبنوك الربوية بنقيض قصدها.
ب - التساهل مع البنوك الربوية في شأن الله - تعالى -، والتساهل لا يصلح سبباً للتسامح، والله - تعالى - يقول:
"فبظلمٍ من الذين هادوا حرمنا عليهم طيباتٍ أحلت لهم. . " الآية.
ويمكنك الرجوع إلى كتب الفقه المعتمدة لدى المذاهب الأربعة في تحرير هذه المسألة، بالإضافة إلى ما كتب في هذه المسألة خاصة مثل:
1. قطع المجادلة عند تغيير المعاملة.
2. تنبيه الرقود.
3. مجلة مجمع الفقه الإسلامي، فإن في بعض أعدادها أبحاثاً خاصة بهذه المسألة، ع5ج3.
هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.(9/236)
أسهم الشركات المتعاملة بالربا
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ البيوع/بيع الأسهم والسندات
التاريخ 27/6/1422
السؤال
ما حكم الاستثمار بأسهم الشركات التي تتعامل بالربا أحياناً بالأخذ والعطاء؟ وما حكم الأسهم المملوكة بأيدي المستثمر الآن؟
الجواب
لا يجوز شراء أسهم الشركات التي يكون أصل نشاطها محرماًُ كأسهم شركات لحوم الخنزير، أو تصنيع الخمور ونحوها مطلقاً، ولا يجوز مطلقاً شراء أسهم الشركات القائمة على الربا كأسهم البنوك (الربوية) .
وأما الشركات التي يكون أصل نشاطها مباحاً كالشركات الزراعية، أو الصناعية، أو الخدمية التي تزرع ما يباح، أو تصنعه، أو تقدم الخدمات المباحة الجائزة فلا بأس بشرائها، والمتاجرة فيها. ولكن إن كانت هذه الشركات تتعامل بالربا أحياناً أخذاً أو إعطاءً، وذلك بأن تقوم بتوظيف السيولة النقدية المتوفرة لديها في بعض الأوقات في البنوك وتأخذ فائدة (ربا) عليها، أو تحتاج مثلاً إلى توسعة نشاطها ومصانعها فتقوم بالاقتراض من البنوك بفائدة (ربا) ؛ فهذا النوع من الشركات اختلف فيه العلماء والباحثون، فمن العلماء من منع شراء أسهمها؛ نظراً لوجود الربا فيها، وإن كان عارضاً غير أصيل في نشاطها. ومن العلماء من أجازها بشروط تتمثل فيما يلي:
الشرط الأول: ألا ينصّ نظام الشركة على أنها سوف تفعل ذلك، بأن تقرض بالربا أو تقترض به.
الشرط الثاني: ألا يتجاوز المبلغ المقترض لتمويل النشاط أو المبلغ المقترض ثلث رأسمال الشركة، وإنما حددوا نسبة الثلث قياساً على تحديد الشريعة لهذه السنة في بعض المعاملات المالية.(9/237)
الشرط الثالث: أن يتم التخلّص من الأرباح المتولدة والناشئة عن هذه العمليات الربوية. فهذا النوع من الشركات تتولّد أرباحه من عمليات جائزة، ومن هذه العمليات المحرمة. وأما كيف يعرف مالك الأسهم مقدار الربح المحرم من الربح المباح حتى يتخلص منه، ويصرفه في المجالات الخيرية فهذا صعب جداً، ويستلزم دراسة محاسبية دقيقة لكل شركة على حدة، وتختلف هذه النسبة من عام لآخر، ومن شركة لأخرى، ولكن غالب الأرباح الربوية لا تتعدى نسبة 20% في الأحوال العادية. فإذا أخرج المساهم هذه النسبة -وكانت الأحوال عادية في الشركة- فأرجو أن تكون قد برئت ذمته. والمقصود بالأحوال العادية ألا تكون الشركة استثمرت كل أموال المساهمين في بنوك ربوية كما حصل في بعض الشركات العقارية في بداية تأسيسها، حيث كانت كل أرباحها من الربا؛ لأنها لم تباشر نشاطها إلا بعد مضي فترة زمنية طويلة، وقد نص الفقهاء -رحمهم الله تعالى- على أنه إذا اختلط الربح المحرم بالربح المباح، وجهلت النسبة مطلقاً بحيث لم تعرف تحديداً أو تقريباً، فإن الشخص يقسم الأرباح إلى نصفين: فيتخلص من النصف أي 50%، ويأخذ 50% وبهذا تبرأ ذمته.
وأرباح المساهمين تكون من طريقين: الطريق الأول: الأرباح السنوية التي توزع في نهاية كل سنة. والطريق الثاني: الفرق بين سعر شرائه للأسهم وسعر بيعه لها. فكل هذين الطريقين يتعين على المساهم أن يتخلص من الربا الموجود منهما.
وينبغي أن يعلم أن أكثر من 90% من الشركات العاملة في السوق الصناعية والكهربائية والزراعية والخدمية هي من هذا النوع الذي يحصل فيه التعامل بالربا أخذاً وإعطاء على النحو المذكور، ولا توجد سوى شركات معدودة لا تتعامل بالربا.(9/238)
وأما حكم الأسهم الموجود عند المساهم في الوقت الحالي فهو على الخلاف الفقهي الذي ذكرناه، فمن أجاز التعامل بأسهمها قال بأنه يجوز له أن يبقيها بيده بالشروط المذكورة، ومن أهمها ضرورة التخلص من الأرباح الربوية فيها وصرفه في المجالات الخيرية. ومن منع منها مطلقاً أوجب على المساهم فسخ البيع ورجوعه على البائع الأول، وأخذ رأسماله أو طلب استقالة البيع من إدارة الشركة. ولكن هذا الجواب نظري غير عملي، ولا توجد آلية لتطبيقه وهو متعذر من الناحية العملية. وعلى هذا فإننا نقول: إنه يبيعها في السوق ويتخلص من الربح الربوي المتحصل منها ويكون المساهم قد اتقى الله ما استطاع كما قال تعالى: ((فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا)) . والله أعلم.(9/239)
هل يجوز الاقتراض من الأمانة؟
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوديعة والعارية
التاريخ 1/6/1422
السؤال
أنا أحد الشباب الذين يجمعون تبرعات للأخوة المجاهدين وأوصلها إليهم ولي فترة من الزمن أجمع التبرعات وأوصلها بنفسي -ولله الحمد- ثم حصل أن أصابتني ظروف شديدة جعلتني أقترض من المبلغ الذي كان عندي من التبرعات مبلغ خمسة وثلاثين ألف ريال بعد أن أفتى لي أحد طلبة العلم بجواز الاقتراض من الأمانة التي عندي وسدادها؟
الجواب
أرجو أن تكون معذوراً باقتراضك من تلك الأمانة؛ لاعتمادك على فتوى من أفتاك، إن كان من أهل الفتوى. وإن لم يكن من أهل الفتوى، فلا تكون عذراً لك؛ فالأصل أنه لا يجوز لك أن تتصرف في الأمانة التي لديك، ولكن الآن حيث حصل ما حصل، عليك سداد هذا الدين بقدر استطاعتك، والله يغفر لك، ويثيبك على جهادك، وسعيك في معاونة المجاهدين.
وإذا لم يكن لديك ما تسدّد منه هذه الأمانة، أو هذا الدَّين الذي في ذمتك، فلا مانع أن تأخذ من الزكاة لذلك. يعني أن من أعطاك لسداد هذه الدين من الزكاة فلا حرج عليك؛ لأنك والحالة هذه من الغارمين. نسأل الله أن يقضي دينك ويصلح حال الجميع بمنّه وكرمه.(9/240)
متى تبرأ ذمة المدين المتوفى
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 6/4/1422
السؤال
توفي رجل وعليه دين فقال أحد أولاده اللهم أنى قد تحملت دينه عنه فاغفر له وارحمه وبدأ يسدد في الدين، فهل هذا يبرء ذمة والده، مع العلم أن التسديد يحتاج لأكثر من سنتين والبنك رفض تحويل الدين باسمه؟
الجواب
تبرأ ذمته متى سدد جميع ديونه كما في حديث أبي قتادة، فإن أبا قتادة تحمل دينارين عن ميت فسأله النبي r في المرة الأولى وقال له ما فعل الديناران قال بعد ثم سأله الثانية فأخبره أنه قد فقضاها عنه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " الآن بردت عليه جلدته" فعلق البراءة على السداد والوفاء. وفقك الله وجعلك من مفاتيح الخير وأبشر بعاقبة عملك هذا في الدنيا والآخرة فإن هذا من تمام البر.(9/241)
المال المتبقي من الوصية
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوقف والوصايا
التاريخ 9/4/1422
السؤال
أنا قائم على وصية أبي - رحمه الله - في الأضاحي ومصدرها بيت مؤجر، والسؤال هو: المبلغ الباقي من كل سنة هل أصرفه في عمل خيري، وهل لي الحق أن اقترض منه عند الحاجة؟
الجواب
المبلغ الباقي يصرف على الورثة على قدر ارثهم، لا سيما إن كانوا محتاجين، وإن رضي الورثة بصرفه في مشاريع الخير فالحق لهم، ولهم الأجر والمثوبة، وهذا قول وجيه وهو المشهور في مذهب الإمام أحمد.
وأما اقتراضك منه فلا يجوز، لأن نظرك نظر مصلحة والحق للورثة فإن أذنوا لك في ذلك وإلا فلا تأخذ شيئاً.
ولك أن تأخذ نسبة معينة مقابل نظارتك على هذه الدار كما يأخذ غيرك من النظراء، والذي يحددا النسبة أهل الخبرة، والأفضل إثباتها عند القاضي دفعاً للتهمة والخصومة.(9/242)
تداول أسهم الشركات الربوية
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 9/4/1424هـ
السؤال
أرجو عرض هذه الأسئلة على أحد المتخصصين للإجابة عنها لأهميتها لدي:
قمتُ ببيع أسهم لي في إحدى الشركات الوطنية، (والتي قد اكتتبت فيها بمقدار خمسين سهما، وقيمة السهم الواحد خمسون ريالاً) وقد بعتها بقيمة 52.25 للسهم الواحد، والذي أعرفه أن الشركة تتعامل بالربا، فهل علي في هذه الزيادة عن رأس المال شيء؟ وهي 2.25 ريال لكل سهم، وقد قمتُ ببيع أسهمي في إحدى الشركات (والتي قد اكتتبت فيها بمقدار 19 سهماً، وقيمة السهم الواحد مائة ريال) ، وقد بعتها بقيمة300 ريال للسهم الواحد، فهل علي في هذه الزيادة عن رأس المال شيء وهي 200 ريال لكل سهم؟ وما حكم الأرباح السنوية التي كنت آخذها من الشركة؟ علماً بأني لا أخرج منها شيئا تخلصاً من الربا، وأيضاً فإن والدي يملك أسهماً في إحدى الشركات، ويأخذ الأرباح السنوية ولا يخرج منها شيئاً، فهل عليه شيء؟ وإن كان عليه شيء نرجو تبيين نسبته لكل سنة من السنوات الماضية ولهذه السنة.
وجزاكم الله خيرا.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: فإن مما ابتلى به الناس لتهاونهم في دينهم، أن كانت معظم الشركات المساهمة -إن لم تكن كلها-، لا تخلو من الربا، وإن لم يكن الربا أساس عملها.(9/243)
وجنس هذه الشركات فيما يظهر لي لا يجوز تداول أسهمها، لأن ما فيها من كسب حلال لا يوصل إليه إلا بشائبة الربا المحرم، والقاعدة عند الفقهاء: "إذا اجتمع الحاظر والمبيح قدم جانب الحظر"، وكذلك لا يجوز لمن تورط فيها أن يورط فيها غيره، فيبيع عليه أسهمها ليتخلص منها لأن الدين النصيحة، وهذا الصنيع غش لا نصح، والقاعدة عند الفقهاء: (ما مُنع أخذه مُنع عطاؤه) ، لكن من تورط في شيء من تلك الأسهم، وأراد أن يتخلص منها، فالمخرج له التخلي عنها للشركة نفسها على وجه الإقالة، فيسترد ما دفعه من ثمن.
وكون الإنسان يشتري أسهماً بقيمة مائة مثلاً، ويبيعها بقيمة ثلاثمائة مثلاً ليس ممنوعاً إذا توفرت شروط صحته، وانتفت موانعه، وإنما كان المنع هاهنا لما في هذه الشركات من ربا لا يجوز تداوله، ولا توريط الناس فيه، وعلى هذا: فإن بيعك لأسهم شركات لا تخلو من ربا لا يجوز، وما دام الأمر قد مضى فعليك الندم والتوبة وعدم العودة لذلك.
أما عدم إخراجك وأبيك نسبة الربا مما حصلتما عليه من ربح مشوب بالربا فذلك خطأ، ينبغي الخروج منه بإخراج تلك النسبة من خلال الرجوع إلى ميزانية الشركة في تلك السنوات، مع الندم، والتوبة، وعدم العودة، والتخلص من هذه الأسهم بردها إلى الشركة نفسها واسترجاع قيمتها. ولو أن الناس اتقوا الله في هذا الأمر لجعل لهم منه مخرجاً، لكن الأمة منذ زمن قد طوعت لفكر الاستعمار وتوجهاته بفتاوى علمائها، والله المستعان.(9/244)
التخلص من القرض الربوي
المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 19/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحد الإخوة يسأل ويقول: ذهبت إلى البنك الأمريكي وأخذت قرضاً بخمسين ألفاً كاش بيدي على أن أعيدها بسته وستين ألفاً على أقساط، وأعلم أن ذلك ربا، ولكن الشيطان قد زين لي ذلك وقد دفعت ذلك مهراً لزوجتي ولم أتزوج وفي حالة غضب عند تعثر زواجي حلفت ألا أتزوج حتى أسدد ذلك القرض الربوي.
السؤال: ماذا أفعل حيال هذا القرض؟ مع العلم أنني قد بحثت عن من يقرضني أو يقسط علي سيارة لأتمكن من رد قرض الربا، وماذا أفعل عن حلفي الذي حلفت ألا أتزوج حتى أسدد؟ والسلام عليكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فما فعلته هو عين الربا المحرم وأدلة تحريمه ثابتة في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ومن أقدم على الربا مستحلاً له فهو على خطر عظيم وعليك أن تتوب إلى الله عز وجل من هذا العمل، وعليك أن ترد ما اقترضت وأنصحك ألا تتزوج إلا بمال حلال، أما مال الربا فهو كسب خبيث لا أنصحك بالزواج منه، وفي الحلال ما يغني عن الحرام، علماً بأن كون المهر محرماً لا يقتضي فساد عقد النكاح لأن ذلك يمكن تداركه بإيجاب مهر المثل من المباح، والخلل هنا ليس في أركان العقد ولا في شروطه، لكن أؤكد على أن من يتعامل بالربا مستحلاً له فقد أحل أمراً تحريمه معلوم من الدين بالضرورة فيكفر، وبالتالي فلا يحل له أن يتزوج بمسلمة حتى يتوب ويعود إلى دينه وإن لم يكن مستحلاً له فهو آثم عاص لله عز وجل ومرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب عليه أن يتوب ويستغفر الله عز وجل، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(9/245)
اقترضت للتجارة فتراكم الدين
المجيب د. حسن بن صالح الحميد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 26/11/1423هـ
السؤال
أولا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد: في الفترة السابقة حاولت عدة مرات أنشطة تجارية بمبالغ استلفتها من عدة أشخاص، وعلى فترات. من العائلة والأكثر من خارجها (من موقع عملي ومن الجيران ومن الأصحاب ولكن النتيجة كانت فشل جميع المشاريع ومطالبة أكثر الناس الذين استلفت منهم بحقوقهم وفي نفس الفترة. ولكن ليس لدي القدرة الشخصية الآن لرد هذه الأموال. الكل يظنون أني ضحكت عليهم ولن أرد إليهم أموالهم. لدرجة أنني ليس لديَّ رغبة في الذهاب إلى موقع عملي.. وكذلك معظم الأماكن التي يوجد بها هؤلاء الأشخاص.. مبتعداً عن مقابلتهم..للإحراج.
طلبت من أحد إخوتي أن يساعدني في رد هذه المبالغ ولكنه رفض بقوله أن لديه عائلة وأطفال والدنيا فيها كل شيء (أي لا يدري الإنسان متى يموت) .
أرجوكم..أرشدوني للحل بارك الله فيكم.. وسدد خطاكم، وفي انتظار الرد على أحر من الجمر.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد ...
فإن الإقدام على الاقتراض من الناس والدخول في مشاريع تجارية، والشخص لا يملك الخبرة الكافية، ولم يدرس هذه المشاريع ويستشر فيها أهل الخبرة ويأخذ بنصائحهم.. إن هذا العمل نوع من التفريط - كان يجب عليك أن تتنبه له قبل التعمق وتكرار التجربة الفاشلة.(9/246)
أما وقد حصل فإن عليك أن ترجع إلى من أقرضك وتضعهم في الصورة وتشرح لهم ما جرى لك وتطلب مساعدتهم إياك إما بإسقاط حقوقهم ومسامحتك أو إسقاط بعضها، أو إنظارك وتقسيط المبالغ المستحقة لهم بصورة مقدور عليها - ومن جهتك حاول أن توفر قدر الإمكان وتدفع إليهم ولو يسيراً من حقوقهم. وإذا كان دخلك وكل ما تملك لا يفي بحقوقهم فاستعن - بعد الله - ببعض الأجواد من أهل الخير والجمعيات، ومواسم الجود ولا تحتقر أي مبلغ تحصل عليه، واجعله في مكانه فوراً دون تأخير. وقبل ذلك وبعده استعن بالله واسأله العون على سداد الدين، وردد في كل حين: "اللهم اقض عني الدين وأغنني من الفقر" انظر- الترمذي (3400) وأبا داود (5051) وابن ماجة (3873) وقل: "يا مولاي اقض ديني" البخاري (3129) . واصدق النية في قضاء ما للناس من حقوق، فإنه من أخذ الحقوق وهو ينوي أداءها أدى الله عنه.
وفقك الله وأعانك،،،(9/247)
تمويل شراء أسهم الشركات
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 19/8/1424هـ
السؤال
عند طرح شركة الاتصالات لأسهمها أنشأت البنوك - بما فيها شركة الراجحي - خدمة تمويل شراء الأسهم، وهي أن يضاعفوا المبلغ الذي تريد الاكتتاب فيه، فإذا عندك 170 ألف ريال يزيدون عليها 170 ألف ريال أخرى من عندهم لتصبح 340 ألفاً، وهذا لضمان الحصول على أكبر كمية من الأسهم بعد التخصيص، وذلك كله في مقابل مبلغ اختلفت البنوك في تحديده لظروف المنافسة، فمنهم من سيأخذ ريال على كل سهم، ومنهم من يأخذ ريال على كل ألف ريال مولك به وهكذا.
السؤال: ما الحكم في هذا التعامل هل فيه ربا؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
نعم البنوك الربوية أتاحت لمن يسهم بمبلغ معين أن تقوم بإقراضه مبلغاً مماثلاً بفائدة -أي ربا- وهذا من الربا المحرم بلا شك، ولكن شركة الراجحي المصرفية للاستثمار لم تفعل ذلك على هذه الطريقة المذكورة، بل تتيح للمساهم أن يأخذ منها مبلغاً مماثلاً عن طريق المرابحة بأن يشتري سلعاً بالأجل، ثم يقوم ببيعها في السوق ثم يسهم بنقودها، والفرق واضح بين الطريقتين، فهذا الأسلوب جائز، وقد اتصلت ببعض الإخوة من طلاب العلم العاملين في الشركة فأكدوا هذا، والله أعلم.
ومع ذلك فنحن ننصح بعدم المساهمة في شركة الاتصالات.
وإليك قرار المجمع الفقهي الإسلامي بشأن حكم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الرابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، والتي بدأت يوم السبت 20 من شعبان 1415هـ، 21/1/1995م قد نظر في هذا الموضوع وقرر ما يلي:(9/248)
(1) بما أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة، فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مباحة أمر جائز شرعاً.
(2) لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم، كالتعامل بالربا أو تصنيع المحرمات أو المتاجرة فيها.
(3) لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالماً بذلك.
(4) إذا اشترى شخص وهو لا يعلم أن الشركة تتعامل بالربا، ثم علم فالواجب عليه الخروج منها.
والتحريم في ذلك واضح، لعموم الأدلة من الكتاب والسنة في تحريم الربا، ولأن شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا مع علم المشتري بذلك، يعني اشتراك المشتري نفسه في التعامل بالربا، لأن السهم يمثل جزءاً شائعاً من رأس مال الشركة، والمساهم يملك حصة شائعة في موجودات الشركة، فكل مال تقرضه الشركة بفائدة، أو تقترضه بفائدة، فللمساهم نصيب منه، لأن الذين يباشرون الإقراض والاقتراض بالفائدة يقومون بهذا العمل نيابة عنه، والتوكيل بعمل المحرم لا يجوز.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً والحمد لله رب العالمين.
وكان ذلك برئاسة سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله-.(9/249)
حكم استخدام هاتف العمل في المكالمات الشخصية
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 25/10/1422
السؤال
كنت أعمل في مستشفى حكومي بالرياض، وكنت أستخدم هاتف العمل استخداماً شخصياً في مكالمات محلية ودولية، وقبل استقالتي بفترة بدأت أسدد للمالية من مرتبي قيمة المكالمات، مع العلم أنني لا أعلم كم التكلفة لمجموع المكالمات، ولكني توقعت مبلغاً معيناً ثم بدأت التسديد، وقبل استقالتي بأيام اتصلت على مسؤول كبير بالمستشفى، وهو: مدير الشؤون الإدارية والمالية، وطلبت منه أن يسامحني عن التسديد، وسامحني عن ذلك، السؤال: هل تبرأ ذمتي بذلك أم علي سداد المبلغ؟
الجواب
حرصك على براءة ذمتك مما لحقها من مال بيت مال المسلمين أمر يحمد لك، ويشهد لإيمانك وخوفك من الله - سبحانه -.
وإذا حرصت على براءة ذمتك، فإن إعفاء مدير الشؤون المالية لك من أجور المكالمات لا يبرئ ذمتك، ولا يسقط عنك وجوب السداد؛ لأن ذلك دين متعلق ببيت مال المسلمين وهو لا يملكه، فإنما هو ولي أمين في تلك الإدارة، ومن القواعد الفقهية المتفق عليها أن (تصرف الراعي في الرعية منوط بالمصلحة) ، فإذا أسقط عنك ذلك المدير الدين الواجب عليك للمستشفى كان ذلك منه مخالفة لمقتضى ولايته، وتصرفه هذا هو من خيانة الأمانة.
فالحاصل أن عليك تسديد أجور تلك المكالمات كلها، وإذا كنت لا تعلم مقدارها فعليك أن تجتهد غاية وسعك بالبحث في كشوفات المكالمات التي تمت في تلك الفترة (الفواتير) ، فإن تعذر ذلك فاجتهد في تقديرها والمبالغة في الاحتياط للذمة حتى لا يلحقها شيء.
وإن رفض مدير الشؤون المالية أخذ هذه الأجور المتأخرة منك، أو تعذر تسديدها للمستشفى، فلك أن تصرف ذلك المبلغ في شيء من المصالح العامة الأخرى.(9/250)
وعليك أخي المبادرة في التحلل من ذلك قبل أن تفتر عزيمتك، ويغلبك التسويف.
ولا يغرنك كثرة المختلسين والمضيعين للأمانات، فإن كثرتهم لا تدفع ولا تخفف عن أمثالهم العذاب، كما قال - سبحانه -: " ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون " [الزخرف: 39] .
جعلنا الله وإياك من عباده المتقين الأخيار، وسلك بنا وبك سبيل الأبرار، ووقانا وإياك عذاب النار. نسأله - سبحانه - أن يستعملنا وإياك في طاعته، ويوفقنا وإياك لمرضاته.(9/251)
حكم الإفراغ الصوري للأرض
المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 30/10/1422
السؤال
اشتريت أنا وزميلي قطعة أرض مناصفة، واستخرجنا لها صكاً شرعياً بإسمينا وحيث إن زميلي سبق وأن قدّم لصندوق التنمية، فهل يجوز شرعاً أن يفرغ لي حصته من الأرض لكي نقدمها للصندوق المذكور من أجل الحصول على قرض ثم تراجع إلى أصلها؟
الجواب
إن كان مرادك من إفراغ حصته أن يبيع لك نصيبه من الأرض لكي تحصل على قرض من الصندوق العقاري فلا بأس بذلك؛ لأن القائمين على الصندوق لا يمنعون تغيير الأرض بعد ظهور القرض، والله تعالى أعلم.(9/252)
استيفاء الدين من مال حرام
المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 14/10/1422
السؤال
أحد الأخوة هنا لديه إشكال وهو: أنه أدان شخصاً مبلغاً من المال ويريد استرداده الآن لكن الشخص المدان سيسدد الدين من مال حرام، وهو: عبارة عن بيع بيته الذي اشتراه عن طريق الفيزة، ولم يسدد للدولة محتجّ بحجة أنه ليس لديه مال يسدد به. يعني: أنه منذ اشترى البيت كان لا ينوي التسديد وهذه الطريقة للأسف يقوم بها كثير من المسلمين السُنيين هنا، هذا الشخص الذي يريد استرداد ماله ما موقفه؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب
يجب على المدين تسديد ما عليه من ديون مما اكتسبه من طريق مباح، وللدائن الحق في استرداد دينه من المدين دون سؤال عن طريق تملكه.
وإذا أعطى المدين الدائن مالاً محرماً في طريقة تملكه فإنه جائز للدائن لاختلاف طريق التملك والإثم على المدين.
ويمكن أن يستنبط ذلك من حديث بريرة -رضي الله عنها- حينما جاءتها قطعة لحم صدقة فأهدتها للنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو لا يقبل الصدقة فقبلها؛ لأنها جاءته بطريق الهدية، انظر ما رواه البخاري (1495) ومسلم (1074) .
ويدل على ذلك القاعدة (تبدل سبب الملك قائم مقام تبدل الذات) والله الموفق.(9/253)
هل هذا من الربا
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 14/04/1425هـ
السؤال
لي زميل في العمل تقَّدم بطلب للحصول على شقة من أحد المشاريع لإسكان الشباب، حيث تبلغ قيمة الوحدة نحو: 27000 جنيه، يدفع منها قبل استلام الوحدة 12500جنيه، والباقي بأقساط شهرية على 33سنة، مع العلم بوجود زيادة على أصل المبلغ، مقابل التقسيط في الدفع "يدفع المبلغ المتبقي بإجمالي أقساط نحو 25000جنيه"، وكذا وجود غرامات للتأخير في دفع الأقساط الشهرية، مع العلم أن هيئة المجتمعات العمرانية قد اتفقت مع بنك الإسكان والتعمير على الحصول على قرض 15000جنيه للوحدة الواحدة، تسدَّد بمعرفة المنتفع على 33سنة 25000جنيه.
1-هل هذا من باب الربا المحرم؟
2-ماذا أفعل لو كانت من الربا؟
أ-إذا دفعت جميع المبلغ المتبقي دفعة واحدة (15000 جنيه) لن يتبقى معي من المال ما أستطيع الزواج به وتجهيز بيت الزوجية، وبالتالي سيتأخر زواجي نحو أربع سنوات تقريباً.
ب-هل أقوم بتقسيط المبلغ على أربع سنوات اختياراً لأخف الضررين بالنسبة لي؟
ج-هل أفسخ العقد، مع العلم بأني سأخسر مبلغاً من المال؟
الجواب
يا أخي -حفظك الله- قد تضمن سؤالك عدة مسائل:
أولها: أن قيمة الشقة نقداً= 27 ألفاً، ولا إشكال في ذلك.
ثانيها: أن قيمة الشقة بالتقسيط=37500 جنيه ولا إشكال في ذلك، إذا خلا من موانع أخرى.
ثالثها: ما يفرض من غرامة على تأخير سداد الأقساط، وهو ربا لا يجوز الوفاء به، ويمكن تلافيه من خلال الالتزام بالوفاء في الوقت المحدد.
رابعها: اتفاق هيئة المجتمعات العمرانية مع بنك الإسكان والتعمير على تقديم قرض بقدر 15000يسدد على مدار 33سنة بقدر 25000، والقرض بهذه الصورة ربا لا يجوز، فإن كان المقترض هو هيئة المجتمعات العمرانية فإن ذلك يحتمل احتمالين:(9/254)
الاحتمال الأول: أن مشتري الشقة يسدد للبنك الربوي بالنيابة عن المدين الأصلي للبنك وهي هيئة المجتمعات العمرانية، وعلى هذا الاحتمال الأولى أن يجتنب المشتري التسديد للبنك، ويسدد للبائع مباشرة، فإن لم يمكنه ذلك، وكان محتاجاً للسكن، ولا تسعفه إمكانات في الشراء من جهة غير هذه الجهة، فأرجو ألا حرج عليه، فإنه ليس طرفاً في الربا، إذ إن طرفيه الهيئة، والبنك.
الاحتمال الثاني: أن مشتري الشقة يسدد للبنك الربوي على وجه الحوالة، بمعنى أن الهيئة -وهي مدين للبنك - قد أحالت دائنها (البنك) ، على مدينها (مشتري الشقة) ، ويكون ذلك بعقد بين الأطراف يتم بعد إبرام عقد البيع بين الهيئة والمشتري، وعلى هذا الاحتمال يكون عقد الحوالة باطلاً، فلا يؤدي المشتري الثمن للبنك، لكن للهيئة، فإن ألزمته الهيئة بالدفع للبنك كان ذلك على وجه الوكالة؛ نظراً لبطلان الحوالة، وإذا كان على وجه الوكالة فقد تقدم الكلام عليه في الاحتمال الأول.
فإذا لم يكن المشتري طرفا في الربا، ولم يكن قصده، أو رضي به وأرغم على الوفاء للبنك كما تقدم، وكان محتاجاً، ولا يجد طريقاً غير ذلك، فأرجو ألا حرج عليه.
وإن كان المقترض هو مشتري الشقة، بمعنى أن هيئة المجتمعات العمرانية قد اتفقت مع بنك الإسكان والتعمير على أن يقدّم البنك للمشتري قرضاً قدره 15000ليرده المشتري إلى البنك بعد 33سنه بقدر 25000فهذا ربا، فإذا أقدم عليه المشتري وقع في الربا، فعليه التوبة إلى الله –تعالى-، وعليه الخروج من هذا الربا بما يمكنه من طرق مشروعة منها:
1-أن يتفق مع البنك على إسقاط الفائدة.
2-أو يتفق معه على أن يعجل له القرض لتسقط الفائدة، ويمكنه حينئذ أن يتجه إلى بنك إسلامي في بلاده؛ ليشتري منهم بنظام المرابحة "التورق" ما يحصل منه على سيولة عاجلة يسدد بها ما عليه من قرض دفعة واحدة، ثم يسدد للبنك الإسلامي ثمن ما اشتراه منه على أقساط حسب اتفاقهما.(9/255)
3-أو أن يفسخ العقد، إذا لم يجد مخرجاً يخرج به من الربا.
"ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] .
أما قولك: (هل أقوم بتقسيط المبلغ على أربع سنوات ... ) لم تظهر لي فيه وجه تلافي الربا.
وأخيراً فإني أوصي بتقوى الله -عز وجل- فإن الدنيا فانية والآخرة باقية، ومن تقواه:
أ-اجتناب الشبهات "فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه ... ) الحديث رواه البخاري (52) ، ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-.
ب-السؤال عن الشيء قبل الوقوع فيه.
ج- الرجوع إلى الحق بعد تبينه، فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.(9/256)
مصارفة القرض
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 29/8/1424هـ
السؤال
أنا بحاجة إلى دولارات، وآخر بحاجة إلى ريالات، وأنا مودع عند هذا الآخر ريالات، وهو مودع عندي دولارات أمانة، وكل منا يستعمل مبلغ الآخر الموجود عنده، فإذا وصل المبلغ إلى حد معين يتم التفاهم في هذه المبالغ، بأن يدفع كل منا للآخر سنداً بالصرف من مبلغه الموجود لدى الآخر، بتحديد صرف العملة بقيمة معينة بسعر اليوم، مع فارق بسيط هو من جنس ما يوجد بين صراف وصراف فما حكم ذلك؟.
الجواب
إذا سلَّم شخص لآخر مبلغاً من المال من أي عملة كانت، وأذن له في التصرف فيه فإن هذا العقد ليس وديعة، وإنما هو عقد قرض تجري عليه أحكامه.
فأنت مقرض للشخص الآخر ريالات ومقترض منه دولارات وهو العكس، وعقد القرض من عقود الإحسان وليس من عقود المعاوضة، ومن أحكامه الفقهية أن القرض إذا ثبت في ذمة المدين فإنه يقضي بمثله، ولا يجوز الاتفاق على الزيادة عليه.
ويلحظ على المتعاملين - كما ورد في صيغة السؤال - أنهما ربطا الريال اليمني أو الدولار الأمريكي بسعر الصرف السائد للعملة الصعبة، وهذا لا يجوز، بل الواجب إرجاع مثل المبلغ من دون زيادة ولا نقصان.
فإذا أقرضت صديقك (50000) ريال يمني واقترضت منه (1000) دولار أمريكي فإنك تأخذ منه مثل الخمسين ألف وتسلمه ألف دولار، ولا تقارن ذلك بما يعادله من العملات الأخرى ويستثنى من ذلك حالات كساد العملة، وهذا لم يحصل للريال اليمني.
والخلاصة: أنه يجب عليك أن تستعيد مثل المبلغ الذي أقرضته، وتعيد المبلغ الذي اقترضته.
وإذا حلَّ الأجل ورغبت بصرف ما في ذمة صديقك لك، أو رغب هو ذلك فإنه لا مانع من ذلك.(9/257)
فإذا كان لك في ذمته (50000) ريال يمني فيمكنك أن تتفق معه عند السداد على أن يعطيك بدلاً منها مبلغاً آخر من عملة أخرى، سواءٌ نظرت إلى سعر الصرف العالمي أو لا، ولكن يشترط في هذه الحالة ما يلي:
(1) أن يحل أجل الدين سواءٌ كان محدداً بمدة أو بوصف كما في السؤال.
(2) أن يتفق الطرفان على المصارفة، من دون أن يلزم أحد الآخر.
(3) أن يتم التقابض في الحال، سواءٌ كان القبض نقداً عن طريق شيك مصدق أو مصرفي.
أما التصارف بسند عادي فليس قبضاً، والله أعلم.(9/258)
القرض بفائدة لغرض التعليم
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 19/6/1423هـ
السؤال
أنا شاب أعيش هنا في السويد. السؤال، هو: هل من الممكن للمسلم أن يقترض ديناً بقصد التعليم، علماً أن الدراسة هنا في السويد، وخاصة الجامعة تتطلب الدين من الحكومة، وأن على المديون أن يرجع الدين مع الربح، أي: الفوائد، وذلك بعد التخرج من الجامعة، والحصول على العمل.
الجواب
لا يجوز للمسلم أن يقترض بفائدة لا من أجل التعليم ولا لأجل غيره، سواء أكان القرض من الحكومة، ويكون السداد بعد الحصول على الوظيفة أم من غير الحكومة؛ لأن ذلك من الربا، فإنه يأخذ القرض نقداً ويؤدي الدين نقوداً أكثر من القرض، وهذا هو الربا الذي حرمه الله -تعالى-، واعلم يا أخي أنك في دار الابتلاء فحاجتك إلى التعليم وتوافره لك بهذا الطريق الربوي هو امتحان لك، فإن قدمت ما تهواه على رضا الله فإنك قد سلكت سبيل الغواية، ويخشى ألا توفق لخير الآخرة، وإن قدمت رضا الله -تعالى- فإن الله -تعالى- سيرزقك عاجلاً أو آجلاً، قال الله -تعالى-: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق:2] ، فاتق الله -تعالى- تجد الفرج والرزق والتيسير، والله أعلم.(9/259)
حكم الاقتراض بنسبة
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 27/6/1424هـ
السؤال
أحب أن أسأل عن موضوع شغل الناس كثيراً، وأحب أن أجد الجواب الشافي منكم، ألا وهو موضوع القروض، تقوم الدولة بإعطاء قروض للمواطنين لغرض بناء مساكن للسكن (قروض للسكن فقط) ، قيمة هذا القرض (30000) ألف دينار، وبفائدة قدرها (1%) ، وترد هذا القرض للمصرف خلال (30) عاماً، تكون قيمة الزيادة على القيمة الأصلية (4000) دينار، لا أدري هل الـ (4000) هذه محسوبة كمصاريف للمصرف؟ مع العلم أنها سوف تخصم من مرتبي؛ لأني أخدم في القطاع العام، ومرتبي لا يكفي لو جمعته لأتمكن من البناء إلا بهذه الطريقة، والمصرف أمواله تعود في الآخر للدولة والتي من المفترض أن تستخدم هذه الأموال (4000) في الصالح العام، وأريد هذا البيت للزواج والاستقرار بالحلال.
سؤالي: هل عليَّ إثم إذا تعاملت بهذه القروض؟ هل تعد من الربا؟ أفيدوني أفادكم الله.
الجواب
كثير الربا وقليله حرام لا يجوز التعامل به، وأجاز بعض العلماء أن يأخذ المقرض (وهو الدولة هنا) مصاريف إصدار القرض واستلامه ونحو ذلك، لكن يجب أن تكون القيمة الفعلية تماماً وليس أكثر منها، فلو فرضنا أن نسبة (1%) عادلت المصروفات الفعلية من الدولة على هذا القرض أو كانت أقل فلا بأس بدفعها على أنها مصروفات لا على أنها فائدة، وأما إن كانت أعلى فلا يجوز ذلك، والله أعلم.(9/260)
سداد القرض الربوي
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 17/8/1423هـ
السؤال
اقترضت من أحد البنوك الربوية مبلغاً من المال لإتمام زواجي، وأريد الآن أن أتوب من ذلك، ولكن المبلغ غير متوافر معي لتسديده، فهل أقوم بادخاره؟ علماً أن ذلك سوف يضيق علي كثيراً لمدة طويلة أنا وأسرتي، أم أن توبتي وعزمي على عدم الاقتراض بالربا مرة أخرى يكفيان؟ وهل تنطبق علي آية سورة البقرة "فلكم رؤوس أموالكم ... "؟
الجواب
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المجتبى، وبعد:
لا شك أن الاقتراض الربوي من البنوك الربوية من أعظم المحرمات ومن الكبائر والموبقات، قال - تعالى -: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [البقرة:278] فجعل - سبحانه - ترك الربا وعدم التعامل فيه شرطاً لحصول الإيمان، وعليه فتجب التوبة، والإقلاع عن الذنب، وأما ما سلف فعسى الله أن يغفره وأن يتغمدك برحمته وعفوه، ويستحب الإكثار من الاستغفار والتصدق وأعمال البر؛ لأنه دليل على صدق التوبة والإنابة، وطريقة التوبة لمن تعامل بمعاملة ربوية لا تخلو من أحوال:
الحالة الأولى: أن يحصل على الفائدة الربوية ويقبضها، فالواجب التخلص منها بإعطائها الفقراء والمساكين أو الجمعيات والمبرات الخيرية وإعلامها بحقيقتها، كما هو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة، وهو اختيار أبي العباس ابن تيمية - رحمهم الله جميعاً -.(9/261)
الحالة الثانية: أن يقوم بالاقتراض الربوي مع زيادة لأجل التأجيل، فالواجب على المتعاقدين التوبة وأخذ رأس المال فقط؛ لقول الله - تعالى -: "فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ" الآية، [البقرة: 279] ، وإذا كان الدائن أو المقرض لا يرضى إلا بالربا، ولو لم تعطه لطالبك بذلك وألزمك، كما في التعامل مع البنوك الربوية فالواجب حينئذ أن تتخلص من هذه العملية قدر المستطاع، ولا يجوز الاستمرار معهم؛ لأنه كلما زادت المدة زادت الفائدة الربوية، وعليك أن تستدين إما بالاقتراض الشرعي وإما بالشراء بالتورق عن طريق بيع المرابحة للآمر بالشراء وتعطي البنك حقه عاجلاً، وما سلف من التعامل فنسأل الله أن يغفر لك زلتك وأن يعفو عنك خطأك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والله أعلم.(9/262)
العجز عن تسديد القروض الربوية
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 19/5/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعيش في الولايات المتحدة، حيث درست فيها وحصلت على شهادة جامعية، وعليَّ قرض بأكثر من 20.000 دولار للبنك، ويضيفون عليه الفائدة، وأدفع أقساط سيارة مع الفائدة أيضاً، والآن لا أستطيع أن أدفع على تعليمي وسيارتي نقداً، فليس بمقدوري ذلك، كنت قد نسيت موضوع الفائدة في ذلك الوقت، والآن أنا قلقة وخائفة، ماذا أفعل؟ لا أستطيع تسديد الدين خاصة وإنني لا أجد عملاً في تخصصي.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الله - عز وجل - يقول: "وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" [البقرة:280] ، فإذا كنت لا تستطيعين تسديد الدين فانتظري حتى تستطيعي ثم سددي بدون الفوائد الربوية، لكن إذا لم يأذنوا أو لم يرضوا إلا بالفوائد الربوية فإنك تكونين مجبرة حينئذ.(9/263)
القرض مقابل توقيع شيك على بياض
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 2/5/1424هـ
السؤال
يقوم بعض المزارعين باقتراض مبلغ من المال (عشرة آلاف جنيه مثلاً) من أحد تجار الخضار والفاكهة، كي ينفق منه على زراعة ما (طماطم مثلاً) ، ولكي يوافق التاجر على هذا القرض يُوَقِّعُ المزارعُ مقابل هذا المبلغ على شيك على بياض (أي بدون تحديد مبلغ، وبدون رصيد) ، ويتم السداد بالطريقة التالية: يتعهد المزارع عند حصاد الطماطم هذه أن يذهب بما تم جَمْعُه إلى هذا التاجر، فيأخذ التاجر على كل مائة جنيه من ثمن هذا المحصول عشرة جنيهات، أو أقل من ذلك أو أكثر حسبما يتفقان، تختلف هذه النسبة من تاجر إلى آخر، ومن مزارع إلى آخر، فهي نسبة قابلة للمناقشة، المهم أنها نسبة ثابتة على مدار إنتاج هذا المحصول (الطماطم) ، أما المبلغ الأصلي (العشرة آلاف) فيخصم جزء منه كل فترة حسبما يتفقان، وإذا لم يلتزم المزارع بالسداد أو ماطل فيه، يقوم هذا التاجر بكتابة أي رقم على هذا الشيك (مائة ألف مثلاً) ويقوم بمقاضاته. فما الحكم الشرعي في هذا التعامل؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
أرى أن هذا التعامل محرم شرعاً لأنه يحتوي على ربا، فالمزارع يقوم باقتراض مبلغ من المال ويرد أكثر منه للمقترض.
كما أن قيام المقترض بإعطاء المقرض شيكاً على بياض يقوم بتدوين المبلغ الذي يريده إذا لم يلتزم المقترض بالسداد، ولا شك أنه سيدون مبلغاً أكثر من الذي أعطاه وهو عين الربا.
والبديل الشرعي لكم عن هذا التعامل المحرم عقدان:(9/264)
الأول: عقد شراك (مضاربة) بأن يدخل صاحب المال مع المزارع شريكاً في أرضه بالربح والخسارة ويتفقان على نسبة ربح محددة ولا يجوز أن يتفقا على ضمان رأس المال أو على مبلغ محدد، بل يشتركان بنسبة محددة ربحاً أو خسارة.
الثاني: عقد السلم وهو أن يقوم صاحب المال بشراء كمية محددة من المنتج الزراعي إلى أجل معلوم محدد، وعلى البائع (صاحب المزرعة) تأمين هذا المحصول في الوقت المتفق عليه، هو سواء كان هذا المحصول من مزرعته أو مزرعة غيره، فيستفيد صاحب المزرعة من المبلغ المدفوع معجلاً، ويستفيد صاحب المال بشراء المحصول بثمن أقل، ثم إن شاء قام ببيعه على من شاء بثمن السوق في ذلك الوقت، وهذا العقد جائز لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة وهم يسلفون بالتمر السنة والسنتين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أسلف في شيء ففي كيلٍ معلومٍ ووزنٍ معلومٍ إلى أجل معلومٍ" متفق عليه عند البخاري (2240) ، ومسلم
(1604) ، ولعقد السلم شروط ذكرها الفقهاء، وقد بين هذا الحديث بعض شروط السلم (السلف) وهي:
(1) أن يكون رأس مال المسلَّم (الثمن) معلوماً لإزالة الجهالة.
(2) أن يكون الثمن معجلاً أي مقبوضاً في مجلس العقد لئلا يقع المتعاقدان في بيع الدين بالدين وهو محرم على قول جماهير أهل العلم وحكي الإجماع على هذا.
(3) أن يكون المثمن (المحصول الزراعي) معلوم الصفة والمقدار، بحيث يأمن الالتباس بغيره من الأصناف.
(4) أن يحدد وقت التسليم فلا يجوز أن يكون الوقت مبهماً.
(5) إذا كان رأس مال المسلم والمسلم فيه مختلفاً جنساً تجوز النسيئة فيه بينهما.
(6) ألا يشترط نتاج مزرعة بعينها، بل يمكن تأمين المحصول المطلوب من أي مكان إذا انطبقت فيه الشروط والمواصفات المطلوبة، ولا شك أن عقد السلم يوفر ضماناً أكثر لصاحب المال، والله تعالى أعلم.(9/265)
شركة برايم بنك
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 17/5/1424هـ
السؤال
سبق ونشرت فتوى للدكتور سامي بن إبراهيم السويلم حول عمل شركة بزناس والطريقة التي تتعامل بها في التسويق لمنتجاتها عن طريق أسلوب التسويق الهرمي. هناك شركة أخرى تتبع مبدأ التسويق الهرمي، ولكن ليست هناك سلعة تباع بل حتى تتمكن من الدخول في عملية التسويق لهذه الشركة والاستفادة من المكافآت الخيالية يجب أن تقوم بوضع وديعة في هذا البنك مقدارها50 دولاراً، بدون فوائد ولمدة أقلها 6 شهور، ومن ثم بإمكانك جلب عملاء آخرين لهذا البنك عن طريقك حيث تقوم الشركة بمكافأتك بمبلغ 5 دولارات عن كل شخص مباشر أو غير مباشر تجلبه للاستثمار بها، ويشترط تنظيم الشبكة على شكل 3*3 عن اليمين وعن الشمال؛ أي 30 دولارا عن كل 6 أشخاص، أرجو من فضيلة الدكتور سامي بن إبراهيم السويلم أن يبين لنا رأي الشرع في هذه الشركة وطريقة تعاملها، وهل تعتبر بتعاملها هذا مثل شركة بزناس أم لا؟ مع العلم أن مجمل استثمارات هذه الشركة في الذهب، جزاكم الله عنا خير الجزاء حتى نتجنب الوقوع في الحرام.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
آلية التسويق والحوافز التي تعطى للمسوقين في هذا البنك هي نفسها طريقة التسويق الهرمي أو الشبكي التي تتبعها شركات أخرى مثل جولد كويست وبزناس وغيرها. وللأسف انتشر هذا الأسلوب بشكل كبير في المنطقة دون وعي كافٍ بأضراره وآثاره السلبية على الاقتصاد وعلى المجتمع، ودون أن تتخذ الجهات الرسمية موقفاً حازماً بشأنه. في حين وقفت معظم دول العالم ضد هذا الأسلوب ومنعته وحاربته، بصور مختلفة وبدرجات متعددة. وأما القول بأن هذا العمل جعالة فهو محل نظر من عدة جوانب:(9/266)
(1) أن العامل في عقد الجعالة لا يدفع للجاعل مالاً. بل يعمل، ثم إن تحققت النتيجة المرجوة نال الجعل وإلا خسر عمله فحسب. أما في التسويق الهرمي فالمسوّق لا يسوّق إلا إذا اشترى ودفع مالاً لصاحب السلعة (البنك) . وهذا لا يجوز لأنه اشتراط لعقد في عقد على وجه التنافي والتضاد. فالعامل في مجال التسويق يفترض أن يسعى لمصلحة صاحب السلعة في ترويجها ويأخذ أجره بناء على ذلك. أما المشتري فهو يسعى لمصلحة نفسه وهي منافية لمصلحة صاحب السلعة. فالجمع بين العقدين - الجعالة والبيع - على هذا النحو في التسويق الهرمي جمع بين متنافيين، ولذلك يدخل في النهي النبوي عن بيعتين في بيعة فيما رواه الترمذي (1231) ، والنسائي (4632) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-.
(2) أن الجعالة في حقيقتها نوع من المشاركة، فالعامل يشارك بعمله والجاعل بالجعل إذا تحقق الغرض من الجعالة. فإذا اشترط فيها الشراء من الجاعل تضمن ذلك قطع المشاركة، لأن مقدار ما يحصله العامل قد يكون أقل مما دفعه للجاعل. وكل ما يقطع المشاركة فهو باطل باتفاق الفقهاء.
(3) أن التسويق الشبكي لا يمكن أن يستمر بلا نهاية، بل لا بد أن يتوقف مهما كان الأمر، وإذا توقف كان غالبية المشاركين فيه من الخاسرين. وتصل نسبة الخاسرين إلى 94% وفق الدراسات الاقتصادية حول الموضوع. وإذا كان الغالب هو الخسارة فالمعاملة تعد من الغرر المحرم شرعاً. لأن الغرر المحرم هو ما تردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما، كما هو مقرر عند العلماء.(9/267)
فالواجب التحذير من هذا النوع من التسويق والتحذير منه، لأنه يعتمد على إغراء الأفراد بالربح السريع وبمقادير كبيرة، بينما تكون النتيجة هي الخسارة لمعظم المشاركين عدا الذين يتربعون على رأس الهرم التسويقي، وهم لا تتجاوز نسبتهم 6% من المجموع. فالتسويق الهرمي مثال واضح لخسارة الأغلبية لمصلحة الأقلية، فهو تغرير وخداع وأكل للمال بالباطل. وفقنا الله جميعاً لاتباع رضاه واجتناب سخطه وغضبه، إنه تعالى يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.(9/268)
التجارة عن طريق الأوراق البنكية
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 21/5/1424هـ
السؤال
عاطل عن العمل، عمري أربعون سنة، وأريد أن أدخل الميدان الاقتصادي عن طريق الأوراق البنكية، وعليه فأنا مجبر على المساهمة في الفوائد، فما هي الفتوى؟ وأشكركم وأنا عاطل وعمري أربعون سنة.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: يا أخي بارك الله فيك، وأغناك بفضله عمن سواه، وكفاك بحلاله عن حرامه" ما أجدرك وقد بلغت الأربعين أن تتقي الله في نفسك، فلا تبدأ حياتك الاقتصادية بكبيرة من الكبائر، أسأل الله لي ولك، وللمسلمين السلامة منها.
هل تعلم أن ما ستقدم عليه ربا؟ وهل تعلم أن الربا من كبائر الذنوب، ومن سبع الموبقات؟ إذن مالك، وللربا!
أرأيت لو أن ملكاً من ملوك الدنيا منع الاتجار بتجارة معينة، كنت ستتحداه وتتجر بها بدعوى أنك مجبر؟
إذا كان الجواب "لا" فالله تعالى أكبر ملكاً، وأعظم سلطاناً فاتق الله واستجلب الخير، والرزق بطاعته "فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له ... " [العنكبوت: 17] ، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] ، والله أعلم، وصلى الله على عبده ورسوله محمد.(9/269)
تكوين صندوق للقرض الحسن
المجيب د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد
مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 11/4/1424هـ
السؤال
نحن بعض الإخوة في جمعية إسلامية في بلاد الغرب، كونّا صندوقاً للقرض الحسن لتجنب القروض الربوية، وكُوِّنَ هذا الصندوق عن طريق مساهمة قدرها 100 دولار، غير قابلة للاسترداد من كل شخص يريد أن يقترض من هذا الصندوق، علماً بأن هناك رسوم طلب وقدرها 50 دولاراً عند الاقتراض، ومن هذه ال50 ما يذهب إلى الصندوق ليكون مالاً إضافياً في الصندوق؛ فنرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا إن كان في هذه الصورة أي محظور شرعي؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
إن فكرة الصندوق ودافعه فكرة شرعية وحسنة من حسنات المؤسسين إن شاء الله - تعالى-، فالجمعية بهذا التوجه جمعية تعاونية تكافلية لا تنطبق عليها أحكام الجمعية التجارية ولا أرى فيها مخالفة، لا في الاشتراك بالـ100دولار، ولا في الـ 50 دولاراً، التي يؤديها المؤدي لما عليه للجمعية، إذ إن نصف الخمسين تودع لصالح الجمعية، والنصف الآخر مقابل خدمات إدارية، والأصل في مثل هذه التعاملات الإباحة، إلا ما حرمه الشرع، والشرع الحكيم يحرص على إشاعة كلما يؤدي إلى البعد عن المحرمات، والأصل المذكور من أدلة اتفاق أهل العلم سلفاً وخلفاً، والله أعلم - وصلى الله وسلم - على محمد وآله وصحبه.(9/270)
هل يأخذ قرضاً تدفع الشركة فوائده؟
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 22/1/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
أود أن أطرح عليكم سؤالي وهو: زوجي مهندس كهربائي، يعمل في شركة للغاز الطبيعي المسال، والشركة تقوم بقرض الشخص المال لبناء بيت له دون أن يدفع زوجي أية فوائد، وتقوم الشركة نفسها بدفع الفوائد. فما رأيكم؟ (أتمنى أن تفهموا سؤالي) ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يا أختي العزيزة، قد قلت في رسالتك: "أتمنى أن تفهموا سؤالي"، وأنا أقول لك: "أتمنى أن توضحي سؤالك"؛ فإنه مضطرب حيث قلت: (إن الشركة تقوم بقرض الشخص المال) ، ثم قلت: (وتقوم الشركة نفسها بدفع الفوائد) ، والسؤال: (إذا كانت الشركة هي المقرض، فلمن تدفع الفوائد) ؟!.
فإن كان المقصود هو: أن الشركة تقوم بالاقتراض بفائدة من جهة ما، ومن ثم تعطي هذا القرض لزوجك دون فائدة، إذ تقوم الشركة نفسها بدفع الفائدة؛ فالجواب هو: أن ذلك لا يجوز؛ لأن زوجك قد كان سبباً في الربا، حيث إن الشركة قد اقترضت بفائدة من أجل أن تقرضه، ولأنه قد رضي بالربا، فإن طلبه القرض منها، وهو يعلم أنها ستقرضه بفائدة دال على رضاه، ولا يجوز للمسلم أن يرضى بالمنكر، كما لا يجوز له أن يكون سبباً فيه. والله أعلم.(9/271)
يقترض له ولغيره
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 20/12/1424هـ
السؤال
سؤالي: نويت أن أطلب قرضاً تمويلياً من أحد البنوك، بحيث يبيع لي من سياراته التي يملكها بالتقسيط، طلب مني أحد الزملاء أن أزيد في مبلغ القرض بحيث يحصل هو على هذه الزيادة، ويودع في حسابي مبلغ القسط المخصوم مني من قبل البنك, بحيث إن البنك يخصم المبلغ كاملا ًمن حسابي, هل في هذا العمل شيء. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
الشخص الذي طلب منك أن تزيد في مبلغ القرض ليأخذ جزءاً منه، يعتبر مقترضاً منك فيما أخذه، فإذا كان لا يرد إليك إلا القدر الذي أخذه منك دون زيادة، فلا مانع. والله أعلم.(9/272)
الاقتراض من بنك ربوي بطريقة إسلامية
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 16/10/1424هـ
السؤال
ما هو حكم القرض من بنك ربوي بطريقة إسلامية (جائزة شرعا) ؟ حيث إني أريد قرضاً لزواج، والبنك الإسلامي يشترط أن أكون قد خدمت مدة سنتين، أما بعض البنوك الأخرى تشترط سنة واحدة، وأنا على وشك إكمال السنة؟. جزاكم الله خيراً على هذا الموقع المبارك.
الجواب
الحمد لله، لا يخفى أن القرض الربوي المبني على أخذ الفائدة الربوية لقاء القرض لا يجوز، وهو محرم مطلقاً سواء أصدر من بنك ربوي، أم صدر من بنك إسلامي، أم صدر من مؤسسة مالية، أو فرد من التجار أو غيرهم، ولا يخفى أن البنوك الإسلامية لا تتعامل بالقروض الربوية مطلقاً، وعلى البنوك الإسلامية رقابات شرعية تراقبها وتتابع أعمالها وتوجهها إلى ما يجب أن يكون متفقاً مع أصول ومبادئ أحكام الشريعة الإسلامية، وإذا وجد أي مخالفة كان من الهيئة الرقابية تنبيه وتأكيد على ضرورة تجنب مثل هذه المخالفات. هذا ما يتعلق بالقرض المحض، أما إذا كان القرض عن طريق المرابحة الشرعية فهذا لا بأس به.(9/273)
الاقتراض بالربا لبناء مدرسة إسلامية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 17/10/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قمنا بفضل الله تعالى- في دعوة الإسلام- ببناء روضات إسلامية تعلم النشء الصغير وتربيهم على مبادئ الإسلام ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، ولكننا لاحظنا أن الأطفال بمجرد أن ينتقلوا إلى التعليم في المدارس الحكومية والمناهج الإسرائيلية فإن جهودنا تذهب أدراج الرياح، وهذه تجربة عشرين سنة.
اليوم لدينا مشروع جديد لحل هذه الأزمة، حيث إننا عزمنا على افتتاح مدرسة إسلامية، واستعملنا كافة الحِيل على وزارة التربية والتعليم حتى حصلنا على رخصة بناء مدرسة خاصة.
سؤالنا هو: إننا في سبيل تحقيق هذا الهدف نحتاج إلى حوالي مليوني دولار لشراء قطعة أرض وبناء مدرسة إسلامية عليها، ولكن كل الموارد وكل القروض الحسنة والتبرعات من أهل الخير لم تف بهذا الأمر، فكان أن جاءنا اقتراح من أحد المناصرين لنا يعمل في بنك بأن نأخذ قرضا ربويًّا مقابل أن نرهن قطعة الأرض التي عليها سوف يتم بناء المدرسة، فهل يجوز لنا ذلك؟ نريد جوابًا شافيًا مدعومًا بالأدلة الفقهية، علمًا بأن الهدف من هذا كله هو حفظ الدين لأبناء هذه البلدة التي تقع تحت الاحتلال منذ 56 سنة، وحفظ الدين من مقاصد الشريعة، ولكننا نعلم في نفس الوقت أن الغاية الشريفة لا تبرر الوسيلة الحرام فالنقاش عندنا في أوجه. أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(9/274)
أخذ الربا أو ما يعرف بـ (الفائدة) حرام لا يجوز بنص القرآن والسنة النبوية، كما هو معلوم لكم، فالربا هو كل زيادة مشروطة على رأس المال بغير مشاركة أو مخاطرة، أو مضاربة، فردية كانت هذه المعاملة أو اجتماعية، ولم يقل أحد من أهل العلم بجواز الفائدة، وإنما قال بعضهم أو نسب إليهم: إذا كانت ضرورة للفرد لا للجماعة أو المجتمع. وهذا اجتهاد خاطئ لا يجوز اتباعه، والضرورة تقدَّر بقدرها، ولا يجوز أن يزاد عليها ولو بشعرة، والضرورة الشرعية المعتبرة هي إذا لم يأخذ بها الإنسان مات لساعته، كالأكل من الميتة، يأكل منها بقدر ما يقيم به صلبه ويبقيه على الحياة، وبناء روضة لتعليم الناشئة وتربيتهم لا ينطبق عليها قاعدة الضرورة الشرعية "الضرورات تبيح المحظورات"؛ لأن الوسيلة لها حكم الغاية، والغاية في هذا المشروع مع البنك هي الربا المحرم، وكل الوسائل الموصلة إلى الحرام حرام، وكل زيادة عين أو منفعة يشترطها المسلف (البنك مثلاً) على المتسلف- فهي ربا، وقد نص الفقهاء على أن الربا لا تصح إباحته في الشرع تبعًا، فكيف إذا كان استقلالاً وقصدًا، كما هو مذكور في السؤال. كما نصوا على أن الربا اليسير في البيع لا يجوز مع الضرورة، بخلاف الغرر اليسير في البيع فيجوز للضرورة، ولا يغيب عن البال أنكم تعيشون في دار حرب مع الكفار اليهود فتأخذون بفتوى من يجيز التعامل بالربا في دار الحرب؛ لأن مذهب جمهور علماء الإسلام أن ما كان محرمًا في دار الإسلام فهو محرم في دار الحرب بين المسلمين، كالربا، ثم إن بلادكم ليست بلاد كفر، وإن احتلها اليهود قهرًا وعدوانًا، فالبلاد بلاد إسلام وليس لغاصب يد. وفقنا الله وإياكم إلى كل خير، وثبتنا وإياكم على الحق، آمين.(9/275)
رد القرض بزيادة غير مشروطة
المجيب عبد العزيز بن أحمد الدريهم
رئيس كتابة العدل بمحافظة المزاحمية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 27/02/1426هـ
السؤال
اقترض والدي مالاً من شخص فتأخر والدي في السداد لظروفه حوالي شهرين، فأوصى قبل مماته بأن ندفع له مقابل التأخير مبلغ مائتان جنيه، فهل ذلك يعد ربا، أم واجب تنفيذ الوصية.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
إذا أخذ شخص من أحد قرضًا إلى أجل مسمى وجب على المقترض الوفاء في الأجل المعلوم؛ لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ... " الآية.. [المائدة:1] .
وإذا تأخر عن السداد من غير عذر فهو آثم ومعرض نفسه للعقوبة الدنيوية والأخروية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته" أخرجه أبو داود (3628) وابن ماجه (2427) والنسائي (4689) .
أما إذا تأخر لعدم وجود ما يسدد به، فهو معذور ويجب على المقرض انتظاره لقوله تعالى: "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ... " الآية ... [البقرة:280] .
ثم إذا أراد من هذا المقترض أن يرد القرض ويزيد في ذلك، فهذا أمر حسن وموافق لسنته صلى الله عليه وسلم.... شريطة ألا يكون هناك شرط بينهما وإلا كان رباً لا يجوز، وعليه فيجب تنفيذ وصية والدكم إذا علم عدم الشرط بينهما. والله التوفيق.(9/276)
التورق عن طريق الوسيط
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 01/07/1426هـ
السؤال
أعمل في الجيش، ولدي أقساط في شركة مصرفية، وفي حاجة ماسة لبعض المال، ولا يمكن لي أن آخذ أقساطًا أخرى من الشركة إلا بعد أن أسدد كامل المبلغ المستحق علي سواء نقداً أو تقسيطاً، المبلغ يقدر بـ96 ألف ريال، في حالة تسديده نقداً (سداد فوري) . قيل لي: إن هناك بعض (الشريطية) يقومون بسداد هذا المبلغ بالطريقة التالية: أشتري من الشريطي سيارة تتراوح قيمتها بين 70 و 73 ألف ريال، بمبلغ ثمانين ألف ريال، مؤجل لمدة شهر واحد، فأقوم أنا ببيعها نقداً وأسدد للشركة (سداد فوري) ، ومن ثم أقوم بتقديم طلب شراء أقساط جديد من الشركة، وأحصل على الحد الأدنى من الأقساط مبلغ 170 ألف ريال، وأسدد قيمة السيارة نقداً، وذلك بعد شهر، وهذه المدة المتفق عليها بيني وبين صاحب السيارة، علمًا أن الشريطي اشترط علي أن أعمل وكالة لشخص آخر يقوم بتسديد الشركة، وعمل طلب أقساط جديد وهذا إجراء كي يضمن حقه. فما حكم الشرع في ذلك؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حاصل هذه العملية هو إجراء عملية تورق من خلال الوسيط لتسهيل الحصول على تورق من البنك، مع اشتراط أن يكون الوسيط هو الوكيل للحصول على النقد من البنك. فهي عملية تورق مشروطة في تورق، فهو تورق مركب.(9/277)
وأصل التورق المنظم الذي يتم فيه الحصول على النقد من خلال البنك محل شبهة قوية، ولذلك أصدر مجمع الفقه الإسلامي قراره بمنع التورق المنظم الذي تمارسه المصارف؛ لأنه يأخذ حكم العينة المحرمة شرعاً. فإذا انضم لذلك التورق من خلال الوسيط زاد الأمر سوءاً؛ لأنه اشتراط لتورق في تورق. كما أن حاصل العملية يتضمن زيادة الدين في ذمة العميل مقابل زيادة مدة السداد، وهذا هو ربا الجاهلية الذي يزيد فيه الدين مقابل زيادة الأجل. وكل واحد من هذه العناصر كاف في الحكم بمنع هذه المعاملة، فكيف إذا اجتمعت كلها؟ فأنصح الأخ أن يحتاط لدينه ولدخله، ولا يطعم أهله إلا الحلال، وأن يتجنب الربا شكلاً ومضموناً، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب. وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.(9/278)
استبدال الدقيق بالخبز
المجيب د. محمد العروسي عبد القادر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 19/11/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله، سؤالي هو: ما حكم مقايضة أو استبدال كيس الدقيق بالصمّّون (نوع من الخبز) مثلا كيس الدقيق بـ (100) صمون ما حكم ذلك؟ هل هو ربا أم لا؟ هل هو جائز؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، اللهم صلى على نبينا محمد وآله وسلم.
أما بعد: فالأصل أن المطعومات التي تدخر والتي لا تباع إلا كيلاً أو وزناً لا يجوز بيعها بجنسها إلا بالتساوي، فلا يجوز بيع حنطة بحنطة، ولا شعير بشعير إلا بالتساوي والتقابض، فإذا اختلف الجنسان جاز بيعه متفاضلاً، فلك أن تبيع صاعاً من حنطة بصاعين من شعير متقابضاً.
ثم اعلم أن هذه الأجناس مثل الحنطة والشعير والزيتون وغيرها، تعتبر أصولاً لها فروع، ومن فروع هذه الأصول: الدقيق للحنطة والشعير، والزيت للزيتون فهل يحل بيع هذه الفروع بأصولها؟ فمن لا حظ اختلاف الفرع والأصل أجاز بيع بعضه ببعض متفاضلاً، ومن قال إنه جنس واحد منع منه.
وأما إذا اختلف أحد هذين - الفرع أو الأصل - بسبب صنعة آدمي كالخبز المصنوع يباع بالدقيق، وكالزيت يباع بالزيتون، جاز بيعه متفاضلا؛ لأن الزيت والخبز خرج بالصنعة من جنس أصله إلى شيء آخر أشبه ما يكون بالسلعة، فلا يجري فيه الربا فيحق بيعه متفاضلا، وهذا أصح القولين إن شاء الله تعالى.
فعلى هذا فيقال للسائل: يجوز بيع الدقيق بالصمون ولا يشترط فيه التساوي، والله أعلم.(9/279)
وفاء القرض بعد نقص قيمة العملة
المجيب ناصر بن محمد آل طالب
القاضي بمحكمة عرعر
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 19/11/1423هـ
السؤال
طلب مني زوج أختي مبلغاً من المال وذلك منذ عامين تقريبا -أنا مقيم بالسعودية وهو مقيم بمصر- فقمت بشراء مبلغ 10000 جنيه مصري بـ10300 ريال سعودي حيث كان الجنيه وقتئذ 1.02ريال سعودي وقمت بإرساله بحوالة (تم التحويل بالجنيه لأن النظام المصرفي بالسعودية يمنع التحويل بالعملة المحلية وهي الريال، ويسمح بالتحويل بأي عملة أجنبية مثل الجنيه المصري أو الدولار الأمريكي، لذلك كنت مضطرا إلى التحويل بالجنية المصري) .
وعندما أردت منه أن يرد لي مالي قام بشراء ما يقابل 10000جنيه مصري بالريال السعودي فكان المبلغ العائد لي 7400ريال وذلك نتيجة انخفاض قيمة الجنية المصري مقابل الريال السعودي بحوالي (25%) ، وبذلك أكون غارماً في هذا القرض الحسن.
وإذا أردت من زوج أختي أن يدفع بالريال فسيتكلف مبلغ 12500جنيه مما يخرج القرض الحسن عن مفهومه. أفتوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
لا بأس بما فعله زوج أختك من رده قيمة عشرة آلاف جنيه مصري بالريالات السعودية بسعر الجنيهات وقت الرد حتى وإن نقصت عن سعرها يوم القرض.
ولا بأس أيضاً أن يوفي ما نقص أو حتى يزيد عليه ما دام هذا من دون شرط بينكما ولا طلب منك.
أما حال التشاح بينكما واختلافكما فليس لك سوى قيمة عشرة آلاف جنيه مصري وقت الرد سواء نقصت أو زادت عن قيمتها وقت القرض، والله أعلم.(9/280)
اقترضت من أبيها ثم توفي
المجيب خالد بن عبد الرحمن الخضر
القاضي بمحكمة بريدة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 12/11/1423هـ
السؤال
توفي جدي منذ سنة وقبل أن يموت بثلاث سنين استلفت منه أمي ألف ريال ولكن أمي لم ترد المبلغ إلى جدي ولم يطلب منها جدي المال فاعتبرت أمي أن جدي قد سامحها من المال لأنه يعرف ظروفها الصعبة من الناحية المادية ولكن الآن مات جدي فهل على أمي رد المال للورثة أم ماذا تفعل مع العلم أن ظروفها المادية لا تسمح لها بإرجاع المال للورثة وهم إخوتها؟
الجواب
الحمد لله وحده وبعد، فإذا كان الحال كما ذكرت السائلة فإن المبلغ يبقى ديناً في الذمة تسدده أمك لورثة جدك إلا إذا سامحها الورثة وتنازلوا عن حقهم ولم يتعلق بالمال أسبال أو وصايا، والله الموفق.(9/281)
طلب إنظار الدائن له ووعده بمكافأة مالية
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 23/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شخص له عند أبي دين منذ عام 1996م بمبلغ سبعمائة وخمس وثلاثين ألف جنيه، وعجز أبي عن السداد إلى الآن، فأبي تاجر معسر وعليه ديون كثيرة ولم يستطع سدادها، وقد وعد أبي هذا الشخص بأن يعطيه مائة ألف جنيه مكافأة فوق مبلغه إن يسر الله له الأمور نظرًا لتحمل هذا الشخص معنا كل هذه الفترة، ولم تتيسر الأمور إلى الآن مع أبي- يسر الله له- فقام هذا الشخص بشراء المنزل الذي نعيش فيه وهو أصل دينه، حيث إنه دخل ضامنًا لأبي على شراء هذا المنزل في بنك فيصل الإسلامي عام 1996م، ثم اضطر لسداد المبلغ للبنك هذا العام 2004م نظرًا لعجز أبي عن السداد، قام بشراء المنزل على الورق بمبلغ تسعمائة ألف جنيه، أي لم يدفع مالًا وإنما مقابل ماله عندنا 735000، وبذلك يكون لنا عنده فرق المبلغ مائة وخمس وستون ألف جنيه، وهو يريد أن يأخذ المائة ألف جنيه التي وعده أبي بها، إن يسر الله له الحال، وبذلك يكون لنا عنده خمس وستون ألف جنيه فقط، مع العلم أن الأمور لم تتيسر مع أبي إلى الآن، ومع العلم بأن أبي عليه ديون كثيرة لأشخاص كثيرين، والسؤال: هل يحق له أخذ هذه المائة ألف؟ وما رأي فضيلتكم في هذه المعاملة وهذا الأمر عمومًا؟ وهل يجوز شرعًا أصلاً رَصْدُ أبي له هذه المكافأة؟ وما الحل؟ وجزاكم الله خيرًا وأحسن الله إليكم.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(9/282)
فلا يحق للدائن أخذ هذه المكافأة ولا أن يعده أبوك بها؛ لأنها من الربا، لأن القصد منها أن يؤجل الدائن مطالبة أبيك بالدين، فهي زيادة لغرض الإنظار، وهذا هو عين الربا، وقد جاء في صحيح البخاري (3814) عن عبد الله بن سلام، رضي الله عنه، أنه قال لأبي بردة بن أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه: إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ فَلَا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا.
والواجب على الدائن أن يُنظر أباك إلى حين ميسرته عملًا بقوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) [البقرة: 282] . ثم إذا وفاه أبوك في ذلك الحين فله أن يهديه هدية مقابل إحسانه إليه، أما أن يعده بها الآن فلا.
وعلى ذلك فيجوز التنازل له عن المنزل مقابل تنازله عن دَينه على أن يرد على أبيك مقدار الفرق بين القيمتين، وبشرط أن يكون تقييم المنزل بحسب سعره في السوق بدون محاباة له، فلو كانت قيمة المنزل سبعمائة ألف فيجب أن يرد على أبيك مائة وخمسة وستين ألفًا، ثم لكم بعد ذلك أن تستأجروا المنزل منه بأجرة المثل، وهي الأجرة المعتادة في السوق لمثل ذلك المنزل. والله أعلم.(9/283)
بيع سندات المزارعين بأقل من قيمتها
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 25/7/1424هـ
السؤال
تقوم صوامع الغلال بصرف سندات للمزارعين، ويكون المزارع بحاجة إلى نقد، فيذهب إلى البنك ويخصم عليه من المبلغ المؤجل ويعطيه أقل منه حالاً، فما حكم هذا العمل وهو منتشر بين المزارعين؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: حكم هذا العمل لا يجوز وهو من الربا، لأن هذا شراء نقد بنقد آخر أقل منه مع عدم القبض، فهو يشتري الدراهم التي لهذا المزارع عند صوامع الغلال، هذا الشراء نقد بنقد مع التفاضل وعدم التقابض، ففيه ربا الفضل وربا النسيئة فلا يجوز مثل هذا العمل، وبيع الدين إلى غير من هو عليه، إذا كان المالان يجري بينهما ربا النسيئة لا يجوز.(9/284)
الاشتراك في الموقع لأجل التسويق
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 5/7/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنوي تدشين موقع تجاري على الإنترنت يقدم خدمات للمشتركين، وقيمة الاشتراك 350 ريالاً مدى الحياة، ويحق للمشترك العمل كمندوب للموقع والتسويق له، بحيث إنه إذا استطاع إقناع خمسة أشخاص بالاشتراك في الموقع عن طريقه سوف يحصل على ربح قيمته 1000 ريال سعودي، وكلما يأتي بخمسة يحق له مبلغ 1000 ريال، وعمل الموقع لا يعتمد على التسويق الهرمي أو الشبكي بتاتاً، فهو يوفر فرصة عمل للشباب، فما رأي الشرع في فكرة المشروع؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
إذا كان المشروع يشترط دفع قيمة الاشتراك في الموقع للسماح بالتسويق والحصول على العمولات، فهذا يثير شبهة حول جواز نظامه التسويقي، لأن مؤدى ذلك هو دفع نقود على أمل الحصول على نقود أكثر منها، وقد تحصل ولا تحصل، وهذا يرد عليه الغرر من جهة، والربا من جهة أخرى.
أما إذا كان يحق للشخص أن يسوق للموقع دون أن يدفع ثمن الاشتراك، فلا بأس بذلك لأنه جعالة، وهي جائزة، والله أعلم.(9/285)
خدمات القرض
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 22/10/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أنا موظف في المصرف التجاري، أعطانا هذا المصرف قرضاً بقيمة 25 ألف دينار، مع وجود قيمة زائدة تغطي خلال 30 سنة نصف في المائة 0.5%، أي جملة 150 دينار ليبي خلال 30 سنة، سميت هذه الزيادة خدمات قرض، وليست فائدة على القرض، فهل يجوز هذا أم لا؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلا يجوز في عقد القرض أن يشترط المقرض على المقترض أن يرد القرض بأكثر مما أخذه، وإلا كانت تلك الزيادة من الربا، لأن القرض من عقود البر والإرفاق التي لا يجوز الاسترباح فيها، وقد أجمع أهل العلم على أن كل قرض جر نفعاً للمقرض فهو ربا، وعلى هذا فإذا كانت الزيادة المشروطة للبنك مرتبطة بمدة السداد أو بقيمة القرض فهي محرمة، سواء كانت ستدفع للبنك على دفعات (كل سنة نصف بالمائة مثلاً) ، أو كانت ستدفع مرة واحدة عند الاقتراض أو عند السداد، وسواء سميت فوائد أو خدمات أو رسوماً أو أياً كانت التسمية، فالعبرة في العقود بالمعاني والحقائق لا بالأسماء.
أما إذا كانت الزيادة المشروطة مبلغاً مقطوعاً لا يتأثر بقيمة القرض ولا بفترة السداد، كأن يجعل البنك رسماً ثابتاً لإصدار القرض كمائة وخمسين ديناراً مثلاً، فالذي يظهر هو جواز هذه المعاملة سواء كان دفع تلك الرسوم منفصلاً عن سداد القرض أو أنها أضيفت إلى قيمة القرض الإجمالية، لأن هذه الرسوم في الحقيقة ليست زيادة في القرض وإنما هي أجور يستحقها البنك مقابل الأعمال التي قام بها لإصدار القرض من اتصالات ومكاتبات وأجور موظفين وغير ذلك، وهي أعمال يستحق عليها الأجر شرعاً. والله أعلم.(9/286)
الاستثمار في برنامج تقاعدي
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 8/11/1424هـ
السؤال
عندي سؤال عن الربا: وضعت مالي في برنامج تقاعدي، وعندما أحتاج لاقتراض بعض المال من حسابي تفرض علي الشركة القائمة على التقاعد فائدة على المال الذي آخذه من حسابي، ولكن عندما أسدد كامل قيمة المبلغ المقترض بعد عدد من السنوات تعيد الشركة قيمة الفائدة المحسومة إلى حسابي مرة أخرى. هل هذه العملية جائزة؟.
وجزاكم الله خيراً.
الجواب
يظهر بأن هذه العملية غير جائزة؛ لأنها معتمدة على الربا وعلى أخذ الفائدة الربوية، فهو حينما يأخذ أو يقترض من هذه الشركة، يقترض منها مالاً، وإن كان متعاملاً معها على سبيل التأمين على الحياة ونحو ذلك، وهذا محل خلاف بين أهل العلم، هل هو جائز أو غير جائز؟ لكن الشيء الذي يعتبر استطراداً في هذه المعاملة هو أنه لو أراد سيولة نقدية فيقول في سؤاله: بأنه يذهب إلى الشركة وتعطيه مطلبه خمسة آلاف أو عشرة آلاف دولار، أقل أكثر وفي نفس الأمر تحسب عليه هذه الفائدة الربوية ونحو ذلك، فنقول: هذا لا يجوز، وفي نفس الأمر لا يبرر الجواز أن يقال: بأنها في آخر الوقت بعد سنتين، أو عشر سنوات، أو خمس عشرة سنة، أو عشرين سنة، تعيد له هذه الفوائد، فهي في الواقع تعيدها بعد أن استثمرتها لديه مرة ثانية، فالحاصل أن هذه المعاملة ربوية، وننصح أخانا ألا يسلك أو ألا يتعامل مع هذه الشركة.(9/287)
أقرضه بشرط أن يسكن في بيته سنةً
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 12/11/1424هـ
السؤال
أقرضت رجلاً ألف ريال مقابل أن يعطيني بيته لكي أسكن فيه مدة سنة، ثم يرجع لي نقودي وأرجع له بيته، هل يعد هذا العقد رباً؟ وإذا أعطيته إيجاراً رمزياً هل أخرج من الربا؟
الجواب
لا يجوز لك أن تقرضه بشرط أن تسكن في بيته؛ لأن السكن في بيته يكون منفعة جرها القرض، وذلك من الربا المحرم.
وكونك تعطيه أجراً رمزياً فذلك لا يزيل الحرمة، إذ الأصل أن العبرة بالعقود بل الأمور كلها بمقاصدها، والتحايل على الحرام لا يجعله مباحاً، والله أعلم.(9/288)
الادخار غير المستثمر
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 16/6/1425هـ
السؤال
ما حكم نظام الادخار غير المستثمر المعمول به في شركة أرامكو السعودية، وهو على النحو التالي: يقتطع من راتب الموظف شهرياً 10% كادخار، وفي نهاية السنة الأولى من الادخار تعطي الشركة للموظف مكافأة (كحافز للاشتراك في نظام الادخار) وقدرها 5% من المبلغ المدخر، وفي كل سنة تزيد نسبة المكافأة حتى تصل إلى 100% بعد عشر سنوات.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذه الطريقة التي بينها السائل في نظام الادخار فيها بعض المحذورات الشرعية من أهمها الربا، وبيان ذلك أن المبلغ الذي تخصمه الشركة على من يرغب من موظفيها أو تأخذه منهم يعتبر في حكم القرض، فيكون قد ثبت في ذمة الشركة مقابل لهذا القرض الذي تم استلامه من الموظف أو خصمه من مرتبه، ومن القواعد الشرعية في الديون أنها تقضى بأمثالها، ولا يجوز تأجيلها واشتراط الزيادة عليها، سواءً كان هذا الاشتراط من الدائن أو المدين أو منهما معاً - كما في هذه الصورة-، حيث إن الموظف يسلِّم مبلغاً، ويستلم أكثر منه على دفعات متعددة يكون آخرها مثل المبلغ الذي خُصم منه، ونأمل أن يتم تعديل هذا النظام ونحوه من الأنظمة المشابهة بنظام يؤدي الهدف منه، وهو تشجيع الموظفين على الادخار، والتضامن الاجتماعي فيما بينهم، ويتفق مع القواعد الشرعية الإسلامية. والله أعلم.(9/289)
يعمل في بنك ربوي
المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 29/3/1425هـ
السؤال
أنا أعمل في البنك، وهناك إجماع عام بين العلماء على تحريم مثل هذا العمل، وأنوي تغيير هذا العمل، لكنني في الوقت الحالي لا أجد عملا بنفس الدخل، وأنا أدعو الله سبحانه أن يهديني ويساعدني. هل أنا مذنب في وضعي الحالي مع نيتي في تغيير مهنتي؟ وهل على زوجتي وأولادي أي حرج من وضعي؟.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. "سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم" [البقرة:32] ، وبعد:
العمل في البنوك التي تتعامل بالمحرمات كالربا ونحوه لا يجوز؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الله في كتابه: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب" [المائدة:2] ، ولحديث جابر - رضي الله عنه- قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- آكل الربا ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال هم سواء" رواه مسلم (1598) .
يقول الإمام النووي - رحمه الله-: (هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابين، والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل) .(9/290)
وقولك – يا أخي-: (إنك لا تجد عملاً بنفس الدخل) ، لا يسوغ لك هذا التعامل، بل حتى لو لم تجد إلا هذا الدخل فلا أرى إباحة هذا التعامل، ومن صدق مع الله في تعامله، وابتغى رضاه يسر الله أمره، وفرج عنه كربته، وعوضه خيراً مما هو فيه، ورزقه من حيث لا يحتسب؛ يقول تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق:2-3] ، ويقول جل وعلا: "والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون" [النحل:41] ، يقول الإمام ابن كثير – رحمه الله- في تفسير الآية الأخيرة: (فإنهم تركوا مساكنهم وأموالهم فعوضهم الله خيراً منها في الدنيا، فإن من ترك شيئاً لله عوضه الله بما هو خير له منه، وكذلك وقع؛ فإنهم مكن الله لهم في البلاد، وحكمهم على رقاب العباد، وصاروا أمراء حكاماً، وكل منهم للمتقين إماماً، وأخبر أن ثوابه للمهاجرين في الدار الآخرة أعظم مما أعطاهم في الدنيا) .
وعليك – يا أخي – بترك هذا العمل المحرم فوراً؛ إذ امتثال النهي يكون بترك المنهي عنه على الفور والدوام، ولا تكفي النية الحسنة مع القدرة على الامتثال بالترك.
كما عليك الحذر من أكل الحرام وأسبابه، وألا تطعمه أهلك وأولادك؛ لما روى أبو هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم" [المؤمنون:51] ، وقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم" [البقرة:172] ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك" رواه مسلم (1015) .(9/291)
يقول ابن رجب – رحمه الله – في قوله تعالى: "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعلمون عليم" [المؤمنون:51] : (المراد بهذا أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال وبالعمل الصالح، فما كان الأكل حلالاً فالعمل الصالح مقبول، فإذا كان الأكل غير حلال فكيف يكون العمل مقبولاً) .
وعن ابن عباس – رضي الله عنهما- قال: (تليت هذه الآية عند رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً" [البقرة:168] فقام سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه- فقال: يا رسول الله أدع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال له النبي –صلى الله عليه وسلم-: "يا سعد: أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه عمل أربعين يوماً، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به") رواه الطبراني (6495) وفي إسناده نظر. وعن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا، حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طعمة" أخرجه أحمد (6652) ، وحسن إسناده الهيثمي.
وأسوق لك – أخي المبارك- بعض النقول عن السلف للعظة والاعتبار، فمن ذلك: ما قاله أبو عبد الله النباجي الزاهد – رحمه الله-: (خمس خصال بها تمام العمل: الإيمان بمعرفة الله –عز وجل-، ومعرفة الحق، وإخلاص العمل لله، والعمل على السنة، وأكل الحلال، فإن فقدت واحدة لم يرتفع العمل، وذلك إذا عرفت الله –عز وجل- ولم تعرف الحق لم تنتفع، وإذا عرفت الحق ولم تعرف الله لم تنتفع، وإن عرفت الله وعرفت الحق ولم تخلص العمل لم تنتفع، وإن عرفت الله وعرفت الحق وأخلصت العمل ولم يكن على السنة لم تنتفع، وإن تمت الأربع ولم يكن الأكل من حلال لم تنتفع) .(9/292)
وقال وهب بن الورد: (لو قمت مقام هذه السارية لم ينفعك شيء حتى تنظر ما يدخل في بطنك حلال أم حرام) . والله أعلم.(9/293)
تعامل المسلم المقيم في الغرب بالربا
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 7/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
من المعروف أن الربا محرم شرعًا، ولكن قرأت في أحد الكتب فتوى منسوبة لأبي حنيفة ومحمد بن الحسن، تجيز للمسلم الذي يعيش في دار الحرب أن يتعامل بالمعاملات التي يتعامل بها أهل هذه الدار. فهل يجوز لنا شرعًا الأخذ بهذه الفتوى؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يذهب بعض الباحثين المعاصرين إلى جواز التعامل بالربا للمسلم المقيم في بلاد الغرب، ويستند هؤلاء في هذا القول على ما ورد عن أبي حنيفة -رحمه الله- من إباحة أخذ المسلم الربا من الحربي.
وكما يقول بعض أصحاب هذا القول: ((فإن هؤلاء الذين تترك لهم الفائدة - يعني المصارف الأجنبية في البلدان غير المسلمة - قد يكونون في نظر الشرع حربيين، لمواقفهم المضادة للإسلام والمسلمين)) (1) .
لكن هذه الفتوى منقوضة من أوجه:
أحدها: أن ما روي عن الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- لا ينطبق على حال المسلم المقيم في بلاد الغرب؛ لأن الإباحة المروية عنه وعن غيره، إنما هي في التعامل بين المسلم والحربي في دار الحرب، وإذا كان المسلم مقيمًا في بلاد الغرب فإنه تربطه بهم عهود ومواثيق، فهم معاهدون بالنسبة له وليسوا حربيين.
الثاني: الخلل في الاستدلال يكون جليًّا إذا كان المستدل يستدل بفتوى أبي حنيفة في جواز شراء البيوت بالربا في بلاد الغرب؛ لأن المروي عن أبي حنيفة إنما هو جواز أخذ المسلم للربا من الحربي، وفي شراء البيوت يكون المسلم دافعًا للربا لا آخذًا له، وهذا عكس فتوى أبي حنيفة.(9/294)
الثالث: وعلى فرض صحة الاستدلال بفتوى الإمام أبي حنيفة، بناء على أن بلاد الغرب لهم حكم أهل الحرب، أو أن المراد بفتوى الإمام أبي حنيفة ما سوى دار الإسلام، فقد نُوزِع الإمام أبوحنيفة في هذه الفتوى، وإيضاحًا لذلك فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
القول الأول:
ذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز الربا مطلقًا، لا مع حربي ولا مع غيره.
وحجتهم:
عموم النصوص التي تقتضي حرمة الربا، والتي لم تفرق بين دار ودار، ولا بين مسلم وحربي، والمسلم مخاطب بفروع الشريعة أينما كان، وإن كان الحربي لا يلتزم هذه الأحكام لكفره، فإن المسلم ملتزم بها لإسلامه (2) .
والقول بجواز الربا في تعامل المسلم مع غير المسلم وتحريمه في تعامله مع المسلم فيه مشابهة لحال اليهود الذين يحرمون الربا فيما بينهم ويبيحون أخذه من غيرهم، والله سبحانه قد نهانا عن التشبه بهم في أخلاقهم.
القول الثاني:
وذهب الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- إلى إباحة الربا بين المسلم والحربي في دار الحرب (3) .
واحتج على ذلك بدليلين:
دليله الأول - ما روى مكحول، عن النبي صلى الله عليه وسلم, أنه قال: "لا رِبًا بينَ أَهْلِ الحَرْبِ- أظنه قال- وأهلِ الإسلامِ" (4) أخرجه أبو يوسف في الرد على سيرة الأوزاعي ص 97، وذكره عنه الشافعي في الأم 7/359.
ولكن نوقش هذا الاستدلال:
1- بأن الحديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به.
2- ولو صح فالمراد به النهي عن ذلك.
قال عنه النووي في المجموع: (مرسل ضعيف فلا حجة فيه، ولو صح لتأولناه على أن معناه لا يباح الربا في دار الحرب، جمعًا بين الأدلة) (5) .
وقال ابن قدامة: (مرسل لا نعرف صحته، ويحتمل أنه أراد النهي عن ذلك، ولا يجوز ترك ما ورد بتحريمه القرآن، وتظاهرت به السنة، وانعقد الإجماع على تحريمه بخبر مجهول لم يرو في صحيح ولا مسند ولا كتاب موثوق به، وهو مع ذلك مرسل محتمل) (6) .(9/295)
ودليله الثاني: لعدم توافر شروط جريان الربا، يقول الإمام الكاساني الحنفي: (لأن مال الحربي ليس بمعصوم، بل هو مباح في نفسه، إلا أن المسلم المستأمن مُنع من تملكه من غير رضاه لما فيه من الغدر والخيانة، فإذا بذله باختياره ورضاه فقد زال هذا المعنى، فكان الأخذ استيلاء على مالٍ مباح غير مملوك، وإنه مشروع مفيد للملك كالاستيلاء على الحطب والحشيش) (7) .
ونوقش هذا الاستدلال:
1- (بأنه لا يلزم من إباحة أمواله على سبيل الغنيمة أن تباح بالعقد الفاسد) (8) .
2- وبأن هذا التعليل (منتقض فيما إذا دخل الحربي دارنا بأمان فباع منه المسلم درهمًا بدرهمين، فإنه لا يجوز اتفاقًا) (9) .
وبهذا يتبين أن القول الراجح هو ما عليه جمهور أهل العلم، وهو عدم جواز الربا مطلقًا، لا مع حربي ولا مع غيره؛ لضعف الأدلة التي تستثني التعامل مع الحربي من التحريم، وأن فتوى الإمام أبي حنيفة لا تنطبق على حال المسلم المقيم في الغرب. والله أعلم.
_________________
() البنك اللاربوي في الإسلام (ص 14) ، المصارف والأعمال المصرفية (ص 435) .
(2) اختلاف الفقهاء (ص 58) ، المدونة (3/295) ، المقدمات الممهدات (2/10) ، التاج والإكليل، المجموع شرح المهذب (9/391) ، بدائع الفوائد (4/214) ، المغني (6/99) .
(3) شرح السير الكبير (4/1493) ، بدائع الصنائع (7/81) ، تبيين الحقائق (4/97) ، رد المحتار (7/422) .
(4) الحديث قال عنه الزيلعي: ((غريب، وأسند البيهقي في المعرفة في كتاب السير عن الشافعي قال: قال أبو يوسف: إنما قال أبو حنيفة هذا؛ لأن بعض المشيخة حدثنا عن مكحول عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لا ربا بين أهل الحرب)) أظنه قال: ((وأهل الإسلام)) قال الشافعي: وهذا ليس بثابت ولا حجة فيه))
نصب الراية (4/44) ، وانظر: الدراية (2/158) .
(5) المجموع شرح المهذب (9/392) .
(6) المغني (6/99) .
(7) بدائع الصنائع (7/81) ، وانظر: الكفاية (6/177) ، إعلاء السنن (14/366) ، حاشية الطحاوي (3/122) .
(8) المجموع شرح المهذب (9/392) .
(9) المغني (6/99) .(9/296)
شركة تمنح قرض إسكان لموظفيها
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 17/10/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعمل في شركة تمنح قرض إسكان لشراء شقق من أجل السكن، وآلية القرض كالتالي:
1- إعطاء الموظف قرضًا بقيمة 50 ضعف راتبه الأساسي.
2- أخذ مبلغ من قيمة القرض بنسبة 2% على طريقة المرابحة ولكامل المدة التي سيتم تسديد القرض فيها، وهي بين 12 و 17 سنة.
3- يتم كتابة عقدين العقد الأول بين المالك والصندوق (الشركة) ، والعقد الثاني بين (الصندوق) الشركة والموظف.
4- يتم التنازل من صاحب الشقة للموظف ويقوم الموظف برهن الشقة للشركة في دائرة الأراضي ويقوم الموظف بدفع نسبة الرهن وهي 16 بالألف من قيمة العقار ويدفعها الموظف.
5- لا يقبل أن يتم تنزيل أي مبلغ من قيمة المرابحة ولو قام الموظف بتسديد المبالغ قبل المدة المقررة والمتفق عليها.
أريد جوابًا لهذا السؤال: هل هذا يتفق والشريعة الإسلامية أم فيه نوع من الربا؟ لأنني محتار، وهل آخذ هذا القرض أم لا؟ لخوفي أن يكون فيه نوع من الربا المحرم؟ وهل تكون العقود الابتدائية بين الشركة وصاحب العقار بمثابة امتلاك للشقة بدون التسجيل في دائرة الأراضي بينما يتم تسجيل العقد الذي اشتري به الشقة من الشركة مع تنازل صاحب العقار لي ويتم رهن الشقة للشركة؟ أرجو تبيان الطريقة الصحيحة لبيع المرابحة.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالمعاملة المذكورة جائزة بشروطٍ ثلاثة:(9/297)
الشرط الأول: أن تتملك شركة التمويل (الصندوق) الشقة قبل بيعها للموظف، لئلا تكون المعاقدة من بيع ما لم يُملك، ولا يلزم تسجيل الشقة باسم الشركة في دائرة العقار إذا ترتب على ذلك زيادة في الرسوم ونحوه، بل يكفي التوقيع على عقود معتمدة بين الطرفين تثبت ملكية الشركة للشقة قبل بيعها للموظف.
أما إذا قامت الشركة بعملية التمويل دون أن تتملك الشقة فالمعاملة في هذه الحال محرمة؛ لأن حقيقة العقد قرضٌ بفائدة ربوية، ولو سمي مرابحة.
الشرط الثاني: أن يكون ثمن شراء الشقة ثابتًا لا يزداد بزيادة المدة، فإذا اتفق الطرفان على مبلغٍ معين، وفترة محددة للسداد، فلا يجوز فرض غرامة عن التأخير، أو إعادة جدولة الدين بزيادته عن المبلغ المتفق عليه، حتى ولو كان ذلك مشروطًا في العقد؛ لأن هذا الشرط باطل لاشتماله على الربا.
الشرط الثالث: أن يكون التأمين المشار إليه تأمينًا تعاونيًّا لا تجاريًّا، والفرق بينهما أن التأمين التجاري تتولاه مؤسسات أو شركات يكون الغرض من تأسيسها ربحيًّا بحيث تقوم بتحصيل أقساط التأمين ودفع التعويضات والاحتفاظ بما تبقى من الأقساط بعد دفع التعويضات وعائد استثماره لصالح ملاك الشركة، وهذا محرم شرعًا؛ لأنه ينطوي على شبهات شرعية عديدة، منها الغرر، وأكل أموال الناس بالباطل، أما التأمين التعاوني فهو قائم على أساس التكافل والتعاون، حيث تتولاه جمعيات، أو مؤسسات، لا تهدف إلى الاسترباح من أقساط التأمين، وإنما يكون الغرض من إنشائها تفتيت المخاطر التي تقع على المشتركين، وذلك بتجميع أقساط التأمين من المشتركين في صندوق جماعي، وما كان من فائضٍ أو ربحٍ فيه فيعود للمشتركين أنفسهم، وما كان من نقصٍ أو خسارة فعليهم، ولا مانع من أن تتقاضى الجهة التي تقوم بإدارة هذا العمل أجورًا أو عمولات مقابل ذلك بشرط أن تكون تلك الأجور معلومة للطرفين. فإذا تحققت الشروط الثلاثة فالمعاملة جائزة. والله أعلم.(9/298)
إنشاء صندوق تعاوني
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 24/03/1426هـ
السؤال
مجموعة من أبناء العم شكَّلوا صندوقًا ماليًّا، زكاة الصندوق التعاوني على النحو الآتي: يدفع كل مشترك شهريًّا مبلغ يناسبه (500 أو 1000 ريال) أو أكثر، على أن أي شخص منهم لديه حاجة ماسة يقترض من الصندوق المبلغ المناسب لشراء سيارة أو أرض (وقد يزيد المبلغ المقترض عن مجموع ما لدى الشخص بالصندوق أو يقل) ، علمًا أن القرض دون فائدة، ويرده أقساطًا مناسبة. السؤال: ما حكم هذه الطريقة؟ وهل في الصندوق زكاة؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
القرض بهذه الصورة جائز؛ لأن الشخص يقترض المبلغ ثم يرد مثله، والحكم لا يختلف فيما إذا رد القرض على دفعة واحدة أو على أقساط.
والزكاة يشترط لوجوبها خمسة شروط، ومن هذه الشروط أن يكون المال ملكًا لشخص معين، فمن شروط الزكاة ملكية المال، وهذا المال الموضوع في الصندوق ليس مملوكًا لشخص بعينه، وإنما وضع في المصارف العامة التي تعود على مصلحة هذه العائلة، فالذي يظهر لي- والعلم عند الله- أنه لا زكاة في هذا المال. والله أعلم.(9/299)
هل هذا قرض جر نفعًا؟!
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 14/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قامت شركة بتوزيع أراضٍ على موظفيها، وبما أن الموظفين لا يملكون سعر الأرض, بدؤوا باقتراض ثمنها، ما حكم من يقترض المال في مقابل التنازل عن نصف الأرض لصاحب القرض؟ علمًا أن سعر نصف الأرض هو مساو للقرض (لا أقل ولا أكثر) , وعلمًا أن الذي يريد الاقتراض ليس لديه المال لتسديد القرض لقلة موارده المالية. وجزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالسؤال فيه غموض، وهو يحتمل عدة صور:
1- فإن كان المقرض سيدفع للمقترض ما يعادل قيمة نصف الأرض ثم يسترد ماله الذي أقرضه وسيعطيه المقترض إضافة إلى ذلك نصف الأرض مجانًا، فهذا القرض محرم؛ لأنه جر منفعة للمقرض، وهو من الربا.
2-أما إن كان المقرض سيدفع للمقترض ما يعادل قيمة نصف الأرض ثم يسترد ماله الذي أقرضه بدون زيادة، ويشترط على المقترض أن يبيعه نصف الأرض الآخر بنفس قيمة القرض فهذا الشرط محرم لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ سَلَفٌ وبَيْعٌ". أخرجه أبو داود (3504) والترمذي (1234) والنسائي (4611) .
3- وأما إن كان المقرض سيدفع ما يعادل قيمة نصف الأرض ليتنازل صاحب الأرض عن نصفها، على ألا يرجع للمقرض شيء من ماله، فهذا العقد جائز، وليس بقرض وإنما هو بيع. والله أعلم.(9/300)
برنامج استثماري في الهند
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 03/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
يوجد برنامج استثماري في الهند ترعاه الحكومة، وفي هذا البرنامج تأخذ الحكومة أموالاً من الناس لتطوير أعمال المزارعين، عوضاً عن أخذ قروض من البنك الدولي يترتب عليها فوائد عالية، وفي المقابل تضاعف الحكومة أموال المستثمرين خلال فترة سبع سنوات، هل يجوز المساهمة في مثل هذا البرنامج؟
قرأت مقالاً في صحيفة سعودية أن مثل هذا الاستثمار جائز؛ نظراً لاستخدام المال في تطوير أعمال المزارعين والبلد، ولا يتم إقراضها بالفائدة، ولا تستخدم في أمور غير شرعية، علاوة على أن المستثمرين أبلغوا بمردود ثابت. نرجو التكرم بتوضيح الحكم الشرعي في ذلك. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالجواب: أن هذا البرنامج الاستثماري في نظري لا يجوز، ومن ثم لا تجوز المساهمة فيه؛ لأن فيه تحديداً للفائدة، حيث إنه بعد سبع سنوات ستضاعف رؤوس أموال المساهمين، فالفائدة محددة قبل حصولها، فهو مثل ما لو قال صاحب برنامج أو شركة مساهمة أعطني الآن عشرة آلاف ريال أو جنيه أو دينار، وبعد سبع سنوات أعطيك عنها عشرين ألفاً. وما قرأه السائل في صحيفة سعودية من جواز هذا الاستثمار جاء فيه حسب ما نقله السائل شرط وقيد وهو قوله: (ولا يتم إقراضها بالفائدة) ، وهنا قد تم إقراضه بالفائدة المحددة بالضعف بعد سبع سنوات، هذا ما ظهر لي. والله أعلم.(9/301)
طلب تمويلاً شخصياً من البنك الأمريكي
المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي
مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 18/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قمت بطلب تمويل شخصي من البنك السعودي الأمريكي (سامبا) ، وذلك بعد معرفتي بأنه مجاز من هيئة الرقابة الشرعية، وعلى رأسها الشيخ عبد الله المنيع، وتم إخباري من قبل البنك بأنه يتم شراء معدن وبيعه لمالك آخر، استلمت المبلغ، وكان يزيد عن المبلغ المتفق عليه بـ 500 ريال وذلك عند بيع المعدن، السؤال: هل هذا التمويل صحيح؟ مع العلم بأني لم أكن أعرف ما نوعية المعدن؟ وفي أي مكان تم شراؤه وبيعه إلا بعد سؤالي للبنك بعد استلامي المبلغ، وأخبروني أن المعدن هو البلاتين وتم ذلك في أوربا. أرجو منكم توضيح هذه المسألة، وماذا أفعل في حال أن هذا البيع غير صحيح؟ وشكر الله لكم.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هذه العملية تسمى بالتورُّق، وقد أجازها جمهور العلماء ولكن بشروط:
الشرط الأول: أن يكون البنك (البائع) مالكًا للسلعة (المعدن) .
الشرط الثاني: أن يمتلك العميل السلعة، بعقد شراء المعدن من البنك.
الشرط الثالث: أن يقبض العميل السلعة، ويكون قبض المعادن بقبض الورقة الخاصة بالمعدن التي تذكر فيها اسم المعدن، ورقم المعدن ومكان التخزين.
ومن علامة صحة القبض: أن يكون على العميل أجرة تخزين المعدن في المستودعات الخاصة بها.
الشرط الرابع: أن يتولى العميل بيع السلعة بنفسه، أو يوكل شخصًا آخر يبيع له هذه السلعة، ويكون هذا الشخص غير البنك.
الشرط الخامس: يشترط أن يكون البيع لغير البنك؛ لئلا تقع المعاملة في العينة المحرمة.
فإذا توفرت هذه الشروط جاز التورُّق، الذي تجريه البنوك.(9/302)
وأما ما يدور في البنوك من عمليات التورق فهي في الحقيقة معاملات تحايل على الربا، وقد استخدموا عقد الوكالة لإعطاء هذه العقود الصبغة الشرعية، فتجد البنك يصمم نماذج من عقود التوكيل بالشراء والبيع والقبض، ويكون دور العميل مجرد التوقيع، وما هي إلا ساعات وإذا بالمبلغ في حسابه، ولما كانت هذه الصورة هي السائدة في البنوك أصدر المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي تحريم التورق بالمعادن وغيرها مما يجري في الأسواق المالية العالمية.
وأما ما ذكرته من فتوى الشيخ ابن منيع، فالشيخ حفظه الله قد أفتى بتحريم الصيغة التي ذكرت، وإليك نص الفتوى:
التورق الباطل والتورق الصحيح
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/أحكام البنوك والتعامل معها
التاريخ 30/3/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: عبد الله المنيع ـ حفظه الله ـ: هل تتم عمليات البيع والشراء بنظام التورق تحت إشرافكم كهيئة شرعية، لأني قمت بتعبئة البيانات في فرع أحد البنوك الذي تشاركون في هيئته الشرعية ثم تم إبلاغي بأن المبلغ قد نزل في حسابي دون أن أرى بيعاً أو شراء ولكن أخبرت آنذاك أن ذلك يتم بمتابعة منكم أرجو إفادتي. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ما ذكره الأخ السائل الكريم بأنه صدر منا جواز التورق، نقول: نعم، والتورق لم يصدر جوازه منا فقط، وإنما هو رأي جمهور أهل العلم، فيما يتعلق بصحته، فقال به مجموعة كبيرة من علماء المذاهب المختلفة كالمذهب الحنفي والمالكي، والشافعي والحنبلي كما، صدر من سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبد العزيز بن باز - رحمهما الله- واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وكذلك مجمع الفقه التابع لرابطة العالم الإسلامي، وغيرهم والكثير من الهيئات الرقابية الشرعية للمؤسسات المالية، كلهم صدر منهم الحكم بجواز التورق.
ولكن التورق الذي ذكر السائل طريقته في سؤاله بأنه جاء للبنك وقال لهم أنا بحاجة إلى مبلغ خمسين ألف - مثلاً-، وأنهم قاموا بإجراء التورق بأنفسهم، ولم يعلم إلا والمبلغ مسجل في حسابه، نقول: هذا باطل، وليس صحيحاً فهو لم يتول لا بيعاً ولا شراء ولا مقابلة شيء من ذلك، ولا مباشرة أي شيء من هذا، فهذا أشبه ما يكون بشخص احتاج مبلغ خمسين ألف، فقالوا: لا بأس فنحن نعطيك الخمسين ألف ونضعها في حسابك ونقيدها عليك بستين ألفاً أو سبعين ألفاً أو أقل أو أكثر، نقول هذا باطل، ولا يصح، وليس هذا هو التورق وإنما التورق أن يأتي المريد للمبلغ، ويقول أيها البنك أنا أريد أن أشتري منكم سلعة بمبلغ كذا وكذا، ثم بعد أن يقوم البنك المعروض عليه البيع بتملك هذه السلعة يقوم ببيعها على هذا العميل، والعميل يتولى قبول البيع، والأول يتولى الإيجاب في البيع ثم تتم العملية بيعاً وشراء، وتنتقل السلعة إلى ملكية العميل وتستقر في ذمته المديونية، أي قيمة هذه السلعة ثم يقوم العميل بالتصرف بسلعته سواء كانت سيارة أو كانت أسهماً، أو كانت إسمنتاً، أو أي سلعة من السلع التي يجوز بيعها وشراؤها، بعد ذلك يتسلم سلعته ويتصرف فيها ببيعها أو يوكل من يبيعها، أو نحو ذلك.
هذه هي الطريقة التي أفتينا بها، أما أن يكون الأمر مثل ما ذكره السائل فنبرأ إلى الله من ذلك، ولا يمكن أن تكون هناك جهة شرعية تقول بجواز هذا التصرف الذي ذكره السائل بأنه بمجرد أن يبدي الشخص للبنك رغبته بأنه بحاجة إلى خمسين ألفاً، فيقال له خلال ساعة أو نصف ساعة أو شيء من هذا نقوم بالقيام بإجراءات شكلية، ثم نقيد ذلك في حسابك، فهذا باطل، ولا يصح، ولم يصدر منا فتاوى، ولا من إخواننا القائمين على الهيئات الرقابية بجواز ذلك، فعلى إخواننا العملاء أن يتقوا الله، وأن يعرفوا كيف يتعاملون، وينبغي للعميل إذا أراد سلعة أن يتولى شراءها بنفسه بعد التأكد من ملكية بائعها عليه، ثم يتصرف بسلعته يبيعها، ويقبض ثمنها، ويقضي بها حاجته، ويستقر ثمنها المؤجل في ذمته للذي باعها، ولا يجوز أن يبيع هذه السلعة إلى من باعها عليه؛ لأن هذه هي العينة، فينبغي أن يكون منا هذا التأكد وهذا النظر حتى تكون المبايعة صحيحة، وحتى تكون الفتاوى الصادرة منطبقة على هذا التصرف الصحيح.
وأما ما ذكره السائل فنبرأ إلى الله منه، ولا يمكن أن يتم تحت إشرافنا، وإذا تم ذلك من موظف جاهل لا يعرف فهو الذي يتحمل إثم هذا العمل مع العميل الذي يساعده على إتمام هذه العملية الصورية التي ليس لها علاقة بالتورق. والله أعلم.(9/303)
الاقتراض من البنك بفائدة لسداد الديون
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/ الربا والقرض/مسائل متفرقة
التاريخ 25/02/1426هـ
السؤال
ما حكم الشرع في الاقتراض من البنك بفائدة ربوية لسداد دين؟ مع العلم أن السجن كان عاقبة وشيكة لعدم السداد والعجز عنه، كما جاء الاقتراض كوسيلة أخيرة بعد التصرف في كل ما يمكن تقويمه بالمال إلا المنزل محل السكنى. وجزاكم الله كل الخير وثبتني وإياكم على دينه.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:
الربا من كبائر الذنوب وقد قال الله تعالى: "يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله" [البقرة: 278] ، والله تعالى يقول: "الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءهُ موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم" [البقرة: 275،276] . والرسول عليه الصلاة والسلام لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء. أخرجه مسلم (1598) ، فالسجن سهل بالنسبة لعقوبة أكل الربا أو دفع الربا، فكون الإنسان يتحمل السجن ولا يتعامل بالربا خير له من أن يلجأ إلى الاقتراض عن طريق الفائدة التي تسمى في البنوك.
فعلى هذا الإنسان أن يُقلع عن هذا الأمر ويتوب إلى الله وإن استدعى الأمر سجنه فإنه لا يبيح له أن يتعامل بكبيرة من كبائر الذنوب.(9/304)
بيع الزرع قبل الحصاد
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/السلم والاستصناع
التاريخ 8/6/1424هـ
السؤال
السيد (زيد) فلاح زرع أرضه قمحاً، أو شعيراً، وقبل موسم الحصاد بحوالي شهرين احتاج للنقود، وطلب سلفة من السيد (عبيد) مبلغاً وقدره 900 دينار مقابل 300 كيلو غرام قمحاً، يعني سعر الكيلو غرام الواحد بثلاثة ريالات، علماً أن الكيلو غرام الواحد بعد شهرين سيباع بـ خمسة ريالات، فهل هذا جائز؟ ثم ما حكم الشرع بحق السيد زيد وعبيد؟، ملحوظة، علماً أن كلاً من زيد وعبيد يعلمان مسبقاً بأن سعر كيلو غرام القمح تمت تسعيرته من قبل الدولة بخمسة ريالات، أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
الذي يظهر من سؤال السائل أن العقد الذي تم بين زيد وعبيد أنه عقد سلم، وعقد السلم هو تعجيل الثمن وتأجيل المثمن، وهو من العقود الشرعية الصحيحة، فقد قال: - صلى الله عليه وسلم-: "من أسلف في شيء ففي كيلٍ معلومٍ، ووزن معلومٍ، إلى أجل معلوم"رواه البخاري (2240) ، ومسلم (1604) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وعلى هذا فما حصل بين زيد وعبيد كما جاء في السؤال يعتبر معاملة شرعية صحيحة.(9/305)
عن بيع السلم وبيع المعدوم
المجيب أ. د. صالح بن عبد الله اللاحم
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/السلم والاستصناع
التاريخ 03/05/1425هـ
السؤال
ما حدود بيع السلم؟ وهل هو في الثمار فقط، أم يدخل فيه الصناعة والتجارة؟ وإذا كان كذلك فما هو بيع المعدوم إذن؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
السلم عند جمهور أهل العلم يكون في كل ما يمكن ضبطه بالصفة، فهو عقد على موصوف في الذمة، مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد.
وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه رخصة من عدم جواز بيع المعدوم، للحاجة الماسة إليه.
وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه على وفق القياس، وأن البيع الذي نهى عنه أن يبيع ما لا يقدر على تسليمه، لأن ما لا يقدر على تسليمه ليس عنده حقيقة، فيكون بيعه غرراً ومغامرة، أما بيع الموصوف المضمون في الذمة مع غلبة الظن بإمكان توقيته في وقته، فليس من هذا الباب في شيء.(9/306)
رد الدين الذي صرف في الحرام
المجيب د. شرف بن علي الشريف
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/السلم والاستصناع
التاريخ 28/7/1423هـ
السؤال
مشايخنا الأفاضل في موقع (الإسلام اليوم) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أفيد فضيلتكم أنني عندما كنت أستخدم المخدرات، كنت أستدين من واحد من الرفقاء لشراء المخدرات والمسكرات إذا أعوزتني الحاجة, ولما منَّ الله علي بالهداية قابلته بعد قرابة عشر سنوات من تركي لذلك الوباء. وسؤالي: هل يجب علي أن أؤدي ما علي من دين لهذا الرجل الذي كان يقرضني وهو يعلم أني سأشتري المخدر؟ بل كان يسألني أحياناً ماذا تريد بالمال؟ فأصرح له باسم المادة المخدرة. أرجو من فضيلتكم الرد، فإن الإنسان لا يريد أن يلاقي ربه وفي عنقه دين لأحد، وأنا أملك المبلغ الذي استلفته منه كاملاً - والحمد لله - فهل أرده إليه أم لا؟
الجواب
الحمد لله الذي من عليك أبا عبد الرحمن بالهداية، ومادام عرفت الطريق الصحيح فالزمه وعض عليه بالنواجذ، وانصح إخوانك وحذرهم الشر المستطير؛ شر المخدرات، أما قضاء الدين، فإن كنت تستدين منه ثم تشتري من غيره المخدرات فإنه يجب عليك قضاء الدين، وأن ترد عليه ما استقرضته منه دون زيادة أو نقصان، ولو كان يعلم أنك ستشتري بما يعطيك مخدرات، أما إن كنت تشتري منه المخدرات ويدين عليك قيمتها فلا يلزمك أن ترد عليه الدين، والله أعلم.(9/307)
بناء العقارات بالتقسيط
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/السلم والاستصناع
التاريخ 21/5/1424هـ
السؤال
لدي صورة عقد بناء عقار بالتقسيط أريد حكمها الشرعي وهذا العقد يتكون من:
(1) العميل وهم نوعان: الأول: عميل يملك أرضاً يريد بناءها وليس معه ما يكفي للبناء، الثاني: عميل لا يملك أرضاً يريد بناءها وليس معه ما يكفي للبناء.
(2) الممول وهدفي أن أوافق أن أبني للعميل -الذي يملك أرضا-ً البيت أو العمارة، وأوافق أن أشتري للعميل الثاني - الذي لا يملك أرضاً- الأرض وأن أبني له البيت أو العمارة من مال الممول الخاص، ويرجع على العميلين بالتقسيط.
(3) المقاول نوعان: الأول: وهو من سوف يتفق معه الممول على بناء العقار بعقد خاص ليس للعميل أي دخل فيه، وله حق الرفض أو الموافقة في إتمام العقد مع الممول، المقاول الثاني: وهذا قد أبرم عقداً كاملاً يلزم به نفسه بالبناء للممول حسب ما يريد العقد مع العميل، ويأخذ المقاول نسبة معينة وأجرة خاصة به، والمقاول ليس له حق الرفض، بل هو ملزم بالتنفيذ بموجب الاتفاق بينه وبين الممول - كلا المقاولين لديهما عمالة خاصة بهما، ملحوظات على الممول:
(1) الممول ليس لديه عمالة أو مواد بناء، وإنما لديه مكتب فقط ويتفق مع مقاول آخر بعقد خاص بينهما لبناء البيت أو العمارة.
(2) المبلغ لا يدفع لأحد العملين، وإنما يسجل عليهما بعد حساب المبلغ مقسطاً والممول سوف يبني لهما العقار بمبلغ ويقسطه عليهما على النحو التالي: أ: 30% عند البدء بالعمل، ب: 30% عند الانتهاء من العمل، ج: 40 % تقسط على سنوات حسب دخل العميل.
(3) من ضمن بنود العقد (يحق للممول أن يتفق مع أي مقاول لإتمام البناء) .
(4) أي خلل أو عيب في البناء يرجع العميل على الممول بالضمان، والممول يرجع على المقاول للضمان.(9/308)
(5) قد يشرف الممول على بناء العقار، وقد لا يشرف حسب ثقته بالمقاول،
السؤال: ما حكم هذا العقد من النواحي التالية:
(1) هل يعتبر هذا عقدا ربوياً؟ حيث إن الممول دفع المال للمقاول الأول لإتمام البناء ورجع على العميل بالمال والفائدة المقسطة.
(2) هل هذا من باب: لا تبع ما ليس عندك؟ حيث إن الممول لا يملك مواد بناء ولا عمالة، أو يدخل فيه الغرر، حيث إن المواد قد ترتفع كما حصل في الحديد في حرب العراق، أو ارتفاع متر التلييس من 7 ريالات إلى 12 ريالاً قبل خمس سنوات بسبب تسفير العمالة (هذا بالنسبة للمقاول الأول) .
(3) أي ملاحظة على هذا العقد أرجو بيانها.
(4) إذا كان في العقد شبه ما السبيل لجعله سليما.
(5) أي المقاولين أفضل لإتمام العمل؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
والذي أراه والله تعالى أعلم بأن هذا العقد ليس فيه محذور شرعي، فالذي يظهر بأن تكييف هذا العقد هو عقد استصناع بين العميل والممول، والممول قام بالتعاقد مع المقاول في الباطن، ويعتبر هذا عقداً ربوياً لما ذكرت لعدم وجود علاقة بين العميل والمقاول بدليل ما ذكر في الملاحظة الرابعة من السؤال، حيث إن أي خلل أو عيب في البناء يرجع العميل إلى الممول بالضمان.... ويرجع الممول على المقاول بالضمان، وكثير من الشركات والمؤسسات تقدم على هذا التعامل عند التعاقد معها على تنفيذ أمر ما، فهي تقوم بالتعاقد مع آخرين في الباطن فينفذ ما طلب منها.(9/309)
وليس هذا من باب: بيع ما ليس عندك لكون هذا العقد من باب الاستصناع لانطباق شروطه عليه، وقد ذكر مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من مؤتمر العالم الإسلامي في قراره رقم (50، 1/6) في مؤتمره السابع بعض الطرق المشروعة للتمويل العقاري، ومنها "تملك المساكن عن طريق عقد الاستصناع - على أساس اعتباره لازماً، وبذلك يتم شراء المسكن قبل بنائه بحسب الوصف الدقيق المزيل للجهالة المؤدية للنزاع، دون وجوب تعجيل جميع الثمن، بل يجوز تأجيله بأقساط يتفق عليها مع مراعاة الشروط والأحوال المقررة لعقد الاستصناع لدى الفقهاء الذين ميزوه عن عقد السلم"، وقد نص قرار المجمع رقم (65، 3/7) على شروط عقد الاستصناع، وذكر منها "بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة، والمقصود ضبط أوصافه بحيث ترتفع الجهالة عنه، وتذكر جميع المواصفات التي يختلف الثمن باختلافها، ذكر أيضاً من الشروط "أن يحدد فيه الأجل" بأن تكون المدة معلومة.
وأجاز المجمع أيضاً تأجيل الثمن كله أو تقسيطه على أقساط معلومة لآجال محددة كما هو الحال في سؤالك والله تعالى أعلم.(9/310)
هل عقد الاستصناع ملزمٌ للطرفين؟
المجيب أحمد بن محمد الرزين
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/السلم والاستصناع
التاريخ 5/12/1424هـ
السؤال
أنا أعمل تاجر لأثاث المنازل، واتفق معي شخص لعمل حجرة نوم، بشرط أن يدفع لي شهرياً مبلغاً معيناً، ومرت عدة سنوات دفع خلالها مبلغاً على عدة شهور متفاوتة وتكون معي جزء كبير من المبلغ، ولظروف خاصة به أراد استرداد المبلغ مرة واحدة، ولكني قلت له سوف تسترد المبلغ في نفس المدة الزمنية التي دفعت فيها المبلغ وبنفس ترتيب شهور الدفع، مع العلم أن استرداد مبلغه مرة واحدة سيؤثر على تجارتي، فهل عليَّ أن أدفعه له مرة واحدة؟ أم بنفس الفترة الزمنية التي دفع فيها المبلغ؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
هذا التعاقد الذي حصل يسمى عقد استصناع، وهو صحيح شرعاً - على الراجح-، ولو كانت القيمة منجّمة، أي: مقسطة على أشهر، بشرط أن تكون معلومة عند التعاقد، وهذا العقد هو ملزم للطرفين - على الراجح-، أي: ليس لأحدهما حق الفسخ إلا بإقالة العاقد الآخر له، وعلى ذلك فأنت بمراعاتك لظروف هذا الشخص محسن بإقالته من هذا العقد، مع أنه من حقك أن لا تقيله منه، وأن لا ترد إليه شيئاً من ماله، إذا حصل منك الوفاء بجميع بنود العقد، وما دمت أقلته ووافقت على رد المبلغ الذي دفعه إليك، فلك أن تدفع المبلغ على الصفة التي ذكرت. والله الموفق.(9/311)
تأجير الذهب وفساتين الزفاف
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/السلم والاستصناع
التاريخ 11/7/1424هـ
السؤال
لدي مؤسسة لعمل برامج الكمبيوتر، وقد طلب مني صاحب شركة عمل برنامج له، الشركة تقوم بتأجير الذهب وفساتين الزفاف للنساء، هذا هو نشاط الشركة. هل يجوز عمل برنامج للشركة بحيث يساعدهم على عملهم؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد أما تأجير الذهب فهذا لا بأس به لعدم المحذور الشرعي، فالأصل في ذلك الحل، وأما تأجير ملابس النساء للزفاف فهذا يختلف إن كانت الملابس منضبطة بالضوابط الشرعية لألبسة النساء، بحيث لا تكون عارية أو قصيرة أو ضيقة تحجِّم أعضاء البدن فهذا جائز، وإن كانت ليست ملابس شرعية فهنا لا يجوز تأجيرها حينئذ، ولا يجوز التعامل مع شخص يؤجرها، لأن الله - عز وجل - يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] .(9/312)
هل هذه عمولة مقابل السمسرة؟
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/السلم والاستصناع
التاريخ 14/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعمل محاسباً بإحدى الشركات، ولدى الشركة مشاريع ترغب في تنفيذها من الباطن، من خلال مقاولين، وقمت بإحضار مقاولين، وتعاقدوا على المشاريع مقابل نسبة لي، علماً بأن العرض الذي أحضرته من أفضل العروض، وقد استفادت الشركة منه كثيراً، والسؤال: لقد اتفقت مع من أحضرته على الحصول على نسبة مقابل إنهاء هذا الأمر، فهل هذه العمولة حلال أم حرام؟ علماً بأنني أخبرت صاحب العمل بأنني سأحصل على عمولة، ولم يعترض، ولكنني لم أعرفه بمبلغ العمولة بالضبط. -وجزاكم الله خير الجزاء-.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(9/313)
أولاً: ما يتعلق بمخالفة الشركة التي تعمل أنت فيها لمقتضى العقد فإنه محرم، ولا يجوز، فإن كانت الشركة قد خالفت مقتضى العقد بأن تقوم- هي بنفسها- بتنفيذ هذا المشروع ثم تتعاقد سراً مع شركات أخرى أصغر منها، دون علم صاحب المشروع الذي تعاقد مع الشركة، فإن هذا محرم، ولا يجوز؛ لأنه مخالف لمقتضى العقد، والله - عز وجل- يقول: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة:1] ، وعلى هذا كونك تعمل ساعياً على ذلك، وتأخذ نسبة من المال يكون محرماً، ولا يجوز، وأما بالنسبة لكونك أخذت عمولة من الشركات الأخرى التي تعاقدت مع شركتك، فهذا إن كانت الشركة التي تعمل فيها لا ترضى بهذا؛ لأنها تعطيك مرتباً أو عمولة على عملك، فهذا أيضاً محرم من جهة أخرى، وهي أخذك لهذه العمولة دون رضا من تعمل عندهم، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هدايا العمال غلول" رواه أحمد (23090) وغيره من حديث أبي حميد الساعدي - رضي الله عنه -، وإن كانت الشركة التي تعمل بها ترضى بأخذك لهذه العمولة، فإن هذا جائز، لكن يبقى ما تقدم في المحذور الأول الذي ذكرته. والله أعلم.(9/314)
هل في الرهن زكاة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرهن
التاريخ 20/7/1424هـ
السؤال
ما هو الرهن الشرعي؟ وهل في المال المرهون زكاة؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
جواب السؤال الأول:
الرهن هو: أن يكون على رجل دين فيحبس شيئاً من ماله وثيقة عند الدائن؛ ليستوفي منه الدائن إذا تعذَّر استيفاؤه منه.
جواب السؤال الثاني:
الرهن بمثابة الأمانة عند المرتهن، ولا يُسقط الزكاة عن المال المرهون.
وجملة القول أن الرهن تجب فيه الزكاة إذا كان من الأموال الزكوية بشروطها المعتبرة المعروفة.
وللتوضيح أكثر، فإن المرهون إذا كان ذهباً، أو فضة، أو نقداً (كريالات، أو جنيهات، أو دولارات، أو نحو ذلك) ففيه الزكاة مطلقاً إذا حال عليه الحول (سنة كاملة) ؛ لأن المرهون ملك لمن رهنه، وإنما هو أمانة لمن هو عنده.
وإن كان المرهون من عروض التجارة ـ أي مالاً مُعداً للتجارة ـ كبضاعة اشتراها ليكتسب بها، أو نحو ذلك، ففيه الزكاة كذلك إذا حال عليه الحول، فتقدر قيمتها عند تمام الحول ثم تخرج زكاتها، وهو (2.5%) من قيمتها، والله -تعالى- أعلم.(9/315)
الانتفاع بالمرهون
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرهن
التاريخ 18/12/1423هـ
السؤال
هل يجوز للمرتهن أو الراهن الانتفاع بالمرهون أم لا؟ مع ذكر المراجع فأنا طالب علم، ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب عن السؤال بالتفصيل غير ممكن لأنه يحتاج إلى مجلد لا سيما وأن السائل طالب علم لهذا فإنني أجيب بالإجمال وأحيل على المراجع فأقول وبالله التوفيق:
أولاً: انتفاع الراهن بالمرهون اختلف فيه أهل العلم على قولين: الأول ينتفع به، وممن قال بذلك الشافعي وابن حزم ومن وافقهما ولهم أدلة ... ، والقول الثاني: لا ينتفع به وبه قال أبو حنيفة والثوري ومن وافقهما ولهم أدلة ... إلخ.
ثانياً: انتفاع المرتهن بالرهن فيه تفصيل ذلك أن الرهن إما أن يكون مما لا يحتاج إلى مؤنة كالدور أو يكون مما يحتاج إلى مؤنة وإذا كان لا يحتاج إلى مؤنة فقد يكون دين الرهن قرضاً، وقد يكون غير قرض وإذا كان دين الرهن غير قرض فقد يأذن الراهن للمرتهن وقد لا يأذن وفي كل ذلك فقد يكون بعوض وقد يكون بغير عوض وإذا كان بعوض فقد تكون فيه محاباة وقد لا تكون فيه محاباة ... إلخ.
تفصيلات عدة لا يمكن بسطها كما أسلفت وعلى السائل أن يرجع إلى باب الرهن في كتب الحديث وكتب الفقه فقد بسط العلماء ذلك، ومن تلك المراجع: المغني لابن قدامة في كتاب الرهن (4/426) الناشر مكتبة الرياض الحديثة بالرياض (السعودية) ، فقد ذكر -رحمه الله- في انتفاع المرتهن بالرهن محل الاتفاق ومحل الخلاف بما يشفي ويكفي، أيضاً أحيل القارئ والسائل على بحث في مجلة البحوث الإسلامية (في السعودية) العدد (24) من صـ (14) إلى صـ (56) إعداد اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(9/316)
(في السعودية) قد فصلوا القول في ذلك بما يغني، وفق الله الجميع لكل خير، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.(9/317)
استغلال المرتهن للأرض المرهونة
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرهن
التاريخ 15/10/1424هـ
السؤال
في نظام رهن الأراضي الزراعية (أي انتقال ملكية الأرض مقابل مبلغ من المال مؤقتا حتى تسديد المبلغ) ، فهل من حق المالك الجديد استغلال الأرض بزراعتها كليا، وأخذ العائد منها ولا يعطي شيئا لمالك الأرض الأصلي؟ مع أنها سوف تعود إليه ولا يعتبر هذا نوع من الربا، أم لا بد أن يعطى أجرا لمالك الأرض الأصلي نظير استغلالها، أم أنه لا بد من عدم استغلال الأرض أصلا؟.
الجواب
أولا: لا يخفى أن الرهن لا يجوز استغلاله إلا لصالح الراهن نفسه، والراهن يعني الذي قدم الرهن، يعني: المدين، فالمدين الذي قدم الرهن إذا كان هذا الرهن مما فيه غلة فيجب أن تكون الغلة للراهن نفسه لا للمرتهن، هذا هو الأصل، وبناء على هذا فالقول بأن الدائن يشتري هذا الرهن ويستغله حتى يأتي أو حتى يقدر المدين على سداد ما عليه من دين هذا يسمى بيع الوفاء، وهو وإن قال به بعض الحنفية إلا أن الذي عليه جمهور أهل العم بأنه بيع باطل؛ لأنه لم يرد به البيع وإنما المراد والقصد منه التحيل على استغلال الرهن لصالح المرتهن، وقد صدرت من مجمع الفقه الإسلامي في جده فتاوى أطبقت على تحريم بطلان بيوع الوفاء. والله أعلم.(9/318)
استأجر أرضاً ليرهنها
المجيب د. عبد الله بن محمد العمراني
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرهن
التاريخ 19/1/1425هـ
السؤال
إذا كنت صاحب شركة وأريد أن أقترض من البنك الإسلامي في بلدي، وليس لدي ما أرهنه، فاقترح علي أحد أصدقائي أن يرهن أرضه مقابل القرض الذي سأقترضه لشركتي من البنك الإسلامي على أن أدفع له إيجار أرضه المرهونة حتى تاريخ قيامي بإنهاء تسديد القرض للبنك، أما الاقتراح الآخر فهو أن أعطيه نسبة من أرباح شركتي حتى تاريخ قيامي بإنهاء تسديد القرض، فهل يصح ذلك شرعاً؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
الاقتراح الأول: إذا أذن صاحبك في إعطائك أرضه لترهنها فإنه يصح على سبيل القرض، وعلى ذلك فلا يجوز أن يأخذ عوضاً عن هذا القرض أجراً؛ لأنه ربا.
وأما أن يقول: إن هذا مقابل إجارة الأرض فإنه لا يصح، لأن مقتضى الرهن أن يمكن الاستيفاء منه، وملك الغير لا يمكن استيفاؤه؛ لأنه غير مالك له إلا إذا أذن، ومعنى إذنه القرض أو الهبة، وعلى ذلك فلا مجال لأخذ العوض عنها.
الاقتراح الثاني: أن يدخل صاحب الأرض شريكاً مع صاحب الشركة بماله، ويكون العقد عقد شركة مضاربة، وهذا جائز، وتترتب على هذا العقد آثاره من حيث إنه غير مضمون رأس المال والربح، وإنما هو قابل للربح والخسارة. والله الموفق.(9/319)
هل له رهن الأرض المشتركة؟
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرهن
التاريخ 8/6/1425هـ
السؤال
لدي أرض تساوي 7 مليون ريال، وحصتي فيها 42%، وأريد أن آخذ قرضاً بضمان الأرض، علماً بأنني أستطيع أن أسدد المبلغ حتى ولو خسرته لشركائي؛ لأن وضعي المالي ممتاز. فهل يحق لي أخذ القرض بدون أخذ إذنهم، علماً بأننا لا ننوي بيع الأرض حالياً؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إذا كان القرض يعادل قيمة الأرض كلها، فلا يجوز رهن الأرض؛ لأن هذا تصرُّف في مال الغير، ولا يجوز هذا التصرُّف إلا بموافقة الشركاء.
أما إذا كان القرض يعادل قيمة نصيب الأخ السائل من الأرض، أي أنه يرهن نصيبه من الأرض لا أكثر، ففي ذلك خلاف بين الفقهاء. فالجمهور يرون جواز رهن المشاع، والحنفية يرون المنع. والأظهر الجواز؛ لأن ما جاز بيعه جاز رهنه، فإذا جاز للشريك بيع نصيبه جاز له رهنه. والله أعلم.(9/320)
انتفاع المقرض بالرهن
المجيب أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب
أستاذ بقسم القضاء في جامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرهن
التاريخ 29/07/1425هـ
السؤال
ما حكم رهان البيت؟ بمعني أن شخصاً يعطي بيته لشخص آخر، ويأخذ منه مبلغاً معيناً من المال لمدة سنة مثلاً، ضمن عقد بينهما، وهذا الشخص الذي دفع المال يستفيد من البيت خلال هذه المدة بنفسه يسكن فيه ويؤجره لآخر، ومع نهاية المدة المعينة بينهما يسترجع ماله المدفوع، ويسلم البيت لصاحبه دون أن يتحمل شيئاً، وقد استفاد خلال السنة من البيت، فما الحكم، هل يجوز أم لا؟ علماً أن مثل هذه المعاملة تكثر في بعض الدول. أفتونا مأجورين.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وبعد:(9/321)
الرهن عرفته الجاهلية قبل الإسلام، وجاء الإسلام ونظمه وبيَّن أحكامه، وهو جعل وثيقة مالية بدين، ومعنى هذا هو أن الإنسان يعطي أخاه المحتاج مبلغاً من المال على سبيل القرض الحسن، وحتى يضمن عود المال إليه يأخذ شيئاً مالياً يساوي مبلغ الدين أو يزيد عليه، حتى إذا لم يستطع المدين أن يُرجع الدين لأي سبب كان، فإن الدائن يبيع الرهن ويستوفي حقه، والرهن هذا يبقى على ملك صاحبه، لا يجوز لأحد أن يستفيد منه، سواء المرتهن أو غيره، لكن لو كان الرهن يحتاج إلى علف، أو ما شابهه، فللمرتهن أن يستفيد بقدر ما ينفق، ويملك الراهن - أي الذي أعطى الرهن- التصرف في منافع الرهن على وجه لا ضرر فيه على المرتهن، كسكنى الدار، وركوب الدابة، وزراعة الأرض؛ لأنه لم يدخل في العقد، ولا يضر بالمعقود له، فبقي على ملكه وتصرفه، وله أن يستوفي ذلك بالإجارة والإعارة. أما المرتهن - وهو صاحب الدين الذي أعطى الفلوس- فلا حق له في الانتفاع بالرهن؛ لأن هذا الانتفاع يدخل تحت قول العلماء: (كل قرض جر نفعاً فهو ربا) ، فهو بصريح العبارة أعطاه الدين وشرط عليه أن يعطيه كل شهر مبلغ كذا- الذي هو قيمة أجرة الدار- مقابل الدين، وهذا لا يجوز، بل يمكن لصاحب الدار أن يؤجر داره المرهونة لمن يشاء ويأخذ الأجرة. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(9/322)
أخذ الأجرة على الكفالة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 24/7/1422
السؤال: رجل لديه عمال على كفالته، وقد اشترك معهم في استئجار محل (إصلاح بنشر) ، وبعد فترة عرضوا عليه أن يدفعوا له مبلغاً مقطوعاً كل شهر، مقابل أن يخرج من الشراكة، ويصبح المحل لهم فقط. فهل يجوز له أن يوافق على ذلك العرض، ويأخذ مبلغاً مقطوعاً كل شهر؟ علماً أنه شارك في تأسيس المحل بتوفير بعض المستلزمات.
الجواب
لا يجوز هذا؛ لأن فيه أخذ أجرة على الكفالة، والكفالة من عقود الإحسان والإرفاق، لا يجوز أخذ أجرة عليه، سواء كان نسبةً من الدخل، أم مبلغاً معيناً.
كما أن فيه ظلم للعامل، وشبه مقامرة بالنسبة له، وهو نظير زراعة الأرض بجزء معين للمالك مما يخرج من بعضها.
وينظر (فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء) فتوى رقم (5405) بتاريخ 30/3/1420هـ وفتوى رقم (11617) بتاريخ 18/12/1408هـ والله أعلم.(9/323)
ضمان رأس المال في المضاربة!
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 19/11/1424هـ
السؤال
ما حكم الاستثمار العقاري في مؤسسة الراجحي للصيرفة، مع ضمان رأس المال دون ضمان الربح؟
الجواب
الحمد لله وحده، - والصلاة والسلام على من لا نبي بعده-، وبعد:
إذا كان الضامن هو نفس المؤسسة التي تتولى إدارة الاستثمار، فهذا التعامل محرم ولا يجوز، وذلك أن المؤسسة تقبض المال من المستثمر وتضمنه له، مع التزامها بإدارة المال وإضافة ما قد يتحقق من ربح إلى رصيد المستثمر بحسب المتفق عليه، وقبض المال مع ضمانه لصاحبه في حقيقته قرض، فإذا انضم لذلك إدارته للمال لتحقيق الربح كان من باب سلف وبيع الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم- حسماً لمادة الربا، كما أنه يدخل في القرض الذي جر نفعاً محرماً، وهو إدارة المال وما قد ينتجه من ربح، وفي كلا الحالين تدخل المعاملة في باب الربا، فالواجب تجنب هذه المعاملة، ونصيحة المؤسسة المذكورة بتجنبها والالتزام بالشرع المطهر، - والله تعالى أعلم-.(9/324)
زيادة الثمن لأجل الضمان
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 9/7/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
ابتلينا في هذا البلد بمسألة الضمان في البضائع الجديدة، بعض الإخوة اشتروا جوالات ودفعوا مبلغاً زائداً لضمان الجوالات واستبدالها، هل هذا جائز؟ وإذا كان غير جائز هل يجوز لهم أن يستبدلوا الجوالات لأن الشركة لن ترجع لهم المبالغ التي دفعوها؟ بارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
إذا كان شرط الضمان عند عقد البيع فيجوز للبائع زيادة الثمن من أجل الضمان، وقد قرر الفقهاء أن للشرط قسطاً من الثمن، وكما تجوز الزيادة في الثمن عند تأجيل الثمن، فكذلك تجوز الزيادة في الثمن عند تقديم الضمان أو أي شروط أخرى في العقد، لكن يجب أن يكون اشتراط الضمان عند عقد البيع إذا كان له مقابل من الثمن وليس مستقلاً عنه، كما أن اشتراط الأجل يجب أن يكون عند عقد البيع إذا كان له مقابل من الثمن وليس مستقلاً عنه، وأما الاستبدال فهو جائز إذا كان برضا الطرفين وليس فيه تغرير أو خداع من أحدهما للآخر، والله أعلم.(9/325)
خدمة ضمان المرتب
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 14/01/1426هـ
السؤال
أنا طبيب مقيم في بريطانيا وهناك بعض الشركات تقدم ما يسمى بخدمة ضمان المرتب، وهي كالتالي: يقوم الطبيب أو الموظف بدفع قسط شهري يتناسب مع مرتبه بحيث لو حصل للموظف أي إعاقة أو مرض دائم يمنعه من مواصلة العمل أو فقد عمله فإن هذه الشركة تقوم بدفع مرتبه شهريًّا كما لو كان على رأس العمل. أفتونا في حكم هذه المسألة؟
الجواب
خدمة ضمان المرتب شكل من أشكال التأمين التجاري وهو حرام؛ لوجود الجهالة والضرر وربا الفضل أو النسيئة فيه، وهو نوع من أكل أموال الناس بالباطل مادام على صيغته الحالية في كثير من بلدان العالم اليوم، ولا يمكن أن يقال خدمة ضمان المرتب هذه من التأمين التعاوني الحلال المبني على التبرع ونفع الغير من الناس، وإذا كان الدخول في مثل هذا النوع من التأخير (خدمة ضمان المرتب) اختياريًّا فلا يجوز شرعًا الدخول فيه لما ذكر من العلل السابقة. وإن كان الدخول فيه عن طريقة الإجبار والالتزام فأرجو أن لا يكون على فاعله إثم لدخوله تحت مسمى الإكراه في الحديث: "إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ". أخرجه ابن ماجه (2045) . ثم هو من باب الضرورات التي تبيح المحظورات. وإن عوضته الشركة بأكثر مما دفع فلا يجوز له أن يأخذ إلا بقدر ما دفعه فقط؛ لأن أخذ ما زاد على ما دفعه من أكل المال بغير حق وهو حرام قطعًا. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. آمين.(9/326)
كفالة مقترض الربا
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 24/11/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هناك مؤسسة تعنى بشؤون الإسكان تقدم قروضا لمن يرغب في استكمال إعمار بيته بفائدة قليلة 3% ولمده تزيد على خمس سنوات من باب مصاريف الموظفين، وقد أفتى بعض العلماء هنا بجواز ذلك فهل يجوز لي أن أكفل شخصاً يريد أخذ قرض من هذه المؤسسة؟
الجواب
لا يجوز الاقتراض بفائدة ربوية مهما قلت النسبة ولو وزعت على عشرات السنين لأن قليل الربا وكثيره حرام، وتبرير هذه النسبة الربوية على أنها أتعاب ومصاريف للموظفين غير صحيح وإنما ذلك تزيين من الشيطان والنفس أمارة بالسوء ولا أعرف فتوى معتبرة لأهل العلم كما ذكرت في سؤالك، إذ ربما السؤال أو تعليل الجواب على غير هذه الصورة المسؤول عنها هنا. وعلى فرض وقوع هذه الفتوى على هذه الصورة فإنه من الخير لك أن تجتنب الشبهات فتأخذ بالأحوط فيما يخصك لحديث النعمان بن بشير "الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" البخاري (52) ، ومسلم (1599) وفي الحديث الصحيح " البر حسن الخلق والإثم ما حاك في النفس وكرهت أن يطلع عليه الناس" مسلم (2553) وفي الحديث الآخر: "استفت قلبك البر ما اطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك" أحمد (18006) . وعلى هذا فلا يجوز لك أن تكفل شخصاً يتعامل بهذه المعاملة. وصلى الله على نبينا محمد.(9/327)
تمديد الضمان بمبلغ
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 6/9/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عند شراء جهاز كهربائي على سبيل المثال تمنح الشركة ضماناً لمدة سنة، ويمكن مد فترة الضمان سنة أخرى مقابل مبلغ يدفع للمحل فهل هذا جائز؟
وهناك خدمة أخرى؛ وهي: دفع مبلغ لتمديد فترة الضمان، مقابل استرداد القيمة بالكامل في حال تلف الجهاز، أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
هذا الضمان في حقيقته تأمين على سلامة الجهاز واستمرار صلاحيته فيأخذ حكم التأمين، وقد اختلف العلماء المعاصرون في حكمه بين مبيح وحاظر، ولكل قول وجه من النظر، فبأي القولين أخذت فلكل مستنده، والله أعلم.(9/328)
أخذ الأجرة على الكفالة
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 4/2/1423
السؤال
لدي محل تجاري للمواد الغذائية، وقمت بتأجيره للعامل الذي يعمل تحت كفالتي على أن يعطيني مبلغاً نهاية كل شهر، علماً أن يقوم بتسديد كافة مستلزمات المحل من إيجار وخلافه، وعلى أن يعيد لي رأس المال الذي يعود في الأصل لي، وقد قمت بذلك خوفاً من أن يغشني وأن يسرقني، وذلك دون ضغوط مني عليه لقبول ذلك، ولكن بتراضي الطرفين، وفي حالة إذا لاحظ أنه سوف يخسر أو يريد أن يترك العمل لدي أن بإمكانه أن يعيد لي المحل في أي وقت ويعيد رأس المال، هل عملي هذا جائز؟ السلام عليكم.
الجواب
الحمد لله - يا أخي- صنيعك هذا يتضمن محاذير منها:
01 أنه مخالف للنظام، وهذا لا يحوز.
02 أنه يتضمن أجراً على الكفالة، فإن العامل إذا كان يتحمل أجرة المحل وقيمة البضاعة فإنه لا مقابل لما تأخذه منه شهرياً سوى أنك تكفله، والأجر على الكفالة لا يجوز.
وما ذكرته من تراضٍ بينكما لا يجعل الممنوع مشروعاً، فليس كل ممنوع يجوز بالتراضي.
ونصيحتي للكفلاء أن يتقوا الله ربهم فلا يظلموا مكفوليهم، وأن يسمعوا ويطيعوا بالمعروف، والله أعلم.(9/329)
أخذ الأجرة على الكفالة
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 22/8/1424هـ
السؤال
أنا شخص لدي مؤسسة تجاريه تعمل في مجال الصيانة، فهل يجوز لي نقل كفالة عمال إلي بحيث انهم يدفعون قيمة نقل الكفالة، ويعملون لحسابهم الخاص، ويعطونني في نهاية كل سنه مبلغاً معيناً من المال، وإذا احتجتهم في مجال عملي -ومن المؤكد أني احتاجهم بإذن الله- فإنهم يقومون بما أنيط بهم مقابل أجر معين، وليس لهم حقوق علي لا راتب شهري، ولا سكن، ولا إعاشة، وهذا هو طلبهم، مع العلم أني سأجعلهم يوقعون على مسير الرواتب في نهاية كل شهر، حتى لا يطالبوني بأي شيء -وهم غير مسلمين-، هل ذلك جائز شرعاً؟
الجواب
الأصل فيما ذكر في السؤال الجواز؛ لأن الأصل في العقود الإباحة ما لم تخالف نهياً شرعياً كأن يكون العقد اشتمل على ربا، أو ميسر، أو غرر، أو أكل لأموال الناس بالباطل.
لكن هاهنا أمران إن سلمت منهما ففعك جائز ما دام يرضي الجميع:
الأمر الأول: النظر إلى النظام الذي نظمه ولاة الأمر في هذا الشأن، فإن كان النظام يمنعه فلا يجوز؛ لأنه مخالفة لقوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" [النساء: 59] ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "واسمعوا وأطيعوا، وإن تأمر عليكم عبد حبشي" رواه البخاري (7142) ، فولاة الأمر تجب طاعتهم في المعروف، أي: ما لم يأمروا بمعصية فلا طاعة حينئذ.(9/330)
الأمر الثاني: إن كان استقدام هؤلاء العمال إلى الجزيرة العربية فلا يجوز؛ لأنهم غير مسلمين واستقدام غير المسلم معصية لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "لا يجتمع في جزيرة العرب دينان" رواه مالك في الموطأ (1697) ، وقوله: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" رواه البخاري (3168) ، ومسلم (1637) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما-، فعليك دعوتهم، فإن اهتدوا وإلا استبدلهم بهم مسلمين، والله -تعالى- أعلم.(9/331)
عقود الصيانة والضمان
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 3/4/1424هـ
السؤال
سبق وأن اطلعت على بحث للتأمين للدكتور سامي السويلم، وهناك سؤال حول صورتين من المعاملات وهل هي جائزة أم لا؟ وما البديل الشرعي لها؟
الصورة الأولى: عقود الصيانة، والتي تكون عند حصول الخلل مع أنها مبنية على دراسة التكاليف المتوقعة فيكون الغرر الحاصل يسيراً نوعاً ما.
الصورة الثانية: الضمان الذي يكون مع بعض الأجهزة، والذي يزيد في سعر البضاعة؛ بل يختلف السعر باختلاف مواصفات الضمان واختلاف مدته.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
(1) أما ما يتعلق بالضمان الذي يقدم مع الأجهزة، ويزيد السعر بوجوده أو بمواصفاته؛ فلا يظهر ما يمنع منه شرعاً. والقاعدة أن الشرط له قسط من الثمن، وهذا يشمل الضمان وغيره من الشروط، والضمان يجوز اعتباره في الثمن تبعاً للسلعة، وإن كان لا يجوز المعاوضة عليه استقلالاً، وهو سبب تحريم التأمين التجاري.
والضمان نظير الأجل: فكما تجوز الزيادة في ثمن السلعة مقابل تأجيل الثمن، تجوز الزيادة مقابل الضمان، وكما لا تجوز المعاوضة على الأجل منفرداً، لأن هذا هو ربا النسيئة المحرم بالإجماع، فكذلك لا تجوز المعاوضة على الضمان منفرداً، لأنه من الغرر المحرم كذلك. فالضمان يجوز اعتباره في الثمن إذا كان تابعاً لسلعة، ولا تجوز المعاوضة عليه استقلالاً.
(2) وبذلك يتبين حكم عقد الصيانة، فالضمان الذي تقدمه شركة الصيانة تابع للعمل الذي تقوم به، وهو عمل الصيانة الدورية، وهذه الصيانة الدورية من شأنها أن تقلل من احتمالات وقوع الخلل، ومن ثم تقلل من الحاجة للضمان ابتداء، أما إذا كان عقد الصيانة مجرد ضمان بلا عمل يدرأ الخطر؛ فهو تأمين تجاري بحت.(9/332)
وقد اختار شيخ الإسلام ابن تيمية جواز تضمين الحارس والسجان، وهذا يتضمن جواز الضمان إذا كان تابعاً لعمل يدرأ الخطر، لكن لا دليل فيه على جواز المعاوضة على الضمان استقلالاً، إذ من المتقرر في القواعد أنه يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً. فيجوز بيع الثمر الذي لم يبد صلاحه تبعاً لأصله ولا يجوز بيعه استقلالاً، ويجوز بيع الجنين في بطن أمه تبعاً لأمه ولا يجوز بيعه استقلالاً، ويجوز بيع مال العبد تبعاً للعبد، ولو كان المال من جنس الثمن ولا يخضع لشروط الصرف، في حين لا تجوز مبادلة المالين استقلالاً إلا بشروط الصرف، إلى غير ذلك من الأمثلة. والله -تعالى- أعلم.(9/333)
تسديد الضامن لما ضمن
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 7/4/1424هـ
السؤال
أوصاني صديق لي بالبحث له عن تأشيرة ليتمكن من دخول المملكة للبحث عن عمل، فأخبرني صديق أثق فيه جداً بوجود تأشيرة مناسبة بواسطة قريب له بمبلغ من المال، فاستشرت صديقي فوافق على دفع المبلغ، ونظراً لما يحدث في مثل هذه الأمور أعطيت صديقي بالرياض المبلغ، وأخبرته بأنه هو الضامن الوحيد لي بعد الله سبحانه وتعالى في رد المبلغ إذا لم نحصل على التأشيرة، وسيتم دفعه للمبلغ لكونه ضامناً لي، والضامن غارم، وعلى ضوء ذلك سلمته المبلغ حسب هذا الاتفاق، وبالفعل لم يتم الحصول على التأشيرة، وكان من الطبيعي أن أعود على صديقي لاسترداد المبلغ حسب اتفاقي معه، وكان من الطبيعي أيضاً أن يرجع صديقي على قريبه، فبعد المشاورات اتفق صديقي مع قريبه على أن يسدد قريبه له المبلغ، ولكن على أقساط متباعدة فما رأي فضيلتكم في استردادي للمبلغ من صديقي؟ خاصة وهو يرى أنه لم يأخذ شيئاً، وبالتالي لن يتحمل تسديد المبلغ كاملاً، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، - والصلاة والسلام - على من لا نبي بعده:
في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الزعيم غارم" حسنه الترمذي (1265) وصححه ابن حبان (5094) ، والزعيم هو الكفيل، أي أنه يغرم مقدار المال الذي كفل المدين به، وإذا كان صديقك قد كفل قريبه بالمبلغ عند عدم حصول التأشيرة فيلزمه سداد المبلغ حتى لو لم يدفع له قريبه شيئاً، والله أعلم.(9/334)
هل عليه ضمان رأس مال الشركة؟
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 28/07/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي مكتب يعمل في مجال بيع وصيانة أجهزة الكمبيوتر، برأس مال محدود جداً، أرباحه تغطي مصاريف المكتب أحياناً، وأحيانا أخرى تكون لا بأس بها، وعرض علي منذ بضعة أشهر أحد الإخوة مبلغاً وقدره 50000 جنيه مصري مشاركة لا مضاربة، وكان ذلك، ومما كان في العقد أن البيع يكون عاجلاً غير آجل، ومر شهران أو ثلاثة، ولم يعجب الشريك بالأرباح اليسيرة التي تحققها الشركة، فأراد فض الشركة، وفي نفس الوقت تقدمت إلي شركة بطلب توريد بضاعة بأكثر من 30000 جنيهٍ، وأخرى بحوالي 8000 جنيهٍ، وقدموا لي الضمانات المطلوبة على أن يكون السداد بعد الاستلام بأسبوع، فوجدتها فرصة لبيع البضاعة، بعد استشارة بعض من في الشركة، وجمع رأس مال الشريك المذكور؛ لأنه كان يسأل عن كيفية رد رأس المال، وفي عجالة يعني دون تأخير بعيد، وكان، وتبين بعد أن الشركات هذه وهمية تعمل في مجال النصب والاحتيال، وقدمت أوراقهم إلى المحامين والبحث عنهم جارٍ، وأخبرت أن مثل هذه الحوادث قلما يتم إرجاع المال منهم، هذا إذا تم القبض عليهم أصلا، أو قام أحد بالبحث عنهم أصلاً، والسؤال: هل أنا ملزم بضمان رأس المال هذا؟ ثم ما العمل إن كنت كذلك؟، وليس لدي ما أسدده منه، ولا أملك سوى شقة متواضعة أسكن بها وأولادي، وإن بعتها لن توفي المبلغ المذكور، ولن أستطيع أن أجد مكاناً آخر، يعني ليس معي ما يمكنني من إيجاد سكن آخر، والله المستعان. -وجزاكم الله خيراً- والسلام عليكم ورحمة الله.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(9/335)
إذا كان الشريك قد اشترط ألا تباع البضاعة إلا نقداً، وخالف السائل الشرط وباع بأجل ثم خسر، فهو ضامن لنصيب الشريك في البضاعة؛ لأن الله تعالى أمر بالوفاء بالعقود، فمن خالف العقد فهو ضامن لما ترتب عليه من أضرار.
وقد ذكر السائل أن العقد نص على أن المعاملة مشاركة وليست مضاربة، أي أن الشريك يصبح بالعقد مالكاً لنسبة مشاعة من موجودات المكتب (والموجودات تتضمن البضاعة والنقد وسائر ممتلكات المكتب) . ويقدر نصيب الشريك بحسب نسبة مساهمته إلى مجموع موجودات المكتب بعد العقد. فإذا فرض مثلاً أن الموجودات قبل دخول الشريك كانت تعادل ثلاثين ألف جنيه، فهذا يعني أن حصة الشريك في المكتب بعد العقد تعادل 62.5% (=50000/80000) . وهذه هي حصته في البضاعة التي خسر المكتب ثمنها حسب المثال المذكور.
والواجب على السائل أن يجتهد في سداد حق الشريك بحسب استطاعته، شيئاً فشيئاً بحسب ما يتيسر له. وإذا صدق في ذلك فإن الله –تعالى- سيعينه ويؤدي عنه، لقوله عليه الصلاة والسلام: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" رواه البخاري (2387) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-.
وقد يكون السائل في هذه الحالة من الغارمين الذين يستحقون الزكاة لسداد ما لزمهم من الديون وعجزوا عن سدادها.
كما يجب على الشريك - إذا كان السائل معسراً - أن ينظره ويرفق به، لقوله جل وعلا: "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون" [البقرة: 280] . وثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله" رواه مسلم (3014) عن عبادة بن الصامت-رضي الله عنه-.(9/336)
وأخبر عليه الصلاة والسلام عن رجل ممن كان قبلنا لم يعمل خيراً قط، وكان يداين الناس، فإذا رأى معسراً قال لفتيانه: تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا، قال صلى الله عليه وسلم: "فتجاوز الله عنه"، رواه البخاري (2078) ، ومسلم (1562) من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-.
وأما بقية رأسمال الشريك فيجب رده، لكن بعد تصفية البضاعة التي اشتريت به، ويفرز نصيب الشريك من ذلك ثم يسلم له. وأما قبل ذلك فيجب على الشريك الانتظار لحين البيع والتصفية. والله -تعالى- أعلم.(9/337)
تلفت البضاعة فمن يضمنها؟
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 27/4/1423
السؤال
أعمل في شركة تصدير إلى الدول العربية من تركيا، نعمل على أساس تلبية طلبات الزبائن، وباتفاق بيننا وبين المصنع نعطي سعر البضاعة للمشتري، بمعنى آخر: نضيف ربحنا ويعطى السعر للزبون من قبل المصنع على هذا الأساس، في إحدى المرات احترقت البضاعة وهي في طريقها لأحد الزبائن، واستدعينا شركة النقل لنعلم ما حدث ومن المسؤول عن الحادث، قدر أن السبب غير معروف، وأن الحادث كان قضاء وقدراً، المشكلة الآن هي من يجب أن يدفع الخسارة؟ وما حكم الإسلام فيها؟ نحن قدرنا أن الخسارة يجب أن تدفعها شركة الشحن، وهذا ما أجبروا على عمله، هل ربحنا من هذا المال حلال أم نقدر كأننا لم نبع شيئاً، ونعطي الربح للشركة الناقلة؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
شركة النقل بمثابة الأجير المشترك، وقد أفتى كثير من السلف بتضمين الأجير المشترك، بمعنى أن يكون مسؤولاً عن تلف البضاعة التي بيده، ومنهم من يقول: يكون مسؤولاً عن التلف ما لم يتبيّن أنه لم يفرط أو يتعدى، فالأصل هو الضمان حتى يثبت عدم التفريط، ومنهم من يقول: يكون مسؤولاً في جميع الأحوال (ينظر بحث الدكتور نزيه حماد: مدى صحة تضمين يد الأمانة بالشرط، ضمن كتابه: قضايا فقهية معاصرة، ص 378-387) . كما أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بصحة تضمين الحارس ونحوه. (الاختيارات، دار ابن الجوزي، صـ195) والناقل من هذا الباب.
وبناء على ذلك يمكن -والله أعلم- القول بتضمين شركة النقل، ومن ثم تتحمل خسائر تلف البضاعة، خاصة أن الشركة بحسب إفادة السائل لم تُثبت أن الحريق لم يكن بسبب منها، بل كان غير معروف، فيعمل بالأصل وهو الضمان.(9/338)
وفي هذه الحالة فإن شركة النقل تتحمل قيمة المثل، وقيمة المثل تعادل ثمن البضاعة من المصنع دون ربح المصدّر، وعليه لا تتحمل شركة النقل الربح، بل تقتصر مسؤوليتها على التكلفة. وإذا كانت الشركة قد دفعت ثمن البضاعة مع الربح فينبغي إعادة الربح إليها.
والعلم عند الله -تعالى- أولاً وآخراً.(9/339)
أخذ فائدة سنوية على الضمان
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 03/04/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال كالتالي: أنا عميل (زبون) ، لدى بنك إسلامي، ولي حساب جار فيه، وأتعامل مع شركة إسمنت، وهذه الشركة تريد مني ضمانة بنكية بالمبلغ المراد التعامل به؛ لكي تسهل لي عملية الشراء، البنك يريد 25% من قيمة الضمانة البنكية كوديعة، ويريد أيضاً ضمان ملكية عقار بالقيمة المطلوب ضمانها، ويريد البنك أيضاً مني 1.5% من قيمة الضمانة سنوياً، وذلك مقابل فائدة سنوية على ذلك، وتسمى عندهم (أجور عمال، قيمة أوراق ومطبوعات وغيرها من رسوم المعاملات) هل أخذهم 1.5% فائدة سنوية على الضمانة جائز شرعاً؟ جزاكم الله خيراً. وسدد الله خطاكم على طريق الخير.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فيجوز للبنك اشتراط أجر سنوي مقابل إصدار خطاب الضمان المصرفي، ولو كان الأجر نسبياً (مثل 1.5 % من قيمة الخطاب) ، وذلك بشرط أن يكون مبلغ الضمان مغطى بالكامل من قبل العميل طالب الخطاب سواء كانت التغطية نقدية أو عينية (كالعقار مثلاً) لأن الضمان إنما يحرم أخذ الأجر عليه إذا كان قد يؤول إلى قرض من الضامن للمضمون عنه، وفي الحال التي يكون فيها الضمان مغطى بالكامل من قبل العميل فإن هذا الاحتمال غير وارد، لأن البنك سيقوم بتسديد المستحقات على العميل من رصيده الموجود في البنك لا من مال البنك نفسه.
وحسبما ورد في السؤال فإن البنك يشترط على السائل ضمان ملكية عقار بقيمة خطاب الضمان، فإذا كان الأمر كذلك فيجوز دفع الأجور السنوية المشار إليها في السؤال، على أن يكون الاتفاق مع البنك على أنه في حال تعثر العميل في السداد، فيقوم البنك بتسديد تلك المستحقات من قيمة بيع العقار. والله أعلم.(9/340)
كفالة الأيتام
المجيب د. راشد بن مفرح الشهري
القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 9/2/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ: حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما هي كفالة الأيتام؟ نحن نعمل في جمعية خيرية، وأخبرنا المسئول عن قسم الأيتام أنّ أي يتيم لا يلتزم بالبرنامج التربوي سوف تقطع كفالته، ويستبدل بغيره! والبرنامج التربوي هو عبارة عن حفظ بعض سور من القرآن، ودروس في العقيدة والفقه والأخلاق، إضافة إلى الترفيه، نرجو من فضيلتكم إجابتنا عن:
1- ما هي الكفالة المذكورة في الحديث "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة" هل هي كفالة المأكل والمشرب والملبس؟ أم كفالة الدين والعلم، أو غير ما ذكر؟، مدعماً بكلام أهل العلم.
2- هل يجوز حرمان اليتيم من الكفالة مع حاجته الماسة لها بسبب أنه لم يلتزم بالبرنامج التربوي؟ نرجو من فضيلتكم التعجيل في الجواب؛ لأنه متعلق بمصير كثير من الأيتام وفقكم الله لما يحب ويرضى.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن الكفالة المذكورة هي كفالة المأكل والمشرب والملبس والتربية الحسنة وتعاليم الدين القويم، وكما قال الأول:
ليس اليتيم من انتهى أبواه *** من هم الحياة وخلفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي يلقى له*** أماً تخلت أو أباً مشغولا
فالتربية والتعليم مطلب عظيم، وإلا كانت حياة بهيمية لا قيمة لها.(9/341)
لا يجوز حرمان الأتيام مع الحاجة؛ لأن الأصل هو بذل الكفاية لليتيم، وهذا أساس إنشاء الجمعية، ووجود البرامج مطلب عظيم والقيام به أمر جلل، لكن حرمان اليتيم فيه مفسدة أعظم من عدم امتثاله للبرامج التوجيهية، ومن ذلك أنه لربما تعرض للهلاك وهي نفس معصومة يجب حفظها، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ويقول سبحانه: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" [البقرة:195] ، ويقول صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ولا شك أن أحدنا لا يحب إلقاء نفسه في التهلكة، فكيف نلقي بأبنائنا اليتامى، ثم إن اليتيم إذا تركته الجمعية لربما أصبح عضواً فاسداً في المجتمع بالسرقة بتارة والاحتيال تارة، والتعود على التسول تارة أخرى، فإذا لم تستطع النهوض باليتيم فلا أقل من المحافظة عليه من مهاوي الردى وأصحاب السوء، والمصطادين في الماء العكر ممن يفسدون ولا يصلحون، أسأل الله -تعالى- للإخوة التوفيق والسداد، وأن يعينهم على ما حملوا، وأوصيهم بالصبر والتحمل، وبذل قصارى الجهد، واحتساب الأجر الذي هو على قدر النصب، "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" [العنكبوت:69] . والله أعلم.(9/342)
الزيادة في ثمن الأجهزة لأجل الضمان
المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 22/7/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة وبركاته.
تعرض كثير من شركات الأجهزة الإلكترونية أجهزتها بسعرين (أو أكثر) سعر بدون ضمان أو كفالة، ... وسعر مع الضمان لمدة محددة، فما حكم هذه الزيادة؟؟ هل تعتبر مثل حكم التأمين الربحي؟ أرجو التوضيح مع الدليل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فهذا الضمان أو الكفالة يراد بها -هنا- صيانة الآلة المباعة، سواء بالعمل والمواد، أو بأحدهما، وهذا من قبيل العقد الذي اجتمع فيه بيع، وشرط، وهو جائز على الصحيح من قولي أهل العلم، لكن لابد أن تعيّن الصيانة -هنا- تعييناً نافياً للجهالة المؤدية إلى النزاع، وكذلك لابد من تبيين المواد إذا كانت على الصائن، كما قرر ذلك مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الحادي عشر.
هذا فيما إذا كانت المواد (أو قطع الغيار) مما يتلف بسبب العمل العادي، أو بسبب سوء التشغيل المعتاد المتوقع، أما ما يتلف منها بسبب التشغيل غير المعتاد، أو بسبب الكوارث ونحو ذلك فإن اشتراطه لا يصح.
ويدل لجواز العقد المشتمل على بيع وشرط، ما ثبت في صحيح البخاري (2861) ومسلم (109) عن جابر -رضي الله عنه-: "أنه كان يسير على جمل له أعيا، فأراد أن يسيّبه، قال: فلحقني النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعا لي، وضربه، فسار سيراً لم يسر مثله، قال: بعنيه بأوقية، قلت: لا. ثم قال: بعنيه، فبعته بأوقية، واشترطت حملانه إلى أهلي.." الحديث، وهذا دليل على جواز كل شرط يحقق منفعة أحد المتعاقدين ما لم يخالف نصاً من كتاب الله، أو سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وعلى هذا يجوز شرط الصيانة للمشتري على البائع إذا كان النفع (المترتب على الشرط) معلوماً علماً يدفع الغرر الفاحش عن هذا العقد.(9/343)
أما إذا كان العقد الواقع على الآلة أو السلعة شاملاً للصيانة بدون شرط من المشتري، فإنه يصح، ولا يضر الغرر الحاصل من الصيانة، وذلك لأن العقد واقع على الجهاز أو الآلة، فهو المقصود بالأصالة، والغرر واقع على الصيانة، وهي تبع، فلا تضر، وقد قرر الفقهاء أنه يغفر تبعاً ما لا يغفر استقلالاً، وقد استدلوا لهذه القاعدة بأدلة كثيرة منها:
أنه لا يجوز أن تباع الثمرة التي لم يبد صلاحها مفردة، لما في ذلك من الغرر في المعقود عليه أصالة، ولكن لو بيعت مع أصلها جاز، لحديث ابن عمر-رضي الله عنهما-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال: "من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع الذي باعها إلا أن يشترط المبتاع" رواه البخاري (2379) ومسلم (1543) .
وكذا لا يجوز بيع الحمل دون أمه؛ لما في ذلك من الغرر، أما بيع الحمل مع أمه فإنه يجوز؛ لأنه تابع لها. وكذا لا يجوز بيع اللبن في الضرع دون الشاة؛ للغرر، ويجوز بيع الشاة مع لبنها؛ لأنه تابع لها، ونظائر هذا كثيرة.
وعلى هذا؛ فهذه الزيادة المالية إذا كانت مقابل عمل مضبوط بوصفٍ معين يرفع الجهالة، ويدفع الغرر المتوقع، وبهذا تفارق التأمين، لاسيما أن التأمين التجاري كثيراً ما يكون تعويضاً عن ضرر، فهو مال بمال، وهذا بخلاف الصيانة، فإنها تكون على عمل معين أو على توفير آلة أو جهاز معين.
وفرق آخر بين الصيانة المشروطة في العقد وبين التأمين، وهو أن الصيانة -حينئذ- تابعة لعقد كالبيع أو الإجارة، أما التأمين فهو عقد مستقل، وقد قرر أهل العلم أنه يثبت ويجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً، والله أعلم.(9/344)
حكم هذا الشرط في البيع
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 16/7/1425هـ
السؤال
يوجد مخططات أراضٍ عندنا لا يوجد عليها صك تملك شرعي، ويتم البيع والشراء فيها بأوراق من أصحاب المخطط أو ممن اشترى منهم، وهذه الأوراق متداولة ومعروفة لدى أصحاب مكاتب العقار هناك، ومن ضمن نصوصها أن المكتب يضمن حقك في تلك الأرض إلا من الدولة أو صاحب صك، فهل يجوز البيع والشراء فيها؟
الجواب
الحمد وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
هذه عبارة عن ضمان، على أنه يضمن الأرض إلا من مطالبة الدولة أو صاحب هذه الأرض. فالذي يظهر عدم جواز شراء هذه الأرض؛ لأنها غير مملوكة للبائع بدليل عدم ثبوت الأوراق التي تثبت ملكية هذه الأرض والمعروفة الآن بالصكوك.
ولذا هم في شروط البيع ذكروا شرطاً يخرجهم عن مطالبة المشتري بفسح عقد البيع لحين ثبوت أن هذه الأرض مملوكة لشخص بعينه، فلا ينبغي للسائل الإقدام على شراء أرض لا يعلم المالك الحقيقي لها، وهذا الشرط شرط باطل؛ لأنه إذا ثبت أن هذه الأرض مملوكة لغير من باعها فقد تبين أن البائع باع ما لا يملك والنبي -صلى الله عليه وسلم- "نهى عن بيع ما لا يملك" انظر ما رواه أبو داود (2190) ، والنسائي (4612) .(9/345)
هل يغرم أجير النقل تلف المنقول؟
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 27/05/1426هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي هو: ناقل البضاعة من مكان إلى آخر بأجر، هل يغرم إذا تلفت البضاعة، ولم يكن هو السبب، كأن يقع حادث، أو سرقت مثلاً. جزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
من استؤجر على نقل البضاعة من مكان إلى آخر فهذا الأجير أمين، والقاعدة في الأمين أنه إن تعدَّى أو فرَّط فإنه يضمن، وإن لم يتعد ولم يفرط فلا ضمان عليه، والتعدي هو فعل ما لا يجوز، والتفريط هو ترك ما يجب، فإن كان ترك شيئاً يجب عليه، أو فعل شيئاً لا يجوز له من مقتضيات الحفظ والنقل، فإنه يضمن، وإلا فلا ضمان عليه.(9/346)
تلفت بضاعةُ مستأجر في عمارته، فهل عليه ضمان؟
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 15/05/1425هـ
السؤال
أثناء عاصفة في إحدى الليالي تضررت بضائع تعود لمستأجر في عمارة أملكها، وقد سرب السقف الماء فتضررت بضائع كثيرة، هل عليّ مسؤولية شرعية لتعويضه عن الضرر؟
الجواب
لا يظهر لي أن عليه ضماناً في ذلك؛ إلا إذا كان هذا التسرب نتيجة خلل في البناء وأنه غير محكم، وأن فيه من التقصير والإهمال ما يضر بالمستأجرين، وأنه خفي عليهم ذلك حينما استأجروا، فهذا له وجه في الضمان.
أما إن كان أمر البناء محكماً، إلا أن الآثار الطبيعية التي نتجت عنها هذه الخسائر وهذه التلفيات ليس للإنسان أي أثر فيها، بحيث لم يكن في البناء والإشادة تقصير أو ظلم أو إهمال، فإذا كان الأمر كذلك فلا يظهر لي أن الضمان متجه على هذا المؤجر - مالك العمارة-، ولا شك أن هذه المسألة مرجعها إلى القضاء؛ لأن الأمور المالية المتعلقة بالضمانات والتلف ودعوى التقصير والإهمال لا يجوز أن تؤخذ من طرف واحد؛ بل لا بد من اجتماع طرفي النزاع، وينبغي أن يكون ذلك لدى القضاء؛ حتى يكون من القاضي تمحيص الدعوى والإجابة عليها، والبينات المطلوبة من المدعي وإجابة المدعى عليه على هذه البينات، إلى آخر ما هو معروف من الإجراءات القضائية. والله أعلم.(9/347)
هل يضمن ما تلف من مال المستأجر؟
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 24/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
أثناء عاصفة في إحدى الليالي تضررت بضائع تعود لمستأجر في عمارة أملكها، وقد سرب السقف الماء فتضررت بضائع كثيرة، هل عليّ مسؤولية شرعية لتعويضه عن الضرر؟ أرجو إرشادي لأنني أحب الحق. وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته لا يظهر لي أن عليه ضمانًا في ذلك؛ إلا إذا كان هذا التسرب نتيجة خلل في البناء وأنه غير محكم، وأن فيه من التقصير والإهمال ما يضر بالمستأجرين، وأنه خفي عليهم ذلك حينما استأجروا، فهذا له وجه في الضمان، أما إن كان أمر البناء محكمًا إلا أن الآثار الطبيعية التي نتجت عنها هذه الخسائر وهذه التلفيات، ليس للإنسان أي أثر منها بحيث لم يكن في البناء والإشادة تقصير أو ظلم أو إهمال، فإذا كان الأمر كذلك فلا يظهر لي أن الضمان متجه على هذا المؤجر- مالك العمارة- ولا شك أن هذه المسألة مرجعها إلى القضاء؛ لأن الأمور المالية المتعلقة بالضمانات والتلف، ودعوى التقصير والإهمال لا يجوز أن تؤخذ من طرف واحد؛ بل لا بد من اجتماع طرفي النزاع، وينبغي أن يكون ذلك لدى القضاء حتى يكون من القاضي تمحيص الدعوى والإجابة عليها، والبينات المطلوبة من المدعي وإجابة المدعى عليه على هذه البينات، إلى آخر ما هو معروف من الإجراءات القضائية. والله أعلم.(9/348)
هل يسقط خيار الرد بالعيب بضمان التلف؟
المجيب د. صالح بن حسن المبعوث
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى وعميد شؤون الطلاب بالجامعة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الضمان والكفالة
التاريخ 02/11/1426هـ
السؤال
شركة تبيع أجهزة حاسب آلي، وتعطي شهادات ضمان لبعض الأجزاء لمدة محددة. ففي حالة وجود عيب في أي جزء من أجزاء الجهاز، هل يحق للمشتري رد الجهاز بناءً على حق الرد بالعيب، رغم أن الشركة ستقوم بإصلاح العيب أو استبدال الجزء المعيب؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فما ذكره السائل يدخل في باب خيار العيب في الفقه الإسلامي، وهو باب مقيد بالعيوب التي يتم الاتفاق على ضمانها من قبل البائع للمشتري، وفي هذه الحالة التي ذكرها البائع ينبغي معرفة هذه الأجزاء المضمونة من قبل الشركة في ذلك الجهاز، ومدة الضمان، وبناء عليه إذا وجد عيب في تلك الأجزاء المضمونة في المدة المحددة جاز للمشتري رد الجهاز لوجود عيب فيه، والطلب من البائع برد الثمن أو تسليم جهاز آخر لا عيب فيه، لكن إن كان الضمان ينص على إصلاح العيب أو استبدال الجزء المعطوب من الجهاز فقط، وقد وقَّع المشتري على هذا فلا تحق له المطالبة باستبدال الجهاز كاملاً، وإنما يطالب بحقه وفق ما جرى في العقد؛ لأن المؤمنين على شروطهم. وبالله التوفيق.(9/349)
هل تصح هذه الحوالة؟
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحوالة
التاريخ 05/07/1425هـ
السؤال
كثير ما نتعامل بحوالة صورتها كالآتي:
أذهب إلى محلات الصرف، وأطلب أن يحول لي إلى دبي ألف دولار أمريكي، وبالمقابل أدفع لهم ما يعادلها من الشلن أي عملة البلد، وأحيانًا ينقص مني المبلغ، ويكون عليّ دين أدفعه لاحقاً. ما حكم هذه المعاملة؟. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الذي فهمته من السؤال أن السائل يسأل عن حكم حوالة مبلغ بعد صرفه، ولم يسدد كامل المبلغ. فأقول: لا بد أولاً من التصارف الصحيح، وذلك بأن يسلم طالب الحوالة، وهو السائل هنا، كامل المبلغ إلى محل الصرف، ويستلم القيمة بالعملة المطلوبة، وهي الدولار الأمريكي في السؤال، ويقوم القيد في الحساب مقام القبض، ثم تجري الحوالة بعد ذلك.
وعليه، فلا بد حين الصرف من قبض المبلغ كاملاً، ولا يصح أن تؤجل جزءاً منه. والله أعلم وأحكم.(9/350)
هل هذا الصرف من الربا؟
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحوالة
التاريخ 25/08/1425هـ
السؤال
أنا تاجر، وأشتري -من عند أحد الصرافين أحياناً- مبالغ من الدولار أو اليورو محولة إلى الصين والهند، وتكون طريقة البيع كالتالي: نتفق على السعر للدولار أو اليورو الواحد مقابل العملة الوطنية (330 أوقية مقابل الدولار الواحد مثلا) أعطيه نصف المبلغ أو أقل منه، ويقوم هو بتحويل المبلغ إلى الدولة المطلوبة، وبعد وصول المبلغ أدفع له الباقي. هل يوجد في هذه العملية ربا؟
الجواب
الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
لا بد أولاً من التصارف الصحيح، وذلك بأن يسلم من يريد الحوالة كامل المبلغ إلى محل الصرف أو البنك التجاري، ويستلم القيمة بالعملة المطلوبة، وهي الدولار الأمريكي أو اليورو كما في السؤال. ثم تجري الحوالة بعد ذلك. وقد جعل مجمع الفقه الإسلامي القيد البنكي قبضا. وعليه، فلو سلم طالب الحوالة المبلغ، وقيد البنك ما يقابله بالعملة المطلوبة (وهي الدولار أو اليورو) ، فتعد قبضا، ويصح عقد الصرف. ثم تجري الحوالة بعد ذلك.
والله أعلم وأحكم.(9/351)
شروط صحة الإحالة
المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار
أستاذ جامعي في جامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحوالة
التاريخ 14/11/1425هـ
السؤال
ما شروط صحة الإحالة، وهل يسقط الحق عن ذمة المحيل بمجرد الإحالة؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا رضي المحال بالحوالة فقد برئت ذمة المحيل ما دام أنه أحال على مليء ورضي المحال بذلك، ولا يسوغ للمحال أن يرجع على المحيل إلا إذا تعذر حصول حقه من المحال عليه؛ لسبب ليس من جهة المحال، بل من جهة المحال عليه، قال صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ". أخرجه البخاري (2287) ومسلم (1564) . فإذا سلك المحال الأسباب الشرعية للحصول على حقه، ولم يستطع، فله الرجوع على المحيل؛ لأن الحق لا يضيع بحال. والله أعلم.(9/352)
له دين على نصراني مفلس
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس
التاريخ 26/1/1425هـ
السؤال
سألني أخ مسلم حديث عهد بإسلام في بلد غربي-حيث أمارس الدعوة- عن دَيْن له عند نصراني أفلس إفلاسًا تامًّا، عرض عليه النصراني أن يدفع له من بضاعة عنده، وهذه البضاعة تتألف من شموع لا تستخدم إلا لأغراض دينية مسيحية وأشياء أخرى من هذا القبيل، فأجبته بأن هذا غير جائز، ولكنني وعدته بأن أرسل لكم هذا السؤال لأنني أثق بعلمكم وأمانتكم وحسن دينكم، فجزاكم الله خير الجزاء وأجزل مثوبتكم.
الجواب(9/353)
لا تصح المعاوضة على محرم بعينه كالخمر ولحم الخنزير والميتة والدم ونحو ذلك، ولا يصح ما كان وسيلة لذلك كآنية لا تستخدم إلا في الخمر ومثله الشموع التي لا تستخدم إلا لأغراض كنسية. وما فعلتَه أو قلتَه في فتواك عن غريمه النصراني فصحيح؛ فجزاك الله خيراً وفقهنا وإياك في الدين؛ فمن شروط المبايعات والمعاوضات عند المسلم أن تكون على حلال لعموم قوله تعالى: "وأحل الله البيع" [البقرة:275] وقوله: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.." [المائدة:2] هذا كله من حيث الأصل جملة، أما من حيث التحديد في سؤالك فيمكن أن تقبلها إذا لم يمكنك الوصول إلى مالك أو شيء منه إلا بها على أن يقوم النصراني ببيعها بنفسه، ثم تأخذ أنت ثمنها، وهذا قياس على قبول الجزية من الكتابي اليهودي أو النصراني أو المجوسي مما يعتقدون حله بينهم وهو محرم عندنا، وهذا مذهب الإمام أحمد بن حنبل وعامة السلف؛ بدليل ما ثبت عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- فيما ذكره أبو عبيد في كتابه الأموال (1/62) وابن القيم الجوزية في كتابه أحكام أهل الذمة (1/357) أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- بلغه أن ناساً يأخذون الجزية من الخنازير، فقال عمر - رضي الله عنه-: "لا تأخذوها منهم ولكن ولوهم بيعها وخذوا أنتم من الثمن". وفقنا الله وإياك إلى ما يحبه ويرضاه ونسأله أن يزيدنا علمًا في الشرع ويثبتنا عليه آمين.(9/354)
تصرف الطفل في ماله
المجيب د. محمد بن صالح الفوزان
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس
التاريخ 16/10/1422
السؤال
السؤال: في كتاب القواعد الفقهية للشيخ السعدي - رحمه الله - القاعدة السابعة، ذكر أن الطفل دون سن البلوغ لا يحق له التصرف في ماله حتى في الصدقة، ونحن نعوّد أطفالنا على التبرع في أوجه الخير ليتعودوا على بذل الصدقة، ونعطيهم المال في العيد والمناسبات ونترك لهم حرية التصرف في مالهم بدون صرفه في محذور شرعي، فما رأيكم؟.
الجواب
إذا أعطى الأب ابنه قليلاً من المال وترك له حرية التصرف فيه فيما لا محذور فيه، وشجعه على التبرع ببعضه لمشاريع خيرية من باب تربيته على عدم الشح وحب الخير فهذا لا شيء فيه.
وإنما الممنوع لو كان للصبي مال جاءه من إرث ونحوه ووليه غير الأب فلا يجوز تصرف الصبي في ماله في الصدقة ولا غيرها قبل سن الرشد.(9/355)
صرف المال لغير المسجلين بالجهة الخيرية
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس
التاريخ 5/1/1425هـ
السؤال
هناك شخص يعمل في جهة خيرية، ويأتي أشخاص للتبرع بالمال ليصل إلى الفقراء والمحتاجين، فهل يجوز أن يأخذ من هذا المال ويعطيه لمن هم أشد فقراً وحاجة من المسجلين بالجهة الخيرية؟
الجواب
إذا كان هذا الموظف مخولاً بالتحري لأصحاب الحاجات فله ذلك، أما إن كان يرى أن غير المسجلين أو بعضهم أشد حاجة، ويرى تجاوزات فواجبه حينئذ الإرشاد والنصيحة، أما الإرشاد فيرشد المسؤولين عن الجهة الخيرية إلى شدة حاجة هؤلاء المحتاجين، ويلفت النظر إليهم، ويمكن أن يسعى عند أهل الخير والأغنياء لمن يعرفهم من المحتاجين فيحصِّل لهم من غير أموال الجهة المذكورة.
وأما النصيحة فينصح من يثق بهم في تلك الجهة عن تلك التجاوزات بلطف وبالموعظة الحسنة، ولا يسوغ له أن يتصرف باجتهاده، وهو غير مفوض؛ لأن ذلك يؤدي إلى الفوضى والاجتهادات ووجهات النظر تختلف، والله أعلم.(9/356)
تنازل المريض عن ماله
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس
التاريخ 17/5/1423
السؤال
بسم الله.
توفيت زوجه أبي، وقبل وفاتها تنازلت عن إرثها الذي ورثته من أبي لنا، مع العلم أن لها إخوة، وقد فعلت ذلك؛ لأن إخوتها لم يكونوا يصلونها أو يزورونها حتى في مرضها، وأنها هي التي ربتنا ونعدها هي وأمي كشخص واحد، وعاشت معنا منذ مولدنا، واشتركت في تربيتنا، وتقاسمت المسؤولية مع أمي في تربيتنا، فهل في تنازلها هذا إثم عليها أو علينا؟ والسلام عليكم.
الجواب
إذا كان تنازلها عن ميراثها في مرضها الذي يخشى منه الموت، فإن هذا التنازل يعد غير صحيح، وما تنازلت عنه يكون لورثتها شرعاً، وأنتم لستم من ورثتها، وإنما يكون لأقاربها الذين يرثونها إذا لم يكن لها أبناء ولا بنات فإن إخوتها يرثونها، وأما إذا كانت تنازلت وهي في صحتها وليست مريضة مرضاً خطيراً أو يخشى منه الموت، فإن تنازلها حينئذ صحيح، وهي تهب مالها من تشاء، وكونها تتنازل عن حقها لكم، وهي في صحتها تنازل صحيح لا شيء فيه لا عليها ولا عليكم.(9/357)
نزع الدولة لبعض الأراضي المملوكة
المجيب د. حمد بن حماد الحماد
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس
التاريخ 3/12/1424هـ
السؤال
هل نزع الأراضي من المواطنين من قبل الدولة للمصلحة العامة جائز، مثل نزع الأراضي لإقامة البيوت السكنية وغيرها؟ وهل صحيح أنه ثابت في السيرة أن سيدنا عمر - رضي الله عنه- نزع؟ وهل يشترط في النزع موافقة مالك الأرض أو العقار؟
وهل من حق الشخص الذي نزعت منه الأرض أن يطلب المناسب لقيمة الأرض؛
لأن القيمة التي تعطيها الدولة أحياناً لمالك العقار أقل بكثير من القيمة الفعلية للعقار؟.
أفتونا مأجورين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نزع الملكية لأجل المرافق العامة مثل الطرق وإجراء الأنهار وغير ذلك من المرافق التي هي لعامة الناس جائز وثابت في السيرة، ولا يشترط في هذا موافقة المالك، لكن يجب أن يعوض بما يساوي قيمة ملكه أو يزيد، وأما نزعها لإقامة مبان لقطاعات خاصة ومصالح خاصة فلا يجوز إلا بموافقة المالك.(9/358)
تصرف الإمام في أموال المسجد
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس
التاريخ 1/9/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ حفظه الله:
هل يجوز لإمام مسجد أن يتصرف في أموال جمعها جماعة المسجد لإفطار الصائمين في رمضان وما زاد ينفق على مصالح المسجد؟ أن يتصرف بها بإدخالها في بناء بيوت المسجد بغير علم جماعة المسجد، وعندما سئل عنها قال إنه صرفها وسيعيدها، لكن متى لا أحد يعلم.
الجواب
الأصل ألا يتصرف الإمام في هذا الذي خصص من طرف المانحين أو الواهبين أو المتصدقين لإفطار الصائم، الأصل ألا يتصرف فيه خارج هذا الأصل الذي خصصه له الناس، وإذا فضل عن إفطار الصائمين بحيث لم يوجد أحد يحتاج إليه فلهذا الإمام أن يتصرف فيه إذا كان مفوضاً من الجماعة في صرفه، أما إذا كان موكلاً فقط على إفطار صائم، وليس مفوضاً من طرفهم فلا يجوز له التصرف بحال من الأحوال، أما إذا كان مفوضاً من طرفهم ولم يبق أحد من أهل هذا المصرف فله أن ينفقه في مصالح المسجد؛ لأن ما كان لله جاز صرف بعضه في بعض على خلاف بين العلماء، والكلام لابن سهل المالكي، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً إلى مثل هذا في الأوقاف وبأنه يجوز صرف بعضها على بعض من جهة المصلحة إذا وجدت مصلحة راجحة، لكن بهذه الشروط التي ذكرتها ومنها أن يكون مفوضاً من جهة الجماعة وألا يوجد أحد يحتاج إلى الإفطار من الصائمين، فإذا توفر الشرطان وكان فعلاً يصرفه في مصالح المسجد فله ذلك. والله أعلم.(9/359)
استخدام مولدات تركتها الأمم المتحدة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس
التاريخ 28/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أعمل كمدير للإدارة في إحدى المنظمات المحلية الحكومية العاملة في برنامج إزالة الألغام في العراق, وبعد رحيل الأمم المتحدة من العراق، بقيت مواد وأجهزة كثيرة في المخازن لا تستخدم في الوقت الحالي وتعتبر فائضاً، السؤال: هل يجوز استعمال ماكينة لتوليد الطاقة الكهربائية التابعة إلى هذه المنظمة الحكومية بغرض توفير الكهرباء للمنزل، بحيث نقوم بعمليات الصيانة والإدامة يومياً؟ والجدير بالذكر أن كل عامل في الفرع الرئيسي للمنظمة قد حصل على خط كهربائي من هذه المولدات وبشكل رسمي أيام تواجد الأمم المتحدة ومتواصل الآن, ومن المعلوم أن العراق يمر بأزمة شديدة من ناحية توفير الطاقة الكهربائية. جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نعم، يجوز لك استعمال ماكينة من هذه الماكينات التابعة لهذه المنظمة في، سواء كانت هذه المولدات الكهربائية من حكومة العراق سابقاً، أو من المنظمة الدولية ما دامت تعمل في العراق، وأنت أحد موظفيها فيجوز لك ولكل الموظفين في الشركة الاستفادة من الطاقة الكهربائية من هذه المولدات، ما دامت مخزونة ومعطَّلة في المستودعات والشعب بحاجة إليها. والله أعلم.(9/360)
هل له الحجر على قريبه؟
المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار
أستاذ جامعي في جامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس
التاريخ 15/6/1425هـ
السؤال
أريد أن أتعرف على شروط الحجر، يوجد لي قريب ولا يوجد له وريث إلا أنا، وهو شخص يريد حرماني من جميع أملاكه من مال وأرض، على الرغم من أنني قد بذلت له كل ممكن، ولكن قد كبر به السن وهو عاجز، فهو أعمى، وهرم، وكانت تأتيه حالات من الجنون في شبابه، ولا زالت تأتيه حتى زمن قريب، وحالته الصحية متدنية، ويريد حرماني من إرثه، فهل يحق لي أن أحجر عليه؟ مع العلم أنه قد باع جميع أرضه، ولم يبق له إلا مبلغ من المال يقدر بـ 150000 ريال، وهو ينفقه بشكل خيالي، وأنا ملزم بأن أعتني وأرعاه شرعاً وعرفاً، فهل يحق لي -بناءً على هذا- الحجر عليه؟ أفيدوني، جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا يجوز لك بأي حال الحجر عليه، لاسيما أنك لست من أصحاب الفروض، بل أنت عاصب، وما دام ينفقه على نفسه فهذا حلاله، وهو أحق به، وأنت في فعلك محسن، فاحذر أن تسيء إليه بالحجر عليه، ولكن لو اجتهدت في ملاطفته وبعث من يؤثر عليه، واستطعت اقتطاع جزء من المال؛ من أجل مصلحته لا مصلحتك أنت، والله مطلع على النيات، فهنا لا حرج عليك، لكن لا يكون بالحجر عليه، والحجر لا يكون إلا على السفيه المبذر لأمواله في الحرام، أو المجنون الذي لا يحسن التصرف، وعلى كل حال فلا تتصرف إلا تحت نظر القاضي. والله يتولى السرائر.(9/361)
الحجر على الشيخ الهرم
المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار
أستاذ جامعي في جامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الحجر والإفلاس
التاريخ 11/10/1425هـ
السؤال
ما هي شروط الحجر على العجوز الذي بلغ عمره المائة وهو أعمى، وحالته الصحية متردية، وينفق المال؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الحجر على الكبير ليس له شيء معين، ولا يجوز الحجر عليه إلا إذا ثبت أن في عقله خللاً، أما إذا كان عقله معه ويتصرف تصرف العقلاء فليس لأحد كائن من كان أن يحجر عليه إلا في حالة واحدة، وهي ما إذا كان له غرماء يطلبونه ورفض السداد لهم، وخافوا من تبذير أمواله، فهنا يطلبون من القاضي أن يحجر عليه، ويتولى القاضي ذلك ويسدد لغرمائه حسب ديونهم.
أما كون الإنسان مريضاً فله أن يتصرف بماله، لكن عطيته في مرض موته المخوف تأخذ أحكام الوصية من حيث الثبوت، ومن حيث عدم تجاوزها الثلث وعدم الوصية لوارث، قال صلى الله عليه وسلم: "الثلث والثلث كثير"، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث". والله أعلم.(9/362)
التصرف في غلة العقارات
المجيب د. حمد بن حماد الحماد
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة
التاريخ 19/10/1423هـ
السؤال
صاحب مكتب عقار يقوم بخلط أموال عملائه (غلة العقارات) بأمواله الخاصة في حساب موحد في البنك، ويقوم أحياناً بسحب مبلغ من الحساب زائد عن أمواله الخاصة، وذلك إما لمصروفاته الشخصية أو لاستثمارها لحسابه الخاص، ومتى طلب العميل أمواله دفعها إليه مباشرة من الحساب الموحد، والسؤال: ما حكم استعماله لأموال عملائه دون أخذ الإذن منهم؟ نرجو التفصيل في المسألة قدر الإمكان.
الجواب
جميع الأموال التي في حساب صاحب هذا المكتب تعد أموالاً لهُ هو، وتصرفه فيها صحيح، وأموال عملائه دين في ذمته يجب عليه سدادها لأصحابها، وعين أمواله التي في البنك لا تصير أموالاً لعملائه حتى يستلموها، وقبل ذلك هي أمواله له زيادتها وعليه نقصها، ولو تلفت لم يذهب حق العملاء بل يبقى ديناً في ذمته، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.(9/363)
أوكل على عملي بمقابل
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة
التاريخ 20/7/1424هـ
السؤال
أنا موظف، وفي العمل يسمح لنا بالتوكيل عن العمل الذي يلحقنا، ولكن أحد المسؤولين إذا أراد أحدنا أن يوكل شخصاً ليقوم بعمله يقول له: أعطنا مبلغ ألف ريال، ونضع عنك وكيلاً، وفي الحقيقة هو لا يضع وكيلاً، وإنما يسقط العمل عن هذا الشخص، فما حكم إعطاء المسؤول هذا المبلغ، علماً أن هذا المسؤول ما هو إلا سمسار لرئيسنا في العمل؟
الجواب
لا يجوز إعطاء هذا المسؤول أي مبلغ، كما لا يجوز لهذا المسؤول الذي هو الرئيس أن يسمح لأي موظف بالتوكيل عن العمل لا بمقابل ولا بدون مقابل، وعلى الموظفين أن يقوموا بعملهم المنوط بهم، ولا يجوز لهم توكيل غيرهم للقيام بعملهم، ورئيسكم لا يملك هذا التصرف، وإنما الذي يملكه رئيس الدولة الأعلى، ولا شك أنه لا يرضى بما ذكر بالسؤال، فعلى الجميع تقوى الله ومراقبته وتأدية أعمالهم بأنفسهم حسب ما هو مطلوب منهم، والله أعلم.(9/364)
استثمار الوكيل لأموال الورثة
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة
التاريخ 26/6/1423
السؤال
أنا الوكيل الشرعي لإخوتي على أموالهم العائدة من الإرث، هل يحق لي استثمار هذه الأموال في مشروع كشراء أرض مثلاً لهم؟
الجواب
نعم ولي القصَّر من الأيتام ونحوهم، عليه أن يجتهد في حفظ أموالهم، وعدم التفريط فيها أو التعدي عليها، ومِنْ حفظها السعي في تنميتها لكن بالطرق المأمونة التي لا خطر فيها، والذي يظهر أن استثمارها بشراء أراض لها مستقبل من أحسن طرق التجارة لتنمية المال، وإذا فعل الولي ذلك محتسباً كان له أجر إحسانه، والله -تعالى- لا يضيع أجر من أحسن عملا، وقال -سبحانه-: "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن" [الأنعام:152] [الإسراء:34] .
فيجب على ولي اليتيم ألا يتصرف في مال موليه إلا بما فيه الخيرة له، والأنفع له، والله أعلم.(9/365)
بيع بضاعة الدعاية
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة
التاريخ 1/6/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نحن شركة استيراد مواد غذائية من الخارج, ترسل لنا الشركة المصدرة بعض النماذج للدعاية، وأحياناً تكون كثيرةً تصلح للبيع، وكثيراً ما تتحمل شركتنا مصاريف غير متوقعة، وغير محسوبة من ضمن التكلفة، فهل يجوز لنا أن نبيع هذه النماذج التي هي أصلاً مرسلة لنا؛ لتوزيعها على الزبائن من أجل ترويج البضاعة؛ وذلك لتغطية وتعويض المصاريف غير المتوقعة التي تحملتها شركتنا؟.وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أنتم وكلاء مؤتمنون على ما وكلتم به، والوكيل في عُرف الشارع مؤتمن، يجب عليه أداء الأمانة على الوجه الذي تم توكيله فيه، وعليه فإذا تم توكيلكم من شركة أو شخص بتوزيع بضاعة أو طعام - مثلاً - وجب عليكم أن تقوموا بذلك؛ فبيعكم لهذا واستيلاؤكم على هذا المال هو في الحقيقة خيانة للأمانة من جهة، واستيلاء على أموال الناس المستهلكين بغير حق.(9/366)
هل لها أن توكل زوج خالتها لعقد نكاحها؟
المجيب هتلان بن علي الهتلان
القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة
التاريخ 27/12/1425هـ
السؤال
أنا فتاة، أبلغ من العمر 25 عاماً، والدي متوفى منذ 15 عاماً، ولسنا على علاقة جيدة مع أعمامي بسبب مشاكل في الميراث، ولا نتكلم معهم منذ أن توفي والدي، وبدأ زوج خالتي برعايتي معنوياً ومادياً، وأنا على وشك الزواج، وأريد أن أوكله هو؛ لأنه بمثابة أبي, يوجد لي خال لكنه بعيد عنا منذ زواجه، فهل يجوز أن أوكل زوج خالتي بدل من عمي أو خالي؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
إذا كانت وكالتك لزوج خالتك تتعلق بقضاء حوائجك المادية المالية من البيع والشراء وتحصيل نصيبك من تركة والدك والقبض والتسليم والإقرار، وإقامة الدعوى والرد عليها، والصلح، والإجازة، ومراجعة الدوائر الحكومية ونحو ذلك، فلا بأس به، فلك توكيله أو غيره فيما سبق ونحوه.
أما إن كان قصدك بالتوكيل أن يتولى عقد نكاحك على زوجك فلا يصح ذلك إن لم يكن وصياً من أبيك، فإن زوج خالتك رجل أجنبي عنك، فليس له ولاية على المرأة في النكاح، وكذلك خالك أخو أمك، فهو من ذوي الأرحام، فإن الذي يتولى عقد نكاح المرأة عصبتها الأقرب فالأقرب، وأول الأولياء أبو المرأة ثم وصيه ثم جدها لأب وإن علا، ثم ابنها، ثم بنوه وإن نزلوا، ثم أخوها الشقيق، ثم أخوها لأب، ثم ابن أخيها الشقيق، ثم ابن أخيها لأب، ثم عمها الشقيق، ثم عمها لأب، ثم ابن العم الشقيق، ثم ابن العم لأب، ثم الأقرب عصبته نسباً كما في الإرث إلخ ... إلا إن كان الولي الأقرب عاضلاً أو لم يكن أهلاً للولاية لسفه أو جنون أو صغر، أو لاختلاف الدين أو غاب غيبة مقطعة لا تقطع إلا بكلفة ومشقة زوج الولي الأبعد.(9/367)
فإن وكِّل الولي القريب رجلاً آخر سواء كان قريباً كالخال وابنه مثلاً أو لم يكن من ذوي القرابة في تولي نكاح موليته صحت وكالته في ذلك وجاز له تولي النكاح بالإيجاب وكالة عن الولي. والله -تعالى- أعلم.(9/368)
صرف التبرعات في غير ما وجهت له
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة
التاريخ 18/1/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز للأمير أو لمدير مركز إسلامي أو مدير هيئة إغاثة خيرية صرف مال أو جزء من هذا المال الذي جمع لجهة معينة مسماة عند جمع التبرعات لجهة أخرى يرى هو المصلحة في ذلك, وبدون إعلان عن هذا التصرف ليعلم به المتبرعون ولو من باب العلم فقط لا السؤال والاستئذان؟ أم أنه يجب أن يستأذنهم في ذلك؟ وما الحكم إذا تعذر الاستئذان لانصراف المتبرعين وعدم معرفة من تبرع وبكم تبرع، فهل يجوز للأمير أو المسؤول التصرف في المال في غير وجهته الأصلية حسب تقديره للمصلحة الأكثر إلحاحاً وحاجة؟ وما الحكم إذا تعذر إيصال هذا المال إلى الجهة التي جمع لها وتعذر إعادته إلى المتبرعين وإذا تعذر استئذانهم فيه؟.
الجواب
المال الذي جمع في هيئة إغاثة أو مركز إسلامي أو غيره لا يخلو من ثلاثة أحوال:
الأول: أن يكون زكاة مال فيصرف في مصارف الزكاة الثمانية المذكورة في سورة التوبة لا يجوز صرفه في غيرها مطلقاً.
الثاني: أن يكون صدقة نافلة ولم يعين المتصدق لها مصرفاً بل فوَّض القائمين على الجهة الخيرية في ذلك ليجعلوها في موضع الحاجة فلهم حينئذ أن يجعلوها حيث رأوا المصلحة بحسب اجتهادهم.(9/369)
الثالث: أن يكون صدقة نافلة ويعين المتصدق أو المتبرع جهة الصرف فيجب أن يصرف في الجهة التي عينها المتبرع، فإن تعذر ذلك لاكتفاء تلك الجهة أو عدمها فيرجع إلى المتبرع لأخذ إذنه أو توجيهه، فإن تعذّر ذلك فالأولى أن تصرف في جهة هي أقرب إلى الجهة التي عينها المتبرع وإذا لم يتيسر ذلك فأرى أنه لا حرج إن شاء الله بعد اجتهاد المسؤول في محاولة مراجعة المتبرع والصرف في الجهة التي عينها، لا حرج في صرف المال حيث تكون الحاجة وكثرة الثواب للمتصدق، لقوله تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] مع النصح للمتصدق بطلب الجهة التي يظن أنها أكثر ثواباً لا بالهوى والتشهي. والله الموفق.(9/370)
التوكيل والزيادة في السعر
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة
التاريخ 26/7/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أجيد التعامل مع الكمبيوتر، ولذلك يطلب مني بعض الأشخاص شراء أجهزة لهم وأطلب منهم مثلاً (2500) وأشتريه بـ (2000) أي أكسب خمسمائة ريال في الجهاز، وأنا أقول لهم في البداية سعره كذا وهم موافقون على ذلك وليست بيننا شروط، فما الحكم في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذا العمل لا يجوز إلا إذا كنت نصبت نفسك لبيع الكمبيوترات والناس يعرفون أنك تأخذ زيادة، أما كونهم يوكلونك على أن تشتري لهم ثم تأخذ زيادة دون أن تخبرهم فهذا لا يجوز، فالوكيل لا يجوز له أن يأخذ شيئاً إلا بإذن الموكِّل، فلابد أن تخبرهم وأن تعلمهم أنك تأخذ عمولة على عملك وأتعابك.(9/371)
عمولة الوكيل بين البائع والمشتري
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة
التاريخ 6/3/1425هـ
السؤال: لدي مكتب في إحدى دول الشرق وظيفته كوكيل بين البائع والمشتري، يأتي المشتري من أي دولة، فأساعده على الشراء والشحن، ومقابل هذا عمولة متفق عليها، هل هذه العمولة حلال أم حرام؟ لو أخذت من المصنع عمولة بعد كتابة العقد وموافقة المشتري عليه، لكن هذه العمولة بدون علم المشتري؟ - جزاكم الله خيراً-.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ما تأخذه من عمولة هذه أجرة سمسرة ودلالة، وهذه الأجرة جائزة في الأصل؛ لقوله الله - عز وجل-: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" [المائدة:1] ، وأيضاً قول الله - عز وجل-: "وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة:275] ، وأيضاً قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "المسلمون على شروطهم" رواه الترمذي (1352) وأبو داود (3594) وغيرهما من حديث عمرو بن عوف المرني - رضي الله عنه - إلا إذا تضمن ذلك محذوراً شرعياً، كمخالفة نظام يضربه أهل البلد، أو نظام يكون عليه المتعاقدان البائع والمشتري....إلخ، المهم إن كان هناك مخالفة لما تعارف عليه المتعاقدان، أو اتفق عليه المتعاقدان، أو ما تُعورف عليه في ذلك البلد، وأنه ليس له أن يأخذ عمولة من المصنع إذا أخذ عُمولة من المشتري، وهكذا، فإنه لا يجوز، أما إذا لم يكن شيء من ذلك فالأصل في ذلك الإباحة.(9/372)
التوكيل والمحاماة
المجيب د. محمد بن عبد العزيز المبارك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة
التاريخ 9/2/1425هـ
السؤال
متى يجوز للمحامي التوكيل عن المتهم، ومتى لا يجوز له ذلك؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأصل في مهنة المحاماة الجواز؛ لأنها من قبيل الوكالة المجمع على جوازها, لكن بشرط أن لا تتضمن ظلما: إما بإقرار غير شرع الله، أو بتبرئة من يعلم جرمه أو يغلب على ظنه ذلك، أو بأخذ حق مظلوم بنوع من التحايل أو استخدام الألفاظ والأساليب الموهمة أمام القاضي، فمن المحامين من يعلم أن موكله ظالم، لكن يريد الانتصار له على خصمه؛ طمعا في المال أو محبة للانتصار، وربما غلب بالحجة وقضى له القاضي على نحو ما ظهر له، فلا يظن أحد أن حكم القاضي يحل الحرام أو يحرم الحلال؛ لأن القاضي ليس له إلا الظاهر بما يسمع من الخصمين، وأما الباطن فهو إلى الله، هو الذي يحكم به يوم تبلى السرائر, قال صلى الله عليه وآله وسلم: "إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار" البخاري (2680) ، ومسلم (1713) . والله أعلم.(9/373)
بيع شيكات السداد
المجيب د. سعد بن حمدان اللحياني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة
التاريخ 07/09/1425هـ
السؤال
تطالب الجوازات مراجعيها بسداد قيمة الإقامات وجوازات السفر لدى موظف البنك المنتدب لديها، ولا يقبل السداد في غير مقر الجوازات، مما سبب ازدحاما، وطابوراً طويلاً قد تطول مدة الانتظار إلى ما يقارب الساعة، فاستغل ذلك بعض كتاب المعاريض، فيطلبون من المراجع دفع 630 ريالاً قيمة شيك السداد، مع العلم أن قيمته لدى البنك600، وقد قال بعض المراجعين بأنه من قبيل بيع نقد بنقد. فهل هو كذلك؟ وما حكم تلك الزيادة؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ليس على هذا المبلغ زكاة؛ لأن المال المشترك ليس فيه زكاة إلا إذا كان من بهيمة الأنعام بشروط خاصة، أو كان شركة ويعلم كل شريكٍ قدر ماله، أما في هذه الحال فنصيب كل شريك مجهول، ثم أيضًا جمع هذا المال من باب الصدقة والتعاون على البر والتقوى، فلا زكاة فيه فيما يظهر لي. والله أعلم.(9/374)
هل هذه السمسرة جائزة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة
التاريخ 8/6/1425هـ
السؤال
هناك كمية حديد لدى شخص، ولديه وكيل، وأنا أتعامل مع الوكيل، حيث أتيت بمشترٍ لهذا الحديد، وثمن الحديد خمسون مليون ريال، فالوكيل طلب شيكاً لصاحب الحديد بـ 25 مليون ريال، وله عشرة ملايين، وللسعاة الذين عددهم يتراوح بين 15 إلى عشرين شخصاً 15 مليوناً، وأنا أعتبر واحداً من هؤلاء السعاة، فهل أخذي ثمن سعيي في هذا الأمر جائز، أم علي إثم؟ أم الإثم كله يقع على الوكيل؟ وللمعلومية لا أستطيع التعامل مباشرة مع صاحب الحديد، بل يمكنني التعامل مع الوكيل فقط. أفتونا؛ مأجورين وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:(9/375)
إذا كان صاحب الحديد قد فوَّض وكيله بأن يبيع الحديد بمبلغ محدد، وما زاد فهو له فباعه الوكيل فالزيادة للوكيل جائزة حسب الشرط بينهما؛ لحديث: "المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً" رواه الترمذي (1352) ، وابن ماجة (2353) من حديث عمرو بن عوف المزني -رضي الله عنه-، وإذا جاز للوكيل جاز للسماسرة الذين جلبوا له المشتري، أما إذا كان المالك للحديد لم يعط لوكيله ما زاد عن السعر الذي حدده له فباعه الوكيل بأكثر مما حدده له فلا يجوز له حينئذ أخذ هذه الزيادة، وإذا لم تجز للوكيل فلا تجوز للسماسرة من باب أولى؛ لتواطؤهم مع الوكيل على شرط أحل حراماً، وهو أكل مال الغير (المالك) بالباطل، وما بني على الباطل فهو باطل، والله يقول: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتُدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون" [البقرة: 188] ، وفي الحديث: "لا يربو لحمٌ نبت من سحت إلا كانت النار أولى به" رواه الترمذي (614) ، وغيره من حديث كعب بن عجرة-رضي الله عنه-، فلا يجوز لك أخذ مبلغ مليون ريال لعملك سمساراً للوكيل؛ لأنه إعانة على الإثم والعدوان؛ والله يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب" [المائدة: 2] ، والرسول - صلى الله عليه وسلم- يقول: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي (2518) ، والنسائي (5711) من حديث الحسن بن علي-رضي الله عنهما-، وقال صلى الله عليه وسلم: "والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس" رواه مسلم (2553) من حديث النواس بن سمعان-رضي الله عنه-، ولا أظن الأمر عندك إلا كذلك. والله أعلم.(9/376)
وكالة اللجان الخيرية على الصدقات
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الوكالة
التاريخ 17/10/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ هاني الجبير- حفظه الله تعالى:
هل اللجان الخيرية وكيلة عن صارفها (المزكي والمتصدق) ؟ أم وكيلة عن مستحقها؟ ومحل الإشكال في الآتي:
1-متى تبرأ ذمة المزكي؟ هل بوقت دفعها لهم أم بوقت صرفها لمستحقها؟
2- وهل يجوز وضع جدول زمني لصرفها لمستحقيها خلال العام، لكل شهر عدد معين؟
3- وهل يجوز استثمار أموال الصدقات والزكوات؟
4- وهل يجوز قبض زكاة الفطر في وقت لا يسع صرفها فيه؟ كقبيل تكبيرة الإحرام في صلاة العيد؟
5- وهل يفرق في ذلك بين اللجان المرخصة من قبل (الحكومة) ، وغير المرخصة؟ وهل هي وكيلة عنها في القبض، كجباة للزكاة للإمام؟ وهل يستحق العاملون فيها من مصرف (والعاملين عليها) ؟ أفتونا بارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فاللجان والمؤسسات الخيرية بمثابة الوكيل عن المتبرع والمزكي، ولا تكون وكيلة عن المستحقين ممن تبذل لهم التبرعات إلا إذا وكلوها، وهذا ظاهر؛ إذ إعطاء المتبرع المال لهم توكيل لهم في صرفه، وأما الفقراء والمستحقون فلم يوكلوها، ولذا تقوم بعض الهيئات بأخذ توكيل شفهي أو كتابي من المستحقين المسجلين لديها لتتمكن من قبض زكاة الفطر إلى انتهاء وقتها.
1- وأما سؤالك عن براءة ذمة المزكي فهي حاصلة بمجرد بذله لزكاته إلى وكيل ثقة عارف بما يجب عليه نحو الزكاة.(9/377)
2- ووضع جدول زمني لصرف الزكاة على المستحقين خلال العام الأصل فيه عدم الجواز بل تبذل الزكاة ما دام المستحق موجودًا ويعطى الواحد ما يكفيه عامًا كاملاً، إلا إذا كان مستحق الزكاة لا يحسن التصرف في المال أو يبذله في الحرام، فلا حرج في تقسيط الزكاة عليه أو إعطاؤه إياها على شكل أعيان يحتاجها، أو كانت المؤسسة لا تتمكن من صرف المبالغ دفعة واحدة لكثرة المستحقين، فترتب حضورهم لديها، مع استشعار أن يكون التصرف لمصلحة، لا لأجل إظهار نشاط المؤسسة، فبكثرة من يحضر لها من المحتاجين والله المستعان.
3- استثمار أموال الزكاة لا يجوز، بل الواجب صرفها مباشرة في مستحقيها، فإن لم تجد المؤسسة أو الهيئة مستحقين للزكاة فإنه لا يجوز لها أن تستقبل الزكاة من المتبرعين. وأما أموال الصدقات والتبرعات العامة فلا حرج في استثمارها؛ لما فيه مصلحة وزيادة نفع، وقد أخرج البيهقي في سننه (4/114) ، عن قيس بن أبي حازم، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في إبل الصدقة ناقة كوماء (أي ضخمة) فسأل عنها، فقال المصدِّق: إني ارتجعتها بإبل. فسكت، ومعنى ارتجاعها أن يشتريها بثمن حصل عليه من بيع مثلها، فهنا تصرف المصدِّق وهو عامل الصدقة بما فيه المصلحة والنفع؛ إذ الواحدة أسهل في النقل، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أصل جواز التصرف في المال بما فيه مصلحة. وليس الحال كذلك في الزكاة؛ لأنه لا يجوز تأخيرها إن دفعت للمؤسسات الخيرية، أما لو أعطاها الإنسان لولي الأمر فقد برئت ذمته ولو كان جائرًا، قال أبو صالح: سألت سعد بن أبي وقاص وابن عمر وجابرًا وأبا سعيد وأبا هريرة، رضي الله عنهم، فقلت: هذا السلطان يصنع ما ترون، أفأدفع إليه زكاتي؟ فقالوا كلهم- رضي الله عنهم: نعم. وروي ذلك عن غيرهم. انظر المصنف لعبد الرزاق (4/48) ، ولابن أبي شيبة (3/223) .(9/378)
4- ولا يجوز قبض زكاة الفطر في وقت لا يكفي قابضها من صرفها إلا إذا كان وكيلاً عن مستحقها.
5- ولافرق في جميع ذلك بين لجنة مرخصة من ولي الأمر أو لجنة لا تحمل ترخيصًا أو فرد يستقبل الزكاة إلا إذا وضع ولي الأمر عمالاً يجمعون الزكاة، فهؤلاء تدفع لهم الزكاة مطلقًا ولو غير عدول؛ لأن الإمام نائب عن المستحقين، والعامل الذي يستحق من مصرف العاملين على الزكاة هو الذي يعينه ولي الأمر لجمع الزكاة، وأما اللجان الخيرية فليست من هذا الصنف، ولا يجوز لها أن تبذل شيئًا من الزكاة لأفرادها إلا إذا كانوا مستحقين لها. والله تعالى أعلم.(9/379)
حكم الصندوق الاستثماري التعاوني المغلق
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 10/8/1422
السؤال
نحن مجموعة من الأشخاص مشتركون في صندوق تعاوني استثماري مغلق (أي لا يحق لغيرنا الاستفادة من الصندوق إلا عن طريق أحد الأعضاء المشاركين في الصندوق) وكل منا مشارك بسهم أو أكثر، ويدار الصندوق عن طريق هيئة إدارية لها 10% من الأرباح، وكذلك فإن كل عضو يأتي بعملية تجارية فإن له 3% من أرباح هذه العملية، والصندوق غير ملزم بإتمام أي عملية تجارية لأي عضو ويكون القرار بيد الهيئة الإدارية. ونقوم بشراء وبيع العقارات والسيارات والأثاث نقداً وبالتقسيط، بحيث يقوم من يرغب في شراء أي سلعة بتعيين السلعة فيشتريها الصندوق عن طريق أحد أعضائه ثم يعرضها على الراغب في الشراء فإن كانت رغبة الشراء ما زالت قائمة لديه حدد للسلعة سعراً ويتفق الصندوق مع المشتري على طريقة الدفع، ولنا عدد من الأسئلة نرجو من فضيلتكم الإجابة عليها جزاكم الله خيراً.
س1. ما حكم إقامة مثل هذا النوع من الصناديق من الناحية الشرعية؟
س2. هل يحق لأي عضو راغب في شراء سلعة أن يأخذ نسبة 3% التي وضعها الصندوق لكل من أتى بعملية تجارية للصندوق؟
س3. هل يجوز للصندوق أن يشتري السلعة باسم العضو الراغب في شرائها أصلاً بصفته ممثلاً للصندوق ومن ثم يبيعها الصندوق عليه بالتقسيط؟
س4. إذا اشترى الصندوق سلعة يمكن نقلها كالسيارات والأثاث، هل يجوز له بيعها قبل أن يخرجها من عند البائع الأول بالرغم من أنه قد دفع قيمتها وأكمل جميع إجراءات البيع القانونية؟
الجواب
جواب السؤال الأول: الذي يظهر هو جواز هذا النوع من الاستثمار - بالصورة هذه -، وهو في حقيقته شركةٌ، وإنْ سمّي صندوقاً استثمارياً تعاونياً.(9/380)
جواب السؤال الثاني: نعم، يحق لأي عضو يرغب في شراء سلعة من الشركة نفسها أن يأخذ هذه النسبة لتحقق الشرط (المتفق عليه) فيه.
جواب السؤال الثالث: نعم، يجوز للصندوق ذلك؛ لأن ذلك العضو (الذي سُجلت السلعة باسمه) إنما هو وكيل عن الصندوق في الشراء، وتسجيل السلعة باسم هذا العضو لا يعني انفراده بملكيتها، وإنما هي إجراءات نظامية لإثبات الملكية وحماية الحقوق.
وعليه فيجوز للصندوق أن يبيعها عليه بالتقسيط بعد تملُّكه وقبضه.
جواب الرابع: إذا اشترى الصندوق سلعةً مما يُنقل - كالسيارات، والأثاث - فلا يجوز له أن يبيعها حتى يقبضَها، وإنْ تمّ البيع واستوفى البائع الثمن، وقبضُ هذه المنقولات يكون بنقلها.
والدليل على تحريم بيع السلعة قبل قبضها حديث ابن عباس - رضى الله عنه - أن النبي r قال: (من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه) قال ابن عباس - رضى الله عنه - وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام. أخرجه البخاري في البيوع / باب بيع الطعام قبل أن يُقبض (2135) ، ومسلم في البيوع / باب بطلان بيع المبيع قبل القبض (1525) .
وعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قد رأيت الناس في عهد رسول الله r إذا ابتاعوا الطعام جُزافاً يُضربون في أن يبيعوه في مكانهم ذلك حتى يؤووه إلى رحالهم. أخرجه البخاري في البيوع (2137) .
ويقاس على الطعام في ذلك (أي في تحريم بيعه حتى يقبضه) كل ما يباع مطلقاً في القول الراجح، وهو مذهب ابن عباس - رضي الله عنه - وجماعة من السلف والخلف، منهم ابن تيمية وابن القيم وابن عثيمين وآخرون.(9/381)
وعلة النهي عن ذلك ما ذكره ابن القيم (تهذيب سنن أبي داوود - المطبوع في ذيل عون المعبود 9/388) حيث قال: "فالمأخذ الصحيح في المسألة: أن النهي معلل بعدم تمام الاستيلاء وعدم انقطاع علاقة البائع عنه، فإنه يطمع في الفسخ والامتناع من الإقباض إذا رأى المشتري قد ربح فيه، ويغره الربح وتضيق عينه منه، وربما أفضى إلى التحيل على الفسخ ولو ظلماً وإلى الخصام والمعاداة، والواقع شاهد بهذا.
فمن محاسن الشريعة الكاملة الحكيمة منع المشتري من التصرف فيه حتى يتم استيلاؤه عليه، وينقطع عن البائع وينفطم عنه، لا يطمع في الفسخ والامتناع من الإقباض، وهذا من المصالح التي لا يهملها الشارع، حتى إن من لا خبرة له من التجار بالشرع يتحرى ذلك ويقصده لما في ظنه من المصلحة وسد باب المفسدة" أ. هـ.(9/382)
تسليم المحل إلى عامل
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 22/7/1422
السؤال
ما حكم استقدام عامل وتسليمه محلا تجارياً مقابل دفع مبلغ مقطوع شهرياً وما زاد فهو له؟
الجواب
استقدام عامل وتسليمه محلاً فيه بضاعة على أن يدفع مبلغاَ فما زاد فهو له لا يظهر لي جوازه، لما فيه من الجهالة المفضية إلى الغرر والنزاع، فقد لا يحصل على هذا المبلغ فمن أين يؤدي؟ وقد يحصل على أكثر من ذلك بكثير فيطمع صاحب المحل … وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن المساقاة على شيء معين، وأرشد إلى التعامل بالجزء الشائع كالنصف والربع ونحوه، لما فيه من حقيقة المشاركة بين الطرفين في المغنم والمغرم فعليك أن تتفق معه على نسبة معينة من الربح حتى تكون المعاملة صحيحة.(9/383)
اشتراط الربح في الشراكة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 22/7/1422
السؤال
لدي محل تجاري ويدر ربحاً جيداً وكلفني مبلغاً ليس بالقليل وبالجهد الكثير، أرادت والدتي أن تشاركني فيه بالنصف، وقلت لها لكن بشرط أن يكون لك ريع شهري لا ينقص ولا يزيد، وأنا أتكفل بمتابعة هذا النشاط التجاري لوحدي، مع العلم أن الربح يكون عادة يتجاوز ما أعطيه لوالدتي بأربع أو خمس أضعاف، هل هذا العمل جائز؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب
لا يجوز لك أن تشترط لشريكك ربحاً بدراهم معلومة (مقطوعة) لا تنقص ولا تزيد، وتبطل الشركة بذلك، وإنما يجوز لك أن تشترط لها جزءاً مشاعاً من الربح يزيد كلما زاد الربح وينقص بنقصان الربح كالربع والثمن والعشر ونحوها.
قال ابن المنذر " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض - يعني المضاربة- إذا جعل أحدهما - أي الشريكين - لنفسه دراهم معلومة ".(9/384)
تصنيع مستحضرات الدم
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 5/10/1424هـ
السؤال
تزمع إحدى الشركات للتقنية الحيوية المحدودة إقامة مشروع لتصنيع مستحضرات الدم، ونظراً لما أثبتته الدراسات الفنية والاستقصاءات الميدانية من وجود حاجة ماسة إلى تلك المستحضرات، وكذلك ضرورة مبادرة أفراد المجتمع للتبرع بالدم مع تقديم بعض الحوافز المناسبة لهم من مراكز الدم، فإن الشركة تتوجه إلى فضيلتكم برغبتها في الحصول على رأي فقهي صريح حول قضية التبرع بالدم من حيث جمعه، ونقله، والتعويض عنه، ومناشدة العامة لبذله، من أجل إعادة تصنيعه للمرضى المحتاجين وتوفير الفصائل المختلفة منه، خاصة النادرة منها، حتى تكون الشركة ومن يتعاونون معها على بينة من موقف الشرع الشريف حيال تلك القضية، أثابكم الله عنا وعن المسلمين كل خير. وتقبلوا خالص التحيات والتقدير.
الجواب
إذا كانت هذه الشركة قائمة على أساس تصنيع مستحضرات الدم فلا بد من مراعاة الضوابط الشرعية في هذا المجال، وأهمها عدم بذل العوض في شراء الدم إلا عند الضرورة؛ بحيث تصبح حاجة الناس ماسة إلى الدم لحفظ حياتهم، ولا أحد يبذله إلا بمال، فيجوز دفع المال في هذه الحالة لدفع حالة الضرورة فقط.
أما بالنسبة لبيعه فالأمر كذلك لا يحل، فليس للإنسان أن يبيع الدم لأنه عضو من أعضائه، ولنجاسته عند أكثر أهل العلم، وليس محلاً للبيع، لكن لا بأس بالتبرع به، وله بذلك الأجر إن قصد به نفع المسلمين، وكان لا مضرة عليه بهذا التبرع، أما إعطاء الحوافز للمتبرعين بالدم فأرجو ألا يكون به بأس، على ألا تكون ثمناً للدم، بل حثاً للآخرين على التبرع، ويكون ذلك على شكل شهادات أو هدايا رمزية دون المال، والله أعلم.(9/385)
عقود شركة المضاربة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 4/12/1422
السؤال
ما الطريقة الصحيحة للمضاربة الشرعية؟ وهل الاتفاق يشمل الربح والخسارة أم يكون على الربح فقط؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
صورة المضاربة الشرعية هي: أن يدفع شخص إلى آخر مالاً ليتجر فيه، ويكون الربح بينهما على ما يتفقان عليه.
وهي جائزة بالإجماع، ولها شروط لا تصح بدونها، وهي: أن تكون المضاربة في الأمور المباحة، وهذا معلوم بالضرورة.
وأن يكون المال معلوماً بوصفه ومقداره.
وأن يكون الربح كذلك جزءاً معلوماً مشاعاً: كالربع، والنصف، ونحو ذلك.
ولا يصح أن يكون الربح مقدراً بدراهم معدودة، كالألف، والألفين، ونحو ذلك؛ لأن الشركة قد لا تربح إلا هذه الألف، فيرجع الشريك الآخر ولا شيء له، وهذا يخالف معنى الشركة ومقصودها، وهو أن يشتركا في الربح، كما يشتركان في الخسران، ولما في ذلك من الغرر الظاهر.
قال ابن المنذر:" أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض- يعني: المضاربة- إذا جعل أحدهم يعني الشريكين لنفسه دراهم معلومة" انتهى.
وأما الخسارة فهما يشتركان فيها كذلك، ولكن هناك فرق بين خسارة رب المال وخسارة العامل؛ فالخسارة بالنسبة لرب المال تكون في ماله، وبالنسبة للشريك العامل تكون في ضياع جهده وعمله، ولا يضمن مالاً إلا إذا فرط أو تعدى.
وقد ذهب عامة أهل العلم إلى أن رب المال لا يجوز له أن يشترط ضمان رأس ماله في حال الخسران، وهو شرط باطل، قال ابن قدامة: " لا نعلم فيه خلافاً"؛ لأنه ينافي معنى الشركة الذي يجب أن يتحقق في صورها، وهو أن يشترك الشركاء في الربح والخسران، والله أعلم.(9/386)
الشراكة في مشروع له نشاط محرم
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 13/3/1423
السؤال
سؤالي هو: حول الشراكة في مشروع من أقسامه قسم يحتوي على أشياء محرمة كالغناء، هل يلزم على التائب إزالة كل شيء عمله في هذا المشروع كي لا تلاحقه الذنوب، أم يكفي الانسحاب والتوبة إلى الله؟
الجواب
إذا كانت الشركة لا تزال قائمة فإن عليه أن يجتهد في تنقيتها من الأمور المحرمة - إن أمكنه ذلك - وإلا فلينسحب، وإن كانت قد انتهت فالحمد لله.
أما بالنسبة للأرباح المتحصلة مما هو محرم فإن كان قد استهلكها وصرفها فالتوبة الصادقة تكفيه، ولا شيء عليه؛ لقوله -تعالى-: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف ... " [البقرة:275] .
وإن كانت باقية فليجتهد في تقديرها ثم ليصرفها بعد ذلك في بعض مصالح المسلمين لا على أنها صدقة، بل على أنها مال حرام يجب عليه أن يتخلص منه، وكل ما تقدم إنما هو فيما يخص الربح من الأمور المحرمة، وأما ربح الأمور الباقية مما ليس بمحرم، ورأس المال المستخدم في الأمور المحرمة فهو حق لصاحبه ولا يلزمه صرفه ولا التخلص منه، وبالله التوفيق.(9/387)
إنشاء صندوق مساهمة للفلاحين
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 3/9/1424هـ
السؤال
تم إنشاء صندوق فلاحي بالأسهم، ووظيفته تقديم الدعم للفلاحين المساهمين، علماً أن المبلغ المساهم به يبقى على حاله لا زيادة ولا نقصان كما أنه يساعد الفلاحين على اقتناء العتاد الفلاحي، ودور الصندوق هنا يتمثل في شراء هذا العتاد ومنحه للفلاحين بالتقسيط علماً أن المبلغ المقترح أكثر مما هو عليه في السوق، ما حكم هذا التعامل في كلتا الحالتين؟
الجواب
يا أخي -أرشدك الله- الجواب ما يلي:
أولاً: تقديم الصندوق دعماً للفلاحين المسهمين في تأسيسه أمر لا بأس به، وهو من التعاون، فما لم يتضمن ما يمنعه شرعاً، فالظاهر جوازه.
ثانياً: بيع العتاد الفلاحي على الفلاحين بالتقسيط بمبلغ أكثر مما هو عليه في السوق أمر جائز؛ لأن العوضين ليسا ربويين تمتنع الزيادة فيهما، فما لم يكن الغلاء فاحشاً فلا مانع من البيع.
ولو باعه بسعر السوق دون زيادة فلا مانع، لكن ينبغي مراعاة ما فيه مصلحة الصندوق بالمعروف.
ثالثاً: أفدت أن رأس المال يبقى على حاله دون زيادة أو نقصان، فما يصنع بما ينتج عن البيع الذي ذكرته من ربح؟ ينبغي أن يكون الجواب هو: أن الربح يوزع على المساهمين بحسب حصصهم في رأس المال، هذا والله أعلم.(9/388)
المضاربة بربح ثابت
المجيب د. عبد الله بن حمد السكاكر
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 16/7/1424هـ
السؤال
والدي لديه مبلغ من المال أعطاه لأحد أصدقائه لاستثماره، واظن أن صديق أبي هذا يعطيه مبلغاً ثابتاً كل شهر، فهل يدخل هذا في الربا أم ماذا؟ وإن كان ربا فماذا عليّ أن أفعل؟ أفيدوني تفصيلا أفادكم الله.
الجواب
إذا كان أبوك أعطى صَدِيَقه المال ليستثمره بجزء من الربح فهذه شركة مضاربة، وهي جائزة، ولكن بشرط أن يكون نصيب كل منهما معلوماً بالنسبة لا بالمقدار كالربع والنصف والثلث، أما أن يشترط أبوك أن له في الشهر مبلغاً معيناً كخمسمائة أو ألف فلا يجوز بإجماع أهل العلم.(9/389)
طريقة قسمة الربح في المضاربة
المجيب د. حمد بن حماد الحماد
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 13/7/1424هـ
السؤال
طلب مني شخص أن أعطيه مبلغاً من المال للمتاجرة به على أن يعطيني مبلغاً من الربح في كل أسبوع أو يقسمه على سبعة أيام، فيعطيني نصيب كل يوم بيومه، على أنه إن لم يشتغل في ذلك اليوم فلا ربح لي، ويدخل في مثل هذا يوم الجمعة وأيام الأعياد والمناسبات، وعلى هذا تم الاتفاق بيننا، وها نحن نسير عليه وكل منا راض بصاحبه، فالمرجو إفادتنا هل هذا جائز؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
مثل هذا الاتفاق يمكن تصحيحه على أساس المضاربة بشروطها، فيكون لك نسبة من الربح كالنصف أو الربع أو نحو ذلك، ولا يجوز أن يكون مبلغاً معيناً كمائة أو ألف، ثم إن قسمة الربح بعد نهاية المتاجرة وتصفية رأس المال، بحيث يأخذ رب المال رأس ماله ويقتسمان الباقي حسبما شرطا، والله سبحانه وتعالى أعلم.(9/390)
مشاركة من ماله حرام
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 7/5/1424هـ
السؤال
ما هو حكم المشاركة في مشروع مع من جمع ماله من حرام، وما حكم الأموال المكتسبة من هذا المشروع؟.
الجواب
الحمد لله، وبعد:
مشاركة من في ماله حرام لا تعلم عينه، أي أن في أمواله ما هو حلال وما هو حرام تجوز، فقد عامل النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهود كما ثبت في السنة. انظر صحيح البخاري (2508) ، (2513) ، وصحيح مسلم (1603) .
أما مشاركة شخص في مال معين يعلم أنه مال حرام أو كان جميع مال ذلك الشخص محرماً فهذا لا تجوز مشاركته، لقوله تعالى: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان [المائدة: 2] ، ويجب أمره برد الأموال المحرمة إلى أهلها، لا تسويقها له بمشاركته، والله أعلم.(9/391)
حكم المساهمات العقارية
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 14/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
ما هو حكم المساهمات العقارية التي غالباً ما نراها على الصحف المحلية؟ حيث يتم الإعلان عن الأسهم العقارية الاستثمارية بواسطة الصحف المحلية، أو وسائل
الإعلان، وأيضاً يحدد وقت المساهمة مثلا ًمن 8 أشهر إلى 14 شهراً، لكنَّ هناك شيئاً آخر، ألا وهو أنهم يحددون نسبة الأرباح على حد قولهم:
مثلاً الأرباح المتوقعه60%.
وأيضاً قول بعضهم: الأرباح المتوقعة -بإذن الله- من 50% إلى 70%.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فلا يجوز أن يكون الربح في الشركات ـ والمساهمات ضرب منها ـ دراهم معدودة كألف أو ألفين ... إلخ، ومن هذا ما يفعله بعضهم من الاتفاق على أن يكون الربح 50% مثلاً من رأس المال، وليس من صافي الربح؛ لأنها معلومة سلفاً حتى قبل أن تُصفى الشركة أو المساهمة، فمثلاً إذا دفع المساهم مائة ألف ريال، واشترط أن يكون الربح 50% من رأس المال، صار الربح دراهم معدودة معلومةً سلفاً، فكأنه اشترط أن يكون الربح خمسين ألف ريال؛ لأن 50% من رأس المال (المائة ألف) هي خمسين ألف ريال، فلا فرق أن يشترط أن يكون ربحه خمسين ألف ريال، أو يكون ربحه 50 % من رأس المال.
أما لو اشترط أن يكون نصيبه من الربح الربع ... إلخ فهذا هو الواجب؛ فإذا ربحوا في المساهمة مائة ألف ريال، فيكون نصيبه منها خمسة وعشرين ألف ريال (أي ربع الربح، وليس ربع رأس ماله) ، ولو ربح مائتي ألف ريال فيكون نصيبه منها خمسين ألف ريال (أي ربع الربح، وليس ربع رأس المال) ، وهكذا يتبين أن الربح هنا غير محدد بدراهم معدودة بخلاف المسألة الأولى.(9/392)
على أن المساهمات العقارية فيما أعلم لا تضمن ربحاً محدداً (أي دراهم معدودة) وإنما تتوقع أن يكون العائد على رأس مال المساهم 50% أو نحو ذلك.
ولا يجوز أن يشترط المساهم ألا يخسر رأس ماله، ولا أن يضمن له الشريك (العامل على المساهمة) رأس ماله في حالة الخسارة، فهذا لا يجوز؛ لأنه يقلب العقد من شركة ومساهمة إلى قرضٍ؛ إذ القرض هو أن يأخذ مالاً على أن يضمن أن يرد مثله.
وفقك الله لكل خير، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم.(9/393)
أسهم الشركات التي تتعامل بالفائدة
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 9/1/1425هـ
السؤال
يوجد لدى موقع مؤسسة النقد العربي السعودي قائمة بأسهم الشركات المتواجدة بالسعودية عموماً، ونحن نقوم بالدخول على الموقع والمساهمة في هذه الأسهم شراء وبيعاً وما إلى ذلك، فما الحكم؟.
الجواب
يظهر أن مقصود السائل: ما حكم بيع وشراء أسهم الشركات التي تتعامل بالفائدة أخذا وإعطاء. وهناك خلاف بين العلماء المعاصرين في هذه المسألة، بين من يرى جواز ذلك بالضوابط التي يقترحها، ومن يرى تحريم ذلك. ولا أعرف من يجيز ذلك بدون ضوابط. وممن يرى الجواز بالضوابط الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية، حيث فصلت ضوابطها في القرار ذي الرقم 310، ثم عدلته بالقرار ذي الرقم 485. وأرفق القرار للفائدة ففيه غنية عن الكلام. ومن المهم الإشارة إلى ما نصت عليه الهيئة من "إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك." والضوابط باختصار، هي:
(1) أن يكون نشاط الشركة مباحا.
(2) ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا - سواء أكان قرضاً طويل الأجل أم قرضاً قصير الأجل- (25?) من إجمالي موجودات الشركة، علماً أن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه.
(3) أن يتخلص من نصف ريع القرض الربوي من صافي الربح سواء وزع الربح أم لم يوزع، فإن لم يوجد ربح فلا يجب تخلص.(9/394)
(4) ألا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم (5?) من إجمالي إيراد الشركة سواء أكان هذا الإيراد ناتجاً عن الاستثمار بفائدة ربوية أم عن ممارسة نشاط محرم أم عن تملك لمحرم أم عن غير ذلك. ويكون التخلص من منفعة القروض قصيرة الأجل بقدر مدة بقائها في الفترة المالية محل التخلص.
(5) ألا يتجاوز إجمالي حجم العنصر المحرم - استثماراً كان أو تملكاً لمحرم- نسبة (15?) من إجمالي موجودات الشركة.
نص القرار (485)
الدورة الثالثة-السنة الثانية
23/8/1422هـ
الموضوع: ضوابط الاستثمار والمتاجرة في أسهم الشركات المختلطة بمحرم والتخلص من المحرم فيها.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار في اجتماعها السابع والأربعين، السنة الثالثة، الدورة الثانية، أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس 21و22و23/8/1422هـ-6و7و8/11/2001م، في مدينة الرياض، مبنى الإدارة العامة، قاعة اجتماعات الهيئة، بعد اطلاعها على مذكرة العرض المعدة من أمانتها بشأن الخطاب الوارد من نائب المدير العام للمجموعة الشرعية؛ للنظر في الضوابط الشرعية للتعامل في أسهم الشركات بيعاً وشراءً وتوسطاً المرفق به ملخص ما ورد في قرارات الهيئة في الموضوع، والأوراق والإحالات ذات الصلة.
وبعد الاطلاع على الاستفسار الوارد من مجموعة الاستثمار والعلاقات الدولية.
وبعد دراسة الهيئة لهذه الضوابط والنظر فيها في اجتماعاتها الثامن بتاريخ 5و6/6/1420هـ، والتاسع بتاريخ 19و20/6/1420هـ، والعاشر بتاريخ 10و11و12/7/1420هـ، والسابع والعشرين بتاريخ 14و15/7/1421هـ، والثامن والعشرين بتاريخ 27و28و29/7/1421هـ، والرابع والثلاثين بتاريخ 24و25/11/1421هـ، والسادس والأربعين بتاريخ 8و9و10/7/1422هـ.
وبعد الاطلاع على قرارات وفتاوى الهيئات والمجامع الفقهية ذات الصلة.(9/395)
وبعد الاطلاع على إيضاحات الجهات المعنية في الشركة وإجاباتها عما وجه إليها من الهيئة.
وبعد التأمل والنظر في الشركات المساهمة، وأنها من حيث غرضها ونشاطها وضوابط التعامل في أسهمها أنواع ثلاثة هي:
النوع الأول: الشركات المساهمة ذات الأغراض والأنشطة المباحة.
وهذه الشركات يجوز الاستثمار والمتاجرة بأسهمها وفق شروط البيع وأحكامه.
النوع الثاني: الشركات المساهمة ذات الأغراض والأنشطة المحرمة، مثل شركات الخمور والتبغ ولحوم الخنزير وشركات القمار والبنوك الربوية، وشركات المجون والأفلام الخليعة، وصناديق الاستثمار في السندات الربوية، والشركات المتخصصة في تداول الديون والتعامل بها.
وهذه الشركات لا يجوز الاستثمار والمتاجرة بأسهمها مطلقاً.
النوع الثالث: الشركات المساهمة التي أغراضها وأنشطتها مباحة، ولكن قد يطرأ في بعض تعاملاتها أمور محرمة، مثل تعاملها بالربا اقتراضا أو إيداعاً. وهذا النوع من الشركات قد أقرت الهيئة جواز الاستثمار والمتاجرة بأسهمها بضوابط معينة بينتها في قراراتها ذوات الأرقام (53) والتاريخ 2/4/1411هـ، و (182) والتاريخ 7/10/1414هـ، و (310) والتاريخ 6/4/1419هـ، واستندت في جواز ذلك إلى عموم البلوى ورفع الحرج، والحاجة العامة.
وبعد الدراسة والمناقشة والنظر والتأمل، واستكمالاً لما ورد في القرارات المذكورة آنفاً، فقد قررت الهيئة بشأن هذا النوع (النوع الثالث) من الشركات المساهمة ما يأتي:
أولاً: يجب أن يراعى في الاستثمار والمتاجرة في أسهم هذا النوع من أنواع الشركات المساهمة الضوابط الآتية:
(1) إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك.(9/396)
(2) ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا – سواء أكان قرضاً طويل الأجل أم قرضاً قصير الأجل- (25?) من إجمالي موجودات الشركة، علماً أن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه.
ويعد هذا معدلاً للنسبة المذكورة في القرار ذي الرقم (310) من تحديد المحرم بأن يكون أقل من ثلث مالية الشركة.
(3) ألا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم (5?) من إجمالي إيراد الشركة سواء أكان هذا الإيراد ناتجاً عن الاستثمار بفائدة ربوية أم عن ممارسة نشاط محرم أم عن تملك لمحرم أم عن غير ذلك. وإذا لم يتم الإفصاح عن بعض الإيرادات فيجتهد في معرفتها، ويراعى في ذلك جانب الاحتياط.
(4) ألا يتجاوز إجمالي حجم العنصر المحرم - استثماراً كان أو تملكاً لمحرم- نسبة (15?) من إجمالي موجودات الشركة.
والهيئة توضح أن ما ورد من تحديد للنسب في هذا القرار مبني على الاجتهاد وهو قابل لإعادة النظر حسب الاقتضاء.
ثانياً: إذا تغيرت أوضاع الشركات بحيث لا تنطبق عليها الضوابط السابقة وجبت المبادرة إلى التخلص منها ببيع أسهمها حسب الإمكان على ألا تتجاوز مدة الانتظار تسعين يوماً من تاريخ العلم بتغيرها.
ثالثاً: يرجع في معرفة أنشطة الشركة والنسب المقررة لجواز الدخول في الاستثمار والمتاجرة فيها إلى أقرب قوائم مالية صادرة موضحة للغرض؛ سنوية كانت أو ربع سنوية أو شهرية، سواء أكانت مدققة أم غير مدققة.
رابعاً: لا يجوز الاشتراك في تأسيس الشركات التي ينص نظامها على تعامل محرم في أنشطتها أو أغراضها.(9/397)
خامساً: تطبق الشركة الضوابط المذكورة في الاستثمار وفي المتاجرة في الأسهم، -ويعني الاستثمار: اقتناء السهم بقصد ريعه، أي ربحه السنوي، وتعني المتاجرة: البيع والشراء بقصد الربح من الفرق بين السعرين- سواءٌ قامت الشركة نفسها بذلك أم بواسطة غيرها، وسواءٌ أكان تعامل الشركة لنفسها، أم كان لغيرها على سبيل التوسط (السمسرة) كما في حالة الوساطة في التداول، أو على سبيل الإدارة لأموال الغير كما في الصناديق الاستثمارية إجارة كانت أم مضاربة، أو على سبيل الوكالة عن الغير والتوكيل للغير كما في إدارة المحافظ الاستثمارية.
سادساً: يجب التخلص من العنصر المحرم الذي خالط تلك الشركات، وذلك وفقاً لما يأتي:
(1) الذي يجب عليه التخلص هو من كان مالكاً للأسهم –فرداً كان أو شركة أو صندوقاً أو غير ذلك- حين صدور القوائم المالية النهائية، سواء كانت ربعية أو سنوية، وذلك في حالتي الاستثمار والمتاجرة. وعليه فلا يلزم التخلص من باع الأسهم قبل صدور تلك القوائم؛ لأنه لا يتبين العنصر المحرم إلا بعد صدورها، والبائع قد باعها بغرمها وغنمها. كما لا يلزم الوسيط والوكيل والمدير تخلص في عمولته أو أجرته؛ لأن ذلك حق لهم نظير ما قاموا به من عمل، والتخلص إنما يكون فيما عاد على التعامل بالأسهم من إيراد ونفع محرم.
(2) يرد التخلص على شيئين:
أولهما: منفعة القرض الربوي في حالة اقتراض الشركة المساهمة بفائدة.
ثانيهما: الإيراد المحرم أياً كان مصدره.
(3) يكون التخلص على النحو الآتي:(9/398)
(أ) في حالة الاقتراض الربوي: فإنه يتم تجنيب منفعة المال المقترض بالربا بالنظر إلى صافي الربح، ويكون احتساب تلك المنفعة وفقاً للقرار ذي الرقم (310) ، الذي جاء فيه: "وبما أن الربح ينتج من عنصرين هما: رأس المال والعمل، وأن الخبث في ربح السهم إنما جاء من الجزء المأخوذ بالربا" ويستأنس لذلك بما روى مالك في الموطأ (1396) عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال: خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنهم- في جيش إلى العراق، فلما قفلا مرّا على أبي موسى الأشعري، فرحب بهما وسهل وهو أمير البصرة، فقال: لو أقدر على أمر أنفعكما به لفعلت، ثم قال: بلى. ههنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين، فأسلفكماه، فتبتاعان به متاعاً من متاع العراق، فتبيعانه بالمدينة، فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين، ويكون لكما الربح، فقالا: وددنا، ففعلا. فكتب إلى عمر -رضي الله عنه- يأخذ منهما المال، فلما قدما المدينة باعا وربحا، فلما رفعا ذلك إلى عمر -رضي الله عنه- قال: أكل الجيش أسلفه كما أسلفكما؟ قالا: لا، قال عمر -رضي الله عنه-: ابنا أمير المؤمين فأسلفكما، أديا المال وربحه، فأما عبد الله فسلم، وأما عبيد الله فقال: لا ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا. لو هلك المال أو نقص لضمناه، قال: أدياه، فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله، فقال رجل من جلساء عمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضاً، فقال: قد جعلته قراضاً، فأخذ عمر -رضي الله عنه- المال ونصف ربحه وأخذ عبد الله وعبيد الله نصف ربح المال. أ-هـ
وعليه فلو كانت نسبة القرض الربوي إلى الموجودات (20?) مثلاً، فإنه يتم التخلص من (10?) من صافي الربح سواء وزع الربح أم لم يوزع، فإن لم يوجد ربح فلا يجب تخلص. ويكون التخلص من منفعة القروض قصيرة الأجل بقدر مدة بقائها في الفترة المالية محل التخلص.(9/399)
(ب) في حالة وجود إيراد محرم: فإنه يتم تجنيب مبلغ الإيراد المحرم كله، أياً كان مصدره، وسواء حصل ربح أم لا، وسواء وزعت الأرباح أم لم توزع، وإذا لم يعرف الإيراد على وجه الدقة احتسب على وجه التقريب بما يبريء الذمة.
ويتم التوصل إلى ما يجب على المتعامل التخلص منه: بقسمة مجموع الإيراد المحرم للشركة المتعامل في أسهمها على عدد أسهم تلك الشركة، فيخرج ما يخص كل سهم، ثم يضرب الناتج بعدد الأسهم المملوكة لذلك المتعامل - فرداً كان أو شركة أو صندوقاً أو غير ذلك- وما نتج فهو مقدار ما يجب التخلص منه.
4. لا يجوز الانتفاع بالعنصر المحرم بأي وجه من وجوه الانتفاع ولا التحايل على ذلك بأي طريق كان، فلا يحتسبه من زكاته، ولا من صدقاته، ولا يدفع منه ضريبة، ولا يستخدمه في دعاية أو إعلان، ولا غير ذلك.
5. تقع مسؤولية التخلص من العنصر المحرم على شركة الراجحي في حالة تعاملها لنفسها، أو في حالة إدارتها للصناديق أو المحافظ الاستثمارية، أما في حالة الوساطة (السمسرة) فيجب على الشركة أن تخبر المتعامل بآلية التخلص من العنصر المحرم حتى يقوم بها بنفسه، وللشركة أن تقوم بتقديم هذه الخدمة لمن يرغب من المتعاملين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الهيئة الشرعية:
- عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل (رئيساً)
- عبد الله بن سليمان المنيع (نائباً للرئيس)
- عبد الله بن عبد الرحمن البسام (عضواً)
- عبد الله بن عبد الله الزايد (عضواً)
- صالح بن عبد الله بن حميد (عضواً)
- أحمد بن علي سير المباركي (عضواً)
- عبد الرحمن بن صالح الأطرم (عضواً وأميناً)(9/400)
المضاربة بأموال الشركاء من غير إخبارهم ببعض أعمال المشروع
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 25/04/1425هـ
السؤال
لدي مشروع سوف أدخل فيه -إن شاء الله-، ولكن هذا المشروع رأس ماله يفوق قدرتي المالية الحالية بأربعة أضعاف، ودراسة جدوى هذا المشروع جيدة، وبعد عامين تقريباً يمكن أن يكون لدي مبلغ هذا المشروع، فهل يمكنني مشاركة عدد من الأصدقاء في هذا المشروع لمدة عامين، بحيث تكون الأرباح الواردة من هذا المشروع تقسم بنسبة رأس المال في خلال العامين، وبعد العامين أقوم بإرجاع رأس المال للمشاركين، ويؤول المشروع لي، وهل يجب علي أن أقوم بتعريفهم بكافة هذه التفاصيل، أم يمكن الاتفاق معهم على تشغيل أموالهم هذه في مشروع لمدة سنتين، وبعد سنتين أعطيهم رأس المال والأرباح المترتبة على ذلك فقط؟. ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يجوز أن تدعو أصدقاؤك للمشاركة في المشروع، لكن يراعى ما يلي:
1. تقسم الأرباح بحسب نصيب رأس مال كل شريك. ويحق لك أن تأخذ نسبة إضافية مقابل الإدارة بتراضي الشركاء. فإذا كان نصيبك من رأس المال مثلاً هو 25%، فلك أن تأخذ 25% من الربح مقابل رأس المال، و15% مثلاً مقابل الإدارة. والمتبقي (60%) يوزع على بقية الشركاء بحسب حصصهم. وأما في حال الخسارة فيتحمل كل شريك الخسارة بحسب رأسماله فقط.
2. إذا كنت تنوي تملك المشروع فيجب عليك أن تبين ذلك للشركاء، لقول النبي(9/401)
-صلى الله عليه وسلم-: "أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما" رواه أبو داود (3383) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. ولقوله عليه الصلاة والسلام: "البيّعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو قال: حتى يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا مُحقت بركة بيعهما" متفق عليه، عند البخاري (2079) ، ومسلم (1532) من حديث حكيم بن حزام -رضي الله عنه-.
3. يحق لك أن تشترط اختصاصك بالإدارة بحيث لا يشاركك في الإدارة من الشركاء أحد. لكن مع ذلك يجب عليك أن تبين للشركاء سير العمل ومستوى الأداء؛ عملاً بواجب البيان الذي ورد في الحديث السابق، ولأن البيان يعذرك أمام الشركاء حال وقوع الخسارة - لا قدر الله-.
أما الكتمان فسيجعل الشركاء يحملونك مسؤولية الخسارة ويطالبونك بسداد رأس مالهم كاملاً، وهذا ليس من مصلحتك. والله أعلم.(9/402)
التفاوت في الربح بين رب المال والمضارب
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 19/5/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز اختلاف النسبة المتفق عليها بين رب المال والمضارب مثلاً على حسب وقت معين أو مناسبة معينة أو أي أمر آخر يتفق عليه الطرفان برضى تم جداً منهما طبعاً النسب على الأرباح، وليس رأس المال لأنه حق لصاحبه؟ وهل هناك وقت محدد للمضاربة أو على حسب ما تتيسر الأمور بوجه العموم وبرضى من جميع الأطراف المعنيين؟ وجزاكم الله خير.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا بأس أن تختلف النسبة بين المضارب ورب المال؛ فمثلاً يكون للمضارب الثلثان ولرب المال الثلث؛ أو له ثلاثة أرباع والآخر له الربع؛ لأن توزيع الربح مبني على قدرة المضارب وخبرته وأيضاً على كثرة المال، والأصل في المعاملات، والشروط في المعاملات الحل.
ولو اتفقا على أن يكون لكل واحد منهم النصف إلا في شهر رمضان - مثلاً - فتختلف النسبة؛ فإن هذا جائز ولا بأس به؛ لما ذكرنا من أن الأصل في العقود، والشروط في العقود في المعاملات الحل والصحة.
وليس هناك وقت محدد للمضاربة بل حسب ما يتفقان عليه رب المال والمضارب، هل يضارب في شهر معين أو في كل السنة؛ فهذا راجع إليهما.(9/403)
هل يشترط في المضاربة إعادة رأس المال والربح دفعة واحدة؟
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 04/04/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يشترط في المضاربة إعادة رأس المال والربح دفعة واحدة، أو يمكن بأي طريقة يتفق عليها الأطراف مع رضائهم التام وبدون أي إجبار أو شروط من أيٍ من الأطراف؟ جزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا يلزم في المضاربة إعادة رأس المال والربح دفعة واحدة، بل يجوز توزيع الربح عن فترة ماضية دون توزيع رأس المال، ولكن بعد إجراء محاسبة عن الفترة السابقة، بحيث تستأنف المضاربة فترة جديدة بعد توزيع الربح، وتختص كل فترة محاسبية بأرباحها وخسائرها.
ويجوز الاتفاق على الشروط التي يراها الطرفان من مصلحتهما بشرط عدم الوقوع في الربا أو الغرر، لأن الأصل في الشروط الصحة، والأصل في المعاملات الحل، والله أعلم.(9/404)
المزارعة
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 21/2/1425هـ
السؤال
لدي قطعة أرض أستغلها لغرض الزراعة واقترح علي أحد الأشخاص أن يشاركني في مشروع فلاحي، أي أنه يعطيني مبلغا من المال أقوم أنا بالعمل وشراء البذور والأسمدة وكل ما يلزم من دفع رواتب العمال وتكاليف محركات ومضخات الآبار من وقود وأنابيب وغيرها وعندما نجني ونبيع المحصول نتقاسم الأرباح أو الخسائر وفق ما اتفق عليه في الأول، وسؤالي هو هل يجوز ذلك إذا كنت أعلم مسبقا أن الشخص الذي يود مشاركتي اكتسب ماله من حرام كبيع الدخان أو غيرها، هل يجوز لي أن أشاركه أم لا؟ أم أن الأصل في المعاملة التي تتم بيني وبينه ولا دخل لي في أصل مال الشخص، وأحيطكم علما أنني أنوي أن أشاركه مدة موسم واحد فقط حتى إذا تسنى تكوين رأس مال خاص بي أنفصل وأشتغل بمفردي في العام المقبل أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
النقود التي يقدمها هذا الشريك إذا قدمها إلى صاحب الأرض فلا يسأل عن هذه النقود من أين جاءت، فأنت إذا اشتريت من يهودي - مثلاً- أو من نصراني سلعة، هل تسأله: هل اشتريتها بمال حلال؟ فأنت لا تسأل عن ذلك، وأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا يتعاملون مع اليهود يبيعون ويشترون منهم، "ورسول الله - صلى الله عليه وسلم- توفي ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير" انظر البخاري (2916) .(9/405)
فالتعامل لا يعني المشاركة، فالشريك يأتي بالمال بغض النظر عن وجه اكتسابه، فهذا المال الذي أتى به هو من رأس مال المشاركة ولا يظهر أن للأخ السائل أن يسأله كيف جئت بهذا لمال، وكيف اكتسبته، ونحو ذلك، فلا علاقة لك به أيها الشريك - صاحب الأرض-، لا علاقة لك بهذا المال، وطريقة اكتسابه، وإنما جاء الشريك لك بمال يملكه وقدمه رأس مال في هذه المشاركة، والحمد لله المشاركة صحيحة. والله المستعان.(9/406)
استثمروا ماله بغير علمه، فماذا له؟
المجيب د. فهد بن عبد الرحمن اليحيى
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 16/7/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اشتركت أنا وشخصان في عمل ما, وبعد فترة أفادوا بأنهم سوف يغلقون هذا العمل، ولن يستمروا فيه, وتفاجأت بأنهم استمروا بالعمل نفسه, وعند مطالبتي لهم بفلوسي المستحقة لديهم، أفادوا بأنه ليس لديهم إمكانية بأن يعطوني فلوسي في الوقت الحالي, خلاصة الموضوع أنهم احتجزوا فلوسي واستثمروها إلى أن توسعوا في نفس عملهم المذكور. أرجو إفتائي في هذه المسألة, ولكم الشكر.
الجواب
الحمد لله. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عقد الشركة في الأصل عقد غير لازم عند عامة الفقهاء؛ بمعنى أن لكل شخص في الشركة أن يفسخ العقد من جهته، لكن إذا اشترط في الشركة اللزوم، أو كان الاتفاق على عدم فسخها أو الانسحاب منها خلال مدة معينة، أو كان في الفسخ ضرر على الآخرين، ونحو ذلك، فإن هذه الصور لها حكمها الخاص، ولا ينبغي أن يبنى الحكم فيها على الأصل وهو عدم اللزوم.(9/407)
أما بخصوص سؤالك فالذي يظهر أنك لم تخالف في حل الشركة سواءً استمرت بالباقين أو لا؛ لأن استمرارها يعني أنها انفسخت كشركة ثلاثية ثم انعقدت بين اثنين، وهذا لا مانع منه إذا لم يكن بينكم شرط يمنع ذلك، أو كان ثم ضرر يلحق بك من جرائه، وإذا فسخت الشركة وجب تصفية حساباتها، ورد الحقوق إلى أصحابها، ولا يجوز المماطلة بذلك، والحق الذي بقي لك عندهم هو مالك، وكان واجباً عليهم أن يدفعوه إليك ومماطلتهم من الظلم؛ كما في الحديث: "مطل الغني ظلم" رواه البخاري (2287) ، ومسلم (1564) من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه-، وكونهم حبسوه من أجل الاستفادة منه واستثماره إن كان هذا هو الواقع، بمعنى أنهم بالفعل استغلوا المال في استثمار معين، وكان له مردود، فإن الكسب الناشئ عن ذلك هو لك خاصة مع رأس المال، وعلى أقل الأحوال أن يكون الربح مناصفة كما لو عملوا بمالك مضاربة، وأما إن كانت الشركة حين حلها لم يكن لديها سيولة فلم يتميز حقك، فحينئذ يعتبر حقك ديناً، وقد ماطلوا بالدين، ولا نستطيع أن نعتبره مالاً مغصوباً ينطبق عليه الحكم السابق، أي فلا تستحق سوى رأس مالك فقط.
وعلى كل حال فإن صنيعهم بالمماطلة لا يجوز، وعليهم التوبة والمبادرة إلى رد الحقوق، وعليك -أيها الأخ الكريم- ألا تتعدى في طلب حقك، وأن تعلم أن ما لم تدركه في الدنيا فلن يضيع في الآخرة. وفقنا الله وإياك لكل خير.(9/408)
هل يصح شريكًا أجيرًا في الوقت نفسه؟!
المجيب د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 11/10/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
علماءنا الأفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فأود الاستفسار من فضيلتكم حول مسألة شائعة في الشراكة بين كثير من الناس، وصورتها أن: يشترك اثنان في رأس المال بحصة معلومة لكل شريك، ونسبة الربح تكون معلومة لكل منهما، ونسبة الخسارة مقسمة بحسب حصة كل شريك من رأس المال، لكن أحد الشريكين هو الذي يقوم بالعمل كله، أو يكون هو بمثابة المدير لهذه الشركة، وهذا الشريك المدير (الأجير في المصطلح الشرعي) يكون له راتب مقطوع مقابل إدارته لهذه الشركة، إضافة إلى حصته من الأرباح ... فهل هذا الراتب المعلوم يعتبر بمثابة النفع الأكيد على رأس ماله من الشركة؟ وهل يدخل هذا في باب الربا أم لا؟ وهل يجوز أن يكون المرء شريكًا أجيرًا في نفس الوقت؟ علمًا أنني وجدت في كتب الفقه ما يدل على المنع من ذلك، وجواز زيادة نسبة مقابل عمله لا راتبًا مقطوعًا، فهل يمكن أن تخرج كما خرجها بعض الباحثين المعاصرين على أن مثل هذه الشركة تعتبر شخصًا اعتباريًّا، وفي هذه الحالة يجوز توظيف مدير لها براتب محدد معلوم وكأنه طرف ثالث، حتى لو كان هذا المدير أحد المساهمين في الشركة؟ علمًا بأن هذه المسألة عمت بها البلوى، وكثر بها التعامل بين كثير من المسلمين في هذه الأيام. أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد الله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(9/409)
الصورة التي ذكرها السائل تعتبر من شركة العنان، وصفتها أن يشترك شخصان فأكثر في شركة بينهم، على أن المال والعمل منهم جميعًا، أو أن المال منهم والعمل من بعضهم أو أحدهم، وشركة العنان مما اتفق العلماء على صحتها وجواز العمل بها، وكون أحد الشركاء يكون مديرًا للشركة مقابل مرتب مقطوع، فيجتمع فيه صفتا الأجير والشراكة، فهذا مما لا بأس به شرعًا؛ إذ لا يوجد نص شرعي يمنع من ذلك فيبقي الحكم على أصله وهو الإباحة، كما أنه لا يوجد محذور شرعي من اجتماع عقدي الشركة والإجارة في شخص واحد، ولا يدخل ذلك ضمن الربا المحرم، ثم إن الحاجة تقتضي وجود مثل هذا الاستقلال بين صفتي الشريك والمدير، إذ إن الشركاء في هذه الحالة بين أمور ثلاثة:
1- أن يكون المدير من غيرهم، ولا شك أن المدير إذا كان منهم وله حصة في رأس مال الشركة يكون أكثر حرصًا من ذلك المدير الأجنبي.
2- أن يكون لهذا المدير الشريك حصة زائدة في الأرباح عن المبلغ الذي اشترك به وهذه الزيادة مقابلة لإدارته، أي منع اجتماع صفتي الشريك والأجير وإبقاء صفة الشريك فقط، وهذا الحال قد لا يرضى به الشريك المدير نفسه، أو أن الشركاء لا يرضون به، بل يرغبون أن يكون له مرتبًا مقطوعًا لا علاقة له بأرباح الشركة، وذلك كسائر العاملين في الشركة من غير المدير.
3- أن يكون المدير أجيرًا في عمله شريكًا في ماله كسائر الشركاء، فيأخذ أجره مقابل عمله، وربحًا أو خسارة مقابل ماله الذي اشترك به، أي اجتماع عقدي إجارة الأشخاص والشركة فيه، وهذا ما رأينا جوازه، وهو ما عليه العمل في أكثر الشركات المساهمة وغيرها من التي يكون الفصل بين وظيفة المدير وصفة الشريك.(9/410)
أما ما ذكرته من أن بعض الكتب الفقهية تمنع من أن يكون للمدير مرتب مقطوع، وعدم جواز اجتماع صفتي الأجير والشريك، فقد يكون هذا القول بناء على أن الأصل في العقود والشروط الحظر لا الإباحة، وهذا القول مرجوح كما بينه المحققون من أهل العلم. والله أعلم.(9/411)
معنى: المضاربة..المرابحة..المشاركة
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 26/3/1425هـ
السؤال
السلام عليكم
أرجو التكرم بشرح كل من التعاملات التالية وبيان متى تحرم ومتى تكون جائزة؟ وهي المضاربة والمرابحة والمشاركة. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المضاربة: أن يقدم المال طرف، ويكون العمل والاستثمار والإدارة له من طرف آخر، ويكون الربح بينهما حسب النسبة التي يتفقان عليها.
المرابحة: هي بيع السلعة بالثمن الذي اشتريت به مع إضافة ربح معين عليها، وهناك المرابحة للآمر بالشراء، وهي المنتشرة الآن على مستوى الأفراد والمصارف الإسلامية، وهي شراء السلعة التي يطلبها العميل ثم بيعها عليه بعد تملكها وقبضها بثمن معلوم.
المشاركة: أن يقدم الطرفان كلاهما مالاً للاستثمار، ويكون العمل من طرف أو منهما معاً. وتفاصيل هذه المعاملات وشروطها يطول شرحها، وهي موجودة في كتب المعاملات. والله أعلم.(9/412)
مال شريكه من قرض ربوي فهل يفضّ الشركة؟
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 11/01/1426هـ
السؤال
أنا رجل من بلد عربي، بدأت في تجارة مع رجل مسلم في بلد إفريقي، واتفقنا على عمل شراكة بيننا لبيع منتجات الشركة للخارج، وقد طلب مني أن أرسل له حصتي من رأس المال، وبعد بيع المنتجات سأستلم 40% من الناتج، بعد انتهاء المعاملة اكتشفت أنه أخذ دفعة على الحساب من البنك بالفائدة لكي يستثمرها في هذه الشراكة، نصيبي من المال جاء من مال حلال، والحمد لله. هل يجوز لي الاستمرار معه في العمل وأخذ النسبة 40% من أول معاملة؟ هل أستمر معه أم آخذ مالي الذي دفعته قبل الناتج من الربح؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً: فيما يتعلق بنصيبك من أول معاملة قبل أن تعلم عن اقتراض شريكك بالربا، فلا حرج إن شاء الله من انتفاعك بهذا العائد، بشرط الاحتياط من الوقوع في أية معاملة ربوية مستقبلًا.
ثانيًا: بخصوص الاستمرار في الشركة، فلا حرج، إن شاء الله، من الاستمرار بشرطين:
1- أن يكون سداد الفوائد الربوية من أموال الشريك وليس من أموال الشركة.
2- ألا تكون أصول الشركة أو موجوداتها مرهونة بأي شكل للقرض الربوي.
وبهذا تصبح الشركة منفصلة ومستقلة عن القرض الربوي، ولا يوجد ما يمنع، إن شاء الله، من الاستمرار فيها.
أما إذا كان أي من موجودات الشركة أو أصولها مرهونًا للقرض، أو كان سداد القرض بفوائده يتم من إيرادات الشركة، فهذا يعني أن تمويل الشركة تم من خلال القرض الربوي. ونظرًا إلى أن نصيب شريكك قد يصل إلى60% (كما يفهم من السؤال) ، فيكون معظم رأس مال الشركة ربويًّا. فالواجب في هذه الحالة الانسحاب من الشركة تجنبًا للكسب الحرام.(9/413)
وفي جميع الأحوال يجب مناصحة الشريك بالتخلص من الربا، والتعجيل بسداد القرض وإسقاط ما يمكن من الفوائد عليه. والله أعلم.(9/414)
ساهم في شركة تقسيط ثم اشترى منها!
المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 07/10/1425هـ
السؤال
نحن مجموعة زملاء، قمنا بإنشاء جمعية تعاونية، على أن يدفع كل واحد منا 25000 ألف ريال، ووكلنا بها اثنين من الزملاء على تشغيلها والإشراف عليها، والتصرف في إدارتها، والحمد الله اشتغلت وبنجاح، وقمنا نقسط سيارات وأثاث منزل، واشتريت أنا من هذه الجمعية سيارة بالأقساط، وبسعر غير سعر الزبائن الذين من خارج هذه الجمعية، فهم يشترون السيارة بـ 65000 ألف، وأنا اشتريتها بـ 55000 ريال وسعرها 38000 ألف ريال، على أن أقسطها بمبلغ ألف ريال كل شهر، فهل في ذلك شيء؟ السؤال الثاني: اشتروا لي زملائي هذه السيارة وأنا في الرياض اتصلوا علي وقالوا السيارة جاهزة تعال استلمها، قلت لأحدهم بعها وأرسل لي قيمتها، وفعلاً باع هذه السيارة بمبلغ 36000 ألف وأرسل لي المبلغ، وأنا في الرياض. فهل فيها شيء يثير الشك؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال الأول: أنتم مجموعة من الزملاء أنشأتم شركة يديرها أحدكم، والعمل الأصلي لهذه الشركة هي بيع السيارات والأثاث بالتقسيط، ويدير هذه الشركة اثنان منكم، ثم قمت بشراء سيارة من هذه الشركة لكن الثمن الذي اشتريت به السيارة أقل من الثمن الذي تبيع به الشركة سياراتها، علماً أن قيمة السيارة نقداً 38 ألف ريال، وثمنها بالتقسيط 55ألف ريال، تدفع كل شهر ألف ريال.(9/415)
الذي يظهر لي أن هذا العمل لا بأس به إذا كان الشركاء راضين ببيعك السيارة بأقل مما يبيعونه للآخرين؛ لقوله تعالى: "إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم"، وأما كون ثمن السيارة بالتقسيط أكثر من ثمنها نقداً فلا بأس بذلك، بشرط أن يحدد الثمن في العقد، بمعنى أن تقول ـ مثلاً ـ: اشتريت السيارة بخمسة وخمسين ألف ريال مقسطة كل شهر أدفع ألف ريال، أما إذا كان العقد من غير تحديد بأن قلت: أشتري هذه السيارة بثمانية وثلاثين ألف ريال نقداً، أو بخمسة وخمسين مقسطة، وتعقد العقد من غير تعيين للثمن، فإن هذا لا يجوز، لأن الثمن غير معين في العقد، فهو داخل في عموم نهي النبي - صلى الله عليه وسلم- عن بيع الغرر، (رواه مسلم) ، وقد فسر كثير من السلف نهي النبي - صلى الله عليه وسلم- عن بيعتين في بيعة بذلك (رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي) .
السؤال الثاني: بعد شرائك السيارة بعت السيارة وأنت لم تقبضها.
وهذا لا يجوز لأنه من بيع السلع قبل قبضها، وقد روى ابن عباس-رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أن قال (من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه) قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: وأحسب كل شيء مثله. (متفق عليه واللفظ لفظ مسلم) ، أما إن كانت الشركة هي التي باعت السيارة فأخشى أن يكون ذلك حيلة إلى الربا؛ لأنك أنت تريد ستة وثلاثين ألفاً وهم لن يعطوك هذا المبلغ إلا بفائدة فجعلوا هذه السلعة واسطة إلى ذلك، وأنت لا تريد هذه السيارة ولم ترها ولم تقبضها بل تريد هذا المبلغ.
وأما إن كان الذي اشترى السيارة الشركة نفسها فهو بيع العينة، وهو بيع محرم. وأما إن كان الذي قبض السيارة شخص آخر قد وكلته بذلك، ثم باع السيارة نيابة عنك فلا بأس إن شاء الله في هذه الصورة.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(9/416)
على من تكون الخسارة في المضاربة الشرعية؟
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 28/12/1425هـ
السؤال
لقد تم اتفاق بيني وبين مكتب عقاري بأن دخلت معه بحصة ستة أسهم في مقابل تشغيل هذه الأسهم واستثمارها في العقارات وبيع الأراضي على أن يكون الجهد منهم والمال مني، وقيمة كل سهم بمقدار ألف دينار، على أن يتم كشف الحساب كل سنة مرة واحدة، وتوزع الأرباح على أن يأخذ المكتب من الأرباح ستين بالمائة، والمساهم، وهو العبد لله، أربعين بالمائة، وإذا كان خسائر فتطبق أحكام المضاربة الشرعية.
والسؤال: ما المضاربة الشرعية؟ وهل يتحمل معي المكتب نسبة من الخسارة المالية؟ أفيدونا مشكورين.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
عقد المضاربة هو اتفاق بين صاحب المال وبين من يدير له المال ويستثمره له (المضارب) ، على أن يتم اقتسام الربح بينهما حسب الاتفاق. وفي حالة الخسارة فإن صاحب المال هو الذي يتحمل الخسارة إلا إذا كان المضارب قد أساء أو أهمل أو فرط في إدارة المال، ففي هذه الحالة يتحمل المضارب الخسارة.
ووفقًا لما جاء في السؤال فإن الخسارة تتحملها أنت ولا يتحملها المكتب إلا إذا أهمل في الإدارة فيكون المكتب مسؤولاً عن الخسارة في حالة التعدي أو التفريط. والله أعلم.(9/417)
المضاربة بأسهم شركات تقرض بالربا
المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي
مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 01/11/1425هـ
السؤال
ما حكم شراء أسهم شركات عملها حلال لكن قد تتعامل بالربا من قروض وغيره، حيث إنني أشتري الأسهم وأبيعها في وقت وجيز إذا ارتفعت، ولا أحصل على أرباح سنوية من الشركة ذاتها؛ لأني أبيع وأشتري بشكل يومي، وأحصل على الربح نتيجة المضاربة، أفيدكم أن أناسًا قالوا لي إن هذا جائز للمضاربين، أما المستثمرين الذين ينتظرون أرباحًا سنوية فيجب أن يطهروا أموالهم. ودمتم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين محمد بن عبد الله وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
هذه المسألة من المسائل النازلة التي تحتاج إلى بسط في إجابتها، فأقول، وبالله التوفيق:
هذا النوع من الشركات اختلف فيه العلماء المعاصرون اختلافًا كبيرًا، وقبل أن نبدأ في ذكر الأقوال في هذا النوع من الشركات يحسن بنا أن نحرر محل النزاع في هذه المسألة:
إن المساهمة في الشركات التي يغلب عليها المتاجرة بالأنشطة المحرمة، محرمة ولا تجوز؛ لما فيها من الإعانة على الإثم والعدوان.
وإن من يباشر إجراء العقود المحرمة بالشركة- كأعضاء مجلس الإدارة الراضين بذلك- إن عملهم محرم، قلّت نسبة الحرام في الشركة أم كثرت.
وإن الاشتراك في تأسيس شركات يكون من خطة عملها أن تتعامل في جملة معاملاتها بالعقود المحرمة، أو كان منصوصًا في نظامها على جواز ذلك، فإن هذا الاشتراك محرم.
وإن المساهم لا يجوز له بأي حال من الأحوال أن يدخل في ماله كسب الجزء المحرم من السهم، بل يجب عليه إخراجه والتخلص منه، حتى على القول بجواز مساهمته.
واختلفوا في حكم المساهمة في الشركات المشروعة من حيث الأصل لكنها تتعامل في بعض معاملاتها بالأنشطة المحرمة أو تقترض أو تودع بالفوائد على قولين:(9/418)
القول الأول: الجواز.
وممن ذهب إلى هذا القول: الهيئة الشرعية لشركة الراجحي، والهيئة الشرعية للبنك الإسلامي الأردني، والمستشار الشرعي لدلة البركه، وندوة البركة السادسة، وعدد من العلماء المعاصرين منهم الشيخ عبد الله ابن منيع حفظه الله.
وقد اشترط أصحاب هذا القول شروطًا؛ إذا توفرت جاز تداول أسهم هذا النوع من الشركات، وإذا تخلف منها شرط لم يجز، ومنها ما جاء في قرار الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية رقم (485) :
(يجب أن يراعى في الاستثمار والمتاجرة في أسهم هذا النوع من الشركات المساهمة الضوابط التالية:
إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك.
ألا يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا- سواء أكان قرضًا طويل الأجل أم قرضًا قصير الأجل- (25%) من إجمالي موجودات الشركة، علمًا أن الاقتراض بالربا حرام مهما كان مبلغه.
ألا يتجاوز مقدار الإيراد الناتج من عنصر محرم (5%) من إجمالي إيراد الشركة سواء أكان هذا الإيراد ناتجًا عن الاستثمار بفائدة ربوية أم عن ممارسة نشاط محرم أم عن تملك المحرم أم عن غير ذلك. وإذا لم يتم الإفصاح عن بعض الإيرادات فيجتهد في معرفتها، ويراعي في ذلك جانب الاحتياط.
ألا يتجاوز إجمالي حجم العنصر المحرم- استثمارًا كان أو تملكًا لمحرم- نسبة (15%) من إجمالي موجودات الشركة.
والهيئة توضح أن ما ورد من تحديد للنسب في هذا القرار مبني على الاجتهاد، وهو قابل لإعادة النظر حسب الاقتضاء) .
وذهبت الهيئة الشرعية لدلة البركة إلى التفريق بين الأنشطة المحرمة التي تزاولها الشركة:
فإن كان أصل نشاطها مباحًا، ولكنها تتعامل بجزء من رأس مالها مثلًا بتجارة الخمور، أو إدارة صالات القمار، ونحوها من الأنشطة المحرمة، فلا يجوز تملك أسهمها ولا تداولها ببيع أو شراء.(9/419)
أما إن كانت تودع أموالها في البنوك الربوية، وتأخذ على ذلك فوائد، أو أنها تقترض من البنوك الربوية، مهما كان الدافع للاقتراض، فإنه في هذه الحالة يجوز تملك أسهمها بشرط احتساب النسبة الربوية وصرفها في أوجه الخير.
واستدل أصحاب هذا القول بقواعد فقهية عامة، منها:
1- قاعدة (الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة) ، وقالوا: إن حاجة الناس تدعو للمساهمة بهذه الشركات.
2- قاعدة (يجوز تبعًا ما لا يجوز استقلالًا) ، وقالوا: إن الربا في هذه الشركات تابعٌ غير مقصود فيعفى عنه.
3- قاعدة (اختلاط الجزء المحرم بالكثير المباح لا يصير المجموع حرامًا) ، فقالوا: إن الربا في هذه الشركات يسيرٌ جدًّا فيكون مغمورًا في المال المباح الكثير.
القول الثاني:
يرى جمهور العلماء المعاصرين، وعدد من الهيئات الشرعية تحريم المساهمة في الشركات التي يكون أصل نشاطها مباحًا، إذا كانت تتعامل ببعض المعاملات المحرمة كالإقراض والاقتراض بفائدة، فيحرم الاكتتاب بها، وبيعها وشراؤها وامتلاكها.
وممن ذهب إلى هذا القول: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة، وعلى رأسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، والهيئة الشرعية لبيت التمويل الكويتي، والهيئة الشرعية لبنك دبي الإسلامي، وهيئة الرقابة الشرعية للبنك الإسلامي السوداني، وعدد من الفقهاء المعاصرين.
وأصدر مجمعان فقهيان مشهوران قرارين يقضيان تحريم هذا النوع من الشركات، وهذان المجمعان يحويان ثلة من علماء العصر المعتبرين، فأما المجمع الأول فهو:
المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، ونص قراره هو:
(الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحيانًا بالمحرمات، كالربا ونحوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة) .
وأما المجمع الثاني فهو:
المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، ونص قراره هو:(9/420)
(لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالمًا بذلك) .
واستدل أصحاب هذا القول:
1- بأدلة تحريم الربا في الكتاب والسنة، وقالوا: إن هذه الأدلة لم تفرق بين قليل أو كثير، وبين تابع أو مقصود.
2- بقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة: 2] .
وعن جابر، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لعَن آكِلَ الرِّبا ومُؤْكِلَهُ وكاتِبَه وشاهِدَيْه. أخرجه مسلم (1598)
ووجه الدلالة من هذين النصين: أن الذي يساهم في الشركات التي تتعامل بالمحرمات معين لها على الإثم، فيشمله النهي.
3- قوله عليه الصلاة والسلام: "دِرْهَمُ رِبا يَأْكُلُه الرَّجُلُ، وهُوَ يَعْلَمُ، أشَدُّ مِن سِتٍّ وثلاثين زِنْيَةً". أخرجه أحمد (21957) ، والدارقطني 3/16، والطبراني في الأوسط (2682)
ووجه الدلالة منه: أن النبي صلى الله عليه وسلم- عد أكل درهم واحد من الموبقات، ورتب عليه هذا الوعيد الشديد، فكيف بمن يضع المئين والآلاف من أمواله في المصارف الربوية؟ وإخراج قدر الحرام تخمين، فمن غير المستبعد أن يدخل ماله شيء من الحرام.
بقي أن يقال:
إن أصحاب القول الأول اشترطوا في جواز المشاركة بمثل هذه الشركات: أن يتخلص المساهم من الكسب المحرم.
ومما يؤكد أن هذا الاشتراط افتراضي وليس واقعيًّا، أنه يستحيل تحديد مقدار الكسب المحرم من عوائد السهم.
ونحن هنا في مقام لا يحتمل الظن والتخمين، بل لا بد من القطع واليقين.
وإيجاب البعض- عند الجهل بالحرام- إخراج نصف ربح السهم أو ثلثه فهم قالوا به من باب الاحتياط، وهو نافع في حالة وجود أرباح حقيقية للشركة من النشاط المباح، وهو أيضًا غير شاق من الناحية العملية، إلا أنه غير عملي ولا يفي بالغرض في صورتين:(9/421)
الأولى: عندما لا تحقق الشركة أرباحًا تذكر من مبيعاتها في بعض السنوات، فتبقى معتمدة في توزيعات الأرباح على فوائد الودائع، والسندات البنكية والأوراق قصيرة الأجل ذات الدخل الثابت.
الثانية: كما أن بعض الشركات تقوم بتوزيع الأرباح قبل البدء بتشغيل منشآتها، وهذه الأرباح تحصلت عليها من إيداع رأس المال في البنوك.
وعليه: إذا كان الأمر محتملًا فلا يكفي التقدير في هذه الحالة.
أما تحديد مقدار الكسب الحرام، كما تفعله بعض الهيئات الشرعية، من أجل دقة التخلص من الحرام فهو متعذر؛ لأمور، منها:
أن جميع المجيزين يفترضون أن الشركة تودع وتأخذ فوائد، فيوجبون على المساهم إخراج ما يقابل نصيب الودائع من الأرباح.
فإذا كانت الشركة تقترض من البنوك لتمويل أعمالها، أو لإجراء توسعات رأسمالية ونحو ذلك، فما السبيل لتحديد ما يقابل هذه القروض من الأرباح؟
إن أغلب المستثمرين يشترون الأسهم بقصد الحصول على الأرباح الرأسمالية، أي فرق السعر بين الشراء والبيع، ومن المتعذر في هذه الحالة تحديد مقدار الكسب الحرام، لا سيما وأن من العوامل المؤثرة على القيمة السوقية للسهم مدى قدرة الإدارة على الحصول على التسهيلات والقروض البنكية.
إذا خسرت الشركة، فما نصيب الكسب الحرام من هذه الخسارة؟ إذا علمنا أن إيرادات الودائع والسندات ثابتة، فهذا يعني أن الخسارة على من يريد التخلص من الربا ستكون مضاعفة.
ومن المعتاد أن الشركة تستثمر جزءًا من أموالها في شركات تابعة أو شركات زميلة أو في صناديق استثمارية بالأسهم أو السندات، وقد تكون تلك الأسهم لشركات ذات أنشطة محرمة أو ذات أنشطة مباحة وتتعامل بالفوائد، وهكذا تمتد السلسلة إلى ما لا نهاية، ويصبح تحديد الحرام في هذه السلسلة من الشركات أشبه بالمستحيل.(9/422)
وأيضًا لو فرضنا أنه يمكن التخلص من الأرباح المحرمة الربوية، فهو تخلص من الأكل للربا، لكن هذا المساهم قد شارك في دفع الربا للممولين للشركة، فهو وإن لم يأكله فقد آكَلَه، والنبي صلى الله عليه وسلم حرم الأمرين فلعن آكِلَ الربا ومُؤْكِلَه. أخرجه مسلم (1598) .
الترجيح:
من خلال استعراض بعض أدلة القولين يتبين ما يلي:
أن القول الأول يتوجه القول به بالشروط التالية:
إذا لم توجد شركة مساهمة لا تتعامل بالربا إيداعًا واقتراضًا، حيث كانت جميع شركات السوق مما يتعامل بالربا.
هذا الشرط منتف في هذا العصر حيث أثبتت دراسة أجريتها نشرها الموقع، أنه توجد شركات مساهمة معاملاتها حلال بالكامل، ومما يؤيد هذا الشرط أن الهيئة الشرعية للراجحي ذكرت في قرارها رقم (485) : (إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيد بالحاجة، فإذا وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسد الحاجة فيجب الاكتفاء بها عن غيرها ممن لا يلتزم بذلك) .
إذا كان نظام الدولة يجبر الشركات أن تودع جزءًا من أموالها في البنوك الربوية ويجبرهم أيضًا بأن تدخل الفوائد ضمن أرباح المساهمين.
وهذا الشرط حسب علمي غير موجود في هذا العصر، لانتشار البنوك الإسلامية، ومن ثم انتشار المعاملات الإسلامية المصرفية.
ألَّا تجد الشركة بدًّا من إتمام عملياتها إلا عن طريق الاقتراض بالربا.
وهذا الشرط منتف في هذا العصر؛ إذ وجدت بنوك إسلامية تمول الشركات بالطرق المباحة: كالمرابحة، وعقود الاستصناع، والسلم، والمشاركة المنتهية بالتمليك، والإجارة المنتهية بالتمليك، وغير ذلك مما جاءت شريعتنا بإباحته.
ثم إن المتأمل في القول الأول يجد:(9/423)
أن القول كان في فترة فشا فيها الربا، والبنوك الإسلامية لم تقم على ساقيها، أما في هذه المرحلة فالأمر عكس ذلك، فنحمد الله عز وجل أن انتشرت هذه البنوك الإسلامية في أنحاء الأرض، فأيهما أسهل بالله عليكم تحويل بنك ربوي إلى بنك إسلامي أم تحويل شركة تتعامل بالربا إلى شركة خالية من ذلك؟ لاشك أنه الثاني.
فالذي يظهر لي رجحان القول الثاني، وهو حرمة المتاجرة والاستثمار في أسهم الشركات التي يكون أصل نشاطها مباحًا، وتتعامل بالفوائد أو بغيرها من المعاملات المحرمة، لعموم الأدلة الشرعية في تحريم الربا قليله وكثيره، فلم تستثن تلك الأدلة ما كان تابعًا أو مغمورًا أو يسيرًا.
وبالتالي يحرم المتاجرة والاستثمار بهذه الأسهم من هذا النوع من الشركات، والحمد الله توجد شركات نقية من الربا 100% يمكنك المتاجرة بها، وتدر عليك أرباحًا، (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2،3] . والله أعلم.(9/424)
هل يشاركه في الخسارة؟
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 28/09/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قمت بعمل مشروع صغير لتربية الدواجن أنا وابن عم لي، وكان أساس الاتفاق أن رأس المال مني أنا، ومكان التربية والعمل من ابن عمي، واستمر المشروع إلى أن اقترب وقت البيع وقمت أنا بدفع الكثير من المال تكاليف تربية تلك الدواجن، ولكن بحول الله وقدرته أصيب كل ما عندنا من الدواجن بمرض أدى إلى وفاته ولم يبق منه إلا شيء بسيط لن يعيد لي حتى رأس المال المدفوع، تأثرت أنا بسبب المال الذي سيضيع، وتأثر ابن عمى بالوضع الذي أنا فيه، فقال لي سنحسب الخسارة ونتحملها نحن الاثنان، فمثلاً لو خسرت 1000 قال إنه سيعطيني 500، مع أنه لم يدفع معي شيئًا من الأساس، وهذا هو الاتفاق، وكان الاتفاق أيضًا أن الأرباح بالنصف، ولكن لم يكن هناك أرباح ولكن خسارة، فهل آخذ منه مالاً أم يعتبر غرامة؟ مع أنني رفضت هذه الفكرة أساسًا، فأنا يعوضني الله تعالى، ولكن أصرّ على أن يتحمل معي الخسارة، فماذا أفعل؟ أرجو أن توضحوا لي: هل يحق لي أن آخذ منه المال أم لا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فالجواب من وجهين:
الوجه الأول: أن شركتكما المذكورة في السؤال ليست شركة مضاربة خالصة، والتي يكون فيها رأس المال من أحدكما والعمل من الآخر، والتي تقتضي أن تكون الخسارة على رأس المال، فتختص لصاحبه؛ لأنك أيها السائل ذكرت أن شريكك منه مكان التربية زيادة على العمل، ومكان التربية لا شك له مقابل، فشركتكم شبيهة بشركة المساهمة، وبناءً عليه فيجوز لك أيها السائل صاحب المال أن تأخذ من شريكك جزءًا من خسارتك بشرط ألا يزيد عن مقدار أجرة المكان مدة العمل.(9/425)
الوجه الثاني: على فرض أنه لو لم يكن بينكما شركة وأراد ابن عمك أن يساعدك في بعض ما حصل لك من خسارة مالية بطيب نفس منه فله ذلك ويؤجر عليه، ولك قبوله، وليس ذلك غرامة- كما ذكرت في سؤالك- فالإنسان له أن يساعد أبعد الناس، فضلاً عن مساعدة شريكه وابن عمه. وفق الله الجميع لكل خير، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. والله أعلم.(9/426)
هل صورة هذه المضاربة صحيحة؟
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 20/12/1425هـ
السؤال
جاءني رجل، وقال لي: أنا خبير بالأسهم، وأعرف بعلم الله المضاربة في الأسهم، وغالبًا ما تصيب آرائي الصواب ولله الحمد، ولكن ليس لدي مال، وأريدك أن تشتري بمالك السهم الذي أقوله لك، والربح والخسارة نشترك فيهما. هل تجوز هذه المعاملة؟ منه الخبرة والعلم بوقت الشراء والبيع، ومني رأس المال وتنفيذ ما يقول. فما حكم هذه المعاملة؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
الأصل في هذه المعاملة الحل، فهي شركة بينك وبينه، ويجوز تقاسم الربح على ما تتفقان عليه. أما الخسارة فليس عليه منها شيء، بل هي على رب المال، وهو أنت.
ولكني في المقابل أنصحك والإخوة الكرام القراء ببعض النصائح:
- احذر مائة مرة من كثير من مدعي المعرفة بسوق الأسهم، فكم اكتوى الكثيرون من أمثال هؤلاء. واعلم أن المخاطرة كلها على مالك أنت، فكن على بينة. والله سبحانه قد أمر بحفظ المال، فتذكر ذلك. ولا تستجرَّك الأرباح المعلنة لبعض الأشخاص، أو بعض الصناديق، فإن كثيرًا من الخسائر لا تعلن.
- اعلم أن سوق الأسهم من أكثر الأسواق مخاطرة؛ فكما يمكن لاستثمارك أن يزيد، فيمكن له أن ينقص.
- لا بد أن يكتب ما بينك وبينه، ولا يكتفى بالاتفاق الشفوي، وينص في العقد على كل التفاصيل المطلوبة.
- لا يصح لهذا الشخص أن يعمل في الأسهم إلا بعد معرفة حكم الله تعالى فيها. ولا بد لك أن تتأكد أنه يعرف الحلال والحرام من الأسهم، ولا تكتف بما يذكر لك من أنه متابع أو غير ذلك، أو أنه يتبع بنكًا معينًا.(9/427)
- لابد من النص على أجل التنضيض (أي التصفية الدورية للشركة) . فبعض الناس يأخذ الربح كل شهر وبعضهم كل شهرين. ولا يصح الاكتفاء بالاتفاق الشفوي المبهم.
وفق الله الجميع لطاعته، وجنَّبهم سخطه.
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(9/428)
المشاركة بربح مقطوع
المجيب خالد بن إبراهيم الدعيجي
مشرف تربوي في وزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الشركة وأنواعها
التاريخ 27/12/1425هـ
السؤال
لدينا شركة مكاسبها عالية جدًّا بفضل الله، وأرباحها مؤكدة- إن شاء الله- وليس فيها مغامرة البتة، ونريد أن نطرح باقة للمساهمة بالصفة التالية: قيمة السهم 5000 ريال، ونكتب في العقد بيننا وبين المساهم أننا لا نضمن الربح ولكن نتوقعه بنسبة 99.99 %، وأيضًا نكتب أنه لو خسر المشروع فتخسر معنا، ولكن لو ربحنا فنتوقع أن تحصل في الشهر الأول على 5000 ريال (أي نفس المبلغ الذي دفعته) والشهر الثاني 4000 والثالث 3000 ريال، والرابع ألفي ريال، والخامس 1000 ريال، وتنتهي الدورة الاستثمارية، وبإمكانك بدء دورة استثمارية جديدة إذا رغبت. فهل هذه الطريقة جائزة؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
المساهمة بهذه الصيغة محرمة ولا تجوز؛ لما فيها من الغرر، وسبب عدم الجواز أنه لا توجد نسبة شائعة من الربح، وأما ذكر المبلغ المقطوع فهذا لا يجوز لأنه قد لا تربح الشركة لسبب ما فيحدث مشاكل بين المساهمين وملاك الشركة.
والعلاقة بين المساهمين وأصحاب الشركة علاقة مضاربة، ومن صحة المضاربة أن يكون الربح مشاعًا بين رب المال (المساهمين) والمضارب (الشركة) .
ولهذا أرى أن يكون من بنود العقد الصيغة التالية:
1- نشترك في الخسارة كما أننا نشترك في الربح.
2- سيكون توزيع الربح كالتالي:
الشهر الأول: للمساهم 80% من أرباح أسهمه، ونتوقع أن يكون المبلغ (4000 ريال) . أو غير ذلك. وبقية النسبة (20%) للمضارب (الشركة) .
الشهر الثاني: للمساهم 60% من أرباح أسهمه، ونتوقع أن يكون المبلغ (3000 ريال) .
الشهر الثالث: للمساهم 40% من أرباح أسهمه، ونتوقع أن يكون الربح (2000 ريال) .
وهكذا حتى تتم الدورة الاستثمارية.
وعليه تكون نسبة الربح مشاعة بين المساهم (رب المال) ، والشركة (المضارب) ، وبالتالي تصح المضاربة.
والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(9/429)
إجارة الأرض للزراعة
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المساقاة والمزارعة
التاريخ 20/2/1425هـ
السؤال
هل يجوز المشاركة في حصاد الأرض الزراعية وتأجير المزارع بإيجار ثابت أو مقابل تقديم المحصول؟ قرأت بعض الأحاديث في صحيح البخاري تذكر أن ذلك كان مباحاً أولاً ثم حُرِّم، حتى أن ابن عمر - رضي الله عنهما- رد تأجير أرضه بعد سماع حديث من رفيع بن خديج بأن الأرض يجب أن تجنى من قبل مالكها، أو بواسطة آخرين، أو تركها بدون جني، وكان ابن حجر يرى أن تأجير الأرض مقابل المحصول غير جائز، وتأجير بالمال جائز، وعندي حيرة في هذا الأمر، فآمل منكم التوضيح.
الجواب(9/430)
أحكام المزارعة بيَّنها أهل العلم ووضحوها، والنبي - صلى الله عليه وسلم- عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو ثمر، وهو حديث متفق عليه عند البخاري (2286) وابن عمر - رضي الله عنهما-، وقد قال أبو جعفر: عامل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل خيبر بالشطر، ثم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان وعلي - رضي الله عنهم- ثم أهلوهم إلى اليوم يعطون الثلث والربع، وهذا أمر صحيح مشهور، عامل فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى مات، ثم خلفاؤه الراشدون حتى ماتوا، ثم أهلوهم من بعدهم، ولم يبق في المدينة أهل بيت إلا عمل به، فعمل به أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من بعده، فروى البخاري (2328) عن ابن عمر - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو ثمر، فكان يعطي أزواجه مائة وسق ثمانون وسق تمرٍ، وعشرون وسق شعيرٍ ... إلى آخر ما جاء في ذلك، فكون الإنسان يتعامل بطريق المزارعة يكون بينه وبين صاحب الأرض معاملة يتفقون فيها على أن يكون البذر من أحدهم، والعمل من الآخر، أو يكون البذر والعمل من شخص، والأرض من آخر، ويقسم النتاج بينهما بحسب ما يتفقون عليه، فإن هذا جائز - إن شاء الله-، كما أنه جاء من حديث آخر بإجارة الأرض أنه تجوز إجارتها بالورق والذهب، والمراد بالورق: الفضة قال بعض أهل العلم: تجوز إيجارة الأرض بالورق والذهب، وسائر العروض سوى المطعوم في قول أكثر أهل العلم، قال أحمد: "قلما اختلفوا في الذهب والورق"، وقال ابن المنذر: "أجمع أهل العلم على أن اكتراء الأرض وقتاً معلوماً جائز بالذهب والفضة"، روينا هذا القول عن سعيد، ورافع بن خديج، وابن عمر، وابن عباس وغيرهم - رضي الله عنهم- وقالوا: "إن رافعاً قال: أما الذهب والورق فلم ينهنا- يعني النبي - صلى الله عليه وسلم- وفي رواية لمسلم: "أما بشيء معلوم مضمون فلا بأس" وعن حنظلة بن قيس أنه سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض؟
فقال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كراء الأرض قال: فقلت: بالذهب والفضة"، قال: إنما نهى عنها ببعض ما يخرج منها، أما بالذهب والفضة فلا بأس، انظر جميع هذه الروايات في صحيح مسلم (1547) ، وقد أجاب العلماء عن هذا الحديث بأن هذا لعله متقدم على خيبر، فقصة خيبر تكون ناسخة لهذا الموضوع، والذي عليه أهل العلم هو جواز التعامل مع أهل الأراضي بشطرها أو بثلث ما يخرج منها، أو بربع ما يخرج منها، أو نحو ذلك، وبالله التوفيق.(9/431)
تأجير الشجر المثمر
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/المساقاة والمزارعة
التاريخ 05/06/1426هـ
السؤال
سؤالي عن إجارة الحدائق المثمرة، حيث يتم تأجير الحديقة لمدة من الزمن، على سبيل المثال: يقوم صاحب حديقة عنب بتأجير تلك الحديقة قبل أن تثمر، مدة ثلاثة أعوام، فما حكم ذلك؟ علماً أني سمعت حديثاً للرسول -صلى الله عليه وسلم- ينهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها. جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فتأجير الأشجار من النخيل وغيره -كأشجار التفاح والعنب والبرتقال وغير ذلك- أجازه بعض العلماء، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- ويدل له وروده عن عمر -رضي الله تعالى عنه- ولأن الأصل في المعاملات الحل والصحة، ولعدم ترتب محظور شرعي عليه.
وأما قولك: إنك سمعت نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها. فنقول هذا صحيح [صحيح البخاري (2194) ، صحيح مسلم (1534) ] ، ولكن ثمة فرق بين بيع الثمار قبل بدو صلاحها، وبين تأجير الأشجار المثمرة؛ فمثلاً لو باع شخص ثمرة النخيل وهو أخضر لم يحمر أو يصفر، فنقول: إن هذا البيع محرم وباطل؛ لما يترتب على ذلك من احتمال وجود الآفة لهذه الثمرة، وكذلك لو باع ثمرة البرتقال أو التفاح قبل أن يطيب وينضج أو العنب قبل أن يحمل الماء ويتموه حلواً، فنقول: إن هذا بيع باطل لا يصح، والنبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذلك، ففرق بين مسألة البيع وبين مسالة تأجير الأشجار، فالتأجير -كما أسلفت- جائز؛ لفعل عمر -رضي الله عنه-؛ ولأن الأصل في المعاملات الحل، بخلاف بيع الثمار قبل بدو صلاحها، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- نهى عنه.(9/432)
هل يدفع باقي الإيجار؟
المجيب د. حسين بن عبد الله العبيدي
رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 18/1/1425هـ
السؤال
استأجرت شقة، وكانت مدة العقد سنة حيث يكون الدفع كل ستة أشهر، دفعت له نصف المبلغ الدفعة الأولى، وأنا أعمل في مكة، وزوجتي تعمل في منطقة أخرى، ووالدي ووالدتي يعيشون في مكة، قدر الله -سبحانه وتعالى- وتوفي والدي -رحمه الله-، وكذلك زوجتي لم تنقل إلى مكة، فطلبت من الشركة نقلي إلى مكان عمل زوجتي فوافقوا على ذلك، وأردت أن أخلي الشقة ولكن صاحب الملك ألزمني بدفع المبلغ الباقي وهو الدفعة الثانية بعد أن انتهت الستة شهور الأولى، وأنا لا أملك المبلغ الذي يطلبه مني وسوف أستأجر في المنطقة التي نقلت إليها وقد أخبرته مسبقاً في حديث بيننا أنني سوف أقدم نقلاً إلى منطقة عمل زوجتي إن لم تنقل فأبدى رضاه عن ذلك ولم يطلب مني أي شئ، الآن ماذا أفعل؟ أفيدوني أفادكم الله هل أدفع له المبلغ بعد أن أخليت الشقة مقابل الستة شهور المقبلة وهي بقية العقد أم ماذا؟.
الجواب
ذكر الفقهاء -رحمهم الله- أن الإجارة عقد لازم من الطرفين (المؤجر والمستأجر) ليس لأحدهما فسخ الإجارة دون رضا الطرف الآخر، وهذا العقد يقتضي تمليك المؤجر الأجر والمستأجر المنافع، فإذا فسخ المستأجر الإجارة قبل انقضاء مدتها وترك الانتفاع اختياراً منه لم تنفسخ الإجارة، والأجر لازم له، وبناء على ذلك فليس للمستأجر في هذا السؤال فسخ الإجارة دون رضا المؤجر، فإن ترك الانتفاع فتلزمه الأجرة مدة العقد، إلا أنه ينبغي للمؤجر إقالة المستأجر وهذا سنة في حقه، فإن لم يفعل فالأجرة مستحقة له. وبالله التوفيق.(9/433)
طبخ الخنزير وتحضير الخمر للكفار
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 18/6/1424هـ
السؤال
خطيبي يعمل بأوربا طباخاً عند أحد الإيطاليين، وطبعاً يطهو لحم الحنزير ويستعمل الخمر كذلك في الطهي لكنه لا يأكل طعامهم.
- هل كسبه حلال أم حرام؟
- هو يريد تغيير عمله لكن ما باليد حيلة، فرص العمل هناك نادرة، فبماذا تنصحونه؟
وجزاكم الله كل خير.
الجواب(9/434)
هذه مسألة يكثر السؤال عنها في أوروبا، وهي مسألة اختلف العلماء فيها، اختلفوا في الاستئجار لحمل الخمر أو الخنزير مثلاً، فهل له أجرة أو ليست له أجرة؟ وهل تطيب هذه الأجرة له أو لا تطيب له؟ فالصحيح من مذهب الإمام أحمد أن الأجرة لا تطيب له، ولكنهم حكوا القول الثاني عنه أيضاً، أي أن له الأجرة ولكنها تكره، وأطلق الوجهين في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والرعاتين والحاوي، فعلى القول الثاني وهو أنه يجوز له الاستئجار أو يصح له الاستئجار على حمل الميتة والخنزير والخمر يكره أكل الأجرة ولا يحرم، وعلى هذه الرواية تصح الإجارة، وقد حكي في الإنصاف أن هذا هو الصحيح وعليه الأصحاب، وأطلق كثير من العلماء كصاحب الفائق وغيره روايتين، وأطلق بعضهم في المستوعب وجهين، وفي مذهب الإمام مالك يفرق بين أن يكون قد استأجر نفسه في الخمر ونحوه لمسلم فهذا لا يصح، أو يكون قد استأجره لكافر فإنه يصح على رواية زونان عن مالك، وأنه تطيب له الأجرة، ذكرها المواق في شرحه على خليل، وعلى هذه الرواية تبنى المسألة على مسألة الكافر هل هو مخاطب بالفروع أو ليس مخاطباً بالفروع، وهما وجهان صحيحان في مذهب مالك - رحمه الله تعالى -، وقال أبو حنيفة إنه تجوز له الأجرة على حمل الخمر، فالمسألة فيها أقوال إن شاء الله - تعالى - فنحن نفتيه بالأخف والأسهل، وبالتالي نقول: إن هذا الرجل يجوز له أن يعمل حتى يجد عملاً آخر، ويجوز له أن يأخذ تلك الأجرة لأنه محتاج إليها، وإن شاء الله لا يجد في نفسه حرجاً؛ لأن المسألة فيها خلاف وفيها روايات وذكرها ثقات العلماء - رضي الله عنهم - والله أعلم.(9/435)
إصلاح سيارات شركات التأمين
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 7/1/1424هـ
السؤال
لدي مركز صيانة سيارات وتعاقدت معي شركة تأمين بإصلاح سيارتهم التي يجري عليها التأمين فهل هذا الفعل يجوز؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب
نعم يجوز أن تتعاقد مع شركة التأمين لإصلاح سياراتها ومعداتها حتى لو كانت الشركة التأمينية في عقودها نظر مع المؤمنين معها، فالتعامل مع الكافر أو من ماله حرام بالبيع والشراء جائز لا شيء فيه ما دام تعاملك أنت مستوفياً الصفات الشرعية في العقود.
وعليك أن تعامل هذه الشركة كما تعامل غيرها من الشركات والمؤسسات الأخرى، والله أعلم.(9/436)
أخذ الأجرة على الشفاعة
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 1/11/1423هـ
السؤال
هل يجوز أخذ المال من المعاملين أو المستفيدين في العمل للحالة التالية:
استغلال مقر عملي ومعرفتي بالمسئولين وإخراج أوامر لبعض المستفيدين في طلب العلم (منح دراسية) دون أن يكون أي ضرر للآخرين وإنما لتسهيل عملية الدراسة؟
الجواب
الحمد لله وحده وبعد:
أما استغلال مقر العمل ومعرفتك بالمسئولين لإخراج أوامر منح دراسية دون ضرر للآخرين وإنما لتسهيل علمية الدراسة.
فهذا إن كان احتساباً منك دون أجرة وكان من تشفع له مستحقاً فعملك من الأعمال التي تؤجر عليها قال تعالى: "من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها" [النساء:85] وعن أبي موسى - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اشفعوا تؤجروا " صحيح البخاري (1432) .
أما أخذ مقابل على هذه الشفاعة فهذا محل خلاف بين أهل العلم واختار شيخ الإسلام التحريم لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من شفع لأحد شفاعة فأهدى له هدية عليها فقد أتى باباً عظيماً من الربا" سنن أبي داود (3541) وحسنه الألباني صحيح أبي داود (3025) .
قال ابن تيمية رحمه الله -"وأما الهدية في الشفاعة مثل أن يشفع لرجل عند ولي أمر أن يرفع عنه مظلمة أو يوصل إليه حقه أو يوليه ولاية يستحقها أو يستخدمه في الجند المقاتلة وهو يستحق أو يعطيه من المال الموقوف على الفقراء أو الفقهاء أو القراء أو النساك أو غيرهم وهو من أهل الاستحقاق، ومثل هذه الشفاعة على فعل واجب أو ترك محرم فهذا أيضاً لا يجوز فيه قبول الهدية، ويجوز للمهدي أن يبذل ما يتوصل به إلى أخذ حقه أو دفع الظلم عنه، هذا هو المنقول عن السلف والأئمة الأكابر.(9/437)
ومتى سوغ أخذ الجعل على مثل هذا لزم أن تكون الولاية وإعطاء أموال الفيء والصدقات وغيرها وكف الظلم عمن يبذله، والذي لا يبذله لا يولى ولا يعطى وإن كان أحق وأنفع للمسلمين من هذا فمن أخذ جعلاً من شخص معين على ذلك أفضى أن تطلب هذه الأمور بالعوض.. بل يشفع ولا يأخذ هذا هو المأموربه)
إلى آخر كلامه في مختصر الفتاوى المصريه (ص:458/459) .
وما ذكره السائل مما انتشر هذا الزمان وسبب انتشاره فساداً كبيراً فأسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(9/438)
شراء وتأجير مواقع الإنترنت
المجيب أ. د. صالح بن محمد السلطان
أستاذ الفقه بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 8/11/1423هـ
السؤال
هل يجوز أن أشتري جزءاً من موقع على الإنترنت وتأجيره على الآخرين؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
يجوز شراء موقع على الإنترنت وتأجيره على الآخرين بشرط ألا تؤجره على من يستغله في أشياء محرمة وقد قلنا بالجواز لأن الأصل الحل، لكن بالشرط المتقدم.(9/439)
حكم نقل شخص يحمل الخمر
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 23/3/1424هـ
السؤال
هل يجوز لسائق أجرة أن ينقل شخصاً يحمل بيده خمراً؟
الجواب
لا يجوز لسائق السيارة أن ينقل من يحمل بيده خمراً؛ لأن ذلك إعانة على المعصية، ولأن الناقل في حكم حامل الخمر الذي ورد لعنه في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- انظر ما رواه الترمذي (1295) ، وابن ماجة (3381) ، من حديث أنس - رضي الله عنه-.(9/440)
الشرط الجزائي
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 23/9/1422
السؤال
هل يجوز تطبيق الشرط الجزائي على العامل في عقد اتفاق العمل؟
الجواب
الشرط الجزائي، هو: اتفاق بين المتعاقدين على تقدير التعويض الذي يستحقه من شُرِط له عن الضرر الذي يلحقه إذا لم ينفذ الطرف الآخر ما التزم به أو تأخّر في تنفيذه، والشرط الجزائي يجوز اشتراطه في جميع العقود المالية، ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها ديناً؛ لأن هذا من الربا، وكذا في العقود التي نهى الشارع عنها، مثل: الوعد الملزم في بيع المرابحة؛ لأنه يدخل في بيع ما لا يملك الإنسان، وقد نهى الشارع عن ذلك، وبناءً على هذا فيجوز في عقود المقاولات الشرط الجزائي على العامل (المقاول) ، وكذا في عقد التوريد بالنسبة للمورد، إذا لم ينفِّذ ما التزم به، أو تأخر في تنفيذه، ولا يجوز مثلاً الشرط الجزائي على رب العمل لو تأخر في السداد للمقاول؛ لأنه ربا.
ولا يجوز أيضاً الشرط الجزائي على العامل الأمين (وهو الأجير الخاص) لأجل خطئه، وهو لم يفرّط؛ لأن هذا تضمين عليه بما لم يضمنه بالشرع، أما لو شرط عليه شرط جزائي فيما لو تأخر بالعمل فلا بأس حينئذٍ، والله أعلم.(9/441)
المناقصات التجارية
المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 11/4/1423
السؤال
ما مدى مشروعية المناقصات التجارية التي تحدث في وقتنا الحاضر؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن المناقصة معناها: أن يعلن راغب الشراء طلبه شراء سلعة ليتزاحم كل من الباعة على البيع بثمن أنقص، فهي عكس المزايدة.
وقد تكون المناقصة في استئجار الأعيان، أو في الإجارة على الأعمال.
والبيع والإجارة عن طريق المناقصة جائزان شرعاً إذا سلمت هذه المعاملة من التلاعب والتزوير، بل ربما أدى ببعض المشاركين في المناقصات إلى أن يدفع الرشوة لمن يخبره عن العطاء الأقل من أجل أن ينقص هو فيفوز بالعطاء، فهذه أمور محرمة لا تجوز، أما البيع في ذاته أو الإجارة عن طريق المناقصة فهما صحيحان، ثم لا تخلوا المناقصة إما أن تكون مناقصة علنية أو عن طريق الظرف المختوم، فإن كانت علنية، فما يذكره المشارك في المناقصة يعد إيجاباً فإذا دفع أحد غيره ثمناً أقل بطل ذلك الإيجاب؛ لأن طلب الأقل يعد إعراضاً عن ذلك الإيجاب، فإذا عرض عليه الثمن الأقل وقبل فقد انعقد العقد حينئذٍ، وإن كانت المناقصة عن طريق الظرف المختوم بأن يرسل المشاركون معروضاتهم في الأسعار دون أن يعلم أحدهم بما قدم الآخر ثم تفتح معروضاتهم، فإن هذه المعروضات تعد إيجابات متعددة فيصح للطرف الآخر أن يقبل بأي منها ولو قبل غير الأقل، إلا المناقصات التي تجريها الدوائر الرسمية من فروع الحكومة فيما تحتاج إليه من الأعيان أو الأعمال فلا يجوز لها أن تختار من الأسعار المعروضة إلا ما وافق مصلحة بيت المال العام، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(9/442)
متى يستحق الموظف أجرة الانتداب؟
المجيب د. فيحان بن شالي المطيري
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 5/5/1423
السؤال
أريد تفصيلاً في أحكام الانتداب وخارج الدوام في قضية جواز أخذ المال، هل يلزم مثلاً قضاء المدة المطلوبة أم أن القضية تقديرية وترجع إلى المدير المباشر فقط؟
الجواب
المهمة التي يكلف بها الموظف سواءً أكانت انتداباً أم خارج دوام المراد بها إنجاز عمل من الأعمال، فإذا أنجز الموظف هذا العمل دون تقصير فهذا هو المطلوب، سواءً استغرق المدة أم لم يستغرقها، وبهذا يستحق الأجر المالي لإنجازه العمل الذي خصص له هذا الأجر، والله الموفق.(9/443)
إيجار المنتجعات السياحية
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 10/5/1423
السؤال
شركة سياحية تعرض بيع عقار في منتجع سياحي معين في بلد معين لمدة أسبوع بالسنة بقيمة معينة، ويمكن للزبون اختيار أي منتجع بالعالم يتبع لهذه الشركة لمدة أسبوع يختاره هو، على أن يدفع قيمة الصيانة السنوية، سؤالي عن الحكم الشرعي لهذه العملية وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الذي يظهر -والله تعالى أعلم- أن هذه إجارة وليست ببيع، والإجارة هي: بيع المنفعة وليس بيعاً لعين، وبناء عليه فلا أرى حرجاً في مثل هذه المعاملة، والأصل في المعاملات الحل إلا ما ورد النهي فيه كأن تشتمل المعاملة على الربا، أو على الغرر، أو الميسر، أو على أكل أموال الناس بالباطل، أو على استعمال مبيع ونحوه في محرم، أو يكون هو محرماً كآلات اللهو، وبهذا يتبين أنها مباحة -إن شاء الله تعالى-، لكن أحب أن أشير إلى ما يتعلق بالسياحة من المخالفات الشرعية التي لا تخفى، من السفر إلى بلاد الكفار من غير حاجة إن كانت السياحة في بلادهم، وإن كانت معه عائلته فالخطر أكبر، فإن في ذلك تعريضاً للأخلاق والعقائد للخطر، وليس المقام مقام بسط، لكن أحببت التنبيه والإشارة، وعلى السائل أن يراجع أهل العلم في ذلك، والله -تعالى- أعلم.(9/444)
العمل في إدراج وتقييد الفوائد البنكية
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 12/5/1423
السؤال
أعمل محاسباً بإحدى الشركات، وأعمالي تتكون من:
1-ترحيل حركة الحسابات للبنوك والشركة، وبالتالي أقوم بإدراج العمولة والفوائد المرسلة بكشف البنك بدفاتر وكمبيوتر الشركة، وكذلك تحويلات بنكية لشراء بضاعة من الخارج.
2-أعمال الشؤون الإدارية للموظفين من إجازات ودوام وخلافه.
ما حكم الراتب الذي أتقاضاه نظير مجموع الأعمال التي أقوم بها، وذلك لشكي في أنني ممن يكتبون الربا (أعمال البنوك) ؟ علماً أنني متزوج ولي ثلاث بنات.
الجواب
إذا كان عملك في المحاسبة يقوم على توثيق وكتابة وتقييد العمولات والفوائد الربوية المستفادة من الاقتراض أو الإقراض، أو كانت التحويلات البنكية التي تقوم بها الشركة المذكورة فيها الفوائد الربوية لأجل الاقتراض أو الإقراض، فهذا العمل داخل في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء" رواه مسلم في صحيحه (1598) من حديث جابر.
وعلى هذا فما تتقاضاه من مرتب لأجل هذه الأعمال لا يجوز، وإذا كنت جاهلاً بالحكم قبل ذلك فما أخذته قبل ذلك لأجل عملك بما فيه توثيق الفوائد وتقييدها معفو عنه؛ لقوله -تعالى-: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" أي: فله ما سلف مما كان قبضه من الربا جعله له وأمره إلى الله، كما قال جماعة من المفسرين، واختاره ابن تيمية، وغيره.
والضمير في (وأمره) عائد على ما سلف، أي: أمره إلى الله في العفو عنه وإسقاط التبعة فيه، هذا أظهر الأقوال، والله أعلم، والواجب مع هذا التوبة والإقلاع عن الذنب والندم على ما مضى، ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.(9/445)
حكم صرف الأدوية الحكومية للأقارب
المجيب عبد الرحمن بن عبد الله العجلان
المدرس بالحرم المكي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 12/11/1422
السؤال
أنا صيدلي أعمل في مستشفى تابع لوزارة الصحة، وبطبيعة الحال يوجد تحت أيدينا أدوية ومستلزمات طبية أخرى، فهل يجوز لي الصرف من هذه الأدوية للأقارب، أو الأصدقاء، أو للاستخدام الشخصي بدون وصفة طبية (على شكل هبة بدون مال) ؟ وإذا كان لا يجوز، فما الحكم في الأدوية التي صرفتها في السنوات الماضية؟ وإذا كان المريض محتاجاً وليس لديه وصفة، هل إذا أعطيته أكون آثماً بذلك؟
الجواب
لا يجوز لك الصرف من هذه الأدوية إلا إذا كنت مخولاً ممّن يملك ذلك، أمّا على سبيل الاجتهاد فلا يجوز لك ذلك، وكذلك لا يجوز لك الصرف لمن ليس لديه وصفة طبية ممّن يملك ذلك من الأطباء.(9/446)
راتب الإمام إذا تغيب عن المسجد
المجيب د. سليمان بن وائل التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 13/5/1424هـ
السؤال
عندنا مسجد بجوار البيت، والدي المؤذن وأنا الإمام، ظروف عملي أجبرتني على الرحيل بعيداً عن البيت فأصبح أبي هو المؤذن والإمام في نفس الوقت، هل الراتب الذي أتقاضاه شهرياً من وزارة الأوقاف حلال؟ ولكم جزيل الشكر وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الجواب
ينبغي أن يعلم أن ما يعطاه المؤذن، أو الإمام ونحوه على العمل في المسجد ليس أجرة، وإنما هو مكافأة ورزق، وهذا إنما هو مقابل بذله شيئاً من الجهد والوقت بحبس نفسه على خدمة هذا المسجد، فالإمام إذا كان يقوم بهذا العمل فإنه يستحق هذه المكافأة، وإذا كان بعيداً في بيته، ولا يصلي بالناس فلا يستحق هذه المكافأة، وحينئذ فعليه أن يتصل بوزارة الأوقاف ويخبرهم بحاله ليختاروا بديلاً عنه يقوم بهذا العمل، وأما هو فليس له الحق في أن يأخذ المال ما دام ينوب عنه أبوه؛ لأن وجود الإمام إنما هو باختيارٍ من الجهة المسؤولة، وقد يكون والدك لا تتوفر فيه صفات الإمام الذي ترتضيه الجماعة، أو لا تتوفر فيه الصفات الشرعية التي تؤهله ليقوم بالإمامة، وهذا الأمر متروك لصاحب الشأن وهو وزارة الأوقاف.(9/447)
حكم العمل في بناء البنوك
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/العمل والعمال
التاريخ 15/1/1425هـ
السؤال
بالنسبة لأعمال البناء والمقاولات قد يعرض أو بالأصح نأمر بالإشراف على بعض المواقع مثل الفنادق والبنوك الخ.... فهل يجوز العمل في هذه الأمور أم لا؟
الجواب
يظهر لي والله أعلم أن العمل في ما ذكرته من الإشراف على ما ذكرته ليس فيه عمل عند البنك ولا تعاملٌ معه بل مجرد إشراف مطلوب من جهة أخرى ومختص بالإشراف على البناء ونحوه. لكن قد يقال إن هذا العمل قد يكون فيه إعانة على إقامة البنك الربوي لكن هذا من بعيد ولا شك إن ترك ذلك أولى لقوله تعالى: "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] . ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: "دع ما يريبك إلى مالا يريبك" أخرجه الترمذي (2518) من حديث الحسن بن علي -رضي الله عنه-، والله أعلم.(9/448)
هل يحق لي عدم إكمال عقد الإيجار؟
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 23/11/1422
السؤال
أستأجرت شقة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأبرمت عقداً مع صاحب العقار وهو غير مسلم باستئجار الشقة لمدة ستة أشهر، وطلب مني دفع المبلغ على دفعتين: 1500 دولار للثلاثة أشهر الأولى، و1100 دولار للثلاثة الأشهر الأخرى..دفعت القسم الأول، ولما انقضت فترة الدفع الأولى قررت الخروج من الشقة، وعدم دفع القسم الثاني. فخرجت من السكن ولم أخبرهم بأنني خارج، فهل يجب عليّ دفع القسم الثاني والذي قدره 1100دولار؟ بالرغم من أنني لم أسكن في الشقة وبالتالي لم أدفع مستحقاتها، أم أنه يعتبر ديناً عليّ يجب دفعه؟ أفيدوني أفادكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
يا أخي -حفظك الله- الأصل أن الإجارة عقد لازم في حق الطرفين المؤجِّر والمستأجر -خلال مدة الإجارة-، فلا يملك واحد منهما فسخه دون رضا الآخر ما لم يوجد ما يمنع استيفاء المنفعة المعقود عليها، مما هو متعلق بالمعقود عليه.
ويظهر في سؤالك أنه لا يوجد ما يمنع استيفاءك المنفعة المعقود عليها، وبناء عليه: فإنه لا يحق لك فسخ عقد الإجارة من تلقاء نفسك دون رضا المؤجِّر. وإذا مكّنك المؤجِّر من استيفاء المنفعة بتخليته بينك وبين الشقة فقد أدى ما عليه، وبقي أن تؤدي ما عليك وهو: دفع القسم الثاني من قسطي الإجارة. وإذا لم تفعل فإنه لا يزال ديناً في ذمتك، فيلزمك أداؤه إلى صاحبه، فإن تعذر لانتقال ملكية الشقة، وعدم معرفة عنوان المؤجِّر ونحو ذلك لزمك التصدق به، لا بنية التقرب إلى الله من جهة واحد منكما، بل بنية التخلص من هذا المال لكونه لا يحل لك، ولم تجد طريقاً لإيصاله لصاحبه.(9/449)
هل أفتح مقهى للإنترنت؟
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 22/12/1422
السؤال
أريد افتتاح مشروع مقهى إنترنت هل يجوز ذلك أم حرام؟ وما هي الضوابط المطلوبة للمشروع (مثلاً تحديد عمر المتعاملين كأن يكون ثمانية عشر عاماً فما فوق واستخدام الفلاتر والمرشحات، وعدم وضع أماكن مغلقة لكل جهاز) ؟
الجواب
الذي يظهر لي - والله أعلم - هو جواز ذلك إذا تحققت فيه الضوابط التالية: وهي استخدام المرشحات القوية للمنع من تصفح المواقع المحظورة، مع ضرورة قطع الاتصال بالشبكة متى ما تعطلت هذه المرشحات. وأن تكون الأجهزة مكشوفة حتى يسهل مراقبتها، فكم وجد من الطوام والفظائع في الغرف المغلقة. وتفقد الأجهزة كل حين؛ لتنظيفها من كل ما قد يُحفظ فيها من الصور أو المواقع المحرَّمة ونحو ذلك مما يستعان به للوصول إليها. هذا مع ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومسؤولية صاحب المقهى أو من يقوم مقامه في ذلك أعظم من غيره، فله في محله سلطان كسلطان الأب في بيته.
وبعد، فإن الأخذ بهذه الضوابط واجب حَتْم لكل من أراد الاستثمار في هذا المجال، ولكن المأمول من الأخ السائل فوق ذلك بكثير، وليس يقنعنا منه مجرد تطهير محله من أن يكون وكراً للفساد، بل إننا ننتظر منه أن تكون له سابقة في استثمار المقهى في دعوة الشباب وشغل أوقاتهم بالنافع المفيد. إن في جملة الشباب المترددين على هذه المقاهي من المهارات والطاقات ما يحتم علينا استثمارها وتوظيفها في سبل الخير، ونجاح هذا مرهون بقوة التأثير والاجتذاب التي لا تتحقق غالباً إلا من خلال التجديد والابتكار، واستغلال تقنيات هذا العصر.(9/450)
إنني أدعو هذا السائل وغيره من الأخيار الصالحين الذي يرغبون الاستثمار في هذا المجال إلى الأخذ بهذه الوسائل والاجتهاد في استغلالها، حتى يجعلوا من هذه المقاهي موطناً للهداية والإفادة، وحتى يعلم الناس أن المقاهي ما هي إلا أداة تصلح أن تكون نواة للخير، وليست حكراً على الفساد. وأرى أن تطرح هذا المشروع في منتديات الإنترنت، علك أن تحظى ببعض الأفكار في هذا، ولن يعدم المجتهد وسيلة مؤثرة في دعوة الشباب وإفادتهم. جعلنا الله وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا لمرضاته ويستعملنا في طاعته، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(9/451)
العمل في شركة تقترض بالربا
المجيب د. محمد العروسي عبد القادر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 2/1/1423
السؤال
نحن موظفون بشركة عامة نتقاضى مرتباً شهرياً مقابل العمل وهذه الشركة تقترض من المصرف بفائدة لدفع المرتبات ومصاريف الشركة. السؤال ما حكم العمل بهذه الشركة؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله. اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: فإن الله - سبحانه وتعالى- ورسوله - صلى الله عليه وسلم - حرما الربا ولعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله، أي آخذ الربا؛ أكله أو لم يأكله، وموكله، أي مطعمه وهو الذي يعطي الربا للمرابي انظر ما رواه مسلم (1597) من حديث عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-.
فمن اقترض أو استدان لغير حاجة، وإنما لتكثير مال، أو انتفاع بما لا ضرورة فيه، فهو ممن يشمله اللعن؛ لأنه أطعم الربا، فهو موكله.(9/452)
إذا تبين هذا، فإن الشركة التي أشار إليها السائل تقترض بالفوائد وتفعله كثيراً، فهذا يدل على أنها تستعجل نفعاً في غير ضرورة، فالأفضل لهذا العامل وأصحابه أن يبحثوا عن عمل آخر، ومن تيقن أن الرزق عنده - سبحانه-، وأن من ترك شيئاً لله، عوضه الله خيراً منه لا ينبغي له أن يعمل عند أمثال هؤلاء. وأما إن كان استدانة الشركة في بعض الأحيان، كألاَّ يوجد لديها ما تعطيه أجوراً لعمالها، ولا تفعلها إلا في بعض الأحيان للحاجة، فهذا -والله أعلم- إذا أخذ الأجير عمالته من هذه الشركة بهذا الوصف لم يكن عليه إثم - إن شاء الله - ولم يكن بمنزلة من أخذ أجرته ممن يأكل الربا كالبنوك وتجار العينة، ولا بمنزلة من يؤكل الربا كالذين يقترضون للمنفعة، وتحسين المعيشة، وزيادة الدخل، فإن العمل -عند هؤلاء- لا يجوز، والعقد معهم فاسد؛ لأنه إعانة لهم على المعصية. والله -سبحانه وتعالى- أعلم.(9/453)
ما حكم تأجير جزء من المسجد؟
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 15/12/1422
السؤال
في ألبانيا لدينا مسجد اشترى أحد المحسنين من السعودية أرضاً بجانبه، وأدخلها في أرض المسجد، والآن الإمام يرغب أن يفتح في جزء منه محلاً ويؤجره على أحد الإخوة الذين لا يبيعون أشياء محرمة، ويستفيدون من الإيجار في إصلاحات، أو نظافة المسجد، وغير ذلك، فهل هذا العمل جائز؟
الجواب
إذا كان ذلك الجزء الذي بجانب المسجد لا يحتاج إليه المصلون في الجمع والأعياد والمناسبات الإسلامية فلا بأس بتأجيره متجراً يصرف ريعه على المسجد في فرشه ونظافته وصيانته وكل ما يحتاجه، ويشترط أن لا يباع فيه شيء من المحرمات الشرعية، وينبغي أن يسجل هذا ويقيد بدائرة يعتاد تسجيل الأوقاف فيها عادة كالأوقاف، أو البلدية، أو الجمعية والمركز الإسلامي.
وعليه فإن فعل الإمام والحالة هذه جائز شرعاً ومأجور عليه - إن شاء الله -.(9/454)
منحة التقاعد
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 16/7/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هنا بأرض الجزائر يوجد بنتان لهما أب كان يعمل في فرنسا سابقاً، وتوفي وبقيت أمهم، ثم إنها تزوجت ولما حان وقت أخذهم لمنحة التقاعد يشترط القانون الفرنسي بأنه لابد أن تكون الزوجة لم تتزوج، وعليه فما دامت قد تزوجت فلا يحق لها أخذ مال زوجها السابق الحاصل من التقاعد لا هي ولا بناتها، والسؤال: هل هذا المال يعدّ حقاً للبنات ومن حقهم استرداده بطرق فيها نوع تغيير في الوثائق أو لا؟ علماً أن هاتين الفتاتين فقيرتان وهم بحاجة إلى هذا المال، نرجو منكم موافاتنا بالجواب في أقرب الآجال، وتكملة للسؤال: هل يعدّ مال التقاعد الذي تأخذه الزوجة باسمها مثلاً هو من الميراث أو هو منحة تستأثر بها الزوجة؟ علماً أن القانون الفرنسي يقول: إنه إذا توفيت الزوجة فلا يحق للأولاد أخذ ما تبقى من ميراث أبيهم. هذا في القانون، ولا ندري من الناحية الشرعية الحكم في ذلك، فنرجو التوضيح؛ لأنها مسألة مهمة، وقد سئلنا عنها هاهنا مراراً وتكراراً لكثرة العمال الجزائريين بفرنسا، حيث اضطرهم الاستعمار فيما سبق إلى الهجرة والعمل والله المستعان. ولي سؤال آخر: البعض من الناس إذا مات والده ووالدته الذين يحصلان على التقاعد لا يقوم بالتصريح بوفاتهما لدى الجهات الفرنسية حتى يأخذ مبالغ أخرى من هذه الجهات، مدعياً أن فرنسا قد أخذت عرق أبيه وجده ونحو ذلك، فما الحكم أيضاً في هذه الحالة؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد: فالذي يظهر لي أن التقاعد منحة من الحكومة للموظف وليس من الإرث، وعليه فلا أرى جواز تغيير الوثائق أو الكذب للحصول عليه ممن لا يشمله التقاعد في كل الصور المذكورة في السؤال، ومن اتقى الله جعل له مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب، والله الموفق.(9/455)
تخفيضات الرسوم المدفوعة جملة
المجيب د. حمد بن حماد الحماد
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 15/11/1424هـ
السؤال
لدينا مدرسة إسلامية في مدينتنا يقوم الأب بدفع الرسوم الدراسية لها على أقساط شهرية لمدة عشرة أشهر، وللأب الخيار في دفعها في الشهر الأول، حيث يتحصل على تخفيض 10%، أحد الإخوة قال لي إن هذا أشبه بربا الفضل، وأنا عضو في لجنة المدرسة، فهل في هذا الإجراء مخالفة شرعية؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
ليس في هذه العملية ربا، لا فضل ولا نسيئة، بل هذا جائز، لأن هذه الرسوم تعتبر أجرة، والمعجَّل يختلف عن المؤجل، إلا أنه يجب أن يبت في العقد بأحد الأمرين، ولا يترك محتملاً للمعجَّل والمؤجل.(9/456)
دفع مبلغ للحصول على وظيفة
المجيب د. عبد الله بن محمد السعيدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 24/11/1423هـ
السؤال
أنا لي ست سنوات لم أجد عملاً، فوجدت رجلاً يقبل المال مقابل وظيفة في إحدى الشركات الكبرى، يعني بالعامية (يوظف بفلوس) هل عليَّ إثم في ذلك؟
الجواب
الحمد لله، يا أخي - وفقك الله - المسألة فيها تفصيل:
أ. فإن كان الرجل الذي يأخذ مالاً مقابل التوظيف، هو مسؤول أصلاً عن التوظيف، وهو عمله الرسمي الذي يتقاضى عليه مرتباً، كأن يكون موظفاً في وزارة الخدمة المدنية، أو في شؤون الموظفين في أي جهة كانت حكومية أو أهلية، فلا يجوز له أن يأخذ مالاً لقاء التوظيف؛ لأن التوظيف هو عمله الذي يأخذ عليه مرتباً، وما يأخذه من الأفراد من مال مقابل توظيفهم يعد رشوة محرمة، سواءً أخذه من الأفراد طالبي التوظيف أنفسهم، أو أخذه من الجهات أو الأفراد الذين يبحثون للناس عن وظائف بمقابل.
ب. وإن كان الرجل الذي يأخذ مالاً مقابل التوظيف ليس مسؤولاً عن التوظيف، ولا موظفاً في دائرته، لكنه طرف خارجي، وإنما يأخذ المال منك مقابل جهده في بحثه لك عن وظيفة، وقيامه بما يقتضيه طلب الوظيفة من إجراءات، وتذليل الصعاب في ذلك على نحو مشروع، فلا مانع منه، والله - تعالى - أعلم.(9/457)
العمل في شركة تتعامل بالربا
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 1/9/1423هـ
السؤال
أعمل في شركة أبي أجيراً وهو يتعامل بالربا، حيث تختلط أمواله بالحرام، فهل يجوز أن أواصل عملي عنده، أو أتناول الطعام عنده؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده وبعد: فإن كان لوالدك في شركته عمل آخر - سوى الربا - من الأعمال المباحة فإني أرجو ألاّ حرج عليك في العمل معه والتناول من طعامه، وعليك ألاّ تشارك في حساب الربا ولا كتابته.
وأما إن لم يكن له عمل سوى الربا، فإني أرى لك أن تترك العمل معه وألاّ تتناول من طعامه إلا إن كنت غير مستطيع الإنفاق على نفسك، فإن لك أن تأخذ منه قدر حاجتك، وفقك الله وأغناك بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه.(9/458)
العمل لدى شركات التدخين
المجيب د. عبد الله بن فهد الحيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 24/8/1423هـ
السؤال
ما حكم العمل لدى شركات التدخين؟ مع التفصيل، بارك الله فيكم وفي علمكم.
الجواب
الدخان محرم، لكونه من الخبائث، وقد قال الله سبحانه وتعالى واصفاً نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - "يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ" الآية، [الأعراف: 157] ، ولا يجوز بيعه؛ لما روى أبو داود (3488) بسند صحيح أن رسول الله - صلى الله عليه سلم - قال: ( ... إن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه"، والعمل في شركات التدخين - التي يقوم عملها على صناعة الدخان والتجارة فيه - لا يجوز؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه في قوله تعالى "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" الآية، [المائدة: 2] ، وبالله التوفيق.(9/459)
استقدام الخادمة الكافرة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 2/2/1423
السؤال
ما حكم الاستعانة بخادمة غير مسلمة؟ نظراً لارتفاع سعر الخادمة المسلمة.
الجواب
أصبح استجلاب الخادمات في مجتمعنا -مع الأسف- ظاهرة سيئة يقلد الناس فيها بعضهم بعضاً، وإن لم توجد حاجة ضرورية لصاحب البيت تدعو لاستخدامها، وظهر من ذلك أضرار ومحاذير شرعية واجتماعية وصحية واقتصادية فضلاً عن مجيئها بدون محرم والخلوة بها، وعلى كل حال أنصحك يا أخي بأن تحاول إقناع زوجتك وأهل بيتك بالاستغناء عن الخادمة أصلاً، كافرة كانت أو مسلمة، وإن لم تستطع أو كانت لديك حاجة ملحة أو ضرورية فعليك بالخادمة المسلمة وإن زادت عليك كلفتها، واحتسبت هذا عند الله، والله يأجرك عليه، وعلّمها أحكام الدين وفقهها فيه، واجلب لها الكتب النافعة والأشرطة المفيدة بلغتها، وعلمها الآداب الشرعية وأمرها بالحجاب الشرعي، ولا أنصحك بالخادمة (الأجنبية) ما دامت كافرة فإنك آثم إن أتيت بها وأنت تجد مسلمة تقوم مقامها، ثم إنك خالفت أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "لا يجتمع في جزيرة العرب دينان" رواه أحمد (26352) ومالك (1697) ، وعلاوة على أن المشركة كيف تؤمن على تربية الأولاد والقيام بشؤون البيت وهي لا أمانة لها؟ أسأل الله لي ولك التوفيق لما يحبه ويرضاه.(9/460)
العمل في الشرطة في بلد لا يحكِّم الشريعة
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 9/10/1424هـ
السؤال
هل يجوز الدخول أو العمل في الشرطة في بلد لا يحكم بشرع الله إذا لم أجد عملاً آخر؟.
الجواب
العمل في الشرطة كغيره من الأعمال تعتريه أحكام، فإن غلب على ظن العامل أنه لن يصيبه في عمله هذا ضرر في دينه ولا دنياه، أو ترجَّحت مصلحته على ما فيه من مفسدة فإنه لا حرج على المسلم فيه.
أما إذا كان الحال بالعكس، بأن غلب على ظن العامل أنه يرتكب في عمله هذا ما يضر به في دينه، أو يضر به أو بغيره من المسلمين في دنياه، فإنه والحالة هذه لا يجوز له الإقدام عليه، والمرء فقيه نفسه، وعليك أن تنظر إلى الأمور بالنظر الصحيح، فما ترجح لديك فاعمل به.(9/461)
استبدال الدورة والتوفير من مالها
المجيب أ. د. محمد بن أحمد الصالح
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 17/8/1423هـ
السؤال
أعمل في جهة حكومية، وعندنا برنامج للتدريب على مشروع جديد، حيث قالوا لنا: سنعطيكم مبلغاً من المال على أن تختاروا دورة دراسية مكثفة، سواء في الداخل أو الخارج في مواضيع تم تحديدها لنا، والحقيقة أن المبلغ كبير نوعاً ما، وبإمكاني الحصول على الدورة المذكورة بمنتهى الكفاءة، مع توفير جزء لا بأس به من المبلغ، وذلك كأن أقوم بأخذ الدورة في المملكة وليس خارجها، فهل يحل لي أخذ المبلغ المتبقي؟
الجواب
من صفات المؤمن الكامل الصدق، والإخلاص، وأداء الواجب على أكمل وجه ممكن، والتزام الأمانة، وذلك بأداء ما وكل إليه من عمل أو أنيط به من مهمات، وفي هذه الحالة له أن ينفق في هذا المجال ما أذن له فيه، وليس له أن يقتطع شيئاً منه ليوفره لنفسه إلا إذا أذن له رؤساؤه، والله من وراء القصد.(9/462)
العمل في الجيش الكافر جبراً أو اختياراً
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 25/1/1423
السؤال
هل يجوز الانخراط في الجيش الكافر للمسلمين المقيمين في هذا البلد؟
الجواب(9/463)
إن مسمى الجيش عام يحتاج إلى تفصيل: فإن أريد بالجيش القوات العسكرية التي تخضع عادة لوزارات الدفاع في كل دولة فلا يجوز الانخراط فيها حينئذ ما دامت الدولة كافرة تحكم القوانين الوضعية، وربما تقاتل المسلمين، وفعل مثل هذا من موالاة الكفار المحرمة نصاً في الكتاب العزيز كقوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين" [المائدة:51] ، وقوله: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ... " [الممتحنة:1] ، وإن أريد بالجيش قوات الأمن بأنواعها من الحرس والدرك وبوليس الآداب والدفاع المدني والشرطة العسكرية ودوريات المرور ونحو ذلك، فالذي يظهر لي جواز ذلك -إن شاء الله - بشرط ألا يباشر المسلم أذية أو ضرراً لأخيه المسلم؛ لأن أعمال قوات الأمن هذه أصلها مشروع، تعمل على حفظ ضروريات الناس بحفظ اعتقاداتهم وأعراضهم وأموالهم فلا يعتدى عليها، وكثير من صفات الخير مشتركة بين بني الإنسان مؤمنهم وكافرهم، فالتعاقد مع الدولة -وإن كانت كافرة- على مثل هذا جائز، وهو من التعاون على البر والتقوى ونشر الفضيلة بين الناس، ولما جاء الإسلام وجد عادات وأخلاقاً حميدة عند العرب في الجاهلية فأقرها ودعا إليها، وجاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" شهدت غلاماً مع عمومتي حلف المطيبين فما أحب أن لي حمر النعم وأني أنكثه" رواه أحمد (1676) وابن حبان (4373) والبيهقي (6/366) والحاكم (2925) وأبو يعلى (846) وغيرهم واللفظ لأحمد، وفي رواية: "لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت"، وإن دعي السائل إلى التجنيد الإجباري في قوات وزارة الدفاع فلا يجوز له ذلك، وعليه أن يسعى بالتخلص منه بأي أسلوب يراه ممكناً.
هذا كله إذا كان السائل مجبراً على الانخراط في سلك الجيش العسكري النظامي في هذا البلد، أما إذا كان الأمر اختيارياً فيتعين عليه عدم الدخول حينئذ، ويسلم على دينه وعرضه، والله أعلم.(9/464)
العمل في المحاماة
المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 15/6/1423هـ
السؤال
فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أرجو من فضيلتكم أن تتفضلوا بالنظر في سؤالي هذا وتجيبوا عنه: أنا رجل مسلم، عملت لسنوات مضت في مهنة المحاماة، فلما منّ الله -سبحانه وتعالى- علي بمعرفة سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ومعرفة التوحيد وعقيدة أهل السنة، ساورني الشك حول مهنة المحاماة التي أعمل بها؛ لأن هذه المهنة تلزمني بالتحاكم إلى قوانين مخالفة في أغلبها لشريعة رب البرية -جل وعلا-، ولكن صعب علي فراق مهنتي بسبب ظروف العيش القاسية وما تقتضيه، وأنا أستنصح فضيلتكم فيما ينبغي علي عمله بعد أن أطلعكم على المعطيات التالية:
1 ـ إن القوانين الوضعية المعمول بها في المحاكم بهذه البلاد، ليست كلها مخالفة للشرع، فإن كثيراً من أحكام الأحوال الشخصية وأحكام المعاملات التجارية والعقارية موافقة للكتاب والسنة أو على الأقل موافقة للمشهور من مذهب الإمام مالك.
2 ـ إن كثيراً من القوانين المتعلق بتطبيق المسطرات الإدارية ليس فيها تعارض صريح مع ما جاء في الشرع الحنيف.
3 ـ إن كثيراً من الحالات التي تعرض للمسلمين هنا لا يمكن لهم أن يستوفوا حقهم فيها بوجه شرعي، ولا يستوفونه إلا بالالتجاء إلى المحاكم القانونية، مثل: تعويضات حوادث السير، ودفع اعتداءات الغير.
4 - إن عمل المحاماة يجعلني أحياناً أنفع إخواني المسلمين إما في الدفاع عنهم، أو في مساندتهم لتحصيل حقهم القانوني في الدعوة، وبخاصة للجمعيات التي تعمل على وفق الكتاب والسنة ومنهج السلف.(9/465)
فهل يسوغ لي الاستمرار في هذه المهنة، إن أنا حرصت على العمل لتحصيل المصالح السالفة، مع البعد عن كل الحالات المشتبهة؟ وهل يجوز لي الالتجاء إلى القوانين المخالفة للشريعة كلما تعذر تحصيل حق موكلي بطريق شرعي؟ وإذا كان الجواب في كل هذا بالمنع، فما القول في المال الذي حصلته فيما مضى من هذه المهنة، بما في ذلك البيت الذي أسكن فيه؟
أفتوني مأجورين، وجزاكم الله عني كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن المحاماة نوع وكالة إذ هي وكالة في الخصومة، والوكالة الأصل فيها الجواز، بشرط ألاّ يترافع إلا عمن علمه محقاً، فإنها حينئذ من التعاون على البر والتقوى، وقد قال الله -تعالى-:" وتعانوا على البر والتقوى" [المائدة:2] ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه" مسلم (2699) ، وعلى هذا يتعين على المحامي قبل أن يدخل في قضية أن يدرسها فإن علم أن طالب المحاماة محق دخل فيها بقصد أخذ الحق له، أما إن علم كونه مبطلاً، فقد أفتى بعض أهل العلم بجواز دخوله فيها لكن لا ليبرئه ويجعله يستمر في باطله، بل ليأخذ الحق منه ويرده عن باطله؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم:"انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" قال: يا رسول الله أنصره مظلوماً فكيف أنصره ظالماً، فقال:" تمنعه من ظلمه فذلك نصرك إياه" البخاري (6952) ومسلم (2584) -أو كما قال عليه الصلاة والسلام-، ولذا يجب على المحامي إذا تبين له ظلم موكله أن ينصحه بعدم الاستمرار في دعواه فإن أصر فيكون عمل المحامي إظهار باطله ورد الحق إلى مستحقه، وما يأخذه من الأجر حينئذ فهو حلال له وليس فيه عليه حرج.(9/466)
وأما الترافع إلى القوانين الوضعية كما هو حاصل في كثير من بلاد المسلمين ودعوى أنها مأخوذة من الكتاب والسنة والمشهور من قولي المالكية فإن كانت هذه الأحكام يستدل لها بالكتاب والسنة وأدلة التشريع الأخرى المعروفة في أصول الفقه فلا يضرها تسميتها قوانين، وإن كان يقال قال المشرع الفرنسي، أو الألماني، أو نحو ذلك، فما ينفعها أن قيل إنها موافقة للكتاب والسنة، إذ إن واضعيها لم يقصدوا موافقتها للكتاب والسنة، ولا شك أن الحكم بغير ما أنزل الله إذا كان الحاكم يعتقد أنه الأفضل أن ذلك كفر يقول الله -عز وجل-:"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً" [النساء:65] .
وقال -عز وجل-:" ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" [المائدة:44] وحينئذ فهل يحل الترافع أمام هذه المحاكم التي تحكم بالقوانين الوضعية؟
من المعلوم أنه قد تكون القضية لمسلم معروضة على محكمة لا تحكم بكتاب الله ولا بسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ويكون المسلم مظلوماً في هذه القضية وليس بالإمكان عرض القضية لدى محكمة تحكم بالكتاب والسنة ولو ترك المسلم دون ترافع عنه لوقع عليه الظلم، وربما أفضى به ذلك إلى أن يقتل، أو يسجن، أو يؤخذ ماله، أو غير ذلك من العقوبات، ففي هذه الحال يعد هذا في حقه إكراهاً، ويعد الترافع عنه من باب دفع الظلم عنه ومن نصرته وهو أمر متعين؛ لحديث "انصر أخاك" (سبق تخريجه) ، ولحديث "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ... " البخاري (2442) الحديث رواه مسلم (2564) .
وفي الصحيحين من حديث ابن عمر "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه" (نفس الحديث السابق) ومعنى لا يسلمه، أي: لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه، بل ينصره ويدفع عنه. قال ابن حجر في (فتح الباري) : "وقد يكون ذلك واجباً، وقد يكون مندوباً بحسب اختلاف الأحوال".(9/467)
ولو ترافع عن كافر لدفع الظلم عنه فكذلك؛ لأن ذلك من العدل المأمور به في قوله -تعالى-: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" [المائدة:2] .
ولعموم الأحاديث التي فيها تحريم الظلم مطلقاً مع المسلم ومع غيره.
والخلاصة: أن المحاماة بهذه الصورة جائزة شرعاً وما يؤخذ من العوض فهو حلال إذا كان عوضاً معلوماً ومباحاً، وإن لم يكن الأمر كما ذكرت فهو أكل مال بباطل، وهو من الظلم المحرم، وعليه أن يتوب إلى الله -عز وجل-، والله أعلم.(9/468)
العمل في البنوك المركزية
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 6/3/1423
السؤال
أنا أعمل في البنك المركزي في إدارة الرقابة على البنوك،
وسؤالي هو: هل راتبي حرام، وعليَّ أن أترك هذا العمل؟ وإذا كانت الإجابة أن عملي حرام، فهل ما أفعله من باب الضرورة، وكما هو معلوم أن الضرورات تبيح المحظورات، وما رأي فضيلتكم في الرأيين اللذين أجازا العمل، وقد اتفق عليهما عدة فقهاء: -أن هذه الأماكن هامة وحساسة، وتركها يعطى الفرصة لغير المسلمين أن يسيطروا عليها وعلى اقتصادنا.
-العمل بنية اكتساب الخبرة اللازمة حتى يأذن الله بتطبيق الشريعة، وحينئذٍ نكون نحن من يشغل البنوك الإسلامية وإلا فمن يفعل ذلك؟
الجواب
العمل في البنوك المركزية (التي تتعامل بالربا وتشرف وتراقب البنوك التجارية التي تتعامل بالربا) فيه تفصيل: فإن كان في إدارات الاستثمار أو الرقابة على البنوك الربوية ومراجعة حساباتها، ونحو ذلك مما يتصل بالتعامل بالفائدة فذلك محرم لا يجوز، والراتب الذي يتقاضاه الشخص سحت محرم، ولا يعد العمل فيها ضرورة تبيح المحظور؛ لأن الضرورة بالمعنى الشرعي في هذا الباب أنك إن لم تفعل هذا الشيء وقعت في الهلاك أو أشرفت عليه -والأمر ليس كذلك يقيناً- وكون الشخص ينوي التدرب إلى حين تطبيق الشريعة ليس حجة مقبولة، وإذا طبقت الشريعة فهناك من يعرف ذلك ممن عرف أمورها نظرياً أو ممن تاب من العمل فيها ونحو ذلك -ونرجو أن تكون واحداً منهم-.
وإنما نقول بالجواز في العمل في هذه القطاعات لمن دخلها يريد التغيير فيها، ويملك القدرة على ذلك، ولديه الضوء الأخضر به -من أصحاب القرار- وحالتك ليست كذلك يقيناً، وإذا تركنا جميعاً العمل فيها دفع ذلك المسؤولين إلى تغيير نظامها الربوي ولم يسيطر عليها غير المسلمين.(9/469)
وكون محافظ البنك المركزي ومعاونوه هم الذين يحددون سعر الفائدة وليس أنتم والموظفون المماثلون لكم لا يعني ذلك جواز عملكم، فأنتم من ينفذه ويطبقه ويعمل بمقتضاه ... أليس كذلك؟ بلى، وقد لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه.."، رواه مسلم (1598) من حديث جابر -رضي الله عنه-. فكل من يتعامل بالربا، أو يكتبه، أو يحسبه، أو يراجعه، أو يراقبه، أو يعين عليه داخل في اللعن والنهي والحرمة، -نسأل الله السلامة-.
وأما العمل في الأقسام التي لا تتعلق بالفائدة مطلقاً -في البنك المركزي-، مثل: طبع النقود (البنكنوت) ونحو ذلك مما لا علاقة له بالربا فلا بأس به.
وهاهنا مسألة ذكرها السائل، وهي: أن البنوك الإسلامية مثل الربوية فهذا ليس بصحيح، والاسترشاد بالعائد الذي تدفعه البنوك الأخرى لا يجعل من عملها أمراً محرماً.
ولا شك أن السائل يدرك -بحكم طبيعة عمله- العوائق والصعوبات والمحاربة التي تجدها البنوك الإسلامية من البنوك المركزية، ومن الأجهزة الرسمية الأخرى، ومن طبيعة الأسواق العالمية والنظام الدولي فلا بد من تفهم هذا، والله أعلم.(9/470)
العمل الصحفي للنساء
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 1/3/1423
السؤال
أنا أعمل في المجال الصحفي محررة صحفية، ولم أدخل هذا المجال طلباً للمال، فلدي مورد آخر -ولله الحمد-، ولكن للقضاء على وقت الفراغ الذي لا حد له، وهذا العمل يتطلب مني عدة أمور، وهي التي تثير خوفي من الاستمرار به، وهي:
-أحياناً أتحدث بالهاتف مع رئيس التحرير أو بعض الزملاء، ورغم أنهم محترمون، لكن ما أعرفه عن صوتي أنه شديد النعومة، فما حكم ذلك؟
-غالبا ألجأ إلى الاستعانة بأسماء وشخصيات وهمية من ذاكرتي لوضع بعض الآراء التي تكمل الاستطلاع أو التحقيق الذي أقوم به، ورغم أن تلك الكلمات التي أكتبها لا تشكل ضرراً لأي شخص، ولكني أشعر أن هذا من أنواع الكذب.
-حصلت من وظيفتي هذه على راتب، ما حكم ذلك المال؟ وهل يجوز لي التصرف فيه؟ -الجريدة التي أكتب بها جريدة عاديه تنشر صور الرجال وبعض النساء المتبرجات، فما حكم ذلك؟
-تطلب مني الجريدة أحياناً تغطية بعض الاحتفالات النسائية في بعض المهرجانات، وبالتالي فقد أنشر خبراً عن حفل يكون فيه الكثير من المنكرات، مثل: الغناء أو التبرج، وقد أُجري أحاديث مع بعض المتبرجات من سيدات المجتمع، وإن كان ذلك نادراً.
-هل يجوز لي أن أعمل بمجلة إسلامية مثل: الأسرة وغيرها، مع أني سوف أحادث أيضاً بعض الرجال؟
-هل يحق لي في حالة تركي للعمل الحصول على شهادة خبرة قد تفيدني في المستقبل للعمل في مجال إسلامي صحفي ملتزم؟
الجواب
أولاً: ذكرت السائلة أنها دخلت مجال الصحافة ليس طمعاً في المال وإنما لقضاء وقت الفراغ، ومثل السائلة وما يظهر من عملها في الصحافة وحبها للخير تعلم أن الصحافة من وسائل الدعوة والتأثير التي فيها من الأجر الأخروي عند إحسان النية والعمل ما يطمع فيه كل عاقل وليس مجرد قضاء وقت الفراغ.(9/471)
ثانياً: صوت المرأة ليس بعورة، ولا مانع أن تتحدث مع الرجال عند الحاجة إذا لم تخضع بالقول ولم تكن ثمة فتنة، فإذا خشيت ذلك فيكون عن طريق وسيط من محارمها، مع الاستمرار في العمل.
ثالثاً: ما يتعلق بالأسماء الوهمية في التحقيقات ونسبة الكلام إليها هو من الكذب، وعليها أن تخدم التحقيق بأسماء حقيقية وتكون تغطيتها تغطية صادقة، أو تنسب جميع الكلام إليها، وإذا لم يكن هناك أي مفسدة ولا خديعة -كما أشارت- ففي المعاريض مندوحة عن الكذب، بشرط معرفة المجلة نفسها لذلك.
رابعاً: لا حرج في المال الذي تأخذينه مقابل هذا العمل ما دام مشروعاً، وإذا لم يكن فالتوبة تجب السابق.
خامساً: لا مانع من العمل في الجريدة التي فيها مخالفات ما دام العامل لا يعمل في نفس المخالفات ولا يعين عليها، لا سيما إذا كان عمله في التحرير، ويعمل في أمور مفيدة، أو يخفف تلك المخالفات وينهى عنها، فإذا لم يكن كذلك فالأولى أن ينتقل إلى مجلة أخرى، أو عمل مباح مفيد، ولا يجوز له بحال نشر الفساد ولا سيما أن إثمه متعدٍ، والأمر في ذلك خطير.
سادساً: ننصح تلك السائلة الكريمة إذا لم يكن لها مجال في التأثير والإصلاح في المجلة التي تعمل بها أن تنقل إلى مجلة الأسرة أو غيرها من المجلات المفيدة، أو تكتب مراسلة لصحف دون تقييد بموضوعات تفرض عليها.
سابعاً: لا يجوز لها تغطية الحفلات الغنائية؛ لأنها من المنكر الذي لا يجوز حضوره فضلاً عن نقله لمن لم يحضره.
ثامناً: يحق للسائلة أخذ شهادة خبرة صادقة من عملها السابق للاستفادة منها في أي عمل مشروع.
وأخيراً نشكر السائلة على حرصها وورعها ونسأل الله لها التوفيق والسداد، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.(9/472)
راتب الإجازة المرضية
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 28/10/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
زوجتي تعمل معلمة، وتعاني عند الحمل من الإجهاض، وقد حصل لها ذلك أربع مرات سابقة، وهناك تقارير طبية تنص على أن الوقوف في العمل قد يكون سببا في إجهاضها.
السؤال: هل يجوز أخذ راتب العمل إذا حصلت زوجتي على إجازة مرضية؟ ولكم جزيل الشكر
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخذ الراتب في الإجازة المرضية يتوقف على العقد الذي بينها وبين جهة العمل، فإن كان النظام يسمح بأخذ الإجازة مع استمرار الراتب فيجوز لها حينئذ أخذه وإلا فلا.(9/473)
تأجير البيوت لمن يعمل فيها المنكرات
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 23/12/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي بعض البيوت وقمت بتأجيرها على بعض الشباب والبيوت عبارة عن أحوشة (حوش وغرفتين فقط) لكل بيت منها، وقاموا المستأجرين بوضع الأطباق الفضائية للقنوات في داخل الأحوشة وكذلك الشيش والمعسلات ويتجمعون فيها دائماً، علماً أنني لا أملك شيئاً غير هذه البيوت التي تركها لي والدي رحمه الله وأصبحت مصدر رزقي الوحيد، وأنا طالب علم شرعي ودائماً أصرف على نفسي من إيجار البيوت المذكورة في سبيل تحصيل العلم فهل أنا آثم؟
ماذا أفعل وما هي نصيحتكم لي؟ وكيف أصيرها حلالاً؟
وهل أدخل في حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي نصه:"من أحدث في المدينة حدثاً أو آوى فيها محدثاً فعليه لعنة الله....."الخ أو كما قال -صلى الله عليه وسلم-؟
الجواب
الأطباق الفضائية، ووسائل التدخين المتعددة مما عمت به البلوى ومما يؤسف له أن كثيراً من الناس اتخذوا الاجتماع حولها للتسامر وتعاطي الدخان والشيش، وتضييع الأوقات أمراً رئيساً في حياتهم، مع أنها أمور ضارة ديناً ودنيا.
ولذلك فأنا أنصح بعدم تأجير بيوتك لمن يتخذها لهذا الغرض، وما حصلته من أجرة ماضية فلا حرج عليك فيه إن شاء الله؛ لأنه في مقابلة منافع بيتك التي استوفوها هم كاملة، وعملهم في دائرة الشبهة.
ولست داخلاً إن شاء الله مع المحدثين؛ لأنك لم تعلم الحكم بالتفصيل، وضرر هؤلاء على أنفسهم نسأل الله لنا ولهم الهداية.(9/474)
توقيع الموظف عن زميله
المجيب د. عبد الله بن عمر السحيباني
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 28/10/1424هـ
السؤال
التوقيع في الدوام الصباحي، جرت عادة الزملاء أن يوقع في الوقت المكتوب من الموظف قبله، حتى لو كان الوقت غير ذلك، فهل هذا من الكذب المحرم؟ أم أنه يعفى عنه، خصوصاً وأن الإدارة تعلم هذا ولا تمانع منه، وتسهل في هذا الأمر؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإذا كان المطلوب من الموظف كتابة الوقت الذي وقَّع فيه فعلاً فلا يجوز له الكذب في ذلك، كما لا يجوز للإدارة التساهل في ذلك أو تمريره بلا عذر، خاصة إذا كان الفرق بين الوقتين طويلاً، أما لو كان الفرق يسيراً كبضع دقائق مما يصعب الانضباط فيه أو التحرز منه، ولا يخل بالعمل فأرجو ألا يكون فيه حرج. والله الموفق.(9/475)
العمل في برامج تخدم البنوك
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 18/12/1423هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
شاب تخرج من كلية الهندسة تخصص حماية الشبكات، يسعى أهله لتأمين عمل له، فيرفض ما يعرض عليه؛ لأن هذا العمل يخدم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة المصارف الربوية، التي تسعى إلى حماية أموال المودعين من القرصنة.
فهل يجوز له العمل ولو على برامج تخدم هذه المصارف؟
الجواب
جزى الله هذا الشاب خيراً على حرصه وغيرته، ولكن حكم الشرع في مثل هذا جائز لا شيء فيه لأن ما رآه الشاب ظن مطرح ومتروك لأنه ليس من المحقق أن يخدم بعمله مباشرة ذلك المصرف الربوي ثم لو فرض أنه خدم مصرفاً من هذه المصارف المشار إليها فلا مانع حينئذ لأن المصارف الربوية ليست كل أعمالها محرمة بل كثير منها مباح كالصرافة والحوالة والإيداع بغير فائدة ... إلخ، مما تتحقق به مصلحة الناس إذ لو عدمت هذه الأشياء من المصارف للحق بالناس كثير من الضرر والمشقة والحرج والعسر قال تعالى:"وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج: 78] وقال:"يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" [البقرة: 185] .
وظن هذا الشاب كما يقول لا يجوز زراعة العنب والنخل حتى لا يتخذ منه الناس خمراً مسكراً!
وخلاصة القول: إن طاعة الوالدين في هذا واجبة لأنهما وسائر أهله لم يأمروه بمعصية الله، والله أعلم.(9/476)
العمل في التعاونية للتأمين
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 25/8/1424هـ
السؤال
ما حكم العمل في شركة التعاونية للتأمين السعودية في القسم الطبي، حيث يقوم الطبيب بتدقيق الفواتير للشركة ومطابقتها للوصفة الطبية، وإقرارها أو خصمها حسب ما يراه في مجال تخصصه؟.
الجواب(9/477)
العمل في القسم الطبي للشركة التعاونية للتأمين إذا لم يجد السائل عملاً عند غيرها فجائز، وإن وجد فالأولى له تركها والعمل عند غيرها، ولا فرق بين القسم الطبي فيها أو أي قسم من أقسامها، وإن كان الإثم تتفاوت درجته من عمل لآخر، فأمين المستودع ليس كمن يقوم بالتسويق والدعاية للشركة، أو يقبض الأقساط أو يقوم بتسليم التعويض، نقول هذا لأننا نجزم ونقطع بأن الشركة المشار إليها تتعامل بالتأمين التجاري المحرم، وليس لها من التأمين التعاوني الحلال غير الاسم فقط، وذلك أن إبرام العقد معها فيه جهالة وغرر وأكل لأموال الناس بالباطل، علاوة على تشغيل أموالها بالبنوك الربوية بالفائدة المحرمة، أما لو كان التأمين الطبي بين المؤمِّن والمستشفى أو المركز الصحي أو المستوصف مباشرة أمكن تخريجه وتكييفه على عقد الجعالة؛ لأن في مهنة الطب يقسم الطبيب عند تخرجه على ميثاق شرف المهنة أو ما يسمى بالخدمة الإنسانية، وهذا قريب من الإحسان إلى الغير والتعاون على الخير، وهذا لا يوجد في العقد التجاري البحت، وعقد الجعالة في الشرع من عقود التبرعات لا المعاوضات، فيفتقر فيها من الجهالة والغرر ما لا يفتقر في عقود المعاوضات المالية كالبيع والإجارة والمصارفة ونحوها، ودخول شركة التأمين بين الطرفين طالب التأمين (المؤمَّن) وهو الطبيب أو المستشفى وبين (المؤمِّن له) وهو دافع الأقساط طالب لعلاج المرض أو الوقاية منه، فلا معنى لدخول الشركة بين الطرفين غير الابتزاز بالمال دون خدمة حقيقية مباشرة تقدمها، والله أعلم.(9/478)
تأجير السكن الوظيفي
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 28/10/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إني أعمل في شركة تعطيني شقة مقابل خصم 14000 على مدار السنة، ولقد قمت بإيجار الشقة لشخص آخر بمبلغ 16000 وسكنت عند أهلي في منطقة تبعد حوالي 80 كيلو متر، وذلك لعدم ارتياحي في تلك المنطقة التي تقع فيها الشقة؛ لأنها منطقة صناعية وأجواؤها غير صالحة للعيش فيها، أفيدوني أفادكم الله.
الجواب
إذا كان نظام الشركة أو العرف السائد الذي تعمله الشركة ولا تعترض عليه يقر التأجير للغير فلا حرج عليك فيما فعلته؛ لأنك دفعت الأجرة ومن حقك الانتفاع بالعين المؤجرة، وأما إذا كان هناك شرط يمنع من التأجير للغير فلا يجوز التأجير؛ لأن المؤمنين عند شروطهم.(9/479)
لا يحضر العمل بإذن رئيسه، ويأخذ راتباً
المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 11/8/1424هـ
السؤال
لقد عملت في إحدى الدوائر الحكومية لمدة سنتين، ولم أحضر أبداً وذلك بموافقة رئيسي, ولأني طالب في الجامعة، ولكني أنظر إلى هذا الراتب على أني غير مستحق له، فقدمت استقالتي. ما حكم هذا الراتب؟ وأني قد استثمرت هذه الرواتب في مشروع مع أحد الأشخاص، والانسحاب منه صعب، وهذا المشروع يدر علي أرباحاً، هل يجوز لي أن أشتري حصتي بمبلغ مقترض، وماذا أفعل بهذه الأرباح؟ أرجو الإجابة مأجورين.
الجواب
إذا لم يقم المسلم بالعمل المطلوب منه لم يكن له حق في الراتب، بل الراتب من أموال المسلمين، وتجب عودته إلى خزانة المسلمين، وما سبق أخذه فهو أخذ بغير حق عليه غرمه ووزره، إلا أن يتوب فيتوب الله عليه، ويجب إرجاع المال إلى خزانة المال، وأما الأرباح فهي تابعة للمال؛ لأنها ثمرته ونتاجه، وأما موافقة رئيس العمل لك بعدم الحضور فهو تعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الحق سبحانه وتعالى:"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] ، أيضاً هو خيانة للأمانة التي ائتمنه المسلمون عليها، حيث يقول سبحانه:"يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون" [الأنفال: 27] . والله تعالى أعلم.(9/480)
إعطاء موظفى الجمعيات الخيرية نسبة مما يحصلونه
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 1/6/1424هـ
السؤال
ما حكم إعطاء نسبة من مجموع التبرعات للمشاريع الخيرية التي تأتي عن طريق الموظف؟ بحيث تعطى هذه النسبة للموظف عن طريق مدير المشروع الخيري. وشكراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فالعامل لدى المؤسسات والهيئات الخيرية يجوز له أخذ الراتب مقابل عمله لديها، وهي إنما تدفع لعمالها مما تستلمه من تبرعات، ولا حرج عليها في ذلك، ما دام أنها بحاجة لعمله. فإن من يتبرع لجهة خيرية قصده دعم أعمالها وتواصلها في مساعيها، وهي إنما تدفع للعامل راتبه، أو إنما كافأته لأن وجوده مفيد لها.
ويجوز لها أن تمنح العامل راتباً أو مكافأة مقابل توظيفه لديها في جمع التبرعات لها، وأخذه نسبة مما يجمعه خير لها من إعطائه راتباً قد لا يحصله من تبرعات المتصدقين. والتعاقد على نسبة معينة من الحاصل سائغ على الصحيح، يقول ابن القيم: (وهذا أصل من الإجارة بشيء معلوم؛ لأنهما يشتركان في الغنم والحرمان فهو أقرب للعدل) . وعن ابن عمر - رضي الله عنهما- "أن النبي - صلى الله عليه وسلم- دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر وأرضها على أن يعملوها من أموالهم ولهم شطر ثمرها"، صحيح البخاري (2331) ، صحيح مسلم (1551) ، ولذا فإنه لا يظهر لي مانع من العمل المذكور، والتعاقد على وفقه متى كان محققاً لمصلحة المشروع الخيري. والله الموفق.(9/481)
العمل في الشركات المتعاملة بالربا
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 19/8/1424هـ
السؤال
ما حكم العمل في الشركات الأجنبية؟ مع العلم أن جميع أموالهم ربوية، وفي حالة الجواز كيف أتعامل مع غير المسلمين منهم؟ هذا وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الربا معلوم تحريمه في القرآن والسنة، ومعلوم في السير والتاريخ أن اليهود والنصارى يستحلون ما حرم الله عليهم من الربا، كما أخبر الله عنهم: "فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً" [النساء:160 -161]
فمعاملة اليهود والنصارى بالبيع والشراء والتأجير والرهن وسائر العقود جائزة، وقد أهدى المقوقس وهو نصراني للنبي - صلى الله عليه وسلم - فرساً وجارية فقبلهما، انظر ما رواه الحاكم في المستدرك (6901) ، والطبراني في الكبير (3497) ، وأهدى له ملك الحبشة وهو نصراني - قبل أن يسلم هدية أيضاً فقبلها، انظر ما رواه البخاري (3802) ، ومسلم (2468) من حديث البراء - رضي الله عنه- وشرب من مزادة يهودية، انظر ما رواه البخاري (344) ، ومسلم (682) من حديث عمران بن حصين -رضي الله عنهما- وأكل من طعام صنعته له يهودية أخرى، انظر ما رواه البخاري (2617) ، ومسلم(9/482)
(2190) من حديث أنس -رضي الله عنه- وتوفي - صلى الله عليه وسلم - ودرعه مرهونة عند يهودي - انظر ما رواه البخاري (2916) ، ومسلم (1603) من حديث عائشة - رضي الله عنهما- ومعلوم أن اليهود والنصارى من أكلة الربا والخنزير ولا يتورعون عن حرام، فدل هذا على جواز العمل معهم ومؤاجرتهم ومشاركتهم في الأموال، إذا علم هذا فعليك يا أخي أن تتوخى الحلال ما استطعت، فأي شيء تقع في نفسك ريبة منه فاجتنبه، فإن هذا من الورع المحمود الذي تجتنب فيه الشبهات، واحذر كل الحذر أن تقطع بتحريم معاملة الكفار معاملة تجارية أو تحرم على الناس ذلك، فزهدك وورعك عن الشيء يخصك ولا تلزم به غيرك، وإنما لك أن تنصحه فقط، والله أعلم.(9/483)
العمل في تركيب المجوهرات
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 26/5/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
أنا أعمل في مجال تركيب المجوهرات على الذهب في بلدي، ومن المعلوم كما هو الحال كثرة المتبرجات، وأن غالبية من يشترى هذه المجوهرات من أولئك، وقد أفتى لي اثنان من العلماء الأفاضل في مصر، بأن هذا العمل من التعاون على الإثم والعدوان، وعلى رأسهم الشيخ محمد يعقوب، وقد أفتى لي اثنان من العلماء الأفاضل بحل هذا العمل وعلى رأسهم الشيخ أبو إسحاق الحويني - حفظهم الله- جميعا، أرجو الإفادة لأنني قد احترت كثيراً وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فعملك في مجال تركيب المجوهرات على الذهب ليس فيه أي صورة من صور الإعانة على الإثم والعدوان؛ إذ تركيب المجوهرات ليس هو الذي يدفع المرأة للتبرج؛ لأنك تبيع زينةً أباحها الله لإناث أمة محمد - صلى الله عليه وسلم-، ومجرد لبسه ليس فيه تبرج ولا سفور، كيف؟ ونحن نرى كثيراً من الطيبات الغافلات يلبسن هذه الحلي والمجوهرات!.
وكون بعض زبائنك أو أكثرهم هم من المتبرجات فهذا لا يجعل عملك في نفسه حراماً، ولا يدخلك في دائرة الإعانة على الإثم والعدوان؛ فالتبرج هو من تصرف المرأة نفسها، وليس لك فيه أمر ولا تسويل. ولا هي بالتي تعمل معك في متجرك أو مصنعك حتى يكون طول الصحبة والعشرة بينكما في العمل ذريعةً للاختلاط أو لبناء العلاقات المحرمة.(9/484)
ولذا لا أرى ما يحرم عليك هذا العمل، لكن عليك أن تغض بصرك عنهن؛ فإن مخالفتهن لأمر الشرع وتبرجَهن لا يبيح لك أن تطلق نظرك إليهن، فتفتن نفسك وتعصي ربك، وتذكر قوله تعالى: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" [النور:30] .
والأولى بك أن تناصحهن وتعظهن وتنهاهن عن التبرج والسفور بالحكمة والرفق والأسلوب الحسن المؤثر؛ عسى أن ينفعهن تذكيرك.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(9/485)
وظيفة التجسس على العمال
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 20/3/1424هـ
السؤال
السلام عليكم.
هناك شركات تضع بعض العمال لمراقبة البعض الآخر، هل يعملون أو يسرقون أو يتكاسلون، فهل يجوز هذا الأمر؟ وهل يجوز لمسلم إذا رأى أمراً كهذا أن يدلي بخبره؟ (تأخر عن الوقت أو تهاون) ؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
هذا الأمر جائز ولا حرج فيه، لأنه يحق لصاحب العمل أن يتأكد من سير العمل على الوجه المطلوب، ولو بجعل مراقبين يقومون بهذا الغرض. والله أعلم.(9/486)
عمل الزوجة بدون إذن الزوج
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 23/4/1424هـ
السؤال
ما حكم من تعمل بالمنزل وتخفي عن زوجها المال الذي تكتسبه؟ مع العلم أنه عمل شريف من طبخ وما شابهه. أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
تأجير الزوجة نفسها ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: إجارة خاصة: وهي التي قدر نفعها بالزمن، هذا لا يصح إلا بإذن الزوج، إلا إذا كان الزوج قد شُرِط عليه ذلك في العقد.
القسم الثاني: إجارة مشتركة وهي التي قدر نفعها بالعمل، وهذا مثل عمل هذه المرأة كأن تتقبل أعمالاً في بيتها، من خياطة وطبخ ونحو ذلك، فهذا لا بأس به، ويجوز للمرأة هذا الأجر بشرط ألا يُلحِق ذلك ضرراً على الزوج، ولا يشترط إذن الزوج في ذلك، فإذا لم يُلحِق ضرراً على الزوج، ولم يكن فيه أخذ من ماله أو من طعامه دون إذنه ورضاه، فإن هذا جائز ولا بأس به، والمال يكون للمرأة.(9/487)
العمل بمصانع الدخان
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 27/7/1424هـ
السؤال
لي سؤال حول عمل الزوجة في إحدى شركات صنع السجائر، ولكنها لا تعمل في مصانع الشركة، بل تعمل في إدارة العلاقات العامة للشركة، هل هذا حرام؟ وأمواله حرام؟ وإن كان حراماً فهل لي أن أبعد زوجتي عن هذه الشركة؟ خاصة وأنها من الممكن أن ترفض ذلك؟ لأنها تسلَّمت العمل منذ شهرين فقط، ونحن بحاجة لمصدر إضافي لضغوط الحياة، ولكن جاء العمل بهذه الشركة.
أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هذا العمل محرم، ولا يجوز؛ لأن الله - عز وجل- إذا حرم شيئاً حرّم ثمنه، وهذا من التعاون على الإثم والعدوان، والله - عز وجل- يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] .(9/488)
يعمل محاسبا في شركةٍ تتعامل بالربا
المجيب د. سعد بن حمدان اللحياني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 21/9/1424هـ
السؤال
أعمل كمدير مالي (محاسب) ، ويتطلب هذا العمل أن أتعامل مع البنوك الربوية، وطبعا بناءً على رغبة أصحاب العمل - الذين لا يشبعون - هدانا الله وإياهم. ومما تقتضيه وظيفتي أن أسعى للحصول على التسهيلات البنكية بالتفاوض مع البنوك للحصول على التسهيلات البنكية، والتي قد يكون من ضمنها القروض الربوية، وأنا أعلم الحكم وأشعر بالضيق لمثل هذا واستغفر الله، إلا أنني مستمر في عملي وأجتهد فيه، لعلمي أن القليل بل النادر جداً من الشركات اليوم - إن وجدت - لا تتعامل مع البنوك، وتلجأ إلى الحصول على التمويل (خاصة أن المرء يبحث عن الشركات الكبيرة التي قد يجد فيها الاستقرار والأمان الوظيفي والوضع المالي المنتظم وعدم وجود مشاكل في السيولة) ، هذا بالإضافة أيضا إلى تعاملي مع شركات التأمين والاجتهاد في التأمين على البضائع والممتلكات مع شركات تأمين غير تعاونية، ومما يجدر ذكره أنني خريج محاسبة، وأنني تقدمت وتطورت في مهنتي بجميع مراحلها، ووصلت إلى ما وصلت إليه، وإنني لا أتقن سوى مهنتي، فماذا علي؟ أملا منكم أن تمعنوا النظر في واقع الحال، فأنا شاب ملتزم ولله الحمد، وأعلم الحكم تماما، ولكني آخذ بالأسباب وأنظر إلى الواقع محاولاً ألا أتزمت أو أتشدد، ظنا أن ذلك قد يقودني إلى الخطأ في الحكم على هذه المسألة، فهذه طبيعة مهنة المحاسبة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بهذه المعاملات، والتعاملات ومثيلاتها أيضا من الرشاوى كذلك في هذه الأيام. عافى الله الجميع، فكيف لي أن أصيب الحق والصواب هنا وأن أكسب الحلال؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:(9/489)
فلا شك أن الربا معصية لله سبحانه وتعالى، وهو كبيرة من كبائر الذنوب. وقد توعد الله فيه بالحرب، قال تعالى:"وأحل الله البيع وحرم الربا ... " الآية [البقرة: 275] ، وقال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين*فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ... " الآية [البقرة: 278-279] ، وقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. وقال: "هم سواء". أخرجه مسلم (1598) من حديث جابر -رضي الله عنه-. إن لعن كاتب الربا وشاهديه وهم لم يأكلوا الربا بعملهم هذا ولم يعطوه هو لما يقدمونه من عون ومساعدة للمرابين، ولهذا قال الإمام النووي رحمه الله: (هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابين، والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل) . (شرح النووي على صحيح مسلم 11/26) . وقد قال الله تعالى:"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ... " الآية [المائدة: 2] ، كذلك فإن التأمين التجاري محرم عند كثير من العلماء لما فيه من الغرر والقمار. وكما يبدو من السؤال فإن طبيعة عمل السائل تقتضي منه أن يسهل وييسر إتمام القروض الربوية المحرمة وعمليات التأمين التجاري إن لم يكن يباشر ذلك وكالة عن جهة عمله، وهذا لا يجوز لما فيه من الإعانة على المعصية بصورة مباشرة. ولا يكفي في هذه الحال مجرد ضيق الصدر والاستغفار إذ لا يعني ذلك - مع الاستمرار في هذا العمل - توبة منه وإقلاعا عنه. وعليه فإن استطاع السائل أن يناصح أصحاب العمل بترك الاقتراض الربوي والتأمين التجاري والاستعاضة عن ذلك بوجوه التمويل المشروعة فهذا خير، وإن لم يستطع فعليه أن يطلب نقله إلى عمل آخر لا يتضمن المشاركة في أعمال وتصرفات محرمة، وإن كان العمل الآخر أقل راتبا وأدنى في المميزات، فلعل الله أن يعوضه خيراً، وإلا فليجتهد في البحث عن عمل آخر ويترك هذا العمل، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيراً منه، والله أعلم.(9/490)
هل تصح هذه الإجارة
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 13/02/1426هـ
السؤال
لدي محل تجاري مواد غذائية، به بضاعة تقدر بحوالي مائتين وثمانين ألف ريال، طلب مني شخص استئجاره بمبلغ شهري، على أن تبقى البضاعة الموجودة حالياً على أن يسلمني المحل عندما يرغب أحدنا في إنهاء الإيجار، وبه بضاعة بنفس القيمة، وما نقص يكمله وما زاد أدفعه له، ما حكم ذلك؟ مع التفصيل وفقكم الله وأثابكم والسلام.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فالإجارة عقد يشترط لصحته معرفة المنفعة المعقود عليها والمدة، فإن كان العقد بينكما على إجارة المحل التجاري للانتفاع بنفس الموقع وديكوراته، ونحو هذا، فلا حرج، بشرط تحديد المدة. وتكون البضائع في المحل المسلَّمة للمستأجر قرضاً يعيده بعد انتهاء مدة الإجارة، ولكن إذا أعادها فلا يعيد بضائع مغايرة لها نفس القيمة بل عليه أن يعيد بضائع مطابقة لتلك البضائع ما دامت متوفرة، فإن لم تتوفر فيعيد قيمتها يوم استأجر المحل.
أما لو كان عقد الإجارة بينكما على نفس البضائع، فإن الإجارة غير صحيحة؛ لأن عقد الإجارة إنما يرد على المنافع دون الأعيان، ويمكن تصحيح العقد بأن يكون بيعاً بثمن مؤجل يحدد الثمن من بداية العقد لكامل البضاعة، وبعد نهاية المدة المحددة لتسليم الثمن تعتاض عن الثمن بالبضاعة الموجودة إن شئت دون أن يلزمك ذلك؛ لأنه بيع مستقل، وهذا على القول الذي تختاره من جواز بيع الدين على من هو عليه بعين، وهو ظاهر بحمد الله، لأنه في الواقع استيفاء وليس بيعاً، وروي عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ مكانها الدراهم، فقال: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها" أخرجه أحمد (6427) ، وأبو داود (3354) ، والترمذي (1242) . والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.(9/491)
وظيفتي التعامل مع بنك ربوي
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 5/6/1424هـ
السؤال
هناك شركة للخدمات التشغيلية يوجد عقد بينها وبين بعض المؤسسات الضخمة لإدارة شؤون الموظفين والموارد البشرية كي لا تتحمل المؤسسات عبء موظفين جدد، وقد حصلت على وظيفة أخيراً كمدخل بيانات في القسم المالي مع بنك ربوي فهل يشملني حكم العامل بالبنك؟ مع العلم أني أتبع إدارياً للشركة الأم وهي ريادة، وأتقاضى أجري منهم، أفيدوني أفادكم الله، ونأسف للإطالة.
الجواب
يجب أن يعلم أن ليس كل معاملات البنوك حرام بل فيها معاملات مباحة كثيراً كالأمانات والتحويلات والشراء والبيع عن طريق التورق ونحو ذلك، وإنما الحرام في معاملات البنوك هو الربا المسمى عندهم بالفائدة سواء كان ربا نسيئة أو ربا فضل، وبما أن أعمال البنوك فيها الحلال وفيها الحرام، فإن أمكن العمل في غيرها فهو حسن من باب الاحتياط والورع لحديث: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي (2518) ، والنسائي (5711) من حديث الحسن بن علي -رضي الله عنهما- وأما القطع بالتحريم فلا يجوز إلا عند مباشرة الربا أخذاً أو عطاء أو توثيقاً، والبيانات التي تدخل في الحاسب للبنك عامة قد تكون في العقود الحلال وقد تكون في الحرام، وما دام مباشرة الحرام في عملك غير مؤكد أو محدد فالأصل في الأشياء الإباحة، لا سيما وأن بعض القرائن تدل على هذا، مثل كونك غير موظف بالبنك وعملك في إدخال البيانات عام وغير مخصص في البيانات الربوية، وبناء على ما سبق فلا بأس بعملك مدخل بيانات في البنك الأهلي إن شاء الله، لا سيما وأن أكثر معاملات هذا البنك - خاصة الإسلامية - مجازة من الهيئة الشرعية فيه.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.(9/492)
تأجير المطعم على من يعرض الخمر فيه
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 15/9/1424هـ
السؤال
أنا لديَّ مطعم في بلد أوروبي ويأتي إليَّ أشخاص، ويطلبون مني أن يستأجروا المحل، وفي عاداتهم توزيع الخمور في أفراحهم، وعمل بعض الأمور التي لا تخفى عليكم، علماً أني بحاجة إلى المال لسداد مستحقات المحل، وربما يصعب تأجيره إذا اشترطت شروطاً فماذا أفعل؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الله -عز وجل- يقول:"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] والله عز وجل إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، ولا شك أن الخمر محرم ولا يجوز شراؤه، وإذا كان كذلك فإنه لا يجوز لك أن تؤجر مطعماً لأناس سيستخدمونه لهذه الأمور المحرمة "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب"
[الطلاق: 2-3] . فيجب عليك أن تشترط عليهم ألا يبيعوا محرماً أو لا تؤجرهم.(9/493)
العمل مع المنظمات الإنسانية الأمريكية في العراق
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 14/6/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحن من أبناء صلاح الدين في كردستان العراق، نوجه إليكم هذا السؤال راجين الفتوى عليه وجزاكم الله خيراً. نحن في كردستان العراق ابتلينا ككل العراقيين بالاحتلال الأمريكي، وهذا الاحتلال بالتأكيد سوف يسيطر على كل مجالات الحياة هنا، وهذا يثير أسئلة شرعية كثيرة تحتاج إلى فتاوى العلماء عليها. ونحن إذ نثق بعلمكم - (ولا نزكي على الله أحداً) وجهنا إليكم هذا السؤال: ما فتوى فضيلتكم في العمل مع المنظمات الأمريكية الإنسانية غير العسكرية؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
إذا أمكن أن تعمل في منظمة إنسانية غير أمريكية، كأن تكون إسلامية أو عربية فهو أولى، وإن لم تتمكنوا من ذلك فلا بأس بالعمل في المنظمات الإنسانية الأمريكية غير العسكرية، وعليكم أن تحسنوا نياتكم بأن تقصدوا نفع وإغاثة وإعانة المنكوبين والمحتاجين عامة والمسلمين منهم على وجه الخصوص؛ لحديث: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" رواه البخاري (1) ، ومسلم (1907) عن عمر -رضي الله عنه- وحديث "في كل كبد رطبة أجْرٌ" رواه البخاري (2363) ، ومسلم (2244) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- وسواء كان عملك في هذه المنظمات الإنسانية تطوعاً أو بأجر، فعلى المسلم أن يستحضر النية الصالحة في نفع المحتاجين عامة، فهذا من الخير إلى الغير ومن التعاون على البر والتقوى، وفق الله الجميع إلى كل خير.(9/494)
عقوبة الموظف بحسم جزء من راتبه
المجيب أ. د. سليمان بن فهد العيسى
أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 30/4/1424هـ
السؤال
هل يجوز خصم بعض من راتب الموظف (يوماً أو يومين أو أسبوعاً أو أكثر) كعقوبة له إذا خالف أصول وقواعد العمل؟ إذا كانت هذه القواعد والأصول لا تخالف تعاليم وأحكام الإسلام (كالتأخر عن الدوام أو الإهمال في العمل أو النوم أثناء ساعات العمل ... إلخ) . بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فالجواب أنه لا مانع فيما يظهر لي، لرئيس الإدارة المختص سواء أكانت إدارة حكومية أو شركة خاصة التأديب للموظف في حال تقصيره في عمله بخصم جزء من راتبه، على أن يكون هذا الخصم بحدود تقصيره، والله أعلم.(9/495)
العمل في محل لألعاب الكومبيوتر
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 21/9/1424هـ
السؤال
أملك محلاً فيه عدة أجهزة من الكمبيوتر الموصولة ببعضها بشكل شبكة، وهي تستخدم من أجل ألعاب الشبكة؛ كالألعاب القتالية بين فريقين أو كرة قدم أو ما شابه ... ، وهذا العمل يتطلب مني كل وقتي، وأغلب رواد هذا المحل من الشباب دون الخامسة عشرة، وأنا لا أملك دخلاً سواه، ولكن تشككني في هذا العمل شبهة كونه مضيعة للوقت، ولكن أكثر وقت يمضيه الطفل عندي هو ساعة أو ساعة ونصف..، ومنهم من لم يكن يعلم ما هو الكمبيوتر، وبمبلغ زهيد أصبح يجلس على جهاز كمبيوتر، وينمي فكره به.، أرجو أن تعطوني جواباً شافياً وجزيتم كل خير.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وسلم تسليماً، أما بعد:
نشكر حرصك على سلامة دينك وكسبك، ونسأل الله سبحانه وتعالى لك التوفيق، وما يتعلق بالسؤال، فإذا كان الأمر كما ذكر فلا يظهر لي والله أعلم شبهة في هذا الكسب، ولا حرمة من هذا العمل، وإضاعة الأوقات ليست محرمة بالضرورة، إنما غايتها الكراهة، وإنما تكون محرمة إذا ضيعت في عمل محرم، أو صرفت عن واجب.
وننصحك أن يكون لك دور في توجيه هؤلاء المراهقين بالقدوة الحسنة، وبالكلمة الطيبة وإلى البرامج المفيدة، والكتب النافعة قدر الإمكان، وفقك الله لكل خير، وأعانك على طاعته، ورزقك من خزائنه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.(9/496)
العمل في الشركات البترولية الأجنبية بالعراق
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 20/12/1424هـ
السؤال
أعمل مهندس بترول هل يجوز لي العمل بإحدى الشركات الأجنبية بالعراق؟ وجزاكم الله خيرا"..
الجواب
نعم، يجوز لك أن تعمل في هذه الشركة البترولية الأجنبية، والتي تعمل في العراق؛ لأن التعامل مع الكافر في البيع والشراء وسائر عقود المعاوضات - جائز شرعاً ما دامت المنفعة المتعاقد عليها بينك وبين الشركة حلالاً، كما يظهر من طبيعة عملك، وما قد يتصور أن في هذا إعانة للكافر والعدو على كفره وعداوته وصف غير مؤثر في أصل العقد وجوداً وعدماً، فالشركة لن تتوقف عن العمل إذا لم تلتحق بها، ولن يزيد إنتاجها بوجودك، نعم لو ترك التوظيف بهذه الشركة من باب الورع فقط لا من باب الحل والحرمة لكان حسناً، والله أعلم.(9/497)
إيجار للمشاركة الوقتية
المجيب د. علي جمعة
مفتي مصر
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 15/6/1425هـ
السؤال
السلام عليك ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أرجو من فضيلتكم التوجيه، وإعطاء الحكم الشرعي لما يلي: تم العقد بيني وبين شركة تقوم بالاستثمار السياحي، وموضوع العقد: باع وأسقط الطرف الأول (الشركة المعنية) بكافة الضمانات القانونية والفعلية بصفته البائع إلى الطرف الثاني (أنا) الذي قبل ذلك، وهو عدد أسبوع واحد، حق إقامة دوري ودائم ومتوارث لمدة ثلاثين سنة بمنتجع سياحي، في شقة تتسع لشخصين في الفترة المميزة، وطريقة الدفع عن طريق الأقساط، فضيلة الشيخ: قيمة العقد (32000ريال) ، تم دفع 12000ريال منها، وبقي علي سداد المتبقي 20 شهراً، إن موافقتي على هذا العقد بهدف الاستثمار، كما أنه يحق لي بهذا العقد اكتساب عضوية شركة التبادل السياحي، حيث يمكنني تبادل أسبوعي بأسبوع آخر في أي مكان في العالم.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أقول: هذا يسمى عقد مشاركة الوقت، وهو -بهذه الصفة المشروحة في السؤال- من قبيل عقد الإجارة للمدة المضروبة، ويعد من قبيل بيع المنافع، وما دام هذا العقد برضا الطرفين، ويحقق مصالحهما، وليس فيه شيء من الغرر، فهو جائز شرعاً. والله أعلم.(9/498)
العمل في مصنع ممول بالربا
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 7/5/1424هـ
السؤال
رجل يعمل في مصنع للألبان والجبن، ولكن صاحب المصنع قد بنى هذا المصنع بمليون دولار نصفه من البنك بقرض ربوي، فهل هذا العامل عليه وزر في هذا العمل؟ ثانيا: ً رجل يريد أن يشتري هذا المصنع فهل له أن يشتريه على أن يُسدد هو قرض البنك؟ ثالثاً: رجل يُريد أن يُشارك في هذا المصنع على أن يكون المال الذي سيدفعه يُسدد من قرض البنك، ثم بعد ذلك يُسدد ما تبقى للبنك على أقساط حتى يتم إنهاء هذا القرض، علماً بأن هذا المصنع في ألمانيا، وصاحب المصنع يقول إنه اقترض المال؛ لأن الضرائب هناك إذا علمت بأنه دفع كل مبلغ المصنع نقداً سوف تأخذ منه ضرائب تصل إلى60% من مكسبه، لذلك اقترض على ألا يدفع هذه الضرائب ... وفي انتظار ردكم بارك الله فيكم، وبالدليل إن أمكن ذلك جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
(1) أما فيما يتعلق بالعمل في هذا المصنع، مع كون رأسمال المصنع نصفه من قرض ربوي، فهذا لا حرج فيه إن شاء الله، طالما كان العمل الذي يقوم به الموظف عملاً مشروعاً. وقد روى الإمام أحمد بسند جيد أن علياً -رضي الله عنه- آجر نفسه من يهودي مقابل تمرات (تلخيص الحبير 3/61) ، مع أن اليهود مرابون بنص القرآن. فالأجر الذي يستلمه الموظف إذا كان مقابل عمل مشروع نافع فلا حرج فيه شرعاً، حتى لو كان صاحب العمل يتعامل بالربا.(9/499)
(2) أما فيما يتعلق بشراء المصنع أو المشاركة فيه مع وجود القرض الربوي، فلا يجوز للمسلم الدخول في قرض ربوي بأي شكل، سواء بالاقتراض مباشرة أو بتقبل القرض الربوي من البنك. لكن يمكن لمالك المصنع (البائع) أن يبيع المصنع للمشتري بالتقسيط، على أن يتولى البائع سداد القرض للبنك. فالمسؤول عن سداد القرض أمام البنك يظل هو البائع، أما ملكية المصنع فقد انتقلت للمشتري مقابل ثمن مؤجل على أقساط. فتكون علاقة المشتري بالبائع علاقة مشروعة من خلال البيع بالتقسيط، أما القرض فتبقي العلاقة فيه بين البائع وبين البنك.
(3) وهكذا القول فيمن أراد المشاركة في المصنع، فإنه يشتري حصة شائعة من المصنع من المالك مقابل ثمن مؤجل على أقساط، على أن يظل البائع هو المسؤول عن سداد القرض أمام البنك. وبهذا يظل القرض الربوي مقتصراً على المقترض الأصلي، ولا ينتقل لغيره، سواء من أراد شراء المصنع كاملاً أو شراء حصة شائعة منه. وهذا أولى من تحمل المسلم مسؤولية سداد القرض الربوي أمام البنك. والله تعالى أعلم.(9/500)
الراتب من غير وظيفة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 22/8/1424هـ
السؤال
في الإجازة الصيفية يذهب كثير من الشباب إلى مكتب العمل للتوظيف في الصيف فقط، خاصة من كان يشكو من الفراغ أو يريد خبرة في الوظيفة أو لتحصيل المال وهو أغلب وأكبر الأسباب، وإذا راح الشاب إلى مكتب العمل يوجهونه إلى مؤسسة أو شركه معينة توظفه في الصيف، وإذا ذهب هناك إما أن يوظفوه أو يقولون له - تعال لنا آخر الشهر وأحيانا يعطونه الراتب - بدون أن يعمل عندهم حتى لو قال إنه يريد أن يعمل أي عمل عندهم فيقولون - ما عليك أنت إئتنا آخر الشهر ونعطيك الراتب - وذلك كله خوفاً من مكتب العمل، وربما لا يوجد مكان لكن فقط لتسجيل الأسماء عندهم، السؤال ما حكم أخذ هذا الراتب إذا لم يشتغل الإنسان أي شغل؟ كما قلت آنفا حتى لو قال لهم أريد أن أتوظف أي وظيفة فلا يلتفتون لطلبه، وهل إذا كان حراماً يجب التبليغ عنه؟
الجواب
إذا كان رب العمل في المؤسسة أو الشركة هو الذي يقول إئتنا آخر الشهر وخذ الراتب فلا شيء فيه، فهو تبرع منه لمن أرسلهم إليه مكتب العمل، والغالب أن صاحب العمل له مصلحة راجحة عنده ومربحة له، كأن يتلافى بهذا عقوبة تفرض عليه كغرامة من الدولة، أو تسهل له الحكومة بعض الإجراءات وتخفق عنه بعض الجزاءات؛ أو يرى أن مباشرة مثل هذا الطالب الذي ليست عنده خبرة ملحقة بعمله ضرراً أو نحو ذلك، ولنحسن الظن أن هذا الفعل مشاركة من المؤسسة أو الشركة في مساعدة الشباب مادياً، وإن كان الأفضل تشغيلهم للقضاء على الفراغ الذي يعانونه، ولإكسابهم خبرة وتعوداً على التعامل مع الحياة والناس، أما عن الحكم الشرعي فيما يعطونه فهو حلال لا شبهة فيه إن شاء الله، فهو تبرع باسم راتب شهري، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.(9/501)
يعمل في شركة تبيع البضائع الأمريكية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 29/03/1426هـ
السؤال
هل العمل بشركة تعمل في مجال بيع وصيانة المعدات الثقيلة الأمريكية الصنع يجوز شرعاً؟ مع إيضاح الدليل الشرعي. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
بيع وصيانة المعدات مباشرة للكافر لا تجوز إذا كان في ذلك ضرر على المسلمين، أما إذا كان البيع غير مباشر، ولا يقصد منه تقوية الكافر وظهوره على المسلمين فالبيع والصيانة للمعدات جائز؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، فالبيع والشراء مع الكفار جائز، سواء كان مباشرة أو كان بواسطة - كما في سؤالك- فأنت تعمل ومتعاقد مع شركة مسلمة، وليس عقدك مع الكافر (الشركة الأمريكية مثلاً) .(9/502)
والأمر بقتال الكفار والنهي عن إعانتهم- هم الكفار الحربيون- الذين بينهم وبين البلد الذي تعمل فيه- مثلاً- حرب قائمة بالفعل، والأصل في الحرب بين المسلمين والكفار هي الاعتداء وليس الكفر، ولو كان القتال مشروعاً من أجل إزالة الكفر لما كان هناك عقد ذمة وأمان، ولم يشرع للمسلمين جواز نكاح نساء أهل الكتاب إلى غير ذلك من الأحكام، ثم إن العداوة من الكافر للمسلم متوقعة في كل زمان ومكان ما دام الكافر على كفره، كما قال الله: "لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا" [المائدة: 82] ، وقال أيضاً: "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم ... " [البقرة: 109] ، فلم يرتب الله القتال للكافر على مجرد العداوة، وإنما رتبها على القتال فقال: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ... " [الممتحنة: 8] ، وقال: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" [البقرة: 190] . والله أعلم.(9/503)
العمل في المعاهد الأجنبية لتعليم لغاتها
المجيب عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي
كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 13/04/1426هـ
السؤال
فضيلة الشيخ حفظكم الله: عندنا معاهد لتعليم اللغة الإنجليزية، وهذه المعاهد تابعة لدول أجنبية كأن تكون معاهد أمريكية أو بريطانية، ولا يخفاكم ما لهذه المعاهد من أهداف في بلاد المسلمين، وقد ظهر من بعض هذه المعاهد الدعوة لدينهم، وتقوم بإرسال البعثات من أولاد المسلمين إلى بلاد الغرب بحجة التعلم، السؤال هو: هل يجوز العمل في هذه المعاهد سواء في التعليم أو الإدارة أو الحراسة ... إلخ؟ وإذا وجدنا معهداً من هذه المعاهد، الأجنبية، ولم يظهر منه شيء من الدعوة إلى دينهم، ولكن نخشى أن يكون لهم أهداف لا نعلمها، فهل يجوز أن نعمل بأصل البراءة، ونعمل معهم في هذه المعاهد؟ وما حكم المال المأخوذ مقابل العمل معهم؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن المؤسسات التعليمية التابعة للدول الكافرة -والموجودة في بلاد المسلمين- إن كانت تتستر بالتعليم وهي تمارس أنشطة أخرى كإفساد المسلمين، أو العمل على إخراجهم من دينهم وحملهم على الكفر، فهذه المؤسسات لا يجوز العمل فيها، ولا الانتساب إليها، ويجب التحذير منها، وفضحها بشتى الوسائل، ومثل ذلك لو كانت خارج ديار المسلمين، فالحكم واحد.
أما غير ذلك من المؤسسات الأخرى فلا حرج من العمل فيها والتعلم عندها، ما لم يظهر منها ما ينقض ذلك. والله أعلم.(9/504)
تأجير القنوات الفضائية
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 6/6/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هناك بعض المشاريع تقام في إحدى الدول، وأريد القيام بمثل هذه المشاريع ولا أعرف هل هي حرام أم حلال؟ والمشروع كالأتي:
هي شراء جهاز شبكة استقبال قنوات فضائية وتأجير 20 قناة فضائية للعامة بمبلغ 20 جنيهاً شهرياً، وهذه القنوات لا تحتوي على مواد جنسية بل على أفلام وموسيقى ومنوعات ... الخ.
وتوزيع هذه القنوات على ما يقرب إلى 200 منزل، فهل في هذا المشروع التجاري حرمة؟ وأرجو الله أن يوفقكم في أمور الدعوة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، أما بعد:
فأولاً: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(9/505)
وثانياً: القنوات الفضائية وشبكات استقبالها آلات وهي بحسب ما تستعمل فيه، فإن استعملت في حلال فهي حلال، وإن كان فيها شيء حرام فهي محرمة، والغالب على القنوات الفضائية استعمالها في المنهيات الشرعية، ففيها مخالفات شرعية كثيرة، وفيها دعوة إلى تلك المخالفات سواء فيما يتعلق بالجانب الأخلاقي أو العقدي أو غيرهما، وإذا كان ذلك كذلك فالدخول فيها والاتجار فيها خطر عظيم ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً" أخرجه مسلم (2674) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، فكل نظرة حرام عن طريق هذه الشاشات لهم من وزرها نصيب، وكل فاحشة ترتبت على التأثر مما يرى في تلك الشاشات لهم من وزرها نصيب، وكل انحراف خلقي أو عقدي بسببها لهم من وزره نصيب "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون" [النحل:25] ، والعاقل يعرف أن ذلك من أعظم أسباب خفة الميزان يوم القيامة "فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ" [المؤمنون:103] .
ثم إن الكسب من وراء ذلك كسب حرام سحت، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به" أخرجه أحمد (14441) ، والبيهقي (5373-5378) وغيرهما من حديث أبي بكر الصديق، وجابر، وغيرهما -رضي الله عنهم-، فما هو الربح؟ الربح مال حرام يجر آثاماً أمثال الجبال تصب في ميزان المروج لهذه القنوات صباً، وقد ينطبق عليه بفعله هذا أنه ممن قال الله تعالى فيهم: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" [النور:19] .(9/506)
وقد ذكرت أن تلك القنوات تشتمل على أفلام وموسيقى ومنوعات وهذه لا تخلو من المحرمات، فالأفلام تشتمل على النساء الفاتنات وعلى جعلهن قدوة وهن أسقط المجتمع، وكذلك فالموسيقى محرمة، وإن استحلها بعض الناس كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" أخرجه البخاري (5590) معلقاً، ووصله غير واحد، انظر فتح الباري (10/53) ، والحر هو الفرج الحرام يعني الزنا، والموسيقى من المعازف، واعلم يا أخي أن رزقك مكتوب ولن تموت حتى تستكمله فاجعل كسبك طيباً ينبت لك لحماً طيباً وتفكيراً طيباً وذرية طيبة، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق:2-3] ، ومن ترك شيئاً لله تعالى عوضه الله خيراً منه، وفقك الله وسددك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(9/507)
العمل مع شركات النقل السريع
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 19/7/1424هـ
السؤال
هل العمل مع شركات النقل السريع في البلاد الغربية جائز، مع العلم أنه أحياناً يتطلب نقل الخمرة من مكان لآخر، سواء علم الشخص بذلك أو لم يعلم، نرجو التفصيل بالإجابة، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: العمل في هذه الشركات لا يخلو من أمرين:
الأمر الأول: إذا كان العمل في أصله مباحاً مثلاً الشركات مخصصة لنقل الركاب، وقد يحمل بعض الركاب معهم شيئاً من الخمر، وليست هذه الشركات مخصصة لنقل الخمر فهذا جائز إن شاء الله.
الأمر الثاني: أن تكون الشركات شاملة لنقل البضائع المباحة والبضائع المحرمة، فهذا محرم ولا يجوز لقول الله - عز وجل -: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة:2] ، والله أعلم.(9/508)
هل هذا من الرشوة
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 21/1/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا مهندس أعمل في إحدى الشركات، ومن أحد مهامي في هذه الفترة الإشراف على تشييد أحد المباني التابعة لشركتنا، وقد أعجبني عمل العمال التابعين للشركة التي تقوم بتشييد هذا المبنى لنا، فطلبت منهم القيام ببعض الأعمال الخاصة بي في المنزل على أن أدفع لهم أجر هذا العمل، فرفضوا وأشاروا بأنه غير مسموح لهم بالعمل في أعمال خارج الشركة، إلا لصديق أو أحد العاملين مع الشركة بعد الدوام الرسمي.
سؤالي هو: هل يعتبر تقديم هذا العمل لي رشوة؟ وللعلم أنهم سيزودونني بالأيدي العاملة والمواد أيضاً.
مع العلم بأن هذا لن يؤثر في شئ من سير العمل ومتابعته والإشراف على صحة تنفيذ مهمتهم للشركة التي أعمل بها.
ولكني في نفس الوقت أريد التأكد بأنه لا حرج من هذا العمل وأنه ليس به ما يغضب الله سبحانه وتعالى. أفتوني في أمري أفادكم الله، والسلام عليكم.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا يجوز للأجير الخاص الذي يعمل لدى أحد أو جهة أن يتعاقد في الوقت نفسه مع غير رب العمل، إذ هذا الوقت لرب العمل، فليس له أن يتصرف فيه إلا برضاه.
وما دمت مشرفاً على تنفيذ العمل فإن تقديم العمل لك مجاناً أو بأقل من أجرة المثل حرام لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"هدايا العمال غلول" أخرجه أحمد (5/425) والبيهقي (10/138) صححه الألباني في إرواء الغليل (2622) .
وأرى للسائل ألا يتفق معهم حتى بسعر المثل دفعاً للتهمة وقالة السوء في المستقبل، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على محمد وآله.(9/509)
العمل في تصميم الدعايات
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 27/4/1423
السؤال
أنا أعمل في مجال تصميم الدعايات الهندسية لشركات على الكومبيوتر، والشركات تعمل في أشياء لا حرمة فيها مطلقاً، ولكن بعد إنهاء عملي في التصميم يقوم شخص آخر غيري بإضافة ملف صوت أو موسيقى عليه في الخلفية، وأنا لا أفعله لأني أعلم أن الموسيقي حرام، وأنا لا أستطيع أن أغير ذلك وهذا هو مجالي، وقد ضاقت بي سبل الرزق، فهل علي وزر وأنا لا أتدخل مطلقاً فيما يفعله الشخص الآخر أم ليس علي وزر؟ أفيدوني، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
إذا كان الأمرُ كذلك، فلا أرى عليك من بأس في العمل في هذا المجال، وليس عليك من إثم -إن شاء الله- فيما أضافه غيرك على عملك من أغانٍ ونحوها من المحرَّمات؛ لأن هذه المحرّمات المضافة قائمةٌ أصلاً بغير عملك، وخروجها على هذه الصورة المحرَّمة لم يكن موقوفاً على عملك.
نعم، يدخل في الإعانة على ذلك كل عمل تكتمل به صورة المنكر، أو يعين على نشره، أو يدعو إليه، فالذي ينسخ تلك الأغاني معين على الإثم -لا شك-، ومثله كذلك من يقوم بإضافتها على الإعلانات الدعائية ... إلخ.
فها أنت تجد عمل هذين لا تكتمل صورة المنكر في إخراجه وتشغيله إلا بعملهما، فكانا شريكين في الحرام معينين على المنكر، أما أنت فمثلك كمثل من بنى داراً وباعها لمن يسكنها، فقارف فيها ساكنها بعض المنكرات، فليس عمل هذا -أعني باني الدار-من قبيل الإعانة على الإثم والعدوان؛ لأن وقوع المنكر لم يكن متوقِّفاً على بيع الدار ولا بنائها، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.(9/510)
استئجار ضاربة الدف
المجيب عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 28/5/1423
السؤال
ما الحكم في استئجار من يضرب الدف للنساء في الأعراس؟ وهل حجة من يقول:"إن الإجارة مثل البيع فلا تصح ولا تجوز إلا فيما كان أصله حلالاً"، هل هذه الحجة يعتد بها بالتحريم؟ وما حكم صنع وبيع الدفوف؟
الجواب
محور جواب هذا السؤال يعود إلى أمر واحد، وهو حكم الضرب بالدف للنساء في الأعراس، وما بعده ينبني عليه، فيقال: ضرب الدف للنساء في الأعراس والأعياد ونحوها أقل أحواله الجواز، وهو في النكاح مستحب؛ لأدلة كثيرة مشهورة، يمكن الأخ السائل أن يراجع على سبيل المثال (منتقى الأخبار) للمجد ابن تيمية (2/556) ، وكذلك ينظر: (الروض المربع بحاشية ابن قاسم 5/418) .
فإذا علم ذلك تبين الجواب عن السؤالين اللذين بعده، فاستئجار من يضرب الدف حكمه حكم الغرض منه، فإن كان في الأعراس ونحوها فمستحب، وإن كان لغرض مباح فالإجارة مباحة، وكذا الحكم في الصنعة، والله أعلم.(9/511)
العمل في مؤسسات الصيرفة
المجيب د. راشد بن أحمد العليوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 30/1/1424هـ
السؤال
أنا أعمل في مؤسسة للصيرفة، علماً أنها تقوم بالتالي:
(1) صرف رواتب قبل موعدها بعمولة قدرها خمسون ريالاً، ثم تحصل الراتب من البنك المسحوب عليه بعد ذلك.
(2) تقوم ببعض الاستثمارات على أن يكون الربح فيها مضموناً للمستثمر دون تحديد نسبة.
(3) شراء العملات بسعر وبيعها بسعر أغلى مع فارق كبير بين السعرين.
السؤال:
(1) ما الحكم فيما ورد أعلاه؟
(2) ما حكم عملي في المؤسسة لا سيما في ظل عدم وجود بديل حالي؟
شاكرا لكم فتح هذا المجال، راجياً الإسراع قدر الاستطاعة؛ لأني متلبس بهذا الأمر.
الجواب
صرف الرواتب قبل موعدها بعمولة، من الربا المحرم؛ لأن حقيقة العملية إقراض صاحب الراتب مبلغاً ثم استيفاء مبلغ أعلى منه.
ب. ضمان المضارب لصاحب رأس المال رأس ماله وزيادة لا يسوغ.
ج. شراء العملات بسعر وبيعها بسعر أعلى - ولو كان كبيراً - جائز بشرط الحلول والتقابض في مجلس العقد إذا كانت العملات من جنسين مختلفين، كالريال بالدولار.
2. لا يسوغ العمل في المؤسسة لممارستها للربا في أعمالها بصفة رسمية من إدارة الشركة، ويوجد بديل حالي وهو العمل في المصارف الإسلامية وغيرها.(10/1)
استعمال شبكة الإنترنت في العمل
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 5/11/1423هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي هو: ما حكم استخدامي لخدمة الإنترنت التي توفرها الجهة التي أعمل بها لأغراضي الشخصية باستخدام خط الهاتف الخاص بي؟ علماً أنهم على علم بذلك وتقوم كذلك الجهة التي أعمل بها بتكليفي ببعض الأعمال التي تحتاج استخدام الإنترنت من منزلي. أفتوني مأجورين وجزاكم الله خيراً.
الجواب
إذا كانت جهة العمل لا تمانع من استخدام خدمة الإنترنت التي وفرتها في الأغراض الشخصية فلا حرج من استخدامها، والمقصود بعدم الممانعة أن يكون نظامها يسمح بذلك، أو أن يكون المسؤول المخول قد أذن بذلك وهو يملك الإذن، أما إذا أذن تساهلاً وهو لا يحق له الإذن ولا يملكه في الصلاحيات المعطاة له فلا عبرة بإذنه ويبقى الأمر على الأصل أو النظام، والأصل أن الدوائر والشركات تجعل هذه الخدمات لأجل تحقيق أغراضها ولمصلحة العمل، وقد تعطي بعض موظفيها هذه الخدمة له مكافأة أو تشجيعاً له فإذا كان ذلك كذلك فلا بأس وإلا فلا، والله تعالى أعلم.(10/2)
اشترط علي ألا أعمل عند غيره
المجيب ناصر بن محمد آل طالب
القاضي بمحكمة عرعر
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 12/11/1423هـ
السؤال
أنا أعمل في وظيفة في القطاع الخاص وهناك شرط من شروط العقد على ألا أعمل عند أحد غير صاحب هذا العمل الذي أعمل فيه في وقت العمل أو خارج وقت العمل بأجر أو بدون أجر. ثم إني ذهبت إلى صاحب العمل وطلبت منه أني سوف أعمل عملاً إضافياً بعد وقت العمل هذا، العمل ليس له علاقة بعملي ولا بعمل الشركة فأذن لي ولم يمانع في ذلك واشترط عليّ أنه لا يضر لا بمواعيد العمل ولا بعملي. هل يجب عليّ كل مرة عند عمل أي عمل آخر أن استأذن منه طالما أن العمل ليس له علاقة لا بعملي أنا الأصلي في الشركة ولا بشغل الشركة.
الجواب
الحمد لله لم يظهر من السؤال ما إذا كان السائل الكريم استأذن رب العمل إذناً عاماً أو بخصوص عمل معين، فإن كان إذناً عاماً فلا مانع حينئذٍ من الالتحاق بعمل إضافي آخر كلما انتهى العمل الإضافي الذي قبله طالما أنه لم يؤثر على العمل الأساسي، لأن الوفاء بالشرط على النحو المذكور حقٌ لرب العمل وقد تنازل عنه.
أما إذا كان إذناً خاصاً بأن استأذنت رب العمل في عملٍ إضافي محدد ذا طبيعة محددة ووقت محدد فانتهى هذا العمل فالظاهر وجوب استئذانه كلما رغبت بالالتحاق بعملٍ آخر لأن الإذن كان خاصاً والشرط ما زال سارياً فمتى انتهى هذا العمل المأذون فيه فيبقى الشرط على حاله ولا يمكن تجاوزه إلا بإذن آخر. والله أعلم.(10/3)
صفقة فيها مؤجل ومعجل وأقساط
المجيب د. عبد الله بن ناصر السلمي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 9/1/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اشتريت سيارة من إحدى الشركات دفعة مقدمة 10000 ريال، وقسط شهري 2400 ريال لمدة أربع سنوات مع دفعة مؤجلة 47000 ريال، ما حكم ذلك؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مسألة الإيجار المنتهي بالتمليك كعقد الواضح فيه جواز ذلك غير أن الحكم يختلف حلاً أو حرمة أو صحة أو فساداً على حسب ما يوجد من الشروط في العقد، فلربما يوجد من الشروط ما يخالف مقتضى الإيجار المنتهي بالتمليك مثل ما يفعله غالب الشركات والمؤسسات التي تتعامل بالإيجار المتجدد في الواقع المعاصر حيث أن صورته تجارة وحقيقته بيع مع ما فيه من الظلم في الشروط التي تخالف مقتضى العقد؛ لأن الإيجار المقتضى فيه أن المستأجر لا يضمن إلا إذا فرط أو تعدى، فإذا وجد ذلك فإن الإيجار المنتهي بالتمليك باطل وإذا وجد من الشروط ما لا يمنع من صحة العقد فإن العقد صحيح والشرط باطل.
والفرق بين الأول والثاني هو أن يكون الشرط يعود على أصل العقد بالإبطال فإذا كان الشرط يعود على أصل العقد بالإبطال والبطلان أي: بطلان العقد، فإنه يدل على أن العقد باطل.
وإذا كان لا يعود على أصل العقد بالإبطال فإن العقد صحيح والشرط باطل مثل أن يكون مخالفاً لمقصود الشارع.(10/4)
النوم وقت الدوام
المجيب د. محمد بن إبراهيم الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 24/10/1423هـ
السؤال
هل يجوز أن أنام في عملي وقت الدوام الرسمي؟ علماً أن عملي عبارة عن تعداد وصفات فقط لا غير ولا يوجد عمل آخر، وأنا أنام في بعض الأحيان في السكن داخل العمل. وشكراً.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فالموظف يعتبر أجيراً خاصاً يستحق المستأجر له نفعه في جميع الزمن المقرر للعمل وحينئذ فيجب صرف جميع منافعه في هذا الزمن للعمل المستأجر عليه باستثناء أوقات الصلوات الخمس بسننها وجمعة وعيد فإن زمن هذه الفرائض مستثنى بالشرع فيؤديها ولا يحتاج إلى إذن صاحب العمل، وبناء على هذا فليس لك أن تنام في عملك أو أن تنشغل بأمر غيره إلا أن يأذن لك صاحب العمل إن كنت تعمل لدى شخص معين، أما إن كان عملك حكومياً فليس لك أن تنام أثناء الدوام ولا يجوز لأحد من المسؤولين عنك أن يسمح لك بالنوم؛ لأن تصرف هؤلاء لا يجوز إلا بما يحقق المصلحة للعمل ونومك أثناء العمل لا يحقق أي مصلحة، والله الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد.(10/5)
أخذ الموظف أتعاباً من مراجعيه
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 1/11/1423هـ
السؤال
هل يجوز أخذ المال من المعاملين أو المستفيدين في العمل للحالة التالية:
أن شخصا وضع معاملة عندي لانشغاله وأنا أقوم بمتابعتها وإنجازها وسيعطي المال لأنه يعلم أن المعاملات لا يمكن أن تنجز إلا به وكذلك مقابل أتعابي؟
الجواب
الحمد لله وحده وبعد:
الأجير الخاص لا يجوز أن يتعاقد مع أحد في وقت عمله، سواء كان موظفاً لدى الدولة أو لدى جهة خاصة، إذ وقته ليس له بل لمستأجره إذ لا يستحق الأجرة إلا بمضي المدة مع تسليم نفسه.
وعليه فلا يجوز لك أن تتعاقد مع أحد على متابعة معاملة أو إنهائها بأي مقابل في وقت عملك لأن ذمتك مشغولة بنفس العمل فلا يمكن إشغالها بعقد آخر إذ المشغول لا يشغل.(10/6)
العمل في المستشفيات
المجيب د. قيس بن محمد آل الشيخ مبارك
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 9/7/1424هـ
السؤال
ما حكم العمل في المستشفيات بشكل عام مع العلم أنها قائمة على أنظمة غربية بالأساس، ويحصل فيها منكرات عظيمة مع وجود النساء الغربيات والمسلمات، ولما فيها من كشف المرأة المسلمة لحجابها، ولا أحد يأمرهن بالتستر، حتى وصلت إلى أن نساء المسلمين يدخنَّ الدخان في فناء المستشفى. وحيث إن الإدارة يعمل فيها النساء كمديرات للأقسام أو سكرتيرات وهنّ متبرجات، وتجد المدير مسلما وسكرتيرته أجنبية نصرانية ومتبرجة، ويفرض علينا التعامل معهم، وكذلك يفرض علينا التعامل باللغة الإنجليزية في كل خطاباتنا وتعميماتنا فأصبحنا نعيش في هذه المستشفيات بشخصية ممسوخة، وفوق هذا كله تكون الموالاة للكافرين، فالمعاملة الحسنة والمحافظة على مشاعرهم والمزايا الكثيرة، فالكفار يعملون من ناحية العقود والمزايا أفضل من المسلمين، فأصحاب الجنسية الأمريكية يعطون العقود من فئة (أ) والأوربية فئة (ب) أما السعوديون ففئة (ج) وبقية الدول العربية فئة (د) ، وأيضا يعيشون على أرضنا وكأنهم في بلادهم فلا يحتشمون، وهم يسكنون بين سكان مسلمين هذا والله المستعان. وفي حالة بقائنا في هذا العمل كيف ننكر المنكر؟ هل ننكر بشدة مع العلم أن مدراء المستشفى لا يلتفتون إلى أوامر الدين كما هو ظاهر لنا؟ مع العلم أني ولله الحمد استقمت وصلحت أحوالي عن ذي قّبل، فهل أستمر أم أترك العمل مع أن عليَّ بعض الديون ولم أتزوج بعد؟
الجواب(10/7)
اعلم أن المستشفيات تعتبر من ضرورات الحياة إذ بها صلاح أبدان الناس، والعمل بها عمل شريف كما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى (لا أعلم بعد الحلال والحرام علماً أنبَلَ من الطبّ) ، وإذا وُجد في المستشفيات شيء من الخطأ فلا سبيل لتصحيحه إلا بأن يلتحق بهذا العمل أهل العفَّة والديانة، واعلمْ أن مَن خالط الناس وناصحهم بالحكمة والموعظة الحسنة وصبَرَ على ذلك خيرٌ ممن يفرُّ عنهم ويكون قعيد بيته، بل ستصبح لك دُرْبَة في طريقة التوجيه والإرشاد والدلالة إلى الله تعالى. ولا حَرَج عليك إن تحدَّثت بغير العربية، ولو مع متبرِّجة من غير المسلمات، وليس في ذلك شيء من الموالاة للكافرين، وأنت تعلَم أن الوفود كانت تفد عليه صلى الله عليه وسلم بالمدينة فيستقبلهم ويقرِّبهم، ويعطي كبيرهم وسيِّدهم حقَّه، وربما استقبلهم داخل حرم المسجد، كما فعل مع وفد ثقيف الذين كانوا على الشرك حينها، حيث أنزلهم في المسجد انظر ما رواه أبو داود (1393) وابن ماجة (1345) من حديث أوس بن حذيفة - رضي الله عنه -.أما ما يتمتَّعون به من مزايا فهذا ليس من شأنك، وإنما هو عقد بينهم وبين من استأجرهم على العمل لا شأن لك به ولا عِزَّة لهم به، بل العزيز هو مَن يقوم بعمله على أحسن وجْهٍ وأكمله مسعداً بذلك نفسه ومرضياً ربَّه من غير ذلَّة لأحد. أما كيف تنكر فاعلم أن الأمر بالمعروف يجب أن يكون بمعروف، وأن النهي عن المنكر يجب أن يكون كذلك بمعروف، وأن وظيفتك حين آمنت بالله تعالى أن تكون دلاَّلاً على بضاعة الرحمن لا أن تكون خصماً للناس، ولا أن تكون فاحشاً أو منفِّراً من هذا الدين، فاعمل عَمَلَ مَن يسوِّق لبضاعةٍ، بالتلطُّف والتودُّد والإكرام، وابحث عن هذه الوسائل في سيرة حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم.(10/8)
العمل المختلط
المجيب د. صالح بن عبد العزيز التويجري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 27/7/1424هـ
السؤال
أنا شاب أعمل في أحد المستشفيات في قسم غسيل الكلى، وتوجد معي بعض الممرضات من جنسيات مختلفة، وكلهن ديانتهن المسيحية، ويكون هناك الاختلاط لظروف العمل الذي أنا فيه، ويعلم الله أني أحاول أن يكون عملي هذا خالصاً لوجه الله الكريم، فما رأيكم في وضعي هذا؟ هل أتركه مع أنه هو تخصصي العلمي؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
في مثل هذه المسائل يرجع إلى أمرين الأول: تحقيق حكم الشرع في الحيطة والحذر من الوقوع في الحرام، ومدى حاجة الأمة لهذا العمل، الذي يدور بين الواجب الكفائي أو العيني، وهذه لها علاقة بواقع الحال.
الأمر الثاني: يرجع إلى ذات الشخص، وهو قدرتك على القيام بالعمل من غير ترتب مفاسد عظمى فوق المصلحة التي قد تؤديها في هذا المجال، وعليه فأمر الشرع لا تنازل فيه، فالمحرم على غيرك محرم عليك، وإن كان هناك تجوز فهو من منطلق المصالح والمفاسد، أما إذا كان بقاؤك في هذا المجال تدرأ به شراً أعظم، ولو تركته لفتح المجال لمن يفسد فيه، فلا تتركه، وإن كان انتقالك إلى موقع تحقق فيه من المصالح وتدرأ فيه من المفاسد ما هو أكبر وتطمئن على من يخلفك في هذا المجال فهنا لك أن تذهب إلى عمل آخر، والله أعلم.(10/9)
الإيجار على الأرض بجزء من نتاجها
المجيب د. حمد بن حماد الحماد
عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 16/8/1424هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نسأل بأن يقوم صاحب الأرض بشراء الأسمدة التي تكلف كثيراً، وكذلك البذور والمبيدات ثم يدفعها إلى عامل ليقوم بزراعة الأرض، ويتفق صاحب الأرض والعامل على سداد ما دفعه صاحب الأرض من سماد ومبيدات وبذور، ثم بعد خصم هذه القيمة يقتسمون المحصول مناصفة. ما حكم الشرع في ذلك أفادكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
حكم هذه المعاملة بهذا الشكل لا تجوز باتفاق، لأنها بهذا الشكل تكون إجارة بأجرة مجهولة، فلا ينطبق عليها عقد الإجارة الصحيحة، ولا عقد المزارعة الجائزة، وتصحيح مثل هذا إما بعقد إجارة، حيث يكون كل شيء من صاحب الأرض ويقوم العامل بالعمل فقط بأجرة معلومة القدر وليست نسبة من المحصول، أو بعقد مزارعة يقوم العامل بزراعة الأرض من ماله، وله نسبة من المحصول كالنصف أو أقل أو أكثر، وللمزارعة أحكام تفصيلية لا يتسع المقام لذكرها.(10/10)
العمل في عربسات
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 27/12/1424هـ
السؤال
(1) ما حكم العمل في المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية (عربسات) ؟ مع العلم أن طبيعة العمل هندسي، ودخل المؤسسة من إيجار سعات قمرية للقنوات المرئية، والاتصالات الهاتفية، والإنترنت، وأغلب الدخل من القنوات المرئية، وعملي ينحصر في التحكم في القمر، وليس من اختصاصي أو صلاحيتي إجازة أو منع ما يبث.
(2) هل المشاركة أو العمل فيها تعتبر من المعاونة على الإثم والعدوان؟.
(3) هل استخدام الوسيلة المباحة من قبل غيري في الإثم يدخلني في دائرة الإثم؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
نشكر السائل على أسئلته الدالة على حرصه، ولا يخفى على السائل أن الوسيلة المباحة إذا استخدمت للحرام، أو غلب عليها ذلك، أو زاد الإثم على الخير، فلا يجوز بذلها أو بيعها، أو العمل فيها؛ لأنها لا تكون حينئذ مباحة، فيحرم على الكل الإعانة عليها، وقد قال - سبحانه-: "وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ" [المائدة: من الآية2] ، كما يحرم التكسب منها، وقد أفتى العلماء بتحريم بيع السلاح زمن الفتنة، والبيض للقمار، والعنب للخمر.(10/11)
أما إذا استخدمت الوسيلة المباحة للمباح، أو للخير، أو لما يعلم، أو غلب عليها الخير فلا حرج، والسائل يعلم ما يبث في تلك القنوات من الغناء، والموسيقى، وما يعرض فيها من النساء الفاتنات، الكاسيات، العاريات، ومن مسلسلات تخدش الحياء والفضيلة، والسائل لا دور له فيما يعرض فلا يستطيع الإصلاح، وإنما هو معاون من حيث الجملة، وهو شريك في الإثم في هذه الحالة، فيتعين عليه ترك هذا العمل إلى عمل أتقى لله -تعالى-، وأبرأ لدينه، وأطيب لكسبه، وقد قال - صلى الله عليه وسلم-: "من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه" انظر ما رواه الإمام أحمد في مسند (20739) ، والبيهقي في السنن الكبرى (5/335) . والله أعلم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/12)
العمل في تنظيم الرحلات السياحية
المجيب د. زيد بن سعد الغنام
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 4/1/1425هـ
السؤال
فضيلة الشيخ.. رجاء التكرم بالرد على السؤال التالي:
أعمل منظم رحلات (TOUROPERATOR) في شركة سياحة، وطبيعة عملي هي كالتالي: في البداية أتلقى طلباً من عميل فرد، أو شركة سياحة من خارج البلاد بتنظيم زيارة إلى هنا، يحدد فيها طلباته، أو يترك لي تأليف برنامج له، وهذه الطلبات تنحصر في الإقامة في العاصمة، أو إحدى المدن الساحلية، لزيارة المعالم السياحية فيهما، وفيما بينهما، وهو يقيم في مركب عائم لمدة تتراوح بين ثلاث وسبع ليال، إذاً فهو يأتي إما للاستجمام على أحد الشواطئ، أو الغطس، أو يأتي لزيارة الآثار، الرومانية، واليونانية، والقبطية والإسلامية.
ملحوظة: العميل قد يكون رجلاً أو أكثر، أو امرأة أو أكثر، وليس لي أن أسألهم عن طبيعة العلاقة التي تجمعهم.
أرجو من فضيلتكم أن ترشدونا إلى:
أولا: ما هو حكم عمل كل فرد من هؤلاء:
TOUROPERATORمنظم الرحلة، TOURLEADERمندوب الشركة السائق؟.
ثانياً: ما مدى مسؤولية منظم الرحلة (أنا) عن هؤلاء؟، والشركة بها أقسام أخرى كالحج، والعمرة، والحسابات، والسعاة، والسكرتيرة، فهل إذا حصل أحدهم على بعض هذا المال يكون حراماً عليه إذا كان العمل غير مباح وبالتالي فأنا أتحمل وزرهم جميعا؟ ثالثا: هل هناك ضوابط يمكن بها ضبط العمل؟ أم الواجب تركه بالكلية. -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب(10/13)
عملكم هذا أنت ومندوب الشركة والسائق، يشتمل على أمور مباحة وأخرى محرمة، فالمباحة مثل زيارة الأسواق، والمتاحف ونحوها، والمحرمة مثل إدخال السيّاح المراقص والبارات ونحوها، أما دخول المسلم للكنائس، والمعابد، ودخول الكافر للمساجد فمحل خلاف بين العلماء، فمنهم من حرمه ومنهم من أجازه، والأحوط - والله أعلم- الابتعاد عن ذلك خاصة في مثل هذه الأزمنة، اللهم إلا إذا كان هناك مجال لدعوة الكفار للإسلام، وترغيبهم فيه، وأيضاً التفكر بما عند الكفار من مظاهر الباطل؛ كي يزداد المسلم قناعة بدينه. وعلى كلٍ فإن أمكن أن يقتصر عملك في هذه الشركة على الأمور المباحة مثل عدم تقديم مشروبات محرمة، أو إدخالهم المراقص والبارات، أو الخلوة بالنساء، فيجوز عملكم، أما إن باشرت هذه الأعمال المحرمة أو ساعدت عليها فلا يجوز؛ لأنه تعاون على الإثم والعدوان، وحينئذ إما أن تطلب من الشركة أن يغير مجال عملك، وإلا فاترك العمل بها ويعوضك الله، "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً" [الطلاق:2] والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.(10/14)
تأجير مَنْ يقتني الدش
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 11/06/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
يوجد لدي شقق للإيجار، وأبذل قصارى جهدي لكي لا يسكنها إلا من أثق في دينهم، ويظهر لي فيهم الخير والصلاح، ومن ضمن شروطي على المستأجر ألا يدخل إلا قناة المجد، فكان أحدهم لديه طبق المجد، ولكني بعد فترة من الزمن وجدته قد ركب رأس دش (عرب سات) على طبق المجد، فحصل بيني وبينه نقاش، فطلبت منه أزالته فلم يمانع، ولكنه لم يزله إلى الآن، وتفاجأت كذلك بأن مستأجرًا آخر قام بشراء طبق المجد، ولكنه لم يركب عليه إلا رأس طبق (عرب سات) فقط، وذلك ليوهمني أنه يشاهد المجد فقط، فما هو الحكم المترتب على كل منهما، وهل يجوز استخدام طبق قناة المجد لاستقبال قنوات فضائية أخرى، سواء عرب سات أو غيرها؟ والله يرعاكم برعايته.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إذا أجرت رجلاً شقة واتخذ فيها طبقاً فضائياً فلا إثم عليك في ذلك؛ لأنك أجرته الشقة للسكنى وهي منفعة مباحة، ولست بمسؤول عما يفعله الساكن فيها، بخلاف ما لو أجرت الشقة لمن يتخذها وكراً للدعارة أو مصنعاً للخمر، بحيث يكون التأجير لمنفعة محرمة، فإن أجرته للسكنى وانتفع بها في غير ذلك فلا إثم عليك؛ لأن الأصل في تأجير الشقة أن تكون للسكن، ولا يلزمك إذا أراد مستأجر أن يستأجر منك شقة أن تتحقق في وجه انتفاعه بها، وتسأله عن ذلك.
وما تفعله من إنكار على بعض المستأجرين استقبال بعض القنوات التي يغلب عليها المحرم فأنت مأجور -إن شاء الله- على ذلك، لكن لا يلزمك إخراج من يفعل ذلك، وفسخ العقد.
والله أعلم.(10/15)
العمل في شركة تتعامل مع البنوك
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 1/6/1425هـ
السؤال
أعمل محاسباً بشركة، ومن ضمن أعمالي تسجيل جميع معاملات الشركة مع البنك من فوائد وعمولة ومصاريف، نظير اقتراض الشركة من البنك لشراء بضاعة من الخارج حتى سدادها، على الرغم من بغضي للبنوك جميعها، فما حكم الراتب الذي اتقاضاه؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه، وبعد:
فقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم- آكل الربا ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: "هم سواء" رواه مسلم (1598) من حديث جابر -رضي الله عنه- وواضح من ذلك أن المقصود هو ذم كل من يسهم في التعامل الربوي بشكل أو بآخر، وهذا -والله أعلم-، يشمل عمل المحاسب والمراجع الذي يراجع التعاملات الربوية؛ لأنه في حكم الكاتب والشاهد، فالواجب على الأخ السائل مناصحة القائمين على الشركة بتجنب التعاملات الربوية والاعتياض عنها بالمعاملات الإسلامية، وهي بحمد الله متوفرة في بلد السائل، وينبغي أن تكون المناصحة بالتي هي أحسن، وبما يرجى أن يحقق الهدف وهو التخلي عن الربا، ولا يستعجل النتائج، لأن الاستعجال يؤدي لنقيض المقصود، وخلال فترة المناصحة أرجو ألا يكون هناك حرج في الراتب الذي يستلمه المحاسب، لأنه بصدد تغيير المنكر وإزالته بما يقدر عليه، وقد قال تعالى: "ما على المحسنين من سبيل" [التوبة: 91] فإذا تبين للأخ أن المؤسسة لن تستجيب لطلبه، بالرغم من وجود البديل الإسلامي، فيجب عليه البحث عن عمل أو وظيفة أخرى تخلو من المحذور الشرعي، وخلال فترة البحث يتصدق بقدر الساعات التي ينفقها في مراجعة التعاملات الربوية.
وفقنا الله وإياكم لاتباع مراضيه واجتناب سخطه ومناهيه، والله تعالى الهادي للصواب.(10/16)
نقل الناس من وإلى أماكن الخمر
المجيب محمد بن ناصر السلمي
القاضي في وزارة العدل
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 24/1/1425هـ
السؤال
في مدينتنا سائق تاكسي يريد أن يعرف ما حكم توصيل الركاب من أماكن بيع الخمر إلى بيوتهم أو حيث يريدون؟ وما الحكم في توصيل من يحمل معه كرتون خمر؟ حيث إن السائق ليس له شأن في حمل متاع الراكب أو مساعدته، مع العلم أن السائق قد يكون لديه علم مسبق أن الزبون الذي يراد توصيله موجود في مكان بيع الخمر، وهذا السائق حائر في كيفية التصرف في هذه المشكلة، ويريد أن يعرف حكمها، وهل عليه إثم أو يكون داخلاً في حديث اللعن الوارد في الخمر ومتعلقاتها؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الجواب: هذا الأمر لا يخلو من حالتين: أن يكون الركاب كفّارًا، فلا بأس بحمل الركاب من أماكن بيع الخمر إلى بيوتهم أو حيث يريدون؛ لأن الإجارة هنا وقعت على منفعة صحيحة جائزة في الأصل، حتى لو كان مع الركاب خمر، لأن الإجارة هنا لم تقع على حمل الخمر، وإنما وقعت على حمل الركاب، والخمر تبع له، والفقهاء يقولون: يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، ولأن الكافر يعتقد حل الخمر.
أما لو وقعت الإجارة على حمل الركاب والخمر معاً فالإجارة باطلة والسائق آثم بذلك.
وقد يقال بتفريق الصفقة فتصح الإجارة في حمل الركاب، ولا تصح في حمل الخمر، وهو آثم بذلك، ويحتمل دخوله في حديث الوعيد، والأولى بالمسلم التورع عن مثل هذه الأعمال المشتبهة قال:- صلى الله عليه وسلم-: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي (2518) والنسائي (5711) عن الحسن بن علي - رضي الله عنهما -.
والحالة الثانية: أن يكون الركاب من المسلمين، وحينئذ نقول له بجواز حملهم من أماكن بيع الخمر إلى بيوتهم شريطة ألاّ يكون معهم خمر؛ لأن هذا وسيلة إلى المعصية وما كان وسيلة إلى المعصية فيحرم ارتكابه؛ لأن الوسائل كما يقول الفقهاء لها أحكام المقاصد. والله أعلم.(10/17)
العمل في مجال الرسوم والجرافيك
المجيب د. خالد بن عبد الله القاسم
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 14/6/1424هـ
السؤال
ما حكم العمل في التلفزيون الرسمي في بلدي في مجال الرسوم والجرافيك باستخدام الكمبيوتر، خصوصاً عند استخدام هذه الرسوم والصور لما فيه صالح الأمة العربية والإسلامية؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
رسوم ذوات الأرواح فيه أقوال بين أهل العلم، والجمهور على تحريمه؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-:" إن أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون" رواه البخاري
(5950) ، ومسلم (2109) من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- بخلاف الصور الفوتوغرافية التي أجازها أكثر العلماء المعاصرين؛ لأنها ليست مضاهاة لخلق الله بشرط ألا تكون معظمة.
أما استخدام الرسوم الموجودة في برامج الحواسيب لما فيه المصلحة كما ذكر السائل فهو أمر محمود، وأقل ما فيه أنه أهون الضررين، لا سيما أنه صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أقر لعب عائشة -رضي الله عنها- بلعب تشبه الحيوانات، انظر سنن أبي داود (4932) وفتح الباري (10/527) كما أقر الصور المرسومة في بيته -عليه الصلاة والسلام- على الوسائد. انظر ما رواه البخاري (5954) ، ومسلم (2107) من حديث عائشة -رضي الله عنها- والله أعلم.
ونسأل الله للسائل التوفيق والمزيد من الخير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/18)
العمل بهيئة الإذاعة البريطانية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 29/06/1425هـ
السؤال
معروضة فرصة عمل بالقسم العربي لإحدى هيئات الإذاعة الغربية، فهل أتقدم لها؟ والمعروف أنها إذاعة مملوكة لحكومة غربية، فما حكم من يعمل فيها؟ وما حكم راتبه؟ حيث إن لي أصدقاء بالفعل يعملون هناك؟. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
العمل في الشركات التي يملكها أو يديرها كفار جائز شرعاً، بشرط ألا يباشر المسلم حراماً مقطوعاً به، كأن يصنع الخمر أو يبيعها أو يقدمها للشاربين ونحو ذلك، ووجه الجواز أن النبي - صلى الله عليه وسلم- وعامة الصحابة - رضي الله عنهم- كانوا يبايعون المشركين ويؤاجرونهم، ومات رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي بصاع من شعير. انظر: البخاري (2916) ، ومسلم (1603) ، وإجماع المسلمين قديماً وحديثاً قائم على جواز معاملة الكافر والتعاقد معه في سائر العقود المشروعة، وثبت في جامع الترمذي (2473) : "أن علياً بن أبي طالب - رضي الله عنه- آجر نفسه من يهودي يسقي له كل يوم بتمرة"، وعلى هذا إجماع المسلمين بلا منازع، وعليه فإن عملك في هيئة الإذاعة البريطانية جائز. الله أعلم.(10/19)
تأجير المحلات التي يختلط فيها الحلال والحرام
المجيب عبد الله بن سليمان بن منيع
عضو هيئة كبار العلماء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 1/11/1424هـ
السؤال
جزاكم الله كل خير على ما تقدمونه للإسلام والمسلمين. سؤالي هو أنني صاحب مكتب عقاري، وعند تأجيري للمحلات التجارية أجد أنها ثلاثة أصناف، إما حلال تام مثل ملحمة لحوم، أو حرام تام مثل محل أغانٍ، أو شيء يدخله الحلال والحرام مثل الحلاق، أو بقالة تبيع مجلات ودخان، أو محل أجهزة إلكترونية، أو غيرها الكثير مما أصبح مختلطا بين الحلال والحرمة في تجارتهم. وسؤالي هو: ما حكم كتابة العقود في المشاريع التي يختلط فيها الحلال بالحرام؟ أفتوني مأجورين، فالأمر قد حيرني بين مجيز ومانع. والله يحفظكم ويرعاكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
العقار المستخدم لأمر مباح لا غبار عليه، ولا شك في حله، ولا شك في مشروعية أو في إباحة كتابته، والوساطة بالاستئجار عن طريقه.
الأمر الثاني: إذا كان حراماً محضاً فهذا لا يجوز، كمن يؤجر محلاً للبغاء أو للقمار أو للربا، أو نحو ذلك من الأمور المحرمة فهذا لا يجوز لهذا السمسار أن يتوسط في إجراء عملية هذا التأجير، وحرام على المؤجر نفسه أن يؤجر مكانه لاستغلاله في أمور محرمة، أما إذا كانت الأمور التي تستخدم في هذا العقار أموراً غالبها الإباحة، ولكن قد يكون فيها أمور محرمة لكنها قليلة بالنسبة لما هو مباح فهذا محل نظر، والرسول - صلى الله عليه وسلم- يقول: "الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" متفق عليه البخاري (52) ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-. وعلى المرء أن يأخذ بالتقوى والحيطة والحذر والورع، وأن يبتعد عن هذه الأمور المشتبهة.(10/20)
دوام المدرسين قبل بداية الدراسة
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 21/10/1424هـ
السؤال
فضيلة الشيخ: ما حكم دوام المدرسين في المدارس في أيام لا يوجد فيها طلاب مثل أيام العودة، أي قبل الدراسة بشهر وخاصة في القرى النائية والبعيدة؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
إذا كان العقد يوجب عليك التعهد بالعمل لساعات محددة كل يوم، فيجب عليك أن تفي بمقتضى العقد، وإذا لم ينص في العقد على ذلك، فلا يجب عليك مباشرة العمل إذا لم يكن ثمة ما يقتضي الحضور، لا سيما في المناطق النائية والبعيدة.
أما مع وجود العمل فيجب عليك الحضور. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(10/21)
اشتراط عدم الحمل في عقد العمل
المجيب د. نايف بن أحمد الحمد
القاضي بمحكمة رماح
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 19/7/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إحدى الأخوات وقَّعت على عقد عمل ينص في أحد بنوده على عدم السماح لها بالحمل أثناء العقد (لمدة سنتين) ، وبخلاف ذلك تفصل من عملها بدون تعويض.
فهل يجوز مثل هذا الشرط من ناحية شرعية
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد: فهذا الشرط صحيح لكونه لمصلحة العمل، ولكن لا يجوز للمرأة قبوله والموافقة عليه، إلا بعد موافقة زوجها، لكون الحمل ليس حقاً محضاً لها، بل هو حق مشترك للزوجين، ومنع الحمل مدة محددة جائز، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(10/22)
كتابة العقد بثمن أكثر من الواقع
المجيب د. زيد بن سعد الغنام
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 18/7/1424هـ
السؤال
أعمل في جهة حكومية ومخصص السكن لي 40000 درهم، وحصلت على جهة حكومية أخرى تؤجر لي السكن بمبلغ 25000 وترجع لي الباقي، ولكنها (تعد العقد بالمبلغ كاملاً) مع العلم بأني قد أشعرت مسؤول الجهة بذلك، فأرجو أن تفتونا بما يصح شرعا وجزاكم الله خيراً.
الجواب
إذا كانت الجهة الحكومية التي تعمل فيها تشترط أو تلزمك بأن تستأجر بجميع المبلغ "أربعين ألفا" وتطلب منك عقداً أو إثباتاً بذلك فيلزمك الاستئجار بهذا المبلغ حقيقة، ولا يجوز لك التدليس وإخفاء الحقيقة بعقد وهمي حتى ولو علم رئيسك المباشر، أما إذا كانت تلك الجهة تعطيك هذا المبلغ مقطوعاً سواء استأجرت به أو بأقل منه كما تفعله بعض الجهات فهذا جائز، والله أعلم.(10/23)
عقوبة على تأخير تسديد الأجرة
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن العمير
عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالإحساء وعميد كلية التربية بالجامعة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 25/12/1424هـ
السؤال
نحن طلاب في إحدى الجامعات العربية، ونسكن في السكن الجامعي للطلاب، ونظام السكن لدينا هو بالتأجير، حيث يدفع كل طالب إيجاراً قدره 1200 ريال في كل فصل دراسي على الغرفة، ويشاركه زميل آخر يدفع نفس المبلغ حين يحل الفصل الجديد، وينتهي عقد الإيجار السابق، فإن الجامعة تطالبنا بالتجديد، ومن لا يجدد في الموعد المحدد يدفع زيادة قدرها100 ريال؛ لكي يستطيع التجديد، مع العلم أن إدارة الجامعة تستطيع حسم مبلغ التجديد من مكافأة الطالب تلقائياً دون حضوره، ولديها أيضاً طرق كثيرة لتحصيل المبلغ في أي وقت دون الحاجة لأخذ هذه الزيادة.
السؤال هو: هل هذه الزيادة حلال أم حرام؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على خاتم رسل الله، أما بعد:
لا يظهر لي وجه لتحريم هذه الزيادة ما دامت مشروطة من بداية العقد، وعلم بها المستأجر، فهي نوع من الشروط الجزائية، وقد أجاز كثير من المحققين المعاصرين الشرط الجزائي. والله أعلم وأحكم.(10/24)
العمل في الأقسام الإسلامية بالبنك الربوي
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 7/6/1425هـ
السؤال
في بعض البنوك الربوية توجد أقسام للخدمات المصرفية الإسلامية، الخالية من الأعمال الربوية، فما حكم العمل (الوظيفة) في هذه الأقسام الإسلامية؟ علماً أنها تابعة للبنك الربوي؟.
الجواب
الحمد لله،
لا بأس بالعمل في الأقسام الإسلامية الخالية من المعاملات الربوية، وينبغي للموظف أو الموظفة -مع ذلك- العناية بتعلم أحكام المعاملات وضوابطها ومقاصد التشريع فيها، ليكون على بصيرة وبينة من أمره، وليكون وجوده في الإدارة إيجابياً في توجه البنك نحو المعاملات الإسلامية النافعة. والله أعلم.(10/25)
العمل في مصنع للملابس الرياضية
المجيب د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف
الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 26/1/1425هـ
السؤال
ما حكم العمل في مصنع يصنع البدلة الرياضية، وهي من لبس شعبي في المغرب.
الجواب
الأصل في صناعة الثياب والبدل الإباحة والجواز إلا إذا كانت تحتوي على محرم، كأن يكون فيها صور لذي روح فعندئذ يحرم لبسها وصناعتها، أو إذا كانت المواد المستخدمة محرمة من حرير مثلاً أو من مال مغصوب فلا يجوز حينئذ، أما إذا كانت خالية من المحرمات فالأصل الإباحة. والله تعالى أعلم.(10/26)
يعمل في شركة تعمل لشركة أمريكية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 16/2/1425هـ
السؤال
أعمل مهندس اتصالات في شركة تعمل كوكيل لشركة أمريكية كبرى، وقد عملت على مدار أربع سنوات في إنشاء شبكة الجوال باسم الشركة الأمريكية، وقد تم اختياري مع مجموعة من زملائي للعمل في نفس المجال بالعراق، حيث تنوي الشركة الأمريكية إنشاء أول شبكة للجوال بالعراق، والحقيقة أنني في حيرة من أمري، حيث أن العمل قد أوشك على الانتهاء ولا أدري هل تحتفظ بنا الشركة أم لا؟ وأنا في الحقيقة متزوج ولدي أبناء وفي نفس الوقت الراتب المعروض بالعراق مرتفع جداً ومغر، هل العمل في العراق في ظروفها الحالية وتحت قيادة الشركة الأمريكية حلال أم حرام؟ كذلك هل تواجدنا بجوار قوات الاحتلال (الأنجلو - أمريكي) بدون أن نحرك ساكناً للدفاع عن أرض المسلمين جائز شرعاً؟ هل إذا حانت المنية هناك يكون ربي غاضباً عليّ أم راضياً عني؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
أولاً وقبل بيان الحكم الشرعي لسؤالك؛ فإني أنصحك إذا كنت تقدر على العيش بأجر يكفيك في بلادك أو غيرها من بلاد المسلمين ألا تجدد عقدك مع هذه الشركة الأمريكية سواء كانت تؤدي خدماتها في العراق أو خارجه لتحفظ على نفسك وأهلك وأولادك كرامة المسلم وعدم إعانة الكافر أو تشجيعه بأي عمل كان، واعلم أن الأجر القليل مع الراحة النفسية خير من الراتب الكبير مع القلق النفسي.(10/27)
أما الجواب عن سؤالك؛ فهذا مبني على مسألة عمل المسلم عند الكافر لقاء أجرة (راتب شهري) هل هي جائزة أم لا؟ الجواب: إجماع العلماء قائم على جوازه شرعاً ولا إشكال فيه ولا تلحقه الحرمة بحال، فقد عمل نبي الله يوسف - عليه السلام - لدى ملك مصر وهو كافر حتى أعجب بأمانة يوسف - عليه السلام - وصدقه فجعله ملكاً على مصر كلها يحكم فيها بالعدل، وقد عمل رسولنا - صلى الله عليه وسلم- راعياً لغنم مشركي مكة، وقال - صلى الله عليه وسلم - في هذا: "ما بعث الله نبيّاً إلا رعى الغنم" رواه البخاري (2262) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وباتصافه بالصدق والأمانة كانت قريش تضع عنده أماناتها، والنصوص الشرعية متظافرة على جواز معاملة المسلم للكافر بيعاً وشراء وإجارة ونحوها، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعامل اليهود في البيع والشراء وهم من هم في الكفر والخسة والمكر، فتوفي -صلى الله عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي بصاع من شعير انظر ما رواه البخاري (2916) ، ومسلم (1603) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وقد آجر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- نفسه من يهودي يسقي له من ماء البئر كل دلو بتمرة، رواه الترمذي (2473) عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فمعاملة الكفار في أمور الدنيا لا تستلزم محبتهم وموالاتهم فيما هم عليه من كفر وضلال، كما أن بغضنا لهم وكراهيتنا لما هم عليه من كفر وقسوة وعداوة للمسلمين لا يجوز أن يحملنا ذلك على بخسهم حقوقهم أو إلحاق الأذى بهم مما لم يأذن به الله سبحانه، ولنتأمل جميعاً قول الله - تعالى -: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون" [المائدة:8] فتحريم الجور عليهم ووجوب العدل معهم يلزم منه جواز معاملتهم، فالظلم أو العدل لا يكونان إلا نتيجة معاملة واقعة ولا شك، وأنت يا أخي إن قدر الله لك الذهاب إلى العراق وعملت مع هذه الشركة(10/28)
(الأنجلو - أمريكية) فيتعين عليك قبل وبعد بغض وكراهية ما يفعله الكفار بإخواننا المسلمين في العراق وإظهار ذلك أو كتمه على حسب الحال والمصلحة حسب قوة الإيمان وضعفه، حيث الإيمان تتفاوت درجاته بين المسلمين، وعليك مناصرة إخوانك المسلمين العراقيين بأية وسيلة ممكنة لا يلحقك منها ضرر محتم، وأقل ذلك الدعاء لهم بالنصر وهزيمة عدوهم في صلواتك وخلواتك في الأسحار، فإن السلاح الذي لا يغلب هو سلاح الأسحار (الدعاء) ، أما لو قدر الله منيتك هناك وأنت مقيم على مثل هذه الحال من كراهية الكفار وفعلهم ومحبتك ودعائك لإخوانك المسلمين بالنصر، فإن هذا مما يرضي الرب سبحانه وعكسه بخلافه. وفقنا الله وإياك إلى كل خير وجعلنا من أهله وللداعين إليه آمين.(10/29)
العمل في شركة تقترض قرضاً ربوياً
المجيب د. سامي بن إبراهيم السويلم
باحث في الاقتصاد الإسلامي
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 03/05/1425هـ
السؤال
أنا مدير مالي بشركة، هذه الشركة ستأخذ قرضاً ربوياً من أحد المصارف، علماً وأنا لم أوقع على عقد القرض، ولا على كمبيالات ضمان القرض، ولكن أكيد سأقوم أنا أو أحد الموظفين التابعين لي بإثبات القرض بالدفاتر، وإثبات العمليات المتعلقة به، وطبعاً سيكون في المستقبل إيرادات تنشأ عن المشاريع التي سيتم تنفيذها بهذا القرض، بمعنى أن أجور الموظفين بهذه الشركة ستؤخذ من هذه الإيرادات، وغيرها من المبالغ الأخرى، أي ستختلط المبالغ الناتجة عن المشاريع المقامة بهذا القرض وغيرها، ومن الصعب تميزها عن بعض، علماً بأنه في الوقت الحالي وتقريباً حتى سنة ونصف أخرى لن يكون هناك إيرادات لهذا القرض، ولكن المشروع الذي سيتم إنشاؤه من القرض سيبدأ تنفيذه مع بداية العام القادم، وعقد القرض تم توقيعه، سؤالي هو: هل يلحقني الإثم بعملي في هذه الشركة وبالإجراءات التي أقوم بها بحكم طبيعة عملي؟.
ثانياً: هل الأجور التي ستعطى للموظفين مستقبلاً لو أنها مختلطة مع الإيرادات الناتجة عن المشروع الذي تم إنشاؤه من القرض، تعتبر حراماً؟ أو أن الموظفين العاديين بهذه الشركة هم غير مسؤولين عن مصادر الأموال؟ أفيدوني مما علمكم الله.
-وجزاكم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين-، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(10/30)
(1) أما ما يتعلق بالأخ السائل من جهة إثباته القرض في دفاتر الشركة، فهذا من الإشهاد على الربا وكتابته الذي ورد الحديث بذمه، والوعيد عليه، لكن مشكلة الربا عمت بها البلوى، وفي بعض البلاد الإسلامية لا يتيسر الحصول على تمويل خال من الربا، فإن أمكن للأخ أن يجد فرصة عمل أخرى تسلم من الربا، فالواجب الانتقال إليها، وإلا فعليه أن يتقي الله ما استطاع، ويجتهد أن يناصح المسؤولين بالشركة بالبحث عن مصادر تمويل تخلو من الحرام، وإذا اجتهد في ذلك وأخلص النية فهو موعود - إن شاء الله- بخير عظيم،؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً" رواه مسلم (2674) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وقوله - عليه الصلاة والسلام-: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم" رواه البخاري (3701) ، ومسلم (2406) عن سهل بن سعد -رضي الله عنه-.
(2) أما ما يتعلق بالموظفين الآخرين الذين يقومون بأعمال مشروعة في الأصل، لكنهم يحصلون على رواتبهم من إيرادات القرض الربوي، فلا حرج عليهم - إن شاء الله-؛ لأنه ثبت أن علياً - رضي الله عنه- آجر نفسه على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- من يهودي، انظر ما رواه الترمذي (2473) ، وابن ماجة (2447) ، واليهود يأكلون الربا بنص القرآن، لكن يبقى واجب النصيحة على الجميع بحسب الاستطاعة. والله أعلم.(10/31)
العمل في شركة أصل مالها من الربا
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 28/2/1425هـ
السؤال
أعمل في شركة كبيرة، وأنا موظفة بها منذ سنة، رأس مال الشركة عبارة عن قرض ومجموعة مساهمين دفعوا مبالغ لإنشاء هذه الشركة، ولكن بعد سنوات تم شراء الشركة من قبل الدولة، وتم سداد القرض، وتم إرجاع المبالغ الخاصة بالمساهمين، أي أن الشركة أصبحت تابعة للدولة، وأصبحت إيراداتها تابعة لخزينة الدولة، وأصبحت مرتبات موظفيها من خزينة الدولة، ولكن سؤالي هل مرتباتنا حرام باعتبار أن الشركة عندما بدأت كانت عبارة عن قرض ربوي أي ما بني على باطل فهو باطل، وهل يجوز لي العمل في مكان أختلط به مع الرجال قليلاً علما بأن المسؤول عندنا رجل، وأنا أتعامل مع الرجال أحياناً. .أفيدوني مما أفادكم الله.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
ما دام الحال ما ذكر وحيث إن الدولة قامت بشراء هذه الشركة وسداد هذا القرض، وتم إرجاع المبالغ الخاصة بالمساهمين، فكأن الدائرة قد بدأت من جديد والعقد السابق بين الشركة وموظفيها قد ألغي، وقامت الدولة بالتعاقد من جديد معكم فلا يرد الإشكال المذكور، أما سؤالك عن حكم العمل في مكان يحصل به اختلاط قليل فالجواب إن من القواعد المقررة في الشريعة منع كل ما يؤدي إلى الرذيلة، ومتى علم وجود سبب يفضي غالباً إلى المحرم فهو محرم، فالاختلاط متى أدى إلى الفتنة فهو محرم، أما إذا كان يسيراً كما تذكرين ولم يصاحبه خلوة أو تبرج وسفور، أو خضوع بالقول فلا حرج في ذلك إن شاء الله -تعالى-.(10/32)
يعمل في محل يبيع الخنزير
المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 21/02/1425هـ
السؤال
شخص يعمل في محل دونات، وهو مضطر للعمل، والمحل يبيع أيضاً لحم الخنزير، ويمنعه صاحب المحل من الصلاة، وهذا الشخص يعول عائلة مكونة من (7) أفراد، وهو الآن في فصل الشتاء من الصعوبة بمكان أن يجد عملاً آخر، هذا الرجل بحاجة للبقاء في هذا العمل حتى يجد عملاً آخر، وماذا تقولون في الاختلاط مع العاملات في المطعم ولمسهن والنظر إليهن بدون قصد.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إذا كان هذا الشخص مضطراً للعمل في هذا المحل بمعنى أنه بحث عن عمل آخر فلم يجد غيره، ويخشى إن ترك هذا العمل أن يتضرر ولا يجد من يعينه لكونه يعيش في بلد غير إسلامي فله أن يستمر في هذا العمل بصفة مؤقتة إلى أن يجد غيره، مع حرصه على ألا يباشر لحم الخنزير بل يبيع غيره من الأشياء المباحة، وأما الصلاة فيجب عليه أن يؤديها في وقتها ولو في مكان العمل، وإذا منعه صاحب المحل فلا يستجب لمنعه، بل يؤديها ولو خفية، ويحرص على الابتعاد عن النساء العاملات في المطعم، ويغض بصره عنهن قدر استطاعته؛ لقول الله -تعالى-: "فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن: 16] ،وعليه أن يجتهد في أثناء مدة عمله عن عمل آخر سالم من هذه المحاذير.(10/33)
وقد ورد إلى مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي سؤال عن حكم بيع المسلم للخمور والخنازير، أو صناعة الخمور وبيعها لغير المسلمين؟ وكان نص الجواب: (للمسلم إذا لم يجد عملاً مباحاً شرعاً العمل في مطاعم الكفار بشرط ألا يباشر بنفسه سقي الخمر، أو حملها أو صناعتها، أو الاتجار بها، وكذلك الحال بالنسبة لتقديم لحوم الخنازير ونحوها من المحرمات) . ينظر قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي (ص45) (قرار رقم 23 الدورة الثالثة) .(10/34)
العمل في مكتب محاماة بدولة كافرة
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 16/12/1424هـ
السؤال
هل يجوز للمسلم أن يعمل بوظيفة إداري في مكتب محاماة بدولة كافرة؟ مع العلم أن المحامين هنا يتعاملون بالقوانين العلمانية.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم(10/35)
المحاماة هي توكيل بالترافع أمام القضاء لاسترداد حق أو دفع ظلم، والمحامي هو الوكيل عن الغير، وقد يكون القضاء شرعياً، أو غير شرعي، ويجب أن يعلم أن ليس كل ما نظر فيه القضاء العلماني (غير الشرعي) وملكه أحد الخصمين لا يجوز له تملكه، بل إن كان يعلم أنه حق له جاز له أخذه، وإن كان يعلم خلافه حرم عليه ذلك، ولا يخفى أن عامة القوانين الوضعية فيها ما يوافق شرع الله وفيها ما يخالفه، ولا يغيب عن بال المسلم أن ما تحكم به القوانين الوضعية وإن وافقت الشرع لا يقال إن حكم الحاكم فيها حينئذ حكم شرعي؛ بل هو حكم طاغوتي؛ لأن الله يقول:"وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ" [المائدة: من الآية49] ، ويقول: "فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً" [النساء:65] ، فالتحاكم إلى غير شرع الله تحكيم للطاغوت، واتباع للضلال والهوى، ومع هذا إذا حكم القانون الوضعي بحق لزم قبوله لا لأنه حكم بالشرع وإنما لأنه حق وصل لصاحبه، وهذا كما تحكم به الأعراف والعادات الجاهلية إذا ارتضاها الناس لفصل النزاع بينهم، ولما جاء الإسلام أقر من عادات الجاهلية ما كان حميداً وأبطل خلاف ذلك، فإن كان السائل في بلاد تحكم بالقانون الوضعي وبالقضاء الشرعي معاً وجب عليه التحاكم والتوظف إن كان ولا بد في القضاء الشرعي لا غير وإن لم يوجد في البلاد إلا الحكم بالقانون الوضعي (العلماني) فإن أمكن لهما التخلص منه بالتصالح مع خصمه بالتراضي فحسن، وإن اضطر إلى ذلك فلا بأس بالترافع أمام القضاء القانوني بشرط أن لا يأخذ أكثر من حقه، فيما لو حكم له بغيره أو بأكثر منه، وأما المحامي فلا يجوز أن يكذب أو يغير الحقائق والأدلة أمام القضاء لصالح موكله، أما مجرد التوظف في مكتب المحاماة فلا إثم فيه إن شاء الله؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة، وإنما الإثم على المحامي إذا ترافع أمام القضاء بباطل. والله أعلم.(10/36)
يدفع مالاً لتُعجَّل معاملته!
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 08/05/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو: هل يجوز أن أعطي أحد الموظفين مبلغاً من المال، سواء طلب مني أو لم يطلب؛ وذلك ليقوم بإنهاء طلبي بسرعة، لأنني على عجلة من أمري, علماً أني لن أضر أحداً بذلك، فأنا أقوم يتجهيز أوراقي للسفر للعمل خارج بلدي، ولكن الوقت ضيق، ولذلك أنا مضطر أن أدفع بعض المال للموظفين؛ لإنهاء طلباتي بسرعة، فهل هذا حرام؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأصل أن الموظف أجير عند الدولة، يتقاضى راتباً على عمله، فلا يجوز له أن يأخذ من المراجعين مالاً على قضاء حوائجهم، أو يضطرهم لذلك، وكل هذا داخل في الرشوة، ولا يجوز لهم أن يدفعوا له مالاً ليقدمهم على غيرهم، أو لأجل أن يتساهل معهم فيما يخالف النظام، وفعل ذلك يفسد هذا الموظف على الناس، ويجعله يضطرهم لدفع الرشوة، لكن من حبست حاجته بحيث لا تقضى إلا بدفع الرشوة للموظف، فله أن يدفع ما يحصل به مصلحته، ويقضي به حاجته اضطراراً لا اختياراً وكرهاً لا رغبة واستحساناً. والله أعلم.(10/37)
العمل في مراكز التجميل
المجيب د. عبد الرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 04/04/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فسؤالي عن العمل في مركز شفط الدهون من جسم الإنسان سواء رجل أو امرأة مما يجب على المريض أن يتعرى من أسفل بكامله، كما أنه يمكن أن يكون القصد من إجراء العملية التجميل للفتيات بسبب النزول إلى البحر، فهل العمل بهذا المركز جائز للرجال أو النساء؟ وهل يكون المرء مسؤولاً عن نية المريض؟ وشكراً لكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عمليات شفط الدهون تصح إذا كان الإنسان محتاجاً إليها في العلاج بأن نُصح من قبل الطبيب بها.
أما لطلب الرشاقة والتحسين، فإن ترتب على العملية كشف للعورات فلا يحل إجراؤها؛ لأن كشف العورة محرم في الأصل ولا يحل كشفها إلا لضرورة أو حاجة ماسة.
وبالنسبة لعمل السائل في هذا المركز فإن كان يملك قرار إجراء العملية أو عدم إجرائها فلا يحل له أن يجري من هذه العمليات إلا ما يجوز إجراؤه على التفصيل الذي ذكرناه في أول الجواب.
وإن كان هذا السائل لا يملك قرار إجراء العمليات المخالفة للشرع فأرى له أن يبحث عن عمل آخر، أو في مركز آخر؛ لأن عمله في إجراء هذه العمليات الممنوعة شرعاً إنما هو من باب الاعانة على الإثم والعدوان، والله -تعالى - يقول: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2] .
أما نية المجري للعملية فلا شك أن لها أثراً في حل العملية أو حرمتها. والله أعلم.(10/38)
النسبة على تحصيل الديون الحكومية
المجيب هاني بن عبد الله الجبير
قاضي بمحكمة مكة المكرمة
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 18/06/1425هـ
السؤال
بعض الأفراد ومكاتب الخدمات يقومون بتقديم مساعدات لشركات أجنبية متمثلة في استرداد مبالغ مالية لتلك الشركات لدى الحكومة، مضى على بقائها في خزينة الدولة سنوات طويلة، ويحصلون مقابل ذلك على نسبة مئوية، وتتكبد تلك المكاتب في سبيل ذلك بعض المصاريف المتمثلة في السفر وحجز الفنادق لممثلي الشركة وغير ذلك. ما حكم الحصول على هذه النسبة، خاصة إذا عرفنا أن جزءاً منها يدفع لموظفين حكوميين وغيرهم؛ مقابل تسهيلهم لإجراءات استرداد تلك المبالغ؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فأخذ مبالغ مقابل خدمات استرداد المبالغ المذكورة جائز؛ لأنه أجرة على عمل مباح، والإجارة تجوز عند المسلم وغير المسلم، فقد عمل بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- لدى اليهود، أما إذا كانت المبالغ ليست مقابل الخدمات، بل تدفع كلها أو جزء منها رشوة للموظفين مقابل تسهيل الإجراءات، فهذا محرم؛ لأنه عند ذلك يقوم بعمل الرائش (وهو وسيط الرشوة) الملعون على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخرجه أحمد (21893) من حديث ثوبان-رضي الله عنه-. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.(10/39)
العمل في السفارة الأمريكية
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 04/04/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حصلتُ على عرض عمل في السفارة الأمريكية بليبيا، وهي فرصة لم تتح للكثيرين بالتأكيد فإن المرتب لديهم عال جداً أكثر من 10 أضعاف متوسط المرتبات في ليبيا، لا أعرف هل أقبل العرض أو أرفضه، خاصة أني متزوج والمعاش الحالي لا يكاد يسد حاجياتي العادية. هل يجوز العمل في سفارة هذه الدولة؟ أشيروا علي يرحمكم الله، والسلام عليكم.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
التعاقد مع الكافر فرداً كان أو مؤسسة حكومية أو أهلية جائز شرعاً، بشرط أن يكون العمل الذي تؤديه عند الكافر مباحاً؛ فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو وأصحابه - رضي الله عنهم- كانوا يبيعون ويشترون من الكفار من أهل الكتاب والوثنيين، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يودع عنده المشركون في مكة أماناتهم فيحفظها لهم حتى لقبوه بالأمين، واستعار يوم حنين أدرعاً من صفوان بن أمية عارية مضمونة، وتوفى ودرعه مرهونة عند يهودي بصاع شعير، وآجر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه- نفسه من كافر يسقي له كل دلوٍ بتمرة، انظر: ما رواه أبو داود (3562) ، وأحمد (27089) من حديث صفوان بن أمية - رضي الله عنه- وما رواه البخاري (2916) ، ومسلم (1603) من حديث عائشة - رضي الله عنها-، وما رواه الترمذي (2473) ، وابن ماجة (3447) من حديث علي -رضي الله عنه- وعلى هذا يجوز لك التوظف بالسفارة الأمريكية بليبيا ما دام العرض مناسباً، وعليك أن تتنبه جيداً ألا تؤدي عملاً محرماً يضر بإخوانك المسلمين. والله أعلم.(10/40)
العمل بشركة متخصصة بحفظ الوثائق
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 14/7/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نسأل فضيلتكم عن شركة متخصصة في حفظ الوثائق والمستندات، مجال عملها أنها تحتفظ بملفات شركات خاصة ودوائر حكومية، وتوفر مستوى عاليًا من الأمن والحفاظ على سلامة الوثائق، مع تسهيل الرجوع إليها عند الحاجة، كل ذلك مع توفير التكاليف المالية المتعلقة بحفظ الوثائق، هذه الشركة تخدم حاليًّا ما يزيد عن ثلاثمائة عميل وتوفر لهم الخدمة المذكورة، من بين هذه الشركات التي تتعامل معها بعض البنوك الربوية يعد على الأصابع، وبعضٌ من شركات التأمين، فهل يجوز لهذه الشركة توفير الخدمة المذكورة أعلاه للبنوك وشركات التأمين؟ وهل يجوز لي أن أعمل في هذه الشركة بوظيفة مسؤول مكتب، أو غيرها من الوظائف؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نعم، يجوز لهذه الشركة أن توفر خدمة حفظ الوثائق والملفات للبنوك الربوية وشركات التأمين؛ لأن عملها ليس محرمًا كله، حيث إن كثيرًا من أعمال البنوك وبعض أعمال شركات التأمين ليس محرمًا، وإنما المحرم منه الربا والغش وأكل المال بغير حق، ويجوز لك أن تتوظف في هذه الشركة أيًّا كان اسم الوظيفة؛ لأن الأصل في الأشياء الحل والإباحة، وأنت لا تباشر الحرام بنفسك، وإن وجدت عملًا آخر ترتاح له نفسك فهو خير لك ليرتاح ضميرك، كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند أحمد في مسنده (18600) : " ... اسْتَفْتِ قَلْبَكَ -ثلاثا- البِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إلَيهِ النَّفْسُ واطْمَأَنَّ إلَيهِ القَلْبُ، والإِثْمُ مَا حَاكَ في النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ في الصَّدْرِ، وإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وأَفْتَوْكَ". والله أعلم.(10/41)
أجرة مكاتب التوظيف
المجيب وليد بن إبراهيم العجاجي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 21/3/1425هـ
السؤال
سؤالي عن نظام مكتب من مكاتب التوظيف، ويكون بالبحث عن وظيفة لمدة أقصاها ثلاثة أشهر بمبلغ مدفوع مقداره مائة وخمسة وسبعين ريالا وبعدها إن وجدوا وظيفة وثبت بها يقوم بدفع خمسمائة ريال فقط لا غير، وإن لم يجدوا وظيفة يعيدوا المبلغ لصاحبه.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وبعد:
فإن كان الأمر كما صورته الأخت السائلة من كونها تدفع مبلغاً معيناً لأحد مكاتب التوظيف نظير قيام المكتب بمراجعة الدوائر الحكومية أو ديوان الخدمة للبحث عن عمل لها فإن وجدوا لها عملاً أخذوا المبلغ، وإن لم يجدوا لها عملاً أعادوا ما دفعته لهم من مال، فإن الذي يظهر لي هو جواز هذا العقد؛ إذ هو عقد جعالة والجعالة: أن يجعل جائز التصرف شيئاً معلوماً لمن يعمل له عملاً معلوماً أو مجهولاً مدة معلومة أو مجهولة. ويدل على جواز العقد ما يلي:
1.قوله -تعالى-: "ولمن جاء به حمل بعير" [يوسف:72] وهذا جعل لمن جاء بصواع الملك.
2.وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- في قصة رهط من الأنصار نزلوا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فلم يضيفوهم فلدغ سيّد ذلك الحي فطلبوا من الرهط الرقية فقال رجل من الرهط:"ما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلاً فصالحوهم على قطيع من الغنم" وقد أقرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ذلك بقوله: "أصبتم اقتسموا واضربوا لي معكم بسهم" متفق عليه البخاري (2276) ، ومسلم (2201) .(10/42)
3.ولكن أخشى أن تكون هذه المكاتب ستاراً للتعامل بالرشوة، فقد يجعل من بيده القرار مكتباً لهذا، أو يتعاون مع مكاتب أخرى بنسبة معينة وحينئذ لا يجوز دفع المال للحصول على وظيفة، أو دخول جامعة؛ إذ الأصل في الوظائف والجامعات الحكومية أنها معروضة لمن سبق إليها، أو استحقها بالأقدمية أو الجودة، ولا يجوز تخصيصها بمن يدفع مالاً، أو من يكون قريباً لمن يتولاها، فدفع المال -والحالة هذه- يسمى رشوة، وقد "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي" في حديث عبد الله ابن عمرو -رضى الله عنهما- أخرجه أبو داود (3580) والترمذي (1337) ، وقال حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وشاهده الحديث المشهور عن أبي هريرة انظر: الترمذي (1336) ، وحديث ثوبان انظر أحمد (22399) - رضي الله عنهما-. والله أعلم.(10/43)
العمل في شركة تتعامل مع الأمريكيين في العراق
المجيب أ. د. سعود بن عبد الله الفنيسان
عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 25/5/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أعمل في شركة لتجميع المولدات الكهربائية وملحقاتها وصيانتها، وهذه الشركة تتعامل مع القوات الأمريكية الموجودة في العراق، حيث تقوم ببيعها بعض المولدات وصيانتها لهم عبر فريق موجود في العراق؛ وذلك بصفتها وكيلة لبعض الشركات الأوروبية في الشرق الأوسط، ولكن التجميع والصناعة نقوم به نحن في بلدنا، ومن ثم يتم توريده إلى العراق، وأحياناً نعلم أن ما نصنعه أو نجمعه هو للأمريكيين، وأحياناً يكون لغيرهم، ولكن البعض يبرر أن الأمريكان إن لم يشتروا منا فسوف يشترون من غيرنا، فلن تنقطع بهم السبل، فلم لا نستفيد نحن منهم، ونقوي اقتصادنا، وندخل أموالاً إلى بلادنا عوضاً عن أن تستفيد الشركات الأمريكية أو الأوروبية أو غيرها، والبعض يقول إنه يجوز بيع العدو أشياء لا يستعملونها في محاربة المسلمين، ومنهم من يقول إنك تعمل في قسم تصنيع تلك البضاعة ويعرضها قسم المبيعات للبيع، فالمسؤولية واقعة على قسم المبيعات لا على قسم التصنيع، وأنت مجرد مهندس في قسم التصنيع والصيانة، وتأخذ أجرك على ما تعمل، فنحن محتارون؛ فأفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
الأصل في عقود المعاوضات في الشريعة الإسلامية هو الحل، وإنما تحرم إذا كانت في عين محرمة كصناعة الخمر، أو تربية الخنازير، أو كانت تؤول إلى تقوية العدو على المسلمين إذا كانت الحرب قائمة بيننا وبينهم - كبيعهم السلاح زمن الفتنة- (وقت الحرب) ، ليتقووا به على المسلمين، أو ترويج صناعات ومنتجات العدو.(10/44)
إذا كان هذا الترويج من قبلنا كشراء بضائع منه، لا يمكن أن يستثمرها عند غيرنا، ونعلم أن مقاطعتنا سوف توقف مصانعه، وتلحق به الضرر حتماً، فحينئذ تتعين مقاطعته ويحرم إبرام العقود معه ما دامت الحرب قائمة بيننا وبينه، ويظهر - من سؤالك - أنك أجير متعاقد مع شركة تقوم بتجميع المولدات الكهربائية، ثم تقوم الشركة ببيعها إلى القوات الأمريكية المستعمرة للعراق، وبعضها يباع للأمريكيين أو غيرهم خارج العراق، وليس في إمكانك كأجير أن تمتنع عن العمل، بل لا يجوز لك ذلك؛ فإن العقد شريعة المتعاقدين ويجب الوفاء به؛ لقوله تعالى: "أوفوا بالعقود" [المائدة: 1] ، وإنما يقع الإثم فيما يباع على القوات الأمريكية في العراق على مالكي الشركة أو مديرها التنفيذي، أو من يخطط للتعريف إذا كان أو كانوا مسلمين، وإن كانوا كفاراً فليس بعد الكفر ذنب.
والخلاصة: أنك لم تباشر الحرام، وإنما أنت أجير في عمل حلال، وما قد ينتج من الشركة من حرام إنما يقع على من يقوم به، أو يتسبب فيه مباشرة، وإن كنت أنصح لك أن تبحث عن عمل لا شبهة فيه، ولو كان أقل دخلاً أو راتباً من عملك هذا ما دام يتردد في نفسك منه شيء؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر.. فاستفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك"رواه أحمد (17545) ، والدارمي (2533) . وفق الله الجميع إلى كل خير.(10/45)
عدم الوفاء بالشروط في عقود العمل
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 07/09/1425هـ
السؤال
أ- ما حكم من يتعاقد مع موظف بناء على شروط ووعود في بلده، وعندما يصل ويباشر العمل يخلف صاحب العمل أو من ينوب عنه بهذه الوعود، بحيث يضعه تحت الأمر الواقع.
ب- ما حكم من يوظف عنده موظفين وكل موظف له راتب يختلف عن الآخر، وعدم إعطاء كل موظف بما يتناسب مع مؤهلاته وخبراته.
ج- ما حكم رئيس العمل الذي يعلم بهذا الظلم وبيده أن يعيد المظالم إلى أهلها ويعطي كل أجير حقه، وأن يعامل الناس سواء، ولا يفعل ذلك؟
د- ما حكم التفرقة في الراتب حسب الجنسية؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أ - لا يجوز لصاحب العمل هذا التصرف، وللعامل فسخ العقد بذلك.
ب - بالنسبة للمؤسسات الخاصة يجوز لصاحب العمل أن يفاضل بين الموظفين في الراتب وألا يلتزم بأن يكون التعيين بحسب المؤهل، إذا كان ذلك حسب المتفق بينه وبين كل موظف في العقد، وقد جاء في الحديث: "المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِم". أخرجه أبو داود (3594) . وأما القطاع العام فيجب أن يتساوى فيه الجميع في الاستحقاق، وأن يكون التوظيف والتعيين بحسب المؤهلات والخبرات.
ج - لم تحدد في السؤال نوع الظلم، وقد سبق تفصيل المسألة في الفقرة السابقة، وأن ما تظنه ظلمًا قد لا يكون كذلك في واقع الأمر.
د - يجوز ذلك إذا رضي العامل بذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِم". والله أعلم.(10/46)
ربح الموظف من مشاريع المناقصات
المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 2/3/1425هـ
السؤال
أنا أعمل في دائرة حكومية، وهذه الدائرة لديها مشاريع عن طريق المناقصة، وقد كلفت أنا بالقيام على هذه المناقصة، وبعد تقديم العطاءات تم اختيار اللجنة على أقل العطاءات، وإني أسأل هل الربح المادي الذي سوف أحصل عليه حرام أو حلال؟ وإني سوف أحصل على مبلغ رمزي.
الجواب
الجواب وبالله التوفيق:
إذا كنت تعمل في إدارة حكومية أو غيرها، وتتقاضى أجراً من الإدارة التي تعمل بها فلا يجوز لك أن تأخذ على عملك الذي تؤديه في هذه الإدارة، ممن تتعامل معهم لحساب الإدارة شيئاً، سواء أكان باسم هدية أو بشرط منك؛ لأن هذا العمل ليس لك، وقد حدث في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ولّى رجلاً على جباية الزكاة يقال له ابن اللتبية، فأعطاه أصحاب الأموال التي قبض زكاتها هدايا، فلما جاء إلى النبي - عليه الصلاة والسلام- قال هذا -لكم يعني الزكاة- وهذا أهدي إليَّ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هلاَّ قعد أحدكم في بيت أبيه فينظر هل يهدى إليه أو لا" انظر: البخاري (2597) ومسلم (1832) ، ولم يرض بأن يأخذ الرجل الهدايا التي أهديت له؛ لأنها بسبب العمل فيجب أن ترد على أصحاب العمل. والله أعلم.(10/47)
العمل في الاستخبارات السرية لدى الكفار
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 6/3/1425هـ
السؤال
ما حكم عمل المسلم في قسم المباحث السرية لدى الكفار الذين يتعقبون المسلمين، وهو يدعي أن هدفه من عمله مساعدة الإسلام؟ أرجو تزويدنا بأدلة تتعلق بحكم مثل ذلك من علماء السلف والحاضر، وكيف نتصرف مع مثل هذا الشخص لإرشاده إلى الطريق الصحيح؟.
الجواب
لا يمكن إباحة هذا العمل، والحقيقة أن الإنسان إذا عمل في هذه المباحث فإنه بطبيعة الحال سيضر إخوانه، وأنه إنما يعمل بها لقاء أجر، فهو يأخذ هذه الأجرة ليقوم بعمل، فهو إما أن يضر الآخرين، وإما أن يعتبره الآخرون خائناً، وفي كلتا الحالتين يعرض نفسه إما لخطر الدنيا، أو لخطر الآخرة، فنحن لا ننصح أحداً بالدخول في هذه الوظائف مع أعداء الإسلام من الكفار، أو مع غيرهم، ونطلب من المسلم أن يحاول أن يكون مستقيماً وألا يخون من ائتمنه، سواء كان مسلماً، أو غير مسلم، لكن في نفس الوقت لا يعرض نفسه لهذه الأعمال التي قد تضر به، وتضر غيره عن غفلة، أو غيرها، فالحزم أن يبتعد الإنسان عن هذه الأمور كما قال الشاعر:
إن السلامة من سلمى وجارتها*** ألا تمر بواد حول واديها
فالسلامة من هذا الأمر هو الابتعاد، وأن يكون الإنسان سليماً وسالكاً مع المسلمين، وغير المسلمين، وألا يتعرض للوظيفة التي يؤذي بها الناس، ويؤذي نفسه، فهذا من الخطر الكبير، لا نستطيع أبداً أن نفتيه بالجواز، بل إن المنع هو الظاهر، ولا نكفره إذا دخل في ذلك لكن نقول: إنه ارتكب عملاً كبيراً جداً عملاً منكراً كبيراً. والله أعلم.(10/48)
العمل في شركات الطيران والفنادق
المجيب عبد العزيز بن إبراهيم الشبل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 17/06/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
هل العمل كمهندس في شركات خطوط الطيران حلال؟ هذه الشركات تقدِّم خموراً أثناء رحلاتها، أيضاً العمل كمهندس في الفنادق، وأيضا هذه الفنادق تقدم خموراً. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الشركات الأصل فيها أنها تقدم خدمات مباحة، فالعمل الأساسي لشركات الطيران نقل الركاب والأمتعة، والخدمة الأساسية التي تقدمها الفنادق هي إسكان الناس، وعلى ذلك فالخدمات الأصلية التي تقدمها تلك الشركات مباحة، ولا بأس من العمل فيها، لكن إذا قدمت تلك الشركة أشياء محرمة فإنه لا يجوز للمسلم أن يساعد في تقديم تلك الأشياء المحرمة؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه، ولأنه أخذ أجرة مقابل تقديم منفعة محرمة، فالمهندس الذي يعمل في تلك الشركات إن كان عمله في الأشياء المباحة فلا بأس بذلك العمل، وأما إن كان عمله متعلقاً بالأشياء المحرمة فلا يجوز عمله، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(10/49)
هل له استقطاع حقه من مال كفيله؟
المجيب د. أحمد بن محمد الخليل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 12/08/1425هـ
السؤال
أنا تحت كفالة شخص معين، قام بحجز جزء من حقوقي في الإجازة كضمان ليجبرني على العودة إلى العمل، وقد قام بالضغط علي عدة مرات بنظام الكفالة في أخذ حقوقي، هل يجوز لي استقطاع حقي من ماله دون علمه؟
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
هذه المسألة تسمى عند الفقهاء مسألة الظفر، وهي أن يأخذ الإنسان حقه بغير علم من هو عليه بأي طريقة كانت، والأقرب أنها لا تجوز إلا في صور معينة ليس منها ما ذكرته في سؤالك، والخلاصة أنه لا يجوز لك أن تستقطع حقك من ماله بلا علمه، وإذا كان هذا الكفيل قد ظلمك وتعدى على حقوقك، فإن الخطأ لا يعالج بخطأ آخر.
والنبي - صلى عليه وسلم - يقول: "أدِّ الأمَانَةَ إلى مَنْ ائتَمَنَكَ، ولا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ" أخرجه أبو داود (3535) والترمذي (1264) ، وهذا الحديث وإن كان ضعيف الإسناد إلا أن معناه صحيح تدل عليه الأصول الشرعية، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد.(10/50)
هل يلزمه هذا الاتفاق؟
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 08/11/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:(10/51)
فضيلة الشيخ: أعمل موظفًا في إحدى الشركات الكبرى في المملكة، وعملي في قسم المشتريات، بمعنى أنه يتم عن طريقنا تأمين احتياجات الشركة من مواد وغير ذلك، ومن خلال تعاملنا فإن هناك ما يربو عن 1000 شركة يتم تأمين المطلوب منها، وقد تم توقيع ورقة تم توزيعها على الموظفين، وتحتوي على عدم السماح لأي موظف بالعمل في أي شركة من هذه الشركات التي نتعامل معها، ليس ذلك فقط، بل حتى عدم وجود أي قريب أو صلة بأي من موظفي هذه الشركات (علمًا بوجود موظفين من زملائنا لدى أقاربهم، بل ويملكون بعضًا من هذه الشركات دون أن يحدث لهم أي شيء من قبيل هذه الورقة) . طبيعة عملنا تقتضي إرسال دعوات لعدد من الموردين لتسعير المواد المطلوبة وتحديد موعد لفتح المظاريف (العروض) ، وعند ذلك تنكشف الأسعار لنا ويتم عمل اللازم، من هذا الباب تقدم لي أحد الإخوة بعرض يقتضي فيه أن أقوم بتشغيل مؤسسته التي تم تسجيلها رسميًّا لدى شركتنا، على أن يكون لي نصيبٌ من الأرباح، مستفيدًا هو من موقعي في الشركة، وهذا هو الواضح، وخبرتي في المواد التي يمكن أن يتقدم فيها بعرض منافس للموردين الآخرين الذين يتم دعوتهم مع هذه المؤسسة، وعليه في حالة كون عرض المؤسسة أقل الأسعار يتم التأمين عن طريقها، علمًا بأنه لا يمكن لنا معرفة الأسعار المنافسة إلا بعد فتح المظاريف مع بعضها البعض، ولا يمكن قبول أي عرض بعد هذا الموعد، ولا أخفيكم يا فضيلة الشيخ أننا بدأنا في العمل سويًّا منذ ما يقارب 5 أشهر، وفي كل يوم أجد نفسي في حيرة من أمري، من جانب أن المؤسسة هذه بدأت تنافس وبقوة، وأصبحت معروفة لدى موظفي القسم، بمعنى وصول دعوات من كافة موظفي القسم لهذه المؤسسة عند سماعهم عن وجود مورد جديد ينافس الموردين الآخرين دون علم أي أحد منهم أنني على صلة بها، وبدأنا نحقق أرباحًا ممتازة، بل كل يوم عن الذي قبله أجد أن وضع المؤسسة في حالة صعود، ومن جانب آخر أجد أنني قد تؤثر علي في(10/52)
اتخاذ قراراتي في أثناء العمل في الشركة. وبمعنى مبسط يا فضيلة الشيخ- وآسف على الإطالة: أنا أعمل في الصباح مشتري (الشركة) وفي المساء بائع (المؤسسة) ، علمًا بأنني قد تسلمت من الأرباح مبلغًا من المال لا يتجاوز 11000 ريال من أصل ما يقارب 200000 ريال، والآن يا فضيلة الشيخ، المؤسسة قد ذاع صيتها في شركتنا ومن الصعب أن نرجع للوراء؛ حيث إنه من الممكن التعامل مع أي شركة أخرى- كما هو النظام المسموح به- غير شركتنا، ولكن يصعب على صاحب المال التراجع في ظل وجود أرباح لم يكن يتوقعها مهما بلغ به الحال، وللمعلومية فإن الشركة لا تمانع في فتح سجل تجاري لأي من موظفيها للتجارة في أي شيء، ولكن بعيدًا عنها، كما هو حال الورقة المذكورة أعلاه، بناء على ما ذكر آمل من فضيلتكم أن تفتوني في شرعية العمل في هذه المؤسسة، وما العمل في المال الذي تم استلامه منها؟ علمًا بأنني كان لي البصمة الواضحة على تأسيس هذه المؤسسة من حيث الإجراءات والاستشارات الفنية المطلوبة.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقبل بيان الحكم الذي أراه لابد من مقدمات:
أولاً: التوقيع على الورقة التي تم توزيعها في الشركة ... إلخ، يعد عقدًا والتزامًا من كل من وقع عليها، وبناء عليه فلا يجوز لك مخالفتها.
ثانيًا: كون بعض زملائك من موظفي الشركة يخالف مقتضاها ليس فيه دليل على عدم جدية الشركة في العمل بمقتضى الورقة المذكورة، ولا يُخْلي ذلك التزام الموظف الذي وقع على الورقة، وأعطى بذلك التوقيع عهدًا على ما تضمنته.
ثالثًا: كون الشركة لا تمانع من فتح سجل تجاري لأي من موظفيها للتجارة في أي شيء، فإن هذا مقيد بما تضمنته تلك الورقة، بل وبما ذكرته من أنها تشترط أن يكون النشاط التجاري لموظفيها بعيدًا عنها وعن تعاملها، وعمن تتعامل معه؛ لأن ذلك يؤثر على مصالحها وأهدافها.(10/53)
وبناء على ذلك فلا يسوغ لك العمل في المؤسسة المذكورة بغير رضا الشركة التي تعمل فيها، وعليه فإن أمامك ثلاثة خيارات.
الأول: أن تستأذن من الشركة للعمل في المؤسسة وتقنعها بأن ذلك من مصلحتها إن كان كذلك، أو أنه لا ضرر على الشركة في عملك.
الخيار الثاني: أن تستقيل من المؤسسة وتبقى على عملك في الشركة.
الخيار الثالث: أن تستقيل من الشركة وتعمل لدى المؤسسة. لكنك تعلم أن رواجك لدى المؤسسة بسبب عملك في الشركة، فاستقالتك من الشركة قد يضعف الرغبة فيك من قبل المؤسسة، ويظهر من كلامك أن قراراتك في عملك في الشركة بدأت تتأثر بسبب عملك في المؤسسة، ولعل هذا بعض ما كانت تخشاه الشركة.
وأما المال الذي قبضت فأرجو ألا حرج عليك فيه؛ لأنه مقابل عملك، وقد تكون معذورًا بجهلك بالحكم، وأقترح عليك أن تخدم الشركة خدمة مجانية زائدة عن عملك الرسمي، ويكون هذا تعويضًا عن مخالفتك وما ترتب عليها، وفيه سعي لإبراء ذمتك، وأوصيك بتقوى الله تعالى- في كسبك وفي صدق تعاملك؛ (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطلاق:2،1] . (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) [المائدة:1] . (وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) [الإسراء:34] . واعلم أن البركة في المال ليست بكثرته؛ ولكن بطيب كسبه، فذلك حري أن يجد صاحبه بركته في صلاحه وصلاح أولاده، وراحة باله، وتوفيقه في قراراته، وفي أعماله الدنيوية والأخروية. وفقك الله وسدَّدك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(10/54)
التخصص في طب النساء والولادة
المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 12/3/1425هـ
السؤال
ما حكم أموال طبيب النساء (الرجل) ؟ وهل يجوز التخصص فيه للرجال؟.
الجواب
الطب كغيره من الأعمال يجوز تقاضي الأجرة عليه ما دام أن هذا العمل الذي يقوم به الطبيب مباح، سالم من المحاذير الشرعية، وهذا هو الأصل في عمل الطبيب، وسؤال السائلة غير واضح، كأن هناك محاذير شرعية من عمل طبيب النساء، فالطبيب على وجه العموم لا يجوز له أن يكشف عن المرأة إلا إذا كانت هناك ضرورة بألا يوجد غيره للقيام بالكشف عنها من نفس الجنس، أي: من النساء، فإذا كانت هناك ضرورة جاز ذلك، وإلا فلا، وتشتد الحرمة إذا كان الكشف يتعلق بالعورة المغلظة فلا يجوز له الإقدام على ذلك إلا إذا اقتضت الحال ذلك، وتعذر وجود طبيبة تقوم بالكشف على هذه المرأة.
وبالنسبة للعمل إذا كان في الأصل مباحاً ولكن اكتنف هذا العمل شيء من المحرمات، فتكون الأجرة على هذا العمل مباحة مع الإثم، فمثلاً إذا كان الرجل يعالج المرأة مع وجود خلوة بينه وبينها فيستحق الأجرة مع الإثم؛ لأن التحريم لا يعود لذات العمل، وإنما يعود للوصف المنفصل الذي تزامن مع هذا العمل.(10/55)
العمل في تحصيل ضريبة الدخل
المجيب د. خالد بن علي المشيقح
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 25/08/1425هـ
السؤال
هل يجوز العمل كمحاسب ومحصل في ضريبة الدخل؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الضرائب والمكوس التي تؤخذ من الناس بغير حق محرمة ولا تجوز؛ لقول الله عز وجل: (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ) [البقرة: 188] . وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ". أخرجه أحمد (20695) . وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ شَاةَ أَحَدٍ إِلاَّ بإِذْنِهِ". أخرجه البخاري (2435) ومسلم (1726) . وإذا كان كذلك فإنه لا يجوز العمل بمثل هذه المكوس والضرائب التي تؤخذ بغير حق. والله أعلم.(10/56)
العمل في شركة تقدم خدمات للبنوك الربوية
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 03/03/1426هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم(10/57)
أنا شاب، تخرجت من كلية الهندسة تخصص حاسب آلي منذ أربع سنوات، وأعمل في أحد التخصصات النادرة والدقيقة المتفرعة عن هندسة الحاسب الآلي، تلقيت عرض عمل من شركة غربية موجودة في دولة عربية بمميزات مغرية، ليس من حيث الدخل المادي بل من حيث التطور العلمي والمهني، والتي لا يمكن الحصول عليها بالدورات التدريبية، حيث إن هذه الوظيفة تطور من قدراتي العلمية والمهنية بشكل كبير، منتجات هذه الشركة هي أجهزة كمبيوتر ضخمة وبرامج عالية القدرة، أغلب المستفيدين من منتجات هذه الشركة هي مراكز بالغة الحساسية في بلدنا الإسلامي كالوزارات، والجامعات، والمستشفيات، والشركات المحلية الكبرى، والتي تتجاوز رؤوس أموالها مئات الملايين من الدولارات، المشكلة تكمن في أن هذه الأجهزة وهذه البرامج تستفيد منها البنوك الربوية في هذا البلد، والعمل في هذه الشركة لا يقتصر على البيع فقط، بل تشمل خدمات ما بعد البيع من أعمال الصيانة والمتابعة، وهناك أعمال كثيرة تتطلب الذهاب إلى هذه البنوك، ومقابلة المسؤولين، وأداء كثير من الأعمال في البنك نفسه وإصلاح الأعطال ... إلى آخره. وحيث إن منتجات هذه الشركة تكاد تسيطر على أجزاء أساسية ومهمة من مراكز صنع القرار والمراكز المالية والتي لها تأثير مباشر على اقتصادنا الإسلامي، والمراكز الحساسة الأخرى، فإنه يضايقني سيطرة غير المسلمين على هذه الأماكن، وأرى أنه لزاما علي - مع وجود الشبه - ألا أدع هذه الوظائف حكراً على غير المسلمين، أرجو من فضيلتكم بيان حكم العمل في هذه الشركة، علماً أنني ميسور الحال، ودخلي المادي قد يكون أفضل مما لو انتقلت إلى تلك الشركة، لكن نسبة عطائي واستغلال مواردي وقدراتي أقل مما لو انتقلت إلى تلك الشركة التي لا تخدم إلا المسلمين في هذا البلد.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فبادئ ذي بدء أشكرك على هذا الحرص والاهتمام، وأسال الله لك التوفيق والإعانة.(10/58)
وحكم العمل في هذه الشركة لا يختلف عن حكم العمل في سائر الشركات التي قد يكون جزء من المستفيدين من خدماتها جهات معصية، فشركة الكهرباء والاتصالات ونحوها يرد على العمل فيها نظير المحاذير التي أوردتها في سؤالك، والذي أراه أنه يجوز العمل في هذه الشركات بالضوابط الآتية:
1- إذا كان أصل نشاط الشركة محرماً -كالبنوك الربوية وشركات التأمين التجاري ونحو ذلك-، فهذه يحرم العمل فيها مطلقاً، ولو كان الشخص في وظيفة لا علاقة لها بالعمل المحرم نفسه، لأن عمله في الشركة فيه إعانة على المعصية، أما إذا كان المقصود من نشاط الشركة مباحاً لكنها قد تزاول بعض الأنشطة المحرمة ككثير من الشركات التجارية والصناعية والمطاعم ونحوها، فهذه يجوز العمل فيها من حيث الأصل، ولو كان بعض نشاطها محرما بالضوابط الآتية.
2- ألا يكون المنتج الذي تقدمه الشركة مخصصاً لأمر محرم، أو يغلب استعماله فيه، أما إذا كان يصلح له ولغيره فلا بأس، فمثلاً لو كان البرنامج الذي تنتجه الشركة خاصاً بطريقة حساب الفائدة في البنوك فيحرم، أما لو كان برنامجاً لشئون الموظفين قد يستفيد منه بنك، وقد تستفيد منه جهات أخرى فلا بأس بتصميمه.
3- ألا يباشر الموظفُ العملَ المحرمَ بنفسه، فتقديم الخدمات وإجراء أعمال الصيانة للبنوك الربوية مثلاً عمل محرم، أياً كان نوع الخدمة أو الصيانة المقدمة؛ لما في ذلك من الإعانة على الإثم، فيحرم على الإنسان أن يباشر ذلك العمل بنفسه، أما إذا كان عمله في الشركة لا يستلزم مباشرته بنفسه للعمل المحرم فلا حرج عليه -إن شاء الله- في البقاء فيها.
وعلى هذا فإذا لم يغلب على ظنك أن العمل في الشركة يستلزم مباشرة عمل محرم، لندرة ذلك، أو لأن بمقدورك الامتناع فيما لو أسند إليك شيء منه، فلا حرج عليك في الانتقال إليها. والله أعلم.(10/59)
أخذ الأجرة على الحجامة
المجيب أحمد بن عبد الرحمن الرشيد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 25/08/1425هـ
السؤال
ما حكم أخذ الأجرة على الحجامة؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن
والاه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم أخذ الأجرة على الحجامة، والسبب في اختلافهم في هذه المسألة تعارض الأحاديث والآثار الواردة في حكمها، ومختصر الخلاف كالتالي:
القول الأول: جواز اتخاذ الحجامة وأخذ الأجرة عليها، وذهب إلى هذا القول جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في إحدى الروايات, واستدلوا بما رواه البخاري (2278) ومسلم (1202) ، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أنه قال: احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطَى الحجَّامَ أَجْرَهُ. وزاد البخاري (2279) : ولو علِم كراهيةً لم يُعْطِهِ.
ولأن الحجامة منفعة مباحة فجاز الاستئجار عليها كالبناء والخياطة, ولأن بالناس حاجةً إليها ولا يجدون من يتبرع بها فجاز الاستئجار عليها كالرضاع.
القول الثاني: تحريم أخذ الأجرة على الحجامة، وذهب إلى هذا القول الحنابلة في إحدى الروايات عن أحمد, واستدلوا بما رواه مسلم (1568) وغيره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كَسْبُ الحَجَّامِ خَبِيثٌ".
القول الثالث: كراهة أخذ الأجرة على الحجامة، واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كَسْبُ الحَجَّامِ خَبِيثٌ". إلا أنهم حملوا النهي الوارد في هذا الحديث على الكراهة.(10/60)
والقول الراجح في المسألة جواز اتخاذ الحجامة وجواز أخذ الأجرة عليها؛ عملاً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث احتجم وأعطى الحجام أجره، ولو كان حرامًا أو مكروهًا لكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أبعد الناس عنه، أما قوله صلى الله عليه وسلم: "كَسْبُ الحَجَّامِ خَبِيثٌ". فإنه لا يدل على التحريم؛ لأن قوله: "خَبِيثٌ". لا يلزم منه التحريم، فقد سمَّى النبي صلى الله عليه وسلم- البصل والثوم خبيثين، مع إباحتهما.
ومما ينبغي التنبيه عليه أن كثيرًا من أهل العلم ممن ذهبوا إلى جواز أخذ الأجرة على الحجامة يكرهون للحرّ تعلم الحجامة وجعلها مهنةً للتكسب، ويتورعون عن أجرتها؛ لما ورد فيها من الأخبار، ولأن فيها شيئًا من الدناءة ونقصًا في المروءة.
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.(10/61)
هل يجوز عملي في هذه الشركة؟
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 29/10/1425هـ
السؤال
أنا شاب أعمل بشركة، وسؤالي هو للاستفسار عما أتقاضاه من مرتب من هذه الشركة، هل هو حلال أم لا؟ وهل يجوز عملي أم لا؟ وذلك في ضوء ملاحظاتي التالية:
1- طبيعة نشاط الشركة هو تصنيع وتصدير المواد الخام اللازمة لصناعة العطور، ويتم تصديرها لأوربا وأمريكا.
2- للشركة حساب مستقل ببنك ربوي، وكذلك لصاحبها حساب آخر، وأحيانا أكون مسئولًا عن إيداع أو سحب أموال من هذه الحسابات.
3- من مهامي تسجيل مصروفات الشركة بالدفاتر وتتضمن بالطبع المصروفات البنكية المتعلقة بتلك الحسابات التي في البنك.
4- أحيانًا أكون مسؤولًا عن نشاط التصدير بالمطار، وهذا الأمر يتطلب إعطاء مبالغ وإكراميات للقائمين على الأمور هناك من أمن ورقباء وتفتيش؛ وذلك إجبارًا حتى يمكن تسيير العمل وإلا سيتأخر لساعات طوال ويتعقد تمامًا.
5- أنا مسؤول عن التعامل مع مختلف مصالح الضرائب وذلك بإيفاد أوراق الشركة لهم شهريًّا ودفع الأموال المستحقة لهم سنويًّا.
6- مقر الشركة وجميع حجراتها يمتلئ بتماثيل وصور لأشخاص وكائنات حية، ولا يمكنني تغيير هذا الأمر.
7- صاحب الشركة غالبًا لا يصلي ودائمًا ما يردد عبارات تندرج تحت سب الدين، والعياذ بالله، وتعامله مع الناس في غاية السوء.
8- الشركة تعد هدايا عبارة عن زجاجات عطور مشتراة وتقدمها كهدايا لكل من للشركة تعامل معه في المصالح الحكومية وخلافه، مع العلم في النهاية أنني لا يمكنني الاعتراض على أي عمل يسند لي، علمًا بأن فتواكم ستحدد مستقبلي بهذه الشركة، مع العلم بأن معظم أو كل شركات مصر لها حسابات ببنوك ربوية، والحصول على فرصة عمل الآن بمصر أمر في غاية الصعوبة.
أرجو من فضيلتكم ردًّا مباشرًا ولا تحيلوني على فتاوى سابقة. وشكرًا لكم.(10/62)
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالأعمال المذكورة في السؤال منها ما هو محرم ومنها ما هو مباح:
فبيع المواد الخام اللازمة للعطور جائز، وكذلك إيداع الحسابات في البنوك إذا كانت تلك الحسابات جارية أي لا يؤخذ عليها فوائد من البنك، وكذلك دفع الضرائب للجهات الرسمية إذا كانت الشركة ملزمة بذلك.
وأما إعطاء الهدايا والإكراميات للجهات الرسمية فهذا محرم ولو كان لتسهيل الإجراءات لأنه من الرشوة، وفي سنن أبي داود (3580) والترمذي (1337) وابن ماجة (2313) ، عن عبد الله بن عمرو، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الراشي والمرتشي، وكذلك يحرم عليك الجلوس في مكان فيه تماثيل أو تصاوير؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا تَدْخُلُ الملائكةُ بَيْتًا فيه كَلْبٌ أوْ صُورَةٌ". أخرجه البخاري (3225) ومسلم (2106) . فإذا كان عملك في الشركة يستلزم مزاولتك أيًّا من هذه الأعمال المحرمة فيجب عليك تركها والانتقال إلى عمل طيب، والله- سبحانه بإذنه- يعوضك خيرًا منها، وفي الحديث: "إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ". أخرجه أحمد (20739) ، وقد قال وهو أصدق القائلين: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطلاق: 2، 3] . أما إذا كنت لا تباشر هذه الأعمال المحرمة في عملك بالشركة فلا حرج عليك في البقاء فيها.
وينبغي عليك مناصحة صاحب الشركة فيما يبدر منه من أعمال أو أقوال محرمة سواء بقيت في الشركة أو خرجت منها، فإن ذلك من حق المسلم على أخيه المسلم، وليكن نصحك وإنكارك بالحكمة واستصحب الرفق واللين في ذلك؛ فلعل الله أن يهديه على يديك. أسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد. والله أعلم.(10/63)
تأجير المحطة على العمال
المجيب د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 02/09/1425هـ
السؤال
قمت باستئجار محطة لبيع الوقود من صاحب المحطة، ثم قمت بتأجيرها إلى العامل الذي يعمل بها على كفالتي لرغبته هو في ذلك، بحيث يقوم العامل بدفع مبلغ معين لي في كل شهر ويتحمل هو مصاريف المحطة، على أن أقوم أنا بدفع الإيجار من المبلغ المتفق عليه بعد خصم أرباحي منه. هل هذا العمل جائز؟ أفتوني مأجورين.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا التصرف صحيح من حيث الأصل، لأنه من تأجير العين المؤجرة، وهو جائز على الصحيح من أقوال أهل العلم، ولكن إذا كان ولي الأمر يمنع من هذا التصرف فيحرم لأجل ذلك، عملاً بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) [النساء:59] .
وولي الأمر تجب طاعته ما لم يأمر بمعصية، ومن المعلوم أنه لا يترتب على الالتزام بهذا الأمر محظور شرعي، بل إن المنع من هذا التصرف قد يكون فيه مصلحة وحماية لاقتصاد البلد، فيعد الأخذ به من المصالح المرسلة التي جاءت بها الشريعة. والله أعلم.(10/64)
تحكم الكفيل في عمل كفيله
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 13/08/1425هـ
السؤال
أنا أعمل تحت كفالة الكفيل، وقد حصلت على عمل آخر أفضل من العمل الذي أعمل به، فهل يحق لصاحب العمل أن يمنعني من العمل في الشركة الجديدة، ويعمل لي خروجًا نهائيًا، وهل هذا يعني التحكم في رزق العباد، أفيدوني جزاكم الله خيرًا.
الجواب
مادام أنه كفيلك، وقد قدمت للعمل في شركته أو مؤسسته، وقد قبلت بشروط العقد وأمضيت على ذلك، والنظام يمنع العمل عند غير الكفيل، فله الحق أن يلزمك بالعمل عنده، وأن يرفض انتقالك للعمل عند غيره؛ لأنه تطاله مسؤولية في ذلك، فقد تبدر منك مخالفة، أو تلاحقه بسببك مطالبة، وليس في ذلك تحكم في رزق العباد كما توهمت، ولكنه خوف من تبعة المخالفة للنظام، وتحمل مسؤولية أخطاء الآخرين.
وفقك الله، وفتح لك أبواب رزقه، وأغناك بحلاله عن الحرام.(10/65)
يعمل في تسديد فواتير المشتركين ببنك ربوي
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 01/10/1425هـ
السؤال
السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
أنا أعمل لدى شركة تقدم خدمة الهاتف والاتصالات، وطبيعة عملي المكلف به هو القيام بسداد فواتير المشتركين عن طريق نقطة بيع (صراف آلي) يعود إلى أحد البنوك الربوية، فهل هناك أي شبهة بعملي؟ وماذا علي فعله؟ وماذا يترتب عليَّ من الناحية الشرعية؟ وجزاك الله خيرًا.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فطبيعة عملك- كما فهمته من السؤال- إيداع ثمن الخدمات التي تقدمها الشركة التي تعمل بها في البنكين المذكورين عن طريقة نقاط البيع مستخدمًا بطاقات الصراف الآلي الخاصة بالعملاء، والذي أدين الله تعالى- به أن الوديعة الجارية في بنك ربوي محرمة؛ لأن البنك يقرضها بربا، وعليه فلا أرى أن عملك هذا مناسبًا، وعليك أن تقنع الشركة التي تعمل بها لتغيير الحسابات إلى بنك إسلامي، كبنك الراجحي، ولو لم تستطع ذلك، فعليك البحث عن عمل بديل، ثم بعد أن تجد عملاً مناسبًا اترك هذا العمل الذي أنت فيه، ومن ترك شيئًا لله، عوضه الله خيرًا منه. وفقك الله، ومن يقرأ هذه الكلمات، إلى كل خير، ويسر أمرك.(10/66)
العمل في مجال السياحة
المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه
وزير العدل في موريتانيا سابقاً
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 05/07/1425هـ
السؤال
أعمل منذ ثلاث سنوات في مجال السياحة، الواضح جداً أن هذا المجال به شبه كبيرة من الحرام، أريد أن أترك العمل، لكنني لا أجد عملا آخر، والمال العائد من هذا المجال ما حكمه بعد ترك العمل؟ وجزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
في الحقيقة هذا السؤال يحتاج إلى تفصيل:
إذا كان السائل يريد من السياحة ما يسمى بالفندقة- أي العمل في الفنادق- ونحو ذلك، أو العمل في منتزهات عامة، أو ما يسمى بالاستراحات في هذه البلاد الطاهرة، فهذا ليس باطلاً إذا لم يلتبس بإثم، فهو عمل - إن شاء الله- لا بأس به، ولكن إذا كانت هذه السياحة هي عبارة عن ممارسة السوء، وتهيئة الظروف للمحرمات، وشرب المسكرات، فهذا هو المحرم، فأنا لا أستطيع أن أطلق حكماً دون أن أعرف الموضوع بخصوصه، يعني إذا كان العمل بصفة عامة، وفي خدمات عامة للزوار الذين يزورون المنطقة، سواء كانوا مسلمين أو كانوا غير مسلمين لا فرق في ذلك إذا كان العمل مباحاً، فالراتب والأجرة التي يأخذها هي مباحة - إن شاء الله-، أما إذا كان العمل محرماً، ويغلب عليه الحرام فهذا لا يجوز، وبالتالي فإنه يمكن أن يتمسك بهذه الأجرة إذا كان محتاجاً أو فقيراً، ولكن عليه أن يبحث عن عمل آخر، وبخاصة إذا كان في بلد إسلامي، فهذه الأمور لا تطيب له، طبعاً نحن نظراً لمذهب أبي حنيفة نفرق بين العمل في بعض الأشياء في البلاد الإسلامية، والعمل في غيرها، إذاً الأمر يحتاج إلى تفصيل، وننصح السائل أن يتجنب المآثم والمحرمات التي قد تكون في ما يسمى بصناعة السياحة، وأن يأخذ الجانب الطيب، وجانب الترفيه والراحة البريء، وهو جانب - إن شاء الله - لا بأس به إذا لم يلتبس بإثم أو عمل غير مشروع. والله أعلم.(10/67)
العمل في هيئة سوق الأوراق المالية
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 04/11/1425هـ
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
ما حكم العمل في هيئة سوق الأوراق المالية المستحدثة حديثًا في السعودية؟ وإذا كان عليها ملاحظات فهل الانضمام إليها بنية محاولة تصحيح ذلك يصح. وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فالسؤال عام جدًّا، من حيث طبيعة العمل، ومن حيث طبيعة الأشخاص العاملين. ولا شك أن النية الحسنة التي يحملها الشخص لتصحيح وضع قائم غير موافق للشرع يؤجر عليها، وهي من الجهاد.
أما أعمال البورصة نفسها فهي لا شك تحتوي على المباح والمحرم. ومن المحرمات- وهو أشدها- تداول السندات الربوية، وتداول الأدوات المالية المحرمة الأخرى، مثل بيوع المستقبليات والمشتقات وغيرها، مما هو معروف ومنشور في قرارات مجمع الفقه الإسلامي. وسواء كان الموظف سمسارًا أم وسيطًا أو مقيدًا للمعلومات في الحاسب، أم مسوقًا لتلك المحرمات، فكل ذلك لا يجوز.
ومن المباحات العمل في الأسهم المباحة لشركات لا تقترض ولا تودع بالربا.
أما الأعمال التي ليست من طبيعتها أن تكون ذات صلة بالأدوات المالية، فهذه حسب العمل وطبيعته، ويصعب الإجابة عنها جوابًا عامًّا.
أما من حيث الأشخاص، فإني أوصي الأشخاص الأقوياء في الدين والعلم ومعرفة واقع العمل الانضمام حتى لو وُجد شيءٌ مخالفٌ وذلك للإصلاح في المجال قدر الطاقة. ولو تبين له بعد مدة كافية من العمل أنه لا يستطيع التغيير، فله أن يبحث عن عمل آخر. أما من لا يأنس من نفسه الكفاءة، ويخشى على نفسه الفتنة فلا أرى أن ينضم للهيئة.(10/68)
وإني أوصي السائل في حال الانضمام لها بالنية الصالحة، والتسلح بالعلم الشرعي، وعرض ما يشكل عليه على المشايخ الثقات، ومناصحة من حوله من الموظفين، فالتحديات كبيرة في الجوانب الاقتصادية، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وفق الله الجميع لهداه، وجنبنا ما يسخطه سبحانه، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(10/69)
العمل في شركة تداول الأوراق المالية
المجيب د. محمد بن سعود العصيمي
أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الإجارة والجعالة
التاريخ 19/08/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
عرضت عليّ وظيفة في شركة "لتداول أوراق مالية وإمساك دفاتر وسجلات" بمعنى شراء وبيع أوراق مالية وحفظها لدى الشركة. وسأكون مسؤولاً عن القيد في الدفاتر، ومسؤولاً عن خزانة النقود، وكنت قد سمعت بعض الشبهات عن العمل في البورصة. فما رأيكم في هذا العمل؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالسؤال عام جدًا، من حيث طبيعة العمل، ومن حيث طبيعة الأشخاص العاملين. ولا شك أن النية الحسنة التي يحملها الشخص لتصحيح وضع قائم غير موافق للشرع يؤجر عليها، وهي من الجهاد.
أما أعمال البورصة نفسها فهي لا شك تحتوي على المباح والمحرم. ومن المحرمات -وهو أشدها- تداول السندات الربوية، وتداول الأدوات المالية المحرمة الأخرى، مثل بيوع المستقبليات والمشتقات وغيرها، مما هو معروف ومنشور في قرارات مجمع الفقه الإسلامي. وسواء كان الموظف سمسارًا أم وسيطًا أم مقيدًا للمعلومات في الحاسب، أم مسوقًا لتلك المحرمات، فكل ذلك لا يجوز.
ومن المباحات العمل في الأسهم المباحة لشركات لا تقترض ولا تودع بالربا.
أما الأعمال التي ليست من طبيعتها أن تكون ذات صلة بالأدوات المالية، فهذه حسب العمل وطبيعته، ويصعب الإجابة عنها جوابًا عامًا.
أما من حيث الأشخاص، فإني أوصي الأشخاص الأقوياء في الدين والعلم ومعرفة واقع العمل الانضمام حتى لو وجد شيء مخالف، وذلك للإصلاح في المجال قدر الطاقة. ولو تبين له بعد مدة كافية من العمل أنه لا يستطيع التغيير، فله أن يبحث عن عمل آخر. أما من لا يأنس من نفسه الكفاءة، ويخشى على نفسه الفتنة فلا أرى أن ينضم للهيئة.(10/70)